You are on page 1of 32

‫الوحدة الثانية‬

‫مفهوم‬
‫الفلورا‬
‫المعوية‬
‫وعالقتها‬
‫باألمراض‬
‫المزمنة‬
‫مقدمة الوحدة‬

‫يقطن األمعاء عدد كبير من الكائنات المجهرية والتي تشكل حياة منتظمة ومتعددة األنشطة في الجسم‪ ،‬كما أن‬
‫لفلورا األمعاء المجهرية أهمية خاصة في انجاز عمليات الهضم الطبيعية ولها دور رئيسي في نضوج جهاز المناعة‬
‫اللمفاوي المسؤول في القولون‪.‬‬
‫وسوف نناقش في هذه الوحدة دور الفلورا المعوية في الوقاية من بعض األمراض المزمنة‪.‬‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫األول‬

‫مفهوم الفلورا المعوية‬


‫لدى الحديث عن الجهاز المناعي في الجسم فإن أول ما يخطر إلى األذهان هو كريات الدم البيضاء‪ ،‬الغدد اللمفاوية‬
‫واللقاحات‪.‬‬

‫جهاز المناعة‬

‫يعتبر الجهاز الهضمي الحاجز الدفاعي األول في الجسم تجاه العديد من العوامل الممرضة والسموم الغذائية‪،‬‬
‫ويعتمد عمل الجهاز الهضمي كمنظم للجملة المناعية في الجسم على الفلورا الهضمية المتوفرة فيه بغزارة‪.‬‬

‫تتواجد الفلورا في مختلف أنحاء الجسم مثل األغشية المخاطية والجلد و المجرى التنفسي العلوي و المجرى‬
‫الهضمي و الفتحات التناسلية والقناة الخارجية لألذن‪ ،‬كما هو موضح بالشكل ادناه‪.‬‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫‪ 1.1‬ما هي الفلورا المعوية؟‬

‫تحوي األمعاء حوالي ‪ 70%‬من كامل الفلورا التي تنتشر في مختلف أنحاء الجسم‪ ،‬وتقدر بحوالي ‪ 1014‬خلية‬
‫جرثومية تشمل حوالي ‪ 400-500‬نوع من الجراثيم‪ ،‬أي حوالي ‪ 3.3‬مليون جين جرثومي‪.‬‬

‫تتميز الفلورا المعوية باختالفها بين مختلف األفراد وفق النسب التالية‪:‬‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫وتتوزع األنواع الجرثومية كما في الشكل التالي‪:‬‬

‫ً‬
‫حاليا لتحديد ما يعرف بهوية الفلورا الخاصة بكل فرد‪ ،‬حيث يشمل هذا البرنامج البحثي أكثر‬ ‫تسعى األبحاث الحديثة‬
‫من ‪ 30‬مركز أبحاث من حوالي ‪ 15‬دولة‪.‬‬

‫ً‬
‫أيضا باإلضافة إلى تحديد هوية الفلورا الفردية إلى‪:‬‬ ‫تسعى األبحاث‬
‫‪ -‬تحديد دور الفلورا المعوية و وظيفتها بالجسم‬
‫‪ -‬تأثيرها في كافة النواحي الصحية في الجسم‬
‫‪ -‬تأثير العوامل المحيطية المختلفة على طبيعة و تأثير الفلورا المعوية‬
‫‪ -‬تطوير مركبات غذائية و دوائية في تعداد و طبيعة الفلورا المعوية‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫الثانية‬

‫دور الفلورا المعوية في الجسم‬


‫‪ 2.1‬أدوار الفلورا المعوية‬

‫‪ .1‬دور استقالبي وبنيوي‪:‬‬


‫‪ -‬تساعد على عملية هضم الطعام و استخالص الطاقة من المواد الغذائية المختلفة‪.‬‬
‫‪ -‬تنظيم عملية تكاثر خاليا المخاطية المعوية وتمايزها‪.‬‬
‫‪ -‬تشكيل بعض أنواع الفيتامينات‪.‬‬
‫‪ -‬امتصاص الشوارد المعدنية‪.‬‬
‫‪ -‬تخمير بعض المواد الغذائية غير القابلة للهضم‪.‬‬
‫‪ -‬تنظيم عملية تخزين الدهون‪.‬‬
‫‪ -‬تتدخل في حلقة الصفراء‪.‬‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫‪ .2‬دور وقائي‪:‬‬
‫‪ -‬استقالب السموم الهضمية وإزالتها من الجسم‪.‬‬
‫‪ -‬تنظيم عمل الجهاز المناعي‪.‬‬
‫‪ -‬تقي الجسم من الجراثيم الممرضة‪.‬‬

‫‪ 2.2‬من أين تأتي الفلورا المعوية؟‬

‫تكون أمعاء الجنين عقيمة ويبدأ تواجد الفلورا المعوية في جسم اإلنسان منذ والدته‪ ،‬وتتأثر خالل السنتين األوليتين‬
‫من خالل بعض العوامل الوراثية والعوامل المحيطة مثل شروط النظافة العامة وطبيعة الطعام وزمن دخول‬
‫الطعام الصلب و المضادات الحيوية المتناولة‪.‬‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫أي من الممكن أن تقسم مراحل استيطان الفلورا الهضمية وفق مايلي‪:‬‬

‫‪ -‬األمعاء العقيمة خالل المرحلة الجنينية‪.‬‬

‫‪ -‬المرحلة التالية تبدأ منذ الوالدة حيث تختلف طبيعة الفلورا التي يتعرض لها الوليد باختالف طريقة الوالدة (طبيعية‬
‫أو قيصرية)‪ .‬حيث تشكل جراثيم ‪ Lactobacillus‬النسبة األكبر الفلورا عند الوالدة الطبيعية بينما تشكل جراثيم‬
‫‪ Staphylococcus‬النسبة األكبر عند الوالدة القيصرية‪.‬‬

‫‪ -‬المرحلة التالية تتعلق بطريقة الرضاعة (الطبيعية‪ ،‬حليب العلب الصناعية)‪ ،‬حيث تشكل جراثيم ‪Bifidobacteria‬‬
‫حوالي ‪ 90%‬من الفلورا عند الرضاعة الطبيعية بينما تشكل جراثيم ‪ Bacteroides‬و ‪ Clostridial‬النسبة األكبر عند‬
‫الرضاعة الصناعية‪.‬‬

‫‪ -‬المرحلة التالية هي مرحلة الطعام الصلب حيث تبدأ طبيعة الفلورا وتعدادها باالستقرار لتشبه أكثر الفلورا الخاصة‬
‫بالبالغين‪ .‬وتتعلق هذه المرحلة بالعديد من العوامل األخرى مثل استعمال المضادات الحيوية التي تقلل بشكل عام‬
‫من تنوع الفلورا والنظافة العامة‪.‬‬

‫هنالك تأثير واضح لعوامل مختلفة على طبيعة الفلورا منذ الوالدة وخالل السنتين األولى بعد الوالدة ‪ ،‬فيما تتغير‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫الفلورا الهضمية بعد ذلك تحت تأثير مختلف العوامل‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫ً‬
‫وعددا‪ .‬حيث يبدو من الواضح أن طبيعة‬ ‫ً‬
‫نوعا‬ ‫يلخص الشكل التالي المراحل العامة لتطور الفلورا المعوية في الجسم‬
‫الطعام المتناولة والمضادات الحيوية المستهلكة تعتبر من أهم العوامل التي تؤثر في طبيعة وتعداد الفلورا في‬
‫الجسم وتختلف هذه الفلورا بين الشخص النحيل والبدين‪ ،‬كما تختلف مع تقدم العمر‪.‬‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫مختلف العوامل التي تؤثر على الفلورا خالل مختلف مراحل الحياة‬

‫ً‬
‫وعددا مع توازن عمل الجهاز المناعي في الجسم‪ ،‬بينما يؤدي حدوث‬ ‫ً‬
‫نوعا‬ ‫يرتبط توازن الفلورا المعوية السليمة‬
‫أي خلل في طبيعة أو تعداد هذه الفلورا إلى اضطراب في عمل الجهاز المناعي مما يرتبط بالعديد من األمراض‬
‫المختلفة المناعية وبعض االضطرابات االستقالبية‪.‬‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫يلخص الشكل التالي الوسائل المختلفة التي تضمن الحصول على فلورا طبيعية ومختلف العوامل التي قد تؤثر على‬
‫ً‬
‫خلال في توازنها‪.‬‬ ‫طبيعة الفلورا وتسبب‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫الثالثة‬

‫الفلورا المعوية والبدانة‬


‫ً‬
‫عالميا بشكل كبير وهي عبارة عن اضطراب استقالبي يترافق مع زيادة تخزين الدهون‬ ‫تزداد نسبة اإلصابة بالبدانة‬
‫في الجسم نتيجة اضطراب توازن الطاقة (زيادة في إنتاج الحريرات مع انخفاض في استهالكها)‪.‬‬

‫وترتبط البدانة بالعديد من االضطرابات الصحية مثل األمراض القلبية الوعائية والسكري من النمط الثاني وبعض‬
‫أنواع السرطانات‪.‬‬

‫‪ 3.1‬البدانة والفلورا المعوية‬

‫ترتبط اضطرابات الفلورا المعوية مع زيادة نسبة اإلصابة بالبدانة‪ ،‬حيث بينت الدراسات اختالف نمط الفلورا المعوية‬
‫بين األشخاص البدينين ‪ Obese‬و األشخاص النحيلين ‪.Lean‬‬

‫اختالف الفلورا بين األشخاص البدينين والنحيفين‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫تؤكد الدراسات أن األشخاص البدينين يعانون من انخفاض في التنوع الجرثومي للفلورا المعوية مع اضطراب في‬
‫التوازن بين جراثيم ‪ Bacteroidetes‬و جراثيم ‪ Firmicutes‬كما هو واضح في الشكل السابق‪ ،‬حيث يرتبط هذا‬
‫االضطراب في التوازن الجرثومي مع زيادة في الوزن وتراكم الدهون‪.‬‬

‫تبين الدراسات أن اتباع البدينين لحمية غذائية منخفضة الوارد من الحريرات يؤدي إلى انخفاض الوزن مع زيادة في‬
‫نسبة جراثيم ‪.Bacteroidetes‬‬

‫‪ 3.2‬آلية ارتباط الخلل في الفلورا المعوية مع البدانة‬

‫نتيجة للبدانة‪ ،‬وبالتالي يضعون العديد من‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫سببا أو‬ ‫يتساءل الباحثون فيما إذا كان هذا االضطراب في الفلورا‬
‫الفرضيات ويقومون بالعديد من التجارب إلثبات ذلك‪ .‬حيث بينت نتائج التجارب التي أجريت على فئران خالية من‬
‫ً‬
‫سببا في اإلصابة بالبدانة‪.‬‬ ‫الفلورا المعوية على أن الخلل في توازن الفلورا المعوية قد يكون‬

‫بدينة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فئرانا‬ ‫بينت التجارب أن نقل الفلورا المعوية من حيوانات تجربة بدينة إلى أخرى نحيلة جعلت من األخيرة‬
‫أيضا‪ .‬وبالمقابل فإن نقل الفلورا المعوية من فئران نحيلة إلى أخرى بدينة يحسن من األعراض العامة االضطرابات‬‫ً‬
‫االستقالبية عند الفئران البدينة‪.‬‬

‫يؤدي الخلل في الفلورا المعوية آنف الذكر (ارتفاع نسبة ‪ Firmicutes‬مقابل انخفاض نسبة ‪ )Bacteroidetes‬إلى‬
‫تحفيز ظهور حالة التهابية في الجسم ناتجة عن انخفاض نسبة الحموض الدسمة قصيرة السلسلة ‪ SCFAs‬التي من‬
‫المعلوم أنها تثبط تراكم الدهون في األنسجة الشحمية‪ .‬كما أن الخلل في الفلورا المعوية يترافق مع زيادة في‬
‫نفاذية األمعاء مما يزيد من دخول بعض الجزيئات مثل (‪ )LPS Lipopolysaccharides‬التي تحرض على إنتاج بعض‬
‫العوامل المحفزة لاللتهاب‪.‬‬

‫‪ 3.3‬خلل الفلورا واحتمالية اإلصابة بالبدانة‬

‫اقترح العلماء أن التركيب النسبي للفلورا المعوية البشرية خالل مراحل مبكرة من العمر ينبئ بحدوث البدانة في‬
‫وقت الحق عند مقارنة العينات البرازية لـ ‪ 25‬طفل بدين مع ‪ 24‬طفل يتمتع بوزن طبيعي‪.‬‬

‫عال بشكل ملحوظ عند األطفال‬ ‫تم مالحظة أن تعداد ‪ Bifidobacteria‬في العينات البرازية خالل مرحلة الطفولة كان ٍ‬
‫المتمتعين بوزن طبيعي في سن السابعة‪ ،‬بينما تم تسجيل أعداد أكبر بكثير لجراثيم ‪ Staphylococcus aureus‬عند‬
‫ً‬
‫الحقا‪ .‬إال أن دراسة ثانية أوجدت اختالف في تركيب الفلورا عند النساء الحوامل‬ ‫األطفال الذين عانوا من البدانة‬
‫ً‬
‫نسبيا‬ ‫البدينات عن تركيبها لدى النساء ذوات الوزن الطبيعي مع ارتفاع معدل ‪Bacteroides and Staphylococcus‬‬
‫لدى النساء اللواتي عانين من ارتفاع الوزن أثناء الحمل‪ .‬بسبب تأثير األم على المناعة الطبيعية وعلى تركيب الفلورا‬
‫الالحق عند الرضيع فإنه من المحتمل أن تكون هذه إحدى الطرق التي ينتقل بها ميل البدانة من األم إلى رضيعها‪.‬‬
‫وفي الواقع فإن دراسة تركيب براز الرضيع كشف الصلة بين وزن الرضيع وزيادة وزن األمهات أثناء الحمل‪ .‬بينت‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫الدراسات التي أجريت على الفئران وجود عالقة بين الفلورا المعوية وكل من تحرير وتخزين الطاقة‪.‬‬

‫ومن أهم هذه التجارب‪:‬‬


‫‪ -‬يؤدي نقل الفلورا المعوية إلى أمعاء الفئران الخالية منها إلى زيادة الدهون بنسبة ‪ 60%‬ومقاومة األنسولين‬
‫خالل أسبوعين بالرغم من تقليل استهالك الطعام بنسبة ‪ 29%‬وزيادة الحركة بنسبة ‪ 27%‬مقارنة بالفئران الخلية من‬
‫الفلورا‪.‬‬

‫ً‬
‫وراثيا إلى الفئران الخالية منها أدى إلى زيادة وزن الفئران النحيلة‪.‬‬ ‫‪ -‬يؤدي نقل الفلورا من الفئران البدينة‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫‪ -‬الفئران البدينة التي تحوي فلورا معوية تكون قادرة على تحرير كمية أكبر من طاقة المواد الغذائية مقارنة مع‬
‫ً‬
‫أيضا‪.‬‬ ‫الفئران النحيلة الحاوية على فلورا‬
‫من أهم اآلليات التي تفسر ارتباط خلل الفلورا المعوية مع البدانة نذكر‪:‬‬
‫‪ -‬زيادة في إنتاج الحموض الدسمة قصيرة السلسلة مما يؤدي إلى زيادة تخزين المواد الدسمة وزيادة اصطناع‬
‫الدسم في الجسم‪.‬‬
‫‪ -‬انخفاض فعالية العوامل المولدة للشبع ‪ FIAF‬مما يؤدي إلى زيادة فعالية الليبوبروتين ليباز ‪ LPl‬وزيادة تخزين‬
‫المواد الدسمة‪.‬‬
‫‪ -‬زيادة نفاذية األمعاء مما يؤدي إلى زيادة مستويات ‪ LPS‬وبالتالي ارتفاع مستويات السيتوكينات االلتهابية وزيادة‬
‫اصطناع األنسجة الشحمية‪.‬‬
‫‪ -‬انخفاض مستويات (‪ )AMPK activated protein kinase‬والذي يعتبر العامل األكثر أهمية في ضبط مستويات‬
‫بناء على حاجة الجسم للحفاظ على توازن الطاقة‪ ،‬وبالتالي فإن انخفاض مستويات ‪ampk‬‬
‫استقالب المواد الغذائية ً‬
‫سوف يؤدي إلى ارتفاع مستويات أكسدة المواد الدسمة وزيادة اصطناع األنسجة الشحمية‪.‬‬

‫بالمقابل فإن توازن الفلورا المعوية يترافق مع ارتفاع مستويات ‪ PYY‬و ‪ 1-GLP‬وانخفاض مستويات ‪ Ghrelin‬مما يزيد‬
‫االحساس بالشبع ويقلل من استقالب الطاقة ويساعد على انخفاض وزن الجسم‪.‬‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬
‫الرابعة‬

‫الفلورا المعوية وداء السكري‬


‫وفق الدراسات المختلفة يرتبط خلل الفلورا المعوية مع زيادة احتمال اإلصابة بداء السكري بحوالي ‪ 5‬أضعاف‪.‬‬

‫‪ 4.1‬ما هو داء السكري؟‬


‫يعرف السكري بأنه عبارة عن اضطراب في استقالب المواد السكرية في الجسم يتجلى بانخفاض إنتاج أو استهالك‬
‫األنسولين الضروري الستقالب المواد السكرية من أجل إنتاج الطاقة في الجسم‪.‬‬

‫ويقسم السكري إلى نوعين النمط األول والنمط الثاني‪ ،‬حيث يعرف السكري من النمط األول ‪ IDDM‬بأنه عبارة عن‬
‫مرض مناعي ذاتي تظهر أعراضه منذ مراحل الطفولة المبكرة وينتج عن انخفاض في إنتاج األنسولين من خاليا بيتا‬
‫جزر النجرهانس‪.‬‬

‫بينما يحدث السكري من النمط الثاني (داء السكري غير المعتمد على األنسولين ‪ )NIDDM‬عند البالغين ويتجلى‬
‫بمقاومة األنسولين الناتجة عن انخفاض حساسية األنسجة المحيطية لألنسولين‪.‬‬

‫األول النمط من السكري الداء‬ ‫الثاني النمط من السكري الداء ‪-‬‬


‫‪ -‬نقص االنسولين‬ ‫عدم االستجابة لوجود االنسولين‬

‫الفرق بين نمطي داء السكري‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫‪ 4.2‬الرابط بين خلل الفلورا وداء السكري‬
‫وعلى الرغم من اختالف اآللية اإلمراضية لكال النوعين من داء السكري إال أن الدراسات المختلفة أكدت على أن‬
‫خلل الفلورا المعوية ‪ Dysbiosis‬قد يكون أحد أسباب اإلصابة بداء السكري‪.‬‬

‫يظهر داء السكري من النمط األول مع انخفاض في الجراثيم المحطمة للمواد المخاطية مثل ‪Bifidobacteria،‬‬
‫‪ Lactobacillus، Prevotella‬ومع زيادة في نسبة ‪ Bacteroidetes‬و ‪.Clostridium‬‬

‫بينما يظهر السكري من النمط الثاني مع انخفاض في نسبة ‪ Clostridium‬وارتفاع نسبة ‪Lactobacillus‬‬
‫و‪ Bacteroidetes‬مترافق مع زيادة في الوزن‪.‬‬

‫ويشترك كال نوعي داء السكري مع انخفاض في التنوع الجرثومي بما فيه انخفاض الجراثيم المنتجة للبوتيرات‬
‫وجراثيم ‪ ،Firmicutes‬باإلضافة إلى تحطم ظهارة األمعاء وزيادة في النفوذية المعوية‪.‬‬

‫‪ 4.3‬آلية تأثير خلل الفلورا على اإلصابة بداء السكري‬


‫يترافق داء السكري من النمط الثاني مع زيادة في ‪ LPS‬والتي تؤدي إلى حالة التهابية تساهم في تطوير مقاومة‬
‫األنسولين في الجسم‪.‬‬

‫تؤكد الدراسات أن خلل الفلورا المعوية عند مرضى السكري من النمط األول يحفز على إنتاج بعض مولدات الضد‬
‫ً‬
‫مترافقا مع خلل في‬ ‫التي تحفز الخاليا التائية في الجسم على تحطيم الخاليا البائية في البنكرياس‪ ،‬وقد يكون ذلك‬
‫الظهارة المعوية وزيادة نفاذيتها‪.‬‬

‫تبين الدراسات أن خلل الفلورا المعوية يؤثر في توازن الجملة المناعية في الجسم مما يؤدي إلى زيادة مولدات‬
‫ً‬
‫استقالبيا‪ .‬مما يؤدي إلى حالة التهابية مزمنة وخلل‬ ‫الضد التي تفرزها الجراثيم والتي تؤثر في األنسجة النشطة‬
‫في الوظائف االستقالبية في الجسم مثل زيادة مقاومة األنسولين وتراكم الدهون في الكبد واألنسجة الشحمية‪.‬‬

‫وبالتالي فإن تصحيح الخلل الحاصل في الفلورا المعوية قد يبطئ أو يقي من االضطرابات االستقالبية وبالتالي‬
‫يقي من األمراض القلبية الوعائية الناتجة‪.‬‬

‫نتيجة لداء السكري‪ ،‬فوجدوا في العديد من نماذج‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫سببا أو‬ ‫اهتم الباحثون بمعرفة هل يعتبر خلل الفلورا المعوية‬
‫حيوانات التجربة واإلنسان أن التغيرات في الفلورا المعوية قد تسبق اإلصابة بداء السكري من النمط األول‪.‬‬

‫كما بينت الدراسات أن نقل الفلورا المعوية من فئران غير مصابة بداء السكري إلى أخرى مصابة بداء السكري‬
‫يخفف من شدة األعراض‪.‬‬

‫بينت الدراسات أن تناول البروبيوتيك أو البريبيوتيك قد يساهم في تحسين خلل الفلورا المعوية‪ ،‬فقد تبين لدى‬
‫استعمال فئران بدينة أن إعطاءها بريبيوتيك يزيد من جراثيم ‪ Firmicutes‬وجراثيم ‪ ،Lactobacillus spp‬و‬
‫‪ .Bifidobacterium spp‬ويقلل من جراثيم ‪ Bacteroidetes‬وهو نفس التوازن الجرثومي لجراثيم الفلورا المالحظ‬
‫عند النحيلين‪.‬‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫الخامسة‬

‫الفلورا المعوية واألمراض القلبية الوعائية‬


‫‪ 5.1‬الرابط بين خلل الفلورا واألمراض القلبية الوعائية‬
‫يرتبط الخلل في الفلورا المعوية مع العديد من األمراض القلبية الوعائية مثل التصلب العصيدي وارتفاع الضغط‬
‫والقصور القلبي‪.‬‬

‫ً‬
‫عمال يشبه إلى حد كبير عمل الغدد الصماء وذلك من خالل إفرازها بعض العوامل الفعالة‬ ‫تعمل الفلورا المعوية‬
‫ً‬
‫حيويا والتي تؤثر في العديد من الوظائف الفيزيولوجية‪.‬‬

‫كما أن الخلل في المخاطية المعوية التي تعمل كحاجز دفاعي في الجسم باإلضافة إلى الخلل في الفلورا‬
‫المعوية يسبب وصول العديد من المركبات التي تنتجها هذه الجراثيم إلى الدورة الدموية وتزيد من الحالة االلتهابية‬
‫في الجسم‪.‬‬

‫تساهم هذه اآلليات المختلفة في تطور القصور القلبي والتصلب العصيدي‪.‬‬

‫‪ 5.2‬الرابط بين خلل الفلورا وارتفاع الضغط الدموي‬


‫ً‬
‫انتشارا‪ ،‬وقد بينت الدراسات واألبحاث الحديثة‬ ‫يعتبر ارتفاع الضغط الدموي أكثر اضطرابات األمراض القلبية الوعائية‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫أن ارتفاع الضغط الدموي يترافق مع انخفاض في تعداد وتنوع الفلورا المعوية وزيادة في بعض األنواع الجرثومية‬
‫الضارة مثل ‪ Prevotella‬و ‪.Klebsiella‬‬

‫ويحدث هذا التغير عند مرضى ارتفاع الضغط الدموي‪ ،‬كما لوحظ حدوث نفس الخلل عند األشخاص المؤهلين‬
‫لحدوث ارتفاع الضغط ‪.Prehypertension‬‬

‫كما بينت التجربة أن نقل الفلورا المعوية من أشخاص مصابين بارتفاع الضغط إلى فئران تجارب (خالية من الفلورا)‬
‫أدى إلى ارتفاع الضغط عند هذه الفئران مما يؤكد التأثير المباشر للفلورا المعوية على الضغط الدموي‪.‬‬

‫‪ 5.3‬الرابط بين خلل الفلورا والقصور القلبي‬


‫أما فيما يخص القصور القلبي‪ ،‬فقد بينت الدراسات التي أجريت على طبيعة الجراثيم المكونة للفلورا المعوية عند‬
‫ً‬
‫خلال في هذه الفلورا يترافق مع هذه اإلصابة المرضية‪.‬‬ ‫األشخاص المصابين بالقصور القلبي أن‬

‫حيث تترافق اإلصابة مع انخفاض في تعداد بعض األنواع الجرثومية مثل أنواع ‪ Bacteroidetes‬وزيادة في أنواع‬
‫‪.Proteobacteria‬‬

‫بشكل عام فإن القصور القلبي يترافق مع تناقص في األنواع الجرثومية المفرزة للبروتيرات واألسيتات ويزيد من‬
‫األنواع الجرثومية المفرزة لالكتات‪ .‬يترافق هذا الخلل الجرثومي مع خلل في وظيفة المخاطية المعوية مما يؤدي‬
‫إلى زيادة نفاذية المستقلبات الجرثومية التي تؤدي إلى خلل في عمل القلب وحالة التهابية عامة في الجسم‪.‬‬

‫إن التوسع في البحث عن اآللية الدقيقة التي قد تربط بين هذا الخلل في الفلورا المعوية واإلصابة بالقصور القلبي‬
‫قد يتيح المجال إليجاد وسائل تشخيصية جديدة وسبل عالجية أكثر فعالية‪ .‬حيث تجري األبحاث الحالية حول إمكانية‬
‫عالج القصور القلبي من خالل تدبير الفلورا المعوية وذلك من خالل استعمال بعض أنواع المضادات الحيوية أو‬
‫البروبيوتيك‪.‬‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫السادسة‬

‫الفلورا المعوية وبعض االضطرابات المرضية‬


‫األخرى‬
‫‪ 6.1‬التهاب األمعاء ‪IBD‬‬
‫يعتبر التهاب األمعاء من األمراض الشائعة والتي تجري عليها العديد من األبحاث من أجل تحديد السبب الحقيقي‬
‫وراء اإلصابة‪.‬‬

‫ارتبطت اإلصابة لفترات طويلة سابقة مع بعض الجراثيم الممرضة من نوع ‪ E. coli‬و ‪ Clostridium difficile‬إال أن‬
‫الدراسات الحديثة تؤكد أن ال سبب مباشر بين هذه الجراثيم واإلصابة بالتهاب األمعاء‪.‬‬

‫بالمقابل تؤكد هذه الدراسات أن خلل الفلورا المعوية قد يكون أحد األسباب الرئيسة حيث ينخفض تعداد جراثيم‬
‫ً‬
‫توافرا في الحالة الطبيعية‪ .‬كما يزداد تعداد جراثيم زمرة‬ ‫‪ Firmicutes‬و ‪ Bacteroides‬وهما أكثر األنواع الجرثومية‬
‫‪.Enterobacteriaceae‬‬

‫ً‬
‫مثال ارتباط داء كرون بتزايد خمسة أنواع جرثومية تم تحديدها بدقة ويترافق ذلك بأذية في األنسجة‬ ‫تبين الدراسات‬
‫المخاطية وزيادة في النفاذية المعوية‪.‬‬

‫وتؤكد معظم الدراسات أن خلل الفلورا المرافق اللتهاب األمعاء يتم اختصاره بتناقص األنواع الجرثومية المنتجة‬
‫للبوتيرات وتزايد األنواع الجرثومية المرجعة للسلفات‪ .‬تعتبر البوتيرات مصدر طاقة لخاليا الظهارة المعوية وتقيها من‬
‫الجراثيم الممرضة المختلفة‪ ،‬أما تزايد إرجاع السلفات فيرتبط مع إنتاج مواد سامة تقلل من فعالية البوتيرات ويثبط‬
‫الخاليا البلعمية التي تقضي على الجراثيم الممرضة‪.‬‬

‫ً‬
‫أيضا مع استقالب الحموض الصفراوية ويؤدي هذا الخلل إلى تحريض حالة‬ ‫يتداخل خلل الفلورا المعوية لمريض ‪IBD‬‬
‫التهابية معوية‪ .‬خلل الفلورا وعالقته بالتهاب األمعاء‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫‪ 6.2‬سرطان القولون‬
‫ً‬
‫انتشارا و ثاني سبب للوفيات‬ ‫بينت الدراسات المختلفة ارتباط سرطان القولون‪ ،‬وهو ثالث أكثر أنواع سرطان القولون‬
‫بالسرطان‪ ،‬مع خلل الفلورا المعوية‪ .‬من المعروف ارتباط سرطان الكولون مع البدانة والتهاب األمعاء والسكري‬
‫والحميات الغذائية عالية المحتوى من المواد الدسمة والبروتينات والتي ترتبط جميعها بالمقابل مع خلل الفلورا‪.‬‬

‫وبشكل عام يرتبط سرطان القولون مع انخفاض األنواع الجرثومية المنتجة للبوتيرات وزيادة في األنواع الجرثومية‬
‫الممرضة المختلفة‪ .‬وبشكل عام تم تحديد ازدياد نوعين محددين من الجراثيم تؤدي إلى حالة التهابية موضعية‬
‫شديدة‪.‬‬

‫كما بينت الدراسات تغير الخلل في الفلورا المعوية بتغير شدة الحالة المرضية ومرحلة اإلصابة السرطانية‪ .‬حيث‬
‫بينت بعض التجارب التي أجريت على فئران التجارب فعالية بعض العالجات بالمضادات الحيوية على الحالة الورمية‬
‫لسرطان القولون لدى هذه الفئران‪.‬‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫ً‬
‫أيضا أن إعطاء البوتيرات قد أدى إلى انخفاض الحالة الورمية‬ ‫كما بينت بعض التجارب التي أجريت على الفئران‬
‫بشكل ملحوظ‪.‬‬

‫‪ 6.3‬العالقة بين األمعاء والدماغ‬


‫تفرز الفلورا المعوية بعض المواد كمستقلبات التربتوفان والحموض الدسمة قصيرة السلسلة وبعض النواقل‬
‫العصبية كالدوبامين والنورأدرينالين التي تؤثر بشكل مباشر في عمل الدماغ‪ .‬كما أن الدماغ يؤثر بشكل مباشر في‬
‫طبيعة الفلورا المعوية من خالل التأثير المباشر في عمل الخاليا الظهارية وحركة األمعاء وإنتاج المواد المخاطية‪.‬‬

‫ومن خالل ذلك تم الربط بين العديد من االضطرابات العصبية والخلل في الفلورا المعوية من أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬القلق واضطرابات المزاج‬
‫‪ -‬الشيزوفرينيا‬
‫‪ -‬التوحد‬
‫‪ -‬داء باركنسون‬

‫وبما أن التوحد يعتبر من أكثرها أهمية فسوف يتم الحديث عنه بقليل من التفصيل‪.‬‬

‫أوجدت مختلف الدراسات أن ‪ 70%‬من مرضى التوحد يعانون من اضطرابات هضمية مثل اآلالم البطنية واإلسهال‬
‫واالنتفاخ البطني‪.‬‬

‫بينت العديد من الدراسات أن الفلورا المعوية عند األطفال المصابين بالتوحد تختلف عن تلك التي تتواجد عن‬
‫األطفال العاديين كما تزداد عندهم النفاذية المعوية‪ .‬حيث تبين ارتفاع تعداد جراثيم ‪ Clostridium‬في براز األطفال‬
‫المصابين بالتوحد مع ارتفاع في تعداد جراثيم ‪ Bacteroidetes‬وانخفاض في التعداد الجرثومي للجراثيم المفيدة‬
‫مثل ‪.Bifidobacteria‬‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫تقترح أحد اآلليات اإلمراضية أن تزايد تعداد جراثيم ‪ Clostridium‬يسبب زيادة في إنتاج حمض البروبيونيك الذي يجتاز‬
‫الحاجز الدماغي الدموي ويسبب العديد من االضطرابات المعرفية واألعراض التي تعود للتوحد‪.‬‬

‫‪ 6.4‬الداء الزالقي ‪Celiac Disease‬‬


‫يصنف الداء الزالقي من األمراض االلتهابية المناعية الذاتية التي تتميز بالتحسس للغلوتين المشتق من القمح‬
‫والشعير‪ ،‬فإن تناول هذا النوع من المركبات يؤدي إلى إفراز سيتوكينات محفزة لاللتهاب تسبب تخرب المخاطية‬
‫المعوية‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن اآللية اإلمراضية للداء الزالقي محددة بدقة إال أنه وفي السنوات األخيرة قد وجدت نتائج‬
‫ً‬
‫هاما لخلل الفلورا المعوية في إمراضية الداء الزالقي‪ .‬فقد بينت الدراسات أن الوالدة‬ ‫ً‬
‫دورا‬ ‫األبحاث المختلفة‬
‫الطبيعية والرضاعة الطبيعية تقي من اإلصابة من خالل تحفيز ظهور فلورا طبيعية عند الطفل‪.‬‬

‫ً‬
‫حاليا هي اتباع حمية خالية من الغلوتين‪ ،‬حيث تبين أن اتباع هذه الحمية‬ ‫إن الطريقة الوحيدة لعالج الداء الزالقي‬
‫ً‬
‫أيضا من الخلل في الفلورا المعوية ويعيده إلى حالة التوازن بشكل قليل‪ .‬كما تبين أن تناول البروبيوتيك‬ ‫يحسن‬
‫الحاوي على جراثيم ‪ Lactobacillus casei‬يحسن من المخاطية المعوية لدى هؤالء المرضى‪.‬‬
‫كذلك األمر بالنسبة لبقية االضطرابات التحسسية الغذائية مثل التحسس للحليب والبيض والفستق‪ ،‬فقد بينت نتائج‬
‫األبحاث ارتباطها مع وجود خلل في الفلورا المعوية‪.‬‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫السابعة‬

‫عالقة الغذاء بالفلورا المعوية (التأثيرات‬


‫السلبية للغذاء)‬
‫يؤثر تركيب الغذاء في تركيب الفلورا المعوية وفعاليتها االستقالبية‪ .‬حيث تؤدي بعض أنواع الطعام إلى زيادة نمو‬
‫الجراثيم المعوية المفيدة بينما يؤدي بعضها اآلخر إلى زيادة نشاط الجراثيم الضارة‪.‬‬

‫‪ 7.1‬مركبات السلفات‬
‫بينت الدراسات المختلفة أن مركبات السلفات تزيد من نمو الجراثيم الضارة‪ ،‬كما أن بعض جراثيم الفلورا المعوية تؤثر‬
‫ً‬
‫أيضا إلى‬ ‫في مركبات السلفات وتؤدي إلى تشكيل كبريت الهيدروجين الذي يسبب الغازات في البطن ويؤدي‬
‫تخرب في المخاطية المعوية‪.‬‬

‫كما تبين الدراسات أن مركبات السلفيد تزيد من نفاذية المخاطية المعوية نتيجة التخريب الحاصل في البنية‬
‫البوليمرية للمواد المخاطية المحيطة باألمعاء‪.‬‬

‫ً‬
‫غذائيا كمواد حافظة في الفواكه المجففة والخضار منزوعة الماء واألسماك الصدفية والعصائر‬ ‫تستعمل السلفات‬
‫المعلبة والمخبوزات‪.‬‬

‫‪ 7.2‬الحمية الغذائية عالية المحتوى من البروتينات‬


‫إن تناول حمية غذائية عالية المحتوى من البروتين يؤدي إلى زيادة تعداد بعض الجراثيم الضارة‪ .‬والمقصود بذلك‬
‫تناول حمية غذائية تحوي أكثر من ‪ 100‬غرام من المواد البروتينية في اليوم (‪ 0.8‬غرام‪/‬كغ من الوزن في اليوم من‬
‫البروتينات)‬

‫حيث أن الفائض من حاجة الجسم من المواد البروتينية سوف يتحول إلى بعض المستقلبات الضارة مثل األمونيا‪.‬‬

‫ً‬
‫ضررا من البروتينات النباتية‪ ،‬حيث يؤدي اإلكثار من هذه البروتينات‬ ‫كما تؤكد الدراسات أن البروتينات الحيوانية أكثر‬
‫إلى زيادة فعالية بعض اإلنزيمات الجرثومية مثل ‪ beta-glucuronidase, azoreductase, Nitro Reductase‬التي‬
‫تعمل على زيادة استخالص المستقلبات السامة في الجسم وتحرض على ردود األفعال االلتهابية في الجسم‪.‬‬

‫‪ 7.3‬السكريات البسيطة والسكريات المكررة‬


‫بينت الدراسات أن تناول حميات غذائية تحتوي على كميات مرتفعة من السكريات البسيطة والسكريات المكررة يزيد‬
‫من تعداد الجراثيم شديدة القدرة االستقالبية مثل جراثيم ‪C. difficile and C. perfringens‬‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫‪ 7.4‬الحميات عالية المحتوى من المواد الدسمة‬
‫بينت الدراسات التي أجريت على الفئران أن اتباع حميات عالية المحتوى من المواد الدسمة يقلل من الجراثيم التي‬
‫تحمي مخاطية األمعاء مثل أنواع جراثيم ‪.Bifidobacterium spp‬‬

‫‪ 7.5‬العوامل االستحالبية‬
‫تضاف العوامل االستحالبية للعديد من المنتجات الغذائية لتحسين قوامها وزيادة فترة صالحيتها‪.‬‬

‫تؤثر هذه المواد على المخاطية المعوية وعلى طبيعة الفلورا المعوية‪ ،‬ومن أهم أمثلتها‬
‫‪ Carboxymethylcellulose‬و ‪ polysorbate-80‬الذين يؤديان إلى حالة التهابية خفيفة في الجسم ويحرضون‬
‫بذلك على اإلصابة بالمتالزمة االستقالبية‪.‬‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫استعملت أحد التجارب كال العاملين االستحالبيين بتركيز ‪ 1.0%‬لمدة ‪ 12‬أسبوع وهو يعادل التركيز المستعمل في‬
‫العديد من األغذية‪.‬‬

‫يظهر الشكل التالي الخلل الذي يطرأ على المخاطية المعوية‪.‬‬

‫يترافق ذلك مع خلل في طبيعة الفلورا المعوية حيث يتناقص تعداد ‪ Bacteroidales‬وزيادة تعداد الجراثيم الممرضة‬
‫مثل ‪Proteobacteria‬‬

‫يؤدي ذلك بشكل عام إلى‪:‬‬


‫‪ -‬زيادة الوزن‬
‫‪ -‬زيادة الكتلة الدهنية في الجسم‬
‫‪ -‬زيادة مقاومة األنسولين‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫في تجربة تالية‪:‬‬
‫‪ -‬ال يوجد حالة التهابية في الجسم‬
‫‪ -‬ال يوجد خلل استقالبي في الجسم‬
‫‪ -‬ال تتناقص سماكة المخاطية المعوية‬

‫أما التجربة األخيرة فكانت كمايلي‬


‫‪ -‬حالة التهابية خفيفة‬
‫‪ -‬تراكم دهون في الجسم‬

‫‪ 7.6‬المحليات الصناعية‬
‫من المفارقة أن الدراسات وجدت أن استهالك األسبارتام يزيد من مستويات الغلوكوز الصيامية ومقاومة األنسولين‬
‫من خالل إحداث خلل في طبيعة الفلورا المعوية‪ .‬حيث يؤدي االستهالك المطول لألسبارتام إلى زيادة األنواع‬
‫الجرثومية التي تستخرج الطاقة من المواد الغذائية وتحولها إلى دهون تتراكم في الجسم‪.‬‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫ولدى التدقيق في طبيعة األنواع الجرثومية التي تزداد خالل هذه التجربة تبين أنها نفس األنواع التي تزداد عند‬
‫األشخاص الذين يعانون من البدانة‬

‫‪ 7.7‬الحميات الغذائية العامة‬


‫تبين الدراسات التي أجريت للمقارنة بين الحميات الغذائية الغربية ‪( Western diet‬العالية المحتوى من الدسم‬
‫المشبعة والسكريات والبروتينات الحيوانية) والحميات الغذائية الغنية باأللياف والقليلة المحتوى من الدسم أن‬
‫ً‬
‫تعدادا أكبر من جراثيم ‪ Firmicutes‬و ‪ Enterococcus‬وأقل من‬ ‫األشخاص الذين يتبعون حميات غذائية غربية يملكون‬
‫جراثيم ‪ Bacteroides‬ومن الخمائر‪.‬‬

‫حيث بينت إحدى الدراسات أن األطفال في أوروبا يملكون فلورا معوية فقيرة بجراثيم ‪ Bacteroidetes‬وغنية‬
‫بجراثيم ‪ Enterobacteriaceae‬بالمقارنة مع أطفال قرى جنوب أفريقيا وعزي ذلك إلى نمط الغذاء المتبع في كلتا‬
‫المنطقتين‪.‬‬

‫كما أن الحميات الغذائية التي تعتمد على حذف أحد المكونات الغذائية أو غيرها مثل حمية ‪ Atkins‬وحمية ‪Paleo‬‬
‫ً‬
‫خلال في الفلورا المعوية حيث أنها تحفز نمو أحد األنواع الجرثومية دون غيرها‪.‬‬ ‫تسبب‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫الثامنة‬

‫عالقة الغذاء بالفلورا المعوية (التأثيرات‬


‫اإليجابية للغذاء)‬
‫‪ 8.1‬الفيتامين ‪D‬‬
‫تبين الدراسات الحديثة أهمية الفيتامين ‪ D‬وتربط بين استهالكه وتناقص خطر اإلصابة بالتهاب األمعاء والكولون‪.‬‬
‫حيث تؤكد الدراسات أن الفيتامين ‪ D‬يحسن من مقاومة الخاليا الظهارية المعوية لإلصابات المختلفة ويقلل من‬
‫االستجابة االلتهابية عند مرضى التهاب األمعاء التهيجي ‪.IBD‬‬

‫كما تؤكد الدراسات أن مختلف هذه التأثيرات قد تعود لتأثير الفيتامين ‪ D‬على توازن الفلورا المعوية‪ ،‬حيث يترافق‬
‫عوز الفيتامين ‪ D‬مع انخفاض في كمية جراثيم ‪ Lactobacilli‬و ‪ Firmicutes‬وزيادة في جراثيم ‪ Clostridium‬و‬
‫‪.Bacteroidetes‬‬

‫تعتبر جراثيم ‪ Lactobacilli‬جراثيم إيجابية الغرام تعمل على إنتاج حمض اللبن الذي يملك بعض الخواص المضادة‬
‫لاللتهاب وبالتالي فإن االنخفاض في هذه الجراثيم الموافق لعوز الفيتامين ‪ D‬يزيد من احتمال اإلصابة بالتهابات‬
‫مزمنة‪.‬‬

‫كما يعمل الفيتامين ‪ D‬على منع نمو الجراثيم الضارة في األمعاء من خالل الحفاظ على خاليا الظهارية المعوية‪.‬‬

‫‪ 8.2‬األلياف الغذائية والحبوب الكاملة‬


‫يرتبط تناول األلياف الغذائية والحبوب الكاملة مع تخفيض الحالة االلتهابية في الجسم وتخفيض خطر اإلصابة‬
‫باألمراض القلبية والسكري والبدانة‪.‬‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫تتميز الحبوب الكاملة واأللياف الغذائية باحتوائها على كميات كبيرة من المركبات الفينولية مثل حمض الفيروليك‬
‫الذي يمتلك بعض الخصائص المحسنة لعمل الجملة المناعية ويعمل كمضاد جرثومي للجراثيم الضارة‪.‬‬

‫باإلضافة لذلك فإن تناول الحبوب الكاملة واأللياف الغذائية يزيد من جراثيم ‪ Bacteroides‬و ‪ Lactobacillus‬التي‬
‫تحسن من الحالة االلتهابية تحت السريرية في الجسم‪.‬‬

‫كما تبين الدراسات أن التناول مطول األمد لأللياف الغذائية والحبوب الكاملة يقلل من كمية جراثيم ‪Bacteroides‬‬
‫وزيادة في جراثيم ‪ Bifidobacteria‬و ‪ Roseburia‬وهي من الجراثيم المنتجة للبوتيرات‪ ،‬وتعد هذه األخيرة من‬
‫ً‬
‫معززا لعمل الجملة المناعية ويقلل من الحالة االلتهابية في‬ ‫ً‬
‫دورا‬ ‫الحموض الدسمة قصيرة السلسلة التي تلعب‬
‫الجسم‪.‬‬

‫تعمل الحموض الدسمة قصيرة السلسلة في الجسم على زيادة إفراز المواد المخاطية وتحسن من االستجابة‬
‫المناعية االلتهابية في الجسم‪.‬‬

‫‪ 8.3‬الخضار والفواكه‬
‫إن تناول الخضار والفواكه بشكل منتظم يحسن من تنوع الفلورا المعوية ويقلل من خطر االضطرابات الهضمية‬
‫وسرطان القولون‪.‬‬

‫ومن أهم الخضار والفواكه التي أجريت عليها الدراسات العنب األحمر الذي يرتبط تناوله مع زيادة جراثيم‬
‫‪ Prevotella‬و ‪ Proteobacteria‬و ‪ Bifidobacteria‬وتخفيض تعداد الجراثيم الممرضة مثل جراثيم ‪Clostridium‬‬
‫ويعود ذلك لغنى العنب األحمر بالمركبات الفينولية‪.‬‬

‫تتوفر المركبات الفينولية في العديد من الخضار والفواكه األخرى والشاي والشوكوالتة‪.‬‬

‫‪ 8.4‬البروبيوتيك ‪Probiotics‬‬
‫تعمل البروبيوتيك على تحسين الحاجز الدفاعي في األمعاء وتخفيض الحالة االلتهابية في الجسم‬

‫إن تناول الحليب المخمر يزيد من الوزن ويعتبر أحد أهم األغذية التي ينصح بتناولها عند األطفال الذين يعانون من‬
‫مشاكل سوء التغذية‪.‬‬

‫بالمقابل فإن إعطاء بعض السالالت األخرى من البروبيوتيك مثل ‪ L. plantarum‬و ‪ L. gasseri‬يؤدي إلى تخفيض‬
‫الوزن عبر التحكم ببعض اآلليات الهرمونية وبالتالي من المهم التنويه إلى أن اختالف السالالت الجرثومية المشكلة‬
‫للبروبيوتيك تؤدي إلى تأثيرات مختلفة مما يؤكد ضرورة االنتباه إلى نوع السالالت الموصوفة لكل حالة على حدى‪.‬‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬


‫من خالل الوحدة الثانية استطعنا فهم ماهية الفلورا المعوية وأهميتها ودورها في صحة الرضيع والطفل والبالغ ‪،‬‬
‫كما بحثنا عالقة الفلورا المعوية ببعض األمراض كالبدانة والسكري والقلب و تطرقنا كذلك إلى التأثيرات اإليجابية‬
‫للغذاء عليها‪.‬‬

‫الوحدة الثانية‪ :‬مفهوم الفلورا المعوية وعالقتها باألمراض المزمنة‬

You might also like