You are on page 1of 156

‫القيم اجلامعية‬

‫تأليف‬

‫أ‪.‬د‪ .‬حممد بن شحات اخلطيب‬

‫أ‪.‬د‪ .‬عائشة بنت سيف األمحدي‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صابر بن عوض جيدوري‬

‫‪0‬‬
1
‫محتويات الكتاب‬
‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫المقدمة ‪...................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬القيم‪ :‬إطار مفاهيمي‬
‫مفهوم القيم في الفكر اإلسالمي ‪......................................‬‬
‫مفهوم القيم في الفكر الفلسفي‪..........................................‬‬
‫مفهوم القيم في علم االجتماع ‪........................................‬‬
‫أهمية القيم ‪..........................................................‬‬
‫وظائف القيم ‪.......................................................‬‬
‫خصائص القيم ‪.......................................................‬‬
‫مصادر القيم ‪.........................................................‬‬
‫القيم بين الثابت والمتحول‪.............................................‬‬
‫العوامل المؤثرة في القيم ‪..............................................‬‬
‫مكونات القيمة‪........................................................‬‬
‫كيفية تكوين القيم ‪...................................................‬‬
‫أنشطة وتطبيقات ‪...................................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قيمة تقوى هللا في السر والعلن ‪..............‬‬
‫‪..............................‬‬ ‫أواال‪ :‬المكون المعرفي لقيمة تقوى هللا‬
‫‪...............................................‬‬ ‫المقصود بالتقوى‬
‫أهمية التقوى ‪......................................................‬‬
‫الدالالت التربوية لقيمة التقوى ‪.....................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬المكون الوجداني لقيمة تقوى هللا ‪.............................‬‬
‫ا‬
‫ثالثاا‪ :‬المكون السلوكي لقيمة تقوى هللا ‪............................‬‬
‫‪..................................‬‬ ‫أنشطة وتطبيقات‬
‫الفصل الثالث‪ :‬قيمة تعظيم قدر النبي ‪....................‬‬
‫‪....................‬‬ ‫أواال‪ :‬المكون المعرفي لقيمة تعظيم قدر النبي‬
‫‪.....................................‬‬ ‫المقصود بتعظيم قدر النبي‬
‫‪........................................‬‬ ‫دالئل تعظيم قدر النبي‬

‫‪2‬‬
‫‪..............................‬‬ ‫منهج النبي في تعامله مع الشباب‬
‫ثانيا‪ :‬المكون الوجداني لقيمة تعظيم قدر النبي ‪......................‬‬
‫ا‬
‫ثالثاا‪ :‬المكون السلوكي لقيمة تعظيم قدر النبي ‪.......................‬‬
‫‪............................................‬‬ ‫أنشطة وتطبيقات‬
‫الفصل الرابع‪ :‬قيمة األمانة العلمية ‪......................‬‬
‫أواال‪ :‬المكون المعرفي لقيمة األمانة العلمية ‪........................‬‬
‫األمانة العلمية في الفكر اإلسالمي ‪..............................‬‬
‫مجاالت قيمة األمانة ‪...........................................‬‬
‫اآلثار اإليجابية لقيمة األمانة ‪...................................‬‬
‫أسباب تضييع األمانة ‪...........................................‬‬
‫األمانة العلمية في فضاءات الجامعة ‪.............................‬‬
‫األمانة العلمية في الدراسة الجامعية ‪.............................‬‬
‫ثانيا‪ :‬المكون الوجداني لقيمة األمانة العلمية ‪.....................‬‬
‫ا‬
‫ثالثاا‪ :‬المكون السلوكي لقيمة األمانة العلمية‪.......................‬‬
‫أنشطة وتطبيقات ‪..............................................‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬قيمة البحث عن الحقيقية (حب المعرفة)‬
‫أواال‪ :‬المكون المعرفي لقيمة حب المعرفة ‪......................‬‬
‫المعنى الفلسفي لقيمة حب المعرفة ‪.............................‬‬
‫مراحل تطور المعرفة البشرية ‪.................................‬‬
‫نظريات الحقيقة (حب المعرفة) ‪...............................‬‬
‫مصادر المعرفة ‪.............................................‬‬
‫خصائص المعرفة ‪..........................................‬‬
‫أنماط المعرفة ‪...............................................‬‬
‫دورة المعرفة ‪...............................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬المكون الوجداني لقيمة حب المعرفة ‪..................‬‬
‫ا‬
‫ثالثاا‪ :‬المكون السلوكي لقيمة حب المعرفة ‪..................‬‬
‫أنشطة وتطبيقات ‪........................................‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬قيمة المواطنة ‪....................‬‬
‫أواال‪ :‬المكون المعرفي لقيمة المواطنة ‪......................‬‬

‫‪3‬‬
‫مفهوم المواطنة ‪..........................................‬‬
‫أبعاد المواطنة ‪...........................................‬‬
‫التربية على المواطنة ‪.....................................‬‬
‫األبعاد التي تعمل عليها التربية على المواطنة ‪............‬‬
‫مكونات النموذج الديمقراطي للتربية على المواطنة ‪.......‬‬
‫أهداف التربية على المواطنة ‪............................‬‬
‫ثانيا‪ :‬المكون الوجداني لقيمة المواطنة‪....................‬‬
‫ا‬
‫ثالثاا‪ :‬المكون السلوكي لقيمة المواطنة ‪..................‬‬
‫أنشطة وتطبيقات ‪....................................‬‬
‫الفصل السابع‪ :‬قيمة الوسطية واالعتدال ‪........‬‬
‫المكون المعرفي لقيمة الوسطية واالعتدال ‪.............‬‬
‫الوسطية في الفكر اإلسالمي ‪...........................‬‬
‫الوسطية في الفكر الفلسفي ‪.............................‬‬
‫أهمية قيمة الوسطية للفرد والمجتمع ‪....................‬‬
‫ضرورات الوسطية واالنفتاح على اآلخر ‪...............‬‬
‫الوسطية تتطلب الحوار مع اآلخر الديني والثقافي ‪.......‬‬
‫ثانيا‪ :‬المكون الوجداني لقيمة الوسطية واالعتدال ‪........‬‬
‫ا‬
‫ثالثاا‪ :‬المكون السلوكي لقيمة الوسطية واالعتدال ‪.......‬‬
‫أنشطة وتطبيقات ‪.....................................‬‬
‫الفصل الثامن‪ :‬قيمة التسامح مع اآلخر ‪.......‬‬
‫أواال‪ :‬المكون المعرفي لقيمة التسامح مع اآلخر ‪........‬‬
‫معنى التسامح مع اآلخر ‪............................‬‬
‫التسامح مع اآلخر في الفكر اإلسالمي ‪..............‬‬
‫التسامح مع اآلخر في اإلعالنات والمواثيق الدولية ‪...‬‬
‫أنواع التسامح ‪......................................‬‬
‫أهمية التسامح وحدوده ‪.............................‬‬
‫تعزيز التسامح في الفضاء الجامعي ‪.................‬‬
‫تعليم ثقافة التسامح ‪..............................‬‬
‫تضمين المناهج الجامعية ثقافة التسامح ‪...........‬‬

‫‪4‬‬
‫ثانيا‪ :‬المكون الوجداني لقيمة التسامح مع اآلخر ‪....‬‬
‫ا‬
‫ثالثاا‪ :‬المكون السلوكي لقيمة التسامح مع اآلخر ‪...‬‬
‫‪.............................‬‬ ‫أنشطة وتطبيقات‬
‫الفصل التاسع‪ :‬قيمة الحرية األكاديمية ‪...‬‬
‫أواال‪ :‬المكون المعرفي لقيمة الحرية األكاديمية ‪...‬‬
‫‪..............................‬‬ ‫معنى الحرية‬
‫الحدود التي ترتبط بها الحرية ‪.................‬‬
‫الحرية في الفكر اإلسالمي ‪..................‬‬
‫الحرية في الفكر الفلسفي ‪.....................‬‬
‫مفهوم الحرية األكاديمية ‪.....................‬‬
‫فلسفة الحرية األكاديمية ‪....................‬‬
‫االتجاهات الفكرية للحرية األكاديمية ‪.........‬‬
‫ثانيا‪ :‬المكون الوجداني لقيمة الحرية األكاديمية ‪..‬‬
‫ا‬
‫ثالثاا‪ :‬المكون السلوكي لقيمة الحرية األكاديمية ‪..‬‬
‫أنشطة وتطبيقات ‪.............................‬‬
‫الفصل العاشر‪ :‬قيمة المسؤولية االجتماعية ‪...‬‬
‫أواال‪ :‬المكون المعرفي لقيمة المسؤولية االجتماعية ‪.....‬‬
‫مفهوم المسؤولية االجتماعية ‪.........................‬‬
‫خصائص المسؤولية االجتماعية ‪.....................‬‬
‫مراحل تطور المسؤولية االجتماعية ‪..................‬‬
‫صور المسؤولية االجتماعية وأشكالها ‪................‬‬
‫اآلثار اإليجابية لقيمة المسؤولية االجتماعية ‪..........‬‬
‫دور الجامعة في تعزيز قيمة المسؤولية االجتماعية ‪....‬‬
‫ثانيا‪ :‬المكون الوجداني لقيمة المسؤولية االجتماعية ‪....‬‬
‫ا‬
‫ثالثاا‪ :‬المكون السلوكي لقيمة المسؤولية االجتماعية ‪.....‬‬
‫أنشطة وتطبيقات ‪...................................‬‬
‫الفصل الحادي عشر‪ :‬قيمة العدالة وتكافؤ الفرص‬
‫العدالة في الفكر اإلسالمي ‪...............................‬‬
‫العدالة في الفكر الفلسفي ‪...............................‬‬

‫‪5‬‬
‫معنى العدالة االجتماعية ومقوماتها ‪......................‬‬
‫وسبل مواجهتها ‪.................‬‬
‫معوقات العدالة االجتماعية ُ‬
‫العالقة بين العدالة االجتماعية وتكافؤ الفرص التعليمية ‪.....‬‬
‫معوقات تحقيق تكافؤ الفرص التعليمية ‪....................‬‬
‫أبعاد ظاهرة العنصرية في األدبيات الدولية ‪................‬‬
‫دور الجامعات في تعزيز تكافؤ الفرص التعليمية ‪..........‬‬
‫آثار تحقيق العدالة االجتماعية في المجتمع ‪...............‬‬
‫أنشطة وتطبيقات ‪........................................‬‬
‫الفصل الثاني عشر‪ :‬قيمة الجودة والتميز ‪........‬‬
‫معنى الجودة ‪..........................................‬‬
‫الجودة في الفكر اإلسالمي ‪.............................‬‬
‫الجودة في المجال التربوي ‪.............................‬‬
‫مبادئ الجودة الشاملة ‪.................................‬‬
‫لماذا الجودة الشاملة؟ ‪.................................‬‬
‫فوائد تطبيق الجودة ‪.................................‬‬
‫دور الجامعة في تعزيز ثقافة الجودة ‪.................‬‬
‫متطلبات تطبيق الجودة في المؤسسة الجامعية ‪.......‬‬
‫مؤشرات غياب الجودة في الجامعات ‪.................‬‬
‫فوائد تطبيق الجودة في التعليم الجامعي ‪..............‬‬
‫معوقات تطبيق الجودة ‪..............................‬‬
‫أنشطة وتطبيقات ‪...................................‬‬

‫‪6‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫ال يمكن ألية أمة أن تنشدد التنمية الشداملة دون أن يكون لها نظام تربوي قوي بكفايتيه‬
‫الداخلية والخارجية‪ .‬وال يمكن ألي نظام تربوي أن يكون كذلك‪ ،‬إال بمدى قدرته على تخريج‬
‫أفواج مؤمنة بقيمها وأص د د د ددالتها من جهة‪ ،‬وخبيرة مدربة في مجال العلوم والتقنيات من جهة‬
‫أخرى‪ .‬وذلك ألن التنمية الشداملة ال تعتمد على الكفايات والمهارات والمعارف التي يسدتطيع‬
‫ض دا على القيم التي يتمسددك بها‪ ،‬وعلى المواقف واالتجاهات‬ ‫المتعلم امتالكها فحسددب‪ ،‬بل أي ا‬
‫التي يتخ ددذه ددا حي ددال كثير من األمور في المجتمع‪ ،‬ومنه ددا حي ددال العم ددل وطبيعت دده‪ ،‬والزمن‬
‫واستثماره‪ ،‬والتعاون ومداه‪ ،‬فعلى مثل هذه الجوانب الوجدانية والخلقية واإلرادية في اإلنسان‪،‬‬
‫وعلى ما فيها من اإليجابيات تعتمد التنمية الش د د د د دداملة إلى حد بعيد‪ ،‬وأهميتها قد ال تقل عن‬
‫أهمية الجوانب المعرفية فيها‪.‬‬
‫ومن ثَ َّم فإن تغيير المجتمع ال بد أن يتم من خالل تغيير اإلنسدان‪ ،‬أي أننا ال نسدتطيع‬
‫تغيير المجتمع إال إذا غيرنا اإلنسددان‪ ،‬وتغيير اإلنسددان ال يتم إال من خالل إعادة بناء نسددقه‬
‫داركا‬
‫مهما لتغيير أنسدداقه المعرفية والعلمية‪ ،‬من أجل أن ُيضددبح مشد ا‬
‫مدخال ا‬
‫ا‬ ‫القيمي الذي ُيعد‬
‫اال في تنمية مجتمعه على المستويات كافة‪.‬‬ ‫فع ا‬
‫وتعميما للفائدة‪ ،‬وبخاصة ألولئك الذين يشقون طريقهم ليكونوا‬
‫ا‬ ‫لألسباب السابقة الذكر‪،‬‬
‫لبنة صالحة في بناء مجتمع المملكة العربية السعودية‪ ،‬جاء هذا الكتاب ليزودهم بجملة من‬
‫القيم الجامعية المهمة التي ضمنتها جامعة طيبة في دليلها عن "القيم واألعراف الجامعية"‪،‬‬
‫ليقف الشباب الجامعي من خاللها على ما ُيعزز حياتهم المعرفية والوجدانية والسلوكية‪.‬‬
‫وقد جاء الكتاب في اثنا عشد د ددر فصد د د ادال‪ ،‬تناول الفصد د ددل األول منها اإلطار المفا يمي‬
‫للقيم‪ ،‬فعرض لمفهومها في الفكر اإلس د د ددالمي والفكر الفلس د د ددفي واالجتماعي‪ ،‬ثم لمص د د ددادرها‬
‫وخص ددائص ددها ووظائفها ومكوناتها والعوامل المؤثرة فيها‪ .‬ثم جاءت الفص ددول األخرى لتتناول‬
‫قيمة تقوى هللا في السد د د د ددر والعلن‪ ،‬وقيمة تعظيم قدر النبي صد د د د ددلى هللا عليه وسد د د د ددلم‪ ،‬وقيمة‬
‫األمانة العلمية‪ ،‬وقيمة البحث عن الحقيقة (حب المعرفة)‪ ،‬وقيمة المواطنة‪ ،‬وقيمة الوسدطية‬
‫واالعتدددال‪ ،‬وقيمددة التسد د د د د د د ددامح مع اآلخر‪ ،‬وقيمددة الحري دة األكدداديميددة‪ ،‬وقيمددة المسد د د د د د ددؤوليددة‬
‫االجتماعية‪ ،‬وقيمة العدالة وتكافؤ الفرص‪ ،‬وقيمة الجودة والتميز‪.‬‬
‫مع ملحوظة أن معالجة القيم المذكورة قد تم من خلفية فلسد ددفية ويسد ددالمية‪ ،‬ومن خالل‬
‫منهجية تعاملت مع القيم عبر مكوناتها الثالثة‪ ،‬المعرفية والوجدانية والسلوكية‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫المؤلفون‬
‫أ‪.‬د‪ .‬محمد بن شحات الخطيب‬
‫أ‪.‬د‪ .‬صابر بن عوض جيدوري‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عائشة بنت سيف األحمدي‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول‬
‫القيم‪ :‬إطار مفاهيمي‬

‫‪9‬‬
‫الفصل األول‬
‫القيم‪ :‬إطار مفاهيمي‬
‫تُعد القيم واحدة من القضددايا التي دار حولها جدل كبير نتيجة التغيرات الس دريعة التي‬
‫تش ددهدها المجتمعات اإلنس ددانية‪ ،‬والس دديما مع تنامي موجات العولمة‪ ،‬وما رافقها من تطورات‬
‫هائلة في شد د د ددتى المجاالت المجتمعية‪ ،‬وما أحدثه ذلك من تغيرات في النسد د د دديج االجتماعي‬
‫بارز في حياة األفراد‪ ،‬فهي تش د د د د ددكل‬
‫أثر اا‬
‫والثقافي‪ ،‬غير أن ذلك ال يمنع من القول‪ :‬إن للقيم اا‬
‫الجانب المعنوي في السلوك اإلنساني‪ ،‬كما أنها المحور الرئيس للسلوك الوجداني‪ ،‬والثقافي‪،‬‬
‫واالجتماعي عند اإلنسان‪.‬‬
‫أما على المسدتوى االجتماعي‪ ،‬فالقيم تُسداعد المجتمع على تماسدكه إذ تُحدد له أهدافه‬
‫ومثله العليا ومبادئه المسددتقرة‪ ،‬ومن ثَ َّم يسددتقيم المجتمع في وحدة واحدة تحفظه من التشددرذم‬
‫معيار لما ُيقبل أو‬
‫اا‬ ‫والفرقة‪ ،‬وذلك لكون القيم بمثابة الميزان الذي توزن به األشد د ددياء‪ ،‬أي تُعد‬
‫ُيرفض من السلوكيات‪.‬‬
‫وفي هذا الفصد د د د ددل سد د د د دديتم مناقشد د د د ددة مجموعة من المحاور التي تتصد د د د ددل بمفهوم القيم‬
‫وطبيعتها‪ ،‬ومكوناتها‪ ،‬وأهميتها‪ ،‬ووظائفها‪ ،‬ومصادرها‪ ،‬وخصائصها‪ ،‬والعوامل المؤثرة فيها‪.‬‬
‫أواال‪ :‬مفهوم القيم في الفكر اإلسالمي‪:‬‬
‫من معاني القيمة في الفكر اإلس د ددالمي الدوام والثبات واالس د ددتقامة والكمال‪ ،‬ففي مجال‬
‫السلوك يقال‪ :‬أمة قائمة‪ ،‬أي متمسكة بدينها‪ ،‬مواظبة عليه‪ .‬والدين القيم‪ ،‬أي المستقيم الذي‬
‫ال زيغ فيده وال مي َدل عن الحق‪ ،‬يقول تعدالى‪ :‬ذَلِك َ الكِّينُ القََِّي (التوبدة‪ .)36 :‬وقولده تعدالى‪َ :‬كفََِِ‬

‫وَجهَك َ لِدكِّينُا القََِّي ا (الروم‪ .)43 :‬ومن خالل التدددقيق في اآليددات الس د د د د د د ددابقدة نجددد أن جميعهددا‬
‫جاءت بمعنى االسددتقامة واالسددتواء والعدل واإلحسددان والحق‪ ،‬وقد ارتبطت في جميع اآليات‬
‫بالدين‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬اهتم علماء المس ددلمين بموض ددوع القيم وبحثها على أنها أحكام ش ددرعية‬
‫تحت مصد د ددطلح الفضد د ددائل واألخال واآلداب‪ ،‬وال يخلو كتاب حديث أو فقه أو تفسد د ددير من‬
‫اإلشارة إلى هذا الموضوع‪ ،‬بل كتبت مؤلفات كثيرة بهذا الخصوص منها على سبيل المثال‪:‬‬
‫كتاب تهذيب األخال وتطهير األع ار ألبن مسكويه‪ ،‬وكتاب األخال لد د د د د د د محي الدين بن‬
‫عربي‪ ،‬وكتاب إحياء علوم الدين لإلمام الغزالي‪ ،‬وقد خصد ددص بعضد ددهم لذلك أبو اابا خاصد ددة‬

‫‪10‬‬
‫كمدا فعدل اإلمدام البخداري في صد د د د د د ددحيحده‪ ،‬إذ جعدل للقيم بدا ابدا خدا ا‬
‫ص د د د د د د دا تحدت عنوان "كتداب‬
‫اآلداب"‪.‬‬
‫كما أورد علماء المس ددلمين تقس دديمات وتفص دديالت عديدة لهذه القيم‪ ،‬فقد ذكر أبن س ددينا‬
‫أن أصدول الفضدائل‪ :‬العفة‪ ،‬والشدجاعة‪ ،‬والحكمة والعدالة‪ .‬في حين ذكر أبن حزم أن أصدول‬
‫الفضد د د د د د ددائدل كلهدا أربعدة‪ ،‬عنهدا تتركدب كدل فضد د د د د د دديلدة وهي‪ :‬العددل‪ ،‬والفهم‪ ،‬والنجددة‪ ،‬والجود‪.‬‬
‫(الصمدي‪)137-136 ،2003 ،‬‬
‫وفض د دالا عن محاوالت علماء المس د ددلمين القدماء في توض د دديح معنى القيم وتقس د دديماتها‪،‬‬
‫هناك محاوالت عصد د د درية متعددة قام بها بعض الباحثين التربويين المس د د ددلمين لتحديد مفهوم‬
‫القيم اإلسد د د ددالمية وتعريفها منها‪ :‬تعري" "العوا" بونها مجموعة المبادئ والقواعد والمثل العليا‬
‫التي نزل بها الوحي‪ ،‬والتي يؤمن بها اإلنسد د ددان ويتحدد سد د ددلوكه في ضد د ددوئها‪ ،‬وتكون مرجع‬
‫حكمده في كدل مدا يصد د د د د د دددر عنده من أفعدال وأقوال وتصد د د د د د درفدات تربطده بدا والكون‪( .‬العوا‪،‬‬
‫‪)299 ،1987‬‬
‫كما عرفها "أبو العينين" بونها "القيم النابعة من الش د د د د دريعة‪ ،‬والمرتبطة بمصد د د د ددادر التش د د د د دريع‬
‫اإلس د د د د ددالمي‪ ،‬التي تكون محل التزام واحترام من قبل الفرد والمجتمع" (أبو العينين‪،1988 ،‬‬
‫‪.)72‬‬
‫ثانيا‪ :‬مفهوم القيم وطبيعتها في الفلسفة‪:‬‬ ‫ا‬
‫من المعروف أن مبحث القيم (األكس د د دديولوجيا) ُيش د د ددكل أحد المباحث األس د د دداس د د ددية في‬
‫الفلس د د د ددفة العامة‪ ،‬ويتركز البحث فيه حول طبيعة القيم وأص د د د ددنافها ومعاييرها‪ ،‬وهذا المبحث‬
‫يرتبط بكل من المنطق واألخال وفلسد د د د ددفة الجمال‪ ،‬ويهتم في قيم األشد د د د ددياء وتحليلها وبيان‬
‫أنواعها وأصد ددولها‪ ،‬فإن ُفسد ددرت القيم بنسد ددبتها إلى الصد ددور الغائبة المرتسد ددمة في الذهن كان‬
‫اقعيا أو‬
‫مثاليا‪ .‬ويذا ُفس ددرت بوس ددباب طبيعية أو نفس ددية أو اجتماعية كان تفس دديرها و ا‬‫تفس دديرها ا‬
‫موضوعيا‪ .‬ولهذا فقد ميز الفالسفة بين نوعين من القيم هما‪:‬‬
‫ا‬
‫‪ -1‬القيم الذاتية النسبية‪:‬‬
‫هي قيم ينش د دددها النان لكونها وس د دديلة لتحقيق غاية معينة لهذا فهي تختلف باختالف‬
‫مثال قد يكون له قيمة عند فرد معين‪ ،‬وال‬ ‫األفراد وتوجهاتهم الثقافية‪ .‬مثال‪ :‬اللحن الموسيقى ا‬
‫تكون له القيمة نفسد د د د د ددها عند فرد آخر‪ ،‬وقد تثير لوحة فنية االشد د د د د ددمئزاز عند فرد بينما تُثير‬

‫‪11‬‬
‫اإلحسد د د د د د ددان بدالجمدال عندد فرد آخر‪ ،‬وهندا يكون اختالف تقددير القيم بداختالف األفراد زمدا اندا‬
‫ومكانا وثقافة‪.‬‬
‫ا‬
‫ومن الجدير بالذكر أن "بروتاجوران" زعيم الحركة السدوفسدطائية في الفكر اليوناني قد‬
‫انحاز إلى هذا المعنى النس د د ددبي للقيم حينما قال‪" :‬إن اإلنسااااان الفرد قو مقياس األشاااايا‬
‫جميعا" ‪ ،‬بمعنى أنه يقيس الخير والشددر بما ينفعه‪ ،‬فإن قال اإلنسددان عن أي شدديء أنه خير‬
‫ا‬
‫فهو خير بالنسددبة له‪ ،‬وين قال عن شدديء أنه شددر فهو شددر بالنسددبة له‪( .‬جيدوري‪،1998 ،‬‬
‫‪)48‬‬
‫كما مال "باروخ سد د د د د ددبنيورا" (‪1677-1632‬م) إلى المذهب نفسد د د د د دده‪ ،‬إذ أكد على ذلك‬
‫قائال‪" :‬نحن ال نرغب في شاااااي ألنة قيمة بل إنة قيمة ألننا نرغب ية" (زكريا‪،1984 ،‬‬
‫ا‬
‫سمي‬
‫‪ .)120‬ويلى ذلك ذهب "تومان هوبز" (‪1679-1588‬م) عندما قال‪" :‬إن اإلنسان ُي ّ‬
‫خير كل ما قو موضااااااوع لشااااااهواتة أو لرغباتة" (جاء با ‪ .)44 ،1986 ،‬وهذا يعنى أن‬ ‫اا‬
‫القيم ال ددذاتي ددة تكون نسد د د د د د ددبي ددة ألنه ددا تختلف ب دداختالف األفراد‪ ،‬واختالف أزم ددانهم وأم دداكنهم‬
‫أيضا‪.‬‬
‫وثقافتهم‪ ،‬بل وباختالف رغباتهم ا‬
‫‪ -2‬القيم الموضوعية المطلقة‪:‬‬
‫قديما كل من "سقراط" و "أفالطون"‪ ،‬إذ رفض "سقراط"‬‫وقد انحاز إلى هذا المعنى للقيم ا‬
‫النظرة النسددبية للقيم‪ ،‬وأكد أن للشدديء قيمة في ذاته‪ ،‬وأن العقل هو أداة اكتشدداف هذه القيمة‬
‫باكتش د ددافه لمعنى الفض د دديلة‪ ،‬ويرش د دداد اإلنس د ددان إلى س د ددلوك طريقها‪ .‬كما أكد "أفالطون" على‬
‫مثاال ثابتاا ال يتغير وهو واحد‪ ،‬وين تعددت مس د د د ددميات‬
‫ض د د د ددرورة أن يعي البش د د د ددر أن للخير ا‬
‫الفضائل والخيرات في هذا العالم المحسون الذي نعيش فيه‪( .‬بدوي‪)81 ،1984 ،‬‬
‫أما "ماكس شد دديلر" (‪1921-1873‬م) يقول‪" :‬إن القيمة شد دديء موضد ددوعي يتحتم علينا‬
‫اكتشد ددافه ال اختراعه‪ ،‬والقيمة قصد دددية‪ ،‬وهي تحدد الشد ددعور بدل أن يحددها هو‪ ،‬ولها صد ددفة‬
‫ثددابتددة"‪ .‬بينمددا رأى "جورج مور" (‪1958-1873‬م) أن القيمددة كددامنددة في الفعددل ذاتدده‪ ،‬وأكددد‬
‫على أن القيم ددة الب دداطن ددة تتميز ب ددونه ددا فري دددة على نحو مطلق‪ ،‬وت دددرك ب ددالح دددن‪( .‬العوا‪،‬‬
‫‪)102 ،1993‬‬
‫مع ملحوظ ددة أن دده ليس معنى ه ددذا التمييز بين نوعي القيم أن أح دددهم ددا ينفي اآلخر‪،‬‬
‫فالحقيقة أن القيم ذاتية وموضد د ددوعية في آن واحد‪ ،‬فالقيم ذاتية‪ :‬من حيث هي صد د ددادرة عن‬

‫‪12‬‬
‫الدذات الفرديدة التي تقددر القيمدة‪ ،‬وموضد د د د د د ددوعيدة‪ :‬من حيدث إنهدا ملتقى الندان جمي اعدا‪ ،‬فدالقيم‬
‫تتصل بالناحية الذاتية في أي كائن‪ ،‬وفي الوقت ذاته لها مصدر موضوعي في الواقع‪.‬‬
‫يتضح مما سبق أن القيم‪:‬‬
‫يجيا‪ ،‬ويض دديفها إلى إطاره المرجعي‬
‫⚫ نتاج اجتماعي يتعلمها الفرد ويكتس ددبها ويتشد دربها تدر ا‬
‫للسلوك من خالل عملية التنشئة االجتماعية‪.‬‬

‫⚫ مصددرها الحياة‪ ،‬إذ يتم ذلك بتفاعل النان بعضدهم مع بعض يسدتخلصدون ألنفسدهم ا‬
‫قيما‬
‫يلتزمون بها ويسيرون وفق مقتضياتها‪.‬‬
‫⚫ وتُعد القيم حس د ددب فالس د ددفة وعلماء االجتماع جزء رئيس من األس د ددان العميق لثقافة أي‬
‫مجتمع‪.‬‬
‫⚫ تقوم في نفس اإلنس د ددان بالدور الذي يقوم به ربان الس د ددفينة‪ ،‬يجريها ويرس د دديها عن قص د ددد‬
‫مرس د د د ددوم ويلى هدف معلوم‪ ،‬ففهم اإلنس د د د ددان على حقيقته هو فهم القيم التي تمس د د د ددك بزمانه‬
‫وتوجهه‪.‬‬
‫⚫ معايير التفضديل التي يسدتهدي بها أفراد المجتمع في االختيار بين األفعال والمفا يم من‬
‫خالل عمليات التفاعل االجتماعي‪.‬‬
‫ولع ددل أخطر م ددا نع دداني دده اآلن في المجتمع ددات العربي ددة هو اختالل منظوم ددة القيم في‬
‫حيدداتنددا‪ ،‬وهي بكددل المقدداييس أهم الركددائز التي يقوم عليهددا كيددان المجتمع ومقومدداتدده‪ ،‬كونهددا‬
‫أخير تُمثل ضمير المجتمع‪.‬‬
‫تسبق التشريعات والقوانين‪ ،‬وألنها أواال و اا‬
‫ثال اثا‪ :‬مفهوم القيم في علم االجتماع‪:‬‬
‫طا بعدد كبير من‬
‫ضد د د د دا وارتبا ا‬
‫ُيعد مفهوم القيم من أكثر مفا يم العلوم االجتماعية غمو ا‬
‫المفدا يم األخرى مثدل‪ :‬االتجداهدات والمعتقددات والددوافع والرغبدات‪ ،‬ويرجع هدذا الغموض إلى‬
‫ارتباط المص د ددطلح بالترات االجتماعي من جهة‪ ،‬ووقوعه على أرض مش د ددتركة بين مجموعة‬
‫من العلوم من جهة أخرى‪ .‬وقد حاول الكثير من العلماء والمختص د د د د ددين وض د د د د ددع ص د د د د ددياغة‬
‫تعداري" محدددة للقيم اتفقدت في إطدارهدا العدام إال أنهدا اختلفدت من النداحيدة الفعليدة‪ ،‬فهي على‬
‫العموم أكدت أن القيم ُتنتج من الثقافة‪.‬‬
‫مهما من عناصد د د ددر البناء‬
‫در ا‬‫من هنا أصد د د ددبحت القيم في نظر علماء االجتماع عنصد د د د اا‬
‫االجتمد اعي‪ ،‬تتطور بتطور المجتمع الدذي توجدد فيده‪ ،‬فدالقيم نسد د د د د د ددبيدة في ثقدافدة أي مجتمع‬
‫وليس ددت مطلقة‪ ،‬وتختلف من مجتمع آلخر‪ ،‬فلكل ثقافته ولكل معاييره االجتماعية‪ .‬كما يرى‬

‫‪13‬‬
‫علماء االجتماع أن القيم من صد د د د د ددنع المجتمع‪ ،‬وينها تُعبر عن الواقع‪ ،‬فالقيم حقائق واقعية‬
‫توجد في المجتمع‪ .‬وقد ذهب إلى هذا الكثير من علماء االجتماع نذكر منهم‪:‬‬
‫⚫ القيم عند دوركهايم‪:‬‬
‫اهتم دوركهايم بمشد د د ددكلة القيمة بوصد د د ددفها الجانب المعياري للحياة االجتماعية‪ ،‬ويظهر‬
‫إس د د د د د ددهامه في توكيده على دور نس د د د د د ددق القيمة في تحديد الس د د د د د ددلوك االجتماعي‪ .‬وقد حاول‬
‫دوركهايم في كتابه (التربية والمجتمع) التص د د دددي لد ارس د د ددة التغيرات التي تحدت في المجتمع‬
‫نتيجة للتكنولوجيا‪ ،‬وكي" يؤثر ذلك في نس د د ددق القيم‪ ،‬والتوقعات المشد د د دتركة‪ ،‬وطبيعة النظام‬
‫األخالقي‪ ،‬وأطلق على ذلك اس ددم التض ددامن العض ددوي في مقابل التض ددامن اآللي‪ ،‬ألن نس ددق‬
‫التضددامن متوصددل في نسددق القيمة‪ .‬ومن ثَ َّم فإن الوصددول إلى التكامل أو التضددامن يتم في‬
‫المجتمعات غير الصناعية نتيجة العالقات المتداخلة لنسق مركب من تقويم العمل‪.‬‬
‫فدإ ذا حداولندا الرجوع إلى المجتمع نالحأ أن الفرد الدذي يعيش في بيئدة ريفيدة يكسد د د د د د ددب‬
‫مثال‪ ،‬مما يجعل عالقته االجتماعية بمن‬
‫طا س د د د د ددلوكية معينة كالتش د د د د ددابه في نوع العمل ا‬
‫أنما ا‬
‫يعيش معهم في البيئة ترتكز على المعرفة الشددخصددية ورأي الجماعة‪ ،‬لكنه حينما ينتقل إلى‬
‫طا سدلوكية مغايرة‪( .‬دوركهايم‪،‬‬
‫العمل في المجال الصدناعي في بيئة حضدرية فإنه يواجه أنما ا‬
‫‪)75 ،1996‬‬
‫⚫ القيم عند ماكس فيبر‪:‬‬
‫أما "ماكس فيبر" فإن نظرته الس ددوس دديولوجية تتجلى في أن الس ددلوك الذي تفرض دده القيم‬
‫هو س د د د ددلوك يص د د د دددر أص د د د د ادال لتحقيق قيمة اجتماعية معينة‪ ،‬ذلك انه حينما يس د د د ددلك الفاعل‬
‫سلوكا وفاقا لقيمة ما‪ ،‬أو طباقا لمثل أعلى‪ ،‬إنما تفرض عليه هذه القيمة أن يوجه‬
‫االجتماعي ا‬
‫نمط سلوكه وفاقا لها‪ ،‬أي أن القيم عبارة عن الوجهات التي تفرض نمط السلوك وشكله‪.‬‬
‫وقددد حدداول "فيبر" أن يبرهن عن العالقددة النسد د د د د د ددبيددة بين نسد د د د د د ددق القيم الدددينيددة وظهور‬
‫ال أرس د ددمالية الحديثة‪ ،‬فقد س د دداهمت القيم الدينية البروتس د ددتانتية من خالل القيم التي نادت بها‬
‫مثددل‪ :‬قيم اإلنجدداز والعقالنيددة والحريددة إلى تحفيز ال أرسد د د د د د دمدداليددة نحو المزيددد من اإلخالص‬
‫والص د درامة وااللتزام‪ ،‬وهذا ما س د دداهم في نمو الحض د ددارة في المجتمعات الغربية‪ ،‬ومن ثَ َّم فإن‬
‫روح ال أرسد ددمالية هي نسد ددق من القيم األخالقية نحو الحياة التي يجب على الفرد أن يحققها‪.‬‬
‫(‪ )Adler,1998,81‬ومن هنا يمكن أن نفهم دور القيم في عملية التحول االجتماعي‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫⚫ القيم عند تالكوت بارسونز‪:‬‬
‫القيم عند "بارسدونز" ظاهرة اجتماعية ثقافية مصددرها البناء الثقافي‪ ،‬تعمل على ضدبط‬
‫الفعل االجتماعي والتحكم فيه‪ ،‬فونسدا الفعل األربعة‪( :‬النسدق العضدوي‪ ،‬النسدق الشدخصدي‪،‬‬
‫المجتمع‪ ،‬والثقافة) تختلف بحس د د د ددب امتالكها القدرة على الض د د د ددبط‪ ،‬ويتوقف ذلك على كمية‬
‫المعلومات في النسق‪،‬‬
‫قادر على ضد ددبط السد ددلوك والتحكم فيه المتالكه كميات‬ ‫وتُعد الثقافة أو النسد ددق الثقافي اا‬
‫كبيرة من المعلومددات‪ ،‬كمددا ُيعددد النسد د د د د د ددق القيمي من مكونددات الثقددافددة‪ ،‬ألن لدده القدددرة على‬
‫الض ددبط والتحكم‪ .‬فالقيم هي معايير عامة يش ددترك فيها أفراد المجتمع‪ ،‬وتؤدي وظيفة تحقيق‬
‫االس د دتقرار للبناء االجتماعي من خالل تحقيق التضد ددامن في المجتمع الذي بدوره يؤثر على‬
‫البناء االجتماعي‪( .‬سكوت‪)116 ،2013 ،‬‬
‫ابعا‪ :‬مفاهيم فرعية‪:‬‬
‫را‬
‫توجد الكثير من المفا يم التي يمكن أن تُسدداعدنا على فهم القيم التي نعرض لها‬
‫في هذا الكتاب نذكر منها‪:‬‬
‫⚫ مفهوم القيم الجامعية‪:‬‬
‫القيم الجامعية التي تُمارن في فض د د دداءات الجامعة كثيرة ومتعددة ومتنوعة‪ ،‬ولكن المقص د د ددود‬
‫بها في هذا الكتاب تلك القيم التي أش د د د ددارت إليها جامعة طيبة في دليل "مشااااااروع القيم واألع ار‬
‫الجامعية" المبني على رؤية الجامعة ورسد د د د د ددالتها‪ ،‬والمتمثلة في قيم‪ :‬تقوى هللا في السد د د د د ددر والعلن‪،‬‬
‫وتعظيم قدر النبي ص ددلى هللا عليه وس ددلم‪ ،‬واألمانة العلمية‪ ،‬والعزة والتواض ددع‪ ،‬والمواطنة واالنتماء‪،‬‬
‫وتقد دددير العلم وأهلد دده‪ ،‬واحترام اآلخرين وتقد ددديرهم‪ ،‬والحريد ددة والمسد د د د د د ددؤوليد ددة االجتمد دداعيد ددة‪ ،‬والعد دددل‬
‫والموضوعية‪ ،‬واالعتدال والتوسط‪( .‬جامعة طيبة‪ ،‬دليل مشروع القيم واألعراف االجتماعية)‪.‬‬
‫⚫ مفهوم النسق القيمي‪:‬‬
‫إذا نظرند ددا إلى المجتمع نظرة تحليليد ددة فد ددإنند ددا نجد ددده يتكون من عد دددة نظم كد ددالنظد ددام‬
‫االقتص ددادي والس ددياس ددي والديني‪ ..‬الك ويتكون كل نظام من قيم معينة تُحدد هويته‪ .‬ويعكس‬
‫النظام‪ ،‬من ناحية أخرى‪ ،‬القيم في مجموعة من المعايير التي قد تكون مكتوبة فتوخذ ش ددكل‬
‫قوانين‪ ،‬أو شفهية توخذ شكل العرف أو العادة‪ .‬وهذا ما يطلق عليه عادة النسق القيمي‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫⚫ مفهوم التغير القيمي‪:‬‬
‫ُيعدد مفهوم التغير القيمي من المفدا يم التي يكتنفهدا الكثير من الغموض والتعقيدد‪ ،‬فقدد‬
‫يقتصدر على بعض العادات والتقاليد‪ ،‬أو التغييرات المتتابعة والسدريعة في الطرائق الشدعبية‪،‬‬
‫وقد يحتوي كل التحوالت في القيم الثقافية للمجتمع‪ .‬ومن المعروف أن بعض أجزاء النس د ددق‬
‫القيمي س د د ددرعان ما يلحقها الفتور نتيجة ظروف اجتماعية واقتص د د ددادية متجددة‪ ،‬وكما كانت‬
‫هذه الظروف تخضع لقانون التغير فإن القيم بدورها ال تسلم من هذا التغير حتى وين كانت‬
‫تتسم بالثبات والديمومة‪)Mckinn.J.1975,61( .‬‬
‫تغير في‬
‫إن التغير في القيم عملية أسدداسددية تصدداحب التغير في بناء المجتمع‪ ،‬وتعني اا‬
‫تس ددلس ددل القيم داخل النس ددق القيمي‪ ،‬وكذلك تغير مض ددمون القيمة وتوجهاتها‪ ،‬فنجد أن القيم‬
‫ترتفع وتنخفض وتتبادل المراتب فيما بينها‪ ،‬إال أنها تختلف في س د د د د ددرعة التغير‪ ،‬فبعض د د د د ددها‬
‫يتغير ببطء مثل القيم األخالقية والروحية‪ ،‬وبعض د د د د ددها يتغير بس د د د د ددرعة كالقيم االقتص د د د د ددادية‬
‫المرتبطة بالمال والملبس‪..‬‬
‫خامسا‪ :‬أقمية القيم‪:‬‬
‫ا‬
‫أثر مه ام دا في حيدداة الفرد والمجتمع‪ ،‬إذ تحتددل مرتبددة رفيعددة في أحدداديثنددا‬ ‫‪ ‬تُمددارن القيم اا‬
‫وس د د د د د ددلوكياتنا اليومية‪ ،‬ومما يؤكد هذه األهمية تعدد الدارس د د د د د ددين لموض د د د د د ددوع القيم وتنوعهم‪،‬‬
‫باعتبارها انعكا اس د د دا لألسد د ددلوب الذي يفكر به األشد د ددخاص‪ ،‬ومحددات مهمة للسد د ددلوك الفردي‬
‫واالجتماعي على السواء‪.‬‬
‫‪ ‬كما أنها توجه سددلوك األفراد وأحكامهم فيما يتصددل بما هو مرغوب فيه أو مرغوب عنه‬
‫من أشكال السلوك في ضوء ما يضعه المجتمع من قواعد ومعايير‪ ،‬ومن ثَ َّم يمكن عد القيم‬
‫الركيزة األسد د د د د دداسد د د د د ددية في تشد د د د د ددكيل كينونة المجتمع‪ ،‬وحماية البناء االجتماعي من التدهور‬
‫واالنهيار‪.‬‬
‫دليال موج اه دا في د ارسد د د د د د ددتهم للثقددافددة‬
‫‪ ‬كمددا يتخددذ بعض البدداحثين من القيم االجتمدداعيددة ا‬
‫والش د د ددخص د د ددية‪ ،‬ويعتمده الكثير من الباحثين االجتماعيين بوص د د ددفه قاعدة عامة ترتكز عليها‬
‫بحوثهم بشد د د د ددكل أو بمخر‪ .‬والقيم تفرض نفسد د د د ددها على األفراد بوصد د د د ددفها مقاييس مشد د د د ددتركة‬
‫يس ددخرونها في أي مجتمع كانوا لحل مش دداكلهم وحس ددم خالفاتهم‪ ،‬وتحقيق حالة من اإلجماع‬
‫واالتفا الضمني والعلني حول قضايا مختلفة‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ ‬تعمل القيم بوصد د د د ددفها قوى اجتماعية في تشد د د د ددكيل اتجاهات االختيار عند األفراد‪ ،‬فهي‬
‫التي توجه الفعل االجتماعي نحو األهداف الخاصددة أو العامة‪ ،‬وكذلك تُشددكل المعايير التي‬
‫بدورها تحكم على الفعل بالصد دواب أو الخطو‪ ،‬وتعمل مبررات أو مرش ددد للس ددلوك‪ ،‬وأكثر من‬
‫هددذا فددإن القيم هي مددا ينبغي أن يكون‪ ،‬أو الواجددب أو المثددال ألي ترات أو ثقددافددة‪( .‬العوا‪،‬‬
‫‪)57 ،1986‬‬
‫سادسا‪ :‬وظائف القيم‪:‬‬
‫ا‬
‫أشد ددارت الكثير من األدبيات في ميدان القيم إلى أن وظائف القيم تقع ضد ددمن محورين‬
‫أساسيين كما هو موضح في الجدول اآلتي‪( :‬العوا‪)114 ،1989 ،‬‬
‫جدول رقم (‪ )1‬يوضح وظائف القيم‬
‫المحور األول‪ :‬وظاااائف القيم علل المساااااااااتوى المحور الثاااني‪ :‬وظااائف القيم علل المساااااااااتوى‬
‫االجتماعي‪:‬‬ ‫الفردي‪:‬‬
‫‪ُ ‬تحافظ علل تماسااااااام المجتمعت فتحدد لة أقدا‬ ‫‪ُ ‬تهيئ لألفراد اختياااارات معيناااة ُتحااادد السااااااااالو‬
‫مهما في تشاااا ا يل حياتة ومثلة العليا ومبادئة الثابتةت كما ُتساعده علل‬
‫أثر ا‬
‫الصااااااادر عنهمت فهي ُتمارس اا‬
‫الشاخصاية الفرديةت وتحديد أقدافها في إطار معياري مواجهاة التغيرات التي تحادف ياة بتحادياد االختياارات‬
‫الصحيحة‪.‬‬ ‫صحيح‪.‬‬
‫‪ُ ‬تعطي الفرد إم اااانياااة أدا مااا قو مطلوب منااة ‪ ‬تربط ثقافة المجتمع بعضااها مع بعح حتل تبدو‬
‫متنااااساااااااااقاااةت كماااا أنهاااا تعمااال علل إعطا اا النظم‬ ‫لي ون اا‬
‫قادر علل التكيف والتوافق بصورة إيجابية‪.‬‬
‫عقليا يصااااابح عقيدة في ذقن‬
‫ااسااا اا ا‬
‫‪ُ ‬تحقق للفرد اإلحسااس باألمانت فهو يساتعين بها االجتماعية أساااا ا‬
‫علل مواجهة ضااعف نفسااةت والتحديات التي تواجهة أعضا المجتمع المنتمين إلل قذه الثقافة‪.‬‬
‫‪ ‬تقي المجتمع من األناااانياااة المفرطاااة والنزاعاااات‬ ‫في حياتة‪.‬‬
‫‪ُ ‬تعطي الفرد فرصااااااااة للتعبير عن نفسااااااااة وت كيد والشااهوات الطائشااةت فالقيم والمباد في أية جماعة‬
‫ذاتةت وتدفعة إلل تحسااااين إدراكة ومعتقداتة لتتضااااح قي الهد الذي يسااااعل جميع أعضااااائها للوصااااول‬
‫الرؤيا أمامةت ومن َث َّم تسااااااااعده علل فهم العالم من إلية‪ .‬كما أنها تزود المجتمع بالصاااااايغة التي يتعامل‬
‫وجوده ومبرراتة‪.‬‬ ‫حولاااةت وُتوساااااااااع إطااااره المرجعي في فهم حيااااتاااة بها مع العالمت وُتحدد لة أقدا‬
‫وعالقاتة‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬خصائص القيم‪:‬‬


‫ا‬
‫ال ش د د د د د ددك أن للقيم أهمية بالغة في حياة األفراد والمجتمعات‪ .‬ومن الخص د د د د د ددائص التي‬
‫تعكس هذه األهمية نذكر‪( :‬هارولد‪)84 ،1986 ،‬‬
‫‪ ‬تُعدد القيم لدب الثقدافدة ألي مجتمع‪ ،‬إذ إنهدا تُمثدل الرموز الثقدافيدة التي تُحددد مدا مرغوب‬
‫فيه وما مرغوب عنه‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ ‬تتميز القيم في المجتمع ب ددونه ددا متوارث ددة من جي ددل آلخر عن طريق عملي ددة التنشد د د د د د دئ ددة‬
‫االجتماعية‪ ،‬إذ إنها تُمثل أحد الروافد األساسية لإلرت التاريخي والثقافي ألي مجتمع‪.‬‬
‫‪ ‬وثيقة الصدلة بممارسدات اإلنسدان وسدلوكياته في مختلف المواقف‪ ،‬إذ يمكن التعرف على‬
‫ما ُيمثله الفرد من قيم من خالل ما يصدر عنه من أقوال أو أفعال في كل موقف‪.‬‬
‫‪ ‬تتميز القيم بونها عامة‪ ،‬أي موجودة لدى المجتمعات كافة‪.‬‬
‫‪ ‬القيم ذات طبيعددة مجتمعيددة مثددل الظواهر المجتمعيددة األخرى‪ ،‬تخضد د د د د د ددع للتغير نتيجددة‬
‫التركيب الداخلي لبناء المجتمع‪ ،‬أو نتيجة لضغوط خارجية على المجتمع ذاته‪ ،‬والتي تتمثل‬
‫في توثير انفتاح المجتمع على الثقافات الخارجية‪ ،‬وكذلك توثير وسائل اإلعالم‪.‬‬
‫‪ ‬تكون القيمدة مقبولدة من قبدل الفرد ألنهدا مكتسد د د د د د دبدة من خالل الجمداعدة التي ينتمي إليهدا‬
‫ويتفاعل معها‪ ،‬لذلك نجده يرضدى بها وبحكمها وعدالتها‪ ،‬ومن ثَ َّم فهي أحد مفاصدل الضدبط‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫ويعرف من خالل القيم العامة التي يشترك‬
‫‪ ‬كما أن التضامن والتماسك االجتماعي ُيحدد ُ‬
‫فيها أعضاء الجماعة‪.‬‬
‫ثامانا‪ :‬مصادر القيم‪:‬‬
‫اختلف الفالسد ددفة حول أصد ددل القيم وهو ما جعلهم يذهبون إلى آراء أربعة‪ ،‬كما هو موضد ددح‬
‫في الجدول اآلتي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪ )2‬يوضح آ ار الفالسفة في أصل القيم‬
‫الرأي الثاني‬ ‫الرأي األول‬
‫من أنصار قذا الرأي الفالسفة البرجماتيين والوجوديين من أنصااااااار قذا الرأي "ماركس" و"دوركهايم" ويرون‬
‫وأصااحاب مدرسااة التحليل النفساايت الذين يردون القيم أن مصااااادر القيم قو المجتمعت ألن المجتمع عندقم‬
‫إلل محتوى الوعي أو الوجدان النفسااااي بما يضااااطرب قو المشاااااااارع الوحيد للقيمت ألنة موحدقا وحافظهات‬
‫بة من رغبات ومشااااعرت وبهذا ال تكون القيمة صااافة وقو معياااار القيم الخلقياااة لماااا لااة من قوة القهرت‬
‫خاصااة بالموضااوعاتت بل تلحق ب نواع الذواتت فليس ومن َت َّم فإن التقويم عند أصااااااحاب قذا الرأي عملية‬
‫انفعاال أو اجتمااعياة خاارجاة عن ذوات األفراد وصااااااااااادرة عن‬
‫ا‬ ‫ثمة قيمة إال بما كان يرضاااااي رغبة أو يثير‬
‫دافعات وقذه القيمة تعتمد علل االختيار الحرت المجتمع‪.‬‬
‫ُيجساااااد ا‬
‫أي الرغبة الذاتية للفرد‪.‬‬
‫الرأي الرابع‬ ‫الرأي الثالث‬

‫من أنصااااااار قذا الرأي أرسااااااطو والمعتزلةت ويرون أن يرجع مصدر القيم لدى أصحاب قذا الرأي (الفالسفة‬
‫أصااااال القيم يعود إلل طبيعة األشااااايا واألفعال ذاتهات المثااااليون) إلل قوة خاااارجاااة عن إرادة اإلنساااااااااااان‬

‫‪18‬‬
‫نظرا والمجتمعت قاذه القوة قي هللا خاالق القيم ومقومهاات‬ ‫واإلنسااااان ي شااااف قذه القيم ويهتدي إليها بعقلة ا‬
‫لقادرتهاا في التا ثير في رغبااتاةت وعلياة فاإن لهاا وجود وقو الااذي يعطي قيمااة األشااااااااايااا واألفعااالت ولهااذا‬
‫مساااااااااتقال عن أي شاااااااااي خاار عنهاات فهي تتمتع فالقيم تنطبق علل جميع الناس دون اسااااااتثنا ت وال‬
‫باالساتقالل الذي يتصاف بة الشاي أو الفعل المتصاف تخضااااع إلرادتهم وأقوائهم الفردية والجماعيةت ولهذا‬
‫فهي تتصف ب ونها عامة وثابتة ومطلقة وكلية‪.‬‬ ‫بها‪.‬‬

‫يتض د د د ددح من آراء الفالس د د د ددفة الواردة في الجدول أنه مهما اختلفت اآلراء حول مص د د د دددر‬
‫القيم‪ ،‬سواء أكان مصدرها اإلنسان‪ ،‬أم المجتمع‪ ،‬أم العقل‪ ،‬أو النظر لها على أنها تنبع من‬
‫قوة خارجة عن إرادة اإلنسان والمجتمع‪ ،‬أي "هللا سبحانه وتعالى"‪ ،‬فإن اإلنسان والمجتمع ال‬
‫ضد د د د د د دا حقيقة‬
‫يسد د د د د د ددتطيعا التخلي عنها والعيش من دونها‪ ،‬كما أن هذا االختالف ال ينفي أي ا‬
‫وجودها‪ ،‬ومن ثَ َّم إمكانية إدماجها في ش ددخص ددية اإلنس ددان‪ ،‬وتكوين ضد دوابط مانعة لممارس ددة‬
‫جتماعيا‪ ،‬من خالل عملية التنشئة االجتماعية عبر مؤسساتها المختلفة‪.‬‬
‫ا‬ ‫السلوك الالمقبول ا‬
‫تاسعا‪ :‬القيم بين الثابت والمتحول‪:‬‬
‫ا‬
‫تُعدد القيم وسد د د د د د دديلدة نحكم من خاللهدا على مدا هو مرغوب أو غير مرغوب فيده لتحقيق‬
‫غرض معين‪ ،‬ومع إمكانية اختيار المفضد د د ددل بسد د د ددبب وجود البدائل يختلف وزن وتوثير هذه‬
‫ال قيمدة من فرد آلخر‪ ،‬ومن مجتمع آلخر‪ ،‬ومن وقدت آلخر‪ ،‬ويتفق معظم علمداء االجتمداع‬
‫على أن القيمة تتس د ددم بالثبات‪ ،‬أي أنها تعمل على المحافظة على بقائها واس د ددتمرارها‪ ،‬وذلك‬
‫ووجدانيا من جهة‪ ،‬وألنها تعمل‬
‫ا‬ ‫عاطفيا‬
‫ا‬ ‫طا‬
‫الرتباطها بثقافة المجتمع وش د ددخص د ددية أفراده ارتبا ا‬
‫على إشباع حاجاتهم من جهة أخرى‪.‬‬
‫إال أن هدذا الثبدات ليس ثبداتادا مطلاقدا بدل هو ثبداتادا نسد د د د د د ددب ايدا‪ ،‬أي أن القيم تتغير وتتبددل‪،‬‬
‫وعلى الرغم ممدا تملكده القيم من قددرة على مقداومدة التغير إال أنندا نالحأ أنهدا تتغير داخدل‬
‫المجتمع نفسد دده‪ ،‬وأن هذه القيم تتغير في تفصد دديالتها وأشد ددكال تواجدها داخل النسد ددق الثقافي‬
‫في فترة زمنية معينة‪( .‬جيدوري‪)104 ،2009 ،‬‬
‫إ اذا البد من وجود عوامل اقتصاااااااديةت وسااااااياساااااايةت واجتماعيةت ودينيةت تؤدي إلل‬
‫تفعيل قذا التغير القيمي‪ .‬و يما ي تي توضيح لذلم‪:‬‬
‫⚫ أثر العامل االقتصادي في تغير القيم‪:‬‬
‫فاعال في تحديد نوع القيم الس د د د ددائدة‬
‫أثر ا‬‫ُيمارن الوض د د د ددع االقتص د د د ددادي للفرد والمجتمع اا‬
‫وطبيعتهدا‪ ،‬التي يتحددد من خاللهدا مكدانة الفرد ومقددار ما يحظى به من تقددير واحترام داخل‬
‫المجتمع‪ ،‬فمن المعروف والمعتاد أن األفراد الذين يتمتعون بمسدتوى اقتصدادي جيد أو عالي‬

‫‪19‬‬
‫عدادة مدا يحظون بداحترام وتقددير جيددين‪ ،‬وبمكداندة اجتمداعيدة متميزة بين أفراد المجتمع على‬
‫العكس من اآلخرين الذين ُيعانون من العوز والفقر‪ ،‬إذ تكون مكانتهم متدنية ألسباب عديدة‬
‫منها‪( :‬أحمد‪)152 ،1983 ،‬‬

‫‪ ‬إن المس ددتوى االقتص ددادي المرتفع لألفراد يمكن أن ُيعطيهم حص ددانة وحماية‪ُ ،‬‬
‫ويس دداعدهم‬
‫على حماية أنفسهم من التعرض لإلصابة باألمراض والمشاكل الصحية العادية‪.‬‬
‫‪ ‬كما أن المسد ددتوى االقتصد ددادي المرتفع لألفراد يبعدهم عن سد دؤال اآلخرين‪ ،‬والوقوع تحت‬
‫ضغوطات قد ال تنسجم مع نسقهم القيمي‪.‬‬
‫‪ ‬باإلضددافة إلى أن المسددتوى االقتصددادي المرتفع عادة ما يرتبط بالسددلطة داخل المجتمع‪،‬‬
‫مما يدفع أصد ددحاب المال إلى وضد ددع أو تبني قيم ذات مضد ددمون مادي تتناسد ددب مع حالتهم‬
‫ووضعهم‪ ،‬وتدعم مكانتهم في المجتمع‪.‬‬
‫⚫ أثر العامل السياسي في تغير القيم‪:‬‬
‫أثر‬
‫لألوض دداع الس ددياس ددية‪ ،‬وكذلك طبيعة ونوع الس ددلطة الس ددياس ددية الحاكمة في المجتمع اا‬
‫قيما أخرى‪ ،‬إذ إن األهداف التي تطمح‬ ‫فاعال في تعزيز قيمة معينة ورفعها على حسد د د د د د دداب ا‬
‫ا‬
‫إليها القيادات السددياسددية‪ ،‬وما تسددعى إلى خلقه من ظروف سددياسددية تعمل على التوكيد على‬
‫قيم معينة ورفعها وتعزيزها ويسد د ددنادها ما دامت تعمل على تحقيق أهداف هذه السد د ددلطة‪ .‬أما‬
‫القيم التي تعمل على مناهضد د ددة األهداف التي تسد د ددعى إليها السد د ددلطة الحاكمة فإنها سد د ددوف‬
‫تُحارب بكل الوسائل المتاحة‪.‬‬
‫⚫ أثر العامل االجتماعي في تغير القيم‪:‬‬
‫تُمثل الظروف واألوضد دداع والعالقات االجتماعية بين أفراد المجتمع‪ ،‬وما تتضد ددمنه من‬
‫تحديد لطبيعة التراتب الطبقي على أسددان طبيعة االنتماءات والعالقات القرابية‪ ،‬وما يمكن‬
‫أن تحتله أو تمثله من موقع في سدلم الهرم االجتماعي على أسدان هذا االنتماء واالنتسداب‪،‬‬
‫فمثال من ينتسد د د د د د ددبون أو يرجعون إلى عدائلدة أو جمداعدة معيندة هم الدذين يحتلون أو يمثلون‬
‫ا‬
‫الطبقة االجتماعية المميزة أو الراقية في المجتمع‪ ،‬ليس لشد د د د د دديء وينما مجرد انتسد د د د د ددابهم أو‬
‫انتمدائهم إلى تلدك الجمداعدة أو العدائلدة من دون األخدذ بنظر االعتبدار أيدة عوامدل أو مميزات‬
‫أخرى‪ ،‬كالكفاءة والقدرة واالنجاز والمهارة وغيرها من المميزات‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫⚫ أثر العامل الديني في تغير القيم‪:‬‬
‫ومن أبرز العلمداء الدذين تنداولوا هدذا الموضد د د د د د ددوع بداهتمدام هو العدالم الفرنسد د د د د د ددي "اميدل‬
‫دوركهايم" الذي أشار إلى أن المجتمعات البدائية تُقسم نظمها الدينية وفق أساسين‪ :‬أولهما‪،‬‬
‫العقائد أي (األفكار)‪ ،‬وثانيهما‪ ،‬الطقون والشددعائر‪ ،‬أي (الممارسددات والسددلوكيات)‪ .‬ويشددير‬
‫إلى أن ك دل منه ددا يكم ددل اآلخر‪ ،‬كم ددا أنه ددا تعم ددل م اع دا وترتبط وتتغلغ ددل في جوان ددب الحي دداة‬
‫جميعها‪ ،‬االقتصادية واالجتماعية والسياسية والتربوية‪.‬‬
‫ويرى بعض المهتمين بهذا الموضوع أن العقائد الدينية والروحية والطقون التي ترافقها‬
‫هي ميادين تنطوي على اتجاهات إس د ددقاطيه تُعبر عما يكمن في النفس وفي الالش د ددعور من‬
‫أشكاال‬
‫صيغا و ا‬ ‫ا‬ ‫المواقف واألزمات‪ ،‬التي قد ال ُيعبر عنها بصورة صريحة ومفهومة‪ ،‬بل تتخذ‬
‫رمزية‪.‬‬
‫وتظهر البحوت االجتماعية الصدلة القوية بين أثر الواقع االجتماعي والمحتوى النفسدي‬
‫لكثير من المعتقدات الدينية السد د د د د ددائدة في المجتمع‪ ،‬وبما أن الديانات مختلفة فإن معتقداتها‬
‫هي األخرى مختلفدة ومتبدايندة‪ ،‬لدذلدك فدإن أثرهدا وارتبداطهدا في الواقع االجتمداعي المعدا ‪ ،‬ومدا‬
‫يرتبط بها من مضدامين نفسدية وتوثيرات حياتية هي األخرى مختلفة‪ ،‬ومن ثَ َّم يمكن أن توجد‬
‫قيما اجتماعية هي األخرى مختلفة‪( .‬دوركهايم‪)109 ،2011 ،‬‬
‫وتخلق ا‬
‫عاشرا‪ :‬م ونات القيمة‪:‬‬
‫ا‬
‫تتكون القيمة من ثالثة مكونات رئيسة كما هو مبين في الجدول اآلتي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪)3‬‬
‫يوضح م ونات القيمة‬
‫الم ون السلوكي‬ ‫الم ون الوجداني‬ ‫الم ون المعرفي‬
‫يشااااااا امال المعاار والمعلوماات يشااااامل االنفعاالت والمشااااااعر في قذا الجاانب تظهر القيماة علل‬
‫النظريااااةت وعن طريقااااة يم ن واألحاساااااااايس الداخلية التي ال أرض الواقعت فااالقيمااة تترجم إلل‬
‫تعليم القيمت ويتصااااااااااااال قااااذا تظهر‪ .‬وعن طريقاة يميال الفرد سالو ظاقري عن طريق التفاعلت‬
‫اود إلل قيمة معينة‪ .‬ويتصاااااال قذا ويتصاااااااال قذا الجانب بممارسااااااااة‬ ‫الاما اون باااااالاقاياماااااة الاتاي ن ّ‬
‫تعليمهاااات وفي قاااذا الجااااناااب الاام ا ااون بااتااقااااادياار الااقاايااماااااة القيمة أو السااااالو الفعلي واألدا‬
‫يجاب أن يعر الطاالاب البادائال واالعتزاز بهاااات وقاااذا الجااااناااب النفس حركيت وفي قااذا الجااانااب‬
‫المم ناةت وينظر في عواقاب كال ُيشاااعر الفرد بالساااعادة الختيار يقوم الطاالاب بمماارسااااااااااة القيمااة‬
‫باادياالت ويقوم باااالختيااار الحر القيمااااةت ويعلن االساااااااااتعااااداد وتكرار اساااااااااتخاادامهااا في الحياااة‬
‫اليومية العادية‪.‬‬ ‫للتمسم بالقيمة علل المأل‪.‬‬ ‫واإلرادي بين قذه البدائل‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫أحد عشر‪ :‬كيفية تكوين القيم؟‬
‫توجد مجموعة من المراحل لتكوين القيمة على المس ددتوى العملي يمكن عرض ددها على النحو‬
‫اآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬جذب انتباه المتعلم نحو القيمة‪:‬‬
‫بويا‪ ،‬وهنا تُس د د د د ددتخدم‬
‫أي إيقاظ اإلحس د د د د ددان بالقيمة التي يتم اختيارها بوص د د د د ددفها هدافا تر ا‬
‫اإلمكانات كافة في س د د ددبيل عرض القيمة بش د د ددكل واض د د ددح ومحدد المعالم‪ ،‬فالمهم هو جذب‬
‫االهتمددام واالنتبدداه للقيمددة بددالدددرجددة األولى لتكوين الوعي بهددا‪ ،‬ويثددارة الرغبددة في التلقي لتتم‬
‫داما‬
‫عمليدة تركيز االنتبداه والمراقبدة‪ ،‬ومن ثَ َّم توتي االسد د د د د د ددتجدابة بعدد ذلك‪ ،‬ويظهر المتعلم اهتم ا‬
‫قليال بالظاهرة‪ ،‬ثم توتي بعد ذلك االسددتجابة النشددطة بوصددفها طاعة أو مسددايرة‪ ،‬ثم يوتي بعد‬
‫ا‬
‫طوعا‪.‬‬
‫ذلك األمر ا‬
‫‪ ‬تقبل القيمة‪:‬‬
‫في هذه المرحلة تسد د د د د ددتمر االسد د د د د ددتجابة بدرجة تكفي لجعل اآلخرين يميزون القيمة في‬
‫اغبا في أن يتم التعرف عليه‬
‫وملتزما بدرجة تكفي لجعله ر ا‬
‫ا‬ ‫الش د د د ددخص‪ ،‬ويكون س د د د ددلوكه ثابتاا‬
‫بهذا الش د ددكل‪ ،‬ومعنى هذا أن القيمة ص د ددارت ممثلة بدرجة كافية من العمق‪ ،‬وأص د ددبحت قوة‬
‫مثال حين نريد غرسددها في نفس الناشد فال‬
‫مسدديطرة باسددتمرار على السددلوك‪ ،‬فقيمة الصددالة ا‬
‫بد من جذب انتباهه واالستحواذ عليه‪ ،‬وتُستخدم في ذلك الوسائل الممكنة كافة‪ ،‬بحيث نبين‬
‫لده أهميدة الصد د د د د د ددالة مرة بعدد مرة حتى يتوافر لدديده وعي بهدا‪ ،‬إذ يتطلدب ذلدك إطالع المتعلم‬
‫على تلك األهمية وكيفية أداء الصد د د د د ددالة‪ ،‬وبعد ذلك تتكون لديه رغبة مسد د د د د ددتمرة في تطوير‬
‫قدرته على أدائها بعد تقبله لها‪( .‬مجلة العلوم االجتماعية‪ ،2013 ،‬شبكة االنترنت)‬
‫‪ ‬تفضيل القيمة‪:‬‬
‫ملتزما بالقيمة لدرجة تجعله يتابع القيمة ويسد د د د ددعى‬
‫ا‬ ‫تعني هذه المرحلة أن الفرد أصد د د د ددبح‬
‫وراءها ويريدها‪ ،‬وهنا تظهر عدة اسدتجابات معينة تُعبر عن هذا التفضديل‪ ،‬ففي حالة القيمة‬
‫التي مثلنا بها يسد ددعى الفرد لتكوين أرضد ددية واسد ددعة عنها‪ ،‬أو يهتم بدعوة غيره إلى الصد ددالة‪،‬‬
‫وبالذهاب إلى المسجد طواعية‪( .‬أبو العينين‪)84 ،1988 ،‬‬
‫‪ ‬االلتزام‪:‬‬
‫في هذه المرحلة يص ددل الفرد إلى درجة عالية من اليقين‪ ،‬فيتش ددكل لديه االقتناع والتوكد‬
‫الذي ال مجال فيه للشد د د د د ددك‪ ،‬ومن ثم إلى التقبل (اإليجابي) الوجداني الكامل‪ ،‬ومن ثم يعمل‬

‫‪22‬‬
‫لتقدير القيمة وتتعمق مش د دداركته في هذا التقدير‪ ،‬وفي األش د ددياء الممثلة له‪ ،‬كما ويبحث عن‬
‫أشباهه المؤمنين بالقيمة‪ .‬وهنا ال بد من إدراك أمور عديدة منها‪( :‬مجلة العلوم االجتماعية‪،‬‬
‫‪ ،2013‬شبكة االنترنت)‬
‫⚫ ال يعني االلتزام بدالقيمدة مجرد حمدان أو عداطفدة وقتيدة عدابرة‪ ،‬توجدد وتتالشد د د د د د ددى لتحدل‬
‫محلها عاطفة مؤقتة أخرى‪ ،‬بل يعني االستمرار العاطفي لتوكيد االلتزام‪.‬‬
‫⚫ إن اعتنا قيمة ما فترة طويلة من الزمن ال يدل على االلتزام بها‪ ،‬فال بد من اسد د د ددتغالل‬
‫قدر من طاقة الفرد العاطفية حتى يتم االلتزام الحقيقي‪.‬‬
‫⚫ إن األعمال المؤيدة للقيمة أمر مهم‪ ،‬ألنها تعني وتدل على االلتزام بحكم طبيعتها‪ ،‬ومن‬
‫ثَ َّم السلوك بموجبها في المواقف المختلفة‪.‬‬
‫‪ ‬التنظيم‪:‬‬
‫يعني ترتيب القيم في نظام معين‪ ،‬ذلك أنه حين يوخذ الطالب في تمثيل القيم بص د د ددورة‬
‫متتابعة‪ ،‬فإنه يواجه مواقف ذات عالقة بوكثر من قيمة واحدة‪ ،‬وهنا تنش د د ددو الض د د ددرورة ألمور‬
‫ثالت‪ :‬أولها‪ ،‬تثبيت القيم في نظام واحد‪ .‬وثانيها‪ ،‬تحديد العالقات المتبادلة بينها‪ .‬وثالثهات‬
‫إقدامدة قيم مسد د د د د د دديطرة متغلغلدة‪ .‬وفي هدذه المرحلدة يكون التجريدد والتعبير عن القيمدة اا‬
‫رمز أو‬
‫عمال‪ ،‬وتشد د د د د د ددتمددل عمليددة التجريددد على تحددديددد األشد د د د د د ديدداء العددامددة التي تعتمددد على التحليددل‬
‫ا‬
‫مكونا أحكامه على‬
‫والمفاضد د د د د ددلة‪ ،‬وتدور في ذهن المتعلم ليصد د د د د ددل إلى تنظيم معين لقيمه‪ ،‬ا‬
‫العالقات من حوله‪.‬‬
‫‪ ‬التمييز‪:‬‬
‫متميزا‪ ،‬إذ يصد ددل إلى التصد ددرف السد ددلوكي الذاتي الثابت‬
‫ا‬ ‫في هذه المرحلة يصد ددبح الفرد‬
‫طباقا للقيم التي تمثلها‪ ،‬والتي أصد د د ددبحت تسد د د دديطر على تص د د د درفاته وتراقبها‪ ،‬فهي تقوم بدور‬
‫الرقابة لس د د د ددلوكه وتصد د د د درفاته‪ ،‬بحيث يمكن وص د د د ددفه وتقديره عن طريق هذه القيم المتغلغلة‪.‬‬
‫والمتعلم في هددذه المرحلددة يكون قددد دمج قيمدده وأفكدداره ومواقفدده واتجدداهدداتدده في وجهددة نظر‬
‫متكاملة تش د د ددكل نظرته للعالم المحيط به‪ ،‬وتش د د ددكل اس د د ددتجاباته الدائمة والثابتة تجاه المواقف‬
‫توجها به‪.‬‬
‫ا‬ ‫واألشياء بصورة مترابطة‪ ،‬بمعنى تشكل‬
‫دلوكا أسد دداسد د اديا ُيمكن الفرد من التحكم في العالم المعقد من حوله‪ ،‬والعمل‬
‫كما تُشد ددكل سد د ا‬
‫بثبات وفعالية في هذا العالم‪ ،‬ويربط هذا التوجه األس د د د د دداس د د د د ددي بين س د د د د ددلس د د د د ددلة من المواقف‬
‫واالتجاهات والقيم‪ ،‬وهكذا يص د د ددل الفرد إلى تمثيل القيم ودمجها في ذاته بحيث تص د د ددبح من‬

‫‪23‬‬
‫المالمح المميزة لده‪ ،‬ويحددت لده تقبدل للمواقف واالتجداهدات والقوانين والمبدادئ التي تشد د د د د د دكدل‬
‫جزاءا منه‪ ،‬وذلك في تكوين أحكام القيم‪ ،‬أي في تحديد سلوكه‪( .‬أبو العينين‪)1988،86 ،‬‬
‫يتض د ددح مما س د ددبق أن تنمية القيم وتكوينها ليس د ددت س د ددهلة وال بس د دديطة كما قد يتص د ددور‬
‫دب صددالح تنميتها‪ ،‬إذ يجب أن‬
‫بعضددهم‪ ،‬لذا فإن تركها لعوامل الصدددفة أو العش دوائية ال يصد ن‬
‫تخضدع لعملية تخطيط دقيقة‪ ،‬ويتاحة الفرصدة لتزويد المتعلمين ببعض القيم الصدريحة‪ ،‬وفي‬
‫الوقت نفسه تتاح لهم الفرصة الكتشاف القيم األخرى غير المعلنة‪.‬‬
‫مع ملحوظدة أن كدل مدا يحددت في المجتمع من تغيرات وتحوالت‪ ،‬وعلى المسد د د د د د ددتويدات‬
‫والمراحل كافة يمكن أن يؤثر بشد د د د ددكل مباشد د د د ددر أو غير مباشد د د د ددر في إحدات تغيير في نوع‬
‫وطبيعدة القيم التي يعتمددهدا المجتمع‪ ،‬فمع كدل هدذا التطور الدذي يشد د د د د د دهدده العدالم تظدل القيم‬
‫ض د دا للهدم والتقويض ويعادة البناء من جديد‪ ،‬ألن العالم كله يس د ددير في تجاه‬‫هي األكثر تعر ا‬
‫نوع من التفس ددك والتكون القيمي في آن‪ ،‬والمملكة العربية الس ددعودية ال تش ددكل االس ددتثناء في‬
‫هذا المجال‪ ،‬إنها معنية بهذا التحول الذي يمتد بتوثيراته إلى تفاص د د د دديل المش د د د ددهد المجتمعي‬
‫كافة‪.‬‬
‫=====================================‬

‫أنشطة وتطبيقات‬

‫وقفة ت مل‬
‫ثمدة تيدارات في الفكر المعداصد د د د د د ددر توخذ على عاتقهدا مهمدة تحليدل جوانب األزمة القيميدة لدى‬
‫الشدباب‪ ،‬وتطرح في هذا السديا سدؤ ااال مركزايا فحواه‪ :‬ما مدى حاجة الشدباب إلى قيم جديدة تنسجم‬
‫مع التحوالت االجتماعية والثقافية التي تجتاح العالم العربي؟ تومل وناقش مع أستاذ المقرر‪.‬‬

‫موقف‬
‫طلب منك إعداد اسددتراتيجية للمحافظة على منظومة القيم االجتماعية من توثيرات وسددائل‬
‫إذا ُ‬
‫التواصد د د د د د د ددل االجتم دداعي (تويتر‪ ،‬فيس بوك)‪ ،‬ف ددوي من األسد د د د د د د ددالي ددب اآلتي ددة تحت ددل األولوي ددة في‬
‫اس د د د د ددتراتيجيتك؟ علل لما تقول‪ ،‬مع ملحوظة أن جميع األس د د د د دداليب الموض د د د د ددحة في الجدول اآلتي‬
‫صحيحة‪:‬‬

‫‪24‬‬
‫جدول رقم (‪)4‬‬
‫يوضح بعح أساليب حماية القيم‬
‫األسلوب الثالث‬ ‫األسلوب الثاني‬ ‫األسلوب األول‬
‫االقتمااام بااالتربيااة علل القيم في االقتمااام بتفعياال دور المساااااااااجااد إساااااااااناااد مهمااة حمااايااة القيم إلل‬
‫واألسااااااااااارة فاااي تاااعااازياااز الاااقااايااام وساااااااااااااائااااال اإلعاااااالم الاااااورقاااااي‬ ‫مناقج التعليم المختلفة‪.‬‬
‫وااللكتروني‪.‬‬ ‫االجتماعية‪.‬‬

‫إثرائية‬ ‫قطو‬
‫الفرنسي دي ارت‪:‬‬ ‫يقول الفيلسو‬
‫"إن القيم وحدقا التي ُتميزنا عن األقوام المتوحشااااين والهمجيينت ألن حضااااارة األمم وثقافتها ُتقاس‬
‫أجل نعمة ُينعم بها هللا علل بلد من البالد قي أن تتعزز‬‫بمقدار شااااايوع القيم الصاااااحيحة فيهات ومن ّ‬
‫في نفوس أبنا ه قيم حقيقة"‪( .‬دي ارتت ‪1993‬ت ‪)65‬‬

‫‪25‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫قيمة تقوى هللا في السر والعلن‬

‫‪26‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫قيمة تقوى هللا في السر والعلن‬
‫يحرص المسلمون على التقرب من هللا سبحانه وتعالى رغب اة في الفوز برضاه وجنته‪،‬‬
‫ومن أبرز ما يعينهم على ذلك تقوى هللا‪ ،‬ألنها أسدان الدين‪ ،‬وال حياة إال بها‪ ،‬بل إن الحياة‬
‫دالح لإلنس ددان إال بتقوى هللا‪ .‬وفي هذا الفص ددل س ددوف نعرض لقيمة‬
‫بغيرها ال تُطا ‪ ،‬فال ص د إل‬
‫تقوى هللا في الس د د د ددر والعلن من خالل مكوناتها المعرفية والوجدانية والس د د د ددلوكية‪ ،‬وذلك على‬
‫النحو اآلتي‪:‬‬
‫أواال‪ :‬الم ون المعرفي لقيمة تقوى هللا في السر والعلن‪:‬‬
‫يشد د د د ددمل هذا المكون المعارف والمعلومات النظرية التي تتصد د د د ددل بتقوى هللا في السد د د د ددر‬
‫والعلن‪ ،‬وعن طريقده يمكن تعليم هدذه القيمدة من حيدث أهميتهدا وفوائددهدا‪ ،‬ومدا تددل عليده من‬
‫معداني مختلفدة ومتعدددة‪ ،‬وكدذلدك من دالالت تربويدة‪ .‬ومن هندا يجدب تعليم الطلبدة مجموعدة‬
‫من المعارف عن قيمة التقوى نوضح بعضها في اآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬المقصود بالتقوى‪:‬‬
‫ُيقصددد بتقوى هللا في السددر والعلن االلتزام بووامر هللا سددبحانه وتعالى‪ ،‬والتمسددك بطاعته‬
‫في السد د د ددر والعلن‪ ،‬وقد أوضد د د ددح اإلمام علي بن أبي طالب رضد د د ددي هللا عنه "أن التقوى هي‬
‫الخوف من الجليل‪ ،‬والعمل بالتنزيل‪ ،‬والقناعة بالقليل‪ ،‬واالس د د د د د ددتعداد ليوم الرحيل"‪ .‬ومن هنا‬
‫يتبين أن التقوى تعني أن يجعل اإلنسدان وقاية بينه وبين ما ينزله هللا عز وجل من عقوبات‬
‫شددديدة‪ ،‬ويتحقق ذلك من خالل حرص اإلنسددان على التمسددك بكل ما أمرنا به هللا ورسددوله‪،‬‬

‫ﷺ‪.‬‬ ‫واالبتعاد عن كل ما يغضب هللا ورسوله‬

‫ومن ثَ َّم فإن التقوى اص د د د د د د ا‬


‫دطالحا هي‪" :‬االبتعاد عما نهى هللا عنه‪ ،‬ويدخل فيه أداء ما‬
‫فرضه هللا على المسلم من الطاعات والواجبات‪ ،‬وما نهى عنه من فعل المحرمات واالبتعاد‬
‫عنها خوف الوقوع فيها‪ .‬والتزام تقوى هللا تُساعد على الكمال في التصرفات الدينية والدنيوية‬
‫على حد سواء‪( .‬أبو عودة‪)44 ،2004 ،‬‬

‫‪27‬‬
‫وهذا المفهوم للتقوى ُيدلل على معنى تربوي كبير هو عبارة عن ش د د د د د ددعور بالخوف من‬
‫الوقوع في المحرمات‪ ،‬إذ يلزم عنه س ددلوك الفرد المس ددلم من خالل فعل الطاعات ق والتقرب‬
‫له‪ ،‬مع البعد عن المحرمات التي تضد د ددر باإلنسد د ددان‪ ،‬وهذا يتحقق من خالل أفعال اإلنسد د ددان‬
‫وممارساته اليومية‪.‬‬
‫‪ ‬أقمية قيمة التقوى‪:‬‬
‫للتقوى أهمية عظيمة في تربية اإلنسد ددان على حب هللا‪ ،‬والمدقق في آيات القرآن الكريم‬
‫الخاص د د د د ددة بالتقوى يجد أن قيمة التقوى فيها الكثير من الدالالت التربوية المفيدة لإلنس د د د د ددان‬
‫دالحا في المجتمع يلتزم بما أمر هللا به وينتهي‬ ‫المسدلم‪ ،‬وتعديل سدلوكه بحيث يكون إنس ا‬
‫دانا ص ا‬
‫عما نهى عنه‪ .‬ومن فوائد التقوى التي تعكس أهمية هذه القيمة نذكر‪( :‬القريشد د د ددي‪،2000 ،‬‬
‫‪)27-26‬‬
‫‪ ‬تُعد التقوى سد د د ددبب في حصد د د ددول الرز ‪ ،‬فمن ل‬
‫يتق هللا يجد الرز والتوسد د د ددع والخروج من‬
‫المدوز في الحيداة الددنيدا تصد د د د د د دددياقدا لقولده تعدالى‪ :‬وَمَُ نَتَّقا الدَّكََ نَََْك ق لَكَ مََقًَج*كو ي وَنًَهُ قِكَ مُِ ُ كَِّ لَو‬

‫نَحتَسِب (الطال ‪)3-2 :‬‬

‫‪ ‬تُعد التقوى سد ددبب لتيسد ددير أمور اإلنسد ددان‪ ،‬تصد دددياقا لقوله تعالى‪ :‬وَمَُ نَتَّقا الدَََّ نَََْ ق لََ مُِ أَمًاهِ‬

‫نس كً*ا (الطال ‪ .)4 :‬ومن ثَ َّم فإن اإلنسد د ددان الذي يقع في ضد د دديق أو أزمة وأراد التيسد د ددير في‬
‫مدخال أس دداس د اديا لخالص اإلنس ددان مما ُيعانيه من مش ددكالت‪،‬‬
‫ا‬ ‫أموره فعليه بتقوى هللا التي تُعد‬
‫وبخاصة المشكالت النفسية‪.‬‬
‫‪ ‬تُعد التقوى سدبب لقبول األعمال الصدالحة‪ ،‬ألن قبول العمل الصدالح هو التقوى تصددياقا‬
‫لقولد دده تعد ددالى‪ :‬نَكو أَنههَكو الَّكنِنَُ ََمَااا اََُُّاا الدَّكََ وَُِالُاا َِالَكو دكك َكِِّنكِّ*ا ي نُكككدِْ لََُ أََََكولََُ ونَ ق ًِ لََُ ذُنُابََُ‬
‫(األحزاب‪)71-70 :‬‬
‫‪ ‬تُعد التقوى سددبب في تسددديد اإلنسددان وتبصدديره بالحق‪ ،‬ألن التقوى سددبب مباشددر لتوفيق‬
‫اإلنسان وينارة طريقه يوم القيامة مصدااقا لقوله تعالى‪ :‬نَو أَنههَو الَّنِنَُ ََمَااا إان َُتََُّاا الدَََّ نَََْ ق لََُ فًَُِونَو‬
‫(االنفال‪)29 :‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ ‬التقوى سد د د د د د دبدب لعددم الخوف وضد د د د د د ددرر األعدداء‪ ،‬ألن التقوى وقدايدة من الخوف ورعدايدة‬
‫لإلنسان المسلم في أي موقع يوجد‪ ،‬فالمعية اإللهية لإلنسان تتضح في قوله تعالى‪ :‬إانَّ الدَََّ مَعَ‬

‫الَّنِنَُ اَََُّاا وَالَّنِنَُ ه محسِاانَ (النحل‪)128 :‬‬

‫‪ ‬التقوى مدددخددل للخير والتعدداون‪ ،‬تعين اإلنس د د د د د د ددان على فعددل الخير واالبتعدداد عن إيددذاء‬
‫اآلخرين‪ ،‬لقوله تعالى‪ :‬وََََُووَنُاا ََدَى القباًي وَالتََّقاَى وَال َََُووَنُاا ََدَى اإلاثق ا وَالقَِّوَانا (المائدة‪)2 :‬‬
‫‪ ‬التقوى س ددبب لنيل رحمة هللا‪ ،‬وهذه الرحمة تكون في الدنيا كما تكون في اآلخرة‪ ،‬وكذلك‬
‫العاقبة تكون للمتقين‪ .‬قال تعالى‪ :‬إانَّ القََوِِبَةَ لِدقَتََِّنيَ (هود‪)49 :‬‬

‫‪ ‬التقوى سد ددبب في دخول الجنة‪ ،‬وذلك ألن الجنة أُعدت للمتقين‪ .‬قال تعالى‪ :‬وَدكَوِاَاا إالَى‬

‫مَ ق ًَِةٍ مُِ َِبيَُ وَجَاَّةٍ ًََضُهَو السَََّاَات وَالقََِض أََُِِّّت لِدقَتََِّنيَ (آل عمران‪)133 :‬‬

‫‪ ‬الدالالت التربوية لمفهوم التقوى في المجال اإليماني‪:‬‬


‫يتضد د د د د د ددح مما سد د د د د د ددبق مجموعة من الدالالت واآلثار التربوية لمفهوم التقوى في مجال‬
‫اإليمان با هي‪:‬‬
‫منيعا أمام التيارات المعادية لإلس ددالم والثبات أمامها‪،‬‬
‫‪ ‬تجعل اإلنس ددان المس ددلم يقف س د اددا ا‬
‫خائفا مما ُيسدداعده على االلتزام‬
‫ظا ا‬ ‫ألن اطمئنان المؤمن لقدرة هللا عز وجل تجعل ضددميره يق ا‬
‫بومره في جميع أعماله‪.‬‬
‫‪ ‬تجعل في نفس د د د د د ددية المعلم قدوة للمتعلمين إذا التزم بقيمة تقوى هللا في عمله وراقبه‪ ،‬مما‬
‫قويا‬
‫ا‬ ‫يجعدل المتعلم يلتزم طريق معلمده‪ ،‬وهذا أسد د د د د د ددلوب تربوي يجعدل إيمدان الجيدل النداشد د د د د د د‬
‫وشامخا‪.‬‬
‫ا‬
‫بويا لتقوية إيمانه عن طريق التفكير والتومل في خلق‬
‫أسلوبا تر ا‬
‫ا‬ ‫‪ ‬ال بد للمتعلم أن يستعمل‬
‫السماوات واألرض‪ ،‬وذلك في سن اإلدراك والتمييز‪ ،‬وأن يتدرج من المحسون إلى المعقول‪،‬‬
‫ومن الجزئي إلى الكلي‪ ،‬ومن البسد د د د د دديط إلى المركب‪ ،‬حتى يصد د د د د ددل في نهاية المطاف إلى‬
‫قضية اإليمان عن اقتناع وحجة وبرهان‪.‬‬
‫‪ ‬الدالالت التربوية لمفهوم التقوى في مجال اإليمان باليوم اآلخر‪:‬‬
‫لإليم ددان ب دداليوم اآلخر آث ددار ودالالت تربوي ددة تنعكس على نفس المؤمن‪ ،‬وتظهر في‬
‫تكوين شخصيته‪ ،‬وفي شؤون حياته كافة‪ ،‬ومن هذه الدالالت التربوية نذكر‪:‬‬

‫‪29‬‬
‫دتعدا للخالص‬
‫ظا ومس ا‬‫‪ ‬اإليمان باليوم اآلخر ُيربي في نفس اإلنسدان أن يكون ضدميرهم يق ا‬
‫من المواقف التي تؤدي بهم إلى العقاب‪ ،‬وذلك بالعمل على طاعة هللا سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫‪ ‬يبعث اإليمان باليوم اآلخر في نفس المؤمن الشد د د ددعور بالمسد د د ددؤولية‪ ،‬ألن المؤمن الذي‬
‫يشعر بتمام المسؤولية عن أعماله‪.‬‬
‫ُ‬ ‫تعمق في قلبه اإليمان با واليوم اآلخر‬
‫فعليا ثابتاا غير متقلب بين النفا والرياء‪،‬‬
‫‪ ‬تحقيق األخال الفاض د ددلة في الس د ددلوك تحقياقا ا‬
‫وال يكون ذلك إال نتيجة لإليمان باليوم اآلخر‪ ،‬فالحلم والتضدحية والصدبر والعطف والرحمة‪،‬‬
‫كل ذلك يتحلى به المؤمن ألنه ينتظر جزاءه عند هللا‪ ،‬ويتنظر أجره عليه يوم الحساب‪.‬‬
‫‪ ‬الدالالت التربوية للتقوى في مجال استشعار مراقبة هللا وخشيتة‪:‬‬
‫در أسد دداسد د اديا في تربية النفس لمنعها من الوقوع في‬
‫تُعد مراقبة هللا تعالى وخشد دديته عنصد د اا‬
‫المعاصددي‪ ،‬وضددبط السددلوك عن االنحراف‪ ،‬ويجب أن تتحقق هذه المراقبة في قلب اإلنسددان‬
‫حتى يعتقد أن هللا ُيراقب كل أعماله وكيانه وهمسد د د د دده وحركته‪ .‬لذا تُعد هذه الخصد د د د ددلة ذات‬
‫قويا لتعبئة النفس باإليمان والشددعور بالمسددؤولية أمام هللا‪ ،‬بحيث تحث‬ ‫ودليال ا‬
‫ا‬ ‫مدلول تربوي‪،‬‬
‫النفس على طداعدة هللا واتقداء معصد د د د د د دديتده‪ ،‬وتمكين دور الخوف والرجداء في النفس‪ ،‬وكدذلدك‬
‫تربية طالب العلم على مراقبة هللا في علمه وجعلها في س ددبيل هللا‪ ،‬وهذا يقتض ددي بدوره تربية‬
‫نفون الطلبة على فهم معاني التقوى بالمراقبة ق في جميع أعمالهم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الم ون الوجداني لقيمة تقوى هللا في السر والعلن‪:‬‬
‫ا‬
‫يش د د ددمل هذا المكون االنفعاالت والمش د د دداعر واألحاس د د دديس الداخلية التي ال تظهر‪ ،‬وعن‬
‫طريقده يميدل الفرد إلى قيمدة معيندة‪ .‬كمدا يتصد د د د د د ددل هدذا المكون بتقددير القيمدة واالعتزاز بهدا‪،‬‬
‫فض د د ادال عن أنه ُيش د ددعر الفرد بالس د ددعادة الختيار القيمة‪ ،‬ويعلن االس د ددتعداد للتمس د ددك بها على‬
‫المأل‪.‬‬
‫من هن ددا يمكن القول‪ :‬إن التربي ددة الوج ددداني ددة تعني في ه ددذا المق ددام تربي ددة المشد د د د د د د دداعر‬
‫واألحاسد دديس والعواطف واالنفعاالت تجاه قيمة تقوى هللا في السد ددر والعلن‪ ،‬وهي التربية التي‬
‫تسد د ددعى إلى إبعاد الضد د ددمير عن عثرات الشد د ددك والحيرة‪ ،‬وتحرص على الحفاظ على صد د ددحة‬
‫الوجددان والحيلولدة دون إص د د د د د د ددابتدده بدالخلددل‪ .‬مع ملحوظدة أن التربيددة الوجددانيددة تمثددل إحددى‬
‫الوسائل التي تسهم في تعزيز قيمة تقوى هللا في السر والعلن‪ ،‬وذلك بتعميق اإليمان با ‪.‬‬
‫وترجع أهمي ددة المكون الوج ددداني أو الع دداطفي أو االنفع ددالي إلى كون دده يمث ددل محرك ددات‬
‫الس د د د ددلوك اإلنس د د د دداني‪ ،‬أي أن المتعلم في اس د د د ددتجاباته اليومية للمواقف التي يتعرض لها إنما‬

‫‪30‬‬
‫يعتمددد على نوع المحركددات الموجودة عنددده‪ ،‬والتي تُشد د د د د د دكددل في مجموعهددا البندداء الوجددداني‬
‫للمتعلم (الخطيدب‪ .)162 ،1415 ،‬ولدذلدك ينبغي أال نعزل الجواندب الوجددانيدة عن الجواندب‬
‫تاما‪ ،‬فالمدخل األسد د د دداسد د د ددي إلى المجال الوجداني هو عقل‬
‫تكامال ا‬
‫ا‬ ‫المعرفية‪ ،‬فهما متكامالن‬
‫اإلنسان الذي يمثل الجانب المعرفي‪.‬‬
‫من جهدة أخرى‪ ،‬توجدد أهميدة كبيرة لألهدداف التعليميدة في المجدال الوجدداني في تقويدة‬
‫قيمة تقوى هللا في السر والعلن في وجدان الطلبة‪ ،‬والتي يمكن إيجازها على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬مستوى التقبل واالستقبال‪:‬‬
‫يتلخص هذا المسد د ددتوى في اسد د ددتعداد المتعلم لالهتمام أو العناية بقيمة تقوى هللا‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل إث ددارة أو توجي دده انتب دداه المتعلم لم ددا يراه من معلم دده‪ ،‬وتن دددرج نواتج التعلم في ه ددذا‬
‫المسد د د د د د ددتوى من الوعي البسد د د د د د دديط بقيمدة تقوى هللا إلى االهتمدام بهدا والرغبدة في تقبلهدا وعددم‬
‫محاولة تجنبها‪ ،‬ويتحدد دور المعلم هنا في التهيئة للمشدداركة العاطفية‪( .‬سددعادة‪1412 ،‬ه‪،‬‬
‫‪.)171-170‬‬
‫‪ ‬مستوى االستجابة‪:‬‬
‫يتعدى هذا المس د د د د ددتوى الموقف الس د د د د ددلبي من االهتمام بقيمة تقوى هللا إلى المش د د د د دداركة‬
‫اإليجابية والتفاعل مع الموقف التعليمي تفاعالا يتضدح من خالله ميول الطالب واهتماماتهم‬
‫بدالقيمدة‪ ،‬فدوهدداف التعلم في هدذا المسد د د د د د ددتوى تؤكدد على قبول االسد د د د د د ددتجدابدة‪ ،‬كدالقيدام ببعض‬
‫األنش ددطة اإلثرائية لموض ددوع القيمة‪ ،‬ثم الرض ددى والقناعة باالس ددتجابة‪ ،‬كقراءة الطالب لقص ددة‬
‫دينية تحمل في مضمونها جوانب مهمة من قيمة تقوى هللا‪( .‬سعادة‪1421 ،‬ه‪.)179 ،‬‬
‫‪ ‬مستوى التقييم أو الح م القيمي‪:‬‬
‫يهتم هذا المستوى بسلوك ظاهر ومحدد‪ ،‬أو بمجموعة من القيم التي ُيعبر عنها سلوك‬
‫ظاهر من المتعلم‪ ،‬كما يتصد د ددف هذا المسد د ددتوى بدرجة من الثبات تُمكن المتعلم من التعرف‬
‫على القيمة‪ ،‬أي أن هذا المسد د ددتوى يعالج تطور االتجاهات والقيم التي تتناول أشد د ددياء تتعلق‬
‫بالذات وباآلخرين وبالمجتمع‪ ،‬كما أنه يهتم بعناص د ددر الض د ددمير من حيث إنه يس د دديطر على‬
‫السلوك اإلنساني ويوجهه‪( .‬الخطيب‪1415 ،‬هد‪)166 ،‬‬
‫مثال ‪ :‬أن يناقش الطالب مع أس د د د ددتاذ المقرر اآلثار الس د د د ددلبية لعدم مراعاة بعض الطلبة‬
‫لقيم ددة تقوى هللا أثن دداء االختب ددارات‪ ،‬ك ددون يغش أح ددد الطلب ددة في االمتح ددان أو يعت دددي على‬
‫أستاذه‪ ،‬ومردود هذه اآلثار على الجامعة والمجتمع‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ ‬مستوى التنظيم القيمي‪:‬‬
‫يركز هذا المسد د ددتوى على تجميع عدد من القيم‪ ،‬وبناء نظام داخلي متماسد د ددك لها يربط‬
‫بعضدها مع بعض‪ ،‬وعليه تتمثل نواتج التعلم هنا في تشدكيل مفا يم خاصدة بقيمة تقوى هللا‪،‬‬
‫مثدل إدراك كدل فرد لددوره في تنميدة اتجداهدات وعواطف إيجدابيدة نحو قيمدة التقوى كمدا جداء‬
‫بها اإلسالم‪( .‬سعادة‪1412،‬ه‪.)194 ،‬‬
‫‪ ‬مستوى تش يل الشخصية‪:‬‬
‫ُيمثل هذا المسددتوى أعلى مسددتويات المجال الوجداني أو االنفعالي‪ ،‬إذ يتم االهتمام هنا‬
‫بتشد د د د د ددكيل صد د د د د ددفات الذات عند الفرد كوحدة متميزة عن غيره‪ ،‬ويكون من نتائج ذلك تكوين‬
‫أسددلوب مميز لحياته‪ ،‬ويمكن للمربي من خالله التنبؤ بنوعية السددلوك الذي يمكن أن يسددلكه‬
‫المتعلم‪( .‬الخطيب‪1415 ،‬هد‪)168 ،‬‬
‫مع ملحوظدة أن األهدداف التربويدة في اإلسد د د د د د ددالم اهتمدت بدالجداندب الوجدداني بوصد د د د د د دفده‬
‫منطلاقا وغاية‪ ،‬مما ُيظهر أص ددالة التربية اإلس ددالمية وتميزها‪ ،‬وبخاص ددة أن اش ددتقا األهداف‬
‫التربوية للوجدان مصددره األصدول اإلسدالمية المتمثلة في‪ :‬كتاب هللا‪ ،‬وسدنة رسدوله صدلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ ،‬والترات‪ ،‬لذلك كانت أهداف التربية اإلسالمية تتميز بالشمول والتوازن والتكامل‪،‬‬
‫فكان العائد من ذلك االهتمام الكامل بتربية الوجدان وتحقيق الشخصية المسلمة السوية‪.‬‬
‫ثال اثا‪ :‬الم ون السلوكي لقيمة تقوى هللا في السر والعلن‪:‬‬
‫هذا الجانب هو الذي تظهر فيه القيمة على أرض الواقع‪ ،‬فالقيمة تترجم إلى س د د د د د ددلوك‬
‫ظاهري عن طريق التفاعل‪ ،‬ومن ثَم فإن التقوى أسددلوب حياة ألنها توجد في جميع مجاالت‬

‫الحياة كافة‪ ،‬وحيث وجد التص د ددرف اإلنس د دداني‪ :‬فالطالب في جامعتة عليه أن يكون ا‬
‫متقيا ق‬
‫سدبحانه وتعالى فإن اسدتطاع أن ُيغافل مدرسده ويغش في امتحانه فهو لن يسدتطيع أن يفلت‬
‫من رقابة هللا‪ ،‬ومن ثَم عليه أن يعلم أن هللا يراه من أجل أن يمتنع عن سد د د د ددلوك الغش لكيال‬
‫يقع فيما حرم هللا‪.‬‬
‫متقيا ق‪ ،‬ومن ثَم عليه أن يعطي درسده بجدية‪ ،‬ويسدلك‬ ‫وكذلم المدرس عليه أن يكون ا‬
‫بويا مع جميع طالبه ليكون مدراس د دا ومر ابيا في الوقت نفسد دده‪ ،‬وكذلم الطبيب الذي‬
‫دلوكا تر ا‬
‫سد د ا‬
‫يعلم أن مريضه ليس بحاجة لعمل جراحي ولكنه اقنع ذلك المريض بونه بحاجة لذلك العمل‬
‫لكي يكسد ددب من ورائه المال‪ ،‬فعليه أن ُيدرك أن هللا سد ددبحانه وتعالى يعلم بسد ددلوكه‪ ،‬وأنه لن‬

‫‪32‬‬
‫يرض د ددى عنه‪ ،‬ومن ثَ َّم عليه أن يمتنع عن ذلك الس د ددلوك كي يض د ددع وقاية بينه وبين ما حرم‬
‫هللا‪.‬‬
‫وهكذا نجد أن هذا المكون يتصد د ددل بممارسد د ددة القيمة أو السد د ددلوك الفعلي واألداء النفس‬
‫معتدال في المعاملة‪ ،‬وتربية النفس على‬
‫ا‬ ‫دلوكا‬
‫حركي‪ ،‬ومن ثم يمكن أن يس د د ددلك اإلنس د د ددان س د د د ا‬
‫تقوى هللا في السر والعلن من خالل استخدمه لمجموعة من الوسائل نعرضها في اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬اإليمان باهلل تعالل واإلخالص في عبادتة‪:‬‬
‫تُعدد وسد د د د د د دديلدة اإليمدان بدا تعدالى طريق إلى التقوى‪ ،‬وذلدك بدالتزام العبدادات التي تُقرب‬
‫اإلنس د د ددان إلى هللا‪ ،‬ومن ثَ َّم فإن الذي ُيريد أن يس د د ددير إلى التقوى عليه أن يعرف هللا ثم ُيقبل‬
‫دابا متواص ادال‪ ،‬فلعله مفرط في‬
‫وليحاسدب نفسده حس ا‬
‫عليه بعمل الفرائض واإلكثار من النوافل‪ُ ،‬‬
‫فريضة ظاهرة أو باطنة‪.‬‬
‫ومن ثَ َّم فددإن على المربين أال يغفلوا عن هددذا الموضد د د د د د ددوع لمددا يترتددب عليدده من صد د د د د د ددالح‬
‫ويصد د د ددالح‪ ،‬وبخاصد د د ددة إذا رافق موضد د د ددوع التقوى برنامج مليء بالعلم والعبادة والتفكر‪ ،‬فهذا‬
‫طريق مهم لتحقيق التقوى في نفس المؤمن وتربيته على هذا السلوك‪.‬‬
‫‪ -2‬المحافظة علل تالوة القرآن والعمل بة‪:‬‬
‫ُيعد القرآن الكريم أصدل الطريق المسدتقيم للوصدول إلى التقوى على أسدان تربية النفس‬
‫لُك كِّوِا‬
‫َشككك َوءِ لََِو فِل ا ه‬
‫على التالوة والتعبدد‪ ،‬إذ قدال تعدالى‪ :‬نَو أَنههَو الاَّوس َِِّ جَوءَُقَُ مَاَِظَةٌ مُِ َِبيَُ و ِ‬

‫وَهِّ*ى وََََُِةٌ لِدقَؤمِاِنيَ (يونس‪ ،‬آية‪ .)57‬في هذه اآلية طريق واض د د ددح لتحقيق التقوى في نفس‬
‫المؤمن من خالل التعبد والتالوة والذكر‪" ،‬ألن تالوة كتاب هللا عز وجل مع التدبر ُيوصد د د د ددل‬
‫إلى التقوى مع اإليمددان أوالا" (األطر ‪ .)66 ،2002 ،‬لددذلددك ال بددد من التعود على التالوة‬
‫ويربي روحه على العبادة الخاصة‪.‬‬
‫اليومية حتى يزرع اإلنسان اإليمان والخشية في قلبه‪ُ ،‬‬
‫‪ -3‬مجاقدة النفس بامتثال أوامر هللا عز وجل‪:‬‬
‫أي االقتنداع الكدامل بعظمدة الخدالق‪ ،‬وأنه بيدده ملكوت كل شد د د د د د دديء‪ ،‬فال بد من مجداهدة‬
‫النفس حتى تتحقق قيمة التقوى في نفس المؤمن قوالا وس د ا‬
‫دلوكا‪ .‬ومن ثم ال بد من بذل الجهد‬
‫للتغلدب على هوى النفس حتى ينسد د د د د د ددجم مع التكلي"" (األطر ‪ )68 ،2002 ،‬فدالمجداهددة‬
‫للنفس وكسد ددر شد ددهواتها في طاعة هللا طريق للوصد ددول إلى التقوى‪ ،‬إذ قال عز وجل‪ :‬وَأَمَّو مَُ‬

‫خَوفَ مَََومَ َِبيَِ ونَهَى الاَّ قسَ ََُا القهَاَى ي فَإانَّ القَْاَّةَ هِلَ القَََقوَى (النازعات‪ ،‬آية‪)41-40:‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ -4‬المحافظة علل الفرائح واإلكثار من النوافل‪:‬‬
‫مهما لحياة المسلم حتى يتربى على السلوك الحسن‬ ‫عمال ا‬‫تُعد المحافظة على الفرائض ا‬
‫والتقوى واإليمان‪ ،‬ويصددل إلى محبة هللا تعالى له‪ ،‬مصددداقا لقول النبي صددلى هللا عليه وسددلم‬
‫في الحديث القدس د د د ددي‪ ،‬قال هللا تعالى‪" :‬وما تقرب إلل عبدي بشااااااي أحب مما افترضااااااتة‬
‫عليااةت ومااا يزال عباادي يتقرب إلي بااالنوافاال حتل أحبااة" (ابن حي ددان‪1987 ،‬م‪ :‬ح‪،348‬‬
‫‪ .)280/1‬فهدذا ُيددلدل أن المحدافظدة على النوافدل وزيدادة العمدل بطداعدة هللا تحقق التقوى في‬
‫النفس اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ -5‬التوكل علل هللا واليقين أن كل شي من هللا‪:‬‬
‫إن التوكدل على هللا ثمرة طيبدة تُحقق التقوى‪ ،‬فهدذا طريق ُيحقق ثمرة التقوى في النفس‬
‫ويزكي نفسد د دده على االمتثال ألوامر هللا تعالى‪ .‬وهكذا فإن‬
‫ويصد د ددل بها إلى درجات اإليمان‪ُ ،‬‬
‫سددبل تحقيق التقوى للسددلوك اإلنسدداني لتربيته على اإليمان وطاعة هللا هو الذي يسددلك طر‬
‫الخير وطر اإليمان واالسددتعداد للقاء هللا عز وجل‪ ،‬على تحقيق الشددعور الذاتي لمراقبة هللا‬
‫تعالى في كل حين‪ ،‬وفي كل مكان‪.‬‬
‫================================‬

‫أنشطة وتطبيقات‬

‫نشاط‬

‫يوجدد الكثير من الطلبددة من يعرف أهميددة قيمددة التقوى‪ ،‬لكندده ال ُيحسد د د د د د ددن اختيددار السد د د د د د ددلوك‬
‫اإليجابي لها‪ .‬ما تفسيرك لذلك؟‬
‫بعد مناقش ددة الس دؤال مع أس ددتاذ المقرر في المحاض درة طبق ما تعلمته من خالل المناقش ددة في‬
‫حقول الجدول اآلتي‪:‬‬

‫‪34‬‬
‫جدول رقم (‪)5‬‬
‫تش يل القيمة عبر م وناتها (السلوكيت المعرفيت الوجداني)‬
‫الم ون السلوكي‬ ‫الم ون الوجداني‬ ‫الم ون المعرفي‬

‫فكر‪ ..‬أفعل‬
‫ما رأيم في تصرفات بعح األشخاص في المواقف اآلتية؟‬
‫⚫ شخص ال ينجب فلجو إلى الدجل والشعوذة‪.‬‬
‫ذكرا‪.‬‬
‫⚫ تزوج شخص ثالت زوجات من أجل أن ينجب ا‬
‫⚫ يقوم طبيب بمشاركة آخرين بسرقة أعضاء المرضى أثناء العمليات الجراحية لهم‪.‬‬

‫فكر‪ ..‬صمم‬
‫تعاون مع زمالئك وبإشراف أستاذ المقرر لعمل ندوة في الكلية التي تدرن‬
‫فيها بعنوان‪ :‬أثر قيمة التقوى في سلوك الطلبة داخل فضاء الجامعة‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫قيمة تعظيم قدر النبي ﷺ‬

‫‪36‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫قيمة تعظيم قدر النبي ﷺ‬
‫ال شد د د ددك أن قدر النبي ﷺ عند هللا عظيم‪ ،‬وكرامته كبيرة‪ ،‬فهو الذي اصد د د ددطفاه هللا من‬
‫البشدرية في صددقه فقال جل شدونه‪ :‬وَمَو نَاطِق ََُا القهَاَى (النجم‪ ،)3 :‬واصدطفاه في صددره فقال‪:‬‬

‫ألَ نَشكًَْ لَ َ َكََِِّ َ (سدورة الشدرح‪ ،)1 :‬واصدطفاه في ذكره فقال‪ :‬وََِفََاَو لَ َ ذِكقًَ َ (سدورة الشدرح‪:‬‬

‫‪ ،)4‬واصطفاه في خلقه فقال‪ :‬وَإانَّ َ لَََدى خدُقٍ ََظِِّ ٍ (سورة القلم‪)4 :‬‬
‫ومن هنا فإن تناول هذه القيمة في فض د دداءات جامعة طيبة‪ ،‬وتمكين الش د ددباب الجامعي‬
‫من الس د د ددلوك بمقتض د د دداها هو أمر مهم للتوس د د دديس لمحبة النبي ﷺ‪ ،‬وتعزيز دعوته األخالقية‬
‫التي اسد ددتطاع من خاللها إعادة صد ددياغة العقل األخالقي العربي في مجتمع الجزيرة العربية‬
‫قبل أكثر من ‪ 1400‬عام مض د ددت‪ .‬وفي هذا الفص د ددل س د ددوف نتناول هذه القيمة المهمة من‬
‫خالل مكوناتها المعرفية والوجدانية والسلوكية‪.‬‬
‫أواال‪ :‬الم ون المعرفي لقيمة تعظيم قدر النبي ﷺ‪:‬‬
‫يش ددمل هذا المكون المعارف والمعلومات النظرية التي تتص ددل بقيمة تعظيم قدر النبي‬
‫ﷺ‪ ،‬وعن طريقه يمكن تعليم هذه القيمة من حيث أهميتها وفوائدها وما تدل عليه من معاني‬
‫مختلف ددة ومتع ددددة‪ ،‬وك ددذل ددك من دالالت تربوي ددة‪ .‬ومن ثَ َّم يج ددب تعليم الطلب ددة مجموع ددة من‬
‫المعارف عن قيمة التقوى‪ ،‬وذلك على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬المقصود بتعظيم قدر النبي ﷺ‪:‬‬
‫ُيقصدد بتعظيم قدر النبي أن نحب رسدول هللا ﷺ‪ ،‬ومن حبنا له أن نعرف كي" نتودب‬
‫معه في سدديرته‪ ،‬وعند ذكره‪ ،‬وقراءة سددنته‪ ،‬وزيارة روضدده الشدري" ﷺ‪ ،‬وأن نعلم ذلك ألبنائنا‬
‫وبناتنا‪ ،‬وأن ندعو النان إلى محبته ﷺ وتعظيمه في قلوبهم‪ ،‬وحسد د د د ددن األدب معه كما كان‬
‫حال السلف الصالح‪ .‬ورحم هللا أمير الشعراء الذي قال‪:‬‬
‫ُوِلاد اُلهدىت فالكائنات ضيا ‪ ...‬وفاااااام الزمان َتَب ُّس ٌم وثنا ُ‬
‫الروح والمأل المالئام حاولة ‪ ...‬للااادياااااان والدنيا بة ُبشا ار‬
‫ومن ثَ َّم فإن اتباع سد د د ددنته وصد د د ددد محبته ﷺ‪ ،‬وتقدير عظم شد د د ددونه يجب أن يدفع إلى‬
‫السد دبق في الطاعات والعمل بما يرض دديه‪ ،‬ويكس ددب المس ددلم بكمال محبته حالوة اإليمان كما‬

‫‪37‬‬
‫مما‬
‫أحب إلية َّ‬ ‫أن ي و َن ُ‬
‫هللا ورساوُل ُة َّ‬ ‫وجد ِب َّ‬
‫هن حالوَة اإليمان‪َّ :‬‬ ‫"ثالف َم ْن ُك َّن ية َ‬
‫ٌ‬ ‫قال ﷺ‪:‬‬
‫اق َما‪( "..‬أخرجه مسلم‪ ،‬حديث ‪)43‬‬ ‫سو ُ‬
‫‪ ‬دالئل تعظيم قدر النبي ﷺ ومحبتة‪:‬‬
‫كثيرة هي الددالئدل التي تؤكدد تعظيم قددر النبي ﷺ ومحبتده‪ ،‬فقدد عظمده هللا وقددره وكرمده‬
‫في مواضد د ددع كثيرة في القرآن الكريم‪ ،‬وكذلك فعل صد د ددحابته رض د د دوان هللا عليهم‪ ،‬ومن ثم ال‬
‫يمكن في هذه المس د د د د دداحة الض د د د د دديقة من الكتاب أن ُنش د د د د ددير إلى كل الدالئل‪ ،‬مما يعني أننا‬
‫سنكتفي بذكر بعضها‪ ،‬وذلك على النحو اآلتي‪( :‬الخطيب واألحمدي‪)50-49 ،2017 ،‬‬
‫ومما ينتج عن ذلك‪ :‬اس د ددتش د ددعار هيبته وجالل‬ ‫‪ ‬تقديم محبته وتفض د دديله ﷺ على كل ٍ‬
‫أحد‪َّ ،‬‬
‫ذاكر‬
‫أن يجعل القلب اا‬ ‫ْقدره وعظيم ش ددانه‪ ،‬واس ددتحض ددار محاس ددنه ومنزلته‪ ،‬وكل ما من ش د َّ‬
‫دونه َّ‬
‫لحقه في التوقير والنصرة‪.‬‬
‫ص د د دالة عليه إذا ورد ذكره‬
‫‪ ‬سد د ددلوك األدب معه‪ ،‬ويتحقق ذلك بالثناء عليه بما هو أهله وال َّ‬
‫َدك كدَاا‬
‫َكككدَاا ََدَِّكَِ و َ‬
‫ُكككدَانَ ََدَى الاَّبالي نَكو أَنههَكو الَّكنِنَُ ََمَااا َ‬
‫طداعدة ألمر هللا‪ ،‬قدال تعدالى‪ :‬إانَّ الدَّكََ وَمَدَكوكََِ َتكَ ن َ‬

‫َُسدَِِّ*و (األحزاب‪)56 :‬‬


‫داجره ودار نصد د د د د د درتده ومحددل‬ ‫‪ ‬حفأ حرمدة بلددده المدددينددة َّ‬
‫النبويدَّة‪ ،‬وتعظيم حرمهددا‪ ،‬فهي ُمهد َ‬
‫إقامته ومدفنه‪ .‬فيجب على من س ددكن فيها مراعاة حق المجاورة وحس ددن التودب فيها‪ ،‬لما لها‬
‫من عظيم المنزلة والمكانة عند هللا وعند رسددوله ﷺ‪ ،‬فيتوكد فيها العمل الصدالح‪ ،‬وتزداد فيها‬
‫السيئة قبحا لشرف المكان‪.‬‬
‫‪ ‬توقير حديثه والتودب عند س د د د د د ددماعه ود ارس د د د د د ددته ومتابعته واالقتداء به‪ ،‬وهكذا كان ديدن‬
‫السلف الصالح رحمهم هللا‪.‬‬
‫‪ ‬تصد د د ددديقه فيما أخبر‪ ،‬واالهتداء بهديه‪ ،‬واتخاذه قدوة في أفعاله‪ ،‬وأقواله طاعة ق تعالى‪:‬‬
‫لَََِّ كَونَ لََُ فِل َِدالا الدََِّ أُداَةِ َُسَاَةٌ لََُِ كَونَ نًَجا الدَََّ وَالقَِّامَ اآلَخًَِ وَذَكًََ الدَََّ كَثِري*ا (األحزاب‪)21 :‬‬
‫‪ ‬الدفاع عنه ونص د د د د د درته وعن ص د د د د د ددحابته ومحبتهم والترض د د د د د ددي عليهم‪ ،‬واالهتداء بهديهم‬
‫واالقتداء بسنتهم‪.‬‬
‫‪ ‬منهج النبي ﷺ في تعاملة مع الشباب‪:‬‬
‫ال شد د د د د د ددك أن الشد د د د د د دبداب هم العمود الفقري ألي المجتمع‪ ،‬بهم يقوى ويبقى ومن دونهم‬
‫يضعف وينهار‪ ،‬فهم يملكون الطاق َة والقوَة والحماسة التي تؤهلهم إلى أن يعطوا من أعمالهم‬

‫‪38‬‬
‫وجهودهم وعزمهم وصد د د ددبرهم ثمرات ناضد د د ددجة لألمة إذا ما سد د د دداروا على الطريق الصد د د دحيح‬
‫المرسد د د د ددوم في تجاه التنمية والتقدم‪ ،‬واسد د د د ددتغلوا نشد د د د دداطهم فيما فيه منفعة لهم ولغيرهم خدمة‬
‫للوطن ولألمة‪.‬‬
‫دديدا نحو البناء والنماء‬
‫توجيها س د د ا‬
‫ا‬ ‫ووجههم‬
‫لذلك اعتنى اإلس د ددالم بالشد د دباب عناية فائقة‪َّ ،‬‬
‫كبيرا‪ ،‬فقد كانوا الفئة األكثر التي وقفت بجانبه‬
‫اهتماما ا‬
‫ا‬ ‫والخير‪ ،‬واهتم الرس د ددول ﷺ بالشد د دباب‬
‫في بداية الدعوة‪ ،‬فويدوه ونصد ددروه ونشد ددروا اإلسد ددالم وتحملوا في سد ددبيل ذلك المشد ددا الكثيرة‪.‬‬
‫علما إال‬
‫عالم ا‬
‫نبيا إال وقو شااابت وال أوتي ٌ‬
‫قال ابن عبان رض ددي هللا عنهما‪" :‬ما بعث هللا ًّ‬
‫وقو شااااب" (أخرجه الطبراني في األوسد ددط ‪ ،)6421‬ثم تال قوله عز وجل‪ :‬إانَّه فِتقَِّةٌ ََمَااا باًَبيها‬

‫وَهادنَوه هِّ*ى‪.‬‬
‫وعمل عليه الصد د د د دالة والسد د د د دالم على تهذيب أخال الشد د د د دباب وش د د د ددحذ هممهم وتوجيه‬
‫طاقاتهم ويعدادهم لتحمل المس د د ددؤولية في قيادة األمة‪ ،‬كما حفزهم على العمل والعبادة‪ ،‬فقال‬
‫ظل إالّ ظّلة"‪َّ ،‬‬
‫وعد منهم‪" :‬شد دداب‬ ‫ِ‬
‫عليه الصد دالة والسد دالم‪" :‬سااابعة ُيظّل ُهم هللا في ظّلة يوم ال ّ‬
‫نشو في عبادة هللا"‪( .‬أخرجه مسلم في صحيحه ‪ ،1786‬والنسائي في الصغرى ‪)5331‬‬
‫وحث الرسد د د د ددول ﷺ الشد د د د دباب على أن يكونوا أقوياء في العقيدة والبنيان والعمل‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫كل خير" (أخرجه مس ددلم في‬
‫الض اعيف وفي ّ‬‫أحب إلل هللا من المؤمن ّ‬ ‫"المؤمن القو ّي ٌ‬
‫خير و ّ‬
‫صد د د د د د ددحيحده وهو من األحداديدث التي انفرد بهدا عن البخداري‪ ،‬وأخرجده الخطيدب البغددادي في‬
‫"تاريك بغداد"‪ ،‬غير أنه َّنوه إلى أن القوة ليس د د د ددت بقوة البنيان فقط‪ ،‬ولكنها قوة امتالك النفس‬
‫والتحكم في طبائعها‪ ،‬فقال‪" :‬ليس الشد د د دديد بالصد د د درعة‪ ،‬إنما الشد د د دديد الذي يملك نفس د د دده عند‬
‫الغضد د د د د د ددب" (أخرجده البخداري في صد د د د د د ددحيحده "‪ 3231/78‬برقم ‪ ،5785‬ومدالدك في الموطدو‬
‫"‪ 525/48‬برقم ‪)1645‬‬
‫ومن ثَ َّم يجب على المؤسسات التربوية إشغال الشباب باألنشطد د د د ددة التعليمية والثقافي د د د ددة‬
‫واالجتماعيد د د ددة والرياضية للنهوض بهذه الفئد د د ددة الشابد د د ددة والرفع من مستواها ومعنوياتهد د د ددا بدل‬
‫إهمالهدا والتخلي عنها في عتمة زوايا الضياع‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر إنه عندما نتومل حال المجتمع العربي اليوم‪ ،‬ونحاول أن نرص د د د د د ددد‬
‫نشداط شدبابه عن كثب‪ ،‬نجد فئة كبيرة منهم منصدرفة إلى ما يهدم دعائم المجتمع بدل بنائها‬
‫ويقامتها إذ يختفي حس المسؤوليد د د د د ددة وينعدم الواجب وتغيب التضحيد د د د د ددة وراء ستائر العبث‬

‫‪39‬‬
‫واالستهتار والالمباالة‪ ،‬فال يبقد د د د د د ددى إال الدور السلبي الذي أصبح يقوم به معظمهم باستثناء‬
‫فئة قليلة منهم‪( .‬حميش‪ ،2015 ،‬شبكة االنترنت)‬
‫ومن ثَ َّم فليس غر ايبددا أن نجد فئات واسعددة من الشباب في عمددر الزهور يقتلون أوقاتهددم‬
‫جلوسا في المقاهي طيل ددة اليوم كالعجزة راصدين كل غاد وراح‪ ،‬أو‬
‫ا‬ ‫فيما ال طائل من ورائه‬
‫بهن‬ ‫واقفين أم ددام أبواب اإلع دددادي ددات والث ددانوي ددات يتصد د د د د د ديد ددون تلمي ددذات الم دددارن للتحر‬
‫ومض د ددايقتهن‪ ،‬وفي أحس د ددن األحوال يمكثون في بيوتهم نائمين إلى س د دداعات متوخرة جدا من‬
‫النهدار أو جدالسد د د د د د ددين إلى قنوات ال طدائدل منهدا وال فدائددة‪ ،‬ممدا يددعوندا إلى التدوكيدد مرة أخرى‬
‫ومرات على العمل بمنهج رسد د د د د د ددولنا الكريم‪ ،‬واالهتمام بالشد د د د د د ددباب ليكونوا إضد د د د د د ددافة حقيقية‬
‫لمشروعات التنمية في المجاالت كافة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الم ون الوجداني لقيمة تعظيم قدر النبي ﷺ‪:‬‬
‫ا‬
‫يش د ددمل هذا المكون الحب االنفعاالت والمش د دداعر واألحاس د دديس الداخلية التي ال تظهر‪.‬‬
‫وعن طريقه يميل الفرد إلى قيمة معينة‪ .‬ويتصد د د د ددل هذا المكون بتقدير القيمة واالعتزاز بها‪،‬‬
‫وهذا الجانب ُيشعر الفرد بالسعادة الختيار القيمة‪ ،‬ويعلن االستعداد للتمسك بها على المأل‪.‬‬
‫وعليه فإن تكوين الحب والمشداعر واالحاسديس الداخلية نحو قيمة تعظيم قدر النبي ﷺ‬
‫ليس‬ ‫مهما‪ ،‬وبخاصددة في ظل الهجمة التي يقودها أعداء اإلسددالم ضددد نبينا ﷺ‬
‫أمر ا‬
‫ُيصددبح اا‬
‫آخرها ما نش د درته ص د ددحيفة "ش د ددارل إيبدو" في فرنس د ددا‪ ،‬وال الرس د ددوم الكاريكاتورية في الدنمارك‬
‫التي نالت من سيد الخلق عليه الصالة والسالم‪.‬‬
‫ومن ثَ َّم فإن تنمية الوجدان األخالقي لدى الشد ددباب الجامعي نحو تعظيم قدر النبي ﷺ‬
‫ُيعد ض د د د د د ددرورة تربوية لتقوية الجانب الوجداني لدى الطلبة‪ ،‬مما دعا جامعة طيبة إلى إدراج‬
‫هذه القيمة في مشد ددروعها عن القيم واألعراف الجامعية‪ ،‬الذي جاء فيه أن من أسد ددمى أنواع‬
‫الرس ددول الكريم عليه أفض ددل الص ددالة وأت نم التس ددليم‪ ،‬وقد جاء في الحديث المتفق‬
‫حب َّ‬
‫الحب‪ :‬ن‬
‫أن أعرابيا قال لرسد د ددول هللا ﷺ متى السد د دداعة؟ فقال له‪ :‬وما أعددت لها؟ قال‪َّ :‬‬
‫حب هللا‬ ‫عليه َّ‬
‫دت"‪( .‬اخرجده البخداري في صد د د د د د ددحيحده‬ ‫ورسد د د د د د ددولده‪ .‬فقدال رسد د د د د د ددول هللا ﷺ‪ ":‬أَّندت ْ‬
‫مع َم ْن أحبب َ‬
‫‪ 3251/78‬برقم ‪)5842‬‬
‫دب هللا ألن هللا أمر بحبده كمدا أمر بداتبداعده‪ ،‬فمن‬ ‫الرسد د د د د د ددول من ح ل‬
‫دب َّ‬
‫ومن ثَ َّم فدإن ح َّ‬
‫أن ُي لحب من اصد ددطفاه هللا وأحبه‪ ،‬وأمر بحبه‪ ،‬واختاره رسد دواال يبلغ‬ ‫صد د َد في حبه ق فال بد َّ‬ ‫َ‬
‫عنه رسد د د دداالته‪ .‬وللرسد د د ددول ﷺ على النان فضد د د ددل هدايتهم ويرشد د د ددادهم إلى طريق سد د د ددعادتهم‬

‫‪40‬‬
‫ونجاتهم‪ ،‬وله عليهم فضددل ما بذل من أجلهم من نفسدده‪ ،‬وجسددمه‪ ،‬ووقته وكل ما يملك‪ ،‬وله‬
‫عليهم فضددل رحمته بهم ومحبته لهم‪ ،‬وغيرته وحرصدده عليهم‪ ،‬وصددبره الشدديد على أذى من‬
‫آذاه وأستاء إليه منهم‪( .‬عبد هللا‪)77 ،2004 ،‬‬
‫كل ذلك يدعو النان إلى محبته ﷺ‪ .‬وال يس ددتقيم حبه إال إذا آمنوا به وبرس ددالته‪ .‬ومتى‬
‫الصالة عليه‪ ،‬وتحركت إرادتهم التباعه واالقتداء‬ ‫أحبوه أطاعوا أمره ولهجت ل‬
‫السنتهم بالثناء و َّ‬
‫به‪ ،‬ويحياء سدنته‪ ،‬والدفاع عنه وعن آل بيته وصدحابته الكرام‪ ،‬ثم سداروا على طريقته وسدنته‬
‫وأكملوا نش ددر رس ددالته في العالمين‪ .‬فمن كمال طاعته ﷺ األخذ بكل ما أمر به‪ ،‬وأدائه على‬
‫الوجه الحق الذي دعانا إليه وتعظيم قدر صد د ددحابته رضد د ددي هللا عنهم ُيعند توجيه نبوي جاء‬
‫وتوجيها واالقتداء به في أقواله وأفعاله‬
‫ا‬ ‫وفعال‬
‫عنه ﷺ إظهار محبته وتقدير ألصد د د ددحابه قواال ا‬
‫منهج شرعي يجب االلتزام به‪.‬‬
‫إل‬
‫إل‬
‫ومن الجدير بالذكر أن لألنش د ددطة التربوية أهمية كبيرة في تقوية الجانب الوجداني لدى‬
‫الطلبدة‪ ،‬وتشد د د د د د ددكيدل اتجداهدات إيجدابيدة لدديهم نحو قيمدة تعظيم قدد النبي ﷺت ومن األنشد د د د د د دطدة‬
‫المقترحة لتنمية الجانب الوجداني نذكر بعض األنشددطة الموضددحة في الجدول اآلتي‪( :‬عبد‬
‫هللا‪)89 ،2004 ،‬‬
‫جدول رقم (‪)6‬‬
‫يوضح بعح األنشطة المقترحة لتنمية الجانب الوجداني‬
‫الرحالت الجامعية‬ ‫المناظرات الجامعية‬ ‫الندوات الجامعية‬
‫عد الندوات الجامعية من األنشطة ال شام أن المناظرات الجامعية لها ُتع ّاد الرحالت والزياارات العلمياة من‬ ‫ُت ّ‬
‫الاماهاماااااة فاي تاقاوياااااة الاوجااااادان أثر كبير في غرس شاااعور االتزان أقم األنشاااااااااطااة الجااامعيااة إلثرا‬
‫األخالقي وتنمياة قيماة تعظيم قادر والثقاة باالنفس لادى الطلباةت وقي خا ابا ارات الاااطااالاااباااااة الاااتااارباااوياااااة‬
‫النبي ﷺ ولهاا أثر كبير في تعاديال تعلمهم مهااااارات تقوياااة الوجااادان واالجتماااعيااةت كمااا ُتعا ّاد وسااااااااايلااة‬
‫اتجااقاات الطلباة وميولهم نحو ماا األخالقي ب سااااااالوب مقنع وجذاب‪ .‬تعليمية لكساااااار جمود المناقج إذا‬
‫ُيراد تعزيزه من مواطن القوة وعال وبشااااااا ل عام َت ْك ُمن مزايا المناظرة أجيد اسااااااااتخدامها وتوجيهها وفق‬
‫مواطن الضاااعف التي تتصااال علل في تعزيز الثقااة بااالنفس واالتزانت برامج علمية مدروسااااةت كما يم ن‬
‫ساااااااابيل المثال بنقص المشاااااااااعر وخلق مشااااعر وأحاسااايس إيجابية توظيفهاااا لتقوياااة وجااادان الطلباااة‬
‫اإليجااابيااة نحو قيمااة تعظيم قاادر نحو ماااا ُيراد تنميتاااة في وجااادان نحو قيماة تعظيم قاد النبي ﷺ كا ن‬
‫الطلباة نحو قيماة تعظيم قدر النبي ُتخطط الجامعة لرحلة إلل المساجد‬ ‫النبي ﷺ‬
‫تنمياااة اتجااااقاااات‬ ‫النبوي بهاااد‬ ‫ﷺ‪.‬‬
‫إيجاااابياااة نحو قيماااة تعظيم قااادر‬
‫النبي ﷺ‬

‫‪41‬‬
‫وجدانيا على حب الرسدول ﷺ‪ ،‬وتُمثل‬ ‫ا‬ ‫مع ملحوظة أن هناك أنشدطة كثيرة لتربية الطلبة‬
‫بويا التوجيه غير المباشد د د د د د ددر نحو التربية الوجدانية السد د د د د د ددليمة في الخلق النبيل‬
‫القصد د د د د د ددة تر ا‬
‫انفعاليا إلى‬
‫وجدانيا و ا‬
‫ا‬ ‫والمعاملة الحس د د د ددنة‪ ،‬فاألس د د د ددتاذ الجامعي مس د د د ددؤول عن تكوين الطالب‬
‫جانب مسؤوليته في رعاية السلوك واألخال ‪.‬‬
‫وقد جاءت القص د د ددة في القرآن الكريم في مواض د د ددع متعددة لتؤدي أهداافا تربوية عديدة‪،‬‬
‫وهي أسد ددلوب تربوي ناجح ومؤثر في الوجدان يسد دداعد في تقديم الخبرات التربوية وفي تنمية‬
‫القيم والفض د د ددائل وتربية االنفعال والعواطف الوجدانية والض د د ددمير‪ ،‬إذ تس د د ددمو بالخيال والفكر‬
‫وتثير الحوان وتددفع بدالسد د د د د د ددلوك السد د د د د د ددوي بدالقددوة في الجواندب اإليجدابيدة ومحداربدة الجواندب‬
‫الس ددلبية‪ ،‬ولذلك كان اس ددتعمال القرآن الكريم لألس ددلوب القص دص ددي في تربية المؤمنين‪( .‬حب‬
‫هللا‪)112 ،2001 ،‬‬
‫ثال اثا‪ :‬الم ون السلوكي لقيمة تعظيم قدر النبي ﷺ‪:‬‬
‫هذا الجانب هو الذي تظهر فيه القيمة على أرض الواقع‪ ،‬فالقيمة تترجم إلى س د د د ددلوك‬
‫ظاهري عن طريق التفاعل‪ ،‬ويتصددل هذا الجانب بممارسددة القيمة أو السددلوك الفعلي واألداء‬
‫النفس حركي‪ ،‬وفي هذا الجانب يقوم الطالب بممارسد ددة القيمة وتكرار اسد ددتخدامها في الحياة‬
‫اليومية العادية‪.‬‬
‫در على بنداء المكون المعرفي في عقول‬
‫وكمدا هو معروف لم يعدد دور التعليم قداصد د د د د د د اا‬
‫الطلبة‪ ،‬بل ال بد من االهتمام بالمكون السددلوكي أي ا‬
‫ض دا‪ ،‬ومن هنا لكي يسددتطيع عضددو هيئة‬
‫التدريس تعزيز قيمة تعظيم قدر النبي ﷺ في سد ددلوك الطلبة بهدف بناء الشد ددخصد ددية السد ددوية‬
‫المتكداملدة لدديهم‪ ،‬فال بدد لده من أن يقددم النموذج الجيدد والقددوة الحسد د د د د د دندة‪ ،‬وأن يددعم ويعزز‬
‫الس ددلوك المرغوب فيه‪ ،‬وأن يحدد اس ددتجابات الطلبة بحيث تكون في إطار ينس ددجم مع إطار‬
‫القيمة المراد س ددلوكها‪ ،‬وأن ُيطبق المبادئ التي يمكن أن تُش ددكل الس ددلوك الناجح‪ ،‬وأن ُيناقش‬
‫الطلبة ويقنعهم بالسلوك الصحيح الذي يحقق األهداف المنشودة‪.‬‬
‫كما ينبغي لعضد ددو هيئة التدريس أن يسد ددعى إلى إظهار أثر قيمة تعظيم قدر النبي ﷺ‬
‫ويعرفهم بهدا‪ ،‬ألن الغدايدة من معرفدة هدذه القيمدة مدا تؤثر‬‫التربويدة والمعنويدة على حيداة الطلبدة ُ‬
‫به على س د د ددلوك الطالب‪ .‬ومن األس د د دداليب التي يمكن اس د د ددتعمالها لبناء س د د ددلوك إيجابي لدى‬
‫الطلبة نحو قيمة تعظيم قدر الرس ددول ﷺ األس دداليب الموض ددحة في الجدول اآلتي‪( :‬عبد هللا‪،‬‬
‫‪)102 ،2004‬‬

‫‪42‬‬
‫جدول رقم (‪)7‬‬
‫يوضح بعح األساليب التي يم ن استعمالها لبنا سلو إيجابي نحو القيم‬
‫أسلوب التربية باألحداف‬ ‫أسلوب التربية باألدوار‬
‫أثر ال بد للمربي الناجح أن يساتغل األحداف التي تواجهة‬ ‫عد قذا األساااالوب من أكثر األساااااليب التي تتر اا‬‫ُي ّ‬
‫في ساااااالو المتعلمينت وبخاصااااااة من يقوموا بتمثيل في حياتةت ويساااااااتثمرقا في التربية لما لها من ت ثير‬
‫األدوار‪ .‬وتنبع أقمية قذا األسالوب من توفير مواقف نفسي كبير علل المتعلمت وقذا ما كان يفعلة الرسول‬
‫توجيها‬
‫ا‬ ‫ﷺ إذ كان يغتنم فرصاة األحداف التي تقتضاي‬ ‫تدريبية علل القيمة المراد ساالوكهات فضا ااال عن إثرا‬
‫إيجابيات‬
‫ا‬ ‫عمليا لي خذ منة المسااالمون ا‬
‫درسااا‬ ‫ا‬ ‫تربويا أو‬
‫ا‬ ‫خبرات الطلبة الوجدانية والشاااعورية من خالل عرض‬
‫الوكا أو ينفي قذا‬
‫القيمة في صااااااورة تمثيلية مشاااااااقدة حيث يشااااااار فكان يدعو إلل قيمة أو ُيصااحح سا ا‬
‫السلو الخاطئ أو ذا ‪.‬‬ ‫جميعا في أدا أدوار محددة‪.‬‬
‫ا‬ ‫الطلبة‬
‫ومن الجدير بالذكر أن بناء س د د د د ددلوكيات إيجابية لدى الطلبة نحو قيمة تعظيم قد النبي‬
‫ﷺ يمكن أن يكون من خالل مواقف الرسد د د د د د ددول ﷺ‪ ،‬ومن أمثلددة هددذه المواقف وفدداءه وحبدده‬
‫لوطنه الذي نعرض له تحت عنوان الوفاء للوطن‪:‬‬
‫⚫ وفا النبي ﷺ لوطنة‪:‬‬
‫كبيرا‪ ،‬فهي بلده الذي ولد فيه‪ ،‬وفيها بيت هللا الحرام‪،‬‬ ‫كان رسول هللا ﷺ يحب مكة حبَّا ا‬
‫وعلى أرضد ددها نزل الوحي ألول مرة‪ .‬ولما اشد ددتد إيذاء المشد ددركين للرسد ددول ﷺ وصد ددحابته في‬
‫مكة‪ ،‬أمره هللا تعالى بالهجرة إلى المدينة‪ ،‬فلما خرج من مكة نظر إليها نظرة المحب الوفي‪،‬‬
‫وأخ ددذ ل‬
‫يودعه ددا وهو يقول‪ :‬وهللا إن ددك لخير أرض هللا‪ ،‬وأح ددب أرض هللا إلى هللا‪ ،‬ولوال أني‬
‫أُخرجت منك ما خرجت‪.‬‬
‫در بعد أن اضدطر‬ ‫فاتحا ومنتص اا‬
‫وبعد ثماني سدنوات كتب هللا لنبيه ﷺ أن يعود إلى مكة ا‬
‫إلى الخروج منهدا‪ ،‬فددخلهدا النبي فر احدا مسد د د د د د ددرو ار‪ ،‬وعفدا عن أهلهدا برغم مدا فعلوه معده‪ .‬هكدذا‬
‫يكون الوفاء للوطن‪ ،‬وهكذا يكون الحب للوطن‪ ،‬وهكذا يس د د د د د ددلك المواطن الص د د د د د ددالح المحب‬
‫لوطنه والحريص على مصلحته والوفي له‪.‬‬
‫==========================================‬

‫‪43‬‬
‫أنشطة وتطبيقات‬

‫نشاط‬
‫مقاال في ص د د ددحيفة جامعة طيبة بعنوان‪" :‬وفاء النبي ﷺ لوطنه"‪ .‬فما‬
‫طلب منك أن تكتب ا‬
‫إذا ُ‬
‫هي العناصر التي تتناولها في مقالك؟‬

‫نشاط‬
‫تعاون مع زمالئك وبإش د د دراف أسد د ددتاذ المقرر في عمل خطة لتنمية قيمة تعظيم قدر النبي ﷺ‬
‫في جامعتك‪.‬‬

‫نشاط‬
‫ابحث في شبكة االنترنت ومكتبة جامعتك‪ ،‬واكتب في الجدول اآلتي صفات الرسول ﷺ‬
‫جدول رقم (‪)8‬‬
‫الصفات الجسدية‬ ‫الصفات االجتماعية‬ ‫الصفات األخالقية‬

‫‪44‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫قيمة األمانة العلمية‬

‫‪45‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫قيمة األمانة العلمية‬
‫بداية ال بد من التنويه إلى أن الحديث عن األمانة في هذا الفصد د د د ددل سد د د د ددوف يتم عبر‬
‫مسد د د د د د ددتويين‪ :‬أولهماا‪ ،‬األمداندة كمدا عرض لهدا الفكر اإلسد د د د د د ددالمي عمو امدا‪ .‬وثاانيهماا‪ ،‬األمداندة‬
‫العلمية التي سدديتم التركيز عليها باعتبارها قيمة جامعية مهمة يجب تجسدديدها في فضدداءات‬
‫عموما‪ ،‬وبخاصد د د د ددة في سد د د د ددلوك الطالب والطالبات‪ .‬وألن هذا الكتاب يسد د د د ددير وفق‬
‫ا‬ ‫الجامعة‬
‫منهجيدة محدددة في منداقشد د د د د د دتده للقيم الجدامعيدة من خالل مكوندات القيمدة‪ ،‬فدإن قيمدة األمداندة‬
‫ستتم مناقشتها من خالل مكوناتها المعرفية والوجدانية والسلوكية‪ ،‬وفيما يوتي توضيح لذلك‪.‬‬
‫أواال‪ :‬الم ون المعرفي لقيمة األمانة‪:‬‬
‫يشددمل هذا المكون المعارف والمعلومات النظرية التي تتصددل بقيمة األمانة بشددكل عام‬
‫واألمداندة العلميدة بشد د د د د د دكدل خداص‪ ،‬وعن طريق هدذا المكون يمكن تعليم هدذه القيمدة من حيدث‬
‫أهميتهددا وفوائدددهددا ومددا تدددل عليدده من معدداني مختلفددة ومتعددددة‪ ،‬وكددذلددك من دالالت تربويددة‪.‬‬
‫ومن هنددا يجددب تعليم الطلبددة مجموعددة من المعددارف عن قيمددة األمددانددة‪ ،‬وذلددك على النحو‬
‫اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬األمانة في الفكر اإلسالمي‪:‬‬
‫تُع ددد األم ددان ددة من أهم القيم اإلسد د د د د د ددالمي ددة التي تن دداولته ددا آي ددات كثير في القرآن الكريم‪،‬‬
‫وأحاديث نبوية شد د د د د د دريفة‪ .‬وقد أوالها علماء األخال أهمية كبيرة على مس د د د د د ددتوى بناء الذات‬
‫والشد د د د د د ددخصد د د د د د ديدة‪ .‬وعلى العكس من ذلدك "الخيداندة" التي تاعدد من الرذائدل األخالقيدة في واقع‬
‫اإلنسان وسلوكه االجتماعي‪.‬‬
‫كما تُعد األمانة أرس ددمال المجتمع اإلنس دداني‪ ،‬والس ددبب في ش ددد أواص ددر المجتمع وتقوية‬
‫الروابط بين أفراده‪ ،‬في حين أن الخيددانددة تُمز العالقددات االجتمدداعيددة جميعهددا‪ ،‬وتؤدي إلى‬
‫الفوضد ددى واالنهيار‪ ،‬ومن ثَ َّم تخريب األُطر اإلنسد ددانية والحضد ددارية في المجتمعات البشد درية‪.‬‬
‫فضد ادال عن أن األمانة من الصددفات التي تربط اإلنسددان مع هللا تعالى من جهة‪ ،‬وتربطه مع‬
‫ض د د دا ومع‬
‫غيره من أفراد البشد د ددر من جهة ثانية‪ ،‬ومن جهة ثالثة ترسد د ددم عالقته مع نفسد د دده أي ا‬
‫الطبيعة والبيئة كذلك‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫ومن اآليات التي تتحدت عن أهمية األمانة‪ ،‬ولزوم رعايتها في س د د د د د ددلوك اإلنس د د د د د ددان الفردي‬
‫واالجتمداعي‪ ،‬ندذكر قولده تعدالى‪ :‬وَالَّكنِنَُ ه لِكََمَكونَوُِها وَََهكِِّهِ َِاَانَ‪ .‬وقولده عز وجدل‪ :‬إانَّ الدَّكََ َكنَقمًكُ‬

‫أَن ُُؤَدهوا القكََ َمكو َنكوتِ إالَى أَهدِهَكو وَإاذَا ََََُتُ بََُِّ الاَّكوسا أَن َُحََُاا باكولق ََكِّلا‪ .‬مع التد ددوكيد ددد أن هد ددذه اآليد ددات‬
‫الكريمة ما هي إال أمثلة مختارة من كتاب هللا س د د د د ددبحانه وتعالى يتض د د د د ددح من خاللها أهمية‬
‫أساسيا من أركان تحقيق العدالة واألمن واالستقرار في المجتمع‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ركنا‬
‫األمانة التي تُعد ا‬
‫أما ما ورد من األحاديث الشد د د د د د دريفة عن النبي ﷺ فإنه يوض د د د د د ددح األهمية البالغة لهذه‬
‫القيمة‪ ،‬إذ وردت األمانة مرة بوصد د د د ددفها عالمة لإليمان‪ ،‬ومرة بوصد د د د ددفها سد د د د ددبب نيل الرز‬
‫والثروة والثقة وس د د د د د ددالمة الدين والدنيا والغنى وعدم الفقر وأمثال ذلك‪ ،‬وفيما يوتي نختار من‬
‫هذه الروايات الشريفة ما يتضمن هذه المعاني والمفا يم العميقة‪:‬‬
‫اان لِ َم ْن ال أَمااااَن َة َل ُة"‪( .‬اخرجه أبو داود في‬
‫في حديث عن النبي ﷺ أنه قال‪" :‬ال ِإيماا َ‬
‫سننه (‪ 250/3‬برقم ‪ ،)1387‬والترمذي في جامعه (‪ 447/7‬برقم ‪)639‬‬
‫وهكدذا نجدد من خالل اآليدات القرآنيدة واألحداديدث النبويدة الشد د د د د د دريفدة كي" اتخدذت قيمدة‬
‫األمانة درجة عالية من األهمية من بين التعليمات اإلسد ددالمية‪ ،‬وكذلك الصد ددفة التي تقع في‬
‫مقابل األمانة‪ ،‬أي الخيانة‪ ،‬ومدى إض د د درارها بدين اإلنسد د ددان وشد د ددخصد د دديته من موقع تخريب‬
‫اإليمان‪ ،‬وأنها تورت الشقاء والبعد عن هللا تعالى‪.‬‬
‫‪ -2‬مجاالت قيمة األمانة‪:‬‬
‫تدخل قيمة األمانة في ممارسددات اإلنسددان جميعها دون اسددتثناء‪ ،‬وقد أورد الكثير ممن‬
‫تندداولوا هددذه القيمددة بددالددد ارس د د د د د د ددة والبحددث مجدداالت األمددانددة نددذكر منهددا‪ :‬األمددانددة في الودائع‪،‬‬
‫واألمددانددة في األعراض ‪ ،‬واألمددانددة في العشد د د د د د درة الزوجيددة‪ ،‬واألمددانددة في األوالد‪ ،‬واألمددانددة في‬
‫المعدامالت‪ ،‬واألمداندة الوظيفيدة‪ ،‬واألمداندة في المجدالس‪ ،‬واألمداندة في القضد د د د د د دداء‪ ،‬واألمداندة في‬
‫أداء العمل وحفأ األسرار‪ ،‬واألمانة العلمية وغير ذلك من المجاالت‪( .‬الخطيب واألحمدي‪،‬‬
‫‪)62 ،2017‬‬
‫وبالتدقيق في المجاالت المذكورة نجد أن األمانة قاسددم مشددترك بين المجاالت جميعها‪،‬‬
‫دالحا إال بتجس دديدها في وجدانه‬ ‫مما يعني أن اإلنس ددان ال يرتقي إال بها‪ ،‬وال يكون مو ا‬
‫اطنا ص د ا‬
‫وسلوكه‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫‪ -3‬اآلثار اإليجابية لقيمة األمانة‪:‬‬
‫ال شد د د د د د ددك أن لقيمدة األمداندة أثر كبير في تقويدة النسد د د د د د دديج االجتمداعي‪ ،‬وتعزيز الوحددة‬
‫الوطنية في المجتمع‪ ،‬ألنه لوال وجود األمانة فإن المجتمع س د د دديتحول إلى مكان ال يطا وال‬
‫ُيحتمل العيش فيه‪ ،‬وس ددوف يس ددود قانون الغاب‪ ،‬ا‬
‫وبدال من أن تتكاتف القوى والطاقات على‬
‫مسدتوى بناء المجتمع والتصددي لتحديات الظروف القاهرة‪ ،‬فإن هذه القوى سدوف تتحرك في‬
‫الجهة المقابلة لتعميق األنانية واالنقسد ددام في المجتمع‪ .‬ويوضد ددح الجدول اآلتي بعض اآلثار‬
‫اإليجابية لألمانة‪( :‬العوا‪)62 ،1989 ،‬‬
‫جدول رقم (‪)9‬‬
‫يوضح اآلثار اإليجابية لقيمة األمانة‬
‫الهدو والس ينة‬ ‫الصدق‬ ‫المحبة‬
‫عد األمانة من أسااااااااباب كسااااااااب تدعو األمانة اإلنساااان إلل صااادق عندما تساااااود األمانة في المجتمع‬ ‫ُت ّ‬
‫أن صااااااااادق الحادياث وفي العاائلاةت فاإّنهاا تكون ساااااااااباباا‬
‫المحبة وتعميق أواصاااار الصااااداقة الحادياثت كماا ّ‬
‫ّ‬
‫الفكرية‬
‫ّ‬ ‫ألن لمزيد من الهدو والس ينة‬ ‫إن الخيااانااة يدعو اإلنساااااااااان إلل األمانةت ّ‬
‫بين األفرادت في حين ّ‬
‫ألن ماج ّارد احاتاماااااال‬
‫ُتاعاااا ّاد عااااااماالا لالاكاثايار مان الاجا ارئام صاادق الحديث نوع من األمانة في والاروح ّايااااةت ّ‬
‫البية وأشاا ا ال الخلل القولت واألمانة نوع من الصاااااااادق الخيااانااة ساااااااااي ون ماادعاااة للقلق‬
‫والحوادف السااا ّ‬
‫عاناااااد الانااااااست باحاياااااث‬
‫فإن والاخاو‬
‫االجتمااااعي‪ .‬ومذا طاااالعناااا وثاااائق في العملت وعلل قذا األساس ّ‬
‫أن الكثير قااتين الصااااااااافتين ترتبطاان بجاذر يعيشاااااااااون حاالاة من االرتباا في‬
‫المحاكم والسااجون لرأينا ّ‬
‫مرده إلل الخيانة‪ .‬مشاااااااااتار وُتاعاّباران عان وجاهايان عالقاتهم مع اآلخرين‪.‬‬ ‫من قذه الجرائم ّ‬
‫لعملة واحدة‪.‬‬

‫‪ -5‬أسباب تضييع األمانة‪:‬‬


‫عموما يجد أن هناك الكثير من س ددلوكيات الش ددباب تتنافى مع‬
‫ا‬ ‫المسد دتقرئ للواقع العربي‬
‫قيمة األمانة‪ ،‬ويعود ذلك إلى مجموعة من األس د د ددباب أهمها‪( :‬الخطيب واألحمدي‪،2017 ،‬‬
‫‪)55-54‬‬
‫‪ ‬الجهل بما ية األمانة ومعالمها وحقوقها‪ ،‬ألن األص د د ددل في األمانة أن اإلنس د د ددان يدركها‬
‫بدالفطرة‪ ،‬إذ ال يحق ألحدد أن يدوخدذ حاقدا ليس لده‪ ،‬بدل إن كدل الندان ملزمون برد الحقو إلى‬
‫أصحابها كما هي وبالطر الشرعية الصحيحة‪.‬‬
‫‪ ‬الغرائز غير الموجهة‪ ،‬وغلبة األهواء والش د د ددهواتت وحب الدنيا‪ ،‬التي تدفع بعض د د ددهم إلى‬
‫تغليبها استجابة لغريزة حب التملك‪ ،‬وحب االستئثار باألشياء واألموال‪.‬‬
‫‪ ‬عددم التفكير الجددي في نتدائج وعواقدب الخيداندة‪ ،‬وآثدارهدا السد د د د د د ددلبيدة على الحيداة المداديدة‬
‫والمعنوية لإلنسان‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫‪ ‬ضد د د د د د ددعف اإليم ددانت وتراجع عقي دددة التوحي ددد ق تع ددالى‪ ،‬وح دداكميت دده المطلق ددة على جميع‬
‫األشد د ددياء‪ ،‬فضد د د ادال عن تسد د ددلط حالة من الحرص والطمع على اإلنسد د ددان‪ ،‬والخوف الدائم من‬
‫الوقوع في الفقر‪.‬‬
‫‪ -6‬األمانة العلمية في فضا ات الجامعة‪:‬‬
‫ال ش د د د د د د ددك أن االمددانددة العلميددة في النقددل من أهم اخالقيددات البحددث العلمي‪ ،‬ممددا دفع‬
‫الجامعات إلى س د ددن القوانين الجامعية والمواثيق للحد من الس د درقات العلمية‪ ،‬وفرض د ددت على‬
‫الدرسد ددات السد ددابقة أن يكون ذو صد ددفات وضد دوابط علمية‬
‫الباحث األكاديمي عند تعامله مع ا‬
‫أخالقية‪ ،‬وأن يتحلى باألمانة العلمية في النقل من المص د د ددادر والمراجع‪ ،‬وكل االبحات التي‬
‫حصر وليس لشخص آخر‪.‬‬ ‫اا‬ ‫ساعدته ليقدم بحث أكاديمي يعود للباحث‬
‫ومن هنا يجب تعري" الباحثين األكاديميين على الممارسد د ددات المخالفة لألمانة العلمية‬
‫حتى ال يقعوا فيها أثناء إعدادهم لرسدائلهم أو أبحاثهم العلمية‪ ،‬والغرض من ذلك هو الحفاظ‬
‫على جودة مدا ينتجده البداحدث أو الددارن األكداديمي من أبحدات علميدة‪ ،‬وحتى ال يقع البداحدث‬
‫تحت طائلة القانون‪ .‬ومن صور الممارسات المخالفة لألمانة العلمية يمكن أن نذكر‪:‬‬
‫⚫ االنتحال واالستالل‪:‬‬
‫ُيقصد باالنتحال في اللغة العربية االدعاء‪ ،‬أي أن تدعي أنك صاحب معرفة هي ليس‬
‫لك بش ددكل مقص ددود أو غير مقص ددود‪ .‬ومعنى االنتحال في الد ارس ددات العلمية ال يختلف عن‬
‫معناه في اللغة العربية‪ ،‬إذ نجد أن االنتحال في االبحات العلمية هو اسد ددتخدام غير معترف‬
‫به ألفكار ونصوص وابداعات واختراعات اآلخرين‪ ،‬أي ادعاء شخص ما أو باحث أكاديمي‬
‫لمدا ليس لده من أعمدال أو أفكدار أو نصد د د د د د ددوص علميدة أو ابدداعيدة‪ ،‬دون أن ينسد د د د د د ددبهدا الى‬
‫أصحابها أو منتجيها بقصد أو دون قصد‪.‬‬
‫⚫ السرقة الفكرية‪:‬‬
‫السد د د د درقة الفكرية عمل ُمش د د د ددين للباحث األكاديمي فيما ينتجه من أبحات علمية وأو ار‬
‫بحثيدة جدديددة‪ ،‬كمدا تُعدد أحدد األخالقيدات السد د د د د د دديئدة الواجدب االبتعداد عن أوحدالهدا‪ ،‬وهي تعني‬
‫تبني أفكار ونماذج فكرية وعقلية خاصددة‪ ،‬وتضددمينها بصددورة واضددحة أو خفية في األعمال‬
‫والرسد د د د د د ددائدل األكداديميدة‪ .‬مع ملحوظدة أن مجدالس الدد ارسد د د د د د ددات العليدا في الجدامعدات العربيدة‬
‫واألجنبية تُحرم السد درقات الفكرية‪ ،‬وعقوبتها ال تقل عن عقوبة االنتحال أو السد درقات العلمية‬
‫المنظمة‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫من هنا يجب أن تعمل الجامعات والمؤسد دسد ددات التربوية والتعليمية على تعري" الطلبة‬
‫دلوكا يتنافى مع األمانة العلمية‪ ،‬ومن ثم حثهم‬
‫بالمخاطر التي تحدت لهم إذا ما س د د د ددلكوا س د د د د ا‬
‫على تجسيد قيمة األمانة العلمية في دراستهم الجامعية‪.‬‬
‫‪ -7‬األمانة العلمية في الدراسة الجامعية‪:‬‬
‫تتطلب الدراسة الجامعية اآلتي‪( :‬الخطيب واألحمدي‪)67-66 ،2017 ،‬‬
‫‪ ‬األمانة في الصد ددبر على العلم والمعرفة‪ ،‬وعدم اسد ددتعجال الحصد ددول على النتائج‪ ،‬سد دواء‬
‫أكانت شهادات‪ ،‬أم درجات‪ ،‬أم تقديرات ونحوها‪.‬‬
‫‪ ‬األمانة في تلقي العلم‪ ،‬وذلك باالبتعاد عن األس د دداليب والذرائع التي تض د ددعف التحص د دديل‬
‫العلمي كافة‪ ،‬أو تشوه التعلم‪ ،‬أو األداء العلمي في الجامعة‪.‬‬
‫‪ ‬األمددانددة في تجويدد العمددل األكدداديمي في الدددرن‪ ،‬والشد د د د د د ددرح‪ ،‬واالمتحددان‪ ،‬والتقويم‪ ،‬وفي‬
‫الواجبات‪ ،‬وفي المحافظة على المرافق التعليمية كافة‪.‬‬
‫‪ ‬األمانة في عدم التوثير على المعلمين‪ ،‬أو من في حكمهم بوي ص د ددورة من الص د ددور من‬
‫أجل الحصدول على منافع من أي نوع كان‪ ،‬ويندرج تحت ذلك الهدايا‪ ،‬والرشدوة‪ ،‬أو تصدوير‬
‫مشداهد مفبركة وتناقلها على مواقع التواصدل االجتماعي‪ ،‬أو حتى صدحيحة ألغراض اإلثارة‬
‫وتشويه المعلم أو المدرسة أو المدير أو المسؤولين داخلها أو خارجها‪.‬‬
‫‪ ‬األمانة في عدم سد درقة الملخص ددات وأعمال اآلخرين‪ ،‬أو الطلب من ش ددخص آخر إعداد‬
‫الواجبات‪ ،‬أو األبحات‪ ،‬أو الش د د ددراكة غير المش د د ددروعة في األعمال والمنش د د ددورات والمعارض‬
‫والمتطلبات الدراسية بونواعها‪.‬‬
‫‪ ‬األمانة في عدم إعداد ملخصددات ومختصدرات من شددونها أن تُضدديع حسددن االسددتفادة من‬
‫الكتدب والمراجع‪ ،‬أو تحجر على فكر المتعلم عندد حددودهدا‪ ،‬أو إعددادهدا بطريقدة تظهر فيهدا‬
‫أسئلة االمتحانات‪ ،‬أو إعدادها بغرض بيعها والتكسب منها‪.‬‬
‫‪ ‬األمانة في االلتزام واالنض د ددباط في حض د ددور الدرون في أوقاتها المحددة‪ ،‬وعدم تص د ددنع‬
‫األعدذار‪ ،‬أو إيجداد المبررات لعددم االلتزام‪ ،‬وعددم السد د د د د د ددعي للحصد د د د د د ددول على دعم األجهزة‬
‫اإلدارية والفنية من أجل إحقا باطل‪.‬‬
‫‪ ‬األمانة في عدم اإلساءة إلى المعلم بوي صورة من الصور‪ ،‬وبخاصة االعتداء الجسدي‬
‫والمعنوي‪ ،‬ويدخل في ذلك التشد د د ددهير به بالسد د د ددوء في فضد د د دداءات المجتمع المختلفة‪ ،‬أو عند‬
‫المسؤولين‪ ،‬أو الكتابة عنه في وسائل التواصل االجتماعي‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫‪ ‬األمددانددة في نبددذ كددل السد د د د د د ددلوكيددات التي تؤدي إلى إثددارة الفتنددة الطددائفيددة‪ ،‬أو القبليددة‪ ،‬أو‬
‫الشعوبية أو اإلقليمية‪ ،‬أو إثارة الفتن الدينية‪.‬‬
‫‪ ‬األمانة في عدم إصد د د د د دددار سد د د د د ددلوكيات تتنافى مع الوطنية‪ ،‬وحب الوطن‪ ،‬وحب النان‪،‬‬
‫والعدل والمساواة بين النان‪ ،‬أو رفع شعارات معادية‪ ،‬أو الترويج لضالالت معينة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الم ون الوجداني لقيمة األمانة‪:‬‬
‫ا‬
‫يش د د د ددمل هذا المكون االنفعاالت والمش د د د دداعر واألحاس د د د دديس الداخلية التي ال تظهر في‬
‫الس د د د د ددلوك‪ ،‬وعن طريقه يميل الفرد إلى قيمة معينة‪ .‬كما يتص د د د د ددل هذا المكون بتقدير القيمة‬
‫واالعتزاز بها‪ ،‬فض د د د د ادال عن أنه ُيش د د د ددعر الفرد بالس د د د ددعادة الختيار القيمة‪ ،‬ويعلن االس د د د ددتعداد‬
‫للتمسك بالقيمة على المأل‪.‬‬
‫ومن ثَ َّم فإن الحالة الوجدانية التي يجب أن يعيشدها الشداب الجامعي تجاه قيمة األمانة‬
‫يجب أن تظهر فيها المشداعر واألحاسديس والعواطف واالنفعاالت اإليجابية‪ ،‬التي تُمكنه من‬
‫إبعاد ضميره عن عثرات الشك والحيرة‪ ،‬والوقوع في مخاطر الخيانة‪ .‬مع ملحوظة أن التربية‬
‫الوجدانية تمثل إحدى الوس د د د ددائل التي تُس د د د ددهم في تعزيز قيمة األمانة‪ ،‬وذلك بتعميق اإليمان‬
‫با ‪ ،‬وض د د د د ددبط الغرائز غير الموجهة‪ ،‬وخلق ميول إيجابية نحو تُمثل قيمة األمانة بتجلياتها‬
‫كافة‪.‬‬
‫ومن الجددير بدالدذكر أن تكوين الوجددان األخالقي تجداه قيمدة األمداندة يمكن أن يتحقق‬
‫من خالل خلق االسد د د ددتعداد لدى الشد د د ددباب لالهتمام والعناية بقيمة األمانة‪ ،‬كون نخلق لديهم‬
‫الرغبدة في التعدامدل مع مدا يوكدل إليهم من واجبدات بدومداندة‪ ،‬أو أن نكون لدديهم االسد د د د د د ددتعدداد‬
‫واالهتمام بدروسهم‪.‬‬
‫كمددا أن تقويدة الوجددان األخالقي لددى الطلبددة يتطلددب االنتقددال بهم من االهتمددام بقيمدة‬
‫األمانة إلى المش د د د د دداركة اإليجابية والتفاعل مع الموقف التعليمي تفاعالا يتض د د د د ددح من خالله‬
‫ميول الطالب واهتمددامدداتهم بددالقيمددة‪ ،‬فددوهددداف التعلم في هددذا المسد د د د د د ددتوى تؤكددد على قبول‬
‫االسد د د د د ددتجابة‪ ،‬كالقيام ببعض األنشد د د د د ددطة اإلثرائية لموضد د د د د ددوع القيمة‪ ،‬ثم الرضد د د د د ددى والقناعة‬
‫باالس د د د د ددتجابة‪ ،‬كقراءة الطالب لقص د د د د ددة دينية تحمل في مض د د د د ددمونها جوانب مهمة عن قيمة‬
‫األمانة‪.‬‬
‫ومن آليات تقوية الوجدان األخالقي تجاه قيمة األمانة بناء نظام داخلي متماس د د د ددك لها‬
‫يربط بعضد د د ددها مع بعض‪ ،‬وعليه تتمثل نواتج التعلم هنا في تشد د د ددكيل مفا يم خاصد د د ددة بقيمة‬

‫‪51‬‬
‫األمداندة‪ ،‬مثدل إدراك كدل فرد لددوره في تنميدة اتجداهدات وعواطف إيجدابيدة نحو قيمدة األمداندة‪.‬‬
‫(العوا‪)80 ،1991 ،‬‬
‫كما أن مسدتوى تشدكيل الشدخصدية يمثل أعلى مسدتويات المجال الوجداني أو االنفعالي‪،‬‬
‫إذ يتم االهتمام هنا بتش د ددكيل صد د دفات الذات عند الفرد كوحدة متميزة عن غيره‪ ،‬يتض د ددح هذا‬
‫االتجداه في سد د د د د د ددلوك المتعلم‪ ،‬ويكون من نتدائج ذلدك تكوين أسد د د د د د ددلوب مميز لحيداتده‪ ،‬ويمكن‬
‫للمربي من خاللدده التنبؤ بنوعيددة السد د د د د د ددلوك الددذي يمكن أن يسد د د د د د ددلكدده المتعلم‪( .‬الخطيددب‪،‬‬
‫‪1408‬ه‪.)168 ،‬‬
‫ثال اثا‪ :‬الم ون السلوكي لقيمة األمانة‪:‬‬
‫هذا الجانب هو الذي تظهر فيه القيمة على أرض الواقع‪ ،‬فالقيمة تترجم إلى س د د د ددلوك‬
‫ظاهري عن طريق التفداعل‪ ،‬ومن ثَم فإن قيمدة األمانة أسد د د د د د ددلوب حيداة ألنهدا توجد في جميع‬
‫مجاالت الحياة كافة‪ ،‬وحيث وجد التص د ددرف اإلنس د دداني‪ :‬فالطالب في جامعته عليه أن يكون‬
‫أمينا في االلتزام واالنضباط في حضور الدرون في أوقاتها المحددة‪ ،‬وعدم تصنع األعذار‪،‬‬ ‫ا‬
‫أو إيجاد المبررات لعدم االلتزام‪ ،‬وعدم الس د ددعي للحص د ددول على دعم األجهزة اإلدارية والفنية‬
‫من أجل إحقا باطل‪.‬‬
‫وكددذلددك البدداحددث األكدداديمي عليدده أن يكون أمي ان دا فيمددا ينقددل أو يقتبس عن غيره من‬
‫معلومات‪ ،‬وأال يمارن أية ص د د ددورة من ص د د ددور الممارس د د ددات المخالفة لألمانة العلمية‪ .‬وهكذا‬
‫نس ددتطيع أن نعمم قيمة األمانة على مجاالت الحياة كافة‪ ،‬سد دواء في القض دداء أو المعامالت‬
‫أو البحث العلمي‪ ،‬أو العش د د درة الزوجية‪ ،‬أو األمانة الوظيفية وغيرها‪ ،‬ومن ثم يجب أن يوتي‬
‫منسجما مع ما حلل هللا‪ ،‬واالبتعاد عما حرم ونهى عنه‪.‬‬ ‫ا‬ ‫السلوك تجاه هذه القيمة‬
‫وهكذا نجد أن هذا المكون يتصد د ددل بممارسد د ددة القيمة أو السد د ددلوك الفعلي واألداء النفس‬
‫معتدال في المعاملة وتربية النفس على‬
‫ا‬ ‫دلوكا‬
‫حركي‪ ،‬ومن ثم يمكن أن يسد د د ددلك اإلنسد د د ددان سد د د د ا‬
‫األمانة من خالل مجموعة من األنشدطة الداعمة التي تُسداعد الشدباب الجامعي على السدلوك‬
‫الصحيح في المواقف المختلفة‪ ،‬نذكر منها‪( :‬الخطيب واألحمدي‪)72 ،2017 ،‬‬
‫دلبا‪ ،‬وطرح‬
‫إيجابا وس د د د ا‬
‫ا‬ ‫‪ ‬تحليل ود ارس د د ددة مواقف حياتية ذات ص د د ددلة بقيمة األمانة العلمية‪،‬‬
‫مخالفا لألمانة العلمية والعقوبات التي نالها‬‫ا‬ ‫وكا‬
‫أمثلة واقعية لس د ددلوك أش د ددخاص مارسد د دوا س د ددل ا‬
‫على المستوى العلمي واالجتماعي‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ ‬تدريب الذات المسد د د د د د ددتمر على ممدارسد د د د د د ددة قيمدة األمانة العلميدة‪ ،‬وتعويد النفس عليهدا‪ ،‬وربطها‬
‫بالمناشط العقلية والعاطفية‪.‬‬
‫‪ ‬السدعي لوضدع صديغة لترجمة قيمة األمانة العلمية إلى مؤشدرات سدلوكية تعكس دالالت تجسديد‬
‫السلوك في مجاالت األمانة كافة‪ ،‬وفي مقدمتها األمانة في ميدان الدراسة والبحث العلمي‪.‬‬
‫‪ ‬امتالك آليات التص د د ددحيح والتعديل للمس د د ددار عند حدوت إخفاقات في ممارس د د ددات قيمة األمانة‬
‫العلمية كالندم واالعتذار ونحوها (المحاسبة والتقويم المستمر)‪.‬‬
‫‪ ‬تعزيز الدافعية الداخلية والخارجية لممارسة قيمة األمانة العلمية‪ ،‬تعزيز مبدأ الرقابة‬
‫الذاتية في العمل بمقتضى قيمة األمانة العلمية‪.‬‬
‫‪ ‬تكرار السد د د د د د ددلوك وثبداتده في التطبيقدات اإليجدابيدة لقيمدة األمداندة العلميدة‪ ،‬أو في مجداالت األمدانة‬
‫األخرى‪ ،‬كاألمانة الوظيفية أو األمانة في المعامالت‪.‬‬
‫يتض ددح مما س ددبق أن تعميق روح األمانة في س ددلوك أفراد المجتمع والوقاية من الخيانة‬
‫ال يتس د ددنى إال في ظل آليات محددة منها التقوى‪ ،‬واإليمان‪ ،‬وااللتزام الديني واألخالقي‪ ،‬ألن‬
‫أحد أهم جذور وأس ددباب عدم األمانة هو ض ددعف اإليمان بقدرة هللا تعالى على مراقبة س ددلوك‬
‫البشد د د د د د ددر في السد د د د د د ددر والعلن‪ .‬لدذا فدإن تقويدة دعدائم اإليمدان في القلدب‪ ،‬وتعميق حدالدة التوكدل‬
‫واالعتمداد على هللا تعدالى‪ ،‬والثقدة بوعدده‪ ،‬تُعدد الركيزة والددعدامدة األولى لتعزيز قيمدة األمداندة‬
‫في الجامعة والمجتمع‪.‬‬
‫من جهة أخرى من األس د د د د ددباب والعوامل المهمة في الوقاية من التورط بس د د د د ددلوك ُينافي‬
‫األمداندة‪ ،‬التفكر في عواقبهدا السد د د د د د ددلبيدة في الددنيدا واآلخرة‪ ،‬ومدا يترتدب عليهدا من فضد د د د د د دديحدة‬
‫وحرمددان وزوال الثقددة ومدداء الوجدده أمددام الخلق والخددالق‪ ،‬ومن ثَ َّم االبتالء بددالفقر الددذي كددان‬
‫يس د ددعى باألس د ددان إلى الفرار منه‪ .‬ومن المعلوم أن التومل في هذه النتائج والعواقب الس د ددلبية‬
‫لسد ددلوك طريق الخيانة‪ ،‬سد ددوف يضد ددعف الدافع في اإلنسد ددان الرتكابها‪ ،‬ومن ثَ َّم االتجاه نحو‬
‫السلوك الصحيح الذي يعود بالخير العميم على اإلنسان والمجتمع‪.‬‬
‫=======================================‬

‫‪53‬‬
‫أنشطة وتطبيقات‬

‫نشاط‬
‫يوجاد الكثير من الطلباة من يعر أقمياة قيماة األمااناة العلمياةت لكناة ال ُيحسااااااااان اختياار‬
‫السلو اإليجابي لها‪ .‬ما تفسير لذلم؟‬
‫بعد مناقش ددة الس دؤال مع أس ددتاذ المقرر في المحاض درة طبق ما تعلمته من خالل المناقش ددة في‬
‫حقول الجدول اآلتي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪)10‬‬
‫تش يل قيمة األمانة عبر م وناتها (السلوكيت المعرفيت الوجداني)‬

‫الم ون السلوكي‬ ‫الم ون الوجداني‬ ‫الم ون المعرفي‬

‫موقف‬
‫قل ي في أن ُتصاادر الجامعة عقوبات صااارمة للحد من عدم األمانة العلمية؟ بين رأيم في‬
‫الحجج المقترحة‪:‬‬
‫منافيا لألمانة‬
‫ا‬ ‫⚫ نعم‪ :‬ألن العقوبات الصد د د د ددارمة رادع قوي لكل طالب ُيحاول أن يسد د د د ددلك سد د د د د ا‬
‫دلوكا‬
‫العلمية‪.‬‬
‫⚫ ال‪ :‬ألن العقوبات الصارمة تُصادر حق اإلنسان في التصرف‪.‬‬
‫⚫ نعم‪ :‬ألن العقوبات الصارمة أقوى وسائل الضبط في الجامعة‪.‬‬
‫⚫ ال‪ :‬ألن األمانة العلمية ترتبط بمدى وعي الطلبة بخطورة المشكلة‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫قطو إثرائية‬
‫الحارس المبار‬
‫حارس اا في بسااتان أحد األغنيا ت وظل في عملة فترة طويلة‬
‫ا‬ ‫تقيات وكان يعمل‬
‫االحا ا‬
‫رجال صا ا‬
‫كان "المبار " ا‬
‫حتل جا ه في يوم صااااحب البساااتان ومعة بعح أصاااحابةت وطلب صااااحب البساااتان من المبار أن يحضااار‬
‫لضاااااااايوفة بعح الثمرت ف حضاااااااار المبار بعح الثمر وقدمها للرجل وضاااااااايوفةت وكانت المفاج ة أنها كانت‬
‫ثمرا حام اضاا‬
‫عجا‪ :‬ما قذا يا رجل؟ أردت إحراجي أمام ضايفي فجلبت ا‬ ‫حامضاة كلها‪ .‬فقال صااحب البساتان منز ا‬
‫حامضااااا اا؟ فقال صااااااااحب البساااااااتان‪ :‬أال تعر الفرق بين الثمر‬
‫ا‬ ‫فقال المبار ‪ :‬وكيف لي ان أعر أن الثمر‬
‫الحامح والثمر الطيب؟ فقال المبار ‪ :‬نعم ال أعر يا سيديت فاستغرب صاحب البستان وقال‪ :‬تعمل كل قذه‬

‫المدة في البسااااااااتان وال تعر الفرق ألم ت كل ا‬


‫يوما من ثمره؟ فقال المبار ‪ :‬لم آكل من ثمر البسااااااااتان منذ‬
‫رد المبار‬
‫عملت يةت فلقد اساااتعملتني للحراساااة ولم ت ذن لي باألكل من ثمره‪ .‬فعجب صااااحب البساااتان من ّ‬
‫ومضل‪.‬‬
‫ولكن إجابات الحارس األمين أثرت في صااااحب البساااتانت فعمد الل جيران البساااتان يساا لهم عن المبار‬
‫خيرا وتكلموا في ورعة وتقواهت وبعد عدة أيام جا صاااااحب البسااااتان إلل البسااااتان وقال للمبار ‪:‬‬
‫ف ثنوا علية ا‬
‫إني مسااتنصااحم في أمر‪ .‬فقال المبار ‪ :‬وما قو؟ فقال‪ :‬صاااحب البسااتان‪ :‬لي ابنة شااابة حبيبة إلل قلبي قد‬
‫تكاثر خطابهات وال أعر من أزوجها‪ .‬فقال المبار ‪ :‬يا سيدي إن العجم يزوجون للجمالت ومن العرب يزوجون‬
‫للنسابت ومن المسالمين يزوجون للدينت فاختر لها ما شا ت‪ .‬فصامت الرجل برقة ثم قال‪ :‬وأنا سا زوجها للدين‬
‫وأخطبم أنت لهات فتزوجا وبار هللا لهما وأنجبا ول ادا نجيبا سااااااااامياه عبد هللات فكان (عبد هللا بن المبار ) من‬
‫مؤسسي علم الحديث‪.‬‬

‫‪ ‬ضع عنواانا آخر لهذه القصة‪.‬‬


‫‪ ‬بعد ق ار تم للقصة وضح ماذا يريد أن يقول كاتبها‪.‬‬
‫‪ ‬أكتب فقرة واحدة ب سلوبم عن اقتران سلو الطالب الجامعي باألمانة العلمية‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫الفصل الخامس‬
‫قيمة البحث عن الحقيقة (حب المعرفة)‬

‫‪56‬‬
‫الفصل الخامس‬
‫قيمة البحث عن الحقيقة (حب المعرفة)‬
‫يرى الش د دداعر األلماني "غوته" أن حب المعرفة ش د ددرط لتحص د دديلها‪ ،‬وأن الفرد ال ينخرط‬
‫داعا إال بقدر ح لبه لها وانفعاله من أجلها‪ .‬مع ملحوظة أن‬ ‫في معرفة شد د د د دديء ما عماقا واتسد د د د د ا‬
‫"غوتده‪ :‬ال ي َّددعي أن معدارفده العميقدة والمتنوعدة هي نتيجدة لموهبتده الكبيرة أو ذكدائده الخدار ‪،‬‬
‫بل إنها تعود إلى اهتمامه بالمعرفة بسددبب ح لبه العميق لها‪ .‬لذلك فالحب عنده الزم المتالك‬
‫القدرة على اإلبداع والتفكير والعمل‪.‬‬
‫ومن الجدددير بددالددذكر أن "غوتدده" ليس هو الوحيددد الددذي يربط بين الحددب والمعرفددة‪ ،‬فقددد‬
‫توصل "ماكس فيبر" إلى المعنى ذاته‪ ،‬إذ يرى أن االنفعال من أجل المعرفة وممارستها عن‬
‫هوى وتفان م ل‬
‫تحمس د د د ددين هما ش د د د ددرطان لتحص د د د دديلها (بو بكري‪ ،2015 ،‬ش د د د ددبكة االنترنت)‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وانطالاقا مما قاله "غوته" و"ماكس فيبر" عن عالقة الحب بالمعرفة سوف نتناول هذه القيمة‬
‫عبر مكوناتها الثالثة المعرفية والوجدانية والسلوكية‪.‬‬
‫أواال‪ :‬الم ون المعرفي لقيمة البحث عن الحقيقة (حب المعرفة)‪:‬‬
‫يشمل هذا المكون المعارف والمعلومات النظرية التي تتصل بقيمة حب المعرفة‪ ،‬وعن‬
‫طريقده يمكن تعليم هدذه القيمدة‪ ،‬من حيدث أهميتهدا وفوائددهدا ومدا تددل عليده من معداني مختلفدة‬
‫ومتعددددة‪ ،‬وكددذلددك من دالالت تربويددة‪ .‬ومن هنددا يجددب تعليم الطلبددة مجموعددة من المعددارف‬
‫عن قيمة حب المعرفة‪ ،‬وذلك على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬المعنل الفلسفي لقيمة حب المعرفة‪:‬‬
‫تُعدد قيمدة البحدث عن الحقيقدة أو حدب المعرفدة من القيم الفلسد د د د د د ددفيدة المهمدة‪ ،‬التي تددفع‬
‫طا‬
‫اإلنس د د د ددان إلى االهتمام بكش د د د ددف الحقائق من خالل بحثه عنها‪ ،‬وهي في ذلك تُعد نش د د د ددا ا‬
‫للوعي‪ ،‬ألنهددا تجعددل لدددى ص د د د د د د دداحبهددا اتجددا اهدا واع ايدا من العددالم المحيط بدده‪ ،‬فهو يوازن بين‬
‫األش ددياء على أس ددان ماهيتها‪ ،‬كما أنه يس ددعى إلى معرفة العلل واألس ددباب األولى من خالل‬
‫البحث عن س د د ددلس د د ددلة من األس د د ددباب‪ .‬وتتكون قيمة حب المعرفة لدى الفرد منذ بداية معرفته‬
‫بالعالم المحيط به من خالل التمييز بين سد د د دؤالين أسد د د دداسد د د دديين‪ :‬أولهما‪" ،‬لماذا" وهو سد د د دؤال‬
‫الفلسفة الخالد‪ .‬وثانيهما‪" ،‬كي"" وهو سؤال العلوم الفيزيائية والبيولوجية‪.‬‬
‫ثم تتجدده هددذه القيمددة إلى النمو من خالل المعلومددات والحقددائق التي يحص د د د د د د ددل عليهددا‬
‫اإلنسد د د د د ددان‪ ،‬ومن ثم ترتبط تلك القيمة بمهارتين أسد د د د د دداسد د د د د ديتين هما‪ :‬مهارة القراءة‪ ،‬ثم مهارة‬

‫‪57‬‬
‫اسد د د د د د ددتخددام منهج في التفكير‪ ،‬أي قددرة الدذهن على التعدامدل والتفداعدل مع الظواهر المختلفدة‪.‬‬
‫مع ملحوظة أن قيمة حب المعرفة أو البحث عن الحقيقة هي قيمة فلسد د ددفية مهمة ذلك أن‬
‫موضد ددوع الفلسد ددفة يسد ددتند إلى البحث عن الحقيقة وحب المعرفة‪(Club of Amsterdam, .‬‬
‫‪)2009,8‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن الوص د ددول إلى الحقيقة التي نبحث عنها‪ ،‬والتي تتعلق بمش د ددكلة‬
‫أمر صد د د د د د ددع ابدا وذلدك لكثرة الحقدائق التي يددعيهدا الندان‪ ،‬ولنددرة االتفدا على مدا‬
‫أو قضد د د د د د ديدة اا‬
‫يتوصلون إليه من حقائق‪ ،‬وبخاصة في العلوم اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ -2‬مراحل تطور المعرفة البشرية‪:‬‬
‫جاء اهتمام الفالسد د د ددفة وتركيزهم على توثيق المعرفة وأسد د د ددبابها وأنواعها وتطورها كونها‬
‫أساسيا من مباحث الفلسفة العامة‪ .‬ومما يستحق التنويه هنا أن المعرفة البشرية مرت‬
‫ا‬ ‫مبحثاا‬
‫عبر تاريخها بمراحل كثيرة يمكن تلخيصها بالمراحل الثالت الموضحة في الجدول اآلتي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪)11‬‬
‫يوضح مراحل المعرفة‬
‫مرحلة العلوم التجريبية‬ ‫مرحلة الفلسفة النظرية‬ ‫المرحلة الحسية‬
‫اتضااااااا احات النزعاة الحسااااااا اياة في ترجع جااااذور قااااذه المرحلااااة إلل تبدأ بعصااااار النهضاااااة (‪– 1300‬‬
‫الفلسااااااااافااااة الحاا اديثااااة علل يااااد الحضاااااااااارات القاديماة المعروفاة في ‪1600‬م) حاياااااث ظاهاار الاماانااهاج‬
‫بي ون‬ ‫االنكليزي "جون لو " بالد مااا بين النهرين ووادي النياال التجريبي عند الفيلساااااااااو‬ ‫الفيلساااااااو‬
‫الذي شبة العقل اإلنساني بصفحة والحضارة اليونانيةت غير أن أوضح ومنهج الشاااااااااام عناد دي اارتت ثم‬
‫الحقاا اا عنااااد‬
‫بيضا تتلقل معارفها خالل عملية بدايات المعرفة النظرية (الفلسااااافة) تطور قااااذا المنهج ا‬
‫الخابارة والتاجارباااااة التاي يمار بهاااااا كاااااناااات موجودة في الحضااااااااااااارة أصااااحاب المدرسااااة العقلية ليعر‬
‫يمااا بعااد باااسااااااااام منهج البحااث‬ ‫اليونانية التي ترتد في ماضيها إلل‬ ‫العقل‪.‬‬
‫ااساااا اا علل‬
‫أما في الفلسااااااافة المعاصااااااارة فقد طاااليس (‪ 585‬ق‪ .‬م) (ت ثم تمتااد العلمي الذي يقوم أسااااا ا‬
‫أن "الح م قذه الحقبة لتشامل ظهور الفلسافة الاافااح اص الااتااجاارياابااي لاالااظ اواقاار‬
‫أشااااااااااار "كونادياا " إلل َّ‬
‫والتفكير والرغبااااات واألقوا كاااال اإلسااالمية وأعالمها البارزين أمثال الطبيعيةت إذ تطورت علل أثر ذلم‬
‫مرور بالعصااور المعار والعلوم والمجتمع البشاري‬
‫اا‬ ‫ذلم ليس ساااوى اإلحسااااس نفساااة الكندي وابن سااينا‬
‫عنااااد تغيره علل أوجااااة مختلفااااة" الوساااااااااطل المسااااااااايحياة وقي فترة بصااااورة عامة‪( .‬الظاقرت ‪2009‬ت‬
‫(الااعااوات ‪273‬ت‪ .)1993‬وق ا اااااذا تميزت بسايطرة الكنيساة علل الفكر ‪)76‬‬
‫يتضاااااااااح أن الواقع الحساااااااااي قو والحيااااة في أورباااات وتنتهي قاااذه‬
‫مصاااادر من مصااااادر المعرفة لدى الفترة عند بداية عصاااار ما يساااامل‬
‫بعصر النهضة في حدود (‪–1300‬‬ ‫الكثير من المفكرين والفالسفة‪.‬‬
‫‪1600‬م)‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫‪ -3‬نظريات الحقيقة (حب المعرفة) عند الفالسفة‪:‬‬
‫توجدد نظريدات عدديددة للحقيقدة أو حدب المعرفدة لددى الفالسد د د د د د دفدة نعرض بعضد د د د د د دهدا في‬
‫الجدول اآلتي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪)12‬‬
‫يوضح نظريات الحقيقة عند الفالسفة‬
‫النظرية البرجماتية في الحقيقة‬ ‫نظرية الترابط‬ ‫نظرية التطابق‬
‫تعني قذه النظرية عند أصااااااحابها الترابط يعني أن العبارة أو القضاية يؤكد "وليم جيمس"ت و"جون ديوي"‬
‫أن ماا قو حقيقي قو ماا يتطاابق تكون صاااااحيحة إذا كانت تنساااااجم و"فريدريم شاااااايلر" علل أن معيار‬
‫مع حقاااائق أخرى م ررة من قبااال الحقيقاة الوحياد قو معياار النجااح‬ ‫مع واقع موضوعي‪.‬‬
‫العمليت أي أن معيااااار الحقيقااااة‬ ‫مع معرفتنا ك ل‪.‬‬ ‫مثال‪:‬‬
‫ياتاوقاف عالال الاناتاااااائاج الاعامالاياااااة‬ ‫القول ب ن الكتاب علل المنضاااادةت مثال‪:‬‬
‫موجودا بااالفعاال نجاد في ميادان الريااضااااااا اياات في المربحاة التي تؤدي إليهاا‪ .‬فاالعباارة‬
‫ا‬ ‫فااإذا كااان الكتاااب‬
‫مساتمدا من صااااااااحيحة في نظر البرجماتية إذا‬
‫ا‬ ‫علل المنضاااااادة أمامي فهذا القول قندساة إقليدس نسااقا‬
‫حاقاياقايت أي ُياعاّبار عان حاقاياقاااااة الحدس‪ .‬أي يساااتنتج بقية قضاااايا كاااااانااااات ُتاعابار عان واقاع وتاحاقاق‬
‫منطقيا وعلل نحو محتوم‪ .‬النتائج المتوقعة‪.‬‬ ‫ا‬ ‫موضاااااااوعيةت وذلم من طبيعة أي النسق‬
‫عبااااارة أو جملااااة خبريااااة إذ إن فااالترابط قنااا قو المعيااار الوحيااد ياقاول "ولايام جاياماس" ماعاب اارا عان‬
‫تصااااااديقها ي ون بتصااااااديق الخبر للحقيقاةت فاالعباارة ال تكون بااطلاة ذلاام‪" :‬إن الحقيقي ليس ساااااااااوى‬
‫الاذي ورد فيهاا حينماا يتطاابق مع إال إذا لام تاتاكاااااامااااال ماع ماجاماوع النافع الموافق المطلوب في ساابيل‬
‫تفكيرنا ومسلكنا‪.‬‬ ‫معرفتنا أو اعتقادنا‪.‬‬ ‫الواقع المادي الملموس أمامي‪.‬‬
‫بنا علل منطق قذه النظريات يم ن اختبار صحة أي حقيقة في ضو الشروط اآلتية‪:‬‬
‫⚫ إذا أم ن من التحقق الحسي بيان أن القضية تطابق الواقع الموضوعي‪.‬‬
‫⚫ إذا كانت تترابط مع كل معارفنا وحقائقنا األخرى‪.‬‬
‫⚫ إذا استطعنا بسلوكنا علل أساسها تحقيق النتائج المتوقعة‪.‬‬

‫‪ -4‬مصادر المعرفة‪:‬‬
‫تنوعت مص د د د د ددادر المعرفة وتعددت في العص د د د د ددر الحالي الذي ُيعد عص د د د د ددر االنفجار‬
‫المعرفي‪ .‬ومن هذه المصادر نذكر‪:‬‬
‫⚫ اإلنسان‪:‬‬
‫أثبت اإلنس د د د د ددان في العص د د د د ددور كافة أنه األكثر قدرة على االبتكار واإلبداع‪ ،‬إذ تجلى‬
‫إبداعه عبر عص ددور تاريخية مهمة حددها "‪ "Tofler‬في كتابه "حض ددارة الموجة الثالثة" وفق‬
‫نموذج الموجات الثالت التي كان أولها موجة الثورة الزراعية قبل عشرة آالف سنة‪ ،‬وثانيها‬
‫موجة الثورة الصددناعية التي بدأت (قبل ثالثمائة سددنة)‪ ،‬في حين تمثلت الموجة الثالثة بثورة‬

‫‪59‬‬
‫المعلومات التي لم تكتمل بعد (توفلر‪.)18 –1990،17،‬‬
‫⚫ ِفَرق العمل‪:‬‬
‫يقصد د د د د د ددد بهم مجموعدة من العداملين ضد د د د د د ددمن مجدال وظيفي معين أو مجداالت مختلفدة‪،‬‬
‫يتميزون بق دددرات إب ددداعي ددة ويعملون م اع دا البتك ددار مع ددارف ج دددي دددة في مج ددال عملهم‪ ،‬ويع ددد‬
‫أصلو لفكرة فر العمل‬ ‫"‪ " Ben Wood‬الذي كان مساعدا لد د د د د د د "ثورانديك" من أشهر الذين َّ‬
‫متميز لحركة‬
‫اا‬ ‫قائدا‬
‫البحثية إذ أشدرف على العديد من الد ارسدات ومشدروعات البحوت‪ ،‬وكان ا‬
‫البحث العلمي من أجل إنتاج المعرفة (فان دالين‪.)24،2003،‬‬
‫⚫ البحوف والدراسات‪:‬‬
‫مهما إلنتاج المعرفة‪ ،‬إذ تُس ددهم في إيجاد معرفة‬
‫ددر ا‬
‫تُعد البحوت والد ارس ددات العلمية مص د اا‬
‫جديدة يكون لها أثر فعال في تطوير أنشدطة المؤسدسدات المختلفة‪ ،‬كما هو الحال في الدول‬
‫المتقدمة التي تعتمد في بناء اقتصادها على إنتاج المعرفة في المجاالت العلمية المختلفة‪.‬‬
‫‪ -5‬خصائص المعرفة‪:‬‬
‫در على أسد د د د ددلوب إدارتها‬
‫توثير مباشد د د د د اا‬
‫إن للمعرفة مجموعة من الخصد د د د ددائص التي تؤثر اا‬
‫والتع د ددام د ددل معه د ددا‪ ،‬كم د ددا تؤثر على فرص نج د دداح أي برن د ددامج إلدارة المعرف د ددة‪ ،‬ومن ه د ددذه‬
‫الخصائص‪:‬‬
‫⚫ ذاتية المعرفة‪:‬‬
‫بما أن المعرفة نتاج تفاعل اإلنس ددان مع المعلومات‪ ،‬فإنها تتوثر بعمق بخلفية الش ددخص‬
‫الدذي يتعداطى معهدا‪ ،‬وكدذلدك بدالسد د د د د د ديدا الدذي يتم فيده تنداول هدذه المعلومدات‪ ،‬ومن هندا فدإن‬
‫مكونات المعرفة وتوويلها وتفسد دديرها يخضد ددع للمؤثرات الشد ددخصد ددية‪ .‬مع ملحوظة أن المعرفة‬
‫الذاتية تكمن في عقل صد د د دداحبها لتشد د د ددكل اقتناعاته وخياراته وأنماط تفكيره‪( .‬علي‪،2009 ،‬‬
‫‪.)93‬‬
‫⚫ قابلية المعرفة لالنتقال‪:‬‬
‫دلوبا‬
‫إن هذه الخاص د د ددية في المعرفة ظاهرة للعيان‪ ،‬فالش د د ددخص في عمله قد يجرب أس د د د ا‬
‫معي اندا في تنفيدذ مهمدة مدا‪ ،‬فدإذا نجح في ذلدك فدإنده يفكر تلقدائ ايدا في إمكدانيدة نقدل هدذه المعرفدة‬
‫إلى مهمة أخرى‪ ،‬وقد عبرت نظرية التعميم في علم النفس عن هذه الخاصية عندما أشارت‬
‫إلى أن "االنتقال يحدت حين يتعلم شد د د د ددخص ما مبدأ أو فكرة في وضد د د د ددع ما‪ ،‬ثم يتمكن من‬
‫مفهوما في الوض ددع األول ويرى‬
‫ا‬ ‫تطبيقه في وض ددع أخر‪ ،‬وبص ددورة خاص ددة فإن المتعلم يتعلم‬

‫‪60‬‬
‫أن هذا المفهوم يمكن أن ُيسد د د د ددهم في الوضد د د د ددع الثاني فيطبق المفهوم على الوضد د د د ددع الثاني‬
‫ويحسن فهمه (عاقل‪.)1985،284،‬‬
‫⚫ الطبيعة المخفية للمعرفة‪:‬‬
‫من المعلوم أن المعرفة تتولد في عقل اإلنسد د د ددان وليس على الور أو أي مكان آخر‪،‬‬
‫لهذا السد د ددبب كان حوار سد د ددقراط مع تالميذه ال ينصد د ددب على موضد د ددوع معين‪ ،‬وينما ليجعل‬
‫الفكر أكثر قددرة على التفكير أو اإلبدداع أو اسد د د د د د ددتخراج معرفدة جدديددة‪ ،‬ومن ثَ َّم فدإن فهم هدذه‬
‫الخاص د ددية للمعرفة غاية في األهمية لنجاح أي برنامج للمعرفة‪ ،‬فض د د ادال عن تحديد أس د دداليب‬
‫الئمة السدتخراج الممكن من هذه المعرفة المضدمرة‪ ،‬كما فعل سدقراط في حواره مع تالميذه‬ ‫م ٍ‬
‫ُ‬
‫(الجيوشي‪.)1999،11،‬‬
‫⚫ قابلية المعرفة للمشاركة‪:‬‬
‫تتميز المعرفة عن غيرها من الثروات بون المشدداركة فيها ال تُنقصددها‪ ،‬فالشددخص الذي‬
‫ظا بها‪ ،‬باإلض د ددافة إلى أنه ينقلها إلى غيره‪ ،‬بل‬
‫يمتلك المعرفة ويش د ددارك بها غيره يبقى محتف ا‬
‫أكثر من ذلك أن المشاركة المعرفية بين األنا واآلخر سوف تضي" قيمة جديدة لمعرفة كل‬
‫منهما‪( .‬اليونسكو‪.)189 ،2002 ،‬‬
‫⚫ المعرفة ليست ثابتة‪:‬‬
‫إن قيمة المعرفة وأهميتها ليس ددت ثابتة مع الزمن بل هي عرض ددة للتغير والزوال مع مرور‬
‫الوقت‪ ،‬والس د دديما في المجال الص د ددناعي التي تعمل فيه ش د ددركات كبيرة وتتنافس في بيئة عالمية‬
‫مفتوحدة‪ ،‬ممدا يعني أن السد د د د د د ديدا بين المتندافس د د د د د ددين في مجدال امتالك التقنيدات الجدديددة واختراع‬
‫تقنيات إض ددافية يمكن أن يحقق تنافس ددية عالية وربحية كبيرة نتيجة تغير المعرفة وظهور معرفة‬
‫جديدة‪( .‬توفلر‪.)27 ،1990 ،‬‬
‫⚫ التجديد واالستمرارية‪:‬‬
‫إن المعرفة تتراكم وتتفاعل مع معطيات معرفية أخرى تتولد عنها معرفة جديدة تتسد د د د د د ددم‬
‫باإلبداع واالبتكار‪ ،‬وهذه المعرفة بدورها تتفاعل مع المعطيات واألحدات الجارية على أرض‬
‫الواقع مما يعطيها خاصية االستم اررية والتجدد‪ .‬وهذا يعني أن المعرفة فعل إنساني مستمر‪،‬‬
‫وأن هذا الفعل أدى إلى تراكم المعرفة وانتقالها من جيل إلى آخر بشد د د د ددكل يعطي اإلنسد د د د ددان‬
‫القدرة على البقاء وتوليد المعرفة الجديدة‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ -6‬أنماط المعرفة‪:‬‬
‫ط دا معينددة تب اع دا‬
‫نتيجددة التحوالت الكثيرة على صد د د د د د ددعيددد العلم فقددد اتخددذت المعرفددة أنمددا ا‬
‫للعوامل والظروف التي أحاطت بالمجتمع العالمي‪ ،‬ومن هذه األنماط ما يوتي‪:‬‬
‫⚫ نمط المعرفة السياسية‪:‬‬
‫توثرت المعرفة بالتحوالت السد ددياسد ددية في عصد ددر العولمة‪ ،‬وكان من أهم مالمحها رفع‬
‫شد ددعارات الديمقراطية والتعددية الفكرية والسد ددياسد ددية‪ ،‬واحترام حقو اإلنسد ددان‪ ،‬وسد ددعي معظم‬
‫دول العالم إلى تحقيق المزيد من المشدداركة السددياسددية واالقتصددادية واالجتماعية في مقدرات‬
‫حيداتهدا‪ ،‬والحصد د د د د د ددول على حقوقهدا في الحريدة بكدامدل جوانبهدا ومنهدا حريدة التعليم والعمدل‪.‬‬
‫(نوفل‪)187 ،1985 ،‬‬
‫⚫ نمط المعرفة التكنولوجية‬
‫جاء انتشد د د ددار تقنيات النشد د د ددر االلكتروني ليخدم ظاهرة اتسد د د دداع حيز المعرفة البش د د د درية‬
‫وتش ددعب فروعها‪ ،‬وحتى في مجاالت نقل وتبادل المعرفة‪ ،‬عبر مؤس دس ددات التعليم الجامعي‪،‬‬
‫صد د ددار معروافا أنه في أحسد د ددن الظروف واإلمكانات ال يتمكن الطالب من أكثر من (‪)%20‬‬
‫من مجال تخص دص دده المعرفي‪ ،‬وأن مس ددؤولية المتابعة واالس ددتزادة بعد تخرجه س ددوف تتم من‬
‫خالل التكنولوجيا الحديثة‪ .‬وهذا يعني أننا أمام انفجار معرفي لم تعد الوسدائل التقليدية قادرة‬
‫على مجارات ه‪ ،‬مما يفرض علينا التمكن من المهارات التي تسد د د د دداعد في اسد د د د ددتخدام التقنيات‬
‫الحديثة لمجاراة ما يسدتجد من معارف جديدة أصدبح من الثابت أن الحصدول عليها ال يكون‬
‫بوسائل تقليدية (بشارة‪.)79 ،2004 ،‬‬
‫⚫ نمط المعرفة الثقا ية‪:‬‬
‫تُعدد الثقدافدة بمدا تتضد د د د د د ددمنده من أفكدار ومعدان وقيم ورموز وتنظيم للعالقدات من القنوات‬
‫المهمة في عملية التواص ددل وس ددبل التفاهم داخل الفض دداءات االجتماعية‪ ،‬ولهذا فإن المعرفة‬
‫الثقافية كوسد د د ددلوب حياة تُعد من أهم الطر التي يمارن جميع النان من خاللها طقوسد د د ددهم‬
‫االجتماعية اليومية مثل‪ :‬آداب الموكل والمش د ددرب والملبس‪ ..‬كما ُينظر إليها كإرت مش د ددترك‬
‫من الدذكريدات والعدادات التداريخيدة المنقولدة بشد د د د د د دكدل رئيس عبر اللغدة‪ ،‬فضد د د د د د د ادال عن تجليدات‬
‫المعرفددة الثقددافيددة في التعبيرات الخالقددة في المجتمع‪ ،‬والتي تتجس د د د د د د ددد في هندددس د د د د د د ددة البندداء‬
‫والموسيقى والعلوم والمؤسسة التعليمية والفنون الشعبية‪.)Frye,1990,25( ،‬‬

‫‪62‬‬
‫⚫ نمط المعرفة العلمية‪:‬‬
‫يرى " أوغسد د د د د د ددت كوندت " أن المعرفدة العلميدة جداءت في مرحلدة متدوخرة من تطور العقدل‬
‫طا‬
‫علميا‪ ،‬ويربط تلك الظاهرات رب ا‬
‫دير ا‬‫اإلنس د د د دداني‪ ،‬حين اس د د د ددتطاع أن يفس د د د ددر الظاهرات تفس د د د د اا‬
‫يبيا يعتمد المالحظة المنظمة للظاهرات‬
‫طابعا تجر ا‬ ‫دوعيا‪ ،‬مما جعل من المعرفة العلمية ا‬ ‫موض د د د ا‬
‫وأسد ددا اس د دا لوضد ددع الفروض والتحقق منها بالتجربة‪ ،‬وتجميع البيانات وتحليلها‪ ،‬كما أن المعرفة‬
‫العلمية ال تقف عند المفردات الجزئية التي يقوم اإلنسددان ببحثها‪ ،‬بل تتجاوز ذلك حتى يصددل‬
‫إلى قوانين ونظريات عامة تربط هذه المفردات بعضد د ددها ببعض‪ ،‬وتمكنه من التنبؤ بما يحدت‬
‫للظاهرات المختلفة تحت ظروف معينة (جيدوري وآخرون‪.)32 ،2018 ،‬‬
‫⚫ نمط معرفة اإلنسانيات‪:‬‬
‫يوتي في مقدمتها علم اللغة‪ ،‬الذي ُيعد الركيزة األس د دداس د ددية لفروع اإلنس د ددانيات األخرى‪،‬‬
‫التي تشمل علم االجتماع‪ ،‬وعلم اإلناسة (األنثروبولوجيا)‪ ،‬وعلم التاريك‪ ،‬والجغرافيا البشرية‪،‬‬
‫فاللغة ترتبط بعالقات وثيقة مع الفلسفة والعلوم اإلنسانية والطبيعية‪ ،‬وكذلك الفنون بونواعها‪.‬‬
‫⚫ نمط معرفة الخبرة العملية‪:‬‬
‫وهي المعرفة الحسد د ددية المباش د د درة‪ ،‬ومعرفة الخبرات العملية‪ ،‬وممارسد د ددات الحياة اليومية‪،‬‬
‫وهي المعرفة التي يلجو إليها الفرد العادي لفهم واقعه‪ ،‬وحل ما يواجهه من مشدداكل‪ ،‬وتفسددير‬
‫ما يعترض دده من ظواهر‪ .‬إن هذه المعرفة العملية الدارجة هي التي أبدعت الفلكلور واألمثال‬
‫الشددعبية الشددائعة‪ ،‬والموسدديقى الشددعبية والحرف اليدوية‪ ،‬وهي معرفة فشددل حتى اآلن اقتصدداد‬
‫عصر المعلومات في تحديد ملكيتها وحماية حقو مالكيها‪.‬‬
‫‪ -7‬دورة المعرفة‪:‬‬
‫ُيقصددد بدورة المعرفة العمليات األسدداسددية التي تقوم بها المجتمعات الكتسدداب المعرفة‪،‬‬
‫وهي‪:‬‬
‫⚫ توليد المعرفة الجديدة‪:‬‬
‫حيدث تنطلق المعرفدة من التفداعدل بين الحقدائق والمعدارف المتوافرة من جهدة‪ ،‬وبين عقدل‬
‫اإلنس د د د د ددان وقدرته على التفكير واإلبداع من جهة أخرى‪ ،‬وال ش د د د د ددك أن العطاء المعرفي لهذا‬
‫التفدداعددل محكوم بددالبيئددة المحيطددة بدده‪ .‬فددالبحددث العلمي الددذي ُيعددد من األمثلددة المهمددة لهددذا‬
‫التفداعدل يحتداج إلى بيئدة علميدة منداسد د د د د د دبدة كي ُيقددم العطداء المعرفي المدومول‪ ،‬وينطبق هدذا‬
‫أيضا على نواحي اإلبداع المعرفي المختلفة األخرى‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫ومن الجددير بدالدذكر أن الطر المتبعدة في توليدد المعرفدة تلجدو إلى اسد د د د د د ددتغالل المعرفدة‬
‫القائمة في توليد معرفة غير مسددبوقة‪ ،‬كما يتم توليد المعرفة من خالل مشدداركة فر العمل‪،‬‬
‫وجماعات العمل الداعمة لتوليد رأن مال معرفي جديد في قض د د ددايا وممارس د د ددات تُس د د ددهم في‬
‫تعري" المشكالت وييجاد الحلول لها بصورة ابتكاريه مستمرة‪.‬‬
‫⚫ نشر المعرفة‪:‬‬
‫ُيعد التعليم وسدديلة لنشددر المعرفة وتوهيل اإلنسددان لألعمال الذكية التي تتضددمن التعامل‬
‫مع المعارف بكفاءة‪ ،‬وتشددكل مسددولة نشددر المعرفة محطة أسدداسددية من محطات دورة المعرفة‬
‫الثالت التي يجدب االهتمدام بهدا وتحسد د د د د د ددين أدائهدا من أجدل تطوير مجتمع المعرفدة‪ ،‬وتعزيز‬
‫قدرته على العطاء (بكري‪)33 ،2005 ،‬‬
‫كما ُيعد النش د د ددر االلكتروني بودواته المختلفة وس د د دديلة مهمة لنش د د ددر المعرفة تس د د ددتخدمها‬
‫الكثير من الدددول المتقدددمددة‪ ،‬فقددد قلدت أهميددة الطبدداعددة الورقيددة وحددل مكددانهددا االسد د د د د د ددطوانددات‬
‫المدمجة‪ ،‬كما أص ددبحت معظم المص ددادر العلمية الكبيرة والقيمة والمعاجم والقواميس تص دددر‬
‫اآلن بطريقة النشر االلكتروني‪( .‬جيدوري‪)68 ،2012 ،‬‬
‫⚫ توظيف المعرفة‬
‫يمثل أسد د د دداليب تطبيق موارد المعرفة لتوصد د د ددي" المشد د د ددكالت وحلها‪ ،‬وتمثل نظم المعلومات‬
‫بصد د د ددفة عامة‪ ،‬والبرمجيات بصد د د ددفة خاصد د د ددة أهم وسد د د ددائل توظي" المعرفة وزيادة اإلنتاجية‬
‫وتحقيق أقص د د د ددى عائد اقتص د د د ددادي (علي‪ .)169 ،2003 ،‬ومن ثَم فإنه بقدر ما تس د د د ددتخدم‬
‫المعرفة في تنظيم األعمال وتسددخير الوسددائل وحل المشددكالت تكون كفاءة األعمال‪ ،‬ويكون‬
‫مردودها وفوائدها المرجوة فقوة المعرفة توتي من توظيفهدا بكفداءة في شد د د د د د ددؤون الحيداة‪ ،‬ومن‬
‫جميال ولكنه غير فعال‪( .‬جيدوري‪)71 ،2012 ،‬‬
‫ا‬ ‫دون هذا التوظي" تبقى المعرفة ا‬
‫شكال‬
‫ثانيا‪ :‬الم ون الوجداني لقيمة البحث عن الحقيقة (حب المعرفة)‬
‫ا‬
‫يش د د ددمل هذا المكون االنفعاالت والمش د د دداعر واألحاس د د دديس الداخلية التي ال تظهر‪ ،‬وعن‬
‫طريقده يميدل الفرد إلى قيمدة معيندة‪ .‬كمدا يتصد د د د د د ددل هدذا المكون بتقددير القيمدة واالعتزاز بهدا‪،‬‬
‫فضد ادال عن أنه ُيشددعر الفرد بالسددعادة الختيار القيمة‪ ،‬ويعلن االسددتعداد للتمسددك بالقيمة على‬
‫المأل‪.‬‬
‫ومن ثَ َّم فإن تربيدة وجدان الشد د د د د د دبداب الجدامعي نحو قيمدة البحدث عن الحقيقدة (حب المعرفة)‬
‫يجب أن يتوافر لها شروط ثالثة نعرضها في اآلتي‪:‬‬

‫‪64‬‬
‫وحبها‪:‬‬
‫⚫ وعي المعرفة ّ‬
‫من المعروف أندده ال ينخرط في مجددال العلم والمعرفددة سد د د د د د ددوى الددذين يعون معندداهددا‪،‬‬
‫وأصد د د د د د ددبحوا شد د د د د د ددغوفين بهدا‪ ،‬إذ تُحركهم في ذلدك رغبدة كبيرة ندابعدة من أعمدا ذواتهم‪ .‬لكنندا‬
‫نالحأ اليوم أن هناك نسددبة من الشددباب يلتحقون بمختلف مؤس دسددات التعليم العالي دون أن‬
‫تربطهم بالمعرفة أدنى عالقة حب‪ ،‬بل إن ص د د د د د ددلتهم بها تكون اض د د د د د ددط اررية‪ ،‬ألن الظروف‬
‫المحيطدة بهم هي التي تسد د د د د د ددوقهم إلى ولوج جدامعدات ال تهتم بهم‪ ،‬مدا جعلهم مجرد طدالبي‬
‫ش د ددهادات وليسد د دوا طالب علم‪ .‬لذلك ال يدرك هؤالء أن األفكار بمثابة ثمار ال يتوتى قطافها‬
‫إال للذين كدوا ألجلها‪ ،‬وتفاعلوا معها بحوافز داخلية‪.‬‬
‫ومن ثَم فإن وعي الشد د د د د ددباب الجامعي بالمعرفة سد د د د د دديولد حبهم لها‪ ،‬في حين أن غياب‬
‫وعيهم بها س د دديدفعهم إلى التعامل معها كما يتعاملون مع أش د ددياء ال قيمة لها‪ ،‬ومن هنا جاء‬
‫القول الموثور‪ :‬ال ُيقدر قيمة األشياء إال من يعرفها‪( .‬بو بكري‪ ،2015 ،‬شبكة االنترنت)‬
‫⚫ الولع بالمعرفة‪:‬‬
‫ال شددك أن الولع بالمعرفة ُي َولد التفاني في مالحقتها والبحث عنها باسددتمرار‪ ،‬ما يجعل‬
‫طا لكل نجاح في مجال ن‬
‫التعلم والعلم والمعرفة‪ .‬ويؤكد "ماكس فيبر" أن نش د ددوة‬ ‫هذا الولع ش د ددر ا‬
‫المعرفة هي منبع العلم والفن‪ ،‬وأنها حافز للكشد د د ددف واإلبداع‪ .‬وما لم يبلغ الشد د د ددغف بالمعرفة‬
‫التعلق بها وال بناؤها‪.‬‬‫لدى المرء درجة االندماج فيها والهون بها‪ ،‬فإنه ال يتوتدى له ن‬
‫تالزما بين تحص د د د دديل المعرفة والولع بها‪،‬‬
‫ا‬ ‫لذا‪ ،‬عندما نق أر تاريك العلم والفكر والفن نجد‬
‫ما يعني أن الفرح بالعلم والتفرغ له شد د ددرطان لبنائه وتحصد د دديله‪ .‬فال يمكن للعقل البشد د ددري أن‬
‫ينفذ إلى أعما األشد د ددياء إال باسد د ددتمرار التركيز بعمق على موضد د ددوع معرفته الذي يقتضد د ددي‬
‫ُح َّب الفرد لها‪ .‬ومن دون ذلك تبقى معرفته س د د د د د ددطحية‪ ،‬حيث لن تندمج في التكوين الذهني‬
‫نتج معرفة أخرى حول ظواهر‬‫لإلنس د د ددان‪ .‬وبذلك لن يس د د ددتطيع هذا األخير أن يش د د ددتغل بها ُلي َ‬
‫أخرى‪ ،‬كمددا لن يعرف حدددودهددا‪ ،‬مددا يعني عدددم قدددرتدده على مجدداوزتهددا في أفق البحددث عن‬
‫معرفة أعمق وأوسع منها‬
‫⚫ االبتها بالعلم‪:‬‬
‫قويا يجعل اإلنسد د ددان‬
‫حافز ا‬
‫يشد د ددكل حب المعرفة والشد د ددعور بالحاجة إليها ويدراك قيمتها اا‬
‫يجد َّلذة غامرة ومس د ددتمرة في عناء البحث وبناء المعرفة‪ .‬ويعي الذين يدركون قيمة العلم أن‬
‫الجهدل مفترن لإلنسد د د د د د ددان يجدب الخالص منده‪ ،‬مدا يجعلهم يسد د د د د د ددترخصد د د د د د ددون ملدذات الحيداة‬

‫‪65‬‬
‫ويفضد د د د د د ددلون لذة المعرفة‪ ،‬ألن هذه األخيرة تمنح للوجود معنى وتُثري الروح والوجدان‪ .‬لذلك‬
‫ليس هناك ن‬
‫تعلم فعلي دون أن يعيش اإلنسدان نشدوة المعرفة‪ .‬ويذا كان االبتهاج بالعلم شدر ا‬
‫طا‬
‫ألي كان‪ ،‬ما يفرض البحث عنها في أعما‬ ‫فالعلم ال ُيظهر جماله وفتنته ل‬
‫ُ‬ ‫لبنائه وتحصيله‪،‬‬
‫ما ينتجه من معارف حتى يتسدنى لنا ن‬
‫التلذذ بها‪ .‬ويذا لم تنجح الجامعة في تمكين المتعلمين‬
‫من تذو مباهج المعرفة والشددعور بالقيمة الذاتية للعلم والفن‪ ،‬فهي تكون قد فشددلت في أداء‬
‫مهمتها‪( .‬بو بكري‪ ،2015 ،‬شبكة االنترنت)‬
‫ِ‬
‫المتحمس والمنفعل‪:‬‬ ‫⚫ تكوين الوجدان‬
‫ّ‬
‫ليس البحدث عن الحقيقدة (حدب المعرفدة) مجرد عمليدة حسد د د د د د ددابيدة بحتدة‪ ،‬أو تطبيق آلي‬
‫لبعض المفا يم والنماذج‪ ،‬أو سد د د د ددلسد د د د ددلة ميكانيكية من األسد د د د ددباب والنتائج‪ .‬فهو يوخذ بعين‬
‫االعتبار‪ ،‬أوال‪ ،‬العامل اإلنسد دداني لكونه يحمل شد ددحنات االنفعال التي ال تترك مجاال لليون‪،‬‬
‫وتسداعد على انطال الفكر والخيال‪ .‬فقد يسدتطيع باحث بارع تطبيق ما يملكه من معارف‪،‬‬
‫لكنده قدد ال يسد د د د د د ددتطيع التوص د د د د د د ددل إلى فكرة جدديددة‪ ،‬مدا يعني افتقداره إلى الحددن والوجددان‬
‫المتحمس والمنفعل للمعرفة‪.‬‬ ‫ل‬
‫ويلى الفكرة نفسد د د د ددها ذهب "فليب ميريو" إذ يرى أنه عندما تتوافر الشد د د د ددروط التي ل‬
‫تمكن‬
‫الطالب من أن يفهم معنى ما هو مطلوب منه‪ ،‬ويش د د ددعر أن المدرن مرافق له‪ ،‬وأنه موجود‬
‫التعلم‪ .‬وتنبثق الرغبة في المعرفة‬ ‫معه لمسدداعدته ال لمراقبته وتَص ديند أخطائه فإنه يرغب في ن‬
‫َ‬
‫لدى المتعلم إذا أتيحت له فرصدة االلتقاء ب ارشددين يجسددون أمامه الرغبة في المعرفة‪ ،‬إذ ال‬
‫يمكن أن يرغددب في ن‬
‫التعلم من ال يعرف أندده من المفيددد أن يعرف‪ ،‬ومن لم يكتشد د د د د د ددف لددذة‬
‫اكتش د دداف أسد د درار الطبيعة واإلنس د ددان وفهم رهانات ما يعيش د دده المجتمع‪( .‬بو بكري‪،2015 ،‬‬
‫شبكة االنترنت)‬
‫ثال اثا‪ :‬الم ون السلوكي لقيمة البحث عن الحقيقة (حب المعرفة)‪:‬‬
‫هذا الجانب هو الذي تظهر فيه القيمة على أرض الواقع‪ ،‬فالقيمة تترجم إلى س د د د د د ددلوك‬
‫ظداهري عن طريق التفداعدل‪ ،‬إذ يتم اكتسد د د د د د دداب قيمدة حدب المعرفدة بدالتفداعدل مع أفراد آخرين‬
‫يتمسددكون بهذه القيمة‪ ،‬أو بناء اسددتعدادات عميقة في الشددخصددية تتضددمن قيمة حب المعرفة‬
‫الناتجة عن التنشد د ددئة األسد د درية‪ ،‬أو ما تقوم به الجامعات من خالل حث الطلبة على البحث‬
‫عن الحقيقددة وترجمتهددا إلى سد د د د د د ددلوك واقعي مثددل‪ :‬األقبددال على القراءة والمطددالعددة‪ ،‬ويجراء‬
‫البحوت العلمية للوصول إلى نتائج تُعالج مشكالت معينة‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫ولبيان كيفية اكتسداب قيمة حب المعرفة بالتعرض لموضدوعها‪ ،‬يمكننا أن ُنفسدر بعض‬
‫اتجاهاتنا السلبية نحو أفراد أو موضوعات بعينها الرتباطهم والرتباطها عندنا بخبرات سيئة‪،‬‬
‫فقددد نحددب بعض األفراد ونكره آخرين طباق دا لخبراتنددا الفعليددة مع مثددل هؤالء األفراد‪ .‬ويظهر‬
‫اكتساب قيمة حب المعرفة من جراء التفاعل مع اآلخرين الذين يتمسكون بالقيمة نفسها‪.‬‬
‫من جهدة أخرى‪ ،‬مدا دامدت القيم متعلمدة فدإنده ينطبق عليهدا الكثير من مبدادئ التعلم في‬
‫اكتسد ددابها والسد ددلوك بموجبها‪ ،‬ومن أنواع التعلم والمعرفة التعلم الشد ددرطي الكالسد دديكي‪ ،‬والتعلم‬
‫الش د د د د ددرطي بالوس د د د د دديلة بما فيهما من اقتران وترابط بين المثيرات (المنبهات) واالس د د د د ددتجابات‬
‫والتعزيز (إثابة‪ ،‬مكافوة)‪ ،‬وتدعيم وتعميم لمنبهات أخرى مشابهة‪.‬‬
‫وهكذا بالنس ددبة للش ددباب الجامعي‪ ،‬فالجامعة هي المس ددؤولة عن إش ددباع حاجات الطالب‬
‫مثير لقيمددة حددب المعرفددة واالهتمددام بهددا‪ ،‬ممددا يولددد لدددى الطلبددة‬
‫ويعددد وجودهددا اا‬
‫من المعرفددة‪ُ ،‬‬
‫الددافع لحدب القيمدة وتقبلهدا‪ ،‬ومن ثَم السد د د د د د ددلوك بموجبهدا‪ ،‬مع ملحوظدة أن الطدالدب الجدامعي‬
‫يجب أال يسد د ددلك على المسد د ددتوى العلمي إلرضد د دداء الجامعة وأسد د دداتذته فقط‪ ،‬وينما قناعة منه‬
‫ضدا بون السددلوك المؤدي إلى حب المعرفة والبحث عن الحقيقة سددوف ينعكس عليه وعلى‬
‫أي ا‬
‫مجتمعه بالخير العميم‪.‬‬
‫وهذه العملية باإلض د ددافة إلى كونها عملية تعلم فهي عملية تبادل اجتماعي‪ ،‬إذ يعطي‬
‫فيهددا األس د د د د د د دداتددذة بددالجددامعددة ويددوخددذون‪ ،‬كمددا يعطي فيهددا الطددالددب ويددوخددذ (تبددادل في األخددذ‬
‫والعطاء)‪ ،‬ويدعم كل منهما سدلوك اآلخر (عن طر اإلثابة)‪ .‬فالشدباب الجامعي يتعلم القيم‬
‫عن طريق التقليد‪ ،‬وقد يتم التعلم دون وجود إثابة أو التدعيم بشكل بارز‪ ،‬ودون قصد التعلم‬
‫كثير ما نجد الطالب قد أخذوا عن األس د د د د دداتذة الكثير من التصد د د د د درفات والكالم‪ ،‬ولكن ما‬
‫إذ اا‬
‫تعلموه منهم تعلموه دون قصد د د ددد‪ ،‬ودون إرادة‪ ،‬ودون وعي‪ ،‬كما أنهم يتعلمون من أقرانهم في‬
‫ظا وتصرفات بطريقة عرضية صرفه‪.‬‬
‫الجامعة ألفا ا‬
‫ومن العوامل المؤدية للس ددلوك بمقتض ددى قيمة حب المعرفة تقمص ش ددخص ددية النموذج‪،‬‬
‫وامتصداصده للمعايير االجتماعية وتشدربه لها‪ ،‬ومعرفة ما هو خطو وما هو صدواب‪ ،‬وتكوين‬
‫ما يس د د ددمى بالض د د ددمير‪ .‬فالروابط العاطفية بالنموذج الذي يتم تقمص د د دده من أهم العوامل التي‬
‫يقوم عليها تعلم الطالب سد د ددلوك القيم بشد د ددكل عام‪ ،‬ومن المتفق عليه بين الكثير من علماء‬
‫النفس أن من مظداهر عمليدة التقمص أن الطدالدب يحدذو حدذو النموذج الدذي تقمصد د د د د د دده في‬
‫سلوكه ودوافعه واتجاهاته وفي فكرته عن نفسه‪.‬‬
‫======================================‬
‫‪67‬‬
‫أنشطة وتطبيقات‬

‫نشاط‬
‫يوجد الكثير من الطلبة من يعر أقمية قيمة حب المعرفةت لكنة ال ُيحسان اختيار السالو‬
‫اإليجابي اتجاقها‪ .‬ما تفسير لذلم؟‬
‫بعد مناقش ددة الس دؤال مع أس ددتاذ المقرر في المحاض درة طبق ما تعلمته من خالل المناقش ددة في‬
‫حقول الجدول اآلتي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪)13‬‬
‫تش يل قيمة حب المعرفة عبر م وناتها (السلوكيت المعرفيت الوجداني)‬
‫الم ون السلوكي‬ ‫الم ون الوجداني‬ ‫الم ون المعرفي‬

‫تعاون‪ ..‬ف ّكر‬

‫تتعدد المشا الت السالوكية الناتجة عن عدم حب المعرفة لدى بعح الطالب في الجامعة‪..‬‬
‫أستاذ المقرر في مل الجدول اآلتي‪:‬‬ ‫في ضو ذلم تعاون مع زمالئم وبإش ار‬
‫جدول رقم (‪)14‬‬
‫مقترحاتم للعال‬ ‫تفسير المش لة‬ ‫المش لة السلوكية‬
‫الغش االمتحاني‬

‫عدم احترام وقت المحاضرة‬

‫االعتماد علل الملخصات‬

‫‪68‬‬
‫نشاط‬
‫قااب أناام دعياات للحااديااث بناادوة بعنوان "حااب المعرفااة"ت مااا األفكااار التي من المتوقع أن ياادور‬
‫حديثم حولها؟‬

‫‪69‬‬
‫الفصل السادس‬
‫قيمة المواطنة‬

‫‪70‬‬
‫الفصل السادس‬
‫قيمة المواطنة‬
‫ال شد ددك أن قضد ددية بث الوعي بقيمة المواطنة داخل فضد دداء المؤس د دسد ددة الجامعية أصد ددبحت‬
‫قضدية تسدتحق المراهنة عليها‪ ،‬ألن ممارسدة القيم في المجتمع يجب أن تسدبقها مشداريع تربوية من‬
‫ش د ددونها اإلس د ددهام في خلق مواطن يعي واجباته تجاه نفس د دده وتجاه اآلخرين‪ .‬كما ُيفترض أن تُس د ددهم‬
‫المش د د دداريع التربوية في تكوين مواطن متس د د ددم بروح نقدية إيجابية يس د د ددتطيع من خاللها التفاعل مع‬
‫ومؤمنا‬
‫ا‬ ‫موقفا من جميع أشد د ددكال التعصد د ددب والتطرف‪،‬‬
‫وقادر على اتخاذ ا‬
‫اا‬ ‫محيطه المحلي والعالمي‪،‬‬
‫بدوهميدة االنفتداح على البعدد الددولي وقيمده الكونيدة‪( .‬جيددوري‪ .)79 ،2012 ،‬وفي هدذا السد د د د د د ديدا‬
‫سد ددوف نتناول قيمة المواطنة من خالل مكوناتها المعرفية والوجدانية والسد ددلوكية‪ ،‬وفيما يوتي‬
‫توضيح لذلك‪.‬‬
‫أوالا‪ :‬الم ون المعرفي لقيمة المواطنة‪:‬‬
‫يش د د د ددمل هذا المكون المعارف والمعلومات النظرية التي تتص د د د ددل بقيمة المواطنة‪ ،‬وعن‬
‫طريقده يمكن تعليم هدذه القيمدة‪ ،‬من حيدث أهميتهدا وفوائددهدا ومدا تددل عليده من معداني مختلفدة‬
‫ومتعددددة‪ ،‬وكددذلددك من دالالت تربويددة‪ .‬ومن هنددا يجددب تعليم الطلبددة مجموعددة من المعددارف‬
‫عن قيمة المواطنة‪ ،‬وذلك على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬مفهوم المواطنة‪:‬‬
‫المواطنة هي صددفة الفرد الذي يعرف حقوقه ومسددؤولياته تجاه المجتمع الذي يعيش فيه‪،‬‬
‫والذي يش د د د د ددارك بفعالية في اتخاذ الق اررات وحل المش د د د د ددكالت التي تواجه المجتمع‪ ،‬والتعاون‬
‫والعمددل الجمدداعي مع اآلخرين‪ ،‬مع نبددذ العنف والتطرف في التعبير عن الرأي‪ ،‬وأن يكون‬
‫قادر على جمع المعلومات المرتبطة بشؤون المجتمع واستخدامها‪ ،‬ولديه القدرة على التفكير‬ ‫اا‬
‫الناقد‪ ،‬وأن تكفل الدولة تحقيق العدالة والمس د د دداواة بين جميع األفراد دون تفرقة بينهم بس د د ددبب‬
‫‪.‬‬
‫اللون أو الجنس أو العقيدة (أبو النور‪)26 ،2013 ،‬‬
‫ويؤكد "نصدار" "أن المواطنة هي"وجود الفرد في الدولة أو المجتمع السدياسدي‪ ،‬وهي التي‬
‫تمنح الفرد اإلحسددان بالهوية وتتيح له ممارسددة حقوقه السددياسددية واالجتماعية‪ ،‬وتؤهله ألداء‬
‫أدواره وتحمل مسد ددؤولياته والوفاء بالتزاماته في الحياة العامة في مجتمعه" (نصد ددار‪،2013 ،‬‬
‫‪ .)6‬فض د د د ادال عن أن المواطنة هي المش د د دداركة المدنية التي تتكون من الس د د ددلوكيات والمواقف‬
‫واإلجراءات التي تعكس عضددوية الفرد النشددطة في المجتمع‪ ،‬وهذا يشددمل األنشددطة التقليدية‬

‫‪71‬‬
‫مثل التص د ددويت في االنتخابات‪ ،‬والمش د دداركة الفعالة في الحياة العامة للمجتمع بطريقة واعية‬
‫وملتزمة‪ ،‬مع التركيز على الص ددالح العام واحترام آراء ومعتقدات اآلخرين‪ ،‬والعمل على بناء‬
‫جسد د د د د د ددور التفداهم والثقدة في إطدار الوطن الواحدد‪ .‬كمدا أن التزام أفراد المجتمع بهدذه الواجبدات‬
‫ابتداء بالمسدداواة إلى حرية التعبير عن الرأي‬
‫ا‬ ‫يسددتلزم حصددولهم على حقوقهم المشددروعة كافة‬
‫والمشاركة في الحكم للوصول إلى الدولة الديمقراطية َّ‬
‫الحقة‪.‬‬
‫خاطئا‪ ،‬وبخاصد ددة في المجتمعات‬
‫ا‬ ‫فهما‬
‫ومن الجدير بالذكر أن بعضد ددهم يفهم المواطنة ا‬
‫الحددديثددة العهددد بددالددديمقراطيددة والمواطنددة وحقوقهددا وواجبدداتهددا‪ ،‬والددذي يتمثددل في فهم المواطنددة‬
‫على أنهددا مجرد حقو وميزات يتمتعون بهددا دون أن يقددابددل ذلددك أيددة الت ازمددات منهم تجدداه‬
‫المجتمع أو الدددولددة التي ترعدداهم‪ ،‬أو على أنهددا مجرد إحس د د د د د د ددان وشد د د د د د ددعور داخلي بددالفخر‬
‫واالعتزاز بالوطن دون الش د د ددعور بمس د د ددؤولية المش د د دداركة في بنائه وتنميته‪ .‬وقد أش د د ددار جمال‬
‫السدويدي إلى هذا الفهم الخاط من خالل تميزه ألربعة أنواع من المواطنة هي‪( :‬السدويدي‪،‬‬
‫‪)4 ،2009‬‬
‫‪ ‬المواطنة المطلقة‪ ،‬وفيها يجمع المواطن بين الدور اإليجابي والس د د د ددلبي تجاه المجتمع‬
‫ومؤسساته الرسمية المختلفة‪.‬‬
‫‪ ‬المواطنة اإليجابية‪ ،‬التي يشد د د ددعر فيها الفرد بقوة انتمائه الوطني وواجبه بالقيام بدور‬
‫إيجابي لمواجهة السلبيات‪.‬‬
‫‪ ‬المواطنة الس ددلبية‪ ،‬وهي ش ددعور الفرد بانتمائه للوطن ولكن الفرد هنا يتوقف عند حدود‬
‫النقد السلبي‪ ،‬وال يقدم أي عمل إيجابي لوطنه‪.‬‬
‫‪ ‬المواطنة الزائفة‪ ،‬وفيها يحمل الفرد شد د د د د ددعارات جوفاء ال تعكس الواقع‪ ،‬ويمتاز بعدم‬
‫اإلحسان باعت اززه بالوطن‪.‬‬
‫لدذلدك فدإنده من الضد د د د د د ددروري التنبده لمثدل هدذه الحداالت ومعدالجتهدا من جدانبين‪ :‬أولهماات‬
‫يتعلق فيمددا إذا كددانددت ندداتجددة عن مجرد فهم خدداط وعدددم معرفددة الفرد بمددا لدده ومددا عليدده‪،‬‬
‫فعال في المواطنة إال حقوقه هو دون مراعاة لواجباته‬
‫وثانيهما‪ ،‬هو ما إذا كان الفرد ال يرى ا‬
‫أو احترام لحقو اآلخرين‪ ،‬إمدا لتعصد د د د د د دبده لمعتقدد أو جمداعدة‪ ،‬وهدذا مدا يجدب على المجتمع‬
‫والمؤس دس ددات المس ددؤولة أن تعمل على معالجته‪ .‬فالمواطنة الص ددحيحة تتض ددمن مجموعة من‬
‫حد سواء‪.‬‬‫الشروط والمقومات التي يجب أن تتوافر في الدولة أو الفرد على ٍ‬

‫‪72‬‬
‫‪ -2‬عالقة المواطنة ببعح أبعادقا‪:‬‬
‫من المعروف أن البنداء الصد د د د د د ددحيح لمفهوم المواطندة يتضد د د د د د ددمن مجموعدة من األبعداد‬
‫األسدداسددية‪ ،‬التي يشددير مدى توافرها إلى اعتبار ذلك مقيا اس دا على مدى اكتمال المواطنة‪ ،‬أو‬
‫اختزال بعض جوانبها‪ .‬وفيما يوتي أهم أبعاد قيمة المواطنة‪:‬‬
‫◼ المساواة‪:‬‬
‫أي المسد د د د د د دداواة بين جميع أفراد المجتمع بمختلف أعراقهم وأجناسد د د د د د ددهم ومعتقداتهم أمام‬
‫القانون‪ ،‬وهذا ال يتوتى إال بامتالك الدولة لآلليات المناس د د د د د ددبة لتحقيق هذا الهدف من خالل‬
‫تحقيقهدا للتكدامدل والتعداون بين مختلف مؤسد د د د د د دسد د د د د د دداتهدا‪ ،‬أي أن تكون الددولدة قدد أتمدت بندائها‬
‫المؤس دسدداتي الداخلي س دواء أكان ذلك من الناحية السددياسددية أم االجتماعية أم االقتصددادية أم‬
‫الثقافية والتعليمية‪ ،‬بما يض د ددمن لجميع األفراد أن يكونوا على ٍ‬
‫حد سد د دواء تحت حكم القانون‪،‬‬
‫ما يدفعهم إلى المشاركة اإليجابية في بناء الدولة والمجتمع‪( .‬ليلة‪)89 ،2013 ،‬‬
‫◼ الديمقراطية‪:‬‬
‫يتحددد البعدد الثداني للمواطندة من خالل ارتبداط المواطندة بدالدديمقراطية‪ ،‬وذلدك بداعتبدار أن‬
‫ال ددديمقراطي ددة هي الح دداضد د د د د د دن ددة األولى لمب دددأ المواطن ددة‪ ،‬إذ ال يمكن القول بمجتمع يعترف‬
‫حيث ال يسد د د ددتطيع األفراد المشد د د دداركة في بناء‬ ‫بالمواطنة دون اعترافه بالديمقراطية ويف ارزاتها‪ُ ،‬‬
‫مجتمعاتهم‪ ،‬دون أن يتحقق لهم امتالك الحقو والحريات والمسد د د دداواة السد د د ددياسد د د ددية والقانونية‬
‫والحماية ضددد التمييز على أسددان ديني أو ثقافي أو عقائدي‪ ،‬فضددمان حرية التعبير لألفراد‬
‫وحرية عقدهم أو إقامتهم للتجمعات الس د د د ددياس د د د ددية أو الثقافية أو حتى الدينية وحرية نش د د د ددرهم‬
‫آلرائهم طالما أنها في إطار احترام حقو وخصدوصدية اآلخرين‪ ،‬كل ذلك يسدهم بشدكل كبير‬
‫في التوسيس لقيام دولة ومجتمع المواطنة‪.‬‬
‫◼ االنتما ‪:‬‬
‫وفي حدال تحقق الدديمقراطيدة الصد د د د د د ددحيحدة في الددولدة لألفراد فدإن النتيجدة الطبيعيدة لدذلدك هو‬
‫شد ددعور الفرد باالنتماء لهذه الدولة‪ ،‬وتنامي حسد دده بالمسد ددؤولية تجاهها‪ ،‬وعدم توفير أي جهد‬
‫يسد د د ددتطيع من خالله النهوض بمجتمعه‪ ،‬س د د د دواء أكان ذلك على المسد د د ددتوى االقتصد د د ددادي أم‬
‫االجتماعي أم العلمي أم الثقافي أم السدياسدي‪ ،‬وذلك لكونه قد تحققت له الضدمانة أن الفائدة‬
‫س د د د د د ددتعود عليه‪ ،‬ذلك لو تحدثنا من باب المص د د د د د ددلحة المش د د د د د ددتركة‪ .‬مع ملحوظة أن االنتماء‬

‫‪73‬‬
‫الصداد والحقيقي ال يكون إال بالوالء‪ ،‬وما يتضدمنه من مشداعر يحملها الفرد تجاه مجتمعه‬
‫باعتباره مكون أساسي وفاعل في هذا المجتمع‪( .‬ليلة‪)90 ،2013 ،‬‬
‫‪ -3‬التربية علل المواطنة‪:‬‬
‫التربية على المواطنة هي "تلك التربية التي تهدف إلى إعداد الفرد للمواطنة الص د د ددالحة‬
‫في بلد ددده من خالل تزوي ددده ب ددالمعد ددارف والقيم والمهد ددارات المرتبطد ددة ب ددالمجد دداالت القد ددانوني ددة‬
‫واالقتصد ددادية والتاريخية والسد ددياسد ددية والثقافية وبمهارات حل المشد ددكالت‪ ،‬وغيرها من مهارات‬
‫المواطنة الصالحة"‬
‫ومن الجدددير بددالددذكر أن التربيددة على المواطنددة لهددا أثر كبير في بلورة فكرة المواطنددة‬
‫بوصفها صفة يتحلى بها األف ارد والمواطنون‪ ،‬كما لها اا‬
‫أثر فعال في مقاومة العنف والتعصب‬
‫والالتس د د ددامح والتطرف والعنصد د د درية‪ ،‬بمعنى أنها تجس د د ددد النزعة إلى تربية الش د د ددباب على فن‬
‫العيش المشدترك مع المختلفين‪ ،‬وقبول اآلخر على مبدأ االختالف‪ ،‬وهذا هو التحدي األكبر‬
‫الذي يواجه التربية والحياة المجتمعية في القرن الحادي والعشرين‪.‬‬
‫ومن ثَ َّم فإن التربية على المواطنة ضد د د د د د ددرورة ال غنى عنها‪ ،‬ذلك أنه يجب أن نعلم أن‬
‫جدا من أجل مس د ددتقبل المجتمع اإلنس د دداني‪ ،‬وهنا يمكن القول‪ :‬إن‬
‫المواطنة الفعالة ض د ددرورية ا‬
‫جهودا حثيثة‬
‫ا‬ ‫كبير في تجاه هذه المواطنة‪ ،‬وهي تشهد‬ ‫تطور اا‬
‫اا‬ ‫المجتمعات اإلنسانية قد حققت‬
‫من أجل التربية على التسد د د د ددامح والسد د د د ددالم‪ ،‬ومن ثَ َّم فإن هذا المطلب التربوي لن يتحقق إال‬
‫عندما توخذ المجتمعات بوهمية التربية على المواطنة"‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬تنش د د د ددد التربية على المواطنة تمكين الناش د د د ددئة من ثقافة ديمقراطية من‬
‫ندداحيددة‪ ،‬ومن الخبرة الالزمددة التي تخول لهم االنخراط الفدداعددل في الحيدداة العددامددة من ندداحيددة‬
‫ثدانيدة ‪ ،‬ولدذلدك فهي مددعوة في المنطقدة العربيدة على وجده التحدديدد إلى تنميدة ثقدافدة المواطندة‬
‫تماما لثقافة الرعية التي يمنت لفترات طويلة في هذا‬
‫لدى الناشد د د د د ددئة‪ ،‬التي هي مناقضد د د د د ددة ا‬
‫الفضاء‪ ،‬حتى صار ينظر إليها كقدر محتوم ال مفر منه‪.‬‬
‫‪ -4‬األبعاد التي تعمل عليها التربية من أجل المواطنة‪:‬‬
‫يحت دداج بن دداء ثق دداف ددة المواطن ددة إلى تربي ددة على المواطن ددة تعم ددل على أبع دداد أربع ددة هي‪:‬‬
‫(الزعبي‪)66 ،2016 ،‬‬

‫‪74‬‬
‫⚫ البعد السياسي‪:‬‬
‫وفيه يتم االشد د د د د د ددتغال على تنمية ثقافة الحكم الديمقراطي لدى الناشد د د د د د ددئة‪ ،‬بحيث يكون‬
‫بطريقة ديمقراطية‪ .‬ولكن الس دؤال المركزي هو‪ :‬كي" تكون طريقة تس دديير المؤس دس ددة التربوية‬
‫ديمقراطية أو باألحرى محكومة بالديمقراطية؟‬
‫⚫ البعد القانوني‪:‬‬
‫من خالل دده يتم التركيز على احترام الق ددانون وااللتزام ب دده‪ ،‬ف ددالمعروف أن عالق ددة الفرد‬
‫المواطن بددالقددانون في المنطقددة العربيددة عالقددة خوف أكثر منهددا عالقددة اقتندداع بدددور القددانون‬
‫في تنظيم الحيداة العدامدة‪ .‬ولدذلدك يكون من الوجيده التسد د د د د د دداؤل عن الكيفيدة التي بهدا نعيدد بنداء‬
‫ثقة الش د د ددباب في القانون‪ ،‬وكي" ُيس د د ددهموا في وض د د ددع القوانين الجامعية ليغدوا مقتنعين بها‪،‬‬
‫ومحترمين له ددا‪ ،‬وملتزمين بم ددا ح ددددت دده لهم من حقو وواجب ددات؟ واألمر ينطبق على بقي ددة‬
‫الفاعلين بالوسط الجامعي‪.‬‬
‫⚫ البعد األخالقي‪:‬‬
‫من خالل هذا البعد تتم تربية الناشد د ددئة على تغليب المصد د ددلحة العامة على المصد د ددلحة‬
‫الش د ددخص د ددية الض د دديقة‪ ،‬وتغليب المص د ددلحة العامة إنما يقتض د ددي االنفتاح على أفكار اآلخرين‬
‫وآرائهم‪ ،‬واالسددتفادة منها في تحديد المصددلحة العامة‪ ،‬ألن هذه األخيرة تحدد بطريقة تفاعلية‬
‫تشاركيه ال بطريقة فردية وذاتية‪.‬‬
‫وعليه يكون من المهم طرح الس د دؤال اآلتي‪ :‬كي" نربي الطالب على تجاوز المصد ددالح‬
‫الذاتية الضد د دديقة لصد د ددالح المصد د ددلحة العامة؟ ذلك أنه من المفروض أن تقود التربية الطالب‬
‫إلى التفكير بنفسد دده‪ ،‬ومن ثَ َّم التموقع بين اآلخرين عبر تبادل وجهات النظر مثلما يبين ذلك‬
‫بياجيه‪.‬‬
‫⚫ البعد العاطفي‪:‬‬
‫يتم من خاللدده التركيز على تنمي ددة الرغب ددة في العيش المشد د د د د د ددترك‪ ،‬وذلددك عبر تنميددة‬
‫الش د د ددعور باالنتماء إلى الوطن وحبه‪ ،‬ونبذ الك ار ية والعنصد د د درية‪ ،‬وبلغة الحقل التربوي يكون‬
‫السد د د دؤال الجوهري هو اآلتي‪ :‬كي" نربي الطلبة على وطنية طاهرة خالية من كل ض د د ددروب‬
‫التعصد ددب؟ وقد بين "بياحيه" أن مثل هذه التربية إنما تقتضد ددي تنمية التعاون والتشد ددارك لدى‬
‫الناشئة وتقدير مجهود اآلخرين‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫إن العمل على هذه األبعاد مترابطة ومتكاملة في أي منظومة تربوية هو جوهر التربية‬
‫على المواطندة‪ ،‬تلدك التربيدة الهدادفدة إلى تكريس ثقدافدة المواطندة ويحاللهدا محدل ثقدافدة الرعيدة‪.‬‬
‫ولكن األمر ال يبدددو على درجددة من السد د د د د د ددهولددة‪ ،‬فددالتحددديددات التي تقف في وجههددا عددديدددة‬
‫ددءا من طريقددة التسد د د د د د دديير اإلداري‬
‫ومتنوعددة وتالمس مختلف مكونددات المنظومددة التربويددة بد ا‬
‫وصواال إلى بناء المناهج المدرسية‪.‬‬
‫‪ -5‬م ونات النموذ الديمقراطي للتربية علل المواطنة‪:‬‬
‫أشد د د د د ددار "‪ "Patrick et al‬إلى أن النموذج الديمقراطي في التربية على المواطنة يجب أن‬
‫(‪)Patrick et al, 2003, 41‬‬ ‫يتولف من المكونات األربعة الموضحة في الجدول اآلتي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪)15‬‬
‫يوضح م ونات النموذ الديمقراطي للتربية علل المواطنة‬
‫النظام المدني‬ ‫مهارات المشاركة‬ ‫المهارات العقلية‬ ‫المعرفة الوطنية‬
‫المدنية‬
‫تشاااااااااتمال علل مجموعاة تشاااااااااتمااال علل تحااادياااد تشاااتمل علل التفاعل مع يجااااب أن يؤكااااد النظااااام‬
‫المبااد الشااااااااااملاة التي الاماعالاوماااااات الاماتاعالاقاااااة اآلخرينت والمشاااااركة في المادني علل المساااااااااااواة‬
‫يم ن من خاللهاا تعريف بااالحياااة الساااااااااياااسااااااااايااة األحااداف العااامااةت واتخاااذ وك اراماااااة الاافاارد واحاات ارام‬
‫ومااماااااارساااااااااااااة وتااقاايااياام ووصااااااا افاهاااااا وتاحالايالاهاااااا القرارات بشاااااا ن قضاااااااايا وحماااااياااة حقوق األفرادت‬
‫الاديمقراطياةت وتتضااااااااامن وتاافسااااااااااياارقاااااات وتااقاايااياام السااااااااايااااساااااااااااة العااااماااة ويحاث علل المشاااااااااااركاة‬
‫الموضاااااااااوعات واألحداف وتطبيقهاات إضاااااااااافا اة إلل المساااااااااؤولااة في الحياااة‬ ‫مااااافااااااهااااايااااام ومااااابااااااد‬
‫الاديمقراطياة والقضاااااااااااياا العااامااةت إضاااااااااااافاا اة إلل اتخاذ اإلجرا ات المناسبة المدنيةت وتعزيز صاااااااالح‬
‫المتعلقاة بااساااااااااتخادامهاات التفكير الناااقااد بشااااااااا ا ن لتحسين الحياة السياسية الحياة العامة‪.‬‬
‫المواطنااة والحياااة والمدنية‪.‬‬ ‫ظرو‬ ‫عاالاال تااااااري ا‬ ‫والااتااعاار‬
‫المدنية‪.‬‬ ‫الديمقراطية وممارستها‪.‬‬

‫التربية علل المواطنة‪:‬‬ ‫‪ -4‬أقدا‬


‫يتمثددل الهدددف العددام للتربيددة على المواطنددة في إعددداد المواطن الص د د د د د د ددالح الددذي يعرف حقوقده‬
‫وواجباته تجاه مجتمعه‪ ،‬والقادر على مواكبة متطلبات الحياة المس د د د د د ددتقبلية‪ .‬ويمكن تلخيص مجمل‬
‫أهداف التربية على المواطنة باآلتي‪)Alberta Education, 2005, 32( :‬‬
‫• تزويددد األفراد بفهم إيجددابي وواقعي للنظددام السد د د د د د ديدداسد د د د د د ددي في مجتمعهم‪ ،‬وتعليمهم القيم وأهميددة‬
‫مشاركتهم في الق اررات السياسية‪.‬‬
‫• فهم األفراد لحقوقهم وواجبد دداتهم‪ ،‬وللنظد ددام التشد د د د د د دريعي في مجتمعهم‪ ،‬واحترام وتقد دددير القوانين‬
‫واألنظمة‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫• التعرف على القض د د د د د ددايا العامة التي يعاني منها المجتمع‪ ،‬وفهم التعامل معها والمش د د د د د دداركة في‬
‫حلها‪.‬‬
‫• احترام دسد د د د د د ددتور الددولدة‪ ،‬وااللتزام بمبدادئ الحريدة والدديمقراطيدة والعددالدة االجتمداعيدة‪ ،‬واالعتزاز‬
‫واالنتماء والوالء لألمة‪.‬‬
‫• توجيه األفراد في المجتمع نحو المواطنة الص د د د د ددالحة‪ ،‬وحثهم على اإليمان بالمس د د د د دداواة بين أفراد‬
‫الشعب الواحد‪ ،‬وبين شعوب العالم عامة‪.‬‬
‫وفي المجم ددل يمكن القول‪ :‬إن التربي ددة على المواطن ددة ت دددور حول تمكين األفراد من‬
‫اتخاذ ق ارراتهم بونفسددهم‪ ،‬وتحمل مسددؤولياتهم في حياتهم ومجتمعاتهم‪ .‬إضددافة إلى ذلك يجب‬
‫أن يدرك التربويين حقيقة أن التربية على المواطنة هي أكثر من مجرد موضد د ددوع أو محتوى‬
‫تعليمي يتم تدريس دده كغيره من المواد التعليمية بش ددكل جيد وفاقا لالحتياجات المحلية‪ ،‬وال هي‬
‫محاولة لق د د د د د د د د د ددولبة األفراد في قالب معين يتناس د د ددب مع من حوله‪ ،‬وينما هي بالدرجة األولى‬
‫ممارس ددة فعلية تتس ددم بقبول اآلخر على ما هو عليه‪ ،‬مع البحث عن نقاط االلتقاء والشد دراكة‬
‫مع هذا اآلخر لبناء المجتمع الواحد‪ ،‬ومحافظة كل ثقافة على خصد د د د د ددوصد د د د د ددياتها في نطا‬
‫االحترام المتبادل‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الم ون الوجداني لقيمة المواطنة‪:‬‬
‫ا‬
‫يش د ددمل هذا المكون االنفعاالت والمش د دداعر واألحاس د دديس الداخلية التي ال تظهر‪ ،‬وعن‬
‫طريقده يميدل الفرد إلى قيمدة معيندة‪ .‬كمدا يتصد د د د د د ددل هدذا المكون بتقددير القيمدة واالعتزاز بهدا‪،‬‬
‫فضد ادال عن أنه ُيشددعر الفرد بالسددعادة الختيار القيمة‪ ،‬ويعلن االسددتعداد للتمسددك بالقيمة على‬
‫المأل‪.‬‬
‫وفي إطددار المكون الوجددداني لقيم دة المواطنددة يجددب أن تسد د د د د د ددعى الجددامعددة إلى تقددديم‬
‫مجموعة من المواقف التعليمية‪ ،‬وبخاص ددة في األنش ددطة الالص ددفية لتكوين اتجاهات إيجابية‬
‫في نفون الطلبة نحو قيمة المواطنة‪ ،‬بحيث تصد د د د د ددبح جزء من تكوينهم الوجداني‪ .‬ومن هنا‬
‫يمكن التوكيد أن المكون الوجداني لقيمة المواطنة يجب أن ُيشد د د ددكل جزاءا من المحتوى الذي‬
‫يددرن في الجدامعدات‪ ،‬ألن مدا يحتداج الطلبدة تعلمده في هدذا المجدال مهم ج اددا بحيدث ال يجوز‬
‫أن يترك للصدفة‪.‬‬
‫ومن ثَ َّم يحتاج الطالب إلى المس د دداعدة ليفهموا الجوانب االنفعالية من حياتهم‪ ،‬وليتقبلوا‬
‫عموما وقيمة المواطنة بش ددكل خاص‪ ،‬مع ملحوظة أن‬ ‫ا‬ ‫ويعدلوا مش دداعرهم نحو منظومة القيم‬
‫ذلك يتم من خالل قيام الجامعة بتوفير خبرات تشد د د د د ددجع على تنمية القيم والحسد د د د د دداسد د د د د دديات‬

‫‪77‬‬
‫والمش دداعر‪ ،‬وكذلك تُش ددجع على تحقيق االختيارات المناس ددبة من بينها‪ ،‬وهي حين تفعل هذا‬
‫تسد د د دداعد الطالب على تحليل قيمهم وتنميتها‪ ،‬وعلى فحص مشد د د دداعرهم وتقبلها‪ ،‬وعلى تنمية‬
‫وتعميق حساسيتهم اتجاهها‪.‬‬
‫ومن هنا فإن الجامعة مس د ددؤولة مس د ددؤولية كبيرة عن تعزيز المكون الوجداني في نفون‬
‫الطلبة‪ ،‬مع اإلشد ددارة إلى أنها ليسد ددت المؤس د دسد ددة الوحيدة التي توفر التعلم الوجداني‪ ،‬ذلك أن‬
‫األس ددر واألندية األدبية والمراكز الثقافية‪ ،‬واألجيال األكبر س د ادنا‪ ،‬والتقاليد والطقون‪ ،‬ووس ددائل‬
‫اإلعالم المسموعة والمرئية والمطبوعة كلها تشارك في التعلم العاطفي‪.‬‬
‫ومن الجددير بدالدذكر أن الجدامعدات التي توفر أكثر أنواع التعليم فداعليدة في مجدال القيم‬
‫طا معينة‪،‬‬‫والمش د د دداعر والحس د د دداس د د دديات‪ ،‬تُخطط على نحو دقيق ومعتنى به لذلك‪ ،‬وتتبع أنما ا‬
‫وهي تددرك أن أسد د د د د د دداليدب الوعأ والغرن العقيددي لهدا قيمدة محددودة في المواقف الجدامعيدة‪،‬‬
‫وكثير مدا تكون عدديمدة الفدائددة‪ .‬لدذلدك ال بدد للجدامعدة أن تتبنى طريقدة التددريس عن المثدال‪،‬‬
‫اا‬
‫ود ارس د د ددات الحالة‪ ،‬والتوقعات التي تُحددها لطالبها‪ .‬وهي حين تعمل هذا تض د د ددع الطلبة في‬
‫مواقف يخبرون فيها ويش د دداهدون ش د ددرو ا‬
‫طا وظروافا ذات ص د ددبغة قيمية وانفعالية في المحتوى‬
‫وفي االستجابة‪ .‬وهي حين ترتب خبرات الطالب تطلب منهم أن‪:‬‬
‫⚫ يفكروا في القيم والمشد د د د د دداعر والحسد د د د د دداسد د د د د دديات واالختيارات‪ ،‬ويحللوا مواقفهم وانفعاالتهم‬
‫ويوضحونها‪.‬‬
‫⚫ يقارنوا أفكارهم وعواطفهم أو انفعاالتهم مع أفكار اآلخرين وانفعاالتهم‪ ،‬ويض د ددعوا أنفس د ددهم‬
‫في موضع اآلخرين‪.‬‬
‫⚫ يخبروا المشدداعر المتضددمنة في المواقف‪ ،‬وبخاصددة تلك التي يغلب أن تكون لها صددبغة‬
‫انفعالية‪.‬‬
‫المعتنى بدده‪ ،‬فددإن التعليم في معظم الموضد د د د د د ددوعددات والمواد‬
‫وعلى الرغم من التخطيط ُ‬
‫الد ارس د ددية وفي معظم الس د ددنوات أو الص د ددفوف الد ارس د ددية ال ينظم حول األهداف الوجدانية أو‬
‫العاطفية أسدا اسدا‪ .‬ومن الواضدح إن مخططي المنهج التعليمي والمدرسدين يخططون دروسدهم‬
‫على أسد د د د د ددان المعرفة (المفا يم والتعميمات)‪ ،‬ثم يضد د د د د دديفون إلى هذا التعلم الوجداني الذي‬
‫يعتقدون أنه ينبغي أن يحدت في هذا الس دديا ‪ .‬وعلى س ددبيل المثال ال الحص ددر أن كثير من‬
‫أسدداتذة الجامعات يدرسددون قيمة المواطنة ألنهم يريدون لطالبهم أن يعرفوا مفهومها وأبعادها‬
‫والقيم المرتبطدة بهدا قبدل أن يلتفتوا إلى الجواندب الوجددانيدة للقيمدة‪ ،‬ومن ثَ َّم وضد د د د د د ددع ق اررات‬

‫‪78‬‬
‫التعليم الوجددداني في المرتب ددة الث دداني ددة في تخطيط تدددريس القيم ددة‪ ،‬واألمر في الحقيق ددة ليس‬
‫كذلك‪.‬‬
‫ثال اثا‪ :‬الم ون السلوكي لقيمة المواطنة‪:‬‬
‫في هدذا المجدال يمكن الحدديدث عن بعدد آخر من أبعداد التربيدة على المواطندة هو البعدد‬
‫الذي يمكن تس ددميته بالنهايات المس ددتدامة لهذه التربية‪ ،‬فكما أنه ال جدوى من تعليم المواطنة‬
‫إال بالقدر الذي يسد د د د ددتفيد منه الطلبة على صد د د د ددعيد التحصد د د د دديل المعرفي الجامعي‪ ،‬فإن هذه‬
‫الجدوى تظل ض د د د د د ددعيفة أي ا‬
‫ضد د د د د د دا إذا لم يتمكن التعليم من تحويل قيمة المواطنة إلى معايير‬
‫داخلية تعكس مواقف الطلبة وتوجه سلوكهم اليومي‪.‬‬
‫وال ش د ددك أنه كلما س د ددمحت األنش د ددطة الص د ددفية والبرامج التثقيفية غير الص د ددفية بوض د ددع‬
‫المتعلم أمام وضدعيات ومواقف اجتماعية أو فكرية أو سدلوكية مشدابهة للمواقف والوضدعيات‬
‫الحياتية‪ ،‬كلما أمكن لألسدتاذ الجامعي وللمتعلم‪ ،‬على حد سدواء‪ ،‬أن يرصددا ويتتبعا بالتعديل‬
‫مدى اسد ددتحضد ددار المسد ددتهدفين بقيمة المواطنة‪ ،‬سد دواء أكان ذلك في أثناء عمليات تحليل أو‬
‫تفس د د ددير أو تركيب معطيات تلك الوض د د ددعيات‪ ،‬أو حين إص د د دددار األحكام القيمية تجاهها أو‬
‫إبداء االقتراحات بصددها‪.‬‬
‫ويعددد اإلصد د د د د د دغدداء اليقأ خالل كددل لحظددة من تلددك العمليددات واحد اددا من أهم المهددارات‬
‫ُ‬
‫السد د د د د ددلوكية‪ ،‬التي تتوخى منها التربية على المواطنة المسد د د د د دداهمة في إشد د د د د دداعة روح التعاون‬
‫والمحبة التفاهم بين الطلبة‪ ،‬وذلك بما يس د د ددمح بفهم وتحليل ومعالجة كالم اآلخر واكتش د د دداف‬
‫آرائه ووجهات نظره‪ ،‬باإلضد ددافة إلى ذلك فإن امتالك المعرفة المتعلقة بالواقع من شد ددونها أن‬
‫تُيسدر مشداركة المتعلم في مختلف المجاالت‪ ،‬كالمشداركة في إصددار الق اررات التي تمسده أو‬
‫تمس المجتمع الذي ينتمي إليه‪ ،‬وهو ما يعني مس دداعدة المتعلم على ممارس ددة قيمة المواطنة‬
‫في المواقف المختلفة (ليلة‪.)228 ،2007 ،‬‬
‫ويذا كداندت المؤسد د د د د د دسد د د د د د ددة الجدامعيدة تؤدي أدوارهدا التقليدديدة في التددريس والبحدث العلمي‬
‫قادر على‬
‫وخدمة المجتمع‪ ،‬فعليها تقع مس د د ددؤولية التربية على المواطنة كي يص د د ددبح المتعلم اا‬
‫حكما‬
‫أن يشد د ددارك بمرائه في المواقف التي تتطلب المشد د دداركة‪ ،‬وأن يتحدت بجرأة وأن يمارن ا‬
‫داء على اسد د د د د د ددتعمدالده للحوار العقلي والمنطقي‪ ،‬وعلى االحتكدام‬
‫أخالقايدا أو نقدد ايدا‪ ،‬وكدل ذلدك بن ا‬
‫إليه في تصني" استجابات زمالئه تجاه أية وضعية ذات صبغة نزاعيه‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫قادر على أن يقرر ويتس د د د د دداءل حول أثر ق ارراته على ذاته وعلى اآلخرين‪،‬‬ ‫ولكي يكون اا‬
‫وكددذا على البيئددة‪ ،‬وأن يمددارن انفتددا اح دا على األفكددار الجددديدددة‪ ،‬وأن يتوافق ويبدددي اهتمددامدده‬
‫بإنتاج غيره‪ ،‬وأن يقترح مشد دداريع وينخرط بكل وعي وحرية ومسد ددؤولية ومسد دداواة في مشد دداريع‬
‫غيره‪ .‬وبقدر ما ترمي التربية على المواطنة إلى توس د د دديس مش د د دداعر وأحاس د د دديس ترتبط بقيمة‬
‫المواطندة‪ ،‬بقددر مدا تُعدد هدذه التربيدة غير مرتكزة على المعدارف‪ ،‬ألنهدا تربيدة قيميدة بدالددرجدة‬
‫األولى تتجه نحو السلوك (المنجرة‪)141 ،2005 ،‬‬
‫وهكذا فإن الطلبة داخل المؤسسة الجامعية ينبغي أال يتعلموا قيمة المواطنة فقط‪ ،‬وينما‬
‫ينبغي لهم أن يعيشدوها في تعليمهم‪ ،‬ذلك أن تدريس قيمة المواطنة يعني توسديس هذه القيمة‬
‫على مس ددتوى الوعي والوجدان والمش دداعر‪ ،‬وكس ددلوكيات عملية على مس ددتوى الممارس ددة‪ ،‬ألن‬
‫الهدف من التربية على المواطنة يتمثل في التركيز على الجانب السدلوكي لدى الطلبة للدفع‬
‫موقفا وقيمة‪ ،‬أي تحويلها إلى سلوك يومي يصدر بكيفية ذاتية‬ ‫بهم نحو دمج ثقافة المواطنة ا‬
‫تلقائية وواعية على نحو يتجاوز الجانب المعرفي‪ ،‬والعالقات الس د د د د ددائدة داخل المؤسد د د د د دس د د د د ددة‬
‫الجامعية إلى المحيط الخارجي‪.‬‬
‫مع التوكيد أن تثبيت ثقافة المواطنة يحتاج إلى مشد د د ددروع متعدد األبعاد‪ ،‬وذلك بإسد د د ددناد‬
‫قيمة المواطنة المرتبطة بالديمقراطية والحرية والمشد د د د دداركة واالنتماء‪ ،‬أي تكامل العمل بقيمة‬
‫المواطنة بمختلف مجاالت التربية واإلعالم والقضد دداء واألمن‪ ،‬إذ يقتضد ددي ذلك وضد ددع برامج‬
‫تربويدة ف اعدالدة لتكوين العداملين في هدذه المجداالت من خالل التعداون مع الجمعيدات المددنيدة‪،‬‬
‫من أجل تعزيز المواطنة في السلوك‪.‬‬
‫ومن ثَ َّم ال يمكن للمؤس دسددة التربوية أن تنجح في ترسدديك قيمة المواطنة لدى الطلبة إذا‬
‫كان هؤالء يص د د د د ددطدمون في مختلف مجاالت الحياة بالمس د د د د ددؤولين والعاملين في العديد من‬
‫المؤس د د دسد د ددات الحيوية‪ ،‬الذين تتعارض ممارسد د دداتهم وسد د ددلوكياتهم مع قيمة المواطنة وأبعادها‬
‫المختلفة‪ ،‬لذلك ال بد من أن تتحمل المؤس د د دسد د ددة الجامعية معالجة هذه القضد د ددية ونقد اإلرت‬
‫الثقافي غير الداعم لثقافة المواطنة الصد د د د د ددالحة‪ ،‬من أجل تيسد د د د د ددير النهوض المجتمعي نحو‬
‫الحداثة الفعلية عن طريق مدخل المنظومة القيمية عامة‪.‬‬
‫==========================================‬

‫‪80‬‬
‫أنشطة وتطبيقات‬

‫نشاط‬
‫يوجد الكثير من الطلبة من يعر أقمية قيمة المواطنةت لكنة ال ُيحساااااان اختيار الساااااالو‬
‫اإليجابي اتجاقها‪ .‬ما تفسير لذلم؟‬
‫بعد مناقش ددة الس دؤال مع أس ددتاذ المقرر في المحاض درة طبق ما تعلمته من خالل المناقش ددة في‬
‫حقول الجدول اآلتي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪)16‬‬
‫تش يل قيمة المواطنة عبر م وناتها (السلوكيت المعرفيت الوجداني)‬

‫الم ون السلوكي‬ ‫الم ون الوجداني‬ ‫الم ون المعرفي‬

‫ف ّكر‪ ..‬صّنف‬
‫أق أر أبعااد المواطناة في العمود األول من الجادول ثم أذكر أمثلاة لماا يجاب أن ي ون علياة‬
‫سلو الطالب الجامعي يما يتصل ب ل ُبعد في العمود الثاني‪.‬‬
‫جدول رقم (‪)17‬‬
‫المظاقر السلوكية‬ ‫أبعاد المواطنة‬
‫االنتما‬
‫المشاركة‬
‫الديمقراطية‬

‫مشروع‬

‫أسااتاذ المقرر في عمل خطة تربوية لتنمية قيمة المواطنة في‬ ‫تعاون مع زمالئم وبإش ا ار‬
‫جامعتم‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫الفصل السابع‬
‫قيمة الوسطية واالعتدال‬

‫‪82‬‬
‫الفصل السابع‬
‫قيمة الوسطية واالعتدال‬
‫تُعد الوسد د ددطية قيمة محورية في منظومة القيم األخالقية‪ ،‬ألن االعتدال في كل شد د دديء‬
‫أمر مرغوب‪ .‬وألن األمر كدذلدك فقدد حدازت الوسد د د د د د ددطيدة على مكداندة بدارزة في فكر المفكرين‬
‫دلوكا وطريقة حياة لدى‬
‫مميز انعكس س د د د د د د ا‬
‫اهتماما اا‬
‫ا‬ ‫وممثرهم‪ ،‬وكالم الحكماء ولطائفهم‪ ،‬ونالت‬
‫كثيرين منهم‪ ،‬فاتضح ذلك في مناهجهم وأقوالهم وطرقهم في التعليم والتنشئة‪.‬‬
‫ومن ثَ َّم فإن الوسدطية حالة محمودة‪ ،‬وخاصدية أسداسدية من خصدائص المجتمعات التي‬
‫ال يتجه أفرادها نحو العنف والتطرف‪ ،‬وهي ترتبط بخاصد د د د ددية أخرى هي خاصد د د د ددية التوازن‪،‬‬
‫وعدم الميل إلى إحدى طرفي المعادلة أي اإلفراط أو التفريط‪.‬‬
‫وفي هذا الفصد د ددل سد د دديتم تناول قيمة الوسد د ددطية واالعتدال وفق المنهج الذي اتبعناه في‬
‫مناقشد د ددة القيم األخرى‪ ،‬أي من خالل مكونات القيمة المعرفية والوجدانية والسد د ددلوكية‪ ،‬وفيما‬
‫يوتي توضيح لذلك‪.‬‬
‫أواال‪ :‬الم ون المعرفي لقيمة الوسطية‪:‬‬
‫يش د ددمل هذا المكون المعارف والمعلومات النظرية التي تتص د ددل بقيمة الوس د ددطية بش د دكل‬
‫عددام‪ ،‬وعن طريق ده يمكن تعليم هددذه القيمددة من حيددث أهميتهددا وفوائدددهددا ومددا تدددل عليدده من‬
‫معداني مختلفدة ومتعدددة‪ ،‬وكدذلدك من دالالت تربويدة‪ .‬ومن هندا يجدب تعليم الطلبدة مجموعدة‬
‫من المعارف عن قيمة الوسطية واالعتدال‪ ،‬وذلك على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬الوسطية في الفكر اإلسالمي‪:‬‬
‫جديدا في اإلس د ددالم‪ ،‬وينما خاص د ددية من خص د ددائص‬
‫اتجاها ا‬
‫ا‬ ‫الوس د ددطية ليس د ددت مذ ابا أو‬
‫اإلس د د ددالم إذا أحس د د ددن فهمه‪ .‬كما أنها ليس د د ددت ص د د ددفة ينبغي أن تحتكرها جماعة أو حركة أو‬
‫حزب إس ددالمي‪ ،‬بل ينبغي أن تكون ص ددفة األمة اإلس ددالمية جمعاء حينما تكون في مس ددتوى‬
‫مددا طلددب منهددا‪ ،‬وقددائمددة بحق على مددا أخرجددت من أجلدده إلى النددان‪ ،‬أي األمر بددالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر واإليمان با ‪ ،‬ويقامة الش د د د د د ددهادة بذلك كله على النان‪ ،‬من خالل إقامته‬
‫في نفون أفرادها وحياتهم الفردية والجماعية وفي مؤسساتها وأنظمتها‪.‬‬
‫والوس ددطية تعني التوازن وعدم اإلفراط أو التفريط‪ ،‬كما تعني العدل والس ددير في صد دراط‬
‫هللا المسدتقيم‪ ،‬ومن ثم ال ينبغي أن نفهم من الوسدطية التسديب والتسداهل ويتباع األهواء‪ ،‬ألن‬
‫مقياسد ددها هو الشد ددرع نفسد دده وأحكامه‪ .‬كما أنها مالزمة لإلسد ددالم في جميع مظاهره وتجلياته‪،‬‬

‫‪83‬‬
‫في عقيدته وعبادته‪ ،‬في شدريعته وأحكامه‪ ،‬في نظامه االجتماعي ونظامه السددياسددي ونظامه‬
‫الحض د د د دداري‪ .‬وهي قبل هذا وذاك جهد متواص د د د ددل من أجل لزوم طريق االس د د د ددتقامة والعدل‪.‬‬
‫وللوسد د د د د د ددطي ددة في الفكر اإلسد د د د د د ددالمي مج دداالت وتجلي ددات كثيرة ن ددذكر منه ددا‪( :‬مركز الفكر‬
‫االستراتيجي للدراسات‪ ،‬شبكة االنترنت)‬
‫⚫ الوسطية في العبادة‪:‬‬
‫بداية ال بد من اإلشدارة إلى أن النبي ﷺ قد نهى عن الغلو في العبادة‪ ،‬ألن الغلو فيها‬

‫هو الخروج بها عما جاءت به س د ددنته ﷺ‪ ،‬إذ إن األص د ددل في العبادات االتباع‪ .‬ذلك أن ما‬
‫جداء بده النبي ﷺ في هدذا المجدال هو الوسد د د د د د ددط ومدا عدداه ال يعددو أن يكون إمدا إف ار ا‬
‫طدا أو‬
‫غلوا‪ .‬ومن األدلة القرآنية على نهج الوسد د د ددطية والتوسد د د ددط في العبادة قوله تعالى‪:‬‬
‫طا أو ا‬
‫تفري ا‬
‫فَوَُّ َُاا الدَََّ مَو ادتَطََتُ (التغابن‪)16 :‬‬

‫⚫ الوسطية في الشريعة واألح ام‪:‬‬


‫تُعبر وس د د د ددطية األحكام في اإلس د د د ددالم عن خاص د د د ددية التوازن الملحوظة في البناء العام‬
‫دور‪ ،‬إذ تتمثل وس د ددطية األحكام الش د ددرعية في عديد من القواعد الفقهية‬ ‫لإلس د ددالم عقيدة وتص د د اا‬
‫التي اسد ددتنبطها العلماء من خالل اسد ددتقراء األحكام الشد ددرعية الجزئية ومنها‪ :‬قاعدة "المشد ددقة‬
‫تجلب التيسد د د ددير" ودليلها قوله تعالى‪ :‬نًانِّ الدََّ باَُ القِّس كًَ وَلَو نًانِّ باَُ القَس كًَ (البقرة‪ .)185 :‬وقوله‬
‫ﷺ "بعثت بالحنفية الساااااااامحة" (اخرجه الطبراني في األوس د د د د د ددط (‪ 106/22‬برقم ‪.)7664‬‬
‫وقوله ص د د د د ددلى هللا عليه وس د د د د ددلم‪" :‬يساااااااروا وال تعساااااااروا" (اخرجه البخاري في ص د د د د ددحيحه‬
‫(‪ 3235/78‬برقم ‪)5796‬‬
‫⚫ الوسطية في البنا االجتماعي‪:‬‬
‫ال ش د ددك أنه إذا كانت الوس د ددطية تعني ص د ددياغة إنس د ددانية للمجتمع فهذا يعني االعتراف‬
‫بالجوانب اإلنس د د د د ددانية كلها في تمخ وتكامل‪ .‬ومن هنا نجد أن من أبرز خص د د د د ددائص المنهج‬
‫القرآني في عالج القضد د د د د د ددايدا االجتمداعيدة واالقتصد د د د د د دداديدة أنده ال يقيم البنداء االجتمداعي‪ ،‬أو‬
‫الس د ددياس د ددية االقتص د ددادية على أس د ددان الصد د دراع بين األفراد أو الطبقات‪ ،‬وينما قبل أن يض د ددع‬
‫القوانين يقيم دعامات أخرى إنسد ددانية تشد دديع بين النان أواصد ددر الرحمة‪ ،‬والحب‪ ،‬والتسد ددامح‪،‬‬
‫والتعاون‪ ،‬ومراقبة الضمير‪ ،‬وخشية هللا‪ ،‬وغير ذلك من المعاني‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫⚫ الوسطية في العالقة مع اآلخرين‪:‬‬
‫من أهم مجاالت وتجليات الوسدطية في الفكر اإلسدالمي حث المسدلمين على الوسدطية‬
‫والعدل في العالقة مع غير المس د ددلمين‪ ،‬ألن األص د ددل في عالقة المس د ددلم مع غيره أنها مبنية‬
‫على العدل والقسط‪ ،‬بل أكثر من ذلك نجد اإلسالم يومر المسلمين بما هو أكثر من القسط‪،‬‬
‫أي بالبر الذي يعني الخير والفضل‪.‬‬
‫ولقدد تجلى هدذا ا لمعنى مندذ اللحظدة األولى لتدوسد د د د د د دديس الددولدة اإلسد د د د د د ددالميدة في المدديندة‬
‫المنورة ‪ ،‬إذ كددان من أوائددل األعمددال التي قددام بهددا النبي صد د د د د د ددلى هللا عليدده وسد د د د د د ددلم‪ ،‬كتددابددة‬
‫"الصدحيفة" التي تنظم العالقة بين المسدلمين وغير المسدلمين من سدكان المدينة‪ ،‬التي عرفت‬
‫باسدم "صدحيفة المدينة‪ .‬تلك الصدحيفة التي جعلت غير المسدلمين المقيمين في دولة المدينة‬
‫مواطنين فيه ددا لهم من الحقو مث ددل م ددا للمسد د د د د د ددلمين‪ ،‬وعليهم من الواجب ددات مث ددل م ددا على‬
‫المسد د د ددلمين‪ ،‬فكانت بحق أول دسد د د ددتور مدون في التاريك كله‪ ،‬لم يسد د د ددبق إلى مثله أحد‪ ،‬ولم‬
‫ينسد ددج على منوالها أحد‪ ،‬إلى أن صد ددنع اإلنجليز بعد ثورتهم في سد ددنة ‪1215‬م وثيقتهم التي‬
‫سموها (العهد األعظم)‪.‬‬
‫‪ -2‬الوسطية في الفكر الفلسفي‪:‬‬
‫عموما بالوسد ددطية واالعتدال‪ ،‬فقد كان الوسد ددط في ذهن‬
‫ا‬ ‫تتميز مناهج الفلسد ددفة اليونانية‬
‫أفالطون عندما عرف الفضدديلة بونها انسددجام في العمل‪ .‬أما توما االكويني فقد أدخل فلسددفة‬
‫دميا لدى الكنيسددة الكاثوليكية منذ‬
‫أرسددطو إلى تعاليم المسدديحية‪ ،‬وأصددبح فكره هو المعتمد رسد ا‬
‫مدافعا عنها وموفاقا بينها وبين‬ ‫القرن ‪13‬م‪ .‬وبما أن األكويني كان اا‬
‫متوثر بمقوالت أرس د د ددطو و ا‬
‫بديهيا فكرة الوسط الذهبي في الفكر المسيحي الوسيط‪.‬‬ ‫ا‬ ‫الالهوت المسيحي‪ ،‬فقد أقحم‬
‫كما كان الفيلس د د د د ددوف اإلنكليزي برتراند ارس د د د د ددل من الذين وظفوا مفهوم الوس د د د د ددطية في‬
‫الفلس د ددفة‪ .‬يقول ارس د ددل معب ار عن فلس د ددفته عن الحقيقة‪" :‬من جانبي أعتقد أن الحقيقة تكمن‬
‫بين قذين الطرفينت بين األفكار والحياة العملية"‪ .‬وقوله‪" :‬إن مشددكلة إيجاد نظام اجتماعي‬
‫راسك ومقبول يمكن حلها بالجمع بين صالبة اإلمبراطورية الرومانية وبين مثالية أوغسطين‪.‬‬
‫(الديدي‪)58 ،1985 ،‬‬
‫ويدذهدب بعض المحققين الغربيين إلى أن تداريك ظهور لفظدة الوسد د د د د د ددطيدة كمصد د د د د د ددطلح‬
‫س د د ددياس د د ددي في الغرب‪ ،‬هو ثورة جويلية ‪1830‬م بفرنس د د ددا‪ ،‬إذ ظهر بعد اندالعها للتعبير عن‬
‫سد د د ددياسد د د ددة "لويس فيليب" في اسد د د ددتقطاب المعارضد د د ددة وفض النزاعات‪ .‬كما اسد د د ددتعملت لفظة‬

‫‪85‬‬
‫أحيانا بالوسدط الجديد أو المعاصدر‬
‫ا‬ ‫ويعبر عنه‬
‫الوسدطية في بريطانيا بمعنى الطريق الثالث‪ُ ،‬‬
‫تميز له عن الوسط الذهبي"‪ "The Golden Mean‬القديم "الكالسيكي"‪.‬‬ ‫اا‬
‫والحاصددل‪ ،‬فإن كل من اطلع على الفكر الغربي‪ ،‬وبخاصددة الفلسددفي منه واالجتماعي‪،‬‬
‫يددرك حقيقدة كون الوسد د د د د د ددطيدة فكرة مؤثرة في ثقدافدة الغرب‪ ،‬وينده يوجدد أقوال كثيرة تددل على‬
‫أهمية مفهوم الوس د د ددطية منها‪ :‬قول الش د د دداعر الروماني أوفيد ‪ Ovid‬توفي ‪ 17‬قبل الميالد‪:‬‬
‫"يوجد األمان في وسااااط الطريق"‪ .‬وقول الش د د دداعر األلماني جوته ‪ Goethe‬توفي ‪1832‬م‬
‫"تنبع السعادة الحقيقية من الوسطية واالعتدال‪.‬‬
‫‪ -3‬أقمية قيمة الوسطية للفرد والمجتمع‪:‬‬
‫تتجلى أهمية منهج االعتدال والتوسط في مجموعة نقاط نذكر منها‪:‬‬
‫‪ ‬تسد ددمح قيمة الوسد ددطية بنشد ددر قيم مجتمعية أخرى داخل البناء االجتماعي‪ ،‬فإذا ما شد دداع‬
‫فكر الوس د د د ددطية داخل المجتمع ش د د د دداعت قيمة الحرية‪ ،‬فال حرية في مجتمع متطرف ُيمارن‬
‫أفراده العصبية والتعصب‪.‬‬
‫‪ ‬تُسد دداعد الوسد ددطية اإلنسد ددان على عيش حياة واقعية‪ ،‬إذ يس د دتطيع من خاللها الفرد قيان‬
‫بعيدا عن التعصب والتحيز‪.‬‬ ‫األمور من منظور حقيقي وموضوعي ا‬
‫‪ ‬الوسدطية تعني االعتدال الذي تسدتقر به المجتمعات‪ ،‬وتزدهر به الحضدارات‪ ،‬وينعم فيه‬
‫اإلنسددان بالرخاء‪ ،‬فباالعتدال ترتقي األمم والشددعوب‪ ،‬بعكس التطرف الذي هو مفتاح الفتن‪،‬‬
‫وتدمير حضارة الشعوب وانهيارها‪.‬‬
‫‪ ‬تُعلي الوسددطية من قيمة التعايش واإلخاء واحترام اآلخر‪ ،‬ومن ثَم تسددعى إلى مد جسددور‬
‫بعيدا عن النعرات الطائفية‪ ،‬وأشكال التمييز كافة‪.‬‬
‫الثقة بين البشر ا‬
‫منهجا‬
‫ا‬ ‫‪ ‬تُعد الوسد ددطية من أسد ددباب تحقيق األمن واالسد ددتقامة‪ ،‬ألن عدم االلتزام بالوسد ددطية‬
‫في التفكير سد ددوف يؤدي إلى التطرف واإلخالل باألمن واالسد ددتقرار‪ ،‬ومن ثم يتفر المجتمع‬
‫وتنهار وحدته الوطنية‪.‬‬
‫‪ ‬تقود الوسدطية الفرد إلى التفاعل اإليجابي مع مجتمعه‪ ،‬إذ ُيصدبح أكثر قدرة على النظر‬
‫إلى األمور نظرة تفاؤلية‪ ،‬وأكثر قدرة على معالجة األخطاء والمخالفات وفق منهج وسد د د ددطي‬
‫صحيح‪ ،‬مبنى على العلم والمعرفة‪ ،‬والبعد عن االندفاع غير المنضبط‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫‪ -4‬ضرورات الوسطية واالنفتاح علل االخر‪:‬‬
‫أصدبحت الوسدطية في المجتمع المعاصدر ضدرورة فرضدت نفسدها على الجميع ألسدباب‬
‫عديدة نذكر منها‪:‬‬
‫خيار يوخذ به أو يعرض عنه‪ ،‬بل‬ ‫⚫ إن االنفتاح على العالم لم يعد بالنس د د د د ددبة ألي مجتمع اا‬
‫أض ددحى ض ددرورة حتمية في ظل ثورة االتص ددال والمعلومات‪ ،‬التي جعلت العالم ش ددبيها بقرية‬
‫صغيرة يكاد كل من فيها يعرف كل ما فيها‪.‬‬
‫⚫ إن االنفتاح الحضدداري على الحضددارات األخرى أصددبح ضددرورة لها موجباتها التي تُحتم‬
‫على األمم الناهض د د ددة التثاقف مع اآلخر والتواص د د ددل معه‪ ،‬فثورة االتص د د دداالت التي يعيش د د ددها‬
‫العالم اليوم‪ ،‬بما تحمله من رس د د د د د ددائل عابرة للحدود‪ ،‬ال يمكن ألي مجتمع تجاهلها واالنعزال‬
‫عنها‪ ،‬وبخاصة ما يتصل منها على صعيد العلم والمعرفة‪.‬‬
‫⚫ كمدا أن االنفتداح هو مطلدب عقدائددي‪ ،‬فدالددين اإلسد د د د د د ددالمي يددعوا إلى تعدارف الشد د د د د د ددعوب‬
‫وتعداونهدا‪ ،‬يقول تعدالى‪ :‬أَنه هَكو الاَّكوس إانَّكو خَدََقاَكوكُ مُِ ذَكًٍَ وَأُنقثَى وَجَََدقاَكوكُ شكككَاب*كو وََِبَكو ِك َ لِتَََكوَِفُاا إانَّ أَكقًَمََُ‬

‫َِاَِّ الدََِّ أَُقََوكُ (الحجرات‪.)13:‬‬


‫⚫ يعطي االنفتاح الحضد د د دداري على الثقافات األخرى فرصد د د ددة لتوضد د د دديح الصد د د ددورة الحقيقية‬
‫للمجتمع السد د د ددعودي‪ ،‬التي شد د د ددوهها كثير من الحاقدين في الغرب والشد د د ددر ‪ ،‬وبخاصد د د ددة بعد‬
‫أحدات الحادي عشد د د ددر من سد د د ددبتمبر‪ ،‬وما علق بالمجتمع السد د د ددعودي من اتهامات وتجنيات‬
‫أخددذهددا بعضد د د د د د ددهم على أنهددا واقع‪ ،‬ومن غير المعقول أن يحجددب حق توضد د د د د د دديح الحقددائق‬
‫لآلخرين‪ ،‬والدفاع عن طبيعة ثقافة المجتمع الس د ددعودي‪ ،‬وما تحمله من قيم إنس د ددانية عظيمة‬
‫بمبرر الخوف على ذوبان الهوية‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن الذين يقفون من اآلخر الحضاري موقف الرفض‪ ،‬والذين يقفون‬
‫منده موقف القبول الكدامدل‪ ،‬إنمدا يقفون بين إفراط وتفريط‪ ،‬وهم بدذلدك يخدالفون قواعدد االنفتداح‬
‫الحض دداري الموجه والناض ددج‪ ،‬وغير واعين لمخاطر االنغال ‪ ،‬وألبجديات التدافع الحض دداري‬
‫الذي يقتض ددي اللقاء والتواص ددل والتثاقف والقبول‪ ،‬فهما يقودان إلى تغيب العقل‪ ،‬وعدم القدرة‬
‫على مقابلة التحدي الحضاري‪ ،‬وامتالك مهارة الحوار الحضاري االيجابي‪.‬‬
‫‪ -5‬الوسطية تقتضي الحوار مع اآلخر الديني والثقافي والحضاري‪:‬‬
‫ددخال مه امدا لحوار الثقدافدات‪ ،‬ألن األديدان جميعهدا تتحددت عن اإللده‬ ‫ُيعدد حوار األديدان م ا‬
‫والحقو ‪ ،‬واألخال ‪ ،‬والقيم‪ ،‬التي تعني اإلنس د د د د د د ددانيددة جميعهددا بصد د د د د د ددرف النظر عن لغدداتهددا‬

‫‪87‬‬
‫وأديانها‪ .‬ومن ثَ َّم ال بد من توظي" هذه القواس ددم المش ددتركة لمواجهة قوى الش ددر التي تُمارن‬
‫اإلرهاب بوشكاله كافة‪.‬‬
‫ومن ثَم ُيص د د د ددبح الحوار ض د د د ددروري في وقت يدعو فيه بعضد د د د دهم لما أس د د د ددموه صد د د د دراع‬
‫الحض ددارات‪ ،‬وباألخص بين الحض ددارتين اإلس ددالمية والغربية‪ ،‬الذي تقوم من ورائه جماعات‬
‫ومراكز أبحات‪ ،‬في حين يدعو الفكر اإلس ددالمي الص ددحيح إلى الحوار الفعال الذي يس ددتطيع‬
‫أن يعيد للبش د د درية األمل والتعاون والمحبة‪ ،‬وتجسد د دديد الخير في المجتمعات اإلنسد د ددانية كافة‪،‬‬
‫دون النظر إلى معتقدات أفرادها أو لونهم أو عرقهم أو جنس د د د د ددهم‪ .‬ومن هنا فإنه لكي ينجح‬
‫أي حوار فاعل البد من‪:‬‬
‫⚫ المعرفة المتبادلة بفرو الثقافات من أجل تفهم أفضد د د د د ددل لكل طرف‪ ،‬وقد يتولد عن هذه‬
‫المعرفددة إثراء متبددادل انطالاقدا من تلددك الفرو ذاتهددا‪ .‬مع ملحوظددة أن المعرفددة تسد د د د د د دتدددعي‬
‫الفضددول والبحث والتفتح‪ ،‬وجميعها مواقف تناقض ك ار ية األجنبي‪ ،‬والعنصدرية‪ ،‬والتعصددب‪،‬‬
‫واالنغال على الذات‪ ،‬والرفض‪.‬‬
‫داويا في الحوار‪ ،‬وكذلك تحديد المص د ددالح المش د ددتركة‬
‫⚫ االعتراف باآلخر بوص د ددفه طرافا مس د د ا‬
‫للحوار‪.‬‬
‫⚫ إبراز عوامل التقارب أو القواس د د ددم المش د د ددتركة بين المتحاورين‪ ،‬مع ض د د ددرورة تقييم الحوار‬
‫وتجاوز العثرات‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الم ون الوجداني لقيمة الوسطية‪:‬‬
‫ا‬
‫يش د د ددمل هذا المكون االنفعاالت والمش د د دداعر واألحاس د د دديس الداخلية التي ال تظهر‪ ،‬وعن‬
‫طريقده يميدل الفرد إلى قيمدة معيندة‪ .‬كمدا يتصد د د د د د ددل هدذا المكون بتقددير القيمدة واالعتزاز بهدا‪،‬‬
‫فضد ادال عن أنه ُيشددعر الفرد بالسددعادة الختيار القيمة‪ ،‬ويعلن االسددتعداد للتمسددك بالقيمة على‬
‫المأل‪.‬‬
‫ومن ثَ َّم فإن تربية وجدان الش د د د ددباب الجامعي على قيمة الوس د د د ددطية يجب أن يتوافر لها‬
‫بيئة جامعية تُش د ددكل مش د دداعر وعواطف إيجابية لدى الش د ددباب نحو قيمة الوس د ددطية‪ ،‬ونقص د ددد‬
‫بالبيئة الجامعية الثقافة الس د د د د د ددائدة في فض د د د د د دداءات الجامعة التي تُس د د د د د دداعد على تعزيز قيمة‬
‫الوسطية في وجدان الشباب الجامعي‪ ،‬ومن صور ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬عدم التمييز بين الطلبة على أسدان قبلي أو مركز مادي آلبائهم‪ ،‬ألنهم عندما يشدعرون‬
‫بالحرية والمساواة تتشكل لديهم اتجاهات ومشاعر إيجابية نحو قيمة الوسطية‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ ‬عدم إظهار األسدتاذ الجامعي أي تعصدب لرأي أو تجاه‪ ،‬ألنه لو فعل عكس ذلك سدوف‬
‫يقتدي به بعض الطلبة‪ ،‬وتتش د ددكل لديهم اتجاهات س د ددلبية نحو قيمة الوس د ددطية‪ ،‬فالقدوة مهمة‬
‫في بناء وجدان الطالب وترغيبه وتشكيل عواطفه نحو القيم اإليجابية‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬فإن مرحلة المراهقة هي مرحلة تغلب عليها العاطفة‪ ،‬وسدرعة االنفعال‬
‫والتدوثر‪ ،‬ومن ثَ َّم فال بدد من النظر بعين االعتبدار السد د د د د د ددتغالل هدذين العداملين في االهتمدام‬
‫بالمكون الوجداني للشد د د د ددباب نحو قيمة الوسد د د د ددطية‪ ،‬من خالل إثارة انفعاالتهم وعواطفهم بما‬
‫يخدم تعزيز قيمة الوس د ددطية في نفوس د ددهم‪ .‬وهنا يمكن االتجاه إلى تربية الش د ددباب على أهمية‬
‫الحوار كوسد د دديلة للتعبير عن الرأي‪ ،‬وتوطيره لتحقيق التعايش مع اآلخر‪ ،‬وتشد د ددكيل اتجاهات‬
‫إيجابية لديهم للتعامل مع أهل الديانات األخرى‪.‬‬
‫ثال اثا‪ :‬الم ون السلوكي لقيمة الوسطية‪:‬‬
‫هذا الجانب هو الذي تظهر فيه القيمة على أرض الواقع‪ ،‬فالقيمة تترجم إلى سد د د د د ددلوك‬
‫ظاهري عن طريق التفاعل‪ ،‬ويتصددل هذا الجانب بممارسددة القيمة أو السددلوك الفعلي واألداء‬
‫النفس حركي‪ ،‬وفي هذا الجانب يقوم الطالب بممارسد ددة القيمة وتكرار اسد ددتخدامها في الحياة‬
‫اليومية العادية‪.‬‬
‫دطيا‪ ،‬فإنه ال بد من صددياغة ثقافة تُعزز‬ ‫دلوكا وسد ا‬
‫ومن ثَ َّم إذا أردنا لطالبنا أن يسددلكوا سد ا‬
‫هذه القيمة في فض د د دداء الجامعة يكون قوامها‪ :‬تحريم الغدر والخيانة‪ ،‬وتعزيز قيمة المس د د دداواة‬
‫بين النان في الحقو والواجبات‪ ،‬والوفاء بالعهود وص د د د دديانة حقو اآلخرين‪ ،‬ونبذ الك ار ية‪،‬‬
‫وتعزيز قيم اإلحس ددان والتس ددامح والرحمة‪ ،‬والعدل والسد دالم‪ ،‬والتض ددامن والتكافل االجتماعي‪،‬‬
‫والتملف والعفو والمودة‪ ،‬فضد د د د د ادال عن تضد د د د ددمين المناهج الد ارسد د د د ددية مجموعة من األنشد د د د ددطة‬
‫التعليمية القادرة على تعزيز مفا يم االعتدال في عقول وأذهان وقلوب الطلبة‪.‬‬
‫مع التوكيد أن تجسد دديد القيم السد ددابقة يتطلب من المؤسد دسد ددة التربوية بكل مكوناتها خلق‬
‫أنش د ددطة تربوية وتطبيقية تُمكن الطلبة من االنخراط الفعلي في ثقافة الوس د ددطية وقبول التنوع‬
‫الثقافي‪ ،‬ويقصاء كل السلوكيات المنافية لهذه الثقافة التي يمارسها بعضهم داخل المؤسسات‬
‫التربوية‪.‬‬
‫ولكي تتمكن المؤس د دس د ددات التربوية من تجس د دديد قيمة الوس د ددطية في س د ددلوك الطلبة‪ ،‬فإنه‬
‫يتعين عليه ددا العم ددل على إح دددات تغيرات وتع ددديالت جوهري ددة في المن دداخ العلمي والفكري‬
‫واالجتماعي داخل البيئة التربوية‪ ،‬من خالل إش دداعة القيم اإلنس ددانية واألخالقية وقيم الترابط‬

‫‪89‬‬
‫االجتماعي والتواص د د د ددل الثقافي‪ ،‬كما يتعين عليها تعميم ونش د د د ددر قيم الوس د د د ددطية‪ ،‬وتقبل النقد‬
‫وقبول اآلخر واحترام الفكر المخد ددالف‪ ،‬واإلقرار بحق االختالف‪ ،‬من خالل تهيئد ددة البيئد ددة‬
‫المالئمة داخل الفضاء التربوي‪.‬‬
‫وعليدده ُيمكن للقددائمين على العمليددة التربويددة والتعليميددة اإلسد د د د د د دهددام في تنميددة السد د د د د د ددلوك‬
‫الوسد د د ددطي لدى الطلبة من خالل‪ :‬عقد المؤتمرات الطالبية التي تسد د د ددعى إلى تنمية منظومة‬
‫القيم النبيلة لدى الطلبة‪ ،‬ويكسددابهم المهارات التي من شددونها بناء الشددخصددية القادرة على أن‬
‫معتدال في المواقف المختلفة‪.‬‬
‫ا‬ ‫سلوكا‬
‫ا‬ ‫تسلك‬
‫كما يقع على عاتق المؤسدسددة الجامعية خلق أنشددطة تربوية (ندوات‪ ،‬مسددرحيات‪ ،‬أفالم‬
‫س ددينمائية) تخلق اتجاهات إيجابية لدى الطلبة نحو قيمة الوس ددطية‪ ،‬وتدفعهم إلى أن يس ددلكوا‬
‫دلوكا يرفض التعص ددب لآلراء التي قد تؤدي إلى االنفعال‪ ،‬ومحاول إقص دداء اآلخر أو ربما‬ ‫سد ا‬
‫إلغدائده‪ .‬مع ملحوظدة أن النظريدة التربويدة الحدديثدة ترى أنندا ال نتعلم مداال نمدارسد د د د د د دده‪ ،‬فدإذا أردندا أن‬
‫نتعلم الوسطية تحتم علينا ممارستها‪.‬‬

‫‪------------------------------------------‬‬
‫أنشطة وتطبيقات‬

‫نشاط‬
‫يوجد الكثير من الطلبة من يعر أقمية قيمة الوساطية واالعتدالت لكنة ال ُيحسان اختيار‬
‫السلو اإليجابي لها‪ .‬ما تفسير لذلم؟‬
‫بعد مناقش ددة الس دؤال مع أس ددتاذ المقرر في المحاض درة طبق ما تعلمته من خالل المناقش ددة في‬
‫حقول الجدول اآلتي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪)18‬‬
‫تش يل قيمة الوسطية واالعتدال عبر م وناتها السلوكية والمعر ية والوجدانية‬
‫الم ون السلوكي‬ ‫الم ون الوجداني‬ ‫الم ون المعرفي‬

‫‪90‬‬
‫موقف‬
‫قال ي في أن ُتصااااااااادر الجاامعاة عقوباات صاااااااااارماة لمواجهاة التطر الفكري أو الاديني أو‬
‫السياسي؟ بين رأيم في الحجج المقترحة‪:‬‬
‫سلوكا متطرافا‪.‬‬
‫ا‬ ‫⚫ نعم‪ :‬ألن العقوبات الصارمة رادع قوي لكل طالب ُيحاول أن يسلك‬
‫⚫ ال‪ :‬ألن العقوبات الصارمة تُصادر حق اإلنسان في التصرف‪.‬‬
‫⚫ نعم‪ :‬ألن العقوبات الصارمة أقوى وسائل الضبط في الجامعة‪.‬‬
‫⚫ ال‪ :‬ألن التطرف الفكري أو الديني يرتبط بمدى وعي الطلبة بخطورة المشكلة‪.‬‬

‫تعاون‪ ..‬فكر‬
‫تتعدد المشااااا ا الت السااااااالوكية الناتجة عن التطر لدى بعح الطالب في الجامعة‪ ..‬في‬
‫أستاذ المقرر في مل الجدول اآلتي‪:‬‬ ‫ضو ذلم تعاون مع زمالئم وبإش ار‬
‫جدول رقم (‪)19‬‬
‫مقترحاتم للعال‬ ‫تفسير المش لة‬ ‫المش لة السلوكية‬
‫التطر الفكري‬

‫التطر الديني‬

‫التطر السياسي‬

‫‪91‬‬
‫الفصل الثامن‬
‫قيمة التسامح مع اآلخر‬

‫‪92‬‬
‫الفصل الثامن‬
‫قيمة التسامح مع اآلخر‬
‫ال شددك أن حاجة الشددباب الجامعي كبيرة لفهم قيمة التسددامح في عصددر يتميز بالعنف‬
‫والصد دراعات والحروب وانتهاك حقو اإلنسد ددان وحرياته األسد دداسد ددية‪ ،‬وكذلك صد ددعود قيم عدم‬
‫التسد ددامح والك ار ية والعنف والتعصد ددب األعمى‪ ،‬وفو هذا وذاك عصد ددر لم يتهيو فيه النظام‬
‫التعليمي في بلداننا العربية لتكوين مجتمع متس د د ددامح في ظل انتش د د ددار االيديولوجيا المتطرفة‬
‫وجماعات العنف‪.‬‬
‫ومن ثَ َّم فإن الشد د د ددباب بحاجة إلى أن يتعلموا كي" يفكرون‪ ،‬وكي" يصد د د ددغون لآلخر‪،‬‬
‫وكي" يتواصد ددلون ويوصد ددلون أفكارهم بفعالية‪ ،‬وأن يفهموا مبادئ التسد ددامح وتطوير مهاراتهم‬
‫الحياتية‪ .‬فقد عانت البش د درية من آثار عدم التس د ددامح التي تمثلت في الحروب والص د دراعات‪،‬‬
‫وقد عبر عن ذلك األمين العام الس د د د د ددابق لألمم المتحدة كوفي عنان بقوله‪" :‬س د د د د د ُديذكر القرن‬
‫دائال من العدار والخراب‬ ‫العشد د د د د د ددرون بكونده القرن الموسد د د د د د ددوم بدالعنف الدذي ُيحملندا موروثادا ه ا‬
‫ممكنا في تاريك البشد ددر‪ ،‬وهذا الموروت‬ ‫ا‬ ‫والتدمير الشد ددامل الذي لم ُيشد دداهد من قبل‪ ،‬ولم يكن‬
‫الن د د دداجم عن تسد د د د د د ددخير التكنولوجي د د ددا الح د د ددديث د د ددة في خ د د دددم د د ددة إي د د ددديولوجي د د ددات الك ار ي د د ددة"‬
‫(‪.)Aline,2010,32‬‬
‫وألن األمر كذلك فقد أص د ددبح الحديث عن قيمة التس د ددامح مع اآلخر ض د ددرورة تفرض د ددها‬
‫الظروف الموضد د ددوعية التي تمر بها المجتمعات العربية‪ ،‬لذلك سد د ددوف يتم في هذه الفصد د ددل‬
‫مناقشة هذه القيمة من خالل مكوناتها المعرفية والوجدانية والسلوكية‪.‬‬
‫أواال‪ :‬الم ون المعرفي لقيمة التسامح‪:‬‬
‫يشددمل هذا المكون المعارف والمعلومات النظرية التي تتصددل بقيمة األمانة بشددكل عام‬
‫واألمداندة العلميدة بشد د د د د د دكدل خداص‪ ،‬وعن طريق هدذا المكون يمكن تعليم هدذه القيمدة من حيدث‬
‫أهميتهددا وفوائدددهددا ومددا تدددل عليدده من معدداني مختلفددة ومتعددددة‪ ،‬وكددذلددك من دالالت تربويددة‪.‬‬
‫ومن هندا يجدب تعليم الطلبدة مجموعدة من المعدارف عن قيمدة التس د د د د د د ددامح مع اآلخر‪ ،‬وذلدك‬
‫على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬معنل التسامح مع اآلخر‪:‬‬
‫جاء في إعالن اليونس د د ددكو لمبادئ التس د د ددامح أنه يعني‪ :‬اتخاذ موقف ايجابي فيه إقرار‬
‫عالميا‪ .‬وال يجوز‬
‫ا‬ ‫بحق اآلخرين في التمتع بحقو اإلنس ددان وحرياته األس دداس ددية المعترف بها‬

‫‪93‬‬
‫بوي حال االحتجاج بالتس د ددامح لتبرير المس د ددان بهذه القيم األس د دداس د ددية‪ ،‬فالتس د ددامح مس د ددؤولية‬
‫تُش د د ددكل عماد حقو اإلنس د د ددان والتعددية (بما في ذلك التعددية الثقافية)‪ ،‬والديمقراطية وحكم‬
‫القانون‪ .‬وهو ينطوي على نبذ االسدتبداد‪ ،‬وتثبت المعايير التي تنص عليها الصدكوك الدولية‬
‫الخاصة بحقو اإلنسان‪( .‬اليونسكو‪ ،‬إعالن مبادئ التسامح‪)1995 ,‬‬
‫ويحدد "محمد عابد الجابري" المعنى االصد ددطالحي الحديث للتسد ددامح بونه يعني "ال أن‬
‫يتخلى المرء عن قندداعتدده‪ ،‬وال أن يكف عن إظهددارهددا والدددفدداع عنهددا والدددعوة لهددا‪ ،‬بددل يعني‬
‫االمتناع عن اسد ددتعمال أية وسد دديلة من وسد ددائل العنف والتجريح وبكلمة واحدة‪ :‬احترام اآلراء‬
‫وليس فرضدها" (الجابري‪ .)28 ،1997 ،‬أي أن التسدامح يعني‪ :‬احترام الحق في االختالف‬
‫دطالحيا القدرة على تحمل‬
‫ا‬ ‫والحق في التعبير الديمقراطي‪ ،‬ويعني ذلك داللة التسد د د د ددامح اصد د د د د‬
‫أحيانا مناقضة‬
‫ا‬ ‫الرأي اآلخر والصبر على أشياء ال يحبها اإلنسان وال يرغب فيها‪ ،‬بل يعدها‬
‫لمنظومته الفكرية واألخالقية‪.‬‬
‫ويعرف "جيدوري" التس ددامح بونه "اإلطار العام لبناء الديمقراطية والرأي اآلخر المختلف‬
‫لدددى أفراد المجتمع‪ ،‬ممددا يتطلددب ترسد د د د د د دديك الحق في التعبير والتنوع الثقددافي وقبول اآلخر‪،‬‬
‫وتجنب فرض تصد د د د ددوراتنا الخاصد د د د ددة لما هو ليس كذلك‪ ،‬مما يبرر منع اآلخر من الحوار"‪.‬‬
‫(جيدوري‪)217 ،2015 ،‬‬
‫‪ -2‬التسامح مع اآلخر في الفكر اإلسالمي‪:‬‬
‫شد د ددغلت قيمة التسد د ددامح مع اآلخر مسد د دداحة واسد د ددعة في الفكر اإلسد د ددالمي‪ ،‬فقد جاء في‬
‫القرآن الكريم عدددد كبير من اآليددات الكريمددات التي تؤكددد بشد د د د د د دكددل واضد د د د د د ددح حرص الدددين‬
‫َسكاَةُ وَال‬ ‫اإلسد د ددالمي على ممارسد د ددة قيمة التسد د ددامح مع اآلخر‪ ،‬منها قوله تعالى‪ :‬وَال َُسكتَااا القح كَ‬

‫سكككُ فَإاذَا الَّنِا بَِّاَ َ وَبَِّاََ َََِّاوَةِ كَََنََّ وَلِلَ ََُِِّ ِ (فصد د د د د د دلدت‪ )34 :‬وقوله جل‬
‫لسكككِّي ئَةُ ادفَع باولَّتِل هِلَ أَُ َ‬
‫ا َّ‬

‫شونه‪ :‬فَوَ َْ ََاه وَُِ ق دَدَومِ فَسَافَ نََدََانَ (الزخرف‪)89 :‬‬


‫حازما ضدد التعصدب والعصدبية‪،‬‬
‫ا‬ ‫موقفا‬
‫كما يتضدح من السدنة المطهرة أن اإلسدالم وقف ا‬
‫بدليل قول الرسول ‪" ‬ليس منا من دعا إلل عصبيةت وليس منا من قاتل علل عصبيةت‬
‫وليس منا من مات علل عصاابية" (رواه أبو داود في السددنن برقم ‪ .)4521‬وكذلك قوله ‪‬‬
‫"إنني أُرسالت َّ‬
‫بحنفية سامحة" (اخرجه الطبراني في األوسدط ( ‪ 106/22‬برقم ‪ ،)7664‬أي‬
‫بديال‪ ،‬وتؤكد أن التعددية الثقافية ثراء للفكر‪ ،‬وين‬
‫ليس فيها ضد د دديق وال شد د دددة‪ ,‬تؤمن بالحوار ا‬

‫‪94‬‬
‫اإلس د د د د د ددالم لم يقم على اض د د د د د ددطهاد مخالفيه‪ ،‬أو مص د د د د د ددادرة حقوقهم‪ ،‬أو تحويلهم بالكره عن‬
‫عقائدهم‪ ،‬ألن حرية االعتقاد مصد د د ددانة بدليل قوله تعالى‪ :‬لَو إاكقًَاهَ فِل الِّينُا َِِّ َُبَََُِّّ الًهش كِّ مَُِ الق َلي‬

‫فَََُ نََق ًُ باولطَّوغُاتِ وَنؤمُِ باولدََِّ فَََِِّ ادتََسَ َ باولقًَوَةِ القاثقََى لَو انق َُِومَ لَهَو وَالدََّ دََِِّعِ ََدِِّ ِ (البقرة‪.)256 :‬‬
‫وعلى المسد ددتوى اإلسد ددالمي أكدت القمة اإلسد ددالمية االسد ددتثنائية في مدينة مكة المكرمة‬
‫عدام (‪ ) 2005‬أهميدة تعميق قيم الحوار والوسد د د د د د ددطيدة والعددل والبر والتسد د د د د د ددامح في الخطداب‬
‫اإلس د ددالمي داخل المجتمعات اإلس د ددالمية وخارجها‪ ،‬كما أكدت على أن إص د ددالح األوض د دداع‬
‫الداخلية في العالم اإلسالمي هو المدخل المناسب لمواجهة المشكالت والتحديات الخارجية‪،‬‬
‫ولعددل أهم مدددخددل لددذلددك هو دمج قيم التس د د د د د د ددامح في التعليم الجددامعي والمندداهج الجددامعيددة‪.‬‬
‫(الموسوعة التاريخية‪ ،2014 ،‬انترنت)‬
‫‪ -3‬التسامح مع اآلخر في اإلعالنات والمواثيق الدولية‪:‬‬
‫بارز في هذا المجال عندما أكدت في تصد د دريح المبادئ حول‬‫دور اا‬
‫مارس د ددت اليونس د ددكو اا‬
‫التسددامح الصددادر عام (‪ )1995‬في مادته األولى المخص دصددة لتحديد المفهوم "أن التسددامح‬
‫هو شددرط ضددروري للسددالم وللتقدم االقتصددادي ويشدداعة روح التضددامن بين الشددعوب‪ ،‬وبينت‬
‫أن المقصددود بقيمة التسددامح احترام وقبول وتثمين غنى الثقافات وتنوعها في عالمنا‪ ،‬وأنماط‬
‫التبليغ وأساليب التعبير عن نوعية كينونتنا اإلنسانية‪.‬‬
‫أما عن آلية تعزيز هذه القيمة فوشد د د د د د ددارت اليونسد د د د د د ددكو إلى أهمية المعرفة وتفتح العقل‬
‫والنزوع إلى التواصد د د د د د ددل‪ ،‬واالعتراف لآلخر بحق التفكير والشد د د د د د ددعور واالعتقاد"‪ .‬وفيما يوتي‬
‫بعض الفقرات الخاص د د د د ددة بقيمة التس د د د د ددامح الواردة في إعالن مبادئ التس د د د د ددامح المعتمد من‬
‫المؤتمر العام لليونسددكو في دورته الثامنة والعش درين لعام ‪( .1995‬اليونسددكو‪ ،‬إعالن مبادئ‬
‫التسامح‪)1995 ,‬‬
‫‪ ‬قيمة التسامح كما تراقا اليونس و‪:‬‬
‫⚫ التس د ددامح يعني االحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا‪ ،‬وألش د ددكال التعبير‪،‬‬
‫وللصفات اإلنسانية‪.‬‬
‫⚫ التسد د د ددامح ال يعني المسد د د دداواة أو التنازل‪ ،‬بل التسد د د ددامح هو قبل كل شد د د دديء اتخاذ موقف‬
‫إيجابي فيه إقرار بحق اآلخرين‪.‬‬
‫⚫ ال تتعارض ممارسدة التسدامح مع احترام حقو اإلنسدان‪ ،‬ولذلك فهي ال تعني تقبل الظلم‬
‫االجتماعي‪ ،‬أو تخلي اإلنسان عن معتقداته‪ ،‬أو التهاون بشونها‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫‪ ‬دور الدولة في تعزيز التسامح‪:‬‬
‫⚫ يقتض ددي التس ددامح على مس ددتوى الدولة ض ددمان العدل وعدم التحيز في التشد دريعات‪ ،‬وفي‬
‫إنفاذ القوانين‪ ،‬واإلجراءات القضائية واإلدارية‪.‬‬
‫⚫ ينبغي للدول أن تص د د د دداد على االتفاقيات الدولية القائمة بش د د د ددون حقو اإلنس د د د ددان‪ ،‬وأن‬
‫تصوغ عند الضرورة تشريعات جديدة لضمان المساواة في المعاملة لكل فئات المجتمع‪.‬‬
‫‪ ‬األبعاد االجتماعية للتسامح‪:‬‬
‫ماثال في كل بقعة من بقاع العالم‪ ،‬فإن تصاعد حدة عدم التسامح والنزاع‬
‫⚫ لما كان التنوع ا‬
‫خطر يهدد العالم بوسره‪ ،‬ولهذا فإن التسامح أمر جوهري‪.‬‬ ‫بات اا‬
‫⚫ التسد د ددامح ضد د ددروري بين األفراد‪ ،‬وعلى صد د ددعيد األس د د درة والمجتمع المحلي والعالمي‪ ،‬وأن‬
‫جهود تعزيز التسامح ينبغي أن تبذل في المدارن والجامعات‪.‬‬
‫⚫ أن تُتخذ تدابير كفيلة بض د ددمان التس د دداوي في الكرامة والحقو لألفراد والجماعات‪ ،‬وييالء‬
‫اهتمام خاص للفئات التي تُشكل أقلية في المجتمع‪.‬‬
‫‪ ‬التعليم من أجل التسامح‪:‬‬
‫⚫ إن التعليم هو أنجع الوسائل لمنع الالتسامح‪ ،‬وأول خطوة في مجال التسامح هي تعليم‬
‫النان الحقو والحريات التي يتشاركون فيها‪.‬‬
‫⚫ وينبغي أن تُسهم السياسات والبرامج التعليمية في تعزيز التسامح بين األفراد‪ ،‬وكذلك‬
‫بين المجموعات االثنية واالجتماعية والثقافية والدينية واللغوية‪ ،‬وفيما بين األمم‪.‬‬
‫⚫ يجب أن يسد ددتهدف التعليم في مجال التسد ددامح مقاومة توثير العوامل المؤدية إلى الخوف‬
‫من اآلخرين واستبعادهم‪..‬‬
‫مؤكدا فيها على الحرية والتسددامح‪.‬‬
‫كما اتخذ المجلس األوروبي توصدديته عام ‪1993‬م ا‬
‫ومؤكدا لما سبق وتضمنته ديباجة ميثا األمم المتحدة‬
‫ا‬ ‫وال ننسى هنا أن كل ذلك جاء الحاقا‬
‫من دعوة إلى إتباع سد ددياسد ددة الالعنف والتسد ددامح والسد ددالم‪ ،‬إذ جاء فيها‪ :‬نحن شد ددعوب األمم‬
‫معا في س ددالم وحس ددن جوار‪ .‬وما أكدته‬
‫المتحدة يجب أن نوخذ أنفس ددنا بالتس ددامح وأن نعيش ا‬
‫المادة (‪ )26‬من اإلعالن العالمي لحقو اإلنس ددان من أهمية اطالع المتعلم على مض ددامين‬
‫حقوقه اإلنس د ددانية‪ ،‬ودعم التس د ددامح والمحبة بين الفئات االجتماعية والدينية كلها‪( .‬الغرباوي‪،‬‬
‫‪)24 ،2008‬‬

‫‪96‬‬
‫تباعا عن الجمعية العامة لألمم المتحدة‬ ‫باإلضد د د ددافة إلى العديد من الق اررات الصد د د ددادرة ا‬
‫لمعالجة معوقات التسد د د د د ددامح‪ ،‬كالعنف والتمييز العنصد د د د د ددري واإلبادة البشد د د د د درية‪ ،‬والدعوة إلى‬
‫االحترام المتبادل بين الش د ددعوب‪ ،‬والمس د دداواة واحترام خص د ددوص د ددية اآلخرين‪ ،‬وتطوير المناهج‬
‫التعليمية لتضمن التسامح الثقافي والديني‪.‬‬
‫‪ -4‬أنواع التسامح‪:‬‬
‫يمكن تصني" التسامح من حيث موضوعه إلى خمسة أنواع هي‪:‬‬
‫⚫ التسامح الديني‪:‬‬
‫ُيقص د د د د ددد بالتس د د د د ددامح الديني قبول واحترام المعتقدات الدينية والمذهبية األخرى المختلفة‬
‫والمخدالفدة‪ ،‬والتسد د د د د د ددامح تجداه معتنقيهدا‪ ،‬واالعتراف بحق المرء في تبني أيدة ديداندة أو مدذهدب‪،‬‬
‫وتظهر ضد د ددرورة هذا النوع من التسد د ددامح في الظروف التي تسد د دديطر فيها حركة دينية معينة‬
‫على المجتمع‪ ،‬وتضد د د د د د ددطهدد أصد د د د د د دحداب المعتقددات الدينيدة أو المدذهبيدة األخرى‪ ،‬وبذلك فإن‬
‫التسد د د د د ددامح الديني هو التسد د د د د ددامح بين الرؤى الدينية لألديان المختلفة‪ ،‬أو مع الرؤى األخرى‬
‫داخدل الددين الواحدد‪ ،‬وأن يفهم الفرد أو يتفهم أو حتى أن يطبق وجهدات نظر فرد آخر على‬
‫نفسد د د د دده‪ ،‬لكنه مطالب بون ال يتدخل في الشد د د د ددعائر الدينية األخرى‪ ،‬ويكفل التسد د د د ددامح الديني‬
‫للجميع حق ممارسة معتقداتهم الدينية والمذهبية‪( .‬وطفة‪)93 ،2002 ،‬‬
‫⚫ التسامح الفكري‪:‬‬
‫ُيقصد د د د د د ددد بدالتسد د د د د د ددامح الفكري احترام اآلراء واألفكدار المخدالفدة وفاقدا آلداب الحوار وعددم‬
‫التعص د د ددب‪ ،‬فاالجتهاد واإلبداع حق لكل إنس د د ددان بغض النظر عن لونه أو جنس د د دده أو دينه‪.‬‬
‫ونقيض التسد د د د ددامح هو الالتسد د د د ددامح الفكري الذي يعني حجب وتحريم حق التفكير واالعتقاد‬
‫والتعبير بفرض قيود وض دوابط تمنع ممارس ددة هذا الحق‪ ،‬بل وتنزل عقوبات بالذين يتجرؤون‬
‫على التفكير خارج ما هو سد د ددائد س د د دواء أكان ذلك بقوانين مقيدة أو عبر ممارسد د ددات قمعية‪.‬‬
‫(وطفة‪)213 ،2005 ،‬‬
‫⚫ التسامح الثقافي‪:‬‬
‫ُيقصددد بالتسددامح الثقافي قبول واحترام القيم والتقاليد والتوجهات الثقافية المختلفة‪ ،‬وعدم‬
‫التمس د د د د ددك بالقيم والتقاليد والتوجهات الثقافية الخاص د د د د ددة‪ ،‬وتوييد كل رغبة في التجديد أو أي‬
‫ويعبر التس د د د د ددامح الثقافي عن قبول واحترام الخص د د د د ددائص المختلفة‬ ‫ش د د د د ددكل أو نمط للتغيير‪ُ ،‬‬
‫للثقافات األخرى في العالم‪ ،‬وألشد د د ددكال التعبير المختلفة الخاصد د د ددة بكل منها‪ ،‬أو ألسد د د دداليبها‬

‫‪97‬‬
‫المختلفددة في الحيدداة‪ .‬إذ يعني التسد د د د د د د ددامح التجددانس مع االختالف‪ ،‬وهو يزداد مع المعرفددة‬
‫وانفتداح العقدل على العدالم‪ ،‬وزيدادة االتص د د د د د د دداالت والتفداعالت مع الثقدافدات األخرى‪ .‬ويكمن‬
‫المنطلق األسان للتسامح الثقافي في القدرة على احتواء التباين بروح نقدية‪ ،‬ورفض مختلف‬
‫أشكال التعصب‪( .‬جيدوري‪)81 ،2011 ،‬‬
‫⚫ التسامح االجتماعي‪:‬‬
‫اجتماعيا االستعداد لتقبل وجهات النظر المختلفة فيما يتعلق باختالف‬
‫ا‬ ‫ُيقصد بالتسامح‬
‫السلوك والرأي‪ ،‬ولكن دون الموافقة عليهما بالضرورة‪ ،‬ويرتبط التسامح االجتماعي بسياسات‬
‫بعيدا عن‬ ‫الحرية في ميدان الرقابة االجتماعية‪ ،‬وهو اعتراف باآلخر على أس د د ددان إنس د د دداني ا‬
‫التفاضدل العنصدري‪ ،‬ألن العنصدرية والعرقية والعدوان تتنافى مع مبدأ التسدامح‪ ،‬ومن ثَ َّم فإن‬
‫التمييز العنص د د ددري اليوم بوش د د ددكاله كافة لم يعد مقبواال‪ ،‬بما في ذلك التمييز ض د د ددد المهاجرين‬
‫الجدد وعدم قبولهم على قدم المسد د دداواة المطلقة‪ ،‬أو عدم االعتراف بإسد د ددهامهم الثقافي‪( .‬عبد‬
‫الوهاب‪)44 ،2005 ،‬‬
‫⚫ التسامح السياسي‪:‬‬
‫ُيقصدد بالتسدامح سدياس اديا قبول واحترام حقو اآلخرين السدياسدية واالجتماعية‪ ،‬مما يبدو‬
‫غير متاح إال في حالة تس ددليم المجتمع لكافة البش ددر بحقو إنس ددانية متس دداوية من حيث هم‬
‫بش د د ددر‪ ،‬وعلى الرغم من انتمائهم لمعتقدات وس د د ددلوكيات وأخال متفاوتة في المجاالت كلها‪.‬‬
‫ويتم التعبير عن التسد ددامح السد ددياسد ددي في إطار الحقو والواجبات وفاقا لتصد ددورات سد ددياسد ددية‬
‫معقولة عن العدالة تشمل في نطاقها حتى الحرية الدينية‪( .‬لوك‪)18 ،2006 ،‬‬
‫ومن هنا يجب أن ترتبط السدياسدة بالتسدامح الذي يجسدد فيها مبدأ التعايش مع التفاعل‬
‫اإليجدابي مع اآلخر عبر المبداحثدة والمحداججدة والقبول بمشد د د د د د دداركتده في المجدال العدام‪ ،‬حيدث‬
‫تتفاعل اآلراء والقناعات السددليمة التي يهيئها العقد االجتماعي‪ ،‬أو الميثا الوطني ويعند لها‬
‫حسب مختلف المصالح المتعارضة بالقول والفعل‪.‬‬
‫‪ -5‬أقمية التسامح وحدوده‪:‬‬
‫ُيعد التسد د د ددامح ضد د د ددرورة وجودية وقيمة إنسد د د ددانية تفرضد د د ددها سد د د ددنة الوجود المنطلقة من‬
‫االعتبارات اآلتية‪( :‬جيدوري‪)219 ،2015 ،‬‬

‫‪98‬‬
‫⚫ إن التنوع اإلنسداني سدنة كونية بدليل قوله تعالى‪ :‬أَنههَو الاَّوس إانَّو خَدََقاَوكُ مُِ ذَكًٍَ وَأُنقثَى وَجَََدقاَوكُ‬

‫شكككَاب*كو وََِبَكوِك َ لِتَََكوَِفُاا إانَّ أَكقًَمََُ َِاكَِّ الدَّكَِ أَُقََكوكُ الحجرات‪ .)13:‬وال يتحقق التعددارف إال بددداللددة‬
‫الحوار وااللتقاء والتفاهم التي هي من شروط التسامح ومتطلباته‪.‬‬
‫⚫ إن التنوع الدديني‪ ،‬الثقدافي‪ ..‬المرتبط بدالتنوع اإلنسد د د د د د دداني‪ ،‬ينعكس على األمزجدة والميول‬
‫والمددذاهدب والطموحدات‪ ،‬ممددا يؤدي إلى تمددايز في المنطلقددات الفكريدة للبشد د د د د د ددر‪ ،‬وتغدداير في‬
‫األنماط السد د د ددلوكية‪ .‬ويتطلب هذا التنوع واالختالف اللذان تقضد د د دديهما سد د د ددنة الحياة‪ ،‬والفرو‬
‫مهما إلغناء العقل بخص د د ددوبة الرأي واالطالع‬ ‫طا ا‬ ‫الفردية والذهنية‪ ،‬التس د د ددامح الذي ُيعد ش د د ددر ا‬
‫على عدد من وجهات النظر‪ ،‬وكذلك لمواجهة التش د د د د دددد والتعص د د د د ددب‪ ،‬الس د د د د دديما في األفكار‬
‫والمعتقدات الدينية والسياسية والثقافية‪.‬‬
‫ضدا إلى أنه شدرط السدتمرار الحياة اإلنسدانية وتعايش‬ ‫⚫ ترجع ضدرورة التسدامح مع اآلخر أي ا‬
‫مكون دداته ددا‪ ،‬التي ال يمكن توحي ددده ددا على صد د د د د د ددورة نوع أو رأي واح ددد‪ ،‬ف دداالختالف والتن ددازع‬
‫البشريين طبيعة اجتماعية أكدتها ذاكرة التجارب البشرية‪.‬‬
‫أما عن ساااااا اؤال حدود التسااااااااامح‪ ،‬فقد ذهب "كارل بوبر" إلى ضد د د د د ددرورة وجود حدود‬
‫للتسد د د د ددامح‪ ،‬ويال سد د د د دديكون هناك عبث التسد د د د ددامح‪ ،‬فلو مددنا تسد د د د ددامحنا بال حدود حتى إلى‬
‫الالمتسد د د د د د ددامحين‪ ،‬ولو لم نكن مسد د د د د د ددتعددين للددفداع عن مجتمع متسد د د د د د ددامح ضد د د د د د ددد هجمدات‬
‫الالمتس ددامحين‪ ،‬فس ددوف يتم تدمير المتس ددامحين‪ ،‬ومعهم يتم تدمير التس ددامح (بوبر‪،1994 ،‬‬
‫‪ .)98‬ويقول "فالديمير ينكليفتش"‪ :‬إن التسدامح لو بلغ دروته فسدوف ينتهي به المطاف إلى‬
‫حدودا تنتهي عند إقدام الطرف اآلخر على العنف أو‬
‫ا‬ ‫دحض نفسد د د دده‪ .‬وبذلك فإن للتسد د د ددامح‬
‫الالتس د د د د د ددامح‪ ،‬فالتس د د د د د ددامح مع أقلية من األقليات ينتهي عندما تلجو تلك األقلية إلى العنف‪.‬‬
‫(الغرباوي‪)20 ،2008 ،‬‬
‫‪ -6‬تعزيز ثقافة التسامح في الفضا الجامعي‪:‬‬
‫ال بد أن يكون للجامعة اا‬
‫دور في تعزيز ثقافة التس د ددامح في فض د دداء الجامعة‪ ،‬وال يتحقق‬
‫هذا الدور فقط عن طريق ما تقدمه من توعية بمخاطر العصد د ددبية والروح القبلية‪ ،‬بل يتحقق‬
‫قبل ذلك عن طريق جعل ثقافة التسد د د ددامح منطلق العالقات في فضد د د دداء الجامعة بين اإلدارة‬
‫والطالب‪ ،‬وبين الطالب وأعضدداء هيئة التدريس‪ ،‬وبين الطالب والطالب‪ ..‬الك‪ ،‬فضد ادال عن‬
‫اسد د د د د د ددتخدددام طرائق تربويددة جمدداعيددة مشد د د د د د ددتركددة مثددل‪ :‬العمددل في فريق‪ ،‬واللجوء إلى طريقددة‬
‫المشد د د د د د ددروعدات وسد د د د د د دواهدا من طرائق العمدل الجمداعي المشد د د د د د ددترك‪ ،‬التي تددرب على الترابط‬

‫‪99‬‬
‫والتضد ددامن والتفاعل والتسد ددامح من أجل عمل معين‪ ،‬وعلى تقديم المصد ددلحة المشد ددتركة على‬
‫المنازع الفردية‪.‬‬
‫وعليه فإن الخطورة التي تكتسد د د د د ددبها النظريات القائلة بصد د د د د دراع الحضد د د د د ددارات والثقافات‬
‫والديانات هي أنها تؤدي إلى سد ددقوط األفراد والجماعات في مزالق التطرف والتعصد ددب‪ ،‬وأن‬
‫الس ددبيل الوحيد للوقوف أمام تلك النظريات التش دداؤمية هو تعزيز ثقافة التس ددامح في الفض دداء‬
‫الجامعي بتعقل وقناعة‪ ،‬لتعزيز القواسد ددم المشد ددتركة‪ ،‬ويقصد دداء الفرو ‪ ،‬واالنفتاح على اآلخر‬
‫دمونا‪ ،‬بدليل قول الرسددول ‪‬‬
‫دكال ومضد ا‬
‫المختلف‪ .‬وهذه دعوة تنسددجم مع ثقافتنا اإلسددالمية شد ا‬
‫بديال‪ ،‬وتؤكد أن‬ ‫"إنني أُرس ددلت َّ‬
‫بحنفية س ددمحة" أي ليس فيها ض دديق وال ش دددة‪ ,‬تؤمن بالحوار ا‬
‫التعددية الثقافية ثراء للفكر‪ ,‬وين اإلسد د د د د ددالم لم يقم على اضد د د د د ددطهاد مخالفيه‪ ،‬أو مصد د د د د ددادرة‬
‫حقوقهم‪ ،‬أو تحويلهم بالكره عن عقائدهم‪ ،‬ألن حرية االعتقاد مص د د د د د ددانة بدليل قوله تعالى‪ :‬لَو‬

‫سك َ باولقًَوَةِ القاثقََى لَو انق ُِكَ ومَ‬ ‫إاكقًَاهَ فِل الِّينُا َِِّ َُبَََُِّّ الًهشكِّ مَُِ الق َلي فَََُ نََق ًُ باولطَّوغُاتِ وَنؤمُِ باولدََِّ فَََِِّ ادكتََ كَ‬

‫لَهَو وَالدََّ دََِِّعِ ََدِِّ ِ (البقرة‪.)256 :‬‬

‫‪ -7‬تعليم ثقافة التسامح‪:‬‬


‫تؤكددد كددل التوجهددات الدددينيددة والفلسد د د د د د ددفيددة والدددوليددة أن هندداك حدداجددة إلى تثقي" وتعليم‬
‫الشباب ثقافة التسامح من أجل مقارعة ثقافة العنف السائدة في بعض المجتمعات‪ ،‬واالبتعاد‬
‫مدخال إلى خلق اتجاهات إيجابية لديهم نحو السد ددالم‬
‫ا‬ ‫عن تمجيد الحرب وتعظيمها بوصد ددفها‬
‫والالعنف والتعاون‪.‬‬
‫ولددذلددك فددإن إعددداد الشد د د د د د دبدداب الجددامعي للعيش في عددالم يسد د د د د د ددتطيعون فهمدده‪ ،‬وتطويره‬
‫باسد د د ددتمرار بوحي من القيم الديمقراطية‪ُ ،‬يعد من أكبر الواجبات الملقاة على الجامعات‪ ،‬ألن‬
‫ويعزز أجواء‬
‫ذلك من شددونه أن ينزع من نفون الشددباب الجامعي وعقولهم الميول العدوانية‪ُ ،‬‬
‫العفو والصفح واألمان االجتماعي‪.‬‬
‫ويرسد د د د د د دك في وعي الطلبددة مجموعددة من القدددرات اإليجددابيددة‬
‫بددل أكثر من ذلددك ُينمي ُ‬
‫كوهداف نبيلة مثل‪ :‬تنمية القدرة على تثمين القيم اإلنسد د د د د ددانية‪ ،‬وقبول القيم الكامنة في تعدد‬
‫دعوبا وثقافات)‪ ،‬وفض المنازعات بطر تحول دون اس د د د د ددتعمال‬
‫طبائع البش د د د د ددر (أع اراقا وش د د د د د ا‬
‫العنف‪ .‬ومن ثَ َّم فإن تمكين الشد د ددباب الجامعي من هذه القدرات‪ ،‬وفهم آليات الوصد د ددول إليها‬

‫‪100‬‬
‫هي من المسد د د ددؤوليات التي يجب أن تتحملها كل أطراف العملية التربوية في الجامعة‪ ،‬وفي‬
‫مقدمتهم أعضاء هيئة التدريس‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن التربية من أجل التساااااااااامح تعمل علل ثالثة محاورت كما قي‬
‫موضحة في الجدول اآلتي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪)20‬‬
‫يوضح محاور التربية علل التسامح‬
‫المحور السلوكي‬ ‫المحور الوجداني‬ ‫المحور المعرفي‬
‫ُتقاادم في المحور المعرفي للمتعلم في المحور الوجداني يتم تشاااا ا يل في المحور الساااااالوكي يتم التركيز‬
‫حاقاااااائاق ومافااااااهايام وماعالاوماااااات مواقف المتعلم واتجااقااتاة وميولاة علل تنمياة قدرات ومهاارات المتعلم‬
‫غرضاااااااها توسااااااايع مدار المتعلم ورغباتة ومشاااااااعره اإليجابية نحو عااالااال اساااااااااااتاااخااااادام وتاااطاااباااياااق‬
‫حول ايجاابياات ثقاافاة التساااااااااامحت تفضااااايل وتقبل السااااالو الالعنفي االساااااااتراتيجيات واألسااااااااليب التي‬
‫تسااااااااعد في حل الخالفات وتجنب‬ ‫وأخطار العنف وأشاااااا ا الة ونتائجة (السلمي)‪.‬‬
‫العنف‪.‬‬ ‫السااااااااالبيااااة علل الفرد والمجتمع‬
‫والعالم‪.‬‬
‫مع ملحوظة أن تعزيز المحاور الثالثة في سد د د د د ددلوك الطلبة يتطلب من أعضد د د د د دداء هيئة‬
‫التدريس اسد د د ددتثمار القيم والمثل الدينية والثقافية واالجتماعية واإلنسد د د ددانية المؤيدة للتسد د د ددامح‪،‬‬
‫والنابذة للعنف في تشكيل شخصية تعيش بسالم حقيقي مع ذاتها ومجتمعها المحلي‪.‬‬
‫‪ -8‬تضمين المناقج الجامعية ثقافة التسامح‪:‬‬
‫انطالاقا من كون المنهاج بمفهومه الحديث يمثل مجموعة الخبرات التربوية التي تُقدمها‬
‫الجامعة لطالبها‪ ،‬لمسد دداعدتهم على النمو الشد ددامل والمتكامل في شد ددتى جوانب الشد ددخصد ددية‪،‬‬
‫فإن عليه أن يقوم بدوره كوس د د دديلة تثقيفية تُس د د ددهم في تعزيز ثقافة الس د د ددالم في المجتمع‪ .‬كما‬
‫ينبغي أن تُسدهم السدياسدات والبرامج التعليمية والمناهج الد ارسدية‪ ،‬ومضدامين الكتب الجامعية‬
‫والدرون وغيرها من المواد التعليمية في تعزيز التفاهم والتضد د د د د ددامن والتسد د د د د ددامح بين األفراد‬
‫واألمم‪ ،‬ومحاربة العنف والتطرف‪.‬‬
‫وهذا ما دعت إليه اليونسدكو حين أكدت على ضدرورة "تحسدين نوعية المناهج الد ارسدية‬
‫بإدراج القيم اإلنسددانية لتحقيق السددالم والتالحم االجتماعي‪ ،‬واحترام حقو اإلنسددان والكرامة‬
‫اإلنسانية‪ ،‬وأن تكون عملية تطوير المناهج الدراسية قائمة على المشاركة‪.‬‬
‫وفي هذا الصد د دددد تؤكد االتجاهات التربوية الحديثة في محاربة العنف على ما يسد د ددمى‬
‫"باالتجاه الوقائي التربوي"‪ ،‬الذي يقص د د د د ددد به "بناء المناعة الذاتية الدافعة للعوامل المس د د د د ددببة‬

‫‪101‬‬
‫لخروج السد د ددلوك البشد د ددري عن جادة الصد د دواب‪ ،‬من خالل تعزيز ثقافة التسد د ددامح في المناهج‬
‫المدرس د د د د ددية‪ ،‬بحيث ال تس د د د د ددتقل تلك الثقافة بذاتها كمادة ذات بناء مس د د د د ددتقل‪ ،‬بل دمجها في‬
‫مكانا فيها‪ ،‬وتكون حاض د د د درة في‬
‫المناهج الد ارسد د د ددية المختلفة لتصد د د ددبح جزاءا منها‪ ،‬وتشد د د ددغل ا‬
‫صددياغة أهدافها‪ ،‬أي أن تتماهى القيم والمبادئ والحقو ‪ ،‬التي نقصددد تربية المتعلمين عليها‬
‫مع كل مادة تعليمية‪ ،‬فتغدو من صلبها‪ ،‬وتجعلها موحدة ومتكاملة" (كنعان‪.)5 ،1999 ،‬‬
‫ويع ددد ه ددذا االتج دداه أو النموذج (الوق ددائي التربوي)‪ ،‬ال ددذي يركز على نشد د د د د د ددر المعرف ددة‬
‫ُ‬
‫األسد د د دداسد د د ددية بثقافة التسد د د ددامح‪ ،‬وتعزيز اندماجها بالقيم العامة‪ ،‬من خالل المناهج الد ارسد د د ددية‬
‫المدددرسد د د د د د ديددة والجددامعيددة‪ ،‬من أكثر النمدداذج فدداعليددة على المدددى الطويددل في إحدددات التحول‬
‫االجتماعي االيجابي‪ ،‬وييصد د ددالها المعرفة األسد د دداسد د ددية بثقافة التسد د ددامح إلى كل فرد من أفراد‬
‫المجتمع‪ ،‬ويدخالها في ثقافتهم‪ ،‬وجعلها جزاءا من حياتهم اليومية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الم ون الوجداني لقيمة التسامح‪:‬‬
‫ا‬
‫ترجع أهمية الجانب الوجداني لقيمة التسد د د ددامح من كونه يرتقي بالفكر ونشد د د دداطه‪ ،‬ويليه‬
‫دويا‬
‫دلوكا س د ا‬
‫يرجع الس ددر في التش ددويق وترقية المش دداعر وتهذيب النفس‪ ،‬بحيث يس ددلك الفرد س د ا‬
‫فيفعدل الخير ال ألنده خير فقط‪ ،‬وينمدا ألن نفس د د د د د د دده تواقدة إليده‪ .‬وحتى يتحقق ذلدك ويتم بنداء‬
‫المكون الوجداني لقيمة التسد د ددامح مع اآلخر ال بد من التحرر من معوقات التسد د ددامح‪ ،‬وذلك‬
‫على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬مواجهة مشاعر الكراهية بالتسامح‪:‬‬
‫الكر يدة نحو اآلخر ال بدد أن تكون ثقدافدة التسد د د د د د ددامح هي المنطلق‬
‫لمواجهدة مشد د د د د د دداعر ا‬
‫والغاية‪ ،‬وبخاصد د د ددة تلك التي جذرتها اإليديولوجيات الدينية والسد د د ددياسد د د ددية المختلفة بين أبناء‬
‫األمة‪ .‬ولعل من أبرز ما ييس د د ددر القض د د دداء على روح الكره لآلخرين‪ ،‬القض د د دداء على التنافس‬
‫الذميم في الحياة الجامعية‪ ،‬واتباع أس د د د د د دداليب من التقويم جوهرها تقويم الطالب بالقيان إلى‬
‫نفسه ال بالقيان إلى غيره‪ ،‬ومتابعة نموه وتقدمه‪.‬‬
‫ومن ثَم فإن تلك المشد دداعر الخاصد ددة بالك ار ية يجب أن تُسد ددتبدل بثقافة الحب والحوار‬
‫والتس د ددامح مع اآلخر‪ ،‬وذلك بمس د دداعدة الطلبة داخل الفض د دداء الجامعي على أن يض د ددعوا في‬
‫الحس د د د د ددبان وجهة نظر اآلخرين على س د د د د ددبيل المثال (ديلور وآخرون‪ .)56 ،1999 ،‬األمر‬
‫الذي يفرض على الجامعات التفكير في سد د دديا آخر من التعليم‪ ،‬يهدف إلى المسد د دداهمة في‬
‫بنداء الوجددان األخالقي‪ ،‬ومدد جسد د د د د د ددور الحوار والتعدايش وبنداء السد د د د د د ددلم األهلي بين األفراد‬

‫‪102‬‬
‫والجماعات‪ ،‬وتعزيز ثقافة التس د د د ددامح التي تمثل البيئة المثلى والعامل األس د د د ددان لالس د د د ددتقرار‬
‫والتطور في أي مجتمع‪.‬‬
‫من اآلخر‪:‬‬ ‫‪ ‬التحرر من الخو‬
‫يجددب أال ننظر إلى اآلخر بوصد د د د د د دفدده جحي امدا نخدداف مندده‪ ،‬بددل على العكس يجددب أن‬
‫يجابيا‪ ،‬باعتباره اكتشد د دداف لعالقة‬
‫فعال إ ا‬
‫حافز للحوار والتفاهم‪ ،‬ألن اكتشد د دداف اآلخر ا‬ ‫يصد د ددبح اا‬
‫وليس لعائق‪ ،‬فالفكر الديمقراطي يفترض الحوار والتفتح على اآلخر ونبذ الفكر األوحد‪ ،‬مما‬
‫يعني أن نش ددر ثقافة حب اآلخر وقبوله مرتبط بترس دديك الديمقراطية‪ ،‬كمرجعية لتفكير األفراد‬
‫وسلوكهم في مختلف المؤسسات االجتماعية‪.‬‬
‫ار مهمة في ترسد د دديك المبادئ‬
‫ومواكبة لذلك‪ ،‬يمكن للمؤسد د دسد د ددة الجامعية أن تُمارن أدو اا‬
‫والقيم اإلنس ددانية والحض ددارية المعاصد درة‪ ،‬ومن بينها التس ددامح مع اآلخر‪ ،‬فإذا كانت الحروب‬
‫والك ار ية د د د د د د حسب اليونسكو د د د د د د تنشو في عقول البشر قبل أن تُنفذ‪ ،‬فينبغي على المؤسسة‬
‫الجددامعيددة أن تعمددل على انتزاعه دا من عقول الطلبددة بواسد د د د د د دطددة التربيددة على محبددة اآلخر‬
‫دندا لبناء المكون الوجداني لقيمة التس ددامح الذي ُيعد‬
‫والتفاهم معه‪ ،‬وبذلك تص ددبح الجامعة س د ا‬
‫مدخال للتفاهم والحوار بين الثقافات‪.‬‬
‫ا‬
‫‪ ‬التحرر من التعصب‪:‬‬
‫ال شددك أنه يوجد قلق متزايد إزاء مخاطر التعصددب والتمييز العنصددري‪ ،‬إذ يرى "وطفة"‬
‫أن جوهر إشد د د د د د دكداليدات القرن العشد د د د د د درين والعقدد األول من األلفيدة الثدالثدة يكمن في طبيعدة‬
‫العالقات التعصدبية والعنصدرية بين األجنان والفئات االجتماعية والثقافية‪ ،‬إذ تحتل النظرية‬
‫العنصرية مكان الصدارة في مفهوم اإلنسان عن ذاته‪( .‬وطفة‪)27 ،2002 ،‬‬
‫ويعد مفهوم التعصد د د د د ددب من المفا يم المركبة المنتشد د د د د درة في أدبيات العلوم االجتماعية‬
‫ُ‬
‫واإلنسانية‪ ،‬وهناك أشكال مختلفة ومتباينة من التعصب‪ ،‬منها‪ :‬التعصب العرقي‪ ،‬والتعصب‬
‫الثقافي‪ ،‬والتعصددب الديني‪ ،‬والتعصددب الطائفي‪ ،‬وكل هذه األنواع من التعصددب وغيرها تقف‬
‫عائاقا أمام تش ددكيل المكون الوجداني النابذ لها‪ ،‬ومن ثم ال بد من تش ددكيل عواطف ومش دداعر‬
‫إيجابية لدى الشد د ددباب نحو قيمة التسد د ددامح ونبذ التعصد د ددب‪ ،‬حتى ال يقع الشد د ددباب في وحول‬
‫الممارسات التعصبية‪.‬‬
‫ويمكن للجامعة القيام بذلك عن طريق تشددكيل مشدداعر الطلبة وعواطفهم نحو التسددامح‬
‫مع اآلخر‪ ،‬واإليمان باالنتماء إلى إنسد د د د د ددانية مشد د د د د ددتركة يتبادلون فيها التسد د د د د ددامح‪ ،‬ويتقاسد د د د د ددمون‬

‫‪103‬‬
‫دامنا مع اآلخرين ويحترمون‬
‫تعاطفا وتضد د ا‬
‫ا‬ ‫المسد ددؤوليات ويتمتعون بالحقو ‪ ،‬بحيث ُيظهر المتعلمون‬
‫االختالفات والتنوعات الثقافية‪.‬‬
‫ثال اثا‪ :‬الم ون السلوكي لقيمة التسامح‪:‬‬
‫إذا أردنا حقيقة أن ُنجسدد الممارسددات السددلوكية التسددامحية في الفضدداء الجامعي‪ ،‬فإنه‬
‫ال بد من صد د د ددياغة ثقافة تسد د د ددامح إيجابية تعترف بون نقيض فكرة ما عميقة هو فكرة أخرى‬
‫من نفس العمق‪ ،‬أي االعتراف بون ثمة حقيقة ما في الفكرة المناقضد د ددة لفكرتنا وعلينا احترم‬
‫تلك الحقيقة‪ ،‬وهذا يتطلب من المؤسدسدة التربوية بكل مكوناتها خلق أنشدطة تربوية وتطبيقية‬
‫تُمكن الطلبة من االنخراط الفعلي في ثقافة التسد د د د ددامح‪ ،‬وقبول التنوع الثقافي‪ ،‬ويقصد د د د دداء كل‬
‫السدلوكيات المنافية لهذه الثقافة‪ ،‬التي يمارسدها بعضدهم داخل المؤسدسدات التربوية‪( .‬محسدن‪،‬‬
‫‪2004‬د‪)245 ،‬‬
‫ولكي تتمكن المؤسد د د دس د د ددات التربوية من تعميق قيمة التس د د ددامح لدى الطلبة‪ ،‬فإنه يتعين‬
‫عليها العمل على إحدات تغيرات وتعديالت جوهرية في المناخ العلمي والفكري واالجتماعي‬
‫داخل البيئة التربوية‪ ،‬من خالل إش د دداعة القيم اإلنس د ددانية واألخالقية وقيم الترابط االجتماعي‬
‫والتواص د د ددل الثقافي‪ ،‬كما يتعين عليها تعميم ونش د د ددر قيم التس د د ددامح‪ ،‬وتقبل النقد وقبول اآلخر‬
‫واحترام الفكر المخ ددالف‪ ،‬واإلقرار بحق االختالف‪ ،‬من خالل تهيئ ددة البيئ ددة المالئم ددة داخ ددل‬
‫الفضاء التربوي‪.‬‬
‫وعليدده ُيمكن للقددائمين على العمليددة التربويددة والتعليميددة اإلسد د د د د د دهددام في تنميددة السد د د د د د ددلوك‬
‫التسد ددامحي لدى الطلبة من خالل‪ :‬التحلي بعاطفة قوية نحو قيمة التسد ددامح‪ ،‬وتجسد دديدها في‬
‫الحياة الجامعية واالجتماعية للطلبة‪ ،‬وكذلك المش د د د دداركة بفاعلية في الندوات والمحاض د د د درات‬
‫التي تدعو إليها وتنظمها الجامعة والمؤسدسددات العامة والخاصددة‪ ،‬التي تتناول قضددايا التربية‬
‫بعيدا عن التهديد‬‫على التسد د د د د د ددامح‪ ،‬فضد د د د د د د ادال عن ضد د د د د د ددرورة توفير مناخ من الحرية واألمن ا‬
‫واالس د د ددتهانة واالس د د ددتخفاف‪ ،‬ينطلق من احترام الطلبة والثقة بقدرتهم ويمكاناتهم‪ ،‬وتش د د ددجيعهم‬
‫وتحفيزهم في مناخ من المحبة والتسامح‪( .‬الخميسي‪.)77 ،1993 ،‬‬
‫مع ملحوظة أن النظرية التربوية الحديثة ترى أننا ال نتعلم ماال نمارسد دده‪ ،‬فإذا أردنا أن نتعلم‬
‫التس د ددامح تحتم علينا ممارس د ددته‪ ،‬وقد يكون من أس د ددباب اس د ددتيائنا من التس د ددامح أننا لم نجربه تجربة‬

‫حقيقة‪ ،‬ومن الواضددح أنه إذا أردنا أن يكون العالم متسد ا‬


‫دامحا كان على اإلنسددان أن يتعلم التسددامح‪،‬‬
‫كمدا يجدب أن يقوم بدذلدك نوع معين من التربيدة في مكدان مدا وبطريقدة مدا‪ ،‬وأجددى هدذه الطر أن‬
‫تقوم الجامعة بتدريسها وممارستها‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫أنشطة وتطبيقات‬

‫نشاط‬
‫يوجد الكثير من الطلبة من يعر أقمية قيمة التساااامح مع اآلخرت لكنة ال ُيحسااان اختيار‬
‫السلو اإليجابي لها‪ .‬ما تفسير لذلم؟‬
‫بعد مناقش ددة الس دؤال مع أس ددتاذ المقرر في المحاض درة طبق ما تعلمته من خالل المناقش ددة في‬
‫حقول الجدول اآلتي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪)21‬‬
‫تش يل قيمة التسامح عبر م وناتها (السلوكيت المعرفيت الوجداني)‬
‫الم ون السلوكي‬ ‫الم ون الوجداني‬ ‫الم ون المعرفي‬

‫موقف‬
‫قل ي في أن ُتصاادر الجامعة عقوبات صااارمة للحد من عدم التسااامح مع اآلخر؟ بين رأيم‬
‫في الحجج المقترحة‪:‬‬
‫منافيا لقيمة‬
‫ا‬ ‫⚫ نعم‪ :‬ألن العقوبات الصد د د د د ددارمة رادع قوي لكل طالب ُيحاول أن يسد د د د د ددلك سد د د د د د ا‬
‫دلوكا‬
‫التسامح مع اآلخر‪.‬‬
‫⚫ ال‪ :‬ألن العقوبات الصارمة تُصادر حق اإلنسان في التصرف‪.‬‬
‫⚫ نعم‪ :‬ألن العقوبات الصارمة أقوى وسائل الضبط في الجامعة‪.‬‬
‫⚫ ال‪ :‬ألن قيمة التسامح مع اآلخر ترتبط بمدى وعي الطلبة بخطورة المشكلة‪.‬‬

‫قطو إثرائية‬
‫ت سااااساااات فكرة التسااااامح في عصاااار التنوير خالل القرن الثامن عشاااار علل مبدأ إنساااااني قوامة‪ :‬ال وجود‬
‫للحقيقة المطلقةت وقذا أدى إلل اإليمان بالحريةت واإليمان بمبدأ االختال ت وضاااارورة التواصاااال بين البشاااار‬
‫علل أسااااس قيم القبول والتساااامح‪ .‬وفي قذا الصااادد قال "فولتير" مقولتة الشاااهيرة‪" :‬إنني ال أوافق علل ما‬
‫تقول ولكنني س دافع حتل الموت عن حقم في أن تقولة"‪.‬‬
‫⚫ بعد ق ار تم لمقولة "فولتير" وضح ماذا يريد أن يقول كاتبها‪.‬‬
‫⚫ أكتب فقرة واحدة ب سلوبم عن اقتران سلو الطالب الجامعي بالتسامح مع اآلخر‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫الفصل التاسع‬
‫قيمة الحرية األكاديمية‬

‫‪106‬‬
‫الفصل التاسع‬
‫قيمة الحرية األكاديمية‬
‫بالرغم من ظهور الكثير من النظريات السياسية التي كان أولها نظرية "الحق اإللهي"‪،‬‬
‫ومدا تبعهدا من نظريدات "العقدد االجتمداعي" و"الليبراليدة" و"الراديكداليدة" و"االشد د د د د د ددتراكيدة‪ ،‬بقيدت‬
‫مجردا من أهم القض د د ددايا التي تش د د ددغل البشد د د درية ومفكريها‬
‫ا‬ ‫دفيا‬
‫مفهوما فلس د د د ا‬
‫ا‬ ‫الحرية اإلنس د د ددانية‬
‫وفالسددفتها‪ ،‬بمختلف مدارسددهم واتجاهاتهم ومذاهبهم المتعارضددة والمتناقضددة والمتناحرة‪ ،‬ولذا‬
‫يجمع الباحثون على أن موض ددوع الحرية من أعقد الموض ددوعات التي درس ددتها الفلس ددفة على‬
‫في عصرنا الحاضر‪( .‬جيدوري‪)3 ،1994 ،‬‬ ‫اإلطال ‪ ،‬وأكثرها إثارة للجدل والنقا‬
‫وفي هذا الفصد ددل سد ددوف نعرض للحرية اإلنسد ددانية بشد ددكل عام مع التركيز على الحرية‬
‫األكاديمية بوصد د د د ددفها قيمة جامعية‪ ،‬وذلك عبر ثالثة محاور هي‪ :‬المكون المعرفي والمكون‬
‫الوجداني والمكون السلوكي‪.‬‬
‫أواال‪ :‬الم ون المعرفي لقيمة الحرية األكاديمية‪:‬‬
‫‪ -1‬معنل الحرية‪:‬‬
‫تُعد الحرية من أهم القيم التي حرص الفالسفة على توضيحها والكشف عن مغزاها في‬
‫الحياة اإلنسددانية‪ .‬وتعني في معناقا االشاتقاقي انعدام القسددر الخارجي‪ ،‬واإلنسددان الحر بهذا‬
‫المعنى هو الذي ال يتحكم في حركته أحد‪ .‬فحرية اإلنس د د د ددان كما قال "تومان هوبز" كحرية‬
‫أحدا س َّددا في‬
‫السديل‪ ،‬فطالما أن حركة مياه السديل تسدير في مسدارها الطبيعي دون أن يضدع ا‬
‫طريقها فهو يتحرك إلى أسد ددفل بشد ددكل تلقائي وحر‪ ،‬وكذلك اإلنسد ددان فهو حر طالما لم يقف‬
‫أمام حركته الطبيعية في الحياة أي عوائق‪.‬‬
‫أما المعنل االصاطالحي الفلسددفي للحرية‪ ،‬فقد اصددطلح الفالسددفة على أن ُيعرفوا الحرية‬
‫بونها اختيار الفعل عن رؤية‪ ،‬أو بعد تفكير عميق‪ ،‬أو تدبر مع اسد د ددتطاعة عدم اختياره‪ ،‬أو‬
‫اسد د د د ددتطاعة اختيار ضد د د د ددده‪ .‬وفي هذا اإلطار يمكن التمييز بين نوعين للحرية‪ ،‬وذلك على‬
‫النحو الموضح في الجدول اآلتي‪( :‬جيدوري‪)25-23 ،1994 ،‬‬

‫‪107‬‬
‫جدول رقم (‪)22‬‬
‫يوضح نوعا الحرية‬
‫حرية الفعل‬ ‫حرية االختيار‬
‫قي مااااا يتعلق بملكااااة االختيااااار اإلرادي عنااااد قي تبدأ ب ن ينتقل اإلنسااااان من االختيار العقلي‬
‫اإلنسااان إذ إن كل ساالو يساالكة اإلنسااان عادة إلل ممارساتة بالفعل ودون الخضاوع ألي ضاغوط‬
‫ماا يسااااااااابقاة إم اانياة االختياار بين بادائال عاديادة خاااارجياااةت فحرياااة الفعااال تبااادو في القااادرة علل‬
‫وحينمااا يتا ملهااا اإلنسااااااااااان ويفكر فيهااا ويختااار اإلقادام علل الفعال مع انعادام القسااااااااار الخاارجي‬
‫أحادقاا باإرادتاة الحرة وعقلاة الواعي فهو قناا يحياا وعدم وجود أي ضغوط خارجية تؤثر علية‪.‬‬
‫الحرية علل مستوى الفكر واإلرادة‪.‬‬

‫‪ -2‬الحدود التي ترتبط بها الحرية‪:‬‬


‫ترتبط الحرية بثالثة حدود هي‪:‬‬
‫◼ الحرية والشعور‪:‬‬
‫الحرية تبدأ حينما نش د ددعر بوننا قادرون على الفعل التلقائي الذي ُيعبر عن ش د ددخص د دديتنا‬
‫المسد د د د ددتقلة ودون أي ضد د د د ددغوط‪ .‬وهذا هو الفر بين حياة الحيوان وحياة اإلنسد د د د ددان فالحياة‬
‫اإلنسدانية الصدحيحة تبدأ من حيث الحياة الغريزية‪ ،‬أي من حيث يبدأ شدعور اإلنسدان بذاته‪،‬‬
‫وبدونده قدادر على االختيدار‪ ،‬وقدادر على الفعدل الحر‪ ،‬وأن أفعدالده ليسد د د د د د ددت نتيجدة انفعداالت أو‬
‫جاءت كردود أفعال غير إرادية‪.‬‬
‫◼ الحرية والضرورة‪:‬‬
‫الحرية لدى اإلنسد ددان ليسد ددت مطلقة أو بال حدود‪ ،‬إذ إن الحقيقة هي أن للحرية حدود‪،‬‬
‫طا ضد د د د د د ددرورية لوجود الحرية‪ ،‬كمدا تُمثدل درجات مختلفدة ممدا‬
‫وهذه الحددود إنمدا تُمثدل شد د د د د د ددرو ا‬
‫يس ددميه الفالس ددفة بالض ددرورة‪ ،‬وهناك ض ددرورات عديدة على اإلنس ددان مواجهتها والتغلب عليها‬
‫حتى يشعر بالحرية‪.‬‬
‫فمثالا هناك الض ددرورة الطبيعية ونحن كبش ددر جزء من الطبيعة‪ ،‬وحياتنا مرتبطة بمعرفة‬
‫قوانين الطبيعة حتى يمكننا تس ددخيرها لخدمتنا‪ ،‬وبقدر ما يس ددتطيع البش ددر كش ددف ومعرفة هذه‬
‫القوانين المفسرة للظواهر المحيطة بهم بقدر ما تزداد مساحة شعورهم بالحرية إزاءها‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫◼ الحرية والمسؤولية‪:‬‬
‫إن الحرية والمسد د ددؤولية حدان ال ينفصد د ددل أحدهما عن اآلخر‪ ،‬فونت تكون َّا‬
‫حر بقدر ما‬
‫تتحمدل مسد د د د د د ددؤوليدة الفعدل الدذي تفعلده‪ .‬وليس معنى قول الفالسد د د د د د دفدة‪ :‬إن حريتدك هي عين‬
‫وجودك‪ ،‬وأن اإلنسد د ددان ثمرة لفعله الحر أن تطلق العنان لهذه الحرية فتصد د ددبح حرية مطلقة‬
‫ألنها إن كانت كذلك فقد انتفى عنها كونها حرية وتحولت إلى فوض د د ددى‪ .‬فالحياة اإلنس د د ددانية‬
‫قوامهدا الحفداظ على النظدام االجتمداعي‪ ،‬والخضد د د د د د ددوع للقوانين األخالقيدة‪ ،‬وااللتزام بداألعراف‬
‫والمواثيق والتشريعات القانونية‪( .‬بدوي‪)97-96 ،1984 ،‬‬
‫ويذا لم يلتزم اإلنس د ددان الفرد بهذه النظم والقوانين والتشد د دريعات لفقد إنس د ددانيته وفقد معها‬
‫حريته‪ .‬ومن ثَ َّم فإن حياتنا اإلنسد د ددانية عبارة عن سد د ددلسد د ددلة من االختيارات‪ ،‬أو المواقف التي‬
‫علينا أن نختارها متحملين النتائج المترتبة عليها‪ ،‬وهذا هو معنى المسد د ددؤولية‪ .‬مما يعني أن‬
‫اإلنسددان حر بقدر ما ُيحافأ لآلخرين على القدر نفسدده من الحرية‪ .‬ومن هنا تتولد مسددؤولية‬
‫اإلنسد ددان عن أفعاله ألن حريتك تقف عند حدود السد ددماح لآلخرين بممارسد ددة حريتهم‪ ،‬وأنت‬
‫ضد دا أنه ال توجد حرية‬
‫حر بقدر حرص ددك على عدم إيذاء اآلخرين ويضد درارهم‪ ،‬وهذا يعني أي ا‬
‫مطلقة لإلنسان وينما حرية منظمة‪ .‬فونت حر ما لم تضر‪.‬‬
‫‪ -3‬الحرية في الفكر اإلسالمي‪:‬‬
‫المنطلق الذي يحدد من خالله مفهوم الحرية في اإلسد د ددالم‪ ،‬هو‪( :‬الخطيب واألحمدي‪،‬‬
‫‪)212-2011 ،2017‬‬
‫قادر على االختيار دون تدخل من أحد‪ ،‬فهو ليس‬ ‫حر اا‬‫‪ ‬إن هللا عز وجل خلق اإلنسد د د د ددان اا‬
‫مجبر على عمل معين بعينه‪ .‬وفي ض د ددوء ما ُمنح اإلنس د ددان من حرية كاملة غير منقوص د ددة‬
‫يحاسد ددبه هللا عز وجل على تص د درفاته وسد ددلوكه‪ ،‬دون محاسد ددبته على ما ورد في صد دددره من‬
‫حر في اختياراته لما حاسدبه هللا عز وجل على ما يفعل‬
‫نوايا االختيار‪ ،‬فلو لم يكن اإلنسدان اا‬
‫من سلوكيات تخالف شرعه‪.‬‬
‫‪ ‬تُعد الحرية إحدى ص ددفات الكمال التي بها تكتمل أهلية اإلنس ددان للحكم والقيادة والوالية‪،‬‬
‫ومن خالل امتالكه لها ُمنح حق التملك لألشد د د ددياء‪ ،‬كما اسد د د ددتحق المميزات األخرى له على‬
‫بقية المخلوقات‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫ديئا‪،‬‬
‫‪ ‬إذا فقد اإلنسددان الحرية في العمل والمشدديئة في االختيار أصددبح ال يملك من أمره شد ا‬
‫ألن خياره خارج عن إرادته‪ ،‬وعلى هذا فإن اإلكراه هو عذره في القص د ددور‪ ،‬فا ال يحاس د ددب‬
‫النان على ما استكرهوا عليه‪ ،‬لكنهم ُيحاسبون على ما فعلوه بإرادتهم‪.‬‬
‫‪ ‬ولذلك حرمت الشد دريعة اإلسد ددالمية بيع اإلنسد ددان الحر‪ ،‬واعتبرت أن بيع الحر وأكل ثمنه‬
‫من كبائر اإلثم‪ ،‬كما اس د د د د د ددتهجنت اس د د د د د ددتعباد عباد هللا األحرار فيما ورد في مقولة عمر بن‬
‫الخطاب "متل استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراارا"‪.‬‬
‫‪ ‬وبحسدب ما جاء في اإلسدالم فإن الحرية هي حق لكل إنسدان‪ ،‬بصدرف النظر عن دينه‪،‬‬
‫أو جنسد دده‪ ،‬أو جنسد دديته‪ ،‬وفي كل ميدان من الميادين وأولها االعتقاد‪ ،‬فكل إنسد ددان له مطلق‬
‫الحرية في تبني االعتقاد الذي يش د د دداء ويرض د د ددي قناعاته‪ ،‬وليس من حق أحد أن يجبره على‬
‫اعتقاد ال يرغب فيه‪ ،‬فاإلكراه يفسدد االختيار‪ ،‬ويجعل اإلنسدان مسدلوب اإلرادة‪ ،‬في حين كفل‬
‫هللا لدده حريددة االختيددار في أن يؤمن أو يكفر مددادام هو من اختددار أن يكون كد اا‬
‫دافر‪ .‬قددال هللا‬
‫تعالى‪ :‬أَفَََنقتَ َُُقًاه الاَّوسَ َُتَّى نََُانُاا مؤمِاِنيَ (سورة يونس‪)99 :‬‬
‫‪ ‬للحرية في اإلسالم حدود حتى ال تتحول إلى همجية وفوضوية يحكمها الهوى والنزاعات‬
‫والميول والش د ددهوات‪ ،‬فتص د ددبح الحياة أش د ددبه بحياة الغاب‪ ،‬ولذلك أطرها اإلس د ددالم داخل ثالثة‬
‫حدددود ضد د د د د د ددروريددة‪ :‬أولهاا‪ ،‬تمتع الفرد بحريتدده يجددب أال يؤدي إلى تهددديددد أمن المجتمع أو‬
‫إحدددات خلددل في ركن من أركدداندده‪ .‬وثااانيهااا‪ ،‬تمتع الفرد بحريتدده يجددب أال يضد د د د د د ددر بحريددة‬
‫اآلخرين‪ .‬وثالثها‪ ،‬تمتع الفرد في حريته يجب أال يضيع حقو أعم منها في ذاتها ومكانتها‪،‬‬
‫وفي النتائج التي تُعقد عليها‪.‬‬
‫‪ -4‬الحرية في الفكر الفلسفي‪:‬‬
‫تعددت معاني الحرية بتعدد الفالسد ددفة والمذاهب الفلسد ددفية‪ ،‬لذا سد ددوف نقتصد ددر في هذا‬
‫المحور على التعري" بالحرية لدى أكثر الفلسفات المعاصرة التي تحدثت عنها وهي‪:‬‬
‫⚫ الحرية في الفلسفة البرجماتية‪:‬‬
‫ترتبط الحرية في الفلس د د ددفة البرجماتية بهدف النمو‪ ،‬فالحرية ليس د د ددت مو بة فطرية وينما‬
‫قدرة مكتسدبة‪ ،‬والنمو الشدخصدي ليس هدافا ثابتاا وينما متحرك‪ ،‬لهذا ترى البرجماتية أنه يجب‬
‫علينددا أن ندددع ميددادين الحريددة مفتوحددة‪ ،‬وأن نعمددل دائ امدا على محدداربددة الثبددات‪ ،‬إذ إننددا نكون‬
‫ار بالفعل عندما نس د د د ددتمر في تحقيق إمكانات إعادة خلق أنفس د د د ددنا‪ ،‬وهذا ما يؤكده "ديوي‬
‫أحراا‬

‫‪110‬‬
‫بقوله‪" :‬إننا أحرار ال بسددبب ما نحن عليه من جمود‪ ،‬ولكن بسددبب أننا أصددبحنا نختلف عما‬
‫كنا عليه"‪( .‬ديوي‪)69 ،1955 ،‬‬
‫⚫ الحرية في الفلسفة الماركسية‪:‬‬
‫يتوقف تحقيق الحرية في الفلسدفة الماركسدية على ثالثة شدروط أسداسدية‪ :‬أولها‪ ،‬الشدرط‬
‫المادي‪ ،‬إذ ال يمكن أن تتحقق ألي إنس د د د د ددان حريته إال إذا انتفت تبعيته إلنس د د د د ددان آخر‪ ،‬أو‬
‫لطبقدة‪ ،‬أو لقوانين السد د د د د د ددو التي ال يسد د د د د د ددتطيع أحدد التحكم بهدا دون أن يكون لده دور في‬
‫حر إال بعد تحطيم‬ ‫وض د د ددعها‪ .‬وثانيها‪ ،‬الش د د ددرط االجتماعي‪ ،‬إذ ال يمكن أن يكون اإلنس د د ددان اا‬
‫عالقات العمل االجتماعية القائمة على أس د د د د د ددس طبقية‪ ،‬واحالل الجماعة اإلنس د د د د د ددانية غير‬
‫الطبقية محلها‪ .‬وثالثها‪ ،‬شد د د د د ددرط المعرفة‪ ،‬إذ ال تتحقق الحرية إال بعد أن يعرف اإلنسد د د د د ددان‬
‫الظروف واألحوال واألسد د دداليب والقوانين التي يمكن اسد د ددتخدامها واالعتماد عليها‪ .‬وهكذا فإن‬
‫حريد ددة اإلرادة ال تعني إال القد دددرة على اتخد دداذ الق اررات مع معرفد ددة الضد د د د د د ددرورة الطبيعيد ددة‬
‫واالجتماعية‪( .‬جيدوري‪)48 ،1994 ،‬‬
‫⚫ الحرية في الفلسفة الوجودية‪:‬‬
‫تؤكد الوجودية أن الحرية هي الوجود اإلنسدداني نفسدده وليسددت صددفة تُضدداف إلى وجود‬
‫اإلنسد د ددان‪ ،‬وهذا ما يؤكده "سد د ددارتر" بقوله‪" :‬الحرية ليسد د ددت صد د ددفة مضد د ددافة أو خاصد د ددية من‬
‫خصد د ددائص وجودي‪ ،‬وينما هي نسد د دديج وجودي"‪ .‬ولم تكتف الوجودية بالقول‪" :‬إن الحرية في‬
‫اإلنسد د د د د د د ددان هي عين وجوده‪ ،‬وين القول إندده موجود يعني القول إندده حر‪ ،‬وينمددا عزت إلى‬
‫اإلنسد د د د ددان حرية مطلقة‪ ،‬فاإلنسد د د د ددان حر حرية مطلقة في كل شد د د د دديء إال في أن يتخلى عن‬
‫حريته‪( .‬سارتر‪)703 ،1966 ،‬‬
‫⚫ الحرية في الفلسفة الطبيعية‪:‬‬
‫يقول روسد د د د د ددو‪" :‬إن الرجل الحر حاقا هو الذي ال يرغب إال فيما يسد د د د د ددتطيع أن يعمله‪،‬‬
‫والذي يعمل ما يحلو له أن يعمله‪ ،‬تلك هي قاعدتي األسدداسددية‪ ،‬فطبقوها على الطفولة تنشددو‬
‫عنها كل قواعد التربية"‪ .‬مع ملحوظة أن ما قاله روس د د ددو هو تكرار لفكرة أن رغبات الطبيعة‬
‫وقددراتهدا تُعدد النقطدة التي تبددأ منهدا كدل تربيدة‪ ،‬وتطبيقهدا على الطفولدة اعتراف بشد د د د د د دديء من‬
‫النقص وعدم الكمال‪ ،‬وعلى ذلك فهي اعتراف بحرية ناقصد د ددة غير كاملة‪ .‬فعلى هذه الحرية‬
‫جيدا يقيم روسو حجته في التربية‪.‬‬
‫تنظيما ا‬
‫ا‬ ‫الناقصة أو المنظمة‬

‫‪111‬‬
‫ومع أن روس د د د ددو يرى في مقاالته األولى أن اإلنس د د د ددان يجب أن يتمتع بحرية مطلقة ال‬
‫يحدها نظام وال ُيهذبها قانون‪ ،‬فإن هذه الحرية في صد ددورتها األخيرة – كما نجدها في كتاب‬
‫إميل وفي كتاب العقد االجتماعي – تكريس لسيادة العقل على الغريزة‪ ،‬وكذلك على السلطة‬
‫الخارجية‪ ،‬أي سدديادة العقل على تطرف األهواء والغرائز من جهة‪ ،‬وسدديادته على المصددلحة‬
‫الفردية وتعسف السلطان من جهة أخرى‪ ،‬فال حرية بال عقل‪( .‬جيدوري‪)68 ،1994 ،‬‬
‫‪ -5‬مفهوم الحرية األكاديمية‪:‬‬
‫ُيسد د د د د د ددتخدددم مفهوم الحريددة األكدداديميددة كدددرع وا لحمددايددة حقو الجمدداعددات األكدداديميددة‬
‫وامتيددازاتهددا‪ ،‬وبخدداص د د د د د د ددة عندددمددا تُفرض بعض القيود على حريددة أعمددالهم‪ ،‬وممددارسد د د د د د د داتهم‪،‬‬
‫وامتيازاتهم‪ .‬مع ملحوظة أن الحرية األكاديمية تُعد من المفا يم الشد د ددائكة من حيث تعريفها‪،‬‬
‫نظر لتدداخلهدا مع بعض المفدا يم األخرى‪ ،‬إلى جداندب أن هدذا المفهوم قدد مر بم ارحدل تطور‬
‫اا‬
‫كثيرة أدت إلى وجود اختالف في اآلراء حول طبيعته‪ ،‬واسددتخداماته‪ ،‬وأهميته بالنسددبة للحياة‬
‫الجامعية‪.‬‬
‫غير أن األس د ددتاذ الدكتور "حامد عمار" نظر إلى الحرية األكاديمية في كتابه "الجامعة‬
‫بين الرسدالة والمؤسدسدة" من زوايا ثالت هي‪ :‬حرية األسدتاذ الجامعي‪ ،‬وحرية الطالب‪ ،‬وحرية‬
‫المؤسد د دس د ددة الجامعية‪ ،‬وفيما يوتي توض د دديح لذلك من خالل الجدول اآلتي‪( :‬عمار‪،1996 ،‬‬
‫‪)106‬‬
‫جدول رقم (‪)23‬‬
‫يوضح أبعاد الحرية األكاديمية‬
‫حرية الطالب الجامعي‬ ‫حرية األستاذ الجامعي‬ ‫حرية المؤسسة الجامعية‬
‫حتل تتحقق الحرياااة األكااااديمياااة قي حق لألسااتاذ بحيث يتمتع بعدم قي حق للطاالب من أجل أن ينقاد‬
‫من االنتقااااام أو االعتقااااال واقعااة الجاااامعي عنااادماااا ال ُيلبي‬ ‫للمؤساااااااااساااااااااة الجامعية يجب أن الخو‬
‫ي ون لهاا الحق في أن ترفح أياة عنادما يتحادف أو ينشااااااااار ما يعتقاد أبساااااااااط متطلبااتاةت كماا يجاب أن‬
‫سااااياساااااتت أو امال ات ال تصااااب أنااااة الحقيقااااةت وحريتااااة من أيااااة ُتتاح لة مناصااااااارة أو اعتناق أية‬
‫في سااياق ما يجب أن تسااعل إلية إمال ات سااااااااالطويااااة ُتفرض علل فكرة تالمس حيااتاة من قرياب أو‬
‫من تطوير وتحادياث للمجتمع الاذي تخصااصااة األكاديمي أو علل أفكاره بعيد والدفاع عنها‪.‬‬
‫الحرة‪.‬‬ ‫تعمل بة ومن أجلة‪.‬‬
‫يتض د د ددح مما ورد في الجدول أن الحرية األكاديمية تؤكد على ض د د ددرورة أال يكون هناك‬
‫ضددغوط خارجية على المؤس دسددة الجامعية واألسددتاذ الجامعي والطالب الجامعي‪ .‬ويؤكد ذلك‬
‫مددا جدداء في قددامون التربيددة الددذي ُيعرف الحريددة األكدداديميددة على أنهددا الحريددة المتدداحددة أمددام‬

‫‪112‬‬
‫المعلم والطالب للتدريس والد ارسدة دون إكراه أو رقابة‪ ،‬أو أي صدورة من صدور التدخل الذي‬
‫قيودا على تلك الحرية‪.‬‬
‫يفرض ا‬
‫‪ -6‬فلسفة الحرية األكاديمية‪:‬‬
‫يمكن تلخيص الفلسد د د د د د دفددة التي تنطلق منهددا الحريددة األكدداديميددة في االتي‪( :‬الخطيددب‬
‫واألحمدي‪)215 ،2017 ،‬‬
‫‪ ‬تنطلق بعض الجامعات التي تهتم بمسولة الحرية األكاديمية من اعتبارها حق من حقو‬
‫اإلنسان‪ ،‬حتى ولو كانت خاصة بفئة قليلة من المجتمع هم الجماعة األكاديمية‪.‬‬
‫‪ ‬يرى بعضدهم أن الحرية األكاديمية حق سدنده قائم على الحق في التربية المدون صدراحة‬
‫في المواثيق الددوليدة‪ ،‬والدذي اسد د د د د د ددتندد عليده إعالن "ليمدا" الدذي ُيعرف الحريدة األكداديميدة بدونهدا‬
‫"حرية أعض د دداء المجتمع األكاديمي في متابعة المعرفة وتطويرها وتحويلها من خالل البحث‬
‫والدراسة‪ ،‬والمناقشة والتوثيق واإلنتاج والخلق‪ ،‬والتدريس ويلقاء المحاضرات والكتابة"‪.‬‬
‫‪ ‬تقترن الحرية األكاديمية‪ ،‬كما أش ددار إعالن "ليما"‪ ،‬بواجبات ومس ددؤوليات خاص ددة‪ ،‬بحيث‬
‫يجوز أن تكون خاض ددعة لقيود معينة ض ددرورية لحماية حقو اآلخرين‪ ،‬فهذه الحرية كما في‬
‫بقية الحريات ليس د د د د ددت حرية مطلقة‪ ،‬إال أنه ينبغي الحذر عند س د د د د ددن القوانين حتى ال تعمل‬
‫على تقليص الحرية األكاديمية‪.‬‬
‫‪ ‬كمدا تجددر اإلشد د د د د د ددارة هندا إلى أن الحريدة األكداديميدة ال تخص أعضد د د د د د دداء هيئدة التددريس‬
‫والبحث فقط‪ ،‬بل تخص الطلبة واإلداريين وكل العاملين في مرافق المؤسسة الجامعية‪.‬‬
‫‪ ‬يعول المهتمون بقضد ددية الحريات األكاديمية على التسد دديير الديمقراطي لمؤس د دسد ددة التعليم‬
‫العالي لحل التناقض د ددات الممكنة بين الفئات المختلفة للمؤسد د دس د ددة‪ ،‬وهذا هو معنى اس د ددتقالل‬
‫مؤسسات التعليم العالي‪.‬‬
‫‪ -7‬االتجاقات الفكرية المختلفة للحرية األكاديمية‪:‬‬
‫على الرغم من أن جميع الثقدافدات األميركيدة‪ ،‬واأللمدانيدة‪ ،‬واإلنجليزيدة‪ ،‬والفرنسد د د د د د ديدة‪،‬‬
‫والروسد د ددية ‪ ،‬تعترف بحق األسد د ددتاذ في الحرية في البحث العلمي‪ ،‬غير أنها تختلف بالنسد د ددبة‬
‫لحرية التدريس‪ ،‬فالتقاليد األلمانية تُعطي لألس ددتاذ الحق في تغيير وجهة نظر طالبه داخل‬
‫الفص ددل‪ ،‬إذ ُيس ددمح له بعرض آراءه كما ُيريد‪ ،‬ألنه ال يوجد توص ددي" لمقررات معدة مس ددباقا‪،‬‬
‫أو قيود معينة على حرية تدريسه‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫أما في الواليات المتحدة األميركية‪ ،‬فقد أقرت الجمعية األمريكية ألسدداتذة الجامعات‬
‫عام ‪ 1915‬السدماح لألسدتاذ مناقشدة المواضديع التي تمس تخصدصده فقط‪ ،‬كما ال يحق ألي‬
‫أسد ددتاذ جامعي أن ينتفع من امتيازاته في إثارة القضد ددايا الجدلية التي هي خارج اختصد دداصد دده‬
‫العلمي‪ .‬أما التقاليد اإلنجليزية‪ ،‬فتحفأ الحق الكامل لألسد د د د د ددتاذ الجامعي في د ارسد د د د د ددة كافة‬
‫المواضد د د دديع في مجال التخصد د د ددص داخل وخارج الجامعة‪ ،‬دون أي تحفأ على الد ارسد د د ددة أو‬
‫المناقشة‪.‬‬
‫أما في التقاليد الفرنساا اية‪ ،‬فاألسد د ددتاذ الجامعي مثل بقية المواطنين‪ ،‬البد أن يسد د ددلك‬
‫س د ددلوك الحياد في أي قض د ددية س د دياس د ددية أو دينية خالل تودية واجبه الوظيفي‪ .‬وفي روسااايا‪،‬‬
‫يفترض بعضد د د د د د ددهم بدون نظدام الجدامعدات الحكوميدة يتعين عليده إتبداع األيدديولوجيدا التي تؤمن‬
‫بها الحكومة‪ ،‬وهذا يعني االنتقاص من استقاللية الجامعات‪.‬‬
‫يتضد د د د د د ددح ممدا سد د د د د د ددبق أن غدالبيدة االتجداهدات تُسد د د د د د ددلم بحق الجدامعدات بدالتمتع بحريتهدا‬
‫األكاديمية‪ ،‬وبخاصددة في رسددم سددياسدداتها وبرامجها األكاديمية‪ ،‬كتقرير المناهج واالمتحانات‬
‫وس د د ددياس د د ددة القبول‪ ،‬وتعيين مس د د ددتويات التخرج‪ ،‬إال أن هذه الحرية وهذا الحق ليس من غير‬
‫ضد د د د د د دوابط اجتمداعيدة عدامدة‪ ،‬فدالجمعيدة األميركيدة أعطدت األسد د د د د د دتداذ حق البحدث عن الحقيقدة‬
‫ويذاعتها ولكنها حرمت عليه االنزال إلى كل ما ال يدخل في مس ددؤولياته األس دداس ددية كباحث‬
‫أكاديمي ويتعارض معها‪ ،‬مع أنها ميزت بين ذلك وبين نشد د د د د د دداطاته االجتماعية بوصد د د د د د ددفه‬
‫مواطن تدام األهليدة السد د د د د د ددتعمدال حقو المواطن خدارج جددران الجدامعدة‪ ،‬ولكنهدا حرمدت عليده‬
‫االنتفاع بحصد د ددانته األكاديمية لممارسد د ددة فعاليات تقع ضد د ددمن المواطنة وواجباتها‪( .‬الخطيب‬
‫واألحمدي‪)219 ،2017 ،‬‬
‫ثانيا‪ :‬الم ون الوجداني لقيمة الحرية األكاديمية‪:‬‬
‫ا‬
‫ال ش د د د د د د ددك أن للجددانددب الوجددداني أهميددة كبيرة فيمددا يتص د د د د د د ددل بقيمددة الحريددة عمو امدا والحريددة‬
‫األكاديمية بش د د د ددكل خاص‪ ،‬ولعل من أهم جوانب إثارة وجدان الش د د د ددباب الجامعي نحو قيمة الحرية‬
‫خلق مشد د د د د د دداعر طيبدة لدديهم نحو القيمدة‪ ،‬وتددريبهم على مواجهدة التدوثيرات السد د د د د د ددلبيدة التي تبعددهم‬
‫عاطفيا عن ممارسد ددة الحرية‪ ،‬وذلك من خالل ابعادهم عن الكبت واإلنكار والتبرير‪ ،‬ألن مثل هذه‬
‫ا‬
‫األمور ستحول بين الشباب وحبهم للحرية‪.‬‬
‫ومن ثم ال بد من قراءة ما يدور في داخلهم من أفكار‪ ،‬وما يعتمل في نفوسد ددهم من مشد دداعر‪،‬‬
‫ثم بع ددد ذل ددك دفعهم إلى البح ددث عن معنى الحي دداة الحرة التي يج ددب أن يعملوا من أجله ددا‪ ،‬وه ددذا‬
‫يتطلدب من القدائمين على تكوينهم وجددان ايدا خلق شد د د د د د ددعور ثري وممتل بدالحيداة لدديهم‪ ،‬ليس حيداتهم‬

‫‪114‬‬
‫ضدا حياة اآلخرين وحرياتهم‪ ،‬وهنا ال بد من إدراك بعض األمور التي تُسداعدنا على بناء‬
‫فقط بل أي ا‬
‫المكون الوجداني لقيمة الحرية‪ ،‬نوضحها في الجدول اآلتي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪)24‬‬
‫يوضح بعح العوامل التي تساعد علل بنا الم ون الوجداني‬
‫التحفيز النفسي‬ ‫إدارة عواطف الشباب‬ ‫معرفة عواطف الشباب‬

‫إن معرفااة عواطف الشاااااااااباااب أو ُتعاا ّاد إدارة مشااااااااااااعر الشااااااااابااااب أي تحفيزقم علل المثابرة واإلصرار‬
‫مهما اا لتوجياااة لمواجهااة القلق والخو والعقبااات‬ ‫ادخال ا‬‫القدرة علل معرفة مشااااااااعرقم كما وعواطفهم ماا ا‬
‫تاحااااادف قاي حاجاار الازاوياااااة فاي الشااااااا ابااب نحو تقبال قيماة الحرياة التي تواجااااة اناااادفاااااعهم ورغبتهم‬
‫تربيتهم وجاداناياا علل حاب الحرياةت والساالو بمقتضاااقات ألن تر قذه للوصاااااااول إلل الحريةت ومن َث َّم ال‬
‫ومن َث َّم يجااب أن نكون علل علم المشااااااااااااعر والعواطف مشاااااااااتتااة بااد من توجيههم إلل الطرق التي‬
‫وحبا للحرية‪.‬‬
‫ميال ا‬
‫بامشااااااااااااااعار الاطاالب وأمازجاتاهام‪ .‬ومبعثرة ال يصااب في االتجاه الذي تجعلهم أكثر ا‬
‫نسااااعل إلية بشاا ا ن جعل الشااااباب‬
‫حبا للحرية‬
‫أكثر ا‬
‫حب القيمة واالبتها لها‬ ‫ممارسة العالقات الشخصية‬ ‫مالحظة عواطف اآلخرين‬
‫ال شاااااام أن المعرفة الشااااااخصااااااية فن العالقات الشاااخصاااية يتضااامن ويشااااااا امال ذلم السااااااا اعاادة والمتعة‬
‫عملياا اا علل نطااااق واساااااااااع يقااااس من خالل والفرح بمماارسااااااااااة قيماة الحرياةت‬
‫ا‬ ‫للعواطف وتطبيقهااااا‬
‫اآلخرين قي المهاااارة الوجااادانياااة التا ثير علل األخرين وقادرتناا علل وقبولها وعشاااااقها بوصااااافها قيمة‬
‫األساااااااااسااااااااية للنجاح في التفاعل التعر واالساتجابة لهذا اإلحسااس إنساااااانية تتحقق من خاللها كرامة‬
‫اإلنسان ومنسانيتة‪.‬‬ ‫بالسلو المالئم‪.‬‬ ‫الداخلي‪.‬‬

‫يتضد ددح من الجدول أن موضد ددوع التكوين العاطفي تجاه قيمة الحرية في غاية األهمية‪،‬‬
‫وبخاصدة عندما نكون بصددد بناء الجانب الوجداني الذي يجعل الشدباب الجامعي أكثر ا‬
‫ميال‬
‫للحرية‪.‬‬
‫ثال اثا‪ :‬الم ون السلوكي لقيمة الحرية األكاديمية‪:‬‬
‫هذا الجانب هو الذي تظهر فيه القيمة على أرض الواقع‪ ،‬فالقيمة تترجم إلى س د د د د د ددلوك‬
‫ظاهري عن طريق التفاعل‪ ،‬ويتصددل هذا الجانب بممارسددة القيمة أو السددلوك الفعلي واألداء‬
‫النفس حركي‪ ،‬وفي هذا الجانب يقوم الطالب بممارسد ددة القيمة وتكرار اسد ددتخدامها في الحياة‬
‫اليومية العادية‪ .‬وهذا يتطلب‪ ،‬حس د د د ددب كانط‪ ،‬التمييز بين التربية اآللية التي تقتص د د د ددر على‬
‫اإلمالء وحشو األدمغة عن الحرية األكاديمية‪ ،‬وتحتوي على الكثير من النقائص واألخطاء‪،‬‬
‫والتربية المتوازنة والسليمة التي تنمي االستعدادات لدى الطلبة إلى سلوك فعل الخير وتنشر‬
‫الثقافة واألنوار والحرية في المجتمع‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫وهنا يكمن جوهر التربية الجديدة التي نحتاج إليها في المؤسدسدات الجامعية‪ ،‬تربية تُ لعد‬
‫لنا مواطنين أحرار ومتنورين‪ ،‬فالتنشد د د د ددئة على التنوير العقالني وعلى ممارسد د د د ددة الحرية هما‬
‫الضد ددمانة القوية ضد ددد انزال المجتمعات إلى مسد ددلكيات العنف والعنف المضد دداد‪ ،‬فالمطلوب‬
‫هو تحرير المؤس د د د دس د د د ددة الجامعية من التس د د د ددييس‪ ،‬والتحول بها إلى نمط فكري يتمركز حول‬
‫اإلنسان‪ ،‬شرط أن تكون حريته موضع الدرن العملي والعلمي وغايته‪.‬‬
‫حر‪ ،‬فإنه ال بد من صياغة ثقافة تُعزز هذه‬‫سلوكا اا‬
‫ا‬ ‫ومن ثَ َّم إذا أردنا لطالبنا أن يسلكوا‬
‫القيمة في فض د دداء الجامعة يكون قوامها‪ :‬نش د ددر الديمقراطية‪ ،‬وحقو اإلنس د ددان‪ ،‬وتعزيز قيمة‬
‫المسدداواة‪ ،‬فضد ادال عن تضددمين المناهج الد ارسددية مجموعة من األنشددطة التعليمية القادرة على‬
‫تعزيز مفهوم الحرية األكاديمية في عقول الطلبة وقلوبهم‪.‬‬
‫مع التوكيد أن تجسدديد قيمة الحرية األكاديمية في سددلوك الطلبة وأعضدداء هيئة التدريس‬
‫يتطلب من المؤسد د د د دس د د د ددة التربوية بكل مكوناتها خلق أنش د د د ددطة تربوية وتطبيقية تُمكن الطلبة‬
‫وأسد د د د دداتذتهم من االنخراط الفعلي في ثقافة الحرية‪ ،‬ويقصد د د د دداء كل السد د د د ددلوكيات المنافية لهذه‬
‫الثقافة التي يمارسها بعضهم داخل المؤسسة الجامعية‪.‬‬
‫ولكي تتمكن المؤسدسدة الجامعية من تجسديد قيمة الحرية في سدلوك الطلبة‪ ،‬فإنه يتعين‬
‫عليها العمل على إحدات تغيرات وتعديالت جوهرية في المناخ العلمي والفكري واالجتماعي‬
‫داخل البيئة التربوية‪ ،‬من خالل إش دداعة القيم اإلنس ددانية واألخالقية‪ ،‬وقيم الترابط االجتماعي‬
‫والتواصد د د د د د ددل الثقدافي‪ ،‬كمدا يتعين عليهدا تعميم ونشد د د د د د ددر قيمدة الحريدة‪ ،‬ومدا يرتبط بهدا من قيم‬
‫الديمقراطية وحقو اإلنسان‪.‬‬
‫وعليه ُيمكن للقائمين على العملية التربوية والتعليمية اإلس د د ددهام في تنمية الس د د ددلوك الحر‬
‫لدى الطلبة‪ ،‬من خالل‪ :‬عقد المؤتمرات الطالبية التي تسعى إلى تنمية منظومة القيم النبيلة‬
‫دلوكا‬
‫لدى الطلبة ويكسدابهم المهارات التي من شدونها بناء الشدخصدية القادرة على أن تسدلك س ا‬
‫حر في المواقف المختلفة‪.‬‬
‫اا‬
‫كما يقع على عاتق المؤسدسددة الجامعية خلق أنشددطة تربوية (ندوات‪ ،‬مسددرحيات‪ ،‬أفالم‬
‫سدينمائية) تخلق اتجاهات إيجابية لدى الطلبة نحو قيمة الحرية التي تدفع الطلبة إلى سدلوك‬
‫يرفض التعصددب لآلراء التي قد تؤدي إلى االنفعال‪ ،‬ومحاولة إقصدداء اآلخر أو ربما إلغائه‪.‬‬
‫مع ملحوظة أن النظرية التربوية الحديثة ترى أننا ال نتعلم ماال نمارس دده‪ ،‬فإذا أردنا أن نتعلم‬
‫الحرية تحتم علينا ممارستها‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫أنشطة وتطبيقات‬

‫نشاط‬
‫يوجد الكثير من الطلبة من يعر أقمية قيمة الحريةت لكنة ال ُيحسااااااان اختيار السااااااالو‬
‫اإليجابي لها‪ .‬ما تفسير لذلم؟‬
‫بعد مناقش ددة الس دؤال مع أس ددتاذ المقرر في المحاض درة طبق ما تعلمته من خالل المناقش ددة في‬
‫حقول الجدول اآلتي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪)25‬‬
‫تش يل قيمة الحرية عبر م وناتها (السلوكيت المعرفيت الوجداني)‬

‫الم ون السلوكي‬ ‫الم ون الوجداني‬ ‫الم ون المعرفي‬

‫دعوة للتفكير‬
‫مع التسليم ب ن األديان والمجتمعات والنظم السياسية قد فرضت علل اإلنسان بعح القيودت فهل قذه القيود‬
‫في صااالح اإلنسااان أم ال؟ وما مدى أحقية اإلنسااان في رفح قذه القيود؟ ثم ما مدى أحقية بعح الجهات‬
‫مثل (التربية) في وضع قيود علل اإلنسان تعتقد قي أنها في صالحة ويعتقد قو أنها ليست كذلم؟‬

‫قطو إثرائية‬
‫كال منا يجب أن يختار لنفساااةت بل أنة حينما يختار اإلنساااان لنفساااة إنما يختار‬
‫يقول جان بول ساااارتر‪ :‬إن ا‬
‫أيضاااا اا في خلق صااااااورة‬
‫أيضاااا اات فال عمل من أعمالنا في خلقة لما نريد أن نكونة إال ويساااااااقم ا‬
‫لكل الناس ا‬
‫اإلنسان كما نتصورهت وكما نظن أنة يجب أن ي ون‪( .‬سارترت ‪1954‬ت ‪)114‬‬

‫‪117‬‬
‫الفصل العاشر‬
‫قيمة المسؤولية االجتماعية‬

‫‪118‬‬
‫الفصل العاشر‬
‫قيمة المسؤولية االجتماعية‬
‫ُيعد وعي أفراد المجتمع بمسد د د د ددؤولياتهم االجتماعية أمر على درجة عالية من األهمية‪،‬‬
‫ومن دون ذلك يعيش المجتمع حالة من التفكك والفوضد د د ددى‪ ،‬وتفقد الحياة االجتماعية الكثير‬
‫من خصد ددائص المجتمعات اإلنسد ددانية المتحض د درة‪ ،‬إذ يسد ددود منطق تغليب المصد ددالح الفردية‬
‫واألنانية وتعظيم الفوائد الفردية على حس د د د دداب الفوائد المجتمعية‪ .‬فاإلحس د د د ددان بالمس د د د ددؤولية‬
‫االجتماعية ُيغذيه اإلحسد ددان بالواجب‪ ،‬مما يسد دداعد على إشد دداعة االلتزام بض د دوابط األخال‬
‫اإلنسد د ددانية ومعاييرها وقوانينها األخالقية‪ ،‬التي ينجم عنها بالضد د ددرورة تقوية نسد د دديج المجتمع‬
‫ووحدته الوطنية‪.‬‬
‫من هندا فدإن ارتفداع حس المسد د د د د د ددؤوليدة االجتمداعيدة يعني تحمدل األفراد مسد د د د د د ددؤوليدة‬
‫ق ارراتهم‪ ،‬ابت ددداء من ذواتهم أواال‪ ،‬ومن ثَ َّم جميع دوائرهم المحيط ددة بهم‪ ،‬والق دددرة على الوف دداء‬
‫بدالت ازمداتهم األخالقيدة بكدامدل إرادتهم‪ ،‬فدالمسد د د د د د ددؤوليدة االجتمداعيدة منداطدة بداألفراد األحرار‪ ،‬في‬
‫حين أن مسلوبي اإلرادة ال تقع عليهم أية مسؤولية اجتماعية‪ ،‬كما ال تناط بشخص ال يملك‬
‫قواه العقلية كاملة‪.‬‬
‫وفي هذه الفصد د ددل س د د ديتم تناول قيمة المسد د ددؤولية االجتماعية من خالل تناول مكوناتها‬
‫المعرفية والوجدانية والسلوكية‪.‬‬
‫أواال‪ :‬الم ون المعرفي لقيمة المسؤولية االجتماعية‪:‬‬
‫يشمل هذا المكون المعارف والمعلومات النظرية التي تتصل بقيمة حب المعرفة‪ ،‬وعن‬
‫طريقده يمكن تعليم هدذه القيمدة‪ ،‬من حيدث أهميتهدا وفوائددهدا ومدا تددل عليده من معداني مختلفدة‬
‫ومتعددددة‪ ،‬وكددذلددك من دالالت تربويددة‪ .‬ومن هنددا يجددب تعليم الطلبددة مجموعددة من المعددارف‬
‫عن قيمة المسؤولية االجتماعية‪ ،‬وذلك على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬مفهوم المسؤولية االجتماعية‪:‬‬
‫يدذهدب بعضد د د د د د دهم إلى أن المسد د د د د د ددؤوليدة االجتمداعيدة تعني بدون يكون البعدد االجتمداعي‬
‫واألخالقي هو المحدد لسد د ددلوك األفراد والمؤس د د دسد د ددات (حكومية أو خاصد د ددة) من حيث توثير‬
‫نش د د د د د د دداط قطدداع األعمددال على العدداملين والمسد د د د د د ددتفيدددين‪ ،‬وعلى البيئددة والمجتمعددات المحليددة‬
‫والمجتمع ككل‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫كم ددا تُعرف المسد د د د د د ددؤولي ددة االجتم دداعي ددة بد دونه ددا "االهتم ددام بجوان ددب التنمي ددة المجتمعي ددة‪،‬‬
‫واألخالقية إلى جانب االهتمام بالمص ددلحة المادية الش ددخص ددية للفرد‪ ،‬أو للمنش ددوة‪ ،‬مما يعني‬
‫أن التزام األفراد ومؤسسات المجتمع تجاه أفراده‪ ،‬مما يعني أن العمل يتعدى العمل الخيري‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أنه في الس د د ددنوات القليلة الماض د د ددية س د د دداهمت أكثر من جهة دولية‬
‫بتحديد مفهوم المسد د د د ددؤولية االجتماعية‪ ،‬إذ حددها االتحاد األوربي بونها "سد د د د ددلوك تقوم على‬
‫أس د دداس د دده مؤسد د دس د ددات المجتمع بتض د ددمين االعتبارات االجتماعية والبيئة في نش د دداطاتها‪ ،‬وفي‬
‫تفاعلها مع أصددحاب المص دالح بشددكل طوعي"‪ .‬كما عرفها مجلس األعمال العالمي للتنمية‬
‫المسااااتدامة‪ :‬على أنها التزام مسد د ددتمر من قبل المؤسد د دسد د ددات في التنمية‪ ،‬والسد د ددعي لتحسد د ددين‬
‫ظروف المعيشية للعاملين وللمجتمعات المحلية‪ ،‬والمجتمع ككل‪.‬‬
‫يتضد د د د د د ددح من التعريفدات السد د د د د د ددابقدة أن لمفهوم المسد د د د د د ددؤوليدة االجتمداعيدة مجموعدة من‬
‫الخصائص المشتركة نعرضها في الجدول اآلتي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪)26‬‬
‫يوضح بعح خصائص المسؤولية االجتماعية‬
‫‪ ‬طوعيااااة العماااال في ‪ ‬تشاااااااااركية العمل في ‪ ‬ضرورة تكامل الجهود ‪ ‬تارشااااااااااياااااد الاجاهاود‬
‫والنفقاااات وفق حااااجاااات‬ ‫ب ارامااج الاامساااااااااااؤولااياااااة المساااااااؤولية االجتماعية المجتمعية كافةت سااااااوا‬
‫االجتماااعيااة وخاادماااتهااات في األنشاااااااااطاااة كاااافاااةت أكاااناات اقتصاااااااااااديااةت أم المناطقت ووضاااااع سااااالم‬
‫وعدم إلزام أي طر فيها لالاوصاااااااااول إلال تاحاقاياق خاادميااةت أم تعليميااةت أم لاألولاوياااااات الاتاي ياجاااااب‬
‫الاااتاااي ُتاالاااباااي توعوياةت للوصاااااااااول إلل البد بتنفيذقا‪.‬‬ ‫مان قابااااال الاحا اوماااااة أو األقااااادا‬
‫تنمية مستدامة‪.‬‬ ‫القاااانونت أو أياااة جهاااة احتياجات المجتمع‪.‬‬
‫أخرى‪.‬‬

‫در على أحد‪ ،‬ومن ثَ َّم يمكن أن يشددارك‬


‫مع التوكيد أن المسددؤولية االجتماعية ليسددت قصد اا‬
‫فيها األفراد كافة‪ ،‬والقطاع العام‪ ،‬والقطاع الخاص‪ ،‬وكافة مؤس دسددات المجتمع المدني بغض‬
‫النظر عن طبيعة العمل المجتمعي أو حجمه‪( .‬الخطيب واألحمدي‪)251-250 ،2017 ،‬‬
‫‪ -2‬مراحل تطور المسؤولية االجتماعية‪:‬‬
‫تجدر اإلشددارة إلى أن مفهوم المسددؤولية االجتماعية ال يزال في إطاره األدبي والمعنوي‬
‫أكثر مند دده في بعد ددده التطبيقي‪ ،‬ولكن من المؤكد ددد أن المفهوم مر بم ارحد ددل عد ددديد دددة يمكن‬
‫تلخيصها في اآلتي‪:‬‬

‫‪120‬‬
‫◼ يرجع ظهور فكرة المسدؤولية االجتماعية إلى القرن الثامن عشدر عندما أعلن االقتصدادي‬
‫"أدم س ددميث"‪ Adam Smith‬أن احتياجات المجتمع ورغباته س ددوف تتحقق على أكمل وجه‬
‫بفضل التعاون بين المنظمات والمؤسسات والمجتمع‪.‬‬
‫مع ملحوظة أن الكتابات في هذه القضية تشير إلى أن المفهوم لم يترجم للواقع الفعلي‬
‫إال في النص د د ددف األول من القرن العشد د د درين‪ ،‬بعد أن أص د د ددبح اهتمام المنظمات والش د د ددركات‬
‫منص د د ادبا على تعظيم أرباحها‪ .‬غير أنه مع حدوت مش د ددكالت بيئية خطيرة‪ ،‬واس د ددتمرار موجة‬
‫االنتقادات لالتجاه االقتصدادي‪ ،‬أوجد عدد من المبادرات التي تسدتوعب الوضدع االجتماعي‪،‬‬
‫وتُركز على أهمية الشراكة المجتمعية في حل ما تعانيه البيئة من مشكالت‪.‬‬
‫مؤتمر‬
‫اا‬ ‫◼ وفي أواخر السد د د د د د ددبعيندات عقددت إحددى الجدامعدات في الواليدات المتحددة األميركيدة‬
‫حول المسد د د د د د ددؤوليدة االجتمداعيدة لمنظمدات األعمدال‪ ،‬وأكد المؤتمر أن ما يشد د د د د د دهدده العدالم من‬
‫تغيرات‪ ،‬تفرض على مؤسسات القطاع الخاص التحول من التركيز على الربحية المتعاظمة‬
‫على حس د د د د د دداب التض د د د د د ددحية بااللتزامات االجتماعية‪ ،‬إلى الموازنة بين تحقيق الربح وااللتزام‬
‫األخالقي نحو مجتمعاتها‪.‬‬
‫◼ ويعود تاريك المس د ددؤولية االجتماعية في المؤس د دس د ددة التعليمية إلى رؤية الفيلس د ددوف "جون‬
‫ديوي ‪ ،"John Dewey‬ال ددذي رأى أن التعليم عملي ددة أخالقي ددة ته دددف إلى تطوير الحس‬
‫األخالقي لدى األفراد من خالل تنشئة الذكاء والقوة والهم االجتماعي لديهم‪.‬‬
‫فيعد ارنس د د ددت بويار ‪ )1990( Ernest Boyer‬أول‬ ‫أما على مس د د ددتوى التعليم العالي ُ‬
‫من نادي بضد ددرورة إعادة النظر في دور الجامعة ليكون تشد ددكيل المجتمعات ذو حيز واسد ددع‬
‫في سدياسداتها‪ ،‬وأصدل جذور هذا الدور عائد السدتفادة الجامعات األمريكية من قوانين موريل‬
‫‪ ، Morrill Act‬باإلض د ددافة إلى تطبيق كثير من الجامعات الخاص د ددة لمبدأ "التعليم الخدمي"‬
‫بوصفه وظيفة أساسية‪( .‬الخطيب واألحمدي‪)250-249 ،2017 ،‬‬

‫‪121‬‬
‫‪ -3‬صور المسؤولية االجتماعية وأش الها‪:‬‬
‫تتض د ددمن المس د ددؤولية االجتماعية أش د ددكال وص د ددور مختلفة يمكن توض د دديحها في الجدول‬
‫اآلتي‪( :‬الخطيب واألحمدي‪)252 ،2017 ،‬‬
‫جدول رقم (‪)27‬‬
‫يوضح أش ال المسؤولية االجتماعية وصورقا‬
‫‪ ‬احترام قواعاد القاانون والتوافق ‪ ‬إعطااا جميع األفراد حقوقهمت ‪ ‬حمااااياااة البي اااة وتحساااااااااينهاااا‬
‫معهااات وكااذلاام إدارة النشاااااااااااطااات بااد ا ا من الوالاادين وانتهااا ب ااافااة وم اااااافحاااااة التلوف البي يت ومنع‬
‫واألعماال كاافاة وفق مبااد وقواعاد األفاراد الاامااخاتاالاافااياان فااي الااعاارقت الاتالاوف ودر األخاطاااااار الابايا اااااة‬
‫الناجمة عن النشاطات اإلنتاجية‪.‬‬ ‫والجنست واللون‪.‬‬ ‫أخالقية‪.‬‬
‫‪ ‬المشااااركة في جميع األ نشاااطة ‪ ‬التبرع للمؤسااسااات والجمعيات ‪ ‬إقااامااة معاااقااد تعليم وتاادريااب‬
‫وتقااااديم إعااااانااااات في المجاااااالت‬ ‫التوعويةت والتعليميةت والصاااااااحيةت الخيرياةت وتقاديم اإلعااناات للفقرا‬
‫ومساااااااعدتهمت فضااااا ااال عن تطوير الصاااااااااحياة والثقاا ياةت وفي حااالت‬ ‫والتدريبية في المجتمع لمن يحتا‬
‫الكوارف‪.‬‬ ‫المجتمعات المحلية‪.‬‬ ‫إليها‪.‬‬

‫‪ -4‬اآلثار اإليجابية لقيمة المسؤولية االجتماعية في المجتمع‪:‬‬


‫تطرح األدبيات المهتمة بالمسد د د د د ددؤولية االجتماعية جملة من األسد د د د د ددئلة نذكر منها‪ :‬هل‬
‫المسد د د ددؤولية االجتماعية هي مسد د د ددؤولية الحكومة ومؤس د د د دسد د د دداتها لوحدها؟ أم أن المسد د د ددؤولية‬
‫االجتماعية هي مس د ددؤولية كل مؤس د دس د ددات الدولة‪ ،‬بما فيها مؤس د دس د ددات قطاع األعمال العام‬
‫والخاص؟ وهل هذه المسد د ددؤولية للتعويض عن الدور االجتماعي للدولة في هذه المرحلة؟ أم‬
‫أن المسؤولية االجتماعية تُساهم في العدالة االجتماعية؟‬
‫من خالل النقاش ددات في محاولة إليجاد إجابات عن تلك األس ددئلة‪ ،‬هناك إش ددارة إلى أن‬
‫تحقيق درجددة عدداليددة من المسد د د د د د ددؤولي دة االجتمدداعيددة يتطلددب قيددام أعض د د د د د د دداء المجتمع كددافددة‬
‫بمسد د د ددؤولياتهم االجتماعية‪ ،‬لما لها من آثار جمة تُسد د د ددهم في تقدم المجتمع ورقيه‪ ،‬ومن هذه‬
‫اآلثار نذكر‪( :‬الخطيب واألحمدي‪)253 ،2017 ،‬‬
‫‪ُ ‬يس دداعد قيام المجتمع بجميع مكوناته بالمس ددؤولية االجتماعية على التص دددي للمش ددكالت‬
‫االجتماعية واالقتص ددادية كافة‪ ،‬وييجاد الحلول واتخاذ اإلجراءات التي تُس دداهم في رفع العوز‬
‫عن مجموعات الس د ددكان‪ ،‬التي تواجه الفاقة والمرض واإلعاقة‪ ،‬والعمل على حماية الطبيعة‪،‬‬
‫وتطوير القدرات البش د د د درية‪ ،‬التي تُمكن أولئك الذين لم تتح لهم فرص التعليم أو التدريب من‬
‫االلتحا بقوى العمل الفاعلة في المجتمع‪ ،‬وهذا بالضد د د د د ددرورة يحقق درجة عالية من التكافل‬
‫االجتماعي في المجتمعات الحديثة‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫‪ ‬تُعبر المسد ددؤولية االجتماعية عن تفاعل ضد ددروري بين األفراد ومؤس د دسد ددات القطاع العام‬
‫والخاص والمجتمع ككل‪ ،‬ومن ثَم فإن أي طرف بدعمه للمسؤولية االجتماعية يعزز العالقة‬
‫بينه وبين األطراف األخرى في المجتمع‪.‬‬
‫‪ُ ‬يس دداعد تحمل أفراد المجتمع ومؤسد دس دداته لمس ددؤولياتهم االجتماعية على تحقيق االندماج‬
‫في المجتمع‪ ،‬مهم ددا ك ددان ددت االختالف ددات العرقي ددة‪ ،‬واألي ددديولوجي ددة كبيرة‪ ،‬ب ددل أن تحم ددل أفراد‬
‫المجتمع بمؤسساته المختلفة قد يذيب هذه االختالفات ليشكل نسق اجتماعي واحد‪.‬‬
‫‪ُ ‬يسدهم تحمل أفراد المجتمع ومؤسدسداته االجتماعية في زيادة الوعي باحترام مبادئ حقو‬
‫اإلنسد د د د د د ددان‪ ،‬وم ارعداة القواعدد األخالقيدة مثدل احترام النظدام‪ ،‬والمحدافظدة على الدذو العدام في‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫‪ُ ‬يس د د د ددهم قيام أفراد المجتمع كافة بمس د د د ددؤولياتهم االجتماعية في مش د د د دداركة كافة أفراده في‬
‫تحقيق التنمية المستدامة‪.‬‬
‫‪ ‬كما أن من آثار نش د ددر ثقافة تحمل المس د ددؤولية االجتماعية بين أف ارد وقطاعات المجتمع‬
‫كافة‪ ،‬يساعد في رفع مستوى الثقة‪ ،‬وتغذية مستوى األمان والطمونينة والراحة النفسية‪.‬‬
‫‪ -5‬دور الجامعة في تعزيز قيمة المسؤولية االجتماعية‪:‬‬
‫أشد ددارت المفوضد ددية األوربية إلى أن الجامعات يجب أن تتحمل مس د دؤوليتها نحو تعزيز‬
‫قيم المسد د د د د د ددؤوليدة االجتمداعيدة من خالل تددعيم مجموعدة من األمور ندذكر منهدا‪( :‬الخطيدب‬
‫واألحمدي‪)256-254 ،2017 ،‬‬
‫‪ ‬أن التحول في النظرة العدامدة للجدامعدة من مزود للخددمدات التعليميدة إلى ارفدد يعول عليده‬
‫في إنتاج مواطنين مدربين من أجل دخول منافس د ددة عالمية‪ُ ،‬يلزمها بون تكون مسد د دؤولة نحو‬
‫المجتمع الذي توجد فيه‪ ،‬والقفز فو حاجز عد التعليم سد د ددلعة للبيع والشد د دراء‪ ،‬والبدء بالعمل‬
‫وعيا بالمسؤولية االجتماعية‪ ،‬مما يتطلب إعادة يكلة أهداف التعليم‬
‫على تشكيل أفراد أكثر ا‬
‫العالي ومناهجه ويداراته حتى تكون أكثر فاعلية وكفاءة‪.‬‬
‫‪ ‬وبما أن األطراف المس د د ددتفيدة من خدمات الجامعات تقدم مجموعة من الموارد للجامعة‪،‬‬
‫كمنحها الش د د د ددرعية‪ ،‬ورأن المال‪ ،‬والعمالء‪ ،‬والموظفين‪ ،‬فالمتوقع منها توفير خدمات مقبولة‬
‫اجتماعيا‪ ،‬تتناسد د د د د ددب مع قيم المجتمع وأعرافه‪ ،‬فتعزيز العقد االجتماعي الذي يسد د د د د ددمح ألي‬
‫ا‬
‫اجتماعيا‪ ،‬وهذه المسددؤولية االجتماعية‬
‫ا‬ ‫مؤس دسددة بمواصددلة عملياتها ُيلزمها أن تكون مس دؤولة‬
‫يفرضدها العقد االجتماعي بين جميع أصدحاب المصدلحة في المجتمع وهو الشدرط األسداسدي‬

‫‪123‬‬
‫لقيددام أي مجتمع مدددني‪ ،‬وهددذا أحددد األسد د د د د د دبدداب الكددامنددة التي تدددفع في تجدداه المطددالبددة بقيددام‬
‫الجامعات بمسددؤوليتها االجتماعية‪ ،‬ويعادة تصددديرها للمجتمع من خالل تشددكيل المؤس دسددات‬
‫لخريجين يتحملون مسؤولياتهم االجتماعية‪.‬‬
‫كبير في خ دددم ددة مجتمع دداته ددا المحلي ددة ق ددام ددت الج ددامع ددات‬
‫أثر اا‬
‫‪ ‬ألن الج ددامع ددات تُم ددارن اا‬
‫األميركيدة بتقدديم العون للمجتمعدات المحليدة في تطوير األ ارضد د د د د د ددي الزراعيدة‪ ،‬ثم من خالل‬
‫المش د دداركة الفاعلة للجامعة الكبرى مع نهاية القرن التاس د ددع عش د ددر في ش د دديكاغو‪ ،‬ونيويورك‪،‬‬
‫وميتشددغان‪ ،‬وهارفارد في مشدداريع توطين المهاجرين الجدد‪ ،‬وتقديم بعض الخدمات التوعوية‬
‫لهم من أجدل تعزيز ثقدافدة وطنيدة واحددة‪ ،‬ولهدذا يجدب أن تقوم الجدامعدات العربيدة بمثدل هدذه‬
‫األدوار في المجتمعات التي تعمل بها‪.‬‬
‫‪ ‬تزايد اإلحس د د د د ددان بوهمية دور الجامعات في تحقيق مس د د د د ددؤوليتها االجتماعية‪ ،‬مما خلق‬
‫اكا كانت بداياته في مؤسد د دسد د ددات التعليم العالي األميركي‪ ،‬ليتمخض عنه فيما بعد تكوين‬ ‫حر ا‬
‫شد د د د د د ددبكدة تعداون بين الجدامعدات في مختلف بلددان العدالم‪ ،‬أُطلق عليهدا "تحدالف المسد د د د د د ددؤوليدة‬
‫االجتماعية للجامعة"‪ ،‬والذي كان من آثاره انعقاد المؤتمر الدولي للمسدؤولية االجتماعية في‬
‫نوفمبر ‪ 2009‬تحت مظلة المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن أهم أنش د ددطة "تحالف المس د ددؤولية االجتماعية للجامعة" تمثل في‬
‫التركيز على تدريس المسد ددؤولية االجتماعية في المناهج الد ارسد ددية جميعها‪ ،‬وتسد ددهيل التبادل‬
‫المجاني الحر ألفكار وأسد د د د د دداليب ومشد د د د د دداكل تدريس القضد د د د د ددايا المرتبطة بالمسد د د د د ددؤولية بين‬
‫الجامعات‪ ،‬ومسد د د د دداعدة الجامعات على دمج المسد د د د ددؤولية االجتماعية في نشد د د د دداطاتها كافة‪،‬‬
‫والمسد د د د دداهمة في تشد د د د ددكيل إيمان مجتمعي‪ ،‬بضد د د د ددرورة مراقبة مقدار التحول في تلبس العمل‬
‫المؤسدسدي الجامعي بمسدؤولياته االجتماعية‪ ،‬ويؤمل أن تغير هذه األنشدطة الهدف األسداسدي‬
‫للتعليم من التركيز على تحقيق تنافسدية اقتصدادية مخيفة إلى غرن حب الخير واإليثار في‬
‫الطالب‪.‬‬
‫‪ ‬تُعد المسؤولية االجتماعية منهج أخالقي تسعى فيه الجامعات إلى تطوير روح المواطنة‬
‫المددنيدة‪ ،‬وتطوير المسد د د د د د ددؤوليدة االجتمداعيدة لددى الطالب‪ ،‬وتطوير أعضد د د د د د دداء هيئدة التددريس‬
‫وغيرهم في الجامعات من أجل دعم المشد د د د د د دداركة االجتماعية والبيئة والتقنية واالقتصد د د د د د ددادية‬
‫للوصول إلى مجتمع يتمتع باالستقرار والتنمية‪.‬‬
‫‪ ‬تُعدد الجدامعدة مسد د د د د د دؤولدة اجتمداع ايدا عن اآلثدار التعليميدة والمعرفيدة والعمليدة والبيئيدة كدافدة‬
‫ديوعا‪،‬‬
‫الناتجة عن الجامعة‪ ،‬بهدف دعم التنمية المسد د ددتدامة‪ ،‬وهذا الدور هو أكثر األدوار شد د د ا‬
‫‪124‬‬
‫لكوندده مدددر اجدا في كددل من الرابطددة العددالميددة للجددامعددات‪ ،‬وتحددالف المسد د د د د د ددؤوليددة االجتمدداعيددة‬
‫للجامعات الذي تم توسيسه في عام ‪.2008‬‬
‫‪ ‬يحددد بعضد د د د د د دهم المسد د د د د د ددؤوليدة االجتمداعيدة للجدامعدة في الواليدات المتحددة األميركيدة في‬
‫جانبين‪ :‬الجانب المؤسد د دس د ددي للجامعة‪ ،‬والمس د ددؤولية األخالقية لمنس د ددوبيها من أعض د دداء هيئة‬
‫التدريس‪ ،‬فعلى الصدعيد المؤسدسدي‪ ،‬يمكن للجامعات القيام بتطوير أواصدر الشدراكة الخدمية‬
‫مع المجتمع المحلي‪ ،‬وفي الجانب األخر فإن عض د د د ددو هيئة التدريس مس د د د دؤول عن بث قيم‬
‫المسؤولية االجتماعية بين الطلبة‪.‬‬
‫‪ ‬ال تقتص د ددر مش د دداركة مؤسد د دس د ددات التعليم العالي على الحياة االجتماعية‪ ،‬بل تتعدها إلى‬
‫المشدداركة في الحياة الثقافية والسددياسددية‪ ،‬إذ تؤكد الد ارسددات أن ارتفاع المشدداركة االجتماعية‬
‫يؤدي إلى إش د د دداعة الرض د د ددا من قبل المجتمعات المحلية في جانب‪ ،‬ومنس د د ددوبي المؤسد د د دس د د ددة‬
‫ض د د د د د دا‬
‫التعليمية في جانب آخر‪ ،‬فالتعليم ال ُيعد مفتاح تحس د د د د د ددين جودة الحياة فقط‪ ،‬ولكنه أي ا‬
‫ُيحسن حياة التجمعات البشرية بشكل عام‪.‬‬
‫‪ ‬تُعد الجامعات مس ددؤولة عن التغيرات االجتماعية‪ ،‬ألنه من المهام األس دداس ددية للمس ددؤولية‬
‫االجتمداعيدة للجدامعدات مس د د د د د د دداعددة قيدادات المجتمعدات على إحددات ثورة في اإليثدار وحدب‬
‫اآلخر وترسديك قيم حقو اإلنسدان وحرياته األسداسدية‪ ،‬وينبغي أن تكون الجامعات هي نقطة‬
‫االنطال التي تس د د ددتمد منها الثورة قوتها‪ ،‬وتُعد مهمة الجامعات في نش د د ددر ثقافة التغيير من‬
‫عموما‪.‬‬
‫ا‬ ‫أهم المهمات التي يجب أن تقوم بها الجامعات العربية‬
‫‪ ‬كما يش د د ددير بعض د د دهم إلى أن من بين جوانب المس د د ددؤولية االجتماعية تعزيز ثقافة العمل‬
‫التطوعي‪ ،‬من خالل تض ددمينها في برامج التعليم‪ ،‬إذ عملت بعض الجامعات على احتس دداب‬
‫درجات أو وحدات تعليمية لقاء المشد دداركة الطوعية للطلبة في برامج المشد دداركة االجتماعية‪،‬‬
‫والتدوسد د د د د د دديس لمنح جوائز ثدانويدة لتلدك المشد د د د د د دداركدات‪ ،‬فمشد د د د د د دداركدة الطلبدة في تقدديم الخددمدة‬
‫لمجتمعداتهم تمكنهم من إدراك قضد د د د د د ددايدا المجتمع المحيط بهم‪ ،‬األمر الدذي يضد د د د د د ددمن توفير‬
‫محددات قوية لغرن قيم المسؤولية االجتماعية في خريجي الجامعات‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الم ون الوجداني لقيمة المسؤولية االجتماعية‪:‬‬
‫ا‬
‫يشد ددمل هذا المكون الحب االنفعاالت والمشد دداعر واألحاسد دديس الداخلية التي ال تظهر‪.‬‬
‫وعن طريقه يميل الفرد إلى قيمة معينة‪ .‬ويتصد د د د ددل هذا المكون بتقدير القيمة واالعتزاز بها‪،‬‬
‫وهذا الجانب ُيشعر الفرد بالسعادة الختيار القيمة‪ ،‬ويعلن االستعداد للتمسك بها على المأل‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫من هن ددا ف ددإن الج ددامع ددة معني ددة بغرن المحب ددة ل دددى طالبه ددا نحو قيم ددة المسد د د د د د ددؤولي ددة‬
‫االجتمداعيدة والتمسد د د د د د ددك بهدا‪ ،‬وذلدك من خالل تعزيز اآلثدار اإليجدابيدة لهدذه القيمدة في نفون‬
‫الطلبة وقلوبهم‪ ،‬إذ تُعد الجامعات ناجحة في عملها إذا انتهت إلى بناء نس د د د د د ددق قيمي تحتل‬
‫فيه قيمة المسد ددؤولية االجتماعية مكانة متقدمة‪ ،‬ألن بناء المكون الوجداني لقيمة المس د دؤولية‬
‫هو الددذي ُيحرر الطلبددة من عزوفهم عن تحمددل المسد د د د د د ددؤوليددة‪ ،‬فضد د د د د د د ادال عن زيددادة تعدداونهم‬
‫وتفاهمهم ليرتقي المجتمع بسلوكهم األخالقي الحر‪.‬‬
‫وبد ددالنظر إلى طبيعد ددة النمو الوجد ددداني نجد ددد أند دده يتكون من العواطف والمشد د د د د د د د دداعر‬
‫واالحاسد دديس واالنفعاالت التي ينبني عليها السد ددلوك‪ ،‬وتؤثر في مواقفه واتجاهاته في الحياة‪،‬‬
‫ومن ثَ َّم لكي يتم تربية هذه العواطف والمش د دداعر تجاه قيمة المس د ددؤولية االجتماعية ال بد أن‬
‫تقوم الجامعة ببعض األنش ددطة التي من ش ددونها أن تُس دداعد في تنمية الجانب الوجداني لقيمة‬
‫المسؤولية االجتماعية‪ ،‬نذكر بعضها في الجدول اآلتي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪)28‬‬
‫يوضح بعح األنشطة التي تساعد علل بنا الم ون الوجداني‬
‫الرحالت الجامعية‬ ‫المناظرات الجامعية‬ ‫الندوات الجامعية‬
‫عد الندوات الجامعية من األنشطة ال شام أن المناظرات الجامعية لها ُتع ّاد الرحالت والزياارات العلمياة من‬ ‫ُت ّ‬
‫الاماهاماااااة فاي تاقاوياااااة الاوجااااادان أثر كبير في غرس شاااعور االتزان أقم األنشاااااااااطااة الجااامعيااة إلثرا‬
‫األخالقي وتنمية قيمة المسااااؤولية والثقاة باالنفس لادى الطلباةت وقي خااابا ارات الاااطااالاااباااااة الاااتااارباااوياااااة‬
‫االجتمااااعياااةت ولهاااا أثر كبير في تعلمهم مهااااارات تقوياااة الوجااادان واالجتماااعياةت كمااا ُتعا ّاد وسااااااااايلااة‬
‫تعاادياال اتجاااقااات الطلبااة وميولهم األخالقي ب سااااااالوب مقنع وجذاب‪ .‬تعليمية تربوية ناجحة لكسر جمود‬
‫ناحاو ماااااا ُياراد تاعازيازه مان ماواطان وبشااااااا ل عام َت ْك ُمن مزايا المناظرة المناااقج إذا أجيااد اساااااااااتخاادامهااا‬
‫القوة وعال مواطن الضاااعف التي في تعزيز الثقااة بااالنفس واالتزانت وتاوجاياهاهاااااا وفاق باراماج عالاماياااااة‬
‫تتصااااال علل سااااابيل المثال بنقص وخلق مشااااعر وأحاسااايس إيجابية ماادروسااااااااااةت كمااا يم ن توظيفهااا‬
‫المشاااااااااااعر اإليجااابيااة نحو قيماة نحو ماااا ُيراد تنميتاااة في وجااادان لتقويااة وجاادان الطلبااة نحو قيمااة‬
‫المساااؤولية وما يرتبط بها من قيم الطلباااة نحو قيماااة المساااااااااؤولياااة المساااااااؤوليةت ك ن ُيخطط أساااااااتاذ‬
‫المقرر لرحلااااة إلل م تااااب ماااادير‬ ‫االجتماعية‪.‬‬ ‫حب العمل والتعاون واإليثار‪.‬‬
‫إدارة الاتارباياااااة والاتاعالايام وتاعارياف‬
‫الطلبة بمسؤولياتة‪.‬‬
‫وجدانيا على حب قيمة المسد د د ددؤولية‬
‫ا‬ ‫مع ملحوظة أن هناك أنشد د د ددطة كثيرة لتربية الطلبة‬
‫بويا التوجيه غير المباشر نحو تحمل المسؤولية االجتماعية‪،‬‬ ‫االجتماعية‪ ،‬إذ تُمثل القصة تر ا‬
‫وجدانيا‬
‫ا‬ ‫وكذلك ُيعد األستاذ الجامعي قدوة لطالبه في تحمل المسؤولية االجتماعية‪ ،‬وتربيتهم‬
‫انفعاليا نحو القيمة إلى جانب مسؤوليته في رعاية السلوك واألخال ‪.‬‬
‫و ا‬
‫‪126‬‬
‫ثال اثا‪ :‬الم ون السلوكي لقيمة المسؤولية االجتماعية‪:‬‬
‫في هدذا المجدال يمكن الحدديدث عن بعدد آخر من أبعداد التربيدة من أجدل المسد د د د د د ددؤوليدة‬
‫االجتماعية هو البعد الذي يمكن تسد د د د د ددميته بالنهايات المسد د د د د ددتدامة لهذه التربية‪ ،‬فكما أنه ال‬
‫جدوى من تعليم المس د د د ددؤولية االجتماعية إال بالقدر الذي يس د د د ددتفيد منه الطلبة على ص د د د ددعيد‬
‫التحصدديل المعرفي الجامعي‪ ،‬فإن هذه الجدوى تظل ضددعيفة أي ا‬
‫ض دا إذا لم يتمكن التعليم من‬
‫تحويل قيمة المسددؤولية االجتماعية إلى معايير داخلية تعكس مواقف الطلبة وتوجه سددلوكهم‬
‫اليومي‪.‬‬
‫ومن ثَ َّم فإن المكون السد د د ددلوكي لقيمة المسد د د ددؤولية مهم لكي تكون شد د د ددخصد د د ددية الطالب‬
‫متكاملة من جوانبها كافة‪ ،‬فضد د د د د د ادال عن أن الطالب يحتاج في حياته العملية والمواقف التي‬
‫تواجهده إلى الكثير من المهدارات التي تجعلده أكثر قددرة على السد د د د د د ددلوك الصد د د د د د ددحيح‪ .‬وهدذا‬
‫يسد د د د د د دتدددعي أن تكون هندداك مهددارات عمليددة لدددى كددل الطلبددة تُمكنهم من القدددرة على تحمددل‬
‫المسد د د د د د ددؤوليدة االجتمداعيدة‪ ،‬كدون ُنمكنهم من مهدارات التواصد د د د د د ددل مع اآلخرين وبنداء عالقدات‬
‫ضد د د د د د دال عن توجيههم إلى مسد د د د د د د دداع دددة الفقراء‬
‫اجتم دداعي ددة ق ددائم ددة على التق دددير واالحترام‪ ،‬ف ا‬
‫والمحتاجين‪ ،‬وتنظيم الجمعيات التي من خاللها يستطيعون المشاركة في تنمية وطنهم على‬
‫المستويات كافة‪.‬‬
‫ومن الجددير بدالدذكر أن دور الجدامعدة في بنداء المكون السد د د د د د ددلوكي لقيمدة المسد د د د د د ددؤوليدة‬
‫االجتمدداعيددة لدددى الطلبددة من خالل برامجهددا التدددريبيددة التي تكون موازيددة للتدددريس النظري‬
‫ومكملة له‪ ،‬لتزويد الطالب بالمعلومات العملية والنظرية عن القيمة المراد تنميتها والس د د د ددلوك‬
‫بمقتضاها‪.‬‬
‫كمددا ينبغي على الجددامعددة وضد د د د د د ددع الخطط والبرامج الكفيلددة بتنميددة قيمددة المسد د د د د د ددؤوليددة‬
‫االجتماعية لدى الطلبة من خالل إقامة األنشطة المختلفة التي تُسهم بصورة فاعلة في بناء‬
‫أجيال قادرة على تحمل المسؤولية في المواقف المختلفة‪.‬‬
‫وعلى ذلدك تكون الجدامعدة عبدارة عن تجربدة حيداتيدة متكداملدة يعيشد د د د د د دهدا الطدالدب خالل‬
‫سددنوات د ارسددته فيها بكل تفاصدديلها‪ ،‬وعليه أن يسددتفيد من مواقفها ويتفاعل معها وينقلها إلى‬
‫مجتمعده الكبير‪ ،‬عنددمدا ينخرط في الحيداة العمليدة بعدد التخرج أو أثنداء الدد ارسد د د د د د ددة‪ .‬فدالجدامعدة‬
‫وموقعا للعلم والثقافة وص د ددناعة الحياة وبناء‬
‫ا‬ ‫دنعا إلعداد المواطنين الص د ددالحين األكفاء‪،‬‬
‫مص د د ا‬
‫السلوكيات المرغوبة‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫أنشطة وتطبيقات‬

‫نشاط‬
‫يوجد الكثير من الطلبة من يعرف أهمية قيمة المسدؤولية االجتماعية‪ ،‬لكنه ال ُيحسدن اختيار‬
‫السلوك اإليجابي لها‪ .‬ما تفسيرك لذلك؟‬
‫بعد مناقش ددة الس دؤال مع أس ددتاذ المقرر في المحاض درة طبق ما تعلمته من خالل المناقش ددة في‬
‫حقول الجدول اآلتي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪)29‬‬
‫تش يل القيمة عبر م وناتها المعر ية والوجدانية والسلوكية‬
‫الم ون المعرفي لقيمة المسااااااااؤولية الم ون الوجداني لقيمة المساااؤولية الم ون الساااالوكي لقيمة المسااااؤولية‬
‫االجتماعية‪.‬‬ ‫االجتماعية‪.‬‬ ‫االجتماعية‪.‬‬

‫فكر‪ ..‬أفعل‬
‫ما رأيم في تصرفات بعح الطالب في المواقف اآلتية؟‬
‫⚫ ط ددال ددب ال يراعي القواع ددد األخالقي ددة مث ددل احترام النظ ددام‪ ،‬والمح ددافظ ددة على ال ددذو الع ددام في‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫⚫ طالب ال ُيشارك في األعمال التطوعية التي تقيمها الجامعة‪.‬‬
‫⚫ طالب ال يهتم بما تتعرض له المملكة من اعتداءات على حدها الجنوبي‪.‬‬
‫فكر‪ ..‬صمم‬

‫تعاون مع زمالئك وبإشراف أستاذ المقرر لعمل ندوة في الكلية التي تدرن فيها بعنوان‪ :‬أثر‬
‫قيمة المسؤولية االجتماعية في مواجهة بعض المشكالت‪ ،‬مثل‪ :‬ظاهرة األمية‪ ،‬الطال ‪،‬‬
‫المخدرات‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫الفصل الحادي عشر‬
‫قيمة العدالة وتكافؤ الفرص‬

‫‪129‬‬
‫الفصل الحادي عشر‬
‫قيمة العدالة وتكافؤ الفرص‬
‫ال شددك أن قيمة العدل من القيم المهمة في الحياة اإلنسددانية‪ ،‬ألن فلسددفة الوجود قائمة‬
‫على العدل‪ ،‬ومن ثَ َّم فإن العدل ُيعد مطلب عام لكل البشد د ددر دون اسد د ددتثناء‪ ،‬فضد د د ادال عن أن‬
‫عموما‪.‬‬
‫ا‬ ‫أساسيا الستقرار المجتمعات اإلنسانية وصالحها‬ ‫ا‬ ‫مدخال‬
‫ا‬ ‫قيمة العدالة تُعد‬
‫والعدالة من القيم اإلنسد ددانية األسد دداسد ددية التي أمر اإلسد ددالم بوجوب تحقيقها‪ ،‬وعدها من‬
‫أكثر القيم اإلنسدانية أهمية‪ ،‬إن لم يكن أكثرها أهمية على اإلطال في صدالح حياة األفراد‪،‬‬
‫والجماعات‪ ،‬وص ددالح األسد درة واس ددتقامة الحياة في المجاالت جميعها‪ ،‬سد دواء أكان ذلك على‬
‫مسددتوى المجتمع‪ ،‬أم على المسددتوى اإلنسدداني برمته‪ ،‬حتى غدا تحقيق العدل بين النان هو‬
‫الهدف األس ددمى لإلنس ددانية‪ .‬وفي هذا الفص ددل س ددوف نتناول قيمة العدالة وتكافؤ الفرص من‬
‫خالل مكوناتها المعرفية والوجدانية والسلوكية‪.‬‬
‫‪ -1‬العدالة في الفكر اإلسالمي‪:‬‬
‫ورد في القران الكريم عدددد من اآليددات التي أمرت بددالعدددل وحثددت عليدده‪ ،‬وأشد د د د د د د ددادت‬
‫بتحقيقه‪ ،‬ونهت عن العمل بض ددده‪ ،‬منها قوله تعالى‪ :‬إانَّ الدَََّ نََقمً باولقََِّلا وَاإلاُسكَونا وَإانتَوءِ ذِا القًَُبَى‬

‫وَنَاهَى ََُا الق َحشكَوءِ وَالقَاًََا وَالقبَ قلا نََِظَُُ لَََدََُّ َُنَكًَّونَ (سد ددورة النحل ‪ .)90:‬وقوله جل شد ددونه‪ :‬إانَّ‬

‫الدَََّ نََقمًكُ أَن ُُؤَدهوا القََمَونَ وتِ إالَى أَهدِهَو وَإاذَا ََََُتُ بََُِّ الاَّوسا أَن َُحََُاا باولقََِّلا (النساء‪.)58 :‬‬
‫ومن أهم األقوال التي تناقلها النان في الحث على العدل في العصد د د د د ددور اإلسد د د د د ددالمية‬
‫المختلفة‪ ،‬القول‪" :‬إذا صد ددلح الراعي صد ددلحت الرعية"‪ ،‬و"العدل يغني السد ددلطان عن أعوانه"‪.‬‬
‫فيمددا تندداقلددت النددان أقوال أخرى تنهى عن الظلم والجور‪ ،‬مثددل‪ :‬الظلم يجددب النعم ويجلددب‬
‫النقم‪ .‬وقولهم‪ :‬وأقرب دعوة للسماء دعوة المظلوم‪.‬‬
‫كما أن هناك مؤش درات ودالئل أخرى على أن تحقيق العدل في اإلس ددالم ال يتوثَّر بدين‬
‫أو وعقيد‪ ،‬وال بمركز اجتماعي أو وظيفة‪ ،‬أو حس د د د د ددب أو نس د د د د ددب‪ ،‬وال بمال أو جاه‪ ،‬بل أن‬
‫جميع النان على أرض المسلمين (مسلمين وغير مسلمين) يتمتعون بالحقو نفسها وعليهم‬
‫نفس الواجبات‪.‬‬
‫مع التوكيد أنه متى ما ش د دداع العدل واإلنص د دداف في المجتمعات يش د دديع األمن واألمان‪،‬‬
‫واالسددتقرار السددياسددي‪ ،‬والتماسددك االجتماعي‪ ،‬واإلزهار الثقافي واالقتصددادي‪ ،‬وتتملف النان‪،‬‬

‫‪130‬‬
‫وتزيد مش د دداركتهم في المجتمع لش د ددعورهم بإحقا الحق‪ ،‬وأنهم جزء من النس د دديج االجتماعي‪،‬‬
‫تحفأ فيدده كرامتهم‪ ،‬ويشد د د د د د ددعرون بددالفخر وقوة االنتمدداء لهددذا المجتمع‪ ،‬كمددا أن العدددل يمنع‬
‫الظالم عن االستمرار في جوره وظلمه‪ ،‬ويحفأ أموال النان وأمالكهم‪.‬‬
‫مع ملحوظة أن العدل والمسدداواة ليس دا لفظين مترادفين‪ ،‬أو أن اإلنسددان الذي ال يسدداوي‬
‫بين ش ددخص ددين هو إنس ددان غير عادل‪ ،‬فالعدل قد يتطلب المس دداواة بين ش ددخص دديين‪ ،‬لكن هذا‬
‫مثال أن نس دداوي بين‬
‫ليس على اإلطال ‪ ،‬فقد يتطلب تحقيق العدل عدم المس دداواة‪ ،‬فال يجوز ا‬
‫دادا من اآلخر‪( .‬الخطيدب واألحمددي‪،‬‬
‫طدالبين في الددرجدات إذا كدان أحددهم أكثر جدديدة واجته ا‬
‫‪)237 ،2017‬‬
‫‪ -2‬العدالة في الفلسفة‪:‬‬
‫اتخذ مفهوم العدالة عند الفالس د د د د ددفة أش د د د د ددكاالا كثيرة‪ ،‬فقد كان لكل منهم رؤيته‬
‫بهدا‪ ،‬فدإذا مدا س د د د د د د ددلطندا‬ ‫وتدوطيره لمفهوم العددالدة وفاقدا للمرحلدة والظروف التي عدا‬
‫الض د د د ددوء على مفهوم العدالة عند أرسااااااطو نجد أنها تنقس د د د ددم إلى داللتين‪( :‬بدوي‪،‬‬
‫‪)371 ،1984‬‬
‫⚫ داللة عامة‪ :‬ترمز إلى عالقة الفرد بالمؤسدسددات االجتماعية‪ ،‬أي االمتثال إلى‬
‫القوانين والتحلي بالفضدديلة‪ ،‬فاإلنسددان الفاضددل هو الذي يمتثل إلى القوانين ويعمل‬

‫بها‪ ،‬شريطة أن يكون هذا القانون ا‬


‫مبنيا على مبدأ الفضيلة‪.‬‬
‫خاصا اة‪ :‬تشد ددير إلى ما ينبغي أن يكون عليه سد ددلوك الفرد في تعامله مع‬
‫ّ‬ ‫⚫ داللة‬
‫غيره من أفراد المجتمع‪ ،‬وهندا تقترن العددالدة بدالفض د د د د د د دديلدة بداعتبدارهدا جزءا ال يتج أ‬
‫ز‬
‫ا‬
‫منها‪ ،‬وتدل على السد د د د د ددلوك الفاضد د د د د ددل في شد د د د د ددتى مجاالت النشد د د د د دداط اإلنسد د د د د دداني‪.‬‬
‫ويرى "جان جاك روسو" أن دولة الحق هي األسان في تنظيم العالقات بين‬
‫النان‪ ،‬لذلك أكد أن العدالة تعلي من قيمة الفرد والجماعة‪ ،‬فهي محرك اإلنسد د د ددان‬
‫في العمدل واإلنتداج وتدوس د د د د د د دديس القيم‪ ،‬غير أن تطبيق العددالدة ال يتم إال عبر منح‬
‫الحرية لألفراد‪ ،‬وذلك بالمس د د د د د دداواة بينهم ض د د د د د ددمن حقو المواطنة‪ ،‬مع ملحوظة أن‬
‫المس دداواة ‪ -‬حس ددب روس ددو – ليس ددت مطلقة أو تامة‪ ،‬ولكن المس دداواة التي تس ددتهدف‬
‫ض د د د د د ددمان االس د د د د د ددتقرار بالمجتمع عن طريق التقريب بين مس د د د د د ددتويات الفقر والغنى‬
‫المتطرف ددة‪ ،‬بحي ددث ال يع دداني المجتمع ال من أصد د د د د د د دح دداب الغنى الف دداحش وال من‬
‫اصحاب الفقر المدقع‪( .‬روسو‪ ،‬د‪ .‬ت‪)113 ،‬‬

‫‪131‬‬
‫‪ -3‬معنل العدالة االجتماعية‪:‬‬
‫تُعد العدالة االجتماعية أحد النظم االجتماعية االقتصد ددادية التي تسد ددعى نحو‬
‫التخلص من كد ددافد ددة العوائق والحواجز الموجودة بين الطبقد ددات التي يتكون منهد ددا‬
‫المجتمع الواحد‪ ،‬وباألخص العوائق االقتصد ددادية‪ .‬وتُعرف العدالة االجتماعية بونها‬
‫العندايدة واالهتمدام بحقو أبنداء المجتمع الواحدد بدالشد د د د د د د دكدل الدذي ُيمكن كدل فرد من‬
‫الحصد ددول على حقوقه‪ ،‬وتوزيع ثروات وخيرات المجتمع بشد ددكل عادل ال يفر بين‬
‫طبقددة وأخرى‪ ،‬وتُمكن كددل فرد من التمتع بددالفرص مثددل غيره من األفراد‪ ،‬والعمددل‬
‫على احترام حقو اإلنس د ددان في النواحي كافة‪ ،‬س د دواء أكانت هذه الحقو مادية أم‬
‫معنويدة‪ ،‬بمعنى توفير كدل مدا يحتداجده أبنداء المجتمع بص د د د د د د ددورة عدادلدة‪ .‬ومن أبرز‬
‫المقومات التي تقوم عليها العدالة االجتماعية نذكر‪:‬‬
‫‪ ‬نشاار المساااواة بين األفراد‪ :‬أي نش ددر المس دداواة بين أفراد المجتمع من النواحي‬
‫القدانونيدة واالجتمداعيدة واالقتصد د د د د د د دداديدة‪ ،‬وبدالطبع فدإن نش د د د د د د ددر المسد د د د د د د دداواة بين أفراد‬
‫رسد د د د د د د دهدا انتشد د د د د د د ددار المحبدة‪ ،‬واألمدل بين‬
‫المجتمعدات يعود بدالكثير من الفوائدد على أ‬
‫ر ية والفس دداد‬
‫ص ددفوف أبناء المجتمع‪ ،‬أما عدم نش ددر المس دداواة فيؤدي إلى نش ددر الك ا‬
‫والظلم‪.‬‬
‫‪ ‬وجوب توافر توازن اجتماعي‪ :‬ويعني ذلك االلتزام بالعدل أثناء توزيع الثروات‬
‫بين أبنداء المجتمع الواحدد‪ ،‬وذلدك حتى يتم حددوت توازن بين األفراد في مس د د د د د د ددتوى‬
‫معيش د د د د ددتهم بالش د د د د ددكل الذي يؤدي إلى التخلص من الفوار بين الطبقات‪ ،‬والجدير‬
‫كبير‪ ،‬إذ أكد على ض د د د د ددرورة التزام‬
‫اهتماما اا‬
‫ا‬ ‫بالذكر أن اإلس د د د د ددالم اهتم بذلك الجانب‬
‫األغنياء بوداء واجبهم تجاه الفقراء بالشكل الذي يضمن للفقراء العيش الكريم‪.‬‬
‫‪ ‬ضاااااارورة احترام حقوق اإلنسااااااان‪ :‬ال يمكن للعدالة االجتماعية أن تتحقق إال‬
‫من خالل احترام حقو اإلنسد د د د د د ددان والتمسد د د د د د ددك بها‪ ،‬والجدير بالذكر أنه إذا لم يتم‬
‫المحافظة على حقو اإلنس ددان س دديؤثر ذلك بالس ددلب على العدالة االجتماعية ألنه‬
‫سيؤدي إلى غيابها‪.‬‬
‫وسبل مواجهتها‪:‬‬
‫‪ -4‬معوقات العدالة االجتماعية ُ‬
‫يعترض تحقيق العد دددالد ددة االجتمد دداعيد ددة مجموعد ددة من المعوقد ددات التي يمكن‬
‫إيجازها في النقاط اآلتية‪:‬‬

‫‪132‬‬
‫⚫ عدم االلتزام بقواعد وقيم اإلسالم التي تدعو إلى العدل والمساواة‪.‬‬
‫⚫ عدم احترام حقو األفراد وحرياتهم‪ ،‬وسيطرة بعض الطبقات على الثروات‪.‬‬
‫⚫ انتشار الفساد والمحسوبية في قطاعات المجتمع المختلفة‪.‬‬
‫ومن ثَ َّم فإنه لكي تسد د ددود العدالة االجتماعية ال بد من مواجهة هذه المعوقات‬
‫والس د د د د د د ددعي نحو إزالته ددا والتخلص منه ددا‪ .‬وأبرز الطر التي من الممكن االعتم دداد‬
‫عليها لنشد ددر العدالة االجتماعية الرجوع إلى قواعد اإلسد ددالم وتعاليمه الحكيمة التي‬
‫تدعو إلى نش د ددر العدالة بين ص د ددفوف أبناء المجتمع‪ ،‬والحرية بالش د ددكل الذي يؤدي‬
‫فضال عن نشر الوعي بين أبناء المجتمع بضرورة‬
‫ا‬ ‫إلى انتشار المحبة بين النان‪،‬‬
‫التمسك بحقوقهم والدفاع عنها‪.‬‬
‫‪ -5‬العالقة بين العدالة االجتماعية وتكافؤ الفرص التعليمية‪:‬‬
‫تتض ددح العالقة بين تكافؤ الفرص التعليمية وتحقيق العدالة االجتماعية في مجموعة‬
‫من األمور نذكر منها‪( :‬الخطيب واألحمدي‪)239-238 ،2017 ،‬‬
‫⚫ يرتبدط مفدهدوم تك د د ددافؤ الفدرص ببدعدض المدف د د ددا يدم مث د د ددل‪ :‬الفدرص التدعدلديدمدي د د ددة‪ ،‬والفدرص‬
‫االقتصد ددادية‪ ،‬إذ تركز الفرص التعليمية على ضد ددرورة توفير التعليم لجميع المراحل العمرية‪،‬‬
‫وجعل التعليم متاح لجميع األطفال مع مراعاة التوزيع العادل لهذه الفرص‪.‬‬
‫⚫ ترتبط العدددالددة االجتمدداعيددة ب دالتكددافؤ في فرص الحيدداة ذاتهددا‪ ،‬وبخدداصد د د د د د د ددة العدددالددة في‬
‫التوظي"‪ ،‬وعلى ذلدك فدإن أي طرح لمفهوم التكدافؤ في الفرص التعليميدة يتبعده بدالضد د د د د د ددرورة‬
‫اإلشد د د د د د د ددارة إلى مفهوم التك ددافؤ في الفرص المهني ددة‪ -‬التوظي"‪ -‬على األق ددل‪ ،‬ويلى ارتب دداط‬
‫المفهومين وانعكان مضمون كل منهما على اآلخر‪.‬‬
‫⚫ يتيح التعليم فرص النمو الفردي والحراك االجتماعي والقوة الس د د د د ددياس د د د د ددية واالقتص د د د د ددادية‬
‫للمحرومين‪ ،‬إذ إنده ُيمكن الطدامحين ذوي الكفداءة من تحقيق الحراك االجتمداعي الصد د د د د د دداعدد‬
‫دون تمييز‪ ،‬الس د د د دديما أن المجتمعات كافة تعد التعليم حاقا من حقو اإلنس د د د ددان يجب كفالته‬
‫للجميع‪ ،‬حتى وين بدت ص د د د ددعوبة تحقيق ذلك في الواقع‪ ،‬أما في المجتمعات التي يقتص د د د ددر‬
‫فعليا_ على طبقة معينة‪ ،‬يصير التعليم أداة للحراك االجتماعي‬
‫فيها حق التعليم _ نظرايا أو ا‬
‫الصاعد داخل نطا هذه الطبقة فقط‪.‬‬
‫مطلبا أسد د د دداسد د د د اديا للحراك‬
‫ا‬ ‫⚫ تشد د د ددير الكثير من الد ارسد د د ددات إلى أن التعليم الجامعي أصد د د ددبح‬
‫مهما في الحراك االجتماعي عند‬ ‫دور ا‬‫االجتماعي الصد د د د د دداعد‪ ،‬إذ تبين أن التعليم قد مارن اا‬

‫‪133‬‬
‫أبناء الطبقة الفقيرة والمتوس ددطة نتيجة اللتحاقهم بمؤس دس ددات التعليم‪ ،‬فوبناء الدخل المنخفض‬
‫والوظددائف الدددنيددا الددذين التحقوا بددالتعليم الجددامعي‪ ،‬تقددل احتمدداليددة التحدداقهم بوظددائف دنيددا‪،‬‬
‫دور مؤث ار في عملية اتسد د د د د دداع البناء االجتماعي في‬
‫ويتضد د د د د ددح أن التعليم الجامعي ُيمارن اا‬
‫البالد التي تلتحق نسد د ددبة كبيرة من أبنائها بالتعليم الجامعي أكثر من البالد التي يلتحق فيها‬
‫نسبة قليلة بالتعليم الجامعي‪.‬‬
‫⚫ إن االرتباااط بين تكااافؤ الفرص التعليميااة واإلطااار العااام للعاادالااة االجتماااعيااةت جعاال‬
‫السد ددياسد ددات االجتماعية في أغلب البلدان تتجه نحو إيجاد حل لمسد ددولة الالمسد دداواة التعليمية‬
‫بين مواطنين المجتمع الواحد‪ ،‬وتعتمد لتحقيق هذا التوجه مجموعة من الوس د د د ددائل والفعاليات‬
‫التربوية مثل‪ :‬برامج المساعدة االجتماعية‪ ،‬ودرون التقوية والبرامج اإلعالمية الممكنة‪.‬‬
‫‪ -6‬معوقات تحقيق تكافؤ الفرص التعليمية‪:‬‬
‫توجددد مجموعددة من المعوقددات التي تمنع من تحقيق مبدددأ تكددافؤ الفرص في‬
‫التعليمية في المجتمع نذكر منها‪( :‬الخطيب واألحمدي‪)241-240 ،2017 ،‬‬
‫◼ المستوى االقتصادي لألسرة‪:‬‬
‫تؤكد الكثير من الد ارسد د ددات أن الناحية االقتصد د ددادية لألس د د درة عامل مهم في معوقات‬
‫تحقيق تكافؤ الفرص‪ ،‬ألنه من دون المسد د د د ددتوى المادي المعقول لألسد د د د درة ا‬
‫مثال ال يسد د د د ددتطيع‬
‫التالميذ االسددتفادة مما يقدم إليهم من تعليم مجاني إلى أقصددى حدود إمكانياتهم‪ ،‬فضد ادال عن‬
‫أن بعض األسر ال تستطيع أن تسمح للطفل باالستم اررية في الدراسة نهاية السلم التعليمي‪،‬‬
‫ألنها غير قادرة على تمويل نفقات تعليمه‪ ،‬باإلضد د د ددافة إلى أنها بحاجة إليه لكي يسد د د دداعدها‬
‫في كسب العيش سواء في الري" أو في المدينة‪.‬‬
‫ومدا ينطبق على عددم القددرة على تحقيق تكدافؤ الفرص التعليميدة‪ ،‬ينطبق على عددم‬
‫القدرة على تحقيق تكافؤ الفرص االقتص د د د د ددادية‪ ،‬وغيرها من ص د د د د ددور تكافؤ الفرص‪ ،‬من هنا‬
‫تحاول الدول المختلفة أن ترفع مسد د د ددتوى حياة المواطنين بصد د د ددفة عامة‪ ،‬األمر الذي ينعكس‬
‫على األسددر وأبنائها‪ ،‬فبعض الدول تقدم سددندات للمواصددالت العامة‪ ،‬ومثلها للحصددول على‬
‫الوقود‪ ،‬وكذلك تقدم بطاقات تمويلية لوجبات غذائية مجانية‪.‬‬
‫كمدا أن الثروة تمكن أصد د د د د د دحداب رءون األموال أن يجددوا فرص أمدامهم بمدا يملكون‬
‫من ثروة أخرى‪ ،‬إذ يمكنهم الدخول في أفضد د د ددل المؤسد د د دسد د د ددات التعليمية‪ ،‬وتقدم لهم أفضد د د ددل‬

‫‪134‬‬
‫الخدمات‪ ،‬كما يمكنهم الدخول في أضدخم المشداريع االقتصدادية‪ ،‬وهكذا فإن األغنياء يزدادوا‬
‫فقرا‪ ،‬ما لم تبني الدول سياسات تقلص الفروقات بين مواطنيها‪.‬‬
‫غنى والفقراء يزدادوا ا‬
‫ا‬
‫◼ العنصر واللون‪:‬‬
‫يقص د ددد بالعنص د ددر واللون األص د ددل الذي ينحدر منه الش د ددخص ولون بشد د درته‪ ،‬إذ إن‬
‫هناك بعض المجتمعات تقص ددر خدماتها االجتماعية على عناص ددر معينة من الس ددكان‪ ،‬كما‬
‫كان يحص د د د د ددل في مص د د د د ددر أثناء حكم المماليك لها‪ ،‬حيث كان التعليم الحربي الذي يتم في‬
‫قاصر على أبناء الماليك دون العنصر المصري من أبناء البالد‪ ،‬وترتب على‬
‫اا‬ ‫ثكنات مصر‬
‫ذلك أن المناصب الهامة في الجيش كانت في يد الماليك فقط‪.‬‬
‫أيضا ما كان يحدت في جنوب افريقيا إبان الحكم العنصري‪ ،‬حيث يتمتع‬ ‫ومن ذلك ا‬
‫البيض بفرص التوظي" في األماكن القيادية والحس دداس ددة‪ ،‬كما يتمتعون بفرص تعليم أفض ددل‬
‫وأكثر توهيل للوظائف القيادية‪ ،‬بينما يقف اللون والعنصد د د د د د درية بالنس د د د د د ددبة للزنوج حائالا دون‬
‫دخول بعض أنواع المدارن والجامعات‪.‬‬
‫◼ الجنس (ذكر أو أنثل)‪:‬‬
‫تُعدد المرأة نصد د د د د د ددف المجتمع‪ ،‬لك نهدا حتى وقدت قريدب هي قوة معطلدة في كثير من‬
‫المجتمعات‪ ،‬مما أض ددعف ش ددونها ألنها تعيش عالة على الرجل‪ ،‬وليس لها كيان اقتص ددادي‪،‬‬
‫كما أن التعليم ظل لفترة زمنية غير قصديرة غير متاح لغالبية اإلنات‪ ،‬إذ أبعدت اإلنات عن‬
‫التعليم بحكم التقاليد واألعراف االجتماعية‪.‬‬
‫وال ش د د د ددك أن هذه االتجاهات آخذت في التقلص في العص د د د ددر الحديث‪ ،‬لكن هذا ال‬
‫حاليا في فرص التعليم‬
‫يعني زوالها‪ ،‬وأكثر ممارسدات عدم التكافؤ ضدد اإلنات هو ما يشديع ا‬
‫الجامعي‪ ،‬بقصد د د د ددر تخصد د د د دصد د د د ددات معينة على الذكور دون اإلنات‪ ،‬وكذلك احتكار الذكور‬
‫تحضرا‪.‬‬
‫ا‬ ‫لبعض الوظائف السيادية في أكثر المجتمعات‬
‫‪ -7‬أبعاد ظاقرة العنصرية في األدبيات الدولية‪:‬‬
‫تكفل المادة األولى من ميثا األمم المتحدة (‪ )1945‬المبدأ األسدداسددي لحظر التمييز‪،‬‬
‫وأكد اإلعالن العالمي لحقو اإلنس د د د د د ددان ‪ 1948‬على مبدأ المس د د د د د دداواة والكرامة اإلنس د د د د د ددانية‬
‫المتوصد ددلة في كافة بني البش د در‪ ،‬وهي مبادئ وحقو أصد دديلة وغير قابلة للتصد ددرف‪ .‬وتنص‬
‫المددادتين ‪ 2‬و‪ 7‬على حظر التمييز‪ ،‬وتختص المددادة ‪ 2‬بحظر التمييز في أي من مجدداالت‬

‫‪135‬‬
‫تطبيق اإلعالن العالمي لحقو اإلنس د د د د ددان‪ ،‬فيما تنص د د د د ددرف المادة ‪ 7‬إلى حظر التمييز في‬
‫عموما‪ ،‬وتطبيقات القوانين الوطنية بصفة خاصة‪.‬‬
‫ا‬ ‫التطبيقات القانونية‬
‫وتُعرف االتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري (‪ ،)1965‬التمييز‬
‫بونه‪" :‬أي تمييز أو اسددتثناء أو تقييد أو تفضدديل يقوم على أسددان العر أو اللون أو النسددب‬
‫أو األص د د د ددل القومي أو االثني‪ ،‬ويس د د د ددتهدف أو يس د د د ددتتبع تعطيل أو عرقلة االعتراف بحقو‬
‫اإلنس د ددان والحريات األس د دداس د ددية أو التمتع بها أو ممارس د ددتها على قدم المس د دداواة‪ ،‬في الميدان‬
‫السددياسددي أو االقتصددادي أو االجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة‬
‫العامة" (المادة ‪.)1‬‬

‫وتُعد االتفاقية التمييز العنصد ددري مؤس د دسد د اديا عندما ُيمارن بانتظام وبكثافة‪ ،‬خصد ددو ا‬
‫ص د دا‬
‫عند تقنين ممارسدة الفصدل على أسدان عنصدري‪ ،‬أو بموجب سدياسدات‪ ،‬أو ممارسدات تتكرر‬
‫محظور ويمداثدل جريمدة‬
‫اا‬ ‫وتبقى بمرور الوقدت‪ .‬كمدا تعدد أن التمييز العنصد د د د د د ددري الممدوسد د د د د د ددس‬
‫األبدارتهدايدد‪ .‬وعليده‪ ،‬تفرض المدادة (‪ )3‬من االتفداقيدة على الددول العمدل على إداندة الفصد د د د د د ددل‬
‫العنصد د ددري واألبارتهايد والتعهد بمحاربة وحظر ويلغاء كافة الممارسد د ددات المماثلة في مناطق‬
‫سيادتها‪.‬‬
‫وتنبع ممارس د ددة العنص د درية والتمييز العنص د ددري بش د ددكل أولي من اعتبارات مثل "الفوقية"‬
‫و"الددونيدة" التي يتم إضد د د د د د دفدائهدا على المجموعدات العرقيدة أو األثنيدة أو غيرهدا‪ ،‬وهي مفدا يم‬
‫تستخدم في تبرير امتهان البشر "األقل" أو حتى القضاء عليهم‪ ،‬وال تمتلك مثل هذه النظرية‬
‫أي أسان علمي وتناقض المبادئ األخالقية لإلنسانية‪.‬‬
‫وفضد د ادال عن حظره للتمييز‪ ،‬يحظر العهد الدولي للحقو المدنية والسد ددياسد ددية (‪)1966‬‬
‫في المادة ‪ 20‬أي تشدجيع للك ار ية األثنية أو العنصدرية أو الدينية‪ ،‬والتي تتضدمن التحريض‬
‫على التمييز أو الع ددداء أو العنف‪ .‬وب ددالمث ددل حفل ددت مختلف المواثيق والمع دداه دددات ال دددولي ددة‬
‫توصدديات األمم المتحدة وغالبية المواثيق اإلقليمية والقارية لحقو اإلنسددان بنصددوص تهدف‬
‫لحظر التمييز ويبراز وسائل مكافحته وآليات معالجة األسباب المؤدية إليه‪.‬‬
‫وكانت الجمعية العامة لألمم المتحدة قد أعلنت أن العقود الثالثة الواقعة ما بين عامي‬
‫‪ 1973‬و‪ 2003‬هي عقود مناهض د د ددة العنصد د د درية والتمييز العنص د د ددري‪ ،‬وبالرغم من الجهود‬
‫الدولية طوال هذه الفترة‪ ،‬إال أن المقاص د د د ددد واألهداف لم تتحقق على النحو المومول‪ ،‬وبقيت‬
‫األسددباب الجذرية والثانوية للعنص درية المؤس دسددية والتمييز العنصددري المؤس دسددي وأشددكال عدم‬
‫التس د ددامح األخرى ذات الص د ددلة بقيت بارزة بوش د ددكالها المختلفة في غالبية األمم‪ ،‬فض د ددال عن‬
‫‪136‬‬
‫كونهدا ممدارسد د د د د د ددات عدابرة للحددود الوطنيدة والثقدافيدة‪ ،‬وتؤدي إلى انتهداكدات جسد د د د د د دديمدة لحقو‬
‫اإلنسان‪ ،‬والتي تتراوح بين ممارسات تمييز وصراعات عنف‪.‬‬
‫وكان المؤتمر العالمي الثالث لمناهضة العنصرية والتمييز العنصري وك ار ية األجانب‬
‫وأشد د د د د د دك ددال ع دددم التسد د د د د د د ددامح األخرى (درب ددان‪ -‬جنوب إفريقي ددا‪ 31 ،‬أغسد د د د د د ددطس‪/‬آب ‪8 -‬‬
‫س د د د ددبتمبر‪/‬أيلول‪ )2001‬من بين الجهود الدولية الهادفة إلنهاء القلق المتزايد بش د د د ددون التمييز‬
‫العنصري‪.‬‬
‫وكدان من أهم أهدداف المؤتمر‪ ،‬ومن بين أمور عددة‪ ،‬عدادة تقددير المعوقدات التي تواجده‬
‫التقددم في مجدال مكدافحدة العنصد د د د د د دريدة والتمييز‪ ،‬والتعرف على طر التغلدب عليهدا‪ ،‬وكدذلدك‬
‫اسد د ددتهدف المؤتمر توطير توصد د دديات ارسد د ددخة التخاذ إجراءات تقدم أصد د دديلة على المسد د ددتوى‬
‫الوطني واإلقليمي والدولي في سبيل بلوغ هذه الغاية‪.‬‬
‫‪ -8‬دور الجامعات في تعزيز تكافؤ الفرص التعليمية‪:‬‬
‫من أجدل تعزيز دور الجدامعدة في تحقيق تكدافؤ الفرص التعليميدة البدد لهدا من إتبداع‬
‫اآلتي‪( :‬الخطيب واألحمدي‪)244 ،2017 ،‬‬
‫‪ ‬التوكيد على مجانية التعليم الجامعي‪ ،‬إذ يجب أن تتاح فرص التعليم الجامعي المجاني‬
‫لشد د د د د دريحة عريض د د د د ددة من أبناء المجتمع‪ ،‬على أن توزع تلك الفرص بحس د د د د ددب قدرات األفراد‬
‫ويمكانياتهم‪.‬‬
‫‪ ‬وض د د د ددع قواعد عادلة للقبول في الجامعات‪ ،‬وينش د د د دداء مكتب لتنس د د د دديق القبول في مناطق‬
‫المملكة المختلفة‪ ،‬على شاكلة مكتب القبول في منطقة الرياض‪.‬‬
‫‪ ‬تددبير المعوندات المداديدة ووس د د د د د د ددائدل الرعدايدة االجتمداعيدة المختلفدة للطلبدة الدذين تمنعهم‬
‫ظروفهم االقتصادية عن مواصلة التعليم الجامعي رغم مجانتيه‪ ،‬وبخاصة المتفوقين منهم‪.‬‬
‫‪ ‬أن يرتكز التعليم الجددامعي على الحوار إذا أريددد لهددذا التعليم أن يكون ديمقراط اي دا‪ ،‬ألن‬
‫حوار األساتذة مع الطلبة فيه كثير من الفوائد لبناء شخصية الطالب‪.‬‬
‫‪ -9‬آثار تحقيق العدالة االجتماعية في المجتمع‪:‬‬
‫في ه ددذا المق ددام يمكن اإلش د د د د د د د ددارة إلى أهم اآلث ددار التي يحققه ددا توافر قيم ددة الع دددال ددة‬
‫االجتمد دداعيد ددة في المجتمعد ددات‪ ،‬وذلد ددك على النحو اآلتي‪( :‬الخطيد ددب واألحمد دددي‪،2017 ،‬‬
‫‪)246-245‬‬

‫‪137‬‬
‫⚫ يسد د د د د د ددتقيم النظددام االجتمدداعي للمجتمعددات التي تتحقق فيهددا العدددالددة‪ ،‬فهي مهمددة للحدداكم‬
‫ويحاكم من خاللها كل‬
‫والمحكوم‪ ،‬ويس ددتمتع بس ددلطانها كل من اس ددتقام في س ددلوكه ومعاملته‪ُ ،‬‬
‫من خرج عن جادة الصواب‪.‬‬
‫⚫ عندما تتحقق العدالة في المجتمع تشدديع المحبة بين األفراد‪ ،‬فالعدالة واإلنصدداف في نيل‬
‫الحقو ‪ ،‬سد دواء على مس ددتوى العاملين في المؤسد دس ددة الواحدة أو المنتمين لقطاع معين‪ ،‬هي‬
‫من أهم العوامل التي تُساعد على زرع المحبة والمودة في القلوب‪.‬‬
‫⚫ إن تحقيق العددالدة يقوي عرى التعداون بين الندان على نوائدب الددهر‪ ،‬وبهدا يسد د د د د د ددتطيعون‬
‫التغلدب على الصد د د د د د ددعوبدات‪ ،‬وحدل األزمدات‪ ،‬ومواجهدة الكوارت‪ ،‬وتمنع العدداوات التي تؤجج‬
‫نيران القلوب الحاقدة‪ .‬فبالعدالة يس د ددتعيد الض د ددعي" قوته‪ ،‬ويحص د ددل المظلوم على ما س د ددلب‬
‫منه‪ ،‬وبها ينال كل ذي حق حقه‪ ،‬وبها يشددعر المرء بكرامته‪ ،‬وبها تتحقق المودة والوئام بين‬
‫النان‪ ،‬وفي ظاللها ينتشر التسامح‪.‬‬
‫⚫ إن تحق يق العدالة يضد ددفي قوة تماسد ددك البنيان االجتماعي والسد ددياسد ددي‪ ،‬والتفاف الجماهير‬
‫حول قيدادتهدا‪ ،‬إذ تسد د د د د د ددود المحبدة بين الحداكم والمحكوم‪ ،‬وبين الراعي والرعيدة‪ ،‬ويعم األمن‬
‫ويعيش المجتمع كله في أمن وأمان وطمونينة وسالم‪.‬‬
‫⚫ العددالدة تحمي الحقو والممتلكدات واألعراض‪ ،‬فيطمئن الندان على دمدائهم وأع ارضد د د د د د ددهم‬
‫وأموالهم فيشددعر النان باألمان واالسددتقرار مما يقي المجتمع من شددر االضددطرابات والقالقل‬
‫كثير ما تحدت نتيجة اإلحسان بالظلم والجور وعدم العدل واإلنصاف‪.‬‬ ‫التي اا‬
‫⚫ التحفيز على اإلقبددال على العمددل واإلنتدداج‪ ،‬فددالعددامددل أو الموظف في إدارة مددا‪ ،‬عندددمددا‬
‫دائدا وأن كل من له حق البد أن يوخذه‪ ،‬وأن المكافمت والعالوات‬ ‫عدال سد د د د د د د ا‬
‫يحس بون هناك ا‬
‫والمحفزات ال ينالها إال المجتهد المتفاني في عمله‪ ،‬ال شد د د د ددك أن هذا األمر كاف بون يخلق‬
‫جوا من التندافس بين العمدال ويددفعهم إلى بدذل المزيدد من التضد د د د د د ددحيدات بخالف مدا إذا كدان‬
‫يحدت العكس‪.‬‬
‫تلدك ب عض آثدار تحقيق العددالدة االجتمداعيدة التي تنعكس على األفراد والمجتمعدات في‬
‫الددنيدا قبدل اآلخرة عنددمدا تطبق في الواقع‪ ،‬وليس معنى هدذا أن ثمدار العددالدة تتوقف على مدا‬
‫يحصد د د ددل لصد د د دداحبها في الدنيا‪ ،‬بل من آثار تحقيق العدالة ونتائجها ما هو أعظم وأجل من‬
‫أيضا‪.‬‬
‫ذلك كله حيث إن لها عالقة بسعادة اإلنسان في اآلخرة ا‬

‫‪138‬‬
‫أنشطة وتطبيقات‬

‫نشاط‬
‫يوجدد الكثير من الطلبدة من يعرف أهميدة قيمدة العددالدة‪ ،‬لكنده ال ُيحسد د د د د د ددن اختيدار السد د د د د د ددلوك‬
‫اإليجابي لها‪ .‬ما تفسيرك لذلك؟‬
‫بعد مناقش ددة الس دؤال مع أس ددتاذ المقرر في المحاض درة طبق ما تعلمته من خالل المناقش ددة في‬
‫حقول الجدول اآلتي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪)30‬‬
‫تش يل القيمة عبر م وناتها (السلوكيت المعرفيت الوجداني)‬

‫الم ون السلوكي‬ ‫الم ون الوجداني‬ ‫الم ون المعرفي‬

‫نشاط‬
‫هناك مؤشد د د د د د درات ودالئل على أن تحقيق العدالة في اإلس د د د د د ددالم ال يتوثر‬
‫بالعواطف والمشد دداعر‪ ،‬وال بالدين‪ ،‬وال من كونه اإلنسد ددان مسد ددلم أو غير مسد ددلم‪ .‬دلل على ذلك من‬
‫خالل ما درسته في قيمة العدالة‪.‬‬
‫نشاط‬
‫أذكر أهم اآلثد ددار االيجد ددابيد ددة لتحقيق تكد ددافؤ الفرص التعليميد ددة بين أفراد‬
‫المجتمع الذين يملكون نفس اإلمكانات والقدرات‪ ،‬وكذلك وضد د د د د د ددح أهم ما يمكن أن يكون من آثار‬
‫في حالة عدم تحقيق هذا التكافؤ في الفرص التعليمية‪ ،‬وذلك من خالل الجدول اآلتي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪)31‬‬
‫آثاااااار تحقيق تكاااااافؤ الفرص التعليمياااااة بين أفراد آثااار عاادم تحقيق تكااافؤ الفرص التعليميااة بين أفراد‬
‫المجتمع‬ ‫المجتمع‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫الفصل الثاني عشر‬
‫قيمة الجودة والتميز‬

‫‪140‬‬
‫الفصل الثاني عشر‬
‫قيمة الجودة والتميز‬
‫ُيمثل العمل الشد ددرط اإلنسد دداني لنهضد ددة األمم وتقدمها الحضد دداري‪ ،‬وهو بمثابة المنظار‬
‫الذي تنظر من خالله لترى روح الشدعب على حقيقتها‪ :‬أهو شدعب جاد أم هازل؟ أهو شدعب‬
‫متفائل أم يائس؟ أهو شدعب مسدؤول أم مسدتهتر؟ أهو شدعب يحترم نفسده أم هانت عليه تلك‬
‫النفس؟‬
‫من هنا يمكن القول‪ :‬قد تختلف الثقافات لكنها تُجمع على أن المجتمع يتطور وينهض‬
‫وفاقا لتطور نظم العمل واسد د د د د ددتغالل طاقة األفراد وملكاتهم بوفضد د د د د ددل طريقة ممكنة‪ ،‬فلم تعد‬
‫بعيدا عن احترام العمل واتقانه‪ .‬وانطالاقا من ذلك‬ ‫هناك أمم قادرة على خلق مجتمعات قوية ا‬
‫سد د د د د د دديتم الحدديدث في هدذا الفصد د د د د د ددل عن قيمدة الجودة والتميز مع التركيز على جودة العمدل‬
‫التربوي ودور الجامعة في ذلك‪.‬‬
‫‪ -1‬معنل الجودة‪:‬‬
‫يرجع مفهوم الجودة (‪ )Quality‬إلى الكلمدة الالتينيدة (‪ )qualititas‬والتي تعني طبيعدة‬
‫وقديما كانت تعني الدقة واإلتقان من خالل‬ ‫ا‬ ‫الش د ددخص أو طبيعة الش د دديء ودرجة الص د ددالبة‪،‬‬
‫قيدامهم بتصد د د د د د ددنيع األوابدد التداريخيدة من تمداثيدل وقالع وقصد د د د د د ددور ألغراض التفداخر بهدا‪ ،‬أو‬
‫الستخدامها ألغراض الحماية‪.‬‬
‫كمدا تعرف بدونهدا "االرتقداء بداألس د د د د د د دداليدب التقليدديدة في اإلدارة وينجداز األعمدال‪ ،‬والجودة‬
‫الشد د د دداملة أحد األسد د د دداليب التي توكد من تطبيقها بقاء المنظمات ونجاحها في المنافسد د د ددة في‬
‫السو ‪ .‬كما تُعرف الجودة بونها فلسفة إدارية حديثة‪ ،‬توخذ شكل نهج أو نظام إداري شامل‪،‬‬
‫قائم على أس د ددان إحدات تغيرات جذرية لكل ش د دديء داخل المنظمة بحيث تش د ددمل التغيرات‪:‬‬
‫(الفكر‪ ،‬الس د د ددلوك‪ ،‬نظم ويجراءات العمل‪ ،‬األداء‪ ،‬وذلك ألجل تحس د د ددين وتطوير كل مكونات‬
‫المنظمة للوص د د د د ددول إلى أعلى جودة في مخرجاتها (س د د د د ددلع أو خدمات)‪ ،‬وبوقل تكلفة بهدف‬
‫تحقيق أعلى درجدة من الربح عن طريق إشد د د د د د دبداع حداجداتهم ورغبداتهم وفق مدا يتوقعونده‪ ،‬بدل‬
‫وتخطى هذا التوقع تماش اديا مع اسدتراتيجية تدرك أن رضدا العمالء وهدف المنظمة هو البقاء‬
‫والنجاح واالستم اررية‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫الجودة الشد د دداملة "أسد د ددلوب يقوم على التعاون بهدف إنجاز األعمال من خالل توافر مهارات‬
‫وقدرات لدى العاملين واإلدارة‪ ،‬لتحقيق التحسد د د د د ددين المسد د د د د ددتمر لإلنتاجية وتحقيق الجودة من‬
‫خالل العمل الفردي والجماعي"‪.‬‬
‫وتعرفهددا المنظم دة الدددوليددة للتقييس األيزو بددونهددا "الدددرجددة التي تشد د د د د د ددبع فيهددا الحدداجددات‬
‫والتوقعات الظاهرية والضددمنية من خالل جملة الخصددائص الرئيسددة المحددة مسددباقا"‪ .‬أيض د ا‬
‫هناك تعري" معهد الجودة الفيدرالي‪" ،‬الجودة الشد د د د د د دداملة منهج تطبيقي شد د د د د د ددامل يهدف إلى‬
‫تحقيق حاجات وتوقعات العميل‪ ،‬من خالل اسد د د ددتخدام األسد د د دداليب الكمية لتحقيق التحسد د د ددين‬
‫المستمر في العمليات والخدمات‪.‬‬
‫ومن ثم يمكن تعري" الجودة الش د د د د دداملة بونها الفلس د د د د ددفة التي تس د د د د ددتخدم في إدارة جميع‬
‫األنشد د د ددطة لتحقيق احتياجات العميل بما يحقق رضد د د ددائه‪ ،‬وتحقيق الربحية للمؤس د د د دسد د د ددة‪ ،‬مع‬
‫االستمرار في التحسين والتطوير المستمر‪( .‬محمد‪ ،2018 ،‬شبكة االنترنت)‬
‫‪ -2‬الجودة في الفكر اإلسالمي‪:‬‬
‫رغم أن أدبيات الجودة في أداء العمل تش د ددير إلى أن مفهوم الجودة ظهر حديثاا‪ ،‬غير‬
‫أن المتتبع لهذا المفهوم يجد أن ظهوره لم يكن في النصد د ددف الثاني من القرن العشد د درين كما‬
‫ُيشداع‪ ،‬وينما إرهاصداته األولى كانت في الفكر اإلسدالمي‪ ،‬وتحت مسدميات مرادفة لمصدطلح‬
‫الجودة مثل اإلحسان واإلتقان‪ .‬وهذا واضح في قوله تعالى‪ :‬إانَّو لَو نُضِِّع أَجًَ مَُ أَُسََُ ََََدَو (سورة‬
‫الكهف‪ .)30 :‬وقول النبي ص د ددلى هللا عليه وس د ددلم‪" :‬إن هللا كتب اإلحس د ددان في كل ش د دديء"‬
‫(أخرجه ابن ماجة‪1058/2 :‬رقم‪ ,3170‬وصححه األلباني)‪.‬‬
‫واإلحسد د د د ددان مفهوم واسد د د د ددع وكبير ويحمل كثير من التوويالت‪ ،‬ولكن إذا أطلقت الكلمة‬
‫على وض د د د ددعها‪ ،‬فإن المعني بها هو ص د د د ددنيع حس د د د ددن أو فعل حس د د د ددن‪ ،‬أي كامل في تمامه‪،‬‬
‫والحسددن كلمة مضددادة للقبح‪ .‬واإلحسددان‪ :‬ما يعمله النان لنفع غيرهم‪ ،‬بحيث يصددبح غيرهم‬
‫حسنا به‪.‬‬
‫ا‬
‫كما أن اإلحس ددان يقتض ددي من المس ددلم إتقان العمل الموكل إليه‪ ،‬فهو على يقين أن هللا‬
‫يراقبه في عمله‪ ،‬والمس د د د ددلم يعلم أنه باإلتقان تقوم الحض د د د ددارات وتزدهر‪ ،‬وترتقي المجتمعات‬
‫وتنهض‪ ،‬فالمسدلم الحق يتمثل ذلك في نصدوص التشدريع‪ ،‬ومن هذه النصدوص قول الرسدول‬
‫عمال أن يتقنه" (أخرجه الطبراني و البيهقي‪ ،‬وصد د د د د ددححه‬
‫‪" :‬إن هللا يحب إذا عمل أحدكم ا‬

‫‪142‬‬
‫األلباني‪:‬سد ددلسد ددلة‪106/3:‬رقم‪ .)1113‬وكلمة العمل هنا تعني أي عمل على إطالقه‪ ،‬س د دواء‬
‫أكان عمل مادي يخص مجاالت الحياة المختلفة‪ ،‬أم روحية تتصل العبادات‪.‬‬
‫مع التوكيد أن جوهر ما ُينادي به اإلسالم هو اإلتقان في أداء العمل في أفضل صورة‬
‫وحال مما كان متوقع أو مطلوب‪ ،‬فإذا ما أديت العبادات بإتقان فإنها سد د د د د د ددتؤدي إلى ترقيق‬
‫النفس وتزكيتها وتطهيرها والبعد بها عن الرذائل‪ ،‬والخوف من اإلخالل بما أس د د د د د ددند إليه من‬
‫أعمال‪ ،‬فهو على يقين من رقابة هللا له‪ ،‬وين لم يعلم وخفي هذا النقص على الرقيب البشري‬
‫يقول صددلى هللا عليه وسددلم "اتق هللا حيثما كنت‪ ،‬وأتبع السدديئة الحسددنة تمحها‪ ،‬وخالق النان‬
‫بخلق حسن"(أخرجه الترمذي‪356/4:‬رقم‪ ،1987‬وحسنه األلباني)‪.‬‬
‫وتُعد قيمة إتقان العمل ويجادة ص د د د ددنعه أحد أهم القيم التي حرص د د د ددت عليها الشد د د د دريعة‬
‫اإلسد ددالمية‪ ،‬ولم تعدها فقط مصد ددلحة دنيوية ترجو منها النفع‪ ،‬بل احتسد ددبتها على أنها عبادة‬
‫يس ددعى اإلنس ددان إلى توديتها على أكمل وجه‪ ،‬حتى يحص ددد اإلنس ددان رض ددا هللا ومثوبته‪ ،‬قال‬
‫تعالى‪ :‬وَُِ ا اَََدُاا فَسًَََِّى الدََّ ََََدََُ وََِدالَُ وَالقَؤمِاانَ (سورة التوبة‪.)105 :‬‬

‫‪ -3‬الجودة في المجال التربوي‪:‬‬


‫يقصدد بالجود الشداملة في المجال التربوي التعليمي‪ :‬أداء العمل بوسدلوب صدحيح متقن‬
‫وفق مجموعة من المعايير التربوية الضدرورية لرفع مسدتوى جودة المنتج التعليمي بوقل جهد‬
‫وكلفة محقاقا األهداف التربوية التعليمية‪ ،‬وأهداف المجتمع وس د د د د د ددد حاجة س د د د د د ددو العمل من‬
‫علميا‪.‬‬
‫الكوادر المؤهلة ا‬
‫ويعرف "رودن" الجودة الشد د د د د د دداملدة في التربيدة بدونهدا عمليدة إداريدة ترتكز على مجموعدة‬
‫من القيم‪ ،‬وتس د د د د ددتمد طاقة حركتها من المعلومات التي توظف مواهب العاملين‪ ،‬وتس د د د د ددتثمر‬
‫قدراتهم الفكرية في مختلف مس د د ددتويات التنظيم على نحو إبداعي لض د د ددمان تحقيق التحس د د ددن‬
‫المستمر للمؤسسة‪.‬‬
‫ويعرفها "العمايري" بونها "أس د د د ددلوب تطوير ش د د د ددامل ومس د د د ددتمر في األداء يش د د د ددمل كافة‬
‫مجاالت العمل التعليمي‪ ،‬فهي عملية إدارية تحقق أهداف كل من سد د د د د ددو العمل والطالب‪،‬‬
‫أي أنها تش د ددمل جميع وظائف ونش د دداطات المؤسد د دس د ددة التعليمية‪ ،‬ليس فقط في إنتاج الخدمة‬

‫ولكن في توص د د د د د دديلها‪ ،‬األمر الذي ينطوي ا‬


‫حتما على تحقيق رض د د د د د ددا الطالب وزيادة ثقتهم‪،‬‬
‫وعالميا‪( .‬العمايرة‪ ،2016 ،‬شبكة االنترنت)‬ ‫ا‬ ‫محليا‬
‫وتحسين مركز المؤسسة التعليمية ا‬

‫‪143‬‬
‫ومن التعاري" السد ددابقة نسد ددتنتج أنه من الضد ددروري بمكان تسد ددخير كافة اإلمكانات‬
‫المادية والبشدرية‪ ،‬ومشداركة جميع الجهات واإلدارات واألفراد في العمل كفريق واحد‪ ،‬والعمل‬
‫في تجاه واحد وهو تطبيق معايير إدارة الجودة الشد دداملة في النظام التربوي التعليمي‪ ،‬وتقويم‬
‫مدى تحقيق األهداف‪ ،‬ومراجعة الخطوات التنفيذية التي يتم توظيفها‪.‬‬
‫ويعد "إدوارد ديمنج" رائد فكرة الجودة الشاملة‪ ،‬إذ طور اثنتا عشر نقطة توضح ما يلزم‬ ‫ُ‬
‫إليجاد وتطوير ثقافة الجودة‪ ،‬وتسد د ددمى هذه النقاط "جوهر الجودة في التعليم"‪ ،‬نعرضد د ددها في‬
‫الجدول اآلتي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪)32‬‬
‫يوضح بعح العوامل التي تسهم في تطوير ثقافة الجودة‬
‫‪ ‬تبني فلساااااافة الجودة ‪ ‬إناااااجااااااز األعاااااماااااال ‪ ‬تاحسااااااااايان الاجاودةت‬ ‫‪ ‬إيجاد التناسق بين‬
‫اإلناااتااااااجاااياااااةت خااافااااح‬ ‫التعليمية بطرق جديدة‪.‬‬ ‫الشاملة‪.‬‬ ‫األقدا ‪.‬‬
‫التكاليف‪.‬‬
‫‪ ‬التخلص من الخو ‪  .‬إزالة معوقات النجاح‪  .‬خلق ثقافة الجودة‬ ‫‪ ‬التعليم مدى الحياة‪.‬‬
‫‪ ‬المسؤولية‬ ‫‪ ‬مساعدة الطالب علل ‪ ‬االلتزام‬ ‫‪ ‬تحسين العمليات‬
‫النجاح‪.‬‬
‫وحتى يكون للجودة الشد د دداملة وجود في مجال التطبيق الفعلي ال بد من توافر خمسد د ددة‬
‫مالمح أو صفات للتنظيم الناجح إلدارة الجودة الشاملة‪( :‬العمايرة‪ ،2016 ،‬شبكة االنترنت)‬
‫‪ ‬حشد د د د ددد جميع العاملين داخل المؤس د د د د دسد د د د ددة‪ ،‬بحيث يدفع كل منهم بجهده تجاه األهداف‬
‫االستراتيجية كل فيما يخصه‪.‬‬
‫‪ ‬الفهم المتطور والمتكامل للص د د ددورة العامة‪ ،‬وبخاص د د ددة بالنس د د ددبة ألس د د ددس الجودة الموجهة‬
‫إلرضاء متطلبات "العميل" والمنصبة على جودة العمليات واإلجراءات‪.‬‬
‫‪ ‬قيام المؤسسة على فهم العمل الجماعي‪.‬‬
‫‪ ‬التخطيط ألهداف لها صدفة التحدي القوي‪ ،‬والتي تلزم المؤسدسدة وأفرادها بارتقاء ملحوظ‬
‫في نتائج جودة األداء‪.‬‬
‫‪ ‬اإلدارة اليومية المنظمة للمؤسد دسد ددة من خالل اسد ددتخدام أدوات مؤثرة وفعالة لقيان القدرة‬
‫على استرجاع المعلومات والبيانات (التغذية الراجعة)‬
‫‪ -4‬مباد الجودة الشاملة ‪:‬‬
‫⚫ التركيز على المسد ددتفيد‪ :‬وهذا يعني كي" تجعل من عملك جودة تحقق رغبات المسد ددتفيد‬
‫منك‪( .‬محمد‪ ،2018 ،‬شبكة االنترنت)‬

‫‪144‬‬
‫⚫ التركيز على العمليات‪ :‬وتعني السيطرة على عملية األداء‪ ،‬وليس على جودة المنتج‪.‬‬
‫⚫ القيادة واإلدارة‪ :‬إذ ال توجد مؤسسة ناجحة دون قائد‪.‬‬
‫⚫ تمكين العاملين‪ :‬بمعنى إشراكهم في اتخاذ القرار‬
‫⚫ التحس د ددين والتطوير الش د ددامل المس د ددتمر‪ :‬يرتكز التحس د ددين والتطوير المس د ددتمر على ثالت‬
‫قواعد مهمة هي ‪:‬التركيز على العميل‪ ،‬وفهم العملية‪ ،‬وااللتزام بالجودة‪.‬‬
‫⚫ الوقدايدة‪ :‬تطبيق مبددأ الوقدايدة خير من العالج‪ ،‬وهو العمدل الدذي يجعدل عددد األخطداء عند‬
‫الحد األدنى‪ ،‬وذلك وفق مبدأ أداء العمل الصحيح من أول مرة ودون أخطاء‪.‬‬
‫⚫ اإلدارة بالحقائق‪ُ :‬يعد القيان والمغايرة هما العمود الفقري للجودة‪ ،‬وهما المؤشد د د د د د ددر الذي‬
‫يعطي المعلومات التخاذ القرار المناسب‪.‬‬
‫⚫ النظددا م الكلي المتكددامددل‪ :‬عبددارة عن مجموعددة من اإلجراءات المتكدداملددة تؤدي إلى هدددف‬
‫مشترك مثل‪ :‬اإلدارة العامة‪ ،‬واإلشراف‪ ،‬واإلدارة التعليمية‪ ،‬والشؤون اإلدارية‪ ،‬والتجهيزات‪.‬‬
‫‪ -5‬لماذا الجودة الشاملة؟‬
‫⚫ لحفأ تكالي" الخدمات التي تضيع هد ار بسبب غياب التركيز على الجودة الشاملة‪.‬‬
‫⚫ أص د ددبح تطبيقها ض د ددرورة حتمية تفرض د ددها المش د ددكالت المترتبة على النظام البيروقراطي‪،‬‬
‫وتطور القطاع الخاص‪.‬‬
‫⚫ المنافسة الشديدة الحالية والمتوقعة في ظل العولمة‪.‬‬
‫⚫ متطلبات وتوقعات العمالء في ازدياد مستمر‪.‬‬
‫⚫ متطلبات اإلدارة لخفض المصروفات‪ ،‬واالستثمار األمثل للموارد البشرية والمادية‪.‬‬
‫⚫ متطلبات العاملين فيما يخص أسلوب وجودة العمل‪.‬‬
‫⚫ تعديل ثقافة المؤسد دس ددات التربوية بما يتالءم وأس ددلوب إدارة الجودة الش دداملة‪ ،‬وييجاد ثقافة‬
‫تنظيمية تتوافق مع مفا يمها‪.‬‬
‫⚫ الجودة الش د د د د دداملة تؤدي إلى رض د د د د ددا العاملين التربويين والمس د د د د ددتفيدين (الطالب) وأولياء‬
‫أمورهم‪ ،‬والمجتمع‪.‬‬
‫⚫ يعتمد أسدلوب إدارة الجودة الشداملة بوجه عام على حل المشدكالت من خالل األخذ بمراء‬
‫المجموعات‪.‬‬
‫‪ -6‬فوائد تطبيق الجودة الشاملة‪:‬‬
‫توجد مجموعة من الفوائد لتطبيق الجودة الشاملة نذكر منها‪( :‬عبد العظيم‪)66 ،2008 ،‬‬

‫‪145‬‬
‫‪ ‬تحسين العملية التربوية ومخرجاتها بصورة مستمرة‪.‬‬
‫‪ ‬تطوير المهارات القيادية واإلدارية لقيادة المؤسسة التعليمية‪.‬‬
‫‪ ‬تنمية مهارات ومعارف واتجاهات العاملين في الحقل التربوي‪.‬‬
‫‪ ‬التركيز على تطوير العمليات أكثر من تحديد المسؤوليات‪.‬‬
‫‪ ‬العمل المس د ددتمر من أجل التحس د ددين‪ ،‬والتقليل من اإلهدار الناتج عن ترك المدرس د ددة‪ ،‬أو‬
‫الرسوب‪.‬‬
‫‪ ‬تحقيق رضا المستفيدين وهم (الطلبة‪ ،‬أولياء األمور‪ ،‬المعلمون‪ ،‬المجتمع)‪.‬‬
‫‪ ‬االستخدام األمثل للموارد المادية والبشرية المتاحة‪.‬‬
‫‪ ‬تقديم الخدمات بما يشبع حاجات المستفيد الداخلي والخارجي‪.‬‬
‫‪ ‬توفير أدوات ومعايير لقيان األداء‪.‬‬
‫‪ ‬تخفيض التكلفة مع تحقيق األهداف التربوية في الوسط االجتماعي‬
‫‪ -7‬دور الجامعة في تعزيز ثقافة الجودة‪:‬‬
‫يمكن للجامعة القيام بمجموعة من المهام لتعزيز ثقافة الجودة في الفضد د د د د د دداء الجامعي‬
‫نذكر منها‪( :‬محمد‪ ،2018 ،‬شبكة االنترنت)‬
‫⚫ أن تعتمدد الجودة بوصد د د د د د ددفهدا نظدام إداري‪ ،‬والعمدل على تطوير وتوثيق هدذا النظدام‪ ،‬مع‬
‫ضرورة تشكيل فريق الجودة والتميز الذي يضم فريق األداء التعليمي‪.‬‬
‫⚫ نش د د ددر ثقافة التميز في التدريس‪ ،‬وتحديد ويص د د دددار معايير األداء المتميز ودليل الجودة‪،‬‬
‫والعمل على تحسين مخرجات التعليم‪.‬‬
‫⚫ تعزيز المبدأ الديمقراطي من خالل تطبيق نظام االقتراحات والشكاوى‪ ،‬مع ضرورة إعداد‬
‫الشخصيات القيادية‪.‬‬
‫⚫ التجدديدد والتددريدب المسد د د د د د ددتمر للمعلمين‪ ،‬وتعزيز روح البحدث وتنميدة الموارد البشد د د د د د دريدة‪،‬‬
‫واكساب مهارات جديدة في المواقف الصفية‬
‫⚫ إنشاء مركز معلوماتي دائم وتفعيل دور تكنولوجيا التعليم‪ ،‬وتدريب الطالب على استقراء‬
‫مصادر التعلم‪.‬‬
‫⚫ توجيه الطالب لألسد د ددئلة التفكيرية المختلفة‪ ،‬ويكسد د دداب الطالب القدرة على تنظيم الوقت‪،‬‬
‫وعالميا‪.‬‬
‫ا‬ ‫محليا وعر ابيا‬
‫واالستفادة من تجارب تربوية ا‬

‫‪146‬‬
‫مع ملحوظددة أندده ال ينبغي أن تطبق الجودة الش د د د د د د دداملددة في جددانددب معين من جوانددب‬
‫العملية التعليمية فحسد د ددب‪ ،‬بل ال بد أن تمتد لكل العناصد د ددر التعليمية التعلمية‪ :‬كاالختبارات‬
‫التي يجب أن تخضد د ددع في إعدادها لمقاييس الوزن النسد د ددبي‪ ،‬ويراعى فيها الشد د ددمولية والعمق‬
‫والتدرج ما بين الس د د د د ددهولة والص د د د د ددعوبة‪ ،‬وأن تتميز بالص د د د د ددد والثبات‪ ،‬وأن تحقق األهداف‬
‫المعرفية المرجوة منها‪.‬‬
‫‪ -8‬متطلبات تطبيق نظام الجودة الشاملة في المؤسسة الجامعية‪:‬‬
‫‪ ‬القناعة الكاملة والتفهم وااللتزام من قبل المس د د ددؤولين في المؤسد د د دس د د ددة التربوية‪ ،‬ويش د د دداعة‬
‫الثقافة التنظيمية الخاصة بالجودة في المؤسسة الجامعية‪.‬‬
‫‪ ‬التعليم والتدريب المسد د د د ددتمرين لكافة األفراد‪ ،‬والتنسد د د د دديق وتفعيل االتصد د د د ددال بين اإلدارات‬
‫واألقسام المختلفة‪.‬‬
‫‪ ‬مشد د د د د د د دداركددة جميع الجهددات وجميع األفراد العدداملين في جهود تحسد د د د د د ددين جودة العمليددة‬
‫التعليمية‪ ،‬وتوسيس نظام معلوماتي دقيق وفعال إلدارة الجودة في الجامعة‪.‬‬
‫‪ -9‬عناصر تحقيق الجودة الشاملة‪:‬‬
‫⚫ تطبيق مبادئ الجودة‪.‬‬
‫⚫ مشاركة الجميع في عملية التحسين المستمرة‪.‬‬
‫⚫ تحديد وتوضيح إجراءات العمل‪ ،‬أو ما يطلق عليه باإلجراءات التنظيمية‪.‬‬
‫مع ملحوظة أن المبادئ الس د د د ددابقة وعناص د د د ددر تحقيق الجودة تؤدي إلى تحقيق الهدف‬
‫األسد د د دداسد د د ددي للجودة‪ ،‬أال وهو رضد د د ددا المسد د د ددتفيد‪ ،‬والمتمثل بالطلبة والمعلمين وأولياء األمور‬
‫والمجتمع المحلي وسد د ددو العمل‪ .‬كما تؤدي إلى التحسد د ددين المسد د ددتمر في عناصد د ددر العملية‬
‫التعليمية‪.‬‬
‫‪ -10‬مؤشرات غياب الجودة الشاملة في المؤسسات الجامعية‪:‬‬
‫‪ ‬تدني دافعية الطالب للتعلم‪.‬‬
‫‪ ‬زيادة عدد حاالت الرسوب والتسرب من الجامعة‪.‬‬
‫‪ ‬تدني دافعية أعضاء للتدريس‪.‬‬
‫‪ ‬زيادة الشكاوى من جميع األطراف‪.‬‬
‫‪ ‬تدني رضا أولياء األمور عن التحصيل العلمي ألبنائهم‪.‬‬
‫‪ ‬تدني رضا المجتمع‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫‪ -11‬فوائد تطبيق الجودة الشاملة في التعليم الجامعي‪:‬‬
‫⚫ ضد د ددبط وتطوير النظام اإلداري في المؤسد د دسد د ددة الجامعية نتيجة لوضد د ددوح األدوار وتحديد‬
‫المسئوليات بدقة‪.‬‬
‫⚫ االرتقاء بمس د د ددتوي الطالب في جميع الجوانب الجس د د ددمية والعقلية واالجتماعية والنفس د د ددية‬
‫والروحية‪.‬‬
‫⚫ زيادة كفايات اإلداريين والمعلمين والعاملين بالمؤس دس ددات التعليمية‪ ،‬وزيادة الثقة والتعاون‬
‫بين المؤسسات التعليمية والمجتمع‪.‬‬
‫⚫ توفير جو من التفداهم والتعداون والعالقدات اإلنس د د د د د د ددانيدة السد د د د د د ددليمدة بين جميع العداملين‬
‫بالمؤسسة‪.‬‬
‫⚫ زيادة الوعي واالنتماء نحو المؤسسة الجامعية من قبل الطالب والمجتمع المحلي‪.‬‬
‫⚫ الترابط والتكددامددل بين جميع اإلداريين والعدداملين‪ ،‬وتطبيق نظددام الجودة الش د د د د د د دداملددة يمنح‬
‫المؤسسة المزيد من االحترام والتقدير المحلي واالعتراف العالمي‪.‬‬
‫‪ -12‬المعوقات العامة لتطبيق الجودة الشاملة‪:‬‬
‫‪ ‬عدم التزام اإلدارة العليا‪  .‬التركيز على أسداليب معينة في إدارة الجودة الشداملة وليس‬
‫على النظددام ككددل‪  .‬عدددم حصد د د د د د ددول مش د د د د د د دداركددة جميع العدداملين في تطبيق إدارة الجودة‬
‫الشاملة‪  .‬عدم انتقال التدريب إلى مرحلة التطبيق‪  .‬تبني طر وأساليب إلدارة الجودة‬
‫الشدداملة ال تتوافق مع خصددوصددية المؤس دسددة‪  .‬مقاومة التغيير س دواء من العاملين أو من‬
‫اإلدارات‪  .‬توقع نتائج فورية وليسد د د د د د ددت على المدى البعيد‪( .‬العمايري‪ ،2016 ،‬شد د د د د د ددبكة‬
‫االنترنت)‬

‫================================‬

‫‪148‬‬
‫أنشطة وتطبيقات‬

‫نشاط‬
‫يوجد الكثير من الطلبة من يعرف أهمية قيمة الجودة‪ ،‬لكنه ال ُيحس د د د د ددن‬
‫اختيار السلوك اإليجابي لها‪ .‬ما تفسيرك لذلك؟‬
‫بعد مناقش ددة الس دؤال مع أس ددتاذ المقرر في المحاض درة طبق ما تعلمته من خالل المناقش ددة في‬
‫حقول الجدول اآلتي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪)33‬‬
‫تش يل القيمة عبر م وناتها (السلوكيت المعرفيت الوجداني)‬

‫الم ون السلوكي‬ ‫الم ون الوجداني‬ ‫الم ون المعرفي‬

‫نشاط‬
‫يرى الكثيرون أن من أساااااباب ت خر التنمية في المجتمعات اإلساااااالميةت قو افتقارقا إلل سااااامة إتقان العملت‬
‫مدلال علل ذلم من مالحظتم في الحياة اليومية في األسااارةت‬
‫تناول قذه العبارة بشاااي من التحليل والنقا ت ا‬
‫والجامعةت والعمل‪.‬‬

‫نشاط‬
‫ساااعل اإلساااالم دائما لتحقيق اإلتقان في كل مجاالت الحياةت وربط ذلم ب مانة العمل ومخالص النية ية التي‬
‫قي قناعة ومسؤولية فردية‪ .‬في ضو دراستم لقيمة الجودة والتميز‪ .‬ناقش قذه العبارة‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫المراجع‬
‫◼ الكتب العربية‪:‬‬
‫‪ -‬أبو العينين‪ ،‬علي خليددل (‪ )1988‬القيم اإلساااااااااالمياة والتربياة‪ ،‬المدددينددة المنورة‪ ،‬مكتبددة اب ار يم‬
‫الحلبي‪.‬‬
‫‪ -‬أبو النور‪ ،‬محمد عبد التواب وآخرون (‪ )2013‬التنمية المدنية واسااتراتيجيات تنميتها‪ :‬قضااايا‬
‫وتطبيقات‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الفكر العربي‪.‬‬
‫‪ -‬أحمد‪ ،‬فيس هادي (‪ )1986‬نظرية العلم عند فرنساااااااايس بي ون (ط‪ )2‬بغداد‪ ،‬دار الش د د د د د ددؤون‬
‫الثقافية العامة‪.‬‬
‫_ أحمد‪ ،‬لطفي بركات (‪ )1983‬القيم والتربية‪ ،‬الرياض‪ ،‬منشورات دار المريك‪.‬‬
‫‪ -‬األطر ‪ ،‬محمدد أحمدد (‪ )2002‬حقيقاة التقوى وطرق الوصاااااااااول إليهاا‪ ،‬اإلسد د د د د د ددكنددريدة‪ ،‬دار‬
‫اإليمان‪.‬‬
‫‪ -‬بشد د د د د ددارة‪ ،‬أحمد (‪ )2004‬في مسااااااااتقبل الثورة الرقمية‪ :‬العرب والتحدي القادم‪ ،‬الكويت‪ ،‬كتاب‬
‫العربي (‪.)55‬‬
‫‪ -‬بكري‪ ،‬سد د د د د ددعد علي الحاج (‪ .)2005‬التحول إلل مجتمع المعرفة‪ ،‬الرياض‪ :‬مكتبة الملك عبد‬
‫العزيز العامة‪.‬‬
‫‪ -‬بدوي‪ ،‬عبد الرحمن (‪ )1984‬موساااااوعة الفلسااااافة‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬بيروت‪ ،‬المؤسد د د دس د د ددة العربية‬
‫للدراسات والنشر‪.‬‬
‫‪ -‬بوبر‪ ،‬كارل (‪ )1994‬التساامح والمساؤولية الفكرية‪ :‬عن (مجموعة باحثين) السدلوك الحضداري‬
‫والمواطنة‪ ،‬ترجمة سمير عزت نصار‪ ،‬عمان‪ ،‬دار نسر للتوزيع والنشر‪.‬‬
‫‪ -‬توفلر‪ ،‬ألفين (‪ )1990‬صدمة المستقبل اااااا ا المتغيرات في عالم الغد اااااا ا (محمد علي ناصي"‪،‬‬
‫مترجم)‪ .‬تقديم‪ :‬أحمد كمال أبو المجد‪ ،‬القاهرة‪ :‬نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ -‬توفلر‪ ،‬ألفين‪ .)1990(.‬حضااااارة الموجة الثالثة‪( .‬عصد د ددام الشد د دديك قاسد د ددم‪ ،‬مترجم)‪ ،‬ليبيا‪ :‬الدار‬
‫الجماهيرية للنشر والتوزيع واالعالن‪.‬‬
‫‪ -‬الجابري‪ ،‬محمد عابد (‪ )1997‬قضااااااايا في الفكر المعاصاااااار‪ ،‬بيروت‪ ،‬مركز د ارسد د د ددات الوحدة‬
‫العربية‪.‬‬
‫‪ -‬جيدوري وآخرون (‪ )2018‬مناقج البحث في العلوم التربوية والنفسية‪ ،‬الرياض‪ ،‬مكتبة الرشد‪.‬‬
‫‪ -‬جيدوري‪ ،‬صابر (‪ )2016‬فلسفة التربية‪ ،‬الرياض‪ ،‬مكتبة الرشد للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ -‬الجيوشي‪ ،‬فاطمة (‪ .)1999‬فلسفة التربية‪ .‬دمشق‪ :‬مطبعة منشورات جامعة دمشق‪.‬‬
‫‪ -‬حب هللا‪ ،‬حمادي (‪ )1986‬دراسات فلسفية‪ ،‬تونس‪ ،‬الدار التونسية للنشر والتوزيع‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫‪ -‬ح ددب هللا‪ ،‬محمود (‪ )2001‬الحياااة الوجاادانيااة والعقياادة الاادينيااة‪ ،‬الق دداهرة‪ ،‬دار إحي دداء الكت ددب‬
‫العربية‪.‬‬
‫‪ -‬الخطيب‪ ،‬محمد ش ددحات (‪1415‬ه) أصااول التربية اإلسااالمية‪ ،‬الرياض‪ ،‬دار الخريجي للنش ددر‬
‫والتوزيع‪.‬‬
‫‪ -‬الخطيب‪ ،‬محمد‪ ،‬وعائش د د ددة األحمدي (‪ )2017‬القيم الجامعية‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬مجلس النش د د ددر‬
‫العلمي بجامعة طيبة‪.‬‬
‫‪ -‬دوركهدايم‪ ،‬إميدل (‪ )1996‬التربياة والمجتمع‪ ،‬ترجمدة علي وطفدة‪ ،‬دمشد د د د د د ددق‪ ،‬دار معدد للطبداعدة‬
‫والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ -‬ديوي‪ ،‬جون (‪ )1955‬الحرياة والثقاافاة‪ ،‬ترجمدة أمين مرسد د د د د د ددي قندديدل‪ ،‬القداهرة‪ ،‬مكتبدة االنجلو‬
‫المصرية‪.‬‬
‫‪ -‬ديكارت‪ ،‬رينيه (‪ )1993‬مباد الفلسااااااااافة‪ ،‬ترجمة عثمان أمين‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الثقافة للنشد د د د د د ددر‬
‫والتوزيع‪.‬‬
‫‪ -‬الديدي‪ ،‬عبد الفتاح (‪ )1985‬االتجاقات المعاصاااااارة في الفلساااااافة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الهيئة المصد د د د درية‬
‫العامة للكتاب‪.‬‬
‫‪ -‬رضدوان‪ ،‬زينب (‪ )1982‬النظرية االجتماعية في الفكر اإلساالميت أصاولها وبناؤقا في القرآن‬
‫والسنة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار المعارف‪.‬‬
‫‪ -‬روسو‪ ،‬جان جاك (د‪ .‬ت) في العقد االجتماعي‪ ،‬ترجمة ذوقان قرطوط‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار القلم‪.‬‬
‫‪ -‬زكريا‪ ،‬فؤاد (‪ )198‬باروخ سابينو ار (ضددمن معجم أعالم الفكر اإلنسدداني) الجزء األول‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫الهيئة المصرية العامة للكتاب‪.‬‬
‫التعليمية في جميع المواد الد ارساية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪ -‬سدعادة‪ ،‬أحمد جودت (‪ )2002‬اساتخدام األقدا‬
‫دار الثقافة‪.‬‬
‫‪ -‬سدارتر‪ ،‬جان بول (‪ )1954‬الوجودية فلسافة إنساانية‪ ،‬ترجمة حنا دمياني‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار بيروت‬
‫للطباعة والنشر‪.‬‬
‫‪ -‬سكوت‪ ،‬جون (‪ )2013‬علم االجتماع‪ :‬المفاهيم األساسية (ط‪ ،)2‬ترجمة محمد عثمان‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬الشبكة العربية لألبحات والنشر‪.‬‬
‫‪ -‬شد د ددين‪ ،‬هارولد (‪ )1986‬ماذا تقول لنا العلوم االجتماعية عن تربية الغد (في كتاب أتومل في‬
‫مستقبل التنمية التربوية) ترجمة أنطوان خوري‪ ،‬بيروت‪ ،‬اليونسكو‪ ،‬مؤسسة الخدمات الطباعية‪.‬‬
‫‪ -‬الصد ددمدي‪ ،‬خالد (‪ )2003‬القيم اإلساااالمية في المناقج الدراساااية‪ ،‬الرباط‪ ،‬منشد ددورات المنظمة‬
‫اإلسالمية للتربية والثقافة والعلوم‪.‬‬
‫‪ -‬الظاهر‪ ،‬نعيم إب ار يم (‪ )2009‬إدارة المعرفة‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫‪ -‬عمار‪ ،‬حامد (‪ )2005‬اإلصاااالح المجتمعي إضاااا ات ثقا ية واقتضاااا ات تربوية‪ ،‬مكتبة الدار‬
‫العربية للكتاب‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -‬عمار‪ ،‬حامد (‪ )1996‬الجامعة بين الرسالة والمؤسسة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة الدار العربية للكتاب‪.‬‬
‫‪ -‬عبدد الوهداب‪ ،‬أشد د د د د د ددرف (‪ )2005‬التساااااااااامح االجتمااعي بين التراف والتغيير‪ ،‬القداهرة‪ ،‬مركز‬
‫البحوت والدراسات االجتماعية‪ ،‬كلية اآلداب جامعة القاهرة‪.‬‬
‫‪ -‬علي‪ ،‬نبي ددل (‪ )2009‬العقاال العربي ومجتمع المعرفااة‪ :‬مظاااقر األزمااة واقتراحااات بااالحلول‪،‬‬
‫(الجزء األول)‪ .‬المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬سااااااالسااااااالة عالم المعرفةت العدد ‪.369‬‬
‫الكويت‪ :‬مطابع الوطن‪.‬‬
‫‪ -‬عاقل‪ ،‬فاخر (‪ )1985‬علم النفس التربوي‪( ،‬الطبعة العاشرة)‪ .‬بيروت‪ :‬دار العلم للماليين‪.‬‬
‫‪ -‬عبد العظيم‪ ،‬حمدي (‪ )2008‬المنهج العلمي إلدارة الجودة الشااملة‪ ،‬اإلسددكندرية‪ ،‬مكتبة الدار‬
‫الجامعية‪.‬‬
‫‪ -‬العوا‪ ،‬عادل (‪ )1993‬المذاقب الفلسفية‪ ،‬دمشق‪ ،‬مطبعة جامعة دمشق‪.‬‬
‫‪-‬العوا‪ ،‬عادل (‪ )1986‬العمدة في فلسفة القيم‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار طالن للنشر والترجمة والتوزيع‪.‬‬
‫‪ -‬العوا‪ ،‬عادل (‪ )01989‬األخالق والحضارة‪ ،‬دمشق‪ ،‬مطبوعات جامعة دمشق‪.‬‬
‫‪ -‬العوا‪ ،‬عادل (‪ )1991‬الوجدان األخالقي‪ ،‬دمشق مطبوعات جامعة دمشق‪.‬‬
‫‪ -‬العوا‪ ،‬عادل (‪ )1987‬قضاااااااااايا القيم األصاااااااااول والمبااد ‪ :‬في وقائع المؤتمر الفكري التربوي‬
‫اإلسالمي‪ ،‬تونس‪ ،‬المنظمة العربية للتربية والثقافة‪.‬‬
‫‪ -‬الغرباوي‪ ،‬ماجد (‪ )2008‬التساامح ومنابع الالتساامح (فرص التعايش بين األديان والثقافات)‪،‬‬
‫بغداد‪ ،‬مؤسسة عارف للطباعة‪.‬‬
‫‪ -‬فددان دالين‪ ،‬ديوبولددد ب‪ .)2003(.‬منااقج البحاث في التربياة وعلم النفس‪( ،‬محمددد نبيددل نوفددل‬
‫وآخرون‪ ،‬مترجم)‪( ،‬سيد أحمد عثمان‪ ،‬مراجعة)‪ .‬القاهرة‪ :‬مكتبة االنجلو المصرية‪.‬‬
‫‪-‬لوك‪ ،‬جون (‪ )2006‬رسالة في التسامح‪ ،‬ترجمة عبد الرحمن بوي‪ ،‬بغداد‪ ،‬مركز دراسات فلسفة‬
‫التربية‪.‬‬
‫‪ -‬ليلة‪ ،‬علي (‪ )2013‬المجتمع المدني العربي‪ :‬قضددايا المواطنة وحقو اإلنسددان‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة‬
‫االنجلو المصرية (‪)90-89‬‬
‫‪ -‬المنجرة‪ ،‬المهدددي (‪ )2005‬حوار التواصاااااااااال من أجاال مجتمع معرفي عااادل‪ ،‬ط‪ ،11‬مطبعددة‬
‫النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ -‬نوفل‪ ،‬محمد نبيل (‪ .)1985‬دراسااااااااات في الفكر التربوي المعاصاااااااار‪ .‬القاهرة‪ ،‬مكتبة األنجلو‬
‫المصرية‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫‪ -‬وطفة‪ ،‬علي (‪ )2002‬التربية إ از تحديات التعصاب والعنف في العالم العربي‪ ،‬أبوظبي‪ ،‬مركز‬
‫اإلمارات للدراسات والبحوت االستراتيجية‪.‬‬
‫‪ -‬وطفة وال ارشد د ددد (‪ )2001‬التربية وحقوق اإلنسااااان في الوطن العربي‪ ،‬مطابع دار السد د ددياسد د ددة‪،‬‬
‫الكويت‪.‬‬
‫◼ الكتب األجنبية‪:‬‬
‫‪- Alberta Education (2005). The Heart of Matter: Character and Citizenship‬‬
‫‪Education in Alberta Schools, Learning and Teaching Resources Branch, Alberta,‬‬
‫‪Canada.‬‬

‫‪- Club of Amsterdam .(2009). shaping your future in the knowledge‬‬


‫‪society :Retrieved 6 June, 2009, from source.‬‬

‫‪- Davenport, T. H. .(1997). Information ecology: Mastering the information‬‬


‫‪and knowledge Environment . New York : Oxfored University.‬‬

‫‪- Frye, Northrop .(1990). The Cutlure Developments of Canda. An‬‬


‫‪address Delivered & the Social Science and Humanities Research Council‬‬
‫‪Canda and Associated Scholars at Hart House University of Toronto,‬‬
‫‪October.‬‬

‫‪- John J Patrick. ; Gregory E Hamot, and Robert S Leming. (2003): Civic Learning in‬‬
‫‪Teacher Education, International Perspective on Education of Democracy in the‬‬
‫‪Preparation of Teachers. Dissertation Abstracts International, Social Science‬‬
‫‪Education, Washington, DC. 15‬‬
‫◼ الرسائل العلمية والمؤتمرات‪:‬‬
‫‪ -‬جيدوري‪ ،‬صد د ددابر (‪ )1998‬الثنائيات في فلساااافة التربية المعاصاااارة‪ :‬الثنائية القيمية‪ ،‬رسد د ددالة‬
‫دكتوراه غير منشورة‪ ،‬كلية الدراسات العليا للتربية‪ ،‬جامعة القاهرة‪.‬‬
‫‪ -‬جيدوري‪ ،‬صددابر (‪ )1994‬الحرية في فلسافات التربية المعاصارة‪ ،‬رسددالة ماجسددتير قيد النشددر‪،‬‬
‫كلية الدراسات العليا للتربية‪ ،‬جامعة القاهرة‪.‬‬
‫‪ -‬جيدوري‪ ،‬بش ددار (‪ )2012‬تطوير دور الجامعات الح ومية السااورية في بنا مجتمع المعرفة‪،‬‬
‫رسالة دكتوراه غير منشورة‪ ،‬كلية التربية في جامعة دمشق‪.‬‬
‫‪ -‬الزعبي‪ ،‬يسدار (‪ )2016‬الدور المساتقبلي للجامعات الساورية في تعزيز قيم المواطنة‪ :‬تصاور‬
‫مقترح لما بعد األزمة‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬معهد الدراسات العربية‪.‬‬
‫‪ -‬السد ددويدي‪ ،‬جمال سد ددند (‪ )2009‬التربية وبنا المواطنة‪ :‬نحو اساااتراتيجية وطنية لتنمية قيمة‬
‫المواطنااة واالنتمااا ‪ ،‬بح ددث مق دددم إلى كلي ددة التربي ددة بج ددامع ددة البحرين خالل ن دددوة "التربي ددة وبن دداء‬
‫المواطنة‪ ،‬المنامة‪ ،‬مملكة البحرين‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫‪ -‬عبددهللا‪ ،‬سد د د د د د دداميدة هداشد د د د د د ددم محمدد (‪ )2004‬مادى تحقيق التربياة الوجادانياة في مادارس البناات‬
‫الثانوية بوالية الخرطوم‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬جامعة الخرطوم‪.‬‬
‫‪ -‬علي‪ ،‬نبيدل (‪ .)2003‬المعلومداتيدة بين الراهن والمرجو‪ .‬د ارس د د د د د د ددة مقددمدة للنادوة الثاانياة آلفااق‬
‫البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في العالم العربي‪ .‬الشارقة من ‪ 24‬اااااا ا ‪ 27‬مارس ‪،2002‬‬
‫اإلمارات العربية المتحدة‪ :‬المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا الحديثة‪.‬‬
‫‪ -‬نصددار‪ ،‬سددامي (‪ )2013‬اإلعالم وتعزيز قيمة المواطنة في المجتمع الشاب ي‪ ،‬بحث مقدم إلى‬
‫مؤتمر كلية التربية بجامعة الكويت عن‪ :‬المواطنة في المجتمع الكويتي‪ ،‬تش د د د د د ددخيص للواقع ورؤية‬
‫للمستقبل‪.‬‬
‫◼ المجالت العلمية‪:‬‬
‫‪ -‬أبو عودة‪ ،‬عودة (‪ )2004‬التقوى منهدداج سد د د د د د ددلوك وعمددل‪ ،‬مجلااة آفاااق‪ ،‬العدددد (‪ )11‬عم دان‪،‬‬
‫األردن‪.‬‬
‫‪ -‬جيدوري‪ ،‬ص ددابر (‪ )2015‬دور كلية التربية بجامعة طيبة في تعزيز ثقافة التس ددامح لدى الطلبة‬
‫من وجهة نظرهم‪ ،‬مجلة كلية التربية بجامعة أسيوط‪ ،‬مج ‪ ،31‬العدد الثاني‪.‬‬
‫‪ -‬جيدوري‪ ،‬ص د د ددابر (‪ )2009‬األبعاد التربوية لجدل الثابت والمتحول في فلس د د ددفة التربية (د ارس د د ددة‬
‫تحليلية مقارنة في األنسد د د ددا الفكرية للتربية العربية) دمشد د د ددق‪ ،‬مجلة جامعة دمشااااااق‪ ،‬المجلد‪،25‬‬
‫العدد (‪.)2+1‬‬
‫‪ -‬جيدوري‪ ،‬ص د د د د ددابر (‪ )2011‬دواعي التربية على حقو اإلنس د د د د ددان في المرحلة الجامعية‪ ،‬مجلة‬
‫العلوم التربوية‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬كلية الدراسات العليا للتربية‪ ،‬جامعة القاهرة‪.‬‬
‫‪ -‬جيددوري‪ ،‬صد د د د د د ددابر (‪ )2012‬تنميدة قيمدة المواطندة العدالميدة لددى طلبدة المرحلدة الجدامعيدة‪ ،‬مجلاة‬
‫شؤون اجتماعية‪ ،‬السنة ‪ ،29‬العدد ‪ ،116‬جمعية االجتماعيين بالجامعة األمريكية بالشارقة‪.‬‬
‫‪ -‬القريش د د د ددي‪ ،‬علي (‪ )2000‬التقوى ويش د د د ددكالية االختالف والوحدة في اإلطار اإلس د د د ددالمي‪ ،‬مجلة‬
‫دراسات تربوية‪ ،‬العدد ‪.99‬‬
‫‪ -‬وطفة‪ ،‬علي (‪ )2005‬التربية على قيمة التسدامح‪ ،‬مجلة التساامح‪ ،‬العدد (‪ ،)11‬سدلطنة ُعمان‪،‬‬
‫‪213‬‬
‫‪ -‬اليونسدكو (‪ .)2002‬مجتمع المعرفة‪ .‬المجلة الدولية للعلوم االجتماعيةت العدد ‪ .171‬القاهرة‪:‬‬
‫مركز مطبوعات اليونسكو‪.‬‬
‫‪Adler, F (1998) "The Value Concept in Sociology", the American Journal‬‬
‫‪Of Sociology, Vol.10, No, 5.‬‬

‫‪154‬‬
‫‪MiKinney, J (1965) the Development of Va Journal Of Personality and‬‬
‫‪Social Psychology, Vol.31, No.6.‬‬
‫◼ المواقع االلكترونية‪:‬‬
‫‪ -‬بدو بدكدري‪ ،‬مدحدم د د ددد (‪ )2015‬الاحاااااب والاماعارفاااااة‪ ،‬مدت د د دداح عدلدى الدمدوقدع االلدكدتدروندي اآلتدي‪:‬‬
‫‪http://m.alyaoum24.com/342273.html‬‬
‫‪ -‬حميش‪ ،‬عبدد الحق (‪ )2015‬دور الشااااااا ابااب في بناا المجتمع‪ ،‬متداح على الموقع االلكتروني‬
‫اآلتي‪http://www.elkhabar.com/press/article/80891/:‬‬
‫‪ -‬الطويدل‪ ،‬لميدداء (‪ )2002‬م ازياا الوساااااااااطياة وثمراتهاا علل الفرد والمجتمع‪ ،‬متدداح على الموقع‬
‫االلكتروني‪http://repository.taibahu.edu.sa/bitstream/handle/:‬‬
‫‪ -‬العمايرة عبد الرحمن (‪ )2016‬العالقة بين الجودة والتميز في مجال التعليم‪ .‬متاح على‬
‫الموقع االلكتروني اآلتي‪/ https://www.bayt.com/ar/specialties/q/:‬‬
‫‪ -‬مجلد ددة التربيد ددة االجتمد دداعيد ددة (‪ )2013‬مراحااال تكوين القيم‪ ،‬متد دداح على الموقع االلكتروني‪:‬‬
‫‪https://m.facebook.com/permalink.‬‬
‫‪ -‬مركز الفكر االسد د د د ددتراتيجي للد ارسد د د د ددات‪ :‬االعتدال والوساااااااطية‪ ،‬متاح على الموقع االلكتروني‪:‬‬
‫‪http://fikercenter.com/studies/‬‬
‫‪ -‬المنتدى العالمي للوسدطية (‪ )2013‬دور المؤساساات التربوية في نشار االعتدال الفكري‪ ،‬متاح‬
‫على الموقع االلكتروني‪http://www.wasatyea.net/?q=ar/content/ :‬‬
‫‪ -‬محمد‪ ،‬عبد الرحيم (‪ )2018‬الجودة الش د د د د د دداملة‪ :‬المفهوم وفلس د د د د د ددفة التطبيق‪ .‬متاح على الموقع‬
‫االلكتروني‪http://dr-ama.com/?p=679:‬‬
‫‪ -‬ال د ديد ددونسد د د د د د د د دكد ددو‪ :‬إعد ددالن م د دب د د ددادئ الد ددتس د د د د د د د د د ددامد ددح‪ ،‬م د دت د د دداح ع د دلد ددى ال د دمد ددوقد ددع االل د دك د دتد ددروند ددي‪:‬‬
‫‪http://hrlibrary.umn.edu/arab/tolerance.html‬‬

‫‪155‬‬

You might also like