You are on page 1of 10

‫الضعف في رواية التفسير المأثور وأسبابه‬

‫لقد دخل الوضع والكذب في الح ديث‪ ،‬فال ج رم أن دخ ل في التفس ير بالم أثور‪ ،‬فق د‬
‫كان التفسير كم ا قلن ا ج زءا من الح ديث‪ ،‬وإن أق دم كت اب وص ل إلين ا في الح ديث‬
‫وهو‪ :‬موط أ اإلم ام مال ك اش تمل على‪" ‬كت اب التفس ير"‪ ،‬وق د س ار على ه ذا بعض‬
‫المؤلفين في الحديث‪ ،‬حتى بعد أن انفصل التفسير بمعناه الف ني ال دقيق‪ ،‬وص ار علم ا‬
‫مستقال ‪ ،‬بالرغم مما تحفل به‪ ‬كتب التفسير‪ ‬من المأثور يوجد هناك تناقضا ً واضحا ً مع‬
‫أقوالهم فيه‪ ،‬فابن كثير‪ ‬يق ول‪(:‬إن أك ثر التفس ير الم أثور ق د س رى إلى ال رواة‪ ‬الزنادقة‬
‫واليهود والنصارى والفرس ومسلمة أهل الكتاب )‪.‬‬
‫ويذكر‪ ‬السيوطي‪ ‬قول‪ ‬الزركشي‪ ‬في‪ ‬البرهان في علوم القرآن‪ ‬أن النقل عن الن بي‪   ‬‬
‫في التفسير (يجب الحذر من‪ ‬الض عيف‪ ‬من ه الموض وع فإن ه كث ير)‪ .‬وله ذا ق ال‪ ‬اإلم ام‬
‫أحمد‪( :‬ثالثة كتب ليس لها أصول‪ :‬المغازي والمالحم والتفسير)‪ ،‬ويقول‪( :‬الذي ص ح‬
‫من ذلك قليل جداً‪ ،‬بل أصل المرفوع منه في غاية القلة)‪ .‬ويُالح ظ على ه ذه التفاس ير‬
‫ك ثرة ورود أق وال مختلف ة وربم ا متض اربة منس وية إلى نفس القائ ل‪ ،‬إض افة إلى‬
‫‪1‬‬
‫التعارض مع أقوال اآلخرين‬

‫يرجع الضعف والوضع في التفسير بالمأثور إلى أسباب أهمها‪:‬‬

‫م&&ا دس&&ه الزنادق&&ة من اليه&&ود والف&&رس والروم&&ان وغ&&يرهم في الرواي&&ة‬ ‫‪-1‬‬


‫اإلسالمية‪ ،‬فقد دخل هؤالء اإلسالم وهم يضمرون ل ه الش ر والع داوة والكي د‪،‬‬
‫وتستروا باإلس الم‪ ،‬ب ل ب الغ بعض هم في التس تر فتظ اهر بحب آل بيت الن بي‬
‫صلى هللا علي ه وس لم‪ ،‬ولم ا ك انوا ال يمكنهم مواجه ة س لطان اإلس الم ال عن‬
‫طريق الحرب والعداوة السافرة‪ ،‬وال عن طريق الحجة والبرهان‪ ،‬فقد توصلوا‬
‫إلى أغراضهم الدنيئة عن طري ق الوض ع‪ ،‬واالختالق‪ ،‬وال دس في المروي ات‬
‫اإلسالمية على النبي صلى هللا علي ه وس لم وعن الص حابة‪ ،‬والت ابعين‪ ،‬وك ان‬

‫‪ 1‬د‪ .‬شريف راشد الصدفي (أغسطس ‪ .)2016‬مفهوم النص عند عمر بن الخطاب‪ :‬أحكام‪ :‬الفتح – الغنيمة ‪ -‬الفيء‪( ‬الطبعة األولى)‬
‫ص ‪٣٦-٣٥‬‬
‫للتفسير وال ريب كفل من هذا‪ ،‬وكان هذا الص نف من أخبث الوض اعين‪ ،‬فق د‬
‫وضعوا على النبي أحاديث يخالفها المحسوس‪ ،‬أو يناقضها المعقول‪ ،‬أو تش هد‬
‫أذواق الحكماء بسخافتها‪ ،‬وإسفافها‪ ،‬مما ال يليق بالعقالء‪.‬‬
‫الخالف&&ات السياس&&ية والمذهبية&‪ :‬فق د س ولت ه ذه الخالف ات ألرق اء ال دين‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫وض عفاء اإليم ان أن يض عوا أح اديث تؤي د م ذاهبهم‪ ،‬وأح اديث في فض ائل‬
‫متبوعيهم‪ ،‬وفي مثالب مخالفيهم‪ ،‬وذلك‪ :‬كما فعل الشيعة‪ ،‬وال سيما الروافض‪،‬‬
‫فقد وضعوا في فضل س يدنا علي وآل ه أح اديث كث يرة‪ ،‬ونس بوا إلي ه ك ل علم‬
‫وفضل‪ ،‬وفيها ما يتعل ق بتفس ير بعض آي ات الق رآن‪ ،‬وبأس باب ال نزول‪ ،‬كم ا‬
‫وض عوا أح اديث في ذم الس ادة‪ :‬أبي بك ر‪ ،‬وعم ر‪ ،‬وعثم ان‪ ،‬وعم رو بن‬
‫العاص‪ ،‬ومعاوية بن أبي سفيان‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬
‫وكذلك‪ :‬فعل أنصار العباسين‪ ،‬فقد وضعوا على ابن عباس رواي ات كث يرة‪ ،‬وال س يما‬
‫في تفسير القرآن‪ ،‬وصوروه بصورة العالم بكل شيء وقولوه ما لم يقل‪ ،‬كم ا وض عوا‬
‫أحاديث في مثالب األمويين وذمهم‪ ،‬وقابلهم أنصار األمويين بالمثل‪ ،‬فضال عن أعق ل‬
‫العقالء‪ ،‬وإنما ينصبون بذلك المكيدة لضعفاء األحالم‪ ،‬وأرقاء ال دين‪ ،‬ح تى يقع وا في‬
‫ريبة فتتزلزل من نفوسهم عقيدة‪ :‬أن اإلسالم تنزيل من حكيم عليم‪.‬‬
‫قال ابن قتيبة‪" .2‬الحديث مدخله الشوب والفساد من وج وه ثالث ة‪ :‬الزنادق ة‪ ،‬واجتي الهم‬
‫لإلس الم‪ ،‬وتهجين ه ببث األح اديث المستبش عة‪ ،‬والمس تحيلة‪ ،‬كاألح اديث ال تي ق دمنا‬
‫ذكرها من عرق الخي ل‪ ،‬وعي ادة المالئك ة‪ ،‬وقفص ال ذهب على جم ل أورق‪ ،‬وزغب‬
‫الصدر ونور الذراعين‪ ،‬مع أشياء ليست تخفى على أهل الحديث"‪.3‬‬
‫وقال حماد بن زيد‪" :‬وضعت الزنادقة أربعة عشر ألف حديث ولما جيء بعبد الك ريم‬
‫بن أبي العوجاء‪ ،‬خال معن بن زائدة‪ ،‬الذي قتل ه محم د بن س ليمان بن علي العباس ي‪،‬‬

‫‪ 2‬تأويل مختلِف الحديث البن قتيبة ص ‪.355‬‬


‫‪ 3‬حديث عرق الخيل هو ما روي كذبا‪" :‬أن هللا لما أراد أن يخلق نفسه خلق الخيل وأجراها‪ ،‬فعرقت فخلق نفسه‬
‫منها" قال ابن عساكر‪ :‬هذا موضوع وضعه الزنادقة ليشنعوا على أهل الحديث في روايتهم المستحيل‪ ،‬وهو مما‬
‫يقطع ببطالنه عقال وشرعا‪ ،‬أما حديث عيادة المالئكة فهو ما روي كذبا‪" :‬أن هللا اشتكت عيناه فعادته المالئكة"‬
‫أما حديث قفص الذهب فلعل المراد به ما روي كذبا‪" :‬ينزل ربنا عشية عرفة على جمل أورق يصافح الركبان‪،‬‬
‫ويعانق المشاة"‪ ،‬قال ابن تيمية‪ :‬هو من أعظم الكذب‪ ،‬أما حديث زغب الصدر‪ ،‬فهو ما روي زورا‪" :‬خلق هللا‬
‫تبارك وتعالى المالئكة من شعر ذراعيه وصدره أو نورهما"‪.‬‬
‫أمير البصرة‪ ،‬بعد سنة مائة وس تين في زمن المه دي‪ ،‬اع ترف حينئ ذ بوض ع أربع ة‬
‫آالف حديث مما يحرم فيها الحالل‪ ،‬ويحلل فيها الحرام‪ ،‬وكان عبد الك ريم ه ذا متهم ا‬
‫بالمانويه‪ ،‬وكان يضع أحاديث بأسانيد يغ تر به ا من ال معرف ة ل ه ب الجرح والتع ديل‪.‬‬
‫وتلك األحاديث ضالالت في التشبيه‪ ،‬والتعطي ل وبعض ها بعي د عن أحك ام الش ريعة‪،4‬‬
‫كما كان ينتس ب إلى الرافض ة في الظ اهر‪ ،‬ووض ع لهم األح اديث ال تي اغ تروا بها‪،5‬‬
‫وقد كان الزنادقة حملوا الكثير من الخرافات واألباطيل‪ ،‬مم ا ه و مس طور في كتبهم‪،‬‬
‫ودسوها في الرواية اإلسالمية وفسروا بها بعض اآليات القرآنية‪ ،‬ونس بوها زورًا إلى‬
‫النبي‪ ،‬أو الصحابة‪ ،‬والتابعين‪ ،‬فجاء من ال يعلم الحقيقة‪ ،‬فطعن في اإلسالم بسبب هذه‬
‫المرويات الباطلة مثل حديث‪" :‬عوج بن عوق"‪ ،‬وأمثال ه وق د ن اهض العلم اء حرك ة‬
‫الزندقة بالتنبيه إلى ضالالتهم ودسهم‪ :‬كما قاومهم الخلفاء‪ ،‬واألمراء بقتلهم‪ ،‬وصلبهم‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫وكذلك فعل الخوارج ‪ ،6‬والقدرية ‪ ،7‬والمرجئة‪ ،8‬والكرامية‪ ، 9‬والباطنية‬
‫وأضرابهم‪ ،‬فقد وضعوا أحاديث تؤيد مذاهبهم‪ ،‬قال ش يخ اإلس الم ابن تيمي ة‪" :‬ثم إن ه‬
‫لسبب تطرف هؤالء وضاللهم‪ ،‬دخلت الرافضة اإلمامية ثم الفالسفة‪ ،‬ثم القرامطة ‪،11‬‬
‫وغيرهم فيما هو أبلغ من ذل ك‪ ،‬وتف اقم األم ر في الفالس فة‪ ،‬والقرامط ة‪ ،‬والرافض ة؛‬
‫ف إنهم فس روا الق رآن ب أنواع ال يقض ي الع الم منه ا عجب ه‪ ،‬فتفس ير الرافض ة‬
‫ب َوتَبّ }‪ ‬هما‪ :‬أبو بكر وعمر‪ ،‬قول ه‪{ :‬لَئِ ْن أَ ْش َر ْكتَ لَيَحْ بَطَ َّن‬
‫َّت يَدَا أَبِي لَهَ ٍ‬
‫كقولهم‪{ :‬تَب ْ‬
‫ك}‪ 12 ‬أي‪ :‬بين أبي بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬وعلي في الخالف ة‪ ،‬وق الوا في قول ه تع الى‪{ :‬إِ َّن‬ ‫َع َملُ َ‬
‫هَّللا َ يَ أْ ُم ُر ُك ْم أَ ْن تَ ْذبَحُوا بَقَ َرةً}‪ 13 ‬هي‪ :‬عائش ة وقول ه‪{ :‬فَقَ اتِلُوا أَئِ َّمةَ ْال ُك ْف ِر}‪ :14 ‬طلح ة‬
‫والزب ير‪ ،‬وقول ه‪َ { :‬م َر َج ْالبَحْ َر ْي ِن}‪ : ‬علي ا وفاطم ة‪ ،‬وقول ه‪{ :‬يَ ْخ ُر ُج ِم ْنهُ َم ا اللُّ ْؤلُ ُؤ‬
‫‪ 4‬الفرق بين الفرق للبغدادي ص ‪.256‬‬
‫‪ 5‬التبصير في الدين ص ‪.81‬‬
‫‪ 6‬هم الذين خرجوا على "على" ومعاوية وأتباعهما بعد ارتضائهما بالتحكيم وقالوا‪" :‬ال ح ُْكم إال هلل"‪.‬‬
‫‪ 7‬القدرية‪ :‬هم الذين يقولون‪" :‬إن العبد يخلق أفعال نفسه االختيارية"‪ ،‬فقد سلبوها عن هللا‪ ،‬ونسبوها ألنفسهم‪.‬‬
‫‪ 8‬المرجئة‪ :‬هم الذين يؤخرون األعمال عن اإليمان‪ ،‬ويقولون‪" :‬ال يضر مع اإليمان معصية‪ ،‬كما ال ينفع مع‬
‫الكفر طاعة"‪.‬‬
‫‪ 9‬هم أتباع محمد بن كرام السجستاني‪.‬‬
‫‪ 10‬هم الذين يقولون‪" :‬إن للقرآن ظاهرا وباطنا‪ ،‬والمراد الباطن‪ ،‬ونسبة الباطن إلى الظاهر كنسبة اللب إلى‬
‫القشرة‬
‫‪11‬‬
‫القرامطة‪ :‬فرقة من الباطنية نسبوا إلى أولهم‪ ،‬الذي دعا إلى مذهبهم‪ ،‬وهو رجل يسمى حمدان قرمط‪ ،‬وهي إحدى قرى واسط‬
‫‪12‬‬
‫الزمر‪.65 :‬‬
‫‪13‬‬
‫البقرة‪.67 :‬‬
‫‪14‬‬
‫التوبة‪.12 :‬‬
‫َو ْال َمرْ َج ُ‬
‫ان}‪ :15‬الحسن والحسين‪ ،‬وقول ه‪{ :‬إِنَّ َم ا َولِيُّ ُك ُم هَّللا ُ َو َر ُس ولُهُ َوالَّ ِذينَ آ َمنُ وا الَّ ِذينَ‬
‫الص الةَ َوي ُْؤتُ ونَ ال َّز َك اةَ َوهُ ْم َرا ِك ُع ونَ }‪ 16 ‬ه و‪ :‬علي‪ ،‬وي ذكرون الح ديث‬
‫َّ‬ ‫يُقِي ُم ونَ‬
‫الموضوع بإجماع أهل العلم‪ ،‬وهو‪ :‬تصدقه بخاتمه في الصالة وك ذلك قول ه‪{ :‬أُولَئِ كَ‬
‫ات ِم ْن َربِّ ِه ْم َو َرحْ َمةٌ}‪ :17 ‬نزلت في علي لما أُصيب بحمزة‪ ،‬ومم ا يق ارب‬
‫صلَ َو ٌ‬
‫َعلَ ْي ِه ْم َ‬
‫َّ‬
‫{الص ابِ ِرينَ‬ ‫ه ذا من بعض الوج وه‪ :‬م ا ي ذكره كث ير من المفس رين في مث ل قول ه‪ :‬‬
‫َوالصَّا ِدقِينَ َو ْالقَانِتِينَ َو ْال ُم ْنفِقِينَ َو ْال ُم ْستَ ْغفِ ِرينَ بِاأْل َ ْس َحار}‪ :18 ‬إن "الص ابرين"‪ :‬رس ول‬
‫هللا‪ ،‬و"الصادقين"‪ :‬أبو بكر‪ ،‬و"القانتين"‪ :‬عم ر‪ ،‬والمنفقين"‪ :‬عثم ان‪ ،‬والمس تغفرين"‬
‫علي‪ ،‬وفي مث ل قول ه‪ُ { :‬م َح َّم ٌد َر ُس و ُل هَّللا ِ َوالَّ ِذينَ َم َع ه}‪ : ‬أب و بك ر‪{ ،‬أَ ِش َّدا ُء َعلَى‬
‫ُح َم ا ُء بَ ْينَهُم}‪ : ‬عثم ان‪{ ،‬تَ َراهُ ْم ُر َّك ًع ا ُس َّجدًا}‪ :19 ‬علي‪ ،‬وأعجب‬ ‫ْال ُكفَّار}‪ : ‬عم ر‪{ ،‬ر َ‬
‫{وطُ ِ‬
‫ور ِس ينِين}‪: ‬‬ ‫{وال َّز ْيتُ ِ‬
‫ون}‪ : ‬عمر‪َ  ،‬‬ ‫من ذلك‪ :‬قول بعضهم‪َ { :‬والتِّي ِن}‪ : ‬أبو بكر‪َ  ،‬‬
‫عثم ان‪َ { ،‬وهَ َذا ْالبَلَ ِد اأْل َ ِمين}‪ :201‬علي‪ ،‬وأمث ال ه ذه الخراف ات ال تي تتض من تفس ير‬
‫اللفظ بم ا ال ي دل عليه‪ ،21‬وق د أطلت الق ول في ه ذا‪ ،‬في كت ابي‪" :‬الوض ع في الح ديث‬
‫‪22‬‬
‫وآثاره السيئة في كتب العلوم"‬

‫‪ -٣‬القُ َّ‬
‫ص&&اص ‪ :‬فق د ك انت هن اك فئ ة تقص بالمس اجد‪ ،‬وت ذكر الن اس‪ ،‬وت رغبهم‪،‬‬
‫وترهبهم‪ ،‬ولما كان ه ؤالء ليس وا من أه ل العلم بالح ديث‪ ،‬وك ان غرض هم من ذك ر‬
‫القصص استمالة العوام‪ ،‬فقد اختلقوا بعض القصص الباطل‪ ،‬وروج وا البعض اآلخ ر‬
‫بذكرهم له‪ ،‬وفي هذا الكثير من اإلسرائيليات والخرافات واألباطيل‪ ،‬وقد تلقفها الن اس‬
‫منهم؛ ألن من طبيعة العوام الميل إلى العجائب والغرائب‪.‬‬
‫ويعجبني في هذا‪ :‬ما ذكره ابن قتيبة عن القص اص‪ ،‬ق ال‪ :‬ف إنهم يميل ون وج ه الع وام‬
‫إليهم‪ ،‬ويس تدرون م ا عن دهم بالمن اكير‪ ،‬واألك اذيب من األح اديث‪ ،‬ومن ش أن‬

‫‪15‬‬
‫الرحمن‪.22 ،19 :‬‬
‫‪16‬‬
‫المائدة‪.55 :‬‬
‫‪17‬‬
‫البقرة‪.157 :‬‬
‫‪18‬‬
‫آل عمران‪.17 :‬‬
‫‪ 19‬الفتح‪.29 :‬‬
‫‪ 20‬سورة التين‪،2 ،1 :‬‬
‫‪ 21‬مقدمة في أصول التفسير ‪.40-38‬‬
‫‪ 22‬هي الرسالة التي نلت بها العالمية من درجة أستاذ "الدكتوراه" ولم تطبع بعد‪ .‬وقد تولد منها كتابان‪ :‬دفاع عن‬
‫السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين‪ ،‬والثاني‪ :‬هذا الكتاب‪.‬‬
‫العوام‪  :‬القعود عند القاص ما كان حديثه عجيبا خارجا عن فطر العقول‪ ،‬أو كان رقيقا‬
‫يحزن القلوب‪ ،‬فإذا ذكر الجنة قال‪ :‬فيها الحوراء من مسك أو زعفران وعجيزتها ميل‬
‫ويبوئ هللا وليه قصرا من لؤلؤة بيضاء‪ ،‬فيها سبعون ألف مقصورة‪ ،‬في ك ل‬
‫في ميل‪ِّ ،‬‬
‫مقصورة سبعون ألف قبة‪ ،‬وال يزال هكذا في السبعين ألفا‪ ،‬ال يتحول عنها‪.‬‬
‫ومن ه ؤالء القص اص‪ :‬من ك ان يبتغي الش هرة والج اه بين الن اس‪ ،‬ومنهم‪ :‬من ك ان‬
‫يقصد التعيش واالرتزاق‪ ،‬ومنهم من كان سيء النية خبيث الطوية‪ ،‬يقصد اإلفساد في‬
‫الدين‪ ،‬وحجب جمال القرآن بما يفسره به من أباطيل وخرافات‪.‬‬
‫وقد حدثت بدعة القص في آخر عهد الفاروق‪ :‬عمر رضي هللا عن ه‪ ،‬وق د ك ان ملهم ا‬
‫حقا‪ ،‬حينما أبى أن يقص قاص في المسجد‪ ،‬وفيما بعد صار حرف ة‪ ،‬ودخ ل في ه من ال‬
‫خالق له في العلم‪ ،‬وقد ساعدهم على االختالق‪ :‬أنهم لم يكونوا من أهل الحديث‬

‫والحفظ‪ ،‬وغالب من يحضرهم جهال‪ ،‬فجالوا وصالوا في هذا المي دان‪ ،‬وأت وا بم ا ال‬
‫يقضى منه العجب‪.‬‬
‫ومن صفاقاتهم في هذا‪ :‬ما روي أنه صلى أحمد بن حنب ل‪ ،‬ويح يى بن معين بمس جد‬
‫الرص افة‪ ،‬فق ام بين أي ديهم ق اص‪ ،‬فق ال‪ :‬ح دثنا أحم د بن حنب ل‪ ،‬ويح يى بن معينن‬
‫قاال‪ :‬حدثنا عبد الرزاق‪ ،‬عن معمر‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬عن أنس قال‪ :‬ق ال رس ول هللا ص لى‬
‫هللا عليه وسلم‪" :‬من قال‪ :‬ال إله إال هللا خلق هللا من كل كلمة طيرا‪ ،‬منقاره من ذهب‪،‬‬
‫وريشه من مرجان"‪ ،‬وأخذ في قصة نحوا من عشرين ورقة! فجع ل أحم د بن حنب ل‬
‫ينظر إلى يحيى بن معين‪ ،‬ويحيى ينظ ر إلي ه فق ال‪ :‬أنت حدثت ه به ذا! ق ال‪ :‬وهللا م ا‬
‫سمعت بهذا إال الس اعة‪ ،‬فلم ا انتهى أش ار ل ه يح يى‪ ،‬فج اء متوهم ا ن واال‪ ،‬فق ال ل ه‬
‫يحيى‪ :‬من حدثك بهذا؟‪ ‬قال‪ :‬أحمد بن حنبل‪ ،‬ويحيى بن معين‪ ،‬فقال‪ :‬أنا يح يى‪ .‬وه ذا‬
‫أحمد‪ ،‬ما سمعنا بهذا قط في حديث رسول هللا صلى هللا عيه وسلم‪ ،‬ف إن ك ان وال ب د‬
‫فعلى غيرنا‪ ،‬فقال‪ :‬لم أزل أس مع أن يح يى بن معين‪ ،‬وأحم د بن حنب ل أحمق ان‪ ،‬م ا‬
‫تحققته إال الساعة‪ ،‬فقال له يحيى‪ :‬وكيف؟‪ ‬ق ال‪ :‬كأن ه ليس في ال دنيا أحم د بن حنب ل‬
‫ويح يى بن معين غيركم ا‪ ،‬لق د كتبت عن س بعة عش ر أحم د بن حنب ل‪ ،‬ويح يى بن‬
‫معين! فما كان منهما إال ان رضيا من النقاش بالسالمة‪.‬‬
‫ومن يدري‪ ،‬فلعلهما لو أطاال معه القول‪ ،‬لنالهما ما نال الش عبي‪ ،‬فق د دخ ل مس جدا‪،‬‬
‫فإذا رجل عظيم اللحية‪ ،‬وحوله ناس يحدثهم‪ ،‬وهو يق ول‪ :‬إن هللا خل ق ص ورين‪ ،‬في‬
‫كل صور نفختان‪ ،‬قال‪ :‬فخففت صالتي‪ ،‬ثم قلت له‪ :‬اتق هللا يا شيخ‪ ،‬إن هللا لم يخل ق‬
‫إال صورا واحدا‪ ،‬فقال لي‪ :‬ي ا ف اجر أن ا يح دثني فالن‪ ،‬وفالن‪ ،‬وت رد علي‪ ،‬ثم رف ع‬
‫نعله‪ ،‬وضربني فتتابع القوم علي ضربا‪ ،‬فو هللا ما أقلعوا عني ح تى قلت لهم‪ :‬إن هللا‬
‫خلق ثالثين صورا في كل صور نفختان!! وهكذا كان القص اص مص در ش ر وبالء‬
‫على اإلسالم والمسلمين‪.‬‬

‫‪ -٤‬بعض الزه اد والمتص وفة‪ :‬فق د اس تباح ه ؤالء ألنفس هم وض ع األح اديث‪،‬‬


‫والقص ص في ال ترغيب‪ ،‬وال ترهيب‪ ،‬ونحوهم ا‪ ،‬وت أولوا في الح ديث المت واتر‬
‫المعروف‪" :‬من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار"‪ ،‬وقالوا‪ :‬إنم ا تك ذب للن بي‬
‫وال نكذب عليه ‪ .23‬وهو جهل منهم باللغة والشرع‪ ،‬فك ل ذل ك ك ذب علي ه؛ ألن الك ذب‬
‫هو ع دم مطابق ة األم ر للواق ع‪ ،‬فك ل من ينس ب إلى الن بي‪ ،‬أو إلى الص حابة‪ ،‬أو إلى‬
‫التابعين ما لم يقولوه‪ ،‬فقد كذب عليهم‪ ،‬قي ل ألبي عص مة ن وح بن أبي م ريم‪ :‬من أين‬
‫لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة ؟‪ ‬فق ال‪" :‬رأيت الن اس‬
‫ق د أعرض وا عن الق رآن‪ ،‬واش تغلوا بفق ه أبي حنيف ة‪ ،‬ومغ ازي محم د بن إس حاق‪،‬‬
‫فوضعت هذا؛ حسبة لوجه هللا"‪ .‬وعن طريق هؤالء دخل في التفسير شيء كثير‪.‬‬

‫‪ -5‬النقل عن أهل الكتاب الذين أسلموا ككعب األحبار‪ ،‬ووهب بن منبه‪ ،‬وعب د هللا بن‬
‫س الم‪ ،‬وتميم ال داري وأمث الهم‪ ،‬وق د حم ل ه ؤالء الكث ير من المروي ات المكذوب ة‪،‬‬
‫والخرافات الباطلة‪ ،‬الموجودة في التوراة وشروحها‪ ،‬وكتبهم القديمة ال تي تلقوه ا عن‬
‫أحب ارهم ورهب انهم جيال بع د جي ل‪ ،‬وخلف ا عن س لف‪ ،‬ولم تكن ه ذه اإلس رائيليات‬
‫والمرويات مما يتعلق بأصول الدين‪ ،‬والحالل والحرام‪ ،‬وهي التي ج رى العلم اء من‬
‫الصحابة والتابعين‪ ،‬فمن بعدهم على التثبت منها‪ ،‬والتحري عن رواتها‪ ،‬وإنم ا ك انت‬

‫‪ 23‬أي لترويج دينه وشريعته‪ ،‬ال للطعن فيهما‪.‬‬


‫فيم ا يتعل ق بالقص ص‪ ،‬وأخب ار األمم الماض ية‪ ،‬والمالحم ‪ ،24‬والفتن‪ ،‬وب دء الخل ق‪،‬‬
‫وأسرار الكون‪ ،‬وأحوال يوم القيامة‪.‬‬
‫وقد تنبه إلى هذا بعض األئم ة الق دامى‪ ،‬ق ال ش يخ اإلس الم ابن تيمي ة‪ ،‬المت وفى س نة‬
‫‪728‬هـ‪ ،‬في أثناء الكالم عن تفاسير الصحابة‪ ،‬قال‪" :‬وهذا غالب م ا يروي ه إس ماعيل‬
‫بن عبد ال رحمن الس دي الكب ير‪ ،25‬في تفس يره عن ه ذين ال رجلين‪ :‬ابن مس عود‪ ،‬وابن‬
‫عباس‪ ،‬ولكن في بعض األحيان ينقل عنهم ما يحكونه من أقاوي ل أه ل الكت اب‪ ،‬ال تي‬
‫أباحها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حيث قال‪" :‬بلغ وا ع ني ول و آي ة‪ ،‬وح دثوا عن‬
‫ي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" رواه البخاري‬
‫بني إسرائيل وال حرج‪ ،‬ومن كذب عل َّ‬
‫عن عب د هللا بن عم رو بن الع اص‪ ،‬وله ذا ك ان عب د هللا بن عم رو ق د أص اب ي وم‬
‫ال يرموك زامل تين‪ 26‬من كتب أه ل الكت اب‪ ،‬فك ان يح دث منهم ا بم ا فهم ه من ه ذا‬
‫الح ديث‪ ،‬من اإلذن في ذل ك‪ ،‬ولكن ه ذه األح اديث اإلس رائيلية ت ذكر لالستش هاد ال‬
‫لالعتقاد"‪،27‬‬

‫وقد وافق ابن تيمية على مقالته أحد تالميذه‪ ،‬وه و‪ :‬اإلم ام الحاف ظ المفس ر ابن كث ير‪،‬‬
‫فذكر نحوا من ذلك في مقدمة تفسيره‪.28‬‬
‫وقد ج اء بع د ابن تيمي ة‪ :‬اإلم ام الع الم الم ؤرخ‪ ،‬واض ع أس اس علم االجتم اع‪ :‬عب د‬
‫الرحمن بن خلدون‪ ،‬المتوفى سنة ‪ ،808‬فأبان عن ذلك بأوفى وأتم في هذا في مقدمت ه‬
‫المشهورة في أثن اء الكالم عن عل وم الق رآن من التفس ير والق راءات‪ ،‬ق ال‪" :‬وص ار‬
‫التفسير على صنفين تفسير نقلي‪ ،‬مسند إلى اآلثار المنقولة عن السلف‪ ،‬وهي‪ :‬معرف ة‬
‫الناسخ والمنسوخ وأسباب النزول‪ ،‬ومقاصد اآلي‪ ،‬وكل ذلك ال يع رف إال بالنق ل عن‬
‫الصحابة والتابعين‪ ،‬وقد جم ع المتق دمون في ذل ك وأوع وا‪ ،‬إال أن كتبهم ومنق والتهم‬
‫تشتمل على الغث‪ ،‬والسمين‪ ،‬والمقبول‪ ،‬والمردود‪.‬‬

‫‪ 24‬جمع ملحمة وهو المواقع العظيمة‬


‫‪ 25‬السدي الكبير مختلف فيه‪ :‬فمنهم من وثقه‪ ،‬ومنهم من ضعفه‪ ،‬أما السدي الصغير فهو متهم بالكذب‬
‫‪ 26‬الزاملة البعير الذي يحمل عليه ‪-‬يعني حمل بعيرين‪.‬‬
‫‪ 27‬مقدمة في أصول التفسير ص ‪.45‬‬
‫‪ 28‬تفسير ابن كثير والبغوي جـ ‪ 1‬ص ‪.8‬‬
‫والسبب في ذلك‪ :‬أن العرب لم يكونوا أهل كتاب‪ ،‬وال علم‪ ،‬وإنما غلبت عليهم البداوة‪،‬‬
‫واألمية‪ ،‬وإذا تشوقوا إلى معرفة ش يء مم ا تش وق إلي ه النف وس البش رية في أس باب‬
‫المكون ات‪ ،‬وب دء الخليق ة وأس رار الوج ود؛ فإنم ا يس ألون عن ه أه ل الكت اب قبلهم‪،‬‬
‫ويستفيدون منهم‪ ،‬وهم أهل التوراة من اليه ود‪ ،‬ومن تب ع دينهم من النص ارى‪ ،‬وأه ل‬
‫الكتاب الذين بين العرب يومئذ بادية مثلهم وال يعرفون من ذل ك إال م ا تعرف ه العام ة‬
‫من أهل الكتاب‪ ،‬ومعظمهم من حمير‪ ،‬الذين أخذوا ب دين اليهودي ة‪ ،‬فلم ا أس لموا بق وا‬
‫علي ما كان عندهم مما ال تعلق له باألحكام الشرعية ال تي يحت اطون له ا مث ل أخب ار‬
‫بدء الخليق ة وم ا يرج ع إلى الح دثان ‪ ،29‬والمالحم‪ ،‬وأمث ال ذل ك‪ ،‬وه ؤالء مث ل‪ :‬كعب‬
‫األحب ار‪ ،‬ووهب بن منب ه‪ ،‬وعب د هللا بن س الم‪ ،‬وأمث الهم‪ ،‬ف امتألت التفاس ير من‬
‫المنقوالت عنهم‪ ،‬وفي أمثال هذه األغراض أخبار موقوف ة عليهم وليس ت مم ا يرج ع‬
‫إلى األحكام‪ ،‬فتتحرى فيها الصحة التي يجب بها العمل ويتس اهل المفس رون في مث ل‬
‫ذلك‪ ،‬ومألوا كتب التفسير بهذه المنقوالت‪ ،‬وأصلها ‪-‬كما قلنا‪ -‬عن أهل الت وراة ال ذين‬
‫يسكنون البادية‪ ،‬وال تحقيق عندهم بمعرفة ما ينقلون ه من ذل ك‪ ،‬إال أنهم ب ُع د ص يتهم‪،‬‬
‫وعظمت أقدارهم لما ك انوا علي ه من المقام ات في ال دين والمل ة‪ ،‬فتلقيت ب القبول من‬
‫يومئذ"‪.30‬‬
‫وفي كتب التفسير من هذه اإلسرائيليات طامات وظلمات‪ ،‬والكثير منه ا لم ينبِّه ن اقلوه‬
‫على أصله‪ ،‬ولم يوقف على قائله‪ ،‬فكانت مثارا للشك‪ ،‬والطعن‪ ،‬والتقول على اإلس الم‬
‫ونبيه صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ -6‬نقل كثير من األقوال‪ ،‬واآلراء المنسوبة إلى الصحابة والتابعين من غ&&ير إس&&ناد‪،‬‬
‫تح&&ر عن رواتها‪ ،‬فمن ثم التبس الص حيح بالض عيف‪ ،‬والح ق بالباط ل‪،‬‬
‫ٍّ‬ ‫ومن غ&&ير‬
‫وصار كل من يقع على رأي يعتمده ويورده‪ ،‬ثم يجيء من بعدهم فينقله؛ على اعتب ار‬
‫أن له أصال‪ ،‬وتحسينا للظن بقائل ه‪ ،‬وال يكل ف نفس ه مؤن ة البحث عن منش أ الرواي ة‪،‬‬
‫وعمن رويت‪ ،‬ومن رواها عنه‬

‫‪ 29‬حدثان الدهر‪ :‬أحداثه المشهورة‪.‬‬


‫‪ 30‬مقدمة ابن خلدون‪ :‬بحث التفسير ص ‪ 368‬ط األزهرية‪.‬‬
‫المراجع‬

‫القران الكريم‬ ‫‪‬‬


‫علوم القرآن الكريم‪ ،‬تأليف‪ :‬الدكتور يوسف المرعشلي‪ ،‬الناشر‪ :‬دار‬ ‫‪‬‬
‫المعرفة‪ ،‬الطبعة الثانية‪2017 :‬م‬
‫التفسير والمفسرون‪ ،‬الدكتور محمد حسين الذهبي‬ ‫‪‬‬
‫موقع ملتقى أهل التفسير‪ /‬الملتقى العلمي للتفسير وعلوم القرآن‬ ‫‪‬‬
‫الدر المنثور في التفسير بالمأثور – االمام السيوطي‬ ‫‪‬‬
‫مناهج المفسرين – الدكتور محمود النقراشي‬ ‫‪‬‬
‫د‪ .‬شريف راشد الصدفي (أغسطس ‪ .)2016‬مفهوم النص عند عمر بن الخطاب‪ :‬أحكام‪ :‬الفتح – الغنيمة ‪-‬‬ ‫‪‬‬
‫الفيء‪( ‬الطبعة األولى)‬

‫التبصير في الدين‬ ‫‪‬‬


‫مقدمة في أصول التفسير‬ ‫‪‬‬
‫مقدمة ابن خلدون‪ :‬بحث التفسير‬ ‫‪‬‬
‫‪‬‬

You might also like