Professional Documents
Culture Documents
السلوك الإجتماعي للفرد
السلوك الإجتماعي للفرد
السوك االجتاعي
د.مأمون طربيه
2012
ISBN 978-614-402-473-7
فهرس الموضوعات
مدخل •
.............................................................................
• 7..............تعريفات في السلوك االجتاعي
• 11................................................المحور األول :
:الفرد والسلوك القيادي
1 القيادة. تعريف
....................................................................
القيادة .انواع 2 26..........
....................................................................
القيادة .مقومات 3 32..............
....................................................................
القيادة .مستويات 4 37.........
....................................................................
38.......
5
)المحور الرابع :الفرد والسلوك التمثيلي ( السيكودراما •
نشأت بوادر دراسة سلوك الفرد االجتاعي منذ ايام المفكرين االوائل مع
كتابات فالسفة العهد ُدرس من الناحية االغريقي ،عندما كانوا يعللون االحداث
االجتاعية بأبعاد أنسانية ،وهكذا م ي النفس اجتاعية بأعتبارأن الفلسفة ام
العلوم ،فا يقال في مجاله هو «فلسفة» وأي ظاهرة أنسانية أو أجتاعية كانت
تعالج بالتحليل الفلسفي ،ولعل نظرة على كتابات أفالطون وأرسطو والفاراي
وأبن سينا ،نجد ضمن كتاباتهم الفلسفية مواضيع شتى عن النفس االنسانية ،الى
ان أنبثق علم خاص بها هو علم النفس العام منذ منتصف القرن الماضي مع
بعض مفكريه أمثال ديكارت /جون لوك /هارتلي /هيوم /جون ستيور ّ ات
مل ،الذين تطرقوا الى مسائل تتعلق بالفرد ككيان قائم ،وأذاك بدأت تتحدد
موضوعات علم النفس بأفكار عن :الدوافع /التنبيه الحسي /الرغبة/
التفضيالت /االنفعاالت /الحاجات /القدرات العقلية /التعلم /الذكاء /الشخصية..
..وغرها من الموضوعات التي ال زالت محور أهتام علم النفسس العام اليوم
مع بداية الثالثنيات منذ القرن الماضي ،وشأن كل العلوم بدأ التخصص
والتفرع في مجاالت النفس فأصبح هناك علم النفس العيادي /علم نفس النمو/
علم نفس الطفل /علم النفس المرضي /علم النفس الصناعي ..وصوال الى علم
النفس االجتاعي .الذي يهتم نظريا وتطبيقيا بالسلوك االجتاعي للفرد
ماذا يعني علم النفس االجتاعي؟*
نســب الى أبويــن :فعلــم النفــس يعتــبره أحــد فروعــه ،لعلــه االختصــاص الوحيــد الــذي ُ
ي
،كونــه يتنــاول تأثــر االنســان بالمحيــط الــذي يعيــش فيــه وباالفــراد الــذي يحيطــون بــه
7
وعلم االجتاع يراه سليل أسرته ،بأعتبار أن موضوعاته تهتم بتأثر البيئة على
االنسان في أطاره االجتاعي ،كجزء من جاعة وليس كفرد منعزل ..في خضم
هذا التنازع الفكري حول أصل هذا العلم ،شق علم النفس االجتاعي طريقه
حتى أصبح عال قاما بذاته على يد مجموعة من المفكرين أمثال كاتز وبارون
وكرتش وكرتشفيلد والبورت وشريف الذين قدموا أسهامات جلى في مضاره ،
:وقد أعتبر هؤالء ان علم النفس االجتاعي هو
ذلك الميدان الذي يدرس الكائنات من حيث انها تؤثر وتتأثر باآلخرين من « -
اقرانها( ».
)كاتز
يدرس الطريقة التي يتحدد من خاللها سلوك وتفكر الفرد بسلوك أو« -
خصائص االخرين ،حيث يتواصلون ويتفاعلون حتى يقولون :سلوكنا /تفكرنا/
)مشاعرنا...التي تبدو أنها متأثرة بقوة في أفعال االخرين» ( .بارون
يهتم بكل جانب من جوانب السلوك االجتاعي للفرد ...فالسلوك المتفاعل« -
يعكس التأثر المتكامل لحاجات وأهداف الفرد على أفكاره وأنفعاالته
)وأدراكاته ( »..كرتش وكرتشفيلد
هو دراسة االفراد في صلتهم االجتاعية المتبادلة وما تحدثه هذه الصالت « -
من عادات وتأثرات سواء بن فرد وفرد /او سواء بن فرد وجاعة /او سواء
)بن جاعة وجاعة اخرى» ( يونغ
انه العلم الذي يحاول ان يفهم ويوضح كيف ان مشاعر وتفكر وسلوك « -
االفراد يكون متاثرا بالوجود الواقعي او المتخيل لوجود اآلخرين « (
)البورت
مــن مجمــل هــذا التعريفــات وغرهــا نالحــظ ان علــم النفــس االجتاعــي
ي
ه
تـ
ـ
م
ب
د
ر
ا
س
ــ
ة
س
ــ
ل
و
ك
ا
ل
ف
ــ
ر
د
و
خ
ب
ر
تـ
ـ
ه
و
ا
ل
م
ج
ــ
ا
ل
ا
لـ
ـ
ذ
ي
ي
تـ
ـ
م
ف
يـ
ـ
ه
ه
ــ
ذ
ا
ا
ل
س
ــ
ل
و
ك
(
ا
ل
ب
ي
ئـ
ـ
ة
)
و
ص
ــ
و
ل
ا
ن
ح
ــ
و
م
ــ
ا
8
يتصل بهذا السلوك من عمليات سواء كانت نفسية ( كاالدراك /واالتجاهات /
الميول /الذكاء) او أجتاعية ( الثقافة /الجاعة /االتصال وتغر الرأي /القيادة /
التتنشئة) او أعالمية ( الرأي العام /الدعاية /الشائعة /الجمهرة) من هنا يعتبر
هذا العلم من أكر العلوم المعرفية غنى لما يتضمن من ّ تنوع لمجاالت
النزعة نحو السلطة :هل صحيح أن االنسان مفطور على حب السطوة -
والنفوذ والغلبة في قيادة الناس؟ كيف تتغلب مشاعر التأثر لدى أفراد محددين
على أفراد آخرين؟ إم يعود ظروف الحكم ؟ هل ينبغي توفر مقومات لمن يريد
ان يسود؟
9
التنشئة في ظل االعالم :هل صحيح ان االنسان هو نفس أعالمية يعيش -
بالخبر ويحيا بالصورة؟ كيف يكون جزءا من رأي عام ؟ كيف يتأثر به؟ ما
موقفه ازاء الشائعة او الدعاية؟
جاعات وأبتعادها عن
المسافات االجتاعية -
كيف مكن ان نفسر تقارب أناس من ّ :
جاعات أخرى؟ هل يشيع فعال بن الناس ما يسمى بغريزة المحاكاة؟
هل هناك نزعة فطرية تدفعني ان أقترب من شخص دون آخر؟ ما
السر في رغبة االقتراب والتجنب؟ كيف مكن تبينها باألختبار؟
إجتاعيا
ّ فا ،او مر بظروف -التفريغ االنفعالي :اذا كان االنسان يعيش واقعا
غر متكي قاهرة ؟ كيف مكن مساعدته على التخلص منها؟ هل مة تقنيات ينبغي
إستخدامها ُّ للتفريغ واإلسقاط؟ أي دور يلعبه اإلسقاط؟ واي دور يتطلب من
؟
االنسان المقهور بذاته اً ّحتى يخرج ما به؟ كيف السبيل الى ذلك سيكولوجي
10
مقدمة في السلوك االجتاعي
عملية التكيف هذه تطبيع االنسان وفق هذه المقاييس ،وتبعا لذلك أصبح ّا او
غر إجتاعي مقدار قربه او بعده عن ذلك المقياس ،مثال :الرجل الذي كل
سلوك يعتبر إجتاعي
.ال يرتشي لديه سلوك شريف تجاه االمانة
عر
فت معاجم علم النفس السلوك على أنه « :مجمل االستجابة الكلية على الصعيدين وقد ّ
الحري والغددي ،التي تصدر عن كائن عضوي ازاء اي وضع او موقف
يواجه هذا الكائن ويدعوه الى القيام برد فعل» (( 1اما عن السلوك الجتاعي
بحد ذاته فهو “السلوك الذي يسلكه المرء بالنسبة( (behavior social
للمتطلبات والمستلزمات االجتاعية وحيال الجاعة التي ينتمي اليها او ازاء
االفراد اآلخرين ( 2( ”.وفق نظام اجتاعي وطابع توافقي للعالقات االجتاعي.
ويلعب في تحديد السلوك االجتاعة جملة عوامل مؤثرة منها ما نفسي ومنها ما
:هو اجتاعي
12
الصورة الفضائية إلى تغير سلوكاته الجنسية؟ وجدت الباحثة (3
(أن % 95من العينة أكدوا أن المعلومات الجنسية تنقل عن
طريق وسائل اإلعالم وأن % 89من العينة ذكروا أن التلفزيون
هو الوسيلة األكر استعاال للحصول على المعلومات ِّ الجنسية ،
ذلك أنه مكن األفراد من الحصول على المعلومات بالصور
وبطريقة مفصلة وذلك بنسبة % 33وأن هناك مجموعة مارس
الجنس نتيجة تأثرها بالصور الجنسية المعروضة في الفضائيات
سواء بطريقة مباشرة أو غر مباشرة ،أي عن طريق التفكر في
المارسة أو تحقيق المارسة بعينها ومجموعة أخرى ال مارس
ا
ّإلعتقادها أن المارسة الجنسية يجب أن الجنس وترفض المارسة
أ) االسرة :وفيهـــا تتشـــكل الخطـــوط العريضـــة للشـــخصية االنســـانية حيـــث تضـــع
13
قواعــد التفكــر والمعايــر والقيــم وتأخــذ في تعليــم افرادهــا كيــف
ينبغــي احــترام مـــاذج الســـلوك .وتزويدهـــم بوســـائل التكيـــف
مـــع المحيـــط لهـــذا ليـــس غبثـــا ان يركــز التربويــون عــلى
الــدور اسلوبالتنشــئة الــذي تضطلــع بــه االسرة تجــاه افرادهــا في
مراحــل عمرهــم االولى والالحقــة وذلــك بالســؤال عــن اســاليب
التنشــئة المتبعــة؟ كيـف تتسـم العالقـات القامـة بينهـا وبـن االبنـاء؟
في ظـل اي منـاخ اسري يترعـرع االوالد؟ مـــا هـــي طـــرق
التربيـــة المعتمـــدة :ابالتســـلط وفـــرض الـــرأي ام بالحايـــة
الزائـــدة ،أباألهـــال ام بالتدليـــل ،أبالقســـوة والتشـــدد أم بالتذبـــذب
والتســـاهل؟ اذ النظــر في هــذه المســائل يكشــف عــن النمــط
التربــوي الذيــن ينشــأ عليــه االبنــاء ويصــور الســلوك االجتاعــي
:الــذي مكــن ان يكــون عليــه افــراد االسرة فيــا بعــد
14
:بأبنته فأنها ُتوصف وفق السياق الذي تتخذه
أذا منح االب أبنته االهتام وفتح معها جسرا من الحوار الصريح من شأن -
ذلك أن يجعلها ذات ثقة بذاتها وصاحبة أتخاذ قرار وعلى العكس من ذلك أذا
.كانت عالقة االب بأبنته متوترة فأن عالقتها بزوجها قد تتوتر في المستقبل
وعندما يدلل أب أبنته بشكل مبالغ فيه فأنها تعتقد أن هذا هو النمط المناسب -
في التعامل معها والذي يجب ان يكون أن عليه االخرون عند التعامل معها.
-وهناك أب ينأى بنفسه عن أبنته معتقدا أنه يتبع أسلوب تربوي سليم ،أال أن
ُشعر االبنة بأنها غر ذي قيمة لديه وبالتالي تتعزز مثل هذا االبتعاد من االب ي
لديها فكرة أنها غر مرغوبة من اآلخر ،خاصة الشباب الذين قد
يتقدم
ون
اليها
للزوا
.ج
أما االب الذي تتعدد عالقاته النسائية وتعلم عنها أبنته فهو مثل بالنسبة لها -
كارثة نفسية الن ذلك يجعلها تشكك في كل من حولها وال تقوى على أقامة
.عالقة متوازنة مع أي شخص يتقدم للزواج منها
وفي حالة البنت التي تترى بعيداً عن األسرة وتحديداً األب فأنها تحاول أن -
تقوي ّ نفسها بنفسها وتبني شخصيتها بطرق مختلفة لتعوض ذاتها عن األمان
( – الدعم ُ -الذي حرمت منه (4
15
يعنـــي أن ســـلوك الفـــرد اإلجتاعـــي مرهـــون بنوعيـــة
االصدقـــاء واالصحـــاب الـــذي يرافقهـــم ،مـــدى الوقـــت الـــذي
يقضيـــه معهـــم وطبيعـــة االعـــال التـــي يجتمعـــون ألجلهـــا
(لهـــو وتســـلية /دراســـة /تحقيـــق هوايـــة مفيـــدة ).. /وقـــد
بينـــت بعـــض
الدراســات ان مــزاج االطفــال مثــال واحكامهــم التقديريــة يتفــق
مــا نســبته % 45مــع والديهــم و % 35مــع اصدقائهــم وبنســبة
% 5مــع معلميهــم وهــذا يشــر الى اهميــة دور الصحبــة التــي
تلعبــه في تقريــر ســلوك الرفــاق .كذلــك بينــت دراســة ميدانيــة
عــن الشــباب ان % 29منهــم يــرون ان معيــاري القرابــة
والجــوار الســكني يشــكالن االطــار االفضــل الختيــار االصدقــاء
والرفــاق وان مــدى االختــالط والمعــاشرة في هذيـــن الوســـطن
قويـــة جـــدا اذا مـــا قيســـت مثيالتهـــا في المدرســـة والجامعـــة
ومـــكان العمـــل مـــا يســـاعد عـــلى امكانيـــة التأثـــر المتبـــادل
(بـــن جاعـــة الرفقـــة الشـــبابية بســـهولة أكـــبر (5
16
االسباب الدافعة ،حيث اشارت حوالي نصف العينة الى ان الظروف
االقتصادية الصعبة من ّ فقر وعوز وحاجة الى المال هي ما يدفعهن
غالبا الى استخدام البغاء كوسيلة للعيش(*) ،حيث تبن لدى من
د) وسائل االعالم :ال يختلف اثنان على ما لالعالم من تأثر على مسار حياة
الناس ليس فقط على تفكرهم ومعارفهم وإما على مسار تصرفاتهم اليومية،
فاإلعالم المكتوب عبر الصحافة المكتوبة والمواقع االلكترونية
والمنشورات تساهم في إيجاد «إتجاه» ذهني خاص لدى المستهلك
االعالمي .حتى تصبح لديه مثابة المعتقد الذي يحرك سلوكه االجتاعي
وتطبعه بخصائص فكرية وانفعالية مميزة .إالّ ّ أن التأثر األبرز فهو لألعالم
المري من تلفزة وسينا ومسرح وأنترنت وأقراص مدمجة حيث بات لها
الدور المؤثر في إيجاد ماذج سلوكية معينة يحتذيهاالشباب لجهة الكثر من
طرق التفكر واللباس والطعام والتعبر عن الرأي ،هذا فضال عن تعزيزها
لما يسمى بالسلوك غر الطبيعي الذي يعني سلوك االجرام واالغتصاب
والقتل واالعتداء على نحو ما ترد في افالم العنف .ونشر في هذا االطار
الى ظاهرة انتشرت مؤخراً في بروت نتيجة الصرعات المستوردة عبر
بعض وسائل االعالم ،إذ أصبح مألوفا رؤية الشباب بأشكال غريبة،
فتسريحات الشعر مستوحاة من أشكال
17
الديناصورات والمخلوقات الفضائية الخرافية وااللبسة الداخلية ال بد
من ابرازها ،وهناك الذين يخفون وجههم بشعرهم االسود المسدول
على العن وتلك اللواي يرتدن مالبس ضيقة جدا عليها رسوم
وخربشات لنجوم الهارد روك ميزهن خصالت شعر وردية أو
مصبوغة بلون نبيذي فاقع مع ارتداء لسالسل معدنية كثرة في الرقبة
والعن واالنف واماكن متعددة من الجسم يعرفون بجاعة ال :أآلموز
ومن تأثرات االعالم على طالبات جامعيات لجهة((s’EMO ..
الملبس ما يعرف بصرعة الـ“ :غوثيك” ( ،نسبة لمجتمع الغوث الذي
عرفته اوروبا ايام االمبرطوارية الرومانية وهم فالحون اميون بسطاء
لهم اسلوب هادئ بالتعاطي مع الناس) ما ميز فتيات هذه الصرعة
ارتدائهن لفساتن سوداء مخرمة وجزمة الجندي العسكرية واستاعهم
.الدائم لموسيقى الهارد روك
:انواع السلوك *
:مكن التمييز بن انواع عدة من السلوك ،نعرض لبعضها
السلوك المتعالي :يتمثل في النظر الى المجتمع نظرة فوقية ،متصورا( 1
صاحب هذا السلوك نفسه على انه فوق طينة البشر وباقي افراد المجتمع هم
على شئ من الدونية او البدائية وكثر ما يعود هذا السلوك الى اسس نفسية
مبعثها االعتداد او الثقة المفرطة في النفس .نقيض هذا السلوك هو
«التواضع» التي يتمثلّه االشخاص المشبعن بقيم دينية وفكرية سامية
الســـلوك الجاهـــل :يظهـــر عنـــد أؤلئـــك االفـــراد الذيـــن يقدمـــون( 2
ألول مـــرة الى محيـــط غريـــب عليهـــم ،حيـــث يجهلـــون العـــادات
والتقاليـــد والقيـــم فيقعـــون في حاقـــات كثـــرة عـــن غـــر قصـــد (
كحـــال الريفـــي او ســـاكن الباديـــة حـــن
18
يــزور المدينــة ألول مــرة) ذلــك الن صاحــب هــذا الســلوك
يتــصرف وفــق معايــر ســبق ان مارســها وطبقهــا في مجتمعــه
واذا مــا حــاول ن مارســها في المجتمــع يبــدو ســلوكه مســتغربا
قــد يبعــث عــلى الضحــك او االســتهزاء لهــذا يــتردد بعضهــم
.عــن فعــل شــئ اذا كان في مجتمــع غريــب عنــه
السلوك الناقم :ويظهر على بعض المنهزمن من معركة المجتمع نتيجة( 3
تتالي الفشل المتكرر واإلحباط واليأس ،يضاف إليهم «المعقدون نفسيا»
الذين فشلوا في التوافق مع المجتمع فيسلكون سلوكا ساخطا على كل
القوانن الوضعية ،اصحاب السلوك الناقم نزعوا ثقتهم من كل المحيطن بهم
.وقد ال يعلنون عن ذلك ولكنهم يتصرفون على اساس انتقامي
يضربون بعرض الحائط كل االعتبارات والقيم والمعاير لهذا يبدو سلوكهم
ناقا( 4 .السلوك المتوازن :حيث ال تعال وال جهل وال نقمة بل يتصرف
المرء على اساس موضوعي ّ ،يقدر ثقافة المجتمع الذي يعيش فيه ويتفاعل
معه ..هذا ال يعني انه ال يواجه صعوبات ومشاكل واما يعمل بكل هدوء
وإتزان على وأستيعابها وتداركها ضمن قدراته دون أي سلوك انتقامي.
ميزة صاحب هذا السلوك انه منسجم مع ذاته ويعمل دوما على تحسن
ضغوط البيئة التي يعيش فيها ،ويتمتع بقوة شخصية خالية من العيوب
واالمراض النفسية ويحسن طرق التواصل والتعبر مع االخرين بعيدا عن
»الثورة والعنف.لهذا يعرف بصاحب السلوك « المتكيف
هل يوجد سلوك سوي مئة بالئة من الوجهة االجتاعية؟ الى اي مدى مكن*
أعتبار السلوك غر الشريف أنحراف عن
المعيار وبحاجة الى عملية ضبط؟
مــن مــاذج الســلوك غــر الشريــف تذكــر المهــن التــي تــدور حــول
ا
ل
ر
ب
ـ
ـ
ح
ا
ل
س
ر
ي
ـ
ـ
ع
ب
ا
ل
و
س
ـ
ـ
ا
ئ
ل
ا
ل
س
ـ
ـ
ه
ل
ة
ب
ـ
ـ
د
و
ن
خ
ـ
ـ
ر
ق
ل
ل
ق
و
ا
ن
ـ
ـ
ن
ب
ش
ـ
ـ
ك
ل
ص
ر
ي
ـ
ـ
ح
أ
م
ـ
ـ
ا
م
ـ
ـ
ن
خ
ـ
ـ
ل
ا
ل
ا
ل
ت
ح
ا
ي
ـ
ـ
ل
ع
ل
ي
ه
ـ
ـ
ا
،
19
من الناس بشكل أحترافي في أعال سهلة مربحة دون الوقوع في فخ السلوك حيث يعمل نفر ٌ
الجانح وينجحون في قلب المفاهيم التي دفعتهم للقيام بهذه االعال حتى تبدو
وكأنها كانت بحكم الضرورة ،كذلك هناك من يخرج عن ّ ما هو شائع من
قبول طوعي للقواعد لعدم أقتناعه بها ويقدم التبريرات الكافية التي جعلته
يخرج عنها ،فهي بالنسبة له ليست مستنكرة أوممنوعة أومحظورة واال لما
.كانت سائدة في مجتمعات أخرى مختلفة عن بيئتهم ومجتمعهم
تصرفاتهم بديهي وهو أن ّنهم تربيه صالحة ،لكن مة أسباب أخرى خلف
20
بعضهم وهو أن الناس نتاج األمكنة التي يأتون منها ،ونتاج القيم السائدة في
بيئتهم ونتاج المعاملة حيث يعملون ،ذلك أن القيم والمناخ االجتاعي له تأتر
كبر على سلوك االفراد .وعلى ذلك ال يفهم السلوك السوي وال يدرك إال
بالسلوك الشاذ عمالً بقاعدة :بضدها تتميز األشياء ،وهكذا إذ كان السلوك
الشاذ (غر الشريف) هو السلوك الذي يحدث في مجتمع دون اعتبار للنظم
ومراعاة القوانن المعمول بها ويظهر على شكل انتهاك صارخ يجر على
صاحبه آثار سيئة وقد تلحق به إضرارا ال تقدر بثمن ،فأن السلوك السوي
يفهم على انه التصرف النبيل وفق معاير المجتمع وااللتزام االخالقي
مقتضيات اآلداب العامة وانظمة العمل واحترام شرعة القوانن التي تنتهجها
.هيئة أو دولة ما تجاه ابنائها بشكل واع ومدرك ومسؤول
:في الخالصة
يبقى السلوك االجتاعي للفرد غر ثابت علميا وعمليا ،إذ قاّل يوجد سلوك
إجتاعي سليم خال ُرضي جميع االذواق في سلوكياته
من المآخذ حتى ضمن الجاعات المتجانسة نجد من ال
مكن ان ي
ُ
وي من لباقة ومقدرة ،فأرضاء جميع االذواق ونيل ثقة الناس جميعا امر مستحيل وتصرفاته مها أ
ولعل السبب في ذلك يعود الى تبدالت الحال من الفرد نفسه ومن الوسط الذي
يعيش فيه ،فكل منها يتحرك والسلوك االجتاعي يفترض ان يكون متحركا..
ما يعني ان السلوك مرهون بحركة المجتمع االفقية والعامودية ،اي ما كان
مقبوالً كسلوك منذ سنوات قد يبدو مستهجنا اليوم وما يؤخذ به من تصرفات
في مجتمع ( الريف) قد ال يكون له االهمية واالعتبار ذاته في مجتمع آخر
(المدينة) لهذا يرى بعض عالء النفس االجتاعي بأنه ال مكن تحديد قواعد
.للسلوك اال بطريقة افتراضية او تقريبية
21
وعلى ذلك سوف نقارب مفاهيمنا للسلوك االجتاعي الخاص بالفرد في عدة
مواقع
مر بها
وهي
على
:التوالي
الفرد والسلوك القيادي1 .
الفرد والسلوك الجاهري2 .
الفرد والسلوك التفاعلي3 .
الفرد والسلوك التمثيلي4 .
22
الفرد والسلوك االعالمي5 .
:هوامش المقدمة
23
24
المحور االول
لو سألنا عشرة أشخاص في أن يحددوا لنا مفهوم القيادة فسوف نسمع منهم ّ
تعريفات متنوعة ،وهكذا الحال بالنسبة للباحثن الذين أختلفت تعريفاتهم عن
القيادة بأختالف وجهات النظر ،لكنهم أجمعوا على أعتبار القيادة ُترادف
التأثر ،أي هي القدرة على أن يكون لك اتباع ،اذ في الوقت الذي يصبح لديك
القدرة على أن متثل لك احدهم أو يتبعك في بعض مواقفك فأنك في موقع التاثر
.وبكالم مواز أنت :قائد
25
عندما ال يطور حس المسؤولية لديه او لدى المجموعةiv .
عندما يفشل في تقدير مقام الناس ضمن جاعتهv .
.عندما ال يغر من نهج قيادته بشكل يتالءم مع العصرvi .
26
القدرة على إدارة المناقشات وحل المشكالت وإستيعاب األزمات المشحونة -
باالنفعاالت
.المتوترة
الحكمة في أصدار االوامر وأتخاذ القرارات والمشاركة فيا يعترض الجاعة -
من صعوبات .وباالطار ذاته أشار علم النفس السياسي الى أن القائد غالبا ما
يكون لديه هوس بصحته وإقتناع تام بكاله وتفوقه على اآلخرين بصفاته غر
العادية ،وال يكون ذلك عن طريق أرتباطه باآلخرين او أي أنجاز حقيقي يقوم
به هو نفسه وأما من خالل ما ينعكس على ذاته من تقدير اآلخرين له،
فتتضخم ذاته تضخا نرجسيا ويزداد تعلقه بهذه الصورة حيث أن قيمته وهويته
تقومان عليها ،وأذا تجرأ احد على جرح نرجسيته أو قلل من شأنها او أنتقده
ثارت ثائرته وأصبحت هناك مؤامرة بنظره ( وهذا ما يفسر أحكام االعدام
التي تصدر عن القائد المهووس عندما يعارضه أحد) وتتضح شدة االستجابة
العدوانية في حقيقة ان القائد الرجسي ال يغفر أبدا لمن أساء اليه أو جرح
«كبرياؤه» ويظل يبحث عن االنتقام حتى يشفي غليل نرجسيته
المجروحة...غر ان الرجسية ال تكفي وحدها لتفسر سلوك القادة السياسين،
:فبرأي رواد هذا العلم هناك فئات متعددة من قادة هذا النمط منها
من يختلق االزمات حتى يجاهر خوفه من الموتi .
من يكمن فيه الشك والتوجس واالنعزال االجتاعيii .
من يبحث عن عدو أنفعالي ليصب عليه جام غضبهiii .
من يبالغ في أهتامه بالذات بأتباع مبدأ :أنا أو ال أحدiv .
.من ميل الى التصلب ويتمسك عنيدا بسياسة فاشلةv .
ومــن ناحيــة اخــرى يفضــ ّل كثرمــن الباحثــن تعريــف القائــد بأنــه
ا
ل
ش
ـ
ـ
خ
ص
ا
ل
ـ
ـ
ذ
ي
ي
ب
ـ
ـ
ذ
ل
ت
أ
ث
ـ
ـ
ر
إ
ي
ج
ا
ب
ي
ـ
ـ
ا
أ
ك
ـ
ـ
ب
ر
ع
ـ
ـ
ل
ى
أ
ع
ض
ـ
ـ
ا
ء
ا
ل
ج
ا
ع
ـ
ـ
ة
م
ـ
ـ
ا
ي
ب
ذ
ل
و
ن
ـ
ـ
ه
ن
ح
ـ
ـ
و
ه
،
و
ي
ش
ـ
ـ
ر
م
ص
ط
ل
ـ
ـ
ح
27
ايجاي» الى التأثر المرغوب من القائد ،لهذا تبن لنا ان احراز اي فرد«
لمركز قيادي في الجاعة ليس حدثا راجعا للصدفة بل يعزى للعديد من
المتغرات المتعلقة بشخص القائد وبالموقف وبالجاعة ،كذلك فأن مشاركة
الفرد في الجاعة يعتبر من النتائج التي اكدتها البحوث المختلفة ،فالشخص
الذي تكون مشاركته في الجاعة بصورة عالية من المحتمل ان يصبح قائدها،
ليس كذلك فحسب فقد تبن ايضا -وحسبا اشار الباحث ستوجدل -ان االفراد
الذين ملكون درجة عالية من المعرفة والذكاء والمهارة والثقة بالقدرات الذاتية
يكونوا مؤهلن اكر من غرهم لشغل مركز قائد ،وفي احد الدراسات التي قام
بها كارتر ونكسون حول القيادة ،وجد ان الطالقة اللفظية واالستعداد الكتاي له
عالقة بأحراز القيادة ،وفي هذا السياق ذكر العديد من عالء النفس ـ وبناء على
دراسات تطبيقية ـ الى وجود خصائص اخرى ميز القادة منها السات البدنية /
القدرة على االبتكار االبداع وبعدها في االهمية القدرة على التعبر والطالقة
اللفظية ،وقد اُعتبرت الصفة االخرة هي من اهم الصفات ،يليها الحاسة /الثقة
بالنفس /المشاركة الوجدانية /قوة الذاكرة /وقوة النضج الذهني والضبط
( .االنفعالي2(..
انطالقا من هذه التعريفات والسات الخاصة بالقادة صنف الباحثون اماط
القيادة وانواعها في
تصنيفات عديدة
:ابرزها
فارضا
ّ كزا السلطة في هذا النمط القيادي تخضع مبادرة الجاعة إلرادة فرد
عليها قرارته ومر ُ ّ صدر االوامر ويصر على أطاعتهاُ ،شرك أو يستشر،
يفي يده ،ينفرد بوضع الخطط دون ان ي يعاقب كيفا يريد ويتبعد عن
اعضاء جاعته كثرا فال يرونه اال نادرا ..في بعض االحيان تكون القيادة
الفردية مطلوبة في المواقف الصعبة ،خاصة عندما تستدعي الضرورة
أظهار رقابة
28
في
صبح القائد الفردي مثال اول من يدخل العمل وآخر من يخرج ،يحضر شديدة على التنفيذُ ،
عتقد انه سيزورها ..إن القيادة الفردية في عمقها ال مكن دون دون سابق أنذار الى أماكن ال ُ
ي
أن تعني إال مارسة المركزية على جميع المستويات من قبل فرد معن
وبسبب تلك
المارسة
ُصبح
مصدر كل
شيء ،فهو
الذي يقرر
ما يراه
مناسبا له فيا
يخص
الجاعة الذي
المنحصرة
به ي
يقوم بقيادتها ،سواء كانت دولة أو وزارة أو إدارة أو منظمة رسمية أو غر
رسمية أو حزبا
أو نقابة أو
:جمعية ،أذ
،هو الذي يوظف األجهزة المكونة لذلك اإلطار لتنفيذ القرارات -
،وهو الذي يوجه عمل تلك األجهزة -
.وهو الذي يتفاوض مع المنظات و اإلطارات األخرى -
وهو الذي يزايد بأسم اإلطار الذي يقوده ،أو يقدم تنازالت كا يحصل في -
اإلطارات المختلفة دوال ومنظات وأحزابا
.وجبهات ونقابات
والقيادة الفردية تلغي حرية األفراد والجاعات ألن الحرية كيفا كان نوعها،
ذلك إن الحرية ُتشعر كل فرد بحقوقه االقتصادية واالجتاعية والثقافية
والمدنية والسياسية ،وهي حقوق تجمع بن الخصوصية الفردية والشمولية
االجتاعية .كا تحتم التفكر في وسائل فرض تلك الحقوق واللجوء إلى
توظيف تلك الحقوق يجعل الناس جميعا في تناقض مع القيادة الفردية التي
ليس من مصلحتها ان يتمتع الناس بحقوقهم المختلفة .ولذلك تلجأ هذه
القيادة إلى الدخول في عملية حرمان األفراد وأعضاء التنظيات من الحرية
على اختالف نوعها حتى يسلموا من الضغط الذي يفرض تلبية مطالب
المتضررين من غياب الحرية .كا ان القيادة الفردية ال تسعى في مارستها
اليومية وفي سياستها إلى تحقيق العدالة االقتصادية واالجتاعية والثقافية
والمدنية والسياسية التي
29
تجعل الناس في مستوياتهم المختلفة يتمتعون بحقوقهم المختلفة .ألن تحقيق
العدالة في الواقع ال يعني إال التضحية بالمصلحة الفردية في مقابل سيادة
المصلحة الجاعية ،هو ما ال تقبله القيادة الفردية حتى تستمر في استبدادها
.وبروقراطيتها
30
القيادة الدموقراطية والتسلطية على السلوك ،فأختار لذلك مجموعة من االطفال
تقوم بعدة انشطة فنية ( اشغال يدوية من الفخار أو الورق /رسوم )../تحت
اشراف مدربن في انواع مختلفة من القيادة ..فتبن له فروق واضحة بسلوك
اكر اهتاما بعلمهم /اكر تقربا من القائد وحباًمارسون «الجو الدموقراطي» مع
له ،اقل سيطرة وتسلطا تجاه بعضهم البعض واكر حاسا للبناء واالداء
والمشاركة على عكس الواقع الذي ظهر عندما مورس عليهم قيادة تسلطية
:حيث بدو اكر عدوانية وتنافسا وذلك على النحو التالي
31
قام القائد بنقد االطفال على اساس موضوعي وليس على اساس ذايiv .
.عمل كعضو في المجموعةv .
ورغم ان بعض الباحثن يشددون على معارضة القيادة الدموقراطية وينجذبون
اكر نحو القيادة الفردية ،وخاصة في الظروف االجتاعية القاسية او في حاالت
حد فيه الجاعة للسر نحو الخالص
القلق السياسي حيث الحاجة تكون ّ
المشرف..آلزال البحث مفتوحا حول
ّ ضرورية «لزعيم قوي» يتو
أي القيادتن يجب ان يكون؟ لقياس تقدير القادة قام الباحث فيدلر بوضع مقياسا ّ
يبدأ من أشد السات المتعلقة بتوجيه االشخاص من القيادة الدموقراطية (
كالتسامح /التقبل /االنفتاح) الى أشد الخصائص المتعلقة بتنظيم العمل
والواجب في القيادة التسلطية ( التحكم /االنضباط /.التوجيه) وبأيجاد معامل
االرتباط بن درجات القادة على هذا المقياس وبن درجة فاعلية الجاعة م يجد
فيدلر عالقة تتفق مع التوقع ونوع القيادة ،النه بالنسبة لبعض المواقف كانت
القيادة الدموقراطية مناسبة وذات فعالية ومؤثرة وفي مواقف اخرى كانت
القيادة االتوقراطية أكر فاعلية وتأثر في أداء الجاعة .فالمارسة المفترضة
مرهونة اذن بخصائص الجاعة لجهة مدى قيامها بالواجب /مط العالقة القامة
..بن االعضاء وغرها
32
هـدف معـن بشـكل منظـم ( رسـمي) مثلـا يحدث في حـاالت أختيار
رؤسـاء عمـل او أنتخاب رؤسـاء جمهوريـة في االنظمـة البرلمانيـة.
حيـث يتـم اختيارهـم عـلى اسـس دمواقراطيـة ،مـا يجعــل هــذا القائــد –
المنتخــب يــأي ليكــرس ويحافــظ عــلى توجهــات الجاعة...ويالحــظ
كيــف يظهــر عامــل المحافظــة عــلى الوجــود الجاعــي عندمــا يتهــدد
،وجودهــا خطــر مــا
فـترض مـن حيـث تصبـح المحافظـة عـلى هـذا الوجـود فـوق ُ
كل
االعتبـارات بشـكل رسـمي ي الجميـع مـا فيهـم القائـد:
.االحـترام /الصـدق المتبـادل /المبـأداة والتوجيـة
القيادة غر الرسمية :ال تنشأ هذه القيادة باالنتخاب او التعين بل من خالل -2
التفاف اعضاء الجاعة حول شخص تحبه فيتوحدون حوله ،وقد قدم وليم
وايت عصابات الشوارع موذجا عن هذا النوع من القيادة ،واظهر كيف ان
قائد الشلة /العصابة يوجه انشطة الجاعة ،مدها بحاجتها المادية /يعمل كخبر/
يحاول ضبط الصراعات الطارئة بن اعضاء الشلة..مستنتجا هذا الباحث بأن
القيادة ليست طريقة بأتجاه واحد بل هناك تأثر متبادل بن القادة واالعضاء
وان من يريد ان يصبح قائدا يجب ان يكون على عالقة شخصية مع الجميع،
مطلعا على سر العمل منذ البداية ،مدركا لخصائص االفراد الذين مثلهم
.واهتاماتهم واحتياجاتهم
القيادة الفوضوية :كثر من القادة الذين فُرضوا فرضا على جاعاتهم ،او -3
اتوا مؤقتا نتيجة ظروف طارئة جعلتهم « قادة مرحلة» قد ال يكونوا حاسمن
في أتخاذ القرارات او يتساهلون الى درجة عدم االنضباط او ال يقدرون
المسؤولية التي أوكلت اليهم جيدا ،فيصبحوا آلمبالن /متشاوفن /بل تغدو
.قيادتهم على شئ من الفوضى
33
القيادة العظيمة :اشار اليها الباحث االجتاعي باريتو في نظريته عن -4
«النخبة» معتبرا ان النخبة هم االفراد الذين يتميزون عن غرهم من أفراد
ما هو الفارق بن القيادة الفوضوية والقيادة العظيمة؟ مكن تبن ذلك من*
وقائع عمل كل ّون :قيادة
واتجاهاتها فالقادة الفوضوي
ليس لديهم القدرة على تنظيم التفاصيل اي ينشغل قائدها عن فعل اي شئ -
مطلوب منه ،وعندما يعترف بأنه منصرف عن توجيه االنتباه الي حالة
.طارئة يكون في الحقيقة قد اعترف بعدم فعاليته
غر مستعدين لتقديم الخدمات حيث يعتقدون بأن دورهم لالشراف والسيادة -
وان االمور المطلوبة ُ
ت ّؤدى من
.قبل االخرين
لديهم توجس من منافسة االتباع لهم ،اي يخاف القائد الفاشل ان يستولى احد ّ -
اتباعه على قيادته بدال ان يدرك وبحنكته كيف يجعل االخرون يؤدون المهات
.ويكافئهم على نجاحهم فيها
أنانيون ،يدعون شرف العمل الذي ينفذه غرهم ،وهذا ما يجعل االخرين ّ -
متعضون
.ويكوهونهم
يتســمون بعــدم الوفــاء ،يعتــبر هــذا المــؤشر مــن اكــر مســببات الفشــل -
في كل مياديــن الحيــاة ولكــن مــع القــادة هــو عــلى راس قامــة االخطــاء
اذا قامــوا بــهّ ،ائـه قـد ال يحافـظ عـلى قيادتـه مـدة طويلـة النـه يجلـب
34
من االتباع وسرعان ما ينقبلون ضده
:في حن ان القادة العظاء هم اؤلئك الذين
ال يعتمدون على ثروة أو جبروت موروث واما على قوة شخصية -
وعبقرية فذة - .ال يعتمدون على جهاز بيوقراطي
.ليساعدهم في الحكم
يسعون نحو أرضاء الناس وكسب ودهم ويلتفتون اليهم في -
المالت - .ال متثلون للضغوط
.ولظروف الخارجية
- يناضلون من اجل ان يتخطى والمألوف ويكدو
ّ ن حتى تحني الظروف ّ
يتخطوا أمامهم - .يؤمنون مبادئ ويسعون الى تحقيقها كا فعل (موسى /بوذا
/).محمد /لينن /هتلر /غاندي /الخميني /وغرهم
يتمتعون بشئ من الكاريزما التي تشر الى قابلية الشخص على االلهام -
بفضل سحر شخصيته ،التي تنعكس بدورها على المحيطن تأثرا وسحرا ،وال
تعني الكارزماتيكية “ آثار الهالة” المخيفة كا هو الحال عند القائد الطاغية
الذي يعتمد في حكمه على القوة والخوف الذي يزرعه في نفوس اتباعه (
القادة الحزبين) بل ان الكارزماتيي يطيعه الناس لما في شخصيته من جاذبية
/وسامة /هالة متواضعة ( االنبياء) ..ولعل سحر الجاذبية عامل مؤثر في
أبقاء القائد قادة عظاء ولو بعد رحيلهم او بالرغم من عدم تواجد الظروف
التي مكن من تسميتهم قادة كارزماتيكين ،فالجرال ديغول مثال متع ببعض
الكاريزما بالنسبة للمعجبن به ،وكذلك تشي غيفارا الثوري الكولومبي الذي
.اظهر مقدرة تأثر استمرت حتى بعد موته
مكــن ارجــاع ســحر القــادة العظــاء الى آثــار الهالــة او مــا يســميه غوســتاف لوبــون
35
بـ «الهيبة الشخصية» والتي هي عبارة عن نوع من الجاذبية التي
مارسها فرد ما على روحنا أو مارسها عقيدة معينة علينا ،وهذه الجاذبية
الساحرة تشل كل ملكاتنا النقدية ومأل روحنا بالهيبة واالحترام ..وأذاك
تغدو الهيبة اساس كل هيمنة فاالنبياء والملوك والنساء ما كان ممكنا ان
.يسيطروا لوالها
تصبح سحر في شخصياته على أؤلئك الذين يحيطون بهم ( رجال الدين
االتقياء /يتمي
).فنانون مشهورون
إال أن بعض الناس ال يرون الهيبة إال في شكلها المصطنع ( المكتسبة)
ألنها أكر انتشاراً تتجلى ّ حينا يتولى احدهم منصبا ،أو حينا يتزي بلقب ما
حتى يصبح مكلال بهالة الهيبة (الضباط العسكريون /القضاة مثاال) لكن
هذا يعفينا من االشارة الى ان الهيبة ال ترتكز بالضرورة على المجد
العسكري او االرهاب الديني واما علىة النفوذ الشخصي ،فقادة البشر
الكبار الذين غروا وجه العام كانوا متلكون نوعا من هذه الهيبة الشخصية
في اعلى درجاتها وعن طريقها استطاعوا ان يفرضوا انفسهم ،بعدما
.كانوا من اصول متواضعة فعملوا عليها حتى اصبح نجاحهم يكلل هيبتهم
هنــاك عوامــل عديــدة مكنهــا ان تلعــب دورا في تشــكيل الهيبــة
الشــخصية والنجــاح يعتــبر دامــا واحــدا مــن هــذه العوامــل.
فاالنســان الــذي ينجــح واإلنجــازات العظيمــة التــي يقدمهــا تفــرض
نفســها لدرجــة ال يســتطيع احــد عــلى معارضتهــا بســبب هــذا
النجــاح بالــذات .وحالمــا ينتهــي النجــاح تنتهــي الهيبــة ،هكــذا حــال
»« الرائــدون
36
حينا يفشلون تختفي هيبتهم والجاهر التي كانت تصفق لهم باالمس
تحتقرهم اليوم لمجرد ان الحظ ادار لهم ظهره .وهذه احدى الخاصيات
االساسية للهيبة وهي انها تفرض نوعا من الدهشة على جاهرها وتنشل
عندها اي قدرة على المحاكمة او التقييم وحينا تذهب تلك الدهشة او
ينطفئ وهج المجد يستقيظ هؤالء وتصبح الهيبة عرضة للنقاش ،وعندما
تصبح الهيبة كذلك ال تعود هيبة ..الجل ذلك م يسمح الذين عرفوا
المحافظة على هيبتهم ابدا مناقشتها ..فلي تلهم الجاهر وتجعلهم يعجبون
بك ينبغي اقامة مسافة بن الهيبة والمناقشة .لهذا يقال " :السياسة لغز
".يقضي الشعب طويال في حله واذا ما وجد الحل فالويل للساسة
37
يعرفــون «لمــاذا» هــم يفعلــون؟ ( 4ألنهــم م يســتطيعوا ان
يجعلــوا االمــور تحــت سـيطرتهم ...اي بقـدر مـا يحسـن المـرء
التـصرف ازاء المشـاكل بوعـي ،بقـدر مـا تكـون لديـه القـدرة عـلى
.حلهـا
وجود الرؤية :قليلون اؤلئك الذين يدركون اهمية هذا العامل ليس عندC .
القادة وحسب وأما في الحياة والعمل والدراسة وغرها من االمور الحياتية
بشكل عام ..فالذين يودون أن يلعبوا دور القائد يجب ان يدركوا مسألتن
هامتن :أن يعرفوا الى أين يذهبون؟ وان يكون لديهم القدرة على توجيه
انصارهم الى حيث يريدون؟ وهذا هو فعل الرؤية ،فهي
المجد المرتقب الذي مكن أن يصل إليه المرء إذا عرف كيف ّ
ينظمه
/
الهدف
/
التطلع
/
يخطط
له
ضبط النفس :ال مكن ضبط اآلخرين أن م يضبط المرء نفسه أوالًD .،
فالعظاء م يصلوا إلى مجدهم إال بعدما أمتازوا بشئ من هذا القبيل
ضبطوا انفسهم عن إغراءات ال تنتهي ..فلكل((CONTROL-SELF ،
من يود الحكم والنجاح في القيادة ان يضع اهوائه ورغباته الخاصة تحت
سيطرته ..إذ عندما يفقد القائد السيطرة على ذاته أمام إغراء ما ،فكيف له أن
( يقود ويدير كم هائل من الناس3(.
:مستويات القيادة4 .
كل شخص مكن أن يكون قائداً ألنه قد يؤثر بشخص آخر مقرب منه ،ولكن...
ليس كل قائد مكن ان يكون قائدا عظيا ومها...واما كل من يرغب أن يكون
.قائدا ملها عليه أن يعي بأن مة مستويات مكن أن تفضي بقيادته نحو االفضل
أ .تقديــر الموقــع :قــد تختــصر القيــادة في الموقــع الــذي يحتلــه شــخصا
مــا
،
بأع
تبــا
ر
أن
الم
واقـ
ـع
والم
را
تــ
ب
هــ
ي
مــ
ن
تعط
ــي
احد
هــم
رت
بــة
ال
ســ
لطة
،
إال
إنــ
ه
الق
يــا
دة
هــ
ي
أكــ
ر
38
بكثر من تولي سلطة ،قد تكون السلطة إحدى مظاهر القيادة ولكن ليست
هي االساس ذلك ان صاحب السلطة قد يحكم بالقوة لدرجة تن ّفر االتباع
منه ،بينا القائد هو من يجعل اآلخرين ينقادون ويتبعونه دون أي تأثر
سلطوي عنيف .وهنا يكمن السؤال في سمة الموقع :أسلطوي أم ّ قيادي؟
يتحدد مستوى ذلك من خالل ما يحدث عندما يغادر أحدهم الموقع ،مع
األول ينفض عنه االتباع سريعا ،بين ْ ا بالنسبة للقيادي الملهم يبقى بالنسبة
.ألتباعه الرمز وإن رحل ..وهذا سر اإللتزام عند اإلتباع تجاه قادتهم
ب .إتاحة الساح ،ثبت أن الناس تعطيك بشكل أفضل عندما ال تجبرها
باإلكراه على فعله ،أي عندما ال تشعر بأنها مجبرة أو ملزمة وهذا ما يعرف
إليه القادة سبيال ،فالناس تجد نفسها تتبع قادة معينين ألنهم هؤالء يعرفون
كيف يسمحون لهم بتقديم ما عندهم ،يتلخص المستوى الثاي من القيادة في
معرفة القادة للقاعدة :ال يهتم الناس ما تعرف إال بعدما يدركون كم انت مهتم
لما تنوي فعله »..هذا يعني أن الحفاظ على القيادة في إحدى مستوياتها يبنى
على الثقة وعلى العالقة المخلصة اكر من تبنى على قانون ونظام »..تستطيع
أن تحب الناس دون تقودهم ولكن ال مكنك بالتأكيد أن تقود الناس دون أن
تحبهم» وتسمح لهم ببناء عالقات ودية معك .ج .فاعلية العالقة ،عند هذا
المستوى يبدأ القادة بقطاف مار عالقاتهم الودودة ،حيث األشياء الجيدة بدأت
في الظهور واألهداف في طريقها الن تتحقق والمشاكل العالقة اصبح ممكن
حلها بأقل جهد ممكن ،في هذا المستوى ادرك القائد توجهاته ووضعها أمام
اتباعه فأدركوها بدورهم ،وحينا تصبح التوجهات ماثلة فأن النتائج الجيدة
متوقعة وممكنة .لهذا يعتبر بعض الباحثن ان النتائج الظاهرة ألي توجه هي
.العامل االساس والمحرك نحو الفاعلية ومزيد من اإلنتاجية
39
د ـ التطور الدائم ،بعض القادة ليسوا عظاء ألنهم ملكون القوة بل ألن لديهم
القدرة على تحريك اآلخر وحثه نحو االفضل ،وهذه رما من اهم مسؤوليات
القادة ان ُتوجد في االخر الرغبة في العمل ،العطاء ،في االقدام ..فاالرتقاء ال
يتم دوما محفز ..والنجاح ال معنى له ان م يكن هناك من يقوم به ..وقد ينتهي
عندما ال يكون هناك من يدفع احدهم ليقوم به على الدوام ..وسمة هذا
المستوى االخالص حيث في المستوى الثاي يتبع الناس القادة النهم يحبونه،
وفي المستوى الثالث يتبعونه النهم معجبون به وهنا في المستوى الرابع
يتبعونه النهم مخلصون وأوفياء ..وال شك ان من ذلك هو مساعدة القادة لهم
على ان ينموا ويتطوروا ،عمالً مقولة :اذا اردت ان يحبك الناس اكر،
(ساعدهم على ان يحبوا انفسهم اكر4( ..
بالرغم من انه ليست هناك قدرات وسات معينة بالقائد حيث ان الئحة
المواصفات المفترضة تطول وتطول نظرا لتنوع القيادة بن انواع واماط
ومستويات ،ونظرا الن شخصيات القادة تختلف باختالف ساتهم النفسية
والذهنية والجسمية واالجتاعية..اال هناك حد ادى من الخصال التي ميز القادة
االكفاء وهي عبارة عن مط من القدرات يجب ان يتوفر في احدهم فيا لو رغب
ان يكون قائدا ماهرا وهي في :كيفية معاملته الناس وحفزهم على العمل
ومدى قدرته على حل ما يعترض جاعته من مشكالت ومتاعب .اال ان
االهتام الدراسي االبرز بتصنيف القادة كان من خالل النظر في منظورات
:ثالث
المنظور االول وينظر الى القائد كفرد ،لناحية شخصيته ككائن بشري له1 .
مجموعة من الحاجات
.يريد اشباعها
المنظــور الثــاي :ينظــر الى القائــد كأنســان لــه تفاعلــه مــع االخريــن وهنــاك2 .
40
توجهات سلوكية داخل الجاعة قد تحركه
المنظور الثالث :يتناول الفرد كعضو في جاعة يواجه بالعديد من3 .
المشكالت الداخلية الخارجية ولديه نسق من
.االدوار لشغل مراكز مختلفة
وقد كرت االبحاث مؤخرا بأستخدامها اختبارات نفسية واجتاعية ألختيار قادة
41
:في الخالصة
اذا كانت بعض االختبارات اختصرت القيادة في سات شخصية للقائد مثل
«التحرر من التعلق بالذات» واجتاعية بأنه « الذي يعرف كيف يشعر مع
االخرين» فأن من السات الشخصية الهامة عند القادة تتجلى في مدى قدرته
على تسهيل العالقات وتحقيق التفاعل المثمر بن افراد جاعته عبر الود
والصداقة وارضاء االتباع وتبديد الصراعات وأزالة التوتر وتقديم المساعدة
الشخصية لمن يحتاجها واظهار الفهم وتحمل وجهات النظر المختلفة ..الن
السلوك القيادي ليس في ان يقبل القائد جاعته بل في ان يحترمهم ويتعاون
.واياهم في ايجاد الكفاية والدافعية للعمل والشعور باآلمان
42
:هوامش الفصل االول*
د.محمود السيد ابو النيل ،علم النفس النفس االجتاعي ،دار النهضة( 1
العربية ،بروت ،د.ت ( 2د.عباس محمود عوض ،في علم النفس االجتاعي ،دار
GOHN MAXWELL, developing theالنهضة العربية ،بروت 1980
leader withn you,homas nelson (3 publishesrs,
Nashville.U.S.A, 1993
GOHN MAXWELL, winning with people, ,homas
nelson publishesrs, (4 Nashville.U.S.A.2004
.د.عباس محمود عوض ،المرجع نفسه( 5
43
44
المحور الثاي
45
العام (كغياب سلعة معينة من السوق = تخرج اآلراء ...توفرت السلعة من
التجار
انتهى
الرأي
العام ّب
نشوئه).ا
لذي
سب
كان ذلك بالموافقة او والقول بأن الرأي العام تعبر صادر عا يرونه الناس ً:
46
ـه اليهـم مـن رسـائل أتصـال ،فيلجـأ القيمـون عـلى تعـرف احكامهـم ّ
حـول مـا يوجـ الدراســات االعالميــة الى أختيــار عينــات ممثلــة
تقــوم عــلى الخصائــص الدموغرافيــة لتصنيـــف الســـكان (
47
متمــردة او خانعــة ،فــأن معنــى هــذا القــول ينعكــس عــلى آراء
ليب تعامـل وطـرق ألبـداء الـرأي ( لهـذا نالحـظ تنوعـا لصـور الـرأي بـن للفـرد اسـا ّ
مجتمـع مسـلم وآخـر كاثوليـي ،او بـن الـروسي الشـيوعي واآلخـر
المولـود في امريـكا
االكـر ميـال نحـو
)الرأسـالية
النظام السياسي :اذا كان نظام الدولة يسمح بتعدد االحزاب ووجود( 2
النقابات وتنظيات شعبية أخرى فأن ذلك يعني «مناخا ليبراليا» مكن
لألفكار واالتجاهات السياسية المتنوعة أن ُتعلن ،بخالف ما يحصل في ظل
االنظمة الديكتاتورية حيث حرمان طبقات كاملة من
التعبر السياسي واالعالمي يحل – حينئذ -محل الرأي العام «السخط العام»
( 3دور االتصال :تلعب وسائل االتصال دورا هاما في ثتقيف الناس حول
قضاياهم وتوعيتهم لحقائق العصر ومع تزايد أنتشار االعالم اليوم بشكل
مكثف أصبح الرأي ناشطا لما تهيأه من سبل تعبر وتقصر للمسافة بن الناس
وقادتهم وسياستهم وتكوين رأي جامع حول القضايا المصرية
ُ نفوذا قبل الناس على أحكامه بأعتباره ( 4أثر الزعامات :الزعيم هو الشخص الذي مارس
وي
مرجعا للعقيدة والسلوك .وجدير بالمالحظة ان القيادات التاريخية ذات
الشعبية كانت تلعب دورا هاما في تعبئة الناس
.وتوجيههم نحو رأي عام معن
االحداث والمشاكل :أي حدث سياسي /تطور اقتصادي /أنقالب عسكري /ظرف أجتاعي ّ
(5
صعب ..يطرأ على حياة الناس سرعان ما يشكل حافزاً لتساؤالت ما
يدفعهم حدوثه نحو تكوين رأي حوله وهذا ما سجله التاريخ مع
حدوت الثورات الكبرى في كل من فرنسا /امريكا /روسيا ..والعام
.العري الحقا ً
48
على ما تقدم ندرك أن جمهور الرأي العام يتكون يتألف من اربع فئات
الذين ال يزيد عددهم عن( (elitesتأخذ شكال هرميا :فهناك اوال الصفوة
نسبة واحد بالمئة من المجموع العام للجمهور ،وهي تتألف من نخبة
المجتمع وكبار المسؤولن وقادة المجموعات الضاغطة وعدد من المفكرين
واالعالمين الذين يؤثرون في القرار السياسي ،ثم هناك المطلعون
وتتراوح بن 10و % 15من مجموع الراي العام(attentives (،
يتميز هؤالء بثقافاتهم العالية ومتابعتهم للشؤون السياسية ويلتفون حول
النخب لتنظيم جاعات او لتقديم المشورة نظرا لخبراتهم العملية او العلمية،
ميزة هذا الرأي ان( (citizenary massوهناك ثالثا الجمهور العام
اعداده اكبر من اآلخر( ،مثل %( 60ال يتابعون الشؤون العامة بأنتظام،
غالبا ما تكون آرائهم غر ثابتة ومعرفتهم بالشؤون السياسية قليلة ،غر ان
قوتهم الهائلة تنبع من اعدادهم الهائلة التي تقرر توجهات الرأي وتستخدم
للضغط الشعبي لهذا يلجأ اليه القادة وجاعات النخبة لتقرير قضية وطنية
حساسة بعد تعبئة هذا الجمهور ازاء تلك القضية بألتأييد او الرفض .ثم
وهؤالء يشكلون حوالي ( (apoliticalهناك اخرا الفئة غر المسيسة
25%من المجموع العام ،ميزتهم انهم هامشيون ،ال يفقهون في السياسة،
(كا ان مشاركتهم في القضايا العامة محدودة1 (.
49
الرأي العام المؤقت :ينشأ عن الرغبة في التغير ،يستمد قوة حيويته منii .
تغرات وضع اكر من أعتاده على القيم المستقرة ،يتمثل في توجهات
.
االحزاب او الجاعات التي تربطها اً ّايديولوجي
الرأي العام اليومي :وهو الرأي الذي يـتأثر مجريات االمورiii .
والحوادث اليومية ،تحركه وسائل
.اإلعالم /الشائعات /مصالح الناس
الرأي العام المستنر :يتكون من غالبية المتعلمن والمثقفن ورجالiv .
االعال ( النخبة) ممن ّون بذوي التعليم يقومون بخلق مناخ لرأي ما في
اذا كان رأي االغلبية مثل – من جهة -ما يزيد عن نصف الجاعة ليس
باالغلبية العددية وأما باالغلبية الفعالة ذات التأثر ،وان أهمية هذا الرأي تبدو
فيا يستقطبه من جاعات تتميز بالوعي الفكري والثقة واالمان وتتسم بالدينامية
والفاعلية .ورأي االقلية يعني من جهة ثانية تجمع لمواقف جمهرة من الناس
مثل شرائح مختلفة ومغايرة إلتجاهات االغلبية ..وبأن قيمة االقلية ليس من
حيث كونها أقلية عددية بل في كونها نوعية ما مكن أن تضم «صفوة معينة
من المفكرين» الذين م يتناغموا مع مواقف االغلبية وتوجهاتها فكان مكانهم
مع األقلية ..إال السؤال األهم وبحديثنا عن أنواع الرأي نتساءل :من قائد
الرأي؟ كيف يتمثل وما هي خاصيته ؟ هل مكن أن يكون الرأي دون قائد له؟
50
من هو قائد الرأي وكيف يتم تحديده؟ *
همومها وطموحاتها ُ ان يكون واعيا لحاجاتها ،فبن الذي مارس التاثر وبن
ان تأثر قادة الرأي مرتبط بالمهارة المعروفة عنه في ميدان معن ،واخصها
متعه موقع وسطي بن المجموعات األولية وبن اإلطار االجتاعي العام الذي
يطغى عليه من كل حدب وصوب ،فهو يتعرف على االحداث التي تهم
المجموعة التي مثل ،يتحكم باالخبار ويجري نوعا من الرقابة ،يعيد نقل ما
يراه مناسبا لمجموعته ،يقلل من أهمية خبر أو يضخمه بحسب الموقف
المنسجم مع جاعته ،كا يلعب دوراً في المحافظة على أمر واقع أو يتم تغيره.
دوره أشبه بحارس البواب أو المصفاة ال مكن أن مر معلومة أو رسالة إال
بعدما تتبدل ميزاتها على
52
.يديه بتبدل الواقع الخاص مجموعته
كيف يقاس الرأي العام ؟ ما هي الخطوات المنهجية لمعرفته؟*
عتمد غالبا تقنيات االستطالع واالستقصاء التي تتمثل في خطوات في قياس عمليات الرأي ُ
ي
عملية مثل :صياغة االسئلة المناسبة /اختيار العينة /أجراء المقابلة /تحليل
المعلومات المستقاة( 1 ...االسئلة :اخذت االتجاهات الجديدة في استطالعات
الرأي العام تركز على أهمية االسئلة التي يجب أن ُتطرح ،فتوصلت الى ثالثة
:أنواع يجب مراعاتها وهي
حيث الحرية الكاملة للمستجوب( : (question end-openاسئلة مفتوحة -
بأن يعبر عن موقفه وأفكاره من خالل طرح الباحث /مدخل سؤاله
االستفساري بـ :ما هو رأيك؟ ماذا تعلق على كذا ..؟
اسئلة االستدراج :وهي مط من االسئلة يبدأ بتوجيه سؤال عام في موضوع -
الرأي العام ّ ويتدرج بعد ذلك في أسئلة تفصيلية خاصة ،كقولنا مثال :هل
تحب مشاهدة االفالم العربية؟ ما هو رأيك في فيلم ...كذا ؟
ب خاللها من المستجوب أن يختار أجابة من بن عدة اجابات.كا في -1اسئلة االستفتاء :يطل
المثال التالي :اي من هذه االسباب بأعتقادك هي السبب الرئيسي أو
يؤدي واألكر احتاال في
نشوء خالفات بن
:الزوجن
عدم خضوع المرأة لزوجها o
عدم التفاهم بن الزوجن o
تدخل االهل في شؤون الزوجن o
عدم مقدرة الزوج على تأمن مستلزمات االسرة o
اختالف اسلوب الوالدين حول معاملة االوالد o
عدم االحترام o
١
53
عدم مالمة المسكن الزوجي o
عدم التوافق الجنسي o
كرة الغياب عن المنزل o
الشك بعالقات اخرى o
العينة :هناك أكر من طريقة ألختيار عينة أستطالعات الرأي وهي طريقة( 2
المساحات ( اي أستجواب أفراد من منطقة /حي محدد) والطريقة المقيدة (اي
تكون مقيدة بخصائص معينة يجب توفرها عند المستجوبن لجهة مستوى
علمي /اقتصادي /مهني )..وطريقة دليل الهاتف (وهي قامة أختيار نسبة
)محددة من الناس عشوائيا وفق متوالية حسابية
أجراء المقابلة :وتتعلق بأهمية كال الطرفن – الباحث والمستجوب -لجهة( 3
مناخ المقابلة ُراعى مستويات في ادبيات وطريقة طرح
االسئلة وأسلوب أستقصاء المعلومات..حيث يجب ان ي
المقابلة :من الذي يقابل وكيف يقابله؟ واين ؟ وعن اية معلومات يسأل؟ وهل
الشخص المختار مكن ان يفي بغرض البحث؟ هنا مة تأثر متبادل من
الخصائص الشخصية التي مكن ان تؤثر على جو المقابلة وعلى درجة
.التفاعل اذا روعيت بشكلها الحيادي
المعالجة االحصائية :يفترض بنتائج اسئلة الرأي العام ان تأي على شكل( 4
نسب مئوية ،وهذا يعني أنه ال بد من التأكد في العدد المستطلع واالرقام
المحصلة ي يصار الى توضيح داللة النسب بشكلها االمثل التي غالبا ما
ُتحصى وفق بيانات محددة (يعتبر العدد مائة - 100 -كقاعدة احصائية) كقولنا
مثال % 55موافقون % 40معارضون و 15محايدون ..وفي تحليل النتائج
يقوم الباحث بأجراء
54
مقارنات مختلفة بن افراد العينة كأن يقارن بن مستويات التعليم ليتعرف على
العالقة بن مستويات التعليم وبن اتجاهات الرأي العام تجاه قضية تتعلق
هذه ُ
سمى المطروحة ففضلوا كتان رأيهم الحقيقي متسترين وراء الحياد وفي ّ
الحالة (التستر) ي اعتبار اصحابها بذوي الرأي الكامن .مثال :في احدى
استطالعات الرأي (( 3حول القيم االجتاعية في عام اليوم :أية مفاهيم؟ (
هناك
مقاربة ميدانية في الوسط اللبناي ) ُق ّدم الى المستجوبن سؤاال مفاده:
بعض االفعال غ
ٌّ رالمرغوبة اجتاعيا ،ولكن البعض يقوم بها ويبرر فعلها،
أي من هذه الصفات تعطيها تبريرا ( تؤيد) او ترفضها اكر من االخرى؟ ثم
عرضت على المستجوبن الئحة من مانية افعال تحصل في اي مجتمع ولكننا
اردنا معرفة وزنها القيمي في المجتمع اللبناي على وجه الخصوص ،لتأي
:النتائج على الشكل التالي
55
الفعل اؤيد ارفض ال رأي
تردد المستجوبون كثرا عند االختيار او حتى عند قراءة هذه الخيارات بأعتبار
اننا مأخوذون بثقافة دينية تحظر مختلف ما ورد ،لكن تصور البعض الواقعي
بأن مثل هذه االمور تحصل وحاصلة في مجتمعنا ارتأى من نسبتهم (28%
(بأن االجهاض قد يكون مبررا اكر من غره لما له من ابعاد صحية قد
تؤثرعلى صحة االم من جهة اومع وجود مشكلة خلقية في الجنن او النه حمل
غر شرعي( سفاح) ،ولكننا ترانا نتساءل هل الجميع يبرر االجهاض بالطريقة
ذاتها ،ألن االجهاض الذي كان يعتبر ولما يزل جرمة يعاقب عليها القانون
ومجها الشرع والدين هل اصبح امرا مقبوال ومبررا من قبل اللبنانين؟
اما عن النسبة التالية فكانت لعدم مساعدة مصاب ( %( 23ذلك ان مساعدة
من هو بحاجة واجب ديني واخالقي وانساي ،خاصة اذا كان مصابا وقليل من
المساعدة قد تنقض حياته ،لكن الذي يجعل الناس تتردد في المساعدة هو تلك
التبعات المترتبة على فعل المساعدة ،فإذا أراد أحدهم ما –مثال -ان ينقل
مصابا بحادث سيارة الى مستشفى ال يتم استقبالها اال بعد اجراءات مسؤولية
تضع الناقل في
56
موضع شبهة ويتم االتصال بالشرطة لالبالغ عن الحالة ويتوقف الشخص لحن
النظر في حالة المصاب .وهذا ما يجعل “ فاعل الخر” يتروى عند عمل شبيه
في المرة التالية ،من هنا اذا كان احد م يساعد مصابا فان التبرير متضمن في
تبعات المسؤولية التي يرغب ان يكون بعيدا عنها .على حن
اشارت فئة ال بأس بها بضرورة المساعدة على رغم كل التبعات
القانونية او الجزائية الالحقة .ومن النسب الالفتة “ تبرير العالقات الجنسية
غر المشروعة سواء قبل الزاوج او في اطار اخر” وترانا نتساءل هل تبرير
البعض لها من قبيل انهم يعيشون كبت جنسي وظروف صعبة والبد من اقامة
عالقات عابرة ضمن حدود الممكن والواعي ( استخدام االوقية /عقود ارتباط
عرفية ).ام الن مجتمعنا اصبح مفتوحا على كثر من المغريات واالباحية
واصبحت النظرة الى الجنس متاحة عبر اكر من وسيلة (مرئية) ما اشبع
فضول الناس وجعل تقييمهم يتسم بشئ من “االقرار بواقع الحال” وكأن االمر
شئ “عادي” ومقبول؟ رغم ان المسألة الجنسية اضحت في الغرب جزءا من
الحريات الشخصية وامرا مقبوال ال زال المجتمع اللبناي ينظر اليها بنوع من
الحذر والرفض فيا لو مت خارج اطرها الشرعية (الزواج تحديدا) فضال عن
العامل الديني الذي يؤطر اي عالقة من هذا القبيل في
اطار الحرام وهذا ما اثر في اتجاهات المستجوبن الذين م يعطوها تبريرات
عاليه .خالصة القول ،نفهم الرأي العام على أنه مثل سلوكا جاعيا ظاهرا او
كامناً ،يكون مثابة رد فعل (أستجابة شرطية) على مثرات محددة ( أحداث/
مشاكل /مواقف )..تتسم بالثبات النسبي وتظل مستثارة لفترة من الزمن اذا
شعر الناس بأن المسألة التي تستفزهم الزالت قامة مع االحداث الجارية .كا
أن الرأي العام غالبا ما يشوبه الغموض والتذبذب خاصة اذا كان متحيزا او
انفعاليا او حينا يؤسس على التضليل وغياب االحقائق وانعدام المناخ
.الدموقراطي
57
:الرأي العام والشائعة2 .
يعرف البورت وبوستان الشائعة على أ ّنها كل « عبارة نوعية مقدمة للتصديق
وتتناقل من شخص الى شخص عادة بالكلمة المنطوقة دون ان يكون هناك
القول نعي ما تتر
ّكز عليه الشائعة اال وهو معاير أكيدة للصدق» من هذا
«غياب المعاير االكيدة للصدق» حيث هي رواية تتناقلها االفواه دون ان
تستند الى مصدر موثوق ،وقد تكون ترويج لخبر مختلق /قضية مختلقة ال
أساس لها من الصحة ،واما مبالغ فيها الى حد بعيد .ظهرت دراسة «علم نفس
الشائعات» ،أثناء الحرب العالمية الثانية ،بعدما الحظ عالما النفس ألبورت
وبوستان أهمية الشائعة والشائعة المضادة ،في التأثر معنويات الناس
وأفكارهم واتجاهاتهم ومشاعرهم وسلوكهم .كا الحظا أن الشائعات تنتشر أكر
في وقت األزمات والظروف الضاغطة أو المثرة للقلق كالحوادث والحروب
والمصائب على مختلف ّة .والحظا أيضا ً أنها تنتشر أكر حن يكون هناك
ً
تعتياة واالجتاعيّة والعائليأنواعها االقتصادي إعالميا ً أو غموضا ً
ّ .
قام ألبورت وبوستان بعمل الكثر من التجارب عام ، 1945ثم كلّال جهودها
” (Rumor of Psychology ،العلمية بوضع كتاب “علم نفس الشائعة
فوضعا في هذا الكتاب معادلة ،مفادها أن انتشار الشائعة يساوى أهمية(
الموضوع المتصل بالشائعة مضروبا ً في مدى الغموض حوله ّ ّ :ة الشائعة =
غموض حول الحدث أو الموضوع أو ) Xموضوع مهم (أو أشخاص مهمون
إمكاني
(األشخاص (4
وينظــر بعــض الباحثــن الى الشــائعة عــلى أنهــا جــزء مــن «الحــرب
النفســية» التــي ُتعتمــد لبــث روايــات غــر متحقــق منهــا تنتــشرفي
المجتمــع بهــدف أثــارة البلبلــة والفــوضى .وأهــم عامــل يســاعد عــلى
أنتشــار االشــاعة هــو الغمــوض وهــذا مــا يشــراليه فســتنجر
58
بـ «مبدأ عدم الوضوح المعرفي» ويعني ان الشائعات ميل الى الظهور في
المواقف التي تكون الجوانب العقلية المتعلقة بها غر منتظمة بأعتبارها تسر
على مط أنتقال متسلسل فمثال ( أ) ينقل كلمة الى ( ب) و( ب) ينقل جملة الى
(ج) و(ج ) ينقل عبارة الى ( د) وهكذا ........في حن ان مط االتصال
الموزون في أي جاعة يتم عبر وحدات تبادل من األخبار والمعلومات وليس
.كا في الشائعة بأتجاه واحد سرعان ما ينقطع في مرحلة آلحقة
ومن الناحية النظرية كان من المتوقع أن تتراجع الشائعات مع هذا االنتشار
الرهيب لوسائل االتصال حيث م يعد هناك شيئا مخفياً ،ولكن الواقع أن
الشائعات تتزايد باستمرار ،بل وتستفيد من وسائل االتصال اإللكترونية نحو
مزيد من االنتشار ..ويبدو ان التزايد واالنتشار عائدان إلى أحد عاملن أو
:لكليها
األول :زيادة ميل الناس إلى تزييف الحقائق أو إخفاء أجزاء منها ما يزيد من
ضبابية وغموض األشياء رغم اإلعالن عنها أو عن جزء منها ،إضافة إلى
ضعف المصداقية في التصريحات واألخبار المعلنة وتناقضها مع الواقع .كا
حدث في احدى الجامعات االمريكية حيث تم عرض صورة على شخص
ابيض لمواطن ابيض يشهر سالحا في وجه مواطن اسود ثم طلب من هذا
الشخص رواية ما رآه على 15شخصا اخر والنتيجة المعلومة بعد ان تناقلها
الـ 15شخص اصبحت ان مواطنا اسود يشهر ّ سالحا في وجه آخر أبيض
59
.شائعات القدرة الخارقة لدى بعض األشخاص3 .
.شائعات يطلقها نجوم الفن لزيادة شهرتهم4 .
شائعات تناول المخدرات على انها منشطه للجسم ومسكنه وتنقذ5 .
من المشاكل النفسيه ومريحه لالعصاب ومهدئه لالنفعاالت وتساعد
.على التفكر ونسيان الهموم
:انواع الشائعات *
الشــائعة المختلقــة :وهــي التــي تنشــأ عــن أحــداث أســطورية أو( 1
شــعوذة أو ســحر بهــدف الرغبــة في أثــارة الخــوف ،ينتــشر هــذا النــوع
عندمــا يضعــف أمــان ُ االنســان ،حيــث يصــاب بالتوتــر والقلــق ويصبــح
رضــة ومســتعد
ّ الن يتوهــم عٌ
60
.أشياء كثرة غر مستندة الى أساس صحيح
:وهي الرواية المحرفة عن واقعة صحيحة ،كأن تذكر مجلة او ( 2الشائعة القامة على التشويه ّ
صحيفة خبر /قضية /فيتم تحريف الوقائع عبر « فبركة »أعالمية
مغايرة ،وكثراً ما نالحظ هذا ُطلق العنان
لالقاويل والمرويات من ّان الحروب العسكرية
والصراعات السياسية حن يالنوع أب
كل فريق عن االخر استناداً على بعض المجريات واالمور التي يقوالنها عن
بعضها البعض( 3 .الشائعة المستندة على وقائع :وهي أخبار تسري بن
الناس بناء على وقائع سبقت وصول ّ الخبر اليقن ،فيحدث أذاك حالة بلبلة (
صحيحة او غر صحيحة )..الى أن يتأكدوا ..ونالحظ
عام
ب ارتفاع ُقال بأن أكل غذاء معن قد يسبمثل هذا النوع غالبا في ّ
الطب والصحة عندما ي السكر في الدم /أو دواء ما له آثار جانبية قد
تؤدي الى الجلطة الدماغية غرها .قد يكون بعضها صحيحا وقد ال يكون
النه غالبا ما يطلقها مهندسو الدعاية بهدف «ضرب» انتاج معن
..وتسويق آخر بديال عنه
الى جانب هذه االنواع هناك من يصنف االشائعة بناء على الموضوع
(شائعات الكراهية /شائعات الخوف /شائعات عنصرية ).. /او بناء على
البعد الزمني الذي تستغرقه ( وقت رواجها /سرعة انتشارها /مدى
اختفائها وثم ظهورها من جديد ..ويدرج في هذا النوع اخبار الفرح /
والسرور /الغضب )..او بناء على الحالة النفسية والعقلية التي تنتشر
لتشبع حاجة ما لدى الناس وقد تكون تنفيسا عن رغبات ،مثل هذا النوع
من الشائعات هو الى حد ما «إخبار لمجرد التوقع» كا انها تفاؤل ساذج
متبوع بالرضا تغبط مطلقها او مستهدفها لبعض االحيان ( من امثاله
/..).شائعات النجاح /االنتصار /الفوز
61
وللداللة على ذلك نعود الى دراسة فستنجر وكارترايت عن أنتشار الشائعة
في وسط طبيعي ،كان مجال التجربة مؤسسة انتاجية شاع فيها التفكك
وعدم االنضباط بن عالها ،فقام عدد من االخصائين النفسانين بتقديم
أقتراحات لتسوية االمور عبر تقسيم العمل على الوحدات وتنظيم
أجتاعات دورية ،وبأطار االقتراحات أيضا تقرر فصل السيدات اللواي كن
يتولن مراكز قيادة وتأسيس أدارة اخرى على يد احدى اآلنسات الشابات،
وهذا ما أوقد نار الكراهية لدى السيدات المُبعدات ( المفصوالت) فأطلقت
رئيسة المركز السابقة شائعة تقول بأن « االنسة التي تتولى االدارة
الجديدة هي من المناهضات لعمل المؤسسة وغر مهتات بها اطالقا» ،ازاء
ذلك أخذ االخصائيون يراقبون غموض المواقف التي حدثت من جراء
أطالق هذه الشائعة معرفة :من هم الذين سمعوا الشائعة؟ من هم الذين
نقلوا الشائعة؟ فأختاروا لذلك عينة من 100فرد موجودا في المؤسسة
ليجدوا ان 62%من العينة سمعوا بالشائعة عن طريق صديقات ( اي
أنتقلت الشائعة عن طريق الصداقة) كذلك وجدوا أن نسبة البأس بها علموا
بالشائعة من باب الفضول ( أي عن طريق االهتام) وأعترف اقل من
نصف االشخاص الذين سمعوا الشائعة بأنهم رددوها اكر من مرة ،كذلك
أعترف أغلب االفراد المشتركن في التجربة بأنهم نشروا الشائعة
نفسها..هذا يعني أن الشائعة ُتسمع اكر من مرة وعادة ما تنقل أكر من
مرة بواسطة فرد من االفراد في الشبكة االجتاعية التي تسري بها
االشاعة ،وقد الحظ الباحثان البورت ووبستان في دراستها عن االسس
النفسية للشائعات ،بأنه كال تكررت رواية الشائعة ّجوها كالت قليلة وبأنُ :
استعمل مر
ان الرواية القصرة احتال نقلها بأمانة يكون متوفرا -
يقل التشوية والتحريف في التفاصيل الصغرة -
62
.ان الذاكرة ممكن ان تختزن التفاصيل القليلة -
على ضوء التجارب الميدانية ندرك أن - 1 :هناك مطلق لالشاعة ثم
يختفي لركز الناس على ما قيل وليس على من قال ،ثم - 2في بعض
االحيان يتم تصديق روايات االشاعة النها تنتاقل وتنشر ما يعني ان
أنتشارها الواسع قد يكون فيه شئ من الصحة (،ألسنة الناس أقالم الحق)
و- 3ان من يردد االشاعة او يطلقها من المحتمل ان تعود اليه معطيات
:أخرى فيصدق ما أطلقه ( ،رواية حجا) ومن أالشكال أالخرى للشائعة
األسطورة :تعتبراألساطر القدمة نوع من الشائعات وقد كانت تقوم1 .
بوظيفة سد الفراغات المعرفية المتعددة في الزمن القديم حيث كانت
.المعرفة بدائية ووسائل الحصول على المعلومات قليلة
النكتة :مة عالقة تربط بن النكتة والشائعة بحيث مكننا اعتبار النكتة2 .
شائعة كاريكاتورية ..تحتوى على عناصر عرقية ودينية واجتاعية
للجاعة .وتعتمد الشائعات النكتة بأعتبار طبيعتها الساخرة تجتاز
،حواجز عقالنية ونفسية كثرة
فالنكتة بذلك تسهل النشر وتساعد على تخطى عقباته الشائعة وتعويض
نقائصها. 3 .الدعاية واإلعالن :حن تتجه فنون الدعاية واإلعالن إلى
المبالغة أو التدليس في عرض سلع معينة أو الترويج لمشروعات أو
شركات معينة فهي هنا تندرج تحت أسلوب الشائعات فيترويج أشياء
.غر حقيقية باستخدام وسائل اإلبهار الفنية
اإلعالم :حن ينحرف اإلعالم عن رسالته ويصبح بوقا ً لبعض القوى4 .
فإنه يتورط في نشر إشاعات كاذبة تأخذ صورة األخبار أو التحقيقات
أوالمقاالت ما يشوه الحقيقة ويسوق ألشخاص سيئن ويزور الحقائق
واألحداث
63
وهكذا مكن فهم الشائعة من خالل خصائصها حيث هناك شائعات ذات طابع
تشاؤمي تتخذ مسالك تضفي عليها سرعة انتشار تفوق بكثر سرعة سريان
الشائعات ذات الطابع التفاؤلي ألنها تتعرض اثناء سريانها للتحريف سواء
كان ذلك بالتضخم او االضافه وان هذا التضخيم يتناول الجوانب التي يتوق
الراوي او ناقل الشائعه الى قولها .وقد تأخذ الشائعه صورا اخرى غر صورة
الروايه الكالميه مباشرة كالدعايه او النكته أو وسائل االنترنت والهاتف
وكال كان ّ مضمون األخبار المروجة بعيد عن النقد والتجريح smsوالجوال
ومتخذه االسلوب الرمزي فانها تصيب هدفها بسهولة حيث تلقى ذيوعا
...وانتشارا
تغير
ّ العدواني oة :تجاه الشخص (أو الجاعة) المستهدف باإلشاعة ،وذلك لتشويه السمعة أو
موقف الناس منه (منها) ،أو أثارة الخوف ،وهذا يحدث كثرا تجاه األشخاص
أو
الجاع
ات
ذات
ّة
والشه
رة
حن
تطلق
عليهم
الشائ
عات.
.
األهم
ي
اإلسقاط :يسقط مروج الشائعة ما يضمره في نفسه على شخص آخر أو o
أشخاص آخرين ،كالخوف واإلهال وميول للكذب
.أو الخيانة أو الرشوة أو التضليل
التنبؤ :تشر الشائعة إلى احتاالت مستقبلية يعتقد مروج الشائعة بقرب o
حدوثها ،وهو يهيئ
الناس والظروف
.الستقبالها
االختبار :تكون الشائعة هنا كبالون اختبار لمعرفة نوعية وقدر استجابة o
الناس لحدث معن حن يقدر له الحدوث فعال ،مثال تسرب شائعة بغالء أسعار
بعض السلع ،ثم تدرس ردود أفعال الناس فإذا كانت معقولة ومحتملة رما يتم
فعالً رفع األسعار وأما إذا كانت غاضبة ومستفزة فيمكن تكذيب الشائعة
.واعتبار األمر كأن م يكن
64
جذب االنتباه :حيث يبدو مروج الشائعة أو ناقلها على أنه عليم ببواطن o
األمور وأن لديه مصادر مهمة لألخبار ال يعرفها بقية الناس ،ورما يكون هذا
تعويضا ً عن نقص أو عدم ثقة بالنفس .ورما تكون الدوافع بسبب الفراغ
والملل والحاجة إلى التسلية والتم ّتع بإثارة االهتام وإرباك الناس وإقالقهم
.وتوترهم
باطالق شائعات مضادة “ اى ايجابية “ ّنة سريا لهم القدرة على اإلسراع
بنشر (عن طريق االتصال بأفراد محددين ذو كفاءات معي
الشائعات مثل سائقي التاكسيات ورواد المقاهي او حتى شخصيات
د
ي
ن
ية
و
ف
ن
ية
له
ا
تا
ثر
س
ر
يع
ع
ل
ى
ال
نا
س
66
:الرأي العام والدعاية 3 .
من بن عشرات التعريفات التي قدمها المهتمون موضوع الدعاية
نجد أنهم يتفقون على أعتبارها “ :فن التأثر( (propaganda
والمارسة والسيطرة وااللحاح والتغير والترغيب او الضان لقبول
وجهات النظر او اآلراء او االعال »..ويعرف الباحث نورمان باول
الدعاية على اساس هذه العناصر فيقول « :الدعاية هي نشر وجهات
النظر التي تؤثر على االفكار او السلوك او كالها معا» وذهب السويل
(باحث في عام االتصال) الى القول بأن الدعاية هي « :االحتيال عن
»طريق الرموز
من مجمل التعريفات ندرك بأن الدعاية هي محاولة التأثر في نفوس
الجاهر والتحكم في سلوكهم ألغراض تعتبر ذات قيمة في مجتمع ما وفي
زمن معن ،وكأنها نشاط او فن إغراء الغر بالتصرف بطريقة معينة
بحيث انه ما كان ليتصرف بها في حالة غياب هذه الدعاية ..وفي نطاق
المجال ُ السياسي نجد ان الدعاية مارس عن طريق االحزاب ومجموعات
الضغط اذ تحاول كل منها اقناع الجاهر لتأييد قضيتها ..وهذا ما يصفه
ليونارد دوب وهو اشهر من كتب في موضوع الدعاية بأنها « محاولة
منظمة من جانب شخص او أشخاص للسيطرة على أتجاهات االفراد
والجاعات عن طريق اإليحاء بغية التحكم في سلوكهم» .هذا الفهم
الغري للدعاية ووصفها بعدم االمانة ً والخداع جاء نتيجة للمارسة العملية
الخادعة اثناء الحربن العالميتن ،كا فعل غوبلز -وزير الدعاية النازي
ومستشار هتلر -الذي اعتمد الكذب المكرر اسلوبا للدعاية وتكيتكا عسكريا
الرباك العدو ،اما في الدول االشتراكية فقد اعتبر انصار الشيوعية ان
الدعاية ما هي اال توضيحا لكتابات ماركس وانجلز ولينن وستالن .ان
جذور الخشية من الدعاية ترجع الى استعالها كرديف
67
للمجهود الحري اثناء الصراعات ثم استغاللها ببراعة من قبل االنظمة
ذلك ان القيمون على الدعاية يعتقدون ماما بأن الجمهور هو خامة بيضاء
سلبية يستطيع الدعاي بطرق وحيل دون اعتبار ألية اعتبارات اخالقية او
حدود سياسية او معاير انسانية او عوائق جغرافية .لهذا اطلق عليها تعبر
« طرق شيطانية» وباحثون في مجال االتصال االعالمي اعتبروا الدعاية
(النموذج العملي لنظرية « الرصاصة االعالمية»6( .
وبالحديث عن الدعاية يفرق بعض الباحثن بينها وبن الدعوة واالثارة ،
فالدعوة تعني في الغالب نشر فكرة معينة بهدف أقناع اآلخرين بها،
مستخدمن في ذلك الحجة والمنطق والتفكر السليم كا هو الحال في الدعوة
الدينية او اي فكرة ذات مضمون عقائدي .وتفترض الدعوة عالقة روحية
معينة وأنتاء عقائدي ثابت ،فهي ال تتجه اال الى شخص مؤمن أو على
أستعداد ألن يؤمن على خالف الدعاية التي تتجه الى شخص على استعداد
ألن يقتنع ( هناك فارق بن االمان واالقتناع ،االول يشر الى االستجابة
الكلية بينا الثاي نوع من المناقشة المجردة تنتهي بتقبل وجهة نظر او
التحفظ عليها) أما االثارة فهي تستخدم للترويج والتسويق بهدف أكتساب
أنصار لها ،وغالبا ما تعتمد االسلوب التعبوي والحاسي ذات الطابع
العاطفي بهدف جعل الجاهر تتخذ موقفا معينا ازاء مشكلة ما ،الن هدف
االثارة في النهاية هو تحريك الجاهر لعمل مباشر تحت تأثر أنفعال
.مؤقت
ولكــن كيــف تعمــل الدعايــة؟ الدعايــة كأي نشــاط اتصــالي آخــر تقــوم
عــلى اســتعال الرمــوز واســتغاللها بهــدف الـــتأثر في الجمهــور المتلقــي
بالعمــل عــلى إعــادة تشــكيل مخزونــه المعــرفي مــن معتقــدات وقيــم
وافــكار ومواقــف لينتــج عــن ذلــك ســلوكا ً محــدداً
68
يتفق مع قصد الدعاي .من هذا المنطلق تقوم الدعاية كعملية على جملة
عناصر. 1 :الدعاي ،وهو المرسل او الجهة المنظمة للدعاية ،قد يكون
شخصا محترفا بأختالق االكاذيب والشائعات وقد تكون مجموعة من الخبراء
في مجال علم النفس واالجتاع والسياسة واالعالم يتعاونون جميعا النتاج
دعاية مؤثرة توضع بتصرف جهاز عسكري او استخباراي او سياسي ليتولى
.هذا االخر بثها في الوقت المناسب
الرسالة :للتأثر على جمهور معن ال بد من رسالة او مضمون دعاي2 .
يستحوذ على اهتام هذا الجمهور ،وعند اعداد الرسالة – المضمون يحرص
القيمون على الدعاية النظر في أعتبارات :ان تتناسب مع االهداف المقررة
من الحملة ،ان تتناسب مع المناخ االجتاعي للمتلقي او تؤثر في هذا االخر
.وتحركه نحو القيام بعمل ما
الوسيلة :الشرط االساسي عند وضع الرسالة النظر في مقدار ما مكن3 .
ان تفعله من تأثر واثارة اهتام وجذب انتباه ،وليتم ذلك ال بد من استخدام
الوسيلة المناسبة وهو الشرط الثالث من عملية الدعاية ،فعندما نقول بجذب
انتباه يعني ذلك التوجه الى الحواس وبقدر ما تكون الرسالة متقنة لجهة
الصورة وااللوان والمؤثرات السمعية المصاحبة واستخدام الرموز المعبرة
بقدر ما تفعل فعلها في الجمهور المتلقي ..فاالعالم المكتوب ال ّيعبأ
الجمهور كا االعالم المسموع والـتأثر بدوره يختلف كليا مع الوسائل المرئية
من تلفزة وسينا ومسرح والكتروي حديث
المتلقي ،ال تؤي الدعاية مارها ان م تكن محددة الهدف :الى من تتوجه؟4 .
ما يعني ضرورة وجود جهمور مستهدف ،ولغاية ذلك يحرص القائم
بالدعاية على معرفة جمهوره عبر دراسة خلفياته االجتاعية والنفسية،
مستوى اهتاماته ،عاداته وتقاليده واحتياجاته وتوقعاته ،حيث على
69
ضوء حساب هذه المتغرات يدرك الدعاي اين نقطة الضعف ليتمكن من
ان يضرب . 5 ..النتيجة :الهدف االول واالخر من اي رسالة اعالمية هو
حصيلة ما تعمل الجله :هل تركت اثرا؟ هل حققت استجابة عند المتلقي؟
بعد تنظيم الرسالة واعداد الوسيلة يتطلع ويتابع الدعاي نتائج رسالته في
التغير اذا ما كانت ناجحة وان م تؤدي فعلها يبحث عن
ُ على نظر داما الى :طرق استالة اخرى .من هنا ولضان نتائج الدعاية
وجهها االمثل ي مستوى االستحواذ /رد فعل التلقي /التاثر السلوي
عند المستجوب /من استجاب ومن م يستجب والذي م يستجيب لماذا؟
ونوع الوسيلة المستخدمة ...الخ
يكون هدف رجل الدعاية إحداث تغير ّوجه اليه ،وهو تغير ما كان ليحدث
70
التكرار المستمر لالفكار غر المقنعة( 3
البساطة في الشعارات والقوة في الرموز( 4
المبالغة والتهويل( 5
أنتهاز الفرص وأعتاد عامل المباغاة( 6
تكتيك الكتان /اسلوب الصمت( 7
أسلوب تحويل االنظار( 8
مخاطبة الناس على قدر عقولهم /المسايرة( 9
الشائعات( 10
71
..من قبيل :الرجعين ،التقدمين ،االحرار
قلب الحقائق ،أحيانا يبني الدعاي دعايته على حقائق واقعة ولكنه في احيان -
كثرة يلعب على الوقائع ويقلب الحقائق لصالحه ي يوهم االخر بأن الحقيقة هي
التالية وليست كا يراها (.هنا نوع من اثارة البلبلة عبر الدس وتحريف
الوقائع) ال سيا وان الدعاية ال يهمها التوعية بقدر ما يهمها التالعب بعواطف
ومعارف المتلقن
االعادة والتكرار ،من فائدة التكرار انه يدفع المتلقي الى التركيز والى -
التذكر كا انه يؤدي الى تثبيت المعلومة لهذا يستخدم الدعاي اسلوب التكرار
واعادة التذكر بشكل متواصل عمال بقاعدة :ليثبت المسار جيدا في مكانه ال بد
من ضربات عديدة مكررة ومركزة .وهكذا يقدم الدعاي افكاره كحقائق
مفروغ منها ،تعمل على تعزيز موقفه دون اللجوء الى مناقشتها مع االخرين –
المتلقن .انه ال يقدم الحقائق او المعطيات بل يعتمد اسلوب االيحاء والغموض
والمعلومة تلو المعلومة حتى يشعر االخر باإلرباك .وفي لحظة وقوع الجمهور
المستهدف بالتشوش واالرباك اصبح فريسة سهلة لستقبال افكار جديدة وبديلة
يحضرها الدعاي كخطة ممنهجة منه نحو اخضاعه او ي يتمرد على سلطته
.البائدة ،او تجيره نحو مشاريع يرتأيها القامون بالدعاية المنظمة
72
الدعاية السياسية :وقد ظهر دورها في االطار الدولي المعاصر كأحد( 1
االدوات الهامة لتعزيز مكانة الدول وسياستها الخارجية سواء لجهة اظهار
الدولة المعنية ( التي تبث الدعاية) ً عبر اظهار دورها على انها ذات
مقومات استراتيجية وحضارة وعلوم وتراث او سواء
الريادي في العمل االقتصادي واالنساي والسياحي ..وفي نطاق
الدعاية غالبا ما يعمد ساسة الدول وقادتها وخاصة اثناء الحروب الى
االعتاد على العاطفة الوطنية وحب العائلة وكراهية العدو والخوف
منه وبث الثقة في النصر والشجاعة واالقدام .كا أن بعض الدول
تكون جاهزة لدحض دعايات العدو ( او دول اخرى مناوئة لها) التي
تحاول ان تحط من قيمتها عبر الضرب على وتر عدم الثقة
..وأعتبارها اماكن توتر وأرهاب
الدعاية التجارية :وتلعب دورا هاما في الحياة االقتصادية وسر عمل( 2
الشركات والمؤسسات وحتى االفراد (المنتجن الصغار) اذ لوال الدعاية
يصعب التسويق واالنتاج وتحريك عجلة االقتصاد ،فالعمل الدعاي هنا
يستخدم للترويج والبيع عن طريق فن االعالن .وقد وصل االمر بالمعلنن
الى إستغالل العواطف االنسانية واستثارها بهدف الربح والبيع المكثف ،كا
هو الحال عندما أبتدع هاملتون – وهو من خبراء االعالن االمريكين– عيد
االم ..وجعله مناسبة عائلية يقدم بها االوالد الهدايا ألمهاتهم ،هنا مة
محاولة الستثارعالقة حميمية (االمومة) بدفع االوالد لشراءالهدايا لدرجة
يشعر بعقدة الذنب من ال يشتري ُتكرت ( كعيد الحب /يوم هدية المه،
وكذلك الحال مكن القول عن اعياد اخرى اب
التي تستثمر تجاريا بابتكار( / HALLAWEENالصداقة /عيد االب
س
ل
ع
خ
ا
ص
ة
ل
ل
م
ن
ا
س
ب
ة
م
ا
ي
ع
و
د
ب
ا
ل
ر
ب
ح
و
ا
ل
ف
ا
ئ
د
ة
ع
ل
ى
ا
ل
م
ع
ل
ن
ن
و
ا
ل
ت
ج
ا
ر
.
73
الدعاية التربوية :ونعني بها المفاهيم التربوية والثقافية واالجتاعية التي( 3
مرر لالجيال عبر مؤسسات التنشئة االجتاعية في االسرة والمدرسة
والمؤسسة الدينية ..في كثر من الدول ُالحظ كيف انها تغرس في نفوس
ابنائها التقاليد وسياسة الحكم واتجاهات المجتمع في ي
نفوس أبنائهم منذ الصغر وهذا ما يعرف بالتعبئة الوطنية ..في الدول
االشتراكية مثال ودول نظام الحزب الواحد تعتبر االدعاية والتعليم
شئ واحد ..لهذا يعتبرون كلمة دعاية من الكالت المحترمة وليست
من المعاي السلبية كا هو شائع في الغرب .أما الدول ُعرف بالعولمة،
ذلك المصطلح والفكر الذي حملته وفرضته أمريكا الرأسالية فأخلقت
ما ي
على كل الشعوب األخرى من خالل خطة طويلة األمد ،فرأينا التغرات
وكارينا delivery & takeaway ،في األكل والملبس وثقافة
بودي بن الفتيات كأشهر موضة مالبس ،وزرعت فينا الثقافة
االستهالكية المتغرة بسرعة ،وم يقف التأثر علي الملبس وأسلوب
التعامل والتفكر وإما وصل بنا إلي الهوية ومحو االنتاء والطابع
.الوطني أو النزعة الدينية
الدعايــة النفســية :ال يكتمــل الحديــث عــن الدعايــة دون التعريــف( 4
بالبعــد النفــسي لهـا ،عـبر مـا يعـرف بالحـرب النفسـية التـي هـي شـكل
مـن اشـكال الدعايـة تسـتخدم اثنـاء الحـروب البـاردة أو الصراعـات
الفعليـة لتحطيـم معنويـات العـدو العسـكرية او المدنيـة واضعـاف ارادة
القتـال ،كـا انهـا تعمـل عـلى زرع بـذور الشـك وتحطيـم هيبـة قـدرات
الدولـة او االحـزاب المناهضـة في نفـوس المتعاطفـن معهـا ..ويتصـل
بالحـرب النفسـية اسـلوب «غسـيل الدمـاغ» وهـي محاولـة لتوجيـه الفكـر
االنسـاي ضـد رغبـة الفـرد الحـر نحـو تأثـر محسـوب عـلى آخـر موجـه،
حيـث بالقهـر النفـسي والفكـري
74
يصـل المـرء الى مرحلـة خضـوع آلارادي (تعـرف مـوت العقـل)
تجعـل احدهـم تحـت سـلطان ايديولوجيـا معينـة ال قـوة لـه فيهـا وال
قـدرة عـلى التغيـر او الرفـض .وقـد اســتخدم مثــل هــذا االمــر في
ســجون االعتقــاالت السياســية والتعســفية عــبر عــزل الشــخص
عــن الحيــاة العامــة /حرمانــه مــن الطعــام او النــوم /التهديــد
بالعنــف /االذالل /الترغيــب والترهيــب /وكل ذلــك بهــدف ان
يســر وتوجهــات مــن يعتقلــه .يتميـز اسـلوب غسـل الدمـاغ بأنـه
اسـلوب قـسري يهـدف الى اضعـاف مقاومـة الفـرد المســتهدف
الــذي غالبــا مــا يكــون اســرا في معتقــل تحــت رحمــة آسريــه
ويتحقــق ذلـك عـن طريـق التعنيـف واحيانـا عـن طريـق المخـدرات
والتنويـم المغناطـسي حتـى يجـد نفسـه (االسـر) خاضعـا الرادة مـن
يقـوم بعمليـة الغسـل وهنـا تبـدأ مرحلـة اعــادة التلقــن لالفــكار
الجديــدة التــي تحــل محــل االفــكار الســابقة وهنــاك عــدة صــور
وأســاليب للحــرب النفســية ألداء تلــك المهــام ،نذكــر منهــا مــا
يلي:الشــعارات والهتافــات ،إلثــارة انفعــاالت الغضــب والكراهيــة
أو الشــجاعة والحاســة.الكلمة المسـموعة أو المقـروءة ،التـي مـن
شـأنها التأثـر عـلى العقـول والعواطـف والسـلوك طبقــا ً لمقتضيــات
الموقــف و اإلشــاعات ّ ،وهــي أخبــار مشــكوك في صحتهــا
ويتعــذر التحقـق مـن أصلهـا ،وتتعلـق موضوعـات لهـا أهميـة لـدى
الموجهـة إليهـم ،ويـؤدي تصديقهـم أو نشرهـم لهـا إلى إضعـاف
.روحهـم المعنويـة
75
الجيش الخصم والتأثر عليه وخصوصا أنها تصدر عن مصدر معروف
بعدائه وخصومته- 2 .الدعاية الرمادية :وهي تلك الدعاية التي تحافظ
دوما علي أن تكون غر معروفة المصدر ،حيث تبدأ وتنتشر ورما
تنتهي دون أن يظهر بوضوح من الذي أطلقها بالضبط ومن المستفيد
بالتحديد ،يحتاج هذا النوع إلي حنكة وذكاء وخبرة في فن التأثر
.بالجاهر
الدعاية السوداء -:وهي أكر األنواع شراسة وخطورة حيث تصدر3 -
من مصدر معادي ماما في ثوب الصديق ،كأن يظهر العدو في صورة
صوت للمعارضة بالخارج أو ابن للشعب ،وبذلك يكتسب جاهرية وثقة
.بأنه يريد اإلصالح في حن أن أهدافه تدمرية
وبالحديث عن مؤثرات الدعاية مة سؤال يتبادر الى الذهن :لماذا تعطي الدعاية
في بعض جوانبها نتائج ايجابية وفي احوال اخرى تبقى بال قيمة؟ ما هي ابرز
العوامل المؤثرة في التأثر الدعاي؟ يحاول منظرو الدعاية الكشف عن آلية
( تقبل لالفكار واالراء ومن بن اآلليات التي يتوقفون عندها كمؤثرات (7
معرفة الخلفية النفسية في وعي الناسI .
العمل على وحدة االمزجةII .
النظر في مدى االستعداد السيكولوجيIII .
.اللعب على الجانب االنفعاليIV .
حيث هناك حاالت استثناية يسيطر فيها على الجاهر شعور عام بالفرح او
بالحزن وتظهر وحدة مزاج عند كثر من الناس ،في هذه الحاالت تتحقق
بنجاح كبر الدعاية التي توافق المزاج العام ..فالدعاية الحزبية والسياسية تنفذ
عادة في ظروف نفسية اكر تعقيدا حيث تستغل في نفسية الناس طموحاتهم،
حاجاتهم ،تطلعاتهم ،حوافزهم ..مثال :من المعروف ان دعاية المنظات االمائية
الخاصة
76
باالرياف تنشط في اوساط الشباب من اجل جذبهم بعد الدراسة الى العمل
فيها ،غر أن مثل هذا العمل الدعاي يصطدم بجملة من المصاعب ،ففي وعي
الشباب هناك دوافع وحوافز ذات طابع مختلف ال تجذبه الى قريته ،بل يظهر
رغبة للبقاء في المدينة حيث امكانات اكبر وفرص افضل ..على ضوء «
الخلفية الذهنية – والنفسية” تضطر الدعاية الى تذليل بعض المواقف النفسية –
االجتاعية في وعي الشباب من المدينة وهذه المواقف غر محددة من حيث
المضمون لكنها واضحة وممكنة بأتجاه التوقعات .ويكفي كمثال آخر ان نتابع
قوة التأثر االنفعالية الضخمة التي يطلقها القادة في الحروب من خالل اقوال
وكالت بهدف رفع الروح المعنوية والقتالية للجنود وتبعد شعور السأم ّ ولتولد
77
خالل العمل الدعاي ،على سبيل المثال بعد تقليب صحيفة ،يهمل اقساما منها،
كا قد يغلق مذياعه عند بث احاديث اذاعية ال تعنيه او تثر المباالته وضجره،
تلفزيونية لساسة ليسوا من توجه او قد يعرض عن مشاهدة مناظرة
االيدويولوجي ..ما يعني ان االعالن الدعاي يصطدم بحاجز انفعالي خاص
يتمثل بالعاطفة بالشغف والميل ،من جهة ،وبالنزعة العقلية المتمثلة بوعي
،الشخص
ثقافته ،ومعارفه العميقة وقدرته على كشف جوهر االدراك المزيف من
الصحيح .من جهة أخرى .اذن ليس كال االمرين ( العاطفة واالدراك العقلي)
مكن اللعب على وترها معا او بأحداها لضان التاثر الدعاي اما مة امر اكر
اهمية عند تقبل الناس لآلراء واالفكار وهو مدى ارتباطها بحاجاتهم ومطالبهم
:المختلفة نوعيا ،هذه الحاجات مكن تصنيفها في اطارين
حاجات ذات طابع عام ،وترتبط بتلك الدائرة من االهتامات االجتاعية الدامة •
عند جمهور الناس والمتعلقة بجوانب حياتهم والمادية والروحية ومصائر
.مستقبلهم وعالقاتهم المتبادلة مع غرهم
حاجات ذات طابع مرحلي آي ،وهي الحاجات والوقائع المرتبطة بأهتامات •
الناس المهنية التي تقلقهم في لحظات معينة احداث محلية ودولية او حوادث
..قريبة منهم .فيسعون الى “ التشبث” ما يزيل عنهم القلق
ان جميع انواع الدعاية قادرة على احداث انطباع انفعالي لكن العنصر
االنفعالي المتوجه نحو العاطفة غر كاف وال ذلك المتوجه نحو العقل ،بل ال
بد في كل االحوال معرفة حسن استخدام الوسيلة المناسبة ،الن العنصر
االنفعالي المثار في المطبوعات يختلف عن ذلك الوارد في المحاضرة
الجاهرية ،والحديث التلفزيوي يختلف تأثره بطبيعة الحال دعائيا عن االذاعي
او االلكتروي ..فكل
78
صنف من اصناف التأثر االيدولوجي يتطلب اختيارا دقيقا لتلك العناصر التي
مكنها أن ُتكسب الدعاية الصبغة العاطفية المطابقة والبعد المنطقي المناسب
.وعندها مكن توقع حدوث االستجابة الحية
:الخالصة
لعل خطورة الدعاية كإحدى وسائل الحرب النفسية ،تكمن في االهداف التي
تسعى إليها كليها والتي حددها البروفيسور رجيارد اكروس والذي كان يشغل
:-رئاسة الحرب النفسية في بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية
.تحطيم قيم وأخالقيات الشعب الموجه إليه الحرب النفسية1 .
.إرباك نظرته السياسية وقتل كافة معتقداته ومثله التي يؤمن بها2 .
إعطاؤه الدروس الجديدة ليؤمن بعد ذلك بكل ما نؤمن به ( ،إجراء3 .
عملية غسل دماغ). 4 .التفرقة
.بن أبناء الشعب الواحد
وتختلف أهداف الدعاية بأختالف وصف الدولة التي توجه إليها :فمع
الدول المعادية يكون الهدف هو التأثر على عواطف وأفكار وسلوك
شعوب هذه الدول وجيوشها لتحطيم روحها المعنوية وإرادتها القتالية
وتوجيهها نحو الهزمة ،ومع الدول المحايدة :يكون الهدف هو التأثر على
عواطف وأفكار وسلوك شعوب هذه الدول لتوجيهها نحو االنحياز للدولة
الموجهة أو
التعاطف مع قضيتها .أو على األقل البقاء في وضع الحياد ومنعها من
االنحياز إلى الجانب اآلخر ومع الدول الصديقة :يكون الهدف هو التأثر
على عواطف وأفكار وسلوك شعوب هذه الدول لتوجيهها نحو تدعيم
أواصر الصداقة مع الدولة الموجهة ونحو المزيد من التعاون لتحقيق
أهدافها؛ ّ لذلك تفضل بعض الدول استعال اسم الحرب النفسية بدالً من لفظ
الدعاية بأعتبار ها
79