You are on page 1of 96

‫السلوك االجتاعي للفرد‬

‫)موضوعات تطبيقية في علم النفس االجتاعي(‬

‫السوك االجتاعي‬

‫(موضوعات تطبيقية في‬ ‫للفرد‬


‫)علم النفس االجتاعي‬

‫د‪.‬مأمون طربيه‬

‫‪2012‬‬

‫رقم الكتاب ‪1396:‬‬


‫اسم الكتاب ‪:‬السلوك االجتاعي للفرد‬
‫المؤلف ‪:‬د‪ .‬مأمون طربيه‬
‫الموضوع ‪:‬اجتاع‬
‫رقم الطبعة ‪:‬االولى‬
‫سنة الطبع ‪2012:‬م‪1433 .‬هــ‬
‫القياس ‪24 × 17:‬‬
‫عدد الصفحات ‪166:‬‬

‫منشورات ‪ :‬دار النهضة العربية‬


‫بروت ـ لبنان‬

‫الزيدانية ـ بناية كريدية ـ الطابق الثاي‬

‫ـ ‪ 1‬ـ ‪+ 961 736093 / 743167 / 743166‬‬


‫‪ :‬تلفون ‪ 961 +‬ـ ‪ 1‬ـ ‪: 736071 / 735295‬‬
‫فاكس ص ب ‪ 0749 :‬ـ ‪ 11‬رياض الصلح‬
‫بروت ‪ 11 072060‬ـ لبنان‬

‫الكتروي بريد‪e-mail: darnahda@gmail.com :‬‬

‫جميع حقوق الطبع محفوظة‬

‫‪ISBN 978-614-402-473-7‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫مدخل •‬
‫‪.............................................................................‬‬
‫‪ • 7..............‬تعريفات في السلوك االجتاعي‬
‫‪ • 11................................................‬المحور األول ‪:‬‬
‫‪:‬الفرد والسلوك القيادي‬
‫‪1‬‬ ‫القيادة‪.‬‬ ‫تعريف‬
‫‪....................................................................‬‬
‫القيادة‬ ‫‪.‬انواع‬ ‫‪2‬‬ ‫‪26..........‬‬
‫‪....................................................................‬‬
‫القيادة‬ ‫‪.‬مقومات‬ ‫‪3‬‬ ‫‪32..............‬‬
‫‪....................................................................‬‬
‫القيادة‬ ‫‪.‬مستويات‬ ‫‪4‬‬ ‫‪37.........‬‬
‫‪....................................................................‬‬
‫‪38.......‬‬

‫المحور الثاي‪ :‬الفرد والسلوك الجاهري •‬

‫الرأي العام وأنواعه‪1 .‬‬


‫‪...............................................................‬‬
‫‪. 2 47.‬الرأي العام والشائعة‬
‫‪5.............................................................‬‬
‫‪. 3 8‬الرأي العام والدعاية‬
‫‪6............................................................‬‬
‫‪ • 7‬المحور الثالث ‪ :‬االفرد والسلوك التفاعلي‬

‫مفاهيم في التفاعل االجتاعي‪1 .‬‬


‫‪. 2 83........................................‬تعريف‬
‫القياس االجتاعي‬
‫‪3 87..............................................‬‬
‫‪.‬أساليب القياس االجتاعي‬
‫‪4 88..............................................‬‬
‫‪.‬مجاالت القياس االجتاعي‬
‫‪93..............................................‬‬

‫‪5‬‬
‫)المحور الرابع ‪ :‬الفرد والسلوك التمثيلي ( السيكودراما •‬

‫المبادئ النظرية للسيكودراما‪1 .‬‬


‫‪2 110................................................................‬‬
‫‪.‬أحكام السيكو دراما‬
‫‪...........................................................................‬‬
‫‪. 3 116..‬مجاالت استخدام‬
‫السيكودراما‪..............................................................‬‬
‫‪. 4 120..‬تقنيات لعب االدوار‬
‫‪...........................................................................‬‬
‫‪128..‬‬

‫‪:‬المحور الخامس ‪ :‬الفرد والسلوك االعالمي •‬


‫تعريف الوسيلة االعالمية ‪/‬الميديا‪1 .‬‬
‫‪. 2 137..........................................................‬مفهوم‬
‫السلوك اإلعالمي‬
‫‪3 140.......................................................................‬‬
‫‪.‬مظاهر الميديا في السلوك‬
‫‪4 144......................................................................‬‬
‫‪.‬الوسيلة اإلعالمية والفرد في وضعية‬
‫الجمهرة‪. 5 149............................................‬دراسة المفاعيل‬
‫‪...................................................................................‬‬
‫‪. 6 152.‬ماذج من التأثر االعالمي‬
‫‪157.....................................................................‬‬
‫خالصة عامة‬
‫‪..................................................................................:‬‬
‫‪161....................................‬‬
‫‪6‬‬
‫مدخل‬

‫نشأت بوادر دراسة سلوك الفرد االجتاعي منذ ايام المفكرين االوائل مع‬
‫كتابات فالسفة العهد ُدرس من الناحية االغريقي‪ ،‬عندما كانوا يعللون االحداث‬
‫االجتاعية بأبعاد أنسانية‪ ،‬وهكذا م ي النفس اجتاعية بأعتبارأن الفلسفة ام‬
‫العلوم‪ ،‬فا يقال في مجاله هو «فلسفة» وأي ظاهرة أنسانية أو أجتاعية كانت‬
‫تعالج بالتحليل الفلسفي‪ ،‬ولعل نظرة على كتابات أفالطون وأرسطو والفاراي‬
‫وأبن سينا‪ ،‬نجد ضمن كتاباتهم الفلسفية مواضيع شتى عن النفس االنسانية‪ ،‬الى‬
‫ان أنبثق علم خاص بها هو علم النفس العام منذ منتصف القرن الماضي مع‬
‫بعض مفكريه أمثال ديكارت‪ /‬جون لوك ‪ /‬هارتلي‪ /‬هيوم‪ /‬جون ستيور ّ ات‬
‫مل‪ ،‬الذين تطرقوا الى مسائل تتعلق بالفرد ككيان قائم‪ ،‬وأذاك بدأت تتحدد‬
‫موضوعات علم النفس بأفكار عن‪ :‬الدوافع‪ /‬التنبيه الحسي‪ /‬الرغبة‪/‬‬
‫التفضيالت‪ /‬االنفعاالت‪ /‬الحاجات‪ /‬القدرات العقلية‪ /‬التعلم‪ /‬الذكاء‪ /‬الشخصية‪..‬‬
‫‪..‬وغرها من الموضوعات التي ال زالت محور أهتام علم النفسس العام اليوم‬
‫مع بداية الثالثنيات منذ القرن الماضي‪ ،‬وشأن كل العلوم بدأ التخصص‬
‫والتفرع في مجاالت النفس فأصبح هناك علم النفس العيادي‪ /‬علم نفس النمو‪/‬‬
‫علم نفس الطفل‪ /‬علم النفس المرضي‪ /‬علم النفس الصناعي‪ ..‬وصوال الى علم‬
‫النفس االجتاعي‪ .‬الذي يهتم نظريا وتطبيقيا بالسلوك االجتاعي للفرد‬
‫ماذا يعني علم النفس االجتاعي؟*‬
‫نســب الى أبويــن‪ :‬فعلــم النفــس يعتــبره أحــد فروعــه‪ ،‬لعلــه االختصــاص الوحيــد الــذي ُ‬
‫ي‬
‫‪،‬كونــه يتنــاول تأثــر االنســان بالمحيــط الــذي يعيــش فيــه وباالفــراد الــذي يحيطــون بــه‬

‫‪7‬‬
‫وعلم االجتاع يراه سليل أسرته‪ ،‬بأعتبار أن موضوعاته تهتم بتأثر البيئة على‬
‫االنسان في أطاره االجتاعي‪ ،‬كجزء من جاعة وليس كفرد منعزل‪ ..‬في خضم‬
‫هذا التنازع الفكري حول أصل هذا العلم‪ ،‬شق علم النفس االجتاعي طريقه‬
‫حتى أصبح عال قاما بذاته على يد مجموعة من المفكرين أمثال كاتز وبارون‬
‫وكرتش وكرتشفيلد والبورت وشريف الذين قدموا أسهامات جلى في مضاره ‪،‬‬
‫‪:‬وقد أعتبر هؤالء ان علم النفس االجتاعي هو‬
‫ذلك الميدان الذي يدرس الكائنات من حيث انها تؤثر وتتأثر باآلخرين من « ‪-‬‬
‫اقرانها‪( ».‬‬
‫)كاتز‬
‫يدرس الطريقة التي يتحدد من خاللها سلوك وتفكر الفرد بسلوك أو« ‪-‬‬
‫خصائص االخرين‪ ،‬حيث يتواصلون ويتفاعلون حتى يقولون‪ :‬سلوكنا‪ /‬تفكرنا‪/‬‬
‫)مشاعرنا‪...‬التي تبدو أنها متأثرة بقوة في أفعال االخرين»‪ ( .‬بارون‬
‫يهتم بكل جانب من جوانب السلوك االجتاعي للفرد‪ ...‬فالسلوك المتفاعل« ‪-‬‬
‫يعكس التأثر المتكامل لحاجات وأهداف الفرد على أفكاره وأنفعاالته‬
‫)وأدراكاته‪ ( »..‬كرتش وكرتشفيلد‬
‫هو دراسة االفراد في صلتهم االجتاعية المتبادلة وما تحدثه هذه الصالت « ‪-‬‬
‫من عادات وتأثرات سواء بن فرد وفرد‪ /‬او سواء بن فرد وجاعة ‪ /‬او سواء‬
‫)بن جاعة وجاعة اخرى» ( يونغ‬
‫انه العلم الذي يحاول ان يفهم ويوضح كيف ان مشاعر وتفكر وسلوك « ‪-‬‬
‫االفراد يكون متاثرا بالوجود الواقعي او المتخيل لوجود اآلخرين « (‬
‫)البورت‬
‫مــن مجمــل هــذا التعريفــات وغرهــا نالحــظ ان علــم النفــس االجتاعــي‬
‫ي‬
‫ه‬
‫تـ‬
‫ـ‬
‫م‬
‫ب‬
‫د‬
‫ر‬
‫ا‬
‫س‬
‫ــ‬
‫ة‬
‫س‬
‫ــ‬
‫ل‬
‫و‬
‫ك‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ف‬
‫ــ‬
‫ر‬
‫د‬
‫و‬
‫خ‬
‫ب‬
‫ر‬
‫تـ‬
‫ـ‬
‫ه‬
‫و‬
‫ا‬
‫ل‬
‫م‬
‫ج‬
‫ــ‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ا‬
‫لـ‬
‫ـ‬
‫ذ‬
‫ي‬
‫ي‬
‫تـ‬
‫ـ‬
‫م‬
‫ف‬
‫يـ‬
‫ـ‬
‫ه‬
‫ه‬
‫ــ‬
‫ذ‬
‫ا‬
‫ا‬
‫ل‬
‫س‬
‫ــ‬
‫ل‬
‫و‬
‫ك‬
‫(‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ب‬
‫ي‬
‫ئـ‬
‫ـ‬
‫ة‬
‫)‬
‫و‬
‫ص‬
‫ــ‬
‫و‬
‫ل‬
‫ا‬
‫ن‬
‫ح‬
‫ــ‬
‫و‬
‫م‬
‫ــ‬
‫ا‬
‫‪8‬‬
‫يتصل بهذا السلوك من عمليات سواء كانت نفسية ( كاالدراك‪ /‬واالتجاهات ‪/‬‬
‫الميول‪ /‬الذكاء) او أجتاعية ( الثقافة‪ /‬الجاعة‪ /‬االتصال وتغر الرأي‪ /‬القيادة ‪/‬‬
‫التتنشئة) او أعالمية ( الرأي العام‪ /‬الدعاية ‪ /‬الشائعة‪ /‬الجمهرة) من هنا يعتبر‬

‫هذا العلم من أكر العلوم المعرفية غنى لما يتضمن من ّ تنوع لمجاالت‬

‫الدراسة والبحث وكونه على ماس مع أربعة مجاالت تخصص هي ‪ :‬علم‬


‫النفس‪ /‬االجتاع‪ /‬االعالم والخدمة االجتاعية ‪ ...‬كا تبن لنا موضوعاته‬
‫‪.‬المتعددة‬

‫ما هي ابرز موضوعات علم النفس االجتاعي؟*‬


‫تأي أهمية هذا العلم ليس من كونه يتناول ويحلل مواضيع نفس‪ -‬أجتاعية‪ ،‬وأما‬
‫بأعتباره يعالج هذا الموضوعات بأساليب تجريبية‪ ،‬فهي ال تبقى على مستوى‬
‫التنظر والتفسر الفلسفي بقدر ما يتم مقاربتها عبر أكر من تقنية معملية‬
‫‪:‬اوأختبار في الحقل‪ ..‬ومن المواضيع الهامة التي تذكر في سياق هذا العلم‬
‫الطبيعة االجتاعية لالنسان‪ :‬معنى هل يستطيع الفرد ان يعتمد على نفسه في ‪-‬‬
‫حوائجه ّاهم؟ ماذا يقدم لهم؟ وما ينتج عن هذا أم‬
‫انه بحاجة لمساعدة االخرين؟ كيف يتساعد وأي‬
‫التفاعل‪ -‬التعاون؟ وماذا يحدث فيا لو كان االنسان مفرده؟ هل لألجتاع‬
‫دور؟ الى ماذا تفضي‬
‫الوحدة واالنزواء‪....‬؟‬

‫النزعة نحو السلطة‪ :‬هل صحيح أن االنسان مفطور على حب السطوة ‪-‬‬
‫والنفوذ والغلبة في قيادة الناس؟ كيف تتغلب مشاعر التأثر لدى أفراد محددين‬
‫على أفراد آخرين؟ إم يعود ظروف الحكم ؟ هل ينبغي توفر مقومات لمن يريد‬
‫ان يسود؟‬
‫‪9‬‬
‫التنشئة في ظل االعالم‪ :‬هل صحيح ان االنسان هو نفس أعالمية يعيش ‪-‬‬
‫بالخبر ويحيا بالصورة؟ كيف يكون جزءا من رأي عام ؟ كيف يتأثر به؟ ما‬
‫موقفه ازاء الشائعة او الدعاية؟‬
‫جاعات وأبتعادها عن‬
‫المسافات االجتاعية ‪-‬‬
‫كيف مكن ان نفسر تقارب أناس من ‪ّ :‬‬
‫جاعات أخرى؟ هل يشيع فعال بن الناس ما يسمى بغريزة المحاكاة؟‬
‫هل هناك نزعة فطرية تدفعني ان أقترب من شخص دون آخر؟ ما‬
‫السر في رغبة االقتراب والتجنب؟ كيف مكن تبينها باألختبار؟‬

‫إجتاعيا‬
‫ّ‬ ‫فا‪ ،‬او مر بظروف ‪ -‬التفريغ االنفعالي‪ :‬اذا كان االنسان يعيش واقعا‬
‫غر متكي قاهرة ؟ كيف مكن مساعدته على التخلص منها؟ هل مة تقنيات ينبغي‬
‫إستخدامها ُّ للتفريغ واإلسقاط؟ أي دور يلعبه اإلسقاط؟ واي دور يتطلب من‬
‫؟‬
‫االنسان المقهور بذاته اً ّحتى يخرج ما به؟ كيف السبيل الى ذلك سيكولوجي‬

‫‪10‬‬
‫مقدمة في السلوك االجتاعي‬

‫ماذا نعني بالسلوك؟‬


‫هو تصرف يقوم به الفرد وفق ما يرضيه وما يرضي المجتمع ي يحقق‬
‫السعادة لذاته‪ ،‬وتلعب هنا عملية التكيف االجتاعي دورا في رسم معام هذا‬
‫التصرف‪ ،‬عندما يقوم المجتمع بوضع مقاييس للسلوك المفترض وتتولى‬

‫عملية التكيف هذه تطبيع االنسان وفق هذه المقاييس‪ ،‬وتبعا لذلك أصبح ّا او‬

‫غر إجتاعي مقدار قربه او بعده عن ذلك المقياس‪ ،‬مثال ‪ :‬الرجل الذي كل‬
‫سلوك يعتبر إجتاعي‬
‫‪.‬ال يرتشي لديه سلوك شريف تجاه االمانة‬

‫عر‬
‫فت معاجم علم النفس السلوك على أنه ‪« :‬مجمل االستجابة الكلية على الصعيدين وقد ّ‬
‫الحري والغددي‪ ،‬التي تصدر عن كائن عضوي ازاء اي وضع او موقف‬
‫يواجه هذا الكائن ويدعوه الى القيام برد فعل» (‪( 1‬اما عن السلوك الجتاعي‬
‫بحد ذاته فهو “السلوك الذي يسلكه المرء بالنسبة( ‪(behavior social‬‬
‫للمتطلبات والمستلزمات االجتاعية وحيال الجاعة التي ينتمي اليها او ازاء‬
‫االفراد اآلخرين ‪( 2( ”.‬وفق نظام اجتاعي وطابع توافقي للعالقات االجتاعي‪.‬‬
‫ويلعب في تحديد السلوك االجتاعة جملة عوامل مؤثرة منها ما نفسي ومنها ما‬
‫‪:‬هو اجتاعي‬

‫‪:‬العوامل النفسية للسلوك( ‪1‬‬


‫بفضـــل اختبـــارات الطـــب النفـــسي تبـــن ان هنـــاك الكثـــر مـــن‬
‫المظاهـــر الســـلوكية تعـــود الى دوافـــع آلشـــعورية ونزعـــات تكوينيـــة‬
‫في المراحـــل العمريـــة المبكـــرة ‪ ..‬فالفـــرد اذا اصيـــب في مرحلـــة‬
‫التنشـــئة االولى بصدمـــة عاطفيـــة او نفســـية او جســـمية‬
‫‪11‬‬
‫او انفعالية فأنه من المحتمل ان يصبح شخصا منحرف السلوك تنبذه جاعته‬
‫وقد يقاسي من هذا النبذ طيلة حياته ويشب على حالة غريبة من التصرفات‬
‫غر الموزونة نتيجة الصراع الداخلي القائم بن القواعد التنظيمية االجتاعية‬
‫المفروضة والدوافع الغريزية التي تحركه لهذا يتحدث عالء النفس االجتاعي‬
‫‪ :‬عن ظاهرتن في اطار هذه العوامل‬
‫وينتج عن تشدد من قبل شخص تجاه آخر‪ ،‬كحال تز أ) مت الوالدين ‪ّ :‬‬
‫االنحراف العصياي‬
‫في معاملة ابنها او يكون نتيجة التناقض في اصدار االوامر بن‬
‫المنع واالستجابة‪ ،‬ومع حالة هذا التضارب – التناقض قد يصل‬
‫المرء الى الشعور بالقهر او االرباك او الالمباالة فليجأ عندها الى‬
‫سلوك اجرامي يعاقب به نفسه‪ ،‬ليتخلص من العقدة الناتجة عن‬
‫الشعور باالساءة والحرة‬
‫ب) االضطراب العاطفي‪ :‬وهو ناتج عن عدم االطمئنان والقلق بل هو مرة‬
‫الحرمان العاطفي ( عدم االشباع) ومثل هذا اإلنعدام والحرمان ال يؤدي‬
‫الى عدم تكيف وحسب بل الى اضطرابات سلوكية‪ ..‬ذلك ان المتوتر‬
‫عاطفيا والقلق والمحروم‬

‫الى مخرج للتعبر عن رغباته‪ ،‬فيأي السلوك االنحرافي مثابة ّ‬


‫مصرف سهل يحتاج للعواطف المكبوتة واالندفاع نحو اعال غر‬
‫معتاد عليها في سبيل اشباعها وتعويض ما فاتهم ‪ .‬كا هو الحال في‬
‫الكبت الجنسي واالتجاه نحو االفالم االباحية‪ ،‬حيث اشارت دراسة‬
‫بالعينة حول تأثرالفضائيات على السلوك االجتاعي للشباب‬
‫الجزائري (السلوك الجنسي موذجا) بأن تأثرها يتعاظم مع نشر‬
‫المعلومات المتنوعة والصور المختلفة حول كافة الموضوعات‪،‬‬
‫وألن التساؤل المطروح هو كيف تؤثر القنوات الفضائية على‬
‫السلوك الجنسي للشباب العري؟ وهل تدفعه‬

‫‪12‬‬
‫الصورة الفضائية إلى تغير سلوكاته الجنسية؟ وجدت الباحثة (‪3‬‬
‫(أن ‪ % 95‬من العينة أكدوا أن المعلومات الجنسية تنقل عن‬
‫طريق وسائل اإلعالم وأن ‪ % 89‬من العينة ذكروا أن التلفزيون‬
‫هو الوسيلة األكر استعاال للحصول على المعلومات ِّ الجنسية ‪،‬‬
‫ذلك أنه مكن األفراد من الحصول على المعلومات بالصور‬
‫وبطريقة مفصلة وذلك بنسبة ‪ % 33‬وأن هناك مجموعة مارس‬
‫الجنس نتيجة تأثرها بالصور الجنسية المعروضة في الفضائيات‬
‫سواء بطريقة مباشرة أو غر مباشرة‪ ،‬أي عن طريق التفكر في‬
‫المارسة أو تحقيق المارسة بعينها ومجموعة أخرى ال مارس‬
‫ا‬
‫ّإلعتقادها أن المارسة الجنسية يجب أن‬ ‫الجنس وترفض المارسة‬

‫تكون ضمن عالقة رسمية مقبولة إجتاعي وهي الزواج‪ .‬اذن‬


‫بطريقة غر مباشرة يؤثر المضمون االعالمي على السلوك‬
‫االجتاعي للفرد في بعض اتجاهاته العاطفية‪ ،‬ذلك أنه يتوجه للفرد‬
‫من أجل تسليته والترفيه عنه أوال‪ ،‬لكنه عبر ما يقوم به من خالل‬
‫هذه التسلية يحمل أفكارا ومعتقدات ينقاد لها المشاهد بأسلوب‬
‫‪.‬عاطفي أكر منه عقلي‬

‫‪ :‬العوامل اإلجتاعية للسلوك( ‪2‬‬


‫برأي بعض الباحثن ال يفسر السلوك االجتاعي فقط من خالل عوامل‬
‫نفسية معينة بحد ذاتها‪ ،‬بأعتبار ما ينتج عن هذا السلوك من مشاكل‬
‫هو تركيب معقد‪ ،‬يشترك فيه عوامل بيولوجية او نفسية او اجتاعية‬
‫‪:‬او اقتصادية واعالمية نذكر لبعضها‬

‫أ) االسرة‪ :‬وفيهـــا تتشـــكل الخطـــوط العريضـــة للشـــخصية االنســـانية حيـــث تضـــع‬
‫‪13‬‬
‫قواعــد التفكــر والمعايــر والقيــم وتأخــذ في تعليــم افرادهــا كيــف‬
‫ينبغــي احــترام مـــاذج الســـلوك‪ .‬وتزويدهـــم بوســـائل التكيـــف‬
‫مـــع المحيـــط لهـــذا ليـــس غبثـــا ان يركــز التربويــون عــلى‬
‫الــدور اسلوبالتنشــئة الــذي تضطلــع بــه االسرة تجــاه افرادهــا في‬
‫مراحــل عمرهــم االولى والالحقــة وذلــك بالســؤال عــن اســاليب‬
‫التنشــئة المتبعــة؟ كيـف تتسـم العالقـات القامـة بينهـا وبـن االبنـاء؟‬
‫في ظـل اي منـاخ اسري يترعـرع االوالد؟ مـــا هـــي طـــرق‬
‫التربيـــة المعتمـــدة‪ :‬ابالتســـلط وفـــرض الـــرأي ام بالحايـــة‬
‫الزائـــدة‪ ،‬أباألهـــال ام بالتدليـــل‪ ،‬أبالقســـوة والتشـــدد أم بالتذبـــذب‬
‫والتســـاهل؟ اذ النظــر في هــذه المســائل يكشــف عــن النمــط‬
‫التربــوي الذيــن ينشــأ عليــه االبنــاء ويصــور الســلوك االجتاعــي‬
‫‪ :‬الــذي مكــن ان يكــون عليــه افــراد االسرة فيــا بعــد‬

‫فاذا ترعرع الولد في بيئة تنتقده على الدوام‪ ،‬نشأ على •‬


‫نبذ أالخرين • ّ واذا نشأ في بيئة اسرية‬
‫تشجعه‪ ،‬تع ّلم أن يثق بنفسه‬
‫واذا عاش في تربية قوامها الخوف يصبح على الدوام •‬
‫متوجسا من الشر • واذا ترى في بيئة متدح‬
‫فضائله‪ ،‬تعلم ان يكون قادرا‬
‫واذا اسس على االنصاف‪ ،‬تعلم ان يقدر العدالة •‬
‫حياته‪• .‬‬
‫ّ‬ ‫أما اذا اومن فقد يترعرع على حب الصدق ومارسه في‬
‫ويــرى علــاء النفــس االج‬
‫ّ تاعــي بــأن طــرق التعامــل في األسرة‬

‫لهــا أثــر بــن عــلى شــخصية أفرادهــا داخــل المنــزل وخارجــه‬


‫ورمــا طــوال حياتهــم وفي مختلــف ســلوكهم االجتاعــي‪ ،‬فعــلى‬
‫ســبيل المثــال أذا نظرنــا الى عالقــة االب‬

‫‪14‬‬
‫‪:‬بأبنته فأنها ُتوصف وفق السياق الذي تتخذه‬

‫أذا منح االب أبنته االهتام وفتح معها جسرا من الحوار الصريح من شأن ‪-‬‬
‫ذلك أن يجعلها ذات ثقة بذاتها وصاحبة أتخاذ قرار وعلى العكس من ذلك أذا‬
‫‪.‬كانت عالقة االب بأبنته متوترة فأن عالقتها بزوجها قد تتوتر في المستقبل‬
‫وعندما يدلل أب أبنته بشكل مبالغ فيه فأنها تعتقد أن هذا هو النمط المناسب ‪-‬‬
‫في التعامل معها والذي يجب ان يكون أن عليه االخرون عند التعامل معها‪.‬‬
‫‪ -‬وهناك أب ينأى بنفسه عن أبنته معتقدا أنه يتبع أسلوب تربوي سليم‪ ،‬أال أن‬
‫ُشعر االبنة بأنها غر ذي قيمة لديه وبالتالي تتعزز مثل هذا االبتعاد من االب ي‬
‫لديها فكرة أنها غر مرغوبة من اآلخر‪ ،‬خاصة الشباب الذين قد‬
‫يتقدم‬
‫ون‬
‫اليها‬
‫للزوا‬
‫‪.‬ج‬
‫أما االب الذي تتعدد عالقاته النسائية وتعلم عنها أبنته فهو مثل بالنسبة لها ‪-‬‬
‫كارثة نفسية الن ذلك يجعلها تشكك في كل من حولها وال تقوى على أقامة‬
‫‪.‬عالقة متوازنة مع أي شخص يتقدم للزواج منها‬
‫وفي حالة البنت التي تترى بعيداً عن األسرة وتحديداً األب فأنها تحاول أن ‪-‬‬

‫تقوي ّ نفسها بنفسها وتبني شخصيتها بطرق مختلفة لتعوض ذاتها عن األمان‬
‫( – الدعم‪ ُ -‬الذي حرمت منه (‪4‬‬

‫ب) الصحبـــة ‪ :‬يتوقـــف أمـــر تأثـــر الصحبـــة في الســـلوك عـــلى‬


‫شرطـــ‬
‫ن‪:‬‬
‫مـــدى‬
‫اإلســـ‬
‫تجابة‬
‫مـــن‬
‫قبـــل‬
‫الفـــرد‬
‫نفســـه‬
‫‪،‬‬
‫ومقـــدا‬
‫ر‬
‫تأثـــر‬
‫اآلخر‬
‫يـــن‬
‫عـــلى‬
‫الفـــرد‬
‫‪..‬‬
‫هـــذا‬

‫‪15‬‬
‫يعنـــي أن ســـلوك الفـــرد اإلجتاعـــي مرهـــون بنوعيـــة‬
‫االصدقـــاء واالصحـــاب الـــذي يرافقهـــم‪ ،‬مـــدى الوقـــت الـــذي‬
‫يقضيـــه معهـــم وطبيعـــة االعـــال التـــي يجتمعـــون ألجلهـــا‬
‫(لهـــو وتســـلية ‪ /‬دراســـة‪ /‬تحقيـــق هوايـــة مفيـــدة‪ ).. /‬وقـــد‬
‫بينـــت بعـــض‬
‫الدراســات ان مــزاج االطفــال مثــال واحكامهــم التقديريــة يتفــق‬
‫مــا نســبته ‪ % 45‬مــع والديهــم و‪ % 35‬مــع اصدقائهــم وبنســبة‬
‫‪ % 5‬مــع معلميهــم وهــذا يشــر الى اهميــة دور الصحبــة التــي‬
‫تلعبــه في تقريــر ســلوك الرفــاق‪ .‬كذلــك بينــت دراســة ميدانيــة‬
‫عــن الشــباب ان ‪ % 29‬منهــم يــرون ان معيــاري القرابــة‬
‫والجــوار الســكني يشــكالن االطــار االفضــل الختيــار االصدقــاء‬
‫والرفــاق وان مــدى االختــالط والمعــاشرة في هذيـــن الوســـطن‬
‫قويـــة جـــدا اذا مـــا قيســـت مثيالتهـــا في المدرســـة والجامعـــة‬
‫ومـــكان العمـــل مـــا يســـاعد عـــلى امكانيـــة التأثـــر المتبـــادل‬
‫(بـــن جاعـــة الرفقـــة الشـــبابية بســـهولة أكـــبر (‪5‬‬

‫ج) الظروف االقتصادية‪ ،‬بحسب رأي افالطون ان حب الروة والجشع‬


‫المادي هو السبب االهم في السلوك االجرامي‪ ،‬بأعتبار أن سوء األوضاع‬
‫اإلقتصادية وما ينتج عنها من فقر وبطالة وجوع تؤثر على السلوك اليومي‬
‫فتدفع ببعضهم إلى التصرف بعدوانية او عنف من اجل ان يأكل‪ ،‬وقد يعمد‬
‫في سبيل ذلك إلى السرقة أو القتل أو اثارة الشغب او االنضام الى عصابات‬
‫تقوم بأعال غر مشروعة ( تهريب‪ /‬تزوير‪ /‬متاجرة بالممنوع) ما تنعكس‬
‫سلبا عليه أو على اسرته ومجتمعه لهذا يقال البطالة ام الرذائل‪ .‬وفي دراسة‬
‫بالعينة طالت ‪ 92‬أمرأة مارس البغاء سألن هؤالء المومسات عن االسباب‬
‫التي ّ أدت بهن الى مارسة الدعارة كمهنة‪ ،‬لتأي االسباب االقتصادية (‪52‬‬
‫(‪ %‬في رأس قامة‬

‫‪16‬‬
‫االسباب الدافعة‪ ،‬حيث اشارت حوالي نصف العينة الى ان الظروف‬
‫االقتصادية الصعبة من ّ فقر وعوز وحاجة الى المال هي ما يدفعهن‬
‫غالبا الى استخدام البغاء كوسيلة للعيش(*)‪ ،‬حيث تبن لدى من‬

‫نسبتهن ‪ % 5.1‬أن الحاجة لالل هي والسعي اليه مهم بأية وسيلة ّ‬


‫كانت‪ ،‬بل هو كل شئ بالحياة حسبا عبر من نسبتهن (‪ %(30‬عن‬
‫ذلك‪( 6(.‬فهل مكن القول ان الظروف االقتصادية هي العامل وراء‬
‫السلوك االنحرافي؟ وبالتالي هل السعي نحو المال قد يكون من‬
‫االسباب الدافعة نحو سلوك اجتاعي ما؟‬

‫د) وسائل االعالم‪ :‬ال يختلف اثنان على ما لالعالم من تأثر على مسار حياة‬
‫الناس ليس فقط على تفكرهم ومعارفهم وإما على مسار تصرفاتهم اليومية‪،‬‬
‫فاإلعالم المكتوب عبر الصحافة المكتوبة والمواقع االلكترونية‬
‫والمنشورات تساهم في إيجاد «إتجاه» ذهني خاص لدى المستهلك‬
‫االعالمي‪ .‬حتى تصبح لديه مثابة المعتقد الذي يحرك سلوكه االجتاعي‬
‫وتطبعه بخصائص فكرية وانفعالية مميزة‪ .‬إالّ ّ أن التأثر األبرز فهو لألعالم‬
‫المري من تلفزة وسينا ومسرح وأنترنت وأقراص مدمجة حيث بات لها‬
‫الدور المؤثر في إيجاد ماذج سلوكية معينة يحتذيهاالشباب لجهة الكثر من‬
‫طرق التفكر واللباس والطعام والتعبر عن الرأي‪ ،‬هذا فضال عن تعزيزها‬
‫لما يسمى بالسلوك غر الطبيعي الذي يعني سلوك االجرام واالغتصاب‬
‫والقتل واالعتداء على نحو ما ترد في افالم العنف‪ .‬ونشر في هذا االطار‬
‫الى ظاهرة انتشرت مؤخراً في بروت نتيجة الصرعات المستوردة عبر‬
‫بعض وسائل االعالم‪ ،‬إذ أصبح مألوفا رؤية الشباب بأشكال غريبة‪،‬‬
‫فتسريحات الشعر مستوحاة من أشكال‬

‫‪17‬‬
‫الديناصورات والمخلوقات الفضائية الخرافية وااللبسة الداخلية ال بد‬
‫من ابرازها‪ ،‬وهناك الذين يخفون وجههم بشعرهم االسود المسدول‬
‫على العن وتلك اللواي يرتدن مالبس ضيقة جدا عليها رسوم‬
‫وخربشات لنجوم الهارد روك ميزهن خصالت شعر وردية أو‬
‫مصبوغة بلون نبيذي فاقع مع ارتداء لسالسل معدنية كثرة في الرقبة‬
‫والعن واالنف واماكن متعددة من الجسم يعرفون بجاعة ال‪ :‬أآلموز‬
‫ومن تأثرات االعالم على طالبات جامعيات لجهة(‪(s’EMO ..‬‬
‫الملبس ما يعرف بصرعة الـ‪“ :‬غوثيك”‪ ( ،‬نسبة لمجتمع الغوث الذي‬
‫عرفته اوروبا ايام االمبرطوارية الرومانية وهم فالحون اميون بسطاء‬
‫لهم اسلوب هادئ بالتعاطي مع الناس) ما ميز فتيات هذه الصرعة‬
‫ارتدائهن لفساتن سوداء مخرمة وجزمة الجندي العسكرية واستاعهم‬
‫‪.‬الدائم لموسيقى الهارد روك‬

‫‪:‬انواع السلوك *‬
‫‪ :‬مكن التمييز بن انواع عدة من السلوك‪ ،‬نعرض لبعضها‬
‫السلوك المتعالي ‪ :‬يتمثل في النظر الى المجتمع نظرة فوقية‪ ،‬متصورا( ‪1‬‬
‫صاحب هذا السلوك نفسه على انه فوق طينة البشر وباقي افراد المجتمع هم‬
‫على شئ من الدونية او البدائية وكثر ما يعود هذا السلوك الى اسس نفسية‬
‫مبعثها االعتداد او الثقة المفرطة في النفس ‪ .‬نقيض هذا السلوك هو‬
‫«التواضع» التي يتمثلّه االشخاص المشبعن بقيم دينية وفكرية سامية‬
‫الســـلوك الجاهـــل‪ :‬يظهـــر عنـــد أؤلئـــك االفـــراد الذيـــن يقدمـــون( ‪2‬‬
‫ألول مـــرة الى محيـــط غريـــب عليهـــم‪ ،‬حيـــث يجهلـــون العـــادات‬
‫والتقاليـــد والقيـــم فيقعـــون في حاقـــات كثـــرة عـــن غـــر قصـــد (‬
‫كحـــال الريفـــي او ســـاكن الباديـــة حـــن‬

‫‪18‬‬
‫يــزور المدينــة ألول مــرة) ذلــك الن صاحــب هــذا الســلوك‬
‫يتــصرف وفــق معايــر ســبق ان مارســها وطبقهــا في مجتمعــه‬
‫واذا مــا حــاول ن مارســها في المجتمــع يبــدو ســلوكه مســتغربا‬
‫قــد يبعــث عــلى الضحــك او االســتهزاء لهــذا يــتردد بعضهــم‬
‫‪.‬عــن فعــل شــئ اذا كان في مجتمــع غريــب عنــه‬
‫السلوك الناقم ‪ :‬ويظهر على بعض المنهزمن من معركة المجتمع نتيجة( ‪3‬‬
‫تتالي الفشل المتكرر واإلحباط واليأس‪ ،‬يضاف إليهم «المعقدون نفسيا»‬
‫الذين فشلوا في التوافق مع المجتمع فيسلكون سلوكا ساخطا على كل‬
‫القوانن الوضعية‪ ،‬اصحاب السلوك الناقم نزعوا ثقتهم من كل المحيطن بهم‬
‫‪.‬وقد ال يعلنون عن ذلك ولكنهم يتصرفون على اساس انتقامي‬
‫يضربون بعرض الحائط كل االعتبارات والقيم والمعاير لهذا يبدو سلوكهم‬
‫ناقا‪( 4 .‬السلوك المتوازن‪ :‬حيث ال تعال وال جهل وال نقمة بل يتصرف‬
‫المرء على اساس موضوعي‪ ّ ،‬يقدر ثقافة المجتمع الذي يعيش فيه ويتفاعل‬
‫معه‪ ..‬هذا ال يعني انه ال يواجه صعوبات ومشاكل واما يعمل بكل هدوء‬
‫وإتزان على وأستيعابها وتداركها ضمن قدراته دون أي سلوك انتقامي‪.‬‬
‫ميزة صاحب هذا السلوك انه منسجم مع ذاته ويعمل دوما على تحسن‬
‫ضغوط البيئة التي يعيش فيها‪ ،‬ويتمتع بقوة شخصية خالية من العيوب‬
‫واالمراض النفسية ويحسن طرق التواصل والتعبر مع االخرين بعيدا عن‬
‫»الثورة والعنف‪.‬لهذا يعرف بصاحب السلوك « المتكيف‬
‫هل يوجد سلوك سوي مئة بالئة من الوجهة االجتاعية؟ الى اي مدى مكن*‬
‫أعتبار السلوك غر الشريف أنحراف عن‬
‫المعيار وبحاجة الى عملية ضبط؟‬
‫مــن مــاذج الســلوك غــر الشريــف تذكــر المهــن التــي تــدور حــول‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ر‬
‫ب‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ح‬
‫ا‬
‫ل‬
‫س‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ع‬
‫ب‬
‫ا‬
‫ل‬
‫و‬
‫س‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ا‬
‫ئ‬
‫ل‬
‫ا‬
‫ل‬
‫س‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ه‬
‫ل‬
‫ة‬
‫ب‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫د‬
‫و‬
‫ن‬
‫خ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ر‬
‫ق‬
‫ل‬
‫ل‬
‫ق‬
‫و‬
‫ا‬
‫ن‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ن‬
‫ب‬
‫ش‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ك‬
‫ل‬
‫ص‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ح‬
‫أ‬
‫م‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ا‬
‫م‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ن‬
‫خ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ل‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ت‬
‫ح‬
‫ا‬
‫ي‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ل‬
‫ع‬
‫ل‬
‫ي‬
‫ه‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ا‬
‫‪،‬‬

‫‪19‬‬

‫من الناس بشكل أحترافي في أعال سهلة مربحة دون الوقوع في فخ السلوك حيث يعمل نفر ٌ‬
‫الجانح وينجحون في قلب المفاهيم التي دفعتهم للقيام بهذه االعال حتى تبدو‬
‫وكأنها كانت بحكم الضرورة‪ ،‬كذلك هناك من يخرج عن ّ ما هو شائع من‬
‫قبول طوعي للقواعد لعدم أقتناعه بها ويقدم التبريرات الكافية التي جعلته‬
‫يخرج عنها‪ ،‬فهي بالنسبة له ليست مستنكرة أوممنوعة أومحظورة واال لما‬
‫‪.‬كانت سائدة في مجتمعات أخرى مختلفة عن بيئتهم ومجتمعهم‬

‫ف األجتاعي السطحي‪ ،‬المبرر بأعذار أقبح من هنا مة فئة جانحة تحت ّ ّ‬

‫ستار من التكي أرتكابها‪ ،‬عمالً بالمبدأ الميكافيللي‪ :‬الغاية تبرر الوسيلة‪،‬‬


‫فأمورهم تتعلق بالغايات أكر ما تتعلق بالوسائل‪ ،‬فهم يريدون الوصول الى‬
‫غاياتهم ومنافعهم الخاصة ولكن عبر طرق مشكوك في أمرها‪ّ ،‬ا كان أمر‬
‫السلوك (التصرف) فأنه بحاجة الى قاعدة (معيار‪/‬عرف) والى سلطة (ضبط)‬
‫تراقب أي‬
‫تنفيذه فأذا غابت الرقابة كر األعتداء على القاعدة وأذا غاب التعاضد ُ‬
‫االجتاعي ّكر السلوك غر الشريف الذي قد يتحول مع الوقت الى أنحرافات‬
‫خطرة‪ .‬لكن النقاش عند العاملن في الدراسات االجتاعية آلزال مفتوحا ً وذلك‬
‫ألختالف وجهتي النظر بن‪ :‬البحث لماذا ينحرف الناس؟ الى البحث ُرجع كثر‬
‫من الباحثن التصرفات المنحرفة ما الذي يدفع الناس الى االنحراف؟ في‬
‫الوقت الذي ي‬
‫الى شخص مرتكبها‪ ،‬هناك باحثن آخرين يعتبرون مسؤولية األنحراف ليست‬
‫محض شخصية وأما هناك مسؤولية أجتاعية أيضا في حدوثها‪ ،‬ذلك أن كثر‬
‫من حاالت األنحراف تكون كرد فعل على فعل (التالمذة المشاغبون‪..‬هل هم‬
‫يشاغبون ويعمدون الى السلوك الفوضى من تلقاء ذاتهم أو كرد فعل على‬
‫مارسة قهرية مرون بها؟) وبالسياق ذاته بالنسبة للناس الذين ينقصهم اللطف‬
‫والتهذيب تصبح فظاظتهم وتصرفاتهم مثرة للريبة‪ .‬قد يكون الجواب على‬

‫تصرفاتهم بديهي وهو أن ّنهم تربيه صالحة‪ ،‬لكن مة أسباب أخرى خلف‬

‫«السلوك الالتربوي» الذي يقوم به أمهاتهم م يربي‬

‫‪20‬‬
‫بعضهم وهو أن الناس نتاج األمكنة التي يأتون منها‪ ،‬ونتاج القيم السائدة في‬
‫بيئتهم ونتاج المعاملة حيث يعملون‪ ،‬ذلك أن القيم والمناخ االجتاعي له تأتر‬
‫كبر على سلوك االفراد‪ .‬وعلى ذلك ال يفهم السلوك السوي وال يدرك إال‬
‫بالسلوك الشاذ عمالً بقاعدة‪ :‬بضدها تتميز األشياء‪ ،‬وهكذا إذ كان السلوك‬
‫الشاذ (غر الشريف) هو السلوك الذي يحدث في مجتمع دون اعتبار للنظم‬
‫ومراعاة القوانن المعمول بها ويظهر على شكل انتهاك صارخ يجر على‬
‫صاحبه آثار سيئة وقد تلحق به إضرارا ال تقدر بثمن‪ ،‬فأن السلوك السوي‬
‫يفهم على انه التصرف النبيل وفق معاير المجتمع وااللتزام االخالقي‬
‫مقتضيات اآلداب العامة وانظمة العمل واحترام شرعة القوانن التي تنتهجها‬
‫‪.‬هيئة أو دولة ما تجاه ابنائها بشكل واع ومدرك ومسؤول‬

‫‪:‬في الخالصة‬
‫يبقى السلوك االجتاعي للفرد غر ثابت علميا وعمليا‪ ،‬إذ قاّل يوجد سلوك‬
‫إجتاعي سليم خال ُرضي جميع االذواق في سلوكياته‬
‫من المآخذ حتى ضمن الجاعات المتجانسة نجد من ال‬
‫مكن ان ي‬
‫ُ‬
‫وي من لباقة ومقدرة‪ ،‬فأرضاء جميع االذواق ونيل ثقة الناس جميعا امر مستحيل وتصرفاته مها أ‬
‫ولعل السبب في ذلك يعود الى تبدالت الحال من الفرد نفسه ومن الوسط الذي‬
‫يعيش فيه‪ ،‬فكل منها يتحرك والسلوك االجتاعي يفترض ان يكون متحركا‪..‬‬
‫ما يعني ان السلوك مرهون بحركة المجتمع االفقية والعامودية‪ ،‬اي ما كان‬
‫مقبوالً كسلوك منذ سنوات قد يبدو مستهجنا اليوم وما يؤخذ به من تصرفات‬
‫في مجتمع ( الريف) قد ال يكون له االهمية واالعتبار ذاته في مجتمع آخر‬
‫(المدينة) لهذا يرى بعض عالء النفس االجتاعي بأنه ال مكن تحديد قواعد‬
‫‪.‬للسلوك اال بطريقة افتراضية او تقريبية‬

‫‪21‬‬
‫وعلى ذلك سوف نقارب مفاهيمنا للسلوك االجتاعي الخاص بالفرد في عدة‬
‫مواقع‬
‫مر بها‬
‫وهي‬
‫على‬
‫‪:‬التوالي‬
‫الفرد والسلوك القيادي‪1 .‬‬
‫الفرد والسلوك الجاهري‪2 .‬‬
‫الفرد والسلوك التفاعلي‪3 .‬‬
‫الفرد والسلوك التمثيلي‪4 .‬‬
‫‪22‬‬
‫الفرد والسلوك االعالمي‪5 .‬‬
‫‪:‬هوامش المقدمة‬

‫د‪.‬اسعد رزوق‪ ،‬موسوعة علم النفس‪ ،‬المؤسسة العربية للدراسات( ‪1‬‬


‫والنشر ‪ ،‬بروت‪ ،‬لبنان‪/‬‬
‫‪( 2 1987‬د‪.‬اسعد رزوق‪،‬‬
‫المرجع نفسه‬
‫ليلى سيدي موسى‪ ،‬إشكالية التربية الجنسية في األسرة الجزائرية (دراسة( ‪3‬‬
‫ميدانية لتالميذ ثانوية مدينة البليدة)‪ ،‬رسالة ماجستر في علم االجتاع التربوي‪،‬‬
‫‪).‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتاعية‪ ،‬جامعة الجزائر‪، )2001 .‬غر منشورة‬
‫د‪.‬مأمون طربيه‪ ،‬علم االجتاع في الحياة اليومية‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بروت ‪4 (/‬‬
‫لبنان‪( 5 2010 ،‬المشكالت االجتاعية لالسرة‪..‬دراسة ميدانية حول أوضاع‬
‫الشباب»‪ ،‬د‪.‬اسعد االتات‪ ،‬مجلة العلوم االجتاعية‪ ،‬منشورات معهد العلوم‬
‫االجتاعية‪ ،‬بروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬العدد الثاي ‪ )* 1992‬في تحقيق صحفي بعنوان‪« :‬‬
‫بائعات الهوى‪ :‬ابيع جسدي ولست بعاهرة» تقول احدى المومسات لألعالمية ‪:‬‬
‫«ما تفكري انو انت او غرك احسن مني‪ ،‬مثل ما انت بتستعملي قلمك لتعيشي انا‬
‫بستعمل جسمي» (عن مجلة الحسناء اللبنانية‪ ،‬العدد ‪، 1087‬كانون االول‬
‫(‪2009‬‬
‫البغي بن الضحية والمجرمة‪ :‬واقع البغاء في لبنان»‪ ،‬رسالة اعدت لنيل( »‪6‬‬
‫شهادة اإلجازة في قسم االشراف الصحي االجتاعي‪ ،‬سنا حديب وطالبات‬
‫‪.‬آخريات‪ ،‬الجامعة اللبنانية ‪ /‬كلية الصحة العامة ‪ ،‬صيدا‪2010 ،‬‬

‫‪23‬‬
‫‪24‬‬
‫المحور االول‬

‫الفرد والسلوك القيادي‬

‫لو سألنا عشرة أشخاص في أن يحددوا لنا مفهوم القيادة فسوف نسمع منهم ّ‬
‫تعريفات متنوعة‪ ،‬وهكذا الحال بالنسبة للباحثن الذين أختلفت تعريفاتهم عن‬
‫القيادة بأختالف وجهات النظر‪ ،‬لكنهم أجمعوا على أعتبار القيادة ُترادف‬
‫التأثر‪ ،‬أي هي القدرة على أن يكون لك اتباع‪ ،‬اذ في الوقت الذي يصبح لديك‬
‫القدرة على أن متثل لك احدهم أو يتبعك في بعض مواقفك فأنك في موقع التاثر‬
‫‪.‬وبكالم مواز أنت ‪ :‬قائد‬

‫وقد بن السوسيولوجين ان من يؤثر في شخص واحد مكن ان يؤثر في أآلف ّ‬


‫االشخاص بأعتبار ان تأثرك في أحدهم سيؤثر بدوره في آخر واالخر بآخر‬
‫وهكذا دواليك‪ ،‬ما يعني انه في كل لحظة هناك متأثر ومؤثر‪ ،‬جميعنا نعيش‬
‫شبكة من العالقات التبادلية القامة على التأثر والتأثر‪ .‬لهذا أولى عالء االجتاع‬
‫أهتامهم موضوع القيادة لما له من عالقة بنظرية الحراك االجتاعي وحديثهم‬
‫عن النخبة والقوة والتغير االجتاعي عندما أشاروا ضمن هذا االطار الى ان‬
‫القيادة مرتبطة مصطلحات أخرى منها‪ :‬القوة ‪ /‬السلطة‪ /‬المكانة‪ /‬االشراف‪/‬‬
‫السيطرة ‪ /‬الضبط‪ .‬وفي هذا السياق يرى الباحث‬
‫جون ماكسويل في أحدى مؤلفاته عن القيادة بأن القادة الممتازون يتجنبون‬
‫أن يكون القائد‪. i .‬االخطاء السبع التالية‬
‫محبوبا اكر منه محترما‬
‫عندما ال يسأل فريق عمله النصيحة والمساعدة‪ii .‬‬
‫عندما ال يقوم بالنقد البناء‪iii .‬‬

‫‪25‬‬
‫عندما ال يطور حس المسؤولية لديه او لدى المجموعة‪iv .‬‬
‫عندما يفشل في تقدير مقام الناس ضمن جاعته‪v .‬‬
‫‪.‬عندما ال يغر من نهج قيادته بشكل يتالءم مع العصر‪vi .‬‬

‫ـ تعريف القيادة ‪1‬‬


‫بالنسبة لعلم النفس االجتاعي تعتبر القيادة واحدة من أهم المفاهيم المرتبطة‬
‫ببناء الجاعات بل أن فاعلية الجاعة تعتمد في جزء كبر منها على درجة تآزر‬
‫االعضاء وتوجههم نحو الهدف‪ ،‬الذي نادراً ما يحدث إن م يكن في الجاعة من‬
‫يقوم مهمة القيادة‪ .‬وال بد من التمييز هنا بن القائد والقيادة‪ ،‬فالقيادة تشر الى‬
‫العملية في حن ان القائد يشر الى الشخص الذي يشغل مركز اداري داخل‬
‫الجاعة وهو من الناحية السيكولوجية « الشخص الذي يأخذ الدعم من أعضاء‬
‫جاعته ويكون قادرا على التأثر في سلوكهم دون تدخل سلطة خارجية»‪.‬‬
‫ويذهب فيدلر الى القول بأن القيادة تعني أفعاال معينة يزاولها القائد من توجيه‬
‫محكم لما يقوم به أعضاء الجاعة من عمل‪ ،‬أما الباحث ستوجدل فيعتبر بأن‬
‫القيادة هي عملية التأثر في أنشطة الجاعة العداد الهدف وللحصول‬
‫عليه‪( 1(..‬وعملية التاثرهذه ال تتم اال اذا توافرت في ّ‬
‫ممثلها‬
‫السات التالية‪ - :‬االتزان‬
‫النفسي والفكري‬
‫االستعداد للعمل ‪-‬‬
‫التنسيق الكامل ومرونة في التعامل مع االعضاء ‪-‬‬
‫الثقافة الشاملة ‪ /‬سعة العلم‪ /‬منطقية التحليل ‪-‬‬
‫الشجاعة والمصارحة ‪-‬‬
‫المهارة في التعامل مع الناس وهذا يتطلب نوعا من الذكاء ‪-‬‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ا‬
‫ج‬
‫ت‬
‫ا‬
‫ع‬
‫ي‬
‫‪-‬‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ق‬
‫د‬
‫ر‬
‫ة‬
‫ع‬
‫ل‬
‫ى‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ت‬
‫ق‬
‫م‬
‫ص‬
‫ا‬
‫ل‬
‫و‬
‫ج‬
‫د‬
‫ا‬
‫ي‬
‫ا‬
‫ي‬
‫ف‬
‫ه‬
‫م‬
‫و‬
‫ا‬
‫د‬
‫ر‬
‫ا‬
‫ك‬
‫م‬
‫ش‬
‫ا‬
‫ع‬
‫ر‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ا‬
‫خ‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ن‬
‫و‬
‫د‬
‫و‬
‫ا‬
‫ف‬
‫ع‬
‫ه‬
‫م‬
‫‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫القدرة على إدارة المناقشات وحل المشكالت وإستيعاب األزمات المشحونة ‪-‬‬
‫باالنفعاالت‬
‫‪.‬المتوترة‬
‫الحكمة في أصدار االوامر وأتخاذ القرارات والمشاركة فيا يعترض الجاعة ‪-‬‬
‫من صعوبات‪ .‬وباالطار ذاته أشار علم النفس السياسي الى أن القائد غالبا ما‬
‫يكون لديه هوس بصحته وإقتناع تام بكاله وتفوقه على اآلخرين بصفاته غر‬
‫العادية‪ ،‬وال يكون ذلك عن طريق أرتباطه باآلخرين او أي أنجاز حقيقي يقوم‬
‫به هو نفسه وأما من خالل ما ينعكس على ذاته من تقدير اآلخرين له‪،‬‬
‫فتتضخم ذاته تضخا نرجسيا ويزداد تعلقه بهذه الصورة حيث أن قيمته وهويته‬
‫تقومان عليها‪ ،‬وأذا تجرأ احد على جرح نرجسيته أو قلل من شأنها او أنتقده‬
‫ثارت ثائرته وأصبحت هناك مؤامرة بنظره ( وهذا ما يفسر أحكام االعدام‬
‫التي تصدر عن القائد المهووس عندما يعارضه أحد) وتتضح شدة االستجابة‬
‫العدوانية في حقيقة ان القائد الرجسي ال يغفر أبدا لمن أساء اليه أو جرح‬
‫«كبرياؤه» ويظل يبحث عن االنتقام حتى يشفي غليل نرجسيته‬
‫المجروحة‪...‬غر ان الرجسية ال تكفي وحدها لتفسر سلوك القادة السياسين‪،‬‬
‫‪:‬فبرأي رواد هذا العلم هناك فئات متعددة من قادة هذا النمط منها‬
‫من يختلق االزمات حتى يجاهر خوفه من الموت‪i .‬‬
‫من يكمن فيه الشك والتوجس واالنعزال االجتاعي‪ii .‬‬
‫من يبحث عن عدو أنفعالي ليصب عليه جام غضبه‪iii .‬‬
‫من يبالغ في أهتامه بالذات بأتباع مبدأ ‪ :‬أنا أو ال أحد‪iv .‬‬
‫‪ .‬من ميل الى التصلب ويتمسك عنيدا بسياسة فاشلة‪v .‬‬
‫ومــن ناحيــة اخــرى يفضــ ّل كثرمــن الباحثــن تعريــف القائــد بأنــه‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ش‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫خ‬
‫ص‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ذ‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ب‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ذ‬
‫ل‬
‫ت‬
‫أ‬
‫ث‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ر‬
‫إ‬
‫ي‬
‫ج‬
‫ا‬
‫ب‬
‫ي‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ا‬
‫أ‬
‫ك‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ب‬
‫ر‬
‫ع‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ل‬
‫ى‬
‫أ‬
‫ع‬
‫ض‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ا‬
‫ء‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ج‬
‫ا‬
‫ع‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ة‬
‫م‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ا‬
‫ي‬
‫ب‬
‫ذ‬
‫ل‬
‫و‬
‫ن‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ه‬
‫ن‬
‫ح‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫و‬
‫ه‬
‫‪،‬‬
‫و‬
‫ي‬
‫ش‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ر‬
‫م‬
‫ص‬
‫ط‬
‫ل‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ح‬

‫‪27‬‬
‫ايجاي» الى التأثر المرغوب من القائد‪ ،‬لهذا تبن لنا ان احراز اي فرد«‬
‫لمركز قيادي في الجاعة ليس حدثا راجعا للصدفة بل يعزى للعديد من‬
‫المتغرات المتعلقة بشخص القائد وبالموقف وبالجاعة‪ ،‬كذلك فأن مشاركة‬
‫الفرد في الجاعة يعتبر من النتائج التي اكدتها البحوث المختلفة‪ ،‬فالشخص‬
‫الذي تكون مشاركته في الجاعة بصورة عالية من المحتمل ان يصبح قائدها‪،‬‬
‫ليس كذلك فحسب فقد تبن ايضا‪ -‬وحسبا اشار الباحث ستوجدل‪ -‬ان االفراد‬
‫الذين ملكون درجة عالية من المعرفة والذكاء والمهارة والثقة بالقدرات الذاتية‬
‫يكونوا مؤهلن اكر من غرهم لشغل مركز قائد‪ ،‬وفي احد الدراسات التي قام‬
‫بها كارتر ونكسون حول القيادة‪ ،‬وجد ان الطالقة اللفظية واالستعداد الكتاي له‬
‫عالقة بأحراز القيادة‪ ،‬وفي هذا السياق ذكر العديد من عالء النفس ـ وبناء على‬
‫دراسات تطبيقية ـ الى وجود خصائص اخرى ميز القادة منها السات البدنية ‪/‬‬
‫القدرة على االبتكار االبداع وبعدها في االهمية القدرة على التعبر والطالقة‬
‫اللفظية‪ ،‬وقد اُعتبرت الصفة االخرة هي من اهم الصفات‪ ،‬يليها الحاسة ‪ /‬الثقة‬
‫بالنفس ‪ /‬المشاركة الوجدانية‪ /‬قوة الذاكرة‪ /‬وقوة النضج الذهني والضبط‬
‫(‪ .‬االنفعالي‪2(..‬‬
‫انطالقا من هذه التعريفات والسات الخاصة بالقادة صنف الباحثون اماط‬
‫القيادة وانواعها في‬
‫تصنيفات عديدة‬
‫‪:‬ابرزها‬

‫‪:‬القيادة الفردية( ‪1‬‬

‫فارضا‬
‫ّ‬ ‫كزا السلطة في هذا النمط القيادي تخضع مبادرة الجاعة إلرادة فرد‬

‫عليها قرارته ومر ُ ّ صدر االوامر ويصر على أطاعتها‪ُ ،‬شرك أو يستشر‪،‬‬
‫يفي يده‪ ،‬ينفرد بوضع الخطط دون ان ي يعاقب كيفا يريد ويتبعد عن‬
‫اعضاء جاعته كثرا فال يرونه اال نادرا‪ ..‬في بعض االحيان تكون القيادة‬
‫الفردية مطلوبة في المواقف الصعبة‪ ،‬خاصة عندما تستدعي الضرورة‬
‫أظهار رقابة‬

‫‪28‬‬
‫في‬
‫صبح القائد الفردي مثال اول من يدخل العمل وآخر من يخرج‪ ،‬يحضر شديدة على التنفيذ‪ُ ،‬‬
‫عتقد انه سيزورها‪ ..‬إن القيادة الفردية في عمقها ال مكن دون دون سابق أنذار الى أماكن ال ُ‬
‫ي‬
‫أن تعني إال مارسة المركزية على جميع المستويات من قبل فرد معن‬
‫وبسبب تلك‬
‫المارسة‬
‫ُصبح‬
‫مصدر كل‬
‫شيء‪ ،‬فهو‬
‫الذي يقرر‬
‫ما يراه‬
‫مناسبا له فيا‬
‫يخص‬
‫الجاعة الذي‬
‫المنحصرة‬
‫به ي‬
‫يقوم بقيادتها‪ ،‬سواء كانت دولة أو وزارة أو إدارة أو منظمة رسمية أو غر‬
‫رسمية أو حزبا‬
‫أو نقابة أو‬
‫‪:‬جمعية‪ ،‬أذ‬

‫‪،‬هو الذي يوظف األجهزة المكونة لذلك اإلطار لتنفيذ القرارات ‪-‬‬
‫‪،‬وهو الذي يوجه عمل تلك األجهزة ‪-‬‬
‫‪.‬وهو الذي يتفاوض مع المنظات و اإلطارات األخرى ‪-‬‬
‫وهو الذي يزايد بأسم اإلطار الذي يقوده‪ ،‬أو يقدم تنازالت كا يحصل في ‪-‬‬
‫اإلطارات المختلفة دوال ومنظات وأحزابا‬
‫‪.‬وجبهات ونقابات‬
‫والقيادة الفردية تلغي حرية األفراد والجاعات ألن الحرية كيفا كان نوعها‪،‬‬
‫ذلك إن الحرية ُتشعر كل فرد بحقوقه االقتصادية واالجتاعية والثقافية‬
‫والمدنية والسياسية‪ ،‬وهي حقوق تجمع بن الخصوصية الفردية والشمولية‬
‫االجتاعية‪ .‬كا تحتم التفكر في وسائل فرض تلك الحقوق واللجوء إلى‬
‫توظيف تلك الحقوق يجعل الناس جميعا في تناقض مع القيادة الفردية التي‬
‫ليس من مصلحتها ان يتمتع الناس بحقوقهم المختلفة‪ .‬ولذلك تلجأ هذه‬
‫القيادة إلى الدخول في عملية حرمان األفراد وأعضاء التنظيات من الحرية‬
‫على اختالف نوعها حتى يسلموا من الضغط الذي يفرض تلبية مطالب‬
‫المتضررين من غياب الحرية‪ .‬كا ان القيادة الفردية ال تسعى في مارستها‬
‫اليومية وفي سياستها إلى تحقيق العدالة االقتصادية واالجتاعية والثقافية‬
‫والمدنية والسياسية التي‬

‫‪29‬‬
‫تجعل الناس في مستوياتهم المختلفة يتمتعون بحقوقهم المختلفة‪ .‬ألن تحقيق‬
‫العدالة في الواقع ال يعني إال التضحية بالمصلحة الفردية في مقابل سيادة‬
‫المصلحة الجاعية‪ ،‬هو ما ال تقبله القيادة الفردية حتى تستمر في استبدادها‬
‫‪.‬وبروقراطيتها‬

‫‪:‬القيادة الدموقراطية( ‪2‬‬


‫تعمل على أظهار مبادرة كل فرد وعلى تقبل جميع االقتراحات من أعضاء ّ‬
‫الجاعة وكوادرها‪ ،‬تبادل االوامر خاللها يتم بلهجة هادئة‪ ،‬يشرح القائد‬
‫المهات لمرؤوسيه بشئ من الحاس والفاعلية‪ ..‬يحثهم على العمل بادئا‬
‫بنفسه كقدوة‪ ،‬تشرف هذه القيادة على كل خطوة تنفيذ وتعتمد النقاش سبيال‬
‫في الوصول الى الهدف أو ألجل الفعالية او لحل المشكالت‪ (.‬مفهوم‬
‫المناقشة في هذه القيادة اليعني بالضرورة المجادالت التي تتم إلضاعة‬
‫الوقت واظهار الذات بل تعني عملية عصف االفكار المطلوبة من أجل‬
‫)‪..‬اختيار اآلراء المفيدة لصالح الجاعة‬

‫وفي إط ُّ ار القيادتن – الفردية والدموقراطية‪ -‬يدور نقاش حول أي النوعن‬


‫يجب ان تترك القيادة في يد واحدة أم لدى قلة‬
‫االكر أهمية ومسؤولية‪ :‬هل‬

‫من االفراد؟ ذهب البعض الى القول بتر‬


‫ّكز القيادة في يد واحدة لزيادة الكفاءة‬

‫ومنع الفوضى وتفشي االضطراب‪ ،‬بينا آخرون ذهبوا في االتجاه المعاكس‬


‫حيث اعتبروا ان مثل هذه القيادة (الفردية) مكن ان تقلل من الروح المعنوية‪،‬‬
‫كا مكن ان تخلق الكثر من الصراعات بن القائد واالعضاء‪ ،‬لذلك رأو اهمية‬
‫الروح الجاعية في العمل والمسؤوليات‪..‬ازاء هذا التباين ّها أفضل قدم الباحث‬
‫السيكولوجي ليبت موذجا تطبيقيا عندما أراد ان يختبر تأثربن القيادتن في أي‬

‫‪30‬‬
‫القيادة الدموقراطية والتسلطية على السلوك‪ ،‬فأختار لذلك مجموعة من االطفال‬
‫تقوم بعدة انشطة فنية ( اشغال يدوية من الفخار أو الورق‪ /‬رسوم‪ )../‬تحت‬
‫اشراف مدربن في انواع مختلفة من القيادة‪ ..‬فتبن له فروق واضحة بسلوك‬

‫االطفال في ظل مط القيادة المارس‪ .‬اذ عندما كان المدربون ُ االطفال ظهروا‬

‫اكر اهتاما بعلمهم ‪ /‬اكر تقربا من القائد وحباًمارسون «الجو الدموقراطي» مع‬
‫له‪ ،‬اقل سيطرة وتسلطا تجاه بعضهم البعض واكر حاسا للبناء واالداء‬
‫والمشاركة على عكس الواقع الذي ظهر عندما مورس عليهم قيادة تسلطية‬
‫‪:‬حيث بدو اكر عدوانية وتنافسا وذلك على النحو التالي‬

‫‪:‬في المناخ الدكتاتوري *‬


‫قام المدرب‪ /‬القائد وحده بوضع خطة العمل‪i .‬‬
‫وزع العمل لالطفال خطوة خطوة وم يعطهم فرصة التعرف‪iiّ .‬‬
‫حدد بنفسه نوع‪ iii .‬على كل الخطوات‬
‫العمل واالفراد الذين يقومون به‬
‫قام بتوجيه الثناء والمدح ليس على اساس موضوعي ولكن على‪iv .‬‬
‫ظل بعيدا عن‪ v .‬اساس استنساي‪ /‬ذاي‬
‫‪.‬التدخل اال في حالة شرح الخطوات‬

‫‪:‬في المناخ الدموقراطي *‬


‫أخذ القائد رأي الجاعة (االطفال) في القرارات التي تتخذ‪i .‬‬
‫قام المدرب‪ /‬القائد مناقشة الجاعة‪ ii .‬بخصوص النشاط‬
‫في الخطة للتوصل إلى أهداف‬
‫اشترك الجميع في أختيار نوع العمل واالفراد الذي قاموا به‪iii .‬‬

‫‪31‬‬
‫قام القائد بنقد االطفال على اساس موضوعي وليس على اساس ذاي‪iv .‬‬
‫‪ .‬عمل كعضو في المجموعة‪v .‬‬
‫ورغم ان بعض الباحثن يشددون على معارضة القيادة الدموقراطية وينجذبون‬
‫اكر نحو القيادة الفردية‪ ،‬وخاصة في الظروف االجتاعية القاسية او في حاالت‬
‫حد فيه الجاعة للسر نحو الخالص‬
‫القلق السياسي حيث الحاجة تكون ّ‬
‫المشرف‪..‬آلزال البحث مفتوحا حول‬
‫ّ ضرورية «لزعيم قوي» يتو‬

‫أي القيادتن يجب ان يكون؟ لقياس تقدير القادة قام الباحث فيدلر بوضع مقياسا ّ‬
‫يبدأ من أشد السات المتعلقة بتوجيه االشخاص من القيادة الدموقراطية (‬
‫كالتسامح ‪ /‬التقبل‪ /‬االنفتاح) الى أشد الخصائص المتعلقة بتنظيم العمل‬
‫والواجب في القيادة التسلطية ( التحكم‪ /‬االنضباط‪ /.‬التوجيه) وبأيجاد معامل‬
‫االرتباط بن درجات القادة على هذا المقياس وبن درجة فاعلية الجاعة م يجد‬
‫فيدلر عالقة تتفق مع التوقع ونوع القيادة‪ ،‬النه بالنسبة لبعض المواقف كانت‬
‫القيادة الدموقراطية مناسبة وذات فعالية ومؤثرة وفي مواقف اخرى كانت‬
‫القيادة االتوقراطية أكر فاعلية وتأثر في أداء الجاعة‪ .‬فالمارسة المفترضة‬
‫مرهونة اذن بخصائص الجاعة لجهة مدى قيامها بالواجب‪ /‬مط العالقة القامة‬
‫‪..‬بن االعضاء وغرها‬

‫‪:‬انواع القيادة ‪2 .‬‬


‫في أماط القيادة آلحظنا كيف مكن ان تتحدد القيادة بناء على سات خاصة‬
‫بالقائد بينا في االنواع مكن النظر الى طبيعة العمل المتداول بن االعضاء‬
‫والعالقات القامة بينهم الذي تظهر بدورها أما رسميا او بشكل غر رسمي‬
‫‪:‬وفق التعريف التالي‬
‫القيــادة الرســمية ‪ :‬بينــت دراســات عديــدة كيــف تتضافــر الجاعــة للحصــول عــلى ‪-1‬‬

‫‪32‬‬
‫هـدف معـن بشـكل منظـم ( رسـمي) مثلـا يحدث في حـاالت أختيار‬
‫رؤسـاء عمـل او أنتخاب رؤسـاء جمهوريـة في االنظمـة البرلمانيـة‪.‬‬
‫حيـث يتـم اختيارهـم عـلى اسـس دمواقراطيـة‪ ،‬مـا يجعــل هــذا القائــد –‬
‫المنتخــب يــأي ليكــرس ويحافــظ عــلى توجهــات الجاعة‪...‬ويالحــظ‬
‫كيــف يظهــر عامــل المحافظــة عــلى الوجــود الجاعــي عندمــا يتهــدد‬
‫‪،‬وجودهــا خطــر مــا‬
‫فـترض مـن حيـث تصبـح المحافظـة عـلى هـذا الوجـود فـوق ُ‬
‫كل‬
‫االعتبـارات بشـكل رسـمي ي الجميـع مـا فيهـم القائـد‪:‬‬
‫‪.‬االحـترام‪ /‬الصـدق المتبـادل ‪ /‬المبـأداة والتوجيـة‬

‫القيادة غر الرسمية‪ :‬ال تنشأ هذه القيادة باالنتخاب او التعين بل من خالل ‪-2‬‬
‫التفاف اعضاء الجاعة حول شخص تحبه فيتوحدون حوله‪ ،‬وقد قدم وليم‬
‫وايت عصابات الشوارع موذجا عن هذا النوع من القيادة‪ ،‬واظهر كيف ان‬
‫قائد الشلة‪ /‬العصابة يوجه انشطة الجاعة‪ ،‬مدها بحاجتها المادية‪ /‬يعمل كخبر‪/‬‬
‫يحاول ضبط الصراعات الطارئة بن اعضاء الشلة‪..‬مستنتجا هذا الباحث بأن‬
‫القيادة ليست طريقة بأتجاه واحد بل هناك تأثر متبادل بن القادة واالعضاء‬
‫وان من يريد ان يصبح قائدا يجب ان يكون على عالقة شخصية مع الجميع‪،‬‬
‫مطلعا على سر العمل منذ البداية‪ ،‬مدركا لخصائص االفراد الذين مثلهم‬
‫‪.‬واهتاماتهم واحتياجاتهم‬

‫القيادة الفوضوية‪ :‬كثر من القادة الذين فُرضوا فرضا على جاعاتهم‪ ،‬او ‪-3‬‬
‫اتوا مؤقتا نتيجة ظروف طارئة جعلتهم « قادة مرحلة» قد ال يكونوا حاسمن‬
‫في أتخاذ القرارات او يتساهلون الى درجة عدم االنضباط او ال يقدرون‬
‫المسؤولية التي أوكلت اليهم جيدا‪ ،‬فيصبحوا آلمبالن ‪ /‬متشاوفن‪ /‬بل تغدو‬
‫‪.‬قيادتهم على شئ من الفوضى‬

‫‪33‬‬
‫القيادة العظيمة‪ :‬اشار اليها الباحث االجتاعي باريتو في نظريته عن ‪-4‬‬
‫«النخبة» معتبرا ان النخبة هم االفراد الذين يتميزون عن غرهم من أفراد‬

‫الجاعات بالذكاء والمهارة والمقدرة ّبو التغير االجتاعي‪ ..‬ويسميهم باريتو «‬

‫ذوي االرادة الثابتة» النهم في أحيان كثرة هم مسب‬


‫ذلك أن القائد العظيم هو من يخلق سلطته الخاصة به‪ ،‬التي تظهر خالل‬
‫االزمات كحركة أصالح إجتاعي أو ثورة أو مرد على واقع غر مرض‬
‫‪.‬عنه‪ ،‬فيعمل كقوة دينامية من أجل التغير‬

‫ما هو الفارق بن القيادة الفوضوية والقيادة العظيمة؟ مكن تبن ذلك من*‬
‫وقائع عمل كل ّون ‪ :‬قيادة‬
‫واتجاهاتها فالقادة الفوضوي‬
‫ليس لديهم القدرة على تنظيم التفاصيل اي ينشغل قائدها عن فعل اي شئ ‪-‬‬
‫مطلوب منه‪ ،‬وعندما يعترف بأنه منصرف عن توجيه االنتباه الي حالة‬
‫‪.‬طارئة يكون في الحقيقة قد اعترف بعدم فعاليته‬
‫غر مستعدين لتقديم الخدمات حيث يعتقدون بأن دورهم لالشراف والسيادة ‪-‬‬
‫وان االمور المطلوبة ُ‬
‫ت ّؤدى من‬
‫‪ .‬قبل االخرين‬

‫لديهم توجس من منافسة االتباع لهم‪ ،‬اي يخاف القائد الفاشل ان يستولى احد ‪ّ -‬‬
‫اتباعه على قيادته بدال ان يدرك وبحنكته كيف يجعل االخرون يؤدون المهات‬
‫‪.‬ويكافئهم على نجاحهم فيها‬
‫أنانيون‪ ،‬يدعون شرف العمل الذي ينفذه غرهم‪ ،‬وهذا ما يجعل االخرين ‪ّ -‬‬
‫متعضون‬
‫‪.‬ويكوهونهم‬
‫يتســمون بعــدم الوفــاء‪ ،‬يعتــبر هــذا المــؤشر مــن اكــر مســببات الفشــل ‪-‬‬
‫في كل مياديــن الحيــاة ولكــن مــع القــادة هــو عــلى راس قامــة االخطــاء‬

‫اذا قامــوا بــه‪ّ ،‬ائـه قـد ال يحافـظ عـلى قيادتـه مـدة طويلـة النـه يجلـب‬

‫االحتقـار لنفسـه فمـن جر‬

‫‪34‬‬
‫من االتباع وسرعان ما ينقبلون ضده‬
‫‪ :‬في حن ان القادة العظاء هم اؤلئك الذين‬
‫ال يعتمدون على ثروة أو جبروت موروث واما على قوة شخصية ‪-‬‬
‫وعبقرية فذة‪ - .‬ال يعتمدون على جهاز بيوقراطي‬
‫‪.‬ليساعدهم في الحكم‬
‫يسعون نحو أرضاء الناس وكسب ودهم ويلتفتون اليهم في ‪-‬‬
‫المالت‪ - .‬ال متثلون للضغوط‬
‫‪.‬ولظروف الخارجية‬
‫‪-‬‬ ‫يناضلون من اجل ان يتخطى والمألوف ويكدو‬
‫ّ ن حتى تحني الظروف ّ‬

‫يتخطوا أمامهم‪ - .‬يؤمنون مبادئ ويسعون الى تحقيقها كا فعل (موسى‪ /‬بوذا‬
‫‪ /).‬محمد ‪ /‬لينن‪ /‬هتلر‪ /‬غاندي‪ /‬الخميني‪ /‬وغرهم‬
‫يتمتعون بشئ من الكاريزما التي تشر الى قابلية الشخص على االلهام ‪-‬‬
‫بفضل سحر شخصيته‪ ،‬التي تنعكس بدورها على المحيطن تأثرا وسحرا‪ ،‬وال‬
‫تعني الكارزماتيكية “ آثار الهالة” المخيفة كا هو الحال عند القائد الطاغية‬
‫الذي يعتمد في حكمه على القوة والخوف الذي يزرعه في نفوس اتباعه (‬
‫القادة الحزبين) بل ان الكارزماتيي يطيعه الناس لما في شخصيته من جاذبية‬
‫‪ /‬وسامة‪ /‬هالة متواضعة ( االنبياء)‪ ..‬ولعل سحر الجاذبية عامل مؤثر في‬
‫أبقاء القائد قادة عظاء ولو بعد رحيلهم او بالرغم من عدم تواجد الظروف‬
‫التي مكن من تسميتهم قادة كارزماتيكين‪ ،‬فالجرال ديغول مثال متع ببعض‬
‫الكاريزما بالنسبة للمعجبن به‪ ،‬وكذلك تشي غيفارا الثوري الكولومبي الذي‬
‫‪.‬اظهر مقدرة تأثر استمرت حتى بعد موته‬
‫مكــن ارجــاع ســحر القــادة العظــاء الى آثــار الهالــة او مــا يســميه غوســتاف لوبــون‬

‫‪35‬‬
‫بـ «الهيبة الشخصية» والتي هي عبارة عن نوع من الجاذبية التي‬
‫مارسها فرد ما على روحنا أو مارسها عقيدة معينة علينا‪ ،‬وهذه الجاذبية‬
‫الساحرة تشل كل ملكاتنا النقدية ومأل روحنا بالهيبة واالحترام‪ ..‬وأذاك‬
‫تغدو الهيبة اساس كل هيمنة فاالنبياء والملوك والنساء ما كان ممكنا ان‬
‫‪.‬يسيطروا لوالها‬

‫ومكننا ان نعيد األنواع المختلفة من الهيبة إلى نوعن ها ‪ :‬الهيبة المكتسبة‬


‫وهي التي تأي عن طريق الروة والشهرة واحيانا من اسم العائلة‪ ..‬ومكن‬
‫ان تكون مستقلة وهي الهيبة الشخصية وهي شيئا فرديا خاصا ً يفرضها‬

‫الشخص العادي من تلقاء ذاته كشئ نفسي أو ثقافي أو فني ّز به حتى‬

‫تصبح سحر في شخصياته على أؤلئك الذين يحيطون بهم ( رجال الدين‬
‫االتقياء‪ /‬يتمي‬
‫‪).‬فنانون مشهورون‬
‫إال أن بعض الناس ال يرون الهيبة إال في شكلها المصطنع ( المكتسبة)‬
‫ألنها أكر انتشاراً تتجلى ّ حينا يتولى احدهم منصبا‪ ،‬أو حينا يتزي بلقب ما‬
‫حتى يصبح مكلال بهالة الهيبة (الضباط العسكريون‪ /‬القضاة مثاال) لكن‬
‫هذا يعفينا من االشارة الى ان الهيبة ال ترتكز بالضرورة على المجد‬
‫العسكري او االرهاب الديني واما علىة النفوذ الشخصي‪ ،‬فقادة البشر‬
‫الكبار الذين غروا وجه العام كانوا متلكون نوعا من هذه الهيبة الشخصية‬
‫في اعلى درجاتها وعن طريقها استطاعوا ان يفرضوا انفسهم‪ ،‬بعدما‬
‫‪.‬كانوا من اصول متواضعة فعملوا عليها حتى اصبح نجاحهم يكلل هيبتهم‬
‫هنــاك عوامــل عديــدة مكنهــا ان تلعــب دورا في تشــكيل الهيبــة‬
‫الشــخصية والنجــاح يعتــبر دامــا واحــدا مــن هــذه العوامــل‪.‬‬
‫فاالنســان الــذي ينجــح واإلنجــازات العظيمــة التــي يقدمهــا تفــرض‬
‫نفســها لدرجــة ال يســتطيع احــد عــلى معارضتهــا بســبب هــذا‬
‫النجــاح بالــذات‪ .‬وحالمــا ينتهــي النجــاح تنتهــي الهيبــة‪ ،‬هكــذا حــال‬
‫»« الرائــدون‬

‫‪36‬‬
‫حينا يفشلون تختفي هيبتهم والجاهر التي كانت تصفق لهم باالمس‬
‫تحتقرهم اليوم لمجرد ان الحظ ادار لهم ظهره‪ .‬وهذه احدى الخاصيات‬
‫االساسية للهيبة وهي انها تفرض نوعا من الدهشة على جاهرها وتنشل‬
‫عندها اي قدرة على المحاكمة او التقييم وحينا تذهب تلك الدهشة او‬
‫ينطفئ وهج المجد يستقيظ هؤالء وتصبح الهيبة عرضة للنقاش ‪ ،‬وعندما‬
‫تصبح الهيبة كذلك ال تعود هيبة‪ ..‬الجل ذلك م يسمح الذين عرفوا‬
‫المحافظة على هيبتهم ابدا مناقشتها ‪ ..‬فلي تلهم الجاهر وتجعلهم يعجبون‬
‫بك ينبغي اقامة مسافة بن الهيبة والمناقشة‪ .‬لهذا يقال ‪" :‬السياسة لغز‬
‫‪".‬يقضي الشعب طويال في حله واذا ما وجد الحل فالويل للساسة‬

‫‪:‬مقومات القيادة‪3 .‬‬


‫يبن الكاتب“ ‪ «you within leader the develop‬في كتابه‬
‫االمريي جون ماكسويل جملة مبادئ رئيسية وهامة هي مثابة مرتكزات‬
‫‪:‬ألي شخص يطمح في أن يلعب دور القائد ومن هذه المبادئ‬
‫االستقامة‪ :‬وال تعني أن يعرف اإلنسان واجباته وحسب بل أن يكون‪A .‬‬
‫صاحب مبادئ قيمة يؤمن بها‪ ،‬حتى تصبح صورة عنه‪ ،‬ألن نظام القيم الذي‬
‫لدينا هو جزء منا‪ ،‬يصبح مرشدنا نحو ما نريد ان نفعل‪ ،‬فمن كانت خصاله‬
‫النزاهة‪ /‬الصدق‪ /‬االحترام‪ /‬التسامح‪ /‬المحبة‪ ..‬فأنه وال شك سيكون مستقال‬
‫ومستقيا‪..‬اليخاف لومة الئم ومن استقام اطأن باله وعاش حراً‪ .‬وهذا ما‬
‫‪.‬يرغبه الناس في القادة‪ :‬الحرية‬
‫القــدرة عــلى حــل المشــكالت‪ :‬يوجــد أربعــة اســباب تجعــل النــاس‪B .‬‬
‫يقعــون في المشــاكل‪( 1 :‬أنهــم ال يعرفــون « مــاذا» يفــترض منهــم ان‬
‫يعملــوا‪( 2 ،‬أنهــم ال يعرفــون «كيــف» يجــب أن يفعلــوا مــا هــو‬
‫المطلــوب منهــم ‪( 3‬انهــم ال‬

‫‪37‬‬
‫يعرفــون «لمــاذا» هــم يفعلــون؟ ‪( 4‬ألنهــم م يســتطيعوا ان‬
‫يجعلــوا االمــور تحــت سـيطرتهم ‪ ...‬اي بقـدر مـا يحسـن المـرء‬
‫التـصرف ازاء المشـاكل بوعـي‪ ،‬بقـدر مـا تكـون لديـه القـدرة عـلى‬
‫‪.‬حلهـا‬
‫وجود الرؤية‪ :‬قليلون اؤلئك الذين يدركون اهمية هذا العامل ليس عند‪C .‬‬
‫القادة وحسب وأما في الحياة والعمل والدراسة وغرها من االمور الحياتية‬
‫بشكل عام ‪ ..‬فالذين يودون أن يلعبوا دور القائد يجب ان يدركوا مسألتن‬
‫هامتن‪ :‬أن يعرفوا الى أين يذهبون؟ وان يكون لديهم القدرة على توجيه‬
‫انصارهم الى حيث يريدون؟ وهذا هو فعل الرؤية‪ ،‬فهي‬

‫المجد المرتقب الذي مكن أن يصل إليه المرء إذا عرف كيف ّ‬
‫ينظمه‬
‫‪/‬‬
‫الهدف‬
‫‪/‬‬
‫التطلع‬
‫‪/‬‬
‫يخطط‬
‫له‬
‫ضبط النفس‪ :‬ال مكن ضبط اآلخرين أن م يضبط المرء نفسه أوالً‪D .،‬‬
‫فالعظاء م يصلوا إلى مجدهم إال بعدما أمتازوا بشئ من هذا القبيل‬
‫ضبطوا انفسهم عن إغراءات ال تنتهي‪ ..‬فلكل(‪(CONTROL-SELF ،‬‬
‫من يود الحكم والنجاح في القيادة ان يضع اهوائه ورغباته الخاصة تحت‬
‫سيطرته ‪..‬إذ عندما يفقد القائد السيطرة على ذاته أمام إغراء ما‪ ،‬فكيف له أن‬
‫( يقود ويدير كم هائل من الناس‪3(.‬‬
‫‪:‬مستويات القيادة‪4 .‬‬
‫كل شخص مكن أن يكون قائداً ألنه قد يؤثر بشخص آخر مقرب منه‪ ،‬ولكن‪...‬‬
‫ليس كل قائد مكن ان يكون قائدا عظيا ومها‪...‬واما كل من يرغب أن يكون‬
‫‪.‬قائدا ملها عليه أن يعي بأن مة مستويات مكن أن تفضي بقيادته نحو االفضل‬
‫أ‪ .‬تقديــر الموقــع‪ :‬قــد تختــصر القيــادة في الموقــع الــذي يحتلــه شــخصا‬
‫مــا‬
‫‪،‬‬
‫بأع‬
‫تبــا‬
‫ر‬
‫أن‬
‫الم‬
‫واقـ‬
‫ـع‬
‫والم‬
‫را‬
‫تــ‬
‫ب‬
‫هــ‬
‫ي‬
‫مــ‬
‫ن‬
‫تعط‬
‫ــي‬
‫احد‬
‫هــم‬
‫رت‬
‫بــة‬
‫ال‬
‫ســ‬
‫لطة‬
‫‪،‬‬
‫إال‬
‫إنــ‬
‫ه‬
‫الق‬
‫يــا‬
‫دة‬
‫هــ‬
‫ي‬
‫أكــ‬
‫ر‬

‫‪38‬‬
‫بكثر من تولي سلطة‪ ،‬قد تكون السلطة إحدى مظاهر القيادة ولكن ليست‬
‫هي االساس ذلك ان صاحب السلطة قد يحكم بالقوة لدرجة تن ّفر االتباع‬
‫منه‪ ،‬بينا القائد هو من يجعل اآلخرين ينقادون ويتبعونه دون أي تأثر‬
‫سلطوي عنيف‪ .‬وهنا يكمن السؤال في سمة الموقع‪ :‬أسلطوي أم ّ قيادي؟‬
‫يتحدد مستوى ذلك من خالل ما يحدث عندما يغادر أحدهم الموقع‪ ،‬مع‬
‫األول ينفض عنه االتباع سريعا‪ ،‬بين ْ ا بالنسبة للقيادي الملهم يبقى بالنسبة‬
‫‪.‬ألتباعه الرمز وإن رحل‪ ..‬وهذا سر اإللتزام عند اإلتباع تجاه قادتهم‬
‫ب ‪ .‬إتاحة الساح‪ ،‬ثبت أن الناس تعطيك بشكل أفضل عندما ال تجبرها‬
‫باإلكراه على فعله‪ ،‬أي عندما ال تشعر بأنها مجبرة أو ملزمة وهذا ما يعرف‬
‫إليه القادة سبيال‪ ،‬فالناس تجد نفسها تتبع قادة معينين ألنهم هؤالء يعرفون‬
‫كيف يسمحون لهم بتقديم ما عندهم‪ ،‬يتلخص المستوى الثاي من القيادة في‬
‫معرفة القادة للقاعدة‪ :‬ال يهتم الناس ما تعرف إال بعدما يدركون كم انت مهتم‬
‫لما تنوي فعله‪ »..‬هذا يعني أن الحفاظ على القيادة في إحدى مستوياتها يبنى‬
‫على الثقة وعلى العالقة المخلصة اكر من تبنى على قانون ونظام‪ »..‬تستطيع‬
‫أن تحب الناس دون تقودهم ولكن ال مكنك بالتأكيد أن تقود الناس دون أن‬
‫تحبهم» وتسمح لهم ببناء عالقات ودية معك‪ .‬ج‪ .‬فاعلية العالقة‪ ،‬عند هذا‬
‫المستوى يبدأ القادة بقطاف مار عالقاتهم الودودة‪ ،‬حيث األشياء الجيدة بدأت‬
‫في الظهور واألهداف في طريقها الن تتحقق والمشاكل العالقة اصبح ممكن‬
‫حلها بأقل جهد ممكن‪ ،‬في هذا المستوى ادرك القائد توجهاته ووضعها أمام‬
‫اتباعه فأدركوها بدورهم‪ ،‬وحينا تصبح التوجهات ماثلة فأن النتائج الجيدة‬
‫متوقعة وممكنة‪ .‬لهذا يعتبر بعض الباحثن ان النتائج الظاهرة ألي توجه هي‬
‫‪.‬العامل االساس والمحرك نحو الفاعلية ومزيد من اإلنتاجية‬

‫‪39‬‬
‫د ـ التطور الدائم‪ ،‬بعض القادة ليسوا عظاء ألنهم ملكون القوة بل ألن لديهم‬
‫القدرة على تحريك اآلخر وحثه نحو االفضل‪ ،‬وهذه رما من اهم مسؤوليات‬
‫القادة ان ُتوجد في االخر الرغبة في العمل‪ ،‬العطاء‪ ،‬في االقدام‪ ..‬فاالرتقاء ال‬
‫يتم دوما محفز‪ ..‬والنجاح ال معنى له ان م يكن هناك من يقوم به‪ ..‬وقد ينتهي‬
‫عندما ال يكون هناك من يدفع احدهم ليقوم به على الدوام‪ ..‬وسمة هذا‬
‫المستوى االخالص حيث في المستوى الثاي يتبع الناس القادة النهم يحبونه‪،‬‬
‫وفي المستوى الثالث يتبعونه النهم معجبون به وهنا في المستوى الرابع‬
‫يتبعونه النهم مخلصون وأوفياء‪ ..‬وال شك ان من ذلك هو مساعدة القادة لهم‬
‫على ان ينموا ويتطوروا‪ ،‬عمالً مقولة ‪ :‬اذا اردت ان يحبك الناس اكر‪،‬‬
‫(ساعدهم على ان يحبوا انفسهم اكر‪4( ..‬‬

‫بالرغم من انه ليست هناك قدرات وسات معينة بالقائد حيث ان الئحة‬
‫المواصفات المفترضة تطول وتطول نظرا لتنوع القيادة بن انواع واماط‬
‫ومستويات‪ ،‬ونظرا الن شخصيات القادة تختلف باختالف ساتهم النفسية‬
‫والذهنية والجسمية واالجتاعية‪..‬اال هناك حد ادى من الخصال التي ميز القادة‬
‫االكفاء وهي عبارة عن مط من القدرات يجب ان يتوفر في احدهم فيا لو رغب‬
‫ان يكون قائدا ماهرا وهي في‪ :‬كيفية معاملته الناس وحفزهم على العمل‬
‫ومدى قدرته على حل ما يعترض جاعته من مشكالت ومتاعب ‪.‬اال ان‬
‫االهتام الدراسي االبرز بتصنيف القادة كان من خالل النظر في منظورات‬
‫‪:‬ثالث‬

‫المنظور االول وينظر الى القائد كفرد‪ ،‬لناحية شخصيته ككائن بشري له‪1 .‬‬
‫مجموعة من الحاجات‬
‫‪.‬يريد اشباعها‬
‫المنظــور الثــاي‪ :‬ينظــر الى القائــد كأنســان لــه تفاعلــه مــع االخريــن وهنــاك‪2 .‬‬

‫‪40‬‬
‫توجهات سلوكية داخل الجاعة قد تحركه‬
‫المنظور الثالث‪ :‬يتناول الفرد كعضو في جاعة يواجه بالعديد من‪3 .‬‬
‫المشكالت الداخلية الخارجية ولديه نسق من‬
‫‪.‬االدوار لشغل مراكز مختلفة‬

‫وقد كرت االبحاث مؤخرا بأستخدامها اختبارات نفسية واجتاعية ألختيار قادة‬

‫في ميادين الصناعة ّاط االقدر على القيام بأعال‬

‫ذات والتربية والجيش ( في االخر هناك اختبارات‬


‫دقيقة لتحديد الضب‬
‫شأن عسكري خاص ‪ :‬قائد مخابرات‪ /‬قائد اعال سرية‪ ).. /‬ومن االختبارات‬
‫التي تخص القيادة تلك التي تناولت المكانة ومتغرات السلوك‪ ،‬وقد اعتبرت‬
‫‪ :‬القيادة والشعبية متغرات للمكانة‪ ،‬حيث مكن قياس القيادة بطرق اربع‬
‫معدل حصول الفرد على مراكز قيادية‪1 .‬‬
‫عدد مرات اختيار زمالئه له‪2 .‬‬
‫معدل اختيار ه رسميا كقائد‪3 .‬‬
‫‪..‬معدل اختياره لنفسه كقائد‪4 .‬‬
‫اما الشعبية فيمكن قياسها مدى ميل افراد الجاعة للقائد وبقبوله كصديق‬
‫ومحبوب اومألوف او مشهور‪ ..‬فقد آلحظت احدى الدراسات التي قام بها‬
‫عن الشعبية والعوامل الشخصية الفرضيات(‪ (MANN‬الباحث مان‬
‫(التالية‪5(:‬‬

‫هناك عالقة موجبة بن الشعبية وكل من متغرات‪ :‬االنبساط‪ ،‬الذكاء ‪-‬‬


‫والتوافق ‪ -‬تبن أن األفراد االذكياء يكونون أكر شعبية‬
‫من غر االذكياء‬
‫تبن أن الشخص المحبوب يتميز بأنه شخص إجتاعي مبتهج ‪-‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ :‬في الخالصة‬
‫اذا كانت بعض االختبارات اختصرت القيادة في سات شخصية للقائد مثل‬
‫«التحرر من التعلق بالذات» واجتاعية بأنه « الذي يعرف كيف يشعر مع‬
‫االخرين» فأن من السات الشخصية الهامة عند القادة تتجلى في مدى قدرته‬
‫على تسهيل العالقات وتحقيق التفاعل المثمر بن افراد جاعته عبر الود‬
‫والصداقة وارضاء االتباع وتبديد الصراعات وأزالة التوتر وتقديم المساعدة‬
‫الشخصية لمن يحتاجها واظهار الفهم وتحمل وجهات النظر المختلفة‪ ..‬الن‬
‫السلوك القيادي ليس في ان يقبل القائد جاعته بل في ان يحترمهم ويتعاون‬
‫‪.‬واياهم في ايجاد الكفاية والدافعية للعمل والشعور باآلمان‬
‫‪42‬‬
‫‪:‬هوامش الفصل االول*‬

‫د‪.‬محمود السيد ابو النيل‪ ،‬علم النفس النفس االجتاعي‪ ،‬دار النهضة( ‪1‬‬
‫العربية‪ ،‬بروت‪ ،‬د‪.‬ت ‪( 2‬د‪.‬عباس محمود عوض‪ ،‬في علم النفس االجتاعي‪ ،‬دار‬
‫‪ GOHN MAXWELL, developing the‬النهضة العربية‪ ،‬بروت ‪1980‬‬
‫‪leader withn you,homas nelson (3 publishesrs,‬‬
‫‪Nashville.U.S.A, 1993‬‬
‫‪GOHN MAXWELL, winning with people, ,homas‬‬
‫‪nelson publishesrs, (4 Nashville.U.S.A.2004‬‬
‫‪.‬د‪.‬عباس محمود عوض‪ ،‬المرجع نفسه( ‪5‬‬
‫‪43‬‬
‫‪44‬‬
‫المحور الثاي‬

‫الفرد والسلوك الجاهري‬

‫السلوك الجاهري‪ ،‬السلوك الشمولي‪« ،‬الرأي العام» اصطالحات واسعة‬


‫وفضفاضة كونها تشمل أكر من موذج ومجال تطبيق‪ ،‬باعتبارها تتسلسل من‬
‫الفرد الى االسرة الى المصنع فالجامعة او الى المقاهي والمنتديات‬
‫فاالجتاعات العامة‪ ..‬هذا التسلسل يجعلنا مّيز بن مفهومن ‪ :‬الرأي الفردي‬
‫‪:‬والرأي العام‪ ،‬االول له صورتان ها‬
‫الرأي الشخصي ويحدث عندما يعبر‬
‫ّ الفرد عن وجهة نظر في موضوع ّ‬
‫معن يكو أ) نه لنفسه بعد تفكر ويجاهر به دون أن‬
‫)يخشى أحدا ( هذا رأيي‪ ..‬وقلته‬
‫ب) الرأي الخاص وهو ما يحتفظ به االنسان لنفسه وال يبوح به اال الى‬
‫المقربن او من هم محل ثقة‪ ،‬يحتفظ به خوفا من تعريض نفسه لالضرار (‬
‫التصويت السري في االنتخابات) ُستخدم للداللة على جملة آراء وتكاملها تجاه‬
‫مسألة من اما الثاي – الرأي العام‪ -‬فهو ي‬
‫المسائل التي تؤثر في المجتمع أو تهمه‪ ،‬وبهذا المعنى مكن تعريفه على أ ّنه ‪ّ :‬‬
‫أتفاق ضمني او توافق عدد كبر من الناس مثلون درجة معينة من األهمية‬
‫على مواجهة مشكلة معينة‪ ..‬ومؤدى هذا الرأي يكون موجوداً بتوافر مقومات‬
‫وجوده وهي‪ :‬المجتمع ( الناس)‪ /‬المشكلة ‪ /‬التفاعل االجتاعي‪ ..‬وهذا ما أشار‬
‫إليه الباحث ليونارد دوب بالقول‪ :‬ال يوجد رأي عام أال أذا كانت ّ هناك مشكلة‬
‫قامة تتطلب حال‪ ،‬واذا تم أيجاد حل لهذه المشكلة أنفض جمهور الرأي‬

‫‪45‬‬
‫العام (كغياب سلعة معينة من السوق = تخرج اآلراء‪ ...‬توفرت السلعة من‬
‫التجار‬
‫انتهى‬
‫الرأي‬

‫العام ّب‬

‫نشوئه)‪.‬ا‬
‫لذي‬
‫سب‬

‫كان ذلك بالموافقة او والقول بأن الرأي العام تعبر صادر عا يرونه الناس ً‪:‬‬

‫في مسألة ما سواء بالمعارضة لموضوع أو فكرة او سياسة او أقتراح ذي‬


‫أهمية‪ ..‬فأن مجمل الباحثن حددوا أستخدامات الرأي العام في معرفة أتجاه‬
‫الناس نحو سياسة التصنيع ‪ /‬االقتصاد‪ /‬التسويق والبيع‪ /‬االستهالك‪ /‬قضايا‬
‫أنتخابية‪ /‬مشاكل أجتاعية‪ /‬أبحاث نفسية وغرها‪ ..‬حتى أصبح هو محور‬
‫‪:‬دراسات وتخصصات في العلوم االنسانية واالجتاعية وفق المداخل التالية‬
‫درس الرأي موضوعيا من خالل عملية التفاعل‪ ،‬من خالل محاولة ‪ -‬المدخل االجتاعي‪ُ :‬‬
‫ي‬
‫متابعة عناصر موقف معن في تلك اللحظة ومدى وزن كل متغر في‬
‫عملية‬
‫التفاع‬
‫ل‪/‬‬
‫الظاه‬
‫رة‬
‫المدخل النفسي‪ :‬ترى المدارس النفسية الرأي تعبرا عن حالة توتر عبر ‪-‬‬
‫بيان كالمي يدل على حالة سخط اومزق وأهتراء مجتمعي قد يصل الى‬
‫‪.‬حد العنف كتعبر عن شدة هذا التمزق‬
‫المدخل االقتصادي‪ :‬يستخدمه االقتصادي بهدف أستقصاء آراء الناس ‪-‬‬
‫لدعم أماط أستهالك معينة وللترويج ومعرفة اتجاهات المستهلكن عن سلع‬
‫ومنتوجات طرحت في السوق‪ - .‬المدخل السياسي‪ :‬معظم الباحثن أعتبروا‬
‫الرأي ظاهرة سياسية بالدرجة االولى أكر منه نفس‪ -‬أجتاعية‪ ،‬وذلك‬
‫ألستخداماته الواسعة في مجال قياس إتجاهات المواطنن في االنتخابات‪/‬‬
‫مواقفهم حول السياسات المقررة‪ /‬للتعرف على الخطط الممكنة ‪ /‬ألستقراء‬
‫حركة الواقع الشعبي ازاء حدث وطني‪ ..‬وما الى ذلك‬
‫المدخـــل االعالمـــي ‪ :‬في جمهـــور عريـــض غالبـــا مـــا يكـــون مـــن الصعـــب أن ‪-‬‬

‫‪46‬‬

‫ـه اليهـم مـن رسـائل أتصـال‪ ،‬فيلجـأ القيمـون عـلى تعـرف احكامهـم ّ‬
‫حـول مـا يوجـ الدراســات االعالميــة الى أختيــار عينــات ممثلــة‬
‫تقــوم عــلى الخصائــص الدموغرافيــة لتصنيـــف الســـكان (‬

‫العمـــر ‪ /‬الجنـــس‪ /‬المســـتوى التعليمـــي‪ /‬الدخـــل ‪ /‬الخلفيـــة ّ‬


‫البيئيــة‪ )..‬ولتحديــد جمهــور معــن ومعرفــة آرائــه فعليــا حــول‬
‫‪..........‬مــا يرغــب بــه ومــا ال يرغــب الــخ‬
‫مكن االيجاز بأن الرأي العام هو الفكرة السائدة بن جمهور من الناس‬
‫تربطهم مصلحة مشتركة ازاء موقف من المواقف او تصرف من‬
‫التصرفات او مسألة من المسائل العامة التي تثر اهتامهم‪ ،‬فهو محصلة‬
‫االحكام السائدة في المجتمع تصدر عن اتفاق متبادل بن غالبية الناس على‬
‫رغم اختالفاتهم‪ -‬مؤيدين ومعارضن‪ -‬بل من تلقاء انفسهم او بناء على‬
‫دعوة وجهت اليهم يترتب عليه احتال القيام بعمل مباشر او غر مباشر فيا‬
‫‪.‬يتعلق بالموضوع الذي يدور حوله الرأي العام‬

‫‪:‬الرأي العام وأنواعه ‪1 .‬‬


‫أن الرأي الذي يصدر عن اإلنسان مثل التعبر الشفوي للموقف الذي يتخذه من‬
‫وهذا يعني إنه يبنى موقفه وتعبره على مكونات‪ :‬عقلية‪،‬‬ ‫قضية معينة‪،‬‬
‫وعاطفية واستعداد للتصرف‪ ،‬يغلب على الجانب العقلي المنطق واإلتزان‬
‫ويتعلق الجانب العاطفي بالمشاعر والقيم وما يجب أن يكره أو يحب ومع‬
‫هذاين االمرين يصبح المرء امام تصرف ما آي او مؤجل بخصوص القضية‬
‫التي آثارته‪ .‬أن الرأي العام ال يأي من عبث بل هو يظهر الن هناك مقومات‬
‫ومكونات تعمل على أيجاده ويرى‬
‫بعض الباحثن في علم النفس االجتاعي ان العوامل المساعدة على ظهور‬
‫الر‬
‫أي‬
‫الع‬
‫ام‬
‫ه‬
‫ي‬
‫‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫(ا‬
‫لــ‬
‫ترا‬
‫ث‬
‫ال‬
‫ثقــ‬
‫ا‬
‫في‬
‫‪:‬‬
‫ح‬
‫ينــ‬
‫ا‬
‫يقــ‬
‫ال‬
‫عــ‬
‫ن‬
‫جا‬
‫عــ‬
‫ة‬
‫مــ‬
‫ا‬
‫او‬
‫تلــ‬
‫ك‬
‫بأ‬
‫نهـ‬
‫ـا‬
‫–‬
‫و‬
‫بح‬
‫كــ‬
‫م‬
‫تقا‬
‫ليد‬
‫هــ‬
‫‪-‬ا‬

‫‪47‬‬
‫متمــردة او خانعــة‪ ،‬فــأن معنــى هــذا القــول ينعكــس عــلى آراء‬

‫هــذه الجاعــة‪ ،‬الن ّ قنـه الجاعـة البنائهـا‪،‬‬

‫وللثقافـة التـي تشربهـم إياهـا‪ ..‬مـا يهيـئ الـرأي‬


‫أنعـكاس لمـا ت ّل‬

‫ليب تعامـل وطـرق ألبـداء الـرأي ( لهـذا نالحـظ تنوعـا لصـور الـرأي بـن للفـرد اسـا ّ‬
‫مجتمـع مسـلم وآخـر كاثوليـي‪ ،‬او بـن الـروسي الشـيوعي واآلخـر‬
‫المولـود في امريـكا‬
‫االكـر ميـال نحـو‬
‫)الرأسـالية‬
‫النظام السياسي‪ :‬اذا كان نظام الدولة يسمح بتعدد االحزاب ووجود( ‪2‬‬
‫النقابات وتنظيات شعبية أخرى فأن ذلك يعني «مناخا ليبراليا» مكن‬
‫لألفكار واالتجاهات السياسية المتنوعة أن ُتعلن‪ ،‬بخالف ما يحصل في ظل‬
‫االنظمة الديكتاتورية حيث حرمان طبقات كاملة من‬
‫التعبر السياسي واالعالمي يحل – حينئذ‪ -‬محل الرأي العام «السخط العام»‬
‫‪( 3‬دور االتصال‪ :‬تلعب وسائل االتصال دورا هاما في ثتقيف الناس حول‬
‫قضاياهم وتوعيتهم لحقائق العصر ومع تزايد أنتشار االعالم اليوم بشكل‬
‫مكثف أصبح الرأي ناشطا لما تهيأه من سبل تعبر وتقصر للمسافة بن الناس‬
‫وقادتهم وسياستهم وتكوين رأي جامع حول القضايا المصرية‬
‫ُ‬ ‫نفوذا‬ ‫قبل الناس على أحكامه بأعتباره ‪( 4‬أثر الزعامات‪ :‬الزعيم هو الشخص الذي مارس‬
‫وي‬
‫مرجعا للعقيدة والسلوك‪ .‬وجدير بالمالحظة ان القيادات التاريخية ذات‬
‫الشعبية كانت تلعب دورا هاما في تعبئة الناس‬
‫‪.‬وتوجيههم نحو رأي عام معن‬
‫االحداث والمشاكل‪ :‬أي حدث سياسي‪ /‬تطور اقتصادي‪ /‬أنقالب عسكري‪ /‬ظرف أجتاعي ّ‬
‫(‪5‬‬
‫صعب‪ ..‬يطرأ على حياة الناس سرعان ما يشكل حافزاً لتساؤالت ما‬
‫يدفعهم حدوثه نحو تكوين رأي حوله وهذا ما سجله التاريخ مع‬
‫حدوت الثورات الكبرى في كل من فرنسا‪ /‬امريكا‪ /‬روسيا‪ ..‬والعام‬
‫‪.‬العري الحقا ً‬

‫‪48‬‬
‫على ما تقدم ندرك أن جمهور الرأي العام يتكون يتألف من اربع فئات‬
‫الذين ال يزيد عددهم عن( ‪ (elites‬تأخذ شكال هرميا‪ :‬فهناك اوال الصفوة‬
‫نسبة واحد بالمئة من المجموع العام للجمهور‪ ،‬وهي تتألف من نخبة‬
‫المجتمع وكبار المسؤولن وقادة المجموعات الضاغطة وعدد من المفكرين‬
‫واالعالمين الذين يؤثرون في القرار السياسي‪ ،‬ثم هناك المطلعون‬
‫وتتراوح بن ‪ 10‬و‪ % 15‬من مجموع الراي العام‪(attentives (،‬‬
‫يتميز هؤالء بثقافاتهم العالية ومتابعتهم للشؤون السياسية ويلتفون حول‬
‫النخب لتنظيم جاعات او لتقديم المشورة نظرا لخبراتهم العملية او العلمية‪،‬‬
‫ميزة هذا الرأي ان( ‪ (citizenary mass‬وهناك ثالثا الجمهور العام‬
‫اعداده اكبر من اآلخر‪( ،‬مثل ‪ %( 60‬ال يتابعون الشؤون العامة بأنتظام‪،‬‬
‫غالبا ما تكون آرائهم غر ثابتة ومعرفتهم بالشؤون السياسية قليلة‪ ،‬غر ان‬
‫قوتهم الهائلة تنبع من اعدادهم الهائلة التي تقرر توجهات الرأي وتستخدم‬
‫للضغط الشعبي لهذا يلجأ اليه القادة وجاعات النخبة لتقرير قضية وطنية‬
‫حساسة بعد تعبئة هذا الجمهور ازاء تلك القضية بألتأييد او الرفض‪ .‬ثم‬
‫وهؤالء يشكلون حوالي ( ‪ (apolitical‬هناك اخرا الفئة غر المسيسة‬
‫‪ 25%‬من المجموع العام‪ ،‬ميزتهم انهم هامشيون‪ ،‬ال يفقهون في السياسة‪،‬‬
‫(كا ان مشاركتهم في القضايا العامة محدودة‪1 (.‬‬

‫وي يصبح الرأي ط ّ بقا للتعريفات الواردة والمكونات الخاصة بالرأي‬


‫العام صنف‬
‫الباحثون أنواعا ً‬
‫متعددة له حيث‬
‫‪:‬هناك‬
‫الرأي العام المستمر‪ :‬متاز بالثبات واالستقرار وعادة ما ينشأ عن‪i .‬‬
‫مجموعة عوامل ثقافية وإجتاعية وتجارب األفراد وتفاعلهم لفترة طويلة‬
‫من الزمن‪ ،‬يسود بن الجاعات ُوصف بالجامد‪ .‬الروحانية أو العالنية‬
‫كونه ي‬

‫‪49‬‬
‫الرأي العام المؤقت‪ :‬ينشأ عن الرغبة في التغير‪ ،‬يستمد قوة حيويته من‪ii .‬‬
‫تغرات وضع اكر من أعتاده على القيم المستقرة‪ ،‬يتمثل في توجهات‬
‫‪.‬‬
‫االحزاب او الجاعات التي تربطها اً ّايديولوجي‬

‫الرأي العام اليومي‪ :‬وهو الرأي الذي يـتأثر مجريات االمور‪iii .‬‬
‫والحوادث اليومية‪ ،‬تحركه وسائل‬
‫‪.‬اإلعالم ‪ /‬الشائعات‪ /‬مصالح الناس‬
‫الرأي العام المستنر‪ :‬يتكون من غالبية المتعلمن والمثقفن ورجال‪iv .‬‬

‫االعال ( النخبة) ممن ّون بذوي التعليم يقومون بخلق مناخ لرأي ما في‬

‫بالدهم ( ذوي التعليم المرتفع يؤثر‬


‫)المنخفض‬
‫الرأي العام المنساق‪ :‬هو رأي الذي ينقاد لمن يوجهه– سواء كان قائدا‪v .‬‬
‫او وسيلة اعالمية ُنشر حتى انهم‬
‫يتقبلون الشائعات لمجرد ان قيلت‬
‫ُذاع او يُقال أو ياو غرها‪ -‬يتأثرون‬
‫ما ي‬
‫‪.‬عن مرجعهم‬
‫الرأي العام الساحق‪ :‬ويتكون نتيجة الندفاع الجاهر وحاسها الشديد‪vi .‬‬
‫ازاء قضية معينة‪ .‬ونادرا ما يكون‬
‫‪ .‬قاما على بحث وروية‬

‫اذا كان رأي االغلبية مثل – من جهة‪ -‬ما يزيد عن نصف الجاعة ليس‬
‫باالغلبية العددية وأما باالغلبية الفعالة ذات التأثر‪ ،‬وان أهمية هذا الرأي تبدو‬
‫فيا يستقطبه من جاعات تتميز بالوعي الفكري والثقة واالمان وتتسم بالدينامية‬
‫والفاعلية‪ .‬ورأي االقلية يعني من جهة ثانية تجمع لمواقف جمهرة من الناس‬
‫مثل شرائح مختلفة ومغايرة إلتجاهات االغلبية‪ ..‬وبأن قيمة االقلية ليس من‬
‫حيث كونها أقلية عددية بل في كونها نوعية ما مكن أن تضم «صفوة معينة‬
‫من المفكرين» الذين م يتناغموا مع مواقف االغلبية وتوجهاتها فكان مكانهم‬
‫مع األقلية‪ ..‬إال السؤال األهم وبحديثنا عن أنواع الرأي نتساءل‪ :‬من قائد‬
‫الرأي؟ كيف يتمثل وما هي خاصيته ؟ هل مكن أن يكون الرأي دون قائد له؟‬

‫‪50‬‬
‫من هو قائد الرأي وكيف يتم تحديده؟ *‬

‫ح ّدد قائد الرأي في دراسة اجرائية اجريت سنة ‪ 1940‬انطالقا من الجواب ُ‬


‫ع‬
‫ل‬
‫ى‬
‫ا‬
‫ل‬
‫س‬
‫ؤ‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ن‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ت‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ي‬
‫ن‬
‫‪:‬‬
‫»اوالها‪« :‬هل حاولت مؤخرا اقناع شخص ما بآرائك السياسية‬
‫»ثانيها‪«:‬هل حاول احدهم مؤخرا معرفة موقفك في مسألة سياسية؟‬
‫اعتبر االشخاص الذين أجابوا إيجابا ً على سؤال من هذاين السؤالن او على‬
‫االثنن معا‪ ،‬ما مجموعه ‪ % 21‬قادة رأي ‪..‬وفي نهج ماثل من التحديد‬
‫االجراي لقادة الرأي كان السؤال يكمن في معرفة الى من يتوجه افراد العينة‬
‫طلبا للمعلومات والمشورة‪ ،‬فأشارت احدى الدراسات المعنية بأن قادة الرأي‬
‫هم االفراد الذين يتردد اسمهم اربع مرات على االقل من اصل مجموع ‪86‬‬
‫طلبا للمشورة والمعلومات‪ .‬ثم جاءت مقابالت‬ ‫شخصا) يلجأون اليهم‬
‫ومالحظات اثبتت جدوى وفعاليات هذه التفسرات‬
‫عبر سلسلة من االبحاث التي مكنت من تحديد قادة الرأي بخصائص مميزة‬
‫منها‪( 1 :‬ال يتأى مركز قائد الرأي بالضرورة كنتيجة لوجود مركز رفيع‬
‫سابق يتميز به الفرد في مجموعته‪ ،‬مثال ليس من الضروري ان يكون من‬
‫االغنياء واالقوياء والوجهاء بل القادة الفعلين هم الذين يضطلعون مهمة‬
‫الوساطة في عملية االتصال الجاعي‬
‫هناك خاصية هامة تتوفر في كل حاالت الرأي وهي‪ :‬ان االشخاص( ‪2‬‬
‫المعترف بهم قادة للرأي هم على معرفة دامة باالحداث وهم االكر اطالعا‬
‫على ما يجري حولهم وذلك ألستمرار تعرضهم للرسائل التي تبثها أجهزة‬
‫االتصال الجاعي‬
‫ظهــر ان االفــراد العاديــن يســتمدون معرفتهــم باالنبــاء مــن خــالل المناقشــات( ‪3‬‬
‫‪51‬‬
‫الشــخصية مــع اشــخاص آخريــن مثلهــم ‪ ،‬عــلى خــالف قــادة الــرأي ان‬
‫الذيــن يعتــبرون اتصالهـم بالمبـاشر بالوسـائل االعالميـة وبـكل التطـورات‬
‫الجديـة هو منبـع معرفتهـم باالنباء ‪..‬فقـد تبـن مـن دراسـة اسـتهدفت معرفـة‬
‫كيفيـة انتقـاء االطبـاء لالدويـة والمسـتحضرات الطبيــة الجديــدة ان الزميــل‬
‫يتأثــر بزميــل لــه‪ ،‬متأثــرا بــدوره بزميــل آخــر عنــد انتقائــه للـدواء‬
‫الجديـد‪ ،‬وصـوال نحـو الطبيـب االول الـذي منبعـه مؤمـرا طبيـا او نتيجـة‬
‫التصالـه المبـاشر بأعـالن خـاص عنـه‪ ..‬يبقـى ان التأثـر يكـون اضعـف كلـا‬
‫ابتعدنا عـن المؤثـر االول‪( 4 .‬عمل قادة الرأي ينحصر بالمجموعات االولية‬
‫مثل العائلة والمبنى والحي وفريق العمل وبشكل‬
‫عام الوسط المهني‪ ،‬كل من هذه االطر هي موقع مفضل لعمل قادة الرأي‬
‫وذلك لتوفر فرص المبادالت المتكررة‬
‫‪.‬والمتنوعة بن االفراد المؤلفن لكل منه‬
‫يفترض بقائد الرأي ان يكون متحدا ومندمجا في المجموعة التي تتمثل فيه( ‪5‬‬

‫همومها وطموحاتها ُ ان يكون واعيا لحاجاتها‪ ،‬فبن الذي مارس التاثر وبن‬

‫الذي مارس عليه وقيمها كا يفترض التاثر استمرارية اجتاعية وامكانية‬


‫‪.‬واضحة للتاهي‬

‫ان تأثر قادة الرأي مرتبط بالمهارة المعروفة عنه في ميدان معن ‪ ،‬واخصها‬
‫متعه موقع وسطي بن المجموعات األولية وبن اإلطار االجتاعي العام الذي‬
‫يطغى عليه من كل حدب وصوب‪ ،‬فهو يتعرف على االحداث التي تهم‬
‫المجموعة التي مثل‪ ،‬يتحكم باالخبار ويجري نوعا من الرقابة‪ ،‬يعيد نقل ما‬
‫يراه مناسبا لمجموعته‪ ،‬يقلل من أهمية خبر أو يضخمه بحسب الموقف‬
‫المنسجم مع جاعته‪ ،‬كا يلعب دوراً في المحافظة على أمر واقع أو يتم تغيره‪.‬‬
‫دوره أشبه بحارس البواب أو المصفاة ال مكن أن مر معلومة أو رسالة إال‬
‫بعدما تتبدل ميزاتها على‬

‫‪52‬‬
‫‪.‬يديه بتبدل الواقع الخاص مجموعته‬
‫كيف يقاس الرأي العام ؟ ما هي الخطوات المنهجية لمعرفته؟*‬
‫عتمد غالبا تقنيات االستطالع واالستقصاء التي تتمثل في خطوات في قياس عمليات الرأي ُ‬
‫ي‬
‫عملية مثل ‪ :‬صياغة االسئلة المناسبة‪ /‬اختيار العينة ‪ /‬أجراء المقابلة‪ /‬تحليل‬
‫المعلومات المستقاة‪( 1 ...‬االسئلة ‪ :‬اخذت االتجاهات الجديدة في استطالعات‬
‫الرأي العام تركز على أهمية االسئلة التي يجب أن ُتطرح‪ ،‬فتوصلت الى ثالثة‬
‫‪ :‬أنواع يجب مراعاتها وهي‬
‫حيث الحرية الكاملة للمستجوب( ‪: (question end-open‬اسئلة مفتوحة ‪-‬‬
‫بأن يعبر عن موقفه وأفكاره من خالل طرح الباحث‪ /‬مدخل سؤاله‬
‫االستفساري بـ‪ :‬ما هو رأيك؟ ماذا تعلق على كذا‪ ..‬؟‬
‫اسئلة االستدراج‪ :‬وهي مط من االسئلة يبدأ بتوجيه سؤال عام في موضوع ‪-‬‬
‫الرأي العام ّ ويتدرج بعد ذلك في أسئلة تفصيلية خاصة‪ ،‬كقولنا مثال‪ :‬هل‬
‫تحب مشاهدة االفالم العربية؟ ما هو رأيك في فيلم ‪...‬كذا ؟‬
‫ب خاللها من المستجوب أن يختار أجابة من بن عدة اجابات‪.‬كا في ‪ -1‬اسئلة االستفتاء‪ :‬يطل‬
‫المثال التالي‪ :‬اي من هذه االسباب بأعتقادك هي السبب الرئيسي أو‬
‫يؤدي واألكر احتاال في‬
‫نشوء خالفات بن‬
‫‪:‬الزوجن‬
‫عدم خضوع المرأة لزوجها ‪o‬‬
‫عدم التفاهم بن الزوجن ‪o‬‬
‫تدخل االهل في شؤون الزوجن ‪o‬‬
‫عدم مقدرة الزوج على تأمن مستلزمات االسرة ‪o‬‬
‫اختالف اسلوب الوالدين حول معاملة االوالد ‪o‬‬
‫عدم االحترام ‪o‬‬

‫‪١‬‬

‫‪53‬‬
‫عدم مالمة المسكن الزوجي ‪o‬‬
‫عدم التوافق الجنسي ‪o‬‬
‫كرة الغياب عن المنزل ‪o‬‬
‫الشك بعالقات اخرى ‪o‬‬

‫العينة‪ :‬هناك أكر من طريقة ألختيار عينة أستطالعات الرأي وهي طريقة( ‪2‬‬
‫المساحات ( اي أستجواب أفراد من منطقة‪ /‬حي محدد) والطريقة المقيدة (اي‬
‫تكون مقيدة بخصائص معينة يجب توفرها عند المستجوبن لجهة مستوى‬
‫علمي‪ /‬اقتصادي‪ /‬مهني‪ )..‬وطريقة دليل الهاتف (وهي قامة أختيار نسبة‬
‫)محددة من الناس عشوائيا وفق متوالية حسابية‬

‫أجراء المقابلة ‪ :‬وتتعلق بأهمية كال الطرفن – الباحث والمستجوب‪ -‬لجهة( ‪3‬‬
‫مناخ المقابلة ُراعى مستويات في ادبيات وطريقة طرح‬
‫االسئلة وأسلوب أستقصاء المعلومات‪..‬حيث يجب ان ي‬
‫المقابلة‪ :‬من الذي يقابل وكيف يقابله؟ واين ؟ وعن اية معلومات يسأل؟ وهل‬
‫الشخص المختار مكن ان يفي بغرض البحث؟ هنا مة تأثر متبادل من‬
‫الخصائص الشخصية التي مكن ان تؤثر على جو المقابلة وعلى درجة‬
‫‪.‬التفاعل اذا روعيت بشكلها الحيادي‬
‫المعالجة االحصائية‪ :‬يفترض بنتائج اسئلة الرأي العام ان تأي على شكل( ‪4‬‬
‫نسب مئوية‪ ،‬وهذا يعني أنه ال بد من التأكد في العدد المستطلع واالرقام‬
‫المحصلة ي يصار الى توضيح داللة النسب بشكلها االمثل التي غالبا ما‬
‫ُتحصى وفق بيانات محددة (يعتبر العدد مائة ‪- 100 -‬كقاعدة احصائية) كقولنا‬
‫مثال ‪ % 55‬موافقون ‪ % 40‬معارضون و‪ 15‬محايدون‪ ..‬وفي تحليل النتائج‬
‫يقوم الباحث بأجراء‬

‫‪54‬‬
‫مقارنات مختلفة بن افراد العينة كأن يقارن بن مستويات التعليم ليتعرف على‬
‫العالقة بن مستويات التعليم وبن اتجاهات الرأي العام تجاه قضية تتعلق‬

‫بالتعليم مثال‪ ّ .‬من المتعارف عليه ان موقف جمهور معن من اي موضوع‬

‫‪،‬يتوزع بن ثالث اتجاهات‪ :‬أما مع‬


‫وأما ضد وأما محايد‪ ،‬ومثل أي من هذه اإلتجاهات وجهة النظر النهائية التي ٌّ‬
‫والمشاعر الشخصية والمعتقدات والمواقف‪ ،‬ويعبر‬ ‫هي حصيلة التفكر‬
‫الجمهور عن موقفه هذا اما تعبرا ايجابيا يوافق فيه على رأي مطروح او‬
‫تعبرا سلبيا عبر رفضه او يختار الوقوف على الحياد بن الرأين ( ال مع وال‬
‫ضد) وهذه الفئة من الناس التي اختارت ان تظل على الحياد مثل نوعن من‬
‫الناس ‪ :‬اؤلئك الذين م يبدوا اهتاما كافيا بالقضية او اؤلئك الذين ابدوا اهتاما‬
‫كافيا بها وتوصلوا الى رأي مغاير لالرآء‬

‫هذه ُ‬
‫سمى المطروحة ففضلوا كتان رأيهم الحقيقي متسترين وراء الحياد وفي ّ‬
‫الحالة (التستر) ي اعتبار اصحابها بذوي الرأي الكامن‪ .‬مثال‪ :‬في احدى‬
‫استطالعات الرأي (‪( 3‬حول القيم االجتاعية في عام اليوم‪ :‬أية مفاهيم؟ (‬
‫هناك‬
‫مقاربة ميدانية في الوسط اللبناي ) ُق ّدم الى المستجوبن سؤاال مفاده‪:‬‬

‫بعض االفعال غ‬
‫ٌّ رالمرغوبة اجتاعيا‪ ،‬ولكن البعض يقوم بها ويبرر فعلها‪،‬‬

‫أي من هذه الصفات تعطيها تبريرا ( تؤيد) او ترفضها اكر من االخرى؟ ثم‬
‫عرضت على المستجوبن الئحة من مانية افعال تحصل في اي مجتمع ولكننا‬
‫اردنا معرفة وزنها القيمي في المجتمع اللبناي على وجه الخصوص‪ ،‬لتأي‬
‫‪:‬النتائج على الشكل التالي‬
‫‪55‬‬
‫الفعل اؤيد ارفض ال رأي‬

‫‪%2‬‬ ‫‪% 70‬‬ ‫‪% 28‬‬ ‫االجهاض‬

‫عدم مساعدة مصاب ‪% 23‬‬


‫‪0 % 67%‬‬

‫‪%1‬‬ ‫‪% 86‬‬ ‫‪% 13‬‬ ‫الكذب‬

‫‪%1‬‬ ‫‪% 90‬‬ ‫‪%9‬‬ ‫الرشوة‬

‫عالقة جنسية قبل الزواج ‪7‬‬


‫‪0 % 93 %%‬‬

‫‪%0‬‬ ‫‪% 95‬‬ ‫‪%5‬‬ ‫السرقة‬

‫‪%1‬‬ ‫‪% 94‬‬ ‫‪%5‬‬ ‫الزوجية الخيانة‬

‫‪%4‬‬ ‫‪% 93‬‬ ‫‪%3‬‬ ‫الدعارة‬

‫تردد المستجوبون كثرا عند االختيار او حتى عند قراءة هذه الخيارات بأعتبار‬
‫اننا مأخوذون بثقافة دينية تحظر مختلف ما ورد‪ ،‬لكن تصور البعض الواقعي‬
‫بأن مثل هذه االمور تحصل وحاصلة في مجتمعنا ارتأى من نسبتهم (‪28%‬‬
‫(بأن االجهاض قد يكون مبررا اكر من غره لما له من ابعاد صحية قد‬
‫تؤثرعلى صحة االم من جهة اومع وجود مشكلة خلقية في الجنن او النه حمل‬
‫غر شرعي( سفاح)‪ ،‬ولكننا ترانا نتساءل هل الجميع يبرر االجهاض بالطريقة‬
‫ذاتها‪ ،‬ألن االجهاض الذي كان يعتبر ولما يزل جرمة يعاقب عليها القانون‬
‫ومجها الشرع والدين هل اصبح امرا مقبوال ومبررا من قبل اللبنانين؟‬
‫اما عن النسبة التالية فكانت لعدم مساعدة مصاب (‪ %( 23‬ذلك ان مساعدة‬
‫من هو بحاجة واجب ديني واخالقي وانساي‪ ،‬خاصة اذا كان مصابا وقليل من‬
‫المساعدة قد تنقض حياته‪ ،‬لكن الذي يجعل الناس تتردد في المساعدة هو تلك‬
‫التبعات المترتبة على فعل المساعدة‪ ،‬فإذا أراد أحدهم ما –مثال‪ -‬ان ينقل‬
‫مصابا بحادث سيارة الى مستشفى ال يتم استقبالها اال بعد اجراءات مسؤولية‬
‫تضع الناقل في‬

‫‪56‬‬
‫موضع شبهة ويتم االتصال بالشرطة لالبالغ عن الحالة ويتوقف الشخص لحن‬
‫النظر في حالة المصاب‪ .‬وهذا ما يجعل “ فاعل الخر” يتروى عند عمل شبيه‬
‫في المرة التالية‪ ،‬من هنا اذا كان احد م يساعد مصابا فان التبرير متضمن في‬
‫تبعات المسؤولية التي يرغب ان يكون بعيدا عنها‪ .‬على حن‬
‫اشارت فئة ال بأس بها بضرورة المساعدة على رغم كل التبعات‬
‫القانونية او الجزائية الالحقة‪ .‬ومن النسب الالفتة “ تبرير العالقات الجنسية‬
‫غر المشروعة سواء قبل الزاوج او في اطار اخر” وترانا نتساءل هل تبرير‬
‫البعض لها من قبيل انهم يعيشون كبت جنسي وظروف صعبة والبد من اقامة‬
‫عالقات عابرة ضمن حدود الممكن والواعي ( استخدام االوقية‪ /‬عقود ارتباط‬
‫عرفية‪ ).‬ام الن مجتمعنا اصبح مفتوحا على كثر من المغريات واالباحية‬
‫واصبحت النظرة الى الجنس متاحة عبر اكر من وسيلة (مرئية) ما اشبع‬
‫فضول الناس وجعل تقييمهم يتسم بشئ من “االقرار بواقع الحال” وكأن االمر‬
‫شئ “عادي” ومقبول؟ رغم ان المسألة الجنسية اضحت في الغرب جزءا من‬
‫الحريات الشخصية وامرا مقبوال ال زال المجتمع اللبناي ينظر اليها بنوع من‬
‫الحذر والرفض فيا لو مت خارج اطرها الشرعية (الزواج تحديدا) فضال عن‬
‫العامل الديني الذي يؤطر اي عالقة من هذا القبيل في‬
‫اطار الحرام وهذا ما اثر في اتجاهات المستجوبن الذين م يعطوها تبريرات‬
‫عاليه‪ .‬خالصة القول‪ ،‬نفهم الرأي العام على أنه مثل سلوكا جاعيا ظاهرا او‬
‫كامناً‪ ،‬يكون مثابة رد فعل (أستجابة شرطية) على مثرات محددة ( أحداث‪/‬‬
‫مشاكل‪ /‬مواقف‪ )..‬تتسم بالثبات النسبي وتظل مستثارة لفترة من الزمن اذا‬
‫شعر الناس بأن المسألة التي تستفزهم الزالت قامة مع االحداث الجارية‪ .‬كا‬
‫أن الرأي العام غالبا ما يشوبه الغموض والتذبذب خاصة اذا كان متحيزا او‬
‫انفعاليا او حينا يؤسس على التضليل وغياب االحقائق وانعدام المناخ‬
‫‪.‬الدموقراطي‬

‫‪57‬‬
‫‪:‬الرأي العام والشائعة‪2 .‬‬
‫يعرف البورت وبوستان الشائعة على أ ّنها كل « عبارة نوعية مقدمة للتصديق‬
‫وتتناقل من شخص الى شخص عادة بالكلمة المنطوقة دون ان يكون هناك‬
‫القول نعي ما تتر‬
‫ّكز عليه الشائعة اال وهو‬ ‫معاير أكيدة للصدق» من هذا‬

‫«غياب المعاير االكيدة للصدق» حيث هي رواية تتناقلها االفواه دون ان‬
‫تستند الى مصدر موثوق‪ ،‬وقد تكون ترويج لخبر مختلق‪ /‬قضية مختلقة ال‬
‫أساس لها من الصحة‪ ،‬واما مبالغ فيها الى حد بعيد‪ .‬ظهرت دراسة «علم نفس‬
‫الشائعات»‪ ،‬أثناء الحرب العالمية الثانية‪ ،‬بعدما الحظ عالما النفس ألبورت‬
‫وبوستان أهمية الشائعة والشائعة المضادة‪ ،‬في التأثر معنويات الناس‬
‫وأفكارهم واتجاهاتهم ومشاعرهم وسلوكهم‪ .‬كا الحظا أن الشائعات تنتشر أكر‬
‫في وقت األزمات والظروف الضاغطة أو المثرة للقلق كالحوادث والحروب‬

‫والمصائب على مختلف ّة‪ .‬والحظا أيضا ً أنها تنتشر أكر حن يكون هناك‬

‫ً‬
‫تعتياة واالجتاعيّة والعائليأنواعها االقتصادي إعالميا ً أو غموضا ً‬
‫‪ّ .‬‬
‫قام ألبورت وبوستان بعمل الكثر من التجارب عام ‪ ، 1945‬ثم كلّال جهودها‬
‫‪” (Rumor of Psychology ،‬العلمية بوضع كتاب “علم نفس الشائعة‬
‫فوضعا في هذا الكتاب معادلة‪ ،‬مفادها أن انتشار الشائعة يساوى أهمية(‬
‫الموضوع المتصل بالشائعة مضروبا ً في مدى الغموض حوله‪ ّ ّ :‬ة الشائعة =‬
‫غموض حول الحدث أو الموضوع أو ‪) X‬موضوع مهم (أو أشخاص مهمون‬
‫إمكاني‬
‫(األشخاص (‪4‬‬
‫وينظــر بعــض الباحثــن الى الشــائعة عــلى أنهــا جــزء مــن «الحــرب‬
‫النفســية» التــي ُتعتمــد لبــث روايــات غــر متحقــق منهــا تنتــشرفي‬
‫المجتمــع بهــدف أثــارة البلبلــة والفــوضى‪ .‬وأهــم عامــل يســاعد عــلى‬
‫أنتشــار االشــاعة هــو الغمــوض وهــذا مــا يشــراليه فســتنجر‬

‫‪58‬‬
‫بـ «مبدأ عدم الوضوح المعرفي» ويعني ان الشائعات ميل الى الظهور في‬
‫المواقف التي تكون الجوانب العقلية المتعلقة بها غر منتظمة بأعتبارها تسر‬
‫على مط أنتقال متسلسل فمثال ( أ) ينقل كلمة الى ( ب) و( ب) ينقل جملة الى‬
‫(ج) و(ج ) ينقل عبارة الى ( د) وهكذا‪ ........‬في حن ان مط االتصال‬
‫الموزون في أي جاعة يتم عبر وحدات تبادل من األخبار والمعلومات وليس‬
‫‪ .‬كا في الشائعة بأتجاه واحد سرعان ما ينقطع في مرحلة آلحقة‬
‫ومن الناحية النظرية كان من المتوقع أن تتراجع الشائعات مع هذا االنتشار‬
‫الرهيب لوسائل االتصال حيث م يعد هناك شيئا مخفياً‪ ،‬ولكن الواقع أن‬
‫الشائعات تتزايد باستمرار‪ ،‬بل وتستفيد من وسائل االتصال اإللكترونية نحو‬
‫مزيد من االنتشار‪ ..‬ويبدو ان التزايد واالنتشار عائدان إلى أحد عاملن أو‬
‫‪:‬لكليها‬
‫األول‪ :‬زيادة ميل الناس إلى تزييف الحقائق أو إخفاء أجزاء منها ما يزيد من‬
‫ضبابية وغموض األشياء رغم اإلعالن عنها أو عن جزء منها‪ ،‬إضافة إلى‬
‫ضعف المصداقية في التصريحات واألخبار المعلنة وتناقضها مع الواقع‪ .‬كا‬
‫حدث في احدى الجامعات االمريكية حيث تم عرض صورة على شخص‬
‫ابيض لمواطن ابيض يشهر سالحا في وجه مواطن اسود ثم طلب من هذا‬
‫الشخص رواية ما رآه على ‪ 15‬شخصا اخر والنتيجة المعلومة بعد ان تناقلها‬
‫الـ‪ 15‬شخص اصبحت ان مواطنا اسود يشهر ّ سالحا في وجه آخر أبيض‬

‫مدلول التجربة بن ان الشائعة تنتقل ما يتوافق مع االهواء الشخصية وليس ما‬


‫حدث فعال‬
‫الثاي‪ :‬رغبة الناس في معرفة المزيد وانفتاح شهيتهم ألرتياد عوام مجهولة أكر‬
‫فأكر ومن االمثلة‬
‫على ذلك‬
‫‪ :‬الشائعات التالية‬

‫‪.‬شائعة األطباق الطائرة ومثلث برمودا‪1 .‬‬


‫‪.‬شائعات العفاريت والجن والبيوت المسكونة‪2 .‬‬

‫‪59‬‬
‫‪.‬شائعات القدرة الخارقة لدى بعض األشخاص‪3 .‬‬
‫‪.‬شائعات يطلقها نجوم الفن لزيادة شهرتهم‪4 .‬‬
‫شائعات تناول المخدرات على انها منشطه للجسم ومسكنه وتنقذ‪5 .‬‬
‫من المشاكل النفسيه ومريحه لالعصاب ومهدئه لالنفعاالت وتساعد‬
‫‪.‬على التفكر ونسيان الهموم‬

‫ويذهب أصحاب “مدرسة التحليل النفسي” إلى أن الشائعة تكشف عن محتويات‬


‫الالوعي الجاعي بصورة ملتوية عن طريق بعض الحيل النفسية مثل اإلسقاط‬
‫والرمزية والتكثيف واإلسقاط واإلزاحة والعزل وغرها‪ ،‬وفي تصورهم أن‬
‫الشائعة تنجح حن تكون قادرة على تحريك كوامن الالوعي واالنفعاالت‬
‫‪.‬المكبوتة‬
‫أما أصحاب “المدرسة المعرفية” فيعزون الشائعة إلى عدم الوضوح المعرفي‬
‫فكال كانت األمور ضبابية وملتبسة كال كان‪Cognitive Uncertainity ،‬‬
‫الجو مهيئا ً ألنتشار الشائعات‪ ،‬ويرى أصحاب «فكرة االحتياجات» أن الشائعة‬
‫تحقق ألصحابها إشباع احتياجات غر مشبعة‪ .‬ويرى فريق كبر من عالء‬
‫‪(Gestalt‬النفس أن انتشار الشائعة يعتمد جزئيا على نظرية الجشتالت‬
‫والتي تؤكد على أن اإلدراك الحسي لألشياء ينحو داما نحو البساطة(‪،‬‬
‫واالنتظام واإلحساس باالكتال‪ ،‬والشائعات تنبثق لتشرح المواقف المميزة التي‬
‫(تهمنا ولتريحنا من توتر الحرة‪5(.‬‬

‫‪:‬انواع الشائعات *‬
‫الشــائعة المختلقــة ‪ :‬وهــي التــي تنشــأ عــن أحــداث أســطورية أو( ‪1‬‬
‫شــعوذة أو ســحر بهــدف الرغبــة في أثــارة الخــوف‪ ،‬ينتــشر هــذا النــوع‬
‫عندمــا يضعــف أمــان ُ االنســان‪ ،‬حيــث يصــاب بالتوتــر والقلــق ويصبــح‬
‫رضــة ومســتعد‬
‫ّ الن يتوهــم‬ ‫عٌ‬

‫‪60‬‬
‫‪.‬أشياء كثرة غر مستندة الى أساس صحيح‬

‫‪:‬وهي الرواية المحرفة عن واقعة صحيحة‪ ،‬كأن تذكر مجلة او ‪( 2‬الشائعة القامة على التشويه ّ‬
‫صحيفة خبر‪ /‬قضية ‪ /‬فيتم تحريف الوقائع عبر « فبركة »أعالمية‬
‫مغايرة‪ ،‬وكثراً ما نالحظ هذا ُطلق العنان‬
‫لالقاويل والمرويات من ّان الحروب العسكرية‬
‫والصراعات السياسية حن يالنوع أب‬
‫كل فريق عن االخر استناداً على بعض المجريات واالمور التي يقوالنها عن‬
‫بعضها البعض‪( 3 .‬الشائعة المستندة على وقائع‪ :‬وهي أخبار تسري بن‬
‫الناس بناء على وقائع سبقت وصول ّ الخبر اليقن‪ ،‬فيحدث أذاك حالة بلبلة (‬
‫صحيحة او غر صحيحة‪ )..‬الى أن يتأكدوا‪ ..‬ونالحظ‬

‫عام‬
‫ب ارتفاع ُقال بأن أكل غذاء معن قد يسبمثل هذا النوع غالبا في ّ‬
‫الطب والصحة عندما ي السكر في الدم ‪ /‬أو دواء ما له آثار جانبية قد‬
‫تؤدي الى الجلطة الدماغية غرها‪ .‬قد يكون بعضها صحيحا وقد ال يكون‬
‫النه غالبا ما يطلقها مهندسو الدعاية بهدف «ضرب» انتاج معن‬
‫‪ ..‬وتسويق آخر بديال عنه‬
‫الى جانب هذه االنواع هناك من يصنف االشائعة بناء على الموضوع‬
‫(شائعات الكراهية ‪ /‬شائعات الخوف‪ /‬شائعات عنصرية ‪ ).. /‬او بناء على‬
‫البعد الزمني الذي تستغرقه ( وقت رواجها ‪ /‬سرعة انتشارها‪ /‬مدى‬
‫اختفائها وثم ظهورها من جديد‪ ..‬ويدرج في هذا النوع اخبار الفرح ‪/‬‬
‫والسرور ‪ /‬الغضب‪ )..‬او بناء على الحالة النفسية والعقلية التي تنتشر‬
‫لتشبع حاجة ما لدى الناس وقد تكون تنفيسا عن رغبات‪ ،‬مثل هذا النوع‬
‫من الشائعات هو الى حد ما «إخبار لمجرد التوقع» كا انها تفاؤل ساذج‬
‫متبوع بالرضا تغبط مطلقها او مستهدفها لبعض االحيان ( من امثاله‬
‫‪/..).‬شائعات النجاح‪ /‬االنتصار‪ /‬الفوز‬

‫‪61‬‬
‫وللداللة على ذلك نعود الى دراسة فستنجر وكارترايت عن أنتشار الشائعة‬
‫في وسط طبيعي‪ ،‬كان مجال التجربة مؤسسة انتاجية شاع فيها التفكك‬
‫وعدم االنضباط بن عالها‪ ،‬فقام عدد من االخصائين النفسانين بتقديم‬
‫أقتراحات لتسوية االمور عبر تقسيم العمل على الوحدات وتنظيم‬
‫أجتاعات دورية‪ ،‬وبأطار االقتراحات أيضا تقرر فصل السيدات اللواي كن‬
‫يتولن مراكز قيادة وتأسيس أدارة اخرى على يد احدى اآلنسات الشابات‪،‬‬
‫وهذا ما أوقد نار الكراهية لدى السيدات المُبعدات ( المفصوالت) فأطلقت‬
‫رئيسة المركز السابقة شائعة تقول بأن « االنسة التي تتولى االدارة‬
‫الجديدة هي من المناهضات لعمل المؤسسة وغر مهتات بها اطالقا»‪ ،‬ازاء‬
‫ذلك أخذ االخصائيون يراقبون غموض المواقف التي حدثت من جراء‬
‫أطالق هذه الشائعة معرفة ‪ :‬من هم الذين سمعوا الشائعة؟ من هم الذين‬
‫نقلوا الشائعة؟ فأختاروا لذلك عينة من ‪ 100‬فرد موجودا في المؤسسة‬
‫ليجدوا ان ‪ 62%‬من العينة سمعوا بالشائعة عن طريق صديقات ( اي‬
‫أنتقلت الشائعة عن طريق الصداقة) كذلك وجدوا أن نسبة البأس بها علموا‬
‫بالشائعة من باب الفضول ( أي عن طريق االهتام) وأعترف اقل من‬
‫نصف االشخاص الذين سمعوا الشائعة بأنهم رددوها اكر من مرة‪ ،‬كذلك‬
‫أعترف أغلب االفراد المشتركن في التجربة بأنهم نشروا الشائعة‬
‫نفسها‪..‬هذا يعني أن الشائعة ُتسمع اكر من مرة وعادة ما تنقل أكر من‬
‫مرة بواسطة فرد من االفراد في الشبكة االجتاعية التي تسري بها‬
‫االشاعة‪ ،‬وقد الحظ الباحثان البورت ووبستان في دراستها عن االسس‬

‫النفسية للشائعات‪ ،‬بأنه كال تكررت رواية الشائعة ّجوها كالت قليلة وبأن‪ُ :‬‬

‫استعمل مر‬
‫ان الرواية القصرة احتال نقلها بأمانة يكون متوفرا ‪-‬‬
‫يقل التشوية والتحريف في التفاصيل الصغرة ‪-‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ .‬ان الذاكرة ممكن ان تختزن التفاصيل القليلة ‪-‬‬
‫على ضوء التجارب الميدانية ندرك أن ‪- 1 :‬هناك مطلق لالشاعة ثم‬
‫يختفي لركز الناس على ما قيل وليس على من قال‪ ،‬ثم ‪- 2‬في بعض‬
‫االحيان يتم تصديق روايات االشاعة النها تنتاقل وتنشر ما يعني ان‬
‫أنتشارها الواسع قد يكون فيه شئ من الصحة‪ (،‬ألسنة الناس أقالم الحق)‬
‫و‪- 3‬ان من يردد االشاعة او يطلقها من المحتمل ان تعود اليه معطيات‬
‫‪:‬أخرى فيصدق ما أطلقه‪ ( ،‬رواية حجا) ومن أالشكال أالخرى للشائعة‬
‫األسطورة‪ :‬تعتبراألساطر القدمة نوع من الشائعات وقد كانت تقوم‪1 .‬‬
‫بوظيفة سد الفراغات المعرفية المتعددة في الزمن القديم حيث كانت‬
‫‪.‬المعرفة بدائية ووسائل الحصول على المعلومات قليلة‬
‫النكتة‪ :‬مة عالقة تربط بن النكتة والشائعة بحيث مكننا اعتبار النكتة‪2 .‬‬
‫شائعة كاريكاتورية‪ ..‬تحتوى على عناصر عرقية ودينية واجتاعية‬
‫للجاعة‪ .‬وتعتمد الشائعات النكتة بأعتبار طبيعتها الساخرة تجتاز‬
‫‪،‬حواجز عقالنية ونفسية كثرة‬
‫فالنكتة بذلك تسهل النشر وتساعد على تخطى عقباته الشائعة وتعويض‬
‫نقائصها‪. 3 .‬الدعاية واإلعالن‪ :‬حن تتجه فنون الدعاية واإلعالن إلى‬
‫المبالغة أو التدليس في عرض سلع معينة أو الترويج لمشروعات أو‬
‫شركات معينة فهي هنا تندرج تحت أسلوب الشائعات فيترويج أشياء‬
‫‪.‬غر حقيقية باستخدام وسائل اإلبهار الفنية‬
‫اإلعالم‪ :‬حن ينحرف اإلعالم عن رسالته ويصبح بوقا ً لبعض القوى‪4 .‬‬
‫فإنه يتورط في نشر إشاعات كاذبة تأخذ صورة األخبار أو التحقيقات‬
‫أوالمقاالت ما يشوه الحقيقة ويسوق ألشخاص سيئن ويزور الحقائق‬
‫واألحداث‬

‫‪63‬‬
‫وهكذا مكن فهم الشائعة من خالل خصائصها حيث هناك شائعات ذات طابع‬
‫تشاؤمي تتخذ مسالك تضفي عليها سرعة انتشار تفوق بكثر سرعة سريان‬
‫الشائعات ذات الطابع التفاؤلي ألنها تتعرض اثناء سريانها للتحريف سواء‬
‫كان ذلك بالتضخم او االضافه وان هذا التضخيم يتناول الجوانب التي يتوق‬
‫الراوي او ناقل الشائعه الى قولها‪ .‬وقد تأخذ الشائعه صورا اخرى غر صورة‬
‫الروايه الكالميه مباشرة كالدعايه او النكته أو وسائل االنترنت والهاتف‬
‫وكال كان ّ مضمون األخبار المروجة بعيد عن النقد والتجريح ‪ sms‬والجوال‬
‫ومتخذه االسلوب الرمزي فانها تصيب هدفها بسهولة حيث تلقى ذيوعا‬
‫‪...‬وانتشارا‬

‫ولكن ما هي االسباب والدوافع الطالق الشائعات وانتشارها؟‬

‫تغير‬
‫ّ‬ ‫العدواني ‪ o‬ة‪ :‬تجاه الشخص (أو الجاعة) المستهدف باإلشاعة‪ ،‬وذلك لتشويه السمعة أو‬
‫موقف الناس منه (منها)‪ ،‬أو أثارة الخوف‪ ،‬وهذا يحدث كثرا تجاه األشخاص‬
‫أو‬
‫الجاع‬
‫ات‬
‫ذات‬

‫ّة‬

‫والشه‬
‫رة‬
‫حن‬
‫تطلق‬
‫عليهم‬
‫الشائ‬
‫عات‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫األهم‬
‫ي‬
‫اإلسقاط‪ :‬يسقط مروج الشائعة ما يضمره في نفسه على شخص آخر أو ‪o‬‬
‫أشخاص آخرين‪ ،‬كالخوف واإلهال وميول للكذب‬
‫‪.‬أو الخيانة أو الرشوة أو التضليل‬
‫التنبؤ‪ :‬تشر الشائعة إلى احتاالت مستقبلية يعتقد مروج الشائعة بقرب ‪o‬‬
‫حدوثها‪ ،‬وهو يهيئ‬
‫الناس والظروف‬
‫‪.‬الستقبالها‬
‫االختبار‪ :‬تكون الشائعة هنا كبالون اختبار لمعرفة نوعية وقدر استجابة ‪o‬‬
‫الناس لحدث معن حن يقدر له الحدوث فعال‪ ،‬مثال تسرب شائعة بغالء أسعار‬
‫بعض السلع‪ ،‬ثم تدرس ردود أفعال الناس فإذا كانت معقولة ومحتملة رما يتم‬
‫فعالً رفع األسعار وأما إذا كانت غاضبة ومستفزة فيمكن تكذيب الشائعة‬
‫‪.‬واعتبار األمر كأن م يكن‬
‫‪64‬‬
‫جذب االنتباه‪ :‬حيث يبدو مروج الشائعة أو ناقلها على أنه عليم ببواطن ‪o‬‬
‫األمور وأن لديه مصادر مهمة لألخبار ال يعرفها بقية الناس‪ ،‬ورما يكون هذا‬
‫تعويضا ً عن نقص أو عدم ثقة بالنفس‪ .‬ورما تكون الدوافع بسبب الفراغ‬
‫والملل والحاجة إلى التسلية والتم ّتع بإثارة االهتام وإرباك الناس وإقالقهم‬
‫‪.‬وتوترهم‬

‫كيف نحارب الشائعة؟ •‬


‫لمحاربة الشائعة قواعد وأسس تتبعها الجهات الرسمية واالعالمية‪ ،‬ومن هذه‬
‫القواعد مقاومة مروجي الشائعات لكشف حقيقتها بأدلة دامغة عن مدى زيفها‬
‫بوقائع وأدلة دقيقة‪ ،‬و يعتبر نشر الحقائق كاملة عن واقعة دارت حولها‬
‫الشائعة من أهم القواعد التي تستخدم في محاربة الشائعات‪ ،‬كذلك من االسس‬
‫التي تستخدمها الدولة الحديثة في محاربة الشائعة اذا كبر حجمها وطال أمنها‬
‫ُكسب الناس ثقة في حكومتهم واستقرارها‪ :‬تقريب الهوة بن السلطة والجمهور‪،‬‬
‫فمن شأن ذلك ان ي‬
‫ّ‬ ‫يجعل‬ ‫ة شائعة وفيا تقدمه لهم من انباء‪ ،‬وإالّ فأن فقد الثقة في البيانات الرسمية‬
‫الناس يتقبلون أي عنها‪ .‬وفي هذا السياق يقترح بعض الباحثن النفسانين جملة‬
‫طرق عمل لمحاربة الشائعة منها‪( 1 :‬لجان فاحصة‪ :‬تقوم بالتحقيق وتتبع‬
‫االقاويل المطلقة لتحديد الوقائع وتقرير الغث من السمن‬
‫ملصقات ومطبوعات‪ :‬وهو محاولة بيانية لتبيث معطيات ازاء اخرى( ‪2‬‬
‫تطلق االخبار جزافا ‪( 3‬برامج اذاعية ومتلفزة‪ :‬لتوعية الرأي العام‬
‫ودحض االكاذيب بالصوت والصورة ‪( 4‬مكتــب اعالمــي‪ :‬للــرد عــلى‬
‫الشــائعة بأيــة وســيلة اعالميــة بنفــس الزمــان ُــرد عليهــا بتصحيــح او‬
‫توضيــحوالمــكان (مثــال وردت شــائعة في صحيفــة ي‬
‫‪65‬‬
‫‪).‬في الصحيفة ذاتها وفي مكان ورودها من الصفحة‬
‫حراس المعنوية‪ :‬وهم االفراد الذين يقومون بجمع الشائعات ( ماذا يقول( ‪5‬‬
‫الناس) وضع برامج عمل ( خطة) اليقافها ومحاربتها ( مكن ان يكون‬
‫الحراس من االخصائئن النفسائين‪ /‬العاملون االجتاعيون‪ /‬اعالميون‪/‬‬
‫)وناشطون في المجتمع المدي‬

‫كا مكن التصدي لظاهرة الشائعة من خالل طرق اخرى ابرزها‬


‫قتل االشاعه بإشاعه اكبر منها ‪ :‬حجا واشد أثرا وذات اولويه اكبر لدى ‪-‬‬
‫الجمهور المستهدف وبعد فتره وجيزة يتم تكذيب االخره إلحداث بلبله اكبر‬
‫واكبر تسيطر على كافه احاديت الجمهور المستهدف ليل نهار أو في معظم‬
‫‪.‬وقته‬
‫تكذيب الشائعة إعالميا ‪ ( :‬بنشر عكسها ماما ) دون االشاره إليها من قريب ‪-‬‬
‫آو من بعيد فان محاوله ذكرها وتعداد األسباب المنطقية القوية لتكذيبها‬
‫وخداعها وتضليلها سيجعل من م يستمع إليها سيعرفها وقد ال يقتنع بتبريراتك‬
‫ألسباب عاطفية بحته ال مت إلى منطق مها كان قويا وفى نفس الوقت فان‬
‫تجاهلها ماما سيجعلها تزداد انتشارا وتتضخم أثناء عمليه االنتشار االجتاعي‬
‫تكذيب الشائعة معلوماتيا ‪ :‬بالحقائق والبيانات والمنطق والعلم ( وهى أفضل ‪-‬‬
‫الطرق) ‪ ،‬وكشف مصدرها والهدف من بثها وهذا يتطلب أن تخاطب رأى‬
‫عام واعي مثقف متعلم أما الراى العام الجاهل‪ ،‬فاألفضل مخاطبته عاطفيا‬

‫باطالق شائعات مضادة “ اى ايجابية “ ّنة سريا لهم القدرة على اإلسراع‬
‫بنشر (عن طريق االتصال بأفراد محددين ذو كفاءات معي‬
‫الشائعات مثل سائقي التاكسيات ورواد المقاهي او حتى شخصيات‬
‫د‬
‫ي‬
‫ن‬
‫ية‬
‫و‬
‫ف‬
‫ن‬
‫ية‬
‫له‬
‫ا‬
‫تا‬
‫ثر‬
‫س‬
‫ر‬
‫يع‬
‫ع‬
‫ل‬
‫ى‬
‫ال‬
‫نا‬
‫س‬

‫‪66‬‬
‫‪:‬الرأي العام والدعاية ‪3 .‬‬
‫من بن عشرات التعريفات التي قدمها المهتمون موضوع الدعاية‬
‫نجد أنهم يتفقون على أعتبارها ‪“ :‬فن التأثر( ‪(propaganda‬‬
‫والمارسة والسيطرة وااللحاح والتغير والترغيب او الضان لقبول‬
‫وجهات النظر او اآلراء او االعال‪ »..‬ويعرف الباحث نورمان باول‬
‫الدعاية على اساس هذه العناصر فيقول‪ « :‬الدعاية هي نشر وجهات‬
‫النظر التي تؤثر على االفكار او السلوك او كالها معا» وذهب السويل‬
‫(باحث في عام االتصال) الى القول بأن الدعاية هي ‪ « :‬االحتيال عن‬
‫»طريق الرموز‬
‫من مجمل التعريفات ندرك بأن الدعاية هي محاولة التأثر في نفوس‬
‫الجاهر والتحكم في سلوكهم ألغراض تعتبر ذات قيمة في مجتمع ما وفي‬
‫زمن معن‪ ،‬وكأنها نشاط او فن إغراء الغر بالتصرف بطريقة معينة‬
‫بحيث انه ما كان ليتصرف بها في حالة غياب هذه الدعاية ‪ ..‬وفي نطاق‬
‫المجال ُ السياسي نجد ان الدعاية مارس عن طريق االحزاب ومجموعات‬
‫الضغط اذ تحاول كل منها اقناع الجاهر لتأييد قضيتها‪ ..‬وهذا ما يصفه‬
‫ليونارد دوب وهو اشهر من كتب في موضوع الدعاية بأنها « محاولة‬
‫منظمة من جانب شخص او أشخاص للسيطرة على أتجاهات االفراد‬
‫والجاعات عن طريق اإليحاء بغية التحكم في سلوكهم» ‪ .‬هذا الفهم‬
‫الغري للدعاية ووصفها بعدم االمانة ً والخداع جاء نتيجة للمارسة العملية‬
‫الخادعة اثناء الحربن العالميتن‪ ،‬كا فعل غوبلز ‪ -‬وزير الدعاية النازي‬
‫ومستشار هتلر‪ -‬الذي اعتمد الكذب المكرر اسلوبا للدعاية وتكيتكا عسكريا‬
‫الرباك العدو‪ ،‬اما في الدول االشتراكية فقد اعتبر انصار الشيوعية ان‬
‫الدعاية ما هي اال توضيحا لكتابات ماركس وانجلز ولينن وستالن‪ .‬ان‬
‫جذور الخشية من الدعاية ترجع الى استعالها كرديف‬

‫‪67‬‬
‫للمجهود الحري اثناء الصراعات ثم استغاللها ببراعة من قبل االنظمة‬

‫السياسية ضد جمهور ّ معن من الناس بهدف التالعب بأفكاره ومشاعره‪،‬‬

‫ذلك ان القيمون على الدعاية يعتقدون ماما بأن الجمهور هو خامة بيضاء‬
‫سلبية يستطيع الدعاي بطرق وحيل دون اعتبار ألية اعتبارات اخالقية او‬
‫حدود سياسية او معاير انسانية او عوائق جغرافية‪ .‬لهذا اطلق عليها تعبر‬
‫« طرق شيطانية» وباحثون في مجال االتصال االعالمي اعتبروا الدعاية‬
‫(النموذج العملي لنظرية « الرصاصة االعالمية»‪6( .‬‬
‫وبالحديث عن الدعاية يفرق بعض الباحثن بينها وبن الدعوة واالثارة ‪،‬‬
‫فالدعوة تعني في الغالب نشر فكرة معينة بهدف أقناع اآلخرين بها‪،‬‬
‫مستخدمن في ذلك الحجة والمنطق والتفكر السليم كا هو الحال في الدعوة‬
‫الدينية او اي فكرة ذات مضمون عقائدي‪ .‬وتفترض الدعوة عالقة روحية‬
‫معينة وأنتاء عقائدي ثابت‪ ،‬فهي ال تتجه اال الى شخص مؤمن أو على‬
‫أستعداد ألن يؤمن على خالف الدعاية التي تتجه الى شخص على استعداد‬
‫ألن يقتنع ( هناك فارق بن االمان واالقتناع‪ ،‬االول يشر الى االستجابة‬
‫الكلية بينا الثاي نوع من المناقشة المجردة تنتهي بتقبل وجهة نظر او‬
‫التحفظ عليها) أما االثارة فهي تستخدم للترويج والتسويق بهدف أكتساب‬
‫أنصار لها‪ ،‬وغالبا ما تعتمد االسلوب التعبوي والحاسي ذات الطابع‬
‫العاطفي بهدف جعل الجاهر تتخذ موقفا معينا ازاء مشكلة ما‪ ،‬الن هدف‬
‫االثارة في النهاية هو تحريك الجاهر لعمل مباشر تحت تأثر أنفعال‬
‫‪.‬مؤقت‬

‫ولكــن كيــف تعمــل الدعايــة؟ الدعايــة كأي نشــاط اتصــالي آخــر تقــوم‬
‫عــلى اســتعال الرمــوز واســتغاللها بهــدف الـــتأثر في الجمهــور المتلقــي‬
‫بالعمــل عــلى إعــادة تشــكيل مخزونــه المعــرفي مــن معتقــدات وقيــم‬
‫وافــكار ومواقــف لينتــج عــن ذلــك ســلوكا ً محــدداً‬

‫‪68‬‬
‫يتفق مع قصد الدعاي‪ .‬من هذا المنطلق تقوم الدعاية كعملية على جملة‬
‫عناصر‪. 1 :‬الدعاي‪ ،‬وهو المرسل او الجهة المنظمة للدعاية‪ ،‬قد يكون‬
‫شخصا محترفا بأختالق االكاذيب والشائعات وقد تكون مجموعة من الخبراء‬
‫في مجال علم النفس واالجتاع والسياسة واالعالم يتعاونون جميعا النتاج‬
‫دعاية مؤثرة توضع بتصرف جهاز عسكري او استخباراي او سياسي ليتولى‬
‫‪ .‬هذا االخر بثها في الوقت المناسب‬
‫الرسالة‪ :‬للتأثر على جمهور معن ال بد من رسالة او مضمون دعاي‪2 .‬‬
‫يستحوذ على اهتام هذا الجمهور‪ ،‬وعند اعداد الرسالة – المضمون يحرص‬
‫القيمون على الدعاية النظر في أعتبارات‪ :‬ان تتناسب مع االهداف المقررة‬
‫من الحملة‪ ،‬ان تتناسب مع المناخ االجتاعي للمتلقي او تؤثر في هذا االخر‬
‫‪.‬وتحركه نحو القيام بعمل ما‬
‫الوسيلة‪ :‬الشرط االساسي عند وضع الرسالة النظر في مقدار ما مكن‪3 .‬‬
‫ان تفعله من تأثر واثارة اهتام وجذب انتباه‪ ،‬وليتم ذلك ال بد من استخدام‬
‫الوسيلة المناسبة وهو الشرط الثالث من عملية الدعاية‪ ،‬فعندما نقول بجذب‬
‫انتباه يعني ذلك التوجه الى الحواس وبقدر ما تكون الرسالة متقنة لجهة‬
‫الصورة وااللوان والمؤثرات السمعية المصاحبة واستخدام الرموز المعبرة‬
‫بقدر ما تفعل فعلها في الجمهور المتلقي‪ ..‬فاالعالم المكتوب ال ّيعبأ‬
‫الجمهور كا االعالم المسموع والـتأثر بدوره يختلف كليا مع الوسائل المرئية‬
‫من تلفزة وسينا ومسرح والكتروي حديث‬
‫المتلقي‪ ،‬ال تؤي الدعاية مارها ان م تكن محددة الهدف‪ :‬الى من تتوجه؟‪4 .‬‬
‫ما يعني ضرورة وجود جهمور مستهدف‪ ،‬ولغاية ذلك يحرص القائم‬
‫بالدعاية على معرفة جمهوره عبر دراسة خلفياته االجتاعية والنفسية‪،‬‬
‫مستوى اهتاماته‪ ،‬عاداته وتقاليده واحتياجاته وتوقعاته‪ ،‬حيث على‬

‫‪69‬‬
‫ضوء حساب هذه المتغرات يدرك الدعاي اين نقطة الضعف ليتمكن من‬
‫ان يضرب ‪. 5 ..‬النتيجة‪ :‬الهدف االول واالخر من اي رسالة اعالمية هو‬
‫حصيلة ما تعمل الجله ‪ :‬هل تركت اثرا؟ هل حققت استجابة عند المتلقي؟‬
‫بعد تنظيم الرسالة واعداد الوسيلة يتطلع ويتابع الدعاي نتائج رسالته في‬
‫التغير اذا ما كانت ناجحة وان م تؤدي فعلها يبحث عن‬
‫ُ‬ ‫على‬ ‫نظر داما الى ‪ :‬طرق استالة اخرى‪ .‬من هنا ولضان نتائج الدعاية‬
‫وجهها االمثل ي مستوى االستحواذ‪ /‬رد فعل التلقي‪ /‬التاثر السلوي‬
‫عند المستجوب‪ /‬من استجاب ومن م يستجب والذي م يستجيب لماذا؟‬
‫ونوع الوسيلة المستخدمة ‪...‬الخ‬

‫‪:‬وسائل الدعاية ‪3.1‬‬


‫ماذا تعتقد هل للدعاية وجه ايجاي أم أ ّنها سلبية الطابع؟ يالحظ ان الدعاية‬
‫تنطوي على شقن رئيسن ‪ :‬أيجاي وآخر سلبي‪ ،‬الطابع االيجاي يتجلى عندما‬

‫يكون هدف رجل الدعاية إحداث تغير ّوجه اليه‪ ،‬وهو تغير ما كان ليحدث‬

‫لوال الحملة الدعائية‪ ،‬اما الطابع السلبي فهدفه في سلوك ال ُم‬


‫الحيلولة دون وقوع تغير مقبول او عندما يعتمد رجل الدعاية اللعب على‬
‫الغرائز والعواطف التي تناسب هدفه كا هو الحال مع المعلن التجاري في‬
‫الدعاية التجارية واستثارة االهتام عبر غريزة حب االمتالك ‪ /‬الرغبة‬
‫باالنتعاش‪ /‬التطلع والطموح في االستهالك‪ ..‬وفي مختلف وجوه الدعاية سواء‬
‫االيجابية او السلبية يستخدم مهندسو الدعاية جملة من الوسائل لتحقيق اهدافهم‬
‫‪ :‬منها‬

‫التحريف والتشويه( ‪1‬‬


‫الكذب والتالعب بالحقائق( ‪2‬‬

‫‪70‬‬
‫التكرار المستمر لالفكار غر المقنعة( ‪3‬‬
‫البساطة في الشعارات والقوة في الرموز( ‪4‬‬
‫المبالغة والتهويل( ‪5‬‬
‫أنتهاز الفرص وأعتاد عامل المباغاة( ‪6‬‬
‫تكتيك الكتان ‪ /‬اسلوب الصمت( ‪7‬‬
‫أسلوب تحويل االنظار( ‪8‬‬
‫مخاطبة الناس على قدر عقولهم ‪ /‬المسايرة( ‪9‬‬
‫الشائعات( ‪10‬‬

‫عبر بعض هذه الوسائل او مجملها تستطيع الدعاية القوية أن ُ‬


‫ت ّغر من طبيعة‬
‫الرأي العام‪ ،‬فقد تتحول جاعة معينة الى حشد تحت تأثر الدعاية‪ ،‬حيث من‬
‫المفترض على هذه الجاعة ان تسر وفق منطق العقل بينا اذا أستجابت‬
‫الآلعيب الدعاية في الضرب على الوتر العاطفي فمن المحتمل ان تتحرك‬
‫الجاعة وفق نداء العاطفة ويصبح تصرفها انفعاليا‪ .‬ومن بن ما يلجأ اليه‬
‫الدعاي ضمن وسائل دعايته ما يعرف بأستراتيجيات االستالة وهي عبارة عن‬
‫‪:‬جملة من االساليب التي يستخدمها للتأثر أبرزها‬
‫استثارة صورة مطية عند المستهدف‪ ،‬وهذه تتم بعدما يدرك الدعاي ما لدى ‪-‬‬
‫االخر من صفات فيعمل على استخدامه لالستثارة والتجييش كا في االعالم‬
‫الغري الذي يلعب على الصورة النمطية عن الزنوج بوصفهم ‪ :‬كسالى‪،‬‬
‫والعرب بوصفهم ‪ :‬متعطشن للجنس والقتل‪ ..‬وااليطالين كأفراد مافيا‬
‫‪..‬وعصابات‬
‫اســتخدام رمــوز وشــعارات ذات الوقــع القــوي والمفعمــة بااليحــاءات ‪-‬‬
‫كأســتخدا‬
‫م‬
‫التنظيــات‬
‫اليســارية‬
‫لتعبــر‬
‫االمبرياليـ‬
‫ـة‪،‬‬
‫إســتخدام‬
‫آخريــن‬
‫تعابــر‬

‫‪71‬‬
‫‪..‬من قبيل ‪ :‬الرجعين ‪ ،‬التقدمين‪ ،‬االحرار‬
‫قلب الحقائق ‪ ،‬أحيانا يبني الدعاي دعايته على حقائق واقعة ولكنه في احيان ‪-‬‬
‫كثرة يلعب على الوقائع ويقلب الحقائق لصالحه ي يوهم االخر بأن الحقيقة هي‬
‫التالية وليست كا يراها ‪ (.‬هنا نوع من اثارة البلبلة عبر الدس وتحريف‬
‫الوقائع) ال سيا وان الدعاية ال يهمها التوعية بقدر ما يهمها التالعب بعواطف‬
‫ومعارف المتلقن‬
‫االعادة والتكرار ‪ ،‬من فائدة التكرار انه يدفع المتلقي الى التركيز والى ‪-‬‬
‫التذكر كا انه يؤدي الى تثبيت المعلومة لهذا يستخدم الدعاي اسلوب التكرار‬
‫واعادة التذكر بشكل متواصل عمال بقاعدة‪ :‬ليثبت المسار جيدا في مكانه ال بد‬
‫من ضربات عديدة مكررة ومركزة ‪ .‬وهكذا يقدم الدعاي افكاره كحقائق‬
‫مفروغ منها‪ ،‬تعمل على تعزيز موقفه دون اللجوء الى مناقشتها مع االخرين –‬
‫المتلقن‪ .‬انه ال يقدم الحقائق او المعطيات بل يعتمد اسلوب االيحاء والغموض‬
‫والمعلومة تلو المعلومة حتى يشعر االخر باإلرباك‪ .‬وفي لحظة وقوع الجمهور‬
‫المستهدف بالتشوش واالرباك اصبح فريسة سهلة لستقبال افكار جديدة وبديلة‬
‫يحضرها الدعاي كخطة ممنهجة منه نحو اخضاعه او ي يتمرد على سلطته‬
‫‪.‬البائدة‪ ،‬او تجيره نحو مشاريع يرتأيها القامون بالدعاية المنظمة‬

‫‪:‬أشكال الدعاية ‪3.2‬‬


‫ترتدي الدعاية أكر من ثوب كيف تصل الى من تود التأثر بهم‪ ،‬فهي ال تدع‬
‫أسلوب من اساليب االتصال بالجاهر أالّ وتحاول أستخدامه عبر طرق فنية‬
‫متعددة كاالشارات ‪ /‬االغراء واالغواء‪ /‬االقناع‪ /‬بث الخوف‪ /‬وعد بتحقيق‬
‫‪:‬االحالم‪ /‬الترهيب النفسي‪ ../‬على نحو ما سوف نعرفه في االشكال التالية‬

‫‪72‬‬
‫الدعاية السياسية‪ :‬وقد ظهر دورها في االطار الدولي المعاصر كأحد( ‪1‬‬
‫االدوات الهامة لتعزيز مكانة الدول وسياستها الخارجية سواء لجهة اظهار‬

‫الدولة المعنية ( التي تبث الدعاية) ً عبر اظهار دورها على انها ذات‬
‫مقومات استراتيجية وحضارة وعلوم وتراث او سواء‬
‫الريادي في العمل االقتصادي واالنساي والسياحي‪ ..‬وفي نطاق‬
‫الدعاية غالبا ما يعمد ساسة الدول وقادتها وخاصة اثناء الحروب الى‬
‫االعتاد على العاطفة الوطنية وحب العائلة وكراهية العدو والخوف‬
‫منه وبث الثقة في النصر والشجاعة واالقدام‪ .‬كا أن بعض الدول‬
‫تكون جاهزة لدحض دعايات العدو ( او دول اخرى مناوئة لها) التي‬
‫تحاول ان تحط من قيمتها عبر الضرب على وتر عدم الثقة‬
‫‪..‬وأعتبارها اماكن توتر وأرهاب‬

‫الدعاية التجارية ‪ :‬وتلعب دورا هاما في الحياة االقتصادية وسر عمل( ‪2‬‬
‫الشركات والمؤسسات وحتى االفراد (المنتجن الصغار) اذ لوال الدعاية‬
‫يصعب التسويق واالنتاج وتحريك عجلة االقتصاد‪ ،‬فالعمل الدعاي هنا‬
‫يستخدم للترويج والبيع عن طريق فن االعالن‪ .‬وقد وصل االمر بالمعلنن‬
‫الى إستغالل العواطف االنسانية واستثارها بهدف الربح والبيع المكثف‪ ،‬كا‬
‫هو الحال عندما أبتدع هاملتون – وهو من خبراء االعالن االمريكين– عيد‬
‫االم ‪ ..‬وجعله مناسبة عائلية يقدم بها االوالد الهدايا ألمهاتهم‪ ،‬هنا مة‬
‫محاولة الستثارعالقة حميمية (االمومة) بدفع االوالد لشراءالهدايا لدرجة‬
‫يشعر بعقدة الذنب من ال يشتري ُتكرت ( كعيد الحب ‪ /‬يوم هدية المه‪،‬‬
‫وكذلك الحال مكن القول عن اعياد اخرى اب‬
‫التي تستثمر تجاريا بابتكار( ‪/ HALLAWEEN‬الصداقة‪ /‬عيد االب‬
‫س‬
‫ل‬
‫ع‬
‫خ‬
‫ا‬
‫ص‬
‫ة‬
‫ل‬
‫ل‬
‫م‬
‫ن‬
‫ا‬
‫س‬
‫ب‬
‫ة‬
‫م‬
‫ا‬
‫ي‬
‫ع‬
‫و‬
‫د‬
‫ب‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ر‬
‫ب‬
‫ح‬
‫و‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ف‬
‫ا‬
‫ئ‬
‫د‬
‫ة‬
‫ع‬
‫ل‬
‫ى‬
‫ا‬
‫ل‬
‫م‬
‫ع‬
‫ل‬
‫ن‬
‫ن‬
‫و‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ت‬
‫ج‬
‫ا‬
‫ر‬
‫‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫الدعاية التربوية‪ :‬ونعني بها المفاهيم التربوية والثقافية واالجتاعية التي( ‪3‬‬
‫مرر لالجيال عبر مؤسسات التنشئة االجتاعية في االسرة والمدرسة‬
‫والمؤسسة الدينية‪ ..‬في كثر من الدول ُالحظ كيف انها تغرس في نفوس‬
‫ابنائها التقاليد وسياسة الحكم واتجاهات المجتمع في ي‬
‫نفوس أبنائهم منذ الصغر وهذا ما يعرف بالتعبئة الوطنية‪ ..‬في الدول‬
‫االشتراكية مثال ودول نظام الحزب الواحد تعتبر االدعاية والتعليم‬
‫شئ واحد‪ ..‬لهذا يعتبرون كلمة دعاية من الكالت المحترمة وليست‬
‫من المعاي السلبية كا هو شائع في الغرب‪ .‬أما الدول ُعرف بالعولمة‪،‬‬
‫ذلك المصطلح والفكر الذي حملته وفرضته أمريكا الرأسالية فأخلقت‬
‫ما ي‬
‫على كل الشعوب األخرى من خالل خطة طويلة األمد‪ ،‬فرأينا التغرات‬
‫وكارينا‪ delivery & takeaway ،‬في األكل والملبس وثقافة‬
‫بودي بن الفتيات كأشهر موضة مالبس‪ ،‬وزرعت فينا الثقافة‬
‫االستهالكية المتغرة بسرعة‪ ،‬وم يقف التأثر علي الملبس وأسلوب‬
‫التعامل والتفكر وإما وصل بنا إلي الهوية ومحو االنتاء والطابع‬
‫‪.‬الوطني أو النزعة الدينية‬

‫الدعايــة النفســية‪ :‬ال يكتمــل الحديــث عــن الدعايــة دون التعريــف( ‪4‬‬
‫بالبعــد النفــسي لهـا‪ ،‬عـبر مـا يعـرف بالحـرب النفسـية التـي هـي شـكل‬
‫مـن اشـكال الدعايـة تسـتخدم اثنـاء الحـروب البـاردة أو الصراعـات‬
‫الفعليـة لتحطيـم معنويـات العـدو العسـكرية او المدنيـة واضعـاف ارادة‬
‫القتـال‪ ،‬كـا انهـا تعمـل عـلى زرع بـذور الشـك وتحطيـم هيبـة قـدرات‬
‫الدولـة او االحـزاب المناهضـة في نفـوس المتعاطفـن معهـا‪ ..‬ويتصـل‬
‫بالحـرب النفسـية اسـلوب «غسـيل الدمـاغ» وهـي محاولـة لتوجيـه الفكـر‬
‫االنسـاي ضـد رغبـة الفـرد الحـر نحـو تأثـر محسـوب عـلى آخـر موجـه‪،‬‬
‫حيـث بالقهـر النفـسي والفكـري‬

‫‪74‬‬
‫يصـل المـرء الى مرحلـة خضـوع آلارادي (تعـرف مـوت العقـل)‬
‫تجعـل احدهـم تحـت سـلطان ايديولوجيـا معينـة ال قـوة لـه فيهـا وال‬
‫قـدرة عـلى التغيـر او الرفـض‪ .‬وقـد اســتخدم مثــل هــذا االمــر في‬
‫ســجون االعتقــاالت السياســية والتعســفية عــبر عــزل الشــخص‬
‫عــن الحيــاة العامــة ‪ /‬حرمانــه مــن الطعــام او النــوم‪ /‬التهديــد‬
‫بالعنــف‪ /‬االذالل ‪ /‬الترغيــب والترهيــب‪ /‬وكل ذلــك بهــدف ان‬
‫يســر وتوجهــات مــن يعتقلــه‪ .‬يتميـز اسـلوب غسـل الدمـاغ بأنـه‬
‫اسـلوب قـسري يهـدف الى اضعـاف مقاومـة الفـرد المســتهدف‬
‫الــذي غالبــا مــا يكــون اســرا في معتقــل تحــت رحمــة آسريــه‬
‫ويتحقــق ذلـك عـن طريـق التعنيـف واحيانـا عـن طريـق المخـدرات‬
‫والتنويـم المغناطـسي حتـى يجـد نفسـه (االسـر) خاضعـا الرادة مـن‬
‫يقـوم بعمليـة الغسـل وهنـا تبـدأ مرحلـة اعــادة التلقــن لالفــكار‬
‫الجديــدة التــي تحــل محــل االفــكار الســابقة وهنــاك عــدة صــور‬
‫وأســاليب للحــرب النفســية ألداء تلــك المهــام‪ ،‬نذكــر منهــا مــا‬
‫يلي‪:‬الشــعارات والهتافــات‪ ،‬إلثــارة انفعــاالت الغضــب والكراهيــة‬
‫أو الشــجاعة والحاســة‪.‬الكلمة المسـموعة أو المقـروءة‪ ،‬التـي مـن‬
‫شـأنها التأثـر عـلى العقـول والعواطـف والسـلوك طبقــا ً لمقتضيــات‬
‫الموقــف و اإلشــاعات‪ ّ ،‬وهــي أخبــار مشــكوك في صحتهــا‬
‫ويتعــذر التحقـق مـن أصلهـا‪ ،‬وتتعلـق موضوعـات لهـا أهميـة لـدى‬
‫الموجهـة إليهـم‪ ،‬ويـؤدي تصديقهـم أو نشرهـم لهـا إلى إضعـاف‬
‫‪.‬روحهـم المعنويـة‬

‫‪:‬أما من حيث النوعية والتأثر فيمكن تقسيم الدعاية إلي‬


‫الدعايــة البيضــاء‪ -:‬وهــي تلــك الدعايــة المعروفــة المصــدر‪1 -‬‬
‫والتــي تطلقهــا دولــة أو جهــة مــا معروفــة ومعلنــة للتأثــر عــلي‬
‫شــعب أو جيــش دولــة خصــم‪ ،‬وهنــا الدعايــة تعتمــد عــلي قــدر‬
‫كبــر مــن الحقائــق حتــى تكتســب ثقــة الشــعب أو‬

‫‪75‬‬
‫الجيش الخصم والتأثر عليه وخصوصا أنها تصدر عن مصدر معروف‬
‫بعدائه وخصومته‪- 2 .‬الدعاية الرمادية‪ :‬وهي تلك الدعاية التي تحافظ‬
‫دوما علي أن تكون غر معروفة المصدر‪ ،‬حيث تبدأ وتنتشر ورما‬
‫تنتهي دون أن يظهر بوضوح من الذي أطلقها بالضبط ومن المستفيد‬
‫بالتحديد‪ ،‬يحتاج هذا النوع إلي حنكة وذكاء وخبرة في فن التأثر‬
‫‪.‬بالجاهر‬
‫الدعاية السوداء‪ -:‬وهي أكر األنواع شراسة وخطورة حيث تصدر‪3 -‬‬
‫من مصدر معادي ماما في ثوب الصديق‪ ،‬كأن يظهر العدو في صورة‬
‫صوت للمعارضة بالخارج أو ابن للشعب‪ ،‬وبذلك يكتسب جاهرية وثقة‬
‫‪.‬بأنه يريد اإلصالح في حن أن أهدافه تدمرية‬
‫وبالحديث عن مؤثرات الدعاية مة سؤال يتبادر الى الذهن‪ :‬لماذا تعطي الدعاية‬
‫في بعض جوانبها نتائج ايجابية وفي احوال اخرى تبقى بال قيمة؟ ما هي ابرز‬
‫العوامل المؤثرة في التأثر الدعاي؟ يحاول منظرو الدعاية الكشف عن آلية‬
‫( تقبل لالفكار واالراء ومن بن اآلليات التي يتوقفون عندها كمؤثرات (‪7‬‬
‫معرفة الخلفية النفسية في وعي الناس‪I .‬‬
‫العمل على وحدة االمزجة‪II .‬‬
‫النظر في مدى االستعداد السيكولوجي‪III .‬‬
‫‪.‬اللعب على الجانب االنفعالي‪IV .‬‬
‫حيث هناك حاالت استثناية يسيطر فيها على الجاهر شعور عام بالفرح او‬
‫بالحزن وتظهر وحدة مزاج عند كثر من الناس ‪ ،‬في هذه الحاالت تتحقق‬
‫بنجاح كبر الدعاية التي توافق المزاج العام‪ ..‬فالدعاية الحزبية والسياسية تنفذ‬
‫عادة في ظروف نفسية اكر تعقيدا حيث تستغل في نفسية الناس طموحاتهم‪،‬‬
‫حاجاتهم‪ ،‬تطلعاتهم‪ ،‬حوافزهم‪ ..‬مثال‪ :‬من المعروف ان دعاية المنظات االمائية‬
‫الخاصة‬

‫‪76‬‬
‫باالرياف تنشط في اوساط الشباب من اجل جذبهم بعد الدراسة الى العمل‬
‫فيها‪ ،‬غر أن مثل هذا العمل الدعاي يصطدم بجملة من المصاعب ‪ ،‬ففي وعي‬
‫الشباب هناك دوافع وحوافز ذات طابع مختلف ال تجذبه الى قريته‪ ،‬بل يظهر‬
‫رغبة للبقاء في المدينة حيث امكانات اكبر وفرص افضل ‪..‬على ضوء «‬
‫الخلفية الذهنية – والنفسية” تضطر الدعاية الى تذليل بعض المواقف النفسية –‬
‫االجتاعية في وعي الشباب من المدينة وهذه المواقف غر محددة من حيث‬
‫المضمون لكنها واضحة وممكنة بأتجاه التوقعات‪ .‬ويكفي كمثال آخر ان نتابع‬
‫قوة التأثر االنفعالية الضخمة التي يطلقها القادة في الحروب من خالل اقوال‬

‫وكالت بهدف رفع الروح المعنوية والقتالية للجنود وتبعد شعور السأم ّ ولتولد‬

‫‪.‬فيهم طاقة جديدة ورغبة عارمة باالنتصار‬


‫ان اللعب على الجانب االنفعالي يشتمل على عناصر متنوعة مختلفة‪ ،‬حيث‬
‫هناك العواطف الثابتة والمستدمة كحب الوطن والتعلق باالسرة واالصدقاء‪،‬‬
‫وهناك االنواع المختلفة من االنفعاالت التي تسببها الظروف والمواقف ‪:‬‬
‫كاالبتهاج‪ ،‬واالمان والمتعة‪ ،‬او الحزن والغضب والجزع‪ ..‬هذا التنوع من‬
‫القوة االنفعالية يشكل معرفته جهازا ديناميا ممكنا الحداث تأثر عبر الدعاية‬
‫‪..‬ذلك ان رجال الدعاية يثرون ما يعرف ب” الشعلة الحية” عبر الحاس‬
‫محاضراتهم ومقاالتهم واحاديثهم االذاعية والتلفزيوينة وعلى موهبتهم في‬
‫معرفة الجاهر من اجل مس مشاعرها ورغبة للتقرب من هذه الجاهر بطريقة‬
‫او بأخرى‬
‫ويكمن االستعداد السيكولوجي للتأثر الدعاي بأنسجام دائرة من المعارف‬
‫الجديدة والمعلومات والمواقف والمبادئ مع المعارف واالراء الموجودة مسبقا‬
‫لدى الناس ومع مازج هذه المعارف – المقدمة والموجودة اصال‪ -‬يحدث‬
‫عندها بصورة طبيعية ‪ :‬التأثر االيديولوجي‪..‬ولكن مة حاالت تحول دون هذا‬
‫التأثر عبر “عدم االستعداد السيكولوجي” فكثر من الجاهر ال تتقبل بسهولة ما‬
‫يعرض عليها‬

‫‪77‬‬
‫خالل العمل الدعاي‪ ،‬على سبيل المثال بعد تقليب صحيفة‪ ،‬يهمل اقساما منها‪،‬‬
‫كا قد يغلق مذياعه عند بث احاديث اذاعية ال تعنيه او تثر المباالته وضجره‪،‬‬
‫تلفزيونية لساسة ليسوا من توجه‬ ‫او قد يعرض عن مشاهدة مناظرة‬
‫االيدويولوجي ‪ ..‬ما يعني ان االعالن الدعاي يصطدم بحاجز انفعالي خاص‬
‫يتمثل بالعاطفة بالشغف والميل‪ ،‬من جهة‪ ،‬وبالنزعة العقلية المتمثلة بوعي‬
‫‪،‬الشخص‬
‫ثقافته‪ ،‬ومعارفه العميقة وقدرته على كشف جوهر االدراك المزيف من‬
‫الصحيح‪ .‬من جهة أخرى‪ .‬اذن ليس كال االمرين ( العاطفة واالدراك العقلي)‬
‫مكن اللعب على وترها معا او بأحداها لضان التاثر الدعاي اما مة امر اكر‬
‫اهمية عند تقبل الناس لآلراء واالفكار وهو مدى ارتباطها بحاجاتهم ومطالبهم‬
‫‪ :‬المختلفة نوعيا‪ ،‬هذه الحاجات مكن تصنيفها في اطارين‬
‫حاجات ذات طابع عام‪ ،‬وترتبط بتلك الدائرة من االهتامات االجتاعية الدامة •‬
‫عند جمهور الناس والمتعلقة بجوانب حياتهم والمادية والروحية ومصائر‬
‫‪.‬مستقبلهم وعالقاتهم المتبادلة مع غرهم‬
‫حاجات ذات طابع مرحلي آي‪ ،‬وهي الحاجات والوقائع المرتبطة بأهتامات •‬
‫الناس المهنية التي تقلقهم في لحظات معينة احداث محلية ودولية او حوادث‬
‫‪..‬قريبة منهم‪ .‬فيسعون الى “ التشبث” ما يزيل عنهم القلق‬
‫ان جميع انواع الدعاية قادرة على احداث انطباع انفعالي لكن العنصر‬
‫االنفعالي المتوجه نحو العاطفة غر كاف وال ذلك المتوجه نحو العقل‪ ،‬بل ال‬
‫بد في كل االحوال معرفة حسن استخدام الوسيلة المناسبة ‪ ،‬الن العنصر‬
‫االنفعالي المثار في المطبوعات يختلف عن ذلك الوارد في المحاضرة‬
‫الجاهرية‪ ،‬والحديث التلفزيوي يختلف تأثره بطبيعة الحال دعائيا عن االذاعي‬
‫او االلكتروي‪ ..‬فكل‬

‫‪78‬‬
‫صنف من اصناف التأثر االيدولوجي يتطلب اختيارا دقيقا لتلك العناصر التي‬
‫مكنها أن ُتكسب الدعاية الصبغة العاطفية المطابقة والبعد المنطقي المناسب‬
‫‪.‬وعندها مكن توقع حدوث االستجابة الحية‬

‫‪:‬الخالصة‬
‫لعل خطورة الدعاية كإحدى وسائل الحرب النفسية‪ ،‬تكمن في االهداف التي‬
‫تسعى إليها كليها والتي حددها البروفيسور رجيارد اكروس والذي كان يشغل‬
‫‪:-‬رئاسة الحرب النفسية في بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية‬
‫‪.‬تحطيم قيم وأخالقيات الشعب الموجه إليه الحرب النفسية‪1 .‬‬
‫‪.‬إرباك نظرته السياسية وقتل كافة معتقداته ومثله التي يؤمن بها‪2 .‬‬
‫إعطاؤه الدروس الجديدة ليؤمن بعد ذلك بكل ما نؤمن به‪ ( ،‬إجراء‪3 .‬‬
‫عملية غسل دماغ)‪. 4 .‬التفرقة‬
‫‪.‬بن أبناء الشعب الواحد‬
‫وتختلف أهداف الدعاية بأختالف وصف الدولة التي توجه إليها‪ :‬فمع‬
‫الدول المعادية يكون الهدف هو التأثر على عواطف وأفكار وسلوك‬
‫شعوب هذه الدول وجيوشها لتحطيم روحها المعنوية وإرادتها القتالية‬
‫وتوجيهها نحو الهزمة‪ ،‬ومع الدول المحايدة‪ :‬يكون الهدف هو التأثر على‬
‫عواطف وأفكار وسلوك شعوب هذه الدول لتوجيهها نحو االنحياز للدولة‬
‫الموجهة أو‬
‫التعاطف مع قضيتها‪ .‬أو على األقل البقاء في وضع الحياد ومنعها من‬
‫االنحياز إلى الجانب اآلخر ومع الدول الصديقة ‪ :‬يكون الهدف هو التأثر‬
‫على عواطف وأفكار وسلوك شعوب هذه الدول لتوجيهها نحو تدعيم‬
‫أواصر الصداقة مع الدولة الموجهة ونحو المزيد من التعاون لتحقيق‬
‫أهدافها؛ ّ لذلك تفضل بعض الدول استعال اسم الحرب النفسية بدالً من لفظ‬
‫الدعاية بأعتبار ها‬

‫‪79‬‬

You might also like