Professional Documents
Culture Documents
الثانية الطبعة
1
هـ1441 / 2020
َتَمََتَـنَسَيقََهذهَالمَادَةَومَراجَعَتَهاَيف
2 ََ)+965(ََ97928236َ-َ َ50350077 :ََهاتف
Ǥ̷Ǥ
:البريدَااللكتروين
اهلل دـعب عىل والسالم والصالة العاملني، رب هلل احلمد
ورسوله وخليـله نبينا مـحمد ،وعىل آله وأصحابه أمجعني.
: î
فإن من أهم الواجبات الـجسيمة واألمانات العظيمة التي
حيث من ؛ه)ء(أبنا احلياة: هذه يف هبا يعتني أن العبد عىل بَي
تربيتهم ،وتأديبهم ،ونصحهم وتوجيههم ،فإن األبناء من مجلة
برعايتها وحفظها ،كام قال
األمانات العظيمة التي أمر اهلل
تعال عند ذكره ألوصاف املؤمنني( :ﭾﭿﮀﮁ
ﮂ) [املعارج.]32 :
وقال ( :ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ
ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ
ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ) [األنفال.]27 :
3
واهلل كام أنه وهب اآلباء هذه النعمة العظيمة؛ فقال :
( ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ
،عليها تمنهم ـائ قد فإنه ، ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ) [الشورى]49 :
الطربي يف «جامع البيان يف تأويل القرآن» (.)103/23
ُّ )1( أخرجه
4
وصح عن النبي ¤تأكيد هذا األمر ،وبيان حتتُّمه عىل
نُر ُع َّي ِـت ِه ُ؛ُا ِإل ُ
مام ُُ ولُ ُع ُمس ُؤ ُ اعُو ُك ُلـك ُمُ ْ اآلباء يف قولهُ « :ك ُلـك ُمُ ُر ُ
فُأه ُل ِ نُر ِعي ِ
ُُ
ْ ول
ُ ؤ
ُ مس ُ و
ُ وه ُهُ ُ ُاع
ُ ر
ُ ُ ل
ُ ج
ُ والر ُ،ُ تـه َ َّ ُ ع
َ ُ ولُ ؤ
ُ مسْ ُوُ وه ُ راع
ُ
مسؤو َُلـةُ ُُع ُن ُُ ت ُُ َز ُو ِجها ُُوهي ُُ ْ اع َُيـةُ ُُف ُُبي ِ ُ ن ُُر ِعُيت ُـ ِه ُُُ ،والـمرأةُ ُُر ِ
َ َ ع ُ َ َّ
ِ ِ مالُس ُيـ ِد ِ فُ ِ ِ ر ِع ُيـتِ
ُُ
َ َّ ،
ُ ه ـ ُ
ت يعُ ر ُ عن ُ ول
ُ ؤ مس
ْ ُ وهو ُ ُ
ه َ ِّ ُ ُ ُ راع
ُ ُ م
ُ واخلاد ُ ها، َّ َ
نُ َر ِع َّيتِ ُِه»(.)1 مسؤولُ ُُ َع ُْ اعُوكلك ُمُ ْ أالُك ُلك ُمُر ُ
هذه عن لعبد ل اهلل بسؤال تذكري : » ول
ُ ؤ
ُ س
ُ َ ْم
ُ « : ¤ فقوله
األمانات إذا وقف بني يديه يوم القيامة ،بل قال بعض أهل العلم :
الولد سأل ي أن قبل القيامة يوم ه ولد عن الوالد سأل ي اهلل إن «
حقا فلالبن عىل أبيه حق» .
)2(
عن والده؛ فإنه كام أن لألب عىل ابنه ًّ
ك؛ د ل و عن مسؤول فإنك ك ابن ب د أ « : عمر ابن قال
ماذا أدبتـه ،وماذا علمتـه ،وإنه مسؤول عن برك وطواعيـته لك»( .)3
)1( أخرجه البخاري يف «صحيحه» (ر ،)5188 :ومسلم يف «صحيحه» (ر .)1829:
« )2( حتفة املودود بأحكام املولود» البن القيم ( ص.)229
البيهقي يف «السنن الكربى» (ر.)5301 : ُّ )3( أخرجه
5
وكام أوص اهلل األبناء ببـر آبائهم ووجوب اإلحسان
إليهم بقوله( :ﭞﭟﭠﭡ) [العنكبوت ،]8 :فقد أوص
اآلباء باألبناء أيضا؛ بتـربيتهم وتأديـبهم ،كام قال ( :ﮓ
ﮔﮕﮖ) [النساء« ،]11 :فوصية اهلل لآلباء بأوالدهم سابقة
عىل وصية األوالد بآبائهم»(.)1
وقد أخربنا نب ُّينا الكريم ¤أن للوالدين تأثريا بليغا عىل
أبنائهم؛ يف عقائدهم وأدياهنم ،فضال عن أخالقهم وطباعهم ،
الف ْطرة ُُ ،فأبوا ُه ُُي ِّودانه ُ ،
ُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُ لُ ِ ولود ُيو َل ُد ُع ُ
ل ُ َم ُ فـقال « :¤ك ُ
هيمة ُُتنْتِ ُ
ل ُُال َب ُِ سانه ُ؛ ُُ ِ
انه ُُُ ،أ ُو ُُيمج ِ
أ ُو ُُينَِّص ِ
ى ُُ
ل ُُتر ُ َُ
البهيمة ُُُ ،ه ُج ُُ كم ْث ُِ ِّ َ ِّ
جدُْعا ُء؟» .
()2
فيه ُا ُُ َُ
وهذا مثل بليغ حمسوس؛ فإن البهيمة تـنـتج يف العادة
أو ها د ي يف قطع أو ع جد فيها فليس واآلفات، العيوب من سليمة
أذهنا أو رجلها ،وإنام يـحصل ذلك من صاحبها أو راعيها ،إما
بإمهاله أو بفعله مبارشة.
« )1( حتفة املودود» البن القيم (ص.)229
البخاري يف «صحيحه» (ر ،)5188 :ومسلم يف «صحيحه» (ر .)1829: ُّ )2( أخرجه
6
فـهكذا االبن فإنه يـولد عىل الفطرة ،فإذا تعلم الكذب ،
والغش ،أو الفساد واالنحراف ،أو غريه من الـمنكرات فإنه ألمر
اإلمهال أو الرتبية، سوء بسبب يكون أن إما الفطرة؛ عن خارج
خارجي من أصحاب السوء أو غيـرهم من ٍّ فيها ،أو بمؤثـر
لطاء. خ ـال
وألهـمية هذه األمانة وعظمها أذكـر هنا عش ركائـز تعدُّ
هبا وانع ي أن الوالدين من ٍّ
كل عىل ينبغي التي س س ألا أهم من
ليتحقق هلام هذا املطلب النبيل ،واملقصد اجلليل ،والتوفيق بيد اهلل ،
له. رشيك ال وحده
ونسأله بمنه وكرمه أن حيفظ أبناءنا أمجعني بام حيفظ به عباده
والعافية الحالص هم يرزق وأن وفيق،بالت هم يتوال وأن الصاحلني،
والسالمة من الفتن ،إنه سميع ُميب.
7
زُ
كية األوىل الر
ِ
الصاحل ُة وجة ُُ َّ ُ
الز ُ اختيار ُُ َُّ
ُ ُُ
إن من أول الركائز يف الرتبية اختيار الزوجة الصاحلة ،وهذه
الركيزة تكون قبل أن يـرزق الوالدان باألوالد ،فعليك أن جتتهد
يف اختيار زوجة معروفة باالستقامة والصالح والتقوى؛ ألهنا
التنشئة هم وتنشئت هم، وتأديب هم، تربيت عىل لك ا عون ستكون
الصاحلة ،وحتى لو مل تـعن الـزوجة الصاحلة زوجها عىل تـربية
وأخالقهم. دينهم يف عليهم ارضر تكون لن فإهنا األبناء
احلث من نبينا الكريم ¤عىل اختيار املرأة ذات وهلٰذا جاء ُّ
ُُ ،
ُ ومجالـهاُُ ،
ُ ها ِ
ب حس
َ ـ
ُ ل
ُوُُ ،
ُ امهلاـ
ُ لُُُ :
ُ ألربع ُُ الـمرأة
ُ ُُ ـنكح
ُ ت « فقال: ين الد
داكُ»(.)1 الدين ُُت َِر َب ُْ
ت ُُ َي َ بذات ُُ ُِ ـر ُُ ِ ُ ولدُي ُـُنِ ُـها ُ؛ ُُ َ
فاظف ُْ ِ
البخاري يف «صحيحه» (ر ،)5090 :ومسلم يف «صحيحه» (ر .)1466: ُّ )1( أخرجه
يداك» :هذه الكلمة تطلقها العرب وال تريد حقيقة لفظها ،وإنام ت ُُ َُ وقول ُه « :تر َب ُْ
احلث والتشمري يف طلب املأمور به. املراد هبا ُّ
8
وصح عنه ¤أنه قالَ « :منُرزَ ُق ُـهُاهللُامرأةًُصاُل ُـحةُفقدُ
ً َ
ي»(.)1 َّ
ُاهللُفُالشطرُالباق ُ أعانَهُعلُ َش ْطرُدينهَ ُ،فـ ْلـ َيـت ِ
َّـق
يف عادة الس أسباب أعظم من الصاحلة الزوجة كانت وهلذا
آدمُاملرأةُ
ابنُ َُ ُِ
سعادةُ ُِ الدُّ نيا ،كام أخرب بذلك نب ُّينا ¤فقالُِ « :م ُْ
نُ
.()2
»حل ُة
الصا ُ
َّ ُ
وإنام كانت املرأة الصاحلة جزءا من سعادة الـمرء؛ ألن فيها
صفات ال تتوفر إال يف الصاحلة من النساء ،كاإلخالص والنُّصح
والصدق ،واألمانة ،والوفاء ،وحفظ املال ،واحرتام الزوج ،
وصيانة الـعرض ،وحسن الرتبية لألوالد.
ثم إن صالحها ينعكس عىل األبناء غالبا؛ لشدة مبارشهتا
هلم ،وعنايتها هبم ،وتوجيهها املستمر هلم ،وهذا أيضا من مجلة
السعادة التي َيعلها اهلل يف الزوجة الصاحلة.
( )1أخرجه الـحاكم يف «املستدرك» ( ،)162/2وقـال« :صحيح اإلسناد» ،وقـال
األلباين يف «صحيح الرتغيب والرتهيب» (« :)404/2حسن لغريه».
)2( أخرجه اإلمام أمحد يف «املسند» (ر ،)1445 :وقال األلباين يف «صحيح الرتغيب
والرتهيب» (« :)403/2صحيح لغريه».
9
ُ زُ
انية الث ة كي الر
ن ُُ َ ُُ غ ْرسُالعقيدةُواإليام ُ
فالعقيدة واإليامن مها األساس الذي تبنى عليه بقية األعامل ،
فإذا صلح األساس صلحت اآلثار الناتـجة عنه ،وأثمرت الثامر
ﯹ ﯸ ﯷ ﯶ ﯵ ﯴ ﯳ ﯲ ( تعال: قال كام بة،الطي
ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﭑ
ﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ
ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ
ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [إبراهيم .]26-24
فالشجرة إذا قطع أصلها ماتت ،فكذلك الدين إذا مل يقم
عىل التوحيد مل ينتفع به ،فمنزلة التوحيد من الدين منزلة األصول
البنيان. من والقواعد األشجار، من
وهلذا تكاثرت النُّصوص يف الوحيني عىل أمهية ترسيخ
،رغ الص منذ األبناء فوس ن يف حيح الص واإليامن ليمة،الس العقيدة
10
كام جاء يف وصايا لقامن احلكيم ¬ البنه -وهو يعظه -تأكيده
عىل هذه الركيزة ،بل كان من أول ما قال له( :ﭬﭭﭮﭯﭰ
ﭱﭲﭳﭴ) [لقمان.]13 :
فبدأ هذه الوصية بـنـهـيـه عن الشك وحتذيره منه ،وذلك
الذنوب ،وهو مبطل جلميع األعاملُ. ألن الشك أخطـر ُّ
الِّش ُك :هو تسوية غري اهلل باهلل يف يشء من حقوق اهلل ، ُو ِّ
القيامة يوم النار دخلوا إذا م أهن املشكني عن تعال أخرب كام
يقولون عىل سبيل الـحسة والندامة( :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ
ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ) [الشعراء.]98-97:
وكان مـام وص به لقامن ابنـه :تذكيـره بمراقبة اهلل ،
ﮯ ﮮ ﮭ ﮬ ﮫ ﮪ ﮩ ( فقال: ،يشء لبك وإحاطته
ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ
ﯡﯢ) [لقامن ،]16 :ويف هذا تنبيه لألبوين أن يعنوا برتبية
أبنائهم عىل مراقبة اهلل تعال ،وأنه مطلع عليهم .
11
فغـرس هذه العقيدة يف نـفوس األبناء هو تعزيز لـمرتبـة
اإلحسان عندهم ،وهتيئتهم لـمراقبة اهلل يف مجيع أفعاهلم ،
السيام يف هذا الوقت الذي انتشت فيه األجهزة ،وما قد حيصل
السموم والباليا اجلسيمة. فيها من ُّ
وقد حرص النبي ¤أشد احلرص عىل بيان هذه العقائد
ُّ
نت ك قال: عباس ابن عن ف اشئـة، الن وس ـف ن يف ها س ر وغ
ياُغالم ُُُِإ ِّ ُّن ُُأ َُع ُِّل ُمكُكلامت ُ،
ُ خلف رسول اهلل ¤يوما ،فقال«َ :
اهللُحيفظكُ،اح َُف ُِ اح َُف ُِ
َِ
ظ ُُاهللُ َُت ُـ ُِ
فاسُأ ُل ُُذاُسألت ُُ ْ ُ
َُ جاهكُُِ،إ جدُْ ُه ُُُت ُـ َُ ُْ ظ ُُ ُْ
َ َ ِ
عت ُُ
لوُاج ُـ َُت َُم ْ ُ
األمةُ ُْ
أنُ ُ نُباهللُ،واع ُل ُْمُ َُّ
ُْ تُفاس َُت ُع اهللُ،وإذاُاس َُت ُـ َُع ُـ ُْن َ ُ
ُْ
إالُبيشء ُُقدُ ُك ُـ َُت ُـ َُب ُـ ُه ُُاهللُلكُ،ولوُ
ُ َُ
ملُينفعوك ُُ بيشء ُُ َُ
علُأنُينفعوك ُُ ُ
ُُ هُ ـ
ُ ب
ُ
َ ـ
ُ ت
ُ
َ ـ
ُ ك
ُ قدُُُ وكُإالُبيشء
ُ ض
ُ ي
ُ
َ وكُبيشءُملُ ض
ُ ي
َ ُُُ عواُعلُأن
ُ ْ م
ُ ت
ُ
َ ـ
ُ اج
ُ ْ
ف َ» .
()1
ح ُ الص ُ
ت ُُ ُ ِ
وج ُـ َُّف ُقالم َُُ ُُ ،
األ ُ َ ت ُُ ُ ِ ِ
اهللُعليكُ،ر ُف َُع ُ
ُ
الرتمذي يف «اجلامع»(ر ،)2516:وصححه األلباين يف«املشكاة» (ر .)5302: ُّ )1( أخرجه
12
ُ زُ
الركية الثالثة
ُُ كثرةُالدعا ُء
صالحهم ي ـف زـالركائ هم أ من رـ يعتب لألبناء عاء دُّـفال
واستقامتهم ،وهذا الدعاء يكون قبل مـجيـئهم وبعده؛ فيدعو
اأيض ويدعوان ،الصاحلة الذرية اهلل هم يرزق أن الوالدان
لألوالد بعد أن يرزقهام اهلل هبم؛ باهلدايـة والصالح واالستقامة
. األنبياءب أسوة الديانة، عىل والثبات
فإن اهلل أخربنا عن خليله إبراهيم أنه قال( :ﯯ
.ﯰﯱﯲﯳ)[الصافات]100 :
وقال إبراهيم أيضا( :ﯢﯣﯤﯥﯦ
. ﯧ) [إبراهيم]40 :
وقال زكريا ( :ﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭟ
ﭠﭡ) [آل عمران.]38:
13
( )1
رب العالـمني ومن دعاء عباد الرمحن الذين امتدحهم ُّ
قوهلم ( :ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ
ﮮﮯ) [الفرقان.]74:
ومن نعمة اهلل وكرمـه أن جعل دعوة الوالد ألوالده
مستجابة ،ال تر ُّد ،كام ثبت عن رسول اهلل ¤أنه قال« :ثالثُ
ِ ِ ِ الُ َّ
املسافر ُ،
ُ ُ،ودعوةُ
ُ الوالد
ُ:دعوةُ ُ
ُ ن
شكُفيه َُّ تُ ُ دعواتُمستجابا ُ
دعوة ُُاُل ُـمظلو ُم»(.)2
ُ و ُ
ومما ينبغي التنبيه عليه يف هذا املقام أيضا :أنه عىل الوالدين
أن حيذرا من الدعاء عىل أوالدمها بالش ،السيام يف حال الغضب ،
ن ما يند ثم امـه عوت د جاب ست فت مها، أوالد عىل بالدعاء ال يتعج فال
بعد ذلك الندامة الشديدة.
ُُُ ا
ُو ع
ُ دُْـُ ت
َ ُُُ ال
ُ « فقال: ذلك من ¤ الكريم نارسول رناحذ قد ـ ف
صفات ُُعبادُالرمحن» يف بيان هذه الصفات
ُ ( )1وقد أفردت رسالة خمترصة بعنوان« :
رب العاملني يف خواتيم سورة الفرقان ،وهي مطبوعة. الكريمة التي امتدحها ُّ
)2( أخرجه أبو داود يف «السنن» (ر ،)1536 :والرتمذي يف «اجلامع» (ر ،)1905 :
وصححه األلباين يف «الصحيحة» رقم.)596( :
14
ِ ِ ِ
أموال ُكم ُ ُُ ،
لُ ُالُتدعوُاُع ُ
أوالدكم ُُ،و ُ
لُ ُ الُتدعوُاُع ُ أنفسكم ُُ،و ُ لُ ُ عُ
فيستجيب ُُلك ُم»( .)1َُ هلل ُُ ًُ
ساعة ُُُيسأ ُل ُُفيهُا ُُعطاء ُُُ ، ن ُُا ُ
ال ُُتوافقوُا ُُم ُ
ُ
وقال اهلل ( :ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿﮀﮁ
ﮂ) [اإلرساء.]11:
قال قتادة ¬« :يدعو عىل ماله؛ فيلعن مالـه وولـده ،ولو
.()2
» ه كلهأل له اهلل استجاب
وقال العالمة عبد الرمحن السعدي ¬« :وهذا من جهل
عند بالش هومال هوأوالد هنفس عىل يدعو حيث هـلت ج وع اإلنسان
الغضب ،ويبادر بذلك الدعاء كام يبادر بالدعاء يف اخلري»( .)3
( )1أخرجه مسلم يف «صحيحه» (ر.)3009 :
« )2( جامع البيان يف تأويل القرآن» للطربي (.)513/14
« )3( تيسري الكريم املنان» (ص.)454
15
ُ زُ
ابعة الر ة كي الر
ُُ التَّحصنيُباألذكا ُر ُُ
أبنائهام حتصني عىل الوالدين رص ح : العظيمة كائـز الر فمن
باألذكار الشعـيـة ،واألوراد النبويـة ،فإن لذلك عظيم األثـر
ور. والش ُّ ن تالف ن م وسالمة ا، وصالح ا،ظ ف ح ؛األوالد عىل
وقـد رشع لألبوين العمل عىل تـحصني ذريتهام قبل أن
ُ م هُ أحدَُ
ُُ لوُأن
َُّ « قال: ¤ بي الن عن ، عباس ابن فعن ، قوا لُي
بناُالشيطان ُ ُُ ،
َُ ج ُـ ُِّن ُـ
مُاهللُ،اللهمُ ُ
َُّ ُأنُيأتـيُ َُأه َُل ُـ ُهُقا ُلُ ْ «َ ُُ:
باس َُ إذاُُأرا َد
ُ فُذلكُمل ُُ د
ُ ـ
ُ لَ
ُ بينهامُو
ُ َ ُر دَُّ ـ
ُ َ
ق
ُ ـ
ُ يُُُ ن
ُْ ِ
إ ُ هُنَّ
ُ ِ
إ ُ ُ،ف»َ ا
ُ ماُرزقتن ُُ طان
ُ ْ َ ي
ُ الش
َُّ ُُ بُ ِ ن
ُ وج
ُ
َ ِّ
شيطان ُُأبدًُُا»(.)1
ُ ض ُه َُُُ ي ُـ َّ ُ
وجنِّبُالشيطانُماُرزقتنا» :هذا حتصني عظيم فقولهَ « :
لألوالد؛ يسلمون به من رش الشيطان ورشكه.
)1( أخرجه البخاري يف «صحيحه» (ر ،)6388 :ومسلم يف «صحيحه» (ر .)1434:
16
ثم بعد أن يـرزق اهلل الوالدين باألبناء ينبغي عليهام أن
يتعاهدا أبناءمها بالتعويذ والتحصني ،فعن ابن عباس قال :
ُُاهلل ُبكلامت ام ك
ُ عيذ
ُ أ
ُ « : واحلسني احلسن ذو ع ي ¤ النبي
ُّ كان
المة» ثم يقول : لُ َُعنيُُ َُّ نُكُ ِّ ُ وهامةُ ُِ
ُ،وم ُْ لُشيطانُُ َُّ نُكُ ِّ ُ
ُ،م ُْالتام ُِة ُِ
َُّ
هبامُإسامعيل ُُوُِ
.()1
» َ
سحاق
ُ إ ُ َ ُُ ذ
ُ وُِّ ع
ُ
َ كانُأبوكمُي
ُ «
ثم عند بلوغ سن التلقني حيرص الوالدان عىل تلقني أبنائهام
األذكار امالسي أظفارهم، ومة ع ن منذ املباركة بوية الن األذكار
اليومية؛ كأذكار الصباح واملساء ،ودخول املنزل واخلروج منه ،
ذلك. حو ون واللباس، الطعام وأذكار
فينشأ الطـفـل معتادا عىل ذكر اهلل ،مالزما له يف مجيع
اآلفات من المة والس العافية بذلك له فتحصل أحواله،
والشور ،وحتصل له الربكة يف أموره كلها.
)1( أخرجه البخاري يف «صحيحه» (ر ،)3371:وأبو داود يف «السنن» (ر ،)4737:
واللفظ به.
وقول ُه« :أبوك ُم» :أي :رسول اهلل إبراهيم .
17
ُ زُ
الركية الخامسة
ُُ اختيارُاألسامءُالط ُِّيبةُ
أن الصاحلة الرتبية األبناء تربية عىل عني ت التي األمور ن م ف
ُ يتار الوالدان ألوالدمها األسامء احلسنة الطيبة ،التي تربطهم
بطاعة اهلل ،كأن يسمى« :عبد اهلل» و«عبد الرمحن» و«حممدا»،
و«صالـحا» ،ونحو هذه األسامء احلسنة التي تـذكـره بارتباطه
بالصالح والعبادة وبمـا حيمد عليه ،فيكون يف ذلك تأثيـر عليه
غالبا ،وكام قيل« :لكل رجل من اسمه نصيب».
ُُ :
ُ هلل
ُ اُ ل
ُ إ ُ م
ُ كأحب ُ ِ
أسامئ ُ ُ إن
َُّ «: قال ه أن ¤ النبي عن وصح
َّ
ن» .
) 1(
وعبد ُُالرمح ُ
هلل ُُ ُ
عبد ُُا ُ
ُ
كون هج وو اسمه، معنى ه دل لو لوالد ا بنيي أن املناسب ن وم
هذا االسم حمبوبا هلل ،فمثال إن كان اسمه (عبد اهلل) تقول له :
)1( أخرجه مسلم يف «صحيحه» (ر.)2132:
18
أنت عبد هلل؛ الذي خلقك وأوجدك ،وأنعم عليك هبذه النعم
الكثرية؛ والتي تستلزم منك أن تكون شاكـرا ومطيعا له.
نبي من األنبياء ۏ ،أو وإن كان اسمه مطابقا السم ٍّ
صحايب من الصحابـة الكرام ،فمن الـمفيد أن تـكـرر عليه
ﭫ ٍّ
قـصة هذا النبي أو الصحابـي ،وغريهم من األعالم ،وتـربز له
منها الـمحامد ومكارم األمور ليجتهد يف التحيل هبا ،والتش ُّبـه
.ـبـةيـ الط األسامء ـةبقي يف ع صن ي هكذا و االسم، هذا ب بصاح
ويلتحق هبذه الركيزة :تـكنية األبناء بكنى طـيبـة من الصغر،
مثل :أيب عبد اهلل ،أو أيب عبد الرمحن ،ونحوها ؛ لتجري عليهم
هذه الكنى الطيبة ،وفيه تعزيز لشخصية األبناء ،ولئال تسبق إليهم
بأن نس الـح التفاؤل من هذا ويعترب ميمة،والذ ئةالـسي األلقاب
يعيش هذا الطفل حتى يرزق بالذريـة.
19
ُ زُ
ة س اد الس ة كي الر
ُُ ال َعدْ لُبنيُاألبنا ُء ُُ
فـتحري العدل بني األبناء والبعد عن اجلور واحليف وال ُّظلم
يعترب من أهم الركائز املؤثرة يف تربيتهم ،فإن األب إذا مل يعدل بني
أبنائه أوجد ذلك بينهم العداوة والتحاسد والتباغض.
ن م ذلك كان بينهم عدل ال عىل ص رح إذا قابل الـم ويف
أعظم أسباب توادهم ،وحمبـتهم ،وبرهم له.
وقد جاء يف «صحيح البخاري» عن ال ُّنعامن بن بشري ¢
أن أباه نحلـه( )1أرضا ،وأن والدته طلبت من أبيه أن يشهد
ُُ أعطيت
َُ « : له قال ¤ اهلل رسول أتى فلام ،ذلك عىل ¤ اهلل رسول
ِ ِ
رُو َُل ُـد َك ُُم ُـ َثلُ ُه ُـذُا» ،فـقال :ال ،فـقال ُ « :¤ف ُـا َُّت ُـ ُقوُا ُُا َهلل ُُ سا ُئ ُـ َ
ال ُِدك ُم»(.)2 بني ُُ َأو ُ ِ
واعد ُلوُا ُُ َُ
)1( النُ ْح َلة :هي اهلـبة والعطيـة.
خاري يف «صحيحه» (ر.)2587: ُّ )2( أخرجه الب
20
َ
ويف رواية عند مسلم أن النبي ¤قال له« :أيسـر َُك ُأ ُن ُُ
ال ُُإ ًذُا»(ُ .)1
اء؟» ،قال :بىل ،قال« :ف ُ الب ُُ َس َو ًُ
ف ُُ ُِّ
إليك ُُ ُ
يكونوُا ُُ َُ
ل ُُ َج ُو ُر» .
()2
ش ُه ُد ُُع ُ َ
ال ُُأ ُ
ويف روايـةُ « :
وهذه ،()3
» ي
ُ ر ـ
ُ يُ دُعلُهذاُغ وفـي روايـة أخرىَ « :فأ ْش ِ
ه
الكلمة قاهلا الن ُّبي « ¤هتديدا له ،وإال فمن الذي يطيب قلبه من
ال ه وأن ،ر و ج بأنه ¤ بي
ُّ الن م ك ح ما عىل د ه شي أن املسلمني
يصلح ،وأنه خالف تقوى اهلل ،وأنه خالف العدل؟!» .
)4 (
ملا وبيان ،والد األ بني لم ُّ
ظ وال يف ح ـال من بليغ حتذير هذا ف
يورثـه من العـقوق وعدم البـر ،والتقاطع والتهاجر بني اإلخوان .
( )1أخرجه مسلم يف «صحيحه» (ر.)1623 :
البخاري يف «صحيحه» (ر ،)2650 :ومسلم يف «صحيحه» (ر .)1623 : ُّ ( )2أخرجه
)3( أخرجه مسلم يف «صحيحه» (ر.)1623 :
« )4( إعالم الـموقعني» البن القيم (.)133/4
21
ُ زُ
ابعة الس ة كي الر
والرمح ُة ُُ ق ُُ َّ الـرف ُِّ ُُ
هم تـ لومعام ،هبم طف ُّ
ل وال ق فالر : ء
ُ األبنا ُ ة
ُ تربي ُ زُ ركائ ُ ُ
ن ِ
ُ
وم
ْ
بالرمحة واإلحسان.
والـحذر من الغلظة ،والبعد عن الشدة واجلفاء؛ فإن النبي
يشءُإ ُالُزا َُن ُـه ُُ،و ُالُُي ُـ ُْن ُـزَُ ُعُ ُِم ُْن ُُ فُ ُ الُيكو ُنُ ُ فقُ ُ ¤ قالَُّ « :
إن اُل ُـ ِّر َُ
. ()1
» ه ُ َ
ن
ُ شا ُُ ال
ُ إُُ يشء
ُ
وهذه الرمحة والرفق يـجب أن تبدأ مع األوالد منذ صغرهم
ستمر معهم ،فإهنا سبب لقرب ونعومة أظفارهم ،وتـمض وت ُّ
األبناء من آبائهم ،وحمبتهم هلم ،ومع وجود هذا القرب ،وهذه
وكذا هلم، صيحة الن رـتيس تو للخري، األبناء توجيه ل ه س ي بةح مـال
استجابتهم وقبوهلم هلا.
)1( أخرجه مسلم يف «صحيحه» رقم.)2594( :
22
ةُالنبي ¤فُبيانُهذهُاُلُـ َُّركيزُة : منُسَُّن ُـ ُِّ صوص ُُ ُ ُ تكاثرتُالن
ُ وق ُد ُُ
فعن أيب هريرة ¢أن النبي ¤قبـل احلسن بن عيل ،
¢
من ةعش ل نإ« : فقال ، ه عند جالس حابس بن واألقرع
الولد ما قـبلت منهم أحدا» ،فنظـر إليه رسول اهلل ¤وقالَ « :م ُن ُُ
ال ُُ َي ُر َح ُم ُُالُُُي ُـ ْر َح ُم»(.)1
ُ
وعن أم الـمؤمنني عائشة ڤ قالت :جاء أعرابـي إل
رسول اهلل ¤وقال« :تـقـبـلون الصبيان!؟ فـام نـقبـلـهم» ،فقال
الرمحة» . ()2
ك ُُ َُن ُُ َق ُلُِب ُـ َُ ِ
ك ُُأ ُن ُُُ َنـ ُز َُع ُُاهلل ُُ ُم ُـ ُْ
ك ُُُل َُ ِ النب ُّي َ « :¤
أوأ ُم ُل ُـ ُ
عيل إل ٍّ بن ن س بالـح أتت اأهن ڤ ل ض الـف م أ وعن
النبي ¤وقد فطم ،فوضعه عىل صدره ،فبال عىل صدره ،
فأصاب البول إزاره ،قالت« :فـزخخت بيدي عىل كـتـفـيـه» ،
هلل» .
()3
محكُا ُ ِ
فقيُبابنيُ،ر ُ
َُ فقال ُْ « :¤
ار
( )1أخرجه البخاري يف «صحيحه» (ر ،)5997 :ومسلم يف «صحيحه» (ر.)2594 :
( )2أخرجه البخاري يف «صحيحه» (ر.)5998 :
)3( أخرجه اإلمام أمحد يف «املسند» (ر 26875 :و ،)26878بإسناد صحيح .
ت» :أي دفـعت ،والـز ُّخ هو الدفع .انظ ُر« :النهاية» (.)298/2 زَخ ْخ ُ
وقوهلُاَ « :
23
يدل عىل أمهيـة العناية بجانب الرفق والرمحة باألبناء ، ومما ُّ
وأنه من أبواب دخول الـجنة ،والعـتـق من النريان ،ما ذكرته
ابنتني ل حم ـ ت كينة س م تنيجاء « قالت: ڤ عائشة املؤمنني أم
ُّ
هلا ،فأطعمتها ثالث تـمرات ،فأعطت كل واحدة منهام تـمرة ،
ورفعت إل فـيها مترة لتأكـلها ،فاستطعمتها ابنتاها ،فشقت
التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهام ،فأعجبني شأهنا ،
ب ُُ
وج َ ُ َُ
اهللُقدُأ َُ فذكرت الذي صنعت لرسول اهلل ،¤فقالَُّ :
إن ُُ
ِ
. ()1
»رُ ان
ُ ال
َ َُُّ ن
ُ ُ،أوُأعتقهاُهباُم
ُ ة
ُ هلاُهباُاجلن
)1( أخرجه مسلم يف «صحيحه» (ر.)2630 :
24
ُ زُ
الركية الثامنة
ْ ُُ بذلُالـن ْصحُوالتَّوجي ُه ُُ
ُّصح نال عىل داومة الـم العظيمة: األبناء تربية ركائز من ا وأيض
والتوجيه ،السيام إل معال األمور ،ومكارم األخالق ،بدءا بتعليم
الشعية، األوامر وسائر ، وأركانه اإلسالم وفرائض الدينية، العقائد
وكذا عند الزجر والتحذير؛ يبدأ بالكبائر من الذنوب واآلثام ،
وسائر املناهي الشعية ،فهذه األمور َيب أن يكون هلا النصيب
األكرب من التوجيه والنُّصح ،وبعدها يلتفت الوالد والوالدة إل
غريها من األمور التي يصلح هبا حال أبنائهم يف الدنيا من املطعم
وامللبس وغريها.
كتابه يف اهلل هكر ذ ما دة املسد النافعة ة بليغال الوصايا ن مو
عن لقامن احلكيم حينام وعظ ابنه يف سورة لقامن حيث بدأ معه
بالتوحيد ،وثنى باألمر برب الوالدين ،وبعدها نـبهه عىل إحاطة اهلل
25
بخلقه ،ويف ذلك إشارة لرضورة مراقبة اهلل يف مجيع
أفعاله ،ثم حثه عىل إقامة الصالة التي هي أعظم األعامل البدنـيـة ،
األمور؛ ومعال األخالق رفيع من مجلة عىل هبتنبيه تهوصي وختم
قال تعال( :ﭦ ﭧ ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ
ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ
ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ
ﮕ ﮔ ﮓ ﮒ ﮑ ﮐ ﮏ ﮎ ﮍ ﮌ ﮋ ﮊ ﮉ ﮈ ﮇ
ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢ
ﮭ ﮬ ﮫ ﮪ ﮩ ﮨ ﮧ ﮦ ﮥ ﮤ ﮣ
ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ
ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ
ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ
ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊ
ﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔ)[لقمان .]19-13:
26
وقد انتهج هذا املسلك األنبياء والصاحلون كام مر يف الوصية
السابقة ،وذكـر اهلل عن نبيـيـه إبراهيم ويعقوب فقال :
(ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ
ﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯞ
ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ
.ﯫﯬﯭ ﯮ ﯯﯰﯱﯲ) [البقرة]133 :
رب العاملني عىل نبيه إسامعيل بكونه يأمـر أهله وأثنى ُّ
. ) ﭲ ﭱ ﭰ ﭯ ﭮ ( : فقال ،كاة والز الةبالص
وأمر اهلل تعال نبيه حممدا ¤أن حيافظ عىل أداء الصلوات
قال كام فعلها عىل هم ثوحي ،اأيض هبا ه أهل يأمر وأن ،املفروضات
تعال( :ﮰﮱﯓﯔﯕ) [طه.]32 :
ويدخل يف توجيه األبناء ونصحهم أيضا :أن َينب الوالد
أبناءه كل ما يفسد أخالقهم ودينهم؛ مثل :سامع األغاين ،والقنوات
الضارة ،واآلالت الـمحرمة ،وكذا حيذر من الذهاب بأبنائه
ألماكن اللهو املحرم.
27
ُ زُ
التاسعة ةكي الر
الح ُُ ُالص ُ ُُ اجلليس َّ ُ
إن تعاهد األبناء يف باب اجلليس والصاحب من أعظم
، ساحب الصاحب فإن ؛ الرتبية يف مراعاهتا َيب التي الركائز
والبد أن يؤثر يف جليسه.
عىل الصاحب ثري تأ بيان يف ثال م ¤ النبي
ُّ لنا رضب وقد
يس ُُ ح ُواجل ُل ُِ يس ُالصاُل ُِ جل ِل ُِل ُا ُ صاحبه يف اخلري والش فقالَ « :مُث ُ
ِ ِ
ح ِام ُ س ُِ ل ُاُل ِ الس ُو ُِء ُكحا ُم ُِ
خُ ِ
كُ:إ َّمُا ُأ ُن ُُ
س ُ ل ُاُلـم ُ الكري ُ؛ ُ َف ُ ك ُونا ُف ُِ ـم ُ
ِ ِ ِ ِ
اع ُمُنه ُُ،وُإ َُّمُاُأ ُنُ ََتدَُ ُمُن ُهُر ُحي ًُاُ ُط ُِّيـُب ًة ُُ،وُناف ُخ ُُ ِ
حذ َُيك ُُ ،وإ َُّمُا ُأ ُن ُتَبُت َُِ
ُ ي ُـ ُ
الكُي ُـ ُِرُ ُُ :إمُا ُُأ ُن ُُيـ ُح ِر َ ُق ُُثياُب َك ُُُ ،و ِإ ُمُا ُُأ ُن ُُ َ َِتدَُ ُُ ِمنهُ ُرحيُا ُُ ُخ ِبي َُث ُـ ًُة»( .)1ُِ
ً َّ َّ
ِ
رءُع ُلُ ُدُي ُـ ُِنُ َخليُلُـ ُهُ َُفُـليُن ُظ ُرُ َأ َح ُد ُك ُم ُُ بـي « :¤اُل ُـ َُم ُ وقال الن ُّ
ل»(.)2 خال ُ ن ُُُيُـ َِم ُ
)1( أخرجه البخاري يف «صحيحه» (ر ،)5534 :ومسلم يف «صحيحه» (ر .)2628:
)2( أخرجه أبوداود يف «السنن» (ر ،)4833:وانظر «السلسلة الصحيحة» (ر .)927 :
28
فعىل اآلباء متابعة أبنائهم فيمن يصحبون وَيالسون يف
وتفقدهم يف ذلك. املدارس وغريهاُّ ،
وقد استجد نوع من األصحاب واجللساء يف هذا الزمن مل
يقل يف تأثريه عىل صاحبه عن يكن له وجود يف زمن سابق ،وهو ال ُّ
سابقه؛ أال وهو القنوات الفضائية ،ومواقع اإلنرتنت ،ووسائل
التواصل االجتامعي عرب األجهزة املحمولة ونحوها ،والتي
خروجهم، وعند ،مبيوهت يف كانوا؛ أينام أيدهيم يف األبناء هاحيمل
وهذه األجهزة إن مل تكن حتت متابعة اآلباء ورقابتهم ،فإن خطرها
اهت قد م فك واآلداب، واألخالق واألديان العقول عىل عظيم
وانحرف من الشباب والشابات بسببها؛ وآل هبم األمر إل منكرات
عظيمة ،وباليا جسيمة ،ال يعلم خطرها إال اهلل .
29
ر ُ زُ
ةالعاش ةكي الر
نة ُُ
ُالـح َس ُ
َ ُُ الـقدْ َوة
ن فإ ألبنائه، قدوة الوالد يكون أن العظيمة: الركائز من و
أمرهم باخلري حرص أن يكون هو املبادر إليه ،وإن هناهم عن الش
؛آخر واد يف وفعله واد يف هكالم يكون فال ؛عنه هم د أبع هو كان
فينشئ عند األبناء تناقضا وتباينا واضطرابا عظيام ،مـام يؤول
باألبناء لرتك التوجيـه والتأديب من اآلباء وجتاهله ،وعدم االنتفاع
بنصح الوالد وتوجيهه؛ «ألن ال ُّنـفوس مـجبولة عىل عدم االنتفاع
بكالم من ال يـعمل بعلمه وال يـنـتـفع به.
وهذا بمنزلة من يصف له الطبيب دواء لـمرض به مثـله ،
.إليه ت فـتـل م ر ـيـغ ،عنه ض ر ع م بيب والط
بل الطبيب الـمذكور عندهم أحسن حاال من هذا الواعظ
هذا مقام هندع آخر دواء يقوم قد ه ألن ؛به ظ ع ي ملا ف خالـم ال
30
الدواء ،وقد يرى أن به قوة عىل ترك التداوي ،وقد يقنع بعمل
الطبيعة ،وغري ذلك ،بخالف هذا الواعظ ،فإن ما يعظ به طريق
. منها بد وال ها، قام م ها غري يقوم ال ،جاة للن ن ـ يعم
وألجل هذه ال ُّنـفرة قال شعيب لقومه( :ﯩﯪﯫ
ﯬﯭﯮﯯﯰ)[هود.]88 :
وقال بعض السلف« :إذا أردت أن يـقبل منك األمر
وإذا به، املؤمترين له، الفاعلني ل أو ن فك بيشء رت م أ ذافإ : هي والن
هنيت عن يشء ،فكن أول الـمنـتهني عنه».
ل:
وقدُقي ُ
يـاُأُيُـهـاُالـ َّرُجُـلُ ُالـمُـ َعُـ ِّلُمُ ُغيـ َرُهُُ ُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُ َ
َه َّالُلِنَُـ ْف ِسُـكُ َكُـا َنُ َذاُالـتَُّـ ْعُـلُِـيـمُ؟ُ
ُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُ
لذيُالس ُِ َُت ِ ُ
الضُنىُُُُُُُُُُُُُُُُُُُ ن ُ َّ قامُم َُ ِّ ُ واء ُ
ف ُالدَُّ َُ
ص ُ
ُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُ ِ َ ِ
ُالضنىُتـ ْميسُ َوأنـ َت َُسُـقُـيمُ ومُـ َن َّ
الُ َتُـنُْـ َهُ ُُعـنُخُـلُـقُ ُُو َتُـأُْتُِـ َيُ ُُ ِمُـثُْـ َلُـهُ
تُُ َعُظُِـيـمُ
َعُـارُ َعُـ َلُـيُْـكُإ َذ اُ َفُـ َعُـ ْلُـ َ
31 االالالاللُ
االالالالل
كُُفا ْنُـ َهُـ َهُـاُ َعُـ ْنُُ َُغـ ِّيُـ َهُا س َ ا ْبُـدَُ ْأُُبـنَُـ ْفُ ُِ
ُحُـكُِـيمُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُ تُ َعُـنُْـهُ َفُـأَنـ َ َفُـإِ َذاُا ْنُـتَُـ َه ْ
ت َ
ى دَُ ـ ُ
ت
َ ـ ْ
ُ
ق ـ ُ
وي ُ ُ
ول ُ
ق ـ ُ
تَ ماُ ُ ُ
ل ـ ُ
ب
َ ـ ْ
ُ
ق ـ ُ
ي ُ َُ
اك ـ ن ـ ه
بِالُْـ َقُـ ْو ِل ُِمُـنُْـكُو َيـنْـ َفعُ ُالتَُّـ ْعُـ ُلِـيـمُ»( .)1
ُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُ
االالالالل
بن ِدينار وعن ال ُف َضيل بن ِعياض ¬ قال :رأى ُ
مالك ُ
بعيالِ ِـه» فقيل له :يا أباالالُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُ ِ
َر ُج اًل ُي ِسـي ُء صًل َت ُه فقال« :ما َأ ْر َح َمنِـي
ِ
يحيى ُيسي ُء هذا صًل َته و َت ْـر َح ُم عيا َل ُه؟! قال« :إنه َكبيرهم َ، ِ
ومنهَيتعلمو َن»(.)2
فمـا أعظم جناية الوالد عىل ولـده عندما يكون قـدوة
لـهم فـي تـرك الفرائـض أو فـعل الـمحرمات؛ إذ األبناء فـي
الـغالب يـنشؤون متأثرين بسلوكيات والدهم ،فهو كبيـرهم ،
مون. يتعل ومنه
). 445 / 1 ( م القي البن » السالكني مدارج « انظر: ) 1 (
)2( أخرجه أبو نعيم يف «حلية األولياء» (.)383/2
32
ولنستحرض يف هذا املقام قول اهلل يف توبيخه لبني
إرسائيل ،فقال ( :ﮤﮥﮦﮧﮨﮩ
. ﮪﮫﮬﮭﮮ) [البقرة]44:
وقال ( :ﮛ ﮜ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ
ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ) [الصف.]2 :
33
34
م
خاِتة
األوالد تربية عىل عنيت التي الركائز من يسرية مجلة ذه ه ف
وتأديبهم وهتذيبهم ،وليعلم املسلم أنه باعتنائه هبذه الركائز
وتطبيقها فإنه سيكون أول من يـجني ثامر هذه الرتبية؛ يف حياته
وبعد مماته؛ أ َّمُا ُُفُحيات ُه :فسيكون ابنه صالـحا ًّبارا به ،حمافظا عىل
حقوقه ،متجنـبا عقوقه؛ ألن اإلسالم الذي رباه عليه يأمره بذلك
.عليه ه ثُّ ح ـوي
وأماُبعدُممات ُه :فإنه سيجتهد بالدُّ عاء له ،فقد قال « :¤إ ُذُا ُُ
ِ ِ
ثُ:صد َق ُة ُجار َية ُُ ،وع ُ ِ
لم ُُ ال ُ
ن ُث ُ
ال ُم ُ
آدم ُانق ُط َُع ُ ُع َمل ُه ُإ ُابن ُ َ ات ُ ُ ُ م َ ُ
ح ُُ َي ُدع ُو ُُ َل ُه»(.)1
لد ُُصاُل ُ ي ُْنـُت َف ُع ُُبه َُ ُُ ،
وو ُ
هذا وَيب التنبيه إل أن هذه املسألة؛ وهي( :تربية األبناء)
مسألة كبرية وعظيمةَ ،يب عىل كل أب أن يوليها عناية بالغة ،
فإن عامة فساد األبناء سببه إمهال اآلباء وتفريطهم.
)1( أخرجه مسلم يف «صحيحه» (ر.)1631 :
35
قال العالمة ابن القيم ¬« :فمن أمهل تعليم ولده ما ينفعه
وتركه سدى فقد أساء إليه غاية اإلساءة ،وأكثر األوالد إنام جاء
ائض رف تعليمهم ترك و م، هل وإمهاهلم اآلباء ل ـ بـق من م هفساد
الدين وسنـنـه»(.)1
ه أن وهي: ها؛حضار است الوالد عىل ينبغي ة هم م مسألة نا هو
مع عنايته هبذه األسباب والركائز العظيمة يف تربيته ألوالده عليه
أن يفوض أمره إل اهلل متوكال عليه يف إصالح أوالده وحفظهم
بام حيفظ به عباده الصاحلني ،وأال يتعلق قلبه هبذه األسباب.
قال اإلمام مالك بن أنس ¬« :األدب أدب اهلل ،ال أدب
اآلباء واألمهات ،واخلري خري اهلل ،ال خري اآلباء واألمهات» .
()2