You are on page 1of 160

‫جامعة األزهـر‬

‫شعبة اللغة العربية‪ -‬أقسام البالغة والنقد‪-‬‬

‫الكليات اخلارجية والشعب غري املتخصصة‬

‫علم البالغة‬
‫"مقرر دراسي فصلي"‬
‫كميات أصهل الدين ‪ ,‬كميات التربية قسم إسالمي‪.‬‬

‫إعداد‬
‫كلية الدراسات اإلسالمية‬ ‫كلية الدراسات اإلسالمية‬
‫والعربية‬ ‫والعربية‬
‫‪ -‬بنات المنصهرة‪-‬‬ ‫‪ -‬بنات أسيهط‪-‬‬

‫أ‪.‬د‪ /‬حممد حممد الطاهر‬


‫"رئيس قسم البالغة والنقد‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬فاطمة حممد املهدي‬
‫رئيس قسم البالغة والنقد‬
‫أ‪.‬د‪ /‬إبراهيم حسن أمحد‬
‫كمية الدراسات اإلسالمية والعربية‬
‫د‪ /‬حسني إبراهيم حسى‬ ‫‪ -‬بنات سههاج‪-‬‬
‫كمية الدراسات اإلسالمية ‪-‬بنين قنا‪-‬‬

‫العام الدراسي ‪9191 /9102‬م‬


ٕ
‫ممدمة‬

‫الحمد هلل العلً اِعلى‪ ،‬الولً المولى الذي خلك فؤحٌا‪ ،‬والصٕة‬
‫والسٕم على معلم اِمٌٌن وأبٌن الناطمٌن بلسان عربً مبٌن‪ ،‬وعلى آله‬
‫وصحبه‪ ،‬ومن سار على نهجه إلى ٌوم الدٌن‪.‬‬
‫أما بعد‪...‬‬
‫فهذه ممتطفات بٕؼٌة من علوم البٕؼة العربٌة‪ ،‬نمدمها ِبنابنا‬
‫وبناتنا طٕب وطالبات الكلٌات الخارجٌة والشعب ؼٌر المتخصصة؛‬
‫لٓلمام بمواعدها وحدودها‪ .‬وذلن؛ ِن البٕؼة العربٌة فٌها من‬
‫الموضوعات المهمة والجدٌرة بالدراسة والبحث‪ ،‬فمد ٌحتاج اِدٌب أو‬
‫البلٌػ ْبراز عاطفته نحو معانٌه إلى دراسة بناء الجمل والتراكٌب‪ ،‬حتى‬
‫تتؤكد معانٌه فً ذهن السامع‪ ،‬وهو متمثل فً علم المعانً‪ ،‬الذي ٌعد امتدادا‬
‫وتطبٌما عملٌا لنظرٌة النظم‪ ،‬أو معرفة الصورة الجمالٌة‪ ،‬وهو مجال‬
‫دراسة علم البٌان من تشبٌه‪ ،‬ومجاز‪ ،‬وكناٌة ‪ ،‬وتعرٌض‪ ،‬أو معرفة وجوه‬
‫تحسٌن الكٕم‪ ،‬وهو مجال دراسة علم البدٌع من محسنات معنوٌة ‪ ،‬وأخرى‬
‫لفظٌة‪ ،‬وذلن ِن طبٌعة النصوص اِدبٌة تفرض نفسها على أهل البٕؼة‬
‫والذوق‪.‬‬
‫فمن هنا اتخذنا من آٌات الذكر الحكٌم منهجا وضوءا منٌرا لنسٌر علٌه‬
‫ونهتدي بهدٌه‪ ،‬ومن ثم تم اختٌار نماذج عدٌدة من المرآن الكرٌم‪ ،‬والحدٌث‬
‫النبوي الشرٌؾ‪ ،‬والكٕم المؤثور‪ ،‬والشعر المدٌم‪ ،‬نمدمها لنستشعر ما فٌها‬
‫من أسرار بٕؼٌة‪ ،‬ونبٌن ما فً أسالٌبها من جمال وجٕل‪ ،‬ونرشد إلى ما‬
‫تحتوٌه من ضروب المول وفنون التعبٌر‪ ،‬حتى نُربً َملَكة النمد الصحٌح‪،‬‬
‫ونُنَ ِ ّمً فطرة الذوق السلٌم‪.‬‬

‫ٖ‬
‫أهداف الممرر‬
‫ٌهدؾ الممرر إلى تؽذٌة الطالب بعلم البٕؼة وأهم مسابله التً تعد وسابل‬
‫البٌان‪ ،‬وأثر ذلن فً استنباط مماصد المرآن الكرٌم والسنة النبوٌة والعمٌدة‪،‬‬
‫كما ٌهدؾ إلى معرفته بطرق التعبٌر المإثرة‪ ،‬وبهذا ٌتمكن من أداء رسالته‬
‫فً الجانبٌن على نحو صحٌح‪.‬‬
‫المستهدؾ من تدرٌس الممرر‬
‫فً نهاٌة الممرر ٌكون الطالب لادرا على أن ٌكتسب مهارة تفكٌر النالد‬
‫الذي ٌمٌز بٌن الجٌد والرديء‪ ،‬وٌحلل النصوص واستخراج النتابج من‬
‫الممدمات‪ ،‬وأن ٌكتسب مهارة التفكٌر اْبداعً الذي ٌتجاوز الطرابك‬
‫النمطٌة إلى التجدٌد وأبتكار‪.‬‬

‫ٗ‬
‫مفهوم الفصاحة والبالغة‬
‫تعددت اَراء وتناثرت فً كتب المتمدمٌن والمتؤخرٌن للكشؾ عن‬
‫المعنى المراد من الكلمتٌن‪ ،‬وتفصٌل المول عن وجوه الفصاحة فً الكلمة‬
‫مما ٌتطلب بداٌة اْشارة إلى مفهوم الكلمة والمعنى المراد منها‪.‬‬
‫ففً اللسان‪ :‬الفصاحة لؽة‪ :‬البٌان‪ٌ ،‬مال‪ :‬أفصح الرجل فصاحة فهو‬
‫صح‪ ،‬وامرأته فصٌحة من نسوة فصاح‬ ‫صحاء‪ ،‬وفِصاح وفُ ْ‬
‫فصٌح من لوم فُ َ‬
‫وفصابح‪ ،‬تمول‪ :‬رجل فصٌح وكٕم فصٌح أي بلٌػ‪ ،‬ولسان فصٌح أي‬
‫طلك‪ ...‬وأفصح اللبن‪ :‬ذهب اللباء عنه‪ ،‬وفصح اللبن إذا ذهبت عنه الرؼوة‬
‫لال فضلة السلمً‪ :‬وتحت الرؼوة اللبن الفصٌح‪ ،‬وأفصحت الشاة خلص‬
‫لبنها (‪.)1‬‬

‫فالمادة كلها تدور حول البٌان والظهور‪ ،‬وعلٌه ورد لول هللا تعالى‪:‬‬
‫سانا) (‪ )2‬أي أبٌن منً لؤ‪.‬‬ ‫ون ُه َو أ َ ْف َ‬
‫ص ُح ِمنًِّ ِل َ‬ ‫( َوأ َ ِخً ه ُ‬
‫َار ُ‬

‫ولول الرسول ‪-‬صلى هللا علٌه وسلم‪" : -‬أنا أفصح العرب بٌد أنً‬
‫(‪)3‬‬
‫ولول فضلة السلمً‪" :‬وتحت الرؼوة اللبن الفصٌح" ولولهم‪:‬‬ ‫من لرٌش"‬
‫"أفصح الصبح لذي عٌنٌن"(‪.)4‬‬

‫ثم جاء المزوٌنً (ت ‪9ٖ7‬هـ) ‪ :‬وجد الطرٌك ممهدا‪ ،‬والبحوث‬


‫عنها مستفٌضة‪ ،‬فؤخذ ٌجمع عن العلماء بحوثهم‪ ،‬ورتب اِلفاظ ترتٌبا‬
‫علمٌا‪ ،‬فجعل البحث عن معنى "الفصاحة" ممدمة لعلوم البٕؼة‪ ،‬وكان بحثه‬
‫هذا إٌذانا باتخاذ الفصاحة ممدمة لعلوم البٕؼة‪ ،‬وأصبح للفصاحة‬
‫مضمونها‪ ،‬وجعلها صفة للكلمة المفردة‪ ،‬والكٕم والمتكلم‪ ،‬فٌمال‪ :‬كلمة‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬لسان العرب مادة (فصح)‪.‬‬


‫(ٕ) المصص (ٖٗ)‪.‬‬
‫(ٖ) النهاٌة فً ؼرٌب الحدٌث واِثر ٖ‪.ٗ٘ٓ/‬‬
‫(ٗ) ٌضرب المثل اِول لّمر ظاهره ؼٌر باطنه‪ ،‬والثانً‪ :‬للشًء ٌنكشؾ بعد استتاره‪.‬‬

‫٘‬
‫فصٌحة‪ ،‬وكٕم فصٌح‪ ،‬ومتكلم فصٌح‪ ،‬ولصر صفة " البٕؼة " على الكٕم‬
‫والمتكلم‪ ،‬دون الكلمة‪ ،‬فٌمال‪ :‬كٕم بلٌػ‪ ،‬ومتكلم بلٌػ‪ ،‬ؤ ٌمال‪ :‬كلمة بلٌؽة‪.‬‬
‫وعلى هذا فالبٕؼة كل‪ ،‬والفصاحة جزإه‪ ،‬وعلٌه أٌضا الفصاحة‬
‫من صفات المفرد‪ ،‬كما هى من صفات المركب (‪.)1‬‬

‫وهذا الرأي هو الذي استمرت علٌه بحوث البٕؼة أخٌرا‪ ،‬هذا‪ ،‬ولد ٔحظ‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ،‬أن فً تمدٌم الكٕم عن‬ ‫الشراح للتلخٌص وأصحاب الحواشً معهم‬
‫الفصاحة والبٕؼة لبل الدخول فً بٌان انحصار علم البٕؼة فً "المعانً‬
‫والبٌان والبدٌع" سببا واضحا‪ ،‬وهو تولؾ معرفة انحصاره على فهم معنى‬
‫الفصاحة والبٕؼة‪ ،‬إذ هما الؽاٌة‪ ،‬والؽاٌة ممدمة ذهنا على البحث والعمل‪.‬‬
‫الفصاحة اصطال ًحا‬
‫تختلؾ باختٕؾ الموصوؾ بها ‪ ،‬كلمة ‪ ،‬وكٕما‪ ،‬ومتكلما‪ ،‬وهذا ما‬
‫سنوضحه فً الصفحات التالٌة‪.‬‬

‫(ٔ) ٌراجع‪ :‬عروس اِفراح ٔ‪( 9٘/‬شروح) وعلوم البٕؼة صٗٔ – ٘ٔ‪.‬‬
‫(ٕ) ٌراجع‪ :‬اٌْضاح صٖ‪ ،‬الشروح ٔ‪ 9ٓ/‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪ٙ‬‬
‫فصاحة المفرد‬
‫اشترط البٕؼٌون لفصاحة المفرد (الكلمة) ثٕثة أمور‪ :‬لال الخطٌب‪:‬‬
‫الفصاحة فً الكلمة خلوصها من ثٕثة أشٌاء‪:‬‬
‫ٕ ‪ -‬الغرابة‬ ‫ٔ‪ -‬تنافر الحروف‬
‫ٖ ‪ -‬مخالفة المٌاس اللغوي‬
‫ٔ‪ -‬تنافر الحروف‪:‬‬
‫كلمة (تنافر) فً اللؽة تدل على التفرق‪ ،‬أما تنافر الحروؾ الذي نحن‬
‫بصدده‪ ،‬فهو وصؾ فً الكلمة ٌإدي إلى ثملها على اللسان‪ ،‬وصعوبة‬
‫النطك بها‪ ،‬وضابط ذلن‪ :‬الذوق السلٌم‪ ،‬والشعور الذي ٌنشؤ عنه من مزاولة‬
‫(‪)1‬‬
‫أسالٌب البلؽاء‬

‫أنواع التنافر‪:‬‬
‫(ٔ) الشدٌد المتناهً فً الثمل‪:‬‬
‫مثل لفظ " الظش " للموضع الخشن و " ال َه َم ْع َم ُع " لصؽٌر الرأس‬
‫و"ال ُه ْع ُخ ُع" ولد وردت تلن الكلمة فً لول اِعرابً الذي سبل عن نالته‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ولد ذكر أن الهعخع‪ :‬اسم شجر ُم ّر ولٌل‪:‬‬ ‫فمال‪" :‬تركتها ترعى الهعخع"‬
‫إنها كلمة مإلفة مخترعة للمتناهً فً الثمل‪ ،‬فهى معاٌاة ٔ أصل لها‪ ،،‬ؤ‬
‫ٌخفً ما فٌها من ثمل‪ ،‬حتى إن النطك بها ٌصور حالة إنسان منكفا على‬
‫وجهه ٌمًء ما فً جوفه‪.‬‬
‫ومن ذلن لول ابن جحدر‪:‬‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬اٌْضاح ٔ‪ ٕٕ/‬ت‪ .‬د ‪ /‬خفاجً‪.‬‬


‫(ٕ) اٌْضاح ٔ‪ ،ٕٕ/‬المطول ‪.ٔ9‬‬

‫‪7‬‬
‫ظ ُم‬ ‫َه َم ْر َجلَةٌ خلمُها َ‬
‫ش ٌْ َ‬ ‫أرللت حولَهُ‬
‫ْ‬ ‫حلفتُ بما‬
‫ِّ‬
‫الجن ِزٌزٌَم‬ ‫بها من وحً‬ ‫شب َْرلَ ْ‬
‫ت ِمن تَنوفٌة‬ ‫وما َ‬
‫(فؤرللت‪ :‬أسرعت‪ ،‬الهرجل‪ :‬النالة السرٌعة‪ ،‬الشٌظم‪ :‬الطوٌل‪ ،‬شبرلت‪:‬‬
‫لطعت‪ ،‬التنوفٌة‪ :‬المفازة‪ ،‬الوحً‪ :‬الصوت الخفً‪ ،‬والزٌزٌزم‪ :‬حكاٌة‬
‫أصوات الجن‪ ،‬وهو محل الشاهد فً البٌتٌن) (‪.)1‬‬

‫(ٕ) ‪ :‬الخفٌف فً الثمل‪:‬‬


‫مثل لفظ "النماخ" للماء العذب‪ ،‬و "المثعنجر" للسابل من الماء أو‬
‫الدمع‪ ،‬وفً كل واحدة من هذه الكلمات مأ ٌخفً من وجوه الثمل‪ ،‬ومظاهر‬
‫أستكراه‪.‬‬
‫ومن ذلن لول امرئ المٌس‪:‬‬

‫أثٌررررررث كمنررررررو النخلررررررة المتعثكررررررل‬ ‫وفررررز ٌرررزٌن المرررتن أسرررود فررراحم‬


‫(‪)2‬‬ ‫ؼررردابره مستشرررزرات إلرررى العرررٕ‬
‫تضل المداري فً مثنى ومرسل‬
‫الفرز‪ :‬الشعر التام‪ ،‬المتن‪ :‬ظهر المرأة‪ ،‬أثٌث‪ :‬كثٌؾ‪ ،‬لنو النخلة‪:‬‬
‫عنمودها‪ ،‬المتعثكل‪ :‬المتراكم‪ ،‬وؼدابره‪ :‬ذواببه‪ ،‬وهو جمع ؼدٌرة‪ ،‬وهى‬
‫الشعر المشدود بخٌوط الرأس‪ ،‬والضمٌر فٌها عابد إلى الفرز فً البٌت‬
‫اِول‪ ،‬مستشزرات‪ :‬مرتفعات إن كان بكسر الزأي على لفظ اسم الفاعل‪،‬‬
‫أو مرفوعات‪ ،‬إن روى بالفتح على لفظ اسم المفعول‪ ،‬استشزره‪ :‬رفعه‬
‫ارى‪ :‬جمع ِم ْد َراة‪ ،‬وهً‬ ‫متعدٌا‪ ،‬واستشزر‪ :‬ارتفع ٔزما‪ ،‬تضل‪ :‬تؽٌب‪ ،‬ال َم َد َ‬
‫آلة على شكل أحد أسنان المشط‪ ،‬أو أطول ٌسرح بها الشعر المتلبد‪ ،‬ال ُمث َنى‪:‬‬

‫(ٔ) البٕؼة العالٌة هامش ص ٔٔ‪.‬‬


‫(ٕ) الدٌوان ص‪ ،ٔ9‬شرح المعلمات السبع للزوزنى ص ٕٕ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫(‪)1‬‬
‫والمعنى‪ٌ :‬صور الشاعر شعر‬ ‫المفتول‪ ،‬المرسل‪ :‬خٕفه أو ضده‬
‫محبوبته فً لوحة فنٌة تتصل فٌها ذواببه بخٌوط على الرأس‪ ،‬وهو بعد ذلن‬
‫ما بٌن مفتول ومرسل تؽٌب فٌه تلن اَلة التً تشبه المشط‪ ،‬تماما كما ٌفعل‬
‫الفتٌات بشعرهن فً تسرٌحات حدٌثة‪.‬‬
‫والشاهد لوله‪( :‬مستشزرات) فهو لفظ متنافر ثمٌل على اللسان‪ ،‬ولكنه ألل‬
‫ثمٕ من (الهعخع) وسبب ثمل (مستشزرات) كما لال الخلخالى‪ :‬توسط‬
‫الشٌن التً هى من الحروؾ المهموسة المجموعة فً لولهم‪( :‬سكت فحثه‬
‫شخص) بٌن التاء التً هى من الحروؾ المهموسة الشدٌدة وبٌن الزاي التً‬
‫هى من الحروؾ المجهورة الرخوة ولو لال‪( :‬مستشرفات) لزال الثمل (‪.)2‬‬

‫أما لفظة " الهعخع " فمد جمعت المبح من أطرافه‪ِ ،‬ن جمٌع حروفها‬
‫حلمٌة‪ ،‬وحرؾ حلمً واحد ٌبعث الثمل‪ ،‬فكٌؾ إذا اجتمع الهاء والعٌن‪،‬‬
‫والخاء فً كلمة واحدة (‪.)3‬‬

‫والعٕمة السعد ٌذكر ضابطا ٌحدد به الثمل والتعسر‪ ،‬وهو الذوق‪ ،‬والذوق‪:‬‬
‫كما ذكر الدسولى‪ ،‬هو لوة ٌدرن بها لطابؾ الكٕم ونجوه وتحسٌنه‪ ،‬فكل‬
‫ما عده الذوق ثمٌٕ متعسر النطك به كان ثمٌٕ وما ٔ‪ ،‬فٕ (‪.)4‬‬

‫فالذوق مرجح حمٌمً فً اعتبار الكلمة فصٌحة أو متنافرة‪ ،‬وذلن بمدى‬


‫تمبلن لها عند سماعها‪ ،‬أو عدم تمبلن‪ ،‬طالما رزلت خاصٌة اْدران‪،‬‬
‫وحسن التلمً‪ ،‬وإن لرب المخارج أو بعدها لٌس لاعدة‪ ،‬بل هو أمر وارد‪،‬‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬شرح المعلمرات صٕٕ‪ ،‬اٌْضراح ٔ‪ /‬هرامش صٕٕ‪ ،‬والبٕؼرة العالٌرة ٕٔ‪،‬‬
‫اْشارات صٗ‪.‬‬
‫(ٕ) اٌْضاح ٔ‪ ٕٖ/‬تعلٌك د‪ /‬خفاجى‪ ،‬ورد رأي الخلخالى‪ ،‬بؤن الراء المهملة أٌضرا مرن‬
‫الحروؾ المجهورة‪.‬‬
‫(ٖ) ٌنظر‪ :‬أسالٌب بٕؼٌة د‪ /‬أحمد مطلوب ص٘ٗ‪.‬‬
‫(ٗ) ٌنظر‪ :‬الشروح ٔ‪.0ٔ – 0ٓ /‬‬

‫‪9‬‬
‫ولٌس ٔزما فالعلم بفصاحة الكٕم لد علم وذكر لبل العلم بمخارج الحروؾ‬
‫وتباعدها (‪.)1‬‬

‫(ٕ) الغرابة‪:‬‬
‫ب) بضم الراء‪ ،‬وهً‪ :‬الصفة التً تكون الكلمة بها‬ ‫وهً مصدر الفعل ( َ‬
‫ؼ ُر َ‬
‫وحشٌة‬
‫ؼٌر ظاهرة المعنى‪ ،‬ؤ مؤنوسة أستعمال (‪.)2‬‬

‫والمراد بعدم ظهور معناها‪ ،‬أن ٔ ٌنتمل الذهن منها لمعناها الموضوعة له‬
‫بسهولة‪ ،‬والمراد بكونها ؼٌر مؤنوسة أستعمال أي فً عرؾ العرب‬
‫الخلص سكان البادٌة‪ ،‬فهم الذٌن ٌعتد بهم وٌراعى عروبتهم‪ ،‬بخٕؾ ؼٌرهم‬
‫من المولدٌن‪ ،‬أو من بعض اِعراب‪ ،‬وبعض المولدٌن (ٖ) ‪ِ ،‬ن المولدٌن‬
‫ٌخفً علٌهم كثٌر مما كان مؤنوس أستعمال عند العرب‪.‬‬
‫والغرابة تكون بسببٌن‪:‬‬
‫السبب األول ‪ :‬أن تكون الكلمة بحٌث ٌحتاج فً معرفة معناها إلى بحث‬
‫وتفتٌش فً كتب اللؽة‪ ،‬ثم ٌعثر على معناها بعد جهد‪.‬‬
‫كما روي عن عٌسى بن عمر النحوى أنه سمط عن حماره‪ ،‬فاجتمع علٌه‬
‫ً تكَأ ْ ُك َؤكُم على ذِي ِجنَّ ٍة ؟ ْاف َر ْن ِمعُوا‬
‫الناس‪ ،‬فمال لهم‪ " :‬ما لَ ُك ْم تَكَأْكَأْتُم عل َّ‬
‫عنًّ ‪.)4( " .‬‬

‫تكؤكؤتم‪ :‬اجتمعتم‪ ،‬افرنمعوا‪ :‬تنحوا‪ ،‬أو انصرفوا‪.‬‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬دراسات وتطبٌمات فً علم المعانً ص ٘ٗ‪.‬‬


‫(ٕ) ٌنظر‪ :‬السعد على التلخٌص ٔ‪( 0ٖ/‬شروح) والمطول ص‪.ٔ0‬‬
‫(ٖ) ٌنظر‪ :‬حاشٌة الدسولى على السعد ٔ‪( 0ٖ/‬شروح)‪.‬‬
‫(ٗ) ٌراجع‪ :‬اٌْضاح ٔ‪ ٕٖ/‬والمطول ‪ ،ٔ0‬اْشارات صٗ‪.‬‬

‫ٓٔ‬
‫فإن كلمتى (تكؤكؤتم وافرنمعوا) تتولؾ معرفة معنى كل منهما على البحث‬
‫والتفتٌش فً كتب اللؽة المبسوطة‪ ،‬لعدم تداولهما فً لؽة خلص العرب‪ ،‬أو‬
‫فً كتب أحد من اللؽوٌٌن‪ ،‬إٔ من لل‪.‬‬
‫وذكر العلماء أن الكلمة اِولى (تكؤكؤتم) فٌها تنافر حروؾ‪ ،‬والثانٌة‬
‫(افرنمعوا) فٌها ؼرابة‪ ،‬ولالوا‪ :‬إن " افرنمعوا " مؤخوذة من حروؾ‬
‫الفرلعة‪ ،‬أو مشتمة من الفرلعة لّصابع (‪.)1‬‬

‫ومثله لول تؤبط شرا ٌصؾ ابن عم له بكثرة الترحال‪:‬‬

‫جحٌشرررررررا وٌعررررررررورى ظهرررررررور‬ ‫ٌظررل بمومرراة وٌمسررً بؽٌرهررا‬


‫المسررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررالن‬
‫الموماة‪ :‬المفازة التً ٔ ماء فٌها‪ ،‬والجحٌش‪ :‬المنفرد‪ ،‬وٌعرورى‪ٌ :‬رتكب‬
‫المهالن‪ ،‬أو معناها ٌركب فرسه عرٌانا‪ ،‬وشاهدنا فً البٌت كلمة‪ " :‬جحٌش‬
‫" فهى كلمة ؼرٌبة وحشٌة‪ ،‬ولو تؤملت للٌٕ لعجبت من الشاعر تؤبط شرا‪،‬‬
‫حٌث وضع فً البٌت هذه الكلمة الؽرٌبة وكان فً ممدوره أن ٌضع اللفظ‬
‫الذي بمعناها وهو لفظ " فرٌد " فهذا اللفظ حسن رابك‪ ،‬فضٕ عن أنه لو‬
‫وضعه فً البٌت موضع "جحٌش" لما اختل شا من وزنه فالشاعر ملوم‬
‫من وجهٌن‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أنه استعمل اللفظ الؽرٌب‪ ،‬والثانى‪ :‬أنه كانت له مندوحة عن‬
‫استعماله فلم ٌعدل عنها (‪.)2‬‬
‫ومن هذا الباب كلمة (اطلخم) التً وردت فً لول أبى تمام‪:‬‬

‫عشررواء تالٌررة ؼبسررا دهارٌسررا‬ ‫لرررد للرررت لمرررا اطلخرررم اِمرررر‬


‫(‪)3‬‬
‫وانبعثرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررت‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬حاشٌة الدسولى ٔ‪( 0ٗ – 0ٖ/‬شروح) والسبكى ٔ‪.09/‬‬


‫(ٕ) ٌراجع‪ :‬المثل السابر ٔبن اِثٌر ٔ‪ ،ٔٙ0 – ٔٙ9/‬الطراز‪.ٔٔٗ/ٔ :‬‬
‫(ٖ) ٌراجع‪ :‬المرجع السابك الموضع نفسه‪ ،‬اطلخرم‪ :‬أظلرم‪ ،‬عشرواء‪ :‬الرذي ٔ ٌبصرر لرٌٕ‬
‫والؽبس‪ :‬جمع ؼبساء أو أؼبس وهً المظلمة‪ ،‬والدهارٌس‪ :‬الدواهً‪.‬‬

‫ٔٔ‬
‫فكلمة (اطلخم) من الكلمات الؽرٌبة؛ ِنها كما ٌذكر ابن اِثٌر جمعت بٌن‬
‫وصفٌن لبٌحٌن‪ ،‬وهما ؼرابة معناها‪ ،‬وكونها كرٌهة على السمع‪ ،‬ومثلها‬
‫كلمة (دهارٌسا)‪.‬‬
‫وكلمة (اطلخم) صالحة لتنافر الحروؾ وللؽرابة‪ ،‬فتنافر الحروؾ لؽلظها‬
‫فً السمع‪ ،‬وكراهتها على الذوق‪ ،‬أما هنا فلؽرابة مدلولها‪.‬‬
‫السبب الثانً ‪ :‬احتٌاج الكلمة إلى التخرٌج على وجه بعٌد حتى ٌفهم منها‬
‫المعنى الممصود‪ -،‬أي احتمال الكلمة فً فهم معناها إلى أكثر من وجه‪-‬‬
‫مثل " مسرجا " وصفا لّنؾ فً لول رإبة بن العجاج‪:‬‬

‫أؼررررر برالررررا وطرفررررا ابرجررررا‬ ‫أٌررررام ابرررردت واضررررحا مفلجررررا‬


‫(‪)1‬‬
‫وفاحمرررا ومرسرررنا مسررررجا‬ ‫ومملرررررررة وحاجبرررررررا مزججرررررررا‬
‫الضمٌر فً لوله (أبدت) ٌعود إلى محبوبة الشاعر لٌلى فً اِبٌات لبله‪،‬‬
‫وواضحا‪ :‬أي فَما فٌه أسنان واضحة أي بٌضاء‪ ،‬الفلج‪ :‬تباعد ما بٌن‬
‫اِسنان‪ ،‬اِؼر‪ :‬اِبٌض‪ ،‬البرٌك‪ :‬اللمعان‪ ،‬وال َب َر ُج‪ :‬بالتحرٌن عظم العٌن‪،‬‬
‫والمملة‪ :‬العٌن‪ ،‬والتزجٌج‪ :‬الترلٌك مع تموٌسه‪ ،‬والفاحم‪ :‬شعرها اِسود‪،‬‬
‫وال َم ْر ِس ُن‪ :‬اِنؾ‪.‬‬
‫فالشاعر ٌصؾ عدة مواضع من محبوبته‪ ،‬فهو ٌصؾ أسنانها‬
‫بالوضوح والفلج والبٌاض والبرٌك‪ ،‬وٌصؾ عٌنٌها بالبرج وأتساز‪،‬‬
‫وٌصؾ حاجبها بالتزجٌج والترلٌك‪ ،‬وٌصؾ أنفها بؤنه "مسرج" وهذا هو‬
‫شاهدنا‪.‬‬
‫فموله‪" :‬ومرسنا مسرجا" ٌحتاج إلى ولفة‪ ،‬فالمرسن‪ :‬اسم لمحل الرسن‪،‬‬
‫وهو من البعٌر أنفه‪ ،‬ولد أطلك هنا وأرٌد به مطلك أنؾ مجازا‪ ،‬والبٕؼٌون‬
‫ٌعتبرونه مجازا ؼٌر مفٌد (‪.)2‬‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬اٌْضاح ٔ‪ ،ٕٗ/‬اِسرار صٖٔ‪ ،‬البٕؼة العالٌة ص‪ٔٙ‬‬


‫(ٕ) ٌنظر‪ :‬اِسرار ٖٔ‪ ،‬نظرات فً علم المعانً ص ٗٗ‪.‬‬

‫ٕٔ‬
‫والمهم أن وصؾ أنؾ محبوبة الشاعر بلفظ "مسرجا" ؼٌر فصٌح‬
‫ِن "مسرجا" اسم مفعول‪ ،‬ؤبد ٔسم المفعول ‪ -‬وأي مشتك من المشتمات‪-‬‬
‫من أصل ٌرجع إلٌه أشتماق‪ ،‬ولد نظر اللؽوٌون فً كتب اللؽة‪ ،‬وكٕم‬
‫العرب فلم ٌعثروا لهذا المشتك على مصدر‪ ،‬فاختلفوا فً تخرٌجه‪.‬‬
‫فابن درٌد لال‪ :‬هو من لولهم للسٌوؾ " سرٌجٌة " أي منسوبة إلى حداد‬
‫ٌسمى "سرٌجا" فهو ٌرٌد تشبٌهه بالسٌؾ السرٌجً فً الدلة وأستواء‪.‬‬
‫وابن سٌدة صاحب المحكم لال‪ :‬هو من السراج‪ ،‬أي المصباح‪ ،‬وكؤن رإبة‬
‫أراد تشبٌه أنؾ محبوبته بالسراج فً برٌمه ولمعانه‪ ،‬وهذا لرٌب من لولهم‪:‬‬
‫س ُرج وجهه‪ ،‬أي ‪ :‬حسن‪ ،‬وسرج هللاُ وجهه‪ ،‬أي‪ :‬بهجة وحسنه (‪.)1‬‬
‫َ‬
‫وعلى كٕ الوجهٌن‪ :‬فهو ؼٌر ظاهر الدٔلة على ذلن المعنى ؛ ِن مادة‬
‫"فعل" بالتشدٌد إنما تدل على مجرد نسبة شًء إلى آخر‪ ٔ ،‬على التشبٌه‪،‬‬
‫فدٔلة" مسرجا " علٌه بعٌدة وؼرٌبة‪ ،‬والؽرابة هنا من جهة هٌبته واشتماله‬
‫من أصله‪.‬‬
‫وٌعرؾ هذا العٌب وٌسهل التباعد عنه‪ ،‬بكثرة أطٕز على متون اللؽة‪،‬‬
‫وتتبع نتاج النابؽٌن من اِدباء والشعراء‪ ،‬واْحاطة بمعانً المفردات‬
‫المؤلوفة‪.‬‬
‫(ٖ) مخالفة المٌاس اللغوي‪:‬‬
‫معناه‪ :‬أن تكون الكلمة على خٕؾ ما ثبت عن الواضع‪ .‬ولد توهم‬
‫بعض الدارسٌن أن المخالفة التً نحن بصددها تعنً مخالفة المٌاس‬
‫الصرفً‪ ،‬وهو ؼٌر سدٌد‪ِ ،‬ن هنان كلمات تخالؾ لوانٌن الصرفٌٌن‪،‬‬
‫وهً فصٌحة‪ ،‬مثل‪ :‬ماء‪ ،‬وٌؤبى‪ ،‬وعور‪ ،‬واستحوذ‪.‬‬
‫فكلمة " ماء" أصلها " موه " تحركت الواو وانفتح ما لبلها فوجب‬
‫للبها ألفا‪ ،‬ثم أبدلت الهاء همزة على ؼٌر المٌاس‪ ،‬ومع ذلن فهى فصٌحة‪،‬‬
‫وكلمة " ٌؤبى " ماضٌها " أبى " بزنة ٌفعل بفتح العٌن‪ ،‬والمٌاس أٔ ٌؤتً‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬اٌْضاح ٔ‪.ٕ٘/‬‬

‫ٖٔ‬
‫المضارز مفتوح العٌن إٔ إذا كانت عٌنه أو ٔمه حرفا حلمٌا‪ ،‬وهو ؼٌر‬
‫متحمك هنا فالفعل " ٌؤبى " مخالؾ للماعدة الصرفٌة ومع ذلن فهو فصٌح‬
‫وهكذا شؤن " عور " و " استحوذ " (‪.)1‬‬

‫فصاحة الكالم‬
‫وإنما ٌوصؾ الكٕم بالفصاحة‪ ،‬إذا كان فً ألفاظه سٕسة وفً سبكه جودة‪،‬‬
‫وفً معانٌه وضوح‪ ،‬ولد اشترط العلماء فً فصاحة الكٕم والتراكٌب‪،‬‬
‫السٕمة من عٌوب ثٕثة هً‪ :‬تنافر الكلمات‪ ،‬ضعؾ التؤلٌؾ‪ ،‬التعمٌد‪،‬‬
‫وإلٌن البٌان‪:‬‬
‫(ٔ) تنافر الكلمات‪:‬‬
‫وٌتحمك هذا العٌب‪ :‬إذا كان اتصال اِلفاظ بعضها ببعض سببا فً ثمل‬
‫العبارة‪ ،‬فٌضطرب اللسان عند النطك بها‪ ،‬ولو كانت كل كلمة فصٌحة على‬
‫حدة‪.‬‬
‫والجاحظ (ت ٕ٘٘ ه) ٌعٌب التراكٌب التً ٌؽٌب التآلؾ والمران بٌن‬
‫كلماتها‪ ،‬فٌصؾ هذه الكلمات بؤنها كبعر الكبش‪ ،‬كما لال الشاعر‪:‬‬

‫لسرررران دعررررً فررررً المرررررٌض‬ ‫وشعر كبعر الكبش فرق بٌنه‬


‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررل‬
‫العٕت هم أبناء الرجل الواحد‬ ‫وٌصفها أخرى بؤنها كؤؤد العٕت‪ ،‬وأؤددخٌر‬
‫من أمهات شتى على حد لول الشاعر‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ٌكد لسان الناطك المرتحفظ‬ ‫وبعرررض لررررٌض المررروم أؤد‬
‫علرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررة‬
‫وتنافر الكلمات له مرتبتان‪:‬‬
‫المرتبة األولى‪:‬‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬المطول ص‪ ،ٔ7‬نظرات فً علم المعانً ص‪.ٗ9‬‬


‫(ٕ) البٌان والتبٌٌن ٔ‪.ٙٙ/‬‬

‫ٗٔ‬
‫ما بلػ الثمل فٌه أعلى الدرجات‪ ،‬وألصى الؽاٌات ومنه لول الشاعر‪:‬‬

‫ولررٌس لرررب لبررر حرررب لبررر‬ ‫ولبرررررر حررررررب بمكررررران لفرررررر‬


‫(‪)1‬‬
‫فهذا البٌت متنافر الكلمات ثمٌل على اللسان أشد الثمل‪ ،‬حتى لٌل‪ :‬إن أحدا ٔ‬
‫ٌستطٌع أن ٌنطك به ثٕث مرات متوالٌات إٔ وٌتتعتع لسانه فً إحداها (‪.)2‬‬

‫واضح أن سبب هذا الثمل المتناهً ناشا من تكرار حروؾ‪ :‬الماؾ والراء‬
‫والباء فً سابر كلماته‪ ،‬ولكن كل كلمة تعد فصٌحة لو نطك بها منفردة‪.‬‬
‫ومن ذلن لول الشاعر‪:‬‬

‫هزؾ ٌبذ الناجٌرات الصروافنا‬ ‫ً زفررارؾ‬


‫ازج زلرروج هَزرف ر ٌ‬
‫(‪)3‬‬
‫وكذلن لول المتنبً‪:‬‬

‫لٕلررررل عررررٌس كلهررررن لٕلررررل‬ ‫فململت بالهم الذي للمل الحشا‬


‫للملت‪ :‬حركت‪ ،‬ولٕلل‪ :‬اِولى جمع للمل‪ ،‬وهً النالة السرٌعة والثانٌة‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ ،‬والمعنى‪ :‬حركت بسبب الهم الذي أصاب‬ ‫جمع للملة‪ ،‬وهً الحركة‬
‫للبً اْبل السرٌعة‪.‬‬
‫المرتبة الثانٌة‪:‬‬
‫ما ٌكون التنافر فٌه متوسطا ٔ ٌرلى إلى التناهً فً الثمل‪ ،‬كمول أبً تمام‪:‬‬

‫(ٔ) البٌرت‪ :‬أنشرده الجراحظ فرً البٌرران والتبٌرٌن ٔ‪ ٙ٘/‬والحٌروان ‪ ،ٕٓ9/ٙ‬سرر الفصرراحة‬
‫‪ ،ٔٓ0‬اٌْضاح ٔ‪ ،ٖٓ/‬ولتنافر لفظه نسبوه إلى بعض الجن‪.‬‬
‫(ٕ) البٌان والتبٌٌن ٔ‪.ٙ٘/‬‬
‫(ٖ) أزج‪ :‬بعٌررد الخطرررو‪ ،‬الزلررروج‪ :‬السررررٌع الهزرفررً‪ :‬الممررردام‪ ،‬الزفرررارؾ‪ :‬السررررٌع أو‬
‫النررافر‪ٌ ،‬بررذ‪ٌ :‬سرربك‪ ،‬الناجٌررات الصرروافن‪ :‬الخٌررل المابمررة علررى ثٕثررة أرجررل ِصررالتها‬
‫وسرعتها‪.‬‬
‫(ٗ) اللسان‪ :‬للمل‪.‬‬

‫٘ٔ‬
‫معرررررً وإذا مرررررا لمتررررره لمتررررره‬ ‫كرررررٌم متررررى أمدحرررره أمدحرررره‬
‫(‪)1‬‬
‫والهاء‬‫وحررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررردي‬
‫أمدحه " ولٌس ناشبا عن اجتماز الحاء‬ ‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررورى‬
‫فمنشؤ الثمل هنا تكرار كلمة "‬ ‫والر‬
‫فً كلمة "أمدحه" فإن اجتماعهما فصٌح لوروده فً المرآن الكرٌم‪ ،‬كموله‬
‫وم) (‪ .)2‬وإدران هذا النوز من‬ ‫تعالى‪َ ( :‬و ِمنَ الل ٌْ ِل فَ َ‬
‫س ِبّحْ هُ َوإِ ْدبَ َ‬
‫ار الن ُج ِ‬
‫العٌوب‪ ،‬سبٌله الذوق الفنً السلٌم‪.‬‬

‫(ٕ) ضعف التألٌف‪:‬‬


‫وهو أن ٔ ٌكون الكٕم جارٌا على المانون النحوي المشهور‪ ،‬ومن ذلن‪:‬‬
‫عود الضمٌر على متؤخر لفظا ورتبة نحو‪" :‬ضرب ؼٕمه زٌدا"‬
‫فإن الضمٌر متصل بالفاعل‪ ،‬وهو ٌعود على المفعول به‪ ،‬والمفعول هنا‬
‫متؤخر فً اللفظ عن الفاعل‪ ،‬كما هو أٌضا متؤخر عنه فً الرتبة‪ ،‬وجمهور‬
‫النحاة ٌمنع ذلن؛ ِنه ربما ٌإدي إلى لبس وؼموض فً المعنى‪ ،‬فٌظن‬
‫السامع أن الضمٌر فً " ؼٕمه " ٌعود على شخص تمدم ذكره‪.‬‬
‫وإن كان مثل هذه الصورة ‪ -‬أعنً ما اتصل بالفاعل ضمٌر المفعول به‪-‬‬
‫مما أجازه اِخفش‪ ،‬وتبعه ابن جنً لشدة التضاء الفعل المفعول به‬
‫كالفاعل‪ ،‬واستشهد بمول‬
‫الشاعر‪:‬‬

‫جررزاء الكررٕب العاوٌررات ولررد‬ ‫جرررزى ربررره عنرررً عررردي برررن‬


‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررل‬
‫المدلول علٌهفعربالفعل‪ ،‬أي رب الجزاء كموله‬ ‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررراتم‬
‫ورد بؤن الضمٌر للمصدر‬ ‫حر‬
‫ب ِللت ْم َوى) (‪ .)3‬أي العدل (‪.)1‬‬
‫تعالى‪( :‬ا ْع ِدلُواْ ُه َو أ َ ْل َر ُ‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬الكشؾ عن مساوئ المتنبى ص ٖٗ‪ ،‬المطول ٕٓ‪.ٕٔ ،‬‬


‫(ٕ) سورة الطور اٌَة‪.ٗ7 :‬‬
‫(ٖ) سورة المابدة (‪ )0‬فالضمٌر (هو) ٌعود علىالعدل المفهوم من (اعدلوا) والضمٌر فً‬
‫(ربه) عند الشاعر ٌعود على المصدر المفهوم من (جزى) أي جزى رب الجزاء‪.‬‬

‫‪ٔٙ‬‬
‫ومعنى البٌت‪ :‬أن الشاعر ٌدعو على عدي بن حاتم بؤن ٌجزٌه شرا كجزاء‬
‫الكٕب العاوٌات التً ت ُضرب وترمى بالحجارة‪ ،‬ثم ٌمول الشاعر‪ :‬لد‬
‫حصل هذا الجزاء فعٕ وأصبح حمٌمة ٔ دعاء‪.‬‬
‫والشاهد فً البٌت‪" :‬جزى ربه عنً عدي بن حاتم" فمد رجع الضمٌر إلى‬
‫المفعول المتؤخر فً اللفظ‪ ،‬كما هو متؤخر فً الرتبة‪.‬‬
‫ومن ذلن لول حسان بن ثابت‪:‬‬

‫ولرررو أن مجررردا اخلرررد الررردهر مرررن النررراس أبمرررى مجرررده الررردهر‬


‫(‪)2‬‬
‫مطعمرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررا‬
‫للفعل "‬ ‫ٌعود على " مطعم " ومطعم مفعول به‬ ‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررردا‬
‫فضمٌر الؽٌبة فً " مجده "‬ ‫واحر‬
‫أبمى " فهو متؤخر رتبة ولفظا أٌضا‪ ،‬وعود الضمٌر على متؤخر لفظا ورتبة‬
‫كما هنا ممتنع عند النحاة ومن هنا كان البٌت من لبٌل ضعؾ التؤلٌؾ‬
‫المخل بفصاحة الكٕم‪.‬‬
‫ومعنى البٌت‪ :‬أنه لو كان مجد اْنسان أو شرفه سببا لطول حٌاته وخلوده‬
‫فً الدنٌا‪ ،‬لكان مطعم بن عدي أولى الناس بالخلود‪ِ ،‬نه حاز من المجد‬
‫والسإدد ما لم ٌحزه ؼٌره‪.‬‬
‫ومثله لول الشاعر‪:‬‬

‫وحسررررن فعررررل كمررررا ٌجررررزى‬ ‫جررزى بنرروه أبررا الؽررٌٕن عررن‬


‫سرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررنمار‬
‫الؽٌٕن أن ٌجازٌه أؤده مع كبر سنه وحسن‬ ‫كبرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر‬
‫فالشاعر ٌدعو على أبً‬
‫صنٌعه معهم شر جزاء‪ ،‬كما ولع لسنمار (‪.)3‬‬

‫(ٔ) ٌراجع‪ :‬المطول صٕٓ‪ ،‬واٌْضاح ٔ‪ ،ٕ0/‬والشروح ٔ‪.77 ،70/‬‬


‫(ٕ) ٌنظر‪ :‬هامش اٌْضاح ٔ‪ ٕ7/‬والبٕؼة العالٌة ص ٕٓ‪.‬‬
‫(ٖ) سررنمار‪ :‬اسررم رجررل بنررى للنعمرران لصرررا بالكوفررة اسررماه (الخورنررك) ولمررا أتررم بنرراءه‬
‫وزخرفته الماه النعمان من أعٕه لبٕ ٌبنى ِحد لصررا مثلره فمرات لسراعته فضررب‬
‫به المثل من ٌجازى على الخٌر بالشر‪.‬‬

‫‪ٔ7‬‬
‫والشاعر أعاد الضمٌر فً " بنوه " على " أبا الؽٌٕن " وهو متؤخر لفظا‬
‫ورتبة‪ِ ،‬نه مفعول به ورتبته التؤخٌر‪ .‬وهذا البٌت وما لبله‪ٌ ،‬عد خروجا‬
‫بالكٕم عن المشهور من لواعد النحو إذ ٌنبؽً أن ٌعود الضمٌر على‬
‫متمدم‪.‬‬
‫(ب) ومن ذلن‪ :‬وصل الضمٌر ب (إٔ) والمٌاس فصل الضمٌر بعدها‪.‬‬
‫ومن ذلن لول الشاعر‪:‬‬

‫سرررررٌفه دون رمحررررره مسرررررلول‬ ‫لررررٌس إٔن ٌررررا علررررً همررررام‬


‫والفصٌح فً هذا أن ٌمول‪ :‬لٌس إٔ إٌان ٌا علً همام‪ ،‬فٌفصل الضمٌر بعد‬
‫(‪)1‬‬
‫"إٔ" كموله تعالى‪َ ( :‬و ِإ َذا َمس ُك ُم ْالضر ِفً ْال َبحْ ِر َ‬
‫ضل َمن ت َ ْدعُونَ إِٔ إٌِاهُ)‬

‫ومثله لول الشاعر‪:‬‬

‫أٔ ٌجاورنررررررررررا إٔن دٌررررررررررار‬ ‫وما علٌنا إذا ما كنرت جارتنرا‬


‫والصحٌح أن ٌمال‪ :‬أٔ ٌجاورنا إٔ إٌان دٌار‪.‬‬
‫(ج) ومن ذلن أٌضا نصب الفعل المضارز بدون ناصب‪:‬‬
‫ومن ذلن لول الشاعر‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫طلررل بررٌن النمررا والمنحنررى‬ ‫انظرررررا لبررررل تلومررررانى إلررررى‬
‫ٌرٌد أن ٌمول‪ :‬انظرا لبل أن تلومانى‪ ،‬فحذؾ " أن " الناصبة فً ؼٌر‬
‫موضع حذفها‪ ،‬فٕ أداة إذا‪ ،‬وعلى ذلن ٌكون نصب المضارز بدون‬
‫ناصب‪ ،‬وهذا مخالؾ لمواعد النحو المعروفة‪.‬‬
‫وهكذا كل ما ٌخالؾ المشهور من لواعد النحو ٌخل بفصاحة الكٕم‪ ،‬وهذا‬
‫العٌب ٌعرؾ بواسطة علم النحو‪.‬‬

‫(ٔ) اْسراء‪.ٙ9 :‬‬


‫(ٕ) الطلل‪ :‬ما بمً من آثار الدٌار‪ ،‬النما والمنحنى‪ :‬موضعان‪.‬‬

‫‪ٔ8‬‬
‫(ٖ) التعمٌد بنوعٌه‪:‬‬
‫والكٕم الفصٌح ٔبد وأن ٌكون خالٌا من التعمٌد بنوعٌه والممصود من‬
‫التعمٌد أٔ ٌكون الكٕم ظاهر الدٔلة على المراد به وهذا له سببان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬ما ٌرجع إلى اللفظ‪ ،‬وثانٌهما‪ :‬ما ٌرجع إلى المعنى‪.‬‬
‫(أ) التعمٌد اللفظً‪:‬‬
‫وهو أن ٌختل الكٕم ؤ ٌدري السامع كٌؾ ٌتوصل منه إلى معناه‬
‫وذلن بؤن ٔ ٌكون ترتٌب اِلفاظ على وفك ترتٌب المعانً فً النفس‬
‫وٌحدث ذلن بسبب تمدٌم أو تؤخٌر‪ ،‬أو حذؾ أو إضمار أو ؼٌر ذلن مما‬
‫ٌوجب صعوبة فً فهم المراد (‪.)1‬‬

‫ومنه لول الفرزدق وهو من الشواهد المشهورة فً هذا الباب‪:‬‬


‫(‪)2‬‬
‫أبررو أمرره حررً أبرروه ٌماربرره‬ ‫وما مثله فً النراس إٔ مملكرا‬
‫فهذا البٌت ٌعتبر المثل فً التعمٌد‪ ،‬فمد لدم الفرزدق فٌه وأخر‬
‫وفصل بٌن ما ٔ ٌحسن الفصل فٌه‪ ،‬ومع أنه أراد أن ٌسجل معنى مٌسورا‬
‫لرٌبا فمد أراد أن ٌمول‪ :‬إن ممدوحه إبراهٌم المخزومً لٌس مثله فً‬
‫الناس حً ٌماربه إٔ مملن أبو أمه أبوه‪ ،‬ولكن الفرزدق تعسؾ فً صٌاؼة‬
‫هذا المضمون‪ ،‬والتعبٌر عنه‪ ،‬فارتكب من الضرورات ما أجهدنا فً فهم‬
‫مراده‪ ،‬حتى إنن تعجب إذا لارنت بٌته هذا بؤبٌات أخرى فصٌحة من‬
‫شعره‪ ،‬وكؤن هذا الشعر بنوعٌه لم ٌجتمع فً صدر رجل واحد‪ ،‬كما لال أبو‬
‫العباس دمحم ابن ٌزٌد المبرد (‪.)3‬‬

‫(ٔ) اٌْضاح ٔ‪ ٖٕ – ٖٔ/‬المطول ٕٔ‪.‬‬


‫(ٕ) ٌراجع‪ :‬دٌروان الفررزدق ‪ ،ٔٓ0‬اِسررار صٕٓ‪ ،‬اْشرارات صٓٔ‪ ،‬المطرول ٕٔ‪،‬‬
‫اٌْضاح ٔ‪.ٖٔ/‬‬
‫(ٖ) ٌنظر‪ :‬الكامل للمبرد ٔ‪ ،ٕ0/‬نظرات فً علم المعانً ص ٘٘‪.٘ٙ ،‬‬

‫‪ٔ9‬‬
‫وما ارتكبه الفرزدق فً هذا البٌت ٌتضح فً اِلفاظ اَتٌة‪:‬‬
‫‪ -‬لدم المستثنى‪ ،‬وهو (مملكا) على المستثنى منه وهو (حً)‪.‬‬
‫‪ -‬فصل بٌن البدل وهو (حً) والمبدل منه وهو (مثله) بموله‪" :‬فً الناس"‪.‬‬
‫‪ -‬وفصل بٌن المبتدأ‪ ،‬هو (أبو أمه) والخبر وهو (أبوه) بؤجنبى وهو لفظ‬
‫(حً)‪.‬‬
‫‪ -‬فصل بٌن الصفة وهً جملة (ٌماربه) والموصوؾ وهو كلمة (حً)‬
‫بؤجنبً‪ ،‬هو لفظ (أبوه)‪.‬‬
‫‪ -‬فضٕ عن الضمابر فً (مثله‪ٌ ،‬ماربه‪ ،‬وأبوه) تعود على الممدوح وهو‬
‫إبراهٌم المخزومً‪ ،‬أما الضمٌر فً لفظ (أبو أمه) فٌعود على هشام بن عبد‬
‫الملن (‪.)1‬‬
‫واختٕؾ مرجع الضمابر‪ ،‬أو الضمٌرٌن من أهم أسباب اْلباس واٌْهام‬
‫مما ٌجبر السامع والمارئ لهذا البٌت أن ٌطلب المعنى بالحٌلة‪.‬‬
‫وهنا رتب الشاعر ألفاظ بٌته ترتٌبا جعل السامع ٌعٌد فً ذهنه ترتٌب‬
‫اِلفاظ‪ ،‬وٌتحاٌل على التركٌب لٌحصل على المعنى كما أراده الشاعر‪ ،‬لهذا‬
‫ذم التعمٌد‪.‬‬
‫(ب) التعمٌد المعنوي‪:‬‬
‫وهو أن ٔ ٌكون انتمال الذهن من المعنى اِول إلى المعنى الثانً الذي هو‬
‫ٔزمه والمراد به ظاهرا (‪ ، )2‬فالمعنى اِول هو المفهوم بحسب اللؽة‪،‬‬
‫والثانً هو الممصود من الكٕم‪ .‬ومنه لول العباس بن اِحنؾ‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وتسكب عٌناي الدموز لتجمردا‬ ‫سؤطلب بعد الردار عرنكم لتمربروا‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬اٌْضاح ٔ‪ ،ٖٕ/‬المطول ٕٓ‪.‬‬


‫(ٕ) اٌْضاح ٔ‪.ٖٖ/‬‬
‫(ٖ) البٌرررت فرررً الررردٌوان ص‪ ،ٔٓٙ‬ط دار الكترررب والصرررناعتٌن ٕٕ٘‪ ،‬الررردٔبل ‪،ٕٓ9‬‬
‫اٌْضاح ٔ‪.ٖٗ/‬‬

‫ٕٓ‬
‫ٌرٌد أنه سٌتحمل عذاب الفراق وآٔمه‪ ،‬وٌوطن نفسه على الحزن واِسى‬
‫بسبب فراق أحبته‪ ،‬طمعا فً لربهم‪ ،‬ورضاهم عنه فعله ٌحظى منهم بوصل‬
‫ٌدوم‪ ،‬وسرور ٔ ٌنمطع‪.‬‬
‫لكن العباس بن اِحنؾ لم ٌكن موفما فً التعبٌر عن مراده كل التوفٌك فمد‬
‫كنى عن ممصده بكناٌتٌن‪ ،‬أصاب فً إحداهما‪ ،‬وخانه الصواب فً‬
‫اِخرى‪.‬‬
‫فمد كنى بسكب الدموز عما ٌوجبه الفراق من الحزن والكمد فؤصاب فً‬
‫ذلن‪ِ ،‬ن من شؤن البكاء أن ٌكون كناٌة عنه‪ ،‬ومنه لولهم‪ :‬أبكانً‬
‫وأضحكنً‪ ،‬أي ساءنً وسرنً‪ ،‬وكما لال الحماسً‪:‬‬

‫أضررحكنً الرردهر بمررا ٌرضررً‬ ‫أبكرررررانى الررررردهر وٌرررررا ربمرررررا‬


‫(‪)1‬‬
‫ثم طرد ذلن فً نمٌضه (دوام التٕلً) فؤراد أن ٌكنً عما ٌوجبه دوام‬
‫التٕلً من السرور بالجمود‪ ،‬لظنه أن الجمود خلو العٌن من البكاء مطلما‬
‫من ؼٌر اعتبار شًء آخر‪.‬‬
‫وأخطؤ؛ ِن الجمود خلو العٌن من البكاء فً حال إرادة البكاء منها‪ ،‬فٕ‬
‫ٌكون كناٌة عن المسرة‪ ،‬وإنما ٌكون كناٌة عن البخل‪.‬‬
‫والوسٌلة لتٕفً هذا العٌب ومعرفته‪ ،‬هى اْحاطة بمماٌٌس علم البٌان‪.‬‬
‫فصاحة المتكلم‬
‫وأما فصاحة المتكلم‪ :‬فهى ملكة ٌمتدر بها على التعبٌر عن الممصود بلفظ‬
‫فصٌح‪ ،‬ولٌل ملكة‪ ،‬ولم ٌمل صفة لٌشعر بؤن الفصاحة من الهٌبات‬
‫الراسخة‪ ،‬وذلن ِن الصفة الحاصلة لٓنسان فً أول أمرها تسمى حأ‪،‬‬
‫ِن المتصؾ بها ٌمدر على إزالتها‪ ،‬فإذا ثبتت فً محلها وتمررت بحٌث ٔ‬
‫ٌمكن المتصؾ بها إزالتها تسمى ملكة (‪.)2‬‬

‫(ٔ) البٌت فً الدٔبل ‪ ،ٕٓ0‬واٌْضاح ٔ‪ ،ٖٗ/‬أسالٌب بٕؼٌة ص‪.ٗ0‬‬


‫(ٕ) ٌنظر‪ :‬اٌْضاح ٔ‪ ،ٗٓ/‬التجرٌد ٔ‪.ٙ٘/‬‬

‫ٕٔ‬
‫(البالغة)‬
‫البٕؼة مصطلح أطلمه البٕؼٌون على مباحث تتصل بالكٕم والمتكلم‪،‬‬
‫وعرفوها‪ :‬بؤنها مطابمة الكٕم لممتضى الحال مع فصاحته‪ ،‬وإلى أن‬
‫استمرت على هذا الوضع مرت بؤطوار مختلفة‪.‬‬
‫ففً اللسان‪ :‬بلػ الشا ٌبلػ بلوؼا وبٕؼا‪ ،‬وصل وانتهى‪ ،‬والبٕغ‪ :‬ما ٌتبلػ‬
‫به‪ ،‬وٌتوصل به إلى المطلوب‪ ،‬والبٕغ‪ :‬ما بلؽن‪ ،‬واْبٕغ‪ :‬اٌْصال‪،‬‬
‫بلؽت المكان بلوؼا‪ :‬وصلت إلٌه‪.‬‬
‫والبٕؼة‪ :‬الفصاحة‪ ،‬والبلػ‪ ،‬والبلػ‪ ،‬البلٌػ من الرجال ورجل بلٌػ وبلػ‬
‫وبلػ‪ :‬حسن الكٕم فصٌحه ٌبلػ بعبارة لسانه كنه ما فً للبه والجمع بلؽاء‬
‫(‪.)1‬‬

‫أما بٕؼة المتكلم‪ " :‬فهى ملكة ٌُمتدر بها على تؤلٌؾ كٕم بلٌػ" وكل بلٌػ‬
‫كٕما كان أم متكلما فصٌح‪ ،‬ولٌس كل فصٌح بلٌؽا‪ ،‬والبٕؼة فً الكٕم‬
‫مرجعها إلى أحتراز عن الخطؤ فً تؤدٌة المعنى المراد‪ ،‬وإلى تمٌٌز الكٕم‬
‫الفصٌح من ؼٌره‪.‬‬
‫ولسمت البٕؼة ثٕثة ألسام‪:‬‬
‫فكان ما ٌحترز به عن الخطؤ "علم المعانً" وما ٌحترز به عن التعمٌد‬
‫المعنوي "علم البٌان " وما ٌعرؾ به وجوه تحسٌن الكٕم بعد رعاٌة تطبٌمه‬
‫على ممتضى الحال وفصاحته " علم البدٌع "‪.‬‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬لسان العرب مادة بلػ‪ ،‬الماموس المحٌط ٖ‪.ٔٓ9/‬‬

‫ٕٕ‬
‫علم المعانً‬
‫علم المعانً‪ :‬من المصطلحات التً أطلمها البٕؼٌون على مباحث بٕؼٌة‬
‫تتعلك بالجملة وما ٌكون فٌها من حذؾ‪ ،‬أو ذكر‪ ،‬أو تعرٌؾ‪ ،‬أو تنكٌر‪ ،‬أو‬
‫تمدٌم‪ ،‬أو تؤخٌر‪ ،‬أو لصر‪ ،‬أو فصل‪ ،‬أو إٌجاز‪ ،‬أو إطناب‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫به أحوال اللفظ التً بها ٌطابك‬ ‫وعرفه الخطٌب بموله‪ " :‬هو علم ٌُعرؾ‬
‫ممتضى الحال " (‪.)2‬‬

‫ولال عنه السكاكً‪ " :‬هو تتبع خواص تراكٌب الكٕم فً اْفادة وما ٌتصل‬
‫بها من أستحسان وؼٌره؛ لٌحترز بالولوؾ علٌها عن الخطؤ فً تطبٌك‬
‫الكٕم على ما تمتضً الحال ذكره (‪.)3‬‬

‫ولد حصر البٕؼٌون علم المعانً فً مباحث ثمانٌة‪ ،‬وهً‪:‬‬


‫ٔ‪ -‬أحوال اْسناد الخبري‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬أحوال المسند إلٌه‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬أحوال المسند‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬أحوال متعلمات الفعل‪.‬‬
‫٘ ‪ -‬المصر‪.‬‬
‫‪ - ٙ‬اْنشاء‪.‬‬

‫(ٔ) لٌل‪ٌ( :‬عررؾ) دون (ٌعلرم) رعاٌرة لمرا اعتبرره بعرض الفضرٕء مرن تخصرٌص العلرم‬
‫بالكلٌات والمعرفة بالجزبٌات‪ ،‬كما لال صاحب المرانون وهروابن سرٌنا والمرانون أحرد‬
‫مإلفاته المشهورة فً الطرب فرً تعرٌرؾ الطرب‪ :‬الطرب علرم ٌعررؾ بره أحروال بردن‬
‫اْنسان‪ ،‬وكما لال الشٌخ أبرو عمررو المعرروؾ برابن الحاجرب رحمره هللا التصررٌؾ‬
‫علم بؤصول ٌعرؾ بها أحوال أبنٌة الكلم‪ٌ ،‬نظر‪ :‬اٌْضاح ٔ‪.ٖ٘/‬‬
‫(ٕ) اٌْضاح ٔ‪ ،ٕ٘/‬المطول ص‪.ٖ9 – ٖٙ‬‬
‫(ٖ) اٌْضاح ٔ‪ ٖ٘/‬ولد نمد الخطٌب تعرٌؾ السكاكً فمال‪ :‬وفٌه نظر‪" :‬إذا التتبرع لرٌس‬
‫بعلم ؤ صادق علٌه فٕ ٌصح تعرٌؾ شًء من العلوم به "‪.‬‬

‫ٖٕ‬
‫‪ -9‬الفصل والوصل‪.‬‬
‫‪ - 0‬اٌْجاز واْطناب والمساواة‪.‬‬

‫وجه انحصار علم المعانً فً ثمانٌة أبواب‬


‫ووجه الحصر‪ :‬أن الكٕم إما خبر أو إنشاء‪ِ ،‬نه إما أن ٌكون‬
‫لنسبته خارج تطابمه‪ ،‬أو ٔ ٌكون لها خارج‪ ،‬اِول الخبر والثانى اْنشاء‪،‬‬
‫ثم الخبر ٔبد له من إسناد ومسند إلٌه ومسند‪ ،‬وأحوال هذه الثٕثة هى‬
‫اِبواب الثٕثة اِولى‪ ،‬ثم المسند لد ٌكون له متعلمات إذا كان فعٕ أو‬
‫متصٕ به أو فً معناه كاسم الفاعل ونحوه‪ ،‬وهذا هو الباب الرابع‪ ،‬ثم‬
‫اْسناد والتعلك كل واحد منهما ٌكون إما بمصر أو بؽٌر لصر‪ ،‬وهذا‬
‫هوالباب الخامس‪ ،‬واْنشاء هو الباب السادس‪ ،‬ثم الجملة إذا لرنت بؤخرى‬
‫فتكون الثانٌة إما معطوفة‪ ،‬على اِولى أو ؼٌر معطوفة وهذا هو الباب‬
‫السابع‪ ،‬ولفظ الكٕم البلٌػ إما زابد على أصل المراد لفابدة‪ ،‬أو ؼٌر زابد‬
‫علٌه‪ ،‬وهذا هو الباب الثامن (‪.)1‬‬

‫ؤ شن فً أن كل هذه اِبواب الثمانٌة تدور حول لضٌة واحدة هى‪:‬‬


‫مطابمة الكٕم لممتضى الحال وبها ٌحترز عن الخطؤ عند تؤدٌة المعنى‬
‫المراد‪.‬‬

‫(ٔ) اٌْضاح ٔ‪ ،٘9-٘٘/‬المطول ‪ ،ٖ9‬الشروح ٔ‪ ٔ٘٘/‬وما بعدها‪.‬‬

‫ٕٗ‬
‫أحوال اإلسناد الخبري‬
‫من المعلوم أن الخبر ٔبد له من إسناد ومسند إلٌه ومسند‪ ،‬وأن‬
‫الرابطة التً تربط بٌن المسند إلٌه والمسند رابطة لوٌة ٔ ٌتصور الحدث‬
‫إٔ بهما معا ؤ تكتمل صورة الحدث إٔ عن طرٌك تلن الصلة التً بٌن‬
‫طرفً اْسناد وهما‪ :‬المسند إلٌه والمسند‪ ،‬فإن نسبة المٌام إلى المابم ٔ‬
‫تتصور إٔ بمجموز الفعل المدلل على معنى الحدث والفاعل المابم بالفعل‪.‬‬
‫لذا نجدهم ٌمولون عن اْسناد هو‪ :‬ضم كلمة أو ما ٌجري مجراها‬
‫إلى اِخرى بحٌث ٌفٌد الحكم أن مفهوم إحداهما ثابت لمفهوم اِخرى أو‬
‫(‪)1‬‬
‫منفً عنه "‬

‫فإذا ما لٌل‪ :‬زٌد لابم‪ ،‬أو لام زٌد فمد ضمت إحدى الكلمتٌن إلى‬
‫اِخرى بحٌث أفادت أن مفهومها ثابت لّخرى‪.‬‬
‫وكذلن فً النفً إذا ما لٌل‪ :‬زٌد لٌس بمابم‪ ،‬أو ما لام زٌد‪ .‬فالضم بٌن‬
‫المسند إلٌه والمسند أفاد نفٌا للحدث‪ ،‬وهكذا بٌن كل فعل وفاعل‪ ،‬أو خبر‬
‫ومبتدأ‪.‬‬
‫ولد درس البٕؼٌون فً أحوال اْسناد الخبري ثٕثة مباحث‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬أؼراض الخبر‪.‬‬
‫ٕ ‪ -‬أضرب الخبر‪.‬‬
‫ٖ ‪ -‬اْسناد بٌن الحمٌمة والمجاز‪.‬‬

‫(ٔ) ٌراجع‪ :‬المطول ٕٗ‪ ،‬بحوث المطابمة لممتضى الحال زاد النمد اِدبى السلٌم د‪/‬علرً‬
‫البدري ٔ‪ ،ٖٔٓ/‬ط مطبعة السعادة ٗٓٗٔه ٗ‪ٔ70‬م ثانٌة‪.‬‬

‫ٕ٘‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬أغراض الخبر‬
‫ذكر البٕؼٌون للخبر أؼراضا أصلٌة وأخرى فرعٌة‪ ،‬ودار حدٌثهم حول‬
‫ذلن‪.‬‬
‫األغراض األصلٌة للخبر‬
‫أورد البٕؼٌون للخبر ؼرضٌن أصلٌٌن هما‪:‬‬
‫ٔ ‪ -‬فائدة الخبر‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬لزم فائدة الخبر‪.‬‬
‫وٌتضح ذلن من دراسة البٕؼٌٌن ِؼراض الخبر ‪ ،‬حٌث إنهم‬
‫لالوا‪ :‬من المعلوم لكل عالل أن لصد المخبر بخبره إفادة المخاطب‪ :‬إما‬
‫نفس الحكم ‪،‬كمولن‪ :‬زٌد لابم‪ ،‬لمن ٔ ٌعلم أنه لابم‪ ،‬وٌسمى هذا فابدة الخبر‪.‬‬
‫وفابدة الخبر‪ :‬تتحمك فً اِخبار التً ٌمصد بها المتكلم إفادة السامعٌن حكما‬
‫جدٌدا علٌهم‪ ،‬ولو فً اعتماده كمول الرسول صلى هللا علٌه وسلم "الخٌل‬
‫(‪)1‬‬
‫ولوله‪ " :‬الدٌن المعاملة " و"البر حسن‬ ‫معمود فً نواصٌها الخٌر"‬
‫الخلك" ولولن للنابم‪ :‬طلعت الشمس‪ ،‬فٕ شن أن هذه اِمثلة توضح أن‬
‫المتكلم أراد إخبار المخاطب بهذه اِمور؛ ِنه ٌجهلها‪ ،‬وهذا ٌسمى فابدة‬
‫الخبر‪.‬‬
‫وإما كون ال ُم ْخبَر عالما بالحكم‪ ،‬فكمولن‪ :‬لمن زٌد عنده‪ ،‬ؤ ٌعلم‬
‫أنن تعلم ذلن‪( :‬زٌد عندن) ٌسمى هذا ٔزم فابدة الخبر (‪ )2‬ؤزم الفابدة ‪/‬‬
‫ٌتحمك فً اِخبار التً ٌحدث بها المتكلم أناسا ٌعرفون سلفا ما تضمنتها‬
‫من حكم‪ ،‬ولكن اْخبار ٌكون لؽرض ما‪.‬‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬صحٌح مسلم بشرح النووى ٔ‪ ،ٖ7٘/‬ط دار إحٌاء التراث العربى ثالثرة سرنة‬
‫ٗٓٗٔ ه‪.‬‬
‫(ٕ) ٌنظر‪ :‬اٌْضاح ٔ‪.ٙٙ – ٙ٘/‬‬

‫‪ٕٙ‬‬
‫فالسٌدة خدٌجة ‪-‬رضً هللا عنها‪ -‬تمول للرسول صلى هللا علٌه‬
‫وسلم‪ " :‬إنن لتصدق فً الحدٌث‪ ،‬وتصل الرحم‪ ،‬وتإدي اِمانة "‬
‫فالمخاطب وهو الرسول ‪-‬صلى هللا علٌه وسلم‪ -‬عالم بالخبر ومحٌط به‪،‬‬
‫ولٌس لدٌه حاجة إلى معرفته‪ ،‬ولكن المتكلم وهو السٌدة خدٌجة ألمت علٌه‬
‫الخبر لتحٌطه علما بؤنها هى نفسها تعرؾ هذا الخبر (‪.)1‬‬

‫فهً فً ذلن لم تخبر الرسول ‪ -‬صلى هللا علٌه وسلم‪ -‬شٌبا ٔ ٌعرفه‪ ،‬فهو‬
‫ٌعلم عن نفسه أنه صادق فً حدٌثه‪ ،‬موصل لرحمه‪ ،‬مإد لّمانة ولكن‬
‫الشا الجدٌد فً هذا الخبر أن السٌدة خدٌجة ‪-‬رضً هللا عنها‪ -‬أخبرته أنها‬
‫تعرؾ عنه هذا الخلك‪.‬‬
‫األغراض غٌر األصلٌة للخبر‬
‫لد ٌخلو الخبر من ؼرضٌه اِصلٌٌن‪ :‬فابدة الخبر‪ ،‬ؤزم الفابدة فٌفٌد‬
‫أؼراضا أخرى تفهم من السٌاق ولرابن اِحوال‪ ،‬والمرجع فً معرفة هذه‬
‫اِؼراض هو الذوق وحسن الفهم لخصوصٌات التراكٌب ومن هذه‬
‫اِؼراض‪:‬‬
‫ٔ ‪ -‬السترحام والستعطاف‪:‬‬
‫سمَى لَ ُه َما ثُم‬
‫كما جاء فً لوله تعالى عن موسى علٌه السٕم (فَ َ‬
‫ٌر) (‪ .)2‬وعلٌن أن‬ ‫الظ ِّل فَمَا َل َربّ ِ إِنًِّ ِل َما أَنزَ ْلتَ إِلًَ ِم ْن َخٌْر فَ ِم ٌ‬
‫ت ََولى إِلَى ِ ّ‬
‫تتدبر فً حذؾ حرؾ النداء من (رب) إٌحاء باْحساس الموي بمربه من‬
‫مؤه فً هذه المعاناة الشدٌدة‪.‬‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬فن البٕؼة ص ٔ‪ 0‬د‪ /‬عبد المادر حسٌن‪.‬‬


‫(ٕ) المصص‪.ٕٗ :‬‬

‫‪ٕ7‬‬
‫ثم ما فً مادة الربوبٌة من دٔٔت التربٌة الحانٌة ‪ ،‬واْنعام‬
‫المتوالً‪ ،‬أضؾ إلى ذلن التوكٌد بإن واسمٌة الجملة والتمٌٌدات الثٕثة (لما‪،‬‬
‫إلى‪ ،‬من خٌر) وفً هذا مبالؽة فً أستعطاؾ وإظهار الضعؾ (‪.)1‬‬
‫ومنه لوله تعالى على لسان زكرٌا علٌه السٕم ‪َ ( :‬ربّ ِ ِإ ِنًّ َوهَنَ ْال َع ْ‬
‫ظ ُم‬
‫شٌْبا) (‪ .)2‬فزكرٌا علٌه السٕم ٔ ٌرٌد بهذا المول أن‬ ‫ِم ِنًّ َوا ْشتَعَ َل الرأْ ُ‬
‫س َ‬
‫ٌخبر المولى‪ -‬جل وعٕ ‪-‬بحاله‪ ،‬إذ ٌعلم أن هللا تعالى ٔ ٌخفً علٌه شًء‪،‬‬
‫ولكنه لصد مجرد أستعطاؾ وإظهار ضعفه ونفاد لوته‪.‬‬
‫ٕ ‪ -‬إظهار التحسر والتحزن على فمدان أمر محبوب‪:‬‬
‫ونؽمة الحزن والتحسر حكاها المرآن الكرٌم على لسان امرأة عمران فً‬
‫ض ْعت ُ َها أُنثَى) (‪ .)3‬ففً هذا المول تحسر على‬ ‫لوله تعالى‪َ ( :‬لالَ ْ‬
‫ت َربّ ِ ِإنًِّ َو َ‬
‫ما رأته من خٌبة رجابها وعكس تمدٌرها؛ ِنها كانت ترجو وترٌد أن تلد‬
‫ذكرا تهبه لخدمة بٌت الممدس‪ ،‬فلما ولدت أنثى تحسرت وتحزنت لذلن (‪.)4‬‬

‫ومن ذلن لول الشاعر‪:‬‬

‫وأتررررى المشررررٌب فررررؤٌن منررررره‬ ‫ذهرررب الشرررباب فمرررا لررره مرررن‬


‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررب‬
‫ؼٌر رجعة‪ ،‬وبحلول المشٌب‬ ‫المهر‬
‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررودة الشباب إلى‬
‫فالشاعر لم ٌرد اْخبار بذهاب‬ ‫عر‬
‫الذي ٔ مهرب منه‪ ،‬فإن ذلن معلوم‪ ،‬وإنما أراد أن ٌتحسر وٌتوجع ٔنمضاء‬
‫الحٌاة ومزاٌلة زهرة الشباب (‪.)5‬‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬محاضرات فً علم المعانً د‪ /‬حمدي سٌد عبد العال ص‪.ٖ7 – ٖ0‬‬
‫(ٕ) سورة مرٌم ٗ‪.‬‬
‫(ٖ) آل عمران‪.ٖٙ :‬‬
‫(ٗ) اْسناد أحواله ومماماته د‪ /‬عبد الحافظ دمحم عبد الحافظ ص‪.ٔ0‬‬
‫(٘) تٌسٌر اٌْضاح د‪ /‬دمحم بٌلو أحمد ص ٘٘ ط السعادة ٖٓٗٔه‪.‬‬

‫‪ٕ8‬‬
‫ثانٌا‪ :‬أضرب الخبر‬
‫ٌراد بالبحث هنا دراسة الخبر من حٌث التوكٌد وتركه‪ ،‬والجملة‬
‫الخبرٌة ٌختلؾ تركٌبها باختٕؾ المتلمً لها‪ ،‬فالواجب أن ٌمتصر المتكلم‬
‫من ألفاظ تركٌبه على لدر الحاجة‪ ،‬وأن ٌكون مع المخاطب كالطبٌب مع‬
‫المرٌض ٌشخص حالته وٌعطٌه ما ٌناسب تلن الحالة‪ ،‬ومعلوم أن الشخص‬
‫الذي ٌوجه إلٌه الخطاب ٔ ٌخلو من أن ٌكون واحدا من ثٕثة‪:‬‬
‫خالً الذهن من الحكم الذي ٌتضمنه الخبر‪ ،‬أو ٌعلم مضمون‬
‫الخبر‪ ،‬ولكنه ٌتردد فً تحمك هذه النسبة من حٌث ولوعها‪ ،‬وعدم ولوعها‬
‫أو منكر لمضمون الخبر معتمد ؼٌره (‪.)1‬‬

‫" فإن كان المخاطب خالً الذهن من الحكم والتردد فٌه استؽنى عن‬
‫مإكدات الحكم‪ ،‬وإن كان المخاطب مترددا فٌه‪ ،‬أي فً الحكم طالبا له حسن‬
‫تموٌته بمإكد‪ ،‬وإن كان المخاطب منكرا للحكم حاكما بخٕفه وجب توكٌده‪،‬‬
‫أي الحكم بحسب اْنكار لوة وضعفا‪ " ...‬وٌسمى اِول‪ :‬ابتدابٌا‪ ،‬والثانى‪:‬‬
‫طلبٌا‪ ،‬والثالث‪ :‬إنكارٌا (‪.)2‬‬

‫فالخبر ثالثة أضرب‪:‬‬


‫ٔ‪ -‬األول‪ :‬البتدائً‪:‬‬
‫وهو الخبر الذي ٌكون خالٌا من المإكدات ِن المخاطب خالً الذهن من‬
‫الحكم الذي تضمنه (‪.)3‬‬
‫كما تمول‪ :‬ربح أخون فً التجارة‪ ،‬أو سافر دمحم إلى الحج‪ ،‬إذا لم ٌكن له علم‬
‫بذلن سابك‪.‬‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬اْسناد أحواله ومماماته صٖٕ‪.‬‬


‫(ٕ) ٌراجع‪ :‬المطول ‪ ،ٗ7 – ٗ9‬اٌْضاح ٔ‪ ،ٙ7/‬والنظام البدٌع لعلرً صرمر صٔٔ ط‬
‫سنة ‪ ٖٕٔ9‬ه المطبعة الحسٌنٌة‪.‬‬
‫(ٖ) أسالٌب بٕؼٌة صٔ‪ 7‬د‪ /‬أحمد مطلوب‪.‬‬

‫‪ٕ9‬‬
‫ومنه لول المتنبى‪:‬‬

‫وأسررررمعت كلمرررراتً مررررن برررره‬ ‫أنررا الررذي نظررر اِعمررى إلررى‬


‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررمم‬
‫جراهرررررررا‬ ‫وٌسرررررررهر الخلرررررررك‬ ‫صر‬ ‫أدبرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررً‬
‫رررررن‬
‫أنررررررام مررررررلء جفررررررونً عر‬
‫وٌختصررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررم‬ ‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررواردها‬
‫ومثله لول أبً تمام‪:‬‬ ‫شر‬

‫وٌكدى الفتى فرً دهرره وهرو‬ ‫ٌنال الفتى من عٌشه وهرو جاهرل‬
‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررالم‬
‫هلكررن إذا مررن جهلهررن البهررابم‬
‫ولو كانرت اِرزاق تجرري علرى‬ ‫عر‬
‫(‪)1‬‬
‫الحجرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررا‬
‫مخاطب خالً الذهن من حكمه ولذلن‬ ‫ففً هذه اِمثلة إلماء للخبر إلى‬
‫جاءت من ؼٌر توكٌد‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬الضرب الثانً‪ :‬الطلبً‪:‬‬
‫وهو الخبر الذي ٌتردد المخاطب فٌه ؤ ٌعرؾ مدى صحته فحٌنبذ ٌحسن‬
‫تموٌة الحكم بمإكد واحد لٌزٌل ذلن التردد‪ ،‬ومن أمثلة ذلن‪:‬‬
‫ؾ َوأ َ ُخوهُ أ َ َحب إِلَى أَبٌِنَا ِمنا) (‪.)2‬‬ ‫لوله تعالى‪( :‬إِ ْذ لَالُواْ لٌَُو ُ‬
‫س ُ‬
‫ولول الشاعر‪:‬‬

‫لم ٌرؤمن النراس أن ٌنهرد بالٌره‬ ‫إن البنرراء إذا مررا انهررد جانبررره‬
‫ففً هذه اِمثلة أكد الخبر بإحدى أدوات التوكٌد مثل (إن) فً البٌتٌن‪،‬‬
‫والٕم فً اٌَة (لٌوسؾ) والمإكد فً كل واحد‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬الضرب الثالث‪ :‬اإلنكاري‪:‬‬
‫وهو الخبر الذي ٌنكره المخاطب إنكارا ٌحتاج إلى أن ٌإكد بؤكثر‬
‫من مإكد ‪ ،‬وٌراعى أن ٌكون التؤكٌد مناسبا لحال المخاطب لوة وضعفا‪.‬‬

‫(ٔ) ٌكدى‪ٌ :‬مل ماله‪ .‬الحجا‪ :‬العمل‪.‬‬


‫(ٕ) سورة ٌوسؾ ‪.0‬‬

‫ٖٓ‬
‫فتمول‪( :‬إنً صادق) لمن ٌنكر صدلن دون أن ٌبالػ فً إنكاره وتمول‪( :‬إنً‬
‫لصادق) أو (تاهلل إنً لصادق) لمن ٌبالػ فً هذا وٌسمى هذا الضرب من‬
‫الخبر (إنكارٌا)‪.‬‬
‫ومنه لول الحماسً‪:‬‬

‫ونمرررٌم سرررالفة العررردو اِصرررٌد‬ ‫إنا لنصفح عن مجاهرل لومنرا‬


‫تصررررلح وإن نررررر صررررالحا ٔ‬ ‫ومتى نجد ٌوما فسراد عشرٌرة‬
‫(‪)1‬‬
‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررد‬
‫لدرجات‬ ‫نفسرفً الكٕم البلٌػ تبعا‬ ‫وبهذا نعلم أن كثرة المإكدات فً الخبر تؤتً‬
‫اْنكار عند المخاطبٌن‪.‬‬

‫المجاز العملً‬
‫المجاز فً اللغة‪:‬‬
‫أصل كلمة " مجاز " َمجْ َوز على وزن " َم ْفعَل " نُملت حركة حرؾ العلة‬
‫(العٌن) إلى الساكن الصحٌح لبلها‪ ،‬فتحركت الواو (العٌن) باعتبار اِصل‬
‫وانفتح ما لبلها باعتبار النمل فملبت ألفا فصارت الكلمة مجازا (‪ .)2‬وهو من‬
‫جاز الشًء ٌجوزه‪ :‬إذا تعداه‪.‬‬
‫سبب تسمٌته بالمجاز‪:‬‬
‫وإنما سمً مجازا‪ :‬على معنى أنهم جازوا به موضعه اِصلً أو جاز هو‬
‫مكانه الذي وضع فٌه أؤ (‪.)3‬‬

‫(ٔ) السالفة‪ :‬صفحة العنك‪ :‬اِصٌد‪ :‬المتكبر‪ ،‬والتؤكٌد فً البٌت ب (إن والٕم)‪.‬‬
‫(ٕ) ٌراجع‪ :‬مادة (جوز) فً الماموس واللسان‪ ،‬وحاشٌة الدسولً ٔ‪.ٕٖٔ/‬‬
‫(ٖ) أسرار البٕؼة ص٘‪ ٖ7‬تح الشٌخ شاكر‪.‬‬

‫ٖٔ‬
‫والمجاز العملً هو‪ :‬إسناد الفعل أو مافً معناه إلى ُمٕبس له ؼٌر ما هو له‬
‫بتؤول (‪.)1‬‬

‫عاللات المجاز العملً‬


‫ٔ‪ -‬عاللة الفاعلٌة‪:‬‬
‫وهً أن ٌسند الفعل المبنً للمفعول إلى الفاعل‪ ،‬أو ٌسند ما فً معنى الفعل‬
‫المبنً للمفعول (اسم المفعول) إلى الفاعل‪.‬‬
‫والمراد بالفاعل هنا‪ " :‬الفاعل الحمٌمً‪ ،‬أي ما حك اْسناد أن ٌكون إلٌه‪ٔ ،‬‬
‫النحوي‪ ،‬وإٔ كان مثل‪ :‬أنبت الربٌع البمل وبنى اِمٌر المدٌنة حمٌمة‬
‫عملٌة"(‪.)2‬‬
‫ومن أمثلة ذلن لوله تعالى‪َ ( :‬و ِإ َذا لَ َرأْتَ ْالمُرآنَ َج َع ْلنَا َب ٌْنَنَ َو َبٌْنَ‬
‫اَخ َرةِ ِح َجابا م ْستُورا) (‪ .)3‬فمستور اسم مفعول ولد أسند‬ ‫الذٌِنَ َٔ ٌُإْ ِمنُونَ بِ ِ‬
‫إلى ضمٌر ٌعود على الحجاب‪ ،‬والحجاب فً الحمٌمة ساتر ٔ مستور‪،‬‬
‫فاستعمل اسم المفعول مكان اسم الفاعل‪ ،‬وإسناد اسم المفعول إلى ضمٌر‬
‫الحجاب من إسناد ما هو بمعنى الفعل إلى ؼٌر ما حمه أن ٌسند إلٌه لعٕلة‬
‫الفاعلٌة‪.‬‬
‫والسر فً العدول عن ساتر إلى مستور‪ ،‬أن ذلن الحجاب حجاب ٌخلمه هللا‬
‫تعالى فً عٌونهم بحٌث ٌمنعهم ذلن الحجاب عن رإٌة النبً صلى هللا علٌه‬
‫وسلم وذلن الحجاب شًء ٔ ٌراه أحد فكان مستورا من هذا الوجه (‪.)4‬‬

‫(ٔ) بؽٌة اٌْضاح ٔ‪.٘ٙ/‬‬


‫(ٕ) ٌراجع‪ :‬حاشٌة الشرٌخ مخلروؾ المنٌراوي علرى شررح العٕمرة الردمنهوري ص٘ٗ ط‬
‫دار إحٌاء الكتب العربٌة عٌسى الحلبً‪ ،‬بدون‪.‬‬
‫(ٖ) سورة اْسراء اٌَة ٘ٗ‪.‬‬
‫(ٗ) التفسٌر الكبٌر للرازي ٓٔ‪.ٔٓ٘/‬‬

‫ٕٖ‬
‫كما أن فً وصؾ الحجاب بالمستور مبالؽة فً حمٌمة جنسه أي حجابا بالؽا‬
‫الؽاٌة فً حجب ما ٌحجبه هو حتى كؤنه مستور بساتر آخر فذلن فً لوة أن‬
‫ٌمال‪ :‬جعلنا حجابا فوق حجاب (‪.)1‬‬

‫ٕ‪ -‬عاللة المفعولٌة‪:‬‬


‫وهً أن ٌسند الفعل المبنً للفاعل أو ما فً معناه إلى المفعول به أي أن‬
‫الفاعل المجازي كان أصله مفعؤ لهذا الفعل‪ ،‬فٌصٌر فاعٕ ما فً حكم‬
‫الفاعل (‪.)2‬‬

‫اض ٌَة) (‪.)3‬‬ ‫مثل لوله تعالى‪( :‬فَؤَما َمن ثَمُلَ ْ‬


‫ت َم َو ِازٌنُهُ (‪ )ٙ‬فَ ُه َو فًِ ِعٌشَة ر ِ‬
‫فكلمة (راضٌة) وهً وصؾ مشبه للفعل اسم فاعل أسندت إلى ضمٌر‬
‫العٌشة‪ ،‬والعٌشة فً الحمٌمة مرضٌة ٔ راضٌة فهً مفعول الرضا‪ٔ ،‬‬
‫فاعله‪ ،‬فؤصل التركٌب‪ " :‬فهو فً عٌشة راض صاحبها " فؤسند الرضا إلى‬
‫ضمٌر العٌشة لتلبس الرضا بها من جهة ولوعه علٌها‪.‬‬
‫والسر فً ذلن‪ :‬المبالؽة فً النعٌم الذي أعده هللا للمإمنٌن الذٌن تثمل‬
‫موازٌنهم ٌوم المٌامة فٌنعموا بعٌشة ترضى بهم‪ ،‬أو كؤنها راضٌة بهم كما‬
‫هم راضون بها (‪ .)4‬ففً اٌَة مجاز عملً عٕلته المفعولٌة‪.‬‬

‫ٖ ‪ -‬عاللة المصدرٌة‪:‬‬
‫وتتحمك بإسناد الفعل إلى المصدر‪ ٔ ،‬إلى فاعله الحمٌمً‪ٌ ،‬عنً أن تؤتً إلى‬
‫مصدر الفعل فتجعله فاعله‪ ،‬كمولهم‪َ ( :‬جد ِجده) و (جن جنونه) وحمٌمة‬
‫اْسناد‪ :‬جد الجاد جدا‪ ،‬وجن المجنون جنونا‪ ،‬فحذؾ الفاعل الحمٌمً‪ ،‬وأسند‬

‫(ٔ) التحرٌر والتنوٌر للطاهر بن عاشور ٘ٔ‪.ٔٔ9/‬‬


‫(ٕ) عروس اِفراح ٔ‪.ٕٖ٘/‬‬
‫(ٖ) سورة المارعة ‪.9 ،ٙ‬‬
‫(ٗ) ٌنظر‪ :‬من أسرار التركٌب البٕؼً ص‪ ٔ9‬ونظرات فً علم المعانً صٗ‪.0‬‬

‫ٖٖ‬
‫الفعل إلى المصدر إسنادا مجازٌا‪ ،‬مبالؽة فً الجد والجنون والعٕلة‬
‫المصدرٌة‪.‬‬
‫ومنه لول أبً فراس الحمدانً‪:‬‬
‫ماء ٌُ ْفتَـمَـ ُد البدر‪.‬‬ ‫وفـً اللٌّل ِة ال َّ‬
‫ظ ْل ِ‬ ‫سٌَ ْذك ُُرنً لومً إذا َجـ َّد ِجـ ُّد ُهـ ْم‬
‫َ‬
‫ٗ‪ -‬عاللة الزمانٌة‪:‬‬
‫وتتحمك هذه العٕلة بؤن ٌسند الفعل أو ما فً معناه إلى زمانه‬
‫ولٌس إلى فاعله الحمٌمً‪ ،‬أي ٌجعل الزمان فاعٕ للفعل الذي ٌمع فٌه‪،‬‬
‫والعٕلة واضحة بٌن الزمان والفعل‪ ،‬وذلن للمشابهة بٌن الفاعل الحمٌمً‬
‫والمجازي فً تعلك الفعل بهما‪ ،‬فتعلمه بالفاعل الحمٌمً من حٌث صدوره‬
‫منه‪ ،‬وتعلمه بالفاعل المجازي من حٌث ولوز الفعل فٌه‪ِ ،‬ن كل فعل ٔبد‬
‫له من زمان ٌمع فٌه‪ ،‬وذلن مثل لولهم‪ :‬نهاره صابم ولٌله لابم‪ ،‬فمد أسند ما‬
‫فً معنى الفعل إلى زمان ولوعه‪ ،‬فواضح أن النهار لٌس فاعل الصوم‬
‫على الحمٌمة‪ ،‬كما أن اللٌل لٌس فاعل المٌام‪ ،‬وإنما هما زمنا ولوز الفعل‬
‫فلهذا صح إسناده إلٌهما (‪.)1‬‬

‫وسر التجوز‪ :‬هو المبالؽة فً كثرة صوم ولٌام هذه الرجل ‪ ،‬وكؤن نهاره‬
‫هو الذي ٌصوم‪ ،‬ولٌله هو الذي ٌموم‪ ،‬ولٌسا زمانٌن لصٌامه ‪ ،‬ولٌامه‪.‬‬
‫٘ ‪ -‬عاللة المكانٌة‪:‬‬
‫وٌتحمك إذا أسند الفعل أو ما فً معناه إلى المكان الذي ٌمع‬
‫ت َجنات‬‫للاُ ْال ُمإْ ِمنٌِنَ َو ْال ُمإْ ِمنَا ِ‬ ‫فٌه‪ ،‬ومن عٕلة المكانٌة لوله تعالى‪َ ( :‬و َ‬
‫ع َد ّ‬
‫ار خَا ِلدٌِنَ فٌِ َها) (‪ .)2‬فاِنهار اسم لّمكنة والودٌان‬ ‫تَجْ ِري ِمن تَحْ تِ َها اِ َ ْن َه ُ‬

‫(ٔ) ٌراجررع فررً معنررى هررذه العٕلررة‪ :‬شررروح التلخررٌص ٔ‪ ،ٕٖ7/‬ومررن أسرررار التركٌررب‬
‫البٕؼً ‪.ٔ0‬‬
‫(ٕ) التوبة ٕ‪.9‬‬

‫ٖٗ‬
‫التً تجري فٌها المٌاه‪ ،‬ولد أسند إلٌها الجرٌان على سبٌل المجاز العملً‬
‫لعٕلة المكانٌة‪.‬‬
‫وتكمن بٕؼة المجاز فً هذه اٌَة‪ ،‬فً أن المٌاه لكثرة فٌضانها وشدة‬
‫جرٌانها ترى وكؤن محلها هو الذي ٌجري‪ ،‬وكؤن الجري لد تجاوز الماء‬
‫إلى مكانه‪.‬‬
‫‪ - ٙ‬عاللة السببٌة‪:‬‬
‫اْسناد إلى السبب ٌتحمك حٌن ٌعدل عن إسناد الفعل إلى فاعله‬
‫الحمٌمً إلى سببه لما له من أثر كبٌر فً تحمٌك الفعل وإحداثه (‪.)1‬‬

‫ض َو َجعَ َل‬‫ع َٕ فًِ ْاِ َ ْر ِ‬


‫ع ْونَ َ‬ ‫ومن عٕلة السببٌة لوله تعالى‪( :‬إِن فِ ْر َ‬
‫ساء ُه ْم) (‪.)2‬‬
‫طابِفَة ِ ّم ْن ُه ْم ٌُ َذبِّ ُح أ َ ْبنَاء ُه ْم َو ٌَ ْستَحْ ًٌِ نِ َ‬
‫ؾ َ‬ ‫أ َ ْهلَ َها ِش ٌَعا ٌَ ْست َ ْ‬
‫ض ِع ُ‬
‫ٌخبرنا هللا عز وجل عن فرعون بؤنه كان ٌذبح أبناء بنً إسرابٌل فً لوله‬
‫(ٌذبح أبناءهم) وٌستحً نساءهم فً لوله (ٌستحًٌ نساءهم) فالفعٕن‬
‫(ٌذبح) و (ٌستحًٌ) أسند كل منهما إلى ؼٌر فاعله الحمٌمً‪ِ ،‬ن فرعون لم‬
‫ٌكن ٌذبح بنفسه‪ ،‬ؤ ٌستحًٌ بنفسه‪ ،‬بل كان ٌؤمر بذلن جنوده وأتباعه‬
‫وِنه كان السبب فً ذلن واَمر‪ ،‬فمد صح إسناد الفعل إلٌه لما بٌن الفاعل‬
‫الحمٌمً والمجازي من عٕلة وتشابه فً تعلك الفعل بهما‪ ،‬فتعلمه بالفاعل‬
‫الحمٌمً من حٌث صدوره منه‪ ،‬وبالفاعل المجازي من حٌث إنه السبب‬
‫فٌه(‪.)3‬‬

‫وسر التجوز‪ :‬هو المبالؽة فً مدخلٌة السبب فً حصول الفعل حتى صار‬
‫كؤنه الفاعل الحمٌمً‪ ،‬وكؤن فرعون هو الذي كان ٌباشر هذه الجرابم بنفسه‪.‬‬

‫(ٔ) حاشٌة المرشدى ٔ‪.٘ٔ/‬‬


‫(ٕ) سورة المصص ٗ‪.‬‬
‫(ٖ) المعانً فً ضوء أسالٌب المرآن ص‪.ٔٓ9 ،ٔٓٙ‬‬

‫ٖ٘‬
‫ومثله لول الرسول صلى هللا علٌه وسلم‪ " :‬تهادوا فإن الهدٌة تذهب َو َحر‬
‫(‪)1‬‬
‫ففً لوله (فإن‬ ‫الصدر‪ ،‬ؤ تحمرن جارة لجارتها ولو ِشك فِ ْر ِسن شاة "‬
‫الهدٌة تذهب وحر الصدر) مجاز عملً عٕلته السببٌة حٌث أسند اْذهاب‬
‫إلى الهدٌة‪ ،‬وهً فً الحمٌمة ٔ تذهب وحر الصدر‪ ،‬وإنما الفاعل الحمٌمً‬
‫لهذا اْذهاب هو هللا تعالى ولكن لما كان للتهادي من كبٌر اِثر فً تحمٌك‬
‫الفعل وإٌجاده صح اْسناد إلٌه وفً هذا حض على التهادي ولو بالٌسٌر لما‬
‫فٌه من استجٕب المودة وإذهاب الشحناء‪.‬‬

‫لرٌنة المجاز العملً‬


‫ٔبد للمجاز سواء أكان مجازا لؽوٌا أم مجازا عملٌا من وجود لرٌنة‪ ،‬وهً‬
‫نوعان ‪ :‬معنزٌة ولفظٌة‪.‬‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬المرٌنة المعنوٌة‪:‬‬
‫وهً تتحمك بؤن ٌكون صرؾ اْسناد عن ظاهره متولفا على أمر معنوي‬
‫كاستحالة صدور الفعل من فاعله المجازي‪ ،‬أو لٌامه به عمٕ أو عادة‪.‬‬
‫فاِول استحالة ولوز الفعل من الفاعل عمٕ‪:‬‬
‫ومنه لولهم‪( :‬محبتن أتت بً إلٌن) فالمرٌنة إسناد اْتٌان إلى ضمٌر‬
‫المحبة‪ ،‬وهً استحالة اتصاؾ المحبة بالمجًء‪ ،‬إذ ٌستحٌل عمٕ اتصافها‬
‫باْتٌان ولٌامها به‪ ،‬فالمرٌنة هنا معنوٌة‪ ،‬ومنه لول الشاعر‪:‬‬

‫وٌشررررررٌب ناصررررررٌة الصرررررربً‬ ‫والهررم ٌخترررم الجسررٌم نحافررة‬


‫(‪)2‬‬
‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررم‬
‫واستولت‬ ‫وٌهرعلى الرجل الموي‬ ‫ٌرٌد‪ :‬أن نوابب الزمان إذا تكاثرت همومها‬
‫علٌه ضعؾ جسمه ونحل‪ ،‬حتى تصل به إلى الهٕن كما أنها تإثر فً‬

‫(ٔ) الحدٌث أخرجه‪ :‬البخاري فً الهبة برلم ٖٕٓٔ ومسلم فً الزكراة براب‪ :‬حرث النبرى‬
‫على التهادي والترمذي ٗ‪.ٗٗٔ/‬‬
‫(ٕ) ٌخترم‪ٌ :‬هلن‪ ،‬الناصٌة‪ :‬شعر ممدم الرأس‪.‬‬

‫‪ٖٙ‬‬
‫الصبً فٌشٌب شعر ممدم رأسه‪ ،‬وٌصبح كالشٌخ الهرم من الضعؾ‬
‫والهزال (‪.)1‬‬

‫وأنت ترى أن أفعال البٌت (ٌخترم‪ٌ ،‬شٌب‪ٌ ،‬هرم) لد أسند كل منها‬


‫إلى ضمٌر الهم‪ ،‬والهم ٔ ٌهلن الرجل الجسٌم بنفسه والهم ٔ ٌشٌب رأس‬
‫الصبً‪ ،‬ولكن الهم باعتباره سببا فً هذه اِمور أسند إلٌه الفعل ٔ على‬
‫سبٌل الحمٌمة‪ ،‬وإنما على سبٌل المجاز العملً‪ ،‬إذ ٌستحٌل عمٕ صدور هذه‬
‫اِفعال من الهم وإنما هو سبب لها‪ ،‬والفاعل الحمٌمً هو هللا تعالى‪.‬‬
‫الثانً‪ :‬استحالة ولوع الفعل من الفاعل عادة‪:‬‬
‫مثل لولهم‪( :‬هزم اِمٌر الجند) فمد أسندت الهزٌمة إلى اِمٌر‬
‫واِمراء فً العادة ٔ ٌنزلون إلى مٌدان الحرب‪ ،‬فٕ ٌمع منه انتصار أو‬
‫انهزام‪ ،‬بل دوره أن ٌخطط وٌؤمر وٌوجه‪ ،‬فهو سبب فً ولوز الهزٌمة‬
‫باِعداء‪ ،‬فالمرٌنة هنا معنوٌة إٔ أن استحالة صدور الفعل من الفاعل‬
‫عادٌة‪.‬‬
‫ض َو َجعَ َل‬‫ع َٕ فًِ ْاِ َ ْر ِ‬
‫ع ْونَ َ‬ ‫ومنه فً المرآن الكرٌم لوله تعالى‪( :‬إِن فِ ْر َ‬
‫ساء ُه ْم)(‪.)2‬‬
‫طابِفَة ِ ّم ْن ُه ْم ٌُ َذبِّ ُح أ َ ْبنَاء ُه ْم َو ٌَ ْستَحْ ًٌِ ِن َ‬
‫ؾ َ‬ ‫أ َ ْهلَ َها ِش ٌَعا ٌَ ْست َ ْ‬
‫ض ِع ُ‬
‫ففً هذه اٌَة الكرٌمة نجد أن إسناد (ٌذبح) إلى فرعون مجاز‬
‫عملً عٕلته السببٌة‪ ،‬إذ فرعون لم ٌمم بالذبح‪ ،‬بل أمر به وفعله جنوده‬
‫بؤمره‪ ،‬فهو سبب لولوز الفعل‪ ،‬ولٌس فاعٕ حمٌمٌا والمرٌنة هنا معنوٌة‪،‬‬
‫وهً استحالة صدور الفعل من (فرعون) عادة وإن أمكن عمٕ‪.‬‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬المنار فً علوم البٕؼة ص‪.٘0‬‬


‫(ٕ) سورة المصص ٗ‪.‬‬

‫‪ٖ7‬‬
‫(ٕ) ثانًٌا‪ :‬المرٌنة اللفظٌة‪:‬‬
‫ولد تكون المرٌنة لفظٌة بؤن ٌؤتً فً التعبٌر المجازي لفظ ٌدل‬
‫على أن المتكلم صرؾ اللفظ عن ظاهره‪ ،‬أو أن ٌكون مرادا به المعنى‬
‫الحمٌمً‪ ،‬كمول أبً النجم العجلً‪:‬‬

‫علررررً ذنبررررا كلرررره لررررم أصررررنع‬ ‫لرررد أصررربحت أم الخٌرررار تررردعً‬


‫مٌررز عنرره لنزعررا مررن لنررزز‬ ‫مرررررن أن رأت رأسرررررً كررررررأس‬
‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررلعرررررالً أبطبررررررً أو‬
‫جررررررذب اللٌر‬ ‫اِصر‬

‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررعً(جذب اللٌالً) ثم ألام‬


‫فمد أسند تمٌٌزأسرهذه المنازز على رأسه إلى‬
‫لرٌنة لفظٌة على أنه ٔ ٌرٌد بهذا اْسناد حمٌمته فمال‪:‬‬

‫حتى إذا واران أفك فرارجعى‬ ‫أفنرراه لٌررل هللا للشررمس اطلعررً‬
‫(‪)1‬‬
‫فضمٌر الؽابب المفعول فً (أفناه) ٌعود إلى الشاعر‪ ،‬أو شعر‬
‫رأسه‪ ،‬وإسناد اْفناء إلى لول هللا تعالى‪( :‬لٌل هللا) دل على أن اْسناد‬
‫اِول مجاز عملً حٌث أفصح عن عدم اعتماد الشاعر فً اْسناد السابك‪،‬‬
‫فبٌن أن الفعل هلل وأنه المعٌد والمبدئ والمنشا والمؽنً‪ ،‬وهذه لرٌنة لفظٌة‬
‫تدل على أن اْسناد هنا لٌس حمٌمٌا (‪ ،)2‬وإنما هو إسناد الفعل إلى زمانه أو‬
‫إلى سببه‪.‬‬

‫(ٔ) الجذب‪ :‬الشد‪ ،‬المنزز‪ :‬الشعر المجتمع فً نواحً الرأس‪ ،‬وعن بمعنى بعد‪ ،‬اِصلع‪:‬‬
‫الذي سمط شعر رأسه‪ ،‬مٌز‪ :‬فرق وفصل‪ .‬جذب اللٌالً‪ :‬مضٌها‪.‬‬
‫(ٕ) ٌراجررع‪ :‬أسرررار البٕؼررة ‪ ،ٖ97‬اٌْضرراح ٔ‪ ،00/‬المطررول ٖ‪ ،ٙ‬وشررروح التلخررٌص‬
‫ٔ‪ ٕٖ7/‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪ٖ8‬‬
‫بالغة المجاز العملً‬
‫للمجاز العملً أثر كبٌر فً توسعة اللؽة‪ ،‬وتؽٌٌر صورة العبارة بحٌث تعٌن‬
‫اِدٌب على أداء معانٌه بصور مختلفة حسبما تمتضٌه الجملة‪ ،‬وٌتطلبه‬
‫السٌاق والوزن والمافٌة فً بعض اِحٌان‪.‬‬

‫أحوال المسند إلٌه‬


‫لكل جملة خبرٌة أو إنشابٌة ركنان‪ :‬مسند وٌسمى محكوما به‪،‬‬
‫ومسند إلٌه‪ ،‬وٌسمى محكوما علٌه‪ ،‬والنسبة التً بٌنهما ‪ ،‬وتسمى إسنادا‪.‬‬
‫ومواضع المسند هً‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬الفعل التام نحو‪ :‬حضر من لولن‪ :‬حضر الربٌس‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬اسم الفعل نحو‪ :‬هٌهات‪ ،‬ووي‪ ،‬وآمٌن‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬خبر المبتدأ نحو‪ :‬ناجح من لولن‪ :‬أخون ناجح‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬المبتدأ المكتفً عن الخبر بمرفوعه‪ ،‬نحو‪ :‬عارؾ من لولن‪ :‬أعارؾ‬
‫أخون لدر اْنصاؾ ؟‪.‬‬
‫٘‪ -‬ما أصله خبر المبتدأ‪ ،‬وٌشمل ذلن خبر كان وأخواتها‪ ،‬نحو "ؼزٌرا"‬
‫من لولن‪ :‬كان المطر ؼزٌرا‪ ،‬وخبر إن وأخواتها نحو‪" ،‬حك" من لولن‪ :‬إن‬
‫اْسٕم لحك‪ ،‬والمفعول الثانً لظن وأخواتها نحو " ذكٌا " من لولن‪:‬‬
‫ظننت أخان ذكٌا‪ ،‬المفعول الثالث ِرى وأخواتها‪ ،‬نحو‪ " :‬واضحا " من‬
‫لولن‪ :‬أرٌتن الحك واضحا‪.‬‬
‫‪ -ٙ‬المصدر النابب عن فعل اِمر‪ ،‬نحو‪ " :‬سعٌا " من لولن‪ :‬سعٌا فً‬
‫الخٌر‪.‬‬
‫ومواضع المسند إلٌه هى‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬الفاعل للفعل التام وشبهه‪ ،‬نحو‪ :‬جاء علً الكرٌم خلمه‪ ،‬فكل من‬
‫"علً"و " خلمه " مسند إلٌه‪ِ ،‬ن اِول فاعل للفعل التام وهو "جاء"‬
‫والثانً للشبٌه بالفعل وهو الكرٌم‪.‬‬

‫‪ٖ9‬‬
‫َاب) (‪.)1‬‬
‫ض َع ْال ِكت ُ‬
‫ٕ‪ -‬نابب الفاعل كلفظ " الكتاب " من لوله تعالى‪َ ( :‬و ُو ِ‬
‫ٖ‪ -‬المبتدأ الذي له خبر‪ ،‬نحو " العلم " من لولن‪ :‬العلم نور‪.‬‬
‫ٗ ‪-‬ما أصله المبتدأ‪ ،‬وٌشمل ذلن‪ :‬اسم كان وأخواتها‪ ،‬نحو السماء من لولن‪:‬‬
‫كانت السماء صافٌة‪ ،‬واسم إن وأخواتها كلفظ الصبر من لولن‪ :‬إن الصبر‬
‫جمٌل‪ ،‬والمفعول اِول لظن وأخواتها نحو‪" :‬سعٌدا" من لولن‪ :‬ظننت‬
‫سعٌدا أخان‪ ،‬والمفعول الثانً ِرى وأخواتها نحو " العزم " من لولن‪:‬‬
‫أرٌتن العزم لوٌا (‪.)2‬‬

‫أغراض ذكر المسند إلٌه‪:‬‬


‫ٌذكر المسند إلٌه مع إمكان أستؽناء عنه ِؼراض جمالٌة فً التعبٌر‪،‬‬
‫منها‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬زٌادة التمرٌر واإلٌضاح‪:‬‬
‫وهو ؼرض من اِؼراض الحٌة‪ٌ ،‬كثر فً الكٕم الفصٌح الذي‬
‫ٌعبر عن رؼبة المتكلم فً تؤكٌد الحكم‪ ،‬وترسٌخه فً النفوس‪ ،‬وٌمثلون لهذا‬
‫ع َلى ُهدى ِ ّمن ر ِبّ ِه ْم َوأ ُ ْولَبِنَ ُه ُم ْال ُم ْف ِل ُحونَ ) (‪.)3‬‬
‫الؽرض بموله تعالى‪( :‬أ ُ ْو َلبِنَ َ‬
‫ففً تكرٌر اسم اْشارة (أولبن) زٌادة إٌضاح وتمرٌر لتمٌزهم على‬
‫ؼٌرهم‪ ،‬فكما ثبت لهم أن تمٌزوا بتمكنهم من الهدى ثبت لهم أٌضا أن‬
‫ٌتمٌزوا باستبثارهم بالفٕح‪.‬‬

‫(ٔ) سورة الكهؾ من اٌَة‪.ٗ7 :‬‬


‫(ٕ) ٌنظر‪ :‬علم المعانً د‪ /‬دروٌش الجندي صٔ‪ 9‬وما بعدها‪ ،‬ط دار نهضة مصر‪.‬‬
‫(ٖ) سورة البمرة اٌَة ٘‪.‬‬

‫ٓٗ‬
‫ٕ ‪ -‬بسط الكالم حٌث ٌكون إصغاء السامع مطلوبًا للمتكلم‪ ،‬لجالل ممامه‬
‫أو لمربه من للبه‪:‬‬
‫ومن أوضح اِمثلة على ذلن لوله تعالى حكاٌة عن سٌدنا موسى‬
‫علٌه السٕم ولد سؤله المولى وهو بكل شًء علٌم‪َ ( :‬و َما ِت ْلنَ بِ ٌَ ِمٌنِنَ ٌَا‬
‫ً فٌِ َها‬
‫ؼن َِمً َو ِل َ‬ ‫علَى َ‬ ‫اي أَت ََوكؤ ُ َ‬
‫علَ ٌْ َها َوأ َ ُهش بِ َها َ‬ ‫ص َ‬‫ع َ‬ ‫سى(‪ )ٔ9‬لَا َل ه َ‬
‫ًِ َ‬ ‫ُمو َ‬
‫ب أ ُ ْخ َرى(‪ .)1( )ٔ0‬فمد كان ٌكفً فً جواب موسى علٌه السٕم أن‬ ‫آر ُ‬‫َم ِ‬
‫ٌمول‪( :‬عصا) من ؼٌر ذكر المسند إلٌه (هى) اعتمادا على المرٌنة‪ ،‬ولكن‬
‫آثر ذكر المسند إلٌه‪ْ ،‬طالة الكٕم وبسطه فً حضرة الذات العلٌة وهذا‬
‫الؽرض نفسه هو الذي دفع موسى علٌه السٕم إلى أن ٌتحدث عما لم ٌسؤل‬
‫اي أَت ََوكؤ ُ َ‬
‫علَ ٌْ َها َوأ َ ُهش بِ َها‬ ‫ص َ‬‫ع َ‬
‫عنه مفصٕ مرة ومجمٕ مرة أخرى فمال‪َ ( :‬‬
‫ب أ ُ ْخ َرى)‪ .‬فبسط الحدٌث وإطالته مع الذات العلٌة‬ ‫آر ُ‬
‫ً فٌِ َها َم ِ‬ ‫علَى َ‬
‫ؼن َِمً َو ِل َ‬ ‫َ‬
‫ٌزٌد موسى علٌه السٕم شرفا وفضٕ‪.‬‬
‫وٌكثر هذا الؽرض فً العتاب ومرارة الشكوى‪ ،‬لمصد إضافة الخبر إلى‬
‫المسند إلٌه فً صورة مإكدة وواضحة‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬ومن ممامات ذكر المسند إلٌه التلذذ بذكره‪:‬‬
‫مثل‪ :‬هللا خالمً‪ ،‬وهللا محبوبً‪ ،‬دمحم شفٌعً‪ ،‬دمحم حبٌبً‪ ،‬ومنه لول لٌس‪:‬‬

‫ولررم تلمنررً لبنررى ولررم أدر مررا‬ ‫أٔ لٌت لبنى لم تكرن لرً خلرة‬
‫(‪)2‬‬
‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررا"ولم‬
‫وكان ٌمكنه أن ٌكتفً بموله‬ ‫فالشاعر ذكر "لبنى" فً الشطر الثانً هٌر‬
‫تلمنً ولم أدر ما هٌا" ولكن الشاعر ٌحرص على ذكر أسم ِنه ٌحبه‬
‫وٌحب أن ٌنطك به‪ ،‬وِن فً ذلن ما ٌثٌر أشواله وٌلذ للبه‪ ،‬ومثله لول‬
‫الشاعر‪:‬‬

‫لررررٌٕي مررررنكن أم لٌلررررى مررررن‬ ‫برراهلل ٌررا ظبٌررات المرراز للررن لنررا‬
‫البشرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر‬
‫(ٔ) سورة طه اٌَتان‪ ،ٔ0 ،ٔ9 :‬وٌنظر‪ :‬معانً التراكٌب ٔ‪.79/‬‬
‫(ٕ) الخلة‪ :‬بالضم الصدالة والمحبة‪ ،‬والخلة بفتح الخاء الخصلة حسنة أو مسٌبة‪.‬‬

‫ٔٗ‬
‫ففً هذا البٌت ذكر الشاعر المسند إلٌه وهو " لٌلى " بمصد التلذذ بذكر هذه‬
‫المحبوبة‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫والتلذذ بذكر المسند إلٌه ٌكون حمٌمة كما فً البٌتٌن السابمٌن أو ادعاء‬
‫كمول الشاعر‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وعباس ٌجٌر من استجارا‬ ‫فعبررراس ٌصرررد الخطرررب عنرررا‬
‫ٗ ‪ -‬التنبٌه على غباوة السامع‪ ،‬وأنه ل ٌفهم إل بالتصرٌح لمصد إفادة أن‬
‫وتحمٌرا‪:‬‬
‫ً‬ ‫الغباوة وصفه‪ ،‬إهانة له‬
‫كما تمول لسامع المرآن‪ :‬المرآن شفاء النفوس‪ ،‬فتذكر المسند إلٌه‪ ،‬تنبٌها على‬
‫أن المخاطب موصوؾ بالؽباوة‪ ،‬ؤ ٌنبؽً أن ٌكون الخطاب معه إٔ هكذا‬
‫تحمٌرا له‪.‬‬
‫حذف المسند إلٌه‪:‬‬
‫الحذؾ ضرب من اٌْجاز‪ ،‬كما أن الذكر ضرب من اْطناب‪،‬‬
‫وٌرجع حسن العبارة فً كثٌر من التراكٌب إلى ما ٌعمد إلٌه المتكلم من‬
‫حذؾ ٔ ٌؽمض به المعنى‪ ،‬ؤ ٌلتوي وراءه المصد " (‪.)3‬‬

‫والممام هو الذي ٌحدد للمتكلم ذلن‪ ،‬وهو كما لال اْمام عبد الماهر‪:‬‬
‫"باب دلٌك المسلن‪ ،‬لطٌؾ المؤخذ‪ ،‬عجٌب اِمر‪ ،‬شبٌه بالسحر‪ ،‬فإنن ترى‬
‫به ترن الذكر أفصح من الذكر‪ ،‬والصمت عن اْفادة‪ ،‬أزٌد لٓفادة‪ ،‬وتجدن‬
‫أنطك ما تكون إذا لم تنطك‪ ،‬وأتم ما تكون بٌانا إذا لم تبن " (‪.)4‬‬

‫(ٔ) الفرق برٌن التلرذذ الحمٌمرً وأدعرابً‪ :‬أن اِول ٌكرون برذكر اسرم المحبروب والثرانى‬
‫ٌكون بذكر اسم الممدوح‪ٌ ،‬نظر‪ :‬البٕؼة الوافٌة د‪ /‬دمحم شٌخون ص‪ 0ٙ‬هامش‪.‬‬
‫(ٕ) ٌنظر‪ :‬علوم البٕؼة للمراؼً ص‪.07‬‬
‫(ٖ) خصابص التراكٌب ص‪.ٔٔ9‬‬
‫(ٗ) دٔبل اْعجاز ص‪ ٔٗٙ‬تحمٌك الشٌخ ‪ /‬محمود شاكر‪.‬‬

‫ٕٗ‬
‫وبعد هذا التنبٌه أشرز فً الكٕم عن أؼراض حذؾ المسند إلٌه‬
‫فؤلول‪ٌ :‬حذؾ المسند إلٌه ِؼراض كثٌرة منها‪:‬‬
‫ٔ ‪ -‬الختصار والحتراز عن العبث والسأم‪ :‬لدٔلة المرٌنة علٌه‪ ،‬وذلن إن‬
‫لامت علٌه لرٌنة‪ ،‬ووضح أمره فٌكون ذكره عبثا فً بادئ اِمر‪ِ ،‬نه‬
‫معلوم من المرٌنة فٕ معنى لذكره وٌنبؽً أن ٌصان كٕم البلٌػ عن العبث‪.‬‬
‫ً فَ ُه ْم َٔ ٌَ ْر ِجعُونَ )‬ ‫صم بُ ْك ٌم ُ‬
‫ع ْم ٌ‬ ‫ومن ذلن لوله تعالى فً وصؾ المنافمٌن‪ُ ( :‬‬
‫(‪ .)1‬فذكر المسند إلٌه (المبتدأ) فً اٌَة كؤن ٌمال‪ :‬المنافمون صم‪ ،‬المنافمون‬
‫بكم‪ ،‬المنافمون عمً‪ ٔ ،‬ضرورة له من الناحٌة البٕؼٌة‪ِ ،‬ننا ندركه من‬
‫أول وهلة‪ ،‬بل إننا نحس فً حذفه لٌمة جمالٌة استفادها المعنى من هذا‬
‫الحذؾ‪ ،‬وهً تؤكٌد ذم المنافمٌن وتحمٌرهم‪ ،‬وكؤنهم لٌسوا أهٕ للذكر‪ِ ،‬ن‬
‫التعبٌر على هذه الصورة ٌشعر بؤن الخبر انطبك تمام أنطباق على‬
‫المخبر عنه حتى أؼنى عن ذكره (‪.)2‬‬

‫ومن الشعر لول اِلٌشر فً ابن عم له موسر سؤله فمنعه‪ ،‬ولال كم‬
‫أعطٌتن مالى وأنت تنفمه فٌما ٔ ٌؽنٌن ؟ وهللا ٔ أعطٌن‪ ،‬فتركه حتى‬
‫اجتمع الموم فً نادٌهم وهو فٌهم‪ ،‬فشكاه إلى الموم وذمه‪ ،‬فوثب إلٌه ابن‬
‫عمه فلطمه‪ ،‬فؤنشد ٌمول‪:‬‬

‫ولررررٌس إلررررى داعررررً النررررردى‬ ‫سررررٌع إلرررى ابرررن العرررم ٌلطرررم‬


‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررٌع‬
‫(‪)3‬‬ ‫بسر‬ ‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررره‬
‫مضررٌع‬ ‫حرررٌص علررى الرردنٌا‬ ‫وجهر‬
‫ولٌس لما فً بٌته بمضرٌع‬
‫لدٌنرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررهفحذؾ المسند إلٌه فً الموضعٌن‪ ،‬احترازا‬
‫ٌرٌد‪ :‬هو سرٌع وهو حرٌص‪،‬‬
‫عن العبث فً ذكره‪ ،‬لدٔلة المرٌنة علٌه‪.‬‬

‫(ٔ) سورة البمرة اٌَة ‪.ٔ0‬‬


‫(ٕ) معانً التراكٌب ص‪.ٔٓ7‬‬
‫(ٖ) البٌتان فً الدٔبل ص ٓ٘ٔ‪ ،‬معاهد التنصرٌص ٖ‪ ،ٕٕٗ/‬اٌْضراح ٕ‪ ،9/‬والخزانرة‬
‫ٕ‪ ،ٕ0ٔ/‬المفتاح ‪.99‬‬

‫ٖٗ‬
‫ٕ‪ -‬اتباع الستعمال الوارد عن العرب بالحذف فً بعض المواضع‪:‬‬
‫كمولهم‪ :‬رمٌة من ؼٌر رام (‪ .)1‬أي هذه رمٌة‪ ،‬والمراد رمٌة مصٌبة من رام‬
‫ؼٌر محسن‪ ،‬وٌضرب مثٕ لمن صدر منه فعل حسن لٌس أهٕ ِن ٌصدر‬
‫منه‪ ،‬ولولهم‪ :‬لضٌة ؤ أبا حسن لها " واِصل‪ :‬وهً لضٌة ؤ أبا حسن‬
‫لها‪ ،‬والسر فً الحذؾ هو اتباز أستعمال‪ ،‬واِمثال ٔ تؽٌر‪ ،‬وهكذا‬
‫نظابره (‪.)2‬‬

‫ٖ‪ -‬ومن دواعً الحذف المحافظة على الوزن‪ ،‬أو السجع أو المافٌة‪:‬‬
‫فمن األول لول الشاعر‪:‬‬

‫وأخلررص منرره ٔ علررً ؤ لٌررا‬ ‫علررى أننررً راض بررؤن أحمرررل‬


‫(‪)3‬‬
‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررروىلً شًء‪ ،‬فحذؾ المسند إلٌه فٌهما شًء‬
‫الهر أي‪ ٔ :‬علً شًء ؤ‬
‫للمحافظة على وزن البٌت‪ ،‬وِن فً ذكره إفسادا للوزن‪.‬‬
‫ومن الثانً‪ :‬الداعً لحذفه هو المحافظة على السجع لولهم‪" :‬من طابت‬
‫سرٌرته حمدت سٌرته " أي حمد الناس سٌرته‪ ،‬فحذؾ المسند إلٌه‬
‫للمحافظة على السجع المستلزم رفع الثانٌة (سٌرته) إذ لو ذكر المسند إلٌه‪،‬‬
‫ولٌل‪ :‬حمد الناس سٌرته‪ ،‬لفات السجع‪ ،‬وصار المرفوز منصوبا‪.‬‬
‫ومثله لولهم‪ " :‬من كرم أصله وصل حبله " أي وصل الناس حبله‪،‬‬
‫فحذؾ المسند إلٌه وهو " الناس " محافظة على السجع المستلزم رفع‬
‫الفاصلة من الفمرة الثانٌة وهً لوله‪ " :‬حبله "‪.‬‬

‫(ٔ) لاله الحكم بن عبد ٌؽوث المضري‪.‬‬


‫(ٕ) ٌنظر‪ :‬المطول ‪ ،ٙ9‬وشروح التلخٌص ٔ‪ ٕ9ٖ/‬وما بعدها‪.‬‬
‫(ٖ) ٌنظر‪ :‬البٕؼة العالٌة ص‪ ،ٙٙ‬علوم البٕؼة للمراؼرً صٖ‪ 7‬ودراسرات وتطبٌمرات‬
‫فً علم المعانً ص ٘ٗٔ‪.‬‬

‫ٗٗ‬
‫ومن الثالث‪ :‬أي المحافظة على المافٌة‪ ،‬لول الشاعر‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ؤبد ٌوما أن ترد الودابع‬ ‫وما المال واِهلون إٔ ودابع‬
‫أي‪ :‬أن ٌرد الناس الودابع‪ ،‬فحذؾ المسند إلٌه وهو "الناس" للمحافظة على‬
‫المافٌة‪ ،‬ولؤ ذلن ٔختلفت بصٌرورتها مرفوعة فً الشطر اِول إٔ ودابع‬
‫منصوبة فً الشطر الثانى‪.‬‬
‫تعرٌف المسند إلٌه‪:‬‬
‫ٌؤتً تعرٌؾ المسند إلٌه لكً تكون الفابدة به أتم بناء على أن‬
‫(‪)2‬‬
‫به ألوى‪،‬‬ ‫احتمال تحمك الحكم متى كان أبعد كانت الفابدة فً اْعٕم‬
‫ومتى كان ألرب كانت أضعؾ (‪.)3‬‬

‫ولد اعتاد البٕؼٌون أن ٌمدموا مبحث التعرٌؾ لدى ذكر أحوال‬


‫المسند إلٌه‪ِ ،‬ن اِصل فٌه التعرٌؾ‪ ،‬كما لدموا مبحث التنكٌر فً مباحث‬
‫أحوال المسند‪ِ ،‬ن اِصل فً المسند التنكٌر‪ ،‬فمدموا فً كل واحد منهما ما‬
‫هو اِصل فٌه (‪.)4‬‬

‫ؤ ٌخفى أن كثٌرا من مباحث هذا الفصل ألصك بدراسة النحو‬


‫منها بدراسة البٕؼة‪ ،‬ومنهجٌة الدرس البٕؼً تمتضً لصره على المسابل‬
‫البٕؼٌة دون ؼٌرها‪.‬‬
‫تعرٌؾ المسند إلٌه بالضمابر‪:‬‬
‫ٌإتى بالمسند إلٌه ضمٌرا إذا كان الحدٌث فً أحد الممامات الثٕثة‪:‬‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬البٕؼة العالٌة ص‪ ،ٙٙ‬علوم البٕؼة للمراؼً صٖ‪ ،7‬ودراسات وتطبٌمرات‬
‫فً علم المعانً ص٘ٗٔ‪.‬‬
‫(ٕ) أي فً اْخبار به‪.‬‬
‫(ٖ) اٌْضاح ٕ‪ 7/‬تح خفاجً‪.‬‬
‫(ٗ) ٌنظر‪ :‬بؽٌة اٌْضاح ٔ‪ ،0ٕ/‬ومختصر المعانً ٔ‪ ،ٔٔٔ/‬المطول ٓ‪.9‬‬

‫٘ٗ‬
‫ٖ‪ -‬الغٌبة‬ ‫ٕ‪ -‬الخطاب‬ ‫ٔ‪ -‬التكلم‬
‫ٔ ‪ -‬ممام التكلم‪:‬‬
‫إذا كان المتكلم ٌتحدث عن نفسه‪ ،‬كان الممام لضمٌر المتكلم نحو‪:‬‬
‫أنا فعلت كذا‪ ،‬ونحن فعلنا كذا‪ ،‬ولول النبً صلى هللا علٌه وسلم‪ " :‬أنا النبً‬
‫ٔ كذب ولوله‪ :‬صلى هللا علٌه وسلم " أنا أفصح العرب بٌد أنً من لرٌش‬
‫"‪.‬‬
‫وتكمن وراء التعبٌر بضمٌر المتكلم معان دلٌمة ومزاٌا لطٌفة‬
‫ٌدركها ذو الحس المرهؾ والذوق السلٌم‪ ،‬منها‪:‬‬
‫أ ‪ -‬العتداد بالنفس‪ ،‬وتمام الثمة‪ ،‬وبعث الطمأنٌنة فً النفوس‪:‬‬
‫كمول النبً صلى هللا علٌه وسلم‪ " :‬أنا النبً ٔ كذب أنا ابن عبد المطلب"‬
‫ومثله لول المتنبً‪:‬‬

‫وأسررررمعت كلمرررراتً مررررن برررره‬ ‫أنررا الررذي نظررر اِعمررى إلررى‬


‫صررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررمم‬ ‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررً‬
‫ولول بشار بن برد‪:‬‬ ‫أدبر‬

‫أنررا المرعرررث ٔ أخفرررً علرررى ذرت برررررررً الشرررررررمس للماصرررررررً‬


‫(‪)1‬‬
‫على‬ ‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررردانً‬
‫وللر وممام فخر وإظهار شرؾ‬ ‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررد بالنفس‪،‬‬
‫فالممام هنا ممام اعتداد‬ ‫أحر‬
‫لسان صاحبه‪ ،‬وجرٌان تلن اِوصاؾ على لسان الموصوؾ ٔ تشوبها‬
‫شاببة من تملك ومداهنة‪ ،‬بل تشٌع الثمة والموة فً المول وتضفً علٌه مهابة‬
‫وجٕٔ‪.‬‬

‫(ٔ) ٌنظرررر‪ :‬اٌْضررراح ٕ‪ ،ٔٓ/‬وشرررروح التلخرررٌص ٔ‪ ،ٕ00/‬والبٕؼرررة العالٌرررة صٓ‪،9‬‬


‫المرعث‪ٔ :‬بس الرعثة بضرم الرراء وسركون العرٌن‪ ،‬أو بفرتح الرراء وتحرٌرن العرٌن‪،‬‬
‫وهو المرط‪ ،‬وكان بشار ٌلمب بذلن لرعثة كانت لره فرً صرؽره ذرت‪ :‬طلعرت كناٌرة‬
‫عن شهرته‪.‬‬

‫‪ٗٙ‬‬
‫ب تأكٌد الحفظ وبث الطمأنٌنة فً نفس المؤمن‪:‬‬
‫(‪)1‬‬ ‫خذ لول هللا تعالى‪ِ ( :‬إنا نَحْ ُن نَز ْلنَا ال ِذّ ْك َر َو ِإنا لَهُ لَ َحافِ ُ‬
‫ظونَ )‬
‫وتؤمل إٌثاره التعبٌر بضمٌر المتكلم " إنا نحن نزلنا‪ ،‬وإنا له " وما وراءه‬
‫من تؤكٌد الحفظ وبث الطمؤنٌنة فً نفوس المإمنٌن‪.‬‬
‫ولد ٌبالػ المتكلم فً تعظٌم نفسه فٌضع لها ضمٌر جماعة المتكلمٌن (نحن)‬
‫وٌمكن أن ٌكون من هذا لول امرئ المٌس‪:‬‬

‫عندن راض والررأي مختلرؾ‬ ‫نحرررن بمرررا عنررردنا وأنرررت بمرررا‬


‫(‪)2‬‬
‫تعرٌف المسند إلٌه بالموصولٌة‬
‫ٌعرؾ المسند إلٌه بالموصولٌة لعدم علم المخاطب باِحوال‬
‫المختصة به سوى الصلة‪ ،‬كمولن‪ " :‬الذي كان معنا باِمس رجل عالم" هذا‬
‫ما ذهب إلٌه الخطٌب(‪.)3‬‬

‫وإذا كان اِصل فً اِسماء الموصولة أن تكون لتعٌٌن المراد‬


‫منها بصٕتها‪ ،‬فإنها مع ذلن تفٌد أسرارا بٕؼٌة منها‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬إفادة معنى التفخٌم والتهوٌل‪:‬‬
‫ؼ ِش ٌَ ُه ْم) (‪ .)4‬فمجًء المسند إلٌه‬
‫كموله تعالى‪( :‬فَؽَ ِش ٌَ ُهم ّمِنَ ْال ٌَ ِ ّم َما َ‬
‫(ما) مبهما دون تعٌٌن لدر للماء الكثٌر وعممه وؼزارته فٌه فخامة ٔ‬
‫تدركها عبارة ؤ تفً بها كلمة إٔ هذا اْبهام المفهوم من اسم الموصول‪.‬‬
‫لذلن ٌمول الدسولً‪ " :‬فترن التعٌٌن فً اٌَة حٌث لم ٌمل‪:‬‬
‫(فؽشٌهم من الٌم ثٕثون لامة) مثٕ‪ ،‬وذلن ِنه ٌشٌر إلى أن ما ؼشٌهم بلػ‬

‫(ٔ) سورة الحجر اٌَة‪.7 :‬‬


‫(ٕ) ٌنظر‪ :‬البٕؼة العالٌة صٓ‪ ،9‬علم المعانً دراسة بٕؼٌة ونمدٌة ٔ‪.79/‬‬
‫(ٖ) اْسناد أحواله ومماماته ص٘‪.ٔٙ‬‬
‫(ٗ) سورة طه ‪.90‬‬

‫‪ٗ7‬‬
‫من العظم ؼاٌة ٔ تدرن ؤ تفً العبارة ببٌانها " وٌضٌؾ موضحا جهتى‬
‫العظم فٌمول‪ " :‬والعظم من حٌث الكم لكثرة الماء المجتمع وتضمنه أنواعا‬
‫من العذاب‪ ،‬ومن حٌث الكٌفٌة لسرعته فً الؽشٌان‪ِ ،‬ن الماء المجتمع إذا‬
‫(‪)1‬‬
‫أرسل على طبعه كان فً ؼاٌة السرعة)‬
‫فالتعبٌر بالموصول وصلته فً اٌَة ٌشٌر إلى كنه هذه اللجج التً‬
‫ؼشٌت فرعون ولومه فؤهلكتهم‪ ،‬وٌشٌر أٌضا إلى هول هذا المشهد‪ ،‬وأنهم‬
‫لد ؼطاهم ماء كثٌر هابل تمصر العبارة عن وصفه‪.‬‬
‫سد َْرة َ َما ٌَ ْؽشَى) (‪ .)2‬فأسم‬
‫ومن هذا لوله تعالى‪( :‬إِ ْذ ٌَ ْؽشَى ال ِ ّ‬
‫الموصول فً اٌَة الكرٌمة فٌه إٌهام أدى إلى التفخٌم والتهوٌل ولو أردت‬
‫تفصٌل ما أفاده الموصول فملت‪ :‬إذ ٌؽشى السدرة خٕبك عظٌمة مبهم‬
‫أمرها فً الجٕل والكثرة‪ ،‬لو للت مثل هذا ما أفدت ما أفاده أسم‬
‫الموصول من تفخٌم وتهوٌل‪.‬‬
‫ٕ ‪ -‬ولد ٌعرف المسند إلٌه بالموصولٌة لتشوٌك السامع إلى الخبر حتى‬
‫ٌتمكن فً ذهنه فضل تمكن‪:‬‬
‫كما فً لول أبً العٕء المعري‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫حٌوان مستحدث من جماد‬ ‫والررررذي حررررارت البرٌررررة فٌرررره‬

‫(ٔ) ٌراجع الدسولً على شرح السعد ٔ‪( ٖٓٙ/‬شروح)‪.‬‬


‫(ٕ) سورة النجم ‪.ٔٙ‬‬
‫(ٖ) ٌنظرررر‪ :‬سرررمط الزنرررد ٕ‪ ،ٔٓٗ/‬المفتررراح ٖ‪ ،ٔ0‬اٌْضررراح ٖ٘ٔ‪ ،‬معاهرررد التنصرررٌص‬
‫ٔ‪ ،ٖٔ٘/‬شرح عمود الجمان ٔ‪.ٕٖ-ٔ9/‬‬
‫ومعنى البٌت‪ :‬تحٌرت الخٕبك فً المعاد الجسمانً والنشور الذي لٌس بنفسانً وفرً أن‬
‫أبدان اِموات كٌؾ تجًء من الرفات بدلٌل ما لبله‪:‬‬
‫بان أمر اْله واختلؾ الناس فداز إلى ضٕل وهاد‬
‫ٌعنً بعضهم ٌمول بالمعاد‪ ،‬وبعضهم ٔ ٌمرول بره‪ ،‬وبهرذا ٌتبرٌن أن لرٌس المرراد برالحٌوان‬
‫المستحدث من الجماد‪ :‬آدم علٌه السرٕم ؤ نالرة صرالح ؤ ثعبران موسرى علرٌهم‬

‫‪ٗ8‬‬
‫ففً البٌت تجد التعرٌؾ بالموصولٌة منبها ذهن السامع إلى الخبر لكون‬
‫الصلة فٌه طوٌلة ؼرٌبة تستدعً أنتباه‪ ،‬وتلفت اِنظار فٌشتاق المخاطب‬
‫إلى سماز الخبر المترتب علٌها‪.‬‬
‫ولد أورد المزوٌنً البٌت شاهدا على تمدٌم المسند إلٌه فمال‪ :‬وأما تمدٌمه‬
‫فلكون ذكره أهم‪ ،‬إما ِنه اِصل ؤ ممتضى للعدول عنه‪ ،‬وإما لٌتمكن‬
‫الخبر فً ذهن السامع‪ِ ،‬ن فً المبتدأ تشوٌما إلٌه وذكر بٌت أبً العٕء‬
‫السابك (‪.)1‬‬

‫وهذا أولى من جعله شاهدا لكون المسند إلٌه موصؤ كما فعل السكاكً‪،‬‬
‫ولٌس من مانع على أن ٌكون شاهدا على الحالتٌن ولد أورده السٌوطً‬
‫شاهدا على الحالتٌن‪:‬‬
‫اِولى‪ :‬كونه موصؤ لنكت منها‪ :‬التشوٌك إلى الخبر‪.‬‬
‫الثانً‪ :‬تمدٌم المسند إلٌه لنكت منها‪ :‬أن ٌتمكن الخبر فً ذهن‬
‫السامع تشوٌمًا إلٌه (‪.)2‬‬
‫ٖ‪ -‬ولد ٌعرف المسند إلٌه بالموصولٌة لتنبٌه المخاطب على خطئه‪:‬‬
‫للاِ ِعبَا ٌد‬ ‫ومن اِمثلة على ذلن لوله تعالى‪( :‬إِن الذٌِنَ ت َ ْدعُونَ ِمن د ِ‬
‫ُون ّ‬
‫أ َ ْمثَالُ ُك ْم) (‪ .)3‬فإن جملة الصلة‪( :‬تدعون من دون هللا) تفٌد تنبٌه المشركٌن‬
‫إلى خطبهم فً عبادتهم ؼٌر هللا‪.‬‬

‫السررٕم علررى مررا ولررع فررً بعررض الشررروح‪ِ ،‬نرره ٌناسررب السررٌاق ٌراجررع‪ :‬المطررول‬
‫ص‪.ٔٓ9‬‬
‫(ٔ) اٌْضاح ٕ‪.٘ٔ/‬‬
‫(ٕ) شرح عمود الجمان ‪.ٕٖ – ٔ9‬‬
‫(ٖ) اِعراؾ ٗ‪.ٔ7‬‬

‫‪ٗ9‬‬
‫تعرٌف المسند إلٌه باإلشارة‬
‫وٌعرؾ المسند إلٌه باسم اْشارة ِؼراض بٕؼٌة كثٌرة أهمها‪:‬‬
‫ٔ ‪ -‬أن ٌمصد تمٌٌز المسند إلٌه أكمل تمٌٌز‪:‬‬
‫ِن اسم اْشارة بطبٌعة دٔلته ٌفٌد تحدٌد المراد منه تحدٌدا‬
‫ظاهرا‪ ،‬وتمٌٌزه تمٌٌزا تاما‪ ،‬ولذا فإن المتكلم لد ٌمصد إلى هذا التحدٌد‬
‫لٌحضر المسند إلٌه فً ذهن السامع متمٌزا تمام التمٌز‪ ،‬وذلن عندما ٌكون‬
‫معنٌا بالحكم الذي ٌرٌد إضافته إلٌه وٌرؼب فً إبرازه وزٌادة تؤكٌده‪.‬‬
‫ظن ْال ُمإْ ِمنُونَ‬ ‫ومثاله لوله تعالى فً لصة اْفن ( َل ْو َٔ ِإ ْذ َ‬
‫س ِم ْعت ُ ُموهُ َ‬
‫ٌن) (‪ .)1‬جاء التعبٌر ب(هذا) ولم‬ ‫َو ْال ُمإْ ِمنَاتُ بِؤَنفُ ِس ِه ْم َخٌْرا َولَالُوا َه َذا إِ ْفنٌ مبِ ٌ‬
‫ٌمل (هو) ْبراز المسند إلٌه وتحدٌده‪ ،‬حتى ٌمع الحكم علٌه بؤنه (إفن مبٌن)‬
‫بعد هذا التمٌٌز والتجسٌد‪ ،‬وفً ذلن لدر كبٌر من لوة الحكم وصدق الٌمٌن‬
‫من أنه إفن مبٌن‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬التعرٌض بغباء السامع وأن األشٌاء عنده ل تتمٌز إل باألمور‬
‫المحسوسة‪ ،‬كمول الفرزدق ٌهجو جرٌرا وٌفتخر بنفسه‪:‬‬

‫إذا جمعتنا ٌرا جرٌرر المجرامع‬ ‫أولبرررن أبرررابً فجبنرررً بمرررثلهم‬


‫(‪)2‬‬
‫فجرٌر ٌعرؾ أباء الفرزدق اِحٌاء واِموات‪ ،‬لكن الفرزدق ٌؤتً‬
‫بالمسند إلٌه اسم إشارة " أولبن " تعرٌضا بؽباوة جرٌر وكؤنه ٔ ٌعلم آباء‬
‫الفرزدق إٔ إذا رآهم رأي العٌن‪.‬‬
‫تنزٌال لمربه المعنوي من النفس منزلة‬ ‫ً‬ ‫ٖ‪ -‬تعظٌم المسند إلٌه بالمرب‪،‬‬
‫لرب المسافة الحسً‪ ،:‬كموله تعالى‪ِ ( :‬إن َه َذا ْالمُ ْرآنَ ٌِ ْهدِي ِلل ِتً ه َ‬
‫ًِ أ َ ْل َو ُم‬

‫(ٔ) سورة النور ‪.ٔٙ‬‬


‫(ٕ) الدٌوان ٔ‪ ،ٗٔ0/‬اٌْضاح ٕ‪ ،ٔ0/‬المصباح ‪ ،ٔ0‬اْشارات ٖٗ‪.‬‬

‫ٓ٘‬
‫ت أَن لَ ُه ْم أَجْ را َكبٌِرا) (‪.)1‬فالؽرض‬
‫ش ُر ْال ُمإْ ِمنٌِنَ الذٌِنَ ٌَ ْع َملُونَ الصا ِل َحا ِ‬
‫َوٌُبَ ِ ّ‬
‫من اْشارة ب " هذا " إلى المرآن اْشارة إلى عظمة وسمو منزلته‪ ،‬وهو‬
‫كذلن فً نفوس المإمنٌن به‪ ،‬وكؤنما نزل لربه من للوبهم منزلة المرب‬
‫الحسً‪ ،‬فاستعمل فً اْشارة إلٌه أسم الدال على المرب‪.‬‬
‫ظةٌ ِلّ ْل ُمتمٌِنَ ) (‪.)2‬‬ ‫ان ِلّلن ِ‬
‫اس َو ُهدى َو َم ْو ِع َ‬ ‫ومثله لوله تعالى‪َ ( :‬ه َذا بٌََ ٌ‬

‫تنكٌر المسند إلٌه‬


‫لم ٌتعرض لهذا الباب كثٌر ممن كتب فً هذا الفن‪ ،‬وأول من فتك‬
‫أكمام أزهاره صاحب الكشاؾ‪ ،‬وتبعه من جاء بعده من علماء البٌان‪.‬‬
‫ولصارى ما لالوه‪ :‬إن المسند إلٌه ٌنكر ِؼراض منها‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬اإلفراد‪ ،‬وذلن حٌث ٌكون المصد إلى أن المسند إلٌه فرد غٌر معٌن من‬
‫أفراد حمٌمته حٌث ل ٌتعلك بتعرٌفه غرض‪:‬‬
‫ع ْونَ ٌَ ْكت ُ ُم ِإٌ َمانَهُ‬
‫كما فً لوله تعالى‪َ ( :‬ولَا َل َر ُج ٌل مإْ ِم ٌن ِ ّم ْن آ ِل فِ ْر َ‬
‫ً للاُ) (‪ .)3‬فمد ذكر لفظ " رجل " المسند إلٌه فً‬ ‫أَت َ ْمتُلُونَ َر ُجٕ أَن ٌَمُو َل َر ِبّ َ‬
‫اٌَة‪ِ ،‬ن المصد إفادة أنه فرد ؼٌر معٌن من أفراد جنسه‪ ،‬إذ ٔ حاجة من‬
‫تعرٌفه ؤ ؼرض من تعٌٌنه‪ ،‬فالمراد أن ٌعلم المخاطب أن لؤ لد لٌل‪،‬‬
‫وأن تنبٌها إلى ما فً لتل موسى من خطؤ لد ولع‪.‬‬
‫ؤ ٌخفً علٌن ما وراء التنكٌر من تعظٌم المسند إلٌه وإعٕء‬
‫شؤنه‪ ،‬فمول كلمة الحك فً مثل هذه المجتمعات الفاسدة ٔ ٌصدر إٔ من‬
‫رجل عظٌم الشؤن جلٌل المدر‪ ،‬كما ٔ ٌخفً علٌن ما أفاده تنكٌر المفعول‬
‫فً لوله تعالى‪( :‬أَت َ ْمتُلُونَ َر ُجٕ)‪ .‬من تعظٌم لموسى علٌه السٕم‪.‬‬

‫(ٔ) سورة اْسراء ‪.7‬‬


‫(ٕ) سورة آل عمران ‪.ٖٔ0‬‬
‫(ٖ) سورة ؼافر ‪.ٕ0‬‬

‫ٔ٘‬
‫ً‬
‫متمٌزا عما ٌعرفه المخاطب‬ ‫صا‬
‫عا خا ً‬
‫ٕ‪ -‬المصد إلى إفادة المسند إلٌه نو ً‬
‫وٌألفه وٌعهده‪:‬‬
‫ار ِه ْم‬
‫ص ِ‬‫علَى أ َ ْب َ‬
‫س ْم ِع ِه ْم َو َ‬ ‫علَى لُلُوبِه ْم َو َ‬
‫علَى َ‬ ‫من ذلن لوله تعالى‪َ ( :‬خت ََم ّ‬
‫للاُ َ‬
‫َاوة ٌ) (‪ .)1‬لال الخطٌب‪ " :‬أي نوز من اِؼطٌة ؼٌر ما ٌتعارفه الناس‪،‬‬ ‫ِؼش َ‬
‫(‪)2‬‬
‫فالتنكٌر هنا للنوعٌة عند الخطٌب‪،‬‬ ‫وهو ؼطاء التعامً عن آٌات هللا "‬
‫وذلن أن الكفار ٌعرفون الحك ولكنهم ٌعاندون وٌظهرون خٕؾ ما‬
‫ٌبطنون‪ ،‬فالذي على أبصارهم هو نوز خاص من أنواز اِؼشٌة ؼٌر‬
‫متعارؾ‪ ،‬وهو التعامً عن الحك‪ ٔ ،‬العمى عنه‪.‬‬
‫ومن ذلن لول الشاعر‪:‬‬

‫إٔ الحمالة أعٌت من ٌداوٌها‬ ‫لكررررل داء دواء ٌسررررتطب برررره‬


‫أي لكل داء دواء خاص ٌصلح لعٕجه‪ ،‬فالتنكٌر لمصد النوعٌة إذ لٌس‬
‫المراد مطلك دواء وإنما الممصود نوز خاص منه وهو المٕبم للداء(‪ .)3‬فإذا‬
‫اهتدي إلى ذلن النوز الخاص من الدواء وعولج به الداء شفً وعوفً‬
‫صاحبه إٔ داء واحد وهو الحمالة فإنها داء أعٌا اِطباء فلم ٌجدوا لها‬
‫دواء‪.‬‬
‫ٖ أن ٌكون المصد من التنكٌر إفادة تعظٌم المسند إلٌه أو تحمٌره‪:‬‬

‫(ٔ) سورة البمرة ‪.9‬‬


‫(ٕ) اٌْضاح ٕ‪.ٕٙ/‬‬
‫(ٖ) وما ٌصلح لٓفراد والنوعٌة معا فً ؼٌر باب المسرند إلٌره لولره تعرالى‪ " :‬وهللا خلرك‬
‫كل دابة من ماء " (النور ٘ٗ) فالتنكٌر فٌهرا ٌحتمرل النوعٌرة بمعنرى‪ :‬خلرك كرل نروز‬
‫من أنواز الدواب من نوز من انواز المراء‪ ،‬وٌحتمرل اْفرراد‪ :‬أي خلرك كرل فررد مرن‬
‫افراد الدواب من نطفة مفردة هى نطفة أبٌه النوعٌة‪ :‬وكل منهما لٌس مسندا إلٌه‪.‬‬

‫ٕ٘‬
‫اص َحٌَاة ٌ ٌَا ْ أُو ِل ًْ اِ َ ْلبَا ِ‬
‫ب‬ ‫ص ِ‬‫ومن إفادة التعظٌم لوله تعالى‪َ ( :‬ولَ ُك ْم فًِ ْال ِم َ‬
‫لَعَل ُك ْم ت َتمُونَ ) (‪ .)1‬أي حٌاة عظٌمة‪ ،‬وهذا لمنعه مما كانوا علٌه من لتل‬
‫جماعة بواحد متى التدروا علٌه‪ ،‬ولهذا المعنى ذكر المسند إلٌه "حٌاة"‪.‬‬
‫وٌجوز أن ٌكون المراد نوز من الحٌاة ؼرٌب‪ ،‬وهو الحاصل للممتول‬
‫والماتل بأرتداز عن المتل‪ِ ،‬ن اْنسان إذا هم بالمتل تذكر المصاص‬
‫فارتدز فسلم صاحبه من المتل‪ ،‬وسلم من المود فكان المصاص سببا لحٌاة‬
‫نفسٌن (‪.)2‬‬

‫بهذا ٌتبٌن أن التنكٌر ٌفٌد التعظٌم والنوعٌة ولكن صاحب اْشارات ٌرى‬
‫خٕؾ ذلن‪ ،‬حٌث لال‪ :‬وتنكٌر لفظ "حٌاة" فً لوله تعالى‪َ ( :‬ولَ ُك ْم فًِ‬
‫اص َحٌَاة ٌ) ٌحتمل النوعٌة والتعظٌم فٌه نظر‪ِ ،‬ن شرز المصاص‬ ‫ْال ِم َ‬
‫ص ِ‬
‫ٌستلزم تكثٌر الحٌاة ببماء الممدرٌن المتل‪ ،‬ؤ ٌستلزم تنوٌعه ؤ تعظٌمه‬
‫(‪)3‬‬
‫فٌكون من باب التكثٌر "‬

‫(ٔ) سورة البمرة ‪.ٔ97‬‬


‫(ٕ) البٕؼة العالٌة ص‪.97‬‬
‫(ٖ) اْشارات ص‪.ٖ0 ،ٖ9‬‬

‫ٖ٘‬
‫أهداف الممرر‬
‫لادرا على‪:‬‬
‫ٌهدف هذا الممرر‪ :‬أن ٌكون الطالب فً نهاٌته ً‬
‫معرفة أسلوب المصر‪ ،‬واكتشاؾ أسراره‪ ،‬ومعرفة اِسالٌب‬
‫اْنشابٌة وأؼراضها البٕؼٌة‪ ،‬وتوظٌؾ هذه اِسالٌب فً‬
‫الفهم الصحٌح للنصوص‪ ،‬واكتساب مهارات الموازنة بٌن هذه‬
‫اِسالٌب والحكم علٌها‪.‬‬
‫المستهدف من تدرٌس الممرر‬
‫فً نهاٌة الممرر ٌكون الطالب لادرا على أن ٌتعرؾ على‬
‫أبواب علم المعانً‪ ،‬والبٌان والبدٌع‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ٗ٘‬
‫المصر‬
‫ﻤفهوم المﺼر‬
‫(‪)1‬‬
‫وراتٌ ِفً ْال ِخ ٌَ ِام)‬
‫ص َ‬‫ور َم ْم ُ‬
‫‪ ،‬لال ﺘعالى‪ُ ( :‬ح ٌ‬ ‫المﺼر لؽة‪ :‬الﺤﺒس‬
‫(الرحمن‪ )9ٕ :‬أي ﻤﺤﺒوﺴات ٔ ٍﻤﺘد ﻨظرهن إلى ؼٍر أزواﺠهن‪ .‬وفً‬
‫الخٌام ﻤعﻨى اْحاطة وأشتمال والﺘفرد والﻤﻨعة‪.‬‬
‫أﻤا اصطٕحا (‪ : )2‬فهو تخصٌص شًء بشًء بطرٌك مخصوص‪ ،‬والشًء‬
‫اِول‪ :‬هو الممصور‪ .‬والثانى‪ :‬هو الممصور علٌه‪.‬‬
‫والطرٌك المخصوص هو طرق المصر المعروفة من العطؾ والنفً‬
‫وأستثناء‪ ،‬وإنما‪ ،‬والتمدٌم‪.‬‬
‫والﻤراد ﺒﺘﺨﺼٍص الﺸيء ﺒالﺸيء إﺜﺒات أﺤدهﻤا لُخر وﻨفٍه عن ؼٍره‪.‬‬
‫ألسام المصر‬
‫أول‪ :‬باعتبار عموم النفً أو خصوصه‬
‫وعموم النفً أو خصوصه‪ :‬وٌشمل الحمٌمً واْضافً‪.‬‬
‫ٔ‪ -‬المصر الحمٌمً‪ -:‬هو أن ٌختص فٌه الممصور بالممصور علٌه ؤ‬
‫ٌتعداه إلى ؼٌره مطلما‪ ،‬فٌكون النفً فٌه عاما لكل ما عدا الممصور علٌه‬
‫ب َٔ ٌَ ْعلَ ُم َها إِٔ ُه َو َو ٌَ ْعلَ ُم َما فًِ ْال َب ِ ّر َو ْال َبحْ ِر‬
‫كموله تعالى‪َ ( :‬و ِع ْن َدهُ َمفَاتِ ُح ْالؽَ ٌْ ِ‬
‫طب َو َٔ‬ ‫ض َو َٔ َر ْ‬ ‫ت ْاِ َ ْر ِ‬ ‫ظلُ َما ِ‬
‫ط ِم ْن َو َرلَة إِٔ ٌَ ْعلَ ُم َها َو َٔ َحبة فًِ ُ‬ ‫َو َما ت َ ْسمُ ُ‬
‫ٌَابِس إِٔ فًِ ِكت َاب ُمبٌِن) (اِنعام‪ )٘7 :‬ففً اٌَه طرٌمان من طرق‬
‫المصر‪ ،‬اِول‪ :‬التمدٌم (وعنده مفاتِح الؽٌب)‪ ،‬والثانً‪ :‬النفً وأستثناء (ٔ‬
‫ٌعلمها إٔ هو) فمفاتح الؽٌب عنده لٌست عند ؼٌره وعلمها ممصور علٌه‬
‫سبحانه وتعالى منفً عن كل ماعداه‪ ،‬وتكرار المصر أفا َد تؤكٌد هذه الحمٌمة‬

‫(ٔ) لسان العرب مادة (لصر)‪.‬‬


‫(ٕ) حاشٌة الدسولً‪ ،‬مواهب الفتاح ضمن شروح التلخٌص ٕ‪.ٔٙٙ /‬‬

‫٘٘‬
‫وتمرٌرها وهً أن العلم بالؽٌب مختص به تعالى ٔ ٌتعداه الى أحد من‬
‫خلمه‪ ،‬ومنه لولنا (ماخاتم اِنبٌاء إٔ دمحم) فالمراد أن ختم النبوة ممصور‬
‫على النبً (صلى هللا علٌه وعلى آله وسلم) ٔ ٌتعداه الى ؼٌره من الرسل‪.‬‬
‫ٕ – المصر اإلضافً‪ -:‬أن ٌختص الممصور بالممصورعلٌه بالنسبة إلى‬
‫شًء معٌن أي باْضافة إلٌه بحٌث ٔ ٌتجاوزه إلى ذلن المعٌن فالنفً فٌه‬
‫شاعر ٔ كاتب)‪ ،‬فالمراد‬
‫ٌ‬ ‫خاص‪ ،‬ولٌس عاما مطلما‪ ..‬كما فً لولنا (زهٌر‬
‫لصر زهٌر على صفة الشعر‪ ،‬بحٌث ٔ ٌتجاوزها إلى صفة معٌنة محددة‪،‬‬
‫وهً صفة الكتابة مثٕ وهذا ٔ ٌنافً أن ٌكون لزهٌر صفات أخرى‬
‫كالخطابة مثٕ‪ ،‬ففً المصر باْضافة ٌكون المنفً معٌنا محددا‪.‬‬
‫ولمد نظر البٕؼٌون إلى تخصٌص الشًء بالشًء من حٌث المطابمة‬
‫للوالع‪ ،‬أو بنابه على المبالؽة‪ ،‬فنتج من هذه النظرة ضربان من المصر هما‪:‬‬
‫التحمٌمً وأدعابً‪.‬‬
‫فالتحمٌمً‪ :‬ما كان فً الحمٌمة والوالع بؤن تطابك النسبة الكٕمٌة النسبة‬
‫الخارجٌة مطابمة تامة كما فً اٌَة السابمة‪.‬‬
‫والدعائً‪ :‬هو المصر المبنً على المبالؽة أو المصر المجازي كما ٌسمى‬
‫فً دراسة بٕؼة المرآن تحاشٌا من وصؾ آي المرآن بأدعاء والمبالؽة‪،‬‬
‫وهذا المصر ٔ ٌموم على المطابمة الحمٌمٌة للوالع‪ ،‬فالنسبة الكٕمٌة ٔ‬
‫تطابمها النسبة الخارجٌة مطابمة دلٌمة ِن فٌها فضل تزٌد ومبالؽة‪ ،‬تمول‪:‬‬
‫"لم ٌتكلم فً هذه المسؤلة إٔ زٌد" فتثبت له الكٕم وتنفٌه عن كل ما عداه ‪.‬‬
‫والوالع أنه تكلم فٌها ؼٌر زٌد ولكنن لم تعتد بما لالوه استسماطا لكٕمهم واستعظاما‬
‫لكٕم زٌد‪ ،‬وكؤن ما لاله اَخرون لٌس شٌبا فهو كالعدم بالنسبة لما لاله زٌد‪.‬‬
‫وبذلن ٌنمسم المصر الحمٌمً إلى لسمٌن‪-:‬‬
‫أول‪ :‬الحمٌمً التحمٌمً‪ -:‬ماكان المنفً فٌه عاما ٌتناول كل ما عدا‬
‫الممصور علٌه وطابك المصر فٌه الحمٌمة والوالع من حٌث والع الحال‬
‫وحمٌمة اِمر‪ ،‬فالممصور ٌختص بالممصور علٌه ٔ ٌتعداه الى ؼٌره فً‬
‫ش ِه َد للاُ أَنهُ َٔ ِإلَهَ ِإٔ ُه َو‬
‫والع اِمر وحمٌمة الحال كما فً لوله تعالى‪َ ( :‬‬

‫‪٘ٙ‬‬
‫ٌز ْال َح ِكٌ ُم) (آل‬ ‫َو ْال َم َٕبِ َكةُ َوأُولُو ْال ِع ْل ِم لَابِما بِ ْال ِمس ِ‬
‫ْط َٔ ِإلَهَ ِإٔ ُه َو ْال َع ِز ُ‬
‫عمران‪ )ٔ0 :‬فمد لصر صفة اِلوهٌة على هللا سبحانه وتعالى لصر صفة‬
‫على موصوؾ فٕ تتعداه إلى ؼٌره‪ ،‬فصفة اِلوهٌة مثبتة له‪ ،‬ومنفٌة عن‬
‫كل ما عداه فالنفً عام؛ ولذلن سمً لصرا حمٌمٌا‪ ،‬كما أن نفٌها عن ؼٌره‬
‫مطابك للحمٌمة والوالع‪ ،‬ولذلن سمً تحمٌمٌا‪.‬‬
‫ومنه لوله تعالى‪( :‬إٌِانَ نَ ْعبُ ُد َوإٌِانَ نَ ْست َ ِع ُ‬
‫ٌن) (الفاتحة‪ ،)٘ :‬فالعبادة‪ ،‬وطلب‬
‫العون مختصان به سبحانه وتعالى منفٌان عن كل ماعداه فً والع اِمر‬
‫وحمٌمته‪.‬‬
‫ثانًٌا المصر الحمٌمً الدعائً‪-:‬‬
‫هو أن ٌختص الممصور بالممصور علٌه بحٌث ٔ ٌتعداه إلى ؼٌره ادعاء‬
‫ومبالؽة فالممصور ٌختص بالممصور علٌه وٌنفً عن كل ما عداه مما هو‬
‫بسبٌل منه نفٌا عاما ٌموم على المبالؽة والتجوز ؤ ٌموم على المطابمة‬
‫الحمٌمٌة للوالع‪ ،‬و ٌنزل فٌه ما عدا الممصور علٌه منزلة المعدوم‪ ..‬كما فً‬
‫ؾ أ َ ْل َوانُهُ َك َذلِنَ إِن َما ٌَ ْخشَى‬
‫اس َوالد َوابّ ِ َو ْاِ َ ْنعَ ِام ُم ْخت َ ِل ٌ‬
‫لوله تعالى‪َ ( :‬و ِمنَ الن ِ‬
‫ور) (فاطر‪.)ٕ0 :‬‬ ‫ؼف ُ ٌ‬ ‫ٌز َ‬‫ع ِز ٌ‬ ‫للا ِم ْن ِعبَا ِد ِه ْالعُلَ َما ُء إِن َ‬
‫للا َ‬ ‫َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ؤ ٌعنً‬ ‫فمد لُ ِ‬
‫ص َرت خشٌة هللا على العلماء ونُ ِف ٌَت عن كل من عداهم‬
‫هذا أن ؼٌر العالم ٔ ٌخشى هللا تعالى‪ ،‬بل لد ٌكون ؼٌر العالم أشد خشٌه هلل‬
‫من العالم‪ ،‬ولكن سٌاق اٌَة فً التنوٌه بشؤن العلماء وتعظٌم منزلتهم فالحث‬
‫اء َماء‬ ‫على النظر والتؤمل الرأ لوله تعالى‪( :‬أَلَ ْم ت ََر أَن للاَ أ َ ْنزَ َل مِنَ الس َم ِ‬
‫ؾ‬ ‫ٌض َو ُح ْم ٌر ُم ْخت َ ِل ٌ‬ ‫فَؤ َ ْخ َرجْ نَا بِ ِه ث َ َم َرات ُم ْخت َ ِلفا أ َ ْل َوانُ َها َو ِمنَ ْال ِجبَا ِل ُج َد ٌد بِ ٌ‬
‫ؾ أ َ ْل َوانُهُ َك َذلِنَ‬‫اس َوالد َوابّ ِ َو ْاِ َ ْنعَ ِام ُم ْخت َ ِل ٌ‬
‫سو ٌد‪َ .‬و ِمنَ الن ِ‬ ‫ٌب ُ‬ ‫أ َ ْل َوانُ َها َوؼ ََرابِ ُ‬
‫ور) (فاطر‪)ٕ0 - ٕ9 :‬‬ ‫ؼفُ ٌ‬ ‫ٌز َ‬ ‫ِإن َما ٌَ ْخشَى للاَ ِم ْن ِع َبا ِد ِه ْالعُلَ َما ُء إِن للاَ َ‬
‫ع ِز ٌ‬
‫للنا كانت خشٌة هللا ممصورة على العلماء دون ؼٌرهم ‪ -‬وهو من لصر‬
‫الصفة على الموصوؾ ‪.-‬‬

‫(ٔ) إعراب المرآن وبٌانه‪ ٕ09/ٙ :‬بتصرؾ‪.‬‬

‫‪٘7‬‬
‫هذا والمصر أدعابً كثٌر فً كٕم العرب وٌَ ِرد فً ممامات المبالؽه‬
‫والمدح والتعظٌم نحو لولهم‪( :‬ما مإدبٌ إٔ فٕن‪..‬ما عالم إٔ فٕن‪..‬ما‬
‫شاعر إٔ امرإ المٌس)‪ٌ ،‬بنون الكٕم فً ذلن على المبالؽه‪.‬‬
‫ثانٌا‪:‬ألسام المصر باعتبار الطرفٌن‪:‬‬
‫وٌنمسم بهذا أعتبار إلى لسمٌن‪:‬‬
‫لصر صفة على موصوف‪ ،‬ولصر موصوف على صفة‪.‬‬
‫ٔ‪ -‬لصر الصفة على الموصوف‪ -:‬ومعناه أٔ تتجاوز تلن الصفة ذلن‬
‫الموصوؾ إلى موصوؾ آخر أصٕ‪ ،‬إذا كان المصر حمٌمٌا‪ .‬أو إلى‬
‫موصوؾ آخر معٌن إذا كان المصر إضافٌا‪ ،‬ومثاله من الحمٌمً لولنا‪ٔ( :‬‬
‫رازق إٔ هللا)‪.‬‬
‫ومثاله من اْضافً‪ ،‬نحو‪ ٔ :‬زعٌم إٔ سعد‪.‬‬
‫ؤ ٌمنع هذا أن ٌتصؾ الموصوؾ الممصور علٌه بصفات أخرى‬
‫ؼٌر تلن الصفة الممصورة‪ ،‬منه لوله تعالى ‪َ ( :‬و ِع ْن َدهُ َمفَاتِ ُح ْالؽَ ٌْ ِ‬
‫ب َٔ ٌَ ْعلَ ُم َها‬
‫ِإٔ ُه َو) حٌث لصر العلم بمفاتِح الؽٌب على هللا تعالى لصرا حمٌمٌا تحمٌمٌا‬
‫فهو لصر صفة على موصوؾ‪.‬‬
‫ومنه لول أبً تمام‪-:‬‬
‫ت المفر ِة النَع ِ‬
‫ب‬ ‫مململ لبنا ِ‬ ‫اله ِ ّم من رج ٍل‬
‫ل ٌطر ُد اله َّم إل ِ‬
‫فمد لصر الشاعر طرد الهم وهو صفة على الهم من رجل مململ لبنات‬
‫المفرة وهو موصوؾ لصرا حمٌمٌا ادعابٌا‪ِ ،‬ن الناس ٌطردون همومهم‬
‫بؤمور كثٌرة‪ ،‬ولكن الشاعر لم ٌعتد بشًء منها إٔ بالرحلة التً ؼٌرته‬
‫وأضنته فهو لم ٌعتد بؽٌر الرحلة فً طرد همومه وأحزانه على الرؼم من‬
‫وجود وسابل كثٌرة لطرد الهموم لذا كان المصر (لصرا حمٌمٌا ادعابٌا)‪.‬‬
‫ومثال لصر الصفة على الموصوؾ لصرا إضافٌا لولن‪:‬‬
‫ما خطٌب إٔ الحجاج ترٌد أن صفة الخطابة ممصورة علٌه ٔ تتعداه إلى‬
‫رجل آخر بعٌنه كالولٌد مثٕ‪.‬‬

‫‪٘8‬‬
‫ٕ‪ -‬لصر الموصوف على الصفة‪-:‬‬
‫معناه أٔ ٌتجاوز الموصوؾ تلن الصفة إلى صفة أخرى أصٕ‪ ،‬اذا كان‬
‫المصر لصرا حمٌمٌا‪ ،‬أو إلى صفة أخرى معٌنة إذا كان المصر إضافٌا‪ ،‬وهذا ٔ‬
‫ٌمنع أن تكون تلن الصفة الممصور علٌها وصفا لموصوؾ آخر ؼٌر الممصور‪،‬‬
‫فمولن‪( :‬ماعمرو إٔ شجاز) لصر عمرو على صفة الشجاعة بحٌث ٔ ٌتعداها إلى‬
‫صفة أخرى أما الشجاعة فلٌس هنان ماٌمنع من أن ٌتصؾ بها ؼٌر (عمرو)‬
‫وتمول‪( :‬زٌد كاتب ٔاشاعر) فتمصر زٌدا على صفة الكتابة بحٌث ٔ‬
‫ٌتجاوزها إلى صفة الشعر‪ ،‬فهو (لصر إضافً)‪ ،‬وتمول‪( :‬ما شولً‬
‫إٔشاعر) فتمصر شولً على صفة الشعر بحٌث ٔ ٌتجاوزها إلى صفة أخرى‬ ‫ٌ‬
‫وهو (لصر ادعابً)‪ ،‬وذلن ِنن نفٌت عنه كل ماٌتصل بها وٌدور فً فلكها أو كما‬
‫ٌمول الجرجانً (‪.)1‬كل ما هو بسبٌل منها كالكتابة والخطابة والفمه‪ ،‬وما إلى ذلن فهو‬
‫لٌس بارعا فً فرز من فروز المعرفة إٔ فً الشعر الذي لصر علٌه ولٌس المراد‬
‫أنن نفٌت عنه كل صفة ٌمكن أن ٌوصؾ بها ككونه مصرٌا‪ ،‬أو فمٌرا أو أبٌض أو‬
‫كرٌما‪ ،‬لٌس هذا المراد بل أن المراد‪ :‬ما هو بسبٌل من صفة الشعر الممصور علٌه‪،‬‬
‫ومن شواهد لصر الموصوؾ على الصفة لوله تعالى‪َ ( :‬و َما ٌَ ْست َ ِوي ْاَِحْ ٌَا ُء َو َٔ‬
‫للا ٌُس ِْم ُع َم ْن ٌَشَا ُء َو َما أ َ ْنتَ بِ ُمس ِْمع َم ْن فًِ ْالمُب ِ‬
‫ُور‪ .‬إِ ْن أ َ ْنتَ ِإٔ‬ ‫ْاِ َ ْم َواتُ ِإن َ‬
‫ٌِر‪( ).‬فاطر‪)ٕٖ – ٕٕ :‬‬ ‫نَذ ٌ‬
‫حٌث لصر الرسول‪ -‬صلى هللا علٌه وسلم‪ -‬على صفة اْنذار ٔ‬
‫ٌتجاوزها الى أن ٌملن تحوٌل الملوب المشركة باهلل (عز وجل) عما هً‬
‫علٌه من العناد والمكابرة‪ ،..‬ولوله صلى هللا علٌه وسلم‪( :‬من ٌرد هللا به‬
‫خٌرا ٌفمههُ فً الدٌن وإنما أنا لاس ٌم وهللا عز وجل ٌُعطً‪ .)..‬وكان الصحابة‬
‫لفرط اعتمادهم فً هداٌته (صلى هللا علٌه وآله وسلم) رأوا أنه ٌمسم‬
‫وٌعطً‪ ،‬ولذا بٌن لهم صلى هللا علٌه وسلم أنه ٔ ٌملن إٔ المسم أما‬
‫اْعطاء فمن هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬فالمصر لصر موصوؾ على صفة لصرا‬
‫إضافٌا‪.‬‬

‫(ٔ) دٔبل اْعجاز ص ٖ٘‪.‬‬

‫‪٘9‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬تمسٌم المصر باعتبار حال المخاطب‪:‬‬
‫ٌنمسم المصر باعتبار (حال المخاطب) واعتماده إلى ثٕثة ألسام‪( -:‬للب‪،‬‬
‫وإفراد‪ ،‬وتعٌٌن) ؤ ٌكون إٔ فً اْضافً‪.‬‬
‫ٔ – لصر الملب‪ -:‬هو تخصٌص أمر بؤمر مكان آخر‪ ،‬وٌخاطب به من‬
‫ٌعتمد العكس كمولن (جاءنً زٌ ٌد ٔ عمر) مخاطبا من ٌعتمد أن عمرا هو‬
‫(‪)1‬‬
‫مً لصر للب‬ ‫س َ‬‫الذي جاءن دون زٌد‪ ،‬فؤنت تملب وتعكس ما ٌعتمدهُ ولذا ُ‬
‫اس لَالُوا أَنُإْ ِم ُن َك َما آ َ َمنَ‬
‫‪ ،‬ومنه لوله تعالى‪َ ( :‬وإِ َذا لٌِ َل لَ ُه ْم آ َ ِمنُوا َك َما آ َ َمنَ الن ُ‬
‫السفَ َها ُء أ َ َٔ إِن ُه ْم ُه ُم السفَ َها ُء َولَ ِك ْن َٔ ٌَ ْعلَ ُمونَ ) (البمرة‪ِ ،)ٖٔ :‬ن المنافمٌن‬
‫ٌعتمدون أن المإمنٌن هم السفهاء دونهم فملب –عز وجل ‪ -‬اعتمادهم وبٌن‬
‫أن المنافمٌن هم السفهاء ولكن ٌٔعلمون‪.‬‬
‫وتؤمل لول الشاعر أبً تمام‪-:‬‬
‫ب‬
‫الخمٌسٌن لفً السبع ِة الشه ِ‬
‫ِ‬ ‫بٌن‬ ‫ب األرماح لمعةً‬
‫العل ُم فً شُه ِ‬
‫نجدهُ لد لصر العلم على كونه فً لوةِ الجٌش والعتاد‪ ،‬ونفاهُ عن كونه فً‬
‫علم المنجمٌن الذٌن نصحوا المعتصم بؤٔ ٌُمبِل على الجهاد‪ ،‬ولكنه أبى ذلن‬
‫وفتح عمورٌة محمما النصر‪ ،‬فالمصر فً البٌت المذكور لصر للب ِنهم‬
‫اعتمدوا أن العلم فً السبعة الشهب ٔ فً لوة الرماح والجٌش‪ ،‬فنفً أبوتمام‬
‫هذا وأثبت عكسهُ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬لصر إفراد‪ -:‬هو تخصٌص أمر بؤمر دون آخر‪ ،‬وٌخاطب به من ٌعتمد‬
‫الشركة كمولن (دمحم الجواد ٔ علً) لمن اعتمد أنهما ٌشتركان فً صفة‬
‫ث ث َ َٕثَة َو َما ِم ْن ِإلَه‬ ‫الجود ومنه لوله تعالى‪( :‬لَمَ ْد َكفَ َر الذٌِنَ لَالُوا إِن للاَ ثَا ِل ُ‬
‫ع َذابٌ أ َ ِلٌ ٌم)‬
‫عما ٌَمُولُونَ لٌََ َمسن الذٌِنَ َكفَ ُروا ِم ْن ُه ْم َ‬ ‫اح ٌد َوإِ ْن لَ ْم ٌَ ْنت َ ُهوا َ‬
‫إِٔ إِلَهٌ َو ِ‬
‫(المابدة‪.)9ٖ :‬‬
‫فهم ٌعتمدون الشركة‪ ،‬وأن هللا ثالث ثٕثه‪ ،‬وأفاد أسلوب المصر أن اْله‬
‫واحد (وما من إله إٔ إلهٌ واح ٌد) فهو لصر إفراد‪.‬‬

‫(ٔ) ٌنظر شروح التلخٌص ٕ‪.ٔ0ٓ /‬‬

‫ٓ‪ٙ‬‬
‫وٌشترط فً لصر الموصوؾ على الصفة إفرادٌا عدم تنافً‬
‫ٌتصور اجتماعهما لموصوؾ واحد فً ذهن المخاطب‪ ،‬فٕ‬ ‫ّ‬ ‫الوصفٌن حتى‬
‫ٌمال فً لولن‪( :‬محم ٌد أبٌض ٔ أسود) أنه لصر إفراد‪ ،‬إذ ٔ ٌتصور أن‬
‫ٌعتمد ُمعتمد أن محمدا ٌتصؾ بالبٌاض والسواد معا‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬لصر تعٌٌن‪ :‬هو‪ :‬تخصٌص أمر بؤمر دون آخر‪ ،‬وٌخاطب به المتردد‬
‫بٌن شٌبٌن كمولن لمن ٌتردد وشاكا فً الناجح أعمرو أم بكر (إنما الناجح‬
‫عمرو)‪ ،‬ولولن لمن شن فً أمر زٌد أممٌم أم مسافر‪( :‬زٌد ممٌم ٔ مسافر)‬
‫تؤمل لول الشاعر‪-:‬‬
‫السٌؾ إٔ ؼمد ِه والحماب ُل‬
‫ُ‬ ‫شرؾ له فما‬
‫ٌ‬ ‫لبس الفتى‬
‫وإن كان فً ِ‬
‫تجده لصرا إضافٌا صالحا ِن ٌكون لصر للب وإفراد أو تعٌٌن‪ ،‬وذلن‬
‫حسب تصورن لحال المخاطب فإن كان ٌعتمد أن الشرؾ فً اللبس و‬
‫الزٌنه دون الفضابل النفسٌة فهو لصر للب وإن اعتمد أن الشرؾ فٌهما معا‬
‫فهو لصر إفراد‪ ،‬وإن تردد أو شن فً مرجع الشرؾ إلى اللبس والزٌنه‬
‫ٌرجع أم إلى الفضابل النفسٌة فهو لصر تعٌٌن‪ ،‬واِرجح أن ٌكون لصر‬
‫تعٌٌن‪،‬؛ ِن الشاعر ٌرٌد أن ٌمرر أن مرد الشرؾ إلى ما ٌتصؾ به‬
‫اْنسان من الفضابل ٔ إلى الشكل والزٌنة وهذا من اِمور الواضحة‬
‫الجلٌة‪ ،‬ؤ ٌرتاب فٌها إٔ من ارتاب فً اِمور البدهٌة كمن ٌرتاب فً‬
‫مزٌة السٌؾ وجودته إلى حدته وشدة لطعه ترجع أم إلى ؼمده والحمابل‪،‬‬
‫فمن ارتاب فً هذا اِمر البٌن‪ ،‬فمل له موبخا ومشٌرا إلى ضعؾ عمله‬
‫وللة تفكٌره وشدة ؼبابه‪ :‬ما السٌؾ إٔ ؼمده والحمابل‪.‬‬
‫ومراد البٕؼٌٌن بحال المخاطب ما ولؾ المارئ للتعبٌرات الجٌده‬
‫علٌه من لرابن اِحوال وسٌالات الكٕم فالسٌاق وما به من لرابن هو الذي‬
‫ت‬ ‫سو ٌل لَ ْد َخلَ ْ‬
‫ٌبرز لن حال المخاطب تؤمل لوله تعالى‪َ ( :‬و َما ُم َحم ٌد إِٔ َر ُ‬
‫علَى أ َ ْعمَا ِب ُك ْم َو َم ْن ٌَ ْنمَلِبْ َ‬
‫علَى َ‬
‫ع ِمبَ ٌْ ِه‬ ‫س ُل أَفَإ ِ ْن َماتَ أ َ ْو لُ ِت َل ا ْنمَلَ ْبت ُ ْم َ‬
‫ِم ْن لَ ْب ِل ِه الر ُ‬
‫سٌَجْ ِزي للاُ الشا ِك ِرٌنَ ) (آل عمران‪،)ٔٗٗ :‬‬ ‫شٌْبا َو َ‬ ‫للا َ‬‫ضر َ‬ ‫فَلَ ْن ٌَ ُ‬

‫ٔ‪ٙ‬‬
‫ت ِم ْن‬ ‫سو ٌل لَ ْد َخ َل ْ‬ ‫ولوله – عز وجل‪َ ( :‬ما ْال َم ِسٌ ُح اب ُْن َم ْرٌَ َم إِٔ َر ُ‬
‫ْ‬ ‫س ُل َوأُمهُ ِ‬
‫ت ثُم‬ ‫ْؾ نُبٌَِّ ُن لَ ُه ُم ْاٌَََا ِ‬
‫ظ ْر َكٌ َ‬ ‫ص ّدٌِمَةٌ َكانَا ٌَؤ ُك َٕ ِن الطعَ َ‬
‫ام ا ْن ُ‬ ‫لَ ْب ِل ِه الر ُ‬
‫ظ ْر أَنى ٌُإْ فَ ُكونَ ) (المابدة‪،)9٘ :‬‬ ‫ا ْن ُ‬
‫فالعبارات واحده‪ ،‬والبناء هو البناء وعلى الرؼم من ذلن نمول إن‬
‫المصر فً اٌَه اِولى لصر إفراد وفً الثانٌة لصر للب والذي جعلنا‬
‫نمول هذا المول الولوؾ على أحوال المخاطبٌن من خٕل تؤمل سٌاق‬
‫اٌَتٌن‪.‬‬
‫فلشدة حب الصحابة للرسول صلى هللا علٌه وسلم‪ ،‬وتعلمهم به نزلوا منزلة‬
‫من ٌستبعد موته وكؤنهم ٌعتمدون أنه ٌجمع بٌن الرسالة وعدم الهٕن‪ ،‬ولذا‬
‫كان المصر (لصر إفراد) فً اٌَة اِولى‪.‬‬
‫طرق المصر‬
‫للمصر طرق بعضها اصطٕحً متفك علٌه عند البٕؼٌٌن‪،‬‬
‫وبعضها مختلؾ علٌه‪:‬‬
‫أول‪ -‬ما اتفك علٌه البالغٌون فهو أربعة طرق‪ :‬العطؾ‪ ،‬والنفً‬
‫وأستثناء‪ ،‬وإنما‪ ،‬والتمدٌم‪.‬‬
‫الطرٌك األول‪ :‬العطف ب "بل ول ولكن" وكل منها ٌفٌد أن حكم المعطوؾ‬
‫بها ٌؽاٌر المعطوؾ علٌه‪ ،‬بؤن ٌكون متعاطفاها مختلفٌن إٌجابا وسلبا‪ ،‬فإذا‬
‫كان العطؾ ب "ٔ" أفاد النفً بعد اْثبات كمولن‪" :‬دمحم خاتم اِنبٌاء ٔ‬
‫ؼٌره‪ ،‬وإذا كان العطؾ ب "بل ولكن" أفاد اْثبات بعد النفً كمولن‪" :‬ما‬
‫زٌد كاتب بل شاعر"‪.‬‬
‫وٌٕحظ أن العطؾ أوضح طرق المصر؛ للتصرٌح فٌه بالمثبت والمنفً‪،‬‬
‫وٌلٌه النفً وأستثناء‪ ،‬فإنما‪ ،‬فالتمدٌم‪.‬‬
‫عمر ‪ -‬خال ُد‬
‫ُ‬ ‫أمثلة العطؾ بٕ‪ ،‬وبل‪ ،‬ولكن ‪ -:‬تمول‪( :‬زٌ ٌد كرٌ ٌم ٔ‬
‫ٌنصحن مخلصا ٔ مرابٌا‪ ،‬لٌس حاتم بخٌُ بل جوادا‪ ،‬لم ٌنصحنً عمر‬
‫لكن صدٌمه)‪ ،‬فتجد المصر لد أ ُفٌد بؤحد الحروؾ المذكورة‪ ،‬وواضح أن‬
‫العطؾ ٌُصرح فٌه بكل من المثبت والمنفً أي الممصور علٌه والمنفً عنه‬

‫ٕ‪ٙ‬‬
‫(‪)1‬‬
‫طرق المصر وأوكدها ِن ؼٌره من الطرق ٔ ٌصرح‬ ‫ولذا كان ألوى‬
‫فٌها بالنفً بل ٌفهم ضمنا‪.‬‬
‫ف بها ِإلخراج المعطوف م ّما دخل فٌه‬
‫ط ُ‬‫أ‪ -‬أ َّما كلمة "ل" العاطفة فٌَُع َ‬
‫سٕ‪ ،‬ولبستُ خزا َٔ بزا‪ ،‬وهً‬ ‫ع َ‬
‫صٕ ٔ َ‬‫المعطوؾ علٌه‪ ،‬مثل‪ :‬أ َك ْلتُ ب َ‬
‫صالحة لكل أنواز المصر‪ ،‬والممصور علٌه بها هو الممابل لما بعدها‬
‫وٌشترط لدٔلتها على المصر‪:‬‬
‫أن ٌكون المعطوؾ بها مفردا‪ ،‬وأٔ ٌتمدمها نفً أو نهً‪ ،‬وأٔ ٌكون مابعدها‬
‫شاعر ٔ ؼٌر) فتفٌد لصر(زٌد) على‬
‫ٌ‬ ‫داخٕ فً عموم ما لبلها‪ ،‬تمول (زٌ ٌد‬
‫صفة (الشعر) لصرا حمٌمٌا وتمول‪( :‬زٌد شاعر ٔ كاتب) فتفٌد لصره على‬
‫الشعر لصرا إضافٌا‪ ،‬ومنه لول أبً تمام‪-:‬‬

‫ب‬ ‫ِّ‬
‫الشرن والرٌر ِ‬ ‫فً متونهن جرٕ ُء‬ ‫بٌض الصفابح ٔ سود الصحابؾ‬

‫تجده لد لصر السٌوؾ التً حممت النصر وفتحت عمورٌة على كونها‬
‫بٌض الصفابح مشرلة ٔمعة ونفاها عن كونها سود الصحابؾ سوداء‬
‫مظلمة‪ ،‬فالممصور علٌه هو الممابل لما بعد (ٔ) ثم لصر جٕء الشن‬
‫ي جوانبهن ونفاه عن كتب‬‫والرٌب على كونه فً متون هذه السٌوؾ أ ّ‬
‫المنجمٌن وطرٌك هذا المصر هو التمدٌم اَتً بٌانه‪.‬‬
‫ضراب عن اِول‪،‬‬‫ُ‬ ‫اْ‬
‫ب‪( -‬بل) ‪ -:‬وأ ّما كلمة"بل" العاطفة‪ ،‬ومعناها ِ‬
‫واْثبات للثانً‪ ،‬وللعطؾ بها شرطان‪ :‬أن ٌلٌها مفرد‪ ،‬وأن ٌتمدمها نفً أو‬
‫ِ‬
‫نهً؛ ِنها فً هذه الحال تمرر حكم ما لبلها وتثبت ضدهُ لما بعدها‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ،‬وذلن عماد المصر‪ ،‬كمولن‪( :‬ما جاء زٌ ٌد بل‬ ‫فتضمنت النفً واْثبات‬
‫عمرو) ٌفٌد نفً المجًء عن زٌد وإثباته ل(عمرو) والممصور علٌه‬
‫ب(بل) هو ما بعدها وٌرى البٕؼٌٌون أنها صالحة للمصر اْضافً إفرادا‬

‫(ٔ) شروح التلخٌص ٕ‪.ٔ0ٙ /‬‬


‫(ٕ) ٌنظر دٔٔت التراكٌب دمحم أبو موسى ط مكتبة وهبة ٘‪.7‬‬

‫ٖ‪ٙ‬‬
‫وللبا وتعٌٌنا‪ ،‬ؤ تصلح للمصر الحمٌمً ِن المنفً معها ٌكون أمرا محددا‬
‫دابما فإن جاء عاما ٔ ٌكون منفٌا بل ٌكون مسكوتا عنه نحو (ما جاءنً‬
‫أح ٌد بل زٌد) فٕ تفٌد هذه الجملة سوى إثبات المجًء لزٌد أما ما لبل(بل)‬
‫وهو (أحد) فمسكوت عنه والمسكوت عنه ٔ ٌوصؾ بنفً ؤ إثبات‪.‬‬
‫ً (رضً هللا عنه) ‪:‬‬
‫ومن شواهد المصر ب(بل) لول اْمام عل ّ‬
‫ب‬
‫برررررل الٌترررررٌ ُم ٌترررررٌ ُم العلرررررم واِد ِ‬ ‫رٌس الٌتررٌ ُم الررذي لررد مررات وال ر ُدهُ‬
‫لر َ‬
‫فمد لصر الٌتٌم على صفة الحرمان من العلم واِدب ونفاه عن فمدان الوالد لبل‬
‫بلوغ مبلػ الرجال فهو لصر موصوؾ على صفة لصرا إضافٌا كما نراه (لصر‬
‫للب) ِنه للب ما هو راسخ فً اِذهان من أن الٌتٌم هو الذي لد مات والدهُ لبل‬
‫بلوغ سن الرجال‪.‬‬
‫ج‪( -‬لكن) ‪ -:‬وأ ّما كلمة "ل ِك ْن" العاطفة‪ ،‬فهً لٕستدران بعد النفً وٌشترط‬
‫أن ٌكون المعطوؾ بها مفردا‪ ،‬أي‪ :‬ؼٌر جملة‪ ،‬وأن تكون مسبولة بنفً أو‬
‫نهً‪ ،‬وأن ٔ تمترن بالواو‪.‬‬
‫والعطؾ بكلمة "لكن" ٌفٌد المصر‪ ،‬وحالها كحال "بل" فالممصور علٌه بها هو ما‬
‫بعد المعطوؾ بها‪ ،‬ومثله (ما أكرمنً زٌد لكن عمرو) فمد لصر اْكرام على‬
‫عمرو ونفى عن زٌد فالممصور علٌه ب(لكن) هو الوالع بعدها مثل (بل) تماما‬
‫وهً صالحة للمصر اْضافً للبا وإفرادا وتعٌٌنا‪ .‬حسب اعتماد المخاطب‪،‬‬
‫والمصر الحمٌمً بنوعٌه‬
‫ومنه لول عروة بن الورد‪:‬‬

‫ً ولكرررررن شرررررٌبتنً الولرررررابع‬


‫علررررر ّ‬ ‫وما شاب رأسرً مرن سرنٌن تتابعرت‬

‫فمد لصر صفة التشٌٌب على الولابع دون تعالب السنٌن‪.‬‬


‫الطرٌك الثانً‪ :‬النفً والستثناء‪ :‬كمولن فً لصر الموصوؾ على الصفة‬
‫إفرادا وللبا‪" :‬ما زٌد إٔ شاعر"‪ ،‬فإذا كان لنفً كونه كاتبا كان لصر إفراد‪،‬‬
‫وإذا كان لنفً أنه مفحم كان لصر للب‪.‬تمول (مالاد ٌم إٔ زٌ ٌد‪ ،‬ما أنت إٔ‬

‫ٗ‪ٙ‬‬
‫مصٌبٌ )‪ ،‬فتفٌد لصر الصفة على الموصوؾ فً اِول‪ ،‬والموصوؾ على‬
‫الصفة فً الثانً‪.‬‬
‫وٌستخدم هذا الطرٌك فٌما ٌنكره المخاطب‪.‬‬
‫فاِصل فٌه أن ٌستعمل فٌما ٌنكره المخاطب‪ ،‬وذلن لٓثبات والتؤكٌد من‬
‫خٕل النفً واْستثناء‪ٌ ،‬مول عبدالماهر الجرجانً‪( -:‬وأما الخبر بالنفً‬
‫وأثبات ماهذا إٔ كذا‪ ،‬وإن هو إٔ كذا) فٌكون لّمر ٌنكره المخاطب‬
‫وٌشن فٌه فإذا للت‪( :‬ماهو إٔ مصٌبٌ ‪ ،‬أو ماهو إٔ مخطا) للته لمن ٌدفع‬
‫أن ٌكون اِمر على ما للتهُ‪ ،‬وإذا رأٌت شخصا من بعٌد فملت (ما هو إٔ‬
‫وٌجد فً‬ ‫زٌد) لم تمله إٔ وصاحبن ٌتوهم إنه لٌس بزٌد وإنه إنسان آخر ِ‬
‫اْنكار أن ٌكون كذلن‪ ،)...‬ومن ذلن لوله تعالى‪( -:‬لُ ْل َٔ أَلُو ُل لَ ُك ْم ِع ْندِي‬
‫ْب َو َٔ أَلُو ُل لَ ُك ْم إِ ِنًّ َملَنٌ إِ ْن أَت ِب ُع إِٔ َما ٌُو َحى ِإلًَ‬ ‫خَزَ ابِ ُن للاِ َو َٔ أ َ ْعلَ ُم ْالؽٌَ َ‬
‫ٌر أَفَ َٕ تَتَفَك ُرونَ ) (اِنعام‪ )٘ٓ :‬تجده لد‬ ‫ص ُ‬ ‫لُ ْل ه َْل ٌَ ْست َ ِوي ْاِ َ ْع َمى َو ْالبَ ِ‬
‫لصر أتباز على الوحً ٔ ٌتجاوزه إلى ؼٌره‪ ،‬فهو لصر حمٌمً‪ ،‬ولد‬
‫أُوثِر التعبٌر بالنفً وأستثناء‪ ،‬إذ المخاطبون ٌنكرون ذلن وٌدفعونه فهم‬
‫ٌعتمدون إنهُ شاعر أوساحر ولد جا َء المصر ب(إن‪ ،‬إٔ)‪ ،‬لٌبدد هذا اْنكار‬
‫وٌدفع ذلن الجحود فهذا الطرٌك (النفً وأستثناء) ٌُستخدم عندما ٌنكر‬
‫(ٔ)‬
‫المخاطب وٌجحد الحكم أوعندما ٌنزل تلن المنزلة‪).‬‬
‫والممصورعلٌه هو ماٌلً أداة أستثناء سواء تمدمت به اِداة أو تؤخرت‪،‬‬
‫فالراجح أنه ٔ مانع من هذا التمدٌم لوضوح المراد وزوال اللبس بمعرفة‬
‫موضع الممصورعلٌه ومنه‪ ،‬لول الشاعر‪-:‬‬

‫اؾ المَنَررا َوزَ ُر‬ ‫ُوؾ وأ َ ْ‬


‫طر َرر َ‬ ‫إٔ الس رٌ َ‬ ‫النرراس أ َ ْلرربٌ علٌنررا فٌررنَ لررٌس لنررا‬

‫واِصل فلٌس لنا وزر إٔ السٌوؾ وأطراؾ المنا‪.‬‬


‫الطرٌك الثالث (إنما) ‪ :‬وجمهور البٕؼٌٌن على أنها تفٌد المصر لتضمنها‬
‫معنى "ما‪ ،‬وإٔ"‪.‬‬

‫(ٔ) ٌنظر دٔبل أعجازص ٕٓٓ‬

‫٘‪ٙ‬‬
‫فدٔلة " إنما " على المصر دٔلة وضعٌة وعلى الرؼم من ذلن لم‬
‫ٌفت البٕؼٌون أن ٌتحدثوا عن وجه دٔلتها على المصر‪ ،‬فمد ذكروا أنها‬
‫علَ ٌْ ُك ُم‬
‫تدل على المصر لتضمنها معنى (ما‪ ،‬إٔ) كموله تعالى‪ِ ( :‬إن َما َحر َم َ‬
‫ؼٌ َْر بَاغ َو َٔ‬ ‫طر َ‬ ‫ٌر َو َما أُهِل بِ ِه ِلؽٌَ ِْر للاِ فَ َم ِن ا ْ‬
‫ض ُ‬ ‫ْال َم ٌْتَةَ َوالد َم َولَحْ َم ْال ِخ ْن ِز ِ‬
‫ور َر ِحٌ ٌم) (البمرة‪ )ٔ9ٖ :‬بالنصب‪ ،‬والمعنى‬ ‫ؼف ُ ٌ‬‫علَ ٌْ ِه إِن للاَ َ‬ ‫عاد فَ َٕ إِثْ َم َ‬ ‫َ‬
‫(ما َحر َم هللا علٌكم إٔ المٌتة‪ ،‬فهو لصر طرٌمه إنما‪ ،‬أما فً لصر‬
‫الموصوؾ على الصفة كمولن‪ :‬إنما زٌ ٌد لاب ٌم (فهو ْثبات لٌام (زٌد) ونفً‬
‫ماعداه من المعود ونحوه‪ ،‬وأما فً لصر الصفة على الموصوؾ كمولن‪:‬‬
‫إنما ٌموم زٌ ٌد فهو ْثبات لٌام زٌد ونفً ماسواه من لٌام عمرو وخالد وبكر‬
‫وؼٌرهم‪ ،‬وهذا‬
‫هو المصر الذي ٌدل علٌه النفً وأستثناء‪.‬‬
‫ومن لصر الصفة على الموصوؾ لصرا حمٌمٌا ؼٌر تحمٌمً مبنً‬
‫ان أ َ ْن ٌُولِ َع بَ ٌْنَ ُك ُم ْالعَ َد َاوة َ‬
‫ط ُ‬‫على المبالؽة ‪ ،‬ففً لوله تعالى‪( :‬إِن َما ٌ ُِرٌ ُد الش ٌْ َ‬
‫ع ِن الص َٕةِ فَ َه ْل أ َ ْنت ُ ْم‬ ‫ع ْن ِذ ْك ِر للاِ َو َ‬‫صد ُك ْم َ‬ ‫ضا َء فًِ ْالخ َْم ِر َو ْال َم ٌْ ِس ِر َوٌَ ُ‬
‫َو ْال َب ْؽ َ‬
‫ُم ْنت َ ُهونَ ) (المابدة‪ )7ٔ :‬تجد إرادة الشٌطان لد لصرت ب إنما) على اٌماز‬
‫العداوة والبؽضاء بٌن المسلمٌن فً الخمر والمٌسر وصدهم عن الذكر‬
‫والصٕة‪ ،‬ولما كانت (إنما) تستعمل فً اِمور المعلومة التً ٔ تنكر ؤ‬
‫تدفع فمد أوثرت فً التعبٌر هنا لتُنبا بؤن هذا اِمر من اِمور المعلومة‬
‫التً ٔ ٌنكرها أحد‪ ،‬ؤٌدفعها مدافع‪.‬‬
‫الطرٌك الرابع التمدٌم‪ :‬والتمدٌم الذي ٌفٌد المصر عند البٕؼٌٌن تمدٌم ما حمه‬
‫التؤخٌر كتمدٌم الخبر على المبتدأ‪ ،‬والمعمول على العامل‪ .‬ومن ذلن لول هللا‬
‫ّ‬
‫عز وجل‪( :‬إٌِانَ نَ ْعبُ ُد َوإٌِانَ نَ ْست َ ِع ُ‬
‫ٌن) (الفاتحة‪.)٘ :‬‬
‫إٌانَ ‪ :‬اِولى مفعول به لفعل نَ ْعبُد‪.‬‬
‫وإٌّانَ ‪ :‬الثانٌة مفعول به لفعل نَ ْست َ ِعٌن‪ ،‬واِصل فً المفعول به أن ٌكون‬
‫متؤخرا عن عامله‪ .‬فموله‪( :‬إٌِانَ نَ ْست َ ِعٌن) لصر للعبادة وأستعانة على هللا‬
‫لصر صفة على موصوؾ لصرا حمٌمٌا تحمٌمٌا‪.‬‬

‫‪ٙٙ‬‬
‫لالوا‪ :‬د ّل هذا التمدٌم على تخصٌص هللا ّ‬
‫عز وج ّل بالعبادة وأستعانة‪،‬‬
‫فالمعنى‪ ٔ :‬نَ ْعبُد إٔ إٌّان‪ ،‬ؤ نستعٌن إٔ بن‪.‬‬
‫و طرٌك التمدٌم هو باب واسع من أبواب البٕؼة تكمن ورابه العدٌد من‬
‫المزاٌا واِسرار البٕؼٌة تؤمل لولن‪ :‬ما أنا للت هذا الشعر‪ ،‬فمد د ّل تمدٌم‬
‫المسند إلٌه‪ ،‬وإٌٕإه أداة النفً على المصر‪ ،‬أي نفً الشعر عن المسند إلٌه‬
‫الممدم وإثباته لؽٌره‪.‬‬
‫ومن ذلن لول الشاعر‪:‬‬

‫ولكن لشعري فٌنَ من نف ِس ِه شعر‬ ‫كلّر ِه‬


‫الشعر ِ‬
‫ِ‬ ‫وما أنا وحدي للتُ ذا‬

‫فتمدٌم المسند إلٌه على الخبر الفعلً بعد أداة النفً ٌفٌد –ؼالبا ‪-‬‬
‫أختصاص (‪.)1‬‬

‫(ٔ) انظر دٔبل اْعجاز ‪ٖ٘ٙ‬‬

‫‪ٙ7‬‬
‫تدرٌبات على المصر‬
‫ٔ‪ -‬عرؾ المصر لؽة واصطٕحا‪ ،‬واشرح التعرٌؾ ممثٕ لما تذكر‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬ما نوز المصر فً البٌت التالً‪:‬‬

‫مملمرررل لنبرررات المفررررة النعرررب‬


‫ٔ ٌطررررد الهرررم إٔ الهرررم مرررن‬
‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررل‬
‫ومٌز طرٌمه‪ ،‬ونوعه من حٌث الطرفٌن من‬ ‫رجراستخرج أركان المصر‪،‬‬ ‫ٖ‪-‬‬
‫النصوص التالٌة‪:‬‬
‫ؾ أ َ ْل َوانُهُ َك َذلِنَ ِإن َما ٌَ ْخشَى‬
‫اس َوالد َوابّ ِ َو ْاِ َ ْنعَ ِام ُم ْخت َ ِل ٌ‬
‫لال تعالى‪َ ( :‬ومِنَ الن ِ‬
‫ور) (فاطر‪)ٕ0 :‬‬ ‫ؼف ُ ٌ‬ ‫ٌز َ‬ ‫للاَ ِم ْن ِعبَا ِد ِه ْالعُلَ َما ُء إِن للاَ َ‬
‫ع ِز ٌ‬
‫س ُل أَفَإ ِ ْن َماتَ أ َ ْو لُ ِت َل‬ ‫سو ٌل لَ ْد َخلَ ْ‬
‫ت ِم ْن لَ ْب ِل ِه الر ُ‬ ‫لال تعالى‪َ ( :‬و َما ُم َحم ٌد إِٔ َر ُ‬
‫س ٌَجْ ِزي للاُ‬ ‫شٌْبا َو َ‬ ‫للا َ‬‫ضر َ‬ ‫ع ِمبَ ٌْ ِه فَلَ ْن ٌَ ُ‬
‫ع َلى َ‬ ‫علَى أ َ ْعمَا ِب ُك ْم َو َم ْن ٌَ ْنمَلِبْ َ‬
‫ا ْنمَلَ ْبت ُ ْم َ‬
‫الشا ِك ِرٌنَ ) (آل عمران‪)ٔٗٗ :‬‬
‫إلى هللا أشكو ٔ إلى الناس إننً أرى اِرض تبمى واِخٕء تذهب‬
‫لال تعالى‪ِ ( :‬إن َما ٌَت َ َذك ُر أُولُو ْاِ َ ْل َبا ِ‬
‫ب) (الرعد‪)ٔ7 :‬‬
‫لال تعالى‪َ ( :‬و ِع ْن َدهُ َمفَاتِ ُح ْالؽَ ٌْ ِ‬
‫ب َٔ ٌَ ْعلَ ُم َها إِٔ ُه َو) (اِنعام‪)٘7 :‬‬

‫‪ٙ8‬‬
‫اإلنشاء‬
‫اإلنشاء لغةً‪ :‬هو اإلٌجاد‪.‬‬
‫وفً الصطالح (‪ : )1‬لول ٔ ٌحتمل صدلا ؤ كذبا‪ ،‬كاِمر والنهً‬
‫وأستفهام والتمنً والنداء وؼٌرها‪ ،‬فإنن إذا للت‪( :‬اللّهم ارحمنً) ٔ ٌصح‬
‫أن ٌمال لن‪ :‬صادق أو كاذب‪ ،‬نعم ٌصح ذلن بالنسبة إلى الخبر الضمنً‬
‫المستفاد من الكٕم‪ ،‬وهو أنن طالب للرحمة‪.‬‬
‫وأسالٌب اْنشاء ٌمصد بها إنشاء المعانً وصوؼها ابتداء؛ لٌطلب بها‬
‫مطلوبا معٌنا‪ .‬وهذا ٔ ٌعنً أن أسالٌب اْنشاء لٌس لها نسبة خارجٌة حتى‬
‫ٌنظر فً مطابمتها للنسبة الكٕمٌة‪ ،‬فٌكون المعنى على الصدق أو عدم‬
‫مطابمتهما‪ ،‬فٌكون المعنى على الكذب أو عدم مطابمتها‪ .‬بل لها نسبة‬
‫خارجٌة وهً لٌام المعنى اْنشابً من تمن‪ ،‬أو أمر‪ ،‬أو نهً‪ ،‬أو استفهام‪،‬‬
‫أو نداء فً نفس المتكلم‪.‬‬
‫ولكن لٌس الممصود من الجملة اْنشابٌة اْخبار بمطابمة هذه النسبة بالنسبة‬
‫الكٕمٌة‪ ،‬وإنما الممصود هو إنشاء المعنى وابتداإه‪.‬‬
‫ألسام اإلنشاء‬
‫ٌنمسم اإلنشاء إلى طلبً وغٌر طلبً‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫الطلبً ‪ :‬وهو ما ٌمتضً مطلوبا ؼٌر حاصل‬ ‫أول اإلنشاء‬
‫ولت الطلب كؤسالٌب اِمر والنهً والنداء وأستفهام والتمنً‪.‬‬
‫أما اإلنشاء غٌر الطلبً‪ :‬فهو ما ٔ ٌستدعً مطلوبا‪ ،‬وله صٌػ كثٌرة؛‬
‫منها‪:‬‬

‫(ٔ) ٌنظر من بٕؼة النظم المرآنً د‪ .‬بسٌونً فٌود ص ٖٕٔ‪.‬‬


‫(ٕ) بؽٌة اٌْضاح ٕ‪.9٘ /‬‬

‫‪ٙ9‬‬
‫صنَا َم ُك ْم بَ ْع َد أ َ ْن ت ُ َولوا ُم ْدبِ ِرٌنَ ) (اِنبٌاء‪:‬‬ ‫المسم لوله تعالى‪َ ( :‬وت َاّللِ َِ َ ِكٌ َدن أ َ ْ‬
‫ض فَ َر ْشنَاهَا فَنِ ْع َم ْال َما ِهدُونَ )‬ ‫‪ ،)٘9‬وأفعال المدح والذم كموله تعالى‪َ ( :‬و ْاِ َ ْر َ‬
‫(الذارٌات‪ ،)ٗ0 :‬ولوله ‪-‬عز وجل‪َ ( :‬مث َ ُل الذٌِنَ ُح ِ ّملُوا الت ْو َراة َ ثُم لَ ْم ٌَحْ ِملُوهَا‬
‫ت للاِ َوللاُ َٔ‬ ‫س َمث َ ُل ْالمَ ْو ِم الذٌِنَ َكذبُوا بِآٌََا ِ‬ ‫ار ٌَحْ ِم ُل أ َ ْسفَارا بِبْ َ‬ ‫َك َمث َ ِل ْال ِح َم ِ‬
‫سى‬ ‫ٌَ ْهدِي ْالمَ ْو َم الظا ِل ِمٌنَ ) (الجمعة‪ ،)٘ :‬والترجً كما فً لوله تعالى‪( :‬فَعَ َ‬
‫سروا فًِ أ َ ْنفُ ِس ِه ْم‬ ‫علَى َما أ َ َ‬ ‫ً ِب ْالفَتْحِ أ َ ْو أ َ ْمر ِم ْن ِع ْن ِد ِه فٌَُ ْ‬ ‫ْ‬
‫ص ِب ُحوا َ‬ ‫للاُ أ َ ْن ٌَؤتِ َ‬
‫ار ِه ْم إِ ْن لَ ْم ٌُإْ ِمنُوا‬‫علَى آَث َ ِ‬
‫سنَ َ‬ ‫اخ ٌع نَ ْف َ‬
‫نَاد ِِمٌنَ ) (المابدة‪ ،)ٕ٘ :‬ولوله‪( :‬فَلَعَلنَ بَ ِ‬
‫سفا) (الكهؾ‪.)ٙ :‬‬ ‫ث أَ َ‬ ‫ِب َه َذا ْال َحدٌِ ِ‬
‫ومن ذلن ألفاظ العمود كمولن‪ :‬بعت‪ ،‬واشترٌت‪ ،‬ومنها‪ :‬رب‪ ،‬وكم الخبرٌة؛‬
‫لدٔلتهما على إنشاء التملٌل أو التكثٌر كما فً لول المابل‪ :‬رب أخ لن لم‬
‫ظنونَ أَن ُه ْم ُم َٕلُو للاِ َك ْم ِم ْن فِب َة‬
‫تلده أمن‪ ،‬وكما فً لوله تعالى‪( :‬لَا َل الذٌِنَ ٌَ ُ‬
‫ٌرة بِإ ِ ْذ ِن للاِ َوللاُ َم َع الصا ِب ِرٌنَ ) (البمرة‪.)ٕٗ7 :‬‬ ‫ؼلَ َب ْ‬
‫ت ِفب َة َك ِث َ‬ ‫لَ ِلٌلَة َ‬
‫أول‪ -‬أسلوب األمر‬
‫واِمر هو‪ )1( :‬طلب حصول الفعل على سبٌل التكلٌؾ واْلزام من اِعلى‬
‫إلى اِدنى‬
‫ولّمر صٌػ أربع‪ ،‬وهً‪:‬‬
‫ٔ ‪ -‬فعل اِمر‪ :‬كموله تعالى‪َ ( :‬وأ َ ِعدوا َل ُه ْم َما ا ْست َ َ‬
‫ط ْعت ُ ْم ِم ْن لُوة َو ِم ْن ِر َبا ِط‬
‫عدُو ُك ْم) (اِنفال‪ ،)ٙٓ :‬ولوله ‪-‬عز وجل‪-‬‬ ‫عدُو للاِ َو َ‬‫ْال َخ ٌْ ِل ت ُ ْر ِهبُونَ بِ ِه َ‬
‫ظلَ ُموا إِن ُه ْم ُم ْؽ َرلُونَ )‬
‫َاط ْبنًِ فًِ الذٌِنَ َ‬ ‫صنَعِ ْالفُ ْلنَ بِؤ َ ْعٌُنِنَا َو َوحْ ٌِنَا َو َٔ تُخ ِ‬
‫( َوا ْ‬
‫(هود‪.)ٖ9 :‬‬
‫ٕ ‪ -‬الفعل المضارز الممرون بٕم اِمر‪ :‬كما فً لوله تعالى‪ِ ( :‬لٌُ ْن ِف ْك ذُو‬
‫علَ ٌْ ِه ِر ْزلُهُ فَ ْلٌُ ْن ِف ْك ِمما آَت َاهُ للاُ) (الطٕق‪.)9 :‬‬
‫سعَتِ ِه َو َم ْن لُد َِر َ‬
‫سعَة ِم ْن َ‬
‫َ‬

‫(ٔ) الطراز للعلوى ص ٖٓ٘ ط دار الكتب العلمٌة‪.‬‬

‫ٓ‪7‬‬
‫ٖ ‪ -‬اسم فعل اِمر‪ :‬نحو‪ :‬صه بمعنى‪ :‬اسكت‪ ،‬و َمه بمعنى‪ :‬اكفؾ‪ ،‬وعلٌن‬
‫علَ ٌْ ُك ْم أ َ ْنفُ َ‬
‫س ُك ْم َٔ‬ ‫بمعنى‪ :‬الزم‪ .‬ومنه‪ :‬لوله تعالى‪ٌَ( :‬ا أٌَ َها الذٌِنَ آ َ َمنُوا َ‬
‫ضر ُك ْم َم ْن َ‬
‫ضل ِإ َذا ا ْهت َ َد ٌْت ُ ْم) (المابدة‪.)ٔٓ٘ :‬‬ ‫ٌَ ُ‬
‫ٗ ‪ -‬المصدر النابب عن فعل اِمر‪ :‬كموله تعالى‪َ ( :‬وا ْعبُدُوا للاَ َو َٔ ت ُ ْش ِر ُكوا‬
‫شٌْبا‬
‫بِ ِه َ‬
‫سانا) (النساء‪ )ٖٙ :‬أي‪ :‬وأحسنوا بهما‪ ،‬ولوله‪( :‬فَإِذا لَ ِمٌت ُ ُم‬ ‫َو ِب ْال َوا ِل َدٌ ِْن ِإحْ َ‬
‫الرلَا ِ‬
‫ب) (دمحم‪ )ٗ :‬أي‪ :‬فاضربوا الرلاب‪.‬‬ ‫ب ِّ‬ ‫الذٌِنَ َكفَ ُروا فَ َ‬
‫ض ْر َ‬
‫ومنه لول ابن الفجاءة‪:‬‬

‫فمررررا نٌررررل الخلررررود بمسررررتطاز‬


‫فصررربرا فرررً مجرررال المررروت‬
‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررربرا‬
‫بالموارٌر)‪ ،‬وتمول‪ :‬سعٌا فً الخٌر‪ ،‬وأمرا‬ ‫وكموله ‪-‬علٌه السٕم‪( :-‬رفما‬ ‫صر‬
‫بالمعروؾ‪ ،‬ونهٌا عن المنكر ورمٌا بالرمح‪ ،‬وضربا بالسٌؾ‪ ،‬وحمدا هلل‬
‫وهذه الصٌػ المذكورة مستعملة فً معانٌها الحمٌمٌة‪ ،‬فمد أرٌد بها مطلوب‬
‫ؼٌر حاصل ولت الطلب‪.‬‬
‫ولد تستعمل صٌػ اِمر فً ؼٌر هذا اِصل الذي ُوضعت له فٌتولد منها‬
‫حٌنبذ ما ٌناسب الممام من معان تفهم من سٌاق الكٕم ولرابن اِحوال‪،‬‬
‫فتفٌد اْباحة‪ ،‬أو الدعاء‪ ،‬أو التهدٌد أو التمنً أو الحث واْثارة أو‬
‫أستمرار والدوام على تحمٌك الفعل‪ ،‬إلى ؼٌر ذلن من المعانً التً تفٌدها‬
‫هذه الصٌػ بمعونة السٌاق ولرابن اِحوال‪ .‬ولد اهتم البٕؼٌون بالحدٌث‬
‫عن هذه المعانً وتجلٌتها والكشؾ عن دلابمها‪ ،‬ومزاٌاها فً التعبٌر‪.‬‬
‫األغراض البالغٌة لألمر‬
‫وٌخرج اِمر عن معناه الحمٌمً من الطلب على جهة أستعٕء واْلزام‬
‫إلى معنى بٕؼً آخر ٌفهم من السٌاق وتدل علٌه لرابن اِحوال‪.‬‬

‫ٔ‪7‬‬
‫ومن هذه المعانً البالغٌة‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬الدعاء‪ :‬إذا كان اِمر من اِدنى إلى اِعلى وكان الطلب على سبٌل‬
‫التضرز‬
‫ان أ َ ْن آ َ ِمنُوا بِ َر ِبّ ُك ْم‬ ‫س ِم ْعنَا ُمنَادٌِا ٌُنَادِي ِل ْ ِ‬
‫ٌٓ َم ِ‬ ‫ومن ذلن لوله تعالى‪َ ( :‬ربنَا إِننَا َ‬
‫سٌِّب َاتِنَا َوت ََوفنَا َم َع ْاَِب َْر ِار (ٖ‪َ )ٔ7‬ربنَا‬ ‫ع نا َ‬ ‫فَآ َ َمنا َربنَا فَا ْؼ ِف ْر لَنَا ذُنُوبَنَا َو َك ِفّ ْر َ‬
‫ؾ ْال ِمٌعَا َد‬ ‫سلِنَ َو َٔ ت ُ ْخ ِزنَا ٌَ ْو َم ْال ِمٌَا َم ِة إِننَ َٔ ت ُ ْخ ِل ُ‬ ‫علَى ُر ُ‬ ‫ع ْدتَنَا َ‬ ‫َوآَتِنَا َما َو َ‬
‫(ٗ‪( )ٔ7‬آل عمران‪.)ٔ7ٗ ،ٔ7ٖ :‬‬
‫اء (ٓٗ)‬ ‫ٌم الص َٕةِ َو ِم ْن ذُ ِ ّرٌتًِ َربنَا َوتَمَب ْل ُد َ‬
‫ع ِ‬ ‫ولوله تعالى‪َ ( :‬ربّ ِ اجْ عَ ْلنًِ ُم ِم َ‬
‫َربنَا ا ْؼ ِف ْر‬
‫اب) (إبراهٌم‪ .)ٗٔ ،ٗٓ :‬ولوله‬ ‫س ُ‬ ‫ِلً َو ِل َوا ِل َدي َو ِل ْل ُمإْ ِمنٌِنَ ٌَ ْو َم ٌَمُو ُم ْال ِح َ‬
‫اب ِإنا ُمإْ ِمنُونَ ) (الدخان‪.)ٕٔ :‬‬ ‫عنا ْالعَ َذ َ‬‫ؾ َ‬ ‫تعالى ‪َ ( :‬ربنَا ا ْك ِش ْ‬
‫احكا‬ ‫ض ِ‬‫سلٌ َمانَ علٌه السٕم‪( :‬فَتَبَس َم َ‬ ‫سان ُ‬ ‫عن ِل َ‬ ‫ومنه لوله ‪ -‬ت َ َعالَى ‪َ -‬‬
‫علَى َوا ِل َدي‬ ‫ِم ْن لَ ْو ِل َها َولَا َل َربّ ِ أ َ ْو ِز ْعنًِ أ َ ْن أ َ ْش ُك َر نِ ْع َمتَنَ التًِ أ َ ْن َع ْمتَ َ‬
‫علًَ َو َ‬
‫ضاهُ َوأَد ِْخ ْلنًِ بِ َرحْ َمتِنَ فًِ ِعبَادِنَ الصا ِل ِحٌنَ ) (النمل‬ ‫صا ِلحا ت َْر َ‬ ‫َوأ َ ْن أ َ ْع َم َل َ‬
‫ٌخاطب مال َكه وخالمَه‪ ،‬والمالنُ َٔ ٌؤ ُم ُرهُ أَح ٌد ِمن خَل ِم ِه‪ .‬و ِإنما‬ ‫ُ‬ ‫‪ ،)ٔ7‬فإنه‬
‫ب بِ َها اَِدنَى َمن ُه َو‬ ‫ُخاط ُ‬
‫مر ٌ ِ‬ ‫اِمر الدعا ُء‪ ،‬و َكذلنَ كل صٌؽة لّ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌُرا ُد بِ َه َذا‬
‫أَعلى منه منزلة وشؤنا‪.‬‬
‫وسر التعبٌر بؤسلوب اِمر فً ممام الدعاء فً اٌَات الكرٌمة هو إظهار‬
‫كمال الخضوز هلل ‪ -‬عز وجل ‪ -‬وبٌان شدة الرؼبة فً تحمٌك تلن اِفعال‬
‫حتى كؤنها أمور مطلوبة من هللا ‪ -‬تبارن وتعالى ‪.-‬‬
‫ٕ‪ -‬اإلباحة‪ :‬واِمر ٌؤتً لٓباحة إذا كان المراد إظهار إباحة الشًء ودفع‬
‫الحرج فالممام ممام توهم المخاطب عدم جواز فعل الشًء‪ ،‬فٌكون اِمر‬
‫سا ِب ُك ْم‬ ‫ث ِإلَى ِن َ‬ ‫صٌَ ِام الرفَ ُ‬ ‫لدفع ذلن التوهم مثل لوله تعالى ‪( :‬أ ُ ِحل لَ ُك ْم لَ ٌْلَةَ ال ِ ّ‬
‫علَ ٌْ ُك ْم‬
‫َاب َ‬ ‫ع ِل َم للاُ أَن ُك ْم ُك ْنت ُ ْم ت َْخت َانُونَ أ َ ْنفُ َ‬
‫س ُك ْم فَت َ‬ ‫اس لَ ُك ْم َوأ َ ْنت ُ ْم ِلبَ ٌ‬
‫اس لَ ُهن َ‬ ‫ُهن ِلبَ ٌ‬
‫َب للاُ لَ ُك ْم َو ُكلُوا َوا ْش َربُوا َحتى‬ ‫ع ْن ُك ْم فَ ْاََنَ بَا ِش ُرو ُهن َوا ْبتَؽُوا َما َكت َ‬ ‫عفَا َ‬‫َو َ‬
‫ام ِإلَى‬ ‫ص ٌَ َ‬‫ض ِمنَ ْال َخٌ ِْط ْاَِس َْو ِد ِمنَ ْالفَجْ ِر ثُم أَتِموا ال ِ ّ‬ ‫ط ْاِ َ ْب ٌَ ُ‬ ‫ٌَت َ َبٌنَ لَ ُك ُم ْال َخ ٌْ ُ‬

‫ٕ‪7‬‬
‫اج ِد تِ ْلنَ ُحدُو ُد للاِ َف َٕ ت َ ْم َربُوهَا‬
‫س ِ‬‫عا ِكفُونَ فًِ ْال َم َ‬
‫الل ٌْ ِل َو َٔ تُبَا ِش ُرو ُهن َوأ َ ْنت ُ ْم َ‬
‫اس لَعَل ُه ْم ٌَتمُونَ ) (البمرة‪ )ٔ09 :‬فاِمر هنا لٌس على‬ ‫َك َذلِنَ ٌُبٌَِّ ُن للاُ آٌََاتِ ِه ِللن ِ‬
‫الحمٌمة‪ ،‬وإنما المراد إِباحة اِكل والشرب فً لٌالً رمضان إلى أن ٌطلع‬
‫الفجر‪ ،‬وما أروز هذا التعبٌر حٌث استخدم اِمر مكان اْباحة للحض‪،‬‬
‫والحث على تناول السحور‪ ،‬وبٌان أنه مرؼوب فٌه فجعله كالواجب‪ ،‬واستخدم له‬
‫صٌؽة اِمر‬
‫ومن جمٌل ذلن لول كثٌر عزة‪:‬‬

‫لررررردٌنا ؤ مملٌرررررة إن تملرررررت‬


‫أسررررررٌبً بنررررررا أو أحسررررررنً ٔ‬
‫ملومررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررة‪ ،‬أي‪ :‬أنت لست ملومة ؤ مملٌة‪ :‬أي‪:‬‬
‫الملً‪ٌ :‬عنً البؽض والكراهٌة‬
‫مكروهة‪ .‬فكثٌر ٌبٌح لعزة أن تسًء إلٌه أو تحسن فهو راض فً الحالٌن‬
‫ؼاٌة الرضا‪.‬‬
‫فسر جمال هذا التعبٌر ‪-‬أي‪ :‬التعبٌر بصٌؽة اِمر فً ممام اْباحة فً هذا‬
‫البٌت‪ -‬أنه ٌكشؾ لنا عما أصاب الشاعر من حب‪ ،‬ولد وصل به إلى‬
‫منتهاه‪ ،‬حتى صار ٌطلب منها اْساءة كما ٌطلب منها اْحسان وٌلح فً‬
‫ذلن إلحاحا‪ ،‬وكؤن اْساءة أمر مطلوب مرؼوب‪ .‬فاْنسان ٌصل به الحب‬
‫إلى حد اْفراط ٌصٌر كل فعل ٌصدر عن حبٌبه ٔ ٌراه إٔ َجمأ‪.‬‬
‫وبهذا ٌتضح لن أن استعمال الشاعر لصٌؽة اِمر فً مكان اْباحة ٌكشؾ‬
‫عن مكنون نفسه‪ ،‬وٌبرز ما بداخله بؤخصر طرٌك وأجمله‪.‬‬
‫ووجه حسن هذا اِسلوب ما ذكره الخطٌب المزوٌنً بموله‪ :‬إن وجه حسنه‬
‫إظهار الرضى بولوز الداخل تحت لفظ اِمر كؤنه مطلوب (‪.)1‬‬

‫ٖ – التخٌٌر‪ :‬وٌؤتً اِمر للتخٌٌر إذا كان المخاطب مخٌرا بٌن شٌبٌن أو‬
‫أشٌاء بحٌث ٌختار منها السامع شٌبا وٌترن ما عداه‪ ،‬وٌؤتً فً ممام ٌتوهم‬

‫(ٔ) انظر اٌْضاح ٕ‪.٘٘ /‬‬

‫ٖ‪7‬‬
‫فٌه المخاطب جواز الجمع بٌن شٌبٌن فؤكثر ٔ ٌجمع بٌنهما‪ .‬كما فً لول‬
‫بشار‪:‬‬

‫ممرررارؾ ذنرررب مررررة ومجانبررره‬‫ررل أخرران‬ ‫ص ْ‬ ‫فعررش واحرردا أو ِ‬


‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررره العٌش واحدا منعزٔ‪ ،‬أو صلة اْخوان‬
‫فهو ٌخٌر مخاطبه بٌن أمرٌن‪:‬‬ ‫فإنر‬
‫ومخالطتهم‪ ،‬مع التجاوز عما ٌكون منهم من إساءات؛ فتلن ٔ بد منها على‬
‫حد لول اَخر‪:‬‬

‫علررررررى شررررررعث أي الرجررررررال‬ ‫ولسررت بمسررتبك أخررا ٔ تلمرره‬


‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررذب‬
‫اْباحة إذن فً الفعل وإذن فً‬ ‫هذا‪ ،‬والفرق بٌن اْباحة والتخٌٌر‪ :‬أن المهر‬
‫الترن‪ ،‬فهو إذنان معا‪ .‬أما التخٌٌر‪ :‬فهو إذن فً أحد الشٌبٌن من ؼٌر‬
‫تعٌٌن؛ ولذا فالتخٌٌر ٔ ٌجوز الجمع بٌن الشٌبٌن واْباحة تجوزه‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬التهدٌد‪ :‬وٌؤتً اِمر للتهدٌد وٌكون فً ممام عدم الرضا بالمؤمور به‪،‬‬
‫كما تسمع من الربٌس ٌمول ِحد مرإوسٌه‪ :‬افعل ما بَ َدا لن‪ ،‬أو من السٌد‬
‫ٌمول لعبده‪ :‬دم على عصٌانن فالعصا أمامن‪ ،‬فلٌس المراد من اِمر فً‬
‫الموضعٌن أمتثال واْلزام أي‪ :‬فعل ما أمر به‪ ،‬ولكن المراد هو التهدٌد‬
‫والوعٌد‪.‬‬
‫س ِبٌ ِل ِه لُ ْل ت َ َمتعُوا فَإِن‬
‫ع ْن َ‬ ‫ّلل أ َ ْن َدادا ِلٌ ِ‬
‫ُضلوا َ‬ ‫ومثله لوله تعالى ‪َ ( :‬و َج َعلُوا ِ ِ‬
‫ار) (إبراهٌم‪.)ٖٓ :‬‬ ‫ٌر ُك ْم ِإلَى الن ِ‬
‫ص َ‬‫َم ِ‬
‫فلٌس اِمر مرادا ‪ -‬كما ترى ‪ -‬بل المراد‪ :‬هو الزجر والوعٌد حتى ٌملع‬
‫هإٔء عما هم فٌه من عناد ومكابرة‪ .‬وتدبر ألتفات من الؽٌبة فً لوله‪:‬‬
‫ٌر ُك ْم) فهو‬
‫ص َ‬ ‫( َج َعلُوا)‪ِ ( ،‬لٌ ِ‬
‫ُضلوا) إلى الخطاب فً لوله‪( :‬ت َ َمتعُوا فَإِن َم ِ‬
‫التفات الؽاضب المتوعد‪.‬‬
‫٘ – التعجٌز‪ :‬وٌؤتً اِمر كذلن للتعجٌز والتحدي‪ ،‬وٌكون فً ممام إظهار‬
‫عجز من ٌدعً لدرته على فعل أمر ما ولٌس فً وسعه ذلن‪.‬‬

‫ٗ‪7‬‬
‫ع ْب ِدنَا فَؤْتُوا‬ ‫كما فً لول هللا تعالى‪َ ( :‬و ِإ ْن ُك ْنت ُ ْم فًِ َرٌْب ِمما نَز ْلنَا َ‬
‫ع َلى َ‬
‫صا ِدلٌِنَ ) (البمرة‪:‬‬ ‫ُون للاِ ِإ ْن ُك ْنت ُ ْم َ‬
‫ش َه َدا َء ُك ْم ِم ْن د ِ‬ ‫ورة ِم ْن ِمثْ ِل ِه َوا ْد ُ‬
‫عوا ُ‬ ‫س َ‬‫بِ ُ‬
‫ٖٕ)‬
‫فمما ٔ رٌب فٌه أن اْتٌان بسورة من مثل المرآن فوق ممدورهم فالؽرض‬
‫من صٌؽة اِمر التعجٌز أي إظهار عجزهم عما أ ُ ِمروا به‪.‬‬
‫وسر بٕؼة التعبٌر باِمر فً ممام التعجٌز إبراز لوة التحدي والتسجٌل‬
‫علٌهم؛ ِلٌت ِعظوا وٌملعوا عما هم فٌه من عناد ومكابرة‪.‬‬
‫‪ -ٙ‬اإلهانة والتحمٌر‪ :‬وٌؤتً اِمر لٓهانة والتحمٌر‪ :‬وٌكون فً ممام عدم‬
‫أعتداد بالمخاطب‪ ،‬وللة أكتراث‪ ،‬كما فً لول هللا تعالى‪( :‬ذُ ْق إِننَ أ َ ْنتَ‬
‫ٌز ْال َك ِرٌ ُم) (الدخان‪ .)ٗ7 :‬فالكافر ٔ ٌمكنه الذوق؛ ِنه ٌعانً ؼصص‬ ‫ْال َع ِز ُ‬
‫العذاب وآٔمه ومحنه‪ ،‬وتلن حال ٔ ٌستطٌع فٌها أن ٌذوق إٔ الحمٌم‬
‫والؽسلٌن‪ .‬ؤ ٌخفً علٌن ما وراء أسلوب اِمر من اْهانة والتحمٌر‬
‫والتهكم وأستهزاء بهإٔء الذٌن انحرفوا عن العمل‪ ،‬وحادوا عن المنهج‬
‫الموٌم‪.‬‬
‫ٌز ْال َك ِرٌ ُم) ؤ عزة ؤ كرامة وإنما‬
‫وتنبعث تلن السخرٌة من لوله‪ْ ( :‬العَ ِز ُ‬
‫ذِلة ومهانة‪.‬‬
‫وتؤمل لول الشاعر‪:‬‬

‫أطنٌن أجنحة الذباب ٌضرٌر؟‬ ‫فرررردز الوعٌررررد فمررررا وعٌرررردن‬


‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررابريالحمارة وأستهزاء بهذا الذي ٌتوعد وٌهدد‬
‫فؤمره بترن الوعٌد ٌشعر بمدى‬ ‫ضر‬
‫ولٌس فً إمكانه أن ٌحمك هذا الوعٌد؛ فوعٌده طنٌن كطنٌن أجنحة الذباب‪.‬‬
‫وأنى لمثل هذا الوعٌد أن ٌضٌر‪ ،‬بل كٌؾ ٌتوعد َمن هذا شؤنه ؟!‬
‫ٌمول اْمام عبد الماهر‪ :‬جعله كؤنه لد ظن أن طنٌن أجنحة الذباب بمثابة ما‬
‫ٌضٌر حتى ظن أن وعٌده ٌضٌر (‪.)1‬‬

‫(ٔ) دٔبل اْعجاز ‪.07‬‬

‫٘‪7‬‬
‫ْس َه َذا بِ ْال َح ّ ِ‬
‫ك‬ ‫ار أَلٌَ َ‬
‫علَى الن ِ‬
‫ض الذٌِنَ َكفَ ُروا َ‬ ‫ومنه لوله تعالى ‪َ ( :‬وٌَ ْو َم ٌُ ْع َر ُ‬
‫لَالُوا بَلَى َو َربِّنَا لَا َل فَذُولُوا ْالعَ َذ َ‬
‫اب بِ َما ُك ْنت ُ ْم ت َ ْكفُ ُرونَ ) (اِحماؾ ٖٗ)‪.‬‬
‫ٌمول الشٌخ الدسولً‪" :‬إنه لٌس المراد اِمر بذوله العذاب "‬
‫فاٌَة فٌها لوة تحدي مع إهانة وتهكم وسخرٌة واستهزاء‪.‬‬

‫أسلوب النهً‬
‫وننتمل بعد أسلوب اِمر إلى الحدٌث عن أسلوب النهً‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ :‬هو كل أسلوب ٌُطلب به الكؾ عن الفعل على جهة‬ ‫فؤسلوب النهً‬
‫أستعٕء واْلزام‪ ،‬فٌكون من جهة علٌا ناهٌة إلى جهة دنٌا منهٌة‪ .‬وله‬
‫صٌؽة واحدة وهً المضارز الممرون بٕ الناهٌة‪ .‬كمولن‪ ٔ :‬تصاحب‬
‫اِشرار‪ ٔ ،‬تفعل السوء‪ ٔ ،‬تكؾ عن البذل والعطاء‪ .‬ومنه لوله تعالى‪:‬‬
‫( َو َٔ ت َ ْمتُلُوا أ َ ْو َٔ َد ُك ْم َخ ْشٌَةَ إِ ْم َٕق نَحْ ُن ن َْر ُزلُ ُه ْم َوإٌِا ُك ْم إِن لَتْلَ ُه ْم َكانَ ِخ ْ‬
‫طبا‬
‫َك ِبٌرا) (اْسراء‪.)ٖٔ :‬‬
‫والذي تهتم به الدراسات البٕؼٌة لٌس هو طلب الكؾ عن الفعل‪ ،‬وهو‬
‫المعنى اِصلً لتلن الصٌؽة‪ ،‬وإنما تهتم بما وراء ذلن من معان بٕؼٌة‪،‬‬
‫ٌفٌدها أسلوب النهً ومنها‪.‬‬
‫ٔ‪ -‬الدعاء‪ :‬وذلن حٌنما ٌكون النهً من اِدنى إلى اِعلى ومنه لوله‬
‫غ لُلُوبَنَا َب ْع َد ِإ ْذ َه َد ٌْتَنَا َوهَبْ لَنَا ِم ْن لَ ُد ْننَ َرحْ َمة إِننَ أ َ ْنتَ‬‫تعالى ‪َ ( :‬ربنَا َٔ ت ُ ِز ْ‬
‫سلِنَ َو َٔ‬ ‫علَى ُر ُ‬ ‫ع ْدتَنَا َ‬ ‫اب) (آل عمران‪ )0 :‬ولوله‪َ ( :‬ربنَا َوآَتِنَا َما َو َ‬ ‫ْال َوه ُ‬
‫ؾ ْال ِمٌعَا َد) (آل عمران‪.)ٔ7ٗ :‬‬ ‫ت ُ ْخ ِزنَا ٌَ ْو َم ْال ِمٌَا َم ِة إِننَ َٔ ت ُ ْخ ِل ُ‬
‫فالنهً فً اٌَات لٌس نهٌا حمٌمٌا؛ ِنه من العبد الذلٌل إلى الذات‬
‫العلٌة‪ .‬فمعناه الدعاء والتضرز إلٌه تعالى‪.‬‬
‫والسر البٕؼً وراء استخدام النهً فً ممام الدعاء؛ ْظهار كمال‬
‫الضراعة‪ ،‬وؼاٌة الذل هلل تعالى‪ ،‬كما أن فٌه بٌان الرؼبة الجادة للعبد فً‬

‫(ٔ) معترن اِلران للسٌوطً ص ٖٗٗ المسم اِول ط دار الفكر العربً‪.‬‬

‫‪7ٙ‬‬
‫الؽفران‪ ،‬فهً تعبٌر صادق‪ ،‬وتصوٌر حً لكمال اٌْمان والرؼبة فً‬
‫الؽفران‪ ،‬والخوؾ من النٌران‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬ألتماس‪ - ،‬وٌؤتً النهً ْرادة معنى ألتماس‪ :‬وذلن إذا كان النهً‬
‫من المساوي والند بدون استعٕء ؤ خضوز ؤ تذلل‪ .‬كمولن لنظٌرن‪ٔ :‬‬
‫تفعل هذا‪ .‬ومنه‪ :‬لول هللا تعالى على لسان هارون ٌخاطب أخاه موسى ‪-‬‬
‫علٌهما السٕم‪( :-‬لَا َل ٌَا ابْنَ أُم َٔ ت َؤ ْ ُخ ْذ بِلِحْ ٌَتًِ َو َٔ بِ َرأْ ِسً إِ ِنًّ َخ ِشٌتُ أ َ ْن‬
‫تَمُو َل فَر ْلتَ بٌَْنَ َبنًِ ِإس َْرابٌِ َل َولَ ْم ت َْرلُبْ لَ ْو ِلً) (طه‪ .)7ٗ :‬فالنهً فً لوله‪:‬‬
‫( َٔ ت َؤ ْ ُخ ْذ) المراد به‪ :‬ألتماس؛ ِنه لٌس فٌه استعٕء وإلزام‪ ،‬ؤ تذلل‬
‫وخضوز‪ ،‬حٌث وجه من هارون إلى موسى وهما متساوٌان فً الرتب ِة‬
‫والمنزل ِة‪ ،‬فهو ٌلتمس منه بهذا النهً عدم إنزال العموبة به؛ فمد خشً إن‬
‫خرج علٌهم أن ٌتفرلوا وفً إٌثار التعبٌر بنسبته إلى اِم‪ٌَ( :‬ا ابْنَ أُم) على‬
‫الرؼم من كونه أخٌه ِبٌه وأمه استعطاؾ لموسى وترلٌك لملبه‪.‬‬
‫ومن ذلن لول المتنبً فً سٌؾ الدولة‪:‬‬

‫شررجاز متررى ٌررذكر لرره الطعررن‬ ‫فررررٕ تبلؽرررراه مررررا ألررررول فإنرررره‬
‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررتمً‬
‫سٌؾ الدولة ما ٌمول فً وصؾ‬ ‫فهو ٌلتمس من صاحبٌه أن ٌكت َما عن ٌشر‬
‫شجاعته وحسن بٕبه فً الحروب‪ .‬ولد عبر بؤسلوب النهً فً هذا الممام‪،‬‬
‫ممام ألتماس؛ إظهارا لشدة حرصه على كتمان هذا اِمر عن سٌؾ‬
‫الدولة‪ ،‬ففً ذلن ما فٌه من تهوٌل وتفخٌم لشجاعته ولوة فتكه بؤعدابه‪.‬‬
‫ٖ – التمنً إذا كان النهً لؽٌر العالل وكان المصد منه التمنً‪ ،‬وٌتخذ هذا‬
‫اِسلوب وسٌلة إلى طلب أمر محبوب‪.‬‬
‫ومن ذلن لول الشاعر‪:‬‬

‫ٌررررررا صرررررربح لررررررؾ ٔ تطلررررررع‬ ‫ٌررررا لٌررررل ُ‬


‫طررررل ٌررررا نرررروم زل‬
‫وهو ٌتمنى أن ٌمتد اللٌل وٌطول وأٔ ٌطلع النهار؛ وذلن حتى ٌطول‬
‫اجتماعه بحبٌبته والتحدث إلٌها‪ ،‬ومراده بالنهً فً (ٔ تطلع) التمنً‪.‬‬
‫ومن ذلن لول الخنساء ‪:-‬‬

‫‪77‬‬
‫أٔ تبكٌررررران لصرررررخر النررررردى‬ ‫أعٌنررررررً جررررررودا ؤ تجمرررررردا‬
‫َ‬
‫تبخٕ به؛ فإنهما‬ ‫فهً تحث عٌنٌها على البكاء‪ ،‬وأن تجو َدا بالدمع وأٔ‬
‫تبكٌان صخر الندى‪ .‬فالتعبٌر باِمر والنهً فً هذا الممام ٌظهر شدة‬
‫حزنها‪ ،‬ورؼبتها الموٌة فً أن ٌتحمك ما ترٌده‪ ،‬وتفٌض عٌناها بالبكاء؛‬
‫وفاء لحك هذا الممام‪.‬‬
‫فهً تتمنى فً لولها‪( :‬ؤ تجمدا) أٔ تجمد عٌناها عن الدموز لٌطول‬
‫بكاإها على أخٌها صخر‪.‬‬
‫أسلوب الستفهام‬
‫الستفهام‪ :‬هو طلب العلم بالشًء لم ٌكن معلوما من لبل بؤدوات خاصة‪،‬‬
‫فمن المعلوم أن الهمزة والسٌن والتاء إذا زٌدت فً الفعل الثٕثً أفادت‬
‫معنى الطلب؛ ٌمال‪ :‬استزاد أي طلب الزٌادة‪ ،‬واستؽفر أي طلب المؽفرة‪،‬‬
‫واستفهم أي طلب الفهم؛ فأستفهام ٌعنً‪ :‬طلب الفهم؛ ولذا لالوا فً تعرٌفه‪:‬‬
‫الستفهام‪ :‬هو طلب العلم بشًء لم ٌكن معلوما من لبل بؤدوات خاصة‪،‬‬
‫وهذه اِدوات هً‪ :‬الهمزة وهل و َمن وما وكٌؾ وكم وأٌن وأٌان ومتى‬
‫وأنى وأي‪.‬‬
‫ولد عرفت أن الجملة الخبرٌة التً تدخل علٌها هذه اِدوات تتكون‬
‫من أجزاء هً المسند والمسند إلٌه وأحد المتعلمات‪ ،‬وبضم هذه اِجزاء‪،‬‬
‫وإسناد بعضها إلى بعض تتكون الجملة التً تفٌد حكما معٌنا بهذا الضم أو‬
‫بذان اْسناد‪.‬‬
‫وعندما تدخل هذه اِدوات على الجملة الخبرٌة ٌكون أستفهام بها عن أحد‬
‫أمرٌن؛ إما عن النسبة أي اْسناد أو الحكم المفاد من الجملة‪ ،‬وٌُسمى‬
‫تصدٌما‪ ،‬وإما عن أحد أجزاء الجملة وٌسمى تصورا‪.‬‬
‫فالتصدٌك هو‪ :‬إدران النسبة بٌن الشٌبٌن ثبوتا أو نفٌا‪،‬‬
‫والتصور هو‪ :‬إدران أحد أجزاء الجملة المسند أو المسند إلٌه أو أحد‬
‫المتعلمات‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫وأدوات الستفهام بحسب المستفهم عنه ثالثة أنواع‪:‬‬
‫ٔ ‪ -‬ما ٌطلب به التصور تارة والتصدٌك تارة أخرى‪ ،‬وهو الهمزة وحدها‪.‬‬
‫ٕ ‪ -‬ما ٌطلب به التصدٌك فمط وهو هل‪.‬‬
‫ٖ ‪ -‬ما ٌطلب به التصور فمط وهو بمٌة اِدوات‪.‬‬

‫المعان البالغٌة لالستفهام‬


‫ومن المعانً التً ٌفٌدها أستفهام‪:‬‬
‫ٔ ‪ -‬التحسر والتألم‪ ،‬وذلن فً ممام ٌظهر فٌه المستفهم حزنه وتؤلمه‬
‫وتحسره على ما فاته‪ ،‬تؤمل لول حافظ إبراهٌم فً وصؾ حرٌك‪:‬‬

‫كٌؾ باتت نساإهم والعرذارى‬ ‫سرررابلوا اللٌرررل عرررنهم والنهرررار‬


‫وٌتحسر وٌتفجع لهإٔء المنكوبٌن‪ ،‬الذٌن ساءت أحوالهم وأتى الحرٌك على‬
‫ما ٌملكون من متاز ومؤوى‪ ،‬فباتوا هم وأهلهم فً العراء‪ ،‬ولد لجؤ الشاعر‬
‫إلى أسلوب أستفهام لٌُلهب الناس وٌثٌر حمٌتهم لمساعدة المصاب لتبدٌد ما‬
‫أل ّم به‬
‫ومنه لول الشاعر‪:‬‬

‫كانت خٕصة عدتً وعتادي‬ ‫ٌررا دهررر فٌمررا فجعتنررً بحلٌلررة‬


‫وكمول شولً فً ضحاٌا دنشواي‪:‬‬

‫وبررررؤي حررررال أصرررربح اٌِتررررام‬


‫كٌرررررؾ اِرامرررررل فٌرررررن بعرررررد‬
‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررا‬
‫البٌتٌن التحسر‪ ،‬والتفجع‪ ،‬ولٌس على حمٌمة‬ ‫فالؽرض من أستفهام فً‬ ‫رجالهر‬
‫اِمر ووالع الحال‪ ،‬ولد لجؤ الشاعر إلى أسلوب أستفهام لٌلهب مشاعر‬
‫المتلمً وٌثٌر حمٌته تجاه ما ألم به وأصابه‪.‬‬
‫وز َو َه َذا َب ْع ِلً‬ ‫ت ٌَا َو ٌْلَت َى أَأ َ ِل ُد َوأَنَا َ‬
‫ع ُج ٌ‬ ‫ٕ‪-‬التعجب ومثل ذلن لوله تعالى‪( :‬لَالَ ْ‬
‫ع ِجٌبٌ ) (هود‪ )9ٕ :‬تعجبت امرأته من بشارة المٕبكة‬ ‫شٌْخا إِن َه َذا لَش ْ‬
‫ًَ ٌء َ‬ ‫َ‬

‫‪79‬‬
‫ْبراهٌم ‪-‬علٌه السٕم‪ -‬بإسحاق ومن وراء إسحاق ٌعموب‪ ،‬كٌؾ تلد وهً‬
‫عجوز ولد عاشت حٌاتها عمٌما وهذا بعلها لد صار شٌخا!! إنه ِمر‬
‫عجٌب‪ ،‬ولذلن تساءلت المٕبكة متعجبة من تعجبها‪( :‬لَالُوا أَت َ ْع َجبٌِنَ ِم ْن أ َ ْم ِر‬
‫ت إِنهُ َح ِمٌ ٌد َم ِجٌ ٌد) (هود‪.)9ٖ :‬‬ ‫علَ ٌْ ُك ْم أ َ ْه َل ْالبَ ٌْ ِ‬
‫للاِ َرحْ َمةُ للاِ َوبَ َر َكاتُهُ َ‬
‫ً َٔ أ َ َرى ْال ُه ْد ُه َد أ َ ْم َكانَ ِمنَ‬
‫ومن ذلن لوله تعالى‪َ ( :‬وتَفَم َد الطٌ َْر فَمَا َل َما ِل َ‬
‫ْالؽَابِبٌِنَ ) (النمل‪ )ٕٓ :‬فٕ ٌخفً أنه ٔ ٌعنً أستفهام على الحمٌمة إذ ٔ‬
‫معنى ٔستفهام العالل عن حال نفسه‪ ،‬فهو أعلم بها من ؼٌره‪ ،‬لذا فهو محمول على‬
‫ؼٌر حمٌمته‪ ،‬ولد أ ُرٌد به هنا معنى التعجب من عدم رإٌة الهدهد بدلٌل أنه ما كان‬
‫ٌؽٌب عن سلٌمان إٔ بإذنه فلما لم ٌره فً مكانه تعجب من حال نفسه‪ ،‬وكٌؾ أنه لم‬
‫ٌره‪.‬‬
‫ومنه لول المتنبً فً وصؾ الحمى‪:‬‬

‫فكٌرررررؾ وصرررررلت أنرررررت مرررررن‬ ‫أبنررت الرردهر عنرردي كررل بنررت‬


‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررام‬
‫على الرؼم من تزاحم الشدابد‬ ‫فهو ٌتعجب من الحمى‪ ،‬كٌؾ وصلت إلٌهالزحر‬
‫حوله وتكالبها علٌه‪.‬‬
‫ٖ ‪ -‬ولد ٌأتً وٌراد به التنبٌه إلى ضالل كما فً لوله تعالى‪َ ( :‬و َما ُه َو‬
‫طان َر ِجٌم (ٕ٘) فَؤٌَْنَ ت َ ْذ َهبُونَ ) (التكوٌر‪.)ٕٙ ،ٕ٘ :‬‬
‫ش ٌْ َ‬
‫ِبمَ ْو ِل َ‬
‫فهو تنبٌه للكفرة إلى خطؤ ما ٌمولون وضٕل ما ٌعتمدون وباطل ما‬
‫ٌعبدون من دون هللا‪ ،‬وٌتضح لن هذا التنبٌه عندما تتؤمل سٌاق اٌَات‬
‫س‬‫ع ْسعَ َ‬ ‫الكرٌمة‪( :‬فَ َٕ أ ُ ْل ِس ُم بِ ْال ُخن ِس (٘ٔ) ْال َج َو ِار ْال ُكن ِس (‪َ )ٔٙ‬والل ٌْ ِل إِ َذا َ‬
‫سول َك ِرٌم (‪ )ٔ7‬ذِي لُوة ِع ْن َد ذِي‬ ‫س (‪ِ )ٔ0‬إنهُ لَمَ ْو ُل َر ُ‬‫(‪َ )ٔ9‬والصبْحِ ِإ َذا تَنَف َ‬
‫طاز ثَم أ َ ِمٌن) (التكوٌر‪ )ٕٔ -ٔ٘ :‬إلى آخر اٌَات‪.‬‬ ‫ْال َع ْر ِش َم ِكٌن (ٕٓ) ُم َ‬
‫إذ المعنى‪ :‬فؤي طرٌك تسلكون فً تكذٌبكم للمرآن واتهامكم له بالسحر‬
‫والكهانة والشعر مع وضوح آٌاته وسطوز براهٌنه‪.‬‬
‫ٗ – الستبطاء‪ :‬وذلن فً ممام ٌمصد فٌه إظهار السآمة والملل مع تولع‬
‫حصول المطلوب كموله تعالى ‪( :‬أ َ ْم َح ِس ْبت ُ ْم أ َ ْن ت َ ْد ُخلُوا ْال َجنةَ َولَما ٌَؤْتِ ُك ْم َمث َ ُل‬

‫ٓ‪8‬‬
‫الذٌِنَ َخلَ ْوا ِم ْن َل ْب ِل ُك ْم َمستْ ُه ُم ْالبَؤ ْ َ‬
‫سا ُء َوالضرا ُء َو ُز ْل ِزلُوا َحتى ٌَمُو َل الر ُ‬
‫سو ُل‬
‫ص َر للاِ لَ ِرٌبٌ ) (البمرة‪.)ٕٔٗ :‬‬ ‫ص ُر للاِ أ َ َٔ إِن نَ ْ‬ ‫َوالذٌِنَ آ َ َمنُوا َمعَهُ َمت َى نَ ْ‬
‫والخطاب للصحابة رضوان هللا علٌهم والمعنى‪ :‬أحسبتم أن تدخلوا الجنة‬
‫بٕ ابتٕء وتمحٌص‪ ،‬ولد جرت سنة هللا تعالى أن ٌبتلً عباده فمد ابتلى‬
‫اِمم لبلكم ابتٕء شدٌدا‪ ،‬ومستهم البؤساء والضراء‪ ،‬حتى لال الرسول وهو‬
‫أعلم الناس باهلل وأوثمهم به وبنصره‪ ،‬ولال الذٌن آمنوا معه من شدة ما أحل‬
‫بهم‪ :‬متى نصر هللا؟ فمداستطالوا مدة العذاب واستبطؤوا مجًء النصر‪.‬‬
‫وسر التعبٌر بؤسلوب أستفهام فً ممام اْستبطاء هو‪ :‬إظهار مدى المعاناة‬
‫من طول أنتظار‪ ،‬وجذب انتباه السامع ودعوته للمشاركة والنظر فٌما نزل‬
‫وحل بهم‪ ،‬ؤ ٌخفً ما للسٌاق فً اٌَة الكرٌمة من إبراز وتصوٌر لحال‬
‫هإٔء المابلٌن‪ ،‬وما حل بهم من ابتٕء وشدة جعلتهم ٌتطلعون إلى فرج هللا‬
‫ونصره الذي طال انتظارهم له‪.‬‬
‫٘‪ٌ -‬أتً الستفهام أٌضًا وٌراد به التمرٌر‪ ،‬بمعنى طلب اْلرار وٌكون إذا‬
‫أراد المتكلم حمل المخاطب على اْعتراؾ بمضمون الكٕم‪ ،‬أو بمعنى‬
‫التحمٌك واْثبات‪ ،‬وٌشترط فً الهمزة أن ٌلٌها الممر به وذلن إذا أردت أن‬
‫تحمل المخاطب على اْلرار بفعله‪.‬‬
‫فمن األول لوله تعالى‪( :‬لَالُوا أَأ َ ْنتَ فَ َع ْلتَ َه َذا بِآ َ ِل َهتِنَا ٌَا ِإب َْراهٌِ ُم)‬
‫(إبراهٌم‪ )ٕٙ :‬فلٌس مراد الكفار‪ :‬حمله على اْلرار بالفعل أي بؤن كسر‬
‫اِصنام لد كان‪ ،‬بل كان مرادهم حمله على اْلرار بؤن الكسر كان منه ٔ‬
‫من ؼٌره‪.‬‬
‫ومنه لول جرٌر ٌمدح بنً أمٌة‪:‬‬

‫وأنررردى العرررالمٌن بطرررون راح‬ ‫ألستم خٌر من ركرب المطاٌرا‬


‫فأستفهام لٌس على حمٌمته ففضل بنً أمٌة وكرمهم واضح معلوم‬
‫ٌٔجهله أحد‪ ،‬ؤ ٌنكره مستفهم‪ ،‬وإنما المراد مدح بنً أمٌة‪.‬‬
‫ضأ فَ َه َدى‬ ‫ومن الثانً لوله تعالى‪( :‬أَلَ ْم ٌَ ِج ْدنَ ٌَتٌِما فَآ َ َوى (‪َ )ٙ‬و َو َجدَنَ َ‬
‫ع ْننَ‬
‫ض ْعنَا َ‬ ‫(‪( )9‬الضحى‪ )9 ،ٙ :‬ولوله‪( :‬أَلَ ْم نَ ْش َرحْ لَنَ َ‬
‫صد َْرنَ (ٔ) َو َو َ‬
‫ٔ‪8‬‬
‫ب ْال ِفٌ ِل‬
‫ص َحا ِ‬ ‫ْؾ فَ َع َل َربنَ بِؤ َ ْ‬
‫ِو ْز َرنَ ) (الشرح‪ .)ٕ ،ٔ :‬ولوله‪( :‬أَلَ ْم ت ََر َكٌ َ‬
‫علَى‬ ‫ض ِلٌل (ٕ) (الفٌل‪ )ٕ ،ٔ :‬ولوله‪( :‬ه َْل أَت َى َ‬ ‫(ٔ) أَلَ ْم ٌَجْ عَ ْل َك ٌْ َد ُه ْم فًِ ت َ ْ‬
‫شٌْبا َم ْذ ُكورا) (اْنسان‪ )ٔ :‬فالمراد‬ ‫ٌن ِمنَ الد ْه ِر لَ ْم ٌَ ُك ْن َ‬ ‫ان ِح ٌ‬ ‫س ِ‬ ‫ِْ‬
‫اْ ْن َ‬
‫بأستفهام فً اٌَات التمرٌر؛ بمعنى التحمٌك واْثبات‪ ،‬ومجًء التحمٌك‬
‫فً صورة أستفهام فٌه تنبٌه للمخاطب وحث له على تدبر اِمر وتؤمله‪.‬‬
‫٘‪ -‬وٌؤتً أستفهام وٌراد به معنى اْنكار‪ ،‬وٌشترط فٌه أن ٌلً المنكر‬
‫الهمزة‪.‬‬
‫واْنكار ٌكون إما للتوبٌخ‪ ،‬بمعنى‪ :‬ما كان ٌنبؽً أن ٌكون نحو‪" :‬أعصٌتَ‬
‫ربن؟ " أو بمعنى‪ٌ ٔ :‬نبؽً أن ٌكون كمولن للرجل ٌضٌع الحك‪" :‬أتنسى‬
‫طر‪ :‬أتخرج فً هذا‬‫لدٌم إحسان فٕن؟ " وكمولن هذا للرجل ٌركب ال َخ َ‬
‫الولت؟ أتذهب فً ؼٌر الطرٌك؟ والؽرض بذلن تنبٌه السامع حتى ٌرجع‬
‫إلى نفسه فٌخجل أو ٌرتدز عن فعل ما ه ّم به‪.‬‬
‫صفَا ُك ْم َرب ُك ْم بِ ْالبَنٌِنَ َوات َخذَ‬ ‫وإما للتكذٌب بمعنى‪" :‬لم ٌكن" كموله تعالى‪( :‬أَفَؤ َ ْ‬
‫علَى ْالبَنٌِنَ )‬ ‫ت َ‬ ‫طفى ْالبَنَا ِ‬ ‫ص َ‬‫ِمنَ ْال َم َٕبِ َك ِة إِنَاثا) (اْسراء‪ )ٗٓ :‬ولوله‪( :‬أ َ ْ‬
‫(الصافات‪ ،)ٖٔ٘ :‬أو بمعنى‪ٌ ٔ :‬كون؛ نحو‪( :‬أَنُ ْل ِز ُم ُك ُموهَا َوأ َ ْنت ُ ْم لَ َها‬
‫ار ُهونَ ) (هود‪ ،)ٕ0 :‬وعلٌه لول امرئ المٌس "من الطوٌل"‪:‬‬ ‫َك ِ‬

‫ومسرررررررررنونة زرق كؤنٌررررررررراب‬ ‫أٌمتلنً والمشررفً مضراجعً‬


‫أؼرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررروال؟‬
‫فٌمن روى "أٌمتلنً؟ بأستفهام‪ .‬ولول اَخر "من الطوٌل"‪:‬‬

‫زٌارتررررررره؟ إنرررررررً إذن للبرررررررٌم‬ ‫أأترررن أن للّررت دراهررم خالررد‬


‫واْنكار كالتمرٌر ٌشترط "فٌه" أن ٌلً المنكر الهمزة‪ ،‬كموله تعالى‪( :‬أ َ َ‬
‫ؼٌ َْر‬
‫(‪)1‬‬
‫للاِ ت َ ْدعُونَ ) (اِنعام‪.)ٗٓ :‬‬

‫(ٔ) ٌنظر بؽٌة اٌْضاح ٕ ‪ ٗٓ /‬بتصرؾ‬

‫ٕ‪8‬‬
‫تطبٌمات على أسلوب الستفهام‬
‫ما أستفهام؟ ما هً أدواته ؟‬
‫ما المعانً التً تخرج الٌها أدوات أستفهام عن معانٌها اِصلٌة‪.‬؟‬
‫ماذا ٌراد بأستفهام فٌما ٌلً ؟‬

‫وأنرر َدى العررالمٌنَ بُطررون راح‬ ‫(ٔ) ألسرررررتُم خٌرررررر َمن َركرررررب‬
‫ررررب والمررررروتُ ٔ ٌل َعر ُ‬
‫ررررب‬ ‫ونلعر ُ‬ ‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررا‬
‫ررررذهب‬
‫ُ‬ ‫المطاٌأنرلُهرررررو وأٌّامنرررررا تر‬ ‫(ٕ)‬
‫وؼٌررن‬‫ُ‬ ‫تما َمه إذا كنرت تبنٌره‬ ‫(ٖ) مترررى ٌبلرررػ البنٌررران ٌومرررا‬
‫ركم‬
‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررد ُ ُ‬
‫ررؾ الخٕبر‬ ‫ٌهر‬
‫ِمررن بعررد مررا عر َ‬ ‫رررردو‬
‫(ٗ) فعرررررٕم ٌلرررررتمس العر ّ‬
‫شررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررانً‬ ‫مسررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررراءتً‬
‫اْجابة‪:‬‬
‫(ٔ) التمرٌر‪ٔ :‬ن الممام للمدح‪ ،‬وذلن ابلػ فٌه‪ ،‬ولو أن جرٌرا لال فً مدحه‬
‫وأنتم خٌر من ركب المطاٌا» لكان لوله (خبرا) ٌحتمل الصدق والكذب‪،‬‬
‫ولكنه إذ وضعه فً صورة أستفهام لم ٌجعله خبرا ٌشن فٌه‪ ،‬بل جعله‬
‫حمٌمة ٔ ٌجهلها أحد ؤ ٌنكرها إذا سبل عنها‪.‬‬
‫(ٕ) النهً عن اللعب ‪ -‬وٌصح أن ٌكون للتهكم‪.‬‬
‫(ٖ) أنكار ‪ -‬وبٌان أن ذلن لن ٌكون‪.‬‬
‫(ٗ) التعجب من عمل ٔ ٌجدٌه نفعا‪.‬‬
‫***‬

‫ٖ‪8‬‬
‫أسلوب ال ِنّداء‬
‫طلب المت َكلم إلبال المخاطب علٌه بحرؾ نابب مناب «أنادي» أو‬ ‫ُ‬ ‫‪ -‬هو‬
‫ي‪ ،‬وٌا‪،‬‬
‫"أدعو" المنمول من الخبر إلى اْنشاء ‪ -‬وأدواته ثمان الهمزة‪ ،‬وأ ّ‬
‫وآي‪ ،‬وأٌَا َوهٌا‪ ،‬ووا‪.‬‬
‫وهً فً كٌفٌة الستعمال نوعان‪:‬‬
‫ي‪ :‬لنداء المرٌب‬
‫(ٔ) الهمزة وأ ّ‬
‫(ٕ) وبالً اِدوات لنداء البعٌد‪.‬‬
‫ولد ٌُنز ُل البعٌد منزلة المرٌب ‪ -‬فٌنادي بالهمزة وأ ّ‬
‫ي‪ ،‬إشارة إلى أنه‬
‫لشدة استحضاره فً ذهن المتكلّم صار كالحاضر معه‪ٌ ٔ ،‬ؽٌب عن الملب‪،‬‬
‫وكؤنه ماث ٌل َ‬
‫أمام العٌن ‪ -‬كمول الشاعر‪:‬‬

‫سر ُ‬
‫رركان‬ ‫بررؤن ُكم فررً ربررع للبررً ُ‬ ‫اِران تٌمنرروا‬
‫ِ‬ ‫نعمرران‬
‫ِ‬ ‫سرركانَ‬
‫أ ُ‬
‫ولد ٌُنزل المرٌب منزلة البعٌد ‪ -‬فٌنا َدى بؽٌر «الهمزة‪ ،‬وأي»‬
‫ِؼراض بٕؼٌة‪:‬‬
‫علُ ّو مرتبته‪ ،‬فٌجع ُل بع ُد المنزلة كؤنه بُعد فً المكان كموله‬
‫«أ» إشارة إلى ُ‬
‫«أٌا مؤي» وأنت معه للدٔل ِة على أن ال ُمنادي عظٌ ُم المدر‪ ،‬رفٌ ُع الشؤن‪.‬‬
‫«ب» أو إشارة إلى انحطاط منزلته ودرجته ‪ -‬كمولن «أٌا هذا» لمن هو‬
‫معن‪.‬‬
‫«ج» أو إشارة إلى أنّ السام َع لغفلته وشُرود ذهنه كؤنّه ؼٌر حاضر‬
‫ُ‬
‫فٕن‬ ‫كمولن للساهً ‪ -‬أٌا‬
‫‪ -‬وكمول البارودي‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫َمهٕ‪ ،‬فإِنن باٌِّام ُمنخَردز‬ ‫ٌؤٌهررررا السررررادر المررررزور مررررن‬
‫صررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررلؾ‬
‫(ٔ) السادر الذاهب عن الشًء ترفعا عنه‪ ،‬والذي ٔ ٌبالً ؤ ٌهرتم بمرا صرنع‪ .‬المرزور‪:‬‬
‫المنحرؾ‪ ،‬والصلؾ الكبر‪.‬‬

‫ٗ‪8‬‬
‫ٌمول هون علٌن أٌها الصلؾ المزهو بنفسه‪ ،‬ؤ ٌؽررن أمرن فإن‬
‫الزمن أكبر منن‪ ،‬والشاهد فٌه‪ :‬استعمال "ٌا" الموضوعة لنداء البعٌد فً‬
‫المنادى المرٌب؛ لٓشارة إلى ما اعتبر فً المنادى من وصؾ الؽفلة‬
‫والذهول لما عراه من نشوة كبرٌابه‪.‬‬
‫عظم األمر المدعو له وعلو شأنه‪ ،‬حتى كؤن المنادى‬ ‫"د" التنبٌه إلى‬
‫عنه مع شدة حرصه على أمتثال "مثل لوله تعالى‪ٌَ( :‬ا‬ ‫ممصر فٌه ؼافل‬
‫َما أ ُ ْن ِز َل ِإلٌَْنَ ِم ْن َر ِبّنَ َو ِإ ْن لَ ْم ت َ ْف َع ْل فَ َما َبل ْؽتَ ِر َ‬
‫سالَتَهُ)‬ ‫سو ُل َب ِلّ ْػ‬
‫أٌَ َها الر ُ‬
‫(المابدة‪.)ٙ9 :‬‬

‫األغراض البالغٌة للنداء‪:‬‬


‫ٔ‪ -‬التحسر والتوجع‪ ،‬كمول حافظ فً الرثاء‪:‬‬

‫فؤصرررربحت حلٌرررررة فرررررً تررررراج‬ ‫ٌا درة نزعت من تاج والدها‬


‫رضررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررروان‬ ‫ولول من رثى معن بن زابدة‪:‬‬

‫ولرررد كررران منررره البرررر والبحرررر‬ ‫فٌررا لبررر معررن كٌررؾ وارٌررت‬
‫مترعررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررراُ‬
‫ت ٌَ َداه‬ ‫ظ ُر ْال َم ْر ُء َما لَد َم ْ‬ ‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررروده َذابا لَ ِرٌبا ٌَ ْو َم ٌَن ُ‬
‫وكموله تعالى‪( :‬إِنا أَن َذ ْرنَا ُك ْم َ‬
‫ع‬ ‫جر‬
‫َوٌَمُو ُل ْال َكافِ ُر ٌَا لَ ٌْتَنًِ ُكنتُ ت ُ َرابا) (النبؤ‪.)ٗٓ :‬‬
‫ٕ‪ -‬التعجب‪ ،‬كمول طرفة‪:‬‬

‫خررررررٕ لررررررن الجررررررو فبٌضررررررً‬ ‫ٌررررا لررررن مررررن لبرررررة بمعمررررر‬


‫واصررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررفري‬
‫تدرٌب على النداء‪:‬‬
‫بٌن المعانً الحمٌمٌة المستفادة من صٌػ النداء ‪ -‬والمعانً البٕؼٌة المستفادة‬
‫منه فٌما ٌلً‪:‬‬

‫ُِنرررراس ُ‬
‫عترررروهم فررررً ازدٌرررراد‬ ‫ٌررا لمررومً وٌررا ِمثررال لررومً‬
‫سررفهُ المررردي لهررم‬ ‫ٔ ٌبررر ُح ال ّ‬ ‫للرجررال ذوي اِلبرراب مررن‬ ‫ٌررا ِ ّ‬
‫دٌنررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررا‬ ‫نفررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر‬
‫٘‪8‬‬
‫الولُرررررروز بالشرررررر َهوا ِ‬
‫ت‬ ‫رررررإٔم َ‬
‫َ‬ ‫فر‬ ‫رٌت َم َرامرا‬
‫ضر َ‬‫رب لرد ل َ‬
‫اٌهرا الملر ُ‬
‫إلرررررررى سرررررررلٌمان فنسرررررررترٌحا‬ ‫ٌررا ُ‬
‫نرراق سررٌرى عنمررا فسررٌحا‬
‫للررتُ ٌررا رٌررر ُح ِبلّؽٌرره السرررٕما‬ ‫الرٌرررراح ِنررررً‬
‫حجبرررروه عررررن ّ‬
‫تحملنرررً الرررذلفاء حرررؤَ أكتعرررا‬ ‫ٌا لٌتنً كنرتُ صربٌا ُمرضرعا‬
‫كررؤن ك ر ّل سرررور حاضر ٌرر فٌرره‬ ‫ٌا لٌلة لستُ أنسى طٌبها أبردا‬

‫‪8ٙ‬‬
‫علم البٌان‬
‫المجاز اللغوي‬
‫الحمٌمة والمجاز‪ ،‬والفرق بٌنهما‬
‫تعرٌف الحمٌمة لغة واصطال ًحا‪:‬‬
‫الحمٌمة لغة‪ :‬لحمٌمة فً اِصل فعٌل بمعنى فاعل من حك الشًء إذا ثبت‬
‫أو بمعنى مفعول من حممته إذا أثبته نمل إلى الكلمة الثابتة أو المثبتة فً‬
‫مكانها اِصلً والتاء فٌها للنمل من الوصفٌة إلى أسمٌة (‪.)1‬‬

‫الحمٌمة اصطال ًحا‪:‬‬


‫عرفها الخطٌب المزوٌنً بموله‪ :‬الحمٌمة‪ :‬الكلمة المستعملة فٌما وضعت له‬
‫فً اصطٕح به التخاطب (‪.)2‬‬

‫تعرٌف المجاز لغة واصطال ًحا‪:‬‬


‫والمجاز فً اِصل مفعل من جاز المكان ٌجوزه إذا تعداه نمل إلى الكلمة‬
‫الجابزة أي المتعدٌة مكانها اِصلً أو الكلمة المجوز بها على معنى أنهم‬
‫جازوا بها وعدوا بها مكانها اِصلً‪ ...‬وذكر المصنؾ أن الظاهر أنه من‬
‫لولهم جعلت كذا مجازا إلى حاجتً أي طرٌما لها على أن معنى جاز‬
‫المكان سلكه فإن المجاز طرٌك إلى تصور معناه (‪.)3‬‬

‫المجاز فً اصطالح البالغٌٌن‪:‬‬


‫عرفه الخطٌب بموله‪ :‬والمجاز مفرد ومركب‪ :‬أما المفرد فهو الكلمة‬
‫المستعملة فً ؼٌر‬

‫(ٔ) ٌُنظر‪ :‬البٕؼة العربٌة للمٌدانً جٕ ص ‪ ٕٕ9‬وما بعده بتصرؾ‪.‬‬


‫(ٕ) ٌُنظر‪ :‬اٌْضاح بتعلٌك البؽٌة ج ٖ ص ٗ‪ ،9‬مكتبة اَداب‪ٔ777 ،‬م‪.‬‬
‫(ٖ) ٌُنظر‪ :‬مختصر السعد ص ‪.ٕٔ0‬‬

‫‪87‬‬
‫ما وضعت له‪ ،‬فً اصطٕح به التخاطب‪ ،‬على وجه ٌصح مع لرٌنة عدم‬
‫إرادته (‪.)1‬‬

‫تمسٌم المجاز اللُّغوي إلى استعارة ومجاز مرسل‪:‬‬


‫ٌنمسم المجاز اللؽوي بالنظر إلى وجود عٕلة بٌن المعنى اِصلً‪ ،‬والمعنى‬
‫المجازي‪ ،‬أو بٌن أستعمال اِصلً وأستعمال المجازي‪ ،‬أو عدم‬
‫سع لؽوي‪ ،‬إلى لسمٌن‪:‬‬‫مجرد تو ّ‬
‫ّ‬ ‫مٕحظة عٕلة ما‪ ،‬بل هو‬
‫المسم األول‪" :‬الستعارة" وهً المجاز الذي تكون عٕلته المشابهة بٌن‬
‫ً والمعنى المجازي الذي استعمل اللّفظ للدّٔلة به علٌه‪.‬‬
‫المعنى اِصل ّ‬
‫وهذه أستعارة تكون فً المفرد‪ ،‬وتكون فً المركب كما سٌؤتً إن شاء‬
‫هللا‪.‬‬
‫المسم الثانً‪" :‬المجاز المرسل" وهو نوعان‪:‬‬
‫تو َج ُد فٌه عٕلة ؼٌر المشابهة بٌن المعنى الحمٌمً والمعنى المجازي‬
‫* نوزٌ ُ‬
‫الذي استعمل اللّفظ للدّٔلة به علٌه‪ ،‬كاستعمال "الٌد" بمعنى النعمة لعٕلة‬
‫اْنعامات‪.‬‬
‫كون الٌد هً الوسٌلة التً تستعمل عادة فً عطاء ِ‬
‫مجرد توسع لؽوي‪،‬‬‫ّ‬ ‫ز ٔ توجد فٌه عٕلة فكرٌةٌ ما‪ ،‬وإنّما هو‬ ‫* ون َْو ٌ‬
‫كالمجاز بالحذؾ دون مٕحظة عٕلة فكرٌة‪ ،‬وكالمجاز بالزٌادة‪ ،‬وؼٌر‬
‫ذلن‪.‬‬
‫سٕ" لكونه ُم ْرسٕ عن التمٌٌد بعٕلة المشابهة‪ ،‬سواء‬ ‫ً هذا "مجازا ُم ْر َ‬
‫س ِ ّم َ‬
‫و ُ‬
‫أكان له عٕلة ؼٌر المشابهة‪ ،‬أ ْم لم تكن له عٕلة ما (‪.)2‬‬

‫(ٔ) ٌُنظر‪ :‬اٌْضاح بتعلٌك البؽٌة جٖ‪ ،‬ص‪.9ٙ‬‬


‫(ٕ) ٌنظر البٕؼة العربٌة للمٌدانً جٕ ص ٕٕٗ بتصرؾ‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫المجاز المرسل‬
‫عرؾ الخطٌب المجاز المرسل بموله‪ :‬الضرب اِول‪ :‬المرسل‪ ،‬وهو ما‬
‫(‪)1‬‬
‫كانت العٕلة بٌن ما استعمل فٌه وما وضع له مٕبسة ؼٌر التشبٌه‬

‫صد باْرسال كونه مطلما عن التمٌٌد بعٕلة معٌنة كالمشابهة فً‬ ‫وٌُم َ‬
‫أستعارة بل تتعدد عٕلاته وتتنوز حتى ٔ تكاد تُحصر والمهم هو وجود‬
‫أرتباط بٌن المعنى ال ُمعَبر به واللفظ المترون‪.‬‬
‫مالبسات المجاز المرسل أو عاللاته‪:‬‬
‫أول‪ -‬السببٌة‪ :‬وهً أن ٌكون المعنى اِصلً للكلمة سببا فً‬
‫المعنى المراد‪.‬‬
‫ومن أشهر العٕلات التً تواردت علٌها الكتب عٕلة السببٌة أعنً تسمٌة‬
‫المسبب باسم السبب‪ ،‬وإنما ٌكون ذلن حٌن ٌموى فً تصورهم تؤثٌر السبب‬
‫فً المسبب‪ ،‬وٌرٌدون البٌان عن ذلن‪ ،‬وأن المسبب ٔ ٌتخلؾ عنه حتى‬
‫كؤنه هو كإطٕلهم الؽٌث على النبات‪ ،‬فٌمولون‪( :‬رعٌنا الؽٌث) ٌشٌرون‬
‫بذلن إلى أن النبات المرعً كان عن الؽٌث‪ ،‬وٌبرزون بذلن أهمٌة الؽٌث‬
‫(‪.)2‬‬

‫علَ ٌْ ِه ِب ِمثْ ِل‬


‫علَ ٌْ ُك ْم فَا ْعتَدُوا َ‬
‫ومن هذه العٕلة لوله تعالى‪( :‬فَ َم ِن ا ْعت َ َدى َ‬
‫علَ ٌْ ُك ْم) (البمرة‪ .)ٔ7ٗ :‬ولوله "فاعتدوا علٌه" أي جازوه على‬ ‫َما ا ْعت َ َدى َ‬
‫اعتدابه ولكنه عبر عن المجازاة بأعتداء‪ِ ،‬نه سببها‪ ،‬ولد سوؼت هذه‬
‫السببٌة أن تمٌم أعتداء ممام ما ٌترتب علٌه وتنٌبه عنه فً الدٔلة‪ ،‬ووراء‬
‫هذا المجاز إبراز لموة السببٌة بٌن أعتداء وجزابه‪ ،‬وأنه ‪-‬أعنً الجزاء‪-‬‬

‫(ٔ) ٌُنظر‪ :‬اٌْضاح بتعلٌك البؽٌة ج ٖ ص ‪.97‬‬


‫(ٕ) ٌُنظر‪ :‬التصوٌر البٌانً ص ‪ ٖٗ9‬مكتبة وهبة‪ ،‬طٖ‪ ٔ77ٖ ،‬م‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫ٌجب أن ٌكون نتٌجة ومحصلة ٔزمة لٕعتداء‪ ،‬فهو ٔ ٌتخلؾ عنه وكؤن‬
‫هذه الفاء أٌضا مشعرة بسرعة المكافحة وضرورة الترتب‪.)1( .‬‬

‫ثانًٌا ‪:‬عاللة المجاورة‪:‬‬


‫وهً تسمٌة الشًء باسم مجاوره ومنها لول عنترة‪:‬‬

‫لٌس الكرٌم على المنا بمحررم‬ ‫فشككت برالرمح اِصرم ثٌابره‬


‫فذكر الثٌاب مرٌدا الجسد لمجاورتها له إذ ٔ افتخار بتمزٌك ثٌاب العدو فً‬
‫الحرب دون لتله ولد ٌُحمل على المحلٌة حٌث ذكر المحل وهو الثٌاب‬
‫مرٌدا الحا ّل فٌه وهو الجسد والعبرة بتوجٌه ذي الذوق السلٌم والتضاء‬
‫السٌاق والممام‪.‬‬
‫ثالثًا‪ -‬عاللة المسببٌة‪:‬‬
‫وهً إطٕق المسبب وإرادة السبب أو تسمٌة السبب باسم المسبب‬
‫ومن ذلن لول الشاعر‪:‬‬

‫أسررررنمة اَبررررال فررررً سررررحابه‬ ‫ألبررل فررً المسررتن مررن ربابرره‬


‫والمستن هو موضع جرٌان الؽٌث فً السحاب‪ ...‬وأسنمة اَبال جمع للسنام‬
‫وجمع لٓبل‪ ،‬والمهم أنه جعل أسنمة اَبال فً السحاب‪ ،‬والذي فً السحاب‬
‫هو الؽٌث‪ ،‬ولكنه أطلك علٌه اِسنمة‪ ،‬نظرا ِن الؽٌث به تشحم اْبل‬
‫وتسمن أسنمتها‪ ،‬وكؤن اِسنمة محصلة ضرورٌة لهذا الؽٌث‪ ،‬حتى كؤنه‬
‫لٌس ؼٌثا‪ ،‬وإنما هو أسنمة اَبال‪.)2( .‬‬

‫(ٔ) ٌُنظر‪ :‬السابك ص ‪.ٖٗ0‬‬


‫(ٕ) ٌُنظر‪ :‬السابك ص ٕٖ٘ بتصرؾ‪.‬‬

‫ٓ‪9‬‬
‫رابعًا‪ -‬عاللة الجزئٌة‪:‬‬
‫ونعنً بها تسمٌة الشًء باسم جزبه‪ ،‬ولٌس كل جزء صالحا ِن ٌراد به‬
‫الكل وإنما ٔبد أن ٌكون جزءا مهما وأساسٌا فً هذا الكل‪ ،‬فالمرآن الكرٌم‬
‫ٌسمً الصٕة لٌاما‪ِ ،‬ن المٌام ركن من أركانها‪ ،‬وٌسمٌها أٌضا الذكر‬
‫والركوز والسجود‪ ،‬وكل هذه أساسٌات فً الصٕة‪ ،‬ؤ ترى المرآن ٌسمٌها‬
‫التشهد‪ ،‬أو البسملة‪ ،‬وهذا واضح ِن الجزء الدال على الكل والنابب منابه‬
‫ٔبد أن ٌكون من محضه وصمٌمه (‪ .)1‬ومن ذلن لوله تعالى‪( :‬لُ ِم الل ٌْ َل إِٔ‬
‫لَ ِلٌٕ) أي‪ :‬صل‪ ،‬ونحوه‪ َٔ ( :‬تَمُ ْم فٌِ ِه أَبَدا) أي‪ ٔ :‬تصل ‪.‬‬
‫سا‪ :‬عاللة الكلٌة‪:‬‬
‫خام ً‬
‫ونعنً بها تسمٌة الجزء باسم الكل أو إطٕق الكل وإرادة الجزء‬
‫ومن المشهور فً ذلن لوله تعالى ‪ٌَ‬جْ عَلُونَ أ َ ْ‬
‫صابِعَ ُه ْم فًِ آ َذانِ ِهم ّمِنَ‬
‫ط ِب ْالكافِ ِرٌنَ ‪( ‬البمرة‪ .)ٔ7 :‬حٌث أطلمت‬ ‫وللاُ ُم ِحٌ ٌ‬
‫ت ّ‬ ‫ك َح َذ َر ْال َم ْو ِ‬
‫الص َوا ِع ِ‬
‫اِصابع وأرٌد اِنامل‪ ،‬تصوٌرا لما هم فٌه من رعب وهول أنساهم أنفسهم‬
‫حتى كادت تدخل اِصابع كاملة‬
‫فً اَذان من شدة ولع البرق والرعد والصواعك علٌهم لمخالفتهم أمر‬
‫الحك‪.‬‬
‫سا ‪:‬عاللة اعتبار ما كان‪:‬‬
‫ساد ً‬
‫ومن المشهور فً هذا المجاز ذكر الشًء بوصفه الذي كان‪ ،‬لتعلك الؽرض‬
‫بهذا الوصؾ والتعوٌل علٌه فً مؽزى العبارة‪ ،‬كما فً لوله تعالى ( َوآتُوا‬
‫ْال ٌَت َا َمى أ َ ْم َوالَ ُه ْم) (النساء‪ ، )ٖ :‬فمد ذكرهم بلفظ الٌتامى وهو ٌؤمر بإعطابهم‬
‫أموالهم‪ .‬وذلن ٔ ٌكون إٔ بعد الرشد وذهاب الٌتم‪ ،‬ولكن ذكر الصفة هنا‬
‫ٌوما إلى سرعة إعطابهم اِموال بعد الرشد وذهاب الٌتم من ؼٌر مهلة‪،‬‬
‫ولد أبرز المرآن هذا المعنى فً لوله (فَإ ِ ْن آنَ ْستُم ِ ّم ْن ُه ْم ُر ْشدا فَا ْدفَعُوا ِإلَ ٌْ ِه ْم‬

‫(ٔ) ٌُنظر‪ :‬السابك ص ‪.ٖ٘ٙ‬‬

‫ٔ‪9‬‬
‫أ َ ْم َوا َل ُه ْم) (النساء‪ ،)ٙ :‬فذكر لفظ "آنستم" ونكر الرشد لٌفٌد لدرا ما منه‪ ،‬ثم‬
‫أنه ٌرلك للوب اِولٌاء فً هذا السٌاق‪ ،‬وٌذكرهم بثكل هإٔء الٌتامى‬
‫وحرمانهم من عطؾ اِبوة وأحضانها الدافبة‪ ،‬وأنهم عاجزون عن‬
‫المكافحة وحماٌة أموالهم‪ ،‬وأنه ٔ ٌلٌك بذي المروءة والدٌن أن ٌطمع فً‬
‫(‪)1‬‬
‫مال من هذا حاله‪.‬‬

‫سابعًا‪ :‬عاللة اعتبار ما سٌكون‪:‬‬


‫على العكس مما سبك تؤتً هذه العٕلة‪ ،‬حٌث ٌعبر عن اللفظ بلفظ‬
‫ٌنظر إلى المستمب ِل‪ ،‬ومثال ذلن لول هللا‬ ‫ُ‬ ‫آخر ٌإول إلٌه‪ ،‬وكؤن المتكلم‬
‫سِجْ نَ فَتٌََانَ لَا َل أحدهما إِنًِّ أ َ َرانًِ أَع ِ‬
‫ْص ُر خ َْمرا)‬ ‫تعالى‪َ ( :‬و َد َخ َل َمعَهُ ال ّ‬
‫(ٌوسؾ‪ ،)ٖٙ :‬أي‪ :‬عنبا‪ِ ،‬ن الخمر ٔ ٌُعصر‪ ،‬إنما ٌعصر العنب‪ ،‬ثم‬
‫ٌترن حتى ٌصٌر خمرا‪ ،‬فموله‪( :‬أعصر خمرا) استعمل لفظ الخمر وأرٌد‬
‫ما سٌصٌر إلٌه العنب لكنه لفز فوق الجملة وانتهى إلى الخمر‪ ،‬لٌوضح ما‬
‫فً نفس هذا السجٌن ولت العصر‪ ،‬فهو لم ٌكن ٌعصر عنبا‪ ،‬وإنما ٌعصر‬
‫ما ٌكون خمرا‪.‬‬
‫ثامنًا ‪ :‬عاللة الحالٌة‪:‬‬
‫بمعنى أن ٌذكر لفظ الحال وٌراد المحل لما بٌنهما من المٕبسة فالحال‬
‫هو المعنى الحمٌمً والمحل هو المعنى المجازي الذي استعمل فٌه لفظ‬
‫الحال‪.‬‬
‫كموله تعالى ‪َ ‬وأَما الذٌِنَ ا ْبٌَض ْ‬
‫ت ُو ُجو ُه ُه ْم َف ِفً َرحْ َم ِة ّ ِ‬
‫للا ُه ْم فٌِ َها خَا ِلدُونَ ‪‬‬
‫(آل عمران‪ ،)ٔٓ9 :‬فالرحمة حمٌمة حالة استعملت فً محلها‪ ،‬وهو الجنة‬
‫والمرٌنة الدالة على هذا المراد لوله (هم فٌها خالدون) فالخلود ٔ ٌكون إٔ‬
‫فً الدار اَخرة‪ ،‬وكذلن الرحمة ٔ تكون ظرفا ِنها معنى‪.‬‬

‫(ٔ) ٌنظر التصوٌر البٌانً ِبً موسى ص ‪ ٖ٘9‬وما بعدها‪.‬‬

‫ٕ‪9‬‬
‫تاسعًا‪ :‬عاللة المحلٌة‪:‬‬
‫وهً ذكر المحل وإرادة الحال‪ .‬عكس السابمة‪ .‬كموله تعالى ‪ٌَ‬مُولُونَ‬
‫ِبؤ َ ْف َوا ِه ِهم ما لٌَ َ‬
‫ْس ِفً لُلُو ِب ِه ْم‪( ‬آل عمران‪ ،)ٔٙ9 :‬عبر باِفواه و أراد‬
‫اِلسن‪ِ ،‬ن اِفواه محلها‪ ،‬وبٕؼة ذلن تتجلى فً أن الممصود أنهم‬
‫ٌتشدلون بالكٕم وٌتخللون به كما تتخلل البمرة بلسانها فٌملإونها بما ٔ‬
‫طابل تحته‪ ،‬و هذا تمبٌح لصورتهم وتشوٌه لهٌبتهم حٌن ٌتحدثون بالكذب و‬
‫النفاق‪.‬‬
‫عاشرا ‪ :‬عاللة اآللٌة‪:‬‬
‫ً‬
‫سول‬ ‫س ْلنَا ِم ْن َر ُ‬
‫ونعنً بها تسمٌة الشًء باسم آلته كموله تعالى‪َ ( :‬و َما أ َ ْر َ‬
‫صدْق ِفً‬ ‫سانَ ِ‬ ‫ان لَ ْو ِم ِه) أي‪ :‬بلؽة لومه‪ ،‬ولوله تعالى‪َ ( :‬واجْ َع ْل ِلً ِل َ‬
‫س ِ‬‫ِإٔ ِب ِل َ‬
‫ْاَ ِخ ِرٌنَ ) أي‪ :‬ذكرا جمٌٕ وثناء حسنا‪.‬‬
‫ولٌست هذه العٕلات هً كل ما ذكره العلماء من عٕلات المجاز المرسل‪،‬‬
‫فمد أوصلها بعضهم إلى الثٕثٌن‪ ،‬وفٌما ذكرناه الكفاٌة‪.‬‬

‫المٌمة البالغٌة للمجاز‪:‬‬


‫اْبداز الفنً‬
‫ٌحمل المجاز فً العبارة من المعانً الممتدة الواسعة‪ ،‬ومن ِ‬
‫ذي الجمال ْال ُم ْع ِجب‪ ،‬ما ٔ ٌإدٌّه البٌان الكٕمً إذا ا ْست ُ ْع ِمل على وجه‬
‫الحمٌمة فً كثٌر من اِحٌان مع ما فً المجاز من اختصار فً العبارة‬
‫وإٌجاز‪ ،‬وإمتاز لّذهان‪ ،‬وإرضاء للنفوس ذوات اِذواق الرفٌعة الّتً‬
‫تتحسس مواطن الجمال البٌانً فَتَت َؤَث ُر به ت َؤث َر إعجاب واستحسان‪.‬‬

‫ٖ‪9‬‬
‫ثانًٌا‪ :‬الستعارة‬
‫تعرٌف الستعارة لغة واصطالحا ‪:‬‬
‫ٌذكر (ابن فارس) فً مماٌٌس اللؽة أن مادة (عور) لها أصٕن‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪،‬‬ ‫وٌذكر من بٌنهما اِصل الذي ٌعنٌنا وهو الدال على تداول الشًء‬
‫وٌمكننا أن نلحظ ارتباطا وثٌما بٌن هذا اِصل اللؽوي لهذه المادة‪،‬‬
‫والتعرٌؾ أصطٕحً الذي ذكره البٕؼٌون لٕستعارة المتمثل فً لول‬
‫اْمام(عبد الماهر الجرجانً‪ ،‬تٔ‪ ٗ9‬ه)‪ ،‬وذلن حٌنما عرفها فً كتابه‬
‫اِسرار بموله‪ « :‬اعلم أن االستعارة فً الجملة أن ٌكون للَّفظ أصلٌ فً‬
‫ص به حٌن ُوضع‪ ،‬ثم‬ ‫اخت ُ ٌَّ‬
‫الوضع اللغوي معروفٌ تدلٌ الشواهد على أنه ْ‬
‫ٌستعمله الشاعر أو غٌر الشاعر فً غٌر ذلك األصل‪ ،‬وٌنقله إلٌه ا‬
‫نقًلٌغٌرٌ‬
‫كالعارٌَّة» (‪ٌ .)2‬‬
‫ِ‬ ‫الزمٌ‪ ،‬فٌكون هناك‬

‫وٌعرفها الخطٌب المزوٌنً ت ‪9ٖ7‬ه بموله‪« :‬الضرب الثانً من‬


‫المجاز أستعارة وهً ما كانت عٕلته تشبٌه معناه بما وضع له ولد تمٌد‬
‫بالتحمٌمٌة لتحمك معناها حسا أو عمٕ أي التً تتناول أمرا معلوما ٌمكن أن‬
‫ٌنص علٌه وٌشار إلٌه إشارة حسٌة أو عملٌة فٌمال إن اللفظ نمل من مسماه‬
‫اِصلً فجعل اسما له على سبٌل اْعارة للمبالؽة فً التشبٌه» (‪.)3‬‬

‫(ٔ) ٌُنظر‪ :‬مماٌٌس اللؽة ٔبن فارس‪ /‬تح‪ .‬عبد السرٕم هرارون ‪ -‬مرادة عرور ‪/‬طٕ‪/‬مطبعرة‬
‫مصطفً البابً الحلبً بمصر ‪ ٖٔ07‬ه‪ٔ7ٙ7 ،‬م‪.‬‬
‫(ٕ) ٌُنظررر‪ :‬أسرررار البٕؼررة لعبررد المرراهر الجرجررانً تررح دمحم رشررٌد رضررا صٖٓ المكتبررة‬
‫التوفٌمٌة‪.‬‬
‫(ٖ) ٌُنظر‪ :‬اٌْضاح بتعلٌك البؽٌة جٖ‪ ،‬صٔ‪.7‬‬

‫ٗ‪9‬‬
‫أهم تمسٌمات الستعارة‪:‬‬
‫ً‬
‫أول ‪ -‬استعارة فً المفرد واستعارة فً المركب‬
‫تنمسم أستعارة انمساما أولٌا إلى لسمٌن‪:‬‬
‫المسم األول‪ :‬الستعارة فً اللّفظ المفرد‪ ،‬وهً التً ٌكون المست ُ‬
‫َعار فٌها‬
‫لفظا مفردا‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫ب فاخترق‬
‫الحر ِ‬
‫ْ‬ ‫(ٔ) لفظ‪" :‬اللٌّث" فً نحو جملة‪" :‬أ ْل َب َل اللٌ ُ‬
‫ْث ُم َدججا بّ َ َم ِة‬
‫العدو "أي‪ :‬ألبل الفارس الشجاز الذي هو كاللٌّث‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ْش‬
‫جٌ َ‬
‫ش َف ِ‬
‫ك الن ُحور‬ ‫ت البُدُور فوق َ‬ ‫(ٕ) لفظ‪" :‬البدور" فً نحو جملة‪" :‬بزَ َ‬
‫ؼ ِ‬
‫والصدُور"‪ .‬أي‪ :‬ألبلت الحسناوات اللّواتً وجو ُه ُه ّن ْ‬
‫كالبُدُور‪.‬‬
‫المسم الثانً ‪ :‬الستعارة فً اللّفظ المركّب‪ ،‬وهً الّتً ٌكون الل ْفظُ‬
‫المستعار فٌها كٕما مركبا من عدّة ألفاظ ‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫ارم نَب َْوة"‪.‬‬
‫ص ِ‬‫(ٔ) "لك ِّل جواد كب َْوة ‪ -‬و ِل ُك ِّل َ‬
‫هذان ُم َر ّكبَان من عدّة ألفاظ‪ٌ ،‬ستعاران لمن ٌخطا أحٌانا‪ ،‬ولٌس من شؤنه‬
‫ؤ من عادته أن ٌخطا‪.‬‬
‫بارٌها"‪.‬‬
‫س ِ‬ ‫ْط ْالمَ ْو َ‬
‫(ٕ) "أَع ِ‬
‫هذا لفظ مر ّكب ٌستعار للدٔلة به على أنه ٌنبؽً إسناد العمل إلى من ٌُحْ ِسنُه‬
‫وٌُتْ ِمنُه لسابك خبرته به (‪.)1‬‬

‫وٌُطلَ ُك على هذا المسم الثانً عبارات‪" :‬استعارة تمثٌلٌّة ‪ -‬استعارة‬


‫اِول‬
‫واْطٕق ّ‬ ‫على سبٌل التمثٌل ‪ -‬تمثٌل على سبٌل أستعارة ‪ -‬تمثٌل" ِ‬
‫أحسنها‪ ،‬أ ّما اِخٌر فٌَ ْشتَبِهُ بالتمثٌل الذي هو نوز من التشبٌه‪ ،‬فاِولى‬
‫اجتنابه (‪.)2‬‬

‫(ٔ) ٌُنظر‪ :‬البٕؼة العربٌة للمٌدانً جٕ ص ٖٕ٘‬


‫(ٕ) ٌُنظر‪ :‬السابك جٕ صٖٕ٘ وما بعدها بتصرؾ‪.‬‬

‫٘‪9‬‬
‫وأخٌرا فحٌن تجري العبارة مجرى اِمثال‪ ،‬وتؽدو مثٕ‪ ،‬فإنها‬
‫ب بها المفرد والمذكر وفروعهما‪" :‬‬ ‫ت ُ ْست َعار بلفظها دون تؽٌٌر‪ ،‬فٌخا َ‬
‫ط ُ‬
‫المثنى ‪ ،‬الجمع ‪ ،‬المإنث" وفك صٌؽتها التً وردت دون تبدٌل ؤ تعدٌل‪.‬‬
‫ومنها اِمثال التالٌة‪:‬‬
‫التمر الرديء الذي فَ َم َد‬
‫ْ‬ ‫سو َء ِكٌ َلة"‪ْ .‬ال َحش ُ‬
‫َؾ‪:‬‬ ‫(ٔ) لولهم‪" :‬أ َحشَفا َو ُ‬
‫صابصه ال ِكٌلَةُ‪َ :‬هٌْبة ال َكٌْل‪ .‬هذا مثل ٌضرب لمن ٌظلم من جهتٌن‪.‬‬
‫خ َ‬
‫ضنَا ٌَ ْست َ ْن ِس ُر"‪ .‬البَؽَاث‪ :‬طابر أ ْبؽ ُ‬
‫َث اللون‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫ؤر ِ‬ ‫(ٕ) لولهم‪" :‬إن ْالبَؽ َ‬
‫َاث بِ ْ‬
‫ز من الطٌر أصؽر من الرخَم بطًء‬ ‫َاث نو ٌ‬ ‫بٌض وسود‪ْ ،‬‬
‫والبَؽ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫فٌه بُمَ ٌع‬
‫الطٌران وهو م ّما ٌُصاد‪ ،‬الواحدة منه "بَؽَاثَة"‪ْ ٌَ .‬ست َ ْن ِس ُر‪ :‬أي‪ٌ :‬صٌر كالنّسْر‬
‫ص ٌْدُه‪.‬‬
‫فٕ ٌُستطاز َ‬
‫أن من نزل بؤرضنا وجاورنا لَ ِو َ‬
‫ي‬ ‫هذا َمث َ ٌل ٌُض َْر ُ‬
‫ب وٌرا ُد به الدٔلة على ّ‬
‫ع ّز‪.‬‬ ‫ِبنَا َو َ‬
‫ثانًٌا‪ -‬الستعارة التصرٌحٌة والستعارة المكنٌة‪:‬‬
‫تنمسم أستعارة باعتبار ما ٌذكر من الطرفٌن إلى استعارة‬
‫تصرٌحٌة‪ ،‬واستعارة مكنٌة‪ ،‬ومن المعلوم أن أستعارة فً أصلها تشبٌه‬
‫حذؾ منه أحد الركنٌن‪ ،‬فإن حذفت المشبه وصرحت بالمشبه به‪،‬‬
‫فأستعارة تصرٌحٌة ِنن صرحت بالعمدة‪ ،‬وهو المشبه به‪ ،‬أما إذا حذفت‬
‫المشبه به‪ ،‬وأبمٌت المشبه فً العبارة وأثبت له شٌا من لوازمه ‪،‬‬
‫فأستعارة حٌنبذ استعارة مكنٌة‪ ،‬فاِساس الذي ٌدور علٌه التمسٌم هو‬
‫المشبه به‪ ،‬إن ذكرته فلمد صرحت باِساس‪ ،‬فأستعارة تصرٌحٌة‪ ،‬وإن‬
‫حذفته وأبمٌت المشبه وشٌبا من لوازم المشبه به فؤنت تكنً عنه‪،‬‬
‫فأستعارة مكنٌة (‪.)1‬‬

‫ومن بٌن شواهد أستعارة التصرٌحٌة‪ ،‬لول هللا تعالى‪ِ ( :‬كتَابٌ‬


‫ور) (إبراهٌم‪ ....)ٔ :‬فلفظة‬ ‫ت ِإلَى الن ِ‬ ‫أَنزَ ْلنَاهُ ِإلٌَْنَ ِلت ُ ْخ ِر َج الن َ‬
‫اس ِمنَ الظلُ َما ِ‬

‫(ٔ) ٌُنظر‪ :‬الوجوه الحسان فً علم البٌان‪ ،‬د‪ .‬سعٌد جمعة ص ‪ ٕٓٔٗ ،ٔٙ9‬م‪.‬‬

‫‪9ٙ‬‬
‫الظلمات‪ ،‬لصد بها الضٕل والكفر‪ ،‬فالضٕل كالظلمات‪ ،‬فعبر عن الضٕل‬
‫بلفظ الظلمات‪ ،‬وكذا فً كلمة النور‪ ،‬أراد منها الهدى واٌْمان‪ ،‬وبٌنهما‬
‫أٌضا عٕلة المشابهة‪ ،‬والمرٌنة فً كل ذلن لرٌنة حالٌة تفهم من الكٕم (‪.)1‬‬

‫ومن شواهد أستعارة التصرٌحٌة أٌضا لول الشاعر‪:‬‬

‫ررب‬
‫طٌَر َ‬ ‫ررم ِعً أ َ ْ‬
‫سر ْ‬‫ز َ‬ ‫لَرررانًِ وإٌِررر َدا َ‬ ‫ْررررررو‬
‫ت نَض َ‬ ‫ار ْ‬ ‫سررررررؤ َ ْلت ُ َها ِحررررررٌنَ زَ َ‬ ‫َ‬
‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر‬
‫رررن َخررررات َ ِم‬
‫ت لُإْ لُررررإا ِمر ْ‬ ‫ط ْ‬ ‫سبَررررالَ َ‬‫ْالو َخ‬ ‫ررررررررررررررررررررررررررررـ‬
‫سرنا لَ َم‬ ‫ررررررررررررررررررررررررررا ْالر‬ ‫ُ‬
‫بفَ ْزَُرل ْحِعزَ َهر ْ‬
‫َ‬ ‫شفَما ؼَشرى َ‬ ‫حت َ‬
‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر‬
‫طرلبل " بالمانً "‪ ،‬وهو البرلع‬ ‫من ِ‬‫ع‬
‫فاستعمل كلمة (الشفك) لاصدا ما وصفه َ‬
‫اِحمر حٌن زحزحته عن وجه كالممر‪ ،‬وفً كل من الشفك والممر استعارة‬
‫تصرٌحٌة‪ ،‬وكذلن الحال فً لوله " سالطت لإلإا "‪ ،‬حٌث أراد كٕمها‬
‫المنضود‪ ،‬أما " الخاتم " فاستعارة رابعة ِنه أراد به الفم الصؽٌر‪،‬‬
‫والشاعر فً كل ذلن ٌطلك اللفظ وٌرٌد به عضوا من أعضاء حبٌبته‪.‬‬
‫وأما الستعارة المكنٌة أو الستعارة بالكناٌة فهً ما ٌحذؾ فٌها‬
‫المشبه به وٌرمز له بشًء من لوازمه‪ ،‬ومن بٌن أستعارات المكنٌة لول‬
‫الشاعر‪:‬‬

‫ألفٌررررت كرررر ّل تمٌمررررة ٔ تنفررررع‬ ‫وإذا المنٌرررة أنشررربت أظفارهرررا‬


‫سبع‪ .‬فالمستعار منه (السبع) محذوؾ‪ ،‬ورمز‬ ‫إذ شبّه الشاعر المنٌّة بال ّ‬
‫له بشًء من خصابصه (اِظفار)‪ .‬المستعار له (المنٌّة) مذكور‪ .‬المرٌنة‬
‫(اِظفار) والجامع بٌنهما هو أؼتٌال‪.‬‬
‫ولد اختلؾ العلماء فً أستعارة المكنٌة وفً لرٌنتها أستعارة‬
‫التخٌٌلٌة وخٕصة خٕفهم فٌما ٌؤتً‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬مذهب (الخطٌب) وهو أن أستعارة المكنٌة تشبٌه مضمر فً النفس‬
‫وأستعارة التخٌٌلٌة إثبات ٔزم المشبه به للمشبه‪.‬‬

‫(ٔ) ٌُنظر‪ :‬السابك ص ‪.ٔٙ0‬‬

‫‪97‬‬
‫ٕ‪ -‬مذهب المدماء أو الجمهور وهو المعزو للزمخشري؛ وهو أن المكنٌة‬
‫هً اسم المشبه به المستعار فً النفس للمشبه‪ ،‬وأن التخٌٌلٌة هً إثبات‬
‫ٔزم المشبه به للمشبه‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬ومذهب (السكاكً) وهو أن المكنٌة هً لفظ المشبه المستعمل فً‬
‫المشبه به ادعاء وأن التخٌٌلٌة هً اسم ٔزم المشبه به المستعار للصورة‬
‫الوهمٌة التً أثبتت للمشبه‪.)1(.‬‬

‫ثالث ًا‪ -‬باعتبار الطرفٌن والجامع من حٌث الحسٌة والعملٌة‬


‫ثم ٌمسم المتؤخرون أستعارة باعتبار الطرفٌن والجامع إلى ستة السام‬
‫ناظرٌن إلى حسٌة اِركان أو عملٌتها فٌمول (الخطٌب) ‪:‬‬
‫وأما باعتبار الثٕثة ‪-‬أعنً الطرفٌن والجامع‪ -‬فستة ألسام‪ :‬استعارة‬
‫محسوس لمحسوس بوجه حسً‪ ،‬أو بوجه عملً‪ ،‬أو بما بعضه حسً‬
‫وبعضه عملً‪ ،‬واستعارة معمول لمعمول‪ ،‬واستعارة محسوس لمعمول‪،‬‬
‫واستعارة معمول لمحسوس‪ ،‬كل ذلن بوجه عملً؛ لما مر‪.‬‬
‫أما استعارة محسوس لمحسوس بوجه حسً؛ فكموله تعالى‪( :‬فَؤ َ ْخ َر َج‬
‫ار)؛ فإن المستعار منه ولد البمرة‪ ،‬والمستعار له‬ ‫سدا لَهُ ُخ َو ٌ‬
‫لَ ُه ْم عِجْ ٕ َج َ‬
‫ً المبط التً سبكتها نار السامري عند‬ ‫الحٌوان الذي خلمه هللا تعالى من ُحل ّ‬
‫إلمابه فٌها التربة التً أخذها من موطا حٌزوم فرس جبرٌل علٌه السٕم‪،‬‬
‫والجامع لهما الشكل‪ ،‬والجمٌع حسً‪.‬‬
‫وكموله تعالى‪َ ( :‬وت ََر ْكنَا بَ ْع َ‬
‫ض ُه ْم ٌَ ْو َمبِذ ٌَ ُمو ُج فًِ بَ ْعض) فإن المستعار منه‬
‫حركة الماء على الوجه المخصوص‪ ،‬والمستعار له حركة اْنس والجن‪،‬‬
‫أو ٌؤجوج ومؤجوج‪ ،‬وهما حسٌان‪ ،‬والجامع لهما ما ٌشاهد من شدة الحركة‬
‫وأضطراب‪.‬‬
‫وأما استعارة محسوس لمحسوس بوجه عملً؛ فكموله تعالى‪َ ( :‬وآٌَةٌ‬
‫لَ ُه ُم الل ٌْ ُل نَ ْسلَ ُخ ِم ْنهُ الن َه َ‬
‫ار)‪ ،‬فإن المستعار منه كشط الجلد وإزالته عن الشاة‬

‫(ٔ) ٌُنظر‪ :‬بؽٌة اٌْضاح جٖ صٖٖٔ‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫ونحوها‪ ،‬والمستعار له إزالة الضوء عن مكان اللٌل و ُم ْلمَى ظله‪ ،‬وهما‬
‫حسٌان‪ ،‬والجامع لهما ما ٌُعمل من ترتب أمر على آخر‪ .‬ولٌل‪ :‬المستعار له‬
‫ظهور النهار من ظلمة اللٌل‪ ،‬ولٌس بسدٌد؛ ِنه لو كان ذلن لمال‪" :‬فإذا هم‬
‫ظ ِل ُمونَ ) أي‪ :‬داخلون فً الظٕم‪.‬‬ ‫مبصرون" ونحوه‪ ،‬ولم ٌمل‪( :‬فَإ ِ َذا ُه ْم ُم ْ‬
‫ٌم) فإن المستعار منه‬ ‫الرٌ َح ْالعَ ِم َ‬ ‫س ْلنَا َ‬
‫علَ ٌْ ِه ُم ِ ّ‬ ‫لٌل‪ :‬ومنه لوله تعالى‪( :‬إِ ْذ أ َ ْر َ‬
‫المرأة‪ ،‬والمستعار له الرٌح‪ ،‬والجامع المنع من ظهور النتٌجة واِثر؛‬
‫فالطرفان حسٌان والجامع عملً‪ .‬وفٌه نظر؛ ِن العمٌم صفة للمرأة ٔ اسم‬
‫لها‪ ،‬وكذلن جعلت صفة للرٌح ٔ اسما‪.‬‬
‫والحك أن المستعار منه ما فً المرأة من الصفة التً تمنع من الحمل‪،‬‬
‫والمستعار له ما فً الرٌح من الصفة التً تمنع من إنشاء مطر وإلماح‬
‫شجر‪ ،‬والجامع لهما ما ذكر‪.‬‬
‫وأما استعارة محسوس لمحسوس بما بعضه حسً وبعضه عملً‬
‫فكمولن‪" :‬رأٌت شمسا" وأنت ترٌد إنسانا شبٌها بالشمس فً حسن الطلعة‬
‫ونباهة الشؤن‪ ،‬وأهمل السكاكً هذا المسم‪.‬‬
‫وأما استعارة معمول لمعمول فكموله تعالى‪َ ( :‬م ْن بَ َعثَنَا ِم ْن َم ْرلَ ِدنَا) فإن‬
‫المستعار منه الرلاد‪ ،‬والمستعار له الموت‪ ،‬والجامع لهما عدم ظهور‬
‫اِفعال‪ ،‬والجمٌع عملً‪.‬‬
‫ز بِ َما تُإْ َم ُر) فإن‬ ‫وأما استعارة محسوس لمعمول فكموله تعالى‪( :‬فَا ْ‬
‫ص َد ْ‬
‫المستعار منه صدز الزجاجة‪ ،‬وهو كسرها‪ ،‬وهو حسً‪ ،‬والمستعار له تبلٌػ‬
‫الرسالة‪ ،‬والجامع لهما التؤثٌر‪ ،‬وهما عملٌان‪ ،‬كؤنه لٌل‪" :‬أَبِ ِن اِمر إبانة ٔ‬
‫علَ ٌْ ِه ُم الذِّلةُ)‬ ‫ض ِربَ ْ‬
‫ت َ‬ ‫تنمحً كما ٔ ٌلتبم صدز الزجاجة" وكموله تعالى‪ُ ( :‬‬
‫جعلت الذلة محٌطة بهم مشتملة علٌهم‪ ،‬فهم فٌها كما ٌكون فً المبة من‬
‫ربت علٌه‪ ،‬أو ملصمة بهم حتى لزمتهم ضربة ٔزب كما ٌضرب الطٌن‬ ‫ض ْ‬‫ُ‬
‫على الحابط فٌلزمه؛ فالمستعار منه إما ضرب المبة على الشخص‪ ،‬وإما‬
‫ضرب الطٌن على الحابط‪ ،‬وكٕهما حسً‪ ،‬والمستعار له حالهم مع الذلة‪،‬‬
‫والجامع اْحاطة أو اللزوم‪ ،‬وهما عملٌان‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫طؽَى ْال َما ُء) فإن‬
‫وأما استعارة معمول لمحسوس‪ ،‬فكموله تعالى‪( :‬إِنا لَما َ‬
‫المستعار له كثرة الماء وهو حسً‪ ،‬والمستعار منه التكبر‪ ،‬والجامع‬
‫أستعٕء المفرط‪ ،‬وهو عملً (‪.)1‬‬

‫رابعًا‪ -‬باعتبار لفظ المستعار أصلٌة وتبعٌة‬


‫تنمسم أستعارة باعتبار اللفظ المستعار إلى أصلٌة وتبعٌة‪،‬‬
‫فاألصلٌة هً ‪ :‬ما كان اللفظ المستعار فٌها اسم جنس ؼٌر مشتك‪،‬‬
‫والمراد به الماهٌة الصالحة ِن تصدق على كثٌرٌن‪ ،‬من ؼٌر اعتبار‬
‫وصؾ من اِوصاؾ فً الدٔلة‪ ،‬سواء كان صدلها على الكثٌرٌن حمٌمة‪،‬‬
‫أو تؤوٌٕ‪ ،‬وسواء كانت اسم عٌن "كاِسد"‪ ،‬أو اسم معنى "كالضرب‬
‫والمتل"‪.‬‬
‫فمثال اسم الجنس الحمٌمً لفظ "أسد" من نحو لولن‪" :‬رأٌت أسدا ٌداعب‬
‫ألرانه" أي‪ :‬رجٕ باسٕ‪.‬‬
‫ومثال اسم الجنس التؤوٌلً لفظ "حاتم" ونحوه من كل علم اشتهر مدلوله‬
‫بنوز من الوصؾ‪ ،‬كما فً لولن‪" :‬رأٌت الٌوم حاتما" ترٌد رجٕ مسماحا‪،‬‬
‫فلفظ حاتم علم على الذات المعروفة‪ ،‬ولكن تإول فٌه‪ ،‬فجعل اسم جنس‬
‫موضوعا لمطلك ذات متصفة بالجود‪ ،‬ومن هنا صح جعله استعارة لكل‬
‫جواد بادعاء دخوله فً جنس حاتم‪ ،‬واعتباره فردا من أفراده‪.‬‬
‫ومثال اسم الجنس ‪-‬وهو اسم معنى‪ -‬لولن‪ :‬آلمنً لتل زٌد أخاه‪ ،‬ترٌد‪:‬‬
‫إذٔله إٌاه‪.‬‬
‫وسمً هذا المسم من أستعارة التصرٌحٌة "استعارة أصلٌة" نسبة إلى‬
‫اِصل بمعنى الكثٌر الؽالب‪ ،‬ؤ شن أنها أكثر وجودا فً الكٕم من التبعٌة‬

‫(ٔ) ٌُنظر‪ :‬اٌْضاح جٖ ص ٕٔٔ‪ ،‬وما بعدها بتصرؾ‪.‬‬

‫ٓٓٔ‬
‫اَتٌة بعد‪ ،‬أو نسبة إلى اِصل بمعنى ما انبنى علٌه ؼٌره‪ ،‬ؤ رٌب أنها‬
‫أصل للتبعٌة لبنابها علٌها(‪.)1‬‬

‫وأما أستعارة التبعٌة فهً ما كان اللفظ المستعار فٌها فعٕ‪ ،‬أو اسما‬
‫مشتما‪ ،‬أو حرفا‪ ،‬واِسماء المشتمة هً‪ :‬اسم الفاعل‪ ،‬واسم المفعول‪،‬‬
‫والصفة المشبهة‪ ،‬وأفعل التفضٌل‪ ،‬واسما الزمان والمكان‪ ،‬واسم اَلة‪ ،‬وما‬
‫إلى ذلن (‪.)2‬‬

‫شٌْبا) (مرٌم‪)ٗ :‬‬


‫س َ‬‫ومثال أستعارة التبعٌة لوله تعالى‪َ ( :‬وا ْشتَعَ َل الرأْ ُ‬
‫شبّهت اٌَة ظهور الشٌب وسرعته وشموله باشتعال النار‪.‬‬
‫المستعار منه‪ :‬اشتعال النار‪ .‬والمستعار له عموم الشٌب‪:‬‬
‫التدرج فً اْشراق والوضوح‪ .‬ولد اشتك من‬‫ّ‬ ‫فالشٌب‪ .‬هو الجامع بٌنهما‪:‬‬
‫مصرحا بذكر المستعار منه‪ ،‬فهً استعارة‬ ‫ّ‬ ‫أشتعال فعل (اشتعل)‬
‫تصرٌحٌة لذكر المستعار منه‪ ،‬وتبعٌة ِن لفظ أستعارة فعل (اشتعل)‪.‬‬
‫سا ‪ -‬باعتبار الخارج أو المالئم مطلمة ومرشحة ومجردة‬
‫خام ً‬
‫تجب المرٌنة فً كل استعارة فهً خارجة عن المٕبم الذي نمصده فً‬
‫هذا الممام والمراد بالخارج أو المٕبم هو اِوصاؾ والتفرٌعات التً تذكر‬
‫فً جملة أستعارة سواء ناسبت المستعار منه أو ناسبت المستعار له فإن‬
‫ناسبت اِول فأستعارة حٌنبذ مرشحة أي مذكور معها ما ٌموٌها وٌدعم‬
‫المبالؽة فٌها‪ ،‬وإن ناسبت اَخر فهً مجردة أي تجردت عن المبالؽة ِنها‬
‫ترتد بالعبارة إلى التشبٌه أو على اِلل تذكر به وتحول دون تناسٌه وإن‬
‫ذكر فً عبارة أستعارة ما ٌٕبم طرفٌها المستعار منه والمستعار له‬
‫فأستعارة حٌنبذ مطلمة وكذلن الحال إن خلت مما ٌٕبمهما وِن أستعارة‬
‫تنبنً على تناسً التشبٌه واٌْؽال فً الخٌال فإن الترشٌح هو اِوفك‬

‫(ٔ) ٌُنظررر‪ :‬المنهرراج الواضررح حامررد عررونً جٖ صٕٓ٘ومررا بعرردها بتصرررؾ‪ ،‬المكتبررة‬
‫اِزهرٌة للتراث‪.‬‬
‫(ٕ) ٌُنظر‪ :‬المنهاج الواضح جٖ صٕٓ٘وما بعدها بتصرؾ‪.‬‬

‫ٔٓٔ‬
‫لطبٌعتها إٔ أن ٌمتضً السٌاق والممام خٕؾ ذلن فاِبلػ حٌنبذ هو‬
‫المتوافك مع السٌاق والخادم للؽرض‪.‬‬
‫ومن شواهد أستعارة المرشحة لول شولً‪:‬‬

‫فٌرررن و شرررالَ ُهن جرررٕ ُء‬


‫َ‬ ‫ترررٌمن‬ ‫رردٌحن ٌرررا رسرررو ُل‬
‫َ‬ ‫لرررً فرررً مر‬
‫فمهرررررور ُهن شرررررفاعةٌ حسرررررنا ُء‬ ‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررابس‬
‫لبلرت تكر ُ‬
‫مرا‬ ‫َ‬ ‫الحسان فإن‬ ‫ُ‬ ‫هن‬‫عر‬

‫فإنه شبه المصابد بالعرابس‪ ،‬ولما استعار العرابس للمصابد أتبع ذلن‬
‫بما ٌٕبم المستعار منه بموله‪( :‬تٌمن فٌن ‪ -‬شالهن جٕء ‪ -‬هن الحسان ‪-‬‬
‫مهورهن) وهذه أوصاؾ العرابس‪.‬‬
‫ومن شواهد أستعارة المجردة البلٌؽة ٔلتضاء السٌاق لوله تعالى‬
‫ط َمبِنة ٌَؤْتٌِ َها ِر ْزلُ َها َرؼَدا ِ ّمن ُك ِّل َم َكان‬
‫َت ِآمنَة م ْ‬‫للاُ َمثَٕ لَ ْرٌَة َكان ْ‬
‫ب ّ‬ ‫ض َر َ‬
‫‪َ ‬و َ‬
‫صنَعُونَ ‪‬‬ ‫ؾ ِب َما َكانُواْ ٌَ ْ‬ ‫ْ‬
‫اس ال ُجوزِ َوالخ َْو ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫للاِ فَؤ َذالَ َها ّ‬
‫للاُ ِل َب َ‬ ‫َ‬
‫ت ِبؤ ْنعُ ِم ّ‬ ‫فَ َكفَ َر ْ‬
‫(النحل ٕٔٔ)‪.‬‬
‫فمد شبه ما ٌعتري اْنسان من أثر الجوز و الخوؾ وهو (النحافة و‬
‫أصفرار والوهن) باللباس‪ ،‬أي أنه استعار اللباس لما ؼشً اْنسان من‬
‫أثر الجوز و الخوؾ‪ ،‬و عبر باْذالة لٌٕبم المستعار له ِن معناها‪:‬‬
‫أبتٕء بآٔم ذلن‪ ،‬وهً أبلػ من (كساها) لما فٌها من إشعار بالشدة و ِن‬
‫اْدران بالذوق ٌستلزم اْدران باللمس ؤ عكس و كلمة اللباس فٌها دٔلة‬
‫على عموم اِثر‪ .‬ولذا عبر بها دون (طعم)‪.‬‬
‫لال الخطٌب‪ :‬إن المراد باْذالة إصابتهم بما استعٌر له اللباس كؤنه‬
‫لال‪ :‬فؤصابها هللا بلباس الجوز والخوؾ‪ .‬لال الزمخشري‪" :‬اْذالة جرت‬
‫عندهم مجرى الحمٌمة لشٌوعها فً البٌٕا والشدابد وما ٌمس الناس منها؛‬
‫فٌمولون‪" :‬ذاق فٕن البإس والضر‪ ،‬وأذاله العذاب" شبه ما ٌدرن من أثر‬
‫الضر واِلم بما ٌدرن من طعم المر والبشع" (‪.)1‬‬

‫(ٔ) ٌُنظر‪ :‬بؽٌة اٌْضاح جٖ صٕٔٔ‪.‬‬

‫ٕٓٔ‬
‫ومن شواهد أستعارة المطلمة التً خلت عن مٕبم الطرفٌن معا لول‬
‫المتنبً‪:‬‬

‫لٌرررث الشررررى ٌرررا حمرررام‪ٌ ،‬رررا‬ ‫ٌررا برردر‪ٌ ،‬ررا بحررر‪ٌ ،‬ررا ؼمامررة‪،‬‬
‫رجررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررل‬ ‫ٌرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررا‬
‫حٌث استعار (البدر‪ ،‬والبحر‪ ،‬والؽمامة‪ ،‬ولٌث الشرى‪ ،‬والحمام) للممدوح‪،‬‬
‫والنداء لرٌنة مانعة من إرادة المعنى الحمٌمً‪ ،‬ولم ٌصرح فً البٌت بصفة‬
‫تٕبم المشبه المستعار له أو المشبه به المستعار منه‪ ،‬حٌث التصر على‬
‫نداء اللفظ المستعار دون زٌادة‪.‬‬
‫ومن شواهد أستعارة المطلمة التً ذكر فٌها ما ٌٕبم الطرفٌن لول جمٌل‬
‫بثٌنة‪:‬‬

‫ظرررواهر جلررردي وهرررو للملرررب‬ ‫رمتنررً بسررهم رٌشرره الكحررل لررم‬


‫جررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررارح‬ ‫ضرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر‬
‫ٌَ ِ‬
‫حٌث شبه نظرتها إلٌه بالسهم الصابب للملوب‪ ،‬بجامع التؤثٌر فً الهدؾ فً‬
‫كل‪ ،‬واستعار السهم للنظرة الماتلة على سبٌل أستعارة التصرٌحٌة‪ ،‬ولو‬
‫نظرت إلى الصورة لوجدت أن الشاعر ذكر فٌها ما ٌناسب كٕ من المشبه‬
‫المستعار له والمشبه به المستعار منه‪ ،‬فالذي ٌناسب النظرة هو لوله "‬
‫الكحل " والذي ٌناسب السهم لوله "رٌشه " فلما ذكرت " لرابن" تٕبم‬
‫المستعار له والمستعار منه ألحمت الصورة بأستعارة المطلمة ولم تلحك‬
‫بالمجردة‪ ،‬ؤ المرشحة‪.‬‬
‫المٌمة البالغٌة لالستعارة ‪.‬‬
‫لٕستعارة مكانة عالٌة فً البٕؼة العربٌة بسبب ما تفٌده من المبالؽة مع‬
‫اٌْجاز‪ ،‬ولمدرتها على بث الحٌاة فً الجمادات‪ ،‬وتجسٌم المعنوٌات‬
‫وباختصار فإنها تعمل على خلك عوالم جدٌدة‪ ،‬ودمج الكابنات بعضها فً‬
‫بعض‪.‬‬

‫ٖٓٔ‬
‫تدرٌبات على الستعارة‬
‫سٔ‪ :‬اختر اْجابة الصحٌحة مما بٌن اِلواس‪:‬‬
‫أ‪ -‬أستعارة التً ٌصرح فٌها بلفظ المشبه به تسمى بـ‪...‬‬
‫(التصرٌحٌة – المكنٌة – التبعٌة – المرشحة)‬
‫ب‪ -‬حذؾ المشبه به فً أستعارة والرمز إلٌه بشًء من لوازمه ٌسمى بأستعارة‬
‫(التخٌٌلٌة – المكنٌة – الوفالٌة – المجردة)‬
‫ج‪ -‬إثبات ٔزم المشبه به للمشبه ٌسمى بأستعارة‪...‬‬
‫(العنادٌة – اِصلٌة – التخٌٌلٌة – المطلمة)‬
‫د‪ -‬اللفظ المركب المستعمل فً ؼٌر ما وضع له ٌسمى بأستعارة‪...‬‬
‫(العامٌة – المفردة – التمثٌلٌة –التهكمٌة)‬
‫ه‪ -‬السببٌة هً إحدى عٕلات المجاز‪...‬‬
‫(المركب – العملً – المرسل – اللؽوي)‬
‫سٕ‪ :‬وضح الممصود بالمصطلحات البٕؼٌة اَتٌة‪:‬‬
‫أ‪ -‬المجاز اللؽوي ب‪ -‬المجاز المرسل ج‪ -‬أستعارة التصرٌحٌة د‪-‬‬
‫أستعارة المكنٌة ه‪ -‬أستعارة التمثٌلٌة‪.‬‬
‫سٖ‪ :‬حدد موطن الشاهد فٌما ٌؤتً‪ ،‬مبٌنا سبب أستشهاد‪:‬‬
‫ور‬‫ض ُه ْم ٌَ ْو َمبِذ ٌَ ُمو ُج فًِ بَ ْعض َونُ ِف َخ فًِ الص ِ‬ ‫‪ -‬لوله تعالى‪َ ( :‬وت ََر ْكنَا بَ ْع َ‬
‫فَ َج َم ْعنَا ُه ْم َج ْمعا) (الكهؾ‪)77 :‬‬
‫ْص ُر‬ ‫ان لَا َل أ َ َح ُد ُه َما إِ ِنًّ أ َ َرانًِ أَع ِ‬‫سِجْنَ فَت َ ٌَ ِ‬
‫‪ -‬لول هللا تعالى‪َ ( :‬و َد َخ َل َم َعهُ ال ّ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫خ َْمرا َولَا َل ْاَخ َُر إِ ِنًّ أ َ َرانًِ أَحْ ِم ُل فَ ْوقَ َرأ ِسً ُخبْزا ت َؤ ُك ُل الطٌ ُْر ِم ْنهُ نَ ِبّبْنَا‬
‫بِت َؤ ْ ِوٌ ِل ِه إِنا ن ََرانَ ِمنَ ْال ُمحْ ِسنٌِنَ ) (ٌوسؾ‪)ٖٙ :‬‬
‫ع َد الرحْ َم ُن‬ ‫‪ -‬لوله تعالى‪َ ( :‬لالُوا ٌَ َاو ٌْ َلنَا َم ْن بَ َعثَنَا ِم ْن َم ْر َل ِدنَا َه َذا َما َو َ‬
‫سلُونَ ) (ٌس‪ )ٕ٘ :‬إجابة سٔ‪:‬‬ ‫ص َدقَ ْال ُم ْر َ‬
‫َو َ‬
‫أ‪ -‬التصرٌحٌة‪ .‬ب‪ -‬المكنٌة‪ .‬ج‪ -‬التخٌٌلٌة‪ .‬د‪ -‬التمثٌلٌة‪ .‬هـ‪ -‬المرسل‪.‬‬

‫ٗٓٔ‬
‫أهداف الممرر‬
‫أن يتعرف الطالب على مفهىم الكناية في اللغة وفي اصطالح البالغييه‪،‬‬
‫وأشهر العلماء الذيه تحدّثىا عنها‪.‬‬
‫أن ٌمؾ الطالب على أهمٌة الكناٌة‪ ،‬وخصابصها وأسرارها البٕؼٌة‪،‬‬
‫والفرق بٌنها وبٌن المجاز‪.‬‬
‫ً لرآنا وسنة‪ ،‬وفً‬
‫أن ٌعً الطالب مسالن الكناٌة ودروبها فً البٌان العل ّ‬
‫البٌان اِدبً شعرا ونثرا‪.‬‬
‫أن ٌستطٌع الطالب التفرلة بٌن الكناٌة والتعرٌض من جهة‪ ،‬وبٌن التلوٌح‬
‫والرمز واْشارة من جهة أخرى‪.‬‬
‫أن ٌتمكن الطالب من استخدام الكناٌة وتطبٌمها على كٕم ٌتذوله‪ ،‬أو ٌنشبه‪.‬‬
‫أن ٌتمن الطالب استخدام أسوب الكناٌة فً الدعوة والتدرٌس عن اِسلوب‬
‫الموجز الممنع الممتع‪.‬‬
‫أن ٌمتدي الطالب بؤسٕفه وما كانوا علٌه من حشمة وأدب‪ ،‬وما كانت علٌه‬
‫المجتمعات الرالٌة من أعراؾ‪.‬‬
‫أن ٌتمكن الطالب من مخاطبة حاسة الوجدان الدٌنٌة بلؽة الجمال الفنٌة‪.‬‬

‫٘ٓٔ‬
‫الكناٌة‬
‫نشأتها وأشهر العلماء الذٌن تحدّثوا عنها‬
‫الكناٌة من فنون البٕؼة الجمٌلة‪ ،‬والهدؾ منها التعبٌر عن المعنى‬
‫الممصود‪ ،‬والوصول إلى الؽرض المنشود بؤسهل الطرق وأوجزها وألربها‬
‫دون إٌذاء لمشاعر اَخرٌن‪.‬‬
‫والكناٌة فً اللؽة‪ :‬الستر والخفاء‪ٌ ،‬مال‪ :‬كنٌت الشًء إذا سترته وتركت‬
‫التصرٌح به‪ ،‬فالمتكلم بؤسلوب الكناٌة ٌتكلم بشًء وٌرٌد ؼٌره‪.‬‬
‫الكناٌة فً أصطٕح‪ :‬لفظ أ ُط ِلك وأرٌد به ٔزم معناه مع جواز إرادة‬
‫المعنى الحمٌمً مع ٔزمه‪.‬‬
‫شرح التعرٌؾ‪ :‬لوله (لفظ) ‪ٌ :‬شمل الحمٌمة والمجاز والكناٌة‪( ،‬وأرٌد‬
‫به ٔزم معناه) ‪ٌ :‬خرج الحمٌمة؛ ِن الحمٌمة لفظ ٌراد به المعنى اِصلً ‪،‬‬
‫والمجاز ٔبد فٌه من لرٌنة مانعة من إرادة المعنى الحمٌمً‪.‬‬
‫فالكناٌة ٌجوز فٌها الجمع بٌن المعنى الحمٌمً والمعنى الٕزم له‪.‬‬
‫وذلن كمول امرئ المٌس فً معلمته‪:‬‬

‫عر ْ‬
‫ررن‬ ‫ررك َ‬ ‫تطر ْ‬ ‫نَبُرررو ُم الضررر َحى لَررر ْم ت َ ْن ِ‬ ‫ررن فَر ْرروقَ‬
‫الم ْسر ِ‬ ‫ررت ِ‬ ‫ررحً فَتٌِر َ‬ ‫ضر ِ‬ ‫َوت ُ ْ‬
‫ل‬
‫بؤعمال‬ ‫هذه َهاالمرأة تفَؼنٌة‪ ،‬مترفة لها من ٌموم‬
‫ضررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر ِ‬ ‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر‬
‫ٌرٌد الشاعر أن ٌمول‪:‬‬ ‫فِ َرا ِشر‬
‫بٌتها‪ ،‬وأنها لم تلبس المنطمة بعد تفضل أي لم تصر عزٌزة بعد ذلة‪ ،‬بل‬
‫منعمة عزٌزة منذ كانت‪.‬‬
‫وفً البٌت ثالث كناٌات‪:‬‬
‫(فتٌت المسن) كناٌة عن الترؾ والثراء والؽنى‪.‬‬
‫(نبوم الضحى) ‪ :‬كناٌة عن أن هذه المرأة لها من ٌخدمها وٌموم بؤعمال‬
‫بٌتها‪.‬‬
‫(لم تنتطك عن تفضل) كناٌة عن أنها ؼٌر ممتهنة فهً مصونة‪.‬‬

‫‪ٔٓٙ‬‬
‫وهذه الكناٌات الثٕث ٌجوز فٌها الجمع بٌن المعنى الحمٌمً والمعنى‬
‫الكنابً‪.‬‬
‫فٌجوز أن ٌكون المسن متناثرا فوق فراشها وهً ؼنٌة ثرٌة‪ ،‬وتنام إلى‬
‫الضحى وعندها من ٌموم بخدمتها‪ ،‬وهً ٔ تلبس ثوبا واحدا للعمل فهً‬
‫ؼٌر خادمة ؤ ممتهنة‬
‫وكمول الخنساء فً رثاء أخٌها صخر‪:‬‬

‫ررررر الرمرررررا ِد ِإ َذا َمرررررا َ‬


‫شرررررتَا‬ ‫كثٌر ُ‬ ‫َ‬
‫ط ِوٌررر ُل الن َجرررا ِد َرفٌِررر ُع ال ِع َمرررا ِد‬
‫فالشاعرة وصفت أخاها بثٕث صفات ترٌد بذلن أن تثبت له (الشجاعة‬
‫والسٌادة والكرم)؛ ولكنها لم تصرح بذلن بل كنت عنها‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬فطول النجاد كناٌة عن (الشجاعة)؛ ِنه ٌلزم من طول حمالة السٌؾ‬
‫طول لامة صاحبه‪ ،‬وٌلزم من طول الجسم الشجاعة‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬ورفٌع العماد كناٌة عن (السٌادة والشرؾ)‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬وكثٌر الرماد كناٌة عن (الكرم والجود)‪.‬‬
‫والكناٌات الثٕث ٔزمة للمعنى الحمٌمً‪ ،‬ؤ مانع أن تكون الخنساء أرادت‬
‫المعانً الحمٌمٌة مع المعانً الٕزمة لها فٌكون‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬طوٌل حمٌمة وشجاعا‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬رفٌع اِبنٌة حمٌمة وسٌدا شرٌفا‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬كثٌر الرماد حمٌمة وجوادا كرٌما مضٌافا‪.‬‬
‫ولٌس معنى جواز إرادة المعنى الحمٌمً مع المعنى الكنابً أن ٌظهرا معا‬
‫دابما‪ ،‬وإنما معناه أن تجوز إرادته عندما نمصد ذلن أحٌانا‪ ،‬فؽالبا عندما‬
‫ترٌد المعنى الكنابً للفظ ٌتوارى المعنى الحمٌمً له‪.‬‬
‫كما أنه ٔ ٌجوز فً كل كناٌة إرادة المعنى الحمٌمً؛ ِنه ؼٌر متحمك فً‬
‫الوالع‪ ،‬فإرادة المعنى الحمٌمً جابزة فمط ولٌست واجبة ؤ ٔزمة‪.‬‬
‫علَى ْالعَ ْر ِش ا ْست ََوى) (طه‪)٘ :‬‬
‫فعندما نمرأ لوله تعالى‪( :‬الرحْ َم ُن َ‬
‫‪ٔٓ7‬‬
‫نجد أن أستواء كناٌة عن أستٌٕء والسٌطرة‪ ،‬ؤ ٌجوز هنا إرادة المعنى‬
‫الحمٌمً؛ ِن (استوى) معناه الحمٌمً (جلس)‪ ،‬والجلوس ٔ ٌجوز على هللا‬
‫سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫ت أ َ ٌْدٌِ ِه ْم َولُ ِعنُواْ بِ َما لَالُواْ َب ْل‬ ‫ت ْال ٌَ ُهو ُد ٌَ ُد ّ ِ‬
‫للا َم ْؽلُولَةٌ ُ‬
‫ؼل ْ‬ ‫ولوله تعالى‪َ ( :‬ولَالَ ِ‬
‫نز َل ِإلٌَْنَ ِمن ر ِبّنَ‬ ‫ْؾ ٌَشَاء َولٌََ ِزٌ َدن َكثٌِرا ِ ّم ْن ُهم ما أ ُ ِ‬ ‫َان ٌُن ِف ُك َكٌ َ‬ ‫طت ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ٌَ َداهُ َم ْب ُ‬
‫ضاء إِلَى ٌَ ْو ِم ْال ِمٌَا َم ِة ُكل َما أ َ ْولَدُواْ‬ ‫ط ْؽٌَانا َو ُك ْفرا َوأ َ ْلمَ ٌْنَا بَ ٌْنَ ُه ُم ْالعَ َد َاوة َ َو ْالبَ ْؽ َ‬ ‫ُ‬
‫للاُ َٔ ٌ ُِحب ْال ُم ْف ِسدٌِن)‬ ‫سادا َو ّ‬ ‫ض فَ َ‬ ‫للاُ َو ٌَ ْس َع ْونَ فًِ اِ َ ْر ِ‬ ‫طفَؤَهَا ّ‬ ‫ب أَ ْ‬
‫نَارا ِلّ ْل َح ْر ِ‬
‫(المابدة‪)ٙٗ :‬‬
‫و(ٌد هللا مؽلولة) كناٌة عن (البخل) و(ٌداه مبسوطتان) كناٌة عن الجود‪،‬‬
‫ؤ ٌجوز إرادة المعنى الحمٌمً هنا؛ ِن الٌد بمعناها الحمٌمً وهو‬
‫(الجارحة) ٌستحٌل ثبوتها هلل‪.‬‬
‫فالكناٌة على هذا تعبٌر ٔ ٌمصد منه المعنى الحمٌمً‪ ،‬و إنما ٌمصد به معنى‬
‫مٕزم للمعنى الحمٌمً‪.‬‬
‫أو هً‪ :‬تعبٌر استعمل فً غٌر معناه األصلً(الخٌالً) الذي وضع له مع‬
‫جواز إرادة المعنى األصلً الحمٌمً‪.‬‬
‫فالؽُل كناٌة عن (البخل)؛ ِن جماعة كانوا متمولٌن فكذّبوا النّبً –‬
‫فكؾ هللا عنهم ما أعطاهم‪ ،‬وهو سبب نزولها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫صلى هللا علٌه وسلم‪،-‬‬
‫ؼلّت أٌدٌهم) ٌُحمل على المجاز على وجه الدعاء‪ ،‬والمطابمة للفظ‪،‬؛‬ ‫ولوله ( ُ‬
‫ولهذا لٌل‪ :‬إنهم أبخل خلك هللا‪ ،‬والحمٌمة أنهم تُؽل أٌدٌهم فً الدّنٌا‪ ،‬باِسار‪،‬‬
‫َان)‪ ،‬كناٌة عن‬ ‫سو َ‬
‫طت ِ‬ ‫وفً اَخرة بالعذاب وإؼٕل النار‪ ،‬ولوله‪( :‬بَ ْل ٌَ َداهُ َم ْب ُ‬
‫خاء والجود‬
‫س ِ‬ ‫كرمه‪ ،‬وثنى الٌد وإن أُفردت فً أول اٌَة؛ لٌكون أبلػ فً ال ّ‬
‫(‪)1‬‬

‫و هكذا استطاعت الكناٌة أن تنمل المعنى نمٕ لوٌا مإثرا‪ ،‬ثم تؤمل التٕزم‬
‫الوثٌك الذي ٔ ٌتخلؾ أبدا بٌن التعبٌر ‪ :‬المعنى اِصلً و المعنى الكنابً و‬

‫(ٔ) البرهان فً علوم المرآن لبدر الدٌن دمحم بن عبد هللا الزركشً ٕ‪0ٕ /‬‬

‫‪ٔٓ8‬‬
‫هذا التٕزم والتٕإم ٌدلن على أن المعنى الكنابً ٌٔمكن تؤدٌته و تصوٌره‬
‫إٔ بهذا التعبٌر‪ ،‬و أن هذا التعبٌر ٔ ٌصلح إٔ لهذا المعنى‪ .‬هل فً ممدور‬
‫البشر أن ٌحاكوا هذا اِسلوب ؟!‬
‫لتوضٌح الكٕم السابك بمثال ٌمال‪( :‬فٕن ٌده نظٌفة)‪ ،‬من الواضح أن‬
‫المعنى الحمٌمً هنا لٌس ممصودا‪ ،‬وهو ؼسل الٌد و نظافتها من اِلذار‪،‬‬
‫وإنما ٌمصد المعنى الخٌالً المٕزم لذكر هذه العبارة الذي ٌتولد وٌظهر فً‬
‫ذهننا من‪( :‬العفة أو اِمانة‪ ،‬أو النزاهة أو الترفع أو نماء الضمٌر)‪ ،‬وما‬
‫شابه ذلن من المعانً المجردة حسب سٌاق الحدٌث‪ ،‬وهذه الكناٌة معنى‬
‫مٕزم للمعنى الحمٌمً‪.‬‬
‫علَى ٌَ َد ٌْ ِه) (الفرلان‪ :‬من‬
‫ومثال ذلن أٌضا لوله تعالى‪َ ( :‬وٌَ ْو َم ٌَعَض الظا ِل ُم َ‬
‫اٌَة ‪.)ٕ9‬‬
‫لو تؤملنا اٌَة السابمة نجد أن الممصود من هذه اٌَة لٌس المعنى الحمٌمً‬
‫وهو (عض الٌدٌن)‪ ،‬وإنما ٌمصد المعنى الخٌالً المٕزم لذكر هذه اٌَة‬
‫ٌتولد وٌظهر فً ذهننا من (الندم الشدٌد)؛ حٌث إن من ظلم نفسه‬ ‫الذي ّ‬
‫بكفره باهلل ورسوله ولم ٌستجب لدعوة اٌْمان ٌرى مصٌره المرعب ٌوم‬
‫المٌامة أٔ وهو النار فٌندم على ما كان منه فً الحٌاة فً ولت ٔ ٌنفع فٌه‬
‫الندم‪ ،‬فٌعض على ٌدٌه‪.‬‬

‫‪ٔٓ9‬‬
‫أنواع الكناٌة‬
‫أول‪ -‬أنواع الكناٌة باعتبار اللَّفظ المكنى عنه‬
‫ً‬
‫ٔ‪ -‬الكناٌة عن صفة‪:‬‬
‫وهً أن ٌصرح بالموصوؾ وبالنسبة إلٌه ؤ ٌصرح بالصفة‬
‫س ِم َ‬
‫ط فًِ‬ ‫المرادة‪ ،‬ولكن ٌذكر مكانها صفة تستلزمها‪ ،‬كموله تعالى‪َ ( :‬ولَما ُ‬
‫ضلوا) (اِعراؾ‪ ،)ٔٗ7 :‬فاٌَة كناٌة عن ندمهم أشد‬ ‫أ َ ٌْ ِد ِه ْم َو َرأَوا أَن ُه ْم لَ ْد َ‬
‫الندم على عبادتهم العجل‪ ،‬وٌمال للنادم المتحٌر‪ :‬سمط فً فمه؛ِن من شؤن‬
‫اْنسان إذا اشتد ندمه على شًء أن ٌعض ٌده‪ ،‬فتصٌر ٌده مسموطا فٌها؛‬
‫(‪)1‬‬
‫ِن فمه ولع فٌها‬

‫علَى‬
‫ومن التعبٌر الكنابً فً النظم المرآنً لوله تعالى‪َ ( :‬وٌَ ْو َم ٌَ َعض الظا ِل ُم َ‬
‫سبٌِٕ) (الفرلان‪)ٕ9 :‬‬ ‫ٌَ َد ٌْ ِه ٌَمُو ُل ٌَا لَ ٌْتَنًِ ات َخ ْذتُ َم َع الر ُ‬
‫سو ِل َ‬
‫فعض الٌدٌن كناٌة عن صفتً (الندم والتحسر)‪ ،‬فصفة الندم لم تُذكر‬
‫بلفظها ونصها‪ ،‬وإنّما أشٌر إلٌها بعض الٌدٌن‪ ،‬وهذا ٌستلزم الندم واِسؾ‬
‫والتحسر‪.‬‬
‫ومن ال ُمٕحظ أن الندم شًء معنوي عملً ٔ ٌُرى بالحس الذي أداته‬
‫فً هذا الموضع الكناٌة‪ ،‬ولكن النظم المرآنً برٌشة الكناٌة استطاز‬
‫تصوٌره فً صورة حسٌة من والع حٌاتنا الٌومٌة وتصرفاتنا السلوكٌة التً‬
‫نراها ونشاهدها‪ ،‬وهً صورة من ٌعض ٌدٌه؛ لتكون أولع فً النفس‪،‬‬
‫وأثبت فً الذهن‪ ،‬وألصك بالفإاد‪.‬‬
‫ونلحظ هنا مدى وضوح الدٔلة والعٕلة بٌن المعنى ال َمكنى‬
‫والمكنى عنه‪ ،‬وهو الضرر واِلم الذي ٌلحك بكل‪ ،‬والعٕلة بٌن (عض‬
‫عرؾ عن‬ ‫الٌدٌن) و(التحسر والندم) هً (التٕزم) الذي ٌرجع إلى ما ُ‬

‫(ٔ) المرآن إعجازه وبٕؼته د‪ /‬عبد المادر حسٌن ص ٕٕ نمٕ عن الزمخشري‬

‫ٓٔٔ‬
‫سرا على‬
‫عض على ٌدٌه؛ ُمتح ِ ّ‬
‫ّ‬ ‫عرؾ عنه إذا ما ندم‬
‫اْنسان وطباعه‪ ،‬فمد ُ‬
‫ما فات‪.‬‬
‫ؤ شن أن الكناٌة المرآنٌة هنا بٌّنت مدى اِلم النفسً الذي ٌعانٌه‬
‫جراء‬
‫سر ّ‬
‫المتح ّ‬
‫صر من طاعات وعبادات‪.‬‬
‫ظلمه لنفسه بما فرط ول ّ‬
‫صرٌح‪.‬‬
‫كما أنها أوجز تعبٌرا‪ ،‬وأوضح تصوٌرا من ذكر المعنى ال ّ‬
‫ومن الكناٌة عن صفة لوله تعالى ( َؤ تَجْ عَ ْل ٌَدَنَ َم ْؽلُولَة إِلَى ُ‬
‫عنُمِنَ َؤ‬
‫ْط) (اْسراء‪ )ٕ7 :‬فموله‪ٌَ ( :‬دَنَ َم ْؽلُولَة) كناٌة عن صفة‬ ‫ط َها ُكل ْال َبس ِ‬
‫س ْ‬
‫ت َ ْب ُ‬
‫ْط) ‪ :‬كناٌة عن صفة التبذٌر‪.‬‬ ‫ط َها ُكل ْالبَس ِ‬
‫س ْ‬
‫(البخل) ولوله‪َ ( :‬ؤ ت َ ْب ُ‬
‫فالٌد المؽلولة كناٌة عن البخل‪ ،‬صوره المولى ‪-‬تبارن وتعالى ‪-‬فً‬
‫صورة لوٌة منفرة للتنفٌر من هذه الصفة الذمٌمة البؽٌضة‪ ،‬فهذه الٌد التً‬
‫ؼلّت إلى العُنك ٔ تستطٌع أن تمتد‪ ،‬وهو بذلن ٌرسم صورة حسٌة مشاهدة‬ ‫ُ‬
‫للبخٌل الذي ٔ تستطٌع ٌده أن تمتد بالعطاء واْنفاق‪.‬‬
‫ولد جسدت الكناٌة هنا المعنى المجرد‪ ،‬وأبرزته فً صورة حسٌّة‬
‫ملموسة تزخر بالحركة والحٌاة‪ ،‬حٌث أبرز النظم الكنابً معنى البخل فً‬
‫صورة الٌد المشدودة إلى العنك الممٌّد ِة به‪ ،‬وهً صورة لبٌحة تنفر منها‬
‫النفوس وتشمبز‪ ،‬فتُمبل على البذل والعطاء‪.‬‬
‫ْط) تعبٌر كنابً ٌصور لنا صورة‬ ‫ط َها ُكل ْال َبس ِ‬
‫س ْ‬
‫كما أن لوله ( َؤَ ت َ ْب ُ‬
‫هذا المبذر‪ ،‬الذي ٔ ٌبمً من ماله على شًء‪ ،‬كهذا الذي ٌبسط ٌده فٕ ٌبمى‬
‫بها شًء‪.‬‬
‫والكناٌتان معا بتمابلهما على هذه الصورة‪ ،‬تزداد فٌهما المدرة البٕؼٌة فً‬
‫هذا التجاوز‪ ،‬لٌبرز هذا التنالض على أشده فً صورة إنسان لد ُربطت ٌدّه‬
‫ك فٌها‬‫إلى عنمه فٕ ٌستطٌع تحرٌكها‪ ،‬وآخر لد م ّد ٌده‪ ،‬وبسط كفه فلم ٌب ِ‬
‫شٌبا‪.‬‬
‫كما أن فً ذلن تصوٌرا للحالة النفسٌة لهذا البخٌل ٌوم المٌامة من‬
‫ضٌك وألم وحسرة على ما ضٌع على نفسه من حسنات‪ ،‬ممابل الضٌك‬

‫ٔٔٔ‬
‫عنمه فهو فً حالة‬
‫النفسً الذي ٌعانٌه حمٌمة من تكون ٌده مؽلولة إلى ُ‬
‫اختناق شدٌد وهم وؼم لتمٌٌد عضو الحركة فٌه وهو الٌد‪.‬‬
‫كذلن صورة باسط الٌد الذي لم ٌبك فً ٌده شًء لٌنفعه‪ ،‬فمد ضٌع بذلن‬
‫حسنات اَخرة كما ضٌع ما كان فً ٌده فً الدنٌا‪.‬‬
‫فالمولى – سبحانه – ٌو ّجهنا فً هذه اٌَة الكرٌمة عن طرٌك التعبٌر‬
‫بالٌد فً كناٌته‪ ،‬أن نحفظ الٌد عن تناول الحرام‪ ،‬أو إٌذاء أحد من الفمراء‬
‫والسابلٌن بؽل الٌد بجعلها مؽلولة إلى العنك عن العطاٌا‪ ،‬و ٔ نمبضها عن‬
‫بسطة المكارم‪ ،‬ؤ نمدها بالمسؤلة إلى ؼٌر هللا‪ ،‬وأن نستعملها فً الخٌر‬
‫ومساعدة الفمٌر والضعٌؾ وهذا هو حفظها وتسخٌرها فٌما ُخلمت ِجله‪.‬‬
‫تؤمل الكناٌتٌن تجد فٌهما من روابع البٌان ما ٔ ٌحٌط به فكر إنسان‪،‬‬
‫ففٌهما جمال فً التعبٌر‪ ،‬و روعة فً التصوٌر‪ ،‬و إٌجاز و تؤثٌر و تنفٌر‪.‬‬
‫فالكناٌة اِولى "توحً ببخل كرٌه مصاب عاجز‪ ،‬فٌه بشاعة النمص‪ ،‬ونفرة‬
‫(‪)1‬‬
‫العدم‪"...‬‬

‫حدثنً بربن أٔ ترى أن التعبٌر عن البخل بالٌد المؽلولة إلى العنك‬


‫فٌه تصوٌر محسوس لهذه الخلة المذمومة فً صورة بؽٌضة منفرة ؟ فهذه‬
‫الٌد التً ؼلت إلى العنك ٔ تستطٌع أن تمتد‪ ،‬وهو بذلن ٌرسم صورة‬
‫البخٌل الذي ٔ تستطٌع ٌده أن تمتد بإنفاق و ٔ عطٌة‪.‬‬
‫و التعبٌر ببسطها‪ ،‬فهذا البسط ٌصور هذا المبذر الذي ٔ ٌبمى من ماله‬
‫على شًء كهذا الذي ٌبسط ٌده فٕ ٌبمى بها شًء‪.‬‬
‫ومن ذلن لول الرسول – صلى هللا علٌه وسلم ‪ " -‬ال ُمإْ ِم ُن ٌَؤ ْ ُك ُل فً ِمعى‬
‫س ْب َع ِة ْأم َعاء " (ٕ) فالعبارة اِولى كناٌة عن‬ ‫واحد‪ ،‬وال َكافِ ُر ٌَؤ ْ ُك ُل فً َ‬
‫ِ‬
‫(المناعة)‪ ،‬والثانٌة عن (النهم)‪ ،‬وهما صفتان‪ ،‬والموصوؾ مذكور فً‬
‫العبارتٌن‪ ،‬وكذلن الصفة التً تستلزم الصفة المكنى عنها‪.‬‬

‫(ٔ) التصوٌر البٌانً للدكتور أبو موسى ص ‪ ،ٖ9ٙ‬مكتبة وهبة‪.‬‬


‫(ٕ) رواه أحمد فً مسندة برلم (‪.ٖ0 :ٗ9ٗ )ٕٖٗ07‬‬

‫ٕٔٔ‬
‫ومن ذلن لوله تعالى فً الترؼٌب فً الجنة وما فٌها من ألوان النّعٌم‪،‬‬
‫مراعٌا حاجة النفس البشرٌة ومٌلها إلى ما تصبو إلٌه ( َو ِع ْن َد ُه ْم لَ ِ‬
‫اص َراتُ‬
‫ؾ ِعٌن) (الصافات‪:‬‬
‫الط ْر ِ‬
‫ؾ أَتْ َراب) (ص‪)ٕ٘ :‬‬ ‫‪ )ٗ0‬ولوله‪َ ( :‬و ِعن َد ُه ْم لَ ِ‬
‫اص َراتُ الط ْر ِ‬
‫نس لَ ْبلَ ُه ْم َؤَ َجان)‬ ‫ؾ لَ ْم ٌَ ْ‬
‫ط ِمثْ ُهن إِ ٌ‬ ‫ولوله‪( :‬فٌِ ِهن لَ ِ‬
‫اص َراتُ الط ْر ِ‬
‫(الرحمن‪)٘ٙ :‬‬
‫فمصر الطرؾ كناٌة عن العفة؛ِن المرأة التً تمصر طرفها‪ ،‬وتؽض‬
‫بصرها‪ ،‬ؤ تطمح ببصرها إلى ؼٌر زوجها ٔ شن أنها عفٌفة‪ ،‬والعفة‬
‫صفة من الصفات المعنوٌة‪ ،‬صورتها لنا الكناٌة المرآنٌة فً صورة حسٌّة‬
‫ملموسة‪ ،‬فكان لها تؤثٌرها الممنع‪ ،‬وولعا الممتع‪ ،‬الذي ٔ تراه فً استعمال‬
‫المعنى الصرٌح وهو (عفٌفات)‪ ،‬فكانت الكناٌة هنا باستعمالها فً جارحة‬
‫من جوارح اْنسان فً موضعها اِخص اِشكل‪.‬‬
‫وأود اْشارة هنا إلى بٕؼة الكناٌة ودلتها فٌما رامت إلٌه من معنى‪،‬‬
‫وما هدفت إلٌه من لصد فالحدث حمٌمً بؤبعاده التصوٌرٌة المإثرة المتؤنمة‪،‬‬
‫ولكننا نرى ما فً الوصؾ والتعبٌر عن النساء‪ ،‬بماصرات الطرؾ‪ ،‬ولٌس‬
‫فً طرفهن لصور‪ ،‬من التراصؾ البٌانً المرتبط بإثارة النفس للتعلك بمن‬
‫تنطبك علٌه هذه العبارة أو تتحمك فٌه هذه اِوصاؾ التً تطمبن إلٌها‬
‫النّفس اْنسانٌة‪ ،‬وتهش إلٌه الذات البشرٌة‪ ،‬وٌتطلّع إلٌها الخٌال ُم ّ‬
‫تشولا مع‬
‫ورلَ ِة الترؼٌب‪ ،‬فمد وصؾ نساء الجنّة‬ ‫نماء الصورة‪ ،‬ولُطؾ أستدراج‪ِ ،‬‬
‫بحسن العٌون النّاظرة إلى أزواجها فحسب عفة وطهارة ونماء‪ ،‬دون التردد‬
‫فً النّظر إلى هذا وذان‪.‬‬
‫واستعمل النظم المرآنً ارتداد الطرؾ كناٌة عن السرعة وذلن فً‬
‫لوله تعالى‪( :‬لَا َل الذِي ِعن َدهُ ِع ْل ٌم ّمِنَ ْال ِكت َا ِ‬
‫ب أَنَا آتٌِنَ بِ ِه لَ ْب َل أَن ٌَ ْرت َد ِإلٌَْنَ‬
‫ط ْرفُنَ ) (النمل‪)ٗٓ :‬‬‫َ‬
‫فالّذي عنده علم من الكتاب رجل صالح من علماء بنً اسرابٌل‪ ،‬كان وزٌرا‬
‫لرسول هللا سلٌمان‪ ،‬تعهد بإحضار عرش بلمٌس‪ ،‬لبل أن ٌنطبك الجفن على‬
‫الجفن‪ ،‬وهذا التعبٌر كناٌة عن سرعة اْتٌان به على نحو خارق للعادة "‬

‫ٖٔٔ‬
‫ولد كثر فً كٕم النّاس‪ ،‬واشت ُ ِهر على ألسنتهم لولهم‪ :‬فعل كذا فً طرفة‬
‫عٌن‪ ،‬ولحظة عٌن‪ ،‬حتّى جعلوا اللحظة كناٌة عن الولت من ّ‬
‫الزمن فً‬
‫(‪)1‬‬
‫الخفّة والسرعة"‬

‫ومن الكناٌة عن صفة شعرا لول أبً نُواس‪:‬‬

‫َ‬
‫ررررررررررررٕ ِم‬ ‫ع ْنررررررررررررهُ بِ َ‬
‫س‬ ‫ررررررررررررض َ‬
‫ِ‬ ‫َو ْام‬ ‫َخررررررررررررررر ِّل َج ْنبَ ٌْرررررررررررررررنَ ِلر‬
‫ررررررررررررررر ِام‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ررررررررررررٕ ِم‬‫اء ال َكر‬ ‫ْ‬
‫ررررررررررررن َد ِ‬‫لَرررررررررررررنَ ِمر‬ ‫ت َخ ٌْر ٌ‬
‫ررررررر‬ ‫ررررررم ِ‬
‫اء الصر ْ‬ ‫ُمر ْ‬
‫ررررررت ِبررررررر َد ِ‬
‫ررررررررررررررررم فَررررررررررررررررراهُ ِب ِل َجر‬
‫ررررررررررررررررام‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َجر‬ ‫رررررررررن أ َ ْلررررررررررـ‬
‫ِإن َمررررررررررا السررررررررررا ِل ُم َمر ْ‬

‫ففً هذه اِبٌات كناٌتان‪ ،‬اِولى فً لوله‪( :‬خل جنبٌن لرام) كناٌة عن‬
‫المسالمة‪ .‬والثانٌة فً لوله‪( :‬أ َ ْل َج َم فَاهُ بِ ِل َج ِام) كناٌة عن الصمت والمسالمة‪،‬‬
‫والصمت والمسالمة صفتان‪ ،‬فالكناٌة فٌهما عن صفة‪ ،‬ونٕحظ أن‬
‫الموصوؾ موجود‪ ،‬والنسبة كذلن‪ ،‬وفً الكٕم صفة تستلزم الصفة المكنى‬
‫عنها‪.‬‬
‫ومنه لول المتنبً‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ص ر ْب ُح ُه ْم َوبُ ْسررط ُه ْم تُر ُ‬
‫رراب‬ ‫َو ُ‬ ‫ٌرررررر‬ ‫سرررررا ُه ْم َوبُسْررررر ُ‬
‫ط ُهم َح ِر ٌ‬ ‫فَ ِم َ‬
‫ٌعنً أنهم كانوا فً المساء ٌتصفون بالعز واِمن‪ ،‬ولكنهم أصبحوا‬
‫ٌتصفون بالذل‪ ،‬وهما كناٌتان بدٌعتان‪ ،‬فبسطهم حرٌر كناٌة عن عزهم‬
‫(‪)3‬‬
‫وؼناهم‪ ،‬وبسطهم تراب كناٌة عن ذلهم وفمرهم‪ ،‬ومنه لوله أٌضا‪:‬‬

‫ررررررو ُق َح ٌْر ُ‬
‫ررررررث‬ ‫ق ِإلَ ٌْ َهرررررررا َوالشر ْ‬ ‫ِ‬ ‫ررن أَلَ ِررم‬
‫ت َ ْشررت َ ِكً َمررا ا ْشررت َ َكٌْتُ ِم ْ‬
‫الن ُحررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررو ُل‬ ‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررو‬
‫ْ‬ ‫الش‬

‫(ٔ) عروس اِفراح ضمن شروح التلخٌص ٗ‪ ،ٕٙٔ /‬دار السرور‪ ،‬بٌروت‬
‫(ٕ) دٌوان المتنبً ٔ‪.ٕٖٔ/‬‬
‫(ٖ) السابك ٖ‪ٕٙ9/‬‬

‫ٗٔٔ‬
‫وهً كناٌة بدٌعة كذلن‪ ،‬كنى بها عن صفة‪ ،‬وهً كذب محبوبته‪ٌ ،‬مول إنها‬
‫تشتكً مر الفراق‪ ،‬كما أشتكٌه‪ ،‬ولكنها كاذبة فً شكواها وفً ما تدعٌه من‬
‫شوق‪ ،‬فإن الشوق الصادق ٌبرح بصاحبه فٌجعله نحٌل الجسم‪ ،‬وهذا ما‬
‫أصابنً بالفعل‪ ،‬أما هً فلٌست كذلن‪.‬‬
‫ولول نصٌب بن رباح فً مدح عبد العزٌز بن مروان‪:‬‬

‫ْرررررررر ِه ْم ِمرررررررن ٌَن َ‬


‫ظرررررررا ِهرة ٌ‬ ‫ؼٌ ِ‬ ‫َو َ‬ ‫علَرررررى لَ ْو ِمررررر ِه‬ ‫ِل ِع ْبررررر ِد ْال َع ِزٌر ِ‬
‫ررررز َ‬
‫ررررررررام َرة‬
‫ِ‬ ‫ار َن َمؤ ْ ُهولَرررررررررةٌ َ‬
‫عر‬ ‫َو َد ُ‬ ‫سررررررررر ُع أ َ ْبر َ‬
‫رررررررروا ِب ِه ْم‬ ‫ررررررررن أ َ ْو َ‬
‫فَ َبابُر َ‬
‫ِمررررررنَ اِ ُ ِ ّم بأ ْبنَرررررر ِة الزابِرررررررة‬ ‫ررررررن آَنَر ٌ‬
‫ررررررس ِبرررررررالزابِ ِرٌنَ‬ ‫َو َك ْلبُر َ‬
‫فالبٌت الثالث‪ :‬كناٌة عن صفة (الجود والكرم)‪ ،‬فالكلب دابما ٌنبح على من‬
‫ٔ ٌعرفه‪ ،‬ولكن هإٔء الضٌوؾ الذٌن ٌعٌشون ببٌت الممدوح أصبحوا‬
‫معارؾ عنده ٌؤنس بهم‪ ،‬وٌرحب بمدومهم‪.‬‬
‫ولد أكثر الشعراء من الكناٌة عن الكرم من ذلن لول الشاعر‪:‬‬

‫ررن ُح ِبّرر ِه َو ُه َررو أ َ ْع َجرر ُم‬


‫ٌُ َك ِلّ ُم رهُ ِم ْ‬
‫ْؾ‬
‫ررر الضرررٌ َ‬ ‫صر َ‬ ‫ٌَ َكرررا ُد ِإ َذا َمرررا أ َ ْب َ‬
‫للضٌوؾ ٌكاد ٌكلمهم‪ ،‬وهذا كناٌة عن الكرم‪.‬‬ ‫فالكلب من كثرة مشاهَدته‬ ‫ُم ْمر‬
‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررربِٕ‬
‫ولول الشاعر‪:‬‬

‫َو َٔ أ َ ْبتَرررازُ ِإٔ لَ ِرٌ َبررر ِة اِ َ َج ْ‬


‫رررل‬ ‫َٔ أ ُ َم ِت ّرررررر ُع ْالعُررررررو َذ ِب ْال ِف َ‬
‫صررررررا ِل‬
‫ففً البٌت كناٌتان عن(الكرم)‪ ،‬اِول‪ :‬ذبح الفصال لضٌوفه أو حرمانها‬
‫وعدم تركها لفصالها‪ ،‬والثانٌة شراء لرٌبة اِجل الصالحة للذبح‪.‬‬
‫وعكس ذلن الكناٌة عن البخل لول الشاعر‪:‬‬

‫ؼسْرررررر ُل‬ ‫ُور َو َٔ َ‬ ‫طرررررر ْب ُخ ْالمُررررررد ِ‬ ‫َ‬ ‫طررررررابِخِ َٔ ت َ ْشرررررر ُكو‬‫رررررٌض ْال َم َ‬
‫ُ‬ ‫بِر‬
‫ل‬ ‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر‬
‫الٌابس ِ‪،‬‬ ‫المدورد‪ٌِ،‬ربل ٌكتفون بالخبز‬ ‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررراإهم ٌؽسلون ْال َمنَا‬
‫فالمتحدث عنهم ٔ ٌطبخون‪ ،‬ؤ‬ ‫ِإ َمر‬
‫وهذا كناٌة عن البخل‪.‬‬
‫٘ٔٔ‬
‫وعن نفس المعنى ٌمول آخر‪:‬‬

‫رررر ِش ِب ْل ِمررررٌس‬
‫أ َ ْشررربَهُ شرررًء ِب َع ْ‬ ‫َم ْ‬
‫طرررررربَ ُخ َد ُاو ُد فِررررررً نَ َ‬
‫ظافَتِرررررر ِه‬
‫ٌس‬ ‫ص ر ُع َب ٌَاضررا ِمررنَ ْالمَر َرر ِ‬
‫اط ِ‬ ‫أ َ ْن َ‬ ‫َت‬ ‫اخررررر ِه ِإ َذا ات َ‬
‫سرررررخ ْ‬ ‫رررراب َ‬
‫طب ِ‬ ‫ثِ ٌَر ُ‬
‫ومن كناٌات العرب عن الفمر‪:‬‬
‫إذا كنت كاذبا فحلبت لاعدا‪ ،‬أي ذهبت إبلن فحلبت الؽنم‪.‬‬
‫وإذا كنت كذوبا فشربت ؼبولا (‪ )1‬باردا‪.‬‬

‫أي هلكت ماشٌتن فشربت ماء باردا‪.‬‬


‫(فٕن ٌمشً على ثٕثة)‪ ،‬كناٌة عن كبر السن والضعؾ‪.‬‬
‫(فٕن لوت اللٌالً كفه على العصا)‪ ،‬كناٌة عن الهرم والكبر‪.‬‬
‫(للع فٕن أسنانه) كناٌة عن التجربة والحنكة‪.‬‬
‫و(فٕن ٔ ٌرى ؼٌره) كناٌة عن الكبر واْعجاب بالنفس‪.‬‬
‫(فٕن منخرق الجٌب) كناٌة عن كثرة اْنفاق‪.‬‬
‫(فٕن ألمى سٕحه) كناٌة عن أستسٕم‪.‬‬
‫(لوي الساعد مفتول العضٕت)‪ ،.‬كناٌة عن الموة‪.‬‬
‫(رابط الجؤش) كناٌة عن الشجاعة ‪ ،‬والثبات فً الحرب‪.‬‬
‫فٕن نمً الثوب‪ :‬كناٌة عن النزاهة والطهارة‪.‬‬
‫ولولن‪( :‬نحن أمة ٔ نملن للم الرصاص)‪ ،‬كناٌة عن حرٌة التعبٌر‪.‬‬
‫(نحن أمة ٔ تملن سكٌنا) كناٌة عن الضعؾ‪.‬‬
‫ولولن‪( :‬ما أضٌع الذٌن ٌطؤطبون الجباه لؽٌر هللا)‪ ،‬فمد ذُ ِكر الموصوؾ‪،‬‬
‫وذُ ِكرت له صفة‪ ،‬وأردت ٔزمها وهو الذل‪.‬‬

‫(ٔ) والؽبوق‪ :‬ما شربته من اللبن بالعشً‪.‬‬

‫‪ٔٔٙ‬‬
‫وكمولنا‪ :‬الطالبة ٔ تفارق كتابها‪ ،‬كناٌة عن صفة أجتهاد‪.‬‬
‫ومن جمٌل الكناٌات لول حسان بن ثابت‪:‬‬

‫ررر الرررذِي فٌِررر ِه‬ ‫طلَررر ِل ْالمَ ْبر ِ‬ ‫علَرررى َ‬ ‫َ‬ ‫ؾ ْال َعرررٌ ُْن‬ ‫ررت ُولُوفَرررا تَررر ْذ ُر ُ‬ ‫طالَر ْ‬ ‫أَ َ‬
‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر ُُدد‬ ‫أ َ ْحم‬ ‫ررروهلَا‬
‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر َد‬ ‫ُج ْه‬
‫ِب َٕ َ ٌد ث َ َوى فٌِ َها الر ِشٌ ُد ْال ُم َ‬
‫س ّد‬ ‫سر ِ‬ ‫رررر الر ُ‬ ‫رررت ٌَررررا لَ ْبر ِ‬ ‫ُور ْكر َ‬ ‫فَب ِ‬
‫صررررردْق‪ِ ،‬إ ْن ٌ ُِطٌعُررررروهُ‬ ‫ُم َع ِلّررررر ُم ِ‬ ‫رك َجا ِهرد ْا‬ ‫ُور َل َك ُه ْم ٌَ ْهردٌِ ُه ُم ْال َح ُ‬
‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررت‬ ‫ِإ َو َمبا ٌم ِ‬
‫ُوا‬
‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررعَد‬
‫صلى‬ ‫سر الحزن على الرسول –‬ ‫الشطر اِول من البٌت اِول كناٌة عن ٌَ ْ‬
‫شدة‬
‫هللا علٌه وسلم‪ ،-‬والشطر الثانً منه‪ ،‬كناٌة عن عظمة لبر الرسول – صلى‬
‫هللا علٌه وسلم‪.‬‬
‫ت ِب َٕ ٌد ث َ َوى ِفٌ َها الر ِشٌ ُد ْال ُم َ‬
‫س ّددُ‪ ،.‬كناٌة عن عظمة المدٌنة‬ ‫ُور َك ْ‬
‫ولوله‪َ :‬وب ِ‬
‫س ّد ُد) كناٌة عن موصوؾ‪ ،‬وهو الرسول –‬ ‫المنورة‪ ،.‬ولوله‪( :‬الر ِشٌ ُد ْال ُم َ‬
‫صلى هللا علٌه وسلم‪.‬‬
‫والبٌت الثالث‪ :‬كناٌة عن أهمٌة دور الرسول فً الهداٌة‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬الكناٌة عن موصوف‬
‫الكناٌة عن موصوؾ‪ :‬أن ٌصرح فٌها بالصفة وبالنسبة‪ ،‬ولكن الموصوؾ‬
‫المطلوب بالكناٌة ٔ ٌصرح به‪ ،‬وإنما ٌذكر مكانه صفة أو أوصاؾ تدل‬
‫علٌه‪ ،‬وترشد إلٌه‪.‬‬
‫أو هً‪ :‬التً ٌكنى بالتركٌب فٌها عن ذات أو موصوؾ وهً تفهم من‬
‫العمل أو الصفة أو اللمب الذي انفرد به الموصوؾ‪.‬‬
‫ب ْال ُحو ِ‬
‫ت) (الملم‪:‬‬ ‫اح ِ‬
‫ص ِ‬‫صبِ ْر ِل ُح ْك ِم َر ِبّنَ َؤ ت َ ُك ْن َك َ‬
‫مثال ذلن لوله تعالى‪( :‬فَا ْ‬
‫‪ )ٗ0‬كناٌة عن موصوؾ وهو (سٌدنا ٌونس)‪.‬‬
‫ت أ َ ْل َواح َو ُد ُ‬
‫سر) (الممر‪)ٖٔ :‬‬ ‫ومنه لوله تعالى‪َ ( :‬و َح َم ْلنَاهُ َ‬
‫علَى َذا ِ‬

‫‪ٔٔ7‬‬
‫فاِلواح والدسر كناٌة عن السفٌنة؛ ِنها تتكون من اِلواح والمسامٌر‪،‬‬
‫وكموله تعالى‪( :‬أ َ َو َمن ٌُنَشؤ ُ فًِ ْال ِح ْلٌَ ِة َو ُه َو فًِ ْال ِخ َ‬
‫ص ِام َ‬
‫ؼٌ ُْر ُمبٌِن)‬
‫خرؾ‪)ٔ0 :‬‬‫(الز ُ‬
‫فالتنشبة فً الزٌنة والحلً‪ ،‬وعدم المدرة على اْبانة فً ولت الخصام‬
‫وممارعة اِعداء من صفات المرأة فاٌَة كناٌة عن المرأة‪.‬‬
‫وكمول حافظ على لسان مصر‪:‬‬

‫َكفَر ْررونًِ ْال َكر َ‬


‫ررٕ َم ِع ْنررر َد الت َحررردِي‬ ‫ؾ‬‫سررررا ِل ِ‬
‫رررر ِام فِررررً َ‬ ‫َوبُنَرررراة ُ اِ َ ْهر َ‬
‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررد ْه ِ‬
‫الفراعنة‪.‬ر‬ ‫فبناة اِهرام كناٌة عن‬ ‫الر‬
‫وكمول الشاعر‪:‬‬

‫ررررن َو َر ْح َمرررررةُ للاِ السر َ‬


‫ررررٕم‬ ‫علَ ٌْر ِ‬
‫َ‬ ‫ق‬ ‫أ َ َٔ ٌَررررررا ن َْخلَررررررةٌ َذاتُ ِع ْ‬
‫ررررررر ِ‬
‫فالنخلة كناٌة عن المرأة‪.‬‬
‫ولول أبً نواس‪:‬‬

‫ِإلَى َم ْو ِط ِن اَِس َْر ِار لُ ْلرتُ لَ َهرا‬ ‫رررر ْبنَاهَا َو َدب َدبٌِبُ َهررررا‬
‫شر ِ‬ ‫َولَمررررا َ‬
‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررً‬
‫وهو ِف(الملب)‪.‬‬ ‫فموطن اِسرار كناٌة عن (موصوؾ) لِ‬
‫وكمول الشاعر أٌضا‪:‬‬

‫َان‬ ‫رام َع اِ َ ْ‬
‫ضرؽ ِ‬ ‫َوالطررا ِعنٌِنَ َم َجر ِ‬ ‫راربٌِنَ بِ ُكر ِّل أ َ ْبرٌَ َ‬
‫ض ُم ْخر َد ِم‬ ‫الضر ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫فمجامع اِضؽان‪ :‬كناٌة عن (موصوؾ) وهو‪( :‬الملب)‪.‬‬
‫أراد الشاعر وصؾ ممدوحٌه بؤنهم ٌطعنون الملوب ولت الحرب فانصرؾ‬
‫عن التعبٌر بالملوب إلى ما هو أملح وأولع فً النفس وهو " مجامع‬

‫(ٔ) اِبٌض‪ :‬السٌؾ‪ ،‬المخدم‪ :‬على وزن مبررد‪ :‬السرٌؾ السررٌع المطرع‪ ،،‬اِضرؽان‪ :‬جمرع‬
‫ضؽن وهو‪ :‬الحمد‪ ،‬الضاربٌن منصوب بؤمدح محذوفا‪.‬‬

‫‪ٔٔ8‬‬
‫اَِضْؽان "‪ِ ،‬ن الملوب تفهم منه إذ هً مجتمع الحمد والبؽض والحسد‬
‫وؼٌرها‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وكمول سابك بن عبد هللا البربري‪:‬‬

‫ع َمر ُرر‬ ‫َو ْال َح ْم ر ُد ِ ِ‬


‫ّلل أَمررا بَ ْع ر ُد ٌَررا ُ‬ ‫رن ِع ْن ر ِد ِه‬
‫رت ِمر ْ‬ ‫بِا ْسر ِرم ال رذِي أ ُ ْن ِزلَر ْ‬
‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررو ُر‬
‫كناٌة عن المولى –عزوجل‪.-‬‬ ‫فالذي أنزلت من عنده السور َ‬ ‫الس‬
‫ولال آخر فً فضل دار العلوم فً إحٌاء لؽة العرب‪:‬‬

‫ذكررررر بهررررا بررررداوة اِعررررراب‬ ‫وجدت فٌن بنرت عردنان دارا‬


‫ولد اجتمعت الكناٌة عن صفة والكناٌة عن موصوؾ فً لول المتنبً ٌهجو‬
‫بنً كٕب‪ ،‬وٌمدح سٌؾ الدولة عندما انتصر علٌهم‪:‬‬

‫رررراب‬ ‫صرررر ْب ُح ُه ْم َوبُ ْسرررر ُ‬


‫ط ُه ْم تُر َ‬ ‫َو ُ‬ ‫فَ ِمسرررررا َ ُه ْم َوبُسْررررر ُ‬
‫ط ُه ْم َح ِرٌرررررر‬
‫(‪)2‬‬
‫َك َم ْن فًِ َك ِفّ ِه ِم ْن ُه ْم ِخ َ‬
‫ضاب‬ ‫رررن فِررررً َك ِفّرررر ِه ِمرررر ْنه ُم لَنَرررراة ٌ‬
‫َو ِمر ْ‬
‫حرٌرا عن (سٌادتهم وعزتهم)‪.‬‬
‫َ‬ ‫ٔ‪-‬كنى بكون بسطهم‬
‫ٕ‪ -‬وبكون بسطهم ترابا عن (حاجتهم وذلهم)‪.‬‬
‫‪ -‬فالكناٌة فً التركٌبٌن عن الصفة‪.‬‬
‫‪ -‬وكنً بمن ٌحمل لناة عن (الرجل) وهو موصوؾ‪.‬‬
‫‪ -‬وبمن فً كفه خضاب عن المرأة‪ ،‬ولال إنهما سواء فً الضعؾ أمام‬
‫سطوة سٌؾ الدولة وبطشه‪ ،‬وفً ذلن هجاء لهم‪ ،‬وخفض لمكانتهم‪ ،‬فالمرأة‬
‫هً التً من شؤنها أن تخضب ٌدها بالحناء‪ ،‬فالمتنبً لد جعل الرجل منهم‬
‫كالمرأة‪ ٔ ،‬فرق بٌنهما‪ ،.‬فكلتا الكناٌتٌن كناٌة عن موصوؾ‪.‬‬

‫(ٔ) هو فمٌه ومحدث من شعراء الزهد فً العصر اِموي‪.‬‬


‫(ٕ) المناة‪ :‬عود الرمح‪ ،‬الخضاب‪ :‬ما ٌختضب به كالحناء ونحوها‪.‬‬

‫‪ٔٔ9‬‬
‫وكمول الحسن البصري‪" :‬مالً أرى رجأ ؤ أرى عمؤ‪ ،‬وأسم ُع‬
‫ع َرفُوا ثُم أ َ ْن َك ُروا‪،‬‬ ‫ؤ أَرى أَنٌِسا‪َ ،‬د َخ َل ْالمَو ُم َوهللاِ ثُم خ ََر ُجوا‪َ ،‬و َ‬ ‫َح ِسٌسا َ‬
‫سبِل أ َ ُمإْ ِم ٌن أ َ ْنتَ بِ ٌَ ْو ِم‬‫سان‪ ،‬إذا ُ‬ ‫ٌِن أ َ َح ِد ُك ْم لَ ْعمَةَ ِل َ‬
‫َو َحر ُموا ثُم ا ْست َ َحلوا‪ِ ،‬إن َما د ُ‬
‫أخ َٕق المإمن‪ِ ،‬ع ْلما فًِ‬ ‫ب َو َما ِلنُ ٌَ ْو َم ال ّدٌِن‪ ،‬إن ِم ْن ْ‬ ‫ساب؟ لَا َل‪ :‬نَعَم‪َ ،‬ك َذ َ‬ ‫ْال ِح َ‬
‫صدا فًِ ِؼنى َٔ‬ ‫ِح ْلم‪َ ،‬و ِح ْلما فًِ ِع ْلم‪َ ،‬و َكٌْسا فًِ ِر ْفك‪ ،‬وتحمٕ فً فالة‪َ ،‬ولَ ْ‬
‫ع َدةِ َم ْن ٌ ُِحب‪ ،‬ال ُمإْ ِمن فًِ الص َٕةِ‬ ‫سا َ‬ ‫من ٌُ ْب ِؽض‪َ ،‬و َٔ ٌَؤْث َ ْم فًِ ُم َ‬ ‫علَى ْ‬ ‫ٌؾ َ‬
‫ٌَ ِح ُ‬
‫ظلم صبر‪َٔ ...‬‬ ‫ت بَ ٌْنَ ُه ْم ِلٌَ ْسلَم‪ ...‬وإن ُ‬ ‫ط ْالعُلَ َما َء ِلٌَ ْعلَم‪َ ،‬وٌَ ْس ُك ْ‬‫خَا ِشع‪ٌُ ،‬خَا ِل ُ‬
‫ت ِبؽٌَ ِْره"‬ ‫ت ِب ْالفَ ِجٌ َع ِة ِإ ْن نَزَ لَ ْ‬ ‫ٌَ ْه ِم ُز َو َٔ ٌَ ْؽ ِم ُز َو َٔ ٌَ ْل ِمز‪َ ،...‬و َٔ ٌَ ْش َم ْ‬
‫فموله‪( :‬أرى رجأ ؤ أرى عمؤ)‪ ،‬كناٌة عن التفاهة فً التفكٌر‪.‬‬
‫ؤ أَرى أَنٌِسا)‪ ،‬كناٌة عن عدم نفع هإٔء الرجال‪.‬‬
‫ولوله‪( :‬وأسم ُع َح ِسٌسا َ‬
‫ولوله‪َ ( :‬و َحر ُموا ثُم ا ْست َ َحلوا)‪ ،‬كناٌة عن ضعؾ اٌْمان والعزٌمة‪.‬‬
‫ولوله‪ْ ٌَ َٔ ( :‬ه ِم ُز َو َٔ ٌَ ْؽ ِم ُز َو َٔ ٌَ ْل ِمز)‪ ،‬كناٌة عن ُح ِ‬
‫سن أخٕق المسلم‪.‬‬
‫ت بِ ْالفَ ِجٌ َع ِة)‪ ،‬كناٌة عن مروءة المإمن وحسن خلمه‪.‬‬
‫ولوله‪َ ( :‬و َٔ ٌَ ْش َم ْ‬
‫ولوله‪ِ ( :‬ع ْلما فًِ ِح ْلم‪َ ،‬و ِح ْلما فًِ ِع ْلم‪َ ،‬و َكٌْسا فًِ ِر ْفك)‪ ،‬كل منهم كناٌة عن‬
‫التعمل والحكمة فً تصرٌؾ اِمور‪.‬‬
‫ولوله‪( :‬تحمٕ فً فالة)‪ ،‬كناٌة عن الرضا والصٕبة‪.‬‬
‫ولوله (لصدا فً ؼنى) كناٌة عن تواضع المإمن واعتداله‪.‬‬
‫من ٌُ ْب ِؽض)‪ ،‬كناٌة عن عدل المإمن ولوة إٌمانه‪.‬‬ ‫علَى ْ‬ ‫ٌؾ َ‬‫ولوله‪ِ ٌَ ٔ( :‬ح ُ‬
‫ع َدةِ َم ْن ٌ ُِحب) كناٌة عن لوة إٌمان المإمن‪.‬‬ ‫ولوله‪َ ( :‬و َٔ ٌَؤْث َ ْم فًِ ُم َ‬
‫سا َ‬
‫وكذا لوله‪( :‬فً الصٕة خاشع)‪.‬‬
‫ت بَ ٌْنَ ُه ْم ِلٌَ ْسلَم)‪ ،‬كناٌة عن حصافة المإمن وذكابه‪ ،‬وحرصه‬
‫ولوله‪ْ ٌَ( :‬س ُك ْ‬
‫على أستفادة ممن هو أعلم منه‪ ،‬وأن ٌسلم من النم ِد والولوزِ فً النّمٌم ِة‬
‫ب وما شابه‪.‬‬ ‫والك ِذ ِ‬

‫ٕٓٔ‬
‫ظ ِل َم صبر)‪ ،‬كناٌة عن صٕبة المإمن‪ .‬وحرصه على أن ٌكون‬ ‫ولوله‪( :‬إن ُ‬
‫من الصابرٌن الذٌن لال هللا عنهم‪( :‬إِن َما ٌ َُوفً الصابِ ُرونَ أَجْ َر ُه ْم بِؽٌَ ِْر‬
‫ساب) (الزمر‪)ٔٓ :‬‬‫ِح َ‬
‫ولال الشاعر‪ٌ :‬ا ابنة الٌم ما أبون بخٌل كناٌة عن السفٌنة‪.‬‬
‫ومن الكناٌة عن موصوؾ لولنا‪( :‬إمام البٕؼة) كناٌة عن اْمام عبد الماهر‬
‫الجرجانً‪ ،‬وصاحب الكتاب‪ :‬كناٌة عن سٌبوٌه‪ ،‬سٌدة الؽناء العربً‪ :‬كناٌة‬
‫عن أم كلثوم‪.‬‬
‫وكمول أبً العٕء المعري‪:‬‬

‫َكررررررراَن آه أ َ ْو َرثَتْرررررررهُ ْال ِسر َ‬


‫ررررررٕ َٔ‬ ‫سررر ِلٌ ُل الن ِ‬
‫رررار َدق َو َرق َحترررى‬ ‫َ‬
‫فسلٌل النار‪ :‬كناٌة عن (موصوؾ) وهو‪( :‬السٌؾ)‪ ،‬وكمول امرئ المٌس‪:‬‬

‫رن ت َ ْن ِس ر ُل‬ ‫سر ِرلٌّ َها بِررً ِمر ْ‬


‫رن ثٌَِابِر ِ‬ ‫فَ ُ‬ ‫سا َءتْ َن ِم ِنًّ َخ ِلٌمَرة‬
‫فَإ ِ ْن ت َنُ لَ ْد َ‬
‫ضٌنَ ِم ْنهُ‪ ،‬فسلً مودة‬
‫فهو ٌمول‪ :‬أنه كان فً خلمً َما َٔ ٌُ ْع ِجب ِْن َو َٔ ت َْر ِ‬
‫للبً من سودة للبن‪ ،‬فكنى بالثٌاب عن (الملوب)‪.‬‬
‫ومن الكناٌة عن موصوؾ لولن‪ :‬الذهب اِسود ٌساهم بشكل كبٌر فً‬
‫التصادٌات بعض الدول ‪ ،‬فالذهب اِسود كناٌة عن موصوؾ وهو‬
‫(البترول)‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬الكناٌة عن نسبة‬
‫الكناٌة عن نسبة‪ :‬أن ٌصرح فٌها بالصفة وبالموصوؾ‪ ،‬ؤ ٌصرح‬
‫بالنسبة التً بٌنهما‪ ،‬ولكن ٌذكر مكانها نسبة أخرى تدل علٌها‪.‬‬
‫أو هً التً ٌصرح فٌها بالصفة ولكنها تنسب إلى شًء متصل‬
‫بالموصوؾ (كنسبته إلى الفصاحة – البٕؼة – الخٌر) حٌث نؤتً فٌها‬
‫بصفة ٔ تنسب إلى الموصوؾ مباشرة بل تنسب إلى شًء متصل به وٌعود‬
‫علٌه‪.‬‬

‫ٕٔٔ‬
‫كموله تعالى‪( :‬أَن تَمُو َل نَ ْف ٌ‬
‫س ٌَا َحس َْرت َى علَى َما فَرطتُ فًِ َجن ِ‬
‫ب للاِ َوإِن‬
‫اخ ِرٌن) (الز َمر‪)٘ٙ :‬‬ ‫ُكنتُ لَ ِمنَ الس ِ‬
‫فإثبات التفرٌط فً جنب هللا ٔ ٌصح؛ ِنه شًء محسوس‪ ،‬فعلم أن‬
‫المراد بجنب هللا أي فً حك هللا‪ ،‬والمراد أنه فرط فً عبادته وطاعته‪،‬‬
‫واجتناب نواهٌه‪.‬‬
‫وكموله تعالى‪َ ( :‬و ِل َم ْن خ َ‬
‫َاؾ َممَ َ‬
‫ام َر ِبّ ِه َجنت َان) (الرحمن‪)ٗٙ :‬‬
‫فؤثبت الممام وهو المولؾ الذي ٌمؾ فٌه العباد للحساب ٌوم المٌامة‪،‬‬
‫وأراد بذلن الخوؾ من هللا ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬وترن المعاصً‪.‬‬
‫ومثال ذلن لول أبو نواس فً مدح والً مصر‪:‬‬

‫ٌر ْال ُجرررو ِد َحٌ ُ‬


‫ْرررث‬ ‫رررن ٌَصررر ُ‬ ‫َولَ ِك ْ‬ ‫فَ َما َجا َزَ هُ ُجو ٌد َو َٔ َحرل دُونَرهُ‬
‫ٌوجدُر‬
‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررٌ‬
‫بالممدوح وهو المكان الذي‬ ‫فمد نسب الجود إلى شًء متصل ٌَصر‬
‫فٌه ذلن الممدوح‪ .‬فكنى عن ذلن بعدم مجاوزة الجود للممدوح إلى ؼٌره‬
‫ونفً حلوله دون صٌرورته‪ ،‬حٌث ٌصٌر الممدوح؛ِنه ٌلزم من عدم‬
‫مجاوزة الشًء الذي ٔ ٌموم به الشًء المتعٌن؛ ِن ٌوصؾ به إثبات اِول‬
‫للثانً‪ ،‬ولزم من نفً حلول الجود دونه ساحة الممدوح‪.‬‬
‫وكمول الشاعر‪:‬‬

‫ِإ َذا َمررا بٌُُرروتٌ ِب ْال َم َٕ َمرر ِة َحلرر ِ‬


‫ت‬ ‫ٌَ ِبٌررتُ ِب َم ْن َجرراة ِمررنَ اللر ْرو ِم َب ٌْت ُ َهررا‬
‫فالشاعر ٌرٌد إثبات العفة لهذه المرأة بطرٌك أبلػ وآكد‪ ،‬فلم ٌمل‪ :‬إنها‬
‫عفٌفة‪ ،‬وإنما نفً اللوم عن بٌتها فً ولت ٔ تسلم فٌه البٌوت اِخرى‪.‬‬
‫فهو لد صرح بالموصوؾ وهو الضمٌر فً (بٌتها) كما صرح بالصفة‬
‫وهً (اللوم) المنفً‪ ،‬ولكنه لم ٌصرح بالنسبة المراد إثباتها‪ ،‬بل ذكر مكانها‬
‫نسبة أخرى تدل علٌها‪ ،‬وهً نفً اللوم عن بٌت ٌشتمل علٌها وتسكن فٌه‪.‬‬
‫وكمولن‪ :‬الفصاحة فً بٌانه والبٕؼة فً لسانه‪.‬‬

‫ٕٕٔ‬
‫كناٌة عن نسبة هذا الشخص إلى الفصاحة؛ِنها فً بٌانه وإلى‬
‫البٕؼة؛ ِنها فً لسانه‪ .‬مثل‪ :‬الفضل ٌسٌر حٌث سار فٕن (كناٌة عن‬
‫نسبة الفضل إلٌه)‬
‫ومنه أٌضا‪:‬‬

‫ررررررررل ُء ب ُْر َدٌرررررررررن‬ ‫َو ْال َكر َ‬


‫ررررررررر ُم ِمر ْ‬ ‫ْال َمجررررررررررر ُد َبرررررررررررٌْنَ ث َ ْو َبٌر‬
‫ررررررررررن‬
‫َ‬
‫أردت أن تنسب المجد والكرم إلى من تخاطبه‪ ،‬فعدلت عن نسبتهما إلى‬
‫ما له اتصال به‪ ،‬وهو الثوبان والبردان ‘ وٌسمى هذا المثال وما ٌشبهه‬
‫كناٌة عن نسبة‪ .‬وأظهر عٕمة لهذه الكناٌة أن ٌصرح فٌها بالصفة كما‬
‫رأٌت‪ ،‬أو ربما ٌستلزم الصفة‪ ،‬نحو‪ :‬فً ثوبٌه أسد‪ ،‬فإن هذا المثال كناٌة‬
‫عن نسبة الشجاعة‪.‬‬
‫لال أعرابً‪ :‬دخلت البصرة فإذا ثٌاب أحرار على أجساد العبٌد‪.‬‬
‫ومنه لول الرسول – صلى هللا علٌه وسلم‪ " :-‬الخٌل معمو ٌد بِن ََو ِ‬
‫اصٌ َها‬
‫ْال َخٌْر" كناٌة عن نسبة؛ فالصفة التً نسبت إلى الخٌل مصرح بها‪ ،‬ولكنها‬
‫لم تنسب إلٌها مباشرة‪ ،‬بل نُ ِسبت إلى شًء ُمتص ٌل بها وهو النواصً‪.‬‬
‫وكمول الشاعر‪:‬‬

‫َوال َم ْجررررد ٌَ ْم ِشررررً ِفررررً ِر َكا ِبرررر ِه‬ ‫الررررررررررررٌ ُْم ُن ٌَتْبرررررررررررر ُع ِظلررررررررررررهُ‬
‫فالٌمن ٌتبع ظله كناٌة عن نسبة الٌمن إلى الممدوح‪( ،‬والمجد ٌمشً فً‬
‫ركابه)‪ ،‬كناٌة عن نسبة المجد للممدوح أٌضا‪.‬‬
‫وكمول زٌاد بن اِعجم ٌمدح أمٌر نٌسابور عبد هللا بن الحشرج‪:‬‬

‫علَرررً ا ْبر ِ‬
‫ررن‬ ‫ت َ‬ ‫ررربَ ْ‬ ‫ضر ِ‬‫فِرررً لُبرررة ُ‬ ‫إِن السررررررررر َما َحةَ َو ْال َمر ُ‬
‫ررررررررررو َءة َ‬
‫جِ‬ ‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر‬
‫فمال إنها فً لبة منصوبة َ‬
‫على‬ ‫بطرٌك الكناٌة ْ‪،‬ال َح ْشر‬
‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر َدى‬
‫َوفلمالنرٌصرح بذلن بل أثبتها له‬
‫ابن الحشرج‪ ،‬أي أنها ثابتة له؛ ِن هذه الصفات من اِمور المعنوٌة التً‬
‫ٔ تموم بنفسها‪ ،‬ؤ تستمل بشؤنها‪ ،‬فٕ بد له من محل تموم به‪ ،‬ولما كانت‬
‫المبة ٔ تصلح لذلن ثبت لٌامها على ابن الحشرج‪.‬‬
‫ٖٕٔ‬
‫ومثل ذلن لول العرب‪( :‬المجد بٌن ثوبٌه‪ ،‬والكرم بٌن بردٌه)‪.‬‬
‫ٌصرحوا بذلن‪ ،‬بل كنوا‬
‫ِّ‬ ‫فهم ٌرٌدون إثبات الكرم والمجد للممدوح فلم‬
‫عنهما بإثباتهما لثوبٌه وبردٌه‪ ،‬والثوبان والبردان ٔ ٌصلحان لذلن‪ ،‬فعلم‬
‫أنهما للممدوح بطرٌك الكناٌة‪.‬‬
‫ثانٌا‪ -‬ألسام الكناٌة باعتبار أوصافها‬
‫ٔ‪ -‬التعرٌض‬
‫التعرٌض لغة ‪ :‬ضد التصرٌح‪ ،‬أي أن تخاطب واحدا وترٌد ؼٌره‪ ،‬وسمً‬
‫بذلن؛ ِنن تمٌل الكٕم إلى جانب‪ ،‬وأنت تشٌر به إلى جانب آخر‪ٌ ،‬مال‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫نظر إلٌه بعرض وجهه أي‪ :‬جانبه‪".‬‬

‫اصطال ًحا‪ :‬المعنى الحاصل عند اللفظ ٔ به‪.‬‬


‫فمولنا‪( :‬المعنى الحاصل) ‪ :‬لفظ شامل للحمٌمة والمجاز والكناٌة‪.‬‬
‫ولولنا‪ ٔ( :‬به)‪ ،‬مخرج لهذه جمٌعا؛ ِن الحمٌمة والمجاز والكناٌة ٌدل‬
‫علٌها باِلفاظ فهً حاصلة عند ذكر اِلفاظ‪ ،‬أما التعرٌض‪ :‬فهو داخل بهذا‬
‫المٌد‪ ،‬فإنه حاصل بؽٌر اللفظ وهو السٌاق ولرابن اِحوال‪.‬‬
‫أو هو‪ :‬إمالة الكٕم إلى ؼرض ٌدل على الؽرض الممصود‪ ،‬إي توجٌه‬
‫الكٕم إلى جانب ٌفهم منه المراد إشارة أو تلوٌحا‪.‬‬
‫فالتعرٌض‪ :‬أن تذكر شٌبا لتدل به على شًء لم تذكره‪ ،‬فاللفظ فً‬
‫التعرٌض مستعمل فً معناه للتلوٌح‪.‬‬
‫ومن أكثر البٌانٌٌن اللذٌن تحدثوا عن التعرٌض و وفوه حمه (ابن اِثٌر) ‪:‬‬
‫وإلٌن طرفا من كٕمه عن التعرٌض‪ " :‬وأما التعرٌض فهو اللفظ الدال‬
‫على الشًء من طرٌك المفهوم ٔ بالوضع الحمٌمً ؤ المجازي‪ ،‬فإنن إذا‬
‫للت لمن تتولع صلته ومعروفه بؽٌر طلب‪( ،‬وهللا إنً لمحتاج‪ ،‬ولٌس فً‬
‫ٌدي شًء وأنا عرٌان‪ ،‬والبرد لد آذانً) فإن هذا وأشباهه تعرٌض بالطلب‪،‬‬

‫(ٔ) معترن اِلران ٔ‪ٕ7ٕ /‬‬

‫ٕٗٔ‬
‫ولٌس هذا اللفظ موضوعا فً ممابلة الطلب ٔ حمٌمة ؤ مجازا‪ ،‬إنما دل‬
‫علٌه من طرٌك المفهوم‪ ،‬بخٕؾ دٔلة اللمس على الجماز‪ ،‬وعلٌه ورد‬
‫التعرٌض فً خطبة النكاح كمولن للمرأة‪" :‬إنن لخلٌة وإنً َلعزبٌ " (‪ )1‬فإن‬
‫هذا وأمثاله ٔ ٌدل على طلب النكاح ٔ حمٌمة ؤ مجاز‪ ،‬والتعرٌض أخفى‬
‫من الكناٌة؛ ِن دٔلة الكناٌة لفظٌة وضعٌة من جهة المجاز‪ ،‬ودٔلة‬
‫التعرٌض من جهة المفهوم ٔ بالوضع الحمٌمً ؤ المجازي‪ ،‬وإنما سمً‬
‫التعرٌض تعرٌضا؛ِن المعنى فٌه ٌفهم من عرضه‪ ،‬أي من جانبه‪،‬‬
‫وعرض كل شًء جانبه‪.‬‬
‫واعلم أن الكناٌة تشمل اللفظ المفرد والمركب معا فتؤتً على هذا تارة‪،‬‬
‫وعلى هذا أخرى‪ ،‬وأما التعرٌض فإنه ٌختص باللفظ المركب‪ ،‬ؤ ٌؤتً فً‬
‫اللفظ المفرد البتة‪ ،‬والدلٌل على ذلن أنه ٔ ٌفهم المعنى فٌه من جهة‬
‫الحمٌمة‪ ،‬ؤ من جهة المجاز‪ ،‬وإنما ٌفهم من جهة التلوٌح واْشارة‪ ،‬وذلن‬
‫(‪)2‬‬
‫ٔ ٌستمل به اللفظ المفرد ولكنه ٌحتاج فً الدٔلة علٌه إلى اللفظ المركب"‬

‫والكناٌة العرضٌة‪ :‬ما كان الموصوؾ فٌها ؼٌر مذكور‪ ،‬كما تمول فٌمن‬
‫ٌإذي المإمنٌن‪( :‬المإمن هو الذي ٌصلح وٌبنً ؤ ٌإذي أخاه المسلم)‪،‬‬
‫وبذلن ٌتوصل إلى نفً اٌْمان عن المإذي‪.‬‬
‫وكمولن‪( :‬أنا ٔ أؼش)‪ ،‬كناٌة عن ؼش أي إنسان‪ ،‬وتعرٌض بؽش واحد‬
‫معٌن‪.‬‬
‫فكل كناٌة لم ٌذكر فٌها الموصوؾ ٔ لفظا ؤ تمدٌرا‪ ،‬فهً كناٌة‬
‫عرضٌة؛ِن حذؾ الموصوؾ ٌشٌر إلى المعنى من ناحٌته وجانبه‪،‬‬
‫فالمعنى الكنابً عرض به لمعنى آخر‪.‬‬

‫ضتُم بِ ِه ِم ْن ِخ ْ‬
‫طبَر ِة النِّ َ‬
‫سراء‬ ‫(ؤَ ُجنَا َح َعلَ ٌْ ُك ْم فٌِ َما َعر ْ‬
‫ٌرٌد ابن اِثٌر بذلن لوله تعالى‪َ :‬‬
‫(ٔ)‬

‫أ َ ْو أ َ ْكنَنت ُ ْم فًِ أَنفُ ِس ُك ْم) البمرة ٖٕ٘‬


‫(ٕ) المثل السابر ‪ٔ70‬‬

‫ٕ٘ٔ‬
‫ٌب الذٌِنَ ٌَ ْس َمعُونَ َو ْال َم ْوت َى ٌَ ْبعَث ُ ُه ُم ّ‬
‫للاُ ثُم ِإلَ ٌْ ِه‬ ‫ومنه لوله تعالى‪ِ ( :‬إن َما ٌَ ْست َِج ُ‬
‫ٌ ُْر َجعُون) (اِنعام‪)ٖٙ :‬‬
‫ؼفُور)‬ ‫ع ِز ٌ‬
‫ٌز َ‬ ‫للا ِم ْن ِعبَا ِد ِه ْالعُلَ َماء إِن َ‬
‫للا َ‬ ‫‪ ،‬ولوله‪َ ( :‬ك َذلِنَ إِن َما ٌَ ْخشَى َ‬
‫(فاطر‪)ٕ0 :‬‬
‫ولوله تعالى‪( :‬إِن َما ٌَت َ َذك ُر أ ُ ْولُوا اِ َ ْلبَاب) (الز َمر‪.)7 :‬‬
‫ولول العباس بن اِحنؾ‪:‬‬

‫إِن َمرررررررا ِل ْلعَ ْبررررررر ِد َمرررررررا ُر ِزلَرررررررا‬ ‫أَنَرررررررررا لَررررررررر ْم أ ُ ْرزَ ْق َم َحبت َهرررررررررا‬
‫ومنه لولن‪( :‬إنما الصدٌك عند الضٌك)‪.‬‬
‫ومن ذلن ما ٌروى عن عمر بن الخطاب –رضً هللا عنه‪ -‬أنه كان‬
‫ٌخطب ٌوم جمعة فدخل عثمان بن عفان –رضً هللا عنه‪ ،‬فمال عمر‪ :‬أٌة‬
‫ساعة هذه؟ فمال عثمان ٌا أمٌر المإمنٌن‪ :‬انملبت من أم السوق فسمعت‬
‫النداء فما زدت على أن توضؤت‪ ،‬فمال عمر‪ :‬والوضوء أٌضا‪ ،‬ولد علمت‬
‫أن رسول هللا –صلى هللا علٌه وسلم – كان ٌؤمرنا بالؽسل‪ ،‬فموله‪( :‬أٌة‬
‫ساعة هذه) ؟ تعرٌض باْنكار علٌه لتؤخره عن المجًء إلى الصٕة‪ ،‬وترن‬
‫السبك إلٌها‪ ،‬وهو من التعرٌض المعرب عن اِدب‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬التلوٌح‬
‫‪ -‬التلوٌح‪ :‬وهو كل كناٌة كثرت فٌها الوسابط بٌن المكنً به والمكنً عنه‬
‫ككثٌر الرماد ومهزول الفصٌل‪ ،‬وجبان الكلب‪.‬‬
‫فالكناٌة هنا عن (الكرم) فٌها خفاء من جهة اللزوم بٌن المكنى به‬
‫والمكنى عنه‪ ،‬فجبن الكلب عن الهرٌر فً وجه من ٌمترب من دار صاحبه‬
‫ٔزم لتؤدٌبه المستمر‪ ،‬واستمرار تؤدٌبه ٔزم لرإٌة وجوه إثر وجوه؛ ِن‬
‫ساحة صاحبه ممصودة‪ ،‬وهذا ٔزم لكثرة لرى اِضٌاؾ‪ ،‬وهو ٔزم الكرم‪.‬‬
‫وكذلن هزال الفصٌل ٔزم لفمد أمه‪ ،‬والعرب تهتم جدا بالنوق وتحافظ‬
‫علٌها‪ ،‬ففمدها دلٌل على لوة الداعً لنحرها وصرفها للطبخ الذي هو ٔزم‬
‫لمرى اِضٌاؾ‪ ،‬وهو ٔزم للكرم‪.‬‬

‫‪ٕٔٙ‬‬
‫فالتلوٌح هو اْشارة عن بعد‪ ،‬والبعد حاصل فً هذا النوز‪.‬‬
‫ومنه لول الشاعر الحماسً‪:‬‬

‫ُ‬
‫جبان الكلرب مهرزو ُل الفصرٌ ِل‬ ‫ومررا ٌررنُ بررً مررن عٌررب فررإنًِّ‬
‫فالشاعر ٌمدح نفسه بالكرم‪ ،‬ولد سلن فً التعبٌر عن ذلن أسلوبً‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬تؤكٌد المدح بما ٌشبه الذم‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬الكناٌة بطرٌك التلوٌح‪.‬‬
‫فموله‪" :‬جبان الكلب" كناٌة عن صفة الكرم بؤسلوب التلوٌح‪ ،‬الذي‬
‫تكثر فٌه الوسابط والوسابل المإدٌة إلى المعنى الكنابً الممصود‪ :‬فجبن‬
‫الكلب ناجم عن تؤدٌبه وزجره‪ ،‬وتؤدٌبه ٌعود إلى كثرة المادمٌن إلى دار‬
‫صاحبه‪ ،‬وكثرة المادمٌن تنم عن كرم صاحبه وبشاشته فً وجوه المادمٌن‬
‫إلٌه من الضٌوؾ‪.‬‬
‫ولوله‪ " :‬مهزول الفصٌل" كناٌة عن الكرم بؤسلوب التلوٌح‪ ،‬وبٌان‬
‫ذلن‪:‬‬
‫أن الفصٌل ولد النالة‪ ،‬وهزاله ناتج عن عدم إتاحة فرصة الرضاعة‪ ،‬وذلن‬
‫بسبب ؼٌاب أمه التً ترضعه‪ ،‬بسبب أن صاحبها لد نحرها لضٌوفه لطٌب‬
‫لحمها‪ ،‬وهذا ٌفضً إلى وصفه بالكرم‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬كل كناٌة نعبر فٌها وسابط متعددة لنصل إلى المعنى الكنابً‬
‫الممصود‪ ،‬تسمى تلوٌحا‪.‬‬
‫الرمز‬
‫ٖ‪ّ -‬‬
‫الرمز فً اللؽة‪ :‬أن تشٌر إلى لرٌب منن مع خفاء اْشارة‪ ،‬كاْشارة بالشفة‬
‫أو الحاجب‪ ،‬فإنه إنما ٌشار بهما ؼالبا عند لصد اْخفاء‪.‬‬
‫وفً اصطٕح البٕؼٌٌن‪ :‬هو الكناٌة التً للت فٌها الوسابط أو انعدمت مع‬
‫خفاء فً اللزوم بٌن المستعمل فٌه (المعنى الكنابً) واِصل‪.‬‬

‫‪ٕٔ7‬‬
‫وإنما سمٌت هذه الكناٌة رمزا ِن الرمز أن تشٌر إلى لرٌب منن مع خفاء‬
‫اْشارة‪ ،‬كاْشارة بالشفة أو الحاجب‪ ،‬فإنه إنما ٌشار بهما ؼالبا عند لصد‬
‫اْخفاء‪ ،‬كما لال الشاعر‪:‬‬

‫مررررن ؼٌررررر أن تُبرررردي هنرررران‬ ‫ْ‬


‫رمزت إلرً مخافرة مرن بع ِلهرا‬
‫هررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررا‬
‫كٕ َمعرٌض الوسادة‪ ،‬كناٌة عن‬ ‫مثال الرمز الذي للت فٌه الوسابط‪ ،‬لولهم‪:‬‬
‫البَلَه‪ ،‬إذ لٌس بٌنه وبٌن البله إٔ عرض المفا‪.‬‬
‫ومثال ما انعدمت فٌه الوسابط‪ ،‬لولهم‪ :‬عرٌض المفا‪ ،‬كناٌة عن البله؛ إذ‬
‫لٌس بٌنهما واسطة عرفا (‪.)1‬‬

‫ٗ‪ -‬اإلٌماء واإلشارة‬


‫اٌْماء واْشارة‪ :‬كل كناٌة للت وسابطها مع الوضوح والظهور‪.‬‬
‫كموله‪ :‬بعٌدة مهوى المرط‪ ،‬فإنه كناٌة بدون وسابط عن طول العنك‪.‬‬
‫فاِول‪ -‬وهو ما للت فٌه الوسابط مع وجود التوسط فً الجملة بٕ خفاء‪،‬‬
‫كمول البحتري‪:‬‬

‫فررً آل طلحررة ثررم لررم ٌتحررو ِل‬ ‫أ َ َو ما رأٌت المجد ألمى رحله‬
‫فإن إلماء المجد رحله فً آل طلحة مع عدم التحول معنى مجازي؛ إذ ٔ‬
‫رحل للمجد‪ ،‬ولكن شبهه برجل شرٌؾ له رحل ٌخص بنزوله من شاء‪،‬‬
‫ووجه الشبه‪ :‬الرؼبة فً أتصال به‪ .‬فؤضمر التشبٌه فً النفس كناٌة‪،‬‬
‫واستعمل معه ما هو من لوازم المشبه به وهو إلماء الرحل‪ ،‬أي الخٌمة‬
‫والمنزل‪.‬‬
‫تحول لزم من ذلن كون محله‬
‫ولما جعل المجد ملمٌا رحله فً آل طلحة بٕ ّ‬
‫وموصوفه آل طلحة لعدم وجدان ؼٌرهم معهم‪ ،‬وذلن بواسطة أن المجد لو‬
‫شبه بذي الرحل هو صفة ٔ بد له من محل وموصوؾ وهذا الوسط بٌن‬

‫(ٔ) مواهب الفتاح ٔبن ٌعموب ٗ‪.ٕ9ٓ/‬‬

‫‪ٕٔ8‬‬
‫بنفسه فانت هذه الكناٌة ظاهرة‪ ،‬والواسطة واحدة‪ .‬فمد للت الوسابط مع‬
‫الظهور‪ .‬والمراد بالملة هنا ما ٌضاد الكثرة‪ ،‬فصدق ذلن بالواحدة (‪.)1‬‬

‫والثانً‪ -‬وهو ما انعدمت فٌه الوسابط بٕ خفاء‪ .‬كمول أبً تمام ٌصؾ إبٕ‪:‬‬

‫ربن أن ٌررزرنَ أبررا سررعٌد‬


‫وحسر َ‬ ‫أبٌنَ فٌمرا ٌرزرنَ سروى كررٌم‬
‫فإنه فً إفادة أن أبا سعٌد كرٌم ؼٌر خاؾ‪.‬‬
‫خصائص الكناٌة وبالغتها‬
‫أثبت اْمام عبد الماهر الجرجانً أن الكناٌة أبلػ من الحمٌمة؛ِنها‬
‫كدعوى الشًء بالبٌنة والبرهان‪ٌ ،‬مول اْمام عبد الماهر الجرجانً‪ :‬ولد‬
‫أجمع الجمٌع على أن الكناٌة أبلػ من اْفصاح‪ ،‬والتعرٌض أولع من‬
‫التصرٌح‪ ،‬فنحن وإن كنا نعلم أنن إذا للت‪ :‬هو طوٌل النجاد‪ ،‬وهو جم‬
‫الرماد‪ ،‬كان أبهى لمعنان‪ ،‬وأنبل من أن ندز الكناٌة‪ ،‬ونصرح بالذي نرٌد‪.‬‬
‫فسر هذا أن لٌس المعنى إذا للنا‪ :‬أن الكناٌة أبلػ من التصرٌح أنن لما‬
‫كنٌت عن المعنى زدته فً ذاته‪ ،‬بل المعنى أنن زدت فً إثباته فجعلته أبلػ‬
‫و آكد وأشد‪ ،‬فلٌس المزٌة فً لولهم‪ :‬جم الرماد‪ ،‬أنه دل على لرى أكثر بل‬
‫أنن أثبت له المرى الكثٌر من وجه هو أبلػ‪ ،‬وأوجبته إٌجابا هو أشد‪،‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫وادعٌته دعوى أنت بها أنطك‪ ،‬وبصحبتها أوثك"‬

‫وٌمول أٌضا ولد ذكرت هذا فً صدر الكتاب‪ ،‬وذكرت أن السبب فً‬
‫أن ٌكون لٓثبات إذا كان من طرٌك الكناٌة مزٌة ٔ تكون إذا كان من‬
‫طرٌك التصرٌح أنن إذا كنٌت عن كثرة المرى بكثرة رماد المدر كنت لد‬
‫(‪.)3‬‬
‫أثبت كثرة المرى بإثبات شاهدها ودلٌلها"‬

‫(ٔ) مواهب الفتاح ٔبن ٌعموب ٗ‪ٕ9ٓ/‬‬


‫(ٕ) دٔبل اْعجاز ‪ٗ0 ،ٗ9‬‬
‫(ٖ) المرجع السابك ص ٓ‪ٕ0‬‬

‫‪ٕٔ9‬‬
‫ٔ‪ -‬الكناٌة تعطٌنا المعنى الحمٌمً مصحوبا بالدلٌل والبرهان؛ فٌزٌد المعنى‬
‫تؤكٌدا وتثبٌتا فً الذهن؛ ِن ذكر الشًء مع دلٌله أولع وآكد فً النفس‪.‬‬
‫والكناٌة مظهر من مظاهر البٕؼة‪ ،‬وؼاٌة ٔ ٌصل إلٌها إٔ من لطؾ طبعه‬
‫وصفت لرٌحته‪ ،‬والسر فً بٕؼتها‪ :‬أنها فً صور كثٌرة تعطٌن الحمٌمة‬
‫مصحوبة بدلٌلها‪ ،‬والمضٌة وفً طٌها برهانها‪.‬‬
‫ضتُهُ ٌَ ْو َم‬ ‫وذلن كموله تعالى‪َ ( :‬و َما لَ َد ُروا للاَ َحك لَد ِْر ِه َواِ َ ْر ُ‬
‫ض َج ِمٌعا لَ ْب َ‬
‫عما ٌُ ْش ِر ُكون) (الز َمر‪:‬‬ ‫س ْب َحانَهُ َوتَعَالَى َ‬ ‫ماواتُ َم ْ‬
‫ط ِوٌاتٌ بٌَِ ِمٌنِ ِه ُ‬ ‫ْال ِمٌَا َم ِة َوالس َ‬
‫‪)ٙ9‬‬
‫فهذه اٌَة كناٌة عن لدرة هللا‪ ،‬وهذه الكناٌة تحمل فً ثناٌاها الدلٌل علٌها‪،‬‬
‫فاهلل سبحانه وتعالى لادر بدلٌل أن اِرض فً لبضته‪ ،‬والسموات مطوٌات‬
‫فً ٌمٌنه‪.‬‬
‫نس لَ ْبلَ ُه ْم َؤَ َجان)‬ ‫ؾ لَ ْم ٌَ ْ‬
‫ط ِمثْ ُهن ِإ ٌ‬ ‫ولوله تعالى‪( :‬فٌِ ِهن لَ ِ‬
‫اص َراتُ الط ْر ِ‬
‫(الرحمن‪)٘ٙ :‬‬
‫فاٌَة الكرٌمة كناٌة عن (العفة)‪ ،‬وأسلوب الكناٌة فً اٌَة أبلػ من‬
‫التصرٌح؛ِن فٌه دلٌٕ وبرهانا فهن عفٌفات بدلٌل أنهن ٌمصرن الطرؾ‪،‬‬
‫وٌؽضضن النظر‪ ،‬ؤ ٌطمحن إلى ؼٌر أزواجهن فالعفة مإكدة وثابتة لهن‪.‬‬
‫وحٌن لال امريء المٌس عن صاحبته إنها‪ :‬نإوم الضحى‪ ،‬ادعى دعوى‬
‫وهً أنها منعمة مرهفة فً بٌتها خد ٌم وحش ٌم ٌكفونها شبإنها‪ ،‬ثم ألام الدلٌل‬
‫على ذلن أنها كثٌرة نوم الضحى‪ ،‬وذلن أن المرأة ٔ تفعل ذلن إٔ إذا كانت‬
‫من ذوات النعمة والكفاٌة‪.‬‬
‫ولو لال‪ :‬إنها تملن خدما لم ٌكن ذلن فً لوة لوله (نبوم الضحى)‪.‬‬
‫المبٌح والذي ٔ ترتاح اَذان إلى سماعه بالجمٌل المؤلوؾ الذي تتفتح له‬
‫اَذان‪ ،‬وتنصت إلٌه‪ ،‬وتمبل علٌه النفوس‪.‬‬

‫ٖٓٔ‬
‫تدرٌبات على باب الكناٌة‬
‫السإال اِول‪ :‬وضّح الكناٌة ونوعها وسرها البٕؼً فً اِمثلة اَتٌة‪:‬‬
‫ألمً فٕن عصاه‪ ،‬للع فٕن سنه‬
‫ٌشار إلٌه بالبنان‬
‫ركب جناحً نعامة"‬
‫لوت اللٌالً كفه على العصا‬
‫لال المتنبً فً وصؾ فرسه‬

‫وأنزل عنه مثلره حرٌن أركرب‬ ‫وأصرز أي الوحش لفٌتره بره‬


‫فٕن ٔ ٌضع العصا على عاتمه‬
‫السإال الثانً‪ :‬بٌن الموصوؾ الممصود بكل كناٌة من الكناٌات اَتٌة‪:‬‬
‫لول الشاعر‪:‬‬

‫مشررررؽوفة بمررررواطن الكتمرررران‬ ‫لررررروم تررررررى أرمررررراحهم ٌررررروم‬


‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررروؼى‬
‫أٌام محاربته إبراهٌم بن عبد هللا بن الحسن‬ ‫كان المنصور فً بستان فً‬ ‫الر‬
‫ونظر إلى شجرة خٕؾ فمال للربٌع‪ :‬ما هذه الشجرة ؟ فمال‪ .‬طاعة ٌا أمٌر‬
‫المإمنٌن مر رجل فً صحن دار الرشٌد ومعه حزمة خٌزران‪ ،‬فمال‬
‫الرشٌد للفضل بن الربٌع‪ :‬ما ذان ؟ فمال عروق الرماح ٌا أمٌر المإمنٌن‪،‬‬
‫وكره أن ٌمول‪ :‬الخٌزران‪ ،‬لموافمة ذلن ٔسم أم الرشٌد‪.‬‬
‫لال أبو نواس فً الخمر‪:‬‬

‫إلى موطن اِسرار للرت لهرا‬ ‫ولمررررا شررررربناها ودب دبٌبهررررا‬


‫لفرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررً‬ ‫ولال المعري فً السٌؾ‪:‬‬

‫كرررررؤن أبررررراه أورثررررره السرررررٕٔ‬ ‫سرررلٌل النرررار دق ورق حترررى‬

‫ٖٔٔ‬
‫كبرت سن فٕن وجاءه النذٌر‬
‫سبل أعرابً عن سبب اشتعال شٌبه‪ ،‬فمال‪ :‬هذا رؼوة الشباب‬
‫وسبل آخر‪ ،‬فمال‪ :‬هذا ؼبار ولابع الدهر‬
‫ٌروى أن الحجاج لال للؽضبان بن المبعثري‪ِ :‬حملنن على اِدهم‪ ،‬فمال‪:‬‬
‫مثل اِمٌر ٌُحمل على اِدهم واِشهب‪ ،‬لال‪ :‬إنه الحدٌد‪ ،‬لال‪ِ :‬ن ٌكون‬
‫حدٌدا خٌر من أن ٌكون بلٌدا‬
‫السإال الثالث‪ :‬بٌن أنواز الكناٌات اَتٌة وعٌن ٔزم معنً كل منها‪:‬‬
‫مدح أعرابً خطٌبا فمال‪ :‬كان بلٌل الرٌك للٌل الحركات‪.‬‬
‫ولال ٌزٌد بن الحكم فً مدح المهلب‪:‬‬

‫ـد وفضرل الصرٕح والحسرب‬ ‫أصررربح فرررً لٌررردن السرررماحة‬


‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررـ‬
‫الذراز‪ ،‬نمً الثوب‪ ،‬طاهر اْزار‪ ،‬سلٌم دواعً‬ ‫والمجر العرب‪ :‬فٕن رحب‬ ‫وتمول‬
‫الصدر‬
‫ولال البحتري ٌصؾ لتله ذببا‪:‬‬

‫بحٌرررث ٌكرررون اللرررب والرعرررب‬ ‫فؤتبعتهرررررا أخررررررى فؤضرررررللت‬


‫والحمررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررد‬
‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررلها فً صدره‪:‬‬
‫ولال آخر فً رثاء من مات بعلة‬ ‫نصر‬

‫كالصررٕل الرررلش شررر دبٌررب‬ ‫ودبت فرً مروطن الحلرم علرة‬


‫لهرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررا‬
‫ووصؾ أعرابً امرأة فمال‪ :‬ترخً ذٌلها على عرلوبً ناعمة‬
‫الرابع‪ :‬بٌن نوز الكناٌات اَتٌة‪ُ ،‬موضّحا منها ما ٌصح فٌه إرادة‬
‫السإال ّ‬
‫المعنً المفهوم من صرٌح اللفظ وما ٔ ٌصح‪:‬‬
‫وصؾ أعرابً رجٕ بسوء العشرة فمال‪:‬‬
‫كان إذا رآنً لرب من حاجب حاجبا‬
‫ٕٖٔ‬
‫لال أبو نواس فً المدٌح‪:‬‬

‫ولكن ٌسٌر الجود حٌث ٌسٌر‬ ‫فما جازه جرود ؤ حرل دونره‬

‫وتكنً العرب عمن ٌجاهر ؼٌره بالعداوة بمولهم‪:‬‬


‫لبس له جلد النمر‪ ،‬وجلد اِرلم‪ ،‬وللب له ظهر المجن‬
‫فٕن عرٌض الوساد‪ ،‬أؼم المفا‪.‬‬
‫لال الشاعر‪:‬‬

‫لرملة خلخرأ ٌجرول ؤ للنرا‬ ‫تجررررول خٕخٌررررل النسرررراء ؤ‬


‫أرى‬
‫وتمول العرب فً المدٌح‪ :‬الكرم فً أثناء حلته‪ ،‬وٌمولون فٕن نفخ شدلٌه‪،‬‬
‫أي تكبر‪ ،‬وورم أنفه إذا ؼضب‪.‬‬
‫لالت أعرابٌة لبعض الؤة‪ :‬أشكو إلٌن للة الجرزان‪.‬‬
‫وكمولهم‪ :‬فتً مختصر المؤكول والمشرب والعطر‬

‫ـررررررررعة والمنرررررررردٌل والمرررررررردر‬ ‫نمرررررررررً الكرررررررررؤس والمصرررررررررـ‬


‫السإال الخامس‪ :‬اشرح البٌت اَتً وبٌن الكناٌة التً به‪:‬‬

‫ولكن على ألدامنا تمطر الدما‬ ‫فلسرررنا علرررى اِعمررراب تررردمً‬


‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررااللهم على رسوله النبً اِمً وسلم تسلٌما‬
‫والحمد هلل أؤ وأخٌرا‪ ،‬وصلى‬ ‫كلومنر‬
‫كثٌرا‪.‬‬

‫ٖٖٔ‬
‫علم البدٌع‬
‫المبالؽة‬
‫عنً اللؽوٌون بما‬‫المبالؽة تكون فً المبنى كما تكون فً المعنى‪ ،‬ولد ُ‬
‫ٌتعلك بالصٌػ والمبانً من حٌث حروؾ الكلمة وبنٌتها وصٌؽتها‪ ،‬كالمبالؽة‬
‫لطع) – مثٕ ‪ -‬أبلػ من (لطع)‪ ،‬و(لتل) أبلػ من‬ ‫بتضعٌؾ عٌن الفعل ؾ( ّ‬
‫(لتل)‪ ،‬والمبالؽة بزٌادة حرؾ‪ ،‬كمولهم‪( :‬احدودب) أبلػ من (حدب)‪،‬‬
‫و(اعشوشب) أبلػ من (عشب)‪ ،‬والمبالؽة بالعدول إلى صٌػ خاصة‪،‬‬
‫كالعدول من «فا ِعل» إلى‪( :‬فَعال‪ ،‬أو فَعول‪ ،‬أو ِم ْفعال‪ ،‬أو فَ ِعٌل‪ ،‬أو‬
‫فَ ِعل‪ )....‬مثل‪( :‬ؼَفار‪ ،‬ؼَفور‪ِ ،‬م ْعطاء‪َ ،‬رحٌم‪َ ،‬حذِر) وتسمى عند الصرفٌٌن‬
‫عنوا بالمبالؽة فً المعنى‪ ،‬ولذا عدوها فً‬ ‫صٌػ المبالؽة‪ .‬أما البٕؼٌون فمد ُ‬
‫البدٌع المعنوي‪.‬‬
‫والمبالؽة فً اللؽة‪ :‬مشتمة من بلػ الشًء ٌبلػ بلوؼا وبٕؼا‪ :‬وصل وانتهى‪،‬‬
‫وأم ُر هللاِ بَ ْل ٌػ بالفَتْحِ‬
‫وبلػ الفارس إذا م ّد ٌ َده بعنان فرسه لٌزٌد فً جرٌه‪ْ ،‬‬
‫أَي‪ :‬با ِل ٌػ نافِذٌ‪ْ ٌَ ،‬بلُ ُػ أٌْنَ أ ُ ِرٌ َد ب ِه‪ ،‬فالمبالؽة‪ :‬أن تبلػ فً اِمر جه َدن‪ ،‬وٌمال‪:‬‬
‫عبٌَْد‪:‬‬
‫ٕن‪ ،‬أي ُج ِه َد‪ .‬وأنشد أبو ُ‬ ‫بُ ِل َػ فُ ٌ‬

‫ررت أ َ ْحسرررابُها‬
‫ْؾ لَمرررا بُ ِلؽَر ْ‬
‫للسررٌ ِ‬ ‫ض ر َع ْ‬
‫ت ِرلابُهررا‬ ‫رباب َخ َ‬
‫ضر َ‬ ‫ّ‬
‫إن ال ِ ّ‬
‫أي جهدت ‪ .‬وأَحْ سابُها‪ :‬شَجا َ‬
‫عتُها ولُوتُها و َمنالِبُها‪.‬‬
‫عى لوصؾ بلوؼه فً الشدة أو الضعؾ حدا مستحٌٕ أو‬ ‫واصطٕحا‪ :‬أن ٌُد َ‬
‫ظن أنه ؼٌر متناه فً الشدة أو الضعؾ‪.‬‬ ‫مستبعدا؛ لبٕ ٌُ َ‬
‫فؤمر المبالؽة لابم على أدعاء فً تجاوز الوصؾ حدا مستحٌٕ ٔ ٌتحمك‬
‫عه أو ٌندر‪ ،‬وتكون لتحمٌك ؼاٌة فً النفس‪،‬‬ ‫بوجه‪ ،‬أو مستبعدا ٌمل ولو ُ‬
‫الضعؾ‪ .‬ومبناها على المفاعلة‬‫ِ‬ ‫وهً دفع تو ّهم أنه ؼٌر متناه فً الشدةِ أو‬
‫المرار على حالها‪،‬‬
‫َ‬ ‫ٌوحً بالجهد والتنازز‪ّ ،‬‬
‫كؤن طبٌعة الصفة تنازز المبا ِل َػ‬
‫فً حٌن ٌمسرها هو على ما أراد من بلوؼها الؽاٌة والمنتهى‪ .‬والمبالؽة "‬

‫ٖٗٔ‬
‫من أحسن الشعر ما دامت تفٌض بها نفس الشاعر من ؼٌر تكلؾ ؤ‬
‫تصنع" شؤنها فً ذلن شؤن سابر ألوان البدٌع‪:‬‬
‫ّ‬
‫المعتز فً وصؾ الفرس‪:‬‬ ‫وتؤمل لول ابن‬

‫ك‬
‫عرررررد ٌْو َو َرا َء السرررررر ْب ِ‬ ‫َوفٌِررررر ِه َ‬ ‫رررهُ فرررً الشررر ِ ّد أولَررره‬ ‫ت َ َخرررا ُل ِ‬
‫آخر َ‬
‫ور‬
‫صارت‬ ‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر ْذ ُخ‬
‫ٌحسب الرابً أن مإخرته‬ ‫َمر‬ ‫أراد أن الفرس حٌن ٌشتد فً الع ْد ِو‬
‫أو َله‪ ،‬بل زاد فجعله ٌدخر وراء ذلن عدْوا َ‬
‫آخر‪ ،‬مما ٌدل على أنّه لم ٌُفرغ‬
‫فً الع ْد ِو جه َده‪ ،‬ولم ٌستمص ؼاٌته‪ ،‬فهذه المبالؽة مما ٌروق بها الشعر‪،‬‬
‫وٌعذب ماإه‪.‬‬
‫وحٌن ٌمول جمٌل بثٌنة‪:‬‬

‫علًَ ٌَ ِمٌنِرً‬ ‫ٌَ ِمٌنً َولَو َ‬


‫عز ْ‬
‫ت َ‬ ‫ت ٌَوما بُثٌَنَرةُ ت َ ْبت َ ِؽرً‬ ‫َولَو أَر َ‬
‫سلَ ْ‬
‫سررلٌنً‬ ‫َولُلرتُ لَ َهررا بَعر َد الٌَمر ِ‬
‫رٌن َ‬ ‫طٌتُهرررررا َمرررررا َجرررررا َء ٌَبؽرررررً‬ ‫ََِع َ‬
‫ها‬ ‫ُ‬
‫رنٌن‬
‫ضر ِ‬ ‫ٌُبَ ر ٌِّ ُن ِعن ر َد المررا ِل ُكررل َ‬ ‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررولمرررا‬
‫ً مرررا ِلً ٌرررا بُثَرررٌنَ فَإِن‬ ‫َرسر‬
‫سرررلٌنِ َ‬
‫َ‬
‫تبصر جوهر الشعر فً أعطاؾ تلن المبالؽة‪ ،‬تجده بها فً المنزلة السنٌّة‬
‫والمكانة العلٌّة‪.‬‬

‫موقف البالغيني من املبالغة‪:‬‬

‫الناس فً المبالؽة طرفان ووسط‪ ،‬فمنهم من ردها مطلما‪ ،‬ومنهم من لبلها‬


‫آخر‪.‬‬
‫دابما‪ ،‬ومنهم من احترز فمب َل نوعا ورد َ‬
‫أما من ردها مطلما فحجته أن خٌر الكٕم ما خرج مخرج الحك‪ ،‬وجاء على‬
‫ُ‬
‫حسان‪:‬‬ ‫منهاج الصدق من ؼٌر إفراط ؤ تفرٌط‪ ،‬كما لال‬

‫بٌَررتٌ ٌُمررا ُل ِإ َذا أَنشرردتَه َ‬


‫صرر َدلَا‬ ‫و ِإن أ َ ْشررر َع َر بَ ٌْرررت أ ْنر َ‬
‫ررت لَابِلُرررهُ‬

‫ٖ٘ٔ‬
‫كما احتج بؤن المبالؽة ٔ ٌكاد ٌستعملها إٔ من عجز عن استعمال المؤلوؾ‪،‬‬
‫وأختراز الجاري على اِسالٌب المعهودة‪ ،‬فٕ جرم عمد إلى المبالؽة‬
‫سد خل َل بٕدتِه بما ٌظهر فً كٕمه من التهوٌل‪.‬‬
‫لٌ ُ‬
‫وأما من لبلها مطلما فحجته أن خٌر الشعر أكذبه‪ ،‬وأفضل الكٕم ما بُو ِل َػ‬
‫فٌه‪ ،‬كما لال البحتري‪:‬‬

‫صررر ْدلِ ِه‬ ‫ررعر ٌَ ْك ِفرررً فرررً ِ‬ ‫شر ُ‬ ‫وال ِ ّ‬ ‫َكل ْفت ُ ُمونَررررررا ُحرررررردُو َد َمرررررر ْن ِطم ُكم‬
‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر ْه‬
‫فًبُرلو ِله‪:‬‬‫كما احتج بؤن انتماد النابؽ ِة حسانَ بن ثابت َك ِذ‬

‫نجرر َدة‬
‫ررن ْ‬ ‫طرررنَ ِم ْ‬ ‫وأَسْررٌافُنا ٌَ ْم ْ‬ ‫لنررررا الجفنرررراتُ الؽُررررر ٌْل َم ْعررررنَ‬
‫دمررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررا‬
‫حىالمبالؽة التً التضاها ممام الفخر فمال له‪:‬‬ ‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر َ‬
‫حك‬ ‫بالضركان؛ ِنه لصر عن‬ ‫إنما‬
‫للت‪" :‬الجفنات"‪ ،‬ولو للت‪" :‬الجفان" لكان أكثر‪ ،‬وللتَ ‪ٌ" :‬لمعن"‪ ،‬ولو للت‪:‬‬
‫"ٌشرلن" لكان أكثر‪ ،‬وللت‪" :‬بالضحى"‪ ،‬ولو للت‪" :‬بالدجى" لكان أبلػ فً‬
‫المدٌح‪ ،‬وللت‪" :‬أسٌافنا"‪ ،‬ولو للت‪" :‬سٌوفنا" كان أكثر‪ ،‬وللت‪ٌ" :‬مطرن"‪،‬‬
‫ولو للت‪ٌ" :‬جرٌن" لكان أكثر‪...‬‬
‫وهنان رأي وسط بٌن الطرفٌن ل ِبل من المبالؽة ما كان معتدٔ عمٕ‬
‫وشرعا‪ ،‬ورد منها ما كان مجافٌا لهما بعٌدا عنهما‪ ،‬وهذا هو الرأي اِمثل‬
‫سموا المبالؽة ثٕثة ألسام؛ ِن‬
‫الذي انتهجه المحممون من أهل العلم؛ ولذا ل ّ‬
‫عى فً الوصؾ إما أن ٌكون ممكنا عمٕ وعادة فهذا هو المسم‬ ‫الحد المد َ‬
‫اِول وٌسمى التبلٌػ‪ ،‬وإما أن ٌكون ممكنا عمٕ ممتنعا عادة فٌسمى‬
‫الؽلو‪ .‬فالتبلٌػ واْؼراق‬
‫ّ‬ ‫اْؼراق‪ ،‬وإما أن ٌكون ممتنعا عمٕ وعادة فٌسمى‬
‫كٕهما فً دابرة أستبعاد مع تفاوت بٌنهما‪ ،‬والؽلو فً دابرة المستحٌل‪،‬‬
‫فهاهنا ثٕث مراتب‪ :‬بعٌد‪ ،‬وأبعد‪ ،‬ومستحٌل‪.‬‬
‫المسم اِول‪ :‬التبلٌػ‪ :‬وهو ما كان ممكنا عمٕ وعادة‪.‬‬
‫من ذلن‪ :‬لول امرئ المٌس ٌصؾ فرسه‪:‬‬

‫ررررح بمرررراء‬ ‫ض ْ‬ ‫دِراكررررا ولررررم ٌُ ْن َ‬ ‫فعا َدى ِعداء بٌْنَ ثَرور ونَ ْعجرة‬
‫فٌُ ْؽ َ‬
‫سررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر ِل‬
‫‪ٖٔٙ‬‬
‫ط ْلك‪ ،‬فصادهما ولم ٌعرق‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫لوله (عادى) معناه وا َلى بٌن اثنٌن فً َ‬
‫أدركهما دون معاناة مشمة ومماساةِ شدة‪ ،‬فمد وصؾ هذا الفرس بؤنه أدرن‬
‫ثورا وبمرة وحشٌٌن فً مضمار واحد ولم ٌعرق‪ ،‬وذلن ؼٌر ممتنع عمٕ‬
‫ؤ عادة‪َ .‬ولم ٌرد ثورا ونعجة فَمَط‪َ ،‬وإِن َما أ َ َرا َد ْالكثٌر‪َ ،‬والد ِلٌل َ‬
‫علَ ٌْ ِه لَ ْوله‪:‬‬
‫عنهُ بموله‪( :‬عادى)‪.‬‬ ‫(دِراكا) َولَو أرادهما فَمَط ٔستؽنى َ‬
‫ومثله لول أبً الطٌب ٌصؾ فرسه أٌضا‪:‬‬

‫ع ْنهُ ِمثْلَهُ ِحٌنَ أ َ ْر َكرب‬


‫َوأ َ ْن ِز ُل َ‬ ‫ص َرزُ أَي ْال َو ْح ِش لَف ٌْتُرهُ بِره‬
‫َوأ َ ْ‬
‫جعل فرسه فً ؼاٌة الموة والصبر؛ حٌث صرز به ما أراد من الوحش‪،‬‬
‫والصرز وانتهاء الرحلة كحاله لبلها‪ ،‬لم ٌَلح ْمه‬
‫ْ‬ ‫وكانت حاله بعد اللحاق‬
‫نصبٌ ؤ لؽَب‪ ،‬بل حٌن نزل عنه وجده على حالته حٌن ركبه من هدوء‬
‫ي الوحش) ٌرٌد‬ ‫نفَس وسكون حال‪ ،‬وهذا أمر ممكن عمٕ وعادة‪ .‬ولوله‪( :‬أ ّ‬
‫التكثٌر والتنوٌع ‪ ،‬وهو ٌناظر لول امرئ المٌس هنان‪( :‬دراكا)‪.‬‬
‫المسم الثانً‪ :‬اْؼراق‪ :‬وهو ما كان ممكنا عمٕ ممتنعا عادة‪.‬‬
‫ع ْمرو ب ِْن اِ َ ٌْ َهم الت ْؽ ِلبً‪:‬‬
‫ومنه لول َ‬

‫ونُتْبِعُررهُ ْال َك َرا َمررةَ َحٌ ُ‬


‫ْررث َمررأ‬ ‫ام فٌِنَررررا‬
‫ارنَررررا َمررررا َد َ‬ ‫َونُ ْكر ِ‬
‫رررر ُم َج َ‬
‫جارهم ٔ ٌمٌل عنهم‬
‫فإكرامهم جارهم مدة إلامته فٌهم خلك جلٌل‪ ،‬أما كون ِ‬
‫إلى جهة إٔ وهم ٌُتبعونه ال َكرامة فهذا ممتنع عادة‪ ،‬وإن كان ؼٌر ممتنع‬
‫عمٕ‪.‬‬
‫وفض ُل اْؼراق هنا أنه كشؾ عن مزٌد عناٌتهم بجارهم‪ ،‬وأنه منهم بمنزلة‬
‫المرٌب الحمٌم الذي إحسانه واجب علٌهم وإن رحل عنهم‪ ،‬فهم ٌحفظون‬
‫جواره كؤنه لم ٌرحل‪.‬‬
‫ومنه لول ابن نُبات َة السعدي فً سٌؾ الدولة‪:‬‬
‫ب ال ُّد ْنٌا ِبالَ أ َ َم ِل‬ ‫ت َ َر ْكتَنًِ أ ْ‬
‫ص َح ُ‬ ‫ش ٌْئ َا أ ُ َؤ ِ ّملُهُ‬ ‫لَ ْم ٌُب ِ‬
‫ْك ُجودُنَ ِلً َ‬

‫‪ٖٔ7‬‬
‫ٌعٌش‬
‫ُ‬ ‫جعل جود الممدوح مح ِمّما له كل أمل‪ ،‬لاضٌا له كل ؼاٌة حتى صار‬
‫ولٌس عنده ما ٌإ ِ ّمله؛ إذ الممدوح لد كفاه‪ ،‬وحمك له متمناه‪ .‬وهذا ممكن‬
‫عمٕ‪ ،‬لكنّه مستبعد والعا بحسب العادة‪.‬‬
‫ولد أبان بهذه المبالؽة فضل الممدوح ومكانته فً الجود وأنه ٌعطً عطاء‬
‫واسعا‪ ،‬حتى إنه ٔ ٌترن أمٕ َمل فً مزٌد‪.‬‬
‫الرومً ٌذ ّم بخٌٕ ببخله‪:‬‬
‫ومنه لول ابن ّ‬

‫رٌك ِب َهرا فِنَرا ُء ْال َم ْن ِرز ِل‬


‫ض ُ‬ ‫ِإ َبرا ٌَ ِ‬ ‫رؾ‬
‫س َ‬ ‫ص َرر َن ٌَرا ابْرنَ ٌُو ُ‬ ‫لَ ْو أن لَ ْ‬
‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررل‬ ‫َ‬
‫ٌصرر ِه َلرر ْم ت َ ْف َعرر ِل‬ ‫ِل ٌَ ِخررٌ َ‬
‫ط لَررد لَ ِم ِ‬ ‫ٌر َن ِإب َْررة‬ ‫ؾ ٌَ ْست َ ِع ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ان ٌُو ُ‬ ‫ُم َ ْومأ َترت َ َ‬
‫هجاه بالبخل الشدٌد بؤن جعله فً صورة من ٌمنع اِمر الحمٌر‪ ،‬وهو‬
‫وعظم حاجته إلٌه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫اْبر‪ ،‬مع كثرته عنده‪ ،‬ولرابة من ٌطلبه‪ ،‬وهو أبوه‪،‬‬
‫رٌب أن هذا ممتنع‬
‫َ‬ ‫وكون طلبه إٌاه عارٌة مستردة ٔ عطٌة ُمتملكة‪ .‬ؤ‬
‫عادة وإن كان ممكنا عمٕ‪.‬‬
‫ومثله فً هذا المعنى لول أبً الش َم ْم َمك‪:‬‬

‫رررت تَطمرررر ُع فررررً نَرررروا ِل‬ ‫ِإن ُكنر َ‬ ‫ب فرررً َحدٌِرررد‬ ‫رررات ت َ ِ‬
‫ضرررر ُ‬ ‫هٌَ َه َ‬
‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررعٌ ِِدد‬‫سر‬ ‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررارد‬
‫بَروللاِ لَر ْرو َملَر َ‬
‫س ْررلم فرررً زَ َم ِ‬
‫رران ُمرررد ُْو‬ ‫َو َأترراهُ َ‬ ‫رار ِبؤ َ ْسر ِررهَا‬‫رن ال ِب َحر َ‬
‫ِ َ َبرررى َولَرررا َل تَررر ٌَم َم ْن ِب َ‬
‫صررر ِع ٌْ ِد‬ ‫ررر َبة ِل ُ‬
‫ط ُهر ْررو ِر ِه‬ ‫ٌَ ْب ِؽ ٌْررر ِه ِم ْن َهرررا شر ْ‬
‫المسم الثالث‪ :‬الؽلو‪ :‬وهو ما كان ممتنعا عمٕ وعادة‪.‬‬
‫وهو ضربان‪ :‬ممبول ومردود‪.‬‬
‫الؽلو الممبول‪ :‬وهو ما التزم المتكلم فٌه معٌارا فنٌا ٌزٌل به‬
‫ّ‬ ‫الضرب اِول‪:‬‬
‫وحشة اْفراط‪ ،‬ولم ٌكن فٌه مجافاة للشرز والدٌن‪.‬‬
‫ولد نص البٕؼٌون على ثٕثة أمور تشكل هذا المعٌار الفنً‪ ،‬وتجعل الؽلو‬
‫ممبؤ‪:‬‬

‫‪ٖٔ8‬‬
‫اِمر اِول‪ :‬أن ٌمترن بؤداة من أدوات التمرٌب أو أمتناز مثل‪ :‬كاد‪،‬‬
‫وٌخٌّل‪ ،‬ولو‪ ،‬ولؤ‪ ،‬ونحو ذلن‪.‬‬
‫كما فً لول ابن حمدٌس الصملً‪ ،‬فً وصؾ فرس‪:‬‬

‫ق‬ ‫ررب فِرررً فِررررا ِ‬ ‫لَر ْررو َكرررانَ ٌَرؼر ُ‬ ‫رن ِظ ِلّر ِه‬
‫سرعة ِم ْ‬
‫َوٌَكا ُد ٌخر ُج ُ‬
‫ك‬ ‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر‬
‫المبول ِ‪،‬‬ ‫ولكنفٌرلفظ (ٌكاد) أدناه من‬ ‫فإن مفارلة الشًء ظله مما ٔ ٌكون‪َ ،‬ر‬
‫وأتم للشاعر لصده من بٌان اْفراط فً سرعة فرسه دون منازعة‪.‬‬
‫ومثله لول أبً العٕء المعري‪:‬‬

‫ررررن ِفرررررً لُلُرررررو ِبه ُم ال ِنّ َبر َ‬


‫ررررأ‬ ‫ت ُ َم ِ ّكر ُ‬ ‫ْررررر رام‬
‫ؼٌ ِ‬ ‫ت َ َكررررا ُد ِل ِسررررٌهُ ِمر ْ‬
‫رررن َ‬
‫تَجررررد إلَررررى ِرلَررررا ِبه ُم ا ْن ِسر َ‬
‫رررٕ َٔ‬ ‫سررر ّل‬
‫ررر َ‬ ‫سرررٌوفُهُ ِمر ْ‬
‫ررن َ‬
‫ؼ ٌْر ِ‬ ‫ت َ َكرررا ُد ُ‬
‫ومن شواهد تمرٌب الؽلو بلفظة «لو» لو ُل زهٌر‪:‬‬

‫لَر ْرو ٌم ِبررؤَو ِل ِه ْم أ َ ْو َم ْجر ِد ِه ْم لَ َعردُوا‬


‫لَ ْو َكانَ ٌَ ْمعُ ُد فَ ْروقَ الش ْرم ِس ِم ْ‬
‫رن‬
‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررمفوق الشمس‪ ،‬وكانت (لو) شفٌعة المبول‬
‫فتؤمل كٌؾ هٌؤ لممدوحٌه ممعد َا‬ ‫َكر‬
‫والحسن‪.‬‬
‫ومثله لول البحتري‪:‬‬

‫الم ْنبَ ُرر‬ ‫سرعَى إلٌَ َ‬


‫ْرن ِ‬ ‫فً و ْس ِع ِه لَ َ‬ ‫فروقَ َمرا‬
‫ؾ ْ‬ ‫َولَ َو أَن ُم ْشتالا تكل َ‬
‫وتبعه أبو الطٌب فٌه فمال‪:‬‬

‫ررن اِ ْؼ ُ‬
‫صرررنا‬ ‫مررد ْ‬
‫ّت َمح ٌِّ ٌَرررة إلٌر َ‬ ‫لرو تَع ِمررل الشر ُ‬
‫رجر التررً لابلتهررا‬
‫ً المنبر إلى الممدوح‪ ،‬ومد اِشجار أؼصانَها تحٌة له عند مروره بها‬
‫فس ْع ُ‬
‫سن هذا الؽلو وجعله ممبؤ‬‫أمر محال؛ ٔمتناعه عمٕ وعادة‪ ،‬لكن الذي ح ّ‬
‫هو دخول «لو»‪.‬‬

‫‪ٖٔ9‬‬
‫ؼلوه‪ ،‬وتؤمل لول‬
‫سنه‪ ،‬وتذهب جفوة ّ ِ‬
‫هذا ولٌس كل كٕم دخلت فٌه (لو) تح ّ‬
‫ال ُخبْزأ َ ْر ِزي‪:‬‬

‫رررابم لررررم ٌَ ْنتبِرررر ِه‬


‫فِررررً ُمملرررر ِة النر ِ‬ ‫ذُبتُ من الشرو ِ‬
‫ق فَلَرو ُز ّج بِرً‬
‫ط ْمررتُ ب ر ِه‬
‫فرراَنَ لررو شرربتُ ت َ َمن َ‬ ‫ضررى َخررات َ ٌم‬
‫وكررانَ ِلررً فٌ َمررا َم َ‬
‫ؤ ٌرتاب متذوق "فً أن الشعر حٌن ٌفضً إلى هذا النوز من المبالؽة ٔ‬
‫ٌعبر عن إحساس أو وجدان؛ إنما ٌعبر عن نوز من السموط الفنً؛ إذ‬
‫ٌذهب الشعراء بعٌدا فً تصوراتهم وأفكارهم‪ ،‬وكؤنهم ٌجنحون إلى كل‬
‫إفراط فً الشعر" ولم ٌشفع له أنه بنى كٕمه على أمتناز بؤداته (لو) بل‬
‫ٔ ترى إٔ عبثا شعرٌا ٔ ٌمت إلى الفن بصلة‪.‬‬
‫اِمر الثانً‪ :‬أن ٌتضمن نوعا حسنا من التخٌٌل‪.‬‬
‫كما فً لول المتنبً‪:‬‬

‫ِم ِكنررا‬
‫لررو تبْتؽررً عنَمررا علٌرره ْ‬ ‫ت سررناب ُكها علٌهررا ِعثٌْرررا‬
‫عم ر َد ْ‬
‫والمعنى‪ :‬أن سنابن الخٌل‪ ،‬وهً أطراؾ الحوافر‪ ،‬عمدت على هذا الممدوح‬
‫عثٌرا‪ ،‬وهو الؽبار‪ ،‬حتى لو أراد أن ٌمشً علٌه مشٌا سرٌعا ِمكن‪.‬‬
‫وانعماد الؽبار فً الهواء حتى ٌمكن المشً علٌه مستحٌل عمٕ وعادة‪ ،‬إٔ‬
‫تحول الؽبار لكثرته إلى أرض صلبة مرتفعة‬
‫أنه تخٌل حسن ممبول نشؤ من ّ‬
‫فً الهواء‪ ،‬وزاده حسنا الترانه بؤداة أحتمال (لو)‪ ،‬مما لرب الصورة إلى‬
‫المبول‪ ،‬وأنزلها منازل الحسن فً العمول‪.‬‬
‫الممرب فً لول الماضً‬
‫ّ‬ ‫ولد اجتمع‪ -‬أٌضا‪ -‬حسن التخٌٌل مع اللفظ‬
‫اِرجانً‪:‬‬
‫ّ‬

‫ت بؤ َ ْه َدابًِ إلَ ٌْ ِهن ْ‬


‫أجفَرانًِ‬ ‫و ُ‬
‫شد ْ‬
‫ب فررً‬‫سرر ِ ّم َر الشرر ْه ُ‬ ‫ٌُخٌَرر ُل لررً أ َ ْن ُ‬
‫صور به الشهب لد أُحكمت‪،‬‬
‫ّ‬ ‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررد َجى‬
‫بتخٌٌل بدٌع‬ ‫فاِرجانً ٌصؾ طول اللٌل‬ ‫الر‬
‫س ّمرت فً الظٕم‪ ،‬فها هو الظٕم جاثم ٔ ٌبرح‪ ،‬والشهب ثابتةٌ ٔ تتحرن‪،‬‬
‫و ُ‬
‫شدت بؤهدابها إلى تلن الشهب المحكمة‪ ،‬فسهره طوٌل ٔ‬ ‫وأجفان عٌنٌه لد ُ‬

‫ٓٗٔ‬
‫ٌنمضً‪ .‬وهذا تخٌٌل بارز‪ ،‬لد زاده لفظ (ٌُخٌَل) فً صدر البٌت حسنا‬
‫وانمض ركنه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وبهاء‪ ،‬ولو سمطت من البٌت لسمط حسنه‪،‬‬
‫اِمر الثالث‪ :‬أن ٌخرج الكٕم مخرج الهزل والخٕعة‪.‬‬
‫كمول المابل‪:‬‬

‫ب‬ ‫علَرى‬
‫ؼرررردا ِإن َذا ِمررررنَ ال َع َجرررر ِ‬
‫عزَ ْمرتُ َ‬
‫ب َ‬
‫ِ‬ ‫أ ْس َك ُر بِراِ َ ْم ِس ِإ ْن َ‬
‫رررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررالشرب ؼدا مما ٔ ٌمكن عمٕ ؤ عادة‪،‬‬
‫الش ْكره باِمس بسبب عزمه على ْ‬ ‫س‬
‫ف ُ‬
‫لرب من المبول‪.‬‬
‫لكنه لما خرج مخرج الهزل ُ‬
‫الضرب الثانً‪ :‬الؽلو المردود‪ :‬وهو ما أدى إلى مخالفة الشرز‪ ،‬أو‬
‫أستهزاء باهلل‪ ،‬وآٌاته‪ ،‬ورسله‪ ،‬وأولٌابه الصالحٌن‪ ،‬وكذا ما خٕ من‬
‫اِمور الثٕثة السابمة التً تجعل الؽلو ممبؤ‪ ،‬والشواهد على ذلن كثٌرة‪.‬‬
‫من ذلن لول أبً نواس ٌمدح الرشٌد‪:‬‬

‫ؾ التًِ لَر ْم ت ُ ْخلَر ِ‬


‫ك‬ ‫لتَخَافُ َن الن َ‬
‫ط ُ‬ ‫َوأ َ َخ ْف َ‬
‫ت أ ْهر َل ال ِ ّ‬
‫ش ْرر ِن َحترى إنرهُ‬
‫جاوز الحد فؤولع الخوؾ على النطؾ التً لم تخلك‪ ،‬وهذا ‪ ٔ -‬شن ‪ -‬مما‬
‫ٌمجه الطبع‪ ،‬وٌنفر منه الذوق‪.‬‬
‫ومنه لول المتنبً‪:‬‬

‫أحلَررى ِمررن الت ْ‬


‫وحٌرر ِد‬ ‫ُهررن ِفٌرر ِه ْ‬ ‫رررن فمررررً لُرررربُٕت‬
‫ٌَتَرشررررفنَ ِمر ْ‬
‫وهذا مما ٌنزه عنه المإمن فمه فضٕ عن تصوره واعتماده؛ ِن فٌه من‬
‫رلة الدٌن وامتهان الشرز ما فٌه‪.‬‬
‫والؽلو المردود دركات‪ ،‬فإنه لٌنحدر بصاحبه حتى ٌنطك بالكفر الصراح‬
‫نعوذ باهلل من الخذٔن‪.‬‬
‫كمول علً بن ج َبلة المعروؾ بالعكون مخاطبا أبا َدلَؾ‪:‬‬

‫رن َحررال إِلَررى‬ ‫َوت َ ْنمُ ر ُل الررد ْه َر ِمر ْ‬ ‫ّام َم ْن ِز ِل َهرا‬ ‫أ َ ْن َ‬


‫ت الذِي ت ُ ْن ِز ُل اٌَِ َ‬
‫َحررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررا ِل‬
‫ٔٗٔ‬
‫ْت بِرررؤ َ ْرزَ اق َوآ َجرررا ِل‬
‫ضرررٌ َ‬
‫إٔ ل َ‬
‫طر ْررؾ إلررى‬ ‫رددت َمرردى َ‬ ‫ومررا مر َ‬
‫أ َ َحر‬
‫ررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررردشاء‪ ،‬وٌمضً بؤرزاق العباد وآجالهم‪ ،‬وهذا‬
‫جعله ٌتصرؾ فً الدهر كٌؾ‬
‫من الكفر البواح‪.‬‬
‫ومثله لول ابن هانا فً المعز لدٌن هللا الفاطمً‪:‬‬

‫الواح ر ُد المَه ُ‬
‫ررار‬ ‫ِ‬ ‫راحك ْم فَؤ َ ْنر َ‬
‫رت‬ ‫فر ْ‬ ‫اِلردار‬
‫ُ‬ ‫ت‬
‫ت ٔ َما شَا َء ِ‬ ‫ما ِشبْ َ‬
‫ررار‬
‫صر ُ‬‫ررار َن اِ ْن َ‬
‫صر ُ‬ ‫و َكؤَن َمرررا أ َ ْن َ‬ ‫فَ َكؤَنّ َمررررا أ َ ْن َ‬
‫ررررت النبِررررً ُم َح ّمرررر ٌد‬
‫إلى ؼٌر ذلن مما انحدر فٌه الشعراء‪ ،‬وتردّوا فً دركات الؽلو ومهاوي‬
‫المؽأة‪ ٔ ،‬سٌما أولبن الذٌن أكثروا من هذا الضرب‪ ،‬أمثال أبً نواس‬
‫والمتنبً ودٌن الجن ودعبل الخزاعً وؼٌرهم‪" .‬على أَن الدٌّانَة ‪ -‬كما‬
‫سببا لتؤخر‬‫ٌمول الثعالبً ‪ -‬لٌَست عٌارا على الش َع َراء‪َ ،‬و َٔ سوء ِأ ْعتِمَاد َ‬
‫ٓس َْٕ ِم َحمه من اْجٕل الذِي َٔ ٌسوغ ْ ِ‬
‫اْ ْخ َٕل بِ ِه لؤ‬ ‫الشا ِعر‪َ ،‬ولَ ِكن ِل ْ ِ‬
‫وفعٕ"‪ .‬نسؤل هللا السٕمة والثبات على الدٌن‪.‬‬

‫ٕٗٔ‬
‫توطئة‪:‬‬

‫إن من أعظم وجوه إعجاز المرآن الكرٌم البٌانً ما ٌنفرد به من حسن‬


‫النظم الرابك‪ ،‬وجمال التناسك وأبتٕؾ‪ ،‬وٌتجلى ذلن بوضوح فً تناؼم‬
‫الفاصلة المرآنٌة وانسجامها مع جارتها تارة‪ ،‬ومع نظم آٌتها تارة أخرى‪،‬‬
‫فهً تؤتً منتظمة فً مولعها‪ ،‬لارة فً مكانها لو استبدلت بؽٌرها لتؽٌر‬
‫المراد‪.‬‬
‫ودراسة الفاصلة المرآنٌة تهدؾ إلى بٌان‪:‬‬
‫ٔ تعرٌؾ الفاصلة لؽة واصطٕحا‪.‬‬
‫ٕ الفرق بٌن الفاصلة ورإوس اَي‪.‬‬
‫ٖ ألسام الفاصلة باعتبار حرؾ الروي‪.‬‬
‫ٗ ألسام الفاصلة باعتبار حرؾ الروي والوزن‪.‬‬
‫٘ ألسام الفاصلة باعتبار المصر والطول‪.‬‬
‫‪ ٙ‬بدابع المعانً المرآنٌة فً ربط الفاصلة بمضمون اٌَة‪.‬‬
‫‪ 9‬المٌمة البٕؼٌة للفاصلة المرآنٌة‪.‬‬

‫ٖٗٔ‬
‫تعرٌف الفاصلة لغة واصطال ًحا‪:‬‬
‫الفاصلة فً اللغة‪:‬‬
‫الفصل‪ :‬الحاجز بٌن الشٌبٌن‪ٌ ،‬مال‪ :‬فصلت الشًء أي‪ :‬لطعته‪ ،‬والفاصلة‪:‬‬
‫الخرزة التً تفصل بٌن الخرزتٌن فً النظام (‪.)1‬‬

‫الفاصلة فً أصطٕح‪:‬‬
‫الكٕم المنفصل عما بعده‪ ،‬ولد ٌكون رأس آٌة ولد ٔ ٌكون‪ ،‬وسمٌت‬
‫فاصلة؛ ِنه ٌنفصل عندها الكٕمان‪ ،‬وذلن أن آخر اٌَة لد فصل بٌنها‬
‫وبٌن ما بعدها (‪.)2‬‬

‫والممصود بالتفصٌل‪ :‬توافك أواخر اَي فً حروؾ الروي أو فً الوزن‬


‫مما ٌمتضٌه المعنى‪ ،‬وتسترٌح إلٌه النفوس (‪.)3‬‬
‫ور * َو ِكت َاب َم ْس ُ‬
‫طور * ِفً َر ّق‬ ‫وٌتحمك ذلن فً نحو لوله تعالى‪َ ( :‬والط ِ‬
‫ور) (‪.)4‬‬
‫ت ْال َم ْع ُم ِ‬
‫شور * َو ْالبَ ٌْ ِ‬
‫َم ْن ُ‬

‫إذ نجد التشاكل فً تماثل الفواصل فً لوله‪( :‬الطور‪ ،‬ومسطور‪ ،‬ومنشور‪،‬‬


‫ومعمور) فً ختمها بحرؾ الراء‪.‬‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور مادة (ؾ‪ ،‬ص‪ ،‬ل) دار صادر بٌروت بدون‪.‬‬
‫(ٕ) ٌنظر‪ :‬البرهان فً علروم المررآن الزركشرً ترح دمحم أبرو الفضرل إبرراهٌم ٔ‪ ٘ٗ/‬دار‬
‫إحٌاء الكتب العربٌة ط اِولى ‪ٔ7٘9‬م‪ ،‬واْتمان فً علوم المرآن السرٌوطً ترح دمحم‬
‫أبو الفضل إبراهٌم ٖ‪ ٖٖٕ/‬الهٌبة المصرٌة العامة للكتاب ط ٗ‪ٔ79‬م‪.‬‬
‫(ٖ) ٌنظر‪ :‬الفاصلة فً المرآن‪ ،‬دمحم الحسناوي‪ ،ٕ7 ،‬دار عمار ط الثانٌة ٕٓٓٓم‪.‬‬
‫(ٗ) سورة الطور(ٔ‪.)ٗ :‬‬

‫ٗٗٔ‬
‫الفرق بٌن الفاصلة ورأس اآلٌة‪:‬‬
‫ٌتبدى الفرق بٌن الفاصلة ورأس اٌَة فً أن كل رأس آٌة فاصلة‪ ،‬ولٌست‬
‫كل فاصلة رأس آٌة (‪ )1‬فبٌنهما عموم وخصوص‪.‬‬

‫ولد آثرت طابفة من العلماء إطٕق اسم الفاصلة على النظم المرآنً الذي‬
‫ٌنسجم آخره وفك تماثل أو تمارب فً الحروؾ دون السجع ِسباب متعددة‬
‫منها‪:‬‬
‫ٔ تصدٌما لموله تعالى فً وصؾ المرآن الكرٌم ( ِكتَابٌ أُحْ ِك َم ْ‬
‫ت آٌَاتُهُ ثُم‬
‫ت ِم ْن لَد ُْن َح ِكٌم َخ ِبٌر) (‪.)2‬‬
‫صلَ ْ‬
‫فُ ِ ّ‬

‫ٕ تجنب إطٕق لفظ السجع؛ ِن أصله من سجع الطٌر فشرؾ المرآن‬


‫الكرٌم أن ٌستعار لشًء فٌه لفظ هو أصل فً صوت الطابر‪.‬‬
‫ٖ تشرٌفا للمرآن الكرٌم عن مشاركة ؼٌره من الكٕم الحادث فً اسم‬
‫السجع الوالع فً كٕم أحاد الناس (‪.)3‬‬

‫ولد انصرفت همة كثٌر من العلماء إلى العناٌة بالفاصلة المرآنٌة‪ ،‬والكشؾ‬
‫عن أسرارها البٕؼٌة؛ لعظٌم أثرها اللفظً والمعنوي‪ ،‬فهى تحدث جرسا‬
‫موسٌمٌا تطرب له اَذان‪ ،‬وتهتز له الملوب‪ ،‬كما أن لها دورا بارزا فً‬
‫تمكٌن المعنى وإٌضاحه؛ ومن ثم تنوعت نظرتهم إلٌها‪ ،‬فوجدنا تمسٌمات‬
‫متعددة باعتبارات متنوعة‪ ،‬فتارة ٌراعى عند التمسٌم نوز الحرؾ اِخٌر‬
‫من الفواصل‪ ،‬وتارة ٌراعى الوزن والروي‪ ،‬وتارة أخرى ٌراعى لصر‬
‫الفمرة وطولها‪.‬‬

‫(ٔ) ٌنظرررر‪ :‬البرهررران فرررً علررروم المررررآن ٔ‪ ،٘ٗ/‬واْتمررران فرررً علررروم المررررآن ٖ‪،ٖٖٕ /‬‬
‫ودراسة بٕؼٌة فً السجع والفاصرلة المرآنٌرة‪ ،‬عبرد الجرواد دمحم طبرك‪،ٖٔٔ :ٕٔٔ ،‬‬
‫دار اِرلررم ط ٖٔٗٔه‪ٔ77ٖ /‬م‪ ،‬ومباحررث فررً علرروم المرررآن‪ ،‬منرراز المطرران‪ ،‬ص‬
‫ٖ٘ٔ‪ ،‬مإسسة الرسالة‪ ،‬ط الخامسة والثٕثون‪ٔٗٔ7 ،‬ه‪ٔ770 /‬م‪.‬‬
‫(ٕ) سورة هود (ٔ)‪.‬‬
‫(ٖ) ٌنظر‪ :‬البرهان فً علوم المرآن ٔ‪ ،٘ٗ/‬وأتمان ٖ‪.ٖٖٗ/‬‬

‫٘ٗٔ‬
‫أؤ‪ :‬تمسٌم الفاصلة باعتبار التشاكل فً الحرؾ اِخٌر‪.‬‬
‫تنمسم الفواصل باعتبار نوز الحرؾ اِخٌر إلى لسمٌن‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬الفواصل المتماثلة‪.‬‬
‫اَخر‪ :‬الفواصل المتماربة‪.‬‬
‫الفواصل المتماثلة‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫نحو ما ورد فً لوله تعالى‪( :‬فَ َٕ أ ُ ْل ِس ُم‬ ‫هى التً تماثلت حروؾ روٌها‬
‫(‪)2‬‬
‫س * َوالصبْحِ ِإ َذا تَنَف َ‬
‫س)‬ ‫ِب ْال ُخن ِس * ْال َج َو ِار ْال ُكن ِس * َوالل ٌْ ِل ِإ َذا َ‬
‫ع ْسعَ َ‬
‫حٌث تماثلت الفواصل فً حرؾ السٌن (الخنس‪ ،‬والكنس‪ ،‬وعسعس‪،‬‬
‫وتنفس)‪.‬‬
‫ت‬ ‫ت لَدْحا *فَ ْال ُم ِؽ َ‬
‫ٌرا ِ‬ ‫ضبْحا * فَ ْال ُم ِ‬
‫ورٌَا ِ‬ ‫ونحو لوله تعالى‪َ ( :‬و ْالعَا ِدٌَا ِ‬
‫ت َ‬
‫صبْحا)(‪.)3‬‬
‫ُ‬

‫عل َمهُ ْالبٌََانَ *‬‫سانَ * َ‬ ‫عل َم ْالمُ ْرآنَ * َخلَكَ ْ ِ‬


‫اْ ْن َ‬ ‫ونحو لوله تعالى‪( :‬الرحْ َم ُن * َ‬
‫*والس َما َء َرفَ َع َها َو َو َ‬
‫ض َع‬ ‫ان َ‬ ‫س َو ْالمَ َم ُر ِب ُح ْس َبان * َوالنجْ ُم َوالش َج ُر ٌَ ْس ُج َد ِ‬
‫الش ْم ُ‬
‫ْط َو َٔ ت ُ ْخ ِس ُروا‬‫ان* َوأَلٌِ ُموا ْال َو ْزنَ بِ ْال ِمس ِ‬ ‫ْال ِمٌزَ انَ * أَٔ ت َْطؽ َْوا فًِ ْال ِمٌزَ ِ‬
‫ْال ِمٌزَ انَ ) (‪ )4‬حٌث ختمت الفواصل بحرؾ النون‪.‬‬

‫ولد تتفك الفاصلتان فً حرؾ أو أكثر لبل حرؾ الروي من ؼٌر كلفة ؤ‬
‫للك بل تتناسب فً لٌن وجمال وسٕسة‪ ،‬فمثال التزام حرؾ لوله تعالى‪:‬‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬ثٕث رسابل فً إعجراز المررآن " النكرت فرً إعجراز المررآن " الرمرانً ‪70‬‬
‫دار المعارؾ بمصر ط الثانٌة ‪ٖٔ09‬ه‪ٔ7ٙ0 /‬م‪ ،.‬والبرهان ٔ‪،9ٖ/‬‬
‫(ٕ) سورة التكوٌر (٘ٔ‪.)ٔ0 :‬‬
‫(ٖ) سورة العادٌات (ٔ‪.)ٖ :‬‬
‫(ٗ) سورة الرحمن (ٔ‪.)7 :‬‬

‫‪ٔٗٙ‬‬
‫ظ ْه َرنَ *‬ ‫ع ْننَ ِو ْز َرنَ * الذِي أ َ ْن َم َ‬
‫ض َ‬ ‫ض ْعنَا َ‬
‫*و َو َ‬ ‫(أَلَ ْم نَ ْش َرحْ لَنَ َ‬
‫صد َْرنَ َ‬
‫َو َرفَ ْعنَا لَنَ ِذ ْك َرنَ ) (‪.)1‬‬
‫ومثال التزام حرفٌن لبل الروي لوله تعالى‪َ ( :‬ما أ َ ْنتَ بِنِ ْع َم ِة َر ِبّنَ ِب َمجْ نُون *‬
‫ؼٌ َْر َم ْمنُون) (‪.)2‬‬
‫َو ِإن لَنَ ََِجْ را َ‬
‫ؾ مِنَ‬
‫طابِ ٌ‬‫ومثال التزام ثٕثة أحرؾ لوله تعالى‪( :‬إِن الذٌِنَ اتمَ ْوا إِ َذا َمس ُه ْم َ‬
‫ْص ُرونَ * َوإِ ْخ َوانُ ُه ْم ٌَ ُمدونَ ُه ْم فًِ ْالؽَ ّ‬
‫ً ِ ثُم َٔ‬ ‫ان ت َ َذك ُروا فَإ ِ َذا ُه ْم ُمب ِ‬
‫ط ِ‬‫الش ٌْ َ‬
‫ص ُرونَ ) (‪.)4( )3‬‬ ‫ٌُ ْم ِ‬
‫ؤ ٌتولؾ التماثل بٌن الفواصل عند حد اٌَتٌن أو الثٕث وإنما ٌمتد اِمر‬
‫لٌشمل السورة بؤكملها‪ ،‬نحو بناء سورة (الناس) على فاصلة (السٌن) فً‬
‫اس* ِم ْن ش ِ َّر‬ ‫اس * ِإلَ ِه الن ِ‬ ‫عوذُ بِ َربّ ِ الن ِ‬
‫اس * َم ِل ِن الن ِ‬ ‫لوله تعالى‪( :‬لُ ْل أ َ ُ‬
‫(‪)5‬‬
‫اس)‬ ‫اس * ِمنَ ْال ِجن ِة َوالن ِ‬‫ُور الن ِ‬
‫صد ِ‬ ‫س فًِ ُ‬
‫اس *الذِي ٌ َُو ْس ِو ُ‬ ‫اس ْالخَن ِ‬‫ْال َوس َْو ِ‬
‫وبناء سورة (اْخٕص) على فاصلة الدال فً لوله تعالى‪( :‬لُ ْل ُه َو للاُ أ َ َح ٌد‬
‫* للاُ الص َم ُد * لَ ْم ٌَ ِل ْد َو َل ْم ٌُو َل ْد * َولَ ْم ٌَ ُك ْن َلهُ ُكفُوا أ َ َح ٌد) (‪ ، )6‬وكذلن سورتً‬
‫(الكوثر‪ ،‬والعصر‪ )،‬وؼٌرهما‪.‬‬
‫الفواصل المتماربة‪:‬‬
‫هً التً تنتهً بحروؾ متماربة نحو ما ورد فً لوله تعالى‪( :‬الرحْ َم ِن‬
‫ٌِن) (‪ )8( )7‬حٌث ختمت الفاصلة اِولى (الرحٌم)‬ ‫الر ِح ٌِم * َما ِل ِن ٌَ ْو ِم ال ّد ِ‬

‫(ٔ) سورة الشرح(ٔ‪.)ٗ :‬‬


‫(ٕ) سورة الملم (ٕ‪.)ٖ :‬‬
‫(ٖ) سورة اِعراؾ (ٕٔٓ‪.)ٕٕٓ :‬‬
‫(ٗ) ٌنظر الفاصلة فً المرآن ‪.ٔٗٙ‬‬
‫(٘) سورة الناس (ٔ‪.)ٙ :‬‬
‫(‪ )ٙ‬سورة اْخٕص (ٔ‪.)ٗ :‬‬
‫(‪ )9‬سورة الفاتحة (ٕ‪.)ٖ :‬‬
‫(‪ٌ )0‬نظر‪ :‬النكت فً إعجاز المرآن ‪ ،70‬والبرهان ٔ‪ ،9ٗ/‬والفاصلة فً المرآن ‪.ٔٗٙ‬‬

‫‪ٔٗ7‬‬
‫بحرؾ المٌم‪ ،‬وختمت الفاصلة الثانٌة (الدٌن) بحرؾ النون وهما حرفان‬
‫متماربان فً المخرج إذ ٌخرج "المٌم" من بٌن الشفتٌن بانطبالهما‪ ،‬وٌخرج‬
‫"النون" من طرؾ اللسان مع ما ٌمابله من لثة اِسنان العلٌا‪.‬‬
‫ع ِجبُوا أ َ ْن َجا َء ُه ْم‬‫آن ْال َم ِجٌ ِد * بَ ْل َ‬‫ونحو ما ورد فً لوله تعالى‪( :‬ق َو ْالمُ ْر ِ‬
‫ع ِجٌبٌ * أ َ ِإ َذا ِمتْنَا َو ُكنا ت ُ َرابا َذلِنَ َرجْ ٌع‬ ‫ُم ْنذ ٌِر ِم ْن ُه ْم َف َما َل ْال َكافِ ُرونَ َه َذا ش ْ‬
‫ًَ ٌء َ‬
‫بَ ِعٌ ٌد) (‪.)1‬‬

‫حٌث نجد التمارب بٌن مخرج الدال والباء إذ ٌخرج "الدال" من طرؾ‬
‫اللسان مع أصول الثناٌا العلٌا‪ ،‬وٌخرج " الباء" من بٌن الشفتٌن مع‬
‫انطبالهما‪.‬‬
‫وإنما حسن فً الفواصل الحروؾ المتماربة‪ِ ،‬نه ٌكتنؾ الكٕم من البٌان‬
‫ما ٌدل على المراد فً تمٌز الفواصل والمماطع‪ ،‬لما فٌه من البٕؼة‪،‬‬
‫وحسن العبارة (‪.)2‬‬

‫وٌشتد التماثل والتشابه فً السور المصٌرة‪ ،‬وٌمل ؼالبا فً السور الطوٌلة‪،‬‬


‫وتؽلب فاصلة النون والمٌم ولبلهما ٌاء أو واو على جمٌع الفواصل فً‬
‫سور المرآن (‪.)3‬‬

‫تمسٌم الفاصلة باعتبار الوزن وحرف الروي‪.‬‬


‫تنمسم الفاصلة باعتبار تشاكلها مع جارتها فً الوزن وحرؾ الروي‪ ،‬أو‬
‫أحدهما إلى ثٕثة ألسام‪( :‬المتوازي والمطرؾ والمتوازن)‬

‫(ٔ) سورة ق (ٔ‪.)ٖ :‬‬


‫(ٕ) ٌنظر‪ :‬النكت فً إعجاز المرآن ‪.70‬‬
‫(ٖ) ٌنظر‪ :‬التصوٌر الفنً فً المرآن سٌد لطب ‪ ٔٓ9‬دار الشروق ط ٖ٘‪.‬‬

‫‪ٔٗ8‬‬
‫ٔ المتوازي‪:‬‬
‫هو أشرؾ اِلسام‪ ،‬وٌتحمك ذلن إن اتفمت اِعجاز فً الفواصل مع اتفاق‬
‫ٌ (‪)2( )1‬‬
‫عة)‬ ‫عةٌ * َوأ َ ْك َوابٌ َم ْو ُ‬
‫ضو َ‬ ‫س ُر ٌر َم ْرفُو َ‬
‫الوزن مثل لوله تعالى‪( :‬فٌِ َها ُ‬
‫حٌث اتفمت الفاصلتان "مرفوعة‪ ،‬وموضوعة " فً الوزن "مفعولة"‬
‫وحرؾ الروي "العٌن"‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬المطرف‪:‬‬
‫ٌتحمك ذلن إن اتفمت الفواصل فً الروي دون الوزن كموله تعالى‪َ ( :‬ما لَ ُك ْم‬
‫ط َوارا) (‪ )4( )3‬حٌث انتهت الفاصلتان‬ ‫َٔ ت َْر ُجونَ ِّللِ َولَارا * َولَ ْد َخ َلمَ ُك ْم أ َ ْ‬
‫"ولارا‪ ،‬وأطوارا" بحرؾ واحد وهو "الراء"‪ ،‬واختلفتا فً الوزن‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬المتوازن‪:‬‬
‫ٌتحمك ذلن إن اتفمت الفواصل فً الوزن دون الروي نحو لوله تعالى‪" :‬‬
‫*وزَ َرابًِ َم ْبثُوثَةٌ" (‪ )6( )5‬فالفاصلتان " مصفوفة‪،‬‬
‫صفُوفَةٌ َ‬
‫ار ُق َم ْ‬
‫َونَ َم ِ‬
‫ومبثوثة" متفمتان فً الوزن مختلفتان فً حرؾ الروي‪ ،‬حٌث ختمت‬
‫اِولى بحرؾ" الفاء" والثانٌة بحرؾ "الثاء"‪.‬‬

‫(ٔ) سورة الؽاشٌة (ٖٔ‪.)ٔٗ :‬‬


‫(ٕ) ٌنظرررر‪ :‬الطرررراز للعلررروي ٖ‪ ٕٔ /‬المكتبرررة العصررررٌة بٌرررروت ط اِولرررى ٖٖٗٔه‪،‬‬
‫والبرهان فً علوم المرآن ٔ‪ ،9٘/‬و الفاصلة فً المرآن ‪.ٔٗ7‬‬
‫(ٖ) سورة نوح (ٖٔ‪.)ٔٗ :‬‬
‫(ٗ) ٌنظر‪ :‬الطراز ٖ‪ ،ٕٔ /‬والبرهران فرً علروم المررآن ٔ‪ ،9ٙ/‬و الفاصرلة فرً المررآن‬
‫‪.ٔٗ7‬‬
‫(٘) سورة الؽاشٌة (٘ٔ‪.)ٔٙ :‬‬
‫(‪ٌ )ٙ‬نظر‪ :‬الطراز ٖ‪ ،ٕٔ /‬والبرهان فً علوم المرآن ٔ‪.9ٙ/‬‬

‫‪ٔٗ9‬‬
‫تمسٌم الفاصلة باعتبار لصر المرٌنة (‪ )1‬وطولها‪.‬‬
‫تنمسم الفاصلة باعتبار لصر المرٌنة وطولها إلى ثالثة ألسام‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬لصٌرة‬
‫هً ما كانت مإلفة من ألفاظ للٌلة إذ تبدأ بكلمتٌن‪ ،‬وتنتهً إلى أربع كلمات‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ،‬وهً أوعر اِنواز مسلكا‪ ،‬وأخفها على الملب‪ ،‬وأطٌبها على السمع‪،‬؛‬
‫ِن اِلفاظ إذا كانت للٌلة فهً أحسن وأرق‪ ،‬وِنها إذا كانت أطرافها‬
‫متماربة لذت على اَذان لمرب فواصلها ولٌن معاطفها‪ ،‬ومن ذلن لوله‬
‫ت نَ ْشرا*‬ ‫صفا * َوالنا ِش َرا ِ‬ ‫ع ْ‬‫ت َ‬ ‫ع ْرفا *فَ ْالعَ ِ‬
‫اصفَا ِ‬ ‫ت ُ‬ ‫س َٕ ِ‬ ‫تعالى‪َ ( :‬و ْال ُم ْر َ‬
‫ت ِذ ْكرا) (‪ ، )4( )3‬ولوله تعالى‪ٌَ ( :‬ا أٌَ َها ْال ُمد ِث ّ ُر * لُ ْم‬ ‫ت فَ ْرلا* فَ ْال ُم ْل ِم ٌَا ِ‬ ‫فَ ْالفَ ِ‬
‫ارلَا ِ‬
‫ط ِ ّه ْر * َوالرجْ زَ فَا ْه ُج ْر) (‪.)5‬‬
‫فَؤ َ ْنذ ِْر * َو َربنَ فَ َك ِبّ ْر * َوثٌَِابَنَ فَ َ‬

‫ٕ‪ -‬متوسطة‪:‬‬
‫هً ما كانت مإلفة من خمس كلمات إلى عشر نحو ما ورد فً لوله تعالى‪:‬‬
‫ضوا َوٌَمُولُوا سِحْ ٌر ُم ْست َِمر * َو َكذبُوا َواتبَعُوا أ َ ْه َوا َء ُه ْم‬ ‫( َوإِ ْن ٌَ َر ْوا آٌَة ٌُ ْع ِر ُ‬
‫اء َما فٌِ ِه ُم ْز َد َج ٌر) (‪.)7( )6‬‬
‫َو ُكل أ َ ْمر ُم ْست َ ِمر * َو َلمَ ْد َجا َء ُه ْم ِمنَ ْاِ َ ْنبَ ِ‬

‫(ٔ) المرٌنررة هررً‪ :‬الجملررة التررً تنتهررً بالفاصررلة " ٌنظررر‪ :‬الطررراز ٖ‪ ،ٔٗ/‬وعلررم البرردٌع‬
‫دراسة تارٌخٌة وفنٌرة ِصرول البٕؼرة ومسرابل البردٌع بسرٌونً فٌرود ٕٔ٘ مإسسرة‬
‫المختار ط الثانٌة ‪ٕٓٓ0‬م‪.‬‬
‫(ٕ) ٌنظر‪ :‬علم البدٌع ‪.ٕ٘ٙ‬‬
‫(ٖ) سورة المرسٕت (ٔ‪.)٘ :‬‬
‫(ٗ) ٌنظر‪ :‬الطراز ٖ‪ ،ٔٗ/‬والبرهان ٔ‪.9ٙ /‬‬
‫(٘) سورة المدثر (ٔ‪.)٘ :‬‬
‫(‪ )ٙ‬سورة الممر (ٕ‪.)ٗ :‬‬
‫(‪ٌ )9‬نظر‪ :‬الطراز ٖ‪ ،ٔٗ/‬والبرهان ٔ‪ ،90/‬والفاصلة فً المرآن ٕ٘ٔ‪.‬‬

‫ٓ٘ٔ‬
‫ٖ‪ -‬طوٌلة‪:‬‬
‫هً ما كانت مإلفة من أكثر من عشر كلمات نحو ما ورد فً لوله تعالى‪:‬‬
‫علَ ٌْ ُك ْم بِ ْال ُمإْ ِمنٌِنَ‬
‫ٌص َ‬ ‫عنِت ْم َح ِر ٌ‬ ‫علَ ٌْ ِه َما َ‬ ‫ٌز َ‬ ‫ع ِز ٌ‬ ‫سو ٌل ِم ْن أ َ ْنفُ ِس ُك ْم َ‬ ‫(لَمَ ْد َجا َء ُك ْم َر ُ‬
‫علَ ٌْ ِه ت ََوك ْلتُ َو ُه َو‬ ‫ً للاُ َٔ ِإلَهَ ِإٔ ُه َو َ‬ ‫وؾ َر ِحٌ ٌم * فَإ ِ ْن ت ََول ْوا فَمُ ْل َح ْسبِ َ‬ ‫َر ُء ٌ‬
‫َرب ْالعَ ْر ِش ْالعَ ِظ ٌِم) (‪ )2( )1‬ونحو لوله تعالى‪( :‬إِ ْذ ٌ ُِرٌ َك ُه ُم للاُ فًِ َمنَامِنَ‬
‫سل َم ِإنهُ َ‬
‫ع ِلٌ ٌم‬ ‫لَ ِلٌٕ َولَ ْو أ َ َرا َك ُه ْم َك ِثٌرا لَفَ ِش ْلت ُ ْم َولَتَنَازَ ْعت ُ ْم ِفً ْاِ َ ْم ِر َولَ ِكن للاَ َ‬
‫ُور* َو ِإ ْذ ٌ ُِرٌ ُك ُمو ُه ْم ِإ ِذ ْالتَمَ ٌْت ُ ْم فًِ أ َ ْعٌُنِ ُك ْم لَ ِلٌٕ َوٌُمَ ِلّلُ ُك ْم فًِ أ َ ْعٌُنِ ِه ْم‬
‫ت الصد ِ‬ ‫بِ َذا ِ‬
‫ور) (‪.)3‬‬ ‫ً للاُ أ َ ْمرا َكانَ َم ْفعُؤ َو ِإ َلى للاِ ت ُ ْر َج ُع ْاِ ُ ُم ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ِل ٌَ ْم ِ‬

‫وأحسن الفواصل ما تساوت لرابنها كموله تعالى‪( :‬فَؤَما ْالٌَتِ َ‬


‫ٌم فَ َٕ ت َ ْم َه ْر *‬
‫َوأَما السابِ َل فَ َٕ ت َ ْن َه ْر) (‪ )4‬وعلته أن السمع ألؾ أنتهاء إلى ؼاٌة فً الخفة‬
‫باِولى‪ ،‬فإذا زٌد علٌها ثمل عنه الزابد؛ ِنه ٌكون عند وصولها إلى ممدار‬
‫اِول كمن تولع الظفر بممصوده‪ ،‬ثم ما طالت لرٌنتها الثانٌة كموله تعالى‪:‬‬
‫احبُ ُك ْم َو َما ؼ ََوى) (‪ )5‬أو الثالثة كموله تعالى‪:‬‬
‫ص ِ‬ ‫( َوالنجْ ِم ِإ َذا ه ََوى * َما َ‬
‫ضل َ‬
‫س ْبعُونَ ذ َِراعا‬ ‫صلوهُ * ثُم فًِ ِس ْل ِسلَة ذَ ْر ُ‬
‫ع َها َ‬ ‫( ُخذُوهُ فَؽُلوهُ * ثُم ْال َج ِح َ‬
‫ٌم َ‬
‫(‪)7( )6‬‬
‫فَا ْسلُ ُكوهُ)‬

‫(ٔ) سورة التوبة (‪.)ٕٔ7 :ٕٔ0‬‬


‫(ٕ) ٌنظر‪ :‬الطراز ٖ‪ ،ٔٗ/‬والبرهان ٔ‪ ،90/‬وعلم البدٌع ‪.ٕ٘ٙ‬‬
‫(ٖ) سورة اِنفال (ٖٗ‪.)ٗٗ :‬‬
‫(ٗ) سورة الضحى(‪.)ٔٓ :7‬‬
‫(٘) سورة النجم (ٔ‪.)ٕ :‬‬
‫(‪ )ٙ‬سورة الحالة (ٖٓ‪.)ٖٕ :‬‬
‫(‪ٌ )9‬نظرر‪ :‬المثررل السرابر فررً أدب الكاتررب والشراعر ابررن اِثٌررر ترح دمحم محررً الرردٌن ٔ‪/‬‬
‫ٖٕٗ المكتبة العصرٌة بٌروت ٕٓٗٔه‪ ،‬البرهان ٔ‪.)90 :99(/‬‬

‫ٔ٘ٔ‬
‫والفواصل المرآنٌة تمصر ؼالبا فً السور المصار‪ ،‬وتتوسط أو تطول فً‬
‫(‪)1‬‬
‫استجابة للؽرض الممصود والجو المسٌطر‬ ‫السور المتوسطة والطوال‬
‫على النظم إذ ٌتٕءم لصر الفواصل مع موضوعات السور المصار كالدعوة‬
‫إلى التوحٌد‪ ،‬وبٌان جزاء أتباز والمخالفة لصدا للتجاوب‪ ،‬وإثارة‬
‫الوجدان‪.‬‬

‫ارتباط الفاصلة المرآنٌة بنظم اآلٌة‪.‬‬


‫من مظاهر التوافك بٌن أجزاء النظم أتصال الوثٌك المابم على ابتٕؾ‬
‫الفواصل مع ما ٌدل علٌه الكٕم؛ إذ من المواضع التً ٌتؤكد فٌها إٌماز‬
‫المناسبة مماطع الكٕم وأواخره‪ ،‬وإٌماز الشًء فٌها بما ٌشاكله؛ فٕبد أن‬
‫تكون مناسبته للمعنى المذكور أؤ‪ ،‬وإٔ خرج بعض الكٕم عن بعض‪،‬‬
‫وٌتخذ ذلن صورا متعددة نحو‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬التمكٌن‪:‬‬
‫وهو أن تمهد لبلها تمهٌدا تؤتً به الفاصلة ممكنة فً مكانها مستمرة فً‬
‫لرارها‪ ،‬مطمبنة فً موضعها ؼٌر نافرة ؤ للمة‪ ،‬متعلما معناها بمعنى‬
‫(‪)2‬‬
‫‪،‬‬ ‫الكٕم كله تعلما تاما بحٌث لو طرحت اختل المعنى‪ ،‬واضطرب الفهم‬
‫وهذا أرتباط إما أن ٌكون جلٌا واضحا‪ ،‬وإما أن ٌكون خفٌا ٌحتاج إلى‬
‫ار‬
‫ص ُ‬‫إنعام نظر‪ ،‬وخٌر شاهد على ما كان ظاهرا لوله تعالى‪ َٔ ( :‬تُد ِْر ُكهُ ْاِ َ ْب َ‬
‫ٌر) (‪.)3‬‬
‫ٌؾ ْال َخبِ ُ‬
‫ار َو ُه َو الل ِط ُ‬
‫ص َ‬‫َو ُه َو ٌُد ِْرنُ ْاِ َ ْب َ‬
‫فررإن (اللطررؾ) ٌناسررب مررا ٔ ٌرردرن بالبصررر؛ ِن (اللطررؾ) فررً اِصررل دلررة‬
‫الشًء‪ ،‬ولكن المراد ب(اللطؾ) هنا ما ٔ تدركره اِبصرار مطلمرا ٔسرتحالة‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬التصوٌر الفنً فً المرآن ‪.ٔٓ9‬‬


‫(ٕ) ٌنظر‪ :‬البرهان ٔ‪)97 :90(/‬‬
‫(ٖ) سورة اِنعام (ٖٓٔ)‪.‬‬

‫ٕ٘ٔ‬
‫اِول على هللا ‪ -‬تعالى ‪ -‬و(الخبرة) تناسب من ٌدرن شرٌبا‪ ،‬فرإن مرن ٌردرن‬
‫شٌبا ٌكون خبٌرا به (‪.)1‬‬

‫كما ٌتجلى ذلن فً لوله تعالى على لسان فرعون عنردما رأي أن كثٌررا مرن‬
‫الموم بدا علٌه الترؤثر بردعوة موسرى حٌرث حراول اسرتخفافهم‪ ،‬فلفرتهم إلرى مرا‬
‫ٌتمتع به من امتٌازات مادٌة تجعله اِولى بهذا التؤثر وأنجذاب‪ ،‬والمتمثرل‬
‫فً امتٕكه ِرض مصر بما فٌها من جنات‪ ،‬وأنهار‪ ،‬وزروز‪ ،‬وؼٌر ذلن‪،‬‬
‫ولما كانت تلن المظاهر مدار إدراكها وتؤملها الرإٌة جاءت الفاصلة بما هو‬
‫ع ْو ُن فًِ لَ ْو ِم ِه لَا َل ٌَا لَ ْرو ِم أَلَرٌ َ‬
‫ْس‬ ‫أوفك حأ بذلن‪ ،‬وذلن فً لوله‪َ ( :‬ونَا َدى فِ ْر َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ْص ُرونَ ) ‪.‬‬ ‫ار تَجْ ِري ِمن تَحْ تًِ أَفََٕ تُب ِ‬ ‫ِلً ُم ْلنُ ِم ْ‬
‫ص َر َو َه ِذ ِه اِ َ ْن َه ُ‬
‫ولد جاء بناء الفاصلة متوافما مرع نهرج بنراء اٌَرة فرً لصرد اْثرارة والتنبٌره‬
‫ْصر ُررونَ ) ٔسررٌما ولررد أوثررر أسررتفهام‬ ‫حٌررث بنٌررت علررى أسررتفهام (أَفَ رَٕ تُب ِ‬
‫ْس ِلررً ُم ْلررنُ ِم ْ‬
‫صر َرر)‪ ،‬وأوثررر التعبٌررر بالفعررل‬ ‫بررالهمزة تشرراكٕ مررع لولرره‪( :‬أَلَ رٌ َ‬
‫المضارز المفٌد التجدد والحدوث؛ لتجدد تلن المظاهر‪ ،‬وتنوعها‪.‬‬
‫ومراعاة لطبٌعة تلن الدٔبل بما تتسم به من وضوح ٔ ٌخفً على أحد‪ ،‬ؤ‬
‫ٌحتاج إلى تؤمل أوثر التعبٌرر بالبصرر؛إذ "ٌسرمً العلرم بالشرا إذا كران جلٌرا‬
‫(‪)3‬‬
‫بصرا" فً لوله‪( :‬تُب ِ‬
‫ْص ُرونَ )‪.‬‬
‫الصورة الثانٌة‪:‬‬
‫ومن خفً هذا الضرب لوله تعالى‪( :‬إِ ْن تُعَ ِذّ ْب ُه ْم فَإِن ُه ْم ِعبَا ُدنَ َوإِ ْن ت َ ْؽ ِف ْر لَ ُه ْم‬
‫ٌز ْال َح ِكٌ ُم) (‪.)4‬‬
‫فَإِننَ أ َ ْنتَ ْال َع ِز ُ‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬بؽٌة اٌْضاح لتلخٌص المفتاح فً علروم البٕؼرة عبرد المتعرال الصرعٌدي ٗ‪/‬‬
‫ٗ‪ ٘0‬مكتبة اَداب ط ‪ٕٓٓ٘ ٔ9‬م‪.‬‬
‫(ٕ) سورة الزخرؾ(ٔ٘)‪.‬‬
‫(ٖ) الفرروق اللؽوٌررة أبرو هررٕل العسركري تررح مإسسرة النشررر اْسرٕمً ٔ‪ ٖ0‬ط اِولررى‬
‫ٕٔٗٔه‪.‬‬
‫(ٗ) سورة (المابدة) (‪.)ٔٔ0‬‬

‫ٖ٘ٔ‬
‫فإن لوله‪( :‬وإن تؽفر لهم) ٌوهم أن الفاصلة (الؽفور الرحٌم) ولكن إذا أنعم‬
‫ع ِلم أنه ٌجب أن تكون ما علٌه التٕوة ِنه ٔ ٌؽفر لمن ٔ ٌستحك‬ ‫النظر ُ‬
‫ترد علٌه حكمه فهو العزٌز؛ ِن العزٌز فً‬ ‫العذاب إٔ من لٌس فوله أحد ُ‬
‫صفات هللا هو الؽالب من لولهم‪ :‬عزه ٌعزه عزا إذا ؼلبه‪ ،‬ومنه المثل "من‬
‫عز بز" أي‪ :‬من ؼلب سلب‪ ،‬ووجب أن ٌوصؾ بالحكٌم أٌضا؛ ِن الحكٌم‬
‫من ٌضع الشًء فً محله‪ ،‬وهللا تعالى كذلن إٔ أنه لد ٌخفً وجه الحكمة‬
‫فً بعض أفعاله فٌتوهم الضعفاء أنه خارج عن الحكمة فكان فً الوصؾ‬
‫ب(الحكٌم) احتراس حسن أي‪ :‬وإن تؽفر لهم مع استحمالهم العذاب فٕ‬
‫معترض علٌن ِحد فً ذلن والحكمة فٌما فعلت (‪.)1‬‬

‫ٕ‪ -‬التصدٌر‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫لصدا ْحداث التشاكل‬ ‫ٌتحمك ذلن عند تمدم لفظ الفاصلة فً أول اٌَة‬
‫علَى للاِ َكذِبا فٌَُس ِْحت َ ُك ْم‬
‫اللفظً‪ ،‬والتناؼم كما فً لوله تعالى‪ ٔ " :‬ت َ ْفت َُروا َ‬
‫(‪)3‬‬
‫َاب َم ِن ا ْفت ََرى"‬
‫ِب َع َذاب َولَ ْد خ َ‬
‫س ُه ْم ٌَ ْ‬
‫ظ ِل ُمونَ )‬ ‫ولوله‪( :‬فَ َما َكانَ للاُ ِل ٌَ ْ‬
‫ظ ِل َم ُه ْم َولَ ِك ْن َكانُوا أ َ ْنفُ َ‬
‫المٌمة البالغٌة للفاصلة المرآنٌة‬
‫تناسب الفاصلة المرآنٌة مع جارتها‪ ،‬ونظم آٌتها خٌر شاهد على إعجاز‬
‫المرآن الكرٌم البٌانً؛ لجمعها بٌن مواطن الحسن اللفظً والمعنوي؛ إذ‬
‫ٌعمد إلٌها النظم المرآنً لتحمٌك التشاكل اللفظً‪ ،‬والجرس الموسٌمً‬
‫الصادر عن تماثل الحروؾ وتماربها‪ ،‬والذي تطرب إلٌه اَذان‪ ،‬وتهتز له‬
‫الملوب؛ ومن ثم ٌكون التجاوب على أتم وجه بٕ ملل أو فتور‪.‬‬

‫(ٔ) ٌنظررر‪ :‬اٌْضرراح فررً علرروم البٕؼررة الخطٌررب المزوٌنررً ‪ ٖ٘9‬دار الكتررب العلمٌررة‬
‫بٌروت ط اِولى ٘ٓٗٔه ٘‪ٔ70‬م‪.‬‬
‫(ٕ) ٌنظر‪ :‬البرهان ٔ‪.90 /‬‬
‫(ٖ) سورة طه (ٔ‪)ٙ‬‬

‫ٗ٘ٔ‬
‫كما أن معرفة الفواصل سبٌل الوصول إلى المعانً الدلٌمة‪ ،‬واِسرار‬
‫الجلٌلة التً تكمن فً ربط اٌَات بفواصلها؛ إذ تؤتً الفاصلة تعمٌبا على‬
‫المعانً التً تضمنتها اٌَة‪ ،‬وفً هذا التعمٌب ترى المعانً بوجه جدٌد‪،‬‬
‫فتزداد بٌانا ووضوحا‪.‬‬
‫الفاصلة المرآنٌة ٔ تتؽٌر لمجرد التنوز‪ ،‬وإنما تؤتً استجابة للؽرض‬
‫الممصود‪ ،‬والجو المسٌطر على النظم‪ ،‬فمثٕ جو الدعاء والطمؤنة ٌستلزم‬
‫فواصل معٌنة تٕبم أمتداد فً الصوت كفاصلة اِلؾ كما ورد فً لوله‬
‫علَى ْال ِكبَ ِر إِ ْس َما ِعٌ َل َوإِ ْس َحاقَ إِن َر ِبًّ‬ ‫َب ِلً َ‬ ‫ّلل الذِي َوه َ‬ ‫تعالى‪ْ ( :‬ال َح ْم ُد ِ ِ‬
‫اء) (‪.)1‬‬‫ع ِ‬ ‫اء * َربّ ِ اجْ َع ْل ِنً ُم ِم َ‬
‫ٌم الص َٕ ِة َو ِم ْن ُذ ِ ّرٌ ِتً َربنَا َوتَمَب ْل ُد َ‬ ‫ع ِ‬ ‫لَ َ‬
‫س ِمٌ ُع الد َ‬
‫تمع الفاصلة عند أستراحة فً الخطاب؛ لتحسٌن الكٕم بها‪ ،‬وهً الطرٌمة‬
‫التً ٌباٌن المرآن بها سابر الكٕم‪.)2( .‬‬

‫تلخٌص‬
‫الفاصلة المرآنٌة هً‪ :‬الكٕم المنفصل عما بعده‪ ،‬ولد ٌكون رأس آٌة ولد ٔ‬
‫ٌكون‪.‬‬
‫تنمسم الفاصلة باعتبار حرؾ الروي إلى المتماثلة والمتماربة‪.‬‬
‫تنمسم الفاصلة باعتبار الوزن وحرؾ الروي إلى‪ :‬المتوازي‪ ،‬والمطرؾ‪،‬‬
‫والمتوازن‪.‬‬
‫تنمسم الفاصلة باعتبار لصر المرٌنة إلى لصٌرة‪ ،‬ومتوسطة‪ ،‬وطوٌلة‪.‬‬
‫خٌر الفواصل ما تساوت لرابنها‪.‬‬
‫ارتباط الفاصلة بنظم اٌَة وجارتها من أوضح مظاهر التناسب فً النظم‬
‫المرآنً؛ لما له من أثر بالػ فً النفس؛ إذ به تترابط أجزاء النظم‪ ،‬وتؤتلؾ‬
‫اِلفاظ‪ ،‬وتتضح اِفكار‪ ،‬وٌفصح عن المعانً‪.‬‬

‫(ٔ) سورة إبراهٌم (‪.)ٗٓ :ٖ7‬‬


‫(ٕ) ٌنظر‪ :‬اْتمان فً علوم المرآن ٖ‪.ٖٖٗ /‬‬

‫٘٘ٔ‬
‫تدرٌبات على الفاصلة‬
‫السإال اِول‪:‬‬
‫عرؾ الفاصلة لؽة واصطٕحا‪ ،‬مع بٌان الفرق بٌنها وبٌن رأس اٌَة؟‬
‫السإال الثانً‪:‬‬
‫اذكر المصطلح البٕؼً الذي تشٌر إلٌه العبارات اَتٌة‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬الكٕم المنفصل عما بعده‪ ،‬ولد ٌكون رأس آٌة ولد ٔ ٌكون‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬الفواصل التً تنتهً بحروؾ متماربة‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬اتفاق الفواصل فً الوزن وحرؾ الروي‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬اتفاق الفواصل فً الوزن دون حرؾ الروي‪.‬‬
‫السإال الثالث‪:‬‬
‫بٌن نوز الفاصلة المرآنٌة فً اِمثلة اَتٌة‪:‬‬
‫شور والبٌت المعمور)‪.‬‬ ‫ور َو ِكت َاب َم ْس ُ‬
‫طور فًِ َر ّق َم ْن ُ‬ ‫ٔ‪ -‬لال تعالى‪َ ( :‬والط ِ‬
‫ٕ‪ -‬لال تعالى‪َ ( :‬ما لَ ُك ْم ٔ ت َْر ُجونَ ِّللِ َولَارا َولَ ْد َخلَمَ ُك ْم أ َ ْ‬
‫ط َوارا)‪.‬‬
‫ع ْشر َوالش ْفعِ َو ْال َوتْ ِر َوالل ٌْ ِل ِإ َذا ٌَس ِْر)‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬لال تعالى‪َ ( :‬و ْالفَجْ ِر َولٌََال َ‬
‫ط ْال ُم ْست َ ِم َ‬
‫ٌم)‪.‬‬ ‫َاب ْال ُم ْست َ ِبٌنَ َو َه َد ٌْنَا ُه َما ال ِ ّ‬
‫ص َرا َ‬ ‫ٗ‪ -‬لال تعالى‪َ ( :‬وآت َ ٌْنَا ُه َما ْال ِكت َ‬
‫السإال الرابع‪:‬‬
‫اذكر اِسرار البٕؼٌة للفاصلة المرآنٌة‪.‬‬

‫‪ٔ٘ٙ‬‬
‫فهرس موضوعات الكتاب‬
‫ممدمة ‪ٖ ...............................................................................‬‬
‫المستهدؾ من تدرٌس الممرر ‪ٗ .....................................................‬‬
‫الفصاحة‪ ،‬الخبر‪ ،‬المسند إلٌه ‪........................................................‬‬
‫الفصاحة اصطٕحا ‪ٙ ................................................................‬‬
‫فصاحة المفرد‪9 ......................................................................‬‬
‫فصاحة الكٕم ‪ٔٗ ....................................................................‬‬
‫أحوال اْسناد الخبري ‪ٕٙ ...........................................................‬‬
‫أؤ‪ :‬أؼراض الخبر ‪ٕ9 .............................................................‬‬
‫اِؼراض اِصلٌة للخبر‪ٕ9 ........................................................‬‬
‫اِؼراض ؼٌر اِصلٌة للخبر ‪ٕ0 ..................................................‬‬
‫ثانٌا‪ :‬أضرب الخبر ‪ٖٓ ..............................................................‬‬
‫المجاز العملً‪ٖٕ .....................................................................‬‬
‫عٕلات المجاز العملً ‪ٖٖ ...........................................................‬‬
‫أحوال المسند إلٌه ‪ٗٓ ................................................................‬‬
‫المصر ‪٘ٙ ............................................................................‬‬
‫ألسام المصر‪٘ٙ ......................................................................‬‬
‫تدرٌبات على المصر‪ٙ7 .............................................................‬‬
‫اْنشاء ‪9ٓ ............................................................................‬‬
‫ألسام اْنشاء ‪9ٓ .....................................................................‬‬

‫أؤ اْنشاء () الطلبً ‪9ٓ ............................................................‬‬

‫أؤ‪ -‬أسلوب اِمر‪9ٔ ..............................................................:‬‬

‫‪ٔ٘7‬‬
‫أسلوب النهً ‪99 .....................................................................‬‬
‫أسلوب أستفهام ‪97 .................................................................‬‬
‫أسلوب ال ِنّداء ‪0٘ .....................................................................‬‬
‫علم البٌان ‪00 .........................................................................‬‬
‫المجاز اللؽوي‪00 ....................................................................‬‬
‫الحمٌمة والمجاز‪ ،‬والفرق بٌنهما‪00 .................................................‬‬
‫تعرٌؾ الحمٌمة لؽة واصطٕحا‪00 ................................................ :‬‬
‫المجاز المرسل ‪7ٓ ...................................................................‬‬
‫مٕبسات المجاز المرسل أو عٕلاته‪7ٓ ...........................................:‬‬
‫أؤ‪ -‬السببٌة والمجاورة‪7ٓ ........................................................ :‬‬
‫ثانٌا‪ -‬عٕلة المسببٌة‪7ٔ ............................................................ :‬‬
‫ثالثا‪ -‬عٕلة الجزبٌة‪7ٕ .............................................................:‬‬
‫رابعا‪ -‬عٕلة الكلٌة‪7ٕ ..............................................................:‬‬
‫خامسا ‪-‬عٕلة اعتبار ما كان‪7ٕ ...................................................:‬‬
‫سادسا عٕلة اعتبار ما سٌكون‪7ٖ .................................................:‬‬
‫سابعا ‪ -‬عٕلة الحالٌة‪7ٖ ........................................................... :‬‬
‫ثامنا‪ -‬عٕلة المحلٌة‪7ٗ ............................................................ :‬‬
‫تاسعا ‪ -‬عٕلة اَلٌة‪7ٗ .............................................................:‬‬
‫ثانٌا‪ :‬أستعارة ‪7٘ ...................................................................‬‬
‫تعرٌؾ أستعارة لؽة واصطٕحا ‪7٘ ..............................................‬‬
‫أهم تمسٌمات أستعارة‪7ٙ ......................................................... :‬‬
‫أؤ ‪ -‬استعارة فً المفرد واستعارة فً المركب‪7ٙ ...............................‬‬
‫ثانٌا‪ -‬أستعارة التصرٌحٌة وأستعارة المكنٌة‪79 ............................... :‬‬

‫‪ٔ٘8‬‬
‫ثالثا‪ -‬باعتبار الطرفٌن والجامع من حٌث الحسٌة والعملٌة ‪77 .....................‬‬
‫رابعا‪ -‬باعتبار لفظ المستعار أصلٌة وتبعٌة‪ٔٓٔ ...................................‬‬
‫خامسا ‪ -‬باعتبار الخارج أو المٕبم مطلمة ومرشحة ومجردة‪ٕٔٓ ...............‬‬
‫المٌمة البٕؼٌة لٕستعارة ‪ٔٓٗ ......................................................‬‬
‫تدرٌبات على أستعارة ‪ٔٓ٘ .......................................................‬‬
‫الكناٌة ‪.................................................................................‬‬
‫أهداؾ الممرر ‪ٔٓٙ ..................................................................‬‬
‫نشؤتها وأشهر العلماء الذٌن تحدّثوا عنها ‪ٔٓ9 .....................................‬‬
‫أنواز الكناٌة ‪ٔٔٔ ....................................................................‬‬
‫أؤ‪ -‬أنواز الكناٌة باعتبار اللفظ المكنى عنه‪ٔٔٔ .................................‬‬
‫ثانٌا‪ -‬ألسام الكناٌة باعتبار أوصافها ‪ٕٔ٘ ..........................................‬‬
‫خصابص الكناٌة وبٕؼتها‪ٖٔٓ .....................................................‬‬
‫تدرٌبات على باب الكناٌة‪ٖٕٔ ......................................................‬‬
‫علم البدٌع‪.............................................................................‬‬
‫(المبالؽة) ‪.............................................................................‬‬
‫المبالؽة‪ٖٔ٘ ..........................................................................‬‬
‫الفاصلة ‪...............................................................................‬‬
‫توطبة‪ٔٗٗ .......................................................................... :‬‬
‫ارتباط الفاصلة المرآنٌة بنظم اٌَة‪ٖٔ٘ ........................................... .‬‬
‫المٌمة البٕؼٌة للفاصلة المرآنٌة ‪ٔ٘٘ ...............................................‬‬
‫فهرس موضوعات الكتاب ‪ٔ٘0 ....................................................‬‬

‫‪ٔ٘9‬‬
ٔٙٓ

You might also like