You are on page 1of 14

‫موضوع حتت عنوان‪:‬‬

‫مصطلحات عمل املقاصد ‪ " :‬احلمكة‪ ,‬املصلحة‪ ,‬العةل‪ ,‬سد‬


‫ادلريعة‪ ,‬املناس بة‪ ,‬السبب "‬

‫اعداد من طرف ‪:‬‬ ‫تأطري من طرف ‪:‬‬


‫كوثر بورواحة‬ ‫ادلكتور املودن عامثن‬
‫سكينة دو لفقار‬

‫سنة‬

‫‪2021/2022‬‬

‫‪1‬‬
‫مصطلحات عمل املقاصد ‪ " :‬احلمكة‪ ,‬املصلحة‪ ,‬العةل‪ ,‬سد ادلريعة‪ ,‬املناس بة‪ ,‬السبب "‬

‫ملخص‬
‫املقدمة‬
‫‪ :‬عمل املقاصد وامهيته‬ ‫املبحث الاول‬
‫‪ :‬مصطلحات عمل املقاصد ‪ :‬احلمكة‪ ,‬املصلحة‪ ,‬املناس بة‪ ,‬العةل و سد ادلريعة والسبب‬ ‫املبحث الثاين‬
‫اخلامتة‬
‫املصادر واملراجع‬

‫‪2‬‬
‫ملخـص‬
‫الحمد هلل رب العالمين‪ ,‬والصالة والسالم على سيد المرسلين‪ ,‬سيدنا محمد صلى هللا عليه وسلم وعلى اله‬
‫وصحبه اجمعين‪ ,‬ومن سار على هديه الى يوم الدين وبعد‪:‬‬

‫فهدا بحث مختصر‪ ,‬يهدف الى ابراز اهم مصطلحات علم المقاصد‪ ,‬ويبن كل من الحكمة المناسبة‪,‬‬
‫المصلحة‪ ,‬والعلة‪ ,‬سد الدريعة ثم السبب‪ ,‬في المعنى واالصطالح‪ ,‬اد اعطينا مفاهيم لكل مقصد مع‬
‫تفصيل عالقتها بمقاصد الشارع عز وجل‪.‬‬

‫وقد خلص البحث ان كل مصطلحات علم المقاصد تقصد وتهدف الى تحقيق مصالح او درء مفاسد‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫املقدمة‬
‫ان الحمد هلل نحمده‪ ،‬ونستعينه‪ ،‬ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور انفسنا‪ ،‬وسيئات اعمالنا‪ ،‬من يهده هللا فال‬
‫مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬واشهد ان ال اله اال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬وان محمدا عبده ورسوله‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وعلى آله وصحبه اجمعين‪ ،‬ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين‪.‬‬

‫اما بعد فهذا بحث مختصر لبعض مصطلحات علم المقاصد‪ ،‬و التي قمنا بإعطاء شرح لكل منها‪ ،‬و‬
‫هي كاالتي ‪ :‬الحكمة‪ ،‬المصلحة‪ ،‬العلة‪ ،‬سد الدريعة‪ ،‬المناسبة‪ ،‬والسبب‬

‫في المعنى واالصطالح‪ ,‬اد اعطينا مفاهيم لكل مقصد مع تفصيل عالقتها بمقاصد الشارع عز وجل‪,‬‬

‫وقد خلص البحث ان كل مصطلحات علم المقاصد تقصد وتهدف الى تحقيق مصالح او درء مفاسد‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫اهمية البحث‬

‫دراسة مصطلحات وتعاريف علم المقاصد « من اوجب الواجبات واسبقها‪ ,‬واكدها‪ ,‬على كل باحث في‬
‫اي فن من فنون التراث‪ ,‬ال يقدم عليها تاريخ وال مقارنة‪ ,‬وال حكم عام وال موازنة‪ ,‬ألنها الخطوة األولى‬
‫للفهم السليم‪ ,‬الدي عليه ينبني التقويم السليم‪ ,‬والتاريخ السليم » وتقديم بعض المصطلحات التي لها‬
‫عالقة بعلم المقاصد‪.‬‬

‫اهداف البحث‬

‫الهدف من البحث شرح مصطلحات علم المقاصد لكي يرفع عنها الغموض ودلك عن طريق بيان معنى‬
‫كل مصطلح على حدة لغة واصطالحا‪ ,‬وتعريف بعض العلماء لها‪.‬‬

‫مشكلة البحث‬

‫تكمن مشكلة البحث في مصطلحات علم المقاصد ان ليس لها تعريف واضح عند اغلب العلماء وخاصة‬
‫في القديم‪ ,‬وانهم لم يحضوا بتعريف دقيق جامع مانع‪ ,‬واما المعاصرون فقد اختلفت تعريفاتهم اختالفا‬
‫كثيرا‪.‬‬

‫خطة البحث‬

‫‪ :‬علم المقاصد واهميته‬ ‫المبحث االول‬

‫‪ :‬مفهوم علم المقاصد واهميته‬ ‫المطلب االول‬

‫‪ :‬مفهوم علم المقاصد‬ ‫الفقرة االولى‬

‫‪ :‬اهمية علم المقاصد‬ ‫الفقرة الثانية‬

‫‪ :‬مصطلحات علم المقاصد ‪ :‬الحكمة‪ ,‬المناسبة‪ ,‬المصلحة ‪,‬ثم العلة‪ ,‬السبب و سد‬ ‫المبحث الثاني‬
‫الدريعة‬
‫‪4‬‬
‫‪ :‬مصطلح الحكمة‪ ,‬المصلحة‪ ,‬المناسبة‬ ‫المطلب االول‬

‫‪ :‬ضبط مصطلح الحكمة‬ ‫الفقرة االولى‬

‫‪ :‬ضبط مصطلح المصلحة‬ ‫الفقرة الثانية‬

‫‪ :‬ضبط مصطلح المناسبة‬ ‫الفقرة الثالثة‬

‫‪ :‬مصطلح العلة ‪ ,‬السبب ثم سد الدريعة‬ ‫المطلب الثاني‬

‫‪ :‬ضبط مصطلح العلة‬ ‫الفقرة االولى‬

‫‪ :‬ضبط مصطلح السبب‬ ‫الفقرة الثانية‬

‫ضبط مصطلح سد الدريعة‬ ‫‪:‬‬ ‫الفقرة الثالثة‬

‫الفقرة الرابعة ‪ :‬العالقة بين مصطلحات علم المقاصد‬

‫الخاتمة‬

‫‪5‬‬
‫املبحث الاول ‪ :‬عمل املقاصد وامهيته‬
‫املطلب الاول ‪ :‬مفهوم عمل املقاصد وامهيته‬
‫املطلب الاول ‪ :‬مفهوم عمل املقاصد‬
‫للمقاصد عدة تعريفات ابرزها ‪:‬‬

‫تعني جمع مقصد وهو اسم لما قصد‪ ,‬مثال مقعد قصد به القعود‪ ,‬مثال المصنع قصد به‬ ‫فاملقاصد لغة‬
‫الصنع‪ ,‬وهو من فعل قصد قصده وقصد له وقصد اليه قصدا‪ ,‬كل المعاني على نحو التوجه‪ ,‬وطلب‬
‫شيء‪ ,‬قصد الكعبة توجه‪ ,‬قصد بكالمه‪ ,‬ووجه كالمه‪ ,‬الى معنى معين‪.‬‬

‫فلم نجد في كتب المتقدمين تعريفا صريحا واضحا للمقاصد‪ ،‬اال ان هناك‬ ‫املقصد يف الاصطالح‬ ‫اما‬
‫عبارات دالة ومعاني قريبة‪ ,‬من ذلك ما قاله االمام العز بن عبد السالم " من مارس الشريعة وفهم‬
‫مقاصد الكتاب والسنة علم ان جميع ما امر به‪ ،‬لجلب مصلحة او مصالح‪ ،‬او لدرء مفسدة‪ ،‬او مفاسد‪ ،‬او‬
‫لألمرين‪ ،‬وان جميع ما نهى عنه‪ ،‬انما نهى عنه لدفع مفسدة‪ ،‬او مفاسد‪ ،‬او جلب مصلحة او مصالح‪ ،‬او‬
‫لألمرين معا‪.‬‬

‫وما قاله االمام الغزالي " ومقصود الشرع من الخلق خمسة‪ ،‬وهو ان يحفظ عليهم دينهم‪ ،‬ونفسهم‪،‬‬
‫وعقلهم‪ ،‬ونسلهم‪ ،‬ومالهم‪ ،‬وما قال االمام الشاطبي " ان الشارع قد قصد بالتشريع اقامة المصالح‬
‫‪ ".‬االخروية والدنيوية‪.‬‬

‫اما عند العلماء المعاصرين فقد حظيت مقاصد الشريعة بعناية خاصة‪ ،‬فعرفوها تعريف عالل الفاسي‬
‫حين قال‪ " :‬مقاصد الشريعة هي الغاية منها‪ ،‬واالسرار التي وضعها الشارع عند كل حكم من احكامه "‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬امهية عمل املقاصد‬


‫تكمن اهمية علم المقاصد على كونه الثمرة المرجوة‪ ,‬فال ينبغي من وراء دراسة علم المقاصد اال ان‬
‫نصل الى فقه المقاصد‪ ,‬وان نصل الى اجتهاد تحت اسم المقاصد‪ ,‬فعلم المقاصد يجب علينا الحرص على‬
‫احيائه وتجديده وتقوية دوره ومكانته‪ ,‬ادن هو مهم جدا لفهم الشريعة يقوم االمام ابن القيم ‪ " :‬وما مثل‬
‫من وقف مع الظواهر وااللفاظ‪ ,‬ولم يراع المقاصد والمعاني‪ ,‬اال كمثل رجل قيل له ‪ :‬ال تسلم على‬
‫صاحب بدعة‪ ,‬فقبل يدع ورجله‪ ,‬ولم يسلم عليه " ويضيف " وقد كانت الصحابة افهم االمة لمراد نبيها‬
‫واتبع له‪ ,‬وانما كانوا يدندنون حول معرفة مراده ومقصده " فالحديث عن اهمية علم المقاصد ليس ترفا‬
‫علميا‪ ,‬بل ضرورة في ظل عالم متغير‪ ,‬يموج باألفكار والمذاهب والتصورات وتتسارع فيه االحداث‬
‫والوقائع‪ ,‬وتتشابك فيه المصالح وتتعقد المشكالت‪ ,‬على نحو غير مسبوق‪ ,‬يوجب على الفكر االسالمي‬
‫المعاصر ضرورة األخذ بنظر االعتبار‪ ,‬وبدور المقاصد في ضبط هدا العالم الغير المنضبط‪ ,‬ورصد‬
‫معالمه وافاقه ومذاهبه وتوجهاته‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬مصطلحات عمل املقاصد ‪ :‬احلمكة‪ ,‬املصلحة واملناس بة‪ ,‬العةل ‪ ,‬السبب مث سد‬
‫ادلريعة‬
‫املطلب الاول ‪ :‬مصطلح احلمكة واملصلحة واملناس بة‬
‫الفقرة الاوىل ‪ :‬ضبط مصطلح احلمكة‬
‫من حكم والحاء والكاف والميم واحد‪ ،‬وهو المنع‪ ،‬ويقال ‪ :‬حكمت السفيه واحكمته اذا اخذت‬ ‫احلمكة لغة ‪:‬‬
‫على يديه وحكمت فالنا تحكيما منعته عما يريد‪.1‬‬

‫فقد تقاربت عبارات االصوليين في تعريف الحكمة فاطلق العلماء معنين للحكمة ‪:‬‬ ‫اما اصطالحا‬
‫االول ‪ :‬ما يترتب على تشريع االحكام من جلب المصالح ودرء المفاسد‪ ،‬وبهذا المعنى تكون الحكمة‬
‫مرادفة للمقصد فهي الفائدة التي تكون ألجلها العلة ويوجد الحكم‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬ان الحكمة المعنى الموجود في الوصف الذي يترتب على مراعاته تحقيق مقصد شرعي‪.‬‬

‫مثال ذلك‪:‬‬

‫االفطار وقصر الصالة وجمعها في السفر‬

‫فهذه االحكام تعود الى علة " السفر "‪.‬‬

‫والحكمة من تشريع هذه االحكام "رفع المشقة" ‪.‬‬

‫والمقصد من التشريعات ‪ :‬التيسير على الخلق‪.‬‬

‫‪ :‬ضبط مصطلح املصلحة‬ ‫الفقرة الثانية‬


‫من الصالح‪ ،‬والمصلحة واحدة المصالح‪ ،‬واالستصالح‪ :‬نقيض االستفساد‪ ،‬وأصلح‬ ‫املصلحة لغة ‪:‬‬
‫الشيء بعد فساده‪ :‬أقامه‪ ،2‬والمصلحة‪ :‬الصالح‪ ،‬والنفع؛ وصلح صالحا ً وصلوحاً‪ :‬زال عنه الفساد؛‬
‫وصلح الشيء‪ :‬كان نافعاً‪ ،‬أو مناسباً؛ يقال‪ :‬أ َ‬
‫صلَ َح في عمله‪ :‬أتى بما هو صالح نافع‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪"،‬ابن فارس‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬باب‪" :‬حكم‬
‫ج‪، 2‬ص‪92‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ 2/516‬لسان العرب البن منظور االفريقي مادة صلح‪ ,‬م‪.‬س‬
‫‪3‬‬
‫‪ 2 /516‬لسان العرب‬
‫‪7‬‬
‫‪ :‬فقد عرفها الغزالي بأنها‪" :‬المحافظة على مقصود الشرع ومقصود الشرع‬ ‫وأما املصلحة اصطالحا‬
‫‪4‬‬
‫من الخلق خمسة وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم"‬
‫‪5‬‬
‫وقال الخوارزمي في تعريف المصلحة هي‪" :‬المحافظة على مقصود الشرع بدفع المفاسد عن الخلق "‬
‫وقال الشاطبي هي‪" :‬ما فُهم رعايته في حق الخلق من جلب المصالح‪ ،‬ودرء المفاسد على وجه ال يستق ُّل‬
‫‪.‬العقل بدركه على حال"‬
‫فالمصلحة بهذا المعنى هي كل ما يحقق للفرد والجماعة مقاصد ال غنى لهما عنها تحفظ لهم دينهم‬
‫تفوت عليهم هذه األصول الخمسة فكل ما‬ ‫ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم‪ ،‬وتبعد عنهم مفاسد ومضار ّ‬
‫فوت هذه األصول فهو مفسدة‪ ،‬ودفعها مصلحة‪.‬‬ ‫يتضمن حفظ هذه األصول فهو مصلحة‪ ،‬وكل ما ي ّ‬
‫يذهب غالب العلماء الى اعتبار ان المقصد والمصلحة شيء واحد‪ ,‬فالمصالح من اهم مقاصد الشريعة‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬ضبط مصطلح املناس بة‬


‫من نسب والنون والسين والباء كلمة واحدة قياسها ‪ :‬اتصال شيء بشيء‪ ،6‬يقال‬ ‫املناس بة يف اللغة‪:‬‬
‫‪7‬‬
‫‪.‬هذا الشيء مناسب لهذا‪ ،‬اي مالئم له‪ ،‬وهذا يناسب هذا‪ ،‬اي ‪ :‬يقارب شبها‪.‬‬

‫فمن احسن تعريفات المناسبة‪ ،‬قولهم " وصف ظاهر منضبط يحصل عقال من‬ ‫واما اصطالحا ‪:‬‬
‫ترتب الحكم عليه‪ ،‬ما يصلح ان يكون مقصودا من حصول مصلحة‪ ،‬او دفع مفسدة‪.8‬‬

‫فالمناسبة هي الوسيلة النضباط صالحية الحكم الشرعي وتحقيقه واستشفافه‪ ،‬ومثاله ‪ :‬القصاص من‬
‫الجاني‪ ،‬مناسب لجنايته وهي القتل‪ ،‬والمقصود من ذلك ‪ :‬الزجر او الجبر‪ ،‬وحفظ النفوس‪ ،‬وهكذا في‬
‫بقيه االحكام‪ ،‬بحيث يكون بين الوصف والحكم مالءمة‪ ،‬يترتب على تشريع الحكم عندها‪ ،‬تحقيق مصلحة‬
‫مقصودة للشارع‪ ،‬من جلب منفعة او دفع مفسدة وعبر عنها االصوليين باالستدالل‪ ،‬او االستصالح‪.9‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ 2/482‬المستصفى ‪,‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ ,‬نقال عنه م‪,‬س ‪ 6/76‬البحر المحيط‪ ,‬الزركشي‪,‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ .‬ابن فارس‪ ،‬مقاييس اللغة‪ ،‬مادة‪(:‬نسب)‪ ،‬ج‪، 5‬ص‪423‬‬
‫‪7‬‬
‫ينظر‪ :‬الفيومي‪ ،‬المصباح المنير في غريب الشرح الكبير‪،‬‬
‫ج‪، 9‬ص‪2‬‬
‫‪8‬‬
‫اآلمدي‪ ،‬اإلحكام في أصول األحكام‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ج‪،3‬ص‪. 388‬األصفهاني‪ ،‬بيان المختصر شرح مختصر‬
‫ابن الحاجب‪ ،‬ط‪، 1‬ج‪، 3‬ص‪، 110‬أحميدون‪ ،‬مقاصد‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ط‪، 1‬ص‪. 25‬والشنقيطي‪ ،‬الوصف‬
‫‪ .‬المناسب لشرع الحكم‪ ،‬ط‪، 1‬ص‪175‬‬
‫‪9‬‬
‫نظر‪ :‬المرداوي‪ ،‬التحبير شرح التحرير في أصول الفقه‪،‬‬
‫ج‪، 7‬ص‪3‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ :‬مصطلحات عمل املقاصد العةل‪ ,‬السبب و سد ادلريعة‬ ‫املبحث الثاين‬
‫املطلب الاول ‪ :‬مصطلح العةل والسبب وسد ادلريعة‬
‫الفقرة الاوىل ‪ :‬ضبط مصطلح العةل‬
‫ضبط مصطلح العلة في اصطالح االصوليين‪ ,‬ومدى استغراق هدا اللفظ لمعنى المصلحة او المقصد او‬
‫عدم استغراقه له من المسائل التي ظلت تعالج بعموم بالغ ال يتناسب مع دقة المسالة وابعادها في مبحث‬
‫المقاصد‪ ,‬خاصة وان استعماله من طرف االصوليين لم يكن استعماال موحد المدلول‪ ,‬لهدا سأحاول‬
‫اعطاء قدر من الوضوح والدقة لهدا المفهوم‪.‬‬
‫العةل يف اللغة ‪ :‬هو اسم له معان متعددة في اللغة العربية‪ ,‬وهي لما يتغير الشيء بحصوله‪ ,10‬اخد من علة‬
‫المريض‪ ,‬الن الجسم يتغير من الصحة الى المرض‪ .‬يقال ‪ :‬منه عل يعل واعتل واعله هللا تعالى‪ ,‬ورجل‬
‫‪12‬‬
‫عليل‪,11‬وقيل عل الرجل يعل من المرض‪ ,‬وعل يعل ويعل من علل الشراب‪.‬‬

‫قال القرافي ‪ ":‬العلة باعتبار اللغة مأخوذة من ثالث اشياء ‪ :‬العرض المؤثر‪ ,‬كعلة المرض‪ ,‬وهو الدي‬
‫يؤثر فيه عادة‪ ,‬والداعي لألمر‪ ,‬من قولهم ‪ ":‬علة اكرام زيد لعمروا‪ ,‬علمه واحسانه‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫وقيل ‪ :‬من الدوام والتكرار‪ :‬ومنه العلل للشرب بعد الري يقال ك شرب علال بعد نهل"‬

‫‪ :‬لفظ العلة له معان متعددة اطلقها علماء االصول ويمكننا تلخيصها فيما يلي ‪:‬‬ ‫العةل يف الاصطالح‬
‫القول األول ‪ :‬وهو قول الغزالي‪ :‬أنها الوصف المؤثر في الحكم ال بذاتها بل بجعل الشارع‬

‫القول الثاني‪ :‬أنها الموجب للحكم بذاتها ‪ ،‬أي مؤثرة في الحكم بذاتها ال بجعل الشارع لها ‪ ،‬وهو قول‬

‫المعتزلة بناءا على قاعدتهم في التحسين والتقبيح العقليين‪ ,‬وان العلة وصف داتي ال يتوقف على جعل‬
‫جاعل‪.‬‬

‫القول الثالث‪ :‬أنها الوصف الباعث على تشريع الحكم‪ ،‬والمعنى أن تكون مشتملة على حكمة مقصودة‬
‫للشارع من شرع الحكم أي‪ :‬بناء على تعليل أفعال الرب باألغراض‪.‬‬

‫القول الرابع‪ :‬أنها الوصف الظاهر المنضبط الذي يناسب الحكم بوضع الشارع له‪ ،‬وهو أشهر األقوال‪,‬‬

‫فالوصف‪ :‬هو المعنى القائم بالغير‪ ،‬وهو جنس‪ ,‬والمعرف‪ :‬معناه ‪ :‬الذي جعل عالمة للحكم‪ ،‬وهو فصل‬
‫خرج به التأثير في الحكم‪ ،‬والباعث عليه‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪.‬سنن البيهقي ‪ ، ٢٤٦ / ٦‬وإعالم الموقعين البن قيم الجوزية (‪١٧٥ / ١‬‬
‫‪11‬‬
‫‪.‬لسان العرب‪ ،‬البن منظور (‪(، ٤٩٥/١٣‬مختار الصحاح‪ ،‬للرازي (‪٤٣٥/ ١‬‬
‫‪12‬‬
‫‪.‬تهذيب األسماء واللغات ‪ ،‬للنووي ‪( ، ٤٠/٣( ،‬القاموس المحيط ص ‪٩٥٤‬‬
‫‪13‬‬
‫‪) .‬لسان العرب مادة ( علل‬
‫‪9‬‬
‫القول الخامس ‪ :‬كما قال الشاطبي " الحكم والمصالح التي تعلقت بها االوامر واالباحة‪ ,‬والمفاسد التي‬
‫تعلقت بها النواهي‪".‬‬

‫وقد تكون العلة حكما ً شرعيا كبيع الخمر فإنها محرم فال يصح بيعه كالميتة‪.‬‬

‫وقد تكون وصفا ً عارضا ً محسوسا ً كالشدة في الخمر‪ ,‬أو وصفا ً الزما ً كاألنوثة في والية النكاح‪.‬‬

‫وقد تكون فعالً من أفعال المكلفين كالقتل والسرقة‪.‬‬

‫وقد تكون وصفا ً مجردا ً وتعرف بالعلة البسيطة مثل‪ :‬الطعم في تحريم الربا‬

‫وقد تكون مركبا ً وتعرف بالعلة المركبة مثل‪ :‬القتل العمد العدوان لمكافئ غير والد‪.‬‬

‫وقد تكون العلة عقلية‪ ,‬كالحركة علة في كون المتحرك متحركا‪ً.‬‬

‫وقد تكون العلة شرعية ‪ :‬كاإلسكار في الخمر‪.‬‬


‫وصف ظاه ٌر منضب ٌ‬
‫ط يناسب الحكم بتحقيق مصلحة العباد إما في جلب مصلحة للعباد أو تكميلها‪ ،‬أو‬ ‫ٌ‬ ‫فهي‬
‫دفع مفسدة عن العباد أو تقليلها‪ ،‬وهذا شامل لجميع أحكام الشريعة‪.‬‬

‫‪ :‬ضبط مصطلح السبب‬ ‫الفقرة الثانية‬


‫يطلق على الباب‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪" :‬لعلي أبلغ األسباب أسباب السماوات" أي‬ ‫السبب يف اللغة ‪:‬‬
‫أبوابها‪ ،‬ويطلق على الحبل‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪" :‬فليمدد بسبب ثم ليقطع" أي بحبل‪ ،‬ويطلق على الطريق‪،‬‬
‫ومنه قوله تعالى‪ ":‬فأتبع سببا"‪ ،‬ثم استعير لغة إلى كل شيء يتوصل به إلى أمر من األمور‪ ،‬فقيل هذا‬
‫سبب هذا وهذا سبب هدا‪.14‬‬

‫‪ :‬السبب عند األصوليين هو‪" :‬الوصف الظاهر المنضبط الذي جعل مناطا لوجود الحكم"‪، 15‬‬ ‫اصطالحا‬
‫أو "جعل معرفا لوجود حكم شرعي"‪ ، 16‬أو "أمارة على وجود الحكم"‪ 17‬أو هو "ما ارتبط غيره به‬
‫انعداما ً ووجودا ً وكان خارجا عن ماهيته"‪.‬‬

‫وعلى ذلك تكون الرابطة بين السبب ومسببه قوية قائمة بينهما في حالة السلب واإليجاب معا‪ ،‬فإذا وجد‬
‫السبب وجد المسبب‪ ،‬وإذا انعدم السبب انعدم المسبب‪ ،‬إذا ما استوفت الماهية كل شروطها وانعدمت كل‬
‫موانعها‪ ،‬كدخول الوقت‪ ،‬فإنه سبب لوجوب الصالة‪ ،‬يدور معه وجوبها وجودا وعدما‪ ،‬وكذلك القتل العمد‬
‫العدوان سبب للقصاص‪ ،‬والعقد الصحيح سبب لترتب حكمه عليه‪ ..‬وهكذا‪ ،‬فإذا نقص شرط أو وجد مانع‬
‫لم ينتج السبب حكمه‪ ،‬ال لضعف السبب عن إنتاج مسببه‪ ،‬بل لقيام المانع وزوال الشرط‪ ،‬ألن إنتاج السبب‬
‫‪.‬لمسببه متوقف على ذلك‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫انظر المصباح المنير مادة (سبب) والمرآة ‪405/2‬‬
‫‪15‬‬
‫العضـد ‪7/2‬‬
‫‪16‬‬
‫‪.‬المرآة على المرقاة ‪405/2‬‬
‫‪17‬‬
‫أبو زهـرة ص ‪53‬‬
‫‪10‬‬
‫فالسبب مرادف للعلة فقيل مع علة ترادف السبب‪ ,‬وانهما جميعا بمعنى واحد ألنه يلزم من وجوده وجود‬
‫الحكم ويلزم من عدمه عدم الحكم‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬ضبط مصطلح سد ادلريعة‬


‫بفتح السين و ضم الدال يطلق على الجبل و الحاجز‪ ،‬و الردم و كل ما بين الشيئين‬ ‫تعريف السد لغة‪:‬‬
‫‪18‬‬
‫سد‪.‬‬

‫لغة‪ :‬تطلق على عدة معان منها‪ :‬الوسيلة‪ ،‬السبب‪ ،‬الدريئة و هي الناقة التي يستتر بها الرامي‬ ‫اذلريعة‬
‫‪19‬‬
‫ليرمي الصيد‪.‬‬
‫من العلماء من نظر في التعريف إلى كلمة الذريعة دون أن يضاف إلى شيء‬ ‫سد اذلرائع اصطالحا‪:‬‬
‫قبلها فأعطوها تعريفا يشمل الذريعة التي تسد و التي تفتح أي الذريعة بمعناها العام‪.‬‬
‫و منه من نظر إلى الذريعة على أساس أنها لقب فعرفها بناء على ذلك و يطلق عليها البعض المعنى‬
‫الخاص‪.‬‬
‫إذ تنقسم التعريفات إلى قسمين‪:‬‬
‫األول ‪ :‬الذريعة بمعناها العام‪:‬‬
‫عرفها القرافي بقوله‪" :‬الذريعة هي الوسيلة للشيء"‪.‬‬
‫عرفها ابن تيمية بقوله‪ " :‬الذريعة ما كان وسيلة و طريقا إلى الشيء"‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬تعريف الذريعة على أنها لقب بمعناها الخاص‪:‬‬
‫ذكر علماء األصول تعريفات للذريعة منها‪:‬‬
‫عرفها الشاطبي بقوله‪" :‬الذريعة هي التوصل بما هو مصلحة إلى مفسدة"‪.‬‬
‫يقول القرافي‪" :‬أعلم أن الذريعة كما يجب سدها‪ ،‬يجب فتحها‪ ،‬و يكره و يندب و يباح‪ ،‬فإن الذريعة هي‬
‫الوسيلة‪ ،‬فكما أن وسيلة المحرم محرمة‪ ،‬فوسيلة الواجب واجبة كالسعي للجمعة و الحج‪."...‬‬
‫و انطالقا من كل هذه التعاريف‪ :‬فالذريعة هي الوسيلة المؤدية إلى حكم شرعي مصلحة كانت أم مفسدة‪.‬‬
‫أما الذريعة فهو‪ :‬حسم الوسيلة المؤدية إلى المفسدة‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬العالقة بني مصطلحات عمل املقاصد‬


‫ال شك في أن من أه ّم الطرق الموصلة إلى العلم "معرفة اصطالحات أهله"‪ ،‬وأن المصطلح هو "اللبنة‬
‫األولى من كل علم‪ ،‬بما هو مدار كل علم‪ ،‬به يبدأ وإليه ينتهي"‪ ،‬بل إذا شئنا الحقيقة فإن "المصطلح هو‬
‫‪18‬‬
‫ابن منظور‪ ،‬محمد بن مكرم‪ ،‬لسان العرب (‪ ،)207/3‬ابن فارس أحمد‪ ،‬معجم مقاييس اللغة (‪،)66/3‬الرازي‪ ،‬محمد بن أبي بكر‪ ،‬مختار‬
‫الصحاح‪ ،‬ص ‪.292‬‬
‫‪19‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.221‬‬
‫‪11‬‬
‫ي خصوص‪.،‬‬ ‫العلم‪ .‬ذلك قول يجري مجرى القاعدة في جميع العلوم‪ ،‬وللعلم الشرعي منها خصوص أ ُّ‬
‫وإذا أردنا أن نحدّد العالقة بين مصطلحات علم المقاصد نجعل لهم بها حدا يتميز عن غيره ونستوعب‬
‫ماهيته ونقف عند خصوصيته‪ ،‬فال يمكننا أن نبتعد عن المصطلحات التي دكرنا في فهم واستيعاب‬
‫المنظومة المقاصدية‪ ,‬ادن هاته المصطلحات اهي من بين اهم مصطلحات علم المقاصد‪ ,‬ادن ال يمكن‬
‫حصرها فيما دكرنا فقط‪ ,‬اد تتشابه معظمها في المعنى فال يمكن ان ندكر العلة بدون مقصد او بدون‬
‫حكمة‪ ,‬وان السبب هو العلة في تعريفه‪ ,‬كما تعتبر المناسبة هي المناط واستخراج المناط هو استخراج‬
‫العلة واستخراج السبب‪ ,‬ادن كلها معاني تدل على السبب فتسمى مناسبة ويسمى استخراج المناط‪ ,‬كدلك‬
‫نقول مقصد او نقول حكمة او نقول مصلحة فكلها مرتبطة ببعضها والهدف هو استخراج حكم له سبب‬
‫وله حكمة مقصودة‪ ,‬سواء جلب مصلحة وتكميلها او درء مفسدة وتقليلها ادن كلها كلمات يقصد بها‬
‫الشيء والمصطلح االكثر استعماال عند علماء الدين يكمن في المصلحة‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫اخلامتة‬
‫الحمد هللا‪ ،‬على فضله وإنعامه بإتمام هذا العمل‪ ،‬والصالة والسالم على سيدنا محمد صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫وعلى من اهتدى بهديه إلى يوم الدين‪ ،‬أما بعد‪ :‬فقد حاولنا في هذا البحث أن نسلط الضوء على أهم‬
‫مصطلحات علم المقاصد وهي ‪ ":‬الحكمة‪ ,‬المصلحة‪ ,‬العلة‪ ,‬سد الدريعة‪ ,‬المناسبة و السبب " وذلك من‬
‫خالل التعريف بمصطلحات هدا العلم‪.‬‬

‫وقد خرجنا من بحثنا هذا ببعض الموضوعات التالية‪:‬‬

‫ان علم المقاصد‪ ,‬منبثق عن قضية المناسبة في علم اصول الفقه‪.‬‬

‫ان المقصد والمصلحة شيء واحد‪ ,‬فالمصالح من اهم مقاصد الشريعة‪.‬‬

‫ان لعلم المقاصد ارتباطا كبيرا بالحكمة‪ ,‬فالمقصد مشتمل عن الحكمة‪.‬‬

‫ان العلة هي الوصف المعرف للحكم‪ ,‬والمؤدي اليه‪.‬‬

‫ان السبب مرادف للحكمة‪ ,‬يلزم من وجوده وجود الحكم ويلزم من عدمه عدم الحكم‪.‬‬

‫ان الدريعة تمتد للشيء قد يصل وقد ال يصل سده فان كان المقصد محمود فوسائله محمودة وقس على‬
‫دلك من مواصفات حميدة وسيئة‪.‬‬

‫والحمد هلل على منه وفضله في اتمام هدا البحث‪ ,‬فما كان من صواب فيه‪ ,‬فهو من فضل هللا تعلى‪,‬‬
‫وعظيم عونه عز وجل‪ ,‬وما كان من نقص‪ ,‬فهو منا لغفلتنا‪ ,‬وجهلنا وتقصيرنا‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫املصادر واملراجع‬
‫القران الكريم ‪‬‬
‫ميثاق الرابطة ل عبد الكريم بناني ‪‬‬
‫العالقة بين أصول الفقه ومقاصد الشريعة والدعوة إلى تأسيس علم المقاصد ‪‬‬
‫دراسات‪ ،‬علوم الشريعة والقانون المجلد‪ , 42‬العدد ‪ .2015 ,03‬‬
‫بحث العلة والحكمة في القياس األصولي إعداد د ‪ .‬شافي مذكر السبيعي ‪‬‬
‫سلسلة الضروري في علوم العربية والشريعة ‪ :‬بداية القاصد الى علم المقاصد ‪‬‬
‫‪‬‬ ‫ابن منظور‪ ،‬محمد بن مكرم‪ ،‬لسان العرب (‪ ،)207/3‬ابن فارس أحمد‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‬
‫(‪،)66/3‬الرازي‪ ،‬محمد بن أبي بكر‪ ،‬مختار الصحاح‪ ،‬ص ‪292‬‬
‫المصباح المنير مادة (سبب) والمرآة ‪ 405/2‬‬
‫المرآة على المرقاة ‪ 405/2‬‬
‫سنن البيهقي ‪ ، ٢٤٦ / ٦‬وإعالم الموقعين البن قيم الجوزية (‪ ١٧٥ / ١‬‬
‫"ابن فارس‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬باب‪" :‬حكم ‪‬‬
‫المستصفى ‪ 482/2 ,‬‬

‫‪14‬‬

You might also like