Professional Documents
Culture Documents
مجع وترتيب
إصدارات
00201003524797
مهارات البحث العلمي 2
3 مهارات البحث العلمي
مقدمة
شرور ِ
أنفسنا، ِ ونستغفره ،ونعو ُذ باهللِ من
ُ إن الحمدَ هللِ ،نحمدُ ه ،ونستعينُه،
َّ
هادي ل ُه ،وأشهدُ ْ
يضلل فال اهلل فال َّ
مضل له ،ومن ِ ِ ِ
َ ومن سيئات أعمالنا ،من يهده ُ
شريك له ،وأشهدُ أن محمدً ا عبدُ ه ورسو ُله.
َ أن ال إله إال اهلل وحدَ ه ال
﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ
ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ﴾ [النساء.]1:
﴿ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ
ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ﴾ [األحزاب.]71-70 :
ِ صدق الح ِ
هدي محمد
ُ خير الهدي
كتاب اهلل َ ،۵و َ
ُ ديث أما بعد؛ فإن َأ َ َ
وكل بدعة ضاللةٌَّ ،
وكل وكل محدثة بدعةٌَّ ، ِ
األمور محدثا ُتهاَّ ، وشر
َّ ،
َضاللة يف ِ
النار؛ َوبعدُ .
يعد البحث العلمي ركيزة أساسية من ركائز المعرفة اإلنسانية يف ميادين
الحياة كافة ،بل أضحى أحد مقاييس الرقي والحضارة يف العالم ،فمن خالل
البحث العلمي يستطيع اإلنسان اكتشاف المجهول وتسخيره لصالح المجتمع
بما يحقق التنمية واالزدهار يف مجاالت الحياة كافة .فمن خالل البحث العلمي
مهارات البحث العلمي 4
يمكن امتالك التقنية والمعرفة باعتبارها األداة الفعالة لتحقيق االستثمار األمثل
للموارد المتاحة من خالل تحقيق التنمية والتقدم.
ولئن كان البحث العلمي يشكل عنصر ًا مهمًا وشرطًا ضروريًا لتقدم أي
مجتمع ،فإن الحاجة له تبدو أكثر إلحاحًا يف عالمنا اإلسالمي ،سيما مع التقدم
الهائل للعلوم والتقنية الذي يشهده العالم المعاصر مما يحتم على الدول
اإلسالمية مزيد ًا من االهتمام بالبحث العلمي وتطوير آلياته يف ظل الحاجات
المتزايدة للتنمية يف عصر المعلوماتية واالتصاالت.
وتطور األمم مرهون بمدى اهتمامها بالبحث العلمي ،فالدول المتقدمة
فاقت غيرها يف التقدم العلمي باالهتمام بالبحث العلمي خاصة يف العلوم
الطبيعية ،أما العلوم اإلنسانية ،مثل :علوم الشريعة واللغة واالجتماع والتاريخ
وغيرها فهي هتتم بمعتقدات الناس وثقافاهتم وسلوكياهتم.
والمهارات يف اللغة :مفردها مهارة ،وهي مصدر ( َم َه َر) وتعني القدرة على
أداء عمل بحذق وبراعة.
فالمهارة :هي التمكن من إنجاز مهمة بكيفية محددة وبدقة متناهية وسرعة
يف التنفيذ.
ومن هنا عقدت العزم على القيام بجمع ما كتب يف مهارات البحث
العلمي.
وقد تكون من خمسة فصول:
الفصل األول :البحث العلمي أهدافه وخصائصه.
الفصل الثاين :المنهج والحاجة إليه يف البحث العلمي.
5 مهارات البحث العلمي
كتبه
الفصل األول
الفصل األول
وكلمة (علم) تنتمي إلى مادة (ع.ل.م) التي تدل " على أثر بالشيء يتميز به
عن غيرهِ ..
والعلم :نقيض الجهل "(.)4
إذ ًا ما المراد بمصطلح (البحث العلمي)؟
يف الحقيقة أورد العلماء تعريفات كثير ًة للبحث العلمي ،تختلف فيما بينها
باختالف أصحاهبا ،وثقافاهتم ،ومنطلقاهتم التخصصية يف األعم األغلب ،لك َّن
هنا تعري ًفا أراه عاما ،غي َر محدد بتخصص معين ،ومن ثم يصدق عليها جمي ًعا،
خاص؛
ٍّ ٍ
معين ،وفق منهجٍ وهو أنه " :دراس ٌة مبني ٌة على تق ٍ
ص وتتبعٍ ،لموضو ٍع
ٍ
معين.)5( ". ٍ
هدف لتحقيق
فالدراسة تقوم على عناصر معينة ،من أهمها :تحديد فكرة البحث يف
موضوع معين ،وعملية الجمع والصياغة ،ومنهج يسير عليه الباحث ،وهدف من
أهداف البحث العلمي التي ذكرها العلماء يسعى إلى تحقيقه ،والتي لخصها
بعضهم يف قوله ال تخرج غايات البحث عن واحد من هذه األمور " :اختراع
معدوم ،أو جمع متفرق ،أو تكميل ناقص ،أو تفصيل مجمل ،أو تهذيب مطول،
أو ترتيب مختلط ،أو تعيين مبهم ،أو تبيين خطأ)1( ".
-2غريزة فطرية:
خلق اهلل اإلنسان باح ًثا بطبعه ،بد ًءا من بحثه عن الطعام والشراب ،وما يلزمه
من أغراض ،ساعدته على تطوير ما لديه من إمكانات ،فاكتشف النار ،حينما أنشأ
اهلل له شجرهتا ،فساعدته يف إنضاج الطعام وغيرها من األمور الحياتية ،وأخذ يف
اكتشاف الوسائل التي تعينه على الحياة ،حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه اآلن من
وسائل متطورة ،وما زال اإلنسان يبحث عن المزيد.
-3مظهر حضاري:
من أين يمكن لنا أن نحكم على الشعوب بالتقدم والريادة؟ وكيف نصف أمة
بأن لديها حضارة؟ إنما يقاس ذلك بمدى تقدم بحثها العلمي ،لذلك حمله على
عاتقهم علماؤنا العرب فصار منهم علماء مربزين ،برعوا يف العلوم والفنون،
فصار فيهم تلك األسماء الشهيرة على المستوى العالمي ،كابن سينا،
والخوارزمي ،وابن الهيثم وغيرهم ،ومن المقرر أنه ال تبدأ هنضة إال عند العناية
بالبحث العلمي ،ورصد الميزانيات الكبيرة لهذا الغرض.
-4يكشف عن إنجازات األمم:
ال خير يف أمة ال تقدر إنجازاهتا العلمية ،وتراثها الحضاري ،تبحث فيه
وحوله ،وتظهر للدنيا كلها كيف كان يفكر علماؤها القدامى ،والحال يف تراثنا
العربي ال يبتعد عن هذا ،فمن الضرورات العلمية عندنا العمل على كشف ثمرة
جهود علمائنا القدامى ،ولذلك عمل كثير من الباحثين حينما هبت علينا رياح
التقدم العلمي من أوروبا على تأصيل كثير من النظريات العلمية من خالل تراثنا
العربي الثري ،بكثير من النظريات واإلشارات التي يمكننا من خاللها تسجيل
11 مهارات البحث العلمي
( )1كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ()35/ 1؛ حاجي خليفة.
مهارات البحث العلمي 12
ثانيا -إكمال ناقص :يف رحلة الباحث مع العلم قد يرى بعض المصن ِ
َّفات ً
غير المكتملة ،ويكون ذلك لعدم وصول المؤ ِّلف إلى ما وصل إليه البا ُ
حث ِ
ف ،أو يكون ذلك نتيجة توافر كتب معينة أو معارف مختلفة لم ي ِ
ح ْط هبا المؤ ِّل ُ ُ
االستدراكات ،وقد
ُ بوفاة المؤ ِّلف قبل اكتمال فكرته ،ويدخل يف هذا الجانب
وجدنا ذلك -على سبيل المثال -عند جالل الدين السيوطي (911هـ) ،فقد
نصف القرآن الكريم ،من أول سورة الكهف
َ الل الدين المح ِّلي وقد َّ
فسر وجد ج َ
السيوطي ما بدأه فأتم لى،األع بالرفيق قَ إلى آخر سورة الناس والفاتحة ،و َل ِ
ح
ُّ َّ
المحلي ،وقام بتفسير السور من البقرة إلى آخر سورة اإلسراء ،وسار يف ذلك ُّ
شهيرا معرو ًفا باسم (تفسير
ً تفسيرا
ً المحلي ،وأخرج لنا
ُّ على النهج الذي اخت َّطه
الجاللين).
شرح ألفاظ أو قواعدَ أو
َ ُ
الباحث يف هذا الهدف ثال ًثا -شرح مبهم :يتناول
أمور يرى أهنا أصبحت ُم ْبهم ًة على المتع ِّلمين أو طالبي العلم ،و ُيمكن التمثيل
لهذا بما ُكتب يف غريب ألفاظ القرآن الكريم واألحاديث النبوية؛ حيث َع َمدَ
العلما ُء إلى بعض األلفاظ التي بدَ ْت غريب ًة على قارئي القرآن الكريم وحافظي
األحاديث النبوية ،ومن ذلك على سبيل المثال كتاب (المفرادت يف غريب
القرآن) للراغب األصفهاين ،و(غريب الحديث) ألبي ُعبيد.
تاج إلى هتذيب المؤ َّلفات
مطول :ففي بعض األحيان ُيح ُ
راب ًعا -تهذيب َّ
صوصا عند إرادة تقريبها وتيسيرها على المبتدئين من
ً المطولة ،خ
َّ الكبيرة أو
العالم يف بداية عمله؛
ُ ُ
الباحث أو ويتم ذلك ُبأ ُسس معينة يخ ُّطها
ُّ المتع ِّلمين،
بأصل من ُأ ُصول الكتاب المؤ َّلف ،ومن ذلك ما رأيناه
للعمل على عدم اإلخالل ْ
13 مهارات البحث العلمي
ِ
غيرها.
متخصصة ،وهو
ِّ • طلب مؤسسة علمية له ،كجامعة أو مركز علمي أو مج َّلة
ما ُيعرف (بنظام االستكتاب)؛ حيث تعهد المؤسسة إلى باحث أو عدة باحثين
بإجراء دراسة يف موضوع معينُ ،مقابل عائد ُمحدَّ د.
• تدريب من يقوم هبذا البحث على إعداد البحوث تمهيدً ا لتكليفه ببحوث
الطالب بأبحاث َّ وأشمل ،مثلما يحدُ ث يف الجامعة من حيث تكليفَ أعمق
َ
صغيرة الحجمِ ،
ذات موضوعات ض ِّيقة ،وهو ما ُيطلق عليه (البحث الص ِّفي) ،أو ِ
ما ُيك َّلف به طالب الدراسات ال ُعليا إلعدادهم أكاديميا ،وتزويدهم بالمهارات
البحثية الالزمة لالنتقال إلى مرحلة أعلى.
• الحصول على درجة علمية معينة؛ كإعداد رسالة للحصول هبا على درجة
قصد من هذا اإلعداد إضاف ُة الجديد من ال ُع ُلوم، التخصص (الماجستير) ،و ُي َ
ُّ
وأكثر ِد َّق ًة يف الجمع
َ أوسع نِطا ًقا،
َ ارب
وتمكي ُن الباحث من الحصول على تج َ
والتصنيف والتحليل واالستنتاج ،وإعدا ُده لمرحلة أعلى وهي (الدكتوراه) ،ثم
إعداد آخر للحصول على درجة العالمية (الدكتوراه) ،وذلك بعد إهنائه المرحلة
أيضا إضاف ُة الجديد
قصدُ من هذه الدرجة ً
الجامعية والدراسات ال ُعليا ،و ُي َ
أوضح ،وتحليل َّ
أدق ،ورؤية شخصية. َ باستيعاب تا ٍّم ،ورؤية
• إعداد البحوث للرت ِّقي إلى مرتبة علمية ،وهذا النوع ُي ِعدُّ ه أعضا ُء هيئة
التدريس بالجامعات بعد الدكتوراه؛ للحصول على درجة أستاذ مساعد
حجما من الماجستير والدكتوراه ،لكنها
ً (مشارك) أو أستاذ ،وتكون أبحا ًثا َّ
أقل
لتناول ،وجديد ٌة من حيث الفكرة.
أعمق من حيث ا ُ
ُ
مهارات البحث العلمي 16
ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ}(.)1
-12حب االستطالع:
المستمرة لدى الباحث يف البحث عما يحدث حوله مِن أحداث
َّ وهو الرغبة
وظواهر ،أو لما يكتشفه يف أثناء قراءاته من موضوعات؛ ألن إدمان القراءة هو
الذي يفتح أمام الباحث آفا ًقا ال ُتفتح بدون القراءة ،التي تكون يف البدء عامة يف
فروع المعرفة المختلفة ثم تتخصص بحسب ميول الباحث ،إما يف مجال العلم
أو اآلداب ،ثم إن كان يف اآلداب تكون يف القديم أو الوسيط أو الحديث ،ثم يف
أي لون يف النثر أو يف الشعر ،وأن يحاول بكل ما كتب حول موضوعه إذ إنه
ِّ
سيحدِّ د نتائجه بناء على قراءاته.
ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ
ﲕﲖ ﲗ} ( ،)1ولو تأملنا ما ورد يف القرآن الكريم من آيات تحث على
السنة حول هذا المجال
العلم وتحض على البحث والنظر واالطالع ،وما جاء يف ُّ
ألدركنا األهمية الكربى التي ُيعطيها اإلسالم لهذه الصفة ،خاصة َّ
أن القراءة فيما
ألن فضل العالِم يزيد على فضل العابد ،كما أخرب الرسول ُيفيد تكون عبادةَّ ،
وبذلك يربح اآلخرة.
-3الرغبة:
من األمور المفروغ منها وال يختلف عليها اثنان يف مجال األبحاث أن
يستشعر الطالب أو الباحث ميالً إلى موضوعه ،وإ ْلفة مع األفكار العامة التي
َ
ستظل بحثه؛ ألن نجاح أي عمل ال يتصور أن يكون بدون رغبة فيه فالرغبة شرط
أساسي ،وذلك ألن فرض موضوع البحث على الباحث يشعره باالضطهاد،
وس ْلب الحرية ،فيضيق ذر ًعا به من أول صعوبة تقابله وإحساسه بعدم ِّ
الرضا يفت
يف عضده ،والبحث الذي وراءه الضغط ،والدافع إليه سبب خارجي قم ٌن به أن
يفشل ،وأن يتوقف ،ويزول بزوال السبب.
أما البحث القائم على رغبة أكيدة من الباحث وحب منه لموضوعه واقتناع
به ونابع من اختياره ،هو الذي يؤيت ثماره ،يحقق النفع ،ويجتاز الباحث به كل
الصعوبات التي تواجهه ،وتعطي النتائج المرجوة.
-4األمانة أو ال ُّروح العلم َّية:
الباحث أمانة ِ
العلم ،وهي تأيت ُ الصفات التي ينبغي أن يتح َّلى هبا
من أهم ِّ
ضم َن صفات أخر تشملها الروح العلمية يف جملة خصائصها منها :النزاهة،
والموضوعية ،والقدرة التظيم َّية ،والجرأة ،واألمانة تقتضي اإلنصاف الذي يتم َّثل
العلم َّية التي يسعى إليها( ،)1والصرب على البحث يعطيه اإلتقان واإلخالص
ﲳﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ
ُّ
تحث وتدفع إلى االتصاف بالصرب والتحلي بالتأين ،وبذل ﲽﲾ}( )2اآلية
الجهد بغي َة إتقان العمل أيا كان والبحث أيا كان ،والبحث عمل ،وأي عمل
الصفات وغيرها ،وعملنا يف م ْيدان تقويم األبحاث على ِ
يستوجب ما ذكرنا من ِّ
فمن الباحثين من هو مقتصد ،ومنهم سابق مختلف مستوياهتا شاهدٌ ودليلِ ،
منهجا وال
ً بالخيرات ،ومنهم الدعي الذي ليس من أهلها ،فال هو يعرف خطة وال
يفرق بين المادة والمادة ،وال بين الكراسة والدواسة ،لم يقدِّ م عمالً ،ولم ينجز
بح ًثا ،بل استغفل وهنز ،واستلب وأجهز ،وهؤالء الذين يتسمون هبذه القسيمات
يف الحصول على الرسائل العلم َّية بال مجهود حقيقي يبذلونه ،ويحققونه بالطرق
ألن ما بني ِ
واآلخرة ،وذلك هو الخسران المبين؛ َّ الملتوية ،إنما يخسرون الدُّ نيا
على باطل فهو باطل ،وما َنتَج عن الحرام فهو حرام.
وعلى ما َس َبقَّ ،
فإن الرغبة مهما كانت متوفرة لدى الباحث فإهنا غير كافية
ِ
للقيام بالبحث "قد تكون الرغبة الظاهرة نزعة عابرة ،فينكص الباحث ،وهو لما
يزل يف بداءة الطريق ،ولذلك ال بدَّ من أن يصحب الرغبة الصرب والصمود يف وجه
المشقات ،والصرب فضيلة النفوس الكبيرة ،التي تأبي العيش يف السفوح فتشرئب
القمم ،فتعمل وتجد غير مكرتثة لوعورة ِّ
الشعاب ،ومن صرب ظفر، أعناقها إلى ِ
ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ}(.)2
نفي االعتزاز فبينهما ْفرق شاسع ،فالباحث يعتز بأفكاره
وليس معنى الكرب َ
وبما منحه اهلل تعالى من القدرة على التفكير والعمل وانجازه ،دون أن يصل به
األمر إلى االختيال والكرب ،وأن يعطي اإلنسان نفسه حقها من التقدير أمر يجوز
ب ألن انتقاصها أو التهوين من شأهنا تحقير ،وذلك منهي عنه "بِ ْ
حس ِ له ذلك؛ َّ
ِ
المسلم"( ،)3فما بالك بالنفس ،المهم أن يزن أن ي ِ
حقر أخا ُه ْامرِ ٍئ من َّ
الش ِّر ْ
الباحث نفسه بميزان صحيح ،وأن يقدرها بحجمها الحقيقي ،وال يكون كما قال
الشاعر:
تحليل األفكار وتركيبها الذي يساعده على تحليل األفكار وتركيبها واستنتاج ما
يمكن استنتاجه ،واستنباط ما يمكن أن يتوصل إليه.
فالباحث يعتمد على الفطنة والبديهة المتوقدة ،التي تجعله يربط بين فكرة
قرأها اليو َم ،وفكرة اطلع عليها من شهور ،وبين محتويات كتاب كان قد ا َّطلع
عليه منذ زمن وآخر وقع ب ْين يديه حدي ًثا ووجده صورة طبق األصل من األول،
والسمين والصحيح والفاسد، يفرق ب ْين ِّ
الغث َّ والمعول عليه يف كل ذلك الفطنةِّ ،
َّ
وعل الفطنة ُتسلِم صاحبها
والصواب والخطأ ،...بما يعود على بحثه بالفائدةَّ ،
أحيانًا إلى أن َّ
يشك فيما بين يديه ،وإن كان الشك يف عمومه مذمو ًما ،إال أنه يف
مجال البحوث وسيلة من وسائل التحقق والمعرفة والوصول إلى اليقين ،ومِن
قبل قالت العرب" :سوء الظن مِن حسن الفطن" ،إال أن المبالغة يف الشك تؤ ِّدي
ُ
يضر إذ {ﱈ ﱉ ﱊ
إلى سوء النية ،ويح ِّفز على التعدِّ ي ،وقلي ُله يف مواضعه ال ُّ
ﱋﱌ}(ِ ،)1
والفطنة لدَ ى الباحث تخدمه يف جميع مراحل البحث يكفي أن نشير
إلى أهنا تبعث فيه القدرة على التنظيم والتأطير ،ودقة هيكلة البحث ،فيبدو محكم
األقسام متماسك الفصول واألبواب ،منطقي االنسياب متسلسالً كل شيء منه يف
مكانه وموضعه الالئق به ،فال يعرتي البحث تفكك وال هلهلة وال تناقض
واضطراب.
- 8الموضوعية:
عندما ُيطلب من الباحث أن يكون موضوعيا إنما يعني بذلك أن يكون واقع ًيا
غير متعصب لرأي أو مذهب أو نحلة أو مدرسة أو اتجاه فينحاز إليه ،ويستقي
أي منها ،ويهمل آراء اآلخرين أو يخطئها بال مربِّر وال
آرا َءه منه ،ويتشبث بأفكار ٍّ
نزيها يف دائما أن يكون عاد ً
ال محقا يف أحكامه ً برهان صحيح ،والمطلوب منه ً
ﳂ}(.)1
ودالالت التعبير بحرف السين يف اآلية الكريمة فيها استغراق لآليت غير
المنظور بمدياته الموغلة يف المستقبل إلى أن يرث اهلل األرض و َمن عليها ،ويف
حفز للهمم على التنقيب والنظر يف ملكوت اهلل ،وحفز لها وحث عليها
اآلية ٌ
وحض للجميع بال استثناء .على التفكير وال يجوز بعدَ هذا اهتام العقيدة بأنَّها
البحث أو تش ِّكك يف وسائله ،وتغل الرقاب؛ َّ
ألن العقيدة ليست تقف حائالً دون ْ
مجرد مشاعر ،أو أهراء أو عواطف ،وإنما هو تعقل وبرهنة ،وإذا ثبتت العقيدة
َّ
يتجرد منها يف أثناء استنتاج النتائج
بالربهان والدليل ،فال ينبغي على الباحث أن َّ
واستنباط األحكام.
وضعت له
ْ البحث والنظر ،بقدر ما
وبقدر ما حفزت العقيد ُة اإلنسان على ْ
األطر الصحيحة ،والطرق المثلى ،طالما كانت الغاية هي الوصول إلى ُحكم
صحيح ،ونتيجة سليمة ،فحينما نعود إلى القرآن الكريم نجده قد َّ
حذر اإلنسان
من أن يعتمدَ على األهواء أيا كانت يف استصدار األحكام؛ َّ
ألن مآلها الفساد
ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖﱗ ﱘ
ﱙﱚ}(.)1
َّ
وألن إتباع الهوى منطقه الجور والظلم ،هنى القرآن الكريم عنه يف قوله
تعالى{ :ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ
ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ}(.)2
وإذا كان القرآن الكريم قد َّ
حذر من االعتماد على األهواء ،وهي األحكام
تقم على برهان عقلي سليم ،وال على دليل علمي مقنع ،فإنما
الشخصية التي لم ْ
ُّ
يحث على الموضوعية فيها ،وأن يستهدي الباحث ويسرتشد بما هو بذلك
أوجبتْه عليه عقيدته من طلب الحق ،ونشدان الصدق يف كل ما يقول به.
التقييمية.
ولشخصية الباحث مظاهر عديدة تظهر من خالل كونه :ممهدً ا للقضية التي
محلال للنقول ،مقارنًا
ً شارحا للنصوص واألقوال،
ً عارضا لالتجاهات،
ً يدرسها،
راجحا ،مستشهدً ا على ما يذهب إليه،
ً مرجحا منها ما يراه
ً معلال لآلراء،
ً بينها،
طو ًال ،ناقدً ا لما
لخ ًصا لبعض ما يراه ُم َّمختصرا أو ُم ِّ
ً مستدركًا يف بعض األحيان،
يراه مجانِ ًبا للصواب أو مخال ًفا للقواعد ،معيدً ا للصياغة ....إلخ.
تتضح شخصية الباحث يف مواط َن عديدة ،ال تتوقف -كما أسلفنا -عند
قوله( :وأرى) و(يتضح لي) ..إلخ.
ظهورها يف مرحلة وضع فكرة البحث وصياغة العنوان،
ُ ومن هذه المواطن
فالباحث ذو الشخصية البارزة المستقلة ال يرضى بالتقليد الكامل (األعمى) ،أو
أن يصوغ فكرته على منوال فكرة سبق إعدا ُدها دون أن يضيف إليها أو ينحو هبا
منحى آخر ،أو يعالجها معالج ًة مختلفةً.
ً
ففي هذه المرحلة يخ ُلد ٌ
كثير من الباحثين إلى اجتالب األفكار السابق
طرحها مع تعديل إطارها ،فنجد باح ًثا يسمي بحثه -على سبيل المثال( -سورة
مريم دراسة داللية) ،ال لشيء إال ألنه وجد باح ًثا آخر تناول (سورة آل عمران
هيكال
ً بحث ِ
نفسه ليكون هيكل ال ِ
َ دراسة داللية) ،بل يزيد االستسهال بأن ينقل
زلت أتذكر حدي ًثا أكاديميا دار يف أحد المؤتمرات ،قال
لبحثه دون تعديل .وما ُ
كبير :طلبنا درج ًة علمي ًة يف إحدى الجامعات فتقدم ثالثون باح ًثا
فيه أستا ٌذ ٌ
تعجبت وسأل ُته :كيف يكون ذلك؟
ُ بموضوع واحد .وهنا
فقال :كل أبحاثهم :سورة البقرة دراسة بالغية ،سورة آل عمران دراسة
مهارات البحث العلمي 30
ُ
الرجل. وصدَ َق
بالغية ،سورة النساء دراسة بالغية ...مما أعدُّ ه موضو ًعا واحدً اَ .
أعو ُد إلى الحديث عن ظهور شخصية الباحث يف هذه المرحلة ،فأقول :ال بد
خصوصا يف مرحلتي (الماجستير)
ً ُ
الباحث من الموضوعات – أن يتخ َّير
و(الدكتوراه) -ما يتناسب مع ميوله هو ً
أوال ،ال ما يفرضه عليه األقسا ُم العلمي ُة
وإن َحدَ َ
ث فبمقدار اكتساب أو يمليه عليه أقرا ُنه ممن سبقوه يف هذه المرحلةْ ،
الخربة منهم فقط ،وأن يلتقط من األحاديث ما يبني عليه فكرته بعد القراءة
حولها ،ومحاولة بلورهتا بما يتناسب مع تخصصه من ناحية ،وميوله من ناحية
تميز عم َله،
أخرى ،واستحقاقها الدراس َة من ناحية ثالثة ،مع َو ْضع أطر خاصة ُ
ِ ْ
وأن يفهم مفردات عنوان الموضو ِع ً
فهما جيدً ا ،ومحرتزات تلك المفردات،
ومضامينها الدقيقة.
َب له أستا ُذه ع َ
نوان موضوع وما زلت أتذكر يف هذا الصدد ،باح ًثا َكت َ
الباحث يف هذا الموضوع ،ثم لحق هذا األستا ُذ
ُ (للماجستير) على ورقة ،وسجل
وردت يف
ْ ُ
الباحث أس ًيرا لعدم فهمه كلم ًة بالرفي ِق األعلى بعد مدة بسيطةَّ ،
وظل
ِ
العنوان، العنوان سن ًة كاملةً ،ال لشيء إال ألنَّه لم يناقش أستا َذه يف أبعاد هذا
فظلت شخصي ُته غائب ًة سن ًة كامل ًة يتخبط يف ُأ ُطر
ْ ومعاين كلماته ومصطلحاته،
موضوعه.
أيضا -مرحل ُة جم ِع ِ
لباحث ً -من المواطن التي تتضح فيها شخصي ُة ا
ِ
والوقوف على الدراسات السابقة ،فعلى الباحث ذي المراجع والمصادر
الشخصية العلم َّية البارزة ْ
أن يحرص يف هذه المرحلة على جمع أكرب ك َِّم من
المراجع والمصادر التي تفيده يف عملِه ،و ُتعد هذه المرحل ُة ترجم ًة واضح ًة
31 مهارات البحث العلمي
لمدى فهمه حدو َد بحثه -على األقل طب ًقا للتخطيط المبدئي للبحث وتقسيماته
التنظيري -على سبيل المثال -من مراجعُّ الجانب
ُ فهم ما يحتاجه
-فيت ُ
الجانب التطبيق ُّي من مثلِها ،ويحد ُّد ما هو ثانوي من هذه
ُ ومصادر ،وما يتطلبه
المؤ َّلفات وما هو جوهري بالنسبة لبحثه ،وأ ْن ُيرتب هذه المراجع تاريخيا من
األقدم إلى القديم إلى الحديث فاألحدث؛ لإلفادة من ذلك يف الوقوف على
تطور فكرة مع َّينة ،أو لنسبة األقوال واألفكار إلى قائليها األصليين.
ِ
صعوبة الوصول إليها، وعليه أال يرتك مؤل ًفا أو دارس ًة أو يتغاضى عنها بح ِ
جة
وليعلم أن للحصول على المرجع غير المتوافر أو بعيد المنال نشو ًة ال ُي ُ
درك
كنهها إال َم ْن َج َّرب حالو َتها.
َ
وبالطبع فعلى الباحث ْ
أن يتحلى يف هذه الفرتة بالصرب وأن يحافظ على
حماسه وهنمه العلمي الذي ال ينتهي -يف حدود بحثه -إال بعد طباعة البحث
طباع ًة هنائيةً ،وأن يكون كالطبيب الماهر الذي ال يرضى عن الدواء األصلي
َ
الوسيط ال ُيستخد ُم إال عند لمرجع
َ صب عينيه َّ
أن ا بديال ،فيضع ُن َ
ً لمريضه
ِ
الحصول على المرجع األصلي. استحالة
وف على الدراسات السابقة ،أو التي
أيضا -الوق ُ
ومما يتعلق هبذه المرحلة – ً
لها عالقة بموضوعه ،والتي تدعو عند النظر إليها إلى سؤال ُملح متكرر :وما
الجديد الذي س ُيقدم؟
فحصا جيدً ا سيقف الباحث على
ً فمن خالل جمع هذه الدراسات وفحصها
ما سيميز رسالته أو دراسته عن هذه الدراسات السابقة المشاهبة لدراسته من جهة
الباحث ممي ِ
زات كل دراسة ُ ما ،عن طريق إجراء دراسة تحليلية ُيبين فيها
مهارات البحث العلمي 32
وعيوهبا ،و ُيق ِّفي ذلك بما ستقد ُمه دراس ُته من جديد.
لعلك معي اآلن أيها القارئ الكريم أن مصطلح (شخصية الباحث) ليس
بسي ًطا كما يراه البعض ،وإنما تتسع داللته لتشمل جميع مراحل إعداد البحث أو
الرسالة العلمية.
أيضا -مرحل ُة جمع المادة
ثً -من المواطن التي تتضح فيها شخصي ُة الباح ِ
( )1ينظر :البحث العلمي ،حقيقته ،ومصادره ،ومادته ،ومناهجه ،وكتابته ،وطباعته ،ومناقشته ()141 /1
د .عبد العزيز بن عبد الرحمن الربيعة ،ط .ثالثة ،الرياض1414 ،هـ2004 -م.
33 مهارات البحث العلمي
الفصل الثاني
الفصل الثاني
الحقيقة يف العلم"(.)1
• هو" :فن التنظيم الصحيح لسلسلة من األفكار العديدة؛ إ َّما مِن أجل
الكشف عن الحقيقة ،حين نكون هبا جاهلين ،أو مِن أجل الربهنة عليها
َ
لآلخرين ،حين نكون هبا عارفين"(.)2
• هو" :الطريق المتبع لدراسة موضوع مع َّين؛ لتحقيق هدف معين"(.)3
وبالنظر يف التعريفات السابقة نالحظ َّ
أن مضموهنا ال يبتعد عن المعنى
واضحا
ً مستقيما
ً اللغوي ،من حيث هو طريق معين من المفرتض أن يكون
ِّ
المرجوة من بحثه.
َّ للباحث؛ حتى يؤ ِّدي به إلى النتائج
مناهج معينة قد ال
َ أن العلوم تختلف من حيث اعتما ُدها على أن نذكر َّ
وال بد ْ
تالئم علو ًما أخرى ،ومِن َث َّم فهناك مناهج تشتهر يف ميادي َن معرف َّية ،وتفتقد إلى
هذه الشهرة يف ميادي َن أخرى ،فعلى سبيل المثال" :فقد استخدمت الدراسات
اللغوية الحديثة َّ
جل أنماط المناهج العلم َّية يف البحث ،بيد َّ
أن الشائع منها -
لتناغمه مع طبيعة القضايا اللغوية ،والهدف من دراستها -هو المنهج الوصفي،
والتاريخي ،والمقارن ،والمعياري ...وليس معنى ذلك َّ
أن المناهج األخرى
معدومة الفائدة ،أو قليلة الجدوى ،بل كثيرا ما يلجأ إليها الباحث لص ِ
حة فرض، ً
العملي ُيعدُّ أو اختبار نتيجة ،أو قياس شاهد على غائب ،بل َّ
إن بعضها كالمنهج
ِّ
من األُسس الرئيسة يف دراسة المستوى الصويتِّ للغة المنطوقة"(.)4
مط ِّب ًقا إجراءات منهج ما بد َّقة وفعالية ،تم ِّكنه من الوصول ببحثه إلى مصاف
الدراسات العلمية الدقيقة"(.)1
إن عدم اعتماد منهج مع َّين يف دراسة ما ،لن يوصل إلى نتائجْ ،
وإن توصل َّ
إلى بعضها فلن تكون دقيق ًة وموضوعيةً؛ فقد "يؤ ِّدي عدم وضوح المنهج ،أو
أصال ،أو السير على أساس خطواته ،ولكن دون الوعي التام به -
عدم وجوده ً
إلى الوقوع يف الكثير من األخطاء ،وإخراج بحث غير متكامل يسيطر عليه
التف ُّكك ،والبعدُ عن الدِّ قة يف المعالجة للموضوع أو الظاهرة المدروسة"(.)2
وقد ُيغتفر للباحث الخطأ يف المنهجية ،بمعنى أال يو َّفق يف الخطوات التي
األعم األغلب من المناقشات العلمية
ِّ اختارها لبحثه ،أو يف تطبيقها ،مما نراه يف
تفوق بحث على آخر ،وتم ُّكن لرسائل الماجستير والدكتوراه ،مما ُيظهر مدى ُّ
العلمي
ِّ باحث مِن أدوات بحثه دون آ َخر ،لكن ال أعتقد أنه مما يغتفر يف البحث
أال يسير الباحث على منهج من األصل ،مما قد يدخل يف مجاالت أخرى تصنَّف
يف غير خانة (البحث العلمي).
الفصل الثالث
الفصل الرابع
مهارات البحث العلمي 42
أو المشرف()1؟
َ ِ
يكون اختياره للباحث وحدَ ه ،وذلك حتى الطبيعي أن ُتوكل َّ
مهمة االختيار
وضع الخ َّطة ،واختيار المنهج الذي
متف ًقا مع اهتماماته ،ومناس ًبا لقدراته يف ْ
ُيمكنه َّ
كل التم ُّكن؛ ولكن هناك من الموضوعات التي قد يختارها ما يكون قد
َس َبق بح ُثه يف القديم والحديث ،ومِن الموضوعات ً
أيضا ما تتوافر مراج ُعه
ومصادره ،ومنها ما ال يتسنَّى له ذلك ،ومِن الموضوعات ما تتوافر مراجعه
ومصادره ،ولكن رغب َة الباحث يف الكتابة فيما حو ْته تلك المراجع والمصادر مِن
غير أكيدة ،وال تناسب ميوله.
موضوعات ُ
ولذلك بعض الباحثين يحاولون يف هذه المرحلة أن ُي ْلقوا ِّ
بكل أعبائهم على
اختيار موضوع لهم.
َ أساتذهتم يف القسم الذي ينتمون إليه ،فيطلبون منهم
دليل على ق َّلة
أن لجوء الطالب إلى غيره يف اختيار الموضوع ٌ
والواقع َّ
تخصصه ذلك؛ َّ
ألن القضايا العلم َّية تحتاج إلى أبحاث اطالعه وخربته يف مجال ُّ
انتهت،
ْ أن الموضوعات قد بحكم ق َّلة قراءته يظ ُّن َّ
كثيرة ،ولك َّن الباحث المبتدئ ُ
بذل الجهد ،والواقِع غير
وتستحق ْ
ُّ وأنه لم ت ُعدْ هناك قضايا يمكن البحث فيها،
الموضوعات التي يمكن أن ُتختار لل َب ْحث كثيرة جدا ،ومِن الخطأ
ِ ذلك ،إذ َّ
إن
كل جديد ،وكتبوا يف ِّ
كل موضوع. أن السابقين قد اكتشفوا َّ
ال َّذهاب إلى َّ
وألن اختيار األستاذ للموضوع يدفع بالباحث إلى اال ْلتزام بالموضوع،
َّ حقا،
وإنجازه يف وقته دون ك ََسل وتقاعس(.)1
بحثه ،مستعينًا يف ذلك أن َّ
كل طالب عليه المسؤولية يف اختيار ْ وأرى َّ
بمحاضرات سنوات الدِّ راسة ،أو بمطالعاته الشخصية على موضوع وأكثر لم ْ
ينل
يعكف على كتب الباحثين ،يستعرض َ ما يستح ُّقه من الدراسةّ ،
وإال فعليه أن
موضوعاتِها؛ ليستبي َن له موضوع يتَّفق وميو َله وقدراتِه ،أرى َّ
أن الطالب يمكنه
الحسنَ َي ْين ،بأن يختا َر الموضوع بنفسه ،وما يتَّفق مع إمكاناته
الجمع بين ُ
ْ
ومداركه ،ثم يحسن االستعان َة بأساتذته لالستئناس بآرائهم ،واالسرتشاد
بنصائحهم.
وم َّما ُيعين الباحث على اختيار موضوعه:
التخصصي للباحث:
ُّ لتعرف على المجال
أوالً :ا ُّ
المتخصصين يف مجال دراسات الفقه اإلسالمي ،عليه فإذا كان ِ
الباحث من
ِّ
يتفرس يف كيفية
سبقت يف هذا المجال ،وأن َّ
ْ أن يقر َأ ويطالع الرسائل العلم َّية التي
تناولت موضوعات هذه
ْ إعدادها خ َّط ًة ومن ً
هاجا ،وعلى الكتب التي س َبق وأن
الرسائل.
ِ
القراءات سوف تفتح أما َمه مغالي َق األمور ،وتوحي إليه شك َّ
أن هذه فال َّ
ِ
الدراسات السابق َة قد ُتشير صراح ًة إلى قضايا لم يستط ِع الباحث أن َّ
إن
يستوف َيها دراس ًة يف بحثه؛ ألنَّها خارج نِطاق خطته ،أو موضوع دراسته ،ويهيب
بالباحثين أن يتناولوها بالدِّ راسة والتحليل.
تتكون عنده فِكر ٌة عا َّمة عن مدى أهمية الموضوعات الجديرة بال َب ْحث،
أن َّ
يستبقي منها الجديرة و لتافهة، ا ِ
الموضوعات ل بناء على ذلك يستطيع أن ي ِ
هم َ
َ ُ ً
المنهج المناسب للمعالجة.
َ بالدِّ راسة ،فيختار منها ،ويضع لها
ثان ًيا :التعرف على البيئة الثقافية المحيطة بالباحث:
مما ِ ِ ِ ذلك َّ
أن القضايا األدب َّية والفكر َّية والعلم َّية التي تكون من ن ْبت البيئة ،أو َّ
مناسب ،كذلك تحديدُ الظروف ينتمي إليه الباحث ثقافيا ُتعينه يف اختيار موضوع ِ
ِ
شعراء موضو ِع الدِّ راسة ،أو يف دراسة الظواهر البيئ َّية وانعكاساهتا على األدباء وال
فيما يرت َّتب على تحديد الموضوع ،ثم دراسته، بالغة()1 األدبية ذات أهم َّية
والطريقة التي هبا س َيتناوله ،والمنهج الذي س ُينجزه.
مذاهب نقد َّية
َ خر من قضايا أدب َّية ،أو
لص ُحف من آن آل َ ثم َّ
إن ما تتداوله ا ُّ
تخصصة من أشعار أو قصص بأنواعها ،أو
المجالت الم ِّ
ّ جديدة ،أو ما ُينشر يف
بصفة دورية ،ف َّ
إن مقاالت أو تراجم ،تحديدً ا إذا كان ْت هذه المجالت تصدر ِ
أيضا إلى ِدراسات مستق َّلة ،وإلمام الباحث باآلراء التي ترت َّدد
محتوياهتا تحتاج ً
َ
حول قضية أدب َّية أو نقد َّية ،أو التساؤالت التي تدور ب ْين حين َ
وآخ َر ب ْين الرتاث
أيضا يف حاجة إلى إعداد رسائل علم َّية.
والمعاصرة ،هي ً
الباحث على حضور الندوات والمهرجانات والمحاضرات ِ كذلك اعتياد
تخصصه ،وح ْرصه عليه ،وإلمامه بما يدور فيها مِن مناقشات ،واستيعابه
يف مجال ُّ
بحث.
يوحي إليه بكثير من القضايا التي تحتاج إلى ْ
َ لها ،يمكن أن
ثال ًثا :التمهل واألناة يف اختيار الموضوع(:)1
فرق بين أن يتأنَّى الباحث ويتمهل يف أثناء جمع المادة ِ
العلم َّية ،وقراءة ْ َّ ْ ْ
نفسه ،ذلك َّ
أن المصادر والمراجع ،وبين التمهل والصرب عندَ اختيار الموضوع ِ
ُّ ْ
عض الطالب يتسرعون بتسجيل أول فِكرة تلوح لهم ،دون تدقيق يف أبع ِ
اده ب َ
َّ َّ
فيفاجؤون بأ َّن الموضوع َ
فوق َ َ
البحث فيها، ومعرفة لتفاصيله ،ثم يبدؤون
واسع متش ِّعب ال يستطيع
ٌ طاقتهم ،وأكرب مِن قدراهتم واستعداداهتم :إ َّما ألنَّه
ِ
المناسبة ،أو ألنَّه ض ِّيق وعميق للغاية، وجمع أطرافه ،وإنجازه يف المدة إلمامه،
ْ
تخصص أو عالم َّية (ماجستير أو دكتوراه) ،فلو تر َّيث
ُّ موضوع
َ بحيث ال يصلح
المناسب عن َف ْهم واستيعاب ومعرفة ،يكفي ِ الب ِ
احث وتأنَّى يف اختيار الموضوع
نفسه مؤون َة القلق واالضطراب ،وإضاعة الوقت؛ ولذا قيل :اختيار المرء قِطع ٌة
مقومات ،نوضحها فيما ِ
البحث يحتاج إلى ِّ
من عقله ،واالختيار الدقيق لموضوع ْ
يلي:
بالرضا عن نفسه حين يقدِّ م فكرة جديدة يف بحثه ،أو يضع َلبِن ًة يف ْ
صرح شعوره ِّ
ُ
يتلصص نتاج اآلخرين ،ويسطو على
المعرفة اإلنسان َّية الشامخ ،على عكس َمن َّ
أعمالهم ،ويغتصب بال كفاءة أفك َارهم ،وينسبها إلى نفسه ،و َيكفي أم َ
ثال هؤالء
احتقارهم ألنفسهم ،واستشعارهم للدون َّية يف محافِل العلم ،ومجالس العلماء،
ُ
صب ألفكار وآراء الباحثين يف
مجرد ٍّ َ
يكون أصيالً إذا كان َّ البحث لن
ألن ْذلك َّ
قوالب جديدة(.)1
َ
القيمة العلمية وعالقتها بالجدة: الثاين -األهمية و ِ
يف اعتباره أن يختار موضو ًعا يمتاز بتو ُّفره على المراجع والمصادر ،ويف المقابل
ِ يحذر مِن أن يختار موضو ًعا َ
قليل المراجع ق َّلة ال تكفي إلقامة ْ
البحث وإنجازه،
أو أن تكون متو ِّفرة ،لكن يف بالد أخرى ال يستطيع أن يص َلها إال ِّ
بشق النفس
تم تكوين البحث هبا
البحث األولية التي ي ُّ ليجمع مادته العلمية؛ ذلك َّ
ألن مواد ْ
وإنماؤه ،والتي تؤخذ عنها األفكار واآلراء المختلفة المتع ِّلقة بموضوع البحث،
ليست سوا ًء يف األهمية ،فمنها ما
ْ ِ
المراجع والمصادر ،وهي إنَّما هي يف بطون
يتكون كيانه بدونه ،ومنها ما يأيت على الهامش إذ
الصلة بالبحث ،ال َّ
يكون شديدَ ِّ
ال يفيد إال فوائدَ ثانوية ،وهي التي ُت َّ
سمى عند بعض الباحثين بالمراجع( - )1كما
سنوضح ذلك فيما يأيت من فصول.
ِّ
الرابع -استشعار الميل والرغبة يف الموضوع:
الباح ِ
ث عم َله ،ونعيد ِ أشرنا ساب ًقا َّ
أن الرغبة يف الموضوع عامل مهم إلنجاز ْ
نابع من ذاته ،ومتَّفق مع ميوله أن شعور الباحث ب َّ
أن الموضوع المختار ٌ هنا َّ
لبحث ،وق ْطع مشواره إلى
وإمكاناته ،سوف يكون داف ًعا قويا يف إ ْقباله على ا ْ
وروح ن َِشطة؛ ذلك َّ
ألن الموضوع من لدن تسجيله بعدَ ِ
النهاية يف ه َّمة عاليةُ ،
ٌ
مرهون بوقت محدَّ د ،إذا لم ينجزه فيه على الموافقة عليه ،وحتى االنتهاء منه
كل شيء ُسدً ى ،وأهدر وقته ،وجهده فيما لم يفد وعندئذأضاع َّ
َ الوجه األكمل
يستجدي مِن األستاذ المشرف أن يمدَّ يف الوقت ،لع َّله ينتهي من رسالته يف
غضون الوقت الجديد المسموح له به ،وما أوقعه يف ذلك إال سو ُء اختيار
الموضوع بداية عن عدم َف ْهم أو ق َّلة مراجعه أو تقاعسه.
نفسه إليه ،ووثق أنه سيأيت فيه بجديد ،واسمه الذي يم ِّيزه عن سائر
مالت ُ
ْ
الموضوعات األخرى.
اسم وليده من ب ْين األسماء،
األب الحاين أن يتخ َّير َ
ُ وعلى قدْ ر ما يحاول
جذا ًبا وطري ًفا وداال ،ويف الوقت ذاته
عنوان البحث َّ
ُ يشرتط على الباحث أن يكون
بعيدً ا عن العبارات اإلنشائية والتخييل؛ ولذا قيل عن العنوان المنضبط الصحيح
آخ َر أن يبحث عن هذه المعلومات َ
يشمل من المعلومات ما يدفع باح ًثا َ هو :أن
يدع العناوين العا َّمة غير المحدَّ دة،
تحت هذا العنوان ،وهذا يقتضي للباحث أن َ
َ
والمصطلحات المشكلة.
يضع يف اعتباره النِّقاط التالية(:)1 ِ
وعمو ًما ،على الباحث يف هذه المرحلة أن َ
.1االبتعاد عن العناوين التي تتَّسم بالغموض أو التش ُّعب أو الشكلية،
فتكون واضح ًة تما َم الوضوح.
.2صياغة الموضوعات على هيئة سؤال َيتط َّلب إجاب ًة محدَّ دة.
.3الدِّ قة والعناية ،وذلك يستدعي إ ْلغا َء جميع العوامل التي لن َ
يؤخ َذ يف
االعتبار من العنوان .قوي التأثير يف القارئ ومح ِّفز.
.4تحديد المصطلحات المستخدَ مة يف صياغة العنوان ،وتحديدها ِ
بد َّقة
وعناية.
أثر بالِغ
.5أن يتَّسم العنوان بالدِّ َّقة المتناهية يف الداللة على الموضوع ،وذا ٌ
يف القارئ(.)2
تح ِّلل عنوان البحث إلى نقاط رئيسة ،ثم تح ّلل هذه النِّقاط إلى فروع جزئيه ،ثم
الرسالة يف بعض
شرط لتسجيل ِّ
- 3المنهج يف تناوله ،وتحديد المنهج ْ
الجامعات.
- 4المخ َّطط األول لمعالجته ،ويشتمل األقسا َم واألبواب والفصول،
والنِّقاط الرئيسة يف ِّ
كل فصل.
ِ
بالمصادر والمراجع(.)1 - 5قائمة مبدئية
ُ
حيث المبدأ ،يأيت َدور إسناد وبعدَ موافقة القسم على الموضوع من
البحث ،أو يف ميدان له صلة وثيقة
متخصصا يف َم ْيدان ْ
ً ِ
لمشرف يكون الموضوع
الرسالة من اختيار ف على ِّ به ،أو قد كتب أبحا ًثا قريب ًة منه ،قد يكون المش ِر ُ
رئيس القسم ،ويوافق عليه ،ويف الحالة األولى عندما ِ ِ
الباحث نفسه ،أو يختاره له ُ
الباحث مشر َفه ربما يميل إلى أستاذ معروف بالتساهل؛ هرو ًبا من اال ْلتزام ِ يختار
ُ
بحث يفخر إذا ُن ِسب ِ
بالتدرب على المنهج َّية العلم َّية الصحيحة ،وكتابة ْ
ُّ الجدي
ومرجع جدية األستاذ ُقدرا ُته العلمية ،وأبحاثه أو كتبه
ُ إليه ،أو إذا ُطبِع يف كتاب،
الصفية.
المنشورة ،أو محاضراته َّ
واألستاذ المتخ ِّصص بما لديه من ِخربة علم َّية موسوع َّية ،ومعرفة عميقة يف
يوجه الباحث إلى إرشادات جديدة ،ويد ُّله على مالحظات غ ْ
ابت التخصص ِّ
ُّ
عنه ،فيقوم الطالِب باستيفاء المالحظات أو اإلرشادات ،و ُيعيدُ كتاب َة الخطة يف
ضوئها ،وقبل هذا وذاك -وقبل الموافقة على التسجيل -على ال ِ
باحث أن
يستقصي ،ويتأكَّد من الكليات المناظِرة ،ويف األقسام المماثِلة من عدم تسجيل
الموضوع الذي اختاره ِ
لنفسه؛ تجنُّ ًبا للتَّكرار ،وإضاعة الجهد فيما ال طائل تحتَه،
مسجل ،وال مطروق من قبل يفَّ وعندما يوثق ِجدَّ ة موضوعه بما ُيفيد أنه غير
الكليات المناظرة بخطابات رسميةُ ،تصبح العالقة بين ِ
الباحث وموضوعه عالق ًة ْ َّ
تحت إشراف أستاذه. ُبنوة شرع َّية ،يعرف به ،وينسب إليهَ ،
المشرف بالباحث؛ ل ِ َما توجبه هذه العالقة من آداب
ِ ونشير هنا إلى َعالقة
وأخالقيات وواجبات:
أن هذه العالقة َ
قبل كل شيء أشب ُه بعالقة الوالد، الباحث َّ
ُ يجب أن ِ
يعرف
ِ
الباحث أن ِ
واجب وصلته بابنه ،فيها ال ِّلين والمح َّبة ،واللطف والحزم ،فمن
يستجيب لتوجيهاته.
َ يستمع إلى ِ
مشرفه ،وأن َ
ِ
الباح َث من ألنَّها كلها تصدُ ر خالص ًة من أجله ،وبحثه ّإال أ َّن هذا ال يمنع
بحثه ،كما َّ
أن ذلك ال يمنعه أبدً ا من ِ السؤال واالستفسار عن ِّ
كل ما َيع ُّن له يف ْ
وخصوصا إذا كان مخال ًفا لرأي أستاذه،
ً عرض رأيه بشجاعة ،وبأسلوب َّ
مهذب، ْ
ِ
كانت العالقة قائم ًة بينهما على التوا ُفق الذي فالح ُّق ال َي ِ
عرف المجاملة ،طالما
ينتج عن االتصال والتعاون ،والتوجيه والمشاركة.
أشير هنا إلى أمر يحدُ ث يف بعض الكل َّيات ،يتم َّثل يف أن يعرض
وأو ُّد أن َ
مما
التخصص الدقيقَّ ،
ُّ القسم على الباحث مشر ًفا دون رغبة منهما ،أو مراعاة
ُ
يؤ ِّدي غال ًبا إلى عدم إقدام أ ِّيهما على التعاون المرغوب ،فيتقاعس الطالب عن
ويتأخر ويبخل األستا ُذ بنصائحه ،ويض ُّن بوقته ،وذلك مِن
َّ البحث ،ويكسل
يتحمل العبء األكرب مِن
َّ الخطأ الذي تقع فيه األقسا ُم ،وإن كان الباحث إنما
يتحمل جز ًءا
َّ البحث ،وعليه أن بحثه ،فإ َّن لألستاذ ً
دورا يف إنجاز ْ المسؤولية عن ْ
كل ما يستشكل عليه ويعرتضه مِن من المسؤولية ِ
بصفته معينًا وكاش ًفا للباحث َّ
مهارات البحث العلمي 58
عم ُله ً
ناقصا(.)2
وصدره له ،فال ُيهمل متابع َة البحث يف مراحله المختلفة،
َ وأن يفسح وقتَه
خصوصا يف المسائل
ً كانت صائبة،
ْ وأن ينأى عن ْفرض آرائه الشخصية مهما
ينمي يف الطالب ِ ِ
أكثر من رأى ،بل من الواجب أن ِّ
االجتهادية التي تحتمل َ
وطرح األمثلة التي تساعد
يكف عن االستفسارْ ،
ُّ َ
االستقالل الفكري ،بحيث ال
لطالب يف فتْح مغاليق نقطة ،أو خطوة هو بصددها ،وليس معنى َّ
أن َ اإلجاب ُة عليها ا
كلطليق من ِّ
ٌ أن المشرف ِ
الباحث َّ المسؤولية يف شطرها األكرب ملقاة على
( )1البحث العلمي ص 57د .محمد زيان عمر ،البحث العلمي ص 78د .سعد الدين
( )2منهجية البحث ص .39
59 مهارات البحث العلمي
الفصل الرابع
الفصل اخلامس
البحث
البحث ،فإذا كان ْ
باألشياء األساسية ،أو األولية بالنسبة إلى موضوع ْ
فإن مؤ َّلفات هذا األديب أو
الشعراء ،أو أدي ًبا من األدباءَّ ،
شاعرا من ُّ
ً يتناول
دواوين ذاك الشاعر ُتعدُّ من المصادر ،أما المرجع :فهو ما ُكتِب حولها ،وما
يدون يف عصره ويصلنا منه مِن ِشعر ُ
وخطب ،ووصايا وأمثالُ ،تعدُّ مصادر، َّ
والكتب التي تناول ْته بالدِّ راسة مراجع ،وعلى هذا فالمصادر تمدُّ نا بالحقائق
واآلراء م ًعا ،بينما المراجع تمدُّ نا باآلراء فقط"(.)1
وعلى الطالب أن يعرف أن هناك هذا الفرقْ ،
وإن لم يأخذ به ،ولكن عليه أن
الفرق ب ْين الكتب األساسية ،والكتب الثانوية ،وهو ْفرق مرت ِّتب ً
أيضا أكثر ْ
يعرف َ
َ
تداخلت تعريفاهتا ،والذي يم ِّيز بينهما
ْ على التمييز ب ْين المصادر والمراجع ،وإن
ما يلي:
البحث على أساس أنَّه أقد ُم مادة علمية ُكتِبت عن الموضوع(.)2
ما يم ِّيز ْ
- 1األصالة.
- 2الشمول.
- 3المعالجة الموضوعية.
- 4التنظيم.
- 5المعلومات الصحيحة.
عالجت موضو ًعا ما ،وليس
ْ فمن خصائصه :أنَّه ُك ُتب حديثةأما المرجعِ ،
الكتب اآلتية:
ُ العصور زياد ًة على ما تقدَّ م
للمفضل الضبي" ،و"األصمعيات" لألصمعي البصري،
َّ المفضليات "
و"حماسة أبي تمام" ،و"البيان والتبيين" للجاحظ ،و"الحيوان" للجاحظ،
و"يتيمة الدهر" للثعالبي ،و"هناية األرب يف فنون األدب" للنويري" ،يف األدب
الحديث" لعمر الدسوقي ،وغير ذلك كثير وكثير يف ِرحاب المكتبات مِن مثل
"شذرات الذهب يف أخبار من ذهب" البن العماد" ،األعالم" للزركلي،
و"مروج الذهب" للمسعودي ،والمكتبة العربية مليئ ٌة بنِتاج العقول العربية،
ف ْل ُيعدْ إليها َمن يشاء.
- 5التفاسير القرآنية ،القديم والحديث.
المطهرة ،وأهمها الصحاح الستة.
َّ السنَّة النبوية
- 6كتب ُّ
- 7الكتب الحديثة التي ُكتِبت عن الموضوع.
- 4األحاديث اإلذاعية.
- 5المحاضرات.
- 6المراسالت.
- 7الوثائق الحكومية.
ومالحظات ُتفيده إذا احتاج إلى قراءة ثانية معتمدً ا على عنوان الكتاب،
والفصل ،ور ْقم الصفحة ،واسم المؤ ِّلف.
لنص الذي ِ
وأما إذا كانت القراءة يف المكتبة ،أو يف كتاب مستعار ،فإنَّه ينقل ا َّ
الح ْرص على تدوين ما يريده كامالً ،أو مختصرا إن كان طويالً يف مصدره ،مع ِ
ً ُ
ِ ِ
ور ْقم الفصل والصفحة ،ودار بالمرجع من اسم المؤ ِّلف ،والعنوانَ ، يتَّصل
وسنة الن َّْشر ،وأرقام السطور مِن الصفحة المنقولة؛ َّ
ألن هذا الصنيع ُيو ِّفر الطبعَ ،
جوع إلى هذه البيانات ،والمعرفة المسبقة
الر َ
الوقت والجهد للباحث إذا ما أراد ُّ
خاصة إذا ا َّتبع
بحثَّ ،
كثيرا من أمور ال ْ بطرائق القراءة المفيدة ُت ِّ
سهل على الباحث ً
ما يلي عندما يف ِّكر يف كتابة بحث(:)1
ويتعرف
َّ البحث،
أهم الكتب المتَّصلة بموضوع ْ َ - 1ق ْصر القراءة على ِّ
عليها بالوسائل المذكورة مِن قبل ،وتكون هذه القراءة سريع ًة استطالع َّية ،يقف
الثانوي البعيد عن الموضوعَ ،يصطفي مِن المراجع
َّ المهم المفيد ،ويتجاوز
ِّ عندَ
بعدَ تصفيتها ما سوف يعتمد عليه منها.
ِ
الفاحصة المتأنية ،وهي تالية للسالفة؛ ألنَّها تقع على المختار - 2القراءة
من ال ُكتب ،والمتخ َّير مِن المراجع ،والمصطفى من المصادر وهي ُتعدُّ القراءة
الثانية ،التي تسبق َ
نقل النصوص ،وتدوين األفكار ،وتسجيل اآلراء ،والتعليق
الصلة بموضوعه :إما يف عليها ،فإذا ما انتهى منها يبد ُأ يف ن ْقل ما يراه َ
وثيق ِّ
أشرنا إليها مِن قبل ،وإ َّما يف ك ََّراسة أو كشكول ،كيفما
البطاقات الصغيرة التي ْ
للباحث ،و ُيع ِّلق على ما يحتاج إلى تعليق ،ويثبت مِن النصوص ما ُيفيده،
ِ يرتاءى
يكتشف دال ِ
الت النص وإمكانية النص وأغواره؛ كي ِ
َ تتعرف إلى أبعاد ِّ
متعمقة َّ
ِّ
بالفصل أو
ْ بآخر ،أو المقارنة ب ْين النصوص؛ ليستبعدَ منها ما ال ِصلة لها
ر ْبطه َ
بالجزئية التي يعالجها مؤقتًا ،فر َّبما يحتاج إليها الح ًقا.
ِ
ثم ينتقل إلى صياغة هذه النُّقطة صياغ ًة مبدئية ،تتم َّثل يف َّ
الر ْبط ب ْين
شرحا أو نقدً ا ،أو تأييدً ا أو استنبا ًطا( ،)1والكتابة هنا
ً النصوص ،والتعليق عليها
ليست جم ًعا ل ِ َما
ْ ليست نقالً آليا ل ِ َما كتب يف البطاقات -كما ا َّتضح -بمعنى أنَّها
ْ
الش ْرح ُ
التعديل أو الحذف أو َّ ُكتِب يف عدَّ ة بطاقات على َو َرقة واحدة؛ إذ يقضي
شرحه ،أو التعليق عليه ،أوأو التعليق أو المنا َقشة فيما يجب تعدي ُله أو حذفه أو ْ
يسمى بكتابة المسودة ،ثم ينتقل البا ِحث إلى
مناقشة هذا الصنيع هو ما ُيمكن أن َّ
الفصل مبدئيا.
ينتهي من صياغة ْ
َ النقطة الثانية والثالثة ،حتى
َ
التداخل بين ُخطوتين هنا ،وهما القراءة ،ثم الصياغة ،وهما ولع َّلنا نالحظ
شهورا يتنقل
ً َ
الباحث وقد أمضى المهمة؛ ذلك أل َّن
َّ يف مجموعهما مِن الخطوات
الم َلل ،فالمراجعة والتو ُّقف،
ومتصفحا قد يصيبه َ
ً ب ْين المراجع والمصادر ،قارئًا
الباحث من هذه الحالة ،إلى ِ وإعادة النظر فيما َكتَب وصياغته ،مظنَّ ُة إخراج
وتمرسه على الصياغة.
تدربه ُّ
جانب ُّ
َ
االطمئنان على قدرته ومواهبه عندما يجد ما هضمه قراء ًة ثم إنَّه يستشعر
مكتو ًبا بأسلوبه الخاص ،وسيكون ذلك تمهيدً ا ج ِّيدً ا له على تصنيف ِّ
كل نص يف
موضعه ،سواء كان مِن هذا الفصل أو الفصول التالية.
الح ْسبان تأيت يف لمحات
أفكارا لم تكن يف ُ
ً و ُين َّبه على الباحث َّ
أن ثمة
ُّ
تحط على العقل فجأةً ،فعلى الباحث أن يق ِّيدها كتابة؛ خواطر شاردة
َ خاطِفة ،أو
تذكرها بعد زوال لحظتها من الصعوبة بمكان ،إن لم يكن مستحيالً ،وغال ًبا
ألن ََّ
ما تكون هذه األشيا ُء العارضة ق ِّيمة ،وعلى قدر قيمتها تكون سريع َة اإلفالت،
كسرعتها عندما َت ِ
عرض ِّ
للذهن(.)1
وينصح الباحث عمو ًما يف هذه المرحلة بما يأيت:
ألن ذلك كله يؤ ِّثر سل ًبا يف
-1أن يتجنَّب القراء َة مع الملل أو التعب؛ َّ
ِ ِ
القارئ ،ويف فكره وعقله ،وقد يق ِّلل من قيمة تحصيله ،ويغفل من معلومات ُّ
هتم
البحث.
-2وأن يحدِّ د نوعية ما يقرأ ،وتتو َّقف على و ِ
ثاقة ِصلته بموضوعه ،وأن
أسلوب النقد ،حتى يتبي َن الصحيح من َ الوقت المناسب للقراءة ،ويستخدم َ يتخ َّير
الفاسد ،والصواب مِن الخطأ فيما ُيطالعه؛ حتى يتجنَّ َبه ،أو يناقش المؤ ِّلف،
ِ ِ
ويصوب ما يراه خطأ أو مخال ًفا ل َما هو متَّفق عليه؛ بغي َة ترويج ف ْكر مع َّين ،أو ِّ
دس ِّ
ُس ٍّم يف العسل -كما يقولون -والقراءة الناقدة هي التي تم ِّيز َّ
الغث من الثمين.
-3أن يبد َأ الباحث بقراءة المصادر واألصول المحفوظة أو ً
ال ،ثم ينتقل
ِ
المراجع والفروع ،مع شدَّ ة اليقظة يف أثناء القراءة ،ثم ما َكتَبه األقدمون منها إلى
والم ْحدثون والمعاصرون يف موضوعه.
ُ
نصف الوقت ،وإدامتها ر َّبما
َ َّ
وألن سرع َة القراءة وإجادهتا تختصر -4
يروح عن نفسه ،حتى يستعيدَ نشا َطه ِ
ُيصيب اإلنسان بالفتور ،على الباحث أن ِّ
وحيويته؛ ليتسنَّى له َف ْهم ما يقرأ ،والتفكير جيدً ا فيما ينقل.
( )1الدليل إلى كتابة البحوث الجامعية ص ،91كتاب مرتجم د .عبدالوهاب إبراهيم أبو سليمان.
مهارات البحث العلمي 76
ومراميها ،فيوجد العالق َة فيما بينها؛ ليصو َغها من جديد ،وال نغفل َد َ
ور األستاذ
قبل ومن بعد -كما سنشير إلىشرف يف كل خطوة يقدم عليها الباحث مِن ُ الم ِ
ذلك.
وفيها ُتنقل عبارات المؤ ِّلف من كتابه دون تغيير" :إما لتعزيز رأي ما ،أو
لن ْقل خرب مهم ،أو لالستشهاد بما هو حجة يف ميدانه ،وفيه يجب ِ
الح ْرص على ُ َّ
ممن ُيعتمد عليهم ويو َثق هبم"(.)1
أن يكون مؤلفوها َّ
البحث( ،)2فلكي يثبتالنص تعود إلى أنَّه يم ِّثل "وثائق ْ
ِّ وأهمية اقتباس
آخر ،يلتمس األد َّلة :إما خالص ًة من نفسه ،أو مِن ُ
الباحث رأ ًيا ،أو يعارض رأ ًيا َ
اآلخرين ،وهي تتم َّثل يف النصوص المقتبسة عندئذ".
تحديد النصوص المقتبسة وتمييزها:
ِ
الباح ُث من تمييز النصوص المنقولة من غيره عن أسلوبه ولكي يتم َّكن
وضع دالئل ُتشير إلى
تعارف الباحثون على ْ الخاص ،وفكره وجهده الخاصَ ،
صحة نِسبة النص المنقول مِن المراجع أو
َّ النص المقتبس -بعدَ التأكُّد من
ِّ
المصادر لصاحبه ،بياهنا كالتالي:
يعرف بدايته وهنايته ،وبذلك
َ النص المقتبس ب ْين قوسين؛ حتى
يوضع ُّ َ .1
يتم َّيز عن كالم البا ِحث ،بما يف ذلك ما نق َله ممن يقرأ له من اآلخرين ،على
أن َ
داخل قوسين كبيرين بما ُيفيد َّ يضع ذلك يف قوسين صغيرين ِ
الباحث أن
َ
نفسه قد اقتبس الفقرة من كتاب آخر (".)"....
المصدر َ
.2إذا كان طول المقتبس َيزيد عن ستَّة أسطرُ ،تلغى األقواس ،ويكتب
ِ
الباحث مع تمييزا لها عن كالم الرسالة؛
ً أصغر مما كتبت هبا ِّ
المنقول بحروف ْ
وترك مسافة بيضاء على جانبي الصفحة.
تضييق المسافة ب ْين السطورْ ،
النص
حذف جزء غير مفيد بالنسبة له من ِّ .3يضطر الباحث أحيانًا إلى ْ
النص بنِقاط متتابعة هكذا (.)...
المقتبس ،وعندئذ عليه أن يكمل َّ
التناقض فيما ينقل من نصوص ،بحيث يثبت نصا منقو ً
ال يف َ .4أن يتجنَّب
بآخر يناقضه يف موضع ثان.
موضع ،ويأيت َ
ّ .5أال تذوب شخصي ُة الباحث وتنمحي أما َم من ين ُقل عنهم ،بل تكون له
شخصي ٌة واضحة مستق َّلة ،لها بصماهتا الخاصة.
اقتباسه صفحة ،فاألفضل يف هذه الحالة ّأال يكونُ وإذا تجاوز ما ُيراد
أكثر من فِقرة ِ
االقتباس حرفيا ،بل يوجزه الباحث ويصوغه بأسلوبه ،وعندَ اقتباس َ
يوضع يف َّأول االقتباس ،ويف أول فِقرة مزدوجان (أو شولتان) ،وكذلك يف هناية
أن كثرة االقتباس إنما هو ن ْقل مخا ِدع لنصوص
الفقرة األخيرة ،مع اإلشارة إلى َّ
اآلخرين يحتال به ،ويسطو على أفكار اآلخرين ،ومعه تضيع شخصيته.
واسع ِ
الباحث عدد مِن الصفحات مستوفاة يف اإليجاز ،وعلى قدْ ر ما يكون
َ
عرض األفكار ،يقدمها للمتل ِّقي
وح ْسن ْقادرا على اختزال النصوصُ ،
المداركً ،
عرض األفكار ِ
يف خالصة يقرؤها يف وقت قليل ،يكون بار ًعا ،وعلى مقدرة من ْ
شر َط ّأال َ
ينقصها وال يشوهها. بصورة جديدة ْ
- 3االقتباس وإعادة الصياغة:
النص ِ ِ
ملخصا ،قد يكون ُّ
ً عرضها
بخالف إعادة صياغة النُّصوص الطويلة ْ
فه ُمه ،وعندئذ
غامضا غير مفهوم ،أو مدرك لدَ ى القارئ ،ويص ُعب ْ
ً اقتباسه
ُ المراد
بصياغة ذلك مِن جديد يف أسلوب سهل ال َف ْهم ،مع شيء من يقوم المقتبِس ِ
النص الغامض
يضا ،أو يقوم بقراءة ِّ
التصرف ُيشار إلى هذا الصنيع يف الهامش أ ً
ُّ
الخاص بعدَ استيعابه
ِّ مرات ،ثم يفهمه جيدً ا ،ويقدم على إيجازه بأسلوبه
عدَّ ة َّ
أن هذه الخطو َة تتط َّلب المهار َة الكافية للقيام هبا ،بحيث ال
شك َّ
وتمثيله ،وال َّ
األسلوب ُي ِ
رتجم عن شك َّ
أن هذا صاحب النص األصلي ،وال َّ ِ ُّ
يخل بمقصود
َ
ِ
وح ْسن استخدامها ،كما يؤ ِّدي إلى التقليل مدى قدرة الباحث ل َف ْهم النصوص ُ
ِ ِ
بعض بالح ْرف ،وكثرهتا كثر ًة ال داعي لها ،إلى جانب توضيح من ن ْقل النصوص َ
سهل مِن جديد. النصوص القديمة المستغلقة بإعادة صياغتها يف أسلوب ْ
ُّ
ويظل الباحث مستمرا يف عملية القراءة ،ثم إعادة القراءة ،وكتابة وتدوين ما
كتب ،وصياغته ومراجعته ،حتى إذا ما َع َّن له جديدٌ يجب إضاف ُته أضا َفه ،أو زائد
الرسالة يف صورهتا حذ َفه ،إلى أن تأيتَ مرحلة القراءة األخيرة التي تعقب كتاب َة ِّ
َ
ِ
ينظر إلى عمله نظر َة الناقد النهائية كتابة أولى ،وقد أخذ قس ًطا من َّ
الراحة ،وفيها ُ
َ
العمل ليس له َّ
وكأن المتمرس فيه ،الذي ال يتجاوز األخطا َء وال يرتك الهنات،
ِّ
مهارات البحث العلمي 82
وهو مك َّلف بتقويمه ،وسوف تقع عينُه ال محالة على بعض التعديالت ،أو
التغييرات األسلوبية والمعنوية ،فيقوم هبا ،ثم ِ
يعرض عم َله على أستاذه المشرف
-وكان قد سبق له اال ِّطالع على الرسالة َّ
مجزأ ًة حتى يالحظ ما عليها ،وغال ًبا ما
تعهدها مع الباحث منذ بدايته ،أما إذا ستكون مالحظا ُته طفيفة وشكلية؛ ألنَّه قد َّ
فإن األمر ر َّبما ِ
الباحث منها كل َّيةَّ ، ِ
المشرف لم ي َّطلع عليها إال عندَ انتهاء كان
الرسالة إن لم يتَّفق مع ِ ِ
المشرف إلى إعادة النظر يف بعض نقاط ِّ يحتاج من
ِ
الباحث بإعادة الكتابة فيها ،أو إ ْلغاء أجزاء منها، المنهجية المطلوبة ،و ُيشير إلى
صدرت ولها
ْ أو أن يقو َم بإجراء تبديل جوهري ،أو ير ُّده إلى مطبوعات جديدة
أن عالقة بموضوعه ،يجب على ِ
الباحث أن يستوع َبها وينفذها ،وإنَّما سبب ذلك َّ
الرسال َة ِ
الباحث منذ ْ ِ
أش َرف عليه ،وحتى إنجازه ِّ المشرف كان منقط ًعا عن متابعة
ِ
الباح ُث رسالتَه على ضوء بعيدً ا عن عينيه ،وتوجيهاته ونصائحه ،ثم إذا أعاد
وأتمها وأكملهاَ ،أ ِذ َن له بالطبع ،فيجلس إلى نفسه لكتابتها
اإلرشادات الجديدة َّ
ليدفع هبا إلى الطباعة ،مع أكثر جما ً
ال وهبا ًء؛ ِ ٍّ
َ بخط واضح جميل ،وأسلوب َ
مراعاة ما يلي:
.1سالمة األسلوب الذي هو َ
الخ ْيط الذي ينتظم األفك َار جمي ًعا ،وكما
مما حوى من َ
البحث قيمتَه َّ قالوا( :األسلوب هو الرجل) ،والرديء منه يفقد
معلومات ق ِّيمة ،واكتشافات نافعة(.)1
.2تسلسل األفكار وتنظيمها:
التماسك ،ذلك َّ
ألن االنتقال الرسالة على ِ
ُ أهم الوسائل التي تساعد ِّ
من ِّ
السلس مِن فكرة إلى أخرى ،أو مِن باب إلى باب ،ومِن فصل إلى فصل دون
َّ
الموضوع متداخالً يف خ ْيط واحدَ استشعار االضطراب ،أو التنا ُقض بينها يجعل
كل فكرة نتيج ًة ل ِ َما سبق ،ومقدِّ مة
تكون ُّ
َ كالعقد ،والرتتيب المنطقي يقتضي أن ِ
ل ِ َما هو الحق ،وذلك يستدعي كتاب َة األفكار يف صورة فِ ْقرات متوالية مرتابِطة،
خروج الكاتب مِن معنًى إلى ُ وهذا ما أشار إليه اب ُن األثير عندما قال" :أن يكون
رقاب المعاين آخذ ًة بعضها ببعض ،وال تكون مقتضبة"(.)1
ُ َ
لتكون معنًى برابطة؛
( )1المثل السائر ( )72/1ابن األثير ،تحقيق محمد محي الدين عبدالحميد.
مهارات البحث العلمي 84
الرسالة
لتصبح ِّ
َ عما يف الباب بفصوله؛ ُ
الباحث فكر ًة يف غاية اإليجاز َّ يصطفي فيه
حلقات متسلسلة متماسكة مثل ح َّبات العقد.
أهم ما يم ِّيز بح ًثا عن
أشرنا ساب ًقا -من ِّ شك َّ
أن األسلوب -كما ْ .5ال َّ
أي أسلوب أن يكون بحث ،وشخصي ًة عن شخصية ،فإذا كان المطلوب يف ِّ ْ
واضحا ومفهما غير مستغ َلقِ ،
فمن باب أولى أسلوب الرسائل ،فال بدَّ أن يتم َّيز ً ً
بالسالمة ،وال ُب ْعد عن التعقيد والتعمية ،ومِن األخطاء اللغوية واإلمالئية،
والمفروض َّ
أن طالب الدِّ راسات ال ُعليا يف اللغة واألدب ال يقع يف هذه األخطاء.
الفكرة ،بعكس السقيم الذي يضيعاإلبانة عن ِ
ِ واألسلوب السليم ُيساعد يف
ٌ
ودليل على سهولة مقياس ووضوح األسلوب ِ
الباحث، المعنى الذي يقصد إليه
ٌ ُ
وبرهان على أنه يمتلك ناصي َة موضوعه وعلى يقين من َف ْهم ٌ ِ
الباحث، أفكار
واضحا ،ب َقدْ ر ما تستطيع أن تفهم
ً اتجاهه ،وكما قالوا" :ب َقدْ ر ما تكون
نفسك"(.)1
ِ
بأقصر عبارة ،مع ال ُب ْعد عن اإلسهاب .6إيجاز الكالم ،وإيضاح ِ
الفكرة
والركاكة يف األسلوب ،واإلطناب ِ
غير المفيد ،مع تجنُّب والتهافت يف العبارةَّ ،
موضوع البحث يف األدب هوَ العامية الفاشية ،وضحالة المعاين ،وليس معنى َّ
أن
وجديته،ألن كليهما ُينايف ِعلمي َة البحث ِ
الباحث يف التذويق والبهرجة؛ َّ
ُ أن يتما َدى
الس ْجع ِ
يهجر القيو َد الثقيلة من َّ
َ السوي ،وأن
َّ األسلوب
َ ولكن عليه أن يتخ َّير
يمجها الذوق السليم ،وال َع ْصر الذي نعيشه؛ حتى
والمحسنات البديعية ،التي ُّ
ِّ
اص والعا ُّم مِن ذوي يدور البحث يف صورة مفهومة ،ويف ُلغة َ
وسط ،يفهمها الخ ُّ َ
الثقافات المختلفة(.)1
ِ
وليعلم الباحث أنَّه ب ْين اإليجاز والتقصير فارق دقيق ،مع َّ
أن اإليجاز ميزة،
والتقصير عيب ،كما أنَّه ب ْين الوضوح واإلسهاب ِ
الفارق نفسه ،والوضوح ميزة،
واإلسهاب عيب(.)2
حبس يف
.7البحث لم ُيكتب ولم َيبذل صاح ُبه فيه الجهدَ والوقت؛ ل ُي َ
رأي يجب أن
فهمه لفئة قليلة من الناس ،وإنما هو ٌ
مقصورا ُ
ً المكتبات ،أو ليكون
شاع مفهو ُمه ب ْين الجميع ،و ُتجنَى ثمر ُته؛
شر على المأل ،وأن ُي َ ُي َ
ؤخذ به ،وأن ُين َ
يتوصل إليه
بحثه ،وما َّ ولذا يجدُّ الباحث يف ج ْعل وسيلته ل َف ْهم ما يريد أن يقوله يف ْ
ِ
المباشر ب ُلغة منتقاة أيسر الوسائل ،وال يكون ذلك إال يف التعبير مِن نتائج فيه مِن ِ
كانت الوسيلة التي اقتبس هبا ،سواء كانت الفكرة مع النص ،أم ِ صاحبها أيا
مجردة مع صياغتها بأسلوب َّ التصرف يف النص ،أم كانت الفكرة
ُّ الفكرة مع
الفكرة إلى صاحبها ُيعدُّ مِن أبسط حقوق المؤ ِّلف
ألن إسناد ِ ِ
الباحث الخاص؛ َّ
ِ
الباحث وصاحب المصدر ،أما أن يعمد إلى إهمال التوثيق مما ِ
يوحي ا ِّدعاء َّ
َ
األخالق البحث ،بل يخالف أفكارا آلخرين لنفسهَّ ،
فإن ذلك ُينايف أبسط قواعد ْ ً
والدِّ ين؛ أل َّنه يعدُّ مغتص ًبا وسار ًقا ،ودعيا يف عا َلم هو ليس منه يف شيء ،وال ُّ
يمت
يحتال ويخفي وال يطوله عقاب ،ولكن أينَ رق أن بصلة ،وقد يستطيع السا ُ إليه ِ
الرسال ُة المسروقة جدير ًة بالر ِّد ،وعدم إجازهتا ،ولقد َحدَ ث من هذا الكثير
ِّ
والكثير.
والذي ينأى بالباحث عن هذه الز َّ
الت هو التوثيق ،مهما كان المنقول
ِ
الباحث ألن التوثيق هو الذي ُّ
يدل على أمانة كثيرا؛ َّ
ضخما أو ضئيالً ،قليالً أو ً
ً
يتصور بحال من األحوال أن يكون هناك مؤ َّلف ِعلمي وتخلو
َّ وأصالته ،وال
َ
اسرتسال قريحة محضا ،أو
ً صفحا ُته من ذكْر المراجع والمصادر ،وإال كان خيا ً
ال
فنية ال غير.
اعرتاف بجهود اآلخرين وبأقدارهم ،وسبقهم يف المجال،
ٌ كذلك يف التوثيق
ُّ
ويدل بنفسه على وبفضلهم ،عدَ ا َّ
أن الباحث الملتزم األمين يحوز ُسمع ًة ط ِّيبة،
مستقبل علمي ِ
مشرق ،فعلى الباحث أن يكون أمينًا ٌ كادر مقتدر مستقيمُ ،يتوقع له
الصفة يستحيل أن مع نفسه ،ومع ِ
مشرفه ،ومع دراسته ،ومع قارئة ،وبغير هذه ِّ
يكون مف ِّك ًرا له قيمة(.)1
ٌ
ودليل على قيمة الموضوع دليل على ِجدية ْ
البحث والباحث، ويف التوثيق ٌ
أن يف الهوامش إرشا ًدا للباحثين ،وقد يفيدون مِن والمادة ِ
العلمية ،إلى جانب َّ َّ
المراجع والمصادر المذكورة إذا ما أرادوا ذلك ،ولذلك يبادر ِ
الباحث إلى إعالن ُ
مراجعه ومصادره ،مخطوط ًة كانت أو مطبوعات ،أو مقاالت منشورة ،أو
مسجلة على شرائط ،أو ندوات عامة ،إذاعية كانت ،أو
َّ محاضرات مسموعة ،أو
خاصة مع العلماء المختصين.
مقابالت َّ
اسم المؤ َّلف ،ور ْقم الصفحة ،ور ْقم الجزء إذا كان المطبوع له أجزاء ،والمج َّلد
َ
ِ
المرتجم والمح ِّقق إن كان مح َّق ًقا ،ور ْقم إن كان ،وتاريخ الطبع ومكانه ،واسم
المخطوط ومكانه ورمزه ،إن لم يكن مطبو ًعا ،وإذا كانت مج َّلة يذكر َ
اسمها،
تكرر االعتماد على َ
وتاريخ صدورها ،وإذا َّ وعنوان المقال ،ور ْقم السلسلة،
المرجع نفسه يف صفحات تالية يذكر فقط ر ْقم الصفحة ،وعنوان الكتاب ،أما إذا
الباحث واعتمد عليه ثاني ًة يف الصفحة ِ
نفسها تقدَّ م ِذكْر المرجع يف الصفحة ،وعاد ِ
بدون فاصل يذكر لفظ (السابق) مع ر ْقم الصفحة من المرجع ،وكذلك إذا كان
نفس المرجع يف صفحات سابقة بدون فاصل.
والتوثيق يف الهامش يأخذ شكالً من ثالثة:
المتسلسل لمقتبسات الصفحة ،أو للنُّصوص المنقولة إليها مِن
ِ .1الرتقيم
يسرا وسهول ًة وفائدة ،بأن ِ
التوثيق الشائع ،واألكثر ً
ُ المراجع والمصادر ،وهذا هو
ُت َ
وضع أرقام يف المتن من الصفحة يف تسلسل ،يقابلها األرقام نفسها يف الهامش،
مقرون ًة ببيانات المرجع.
.2كتابة الحواشي أو الهوامش يف هناية ال َف ْصل مر َّتب ًة حسب ورودها يف
الفصل من َّأولها إلى آخرها ،وكذلك يف الفصول التالية يرقم
ْ صفحات
ُّ
المستقل بالبيانات فصل يعقبه هام ُشه للمقتبسات مِن جديد ،حتى هناية ِّ
كل ْ
الخاصة به.
َّ
الرسالة ،بأن ُيع َطى ر ْقم متسلسل القتباسات ِّ
الرسالة من .3التوثيق يف هناية ِّ
التسلسل يف صفحات الرسالة بنفس ِ أولها إلى ِ
ُ وضع البيانات يف آخر ِّ آخرها ،ثم ت َ َّ
الرسالة من البداية إلى النهاية.
ِّ
مهارات البحث العلمي 92
البيانات.
يف الطريقة الثالثة :لقب المؤ ِّلف( :اسم المؤلف وتاريخ وفاته) ،اسم
الكتاب ،بقية البيانات(.)1
حسب النوعية
َ فهرس المراجع والمصادر المؤلفة
َ يقسم
و ُيمكن للباحث أن ِّ
إلى:
.1المطبوعات أو ً
ال.
.2المخطوطات ثان ًيا.
.3الرسائل العلمية ثال ًثا.
.4المجالت والدوريات راب ًعا.
خامسا.
ً .5المراجع األجنبية
وهناك َمن يرى أن يكون الرتتيب على النحو التالي(:)2
.1الكتب.
.2المخطوطات.
.3الرسائل الجامعية.
.4الموسوعات.
.5المعاجم.
.6المقاالت.
.7مقدِّ مات الكتب.
.8المجالَّت.
.9الجرائد.
.10األحاديث اإلذاعية.
.11المقابالت.
.12المحاضرات.
.13المراسالت.
.14الوثائق الرسمية.
َ
يكون الهامش أو الحواشي يف أسفل الصفحات وإذا كان المعتاد أن
فإن هناك عالمات أخرى إضافي ًة ُتستعمل يف التهميش ،وهي:
باألرقامَّ ،
إشارات ،من أكثرها شيو ًعا :النجمة (*) والنجمتان (**) وعالمة الجمع
( ،)+وعالمة الضرب (×) ،والمثلث ( )Δوالمربع ([]).
أن مستخد َم األرقام عندما ِ
يوردها يف المتن ،يجب أن يض َعها بين على َّ
قوسين مدون ًة أ ْعلى مِن السطر بقليل هكذا [( ،)1( ])1بعد الشواهد واالقتباسات
يكتب ما يقابلها يف ذ ْيل الصفحة مع الحواشي التي َيزيدها.
َ ال قب َلها ،على أن
ومِن تتمة ما يتَّصل بالبحوث ما يتع َّلق باالختصارات ،واستخدامها ،وهي
ليست بجديد؛ إذ إنَّها كانت مستعمل ًة عند ال ُقدماء يف العبارات التي يت َّ
كرر ْ
ورودها يف الكتاب ،خاصة يف المخطوطات ،وهي كالتالي:
" – 1إلخ" إلى آخره.
" -2ح" حينئذ.
( )1يراجع القاموس المحيط ،كتب الفقه ،كتب الرجال يف الحديث يف مقدمتها.
مهارات البحث العلمي 98
الفصل اخلامس
الفصل السادس
الدقيقة وتجنب الحشو يف الكتاب وتجنب استخدام العبارات الرنانة التي ال
يجب استخدامها يف البحث العلمي.
-3استخدام الجمل والرتاكيب المناسبة :إن استخدام الجمل القصيرة
الواضحة والرتاكيب المناسبة يجعل الباحث أكثر وضوحا ويجب على
الباحث استخدام الجمل المبنية للمجهول وأن يتجنب استخدام الجمل
االحتمالية التي يكون لها أكثر من معنى.
-4اختيار الكلمات والعبارات التي توضح وتخدم الهدف من البحث
حيث يجب على الباحث أن يتجنب استخدام األلفاظ العامية واالبتعاد عن
المصطلحات المعربة األجنبية التي لها بديل يف اللغة العربية.
-5مراعات قواعد اللغة من نحو وصرف عند كتابة البحث.
هـ -التأكد على ذكر االسم الكامل للشخص أو األشخاص المستشهد هبم
عند ذكرهم ألول مره يف متن البحث أو الهوامش.
و -الرتكيز على العبارات التي توضع األفكار الرئيسية للموضوع البحث.
ي-إضافة أي جمل أو عبارات ضرورية لتساند فكرة البحث الرئيسية وإعادة
تنظيم الجمل والعبارات كلما كان ذلك ضروريا.
-2استخدام اإلشارات.
هناك عدد من اإلشارات والرموز والعالمات المستخدمة يف الكتابة
البحوث والرسائل العلمية وإخراجها بالشكل الصحيح ويمكن تلخيصها
قيما يلي-:
أ -استخدام عالمات الترقيم (التنقيط):
تيسيرا ِ
المكتوب؛ ِ
أجزاء الكال ِم وضع بين رموز ُت
ٌ ات الت َّْرقِي ِم :هي
عالم ُ
ً ُ
ِ
أثناء ِ
الصوتية يف ِ
والنربات ِ
الوقف وتوضيحا للمعنى ،وبيانًا لمواق ِع ِ
للقار ِئ،
ً
ِ
القراءة.
-1الفاصل ُة:
ضع:وصور ُتها هكذا ،)،( :و ُتو ُ
خيرا ف َغن ِ َم ،أو ِ ِ ِ
اهلل امر ًأ ،قال ً
-1بين أجزاء الكال ِم التَّا ِم ،نحوَ :رح َم ُ
فسلِ َم.
َس َك َت َ
حرف. اسم ،أو ٌ
فعل ،أو ِِ ِ
ٌ -2بين الشيء وأقسامه ،نحو :الكلمةٌ :
العقول ،ورائدُِ لقاح
ُ الكلمات المفرد ِة ،نحو :المشور ُة ِ -3بين
الصواب ،و َمطِ َّي ُة النَّجاحِ .
ِ
مهارات البحث العلمي 102
وإيجازها ،وبسطِها.
ِ
وضع:
ُ وصور ُتها هكذا ،)-( :و ُت
الكريم الذي ُ
القرآن ُ
األول ،نحو: طال الرك ُن ِ
الجملة إذا َ -1بين ركني
ُ
سك ِبه؛ ل ِ َي ْس ُل ُكوانبيه محمد و َأمر الناس بالتم ِ
َ ََ
َأنز َله اهلل تعالى على ِ
ُ ُ
ِ
الكتب. ِ
واالستقامةَ -خ ُير ِ
والهداية ِ
األمان طريق
َ
رقما وكتاب ًة -والمعدود ،نحو:
-2بين العدد – ً
،....-2 ...-1أ ...-ب ،...-األول ...-الثاين...-
ِ
الشرطتان: -8
وضع بينهما:
ُ وصور ُتهما هكذا ،)- -( :و ُي
ُ
ُ
فاألحوال -1الجمل ُة االعرتاضي ُة ،نحو :أما يف بل ِد َنا َ -صا َنها المولى-
َطيب ٌة.
-2الجمل ُة التفسيري ُة ،نحوُ :د ُسوق – بضم الدال والسين -مدين ٌة
جميلةٌ.
ِ
القوسان: -9
وضع بينهما:
ُ وصور ُتهما هكذا ،) ( :و ُي
ُ
ُ
ويشمل الجمل َة االعرتاضي َة ،والجمل َة ِ
الشرطتين تما ًما، وضع بين
ُ ما ُي
صعب) أمني ُة ُك ِّل طموح ،كان
ٌ كاألمثلة السابق ِة ،ونحو :المجدُ (ومنا ُله
ِ التفسيري َة
عمر ً
عادال. ُ
ِ
االقتباس: ِ
التنصيص أو -10عالمتا
وضع بينهما: ُ وصور ُتهما هكذا " " :أو « » ،و ُي ُ
ِ
والح َك ِم ِ
كاألحاديث ِ
وحرفه ،وال ُي َغ َّي ُر منه شي ٌء ِ
بنصه كل كالم ُينْ َق ُلُّ
105 مهارات البحث العلمي
والفصول ،أو تلك التي تحمل عناوينَها ،ف ُتحسب يف العدد ،ولكنَّها ال تأخذ
رقما ،كأن يكون ِ
آخ ُر الباب مثالً ر ْقم ( ،)100ويفصل بينه وبين الباب الثاين ً
َ
عنوان الباب ،ثم الفصل األول يف ورقة ثالثة ،ويف ورقة بيضاء وأخرى تحمل
الرابعة يبدأ الكتابة ،فيكون رقهما ( )104هكذا.
ُ
وسائل وطرق عدَّ ة ،منها على سبيل وللباحثين يف تحسين إخراج بحوثهم
المثال :أن يجعل عنوان ِّ
كل باب يف ورق مصقول بلون واحد ،ثم يعود إلى
ال َف ْصل ،ويجعلها بعناوينها يف أوراق مصقولة بلون َ
آخ َر متَّحد ،ويعمد إلى
األوراق البيضاء التي ال تحمل عناوين ،وإ َّنما فواصل فقط ،فيجعلها بلون َ
آخ َر
َ
الباحث على إخراج بحثه يف صورة تليق كل حال ،فهذه أمور ُت ِ
ساعد مم َّيز ،وعلى ِّ
بمادته وموضوعه وجهده ،ومدى اهتمامه به.
• فرضيات البحث.
• حدود البحث.
• التعريف بالمصطلحات والمختصرات إذا لزم األمر.
ب -األبواب وذلك يف حالة تقسيم البحث الى أبواب أو أقسام (نظرية
وعملية) مثال ويشتمل كل منهما على عدة فصول ومباحث.
جـ -الفصول والمباحث:
يعترب تقسيم البحث إلى عدد من الفصول المناسبة أمر مفضل ومناسب
عند كتابة تقرير البحث أو الشكل النهائي له ويشتمل كل فصل على عدد من
المباحث ويجب أن تكمل الفصول بعضها أو بعضا بشكل منطقي ومفهوم.
)3االستنتاجات والتوصيات:
االستنتاجات :وتسمى أحيانا النتائج ويفضل استخدام كلمة
االستنتاجات؛ ألن الباحث هو الذي استنتج وخرج من هذه النتائج من خالل
البحث ولم تخرج من تلقاء نفسها.
ويجب أن تنظم االستنتاجات يف صورة نقاط مسلسلة يف شكل منطقي.
وتوجد طريقة أخرى نبدأ فيها باسم المرجع بحيث يتم كتباهتا على هذا
النهج :اسم المرجع -اسم المؤلف -مكان النشر -دار النشر -سنة النشر –
الجزء -الصفحة.
قواعد لتوثيق معلومات المصادر يف الحواشي:
-1األلقاب العلمية للمؤلفين:
يذكر اسم المؤلف محددا من األلقاب العلمية المهنية فتحذف كلمة دكتور
/مهندس وما شابه ذلك.
-2كتاب ال يحمل اسم الناشر أو تاريخ النشر:
يف هذه الحالة يذكر الرمز (د .ن) دون ناشر أو (د .ت) أي دون تاريخ نشر.
-3الكتب التي ال تحمل اسم المؤلف فإن المدخل الرئيسي لها يكون
العنوان:
-4وقائع المؤتمرات والحلقات الدراسية:
اسم المؤلف ،الباحث ،عنوان الرسالة (رسالة ماجستير) القاهرة :الكلية،
الجامعة ،التاريخ ،ص....
-5توثيق الرسائل الجامعية:
اسم المؤلف ،الباحث ،عنوان الرسالة (رسالة ماجستير) القاهرة :الكلية،
الجمعة ،التاريخ) ص....
قائمة المصادر :قواعد التوثيق:
مهارات البحث العلمي 116
المقصود هبا القائمة التي تحوي كل المصادر التي اعتمد عليها الباحث يف
إعداد بحثه وتأيت يف هناية البحث وهي تشمل المصادر التقليدية بأنواعها األولية
والثانوية والمصادر الحديثة.
أهم المالحظات:
)1إذا كان البحث يعتمد على العديد من المصادر فإنه يتم تصنيف هذه
المصادر حسب النوع بوضع مجموعة مستقلة لكل نوع.
مثال :التصنيف الشائع هو مجموعة من المصادر األولية ثم مجموعة
المصادر الثانوية.
)2داخل كل من المجموعتين الرئيسيتين يمكن تقسيم المصادر إلى
مجموعات فرعية:
المصادر الثانوية مثال:
كتب التفسير-كتب الحديث -كتب الفقه -كتب أصول الفقه.
)3يف حالة البحوث التي تحتوي على مصادر بلغات عربية أجنبية ،توضع
مصادر اللغة الواحدة يف مجموعة مستقلة مثال :تحت مجموعة الكتب-1 :
الكتب العربية -2الكتب األجنبية
)4يف كل الحاالت يتم ترتيب المصادر ترتيبا أبجديا حسب اسم المؤلف
واالسم العائلي للمؤلف.
وإذا كان المؤلف شخصا معنويا (مؤسسة ،شركة ،وزارة) فإن المصدر بتم
ترتيب أبجديا حسب أول كلمة مع إغفال (أل التعريف) مثال :البنك المركزي
(ب) ،المملكة العربية السعودية (م).
117 مهارات البحث العلمي
)5إذا كان للكاتب الواحد عدة مؤلفات تدخل يف تصنيف واحد فإن اسمه
يذكر بالكامل يف المرة األولى مع بقية البيانات حسب الرتتيب األبجدي ثم يف
المرة التالية يوضع خطا بدال من االسم ثم البيانات.
مثال -1 :صادق يحيى فاضل ،مبادئ علوم سياسية.
-2ـــــــ ،فكر سياسي.
)6بالنسبة للبيانات الخاصة بالمصادر فهي تكتب بنفس الطريفة كما يف
الحواشي مع بعض الفروق مثال:
▪ بالنسبة للكتاب ال تذكر الصفحات يف قائمة المصادر.
▪ بالنسبة للدوريات تكتب نفس البيانات مثل الحواشي ولكن مع ذكر عدد
صفحات المقال كله (ص .)30-20
• من الكتاب.
• من السنُّة.
• اإلجماع.
• المعقول.
-7مناقشة الخصوم لهذه األدلة.
-8الردود على هذه المناقشات.
-9الرتجيح :مع ذكر أسبابه.
-10الخاتمةُ :يكتب فيها أهم نتائج البحث يف نقاط مختصرة.
-11المراجع.
-12الفهارس :فهرس الموضوعات ،واآليات ،واألحاديث.
-13قواعد الكتابة للبحث الفقهي:
أ -الحد األدنى :عشر صفحات.
ب -ال تقل المصادر عن خمسة.
ج -درجة البحث :عشرون درجة.
د -على الطالب االستفادة من الخطة المرفقة يف كيفية كتابة البحث الفقهي.
مالحظات عامة يف كتابة البحث الفقهي:
تصورا ُمحد ًدا
ً -1القراءة الواسعة المتأنية يف الموضوع لتصور الموضوع
وصحيحا.
ً
-2سالمة األسلوب ووضوحه.
-3جودة العرض والرتتيب.
119 مهارات البحث العلمي
احملتويات
123 مهارات البحث العلمي