You are on page 1of 125

‫مهارات البحث العلمي‬

‫مجع وترتيب‬

‫الدكتور‪ /‬علي النمر‬

‫إصدارات‬

‫مركز التميز للبحث العلمي‬

‫‪00201003524797‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪2‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬
‫‪3‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫مقدمة‬

‫شرور ِ‬
‫أنفسنا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ونستغفره‪ ،‬ونعو ُذ باهللِ من‬
‫ُ‬ ‫إن الحمدَ هللِ‪ ،‬نحمدُ ه‪ ،‬ونستعينُه‪،‬‬
‫َّ‬
‫هادي ل ُه‪ ،‬وأشهدُ‬ ‫ْ‬
‫يضلل فال‬ ‫اهلل فال َّ‬
‫مضل له‪ ،‬ومن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده ُ‬
‫شريك له‪ ،‬وأشهدُ أن محمدً ا عبدُ ه ورسو ُله‪.‬‬
‫َ‬ ‫أن ال إله إال اهلل وحدَ ه ال‬

‫[آل‬ ‫﴿ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ﴾‬


‫عمران‪.]102:‬‬

‫﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬

‫ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ﴾ [النساء‪.]1:‬‬

‫﴿ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬

‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ﴾ [األحزاب‪.]71-70 :‬‬
‫ِ‬ ‫صدق الح ِ‬
‫هدي محمد‬
‫ُ‬ ‫خير الهدي‬
‫كتاب اهلل ‪َ ،۵‬و َ‬
‫ُ‬ ‫ديث‬ ‫أما بعد؛ فإن َأ َ َ‬
‫وكل بدعة ضاللةٌ‪َّ ،‬‬
‫وكل‬ ‫وكل محدثة بدعةٌ‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫األمور محدثا ُتها‪َّ ،‬‬ ‫وشر‬
‫‪َّ ،‬‬
‫َضاللة يف ِ‬
‫النار؛ َوبعدُ ‪.‬‬
‫يعد البحث العلمي ركيزة أساسية من ركائز المعرفة اإلنسانية يف ميادين‬
‫الحياة كافة‪ ،‬بل أضحى أحد مقاييس الرقي والحضارة يف العالم‪ ،‬فمن خالل‬
‫البحث العلمي يستطيع اإلنسان اكتشاف المجهول وتسخيره لصالح المجتمع‬
‫بما يحقق التنمية واالزدهار يف مجاالت الحياة كافة‪ .‬فمن خالل البحث العلمي‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪4‬‬

‫يمكن امتالك التقنية والمعرفة باعتبارها األداة الفعالة لتحقيق االستثمار األمثل‬
‫للموارد المتاحة من خالل تحقيق التنمية والتقدم‪.‬‬
‫ولئن كان البحث العلمي يشكل عنصر ًا مهمًا وشرطًا ضروريًا لتقدم أي‬
‫مجتمع‪ ،‬فإن الحاجة له تبدو أكثر إلحاحًا يف عالمنا اإلسالمي‪ ،‬سيما مع التقدم‬
‫الهائل للعلوم والتقنية الذي يشهده العالم المعاصر مما يحتم على الدول‬
‫اإلسالمية مزيد ًا من االهتمام بالبحث العلمي وتطوير آلياته يف ظل الحاجات‬
‫المتزايدة للتنمية يف عصر المعلوماتية واالتصاالت‪.‬‬
‫وتطور األمم مرهون بمدى اهتمامها بالبحث العلمي‪ ،‬فالدول المتقدمة‬
‫فاقت غيرها يف التقدم العلمي باالهتمام بالبحث العلمي خاصة يف العلوم‬
‫الطبيعية‪ ،‬أما العلوم اإلنسانية‪ ،‬مثل‪ :‬علوم الشريعة واللغة واالجتماع والتاريخ‬
‫وغيرها فهي هتتم بمعتقدات الناس وثقافاهتم وسلوكياهتم‪.‬‬
‫والمهارات يف اللغة‪ :‬مفردها مهارة‪ ،‬وهي مصدر ( َم َه َر) وتعني القدرة على‬
‫أداء عمل بحذق وبراعة‪.‬‬
‫فالمهارة‪ :‬هي التمكن من إنجاز مهمة بكيفية محددة وبدقة متناهية وسرعة‬
‫يف التنفيذ‪.‬‬
‫ومن هنا عقدت العزم على القيام بجمع ما كتب يف مهارات البحث‬
‫العلمي‪.‬‬
‫وقد تكون من خمسة فصول‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬البحث العلمي أهدافه وخصائصه‪.‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬المنهج والحاجة إليه يف البحث العلمي‪.‬‬
‫‪5‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫الفصل الثالث‪ :‬موضوع البحث وعنوانه‪.‬‬


‫الفصل الرابع‪ :‬المراجع وجمع المادة‪.‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬الشكل النهائي للبحث العلمي‪.‬‬
‫سائالً المولى ‪ ‬أن يجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهه الكريم إنه نعم‬
‫المجيب‪.‬‬
‫وصلى اهلل وسلم وبارك على حبيبنا وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد هلل‬
‫رب العالمين‪.‬‬

‫كتبه‬

‫الفقري إىل اهلل‬

‫د‪ .‬علي النمر‬

‫‪ 6‬شوال ‪ 1443‬هـ ‪/‬‬


‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪6‬‬

‫الفصل األول‬

‫البحث العلمي أهدافه وخصائصه‬


‫‪7‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫الفصل األول‬

‫البحث العلمي أهدافه وخصائصه‬

‫ويتناول الفصل النقاط التالية‪:‬‬


‫أوال‪ -‬مفهوم البحث العلمي‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬أهمية البحث العلمي‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬أهداف البحث العلمي‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬أنواع البحوث العلمية‪.‬‬
‫خامسا‪ -‬البحث الجيد‪.‬‬
‫سادسا‪ -‬صفات الباحث الناجح‪.‬‬
‫سابعا‪ -‬شخصية الباحث‪.‬‬

‫أوال‪ -‬مفهوم البحث العلمي‪:‬‬


‫(البحث العلمي) مركب وصفي بسيط أي مكون من كلمتين إحداهما‬
‫وصف لألخرى‪ ،‬وحتى نفهم مدلول هذا المركب‪ ،‬أرى ضرورة تفكيك‬
‫عناصره‪ ،‬والبحث عن معنيهما يف اللغة‪ ،‬ثم تركيبه مرة أخرى لبيان المعنى‬
‫االصطالحي‪:‬‬
‫إن التأصيل المعجمي لكلمة (بحث) يدلنا على انتمائها إلى مادة (ب‪.‬ح‪.‬ث)‬
‫التي يوضح معناها العا َّم اب ُن فارس‪ ،‬فيقول‪ " :‬الباء والحاء والثاء أصل واحد‪،‬‬
‫يدل على إثارة الشيء‪ .‬قال الخليل‪ :‬البحث طلبك شي ًئا يف الرتاب‪ ،‬والبحث أن‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪8‬‬

‫تسأل عن شيء و َتست َْخبِر‪.)1( ".‬‬

‫ومنه قول اهلل ‪{ :‬ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ}(‪ )2‬أي يحفر‬


‫بمنقاره ورجله يف األرض‪" .‬ويف ضوء هذه اآلية القرآنية السابقة التي حوت مادة‬
‫(ب‪ .‬ح‪ .‬ث) يستبين لنا أن مدلول المادة نبت حسيا فطر ًيا‪ ،‬ثم انتقل بطريق‬
‫التجوز معربًا عن المحسوس والمعقول من طلب لمجد أو علم أو حقيقة أو‬
‫ِ‬
‫كشف مستور‪)3( ".‬‬

‫وكلمة (علم) تنتمي إلى مادة (ع‪.‬ل‪.‬م) التي تدل " على أثر بالشيء يتميز به‬
‫عن غيره‪ِ ..‬‬
‫والعلم‪ :‬نقيض الجهل "(‪.)4‬‬
‫إذ ًا ما المراد بمصطلح (البحث العلمي)؟‬
‫يف الحقيقة أورد العلماء تعريفات كثير ًة للبحث العلمي‪ ،‬تختلف فيما بينها‬
‫باختالف أصحاهبا‪ ،‬وثقافاهتم‪ ،‬ومنطلقاهتم التخصصية يف األعم األغلب‪ ،‬لك َّن‬
‫هنا تعري ًفا أراه عاما‪ ،‬غي َر محدد بتخصص معين‪ ،‬ومن ثم يصدق عليها جمي ًعا‪،‬‬
‫خاص؛‬
‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫معين‪ ،‬وفق منهجٍ‬ ‫وهو أنه‪ " :‬دراس ٌة مبني ٌة على تق ٍ‬
‫ص وتتبعٍ‪ ،‬لموضو ٍع‬
‫ٍ‬
‫معين‪.)5( ".‬‬ ‫ٍ‬
‫هدف‬ ‫لتحقيق‬
‫فالدراسة تقوم على عناصر معينة‪ ،‬من أهمها‪ :‬تحديد فكرة البحث يف‬

‫(‪ )1‬مقاييس اللغة‪ ،‬مادة (ب‪ .‬ح‪ .‬ث)‪.‬‬


‫(‪ )2‬المائدة من اآلية (‪.)31‬‬
‫(‪ )3‬مناهج البحث يف علوم اللغة (‪ )35‬د‪ .‬محمد أحمد خاطر‪.‬‬
‫(‪ )4‬مقاييس اللغة‪ ،‬مادة (ع‪ .‬ل‪ .‬م)‪.‬‬
‫(‪ )5‬البحث العلمي‪ -‬حقيقته‪ ،‬ومصادره‪ ،‬ومادته‪ ،‬ومناهجه‪ ،‬وكتابته‪ ،‬وطباعته‪ ،‬ومناقشته (‪ )23/ 1‬د‪ .‬عبد‬
‫العزيز الربيعة‪ ،‬السعودية‪ ،‬ط ثالثة‪1424 ،‬هـ‪2004-‬م‪.‬‬
‫‪9‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫موضوع معين‪ ،‬وعملية الجمع والصياغة‪ ،‬ومنهج يسير عليه الباحث‪ ،‬وهدف من‬
‫أهداف البحث العلمي التي ذكرها العلماء يسعى إلى تحقيقه‪ ،‬والتي لخصها‬
‫بعضهم يف قوله ال تخرج غايات البحث عن واحد من هذه األمور‪ " :‬اختراع‬
‫معدوم‪ ،‬أو جمع متفرق‪ ،‬أو تكميل ناقص‪ ،‬أو تفصيل مجمل‪ ،‬أو تهذيب مطول‪،‬‬
‫أو ترتيب مختلط‪ ،‬أو تعيين مبهم‪ ،‬أو تبيين خطأ‪)1( ".‬‬

‫وأعتقد أن وصف البحث (بالعلمي) ينبؤنا عن عدم العشوائية التي قد توجد‬


‫يف غيرها من عمليات البحث‪ ،‬كالبحث عن فاكهة معينة يف السوق‪ ،‬مما تقتضي‬
‫طرا علمية محددة‪ ،‬مثل المنهج والمنهجية‪..‬إلخ‪.‬‬
‫أ ً‬

‫ثانيا‪ -‬أهمية البحث العلمي‪:‬‬


‫للبحث العلمي أهمية تتمثل يف أمور منها‪ ،‬أنه‪:‬‬
‫‪ -1‬فريضة دينية‪:‬‬
‫العلم لدينا نحن المسلمين فريضة دينية‪ ،‬تجلت مظاهرها يف أول آية نزلت‬

‫على قلب نبينا ‪ ‬آمرة إياه بالقراءة‪{ :‬ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ‬

‫وكذلك أقسم اهلل ‪ ‬بالقلم يف قوله {ﱹﱺ ﱻ ﱼ‬ ‫ﲉﲊ}(‪)2‬‬

‫ﱽﱾ}(‪ )3‬وكذلك أوامر النبي ‪ ‬لصحابته بضرورة التعلم يف‬


‫أحاديث متعددة‪ ،‬وحثه بعض الصحابة على تعلم لغة أقوام آخرين‪.‬‬

‫(‪ )1‬قواعد التحديث (‪ )37‬محمد جمال الدين القاسمي‪.‬‬


‫(‪ )2‬العلق (‪.)1‬‬
‫(‪ )3‬القلم (‪.)1‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪10‬‬

‫‪ -2‬غريزة فطرية‪:‬‬
‫خلق اهلل اإلنسان باح ًثا بطبعه‪ ،‬بد ًءا من بحثه عن الطعام والشراب‪ ،‬وما يلزمه‬
‫من أغراض‪ ،‬ساعدته على تطوير ما لديه من إمكانات‪ ،‬فاكتشف النار‪ ،‬حينما أنشأ‬
‫اهلل له شجرهتا‪ ،‬فساعدته يف إنضاج الطعام وغيرها من األمور الحياتية‪ ،‬وأخذ يف‬
‫اكتشاف الوسائل التي تعينه على الحياة‪ ،‬حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه اآلن من‬
‫وسائل متطورة‪ ،‬وما زال اإلنسان يبحث عن المزيد‪.‬‬
‫‪ -3‬مظهر حضاري‪:‬‬
‫من أين يمكن لنا أن نحكم على الشعوب بالتقدم والريادة؟ وكيف نصف أمة‬
‫بأن لديها حضارة؟ إنما يقاس ذلك بمدى تقدم بحثها العلمي‪ ،‬لذلك حمله على‬
‫عاتقهم علماؤنا العرب فصار منهم علماء مربزين‪ ،‬برعوا يف العلوم والفنون‪،‬‬
‫فصار فيهم تلك األسماء الشهيرة على المستوى العالمي‪ ،‬كابن سينا‪،‬‬
‫والخوارزمي‪ ،‬وابن الهيثم وغيرهم‪ ،‬ومن المقرر أنه ال تبدأ هنضة إال عند العناية‬
‫بالبحث العلمي‪ ،‬ورصد الميزانيات الكبيرة لهذا الغرض‪.‬‬
‫‪ -4‬يكشف عن إنجازات األمم‪:‬‬
‫ال خير يف أمة ال تقدر إنجازاهتا العلمية‪ ،‬وتراثها الحضاري‪ ،‬تبحث فيه‬
‫وحوله‪ ،‬وتظهر للدنيا كلها كيف كان يفكر علماؤها القدامى‪ ،‬والحال يف تراثنا‬
‫العربي ال يبتعد عن هذا‪ ،‬فمن الضرورات العلمية عندنا العمل على كشف ثمرة‬
‫جهود علمائنا القدامى‪ ،‬ولذلك عمل كثير من الباحثين حينما هبت علينا رياح‬
‫التقدم العلمي من أوروبا على تأصيل كثير من النظريات العلمية من خالل تراثنا‬
‫العربي الثري‪ ،‬بكثير من النظريات واإلشارات التي يمكننا من خاللها تسجيل‬
‫‪11‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫سبقنا إلى كثير من الحقائق العلمية‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬أهداف البحث العلمي‪:‬‬


‫علمي‪ ،‬و َط َبع ُك ُّل واحد هذه‬
‫أفاض العلماء يف الحديث عن أهداف البحث ال ِّ‬
‫قرره العلماء‬
‫عما َّ‬
‫تخصصه‪ ،‬لك َّن معظم ما يذكرون قد ال يخرج َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ف بطابع‬‫األهدا َ‬
‫ف عال ِ ٌم ٌ‬
‫عاقل إ َّال فيها‪ ،‬وهي‪ :‬إما شي ٌء‬ ‫من أن "التأليف على سبعة أقسام‪ ،‬ال يؤ ِّل ُ‬
‫شرحه‪ ،‬أو شي ٌء‬‫اقص ُيت ِّم ُمه‪ ،‬أو شي ٌء ُمغ َل ٌق ي ُ‬
‫لم ُيسبق إليه فيخرت ُعه‪ ،‬أو شي ٌء ن ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طو ٌيل يختص ُره دون أن ُيخ َّل بشيء من معانيه‪ ،‬أو شي ٌء ُم ِّ‬
‫تفر ٌق يجم ُعه‪ ،‬أو شي ٌء‬
‫مختلط ُير ِّتبه‪ ،‬أو شي ٌء أخطأ فيه ُمصنِّ ُفه ف ُيصلِ ُحه"(‪ ،)1‬وهذه األهداف السبعة هي‬
‫ٌ‬
‫ف مع‬ ‫بعض األهداف الفرعية والثانوية‪ ،‬وسوف ِنق ُ‬ ‫اف ُك ِّليةٌ‪ ،‬قد يندرج تحتها ُ‬‫أهد ٌ‬
‫مثاال من المؤ َّلفات العربية على اختالف تخ ُّصصاهتا‪:‬‬ ‫ِّ‬
‫كل واحد منها ذاكرين له ً‬
‫أو ًال‪ -‬اختراع معدوم‪ :‬يف هذه الحالة يريد الباحث أن ِ‬
‫يص َل إلى شيء جديد‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫القوي لمثل هذه الحالة؛ (ألن‬
‫َّ‬ ‫لم ُيس َب ْق إليه‪ ،‬وغال ًبا ما تكون الحاج ُة هي الداعي‬
‫الحاج َة كما يقولون أ ُّم االخرتاع)‪ ،‬وتحت هذا الهدف ُيمكِن ْ‬
‫وض ُع ِّ‬
‫كل‬
‫ُ‬
‫التمثيل لهذا الهدف‬ ‫المخرتعات التي أ َّد ْت إلى تقدُّ م البشرية وازدهارها‪ ،‬و ُيمكن‬
‫يف الدراسات ال ُّلغوية باكتشاف الخليل بن أحمد الفراهيدي (‪170‬هـ) علم‬
‫المكونة‬
‫ِّ‬ ‫العروض‪ ،‬ووضع قواعده و ُأسسه ومصطلحاته وغيرها من العناصر‬
‫العربي على‬ ‫عر‬ ‫ِّ‬
‫الش‬ ‫فيها‬ ‫م‬‫للعلوم‪ ،‬وأراد بذلك أن يضبِ َط لنا البحور التي ينْتَظِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اختالف أغراضه وأنماطه‪.‬‬

‫(‪ )1‬كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (‪)35/ 1‬؛ حاجي خليفة‪.‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪12‬‬

‫ثانيا‪ -‬إكمال ناقص‪ :‬يف رحلة الباحث مع العلم قد يرى بعض المصن ِ‬
‫َّفات‬ ‫ً‬
‫غير المكتملة‪ ،‬ويكون ذلك لعدم وصول المؤ ِّلف إلى ما وصل إليه البا ُ‬
‫حث‬ ‫ِ‬

‫ف‪ ،‬أو يكون ذلك‬ ‫نتيجة توافر كتب معينة أو معارف مختلفة لم ي ِ‬
‫ح ْط هبا المؤ ِّل ُ‬ ‫ُ‬
‫االستدراكات‪ ،‬وقد‬
‫ُ‬ ‫بوفاة المؤ ِّلف قبل اكتمال فكرته‪ ،‬ويدخل يف هذا الجانب‬
‫وجدنا ذلك ‪ -‬على سبيل المثال ‪ -‬عند جالل الدين السيوطي (‪911‬هـ)‪ ،‬فقد‬
‫نصف القرآن الكريم‪ ،‬من أول سورة الكهف‬
‫َ‬ ‫الل الدين المح ِّلي وقد َّ‬
‫فسر‬ ‫وجد ج َ‬
‫السيوطي ما بدأه‬ ‫فأتم‬ ‫لى‪،‬‬‫األع‬ ‫بالرفيق‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫إلى آخر سورة الناس والفاتحة‪ ،‬و َل ِ‬
‫ح‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫المحلي‪ ،‬وقام بتفسير السور من البقرة إلى آخر سورة اإلسراء‪ ،‬وسار يف ذلك‬ ‫ُّ‬
‫شهيرا معرو ًفا باسم (تفسير‬
‫ً‬ ‫تفسيرا‬
‫ً‬ ‫المحلي‪ ،‬وأخرج لنا‬
‫ُّ‬ ‫على النهج الذي اخت َّطه‬
‫الجاللين)‪.‬‬
‫شرح ألفاظ أو قواعدَ أو‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الباحث يف هذا الهدف‬ ‫ثال ًثا‪ -‬شرح مبهم‪ :‬يتناول‬
‫أمور يرى أهنا أصبحت ُم ْبهم ًة على المتع ِّلمين أو طالبي العلم‪ ،‬و ُيمكن التمثيل‬
‫لهذا بما ُكتب يف غريب ألفاظ القرآن الكريم واألحاديث النبوية؛ حيث َع َمدَ‬
‫العلما ُء إلى بعض األلفاظ التي بدَ ْت غريب ًة على قارئي القرآن الكريم وحافظي‬
‫األحاديث النبوية‪ ،‬ومن ذلك على سبيل المثال كتاب (المفرادت يف غريب‬
‫القرآن) للراغب األصفهاين‪ ،‬و(غريب الحديث) ألبي ُعبيد‪.‬‬
‫تاج إلى هتذيب المؤ َّلفات‬
‫مطول‪ :‬ففي بعض األحيان ُيح ُ‬
‫راب ًعا‪ -‬تهذيب َّ‬
‫صوصا عند إرادة تقريبها وتيسيرها على المبتدئين من‬
‫ً‬ ‫المطولة‪ ،‬خ‬
‫َّ‬ ‫الكبيرة أو‬
‫العالم يف بداية عمله؛‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الباحث أو‬ ‫ويتم ذلك ُبأ ُسس معينة يخ ُّطها‬
‫ُّ‬ ‫المتع ِّلمين‪،‬‬
‫بأصل من ُأ ُصول الكتاب المؤ َّلف‪ ،‬ومن ذلك ما رأيناه‬
‫للعمل على عدم اإلخالل ْ‬
‫‪13‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫جمه الشهير (مختار الصحاح)‬


‫ثال مع َ‬
‫يف اختصار المعاجم‪ ،‬فأخرج لنا الرازي م ً‬
‫للجوهري‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫اختص َر فيه (تاج اللغة وصحاح العربية)‬
‫َ‬ ‫الذي‬
‫متفرق‪ :‬يف أثناء مطالعة الباحث للكتب المتعدِّ دة‪ ،‬قد يجد‬ ‫خامسا‪ -‬ج ْمع ِّ‬
‫ً‬
‫عمد إلى جمعها‪ ،‬وقد‬ ‫ف واحدٌ ‪ ،‬في ِ‬
‫بعض األمور المتشاهبة التي ال يجمعها مؤ َّل ٌ‬
‫َ‬
‫آخر من أنواع التأليف؛ كالشرح أو الدراسة أو غيرهما‪،‬‬ ‫ِ‬
‫نوع ُ‬
‫الجمع ٌ‬
‫َ‬ ‫ب هذا‬‫ُيصاح ُ‬
‫فرعي يكون‬
‫ٍّ‬ ‫وهو ما ُنالحظه يف بعض الدراسات التي ُيذ َّيل عنوا ُنها بعنوان‬
‫(القضية الفالنية‪ ..‬جم ًعا ودراسةً)‪ ،‬ومثال ذلك كتاب (اإلنصاف يف مسائل‬
‫جمع فيه تلك المسا َئل‬
‫الخالف بين البصريين والكوفيين) البن األنباري‪ ،‬فقد َ‬
‫رج ًحا‪.‬‬
‫شارحا و ُم ِّ‬
‫ً‬ ‫النحوي َة الخالفية بين مدرستي البصرة والكوفة‪ ،‬وع َّلق عليها‬
‫أمورا مختلط ًة يف‬
‫سادسا‪ -‬ترتيب مختلط‪ :‬ويف هذه الحالة يرى الباحث أما َمه ً‬
‫ً‬
‫عمد إلى ترتيبها على نمط ُمع َّين‪ ،‬ومن ذلك على سبيل‬ ‫حاجة إلى ترتيب‪ ،‬في ِ‬
‫َ‬
‫المثال عندما أدرك ال ُع ْك َبري (‪616‬هـ) صعوب َة الوصول إلى موا ِّد كتاب (إصالح‬
‫الس ِّكيت (‪244‬هـ)‪ ،‬فقام برتتيب موا ِّده على حروف المعجم‬
‫المنطق) البن ِّ‬
‫الم ْع َلم يف ترتيب اإلصالح على المعجم)‪.‬‬
‫(الم ُشوف ُ‬
‫وسماه َ‬
‫َّ‬
‫ساب ًعا‪ -‬تصويب خطأ‪ :‬فقد يجد الباحث ً‬
‫خطأ أو أخطا ًء عديد ًة يف مؤ َّلف ما‪،‬‬
‫ت البحث لتعضيد‬ ‫عمل آليا ِ‬
‫فيجرد من َق َل ِمه مدافِعا عن الحقيقة يف هذه القضية‪ ،‬وي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ً‬ ‫ُ ِّ ُ‬
‫هذا الر ِّد أو التصويب‪ ،‬ومن ذلك الر ُّد على ُّ‬
‫الشبهات المثارة حول قضايا معينة‪،‬‬
‫ومثاله كتاب (الرد على المستشرق اليهودي جولد تسيهر يف مطاعنه على‬
‫القراءات القرآنية) لألستاذ الدكتور‪ /‬محمد حسن جبل‪ ،‬وقد ر َّد على مطاعن هذا‬
‫المستشرق التي أوردها يف ُمقدِّ مة كتابه (مذاهب التفسير اإلسالمي)‪.‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪14‬‬

‫فيضم إلى جانب‬


‫ُّ‬ ‫وقد يهدف الباحث إلى هدفين أو أكثر يف العمل الواحد‪،‬‬
‫لشرح أو غيرهما من األهداف‪.‬‬
‫َ‬ ‫الجمع الدراس َة أو ا‬

‫رابعا‪ -‬أنواع البحوث العلمية‪:‬‬


‫أنواع متعدِّ دةٌ‪ ،‬وينبث ُق هذا التعدُّ ُد من اختالف مجاالت‬
‫ٌ‬ ‫للبحث العلمي‬
‫البحث وموضوعاته ودوافعه ومناهجه‪ ،‬إلى غير ذلك من أشكال االختالفات‪،‬‬
‫و ُيمكن توضيح بعض هذه األنواع على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬من حيث مجال الدراسة‪:‬‬
‫تتعدَّ د األبحاث العلمية من حيث المجال التي تنتمي إليها؛ لما يتم َّيز به ُّ‬
‫كل‬
‫قسم‬
‫مجال عن اآلخر من حيث األهداف واآلليات والمصادر‪ ...‬إلخ‪ ،‬وقد َّ‬
‫البعض المجاالت المعرفية إلى ثالثة‪( :‬العلوم الرياضية‪ ،‬والعلوم الطبيعية‪،‬‬
‫بحاث وفق مجالها وموضوعها‪ ،‬فهناك‬‫ُ‬ ‫تتلون األ‬ ‫ِ‬
‫ثم َّ‬‫والعلوم اإلنسانية)؛ "وم ْن َّ‬
‫سي‪ ،‬وكذلك الفلكي‪ ،‬أو الجيولوجي‪ ،‬أو الشرعي‪ ،‬أو ال ُّلغوي‪ ،‬ومن‬ ‫البحث الهند ُّ‬
‫والبالغي‬ ‫ُّ‪،‬‬ ‫يف‬‫والصر‬ ‫لنحوي‬ ‫ا‬ ‫فهناك‬ ‫‪،‬‬‫عة‬ ‫المتنو‬ ‫األنماط‬ ‫على‬ ‫ف‬
‫ُ‬ ‫ال ُّلغوي ِ‬
‫نق‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬
‫والمعجمي والصويتُّ‪ ...‬إلخ"(‪.)1‬‬
‫ُّ‬ ‫واألدبي‪،‬‬
‫ُّ‬
‫‪ -2‬من حيث دوافع الدراسة‪:‬‬
‫تتنوع األبحاث من حيث الدوافع الكامنة وراء إجرائها‪ ،‬والتي قد تكون‪:‬‬
‫َّ‬
‫• الرغبة الشخصية يف األجر والثواب التي يسير وراءها الباحث للوصول إلى‬
‫الرتقي أو التقدُّ َم لنيل درجة علمية أو‬ ‫غرضه‬ ‫َ‬
‫يكون ُ‬ ‫الحقيقة يف قضية معينة دون أن‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬البحث اللغوي‪ :‬أصوله ومناهجه (‪.)19‬‬


‫‪15‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫ِ‬
‫غيرها‪.‬‬
‫متخصصة‪ ،‬وهو‬
‫ِّ‬ ‫• طلب مؤسسة علمية له‪ ،‬كجامعة أو مركز علمي أو مج َّلة‬
‫ما ُيعرف (بنظام االستكتاب)؛ حيث تعهد المؤسسة إلى باحث أو عدة باحثين‬
‫بإجراء دراسة يف موضوع معين‪ُ ،‬مقابل عائد ُمحدَّ د‪.‬‬
‫• تدريب من يقوم هبذا البحث على إعداد البحوث تمهيدً ا لتكليفه ببحوث‬
‫الطالب بأبحاث‬ ‫َّ‬ ‫وأشمل‪ ،‬مثلما يحدُ ث يف الجامعة من حيث تكليف‬‫َ‬ ‫أعمق‬
‫َ‬
‫صغيرة الحجم‪ِ ،‬‬
‫ذات موضوعات ض ِّيقة‪ ،‬وهو ما ُيطلق عليه (البحث الص ِّفي)‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬

‫ما ُيك َّلف به طالب الدراسات ال ُعليا إلعدادهم أكاديميا‪ ،‬وتزويدهم بالمهارات‬
‫البحثية الالزمة لالنتقال إلى مرحلة أعلى‪.‬‬
‫• الحصول على درجة علمية معينة؛ كإعداد رسالة للحصول هبا على درجة‬
‫قصد من هذا اإلعداد إضاف ُة الجديد من ال ُع ُلوم‪،‬‬ ‫التخصص (الماجستير)‪ ،‬و ُي َ‬
‫ُّ‬
‫وأكثر ِد َّق ًة يف الجمع‬
‫َ‬ ‫أوسع نِطا ًقا‪،‬‬
‫َ‬ ‫ارب‬
‫وتمكي ُن الباحث من الحصول على تج َ‬
‫والتصنيف والتحليل واالستنتاج‪ ،‬وإعدا ُده لمرحلة أعلى وهي (الدكتوراه)‪ ،‬ثم‬
‫إعداد آخر للحصول على درجة العالمية (الدكتوراه)‪ ،‬وذلك بعد إهنائه المرحلة‬
‫أيضا إضاف ُة الجديد‬
‫قصدُ من هذه الدرجة ً‬
‫الجامعية والدراسات ال ُعليا‪ ،‬و ُي َ‬
‫أوضح‪ ،‬وتحليل َّ‬
‫أدق‪ ،‬ورؤية شخصية‪.‬‬ ‫َ‬ ‫باستيعاب تا ٍّم‪ ،‬ورؤية‬
‫• إعداد البحوث للرت ِّقي إلى مرتبة علمية‪ ،‬وهذا النوع ُي ِعدُّ ه أعضا ُء هيئة‬
‫التدريس بالجامعات بعد الدكتوراه؛ للحصول على درجة أستاذ مساعد‬
‫حجما من الماجستير والدكتوراه‪ ،‬لكنها‬
‫ً‬ ‫(مشارك) أو أستاذ‪ ،‬وتكون أبحا ًثا َّ‬
‫أقل‬
‫لتناول‪ ،‬وجديد ٌة من حيث الفكرة‪.‬‬
‫أعمق من حيث ا ُ‬
‫ُ‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪16‬‬

‫خامسا‪ -‬البحث اجليد‪:‬‬

‫‪ .1‬العنوان الواضح والشامل للبحث‪:‬‬


‫ينبغي أن يتوفر ثالث سمات أساسية يف العنوان هي‪:‬‬
‫• الشمولية‪ :‬أي أن يشمل عنوان البحث المجال المحدد والموضوع‬
‫الدقيق الذي يخوض فيه الباحث والفرتة الزمنية التي يغطيها‬
‫البحث‪.‬‬
‫• الوضوح‪ :‬أي أن يكون عنوان الباحث واضحا يف مصطلحاته‬
‫وعباراته واستخدامه لبعض اإلشارات والرموز‪.‬‬
‫• الداللة‪ :‬أن يعطي عنوان البحث دالالت موضوعية محددة‬
‫وواضحة للموضوع الذي يبحث ومعالجته واالبتعاد عن‬
‫العموميات‪.‬‬
‫‪ .2‬تحديد خطوات البحث وأهدافه وحدوده المطلوبة البدء بتحديد واضح‬
‫كمشكلة البحث ثم وضع الفرضيات المرتبطة هبا ثم تحديد أسلوب‬
‫جمع البيانات والمعلومات المطلوبة لبحثه وتحليلها وتحديد هدف أو‬
‫أهداف للبحث الذي يسعى إلى تحقيقها بصورة واضحة ووضع إطار‬
‫البحث يف حدود موضوعية وزمنية ومكانية واضحة المعالم‪.‬‬
‫‪ .3‬اإللمام الكايف بموضوع البحث‪:‬‬
‫يجب أن يتناسب البحث وموضوعه مع إمكانات الباحث ويكون لديه‬
‫اإللمام الكايف بمجال وموضوع البحث‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫‪ .4‬توفر الوقت الكايف لدى الباحث‪:‬‬


‫أي أن هناك وقتا محددا إلنجاز البحث وتنفيذ خطواته وإجراءاته‬
‫المطلوبة‪ ،‬وأن يتناسب الوقت المتاح مع حجم البحث وطبيعته‪.‬‬
‫‪ .5‬اإلسناد‪:‬‬
‫ينبغي أن يعتمد الباحث يف كتابة بحثه على الدراسات واآلراء األصيلة‬
‫والمسندة وعليه أن يكون دقيقا يف جمع معلوماته وتعد األمانة العلمية يف‬
‫االقتباس واالستفادة من المعلومات ونقلها أمر يف غاية األهمية يف كتابة‬
‫البحوث وترتكز األمانة العلمية يف البحث على جانبين أساسيين‪:‬‬
‫• اإلشارة إلى المصادر التي استقى منها الباحث معلوماته وأفكاره منها‪.‬‬
‫• التأكد من عدم تشويه األفكار واآلراء التي نقل الباحث عنها معلوماته‪.‬‬
‫‪ .6‬وضع أسلوب تقرير البحث‪:‬‬
‫إن البحث الجيد يكون مكتوبا بأسلوب واضح ومقروء ومشوق بطريقة‬
‫تجذب القارئ لقراءته ومتابعة صفحاته ومعلوماته‪.‬‬
‫‪ .7‬الترابط بين أجزاء البحث‪:‬‬
‫أن تكون أمام البحث وأجزائه المختلفة مرتابطة ومنسجمة سواء كان‬
‫ذلك على مستوى الفصول أو المباحث واألجزاء األخرى‪.‬‬
‫‪ .8‬مدى اإلسهام واإلضافة إلى المعرفة يف مجال تخصص الباحث‪:‬‬
‫أن تضيف البحوث العلمية أشياء جديدة ومفيدة والتأكيد على االبتكار‬
‫عند كتابة البحوث والرسائل‪.‬‬
‫‪ .9‬الموضوعية واالبتعاد عن التحيز يف ذكر النتائج التي توصل الباحث إليها‪.‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪18‬‬

‫‪ .10‬توفر المعلومات والمصادر من موضوع البحث‪:‬‬


‫توفر مصادر المعلومات المكتوبة أو المطبوعة أو اإللكرتونية المتوفرة يف‬
‫المكتبات ومراكز المعلومات التي يستطيع الباحث الوصول إليها‪.‬‬

‫سادسا‪ -‬صفات الباحث الناجح‪:‬‬


‫تتمثل أهم صفات الباحث الناجح فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلخالص‪:‬‬
‫البحث العلمي نوع من أنواع العبادات التي يتقرب هبا إلى اهلل؛ لذا يجب‬
‫على الباحث أن يكون مخلصا هلل تعالى يف بحثه‪ ،‬ولتكن نيتك يف بحثك أن تكون‬
‫مهاجرا إلى اهلل تعالى قبل أن تكون الهجرة فيه إلى دنيا تصيبها من حيث الدرجة‬
‫العلمية أو الرتقي يف الوظيفة قال تعالى‪{ :‬ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ‬

‫ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ}(‪.)1‬‬
‫‪ -12‬حب االستطالع‪:‬‬
‫المستمرة لدى الباحث يف البحث عما يحدث حوله مِن أحداث‬
‫َّ‬ ‫وهو الرغبة‬
‫وظواهر‪ ،‬أو لما يكتشفه يف أثناء قراءاته من موضوعات؛ ألن إدمان القراءة هو‬
‫الذي يفتح أمام الباحث آفا ًقا ال ُتفتح بدون القراءة‪ ،‬التي تكون يف البدء عامة يف‬
‫فروع المعرفة المختلفة ثم تتخصص بحسب ميول الباحث‪ ،‬إما يف مجال العلم‬
‫أو اآلداب‪ ،‬ثم إن كان يف اآلداب تكون يف القديم أو الوسيط أو الحديث‪ ،‬ثم يف‬
‫أي لون يف النثر أو يف الشعر‪ ،‬وأن يحاول بكل ما كتب حول موضوعه إذ إنه‬
‫ِّ‬
‫سيحدِّ د نتائجه بناء على قراءاته‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة البينة‪.5 :‬‬


‫‪19‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫الصفة يف العصور الحديثة‪ ،‬فقد َس َبق‬


‫وإذا كان الباحثون قد أشاروا إلى هذه ِّ‬
‫أن حدَّ دها القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرنًا من الزمان‪ ،‬وال عجب يف ذلك إذ‬
‫حريصا على القراءة وطلب المعرفة والتعلم‪ ،‬وكان أول خطاب موجه‬
‫ً‬ ‫كان القرآن‬
‫إلى الرسول ‪ ‬بصيغة األمر هو (اقرأ) يف قوله تعالى‪{ :‬ﲅ ﲆ‬

‫ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ‬
‫ﲕﲖ ﲗ} (‪ ،)1‬ولو تأملنا ما ورد يف القرآن الكريم من آيات تحث على‬
‫السنة حول هذا المجال‬
‫العلم وتحض على البحث والنظر واالطالع‪ ،‬وما جاء يف ُّ‬
‫ألدركنا األهمية الكربى التي ُيعطيها اإلسالم لهذه الصفة‪ ،‬خاصة َّ‬
‫أن القراءة فيما‬
‫ألن فضل العالِم يزيد على فضل العابد‪ ،‬كما أخرب الرسول‬ ‫ُيفيد تكون عبادة‪َّ ،‬‬
‫‪ ‬وبذلك يربح اآلخرة‪.‬‬
‫‪ -3‬الرغبة‪:‬‬
‫من األمور المفروغ منها وال يختلف عليها اثنان يف مجال األبحاث أن‬
‫يستشعر الطالب أو الباحث ميالً إلى موضوعه‪ ،‬وإ ْلفة مع األفكار العامة التي‬
‫َ‬
‫ستظل بحثه؛ ألن نجاح أي عمل ال يتصور أن يكون بدون رغبة فيه فالرغبة شرط‬
‫أساسي‪ ،‬وذلك ألن فرض موضوع البحث على الباحث يشعره باالضطهاد‪،‬‬

‫وس ْلب الحرية‪ ،‬فيضيق ذر ًعا به من أول صعوبة تقابله وإحساسه بعدم ِّ‬
‫الرضا يفت‬
‫يف عضده‪ ،‬والبحث الذي وراءه الضغط‪ ،‬والدافع إليه سبب خارجي قم ٌن به أن‬
‫يفشل‪ ،‬وأن يتوقف‪ ،‬ويزول بزوال السبب‪.‬‬
‫أما البحث القائم على رغبة أكيدة من الباحث وحب منه لموضوعه واقتناع‬

‫(‪ )1‬سورة العلق‪.4-1:‬‬


‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪20‬‬

‫به ونابع من اختياره‪ ،‬هو الذي يؤيت ثماره‪ ،‬يحقق النفع‪ ،‬ويجتاز الباحث به كل‬
‫الصعوبات التي تواجهه‪ ،‬وتعطي النتائج المرجوة‪.‬‬
‫‪ -4‬األمانة أو ال ُّروح العلم َّية‪:‬‬
‫الباحث أمانة ِ‬
‫العلم‪ ،‬وهي تأيت‬ ‫ُ‬ ‫الصفات التي ينبغي أن يتح َّلى هبا‬
‫من أهم ِّ‬
‫ضم َن صفات أخر تشملها الروح العلمية يف جملة خصائصها منها‪ :‬النزاهة‪،‬‬
‫والموضوعية‪ ،‬والقدرة التظيم َّية‪ ،‬والجرأة‪ ،‬واألمانة تقتضي اإلنصاف الذي يتم َّثل‬

‫يف د َّقة نقل النص عن اآلخرين ونسبته إليهم مع ِّ‬


‫الصدق يف التعبير عن مضمونه‬
‫دون لبس أو تحريف أو زيادة أو ُنقصان ُّ‬
‫يخل بمقصود النص(‪.)1‬‬
‫التجرد من الهوى‪ ،‬والحكم بمقتضى الحقيقة‬
‫ُّ‬ ‫وكذلك يقتضي اإلنصاف‬
‫بعيدً ا عن العصبية التي ُت ْع ِمي و ُت ِصم‪ ،‬وهو يقتضي ً‬
‫أيضا احرتام اآلخرين وإن‬
‫اختلفوا معنا يف الرأي‪ ،‬ومن األمانة عدم سرقة آراء اآلخرين ناهيك عن مؤلفاهتم‬
‫واال ِّدعاء يف ذيل الهوامش بالتصرف فيها‪.‬‬
‫نزيها محبا للعلم‪ ،‬بعيدً ا عن‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫الباحث‬ ‫والنزاهة من مقتضياهتا أن يكون‬
‫المتاجرة به‪ ،‬يخدم العلم من أجل العلم‪ ،‬ال من أجل الشهرة والتعالي‪ ،‬والمجد‬
‫الزائف(‪ ،)2‬والربح المادي‪.‬‬
‫ومِن األمانة الرجوع إلى الحق والتسليم به‪ ،‬واالعرتاف لصاحبه‪ ،‬وإن كنَّا‬
‫على خالف معه‪ ،‬ولذا تعد األمانة العلم َّية قطب الرحى يف جميع األبحاث التي‬
‫يتصدَّ ى لها الباحث؛ ألنَّها طالما توفرت توفر يف البحث ال ِّثقة واالطمئنان‬

‫(‪ )1‬أضواء على الباحث والمراجع ص ‪.15‬‬


‫(‪ )2‬منهجية البحث ص ‪.25‬‬
‫‪21‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫جديرا بما تح َّقق على يديه‪ ،‬وبالدرجة التي ينالها‪.‬‬


‫ً‬ ‫والقناعة‪ ،‬وكان صاحبه‬
‫‪ -5‬الصبر‪:‬‬
‫كثيرا‪ ،‬وذلك َّ‬
‫ألن مراحل‬ ‫المتعجلين ً‬
‫ِّ‬ ‫الباحث المثابر يفضل على غيره من‬
‫جهد مضاعف‪ ،‬وعمل‬ ‫البحث من َّأول خطوة فيه وحتى استتمامه يحتاج إلى ْ‬
‫شاق‪ ،‬وقراءة مستمرة‪ ،‬وتقليب األوراق وإعادة تنظيم ومراجعة ل ِ َما كتب‪،‬‬
‫بحث الطويل‬
‫وتصفح المراجع والمصادر إلى غير ذلك مما يصطحب مشوار ال ْ‬
‫الذي قد يمتد سنينًا من أعمال تتع َّلق به‪ ،‬والناجح من الباحثين هو الذي يصرب‬
‫يمل من البحث عن كتاب يرى أنه ضروري لبحثه‪ ،‬وال‬ ‫على مشا ِّق بحثه‪ ،‬فال ُّ‬
‫ختمر يف ذهنه(‪ ،)1‬ينظر يف الدقائق برو َّية من أمره‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫يمل من إعادة قراءة فكرة لم ت ْ‬
‫متعجل الوصول إلى غاية‪ ،‬فال ُتثمر هذه القراءات وال ُتفيده شي ًئا‪ ،‬ما لم‬
‫ِّ‬ ‫غير‬
‫بأي شيء‪ ،‬ثم يكتشف بعدَ َس ْيره يف‬
‫يتأ َّمل ويستوعب‪ ،‬ويضطر إلى التش ُّبث ِّ‬
‫البحث بأنه بنى على سراب خادع‪ ،‬وال يجد بدا من الرجوع إلى القراءة الختيار‬
‫تعجله يف المرة األولى(‪.)2‬‬
‫موضوع آخر غير الذي َّ‬
‫البحث قبل أن يعدَّ ه إعدا ًدا جيدً ا الئ ًقا به‪ ،‬كما ال‬
‫يتسرع يف صياغة ْ‬
‫كذلك ال َّ‬
‫يصح أن يتسرع ْ‬
‫بنشر نتائجه العلمية إلحراز السبق‪ ،‬قبل أن تتضح هذه النتائج‬ ‫ُّ‬
‫وتتبلور يف صورهتا لالئقة‪.‬‬
‫والباحث الموهوب يرى يف الب ْحث شخصيته‪ ،‬وأمله وكيانه‪ ،‬ولهذا فهو‬
‫مما يتط َّلع لإلسراع يف الحصول على الدرجة‬
‫أكثر َّ‬
‫يتطلع ألقصى درجات التمام َ‬

‫(‪ )1‬راجع ص ‪ 50‬من كتاب البحث العلمي ومناهجه النظرية‪.‬‬


‫(‪ )2‬راجع ص‪ 14‬من كتاب فن البحث األدبي‪.‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪22‬‬

‫العلم َّية التي يسعى إليها(‪ ،)1‬والصرب على البحث يعطيه اإلتقان واإلخالص‬

‫األقل عمالً بقوله‪{ :‬ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ‬


‫ِّ‬ ‫واإلجادة‪ ،‬على‬

‫ﲳﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ‬
‫ُّ‬
‫تحث وتدفع إلى االتصاف بالصرب والتحلي بالتأين‪ ،‬وبذل‬ ‫ﲽﲾ}(‪ )2‬اآلية‬
‫الجهد بغي َة إتقان العمل أيا كان والبحث أيا كان‪ ،‬والبحث عمل‪ ،‬وأي عمل‬
‫الصفات وغيرها‪ ،‬وعملنا يف م ْيدان تقويم األبحاث على‬ ‫ِ‬
‫يستوجب ما ذكرنا من ِّ‬
‫فمن الباحثين من هو مقتصد‪ ،‬ومنهم سابق‬ ‫مختلف مستوياهتا شاهدٌ ودليل‪ِ ،‬‬

‫منهجا وال‬
‫ً‬ ‫بالخيرات‪ ،‬ومنهم الدعي الذي ليس من أهلها‪ ،‬فال هو يعرف خطة وال‬
‫يفرق بين المادة والمادة‪ ،‬وال بين الكراسة والدواسة‪ ،‬لم يقدِّ م عمالً‪ ،‬ولم ينجز‬
‫بح ًثا‪ ،‬بل استغفل وهنز‪ ،‬واستلب وأجهز‪ ،‬وهؤالء الذين يتسمون هبذه القسيمات‬
‫يف الحصول على الرسائل العلم َّية بال مجهود حقيقي يبذلونه‪ ،‬ويحققونه بالطرق‬
‫ألن ما بني‬ ‫ِ‬
‫واآلخرة‪ ،‬وذلك هو الخسران المبين؛ َّ‬ ‫الملتوية‪ ،‬إنما يخسرون الدُّ نيا‬
‫على باطل فهو باطل‪ ،‬وما َنتَج عن الحرام فهو حرام‪.‬‬
‫وعلى ما َس َبق‪َّ ،‬‬
‫فإن الرغبة مهما كانت متوفرة لدى الباحث فإهنا غير كافية‬
‫ِ‬
‫للقيام بالبحث "قد تكون الرغبة الظاهرة نزعة عابرة‪ ،‬فينكص الباحث‪ ،‬وهو لما‬
‫يزل يف بداءة الطريق‪ ،‬ولذلك ال بدَّ من أن يصحب الرغبة الصرب والصمود يف وجه‬
‫المشقات‪ ،‬والصرب فضيلة النفوس الكبيرة‪ ،‬التي تأبي العيش يف السفوح فتشرئب‬
‫القمم‪ ،‬فتعمل وتجد غير مكرتثة لوعورة ِّ‬
‫الشعاب‪ ،‬ومن صرب ظفر‪،‬‬ ‫أعناقها إلى ِ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬ص ‪ 20‬كيف تكتب بح ًثا أو رسالة‪.‬‬


‫(‪ )2‬سورة التوبة‪.105:‬‬
‫‪23‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫ومن َل َّج كفر"(‪.)1‬‬


‫ِ‬
‫نوال المرغوب فيه؛ لذلك على الباحث أن يتح َّلى َّ‬
‫بالصرب يف‬ ‫وهناية الصرب ُ‬
‫كل ُخطوة من ُخطوات بحثِه‪ ،‬ويف ِّ‬
‫كل ما يتع َّلق بسبل إنجازه‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫‪ -6‬التواضع والبعد عن الغرور‪:‬‬
‫وقوته إلى حول اهلل وقوته‪،‬‬ ‫ِ‬
‫حوله َّ‬
‫التجرد من ْ‬
‫ُّ‬ ‫دائما‬
‫الباحث الناضج يستشعر ً‬
‫ويؤمن بأن ما يتحقق على يديه من نتائج ونجاح هو يف المقام األول بتوفيق اهلل‬
‫وعنايته‪.‬‬
‫ولذا ليس هناك ما يدعو إلى المكابرة والمباهاة والغرور والتعالي ولقد هنى‬

‫اهلل تعالى عن كل ذلك يف محكم التنزيل يف وصية لقمان البنه {ﳆ ﳇ ﳈ‬

‫ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ}(‪.)2‬‬
‫نفي االعتزاز فبينهما ْفرق شاسع‪ ،‬فالباحث يعتز بأفكاره‬
‫وليس معنى الكرب َ‬
‫وبما منحه اهلل تعالى من القدرة على التفكير والعمل وانجازه‪ ،‬دون أن يصل به‬
‫األمر إلى االختيال والكرب‪ ،‬وأن يعطي اإلنسان نفسه حقها من التقدير أمر يجوز‬
‫ب‬ ‫ألن انتقاصها أو التهوين من شأهنا تحقير‪ ،‬وذلك منهي عنه "بِ ْ‬
‫حس ِ‬ ‫له ذلك؛ َّ‬
‫ِ‬
‫المسلم"(‪ ،)3‬فما بالك بالنفس‪ ،‬المهم أن يزن‬ ‫أن ي ِ‬
‫حقر أخا ُه‬ ‫ْامرِ ٍئ من َّ‬
‫الش ِّر ْ‬
‫الباحث نفسه بميزان صحيح‪ ،‬وأن يقدرها بحجمها الحقيقي‪ ،‬وال يكون كما قال‬
‫الشاعر‪:‬‬

‫(‪ )1‬منهجية البحث ص‪.24‬‬


‫(‪ )2‬سورة لقمان‪.18:‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري (‪ ،)6064‬ومسلم (‪.)2564‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪24‬‬

‫َم ْن َي ُه ْن َي ْس ُه ِل ا ْل َه َوا ُن َع َل ْي ِه *** َما ل ِ ُج ْرح بِ َم ِّيت إِيالَ ُم‬


‫أحوج ما يكون إلى هذا االعتزاز‪ ،‬فإ َّنه يساعده على الشجاعة‬
‫ُ‬ ‫والباحث‬
‫يقتحم الموضوعات التي قد يظن أهنا صعبة‪ ،‬ومناقشة‬
‫َ‬ ‫والجرأة‪ ،‬الشجاعة يف أن‬
‫اآلراء وبيان وجوه الصحة فيها من عدمها‪ ،‬والجرأة ال تعني بحال مِن األحوال‬
‫تجاوز حدود األدب مع اآلخرين واالفرتاء عليهم‪ ،‬والوقاحة‪ ،‬بل تعني وصم‬
‫الباطل بأ َّنه باطل‪ ،‬وقول الحق أنَّه حق دون خوف أو وجل أو تم ُّلق أو نفاق أو‬
‫مداهنة‪ ،‬فليس يف ال َب ْحث صديق أو عدو‪ ،‬بل حق وحقيقة‪ ،‬وأفضل ما تكون‬
‫بالخ َطأ‪ ،‬واالعرتاف بالخطأ فضيلة(‪.)1‬‬
‫الجرأة عندما تكون اعرتا ًفا َ‬
‫والمؤمن عزيز ال يعرف المهانة أما َم الجهلة ومدَّ عي العلم‪ ،‬وحقيق به ّأال‬
‫تواضع أمام أساتذته ومع ِّلميه‪ ،‬ومن التواضع ّأال‬
‫ٌ‬ ‫ينزل هؤالء‪ ،‬ويف الوقت نفسه م‬
‫يغمط حقوق اآلخرين‪ ،‬وأن يعرف للناس أقدارهم وللعلماء منازلهم وقيمتهم‬
‫ول ِ َمن سبقوه يف المجال فضلهم وسبقهم‪.‬‬
‫‪ - 7‬الفطنة والبديهة‪:‬‬
‫أن الباحث يجب ّأال يقبل كل ما يقدم إليه على أنه حقيقة مس َّلم هبا‪،‬‬
‫بديهي َّ‬
‫وإال فما وظيفته يف البحث بل ال بدَّ من تقليبه على شتى الوجوه‪ ،‬ووزنه بميزان‬
‫الفطنة َّ‬
‫والذكاء واالختبار واللب المميز‪ ،‬والفارق الذي يساعده على‬ ‫دقيق مِن ِ‬

‫تحليل األفكار وتركيبها الذي يساعده على تحليل األفكار وتركيبها واستنتاج ما‬
‫يمكن استنتاجه‪ ،‬واستنباط ما يمكن أن يتوصل إليه‪.‬‬
‫فالباحث يعتمد على الفطنة والبديهة المتوقدة‪ ،‬التي تجعله يربط بين فكرة‬

‫(‪ )1‬منهجية البحث ص ‪ 26‬بتصرف‪.‬‬


‫‪25‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫قرأها اليو َم‪ ،‬وفكرة اطلع عليها من شهور‪ ،‬وبين محتويات كتاب كان قد ا َّطلع‬
‫عليه منذ زمن وآخر وقع ب ْين يديه حدي ًثا ووجده صورة طبق األصل من األول‪،‬‬
‫والسمين والصحيح والفاسد‪،‬‬ ‫يفرق ب ْين ِّ‬
‫الغث َّ‬ ‫والمعول عليه يف كل ذلك الفطنة‪ِّ ،‬‬
‫َّ‬
‫وعل الفطنة ُتسلِم صاحبها‬
‫والصواب والخطأ‪ ،...‬بما يعود على بحثه بالفائدة‪َّ ،‬‬
‫أحيانًا إلى أن َّ‬
‫يشك فيما بين يديه‪ ،‬وإن كان الشك يف عمومه مذمو ًما‪ ،‬إال أنه يف‬
‫مجال البحوث وسيلة من وسائل التحقق والمعرفة والوصول إلى اليقين‪ ،‬ومِن‬
‫قبل قالت العرب‪" :‬سوء الظن مِن حسن الفطن"‪ ،‬إال أن المبالغة يف الشك تؤ ِّدي‬
‫ُ‬

‫يضر إذ {ﱈ ﱉ ﱊ‬
‫إلى سوء النية‪ ،‬ويح ِّفز على التعدِّ ي‪ ،‬وقلي ُله يف مواضعه ال ُّ‬
‫ﱋﱌ}(‪ِ ،)1‬‬
‫والفطنة لدَ ى الباحث تخدمه يف جميع مراحل البحث يكفي أن نشير‬
‫إلى أهنا تبعث فيه القدرة على التنظيم والتأطير‪ ،‬ودقة هيكلة البحث‪ ،‬فيبدو محكم‬
‫األقسام متماسك الفصول واألبواب‪ ،‬منطقي االنسياب متسلسالً كل شيء منه يف‬
‫مكانه وموضعه الالئق به‪ ،‬فال يعرتي البحث تفكك وال هلهلة وال تناقض‬
‫واضطراب‪.‬‬
‫‪ - 8‬الموضوعية‪:‬‬
‫عندما ُيطلب من الباحث أن يكون موضوعيا إنما يعني بذلك أن يكون واقع ًيا‬
‫غير متعصب لرأي أو مذهب أو نحلة أو مدرسة أو اتجاه فينحاز إليه‪ ،‬ويستقي‬
‫أي منها‪ ،‬ويهمل آراء اآلخرين أو يخطئها بال مربِّر وال‬
‫آرا َءه منه‪ ،‬ويتشبث بأفكار ٍّ‬
‫نزيها يف‬ ‫دائما أن يكون عاد ً‬
‫ال محقا يف أحكامه ً‬ ‫برهان صحيح‪ ،‬والمطلوب منه ً‬

‫(‪ )1‬سورة الحجرات‪.12:‬‬


‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪26‬‬

‫موازناته حصي ًفا يف ترجيحاته‪.‬‬


‫الخاصة‪ ،‬ويتخ َّلص من اآلراء المس َبقة ومن المشاعر‬
‫َّ‬ ‫يتحرر من األهواء‬
‫وأن َّ‬
‫المغرضة بحيث يكون‬‫ِ‬ ‫الشخصية التي قد توقعه يف األخطاء‪ ،‬ومِن التأثيرات‬
‫الحكم على الشيء آت ًيا من خالل األدلة والمرجحات والدراسة المتأنية‪ ،‬وتقليب‬
‫ُ‬
‫النظر يف المادة المقروءة‪ ،‬بحيث ال يرتك لهوى النفس مدخالً‪ ،‬ولالعتبارات‬
‫الخارجة عن نطاق العمل العلمي والبحث المستقل مكانًا؛ ألن األخذ بما سبق‬
‫إنما يضفي على البحث قيم ًة موضوعية وينأى به عن الشبهات‪.‬‬
‫لكن ال يظن ظان أن معنى "التحرر" هو االنفالت من القيود المنظمة‪ ،‬أو‬
‫المعايير المتعارف عليها يف كل فن‪ ،‬أو التفلت من ا ْلتزامات العقيدة؛ ألهنا ال‬
‫تمثل بحال من األحوال عائ ًقا يحول دون المرء والتدبر والفكر والبحث‪ ،‬بل َّ‬
‫إن‬
‫العقيدة الصحيحة تدفع اإلنسان إلى السياحة الفكرية يف الكون‪ ،‬واستكناه خباياه‪،‬‬

‫واكتشاف مكنوناته‪ ،‬قال ‪ -‬تعالى ‪{ :-‬ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ‬

‫ﳂ}(‪.)1‬‬
‫ودالالت التعبير بحرف السين يف اآلية الكريمة فيها استغراق لآليت غير‬
‫المنظور بمدياته الموغلة يف المستقبل إلى أن يرث اهلل األرض و َمن عليها‪ ،‬ويف‬
‫حفز للهمم على التنقيب والنظر يف ملكوت اهلل‪ ،‬وحفز لها وحث عليها‬
‫اآلية ٌ‬
‫وحض للجميع بال استثناء‪ .‬على التفكير وال يجوز بعدَ هذا اهتام العقيدة بأنَّها‬
‫البحث أو تش ِّكك يف وسائله‪ ،‬وتغل الرقاب؛ َّ‬
‫ألن العقيدة ليست‬ ‫تقف حائالً دون ْ‬

‫(‪ )1‬سورة فصلت‪.53:‬‬


‫‪27‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫مجرد مشاعر‪ ،‬أو أهراء أو عواطف‪ ،‬وإنما هو تعقل وبرهنة‪ ،‬وإذا ثبتت العقيدة‬
‫َّ‬
‫يتجرد منها يف أثناء استنتاج النتائج‬
‫بالربهان والدليل‪ ،‬فال ينبغي على الباحث أن َّ‬
‫واستنباط األحكام‪.‬‬
‫وضعت له‬
‫ْ‬ ‫البحث والنظر‪ ،‬بقدر ما‬
‫وبقدر ما حفزت العقيد ُة اإلنسان على ْ‬
‫األطر الصحيحة‪ ،‬والطرق المثلى‪ ،‬طالما كانت الغاية هي الوصول إلى ُحكم‬
‫صحيح‪ ،‬ونتيجة سليمة‪ ،‬فحينما نعود إلى القرآن الكريم نجده قد َّ‬
‫حذر اإلنسان‬
‫من أن يعتمدَ على األهواء أيا كانت يف استصدار األحكام؛ َّ‬
‫ألن مآلها الفساد‬

‫واإلفساد قال تعالى‪{ :‬ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ‬

‫ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖﱗ ﱘ‬

‫ﱙﱚ}(‪.)1‬‬
‫َّ‬
‫وألن إتباع الهوى منطقه الجور والظلم‪ ،‬هنى القرآن الكريم عنه يف قوله‬

‫تعالى‪{ :‬ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ‬

‫ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ}(‪.)2‬‬
‫وإذا كان القرآن الكريم قد َّ‬
‫حذر من االعتماد على األهواء‪ ،‬وهي األحكام‬
‫تقم على برهان عقلي سليم‪ ،‬وال على دليل علمي مقنع‪ ،‬فإنما‬
‫الشخصية التي لم ْ‬
‫ُّ‬
‫يحث على الموضوعية فيها‪ ،‬وأن يستهدي الباحث ويسرتشد بما‬ ‫هو بذلك‬
‫أوجبتْه عليه عقيدته من طلب الحق‪ ،‬ونشدان الصدق يف كل ما يقول به‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة الجاثية‪.23:‬‬


‫(‪ )2‬سورة النساء‪.135:‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪28‬‬

‫سابعا‪ -‬شخصية الباحث‪:‬‬


‫من المصطلحات المهمة يف الجهاز االصطالحي للبحث العلمي (شخصي ُة‬
‫تحكيم بحث أو كثي ٌر‬
‫ُ‬ ‫مصطلح ال تخلو من ِ‬
‫ذكره مناقش ٌة علمي ٌة أو‬ ‫ٌ‬ ‫الباحث)‪ ،‬وهو‬
‫ُ‬
‫الباحث من‬ ‫يكثر‬
‫من الجلسات العلمية‪ .‬ويف الحقيقة يعتقد البعض أنه يعني أن َ‬
‫قوله (وأرى)‪( ،‬وأنا أذهب)‪( ،‬ويتضح لي)‪ ..‬إلى آخره من العبارات التي يقول‬
‫فهم‬
‫الباحث من خاللها بشكل ضمني‪ :‬أنا موجو ٌد فانتبه لذلك أيها القارئ‪ .‬وهذا ٌ‬
‫ضيق لهذا المصطلح الذي تتسع مواطنه‪ ،‬حتى أهنا لتكاد تشمل مراحل البحث‬
‫ٌ‬
‫المتعاقبة كلها‪.‬‬
‫وتتأتى أهمية إبراز هذه الشخصية من أنه إذا كانت الغاية من البحوث العلمية‬
‫لخصها البعض يف‪" :‬اخرتاع معدوم‪ ،‬أو جمع متفرق‪ ،‬أو تكميل ناقص‪ ،‬أو‬
‫تفصيل مجمل‪ ،‬أو هتذيب مطول‪ ،‬أو ترتيب مختلط‪ ،‬أو تعيين مبهم‪ ،‬أو تبيين‬
‫خطأ"‪ )1(،‬فإن هذه األمور لن تتحقق إذا كان الالحق مقلدً ا للسابق‪ ،‬غير مضيف‬
‫إلى ما ورد عنه‪.‬‬
‫ولوال الحرص على هذه الشخصية لتبع التلميذ شيخه تبعية تامة‪ ،‬ولسار‬
‫المتعلم على خطى أستاذه حذو النعل بالنعل‪ ،‬ولما تحققت هذه الغايات التي‬
‫خطها العلماء لمن يريد أن يبني لبنة يف صرح العلم‪.‬‬
‫ولهذه الشخصية مكان ُتها يف تقييم الرسائل العلمية‪ ،‬والبحوث المحكمة‪،‬‬
‫غرضا لكثير من السهام‬
‫ً‬ ‫وهي عنصر مهم من عناصر التقييم‪ ،‬كما أهنا تكون‬

‫(‪ )1‬قواعد التحديث (‪ )37‬محمد جمال الدين القاسمي‪.‬‬


‫‪29‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫التقييمية‪.‬‬
‫ولشخصية الباحث مظاهر عديدة تظهر من خالل كونه‪ :‬ممهدً ا للقضية التي‬
‫محلال للنقول‪ ،‬مقارنًا‬
‫ً‬ ‫شارحا للنصوص واألقوال‪،‬‬
‫ً‬ ‫عارضا لالتجاهات‪،‬‬
‫ً‬ ‫يدرسها‪،‬‬
‫راجحا‪ ،‬مستشهدً ا على ما يذهب إليه‪،‬‬
‫ً‬ ‫مرجحا منها ما يراه‬
‫ً‬ ‫معلال لآلراء‪،‬‬
‫ً‬ ‫بينها‪،‬‬
‫طو ًال‪ ،‬ناقدً ا لما‬
‫لخ ًصا لبعض ما يراه ُم َّ‬‫مختصرا أو ُم ِّ‬
‫ً‬ ‫مستدركًا يف بعض األحيان‪،‬‬
‫يراه مجانِ ًبا للصواب أو مخال ًفا للقواعد‪ ،‬معيدً ا للصياغة‪ ....‬إلخ‪.‬‬
‫تتضح شخصية الباحث يف مواط َن عديدة‪ ،‬ال تتوقف ‪ -‬كما أسلفنا ‪ -‬عند‬
‫قوله‪( :‬وأرى) و(يتضح لي)‪ ..‬إلخ‪.‬‬
‫ظهورها يف مرحلة وضع فكرة البحث وصياغة العنوان‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ومن هذه المواطن‬
‫فالباحث ذو الشخصية البارزة المستقلة ال يرضى بالتقليد الكامل (األعمى)‪ ،‬أو‬
‫أن يصوغ فكرته على منوال فكرة سبق إعدا ُدها دون أن يضيف إليها أو ينحو هبا‬
‫منحى آخر‪ ،‬أو يعالجها معالج ًة مختلفةً‪.‬‬
‫ً‬
‫ففي هذه المرحلة يخ ُلد ٌ‬
‫كثير من الباحثين إلى اجتالب األفكار السابق‬
‫طرحها مع تعديل إطارها‪ ،‬فنجد باح ًثا يسمي بحثه ‪ -‬على سبيل المثال‪( -‬سورة‬
‫مريم دراسة داللية)‪ ،‬ال لشيء إال ألنه وجد باح ًثا آخر تناول (سورة آل عمران‬
‫هيكال‬
‫ً‬ ‫بحث ِ‬
‫نفسه ليكون‬ ‫هيكل ال ِ‬
‫َ‬ ‫دراسة داللية)‪ ،‬بل يزيد االستسهال بأن ينقل‬
‫زلت أتذكر حدي ًثا أكاديميا دار يف أحد المؤتمرات‪ ،‬قال‬
‫لبحثه دون تعديل‪ .‬وما ُ‬
‫كبير‪ :‬طلبنا درج ًة علمي ًة يف إحدى الجامعات فتقدم ثالثون باح ًثا‬
‫فيه أستا ٌذ ٌ‬
‫تعجبت وسأل ُته‪ :‬كيف يكون ذلك؟‬
‫ُ‬ ‫بموضوع واحد‪ .‬وهنا‬
‫فقال‪ :‬كل أبحاثهم‪ :‬سورة البقرة دراسة بالغية‪ ،‬سورة آل عمران دراسة‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪30‬‬

‫ُ‬
‫الرجل‪.‬‬ ‫وصدَ َق‬
‫بالغية‪ ،‬سورة النساء دراسة بالغية‪ ...‬مما أعدُّ ه موضو ًعا واحدً ا‪َ .‬‬
‫أعو ُد إلى الحديث عن ظهور شخصية الباحث يف هذه المرحلة‪ ،‬فأقول‪ :‬ال بد‬
‫خصوصا يف مرحلتي (الماجستير)‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫الباحث من الموضوعات –‬ ‫أن يتخ َّير‬
‫و(الدكتوراه) ‪ -‬ما يتناسب مع ميوله هو ً‬
‫أوال‪ ،‬ال ما يفرضه عليه األقسا ُم العلمي ُة‬
‫وإن َحدَ َ‬
‫ث فبمقدار اكتساب‬ ‫أو يمليه عليه أقرا ُنه ممن سبقوه يف هذه المرحلة‪ْ ،‬‬
‫الخربة منهم فقط‪ ،‬وأن يلتقط من األحاديث ما يبني عليه فكرته بعد القراءة‬
‫حولها‪ ،‬ومحاولة بلورهتا بما يتناسب مع تخصصه من ناحية‪ ،‬وميوله من ناحية‬
‫تميز عم َله‪،‬‬
‫أخرى‪ ،‬واستحقاقها الدراس َة من ناحية ثالثة‪ ،‬مع َو ْضع أطر خاصة ُ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫وأن يفهم مفردات عنوان الموضو ِع ً‬
‫فهما جيدً ا‪ ،‬ومحرتزات تلك المفردات‪،‬‬
‫ومضامينها الدقيقة‪.‬‬
‫َب له أستا ُذه ع َ‬
‫نوان موضوع‬ ‫وما زلت أتذكر يف هذا الصدد‪ ،‬باح ًثا َكت َ‬
‫الباحث يف هذا الموضوع‪ ،‬ثم لحق هذا األستا ُذ‬
‫ُ‬ ‫(للماجستير) على ورقة‪ ،‬وسجل‬
‫وردت يف‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫الباحث أس ًيرا لعدم فهمه كلم ًة‬ ‫بالرفي ِق األعلى بعد مدة بسيطة‪َّ ،‬‬
‫وظل‬
‫ِ‬
‫العنوان‪،‬‬ ‫العنوان سن ًة كاملةً‪ ،‬ال لشيء إال ألنَّه لم يناقش أستا َذه يف أبعاد هذا‬
‫فظلت شخصي ُته غائب ًة سن ًة كامل ًة يتخبط يف ُأ ُطر‬
‫ْ‬ ‫ومعاين كلماته ومصطلحاته‪،‬‬
‫موضوعه‪.‬‬
‫أيضا ‪ -‬مرحل ُة جم ِع‬ ‫ِ‬
‫لباحث ‪ً -‬‬‫من المواطن التي تتضح فيها شخصي ُة ا‬
‫ِ‬
‫والوقوف على الدراسات السابقة‪ ،‬فعلى الباحث ذي‬ ‫المراجع والمصادر‬
‫الشخصية العلم َّية البارزة ْ‬
‫أن يحرص يف هذه المرحلة على جمع أكرب ك َِّم من‬
‫المراجع والمصادر التي تفيده يف عملِه‪ ،‬و ُتعد هذه المرحل ُة ترجم ًة واضح ًة‬
‫‪31‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫لمدى فهمه حدو َد بحثه ‪ -‬على األقل طب ًقا للتخطيط المبدئي للبحث وتقسيماته‬
‫التنظيري ‪ -‬على سبيل المثال ‪ -‬من مراجع‬‫ُّ‬ ‫الجانب‬
‫ُ‬ ‫فهم ما يحتاجه‬
‫‪ -‬فيت ُ‬
‫الجانب التطبيق ُّي من مثلِها‪ ،‬ويحد ُّد ما هو ثانوي من هذه‬
‫ُ‬ ‫ومصادر‪ ،‬وما يتطلبه‬
‫المؤ َّلفات وما هو جوهري بالنسبة لبحثه‪ ،‬وأ ْن ُيرتب هذه المراجع تاريخيا من‬
‫األقدم إلى القديم إلى الحديث فاألحدث؛ لإلفادة من ذلك يف الوقوف على‬
‫تطور فكرة مع َّينة‪ ،‬أو لنسبة األقوال واألفكار إلى قائليها األصليين‪.‬‬
‫ِ‬
‫صعوبة الوصول إليها‪،‬‬ ‫وعليه أال يرتك مؤل ًفا أو دارس ًة أو يتغاضى عنها بح ِ‬
‫جة‬
‫وليعلم أن للحصول على المرجع غير المتوافر أو بعيد المنال نشو ًة ال ُي ُ‬
‫درك‬
‫كنهها إال َم ْن َج َّرب حالو َتها‪.‬‬
‫َ‬
‫وبالطبع فعلى الباحث ْ‬
‫أن يتحلى يف هذه الفرتة بالصرب وأن يحافظ على‬
‫حماسه وهنمه العلمي الذي ال ينتهي ‪ -‬يف حدود بحثه ‪ -‬إال بعد طباعة البحث‬
‫طباع ًة هنائيةً‪ ،‬وأن يكون كالطبيب الماهر الذي ال يرضى عن الدواء األصلي‬
‫َ‬
‫الوسيط ال ُيستخد ُم إال عند‬ ‫لمرجع‬
‫َ‬ ‫صب عينيه َّ‬
‫أن ا‬ ‫بديال‪ ،‬فيضع ُن َ‬
‫ً‬ ‫لمريضه‬
‫ِ‬
‫الحصول على المرجع األصلي‪.‬‬ ‫استحالة‬
‫وف على الدراسات السابقة‪ ،‬أو التي‬
‫أيضا ‪ -‬الوق ُ‬
‫ومما يتعلق هبذه المرحلة – ً‬
‫لها عالقة بموضوعه‪ ،‬والتي تدعو عند النظر إليها إلى سؤال ُملح متكرر‪ :‬وما‬
‫الجديد الذي س ُيقدم؟‬
‫فحصا جيدً ا سيقف الباحث على‬
‫ً‬ ‫فمن خالل جمع هذه الدراسات وفحصها‬
‫ما سيميز رسالته أو دراسته عن هذه الدراسات السابقة المشاهبة لدراسته من جهة‬
‫الباحث ممي ِ‬
‫زات كل دراسة‬ ‫ُ‬ ‫ما‪ ،‬عن طريق إجراء دراسة تحليلية ُيبين فيها‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪32‬‬

‫وعيوهبا‪ ،‬و ُيق ِّفي ذلك بما ستقد ُمه دراس ُته من جديد‪.‬‬
‫لعلك معي اآلن أيها القارئ الكريم أن مصطلح (شخصية الباحث) ليس‬
‫بسي ًطا كما يراه البعض‪ ،‬وإنما تتسع داللته لتشمل جميع مراحل إعداد البحث أو‬
‫الرسالة العلمية‪.‬‬
‫أيضا ‪ -‬مرحل ُة جمع المادة‬
‫ث‪ً -‬‬‫من المواطن التي تتضح فيها شخصي ُة الباح ِ‬

‫العلمية‪ ،‬فمن خالل االطالع على المصادر والمراجع‪ ،‬يحدِّ ُد ُّ‬


‫كل باحث ما يفيد‬
‫بح َثه من مادة علمية ونصوص منتقاة‪ ،‬سيعمل على تحليلها والبناء عليها‪ ،‬وكلما‬
‫كانت المادة العلمية منتقا ًة بطريقة صحيحة ولصيق َة الصلة بمادة البحث كان‬
‫واختلفت‬
‫ْ‬ ‫رت هذه النصوص‬ ‫االستنتاج دقي ًقا‪ ،‬والنتائج م ِ‬
‫رضيةً‪ ،‬وكلما ك ُث ْ‬ ‫ُ‬
‫اتجاها ُتها أع َطت البا َ‬
‫حث فرص ًة جيد ًة لرؤية الظاهرة المدروسة‪ ،‬ومن ثم دقة يف‬
‫التحليل واالستنتاج‪ ،‬فأولى المهارات التي ُتظهر شخصي َة الباحث يف هذه‬
‫ُ‬
‫إدراك عالقة هذه النصوص‬ ‫المرحلة دق ُة تحديده ما ُينقل من نصوص‪ ،‬و‬
‫بموضوعات البحث ومدى هذه العالقة‪.‬‬
‫ينتظم مرحلتي جمع المادة‬
‫ُ‬ ‫ومن الواضح َّ‬
‫أن ما نحن بصدده من حديث‬
‫العلمية ‪ -‬كما يراها البعض ‪ ،-‬المتمثلتين يف‪:‬‬
‫مرحلة الجمع التحضيري لتدوين المادة العلمية‪.‬‬
‫ومرحلة الجمع التدويني للمادة العلمية(‪.)1‬‬
‫أيضا ‪ -‬يف هذه المرحلة من معرفتِه متى َي ُ‬
‫نقل‬ ‫باحث ‪ً -‬‬‫ِ‬ ‫وتتضح شخصي ُة ال‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬البحث العلمي‪ ،‬حقيقته‪ ،‬ومصادره‪ ،‬ومادته‪ ،‬ومناهجه‪ ،‬وكتابته‪ ،‬وطباعته‪ ،‬ومناقشته (‪)141 /1‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز بن عبد الرحمن الربيعة‪ ،‬ط‪ .‬ثالثة‪ ،‬الرياض‪1414 ،‬هـ‪2004 -‬م‪.‬‬
‫‪33‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫نقال حرفيا‪ ،‬ومتى ُي ِّ‬


‫لخصه ويذكر مفاده‪ ،‬ومتى يتصرف فيه‪ ،‬وحدود هذا‬ ‫نصا ً‬
‫التصرف‪.‬‬
‫إضافة إلى ما سبق َّ‬
‫فإن إدراك الباحث ألهمية النصوص ومن قبلها تصنيفه ما‬
‫فهما جيدً ا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫هو ثانوي وجوهري من المراجع والمصادر ُّ‬
‫يدل على فهمه موضوعه ً‬
‫ِ‬
‫لوقوف على أطره المنهجية؛ بمعنى معرفة ما يدخل يف إطار الدراسة وما ال‬ ‫وا‬
‫تصورا عن هذه الشخصية يف هذه المرحلة من‬
‫ً‬ ‫يدخل فيها‪ ،‬ومن ثم يعطي للقارئ‬
‫مراحل البحث‪.‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪34‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫املنهج واحلاجة إليه يف البحث العلمي‬


‫‪35‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫الفصل الثاني‬

‫املنهج واحلاجة إليه يف البحث العلمي‬

‫ويتناول الفصل النقاط التالية‪:‬‬


‫أوال‪ -‬مفهوم المنهج‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬الفرق بين المنهج والمنهج َّية‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬كيف أحدِّ د المنهج المناسب لبحثي؟‬
‫رابعا‪ -‬الحاجة إلى (المنهج) يف البحث العلمي‪.‬‬

‫أوال‪ -‬مفهوم املنهج‪:‬‬


‫المنهج اسم مفعول من الفعل الثالثي (ن ََه َج)‪ ،‬وهو مأخوذ من مادة (ن‪ .‬هـ‪.‬‬
‫ِ‬
‫أصلين؛ أولهما ‪ -‬وهو المقصود هنا ‪:-‬‬ ‫ج)‪ ،‬وقد ذكر ابن فارس لهذه المادة‬
‫والمن َْهج‪:‬‬
‫َ‬ ‫أوض َحه‪ ،‬وهو مستقيم المنهاج‪،‬‬
‫األمر‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫"النَّهج‪ :‬الطريق‪ ،‬ون ََه َج لي‬
‫أيضا‪ ،‬والجمع المناهج‪.)1("...‬‬
‫الطريق ً‬
‫وقد زاد الجوهري صفة الوضوح‪ ،‬فقال‪" :‬النَّ ْهج‪ :‬الطريق الواضح‪ ،‬وكذلك‬
‫واضحا َب ِّينًا‪.)2( "...‬‬ ‫نهاج‪ ،‬وأهن ََج ال َّط ُ‬
‫ريق؛ أي‪ :‬استبان وصار ن َْه ًجا‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫المن َْهج والم َ‬
‫َ‬
‫االصطالحي‪ ،‬فنجد للمنهج‬
‫ِّ‬ ‫هذا من الناحية اللغو َّية‪ ،‬أ َّما على الجانب‬
‫تعريفات متعددةً‪ ،‬منها‪:‬‬
‫• المنهج هو‪" :‬طائفة من القواعد العا َّمة المصوغة من أجل الوصول إلى‬

‫(‪ )1‬مقاييس اللغة‪ ،‬مادة‪( :‬ن‪ .‬هـ‪ .‬ج)‪.‬‬


‫(‪ )2‬تاج اللغة وصحاح العربية‪( :‬ن‪ .‬هـ‪ .‬ج)‪.‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪36‬‬

‫الحقيقة يف العلم"(‪.)1‬‬
‫• هو‪" :‬فن التنظيم الصحيح لسلسلة من األفكار العديدة؛ إ َّما مِن أجل‬
‫الكشف عن الحقيقة‪ ،‬حين نكون هبا جاهلين‪ ،‬أو مِن أجل الربهنة عليها‬
‫َ‬
‫لآلخرين‪ ،‬حين نكون هبا عارفين"(‪.)2‬‬
‫• هو‪" :‬الطريق المتبع لدراسة موضوع مع َّين؛ لتحقيق هدف معين"(‪.)3‬‬
‫وبالنظر يف التعريفات السابقة نالحظ َّ‬
‫أن مضموهنا ال يبتعد عن المعنى‬
‫واضحا‬
‫ً‬ ‫مستقيما‬
‫ً‬ ‫اللغوي‪ ،‬من حيث هو طريق معين من المفرتض أن يكون‬
‫ِّ‬
‫المرجوة من بحثه‪.‬‬
‫َّ‬ ‫للباحث؛ حتى يؤ ِّدي به إلى النتائج‬
‫مناهج معينة قد ال‬
‫َ‬ ‫أن العلوم تختلف من حيث اعتما ُدها على‬ ‫أن نذكر َّ‬
‫وال بد ْ‬
‫تالئم علو ًما أخرى‪ ،‬ومِن َث َّم فهناك مناهج تشتهر يف ميادي َن معرف َّية‪ ،‬وتفتقد إلى‬
‫هذه الشهرة يف ميادي َن أخرى‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪" :‬فقد استخدمت الدراسات‬
‫اللغوية الحديثة َّ‬
‫جل أنماط المناهج العلم َّية يف البحث‪ ،‬بيد َّ‬
‫أن الشائع منها ‪-‬‬
‫لتناغمه مع طبيعة القضايا اللغوية‪ ،‬والهدف من دراستها ‪ -‬هو المنهج الوصفي‪،‬‬
‫والتاريخي‪ ،‬والمقارن‪ ،‬والمعياري‪ ...‬وليس معنى ذلك َّ‬
‫أن المناهج األخرى‬
‫معدومة الفائدة‪ ،‬أو قليلة الجدوى‪ ،‬بل كثيرا ما يلجأ إليها الباحث لص ِ‬
‫حة فرض‪،‬‬ ‫ً‬
‫العملي ُيعدُّ‬ ‫أو اختبار نتيجة‪ ،‬أو قياس شاهد على غائب‪ ،‬بل َّ‬
‫إن بعضها كالمنهج‬
‫ِّ‬
‫من األُسس الرئيسة يف دراسة المستوى الصويتِّ للغة المنطوقة"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬مناهج البحث العلمي (‪.)3‬‬


‫(‪ )2‬السابق (‪.)4‬‬
‫(‪ )3‬البحث العلمي‪ :‬حقيقته‪ ،‬ومصادره‪ ،‬ومادته (‪.)174/1‬‬
‫(‪ )4‬البحث اللغوي‪ :‬أصوله ومناهجه (‪.)79‬‬
‫‪37‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫ثانيا‪ -‬الفرق بني املنهج واملنهجيَّة‪:‬‬


‫أن هناك فر ًقا ‪ -‬فيما نذهب إليه ‪ -‬بين المنهج والمنهج َّية‬
‫نوضح َّ‬ ‫ال بد ْ‬
‫أن ِّ‬
‫وضحنا فإ َّن المنهج هو الطريق المتبع يف‬
‫التي يتبعها الباحث يف بحثه‪ ،‬فكما َّ‬
‫الوصول إلى النتائج المرجوة من الدراسة أو البحث‪ ،‬وأ َّما المنهجية‪ ،‬فهي عبارة‬
‫عن قواعدَ معينة ومحددة يخت ُّطها الباحث يف إطار المنهج المختار‪ ،‬أو بمعنى‬
‫آخر‪ :‬المنهجية هي التطبيق الفعلي للمنهج من خالل آلياته المتعدِّ دة‪ ،‬أو هي‬
‫(آليات المنهج)‪ ،‬وهذه القواعد أو اآلليات يقبلها المشتغلون يف هذا المجال‪ ،‬أو‬
‫يمكن القول‪َّ :‬‬
‫إن المنهجية هي آليات المنهج وإجراءاته التي ُيستعان هبا يف تحقيق‬
‫األهداف‪.‬‬
‫أن المنهجية مصدر صناعي ُّ‬
‫يدل‬ ‫ومن الواضح من خالل الجانب اللفظي َّ‬
‫ِّ‬
‫تطبيقي لعلم‬
‫ٍّ‬ ‫التطبيقي للمنهج‪ ،‬ومثل ذلك المعجمية كجانب‬
‫ِّ‬ ‫على الجانب‬
‫يفرقون بين هذه‬
‫المعجم‪ ،‬والمصطلحية كجانب تطبيقي لعلم المصطلح عند َمن ِّ‬
‫المصطلحات‪.‬‬
‫على سبيل المثال‪:‬‬
‫يف دراسة بعنوان‪( :‬قراءة اإلمام علي ‪ ‬دراس ًة وصفيةً)؛ فالمنهج‬
‫الوصفي القائم على أسس‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫موضح يف العنوان‪ :‬المنهج‬
‫المتَّبع كما هو َّ‬
‫(جمع المادة العلمية)‪.‬‬
‫لكن المنهجية تأتي من خالل اإلجابة عن أسئلة معينة‪ ،‬هي‪:‬‬
‫َّ‬
‫هل ستكون دراستي إحصائية لجمع مواضع هذه القراءة‪ ،‬أم سأعتمد فيها‬
‫على النماذج؟ أو بمعنى آخر سأستخدم المسح الشامل لمواضع الدراسة‪ ،‬أم‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪38‬‬

‫سأعتمد على العينات؟‬


‫إذا كان المسح الشامل هو المختار‪ ،‬فهل سيكون يف كتاب بعينه‪ ،‬أم يف الكتب‬
‫المتعددة؟ ثم ما آلية هذا المسح‪ :‬يدوي أم وثائقي؟ إلخ‪.‬‬
‫وإذا كنت سأعتمد على نظام الع ِّينة‪ ،‬فهل ستكون عشوائي ًة أم منتظمةً؟‬
‫ما كيفية التعامل مع هذه القراءات من حيث التوثيق والتصنيف والتحليل‪...‬‬
‫إلخ؟‬

‫ثالثا‪ -‬كيف أحدِّد املنهج املناسب لبحثي؟‬


‫ناهج‬
‫منهجا معينًا من م َ‬
‫ً‬ ‫هناك العديد من األمور التي تؤ ِّدي إلى اختيار الباحث‬
‫نتائج دقيقة لبحثه‪ ،‬من هذه األمور‪:‬‬
‫متعددة يسلكه يف سبيل الوصول إلى َ‬
‫• انتماء الفكرة التي يختارها لمجال مع َّين من المجاالت المعرف َّية‪ ،‬رياضي ًة‬
‫كانت أو إنساني ًة أو طبيعي ًة‪ ،‬فمما ال شك فيه َّ‬
‫أن العلوم الطبيعية تشيع فيها‬
‫المناهج المعمل َّية أكثر‪ ،‬على العكس من العلوم اإلنسانية التي للمناهج النظر َّية‬
‫ُ‬
‫فيها المكان ُة األعلى‪.‬‬
‫• األهداف التي يريد الباحث الوصول إليها‪ ،‬فإذا كان هدف الباحث من‬
‫دراسة ظاهرة لغوية معينة ‪ -‬ولتكن صوت القاف على سبيل المثال ‪ -‬هو‬
‫ِ‬
‫ألسنة شريحة اجتماعية معينة أو‬ ‫الوقوف على وصف دقيق لهذا الصوت على‬
‫َ‬
‫المهمة‪ ،‬هو (المنهج‬
‫َّ‬ ‫لهجة محددة‪ ...‬إلخ‪َّ ،‬‬
‫فإن المنهج المعين له إلتمام هذه‬
‫الصوت مِن‬
‫َ‬ ‫وقوف على ما أصاب هذا‬
‫َ‬ ‫الوصفي)‪ ،‬أ َّما إذا كانت فكر ُة الباحث ال‬
‫طور عرب تاريخ اللغة العربية الممتد؛ فالمناسب له (المنهج التاريخي)‪ْ ،‬‬
‫فإن أراد‬ ‫ت ُّ‬
‫الوقوف على مدى أصالة هذا الصوت و َعراقته‪ ،‬من خالل احتمال وجوده يف‬
‫‪39‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫اللغة السامية األ ِّم‪َّ ،‬‬


‫فإن المنهج المناسب هو (المنهج المقارن)‪ ...‬وهكذا‪.‬‬
‫مهمة خاصة بالمناهج‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫وال بد أن يعرف الباحث عدَّ ة أمور َّ‬
‫أن المناهج يف أحايي َن كثيرة قد تكون متداخلةً‪ ،‬ومِن َث َّم فال يمكن الفصل‬
‫• َّ‬
‫فصال تاما‪ ،‬ومن ذلك اعتماد المنهج التاريخي ‪ -‬على سبيل المثال ‪ -‬على‬
‫ً‬ ‫بينها‬
‫الوصفي‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫مبادئ المنهج‬
‫• قد يعتمد الباحث يف البحث الواحد على أك َثر من منهج‪ ،‬فليس معنى‬
‫أن َّ‬
‫كل بحث محدَّ د بمنهج معين ال يتعدَّ اه إلى غيره يف موضع‬ ‫اختيار منهج معين َّ‬
‫تاريخي أو مقارن يف موضع‬
‫ٍّ‬ ‫الوصفي إلى جانب‬
‫ِّ‬ ‫منه‪ ،‬فقد أحتاج بجانب المنهج‬
‫محدَّ د من البحث‪.‬‬
‫التحليلي‪ ،‬وال‬
‫ِّ‬ ‫• يخطئ بعض الباحثين يف قولهم‪ :‬إهنم اعتمدوا على المنهج‬
‫يوجد منهج تحليلي؛ َّ‬
‫ألن عملية التحليل أساسية يف جميع المناهج‪ ،‬فعندما‬
‫أن تح ِّلل المادة العلمية المراد وصفها‪ ،‬وعندما‬
‫تستخدم المنهج الوصفي فال بد ْ‬
‫َّ‬
‫تاريخي فأنت ُمطا َلب بأن تح ِّلل المادة العلمية المراد الوقوف‬
‫َّ‬ ‫تستخدم المنهج ال‬
‫َ‬
‫مراحل تاريخية متعدِّ دة‪.‬‬ ‫على تط ُّورها عرب‬

‫رابعا‪ -‬احلاجة إىل (املنهج) يف البحث العلمي‪:‬‬


‫يتم بطريقة عشوائ َّية؛ وإنما من خالل‬
‫إن البحث العلم َّي ‪ -‬كما قلنا ‪ -‬ال ُّ‬ ‫َّ‬
‫آليات محدَّ دة‪ ،‬ومن َث َّم فإن المنهج هو الضابط لهذا التنظيم المنشود يف مثل هذه‬
‫لحي؛ إذ به‬ ‫ُّ‬
‫األبحاث؛ "فأهمية المنهج للدراسة ال تقل عن أهمية الماء للكائن ا ِّ‬
‫يتم َّكن الباحث من ِّ‬
‫بث الروح يف كيان بحثه‪ ،‬وذلك بمتابعة الظاهرة المدروسة‬
‫وتحليلها بد ًءا بجمع المادة العلمية‪ ،‬وانتها ًء بالنتائج والتوصيات التي يراها‪،‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪40‬‬

‫مط ِّب ًقا إجراءات منهج ما بد َّقة وفعالية‪ ،‬تم ِّكنه من الوصول ببحثه إلى مصاف‬
‫الدراسات العلمية الدقيقة"(‪.)1‬‬
‫إن عدم اعتماد منهج مع َّين يف دراسة ما‪ ،‬لن يوصل إلى نتائج‪ْ ،‬‬
‫وإن توصل‬ ‫َّ‬
‫إلى بعضها فلن تكون دقيق ًة وموضوعيةً؛ فقد "يؤ ِّدي عدم وضوح المنهج‪ ،‬أو‬
‫أصال‪ ،‬أو السير على أساس خطواته‪ ،‬ولكن دون الوعي التام به ‪-‬‬
‫عدم وجوده ً‬
‫إلى الوقوع يف الكثير من األخطاء‪ ،‬وإخراج بحث غير متكامل يسيطر عليه‬
‫التف ُّكك‪ ،‬والبعدُ عن الدِّ قة يف المعالجة للموضوع أو الظاهرة المدروسة"(‪.)2‬‬
‫وقد ُيغتفر للباحث الخطأ يف المنهجية‪ ،‬بمعنى أال يو َّفق يف الخطوات التي‬
‫األعم األغلب من المناقشات العلمية‬
‫ِّ‬ ‫اختارها لبحثه‪ ،‬أو يف تطبيقها‪ ،‬مما نراه يف‬
‫تفوق بحث على آخر‪ ،‬وتم ُّكن‬ ‫لرسائل الماجستير والدكتوراه‪ ،‬مما ُيظهر مدى ُّ‬
‫العلمي‬
‫ِّ‬ ‫باحث مِن أدوات بحثه دون آ َخر‪ ،‬لكن ال أعتقد أنه مما يغتفر يف البحث‬
‫أال يسير الباحث على منهج من األصل‪ ،‬مما قد يدخل يف مجاالت أخرى تصنَّف‬
‫يف غير خانة (البحث العلمي)‪.‬‬

‫(‪ )1‬البحث اللغوي‪ :‬أصوله ومناهجه (‪)78‬؛ د‪ .‬عبدالمنعم عبداهلل‪.‬‬


‫(‪ )2‬مناهج البحث اللغوي (‪)105‬؛ د‪ .‬محمود ياقوت‪.‬‬
‫‪41‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫الفصل الثالث‬

‫موضوع البحث وعنوانه‬

‫الفصل الرابع‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪42‬‬

‫موضوع البحث وعنوانه‬

‫ويتناول الفصل النقاط التالية‪:‬‬


‫أوال‪ -‬اختيار موضوع البحث‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬مقومات اختيار الموضوع‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬تحديد عنوان البحث‪.‬‬
‫البحث‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬هيكلة ْ‬
‫خامسا‪ -‬مرحلة إجازة الموضوع‪.‬‬

‫أوال‪ -‬اختيار موضوع البحث‪:‬‬


‫َ‬
‫الباحث؛ إذ ال يعرف‬ ‫البحث من أكرب المشاكل التي تواجه‬
‫اختيار موضوع ْ‬
‫ُ‬
‫كيف يختار بح َثه‪ ،‬ويصطفي موضو َعه؛ وذلك َّ‬
‫ألن عالقته بالمكتبات لم تكن‬
‫َح َسنة‪ ،‬وال صل ُته بالقراءة موصولة‪ ،‬وال حضوره يف أثناء محاضرات أساتذته‬
‫َ‬
‫حول الموضوعات المقدَّ مة تمهيدً ا‬ ‫فاعالً‪ ،‬وال يف أثناء المناقشات التي تدور‬
‫ور الختيار موضوع ما ُيعدُّ هذا الختيار‬
‫للتسجيل ناهبًا‪ ،‬وعندما يأيت عليه الدَّ ُ‬
‫تحدي الحقيقي لقدراته‪ ،‬والعالم َة البارزة على َذكائه وإمكاناته العلم َّية‪ ،‬ويصير‬
‫َّ‬ ‫ال‬
‫العقدة األولى التي تقف أمام الباحث‪ ،‬وإذا ما استطاع ح َّل هذه العقدة تفتحت‬
‫أمامه الطرق‪ ،‬وذللت الصعاب‪.‬‬
‫مرجع الصعوبة يتم َّثل عند االختيار يف مدى معرفة الباحث‬ ‫َ‬ ‫على َّ‬
‫أن‬
‫بالبحوث التي ُعولجت‪ ،‬وما هي التي يمكن معالج ُتها‪ ،‬ومِن هنا َي ِع ُّن لنا سؤال‪:‬‬
‫َمن الذي يختار البحث؟ الباحث الذي يكون طال ًبا بالدِّ راسات العليا‪ ،‬أم األستاذ‬
‫‪43‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫أو المشرف(‪)1‬؟‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫يكون اختياره‬ ‫للباحث وحدَ ه‪ ،‬وذلك حتى‬ ‫الطبيعي أن ُتوكل َّ‬
‫مهمة االختيار‬
‫وضع الخ َّطة‪ ،‬واختيار المنهج الذي‬
‫متف ًقا مع اهتماماته‪ ،‬ومناس ًبا لقدراته يف ْ‬
‫ُيمكنه َّ‬
‫كل التم ُّكن؛ ولكن هناك من الموضوعات التي قد يختارها ما يكون قد‬
‫َس َبق بح ُثه يف القديم والحديث‪ ،‬ومِن الموضوعات ً‬
‫أيضا ما تتوافر مراج ُعه‬
‫ومصادره‪ ،‬ومنها ما ال يتسنَّى له ذلك‪ ،‬ومِن الموضوعات ما تتوافر مراجعه‬
‫ومصادره‪ ،‬ولكن رغب َة الباحث يف الكتابة فيما حو ْته تلك المراجع والمصادر مِن‬
‫غير أكيدة‪ ،‬وال تناسب ميوله‪.‬‬
‫موضوعات ُ‬
‫ولذلك بعض الباحثين يحاولون يف هذه المرحلة أن ُي ْلقوا ِّ‬
‫بكل أعبائهم على‬
‫اختيار موضوع لهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫أساتذهتم يف القسم الذي ينتمون إليه‪ ،‬فيطلبون منهم‬
‫دليل على ق َّلة‬
‫أن لجوء الطالب إلى غيره يف اختيار الموضوع ٌ‬
‫والواقع َّ‬
‫تخصصه ذلك؛ َّ‬
‫ألن القضايا العلم َّية تحتاج إلى أبحاث‬ ‫اطالعه وخربته يف مجال ُّ‬
‫انتهت‪،‬‬
‫ْ‬ ‫أن الموضوعات قد‬ ‫بحكم ق َّلة قراءته يظ ُّن َّ‬
‫كثيرة‪ ،‬ولك َّن الباحث المبتدئ ُ‬
‫بذل الجهد‪ ،‬والواقِع غير‬
‫وتستحق ْ‬
‫ُّ‬ ‫وأنه لم ت ُعدْ هناك قضايا يمكن البحث فيها‪،‬‬
‫الموضوعات التي يمكن أن ُتختار لل َب ْحث كثيرة جدا‪ ،‬ومِن الخطأ‬
‫ِ‬ ‫ذلك‪ ،‬إذ َّ‬
‫إن‬
‫كل جديد‪ ،‬وكتبوا يف ِّ‬
‫كل موضوع‪.‬‬ ‫أن السابقين قد اكتشفوا َّ‬
‫ال َّذهاب إلى َّ‬

‫وليكشف الباحث عن نفسه هذه ال ُغ َّمة‪ ،‬عليه أن ي َ‬


‫كتب عد ًدا من‬
‫الموضوعات التي يروق له الكتاب ُة فيها‪ ،‬ثم يعرضها على أساتذته ُتقام حو َلها‬
‫ِ‬
‫تجارهبم الطويلة‪،‬‬ ‫حلقة نقاش َّية (سيمنار) بحضور الطالِب يستمع إليهم وإلى‬

‫(‪ )1‬كيف تكتب بح ًثا‪ :‬ص‪.15‬‬


‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪44‬‬

‫يستقر على موضوع‬‫َّ‬ ‫وحكمتهم النافِذة التي ُتعينه على أن‬


‫وآرائهم الحصيفة‪ِ ،‬‬

‫الموضوعات ك ُّلها جملة(‪ ،)1‬و ُيطلب مِن الطالب إعاد ُة البحث‬


‫ُ‬ ‫منها‪ ،‬وقد ُترفض‬
‫يقر له‬
‫عن موضوع‪ ،‬ثم يعود إلى حلقة أخرى تناقش وتحاور‪ ،‬وهكذا إلى أن َّ‬
‫قرار‪ ،‬ويثبت على حال‪.‬‬
‫أن مِن الباحثين َمن ُيع ِّلل ألهمية دور الباحث يف اختيار موضوعه‬
‫على َّ‬
‫ألن ر َّد الباحث إلى وسائله الخاصة يف البحث عن الموضوع‬ ‫بنفسه؛ ذلك َّ‬
‫استثمار لقدرات الطالب‪ ،‬وتنمية إلمكاناته‪ ،‬فغال ًبا ال ُيجاز لمرحلة‬ ‫ِ‬
‫المناسب هو‬
‫ٌ‬
‫طالب عنده اإلمكانات وال ُّطموح‪ ،‬وحينما يعجز عن اختيار‬
‫ٌ‬ ‫الدِّ راسات العليا إال‬
‫الموضوع‪ ،‬فيلجأ مباشر ًة إلى أستاذ مِن أساتذته‪.‬‬
‫قض ْينا على إمكانات الطال ِب‪ ،‬أ َّما‬
‫يختار له موضو ًعا عاما‪ ،‬نكون قد َ‬
‫َ‬ ‫لكي‬
‫الخاصة‪ ،‬وإمكاناته العلم َّية‪ ،‬يكابد عنا َء القراءة واال ِّطالع‬
‫َّ‬ ‫حين ندفعه إلى وسائله‬
‫ِ‬
‫تنمية قدراته(‪،)2‬‬ ‫يعثر على موضوع مناسب‪ ،‬فإنَّنا بذلك نساعده على‬ ‫حتى َ‬
‫بحث إنما‬
‫واستقالل موهبته‪ ،‬وتحديد القضايا التي ُيمكن أن ينفذ منها إلى تحديد ْ‬
‫وخاصة المبتدئ(‪.)3‬‬‫َّ‬ ‫يمثل تحديا لرباعة الطالِب‪،‬‬
‫اختيار الموضوع للطالب؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫َ‬ ‫ومِن قائل‪َّ :‬‬
‫إن األفضل هو أن يتو َّلى األستا ُذ‬
‫أقدر على َف ْهم عقل الطالب وما يناسبه يف البحث‪ ،‬وألنَّه يقدر على‬
‫ُ‬ ‫األستاذ‬
‫يخرج منه الباحث بجديد‬
‫َ‬ ‫تحديد الموضوع الجديد الطريف‪ ،‬الذي يمكن أن‬

‫(‪ )1‬كيف تكتب بح ًثا‪ :‬ص ‪.17‬‬


‫(‪ )2‬البحث العلمي ومناهجه النظرية ص ‪.64‬‬
‫(‪ )3‬البحث العلمي مناهجه وتقنياته ص ‪.60‬‬
‫‪45‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫وألن اختيار األستاذ للموضوع يدفع بالباحث إلى اال ْلتزام بالموضوع‪،‬‬
‫َّ‬ ‫حقا‪،‬‬
‫وإنجازه يف وقته دون ك ََسل وتقاعس(‪.)1‬‬
‫بحثه‪ ،‬مستعينًا يف ذلك‬ ‫أن َّ‬
‫كل طالب عليه المسؤولية يف اختيار ْ‬ ‫وأرى َّ‬
‫بمحاضرات سنوات الدِّ راسة‪ ،‬أو بمطالعاته الشخصية على موضوع وأكثر لم ْ‬
‫ينل‬
‫يعكف على كتب الباحثين‪ ،‬يستعرض‬ ‫َ‬ ‫ما يستح ُّقه من الدراسة‪ّ ،‬‬
‫وإال فعليه أن‬
‫موضوعاتِها؛ ليستبي َن له موضوع يتَّفق وميو َله وقدراتِه‪ ،‬أرى َّ‬
‫أن الطالب يمكنه‬
‫الحسنَ َي ْين‪ ،‬بأن يختا َر الموضوع بنفسه‪ ،‬وما يتَّفق مع إمكاناته‬
‫الجمع بين ُ‬
‫ْ‬
‫ومداركه‪ ،‬ثم يحسن االستعان َة بأساتذته لالستئناس بآرائهم‪ ،‬واالسرتشاد‬
‫بنصائحهم‪.‬‬
‫وم َّما ُيعين الباحث على اختيار موضوعه‪:‬‬
‫التخصصي للباحث‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫لتعرف على المجال‬
‫أوالً‪ :‬ا ُّ‬
‫المتخصصين يف مجال دراسات الفقه اإلسالمي‪ ،‬عليه‬ ‫فإذا كان ِ‬
‫الباحث من‬
‫ِّ‬
‫يتفرس يف كيفية‬
‫سبقت يف هذا المجال‪ ،‬وأن َّ‬
‫ْ‬ ‫أن يقر َأ ويطالع الرسائل العلم َّية التي‬
‫تناولت موضوعات هذه‬
‫ْ‬ ‫إعدادها خ َّط ًة ومن ً‬
‫هاجا‪ ،‬وعلى الكتب التي س َبق وأن‬
‫الرسائل‪.‬‬
‫ِ‬
‫القراءات سوف تفتح أما َمه مغالي َق األمور‪ ،‬وتوحي إليه‬ ‫شك َّ‬
‫أن هذه‬ ‫فال َّ‬

‫بكثير من القضايا التي يمكن بح ُثها‪ ،‬وال بدَّ أن َ‬


‫تقع عينه على مقرتحات أصحاهبا‪،‬‬
‫تتضمن يف األع ِّم األغلب قضايا تحتاج إلى تناول الباحثين لها‪ ،‬وسوف‬
‫َّ‬ ‫وهي‬
‫يستفيد من قوائم كثيرة منها‪.‬‬

‫(‪ )1‬كيف تكتب بح ًثا ص ‪.16‬‬


‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪46‬‬

‫ِ‬
‫الدراسات السابق َة قد ُتشير صراح ًة إلى قضايا لم يستط ِع الباحث أن‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫يستوف َيها دراس ًة يف بحثه؛ ألنَّها خارج نِطاق خطته‪ ،‬أو موضوع دراسته‪ ،‬ويهيب‬
‫بالباحثين أن يتناولوها بالدِّ راسة والتحليل‪.‬‬
‫تتكون عنده فِكر ٌة عا َّمة عن مدى أهمية الموضوعات الجديرة بال َب ْحث‪،‬‬
‫أن َّ‬
‫يستبقي منها الجديرة‬ ‫و‬ ‫لتافهة‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ِ‬
‫الموضوعات‬ ‫ل‬ ‫بناء على ذلك يستطيع أن ي ِ‬
‫هم َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫المنهج المناسب للمعالجة‪.‬‬
‫َ‬ ‫بالدِّ راسة‪ ،‬فيختار منها‪ ،‬ويضع لها‬
‫ثان ًيا‪ :‬التعرف على البيئة الثقافية المحيطة بالباحث‪:‬‬
‫مما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذلك َّ‬
‫أن القضايا األدب َّية والفكر َّية والعلم َّية التي تكون من ن ْبت البيئة‪ ،‬أو َّ‬
‫مناسب‪ ،‬كذلك تحديدُ الظروف‬ ‫ينتمي إليه الباحث ثقافيا ُتعينه يف اختيار موضوع ِ‬
‫ِ‬
‫شعراء موضو ِع الدِّ راسة‪ ،‬أو يف دراسة الظواهر‬ ‫البيئ َّية وانعكاساهتا على األدباء وال‬
‫فيما يرت َّتب على تحديد الموضوع‪ ،‬ثم دراسته‪،‬‬ ‫بالغة(‪)1‬‬ ‫األدبية ذات أهم َّية‬
‫والطريقة التي هبا س َيتناوله‪ ،‬والمنهج الذي س ُينجزه‪.‬‬
‫مذاهب نقد َّية‬
‫َ‬ ‫خر من قضايا أدب َّية‪ ،‬أو‬
‫لص ُحف من آن آل َ‬ ‫ثم َّ‬
‫إن ما تتداوله ا ُّ‬
‫تخصصة من أشعار أو قصص بأنواعها‪ ،‬أو‬
‫المجالت الم ِّ‬
‫ّ‬ ‫جديدة‪ ،‬أو ما ُينشر يف‬
‫بصفة دورية‪ ،‬ف َّ‬
‫إن‬ ‫مقاالت أو تراجم‪ ،‬تحديدً ا إذا كان ْت هذه المجالت تصدر ِ‬

‫أيضا إلى ِدراسات مستق َّلة‪ ،‬وإلمام الباحث باآلراء التي ترت َّدد‬
‫محتوياهتا تحتاج ً‬
‫َ‬
‫حول قضية أدب َّية أو نقد َّية‪ ،‬أو التساؤالت التي تدور ب ْين حين َ‬
‫وآخ َر ب ْين الرتاث‬
‫أيضا يف حاجة إلى إعداد رسائل علم َّية‪.‬‬
‫والمعاصرة‪ ،‬هي ً‬
‫الباحث على حضور الندوات والمهرجانات والمحاضرات‬ ‫ِ‬ ‫كذلك اعتياد‬

‫(‪ )1‬المنهج العلمي يف البحث األدبي ص ‪ ،5‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪47‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫تخصصه‪ ،‬وح ْرصه عليه‪ ،‬وإلمامه بما يدور فيها مِن مناقشات‪ ،‬واستيعابه‬
‫يف مجال ُّ‬
‫بحث‪.‬‬
‫يوحي إليه بكثير من القضايا التي تحتاج إلى ْ‬
‫َ‬ ‫لها‪ ،‬يمكن أن‬
‫ثال ًثا‪ :‬التمهل واألناة يف اختيار الموضوع(‪:)1‬‬
‫فرق بين أن يتأنَّى الباحث ويتمهل يف أثناء جمع المادة ِ‬
‫العلم َّية‪ ،‬وقراءة‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫نفسه‪ ،‬ذلك َّ‬
‫أن‬ ‫المصادر والمراجع‪ ،‬وبين التمهل والصرب عندَ اختيار الموضوع ِ‬
‫ُّ‬ ‫ْ‬
‫عض الطالب يتسرعون بتسجيل أول فِكرة تلوح لهم‪ ،‬دون تدقيق يف أبع ِ‬
‫اده‬ ‫ب َ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫فيفاجؤون بأ َّن الموضوع َ‬
‫فوق‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫البحث فيها‪،‬‬ ‫ومعرفة لتفاصيله‪ ،‬ثم يبدؤون‬
‫واسع متش ِّعب ال يستطيع‬
‫ٌ‬ ‫طاقتهم‪ ،‬وأكرب مِن قدراهتم واستعداداهتم‪ :‬إ َّما ألنَّه‬
‫ِ‬
‫المناسبة‪ ،‬أو ألنَّه ض ِّيق وعميق للغاية‪،‬‬ ‫وجمع أطرافه‪ ،‬وإنجازه يف المدة‬ ‫إلمامه‪،‬‬
‫ْ‬
‫تخصص أو عالم َّية (ماجستير أو دكتوراه)‪ ،‬فلو تر َّيث‬
‫ُّ‬ ‫موضوع‬
‫َ‬ ‫بحيث ال يصلح‬
‫المناسب عن َف ْهم واستيعاب ومعرفة‪ ،‬يكفي‬ ‫ِ‬ ‫الب ِ‬
‫احث وتأنَّى يف اختيار الموضوع‬
‫نفسه مؤون َة القلق واالضطراب‪ ،‬وإضاعة الوقت؛ ولذا قيل‪ :‬اختيار المرء قِطع ٌة‬
‫مقومات‪ ،‬نوضحها فيما‬ ‫ِ‬
‫البحث يحتاج إلى ِّ‬
‫من عقله‪ ،‬واالختيار الدقيق لموضوع ْ‬
‫يلي‪:‬‬

‫ثانيا‪ -‬مقومات اختيار املوضوع‪:‬‬


‫ُ‬
‫رسائل‬ ‫الموضوع غ َير مطروق مِن قبل‪ ،‬ولم ُتكتب فيه‬
‫ُ‬ ‫‪ - 1‬أن يكون‬
‫جامعية‪.‬‬
‫والقيم َة ِ‬
‫العلم َّية‪.‬‬ ‫‪ - 2‬أن يأيتَ يف البحث بجديد يكفل له األهميةَ‪ِ ،‬‬
‫ْ‬

‫(‪ )1‬البحث العلمي ومفاهيم النظرية ص ‪.70‬‬


‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪48‬‬

‫‪ - 3‬أن تتوافر مراجعه ومصادره‪.‬‬


‫حو موضوعه والرغبة فيه(‪.)1‬‬ ‫يستشعر َ‬
‫الميل ن َ‬ ‫َ‬ ‫‪ - 4‬أن‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬ال بدَّ للباحث أن يراعي عدة اعتبارات أساس َّية يف مرحلة‬
‫اختيار البحث منها‪:‬‬
‫ُ‬
‫رسائل جامعية من قبل‪:‬‬ ‫األول‪ -‬أن يكون الموضوع لم تُكتب فيه‬
‫ضيف جديدً ا‬
‫َ‬ ‫مبتكرا وجديدً ا لم يسبق دراسته‪ ،‬وأن ُي‬
‫ً‬ ‫أن يكون الموضوع‬
‫للمعرفة اإلنسان َّية‪ ،‬أو أن يرصدَ قضايا مثارة‪ ،‬ثم يقوم بمعالجتها‪ ،‬كما يمكن‬
‫ْ‬
‫تستكمل بعدُ ‪،‬‬ ‫سبقت دراس ُتها‪ ،‬ولكن الباحث يرى أنَّها لم‬
‫ْ‬ ‫دراسة موضوعات‬
‫يستوف من قبل من درسها؛ ألنَّه لم ي ِ‬
‫عتمد الوسائل العلم َّية الصحيحة فيها‬ ‫ِ‬ ‫ولم‬
‫َ‬
‫مما جعل النتائج غ َير سليمة تحتاج إلى إعادة نظر‪.‬‬
‫وتعمق‪َّ ،‬‬
‫ُّ‬ ‫من خطة واستقصاء‬
‫وهذا ال َّلون من األبحاث‪ُ ،‬يشرتط فيها األصالة ا ِلفكرية‪ ،‬التي يجب أن يعتدَّ‬
‫شخص َ‬
‫آخ َر على أهنا أفكار المرء نفسه ال ُيعدُّ‬ ‫هبا الباحث؛ َّ‬
‫ألن تقديم أفكار ْ‬
‫َ‬
‫الباحث مكافأ ًة‬ ‫تضليالً فحسب‪ ،‬بل يعد دليالً على عدم احرتام َّ‬
‫الذات‪ ،‬ويكفي‬

‫بالرضا عن نفسه حين يقدِّ م فكرة جديدة يف بحثه‪ ،‬أو يضع َلبِن ًة يف ْ‬
‫صرح‬ ‫شعوره ِّ‬
‫ُ‬
‫يتلصص نتاج اآلخرين‪ ،‬ويسطو على‬
‫المعرفة اإلنسان َّية الشامخ‪ ،‬على عكس َمن َّ‬
‫أعمالهم‪ ،‬ويغتصب بال كفاءة أفك َارهم‪ ،‬وينسبها إلى نفسه‪ ،‬و َيكفي أم َ‬
‫ثال هؤالء‬
‫احتقارهم ألنفسهم‪ ،‬واستشعارهم للدون َّية يف محافِل العلم‪ ،‬ومجالس العلماء‪،‬‬
‫ُ‬
‫صب ألفكار وآراء الباحثين يف‬
‫مجرد ٍّ‬ ‫َ‬
‫يكون أصيالً إذا كان َّ‬ ‫البحث لن‬
‫ألن ْ‬‫ذلك َّ‬

‫(‪ )1‬كيف تكتب بح ًثا جامعيا ص ‪.16‬‬


‫‪49‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫قوالب جديدة(‪.)1‬‬
‫َ‬
‫القيمة العلمية وعالقتها بالجدة‪:‬‬ ‫الثاين‪ -‬األهمية و ِ‬

‫جديرا بالدِّ راسة‪ ،‬قد تكون القضي ُة جديد ًة لم‬


‫ً‬ ‫أن كل جديد ليس‬ ‫مِن البدهي َّ‬
‫بذل المجهود يف دراستها؛‬ ‫بحث من قبل‪ ،‬ولكن ليس لها قِيم ٌة ِعلم َّية تدعو إلى ْ‬ ‫ُت ْ‬
‫يستحق البحث‪َّ ،‬‬
‫وأن القضية التي هو‬ ‫ُّ‬ ‫بأن موضوعه‬ ‫لذا ال بدَّ من أن يشعر ِ‬
‫الباحث َّ‬
‫تخصصه‪ ،‬ويفتح أبوا ًبا مغلق ًة أما َم‬ ‫بصددها سيرت َّت ُ‬
‫ب على معالجتها ما ُيفيد مجال ُّ‬
‫نفسه عن‬
‫البحث‪ ،‬ولو سأل الباحث َ‬
‫الباحثين‪ ،‬وس ُيضيف رؤى جديدة يف آفاق ْ‬
‫يستحق الدراسة؟ هل فيه فائد ٌة له ولغيره؟ هل ُيعلي به‬
‫ُّ‬ ‫اختيار موضوعه‪ ،‬هل هو‬
‫صرحه َلبِنة؟‬
‫شأن العلم و ُيضيف إلى ْ‬
‫قتطع له من عمره سنين‬ ‫ِ‬
‫استحق موضوعه منه أن ي َ‬
‫َّ‬ ‫كانت اإلجابة (بنعم)‬ ‫فإذا‬
‫ِ‬
‫كانت األخرى فحري به أن ينصرف عنه إلى غيره‬ ‫عم الفائدة منه‪ ،‬وإن‬
‫إلنجازه؛ لت َّ‬
‫ليبحث فيه‪.‬‬
‫الثالث‪ -‬توفر مصادره ومراجعه‪:‬‬
‫المصادر والمراجع رك ٌن أساسي يف الحصول على المعلومات؛ ألنَّه من‬
‫المس َّلم به أن الرتاث اإلنساين شرك ٌة ب ْين بني اإلنسان جمي ًعا‪ ،‬وأنه ال يمكن‬
‫لباحث أو مخرتع أو عال ِم أن يأيت بما لم ِ‬
‫يأت به األ ُ‬
‫وائل من فراغ‪ ،‬بل ال بدَّ من‬
‫أساس يرتكز عليه(‪.)2‬‬
‫ِ‬
‫الباح ُث‬ ‫وهذا األساس هو المصادر والمراجع‪ ،‬وألهميتهما ال بدَّ أن يضع‬

‫(‪ )1‬يراجع فن البحث األدبي ص ‪ 96‬د‪ .‬عبداهلل حمودة‪.‬‬


‫(‪ )2‬البحث العلمي مناهجه وتقنياته ص ‪ ،65‬ويراجع ‪ 72‬من البحث العلمي ومناهج النظرية‪.‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪50‬‬

‫يف اعتباره أن يختار موضو ًعا يمتاز بتو ُّفره على المراجع والمصادر‪ ،‬ويف المقابل‬
‫ِ‬ ‫يحذر مِن أن يختار موضو ًعا َ‬
‫قليل المراجع ق َّلة ال تكفي إلقامة ْ‬
‫البحث وإنجازه‪،‬‬
‫أو أن تكون متو ِّفرة‪ ،‬لكن يف بالد أخرى ال يستطيع أن يص َلها إال ِّ‬
‫بشق النفس‬
‫تم تكوين البحث هبا‬
‫البحث األولية التي ي ُّ‬ ‫ليجمع مادته العلمية؛ ذلك َّ‬
‫ألن مواد ْ‬
‫وإنماؤه‪ ،‬والتي تؤخذ عنها األفكار واآلراء المختلفة المتع ِّلقة بموضوع البحث‪،‬‬
‫ليست سوا ًء يف األهمية‪ ،‬فمنها ما‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫المراجع والمصادر‪ ،‬وهي‬ ‫إنَّما هي يف بطون‬
‫يتكون كيانه بدونه‪ ،‬ومنها ما يأيت على الهامش إذ‬
‫الصلة بالبحث‪ ،‬ال َّ‬
‫يكون شديدَ ِّ‬
‫ال يفيد إال فوائدَ ثانوية‪ ،‬وهي التي ُت َّ‬
‫سمى عند بعض الباحثين بالمراجع(‪ - )1‬كما‬
‫سنوضح ذلك فيما يأيت من فصول‪.‬‬
‫ِّ‬
‫الرابع‪ -‬استشعار الميل والرغبة يف الموضوع‪:‬‬
‫الباح ِ‬
‫ث عم َله‪ ،‬ونعيد‬ ‫ِ‬ ‫أشرنا ساب ًقا َّ‬
‫أن الرغبة يف الموضوع عامل مهم إلنجاز‬ ‫ْ‬
‫نابع من ذاته‪ ،‬ومتَّفق مع ميوله‬ ‫أن شعور الباحث ب َّ‬
‫أن الموضوع المختار ٌ‬ ‫هنا َّ‬
‫لبحث‪ ،‬وق ْطع مشواره إلى‬
‫وإمكاناته‪ ،‬سوف يكون داف ًعا قويا يف إ ْقباله على ا ْ‬
‫وروح ن َِشطة؛ ذلك َّ‬
‫ألن الموضوع من لدن تسجيله بعدَ‬ ‫ِ‬
‫النهاية يف ه َّمة عالية‪ُ ،‬‬
‫ٌ‬
‫مرهون بوقت محدَّ د‪ ،‬إذا لم ينجزه فيه على‬ ‫الموافقة عليه‪ ،‬وحتى االنتهاء منه‬
‫كل شيء ُسدً ى‪ ،‬وأهدر وقته‪ ،‬وجهده فيما لم يفد وعندئذ‬‫أضاع َّ‬
‫َ‬ ‫الوجه األكمل‬
‫يستجدي مِن األستاذ المشرف أن يمدَّ يف الوقت‪ ،‬لع َّله ينتهي من رسالته يف‬
‫غضون الوقت الجديد المسموح له به‪ ،‬وما أوقعه يف ذلك إال سو ُء اختيار‬
‫الموضوع بداية عن عدم َف ْهم أو ق َّلة مراجعه أو تقاعسه‪.‬‬

‫(‪ )1‬البحث األدبي ص ‪ ،37‬د‪ .‬شوقي ضيف‪.‬‬


‫‪51‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫ثالثا‪ -‬حتديد عنوان البحث‪:‬‬


‫ويتزود بخلفية كبيرة من‬
‫َّ‬ ‫بعدَ أن يطوف البا ِح ُث يف المجاالت السابقة‪،‬‬
‫ِ‬
‫المراحل السالفة‪ ،‬يكون على استعداد وهتيؤ لمتط َّلبات مرحلة تحديد عنوان‬
‫فسه إلى اختيار الموضوع‪ ،‬ووثق َّ‬
‫بأن الجهد‬ ‫اطمأنت ن ُ‬
‫ْ‬ ‫خاصة إذا‬
‫َّ‬ ‫بحث‪،‬‬
‫ال ْ‬
‫المبذول فيه مساو للفائدة منه‪.‬‬
‫وضع‬ ‫البحث تحديدً ا علميا عن طريق ْ‬ ‫وهذه المرحلة هي مرحل ُة تحديد ْ‬
‫منهجا مناس ًبا كذلك؛ أل َّن‬ ‫ِ‬
‫المناسب الذي يتط َّلب خ َّطة مناسبة‪ ،‬وبالتالي‬ ‫العنوان‬
‫ً‬
‫ُ‬
‫مشاكل ال‬ ‫وإال اعرتضتْه‬‫باحث ال بدَّ أن يعد ما يجب عليه إعداده جيدً ا‪ّ ،‬‬ ‫كل ِ‬

‫حصر لها بعد‪ ،‬من حيث لم يتو َّقع‪ ،‬كأن َ‬


‫يقع تناقض ب ْين العنوان والفكرة‪ ،‬التي‬ ‫َ‬
‫عما هو متضمن يف‬
‫ترهل وزيادة َّ‬
‫تجمع أجزاء البحث‪ ،‬أو أن يكون يف العنوان ُّ‬
‫الرسالة‪،‬‬‫الخ َّطة أو آليات المنهج‪ ،‬وأحيانًا ال يكون العنوان مستغر ًقا لمحتويات ِّ‬
‫و ُيعاين مِن ن ْقص يف شموليته؛ َّ‬
‫ألن المفرتض يف العنوان أن يكون جام ًعا مان ًعا‬
‫الزيادات التي ال عالقة لها‬
‫تملت عليه الرسالة‪ ،‬مان ًعا من ِّ‬
‫داال‪ :‬جام ًعا لكل ما اش ْ‬
‫بالبحث‪ ،‬داال دالل ًة واضح ًة ومباشر ًة على محتوى الموضوع‪ ،‬فلو قرأ مطالِع‬
‫ْ‬
‫العنوان َع َرف منه مباشر ًة ما يف الرسالة‪ ،‬وتكشف له أبعادها‪ ،‬وربما ضمن خطتها‬
‫ومنهجها بنا ًء على ِد َّقة اختيار العنوان‪.‬‬
‫سمي وليدً ا جديدً ا‬ ‫ِ‬ ‫ذلك َّ‬
‫ألن الباحث يف اختياره للعنوان إنما يحاول أن ُي ِّ‬
‫استقرت عزيم ُة‬
‫َّ‬ ‫يحمل قسيماته‪ُّ ،‬‬
‫ويدل عليه‪ ،‬وهذا التحديد ال يأيت من فراغ‪ ،‬فقد‬
‫ب فيها‪ ،‬وال بدَّ أن تكون هناك مطابق ٌة ب ْين‬
‫الباحث على لون من الدراسة ليكت َ‬
‫األثر والمسير‪ ،‬وب ْين الموضوع الذي آثره على غيره‪ ،‬وجمع حوله مادته‪ ،‬أو‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪52‬‬

‫نفسه إليه‪ ،‬ووثق أنه سيأيت فيه بجديد‪ ،‬واسمه الذي يم ِّيزه عن سائر‬
‫مالت ُ‬
‫ْ‬
‫الموضوعات األخرى‪.‬‬
‫اسم وليده من ب ْين األسماء‪،‬‬
‫األب الحاين أن يتخ َّير َ‬
‫ُ‬ ‫وعلى قدْ ر ما يحاول‬
‫جذا ًبا وطري ًفا وداال‪ ،‬ويف الوقت ذاته‬
‫عنوان البحث َّ‬
‫ُ‬ ‫يشرتط على الباحث أن يكون‬
‫بعيدً ا عن العبارات اإلنشائية والتخييل؛ ولذا قيل عن العنوان المنضبط الصحيح‬
‫آخ َر أن يبحث عن هذه المعلومات‬ ‫َ‬
‫يشمل من المعلومات ما يدفع باح ًثا َ‬ ‫هو‪ :‬أن‬
‫يدع العناوين العا َّمة غير المحدَّ دة‪،‬‬
‫تحت هذا العنوان‪ ،‬وهذا يقتضي للباحث أن َ‬
‫َ‬
‫والمصطلحات المشكلة‪.‬‬
‫يضع يف اعتباره النِّقاط التالية(‪:)1‬‬ ‫ِ‬
‫وعمو ًما‪ ،‬على الباحث يف هذه المرحلة أن َ‬
‫‪ .1‬االبتعاد عن العناوين التي تتَّسم بالغموض أو التش ُّعب أو الشكلية‪،‬‬
‫فتكون واضح ًة تما َم الوضوح‪.‬‬
‫‪ .2‬صياغة الموضوعات على هيئة سؤال َيتط َّلب إجاب ًة محدَّ دة‪.‬‬
‫‪ .3‬الدِّ قة والعناية‪ ،‬وذلك يستدعي إ ْلغا َء جميع العوامل التي لن َ‬
‫يؤخ َذ يف‬
‫االعتبار من العنوان‪ .‬قوي التأثير يف القارئ ومح ِّفز‪.‬‬
‫‪ .4‬تحديد المصطلحات المستخدَ مة يف صياغة العنوان‪ ،‬وتحديدها ِ‬
‫بد َّقة‬
‫وعناية‪.‬‬
‫أثر بالِغ‬
‫‪ .5‬أن يتَّسم العنوان بالدِّ َّقة المتناهية يف الداللة على الموضوع‪ ،‬وذا ٌ‬
‫يف القارئ(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬البحث العلمي ومناهجه النظرية ص ‪.76‬‬


‫(‪ )2‬المنهج العلمي يف البحث األدبي ص‪.7‬‬
‫‪53‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫رابعا‪ -‬هيكلة البحْث‪:‬‬


‫بعدَ االنتهاء من تخ ُّير العنوان على أساس ما َس َبق من إرشادات وشروط‪،‬‬
‫وضع التصور الذي على أساسه ستقسم ِ‬
‫الفكرة الرئيسة‬ ‫ُ‬
‫الباحث يف ْ‬ ‫يبدأ‬
‫ُّ‬
‫للموضوع‪ ،‬ويشتمل على ِّ‬
‫كل التفصيالت والجزئيات الدقيقة‪ ،‬التي تعالج من‬
‫خالله‪.‬‬
‫للفكر الواعي‪ ،‬والنظرة الثاقِبة التي‬
‫ولذا ال بدَّ أن تأيتَ هذه الخ َّطة وليد ًة ِ‬

‫تح ِّلل عنوان البحث إلى نقاط رئيسة‪ ،‬ثم تح ّلل هذه النِّقاط إلى فروع جزئيه‪ ،‬ثم‬

‫تحلل الفروع إلى مباحث‪ ،‬والنقاط الرئيسة ُت َّ‬


‫سمى أبوا ًبا‪ ،‬وفروعها تسمى‬
‫ال‪ ،‬وأجزاء الفروع تسمى ِ‬
‫مباح َث‪.‬‬ ‫فصو ً‬
‫َّ‬
‫البحث وتقسيماته الرئيسة والعامة‪ ،‬أو األفكار‬
‫على أن يالحظ يف هيكلة ْ‬
‫الجزئية ما يلي(‪:)1‬‬
‫الجزئية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫التسلسل الفكري الدقيق‪ ،‬والرتابط العضوي ب ْين األفكار ُ‬
‫ُ‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ .2‬أن يكون َع ْرض األفكار وتتابعها وتماسكها منطقيا‪ ،‬بحيث ُتسلِم ُّ‬
‫كل‬
‫فكرة إلى تاليتها يف تنا ُغم وانسياب‪.‬‬
‫‪ .3‬مراعاة التتابع الدقيق‪ ،‬واإلحصاء الوايف إن كان ال َب ْحث يقتضي ذلك مِن‬
‫موضوع بزمن أو‬
‫ُ‬ ‫أن يكون مثالً يف ظاهرة أدب َّية‪ ،‬ومراعاة التسلسل إذا ارتبط ال‬
‫عصر بعينه‪.‬‬
‫ْ‬
‫‪ .4‬يحسن تجسيد الموضوع وتحديده جيدً ا يف نِقاط البحث الفرع َّية يف إطار‬

‫(‪ )1‬المنهج العلمي يف البحث األدبي ص ‪.11 ،10‬‬


‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪54‬‬

‫تآ ُلف الجزء مع ِّ‬


‫الكل وانسجامهما‪.‬‬
‫‪ .5‬أن تكون الخ َّطة مستوعب ًة ِّ‬
‫لكل جوانب الموضوع‪ ،‬بال زيادة وال نقص؛‬
‫ألن الزيادة مضيع ٌة للوقت بال مربِّر‪ ،‬والنقصان عيب وتقصير ُيق ِّلل من قيمة‬
‫َّ‬
‫البحث‪.‬‬
‫مهمته‪ ،‬إنَّما يتو َّقف‬ ‫وليضع ِ‬
‫الباح ُث يف اعتباره َّ‬
‫أن نجاح البحث‪ ،‬ونجاحه يف َّ‬
‫بالدرجة األولى على الخ َّطة التي يضعها؛ ألنَّه بناء عليها يحدِّ د أهداف البحث‪،‬‬
‫والمراجع والمصادر التي يستخدمها‪ ،‬وأسلوب المعالجة‪ ،‬وغير ذلك من األمور‬
‫التي ُتنير الطريق أما َم الباحث‪ ،‬وتزوده بالثقة واالطمئنان‪.‬‬
‫تحجيما وتوسع ًة تتو َّقف على حجم‬
‫ً‬ ‫وخطة البحث وهيكلته وهندسته‬
‫وكم األفكار الفرعية التي تش ِّكل يف النهاية الفكرة األساس التي‬
‫ِّ‬ ‫الموضوع‪،‬‬
‫بحث هيكلية مناسبة‪ ،‬وقد نجد بح ًثا ال‬ ‫الباحث يف رسالته‪ِّ " ،‬‬‫ِ‬
‫فلكل ْ‬ ‫يعالجها‬

‫مقسمة إلى فصول‪ ،‬وثال ًثا مق ً‬


‫سما‬ ‫ال‪ ،‬وبح ًثا آخر يحتوي أبوا ًبا َّ‬
‫يحتوي إال فصو ً‬
‫إلى أبواب وفصول‪ ،‬وتتش َّعب الهيكلية عاد ًة من األقسام إلى األبواب‪ ،‬فالفصول‪،‬‬
‫البحث‪،‬‬ ‫ِ‬
‫التناسب بين أجزاء ْ‬
‫ُ‬ ‫فالمباحث فالنِّقاط‪ ،‬وتجدر اإلشارة هنا إلى وجوب‬
‫وهذا التناسب‪ ،‬ال يعني أن تأيتَ األقسام‪ ،‬أو األبواب‪ ،‬أو الفصول بحجوم واحدة‪،‬‬
‫وإنما يعني أنَّه من الخطأ يف خطة البحث أن يأيتَ قسم أو باب أو فصل بحجم‬
‫آخر‪.‬‬ ‫أضعاف ح ِ‬
‫جم قسم أو باب أو فصل َ‬ ‫َ‬ ‫ُيساوي‬
‫أشرنا إلى ذلك فيما سبق من فصول‪،‬‬
‫أما عدد الصفحات‪ ،‬فغير محدَّ د‪ ،‬وقد ْ‬
‫البحث ال تتو َّقف على حجمه‪ ،‬بل على منهجيته وموضوعيته‪ ،‬واألمور‬
‫وقيمة ْ‬
‫‪55‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫الجديدة التي كشفها(‪.)1‬‬

‫خامسا‪ -‬مرحلة إجازة املوضوع‪:‬‬


‫ُ‬
‫الباحث موضو َعه وعنوانه وفق اإلضاءات السابقة‪ ،‬ويحدِّ د‬ ‫بعد أن يحدِّ د‬
‫المنهج الذي سيتبعه يف دراسة قضيته ‪ -‬واض ًعا يف االعتبار َّ‬
‫أن المنهج‬ ‫َ‬ ‫الو َ‬
‫سائل و‬
‫غير الخطة‪ ،‬و ُيعنى به الطريقة التي هبا يح ِّلل مادته العلمية‪ ،‬واألسلوب الذي‬
‫أشرنا ساب ًقا إلى جملة من المناهج‬
‫أكثر مناسب ًة لفهم الموضوع‪ ،‬وقد ْ‬
‫يكون َ‬
‫يعتمدها الباحث يف األدب والنقد‪ ،‬يرجع إليها يف هذا الكتاب ‪ -‬عليه أن َ‬
‫ينتقل‬
‫إلى المرحلة التالية‪ ،‬وهي مرحل ُة تسجيل البحث‪ ،‬والتي تبدأ بعرض ا ِ‬
‫لباحث‬
‫تمت مناقش ُتها من قبل يف حلقات (السيمنار) بين‬
‫موضو َعه أو موضوعاته‪ ،‬التي َّ‬
‫أساتذته‪ ،‬و ُأجيزت له إلى القسم‪ ،‬وعليه أن يقدِّ م بالتفصيل مخط ًطا تمهيديا‬
‫عرضا دقي ًقا لفكرته التي‬
‫يتضمن هذا المخطط ً‬
‫َّ‬ ‫مكتو ًبا حو َل موضوعه‪ ،‬بحيث‬
‫اختارها موضو ًعا‪ ،‬وحدَّ د أهدافها‪ ،‬واألسباب التي دعتْه إلى أن يقوم بدراستها‪،‬‬
‫بحثه(‪.)2‬‬
‫مبسط ألهم المراجع التي سيعتمدها يف إنجاز ْ‬
‫عرض َّ‬
‫مع ْ‬
‫كل ذلك على شكل مشروع يتضمن ما يلي‪:‬‬
‫واضحا ومحدَّ ًدا وجديدً ا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫العنوان‬ ‫‪ - 1‬عنوان البحث‪ ،‬ويجب أن يكون هذا‬
‫منبث ًقا مِن الموضوع نفسه‪ ،‬وداال عليه داللة علمية دقيقة‪ ،‬بعيدً ا عن المقاالت‬
‫الصحفية التي غايتها اإلثارة‪ ،‬و َل ْفت االنتباه‪.‬‬
‫ِ‬
‫والباعث على اختياره‪.‬‬ ‫‪ - 2‬تحديد أهمية الموضوع‪،‬‬

‫(‪ )1‬منهجية البحث ص ‪.77‬‬


‫(‪ )2‬البحث العلمي ومناهجه النظرية ص ‪.77‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪56‬‬

‫الرسالة يف بعض‬
‫شرط لتسجيل ِّ‬
‫‪ - 3‬المنهج يف تناوله‪ ،‬وتحديد المنهج ْ‬
‫الجامعات‪.‬‬
‫‪ - 4‬المخ َّطط األول لمعالجته‪ ،‬ويشتمل األقسا َم واألبواب والفصول‪،‬‬
‫والنِّقاط الرئيسة يف ِّ‬
‫كل فصل‪.‬‬
‫ِ‬
‫بالمصادر والمراجع(‪.)1‬‬ ‫‪ - 5‬قائمة مبدئية‬
‫ُ‬
‫حيث المبدأ‪ ،‬يأيت َدور إسناد‬ ‫وبعدَ موافقة القسم على الموضوع من‬
‫البحث‪ ،‬أو يف ميدان له صلة وثيقة‬
‫متخصصا يف َم ْيدان ْ‬
‫ً‬ ‫ِ‬
‫لمشرف يكون‬ ‫الموضوع‬
‫الرسالة من اختيار‬ ‫ف على ِّ‬ ‫به‪ ،‬أو قد كتب أبحا ًثا قريب ًة منه‪ ،‬قد يكون المش ِر ُ‬
‫رئيس القسم‪ ،‬ويوافق عليه‪ ،‬ويف الحالة األولى عندما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الباحث نفسه‪ ،‬أو يختاره له ُ‬
‫الباحث مشر َفه ربما يميل إلى أستاذ معروف بالتساهل؛ هرو ًبا من اال ْلتزام‬ ‫ِ‬ ‫يختار‬
‫ُ‬
‫بحث يفخر إذا ُن ِسب‬ ‫ِ‬
‫بالتدرب على المنهج َّية العلم َّية الصحيحة‪ ،‬وكتابة ْ‬
‫ُّ‬ ‫الجدي‬
‫ومرجع جدية األستاذ ُقدرا ُته العلمية‪ ،‬وأبحاثه أو كتبه‬
‫ُ‬ ‫إليه‪ ،‬أو إذا ُطبِع يف كتاب‪،‬‬
‫الصفية‪.‬‬
‫المنشورة‪ ،‬أو محاضراته َّ‬
‫واألستاذ المتخ ِّصص بما لديه من ِخربة علم َّية موسوع َّية‪ ،‬ومعرفة عميقة يف‬
‫يوجه الباحث إلى إرشادات جديدة‪ ،‬ويد ُّله على مالحظات غ ْ‬
‫ابت‬ ‫التخصص ِّ‬
‫ُّ‬
‫عنه‪ ،‬فيقوم الطالِب باستيفاء المالحظات أو اإلرشادات‪ ،‬و ُيعيدُ كتاب َة الخطة يف‬
‫ضوئها‪ ،‬وقبل هذا وذاك ‪ -‬وقبل الموافقة على التسجيل ‪ -‬على ال ِ‬
‫باحث أن‬
‫يستقصي‪ ،‬ويتأكَّد من الكليات المناظِرة‪ ،‬ويف األقسام المماثِلة من عدم تسجيل‬
‫الموضوع الذي اختاره ِ‬
‫لنفسه؛ تجنُّ ًبا للتَّكرار‪ ،‬وإضاعة الجهد فيما ال طائل تحتَه‪،‬‬

‫(‪ )1‬منهجية البحث ص ‪.38‬‬


‫‪57‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫مسجل‪ ،‬وال مطروق من قبل يف‬‫َّ‬ ‫وعندما يوثق ِجدَّ ة موضوعه بما ُيفيد أنه غير‬
‫الكليات المناظرة بخطابات رسمية‪ُ ،‬تصبح العالقة بين ِ‬
‫الباحث وموضوعه عالق ًة‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫تحت إشراف أستاذه‪.‬‬ ‫ُبنوة شرع َّية‪ ،‬يعرف به‪ ،‬وينسب إليه‪َ ،‬‬
‫المشرف بالباحث؛ ل ِ َما توجبه هذه العالقة من آداب‬
‫ِ‬ ‫ونشير هنا إلى َعالقة‬
‫وأخالقيات وواجبات‪:‬‬
‫أن هذه العالقة َ‬
‫قبل كل شيء أشب ُه بعالقة الوالد‪،‬‬ ‫الباحث َّ‬
‫ُ‬ ‫يجب أن ِ‬
‫يعرف‬
‫ِ‬
‫الباحث أن‬ ‫ِ‬
‫واجب‬ ‫وصلته بابنه‪ ،‬فيها ال ِّلين والمح َّبة‪ ،‬واللطف والحزم‪ ،‬فمن‬
‫يستجيب لتوجيهاته‪.‬‬
‫َ‬ ‫يستمع إلى ِ‬
‫مشرفه‪ ،‬وأن‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الباح َث من‬ ‫ألنَّها كلها تصدُ ر خالص ًة من أجله‪ ،‬وبحثه ّإال أ َّن هذا ال يمنع‬
‫بحثه‪ ،‬كما َّ‬
‫أن ذلك ال يمنعه أبدً ا من‬ ‫ِ‬ ‫السؤال واالستفسار عن ِّ‬
‫كل ما َيع ُّن له يف ْ‬
‫وخصوصا إذا كان مخال ًفا لرأي أستاذه‪،‬‬
‫ً‬ ‫عرض رأيه بشجاعة‪ ،‬وبأسلوب َّ‬
‫مهذب‪،‬‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫كانت العالقة قائم ًة بينهما على التوا ُفق الذي‬ ‫فالح ُّق ال َي ِ‬
‫عرف المجاملة‪ ،‬طالما‬
‫ينتج عن االتصال والتعاون‪ ،‬والتوجيه والمشاركة‪.‬‬
‫أشير هنا إلى أمر يحدُ ث يف بعض الكل َّيات‪ ،‬يتم َّثل يف أن يعرض‬
‫وأو ُّد أن َ‬
‫مما‬
‫التخصص الدقيق‪َّ ،‬‬
‫ُّ‬ ‫القسم على الباحث مشر ًفا دون رغبة منهما‪ ،‬أو مراعاة‬
‫ُ‬
‫يؤ ِّدي غال ًبا إلى عدم إقدام أ ِّيهما على التعاون المرغوب‪ ،‬فيتقاعس الطالب عن‬
‫ويتأخر ويبخل األستا ُذ بنصائحه‪ ،‬ويض ُّن بوقته‪ ،‬وذلك مِن‬
‫َّ‬ ‫البحث‪ ،‬ويكسل‬
‫يتحمل العبء األكرب مِن‬
‫َّ‬ ‫الخطأ الذي تقع فيه األقسا ُم‪ ،‬وإن كان الباحث إنما‬
‫يتحمل جز ًءا‬
‫َّ‬ ‫البحث‪ ،‬وعليه أن‬ ‫بحثه‪ ،‬فإ َّن لألستاذ ً‬
‫دورا يف إنجاز ْ‬ ‫المسؤولية عن ْ‬
‫كل ما يستشكل عليه ويعرتضه مِن‬ ‫من المسؤولية ِ‬
‫بصفته معينًا وكاش ًفا للباحث َّ‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪58‬‬

‫مجلس المتلقي فقط‪.‬‬


‫َ‬ ‫عراقيل‪ ،‬وعليه أن ي َ‬
‫سأل ويستفسر‪ ،‬وال يجلس أما َم أستاذه‬
‫للباحث حق على مشرفه أن يلجأ يف ِّ‬
‫كل قرار يريد أن‬ ‫ِ‬ ‫وليس معنى أن يكون‬
‫بحثه إلى ال ِ‬
‫مشرف‪ ،‬وإنما عليه أن ينظ َر إليه على أنَّه مالذ يلجأ إليه لكي‬ ‫يتَّخذه يف ْ‬
‫الباحث دون‬‫ِ‬ ‫يقد َم المساعدة عندما ُتصبح الحرك ُة بطيئة‪ ،‬والوقت يمضي على‬
‫ِ‬
‫المشرف عي ًبا من‬ ‫مضى منه‪ ،‬وإال كان االعتما ُد الدائم على‬ ‫إنجاز ما ي ِ‬
‫ناسب ما َ‬ ‫ُ‬
‫كثيرا من‬
‫أن ً‬ ‫ختبارا حقيقيا لقدرته‪ ،‬لو َّ‬
‫ً‬ ‫حق نفسه؛ أل َّن بح َثه لن يكون ا‬
‫الباحث يف ِّ‬
‫القرارات األساس َّية اضطر األستا ُذ المشرف إلى اتخاذها‪ ،‬بد ً‬
‫ال من أن يتَّخذها‬
‫نفسه(‪)1‬؛ أل َّنه كَل على أستاذه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫باحث ُ‬‫ال‬
‫ِ‬
‫المشرف ُتجا َه الباحث ‪ -‬قبل اإلرشاد إلى المصادر‬ ‫ومن واجبات‬
‫والمراجع‪ ،‬والنصح واإلرشاد ‪:-‬‬
‫تشجيعه‪ ،‬وعدم تثبيط ِه َّمته‪ ،‬أو السخرية منه‪ ،‬أو االستهزاء به‪ ،‬مهما كان‬

‫عم ُله ً‬
‫ناقصا(‪.)2‬‬
‫وصدره له‪ ،‬فال ُيهمل متابع َة البحث يف مراحله المختلفة‪،‬‬
‫َ‬ ‫وأن يفسح وقتَه‬
‫خصوصا يف المسائل‬
‫ً‬ ‫كانت صائبة‪،‬‬
‫ْ‬ ‫وأن ينأى عن ْفرض آرائه الشخصية مهما‬
‫ينمي يف الطالب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أكثر من رأى‪ ،‬بل من الواجب أن ِّ‬
‫االجتهادية التي تحتمل َ‬
‫وطرح األمثلة التي تساعد‬
‫يكف عن االستفسار‪ْ ،‬‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫االستقالل الفكري‪ ،‬بحيث ال‬
‫لطالب يف فتْح مغاليق نقطة‪ ،‬أو خطوة هو بصددها‪ ،‬وليس معنى َّ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫اإلجاب ُة عليها ا‬
‫كل‬‫طليق من ِّ‬
‫ٌ‬ ‫أن المشرف‬ ‫ِ‬
‫الباحث َّ‬ ‫المسؤولية يف شطرها األكرب ملقاة على‬

‫(‪ )1‬البحث العلمي ص‪ 57‬د‪ .‬محمد زيان عمر‪ ،‬البحث العلمي ص‪ 78‬د‪ .‬سعد الدين‬
‫(‪ )2‬منهجية البحث ص ‪.39‬‬
‫‪59‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫بحث الطالب؛ أل َّنه عندما َر ِضي اإلشراف على عم ِل‬


‫مسؤولية عن مستوى ْ‬
‫الرسالة‪َ ،‬س َّلم بأنه‬
‫الطالب اعرتَف ضمنًا بكفاءته‪ ،‬وعندما وا َفق على موضوع ِّ‬
‫جازا‬
‫الرسالة وتقديمها للمناقشة‪ ،‬عدَّ ها إن ً‬
‫حري بالبحث‪ ،‬وعندما سمح بطبع ِّ‬
‫مقبو ً‬
‫ال‪.‬‬
‫والمشرف مهما كان مِن استقالل يف موقفه‪ ،‬فهو يتأ َّثم من إخفاق طالبه‪ ،‬كما‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫المشرف مسؤوليته هو آرا ُء‬ ‫يتحمل‬
‫َّ‬ ‫تفوقه‪ ،‬والذي ال‬
‫يعتز بنجاحه‪ ،‬فضالً عن ُّ‬
‫ُّ‬
‫الطالب الشخصية‪ ،‬وموقفه الخاص والنهائي من موضوعه‪ ،‬وذلك احرتا ًما لحرية‬
‫الرأي‪ ،‬وقناعة ِ‬
‫الفكر(‪.)1‬‬
‫ِ‬
‫المشرف من َد ْور صاحب السلطة المستحوذ على المعرفة‪،‬‬ ‫ولقد تغ َّير َد ْور‬
‫ينمي يف الباحثين القدر َة على‬
‫البحث العلمي‪ ،‬الذي ِّ‬
‫إلى َد ْور الخبير بأساليب ْ‬
‫البحث بوسائلهم الخاصة‪.‬‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫الباحث أن‬ ‫َّ‬
‫وألن الوقت غال عندَ الباحث والمشرف على السواء‪ ،‬فعلى‬
‫يحرص على وقته‪ ،‬ووقت أستاذه‪ ،‬وال يستغله ّإال يف ما ُيفيد‪ ،‬فيراجع أستا َذه يف‬
‫أوقات يحدِّ دها سل ًفا‪ ،‬ويع ِرض عليه عمله فصالً فصالً‪ ،‬أو با ًبا با ًبا‪ ،‬مع األسئلة‬
‫مدونة‪ ،‬ثم يعود ِّ‬
‫بكل ما ُيشير به عليه مشر ُفه من‬ ‫التي تبحث عن اإلجابة عنها َّ‬
‫إجابات واقرتاحات مكتوبة‪ ،‬حتى يتسنى له مراجعتها وقت يشاء‪.‬‬
‫موزع ب ْين محاضراته الصف َّية‪ ،‬وبحوثه الخاصة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫المشرف َّ‬ ‫َّ‬
‫وألن وقت‬
‫وقراءاته وكتاباته‪ ،‬وتواليفه والرسائل عليها‪َّ ،‬‬
‫فإن الذين يثقلون من هؤالء أنفسهم‬
‫بعشرات الرسائل العلمية‪ ،‬مظنَّة ّأال يؤ ِّدي واجبه‪ ،‬وال يقوم بما عليه‪ ،‬وحسابه عندَ‬

‫(‪ )1‬إعداد األطروحة الجامعية ص ‪ 21‬كمال اليا‪ ،‬منهجية البحث ص ‪.40‬‬


‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪60‬‬

‫عظيم‪ ،‬وهو ب ْين أمرين‪:‬‬


‫ٌ‬ ‫اهلل‬
‫حاث بال قراءة وال ا ِّطالع كما ينبغي‪ ،‬وهو بذلك ِ‬
‫يهدم‬ ‫‪ - 1‬إما أن يجيز األب َ‬
‫بح ٌث‬
‫البحث العلمي السابق من ناحي َت ْين‪ :‬أوالهما‪ :‬أن تقدم على يديه ْ‬
‫يف جدار ْ‬
‫أكثر مِن ن ْفعه‪،‬‬
‫والبحث العلمي َ‬
‫ْ‬ ‫ضرره على العلم‬ ‫ُ‬ ‫هزيل‪ ،‬ويجاز مجاملةً‪ ،‬فيكون‬
‫الباحث الجاد ذي اإلمكانات المربزة يكون على يديه‪ ،‬حيث‬ ‫ِ‬ ‫أن موت‬ ‫واألخيرة‪َّ :‬‬
‫َ‬
‫األنماط الهزيلة‪،‬‬ ‫نموذجا هزيالً‪ ،‬ضعي ًفا ً‬
‫بائسا إلى دنيا الباحثين‪ ،‬يعتاد‬ ‫ً‬ ‫يقدِّ مه‬
‫والكتابات المرذولة‪ ،‬أو يقنط وييأس ويهرب‪.‬‬
‫‪ - 2‬وإما أن يد ِّقق يف األبحاث ويؤ ِّدي واج َبه‪ ،‬فيصبح الباحث يف طابور‬
‫سمح له الوقت بمراجعة أبحاثهم‪ ،‬واحدً ا بعدَ َ‬
‫اآلخر‪.‬‬ ‫طويل‪ ،‬حتى ي َ‬
‫ِ‬
‫المشرفين‪،‬‬ ‫ننوه به هنا‪َّ :‬‬
‫أن الب ْحث العلمي أمان ٌة ُكربى يف رقبة‬ ‫وما يجب أن ِّ‬
‫وعلى قدر أدائهم لواجبِهم تكون مساهم ُتهم يف ازدهار الحركة العلم َّية وتقدمها‪،‬‬
‫وتطورها وال َع ْكس بالعكس‪.‬‬
‫‪61‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫الفصل الرابع‬

‫املراجع ومجع املادة‬


‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪62‬‬

‫الفصل اخلامس‬

‫املراجع ومجع املادة‬

‫ويتناول الفصل النقاط التالية‪:‬‬


‫أوال‪ -‬المصادر والمراجع وحصرها‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬القراءة وجمع المادة العلمية‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬صياغة البحث‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬طرق االقتباس من النصوص‪.‬‬
‫خامسا‪ -‬التوثيق وأهميته يف البحث‪.‬‬
‫سادسا‪ -‬أنواع التوثيق‪.‬‬
‫سابعا‪ -‬ترتيب المراجع‪.‬‬

‫أوال‪ -‬املصادر واملراجع وحصرها‪:‬‬


‫حسب الموضوع الذي يختاره‬
‫َ‬ ‫البحث ومراجعه وتتعدَّ د‬
‫ْ‬ ‫تنوع مصادر‬
‫ت َّ‬
‫ِ‬
‫الباحث‪ ،‬وهي تعدُّ األسا َس؛ ألنَّها المفرتض فيها أهنا تحتوي المادة العلمية‬
‫خاصة منها ما يتع َّلق بالمكتبة‪،‬‬
‫لموضوع ما‪ ،‬وتأيت هذه المرحلة بعدَ السابقات‪َّ ،‬‬
‫الباحث بالفهرسة‪ ،‬وتصنيف الكتب‪ ،‬وبعد الموا َفقة الرسمية على‬ ‫ِ‬ ‫ومعرفة‬
‫ومنهجا‪ ،‬يف عملية تصاعدية من القسم‪،‬‬
‫ً‬ ‫البحث‪ ،‬موضو ًعا وعنوانًا‪ ،‬وخط ًة‬
‫ْ‬
‫مرة ثانية‪ ،‬يستثمر‬ ‫ُ‬
‫الباحث إلى المكتبة َّ‬ ‫فمجلس الكلية‪ ،‬فمجلس الجامعة‪ ،‬ينطلق‬
‫ف أكثر‪ ،‬وبوجه خاص إلى نوعية مِن‬ ‫ليتعر َ‬
‫َّ‬ ‫معرفتَه السابقة هبا وبالقائمين عليها؛‬
‫الصلة وال َعالقة‬
‫ذات ِّ‬‫تخص تحديدً ا موضوعه‪ ،‬فيجمع منها َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫والمراجع‬ ‫المصادر‬
‫‪63‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫نظره عندَ‬ ‫َ‬


‫لتكون َ‬ ‫اصة إجما ً‬
‫ال؛‬ ‫ويدوهنا بطريقة خ َّ‬
‫ِّ‬ ‫بالبحث‪ ،‬ويكتب أسما َءها‪،‬‬
‫ْ‬
‫الحاجة إليها‪.‬‬
‫الفرق ب ْين المصدر والمرجع مختلفون‪ :‬فمنهم َمن‬
‫والباحثون يف تحديد ْ‬
‫بالبحث من دراسات‬
‫ْ‬ ‫كل ما يتع َّلق‬
‫يجعلهما بمعنى واحد ال َف ْرق بينهما‪ ،‬وهو ُّ‬
‫ووثائق قديمة أو حديثة‪ ،‬مخطوطة أو مطبوعة‪ ،‬فالمصادر على هذا هي ُّ‬
‫كل ما‬ ‫َ‬
‫البحث‪ ،‬والمراجع كذلك‪.‬‬
‫يرجع إليه يف ْ‬
‫يفرقون ب ْين المصدر والمرجع‪َّ ،‬‬
‫بأن المصدر (األصلي) هو ما‬ ‫وآخرون ِّ‬
‫معاصرا أو قري ًبا من ز َمن المعاصرة‪،‬‬
‫ً‬ ‫مباشرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫البحث اتصا ً‬
‫ال‬ ‫يتَّصل بموضوع ْ‬
‫والمراجع غير ذلك‪.‬‬
‫المصدر مرج ًعا أصليا‪ ،‬والمرجع الحديث ثانويا‪.‬‬
‫َ‬ ‫وبعض الباحثين يعدُّ‬
‫ُ‬
‫وتشمل المراجع األصلية(‪:)1‬‬
‫‪ .1‬المخطوطات ذات ِ‬
‫القيمة التي لم يسبق طب ُعها‪.‬‬
‫‪ .2‬الكتب التي يكون المؤ ِّلفون لها قد شاهدوا صاحب الفكرة التي هي‬
‫وع البحث‪.‬‬
‫موض ُ‬
‫‪ .3‬اليوميات والمذكرات التي يكت ُبها األعالم والشخصيات الكبيرة‪.‬‬
‫‪ .4‬الوثائق بمختلف ألواهنا‪.‬‬
‫أخذت مادة‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫المراجع التي‬ ‫فق التقسيم السابق‪ ،‬فهي‬
‫أ َّما المراجع الثانوية َو َ‬
‫مراجع متعدِّ دة وأخرجها يف ثوب آخر جديد‪.‬‬
‫َ‬ ‫أصلية من‬
‫أن المصدر‪ :‬هو ما يكون "أشد ارتبا ًطا‬
‫يفرق بينهما على أساس َّ‬
‫وهناك َمن ِّ‬

‫(‪ )1‬يراجع كيف تكتب بح ًثا ص ‪ 42‬وما بعدها‪.‬‬


‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪64‬‬

‫البحث‬
‫البحث‪ ،‬فإذا كان ْ‬
‫باألشياء األساسية‪ ،‬أو األولية بالنسبة إلى موضوع ْ‬
‫فإن مؤ َّلفات هذا األديب أو‬
‫الشعراء‪ ،‬أو أدي ًبا من األدباء‪َّ ،‬‬
‫شاعرا من ُّ‬
‫ً‬ ‫يتناول‬
‫دواوين ذاك الشاعر ُتعدُّ من المصادر‪ ،‬أما المرجع‪ :‬فهو ما ُكتِب حولها‪ ،‬وما‬
‫يدون يف عصره ويصلنا منه مِن ِشعر ُ‬
‫وخطب‪ ،‬ووصايا وأمثال‪ُ ،‬تعدُّ مصادر‪،‬‬ ‫َّ‬
‫والكتب التي تناول ْته بالدِّ راسة مراجع‪ ،‬وعلى هذا فالمصادر تمدُّ نا بالحقائق‬
‫واآلراء م ًعا‪ ،‬بينما المراجع تمدُّ نا باآلراء فقط"(‪.)1‬‬
‫وعلى الطالب أن يعرف أن هناك هذا الفرق‪ْ ،‬‬
‫وإن لم يأخذ به‪ ،‬ولكن عليه أن‬
‫الفرق ب ْين الكتب األساسية‪ ،‬والكتب الثانوية‪ ،‬وهو ْفرق مرت ِّتب ً‬
‫أيضا‬ ‫أكثر ْ‬
‫يعرف َ‬
‫َ‬
‫تداخلت تعريفاهتا‪ ،‬والذي يم ِّيز بينهما‬
‫ْ‬ ‫على التمييز ب ْين المصادر والمراجع‪ ،‬وإن‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫البحث على أساس أنَّه أقد ُم مادة علمية ُكتِبت عن الموضوع(‪.)2‬‬
‫ما يم ِّيز ْ‬
‫‪ - 1‬األصالة‪.‬‬
‫‪ - 2‬الشمول‪.‬‬
‫‪ - 3‬المعالجة الموضوعية‪.‬‬
‫‪ - 4‬التنظيم‪.‬‬
‫‪ - 5‬المعلومات الصحيحة‪.‬‬
‫عالجت موضو ًعا ما‪ ،‬وليس‬
‫ْ‬ ‫فمن خصائصه‪ :‬أنَّه ُك ُتب حديثة‬‫أما المرجع‪ِ ،‬‬

‫شر ًطا أن يجمع الميزات السابقة‪.‬‬

‫(‪ )1‬منهجية البحث ص ‪.83‬‬


‫(‪ )2‬مدخل لدراسة المراجع ص ‪ 113‬د‪ .‬عبدالستار الحلوجي‪.‬‬
‫‪65‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫أنواع المصادر والمراجع تفصيالً فيما يلي‪:‬‬


‫َ‬ ‫وقد حدَّ د الباحثون‬
‫‪ - 1‬المخطوطات القديمة‪ ،‬والوثائق والمذكرات‪ ،‬وسائر المصادر التي‬
‫تحتوي على معلومات يمكن وص ُفها بالصحة والصدق‪.‬‬
‫‪ - 2‬الموضوعات العا َّمة ودوائر المعارف‪.‬‬
‫ِ‬
‫‪ - 3‬القواميس‪ ،‬والمعاجم ال ُّلغوية‪ ،‬وهي كثيرة‪ ،‬وعلى الباحث أن َّ‬
‫يهتم هبذه‬
‫ْ‬
‫الكشف عن المادة اللغوية‬ ‫ويتعرف على الطرق المختلفة يف‬
‫َّ‬ ‫القواميس‪،‬‬
‫َ‬
‫يسهل عليه أن يستخلص منها ما يريد‪.‬‬ ‫والعلمية‪ ،‬لكي‬
‫‪ - 4‬كتب الرتاجم والطبقات التي تتحدَّ ث عن أعالم المف ِّكرين واألدباء‪،‬‬
‫لشعراء والكتَّاب‪ ،‬وتشير إلى مؤ َّلفاهتم وأعمالهم العلمية‪ ،‬كما تتحدَّ ث عن‬
‫وا ُّ‬
‫العلوم‪ ،‬وأهم المصنفات فيها‪:‬‬
‫سالم‪ ،‬المتو َّفى سنة ‪ 232‬هـ‪.‬‬
‫‪ - 1‬طبقات ُفحول الشعراء البن ّ‬
‫‪ - 2‬الطبقات الكربى البن س ْعد‪ ،‬المتو َّفى سنة ‪230‬هـ‪.‬‬
‫الشعراء لدعبل بن علي الخزاعي‪ ،‬المتو َّفى سنة ‪ 246‬هـ‪.‬‬
‫‪ - 3‬طبقات ُّ‬
‫‪ - 4‬المؤتلف والمختلف لآلمدي‪ ،‬المتوىف سنة ‪ 370‬هـ‪.‬‬
‫‪ - 5‬الشعر والشعراء البن قتيبة‪ ،‬المتوىف سنة ‪ 276‬هـ‪.‬‬
‫‪ - 6‬معجم الشعراء للمرزباين‪ ،‬المتوىف سنة ‪284‬هـ‪.‬‬
‫‪ - 7‬األغاين ألبي فرج األصفهاين‪ ،‬المتوىف سنة ‪ 356‬هـ‪.‬‬
‫‪ - 8‬الفهرست البن النديم‪ ،‬المتوىف سنة ‪ 385‬هـ‪.‬‬
‫‪َ - 9‬و َف َيات األعيان البن خلكان‪ ،‬المتو َّفى سنة ‪ 681‬هـ‪.‬‬
‫َ‬
‫الباحث على دراسة موضوع من الموضوعات‪ ،‬أو عصر من‬ ‫ومما يساعد‬
‫َّ‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪66‬‬

‫الكتب اآلتية‪:‬‬
‫ُ‬ ‫العصور زياد ًة على ما تقدَّ م‬
‫للمفضل الضبي"‪ ،‬و"األصمعيات" لألصمعي البصري‪،‬‬
‫َّ‬ ‫المفضليات "‬
‫و"حماسة أبي تمام"‪ ،‬و"البيان والتبيين" للجاحظ‪ ،‬و"الحيوان" للجاحظ‪،‬‬
‫و"يتيمة الدهر" للثعالبي‪ ،‬و"هناية األرب يف فنون األدب" للنويري‪" ،‬يف األدب‬
‫الحديث" لعمر الدسوقي‪ ،‬وغير ذلك كثير وكثير يف ِرحاب المكتبات مِن مثل‬
‫"شذرات الذهب يف أخبار من ذهب" البن العماد‪" ،‬األعالم" للزركلي‪،‬‬
‫و"مروج الذهب" للمسعودي‪ ،‬والمكتبة العربية مليئ ٌة بنِتاج العقول العربية‪،‬‬
‫ف ْل ُيعدْ إليها َمن يشاء‪.‬‬
‫‪ - 5‬التفاسير القرآنية‪ ،‬القديم والحديث‪.‬‬
‫المطهرة‪ ،‬وأهمها الصحاح الستة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫السنَّة النبوية‬
‫‪ - 6‬كتب ُّ‬
‫‪ - 7‬الكتب الحديثة التي ُكتِبت عن الموضوع‪.‬‬

‫وعندَ تو ُّفر الباحث على المصادر والمراجع ذات ِّ‬


‫الصلة بموضوعه‪ُ ،‬ينصح‬
‫ِ‬
‫خصائص‬ ‫يتعرف على‬
‫خاصة‪ ،‬يستطيع يف ضوئها أن َّ‬
‫َّ‬ ‫يتعرف على اعتبارات‬
‫بأن َّ‬
‫المصدر الجيد‪ ،‬وهي(‪:)1‬‬
‫لكل ما لهذه األمور مِن‬
‫‪ - 1‬المؤ ِّلف ومعرفة اتجاهه‪ ،‬وجنسيته وعقيدته؛ ِّ‬
‫أثر يف نِتاج المؤ ِّلف وأفكاره وآرائه‪.‬‬
‫شراف على األعمال المصدرية الكربى‬
‫َ‬ ‫‪ - 2‬المحرر‪ :‬عادة ما يتو َّلى اإل‬
‫محر ٌر‪ ،‬أو رئيس تحرير‪ ،‬أو هيئة تحرير‪ ،‬ومعرفة الباحث هبؤالء األشخاص ُتعطيه‬
‫ِّ‬
‫فكر ًة ج ِّيدة عن قيمة عملهم‪.‬‬

‫(‪ )1‬علم المكتبات ص ‪.112‬د‪ .‬ماهر حماد‪.‬‬


‫‪67‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫‪ - 3‬خ َّطة التأليف يف المصدر‪.‬‬


‫‪ - 4‬طريقة ومنهج معالجة الموضوعات‪ ،‬هل المعا َلجة سطح َّية‪ ،‬أم عميقة‪،‬‬
‫متعصبة تطرح وجه َة نظر معينة‪ ،‬دون بقية وجهات النظر المخالفة‪ ،‬أم‬
‫ِّ‬ ‫هل‬
‫ِ‬
‫وجهات النظر المختلفة‪.‬‬ ‫تعرض‬ ‫موضوع َّية ِ‬
‫‪ِ - 5‬جدَّ ة المعلومات‪ ،‬ومدى توثيق المادة ِ‬
‫العلمية والمصادر والمراجع‬
‫المعتمدة يف التأليف‪ ،‬ومدى صالحيتها واالعتداد هبا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫والواقِع يثبت َّ‬
‫أن المعلومات السابق َة التي ذكرها الدكتور ماهر َّ‬
‫حماد فيما‬
‫يخص كيفي َة انتخاب المرجع أو المصدر عند الرجوع إليه يف غاية األهمية؛ ذلك‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫الباح َث قد يعتمد يف فكرة معينة على مصدر يظ ُّن أنَّه من المصادر الموثوق‬ ‫َّ‬
‫أن‬
‫المصدر إلى الوقوع يف الخطأ‪ ،‬وال ُيعفيه من هذا الخطأ أن‬
‫ُ‬ ‫هبا‪ ،‬ثم ينتهي به هذا‬
‫مجرد النقل‪ ،‬وإنما التمحيص‬
‫َّ‬ ‫ليست‬
‫ْ‬ ‫ينس َبه إلى مصدره؛ َّ‬
‫ألن مهم َة الباحث‬ ‫ُ‬
‫بمجرد النقل‪ ،‬فعلى مسؤوليته‪ ،‬وسوف ُيحسب‬
‫َّ‬ ‫والتحقيق ل ِ َما ينقل‪ ،‬فإذا ما اكت َفى‬
‫عليه عندَ تقويم البحث(‪.)1‬‬
‫مصادر ومراجع يمكن أن ُيضاف إلى جانِب‬
‫َ‬ ‫ذكرنا من‬
‫وإلى جانب ما ْ‬
‫الكتب ما يلي‪)2(:‬‬

‫‪ - 1‬المقاالت‪ ،‬سواء يف المجالت أو الجرائد‪.‬‬


‫‪ - 2‬الرسائل واألطروحات الجامعية‪.‬‬
‫‪ - 3‬المخطوطات‪.‬‬

‫(‪ )1‬البحث العلمي ومناهجه النظرية ص ‪.84‬‬


‫(‪ )2‬منهجية البحث ‪ 54‬وما بعدها‪.‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪68‬‬

‫‪ - 4‬األحاديث اإلذاعية‪.‬‬
‫‪ - 5‬المحاضرات‪.‬‬
‫‪ - 6‬المراسالت‪.‬‬
‫‪ - 7‬الوثائق الحكومية‪.‬‬

‫ومرجع أهمية هذه المرحلة‪ :‬أنَّها ُتعدُّ البداي َة الحقيقية ْ‬


‫للبحث؛ إذ يحاول‬
‫ُ‬
‫الباحث بعد ذلك أن يستمدَّ من مصادره اآلرا َء واألفكار المتعلقة بموضوعه‪.‬‬
‫كبيرا من ال ِّثقة واالطمئنان للباحث‪ ،‬فإنجازها هو‬ ‫ُتعطي هذه المرحلة ً‬
‫قدرا ً‬
‫البحث ومراجعه‪ ،‬وبالتالي ما سيرت َّتب عليه يكون‬
‫لمؤشر على توا ُفر مصادر ْ‬
‫ا ِّ‬
‫وميسرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫سهالً‬
‫يضع أولويات لمقروئه‪،‬‬
‫َ‬ ‫يستطيع العالم مِن الباحثين هبذه المرحلة أن‬
‫بخالف َمن يتجاوزها دون معرفة‪ ،‬فيجمع يف المصادر والمراجع ما ال َعالق َة له‬
‫ببحثه‪ ،‬كحاطب ليل يضيع من وقته الكثير‪ ،‬ويهدر منه الثمين‪.‬‬
‫الوثقى بموضوعه‪،‬‬ ‫يهمه منها‪ ،‬وهي ذات العالقة ُ‬ ‫يتعرف سري ًعا على ما ُّ‬ ‫َّ‬
‫الملِ ّح‪ ،‬و َيدَ ع‬
‫وفكرهتا الرئيسة‪ ،‬بل تفصيالهتا الدقيقة‪ ،‬فيتش َّبث بالضروري منها ُ‬
‫حين‪.‬‬ ‫غيره ل ِ ِ‬
‫َ‬
‫يدون مصادره ومراجعه بعدَ االنتهاء مِن بحثه‬ ‫َ‬
‫الباحث عندما ِّ‬ ‫كما أنَّها تفيد‬
‫يف َث َبت أو فهرس‪ ،‬حيث كان قد نَقل إلى بطاقاته أو كراسة‪ ،‬ويستعيد منها‬
‫الرجوع إلى المكتبة‪.‬‬
‫المعلومات الكاملة عنها‪ ،‬ف ُتغنيه عن ُّ‬

‫ثانيا‪ -‬القراءة ومجع املادة العلمية‪:‬‬


‫القراءة ُخطوة َّ‬
‫مهمة‪ ،‬ومرحلة أساسية من مراحل إعداد البحث‪ ،‬وقد ُيخ َّيل‬
‫‪69‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫مجرد القراءة التي اعتادها مِن ُ‬


‫قبل يجدي و ُتفيد هنا‪،‬‬ ‫أن َّ‬‫للباحث ‪ -‬أي باحث ‪َّ -‬‬
‫أي ْنوع من القراءة هو يف حاجة إليه‪ ،‬ومِن‬
‫يتعرف إلى ِّ‬
‫ِ‬
‫وينصح الباحث إلى أن َّ‬
‫هذه األنواع‪:‬‬
‫أوقات الفراغ‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪ .1‬ما يهدف إلى الت َّْسلية واالستمتاع‪ ،‬ويشغل‬
‫‪ .2‬ما َي ْرمي إلى اكتساب القدرة على َف ْهم المقروء وتنظيمه‪ ،‬واستخالص ما‬
‫استخالصه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يمكن‬
‫‪ .3‬المطالعة العابِرة التي ينفذ من خاللها إلى مواجيز ما يقرأ‪ ،‬كما يحدث‬

‫عندَ تص ُّفح ُّ‬


‫الص ُحف‪.‬‬
‫حسب نوعية المقروء‪ ،‬إال َّ‬
‫أن جمع‬ ‫َ‬ ‫القارئ‬
‫َ‬ ‫األنواع الثالثة ُتفيد‬
‫َ‬ ‫شك َّ‬
‫أن‬ ‫وال َّ‬
‫المادة العلمية أكثر ما يناسبه الن َّْوع الثاين‪ ،‬الذي يحتاج إلى الرتكيز والمتابعة(‪،)1‬‬
‫أن الجهد الذي يجب بذ ُله يف قراءة كتاب ما‬
‫يضع الباحث يف اعتباره َّ‬
‫َ‬ ‫على أن‬
‫آخ َر‪ ،‬ويتو َّقف على أسلوب المؤ ِّلف‪ ،‬وطريقة َع ْرضه‪ ،‬وسهولة‬
‫يختلف عن كتاب َ‬
‫طرح أفكاره ووضوحها‪ ،‬كما تختلف القراء ُة يف مرحلة عنها عن‬
‫ويسر وسائله يف ْ‬
‫مرحلة أخرى‪.‬‬
‫بمجرد‬
‫َّ‬ ‫ليست سهل ًة‬
‫ْ‬ ‫المتخصصين‪َّ :‬‬
‫أن القراءة‬ ‫ِّ‬ ‫ومِن أج ِل ذلك يرى بعض‬
‫وضع الباحث يدَ ه على المصادر والمراجع‪ ،‬بل القراءة يف الحقيقة ٌ‬
‫عمل شاق‪،‬‬ ‫ْ‬
‫وه ْضم األفكار لالنتفاع هبا يف مهارة وفن‪ ،‬يجعل‬ ‫ِ‬
‫المقدرة على َف ْهم َ‬ ‫يحتاج إلى‬
‫الجهدَ القليل له أثر كبير(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬مناهج البحوث وكتابتها ص ‪ 64‬د‪ :‬يوسف مصطفى القاضي‪.‬‬


‫(‪ )2‬راجع كيف تكتب بح ًثا أو رسالة د‪ :‬أحمد شلبي‪.‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪70‬‬

‫وعلما وثقافةً‪،‬‬ ‫ِ‬


‫الباحث القراء َة وأجادها‪ ،‬وأثمرت يف عقله معرف ًة‬ ‫وإذا أتقن‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫كثيرا‪ ،‬وأن ي َّطلع على‬ ‫أ ْدن َْت منه البعيد‪ ،‬وذ َّللت له ا َّ‬
‫لص ْعب‪ ،‬فعلى الباحث أن يقرأ ً‬
‫الفتور إلى عزيمته طري ًقا‪ ،‬وال السأ ُم‬
‫ُ‬ ‫مجموعة كبيرة من ال ُكتب بحيث ال يعرف‬
‫إلى قلبه سبيالً‪ ،‬وال الوه ُن إلى قوته مسل ًكا‪.‬‬
‫مرجع ذو أهمية يتَّصل من قريب أو‬
‫ٌ‬ ‫اإلخالص ك َّله‪ّ ،‬‬
‫وأال يفوته‬ ‫َ‬ ‫وأن ُيخلِص‬
‫بعيد بموضوعه‪ ،‬سواء أكان يتَّفق مع رأيه أم يخالفه‪ ،‬وأن يحولها إلى تعميق بحثه‬
‫ِ‬
‫وجدَّ ته‪.‬‬
‫بعض الباحثين إلى َّ‬
‫أن القراءة الصحيحة والمفيدة تبدأ باإلمعان يف‬ ‫وأشار ُ‬
‫مقدِّ مة الكِتاب؛ لمعرفة منحاه وموضوعه‪ ،‬ومنهج البحث فيه‪ ،‬والهدف مِن‬
‫األمر‬
‫ُ‬ ‫ضيفت إلى ما سبق قراءة خاتمة الكتاب وفهرسه‪ ،‬يزداد‬
‫ْ‬ ‫تأليفه‪ ،‬وإذا ُأ‬
‫ِ‬
‫بأيسر‬ ‫بحثه‪ ،‬فيفيد منه‬ ‫ِ‬
‫ويتعرف إلى مدى صلة مضمون الكتاب بميدان ْ‬
‫َّ‬ ‫وضوحا‪،‬‬
‫ً‬
‫ووضع يدَ ه على أهميته وقيمته‪ ،‬ثم‬
‫َ‬ ‫موضوع الكتاب‪،‬‬
‫َ‬ ‫سبيل‪ ،‬حيث استكشف‬
‫يالزمه بعدَ ذلك فصالً فصالً إلى هنايته‪َ ،‬ي ْستقي منه ما ُيفيده‪.‬‬
‫بالذهن ليس َ‬
‫مثل ما يفيد‬ ‫إن ما َي ْعلق ِّ‬
‫تكون الفائدة كما ُت ْرجى‪ ،‬حيث َّ‬
‫َ‬ ‫ولكي‬
‫البحث وفصوله ومباحثه‬ ‫بالكتابة‪ ،‬على الباحث إعداد م َّلف يصنِّفه على أبواب ْ‬
‫البحث مساح ٌة مع َّينة ينقل فيه‬ ‫ِ‬ ‫الجزئية‪ ،‬بحيث ُتخصص ِّ‬
‫لكل جزئية من جزئيات ْ‬
‫الخاصة ِّ‬
‫بكل جزئية‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫النصوص‬
‫َ‬
‫ومِن الباحثين َمن ينصح باستخدام طريقة البطاقات‪ ،‬حيث ينقل يف ِّ‬
‫كل‬
‫بطاقة نصا أو فِكرة واحدة‪ ،‬مع مراعاة ما يلي(‪:)1‬‬

‫(‪ )1‬راجع البحث ومناهجه النظرية ص ‪.86‬‬


‫‪71‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫وصلته بال َف ْصل الخاص به مِن البحث‪.‬‬


‫‪ - 1‬كتابة عنوان الموضوع ِ‬

‫‪ - 2‬الدِّ َّقة يف تسجيل النص‪ ،‬التأكُّد من عالقته بالموضوع‪ ،‬وليس َّ‬


‫مجرد‬

‫َت ْكرار لن ٍّ‬


‫ص مشابه‪.‬‬
‫‪ - 3‬أن يك ُتب يف ِّ‬
‫كل بطاقة نصا واحدً ا‪ ،‬وإذا كان الموضوع طويالً‪،‬‬
‫َ‬
‫يسهل عليه فصل البطاقات بعضها عن‬ ‫فيخصص له مجموع َة بطاقات؛ حتى‬
‫ِّ‬
‫البحث‪.‬‬
‫خاصة من ْ‬ ‫بعض‪ ،‬وتوزيعها على مواطنها ومواقعها ال َّ‬
‫بجزئية مِن ال َب ْحث على ِحدة‪ ،‬يم ِّيزها من‬
‫كل مجموعة تتع َّلق ُ‬
‫يحفظ َّ‬
‫َ‬ ‫‪ - 4‬أن‬

‫الفصل الذي َتنْتمي إليه ُ‬


‫الجزئية‪.‬‬ ‫غيرها بكتابة عنوان ْ‬
‫الباح ُث قراء َة كل ما يتَّصل بموضوع مع َّين مِن بحثه َ‬
‫قبل كتابته‬ ‫ِ‬ ‫‪ُ - 5‬يعيد‬
‫لهذا الموضوع يف مسودته(‪.)1‬‬

‫‪ - 6‬عندما يتش َّكك الباحث يف ٍّ‬


‫نص ك َت َبه يف البطاقة‪ ،‬عليه أن ُيراج َعه يف‬
‫مرة أخرى‪.‬‬
‫مصدره َّ‬
‫وأيا كانت الطريقة المستخدَ مة يف التدوين‪َّ ،‬‬
‫فإن الكتب التي سوف يقرؤها‬
‫ِ‬
‫الباحث‪:‬‬
‫‪ - 1‬الكتب الخاصة الموجودة بمكتبته‪ ،‬أو بمكتبة ِ‬
‫أحد معارفه يسمح له‬ ‫َّ‬
‫باستعارهتا لوقت مع َّين‪.‬‬
‫‪ - 2‬المراجع والمصادر الموجودة يف المكتبات العا َّمة‪ ،‬التي تخضع لمدَّ ة‬
‫ِ‬ ‫جمع المادة العلمية يف ٍّ‬
‫كانت‬ ‫كل منهما‪ ،‬فإذا‬ ‫اإلعارة المحدَّ دة‪ ،‬وتختلف طريق ُة ْ‬
‫دون إشارات‬
‫نصوصا يف هذه الحالة‪ ،‬بل ُي ِّ‬
‫ً‬ ‫القراءة يف مكتبته‪ ،‬فإنَّه ال ينقل‬

‫(‪ )1‬كيف تكتب بح ًثا جامعيا ص ‪.34‬‬


‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪72‬‬

‫ومالحظات ُتفيده إذا احتاج إلى قراءة ثانية معتمدً ا على عنوان الكتاب‪،‬‬
‫والفصل‪ ،‬ور ْقم الصفحة‪ ،‬واسم المؤ ِّلف‪.‬‬
‫لنص الذي‬ ‫ِ‬
‫وأما إذا كانت القراءة يف المكتبة‪ ،‬أو يف كتاب مستعار‪ ،‬فإنَّه ينقل ا َّ‬
‫الح ْرص على تدوين ما‬ ‫يريده كامالً‪ ،‬أو مختصرا إن كان طويالً يف مصدره‪ ،‬مع ِ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫ِ ِ‬
‫ور ْقم الفصل والصفحة‪ ،‬ودار‬ ‫بالمرجع من اسم المؤ ِّلف‪ ،‬والعنوان‪َ ،‬‬ ‫يتَّصل‬
‫وسنة الن َّْشر‪ ،‬وأرقام السطور مِن الصفحة المنقولة؛ َّ‬
‫ألن هذا الصنيع ُيو ِّفر‬ ‫الطبع‪َ ،‬‬
‫جوع إلى هذه البيانات‪ ،‬والمعرفة المسبقة‬
‫الر َ‬
‫الوقت والجهد للباحث إذا ما أراد ُّ‬
‫خاصة إذا ا َّتبع‬
‫بحث‪َّ ،‬‬
‫كثيرا من أمور ال ْ‬ ‫بطرائق القراءة المفيدة ُت ِّ‬
‫سهل على الباحث ً‬
‫ما يلي عندما يف ِّكر يف كتابة بحث(‪:)1‬‬
‫ويتعرف‬
‫َّ‬ ‫البحث‪،‬‬
‫أهم الكتب المتَّصلة بموضوع ْ‬ ‫‪َ - 1‬ق ْصر القراءة على ِّ‬
‫عليها بالوسائل المذكورة مِن قبل‪ ،‬وتكون هذه القراءة سريع ًة استطالع َّية‪ ،‬يقف‬
‫الثانوي البعيد عن الموضوع‪َ ،‬يصطفي مِن المراجع‬
‫َّ‬ ‫المهم المفيد‪ ،‬ويتجاوز‬
‫ِّ‬ ‫عندَ‬
‫بعدَ تصفيتها ما سوف يعتمد عليه منها‪.‬‬
‫ِ‬
‫الفاحصة المتأنية‪ ،‬وهي تالية للسالفة؛ ألنَّها تقع على المختار‬ ‫‪ - 2‬القراءة‬
‫من ال ُكتب‪ ،‬والمتخ َّير مِن المراجع‪ ،‬والمصطفى من المصادر وهي ُتعدُّ القراءة‬
‫الثانية‪ ،‬التي تسبق َ‬
‫نقل النصوص‪ ،‬وتدوين األفكار‪ ،‬وتسجيل اآلراء‪ ،‬والتعليق‬
‫الصلة بموضوعه‪ :‬إما يف‬ ‫عليها‪ ،‬فإذا ما انتهى منها يبد ُأ يف ن ْقل ما يراه َ‬
‫وثيق ِّ‬
‫أشرنا إليها مِن قبل‪ ،‬وإ َّما يف ك ََّراسة أو كشكول‪ ،‬كيفما‬
‫البطاقات الصغيرة التي ْ‬
‫للباحث‪ ،‬و ُيع ِّلق على ما يحتاج إلى تعليق‪ ،‬ويثبت مِن النصوص ما ُيفيده‪،‬‬
‫ِ‬ ‫يرتاءى‬

‫(‪ )1‬كيف تكتب بح ًثا جامعيا ص ‪.33‬‬


‫‪73‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫مصادر كثيرة‪ِ ،‬‬


‫يوردها مؤ ِّلف الكتاب‬ ‫َ‬ ‫المراجع سوف تد ُّله على‬
‫َ‬ ‫وسيالحظ َّ‬
‫أن هذه‬
‫قرأه يف َث َبت المصادر‪ ،‬فيبحث عنها و َيقرؤها‪ ،‬وعليه أن ين ُق َل النصوص‬
‫الذي َ‬
‫الرسالة‪ ،‬سواء يف‬ ‫ِ‬ ‫بالطريقة المن َّظمة‪ ،‬بحيث يضع َّ‬
‫فصله الخاص من ِّ‬‫نص يف ْ‬ ‫كل ٍّ‬
‫الم َّلف‪ ،‬أو يف المظروف بالبطاقات‪.‬‬
‫ِ‬
‫الباح َث‬ ‫وضع النصوص يف مواضعها يف غاية األهم َّية؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫التنظيم يف ْ‬ ‫وهذا‬
‫ُ‬
‫مرة واحدة بدون هذا التوزيع‪ ،‬فسوف يضطر إلى إعادة توزيعه‬
‫لو جمع مادته َّ‬
‫ضياع للوقت(‪.)1‬‬
‫ٌ‬ ‫على ال ُفصول َّ‬
‫مرة ثانية‪ ،‬ويف هذا‬
‫ِ‬
‫الباحث‬ ‫َ‬
‫يلجأ‬ ‫تصرف‪ ،‬وإما أن‬
‫النص المنقول إ َّما أن يكون كامالً دون ُّ‬
‫وهذا ُّ‬
‫فيه إلى االختصار‪ ،‬و ُيستحسن ذلك إذا كان النص طويالً‪ ،‬ويكتب يف البطاقة‬
‫النص‬
‫أن َّ‬‫للداللة على ذلك االختصار (راجع)؛ ألنَّها كلم ٌة ُيشير يف الهامش إلى َّ‬
‫بتصرف(‪.)2‬‬
‫ُّ‬ ‫ٌ‬
‫منقول‬
‫الكتب والمصادر والمراجع التي‬ ‫ِ‬
‫الباحث قد حدَّ د منذ البداية‬ ‫وإذا كان‬
‫َ‬
‫فإن القراءة ال تتش َّعب به‪ ،‬وال تغريه المتعة يف أن يتما َدى فيما ليس له ِصلة‬
‫هتمه‪َّ ،‬‬
‫ُّ‬
‫ضم المعلومات‪.‬‬
‫يضل يف خ ِّ‬‫البحث‪ ،‬وال ُّ‬
‫بموضوعه‪ ،‬وال َد ْخل له يف منهج ْ‬
‫أن فصالً من الفصول قد‬ ‫ِ‬
‫الباح ُث يف أثناء التدوين بعدَ القراءة َّ‬ ‫وإذا الحظ‬
‫تضخمت ماد ُته العلمية‪ ،‬فإ َّما أن ينتقل إلى ال َف ْصل التالي‪ ،‬أو يقف عندَ هذا‬‫َّ‬
‫خطوات الصياغة بعدَ أن ي َّطلع على‬‫ِ‬ ‫ليمح َصه ويراجعه‪ ،‬ثم يبدأ أولى‬ ‫الفصل؛‬
‫ِّ‬ ‫ْ‬
‫الصياغة وكيفية االستفادة مِن النصوص‪ ،‬فيصنِّف المادة بعدَ قراءهتا قراء ًة‬‫أصول ِّ‬

‫(‪ )1‬البحث العلمي ومناهجه ص ‪.88‬‬


‫(‪ )2‬راجع كيف تكتب بح ًثا ص ‪.35‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪74‬‬

‫يكتشف دال ِ‬
‫الت النص وإمكانية‬ ‫النص وأغواره؛ كي‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫تتعرف إلى أبعاد ِّ‬
‫متعمقة َّ‬
‫ِّ‬
‫بالفصل أو‬
‫ْ‬ ‫بآخر‪ ،‬أو المقارنة ب ْين النصوص؛ ليستبعدَ منها ما ال ِصلة لها‬
‫ر ْبطه َ‬
‫بالجزئية التي يعالجها مؤقتًا‪ ،‬فر َّبما يحتاج إليها الح ًقا‪.‬‬
‫ِ‬
‫ثم ينتقل إلى صياغة هذه النُّقطة صياغ ًة مبدئية‪ ،‬تتم َّثل يف َّ‬
‫الر ْبط ب ْين‬
‫شرحا أو نقدً ا‪ ،‬أو تأييدً ا أو استنبا ًطا(‪ ،)1‬والكتابة هنا‬
‫ً‬ ‫النصوص‪ ،‬والتعليق عليها‬
‫ليست جم ًعا ل ِ َما‬
‫ْ‬ ‫ليست نقالً آليا ل ِ َما كتب يف البطاقات ‪ -‬كما ا َّتضح ‪ -‬بمعنى أنَّها‬
‫ْ‬
‫الش ْرح‬ ‫ُ‬
‫التعديل أو الحذف أو َّ‬ ‫ُكتِب يف عدَّ ة بطاقات على َو َرقة واحدة؛ إذ يقضي‬
‫شرحه‪ ،‬أو التعليق عليه‪ ،‬أو‬‫أو التعليق أو المنا َقشة فيما يجب تعدي ُله أو حذفه أو ْ‬
‫يسمى بكتابة المسودة‪ ،‬ثم ينتقل البا ِحث إلى‬
‫مناقشة هذا الصنيع هو ما ُيمكن أن َّ‬
‫الفصل مبدئيا‪.‬‬
‫ينتهي من صياغة ْ‬
‫َ‬ ‫النقطة الثانية والثالثة‪ ،‬حتى‬
‫َ‬
‫التداخل بين ُخطوتين هنا‪ ،‬وهما القراءة‪ ،‬ثم الصياغة‪ ،‬وهما‬ ‫ولع َّلنا نالحظ‬
‫شهورا يتنقل‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫الباحث وقد أمضى‬ ‫المهمة؛ ذلك أل َّن‬
‫َّ‬ ‫يف مجموعهما مِن الخطوات‬
‫الم َلل‪ ،‬فالمراجعة والتو ُّقف‪،‬‬
‫ومتصفحا قد يصيبه َ‬
‫ً‬ ‫ب ْين المراجع والمصادر‪ ،‬قارئًا‬
‫الباحث من هذه الحالة‪ ،‬إلى‬ ‫ِ‬ ‫وإعادة النظر فيما َكتَب وصياغته‪ ،‬مظنَّ ُة إخراج‬
‫وتمرسه على الصياغة‪.‬‬
‫تدربه ُّ‬
‫جانب ُّ‬
‫َ‬
‫االطمئنان على قدرته ومواهبه عندما يجد ما هضمه قراء ًة‬ ‫ثم إنَّه يستشعر‬
‫مكتو ًبا بأسلوبه الخاص‪ ،‬وسيكون ذلك تمهيدً ا ج ِّيدً ا له على تصنيف ِّ‬
‫كل نص يف‬
‫موضعه‪ ،‬سواء كان مِن هذا الفصل أو الفصول التالية‪.‬‬
‫الح ْسبان تأيت يف لمحات‬
‫أفكارا لم تكن يف ُ‬
‫ً‬ ‫و ُين َّبه على الباحث َّ‬
‫أن ثمة‬

‫(‪ )1‬األسبق ص ‪.98‬‬


‫‪75‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫ُّ‬
‫تحط على العقل فجأةً‪ ،‬فعلى الباحث أن يق ِّيدها كتابة؛‬ ‫خواطر شاردة‬
‫َ‬ ‫خاطِفة‪ ،‬أو‬
‫تذكرها بعد زوال لحظتها من الصعوبة بمكان‪ ،‬إن لم يكن مستحيالً‪ ،‬وغال ًبا‬
‫ألن َ‬‫َّ‬
‫ما تكون هذه األشيا ُء العارضة ق ِّيمة‪ ،‬وعلى قدر قيمتها تكون سريع َة اإلفالت‪،‬‬
‫كسرعتها عندما َت ِ‬
‫عرض ِّ‬
‫للذهن(‪.)1‬‬
‫وينصح الباحث عمو ًما يف هذه المرحلة بما يأيت‪:‬‬
‫ألن ذلك كله يؤ ِّثر سل ًبا يف‬
‫‪ -1‬أن يتجنَّب القراء َة مع الملل أو التعب؛ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القارئ‪ ،‬ويف فكره وعقله‪ ،‬وقد يق ِّلل من قيمة تحصيله‪ ،‬ويغفل من معلومات ُّ‬
‫هتم‬
‫البحث‪.‬‬
‫‪ -2‬وأن يحدِّ د نوعية ما يقرأ‪ ،‬وتتو َّقف على و ِ‬
‫ثاقة ِصلته بموضوعه‪ ،‬وأن‬
‫أسلوب النقد‪ ،‬حتى يتبي َن الصحيح من‬ ‫َ‬ ‫الوقت المناسب للقراءة‪ ،‬ويستخدم‬ ‫َ‬ ‫يتخ َّير‬
‫الفاسد‪ ،‬والصواب مِن الخطأ فيما ُيطالعه؛ حتى يتجنَّ َبه‪ ،‬أو يناقش المؤ ِّلف‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويصوب ما يراه خطأ أو مخال ًفا ل َما هو متَّفق عليه؛ بغي َة ترويج ف ْكر مع َّين‪ ،‬أو ِّ‬
‫دس‬ ‫ِّ‬
‫ُس ٍّم يف العسل ‪ -‬كما يقولون ‪ -‬والقراءة الناقدة هي التي تم ِّيز َّ‬
‫الغث من الثمين‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يبد َأ الباحث بقراءة المصادر واألصول المحفوظة أو ً‬
‫ال‪ ،‬ثم ينتقل‬
‫ِ‬
‫المراجع والفروع‪ ،‬مع شدَّ ة اليقظة يف أثناء القراءة‪ ،‬ثم ما َكتَبه األقدمون‬ ‫منها إلى‬
‫والم ْحدثون والمعاصرون يف موضوعه‪.‬‬
‫ُ‬
‫نصف الوقت‪ ،‬وإدامتها ر َّبما‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫وألن سرع َة القراءة وإجادهتا تختصر‬ ‫‪-4‬‬
‫يروح عن نفسه‪ ،‬حتى يستعيدَ نشا َطه‬ ‫ِ‬
‫ُيصيب اإلنسان بالفتور‪ ،‬على الباحث أن ِّ‬
‫وحيويته؛ ليتسنَّى له َف ْهم ما يقرأ‪ ،‬والتفكير جيدً ا فيما ينقل‪.‬‬

‫(‪ )1‬الدليل إلى كتابة البحوث الجامعية ص ‪ ،91‬كتاب مرتجم د‪ .‬عبدالوهاب إبراهيم أبو سليمان‪.‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪76‬‬

‫ثالثا‪ -‬صياغة البحث‪:‬‬


‫ِ‬
‫وتدرب على انتخاب‬
‫َّ‬ ‫يكون الباح ُث قد َّ‬
‫تمرس يف المرحلة السابقة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫بعد أن‬
‫تعمق‪ ،‬وكتابتها يف مسودته‪ ،‬تأيت هذه المرحل ُة‬
‫النُّصوص واختيارها‪ ،‬وفهمها يف ُّ‬
‫أصعب المراحل التي تقف أما َم‬
‫َ‬ ‫(الصياغة النهائية)‪ ،‬وهي ص ْعبة‪ ،‬إن لم تكن‬
‫الباحث وأخطرها؛ حيث َيستجمع هنا َّ‬
‫كل قدراته وإمكاناته األسلوب َّية‪ ،‬والعقلية‬
‫الفكرية‪ ،‬والتحليلية والنقاشية‪ ،‬واالستداللية والربهانية على ما يذهب إليه‪،‬‬
‫وترجيحِ ما يراه صائ ًبا‪ ،‬ومخالفة ما يراه خاط ًئا‪ ،‬كل هذه العناصر تحشد يف هذه‬
‫ِ‬
‫استقالل‬ ‫المهمة؛ ألنَّها تمثل مرحل َة تحديد ُهوية البحث‪ ،‬والداللة على‬ ‫ُ‬
‫الخطوة‬
‫َّ‬
‫الكم المرتاكم من المادة العلم َّية يف البطاقات‬ ‫َّ‬ ‫فيحول‬
‫ِّ‬ ‫شخصية الباحث‪،‬‬
‫واألوراق‪ ،‬ويف الوسائل التي استعان هبا يف جم ْعها إلى أفكار ونِقاط تتم َّثل يف‬
‫األبواب والفصول والمباحث على استواء تا ٍّم‪ ،‬ال يدخلها اضطراب‪ ،‬وال يقع‬
‫َ‬
‫وسط أنداده حين‬ ‫تناقض وال َخ َلل؛ َّ‬
‫ألن الباحث هبذا العمل يأخذ مكانَه‬ ‫ٌ‬ ‫فيها‬
‫ُيحسن َف ْهم النص‪ ،‬و ُيحسن استخدا َمه‪ ،‬ويضعه يف مكانه المناسب‪ ،‬مدركًا ما ب ْين‬
‫أن خطور َة هذه‬ ‫أفكارا جديدة‪ ،‬كما َّ‬
‫ً‬ ‫مستنتجا منها‬
‫ً‬ ‫النصوص مِن عالقات‪،‬‬
‫البحث وقيمتَه النهائية‪ ،‬ويرت َّتب عليها‬ ‫المرحلة تبدو يف َّ‬
‫أن الباحث يحدِّ د شكل ْ‬
‫ِ‬
‫الباحث لهذه‬ ‫أن تجاوز‬ ‫الحكم والمناقشة‪ ،‬إلى جانب َّ‬
‫القراء‪ ،‬ولجان ُ‬‫تقد ُير َّ‬
‫المرحلة تعطي إشارات ودالالت قوي ًة على أنَّه يستطيع أن ينجز مستقبالً أعما ً‬
‫ال‬
‫علم َّية‪ ،‬معتمدً ا على نفسه دون توجيه أو إشراف‪.‬‬
‫كبيرا من المعلومات ومِن‬ ‫َ‬
‫الباحث قد جمع يف المراحل السابقة كما ً‬ ‫َّ‬
‫وألن‬
‫فق خطة البحث‬
‫الكم َو َ‬
‫المادة العلمية‪ ،‬يكون َدور الباحث يف ْفرز وتصنيف ذلك ِّ‬
‫‪77‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫كل شيء جمعه من‬ ‫وري أن يثبت يف بحثه َّ‬


‫عمالً مهما؛ "ألنَّه ليس من الضر ِّ‬
‫مختلف المصادر‪ ،‬بل يثبت ما له عالق ٌة م ِ‬
‫باشرة بالموضوع‪ ،‬وما يمكن اإلفاد ُة منه‬
‫البحث‪ ،‬أو ما يقوده إلى رأي جديد وما له أثر وقيمة وأهمية يف كتابة‬
‫يف مادة ْ‬
‫البحث"(‪.)1‬‬
‫بذ َل جهدً ا ووقتًا‬ ‫ِ‬
‫الباحث االستغنا ُء عن بعض ما كتبه وقد َ‬ ‫يعز على‬
‫وأحيانًا ُّ‬
‫جمعه وتبويبه من مصادره ومراجعه‪ ،‬فيميل إلى إثباته "وهنا يجب التنبي ُه َّ‬
‫بأن‬ ‫يف ْ‬
‫البحث يؤ ِّثر سل ًبا يف قيمته"(‪ ،)2‬ويف جميع األحوال‪،‬‬ ‫ْ‬
‫حشر ما هو غير ضروري يف ْ‬
‫موضع يف بحثه اآلن‪ ،‬فمن‬
‫ٌ‬ ‫كثيرا مما جمع‪ ،‬وإذا لم يكن له‬ ‫َ‬
‫الباحث قد أفاد ً‬ ‫َّ‬
‫فإن‬
‫الممكن أن ُيفيدَ منه يف كتابات يعدُّ ها فيما بعد‪ ،‬أو يف حياته العلمية عمو ًما‪.‬‬
‫تقسيم الصياغة‬
‫ُ‬ ‫وكما ُيشير المرحوم الدكتور س ْعد الدين الس ِّيد صالح يمكن‬
‫النهائية إلى مراتب(‪:)3‬‬
‫األولى‪ :‬الفرز والمراجعة والتصفية‪:‬‬
‫الباحث بمراجعة ما َكتَب يف الفصول ويغربله‪ ،‬بحيث يحذف‬ ‫ِ‬ ‫وفيها يقوم‬
‫وجد بينها جمي ًعا‬‫كل فصل على ِحدَ ة‪ ،‬و ُي ِ‬ ‫الزائد‪ ،‬و ُيثبت المفيد الضروري يف ِّ‬
‫الف َقر ونِقاط البحث تراب ًطا ال تك ُّلف فيه وال تعنُّت‪ ،‬مع ن ْقل‬
‫الرتابط المنطقي بين ِ‬
‫َ‬
‫فصله‪ ،‬وإلى موضعه المناسب‪.‬‬
‫فصل مع َّين إلى ْ‬
‫ما ليس من ْ‬
‫الثانية‪ :‬التجزئة والتصنيف‪:‬‬

‫(‪ )1‬يراجع كيف تكتب بح ًثا ص ‪.59‬‬


‫(‪ )2‬منهجية البحث ص ‪.59‬‬
‫(‪ )3‬البحث العلمي ومناهجه ص ‪ 92‬وما بعدها تراجع‪.‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪78‬‬

‫و ُيعنَى هبا َّ‬


‫أن الباحث بعد أن عرف تما ًما الصور َة التي سيكون عليها بحثه‪،‬‬
‫َ‬
‫مباحث جزئية‪ ،‬ثم يقوم‬ ‫فصل إلى‬
‫يجزئ كل ْ‬
‫ووضحت أمامه معالمه‪ ،‬يستطيع أن ِّ‬
‫ْ‬
‫بتصنيف النصوص وتوزيعها على مجموعات متجانِسة بحسب أجزاء الفصول‪،‬‬
‫الكم الهائل من المادة‬
‫َّ‬ ‫مما ُيعفيه من التشتُّت والعبء النفسي عندما يرى أما َمه‬
‫َّ‬
‫العلم َّية‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬الصياغة األولى‪ ،‬وتتشكل يف أكثر من خطوة‪:‬‬
‫القراءة األولى للنصوص يف المراجع والمصادر‪ ،‬والثانية عندَ الن ْقل إلى‬
‫الكراسات أو الكشاكيل‪ ،‬والثالثة عندَ الفرز والغربلة‪ ،‬والرابعة عندَ‬ ‫البطاقات أو َّ‬
‫التصنيف‪ ،‬وتلك كافية لتم ُّث ِل المعلومات وتع ُّلقها بعقله وفِكره‪ ،‬وإدراكه ألبعادها‬

‫ومراميها‪ ،‬فيوجد العالق َة فيما بينها؛ ليصو َغها من جديد‪ ،‬وال نغفل َد َ‬
‫ور األستاذ‬
‫قبل ومن بعد ‪ -‬كما سنشير إلى‬‫شرف يف كل خطوة يقدم عليها الباحث مِن ُ‬ ‫الم ِ‬

‫ذلك‪.‬‬

‫شك ِجدُّ مفيد إذا َّ‬


‫مر الباحث بالخطوات السابقة‬ ‫والمردود على الباحث ال َّ‬
‫ِ‬
‫والفارق يبدو‬ ‫تدرجها‪ ،‬أقله إنجازه علميا بما يع ِّبر عن كيان الباحث‪،‬‬
‫فق ُّ‬ ‫كلها َو َ‬
‫ِ‬
‫الخطوات يف‬ ‫لمتسرع الذي يختصر الوقت‪ ،‬ويتجاوز‬ ‫المتعجل ا‬ ‫جليا بينه وب ْين‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اإلخراج‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫يحسن القراء َة لم يجد‬ ‫صورة البحث الهزيل المهزوز‪ ،‬فهو بحيث لم‬
‫أشرنا هنا‬ ‫ِّ‬
‫ولكل باحث طريقته ومنهجه‪ ،‬وأسلوبه ووسائله‪ ،‬ولكنَّنا ْ‬ ‫وال اإلنجاز‪،‬‬
‫إلى األمثل واألكثر إفادةً‪.‬‬

‫رابعا‪ -‬طرق االقتباس من النصوص‪:‬‬


‫‪ - 1‬طريقة االقتباس النصي‪:‬‬
‫‪79‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫وفيها ُتنقل عبارات المؤ ِّلف من كتابه دون تغيير‪" :‬إما لتعزيز رأي ما‪ ،‬أو‬
‫لن ْقل خرب مهم‪ ،‬أو لالستشهاد بما هو حجة يف ميدانه‪ ،‬وفيه يجب ِ‬
‫الح ْرص على‬ ‫ُ َّ‬
‫ممن ُيعتمد عليهم ويو َثق هبم"(‪.)1‬‬
‫أن يكون مؤلفوها َّ‬
‫البحث(‪ ،)2‬فلكي يثبت‬‫النص تعود إلى أنَّه يم ِّثل "وثائق ْ‬
‫ِّ‬ ‫وأهمية اقتباس‬
‫آخر‪ ،‬يلتمس األد َّلة‪ :‬إما خالص ًة من نفسه‪ ،‬أو مِن‬ ‫ُ‬
‫الباحث رأ ًيا‪ ،‬أو يعارض رأ ًيا َ‬
‫اآلخرين‪ ،‬وهي تتم َّثل يف النصوص المقتبسة عندئذ"‪.‬‬
‫تحديد النصوص المقتبسة وتمييزها‪:‬‬
‫ِ‬
‫الباح ُث من تمييز النصوص المنقولة من غيره عن أسلوبه‬ ‫ولكي يتم َّكن‬
‫وضع دالئل ُتشير إلى‬
‫تعارف الباحثون على ْ‬ ‫الخاص‪ ،‬وفكره وجهده الخاص‪َ ،‬‬
‫صحة نِسبة النص المنقول مِن المراجع أو‬
‫َّ‬ ‫النص المقتبس ‪ -‬بعدَ التأكُّد من‬
‫ِّ‬
‫المصادر لصاحبه‪ ،‬بياهنا كالتالي‪:‬‬
‫يعرف بدايته وهنايته‪ ،‬وبذلك‬
‫َ‬ ‫النص المقتبس ب ْين قوسين؛ حتى‬
‫يوضع ُّ‬ ‫‪َ .1‬‬
‫يتم َّيز عن كالم البا ِحث‪ ،‬بما يف ذلك ما نق َله ممن يقرأ له من اآلخرين‪ ،‬على‬
‫أن‬ ‫َ‬
‫داخل قوسين كبيرين بما ُيفيد َّ‬ ‫يضع ذلك يف قوسين صغيرين‬ ‫ِ‬
‫الباحث أن‬
‫َ‬
‫نفسه قد اقتبس الفقرة من كتاب آخر ("‪.)"....‬‬
‫المصدر َ‬
‫‪ .2‬إذا كان طول المقتبس َيزيد عن ستَّة أسطر‪ُ ،‬تلغى األقواس‪ ،‬ويكتب‬
‫ِ‬
‫الباحث مع‬ ‫تمييزا لها عن كالم‬ ‫الرسالة؛‬
‫ً‬ ‫أصغر مما كتبت هبا ِّ‬
‫المنقول بحروف ْ‬
‫وترك مسافة بيضاء على جانبي الصفحة‪.‬‬
‫تضييق المسافة ب ْين السطور‪ْ ،‬‬

‫(‪ )1‬منهجية البحث ص ‪.62‬‬


‫(‪ )2‬أضواء على البحث المعاصر ص‪.52 :‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪80‬‬

‫النص‬
‫حذف جزء غير مفيد بالنسبة له من ِّ‬ ‫‪ .3‬يضطر الباحث أحيانًا إلى ْ‬
‫النص بنِقاط متتابعة هكذا (‪.)...‬‬
‫المقتبس‪ ،‬وعندئذ عليه أن يكمل َّ‬
‫التناقض فيما ينقل من نصوص‪ ،‬بحيث يثبت نصا منقو ً‬
‫ال يف‬ ‫َ‬ ‫‪ .4‬أن يتجنَّب‬
‫بآخر يناقضه يف موضع ثان‪.‬‬
‫موضع‪ ،‬ويأيت َ‬
‫‪ّ .5‬أال تذوب شخصي ُة الباحث وتنمحي أما َم من ين ُقل عنهم‪ ،‬بل تكون له‬
‫شخصي ٌة واضحة مستق َّلة‪ ،‬لها بصماهتا الخاصة‪.‬‬
‫اقتباسه صفحة‪ ،‬فاألفضل يف هذه الحالة ّأال يكون‬‫ُ‬ ‫وإذا تجاوز ما ُيراد‬
‫أكثر من فِقرة‬ ‫ِ‬
‫االقتباس حرفيا‪ ،‬بل يوجزه الباحث ويصوغه بأسلوبه‪ ،‬وعندَ اقتباس َ‬
‫يوضع يف َّأول االقتباس‪ ،‬ويف أول فِقرة مزدوجان (أو شولتان)‪ ،‬وكذلك يف هناية‬
‫أن كثرة االقتباس إنما هو ن ْقل مخا ِدع لنصوص‬
‫الفقرة األخيرة‪ ،‬مع اإلشارة إلى َّ‬
‫اآلخرين يحتال به‪ ،‬ويسطو على أفكار اآلخرين‪ ،‬ومعه تضيع شخصيته‪.‬‬

‫‪ .6‬أن يذ ُك َر الباحث يف الهامش َ‬


‫اسم المرجع المأخوذ منه النص‪ ،‬واسم‬
‫مؤ ِّلفه‪ ،‬ور ْقم الصفحة‪ ،‬وتاريخ الطبع ومكانه‪ ،‬ودار النشر ور ْقم الطبع‪ ،‬وإذا كان‬
‫ورمزه‬
‫َ‬ ‫مخطو ًطا فليذكر ر ْق َمه بدار المخطوطات‪ ،‬واسم المكتبة التي يوجد فيها‪،‬‬
‫الخاص‪ ،‬ومح َّقق هو أم ال‪.‬‬
‫‪ - 2‬االقتباس التلخيصي‪:‬‬
‫أشرنا إليه من ُذ قليل مِن َّ‬
‫أن النص المقتبس‬ ‫المقصود باالقتباس التلخيصي ما ْ‬
‫ِ‬
‫المرجع‪ ،‬أو المنقول من المصدر إذا كان طويالً‪ ،‬ويزيد على ستِّة أسطر يقوم‬ ‫من‬
‫أن ِ‬
‫الفكرة الرئيسة‬ ‫مخلصا‪ ،‬مع اإلشارة يف الهامش إلى َّ‬ ‫ِ‬
‫الباحث بصياغته بأسلوبه‬
‫ً‬
‫إنما لفالن من المؤ ِّلفين‪ ،‬وذلك بالنص على ر ْقم الصفحة‪ ،‬وعنوان الكتاب يف‬
‫‪81‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫واسع‬ ‫ِ‬
‫الباحث‬ ‫عدد مِن الصفحات مستوفاة يف اإليجاز‪ ،‬وعلى قدْ ر ما يكون‬
‫َ‬
‫عرض األفكار‪ ،‬يقدمها للمتل ِّقي‬
‫وح ْسن ْ‬‫قادرا على اختزال النصوص‪ُ ،‬‬
‫المدارك‪ً ،‬‬
‫عرض األفكار‬ ‫ِ‬
‫يف خالصة يقرؤها يف وقت قليل‪ ،‬يكون بار ًعا‪ ،‬وعلى مقدرة من ْ‬
‫شر َط ّأال َ‬
‫ينقصها وال يشوهها‪.‬‬ ‫بصورة جديدة ْ‬
‫‪ - 3‬االقتباس وإعادة الصياغة‪:‬‬
‫النص‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ملخصا‪ ،‬قد يكون ُّ‬
‫ً‬ ‫عرضها‬
‫بخالف إعادة صياغة النُّصوص الطويلة ْ‬
‫فه ُمه‪ ،‬وعندئذ‬
‫غامضا غير مفهوم‪ ،‬أو مدرك لدَ ى القارئ‪ ،‬ويص ُعب ْ‬
‫ً‬ ‫اقتباسه‬
‫ُ‬ ‫المراد‬
‫بصياغة ذلك مِن جديد يف أسلوب سهل ال َف ْهم‪ ،‬مع شيء من‬ ‫يقوم المقتبِس ِ‬

‫النص الغامض‬
‫يضا‪ ،‬أو يقوم بقراءة ِّ‬
‫التصرف ُيشار إلى هذا الصنيع يف الهامش أ ً‬
‫ُّ‬
‫الخاص بعدَ استيعابه‬
‫ِّ‬ ‫مرات‪ ،‬ثم يفهمه جيدً ا‪ ،‬ويقدم على إيجازه بأسلوبه‬
‫عدَّ ة َّ‬
‫أن هذه الخطو َة تتط َّلب المهار َة الكافية للقيام هبا‪ ،‬بحيث ال‬
‫شك َّ‬
‫وتمثيله‪ ،‬وال َّ‬
‫األسلوب ُي ِ‬
‫رتجم عن‬ ‫شك َّ‬
‫أن هذا‬ ‫صاحب النص األصلي‪ ،‬وال َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫يخل بمقصود‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وح ْسن استخدامها‪ ،‬كما يؤ ِّدي إلى التقليل‬ ‫مدى قدرة الباحث ل َف ْهم النصوص ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫بالح ْرف‪ ،‬وكثرهتا كثر ًة ال داعي لها‪ ،‬إلى جانب توضيح‬ ‫من ن ْقل النصوص َ‬
‫سهل مِن جديد‪.‬‬ ‫النصوص القديمة المستغلقة بإعادة صياغتها يف أسلوب ْ‬
‫ُّ‬
‫ويظل الباحث مستمرا يف عملية القراءة‪ ،‬ثم إعادة القراءة‪ ،‬وكتابة وتدوين ما‬
‫كتب‪ ،‬وصياغته ومراجعته‪ ،‬حتى إذا ما َع َّن له جديدٌ يجب إضاف ُته أضا َفه‪ ،‬أو زائد‬
‫الرسالة يف صورهتا‬ ‫حذ َفه‪ ،‬إلى أن تأيتَ مرحلة القراءة األخيرة التي تعقب كتاب َة ِّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ينظر إلى عمله نظر َة الناقد‬ ‫النهائية كتابة أولى‪ ،‬وقد أخذ قس ًطا من َّ‬
‫الراحة‪ ،‬وفيها ُ‬
‫َ‬
‫العمل ليس له‬ ‫َّ‬
‫وكأن‬ ‫المتمرس فيه‪ ،‬الذي ال يتجاوز األخطا َء وال يرتك الهنات‪،‬‬
‫ِّ‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪82‬‬

‫وهو مك َّلف بتقويمه‪ ،‬وسوف تقع عينُه ال محالة على بعض التعديالت‪ ،‬أو‬
‫التغييرات األسلوبية والمعنوية‪ ،‬فيقوم هبا‪ ،‬ثم ِ‬
‫يعرض عم َله على أستاذه المشرف‬
‫‪ -‬وكان قد سبق له اال ِّطالع على الرسالة َّ‬
‫مجزأ ًة حتى يالحظ ما عليها‪ ،‬وغال ًبا ما‬
‫تعهدها مع الباحث منذ بدايته‪ ،‬أما إذا‬ ‫ستكون مالحظا ُته طفيفة وشكلية؛ ألنَّه قد َّ‬
‫فإن األمر ر َّبما‬ ‫ِ‬
‫الباحث منها كل َّية‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫المشرف لم ي َّطلع عليها إال عندَ انتهاء‬ ‫كان‬
‫الرسالة إن لم يتَّفق مع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المشرف إلى إعادة النظر يف بعض نقاط ِّ‬ ‫يحتاج من‬
‫ِ‬
‫الباحث بإعادة الكتابة فيها‪ ،‬أو إ ْلغاء أجزاء منها‪،‬‬ ‫المنهجية المطلوبة‪ ،‬و ُيشير إلى‬
‫صدرت ولها‬
‫ْ‬ ‫أو أن يقو َم بإجراء تبديل جوهري‪ ،‬أو ير ُّده إلى مطبوعات جديدة‬
‫أن‬ ‫عالقة بموضوعه‪ ،‬يجب على ِ‬
‫الباحث أن يستوع َبها وينفذها‪ ،‬وإنَّما سبب ذلك َّ‬
‫الرسال َة‬ ‫ِ‬
‫الباحث منذ ْ‬ ‫ِ‬
‫أش َرف عليه‪ ،‬وحتى إنجازه ِّ‬ ‫المشرف كان منقط ًعا عن متابعة‬
‫ِ‬
‫الباح ُث رسالتَه على ضوء‬ ‫بعيدً ا عن عينيه‪ ،‬وتوجيهاته ونصائحه‪ ،‬ثم إذا أعاد‬
‫وأتمها وأكملها‪َ ،‬أ ِذ َن له بالطبع‪ ،‬فيجلس إلى نفسه لكتابتها‬
‫اإلرشادات الجديدة َّ‬
‫ليدفع هبا إلى الطباعة‪ ،‬مع‬ ‫أكثر جما ً‬
‫ال وهبا ًء؛‬ ‫ِ‬ ‫ٍّ‬
‫َ‬ ‫بخط واضح جميل‪ ،‬وأسلوب َ‬
‫مراعاة ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬سالمة األسلوب الذي هو َ‬
‫الخ ْيط الذي ينتظم األفك َار جمي ًعا‪ ،‬وكما‬
‫مما حوى من‬ ‫َ‬
‫البحث قيمتَه َّ‬ ‫قالوا‪( :‬األسلوب هو الرجل)‪ ،‬والرديء منه يفقد‬
‫معلومات ق ِّيمة‪ ،‬واكتشافات نافعة(‪.)1‬‬
‫‪ .2‬تسلسل األفكار وتنظيمها‪:‬‬
‫التماسك‪ ،‬ذلك َّ‬
‫ألن االنتقال‬ ‫الرسالة على‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫أهم الوسائل التي تساعد ِّ‬
‫من ِّ‬

‫(‪ )1‬منهجية البحث ص‪.60‬‬


‫‪83‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫السلس مِن فكرة إلى أخرى‪ ،‬أو مِن باب إلى باب‪ ،‬ومِن فصل إلى فصل دون‬
‫َّ‬
‫الموضوع متداخالً يف خ ْيط واحد‬‫َ‬ ‫استشعار االضطراب‪ ،‬أو التنا ُقض بينها يجعل‬
‫كل فكرة نتيج ًة ل ِ َما سبق‪ ،‬ومقدِّ مة‬
‫تكون ُّ‬
‫َ‬ ‫كالعقد‪ ،‬والرتتيب المنطقي يقتضي أن‬ ‫ِ‬

‫ل ِ َما هو الحق‪ ،‬وذلك يستدعي كتاب َة األفكار يف صورة فِ ْقرات متوالية مرتابِطة‪،‬‬
‫خروج الكاتب مِن معنًى إلى‬ ‫ُ‬ ‫وهذا ما أشار إليه اب ُن األثير عندما قال‪" :‬أن يكون‬
‫رقاب المعاين آخذ ًة بعضها ببعض‪ ،‬وال تكون مقتضبة"(‪.)1‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫لتكون‬ ‫معنًى برابطة؛‬

‫تسلس َل األفكار وترابطها يف ْ‬


‫البحث ُي ْفضي إلى الموضوعية‪ ،‬التي تنهج‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫القياس الصحيح‪ ،‬وتقويم اآلراء وتصويبها‪.‬‬‫َ‬
‫أكثر مِن موضع‪ ،‬وإذا كان ال بدَّ مِن ِذكْر فكرة‬ ‫ِ‬
‫‪ .3‬البعد عن َت ْكرار الفقرة يف َ‬
‫سابقة‪ ،‬فليكن ذلك عن طريق اإلشارة فقط‪ ،‬وإحالة القارئ على ِ‬
‫موضعه السابق‬ ‫ْ‬
‫حشد النصوص الكثيرة بدون‬ ‫همه ْ‬ ‫َ‬
‫يجعل َّ‬ ‫ألن الباحث ال يحب أن‬ ‫مِن ال َب ْحث؛ َّ‬
‫بعرض األفكار والمعلومات يف أسلوب ُم ِ‬
‫فهم يصل إلى‬ ‫يهتم ْ‬
‫ُّ‬ ‫داع‪ ،‬ب َقدْ ر ما‬
‫القارئ بدون تشويش وال َت ْكرار‪ ،‬ذلك َّ‬
‫ألن أسلوب التَّكرار قدْ ُيفيد يف الكتابات‬
‫معروف يف خصائص‬
‫ٌ‬ ‫منهجا متب ًعا عندَ الكاتب ‪ -‬كما هو‬
‫ً‬ ‫خاصة إذا كان‬
‫الحرة‪َّ ،‬‬
‫َّ‬
‫كتابات الجاحظ أبي عمرو بن عثمان م ‪.255‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالس ْلب على قيمة ِّ‬
‫الرسالة‪،‬‬ ‫أثر له َّ‬
‫يرفع ما ال َ‬
‫وعلى هذا يمكن للباحث أن َ‬
‫يفتح على نفسه أبوا ًبا كان يجب سدُّ ها‪.‬‬
‫حتى ال َ‬
‫كل باب نبذ ًة بمحتوياته‬ ‫ِ‬
‫الباحث ب ْين يدي ِّ‬ ‫‪ُ .4‬يستحسن أحيانًا أن يقدِّ م‬
‫سمى بالتمهيد‪ ،‬الذي‬
‫بموجز بأهم النتائج‪ ،‬أو ما يمكن أن ُي َّ‬
‫َ‬ ‫ومنهجه‪ ،‬ثم يختمها‬

‫(‪ )1‬المثل السائر (‪ )72/1‬ابن األثير‪ ،‬تحقيق محمد محي الدين عبدالحميد‪.‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪84‬‬

‫الرسالة‬
‫لتصبح ِّ‬
‫َ‬ ‫عما يف الباب بفصوله؛‬ ‫ُ‬
‫الباحث فكر ًة يف غاية اإليجاز َّ‬ ‫يصطفي فيه‬
‫حلقات متسلسلة متماسكة مثل ح َّبات العقد‪.‬‬
‫أهم ما يم ِّيز بح ًثا عن‬
‫أشرنا ساب ًقا ‪ -‬من ِّ‬ ‫شك َّ‬
‫أن األسلوب ‪ -‬كما ْ‬ ‫‪ .5‬ال َّ‬
‫أي أسلوب أن يكون‬ ‫بحث‪ ،‬وشخصي ًة عن شخصية‪ ،‬فإذا كان المطلوب يف ِّ‬ ‫ْ‬
‫واضحا ومفهما غير مستغ َلق‪ِ ،‬‬
‫فمن باب أولى أسلوب الرسائل‪ ،‬فال بدَّ أن يتم َّيز‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بالسالمة‪ ،‬وال ُب ْعد عن التعقيد والتعمية‪ ،‬ومِن األخطاء اللغوية واإلمالئية‪،‬‬
‫والمفروض َّ‬
‫أن طالب الدِّ راسات ال ُعليا يف اللغة واألدب ال يقع يف هذه األخطاء‪.‬‬
‫الفكرة‪ ،‬بعكس السقيم الذي يضيع‬‫اإلبانة عن ِ‬
‫ِ‬ ‫واألسلوب السليم ُيساعد يف‬
‫ٌ‬
‫ودليل على سهولة‬ ‫مقياس‬ ‫ووضوح األسلوب‬ ‫ِ‬
‫الباحث‪،‬‬ ‫المعنى الذي يقصد إليه‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫وبرهان على أنه يمتلك ناصي َة موضوعه وعلى يقين من َف ْهم‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫الباحث‪،‬‬ ‫أفكار‬
‫واضحا‪ ،‬ب َقدْ ر ما تستطيع أن تفهم‬
‫ً‬ ‫اتجاهه‪ ،‬وكما قالوا‪" :‬ب َقدْ ر ما تكون‬
‫نفسك"(‪.)1‬‬
‫ِ‬
‫بأقصر عبارة‪ ،‬مع ال ُب ْعد عن اإلسهاب‬ ‫‪ .6‬إيجاز الكالم‪ ،‬وإيضاح ِ‬
‫الفكرة‬
‫والركاكة يف األسلوب‪ ،‬واإلطناب ِ‬
‫غير المفيد‪ ،‬مع تجنُّب‬ ‫والتهافت يف العبارة‪َّ ،‬‬
‫موضوع البحث يف األدب هو‬‫َ‬ ‫العامية الفاشية‪ ،‬وضحالة المعاين‪ ،‬وليس معنى َّ‬
‫أن‬
‫وجديته‪،‬‬‫ألن كليهما ُينايف ِعلمي َة البحث ِ‬
‫الباحث يف التذويق والبهرجة؛ َّ‬
‫ُ‬ ‫أن يتما َدى‬
‫الس ْجع‬ ‫ِ‬
‫يهجر القيو َد الثقيلة من َّ‬
‫َ‬ ‫السوي‪ ،‬وأن‬
‫َّ‬ ‫األسلوب‬
‫َ‬ ‫ولكن عليه أن يتخ َّير‬
‫يمجها الذوق السليم‪ ،‬وال َع ْصر الذي نعيشه؛ حتى‬
‫والمحسنات البديعية‪ ،‬التي ُّ‬
‫ِّ‬
‫اص والعا ُّم مِن ذوي‬ ‫يدور البحث يف صورة مفهومة‪ ،‬ويف ُلغة َ‬
‫وسط‪ ،‬يفهمها الخ ُّ‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬الدليل إلى كتابة البحوث الجامعية ص ‪ 57‬مرتجم من تأليف بيكفور‪.‬‬


‫‪85‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫الثقافات المختلفة(‪.)1‬‬
‫ِ‬
‫وليعلم الباحث أنَّه ب ْين اإليجاز والتقصير فارق دقيق‪ ،‬مع َّ‬
‫أن اإليجاز ميزة‪،‬‬
‫والتقصير عيب‪ ،‬كما أنَّه ب ْين الوضوح واإلسهاب ِ‬
‫الفارق نفسه‪ ،‬والوضوح ميزة‪،‬‬
‫واإلسهاب عيب(‪.)2‬‬
‫حبس يف‬
‫‪ .7‬البحث لم ُيكتب ولم َيبذل صاح ُبه فيه الجهدَ والوقت؛ ل ُي َ‬
‫رأي يجب أن‬
‫فهمه لفئة قليلة من الناس‪ ،‬وإنما هو ٌ‬
‫مقصورا ُ‬
‫ً‬ ‫المكتبات‪ ،‬أو ليكون‬
‫شاع مفهو ُمه ب ْين الجميع‪ ،‬و ُتجنَى ثمر ُته؛‬
‫شر على المأل‪ ،‬وأن ُي َ‬ ‫ُي َ‬
‫ؤخذ به‪ ،‬وأن ُين َ‬
‫يتوصل إليه‬
‫بحثه‪ ،‬وما َّ‬ ‫ولذا يجدُّ الباحث يف ج ْعل وسيلته ل َف ْهم ما يريد أن يقوله يف ْ‬
‫ِ‬
‫المباشر ب ُلغة منتقاة‬ ‫أيسر الوسائل‪ ،‬وال يكون ذلك إال يف التعبير‬ ‫مِن نتائج فيه مِن ِ‬

‫وسط‪ ،‬غير مبتذلة وال سوقية‪.‬‬


‫أفكار‬ ‫‪ .8‬االعتماد على التقسيم الداخلي عندما تتفرع عن ِ‬
‫الفكرة الرئيسة‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫تستحق أن ُيشار إليها بما ُين ِّبه إلى أهميتها‪ ،‬مِن مثل‪ :‬أو ً‬
‫ال ‪ -‬وثان ًيا ‪-‬‬ ‫ُّ‬ ‫جزئية ها َّمة‬
‫وثال ًثا‪ .....‬إلخ‪ ،‬أو إلى أ ‪ -‬ب ‪ -‬جـ‪ ،‬أو الرتقيم العددي ‪ ،3 - 2 - 1‬أو ْ‬
‫بوضع‬
‫عالمة (‪ )-‬يف بداية السطر قبل الفكرة‪.‬‬
‫‪ .9‬التوثيق المرجعي ِّ‬
‫لكل ما يكتب‪:‬‬
‫وس ِرق ًة لجهود اآلخرين وأفكارهم‪ ،‬وعلى‬ ‫سطوا‪َ ،‬‬
‫ً‬ ‫وعد المنقول غير المو َّثق‬
‫وع يف هذا المنزلق؛ ألنَّه ينال من قِيمة الرسالة وتقديرها‪،‬‬‫الباحث أن يتجنَّب الوق َ‬
‫بل ر َّبما أحيانًا إذا أ ْفرط يف الن ْقل بدون إشارة كان سب ًبا يف ر ِّد الموضوع‪ ،‬ور ْفض‬

‫(‪ )1‬فن البحث األدبي ص ‪.75‬‬


‫(‪ )2‬ثالث رسائل يف إعجاز القرآن ص ‪ .3‬تحقيق د‪ .‬زغلول سالم وزميله‪.‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪86‬‬

‫الرسالة من األساس ُبر َّمتها‪.‬‬


‫ِّ‬
‫الصياغة‬ ‫أهم ما يجب أن َّ‬
‫يتوخاه يف عملية ِّ‬ ‫َ‬
‫الباحث على ِّ‬ ‫فيما سبق د َل ْلنا‬
‫جانب الوسائل الخارجية التي ُتعين على‬ ‫ِ‬ ‫الرسالة‪ ،‬إلى‬
‫النهائية لمادته العلمية يف ِّ‬
‫ِ‬
‫الباحث يف أثناء ال َع ْرض‪ ،‬وهذه الوسائل تتم َّثل فيما‬ ‫َف ْهم المقصود مِن عبارات‬
‫ا ُّت ِفق عليه (بعالمات الرتقيم)‪ ،‬وفيما هو آت نطرح أما َم الباحث جمل ًة من‬
‫األخطاء ينبغي تجن ُبها وتالفيها يف أثناء الصياغة‪:‬‬
‫نتائج ال يقوم عليها ٌ‬
‫دليل‪ ،‬أو توفر منه ما ال يجعل‬ ‫‪ .1‬محاولة الوصول إلى َ‬
‫النتيج َة محسومةً‪ ،‬فيعتمد عليه وتكون النتيج ُة منقوص ًة غير كاملة‪.‬‬
‫التعسف يف االستدالل على الرأي‪ ،‬والتش ُّبث به حين مناقشة آراء‬ ‫ُّ‬ ‫‪.2‬‬
‫اآلخرين‪ ،‬وذلك بإهمال الرباهين التي ترجح آراءهم من أجل إثبات ِ‬
‫الباحث رأ َيه‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫الهدف‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الباحث‬ ‫َ‬
‫يجعل‬ ‫مهما داخ َله َض ْعف‪ ،‬أو لم يساندْ ه دليل مقنِع‪ ،‬والمهم أن‬
‫من عمله هو إثبات الحقيقة ال غيره‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫يكتمل‬ ‫‪ .3‬يعمل الباح ُث على عدم إثبات القضايا التي لم َي ْف ْ‬
‫همها‪ ،‬أو لم‬
‫عيب من‬‫عنده التأكُّد منها‪ :‬إما لق َّلة المراجع‪ ،‬أو ألنَّها غير ذات جدوى‪ ،‬وال َ‬
‫يعالجها فيما بعدُ معالج ًة‬
‫َ‬ ‫المباحث المنقوصة مِن الكتابة النهائية‪ ،‬حتى‬
‫ِ‬ ‫حذف‬‫ْ‬
‫علمية مناسبة(‪.)1‬‬
‫ِ‬
‫‪ .4‬أن ينأى الباحث بنفسه عن تجريح اآلخرين‪ ،‬والته ُّكم ُّ‬
‫والسخرية منهم‪،‬‬
‫وإن أصاب م َّرة‪ ،‬فهو ُع ْرضة للخطأ‬ ‫أن َّ‬
‫كل ابن آدم خ َّطاء"‪ْ ،‬‬ ‫ويضع يف االعتبار " َّ‬
‫يلتمس لمن سبقوه ال ُعذر‪.‬‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫وخير من ِّ‬
‫كل ذلك ْ‬ ‫ٌ‬ ‫مرات‪،‬‬
‫َّ‬

‫(‪ )1‬أصول البحث العلمي ومناهجه ص ‪.69‬‬


‫‪87‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫الحسم‪ ،‬وال الكلمة األخيرة‪ ،‬وهي‬


‫َ‬ ‫وألن قضايا األدب عمو ًما ال ِ‬
‫تعرف‬ ‫َّ‬ ‫‪.5‬‬
‫ِ‬
‫للباحث ّأال يستخد َم األلفاظ التي‬ ‫تخضع لوجهات النظر المختلفة‪ِ ،‬‬
‫فمن األ ْفضل‬
‫تدل على اليقين والق ْطع من مثل‪( :‬أعتقد‪ ،‬أؤكد‪ ،‬وأجزم)‪ ،‬وال ما ُّ‬
‫يدل على‬ ‫ُّ‬
‫التعالي والغرور‪ ،‬واالعتداد الزائد بالنفس‪ ،‬مثل‪( :‬أنا أرى‪ ،‬نحن نرى)‪ ،‬وما إلى‬
‫طابع الغرور واالختيال‬
‫َ‬ ‫ذلك من األلفاظ واإلشارات التي ُت ْضفي على الرسالة‬
‫ُ‬
‫األلفاظ التي ال تشوهبا تلك الشوائب‪ ،‬من مثل‪( :‬أظن‬ ‫واالفتخار‪ ،‬ويبدل منها‬
‫كذا‪ ،‬ويبدو أنَّه‪ ،‬وربما األمر‪ ،‬ولعله كذلك‪ ....،‬إلخ)‪.‬‬
‫ُ‬
‫الباحث يف التناقض‬ ‫يقع‬
‫خاص أن َ‬
‫ٍّ‬ ‫‪ .6‬آفة البحوث عمو ًما‪ ،‬والرسائل بوجه‬
‫فصل‪ ،‬يأيت يف‬
‫والتضارب ب ْين آرائه وأفكاره‪ ،‬فما جدَّ يف إثباته والتأكيد عليه يف ْ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫حيث ال يشعر‪ ،‬وما ذلك إال‬ ‫عكسه مِن‬
‫َ‬ ‫نقيضه‪ ،‬ويثبت‬
‫َ‬ ‫آخ َر ويسجل‬ ‫فصل َ‬
‫الخ َلل يف أفكاره؛ ليعيدَ تسلسلها‬ ‫ِ‬
‫الضطراب الرؤية عنده‪ ،‬وعدم معرفة مكان َ‬
‫أهمل معالجة قضية ما‪ ،‬وآثر العجل َة يف إثباهتا‪ ،‬ولم ينقض‬ ‫وترتيبها‪ ،‬أو ألنَّه ْ‬
‫الرسالة‪ ،‬حيث ينقل‬ ‫ِ‬ ‫مما ال َّ‬
‫شك فيه ُيضعف ِّ‬ ‫إيثارا للراحة‪ ،‬وذلك َّ‬
‫جوانبها؛ ً‬
‫النصوص دون إعمال العقل ِ‬
‫والفكر‪ ،‬ودون استيعاب لها‪.‬‬ ‫َ‬
‫‪ .7‬اغتصاب أفكار اآلخرين‪ ،‬وذلك بنِسبتها إلى نفسه دون ِذكْر المرجع(‪.)1‬‬

‫خامسا‪ -‬التوثيق وأهميته يف البحث‪:‬‬


‫عندما يعتمد ِ‬
‫الباحث على ما َكتَبه اآلخرون‪ ،‬وين ُقل عنهم ما يعضد آرا َءه‪ ،‬أو‬
‫العلمية النابعة مِن ضمير‬
‫ما يتخذ دليالً على ما يذهب إليه‪ ،‬هنا تقتضي األمان ُة ِ‬

‫(‪ )1‬البحث العلمي ومناهجه ص ‪.100‬‬


‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪88‬‬

‫شير إلى ما َأ َخذ مِن المراجع والمصادر إشار ًة صريح ًة َو َ‬


‫فق ما ُع ِرف‬ ‫ِ‬
‫الباحث أن ُي َ‬
‫كل شيء‪،‬‬‫توثيق أفكاره قبل ِّ‬
‫َ‬ ‫من وسائلها‪ ،‬وأال َ‬
‫يغفل هذه اإلشارة أبدً ا؛ ألنَّها َت ْعني‬
‫الفكرة المقت َبسة إلى مصدرها األصلي"(‪ ،)1‬وإلى‬ ‫إذ التوثيق معناه‪" :‬إسناد ِ‬

‫كانت الوسيلة التي اقتبس هبا‪ ،‬سواء كانت الفكرة مع النص‪ ،‬أم‬ ‫ِ‬ ‫صاحبها أيا‬
‫مجردة مع صياغتها بأسلوب‬ ‫َّ‬ ‫التصرف يف النص‪ ،‬أم كانت الفكرة‬
‫ُّ‬ ‫الفكرة مع‬
‫الفكرة إلى صاحبها ُيعدُّ مِن أبسط حقوق المؤ ِّلف‬
‫ألن إسناد ِ‬ ‫ِ‬
‫الباحث الخاص؛ َّ‬
‫ِ‬
‫الباحث‬ ‫وصاحب المصدر‪ ،‬أما أن يعمد إلى إهمال التوثيق مما ِ‬
‫يوحي ا ِّدعاء‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫األخالق‬ ‫البحث‪ ،‬بل يخالف‬ ‫أفكارا آلخرين لنفسه‪َّ ،‬‬
‫فإن ذلك ُينايف أبسط قواعد ْ‬ ‫ً‬
‫والدِّ ين؛ أل َّنه يعدُّ مغتص ًبا وسار ًقا‪ ،‬ودعيا يف عا َلم هو ليس منه يف شيء‪ ،‬وال ُّ‬
‫يمت‬
‫يحتال ويخفي وال يطوله عقاب‪ ،‬ولكن أين‬‫َ‬ ‫رق أن‬ ‫بصلة‪ ،‬وقد يستطيع السا ُ‬ ‫إليه ِ‬

‫يذهب مِن اهلل الذي يكتب ويمهل ويؤجل له َّ‬


‫كل ذلك ليوم ال ريب فيه‪ ،‬وقد‬
‫الح َّرة التي ال تخضع ِلرقابة وال‬
‫أمر السرقة ب ْين مؤ ِّلفي الكتب واألبحاث ُ‬
‫َيشيع ُ‬
‫مساءلة؛ ألنَّه من المؤ ِّلفين المسروق منهم مؤلفاهتم سيتعقب هؤالء ال ُّلصوص‬
‫أفكارهم وذوب أعمارهم‪ ،‬ونسبوها ألنفسهم؟!‬
‫َ‬ ‫سرقوا‬
‫الذين َ‬
‫األمر كذلك يف مجال المؤ َّلفات العا َّمة‪َّ " ،‬‬
‫فإن الرسائل العلمية‬ ‫ُ‬ ‫وإذا كان‬
‫خصوصا وأنَّها سوف ُتعرض على أساتذة‬
‫ً‬ ‫تتنزه تما ًما عن هذا األمر‪،‬‬
‫ينبغي أن َّ‬
‫مختصين‪ ،‬يستطيعون أن يم ِّيزوا بين ما هو للباحث وما هو لغيره(‪ ،)2‬وكم يكون‬
‫فاضحا حقا عندما يكتشف أحدهم عد َم أمانة الباحث‪ ،‬وعندئذ تكون‬
‫ً‬ ‫األمر‬

‫(‪ )1‬أساسيات البحث العلمي ص ‪.174‬‬


‫(‪ )2‬البحث العلمي ومناهجه النظرية ص ‪.100‬‬
‫‪89‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫الرسال ُة المسروقة جدير ًة بالر ِّد‪ ،‬وعدم إجازهتا‪ ،‬ولقد َحدَ ث من هذا الكثير‬
‫ِّ‬
‫والكثير‪.‬‬
‫والذي ينأى بالباحث عن هذه الز َّ‬
‫الت هو التوثيق‪ ،‬مهما كان المنقول‬
‫ِ‬
‫الباحث‬ ‫ألن التوثيق هو الذي ُّ‬
‫يدل على أمانة‬ ‫كثيرا؛ َّ‬
‫ضخما أو ضئيالً‪ ،‬قليالً أو ً‬
‫ً‬
‫يتصور بحال من األحوال أن يكون هناك مؤ َّلف ِعلمي وتخلو‬
‫َّ‬ ‫وأصالته‪ ،‬وال‬
‫َ‬
‫اسرتسال قريحة‬ ‫محضا‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫صفحا ُته من ذكْر المراجع والمصادر‪ ،‬وإال كان خيا ً‬
‫ال‬
‫فنية ال غير‪.‬‬
‫اعرتاف بجهود اآلخرين وبأقدارهم‪ ،‬وسبقهم يف المجال‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫كذلك يف التوثيق‬
‫ُّ‬
‫ويدل بنفسه على‬ ‫وبفضلهم‪ ،‬عدَ ا َّ‬
‫أن الباحث الملتزم األمين يحوز ُسمع ًة ط ِّيبة‪،‬‬
‫مستقبل علمي ِ‬
‫مشرق‪ ،‬فعلى الباحث أن يكون أمينًا‬ ‫ٌ‬ ‫كادر مقتدر مستقيم‪ُ ،‬يتوقع له‬
‫الصفة يستحيل أن‬ ‫مع نفسه‪ ،‬ومع ِ‬
‫مشرفه‪ ،‬ومع دراسته‪ ،‬ومع قارئة‪ ،‬وبغير هذه ِّ‬
‫يكون مف ِّك ًرا له قيمة(‪.)1‬‬
‫ٌ‬
‫ودليل على قيمة الموضوع‬ ‫دليل على ِجدية ْ‬
‫البحث والباحث‪،‬‬ ‫ويف التوثيق ٌ‬
‫أن يف الهوامش إرشا ًدا للباحثين‪ ،‬وقد يفيدون مِن‬ ‫والمادة ِ‬
‫العلمية‪ ،‬إلى جانب َّ‬ ‫َّ‬
‫المراجع والمصادر المذكورة إذا ما أرادوا ذلك‪ ،‬ولذلك يبادر ِ‬
‫الباحث إلى إعالن‬ ‫ُ‬
‫مراجعه ومصادره‪ ،‬مخطوط ًة كانت أو مطبوعات‪ ،‬أو مقاالت منشورة‪ ،‬أو‬
‫مسجلة على شرائط‪ ،‬أو ندوات عامة‪ ،‬إذاعية كانت‪ ،‬أو‬
‫َّ‬ ‫محاضرات مسموعة‪ ،‬أو‬
‫خاصة مع العلماء المختصين‪.‬‬
‫مقابالت َّ‬

‫(‪ )1‬الدليل إلى كتابة البحوث الجامعية ص‪.81 :‬‬


‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪90‬‬

‫سادسا‪ -‬أنواع التوثيق‪:‬‬


‫ِ‬
‫للباحث أن يعتمدَ أحدَ األنواع المعروفة يف توثيق النصوص‬ ‫يمكن‬
‫المنقولة‪ ،‬أو األفكار المقت َبسة من المراجع والمصادر على النحو التالي‪:‬‬
‫يذكر مراجعه يف (التقديم) ِلرسالته‪ ،‬ولتكن هذه المراجع والمصادر‬
‫إما أن َ‬
‫بحكم محدوديتها ال تص ُلح ْ‬
‫ألن تكون‬ ‫َّ‬
‫وألن المقدِّ مة ُ‬ ‫األكثر ِصل ًة بالموضوع؛‬
‫َ‬ ‫هي‬
‫فإن التوثي َق يف أثناء‬ ‫ِ‬
‫الباحث يف رسالته‪َّ ،‬‬ ‫لحصر جميع ما اعتمد عليه‬ ‫موضو ًعا‬
‫ْ‬
‫المقدِّ مة يكون َّ‬
‫أقل أهمية من(‪:)1‬‬
‫التوثيق مِن خالل الذيل (البياض الذي يف أسفل الصفحة)‪ ،‬أو الهامش‪،‬‬
‫ٍّ‬
‫بخط طويل يمتد‬ ‫وهو بمعنى َّ‬
‫الذ ْيل عندَ بعض الباحثين‪ ،‬و ُيفصل بينه وبين المتن‬
‫لمصادر والمراجع التي اعتمد‬
‫ُ‬ ‫سجل تحته ا‬‫إلى ُربع السطر العادي تقري ًبا‪ ،‬و ُت َّ‬
‫معرضا‬
‫ً‬ ‫الذ ْيل أو الهامش‬ ‫عليها ِ‬
‫الباح ُث‪ ،‬وورد ذكْرها يف الصفحة‪ ،‬كما يكون هذا َّ‬
‫الباحث إثبا َتها‪ ،‬مِن مثل‪ :‬تراجم األعالم غير المعروفة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫لمعلومات أخرى يرى‬
‫شرح معاين الكلمات‪،‬‬ ‫بعض النصوص‪ ،‬وال َّ‬
‫محل لها يف المتن‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫التعليقات على‬
‫ِذكْر َش ْطر بيت تتمة ل ِ َما هو يف المتن‪ ،‬ذكْر المواضع والبلدان‪ ،‬وما إلى ذلك مِن‬
‫تحريف أو تصحيف‪ ،‬أو إحالة مِن صفحة‬ ‫ٌ‬ ‫تصويب األ ْلفاظ التي يقع فيها‬
‫ِ‬
‫المرجع يف‬ ‫ألخرى‪ ،‬مع التمييز ب ْين ح ْجم المطبوع به المتن‪ ،‬والمكتوب به‬
‫الهامش"‪.‬‬
‫نص منقول يجب عندئذ أن يذكر يف الهامش‬ ‫ِ‬
‫ففي حالة اعتماد الباحث على ٍّ‬

‫(‪ )1‬راجع البحث العلمي ومناهجه ص ‪.102‬‬


‫‪91‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫اسم المؤ َّلف‪ ،‬ور ْقم الصفحة‪ ،‬ور ْقم الجزء إذا كان المطبوع له أجزاء‪ ،‬والمج َّلد‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫المرتجم والمح ِّقق إن كان مح َّق ًقا‪ ،‬ور ْقم‬ ‫إن كان‪ ،‬وتاريخ الطبع ومكانه‪ ،‬واسم‬

‫المخطوط ومكانه ورمزه‪ ،‬إن لم يكن مطبو ًعا‪ ،‬وإذا كانت مج َّلة يذكر َ‬
‫اسمها‪،‬‬
‫تكرر االعتماد على‬ ‫َ‬
‫وتاريخ صدورها‪ ،‬وإذا َّ‬ ‫وعنوان المقال‪ ،‬ور ْقم السلسلة‪،‬‬
‫المرجع نفسه يف صفحات تالية يذكر فقط ر ْقم الصفحة‪ ،‬وعنوان الكتاب‪ ،‬أما إذا‬
‫الباحث واعتمد عليه ثاني ًة يف الصفحة ِ‬
‫نفسها‬ ‫تقدَّ م ِذكْر المرجع يف الصفحة‪ ،‬وعاد ِ‬

‫بدون فاصل يذكر لفظ (السابق) مع ر ْقم الصفحة من المرجع‪ ،‬وكذلك إذا كان‬
‫نفس المرجع يف صفحات سابقة بدون فاصل‪.‬‬
‫والتوثيق يف الهامش يأخذ شكالً من ثالثة‪:‬‬
‫المتسلسل لمقتبسات الصفحة‪ ،‬أو للنُّصوص المنقولة إليها مِن‬
‫ِ‬ ‫‪ .1‬الرتقيم‬
‫يسرا وسهول ًة وفائدة‪ ،‬بأن‬ ‫ِ‬
‫التوثيق الشائع‪ ،‬واألكثر ً‬
‫ُ‬ ‫المراجع والمصادر‪ ،‬وهذا هو‬
‫ُت َ‬
‫وضع أرقام يف المتن من الصفحة يف تسلسل‪ ،‬يقابلها األرقام نفسها يف الهامش‪،‬‬
‫مقرون ًة ببيانات المرجع‪.‬‬
‫‪ .2‬كتابة الحواشي أو الهوامش يف هناية ال َف ْصل مر َّتب ًة حسب ورودها يف‬
‫الفصل من َّأولها إلى آخرها‪ ،‬وكذلك يف الفصول التالية يرقم‬
‫ْ‬ ‫صفحات‬
‫ُّ‬
‫المستقل بالبيانات‬ ‫فصل يعقبه هام ُشه‬ ‫للمقتبسات مِن جديد‪ ،‬حتى هناية ِّ‬
‫كل ْ‬
‫الخاصة به‪.‬‬
‫َّ‬
‫الرسالة‪ ،‬بأن ُيع َطى ر ْقم متسلسل القتباسات ِّ‬
‫الرسالة من‬ ‫‪ .3‬التوثيق يف هناية ِّ‬
‫التسلسل يف صفحات‬ ‫الرسالة بنفس‬ ‫ِ‬ ‫أولها إلى ِ‬
‫ُ‬ ‫وضع البيانات يف آخر ِّ‬ ‫آخرها‪ ،‬ثم ت َ‬ ‫َّ‬
‫الرسالة من البداية إلى النهاية‪.‬‬
‫ِّ‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪92‬‬

‫ويبقى َث َبت المراجع وهو ما ُيمكن أن َّ‬


‫يسمى بالتوثيق النهائي‪ :‬وهو عبارة‬
‫البحث‪ ،‬مرتب ًة على ن ََسق‬
‫جميع المراجع والمصادر يف هناية ْ‬
‫َ‬ ‫تضم‬
‫عن القائمة التي ُّ‬
‫الصلة الوثيقة بالموضوع‪،‬‬
‫المصادر ذات ِّ‬
‫َ‬ ‫خاص‪ ،‬وال ُيثبت الباحث فيها إال‬
‫يحشو الباحث‬
‫َ‬ ‫وردت يف هوامش الصفحات بالف ْعل‪ ،‬ال أن‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫تكون قد‬ ‫ومعيارها أن‬
‫فهرس المراجع بما هو متخ َّيل منها؛ قصدَ تكثير أعدادها مظنة َّ‬
‫أن العدد الكبير‬ ‫َ‬
‫ً‬
‫مأخذا عليه‪.‬‬ ‫ُيضفي على البحث قِيمة‪ ،‬ويغفل عن أن يكون ذلك‬

‫سابعا‪ -‬ترتيب املراجع‪:‬‬


‫ال‪ :‬جعل القرآن الكريم إذا است َقى الباحث منه آيات تحت ر ْقم (أ)‪.‬‬
‫أو ً‬
‫ثان ًيا‪ :‬السنة النبو َّية المط َّهرة تحت رقم (ب) إذا استفاد مِن كتبها‪ ،‬وال‬
‫تسلسل‬
‫ُ‬ ‫تحت فهرس المراجع‪ ،‬ثم يبدأ ب َث َبت المراجع والمصادر يف‬
‫َ‬ ‫يدرجان‬
‫تتابعي‪ ،‬سواء كانت لهما م ًعا‪ ،‬أو ٍّ‬
‫لكل منهما على حدة‪ ،‬با ِّتباع ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬ال َبدء باسم الكتاب َوفق الرتتيب األبجدي‪ ،‬أو الرتتيب الزمني للنشر‪.‬‬
‫‪ .2‬البدء باسم المؤ ِّلف َوفق الرتتيب األبجدي أو الرتتيب الزمني للوفاة‪.‬‬
‫‪ .3‬ال َبدْ ء بلقب المؤ ِّلف مع مراعاة الرتتيب األبجدي‪.‬‬
‫حسب موضوعاهتا‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪ .4‬اتباع إحدى ال ُّطرق المتقدِّ مة مع توزيع الكتب‬
‫وبنوع مِن التفصيل لل ُّطرق السابقة‪ِّ ،‬‬
‫نوضح البيانات كالتالي‪:‬‬
‫يف الطريقة األولى‪ :‬اسم الكتاب‪ ،‬اسم المؤ ِّلف‪ ،‬فلقبه (تاريخ وفاة‬
‫ِ‬
‫المرتجم‪ ،‬مكان النشر‪،‬‬ ‫المؤلف)‪ ،‬اسم المح ِّقق إن كان الكتاب مح َّق ًقا‪ ،‬أو اسم‬
‫جهة النشر‪ ،‬تاريخ النشر‪ ،‬عدة الطبع‪.‬‬
‫يف الطريقة الثانية‪ :‬اسم المؤ ِّلف‪ ،‬فلقبه (تاريخ وفاته)‪ ،‬اسم الكتاب‪ ،‬بقية‬
‫‪93‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫البيانات‪.‬‬
‫يف الطريقة الثالثة‪ :‬لقب المؤ ِّلف‪( :‬اسم المؤلف وتاريخ وفاته)‪ ،‬اسم‬
‫الكتاب‪ ،‬بقية البيانات(‪.)1‬‬
‫حسب النوعية‬
‫َ‬ ‫فهرس المراجع والمصادر المؤلفة‬
‫َ‬ ‫يقسم‬
‫و ُيمكن للباحث أن ِّ‬
‫إلى‪:‬‬
‫‪ .1‬المطبوعات أو ً‬
‫ال‪.‬‬
‫‪ .2‬المخطوطات ثان ًيا‪.‬‬
‫‪ .3‬الرسائل العلمية ثال ًثا‪.‬‬
‫‪ .4‬المجالت والدوريات راب ًعا‪.‬‬
‫خامسا‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ .5‬المراجع األجنبية‬
‫وهناك َمن يرى أن يكون الرتتيب على النحو التالي(‪:)2‬‬
‫‪ .1‬الكتب‪.‬‬
‫‪ .2‬المخطوطات‪.‬‬
‫‪ .3‬الرسائل الجامعية‪.‬‬
‫‪ .4‬الموسوعات‪.‬‬
‫‪ .5‬المعاجم‪.‬‬
‫‪ .6‬المقاالت‪.‬‬
‫‪ .7‬مقدِّ مات الكتب‪.‬‬

‫(‪ )1‬راجع تحقيق الرتاث ‪.219‬‬


‫(‪ )2‬منهجية البحث‪ :‬ص ‪.84‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪94‬‬

‫‪ .8‬المجالَّت‪.‬‬
‫‪ .9‬الجرائد‪.‬‬
‫‪ .10‬األحاديث اإلذاعية‪.‬‬
‫‪ .11‬المقابالت‪.‬‬
‫‪ .12‬المحاضرات‪.‬‬
‫‪ .13‬المراسالت‪.‬‬
‫‪ .14‬الوثائق الرسمية‪.‬‬
‫َ‬
‫يكون الهامش أو الحواشي يف أسفل الصفحات‬ ‫وإذا كان المعتاد أن‬
‫فإن هناك عالمات أخرى إضافي ًة ُتستعمل يف التهميش‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫باألرقام‪َّ ،‬‬
‫إشارات‪ ،‬من أكثرها شيو ًعا‪ :‬النجمة (*) والنجمتان (**) وعالمة الجمع‬
‫(‪ ،)+‬وعالمة الضرب (×)‪ ،‬والمثلث (‪ )Δ‬والمربع ([])‪.‬‬
‫أن مستخد َم األرقام عندما ِ‬
‫يوردها يف المتن‪ ،‬يجب أن يض َعها بين‬ ‫على َّ‬
‫قوسين مدون ًة أ ْعلى مِن السطر بقليل هكذا [(‪ ،)1( ])1‬بعد الشواهد واالقتباسات‬
‫يكتب ما يقابلها يف ذ ْيل الصفحة مع الحواشي التي َيزيدها‪.‬‬
‫َ‬ ‫ال قب َلها‪ ،‬على أن‬
‫ومِن تتمة ما يتَّصل بالبحوث ما يتع َّلق باالختصارات‪ ،‬واستخدامها‪ ،‬وهي‬

‫ليست بجديد؛ إذ إنَّها كانت مستعمل ًة عند ال ُقدماء يف العبارات التي يت َّ‬
‫كرر‬ ‫ْ‬
‫ورودها يف الكتاب‪ ،‬خاصة يف المخطوطات‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪" – 1‬إلخ" إلى آخره‪.‬‬
‫‪" -2‬ح" حينئذ‪.‬‬

‫(‪ )1‬السابق ص ‪.68‬‬


‫‪95‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫‪" – 3‬فالنم" فال نسلم‪.‬‬


‫‪" – 4‬اهـ" انتهى‪.‬‬
‫‪" – 5‬هف" هذا خلف‪.‬‬
‫‪" – 6‬مم" ممنوع‪.‬‬
‫‪" – 7‬تعـ" تعالى‪.‬‬
‫‪" – 8‬ص " ‪.‬‬
‫‪" – 9‬صلم" ‪.‬‬
‫‪" – 10‬صلعم" ‪.‬‬
‫‪" – 11‬صلع" ‪.‬‬
‫‪" – 12‬ع" ‪.‬‬
‫‪" 13‬رض" ‪.‬‬
‫‪" – 14‬رضه" ‪.‬‬
‫‪" 15‬رح" ‪.‬‬
‫‪" – 16‬رحه" ‪.‬‬
‫‪" – 17‬ثنا" حدثنا‪.‬‬
‫‪" – 18‬قثنا" قال حدثنا‪.‬‬
‫‪" – 19‬أنا" أخربنا‪.‬‬
‫‪" – 20‬أنبا" أنبأنا‪.‬‬
‫‪" – 21‬س" سؤال‪.‬‬
‫‪" – 22‬جـ" جواب‪.‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪96‬‬

‫‪" 23‬ﭼ" جزء‪.‬‬


‫‪" – 24‬جـ" جمع‪.‬‬
‫‪" – 25‬مجـ" مجلد‪.‬‬
‫‪" – 26‬م" مفرد‪.‬‬
‫‪" – 27‬فح" فحينئذ‪.‬‬
‫‪" - 28‬عم" ‪.‬‬
‫‪" – 29‬ص" أصل‪.‬‬
‫‪" – 30‬ص" صفحة‪.‬‬
‫‪" – 31‬ش" شرح‪.‬‬
‫‪" – 32‬المص" المصنف‪.‬‬
‫‪" – 33‬الظه" الظاهر‪.‬‬
‫‪" - 34‬وظ" وظاهر‪.‬‬
‫‪" – 35‬المقص" المقصود‪.‬‬
‫‪" – 36‬للشـ" للشارح‪.‬‬
‫‪" – 37‬صحـ" صحح‪.‬‬
‫‪" – 38‬ق‪ .‬م" قبل الميالد‪.‬‬
‫‪" 39‬م" التاريخ الميالدي‪.‬‬
‫‪" – 40‬هـ" التاريخ الهجري‪.‬‬
‫‪" – 41‬س" سطر‪.‬‬
‫‪" – 42‬خ ل" نسخة بدل‪.‬‬
‫‪97‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫خاصة بمؤ َّلفات وكتب مع َّينة َوفق موضوعها(‪.)1‬‬


‫وهناك اختصارات َّ‬

‫(‪ )1‬يراجع القاموس المحيط‪ ،‬كتب الفقه‪ ،‬كتب الرجال يف الحديث يف مقدمتها‪.‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪98‬‬

‫الفصل اخلامس‬

‫الشكل النهائي للبحث العلمي‬


‫‪99‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫الفصل السادس‬

‫الشكل النهائي للبحث العلمي‬

‫ويتناول الفصل النقاط التالية‪:‬‬


‫أوال‪ -‬لغة البحث وأسلوبه‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬تنقيح البحث وأسلوبه استخدام اإلشارات والمختصرات يف الكتابة‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬ترقيم البحث‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬أقسام البحث وعناوينه الرئيسية والفرعية‪.‬‬
‫خامسا‪ -‬الشكل المادي والفني للبحث‪.‬‬
‫سادسا‪ -‬مناقشة البحث‪.‬‬
‫سابعا‪ -‬نموذج تطبيقي (كيف تكتب بح ًثا فقه ًّيا؟)‪.‬‬

‫أوال‪ -‬لغة البحث وأسلوبه‪:‬‬


‫ومن األمور الواجب االنتباه إليها يف كتابة الشكل النهائي للبحث وأسلوبه‬
‫الجيد‪ ،‬ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬لغة البحث المفهومة والفعالة‪ :‬حيث يجب على الباحث أن يعرب عن أفكاره‬
‫يف البحث بجمل بسيطة وموجزة وأن يتجنب التنكر إال إذا كان المطلوب‬
‫لغرض التأكد على نقطة معينة استخدام المصطلحات العلمية بشكل دقيق‬
‫ومفهوم‪.‬‬
‫‪ -2‬دقة الصياغة حيث يجب على الباحث استخدام الجمل والتعابير‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪100‬‬

‫الدقيقة وتجنب الحشو يف الكتاب وتجنب استخدام العبارات الرنانة التي ال‬
‫يجب استخدامها يف البحث العلمي‪.‬‬
‫‪ -3‬استخدام الجمل والرتاكيب المناسبة‪ :‬إن استخدام الجمل القصيرة‬
‫الواضحة والرتاكيب المناسبة يجعل الباحث أكثر وضوحا ويجب على‬
‫الباحث استخدام الجمل المبنية للمجهول وأن يتجنب استخدام الجمل‬
‫االحتمالية التي يكون لها أكثر من معنى‪.‬‬
‫‪ -4‬اختيار الكلمات والعبارات التي توضح وتخدم الهدف من البحث‬
‫حيث يجب على الباحث أن يتجنب استخدام األلفاظ العامية واالبتعاد عن‬
‫المصطلحات المعربة األجنبية التي لها بديل يف اللغة العربية‪.‬‬
‫‪-5‬مراعات قواعد اللغة من نحو وصرف عند كتابة البحث‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬تنقيح البحث وأسلوبه واستخدام اإلشارات واملختصرات يف الكتابة‪:‬‬


‫‪ -1‬تنقيح البحث‪ :‬يعترب تنقيح البحث يف المراحل األخيرة من طباعة‬
‫البحث بشكل هنائي من األمور األساسية ويجب االهتمام بالجوانب التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬تثبيت المعلومات التي تم االستشهاد على شكل إعادة صياغة مع التأكيد على‬
‫اإلشارة إلى المصدر‪.‬‬
‫ب‪ -‬تدقيق ومراجعة المعلومات التي اقتباسها حرفيا والتأكيد على اإلشارة الى‬
‫المصادر المقتبس منها‪.‬‬
‫ج‪ -‬حذف العبارات والجمل التي ال تبلور أفكار الباحث بشكل واضح‬
‫والتخلص من الجمل والعبارات الغامضة‪.‬‬
‫د‪ -‬التأكيد على االستخدام العبارات المبنية للمعلوم‪.‬‬
‫‪101‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫هـ‪ -‬التأكد على ذكر االسم الكامل للشخص أو األشخاص المستشهد هبم‬
‫عند ذكرهم ألول مره يف متن البحث أو الهوامش‪.‬‬
‫و‪ -‬الرتكيز على العبارات التي توضع األفكار الرئيسية للموضوع البحث‪.‬‬
‫ي‪-‬إضافة أي جمل أو عبارات ضرورية لتساند فكرة البحث الرئيسية وإعادة‬
‫تنظيم الجمل والعبارات كلما كان ذلك ضروريا‪.‬‬
‫‪ -2‬استخدام اإلشارات‪.‬‬
‫هناك عدد من اإلشارات والرموز والعالمات المستخدمة يف الكتابة‬
‫البحوث والرسائل العلمية وإخراجها بالشكل الصحيح ويمكن تلخيصها‬
‫قيما يلي‪-:‬‬
‫أ‪ -‬استخدام عالمات الترقيم (التنقيط)‪:‬‬
‫تيسيرا‬ ‫ِ‬
‫المكتوب؛‬ ‫ِ‬
‫أجزاء الكال ِم‬ ‫وضع بين‬ ‫رموز ُت‬
‫ٌ‬ ‫ات الت َّْرقِي ِم‪ :‬هي‬
‫عالم ُ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫أثناء‬ ‫ِ‬
‫الصوتية يف‬ ‫ِ‬
‫والنربات‬ ‫ِ‬
‫الوقف‬ ‫وتوضيحا للمعنى‪ ،‬وبيانًا لمواق ِع‬ ‫ِ‬
‫للقار ِئ‪،‬‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫القراءة‪.‬‬
‫‪ -1‬الفاصل ُة‪:‬‬
‫ضع‪:‬‬‫وصور ُتها هكذا‪ ،)،( :‬و ُتو ُ‬
‫خيرا ف َغن ِ َم‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل امر ًأ‪ ،‬قال ً‬
‫‪ -1‬بين أجزاء الكال ِم التَّا ِم‪ ،‬نحو‪َ :‬رح َم ُ‬
‫فسلِ َم‪.‬‬
‫َس َك َت َ‬
‫حرف‪.‬‬ ‫اسم‪ ،‬أو ٌ‬
‫فعل‪ ،‬أو‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫‪ -2‬بين الشيء وأقسامه‪ ،‬نحو‪ :‬الكلمة‪ٌ :‬‬
‫العقول‪ ،‬ورائدُ‬‫ِ‬ ‫لقاح‬
‫ُ‬ ‫الكلمات المفرد ِة‪ ،‬نحو‪ :‬المشور ُة‬ ‫ِ‬ ‫‪ -3‬بين‬
‫الصواب‪ ،‬و َمطِ َّي ُة النَّجاحِ ‪.‬‬
‫ِ‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪102‬‬

‫الح ُّر إذا َو َعدَ َو َفى‪ ،‬وإذا َأ َع َ‬


‫ان َكفى‪،‬‬ ‫ِ‬
‫‪ -4‬بين الجم ِل المعطوفة‪ ،‬نحو‪ُ :‬‬
‫وإذا َم َل َك َع َفا‪.‬‬
‫ِ‬
‫اإلمالء يف د َّقتِها‪،‬‬ ‫كتب‬ ‫تتفاوت‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫المعطوفة‪ ،‬نحو‪:‬‬ ‫ِ‬
‫األلفاظ‬ ‫‪ -5‬بين‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وتوثيقها‪،‬‬ ‫وشرحها‪ ،‬و َع ْر ِضها‪ ،‬و ُمعالجتِها‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ومناهجها‪ ،‬وغاياتِها‪،‬‬
‫ِ‬

‫وإيجازها‪ ،‬وبسطِها‪.‬‬
‫ِ‬

‫‪ -6‬بعد المنادى‪ ،‬نحو‪ :‬يا ُم َح َّمدُ ‪ ،‬ا َّت ِق َ‬


‫اهلل‪.‬‬
‫الجواب‪[ :‬نعم‪ ،‬كال‪ ،‬ال‪ ،‬بلى] يف أول الجملة‪ ،‬نحو‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حروف‬ ‫‪ -7‬بعد‬
‫ِ‬
‫الملك‪.‬‬ ‫أساس‬ ‫َ‬
‫العدل‬ ‫َن َع ْم‪َّ ،‬‬
‫إن‬
‫ُ‬
‫‪ -2‬الفاصل ُة المنْقوط ُة‪:‬‬
‫وضع‪:‬‬
‫ُ‬ ‫وصور ُتها هكذا‪( :‬؛)‪ ،‬و ُت‬
‫لب؛ َفن ََج َح‪ ،‬أو َن َج َح‬
‫اج َت َهدَ الطا ُ‬
‫سبب لألخرى‪ ،‬نحو‪ْ :‬‬
‫ٌ‬ ‫إحداهما‬ ‫ِ‬
‫جملتين ْ‬ ‫بين‬
‫َ‬
‫خالل العا ِم‪.‬‬ ‫اج َت َهدَ‬
‫لب؛ ألنه ْ‬
‫الطا ُ‬
‫‪ -3‬النقط ُة‪:‬‬
‫وضع‪:‬‬
‫ُ‬ ‫وصور ُتها هكذا‪ ،).( :‬و ُت‬
‫ِ‬
‫هناية‬ ‫ِ‬
‫المكتوب‪ ،‬ويف‬ ‫هناية فكرة مِ َن‬
‫ِ‬ ‫تم معناها‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يف هناية الجملة التي َّ‬
‫توب بكامِلِ ِه‪.‬‬
‫المك ِ‬
‫ِ‬
‫الرأسيتان‪:‬‬ ‫ِ‬
‫النقطتان‬ ‫‪-4‬‬
‫وصور ُتهما هكذا‪ ،):( :‬وتوضع ِ‬
‫ان‪:‬‬ ‫ُ‬
‫طالب علم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يشبعان‪:‬‬ ‫ِ‬
‫اثنان ال‬ ‫اع ِه وأقسامِ ِه‪ ،‬نحو‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الشيء وأنو ِ‬ ‫‪ -1‬بين‬
‫ُ‬
‫وطالب مال‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪103‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫اهلل ‪{ :‬ﮚ ﮛ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫‪ -2‬بين القول والكال ِم المقول‪ ،‬نحو‪ :‬قال ُ‬
‫ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ}(‪.)1‬‬
‫الح ُّج ُل َغةً‪ :‬ال َق ْصدُ ‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫وتعريف ِه‪ ،‬أو‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تفسيره‪ ،‬نحو‪َ :‬‬ ‫الشيء‬ ‫‪ -3‬بين‬
‫معادن ال تصد ُأ‪ ،‬مثل‪ :‬الذهب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بعض ال‬
‫مثلة‪ ،‬نحو‪ُ :‬‬‫كلمات األ ِ‬
‫ِ‬ ‫‪ -4‬قبل‬
‫ِ‬
‫نوعان‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الكلمة‬ ‫ِ‬
‫التعداد اللفظي‪ ،‬نحو‪ :‬الهمز ُة يف ّأو ِل‬ ‫‪ -5‬بعد‬
‫ً‬
‫أوال‪ -‬همز ُة الوص ِل‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ -‬همز ُة القط ِع‪.‬‬
‫‪ -5‬عالم ُة االستفها ِم‪:‬‬
‫وضع‪:‬‬
‫ُ‬ ‫وصور ُتها هكذا‪( :‬؟)‪ ،‬و ُت‬
‫يدل على االستفها ِم‪ ،‬وخاص ًة‬ ‫ِ‬
‫االستفهامية‪ ،‬أو بعد حرف أو اسم ُ‬ ‫ِ‬
‫الجملة‬ ‫بعد‬
‫تدل على االستفها ِم‪ ،‬نحو‪ :‬هل‪ ،‬كيف‪ ،‬ماذا‪ ...‬وهمزة‬ ‫ِ‬
‫األدوات التي ُ‬ ‫بعد‬
‫االستفها ِم (أ)‪.‬‬
‫ِ‬
‫تعجب‪:‬‬‫‪ -6‬عالم ُة ال‬
‫وضع‪:‬‬
‫ُ‬ ‫وصور ُتها هكذا‪ ،)!( :‬و ُت‬
‫النفسية‪ :‬مِ ْن تعجب‪ ،‬أو فرح‪ ،‬أو حزن‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االنفعاالت‬ ‫بعد الجم ِل التي ُتعرب عن‬
‫يم! ربنا تقبل‬ ‫َ‬
‫البستان! بئس اللئ ُ‬ ‫َ‬
‫أجمل‬ ‫أو دعاء‪ ،‬أو دهشة‪ ،‬أو استغاثة‪ ،‬نحو‪ :‬ما‬
‫دعاء! اللهم أغثنا! وا أسفا على ما ضاع!‬
‫‪ -7‬ال َّشرطة‪:‬‬

‫(‪ )1‬سورة الطالق‪.2:‬‬


‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪104‬‬

‫وضع‪:‬‬
‫ُ‬ ‫وصور ُتها هكذا‪ ،)-( :‬و ُت‬
‫الكريم الذي‬ ‫ُ‬
‫القرآن‬ ‫ُ‬
‫األول‪ ،‬نحو‪:‬‬ ‫طال الرك ُن‬ ‫ِ‬
‫الجملة إذا َ‬ ‫‪ -1‬بين ركني‬
‫ُ‬
‫سك ِبه؛ ل ِ َي ْس ُل ُكوا‬‫نبيه محمد و َأمر الناس بالتم ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫َأنز َله اهلل تعالى على ِ‬
‫ُ ُ‬
‫ِ‬
‫الكتب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واالستقامة‪َ -‬خ ُير‬ ‫ِ‬
‫والهداية‬ ‫ِ‬
‫األمان‬ ‫طريق‬
‫َ‬
‫رقما وكتاب ًة‪ -‬والمعدود‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫‪ -2‬بين العدد – ً‬
‫‪ ،....-2 ...-1‬أ‪ ...-‬ب‪ ،...-‬األول‪ ...-‬الثاين‪...-‬‬
‫ِ‬
‫الشرطتان‪:‬‬ ‫‪-8‬‬
‫وضع بينهما‪:‬‬
‫ُ‬ ‫وصور ُتهما هكذا‪ ،)- -( :‬و ُي‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫فاألحوال‬ ‫‪ -1‬الجمل ُة االعرتاضي ُة‪ ،‬نحو‪ :‬أما يف بل ِد َنا ‪َ -‬صا َنها المولى‪-‬‬
‫َطيب ٌة‪.‬‬
‫‪ -2‬الجمل ُة التفسيري ُة‪ ،‬نحو‪ُ :‬د ُسوق – بضم الدال والسين‪ -‬مدين ٌة‬
‫جميلةٌ‪.‬‬
‫ِ‬
‫القوسان‪:‬‬ ‫‪-9‬‬
‫وضع بينهما‪:‬‬
‫ُ‬ ‫وصور ُتهما هكذا‪ ،) ( :‬و ُي‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫ويشمل الجمل َة االعرتاضي َة‪ ،‬والجمل َة‬ ‫ِ‬
‫الشرطتين تما ًما‪،‬‬ ‫وضع بين‬
‫ُ‬ ‫ما ُي‬
‫صعب) أمني ُة ُك ِّل طموح‪ ،‬كان‬
‫ٌ‬ ‫كاألمثلة السابق ِة‪ ،‬ونحو‪ :‬المجدُ (ومنا ُله‬
‫ِ‬ ‫التفسيري َة‬
‫عمر ‪ً ‬‬
‫عادال‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫االقتباس‪:‬‬ ‫ِ‬
‫التنصيص أو‬ ‫‪ -10‬عالمتا‬
‫وضع بينهما‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫وصور ُتهما هكذا‪ " " :‬أو « »‪ ،‬و ُي‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫والح َك ِم‬ ‫ِ‬
‫كاألحاديث‬ ‫ِ‬
‫وحرفه‪ ،‬وال ُي َغ َّي ُر منه شي ٌء‬ ‫ِ‬
‫بنصه‬ ‫كل كالم ُينْ َق ُل‬‫ُّ‬
‫‪105‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫ول اهللِ ‪" :‬إِنَّما ْاألَ ْعم ُال بِالنِّي ِ‬


‫ات"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ألمثال وغيره‪ ،‬نحو‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬‫وا‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫المزهران‪:‬‬ ‫ِ‬
‫القوسان‬ ‫‪-11‬‬
‫وضع بينهما‪:‬‬
‫ُ‬ ‫وصور ُتهما هكذا‪ ،}{ :‬و ُي‬
‫ُ‬

‫اهلل ‪ { :‬ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ}(‪.)1‬‬


‫اآليات القرآني ُة‪ ،‬نحو‪ :‬قال ُ‬
‫ُ‬
‫‪ -12‬نقط الحذف‪:‬‬
‫وصور ُتها هكذا‪ ،)...( :‬وموضعها‪:‬‬
‫ُ‬
‫تدل على هذا‬ ‫ثالث ُ‬
‫ٌ‬ ‫يحذف شي ًئا‪ ،‬وهي ٌ‬
‫نقط‬ ‫َ‬ ‫ُتستخدم حينما يريدُ الكا ُ‬
‫تب أن‬
‫ب‬‫آخر ِه‪ ،‬نحو‪ :‬مِ ْن ُك ُت ِ‬
‫لفظ (إلخ) أي‪ :‬إلى ِ‬ ‫ِ‬
‫الحذف ُ‬ ‫ِ‬
‫عالمة‬ ‫ِ‬
‫الحذف‪ ،‬وقد ُيزا ُد بعد‬
‫الرتمذي‪ ،‬وأ ُبو َداو َد‪...‬إلخ‪.‬‬ ‫ومسلم‪ ،‬و‬ ‫البخاري‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األحاديث‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُّ‬

‫ثالثا‪ -‬ترقيم البحث‬


‫تصو ْرنا َّ‬
‫أن مجموعة من األوراق المكتوبة يف موضوع ما ال تحمل يف‬ ‫لو َّ‬
‫بعضها ببعض تقدي ًما‬ ‫جملتِها عالمات‪ ،‬أو أرقا ًما ُّ‬
‫تدل على ترتيبها‪ ،‬واختلط ُ‬
‫وتأخي ًرا‪ ،‬كيف يكون الح ُال لمعرفة تسلسلها أو قراءهتا‪ ،‬أو معرفة مضموهنا؟‬
‫أن األمر ِجدّ عسير‪ ،‬إن لم يكن يف بعض األحوال شب َه مستحيل‪ ،‬لو‬
‫شك َّ‬
‫ال َّ‬
‫حاو ْلنا إعادة ترتيبها اعتما ًدا على ما فيها من موضوعات‪ ،‬أو على استقصاء‬
‫البحث‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األفكار وترا ُبطها‪ ،‬أو تعاقب الفقرات يف سياقاهتا؛ لذا كان ال بدَّ من ترقيم ْ‬
‫آخ َر مكتوب للتيسير على القارئ‪ ،‬والتسهيل يف الوصول إلى‬‫أو أي عمل َ‬
‫ترقيم وترتيب وتنظيم‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫مجهده‪ ،‬وك َّلما أحس َن الباحث‬ ‫المضمون بطريقة ِ‬
‫غير‬

‫(‪ )1‬سورة طه‪.114:‬‬


‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪106‬‬

‫ودل على العقل المن َّظم‪ِ ،‬‬


‫والفكر‬ ‫بحثه‪ ،‬ك َّلما ساعدَ ه ذلك يف َجنْي ثمرة عمله‪َّ ،‬‬
‫االختالل والجناية على الب ْحث من قِبل‬
‫ُ‬ ‫المنطقي‪ ،‬واالهتمام ِبرسالته‪ ،‬وقد يأيت‬
‫ويختل ترتيبه بتقديم صفحة على أخرى‪ ،‬أو‬ ‫ُّ‬ ‫سيره‪،‬‬
‫الرتقيم‪ ،‬حيث يعوج ُ‬
‫ب َت ْكرارها‪ ،‬أو سقوط ِ‬
‫بعضها؛ نتيج َة االستعجال‪ ،‬وإهمال المراجعة‪ ،‬أو التفريط يف‬

‫المسؤولية‪ ،‬أو االستهتار بالعمل‪ ،‬ومثل ذلك يؤ ِّثر سل ًبا على ْ‬


‫جهد الباحث؛ إذ‬
‫ُيعطي للجنة المناقشة انطبا ًعا س ِّي ًئا عنه وعن موضوعه‪ ،‬ويؤ ِّثر ُّ‬
‫كل ذلك يف تقدير‬
‫الحكم على رسالته؛ لذلك على الباحث الجا ِّد أن يلتز َم بالتنظيم‬
‫مجهوده حين ُ‬
‫َ‬
‫يكون على مستوى‬ ‫البحث وإخراجه‪ ،‬حتى‬
‫ْ‬ ‫والرتتيب‪ ،‬واالهتمام بشكل‬
‫السنين الذي بذل فيه‪.‬‬
‫وجهد ِّ‬
‫موضوعه‪ْ ،‬‬
‫ولرتقيم البحوث طرق‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ .1‬ترقيم البحث من أوله إلى ِ‬
‫آخ ِره باألعداد تصاعديا‪ ،‬يبدأ بر ْقم (‪ )1‬من‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫َّأول الكتاب‪ ،‬وهكذا إلى أن يفر َغ منه‪ ،‬ال ِّ‬
‫يفرق بين المقدِّ مة وال غيرها‪.‬‬
‫‪ .2‬الرتقيم باألعداد (‪ ...3 ،2 ،1‬إلخ)‪ ،‬ولكنَّه ينوعها‪ ،‬بحيث يجعل‬
‫المقدِّ م َة والتمهيد ونحوها يف أسفل الصفحة‪ ،‬إلى أن يصل إلى ُص ْلب البحث أو‬
‫الكتاب‪ ،‬فينتقل إلى أ ْعلى الصفحة‪ ،‬ويبدأ بأرقام جديدة أو العكس‪.‬‬
‫يخص الباحث المقدِّ مة بالرتقيم األبجدي بالحروف (أ‪ ،‬ب‪ ،‬جـ‪ ،‬د‪،‬‬
‫َّ‬ ‫‪ .3‬أن‬
‫هـ‪ ....،‬إلخ)‪ ،‬وعندما ينتهي من ترقيم المقدِّ مة على تلك الشاكلة‪ ،‬يبدأ يف ترقيم‬
‫البحث من الباب األ َّول أو التمهيد‪ ،‬إذا اشتمل عليه باألعداد‪ ،‬حتى يفر َغ مِن‬
‫ْ‬
‫الرسالة‪ ،‬والمعتاد َّ‬
‫أن الرتقيم يكتب يف منتصف أ ْعلى الصفحة‪ ،‬وحينًا يف أسفلها‪.‬‬
‫ِ‬
‫الصفحات البيضا َء التي تفصل ب ْين األبواب‬ ‫أن هذا الرتقيم يشتمل‬‫على َّ‬
‫‪107‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫والفصول‪ ،‬أو تلك التي تحمل عناوينَها‪ ،‬ف ُتحسب يف العدد‪ ،‬ولكنَّها ال تأخذ‬
‫رقما‪ ،‬كأن يكون ِ‬
‫آخ ُر الباب مثالً ر ْقم (‪ ،)100‬ويفصل بينه وبين الباب الثاين‬ ‫ً‬
‫َ‬
‫عنوان الباب‪ ،‬ثم الفصل األول يف ورقة ثالثة‪ ،‬ويف‬ ‫ورقة بيضاء وأخرى تحمل‬
‫الرابعة يبدأ الكتابة‪ ،‬فيكون رقهما (‪ )104‬هكذا‪.‬‬
‫ُ‬
‫وسائل وطرق عدَّ ة‪ ،‬منها على سبيل‬ ‫وللباحثين يف تحسين إخراج بحوثهم‬
‫المثال‪ :‬أن يجعل عنوان ِّ‬
‫كل باب يف ورق مصقول بلون واحد‪ ،‬ثم يعود إلى‬
‫ال َف ْصل‪ ،‬ويجعلها بعناوينها يف أوراق مصقولة بلون َ‬
‫آخ َر متَّحد‪ ،‬ويعمد إلى‬
‫األوراق البيضاء التي ال تحمل عناوين‪ ،‬وإ َّنما فواصل فقط‪ ،‬فيجعلها بلون َ‬
‫آخ َر‬
‫َ‬
‫الباحث على إخراج بحثه يف صورة تليق‬ ‫كل حال‪ ،‬فهذه أمور ُت ِ‬
‫ساعد‬ ‫مم َّيز‪ ،‬وعلى ِّ‬
‫بمادته وموضوعه وجهده‪ ،‬ومدى اهتمامه به‪.‬‬

‫رابعا‪ -‬أقسام البحث وعناوينه الرئيسية والفرعية‪:‬‬


‫يجب أن يبوب البحث ويقسم بشكل منطقي مقبول وواضح ويمكن حصر‬
‫أقسام البحث المختلفة فيما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬الصفحات التمهيدية‪.‬‬
‫‪ -2‬المتن أو النص (صميم المادة)‪.‬‬
‫‪-3‬النتائج والتوصيات‪.‬‬
‫‪-4‬المصادر أو المراجع التي أعتمد عليها الباحث‪.‬‬
‫‪-5‬المالحق‪.‬‬
‫‪ )1‬الصفحات التمهيدية‪:‬‬
‫وتشمل ما يلي‪:‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪108‬‬

‫أ‪ -‬صفحة العنوان‪:‬‬


‫صفحة لكتابة أسماء األساتذة المشرفين والمناقشة (يف الرسائل‬
‫العلمية)‪.‬‬
‫صفحة اإلهداء‪.‬‬
‫صفحة الشكر والتقدير‪.‬‬
‫ب‪ -‬قائمة المحتويات‪:‬‬
‫قائمة األشكال والجداول والرسومات خالل البحث أو المستخلص (يف‬
‫حدود ‪ 200‬كلمة) وقد يطلب من الباحث أن يقدمه بصفة مستقلة ويعترب‬
‫المستخلص غير ملزم للباحث إال إذا اشرتطت الجهة المعينة بقبول ونشر‬
‫البحث مثل ذلك‪.‬‬

‫‪ )2‬المتن أو النص (صميم المادة)‪:‬‬


‫يعترب هذا الجزء من البحث أو الرسالة الجزء األكرب‪ ،‬ويمثل حصيلة جهد‬
‫الباحث ويشتمل على أقسام وجوانب مختلفة وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬مقدمة البحث وتشمل على الجوانب التالية‪:‬‬
‫• الدوافع التي تدفع الباحث على اختيار موضوع البحث ومشكلة‬
‫البحث‪.‬‬
‫• الهدف أو أهداف البحث‪.‬‬
‫• أهمية البحث‪.‬‬
‫• منهج البحث وأدوات جمع المعلومات‪.‬‬
‫‪109‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫• فرضيات البحث‪.‬‬
‫• حدود البحث‪.‬‬
‫• التعريف بالمصطلحات والمختصرات إذا لزم األمر‪.‬‬
‫ب‪ -‬األبواب وذلك يف حالة تقسيم البحث الى أبواب أو أقسام (نظرية‬
‫وعملية) مثال ويشتمل كل منهما على عدة فصول ومباحث‪.‬‬
‫جـ ‪ -‬الفصول والمباحث‪:‬‬
‫يعترب تقسيم البحث إلى عدد من الفصول المناسبة أمر مفضل ومناسب‬
‫عند كتابة تقرير البحث أو الشكل النهائي له ويشتمل كل فصل على عدد من‬
‫المباحث ويجب أن تكمل الفصول بعضها أو بعضا بشكل منطقي ومفهوم‪.‬‬
‫‪ )3‬االستنتاجات والتوصيات‪:‬‬
‫االستنتاجات‪ :‬وتسمى أحيانا النتائج ويفضل استخدام كلمة‬
‫االستنتاجات؛ ألن الباحث هو الذي استنتج وخرج من هذه النتائج من خالل‬
‫البحث ولم تخرج من تلقاء نفسها‪.‬‬
‫ويجب أن تنظم االستنتاجات يف صورة نقاط مسلسلة يف شكل منطقي‪.‬‬

‫وينبغي توافر مجموعة من المواصفات‪:‬‬


‫أ‪ -‬تشخيص الجوانب التي توصل إليها الباحث بشكل واضح عن طريق‬
‫المنهج الذي اتبعه واألداة التي جمع هبا المعلومات ويجب عدم ذكر أي‬
‫استنتاجات ال تسند على هذا األساس‪.‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪110‬‬

‫ب‪ -‬االبتعاد عن المجاملة والتحيز يف ذكر االستنتاجات واعتماد الموضوع يف‬


‫طرح السلبيات واإليجابيات‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن تتم سرد االستنتاجات يف تسلسل منطقي "أن تكون لها عالقة بمشكلة‬
‫وموضوع البحث وال تخرج من هذا النطاق"‪.‬‬
‫التوصيات (المقترحة)‪:‬‬
‫• تمثل التوصيات النقاط والجوانب التي يرى الباحث ضرورية سردها يف‬
‫ضوء االستنتاجات التي توصل إليها‪ ،‬ويجب على الباحث بأخذ يف‬
‫االعتبار عند ذكره للتوصيات عدة أمور هي‪:‬‬
‫أ‪ -‬أال تكون التوصيات والمقرتحات يف شكل أمر أو إلزام وإنما بشكل‬
‫اقرتاح فيقل الباحث مثال ((يوصي الباحث بإعادة النظر يف‪ ...‬أو يقرتح‬
‫العمل على‪.)).....‬‬
‫ب‪ -‬أن تستند التوصيات على استنتاج أو أكثر خرج به الباحث وذكره يف‬
‫الجزء الخاص باالستنتاجات وال يشرتط وجود توصية لكل نتيجة خرج‬
‫هبا الباحث فقد تحتاج نتيجة واحدة ألكثر من توصية‪.‬‬
‫ج‪ -‬ينبغي أن تكون التوصية والمقرتحات مقبولة وقابلة للتنفيذ أي ضمن‬
‫اإلمكانات المتاحة حاليا أو التي يمكن أن تتاح مستقبال‪.‬‬
‫د‪ -‬االبتعاد عن منطق العمومية يف التوصيات – وينطبق ذلك على االستنتاجات –‬
‫ألنه يجب على الباحث أن يكون محددا وواضحا يف توصياته فيجب االبتعاد عن‬
‫القول ((يقرتح الباحث زيادة عدد العاملين يف القسم)) بل ينبغي أن يحدد العد‬
‫المطلوب ومربرات هذا العدد بالحقائق واألرقام‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫هـ‪ -‬أن تنسجم التوصيات واالستنتاجات يف عنوان البحث ومشكلة وأهداف‬


‫البحث إال أن ذلك ال يمنع من أن يوصي الباحث بما قام الباحثون األخرون‬
‫بمعالجة جانب أو أكثر من جوانب ومواضع ومشكالت ظهرت له أثناء بحثه لم‬
‫تكن لها عالقة مباشرة بطبيعة بحثه ومن األفضل تقسيم التوصيات وكذلك‬
‫االستنتاجات إلى محاور وموضوعات ثانوية وخاصة إذا كانت كثيرة بحيث‬
‫يحمل كل محور أو موضوع ثانوي مجموعة من االستنتاجات أو التوصيات‬
‫المناسبة‪.‬‬
‫المالحـــق‪:‬‬
‫▪ يحتاج عدد من البحوث إلى إضافة جزء آخر يكون يف هناية البحث‬
‫يخصص بعض المعلومات والوثائق التي ال يحتاجها الباحث يف‬
‫متن البحث ويسمى هذا الجزء بالمالحق ويشتمل على أمور‬
‫عديدة منها‪:‬‬
‫▪ ‪ -1‬نموذج قائمة االستبيانات التي اعتمد عليها الباحث يف حالة‬
‫الدراسات الميدانية المسحية‪.‬‬
‫▪ ‪ -2‬نموذج من القوانين واألنظمة والتعليمات ذات العالقة بوضع‬
‫البحث‪.‬‬
‫▪ ‪ -3‬أي وثائق أو نماذج ينوي الباحث ضرورة تقديمها لعرض‬
‫تقرير المعلومات الواردة يف بحثه ودراسته‪.‬‬
‫▪ ‪ -4‬ويجب ربط كافة الوثائق التي تضاف يف المالحق بالمعلومات‬
‫الموجودة يف متن البحث‪.‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪112‬‬

‫▪ ‪( -5‬فصول المختلفة) مثال انظر الملحق رقم (‪.)3‬‬

‫خامسا‪ -‬الشكل املادي والفين للبحث‪:‬‬


‫تمثل أهم الجوانب التي تخص الشكل الفني والمادي للبحث فيما يلي‪:‬‬
‫‪ )1‬حجم البحث وعدد صفحاته‪.‬‬
‫‪ )2‬الورق الجيد والموحد شكال ونوعا‪.‬‬
‫‪ )3‬الطباعة الواضحة والكتابة الخالية من األخطاء المطبعية‪.‬‬
‫‪ )4‬الحواشي والهوامش من حيث تنظيمها وتنسيقها بشكل واحد وبطريقة‬
‫تميزها عن المعلومات الموجودة يف النص سواء من ناحية الفراغات بين األسطر‬
‫أو وجود خطوط فاصلة بينها وبين المتن‪.‬‬
‫‪ )5‬العناوين‪ ،‬حيث يجب التمييز بين العناوين المختلفة للبحث أو الرسالة من‬
‫ناحية حجم الكتابة أو الطباعة أو لوهنا‪ ،‬ودرجة اللون ويجب أن تكون عناوين‬
‫الفصول يف الوسط صفحة مستقلة عناوين المباحث يف وسط الصفحة االعتيادية‬
‫ثم العناوين الثانوية التابعة لها تكون معلقة يف بداية السطر وتحتها خط‪.‬‬
‫‪ )6‬الرتقيم ووضع اإلشارات‪ ،‬حيث يجب التأكد من ترقيم صفحات البحث أو‬
‫الرسالة ويف مكان ثابت وموحد وأيضا األرقام الخاصة بأقسام البحث الرئيسية‬
‫والثانوية أو حروف الهجاء بجانب األرقام يجب استخدام األرقام واإلشارة يف‬
‫أماكنها المطلوبة والصحيحة يف البحث‪.‬‬
‫‪ )7‬الرسومات والخرائط والمخططات حيث يجب االعتناء هبا وأن تظهر يف‬
‫شكل واضح وموحد وأنيق‪.‬‬
‫‪113‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫‪ )8‬الغالف والتجليد‪ ،‬حيث يجب اختيار الغالف الجيد والمناسب وذكر‬


‫المعلومات األساسية على الغالف الخارجي وترك مساحة هامشية كافية‬
‫للتجليد‪.‬‬

‫سادسا‪ -‬مناقشة البحث‪:‬‬


‫مناقشة البحوث عادة ما تكون يف مجاالت عدة وعلى مستويات عدة أهمها‪:‬‬
‫أ‪ -‬مناقشة الرسائل العلمية (دبلوم‪ ،‬ماجستير‪ ،‬دكتوراه)‪.‬‬
‫ب‪ -‬حلقات البحث وما يسمى باسيمنار‪.‬‬
‫جـ‪ -‬الندوات والمؤتمرات العلمية‬
‫وعلى الباحث الناجح أن يهيئ نفسه للمناقشة والنقد بشكل يؤدي إلى حسن‬
‫العرض وجودة المناقشة واإلجابة على األسئلة واالستفسارات‪.‬‬
‫ويوجد عدد من الجوانب األساسية التي يجب أن ينتبه إليها الباحث يف نقاشه‬
‫ودفاعه عن بحثه أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬تنظيم خالصة البحث أو ملخص الرسالة وتوزيعها على المعنيين‬
‫بالمناقشة‪.‬‬
‫‪ -2‬التدريب المسبق على تقديم خالصة البحث قبل موعد المناقشة أو الندوة‬
‫أو الرسالة‪.‬‬
‫‪ -3‬االلتزام بالوقت المحدد للعرض والمناقشة‪.‬‬
‫‪ -4‬الصوت الواضح واإللقاء الجيد‪.‬‬
‫‪ -5‬االستعانة بوسائل اإليضاح المناسبة مثل‪ :‬التقنيات المرئية والمسموعة يف‬
‫العرض وإيضاح المعلومات‪.‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪114‬‬

‫‪ -6‬االستماع واالتصال الجيد لألستاذ المناقش واالبتعاد عن االنفعال يف مجال‬


‫األسئلة التي تمثل انتقادا للبحث‪ ،‬فهدوء األعصاب والتصرف معلوماته‪.‬‬
‫‪ -8‬عدم االهتزاز والتسليم بكل مقرتح أو رأي أو نقد يوجه للباحث‪ .‬خاصة يف‬
‫األمور التي تعكس وجهة نظر متباينة‪.‬‬
‫‪ -9‬الظهور بالمظهر الالئق الذي يتسم مع الموقف‪.‬‬
‫قواعد توثيق المصادر‪:‬‬
‫يجب توثيق المصادر يف البحث العلمي بصورة صحيحة‪ ،‬بحيث يتم كتباهتا‬
‫على هذا النهج‪ :‬اسم المؤلف ‪ -‬اسم المرجع ‪ -‬مكان النشر ‪ -‬دار النشر ‪ -‬سنة‬
‫النشر – الجزء ‪ -‬الصفحة‪.‬‬
‫يتم كتابة المرجع يف حالة‪:‬‬
‫إذا كان الكتاب مرتجما فيكون هنجه كالتالي (اسم المؤلف ‪ -‬اسم المرجع‬
‫‪ -‬اسم المرتجم ‪ -‬مكان النشر ‪ -‬دار النشر ‪ -‬سنة النشر – الجزء ‪ -‬الصفحة)‪.‬‬
‫يف حال كان المرجع دوري ًة (اسم المؤلف ‪ -‬عنوان المقالة ‪ -‬عنوان الدورية‬
‫‪ -‬رقم العدد الخاص بالمجلد ‪ -‬تاريخ الصدور ‪ -‬الصفحة)‪.‬‬
‫إذا كان المرجع صحيفة (اسم الكاتب ‪ -‬عنوان المقال ‪ -‬اسم الصحيفة ‪-‬‬
‫تاريخ صدورها ‪ -‬الصفحة)‪.‬‬
‫أما إذا كان المرجع بحثا علميا مقدما لندوات ومؤتمرات (اسم المؤلف ‪-‬‬
‫عنوان البحث ‪ -‬موضوع المؤتمر ‪ -‬مكان انعقاد المؤتمر ‪ -‬تاريخ انعقاده)‪.‬‬
‫إذا كان المرجع موقعا إلكرتونيا (اسم الموقع – اليوم – الشهر ‪ -‬السنة)‪.‬‬
‫‪115‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫وتوجد طريقة أخرى نبدأ فيها باسم المرجع بحيث يتم كتباهتا على هذا‬
‫النهج‪ :‬اسم المرجع ‪ -‬اسم المؤلف‪ -‬مكان النشر ‪ -‬دار النشر ‪ -‬سنة النشر –‬
‫الجزء ‪ -‬الصفحة‪.‬‬
‫قواعد لتوثيق معلومات المصادر يف الحواشي‪:‬‬
‫‪ -1‬األلقاب العلمية للمؤلفين‪:‬‬
‫يذكر اسم المؤلف محددا من األلقاب العلمية المهنية فتحذف كلمة دكتور‬
‫‪ /‬مهندس وما شابه ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬كتاب ال يحمل اسم الناشر أو تاريخ النشر‪:‬‬
‫يف هذه الحالة يذكر الرمز (د‪ .‬ن) دون ناشر أو (د‪ .‬ت) أي دون تاريخ نشر‪.‬‬
‫‪ -3‬الكتب التي ال تحمل اسم المؤلف فإن المدخل الرئيسي لها يكون‬
‫العنوان‪:‬‬
‫‪ -4‬وقائع المؤتمرات والحلقات الدراسية‪:‬‬
‫اسم المؤلف‪ ،‬الباحث‪ ،‬عنوان الرسالة (رسالة ماجستير) القاهرة‪ :‬الكلية‪،‬‬
‫الجامعة‪ ،‬التاريخ‪ ،‬ص‪....‬‬
‫‪ -5‬توثيق الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫اسم المؤلف‪ ،‬الباحث‪ ،‬عنوان الرسالة (رسالة ماجستير) القاهرة‪ :‬الكلية‪،‬‬
‫الجمعة‪ ،‬التاريخ) ص‪....‬‬
‫قائمة المصادر‪ :‬قواعد التوثيق‪:‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪116‬‬

‫المقصود هبا القائمة التي تحوي كل المصادر التي اعتمد عليها الباحث يف‬
‫إعداد بحثه وتأيت يف هناية البحث وهي تشمل المصادر التقليدية بأنواعها األولية‬
‫والثانوية والمصادر الحديثة‪.‬‬
‫أهم المالحظات‪:‬‬
‫‪)1‬إذا كان البحث يعتمد على العديد من المصادر فإنه يتم تصنيف هذه‬
‫المصادر حسب النوع بوضع مجموعة مستقلة لكل نوع‪.‬‬
‫مثال‪ :‬التصنيف الشائع هو مجموعة من المصادر األولية ثم مجموعة‬
‫المصادر الثانوية‪.‬‬
‫‪ )2‬داخل كل من المجموعتين الرئيسيتين يمكن تقسيم المصادر إلى‬
‫مجموعات فرعية‪:‬‬
‫المصادر الثانوية مثال‪:‬‬
‫كتب التفسير‪-‬كتب الحديث‪ -‬كتب الفقه‪ -‬كتب أصول الفقه‪.‬‬
‫‪ )3‬يف حالة البحوث التي تحتوي على مصادر بلغات عربية أجنبية‪ ،‬توضع‬
‫مصادر اللغة الواحدة يف مجموعة مستقلة مثال‪ :‬تحت مجموعة الكتب‪-1 :‬‬
‫الكتب العربية ‪ -2‬الكتب األجنبية‬
‫‪ )4‬يف كل الحاالت يتم ترتيب المصادر ترتيبا أبجديا حسب اسم المؤلف‬
‫واالسم العائلي للمؤلف‪.‬‬
‫وإذا كان المؤلف شخصا معنويا (مؤسسة‪ ،‬شركة‪ ،‬وزارة) فإن المصدر بتم‬
‫ترتيب أبجديا حسب أول كلمة مع إغفال (أل التعريف) مثال‪ :‬البنك المركزي‬
‫(ب)‪ ،‬المملكة العربية السعودية (م)‪.‬‬
‫‪117‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫‪ )5‬إذا كان للكاتب الواحد عدة مؤلفات تدخل يف تصنيف واحد فإن اسمه‬
‫يذكر بالكامل يف المرة األولى مع بقية البيانات حسب الرتتيب األبجدي ثم يف‬
‫المرة التالية يوضع خطا بدال من االسم ثم البيانات‪.‬‬
‫مثال‪ -1 :‬صادق يحيى فاضل‪ ،‬مبادئ علوم سياسية‪.‬‬
‫‪ -2‬ـــــــ‪ ،‬فكر سياسي‪.‬‬
‫‪ )6‬بالنسبة للبيانات الخاصة بالمصادر فهي تكتب بنفس الطريفة كما يف‬
‫الحواشي مع بعض الفروق مثال‪:‬‬
‫▪ بالنسبة للكتاب ال تذكر الصفحات يف قائمة المصادر‪.‬‬
‫▪ بالنسبة للدوريات تكتب نفس البيانات مثل الحواشي ولكن مع ذكر عدد‬
‫صفحات المقال كله (ص ‪.)30-20‬‬

‫سابعا‪ -‬منوذج تطبيقي (كيف تكتب حبثًا فقهيًّا؟)‪:‬‬


‫‪ -1‬المقدمة‪:‬‬
‫أ‪ -‬أسباب اختيار الموضوع‪.‬‬
‫ب‪ -‬أهمية الموضوع‪.‬‬
‫ج‪ -‬خطة البحث‪.‬‬
‫سليما بعبارة واضحة‪.‬‬
‫ً‬ ‫تصورا‬
‫ً‬ ‫‪ -2‬تصور الموضوع‬
‫‪ -3‬تعريفات‪.‬‬
‫‪ -4‬أمثلة ألقوال المذاهب الفقهية يف الموضوع ‪ -‬أمثلة نصية‪.‬‬
‫‪ -5‬جمع وترتيب هذه األقوال‪.‬‬
‫‪ -6‬أدلة كل فريق مع بيان وجوه االستدالل‪:‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪118‬‬

‫• من الكتاب‪.‬‬
‫• من السنُّة‪.‬‬
‫• اإلجماع‪.‬‬
‫• المعقول‪.‬‬
‫‪ -7‬مناقشة الخصوم لهذه األدلة‪.‬‬
‫‪ -8‬الردود على هذه المناقشات‪.‬‬
‫‪ -9‬الرتجيح‪ :‬مع ذكر أسبابه‪.‬‬
‫‪ -10‬الخاتمة‪ُ :‬يكتب فيها أهم نتائج البحث يف نقاط مختصرة‪.‬‬
‫‪ -11‬المراجع‪.‬‬
‫‪ -12‬الفهارس‪ :‬فهرس الموضوعات‪ ،‬واآليات‪ ،‬واألحاديث‪.‬‬
‫‪ -13‬قواعد الكتابة للبحث الفقهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الحد األدنى‪ :‬عشر صفحات‪.‬‬
‫ب‪ -‬ال تقل المصادر عن خمسة‪.‬‬
‫ج‪ -‬درجة البحث‪ :‬عشرون درجة‪.‬‬
‫د‪ -‬على الطالب االستفادة من الخطة المرفقة يف كيفية كتابة البحث الفقهي‪.‬‬
‫مالحظات عامة يف كتابة البحث الفقهي‪:‬‬
‫تصورا ُمحد ًدا‬
‫ً‬ ‫‪ -1‬القراءة الواسعة المتأنية يف الموضوع لتصور الموضوع‬
‫وصحيحا‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -2‬سالمة األسلوب ووضوحه‪.‬‬
‫‪ -3‬جودة العرض والرتتيب‪.‬‬
‫‪119‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫‪ -4‬دقة النقل وضبطه‪ ،‬ودقة التوثيق للنص المنقول "لألمانة العلمية"‪.‬‬


‫‪ -5‬تخريج وتحقيق األحاديث واآلثار الواردة يف البحث وكشف درجتها‬
‫لالعتماد عليها يف الرتجيح‪.‬‬
‫‪ -6‬االعتماد على المصادر األصلية يف النقل وعدم النقل عن مصادر ناقلة‪.‬‬
‫‪ -7‬وكذلك ال تنقل أقوال المذاهب من كتب معاصرة‪ ،‬أو من غير أصحاهبا‪.‬‬
‫‪ -8‬العناية بطرق وأساليب البحث العلمي‪ ،‬من حيث التوثيق‪ ،‬ودقة العزو‬
‫إلى المصادر‪ ،‬ووضع عالمة الرتقيم‪.‬‬
‫أهم المراجع يف البحث الفقهي‪:‬‬
‫‪ -1‬يف التعريفات اللغوية‪:‬‬
‫أ‪ -‬الصحاح للجوهري‪.‬‬
‫ب‪ -‬لسان العرب البن منظور‪.‬‬
‫‪ -2‬يف المذهب الحنفي‪:‬‬
‫أ‪ -‬حاشية ابن عابدين‪ ،‬رد المحتار على الدر المختار‪.‬‬
‫ب‪ -‬شرح فتح القدير للكمال بن الهمام‪.‬‬
‫ج‪ -‬بدائع الصنائع للكاساين‪.‬‬
‫‪ -3‬يف المذهب المالكي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الشرح الكبير للدردير‪ ،‬مع حاشية الدسوقي‪.‬‬
‫ب‪ -‬مواهب الجليل للحطاب‪.‬‬
‫ج‪ -‬القوانين الفقهية البن جزي‪.‬‬
‫‪ -4‬يف المذهب الشافعي‪:‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪120‬‬

‫أ‪ -‬هناية المحتاج للرملي‪.‬‬


‫ب‪ -‬مغني المحتاج للخطيب الشربيني‪.‬‬
‫ج‪ -‬المهذب للشيرازي‪.‬‬
‫‪ -5‬يف المذهب الحنبلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬كشاف القناع للشيخ منصور البهويت‪.‬‬
‫ب‪ -‬شرح منتهى اإلرادات للشيخ منصور البهويت‪.‬‬
‫‪ -6‬كتب الفقه المقارن مع ذكر أدلة المذاهب‪:‬‬
‫أ‪ -‬المجموع للنووي‪.‬‬
‫ب‪ -‬المغني البن قدامة المقدسي‪.‬‬
‫ج‪ -‬بداية المجتهد البن رشد المالكي‪.‬‬
‫‪ -7‬كتب أحاديث األحكام‪:‬‬
‫أ‪ -‬نيل األوطار للشوكاين‪.‬‬
‫ب‪ُ -‬سبل السالم للصنعاين‪.‬‬
‫ج‪ -‬فتح الباري البن حجر العسقالين‪.‬‬
‫د‪ -‬شرح النووي على صحيح مسلم‪.‬‬
‫‪ -8‬كتب أحكام القرآن‪:‬‬
‫أ‪ -‬الجامع ألحكام القرآن للقرطبي‪.‬‬
‫ب‪ -‬أحكام القرآن البن العربي‪.‬‬
‫للجصاص‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ج‪ -‬أحكام القرآن‬
‫‪ -9‬كتب الفتاوى‪ :‬مثل فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية‪.‬‬
‫‪121‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

‫‪ -10‬كتب معاصرة يف الفقه المقارن‪:‬‬


‫أ‪ -‬مجموعة بحوث فقهية؛ عبدالكريم زيدان‪.‬‬
‫ب‪ -‬محاضرات يف الفقه المقارن؛ د‪ .‬محمد سعيد رمضان البوطي‪.‬‬
‫ج‪ -‬الفقه اإلسالمي وأدلته؛ د‪ .‬وهبة الزحيلي‪.‬‬
‫مهارات البحث العلمي‬ ‫‪122‬‬

‫احملتويات‬
‫‪123‬‬ ‫مهارات البحث العلمي‬

You might also like