Professional Documents
Culture Documents
29
29
المستقبل
الطالبة /راميا الريحانى
جامعة القلمون الخاصة – كلية الطب البشرى
المشرف د /عدنان رسالن
مقدمة
بينما كنت أسير في أزقة دمشق القديمة ،تائهةً في عبق ياسمينها، -
تغمرني الرغبة ألدرك ما ح ّل بحجارتها ، -ألتنقل بعد ذلك في شوارعها المكتظة
حدب وصوب ،وصوالً إلى صروح العلم بالسيارات والمارة من كل ٍ
ّ
والجامعات .كانت أحاديث الطّالب ليست كالمعتاد ،فهذه األيام الكل مشغول
دهشت عندما رأيت أغلب الطالب وقد ُ باالمتحانات وبالحديث -عنها ،ولكني
استبدلوا بالكتب المجالت الرياضية ،وسمعت بعضهم يناقشون الظلم الذي ح ّل
بالفريق الذي خسرالليلة السابقة ،حملت اندهاشي -ونزلت به إلى مرافق الجامعة
األخرى ،فلع ّل هؤالء فئة قليلة من الطالب! .ولكن لم تكن الحال هناك بأحسن
منها هنا .
انتابني إحساس غريب !! لماذا أشعر ّأنه من الخطأ أن أتابع األخبار
وأيام امتحاناتي ، -أو أيام قتل أطفال فلسطين األبرياء في
الرياضية حين تتزامن َ
غزة ،أو موت أسرانا في الجوالن ،أو مع أسر مقاومي لبنان!! أو مع تحرير
هؤالء األسرى!.
الحقني الشعور -بالذنب فحاولت النزول إلى الشوارع لعلي أجد فيها ضالتي
المنشودة ،أجد فيها ما يخفف عني اإلحساس بالذنب ذاك ،أو ما يريحني -من
عذاب الضمير. -
أن أميز َّ
أن علي ْ
كانت المقاهي والمطاعم تعج ّبروادها ،وبدا من السهل ّ
إن من بينهم من أعرف أنهممعظم الجمهور كان شباباً يافعاً في مقتبل العمر ،بل ّ
شباب جامعيون يدرسون -اختصاصات مختلفة ،ولسوء الحظ أدركت أن الغالبية
الساحقة كانت من شباب الجامعات ،رأيتهم يضعون أمامهم صرعة العصر
(النرجيلة) ،أو ]"الشيشة" في بعض اللهجات المحلية [ ،يتباهون بها وسيلة من
وسائل إظهار الشخصية وإ ثبات الوجود. -
1
حين نظرت حولي رأيت الجميع منشغالً بذاك التلفاز الصغير -الذي يبث عبر
تلك الشاشة الواسعة المسقطة على مختلف نواحي المقهى مباراة مصر وإ يطاليا-
.الجميع كان متحمساً والجميع ينادي بفوز فريقه المفضل،بينما توحدت آراء
البعض ،ألن مصر فريق -عربي ُيعقد عليه آمال عديدة ،وكأنها معركة المصير
عدو أجنبي عن أرض الوطن . لدحر ّ
خرجت ألجد المسيرات قد مألت الشوارع والتهبت الحناجر بالهتافات.
فتذكرت أني ومنذ بضع سنوات كنت جزءاً من هذا المشهد عندما كان يبث
برنامج سوبر -ستار ،حيث أقمنا المسيرات ومألنا الشوارع بهتافاتنا ،وأصبح
المتنافسون رموزاً -قومية للشعوب التي ينتمون إليها ؛ وال أحد ينسى تلك
االحتفاالت التي رافقت أولئك الفنانين مذ وطئت أقدامهم أرض الوطن حتى حطَّ
كنت أتابعُ النتائج وكيف
أذكر كيف ُ بهم المطاف في مكان اإلقامة ،ومازلت ُ
الشباب يرسلون أصواتهم -لتشجيع الفنان المفضل برأيهم ،وكيف َّ
أن كل ُ كان
دولة انحاز شعبها لمواطنها -في هذا البرنامج ،وربما -تدخل من هو في موقع
المسؤولية لدعم مرشح بالده الفني ،رغم َّ
أن البرنامج لم يكن إال برنامج
مسابقات أخرج لنا أصواتاً -شابة .في تلك اللحظة تولدت في ذاكرتي حكايا
وقصص (الحكواتي) في القهوات،عندما كان يبث في عقول الناس خرافات
وأساطير ،فتموج القهوة بأصوات الرجال المتفاعلين مع هذه الروايات البعيدة
الرواية العلمية ،فالحكواتي في عصره كان كل البعد عن منطق العقل وأسلوب ّ
وسيلة اإلعالم األقوى -واألكثر تأثيراً في مجتمع ذكوري تسوده األمية والجهل
والتخلف ،ومع ذلك ربما كان الحكواتي أحياناً يريد أن ينشر بعض الصفات
األخالقية التي امتاز بها بعض أبطال حكاياته كعنترة بن شداد ،أو سيف بن ذي
يزن ،أو غيرهما .
( والشيء بالشيء يذكر) حيث أعود ألنظر اليوم إلى واقع االنفتاح
ولكننا نبحث
ّ اإلعالمي ،فنحن نستطيع -أن نرى الحدث بكليته في لحظة حدوثه ،
عن الحقيقة في قلب الحدث المصور -فال نكاد نعثر عليها .ففي الحرب األخيرة
على العراق نقلت لنا وسائل اإلعالم العربية وغير العربية الموالية للسلطة
إعالمية متميزة ،ولكن هذه الباقة تحمل وروداً
ّ العراقية صورة الحرب بباقة
أتت عليها الحشرات فلم تبق ولم تذر .وإ لى اآلن لما ُي َدرك كثير من حقائق هذه
الحرب على الرغم من تعدد ألوان اإلعالم ؛ من اإلعالم المرئي والمسموع
واإلنترنت واألقمار الصناعية وهاتف -الثريا .
2
ٍ
بشكل عام ، اإلعالم وفي خضم هذه التناقضات -العظيمة التي أغرقنا -فيها
ُ
في
البد لألسئلة أن تزدحم -في رأسي ،وتبعث َّ وهذه التكنولوجيا الباهرة ،كان ّ
ٍ
إجابات منطقية تحم ُل نفسي عبء البحث عن عواصف من التساؤالت التي ّ
لها!!..
فنان شيء طيب...الخ،وتميز ٍ صر بالمباراة الرياضية أمراً جميالً ِ
ّ كان فوز م َ
،ولكن أين فوز عقولنا عندما تسلبنا التكنولوجيا -الحديثة بمختلف معطياتها_ -
بدءاً من التلفاز والهاتف -الجوال ووصوالً إلى اإلنترنت _ ،قدرتنا على
ِ
الكتب علينا في قراءتها ؟! َّ
وحق المحاكمة والتحليل
تساءلت ما حال ثقافة طلبة الجامعات في ِّ
ظل هذه العولمة الثقافية ؟ وإ لى متى ُ
ك الثقافة والتكنولوجيا كما يستهلك "البيتزا" و"الهامبرغر"،!! -
سيبقى شبابنا يستهل ُ
فأصبحت
ْ- أدت هذه العولمة إلى محو شخصيات شبابنا،وضياع -هويتهم وهل ْ
موضوعاتهم -واهتماماتهم -وتوجهاتهم واحدة ؟؟ ومادور -اإلعالم في كل ذلك ؟؟
ٍ-
صعوبات وتحديات ثقافية ؟؟ وهل لدينا ما يكفي من الوعي _ هل نواجه
نحن الطلبة _ لنواجهَ هذه الصعوبات وتلك التحديات في ِّ
ظل هذه العولمة التي ُ
تخدم ثقافتنا وقضيتنا ؟؟ أم تُرانا أصبحنا أمام
تجتاحنا رغم إرادتنا و نحيلها أداةً ُ
وجر معها
واقع جديد انطوى فيه العالم األكبر في (قرية صغيرة) _ كما يقال _ َّ
ٍ-
وتحديات ثقافية تصعب مواجهتها ؟! . ٍ
صعوبات
دفعت بي
ْ كانت هذه من أكثر األسئلة ،التي منحني هذا الملتقى مشكوراً -قوةً ْ
ينير لي قتامة الصور التي تداخلت في نور خيط عن ِ
للبحث محاولة ٍ
جادة ٍ إلى
ُ
مخيلتي ،فكان هذا البحث _ تأثير اإلعالم على الشباب العربي بين إحباط
الواقع وآمال المستقبل _ خطوةً بسيطةً متواضعةً أتت لتضيء واقع الشباب
وأمارس
ُ- جزء من هذه الفئة أحيا حياتها ،
أنني ٌالعربي الجامعي ،والسيماّ -
وأعيش همومها وقضاياها ،وتعنيني توجهاتها -وآفاقها.ُ هواياتها ،
جاء البحث موزعاً في ثالثة محاور، -
عرضت في المحور -األول إشكالية البحث وأهميته ،وتعاريف -لمصطلحات ُ
مهمة فب البحث كالثقافة والعولمة والغزو الفكري والتكنولوجيا متعددة الوسائط
،وتناولت -في المحور الثاني أهم التحديات الثقافية التي تواجه الشباب الجامعي،
وخلصت إلى األزمات التي سببتها لدى الشباب
ُ أدت إليها ،
والعوامل التي ْ
الجامعي كالتناقض واالغتراب ،التفاعل ،الثقة ،الهوية واالنتماء .
3
وخصصت المحورالثالث -لتسليط الضوء على عالقة الشباب العربي الجامعي
باإلعالم ،ألنه يشكل أهم التحديات الثقافية ،وأحد ِ
أبرز نوافذ الغزو الفكري .
تأثير اإلعالم في سلوك الشباب الجامعي وحياتهم االجتماعية ،ودوره فدرست َ
ُ
في توجيه الشباب نحو قضايا الواقع المعاصر ،ومدى -وعيهم لخطورة الغزو
الفكري ،وكيفية استخدامهم -أساليب التكنولوجيا المتعددة الوسائط (اإلنترنت ،
اإلعالم المرئي والمسموع )... -وتحويلها -إلى أداة فاعلة تخدم القضايا العربية ،
معززة ذلك بأمثلة عملية استقيتها من دراسات تناولت ذلك في ميادين مختلفة
فبينت تأثير الواقع وقضاياه في وعي الشباب الجامعي ،ومدى تفاعله مع هذه
القضايا ،وإ ظهار -اإلسهامات التي قام بها الشباب لتحويل اإلعالم إلى ٍ
أداة
إيجابية تخدم قضايانا المعاصرة .وبرز -ذلك من خالل مواقف -عديدة :
ظهور أبحاث ماجستير ودكتوراه في أرجاء الجامعات العربية تناقش هذه
القضايا من مختلف اتجاهاتها .
إسهامات بعض الطلبة الجامعيين في حرب لبنان والعدوان األخير على
فلسطين (حصار غزة).
بعض اإلسهامات الفنية التي قدمها بعض الشباب في مواجهة الواقع ( أفالم
سينما ،أداء مسرحي -كتبه وأنجزه شباب في جامعة القلمون ،أفالم
أطفال)....
وقد ذيلت البحث بخاتمة ضمنتها -بعض المقترحات والتوصيات التي أزعم
أنها تسهم في زيادة وعي الشباب العربي بالغزو الفكري وخطورته .
التزمت المنهج الوصفي التحليلي ،فقد وصفت الظواهر وحللتها محاولة الكشف
عن العوامل المؤثرة فيها مستهدفة التوصل إلى اإلجابة عن التساؤالت التي
يثيرها موضوع -البحث .
وقد اعتمدت على مجموعة كبيرة من المصادر والمراجع ، -حرصت على
تنوعها وحداثتها .
أقدم شكري للدكتور -عدنان رسالن المشرف-
وال يسعني في هذا المقام إال أن ّ
وأقدر جهده المخلص لمساعدتي في خضم أعبائهعلى هذا البحث ّ ،
والمسؤوليات الملقاة على عاتقه .
4
كما أشكر إدارة جامعة القلمون الخاصة (في سورية) التي هيأت لي
الظروف -المناسبة ،وأتاحت لي هذه الفرصة .
أتاح لي
والشكر موصول -إلى أولئك القائمين على هذا الملتقى ،الذي َ
واقع يعيشه
تعبر عن ٍأقد َم هذه المحاولة المتواضعة الجادة ،ألنها ّ
الفرصة لكي ّ
وفقت في اختياري
ُ أكون قد
معظم الشباب العربي ،راجيةً اهلل تعالى أن َ
للموضوع -و تناولي -لقضايا هذا البحث.
المحور األول :إشكالية البحث وأهميته
أوالً -إشكالية البحث و أهميته :
تستمد هذه الدراسة أهميتها من أهمية الشباب ،ومدى -تفاعلهم مع المشهد
العالمي المعاصر .هذه المرحلة التي تعيش كثيراً من التناقضات واألزمات-
في ظل الظروف الراهنة ،التي تنعكس على معظم المجتمعات ،وتترك-
بصماتها على سلوكهم -وعطائهم ،وتلقي بظاللها على صفاتهم ال ّشخصية
عصب الحياة ،
ُ الشباب _
َ فنحن _
ُ العملية وتوجهاتهم المستقبلية .
ّ وأفكارهم-
نعكس مدى تطورها وتوجهها نحو المستقبل ؛ فكيف- ألي ِة ٍ
أمة ، والمرآة الصادقة ّ
ُ
يعد معظم سكانه من الشباب .بمجتمع ّ
مرهون بطاقات -عناصرها
ٌ "إن مستقبل األمم
يقو ُل ال ّشاعر األلماني غوته ّ
نناقش مسألةً عامةً
ُ فإننا
نناقش مشاكل ال ّشباب وقضاياهمّ ، -
ُ فإننا عندما
الفتية " ّ
طور -الوطن بأكمله .تمس ت ّ
ُّ
َالتغي ِر والتّأثر-
أصبح اليوم قريةً كونيةً سريعة ّ َ ال نستطيع أن ننكر َّ
أن العالم قد
تمنحنا معرفةً
فالوقوف على طبيعة التحديات التي تواجهُ جيل الشباب ُ ُ ببعضها،
كافية عن واقعنا -الحالي وكيف -نتجه نحو المستقبل ؟؟ ،وما الذي تفرضه علينا
حصون أمتنا المنيعة
ُ معطيات العولمة من عبء التوجهات نحو الشباب الذين هم
ِ
والثقافة الكافية لمواجهة هذه نسلحهُم بالوعي والمعرفة
،إذا استطعنا أن َ
ِ
الشباب جيل
إن َ بقوله"يمكن أن نقو َل َّ
ُ عبر أحد الباحثين عن ذلك التحديات ،وقدّ -
من
هو أمضى أسلحة العالم العربي في صراعه المصيري من أجل خروجه ْ
صاحب هذا
ُ ٍ
مستقبل أفضل .وهو فضالً عن ذلك وصنع
ِ كهوف الظالم
ٍ
حاسمة ٍ
تحول العربي على نقطة العالم غير َّ
َّ َ أن الظروف -التي تضعُ المستقبل َ
فهم إذن لألمة األملفي تاريخه ،هي نفسها التي تضع الشباب في (أزمة) ْ ،
5
ومصدر -الخطر في ٍ
وقت واحد " .1هذه األزمة التي تجعلهم يعيشون حياة
التناقض فهم مثاليون على المستوى النظري -في حياة مهمشة على الواقع .
ولإلعالم الدور األعظم في التأثير في الشباب بشكل يفوق تأثير األسرة
والجامعة أحياناً .ولذلك تأتي أهمية الدراسة من خالل تصديها للمشكلة اآلتية :
أن
إننا اليوم نقف على عتبات الحضارات التي ننتمي أوال ننتمي إليها ،عاجزين ْ
أهم
ويخدم قضايانا؟ -فما هي ُ
َ- نعلم ما يناسب هويتنا
أن َ نأخ َذ منها ما يفيدنا ،أو ْ
بناء على نوعية التحديات الثقافية التي تواجه الشباب
الوسائل التي نتزود -بها؟ ً
العربي _والجامعي_ في ظل العولمة الثقافية واالنفتاح اإلعالمي؟ وما مدى
تتسم بسرعة التغيرات وتنوعها -كماً
وعي شبابنا بخطورة هذه المرحلة التي ّ
وكيفاً ؟؟
ثانياً – أهم المفاهيم والمصطلحات الواردة في هذا البحث :
العولمة :تعاريفها عديدة ولكنها باختصار تعني" :انفتاح العالم على بعضه ..في
التجارة واالقتصاد -والسياسية واإلعالم والثقافة الخ ..دون قيود -وال حدود وال
2
حواجز" .
وهكذا تغدو العولمة ظاهرةٌ تعمل على توحيد -األفكار والقيم وأنماط -السلوك
والتفكير بين مختلف شعوب العالم ،ووسيلتها -في ذلك سرعة انتقال المعلومات
بات فيها العالم قريةً كونية ً. ٍ
لدرجة َ وكثافتها-
إن العولمة هي
قال الكاتب األمريكي المعروف( -توماس فريدمان) ذات مرةَّ " :
بلد في العالم بعض المكونات من إنتاجهأشبه بقطعة بيتزا يضع عليها كل ٍ
المحلي :فالهندي يضع عليها مثالً البهارات الحارة ،واألمريكي -يضع عليها
السجق ،واإليطالي يضع عليها الزيتون .بمعنى أنَّ بإمكان كل بلد أن تكون له
مساهمته في العولمة ،مساهمة ًتنبع من تخصصه وتميزه في مجال معين .غير
أن خيارات دعاة العولمة الجديدة محدودة ،فإما أن تكون أنّ الحاصل فعلياً هو َّ
ملحقاً بهم ،وإ مَّا أن تكون مختلفاً عنهم" ،وهذه شهادة يسجلها صحفي من
3
1
حجازي ،عزت .الشباب العربي ومشكالته .موسوعة عالم المعرفة .الطبعة األولى ،المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب ،الكويت ،1985 ،ص
.241\2
2
ملي ،أسعد .العولمة بين التكيف والممانعة ،مجلة جامعة دمشق لآلداب والعلوم اإلنسانية سورية ،مجلد 23العدد الثاني 157-119 ،2007 ،ص.
3
سليمان ،عادل بدر .ثقافة الشباب المعاصر بين عولمة التعليم وتعليم العولمة ،جريدة النور .2009\6\22. 2008 ،
>/http://www.shababona.com/shabab/content/view/380/1
6
وفي الجانب العربي رأى المفكر برهان غليون":أن العولمة هي قبل كل ٍ
شيء ّ
آخر بنية جديدة تطبع النظام العالمي" ،.4وقد حدد الباحث غليون تحديات العولمة
بأمرين رئيسين في مواجهة الثقافات المسيطرة هما " :تحدي االستسالم-
والتسليم الذي يؤدي إلى االنحدار والتفكك و االلتحاق ،من دون مشاركة إيجابية
بالثقافات المسيطرة ،والثاني -هو البقاء في مستوى -الرفض ،االحتجاج ؛
وبالتالي التحول حتى إلى ثقافة مضادة لثقافة العولمة ،ولكنها من الطبيعة نفسها
5
،وعلى أسس واحدة ؛ وإ ن كانت مقلوبة ".
وخلص غليون إلى القول " :ونحن في العالم العربي ال نزال على مستوى-
الحركة العامة ..نعيش مرحلة هذا الرد االحتجاجي على صعود -ثقافة الهيمنة
والعولمة ،التي تهمشنا أو تهدد تهميشنا -التاريخي ،وتهميش ثقافتنا ،أو
تخفيضها إلى مستوى -الثقافات اإلثنية غير الناجعة ،الفاعلة في الحضارة، "....
6
4
أمين ،سمير ؛ غليون ،برهان .ثقافة العولمة وعولمة الثقافة .الطبعة الثانية ،دار الفكر ،دمشق ،سورية ،دار الفكر المعاصر ،بيروت ،لبنان ،
23 ،2002ص.
5
المصدر السابق ص55
6
المصدر السابق ص . 55
7
برقاوي ،أحمد ؛ السيد ،رضوان .المسألة الثقافية في العالم العربي /اإلسالمي .الطبعة الثانية ،دار الفكر ،دمشق ،سورية ،دار الفكر المعاصر ن
بيروت ،لبنان ، 2001 ،ص . 28 – 27
8
ياسين ،صباح .اإلعالم ؛ النسق القيمي وهيمنة القوة .مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت ، 2006 ،ص( ، 55نقالً عن قراءة في ثقافة الفضائيات
العربية ،الوقوف على تخوم التفكيك .د .نهوند القادري عيسى ص)45
7
ٍ
معينة بمجتمعاتها -ومدارسها- الغزو الفكري ":هو االقتحام الثقافي ٍ
ألمة
وجامعاتها -ومؤسساتها وأفرادها ،وهو غزو مبرمج ومخطط له وذو أهداف
9
مؤسسات إعالمية وسياسية وأمنية وتجارية وفكرية وراءه ".
ٌ محددة ،وتقف
ٍ
مجموعة من ِ
غسيل الدماغ العربي ،عن طريق- ف علمياً " :أنه عملية
ويعر ُ
ّ
الوسائل المقصودة وغير المباشرة والرسمية وغير الرسمية ،التي تستخدمها
الدول االستعمارية من أجل التأثير بالثقافات الوطنية والقومية لشعوب
ومجتمعات العالم الثالث ،بهدف تكريس استمرار التبعية الثقافية واالقتصادية
10
".
التكنولوجيا متعددة الوسائط _ و"هو -مصطلح يقصد به االستفادة من اإلمكانيات
البصرية والسمعية والمكتوبة في نقل األخبار _ وقد تتضمن المقالة نصاً
وصوراً -ثابتة كالصحافة المكتوبة ،وصوراً متحركة (الفيديو) كالتلفاز ،أو
نتحدث عن الثقافة فالبد أن يشم َل ذلك
ُ نصوصاً -صوتية كاإلذاعة " .11وعندما
التكنولوجيا -والتقنيات العلمية الحديثة.
المحور الثاني :التحديات الثقافية التي تواجه الشباب العربي في ظل العولمة
:
التحديات الثقافية التي تواجه الشباب ":تلك األمور -واألوضاع -والقوى الطبيعية
واإلنسانية واالجتماعية ،التي تعيق الشباب عن تحقيق أهدافهم -القريبة والبعيدة
،أو تسعى إلى الهيمنة عليهم في تعاملهم مع الوجود بجوانبه المختلفة ،مما
12
يؤدي لمنعهم عن تحقيق الغاية التي خلق اإلنسان من أجلها".
أنظر إلى
كيف تَرى مستقب َل أمتنا ؟؟ قال دعوني ُ
قيل ألحد العظماء َ :
سيكون مستقبل أمتنا
ُ صورة تنشئة شبابنا وتربيتهم ،وعند ذلك أخبركم كيف
!!
حاولت هذه الدراسة الحديث عن أهم التحديات الثقافية التي تواجه الشباب
العربي ،فوزعتها على مستويين :تحديات داخلية وخارجية .
9
السمنة ،راوية طه ،استطالع رأي الشباب الجامعي السوري حول تحديات العولمة وأثرها على ثقافة الشباب ،الطبعة األولى ، 2003 ،وزارة الشؤون
االجتماعية والعمل ،معهد الخدمة االجتماعية ،دمشق 100 ،ص ( .بتصرف)
10
المصدر السابق ( من بحث استطالع رأي اتحاد شبيبة الثورة ص)1998 – 16
11
الترك ،هناء صالح .ملتقى الشباب في ظل عصر التكنولوجيا والعولمة ،دليل قطر التربوي .2009\6\2009،21 ،
http://www.eduqatar.com/modules.php?name=News&file=article&sid=1591
12
فرحان ،إسحق أحمد ،الشباب والتحديات الثقافية وطرق الوقاية والعالج .الطبعة األولى ،دار الفرقان ،عمان 14 ،2003 ،ص .
8
أوالً – التحديات الثقافية الداخلية :
تكمن في شخصية الشباب ،ولها عالقة بالبيئة الداخلية
تحديات ُ
ٌ وهي
للمجتمع ،وهي تحديات متعددة وقد -تختلف باختالف هذه البيئة ،وأهم هذه
التحديات :
-1التحديات التي تتعلق بشخصية الشاب ومدى -نموها واستعداداتها -الفطرية
تكون إعاقة الشاب مثالً (الشلل ،العمى ،الصمم ..أو أي
ُ والعقلية .حيث قد
أحد األسباب الرئيسية التي تدفع الشاب إلى التعلم وارتقاء سلم
إعاقة أخرى) َ
بنجاح وتفوق ، -وبالعكس قد تدفع به اإلعاقة إلى محاولة
ٍ التعليم الجامعي
االنعزال والهروب من واقعه .
-2ضعف التنشئة االجتماعية والعلميَّة في األسرة والمدرسة في سنوات التعليم
األولى والمتوسطة ؛ إذ تبرز أهمية األسرة في العناية بالطفل في المراحل
ٍ
متكاملة بالتعاون مع ٍ
بثقافة تكون معالم شخصيته ،حيث تزوده المبكرة من ّ
يسهم في إكسابه المناعة الثقافية
المدرسة طوال سنوات طفولته وشبابه مما ُ
ِ
إعداد الطالب المستقبلية ،كما َّ
أن دور التعليم اإللزامي والثانوي -يبدو جلياً في
وبناء شخصيته للسنوات الالحقة ،وهذه المرحلة تعزز لدى الطالب َّ
حب ِ
المعرفة الذاتية .لذلك يواجه الشاب تحديات التخلف األسري -من جهل
ٍ،وأميَّة،وفقر،ومرض وغيرها(كالتفكيك -األسري و)...
-3دور الجامعات في التأكيد بمناهجها وطرائق تدريسها -وأهدافها على ِ
إتمام
ِ
والمنفتحة على الواقع اإلنساني- ِ
معالم الشخصية الواعية المتمثلة بأهداف أمتَّها،
والمِل َّمة بأساليب البحث العلمي ومناهجه .
بعيداً عن التقليد األعمى بكافة أنماطه ُ
-4التحدي الذي يواجهه الشاب أثناء رغبته الدراسية في اختيار كلية أو
أن اختيار األهل لن اختصاص علمي ال يتوافق -و رغبة األهل .على الرغم من َّ
يجعلَهُ بارعاً في هذا المجال ألنه ربما ال يتالءم و ميوله ورغباته ،األمر الذي
نؤكد حق الشابسينعكس مستقبالً على مدى إبداعه في هذا المجال .فعلينا أن َ
ُ
أن أينشتاين الذي كان كسوالً ٍ
مناسب ،وال ننسى َّ ٍ
واختصاص في اختيار ٍ
مهنة
كنا ِ
لدراسته لما َّ في دروس الرياضيات برع في الحساب ،ولو َّ
أننا قيمناه تبعاً
تمتعنا بمعرفة شيء عن النسبية.
َّ -5
إن معظم المناهج الدراسية ال تولي اهتمامات الشباب قدراً كافياً من العناية
هم من فهم الواقع بل تمكن ْ
،وال تجيب عن األسئلة التي تدور في رؤوسهم ، -وال ّ
9
تقد ُم لهم المعلومات واألفكار -بأسلوب ال يصلح معه إال الحفظ عن ظهر قلب ،في ّ
ٍ
عصر نحتاج فيه ملكات اإلبداع واالبتكار -والقدرة على إيجاد أننا في
حين ّ
وواع وهي ملكات يعجزٍ الحلول للمشكالت التي تعترض طريقنا بشكل منطقي
أن
للشباب .وهذا يعني ّ
13
نظام التعليم الجامعي بأساليبه التقليدية عن منحها
بعض الجامعات العربية بمناهجها ونظمها ال تؤدي -هذا الدور المهم المنوط بها
.
عمل تتالءم و اختصاصهم -األمر الذي يجدون فرص ٍَ -6معظم الشباب ال
انعكس على استهتار -الشباب بالمقررات التي يدرسونها ، -إضافةً الزدياد نسب
أن اإلحصاءات البطالة بين صفوف الشباب حيث أكد الدكتور -علي بو عناقة َّ
تشير إلى ّأنه "ضمن 17مليوناً من المتعطلين
التي تصف وضع الشباب ُ
14
الحاليين عن العمل ونسبتهم ، %40 -تقل أعمارهم عن 25سنة ".
-7عدم وجود تنسيق -ثقافي بين األجهزة التربوية وغياب التنظيمات المسؤولة
عن الشباب في عدد من البالد العربية ،األمر الذي يحرم الشباب من التعبير
عن آرائه ومعاناته الحقيقية .
-8وتعد الحالة المادية لمعظم الشباب من أخطر التحديات التي تواجههم-
،ألنها قد تعيق الشباب عن إكمال دراستهم -الجامعية .أو دراسة االختصاص
الذي يرغبون في إحدى الجامعات الخاصة .
ثانياً -التحديات الثقافية الخارجية :
تحديات تنشأ من خارج المجتمع َّ
ولعل أبرز أسبابها الغزو الفكري الثقافي ٌ وهي
السرعة المتزايدة في التّقدم ِ
الغربي ،وتيار -العولمة الجارف ،باإلضافة إلى ّ
التكنولوجي -الذي يأتي إلينا من الخارج ،في األوقات التي ليس لدينا فيها ما
يكفي من الثقافة والوعي والقدرة الالزمة للتعامل مع هذه التكنولوجيا الباهرة ،
مما يجعلنا عرضة للتبعية الدائمة للغرب ،وسنبقى -على هذه الحال حتى
ركب التطور .وأهم هذه التحديات تتمثلَاسترداد زمام األمور لمواكبة ِ
َ- نستطيع
في التحديات الثقافية اآلتية :
-1التحدي االجتماعي :
13
طحان ،محمد جمال ،أزمات الشباب بين الواقع والطموح ،البالغ .نت ( .2009\6\19 ، 2000 ،بتصرف) .
))http://www.balagh.com/youth/wl0zjskd.htm
14
بو عناقة ،علي .الشباب ومشكالته االجتماعية في المدن الحضرية .سلسلة أطروحات الدكتوراه ( ، )61مركز دراسات الوحدة العربية ،الطبعة األولى
، .بيروت 2007 ،
10
عصر طغت فيه ٍ وهو من أخطر التحديات الثقافية على شبابنا العربي في
أن بعض الكتّاب ربط بين العولمة الثقافة الغربية خاصة األمريكية _حتى َّ
واألمركة برباط وثيق -يقول برهان غليون " :العولمة تعني إذن بالضرورة
األمركة ،إذا قلنا إن لألمركة أرجحية المساهمة األمريكية في اإلنتاج الثقافي
بأنماط من َالسلوك االجتماعي الذيٍ- المادي والمعنوي_15"... -ويترافق -ذلك
ٍ
وأفالم ال يكون برامج
َ تفرضه بطرق -مختلفة ،أبرزها مجمل ما تبثّهُ من
مضمون مادتها اإلعالمية إال كما وصفته الدكتورة مي العبد اهلل " إنها أفالم
تهدف إلى الغلو والالمنطقية ,وإ لغاء العقل في فهم الشباب والعالقات -واألحداث
،ويشمل ذلك مجموعة كبيرة من األفالم التي تجسد الخرافة ،وتعمل بذلك على
16
تمجيد المغامرة الفردية والشعور بالعظمة وقتل اإلحساس بالجماعة ".
وج للعنف والوحشية بالدرجة األولى ،وماجرى -في لبنان وال ننسى أبداً َّأنها تُّر ُ
، 2006وفي -فلسطين عام ( ، )2009-2008وما جرى في العراق بعد
االحتالل األمريكي -له ...2003 ،وال يزال .أبرز الشواهد التي التخفى على
أحد في مشارق -األرض .وربما -النجانب الصواب إذا ُقلنا إنها تسعى لنشر ثقافة
الفساد في المجتمعات ،بمعظم األفالم واأللعاب (لعبة كونتر ، Conterجتي ايه
)GTAوالبرامج التي تنتشر في البلدان العربية .
ولع ّل هذا يحول العنف 17الذي تحمله هذه األفالم أو األلعاب إلى أرض الواقع
وحياة الناس ،وقد -ألمح إلى ذلك الدكتور جابر عصفور بقوله " ُي َنقل العنف من
18
مفردات اللغة إلى معطيات الواقع ،فيستبدل بالكلمة الرصاصة".
-2التحدي التربوي والمعرفي:
ويتمثل بمظاهر عديدة من أهمها على سبيل المثال :
إيفاد أو سفر عدد كبير من الطالب إلى البلدان الغربية وممارسة الحياة فيها
بكل مظاهرها ، -وتأثّْ-ر عدد منهم سلبياً بهذه العادات والتقاليد على حساب
انحسار الثقافة العربية لديهم .
15
أمين ،سمير ؛ غليون ،برهان .ثقافة العولمة وعولمة الثقافة45 .ص.
16
العبد هللا ،مي ،التلفاز ،قضايا االتصال في عالم متغير.الطبعة األولى ،دار النهضة العربية ،لبنان 258، 2006 ،ص( .بتصرف)
17
وقد عرف أحد الباحثين العنف بقوله ":العنف تاريخيا ً ظاهرة بشرية ،وهو االستخدام غير المشروع أو غير القانوني للقوة ،وهو عدوان على ملكية و
حرية اآلخرين ،ويهدف الفاعل من خالله إلى فرض سيطرته وسطوته ومشيئته على الضحية سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ،واستغاللها في
تحقيق أهداف غير مشروعة " صالح ،أحمد محمد .األصولية والعنف االجتماعي .مجلة الهالل ،القاهرة ،مصر ،العدد ، 7يوليو 55 – 50 ، 2009ص
،والنص السابق ص .52-51
18
المصدر السابق ص . 54
11
انتشار -مراكز التعليم الغربية ومؤسساته في بالدنا ،حيث تتضمن مناهجها
التعليمية قدرا ًكبيراً من الثقافة األجنبية التي تنمو على حساب الثقافة العربية
مثل الجامعات األجنبية والمدارس -األمريكية وغيرها 19.التي تفرض بطبيعة
الحال مناهجها وقيمها -التربوية المالئمة لمجتمعها ،والتي قد تتناقض مع قيم
المجتمع العربي أحياناً .
وقد عزا أحد الكتاب حالة الشباب الثقافية إلى األوضاع في بعض الجامعات
العربية بقوله ":فالشباب يلقون اللوم على الوقت الذي ال يكفيهم الستذكار
دروسهم -فكيف يلتفتون إلى تثقيف أنفسهم ؟؟ ،وآخرون يرمون بالعتب على
أن أغلب الكتبالجامعات كونها المعمل الحقيقي ألفكار الشباب ،حيث يرون َّ
الجامعية اعتمد مؤلفوها على مراجع قديمة ولم تعد تتماشى -مع ثقافة العصر
وعلومه" .20ويجب أال يغيب عن البال أيضاً طبيعة الطلبة الذين يودون
الحصول على شهادات ممهورة بطابع دولي دون عناء كبير أحياناً .
وقد انعكس ذلك سلباً على البحث العلمي وتجلى ذلك بـ :
ّش ُح البحوث العلمية واالفتقار إلى المراكز المجهزة بالبيئات المناسبة -1
إلنجاز مثل هذه البحوث .
عدم قدرة الشاب على تحصيل المعارف -الثقافية الكافية كماً ونوعاً في -2
خضم االنفجار المعرفي .
-3عدم قدرة جامعاتنا على مواكبة البحث العلمي والتطبيقات التكنولوجية
المتقدمة ،والتي تسير بتسارع -مذهل نحو مجتمع المعرفة والمعلوماتية ،مما
يولّ ُد فجوةً واسعةً في الثقافة العلمية والتكنولوجية بين شبابنا الجامعي وشباب
الغرب .ويفرض ضرورة االرتباط -أو الدراسة بجامعات أجنبية لترميم
النواقص العلمية التي تشكو منها كثير من الجامعات العربية .ولهذه الجامعات
األجنبية شروطها التي تتنافى أو تتناقض أحياناً مع مصالح البالد العربية.
_3التحدي اإلعالمي :
مر بنا القول ":إن اإلعالم والثقافة يتوحدان في رسالة مشتركة وقد أسهما
َّ
في التداخل والتنافذ وصعوبة التمييز بينهما "...ولذلك ُّ
يعد التحدي اإلعالمي 21
19
فرحان ،إسحق أحمد .الشباب والتحديات الثقافية وطرق الوقاية والعالج 14 .ص .
20
السمنة ،راوية طه ،استطالع رأي الشباب الجامعي السوري حول تحديات العولمة وأثرها على ثقافة الشباب 100ص ( .بتصرف) .
21
في الصفحة 4من البحث .
12
سواء على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الخارجي المفتاح األول لغزو عقول
الشباب في وقتنا -الحالي؟! ،كما يولَُد فجوة بين الجامعات وسوق -العمل أيضاً .
يحملُنا على تبني أفكار -مزركشة يخالها الشباب أنها قيمةٌ من صلب مجتمعه و قد ِ
التغي َر الثقافي ليس إال ثمرةً من
أن ّ و ثقافته ،لذلك يذهب بعض الباحثين إلى َّ
22
22
العبد هللا ،مي ،التلفاز ،قضايا االتصال في عالم متغير258، .ص( .بتصرف).
13
هذه الحياة .فالشاب عاجز عن تحديد دوره في الحياة ،وعاجز عن إيجاد
23
الفرصة التي تعينه على اإلحساس بقيمته االجتماعية .
ٍ
دراسة قامت بها جمعية تنظيم األسرة بالتعاون مع اتحاد شبيبة الثورة وفي
في سوريا لعام 1993م ،وهي عبارة عن بحث ميداني بطريقة االستبيان شكلت
عينة أفرادها 100 -فرد من أربع محافظات سورية ،تتناول مشكالت الشباب
ت الدراسة إلى النتائج اآلتية وهي:
أد ْ
في سورية وقد ّ
63% من الشباب يشعرون باالغتراب عن محيطهم بشكل ٍعام ،قد يكون
السبب في ذلك كما عزاه الدكتور أحمد العموش بقوله "الثورة المعلوماتية
ووسائل االتصال الحديثة التي زعزعت مبادئهم -وجعلتهم يعيشون في
ازدواجية وصراع بين قيمهم -ومبادئهم -المستمدة من تعاليم الدين وبين
رغباتهم التي تتنافى -معه" .24
ري ،بسبب
ُس ِّ
باالغتراب عن محيطهم األ َ 28% من الشباب يشعرون
التفكك األسري -واالجتماعي .
25
34% منهم يشعرون بالغربة عن محيط أصدقائهم ، -وقد -يعود ذلك إلى
26
ِّ
تفشي الزيف واألنانية بين األصدقاء.
وخلصت الدراسات السابقة إلى َّ
أن هذه النسبة المرتفعة تعود إلى :
-1التنشئة المبنية على الخجل والعقاب وعلى كبت الحرية ،فالشاب غدا ال
يطمئن إال في جو األلفة الذي أصبح ال يجده حتى مع األصدقاء بسبب تفشي
27
الزيف واألنانية .
أكثر الشعوب العربية يعاني شبابها من التفكير في
أن َ -2أضف إلى ذلك ّ ،
المستقبل وتكوين األسرة واألعباء المالية الواقعة على كاهله ،فتدخله في دوامة
28
االنعزال.
23عبيدات ،خالد .الفكر العربي ،مركز عمان لدراسات حقوق اإلنسان < . 2008\6\14 ، 2007 ،
>http://www.achrs.org/arabic/book
< 24األمير ،نورا .اغتراب الشباب ظاهرة عربية مركبة ،شبكة مدارس اإلمارات (. .2009\7\9 ،بتصرف)
. >http://www.uaes.ae/vb/t29326.html
25المصدر السابق (. .بتصرف)
< 26عبيدات ،خالد .الفكر العربي ،مركز عمان لدراسات حقوق اإلنسان . 2008 \6 \14 ، 2007 ،
>http://www.achrs.org/arabic/book
27المصدر السابق (. .بتصرف)
28المصدر السابق (.بتصرف)
14
-3التباين في المستوى -التعليمي ،وتأثير -وسائل اإلعالم المختلفة عبر
29
الدعايات الخاطئة .
ويمكن أن يضاف أيضاً إلى ما تقدم المناهج التربوية واألكاديمية التي ال تشجع
على التفكير واإلبداع ، -وال تنمي حرية التفكير والتعبير والبحث لدى الشباب
العربي ،بما تقدمه من مواد محفوظة مكررة ،وطرائق قديمة بالية قد أكل
عليها الدهر وشرب .
بأنها عزوف تعرف كما يرى الدكتور -أحمد العموش ّ -2أزمة التفاعل ّ :
لشاب في ِّ
ظل يمكن ٍ
الشباب عن المشاركة في قضايا -المجتمع ،فكيف ُ
30
29السمنة ،راوية طه ،استطالع رأي الشباب الجامعي السوري حول تحديات العولمة وأثرها على ثقافة الشباب 100ص ( .بتصرف)
30األمير ،نورا .قضية اغتراب الشباب ظاهرة عربية مركبة .شبكة مدارس اإلمارات http://www.uaes.ae/vb/t29326.html،
.9\7\2009
31بدر ،مرتضى .الخليج بين أزمة الهوية وأزمة الديمقراطية .شبكة النبأ المعلوماتية < . 2009 \7\9 ، 2009،
>http://www.annabaa.org/nbanews/2009/05/132.htm
15
إن أزمة الهوية أصبحت ظاهرة وبالعودة إلى موضوع الهوية واالنتماء نقولّ :
مر كثير من الشعوب بمثل هذه األزمة ،إال أن العولمة جاءت لتؤكد عالمية ،وقدّ -
مقولة (ال وجود لهوية ثابتة في العالم) ،مما يدل على خطورة هذه األزمة ،فقد
الهوية في حياة المجتمع بقوله " :ال أخشى على أمتنا أظهر أحد الكتّاب أهمية ُ
أن يضربها -أعداؤها بالقنبلة الذرية ،ألنها ستفتك ببضعة ماليين من البشر ،
وإ نما أخشى على هوية أمتنا وحضارتها -وثقافة شبابنا وترابط -أسرنا وقيمنا
وأنماط سلوكنا -االجتماعي من القنبلة االجتماعية والثقافية ،التي تنذر باالنهيار-
الثقافي والتفسخ االجتماعي ألمتنا".32
ولع ّل هذا أخطر ما تواجهه األمة في عصرنا الراهن ،والأبالغ في القول :إن
تجاوزها لهذا التحدي سيصنع لألمة مستقبالً زاهراً ألنه يقرر عوامل الوجود
والبقاء لها أو الموت والفناء .
المحور الثالث _ وسائل اإلعالم واالتصال بوصفها أهم التحديات الثقافية في
حياة الشباب المعاصرة :
أن التحدي الثقافي اإلعالمي (الذي يشمل كل وسائط اإلعالم المرئية بما َّ
كالتلفاز ،والسمعية كاإلذاعة ،والبصرية المكتوبة كاإلنترنت والمجالت ،
والصحف ،والهاتف الجوال ُّ )....
يعد من أخطر التحديات الثقافية التي
يواجهها الوطن العربي بكل فئاته ،وباألخص فئة الشباب التي تتأثر به إلى ٍ
حد
بالغ .ولقد مر بنا القول عن الصلة بين الثقافة واإلعالم .ولذلك سأتناول
ٍ
التأثير المتبادل بين اإلعالم وقضايا -الشباب الجامعي انطالقاً -من واقعه المحلي
ووصوالً -إلى قضايا -الواقع المعاصر ( .قدرة الشباب على تحويل اإلعالم إلى
أداة فعالة تخدم القضية العربية "أمثلة عملية" ) .
أوالً _ اإلعالم وتأثيره في وعي الشباب الجامعي وسلوكه :
تبدو وسائل اإلعالم كالشمعة ،إذا انطفأ نورها عميت أعيننا عن رؤية
الحقيقة ،وإ ذا بالغنا في إشعال شرارتها -أو باالقتراب -منها أحرقت هوية وجودنا
.
32فرحان ،إسحق أحمد .الشباب والتحديات الثقافية وطرق الوقاية والعالج 14 .ص .
16
-1اإلعالم المكتوب (الصحافة المكتوبة ) :
من المالحظ في عصرنا الحالي :أن نسبة الشباب الذين يقرؤون الصحف
مثالً قلي ٌل نوعاً ما ،في السابق كانت الصحافة هي السلطة الرابعة؛ أي ّإنها بعد
أكثر من وسيلة ترفيهية فليست َ
ْ السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية ،أما اليوم
للشباب ،ال تتعدى في األغلب قراءة صفحة الوظائف -أو الكلمات المتقاطعة ،
واألهم من هذا كله صفحة األبراج ،وفي أحسن األحوال تصفّح بعض العناوين
ب ٍ
بسطور تُ ْكتَ ُ كثير من شبابنا اليوم يربط قدره أواألخبار .فيا لألسف الشديد ٌ ،
يريد سماعه فقط ، يبحث عما ُ تكون صحيحة أو ال ! وهناك من ٍ
ُ في جريدة وقدُ -
يفكر في شرائها إال لذلك .فيبدأُ بالتقليب بين عدة جرائد لم ْ
تهتم بنجوم- ِ
أما بالنسبة للمجالت ،فاألكثر رواجاً -منها بين الشباب هي التي ُ
الغناء والموضة أو المجالت الصفراء واألزياء والمكياج ،والهواتف المتحركة
َّ
مالبسهن لقين ِّ
بكل فترى الشابات ُي َ وماشابه ذلك من معطيات التكنولوجيا َ ، ..
تكتفي مجالت الموضة بجذب ألن الموضة أزرق -أو أخضر .ولن السوداء َّ
َ
الشع ِر الغريبة أو تلك
تستدرج بذكائها -الشباب ،فتجد موديالت َ ُ الفتيات ،بل
الوشوم التي يحفرونها تقليداً منهم لفنان معين ،وال نستغرب إن ارتدى الجميع
يتصدران أغلفة المجالت . ّ مالبس متشابهة تقليداً لفنانة أو فنان
وهنا يأتي التحدي األهم الملقى على عاتق الجامعات ،في توجيه شبابنا نحو
المجالت العلمية والبحثية الجادة من خالل تعريفهم بأسماء هذه المجالت (كمجلة
العلوم ،الباحثون ،واآلداب ،أو مجالت الجامعات المحكمة ، ) ..والتي
تنوعت اختصاصاتها لتالئم حاجات الشباب المتنوعة ،وترضي -فضولهم -في
اكتشاف المجهول .وذلك من خالل تشجيعهم -على عمل األبحاث أو مناقشة
موضوعُ -ن ِش َر في إحدى هذه المجالت العلمية أو غيرها من المجالت العربية
الجادة مما يسهم في تدعيم ثقافتهم العلمية واألدبية.
-2اإلذاعة :
لم تعد اإلذاعة وسيلة لنقل المعلومات والمعارف -فقط ،بل أصبحت إحدى
العوامل المؤثرة في أفكار وسلوك -الشباب وفي -تكوين االتجاهات .
ومع ازدياد -موجة التغريب التي يعيشها الشباب العربي كثرت المحطات
اإلذاعية الخالية من أي مضمون غير االهتمام بالقشور ،وذلك ببث األغاني
الهابطة وإ جراء الدردشات -مع الشباب دون هدف له عالقة باهتمامات الشباب
17
الحقيقية ،أو مقابالت مع فنانين أو فنانات مثل عمرو دياب وأليسا وهيفا ونانسي
و ..وخير مثال على ذلك اإلذاعات المنتشرة هذه األيام (سترايك ،صوت الغد
،روتانا ،) .. -ومن يرد أن يعرف مدى خطورة هكذا إذاعات فما عليه إال أن
يتابع حجم االتصاالت من الشباب ونوعية الحوارات التي تجري بينهم وبين
المذيعين والمذيعات.
التلفاز : -3
يعد التلفاز من أخطر وسائل اإلعالم_ إذا لم يكن أخطرها_ -لما له من ُّ
جاذبية ولسهولة نيله وإ دراكه ،ويشبع التلفاز نهم الشباب في معرفة األحداث
الجارية والتغلغل إلى ما وراء هذه األحداث ومعرفة الكثير عن العالم والشعوب،
تشد المشاهدين من الشباب ،فتراه يقدم التغيير واإلثارة
فله أساليب عديدة ّ
والتّرقب ،وتارةً يكون منفذاً للهروب من الواقع والمشكالت اليومية.
وكثيرةٌ هي البرامج الموجهة إلى هذه الفئة المهمة في مجتمعنا ،والتي تعاني
تناقضات هذا العصر بين الوارد إلينا من أساليب وأفكار -وبين ما يتمسك به
مجتمعنا من عادات ومفاهيم .فكانت هذه البرامج هي بقعة الضوء المسلطة
عليهم تحاكي أحالمهم وتطرح -مشكالتهم ،لكن هل كان فعالً اإلعالم المرئي
مهم في هذا المجال؟ وما مدى تأثير تلك البرامج على الموجه للشباب يقوم بدورٍ ٍ
شبابنا؟ .آراؤهم كانت متباينةً في هذا الموضوع ، -فمنهم -من يرى هذه البرامج
يرون أنها ال
َ تسهم بشكل كبير في توعية الشباب وإ براز مواهبهم ، -وآخرون
ك ساكناً بل لإلمتاع والتسلية ال أكثر. تحرّ ُ
وفيما يأتي من إحصائيات ودراسات -صورة لذلك :
" -أظهرت الدراسات التي أجريت على طالب المرحلتين الثانوية والجامعية
أن الطالب الذي ينجز مرحلة التعليم الثانوي -يكون قد أمضى 16ألف ساعة
ّ ،
أمام شاشة التلفاز مقابل 8إلى 10آالف ساعة في حجرة الدراسة ،أما الطالب
الجامعي فإنه يمضي 1000ساعة سنوياً أمام التلفاز مقابل 600ساعة في
قاعة المحاضرات ".33
-وفي دراسة ميدانية عام 2006أجريت على الشباب في الجامعات اللبنانية
،أظهرت النتائج ازدياد ساعات المشاهدة من ثالث ساعات كمدة وسطية لتصبح
33السمنة ،راوية طه ،استطالع رأي الشباب الجامعي السوري حول تحديات العولمة وأثرها على ثقافة الشباب 100 ،ص .
18
مدة المشاهدة الوسطية ألكثر العينة من 6-3ساعات ،فالتلفاز في النهاية برأي
34
ِّ
الكل (هو أفضل وسيلة لتمضية الوقت الضائع ) .
أن %66من الشباب الجامعي يشاهد التلفاز وفي الدراسة السابقة نفسها بينت ّ
بمعزل عن اآلخرين وقد -يحص ُل هذا باختيار -منهم أو لظروف أخرى ،إال أن ّ
األمر يؤكد على خطر انفرادية المشاهدة الذي يزداد سنة بعد سنة - .وفي
سورية بينت دراسة علمية قام بها مركز الدراسات والبحوث الشبابية التابع
لمنظمة اتحاد شبيبة الثورة في عملية مسح وتحليل لواقع الشباب السوري -وأهم
قضاياهم -ومشكالتهم -وطبيعة احتياجاتهم(والتي شملت 9350شاباً وشابة بين
13إلى 35سنة توقع حضورهم -ضمن 5000أسرة ،شباط . 35).2006
أن نسبة مشاهدة التلفاز عند الشباب حسب أنواع النشاط التلفازي هي:
ّ -
ذكور )%36,4(:يهتم كثيراً )%27,7(,دائماً .إناث )%35,7( :يهتم كثيراً(,
)%34,5دائماً.
-وهذه النسب العالية من الشباب تراجعت عندها أولويات المعرفة واإلعالم
لصالح تقدم التلفاز وطغيانه على ممارسات -حياتهم.
ولعل أخطر ما نبهت إليه الدراسة ،هو كشفها أنّ المصادر -التي يعتمد عليها
الشباب في بناء تصوراتهم للمستقبل تندرج وفق -اآلتي ُ :يعد التلفاز المصدر-
األول الذي يعتمد عليه الشباب دائماً في بناء تصوراتهم -للمستقبل ،يليه أحد
األبوين أو كالهما في المرتبة الثانية ،ثم أحد اإلخوة في المرتبة الثالثة حيث
يشكّل هؤالء بين % 13-%12من مجموع عدد الشباب .
النسبة السابقة التي وضعت التلفاز في مقدمة مصادر المستقبل قد تبدو مؤشرَ
خطرٍ على الشباب السوري -ما لم نستفد منها ،أو على األقل ستكون فرصة َ
نهدرها إن لم نحسنْ التعامل معها .ومن هنا نجد َّ
أن التلفاز يؤثر في الشباب تبعاً
للفترة الزمنية التي يقضيها في مشاهدته:
-1التلفاز يكسب الشباب أنماطاً من السلوك االجتماعي في حياتهم وبيئاتهم ،
ويؤثر -في عملية التكيف التي تقوم بها األجهزة األخرى كاألسرة والبيئة .
34
العبد هللا ،مي .التلفاز ،قضايا االتصال في عالم متغير258 .ص .بتصرف
35
< منتدى شبابنا ،الشباب السوري والتلفاز المصدر األول لبناء تصوراتهم للمستقبل 2009\6\22 ،
>http://www.shababona.com/shabab/content/view/380/1/
19
-2يسهم التلفاز في بلورة وتغيير اتجاهات الشباب من خالل إثارة عواطفهم ،
بتقديم مشاهد درامية ،رغم أن لكل شاب قابليةً خاصةً للتأثر بالتلفاز .
-3يهيئ التلفاز الشباب للتعرف إلى أشياء كثيرة منها ما هو في محيطهم ومنها
ما هو بعيد عنهم .
ويترتب على ما سبق ذكره اندفاع -الشباب لنهج إحدى السلوكيات التالية :
-1انعزال الشاب عن محيطه ،والهرب من ضغوط الحياة والواقع -إلى التلفاز
لكونه وسيلة الترفيه والترويح عن النفس ال أكثر .ولكن هذا يؤثر -سلبياً في
حياته االجتماعية وقدرته على حل المشكالت التي قد تعترض طريقه .
إن الكثير منهم قد يندفع إلى تقليد الشخصيات التي تظهر أمامه في
" بل ّ
التلفاز بطريقة مأكلها ومشربها -وتسريحة شعرها وطريقة حلها للمشكالت التي
تواجهها ،والتي قد تكون إيجابية أو سلبية .بل كثيراً ما غيرت المسلسالت
حتى نوعية األسماء واأللقاب التي يطلقها الشباب على أنفسهم أو تلك التي تطلق
على المواليد الجدد". 36
(نصار) 38على
وهذا ما ظهر جلياً بعد عرض مسلسل (باب الحارة) أو ّ
37
36عيسى ،محمد الهادي .تأثير وسائل اإلعالم على عالقة الشباب .الطبعة األولى ، 1985 ،المنظمة التونسية لألسرة ،تونس ،
28ص (.بتصرف).
37مسلسل باب الحارة :مسلسل سوري عرض على عدة فضائيات عربية ؛ أهمها الفضائية السورية و .M.B.Cوهو يتألف من عدة
أجزاء .وال يزال مستمراً ل ِما تنقطع أجزاؤه.
38نصّ ار :مسلسل سوري يجسد شخصية نصار بن عربي تم عرضه على عدة فضائيات عربية كقناة الديرة والفضائية السورية .
20
الشرعيين ،والصداقة بين الشاب والفتاة وغيرها ،...و ال يخفى ما النتشار هذه
العادات من آثار ضارة بمجتمعنا. ) . -
-3وعي الشاب ألهمية التلفاز ،والواقع الذي يعيشه ،فيتابع البرامج بانتقائية
فإن ما يحمله من الوعي يساعده ،حتى وإ ن كانت برامج ترفيهية أو مسلسالت َّ
على التأثر إيجابياً بما يشاهد ،بدالً من التقليد األعمى الذي ال يميز بين سيئ أو
جيد .
تقدم ذكره في (ص )10ضرورة إعادة تقييم عالقاتنا -بالتلفاز ،من يتضح مما ّ
أننا بذلك نحفظجهة إدخاله في منظومة األخالق والقيم النبيلة والركون إلى ّ
شبابنا من تأثيره ،فذلك ال يلغى بكبسة زر من جهاز التحكم ،بل ما يجب فعله
بحق هو تقييم طبيعة عالقاتنا مع التلفاز وتحصين النفس بالتربية والوعي
تهب عليه ،وعليناكشرطين متالزمين ،فالشباب قابل لتلقي كل الرياح التي ُّ
يفتح أبوابه ونوافذه لها . ِ ببساطة أن نص َل به َّ
أن َ إدراك أي ريح عليه ْ حد
خاصة إذا أدركنا أن الشركات اإلعالمية (خاصة الغربية) تصيب هدفين
برمية واحدة ،عندما تجيد استخدام التقنيات الحديثة إلنتاج مواد إعالمية ال تقيم
اعتباراً للقيم اإلنسانية ،والبد من اإلشارة هنا إلى البرامج التي شاهدناها ،وهي
تصور لنا العفوية والحياة كما هي على الهواء مباشرة (برنامج ستار
أكاديمي) ،39وإ لى (الفيديو كليبات ،وتصوير األغاني) التي تمأل المحطات
الفضائية كـ "روتانا و ميلودي و "...حيث نشاهد جيالً من الفنانات التي تستخدم
جمالها لترويج أغانيها الهابطة أمثال دانا وماريا و الخ .
وأخيراً برامج المسابقات التي تستخدم -المرأة لتحقيق غاياتها ،حيث تظهر
فيها المذيعات الجميالت لتسأل بعض األسئلة المهمة مثل " كم بيضة يبيض
الديك ؟ " ،فهي من جانب تحقق أرباحاً فلكية ومن جانب آخر توجه الضربة تلو
الضربة إلى الثقافات التي تحلم أن تواجه تلك الشركات ،وذلك عبر إلهاء الفئة
الشبابية وانصرافهم -عن الموضوعات والمشكالت االجتماعية التي يعيشها
المجتمع العربي ،بما تبثه من السطحية واالبتذال والتشويه عدا الذي تعرضه
من برامج وأفالم -اإلثارة واإلغراء الغريزي التي ال تتناسب مع المجتمع العربي
أن %62من هذه وقيمه " .فلقد بينت دراسة شملت عينة من 50فيلماً طوي40الً ّ
األفالم تكرس االهتمام بقضايا الحب والجريمة والجنس " .األمر الذي يحفز
39
ستار أكاديمي :برنامج بث على قناة LBCالفضائية ،وهو برنامج صور لنا الحياة العفوية التي يعيشها طالب األكاديمية _ الفنية _ ،أثناء رجلة منافستهم
على لقب ستار أكاديمي .
40
السمنة ،راوية طه ،استطالع رأي الشباب الجامعي السوري حول تحديات العولمة وأثرها على ثقافة الشباب 100 ،ص (.بتصرف).
21
فينا ضرورة البحث عن وسائل بديلة من أجل أن نحافظ على وجودنا ونتجنب
الذوبان في عالم يلغى فيه ما نتغنى به لعشرات السنين ، 41وفي مقدمة ذلك
أكد ذلك المفكر
(الهُوية) ،وال يجافي -ما قاله الكاتب آنفاً _ الحقيقةَ _ ،وقد ّ
صادق جالل العظم بقوله " إن تخوفاً كبيراً يسود -العالم مما يبدو انحداراً نحو ما
هو أدنى من الشيء المدني االجتماعي الدويالتي (من دولة) باتجاه والءات ذات
طابع عشائري طائفي مذهبي جهوي وإِثني بالوقت ذاته ".42
وخلص العظم إلى القول " وهكذا تنحدر فكرة السلم االجتماعي إلى فكرة
التعايش بين الطوائف ، -وتنحدر -فكرة المساواة بين المواطنين ذات الطابع
السياسي االجتماعي إلى المحافظة على نسبة من كعكة السلطة ،وتنحدر فكرة
الديمقراطية نحو فكرة التوافقية 43".ويعزو -العظم ذلك " إلى انفالت العولمة من
عقالها بعد انتهاء الحرب الباردة واندفاعها من دول المركز وتدفقها إلى دول
األطراف ،وما نراه عملياً هو نوع من ردود -الفعل الدفاعية ذات الطابع
44
المحافظ من أجل الحفاظ على الذات المحلية ".
وفي هذه الصيحة ماينذر بمدى الخطر الذي يتهدد مستقبل شعوب هذه األمة
العربية ،وغيرها من الشعوب التي ال تعي كيف تواجه هذه العولمة ؟ ،وكيف-
تخرج بأفضل -النتائج التي تقود شعوبها -وتحقق لشبابها مستقبالً زاهراً الهاتف
الجوال :
فإن
إذا كان التلفاز يحظى بتلك األهمية التي سبقت اإلشارة إليها ّ ،
أهم مايشاركه التأثير في األجيال المعاصرة الهواتف -المتحركة ُّ ،
وتعد أحد ِّ
حقائق الهاتف المتحرك ،أنه سهل الحمل ومتوفر -في يد المستخدم -معظم الوقت
،ومتاح لجميع شرائح المجتمعات بتكلفة مقبولة ،وقد انتشر انتشاراً -كبيراً في
كل بلدان العالم والمجتمعات -على اختالف ثقافتها " ،وبما -أنه متاح لإلنسان في
معظم الوقت ،و الرغبة في التعلم دائمةٌ وال ترتبط -بوقت محدد أو مكان بعينه .
فإن هذا الجهاز يصبح من الجانب النظري وسيلة مهمة يمكن استخدامها بكفاءة
لتوصيل المعرفة إلى من يحتاجها في أي وقت وفي -أي مكان". 45
41
المصدر السابق ص.44
42
العظم ،جالل صادق .حوار في االنتماء والهوية .جريدة الثورة ،دمشق ،سورية ،العدد 2009 \7\13970،14ص . 7
43
المصدر السابق ص.7
44
المصدر السابق ص.7
45
السعود ،خالد محمد .تكنولوجيا ووسائل التعليم وفاعليتها .الطبعة األولى ،مكتبة المجتمع العربي ،عمان ،األردن 342 ،2008 ،ص.
22
أن معظم الشباب قد أساء استعمال هذه فإننا نجد ّ
ولكن في الواقع العملي ّ ،
الميزة ،فنجد أنه يستعمله لتبادل صور -الفنانين والفنانات واألفالم اإلباحية
أقرب إليهم
ُ باتت
والنغمات الجديدة ،وهنا تبرزأهمية حماية شبابنا من أجهزة ْ
من كتبهم الجامعية أو أصدقائهم -بل حتى من أقرب الناس إليهم ،وصارت
مصدر لهو وعبث وضياع ،أكثر مما هي وسيلة نفع وفائدة ،ولم يكن ذلك إال
نتيجة غياب الوعي الذي يرشد إلى استعمال هذه الهواتف -المتحركة .
اإلنترنت : -4
نجد اليوم أن مالمح الحياة العصرية قد اختلفت عما سبق ،فمع الشبكة
العنكبوتية بات العالم بين أيدينا نطول ما نشاء ونترك -ما نشاء ،وفي -أي ٍ
وقت
نشاء .هكذا وجد الشباب الجامعي نفسه (مقحماً) لولوج القرية الكونية بكل
تفاصيلها ،وبما حملته من غث وسمين وبما يناسب وال يناسب احتياجات
مجتمعية باتت مطروحة بقوة أكثر من أي زمن مضى.
أصبحت جزءاً ال يتجزأ من الحياة اليومية
ْ وتشير الدراسات إلى َّ
أن اإلنترنت
للشباب ،بل غدت الوسيلة األولى قبل التلفاز والمدرسة واألسرة في التأثير على
قيمهم ومبادئهم وسلوكياتهم ، -فالشباب يتعاملون اليوم مع اإلنترنت في البيت
والمدرسة أو الجامعة وإ ذا لم يتوفر -ذلك ففي مقاهي اإلنترنت الخاصة ،ومن
أن اإلنترنت تختلف عن باقي وسائل االتصال التي عرفتها جهة أخرى نالحظ َّ
البشرية ،حيث تتصف بالتنوع -وغزارة المعلومات وباالتصال والتحاور
والنقاش عبر قاعات الدردشة ومجموعات األخبار .
يحسن
ُ والسؤال الذي يفرض نفسه :فبم يستخدم شبابنا اإلنترنت ؟؟ وهل
العلمي ِة والمهنية ؟ هل يستخدمها في مجاالت
ّ االستفادة منها في رفع سويتّ ِه
البحث العلمي أم أنها مازالت لديه مجرد وسيلة للترفيه والتعرف -على األصدقاء
كان للجامعات دور في توجيه شبابنا الستعمالها -في
أو ممارسة األلعاب ؟؟ وهل َ
االتجاه السليم ؟
إن الواقع ينبئ بتزايد خطورة هذه التكنولوجيا -الباهرة على لألسف الشديدّ ،
نعبرهُ نحو آفا ٍ
ق سلوكيات شبابنا وقيمهم ، -فبد َل أن تكون هذه الوسيلة جسراً ُ
علمية جديدة ،ونافذةً نطّ ُل منها على العالم لنراه بكل تقنياته الحديثة وأبحاثه
نحن _
العلمية المتطورة ،غدت من أكبر التحديات الثقافية التي نواجهها ُ
الشباب _ صعوبة التالؤم مع مستجداتها وجاذبيتها الملفتة وإ عالناتها الغزيرةَ
23
وإ قامة التوازن بينها وبين احتياجاتنا ،على الرغم مما فيها من الفوائد
تدعم أخالقنا وترفع -مكانتنا
واإليجابيات ،واحتوائها -على مواقع عربية وإ سالمية ُ
العلمية ،إال أنها اليمكن أن تكون مصدر -الثقافة الوحيد كما هي اآلن بالنسبة
لكثير من شبابنا .
وتأرجحت نتائج استخدامها بين ما هو سلبي وإ يجابي , -تبعاً للدور الذي
يؤديه الشاب ,وقدرته على التأثير والفعالية ،وتالياً كيفية تعامل الشباب معها
وقدرتهم على بلوغ حد التوازن ما بين المعرفي والترفيهي -فيها ,وانحيازهم
لجانب دون آخر ,وبالتالي فقدان بوصلة الفائدة المرجوة منها .الرؤية الكاملة
لحال الشباب واإلنترنت ،كشفت عنها دراسة علمية قام بها مركز الدراسات
والبحوث الشبابية التابع لمنظمة اتحاد شبيبة الثورة ,في عملية مسح وتحليل
لواقع الشباب السوري ( -من 13إلى 35سنة) وأهم قضاياهم ومشكالتهم
وطبيعة احتياجاتهم ,شباط 2006من خالل عينة بلغ حجمها 9350شاباً
وشابة متوقع -تواجدهم ضمن 5000أسرة ,حيث دلّت اإلحصائيات إلى النسب
التالية من العينة:
استخدام الكمبيوتر كاهتمام :الذكور ( كثيراً ( , )%3,5دائماً .)%7,2االناث(
استخدام -الكمبيوتر -من أجل اإلنترنت: كثيراً (,)%5,0دائماً .)%3,4
الذكور (كثيراً ( )%4,5دائماً .)%4,5االناث ( كثيراً ( )%2,3دائماً
.)%2,2
24
وهنا نالحظ خطورة التأثر باإلعالنات المضرة بسلوك الشباب ،كالتدخين
والمخدرات وإ قامة العالقات االفتراضية مع الجنس اآلخر ودخول -المواقع
اإلباحية ،وغيرها من السلوكيات التي تخل بتصرفات -الشباب وشخصياتهم.
فكثرة استخدام اإلنترنت تؤدي -إلى تعزيز -اإلحساس بالعزلة واالنسالخ الثقافي
والحضاري -واالجتماعي .
وال يخفى علينا ما نشاهده من اآلثار الملموسة لهذه اإلعالنات المنتشرة على
مواقع اإلنترنت! بدءاً من أخبار الفنانين والفنانات وأحدث فساتين روبي -وقصة
وانتهاء بعمليات التجميل التي تريد فيها الشابة أن يبدو أنفها
ً شعر وائل كفوري ،
كأنف نانسي أو وجهها مثل ماريا على الرغم من المضار -الكثيرة لهذه العمليات
ضـخ في شرايـين ،يقول أحد موظفي اإلعالن «إن اإلعلان هو بمثابة الدم الذي ُي َ
وسائل اإلعالم فال يمكن رفضه مهما كان مضمونه طالما أنه ال يخدش الحياء
وال يخالف القوانين المرعية .ويبقى الرهان دائماً على وعي القارئ أو المشاهد
46
لتحديد المصداقية».
إذاً إنها مسؤوليةٌ قد ُتطلبُ من فردٍ تجاوز -سن الرشد وأخضعته تجارب الحياة
واإلعالنات لمستوى -عال ٍمن النضوج .أما المراهقون والشباب فمن يحميهم من
إغراء هذه اإلعالنات؟! .يرى أحد الاختصاصين في علم االجتماع« :أن الحل
يكمن في نظرة مسؤولة إلى أهمية اإلعالن بالنسبة لوسائل اإلعالم من جهة ،
وإلى خطورة تأثيره في الرأي العام خصوصاً -أبناء الجيل الجديد .لذلك من
الضروري -التشدد في تطبيق القوانين المتعلقة باإلعالن خصوصاً المتعلق
بالقضايا الصحية والطبية حتى لو كانت ذات طابع جمالي» 47.ولكن من يلتزم
بهذه القوانين ؟!.
ثانياً _ أهمية الوعي بالنسبة للشباب العربي ودور اإلعالم في توجيه الشباب
:يسهم اإلعالم في تقديم فرص كبيرة لتقديم مادة ثقافية ومعرفية هائلة ،وهو
قادر على تحريك العقول ،وإ لقاء أكثر من حجر في البركة الراكدة .
أن لوسائل اإلعالم دوراً محركاً في دعوة الشباب للمجابهة والقيام
ويمكن التأكيد ّ
بمساهمة فعلية في خدمة المجتمع أو التمرد عليه بشتى األشكال .
46الحلو ،إيفون عبدو .الشباب أول ضحايا اإلعالنات ،منتدى شبابنا < .22/9/2009 ، 2007 ،
>/http://www.shababona.com/shabab/content/view/380/1
47المصدر السابق .
25
ٍ
تحويل وتغيير في المجتمع ؟ ،أم ِ
عامل ولكن هل وسائل اإلعالم حقاً غدت
أنها مرآة للتحوالت االجتماعية بمزاياها -وعيوبها ؟ ،أم إنها هذا وذاك على
السواء بحيث تصبح عنصر تغيير وهدفاً له في نفس الوقت ؟! .
أن الفضائيات الحديثة حظيت ما يكاد يجمع عليه المهتمون بالشأن اإلعالمي ّ
بحيز كبير من االهتمام ،واستطاعت أن تفرض النمط الغربي في الشكل
والمضمون _ أغلب األحيان _ ولذلك استطاعت أن تفرض تأثيراً كبيراً في
الشباب ،ويقول أحد الكتّاب " :كل الدالئل تشير إلى نجاح اإلعالم القادم من
الغرب أو اإلعالم العربي الذي يلبس ثوب الغرب ،في التوصل إلى تزاوج ناجح
بين المحتوى الباهر لما يقدمونه وبين طرق العرض وتقنياتها ،ومن ضمن ذلك
تسخير الموسيقى -وبرامج الكمبيوتر -البارعة في استحضار -رؤى عصرية تتمتع
بقدر كبير من الحيوية ،مما جعل هذا اإلعالم محطِّ تطّلعات الشباب العربي
آت كما هو ،وبما يتضمنه من هجوم على وخلق لديه إمكانية القبول بما هو ٍ
ثقافتنا العربية واإلتيان بمفردات ومصطلحات -جديدة على حياتنا اليومية ،وهذا
ما تبدو مالمحه فعالً في أيامنا هذه من خالل نأي الشباب أنفسهم عن اإلعالم
48
العربي القريب إلى نظيره البعيد ".
وهنا تظهر نقطة جوهرية أن شبابنا هم المجال الحيوي الذي تسهتدفه هذه
البد من أن يكونوا-
الوسائل ،وال تخفى خطورة ذلك على الوطن وشبابه ؛ لذلك ّ
مسلحين بالوعي والثقافة حتى ال يجرفهم هذا التيار ،ألن السمك الميت وحده
الذي يجري مع التيار .
أهمية الوعي :
يمكننا من إيجاد الطريق -الصحيح بين أنفاق العولمة المظلمة ،
ّ - 1إن الوعي
ويعلّمنا كيف ننتقي زهرات العلم والمعرفة من حدائق اإلعالم الشائكة ،ونفتح
نوافذنا -للهواء المنعش لحياتنا وشعوبنا. -
– 2إن الوعي والثقافة كفيالن بتعليم الشباب من أين يستقي األحداث واألخبار
التي يعتمد عليها في ممارسة حياته اليومية ؟ وهما كفيالن بتسليح الشباب
بطريقة تحليل الخبر وإ خضاعه للمحاكمة العلمية والعقلية .
– 3الوعي كفيل بأن يحمي الشباب من السقوط ضحية اإلعالنات الواهية
والخادعة ،حيث يمنحننا القدرة على رؤية جوهر األشياء .
48السمنة ،راوية طه ،استطالع رأي الشباب الجامعي السوري حول تحديات العولمة وأثرها على ثقافة الشباب 100 ، ،ص .
(بتصرف).
26
وكثيرة هي األشياء التي يمنحنا إياها الوعي دون مقابل ،ولكن ما علينا إال أن
نستعين بمصادره وأولها -الثقافة التي تأتي من القراءة ،التي تستمد من األسرة
المثقفة والمعلمين المبدعين المخلصين المؤهلين في المدارس والجامعات الذين
ال يبخلون في إعطاء الطلبة سالفة تجاربهم .
ثالثاً _التأثير المتبادل لإلعالم والشباب العربي (والجامعي) انطالقاً من
واقعه المحلي ووصوالً إلى قضايا الواقع المعاصر (.قدرة الشباب على تحويل
اإلعالم إلى أداة فعالة تخدم القضية العربية بأمثلة عملية) .
بعد استعراض الواقع األليم ،وبعد أن الحظنا دور اإلعالم وتأثيره البالغ
والسيما -الجامعي ،ألنه أمل األمة بالمستقبل
ّ بل الخطير على الشباب العربي؛
قد عليه مسؤولية ِ
حمل لواء الحضارة ،وإ عادة األحالم األفضل ،هو من تُ َع ُ
المغتصبة وتحرير األراضي.
ذكرت أهمية الوعي وأثر اإلعالم في توجيه الشباب كان علي أن ُ وبعد أن
أجيب عن السؤال األهم الذي يفرض نفسه ويحملّني عبء اإلجابة عنه ،وهو
الشباب _ من كل ما
َ نحن _
ظل كل التغيرات التي نعيشها :أين ُ اليوم في ِّ
يجري ؟ أ ََوتُرانا حقاً استسلمنا -إلى الواقع الذي سبق ذكره ؟ أحقاً حا ُل الشباب
تلك هو ما كان نصيب قضيتنا ؟ وإ ن كان كذلك فإلى متى سنبقى غارقين في
بحور التبعية تلك ؟!
لقدالحظنا كيف أثّراإلعالم سلباً في قضايا -الشباب المحلية ،حيث أثر في
هل استطاع -الشباب في وقتنا-
وغيرقناعات بعضهم ،ولكن ْ أفكارهم وسلوكهم ّ ،
يحو َل اإلعالم لسالح ٍ فعال يستفيد
الراهن في ظل ما تعيشه أمتنا من حروب أن ّ
منه ؟ .
البد من بري ِ
ق نور ينير حياتها ،فبريق شبابنا بدأ في قتامة هذه الصور -كان ّ
ينير ظلمات واقعنا -المعاصر ،نعم أقولها -وبكل فخر ٍواعتزاز؛ ألني جزء من
هذه الفئة التي قررت بل بدأت تخطو -بخطوات فعلية متسلحة بالوعي واألمل بأن
تقدم ألمتها األفضل ،وأفخر -بأن يكون بحثي خطوة صغيرة من هذه الخطوات
قررت أن أسهم من خاللها في نشر هذا البريق ،وأسلط -الضوء على قضاياُ التي
معاصرة تقع في الصميم من واقع الشباب العربي .
البد من اإلشارة إلى الصمود األسطوري للشباب
وقبل اإلجابة النظرية ّ
العربي في حرب لبنان (تموز )2006وحصار -غزة ( )2009-2008وما
27
يقدم للعدو اإلسرائيلي -نموذجاً للشباب العربي
استطاع فيه هذا الشباب أن ّ
المعاصر الذي يرفض الذل والهزائم ،بل يمتلك زمام المبادرة حتى جاز القول
(عصر الهزائم قد ولى) .وإ ذا كان ذلك على الصعيد الميداني العملي ؛ فكيف-
كان ذلك على الصعيد النظري -؟
سأجيب عن هذه األسئلة بأمثلة عملية تأثَّر فيها شبابنا العربي باإلعالم وأثَّر
كل وسائل اإلعالم وتلك التكنولوجيا إن تأثره انعكس ليحو َل َّفيه إيجابياً ،بل َّ
ّ
فتاك ولكن لينال من رقاب لسالح ٍ
ٍ الباهرة إلى أداة تخدم قضيته وهويته ،حولها
العدو الذي يستهدفنا هذه المرة !
وبرز ذلك من خالل ثالثة أمور رئيسية:
.1ظهور أبحاث ماجستير ودكتوراه في عدة جامعات عربية تناقش هذه
القضايا من مختلف اتجاهاتها.
.2إسهامات الطلبة الجامعيين في حرب لبنان عام()2006والعدوان األخير
على فلسطين (غزة) (. )2009-2008
.3بعض اإلسهامات الفنية التي قدمها بعض الشباب في مواجهة الواقع ( أفالم
سينما ،أداء مسرحي ، -أفالم أطفال).
أوالً – أبحاث الماجستير والدكتوراه :
أبحاث الماجستير -والدكتوراه التي أجراها الطلبة الجامعيون بإشراف نخبة
أن اإلعالم غدا
من األساتذة ،ومن مختلف الجامعات العربية مما يدل على ّ
مشكلةً يعاني منها مختلف الشباب في أرجاء الوطن العربي.
تناولت هذه األبحاث مجاالت مختلفة ،بل إنها درست قضية اإلعالم ْ وقد
وتأثيره على الشباب من مختلف الجهات لتنصب جميعها في بوتقة واحدة وهي
وشددت جميعها على دور الجامعات في ّ ضرورة االنتباه إلى تأثير اإلعالم ،
توعية الشباب ألخطاره ،ونوهت إلى استخدام -اإلعالم كوسيلة تعليمية وتثقيفية
وترفيهية وذلك من خالل إنشاء قنوات فضائية تعليمية خاصة بالشباب ،وبث
البرامج التي تتكلم عن مشكالتهم أو التي تكشف عن إبداعاتهم ومجاالت
ابتكارهم .مما يعزز فيهم روح اإلبداع ويشجعهم -على االختراع والتطوير. -
ُّ
سأعد منها و ال أعددها هي : ولع ّل أبرز هذه الدراسات ؛
28
-1الدراسة األولى قامت بها الدكتورة مي العبد اهلل في لبنان وهي بحث
ميداني متعلق باستخدام الشباب لوسائل اإلعالم والتلفاز عام .2006
-2الدراسة الثانية دراسة أعدتها الطالبة شهيرة دوالتي -حول ظاهرة تقليد
الشباب السوري -الجامعي للغرب وهي دراسة ميدانية أعدت في جامعة دمشق
لنيل شهادة مساعد مجاز في الخدمة االجتماعية لعام 2002م ،وتكمن أهميتها
بأنها تعدت مسألة التعريف -بالظاهرة إلى محاولة تقديم حلول مناسبة لها من
خالل استنتاجها أن لوسائل اإلعالم والفضائيات الدور األكبر في انتشار -ظاهرة
التقليد عند شباب الجامعات خاصة البرامج األجنبية ذات الشكل الجاذب للشباب
.
29
شباب وطلبة العالم على ما ارتكبته قوات االحتالل اإلسرائيلي من مجازر-
حرب وانتهاكات لحقوق اإلنسان بحق أبناء الشعب الفلسطيني في
ٍ وجرائم
عدوانها األخير على قطاع غزة .
وقالت عضو المكتب التنفيذي لالتحاد الوطني لطلبة سورية سوسن
الحملة تتضمن
َ إن
بوادقجي -رئيسة مكتب المعلوماتية في تصريح لـ سانا ّ " :
إرسال رسائل موثقة بصور عبر اإلنترنت من خالل مجموعات الدردشة
والمنتديات االجتماعية الحوارية بين الطلبة والشباب ،لفضح أساليب
وممارسات -قوات االحتالل اإلسرائيلي ، -وتسليط -الضوء على ما اقترفته من
جرائم ضد اإلنسانية بحق األطفال والنساء والشيوخ في غزة ،وكل ما من شأنه
تعريف العالم بحقائق عن اإلجرام اإلنساني المتواصل -الذي تمارسه القوات
49
اإلسرائيلية في األراضي العربية المحتلة " .
وكان االتحاد الوطني -لطلبة سورية قد قام بالعديد من النشاطات التضامنية
مع الشعب العربي الفلسطيني في غزة خالل العدوان اإلسرائيلي -عليه .حيث نفذ
الطلبة اعتصامات ومسيرات -في مختلف الجامعات والمحافظات السورية تعبيراً
عن استنكارهم -لهذا العدوان ووقوفهم -إلى جانب الشعب الفلسطيني في صموده
ومقاومته لقوات االحتالل اإلسرائيلي. -
وال أنسى أن أذكر أن حرب تموز األخيرة في لبنان ،عام 2006م قد
كشفت عن جدارة الشباب العربي الذي دخل المعركة بين لبنان والكيان
الصهيوني ، -ففي وقت انشغل العالم بأسره بالحرب العسكرية على األرض
وبالتغطية اإلعالمية ومتابعة األحداث لحظةً بلحظة "،تحرك الشباب العربي
وأنزل خسائر كبيرة بالعدو في مجموعة من األهداف العسكرية االفتراضية عبر
شبكة اإلنترنت ،حيث تم االستيالء على 1000موقع إسرائيلي -من ضمنها
شخصية لشركات إسرائيلية وعالمية ،حيث تمّ موقع مشفى داميام ومواقع-
ومقاالت تدين إسرائيل ،وعرض صوراً- ٍ ٍ-
بصور استبدال الصفحات الرئيسية
ألمهات يندبن أطفالهن كتبوا تعليقات أسفلها "أنتم تقتلون األطفال هل ترضون أن ٍ
يكون أطفالكم بدالً عنهم " .وهكذا استطاع الشباب العربي أن يقدم نموذجاً
50
30
ثالثاً_ بعض اإلسهامات الفنية Xالتي قدمها بعض الشباب في
مواجهة الواقع:
(وقد اقتصرت على بعض األمثلة فقط _ مما عشته_ ٍ
آنئذ)
األداء المسرحي -1
خصصت جامعة القلمون جانباً خاصاً ومميزاً للنشاطات الطالبية ،فمنها
ما كان فنياً أو ثقافياً أو ، ....ومن تلك النشاطات عرض مسرحية بعنوان
(حذاء) تناولت المسرحية قضية الرئيس جورج بوش والصحفي العراقي
الشاب منتظر الزبيدي ؛ وهي مسرحية من إعداد وإ نجاز -بعض طالب جامعة
القلمون الخاصة في سوريا-.
أنا لن أتناول القضية من منظور سياسي ، -رغم أن السياسة هي التي توجه
قراراتنا ،وال أريد أن أشرح ما تحمله من دالالت في الواقع _ وما أكثرها _
لكن من منظور إعالمي ،فهذه الحادثة (أي حادثة ضرب جورج بوش
بالحذاء)التي بثتها الفضائيات لحظة حدوثها -بباقة إعالمية مختلفة ،مع عشرات
التعليقات الجادة حيناً والهزلية أحياناً أخرى .كان بطلها شاباً من العراق المحتل
لم يتجاوز -الثمانية والعشرين من عمره ،خريج كلية اإلعالم ويعمل مراسالً
لقناة البغدادية .
تُرى كيف تعامل الشباب مع هذه الحادثة ؟ هل بردة فعل انفعالية كما جسدها
هذا الصحفي ؟ هذه القضية أثارت هواجس كبيرة في نفوس الشباب ،خصوصاً
بما القته من ضجة إعالمية كبيرة .ولعل أقرب مثال يمكني طرحه ما فعله
زمالئي في جامعة القلمون الخاصة ،حيث قاموا بكتابة مسرحية مساندة منهم
31
لهذا الصحفي مستخدمين وسائل اإلعالم البسيطة المتاحة لهم لتحويل أفكارهم-
إلى واقع فعلي كان له صدى جميل في نفوس شبابنا .وسألحق بهذا البحث أثناء
العرض قرصاً -مرناً يتضمن محتوى هذه المسرحية التي تعالج هذا الفعل
"الضرب بالحذاء" بدالالت واقعية ورمزية ،وهذا نوع من االستفادة من وسائل
اإلعالم المكتوب والمرئي والمسموع .
51
الدنيا :وهي قناة فضائية خاصة تبث من سوريا
52
الخضر ،آنا عزيز .إبداعات يغيب عنها الدم ،صحيفة الثورة ،دمشق ،سورية ،العدد ،2009\7\8 ، 13965ص(.18بتصرف).
32
والسيما أن الصورة هي لغة مهمة جداً يمكنها استقطاب الرأي العام بشكل أكبر
53
.
أفالم األطفال _ األفالم الكرتونية _ : -3
كان للشباب تجارب عديدة في هذا المجال نذكر منها :
-1فيلم " فاتنة " التي تذوي في غزة :
فاتنة هي فتاة حقيقية تعيش في غزة ،شعرت في أحد األيام بآالم في الصدر
،لكن اإلمكانيات الطبية والمادية ضعيفة ،فماذا تفعل ؟
هنا تبدأ فاتنة رحلة البحث عن العالج ،بعدما أصيبت بسرطان الثدي .إنها
جسدها الشاب الفلسطيني الشاب أحمد
قصة "حقيقية " عن معاناة فلسطينية ّ ،
حبش ،في فيلم درامي مستوحى من قصة حقيقية على شكل رسوم متحركة .
ويعرض الفيلم من خالل الشابة فاتنة ،معاناة الفلسطينيين في حصولهم على
العالج ،إضافة إلى الصعوبات -التي يواجهونها خالل التنقل من حاجز عسكري
إلى آخر ،تلك الحواجز التي نافت على 600حاجز .
ويتضمن الفيلم مجموعة من المشاهد للحياة في غزة في عامي -2005
2006من انقطاع الكهرباء ومسيرات شعبية وإ غالق للحدود بين القطاع
وإ سرائيل ،إضافة إلى معاناة المواطنين على حاجز ايريز عند محاولتهم -العبور
إلى إسرائيل .وسيترجم الفيلم الحقاً من اللغة اإلنكليزية إلى العربية والعبرية
54
.
-2حلم الزيتون فيلم كرتون سعودي بجودة عالية عن فلسطين:
33
ن الفيلم يحكي بشكل مشوق قصة فلسطين للأطفال عن طريق -الرسوم خليفة :إ ّ
المتحركة ،من خالل عائلة فلسطينية نزحت من عين كارم إلى جنين عام
،1948وتحكي قصتها -المأساة الراهنة المستمرة للفلسطينيين .ويشير -خليفة
إلى أن البارز في "حلم الزيتون" هو أنه أول فيلم كرتون عربي بطلته امرأة
فلسطينية اسمها مريم إذ يحكي الفيلم قصتها -كطفلة فقدت بيتها وأرضها وأباها
في نكبة عام ،1948ويتابع حياتها بعد أن تصبح جدة تبحث مع أحفادها عن
المفتاح الذي ضيعته لبيتها في عين كارم ،في انتظارالعودة .إال أن مريم ،وبعد
مغامرات مشوقة ،تعثر على المفتاح وتعود -إلى البيت واألرض لتحقق حلمها
وتغرس فيها شتلة زيتون .والفيلم سيوزع بالعربية والتركية ويتم العمل حالياً
على نسخة باللغة االنكليزية ،كما تقوم الشركة المنتجة بالتفاوض حالياً مع
شركات توزيع عربية كبرى لتوزيعه في العالم العربي ،ويقول خليفة في هذا
السياق "إن الفيلم موجه للعالم بأسره وليس فقط للعرب والمسلمين .إنه يتناول
أغلى موضوع -على قلب العرب" ،55.وربما -العالم كله يفهم داللة (اسم مريم )
االسم الذي اختاره الشاب المخرج علماً لبطلة فيلمه .
34
خـاتـمـة البـحـث
ابتداء من تدهور مناهج التعليم ،
ً إن حال الشباب اليوم وما يعانيه ،
_ ّ
واألعباء المالية الملقاة على كاهل الشباب ،وإ رغام الشباب على االبتعاد عن
االهتمام بالسياسية ،وجهلهم -لتاريخهم وفقدانهم -للثقة في تقاليدهم وثقافتهم
حولتهم إلى كتلة من التناقضات .فإما أن نستطيع أن نخرجهم منها فيسهموا -في
تدمر ما بقي لنا من أطالل العلم والحضارة نهضة أمتنا أو أن يتحولوا إلى وسيلة ّ
.
قدمها الشباب العربي على الصعيد الميداني
ولكن تلك التجارب المبدعة التي ّ
؛ كلها تبشر بمستقبل زاهر على أيدي الشباب العربي الواعي ،واألمر كذلك في
الميدان اإلعالمي .ولكن كيف يمكننا مواجهة هذا التدهور -؟
في نهاية هذه الدراسة أستطيع أن أقول إنني لست مع الذين يقفون في وجه
هذه العولمة ،ألنها تحمل في طياتها من المفيد بقدر ما تحمله من سلبيات ،
ولست ضد كل تزايد للفضائيات العربية التي تتيح استخدام -اإلعالم بوظيفته
تستخف هذه القنوات
َ ضد أن
الثالثية التعليمية والتثقيفية والترفيهية .ولكنني َ
هم
بعقول شبابنا ،و ضد برامجها -التي تهتم بالقشور -كبرامج المسابقات التي ال َّ
الربح المادي من خلف االتصاالت الواردة إليها .وإ ن كان البد من
ِ لها سوى
تحمل في جعبتها أسئلةً ثقافية مهمة .ويجب أن
َ هذه البرامج فعلى األقل يجب أن
تصبح برامج الثقافة جزءاً من مناهج التعليم ،وأن تصبح المكتبةَ جزءاً من
المنهج الدراسي .
-1البد من توسيع دور الشباب في المشاركة بكل ما يتعلق بأمور حياتهم
يتم تمثيل الشباب في مؤسسات -تفسح المجالوتطلعاتهم -وطموحاتهم ،وأن َّ
لسماع مقترحاتهم وتطبيقها -؛ وتكسبهم حرية التفكير والتعبير. -
-2توعية الشباب بمخاطر -اإلعالم ،وتدريبهم على اكتشاف -ثقافة الشعوب
واألمم المعاصرة ،ليتمكنوا -من التعامل والتفاعل مع هذا العالم الذي أصبحت
ثقافته ثقافةً كونيةً واحدة .
حس َن أنظمة التعليم
-3أن تأخذ الجامعات دورها في بناء المجتمع ،فَتُ ّ
وتتعاون مع الطلبة إلنجاز البحوث العلمية التي من شأنها رفع سويتهم -العلمية .
35
-4توعية جيل الشباب بأهداف العولمة الحقيقة عن طريق الندوات
والمحاضرات -التي يشارك -فيها الطلبة لتأكيد دورهم في مستقبل الوطن
وحاضره .
-5التعامل مع اإلعالم بشفافية ومنطقية ومحاكاة عقلية للحدث ،واالستفادة من
وسائله بما يخدم قضايانا -الوطنية والقومية .
-6التنسيق الثقافي بين األجهزة التربوية واإلعالمية والهيئات والمنظمات
الشبابية فيما يتعلق بثقافة الشباب من خالل برامج التوعية واإلرشاد -الهادفة التي
تعمل على خلق التواصل والتفاهم بين الشباب لكونهم -الفئة األكثر استعماالً
لوسائل اإلعالم، ..وتكوين صداقات -وتفعيل القواسم المشتركة وإ زالة التوتر بين
جيل الشباب الناتج عن االنعزال والتقوقع ،فآلية المثافقة والتبادل اإلعالمي لرفع
المستوى الثقافي تساعد جيل الشباب على االندماج والتكيف مع تطورات-
المجتمع والعالم ،وتجعله فاعالً في مجتمعه.
-12توعية الشباب بأهمية االنتقاء واالختيار من خالل تحرير -الجيل من الجهل
اإلعالمي وأمية التكنولوجي-ا ورفع مستواه المعرفي الثقافي عبر برامج توجه
56
إليهم وتسهم -في إرشادهم.
أي
أكثر من َّ
مطالب َ
ٌ اإلصالحي
َّ إن إعالمنا وفي النهاية َّ ،
البد من أن نقولّ :
وقت مضى برفع الصوت عالياً،فعلينا أن نتعلم أهمية المعلومة في ظل ٍ
التكنولوجيا -المتطورة ،على الرغم من أني أظن َّ
أن أمتنا كفيلة بما لديها من
راقية وأساس علمي متين ،من أن تفتح نوافذها على ٍ عراقة حضارية
الحضارات األخرى ،لتأخذ مايناسبها -وتضيف -إليها من عبقها ما يثري تطور
وتقدم اإلنسانية ،وماعلينا نحن إال أن نتسلح بذاك الوعي وتلك األصالة حتى ال
نخشى ذاك االنجراف -األعمى ،فلننشئ إعالماً مقاوماً وحياً ينتزع الحرية
انتزاعاً ويحرص على شباب الوطن وعزته ويصون ثقافتهم -وتقاليدهم ،ويحقق
لألمة العربية مستقبالً حضارياً زاهراً .
شيء إذا إن بحثي جاء شامالًً وكامالً ُّ ،
فلكل ٍ أقول َّ
وأخيراً " :ال أستطيع أن َ
بذلت كل ما في وسعي -ألجعل
أنني ُولكن يبقى عزائي الوحيد ّ
نقصان ْ ،
ُ تم فيه
ما ّ
يكشف
ُ من هذا البحث والنقاط التي أثرتها ،مثاراهتمام الدارسين وخيطٍ -
نور
شيئاً من سلبيات الواقع وإ يجابياته بموضوعية وشفافية.
56
عبود ،هزار ،برامجهم محاكاة لواقعهم أم تسلية ،منتدى شبابنا .2009 ،
< >/http://www.shababona.com/shabab/content/view/380/1
36
أكرر شكري لهذا الملتقى الذي ترك للشباب العربي فسحة لحرية التعبير عن
بعض همومهم وقضاياهم -ومشكالتهم.
37
المصادر والمراجع
أوالً -الكتب:
-1أمين ،سمير ؛ غليون ،برهان .ثقافة العولمة وعولمة الثقافة .الطبعة
الثانية ،دار الفكر ،دمشق ،سورية ،دارالفكر المعاصر ،بيروت ،لبنان ،
.2002
-2برقاوي ، -أحمد ؛ السيد ،رضوان .المسألة الثقافية في العالم العربي /
اإلسالمي .الطبعة الثانية ،دار الفكر ،دمشق ،سورية ،دار الفكر المعاصر ن
بيروت ،لبنان . 2001 ،
-3بو عناقة ،علي .الشباب ومشكالته االجتماعية في المدن الحضرية .
سلسلة أطروحات الدكتوراه ( ، )61الطبعة األولى ،مركز دراسات الوحدة
العربية ،بيروت . 2007 ،
-4حجازي ،عزت .الشباب العربي ومشكالته .موسوعة عالم المعرفة .
الطبعة األولى ،المجلس الوطني -للثقافة والفنون واآلداب ،الكويت .1985 ،
-5السعود ،خالد محمد .تكنولوجيا ووسائل التعليم وفاعليتها .الطبعة
األولى ،مكتبة المجتمع العربي ،عمان ،األردن .2008 ،
-6العبد اهلل ،مي .التلفاز ،قضايا االتصال في عالم متغير .الطبعة األولى ،
دار النهضة العربية ،لبنان . 2006 ،
-7عيسى ،محمد الهادي .تأثير وسائل اإلعالم على عالقة الشباب .الطبعة
األولى ،المنظمة التونسية لألسرة ،تونس .1985 ،
-8فرحان ،إسحق أحمد .الشباب والتحديات الثقافية وطرق الوقاية
والعالج .الطبعة األولى ،دار الفرقان ،عمان . 2003 ،
ياسين ،صباح .اإلعالم ؛ النسق القيمي وهيمنة القوة .مركز دراسات
الوحدة العربية ،بيروت .2006 ،
ثانياً -األطروحات :
-1دوالتي ،شهيرة .تقليد الشباب السوري الجامعي للغرب .وهي دراسة
ميدانية .وزارة الشؤون االجتماعية والعمل ،معهد الخدمة االجتماعية ،دمشق
.2002،
38
-2السمنة ،راوية طه .استطالع رأي الشباب الجامعي السوري حول
تحديات العولمة وأثرها على ثقافة الشباب .وزارة الشؤون االجتماعية والعمل
،معهد الخدمة االجتماعية ،دمشق.2003 ،
ثالثاً -الدوريات :
-1مجلة جامعة دمشق لآلداب والعلوم اإلنسانية ،منشورات -جامعة دمشق،
سورية ،المجلد – 23العدد الثاني . 2007 ،
-2مجلة جامعة دمشق للعلوم التربوية ،منشورات -جامعة دمشق ،سورية ،
المجلد 24العدد الثاني . 2008 ،
-3مجلة الهالل ،القاهرة ،مصر ،العدد ، 7يوليو. 2009 -
39
-7القبسي ،ليث سعود .الشباب والتحديات المعاصرة وآثارها على سلوك
الشباب الدعوي ،اإلسالمية اليوم< . 2009\6\22 ،2007،
>http://www.islamtoday.net
-8منتدى شبابنا الصفحة الرئيسية 2009\6\22
>/http://www.shababona.com/shabab/content/view/380/1
-9بدر ،مرتضى . -الخليج بين أزمة الهوية وأزمة الديمقراطية \9 ، 2009 .
2009 \7
> http://www.annabaa.org/nbanews/2009/05/132.htm
> -10
http://www.alarabiya.net/articles/2009/06/16/76105.html
.<16\6\2009
-11الحلو ،إيفون عبدو .الشباب أول ضحايا اإلعالنات ،منتدى شبابنا ،
< .22/9/2009 ، 2007
>/http://www.shababona.com/shabab/content/view/380/1
خامساً _ الصحف :
جريدة الثورة ،دمشق ،سورية ،العدد 2009 \7\13970،14ص 7 -12
.
-13صحيفة السفير ،العدد ،11334بيروت ،لبنان .2009\7\3 ،
األزمنة ،العدد 2009\8\6 ، 25 -14
40
ملخص البحث
في خضم التناقضات الكبيرة التي أغرقنا فيها اإلعالم والتكنولوجيا -الباهرة
كان البد من اإلجابة عن بعض األسئلة التي تفرض نفسها على واقعنا -الراهن ،
ظل هذه العولمة ولعل أبرز هذه التساؤالت :ما حال ثقافة طلبة الجامعات في ِّ
فأصبحت
ْ- محو شخصيات شبابنا ،ت هذه العولمة إلى ِ أد ْ
الثقافية المسيطرة؟ وهل ّ
موضوعاتهم -واهتماماتهم -وتوجهاتهم واحدة ؟ ومادور -اإلعالم في كل ذلك ؟
ٍ-
صعوبات وتحديات ثقافية ؟ أو باألحرى -هل لدينا ما يكفي من هل نواجه
نحن الطلبة _ لنواجهَ هذه الصعوبات ،وهذه العولمة التي تجتاحنا رغم
الوعي _ ُ
تخدم ثقافتنا وقضيتنا -؟؟ ٍ
إرادتنا فنحيلَها إلى أداة ُ
دفعت بي
ْ كانت هذه من أكثر األسئلة ،التي منحني هذا الملتقى مشكوراً -قوةً ْ
ينير لي قتامة الصور التي تداخلت في نور خيط عن ِ
للبحث محاولة ٍ
جادة ٍ إلى
ُ
مخيلتي ،فكان هذا البحث ( تأثير اإلعالم على الشباب العربي بين إحباط الواقع
وآمال المستقبل ) خطوةً بسيطةً متواضعةً أتت لتضيء واقع الشباب العربي
وأمارس هواياتها، -
ُ جزء من هذه الفئة ،أحيا حياتها ،
أنني ٌ الجامعي ،والسيماّ -
وأعيش همومها وقضاياها ،وتعنيني توجهاتها -وآفاقها. ُ
عرضت في المحور األول إشكالية ُ جاء البحث موزعاً في ثالثة محاور، -
البحث وأهميته ،وتعاريف -لمصطلحات مهمة في البحث كالثقافة والعولمة والغزو
الفكري والتكنولوجيا -متعددة الوسائط ، -وتناولت -في المحور الثاني أهم التحديات
وخلصت إلى
ُ أدت إليها ،
الثقافية التي تواجه الشباب الجامعي ،والعوامل -التي ْ
األزمات التي سببتها لدى الشباب الجامعي كالتناقض واالغتراب ،التفاعل ،الثقة
،الهوية واالنتماء ..وخصصت المحورالثالث -لتسليط الضوء على عالقة الشباب
أبرز نوافذالعربي الجامعي باإلعالم ،ألنه يشكل أهم التحديات الثقافية ،وأحد ِ
تأثير اإلعالم في سلوك الشباب الجامعي وحياتهم- فدرست َ
ُ- الغزو الفكري .
االجتماعية ،ودوره في توجيههم -نحو قضايا الواقع المعاصر ،ومدى -وعيهم
بخطورة الغزو الفكري ،وكيفية استخدامهم -أساليب التكنولوجيا المتعددة الوسائط
(اإلنترنت ،اإلعالم المرئي والمسموع )... -وتحويلها -إلى أداة فاعلة تخدم القضايا
العربية ،معززة ذلك بأمثلة عملية استقيتها من دراسات تناولت ذلك في ميادين
مختلفة ،فبينت تأثير الواقع وقضاياه في وعي الشباب الجامعي ،ومدى -تفاعله مع
41
هذه القضايا ،وإ ظهار -اإلسهامات التي قام بها الشباب لتحويل اإلعالم إلى ٍ
أداة
إيجابية تخدم قضايانا المعاصرة .وبرز -ذلك من خالل مواقف -عديدة :
-1ظهور أبحاث ماجستير ودكتوراه في أرجاء الجامعات العربية تناقش هذه
القضايا واتجاهاتها .
-2إسهامات بعض الطلبة الجامعيين في حرب لبنان والعدوان األخير على
فلسطين (حصار غزة).
-3بعض اإلسهامات الفنية التي قدمها بعض الشباب في مواجهة الواقع
( أفالم سينما ،أداء مسرحي -كتبه وأنجزه شباب في جامعة القلمون ،أفالم
أطفال)....
وقد ذيلت البحث بخاتمة ضمنتها -بعض المقترحات والتوصيات التي
أزعم أنها تسهم في زيادة وعي الشباب العربي بالغزو -الفكري ،وتجاوز-
ماهو سلبي ،وتعزيز ماهو إيجابي ،الختيار أفضل السبل في التعامل مع
الحياة المعاصرة ،ولتحقيق األهداف الحضارية المنشودة .
التزمت المنهج الوصفي التحليلي ،فقد وصفت الظواهر وحللتها محاولة
الكشف عن العوامل المؤثرة فيها ،مستهدفة التوصل إلى اإلجابة عن
التساؤالت التي يثيرها موضوع البحث .وقد -اعتمدت على مجموعة كبيرة
من المصادر والمراجع ، -حرصت على تنوعها وحداثتها. -
ٍ-
وكاف لمعالجة هذه المشكلة ، أن ما قدمته في هذا البحث شامل
وال أزعم ّ
وصوى يمكن االستهداء
ً فهو ليس أكثر من نماذج تعبر عن إرادة مخلصة،
بها ؛ لمن أراد أن يشعل شمعة في هذا الواقع العربي المظلم ؛ بدالً من أن
يلعن الظالم .وآمل أن أكون قد وفقت إلى ذلك .
42