You are on page 1of 42

‫تاثير األعالم على الشباب العربى إحباطات الواقع وأمال‬

‫المستقبل‬
‫الطالبة‪ /‬راميا الريحانى‬
‫جامعة القلمون الخاصة – كلية الطب البشرى‬
‫المشرف د‪ /‬عدنان رسالن‬
‫مقدمة‬
‫بينما كنت أسير في أزقة دمشق القديمة ‪ ،‬تائهةً في عبق ياسمينها‪، -‬‬
‫تغمرني الرغبة ألدرك ما ح ّل بحجارتها‪ ، -‬ألتنقل بعد ذلك في شوارعها المكتظة‬
‫حدب وصوب‪ ،‬وصوالً إلى صروح العلم‬ ‫بالسيارات والمارة من كل ٍ‬
‫ّ‬
‫والجامعات‪ .‬كانت أحاديث الطّالب ليست كالمعتاد ‪ ،‬فهذه األيام الكل مشغول‬
‫دهشت عندما رأيت أغلب الطالب وقد‬ ‫ُ‬ ‫باالمتحانات وبالحديث‪ -‬عنها ‪ ،‬ولكني‬
‫استبدلوا بالكتب المجالت الرياضية ‪ ،‬وسمعت بعضهم يناقشون الظلم الذي ح ّل‬
‫بالفريق الذي خسرالليلة السابقة ‪ ،‬حملت اندهاشي‪ -‬ونزلت به إلى مرافق الجامعة‬
‫األخرى‪ ،‬فلع ّل هؤالء فئة قليلة من الطالب!‪ .‬ولكن لم تكن الحال هناك بأحسن‬
‫منها هنا ‪.‬‬
‫انتابني إحساس غريب !! لماذا أشعر ّأنه من الخطأ أن أتابع األخبار‬
‫وأيام امتحاناتي‪ ، -‬أو أيام قتل أطفال فلسطين األبرياء في‬
‫الرياضية حين تتزامن َ‬
‫غزة ‪ ،‬أو موت أسرانا في الجوالن ‪ ،‬أو مع أسر مقاومي لبنان!! أو مع تحرير‬
‫هؤالء األسرى!‪.‬‬
‫الحقني الشعور‪ -‬بالذنب فحاولت النزول إلى الشوارع لعلي أجد فيها ضالتي‬
‫المنشودة ‪ ،‬أجد فيها ما يخفف عني اإلحساس بالذنب ذاك ‪ ،‬أو ما يريحني‪ -‬من‬
‫عذاب الضمير‪. -‬‬
‫أن أميز َّ‬
‫أن‬ ‫علي ْ‬
‫كانت المقاهي والمطاعم تعج ّبروادها ‪ ،‬وبدا من السهل ّ‬
‫إن من بينهم من أعرف أنهم‬‫معظم الجمهور كان شباباً يافعاً في مقتبل العمر‪ ،‬بل ّ‬
‫شباب جامعيون يدرسون‪ -‬اختصاصات مختلفة ‪ ،‬ولسوء الحظ أدركت أن الغالبية‬
‫الساحقة كانت من شباب الجامعات ‪ ،‬رأيتهم يضعون أمامهم صرعة العصر‬
‫(النرجيلة)‪ ،‬أو ]"الشيشة" في بعض اللهجات المحلية [‪ ،‬يتباهون بها وسيلة من‬
‫وسائل إظهار الشخصية وإ ثبات الوجود‪. -‬‬

‫‪1‬‬
‫حين نظرت حولي رأيت الجميع منشغالً بذاك التلفاز الصغير‪ -‬الذي يبث عبر‬
‫تلك الشاشة الواسعة المسقطة على مختلف نواحي المقهى مباراة مصر وإ يطاليا‪-‬‬
‫‪ .‬الجميع كان متحمساً والجميع ينادي بفوز فريقه المفضل‪،‬بينما توحدت آراء‬
‫البعض ‪ ،‬ألن مصر فريق‪ -‬عربي ُيعقد عليه آمال عديدة ‪ ،‬وكأنها معركة المصير‬
‫عدو أجنبي عن أرض الوطن ‪.‬‬ ‫لدحر ّ‬
‫خرجت ألجد المسيرات قد مألت الشوارع والتهبت الحناجر بالهتافات‪.‬‬
‫فتذكرت أني ومنذ بضع سنوات كنت جزءاً من هذا المشهد عندما كان يبث‬
‫برنامج سوبر‪ -‬ستار‪ ،‬حيث أقمنا المسيرات ومألنا الشوارع بهتافاتنا‪ ،‬وأصبح‬
‫المتنافسون رموزاً‪ -‬قومية للشعوب التي ينتمون إليها ؛ وال أحد ينسى تلك‬
‫االحتفاالت التي رافقت أولئك الفنانين مذ وطئت أقدامهم أرض الوطن حتى حطَّ‬
‫كنت أتابعُ النتائج وكيف‬
‫أذكر كيف ُ‬ ‫بهم المطاف في مكان اإلقامة ‪ ،‬ومازلت ُ‬
‫الشباب يرسلون أصواتهم‪ -‬لتشجيع الفنان المفضل برأيهم ‪ ،‬وكيف َّ‬
‫أن كل‬ ‫ُ‬ ‫كان‬
‫دولة انحاز شعبها لمواطنها‪ -‬في هذا البرنامج ‪ ،‬وربما‪ -‬تدخل من هو في موقع‬
‫المسؤولية لدعم مرشح بالده الفني ‪ ،‬رغم َّ‬
‫أن البرنامج لم يكن إال برنامج‬
‫مسابقات أخرج لنا أصواتاً‪ -‬شابة ‪ .‬في تلك اللحظة تولدت في ذاكرتي حكايا‬
‫وقصص (الحكواتي) في القهوات‪،‬عندما كان يبث في عقول الناس خرافات‬
‫وأساطير‪ ،‬فتموج القهوة بأصوات الرجال المتفاعلين مع هذه الروايات البعيدة‬
‫الرواية العلمية ‪ ،‬فالحكواتي في عصره كان‬ ‫كل البعد عن منطق العقل وأسلوب ّ‬
‫وسيلة اإلعالم األقوى‪ -‬واألكثر تأثيراً في مجتمع ذكوري تسوده األمية والجهل‬
‫والتخلف ‪ ،‬ومع ذلك ربما كان الحكواتي أحياناً يريد أن ينشر بعض الصفات‬
‫األخالقية التي امتاز بها بعض أبطال حكاياته كعنترة بن شداد ‪ ،‬أو سيف بن ذي‬
‫يزن ‪ ،‬أو غيرهما ‪.‬‬
‫( والشيء بالشيء يذكر) حيث أعود ألنظر اليوم إلى واقع االنفتاح‬
‫ولكننا نبحث‬
‫ّ‬ ‫اإلعالمي‪ ،‬فنحن نستطيع‪ -‬أن نرى الحدث بكليته في لحظة حدوثه ‪،‬‬
‫عن الحقيقة في قلب الحدث المصور‪ -‬فال نكاد نعثر عليها ‪ .‬ففي الحرب األخيرة‬
‫على العراق نقلت لنا وسائل اإلعالم العربية وغير العربية الموالية للسلطة‬
‫إعالمية متميزة ‪ ،‬ولكن هذه الباقة تحمل وروداً‬
‫ّ‬ ‫العراقية صورة الحرب بباقة‬
‫أتت عليها الحشرات فلم تبق ولم تذر‪ .‬وإ لى اآلن لما ُي َدرك كثير من حقائق هذه‬
‫الحرب على الرغم من تعدد ألوان اإلعالم ؛ من اإلعالم المرئي والمسموع‬
‫واإلنترنت واألقمار الصناعية وهاتف‪ -‬الثريا ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ٍ‬
‫بشكل عام ‪،‬‬ ‫اإلعالم‬ ‫وفي خضم هذه التناقضات‪ -‬العظيمة التي أغرقنا‪ -‬فيها‬
‫ُ‬
‫في‬
‫البد لألسئلة أن تزدحم‪ -‬في رأسي ‪ ،‬وتبعث َّ‬ ‫وهذه التكنولوجيا الباهرة ‪ ،‬كان ّ‬
‫ٍ‬
‫إجابات منطقية‬ ‫تحم ُل نفسي عبء البحث عن‬ ‫عواصف من التساؤالت التي ّ‬
‫لها!!‪..‬‬
‫فنان شيء طيب‪...‬الخ‬‫‪،‬وتميز ٍ‬ ‫صر بالمباراة الرياضية أمراً جميالً‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫كان فوز م َ‬
‫‪ ،‬ولكن أين فوز عقولنا عندما تسلبنا التكنولوجيا‪ -‬الحديثة بمختلف معطياتها‪_ -‬‬
‫بدءاً من التلفاز والهاتف‪ -‬الجوال ووصوالً إلى اإلنترنت _ ‪ ،‬قدرتنا على‬
‫ِ‬
‫الكتب علينا في قراءتها ؟!‬ ‫َّ‬
‫وحق‬ ‫المحاكمة والتحليل‬
‫تساءلت ما حال ثقافة طلبة الجامعات في ِّ‬
‫ظل هذه العولمة الثقافية ؟ وإ لى متى‬ ‫ُ‬
‫ك الثقافة والتكنولوجيا كما يستهلك "البيتزا" و"الهامبرغر"‪،!! -‬‬
‫سيبقى شبابنا يستهل ُ‬
‫فأصبحت‬
‫ْ‪-‬‬ ‫أدت هذه العولمة إلى محو شخصيات شبابنا‪،‬وضياع‪ -‬هويتهم‬ ‫وهل ْ‬
‫موضوعاتهم‪ -‬واهتماماتهم‪ -‬وتوجهاتهم واحدة ؟؟ ومادور‪ -‬اإلعالم في كل ذلك ؟؟‬
‫ٍ‪-‬‬
‫صعوبات وتحديات ثقافية ؟؟ وهل لدينا ما يكفي من الوعي _‬ ‫هل نواجه‬
‫نحن الطلبة _ لنواجهَ هذه الصعوبات وتلك التحديات في ِّ‬
‫ظل هذه العولمة التي‬ ‫ُ‬
‫تخدم ثقافتنا وقضيتنا ؟؟ أم تُرانا أصبحنا أمام‬
‫تجتاحنا رغم إرادتنا و نحيلها أداةً ُ‬
‫وجر معها‬
‫واقع جديد انطوى فيه العالم األكبر في (قرية صغيرة) _ كما يقال _ َّ‬
‫ٍ‪-‬‬
‫وتحديات ثقافية تصعب مواجهتها ؟! ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫صعوبات‬
‫دفعت بي‬
‫ْ‬ ‫كانت هذه من أكثر األسئلة ‪ ،‬التي منحني هذا الملتقى مشكوراً‪ -‬قوةً‬ ‫ْ‬
‫ينير لي قتامة الصور التي تداخلت في‬ ‫نور‬ ‫خيط‬ ‫عن‬ ‫ِ‬
‫للبحث‬ ‫محاولة ٍ‬
‫جادة‬ ‫ٍ‬ ‫إلى‬
‫ُ‬
‫مخيلتي ‪ ،‬فكان هذا البحث _ تأثير اإلعالم على الشباب العربي بين إحباط‬
‫الواقع وآمال المستقبل _ خطوةً بسيطةً متواضعةً أتت لتضيء واقع الشباب‬
‫وأمارس‬
‫ُ‪-‬‬ ‫جزء من هذه الفئة أحيا حياتها ‪،‬‬
‫أنني ٌ‬‫العربي الجامعي ‪ ،‬والسيما‪ّ -‬‬
‫وأعيش همومها وقضاياها ‪ ،‬وتعنيني توجهاتها‪ -‬وآفاقها‪.‬‬‫ُ‬ ‫هواياتها ‪،‬‬
‫جاء البحث موزعاً في ثالثة محاور‪، -‬‬
‫عرضت في المحور‪ -‬األول إشكالية البحث وأهميته ‪ ،‬وتعاريف‪ -‬لمصطلحات‬ ‫ُ‬
‫مهمة فب البحث كالثقافة والعولمة والغزو الفكري والتكنولوجيا متعددة الوسائط‬
‫‪ ،‬وتناولت‪ -‬في المحور الثاني أهم التحديات الثقافية التي تواجه الشباب الجامعي‪،‬‬
‫وخلصت إلى األزمات التي سببتها لدى الشباب‬
‫ُ‬ ‫أدت إليها ‪،‬‬
‫والعوامل التي ْ‬
‫الجامعي كالتناقض واالغتراب ‪ ،‬التفاعل‪ ،‬الثقة ‪ ،‬الهوية واالنتماء ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وخصصت المحورالثالث‪ -‬لتسليط الضوء على عالقة الشباب العربي الجامعي‬
‫باإلعالم ‪ ،‬ألنه يشكل أهم التحديات الثقافية‪ ،‬وأحد ِ‬
‫أبرز نوافذ الغزو الفكري ‪.‬‬
‫تأثير اإلعالم في سلوك الشباب الجامعي وحياتهم االجتماعية ‪ ،‬ودوره‬ ‫فدرست َ‬
‫ُ‬
‫في توجيه الشباب نحو قضايا الواقع المعاصر‪ ،‬ومدى‪ -‬وعيهم لخطورة الغزو‬
‫الفكري ‪ ،‬وكيفية استخدامهم‪ -‬أساليب التكنولوجيا المتعددة الوسائط (اإلنترنت ‪،‬‬
‫اإلعالم المرئي والمسموع‪ )... -‬وتحويلها‪ -‬إلى أداة فاعلة تخدم القضايا العربية ‪،‬‬
‫معززة ذلك بأمثلة عملية استقيتها من دراسات تناولت ذلك في ميادين مختلفة‬
‫فبينت تأثير الواقع وقضاياه في وعي الشباب الجامعي‪ ،‬ومدى تفاعله مع هذه‬
‫القضايا ‪ ،‬وإ ظهار‪ -‬اإلسهامات التي قام بها الشباب لتحويل اإلعالم إلى ٍ‬
‫أداة‬
‫إيجابية تخدم قضايانا المعاصرة ‪ .‬وبرز‪ -‬ذلك من خالل مواقف‪ -‬عديدة ‪:‬‬
‫ظهور أبحاث ماجستير ودكتوراه في أرجاء الجامعات العربية تناقش هذه‬
‫القضايا من مختلف اتجاهاتها ‪.‬‬
‫إسهامات بعض الطلبة الجامعيين في حرب لبنان والعدوان األخير على‬
‫فلسطين (حصار غزة)‪.‬‬
‫بعض اإلسهامات الفنية التي قدمها بعض الشباب في مواجهة الواقع ( أفالم‬
‫سينما ‪ ،‬أداء مسرحي‪ -‬كتبه وأنجزه شباب في جامعة القلمون ‪ ،‬أفالم‬
‫أطفال‪)....‬‬
‫وقد ذيلت البحث بخاتمة ضمنتها‪ -‬بعض المقترحات والتوصيات التي أزعم‬
‫أنها تسهم في زيادة وعي الشباب العربي بالغزو الفكري وخطورته ‪.‬‬
‫التزمت المنهج الوصفي التحليلي ‪،‬فقد وصفت الظواهر وحللتها محاولة الكشف‬
‫عن العوامل المؤثرة فيها مستهدفة التوصل إلى اإلجابة عن التساؤالت التي‬
‫يثيرها موضوع‪ -‬البحث ‪.‬‬
‫وقد اعتمدت على مجموعة كبيرة من المصادر والمراجع‪ ، -‬حرصت على‬
‫تنوعها وحداثتها ‪.‬‬
‫أقدم شكري للدكتور‪ -‬عدنان رسالن المشرف‪-‬‬
‫وال يسعني في هذا المقام إال أن ّ‬
‫وأقدر جهده المخلص لمساعدتي في خضم أعبائه‬‫على هذا البحث ‪ّ ،‬‬
‫والمسؤوليات الملقاة على عاتقه ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫كما أشكر إدارة جامعة القلمون الخاصة (في سورية) التي هيأت لي‬
‫الظروف‪ -‬المناسبة‪ ،‬وأتاحت لي هذه الفرصة ‪.‬‬
‫أتاح لي‬
‫والشكر موصول‪ -‬إلى أولئك القائمين على هذا الملتقى ‪ ،‬الذي َ‬
‫واقع يعيشه‬
‫تعبر عن ٍ‬‫أقد َم هذه المحاولة المتواضعة الجادة ‪ ،‬ألنها ّ‬
‫الفرصة لكي ّ‬
‫وفقت في اختياري‬
‫ُ‬ ‫أكون قد‬
‫معظم الشباب العربي ‪ ،‬راجيةً اهلل تعالى أن َ‬
‫للموضوع‪ -‬و تناولي‪ -‬لقضايا هذا البحث‪.‬‬
‫المحور األول ‪ :‬إشكالية البحث وأهميته‬
‫أوالً‪ -‬إشكالية البحث و أهميته ‪:‬‬
‫تستمد هذه الدراسة أهميتها من أهمية الشباب ‪ ،‬ومدى‪ -‬تفاعلهم مع المشهد‬
‫العالمي المعاصر ‪ .‬هذه المرحلة التي تعيش كثيراً من التناقضات واألزمات‪-‬‬
‫في ظل الظروف الراهنة ‪ ،‬التي تنعكس على معظم المجتمعات‪ ،‬وتترك‪-‬‬
‫بصماتها على سلوكهم‪ -‬وعطائهم ‪ ،‬وتلقي بظاللها على صفاتهم ال ّشخصية‬
‫عصب الحياة ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الشباب _‬
‫َ‬ ‫فنحن _‬
‫ُ‬ ‫العملية وتوجهاتهم المستقبلية ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وأفكارهم‪-‬‬
‫نعكس مدى تطورها وتوجهها نحو المستقبل ؛ فكيف‪-‬‬ ‫ألي ِة ٍ‬
‫أمة ‪،‬‬ ‫والمرآة الصادقة ّ‬
‫ُ‬
‫يعد معظم سكانه من الشباب ‪.‬‬‫بمجتمع ّ‬
‫مرهون بطاقات‪ -‬عناصرها‬
‫ٌ‬ ‫"إن مستقبل األمم‬
‫يقو ُل ال ّشاعر األلماني غوته ّ‬
‫نناقش مسألةً عامةً‬
‫ُ‬ ‫فإننا‬
‫نناقش مشاكل ال ّشباب وقضاياهم‪ّ ، -‬‬
‫ُ‬ ‫فإننا عندما‬
‫الفتية " ّ‬
‫طور‪ -‬الوطن بأكمله ‪.‬‬‫تمس ت ّ‬
‫ُّ‬
‫َالتغي ِر والتّأثر‪-‬‬
‫أصبح اليوم قريةً كونيةً سريعة ّ‬ ‫َ‬ ‫ال نستطيع أن ننكر َّ‬
‫أن العالم قد‬
‫تمنحنا معرفةً‬
‫فالوقوف على طبيعة التحديات التي تواجهُ جيل الشباب ُ‬ ‫ُ‬ ‫ببعضها‪،‬‬
‫كافية عن واقعنا‪ -‬الحالي وكيف‪ -‬نتجه نحو المستقبل ؟؟ ‪ ،‬وما الذي تفرضه علينا‬
‫حصون أمتنا المنيعة‬
‫ُ‬ ‫معطيات العولمة من عبء التوجهات نحو الشباب الذين هم‬
‫ِ‬
‫والثقافة الكافية لمواجهة هذه‬ ‫نسلحهُم بالوعي والمعرفة‬
‫‪ ،‬إذا استطعنا أن َ‬
‫ِ‬
‫الشباب‬ ‫جيل‬
‫إن َ‬ ‫بقوله"يمكن أن نقو َل َّ‬
‫ُ‬ ‫عبر أحد الباحثين عن ذلك‬ ‫التحديات‪ ،‬وقد‪ّ -‬‬
‫من‬
‫هو أمضى أسلحة العالم العربي في صراعه المصيري من أجل خروجه ْ‬
‫صاحب هذا‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫مستقبل أفضل ‪ .‬وهو فضالً عن ذلك‬ ‫وصنع‬
‫ِ‬ ‫كهوف الظالم‬
‫ٍ‬
‫حاسمة‬ ‫ٍ‬
‫تحول‬ ‫العربي على نقطة‬ ‫العالم‬ ‫غير َّ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫أن الظروف‪ -‬التي تضعُ‬ ‫المستقبل َ‬
‫فهم إذن لألمة األمل‬‫في تاريخه ‪ ،‬هي نفسها التي تضع الشباب في (أزمة) ‪ْ ،‬‬

‫‪5‬‬
‫ومصدر‪ -‬الخطر في ٍ‬
‫وقت واحد "‪ .1‬هذه األزمة التي تجعلهم يعيشون حياة‬
‫التناقض فهم مثاليون على المستوى النظري‪ -‬في حياة مهمشة على الواقع ‪.‬‬
‫ولإلعالم الدور األعظم في التأثير في الشباب بشكل يفوق تأثير األسرة‬
‫والجامعة أحياناً‪ .‬ولذلك تأتي أهمية الدراسة من خالل تصديها للمشكلة اآلتية ‪:‬‬
‫أن‬
‫إننا اليوم نقف على عتبات الحضارات التي ننتمي أوال ننتمي إليها ‪ ،‬عاجزين ْ‬
‫أهم‬
‫ويخدم قضايانا؟‪ -‬فما هي ُ‬
‫َ‪-‬‬ ‫نعلم ما يناسب هويتنا‬
‫أن َ‬ ‫نأخ َذ منها ما يفيدنا ‪ ،‬أو ْ‬
‫بناء على نوعية التحديات الثقافية التي تواجه الشباب‬
‫الوسائل التي نتزود‪ -‬بها؟ ً‬
‫العربي _والجامعي_ في ظل العولمة الثقافية واالنفتاح اإلعالمي؟ وما مدى‬
‫تتسم بسرعة التغيرات وتنوعها‪ -‬كماً‬
‫وعي شبابنا بخطورة هذه المرحلة التي ّ‬
‫وكيفاً ؟؟‬
‫ثانياً – أهم المفاهيم والمصطلحات الواردة في هذا البحث ‪:‬‬
‫العولمة‪ :‬تعاريفها عديدة ولكنها باختصار تعني‪" :‬انفتاح العالم على بعضه ‪..‬في‬
‫التجارة واالقتصاد‪ -‬والسياسية واإلعالم والثقافة الخ‪ ..‬دون قيود‪ -‬وال حدود وال‬
‫‪2‬‬
‫حواجز" ‪.‬‬
‫وهكذا تغدو العولمة ظاهرةٌ تعمل على توحيد‪ -‬األفكار والقيم وأنماط‪ -‬السلوك‬
‫والتفكير بين مختلف شعوب العالم ‪ ،‬ووسيلتها‪ -‬في ذلك سرعة انتقال المعلومات‬
‫بات فيها العالم قريةً كونية ً‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫لدرجة َ‬ ‫وكثافتها‪-‬‬
‫إن العولمة هي‬
‫قال الكاتب األمريكي المعروف‪( -‬توماس فريدمان) ذات مرة‪َّ " :‬‬
‫بلد في العالم بعض المكونات من إنتاجه‬‫أشبه بقطعة بيتزا يضع عليها كل ٍ‬
‫المحلي‪ :‬فالهندي يضع عليها مثالً البهارات الحارة‪ ،‬واألمريكي‪ -‬يضع عليها‬
‫السجق‪ ،‬واإليطالي يضع عليها الزيتون‪ .‬بمعنى أنَّ بإمكان كل بلد أن تكون له‬
‫مساهمته في العولمة‪ ،‬مساهمة ًتنبع من تخصصه وتميزه في مجال معين‪ .‬غير‬
‫أن خيارات دعاة العولمة الجديدة محدودة‪ ،‬فإما أن تكون‬ ‫أنّ الحاصل فعلياً هو َّ‬
‫ملحقاً بهم‪ ،‬وإ مَّا أن تكون مختلفاً عنهم" ‪ ،‬وهذه شهادة يسجلها صحفي من‬
‫‪3‬‬

‫أكبرصحفيي الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫حجازي ‪ ،‬عزت ‪ .‬الشباب العربي ومشكالته ‪ .‬موسوعة عالم المعرفة ‪ .‬الطبعة األولى ‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت ‪ ،1985 ،‬ص‬
‫‪.241\2‬‬
‫‪2‬‬
‫ملي ‪ ،‬أسعد ‪ .‬العولمة بين التكيف والممانعة ‪ ،‬مجلة جامعة دمشق لآلداب والعلوم اإلنسانية سورية‪ ،‬مجلد ‪ 23‬العدد الثاني‪ 157-119 ،2007 ،‬ص‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫سليمان ‪ ،‬عادل بدر‪ .‬ثقافة الشباب المعاصر بين عولمة التعليم وتعليم العولمة ‪ ،‬جريدة النور ‪.2009\6\22. 2008 ،‬‬
‫‪>/http://www.shababona.com/shabab/content/view/380/1‬‬

‫‪6‬‬
‫وفي الجانب العربي رأى المفكر برهان غليون‪":‬أن العولمة هي قبل كل ٍ‬
‫شيء‬ ‫ّ‬
‫آخر بنية جديدة تطبع النظام العالمي"‪ ،.4‬وقد حدد الباحث غليون تحديات العولمة‬
‫بأمرين رئيسين في مواجهة الثقافات المسيطرة هما ‪ " :‬تحدي االستسالم‪-‬‬
‫والتسليم الذي يؤدي إلى االنحدار والتفكك و االلتحاق ‪ ،‬من دون مشاركة إيجابية‬
‫بالثقافات المسيطرة ‪ ،‬والثاني‪ -‬هو البقاء في مستوى‪ -‬الرفض ‪ ،‬االحتجاج ؛‬
‫وبالتالي التحول حتى إلى ثقافة مضادة لثقافة العولمة ‪ ،‬ولكنها من الطبيعة نفسها‬
‫‪5‬‬
‫‪ ،‬وعلى أسس واحدة ؛ وإ ن كانت مقلوبة ‪".‬‬
‫وخلص غليون إلى القول‪ " :‬ونحن في العالم العربي ال نزال على مستوى‪-‬‬
‫الحركة العامة ‪..‬نعيش مرحلة هذا الرد االحتجاجي على صعود‪ -‬ثقافة الهيمنة‬
‫والعولمة ‪ ،‬التي تهمشنا أو تهدد تهميشنا‪ -‬التاريخي ‪ ،‬وتهميش ثقافتنا ‪ ،‬أو‬
‫تخفيضها إلى مستوى‪ -‬الثقافات اإلثنية غير الناجعة ‪ ،‬الفاعلة في الحضارة‪، "....‬‬
‫‪6‬‬

‫وهكذا يخلص غليون في صميم خصوصيات‪ -‬الواقع العربي ‪.‬‬


‫‪":‬إن الثقافة هي طريقة‬‫الثقافة ‪ :‬عرف المفكر أحمد البرقاوي الثقافة بقوله ّ‬
‫الوجود اإلنساني‪ -‬بعامة؛التي ال معنى لها خارج ما يبدعه البشر ‪ ،‬وخارج‬
‫العالقات التي يقيمونها‪ -‬فيما بينهم ‪ ،‬وتحدد‪ -‬بالتالي سلوكهم وردود أفعالهم‪-‬‬
‫ونشاطاتهم وأهدافهم ‪7".‬وهكذا يبدو اتساع الثقافة ‪ ،‬وأهميتها‪. -‬‬
‫ويرى أحد الكتاب االرتباط‪ -‬بين اإلعالم والثقافة فيعبر‪ -‬عن ذلك بقوله ‪ " :‬لقد‬
‫توثق الفعل الثقافي وترافق مع النشاط اإلعالمي على مدى العصور ‪ ،‬وتعاظم‪-‬‬
‫بعد التطور‪ -‬العلمي التقني والمعلوماتي‪.... -‬وأضحى‪ -‬اإلعالم‪...‬الوعاء المناسب‬
‫إن تفاعل اإلعالم مع الثقافة وتوحدهما‬ ‫‪ ،‬واألكثر‪ -‬سعة لحمل رسالة الثقافة ؛ بل ّ‬
‫في رسالة مشتركة قد أسهما الحقاً في التداخل والتنافذ‪ -‬؛ وصعوبة التمييز بينهما‬
‫‪ 8".‬؛ وتبرز‪ -‬هنا أهمية اإلعالم في الساحة الثقافية ‪ ،‬التي يكاد اإلعالم يكتسح‬
‫جميع مجاالتها ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫أمين ‪ ،‬سمير ؛ غليون ‪ ،‬برهان ‪ .‬ثقافة العولمة وعولمة الثقافة ‪.‬الطبعة الثانية ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬سورية ‪ ،‬دار الفكر المعاصر ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪،‬‬
‫‪23 ،2002‬ص‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫المصدر السابق ص‪55‬‬
‫‪6‬‬
‫المصدر السابق ص ‪. 55‬‬
‫‪7‬‬
‫برقاوي ‪ ،‬أحمد ؛ السيد ‪،‬رضوان ‪ .‬المسألة الثقافية في العالم العربي ‪ /‬اإلسالمي ‪ .‬الطبعة الثانية ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬سورية ‪ ،‬دار الفكر المعاصر ن‬
‫بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ، 2001 ،‬ص ‪. 28 – 27‬‬
‫‪8‬‬
‫ياسين ‪ ،‬صباح ‪ .‬اإلعالم ؛ النسق القيمي وهيمنة القوة ‪ .‬مركز دراسات الوحدة العربية ‪ ،‬بيروت ‪ ، 2006 ،‬ص‪( ، 55‬نقالً عن قراءة في ثقافة الفضائيات‬
‫العربية ‪ ،‬الوقوف على تخوم التفكيك ‪.‬د‪ .‬نهوند القادري عيسى ص‪)45‬‬

‫‪7‬‬
‫ٍ‬
‫معينة بمجتمعاتها‪ -‬ومدارسها‪-‬‬ ‫الغزو الفكري ‪ ":‬هو االقتحام الثقافي ٍ‬
‫ألمة‬
‫وجامعاتها‪ -‬ومؤسساتها وأفرادها ‪ ،‬وهو غزو مبرمج ومخطط له وذو أهداف‬
‫‪9‬‬
‫مؤسسات إعالمية وسياسية وأمنية وتجارية وفكرية وراءه "‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫محددة ‪ ،‬وتقف‬
‫ٍ‬
‫مجموعة من‬ ‫ِ‬
‫غسيل الدماغ العربي ‪ ،‬عن طريق‪-‬‬ ‫ف علمياً ‪" :‬أنه عملية‬
‫ويعر ُ‬
‫ّ‬
‫الوسائل المقصودة وغير المباشرة والرسمية وغير الرسمية ‪ ،‬التي تستخدمها‬
‫الدول االستعمارية من أجل التأثير بالثقافات الوطنية والقومية لشعوب‬
‫ومجتمعات العالم الثالث‪ ،‬بهدف تكريس استمرار التبعية الثقافية واالقتصادية‬
‫‪10‬‬
‫"‪.‬‬
‫التكنولوجيا متعددة الوسائط _ و"هو‪ -‬مصطلح يقصد به االستفادة من اإلمكانيات‬
‫البصرية والسمعية والمكتوبة في نقل األخبار _ وقد تتضمن المقالة نصاً‬
‫وصوراً‪ -‬ثابتة كالصحافة المكتوبة ‪ ،‬وصوراً متحركة (الفيديو) كالتلفاز ‪ ،‬أو‬
‫نتحدث عن الثقافة فالبد أن يشم َل ذلك‬
‫ُ‬ ‫نصوصاً‪ -‬صوتية كاإلذاعة "‪ .11‬وعندما‬
‫التكنولوجيا‪ -‬والتقنيات العلمية الحديثة‪.‬‬
‫المحور الثاني ‪ :‬التحديات الثقافية التي تواجه الشباب العربي في ظل العولمة‬
‫‪:‬‬
‫التحديات الثقافية التي تواجه الشباب ‪ ":‬تلك األمور‪ -‬واألوضاع‪ -‬والقوى الطبيعية‬
‫واإلنسانية واالجتماعية ‪ ،‬التي تعيق الشباب عن تحقيق أهدافهم‪ -‬القريبة والبعيدة‬
‫‪ ،‬أو تسعى إلى الهيمنة عليهم في تعاملهم مع الوجود بجوانبه المختلفة ‪ ،‬مما‬
‫‪12‬‬
‫يؤدي لمنعهم عن تحقيق الغاية التي خلق اإلنسان من أجلها"‪.‬‬
‫أنظر إلى‬
‫كيف تَرى مستقب َل أمتنا ؟؟ قال دعوني ُ‬
‫قيل ألحد العظماء ‪َ :‬‬
‫سيكون مستقبل أمتنا‬
‫ُ‬ ‫صورة تنشئة شبابنا وتربيتهم ‪ ،‬وعند ذلك أخبركم كيف‬
‫!!‬
‫حاولت هذه الدراسة الحديث عن أهم التحديات الثقافية التي تواجه الشباب‬
‫العربي‪ ،‬فوزعتها على مستويين ‪ :‬تحديات داخلية وخارجية ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫السمنة ‪ ،‬راوية طه ‪ ،‬استطالع رأي الشباب الجامعي السوري حول تحديات العولمة وأثرها على ثقافة الشباب ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ، 2003 ،‬وزارة الشؤون‬
‫االجتماعية والعمل ‪ ،‬معهد الخدمة االجتماعية ‪ ،‬دمشق ‪100 ،‬ص ‪( .‬بتصرف)‬
‫‪10‬‬
‫المصدر السابق ( من بحث استطالع رأي اتحاد شبيبة الثورة ص‪)1998 – 16‬‬
‫‪11‬‬
‫الترك ‪ ،‬هناء صالح ‪ .‬ملتقى الشباب في ظل عصر التكنولوجيا والعولمة ‪ ،‬دليل قطر التربوي ‪.2009\6\2009،21 ،‬‬
‫‪http://www.eduqatar.com/modules.php?name=News&file=article&sid=1591‬‬
‫‪12‬‬
‫فرحان ‪ ،‬إسحق أحمد ‪ ،‬الشباب والتحديات الثقافية وطرق الوقاية والعالج ‪ .‬الطبعة األولى ‪ ،‬دار الفرقان ‪ ،‬عمان ‪14 ،2003 ،‬ص ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫أوالً – التحديات الثقافية الداخلية ‪:‬‬
‫تكمن في شخصية الشباب ‪ ،‬ولها عالقة بالبيئة الداخلية‬
‫تحديات ُ‬
‫ٌ‬ ‫وهي‬
‫للمجتمع ‪ ،‬وهي تحديات متعددة وقد‪ -‬تختلف باختالف هذه البيئة ‪ ،‬وأهم هذه‬
‫التحديات ‪:‬‬
‫‪-1‬التحديات التي تتعلق بشخصية الشاب ومدى‪ -‬نموها واستعداداتها‪ -‬الفطرية‬
‫تكون إعاقة الشاب مثالً (الشلل ‪ ،‬العمى ‪ ،‬الصمم ‪..‬أو أي‬
‫ُ‬ ‫والعقلية ‪ .‬حيث قد‬
‫أحد األسباب الرئيسية التي تدفع الشاب إلى التعلم وارتقاء سلم‬
‫إعاقة أخرى) َ‬
‫بنجاح وتفوق‪ ، -‬وبالعكس قد تدفع به اإلعاقة إلى محاولة‬
‫ٍ‬ ‫التعليم الجامعي‬
‫االنعزال والهروب من واقعه ‪.‬‬
‫‪ -2‬ضعف التنشئة االجتماعية والعلميَّة في األسرة والمدرسة في سنوات التعليم‬
‫األولى والمتوسطة ؛ إذ تبرز أهمية األسرة في العناية بالطفل في المراحل‬
‫ٍ‬
‫متكاملة بالتعاون مع‬ ‫ٍ‬
‫بثقافة‬ ‫تكون معالم شخصيته ‪ ،‬حيث تزوده‬ ‫المبكرة من ّ‬
‫يسهم في إكسابه المناعة الثقافية‬
‫المدرسة طوال سنوات طفولته وشبابه مما ُ‬
‫ِ‬
‫إعداد الطالب‬ ‫المستقبلية ‪ ،‬كما َّ‬
‫أن دور التعليم اإللزامي والثانوي‪ -‬يبدو جلياً في‬
‫وبناء شخصيته للسنوات الالحقة ‪ ،‬وهذه المرحلة تعزز لدى الطالب َّ‬
‫حب‬ ‫ِ‬
‫المعرفة الذاتية ‪ .‬لذلك يواجه الشاب تحديات التخلف األسري‪ -‬من جهل‬
‫ٍ‪،‬وأميَّة‪،‬وفقر‪،‬ومرض وغيرها(كالتفكيك‪ -‬األسري و‪)...‬‬
‫‪ -3‬دور الجامعات في التأكيد بمناهجها وطرائق تدريسها‪ -‬وأهدافها على ِ‬
‫إتمام‬
‫ِ‬
‫والمنفتحة على الواقع اإلنساني‪-‬‬ ‫ِ‬
‫معالم الشخصية الواعية المتمثلة بأهداف أمتَّها‪،‬‬
‫والمِل َّمة بأساليب البحث العلمي ومناهجه ‪.‬‬
‫بعيداً عن التقليد األعمى بكافة أنماطه ُ‬
‫‪ -4‬التحدي الذي يواجهه الشاب أثناء رغبته الدراسية في اختيار كلية أو‬
‫أن اختيار األهل لن‬ ‫اختصاص علمي ال يتوافق‪ -‬و رغبة األهل ‪ .‬على الرغم من َّ‬
‫يجعلَهُ بارعاً في هذا المجال ألنه ربما ال يتالءم و ميوله ورغباته ‪ ،‬األمر الذي‬
‫نؤكد حق الشاب‬‫سينعكس مستقبالً على مدى إبداعه في هذا المجال ‪ .‬فعلينا أن َ‬
‫ُ‬
‫أن أينشتاين الذي كان كسوالً‬ ‫ٍ‬
‫مناسب ‪ ،‬وال ننسى َّ‬ ‫ٍ‬
‫واختصاص‬ ‫في اختيار ٍ‬
‫مهنة‬
‫كنا‬ ‫ِ‬
‫لدراسته لما َّ‬ ‫في دروس الرياضيات برع في الحساب ‪ ،‬ولو َّ‬
‫أننا قيمناه تبعاً‬
‫تمتعنا بمعرفة شيء عن النسبية‪.‬‬
‫‪َّ -5‬‬
‫إن معظم المناهج الدراسية ال تولي اهتمامات الشباب قدراً كافياً من العناية‬
‫هم من فهم الواقع بل‬ ‫تمكن ْ‬
‫‪ ،‬وال تجيب عن األسئلة التي تدور في رؤوسهم‪ ، -‬وال ّ‬
‫‪9‬‬
‫تقد ُم لهم المعلومات واألفكار‪ -‬بأسلوب ال يصلح معه إال الحفظ عن ظهر قلب‪ ،‬في‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫عصر نحتاج فيه ملكات اإلبداع واالبتكار‪ -‬والقدرة على إيجاد‬ ‫أننا في‬
‫حين ّ‬
‫وواع وهي ملكات يعجز‬‫ٍ‬ ‫الحلول للمشكالت التي تعترض طريقنا بشكل منطقي‬
‫أن‬
‫للشباب ‪ .‬وهذا يعني ّ‬
‫‪13‬‬
‫نظام التعليم الجامعي بأساليبه التقليدية عن منحها‬
‫بعض الجامعات العربية بمناهجها ونظمها ال تؤدي‪ -‬هذا الدور المهم المنوط بها‬
‫‪.‬‬
‫عمل تتالءم و اختصاصهم‪ -‬األمر الذي‬ ‫يجدون فرص ٍ‬‫َ‬ ‫‪ -6‬معظم الشباب ال‬
‫انعكس على استهتار‪ -‬الشباب بالمقررات التي يدرسونها‪ ، -‬إضافةً الزدياد نسب‬
‫أن اإلحصاءات‬ ‫البطالة بين صفوف الشباب حيث أكد الدكتور‪ -‬علي بو عناقة َّ‬
‫تشير إلى ّأنه "ضمن ‪ 17‬مليوناً من المتعطلين‬
‫التي تصف وضع الشباب ُ‬
‫‪14‬‬
‫الحاليين عن العمل ونسبتهم‪ ، %40 -‬تقل أعمارهم عن ‪ 25‬سنة "‪.‬‬
‫‪ -7‬عدم وجود تنسيق‪ -‬ثقافي بين األجهزة التربوية وغياب التنظيمات المسؤولة‬
‫عن الشباب في عدد من البالد العربية‪ ،‬األمر الذي يحرم الشباب من التعبير‬
‫عن آرائه ومعاناته الحقيقية ‪.‬‬
‫‪ -8‬وتعد الحالة المادية لمعظم الشباب من أخطر التحديات التي تواجههم‪-‬‬
‫‪،‬ألنها قد تعيق الشباب عن إكمال دراستهم‪ -‬الجامعية ‪ .‬أو دراسة االختصاص‬
‫الذي يرغبون في إحدى الجامعات الخاصة ‪.‬‬
‫ثانياً ‪ -‬التحديات الثقافية الخارجية ‪:‬‬
‫تحديات تنشأ من خارج المجتمع َّ‬
‫ولعل أبرز أسبابها الغزو الفكري الثقافي‬ ‫ٌ‬ ‫وهي‬
‫السرعة المتزايدة في التّقدم‬ ‫ِ‬
‫الغربي ‪ ،‬وتيار‪ -‬العولمة الجارف‪ ،‬باإلضافة إلى ّ‬
‫التكنولوجي‪ -‬الذي يأتي إلينا من الخارج ‪ ،‬في األوقات التي ليس لدينا فيها ما‬
‫يكفي من الثقافة والوعي والقدرة الالزمة للتعامل مع هذه التكنولوجيا الباهرة ‪،‬‬
‫مما يجعلنا عرضة للتبعية الدائمة للغرب ‪ ،‬وسنبقى‪ -‬على هذه الحال حتى‬
‫ركب التطور‪ .‬وأهم هذه التحديات تتمثل‬‫َاسترداد زمام األمور لمواكبة ِ‬
‫َ‪-‬‬ ‫نستطيع‬
‫في التحديات الثقافية اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -1‬التحدي االجتماعي ‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫طحان ‪ ،‬محمد جمال‪ ،‬أزمات الشباب بين الواقع والطموح ‪،‬البالغ ‪.‬نت ‪( .2009\6\19 ، 2000 ،‬بتصرف) ‪.‬‬
‫‪))http://www.balagh.com/youth/wl0zjskd.htm‬‬
‫‪14‬‬
‫بو عناقة ‪،‬علي ‪ .‬الشباب ومشكالته االجتماعية في المدن الحضرية ‪ .‬سلسلة أطروحات الدكتوراه (‪ ، )61‬مركز دراسات الوحدة العربية ‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪ ، .‬بيروت ‪2007 ،‬‬

‫‪10‬‬
‫عصر طغت فيه‬ ‫ٍ‬ ‫وهو من أخطر التحديات الثقافية على شبابنا العربي في‬
‫أن بعض الكتّاب ربط بين العولمة‬ ‫الثقافة الغربية خاصة األمريكية _حتى َّ‬
‫واألمركة برباط وثيق‪ -‬يقول برهان غليون ‪ " :‬العولمة تعني إذن بالضرورة‬
‫األمركة ‪ ،‬إذا قلنا إن لألمركة أرجحية المساهمة األمريكية في اإلنتاج الثقافي‬
‫بأنماط من َالسلوك االجتماعي الذي‬‫ٍ‪-‬‬ ‫المادي والمعنوي‪_15"... -‬ويترافق‪ -‬ذلك‬
‫ٍ‬
‫وأفالم ال يكون‬ ‫برامج‬
‫َ‬ ‫تفرضه بطرق‪ -‬مختلفة ‪ ،‬أبرزها مجمل ما تبثّهُ من‬
‫مضمون مادتها اإلعالمية إال كما وصفته الدكتورة مي العبد اهلل " إنها أفالم‬
‫تهدف إلى الغلو والالمنطقية ‪ ,‬وإ لغاء العقل في فهم الشباب والعالقات‪ -‬واألحداث‬
‫‪ ،‬ويشمل ذلك مجموعة كبيرة من األفالم التي تجسد الخرافة ‪ ،‬وتعمل بذلك على‬
‫‪16‬‬
‫تمجيد المغامرة الفردية والشعور بالعظمة وقتل اإلحساس بالجماعة ‪".‬‬
‫وج للعنف والوحشية بالدرجة األولى ‪ ،‬وماجرى‪ -‬في لبنان‬ ‫وال ننسى أبداً َّأنها تُّر ُ‬
‫‪ ، 2006‬وفي‪ -‬فلسطين عام (‪ ، )2009-2008‬وما جرى في العراق بعد‬
‫االحتالل األمريكي‪ -‬له ‪ ...2003 ،‬وال يزال ‪ .‬أبرز الشواهد التي التخفى على‬
‫أحد في مشارق‪ -‬األرض ‪ .‬وربما‪ -‬النجانب الصواب إذا ُقلنا إنها تسعى لنشر ثقافة‬
‫الفساد في المجتمعات ‪ ،‬بمعظم األفالم واأللعاب (لعبة كونتر‪ ، Conter‬جتي ايه‬
‫‪ )GTA‬والبرامج التي تنتشر في البلدان العربية ‪.‬‬
‫ولع ّل هذا يحول العنف‪ 17‬الذي تحمله هذه األفالم أو األلعاب إلى أرض الواقع‬
‫وحياة الناس‪ ،‬وقد‪ -‬ألمح إلى ذلك الدكتور جابر عصفور بقوله " ُي َنقل العنف من‬
‫‪18‬‬
‫مفردات اللغة إلى معطيات الواقع ‪ ،‬فيستبدل بالكلمة الرصاصة‪".‬‬
‫‪ -2‬التحدي التربوي والمعرفي‪:‬‬
‫ويتمثل بمظاهر عديدة من أهمها على سبيل المثال ‪:‬‬
‫‪ ‬إيفاد أو سفر عدد كبير من الطالب إلى البلدان الغربية وممارسة الحياة فيها‬
‫بكل مظاهرها‪ ، -‬وتأثّْ‪-‬ر عدد منهم سلبياً بهذه العادات والتقاليد على حساب‬
‫انحسار الثقافة العربية لديهم ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫أمين ‪ ،‬سمير ؛ غليون ‪ ،‬برهان ‪ .‬ثقافة العولمة وعولمة الثقافة‪45 .‬ص‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫العبد هللا ‪ ،‬مي ‪ ،‬التلفاز ‪ ،‬قضايا االتصال في عالم متغير‪.‬الطبعة األولى ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬لبنان ‪258، 2006 ،‬ص‪( .‬بتصرف)‬
‫‪17‬‬
‫وقد عرف أحد الباحثين العنف بقوله ‪ ":‬العنف تاريخيا ً ظاهرة بشرية ‪ ،‬وهو االستخدام غير المشروع أو غير القانوني للقوة ‪ ،‬وهو عدوان على ملكية و‬
‫حرية اآلخرين ‪ ،‬ويهدف الفاعل من خالله إلى فرض سيطرته وسطوته ومشيئته على الضحية سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ‪ ،‬واستغاللها في‬
‫تحقيق أهداف غير مشروعة " صالح ‪ ،‬أحمد محمد ‪ .‬األصولية والعنف االجتماعي ‪ .‬مجلة الهالل ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬مصر ‪ ،‬العدد ‪ ، 7‬يوليو ‪ 55 – 50 ، 2009‬ص‬
‫‪ ،‬والنص السابق ص ‪.52-51‬‬
‫‪18‬‬
‫المصدر السابق ص ‪. 54‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ ‬انتشار‪ -‬مراكز التعليم الغربية ومؤسساته في بالدنا ‪ ،‬حيث تتضمن مناهجها‬
‫التعليمية قدرا ًكبيراً من الثقافة األجنبية التي تنمو على حساب الثقافة العربية‬
‫مثل الجامعات األجنبية والمدارس‪ -‬األمريكية وغيرها ‪19.‬التي تفرض بطبيعة‬
‫الحال مناهجها وقيمها‪ -‬التربوية المالئمة لمجتمعها ‪ ،‬والتي قد تتناقض مع قيم‬
‫المجتمع العربي أحياناً ‪.‬‬
‫وقد عزا أحد الكتاب حالة الشباب الثقافية إلى األوضاع في بعض الجامعات‬
‫العربية بقوله ‪":‬فالشباب يلقون اللوم على الوقت الذي ال يكفيهم الستذكار‬
‫دروسهم‪ -‬فكيف يلتفتون إلى تثقيف أنفسهم ؟؟ ‪ ،‬وآخرون يرمون بالعتب على‬
‫أن أغلب الكتب‬‫الجامعات كونها المعمل الحقيقي ألفكار الشباب ‪ ،‬حيث يرون َّ‬
‫الجامعية اعتمد مؤلفوها على مراجع قديمة ولم تعد تتماشى‪ -‬مع ثقافة العصر‬
‫وعلومه" ‪ .20‬ويجب أال يغيب عن البال أيضاً طبيعة الطلبة الذين يودون‬
‫الحصول على شهادات ممهورة بطابع دولي دون عناء كبير أحياناً ‪.‬‬
‫وقد انعكس ذلك سلباً على البحث العلمي وتجلى ذلك بـ ‪:‬‬
‫ّش ُح البحوث العلمية واالفتقار إلى المراكز المجهزة بالبيئات المناسبة‬ ‫‪-1‬‬
‫إلنجاز مثل هذه البحوث ‪.‬‬
‫عدم قدرة الشاب على تحصيل المعارف‪ -‬الثقافية الكافية كماً ونوعاً في‬ ‫‪-2‬‬
‫خضم االنفجار المعرفي ‪.‬‬
‫‪ -3‬عدم قدرة جامعاتنا على مواكبة البحث العلمي والتطبيقات التكنولوجية‬
‫المتقدمة ‪ ،‬والتي تسير بتسارع‪ -‬مذهل نحو مجتمع المعرفة والمعلوماتية‪ ،‬مما‬
‫يولّ ُد فجوةً واسعةً في الثقافة العلمية والتكنولوجية بين شبابنا الجامعي وشباب‬
‫الغرب ‪ .‬ويفرض ضرورة االرتباط‪ -‬أو الدراسة بجامعات أجنبية لترميم‬
‫النواقص العلمية التي تشكو منها كثير من الجامعات العربية ‪ .‬ولهذه الجامعات‬
‫األجنبية شروطها التي تتنافى أو تتناقض أحياناً مع مصالح البالد العربية‪.‬‬
‫‪ _3‬التحدي اإلعالمي ‪:‬‬
‫مر بنا القول ‪ ":‬إن اإلعالم والثقافة يتوحدان في رسالة مشتركة وقد أسهما‬
‫َّ‬
‫في التداخل والتنافذ وصعوبة التمييز بينهما ‪ "...‬ولذلك ُّ‬
‫يعد التحدي اإلعالمي‬ ‫‪21‬‬

‫‪19‬‬
‫فرحان ‪ ،‬إسحق أحمد ‪ .‬الشباب والتحديات الثقافية وطرق الوقاية والعالج ‪14 .‬ص ‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫السمنة ‪ ،‬راوية طه ‪ ،‬استطالع رأي الشباب الجامعي السوري حول تحديات العولمة وأثرها على ثقافة الشباب ‪100‬ص ‪( .‬بتصرف) ‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫في الصفحة ‪ 4‬من البحث ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫سواء على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الخارجي المفتاح األول لغزو عقول‬
‫الشباب في وقتنا‪ -‬الحالي؟! ‪ ،‬كما يولَُد فجوة بين الجامعات وسوق‪ -‬العمل أيضاً ‪.‬‬
‫يحملُنا على تبني أفكار‪ -‬مزركشة يخالها الشباب أنها قيمةٌ من صلب مجتمعه‬ ‫و قد ِ‬
‫التغي َر الثقافي ليس إال ثمرةً من‬
‫أن ّ‬ ‫و ثقافته‪ ،‬لذلك يذهب بعض الباحثين إلى َّ‬
‫‪22‬‬

‫ثمرات وسائل اإلعالم ‪.‬‬


‫أن‬‫وتعد الوسائل السمعية البصرية أكثرها خطورة ‪ ،‬وتجدر اإلشارة هنا إلى َّ‬ ‫ُّ‬
‫تكمن في وسائل اإلعالم نفسها ؛ َّإنما في المواد التي تقدمها وبالشكل‪-‬‬‫المشكلةَ ال ُ‬
‫الذي تطرحه ‪ ،‬وما زلت أذكر أحد تعليقات زمالئي حين ألقى اللوم على اإلعالم‬
‫ويضرب مثالً قناة "زين" الفضائية‬
‫ُ‪-‬‬ ‫يسوق‪ -‬للفكر الغث الضحل ‪،‬‬ ‫العربي الذي ّ‬
‫طة الشباب العربي ‪ ،‬التي ستتناول‪ -‬قضاياهم‪-‬‬ ‫رو َج لها إعالمياً على ّأنها مح ّ‬
‫التي ّ‬
‫صةُ َّ‬
‫الش َع ِر‬ ‫أن مشكالت الشباب من وجهة نظرها هي قَ ّ‬ ‫تبين َّ‬
‫ولكن ّ‬
‫ومشكالتهم‪ْ ، -‬‬
‫ونوعية المالبس ومواقع الفنانين على اإلنترنت ونغمة الجوال ومجمل القول‬
‫خف بعقول الشباب ‪ ،‬وتشوه وعيهم‬ ‫‪:‬إنها ليست سوى قناة دعائية‪ .‬فهي تستّ ُ‪-‬‬ ‫ّ‬
‫وثقافتهم‪ -‬؛ وماالذي‪ -‬ستقدمه هذه المعطيات في تطور البالد وازدهارها‪ -‬؟! ‪.‬‬
‫وهكذا تكون مواجهة التحدي في التقليل من اآلثار السلبية للتواصل اإلعالمي ‪،‬‬
‫مع إمكانية االستفادة منها في التواصل مع اآلخرين وتوظيفها‪ -‬في خدمة الثقافة‬
‫والقضايا العلمية والحياة العملية المفيدة ‪.‬‬

‫ثالثاً ‪ -‬اآلثار التي نجمت عن هذه التحديات الثقافية ‪:‬‬


‫مر ذكرها تركت آثاراً سلبية على الشباب‬ ‫َّ‬
‫لعل معظم التحديات الثقافية التي َّ‬
‫العربي ‪ ،‬وأهم هذه اآلثار التي نجمت عنها‪:‬‬
‫‪ -1‬أزمة التناقض واالغتراب ‪:‬‬
‫ٍ‬
‫متناهية من‬ ‫هذه األزمة الحقيقة التي يعيش ضمنها الشباب في ُدوامة ال‬
‫إن الشباب في معظم المجتمعات العربية مهم ّشون ‪ ،‬فالشاب‬ ‫التغيرات ‪ ،‬حيث َّ‬
‫شخص يتردد‪ -‬بين األضداد‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫يقف على الحدود بين حضارات ال ينتمي إليها ‪ّ ،‬إنه‬
‫موزع وغير مستقر ‪ ،‬حساس ‪ ،‬يراوح بين الخجل والتمرد ‪ ،‬في صراع بين‬
‫واقع الحياة والقيم ‪ .‬يعيش في مجتمع حديث يعوقه عن القيام بدور ذي معنى في‬

‫‪22‬‬
‫العبد هللا ‪ ،‬مي ‪ ،‬التلفاز ‪ ،‬قضايا االتصال في عالم متغير‪258، .‬ص‪( .‬بتصرف)‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫هذه الحياة ‪ .‬فالشاب عاجز عن تحديد دوره في الحياة ‪ ،‬وعاجز عن إيجاد‬
‫‪23‬‬
‫الفرصة التي تعينه على اإلحساس بقيمته االجتماعية ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫دراسة قامت بها جمعية تنظيم األسرة بالتعاون مع اتحاد شبيبة الثورة‬ ‫وفي‬
‫في سوريا لعام ‪1993‬م ‪ ،‬وهي عبارة عن بحث ميداني بطريقة االستبيان شكلت‬
‫عينة أفرادها‪ 100 -‬فرد من أربع محافظات سورية ‪ ،‬تتناول مشكالت الشباب‬
‫ت الدراسة إلى النتائج اآلتية وهي‪:‬‬
‫أد ْ‬
‫في سورية وقد ّ‬
‫‪ 63% ‬من الشباب يشعرون باالغتراب عن محيطهم بشكل ٍعام ‪ ،‬قد يكون‬
‫السبب في ذلك كما عزاه الدكتور أحمد العموش بقوله "الثورة المعلوماتية‬
‫ووسائل االتصال الحديثة التي زعزعت مبادئهم‪ -‬وجعلتهم يعيشون في‬
‫ازدواجية وصراع بين قيمهم‪ -‬ومبادئهم‪ -‬المستمدة من تعاليم الدين وبين‬
‫رغباتهم التي تتنافى‪ -‬معه" ‪.24‬‬
‫ري ‪ ،‬بسبب‬
‫ُس ِّ‬
‫باالغتراب عن محيطهم األ َ‬ ‫‪ 28% ‬من الشباب يشعرون‬
‫التفكك األسري‪ -‬واالجتماعي ‪.‬‬
‫‪25‬‬

‫‪ 34% ‬منهم يشعرون بالغربة عن محيط أصدقائهم‪ ، -‬وقد‪ -‬يعود ذلك إلى‬
‫‪26‬‬
‫ِّ‬
‫تفشي الزيف واألنانية بين األصدقاء‪.‬‬
‫وخلصت الدراسات السابقة إلى َّ‬
‫أن هذه النسبة المرتفعة تعود إلى ‪:‬‬
‫‪ -1‬التنشئة المبنية على الخجل والعقاب وعلى كبت الحرية ‪ ،‬فالشاب غدا ال‬
‫يطمئن إال في جو األلفة الذي أصبح ال يجده حتى مع األصدقاء بسبب تفشي‬
‫‪27‬‬
‫الزيف واألنانية ‪.‬‬
‫أكثر الشعوب العربية يعاني شبابها من التفكير في‬
‫أن َ‬ ‫‪ -2‬أضف إلى ذلك ‪ّ ،‬‬
‫المستقبل وتكوين األسرة واألعباء المالية الواقعة على كاهله ‪ ،‬فتدخله في دوامة‬
‫‪28‬‬
‫االنعزال‪.‬‬

‫‪ 23‬عبيدات ‪ ،‬خالد ‪ .‬الفكر العربي ‪ ،‬مركز عمان لدراسات حقوق اإلنسان ‪< . 2008\6\14 ، 2007 ،‬‬
‫‪>http://www.achrs.org/arabic/book‬‬
‫<‬ ‫‪ 24‬األمير ‪ ،‬نورا ‪ .‬اغتراب الشباب ظاهرة عربية مركبة ‪،‬شبكة مدارس اإلمارات ‪(. .2009\7\9 ،‬بتصرف)‬
‫‪. >http://www.uaes.ae/vb/t29326.html‬‬
‫‪ 25‬المصدر السابق ‪(. .‬بتصرف)‬
‫<‬ ‫‪ 26‬عبيدات ‪ ،‬خالد ‪ .‬الفكر العربي ‪ ،‬مركز عمان لدراسات حقوق اإلنسان ‪. 2008 \6 \14 ، 2007 ،‬‬
‫‪>http://www.achrs.org/arabic/book‬‬
‫‪ 27‬المصدر السابق ‪(. .‬بتصرف)‬
‫‪ 28‬المصدر السابق ‪(.‬بتصرف)‬

‫‪14‬‬
‫‪ -3‬التباين في المستوى‪ -‬التعليمي ‪ ،‬وتأثير‪ -‬وسائل اإلعالم المختلفة عبر‬
‫‪29‬‬
‫الدعايات الخاطئة ‪.‬‬
‫ويمكن أن يضاف أيضاً إلى ما تقدم المناهج التربوية واألكاديمية التي ال تشجع‬
‫على التفكير واإلبداع‪ ، -‬وال تنمي حرية التفكير والتعبير والبحث لدى الشباب‬
‫العربي ‪ ،‬بما تقدمه من مواد محفوظة مكررة ‪ ،‬وطرائق قديمة بالية قد أكل‬
‫عليها الدهر وشرب ‪.‬‬
‫بأنها عزوف‬ ‫تعرف كما يرى الدكتور‪ -‬أحمد العموش ّ‬ ‫‪ -2‬أزمة التفاعل ‪ّ :‬‬
‫لشاب في ِّ‬
‫ظل‬ ‫يمكن ٍ‬
‫الشباب عن المشاركة في قضايا‪ -‬المجتمع ‪ ،‬فكيف ُ‬
‫‪30‬‬

‫يكون عنصراً فاعالً في الحياة الثقافية‬


‫أن َ‬ ‫كل تلك األزمات – التي ذكرت آنفاً ‪ْ -‬‬
‫قادر على مواجهة التحديات‬‫قادر على بناء ثقافته ‪ ،‬وال هو ٌ‪-‬‬
‫؟!! ‪ ،‬فال هو ٌ‪-‬‬
‫المعاصرة وفهم ثقافة العصر‪ ،‬وال قادرعلى التعبيرعن رأيه ‪.‬‬
‫‪ -3‬أزمة الثقة ‪ :‬التي تجعل الشاب يتراوح في حالة من انعدام ثقته بثقافته والتشكيك‪-‬‬
‫بمعلوماته ‪ ،‬مما يجعله عرضةً للتأثر بقناعات اآلخرين والذوبان فيهم وفي‬
‫أفكارهم ‪ ،‬وتقليدهم في سلوكهم وممارساتهم‪. -‬‬
‫‪ -4‬أزمة الهوية واالنتماء‪:‬‬
‫للهوية تعاريف‪ -‬عديدة‪ ،‬إال أن أبرز تعريف شامل جاء على لسان المفكر‬
‫عرفها “ بالكيان الذي يجمع بين‬
‫السوري الدكتور‪ -‬علي أسعد وطفة‪ ،‬والذي ّ‬
‫انتماءات متكاملة‪ .‬وهوية المجتمع تمنح أفراده مشاعر األمن واالستقرار‪ -‬في‬
‫الوقت الذي يكون فيه المجتمع متعدداً بانتماءات وفئات وجماعات عرقية أو‬
‫دينية أو سياسية أو اجتماعية”‪.31‬‬
‫وتنبع هذه األزمة نتيجة ضعف الوعي ‪ ،‬وتعرضه لتيارات حضارية‬
‫وثقافية مختلفة ‪ ،‬واالنجرار وراء تقليد اآلخرين األعمى ‪ ،‬ففقدان الهُوية ‪،‬‬
‫وضعف الثقة بثقافتنا وتقاليدنا‪ ، -‬يسهل انحياز الشاب نحو فكرة ما أو جماعة أو‬
‫أمة معينة ‪ ،‬وبدالً من أن ينتسب إلى أمة حضارية كبيرة ‪ ،‬يفاخر بنسبه القبلي أو‬
‫الوطني أو اإلثني أو العائلي ‪..‬الخ ‪.‬‬

‫‪ 29‬السمنة ‪ ،‬راوية طه ‪ ،‬استطالع رأي الشباب الجامعي السوري حول تحديات العولمة وأثرها على ثقافة الشباب ‪100‬ص ‪( .‬بتصرف)‬
‫‪ 30‬األمير ‪ ،‬نورا ‪.‬قضية اغتراب الشباب ظاهرة عربية مركبة ‪ .‬شبكة مدارس اإلمارات ‪http://www.uaes.ae/vb/t29326.html،‬‬
‫‪.9\7\2009‬‬
‫‪ 31‬بدر‪ ،‬مرتضى ‪ .‬الخليج بين أزمة الهوية وأزمة الديمقراطية ‪ .‬شبكة النبأ المعلوماتية ‪< . 2009 \7\9 ، 2009،‬‬
‫‪>http://www.annabaa.org/nbanews/2009/05/132.htm‬‬

‫‪15‬‬
‫إن أزمة الهوية أصبحت ظاهرة‬ ‫وبالعودة إلى موضوع الهوية واالنتماء نقول‪ّ :‬‬
‫مر كثير من الشعوب بمثل هذه األزمة‪ ،‬إال أن العولمة جاءت لتؤكد‬ ‫عالمية‪ ،‬وقد‪ّ -‬‬
‫مقولة (ال وجود لهوية ثابتة في العالم) ‪ ،‬مما يدل على خطورة هذه األزمة ‪ ،‬فقد‬
‫الهوية في حياة المجتمع بقوله ‪" :‬ال أخشى على أمتنا‬ ‫أظهر أحد الكتّاب أهمية ُ‬
‫أن يضربها‪ -‬أعداؤها بالقنبلة الذرية ‪ ،‬ألنها ستفتك ببضعة ماليين من البشر ‪،‬‬
‫وإ نما أخشى على هوية أمتنا وحضارتها‪ -‬وثقافة شبابنا وترابط‪ -‬أسرنا وقيمنا‬
‫وأنماط سلوكنا‪ -‬االجتماعي من القنبلة االجتماعية والثقافية ‪ ،‬التي تنذر باالنهيار‪-‬‬
‫الثقافي والتفسخ االجتماعي ألمتنا"‪.32‬‬
‫ولع ّل هذا أخطر ما تواجهه األمة في عصرنا الراهن ‪ ،‬والأبالغ في القول ‪ :‬إن‬
‫تجاوزها لهذا التحدي سيصنع لألمة مستقبالً زاهراً ألنه يقرر عوامل الوجود‬
‫والبقاء لها أو الموت والفناء ‪.‬‬
‫المحور الثالث _ وسائل اإلعالم واالتصال بوصفها أهم التحديات الثقافية في‬
‫حياة الشباب المعاصرة ‪:‬‬
‫أن التحدي الثقافي اإلعالمي (الذي يشمل كل وسائط اإلعالم المرئية‬ ‫بما َّ‬
‫كالتلفاز‪ ،‬والسمعية كاإلذاعة ‪ ،‬والبصرية المكتوبة كاإلنترنت والمجالت ‪،‬‬
‫والصحف ‪ ،‬والهاتف الجوال ‪ُّ )....‬‬
‫يعد من أخطر التحديات الثقافية التي‬
‫يواجهها الوطن العربي بكل فئاته ‪ ،‬وباألخص فئة الشباب التي تتأثر به إلى ٍ‬
‫حد‬
‫بالغ ‪ .‬ولقد مر بنا القول عن الصلة بين الثقافة واإلعالم ‪ .‬ولذلك سأتناول‬
‫ٍ‬
‫التأثير المتبادل بين اإلعالم وقضايا‪ -‬الشباب الجامعي انطالقاً‪ -‬من واقعه المحلي‬
‫ووصوالً‪ -‬إلى قضايا‪ -‬الواقع المعاصر ‪ ( .‬قدرة الشباب على تحويل اإلعالم إلى‬
‫أداة فعالة تخدم القضية العربية "أمثلة عملية" ) ‪.‬‬
‫أوالً _ اإلعالم وتأثيره في وعي الشباب الجامعي وسلوكه ‪:‬‬
‫تبدو وسائل اإلعالم كالشمعة ‪ ،‬إذا انطفأ نورها عميت أعيننا عن رؤية‬
‫الحقيقة ‪ ،‬وإ ذا بالغنا في إشعال شرارتها‪ -‬أو باالقتراب‪ -‬منها أحرقت هوية وجودنا‬
‫‪.‬‬

‫‪ 32‬فرحان ‪ ،‬إسحق أحمد ‪ .‬الشباب والتحديات الثقافية وطرق الوقاية والعالج ‪14 .‬ص ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ -1‬اإلعالم المكتوب (الصحافة المكتوبة ) ‪:‬‬
‫من المالحظ في عصرنا الحالي ‪ :‬أن نسبة الشباب الذين يقرؤون الصحف‬
‫مثالً قلي ٌل نوعاً ما ‪ ،‬في السابق كانت الصحافة هي السلطة الرابعة؛ أي ّإنها بعد‬
‫أكثر من وسيلة ترفيهية‬ ‫فليست َ‬
‫ْ‬ ‫السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية ‪،‬أما اليوم‬
‫للشباب ‪ ،‬ال تتعدى في األغلب قراءة صفحة الوظائف‪ -‬أو الكلمات المتقاطعة ‪،‬‬
‫واألهم من هذا كله صفحة األبراج ‪ ،‬وفي أحسن األحوال تصفّح بعض العناوين‬
‫ب‬ ‫ٍ‬
‫بسطور تُ ْكتَ ُ‬ ‫كثير من شبابنا اليوم يربط قدره‬ ‫أواألخبار‪ .‬فيا لألسف الشديد ‪ٌ ،‬‬
‫يريد سماعه فقط ‪،‬‬ ‫يبحث عما ُ‬ ‫تكون صحيحة أو ال ! وهناك من‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫في جريدة وقد‪ُ -‬‬
‫يفكر في شرائها إال لذلك ‪.‬‬‫فيبدأُ بالتقليب بين عدة جرائد لم ْ‬
‫تهتم بنجوم‪-‬‬ ‫ِ‬
‫أما بالنسبة للمجالت ‪ ،‬فاألكثر رواجاً‪ -‬منها بين الشباب هي التي ُ‬
‫الغناء والموضة أو المجالت الصفراء واألزياء والمكياج ‪ ،‬والهواتف المتحركة‬
‫َّ‬
‫مالبسهن‬ ‫لقين ِّ‬
‫بكل‬ ‫فترى الشابات ُي َ‬ ‫وماشابه ذلك من معطيات التكنولوجيا ‪َ ، ..‬‬
‫تكتفي مجالت الموضة بجذب‬ ‫ألن الموضة أزرق‪ -‬أو أخضر ‪ .‬ولن‬ ‫السوداء َّ‬
‫َ‬
‫الشع ِر الغريبة أو تلك‬
‫تستدرج بذكائها‪ -‬الشباب ‪ ،‬فتجد موديالت َ‬ ‫ُ‬ ‫الفتيات ‪ ،‬بل‬
‫الوشوم التي يحفرونها تقليداً منهم لفنان معين ‪ ،‬وال نستغرب إن ارتدى الجميع‬
‫يتصدران أغلفة المجالت ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مالبس متشابهة تقليداً لفنانة أو فنان‬
‫وهنا يأتي التحدي األهم الملقى على عاتق الجامعات ‪ ،‬في توجيه شبابنا نحو‬
‫المجالت العلمية والبحثية الجادة من خالل تعريفهم بأسماء هذه المجالت (كمجلة‬
‫العلوم ‪ ،‬الباحثون ‪ ،‬واآلداب ‪ ،‬أو مجالت الجامعات المحكمة‪ ، ) ..‬والتي‬
‫تنوعت اختصاصاتها لتالئم حاجات الشباب المتنوعة ‪ ،‬وترضي‪ -‬فضولهم‪ -‬في‬
‫اكتشاف المجهول‪ .‬وذلك من خالل تشجيعهم‪ -‬على عمل األبحاث أو مناقشة‬
‫موضوع‪ُ -‬ن ِش َر في إحدى هذه المجالت العلمية أو غيرها من المجالت العربية‬
‫الجادة مما يسهم في تدعيم ثقافتهم العلمية واألدبية‪.‬‬
‫‪-2‬اإلذاعة ‪:‬‬
‫لم تعد اإلذاعة وسيلة لنقل المعلومات والمعارف‪ -‬فقط ‪ ،‬بل أصبحت إحدى‬
‫العوامل المؤثرة في أفكار وسلوك‪ -‬الشباب وفي‪ -‬تكوين االتجاهات ‪.‬‬
‫ومع ازدياد‪ -‬موجة التغريب التي يعيشها الشباب العربي كثرت المحطات‬
‫اإلذاعية الخالية من أي مضمون غير االهتمام بالقشور ‪ ،‬وذلك ببث األغاني‬
‫الهابطة وإ جراء الدردشات‪ -‬مع الشباب دون هدف له عالقة باهتمامات الشباب‬

‫‪17‬‬
‫الحقيقية ‪ ،‬أو مقابالت مع فنانين أو فنانات مثل عمرو دياب وأليسا وهيفا ونانسي‬
‫و ‪ ..‬وخير مثال على ذلك اإلذاعات المنتشرة هذه األيام (سترايك ‪ ،‬صوت الغد‬
‫‪ ،‬روتانا‪ ،) .. -‬ومن يرد أن يعرف مدى خطورة هكذا إذاعات فما عليه إال أن‬
‫يتابع حجم االتصاالت من الشباب ونوعية الحوارات التي تجري بينهم وبين‬
‫المذيعين والمذيعات‪.‬‬
‫التلفاز ‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫يعد التلفاز من أخطر وسائل اإلعالم_ إذا لم يكن أخطرها_‪ -‬لما له من‬ ‫ُّ‬
‫جاذبية ولسهولة نيله وإ دراكه ‪ ،‬ويشبع التلفاز نهم الشباب في معرفة األحداث‬
‫الجارية والتغلغل إلى ما وراء هذه األحداث ومعرفة الكثير عن العالم والشعوب‪،‬‬
‫تشد المشاهدين من الشباب ‪ ،‬فتراه يقدم التغيير واإلثارة‬
‫فله أساليب عديدة ّ‬
‫والتّرقب ‪ ،‬وتارةً يكون منفذاً للهروب من الواقع والمشكالت اليومية‪.‬‬
‫وكثيرةٌ هي البرامج الموجهة إلى هذه الفئة المهمة في مجتمعنا ‪ ،‬والتي تعاني‬
‫تناقضات هذا العصر بين الوارد إلينا من أساليب وأفكار‪ -‬وبين ما يتمسك به‬
‫مجتمعنا من عادات ومفاهيم‪ .‬فكانت هذه البرامج هي بقعة الضوء المسلطة‬
‫عليهم تحاكي أحالمهم وتطرح‪ -‬مشكالتهم ‪ ،‬لكن هل كان فعالً اإلعالم المرئي‬
‫مهم في هذا المجال؟ وما مدى تأثير تلك البرامج على‬ ‫الموجه للشباب يقوم بدورٍ ٍ‬
‫شبابنا؟‪ .‬آراؤهم كانت متباينةً في هذا الموضوع‪ ، -‬فمنهم‪ -‬من يرى هذه البرامج‬
‫يرون أنها ال‬
‫َ‬ ‫تسهم بشكل كبير في توعية الشباب وإ براز مواهبهم‪ ، -‬وآخرون‬
‫ك ساكناً بل لإلمتاع والتسلية ال أكثر‪.‬‬ ‫تحرّ ُ‬
‫وفيما يأتي من إحصائيات ودراسات‪ -‬صورة لذلك ‪:‬‬
‫‪ " -‬أظهرت الدراسات التي أجريت على طالب المرحلتين الثانوية والجامعية‬
‫أن الطالب الذي ينجز مرحلة التعليم الثانوي‪ -‬يكون قد أمضى ‪ 16‬ألف ساعة‬
‫‪ّ ،‬‬
‫أمام شاشة التلفاز مقابل ‪ 8‬إلى ‪ 10‬آالف ساعة في حجرة الدراسة ‪ ،‬أما الطالب‬
‫الجامعي فإنه يمضي ‪ 1000‬ساعة سنوياً أمام التلفاز مقابل ‪ 600‬ساعة في‬
‫قاعة المحاضرات "‪.33‬‬
‫‪ -‬وفي دراسة ميدانية عام ‪ 2006‬أجريت على الشباب في الجامعات اللبنانية‬
‫‪ ،‬أظهرت النتائج ازدياد ساعات المشاهدة من ثالث ساعات كمدة وسطية لتصبح‬

‫‪ 33‬السمنة ‪ ،‬راوية طه ‪ ،‬استطالع رأي الشباب الجامعي السوري حول تحديات العولمة وأثرها على ثقافة الشباب ‪100 ،‬ص ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫مدة المشاهدة الوسطية ألكثر العينة من ‪ 6-3‬ساعات ‪ ،‬فالتلفاز في النهاية برأي‬
‫‪34‬‬
‫ِّ‬
‫الكل (هو أفضل وسيلة لتمضية الوقت الضائع ) ‪.‬‬
‫أن ‪ %66‬من الشباب الجامعي يشاهد التلفاز‬ ‫وفي الدراسة السابقة نفسها بينت ّ‬
‫بمعزل عن اآلخرين وقد‪ -‬يحص ُل هذا باختيار‪ -‬منهم أو لظروف أخرى ‪ ،‬إال أن ّ‬
‫األمر يؤكد على خطر انفرادية المشاهدة الذي يزداد سنة بعد سنة ‪ - .‬وفي‬
‫سورية بينت دراسة علمية قام بها مركز الدراسات والبحوث الشبابية التابع‬
‫لمنظمة اتحاد شبيبة الثورة في عملية مسح وتحليل لواقع الشباب السوري‪ -‬وأهم‬
‫قضاياهم‪ -‬ومشكالتهم‪ -‬وطبيعة احتياجاتهم(والتي شملت ‪9350‬شاباً وشابة بين‬
‫‪13‬إلى ‪ 35‬سنة توقع حضورهم‪ -‬ضمن ‪ 5000‬أسرة ‪ ،‬شباط ‪. 35).2006‬‬
‫أن نسبة مشاهدة التلفاز عند الشباب حسب أنواع النشاط التلفازي هي‪:‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫ذكور‪ )%36,4(:‬يهتم كثيراً‪ )%27,7(,‬دائماً ‪ .‬إناث‪ )%35,7( :‬يهتم كثيراً‪(,‬‬
‫‪ )%34,5‬دائماً‪.‬‬
‫‪ -‬وهذه النسب العالية من الشباب تراجعت عندها أولويات المعرفة واإلعالم‬
‫لصالح تقدم التلفاز وطغيانه على ممارسات‪ -‬حياتهم‪.‬‬
‫ولعل أخطر ما نبهت إليه الدراسة ‪ ،‬هو كشفها أنّ المصادر‪ -‬التي يعتمد عليها‬
‫الشباب في بناء تصوراتهم للمستقبل تندرج وفق‪ -‬اآلتي ‪ُ :‬يعد التلفاز المصدر‪-‬‬
‫األول الذي يعتمد عليه الشباب دائماً في بناء تصوراتهم‪ -‬للمستقبل‪ ،‬يليه أحد‬
‫األبوين أو كالهما في المرتبة الثانية ‪ ،‬ثم أحد اإلخوة في المرتبة الثالثة حيث‬
‫يشكّل هؤالء بين ‪ % 13-%12‬من مجموع عدد الشباب ‪.‬‬
‫النسبة السابقة التي وضعت التلفاز في مقدمة مصادر المستقبل قد تبدو مؤشرَ‬
‫خطرٍ على الشباب السوري‪ -‬ما لم نستفد منها ‪ ،‬أو على األقل ستكون فرصة‬ ‫َ‬
‫نهدرها إن لم نحسنْ التعامل معها‪ .‬ومن هنا نجد َّ‬
‫أن التلفاز يؤثر في الشباب تبعاً‬
‫للفترة الزمنية التي يقضيها في مشاهدته‪:‬‬
‫‪ -1‬التلفاز يكسب الشباب أنماطاً من السلوك االجتماعي في حياتهم وبيئاتهم ‪،‬‬
‫ويؤثر‪ -‬في عملية التكيف التي تقوم بها األجهزة األخرى كاألسرة والبيئة ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫العبد هللا ‪ ،‬مي ‪ .‬التلفاز ‪ ،‬قضايا االتصال في عالم متغير‪258 .‬ص‪ .‬بتصرف‬
‫‪35‬‬
‫< منتدى شبابنا ‪ ،‬الشباب السوري والتلفاز المصدر األول لبناء تصوراتهم للمستقبل ‪2009\6\22 ،‬‬
‫>‪http://www.shababona.com/shabab/content/view/380/1/‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ -2‬يسهم التلفاز في بلورة وتغيير اتجاهات الشباب من خالل إثارة عواطفهم ‪،‬‬
‫بتقديم مشاهد درامية ‪ ،‬رغم أن لكل شاب قابليةً خاصةً للتأثر بالتلفاز ‪.‬‬
‫‪ -3‬يهيئ التلفاز الشباب للتعرف إلى أشياء كثيرة منها ما هو في محيطهم ومنها‬
‫ما هو بعيد عنهم ‪.‬‬
‫ويترتب على ما سبق ذكره اندفاع‪ -‬الشباب لنهج إحدى السلوكيات التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬انعزال الشاب عن محيطه ‪ ،‬والهرب من ضغوط الحياة والواقع‪ -‬إلى التلفاز‬
‫لكونه وسيلة الترفيه والترويح عن النفس ال أكثر‪ .‬ولكن هذا يؤثر‪ -‬سلبياً في‬
‫حياته االجتماعية وقدرته على حل المشكالت التي قد تعترض طريقه ‪.‬‬
‫إن الكثير منهم قد يندفع إلى تقليد الشخصيات التي تظهر أمامه في‬
‫" بل ّ‬
‫التلفاز بطريقة مأكلها ومشربها‪ -‬وتسريحة شعرها وطريقة حلها للمشكالت التي‬
‫تواجهها ‪ ،‬والتي قد تكون إيجابية أو سلبية ‪ .‬بل كثيراً ما غيرت المسلسالت‬
‫حتى نوعية األسماء واأللقاب التي يطلقها الشباب على أنفسهم أو تلك التي تطلق‬
‫على المواليد الجدد"‪. 36‬‬
‫(نصار)‪ 38‬على‬
‫وهذا ما ظهر جلياً بعد عرض مسلسل (باب الحارة) أو ّ‬
‫‪37‬‬

‫"نصار"‪ -‬حباً بهذه الشخصية ‪ ،‬وكم‬


‫سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬فكم من مولود لقب ّ‬
‫من شاب قلّد مشية معتز الخاصة ‪ ،‬وكم من طفل قلّد العقيد "أبو شهاب" ‪ .‬حتى‬
‫َّ‬
‫إن الشابة عندما تريد ذم صديقتها بكثرة الكالم نادتها "فلاير"‪ ! -‬وهي أسماء‬
‫مستعارة من المسلسل المذكورآنفاً‪...‬‬
‫‪ -2‬رفض الشاب لتقاليد مجتمعه وثقافته بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ‪،‬‬
‫منحازاً بذلك ألفكار‪ -‬قد طرحت عبر مناقشات أو برامج في بعض الفضائيات‬
‫العربية ‪،‬أو تبناها نتيجة متابعته لمسلسل معين‪ ،‬وأخص بالذكر هنا المسلسالت‬
‫المدبلجة ( فمثالً دخلت المسلسالت التركية على البيئة السورية كمسلسل نور‪،‬‬
‫ٍ‬
‫وبدبلجة سورية ‪ ،‬حتى ِإنك‬ ‫وسنوات الضياع ‪ ،‬بأصوات ممثلين سوريين ‪،‬‬
‫رغم ّأنها تحمل من األفكار ما يتعارض‬
‫لتخالُها من صميم البيئة السورية ؛ َ‬
‫أحياناً مع عاداتنا وتقاليدنا مثل قضية الزواج غير الشرعي ‪ ،‬وتقبل األبناء غير‬

‫‪ 36‬عيسى ‪ ،‬محمد الهادي ‪ .‬تأثير وسائل اإلعالم على عالقة الشباب ‪ .‬الطبعة األولى ‪ ، 1985 ،‬المنظمة التونسية لألسرة ‪ ،‬تونس ‪،‬‬
‫‪28‬ص ‪(.‬بتصرف)‪.‬‬
‫‪ 37‬مسلسل باب الحارة ‪ :‬مسلسل سوري عرض على عدة فضائيات عربية ؛ أهمها الفضائية السورية و‪ .M.B.C‬وهو يتألف من عدة‬
‫أجزاء ‪.‬وال يزال مستمراً ل ِما تنقطع أجزاؤه‪.‬‬
‫‪ 38‬نصّ ار ‪ :‬مسلسل سوري يجسد شخصية نصار بن عربي تم عرضه على عدة فضائيات عربية كقناة الديرة والفضائية السورية ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫الشرعيين‪ ،‬والصداقة بين الشاب والفتاة وغيرها ‪ ،...‬و ال يخفى ما النتشار هذه‬
‫العادات من آثار ضارة بمجتمعنا‪. ) . -‬‬
‫‪ -3‬وعي الشاب ألهمية التلفاز ‪ ،‬والواقع الذي يعيشه ‪ ،‬فيتابع البرامج بانتقائية‬
‫فإن ما يحمله من الوعي يساعده‬ ‫‪ ،‬حتى وإ ن كانت برامج ترفيهية أو مسلسالت َّ‬
‫على التأثر إيجابياً بما يشاهد ‪ ،‬بدالً من التقليد األعمى الذي ال يميز بين سيئ أو‬
‫جيد ‪.‬‬
‫تقدم ذكره في (ص‪ )10‬ضرورة إعادة تقييم عالقاتنا‪ -‬بالتلفاز‪ ،‬من‬ ‫يتضح مما ّ‬
‫أننا بذلك نحفظ‬‫جهة إدخاله في منظومة األخالق والقيم النبيلة والركون إلى ّ‬
‫شبابنا من تأثيره ‪ ،‬فذلك ال يلغى بكبسة زر من جهاز التحكم‪ ،‬بل ما يجب فعله‬
‫بحق هو تقييم طبيعة عالقاتنا مع التلفاز وتحصين النفس بالتربية والوعي‬
‫تهب عليه ‪ ،‬وعلينا‬‫كشرطين متالزمين ‪ ،‬فالشباب قابل لتلقي كل الرياح التي ُّ‬
‫يفتح أبوابه ونوافذه لها ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ببساطة أن نص َل به َّ‬
‫أن َ‬ ‫إدراك أي ريح عليه ْ‬ ‫حد‬
‫خاصة إذا أدركنا أن الشركات اإلعالمية (خاصة الغربية) تصيب هدفين‬
‫برمية واحدة ‪،‬عندما تجيد استخدام التقنيات الحديثة إلنتاج مواد إعالمية ال تقيم‬
‫اعتباراً للقيم اإلنسانية ‪ ،‬والبد من اإلشارة هنا إلى البرامج التي شاهدناها ‪ ،‬وهي‬
‫تصور لنا العفوية والحياة كما هي على الهواء مباشرة (برنامج ستار‬
‫أكاديمي)‪ ،39‬وإ لى (الفيديو كليبات‪ ،‬وتصوير األغاني) التي تمأل المحطات‬
‫الفضائية كـ "روتانا و ميلودي و‪ "...‬حيث نشاهد جيالً من الفنانات التي تستخدم‬
‫جمالها لترويج أغانيها الهابطة أمثال دانا وماريا و الخ ‪.‬‬
‫وأخيراً برامج المسابقات التي تستخدم‪ -‬المرأة لتحقيق غاياتها ‪ ،‬حيث تظهر‬
‫فيها المذيعات الجميالت لتسأل بعض األسئلة المهمة مثل " كم بيضة يبيض‬
‫الديك ؟ " ‪ ،‬فهي من جانب تحقق أرباحاً فلكية ومن جانب آخر توجه الضربة تلو‬
‫الضربة إلى الثقافات التي تحلم أن تواجه تلك الشركات‪ ،‬وذلك عبر إلهاء الفئة‬
‫الشبابية وانصرافهم‪ -‬عن الموضوعات والمشكالت االجتماعية التي يعيشها‬
‫المجتمع العربي ‪ ،‬بما تبثه من السطحية واالبتذال والتشويه عدا الذي تعرضه‬
‫من برامج وأفالم‪ -‬اإلثارة واإلغراء الغريزي التي ال تتناسب مع المجتمع العربي‬
‫أن ‪ %62‬من هذه‬ ‫وقيمه ‪ " .‬فلقد بينت دراسة شملت عينة من ‪ 50‬فيلماً طوي‪40‬الً ّ‬
‫األفالم تكرس االهتمام بقضايا الحب والجريمة والجنس "‪ .‬األمر الذي يحفز‬
‫‪39‬‬
‫ستار أكاديمي ‪ :‬برنامج بث على قناة ‪ LBC‬الفضائية ‪ ،‬وهو برنامج صور لنا الحياة العفوية التي يعيشها طالب األكاديمية _ الفنية _‪ ،‬أثناء رجلة منافستهم‬
‫على لقب ستار أكاديمي ‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫السمنة ‪ ،‬راوية طه ‪ ،‬استطالع رأي الشباب الجامعي السوري حول تحديات العولمة وأثرها على ثقافة الشباب ‪100 ،‬ص ‪(.‬بتصرف)‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫فينا ضرورة البحث عن وسائل بديلة من أجل أن نحافظ على وجودنا ونتجنب‬
‫الذوبان في عالم يلغى فيه ما نتغنى به لعشرات السنين‪ ، 41‬وفي مقدمة ذلك‬
‫أكد ذلك المفكر‬
‫(الهُوية) ‪ ،‬وال يجافي‪ -‬ما قاله الكاتب آنفاً _ الحقيقةَ _ ‪ ،‬وقد ّ‬
‫صادق جالل العظم بقوله " إن تخوفاً كبيراً يسود‪ -‬العالم مما يبدو انحداراً نحو ما‬
‫هو أدنى من الشيء المدني االجتماعي الدويالتي (من دولة) باتجاه والءات ذات‬
‫طابع عشائري طائفي مذهبي جهوي وإِثني بالوقت ذاته "‪.42‬‬
‫وخلص العظم إلى القول " وهكذا تنحدر فكرة السلم االجتماعي إلى فكرة‬
‫التعايش بين الطوائف‪ ، -‬وتنحدر‪ -‬فكرة المساواة بين المواطنين ذات الطابع‬
‫السياسي االجتماعي إلى المحافظة على نسبة من كعكة السلطة ‪ ،‬وتنحدر فكرة‬
‫الديمقراطية نحو فكرة التوافقية ‪ 43".‬ويعزو‪ -‬العظم ذلك " إلى انفالت العولمة من‬
‫عقالها بعد انتهاء الحرب الباردة واندفاعها من دول المركز وتدفقها إلى دول‬
‫األطراف ‪ ،‬وما نراه عملياً هو نوع من ردود‪ -‬الفعل الدفاعية ذات الطابع‬
‫‪44‬‬
‫المحافظ من أجل الحفاظ على الذات المحلية "‪.‬‬
‫وفي هذه الصيحة ماينذر بمدى الخطر الذي يتهدد مستقبل شعوب هذه األمة‬
‫العربية ‪ ،‬وغيرها من الشعوب التي ال تعي كيف تواجه هذه العولمة ؟‪ ،‬وكيف‪-‬‬
‫تخرج بأفضل‪ -‬النتائج التي تقود شعوبها‪ -‬وتحقق لشبابها مستقبالً زاهراً الهاتف‬
‫الجوال ‪:‬‬
‫فإن‬
‫إذا كان التلفاز يحظى بتلك األهمية التي سبقت اإلشارة إليها ‪ّ ،‬‬
‫أهم‬ ‫مايشاركه التأثير في األجيال المعاصرة الهواتف‪ -‬المتحركة ‪ُّ ،‬‬
‫وتعد أحد ِّ‬
‫حقائق الهاتف المتحرك ‪ ،‬أنه سهل الحمل ومتوفر‪ -‬في يد المستخدم‪ -‬معظم الوقت‬
‫‪ ،‬ومتاح لجميع شرائح المجتمعات بتكلفة مقبولة ‪ ،‬وقد انتشر انتشاراً‪ -‬كبيراً في‬
‫كل بلدان العالم والمجتمعات‪ -‬على اختالف ثقافتها ‪" ،‬وبما‪ -‬أنه متاح لإلنسان في‬
‫معظم الوقت‪ ،‬و الرغبة في التعلم دائمةٌ وال ترتبط‪ -‬بوقت محدد أو مكان بعينه ‪.‬‬
‫فإن هذا الجهاز يصبح من الجانب النظري وسيلة مهمة يمكن استخدامها بكفاءة‬
‫لتوصيل المعرفة إلى من يحتاجها في أي وقت وفي‪ -‬أي مكان"‪. 45‬‬

‫‪41‬‬
‫المصدر السابق ص‪.44‬‬
‫‪42‬‬
‫العظم ‪ ،‬جالل صادق ‪ .‬حوار في االنتماء والهوية ‪ .‬جريدة الثورة ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬سورية ‪،‬العدد ‪ 2009 \7\13970،14‬ص ‪. 7‬‬
‫‪43‬‬
‫المصدر السابق ص‪.7‬‬
‫‪44‬‬
‫المصدر السابق ص‪.7‬‬
‫‪45‬‬
‫السعود ‪ ،‬خالد محمد ‪ .‬تكنولوجيا ووسائل التعليم وفاعليتها ‪ .‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة المجتمع العربي ‪ ،‬عمان ‪ ،‬األردن ‪342 ،2008 ،‬ص‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫أن معظم الشباب قد أساء استعمال هذه‬ ‫فإننا نجد ّ‬
‫ولكن في الواقع العملي ‪ّ ،‬‬
‫الميزة ‪ ،‬فنجد أنه يستعمله لتبادل صور‪ -‬الفنانين والفنانات واألفالم اإلباحية‬
‫أقرب إليهم‬
‫ُ‬ ‫باتت‬
‫والنغمات الجديدة ‪ ،‬وهنا تبرزأهمية حماية شبابنا من أجهزة ْ‬
‫من كتبهم الجامعية أو أصدقائهم‪ -‬بل حتى من أقرب الناس إليهم ‪ ،‬وصارت‬
‫مصدر لهو وعبث وضياع ‪ ،‬أكثر مما هي وسيلة نفع وفائدة ‪ ،‬ولم يكن ذلك إال‬
‫نتيجة غياب الوعي الذي يرشد إلى استعمال هذه الهواتف‪ -‬المتحركة ‪.‬‬
‫اإلنترنت ‪:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫نجد اليوم أن مالمح الحياة العصرية قد اختلفت عما سبق ‪ ،‬فمع الشبكة‬
‫العنكبوتية بات العالم بين أيدينا نطول ما نشاء ونترك‪ -‬ما نشاء‪ ،‬وفي‪ -‬أي ٍ‬
‫وقت‬
‫نشاء‪ .‬هكذا وجد الشباب الجامعي نفسه (مقحماً) لولوج القرية الكونية بكل‬
‫تفاصيلها‪ ،‬وبما حملته من غث وسمين وبما يناسب وال يناسب احتياجات‬
‫مجتمعية باتت مطروحة بقوة أكثر من أي زمن مضى‪.‬‬
‫أصبحت جزءاً ال يتجزأ من الحياة اليومية‬
‫ْ‬ ‫وتشير الدراسات إلى َّ‬
‫أن اإلنترنت‬
‫للشباب ‪ ،‬بل غدت الوسيلة األولى قبل التلفاز والمدرسة واألسرة في التأثير على‬
‫قيمهم ومبادئهم وسلوكياتهم‪ ، -‬فالشباب يتعاملون اليوم مع اإلنترنت في البيت‬
‫والمدرسة أو الجامعة وإ ذا لم يتوفر‪ -‬ذلك ففي مقاهي اإلنترنت الخاصة ‪ ،‬ومن‬
‫أن اإلنترنت تختلف عن باقي وسائل االتصال التي عرفتها‬ ‫جهة أخرى نالحظ َّ‬
‫البشرية ‪ ،‬حيث تتصف بالتنوع‪ -‬وغزارة المعلومات وباالتصال والتحاور‬
‫والنقاش عبر قاعات الدردشة ومجموعات األخبار ‪.‬‬
‫يحسن‬
‫ُ‬ ‫والسؤال الذي يفرض نفسه ‪ :‬فبم يستخدم شبابنا اإلنترنت ؟؟ وهل‬
‫العلمي ِة والمهنية ؟ هل يستخدمها في مجاالت‬
‫ّ‬ ‫االستفادة منها في رفع سويتّ ِه‬
‫البحث العلمي أم أنها مازالت لديه مجرد وسيلة للترفيه والتعرف‪ -‬على األصدقاء‬
‫كان للجامعات دور في توجيه شبابنا الستعمالها‪ -‬في‬
‫أو ممارسة األلعاب ؟؟ وهل َ‬
‫االتجاه السليم ؟‬
‫إن الواقع ينبئ بتزايد خطورة هذه التكنولوجيا‪ -‬الباهرة على‬ ‫لألسف الشديد‪ّ ،‬‬
‫نعبرهُ نحو آفا ٍ‬
‫ق‬ ‫سلوكيات شبابنا وقيمهم‪ ، -‬فبد َل أن تكون هذه الوسيلة جسراً ُ‬
‫علمية جديدة ‪ ،‬ونافذةً نطّ ُل منها على العالم لنراه بكل تقنياته الحديثة وأبحاثه‬
‫نحن _‬
‫العلمية المتطورة ‪ ،‬غدت من أكبر التحديات الثقافية التي نواجهها ُ‬
‫الشباب _ صعوبة التالؤم مع مستجداتها وجاذبيتها الملفتة وإ عالناتها الغزيرة‬‫َ‬

‫‪23‬‬
‫وإ قامة التوازن بينها وبين احتياجاتنا ‪ ،‬على الرغم مما فيها من الفوائد‬
‫تدعم أخالقنا وترفع‪ -‬مكانتنا‬
‫واإليجابيات‪ ،‬واحتوائها‪ -‬على مواقع عربية وإ سالمية ُ‬
‫العلمية ‪ ،‬إال أنها اليمكن أن تكون مصدر‪ -‬الثقافة الوحيد كما هي اآلن بالنسبة‬
‫لكثير من شبابنا ‪.‬‬
‫وتأرجحت نتائج استخدامها بين ما هو سلبي وإ يجابي‪ , -‬تبعاً للدور الذي‬
‫يؤديه الشاب ‪ ,‬وقدرته على التأثير والفعالية ‪ ،‬وتالياً كيفية تعامل الشباب معها‬
‫وقدرتهم على بلوغ حد التوازن ما بين المعرفي والترفيهي‪ -‬فيها‪ ,‬وانحيازهم‬
‫لجانب دون آخر‪ ,‬وبالتالي فقدان بوصلة الفائدة المرجوة منها ‪ .‬الرؤية الكاملة‬
‫لحال الشباب واإلنترنت ‪ ،‬كشفت عنها دراسة علمية قام بها مركز الدراسات‬
‫والبحوث الشبابية التابع لمنظمة اتحاد شبيبة الثورة ‪ ,‬في عملية مسح وتحليل‬
‫لواقع الشباب السوري‪ ( -‬من ‪ 13‬إلى ‪ 35‬سنة) وأهم قضاياهم ومشكالتهم‬
‫وطبيعة احتياجاتهم‪ ,‬شباط ‪ 2006‬من خالل عينة بلغ حجمها ‪ 9350‬شاباً‬
‫وشابة متوقع‪ -‬تواجدهم ضمن ‪ 5000‬أسرة‪ ,‬حيث دلّت اإلحصائيات إلى النسب‬
‫التالية من العينة‪:‬‬
‫استخدام الكمبيوتر كاهتمام‪ :‬الذكور ( كثيراً ‪( , )%3,5‬دائماً ‪ .)%7,2‬االناث(‬
‫استخدام‪ -‬الكمبيوتر‪ -‬من أجل اإلنترنت‪:‬‬ ‫كثيراً ‪(,)%5,0‬دائماً ‪.)%3,4‬‬
‫الذكور (كثيراً ‪ ( )%4,5‬دائماً ‪ .)%4,5‬االناث ( كثيراً ‪ ( )%2,3‬دائماً‬
‫‪.)%2,2‬‬

‫‪-‬المواقع المفضلة للشباب‪:‬‬


‫‪ % 2,2‬من مجموع الشباب وكان هؤالء أكثر تفضيالً للثقافة العلمية بالدرجة‬
‫األولى ‪،‬الثقافة االجتماعية بالدرجة الثانية‪,‬والدراسات اإلخبارية بالدرجة الثالثة‬
‫‪،‬المنتديات بالدرجة الرابعة‪ ,‬األلعاب بالدرجة الخامسة‪ .‬بينما تتجاوز نسبة‬
‫الشباب الذين يهتمون بأي موقع بمعدل مرتين إلى ثالث مرات باألسبوع ‪2,3‬‬
‫‪ %‬من المجموع‪ .‬أما الشباب الذين يستخدمونه مصادفة ‪ %2,9‬وكان هؤالء‬
‫الشباب نسبياً يعطون تفضيالً للمواقع اإلخبارية والثقافية واالجتماعية وكان‬
‫الذكور أكثر اهتماماً من اإلناث بجميع المواقع‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫وهنا نالحظ خطورة التأثر باإلعالنات المضرة بسلوك الشباب‪ ،‬كالتدخين‬
‫والمخدرات وإ قامة العالقات االفتراضية مع الجنس اآلخر ودخول‪ -‬المواقع‬
‫اإلباحية‪ ،‬وغيرها من السلوكيات التي تخل بتصرفات‪ -‬الشباب وشخصياتهم‪.‬‬
‫فكثرة استخدام اإلنترنت تؤدي‪ -‬إلى تعزيز‪ -‬اإلحساس بالعزلة واالنسالخ الثقافي‬
‫والحضاري‪ -‬واالجتماعي ‪.‬‬
‫وال يخفى علينا ما نشاهده من اآلثار الملموسة لهذه اإلعالنات المنتشرة على‬
‫مواقع اإلنترنت! بدءاً من أخبار الفنانين والفنانات وأحدث فساتين روبي‪ -‬وقصة‬
‫وانتهاء بعمليات التجميل التي تريد فيها الشابة أن يبدو أنفها‬
‫ً‬ ‫شعر وائل كفوري ‪،‬‬
‫كأنف نانسي أو وجهها مثل ماريا على الرغم من المضار‪ -‬الكثيرة لهذه العمليات‬
‫ضـخ في شرايـين‬‫‪ ،‬يقول أحد موظفي اإلعالن «إن اإلعلان هو بمثابة الدم الذي ُي َ‬
‫وسائل اإلعالم فال يمكن رفضه مهما كان مضمونه طالما أنه ال يخدش الحياء‬
‫وال يخالف القوانين المرعية‪ .‬ويبقى الرهان دائماً على وعي القارئ أو المشاهد‬
‫‪46‬‬
‫لتحديد المصداقية»‪.‬‬
‫إذاً إنها مسؤوليةٌ قد ُتطلبُ من فردٍ تجاوز‪ -‬سن الرشد وأخضعته تجارب الحياة‬
‫واإلعالنات لمستوى‪ -‬عال ٍمن النضوج‪ .‬أما المراهقون والشباب فمن يحميهم من‬
‫إغراء هذه اإلعالنات؟! ‪ .‬يرى أحد الاختصاصين في علم االجتماع‪« :‬أن الحل‬
‫يكمن في نظرة مسؤولة إلى أهمية اإلعالن بالنسبة لوسائل اإلعالم من جهة ‪،‬‬
‫وإلى خطورة تأثيره في الرأي العام خصوصاً‪ -‬أبناء الجيل الجديد‪ .‬لذلك من‬
‫الضروري‪ -‬التشدد في تطبيق القوانين المتعلقة باإلعالن خصوصاً المتعلق‬
‫بالقضايا الصحية والطبية حتى لو كانت ذات طابع جمالي»‪ 47.‬ولكن من يلتزم‬
‫بهذه القوانين ؟!‪.‬‬
‫ثانياً _ أهمية الوعي بالنسبة للشباب العربي ودور اإلعالم في توجيه الشباب‬
‫‪ :‬يسهم اإلعالم في تقديم فرص كبيرة لتقديم مادة ثقافية ومعرفية هائلة ‪ ،‬وهو‬
‫قادر على تحريك العقول ‪ ،‬وإ لقاء أكثر من حجر في البركة الراكدة ‪.‬‬
‫أن لوسائل اإلعالم دوراً محركاً في دعوة الشباب للمجابهة والقيام‬
‫ويمكن التأكيد ّ‬
‫بمساهمة فعلية في خدمة المجتمع أو التمرد عليه بشتى األشكال ‪.‬‬

‫‪ 46‬الحلو‪ ،‬إيفون عبدو ‪ .‬الشباب أول ضحايا اإلعالنات ‪ ،‬منتدى شبابنا ‪< .22/9/2009 ، 2007 ،‬‬
‫‪>/http://www.shababona.com/shabab/content/view/380/1‬‬
‫‪ 47‬المصدر السابق ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫ٍ‬
‫تحويل وتغيير في المجتمع ؟ ‪ ،‬أم‬ ‫ِ‬
‫عامل‬ ‫ولكن هل وسائل اإلعالم حقاً غدت‬
‫أنها مرآة للتحوالت االجتماعية بمزاياها‪ -‬وعيوبها ؟ ‪ ،‬أم إنها هذا وذاك على‬
‫السواء بحيث تصبح عنصر تغيير وهدفاً له في نفس الوقت ؟! ‪.‬‬
‫أن الفضائيات الحديثة حظيت‬ ‫ما يكاد يجمع عليه المهتمون بالشأن اإلعالمي ّ‬
‫بحيز كبير من االهتمام ‪ ،‬واستطاعت أن تفرض النمط الغربي في الشكل‬
‫والمضمون _ أغلب األحيان _ ولذلك استطاعت أن تفرض تأثيراً كبيراً في‬
‫الشباب ‪ ،‬ويقول أحد الكتّاب ‪" :‬كل الدالئل تشير إلى نجاح اإلعالم القادم من‬
‫الغرب أو اإلعالم العربي الذي يلبس ثوب الغرب‪ ،‬في التوصل إلى تزاوج ناجح‬
‫بين المحتوى الباهر لما يقدمونه وبين طرق العرض وتقنياتها ‪ ،‬ومن ضمن ذلك‬
‫تسخير الموسيقى‪ -‬وبرامج الكمبيوتر‪ -‬البارعة في استحضار‪ -‬رؤى عصرية تتمتع‬
‫بقدر كبير من الحيوية ‪ ،‬مما جعل هذا اإلعالم محطِّ تطّلعات الشباب العربي‬
‫آت كما هو ‪ ،‬وبما يتضمنه من هجوم على‬ ‫وخلق لديه إمكانية القبول بما هو ٍ‬
‫ثقافتنا العربية واإلتيان بمفردات ومصطلحات‪ -‬جديدة على حياتنا اليومية ‪ ،‬وهذا‬
‫ما تبدو مالمحه فعالً في أيامنا هذه من خالل نأي الشباب أنفسهم عن اإلعالم‬
‫‪48‬‬
‫العربي القريب إلى نظيره البعيد ‪".‬‬
‫وهنا تظهر نقطة جوهرية أن شبابنا هم المجال الحيوي الذي تسهتدفه هذه‬
‫البد من أن يكونوا‪-‬‬
‫الوسائل ‪ ،‬وال تخفى خطورة ذلك على الوطن وشبابه ؛ لذلك ّ‬
‫مسلحين بالوعي والثقافة حتى ال يجرفهم هذا التيار ‪ ،‬ألن السمك الميت وحده‬
‫الذي يجري مع التيار ‪.‬‬
‫أهمية الوعي ‪:‬‬
‫يمكننا من إيجاد الطريق‪ -‬الصحيح بين أنفاق العولمة المظلمة ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ - 1‬إن الوعي‬
‫ويعلّمنا كيف ننتقي زهرات العلم والمعرفة من حدائق اإلعالم الشائكة ‪ ،‬ونفتح‬
‫نوافذنا‪ -‬للهواء المنعش لحياتنا وشعوبنا‪. -‬‬
‫‪ – 2‬إن الوعي والثقافة كفيالن بتعليم الشباب من أين يستقي األحداث واألخبار‬
‫التي يعتمد عليها في ممارسة حياته اليومية ؟ وهما كفيالن بتسليح الشباب‬
‫بطريقة تحليل الخبر وإ خضاعه للمحاكمة العلمية والعقلية ‪.‬‬
‫‪ – 3‬الوعي كفيل بأن يحمي الشباب من السقوط ضحية اإلعالنات الواهية‬
‫والخادعة ‪ ،‬حيث يمنحننا القدرة على رؤية جوهر األشياء ‪.‬‬
‫‪ 48‬السمنة ‪ ،‬راوية طه ‪ ،‬استطالع رأي الشباب الجامعي السوري حول تحديات العولمة وأثرها على ثقافة الشباب ‪100 ، ،‬ص ‪.‬‬
‫(بتصرف)‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫وكثيرة هي األشياء التي يمنحنا إياها الوعي دون مقابل ‪ ،‬ولكن ما علينا إال أن‬
‫نستعين بمصادره وأولها‪ -‬الثقافة التي تأتي من القراءة ‪ ،‬التي تستمد من األسرة‬
‫المثقفة والمعلمين المبدعين المخلصين المؤهلين في المدارس والجامعات الذين‬
‫ال يبخلون في إعطاء الطلبة سالفة تجاربهم ‪.‬‬
‫ثالثاً _التأثير المتبادل لإلعالم والشباب العربي (والجامعي) انطالقاً من‬
‫واقعه المحلي ووصوالً إلى قضايا الواقع المعاصر ‪ (.‬قدرة الشباب على تحويل‬
‫اإلعالم إلى أداة فعالة تخدم القضية العربية بأمثلة عملية) ‪.‬‬
‫بعد استعراض الواقع األليم ‪ ،‬وبعد أن الحظنا دور اإلعالم وتأثيره البالغ‬
‫والسيما‪ -‬الجامعي‪ ،‬ألنه أمل األمة بالمستقبل‬
‫ّ‬ ‫بل الخطير على الشباب العربي؛‬
‫قد عليه مسؤولية ِ‬
‫حمل لواء الحضارة ‪ ،‬وإ عادة األحالم‬ ‫األفضل ‪ ،‬هو من تُ َع ُ‬
‫المغتصبة وتحرير األراضي‪.‬‬
‫ذكرت أهمية الوعي وأثر اإلعالم في توجيه الشباب كان علي أن‬ ‫ُ‬ ‫وبعد أن‬
‫أجيب عن السؤال األهم الذي يفرض نفسه ويحملّني عبء اإلجابة عنه ‪،‬وهو‬
‫الشباب _ من كل ما‬
‫َ‬ ‫نحن _‬
‫ظل كل التغيرات التي نعيشها‪ :‬أين ُ‬ ‫اليوم في ِّ‬
‫يجري ؟ أ ََوتُرانا حقاً استسلمنا‪ -‬إلى الواقع الذي سبق ذكره ؟ أحقاً حا ُل الشباب‬
‫تلك هو ما كان نصيب قضيتنا ؟ وإ ن كان كذلك فإلى متى سنبقى غارقين في‬
‫بحور التبعية تلك ؟!‬
‫لقدالحظنا كيف أثّراإلعالم سلباً في قضايا‪ -‬الشباب المحلية ‪ ،‬حيث أثر في‬
‫هل استطاع‪ -‬الشباب في وقتنا‪-‬‬
‫وغيرقناعات بعضهم‪ ،‬ولكن ْ‬ ‫أفكارهم وسلوكهم ‪ّ ،‬‬
‫يحو َل اإلعالم لسالح ٍ فعال يستفيد‬
‫الراهن في ظل ما تعيشه أمتنا من حروب أن ّ‬
‫منه ؟ ‪.‬‬
‫البد من بري ِ‬
‫ق نور ينير حياتها ‪ ،‬فبريق شبابنا بدأ‬ ‫في قتامة هذه الصور‪ -‬كان ّ‬
‫ينير ظلمات واقعنا‪ -‬المعاصر‪ ،‬نعم أقولها‪ -‬وبكل فخر ٍواعتزاز؛ ألني جزء من‬
‫هذه الفئة التي قررت بل بدأت تخطو‪ -‬بخطوات فعلية متسلحة بالوعي واألمل بأن‬
‫تقدم ألمتها األفضل‪ ،‬وأفخر‪ -‬بأن يكون بحثي خطوة صغيرة من هذه الخطوات‬
‫قررت أن أسهم من خاللها في نشر هذا البريق ‪ ،‬وأسلط‪ -‬الضوء على قضايا‬‫ُ‬ ‫التي‬
‫معاصرة تقع في الصميم من واقع الشباب العربي ‪.‬‬
‫البد من اإلشارة إلى الصمود األسطوري للشباب‬
‫وقبل اإلجابة النظرية ّ‬
‫العربي في حرب لبنان (تموز‪ )2006‬وحصار‪ -‬غزة (‪ )2009-2008‬وما‬

‫‪27‬‬
‫يقدم للعدو اإلسرائيلي‪ -‬نموذجاً للشباب العربي‬
‫استطاع فيه هذا الشباب أن ّ‬
‫المعاصر الذي يرفض الذل والهزائم ‪ ،‬بل يمتلك زمام المبادرة حتى جاز القول‬
‫(عصر الهزائم قد ولى) ‪ .‬وإ ذا كان ذلك على الصعيد الميداني العملي ؛ فكيف‪-‬‬
‫كان ذلك على الصعيد النظري‪ -‬؟‬
‫سأجيب عن هذه األسئلة بأمثلة عملية تأثَّر فيها شبابنا العربي باإلعالم وأثَّر‬
‫كل وسائل اإلعالم وتلك التكنولوجيا‬ ‫إن تأثره انعكس ليحو َل َّ‬‫فيه إيجابياً ‪ ،‬بل َّ‬
‫ّ‬
‫فتاك ولكن لينال من رقاب‬ ‫لسالح ٍ‬
‫ٍ‬ ‫الباهرة إلى أداة تخدم قضيته وهويته ‪ ،‬حولها‬
‫العدو الذي يستهدفنا هذه المرة !‬
‫وبرز ذلك من خالل ثالثة أمور رئيسية‪:‬‬
‫‪ .1‬ظهور أبحاث ماجستير ودكتوراه في عدة جامعات عربية تناقش هذه‬
‫القضايا من مختلف اتجاهاتها‪.‬‬
‫‪ .2‬إسهامات الطلبة الجامعيين في حرب لبنان عام(‪)2006‬والعدوان األخير‬
‫على فلسطين (غزة) (‪. )2009-2008‬‬
‫‪ .3‬بعض اإلسهامات الفنية التي قدمها بعض الشباب في مواجهة الواقع ( أفالم‬
‫سينما ‪ ،‬أداء مسرحي‪ ، -‬أفالم أطفال)‪.‬‬
‫أوالً – أبحاث الماجستير والدكتوراه ‪:‬‬
‫أبحاث الماجستير‪ -‬والدكتوراه التي أجراها الطلبة الجامعيون بإشراف نخبة‬
‫أن اإلعالم غدا‬
‫من األساتذة ‪ ،‬ومن مختلف الجامعات العربية مما يدل على ّ‬
‫مشكلةً يعاني منها مختلف الشباب في أرجاء الوطن العربي‪.‬‬
‫تناولت هذه األبحاث مجاالت مختلفة ‪ ،‬بل إنها درست قضية اإلعالم‬ ‫ْ‬ ‫وقد‬
‫وتأثيره على الشباب من مختلف الجهات لتنصب جميعها في بوتقة واحدة وهي‬
‫وشددت جميعها على دور الجامعات في‬ ‫ّ‬ ‫ضرورة االنتباه إلى تأثير اإلعالم ‪،‬‬
‫توعية الشباب ألخطاره ‪ ،‬ونوهت إلى استخدام‪ -‬اإلعالم كوسيلة تعليمية وتثقيفية‬
‫وترفيهية وذلك من خالل إنشاء قنوات فضائية تعليمية خاصة بالشباب ‪ ،‬وبث‬
‫البرامج التي تتكلم عن مشكالتهم أو التي تكشف عن إبداعاتهم ومجاالت‬
‫ابتكارهم ‪ .‬مما يعزز فيهم روح اإلبداع ويشجعهم‪ -‬على االختراع والتطوير‪. -‬‬
‫ُّ‬
‫سأعد منها و ال أعددها هي ‪:‬‬ ‫ولع ّل أبرز هذه الدراسات ؛‬

‫‪28‬‬
‫‪ -1‬الدراسة األولى قامت بها الدكتورة مي العبد اهلل في لبنان وهي بحث‬
‫ميداني متعلق باستخدام الشباب لوسائل اإلعالم والتلفاز عام ‪.2006‬‬
‫‪ -2‬الدراسة الثانية دراسة أعدتها الطالبة شهيرة دوالتي‪ -‬حول ظاهرة تقليد‬
‫الشباب السوري‪ -‬الجامعي للغرب وهي دراسة ميدانية أعدت في جامعة دمشق‬
‫لنيل شهادة مساعد مجاز في الخدمة االجتماعية لعام ‪2002‬م ‪ ،‬وتكمن أهميتها‬
‫بأنها تعدت مسألة التعريف‪ -‬بالظاهرة إلى محاولة تقديم حلول مناسبة لها من‬
‫خالل استنتاجها أن لوسائل اإلعالم والفضائيات الدور األكبر في انتشار‪ -‬ظاهرة‬
‫التقليد عند شباب الجامعات خاصة البرامج األجنبية ذات الشكل الجاذب للشباب‬
‫‪.‬‬

‫ثانياً _ إسهامات الطلبة الجامعيين في حرب لبنان (‪)2006‬والعدوان األخير‬


‫على فلسطين (غزة)(‪:)2009-2008‬‬
‫ق باآللة الهمجية‬
‫سح ُ‬
‫إن مشهد الصور‪ -‬المأساوية لشعب غزة ‪ ،‬وهو ُي َ‬
‫ّ‬
‫اإلسرائيلية وسط صمت عالمي مريب ‪ ،‬و أشالء األطفال المتناثرة تحت ركام‬
‫البيوت في كل مجزرة إسرائيلية ‪.‬‬
‫َّ‬
‫إن معاناة غزة وتلك الصور‪ -‬التي نقلها اإلعالم بآالمها وجراحها وقسوتها‪، -‬‬
‫لهم إلى مجابهة‬
‫حم ْ‬
‫غ ّذت روح التطوع‪ -‬والثورة في نفوس شبابنا وشاباتنا ؛ بل َ‬
‫الواقع فرأيناهم‪ -‬في كل مكان غاضبين ثائرين‪ ،‬يقدمون كل ما باستطاعتهم‪-‬‬
‫يحس بتلك‬
‫وأملهم إيصال صوتهم للعالم لعله يوقظ‪ -‬الضمير النائم ويجعله ُّ‬
‫الجرائم الوحشية ‪ ،‬التي يرتكبها‪ -‬هذا الكيان الصهيوني اإلرهابي‪ ، -‬لست بصدد‬
‫معالجة اإلرهاب وكيف‪ -‬تعامل معها الشباب ‪ ،‬ولكن بغية دراسة وسائل اإلعالم‬
‫_ كما سبق القول _ أعالج كيف تعامل الشباب مع وسائل اإلعالم في هذه‬
‫المرحلة ودورهم في التعبير عما يجول في داخلهم تجاه ما يشاهدونه‪ ،‬فعلى‬
‫أن هذا لم يمنع الشباب من‬
‫الرغم من أنهم كانوا في زحمة االمتحانات ؛ إال ّ‬
‫التعبير عن غضبهم بكل الوسائل ‪ ،‬فهناك من تطوع في منظمات إنسانية لتقديم‬
‫المعونات ألهلنا في غزة ‪.‬‬
‫فقد أطلق االتحاد الوطني‪ -‬لطلبة سورية “مكتب المعلوماتية المركزي”‪،-‬‬
‫ملته االلكترونية تحت عنوان “ضوء على غزة” إلرسال أكثر من مليون رسالة‬ ‫ح ُ‬‫َ‬
‫مدعمةً بالصور‪ ،‬الطالع‬
‫إلكترونية عبر اإلنترنت باللغتين العربية واإلنكليزية ّ‬

‫‪29‬‬
‫شباب وطلبة العالم على ما ارتكبته قوات االحتالل اإلسرائيلي من مجازر‪-‬‬
‫حرب وانتهاكات لحقوق اإلنسان بحق أبناء الشعب الفلسطيني في‬
‫ٍ‬ ‫وجرائم‬
‫عدوانها األخير على قطاع غزة ‪.‬‬
‫وقالت عضو المكتب التنفيذي لالتحاد الوطني لطلبة سورية سوسن‬
‫الحملة تتضمن‬
‫َ‬ ‫إن‬
‫بوادقجي‪ -‬رئيسة مكتب المعلوماتية في تصريح لـ سانا ‪ّ " :‬‬
‫إرسال رسائل موثقة بصور عبر اإلنترنت من خالل مجموعات الدردشة‬
‫والمنتديات االجتماعية الحوارية بين الطلبة والشباب ‪ ،‬لفضح أساليب‬
‫وممارسات‪ -‬قوات االحتالل اإلسرائيلي‪ ، -‬وتسليط‪ -‬الضوء على ما اقترفته من‬
‫جرائم ضد اإلنسانية بحق األطفال والنساء والشيوخ في غزة ‪ ،‬وكل ما من شأنه‬
‫تعريف العالم بحقائق عن اإلجرام اإلنساني المتواصل‪ -‬الذي تمارسه القوات‬
‫‪49‬‬
‫اإلسرائيلية في األراضي العربية المحتلة ‪" .‬‬
‫وكان االتحاد الوطني‪ -‬لطلبة سورية قد قام بالعديد من النشاطات التضامنية‬
‫مع الشعب العربي الفلسطيني في غزة خالل العدوان اإلسرائيلي‪ -‬عليه‪ .‬حيث نفذ‬
‫الطلبة اعتصامات ومسيرات‪ -‬في مختلف الجامعات والمحافظات السورية تعبيراً‬
‫عن استنكارهم‪ -‬لهذا العدوان ووقوفهم‪ -‬إلى جانب الشعب الفلسطيني في صموده‬
‫ومقاومته لقوات االحتالل اإلسرائيلي‪. -‬‬
‫وال أنسى أن أذكر أن حرب تموز األخيرة في لبنان ‪،‬عام ‪ 2006‬م قد‬
‫كشفت عن جدارة الشباب العربي الذي دخل المعركة بين لبنان والكيان‬
‫الصهيوني‪ ، -‬ففي وقت انشغل العالم بأسره بالحرب العسكرية على األرض‬
‫وبالتغطية اإلعالمية ومتابعة األحداث لحظةً بلحظة ‪ "،‬تحرك الشباب العربي‬
‫وأنزل خسائر كبيرة بالعدو في مجموعة من األهداف العسكرية االفتراضية عبر‬
‫شبكة اإلنترنت ‪ ،‬حيث تم االستيالء على ‪ 1000‬موقع إسرائيلي‪ -‬من ضمنها‬
‫شخصية لشركات إسرائيلية وعالمية ‪ ،‬حيث تم‬‫ّ‬ ‫موقع مشفى داميام ومواقع‪-‬‬
‫ومقاالت تدين إسرائيل‪ ،‬وعرض صوراً‪-‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‪-‬‬
‫بصور‬ ‫استبدال الصفحات الرئيسية‬
‫ألمهات يندبن أطفالهن كتبوا تعليقات أسفلها "أنتم تقتلون األطفال هل ترضون أن‬ ‫ٍ‬
‫يكون أطفالكم بدالً عنهم " ‪ .‬وهكذا استطاع الشباب العربي أن يقدم نموذجاً‬
‫‪50‬‬

‫شبابياً رائعاً على الصعيد الميداني واإلعالمي‪ .‬مستفيداً من التكنولوجيا‪-‬‬


‫المعاصرة ومثبتاً أهلية فائقة في التعامل معها ؛ والسيما (اإلنترنت)‬

‫‪ 49‬سانا ‪ ،‬سيريادي ‪> http://www.syriadays.com/?p=10069 < .2009\6\22 ، 2009 ،‬‬


‫‪ 50‬محفوض ‪ ،‬رشا ‪ .‬الشباب العربي يستولي على ‪1000‬موقع إسرائيلي الكتروني ‪ ،‬األزمنة ‪ ،‬العدد ‪.2009\8\6 ، 25‬‬

‫‪30‬‬
‫ثالثاً_ بعض اإلسهامات الفنية‪ X‬التي قدمها بعض الشباب في‬
‫مواجهة الواقع‪:‬‬
‫(وقد اقتصرت على بعض األمثلة فقط _ مما عشته_ ٍ‬
‫آنئذ)‬
‫األداء المسرحي‬ ‫‪-1‬‬
‫خصصت جامعة القلمون جانباً خاصاً ومميزاً للنشاطات الطالبية ‪ ،‬فمنها‬
‫ما كان فنياً أو ثقافياً أو ‪ ، ....‬ومن تلك النشاطات عرض مسرحية بعنوان‬
‫(حذاء) تناولت المسرحية قضية الرئيس جورج بوش والصحفي العراقي‬
‫الشاب منتظر الزبيدي ؛ وهي مسرحية من إعداد وإ نجاز‪ -‬بعض طالب جامعة‬
‫القلمون الخاصة في سوريا‪-.‬‬
‫أنا لن أتناول القضية من منظور سياسي‪ ، -‬رغم أن السياسة هي التي توجه‬
‫قراراتنا ‪ ،‬وال أريد أن أشرح ما تحمله من دالالت في الواقع _ وما أكثرها _‬
‫لكن من منظور إعالمي ‪ ،‬فهذه الحادثة (أي حادثة ضرب جورج بوش‬
‫بالحذاء)التي بثتها الفضائيات لحظة حدوثها‪ -‬بباقة إعالمية مختلفة‪ ،‬مع عشرات‬
‫التعليقات الجادة حيناً والهزلية أحياناً أخرى ‪ .‬كان بطلها شاباً من العراق المحتل‬
‫لم يتجاوز‪ -‬الثمانية والعشرين من عمره ‪ ،‬خريج كلية اإلعالم ويعمل مراسالً‬
‫لقناة البغدادية ‪.‬‬
‫تُرى كيف تعامل الشباب مع هذه الحادثة ؟ هل بردة فعل انفعالية كما جسدها‬
‫هذا الصحفي ؟ هذه القضية أثارت هواجس كبيرة في نفوس الشباب ‪ ،‬خصوصاً‬
‫بما القته من ضجة إعالمية كبيرة ‪ .‬ولعل أقرب مثال يمكني طرحه ما فعله‬
‫زمالئي في جامعة القلمون الخاصة ‪ ،‬حيث قاموا بكتابة مسرحية مساندة منهم‬

‫‪31‬‬
‫لهذا الصحفي مستخدمين وسائل اإلعالم البسيطة المتاحة لهم لتحويل أفكارهم‪-‬‬
‫إلى واقع فعلي كان له صدى جميل في نفوس شبابنا ‪ .‬وسألحق بهذا البحث أثناء‬
‫العرض قرصاً‪ -‬مرناً يتضمن محتوى هذه المسرحية التي تعالج هذا الفعل‬
‫"الضرب بالحذاء" بدالالت واقعية ورمزية ‪ ،‬وهذا نوع من االستفادة من وسائل‬
‫اإلعالم المكتوب والمرئي والمسموع ‪.‬‬

‫األفالم السينمائية ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬


‫لم تعد الحروب بالسالح فقط ‪ ،‬وإ نما بالفكر واإلعالم ‪ ،‬حيث غدت السينما‬
‫سالحاً ثقافياً ‪ ،‬ويفترض أن نعبر وندافع عن أنفسنا من خالله وعلى مدى‬
‫أن كل عربي هو‬ ‫استراتيجية مدروسة وطويلة ‪ ،‬فكيف‪ -‬يعمم الرأي عالمياً ّ‬
‫أعد الشباب العربي أفالماً سينمائية متنوعة بدءاً من أفالم األطفال‬
‫إرهابي ‪ ،‬وقد‪ّ -‬‬
‫ثم اليافعين والكبار‪( -‬حتى يثبت العكس) ‪ ،‬فعلينا استخدام هذا السالح وكل‬
‫معطياته الثقافية واألكاديمية حتى نكون فاعلين عالمياً‪ .‬وإ ّن محاولة الشباب‬
‫والشابات صنع سينما شبابية يتناولون فيها قضاياهم وأزماتهم وهموم‪ -‬أمتهم لهو‬
‫دليل على امتالكهم زمام العمل والمبادرة ‪ .‬ومن أهم هذه األفالم السينمائية نذكر‬
‫‪:‬‬
‫‪ -1‬فيلم " قضية أمل " ‪ :‬كان فيلم الشابة روالن العاقل عن الشباب وهمومهم‪-‬‬
‫الوطنية تجاه أحداث راهنة تركت أثرها في كل إنسان عربي ‪ ،‬في فيلم عنوانه‬
‫قضية أمل الذي يتحدث عن أهالي غزة وتضحياتهم‪ -‬العظيمة‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫وقد عرض أكثر من مرة عبر برنامج قوس قزح عبر شاشة (الدنيا)‬
‫‪52‬‬
‫التلفزيونية الخاصة في سوريا‪-.‬‬
‫‪ -2‬فيلم "ماذا تنتظرون" ‪:‬‬
‫الشاب أسامة عبد الكريم موسى‪ -‬الذي كان له فيلم حول غزة بعنوان (ماذا‬
‫تنتظرون) ‪ ،‬وكان بمثابة مشاركة شبابية تقدم ما عندها لألخوة في غزة ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫الدنيا ‪ :‬وهي قناة فضائية خاصة تبث من سوريا‬
‫‪52‬‬
‫الخضر ‪ ،‬آنا عزيز ‪ .‬إبداعات يغيب عنها الدم ‪ ،‬صحيفة الثورة ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬سورية ‪ ،‬العدد ‪ ،2009\7\8 ، 13965‬ص‪(.18‬بتصرف)‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫والسيما أن الصورة هي لغة مهمة جداً يمكنها استقطاب الرأي العام بشكل أكبر‬
‫‪53‬‬
‫‪.‬‬
‫أفالم األطفال _ األفالم الكرتونية _ ‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫كان للشباب تجارب عديدة في هذا المجال نذكر منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬فيلم " فاتنة " التي تذوي في غزة ‪:‬‬
‫فاتنة هي فتاة حقيقية تعيش في غزة ‪ ،‬شعرت في أحد األيام بآالم في الصدر‬
‫‪ ،‬لكن اإلمكانيات الطبية والمادية ضعيفة ‪ ،‬فماذا تفعل ؟‬
‫هنا تبدأ فاتنة رحلة البحث عن العالج ‪ ،‬بعدما أصيبت بسرطان الثدي ‪ .‬إنها‬
‫جسدها الشاب الفلسطيني الشاب أحمد‬
‫قصة "حقيقية " عن معاناة فلسطينية ‪ّ ،‬‬
‫حبش ‪ ،‬في فيلم درامي مستوحى من قصة حقيقية على شكل رسوم متحركة ‪.‬‬
‫ويعرض الفيلم من خالل الشابة فاتنة ‪ ،‬معاناة الفلسطينيين في حصولهم على‬
‫العالج ‪ ،‬إضافة إلى الصعوبات‪ -‬التي يواجهونها خالل التنقل من حاجز عسكري‬
‫إلى آخر‪ ،‬تلك الحواجز التي نافت على ‪ 600‬حاجز ‪.‬‬
‫ويتضمن الفيلم مجموعة من المشاهد للحياة في غزة في عامي ‪-2005‬‬
‫‪ 2006‬من انقطاع الكهرباء ومسيرات شعبية وإ غالق للحدود بين القطاع‬
‫وإ سرائيل ‪ ،‬إضافة إلى معاناة المواطنين على حاجز ايريز عند محاولتهم‪ -‬العبور‬
‫إلى إسرائيل ‪ .‬وسيترجم الفيلم الحقاً من اللغة اإلنكليزية إلى العربية والعبرية‬
‫‪54‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ -2‬حلم الزيتون فيلم كرتون سعودي بجودة عالية عن فلسطين‪:‬‬

‫ن الفيلم يتمتع بمواصفات تقنية عالية‪ ،‬و"هو‪-‬‬


‫ويؤكد المخرج السعودي الشاب أ ّ‬
‫صنع بمعايير‪ -‬أفالم ديزني"‪ ،‬وقد‪ -‬وضع الموسيقى التصويرية المؤلف اللبناني‬
‫الياس الرحباني‪ -‬فيما قام بوضع الرسوم فنانون عرب وبعض الأتراك‪ .‬وقال‬
‫‪53‬‬
‫المصدر السابق ص‪( 18‬بتصرف)‬
‫‪ 54‬رويترز ‪" ".‬‬
‫فاتنة التي تذوي في غزة‪ .‬صحيفة السفير ‪ ،‬العدد ‪ ،11334‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ، 2009\7\3 ،‬ص‪( 20‬الصفحة األخيرة من‬
‫العدد المذكور آنفا ً) ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫ن الفيلم يحكي بشكل مشوق قصة فلسطين للأطفال عن طريق‪ -‬الرسوم‬ ‫خليفة ‪ :‬إ ّ‬
‫المتحركة‪ ،‬من خالل عائلة فلسطينية نزحت من عين كارم إلى جنين عام‬
‫‪ ،1948‬وتحكي قصتها‪ -‬المأساة الراهنة المستمرة للفلسطينيين ‪ .‬ويشير‪ -‬خليفة‬
‫إلى أن البارز في "حلم الزيتون" هو أنه أول فيلم كرتون عربي بطلته امرأة‬
‫فلسطينية اسمها مريم إذ يحكي الفيلم قصتها‪ -‬كطفلة فقدت بيتها وأرضها وأباها‬
‫في نكبة عام ‪ ،1948‬ويتابع حياتها بعد أن تصبح جدة تبحث مع أحفادها عن‬
‫المفتاح الذي ضيعته لبيتها في عين كارم‪ ،‬في انتظارالعودة‪ .‬إال أن مريم‪ ،‬وبعد‬
‫مغامرات مشوقة‪ ،‬تعثر على المفتاح وتعود‪ -‬إلى البيت واألرض لتحقق حلمها‬
‫وتغرس فيها شتلة زيتون‪ .‬والفيلم سيوزع بالعربية والتركية ويتم العمل حالياً‬
‫على نسخة باللغة االنكليزية‪ ،‬كما تقوم الشركة المنتجة بالتفاوض حالياً مع‬
‫شركات توزيع عربية كبرى لتوزيعه في العالم العربي‪ ،‬ويقول خليفة في هذا‬
‫السياق "إن الفيلم موجه للعالم بأسره وليس فقط للعرب والمسلمين‪ .‬إنه يتناول‬
‫أغلى موضوع‪ -‬على قلب العرب"‪ ،55.‬وربما‪ -‬العالم كله يفهم داللة (اسم مريم )‬
‫االسم الذي اختاره الشاب المخرج علماً لبطلة فيلمه ‪.‬‬

‫‪.http://www.alarabiya.net/articles/2009/06/16/76105.html <16\6\2009 > 55‬‬

‫‪34‬‬
‫خـاتـمـة البـحـث‬
‫ابتداء من تدهور مناهج التعليم ‪،‬‬
‫ً‬ ‫إن حال الشباب اليوم وما يعانيه ‪،‬‬
‫_ ّ‬
‫واألعباء المالية الملقاة على كاهل الشباب ‪ ،‬وإ رغام الشباب على االبتعاد عن‬
‫االهتمام بالسياسية ‪ ،‬وجهلهم‪ -‬لتاريخهم وفقدانهم‪ -‬للثقة في تقاليدهم وثقافتهم‬
‫حولتهم إلى كتلة من التناقضات ‪ .‬فإما أن نستطيع أن نخرجهم منها فيسهموا‪ -‬في‬
‫تدمر ما بقي لنا من أطالل العلم والحضارة‬ ‫نهضة أمتنا أو أن يتحولوا إلى وسيلة ّ‬
‫‪.‬‬
‫قدمها الشباب العربي على الصعيد الميداني‬
‫ولكن تلك التجارب المبدعة التي ّ‬
‫؛ كلها تبشر بمستقبل زاهر على أيدي الشباب العربي الواعي ‪ ،‬واألمر كذلك في‬
‫الميدان اإلعالمي ‪ .‬ولكن كيف يمكننا مواجهة هذا التدهور‪ -‬؟‬
‫في نهاية هذه الدراسة أستطيع أن أقول إنني لست مع الذين يقفون في وجه‬
‫هذه العولمة ‪ ،‬ألنها تحمل في طياتها من المفيد بقدر ما تحمله من سلبيات ‪،‬‬
‫ولست ضد كل تزايد للفضائيات العربية التي تتيح استخدام‪ -‬اإلعالم بوظيفته‬
‫تستخف هذه القنوات‬
‫َ‬ ‫ضد أن‬
‫الثالثية التعليمية والتثقيفية والترفيهية ‪ .‬ولكنني َ‬
‫هم‬
‫بعقول شبابنا ‪ ،‬و ضد برامجها‪ -‬التي تهتم بالقشور‪ -‬كبرامج المسابقات التي ال َّ‬
‫الربح المادي من خلف االتصاالت الواردة إليها ‪ .‬وإ ن كان البد من‬
‫ِ‬ ‫لها سوى‬
‫تحمل في جعبتها أسئلةً ثقافية مهمة‪ .‬ويجب أن‬
‫َ‬ ‫هذه البرامج فعلى األقل يجب أن‬
‫تصبح برامج الثقافة جزءاً من مناهج التعليم ‪ ،‬وأن تصبح المكتبةَ جزءاً من‬
‫المنهج الدراسي ‪.‬‬
‫‪ -1‬البد من توسيع دور الشباب في المشاركة بكل ما يتعلق بأمور حياتهم‬
‫يتم تمثيل الشباب في مؤسسات‪ -‬تفسح المجال‬‫وتطلعاتهم‪ -‬وطموحاتهم ‪ ،‬وأن َّ‬
‫لسماع مقترحاتهم وتطبيقها‪ -‬؛ وتكسبهم حرية التفكير والتعبير‪. -‬‬
‫‪ -2‬توعية الشباب بمخاطر‪ -‬اإلعالم ‪ ،‬وتدريبهم على اكتشاف‪ -‬ثقافة الشعوب‬
‫واألمم المعاصرة ‪ ،‬ليتمكنوا‪ -‬من التعامل والتفاعل مع هذا العالم الذي أصبحت‬
‫ثقافته ثقافةً كونيةً واحدة ‪.‬‬
‫حس َن أنظمة التعليم‬
‫‪ -3‬أن تأخذ الجامعات دورها في بناء المجتمع ‪ ،‬فَتُ ّ‬
‫وتتعاون مع الطلبة إلنجاز البحوث العلمية التي من شأنها رفع سويتهم‪ -‬العلمية ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ -4‬توعية جيل الشباب بأهداف العولمة الحقيقة عن طريق الندوات‬
‫والمحاضرات‪ -‬التي يشارك‪ -‬فيها الطلبة لتأكيد دورهم في مستقبل الوطن‬
‫وحاضره ‪.‬‬
‫‪ -5‬التعامل مع اإلعالم بشفافية ومنطقية ومحاكاة عقلية للحدث ‪ ،‬واالستفادة من‬
‫وسائله بما يخدم قضايانا‪ -‬الوطنية والقومية ‪.‬‬
‫‪ -6‬التنسيق الثقافي بين األجهزة التربوية واإلعالمية والهيئات والمنظمات‬
‫الشبابية فيما يتعلق بثقافة الشباب من خالل برامج التوعية واإلرشاد‪ -‬الهادفة التي‬
‫تعمل على خلق التواصل والتفاهم بين الشباب لكونهم‪ -‬الفئة األكثر استعماالً‬
‫لوسائل اإلعالم‪، ..‬وتكوين صداقات‪ -‬وتفعيل القواسم المشتركة وإ زالة التوتر بين‬
‫جيل الشباب الناتج عن االنعزال والتقوقع‪ ،‬فآلية المثافقة والتبادل اإلعالمي لرفع‬
‫المستوى الثقافي تساعد جيل الشباب على االندماج والتكيف مع تطورات‪-‬‬
‫المجتمع والعالم‪ ،‬وتجعله فاعالً في مجتمعه‪.‬‬
‫‪ -12‬توعية الشباب بأهمية االنتقاء واالختيار من خالل تحرير‪ -‬الجيل من الجهل‬
‫اإلعالمي وأمية التكنولوجي‪-‬ا ورفع مستواه المعرفي الثقافي عبر برامج توجه‬
‫‪56‬‬
‫إليهم وتسهم‪ -‬في إرشادهم‪.‬‬
‫أي‬
‫أكثر من َّ‬
‫مطالب َ‬
‫ٌ‬ ‫اإلصالحي‬
‫َّ‬ ‫إن إعالمنا‬ ‫وفي النهاية ‪َّ ،‬‬
‫البد من أن نقول‪ّ :‬‬
‫وقت مضى برفع الصوت عالياً‪،‬فعلينا أن نتعلم أهمية المعلومة في ظل‬ ‫ٍ‬
‫التكنولوجيا‪ -‬المتطورة ‪ ،‬على الرغم من أني أظن َّ‬
‫أن أمتنا كفيلة بما لديها من‬
‫راقية وأساس علمي متين ‪ ،‬من أن تفتح نوافذها على‬ ‫ٍ‬ ‫عراقة حضارية‬
‫الحضارات األخرى ‪ ،‬لتأخذ مايناسبها‪ -‬وتضيف‪ -‬إليها من عبقها ما يثري تطور‬
‫وتقدم اإلنسانية ‪ ،‬وماعلينا نحن إال أن نتسلح بذاك الوعي وتلك األصالة حتى ال‬
‫نخشى ذاك االنجراف‪ -‬األعمى ‪ ،‬فلننشئ إعالماً مقاوماً وحياً ينتزع الحرية‬
‫انتزاعاً ويحرص على شباب الوطن وعزته ويصون ثقافتهم‪ -‬وتقاليدهم ‪ ،‬ويحقق‬
‫لألمة العربية مستقبالً حضارياً زاهراً ‪.‬‬
‫شيء إذا‬ ‫إن بحثي جاء شامالًً وكامالً ‪ُّ ،‬‬
‫فلكل ٍ‬ ‫أقول َّ‬
‫وأخيراً ‪ " :‬ال أستطيع أن َ‬
‫بذلت كل ما في وسعي‪ -‬ألجعل‬
‫أنني ُ‬‫ولكن يبقى عزائي الوحيد ّ‬
‫نقصان ‪ْ ،‬‬
‫ُ‬ ‫تم فيه‬
‫ما ّ‬
‫يكشف‬
‫ُ‬ ‫من هذا البحث والنقاط التي أثرتها ‪ ،‬مثاراهتمام الدارسين وخيط‪ٍ -‬‬
‫نور‬
‫شيئاً من سلبيات الواقع وإ يجابياته بموضوعية وشفافية‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫عبود‪ ،‬هزار ‪ ،‬برامجهم محاكاة لواقعهم أم تسلية ‪ ،‬منتدى شبابنا ‪.2009 ،‬‬
‫< ‪>/http://www.shababona.com/shabab/content/view/380/1‬‬

‫‪36‬‬
‫أكرر شكري لهذا الملتقى الذي ترك للشباب العربي فسحة لحرية التعبير عن‬
‫بعض همومهم وقضاياهم‪ -‬ومشكالتهم‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫أوالً ‪ -‬الكتب‪:‬‬
‫‪ -1‬أمين ‪ ،‬سمير ؛ غليون ‪ ،‬برهان ‪ .‬ثقافة العولمة وعولمة الثقافة ‪.‬الطبعة‬
‫الثانية ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬سورية ‪ ،‬دارالفكر المعاصر ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪،‬‬
‫‪.2002‬‬
‫‪ -2‬برقاوي‪ ، -‬أحمد ؛ السيد ‪،‬رضوان ‪ .‬المسألة الثقافية في العالم العربي ‪/‬‬
‫اإلسالمي ‪ .‬الطبعة الثانية ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬سورية ‪ ،‬دار الفكر المعاصر ن‬
‫بيروت ‪ ،‬لبنان ‪. 2001 ،‬‬
‫‪ -3‬بو عناقة ‪،‬علي ‪ .‬الشباب ومشكالته االجتماعية في المدن الحضرية ‪.‬‬
‫سلسلة أطروحات الدكتوراه (‪ ، )61‬الطبعة األولى‪ ،‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية ‪ ،‬بيروت ‪. 2007 ،‬‬
‫‪ -4‬حجازي ‪ ،‬عزت ‪ .‬الشباب العربي ومشكالته ‪ .‬موسوعة عالم المعرفة ‪.‬‬
‫الطبعة األولى ‪ ،‬المجلس الوطني‪ -‬للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت ‪.1985 ،‬‬
‫‪ -5‬السعود ‪ ،‬خالد محمد ‪ .‬تكنولوجيا ووسائل التعليم وفاعليتها ‪ .‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬مكتبة المجتمع العربي ‪ ،‬عمان ‪ ،‬األردن ‪.2008 ،‬‬
‫‪ -6‬العبد اهلل ‪ ،‬مي ‪ .‬التلفاز ‪ ،‬قضايا االتصال في عالم متغير‪ .‬الطبعة األولى ‪،‬‬
‫دار النهضة العربية ‪ ،‬لبنان ‪. 2006 ،‬‬
‫‪-7‬عيسى ‪ ،‬محمد الهادي ‪ .‬تأثير وسائل اإلعالم على عالقة الشباب ‪ .‬الطبعة‬
‫األولى ‪ ،‬المنظمة التونسية لألسرة ‪ ،‬تونس ‪.1985 ،‬‬
‫‪ -8‬فرحان ‪ ،‬إسحق أحمد ‪ .‬الشباب والتحديات الثقافية وطرق الوقاية‬
‫والعالج ‪ .‬الطبعة األولى ‪ ،‬دار الفرقان ‪ ،‬عمان ‪. 2003 ،‬‬
‫ياسين ‪ ،‬صباح ‪ .‬اإلعالم ؛ النسق القيمي وهيمنة القوة ‪ .‬مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية ‪ ،‬بيروت ‪.2006 ،‬‬
‫ثانياً ‪ -‬األطروحات ‪:‬‬
‫‪ -1‬دوالتي‪ ،‬شهيرة ‪ .‬تقليد الشباب السوري الجامعي للغرب ‪.‬وهي دراسة‬
‫ميدانية ‪ .‬وزارة الشؤون االجتماعية والعمل ‪ ،‬معهد الخدمة االجتماعية ‪ ،‬دمشق‬
‫‪.2002،‬‬
‫‪38‬‬
‫‪ -2‬السمنة ‪ ،‬راوية طه ‪ .‬استطالع رأي الشباب الجامعي السوري حول‬
‫تحديات العولمة وأثرها على ثقافة الشباب ‪ .‬وزارة الشؤون االجتماعية والعمل‬
‫‪ ،‬معهد الخدمة االجتماعية ‪ ،‬دمشق‪.2003 ،‬‬
‫ثالثاً ‪ -‬الدوريات ‪:‬‬
‫‪ -1‬مجلة جامعة دمشق لآلداب والعلوم اإلنسانية ‪ ،‬منشورات‪ -‬جامعة دمشق‪،‬‬
‫سورية‪ ،‬المجلد ‪– 23‬العدد الثاني ‪. 2007 ،‬‬
‫‪ -2‬مجلة جامعة دمشق للعلوم التربوية ‪ ،‬منشورات‪ -‬جامعة دمشق ‪ ،‬سورية ‪،‬‬
‫المجلد ‪ 24‬العدد الثاني ‪. 2008 ،‬‬
‫‪ -3‬مجلة الهالل ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬مصر ‪ ،‬العدد ‪ ، 7‬يوليو‪. 2009 -‬‬

‫رابعاً ‪ -‬اإلنترنت ‪:‬‬


‫‪ -1‬األمير ‪ ،‬نورا ‪.‬قضية اغتراب الشباب ظاهرة عربية مركبة ‪، .‬‬
‫‪.http://www.uaes.ae/vb/t29326.html 9\7\2009‬‬
‫‪ -2‬الترك ‪ ،‬هناء صالح ‪ .‬ملتقى الشباب في ظل عصر التكنولوجيا والعولمة‪.‬‬
‫‪http://www.eduqatar.com/modules.php? .2009\6\2009،21‬‬
‫‪name=News&file=article&sid=1591‬‬
‫‪ -3‬الحمادي ‪ ،‬محمد ‪ .‬القرية الكونية تجذب الشباب السوري لولوجها ‪.‬‬
‫< ?‪http://sns.sy/sns/‬‬ ‫‪2009 \6\24 ، 2009‬‬
‫‪>path=news/read/2053‬‬
‫‪ -4‬طحان ‪ ،‬محمد جمال ‪ ،‬أزمات الشباب بين الواقع والطموح‪\2000،19.‬‬
‫‪>http://www.balagh.com/youth/wl0zjskd.htm< .2009\6‬‬
‫‪ -5‬عبيدات ‪ ،‬خالد ‪ .‬الفكر العربي ‪http:// < . 2008\6\14‬‬
‫‪>www.achrs.org/arabic / book‬‬
‫‪ -6‬الفريجي ‪ ،‬عيسى ‪ .‬اإلعالم والتحديات المعاصرة ‪\6\22 ،2009 ،‬‬
‫‪.2009‬‬
‫< ‪>http://www.almasartv.com/?page_id=201‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ -7‬القبسي ‪ ،‬ليث سعود ‪ .‬الشباب والتحديات المعاصرة وآثارها على سلوك‬
‫الشباب الدعوي ‪ ،‬اإلسالمية اليوم‪< . 2009\6\22 ،2007،‬‬
‫‪>http://www.islamtoday.net‬‬
‫‪ -8‬منتدى شبابنا الصفحة الرئيسية ‪2009\6\22‬‬
‫‪>/http://www.shababona.com/shabab/content/view/380/1‬‬
‫‪ -9‬بدر‪ ،‬مرتضى‪ . -‬الخليج بين أزمة الهوية وأزمة الديمقراطية ‪\9 ، 2009 .‬‬
‫‪2009 \7‬‬
‫‪> http://www.annabaa.org/nbanews/2009/05/132.htm‬‬
‫‪> -10‬‬
‫‪http://www.alarabiya.net/articles/2009/06/16/76105.html‬‬
‫‪.<16\6\2009‬‬
‫‪ -11‬الحلو‪ ،‬إيفون عبدو ‪ .‬الشباب أول ضحايا اإلعالنات ‪ ،‬منتدى شبابنا ‪،‬‬
‫‪< .22/9/2009 ، 2007‬‬
‫‪>/http://www.shababona.com/shabab/content/view/380/1‬‬
‫خامساً _ الصحف ‪:‬‬
‫جريدة الثورة ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬سورية ‪،‬العدد ‪ 2009 \7\13970،14‬ص ‪7‬‬ ‫‪-12‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ -13‬صحيفة السفير ‪ ،‬العدد ‪ ،11334‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪.2009\7\3 ،‬‬
‫األزمنة ‪ ،‬العدد ‪2009\8\6 ، 25‬‬ ‫‪-14‬‬

‫‪40‬‬
‫ملخص البحث‬
‫في خضم التناقضات الكبيرة التي أغرقنا فيها اإلعالم والتكنولوجيا‪ -‬الباهرة‬
‫كان البد من اإلجابة عن بعض األسئلة التي تفرض نفسها على واقعنا‪ -‬الراهن ‪،‬‬
‫ظل هذه العولمة‬ ‫ولعل أبرز هذه التساؤالت ‪ :‬ما حال ثقافة طلبة الجامعات في ِّ‬
‫فأصبحت‬
‫ْ‪-‬‬ ‫محو شخصيات شبابنا ‪،‬‬‫ت هذه العولمة إلى ِ‬ ‫أد ْ‬
‫الثقافية المسيطرة؟ وهل ّ‬
‫موضوعاتهم‪ -‬واهتماماتهم‪ -‬وتوجهاتهم واحدة ؟ ومادور‪ -‬اإلعالم في كل ذلك ؟‬
‫ٍ‪-‬‬
‫صعوبات وتحديات ثقافية ؟ أو باألحرى‪ -‬هل لدينا ما يكفي من‬ ‫هل نواجه‬
‫نحن الطلبة _ لنواجهَ هذه الصعوبات ‪ ،‬وهذه العولمة التي تجتاحنا رغم‬
‫الوعي _ ُ‬
‫تخدم ثقافتنا وقضيتنا‪ -‬؟؟‬ ‫ٍ‬
‫إرادتنا فنحيلَها إلى أداة ُ‬
‫دفعت بي‬
‫ْ‬ ‫كانت هذه من أكثر األسئلة ‪ ،‬التي منحني هذا الملتقى مشكوراً‪ -‬قوةً‬ ‫ْ‬
‫ينير لي قتامة الصور التي تداخلت في‬ ‫نور‬ ‫خيط‬ ‫عن‬ ‫ِ‬
‫للبحث‬ ‫محاولة ٍ‬
‫جادة‬ ‫ٍ‬ ‫إلى‬
‫ُ‬
‫مخيلتي ‪ ،‬فكان هذا البحث ( تأثير اإلعالم على الشباب العربي بين إحباط الواقع‬
‫وآمال المستقبل ) خطوةً بسيطةً متواضعةً أتت لتضيء واقع الشباب العربي‬
‫وأمارس هواياتها‪، -‬‬
‫ُ‬ ‫جزء من هذه الفئة ‪ ،‬أحيا حياتها ‪،‬‬
‫أنني ٌ‬ ‫الجامعي ‪ ،‬والسيما‪ّ -‬‬
‫وأعيش همومها وقضاياها ‪ ،‬وتعنيني توجهاتها‪ -‬وآفاقها‪.‬‬ ‫ُ‬
‫عرضت في المحور األول إشكالية‬ ‫ُ‬ ‫جاء البحث موزعاً في ثالثة محاور‪، -‬‬
‫البحث وأهميته ‪ ،‬وتعاريف‪ -‬لمصطلحات مهمة في البحث كالثقافة والعولمة والغزو‬
‫الفكري والتكنولوجيا‪ -‬متعددة الوسائط‪ ، -‬وتناولت‪ -‬في المحور الثاني أهم التحديات‬
‫وخلصت إلى‬
‫ُ‬ ‫أدت إليها ‪،‬‬
‫الثقافية التي تواجه الشباب الجامعي ‪ ،‬والعوامل‪ -‬التي ْ‬
‫األزمات التي سببتها لدى الشباب الجامعي كالتناقض واالغتراب ‪ ،‬التفاعل ‪ ،‬الثقة‬
‫‪ ،‬الهوية واالنتماء ‪ ..‬وخصصت المحورالثالث‪ -‬لتسليط الضوء على عالقة الشباب‬
‫أبرز نوافذ‬‫العربي الجامعي باإلعالم ‪ ،‬ألنه يشكل أهم التحديات الثقافية ‪ ،‬وأحد ِ‬
‫تأثير اإلعالم في سلوك الشباب الجامعي وحياتهم‪-‬‬ ‫فدرست َ‬
‫ُ‪-‬‬ ‫الغزو الفكري ‪.‬‬
‫االجتماعية ‪ ،‬ودوره في توجيههم‪ -‬نحو قضايا الواقع المعاصر‪ ،‬ومدى‪ -‬وعيهم‬
‫بخطورة الغزو الفكري ‪ ،‬وكيفية استخدامهم‪ -‬أساليب التكنولوجيا المتعددة الوسائط‬
‫(اإلنترنت ‪ ،‬اإلعالم المرئي والمسموع‪ )... -‬وتحويلها‪ -‬إلى أداة فاعلة تخدم القضايا‬
‫العربية ‪ ،‬معززة ذلك بأمثلة عملية استقيتها من دراسات تناولت ذلك في ميادين‬
‫مختلفة‪ ،‬فبينت تأثير الواقع وقضاياه في وعي الشباب الجامعي‪ ،‬ومدى‪ -‬تفاعله مع‬

‫‪41‬‬
‫هذه القضايا ‪ ،‬وإ ظهار‪ -‬اإلسهامات التي قام بها الشباب لتحويل اإلعالم إلى ٍ‬
‫أداة‬
‫إيجابية تخدم قضايانا المعاصرة ‪ .‬وبرز‪ -‬ذلك من خالل مواقف‪ -‬عديدة ‪:‬‬
‫‪ -1‬ظهور أبحاث ماجستير ودكتوراه في أرجاء الجامعات العربية تناقش هذه‬
‫القضايا واتجاهاتها ‪.‬‬
‫‪ -2‬إسهامات بعض الطلبة الجامعيين في حرب لبنان والعدوان األخير على‬
‫فلسطين (حصار غزة)‪.‬‬
‫‪ -3‬بعض اإلسهامات الفنية التي قدمها بعض الشباب في مواجهة الواقع‬
‫( أفالم سينما ‪ ،‬أداء مسرحي‪ -‬كتبه وأنجزه شباب في جامعة القلمون ‪ ،‬أفالم‬
‫أطفال‪)....‬‬
‫وقد ذيلت البحث بخاتمة ضمنتها‪ -‬بعض المقترحات والتوصيات التي‬
‫أزعم أنها تسهم في زيادة وعي الشباب العربي بالغزو‪ -‬الفكري ‪ ،‬وتجاوز‪-‬‬
‫ماهو سلبي ‪ ،‬وتعزيز ماهو إيجابي ‪ ،‬الختيار أفضل السبل في التعامل مع‬
‫الحياة المعاصرة ‪ ،‬ولتحقيق األهداف الحضارية المنشودة ‪.‬‬
‫التزمت المنهج الوصفي التحليلي ‪ ،‬فقد وصفت الظواهر وحللتها محاولة‬
‫الكشف عن العوامل المؤثرة فيها ‪ ،‬مستهدفة التوصل إلى اإلجابة عن‬
‫التساؤالت التي يثيرها موضوع البحث ‪ .‬وقد‪ -‬اعتمدت على مجموعة كبيرة‬
‫من المصادر والمراجع‪ ، -‬حرصت على تنوعها وحداثتها‪. -‬‬
‫ٍ‪-‬‬
‫وكاف لمعالجة هذه المشكلة ‪،‬‬ ‫أن ما قدمته في هذا البحث شامل‬
‫وال أزعم ّ‬
‫وصوى يمكن االستهداء‬
‫ً‬ ‫فهو ليس أكثر من نماذج تعبر عن إرادة مخلصة‪،‬‬
‫بها ؛ لمن أراد أن يشعل شمعة في هذا الواقع العربي المظلم ؛ بدالً من أن‬
‫يلعن الظالم ‪ .‬وآمل أن أكون قد وفقت إلى ذلك ‪.‬‬

‫‪42‬‬

You might also like