Professional Documents
Culture Documents
الكفاية في التفسير الجزء الأول
الكفاية في التفسير الجزء الأول
(ٔ)النشر ٔ ،ٕٔٓ /وانظره فً "الوجٌز" للمرطبً ص ،11وٌإٌده ما ُروي عن البراء بن عازب من لول
الرسول ملسو هيلع هللا ىلص" :زٌنوا المرآن بؤصواتكم" وهو صحٌح اإلسناد .أخرجه أحمد ٗ ،ٖٓٗ ،ٕ5ٙ ،ٕ1٘ /وأبو داود ٕ/
ٗ ،2برلم ،ٔٗٙ1 :والنسابً ٕ ،ٔ1ٓ ،ٔ25 /برلم ،ٔٓٔٙ ،ٔٓٔ٘ :وابن ماجه ٔ ،ٕٗٙ /برلم،ٖٕٔٗ :
والدارمً ٕ ،٘ٙ٘ /برلم ،ٖ٘ٓٓ :والحاكم فً المستدرن ٔ ،٘2٘-٘2ٔ /والطٌالسً فً مسنده ،انظر :منحة
المعبود ٕ ،ٖ /برلم.ٔ11ٙ :
َّللا -ملسو هيلع هللا ىلص -وأفضل األمة ،وأحد المبشرٌن بالجنة
َّللا بن أبً لحافة بن عامر ،خلٌفة رسول ّ
(ٕ) هو :أبو بكر عبد ّ
،هو أشهر من أن ٌعرؾ .توفً سنة (ٖٔهـ) وله (ٖ )ٙسنة .وسٌرته ومنالبه فً أؼلب كتب التارٌخ ،أفرد
له المحب الطبري مجلدا خاصا من أربعة مجلدات فً ترجمته للعشرة المبشرٌن بالجنة فً كتابه المسمى
(الرٌاض النضرة)[ .انظر :تذكرة الحفاظ ،ٗ \ٔ:وشذرات الذهب.]ٕٗ \ ٔ:
َّللا -ملسو هيلع هللا ىلص -بالفاروق ،وتولى الخبلفة
(ٖ) هو :عمر بن الخطاب بن نفٌل بن عبد العزى بن رباح .لمبه رسول ّ
بعد أبً بكر الصدٌك ،ولمب بؤمٌر المإمنٌن ،وأحد العشرة المبشرٌن بالجنة .لتله أبو لإلإة المجوسً ؼبلم
المؽٌرة سنة ٖٕ هـ ،وعمره (ٖ )ٙسنة[ .انظر :تذكرة الحفاظ ،1 \ٔ :وشذرات الذهب.]ٖٖ \ ٔ:
(ٗ) حكاه عنهما المرطبً فً تفسٌره ،ٕٖ/ٔ :ولم أجده بهذا اللفظ وإنما أخرجه ابن أبً شٌبة فً مصنفه عن
عمر أنه كتب إلى أبً موسى األشعري فمال '' :أما بعد :فتفمهوا فً السنة وتفمهوا فً العربٌة وأعربوا المرآن
فإنه عربً فتمعددوا فإنكم معدٌون'' .أ .هـ .أي تشبهوا بجدكم معد بن عدنان ،انظر :المصنؾ (ٓٔ \
.)ٗ٘ٙ
(٘) أخرجه أبو علً الصواؾ فً " الفوابد " ( ٖ ) ٕ/ٔٙٔ/و أبو علً الهروي فً " األول من الثانً من
الفوابد " ( ) ٕ/ٔ1عن لٌث عن طلحة بن مصرؾ عن إبراهٌم عن علممة عن عبد هللا مرفوعا وإسناده
ضعٌؾ .انظر :السلسلة الضعٌفة والموضوعة ،لؤللبانً.ٕ٘ٔ/ٖ:
( )ٙاإلتمان ،السٌوطً.ٕٕٗ/ٕ :
باإلٌمان بعد لسوتها من الذنوب والمعاصً ،وهللا المإمل المسإول أن ٌفعل بنا ذلن ،إنه جواد
كرٌم.
المنهج فً التفسٌر
الم ْن َها ُج ) مثله و (نَ َه َج ) الطرٌك ( المنهج لؽة :نَ َه َج :الطرٌك الواضح و ( ال َم ْن َه ُج ) و ( ِ
ٌَ ْن َه ُج ) بفتحتٌن ( نُ ُهو ًجا ) وضح و استبان و ( أ َ ْن َه َج ) باأللؾ مثله و ( نَ َهجْ تُهُ ) و ( أ ْن َهجْ تُهُ )
َ
أوضحته ٌستعمبلن الزمٌن و متعدٌٌن(ٔ) نهج النهج :الطرٌك الواضح ،وكذلن المنهج والمنهاج.
وأنهج الطرٌك ،أي استبان وصار نهجا واضحا بٌنا ،لال ٌزٌد بن الخذاق العبدى(ٕ):
الن وال ُه َدى ٌُ ْعدِي سبُ ُل ال َم َ
س ِ ُ ٌك وأ َ ْنه َج ْ
ت الط ِر ُضا َء لَنَ َّ ولَمَ ْد أ َ َ
ونهجت الطرٌك ،إذا أبنته وأوضحتهٌ ،مال :اعمل على ما نهجته لن ،ونهجت الطرٌك أٌضا،
{وأَنزَ ْلنَا ِإلٌَْنَ ْال ِكت َ
(ٖ)،
َاب إذا سلكته .وفبلن ٌستنهج سبٌل فبلن ،أي ٌسلن مسلكه وفً التنزٌل َ
َّللاُ َوالَ تَتَّبِ ْع أ َ ْه َواء ُه ْم
علَ ٌْ ِه فَاحْ ُكم بَ ٌْنَ ُهم بِ َما أَنزَ َل ّ
ب َو ُم َهٌ ِْمنًا َ ص ِ ّدلًا ِلّ َما بٌَْنَ ٌَ َد ٌْ ِه ِمنَ ْال ِكت َا ِ
ك ُم َ بِ ْال َح ّ ِ
اح َدة ً َولَ ِكن َّللاُ لَ َج َعلَ ُك ْم أ ُ َّمةً َو ِ
عةً َو ِم ْن َها ًجا َولَ ْو شَاء ّ ك ِل ُك ّل َج َع ْلنَا ِمن ُك ْم ِش ْر َ ع َّما َجاءنَ مِنَ ْال َح ّ ِ َ
ت ِإلَى هللا َم ْر ِجعُ ُك ْم َج ِمٌعًا فٌَُنَبِّب ُ ُكم بِ َما ُكنت ُ ْم فٌِ ِه ِلٌَّ ْبل َو ُك ْم فًِ َمآ آت َا ُكم فَا ْستَبِمُوا ال َخٌ َْرا ِ ُ
ت َْخت َ ِلفُونَ }(المابدة. )ٕ()ٗ1 :
والمنهج اصطبلحا ً :هو فن التنظٌم الصحٌح لسلسلة من األفكار العدٌدة ،إما من أجل
الكشؾ عن حمٌمة حٌن نكون بها جاهلٌن ،وإما من أجل البرهنة علٌها لآلخرٌن حٌن نكون بها
عارفٌن "(ٖ) وهذا تعرٌؾ عام لمنهج البحث العلمً والتعرٌؾ االصطبلحً العام هو لرٌب من
التعرٌؾ اللؽوي ألن كلٌهما ٌعتمد على التوضٌح واالستبانة للطرٌك.
وٌعرؾ المنهج بؤنه "أداة التربٌة ووسٌلتها ،وهو ذلن الطرٌك الواضح الذي ٌسلكه
المربً أو المدرس مع َم ْن ٌربٌهم لتنمٌة معارفهم ،ومهاراتهم ،واتجاهاتهم ،أو هو مجموع
الخبرات التربوٌّة ،والثمافٌّة ،واالجتماعٌّة ،والرٌاضٌّة ،والفنٌّة ،التً ٌهٌبها المدرس لتبلمٌذه
داخل المدرسة وخارجها بمصد مساعدتهم على النّمو الشامل فً جمٌع النواحً وتعدٌل سلوكهم
طبما ً ألهدافها التربوٌّة"(ٕ).
فإن للمنهج أربعة أركان ً المعاصر؛ َّ وانطبللا ً من هذا المفهوم الشامل للمنهج الدراس ّ
ربٌسٌة:
أولها :األهداؾ التربوٌّة.
ثانٌها :المادة العلمٌّة الشاملة للمعارؾ ،وأوجه النشاط والخبرات التً تتك ّون منها مادة المنهج.
طرق وأسالٌب التدرٌس المتبعة مع التبلمٌذ لدفعهم إلى التعلُّم وتحمٌك أهدافه المرسومة. ثالثهاُ :
(ٔ)أخرجه المروزي فً (السنة) رلم (ٗٓٔ) ،وابن شاهٌن فً (شرح مذاهب أهل السنة) رلم ( ،)ٗ1وابن بطة
فً (اإلبانة الكبرى) رلم ( ،)15والخطٌب فً (الكفاٌة) ص ٗٔ ،وأورده ابن عبد البر فً (جامع ببان العلم)
ص ٖ ،٘ٙوعزاه إلى سعٌد بن منصور.
وجاء هذا عن اإلمام األوزاعً -راوٌه عن مكحول ،وهو من كبار أتباع التابعٌن ،وأبمة الفمه
المشهورٌن ،ت ٔ٘2هـ -أنه لال" :الكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب" .أورده ابن عبد البر فً
(جامع بٌان العلم وفضله) ص ٖ ،٘ٙوعلك علٌه فمالٌ" :رٌد أنها تمضً علٌه وتبٌن المراد منه ،وهذا نحو
لولهم :ترن الكتاب موضعا للسنة ،وتركت السنة موضعا للرأي".
وجاء أٌضا عن حماد بن زٌد -وهو من أتباع التابعٌن ،مات سنة ٔ25هـ -لال " :إنما هو الكتاب
والسنة ،والكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب" أخرجه الخطٌب فً (الفمٌه والمتفمه) ٔ ٕٖٔ :رلم
(ٖٕٔ).
(ٕ)أخرجه بهذا اللفظ :ابن عبد البر فً (جامع بٌان العلم) ص ٖ ،٘ٙوذكره المرطبً فً تفسٌره ٔ.ٖ5 :
وأخرجه الخطٌب فً (الكفاٌة) ص ٘ٔ ،ولفظه( :كان جبرابٌل ٌنزل على النبً -ملسو هيلع هللا ىلص -بالمرآن ،والسنة تفسر
المرآن).
وأخرجه الدارمً رلم ( )٘11فً الممدمة :باب السنة لاضٌة على كتاب هللا ،والمروزي فً (السنة) رلم
(ٕٓٔ) (ٕٓٗ) ،ونعٌم بن حماد فً زوابده على (الزهد) ص ٖٗ5رلم (ٔ ،)5وابن بطة فً (اإلبانة الكبرى)
رلم (ٕ ،)5والبللكابى فً (شرح أصول اعتماد أهل السنة) ٔ 1ٖ :رلم ( )55والخطٌب البؽدادي فً (الفمٌه
والمتفمه) ٔ ٕٙ2 - ٕٙٙ :رلم ( ،)ٕ2ٓ( )ٕٙ5( )ٕٙ1وفً (الكفاٌة) ص ٕٔ بنحوه .وصحح إسناده ابنُ حجر
فً (فتح الباري) ٖٔ.ٖٓ٘ :
(ٖ)أخرجه الدارمً رلم ( )٘12فً الممدمة :باب السنة لاضٌة على كتاب هللا ،والمروزي فً (السنة) رلم
(ٖٓٔ) ،وابن شاهٌن فً (شرح مذاهب أهل السنة) رلم ( ،)ٗ2وابن بطة فً (اإلبانة الكبرى) رلم (ٓ)5
(ٔ ،)5والخطٌب فً (الكفاٌة) ص ٗٔ .وأورده ابن لتٌبة فً (تؤوٌل مختلؾ الحدٌث) ص ٓ ٖ1وعلك علٌه
فمال" :أراد أنها مبٌنة للكتاب ،منببة عما أراد هللا تعالى فٌه" .وأورده السٌوطً فً (مفتاح الجنة) ص ٔ،5
{وأَ ْنزَ ْلنَا
وعمب علٌه فمال" :لال البٌهمً :ومعنى ذلن أن السنة مع الكتاب ألٌمت ممام البٌان عن هللا ،كما لال هللاَ :
إِلٌَْنَ ال ِذّ ْك َر ِلتُبٌَِّنَ ِللنَّ ِ
اس َما نُ ِ ّز َل إِلَ ٌْ ِه ْم} ،ال أن شٌبًا من السنن ٌخالؾ الكتاب".
للت -المابل السٌوطً" :-والحاصل أن معنى احتٌاج المرآن إلى السنة؛ أنها مبٌنة له ،ومفصلة لمجمبلته ،ألن فً
ِل َوجازته كنوز تحتاج إلى من ٌعرؾ خفاٌا خباٌاها فٌبرزها ،وذلن هو المنزل علٌه -ملسو هيلع هللا ىلص ،-وهو معنى كون السنة
لاضٌة علٌه ،ولٌس المرآن مبٌنا للسنة وال لاضٌا علٌها ،ألنها بٌنة بنفسها إذ لم تصل إلى حد المرآن فً االعجاز
واإلٌجاز ،ألنها شرح له ،وشؤن الشرح أن ٌكون أوضح وأبٌن وأبسط من المشروح ،وهللا أعلم".
وجاء هذا عن األوزاعً لال" :إن السنة جاءت لاضٌة على الكتاب ،ولم ٌجًء الكتاب لاضٌا على
السنة" .أخرجه الحاكم فً (معرفة علوم الحدٌث) ص ٘.ٙ
ولال الفضل بن زٌاد :سمعت أحمد بن حنبل -وسبل عن الحدٌث الذي روي أن السنة لاضٌة على الكتاب -لال:
"ما أجسر على هذا أن ألوله ،ولكن السنة تفسر الكتاب ،وتعرؾ الكتاب ،وتبٌنه) .أخرجه الخطٌب فً (الكفاٌة)
ص ٗٔ ،ٔ٘ -وأورده ابن عبد البر فً (جامع بٌان العلم) ص ٗ ،٘ٙوالمرطبً فً تفسٌره ٔ.ٖ5 :
وجاء فً (مسابل اإلمام أحمد) رواٌة ابنه عبد هللا رلم (" :)ٔ٘1ٙلال عبد هللا :سؤلت أبً ،للت :ما
تمول فً السنة تمضً على الكتاب؟ لال :لد لال ذلن لوم منهم مكحول والزهري .للت :فما تمول أنت؟ لال:
ألول :السنة تدل على معنى الكتاب" .وأخرجه الخطٌب فً (الفمٌه والمتفمه) ٔ.ٕٖٔ - ٕٖٓ :
ؼٌر مدرن إال ببٌان من جعل هللا إلٌه ولال اإلمام الطبري -رحمه هللا" :-تؤوٌ ُل المرآن ُ
بٌان المرآن" (ٔ).
ولال ابن تٌمٌة -رحمه هللا" :-اتفك الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسابر أبمة الدٌن؛
سر المرآن ،وتبٌنه ،وتدل علٌه ،وتعبر عن مجمله" (ٕ). أن السنة تُفَ ِ ّ
ولال الشاطبً -رحمه هللا" :-ال ٌنبؽً فً االستنباط من المرآن االلتصار علٌه دون
النظر فً شرحه وبٌانه ،وهو :السنة"(ٖ).
ولهذا لال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص " :أال إنً أوتٌت المرآن ومثله معه" (ٗ) ،لال ابن المٌم -رحمه
هللا -معلما على الحدٌث" :هذا هو السنة ببل شن"(٘) ،ولال ابن كثٌرٌ":عنً :السنة ،والسنة أٌضا
تنزل علٌه بالوحً ،كما ٌنزل المرآن؛ إال أنها ال تتلى كما ٌتلى المرآن"( ،)ٙإال أنها ال تتلى كما
ٌتلى المرآن ،ولد استدل اإلمام الشافعً ،رحمه هللا وؼٌره من األبمة على ذلن بؤدلة كثٌرة لٌس
هذا موضع ذلن.
تفسٌر المرآن منه ،فإن لم تجدْه فمن السنة ،كما لال رسو ُل هللا َ والؽرض أنن تطلب
ملسو هيلع هللا ىلص لمعاذ حٌن بعثه إلى الٌمن " :بم تحكم ؟ " .لال :بكتاب هللا .لال " :فإن لم تجد ؟" .لال :بسنة
رسول هللا .لال " :فإن لم تجد ؟ " .لال :أجتهد برأٌى .لال :فضرب رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص فً صدره ،
سو َل رسو ِل هللا لما ٌرضى رسول هللا"( ،)2وهذا الحدٌث فً ولال " :الحمد هلل الذي وفَّك َر ُ
المساند والسنن بإسناد جٌد ،كما هو ممرر فً موضعه ،وحٌنبذ ،إذا لم نجد التفسٌر فً المرآن
وال فً السنة ،رجعنا فً ذلن إلى ألوال الصحابة ،فإنهم أدرى بذلن ،لما شاهدوا من المرابن
واألحوال التً اختصوا بها ،ولما لهم من الفهم التام ،والعلم الصحٌح ،والعمل الصالح ،ال سٌما
علماإهم وكبراإهم ،كاألبمة األربعة والخلفاء الراشدٌن ،واألبمة المهدٌٌن ،وعبد هللا بن
مسعود ،رضً هللا عنه ،لال اإلمام أبو جعفر دمحم بن جرٌر حدثنا أبو ُك َرٌْب ،حدثنا جابر بن
ض َحى ،عن مسروق ،لال :لال عبد هللا ٌ -عنً ابن مسعود نوح ،حدثنا األعمش ،عن أبً ال ُّ
وفهم ابن المٌم من عبارة اإلمام أحمد معنى اإلنكار ،فمال فً (الطرق الحكمٌة) ص " :ٔٓ2ولد أنكر اإلمام
أحمد على من لال :السنة تمضً على الكتاب ،فمال :بل السنة تفسر الكتاب وتبٌنه".
(ٔ)تفسٌر الطبري ٕ.ٔ1ٔ :
(ٕ)مجموع الفتاوى .ٖٕٗ :ٔ2
(ٖ)الموافمات ٖ.ٖٙ5 :
(ٗ)رواه اإلمام أحمد فً المسند (ٗ ،)ٖٔٔ /وأبو داود فً السنن برلم (ٗٓ ،)ٗٙوالبٌهمً فً السنن الكبرى /5
ٕٖٖ ،والطبرانً فً "الكبٌر" (ٕٓ ،)ٕ1ٖ /والمروزي فً السنة (ٕٗٗ)ٖٗٓ،؛ والخطٌب فً الكفاٌة (ٔ/
ٓ)1؛ وابن عبد البر فً التمهٌد (ٔ ،)ٔ٘ٓ - ٔٗ5 /وابن حبان فً صحٌحه كما فً اإلحسان ٔ ٔ11 /رلم
(ٕٔ) ،والطحاوي فً (شرح معانً اآلثار) ٗ ،ٕٓ5 /من حدٌث الممدام بن معدى كرب ،رضً هللا عنه،
وصححه العبلمة األلبانً فً "مشكاة المصابٌح" (ٔ.)ٖٔٙ /٘2 /
(٘)التبٌان فً ألسام المرآن ص .ٔ٘ٙ
( )ٙتفسٌر ابن كثٌر.2/ٔ:
()2رواه اإلمام أحمد فً المسند (٘ )ٕٖٓ /وأبو داود فً السنن برلم (ٕ )ٖ٘5والترمذي فً السنن برلم
( ) ٖٕٔ1من طرق عن شعبة عن أبً عون عن الحارث بن عمرو عن ناس من أصحاب معاذ عن معاذ به ،
ولال الترمذي " :هذا حدٌث ال نعرفه إال من هذا الوجه ،ولٌس إسناده عندي بمتصل ،وأبو عون الثمفً اسمه
دمحم بن عبٌد هللا" .وللشٌخ ناصر األلبانً مبحث ماتع بٌن فٌه كبلم العلماء فً نمد الحدٌث .انظر :السلسلة
الضعٌفة برلم (ٔ.)11
: -والذي ال إله ؼٌره ،ما نزلت آٌة من كتاب هللا إال وأنا أعلم فٌمن نزلت ؟ وأٌن نزلت ؟ ولو
أعلم مكان أحد أعلم ،بكتاب هللا منى تناله المطاٌا ألتٌته(ٔ).
ضا ،عن أبً وابل ،عن ابن مسعود لال " :كان الرجل منا إذا تعلم ولال األعمش أٌ ً
(ٕ)
عشر آٌات لم ٌجاوزهن حتى ٌعرؾ معانٌهن ،والعمل بهن" .
ولال أبو عبد الرحمن السلمً " :حدثنا الذٌن كانوا ٌمربوننا أنهم كانوا ٌستمربون من
النبً ملسو هيلع هللا ىلص ،فكانوا إذا تعلموا عشر آٌات لم ٌخلفوها حتى ٌعملوا بما فٌها من العمل ،فتعلمنا
المرآن والعمل جمٌعا"(ٖ).
ومنهم الحبر البحر عبد هللا بن عباس ،ابن عم رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ،وترجمان المرآن وببركة
دعاء رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص له حٌث لال " :اللهم فمهه فً الدٌن ،وعلمه التؤوٌل"(ٗ).
ابن عباس"(٘). لال ابن مسعود" :ن ْعم ترجمان المرآن ُ
فهذا إسناد صحٌح إلى ابن مسعود :أنه لال عن ابن عباس هذه العبارة .ولد مات ابن
ع ِ ّمر بعده ابن عباس ستًا مسعود ،رضً هللا عنه ،فً سنة اثنتٌن وثبلثٌن على الصحٌح ،و ُ
وثبلثٌن سنة ،فما ظنن بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود ؟.
ً عبد هللا بن عباس على الموسم ،فخطب ولال األعمش عن أبً وابل " :استخلؾ ع ِل ّ
تفسٌرا لو سمعته
ً الناس ،فمرأ فً خطبته سورة البمرة [ ،وفً رواٌة :سورة النور] ،ففسرها
الروم والترن والدٌلم ألسلموا"(.)ٙ
ولهذا ؼالب ما ٌروٌه إسماعٌل بن عبد الرحمن السدي الكبٌر فً تفسٌره ،عن هذٌن
الرجلٌن :عبد هللا بن مسعود وابن عباس ،ولكن فً بعض األحٌان ٌنمل عنهم ما ٌحكونه من
ألاوٌل أهل الكتاب ،التً أباحها رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص حٌث لال َ " :ب ِلّؽوا عنً ولو آٌة ،و َح ّدِثوا عن
ى متعمدًا فلٌتبوأ ممعده من النار" رواه البخاري عن عبد علَ َّ
بنً إسرابٌل وال َح َرج ،ومن كذب َ
هللا( ، )2ولهذا كان عبد هللا بن عمرو ٌوم الٌرمون لد أصاب زاملتٌن من كتب أهل الكتاب ،فكان
ٌحدث منهما بما فهمه من هذا الحدٌث من اإلذن فً ذلن.
وتجدر اإلشارة بؤن هذه األحادٌث اإلسرابٌلٌة تذكر لبلستشهاد ،ال لبلعتضاد ،كما أنها
على ثبلثة ألسام :
أحدها :ما علمنا صحته مما بؤٌدٌنا مما ٌشهد له بالصدق ،فذان صحٌح.
والثانً :ما علمنا كذبه بما عندنا مما ٌخالفه.
والثالث :ما هو مسكوت عنه ال من هذا المبٌل وال من هذا المبٌل ،فبل نإمن به وال نكذبه،
وتجوز حكاٌته لما تمدم ،وؼالب ذلن مما ال فابدة فٌه تعود إلى أمر دٌنً ،ولهذا ٌختلؾ علماء
كثٌرا ،وٌؤتً عن المفسرٌن خبلؾ بسبب ذلن ،كما ٌذكرون فً مثل هذا ً أهل الكتاب فً هذا
(ٔ)تفسٌر الطبري (ٔ )1ٓ /وجابر بن نوح ضعٌؾ لكنه توبع ،فرواه البخاري فً صحٌحه برلم (ٕٓٓ٘) عن
عمر بن حفص عن أبٌه عن األعمش به.
(ٕ)رواه الطبري فً تفسٌره (ٔ )1ٓ /من طرٌك الحسٌن بن والد عن األعمش به.
(ٖ)رواه الطبري فً تفسٌره(ٕ:)1ص ٔ ،1ٓ /إسناده صحٌح.
(ٗ)رواه اإلمام أحمد فً المسند (ٔ )ٖٕ2 ، ٖٔٗ ، ٕٙٙ /وأصله فً صحٌح البخاري برلم (٘.)2
(٘)أخرجه الطبري فً تفسٌره(٘ٓٔ):صٔ.5ٓ/
()ٙرواه الطبري فً تفسٌره(٘ ،)1و(:)1ٙصٔ ،1ٔ /والفسوي فً تارٌخه ،ٗ5٘ /ٔ:من طرٌك األعمش به.
()2صحٌح البخاري(ٗ:)ٖٕ2صٖ ،ٕٔ2٘/ومسند اإلمام احمد(ٓ٘ٗ:)ٙصٕ.ٔ٘5/
أسماء أصحاب الكهؾ ،ولون كلبهم ،وعدّتهم ،وعصا موسى من أي الشجر كانت ؟ وأسماء
الطٌور التً أحٌاها هللا إلبراهٌم ،وتعٌٌن البعض الذي ضرب به المتٌل من البمرة ،ونوع
الشجرة التً كلَّم هللا منها موسى ،إلى ؼٌر ذلن مما أبهمه هللا تعالى فً المرآن ،مما ال فابدة فً
تعٌٌنه تعود على المكلفٌن فً دنٌاهم وال دٌنهم .ولكن نَ ْم ُل الخبلؾ عنهم فً ذلن جابز ،كما لال
ب َوٌَمُولُونَ س ُه ْم َك ْلبُ ُه ْم َرجْ ًما بِ ْالؽَ ٌْ ِ
سا ِد ُسة ٌ َسٌَمُولُونَ ثَبلثَةٌ َرابِعُ ُه ْم َك ْلبُ ُه ْم َوٌَمُولُونَ َخ ْم َ تعالى َ { :
َ
ار فٌِ ِه ْم إِال ِم َرا ًء ظاه ًِرا َوال َ َ َ ُ ْ س ْبعَةٌ َوث َ ِ
امنُ ُه ْم َكلبُ ُه ْم ل ْل َربًِّ أ ْعل ُم بِ ِع َّدتِ ِه ْم َما ٌَ ْعل ُم ُه ْم إِال لَ ِلٌ ٌل فَبل ت ُ َم ِ َ
ت فٌِ ِه ْم ِم ْن ُه ْم أ َحدًا } [الكهؾ ، ]ٕٕ :فمد اشتملت هذه اآلٌة الكرٌمة على األدب فً هذا َ ْ
ت َ ْستَف ِ
الممام وتعلٌم ما ٌنبؽً فً مثل هذا ،فإنه تعالى أخبر عنهم بثبلثة ألوال ،ضعؾ المولٌن األولٌن
وسكت عن الثالث ،فدل على صحته إذ لو كان باطبل لرده كما ردهما ،ثم أرشد على أن
االطبلع على عدتهم ال طابل تحته ،فمال فً مثل هذا { :لُ ْل َر ِبًّ أ َ ْعلَ ُم بِ ِع َّدتِ ِه ْم } فإنه ما ٌعلم
ظاه ًِرا } أي ار فٌِ ِه ْم ِإال ِم َرا ًء َ بذلن إال للٌل من الناس ،ممن أطلعه هللا علٌه ،فلهذا لال { :فَبل ت ُ َم ِ
:ال تجهد نفسن فٌما ال طابل تحته ،وال تسؤلهم عن ذلن فإنهم ال ٌعلمون من ذلن إال رجم
الؽٌب .فهذا أحسن ما ٌكون فً حكاٌة الخبلؾ :أن تستوعب األلوال فً ذلن الممام ،وأن تنبه
على الصحٌح منها وتبطل الباطل ،وتذكر فابدة الخبلؾ وثمرته ،لببل ٌطول النزاع والخبلؾ
فٌما ال فابدة تحته ،فتشتؽل به عن األهم فاألهم .فؤما من حكى خبلفًا فً مسؤلة ولم ٌستوعب
ألوال الناس فٌها فهو نالص ،إذ لد ٌكون الصواب فً الذي تركه .أو ٌحكً الخبلؾ وٌطلمه وال
ضا .فإن صحح ؼٌر الصحٌح عامدا فمد تعمد ٌنبه على الصحٌح من األلوال ،فهو نالص أٌ ً
الكذب ،أو جاهبل فمد أخطؤ ،وكذلن من نصب الخبلؾ فٌما ال فابدة تحته ،أو حكى ألواال
ظا وٌرجع حاصلها إلى لول أو لولٌن معنى ،فمد ضٌع الزمان ،وتكثر بما لٌس متعددة لف ً
بصحٌح ،فهو كبلبس ثوبً زور ،وهللا الموفك للصواب.
لال سفٌان بن عٌٌنة عن عبد هللا بن أبً ٌزٌد " :كان ابن عباس إذا سبل عن اآلٌة فً
المرآن لال به ،فإن لم ٌكن وكان عن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص أخبر به ،فإن لم ٌكن فعن أبً بكر وعمر ،
رضً هللا عنهما ،فإن لم ٌكن اجتهد برأٌه"(ٔ) .
إذا لم تجد التفسٌر فً المرآن وال فً السنة وال وجدته عن الصحابة ،فمد رجع كثٌر من
األبمة فً ذلن إلى ألوال التابعٌن ،كمجاهد بن َجبْر ،فإنه كان آٌة فً التفسٌر ،كما لال دمحم بن
ضتُ المصحؾ على ابن عباس ثبلث عر ْ إسحاق :حدثنا أبان بن صالح ،عن مجاهد ،لال َ :
(ٕ)
عرضات ،من فاتحته إلى خاتمته ،أولفه عند كل آٌة منه ،وأسؤله عنها" .
ط ْلك بن ؼنام ،عن عثمان المكً ،عن ابن ولال ابن جرٌر :حدثنا أبو ُك َرٌْب ،حدثنا َ
أبً ُملَ ٌْ َكة لال " :رأٌت مجاهدًا سؤل ابن عباس عن تفسٌر المرآن ،ومعه ألواحه ،لال :فٌمول
له ابن عباس :اكتب ،حتى سؤله عن التفسٌر كله"(ٖ).
ولهذا كان سفٌان الثوري ٌمول " :إذا جاءن التفسٌر عن مجاهد فحسبن به"(ٗ).
وكسعٌد بن ُجبٌَْر ،و ِع ْك ِرمة مولى ابن عباس ،وعطاء بن أبً رباح ،والحسن
البصري ،ومسروق ابن األجدع ،وسعٌد بن المسٌب ،وأبً العالٌة ،والربٌع بن أنس ،ولتادة
(ٔ) تفسٌر ابن كثٌر ،ٔٓ/ٔ :وانظر :تفسٌر البؽوي ،ٔ2/ٔ :وممدمة فً أصول التفسٌر ص،٘ٓ :
(ٕ) انظر :شرح ممدمة التفسٌر :البن تٌمٌة.ٖٔ5/ٔ :
(ٖ)تفسٌر الطبري(ٗ )2صٔ ،22 /وأخرجه الترمذي فً سننه ،)ٕ5ٕ٘(:ولال حدٌث حسن ،والنسابً فً
سنن النسابً الكبرى(ٗ ،)1ٓ 1وأبو داود فً سننه(ٕ٘ ، )ٖٙوالحدٌث مداره على عبد األعلى بن عامر لال
أبو زرعة :ضعٌؾ ،وتركه ابن مهدي.
(ٗ)تفسٌر الطبري(ٓ )1صٔ .25 /وانظر :سنن أبً داود برلم (ٕ٘ )ٖٙوسنن الترمذي برلم (ٖ٘ ،)ٕ5لال
الترمذي :ؼرٌب ،وسنن النسابً الكبرى برلم (.)1ٓ1ٙ
(٘)رواه الطبري فً تفسٌره( :)25ص(ٔ.)21 /
()ٙفضابل المرآن (ص )ٕٕ2ورواه ابن أبً شٌبة فً المصنؾ (ٓٔ )ٖ٘ٔ /عن دمحم بن عبٌد عن العوام بن
حوشب به.
ضا " :حدثنا ٌزٌد ،عن حمٌد ،عن أنس ،أن عمر بن الخطاب لرأ ولال أبو عبٌد أٌ ً
على المنبر َ { :وفَا ِك َهةً َوأَبًّا } [عبس ، ]ٖٔ :فمال :هذه الفاكهة لد عرفناها ،فما األبّ ؟ ثم
رجع إلى نفسه فمال :إن هذا لهو التكلؾ ٌا عمر"(ٔ).
عبْد بن ُح َمٌْد " :حدثنا سلٌمان بن حرب ،حدثنا حماد بن زٌد ،عن ثابت ،عن ولال َ
أنس ،لال :كنا عند عمر بن الخطاب ،رضً هللا عنه ،وفً ظهر لمٌصه أربع رلاع ،فمرأ :
{ َوفَا ِك َهةً َوأَبًّا } فمال :ما األب ؟ ثم لال :إن هذا لهو التكلؾ فما علٌن أال تدرٌه"(ٕ).
وهذا كله محمول على أنهما ،رضً هللا عنهما ،إنما أرادا استكشاؾ علم كٌفٌة األب ،
وإال فكونه نبتا من األرض ظاهر ال ٌجهل ،لموله { :فَؤ َ ْنبَتْنَا فٌِ َها َحبًّا َو ِعنَبًا } اآلٌة [عبس ٕ2 :
.]ٕ1 ،
وأخرج الطبري بسنده الصحٌح عن ابن أبً ُملَ ٌْ َكة " :أن ابن عباس سبل عن آٌة لو
سبل عنها بعضكم لمال فٌها ،فؤبى أن ٌمول فٌها"(ٖ).
ولال أبو عبٌد :حدثنا إسماعٌل بن إبراهٌم ،عن أٌوب ،عن ابن أبً ملٌكة ،لال :
سنَ ٍة } [ السجدة ، ]٘ :فمال له ابن عباس : ؾ َ ارهُ أ َ ْل َ
"سؤل رجل ابن عباس عن { ٌَ ْو ٍم َكانَ ِم ْم َد ُ
سنَ ٍة } [ المعارج ]ٗ :؟ فمال له الرجل :إنما سؤلتن لتحدثنً. ؾ َ ارهُ خ َْمسٌِنَ أ َ ْل َ
فما { ٌَ ْو ٍم َكانَ ِم ْم َد ُ
فمال ابن عباس :هما ٌومان ذكرهما هللا تعالى فً كتابه ،هللا أعلم بهما .فكره أن ٌمول فً كتاب
هللا ما ال ٌعلم"(ٗ).
ضا -ابن جرٌر الطبري :عن َم ْهدي بن مٌمون ،عن الولٌد بن مسلم ،لال وأخرج -أٌ ً
أحرج علٌن إنط ْلك بن حبٌب إلى ُج ْندُب بن عبد هللا ،فسؤله عن آٌة من المرآن ؟ فمال ّ ِ : " :جاء َ
(٘)
كنت مسل ًما إال ما لمتَ عنً ،أو لال :أن تجالسنً" .
ولال مالن ،عن ٌحٌى بن سعٌد ،عن سعٌد بن المسٌب " :إنه كان إذا سبل عن تفسٌر
آٌة من المرآن ،لال :ال ألول فً المرآن شٌبًا" (.)ٙ
ولال اللٌث ،عن ٌحٌى بن سعٌد ،عن سعٌد بن المسٌب " :إنه كان ال ٌتكلم إال فً
المعلوم من المرآن" (.)2
ولال شعبة ،عن عمرو بن ُم َّرة ،لال " :سؤل رجل سعٌد بن المسٌب عن آٌة من
المرآن فمال :ال تسؤلنً عن المرآن ،وسل من ٌزعم أنه ال ٌخفى علٌه منه شًء ٌ ،عنً :
عكرمة"(.)1
(ٔ)فضابل المرآن (ص )ٕٕ2ورواه ابن أبً شٌبة فً المصنؾ (ٓٔ )ٕ٘ٔ /عن ٌزٌد به ،ورواه الحاكم فً
المستدرن (ٕ )٘ٔٗ /من طرٌك ٌزٌد عن حمٌد به ،ولال " :صحٌح على شرط الشٌخٌن ولم ٌخرجاه".
(ٕ)ورواه ابن سعد فً الطبمات (ٖ ، )ٖٕ2 /ورواه البخاري فً صحٌحه برلم (ٖ )2ٕ5عن سلٌمان بن حرب
مختصرا ولفظه " :نهٌنا عن التكلؾ".
ً به
(ٖ)تفسٌر الطبري(:)51ص ٔ.1ٙ /
(ٗ)فضابل المرآن.ٕٕ1 :
(٘)تفسٌر الطبري(:)55صٔ.1ٙ /
()ٙرواه الطبري فً تفسٌره(ٖ:)5صٔ ،1٘ /من طرٌك ابن وهب عن مالن به.
()2رواه الطبري فً تفسٌره(٘:)5ص ٔ ،1ٙ /من طرٌك ابن وهب عن مالن به.
()1رواه الطبري فً تفسٌره(ٔٓٔ):صٔ ،12 /وابن أبً شٌبة فً المصنؾ (ٓٔ )٘ٔٔ /من طرٌك دمحم بن
جعفر عن شعبة به.
ولال ابن ش َْو َذب :حدثنً ٌزٌد بن أبً ٌزٌد ،لال " :كنا نسؤل سعٌد بن المسٌب عن
الحبلل والحرام ،وكان أعلم الناس ،فإذا سؤلناه عن تفسٌر آٌة من المرآن سكت ،كؤن لم ٌسمع"
(ٔ).
وأخرج ابن جرٌر الطبري بسنده عن عبٌد هللا بن عمر ،لال " :لمد أدركتُ فمهاء
لٌعظمون المول فً التفسٌر ،منهم :سالم بن عبد هللا ،والماسم بن دمحم ،وسعٌد ِّ المدٌنة ،وإنهم
(ٕ)
بن المسٌب ،ونافع" .
ع ْر َوة ،لال " :ما
ولال أبو عبٌد :حدثنا عبد هللا بن صالح ،عن اللٌث ،عن هشام بن ُ
سمعت أبً ت ََّؤول آٌة من كتاب هللا لط" (ٖ).
ع ْون ،وهشام ال َّدسْتوابًِ ،عن دمحم بن سٌرٌن " :سؤلت عبٌَدة ولال أٌوب ،وابن َ
السلمانً ،عن آٌة من المرآن فمال :ذهب الذٌن كانوا ٌعلمون فٌم أنزل المرآن ؟ فاتَّك هللا ،
وعلٌن بالسداد"(ٗ).
ولال أبو عبٌد :حدثنا معاذ ،عن ابن عون ،عن عبد هللا بن مسلم بن ٌسار ،عن أبٌه ،
لال " :إذا حدثت عن هللا فمؾ ،حتى تنظر ما لبله وما بعده"(٘).
شٌْم ،عن ُمؽٌرة ،عن إبراهٌم ،لال :كان أصحابنا ٌتمون التفسٌر وٌهابونه(.)ٙ حدثنا ُه َ
س ْفر ،لال " :لال الشعبً :وهللا ما من آٌة إال ولد ولال شعبة عن عبد هللا بن أبً ال َّ
()2
سؤلت عنها ،ولكنها الرواٌة عن هللا عز وجل" .
ولال أبو عبٌد :حدثنا هشٌم ،حدثنا عمر بن أبً زابدة ،عن الشعبً ،عن مسروق ،
لال " :اتموا التفسٌر ،فإنما هو الرواٌة عن هللا"(.)1
فهذه اآلثار الصحٌحة وما شاكلها عن أبمة السلؾ محمولة على تحرجهم عن الكبلم فً
عا ،فبل حرج علٌه ،ولهذا التفسٌر بما ال علم لهم به ،فؤما من تكلم بما ٌعلم من ذلن لؽة وشر ً
روي عن هإالء وؼٌرهم ألوال فً التفسٌر ،وال منافاة ،ألنهم تكلموا فٌما علموه ،وسكتوا عما
جهلوه ،وهذا هو الواجب على كل أحد ،فإنه كما ٌجب السكوت عما ال علم له به ،فكذلن ٌجب
اس َوال ت َ ْكت ُ ُمونَهُ } [آل عمران ]ٔ12 :المول فٌما سبل عنه مما ٌعلمه ،لموله تعالى { :لَت ُ َبٌِّنُنَّهُ ِللنَّ ِ
(ٔ)رواه الطبري فً تفسٌره(ٓٓٔ):ص (ٔ )1ٙ /عن العباس بن الولٌد عن أبٌه عن ابن شوذب به.
(ٕ)تفسٌر الطبري(ٕ:)5صٔ.1٘ /
(ٖ)فضابل المرآن.ٕٕ5 :
(ٗ)رواه الطبري فً تفسٌره(:)52ص ٔ ،1ٙ /من طرٌك ابن علٌة عن أٌوب وابن عون به.
(٘)فضابل المرآن.ٕٕ5:
()ٙفضابل المرآن (ص )ٕٕ5ورواه أبو نعٌم (ٗ )ٕٕٕ /من طرٌك جرٌر عن المؽٌرة به.
()2فضابل المرآن (ص .)ٕٕ5
()1جاء من حدٌث أبً هرٌرة ،ومن حدٌث أنس ،وأبً سعٌد الخدري ،رضً هللا عنهم .أما حدٌث أبً هرٌرة
،فرواه أحمد فً المسند (ٕ )ٕٖٙ /وأبو داود فً السنن برلم ( )ٖٙ٘1والترمذي فً السنن برلم ( )ٕٙٗ5وابن
ماجة فً السنن برلم (ٔ )ٕٙمن طرٌك علً ابن الحكم عن عطاء عن أبً هرٌرة ،ولال الترمذي " :حدٌث
حسن" .وأما حدٌث أنس ،فرواه ابن ماجة فً السنن برلم (ٗ )ٕٙمن طرٌك ٌوسؾ بن إبراهٌم عن أنس ،ولال
البوصٌري فً الزوابد (ٔ" : )ٔٔ2 /هذا إسناد ضعٌؾ" .وأما حدٌث أبً سعٌد ،فرواه ابن ماجة فً السنن
برلم (٘ ) ٕٙمن طرٌك دمحم بن داب عن صفوان بن سلٌم عن عبد الرحمن بن أبً سعٌد عن أبً سعٌد ،ولال
البوصٌري فً الزوابد (ٔ" : )ٔٔ1 /هذا إسناد ضعٌؾ".
،ولما جاء فً الحدٌث المروى من طرق " :من سبل عن علم فكتمه ْ ،أل ِجم ٌوم المٌامة بلجام
من نار"(ٔ).
ً ملسو هيلع هللا ىلص
لالت :لم ٌكن النب ُّ فؤما الحدٌث الذي رواه أبو جعفر بن جرٌر بسنده عن عابشة ،
(ٕ)
علمهن إٌاه جبرٌل علٌه السبلم" .فإنه حدٌث منكر ّ ٌفسر شٌبًا من المرآن ،إال آًٌا بعَد ٍد ،
ؼرٌب(ٖ).
وتكلَّم علٌه اإلمام أبو جعفر بما حاصله أن هذه اآلٌات مما ال ٌعلم إال بالتولٌؾ عن هللا
تعالى ،مما ولفه علٌها جبرٌل .وهذا تؤوٌل صحٌح لو صح الحدٌث ،فإن من المرآن ما استؤثر
هللا تعالى بعلمه ،ومنه ما ٌعلمه العلماء ،ومنه ما تعلمه العرب من لؽاتها ،ومنه ما ال ٌعذر
أحد فً جهله ،كما صرح بذلن ابن عباس فً رواٌة األعرج عنه ":التفسٌر على أربعة أوجه :
وجه تعرفه العرب من كبلمها ،وتفسٌر ال ٌعذر أحد بجهالته ،وتفسٌر ٌعلمه العلماء ،وتفسٌر
ال ٌعلمه إال هللا" (ٗ).
لال ابن جرٌر " :ولد روى نحوه فً حدٌث فً إسناده نظر :حدثنً ٌونس بن عبد
األعلى الصدفً ،أنبؤنا ابن وهب لال :سمعت عمرو بن الحارث ٌحدث عن الكلبً ،عن أبً
صالح ،مولى أم هانا ،عن عبد هللا بن عباس :أن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص لال " :أنزل المرآن على
أربعة أحرؾ :حبلل وحرام ،ال ٌعذر أحد بالجهالة به .وتفسٌر تفسره [العرب ،وتفسٌر
تفسره العلماء ،ومتشابه ال ٌعلمه إال هللا عز وجل ،ومن ادعى علمه سوى هللا فهو كاذب"(٘).
والنظر الذي أشار إلٌه فً إسناده هو من جهة دمحم بن السابب الكلبً؛ فإنه مترون
الحدٌث؛ لكن لد ٌكون إنما وهم فً رفعه .ولعله من كبلم ابن عباس ،كما تمدم ،وهللا أعلم
بالصواب.
والط ِرٌمةُ التً اتَّبعها فً التفسٌر:َّ
أوال :ذكر الرواٌات حول اسم السورة.
ثانٌا :ذكر مكان نزولها و عدد آٌاتها ،وسبب نزولها -إن وجد.-
ثالثا :أؼراض السورة ومحتوٌات السورة وفضابلها-إن وجد.-
رابعا :تفسٌر السورة :أذكر اآلٌةَ ،ثم أذكر َم ْعناها العام ،ثم ألوم بت َ ْف َ
()ٙ
سٌرها من المُ ْرآن أو من
سنَّة أو من ألوال الصحابة والتَّابعٌن ،وأحْ ٌانًا أذكر كل ما ٌتعلَّك باآلٌة من لضاٌا أو أحْ كام ،مع ال ُّ
سنة ،وأ ْل َوال المذاهب ال ِف ْم ِهٌَّة وأدِلت َ َها والت َّ ْر ِجٌ َح َب ٌْنَها.
ذكر األدِلةَ من ال ِكت َاب وال ُّ
كثٌرا عند الترجٌح واالختٌار إلى المعروؾ من كبلم ً خامسا :االهتمام باللؽة وعلومها ،واإلحتكام
العرب ،واإلعتماد على أشعارهم ،والرجوع إلى مذاهبهم النحوٌة واللؽوٌة.
(ٔ)تفسٌر الطبري(٘:)ٕٖ2صٔ ،1ٗ /ورواه أبو ٌعلى فً مسنده ( )ٕٖ /1من طرٌك معن المزاز عن فبلن بن
دمحم بن خالد ،عن هشام بن عروة به ،ورواه البزار فً مسنده برلم (٘" )ٕٔ1كشؾ األستار" عن دمحم بن
المثنى ،عن دمحم بن خالد بن عثمة ،عن حفص -أظنه ابن عبد هللا -عن هشام عن أبٌه به.
(ٕ)تفسٌر الطبري (ٔ:)5صٔ.1ٗ /
(ٖ) انظر :حاشٌة تفسٌر الطبري.1ٗ/ٔ :
(ٗ)تفسٌر الطبري(ٔ:)2صٔ.2٘ /
(٘)تفسٌر الطبري (ٕ:)2صٔ.2ٙ /
( )ٙوذلن معتمدا على كتاب :التفسٌر المٌسر ،نخبة من أساتذة التفسٌر ،مجمع الملن فهد لطباعة المصحؾ
الشرٌؾ -السعودٌة ،الطبعة :الثانٌة ،مزٌدة ومنمحةٖٔٗٓ ،هـ ٕٓٓ5 -م.
سادسا:إختٌار مذهب السلؾ فً إثبات الصفات وإمرارها كما جاءت من ؼٌر تكٌٌؾ ،وال تشبٌه،
وال تعطٌل.
سابعا :إضافة األلوال إلى لابلٌها واألحادٌث إلى مصنفٌها ،فإنه ٌمال :من بركة العلم أن ٌضاؾ
المول إلى لابله.
ثامنا :اإلضراب عن كثٌر من لصص المفسرٌن وأخبار المإرخٌن إال ما ال بد منه ،وما ال ؼنى
عنه للتبٌٌن.
كبٌرا فً اإلختٌار والترجٌح. تاسعا :تمدٌر اإلجماع وإعطابه اعتبارا ً
عاشرا :بٌان أوجه المراءات السورة.
الحادي عشر :ذكر فوابد كل آٌة(ٔ).
الثانً عشر :اإلعجاز البٌانً والدراسة األسلوبٌة للسورة :إذ خصصت مبحثا للدراسة األسلوبٌة
لكل سورة ،مبٌنا الظواهر األسلوبٌة فً المستوٌات (التركٌبٌة والداللٌة والصوتٌة) .وذلن فً
مجلد خاص نهاٌة التفسٌر.
كما تولدت رؼبتنا فً تخصٌص مهاد عام حول(علوم المرآن واتجاهات التفسٌر) ،وذلن
من خبلل فصلٌن:
الفصل األول :مهاد عام حول علوم المرآن ،ولد اختص بشرح مفاهٌم مفردات علوم المرآن
الكرٌم ،وبعد تعرٌؾ المرآن الكرٌم لؽة واصطبلحا تناول البحث المواضٌع اآلتٌة:
(أوال -:مفهوم الوحً ،ثانٌا -:نزول المرآن ،ثالثا -:مراحل جمع المرآن الكرٌم وترتٌبه ،رابعا-:
المكً والمدنً ،خامسا -:أسباب النزول ،سادسا -:المحكم والمتشابه فً المرآن الكرٌم ،سابعا-:
الناسخ والمنسوخ فً المرآن الكرٌم ،ثامنا -:المراءات ،تاسعا -:اإلسرابٌلٌات ،عاشرا -:تفسٌر
المرآن وشرفه ،حادي عشر :إعجاز المرآن ،ثانً عشر -:ترجمة المرآن الكرٌم بؽٌر لؽته ،الثالث
عشر -:فضابل المرآن).
الفصل الثانً :فمد اختص بعلوم التفسٌر واتجاهاته ،وذلن من خبلل محورٌن:
المحور األول :تناولنا فٌه أنواع التفسٌر وذلن من خبلل محاور:
(ٔ -التفسٌر بالمؤثور -ٕ ،التفسٌر بالدراٌة -ٖ ،التفسٌر اإلشاري).
فً حٌن تطرلنا فً المحور الثانً الى :اتجاهات التفسٌر ،وذلن من خبلل العناوٌن
اآلتٌة:
(ٔ-االتجاه اللؽوي -ٕ ،االتجاه العلمً -ٖ ،االتجاه الموضوعً -ٗ ،االتجاه الفمهً-٘ ،االتجاه
الببلؼً).
وفً الخاتمة :استظهرنا أهم النتابج التً توصلنا إلٌها فً هذا التمهٌد.
طؤ ،فَ ِمثْل ه َذا علَى زَ لَل ،أو لارئ َولَ َع على َخ َ سمَط َ سا العُ ْذ َر ِم ْن عا ِل ٍم َملتم ً
ِ ألو ُل ذلن
ً- هام ْالٌَ ِسٌرةِ ،و َ
ص َدقَ ال ُمزَ ن ُّ واألو ِ
ْ األخطاء المطبعٌ ِة،
ِ هر فٌ ِه بَ ْعض أن ت َْظ َالعَ َم ِل الكبٌِر ال بُ َّد ْ
ص ِحٌ ًحا طؤ ،أبَى هللاُ أن ٌكون َ سبْعٌنَ مرة ً لَ ُو ِج َد فٌه َخ َ ورض كتابٌ َ َ رحمه هللا -حٌن لال " :لَ ْو ُ
ع
ب فالمر ُجو من أ ْه ِل ال ِع ْل ِم أن ٌ ُْر ِسلُوا ِلً ما لَ َد ٌْ ِهم من ُمبلحظا ٍ
ت أو ا ْستِ ْدرانٍ أو ت َ ْع ِمٌ ٍ ْ َ
ؼٌْر ِكتابِ ِه" ،
حتى أتدَارنَ ذلن فً الطبع ِة البلحم ِة إن شَا َء هللاُ.
(ٔ) أخذت جلّها من تفسٌر ابن عثٌمٌن ،مع تصرؾ بسٌط وبعض اإلضافات فٌها.
ض ُل فً ي الَّل َذٌ ِْن كان لهما الفَ ْ ش ْك ِري إلى َممَ ِام والد َّ أرفَ َع ُأن ْ سى فً ِخت َِام َك ِل َمتً ْ وال أ ْن َ
طلَبِ ِهَ { :ربّ ِ ا ْؼ ِف ْر ِلً َو ِل َوا ِل َد َّ
ي َو ِل َم ْن َد َخ َل بَ ٌْتِ َ
ً وإرشَادِي إلى ال ِع ْل ِم و ُح ِبّ ِه ،واالجْ تِها ِد فًِ َ ت َ ْن ِشبَتًِْ ،
ارا } [نوح .]ٕ1 : ت َوال ت َِز ِد َّ
الظا ِل ِمٌنَ إِال تَبَ ً ُمإْ ِمنًا َو ِل ْل ُمإْ ِمنٌِنَ َو ْال ُمإْ ِمنَا ِ
وأن ٌَ ُكونَ من الثَّبلث صا لِوجْ ِه ِه ْال َك ِرٌم ْ ، وأن ٌجْ عَلَهُ خال ً أن ٌَ ْنف َع به الجمٌ َعْ ، وهللاَ أسْؤ ُل ْ
َ
ب لجمٌع من أ ْس َه َم فٌه األجْ َر والمثوبَة ،إنه ْ
وأن ٌكت ُ َ آدم إذا مات إال ِم ْنها ْ ، ع َم ُل اب ِْن َ مط ُع َ التً ٌَ ْن ِ
صحْ بِه أجْ َمعٌنَ .وكتبه : على آ ِل ِه و َ َ سل َم على نَبِ ٌِّنا ُم َح َّم ٍد و َ َّ صلى هللاُ و َ َّ ً ذلن والماد ُِر علٌه ،و َ َو ِل ُّ
عبدهللا بن خضر بن حمد بن بٌرداود
العراق /أربٌل /2 :شعبان8341 /هـ
الفصل األول
مهاد عام حول علوم المرآن
توطئة
لمد فصل أبو شهبة فً كتابه،المدخل لدراسة المرآن الكرٌم ،المعنى الممصود بعلوم
المرآن(ٔ) ،إذ بدأ أوال بكلمة علوم،فذكر أن معنى العلم _مفرد علوم_ فً اصطبلح أهل التدوٌن،
"جمله من المسابل المضبوطة بجهة واحدة"(ٕ) ،والعلم فً اللؽة نمٌض الجهل ،وهو مصدر
مرادؾ للفهم والمعرفة واإلدران ،وٌراد به إدران الشًء على حمٌمته ،ثم نُمل بمعنى المسابل
المختلفة المضبوطة ضبطا ً علمٌا ً والمتعلمة بعلم ما ،ومن أحسن ما لٌل فً كلمة العلم أنها أشهر
من أن تعرؾ.
وإن تعرٌؾ المرآن عند األصولٌٌن والفمهاء "هو كبلم هللا المنزل على نبٌه دمحم ملسو هيلع هللا ىلص،
المعجز بلفظه ،المتعبد بتبلوته ،المنمول بالتواتر ،المكتوب فً المصاحؾ ،من أول سورة
الفاتحة إلى آخر سورة الناس"ٖ .تخصٌص التعرٌؾ بهذا الشكل ٌخرج منه الكتب السماوٌة
األخرى _التً لم تنزل على دمحم ملسو هيلع هللا ىلص،وتخرج أٌضا األحادٌث المدسٌة التً هً أٌضا لفظا من هللا
تعالى ،لكنها ؼٌر معجزة وال ٌتعبد بتبلوتها(ٗ).
أما المركب اإلضافً ،علوم المرآن ،فمكون من كلمتٌن ،كلمة علوم ولرآن .
(ٔ) أبو شهبة ،دمحم بن دمحم ،المدخل لدراسة المرآن الكرٌم ،بٌروت ،دار الجٌل ،ص.ٔ1
(ٕ) المصدر السابك.
(ٖ) المدخل لدراسة المرآن الكرٌم.أبو شهبة،مرجع سابك،صٕٓ.
(ٗ) المصدر السابك.
ولد عرؾ الكفافً والشرٌؾ علوم المرآن بؤنه(ٔ):علم أو دراسة تدور حول أي جانب
من جوانب المرآن الكرٌم ،وهذا ٌتضمن علوم كثٌرة مثل علم :رسم المرآن ،إعراب المرآن،
تفسٌر المرآن،أسباب النزول،المكً والمدنً ،الناسخ والمنسوخ ،ؼرٌب المرآن ،المراءات ،فضل
المرآن ،األحرؾ السبعة ،مجاز المرآن ،ألسام المرآن ،أمثال المرآن ،حجج المرآن ،نزول المرآن
وتنجٌمه ،جمع المرآن وكتابته ،المصاحؾ العثمانٌة ،فواتح السور،المحكم والمتشابه ،إعجاز
المرآن ،تشبٌه المرآن واستعاراته،اإلعجاز فً نؽم المرآن ،ترجمة المرآن،ترتٌب المرآن،العام
والخاص،المطلك والممٌد،المنطوق والمفهوم،جدل المرآن،لصص المرآن ،وؼٌرها(ٕ).
وأوضح الدكتور زرزور(ٖ) أن هذه العلوم من األجدر أن تسمى"علوم التفسٌر" أو
"علوم تفسٌر المرآن" ،ألن ؼرضها الربٌسً إنما هو لتسهٌل فهم وتفسٌر المرآن .و لد دعم رأٌه
هذا بؤن كتب التفسٌر الكبٌرة عادة ما تشتمل على ممدمة تذكر فٌها أهم هذه العلوم لبل البدء
بالتفسٌر،أمثال كتاب الطبرانً و األصفهانً .وأفضل كما ذكرت بالممدمة،تمسٌم محاور هذه
العلوم الى:العلوم للمحافظة على المحتوى ،العلوم للمحافظة على المراءة،والعلوم للمحافظة على
التفسٌر ،والعلوم إلظهار اإلبداع المرآنً.
والمرآن فً اللؽة :اختلفت فٌه ألوال العلماء هل هو مصدر أم وصؾ؟ ثم هل هو
مهموز أم ؼٌر مهموز؟
والذي نختاره أنه مصدر مهموز على وزن فُعبلن بالضم كالؽفران ،والشكران ،من لرأ
علَ ٌْنَاٌمرأ لراءة ً ،ولرآنا ً ،وٌشهد لهذا االختٌار ورود المرآن بمعنى المراءة فً لوله تعالى {إِ َّن َ
َج ْم َعهُ َولُ ْرآنَهُ ( )ٔ2فَإ ِ َذا لَ َرأْنَاهُ فَاتَّبِ ْع لُ ْرآنَهُ ([ })ٔ1المٌامة ]ٔ1 - ٔ2 :أي :لراءته علٌن حتى
تعٌٌه(ٗ) .
فـ"لرأ" :تؤتً بمعنى الجمع والضم والتبلوة ،والمراءة :ضم الحروؾ والكلمات بعضها
إلى بعض فً الترتٌل ،ولد نمل من هذا المعنى المصدري ،وجعل اسما ً للكبلم المعجز ،المنزل
على دمحم من باب إطبلق المصدر على مفعوله ،فؤصبح كالعلم الشخصً له ،ومنه لوله تعالى
ب َال صٌ َل ْال ِكت َا ِصدٌِكَ الَّذِي بٌَْنَ ٌَ َد ٌْ ِه َوت َ ْف ِ
َّللا َولَ ِك ْن ت َ ْ
ُون َّ ِ {و َما َكانَ َه َذا ْالمُ ْر ُ
آن أ َ ْن ٌُ ْفت ََرى ِم ْن د ِ َ :
ْب فٌِ ِه ِم ْن َربّ ِ ْال َعالَ ِمٌنَ } [ٌونس . ]ٖ2 : َرٌ َ
ولعلوم المرآن معنٌان :
أحدهما :معنى عام :وهوأنواع المعارؾ والعلوم المتصلة بالمرآن الكرٌم ،سواء كانت خادمة له
،أو دل المرآن على مسابلها وأحكامها(٘).
(ٔ) الكفافً،د .دمحم عبد السبلم و األستاذ الشرٌؾ ،عبد هللا،فً علوم المرآن دراسات و محاضرات،
بٌروت_لبنان ،دار النهضة العربٌة،ٔ52ٕ،ص .ٕ2
(ٕ) د .الصالح،صبحً،مباحث فً علوم المرآن،الطبعة الخامسة والعشرون،بٌروت_لبنان ،دار العلم
للمبلٌٌنٕٕٓٓ،م ،و المطان،مناع ،مباحث فً علوم المرآن،الطبعة الثانٌة،الرٌاض،مكتبة المعارؾ للنشر
والتوزٌعٔٗٔ2،هٔ55ٙ/م.
(ٖ) د.زرزور،عدنان دمحم ،فصول فً علوم المرآن،الطبعة األولى،بٌروت_لبنان،المكتب
اإلسبلمًٔٗٔ5،هٔ551/م،ص ٓٔ.
(ٗ) انظر :تفسٌر السمعانً ،ٔٔ٘٘ :وتفسٌر الطبري.ٗ55/ٕٖ :
(٘) انظر :مناهل العرفان ،ٕٖ :ودراسات فً علوم المرآن الكرٌم ،فهد الرومً.ٖٕ:
فعلوم خادمة للمرآن كعلم التجوٌد ،وعلم التفسٌر ،وعلوم اللؽة العربٌة ،وعلم الناسخ
والمنسوخ ،ونحو ذلن ،وعلوم دل المرآن على مسابلها وأحكامها ،كعلم الفمه ،وعلم التوحٌد ،
وعلم الفرابض ،وعلم التارٌخ ،ونحو ذلن .
ولد توسع بعض العلماء فً ذلن حتى أدخلوا علم الطب ،وعلم الفلن ،والجبر ،
والهندسة ،وؼٌرها.
ولكن لٌس هنالن شن أن كل العلوم الدٌنٌة والعربٌة داخلة فً معنى علوم المرآن فً
معناه العام .
والثانً :ومعنى خاص باعتباره علما مدونا:
إن علوم المرآن باعتباره فنا ً مدونا ً عبارة عن مباحث أساسٌة ٌنبؽً اإللمام بها لكل ممبل
على فهم ودراسة المرآن الكرٌم وإال ضل عن سواء السبٌل ،لذا ٌمكن تعرٌفه بؤنه " :أنواع
المعارؾ والعلوم الخادمة للمرآن الكرٌم كعلم النزول ،وعلم الرسم ،وعلم التجوٌد والمراءات،
وعلم أسباب النزول ،وعلم الناسخ والمنسوخ وعلم التفسٌر ونحو ذلن"(ٔ).
وفً المرن الثانً بدأ تدوٌن هذه العلوم فً كتب منفصلة ،كل علم ٌدرس وٌدون على
حده ،ثم جمعت هذه العلوم فً كتاب واحد لتؤخذ الشكل المسمى بعلوم المرآن المتعارؾ علٌه
اآلن .ولد ذكر الدكتور صبحً الصالحٕ أن بداٌة ظهور الشكل المعاصر لعلوم المرآن إنما بدأ
فً كتاب "البرهان فً علوم المرآن" للحوفً (تٖٓٗهـ) .بٌنما حدد كفافً والشرٌؾ بداٌة
بلورة المفهوم المعاصرلعلوم المرآن فً المرن الثامن على ٌد الزركشً (تٗ25هـ) فً كتابه
"البرهان فً علوم المرآن" (ٖ).
فوابد معرفة علوم المرآن:
(ٗ)
ولمعرفة علوم المرآن فوابد جمة ،منها :
ٔ -أن دراسة المرآن الكرٌم وفهمه وتفسٌره إنما تتطلب معرفة المفسر لهذه العلوم،لمعرفة
أسباب النزول ،لمعرفة الناسخ والمنسوخ و ؼٌرها من علوم المرآن حتى ٌتفادى الخطا والزلل،
واإلسبلم ٌحث على العلم والمعرفة ،وبالعلم ترلى األمم ،فكٌؾ إذا تكون ثمافة الدارس لعلوم
المرآن ،فهً أشرؾ الثمافات والعلوم.
علوم المرآن من أهم العلوم ،وأعبلها ،وأنفعها ،إذ هو السبٌل لفهم كتاب هللا ،ومعرفة أحكامه ،
وحكمه ،ولذا تظهر علوم المرآن الكرٌم من جوانب عدٌدة أبرزها ما ٌؤتً :
ٌٕ -ساعد على فهم وتدبر المرآن الكرٌم ،واستنباط أحكامه ،ومعرفة حكمه ،وحل مشكله ،
وفهم متشابهه ،بصورة صحٌحة دلٌمة ،ألنه ال ٌمكن أن ٌفهم المرآن وٌفسره من ال ٌعرؾ
نطمه ،ورسمه ،وأوجه لراءته ،وأسباب نزوله ،وناسخه ومنسوخه ،ومحكمه ومتشابهه ،ونحو
ذلن ،فهو األساس ،والمفتاح لفهم المرآن الكرٌم.
ٖ -زٌادة الثمة والٌمٌن بهذا المرآن العظٌم ،خاصة لمن ٌتعمك فً معرفة إعجازه ،وأحكامه،
وحكمه ،وٌمؾ على دلٌك أسراره ،إذ الجهل بمثل هذه العلوم ٌجعل المسلم عرضة للشبهات التً
ٌمصد من ورابها زعزعة الٌمٌن.
(ٔ) انظر :تهذٌب اللؽة" ٖ" ،ٕ5ٕٔ /التفسٌر الكبٌر" ٘.1ٙ /
(ٕ)تهذٌب اللؽة" ٖ" ،ٕ5ٕٔ /اللسان" .ٖ٘ٙ٘ /ٙ
(ٖ)تهذٌب اللؽة" ٖ" ،ٕ5ٕٔ /اللسان" .ٖ٘ٙ٘ /ٙ
(ٗ)البٌت لحمٌد بن ثور فً "دٌوانه" ص ٕٔ" ،لسان العرب" ( ٖ٘ٙ٘ /ٙلرأ).
(٘)تهذٌب اللؽة" ٖ" ،ٕ5ٕٔ /اللسان" .ٖ٘ٙ٘ /ٙ
(")ٙتهذٌب اللؽة" ٖ.ٕ5ٕٔ /
()2هو :علً بن إسماعٌل بن أبً بشر ،أبو الحسن تتلمذ فً العمابد على الجبابً زوج أمه ،وبرع فً علمً
شهر بمذهب ٌنسب إلٌه ،ولٌل إنه رجع بعده إلى الكبلم والجدل على طرٌمة المعتزلة ،ثم رجع فرد علٌهم ،و ُ
مذهب السلؾ ،له" :مماالت اإلسبلمٌٌن" ،و"اإلبانة" ،توفً سنة ٕٖٗ هـ .انظر" :شذرات الذهب" ٕ،ٖٖٓ /
"األعبلم" ٗ.ٕٖٙ /
(ٗ) فً (م)( :كتاب).
()1البرهان ،للزركشً .ٕ21 /ٔ :ونمله الواحدي فً التفسٌر البسٌط ،٘2ٙ/ٖ :وهذا مذهب األشاعرة واعتماد
السلؾ إثبات صفة الكبلم هلل تعالى على الوجه البلبك به سبحانه من ؼٌر تشبٌه وال تمثٌل وال تكٌٌؾ وال تعطٌل
ٌر} [الشورى.]ٔٔ : ش ًْ ٌء َوه َُو الس َِّمٌ ُع ْالبَ ِ
ص ُ ْس ك َِمثْ ِل ِه َ
على حد لوله تعالى{ :لٌَ َ
( )5نمبل عن التفسٌر البسٌط ،٘22/ٖ :والتفسٌر الكبٌر.1ٙ/٘ :
(ٓٔ) حكاه عنه الماوردي فً النكت والعٌون.ٕٖ/ٔ :
(ٔٔ)انظر :النكت والعٌون.ٕٖ/ٔ :
(ٕٔ)البٌت لحسان بن ثابت ،دٌوانه ،ٗٔٓ :وضحى :ذبح شاته ضحى النحر ،وهً األضحٌة .واستعاره حسان
لممتل عثمان فً ذي الحجة سنة ٖ٘ ،رضً هللا عنهما ،انظر" :المؽنً" ٔ ،ٕٔ1 /رلم ٖ" ،ٖٙالبحر المحٌط"
ٕ ،ٖٕ /والعنوان :األثر الذي ٌظهر فتستدل به على الشًء.
الر ُجل شٌب اللحٌة .انظر :لسان العرب ،مادة (شمط).ٖٖٙ - ٖٖ٘ / 2 : (ٖٔ) الشمط :فً َّ
أي :لراءة"(ٕ).
فإن لال لابل :وكٌؾ ٌجوز أن ٌسمى "لرآنًا" بمعنى المراءة ،وإنما هو ممروء؟
لٌل :كما جاز أن ٌسمى المكتوب :كتابًا ،بمعنى :كتاب الكاتب(ٖ) ،كما لال الشاعر فً
ق كتبه المرأته(ٗ): طبل ٍصفة كتاب َ
صك ال ِؽ َراء كِتابٌ مث َل ما لَ ِ ت ُ َإ ِ ّمل َرجْ عةً ِمنّى ،وفٌها
علَ َما ً للكتاب
المول الثالث :أن "لفظ المرآن لٌس مشتماً ،وال مهموزاً ،وأنه لد ارتجل وجعل َ
المنزل ،كما أطلك اسم التوراة على كتاب موسى ،واإلنجٌل على كتاب عٌسى صلى هللا علٌهما
وسلم" .وها لول اإلمام الشافعً-رحمه هللا.)٘(-
والمول الراجح هو أن المرآن مؤخـوذ من (لرأ) بمعنى :تبل ،وهو مصدر مرادؾ للمراءة
علَ ٌْنَا َج ْمعَهُ َولُ ْرآَنَهُ ،فَإ ِ َذا لَ َرأْنَاهُ فَاتَّبِ ْع لُ ْرآَنَهُ] {المٌامة-ٔ2:
ٌدل على ذلن اآلٌة السابمةِ [: :إ َّن َ
[ولُ ْرآَنَ الفَجْ ِر ِإ َّن لُ ْرآنَ الفَجْ ِر َكانَ َم ْش ُهودًا] {اإلسراء ،}21:أي :لراءة
َ }أي )ٙلراءته – ولولهَ : ٔ1
(
الفجر .وهللا أعلم.
-2تعرٌف المرآن فً االصطالح:
إن المرآن الكرٌم مصدر العلوم وأصل الحمابك الثابتة ومرجع العلماء ٌرجع إلٌه الفمهاء
واألصولٌون لمعرفة األحكام الشرعٌة إجماالً وتفصٌبلً وٌرجع إلٌه علماء اللؽة إلظهار إعجازه
واإلفادة من أسلوبه ومعانً كلماته اإلفرادٌة والتركٌبٌة ،وٌرجع إلٌه علماء المراءات لتحمٌك
هدفهم فً معرفة كٌفٌة النطك بؤلفاظه الكرٌمة .
ذكر اإلمام السٌوطً فً اإلتمان" :أن المرآن كبلم هللا المنزل ،ثم أخذ فً تفصٌل معنى
الكبلم وكٌفٌة التنزٌل ،وعمد بعد ذلن فصبلً فً تواتر نمل المرآن وذكر أن األمة متعبدة بفهم
معانٌه ،وإلامة حدوده ،وحروفه على الصفة المتلماه ،ثم ذكر أن المرآن معجز ،وأخذ فً تفصٌل
المدر المعجز منه"( ،)2وعلٌه فٌمكن تلخٌص كبلمه على ممتضى الحد الجامع المانع فٌمال :هو
كبلم هللا المنزل على دمحم -ملسو هيلع هللا ىلص -بواسطة جبرٌل ،المتواتر ،المعجز ،المتعبد بتبلوته وتطبٌك
أحكامه.
()1
ولال الشوكانً " :المرآن كبلم هللا تعالى ،المنزل على نبٌنا دمحم -ملسو هيلع هللا ىلص ،-المكتوب فً
متواترا ،المتعبد بتبلوته ،المتحدى بؤلصر سورة منه"(ٔ) ،وهذا ً المصاحؾ ،المنمول إلٌنا ً
نمبل
(ٔ) البٌان والتبٌٌن ،أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ صٖٗٔ ،تحمٌك :فوزي عطوى ،دار صعب -بٌروت،
ط/األولى ٔ5ٙ1م.
(ٕ) لسان العرب البن منظور ٔ.ٕ5/
(ٖ) انظر :تفسٌر الطبري.52/ٔ :
(ٗ) البٌت من شواهد الطبري فً تفسٌره ،52/ٔ:ولم أتعرؾ على لابله.
(٘)منالب الشافعً ،أبوبكر أحمد بن الحسٌن بن علً البٌهمًٔ ،ٕ2ٙ /تحمٌك أحمد صمر ،مكتبة دار التراث –
الماهرة ،طٔ52ٔ /م.
( ) ٙالجامع ألحكام المرآن ،أبو عبد هللا دمحم بن أحمد بن أبً بكر بن فرح األنصاري الخزرجً شمس الدٌن
المرطبًٕ ،ٕ51/تحمٌك :أحمد البردونً وإبراهٌم أطفٌش ،دار الكتب المصرٌة – الماهرة ،ط /الثانٌة ٖٗٔ1هـ
ٔ5ٙٗ -م.
( )2اإلتمان فً علوم المرآن للسٌوطً ٔ ،ٔ2ٓ-ٔ٘1/بتصرؾ.
( )1هو دمحم بن علً بن دمحم الشوكانً ،اإلمام العبلمة الربانً ،ولد فً هجرة شوكان سنة ثبلث وسبعٌن ومابة
وألؾ من الهجرة ،تولى منصب لاضً لضاة المطر الٌمانً ،وكان نابذا للتملٌد داعٌا ً لبلجتهاد ،صاحب
التعرٌؾ مزٌد فٌه على ما سبك لوله" :المكتوب فً المصاحؾ" وهذا لٌد ؼٌر الزم ،وال ٌشترط
فً إثبات المرآن أن ٌكون فً المصاحؾ؛ ألن هذا المٌد ال ٌشمل ما كان محفوظا ً فً الصدور،
والكل ٌسمى لرآنا ً سواء كان مكتوبا ً أو محفوظاً.
ولٌل المرآن" :هو الكبلم المعجز ،المنزل على النبً -ملسو هيلع هللا ىلص -المكتوب فً المصاحؾ
المنمول بالتواتر المتعبد بتبلوته"(ٕ).
ولٌل المرآن" :هو كبلم هللا المعجز المنزل على خاتم األنبٌاء ،والمرسلٌن دمحم -ملسو هيلع هللا ىلص-
بواسطة أمٌن الوحً جبرٌل علٌه السبلم ،المنمول إلٌنا بالتواتر ،المتعبد بتبلوته ،المبدوء بسورة
الفاتحة ،والمختتم بسورة الناس ،والمتحدى بؤلصر سورة منه"(ٖ).
ولولهم فً التعرٌؾ" :كبلم" جنس ٌشمل كل كبلم ،خصص هذا الجنس باإلضافة إلى
لفظ الجبللة لٌخرج كل كبلم سوى كبلم هللا ،بٌد أن كبلم هللا منه ما هو متعبد بتبلوته ،ومنه ؼٌر
ذلن ،فتكون نسبة التخصٌص هنا نسبٌة بالنسبة لما سوى كبلم هللا ،والكبلم صفة هلل لابمة به،
ع ِ ّرؾ المرآن فً العمٌدة أثبتها ربنا عز وجل لنفسه ،بدون تشبٌه وال تكٌٌؾ وال تعطٌل ،و ُ
الطحاوٌة بؤنه" :كبلم هللا ،منه بدا ،ببل كٌفٌة لوالً ،وأنزله على رسوله وحٌاً ،وصدله المإمنون
على ذلن حماً ،وأٌمنوا أنه كبلم هللا تعالى بالحمٌمة ،لٌس بمخلوق ككبلم البرٌة ،فمن سمعه فزعم
أنه كبلم البشر فمد كفر"(ٗ).
وهذا التعرٌؾ فٌه زٌادة تفصٌل فً جانب ،وخبل من لٌود مهمة فً جانب آخر ،فمثبل
لوله" :بالحمٌمة" :إما أن تكون صفة كاشفة ،أو تؤكٌدا ً معنوٌا ً وعلى كبل التمدٌرٌن دخولها فً
التعرٌؾ معٌب ،كما ٌبلحظ الباحث أن هذا التعرٌؾ خبل من وصؾ المرآن بالمعجز؛ فهل
اإلعجاز صفة مختصة بكبلم هللا؟ وهل فً الحدٌث المدسً أو النبوي شًء من اإلعجاز فتدخل
فً التعرٌؾ؟ على كبل األمرٌن سٌخرج ؼٌر المرآن من التعرٌؾ بمولهم" :المتعبد بتبلوته" أي:
بإلامة حروفه وألفاظه ،وبؤنه ال ٌجزئ فً الصبلة ؼٌره.
ع ِ ّرؾ كذلن بؤنه" :كبلم هللا تعالى المنزل على دمحم -ملسو هيلع هللا ىلص -للبٌان ،واإلعجاز ،المجموع و ُ
(٘)
بٌن دفتً المصحؾ ،المتعبد بتبلوته ،المنمول بالتواتر" .
نستنتج مما سبك أن كل التعرٌفات تدور فً الجملة حول معنى واحد ؼٌر أن فً بعضها
زٌادة لٌود ،وإسهاب ،واألصل فً الحدود أن تكون جامعة مانعة ،وعلٌه فإن الباحث ٌرى أن
التعرٌؾ المختار هو :أن المرآن كبلم هللا المنزل على دمحم -ملسو هيلع هللا ىلص -لفظاً ،للبٌان ،والتحدي،
واإلعجاز ،المتعبد بتبلوته ،وبؤحكامه ،المنمول بالتواتر.
شرح محترزات ولٌود التعرٌؾ:
التصانٌؾ ،توفى عام خمسٌن ومؤتٌن وألؾ ،انظر :البدر الطالع بمحاسن من بعد المرن السابع للشوكانً
ٕ ،ٕٓ2/دار المعرفة -بٌروت( ،بدون) .واألعبلم للزركلً .ٕ51/ ٙ
(ٔ) إرشاد الفحول ،دمحم بن على الشوكانًٔ ،1ٙ/تحمٌك :أحمد عزو عناٌة ،دار الكتاب العربً ،ط/األولى
ٔٗٔ5هـٔ555 -م (بتصرؾ بسٌط).
(ٕ) مناهل العرفان فً علوم المرآن ،للزرلانًٔ.ٔ٘/
(ٖ) نفحات من علوم المرآن ،دمحم أحمد معبد صٖٔ ،مكتبة طٌبة– المدٌنة المنورة ،ط /األولى ٔ51ٙم.
(ٗ) شرح العمٌدة الطحاوٌةٔ ،ٕ٘ٗ/الماضً علً بن علً أبً العز الدمشمً ،تحمٌك عبدهللا عبدالمحسن
التركً ،مإسسة الرسالة ،ط /الثانٌة ٕٓٗٔهـ.
(٘) الآللًء الحسان فً علوم المرآن ص ،5د /موسى شاهٌن الشٌن ،مطبعة الفجر الجدٌد(،بدون).
لوله :كبلم هللا :الكبلم صفة من صفات هللا أثبتها سبحانه لنفسه ،وأثبتها له رسوله -ملسو هيلع هللا ىلص ،-ولولنا
كبلم هللا الكبلم جنس فً التعرٌؾ ٌشمل كل كبلم وإضافته إلى (هللا) ٌخرج كبلم ؼٌره من
اإلنس والجن والمبلبكة" ،فمد كلم سبحانه عبده ورسوله موسى ببل واسطة ،بل أسمعه كبلمه
س ُل فَض َّْلنَا الذي هو صفته البلبمة بذاته كما شاء وعلى ما أراد ،لال هللا عز وجل[ :تِ ْلنَ ُّ
الر ُ
ت َوأٌََّ ْدنَاه ُ سى ابْنَ َم ْرٌَ َم البَ ٌِّنَا ِ ت َوآَت َ ٌْنَا ِعٌ َ ض ُه ْم َد َر َجا ٍض ِم ْن ُه ْم َم ْن َكلَّ َم هللاُ َو َرفَ َع بَ ْع َ علَى بَ ْع ٍ ض ُه ْم َبَ ْع َ
َ
اختَلفُوا فَ ِم ْن ُه ْم َ ْ َّ ْ َ
بِ ُروحِ المد ُِس َول ْو شَا َء هللاُ َما التَت َ َل الذٌِنَ ِم ْن بَ ْع ِد ِه ْم ِم ْن بَ ْع ِد َما َجا َءت ُه ُم البٌَِّنَاتُ َول ِك ِن ْ ُ
سبل لَ ْد ً [و ُر َُم ْن آ َ َمنَ َو ِم ْن ُه ْم َم ْن َكفَ َر َولَ ْو شَا َء هللاُ َما ا ْلتَتَلُوا َولَ ِك َّن هللاَ ٌَ ْفعَ ُل َما ٌ ُِرٌدُ] {البمرةَ }ٕٖ٘:
سى ت َ ْك ِلٌ ًما] {النساء،}ٔٙٗ: علٌَْنَ َو َكلَّ َم هللاُ ُمو َ ص ُه ْم َ ص ْ س ًبل لَ ْم نَ ْم ُ
علٌَْنَ ِم ْن لَ ْب ُل َو ُر ُ صنَا ُه ْم َ ص ْ لَ َ
(ٔ)
فؤكده بالمصدر مبالؽة فً البٌان والتوضٌح" .
ولوله" :المنزل على دمحم -ملسو هيلع هللا ىلص :"-خرج بموله المنزل :كبلم هللا الذي استؤثر به نفسه
ت َربًِّ لَنَ ِف َد البَحْ ُر لَ ْب َل أ َ ْن ت َ ْنفَ َد َك ِل َماتُ َر ِبًّ َولَ ْو سبحانه :لال تعالى[ :لُ ْل لَ ْو َكانَ البَحْ ُر ِم َدادًا ِل َك ِل َما ِ
ِجبْنَا بِ ِمثْ ِل ِه َم َددًا] {الكهؾ ،}ٔٓ5:وخرج بموله على دمحم -ملسو هيلع هللا ىلص -الكتب السماوٌة السابمة لنزول
علَى لَ ْلبِنَ ِلت َ ُكونَ ِمنَ ٌنَ ، الرو ُح األ َ ِم ُ المرآن كالتوراة واالنجٌل وؼٌرها ،لال تعالى[:نَزَ َل بِ ِه ُّ
ال ُم ْنذ ِِرٌنَ ] {الشعراء.}ٔ5ٗ-ٔ5ٖ:
ولوله" :لفظاً" :لٌ ٌد خرج به الحدٌث المدسً والنبوي ،إذ لم ٌنزل كل واحد منهما لفظاً،
وإنما نزل الحدٌث النبوي معنى على الصحٌح ،وفً الحدٌث المدسً خبلؾ مشهور.
ولوله" :للبٌان" :أي :للبٌان التشرٌعً وؼٌره ،وهو من مهام دمحم -ملسو هيلع هللا ىلص ،-لال
اس َما نُ ِ ّز َل ِإلَ ٌْ ِه ْم َولَ َعلَّ ُه ْم ٌَتَفَ َّك ُرونَ ] الزب ُِر َوأ َ ْنزَ ْلنَا ِإلٌَْنَ ال ِذّ ْك َر ِلتُبٌَِّنَ ِللنَّ ِ ت َو ُّ تعالىِ [:بالبَ ٌِّنَا ِ
{النحل.}ٗٗ:
ولوله" :والتحدي"" :إن المرآن لد تحدى اإلنس والجن جمٌعاً ،مكٌهم ،ومدنٌهم،
وعربٌهم ،وعجمٌهم ،أن ٌؤتوا ولو بمثل ألصر سورة من سور المرآن فعجزوا أجمعٌن "(ٕ)،
لال تعالى:
ض ُه ْم ْ ْ
علَى أ َ ْن ٌَؤتُوا ِب ِمثْ ِل َه َذا المُ ْرآ َ ِن َال ٌَؤتُونَ ِب ِمثْ ِل ِه َولَ ْو َكانَ َب ْع ُ الج ُّن َس َو ِ اإل ْن ُ ت ِ [لُ ْل لَبِ ِن اجْ ت َ َم َع ِ
ٌرا] {اإلسراء ، } :ولال تعالى: ظ ِه ً ض َ ِل َب ْع ٍ
ُون هللاِ إِ ْن ش َه َدا َء ُك ْم ِم ْن د ِ عوا ُ ورةٍ ِم ْن ِمثْ ِل ِه َوا ْد ُ
س َ ْ
ع ْب ِدنَا فَؤتُوا ِب ُ علَى َ ب ِم َّما ن ََّز ْلنَا َ [وإِ ْن ُك ْنت ُ ْم ِفً َر ٌْ ٍ َ
صا ِدلٌِنَ ] {البمرة.}ٕٖ: ُك ْ َ
مُ تنْ
ولوله" :واالعجاز"" :فالمرآن كتاب معجز بكلٌته وبجزبٌته بكل وجوه اإلعجاز ،وهذا
اإلعجاز للبشرٌة كلها هو ممصد من مماصد إنزال المرآن ،إثباتا ً لرسالة ونبوة دمحم -ملسو هيلع هللا ىلص ،-كما أن
إعجازه "فً فصاحته وببلؼته ،وأنباء الؽٌب ،وأخبار األمم السابمة ،وما حواه المرآن من إعجاز
علمً ،وتشرٌعً محكم دلٌك صالح لكل زمان ومكان"(ٖ).
ولوله" :المتعبد بتبلوته" :المؤمور بمراءته فً الصبلة ،وؼٌرها ،ومتعبد بإلامة ألفاظه،
وهذا لٌد خرجت به األحادٌث المدسٌة ،وهً المسندة إلى هللا عز وجل إن للنا أنها منزلة من عند
(ٔ) معارج المبول بشرح سلم الوصول حافظ بن أحمد بن علً الحكمً ٔ ،ٕٗ2 /تحمٌك :عمر بن محمود أبو
عمر ،دار ابن المٌم – الدمام ،ط/األولى ٓٔٗٔ هـ ٔ55ٓ -م.
(ٕ) مناهل العرفان فً علوم المرآن ٔ.ٕٔ1/
(ٖ) الواضح فً علوم المرآن ،ٔٙ2 :د /مصطفى دٌب البؽا ومحً الدٌن دٌب مستو ،دار الكلم الطٌب ودار
العلوم اإلنسانٌة ـ دمشك ،ط األولى ٔٗٔ2هـ.
هللا بؤلفاظها ،واألحادٌث النبوٌة ،وإن كانت مما نإجر على لرأتها ،واستخراج األحكام الشرعٌة
منها؛ ولكن ال ٌصح المراءة بها فً الصبلة ،وال متعبدون بإلامة ألفاظها على الصحٌح.
ولوله" :المنمول بالتواتر"":المتواتر هو :ما نمله جمع ال ٌمكن تواطإهم على الكذب عن
مثلهم إلى منتهاه"(ٔ) ،أي :من النبً -ملسو هيلع هللا ىلص -إلى أصحابه إلى التابعٌن وهكذا حتى وصل إلٌنا دون
ظونَ ] {الحجر،}5: َحْن ن ََّز ْلنَا ال ِذّ ْك َر َوإِنَّا لَهُ لَ َحافِ ُ
نمص أو تحرٌؾ مصدالا ً لمول هللا تعالى[:إِنَّا ن ُ
وهذا لٌد خرجت به المراءات المنمولة إلٌنا بطرٌك اآلحاد ،واألحادٌث المدسٌة ،وهً المسندة إلى
هللا عز وجل إن للنا إنها منزلة من عند هللا بؤلفاظها.
وسوؾ ٌتناول البحث فً هذا المبحث المحاور اآلتٌة:
أوال -:مفهوم الوحً
ً
الوحً لؽة :مصدر وحٌْتُ ،وأوحٌت وحٌا،ومعناه اإلشارة ،والكتابة ،والرسالة،
واإللهام ،والكبلم الخطً ،وكل ما ألمٌته إلى ؼٌرن(ٔ).
لال الزبٌدي" :أوحى إلٌه :كلمه بكبلم ٌخفٌه"(ٕ).
لال فً (المصباح) ":الوحً اإلشارة ،والكتابة ،وكل ما ألمٌته إلى ؼٌرن لٌَ ْعلمه َوحْ ً
كٌؾ كان لاله ابن فارس وهو مصدر َو َحى إلٌه ٌَ ِحً من باب وعد وأوحى إلٌه باأللؾ مثله،
ً ،واألصل فُعول مثل فلوس وبعض العرب ٌمول وحٌت إلٌه ووحٌت له ،وأوحٌت وجمعه ُو ِح ّ
إلٌه وله ثم ؼلب استعمال الوحً فٌما ٌُلمى إلى األنبٌاء من عندهللا تعالى ولؽة المرآن الفاشٌة
ومعنى ،فعٌل بمعنى فاعل ،وذكاة ٌ ُو ِحٌّةٌ أي ً ً مثل سرٌع وزنا ً والو َحا السرعة َو ِح ّ أوحى باأللؾ َ
سرٌعة أٌضا وٌمال وحٌت الذبٌحة أحٌها من باب وعد أٌضا ذبحتها ذبحا ً َو ِحٌّاً ،وو ّحى الدواء
الموت توحٌة ع ّجله ،وأوحاه باأللؾ مثله ،واستوحٌت فبلنا ً استصرخته"(ٕ).
"و َحى إلٌه ،وأوحى إلٌه بمعنى ،ووحٌت إلٌه ،وأوحٌت إذا كلمته لال فً (األساس)َ :
(ٖ)
بما تخفٌه عن ؼٌره ،وأوحى هللا إلى أنبٌابه{ .وأوحى ربن إلى النحل} [النحل. "]ٙ1:
ً " لال الراؼب" :أصل الوحً :اإلشارة السرٌعة ،ولتضمن السرعة لٌل " :أمر ُو ِح ٌّ
وذلن ٌكون بالكبلم على سبٌل الرمز والتعرٌض ،ولد ٌكون بصوت مجرد عن التركٌب،
على لَ ْو ِم ِه ِمنَ وبإشارة ببعض الجوارح،ولد ُحمل على ذلن لوله تعالى عن زكرٌا {:فَخ ََر َج َ
ع ِشًٌّا}[مرٌم.)ٗ("]ٔٔ : س ِبّ ُحوا بُ ْك َرة ً َو َ ْال ِمحْ را ِ
ب فَؤ َ ْوحى ِإلَ ٌْ ِه ْم أ َ ْن َ
لال ابن تٌمٌة رحمه هللا تعالى" :الوحً اإلعبلم السرٌع الخفً إما فً الٌمظة وإما فً
المنام"(٘).
تعالى{:وأ َ ْو َحى َربُّنَ إِلَى النَّحْ ِل أ َ ِن ات َّ ِخذِي ٗ -اإللهام الؽرٌزي للحٌوان ،كالوحً إلى النحل ،لال (ٕ) َ
أن هللا سخرها عن طرٌك شونَ }[النحل . ]ٙ1:أيَّ ": ش َج ِر َو ِم َّما ٌَ ْع ِر ُ ِمنَ ْال ِجبَا ِل بٌُُوتًا َومِنَ ال َّ
(ٖ)
أن تصنع هذه األشٌاء العجٌبة" . الؽرٌزة ْ
ْ
على لَ ْو ِم ِه ِمنَ ال ِمحْ َرا ِ
ب َ ً
٘ -اإلشارة السرٌعة برمز أو إٌماء كما ورد رمزا لوله تعالى{ :فَخ ََر َج َ
ع ِشًٌّا} [مرٌم ،]ٔٔ :فمد ذكر ابن كثٌر أن زكرٌا أشار إلى لومه س ِبّ ُحوا بُ ْك َرة ً َو َ فَؤ َ ْو َحى ِإلَ ٌْ ِه ْم أ َ ْن َ
(ٔٔ)
إشارة سرٌعة ولم ٌتكلم .
(ٗ)
وأما اإلٌماء ،فمثاله لول الشاعر :
دلابك فكري فً بدٌع صفاتهـا نظرت إلٌـها نظـرة ً فتـحٌرت
فؤثر ذان الوحـً فً وجـناتها فؤوحى ِإلٌها الطـرؾ أنً أحبها
(٘)
-ٙالكتابة ،ومن ذلن لول لبٌد :
ً ِسبلَ ُمها الو ِح َّ ض ِمنَ َُخلَما ً كما َ ع ِ ّري َر ْس ُمها الرٌَّان ُ فمداف ُع َّ
اإلشارة والكتابة وحٌا ً لداللتهما على المعنى ى جمع َوحْ ً ٍ وهو الكتابة ،وإنما سمٌت ِ ْ
فال ُو ِح ُّ
بسرعة ال ٌدانٌهما فٌها ؼٌرهما .والعرب تسمً السرعة وحٌاً ،فٌمولون :ت ََو َّحى الرجل إذا جاء
بسرعة ،فهما ٌرجعان إلى أصل واحد وهو السرعة(.)ٙ
اطٌنَ لٌَُو ُحونَ ِإلَى شٌَ ِ {و ِإ َّن ال َّ
-2وسوسة الشٌطان وتزٌٌنه الشر فً نفس اإلنسان ،لال تعالىَ :
ُوحً ْ
اإل ْن ِس َوال ِج ِّن ٌ ِ ش ٌَاطٌِنَ ْ ِ عد ًُّوا َ ًٍ َ {و َك َذلِنَ َج َع ْلنَا ِل ُك ِّل نَبِ ّ أ َ ْو ِل ٌَابِ ِه ْم ِلٌُ َجا ِدلُو ُك ْم}[األنعامَ ،]ٕٔٔ:
سلنَا ِم ْن لَ ْبلِنَ ْ {و َما أ َ ْر َ ورا} [األنعام ،]ٕٔٔ:ولوله تعالىَ : ؼ ُر ًؾ ْالمَ ْو ِل ُ ض ُز ْخ ُر َ ض ُه ْم ِإلَى َب ْع ٍ َب ْع ُ
ان ث ُ َّم ٌُحْ ِك ُم َّ
َّللاُ ط ُ َّللاُ َما ٌ ُْل ِمً ال َّ
ش ٌْ َ س ُخ َّ ُ
ان فًِ أ ْمنٌَِّتِ ِه فَ ٌَ ْن َط ُ ش ٌْ ًَ ٍ إِ َّال ِإ َذا ت َ َمنَّى أ َ ْلمَى ال َّ
سو ٍل َو َال نَ ِب ّ ِم ْن َر ُ
()2
ع ِلٌ ٌم َح ِكٌ ٌم} [الحج . ]ٕ٘ : َّللاُ َ آ ٌَاتِ ِه َو َّ
الؽرٌزي " و " الوسوسة الشٌطانٌة " وحٌاً ،ألنّها وإنما سمً " اإللهام " و " التسخٌر ْ
إعبلم فً خفاء ،والعرب تسمً اإلعبلم الخفً َوحْ ٌا ً .
()1
(ٔ) انظر :أصول اإلٌمان فً ضوء الكتاب والسنة ،نخبة من العلماء ،وزارة الشإون اإلسبلمٌة واألولاؾ
والدعوة واإلرشاد ،المملكة العربٌة السعودٌة ،طٕٔٔٗٔ ،هـ:ص.ٕٖٔ/ٔ:
(ٕ) انظر :أصول اإلٌمان فً ضوء الكتاب والسنة ،نخبة من العلماء ،وزارة الشإون اإلسبلمٌة واألولاؾ
والدعوة واإلرشاد ،المملكة العربٌة السعودٌة ،طٕٔٔٗٔ ،هـ:ص.ٕٖٔ/ٔ:
(ٖ) منار الماري شرح مختصر صحٌح البخاري :حمزة دمحم لاسم.ٕٗ/ٔ :
(ٔٔ) مختصر تفسٌر ابن كثٌر ،دمحم علً الصابونً ،دار المرآن الكرٌم ،بٌروتٕٔٗٓ،هٔ51ٔ/م،
مٕ،صٗٗٗ.
(ٗ) البٌتان دون نسبة فً منار الماري ،ٕٗ/ٔ :وبٌان المعانً.٘ٗ/ٔ :
(٘)دٌوانه.ٕ52 :
( )ٙانظر :منار الماري شرح مختصر صحٌح البخاري ،حمزة دمحم لاسمٕٗ/ٔ:
( )2انظر :أصول اإلٌمان فً ضوء الكتاب والسنة ،نخبة من العلماء ،وزارة الشإون اإلسبلمٌة واألولاؾ
والدعوة واإلرشاد ،المملكة العربٌة السعودٌة ،طٕٔٔٗٔ ،هـ:ص.ٕٖٔ/ٔ:
( )1انظر :منار الماري.ٕ٘-ٕٗ/ٔ:
لال الكسابً" :تمول :وحٌت إلٌه ،إذا كلمته بكبلم تخفٌه عن ؼٌره"(ٔ).
ولؽة المرآن(:أوحى) ،باأللؾ -ولم ٌستعمل مصدرها -وإنما جاء فٌه مصدر الثبلثً:
{إِ ْن ُه َو إِ َّال َوحْ ٌ
ً ٌُو َحى}[النجم.]ٗ:
وعلٌه فان المعنى المستفاد من مادة الكلمة ٌشتمل على السرعة والخفاء ولو نظرنا لما
استخدم هذه األٌام من وسابل االتصال الحدٌثة فان فٌها السرعة والخفاء ،وسترى ذلن واضحا ً
فً معنى الوحً فً نظر العلم.
فً العلم :وهو ما توصل إلٌه علماء الصناعة من اكتشافات ،وما فٌه من الدلة ،وما اكتشؾ
من معلومات حو ل النمل والنحل والمخلولات .فمن ذلن:
التنوٌم المؽناطٌسً .
الهاتؾ والبلسلكً ،والرادٌو ،والفاكس ،واإلنترنت وؼٌرها.
التسجٌبلت اإللكترونٌة على أشرطة التسجٌل وأسطواناته فتنمل صوت الؽابب والمٌت وهكذا.
أعمال النمل ،والنحل وحشرات اإلكسٌكلوب وما فٌه من الدلة واإلتمان.
:وٌعرفُها أفبلطون بؤنها حال إلهٌة مولدة لئللهامات العلوٌة للبشر .وٌمرر الفبلسفة بؤنها ِّ العبمرٌة
حال علوٌة ال شؤن للعمل بها .وٌمول عباد الطبٌعة بؤنها هبة من الطبٌعة نفسها ال تحصلها
دراسة ،وال ٌوجدها تفكٌر.
(ٖ)
الحاالت الروحانٌة التً ٌفتح على اإلنسان بها بما ال ممدور له علٌه .
فً العمل" :ما جرى للنبً دمحم-ملسو هيلع هللا ىلص -وما أخبر به .وٌشهد له المعجزات التً أظهرها أو خبَّر
بها .ولد اعترؾ العمبلء بما أخبر به فً زمانه وبعده ،وما زال العمل مستسلما .والعمل هو مناط
التكلٌؾ"(ٕ).
الوحً فً االصطبلح الشرعً:
هو إعبلم هللا نبٌا ً من أنبٌابه أو رسوالً من رسله ما ٌشاء من كبلم أو معنى بطرٌمة تفٌد النبً
أو الرسول العلم الٌمٌنً الماطع بما أعلمه هللا به ،على وجه الخفٌة والسرعة(ٗ) .وهذا ما ٌسمى
بالناموس وهو الوسٌلة لئلعبلم الربّانً إلببلغ خلمه من البشر والمتمثل بملن الوحً جبرٌل
علٌه السبلم(٘).
أو أن ٌُع ِلم هللا تعالى مصطفاه من عباده بما أراد إطبلعه علٌه من ألوان الهداٌة والعلم،
سرٌة سرٌعة ؼٌر معتادة للبشر(.)ٙ بطرٌمة ّ
()2
أو إعبلم هللا تعالى النبً من أنبٌابه بحكم شرعً ونحوه .
(ٔ)أخرجه أبو عبٌد فً فضابل المرآن ( ،)ٖٙ1وانظر طبعة المؽرب بتحمٌك أحمد الخٌاطً (ٕ )ٕٕٓ /
وأخرجه الحاكم فً المستدرن (ٕ )ٕٕٕ /و(ٕ )ٖٙ1 /ولال :هذا حدٌث صحٌح اإلسناد ولم ٌخرجاه .ووافمه
الذهبً وأخرجه البٌهمً فً األسماء والصفات (ٔ )ٖٙ1 /وشعب اإلٌمان (ٕ )ٗٔ٘ /رلم ،ٕٕٗ5والنسابً
فً التفسٌر (ٕ )ٖٔٔ /رلم ٕ ٖ5ولال المحمك صحٌح .وأخرجه ابن جرٌر فً تفسٌره (٘ٔ )ٔ21 /و(ٖٓ /
.)ٕ٘1وانظر :فضابل المرآن للنسابً ( ،)٘5وابن الضرٌس (ٕ .)2والمرشد الوجٌز (ٗٔ )-وذكره ابن كثٌر
فً فضابل المرآن ( )ٙعن أبً عبٌد ثم لال :هذا إسناد صحٌح.
ولال أبو عبٌد :وال أدري كٌؾ لرأ ٌزٌد فً حدٌثه "فرلناه" مشددة أم ال؟ إال أنه ال ٌنبؽً أن تكون على هذا
التفسٌر إال بالتشدٌد "فرلناه".
ولراءة الجمهور بالتخفٌؾ ،ولرأ بالتشدٌد أبً ،وعبد هللا بن مسعود وعلً وابن عباس ،وأبو رجاء وؼٌرهم.
انظر تفسٌر ابن جرٌر (٘ٔ ،)ٔ21 /والبحر المحٌط ( .)12 / ٙومعجم المراءات المرآنٌة (ٖ .)ٖٕٗ /
(ٕ)أخرجه البٌهمً فً األسماء والصفات (ٔ ،)ٖٙ1 /والطبرانً فً الكبٌر (ٕٔ )ٕٙ /رلم ٔ ،ٕٖٔ1والحاكم
فً المستدرن (ٕ )ٕٕٖ /ولال :هذا حدٌث صحٌح اإلسناد ولم ٌخرجاه .ووافمه الذهبً .وأخرجه النسابً فً
فضابل المرآن ( )ٙٓ-٘5وزاد فً آخره :لال سفٌان :خمس آٌات ،ونحوها .وانظر المرشد الوجٌز ألبً شامة
(ٕٓ) .وذكره السٌوطً فً الدر المنثور بنحوه (ٔ )ٗ٘2 /وزاد نسبته للفرٌابً وابن جرٌر ودمحم بن نصر
وابن مردوٌه والضٌاء الممدسً فً المختارة .وذكره الهٌثمً فً مجمع الزوابد ( )ٔ٘2 / 2ولال :رواه
الطبرانً عن شٌخه عبد هللا بن دمحم بن سعٌد بن أبً مرٌم وهو ضعٌؾ.
(ٖ)أخرجه الطبرانً فً الكبٌر (ٕٔ )ٕٙ /رلم (ٕ ،)ٕٖٔ1والهٌثمً فً مجمع الزوابد ( )ٔٗٓ / 2ولال عنه:
رواه الطبرانً والبزار باختصار ورجال البزار رجال الصحٌح ،وفً إسناد الطبرانً عمرو بن عبد الؽفار وهو
ضعٌؾ .وذكره السٌوطً فً الدر المنثور ( )٘ٙ2 / 1وزاد نسبته البن الضرٌس وابن جرٌر وابن المنذر وابن
أبً حاتم والحاكم وصححه ،وابن مردوٌه ،والبٌهمً فً الدالبل.
اح َدة ً َك َذلِنَ ِلنُث َ ِبّتَ ِب ِه فُ َإادَنَ َو َرت َّ ْلنَاهُ
آن ُج ْملَةً َو ِ علَ ٌْ ِه ْالمُ ْر ُ
{ولَا َل الَّذٌِنَ َكفَ ُروا لَ ْو َال نُ ِ ّز َل َ تعالىَ :
(ٔ)
ٌبل} [الفرلان . "]ٖٕ : ت َْرتِ ً
اء
س َم ِ ضانَ إِلَى ال َّ آن لَ ٌْلَةَ ْالمَد ِْر فًِ َر َم َ وعن ابن عباس رضً هللا عنهما لال " :أ ُ ْن ِز َل ْالمُ ْر ُ
ال ُّد ْنٌَا ُج ْملَةً ،ث ُ َّم أ ُ ْن ِز َل نُ ُجو ًما" (ٕ) .
وعن ابن عباس -رضً هللا عنهما -لال" :أنزل المرآن إلى السماء الدنٌا فً لٌلة المدر
فكان هللا إذا أراد أن ٌوحً منه شٌبا أوحاه أو أن ٌحدث منه شٌبا أحدثه"(ٖ).
وعن ممسم عن ابن عباس -رضً هللا عنهما -لال :سؤله عطٌه بن األسود فمال :إنه
ولع فً للبً الشن فً لوله تعالى { :شهر رمضان الذي أنزل فٌه المرآن } [البمرة]ٔ1٘ :
ولوله { :إنا أنزلناه فً لٌلة المدر } [المدر ]ٔ :ولوله { :إنا أنزلناه فً لٌلة مباركة } [الدخان]ٖ :
ولد أنزل فً شوال ،وذي المعدة ،وذي الحجة ،والمحرم ،وشهر ربٌع األول؟ فمال ابن عباس -
رضً هللا عنهما :-إنه أنزل فً رمضان ،وفً لٌلة المدر ،وفً لٌلة مباركة؛ جملة واحدة ،ثم
أنزل بعد ذلن على موالع النجوم رسبل (ٗ)فً الشهور واألٌام"(٘).
وعن سعٌد بن جبٌر لال" :نزل المرآن جملة واحدة فً لٌلة المدر فً رمضان فجعل فً
بٌت العزة ،ثم أنزل على النبً ملسو هيلع هللا ىلص فً عشرٌن سنة جواب كبلم الناس"(.)ٙ
وعن سعٌد بن جبٌر أٌضا لال" :نزل المرآن جملة من السماء العلٌا إلى السماء الدنٌا لٌلة
المدر ،ثم نزل مفصبل"(.)2
وعن الربٌع بن أنس فً لوله { :إنا أنزلناه فً لٌلة المدر } لال" :أنزل هللا المرآن جملة
فً لٌلة المدر كله"(.)1
(ٔ)أخرجه البٌهمً فً األسماء والصفات (ٔ )ٖٙ2 /وفً شعب اإلٌمان (ٖ )ٖٕٓ /رلم ( ،)ٖٙ٘5والحاكم
فً المستدرن (ٕ )ٕٕٕ /ولال :هذا حدٌث صحٌح على شرطهما ولم ٌخرجاه .وابن الضرٌس فً فضابل
المرآن (ٕ .)2وذكره أبو شامة فً المرشد الوجٌز ( )ٔ2وذكر السٌوطً -نحوه -فً الدر المنثور وزاد نسبته
البن جرٌر وابن مردوٌه ودمحم بن نصر والطبرانً وأخرجه النسابً فً تفسٌره (ٕ )ٖ٘5 /رلم ( )2ٓ5ولال
المحمك :صحٌح
(ٕ) أخرجه الطبرانً فً الكبٌر (ٔٔ )ٕٗ2 /رلم ( )ٔٔ1ٖ5والهٌثمً فً مجمع الزوابد ( )ٔٗٓ / 2ولال:
رواه الطبرانً فً األوسط والكبٌر وفٌه عمران المطان وثمه ابن حبان وؼٌره ،وفٌه ضعؾ ،وبمٌة رجاله ثمات.
(ٖ)أخرجه النسابً فً فضابل المرآن ( ،)٘5والبٌهمً فً األسماء والصفات (ٔ .)ٖٙ1 /والحاكم فً
المستدرن (ٕ )ٕٕٕ /ولال :هذا حدٌث صحٌح اإلسناد ولم ٌخرجاه .ووافمه الذهبً وأخرجه ابن الضرٌس
بنحوه فً فضابل المرآن (ٔ.)-2
(ٗ)رسبل :لطعة لطعة وفرلة فرلة .انظر :حاشٌة تفسٌر الطبري (ٖ .)ٗٗٙ /
(٘)أخرجه البٌهمً فً األسماء والصفات (ٔ )-ٖٙ5 /وأخرجه الطبري فً تفسٌره بسنده (ٖ )ٗٗ1 /ولم ٌسم
فٌه السابل .وأخرجه الطبرانً فً الكبٌر (ٔٔ )ٖٓ5 /رلم (٘ )ٕٔٓ5والهٌثمً فً مجمع الزوابد ()ٖٔٙ / ٙ
ولال عنه :وفٌه سعد بن طرٌؾ وهو مترون .وذكره السٌوطً فً الدر المنثور (ٔ )ٗ٘ٙ /وزاد نسبته البن
أبً حاتم ،وابن مردوٌه ،ودمحم بن نصر فً كتاب الصبلة.
()ٙأخرجه ابن الضرٌس فً فضابل المرآن (ٕ .)2وذكره السٌوطً فً الدر المنثور (ٔ )ٗ٘2 /ولم ٌنسبه
لؽٌر ابن الضرٌس.
()2أخرجه سعٌد بن منصور فً سننه بسنده (ٕ )ٕ5ٗ /رلم ( )25وفٌه حكٌم بن جبٌر ضعٌؾ .وذكره
السٌوطً فً الدر المنثور ( )ٖ55 / 2ولم ٌنسبه لؽٌر سعٌد بن منصور.
()1أخرجه عبد بن حمٌد كما ذكر السٌوطً فً الدر المنثور (.)٘ٙ2 / 1
وعن إبراهٌم النخعً فً لوله عز وجل { :إنا أنزلناه فً لٌلة مباركة } لال" :أنزل جملة
على جبرٌل علٌه السبلم ،وكان جبرٌل ٌجًء بعد إلى دمحم ملسو هيلع هللا ىلص"(ٔ).
ووجه االستدالل بهذه األحادٌث واآلثار التً أخرجها األبمة وصححوا بعضها ،والتً
ٌعضد بعضها بعضا أنها وإن كانت مولوفة فً جملتها على ابن عباس رضً هللا عنهما فإن لها
حكم الرفع إلى النبً ملسو هيلع هللا ىلص ألن لول الصحابً الذي ال ٌؤخذ عن اإلسرابٌلٌات ،فٌما ال مجال للرأي
فٌه له حكم المرفوع إلى النبً ملسو هيلع هللا ىلص وابن عباس لن ٌمول ما لال من هذا التفصٌل والتحدٌد بمحض
رأٌه ومن عند نفسه فهو إذا محمول على سماعه من النبً ملسو هيلع هللا ىلص أو ممن سمعه منه من الصحابة
والصحابة كلهم عدول.
ٖ-عدم معارضته للمول الثانً مع توجٌه أدلة هذا المول والرد علٌها.
ٗ-ضعؾ األلوال األخرى.
٘-انتفاء المحذور العمدي بالتصرٌح بسماع جبرٌل للمرآن من هللا عز وجل دون واسطة.
-ٙشهرة المول وكثرة المابلٌن به ،والمصححٌن له ،حتى حكى المرطبً(ٕ) اإلجماع علٌه.
المول الثانً :أنه ابتُدئ إنزال المرآن فً لٌلة المدر ،ثم نزل بعد ذلن من َّجما فً أولات مختلفة
حسب الحوادث والولابع وحاجات الناس ،وهذ لول التابعً الجلٌل الشعبً(ٖ) ،ودمحم ابن
إسحاق(ٗ) ،واختاره النسفً(٘).
وأدلتهم(:)ٙ
ٔ -الوالع الفعلً لنزول المرآن الكرٌم على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص وأنه نزل منجما مفرلا حسب الحوادث
والولابع على نحو من ثبلث وعشرٌن سنة.
ٌبل} [اإلسراء ،]ٔٓٙ : ْ
ث َون ََّزلنَاهُ ت َ ْن ِز ً علَى ُم ْك ٍ اس َ علَى النَّ ِ {ولُ ْرآنًا فَ َر ْلنَاهُ ِلت َ ْم َرأَهُ َ
ٕ-لوله تعالىَ :
فصرٌح المرآن ،ووالع نزوله ٌدل على تنجٌمه وتفرٌمه.
ٖ-أن اآلٌات الثبلث الواردة فً وصؾ نزول المرآن المراد بها ابتداء نزول المرآن الكرٌم على
الرسول ملسو هيلع هللا ىلص وأنه ابتدأ نزوله فً لٌلة المدر من شهر رمضان وهً اللٌلة المباركة وفً هذا جمع
ث َون ََّز ْلنَاهُ ت َ ْن ِز ً
ٌبل} علَى ُم ْك ٍ اس َ علَى النَّ ِ {ولُ ْرآنًا فَ َر ْلنَاهُ ِلت َ ْم َرأَهُ َ
بٌن هذه اآلٌات ولوله تعالىَ :
[اإلسراء . ]ٔٓٙ :
ٗ-أن ما جاء من اآلثار الدالة على نزول المرآن جملة واحدة إلى بٌت العزة فً السماء الدنٌا
وإن كانت صحٌحة اإلسناد فهً مولوفة على ابن عباس وؼٌر متواترة .وهذه مسؤلة ؼٌبٌة عمدٌة
وال ٌإخذ فً الؽٌبٌات إال بما تواتر ٌمٌنا فً الكتاب والسنة فصحة اإلسناد ال تكفً وحدها
لوجوب اعتماده .فكٌؾ ولد نطك المرآن بخبلفه.
(ٔ)أخرجه سعٌد بن منصور فً سننه بسنده (ٕ )ٕ5ٕ /رلم ( )21وذكره السٌوطً فً الدر المنثور (/ 2
)ٖ55ولم ٌنسبه لؽٌر سعٌد بن منصور.
(ٕ)اإلتمان (ٔ ،)ٔٗ1 /ومناهل العرفان (ٔ ،)ٖ5 /تفسٌر المرطبً (ٕ .)ٕ52 /
(ٖ) انظر :تفسٌر الطبري.ٖ٘ٔ/ٕٗ :
(ٗ) نسبه له الفخر الرازي فً تفسٌره .1٘ / ٘:
(٘)انظر تفسٌره ،5ٗ / ٔ:حٌث لال {" :الذي أنزل فٌه المرآن} :أي ابتدئ فٌه إنزاله وكان فً لٌلة المدر،"..
وأشار إلى اإلنزال جملة بصٌؽة التضعٌؾ فً تفسٌر سورة المدر (ٗ )ٖ2ٓ /فمال" :روي أنه أنزل جملة".
()ٙانظر :مباحث فً علوم المرآن .د .صبحً الصالح )٘ٔ( .وتفسٌر جزء «عم» للشٌخ دمحم عبده ص(ٕٕٔ)
ط .بوالق.
ي ،إالّ أنّه ٌُر ّد من أوجه ثبلثة:
وهذا المول لول لو ّ
(ٔ) ّ
شعبً رحمه هللا رواه عنه الطبري ،بإسناد ضعٌؾ ،ففٌه: أن أثر ال ّاألولّ :
ّ
(ٕ)
العوام ،وهو صدوق ٌهم . أ -عمران أبو ّ
(ٖ)
ب -وفٌه عمرو بن عاصم الكبلبً ،فهو صدوق فً حفظه شًء .
(ٗ)
الطبري بإسناد صحٌح . شعبً هو ما ٌوافك الجمهور ،رواه عنه ّ أن الثّابت عن ال ّ الثّانًّ :
صحابة هً الح ّجة فً ك ّل باب الثّالث :أنّه مخالؾ لما ذكره ابن عبّاس رضً هللا عنه ،وألوال ال ّ
عند انعدام النّصوص.
الرابع :كما ٌجاب على أدلة المول الثانً -على سبٌل اإلٌجاز -بما ٌؤتً:
ٔ-أن صفة نزول المرآن المباشر على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص وكونه نزل علٌه مفرلا ،وكونه صرٌح لوله
تعالى { :ولرآنا فرلناه لتمرأه على الناس على مكث } هو محل إجماع وال خبلؾ حوله وال
ٌعارض النزول جملة.
ٕ-المول بؤن المراد باآلٌات الثبلث من سور البمرة ،والدخان ،والمدر ،هو ابتداء النزول؛ هو
صرؾ لها عن ظاهرها بؽٌر صارؾ وٌجعلها تحتاج إلى تمدٌر محذوؾ .فموله تعالى { :إنا
أنزلناه فً لٌلة المدر } أي ابتدأنا إنزاله .وهو ٌمتضً حمل المرآن على أن المراد به بعض
أجزابه وألسامه(٘) فموله تعالى { :إنا أنزلناه فً لٌلة المدر } أي أنزلنا بعضه.
ٖ-أن المول بؤن المسؤلة عمدٌة ال بد لها من أدلة متواترة لطعٌة الثبوت إلفادة العلم الٌمٌنً وال
ٌكفً فٌها اآلثار المولوفة؛ لول ؼٌر مسلم .واستبعاد االستدالل بؤحادٌث اآلحاد على العمابد ؼٌر
صحٌح فالعبرة بصحة الحدٌث فمتى صح الحدٌث احتج به سواء كان آحادا أم متواترا وسواء
كان فً األحكام أم العمابد(.)ٙ
المول الثالث :أنّه نزل إلى السماء الدّنٌا فً ثبلث وعشرٌن لٌل ِة لدر ،فً ك ّل لٌلة ٌنزل ما ٌمدّر
سنة. هللا إنزاله تلن ال ّ
()1 ()2
وهذا لول ابن جرٌج ،وأبو عبد هللا الحسٌن بن الحسن الحلٌمً ،ومماتل بن
حٌان(،)5ولال بنحوه مماتل بن سلٌمان (ٔ) ،ونسبه السٌوطً للفخر الرازي(ٕ)،
كما ٌنسب هذا المول فً كثٌر من كتب علوم المرآن للماوردي(ٖ).
(ٔ)انظر :حاشٌة المرشد الوجٌز بتحمٌك طٌار آلتً لوالج ( .)ٔ1وتفسٌر مماتل بن سلٌمان (ٔ ٕٕ /خ)،
وتفسٌر أبً اللٌث السمرلندي (ٔ .)ٕ٘ٙ /
(ٕ) انظر :مفاتٌح الؽٌب .1٘/٘ :وهً نسبة ؼٌر محررة فمد ذكر الفخر الرازي فً تفسٌره هذا المول وجعله
محتمبل ،وتولؾ فً الترجٌح بٌنه وبٌن المول بنزوله جملة واحدة من اللوح المحفوظ ثم نزوله منجما بعد ذلن.
لكنه فً موضع آخر وبعد صفحة واحدة رجح المول الثانً .فمال.." :التنزٌل مختص بالنزول على سبٌل التدرٌج
واإلنزال مختص بما ٌكون النزول فٌه دفعة واحدة ،ولهذا لال هللا تعالى { :نزل علٌن الكتاب بالحك مصدلا لما
بٌن ٌدٌه وأنزل التوراة واإلنجٌل } إذا ثبت هذا فنمول :لما كان المراد ههنا من لوله تعالى { :شهر رمضان الذي
أنزل فٌه المرآن } .نزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنٌا .ال جرم ذكره بلفظ اإلنزال دون التنزٌل وهذا ٌدل
على أن هذا المول راجح على سابر األلوال".
(ٖ) انظر :المرشد الوجٌز ألبً شامة ( ،)ٔ1،ٔ5والبرهان (ٔ ،)ٕٕ5 /واإلتمان (ٔ ،)ٔٗ1 /والزٌادة
واإلحسان البن عمٌلة (ٔ ،)ٕٔ٘ /وهً نسبة ؼٌر محررة من حٌث تحدٌد المول ،وتعٌٌن المابل.
(ٗ) فتح الباري ( ،)ٗ / 5ونمله المسطبلنً فً لطابؾ اإلشارات (ٔ .)ٕٕ /
(٘) تفسٌر المرطبً (ٕ ،)ٕ51 /وانظر اإلتمان (ٔ .)ٔٗ1 /
()ٙانظر:الدر المنثور ،ٖٗ٘/٘ :وحكاه الماوردي عن ابن عباس فً النكت والعٌون ( ،)ٖٔٔ / ٙوابن كثٌر فً
تفسٌره ،٘ٗٗ/2:اإلتمان :السٌوطً :جٔ صٗ٘ .وأخرجه -بنحوه -ابن أبً حاتم ،وانظر الزٌادة واإلحسان
(ٔ. )ٔ2ٕ،ٕٔ1/
()2فتح الباري البن حجر ( ،)-ٗ / 5ونمل المسطبلنً كبلم ابن حجر فً كتابه لطابؾ اإلشارات (ٔ .)ٕٕ /
( )1المرشد الوجٌز.ٔ5 :
()5أحكام المرآن البن العربً (ٗ )-ٔ5ٙٔ /وانظر تفسٌر المرطبً (ٕٓ .)ٖٔٓ /
[سبؤ ]ٕٖ :فؤتى به جبرٌل إلى بٌت العزة فؤمبله جبرٌل على السفرة الكتبةٌ .عنً المبلبكة وهو
لوله تعالى { :بؤٌدي سفرة }{ كرام بررة } [عبس.)ٔ("]ٔٙ-ٔ٘ :
وذهب إلى هذا المعنى من إمبلء جبرٌل المرآن على السفرة علم الدٌن السخاوي فً
جمال المرآن فً معرض حدٌثه عن حكمة إنزاله جملة فمال.." :وزاد سبحانه فً هذا المعنى بؤن
أمر جبرٌل علٌه السبلم بإمبلبه على السفرة الكرام البررة -علٌهم السبلم -وإنساخهم إٌاه،
وتبلوتهم له" (ٕ) فٌكون لوال خامسا.
ولد حاول ابن عمٌلة المكً اإلجابة عما تضمنه ذلن الخبر من عدم أخذ جبرٌل للمرآن
من هللا .فمال بعد أن ساق الخبر":فهذا ٌمضً أن جبرٌل ما أخذه إال عن السفرة .للت :ال تنافً،
الحتمال أن جبرٌل -علٌه السبلم -سمعه من هللا سبحانه وتعالى كما تمدم بصفة التجلً فعلمه
جمٌعه ثم أمره هللا أن ٌؤخذه من اللوح المحفوظ فٌضعه فً بٌت العزة عند السفرة ،ثم أمر هللا
سبحانه وتعالى السفرة أن تنجمه على جبرٌل علٌه السبلم فً عشرٌن لٌلة لكل سنة لٌلة وإنما
كان التنجٌم من السفرة على جبرٌل لما ذكره الحكٌم الترمذي :إن سر وضع المرآن فً السماء
الدنٌا لٌدخل فً حدها ألنه رحمة ألهلها .فؤخذ جبرٌل عن السفرة إشارة إلى أنه صار
مخصوصا بهم فبل ٌإخذ إال عنهم"(ٖ).
وال ٌخفى ما فً هذا المول األخٌر من ضعؾ ،فً كون جبرٌل علٌه السبلم ٌؤخذ المرآن
ص ُحؾٍ ُم َك َّر َم ٍة
إلى السفرة ثم ٌؤخذه منهم؛ ،دون إنكار صلة السفرة بالمرآن ،لال تعالى{ :فًِ ُ
سفَ َرةٍ (٘ٔ) ِك َر ٍام بَ َر َرةٍ ([ })ٔٙعبس .]ٔٙ - ٖٔ : ط َّه َرةٍ (ٗٔ) ِبؤ َ ٌْدِي َ ع ٍة ُم َ
(ٖٔ) َم ْرفُو َ
واالتفاق حاصل واإلجماع لابم على صفة نزول المرآن الكرٌم المباشر على الرسول
ملسو هيلع هللا ىلص وأنه نزل منجما مفرلا من بعثته ملسو هيلع هللا ىلص إلى لرب وفاته ٌنزل أحٌانا ابتداء بؽٌر سبب وهو أكثر
المرآن الكرٌم وأحٌانا أخرى ٌنزل مرتبطا باألحداث والولابع واألسباب.
وأما نزوله جملة فهو ظاهر المرآن فً لوله تعالى { :شهر رمضان الذي أنزل فٌه
المرآن } ولوله { :إنا أنزلناه فً لٌلة مباركة } ولوله سبحانه { :إنا أنزلناه فً لٌلة المدر } فهو
أنزل فً لٌلة اسمها لٌلة المدر ،وصفتها أنها مباركة ،وشهرها شهر رمضان .وهو صرٌح
األخبار الواردة عن ابن عباس ،والتً لها حكم الرفع إلى الرسول ملسو هيلع هللا ىلص.
وما دام أن النزول جملة ال ٌعارض صراحة النزول السابك ،وال ٌرتبط به من خبلل
تلن النصوص .بل هو نزول خاص ،ووجود معٌن حٌث المرآن الكرٌم كبلم هللا ومنزل من عند
هللا ٌتلماه جبرٌل علٌه السبلم من هللا ببل واسطة عند نزوله به على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص مباشرة.
وإن كان لد نزل به إلى بٌت العزة فذلن نزول خاص .وأحد وجودات المرآن الكرٌم
المتعددة .حٌث ٌوجد المرآن الكرٌم فً اللوح المحفوظ(ٗ).
وٌوجد -أٌضا -فً الصحؾ المطهرة الموجودة فً أٌدي الكرام البررة من المبلبكة
ص ُحؾٍ ُم َك َّر َم ٍة (ٖٔ) َم ْرفُو َ
ع ٍة كما لال تعالىَ { :ك َّبل إِنَّ َها ت َ ْذ ِك َرة ٌ (ٔٔ) فَ َم ْن شَا َء َذ َك َرهُ (ٕٔ) فًِ ُ
سفَ َرةٍ (٘ٔ) ِك َر ٍام بَ َر َرةٍ ([ })ٔٙعبس .]ٔٙ - ٔٔ : ط َّه َرةٍ (ٗٔ) بِؤ َ ٌْدِي َُم َ
(ٔ) المرشد الوجٌز (ٖٕ) ،وانظر تفسٌر المرطبً (ٕٓ .)ٖٔٓ /
(ٕ)جمال المراء وكمال اإللراء للسخاوي (ٔ .)ٕٓ /
(ٖ) الزٌادة واإلحسان البن عمٌلة (ٔ )ٔ2ٕ /بتحمٌك :د .دمحم صفاء حمً
(ٗ)عد الشٌخ عبد العظٌم الزرلانً هذا الوجود تنزال .وجعله التنزل األول والصواب أنه وجود إذ لم ٌرد لفظ
النزول ممترنا به فبل ٌصح أن ٌعد نزوال أو تنزال .وانظر :المدخل لدراسة المرآن للشٌخ دمحم أبو شهبة (.)ٗ2
وٌوجد -كذلن -فً بٌت العزة من السماء الدنٌا كما دلت على ذلن األخبار عن ابن
عباس .وجابز أن ٌكون الوجودان األخٌران مختلفٌن متؽاٌرٌن وجابز أن ٌكونا وجودا واحدا
بؤن ٌكون المرآن الكرٌم فً تلن الصحؾ فً بٌت العزة وبؤٌدي أولبن المبلبكة الكرام كما ٌوجد
فً األرض بنزوله على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص والنزول ممترن بما عدا األول من الوجودات المذكورة.
ٌمول البٌهمً -رحمه هللا " :-ولوله تعالى { :إنا أنزلناه فً لٌلة المدر } ٌرٌد به وهللا
أعلم إنا أسمعناه الملن ،وأفهمناه إٌاه ،وأنزلناه بما سمع فٌكون الملن منتمبل به من علو إلى
سفل"(ٔ).
وٌمول شٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة -رحمه هللا -بعد عرض لرر فٌه أن المرآن الكرٌم كبلم
هللا منزل من عند هللا كما هو صرٌح المرآن ،لال" :فعلم أن المرآن العربً منزل من هللا ال من
الهواء ،وال من اللوح ،وال من جسم آخر ،وال من جبرٌل ،وال من دمحم ،وال ؼٌرهما ،وإذا كان
أهل الكتاب ٌعلمون ذلن (ٕ) فمن لم ٌمر بذلن من هذه األمة كان أهل الكتاب الممرون بذلن خٌرا
منه من هذا الوجه.
ثم لال " :وهذا ال ٌنافً ما جاء عن ابن عباس وؼٌره من السلؾ فً تفسٌر لوله { :إنا
أنزلناه فً لٌلة المدر } أنه أنزله إلى بٌت العزة فً السماء الدنٌا ،ثم أنزله بعد ذلن منجما مفرلا
بحسب الحوادث .وال ٌتنافى أنه مكتوب فً اللوح المحفوظ لبل نزوله ،كما لال تعالى { :بل هو
لرآن مجٌد }{ فً لوح محفوظ } ولال تعالى { :إنه لمرآن كرٌم }{ فً كتاب مكنون }{ ال ٌمسه
إال المطهرون } ولال تعالى { :كبل إنها تذكرة }{ فمن شاء ذكره }{ فً صحؾ مكرمة }{
مرفوعة مطهرة }{ بؤٌدي سفرة }{ كرام بررة } .ولال تعالى { :وإنه فً أم الكتاب لدٌنا لعلً
حكٌم } .فإن كونه مكتوبا فً اللوح المحفوظ وفً صحؾ مطهرة بؤٌدي المبلبكة ال ٌنافً أن
ٌكون جبرٌل نزل به من هللا سواء كتبه هللا لبل أن ٌرسل به جبرٌل أو بعد ذلن وإذ كان لد أنزله
مكتوبا إلى بٌت العزة جملة واحدة فً لٌلة المدر فمد كتبه كله لبل أن ٌنزله.)ٖ("...
فعلى هذا الوجه ال إشكال فً المول بؤن للمرآن تنزلٌن :نزول جملة ،ونزول مفرق ،وال
ٌترتب علٌه محذور .وإنما ٌمع المحذور وٌحصل اإلشكال فً المول بؤن جبرٌل ٌؤخذ المرآن من
الكتاب أو من بٌت العزة عند نزوله به على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص من دون سماع من هللا تعالى .كما نمل
أبو شامة عن الحكٌم الترمذي -فً معرض حدٌثه عن حكمة نزول المرآن جملة -لوله" :ثم
أجرى من السماء الدنٌا اآلٌة بعد اآلٌة عند نزول النوابب.)ٗ("..
وكما لد ٌفهم من ظاهر بعض اآلثار فمثل هذا المول ،ومثل هذا الفهم للمول بؤن للمرآن
تنزلٌن؛ ال ٌصح .فهو أوال لم ٌرد فً تلن النصوص المفسرة والمفصلة لنزول المرآن جملة.
وثانٌا أنه ٌلزم منه أن جبرٌل علٌه السبلم لم ٌسمع المرآن من هللا عز وجل وأن المرآن نزل من
مخلوق ال من هللا وهذا باطل.
(ٔ ) أبو شامة هو العبلمة عبد الرحمن بن إسماعٌل بن إبراهٌم الممدسً أبو الماسم شهاب الدٌن ،فمٌه شافعً له
كتاب (المرشد الوجٌز فٌما ٌتعلك بالمرآن العزٌز) ،وكتب أخرى ،توفً سنة ٘ٙٙه ،انظر األعبلم .ٕ55
(ٕ) انظر البرهان ٔ ٖٕٔ ،اإلتمان ٔ ٕٔٔ.
فمد نزل المرآن مفرلًا لكً ٌسهل حفظه وفهمه ،فكانت اآلٌات تنزل على النبً دمحم
وكان النبً ٌعلمها أصحابه فكلما نزلت اآلٌة أو اآلٌات حفظها الصحابة ،وتدبروا معانٌها،
وولفوا عند أحكامها (ٔ) بل صار الصحابة والتابعون ٌعلمون من بعدهم بنفس الطرٌمة فصارت
الرٌاحً (ٕ) أنه لال "تعلموا المرآن خمس آٌات خمس آٌات فإن سنة متبعة فعن أبً العالٌة ِ ّ
(ٖ)
سا " . سا خم ً رسول هللا كان ٌؤخذه خم ً
ولال عبد هللا بن مسعود "كان الرجل منا إذا تعلم عشر آٌات لم ٌجاوزهن حتى ٌعرؾ
معانٌهن والعمل بهن" (ٗ).
وفً بعض الرواٌات أن أبا عبد الرحمن السلمً (٘) لال حدثنا الذٌن كانوا ٌمربوننا
المرآن أنهم كانوا ٌستمربون من النبً وكانوا إذا تعلموا عشر آٌات لم ٌخلفوها حتى ٌعملوا بما
فٌها ،فتعلمنا المرآن والعمل جمٌعًا (.)ٙ
ثم إن أدوات الكتابة لم تكن مٌسورة لل ُكتَّاب على ندرتهم ،فلو أنزل المرآن جملة واحدة
لعجزوا عن حفظه وكتابته ،فالتضت حكمة هللا العلٌا أن ٌنزله إلٌهم مفرلًا لٌسهل علٌهم حفظه
وٌتهٌؤ لهم استظهاره(.)2
د -أن هذا التنزٌل فٌه نوع من اإلعجاز ،حٌث تحدى كفار لرٌش فً كل مرة أن ٌؤتـوا بمثـل
هذا التنزٌل – وال شن أن هذه المعجزة تموي أزر الرسول الكرٌم .
صا ِدلٌِنَث ِمث ِل ِه ِإ ْن َكانُوا َ ْ لال تعالى{ :أ َ ْم ٌَمُولُونَ تَمَ َّولَهُ بَ ْل َال ٌُإْ ِمنُونَ (ٖٖ) فَ ْلٌَؤْتُوا بِ َحدٌِ ٍ
س َو ٍر ِمثْ ِل ِه ُم ْفت ََرٌَا ٍ
ت (ٖٗ)} [الطور ،]ٖٗ - ٖٖ :ولوله{ :أ َ ْم ٌَمُولُونَ ا ْفت ََراهُ لُ ْل فَؤْتُوا ِب َع ْش ِر ُ
ب ِم َّما{و ِإ ْن ُك ْنت ُ ْم فًِ َر ٌْ ٍ صا ِدلٌِنَ } [هود ،]ٖٔ :ولالَ : َّللا إِ ْن ُك ْنت ُ ْم َ ُون َّ ِ ط ْعت ُ ْم ِم ْن د ِ عوا َم ِن ا ْست َ َ َوا ْد ُ
صا ِدلٌِنَ } [البمرة : َّللا إِ ْن ُك ْنت ُ ْم َ
ُون َّ ِش َه َدا َء ُك ْم ِم ْن د ِ عوا ُ ْ
ورةٍ ِم ْن ِمث ِل ِه َوا ْد ُ س َ ْ
ع ْب ِدنَا فَؤتُوا ِب ُ علَى َ ن ََّز ْلنَا َ
ٖٕ].
هـ -أن فً هذا النزول دحض شبهات كفار لرٌش وردا ً على أسبلتهم ،وتسلٌة للرسول الكرٌم
وتؤٌٌدا ً له .
فالمشركٌن تما َدوا فً ؼٌهم وأسبلتهم للرسول فكانوا ٌسؤلون الرسول أسبلة تعجٌز وتحد
ساهَا}[األعراؾ ،]ٔ12:فٌنزل الجواب من هللا سا َع ِة أٌََّانَ ُم ْر َ ع ِن ال َّ ومبالؽة مثل متى الساعةٌَ { ،سْؤَلُونَنَ َ
ْ
ض َال ت َؤ ِتٌ ُك ْم ِإ َّال َب ْؽتَةً ت َو ْاأل َ ْر ِس َم َاوا ِت ِفً ال َّ تعالى {:لُ ْل ِإنَّ َما ِع ْل ُم َها ِع ْن َد َر ِبًّ َال ٌُ َج ِلٌّ َها ِل َو ْل ِت َها ِإ َّال ُه َو ثَمُ َل ْ
اس َال ٌَ ْع َل ُمونَ} [األعراؾ . ]ٔ12 : ع ْن َها لُ ْل ِإنَّ َما ِع ْل ُم َها ِع ْن َد َّ ِ
َّللا َو َل ِك َّن أَ ْكث َ َر النَّ ِ ً َ ٌَسْؤَلُونَنَ َكؤَنَّنَ َح ِف ٌّ
(ٔ ) أخرجه اإلمام احمد فً المسند ،انظر الفتح الربانً ،كتاب التفسٌر ،باب لول هللا(ٌسؤلونن عن الخمر
والمٌسر) 1ٙ ،1٘ ٔ1وإسناده ضعٌؾ ،وله شواهد تموٌه منها حدٌث عمر بن الخطاب (اللهم بٌن لنا فً الخمر
بٌانًا شافًٌّا) فنزلت اآلٌات الثبلثة بالتدرٌج ،حدٌث صحٌح أخرجه اإلمام أحمد فً المسند ،1ٙ ٔ1وأخرجه أبو
داود فً سننه ،كتاب األشربة ،باب فً تحرٌم الخمر ٖ ٕٖ٘ ،وأخرجه الترمذي فً سننه كتاب التفسٌر ،باب
ومن سورة المابدة ٘ ٖٕ٘ ٕ٘٘ ،ٕ٘ٗ ،وأخرجه الحاكم فً المستدرن ولال حدٌث صحٌح على شرط الشٌخٌن
ولم ٌخرجاه ٕ .ٕ21
(ٕ) سور المرآ ن على أربع ألسام وأنواع فمنها السبع الطوال أولها البمرة ،ومنها المبون ،والمثانً ،والمفصل:
ً المثانً من لصار السور ،وسمً بذلن لكثرة الفصول التً بٌن السور بالبسملة ،انظر اإلتمان ٔ ،ٔ25 ما َو ِل َ
ٓ.ٔ1
(ٖ) أخرجه البخاري فً كتاب فضابل المرآن ،باب تؤلٌؾ المرآن ص.)ٗ55ٖ( ٔٓ12
(ٗ) المدخل لدراسة المرآن ٗ.2
(٘) الترمذي تفسٌر المرآن ( ، )ٖٓ1ٙأبو داود الصبلة ( ، )21ٙأحمد (ٔ.)ٙ5/
وكل ذلن فٌه داللة على أن المرآن ُمن ََّز ٌل من هللا تعالى ال ٌؤتٌه الباطل من بٌن ٌدٌه وال
من خلفه ،تنزٌل من حكٌم حمٌد ،وأنه كبلم هللا تعالى وال ٌمكن أن ٌكون كبلم دمحم وال كبلم
ض إِنَّهُ َكانَ ت َو ْاأل َ ْر ِ س َم َاوا ِ س َّر فًِ ال َّ مخلوق سواه ،وصدق هللا إذ ٌمول{ :لُ ْل أ َ ْنزَ لَهُ الَّذِي ٌَ ْعلَ ُم ال ِ ّ
ورا َر ِحٌ ًما} [الفرلان .]ٙ : ؼفُ ً َ
الحكمة الرابعة :مساٌرة الحوادث والطوارئ فً تجددها وتفرلها:
فكانت تحدث حوادث لم ٌكن لها حكم معروؾ فً الشرٌعة اإلسبلمٌة ،فٌحتاج
المسلمون إلى معرفة ذلن فتنزل اآلٌة من هللا تبارن وتعالى لحكم تلن الحوادث ،ومن ذلن حادثة
خولة بنت ثعلبة (ٔ) ،حٌن ما جاءت إلى رسول هللا تشتكً زوجها ،وتصؾ لنا ذلن عابشة
ت ث َ ْعلَبَةَ ًَءٍ إِ ِنًّ َأل َ ْس َم ُع َك َبل َم خ َْولَةَ بِ ْن ِ س ْمعُهُ ُك َّل ش ْ ارنَ الَّذِي َو ِس َع َ رضً هللا عنها ذلن فتمول "تَبَ َ
شبَابًِ َ
َّللاِ أ َك َل َ سو َل َّ ًِ تَمُو ُل ٌَا َر ُ َّللاِ َ وه َ سو ِل َّ ًِ ت َ ْشت َ ِكً زَ ْو َج َها ِإلَى َر ُ ضهُ َوه َ ً بَ ْع ُ علَ َّ َوٌَ ْخفَى َ
ت َ
ظاه ََر ِمنًِّ الل ُه َّم ِإ ِنًّ أ ْش ُكو ِإلٌَْنَ فَ َما بَ ِر َح ْ َّ ط َع َولَدِي َ ت ِس ِنًّ َوا ْنمَ َ َونَث َ ْرتُ لَهُ بَطنًِ َحتَّى ِإ َذا َكبِ َر ْ ْ
َّللاُ لَ ْو َل التًِ ت ُ َجا ِدلنَ فًِ زَ ْو ِج َها َوت َ ْشت َ ِكً ِإلَى َّ
َّللاِ َو َّ
َّللاُ ُ َّ س ِم َع َّ ت {لَ ْد َ َحتَّى نَزَ َل ِجب َْرابٌِ ُل بِ َهإ َُال ِء ْاآلٌَا ِ
(ٕ)
ٌر} [المجادلة . "]ٔ : ص ٌ س ِمٌ ٌع بَ ِ او َر ُك َما ِإ َّن َّ َ
َّللا َ ٌَ ْس َم ُع ت َ َح ُ
وكذلن حادثة اإلفن فعندما حصل ما حصل من المنافمٌن والمشركٌن واتهموا السٌدة
عابشة رضً هللا عنها أنزل هللا تعالى براءتها من فوق سبع سماوات وأدان الذٌن رموها بدون
سبُوهُ ش ًَّرا لَ ُك ْم بَ ْل ُه َو َخ ٌْ ٌر صبَةٌ ِم ْن ُك ْم َال تَحْ َ ع ْ اإل ْف ِن ُ شهود وال بٌنة فمال تعالىِ { :إ َّن الَّذٌِنَ َجا ُءوا بِ ْ ِ
ع ِظٌ ٌم (ٔٔ) لَ ْو َال ِإ ْذ ع َذابٌ َ اإلثْ ِم َوالَّذِي ت ََولَّى ِكب َْرهُ ِم ْن ُه ْم لَهُ َ ب ِمنَ ْ ِ س َئ ِم ْن ُه ْم َما ا ْكت َ َ لَ ُك ْم ِل ُك ِّل ْام ِر ٍ
ٌن (ٕٔ)} [النور - ٔٔ : ظ َّن ال ُمإْ ِمنُونَ َوال ُمإْ ِمنَاتُ ِبؤ ْنفُ ِس ِه ْم َخٌ ًْرا َولَالُوا َه َذا ِإ ْفنٌ ُمبِ ٌ َ ْ ْ س ِم ْعت ُ ُموهُ َ َ
وؾ َر ِحٌ ٌم (ٕٓ)} [النور : َ َ ُ ٌ ء ر َّللا
َّ َّ
ن َ أو ُ ه
َ ْ َ َ َ َ ُ ت م حْ ر و م ُ
ك ٌ
ْ َ ل ع ِ َّللا
َّ لُ ض
ْ َ ف الَ و َ
َ ْ ل{و تعالى لوله إلى ]، ٕٔ
ٕٓ] (ٖ).
والمرآن ملًء بتلن المصص والموالؾ المشابهة ،ومما هو طبٌعً ومعروؾ أن هذه
الحوادث لم تكن لتمع فً ولت واحد فنزل المرآن فً هذه الحوادث مفرلًا لذلن.
الحكمة الخامسة : :تنبٌه المسلمٌن من ولت آلخر ألخطابهم التً ولعوا فٌها وكٌفٌة تصحٌحها،
وتحذٌرهم من عوالب المخالفة وبٌان االمتنان علٌهم بالنصر مع الملة ،ولنمرأ ما لصه هللا تعالى
فً سورة آل عمران بشؤن ؼزوة بدر وأحد من االمتنان والتنبٌه والتحذٌر ،ففً ؼزوة أحد خالؾ
الرماة نصٌحة رسول هللا متؤولٌن فكانت النتٌجة أن أوتً المسلمون من جهتهم وأن شاعت ُّ
محذرا المخالفٌن: ً اآلٌات تعالى هللا فؤنزل باعٌته رُ وكسرت النبً وجه ج
َّ ُ
ش و بٌنهم الهزٌمة
ص ٌْت ُ ْم ِم ْن َب ْع ِد َما ع
ِْ َ َ َو ر مَ ْ
األ ًف
ْ ِ م ُ ت ع ْ َازَ ن َ ت و ِ ْ َم ُ ت ْ
ل ش َ ف ا َ
ذ إ َّ ْ
َّللاُ َو َ ُ ِ ُ ُّ ُ ْ ِ ِ ِ ِ َ ِ
ى ت ح ه ن ذ إ ب م ه ن
َ و س ح َ ت ْ
ذ إ ه د ع
ْ ص َدلَ ُك ُم َّ {ولَمَ ْد َ َ
عفَا َ ْ
د َ م َ لو م ُ
ك ٌ لَ ت ب
ْ ٌل م هنْ
ِ َ َّ َ َ ْ َ ُ ْ ِ َ ِ َ ْ َ ع م ُ
ك َ فر ص م ُ ث َ ة ر خ ْ
اآل ُ
د ٌ ُر ٌ نْ
َ َ ِ ْ َ ِ م م ُ
ك ْ
ن م و ا ٌ ْ
ن ُّ
د ال ُ
د ٌ ُر ٌ
ِ ْ َ ِ ن ْ م م ُ
ك ْ
ن م ُّونَ ب ح أَ َ ْ َ ِ
ُ ت ام م ُ
ك ا ر
علَى ْال ُمإْ ِمنٌِنَ } [آل عمران . ]ٕٔ٘ :
(ٗ)
ض ٍل َ َّللاُ ذُو فَ ْ ع ْن ُك ْم َو َّ َ
(ٔ) خولة بنت ثعلبة األنصارٌة الخزرجٌة ،صحابٌة ،وهً التً ظاهر منها زوجها أوس بن الصامت ،فنزلت
فٌها سورة لد سمع ،اإلصابة ٗ ،ٕ15أسد الؽابة ٘ ٕٗٗ.
(ٕ) انظر ابن ماجه ،كتاب الطبلق ،باب الظهار ٔ ،)ٕٖٓٙ( ٔٙٙوالنسابً فً كتاب الطبلق ،باب الظهار ٙ
،)ٖٗٙٓ( ٔ1ٙوالحدٌث صحٌح.
(ٖ)انظر الحدٌث فً البخاري ،كتاب الشهادات ،باب تعدٌل النساء بعضهن بعضًا صٖٓ٘ (ٔ ،)ٕٙٙوانظر
مسلم فً كتاب التوبة ،باب فً حدٌث اإلفن ولبول توبة الماذؾ (ٓ.)ٕ22
(ٗ) وانظر المصة فً البخاري ،كتاب المؽازي ،باب ؼزوة أحد صٕٖ.)ٖٗٓٗ( 1
وكذلن فً ؼزوة حنٌن واألحزاب وؼٌر ذلن كثٌر ،ففً ٌوم حنٌن أعجب المسلمون
بكثرتهم فكانت الهزٌمة فمال تعالى لهم{ :لُ ْل إِ ْن َكانَ آبَاإُ ُك ْم َوأ َ ْبنَاإُ ُك ْم َوإِ ْخ َوانُ ُك ْم َوأ َ ْز َوا ُج ُك ْم
ض ْونَ َها أ َ َحبَّ إِلَ ٌْ ُك ْم ِمنَ َّ
َّللاِ سا ِك ُن ت َْر َ سا َدهَا َو َم َ ارة ٌ ت َْخش َْونَ َك َ ٌرت ُ ُك ْم َوأ َ ْم َوا ٌل ا ْلت ََر ْفت ُ ُموهَا َوتِ َج َ
ع ِش ََو َ
َ ْ ْ
َّللاُ َال ٌَ ْهدِي المَ ْو َم الفَا ِسمٌِنَ (ٕٗ) لمَ ْد َ
َّللاُ بِؤ ْم ِر ِه َو ًَّ َّ ْ َّ سبٌِ ِل ِه فَت ََربَّ ُ سو ِل ِه َو ِج َها ٍد فًِ َ
صوا َحتى ٌَؤتِ َ َو َر ُ
علَ ٌْك ُمُ
ت َ ضالَ ْ ش ٌْبًا َو َ ُ
ع ْنك ْم َ َ ُ ْ ُ ْ َ ْ
ٌرةٍ َوٌَ ْو َم ُحنٌَ ٍْن إِذ أ ْع َجبَتك ْم َكث َرتُك ْم فَل ْم ت ُ ْؽ ِن َ َّللاُ فًِ َم َواطِنَ َكثِ َ ُ
ص َرك ُم َّ نَ َ
ْ
على ال ُمإْ ِمنٌِنَ َ سو ِل ِه َو َ على َر ُ َ س ِكٌنَتَهُ َ َ ُ
ت ث َّم َول ٌْت ُ ْم ُم ْدبِ ِرٌنَ (ٕ٘) ث َّم أ ْنزَ َل َّ
َّللاُ َ َّ ُ ض بِ َما َر ُحبَ ْ ْاأل َ ْر ُ
ب الَّذٌِنَ َكفَ ُروا َو َذلِنَ َجزَ ا ُء ْال َكافِ ِرٌنَ ([ })ٕٙالتوبة ،]ٕٙ - ٕٗ : عذَّ ََوأ َ ْنزَ َل ُجنُودًا لَ ْم ت ََر ْوهَا َو َ
{و َما َجعَلَهُ وتعلم المسلمون من ذلن أن النصر لٌس بالعدد والعُدَّة فحسب ،وإنما هو من عند هللا َ
ٌز ْال َح ِك ٌِم} [آل عمران : َّللاِ ْالعَ ِز ِ
ص ُر ِإ َّال ِم ْن ِع ْن ِد َّ َّللاُ إِ َّال بُ ْش َرى لَ ُك ْم َو ِلت َْط َمبِ َّن لُلُوبُ ُك ْم بِ ِه َو َما النَّ ْ
َّ
(ٔ)
. "]ٕٔٙ
الحكمة السادسة :توثٌك ولابع السٌرة النبوٌة المباركة والتارٌخ ،وذلن عن طرٌك معرفة الحادثة
وولتها وأٌن كانت ومتى ،فنستطٌع أن نرتب السٌرة النبوٌة من خبلل الحوادث وضمها إلى
لصص األنبٌاء وسٌر المرسلٌن وحٌاة األمم السابمٌن (ٕ).
الحكمة السابعة :معرفة الناسخ والمنسوخ:
ً
إن فً المرآن الكرٌم ناس ًخا ومنسو ًخا وال ٌمكن أن ٌكون ذلن إذا نزل المرآن جملة على
المصطفى علٌه الصبلة والسبلم ،إذ ال ٌُتصور النسخ إال مع التفرٌك وال ٌمكن أن ٌحدث ذلن إال
على تباعد الزمن فإن حكمة التربٌة االنتمالٌة لد تمتضً تشرٌعًا تجًء به آٌة إلى أجل مسمى ثم
تجًء آٌة أخرى بتشرٌع آخر ،وال ٌكون هذا إال مع تنجٌم النزول(ٖ).
الحكمة الثامنة :تفضٌل المرآن الكرٌم على ؼٌره من الكتب السماوٌة :
لمد جمع هللا له النزولٌن :النزول جملة واحدة ،والنزول مفرلا ً وبذلن شارن الكتب
السماوٌة فً األولى ،وانفرد فً الفضل بالثانٌة ،وهذا ٌعود بالتفضٌل لنبٌنا دمحم على سابر
(ٗ)
إخوانه من األنبٌاء – علٌهم السبلم – وإن هللا جمع له من الخصابص ما لؽٌره ،وزاد علٌها
،وكذلن تفخٌم المنزل وهو المرآن الكرٌم ،وتعظٌم لدر من سوؾ ٌنزل علٌه وهو الرسول
ملسو هيلع هللا ىلص ،وتكرٌم من سوؾ ٌنزل إلٌهم وهم المسلمون .وذلن بإعبلم سكان السماوات بؤن هذا المرآن
آخر الكتب المنزلة على خاتم الرسل ألشرؾ األمم(٘).
ٌمول السخاوي فً جمال المراء" :فإن لٌل :ما فً إنزاله جملة إلى سماء الدنٌا؟ للت :فً
ذلن تكرٌم بنً آدم ،وتعظٌم شؤنهم عند المبلبكة ،وتعرٌفهم عناٌة هللا عز وجل بهم ،ورحمته
لهم ،ولهذا المعنى أمر سبعٌن ألفا من المبلبكة لما أنزل سورة األنعام أن تزفها(.)ٙ
وزاد سبحانه فً هذا المعنى بؤن أمر جبرٌل علٌه السبلم بإمبلبه على السفرة الكرام
البررة -علٌهم السبلم -وإنساخهم إٌاه ،وتبلوتهم له وفٌه أٌضا إعبلم عباده من المبلبكة
وعن إبراهٌم بن سوٌد النخعً حدثنا عبد الملن بن أبً سلٌمان عن عطاء لال :دخلت
أنا وعبٌد ابن عمٌر على عابشة رضً هللا عنها فمال عبد هللا بن عمٌر :حدثٌنا بؤعجب شًء
رأٌته من رسول هللا ؟ فبكت ولالت :لام لٌلة من اللٌالً فمال ٌ " :ا عابشة ! ذرٌنً أتعبد
لربً " ،لالت :للت :وهللا إنً ألحب لربن وأحب ما ٌسرن لالت :فمام فتطهر ثم لام ٌصلً
فلم ٌزل ٌبكً حتى بل حجره ،ثم بكى فلم ٌزل ٌبكً حتى بل األرض ،وجاء ببلل ٌإذنه
بالصبلة فلما رآه ٌبكً لال ٌ :ا رسول هللا ! تبكً ولد ؼفر هللا لن ما تمدم من ذنبن وما تؤخر ؟ !
لال " :أفبل أكون عبدا شكورا ؟ لمد نزلت علً اللٌلة آٌات وٌل لمن لرأها ولم ٌتفكر فٌهاِ { :إ َّن
ب} [آل عمران "]ٔ5ٓ : ت ِألُو ِلً ْاأل َ ْل َبا ِ ار َآل ٌَا ٍؾ اللَّ ٌْ ِل َوالنَّ َه ِ ض َو ْ
اختِ َبل ِ ت َو ْاأل َ ْر ِ س َم َاوا ِ ك ال َّ فًِ خ َْل ِ
(ٗ).
فهذه الرواٌات الصحٌحة تإكد نزول هذه اآلٌات لٌبلً على النبً .
ثانٌاً :آٌات الثبلثة الذٌن خلفوا من سورة التوبة :
ب س ِم ْعتُ أَبًِ َك ْع َ ع ْن أَبٌِ ِه لَا َل َ : ب ب ِْن َمالِنٍ َ َّللاِ ب ِْن َك ْع ِ
ع ْب ِد َّ الرحْ َم ِن بْن َ ع ْب ِد َّ فمد جاء عن َ
ًعلَى نَبِ ٌِّ ِه ِ حٌنَ بَ ِم َ علَ ٌْ ِه ْم ـ لال " :فَؤ َ ْنزَ َل َّ
َّللاُ ت َْوبَتَنَا َ ٌب َ بْنَ َمالِنٍ ـ َو ُه َو أ َ َح ُد الثَّبلث َ ِة الَّذٌِنَ ِت َ
(ٔ)جمال المراء للسخاوي (ٔ ،)ٕٓ /وانظر :المرشد الوجٌز ( )ٕ2واإلتمان للسٌوطً ٔٓ .)ٔٗ5 /
(ٕ) جمال المراء للسخاوي (ٔ .)ٕٓ /وانظر ما استحسنه أبو شامة فنمله من كبلم للحكٌم الترمذي فً تفسٌره
بهذا الشؤن .المرشد الوجٌز (.)ٕٙ
(ٖ) أخرجه ابن حبَّان فً صحٌحه ح رلم ٕٓ ،ٙوعزاه السٌوطً فً الدر المنثور (ٖ " )ٔ2ٙ /لعبد بن حمٌد ،
وابن أبً الدنٌا فً التفكر ،وابن المنذر ،وابن حبان فً صحٌحه ،وابن مردوٌه ،واألصبهانً فً الترؼٌب ،
وابن عساكر ،لال شعٌب األرنإوط :إسناده صحٌح على شرط مسلم .انظر :صحٌح ابن حبان بؤحكام
األرناإوط (ٕ . )ٖٔٔ /
(ٗ) رواه ابن حبان فً صحٌحه ح رلم ٕٓ ،ٙوالمنذري فً الترؼٌب والترهٌب ،وحسنه األلبانً فً صحٌح
الترؼٌب ح رلم ، ٔٗٙ1وفً السلسلة الصحٌحة ح رلم .ٙ1
سلَ َمةَ ُمحْ ِسنَةً فًِ شَؤْنًِ َ ،م ْعنٌَِّة ً َت أ ُ ُّم َ سلَ َمةَ َ ،و َكان ْ َّللاِ ِ ع ْن َد أ ُ ِ ّم َ سو ُل َّ ث ْاآل ِخ ُر ِم ْن اللَّ ٌْ ِل َو َر ُ الثُّلُ ُ
ش َرهُ ؟ ت :أَفَبل أ ُ ْر ِس ُل إِلَ ٌْ ِه فَؤُبَ ِ ّ ب ،لَالَ ْ علَى َك ْع ٍ ٌب َ سلَ َمةَ تِ َ َّللاِ ٌَ " : ا أ ُ َّم َ سو ُل َّ فًِ أ َ ْم ِري ،فَمَا َل َر ُ
ص َبلة َ َّللا َ سو ُل َّ ِ صلَّى َر ُ سابِ َر اللَّ ٌْلَ ِة َ ،حتَّى إِ َذا َ اس فٌََ ْمنَعُونَ ُك ْم النَّ ْو َم َ لَا َل " :إِذًا ٌَحْ ِط َم ُك ْم النَّ ُ
طعَةٌ ِم ْن ْالمَ َم ِر " .
(ٔ) َار َوجْ ُههُ َحتَّى َكؤَنَّهُ لِ ْ علَ ٌْنَا َو َكانَ إِ َذا ا ْست َ ْبش ََر ا ْستَن َ ْالفَجْ ِر آ َذنَ بِت َْوبَ ِة َّ
َّللاِ َ
فهذه الرواٌات الصحٌحة التً هً فً البخاري ومسلم من رواٌة كعب ابن مالن تإكد
نزول هذه اآلٌات لٌبلً بما ال ٌجعل مجاالً لبلختبلؾ فً ذلن ،بل نزلت لٌبلً فً الثلث األخٌر
(ٕ)
ث ْاآل ِخ ُر ِم ْن اللَّ ٌْ ِل " ً الثُّلُ ُ علَى نَبٌِِّ ِه ِ حٌنَ بَ ِم َ َّللاُ ت َْوبَتَنَا َ كما لال كعب بن مالن " :فَؤ َ ْنزَ َل َّ
ثالثا ً :أول سورة الفتح :
ع َم ُر ب ُْن ار ِه َو ُ ض أ َ ْسفَ ِ ٌر فًِ بَ ْع ِ َّللاِ َ كانَ ٌَ ِس ُ سو َل َّ ع ْن أَبٌِ ِه أ َ َّن َر ُ ع ْن زَ ٌْ ِد ب ِْن أ َ ْسلَ َم َ َ
سؤلَهُ فَلَ ْم َ ُ
َّللاِ ، ث َّم َ سو ُل َّ ًَءٍ فَلَ ْم ٌ ُِج ْبهُ َر ُ ع ْن ش ْ ب َ َّ ْ
ع َم ُر ب ُْن الخَطا ِ سؤلَهُ ُ َ ٌر َمعَهُ لٌَ ًْبل فَ َ ب ٌَ ِس ُ َطا ِ ْالخ َّ
َّللا سو َل َّ ِ ع َم ُر نَزَ ْرتَ َر ُ ب :ث َ ِكلَتْنَ أ ُ ُّمنَ ٌَا ُ َطا ِ ع َم ُر ب ُْن ْالخ َّ سؤَلَهُ فَلَ ْم ٌ ُِج ْبهُ َ ،ولَا َل ُ ٌ ُِج ْبهُ ،ث ُ َّم َ
ام ْال ُم ْس ِل ِمٌنَ َو َخ ِشٌتُ ٌري ث ُ َّم تَمَد َّْمتُ أ َ َم َ ع َم ُر :فَ َح َّر ْكتُ بَ ِع ِ ت ُك ُّل َذلِنَ ال ٌ ُِجٌبُنَ ،لَا َل ُ بلث َم َّرا ٍ ثَ َ
َ
ص ُر ُخ بًِ ،لَا َل :فَمُلتُ لَمَ ْد َخ ِشٌتُ أ ْن ٌَ ُكونَ ْ ار ًخا ٌَ ْ ص ِ س ِم ْعتُ َ َ
آن فَ َما نَ ِشبْتُ أ ْن َ ً لُ ْر ٌ أ َ ْن ٌَ ْن ِز َل فِ َّ
ً أ َ َحبُّ ورة ٌ لَ ِه َ س َ ً اللَّ ٌْلَةَ ُ علَ َّ ت َ علَ ٌْ ِه فَمَا َل " :لَمَ ْد أ ُ ْن ِزلَ ْ سلَّ ْمتُ َ َّللا فَ َ سو َل َّ ِ آن َو ِجبْتُ َر ُ ً لُ ْر ٌ نَزَ َل فِ َّ
(ٖ)
س ث َّم لَ َرأ إِنَّا فَتَحْ نَا لَنَ فَتْ ًحا ُم ِبٌنًا" . َ ُ ش ْم ُ علَ ٌْ ِه ال َّ
ت َ طلَ َع ْ ً ِم َّما َ ِإلَ َّ
فهذه الرواٌة الصحٌحة تإكد أنها نزلت لٌبلً بعد صلح الحدٌبٌة بٌن مكة والمدٌنة ،كما
س ث ُ َّم لَ َرأ َ ش ْم ُ علَ ٌْ ِه ال َّ
ت َ طلَ َع ْ ً ِم َّما َ ً أ َ َحبُّ ِإلَ َّ ورة ٌ لَ ِه َ س َ ً اللَّ ٌْلَةَ ُ علَ َّ ت َ جاء فً الحدٌث " :لَمَ ْد أ ُ ْن ِزلَ ْ
{ ِإنَّا فَتَحْ نَا لَنَ فَتْ ًحا ُمبٌِنًا} ولٌس فً ذلن خبلؾ .
رابعا ً :صدر سورة العلك :
ال شن أن اآلٌات األولى من المرآن نزلت لٌبلً ،ولد ثبت أن ابتداء نزول المرآن كان
ت مِنَ اس َوبَ ٌِّنَا ٍ آن ُهدًى ِللنَّ ِ ضانَ الَّذِي أ ُ ْن ِز َل فٌِ ِه ْالمُ ْر ُ ش ْه ُر َر َم َ فً شهر رمضان لٌبلً ،لال تعالىَ { :
ُ
سفَ ٍر فَ ِع َّدة ٌ ِم ْن أٌَ ٍَّام أخ ََر علَى َ ضا أ َ ْو َ ص ْمهُ َو َم ْن َكانَ َم ِرٌ ً ش ْه َر فَ ْل ٌَ ُ ش ِه َد ِم ْن ُك ُم ال َّ ان فَ َم ْن َ ْال ُه َدى َو ْالفُ ْرلَ ِ
علَى َما َه َدا ُك ْم َولَ َعلَّ ُك ْم َّللا َ َّللاُ ِب ُك ُم ْالٌُس َْر َو َال ٌ ُِرٌ ُد ِب ُك ُم ا ْلعُس َْر َو ِلت ُ ْك ِملُوا ْال ِع َّدة َ َو ِلت ُ َك ِبّ ُروا َّ َ ٌ ُِرٌ ُد َّ
ار َك ٍة ِإنَّا ُكنَّا ت َ ْش ُك ُرونَ (٘[ })ٔ1البمرة ]ٔ1٘ :البمرة ،)ٔ1٘:ولال تعالىِ { :إنَّا أ َ ْنزَ ْلنَاهُ فًِ لَ ٌْلَ ٍة ُم َب َ
ُم ْنذ ِِرٌنَ (ٖ)} [الدخان ،]ٖ :ولال تعالى { :إِنَّا أ َ ْنزَ ْلنَاهُ فًِ لَ ٌْلَ ِة ْالمَد ِْر (ٔ) َو َما أَد َْرانَ َما لَ ٌْلَةُ ْالمَد ِْر
ش ْه ٍر (ٖ)} [المدر ،]ٖ - ٔ :فبركة تلن اللٌلة ،وشرفها وسمو ؾ َ (ٕ) لَ ٌْلَةُ ْالمَد ِْر َخٌ ٌْر ِم ْن أ َ ْل ِ
لدرها ؛ ألن هللا تعالى جعلها مبدأ الوحً إلى رسوله الكرٌم.
المرآن كلُّه فٌكون فعل ( :أنزلنا ) مستعمبلً فً ُ لال ابن عاشور " :فٌجوز أن ٌراد به
اإلنزال ألن الذي أُنزل فً تلن اللٌلة خمس اآلٌات األول من سورة العلك ثم فتر الوحً ابتداء ِ
ثم عاد إنزاله منجما ً ولم ٌكمل إنزال المرآن إال بعد نٌؾ وعشرٌن سنة ،ولكن لما كان جمٌع
(ٔ) أخرجه البخاري فً صحٌحه ،كتاب :التفسٌر ،باب " :وعلى الثبلثة الذٌن خلفوا " ح رلم ، ٗٙ22
ومسلم كتاب :التوبة ،باب :حدٌث توبة كعب بن مالن وصاحبٌه ح رلم .ٕ2ٙ5
(ٕ)من حدٌث طوٌل أخرجه البخاري فً صحٌحه ،كتاب التفسٌر ،باب لوله تعالى لمد تاب هللا على النبً/ ٙ ..
،ٕٓ5وفً المؽازي باب حدٌث كعب بن مالن ٖٔٓ / ٘ ،وأخرجه مسلم ،كتاب التوبة ،باب حدٌث توبة كعب،
ٗ ٕٕٔٓ /رلم .ٕ2ٙ5
ً ً
(ٖ) أخرجه البخاري فً صحٌحه ،كتاب :التفسٌر ،باب :سورة الفتح (إنا فتحنا لن فتحا مبٌنا ) ح رلم
ٖٖ.ٗ1
ممداره وأنه ٌنزل على النبً من َّجما ً حتى ٌتم ،كان إنزاله ُ المرآن ممررا ً فً علم هللا تعالى
بإنزال اآلٌات األُول منه ألن ما ألحك بالشًء ٌعد بمنزلة أوله " .
(ٔ)
ت " :أ َ َّو ُل َما شةَ أ ُ ِ ّم ْال ُمإْ ِمنٌِنَ أَنَّ َها لَالَ ْ عابِ َ ع ْن َ وهذا هو الذي ٌمتضٌه حدٌث بَدْء الوحً كما جاء َ
ك َ
ت ِمث َل فَل ِْ صا ِل َحةُ فًِ النَّ ْو ِم فَ َكانَ ال ٌَ َرى ُرإْ ٌَا إِال َجا َء ْ
َّ الرإْ ٌَا ال َّ َّللاِ ِ م ْن ْال َوحْ ً ِ ُّ سو ُل َّ ئ بِ ِه َر ُ بُ ِد َ
ت ً َذ َوا ِ َّ َّ
َار ِح َراءٍ فٌََت َ َحنَّث فٌِ ِه ـ َو ُه َو التعَبُّ ُد اللٌَا ِل َ ُ ُ
ب إِل ٌْ ِه الخ ََبل ُء َ ،و َكانَ ٌَ ْخلو بِؽ ِ ْ َ صبْحِ ،ث َّم ُح ِبّ َُ ال ُّ
ْ َّ ْ َ َ
ع إِلى أ ْه ِل ِه َوٌَت َزَ َّو ُد ِل َذلِنَ ث َّم ٌَ ْر ِج ُع إِلى َخدٌِ َجة فٌََت َزَ َّو ُد ِل ِمث ِل َها َ ،حتى َجا َءهُ ال َح ُّك ُ َ َ ْالعَ َد ِد ـ لَ ْب َل أ ْن ٌَ ْن ِز َ
َ
َطنًِ ئ " ،لَا َل :فَؤ َ َخ َذنًِ فَؽ َّ ار ٍ َار ِح َراءٍ ،فَ َجا َءهُ ْال َملَنُ فَمَا َل :ا ْل َرأْ ،لَا َل َ " :ما أَنَا بِمَ ِ َو ُه َو فًِ ؼ ِ
َطنًِ الثَّانٌَِةَ ئ " ،فَؤ َ َخ َذنًِ فَؽ َّ ار ٍ َ
سلنًِ فَمَا َل :ال َرأ ،للتُ َ " :ما أنَا بِمَ ِ ْ ُ ْ ْ َ َ ُ ْ
َحتَّى بَلَ َػ ِمنًِّ ال َج ْه َد ث َّم أ ْر َ
َطنًِ الثَّا ِلثَةَ ث ُ َّم ئ " فَؤ َ َخذَنًِ فَؽ َّ ار ٍ سلَنًِ فَمَا َل :ا ْل َرأْ فَمُ ْلتُ َ " :ما أَنَا بِمَ ِ َحتَّى بَلَ َػ ِم ِنًّ ْال َج ْه َد ث ُ َّم أ َ ْر َ
ك * ا ْل َرأْ َو َربُّنَ ْاأل َ ْك َر ُم} فَ َر َج َع علَ ٍ سانَ ِم ْن َ اإل ْن َسلَنًِ فَمَا َل { :ا ْل َرأْ بِاس ِْم َر ِبّنَ الَّذِي َخلَكَ * َخلَكَ ْ ِ أ َ ْر َ
ع ْن َها فَمَا َل :زَ ِ ّملُونًِ َّللاُ ًَ َّ ض َ ت ُخ َو ٌْ ِل ٍد َر ِ علَى َخدٌِ َجةَ بِ ْن ِ ؾ فُ َإا ُدهُ فَ َد َخ َل َ َّللا ْ ٌَ ر ُج ُ سو ُل َّ ِ بِ َها َر ُ
علَى نَ ْف ِسً ْ
ع فَمَا َل ِل َخدٌِ َجةَ َوأ ْخبَ َرهَا ال َخبَ َر :لَمَ ْد َخ ِشٌتُ َ َ الر ْو ُع ْنهُ َّ َب َ زَ ِ ّملُونًِ ،فَزَ َّملوهُ َحتَّى َذه َُ
. )ٕ(" ...
فهو ٌدل على نزول الوحً علٌه فً ولت تعبده لٌبلً .
ٌِم أ َّو َل لَ ٌْلَ ٍة ِم ْن َ ؾ إِب َْراه َ ص ُح ُ ت ُ ً لَا َل " :نَزَ لَ ْ ع ْن َواثِلَةَ ب ِْن األ َ ْسمَعِ أ َ َّن النَّبِ َّ ولد جاء َ
ت ِم ْن ع ْش َرة َ َخلَ ْ ث َ اإل ْن ِجٌ ُل ِلثَبلَ ِ ُ
ضانَ َ ،وأ ْن ِز َل ِ ضٌْنَ ِم ْن َر َم َ ت َم َ ت الت َّ ْو َراة ُ ِل ِس ّ ٍ ضانَ َ ،وأ ُ ْن ِزلَ ِ َر َم َ
ت ِم ْن آن أل ْربَعٍ َو ِع ْش ِرٌنَ َخلَ ْ َ ْ
ضانَ َ ،والمُ ْر ُ ت ِم ْن َر َم َ ع ْش َرة َ َخلَ ْ ان َ ُور ِلث َ َم ِ الزب ُ ضانَ َ ،وأ ْن ِز َل َّ ُ َر َم َ
(ٖ)
ضانَ " . َر َم َ
لال ابن حجر ( ت 1ٕ٘ :هـ ) ":فٌحتمل أن تكون لٌلة المدر فً تلن السنة كانت تلن
اللٌلة فؤنزل فٌها جملة إلى سماء الدنٌا ثم أنزل فً الٌوم الرابع والعشرٌن إلى األرض أول الرأ
باسم ربن"(ٗ) .
فهذه الرواٌات المختلفة تشٌر إلى أن ابتداء نزول المرآن كان لٌبلً،وال شن أن أول ما
نزل من المرآن هو صدر سورة العلك .
خامسا ً وسادسا ً :المعوذتان :
ً آ ٌَاتٌ لَ ْم ٌ َُر علَ َّ ت َ ُ ُ
َّللاِ " :أ ْن ِز َل أ َ ْو أ ْن ِزلَ ْ سو ُل َّ ام ٍر لَالَ :لَا َل ِلً َر ُ ع ِ ع ْم َبةَ ب ِْن َ ع ْن ُ َ
ت اللَّ ٌْلَةَ ت أ ْن ِزلَ ْ ُ َّللا " : أَلَ ْم ت ََر آ ٌَا ٍ سو ُل َّ ِ َ ُ ر ل
َ ا َ ل : ل
َ ا َ ل أخرى رواٌة وفً . " ْن َ َ
ط ُ َ ِّ ِ
ٌ ت ذ و ع م ْ
ال ِمثْلُ ُه َّن لَ ُّ
عوذُ ِب َربّ ِ النَّ ِ ك) َو (لُ ْل أ َ ُ عوذُ بِ َربّ ِ ْالفَلَ ِ ط (لُ ْل أ َ ُ لَ ْم ٌ َُر ِمثْلُ ُه َّن لَ ُّ
(ٔ)
اس )" .
(ٔ) التحرٌر والتنوٌر (ٖٓ )ٗ٘ٙ /اعتنى به وخرج أحادٌث عبد الحمٌد الدخاخنً ،ط :دار طٌبة للنشر
والتوزٌع ،الرٌاض ،طٔ ٔٗٔ2 ،هـ ـ ٔ552م .
(ٕ) أخرجه البخاري فً صحٌحه ،كتاب :بدء الوحً ،باب :بدء الوحً ح رلم ٖ ،ومسلم فً كتاب اإلٌمان
،باب :بدء الوحً إلى رسول هللا ح رلم ٖٕٓ.
(ٖ) أخرجه أحمد فً المسند ح رلم ٗ ،ٔٙ51والبٌهمً فً سننه ح رلم ، ٔ1ٕٗ5وأبو ٌعلى فً مسنده ح رلم
ٓ ، ٕٔ5والهٌثمً فً مجمع الزوابد ومنبع الفوابد ح رلم ، 5٘5ولال :رواه أحمد والطبرانً فً الكبٌر
واألوسط ،وفٌه عمران بن داود المطان ضعفه ٌحٌى ووثمه ابن حبان .ولال أحمد :أرجو أن ٌكون صالح
الحدٌث .وبمٌة رجاله ثمات ،ولال األلبانً فً سلسلة األحادٌث الصحٌحة إسناده حسن ورجاله ثمات ح رلم
٘.ٔ٘2
(ٗ) فتح الباري البن حجر ( )٘ / 5تحمٌك على بن عبد العزٌز الشبل ،ورلم وكتبها وأبوابها وأحادٌثها األستاذ
دمحم فإاد عبد البالً ،ط :دار السبلم ،الرٌاض ،طٔ ٕٔٗٔ /هـ ـ ٕٓٓٓم .
فهذه الرواٌات الصحٌحة تإكد نزولهما لٌبلً .
ٕ -اآلٌات والسور المختلؾ فً نزولها لٌبلً :
هنالن آٌات تكلم العلماء فً نزولها لٌبلً ؛ ولكن اختلفت فٌها ألوالهم بسبب ضعؾ
الرواٌة وعدم صحتها ،أو ألنها محتملة ،أو لتعارضها مع رواٌات أخرى ،وهً على النحو
التالً :
أوالً :آٌات تحوٌل المبلة :
صبْحِ إِ ْذ َجا َء ُه ْمصبلةِ ال ُّ اس بِمُبَاءٍ فًِ َ ع َم َر رضً هللا عنهما لَا َل :بَ ٌْنَا النَّ ُ َّللا ب ِْن ُ ع ْب ِد َّ ِ ع ْن َ َ
ُ ْ َ ْ ْ َ ُ
آن َ ،ولَ ْد أ ِم َر أ ْن ٌَ ْستَمبِ َل ال َك ْعبَة فَا ْستَمبِلوهَا ، ُ َ َ َّ
عل ٌْ ِه الل ٌْلة ل ْر ٌ َ ُ
َّللاِ لَ ْد أ ْن ِز َل َ سو َل َّ ت فَمَا َل " :إِ َّن َر ُ آ ٍ
(ٕ)
اروا ِإلى ال َك ْعبَ ِة" .ْ َ شؤ ِم فَا ْست َ َد ُ ْ َ
َت ُو ُجو ُه ُه ْم ِإلى ال َّ َو َكان ْ
ب ُّ
ت { :لَ ْد ن ََرى تَمَل َ ت ال َممد ِِس فَنَزَ لَ ْْ ْ ص ِلى نَحْ َو بَ ٌْ ِ ّ َّللاِ َ كانَ ٌُ َ سو َل َّ َ
وعن أن ٍَس أ َّن َر ُ َ ْ
ْ ْ ْ
ضاهَا فَ َو ِّل َوجْ َهنَ شَط َر ال َمس ِْج ِد ال َح َر ِام } فَ َم َّر َر ُج ٌل ِم ْن بَنِى ً
اء فَلَنُ َو ِلٌَنَّنَ لِ ْبلَة ت َْر َ ّ س َم ِ َوجْ ِهنَ فً ال َّ
ُ
ت .فَ َمالوا َك َما ُه ْم ْ َ ً
صل ْوا َر ْك َعة فَنَا َدى أالَ ِإ َّن ال ِم ْبلَةَ لَ ْد ُح ّ ِولَ ْ َّ صبلَةِ الفَجْ ِر َولَ ْد َ ْ ع فً َ س ِل َمةَ َو ُه ْم ُر ُكو ٌ َ
(ٖ) ْ
نَحْ َو ال ِم ْبلَ ِة " .
َ َ
علَى أجْ َدا ِد ِه ـ أ ْو لَا َل أ ْخ َوا ِل ِه ـَ ْ
ً َ كانَ أ َّو َل َما لَد َِم ال َمدٌِنَةَ نَزَ َل َ َ َ
اء أ َّن النَّبِ َّ ْ
ع ْن البَ َر ِ و َ
ش ْه ًرا َ ،و َكانَ ٌُ ْع ِجبُهُ عش ََر َ س ْب َعةَ َ َ
ش ْه ًرا أ ْو َ عش ََر َ ت ال َم ْمد ِِس ِستَّةَ َ ْ صلى لِبَ َل بَ ٌْ ِ َّ َ
ار َ ،وأنَّهُ َ ص ِ ِم ْن ْاأل َ ْن َ
صلَّى َم َعهُ لَ ْو ٌم ،فَخ ََر َج ص ِر َو َ صبلة َ ا ْل َع ْ ص َّبلهَا َ صبلةٍ َ صلَّى أ َ َّو َل َ ت َ ،وأَنَّهُ َ أ َ ْن ت َ ُكونَ لِ ْبلَتُهُ لِبَ َل ْالبَ ٌْ ِ
سو ِل صلٌَّْتُ َم َع َر ُ اّلل لَمَ ْد َعلَى أ َ ْه ِل َمس ِْج ٍد َو ُه ْم َرا ِكعُونَ فَمَالَ :أ َ ْش َه ُد ِب َّ ِ صلَّى َم َعهُ فَ َم َّر َ َر ُج ٌل ِم َّم ْن َ
(ٗ)
ت" . ْ
اروا َك َما ُه ْم لِ َب َل البَ ٌْ ِ َّللا لِ َب َل َم َّكةَ فَ َد ُ َّ ِ
لال ابن حجر " :األلوى أن نزولها كان نهارا ،والجواب عن حدٌث ابن عمر أن
الخبر وصل ولت العصر إلى من هو داخل المدٌنة وهم بنو حارثة ،ووصل ولت الصبح إلى
من هو خارج المدٌنة وهم بنو عمرو بن عوؾ أهل لباء ،ولوله لد أنزل علٌه اللٌلة مجاز من
إطبلق اللٌلة على بعض الٌوم الماضً والذي ٌلٌه " ،ولال السٌوطً بعد نمله لكبلم ابن حجر "
فهذا ٌمتضً أنها نزلت نهارا بٌن الظهر والعصر"(٘) .
واألرجح أنها نزلت لٌبلً ؛ ألن حدٌث أنس ال ٌعارض رواٌة ابن عمر ،ألن حدٌث أنس
صبلَةِ س ِل َمةَ َو ُه ْم ُر ُكوعٌ فً َ فً ولت بلوغ الخبر لبنً سلمة كما فً لوله " :فَ َم َّر َر ُج ٌل ِم ْن َبنِى َ
ت " ،وابن عمر ٌتحدث عن ولت صلَّ ْوا َر ْك َعةً فَنَا َدى أَالَ إِ َّن ْال ِم ْبلَةَ لَ ْد ُح ّ ِولَ ْ ْالفَجْ ِر َولَ ْد َ
ُ
آن َ ،ولَ ْد أ ِم َر أ َ ْن علَ ٌْ ِه اللَّ ٌْلَةَ لُ ْر ٌ ُ
َّللا لَ ْد أ ْن ِز َل َ سو َل َّ ِ نزولها،ولرٌنة النص تدل على ذلنِ " :إ َّن َر ُ
ٌَ ْست َ ْم ِب َل ْال َك ْع َبةَ فَا ْست َ ْم ِبلُوهَا " فهو ٌتحدث عن نفس اللٌلة ،وهو ٌإكد أنها نزلت لٌبلً ،وهً
(ٔ) أخرجه مسلم فً كتاب صبلة المسافرٌن ولصرها ،باب :فضل لراءة المعوذتٌن ،ح رلم ٗٔ.1
َ
َاب بِ ُك ِّل آٌَ ٍة َما تَبِعُوا لِ ْبلتَنَ (ٕ) أخرجه البخاري فً صحٌحه ،كتاب :التفسٌر باب َ { :ولَبِ ْن أَتٌَْتَ الَّذٌِنَ أُوتُوا ْال ِكت َ
الظا ِل ِمٌنَ } ح رلم ٓ ،ٗٗ5ومسلم فً كتاب :المساجد ومواضع الصبلة باب :تحوٌلة ِإلَى لَ ْو ِل ِه ِإنَّنَ ِإذًا لَ ِم ْن َّ
المبلة من المدس إلى الكعبة ح رلم .ٕ٘ٙ
(ٖ) أخرجه مسلم فً كتاب :المساجد ومواضع الصبلة باب :تحوٌلة المبلة من المدس إلى الكعبة ح رلم .ٕ٘2
اس َما َو َّال ُه ْم َع ْن لِ ْبلَتِ ِه ْم الَّتًِ (ٗ) أخرجه البخاري فً صحٌحه ،كتاب :التفسٌر باب َ { :سٌَمُو ُل ال ُّ
سفَ َها ُء ِم ْن النَّ ِ
ص َراطٍ ُم ْستَ ِم ٌٍم } ح رلم ،ٗٗ1ٙومسلم فً كتاب : ّلل ْال َم ْش ِر ُق َو ْال َم ْؽ ِربُ ٌَ ْهدِي َم ْن ٌَشَا ُء ِإلَى ِ
كَانُوا َعلَ ٌْ َها لُ ْل ِ َّ ِ
المساجد ومواضع الصبلة باب :تحوٌل المبلة من المدس إلى الكعبة ح رلم ٕ٘٘.
(٘) اإلتمان فً علوم المرآن (ٔ .)ٗ5 /
الرواٌة الوحٌدة التً تنص على زمان النزول ،وحدٌث البراء ال ٌتحدث عن ولت النزول ،
وإنما ٌتحدث عن أول صبلة صبلها ،ولد تكون هً أول صبلة لراوي الحدٌث ،ودابما ً تملٌب
النظر والتؤمل والتفكر فً السماء ٌكون باللٌل أكثر من النهار ،كما أن نزولها لٌبلً ٌواكب
ممتضٌات التحول ؛ إذ الفجر بداٌة ٌوم جدٌد وهو بداٌة تحول لعهد جدٌد ،وهو التحول من بٌت
الممدس إلى بٌت هللا الحرام ؛ ولهذا لال الماضً جبلل الدٌن البلمٌنً ( ت " : ) 1ٕٗ :
واألرجح بممتضى االستدالل نزولها باللٌل ألن لضٌة أهل لباء كانت فً الصبح ولباء لرٌبة من
المدٌنة فٌبعد أن ٌكون رسول هللا أخر البٌان لهم من العصر إلى الصبح "(ٔ) .وهللا أعلم
ثانٌا ً :آٌة {الٌوم أكملت لكم دٌنكم} :
علَ ٌْنَا َم ْعش ََر ٌَ ُهو َد ت ْالٌَ ُهو ُد ِلعُ َم َر :لَ ْو َب لَا َل " :لَالَ ِ ق ب ِْن ِش َها ٍ ار ِ ط ِع ْن َ ع ْن لٌَ ِْس ب ِْن ُم ْس ِل ٍم َ َ
اإلس َْبل َم دٌِنًا(ٖ)} ْ
ضٌتُ لَ ُك ُم ِ علَ ٌْ ُك ْم نِ ْع َمتًِ َو َر ِ َ ْ َ ْ ُ
ت َه ِذ ِه اآلٌَة { :الٌَ ْو َم أ ْك َملتُ لَ ُك ْم دٌِنَ ُك ْم َوأتْ َم ْمتُ َ نَزَ لَ ْ
ْ
ع ِل ْمتُ الٌَ ْو َمع َم ُر ":فَمَ ْد َ ْ ْ
ت فٌِ ِه الَت َّ َخذنَا َذلِنَ الٌَ ْو َم ِعٌدًا.لَالَ:فَمَا َل ُ ُ َّ ْ
[المابدة ]ٖ :نَ ْعلَ ُم الٌَ ْو َم الذي أ ْن ِزلَ ْ
َّللاِ
سو ِل َّ ت لَ ٌْلَةَ َج ْمعٍ َونَحْ ُن َم َع َر ُ ت .نَزَ لَ ْ َّللاِ ِ حٌنَ نَزَ لَ ْ سو ُل َّ عةَ َوأٌَْنَ َر ُ سا َ
ت فٌِ ِه َوال َّ الَّذي أ ُ ْن ِزلَ ْ
(ٕ)
ت" . بِ َع َرفَا ٍ
ؾ بِ َع َرفَةَ) .وفً رواٌة ( :نزلت "ٖ
َّللاِ َ والِ ٌ سو ُل َّت بِ َع َرفَةَ َو َر ُ ُ
وفً رواٌة أخرى "أ ْن ِزلَ ْ
ع َرفَةَ فًِ ٌَ ْو ِم ْال ُج ُم َع ِة"(ٗ). ع ِشٌَّةَ َ َ
َّللا ِ ب َع َرفَاتٍ" ،والرواٌة سو ِل َّ ِ ت لَ ٌْلَةَ َج ْمعٍ َونَحْ ُن َم َع َر ُ فالرواٌة األولى أنها "نَزَ لَ ْ
ع َرفَةَ ع ِشٌَّةَ َؾ ِب َع َرفَةَ" ،والرواٌة الثالثة أنها" نزلت َ َّللاِ َ والِ ٌ سو ُل َّ ت ِب َع َرفَةَ َو َر ُ الثانٌة أنها "أ ُ ْن ِزلَ ْ
فًِ ٌَ ْو ِم ْال ُج ُم َع ِة" فهنالن اتفاق فً المكان فً عرفات ،والٌوم وهو ٌوم الجمعة ،وهنالن اختبلؾ
فً الزمان الذي نزلت فٌه،والراجح أنها نزلت ٌوم عرفة عشٌة والرسول والؾ على المولؾ
(٘)
لم ٌدفع،وكان ٌوم جمعة،وهذا ما نص علٌه عدد من أهل العلم منهم ابن جرٌر ( ت ٖٔٓ:هـ )
،وشٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة( ،)ٙوابن كثٌر(ت 22ٔ:هـ ) () ، 2والسٌوطً(.)1
لال ابن جرٌر بعد أن سرد جمٌع الرواٌات التً ذكرت فً سبب نزولها ":وأولى
األلوال فً ولت نزول اآلٌة ،المو ُل الذي روي عن عمر بن الخطاب :أنها نزلت ٌوم عرفة ٌوم
جمعة ،لصحة سندهَ ،و َو ْهً ِ أسانٌد ؼٌره "(. )5
ولال المرطبً " أنها نزلت فً ٌوم جمعة وكان ٌوم عرفة بعد العصر فً حجة الوداع
سنة عشر ورسول هللا والؾ بعرفة على نالته العضباء ،فكاد عضد النالة ٌنمد من ثملها
فبركت "(ٓٔ) .
(ٔ) أخرجه مسلم فً كتاب :الحج ،باب :حجة النبً ح رلم .ٖٓٓ5
(ٕ) أخرجه الترمذي ح رلم ،ٖٓٗٙولال :حدٌث ؼرٌب ،والبٌهمً فً السنن الكبرى ح رلم ، ٔ1ٔ1ٙ
والحاكم فً المستدرن ح رلم ٕٕٖٔ،ولال :هذا حدٌث صحٌح اإلسناد و لم ٌخرجاه ،وعلك الذهبً فً
التلخٌص :صحٌح ،وحسنه األلبانً فً صحٌح الترمذي .
(ٖ) تفسٌر الجبللٌن (ٕ ، )ٖٖٖ /ولباب النمول فً أسباب النزول للسٌوطً (ٔ.)1ٕ /
(ٗ) أخرجه أبو عبٌدة فً فضابل المرآن ص ٕٔ5ح رلم ٕ ، ٖ2والطبرانً فً المعجم الكبٌر ح رلم
ٖٓ ، ٕٔ5ورواه ابن الضرٌس فً فضابل المرآن ص ، ٔ٘2والسٌوطً فً الدر المنثور فً التفسٌر بالمؤثور(
ٖ ) ٕٖٗ /وزاد نسبته البن مردوٌه ،وابن كثٌر فً تفسٌره (ٖ )ٕٖ2 /وفً إسناده علً بن زٌد بن جدعان
وهو ضعٌؾ كما فً التمرٌب ص ٙ5ٙبرلم ،ٗ2ٙ1وله شاهد من حدٌث ابن عمر وأنس رضً هللا عنهم
أخرجهما الطبرانً فً الصؽٌر (ٔ ) 1ٔ/واألوسط كما فً مجمع البحرٌن ( ) ٕٕ/ٙح رلم ، ٖٖٔ2 ، ٖٖٔٙ
وضعؾ الهٌثمً فً الزوابد إسناده حٌث لال :رواه الطبرانً فً الصؽٌر وفٌه ٌوسؾ بن عطٌة الصفار وهو
ضعٌؾ جدا ( ، ) ٕٓ/2ولد جاء فً الضعفاء الكبٌر للعمٌلً ( )ٕٕٗ / 5لال البخاريٌ :وسؾ بن عطٌة منكر
الحدٌث ،ولال محممو كتاب اإلتمان فً مركز الدراسات المرآنٌة بمجمع الملن فهد لطباعة المصحؾ الشرٌؾ
بالمدٌنة النبوٌة " :ولعله ٌتموى بشواهده ،وانظر شواهده فً مجمع الزوابد ( ) ٕٓ ، ٔ5 / 2من حدٌث ابن
عمر وأنس وأسماء بنت ٌزٌد مع بعض االختبلؾ" .
(٘) رواه الطبرانً فً المعجم الكبٌر ح رلم ٖٗ 1وهو ضعٌؾ جدا مداره على سلٌمان بن سلمة الخبابري ،
مترون كما فً المؽنً فً الضعفاء للذهبً (ٔ ) ٕ1ٓ/وبه ضعفه الهٌثمً فً المجمع ( ،) ٘٘/1وفٌه أٌضا ً :
أبو بكر بن أبً مرٌم ضعٌؾ كما فً التمرٌب ص ٔٔٔٙبرلم ٖٔٓ . 1وانظر :اإلتمان للسٌوطً ( ٔ) ٕٔٗ/
.
فالحدٌث ضعٌؾ لم ٌصح فً سنده ،ولذا لم ٌثبت فً ولت نزولها شًء .
سادسا ً :أول الحج :
ذكره ابن حبٌب ودمحم بن بركات السعدي فً كتابه الناسخ والمنسوخ ،وجزم به
السخاوي ( ت . )ٔ() ٖٙٗ :
لال السٌوطً فً اإلتمان " :ولد ٌستدل له بما أخرجه ابن مردوٌه عن عمران بن
حصٌن أنها نزلت على النبً ولد نعس بعض الموم وتفرق بعضهم فرفع بها صوته
َّللاِ بن أَحْ َم َد بن َح ْنبَ ٍلَ ،ح َّدثَنَا ُه ْدبَةُ بن خَا ِلدٍَ ،ح َّدثَنَا َح َّما ُد بن عبْد َّ الحدٌث" ،والحدٌث جاء عن َ
(ٕ)
اس ات َّمُوا ت َه ِذ ِه اآلٌَةٌَُ{ :ا أٌَُّ َها النَّ ُ صٌ ٍْن،لَالَ" :نَزَ لَ ْ ع ْن ِع ْم َرانَ بن ُح َ س ِنَ ، ع ِن ْال َح َ ع ْن ثَابِتٍَ ، سلَ َمةََ ، َ
َّللاِ فًِ سو ِل َّ ع ِظٌ ٌم (ٔ)} [الحج ( ]ٔ :الحج آٌة ٔ) َونَحْ ُن َم َع َر ُ ًَ ٌء َ ع ِة ش ْ سا َ َ َ ْ
َربَّ ُك ْم ِإ َّن زَ لزَ لة ال َّ
ص ْوتَهُ " ...الحدٌث . (ٖ)
َّللا َ سو ُل َّ ِ ض ُه ْم ،فَ َرفَ َع بِ َها َر ُ ض المَ ْو ِمَ ،وتَفَ َّرقَ بَ ْع ُ ْ س بَ ْع ُ سفَ ٍر َولَ ْد نَعَ َ َ
فلم تنص أي رواٌة على أن ذلن كان لٌبلً إال رواٌة الطبرانً حٌث جاء فٌها " :نزلت
ع ِظٌ ٌم (ٔ)} [الحج ]ٔ :ونحن مع ًَ ٌء َ ع ِة ش ْ سا َ اس اتَّمُوا َربَّ ُك ْم إِ َّن زَ ْلزَ لَةَ ال َّ هذه اآلٌة {ٌَا أ ٌَُّ َها النَّ ُ
رسول هللا فً سفر ولد نعس بعض الموم وتفرق بعضهم فرفع بها رسول هللا صوته " علما ً
بؤن جمٌع الرواٌات تثبت أنها نزلت فً سفر ،وما جاء فٌها من لول الراوي " ولد نعس بعض
الموم وتفرق بعضهم فرفع بها رسول هللا صوته" فمط هو الذي ٌشٌر للنزول اللٌلً .
سابعا ً :آٌة اإلذن فً خروج النسوة فً األحزاب:
َت اب ِل َحا َجتِ َها َو َكان ْ ْ
ب ال ِح َج ُ ض ِر َ س ْو َدة ُ بَ ْع َد َما ُ ت َ ت " :خ ََر َج ْ ع ْن َها لَالَ ْ َّللاُ َ
ً َّ ض َ شةَ َر ِ عابِ َ ع ْن َ َ
َّللاِ َما َ
س ْو َدة ُ أ َما َو َّ ب فَمَا َل ٌَ :ا َ َّ ْ
ع َم ُر ب ُْن الخَطا ِ علَى َم ْن ٌَ ْع ِرفُ َها ،فَ َرآهَا ُ ْام َرأَة ً َج ِسٌ َمة ال ت َْخفَى َ
ً
َّللا فًِ َب ٌْتًِ َ ،وإِنَّهُ سو ُل َّ ِ اج َعةً َو َر ُ ت َر ِ ت :فَا ْن َكفَؤ َ ْ ْؾ ت َْخ ُر ِجٌنَ ،لَالَ ْ ظ ِري َكٌ َ علَ ٌْنَا فَا ْن ُ ت َْخفٌَْنَ َ
ع َم ُر ض َحا َجتًِ فَمَا َل ِلً ُ َّللاِ ِإنًِّ خ ََرجْ تُ ِل َب ْع ِ سو َل َّ ت ٌَ :ا َر ُ ت فَمَالَ ْ عر ٌق فَ َد َخلَ ْ شى َوفًِ ٌَ ِد ِه ْ لَ ٌَت َ َع َّ
ُ
ض َعهُ فَمَالَِ ":إنَّهُ لَ ْد أذِنَ عرقَ فًِ ٌَ ِد ِه َما َو َ ْ
ع ْنهُ َوإِ َّن ال ْ ت :فَؤ َ ْو َحى َّ
َّللاُ ِإلَ ٌْ ِه ث ُ َّم ُرفِ َع َ َك َذا َو َك َذا ،لَالَ ْ
لَ ُك َّن أ َ ْن ت َْخ ُرجْ نَ ِل َحا َجتِ ُك َّن " .
(ٗ)
َّللاِ ُ ك َّن ٌَ ْخ ُرجْنَ ِباللَّ ٌْ ِل ِإ َذا تَبَ َّر ْزنَ سو ِل َّ شةَ أ َ َّن أ َ ْز َوا َج َر ُ عابِ َ ع ْن َ الز َبٌ ِْر َ ع ْر َوة َ ب ِْن ُّ ع ْن ُ و َ
سا َءنَ .فَلَ ْم َّللاِ احْ ُجبْ نِ َ سو ِل َّ ب ٌَمُو ُل ِل َر ُ َطا ِ ع َم ُر ب ُْن ْالخ َّ ص ِعٌ ٌد أ َ ْف ٌَ ُح َو َكانَ ُ َاصعِ َو ُه َو َ ِإلَى ْال َمن ِ
ت ً لَ ٌْلَةً ِمنَ اللٌََّا ِلً ِعشَا ًء َو َكانَ ِ س ْو َدة ُ ِب ْنتُ زَ ْمعَةَ زَ ْو ُج النَّبِ َّ ت َ َّللا ْ ٌَ ف َع ُل فَخ ََر َج ْ سو ُل َّ ِ ٌَ ُك ْن َر ُ
شةُ عا ِب َ ت َ اب .لَالَ ْ علَى أ َ ْن ٌُ ْن ِز َل ْال ِح َج َ صا َ س ْو َدةُِ .ح ْر ً َان ٌَا َ ع َر ْفن ِ ع َم ُر أَالَ لَ ْد َ ط ِوٌلَةً فَنَا َداهَا ُ ْام َرأَة ً َ
ع َّز َو َج َّل ْال ِح َج َ فَؤ َ ْنزَ َل َّ
(٘)
اب " . َّللاُ َ
(ٔ) إتمام الدراٌة لمراء النماٌة ،للسٌوطً (ٔ ، )ٕٗ /واإلتمان فً علوم المرآن (ٔ .)ٔٗٗ /
َّللا { َوٌُإْ ثِ ُرونَ َعلَى أ َ ْنفُ ِس ِه ْم َول ْوَ
(ٕ) أخرجه البخاري فً صحٌحه فً كتاب :منالب األنصار ،باب :لَ ْو ِل َّ ِ
صةٌ } ح رلم . ٖ251
صا ََكانَ بِ ِه ْم َخ َ
َّللاِ { َوٌُإْ ثِ ُرونَ َعلَى أَ ْنفُ ِس ِه ْم َول ْوَ َ
(ٖ) أخرجه البخاري فً صحٌحه فً كتاب :منالب األنصار ،باب :ل ْو ِل َّ
صةٌ } ح رلم . ٗ115صا ََكانَ بِ ِه ْم َخ َ
َّللاِ سو ُل َّ س َل إِلَ ٌْ ِه َر ُ َّللا َ فؤ َ ْر َ سو َل َّ ِ طلَكَ َفؤ َ ْخبَ َر َر ُ ع ِ ّمً فَا ْن ًَ ٍ فَؤ َ ْخبَ ْرتُ َ َّللاِ بْنَ أُبَ ّ
ع ْب َد َّ س ِم ْعتُ َ فَ َ
ً فَمَالََ :ما أ َ َر ْدتَ إِ َّال أ ْنَ َ
ع ِ ّمً إِل َّ َ َّ
َّللاِ َ و َكذبَنًِ ،لا َل :فَ َجا َء َ سو ُل َّ ص َّدلهُ َر َُ َ
ؾ َو َج َح َد لا َل :فَ َ فَ َحلَ َ
علَى أ َ َح ٍد ،لَا َل : ً ِم ْن ْال َه ِ ّم َما لَ ْم ٌَمَ ْع َ علَ ََّّللاِ َ و َكذَّبَنَ َو ْال ُم ْس ِل ُمونَ ،لَالَ :فَ َولَ َع َ سو ُل َّ َممَتَنَ َر ُ
َّللا فَعَ َرنَ سو ُل َّ ِ َ ْ ْ ْ
سفَ ٍر لَ ْد َخفَمتُ بِ َرأ ِسً ِم ْن ال َه ِ ّم إِذ أت َانًِ َر ُ ْ َّللا فًِ َ سو ِل َّ ِ ٌر َم َع َر ُ فَبَ ٌْنَ َما أَنَا أ ِس ُ
َ
س ُّرنًِ أ َ َّن ِلً بِ َها ْال ُخ ْل َد فًِ ال ُّد ْنٌَا ث ُ َّم إِ َّن أَبَا بَ ْك ٍر لَ ِحمَنًِ فَمَا َل َ :ما ض ِحنَ فًِ َوجْ ِهً فَ َما َكانَ ٌَ ُ أُذُنًِ َو َ
ض ِحنَ فًِ َوجْ ِهً ،فَمَا َل : ع َرنَ أُذُنًِ َو َ ش ٌْبًا إِ َّال أَنَّهُ َ َّللا ؟ لُ ْلتُ َ :ما لَا َل ِلً َ سو ُل َّ ِ لَا َل لَنَ َر ُ
ورة َ ْال ُمنَافِمٌِنَ س َ َّللا ُ سو ُل َّ ِ صبَحْ نَا لَ َرأ َ َر ُ ع َم ُر فَمُ ْلتُ لَهُ ِمثْ َل لَ ْو ِلً ِألَبًِ بَ ْك ٍر فَلَ َّما أ َ ْ أ َ ْب ِش ْر ث ُ َّم لَ ِحمَنًِ ُ
"(ٔ) .
وفً ذلن دلٌل على نزولها لٌبلً وتبلوتها للناس بعد أن أصبحوا .وهللا أعلم .
عاشرا ً :سورة المرسبلت :
ت س َبل ِ ت َو ْال ُم ْر َ َار فَنَزَ لَ ْ َّللا فًِ ؼ ٍ سو ِل َّ ِ َّللا بن مسعود لَا َل ُ :كنَّا َم َع َر ُ ع ْب ِد َّ ِ ع ْن َ َ
ت جُحْ َرهَا سبَمَتْنَا فَ َد َخلَ ْ ت َحٌَّة ِم ْن جُحْ ِرهَا فَا ْبت َ َد ْرنَاهَا ِلنَ ْمتُلَ َها فَ َ ٌ ْ
ع ْرفًا فَإِنَّا لَنَتَلَمَّاهَا ِم ْن فٌِ ِه ِإذ خ ََر َج ْ ُ
(ٕ)
ت ش ََّر ُك ْم َك َما ُولٌِت ُ ْم ش ََّر َها " . "ولٌَِ ْ
َّللاِ ُ : سو ُل َّ فَمَال َر ُ
ْ
َار بِ ِمنًى ِإذ نَزَ َل ً ِ فًِ ؼ ٍ وفً رواٌة أخرى له فً البخاري " :لَا َل بَ ٌْنَ َما نَحْ ُن َم َع النَّبِ ّ
ٌ
علَ ٌْنَا َحٌَّة فَمَا َل ت َ ْ
طبٌ ِب َها ِإذ َوثَبَ ْ ت َو ِإنَّهُ لٌََتْلُوهَا َوإِ ِنًّ َألَتَلَمَّاهَا ِم ْن فٌِ ِه َوإِ َّن فَاهُ لَ َر ْ سبل ِ علَ ٌْ ِه َو ْال ُم ْر َ َ
(ٖ)
ت ش ََّر ُك ْم َك َما ُولٌِت ُ ْم ش ََّرهَا" . ً ُ : ولٌَِ ْ ت ،فَمَا َل النَّبِ ُّ ُ
ً : ا ْلتُلوهَا فَا ْبت َ َد ْرنَاهَا فَ َذ َهبَ ْ النَّ ِب ُّ
لال السخاوي فً جمال المراء " :روي عن ابن مسعود أنها نزلت على رسول هللا
لٌلة الجن بحراء "(ٗ) .
لال السٌوطً " :للت هذا أثر ال ٌعرؾ ثم رأٌت فً صحٌح اإلسماعٌلً وهو
مستخرجه على البخاري أنها نزلت لٌلة عرفة بؽار منى ،وهو فً الصحٌحٌن بدون لوله لٌلة
عرفة ،والمراد بها لٌلة التاسع من ذي الحجة فإنها التً كان النبً ٌ بٌتها بمنى "(٘) .
فإن صحت هذه الرواٌة تكون دلٌبلً على نزولها لٌبلً .وهللا أعلم.
ولد ذكر أبو الماسم الحسن بن دمحم النٌسابوري (ت )ٗٓٙفً كتابه التنبٌه على فضل
علوم المرآن من وجوه شرؾ علوم المرآن؛ معرفة تفصٌل نزول المرآن الكرٌم زمانا ،ومكانا،
وأوصافا .فمال:
"من أشرؾ علوم المرآن علم نزوله وجهاته ،وترتٌب ما نزل بمكة والمدنٌة ،وما نزل بمكة
وحكمه مدنً ،وما نزل بالمدٌنة وحكمه مكً ،وما نزل بمكة فً أهل المدٌنة ،وما نزل بالمدٌنة
فً أهل مكة ،وما ٌشبه نزول المكً فً المدنً ،وما ٌشبه نزول المدنً فً المكً ،وما نزل
بالجحفة ،وما نزل ببٌت الممدس ،وما نزل بالطابؾ ،وما نزل بالحدٌبٌة ،وما نزل لٌبل ،وما نزل
نهارا ،وما نزل مشٌعا ،وما نزل مفردا ،واآلٌات المدنٌات ،وما حمل من مكة إلى المدٌنة ،وما
(ٔ) أخرجه الترمذي ح رلم ٖٖٖٔ ،والطبرانً فً المعجم الكبٌر ح ٔٗٓ٘ ،وابن أبً شٌبة فً مسنده ح رلم
ص ِحٌ ٌح ،ولال األلبانً فً حكمه على أحادٌثه :صحٌح اإلسناد . س ٌن َ ٕٔ٘ ولَا َل الترمذي َ :هذَا َحد ٌ
ٌِث َح َ
س ِم ْن الد ََّوابّ ِ فَ َوا ِس ُك ٌُ ْمت َْلنَ فًِ ْال َح َر ِم ح رلم
(ٕ) أخرجه البخاري فً صحٌحه ،كتاب :الحج ،باب َ :خ ْم ٌ
.ٖٖٔ2
(ٖ) أخرجه البخاري فً كتاب :الحج ،باب َ :ما ٌَ ْمت ُ ُل ْال ُمحْ ِر ُم ِم ْن الد ََّوابّ ِ ح رلم ٖٓ.ٔ1
(ٗ) جمال المراء وكمال اإللراء ( ٔ. ) ٔٗٙ /
(٘) اإلتمان فً علوم المرآن ( ٔ. ) ٘ٔ /
حمل من المدٌنة إلى مكة ،وما حمل من المدٌنة إلى الحبشة ،وما نزل مجمبل ،وما نزل مفسرا،
وما اختلؾ فٌه فمال بعضهم :مدنً ،ولال بعضهم :مكً ،فهذه خمسة وعشرون وجها من لم
ٌعرفها ،وٌمٌز بٌنها ،لم ٌحل له أن ٌتكلم فً كتاب هللا تعالى"(ٔ).
ولد فسرت وفصلت هذه األنواع مع التمثٌل لها بما وردت به الرواٌات فً البرهان للزركشً،
واإلتمان للسٌوطً ،والزٌادة واإلحسان البن عمٌلة المكً مما ال حاجة معه لزٌادة الكبلم فً
بسطه ونمله"(ٕ).
وما ذكره النٌسابوري هنا من وجوب معرفة هذه األنواع والتمٌٌز بٌنها وجعل ذلن
شرطا للتفسٌر ال ٌسلم له وفٌه نظر .فلٌس كله مما له أثر فً التفسٌر.
مدة نزول المرآن الكرٌم :
اختلؾ العلماء فً تحدٌد مدة نزول المرآن الكرٌم على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص على ألوال:
أحدها :أنها ثمانً عشرة سنة .روي هذا المول ؼٌر المشتهر عن الحسن .وأنه كان ٌمول ذكر
لنا أنه كان بٌن أوله وآخره ثمانً عشرة سنة ،وأنه أنزل على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص ثمانً سنٌن فً مكة
لبل الهجرة وعشر سنٌن بعدها(ٖ).
وهو لول ضعٌؾ ٌنتج عنه أن الرسول ملسو هيلع هللا ىلص توفً عن ثمان وخمسٌن سنة وهو ما لم ٌمل
به أحد.
(ٗ)
لال ابن عطٌة" :وهذا لول مختل ال ٌصح عن الحسن وهللا أعلم" .
والثانً :أنها عشرون سنة :روي عن ابن عباس ،وعكرمة ،والشعبً ولتادة ،واختاره ابن جزي
الكلبً (٘).
والثالث :أنها ثبلث وعشرون سنة .وهو لول الجمهور(.)ٙ
والرابع :أنها خمس وعشرون سنة .وهو لول من ٌذهب إلى أن الرسول ملسو هيلع هللا ىلص عاش خمسا وستٌن
سنة خبلفا للمشهور(.)2
وتجدر اإلشارة بؤن منشؤ هذا االختبلؾ ٌعود إلى عدة أسباب:
أحدها :الخبلؾ فً مدة إلامته-علٌه الصبلة والسبلم -بمكة بعد البعثة ،فمٌل :ثمان ،ولٌل عشر،
ولٌل ثبلث عشرة ،ولٌل خمس عشرة سنة .بناء على اختبلؾ الرواٌات فً ذلن .فإذا أضٌؾ
إلٌها عشر سنٌن وهً مدة إلامته-علٌه الصبلة والسبلم-بالمدٌنة بعد الهجرة المتفك علٌها كما
(ٔ)التنبٌه على فضل علوم المرآن .ألبً الماسم النٌسابوري .منشور فً مجلة المورد العرالٌة .بتحمٌك دمحم عبد
الكرٌم كاظم .عدد (ٗ) ،مجلد ( ،)ٔ2عام ٔٗٓ5ه .الصفحات (ٖ٘ٓ.)ٖٕٕ-
(ٕ) انظر البرهان للزركشً (ٔ ،)ٔ5ٕ /واإلتمان للسٌوطً (ٔ )-ٖٙ /والزٌادة واإلحسان البن عمٌلة المكً
(ٔ .)ٕٖٙ /
(ٖ)انظر :تفسٌر الطبري ،)ٔ1ٓ-ٔ25 / ٔ٘(:والمحرر الوجٌز ،)ٖ2٘ / ٔٓ( :وزاد المسٌر،)٘ / ٔ( :
والبحر المحٌط ،)12 / ٙ( :وفضابل المرآن ،البن الضرٌس .)2ٗ(:
(ٗ) المحرر الوجٌز.ٖ٘2/ٔٓ:
(٘) تفسٌر ابن جزي الكلبً (ٔ .)ٕٔٓ / ٗ ،ٙ /
()ٙانظر البرهان (ٔ ،)ٕٕ1 /واإلتمان ٔ ٔٗٙ /وانظر علوم المرآن من خبلل ممدمات التفاسٌر ،رسالة
دكتوراه ،د .دمحم صفاء حمً.ٕٗٔ / ٕ ،
()2انظر البرهان (ٔ ،)ٕٕ1 /واإلتمان ٔ ٔٗٙ /وانظر علوم المرآن من خبلل ممدمات التفاسٌر ،رسالة
دكتوراه ،د .دمحم صفاء حمً.ٕٗٔ / ٕ ،
نص على ذلن ابن كثٌر حٌث لال" :أما إلامته بالمدٌنة عشرا فهذا مما ال خبلؾ فٌه ،)ٔ("..فٌنتج
عن ذلن األلوال السابمة.
والثانً :ومن األسباب كذلن :اختبلؾ االعتبار الذي ٌبدأ منه حساب تلن المدة ،هل هو من بداٌة
الرإٌا الصادلة ،أو من البعثة التً تبلها فتور فً نزول الوحً ،أو من الرسالة وتتابع الوحً
بعد ذلن.
والثالث :ومنها اٌضا :التسامح والتساهل فً تحدٌد الولت ،وجبر الكسور فً حساب السنوات
اختصارا وعادةٌ ،مول ابن كثٌر " :إن العرب كثٌرا ما ٌحذفون الكسور من كبلمهم"(ٕ).
والرابع :ومنها :الخبلؾ فً عمره -علٌه الصبلة والسبلم .-حٌث لٌل إنه ستون سنة ،ولٌل ثبلث
وستون ،ولٌل خمس وستون.
والمعتمد كما ٌمول ابن حجر أنه ملسو هيلع هللا ىلص عاش ثبلثا وستٌن سنة وأن ما ورد مما ٌخالؾ ذلن
فهو محمول إما على إلؽاء الكسر فً السنٌن أو جبر الكسر فً الشهور(ٖ).
وأضاؾ ابن كثٌر معنى جدٌدا فً الجمع وهو :اعتبار لرن جبرٌل بالرسول ملسو هيلع هللا ىلص فً
نزول ال وحً حٌث روي أنه لرن به علٌه السبلم مٌكابٌل فً ابتداء األمرٌ .لمً إلٌه الكلمة
والشًء ثم لرن به جبرٌل(ٗ).
كما أنه بعث ملسو هيلع هللا ىلص على رأس أربعٌن سنة .كما لال النووي " :واتفموا أنه ملسو هيلع هللا ىلص ألام بالمدٌنة
بعد الهجرة عشر سنٌن وبمكة لبل النبوة أربعٌن سنة وإنما الخبلؾ فً لدر إلامته بمكة بعد
النبوة ولبل الهجرة .والصحٌح أنها ثبلث عشرة فٌكون عمره ثبلثا وستٌن وهذا الذي ذكرناه أنه
بعث على رأس أربعٌن سنة هو الصواب المشهور الذي أطبك علٌه العلماء"(٘).
ولد حاول الشٌخ دمحم الخضري اختٌار تحدٌد دلٌك للمدة فذكر أن مدة ممامه صلى هللا
علٌه وسلم بمكة هً اثنتا عشرة سنة ،وخمسة أشهر ،وثبلثة عشر ٌوما من ٌوم ٔ2رمضان سنة
ٔٗ من مٌبلده الشرٌؾ إلى أول ربٌع األول سنة ٗ٘ منه.
ومدة إلامته بالمدٌنة بعد الهجرة هً تسع سنوات ،وتسعة أشهر ،وتسعة أٌام من أول
ربٌع األول سنة ٘ٗ إلى تاسع ذي الحجة سنة ٖ ٙمن مٌبلده الشرٌؾ ،وهً سنة عشر من
هجرته ملسو هيلع هللا ىلص(.)ٙ
فصارت المدة بٌن مبتدأ التنزٌل ومختتمه اثنتان وعشرون سنة وشهران واثنان
وعشرون ٌوما(.)2
وهذا التحدٌد هو ما أشار إلٌه الشٌخ دمحم عبد العظٌم الزرلانً فً كتابه مناهل العرفان
حٌث ذكره وتعمبه فمال" :لكن هذا التحمٌك ال ٌزال فً حاجة إلى تحمٌمات ثبلث :ذلن ألنه أهمل
من حسابه باكورة الوحً إلٌه ملسو هيلع هللا ىلص عن طرٌك الرإٌا الصادلة ستة أشهر على أنها ثابتة فً
(ٔ) فضابل المرآن البن كثٌر .بتحمٌك :ابن إسحاق الحوٌنً األثري.ٖٙ:
(ٕ) فضابل المرآن البن كثٌر.ٖٙ :
(ٖ) انظر :فتح الباري.ٗ/5 :
(ٗ)فضابل المرآن الكرٌم البن كثٌرٖٙ:
(٘)شرح صحٌح مسلم للنووي (٘ٔ ،)55 /وانظر الزٌادة واإلحسان (ٔ .)ٕٕ٘ /
( )ٙانظر تارٌخ التشرٌع اإلسبلمً للشٌخ دمحم الخضري بن .ص 1وتارٌخ المرآن ألبً عبد هللا الزنجانً
صٔ .2فمد ذكر تحدٌد الفترة المكٌة كما هنا.
( )2انظر :تارٌخ التشرٌع.٘:
الصحٌح .ثم جرى فٌه على أنه ابتداء نزول المرآن كان لٌلة السابع عشر من رمضان وهً لٌلة
المدر على بعض اآلراء ،ؼٌر أنه ٌخالؾ المشهور الذي ٌإٌده الصحٌح.
ثم ذهب فٌه مذهب المابلٌن بؤن آخر ما نزل من المرآن هو آٌة { :الٌوم أكملت لكم دٌنكم
} [المابدة ]ٖ :وذلن فً تاسع ذي الحجة سنة عشر من الهجرة ،وسترى فً مبحث آخر ما نزل
من المرآن أن هذا المذهب ؼٌر صحٌح (ٔ)"(ٕ).
ومما ٌعترض به على هذا التحدٌد أن ٌوم الفرلان ٔ2رمضان هو ٌوم الجمعة ٌمول
الخضري عن ٌوم الفرلان ،وٌوم ابتداء إنزال المرآن الكرٌم ...":فهما متحدان فً الوصؾ ،وهو
أنهما جمٌعا ٌوافمان الجمعة ٔ2رمضان وإن لم ٌكونا فً سنة واحدة"(ٖ).
والمول بؤن ٌوم ابتداء إنزال المرآن ٌوافك ٌوم الجمعة معارض لما ثبت فً صحٌح مسلم
عن ٌوم االثنٌن ولوله ملسو هيلع هللا ىلص حٌن سبل عنه " :ذان ٌوم ولدت فٌه ،وٌوم بعثت -أو أنزل علً فٌه
"(ٗ).
كما حدد الشٌخ دمحم دمحم أبو شهبة مدة نزول المرآن الكرٌم بؤنها اثنتان وعشرون سنة
وخمسة أشهر ،ونصؾ الشهر .راعى فً هذا التحدٌد ما ذهب إلٌه الجمهور من أنه صلى هللا
علٌه وسلم ولد فً الثانً عشر من ربٌع األول عام الفٌل ،وتوفً فً الثانً عشر أٌضا من ربٌع
األول عام إحدى عشرة من الهجرة.
وبٌن ذلن بؤن النبً ملسو هيلع هللا ىلص نبا على رأس األربعٌن من مٌبلده الشرٌؾ وذلن من الثانً
عشر من ربٌع األول ولد بدئ الوحً إلٌه بالرإٌا الصادلة ومكث على ذلن إلى السابع عشر من
رمضان وجملة ذلن ستة أشهر وخمسة أٌام حٌن نزل علٌه صدر سورة الرأ .وآخر آٌة نزلت
علٌه من المرآن هً لوله تعالى { :واتموا ٌوما ترجعون فٌه إلى هللا } اآلٌة [البمرة ،]ٕ1ٔ :ولد
روي أن ذلن لبل وفاة النبً ملسو هيلع هللا ىلص بتسعة أٌام ،ولٌل بؤحد عشر ٌوما ،ولٌل بواحد وعشرٌن ٌوما
فلو أخذنا بالمتوسط تكون جملة المدة التً لم ٌنزل فٌها المرآن ستة أشهر وستة عشر ٌوما.
وجملة عمر ملسو هيلع هللا ىلص ثبلث وستون عاما ،ومدة نبوته ثبلث وعشرون سنة فإذا أنمصنا منها ستة أشهر
وستة عشر ٌوما ٌكون البالً اثنتٌن وعشرٌن سنة وخمسة أشهر وأربعة عشر ٌوما.
ثم لال أبو شهبة بعد هذا معبرا عن فرحه به" :والحمد هلل الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي
لوال أن هدانا هللا .ثم انتمد حساب الخضري السابك بؤنه بنً على أن آخر آٌة نزلت هً لوله
تعالى { :الٌوم أكملت لكم دٌنكم } اآلٌة [المابدة.)٘("[ٖ :
وما ذكره أبو شهبة -رحمه هللا -من تحدٌد فٌه نظر كذلن .إذ جعل ٌوم السابع عشر
من رمضان بداٌة إنزال المرآن على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص ولد تمدم أنه ٌوافك ٌوم الجمعة -على لول
الصحٌح فً ثبت ما ٌعارض بهذا وأنه - الخضري
وكذلن أنه بناه على األخذ بؤحد األلوال فً مدة بماء الرسول ملسو هيلع هللا ىلص بعد آخر آٌة نزلت علٌه دون
(ٔ )الصواب فً آخر ما نزل ،لوله تعالى{ :واتموا ٌوما ترجعون فٌه إلى هللا ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم ال
ٌظلمون} [البمرة ]ٕ1ٔ /
(ٕ) مناهل العرفان.ٗ٘/ٔ:
(ٖ)تارٌخ التشرٌع صٙ،2:
(ٗ)أخرجه مسلم فً صحٌحه من حدٌث طوٌل (ٕ )1ٔ5 /رلم (ٕ .)ٔٔٙوراجع ص(.)ٗ5
(٘) المدخل لدراسة المرآن الكرٌم.٘٘،٘ٙ:
دراسة ترجٌحٌة له .فٌبمى ملخص المول أن المدة نحوا من ثبلث وعشرٌن سنة تمرٌبا ال
تحدٌدا(ٔ).
ٌوم إنزال المرآن:
الصحٌح أن أول ٌوم أنزل فٌه المرآن هو ٌوم االثنٌن .لحدٌث أبً لتادة األنصاري
الصحٌح ،وفٌه :وسبل عن صوم ٌوم االثنٌن .لال " :ذان ٌوم ولدت فٌه ،وٌوم بعثت -أو أنزل
علً فٌه "(ٕ).
وفً رواٌة أخرى.. :فمال " :فٌه ولدت ،وفٌه أنزل علً"(ٖ).
وأخرج الواحدي عن أبً لتادة ":أن رجبل لال لرسول هللا :أرأٌت صوم ٌوم اإلثنٌن:
"لال فٌه أنزل علً المرآن "(ٗ).
ولد ذكر ابن سعد فً طبماته عن ابن عباس لال" :نبا نبٌكم ملسو هيلع هللا ىلص ٌوم االثنٌن"(٘).
وعن أنس لال :استنبؤ النبً ملسو هيلع هللا ىلص ٌوم االثنٌن(.)ٙ
لال الواحدي " :وأول ٌوم أنزل المرآن فٌه ٌوم االثنٌن"(.)2
وذكر البلمٌنً أنه ٌوم االثنٌن نهارا(.)1
ولذا لال ابن المٌم ":وال خبلؾ أن مبعثه -ملسو هيلع هللا ىلص -كان ٌوم االثنٌن"(.)5
ولال ابن كثٌر " :وهكذا لال عبٌد بن عمٌر وأبو جعفر البالر وؼٌر واحد من العلماء
أنه -علٌه الصبلة والسبلم -أوحً إلٌه ٌوم االثنٌن .وهذا ما ال خبلؾ فٌه بٌنهم"(ٓٔ).
شهر إنزال المرآن الكرٌم :
اختلؾ فً شهر إنزال المرآن الكرٌم على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص ،على ألوال:
(ٔٔ)
األول :أنه شهر رجب ،فً السابع عشر منه .وهو لول ؼٌر مشهور لكنه مذكور .
الثانً :أنه فً شهر ربٌع األول .لٌل فً أوله ،والمشهور فً ثامنه سنة إحدى وأربعٌن من عام
الفٌل .ولد جعله ابن المٌم لول األكثرٌن(ٕٔ).
(ٔ) انظر :نزول المرآن الكرٌم والعناٌة به فً عهد النبً-ملسو هيلع هللا ىلص ،-عبدالودود ممبول حنٌؾ(بحث منشور فً الشبكة
االلكترونٌة)(.بتصرؾ بسٌط).
(ٕ)أخرجه مسلم فً صحٌحه من حدٌث طوٌل .كتاب الصٌام ،باب استحباب صٌام ثبلثة أٌام ،حدٌث ٕ،ٔٔٙ
(ٕ .)1ٔ5 /
(ٖ)صحٌح مسلم (ٕ .)1ٕٓ /
(ٗ)أسباب النزول للواحدي.ٔٗ-ٖٔ:
(٘)طبمات ابن سعد .ٔ5ٖ / ٔ:
( )ٙطبمات ابن سعد .ٔ5ٗ / ٔ:
()2أسباب النزول للواحدي .تحمٌك السٌد أحمد صمر .ٖٔ:
( )1فتح الباري.ٖ٘ٙ/ٕٔ:
( )5زاد المعاد ٔ1 / ٔ:
(ٓٔ) السٌرة النبوٌة البن كثٌر .ٖ5ٕ / ٔ:
(ٔٔ)انظر :فتح الباري -كتاب التعبٌر (ٕٔ .)ٖ٘2 /وزاد المعاد البن المٌم (ٔ .)ٔ1 /والزٌادة واإلحسان
البن عمٌلة المكً (ٔ .)ٕ٘ٓ /
(ٕٔ)انظر المصادر السابمة.
ولٌل فً الثانً عشر من ربٌع األول ٌوم االثنٌن كما روي عن جابر وابن عباس أنهما
لاال :ولد رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص عام الفٌل ٌوم االثنٌن الثانً عشر من شهر ربٌع األول ،وفٌه بعث ،وفٌه
عرج به إلى السماء ،وفٌه هاجر ،وفٌه مات(ٔ).
وعن عبٌد هللا بن عبد هللا عن ابن عباس لال :ولد رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ٌوم االثنٌن فً ربٌع
األول ،وأنزلت علٌه النبوة ٌوم االثنٌن فً أول شهر بٌع األول وأنزلت علٌه البمرة فً ربٌع
األول(ٕ).
الثالث :أنه فً شهر رمضان ،لال الواحدي " :وأول شهر أنزل فٌه المرآن شهر رمضان"(ٖ)،
لال هللا تعالى { :شهر رمضان الذي أنزل فٌه المرآن } [البمرة.]ٔ1٘ :
وجعله ابن كثٌر :المشهور .فمال :والمشهور أنه بعث علٌه الصبلة والسبلم فً شهر
رمضان كما نص على ذلن عبٌد بن عمٌر ،ودمحم بن إسحاق وؼٌرهما"(ٗ).
لال ابن المٌم " :وإلٌه ذهب جماعة منهم ٌحٌى الصرصري حٌث ٌمول فً نونٌته :شمس
النبوة منه فً رمضان ،وأتت علٌه أربعون فؤشرلت"(٘).
ولال ابن إسحاق :ابتدئ رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص بالتنزٌل فً رمضان -ثم استدل له فمال -لال هللا
تعالى { :شهر رمضان الذي أنزل فٌه المرآن } [البمرة ]ٔ1٘ :ولال سبحانه { :إنا أنزلناه فً لٌلة
المدر } [المدر ]ٔ :ولال تعالى { :إنا أنزلناه فً لٌلة مباركة }[الدخان.)ٙ(]ٖ:
واختلؾ فً أي األولات من رمضان :فمٌل فً سابعه( ،)2ولٌل فً الرابع عشر( ،)1ولٌل
فً السابع عشر منه.
فمد أخرج ابن سعد عن الوالدي عن أبً جعفر البالر ،لال نزل الملن على رسول هللا
ملسو هيلع هللا ىلص بحراء ٌوم االثنٌن لسبع عشرة خلت من شهر رمضان .ورسول هللا ٌومٌبذ ابن أربعٌن سنة.
وجبرٌل الذي كان ٌنزل علٌه بالوحً(.)5
ولٌل فً الرابع والعشرٌن من رمضان ،لال أبو عبد هللا الحلٌمً ٌ" :رٌد لٌلة خمس
وعشرٌن"(ٓٔ).
ولال ابن كثٌر " :ولهذا ذهب جماعة من الصحابة والتابعٌن إلى أن لٌلة المدر لٌلة أربع
وعشرٌن"(ٔٔ).
(ٔ)انظر السٌرة النبوٌة البن كثٌر (ٔ ،)ٔ55 /و(ٔ .)ٖ5ٕ /ولال :رواه ابن أبً شٌبة فً مصنفه عن عفان
عن سعٌد بن مٌناء عنهما.
(ٕ)ذكره ابن كثٌر فً السٌرة النبوٌة (ٔ )ٕٓٓ /بسنده ولال عنه :وهذا ؼرٌب جدا ،رواه ابن عساكر.
(ٖ)أسباب النزول للواحدي.ٔٗ:
(ٗ)انظر السٌرة النبوٌة .ٖ5ٕ / ٔ:
(٘) زاد المعاد .ٔ1 / ٔ:
()ٙانظر :مختصر السٌرة البن هشام ( )ٖ5والسٌرة النبوٌة للذهبً (٘.)2
()2انظر فتح الباري (ٕٔ )ٖ٘ٙ /
()1انظر فتح الباري (ٕٔ )ٖ٘ٙ /
( )5أخرجه ابن سعد فً الطبمات بسنده (ٔ .)ٔ5ٗ /وانظر :السٌرة النبوٌة البن كثٌر (ٔ )ٖ5ٕ /والزٌادة
واإلحسان فً علوم المرآن البن عمٌلة المكً (ٔ .)ٕ٘ٔ-ٕ٘ٓ /وانظر :تارٌخ التشرٌع للخضري ( .)ٙ،2فمد
ذكر هذا التارٌخ لكن جعله ٌوم الجمعة .
(ٓٔ)المرشد الوجٌز ألبً شامة (ٖٔ).
(ٔٔ) السٌرة النبوٌة البن كثٌر (ٔ .)ٖ5ٕ /
واستدل لهذا بحدٌث واثلة بن األسمع (ٔ).
وجعله السخاوي فً النزول المباشر على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص فمال بعد أن ساله بنحوه" :فهذا
اإلنزال ٌرٌد به -ملسو هيلع هللا ىلص أول نزول المرآن علٌه -ثم لال :ولوله عز وجل { :إنا أنزلناه فً لٌلة المدر
} ٌشمل اإلنزالٌن" (ٕ).
أما البٌهمً فمد حمل حدٌث واثلة بن األسمع على أن المراد به اإلنزال جملة فمال" :للت:
وإنما أراد -وهللا أعلم -نزول الملن بالمرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنٌا"(ٖ).
وٌشهد لهذا المعنى ما رواه ابن أبً شٌبة عن أبً لبلبة لال.." :أنزلت الكتب كاملة لٌلة
أربع وعشرٌن من رمضان.)ٗ("..
ولد ذهب صفً الرحمن المباركفوري فً كتابه الرحٌك المختوم إلى تحدٌد دلٌك ،ورأي
جدٌد وهو أن ٌوم نزول المرآن وشهره كان ٌوم االثنٌن إلحدى وعشرٌن مضت من رمضان
لٌبل .الموافك عشرة أؼسطس سنة ٓٔٙم ،وكان عمره ملسو هيلع هللا ىلص إذ ذان أربعون سنة لمرٌة وستة
أشهر ؤٕ ٌوما ،وذلن نحو ٖ5سنة شمسٌة وثبلثة أشهر وٕٕ ٌوما.
وهو لول لم ٌمل به أحد لبله ولد بناه على ما ٌؤتً(٘):
أوال :كونه ٌوم االثنٌن بناء على ما صح من حدٌث أبً لتادة األنصاري وفٌه ذان ٌوم ولدت
فٌه ،وٌوم بعثت أو أنزل علً فٌه ،وهو ما اتفك علٌه أهل السٌر.
ثانٌا :وكونه شهر رمضان عمبل باآلٌات الثبلث فً سور :البمرة ،الدخان ،والمدر .وكونه شهر
الجوار والتحنث بحراء.
ثالثا :كونه إلحدى وعشرٌن مضت من رمضان .بناء على أن حساب التموٌم العلمً لذلن الشهر
فً تلن السنة ال ٌوافك ٌوم االثنٌن إال ٌوم السابع ،والرابع عشر ،والحادي والعشرٌن ،والثامن
والعشرٌن .وألن لٌلة المدر إنما تمع فً الوتر من لٌالً العشر من شهر رمضان ،تعٌن كون ذلن
ٌوم واحد وعشرٌن(.)ٙ
وهذا جهد طٌب ومنهج جٌد فً التحدٌد إال أنه ٌرد علٌه ما ٌؤتً(:)2
(ٔ)أخرجه أحمد فً المسند (ٗ )ٔٓ2 /وأبو عبٌد فً فضابل المرآن ( )ٖٙ1وأخرجه ابن الضرٌس بسنده عن
أبً الخلد (ٗ )2بزٌادة فً آخره .وابن جرٌر فً تفسٌره (ٕ .)ٔٗ٘ /والواحدي فً أسباب النزول (ٗٔ).
والطبرانً فً المعجم الكبٌر (ٕٕ )2٘ /حدٌث (٘ .)ٔ1ؼٌر أنه ولع فً النسخة« :وأنزل المرآن ألربع
عشرة» بدال من أربع وعشرٌن .فلعله خطؤ .وذكره األلبانً فً الصحٌح رلم (٘ )ٔ٘2ولال عنه« :هذا إسناد
حسن ،رجاله ثمات ،وفً المطان كبلم ٌسٌر ،وله شاهد من حدٌث ابن عباس مرفوعا نحوه ،وأخرجه البٌهمً فً
األسماء والصفات ( ،)ٔ،ٖٙ2ولال عنه :خالفه عبٌد هللا بن أبً حمٌد ولٌس بالموي فرواه عن أبً الملٌح عن
جابر بن عبد هللا من لوله .ورواه إبراهٌم بن طهمان عن لتادة من لوله لم ٌجاوز به إال أنه لال :الثنتً عشرة
» وكذلن وجده جرٌر بن حازم فً كتاب أبً لبلبة دون ذكر صحؾ إبراهٌم .وانظر السٌرة النبوٌة البن كثٌر
(ٔ .)ٖ5ٖ /وتفسٌر الماوردي بتحمٌك الباحث (ٕ )٘ٙ5 /والمرشد الوجٌز (ٕٔ) والزٌادة واإلحسان البن
عمٌلة المكً (ٔ .)ٕٕ٘ /
(ٕ)جمال المراء)ٕٕ / ٔ( :
(ٖ) األسماء والصفات للبٌهمً (ٔ ،)ٖٙ2 /والمرشد الوجٌز (ٗٔ).
(ٗ)المرشد الوجٌز .ٖٔ:
(٘) انظر :نزول المرآن الكرٌم والعناٌة به فً عهد لرسول-ملسو هيلع هللا ىلص.ٙٗ:-
()ٙانظر :الرحٌك المختوم ص( )ٙٙوحاشٌته (ٕ).
( )2انظر :نزول المرآن الكرٌم والعناٌة به فً عهد لرسول-ملسو هيلع هللا ىلص.ٙٗ:-
أوال :أن كون ذلن ٌوم االثنٌن إلحدى وعشرٌن مضت من شهر رمضان لٌبلٌ .جعل تلن اللٌلة
هً لٌلة الثبلثاء اثنتٌن وعشرٌن فبل تصٌر بذلن من لٌالً الوتر التً تتحرى بها لٌلة المدر.)ٔ(.
ثانٌا :أن االستدالل باآلٌات الثبلث فً سور :البمرة ،والدخان ،والمدر .على ابتداء النزول لٌس
صرٌحا ،ولد فسرت بؤن المراد بها النزول جملة إلى السماء الدنٌا .وهو ما ٌتفك مع الرواٌات
األخرى الواردة عن ابن عباس وؼٌره فً ذلن.
ثالثا :أن حمله تلن اآلٌات على ابتداء النزول ٌعنً أن لٌلة المدر صارت معروفة على وجه
الٌمٌن ألن معرفة ابتداء نزول المرآن مٌسور للصحابة رضً هللا عنهم لو تعلك به أمر تعٌٌن
لٌلة المدر التً هً خٌر من ألؾ شهر .ومعلوم أنها لد أخفٌت عٌنها .فاختلؾ فً تحدٌدها .وإذا
سلم هذا اإلٌراد كان دلٌبل على نزول المرآن فً ؼٌر شهر رمضان .وكان ترجٌحا للمول بنزوله
فً شهر ربٌع األول إال أن تكون لٌلة تسع وعشرٌن على ما ذكر من الحساب.
ولد رجح ابن حجر كون ابتداء النزول فً رمضان فمال" :للت :ورمضان هو الراجح
لما تمدم من أنه الشهر الذي جاء فٌه الرسول ملسو هيلع هللا ىلص حراء فجاءه الملن وعلى هذا ٌكون سنه حٌنبذ
أربعٌن سنة وستة أشهر"(ٕ).
كما رجح فً موضع آخر أنه فً آخر شهر رمضان ولم ٌحدده بتارٌخ فمال.." :فٌستفاد
من ذلن أن ٌكون آخر شهر رمضان ،وهو لول آخر ٌضاؾ لما تمدم ولعله أرجحها"(ٖ).
وجعل ابن حجر شهر رمضان زمانا لنزول المرآن جملة ،ونزوله مفرلا أٌضا ،فمال عن
حدٌث مدارسة جبرٌل علٌه السبلم للرسول ملسو هيلع هللا ىلص للمرآن "..وفٌه إشارة إلى أن ابتداء نزول المرآن
كان فً شهر رمضان ألن نزوله إلى السماء الدنٌا جملة واحدة كان فً رمضان كما ثبت من
حدٌث ابن عباس"(ٗ).
وذكر ابن عرفة فً تفسٌره مثل هذا التوجٌه بعد أن ساق بعض األلوال فً معنى لوله
تعالى { :أنزل فٌه المرآن } لال" :لال الضحان :أنزل المرآن فً فرضه وتعظٌمه ،والحض
علٌه .ولٌل :الذي أنزل المرآن فٌه .لال ابن عرفة :وال ٌبعد أن ٌراد األمران فٌكون أنزل المرآن
فٌه تعظٌما له وتشرٌفا ..ولٌل :أنزل فٌه المرآن جملة إلى سماء الدنٌا .لال ابن عرفة فالمرآن
على هذا االسم للكل ،وعلى المول الثانً :بؤنه أنزل فٌه بعضه ٌكون المرآن اسم جنس ٌصدق
على الملٌل والكثٌر"(٘).
وإلى مثل ذلن ذهب أبو شامة فً تعلٌمه على ما نسب للشعبً من أن هللا عز وجل ابتدأ
إنزال المرآن فً لٌلة المدر فمال" :هو إشارة إلى ابتداء إنزال المرآن على النبً ملسو هيلع هللا ىلص فإن ذلن كان
وهو متحنث بحراء فً شهر رمضان -ثم لال -ولد بٌنت ذلن فً شرح حدٌث المبعث
وؼٌره(.)ٙ
(ٔ)ٌصدق تعلٌله على ما ذكره من موافمة ٌوم االثنٌن لثمان وعشرٌن من رمضان حٌث تكون لٌلة تسع
وعشرٌن .وهً من لٌالً الوتر ،ولكنه لم ٌذكره ولم ٌختره.
(ٕ) فتح الباري ،كتاب التعبٌر .ٖ٘ٙ / ٕٔ:
(ٖ) فتح الباري ،كتاب التعبٌر .ٖ٘2 / ٕٔ:
(ٗ) فتح الباري ،كتاب بدء الوحً .ٖٔ / ٔ:
(٘)تفسٌر ابن عرفة برواٌة تلمٌذه األبً .ٖ٘5 / ٕ:
()ٙكتاب للمإلؾ سماه فً كتابه الذٌل على الروضتٌن :شرح الحدٌث الممتفى فً مبعث النبً المصطفى .انظر
المرشد الوجٌز (ٕٓ) حاشٌة (ٕ).
وهذا وإن كان األمر فٌه كذلن إال أن تفسٌر اآلٌة به بعٌد مع ما لد صح من اآلثار عن
ابن عباس :أنه نزل جملة إلى السماء الدنٌا" (ٔ) ،ففرق أبو شامة بهذا بٌن جعل رمضان شهر
نزول المرآن واالستدالل له باآلٌات.
ولال فً موضع آخر مبٌنا صلة شهر رمضان بالمرآن ..." :وٌجوز أن ٌكون لوله{ :
أنزل فٌه المرآن } إشارة إلى كل ذلن ،وهو كونه أنزل جملة إلى السماء الدنٌا ،وأول نزوله إلى
األرض ،وعرضه وإحكامه فً شهر رمضان .فموٌت مبلبسة شهر رمضان للمرآن :إنزاال جملة
وتفصٌبل وعرضا وإحكاما فلم ٌكن شًء من األزمان تحمك له من الظرفٌة للمرآن ما تحمك
لشهر رمضان فلمجموع هذه المعانً لٌل { :أنزل فٌه المرآن }(ٕ).
ممدار التنزٌل:
لمد ثبت نزول المرآن الكرٌم على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص منجما مفرلا ابتداء أو حسب الحاجة
والولابع .وؼالب المرآن الكرٌم نزل آٌات مفرلات وبعضه نزل سورا كاملة ،ونزلت سورتان
من لصار السور معا هما المعوذتان.
فؤول ما نزل من المرآن الكرٌم اآلٌات الخمس األولى من سورة العلك .وهً لوله
تعالى { :الرأ باسم ربن الذي خلك }{ خلك اإلنسان من علك }{ الرأ وربن األكرم }{ الذي علم
بالملم }{ علم اإلنسان ما لم ٌعلم } ثم نزل بالٌها بعد نزول سورة المدثر.
كما نزلت الخمس اآلٌات األولى من سورة الضحى إلى لوله { :ولسوؾ ٌعطٌن ربن
فترضى } وصح نزول عشر آٌات من لصة اإلفن جملة واحدة من سورة النور .وصح كذلن
نزول عشر آٌات جملة من أول سورة المإمنون .ونزلت آٌة { الٌوم أكملت لكم دٌنكم } (المابدة:
ٖ) فً عرفة فً ٌوم جمعة.
وصح نزول لوله { ؼٌر أولً الضرر } وحدها ،وهً بعض آٌة .فمد أخرج البخاري
من حدٌث البراء بن عازب رضً هللا عنه لال :لما نزلت { :ال ٌستوي الماعدون من المإمنٌن }
(النساء )5٘ :دعا رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص زٌدا فكتبها فجاء ابن أم مكتوم فشكا ضرارته :فؤنزل هللا { :ؼٌر
أولً الضرر } (ٖ).
وكذا لوله { :وإن خفتم عٌلة فسوؾ ٌؽنٌكم هللا من فضله إن شاء إن هللا علٌم حكٌم }
(التوبة )ٕ1 :نزلت بعد نزول أول اآلٌة ،فهً بعض آٌة (ٗ).
ولد تنزل السورة كاملة ومن ذلن سورة الفاتحة ،واإلخبلص ،والكوثر ،والمسد،
والنصر ،والمرسبلت ،والصؾ ..وؼٌرها(٘).
وأما ما ورد من نزول سورة األنعام جملة ٌشٌعها سبعون ألؾ ملن .فلم ٌخل من
خبلؾ .فمد لال ابن الصبلح فً فتاوٌه" :الحدٌث الوارد فً أنها نزلت جملة روٌناه من طرٌك
أبً بن كعب وفً إسناده ضعؾ ،ولم نر له إسنادا صحٌحا .ولد روي ما ٌخالفه فروي أنها لم
(ٔ) فتاوى ابن الصبلح (ٔ ،)ٕٗ1 /والبرهان (ٔ ،)ٔ55 /واإلتمان (ٔ .)ٖٔ2 /
(ٕ) الزٌادة واإلحسان (ٔ .)ٗٓٔ /
(ٖ)انظر :أسباب النزول للواحدي )٘ٔ٘( .والجامع ألحكام المرآن (ٕٓ ،)ٕ٘ٗ /والزٌادة واإلحسان (ٔ /
٘ٓٗ).
(ٗ)انظر :نزول المرآن الكرٌم والعناٌة به فً عهد لرسول-ملسو هيلع هللا ىلص ،2ٔ-ٙ1:-والزٌادة واإلحسان.ٗٓ٘/ٔ:
٘ :المٌامة اآلٌات .ٔ1 - ٔ2 - ٔٙ :
: ٙأنظر مباحث فً علوم المرآن لمناع المطان ص ٔٔ5وكذلن اإلتمان للسٌوطً.
اعتبرت طرٌمة الحفظ والمشافهة الوسٌلة الوحٌدة التً اعتمد علٌها فً جمع المرآن
الكرٌم فً العهد النبوي ،فالمرآن الكرٌم لما نزل بروعة نظمه ونماء ألفاظه وشدة تؤثٌره على
العمول والمشاعر اشتد اهتمام العرب به ،وخاصة الذٌن كانوا من السابمٌن إلى اإلٌمان به،
وكانوا ٌترلبون كل جدٌد ٌنزل به الوحً ٌجمعون بٌن حفظه والعمل به ،وهكذا اهتم جم ؼفٌر
من الصحابة كالخلفاء األربعة ومعاذ بن جبل وزٌد بن ثابت ...بجمع المرآن الكرٌم وحفظه،
وكان النبً ملسو هيلع هللا ىلص كلما نزل علٌه شًء من الوحً أمر كتبة الوحً بكتابته فورا ،سماعا من فمه ثم
ٌنتشر ما نزل بٌن الناس ،فكانت العبللة بٌن المسلمٌن وكتاب ربهم هً الحفظ استنادا لما سمعوه
من فً رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ،وهذه خصٌصة خص هللا بها األمة الدمحمٌة .لال بن الجزري « :إن
االعتماد فً نمل المرآن على حفظ الملوب والصدور ال على خط المصاحؾ والكتب أشرؾ
خصٌصة من هللا تعالى لهذه األمة»(ٔ).
ومع حرص الصحابة على مدارسة المرآن واستظهاره ،فإن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص كان ٌشجعهم
على ذلن ،وٌختار لهم من ٌعلمهم المرآن ،عن عبادة بن الصامت لال « :كان الرجل إذا هاجر
دفعه النبً ملسو هيلع هللا ىلص إلى رجل منا ٌعلمه المرآن ،وكان ٌسمع لمسجد رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ضجة بتبلوة
المرآن ،حتى أمرهم رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص أن ٌخفضوا أصواتهم لببل ٌتؽالطوا»(ٕ).
وكان الصحابة ٌعرضون على رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ما لدٌهم من المرآن حفظا وكتابة ،ولم تكن
الوثابك التً كتبوها فً العهد النبوي مجتمعة فً مصحؾ عام بل عند هذا ما لٌس عند ذان،
وهذا ٌعزى إلى اختبلؾ لراءات الصحابة لكون المرآن أنزل على سبعة أحرؾ.
ولبض النبً علٌه الصبلة والسبلم والمرآن محفوظ فً الصدور ومكتوب فً الصحؾ،
مفرق اآلٌات والسور ،أو مرتب اآلٌات فمط وكل سورة فً صحٌفة على حدة ،باألحرؾ السبعة
الواردة ،ولم ٌجمع فً مصحؾ عام ،حٌث كان المرآن ٌنزل فٌحفظه المراء وٌكتبه الكتبه ،ولم
تدع الحاجة إلى تدوٌنه فً مصحؾ واحد ،ألنه علٌه الصبلة والسبلم كان ٌترلب نزول الوحً
من حٌن آلخر ،ولد ٌكون منه الناسخ لشًء نزل من لبل ،وكتابة المرآن لم ٌكن ترتٌبها بترتٌب
النزول بل تكتب اآلٌة بعد نزولها حٌث ٌشٌر ملسو هيلع هللا ىلص إلى موضع كتابتها بٌن آٌة كذا وآٌة كذا فً
سورة كذا لال الزركشً« :وإنما لم ٌكتب فً عهد النبً ملسو هيلع هللا ىلص مصحؾ لببل ٌمضً إلى تؽٌٌره فً
كل ولت ،فلهذا تؤخرت كتابته إلى أن كمل نزول المرآن بموته ملسو هيلع هللا ىلص»(ٖ) ،وبهذا ٌفسر ما روي عن
زٌد بن ثابت لال « :لبض النبً ملسو هيلع هللا ىلص ولم ٌكن المرآن جمع فً شًء»(ٗ) .
ولال الخطابً " :إنما لم ٌجمع ملسو هيلع هللا ىلص المرآن فً المصحؾ لما كان ٌترلبه من ورود ناسخ
لبعض أحكامه أو تبلوته ،فلما انمضى نزوله بوفاته ألهم هللا الخلفاء الراشدٌن ذلن ،وفاء بوعده
الصادق بضمان حفظه على هذه األمة فكان ابتداء ذلن على ٌد الصدٌك بمشورة عمر "(٘).
( ٔ) أنظر مباحث فً علوم المرآن لمناع المطان وصبحً الصالحً ،واإلتمان للسٌوطً.
www.al-islam.com/articles/articles.asp?fname=ALISLAM_Lٔٔ_A ( ٕ)
( ٖ) أنظر :إعجاز المرآن للبالبلنً.
( ٗ) أنظر :مباحث فً علوم المرآن ص .ٖٔٓ - ٕٔ5
(٘) انظـر :هـذه اآلراء بالتفصٌل فً اإلتمان للسٌوطً – جٔ ص ٙوما بعدها ،البرهـان للزركشـً – جٕ
ص ٕٗٗ ، ٕٗ٘-مناهـل العرفـان للزرلانـً – جٔ ص ٖ ، ٔ5ٗ-ٔ5المدخل لدراسة المرآن ألبً شهبة – ص
ٕٕٕٕٕٔ-
اس} مثل ما جاء فً سورة النساء ص ّدِرت بصٌؽة {ٌَا أٌَُّ َها النَّ ُاألمر األول :إنه ٌوجد آٌات مدنٌة ُ
اس}[النساء ،]ٔ:وكذلن هنان آٌات مكٌة َّ َ
التً اتفك على أنها مدنٌة ،ولكنها تبدأ بـ {ٌَا أٌُّ َها الن ُ
اس صدرت بصٌؽة {ٌَا أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َمنُوا} [الحج ،]ٔ:وكذلن سورة البمرة مدنٌة وفٌها {ٌَا أٌُّ َها النَّ ُ
َ
ار َكعُوا ا ْعبُدُوا َربَّ ُك ُم [}...البمرة ،]ٕٔ:وأٌضا ً ما جاء فً سورة الحج المكٌة {ٌَا أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َمنُوا ْ
[}...الحج.]22:
َّ َ
األمر الثانً ٌ :وجد سـور كثٌرة فً المرآن الكرٌم لٌس فٌها الخطاب بـ {ٌَا أٌُّ َها الذٌِنَ آ َمنُوا} و
اس} فعلى هذا االعتبـار فهـً ؼٌر مكٌة وال مدنٌة ،مثال لوله تعالى ٌَ{ :ا أٌَُّ َها النَّبِ ُّ
ً {ٌَا أٌَُّ َها النَّ ُ
َّللاَ َوال ت ُ ِطعِ ْال َكافِ ِرٌنَ َو ْال ُمنَافِمٌِنَ [}...األحزاب ،]ٔ:ولوله تعالـى { :إِ َذا َجـا َءنَ ْال ُمنَافِمـُونَ ك َّ ات َّ ِ
َّللاِ }[المنافمٌن.]ٔ: لَالُوا نَ ْش َه ُد ِإنَّنَ ل َر ُ
سو ُل َّ َ
وعلى هذا فإن هذا التمسٌم ؼٌر ضابط وال حاصر .
االصطبلح الثالث :باعتبار زمن النزول :
وهو ما علٌه جمهور العلماء أن المكً ما نزل لبل هجرة الرسول إلى المدٌنة ،وإن
كان نزوله بؽٌر مكة ،والمدنً ما نزل بعد الهجرة وإن كان نزوله بمكة .
وهذا التمسٌم كما ترى لوحظ فٌه زمن النزول ،هو تمسٌم صحٌح سلٌم ألنه ضابط
حاصر لجمٌع آٌات المرآن الكرٌم .
الطرٌك إلى معرفة المكً والمدنً :
لمد اعتمد العلماء فً معرفة المكً والمدنً على منهجٌن هما -:
المنهج األول :السماعً النملً :
العمدة فً معرفة المكً والمدنً النمل الصحٌح عن الصحابة – رضً هللا عنهم –
الذٌن شاهدوا أحوال الوحً والتنزٌل ،والتابعٌن اآلخذٌن عنهم ،ولم ٌرد عن النبً فً ذلن
لول ،وٌإٌد ذلن ما نمله السٌوطً عن الماضً أبً بكر فً االنتصار حٌث لال " :إنما ٌُرجع
فً معرفة المكً والمدنً إلى حفظ الصحابة والتابعٌن ولم ٌرد عن النبً فً ذلن لول ،ألنه
لم ٌإمر به ،ولم ٌجعل هللا علم ذلن من فرابض األمة وإن وجب فً بعض أهل العلم معرفة
تارٌخ الناسخ والمنسوخ ،ولد ٌعرؾ ذلن بؽٌر نص عن الرسول "(ٔ).
ولد اشتهر بمعرفة المكً والمدنً من الصحابة – رضً هللا عنهم – عبد هللا بن مسعود
– رضـً هللا عنـه – أنه لال " :وهللا الذي ال إله ؼٌره ما نزلت سورة من كتاب هللا إال وأنا أعلم
أٌن نزلت ،وال نزلت آٌة من كتاب هللا إال وأنا أعلم فٌم أنزلت ،ولو أعلم أحدا ً أعلم منً بكتاب
هللا تبلؽه اإلبل لركبت إلٌه" (ٕ) .
المنهج الثانً :المٌاس االجتهادي :
عرفنا فٌما مضى أن مرد العلم بالمكً والمدنً هو السماع عن طرٌك الصحابة
والتابعٌن ،ولكن هنان عبلمات وضوابط وممٌزات وضعها العلماء ٌُعرؾ بها المكً والمدنً
هً -:
أوالً :ضوابط المرآن المكً هً :
(ٖ)
(ٔ) بالتفصٌل مناهل العرفان – جٔ ص ٘ ، ٔ5وانظر المدخل لدراسة المرآن الكرٌم ،ص ٕٕٓ .
(ٕ) أسباب النزول – الواحدي – ص . ٙٙ
َّللاُ بِ َما ت َ ْع َملُونَ َخبٌِر * فَ َم ْن ظونَ بِ ِه َو َّ ع ُ
سا َذ ِل ُك ْم تُو َ ٌر َرلَبَ ٍة ِم ْن لَ ْب ِل أ َ ْن ٌَت َ َما َّ ٌَعُودُونَ ِل َما لَالُوا فَتَحْ ِر ُ
طعَا ُم ِستٌِّنَ ِم ْس ِكٌنـا ً َذ ِلـنَ سا فَ َم ْن لَ ْم ٌَ ْست َِط ْع فَإ ِ ْ ش ْه َرٌ ِْن ُمتَت َابِعٌَ ِْن ِم ْن لَ ْب ِل أ َ ْن ٌَت َ َما َّ صٌـَا ُم َ لَ ْم ٌَ ِج ْد فَ ِ
ع َذابٌ أ َ ِلٌ ٌم}[المجادلة.]ٗ-ٔ: َّللا َو ِل ْل َكافِ ِرٌنَ َ
اّللِ َو َرسـُو ِل ِه َوتِلـْنَ ُحدُو ُد َّ ِ ِلتُإْ ِمنـُوا بِ َّ
ومثل ما حدث بٌن األوس والخزرج من خصومة ،بسبب تؤلٌب أحد الٌهـود العداوة
َاب بٌنهما ،فمد نزل بحمها لوله تعالى {ٌَا أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َمنُوا إِ ْن ت ُ ِطٌعُوا فَ ِرٌمًا ِمنَ الَّذٌِنَ أُوتُوا ْال ِكت َ
سولُهُ َو َم ْن علَ ٌْ ُك ْم آٌَاتُ َّ ِ
َّللا َوفٌِ ُك ْم َر ُ ْؾ ت َ ْكفُ ُرونَ َوأ َ ْنت ُ ْم تُتْلَى َ ٌَ ُردُّو ُك ْم بَ ْع َد إٌِ َمانِ ُك ْم َكافِ ِرٌنَ (ٓٓٔ) َو َكٌ َ
َّللا َح َّك تُمَاتِ ِه َو َال ت َ ُموت ُ َّن ُ َّ َ
ص َراطٍ ُم ْست َ ِم ٌٍم (ٔٓٔ) ٌَا أٌُّ َها الذٌِنَ آ َمنُوا اتَّموا َّ َ ِي إِلَى ِ اّللِ فَمَ ْد ُهد َ َص ْم بِ َّ ٌَ ْعت ِ
علَ ٌْ ُك ْم إِذْ َّللاِ َ ْ ُ
َّللا َج ِمٌعًا َو َال تَفَ َّرلوا َواذ ُك ُروا نِ ْع َمتَ َّ َص ُموا بِ َح ْب ِل َّ ِ إِ َّال َوأ ْنت ُ ْم ُم ْس ِل ُمونَ (ٕٓٔ) َوا ْعت ِ َ
ار فَؤ َ ْنمَ َذ ُك ْم ِم ْن َها شفَا ُح ْف َرةٍ ِمنَ النَّ ِ علَى َ صبَحْ ت ُ ْم بِنِ ْع َمتِ ِه ِإ ْخ َوانًا َو ُك ْنت ُ ْم َ ؾ بٌَْنَ لُلُوبِ ُك ْم فَؤ َ ْ ُك ْنت ُ ْم أ َ ْع َدا ًء فَؤَلَّ َ
َّللاُ لَ ُك ْم آٌَاتِ ِه لَعَلَّ ُك ْم ت َ ْهتَدُونَ (ٖٓٔ)} [آل عمران . ]ٖٔٓ - ٔٓٓ : َك َذلِنَ ٌُبٌَِّ ُن َّ
الروحِ لُ ِل ع ِن ُّ َ
{وٌَسـْؤلونَنَ َ ومثل ما نزل إجابة لسإال وجه إلى النبً لولـه تعالـى َ :
ع ْن {وٌَسْؤلونَنَ َ َ الرو ُح ِم ْن أ َ ْم ِر َر ِبًّ َو َما أُوتٌِت ُ ْم ِمنَ ْال ِع ْل ِم ِإال لَ ِلٌبلً}[اإلسراء ،]1٘:ولوله تعالى َ : ُّ
َ
ع ِة أٌَّانَ سا َ ع ِن ال َّ َ
علَ ٌْ ُك ْم ِم ْنهُ ِذ ْكراً}[الكهؾ ،]1ٖ:ولوله تعالى ٌَ{ :سْؤلونَنَ َ ُ
سؤتْلو َ َ ذِي المَ ْرنٌَ ِْن لُ ْل َ ْ
ساهَا}[البمرة.]ٔ1٘: ُم ْر َ
ًَءٍ {و َال تَمُولَ َّن ِلش ْ ومثل ما نزل إرشادا ً وهداٌة وتعلٌما ً للرسول كما فً لوله تعالى َ
ب سى أ َ ْن ٌَ ْه ِدٌَ ِن َر ِبًّ ِأل ْل َر َ
َ ع َ َّللاُ َوا ْذ ُك ْر َربَّنَ ِإ َذا نَسٌِتَ َولُ ْل َ ؼدًا (ٖٕ) إِ َّال أ َ ْن ٌَشَا َء َّ ِإ ِنًّ فَا ِع ٌل َذلِنَ َ
شدًا (ٕٗ)} [الكهؾ ،]ٕٗ - ٕٖ :واألمثلة كثٌرة على ذلن . ِم ْن َه َذا َر َ
ً ً
وعندما نمول بؤن سبب النزول هو ما نزلت اآلٌة أو اآلٌات متحدثة عنه أو مبٌنة لحكمه
أٌام ولوعه ،فذا ٌعنً أن هنان ارتباطا بٌن ولوع الحدث واآلٌة التً نزلت مبٌنة لحكم هذا أو
هذه الحال ،هذا احترز به ع َّما شاع وذاع عند بعض المفسرٌن حٌنما ٌذكرون مثبلً سورة الفٌل
نزلت لصة الفٌل هل هنان ارتباط بٌن الحادثة واآلٌات ؟ الجواب :ال ،نمول :سبب النزول أن
بزمن ٌسٌر نزول اآلٌات حٌنب ٍذ ال بد ٍ تكون اآلٌة نزلت مبٌنةً لحكم الحادثة ،وهذه الحادثة سبمت
من ارتباطٍ بٌن اآلٌات وبٌن الوالع ،فإذا كانت الوالعة لد خبل علٌها الدهر كمصة أصحاب الفٌل
ب ْال ِفٌ ِل}[ الفٌل . ]ٔ :ال نمول :هذه اآلٌات ص َحا ِ ْؾ فَ َع َل َربُّنَ ِبؤ َ ْ ثم نزل لوله تعالى { :أَلَ ْم ت ََر َكٌ َ
أو هذه السورة سبب نزولها ماذا ؟ لصة أصحاب الفٌل نمول :ال ،لصة أصحاب الفٌل تضمنت
السورة بٌانًا لحادث ٍة لد ولعت ومضى علٌها الزمان الطوٌل حٌنب ٍذ لٌس ثم ارتباط بٌن السورة
وبٌن هذه المصة ،إذًا ما نزلت اآلٌة أو اآلٌات متحدثةً عنه أو مبٌنةً لحكمه أٌام ولوعه هذا فٌه
ر ٌد على كل من وضع أمام لص ٍة من لصص األنبٌاء أو سورةٍ تضمنت حادثة سابمة ربطها بماذا
زمن لد مضى ،تحدثت ٍ ؟ بتلن الحادثة نمول :ال ،جاءت هذه اآلٌات مبٌنة لحادث ٍة والع ٍة فً
كما تتحدث اآلٌات عن نوحٍ مع لومه ،أو عن هو ٍد مع لومه ،أو عن صالحٍ ،أو شعٌب مع
لومه هل نزلت هذه اآلٌات بسبب لوم نوح ؟ ال ،سورة نوح نمول :نزلت بسبب لوم نوح ؟
أمم لد خلت فً هذه السورة ولٌس ث َ َّم الجواب :ال ،وإنما تضمنت حادثة ووالعة وحكاٌةً لحالة ٍ
(ٔ)
ارتباط من حٌث النزول ٌ ،عنً لم ٌكن سبب نزول اآلٌات هو تلن الحادثة .
(ٔ) انظر :شرح منظومة التفسٌر ،الشٌخ عبد العزٌز الزمزمً ،شرحه وعلك علٌه الشٌخ أحمد بن عمر
الحازمً(الشرٌط السادس).
طرٌك معرفة سبب النزول (: )8
ال طرٌك لمعرفة أسباب النزول إال النمل الصحٌح ،وال مجال للعمل فٌه إال بالتمحٌص
والترجٌح ،لال الواحدي " :ال ٌحل المول فً أسباب نزول المرآن بالرواٌة والسماع ،إال ممن
شاهدوا التنزٌل ،وولفوا على األسباب وبحثوا عن عللها" (ٕ) .
وعلى هذا فإن ُروي سبب النزول عن صحابً فهو ممبول ،وإن لم ٌعـزز برواٌـة
أخرى ،ألن لول الصحابً فٌما ال مجال للرأي فٌه حكمه المرفوع إلى النبً .
وأما ما روي من سبب النزول بحدٌث مرسل ،أي سمط من سنده الصحابً وانتهى إلى
التابعً ،ففً حكمه لوالن:
األول :تمبل بؤربعة شروط:
ٔ – التصرٌح بالسبب.
ٕ – صحة اإلسناد.
ٖ – أن ٌكون من أبمة التفسٌر الذٌن أخذوا عن الصحابة.
ٗ – أن ٌعتضد برواٌة تابعً آخر تتوفر فٌه هذه الشروط .وهو لول السٌوطً وجماعة.
الثانً :ال تُمبل ألنها فً حكم الحدٌث المرفوع وهو مرسل من التابعً ،والمرسل لون من ألوان
الحدٌث الضعٌؾ وبالتالً فهو ؼٌر ممبول ،وهللا أعلم .
إذن التمبل رواٌة التابعً إال إذا صح سنده ،واعتضد بمرسل آخر ،وكان الراوي له
من أبمة التفسٌر اآلخذٌن عن الصحابة مباشرة كمجاهد وعكرمة وسعٌد بن جبٌر .
ألسام أسباب النزول :
ٌنمسم المرآن الكرٌم من حٌث سبب النزول وعدمه إلى لسمٌن :
المسم األول :لسم نزل من هللا ابتداء ؼٌر مرتبط بسبب من األسباب الخاصة إنما هو لمحض
هداٌة الخلك إلى الحك ،وإرشادهم على األفضل فً هذه الحٌاة ،وهو كثٌر ظاهر فً المرآن
الكرٌم .
المسم الثانً :لسم نزل مرتبطا ً بسبب من األسباب الخاصة وهو موضوع البحث ،وهو كثٌر
(ٖ)
فً المرآن الكرٌم ،مثل حدٌث اإلفن ،أو إجابة عن سإال ،أو بٌان ألمر ٌتعلك بحادثة معٌنة
.
()3
فوائد معرفة سبب النزول :
ٔ -االستعانة على فهم اآلٌة وإزالة اإلشكال عنها :مثاله :
أنه أشكل على عروة بن الزبٌر – رضً هللا عنهما – أن ٌفهم فرٌضة السعً بٌن
َّللاِ فَ َم ْن َح َّج ْال َبٌْتَ أ َ ِو ا ْعت َ َم َر فَبل ُجنَا َح صفَا َو ْال َم ْر َوة َ ِم ْن َ
شعَابِ ِر َّ الصفا والمروة من لوله {إِ َّن ال َّ
ع ِلٌ ٌم}[البمرة ،]ٔ1٘:وذلن ألن اآلٌة نفت ع َخٌْرا ً فَإ ِ َّن َّ َ
َّللا شَا ِك ٌر َ ؾ ِب ِه َما َو َم ْن ت َ َ
ط َّو َ علَ ٌْ ِه أ َ ْن ٌَ َّ
ط َّو َ َ
ال ُجناح ،ونفً الجناح ال ٌدل على الفرضٌة ،حتى سؤل خالته السٌدة عابشة – رضً هللا عنها
ولد اختلؾ أهل التفسٌر فً سبب نزول هذه اآلٌة على ألوال(ٕ):
أحدها :لالت:عابشة-رضً هللا عنها" :-أنزلت هذه اآلٌة فً األنصار ،كانوا ٌهلون لمناة ،وكانت
مناة حذو لدٌد ،وكانوا ٌتحرجون أن ٌطوفوا بٌن الصفا والمروة ،فلما جاء اإلسبلم سؤلوا رسول
هللا -ملسو هيلع هللا ىلص -عن ذلن ،فؤنزل هللا تعالى هذه اآلٌة"(ٖ).
الثانً :لال الشعبً" :أن َوثَنًا كان فً الجاهلٌة على الصفا ٌسمى (إسافًا) ،ووثنًا على ْ
المروة
ٌسمى(نابلة) ،فكان أهل الجاهلٌة إذا طافوا بالبٌت َمسحوا الوثَنٌن .فلما جاء اإلسبلم و ُكسرت
الوثنٌن ،ولٌس
والمروة إنما كانَ ٌُطاؾ بهما من أجل َ ْ األوثان ،لال المسلمون ّ :
إن الصفا
الطواؾ بهما من الشعابر! لال :فؤنزل هللا :إنهما من الشعابر " ،فمن َح ّج البٌتَ أو اعتمر فبل
ٌطوؾ بهما " (ٗ).
ُجنا َح علٌه أن ّ
()5 ()1 ()2 ()ٙ (٘)
وروي عن عامر ،وٌزٌد ،وأنس بن مالن ،وابن عمر ،ومجاهد ،وابن
زٌد(ٓٔ) ،نحو ذلن.
ولد ذكر ابن إسحاق فً كتاب السٌرة أن إسافا ونابلة كانا بشرٌن ،فزنٌا داخل الكعبة
فمسخا حجرٌن فنصبتهما لُرٌش تجاه الكعبة لٌعتبر بهما الناس ،فلما طال عهدهما عبدا ،ثم
حوال إلى الصفا والمروة ،فنصبا هنالن ،فكان من طاؾ بالصفا والمروة ٌستلمهما ،ولهذا
ٌمول أبو طالب ،فً لصٌدته المشهورة :
(ٔٔ)
بمفضى السٌول من إساؾ ونابل وحٌث ٌنٌخ األشعرون ركابهم
ً من تهامة فً والمر َوة من شعابر هللا} ،اآلٌة ،فكان َح ٌّْ ّ
{:إن الصفا الثالث :ولال لتادة" :لوله
سنة
أن الصفا والمروة من شعابر هللا ،وكانَ من ُ الجاهلٌة ال ٌسعون بٌنهما ،فؤخبرهم هللا ّ
إبراهٌم وإسماعٌ َل الطواؾ بٌنهما"(ٕٔ).
ٔ -ما أنبؤ لفظه عن معناه من ؼٌر أن ٌنضم إلٌه أمر لفظ ٌبٌّن معناه ،سواء أكان اللفظ لؽوٌا ً أم
عرفٌاً ،وال ٌحتاج إلى ضرب من ضروب التؤوٌل.
ٖ-المحكمات :هً آٌات واضحة ال ُمراد ،ال اختبلؾ فٌها وال اضطراب.
لال ابن عباس" :لرأت المحكم على عهد رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلصٌ ، )٘( " -رٌد المفصل من
المرآن ألنه لم ٌنسخ منه شًء.
والمتشابه لغة " :الشٌن والباء والهاء أصل واحد ٌد ّل على تشابه الشًء وتشاكله لونا ً
ووصفاً ...والمشبّهات من األمور المشكبلت ،واشتبه األمران إذا أشكبل"(.)ٙ
وال ُمتَشَابِه من المرآن" :ما أُش ِك َل تفسٌره لمشابهته بؽٌره ،إ ّما من حٌث اللَّفظ ،وإ ّما من
ْ
()2
حٌث المعنى" .
لال الفٌروز آبادي" :و الـ ُم ْشتَبِ َهات من األُمور :الـ ُم ْش ِكبلتُ :و الـ ُمتشابِ َهاتُ :الـ ُمت َماثِبلت،
والمثْلُ .و ُ
شبِّهَ علٌه األ َ ْم ُر االلتَبِاسِ ،ش ْب َهةُ ،بالضمْ : ظ َمةٍُ :م ْش ِكلَةٌ .وال ُّ
شبَّ َهةٌَ ،ك ُم ْع َّ وأ ُ ٌ
مور ُم ْشتَبِ َهةٌ و ُم َ
ت َ ْشبٌهاً :لُبِّ َ
()1
س علٌه" .
ظةٌ ِل ْل ُمتَّمٌِنَ } [آل عمران ،]ٖٔ1 :ولالاس َو ُهدًى َو َم ْو ِع َ ودلٌهم لوله تعالىَ { :ه َذا َب ٌَ ٌ
ان ِللنَّ ِ
ٌر} [هود ،]ٔ :فبل وجود فٌه آلي ٍ ت ِم ْن لَد ُْن َح ِك ٌٍم َخ ِب ٍصلَ ْ تعالى{ :الر ِكتَابٌ أُحْ ِك َم ْ
ت آ ٌَاتُهُ ث ُ َّم فُ ِ ّ
متشابهة بالذات ،وأ ّما التعبٌر بالتشابه فً آي ِ المرآن ،فهو بمعنى التشابه بالنسبة إلى أُولبن
الزابؽٌن الذٌن ٌحاولون تحرٌؾ الك ِلم عن مواضعه.
والثانً :المول بوجود المتشابهات فً المرآن :إذ ٌشتمل المرآن الكرٌم على آٌات متشابهات،
علٌَْنَ ْال ِكت َ
َاب ِم ْنهُ آٌَاتٌ كما هو مشتمل على آٌات مح َكمات ،لموله تعالى ُ {:ه َو الَّذِي أ َ ْنزَ َل َ
ب َوأُخ َُر ُمتَشَابِ َهاتٌ } [آل عمران ، ]2 :فٌشتمل على تمسٌم آٌات المرآن إلى ُمحْ َك َماتٌ ُه َّن أ ُ ُّم ْال ِكت َا ِ
المحكم والمتشابه.
{م ْنهُ آٌَاتٌ ُمحْ َك َماتٌ ُه َّن أ ُ ُّم والراجح هو المول الثانً ،إذ أن المراد باإلحكام فً لولهِ :
ؾ به جمٌع الكتاب فً لوله ص َ ب َوأُخ َُر ُمتَشَابِ َهاتٌ } [آل عمران ،]2 :ؼٌر اإلحكام الذي ُو ِ ْال ِكت َا ِ
ٌر} [هود ،]ٔ :وكذا المراد بالتشابه ت ِم ْن لَد ُْن َح ِك ٌٍم َخبِ ٍ ت آٌَاتُهُ ث ُ َّم فُ ِ ّ
صلَ ْ تعالى {:الر ِكتَابٌ أُحْ ِك َم ْ
ث ِكت َابًا سنَ ْال َحدٌِ ِ{َّللاُ ن ََّز َل أَحْ َ
ؾ به جمٌع الكتاب فً لوله تعالى َّ : ص َ فٌه ؼٌر التشابه الذي ُو ِ
ُّمتَشَابِ ًها}[الزمر .]ٕٖ :وهللا أعلم.
(ٔ) انظر صحٌح البخارى ،كتاب فضابل المرآن ،باب أنزل المرآن على سبعة أحرؾ
(ٕ) انظر :صحٌح مسلم ،كتاب صبلة المسفرٌن ،باب بٌان أن المرآن أنزل على سبعة أحرؾ
(ٖ) مستنمع ماء كالؽدٌر ،كان بموضع بالمدٌنة نزل عنده بنو ؼفار فنسب إلٌهم
(ٗ) انظر صحٌح مسلم ،كتاب صبلة المسافرٌن ،باب بٌان أن المرآن على سبعة أحرؾ
الثانى :المشهور :وهو ما صح سنده بؤن رواه العدل الضابط عن مثله ،وهكذا ووافك العربٌة ولو
بوجه ،ووافك رسم المصحؾ العثمانى ،واشتهر عند المراء فلم ٌعدوه من الؽلط وال من الشذوذ،
إال أنه لم ٌبلػ درجة المتواتر .ومثاله ما اختلفت الطرق فى نمله عن السبعة ،فرواه بعض الرواة
عنهم دون بعض ،ولد ذكر كثٌرا ً من هذا النوع الدانى فى التٌسٌر والشاطبى فى الشاطبٌة،
وؼٌرهما .وهذان النوعان ،هما اللذان ٌمرأ بهما ،مع وجوب اعتمادهما وال ٌجوز إنكار شا
منهما.
الثالث :ما صح سنده ،وخالؾ الرسم أو العربٌة ،أو لم ٌشتهر االشتهار المذكور ،وهذا النوع ال
ٌمرأ به وال ٌجب اعتماده ،ومثاله لراءة ( متكبٌن على رفارؾ خضر وعبالرى حسان ) ولراءة
(لمد جاءكم رسول من أنفَ ِسكم) بفتح الفاء.
سمٌفع (فالٌوم ننحٌن ببدنن) بالحاء المهملة الرابع :الشاذ ،وهو ما لم ٌصح سنده ،لراءة ابن ال َّ
(لتكون لمن َخلَفن آٌة) بفتح البلم من كلمة ( َخلَفن).
الخامس :الموضوع ،وهو ما نسب إلى لابله من ؼٌر أصل ،مثل المراءات التى جمعها دمحم بن
جعفر الخزاعى ،ونسبها إلى أبى حنٌفة.
السادس :ما ٌشبه المدرج من أنواع الحدٌث ،وهو ما زٌد فى المراءات على وجه التفسٌر،
كمراءة سعد بن أبى ولاص (وله أخ أو أخت من أم) بزٌادة لفظ ( من أم).
لال ابن الجزرى" :وربما كانوا ٌدخلون التفسٌر فى المراءات إٌضاحا ً وبٌانا ً ،ألنهم محممون لما
تلموه عن النبى -ملسو هيلع هللا ىلص -لرآناً ،فهم آمنون من االلتباس ،وربما كان بعضهم ٌكتبه معه"(ٔ) .
ومن خبلل هذا النمل خلصنا إلى أن النوعٌن األولٌن هما اللذان ٌمرأ بهما وأما ؼٌرهما،
فبل .والنوع األول ،وهو المتواتر ممطوع بمرآنٌته ببل نزاع .وأما النوع الثانى وهو المشهور
الذى اتفمت فٌه الضوابط الثبلثة المذكورة ،وهى صحة السند ،وموافمة اللؽة العربٌة ولو بوجه،
وموافمة الرسم العثمانى ولو احتماالً ،ألول:
هذا النوع لم ٌوافك علٌه بعض العلماء ،بل اشترطوا التواتر دون صحة السند -أى لم ٌكتفوا
بصحة السند -جاء فى اإلتمان تعلٌما ً على ذلن.
وهذا مما ال ٌخفى ما فٌه ،فإن التواتر إذا ثبت ،ال ٌحتاج فٌه إلى الركنٌن األخٌرٌن من العربٌة
والرسم ،إذ ما ثبت من أحرؾ الخبلؾ متواترا ً عن النبى -ملسو هيلع هللا ىلص -وجب لبوله والمطع بكونه لرآنا ً
سواء وافك الرسم أو ال .ا.هـ (ٕ)
ومن ثم لال بعض العلماء تعلٌما ً على هذا الرأى فى محاولة لتمرٌب وجهة النظر حول
لبول هذه المراءة ،أو عدم لبولها ،لال :إن هذا المسم ٌ -عنى الذى استجمع األركان الثبلثة
المذكورة ٌ -تنوع إلى نوعٌن:
األول :ضرب أو نوع ،استفاض نمله وتلمته األمة بالمبول ،وهو ٌلحك بالمتواتر من حٌث لبوله
والعمل بممتضاه ،ألنه وإن كان من لبٌل اآلحاد إال أنه احتفت به لرابن جعلته ٌفٌد العلم ال
الظن.
(ٔ ) أعنى طرٌمة واحدة تجمع المراءات الواردة فى الكلمة مثل لوله تعالى { :مـــلن ٌوم الدٌن } فإن كلمة {
مـــلن } كتبت بهذه الطرٌمة لتشمل لراءتى { مالن } و { ملن } وهكذا كلمة { فـتــبــٌــنـوا } الحجراتٓ ٙ :
حٌث كتبت هكذا لتشمل لراءتى { فتثبتوا } و { فتبٌنوا } حٌث كان الرسم خالٌا من النمط والشكلٓـ
(ٕ) انظر :المرطبى ٔ ، ٗ2 /كتاب المعجزة الكبرى ص ٘ٓ – ٗ1بتصرؾٓ
(ٖ) انظر :مناهل العرفان ٔ ٔٗ1 ، ٔٗ2 /
األمة الدمحمٌة بسبب إسنادها كتاب ربها ،واتصال هذا السند بالسند اإللهى ،فكان ذلن تخصٌصا ً
بالفضل لهذه األمة (ٔ).
-2فى تعدد المراءات تعظٌم ألجر األمة فى حفظها والعناٌة بجمعها ونملها بؤمانة إلى ؼٌرهم،
ونملها بضبطها مع كمال العناٌة بهذا الضبط إلى الحد الذى حاز اإلعجاب(ٕ).
التعرٌف بالمراء األربعة عشر ورواتهم
أوالً :المراء العشرة ورواتهم:
المراء جمع لارئ ،اسم فاعل من لرأ ،والمراد به فى اصطبلح أهل الفن :اإلمام الذى
تنسب إلٌه لراءة(ٖ) ،والمراد بمولنا العشرة :المراء الذٌن تنسب إلٌهم المراءات العشر التى
وصفها العلماء بؤنها متواترة جمٌعها ،وتشمل المراءات السبع وتواترها مجمع علٌه ثم الثبلث
تتمة العشر ،ولد حمك العلماء كونها متواترة كما ذكر فى ثناٌا هذا البحث فى ؼٌر ما موضع.
والمراء السبعة هم:
(ٗ)
ٔ -ابن عامر
واسمه عبدهللا بن عامر بن ٌزٌد بن تمٌم بن ربٌعة بن عامر بن عبدهللا الٌحصبى .ولد
سنة إحدى وعشرٌن من الهجرة ولٌل سنة ثمان وعشرٌن منها وتوفى سنة ثمان عشرة ومابة
من الهجرة النبوٌة المباركة ،وهو تابعى جلٌل لمى واثلة بن األسمع والنعمان بن بشٌر ولد أخذ
عن المؽٌرة بن أبى شهاب المخزومى عن عثمان بن عفان عن رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص .
ولٌل :إنه لرأ على عثمان -رضى هللا عنه -مباشرة ببل واسطة ،ولد أخذ عنه أهل الشام لراءته
واشتهر برواٌة لراءته:
(٘)
أ -هشام وهو أبو الولٌد بن عمار بن نصٌر السلٌمى الدمشمى .ت [ ٕ٘ٗ هـ]
ب -ابن ذكوان وهو أبو دمحم عبدهللا بن أحمد بن بشٌر بن ذكوان المرشى الدمشمى ت [ ٕٕٗ هـ]
( ،)ٙورواٌة هذٌن لمراءة ابن عامر هى بالواسطة.
ولد لال صاحب الشاطبٌة فى ابن عامر وراوٌٌه:
محلبل طابت بعبدهللا فتلن وأما دمشك الشام دار ابن عامر
تنمبل عنه باإلسناد لذكوان هشام وعبدهللا وهو انتسابه
()2
ٕ -ابن كثٌر
(ٔ) انظر :جواهر البٌن فى علوم المرآن د ٓ دمحم العسال ص ٗٓ 5
(ٕ) انظر :دراسات فى علوم المرآن د ٓ دمحم بكر إسماعٌل
(ٖ) المارئ المبتدئ من أفرد إلى ثبلث رواٌات ،والمتوسط إلى أربع أو خمس ،والمنتهى من عرؾ من
المراءات أكثرها واشهرها.
(ٗ) ترجمته فى ؼاٌة النهاٌة ٗٓٗ/ٔ -البن الجوزى ،معرفة المراء الكبار للذهبى ، 1ٕ/ٔ -البحث
واالستمراء فى تراجم المراء -صٖٓ ،و أنظر أٌضاً :مناهل العرفان ، ٗ٘ٙ/ٔ-ولد أخطؤ صاحب إعراب
المرآن الكرٌم وبٌانه ٖ ٕٖٗ/فترجم له على أنه الصحابى الجلٌل عمبة بن عامر.
(٘) ؼاٌة النهاٌة ، ٖ٘٘/ٕ -معرفة المراء .ٔ5٘/ٔ -
()ٙؼاٌة النهاٌة ، ٗٓٗ/ٔ -معرفة المراء .ٔ51/ٔ -
( )2ترجمته فى ؼاٌة النهاٌة ٕ ، ٖٖٓ/ومعرفة المراء ٔ ، 1ٙ/البحث باالستمراء -ص٘ٔ ،وأنظر :مناهل
العرفان ٔ.ٗ٘2/
هو أبو دمحم أو أبو معبد عبدهللا بن كثٌر الدارى ،ولد بمكة سنة خمس وأربعٌن للهجرة،
وتوفى سنة عشرٌن ومابة .تابعى جلٌل وإمام فى المراءة ،لمى من الصحابة عبدهللا بن الزبٌر
وأبا أٌوب األنصارى ،وأنس بن مالن .ولد كان رحمه هللا إمام الناس بمكة لم ٌنازع فى ذلن،
ولذلن روى عنه الخلٌل بن أحمد ونمل عنه.
روى ابن كثٌر عن مجاهد عن ابن عباس عن أبى بن كعب عن رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص ،-ولرأ على
عبدهللا بن السابب المخزومى ،ولرأ عبدهللا هذا على أبى ابن كعب ،وعمر بن الخطاب ،ولرأ
كبلهما على رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص ،-ولد اشتهر بالرواٌة عنه بواسطة أصحابه:
(ٔ)
البــزى :وهو أبو الحسن أحمد بن دمحم بن عبدهللا بن الماسم ابن أبى بزة ِّ أ-
(ٕ)
ب -ولنبل :وهو دمحم بن عبدالرحمن بن خالد المخزومى المكى ت [ ٔ ٕ5هـ] ،ولد لمب بمنبل
لشدته ،فالمنبل هو الؽبلم الحا ُّد الرأس الخفٌؾ الروح.
ولد لال صاحب الشاطبٌة فٌه وفى راوٌٌه:
هو ابن كثٌر كاثر الموم ُمعتبل ممامه فٌها عبدهللا ومكة
على سند وهو الملمب لنببل البزى له ودمحم ِّ روى أحمد
(ٖ)
ٖ -عاصم
هو عاصم بن أبى النجود األسدى ،توفى سنة سبع وعشرٌن ومابة ،كان لاربا ً متمناً ،آٌة
فى التحرٌر واإلتمان والفصاحة.
لال عبدهللا بن أحمد :سؤلت أبى عن عاصم فمال :رجل صالح خٌر ثمة ،فسؤلته :أى
المراء أحب إلٌن؟ لال :لراءة أهل المدٌنة ،فإن لم تكن فمراءة عاصم.
ولد أخذ عاصم لراءته عن ثبلثة من الصحابة هم على بن أبى طالب ،وعبدهللا بن
ى معلم الحسن مسعود ،وأبى ٌن كعب .فمرأ عاصم على أبى عبدالرحمن عبدهللا بن حبٌب السلم ّ
والحسٌن وأبو عبدالرحمن لرأ على على بن أبى طالب عن النبى -ملسو هيلع هللا ىلص .
ولرأ كذلن على أبى عبدالرحمن السلمى وزر بن حبٌش األسدى على على أٌضاً .ولرأ
علٌهما ومعهما أبو عمرو الشٌبانى ثبلثتهم على عبدهللا بن مسعود.
ى وراوٌاه هما: عبدالرحمن السلم ّ ولرأ لراءة أبى بن كعب بطرٌك واحد هو طرٌك أبى
(ٗ)
أ -شعبة :وهو أبو بكر بن عٌاش األسدى .ت سنة [ ٖ ٔ5هـ]
ب -حفص :وهو أبو عمرو حفص بن سلٌمان بن المؽٌرة البزار ،كان ربٌب عاصم تربى فى
(٘)
حجره ،وتعلم منه ،لذا كان أدق إتمانا ً من شعبة .ت [ٓٔ1هـ]
ولد لال صاحب الشاطبٌة فى عاصم وراوٌٌه:
أذاعوا فمد ضاعت شذى ولرنفبل ثبلثة منهم الؽراء وبالكوفة
فشعبة راوٌه المبرز أفضبل فؤما أبو بكر وعاصم اسمه
(ٔ) ترجمته فى ؼاٌة النهاٌة ، ٕ11/ٔ-معرفة المراء ، ٔٓٓ/ٔ -وأنظر :مناهل العرفان .ٗ٘5/ٔ -
(ٕ) تهذٌب التهذٌب البن حجر العسمبلنى .ٔ21/ٕ -
(ٖ)ؼاٌة النهاٌة ، ٕ٘٘/ٔ -معرفة المراء .ٔ5ٔ/ٔ -
(ٗ)ؼاٌة النهاٌة ، ٖٖٕ/ٔ -معرفة المراء .ٔ5ٖ/ٔ -
(٘) ترجمته فى ؼاٌة النهاٌة ، ٕٙٔ/ٔ -ومعرفة المراء ، ٔٔٔ/ٔ -والبحث واالستمراء -ص.ٗٙ
( )ٙؼاٌة النهاٌة ، ٕ2ٕ/ٔ -ومعرفة المراء ٕٓ1/ٔ -وخلؾ هذا أحد الثبلثة تتمة العشرة.
(ٔ)
ٕ -خبلد :وهو أبو عٌسى خبلد بن خالد األحول الصٌرفى .ت [ٕٕٓ]
لال صاحب الشاطبٌة:
مرتبل للمرآن ً صبورا ً إماما وحمزة ما أزكاه من متورع
ومحصبل ً متمنا سلٌم رواه روى خلؾ عنه وخبلد الذى
(ٕ)
-ٙنافــع
هو أبو ُر َوٌْم نافع بن عبدالرحمن بن أبى نعٌم المدنى .ولد سنة سبعٌن من الهجرة،
وتوفى سنة تسع وستٌن ومابة.
لٌل :إنه كان إذا لرأ المرآن كانت تشم منه رابحة المسن ،ولد أخذ المراءة عن أبى جعفر المارئ
وعن سبعٌن من التابعٌن عن عبدهللا بن عباس وأبى هرٌرة عن أبى بن كعب عن رسول هللا -
ملسو هيلع هللا ىلص -ولد انتهت إلٌه رٌاسة اإللراء بالمدٌنة المنورة.
لال سعٌد بن منصور :سمعت مالن بن أنس -رضى هللا عنه ٌ -مول :لراءة أهل المدٌنة سنة،
لٌل لهٌ :عنى لراءة نافع ؟ لال :نعم .وأما راوٌاه فهما:
أ -لالون :وهو أبو موسى عٌسى بن مٌناء بن وردان النحوى .ت [ٕٕٓ] ،ولالون هذا لمبه
(ٖ)
ومعناه بالرومٌة الجٌد ولمب به لجودة لراءته
ب -ورش :وهو عثمان بن سعٌد المصرى ،وورش هذا لمبه ومعناه شدٌد البٌاض ،رحل إلى
(ٗ)
المدٌنة فمرأ على نافع ثم عاد إلى مصر .ت []ٔ52
لال صاحب الشاطبٌة:
فذان الذى اختار المدٌنة منزال فؤما الكرٌم السر فى الطٌب نافع
تؤ َّ
شبل الرفٌع المجد بصحبته ولالون عٌسى ثم عثمان ورشهم
(٘)
-2الكسـابى
هو على بن حمزة بن عبدهللا بن بهمن بن فٌروز األسدى النحوى ،توفى سنة تسع
وثمانٌن ومابة ،ولد لمب بالكسابى ألنه كان محرما ً فى كساء ،ولٌل :ألنه كان ٌلبس كساء له
طابع خاص ممٌز ،وكان ٌجلس فى مجلس حمزة ،وكان حمزة ٌمول :اعرضوا على صاحب
الكساء أى اعرضوا علٌه الرأى .لال األهوازى :وهذا المول أشبه بالصواب (.)ٙ
لال عنه أبو بكر األنبارى :اجتمعت فى الكسابى أمور ،كان أعلم الناس بالنحو وأوحدهم
بالؽرٌب ،وكان أوحد الناس بالمرآن ،فكانوا ٌكثرون علٌه ،حتى ٌضطر أن ٌجلس على الكرسى
وٌتلو المرآن من أوله إلى آخره ،وهم ٌسمعون منه وٌضبطون عنه (.)2
أخذ عن أربعة من الصحابة لراءته وهم:
وإلى هنا نكون لد انتهٌنا من الترجمة الموجزة للمراء السبعة المجمع على تواتر لراءتهم ،ولد
عرفنا بإٌجاز كذلن براوٌى كل واحد منهم ،ثم ننتمل بعد ذلن إلى التعرٌؾ بالثبلثة تتمة العشرة
الذٌن حمك العلماء تواتر لراءتهم كذلن ،ونعرؾ موجزٌن برواتهم أٌضا ً
(ٕ)
-1أبو جعفر
هوٌ :زٌد بن المعماع أبو جعفر المخزومى المدنى المارئ ت [ٖٓٔ هـ] تابعى جلٌل المدر ،تام
الضبط ،رفٌع المنزلة أخذ لراءته عن عبدهللا ابن عباس وأبى هرٌرة عن أبى بن كعب عن
رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص .
وراوٌاه همـا:
أ -ابن وردان :وهو أبو موسى عٌسى بن وردان الخداء المدنى ،من أصحاب نافع فى المراءة
على أبى جعفر وكان ممربا ً ضابطا ً ثمة ت [ٓٔٙهـ]
ب -ابن جماز )ٖ( :وهو أبو الربٌع سلٌمان بن مسلم بن جماز ت [ ٓ ٔ2هـ]
(ٗ)
ٌ -5عمـــــوب
هو ٌعموب بن إسحاق بن زٌد بن عبدهللا بن إسحاق أبو دمحم الحضرمى ،أحد المراء
العشرة وإمام أهل البصرة ،انتهت إلٌه رٌاسة المراءة بعد أبى عمر الدانى توفى سنة خمس
ومابتٌن.
لرأ على أبى المنذر سبلم بن سلٌمان الطوٌل ولرأ سبلم هذا على عاصم وعلى أبى عمرو.
وراوٌاه هما:
أ -روح )٘( :وهو أبو الحسن روح بن عبدالمإمن بن عبدة الهذلى النحوى ت [ٖٕٗ]
ب -روٌس )ٙ( :وهو أبو عبدهللا دمحم بن المتوكل اللإلإى البصرى ت []ٕٖ1
(ٔ)
ٓٔ -خلؾ
(ٔ) لال الدمٌاطى :أخذنا عن شٌوخنا أن األربعة -بعد العشرة -وهم ابن محٌصن والٌزٌدى والحسن واألعمش
لراءتهم شاذة اتفالاً .أنظر :اإلتحاؾ -ص.5
(ٕ) التحبٌر للسٌوطى :ص.ٙ5
(ٖ) أنظر :أضواء البٌان ، 2/ٔ :معترن األلران .ٕٔ1 ، ٕٔ2/ٔ -
تاسعا -:اإلسرائٌلٌات
هً المصص واألخبار الٌهودٌة والنصرانٌة التً تسربت إلى المجتمع اإلسبلمً عن
طرٌك من أسلم من أهل الكتاب حمٌمة أو تظاهر بالدخول فً اإلسبلم وسمٌت باإلسرابٌلٌات
لتؽلٌب اللون الٌهودي فٌها حٌث إن أكثرها جاء عن الٌهود ولتخالطهم بالمسلمٌن فً المجتمع
المدنً أكثر من النصارى وألن النصارى ٌُعتبروا تبعا ً للٌهود ،لذلن سمٌت باإلسرابٌلٌات .
ولد بدأ الٌهود بالدس منذ األٌام األولى لدخول اإلسبلم فً المدٌنة المنورة فؤدخلوا
ثمافتهم وثمافات أخرى وظهر أثر هذه الثمافات فً العملٌة المسلمة مع بماء الرواٌات اإلسرابٌلٌة
هً الظاهرة وخاصة فٌما ٌتعلك بتفسٌر المرآن الكرٌم .
وكانت الثمافة الٌهودٌة تتمثل فً التوراة وبما تحوٌه من األسفار الموسوٌة وتسمى
بالعهد المدٌم وهذه ُحرفت وت ّم فٌها التؽٌٌر والتبدٌل والمرآن الكرٌم ٌشهد بذلن لال تعالى { :
اض ِع ِه}[المابدة.]ٖٔ: ع ْن َم َو ِ ٌُ َح ِ ّرفُونَ ْال َك ِل َم َ
وكان للٌهود بجانب التوراة سنن ونصابح وشروح لم تإخذ عن موسى – علٌه السبلم –
بطرٌك الكتابة وإنما أُخذت بطرٌك المشافهة إال أنها ُحرفت بالزٌادة علٌها والنمص منها ،مثلها
مثل التوراة فً ذلـن ،لال تعالى { :فَ َو ٌْ ٌل ِللَّذٌِنَ ٌَ ْكتُبُونَ ْال ِكت َ
َاب بِؤ َ ٌْدٌِ ِه ْم ث ُ َّم ٌَمُولُونَ َه َذا ِم ْن ِع ْن ِد َّ
َّللاِ
ت أ َ ٌْدٌِ ِه ْم َو َو ٌْ ٌل لَ ُه ْم ِم َّما ٌَ ْك ِسبُونَ }[البمرة ،]25:ثم دونت مع ِلٌَ ْشت َُروا ِب ِه ث َ َمنا ً لَ ِلٌبلً فَ َو ٌْ ٌل لَ ُه ْم ِم َّما َكتَبَ ْ
الزمن وعرفت بالتلمود ،وكان ٌوجد بجانب ذلن الكثٌر من األدب والمصص والتارٌخ والتشرٌع
واألساطٌر الٌهودٌة .
أما النصارى فتتمثل ثمافتهم فً األناجٌل المعتبرة عندهم ورسابل الرسل وتسمى جمٌعا ً
بالعهد الجدٌد ،أما الكتاب الممدس فهو ٌعنً عندهم التوراة واإلنجٌل وٌسمى بالعهد المدٌم
والعهد الجدٌد .
أسباب دخول اإلسرابٌلٌات فً المجتمع اإلسبلمً :
مرت فً ٔ -لمد تناول المرآن الكرٌم العدٌد من لصص األنبٌاء واألمم السابمة والحوادث التً ّ
األزمنة الؽابرة بصورة من اإلٌجاز مع التركٌز على جانب الموعظة والعبرة من ذلن
المصص دون أن ٌذكر التفاصٌل ودلابك المصة ،والنفس البشرٌة تمٌل دابما ً إلى معرفة
التفاصٌل ودلابـك تتعلـك بالمصص المرآنً ،لذلن عندما سؤلوا أهل
الكتاب فؤجابوهم بما هو موجود فً التوراة واإلنجٌل .
ٕ -إسبلم العدٌد من أهل الكتاب ودخول فً الدٌن اإلسبلمً ساهم مساهمة حمٌمٌة فً إدخال
الكثٌر من الرواٌات اإلسرابٌلٌة إلى المجتمع اإلسبلمً وخاصة أنه أمر بالحدٌث عنهم
فمال " :بلؽوا عنً ولو آٌة وحدثوا عن بنً إسرابٌل وال حرج" أي حدثوا عنهم بما ٌتفك
وحدود الشرٌعة اإلسبلمٌة وضمن الشروط الواجبة فً األخذ عن أهل الكتاب .
ومرت فترة على المجتمع اإلسبلمً دخل فٌها كثٌر من المروٌات اإلسرابٌلٌة دون التمٌد
بالمٌود التً وضعها اإلسبلم فتسرب الضعٌؾ والمكذوب والمخالؾ لشرعنا اإلسبلمً وؼٌره
وخاصة فً أواخر عهد التابعٌن .
حكم اإلسرابٌلٌات :
ٌؤخذ ما ورد عن أهل الكتاب من إسرابٌلٌات حكما ً من األحكام الثبلثة اآلتٌة -:
ٔ -إن كانت الرواٌة عن أهل الكتاب مصدلة لما عندنا فنصدلها ونؤخذها لبلستبناس ال
لبلستدالل ونعتبرها من الثمافة اإلسبلمٌة .
ٕ -وإن كانت الرواٌة اإلسرابٌلٌة تُكذب ما عندنا فنكذبها ونضرب بها عرض الحابط ألنها
مخالفة لما جاء فً شرٌعتنا اإلسبلمٌة .
ٖ -أما إذا كانت الرواٌة اإلسرابٌلٌة ال توافك وال تعارض ما عندنا فنتولؾ حٌنبـ ٍذ فبل نصدلهـا
وال نكذبهـا خوفا ً من أن نصدق بكذب وباطل وال نكذبها خوفا ً من أن نكذب بصـدق وحك
عمبلً بمول الرسول-ملسو هيلع هللا ىلص" :-ال تصدلـوا أهـل الكتـاب وال تكذبوهـم ولولـوا آمنا باهلل وما
أنزل إلٌنا" (ٔ) .
عاشرا :تفسٌر المرآن وشرفه
التفسٌر كشؾ معانً المرآن وبٌان المراد منه وهو أجل العلوم الشرعٌة وأشرؾ صناعة
ٌتعاطاها اإلنسان وأرفعها لدرا وهو أشرؾ العلوم موضوعا وؼرضا وحاجة إلٌه ألن موضوعه
كبلم هللا الذي هو ٌنبوع كل حكمة ومعدن كل فضٌلة ،وألن الؽرض منه هو االعتصام بالعروة
الوثمى والوصول إلى السعادة الحمٌمٌة وإنما اشتدت الحاجة إلٌه ألن كل كمال دٌنً أو دنٌوي ال
بد وأن ٌكون موافما للشرع وموافمته تتولؾ على العلم بكتاب هللا تعالى وٌجب أن ٌعلم أن النبً
اس َما نُ ِ ّز َل إِلٌَ ِْه ْم} بٌن لؤلمة معانً المرآن كما بٌن ألفاظه كما لال تعالىِ { :لتُبٌَِّنَ ِل لنه ِ
[النحل ]ٗٗ :وكانوا إذا تعلموا عشر آٌات من النبً لم ٌتجاوزوها حتى ٌعلموا ما فٌها من
العلم والعمل لالوا :فتعلمنا المرآن والعلم والعمل جمٌعا.
والعادة تمنع من أن ٌمرأ لوم كتابا فً فن من الفنون كالطب والحساب وال ٌعرفون
معناه ،فكٌؾ بكبلم هللا الذي هو عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم ولٌام دٌنهم ودنٌاهم ،وعن سعٌد
بن جبٌرن لال" :من لرأ المرآن ثم لم ٌفسره كان كاألعمى أو األعرابً"(ٕ) ،وحاجة المسلم ماسة
إلى فهم المرآن الذي هو حبل هللا المتٌن والذكر الحكٌم والصراط المستمٌم.
(ٖ)
ومن المعلوم أن كل كبلم فالممصود منه فهم معانٌه دون مجرد ألفاظه ،فالمرآن أولى بذلن .
ولال المرطبًٌ ":نبؽً له أن ٌتعلم أحكام المرآن فٌفهم عن هللا مراده وما فرض علٌه
فٌنتفع بما ٌمرأ وٌعمل بما ٌتلو ،فما ألبح بحامل المرآن أن ٌتلو فرابضه وأحكامه وهو ال ٌفهم
معنى ما ٌتلوه ،فكٌؾ ٌعمل بما ال ٌفهم معناه ،ما ألبح أن ٌسؤل عن فمه ما ٌتلوه وهو ال ٌدرٌه،
فما مثل من هذه حالته إال كمثل الحمار ٌحمل أسفارا " ( )3ولد ذم هللا من هذه حاله بموله:
ظنُّونَ } [البمرة.]21 : اب إِال أ َ َمانِ ه
ً َو إِ ْن ُه ْم إِال ٌَ ُ { َو ِم ْن ُه ْم أ ُ ِ ّم ٌُّونَ ال ٌَ ْع لَ ُمونَ ا ْل ِكت َ َ
وألرب التفاسٌر تناوال :تفسٌر الجبللٌن ،حٌث ٌذكر معنى الكلمة وأسباب النزول
والمراءات باختصار ،إال أنه لد ٌخطا فً تفسٌر صفات هللا تعالى مثل المجًء والنزول
وؼٌرهما حٌث ٌفسرها على طرٌمة األشاعرة ،ومن أراد التوسع والتحمٌك فعلٌه بتفسٌر اإلمام
(ٔ) فإنه تفسٌر سلفً عصري واضح جلً ٌعنً بالمعانً واألحكام.
(ٕ)ممدمة فً أصول التفسٌر.5ٖ :
(ٖ) البرهان.ٔ٘ٙ :
لال ابن تٌمٌة " :إذا لم تجد التفسٌر فً المرآن وال فً السنة ،رجعت فً ذلن إلى ألوال
الصحابة فإنهم أدرى بذلن لما شاهدوه من المرابن واألحوال التً اختصوا بها و ِل َما هم علٌه من
الفهم التام والعلم الصحٌح وال سٌما علماإهم وكبراإهم وكاألبمة األربعة والخلفـاء الراشدٌن
واألبمة المهدٌٌن ،وعبد هللا بن مسعود الذي لال :والذي ال إله ؼٌره ما نزلت آٌة من كتاب هللا
إال وأنا أعلم أٌن نزلت ،وفٌم نزلت ،وكان الرجل منهم إذا تعلّم عشر آٌات ،لم ٌجاوزهن حتى
ٌعرؾ معانٌهن والعمل بهن ،وهذا حبر األمة عبد هللا بن عباس ،ترجمان المرآن ببركة دعاء
رسول هللا-ملسو هيلع هللا ىلص -اللهم فمهه فً الدٌن وعلَّمه التؤوٌل"(ٔ) .
لال الزركشً ":الثانً :األخذ بمول الصحابً؛ فإن تفسٌره عندهم بمنزلة المرفوع إلى
النبً ملسو هيلع هللا ىلص ،كما لاله الحاكم فً تفسٌره ...إلى أن لال :وفً الرجوع إلى ألوال التابعٌن رواٌتان
عن أحمد ،واختار ابن عمٌل المنع ،وحكوه عن شعبة ،لكن عمل المفسرٌن على خبلفه ،ولد
حكوا فً كتبهم ألوالهم ...وؼالب ألوالهم تلموها من الصحابة ،ولعل اختبلؾ الرواٌة عن أحمد
إنما هو فٌما كان من ألوالهم وآرابهم"(ٕ).
-3األخذ بمطلك اللغة :
ٌن}[الشعراء ،[ٔ5٘ :فٌجب أن ٌُفسر اللفظ بحسب ما ً ٍ ُمبِ ٍ
ع َربِ ّ
ان َ
س ٍإن المرآن نزل { ِب ِل َ
تدل علٌه اللؽة العربٌة واستعماالتها وما ٌوافك لواعدها وٌناسب ببلؼة المرآن المعجز ،هذا مع
أن األلفاظ منها ما جاء على سبٌل المجاز ومنها ما هو مشترن ٌدل على أكثر من معنى ،
وٌنبؽً أن ٌعلم أن األصل حمل الكبلم على الحمٌمة ،وال ٌعدل عنها إلى المجاز إال بمرٌنة (تدل
داللة معتبرة على المعنى) ،ومما ٌعٌن المفسر للمرآن على حسن الفهم أن ٌتتبع الكلمة المرآنٌة
معان
ٍ فً مواردها المختلفة فً المرآن حتى ٌتبٌن له حمٌمة معناها مثل كلمة (عٌن) لها عدة
حسب مولعها فً الجملة ،تؤتً بمعنى عٌن الماء – والجاسوس – والعٌن المبصرة ،فكل
مفردة فً المرآن تإدي معنى تام حسب السٌاق الذي وضعت فٌه .
-5مراعاة السٌاق :
ومن الضوابط الهامة فً حسن فهم المرآن وصحة تفسٌره مراعاة سٌاق اآلٌة فً
مولعها من السورة وسٌاق الجملة فً مولعها من اآلٌة ،فٌجب أن تُربط اآلٌـة بالسٌاق الذي
وردت فٌـه وال تُمطـع عمـا لبلها وما بعدها .
معان مختلفة وإنما ٌتحدد المعنى المراد منها فًٍ فالكلمة الواحدة لد ترد فً المرآن لعدة
ً
كل مولع بالسٌاق ،والممصود بالسٌاق ما لبل الكلمة وما بعدها فمثبل :كلمة الكتاب تؤتً بمعنى
المرآن ،وتؤتً بمعنى النص المرآنً ،وتؤتً بمعنى اللوح المحفوظ .
وكذلن معنى كلمة (آٌة) تؤتً بمعنى العبلمة أو اآلٌة المنزلة أو المعجزة واآلٌة الدالة
على صدق رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص ، -والسٌاق هو الذي ٌحدد المعنى المراد من كلمة آٌة .
-6االهتمام بعلوم المرآن إجماال ً وخاصة سبب النزول :
من المعالم المهمة فً فهم المرآن وتفسٌره مبلحظة أسباب النزول فمن الممرر لدى
العلماء أن المرآن نزل على لسمٌن :لسم نزل ابتداء بدون سبب خاص ،وإنما لتوضٌح معنى
(ٔ) انظر هـذا الموضوع بالتفصٌـل فـً كتاب :كٌؾ نتعامل مع المرآن الكرٌم – أ.دٌ .وسؾ المرضاوي من
ص ٕٓ٘. ٖٓٓ-
(ٕ) لسان العرب البن منظور – ح. ٕٖٙ/2
(ٖ) فكرة اإلعجاز – نعٌم الحمصً – ص . 5
(ٗ) إعجاز المرآن للرافعً – ص . ٖٔ5
(٘) مباحث فً إعجاز المرآن الكرٌم– ص٘ ٔٙبتصرؾ،أ .د .مصطفى مسلم ص ٗ٘ٔ.
( )ٙموجز فً إعجاز المرآن – المرجع السابك ص ٗ٘ٔ .
وٌمثل اإلعجاز البٌانً فً حروؾ المرآن وأصواتها ،والكلمات ومخارجها (ٔ) ٌ ،مول
ابن عطٌة " :وكتاب هللا تعالى لو نزعت منه لفظة فً أدٌر لسان العرب على لفظة ؼٌرها لم
ٌوجد" (ٕ) .
وكذلن ٌمثل اإلعجاز البٌانً فً طرٌمة التعبٌر التً انفرد بها المرآن الكرٌم ،وأٌضا ً
ٌتمثل فً وجود الفاصلة المرآنٌة التً تعنً مناسبة ختم اآلٌة لما سبك (ٖ) .
ونزل المرآن الكرٌم على العرب وكانوا أصحاب وأرباب الببلؼة والبٌـان وذلـن ألنهم
تمٌزوا بسبلمة السلٌمة وسرعة البدٌهة ،فعندما تحداهـم المـرآن على أن ٌؤتوا بمثله لم ٌستطٌعوا
وولفوا عاجزٌن حابرٌن ال ٌستطٌعون ذلـن على الرؼم من أن المرآن الكرٌم نزل باللؽة التً
ٌعرفونها وٌتكلمون بها ،لذا نجد أن المرآن تحداهم أن ٌؤتوا بمثل المرآن ٌ ،مول تعالى {فَ ْلٌَؤْتُوا
صا ِدلٌِنَ }[ الطور . ]ٖٗ : ث ِمثْ ِل ِه إِ ْن َكانُوا َ ِب َح ِدٌ ٍ
ثم تحداهم أن ٌؤتوا بعشر سور فمال تعالى { :أ َ ْم ٌَمُولُونَ ا ْفت ََراهُ لُ ْل فَؤْتُوا ِبعَ ْش ِر ُ
س َو ٍر ِمثْ ِل ِه
صا ِدلٌِنَ }[ هود . ]ٔٗ-ٖٔ : َّللاِ ِإ ْن ُك ْنت ُ ْم َ ط ْعت ُ ْم ِم ْن د ِ
ُون َّ عوا َم ِن ا ْست َ َ ت َوا ْد ُ ُم ْفت ََرٌَا ٍ
فلما عجزوا تحداهم أن ٌؤتوا بسورة واحدة لال تعالى { :أ َ ْم ٌَمُولُونَ ا ْفت ََراهُ لُ ْل فَؤْتُوا
صا ِدلٌِنَ }[ ٌونس .] ٖ1 : َّللاِ ِإ ْن ُك ْنت ُ ْم َ
ُون َّ عوا َم ِن ا ْست َ َ
ط ْعت ُ ْم ِم ْن د ِ ورةٍ ِمثْ ِل ِه َوا ْد ُ س َ بِ ُ
{وإِ ْن ُك ْنت ُ ْم فًِ
سبحانه وتعالى َ : ثم أخٌـرا ً تحداهـم أن ٌؤتوا بسورة تشبه المرآن فمال
ورةٍ ِ ّم ْن ِمثْ ِل ِه}[ البمرة . ] ٕٗ-ٕٖ : ع ْب ِدنَا فَؤْتُوا بِ ُ ب ِم َّما ن ََّز ْلنَا َ
(ٗ)
س َ علَى َ َر ٌْ ٍ
ب -اإلعجاز التشرٌعً :
سن ،ولد سمً ما شرع هللا لعباده شرٌعة كالصبلة شرع :بمعنى َّ -التشرٌع لؽة :مصدر ّ
(٘)
والصوم والزكاة والحج وؼٌر ذلن .
-التشرٌع اصطبلحا ً :هو شـرعة هللا لعباده من أحكام اعتمادٌة أو عملٌة أو ُخلمٌة (. )ٙ
-اإلعجاز التشرٌعً :هو سمو التشرٌعات المرآنٌة وشمولها وكمالها إلى الحد الذي تعجـز
عنـه كل الموانٌن البشرٌة مهما بلؽت على أن تؤتً بمثل تشرٌعات المرآن الكرٌم(.)2
أو هو عجز البشر محاكاة التشرٌع المرآنً ،وإداراكهم كل ما فٌه من أسرار تشرٌعٌة(.)1
ومن نماذج من اإلعجاز التشرٌعً :
ٔ -فً العبادات :الوضوء والتٌمم والؽسل :أمر هللا سبحانه وتعالى المسلمٌن بالوضوء عند
المٌام إلى الصبلة ،وجعل الوضوء شرطا ً للصبلة ،فإذا لم ٌتمكنوا من استعمال الماء فعلٌهم
صبل ِة [}.............المابدة . ]ٙ : بالتٌمم لال تعالى ٌَ { :ا أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َمنُوا ِإ َذا لُ ْمت ُ ْم ِإلَى ال َّ
(ٔ) انظـر هـذه الضوابـط بالتفصٌـل – اإلعجاز العلمً – د .عبد السبلم اللوح – ص ٕ. ٔٙ٘-ٔٙ
(ٕ) انظر روح الدٌن اإلسبلمً – ص ٗ٘ ،وانظر بالتفصٌل أمثلة متنوعة – اإلعجاز العلمً – د .عبد
السبلم اللوح – ص . ٕٖٗ-ٔٙٙ
الفترة ٌحتوي على عناصر ومواد لها دخل كبٌر فً تكوٌن المناعة من األمراض عند الطفل
.
ٖ -إن حلٌب األم ال ٌحتاج إلى تعمٌم وال تعلك به الجراثٌم بٌنما الحلٌب الصناعً فهو عرضة
من خبلل أي إساءة فً استعمال األدوات .
ٗ -لبن األم أسهل فً الهضم على الطفل من اللبن الصناعً حٌث إن اللبن الصناعً ٌحتاج
هضمه من ثبلث إلى أربع ساعات (ٔ) .
هذا باإلضافة لهذه األنواع من اإلعجاز ٌوجد أنواع أخرى منها :اإلعجاز التارٌخً ،
واإلعجاز األخبللً ،واإلعجاز النفسً والروحً ،واإلعجاز التربوي ،واإلعجاز بؤخبار
الؽٌب والمستمبل وؼٌر ذلن (ٕ) .
فٌمكن المول بؤن أوجه إعجاز المرآن هً:
ٔ -النظم البدٌع المخالؾ لكل نظم معهود فً لسان العرب.
ٕ -األسلوب العجٌب المخالؾ لجمٌع األسالٌب العربٌة.
ٖ -الجزالة التً ال ٌمكن لمخلوق أن ٌؤتً بمثلها.
ٗ -التشرٌع الدلٌك الكامل الذي ٌفً بحاجات البشر.
٘ -اإلخبار عن المؽٌبات الماضٌة والمستمبلة ،التً ال تعرؾ إال بالوحً.
-ٙالوفاء بكل ما أخبر عنه المرآن من وعد ووعٌد.
-2عجز المخلولٌن عن أن ٌؤتوا بمثله.
ْ
ظا من الزٌادة والنمصان ومن التبدٌل والتؽٌٌر {إِنَّا نَحْ ُن ن ََّز لنَا ال ِذّ ْك َر َو إِنَّا لَهُ -1كونه محفو ً
ظونَ } [الحجر.]5 : لَ َحافِ ُ
ْ
س ْرنَا المُ ْرآنَ ِل ل ِذّ ْك ِر فَ َه ْل ِم ْن ُم َّد ِك ٍر} [الممر.]ٔ2 : -5تٌسٌره للحفظ { َو لَمَ ْد ٌَ َّ
(ٖ)
ٓٔ -تؤثٌره فً للوب األتباع واألعداء حتى لال لابلهم « ،وهللا إن له لحبلوة وإن علٌه لطبلوة
وإن أسفله لمؽدق وإن أعبله لمثمر وإنه لٌعلو وما ٌعلى علٌه وما تموله بشر».
ٔٔ -كونه ال ٌمله لاربه وال سامعه على كثرة التردٌد بخبلؾ سابر الكبلم(ٗ).
وآخرا هو الذي صٌر العرب رعاة الشاء والؽنم ساسة شعوب ولادة أمم، ً والمرآن أوالً
وهذا وحده إعجاز ،والمرآن الكرٌم هو أساس الدٌن ومصدر التشرٌع وحجة هللا البالؽة فً كل
عصر ومصر ،بلؽه رسول هللا ألمته امتثاالً ألمر ربه واحتوى المرآن على األمر الصرٌح
بوجوب اتباعه والعمل بما تضمنه من األحكام فً ؼٌر موضع وبؽٌر أسلوب {اتَّبِعُوا َما أ ُ ْن ِز َل
ب} [العنكبوت.]ٗ٘ : ً إِلٌَْنَ ِم ْن ِكت َا ِ إِلَ ٌْ ُك ْم ِم ْن َربِّ ُك ْم} [األعراؾ{ ]ٖ :اتْ ُل َما أ ُ ِ
وح َ
كما ولد احتوى المرآن الكرٌم على كثٌر من نواحً الحٌاة المختلفة من ذلن ما ٌؤتً:
(ٔ) تارٌخ التشرٌع والفمه اإلسبلمً للشٌخ مناع خلٌل المطان «(.»)ٙ1 ،ٙ2
(ٕ)أخرجه الترمذي(:)ٕ5ٓٙص٘.،ٕٕ/
(ٖ) نمبل عن :فضابل المرآن ،عبد هللا بن جار هللا بن إبراهٌم آل جار هللا.ٖٕ:
وأصل علوم المرآن ثبلثة :توحٌد وتذكٌر وأحكام ،فالتوحٌد ٌدخل فٌه معرفة المخلولات ومعرفة
الخالك بؤسمابه وصفاته وأفعاله ،والتذكٌر منه الوعد والوعٌد والجنة والنار.
واألحكام منها التكالٌؾ كلها وتبٌٌن المنافع والمضار واألمر والنهً والندب ،ولهذا
كانت الفاتحة أم المرآن ألن فٌها األلسام الثبلثة ،وسورة اإلخبلص ثلثه ألن فٌها أحد األلسام وهو
التوحٌد(ٔ).
ولال ابن جزي فً ممدمة تفسٌره" :معانً المرآن سبعة:
ٔ -علم الربوبٌة ،ومنه إثبات وجود الباري هلالج لج
واالستدالل علٌه بمخلولاته.
ٕ -والنبوة وإثبات نبوة األنبٌاء علٌهم السبلم على العموم وإثبات نبوة نبٌنا دمحم على الخصوص
وإثبات الكتب التً أنزلها هللا علٌهم ووجود المبلبكة الذٌن كانوا وسابط بٌن هللا وبٌنهم.
ٖ -المعاد :وهو إثبات الحشر وذكر ما فً اآلخرة من الحساب والجزاء وصحابؾ األعمال
وكثرة األهوال والجنة والنار.
ٗ -األحكام :وهً األوامر والنواهً وتنمسم خمسة أنواع ،واجب ومندوب وحرام ومكروه
ومباح ،ومنها ما ٌتعلك باألبدان كالصبلة والصٌام ،وما ٌتعلك باألموال كالزكاة وما ٌتعلك
بالملوب كاإلخبلص والخوؾ والرجاء وؼٌر ذلن.
٘ -الوعد :ومنه وعد بخٌر الدنٌا كالنصر على األعداء والحٌاة الطٌبة واألمن واالستمرار ومنه
وعد بخٌر اآلخرة كؤوصاؾ الجنة ونعٌمها.
-ٙالوعٌد :ومنه تخوٌؾ بالعماب فً الدنٌا كالخوؾ والمرض والجوع ونمص األموال واألنفس
والثمرات ،ومنه وعٌد ،بعماب اآلخرة كعذاب المبر ،وأهوال ٌوم المٌامة ،وشدة الحساب ،ودخول
ار لَ ِفً نَ ِع ٌٍم * َو إِ َّن ْالفُ َّج َ
ار لَ ِفً النار ،وتؤمل المرآن تجد الوعد ممرونا بالوعٌد كموله{ :إِ َّن األَب َْر َ
َج ِح ٌٍم} [االنفطار ]ٔٗ ،ٖٔ :لٌبعث على الخوؾ والرجاء.
-2المصص :وذكر أخبار األنبٌاء مع لومهم وماجرى لهم من نجاة المصدلٌن وهبلن المكذبٌن
لٌعتبر البلحمون بالسابمٌن فبل ٌعملون مثل عملهم فٌصٌبهم ما أصابهم"(ٕ).
الثانً عشر :ترجمة المرآن الكرٌم بغٌر لغته
تطلك الترجمة فً اللؽة على :نمل الكبلم من لؽة إلى أخرى ،جاء فً لسان العرب :
الترجمان بالضم والفتح هو الذي ٌترجم الكبلم أي ٌنمله إلى لؽة أخرى (ٖ) .
والترجمة اصطبلحا ً :تفسٌر الكبلم وبٌان معناه بلؽة أخرى ،لال الجوهري " :ولد ترجمه
وترجم عنه إذا فسر كبلمه بلسان آخر"(ٗ).
ألسام الترجمة (٘) :
تنمسم الترجمة إلى لسمٌن -:
(ٔ) ٌنظر :عظمة المرآن وتعظٌمه وأثره فً النفوس فً ضوء الكتاب والسنة ،د .سعٌد بن علً بن وهؾ
المحطانً(كتاب منشور فً الشبكة االلكترونٌة)(.بتصرؾ بسٌط).
مثله من حٌن بعث النبً إلى هذا الٌوم (ٔ) وإلى لٌام الساعة ،والمرآن ٌشتمل على آالؾ
المعجزات؛ ألنه مابة وأربع عشرة سورة ،ولد ولع التحدي بسورة واحدة ،وألصر سورة فً
المرآن سورة الكوثر ،وهً ثبلث آٌات لصار ،والمرآن ٌزٌد باالتفاق على ستة آالؾ آٌة ومابتً
آٌة ،وممدار سورة الكوثر من آٌات أو آٌة طوٌلة على ترتٌب كلماتها له حكم السورة
سٌة الواحدة،وٌمع بذلن التحدي واإلعجاز؛ ولهذا كان المرآن ٌُؽنً عن جمٌع المعجزات الح ِ ّ
والمعنوٌة؛ لمن كان له للب أو ألمى السمع وهو شهٌد ،وإعجازه فً وجوه كثٌرة :اإلعجاز
الببلؼً والبٌانً ،واإلخبار عن الؽٌوب بؤنواعها ،واإلعجاز التشرٌعً ،واإلعجاز العلمً
الحدٌث؛ ولهذا لال النبً " :ما من األنبٌاء نبً إال أُعطً من اآلٌات على ما مثله آمن البشر،
ً ،فؤرجو أن أكون أكثرهم تابعا ً ٌوم المٌامة"(ٕ). وإنما كان الذي أُتٌته وحٌا ً أوحاه هللا إل َّ
ْب فٌِ ِه ُهدًى ِل ْل ُمتَّمٌِنَ (ٕ)} [البمرة .]ٕ - ٔ : َاب َال َرٌ َ ٖ -هدى للمتمٌن{ :الم (ٔ) َذلِنَ ْال ِكت ُ
ت ِمنَ ْال ُه َدى اس َوبَ ٌِّنَا ٍ آن ُهدًى ِللنَّ ِ ضانَ الَّذِي أ ُ ْن ِز َل فٌِ ِه ْالمُ ْر ُ ش ْه ُر َر َم َ ٗ -هدى للناس جمٌعا ً { َ
ُ َ
سفَ ٍر فَ ِع َّدة ٌ ِم ْن أٌ ٍَّام أخ ََر علَى َ َ
ضا أ ْو َ ص ْمهُ َو َم ْن َكانَ َم ِرٌ ً ْ
ش ْه َر فَلٌَ ُ ش ِه َد ِم ْن ُك ُم ال َّ
ان فَ َم ْن َ َو ْالفُ ْرلَ ِ
علَى َما َه َدا ُك ْم َولَ َعلَّ ُك ْم َّللاَ َ َّللاُ بِ ُك ُم ْالٌُس َْر َو َال ٌ ُِرٌ ُد بِ ُك ُم ْالعُس َْر َو ِلت ُ ْك ِملُوا ْال ِع َّدة َ َو ِلت ُ َك ِبّ ُروا َّ ٌ ُِرٌ ُد َّ
ت َ ْش ُك ُرونَ } [البمرة .]ٔ1٘ :
ُ َّ
ش ُر ال ُمإْ ِمنٌِنَ الذٌِنَ ٌَ ْع َملونَ ْ َ
ًِ أ ْل َو ُم َوٌُبَ ِ ّ َّ ْ
ٌ٘ -هدي للتً هً ألومِ { :إ َّن َه َذا المُ ْرآنَ ٌَ ْهدِي ِللتًِ ه َ
َ
ع َذابًا أ ِلٌ ًما ٌرا (َ )5وأ َ َّن الَّذٌِنَ َال ٌُإْ ِمنُونَ ِب ْاآل ِخ َرةِ أ ْعت َ ْدنَا لَ ُه ْم َ
َ ت أ َ َّن لَ ُه ْم أَجْ ًرا َكبِ ً صا ِل َحا ِ ال َّ
(ٓٔ)} [اإلسراء .]ٔٓ - 5 :
ان َولَ ِك ْن اإلٌ َم َُاب َو َال ْ ِ ْ
{و َك َذلِنَ أ َ ْو َح ٌْنَا ِإلٌَْنَ ُرو ًحا ِم ْن أ ْم ِرنَا َما ُك ْنتَ تَد ِْري َما ال ِكت ُ
َ -ٙرو ٌح وحٌاةٌَ :
ص َراطٍ ُم ْست َ ِم ٌٍم} [الشورى .]ٕ٘ : ورا نَ ْهدِي ِب ِه َم ْن نَشَا ُء ِم ْن ِع َبا ِدنَا َو ِإنَّنَ لَت َ ْهدِي ِإلَى ِ َج َع ْلنَاهُ نُ ً
ورا نَّ ْهدِي ِب ِه َم ْن نَّشَاء ِم ْن ِع َبا ِدنَا}[الشورى، ]ٕ٘: -2نورٌ :هدي به هللا من ٌشاء من عبادهَ { :ولَ ِكن َج َع ْلنَاهُ نُ ً
ص ُموا بِ ِه اّللِ َوا ْعت َ َورا ُم ِبٌنًا (ٗ )ٔ2فَؤ َ َّما الَّذٌِنَ آ َمنُوا ِب َّ اس لَ ْد َجا َءكُ ْم ب ُْرهَا ٌن ِم ْن َربِّكُ ْم َوأَ ْنزَ ْلنَا ِإلَ ٌْكُ ْم نُ ً
{ ٌَا أٌَُّ َها النَّ ُ
طا ُم ْستَ ِمٌ ًما (٘[ })ٔ2النساء .]ٔ2٘ - ٔ2ٗ : ص َرا ً ض ٍل َو ٌَ ْهدٌِ ِه ْم إِلَ ٌْ ِه ِفَ َسٌُد ِْخلُ ُه ْم فًِ َرحْ َم ٍة ِم ْنهُ َوفَ ْ
ٌِرا} [الفرلان .]ٔ : ع ْب ِد ِه ِل ٌَ ُكونَ ِل ْل َعالَمٌِنَ نَذ ً علَى َ ارنَ الَّذِي ن ََّز َل ْالفُ ْرلَانَ َ -1فرلان{ :ت َ َب َ
ظةٌ ِ ّمن َّر ِبّ ُك ْم اس لَ ْد َجاءتْ ُكم َّم ْو ِع َ -5شفاء لما فً الصدور وهدى ورحمة للمإمنٌنٌَ { :ا أٌَُّ َها النَّ ُ
آن َما ُه َو ُور َو ُهدًى َو َرحْ َمةٌ ِلّ ْل ُمإْ ِم ِنٌن }[ٌونسَ { ،]٘2:ونُن ِ َّز ُل ِمنَ ْالمُ ْر ِ صد ِ َو ِشفَا ٌء لـ ِّ َما ِفً ال ُّ
ارا }[اإلسراء { ،]1ٕ:لُ ْل ُه َو ِللَّذٌِنَ آ َمنُوا س ً الظا ِل ِمٌنَ إَالَّ َخ َ ِشفَاء َو َرحْ َمةٌ ِلّ ْل ُمإْ ِمنٌِنَ َوالَ ٌَ ِزٌ ُد َّ
ان َب ِعٌد ع ًمى أ ْولَبِنَ ٌُنَا َد ْونَ ِمن َّم َك ٍ ُ علَ ٌْ ِه ْم َُهدًى َو ِشفَاء َوالَّذٌِنَ الَ ٌُإْ ِمنُونَ ِفً آ َذا ِن ِه ْم َو ْل ٌر َو ُه َو َ
}[فصلت.]ٗٗ:
َاب تِ ْب ٌَانًا ِلّ ُك ِّل ش ًَْءٍ َو ُهدًى َو َرحْ َمةً َوبُ ْش َرى علٌَْنَ ْال ِكت َ تبٌان لكل شًءَ { :ون ََّز ْلنَا َ ٌ ٓٔ -المرآن
ِل ْل ُم ْس ِل ِمٌن }[النحل.]15:
اط ُل ِمن بٌَ ِْن ٌَ َد ٌْ ِه ع ِزٌز * الَ ٌَؤْتٌِ ِه ْالبَ ِ ٔٔ -ال ٌؤتٌه الباطل من بٌن ٌدٌه وال من خلفهَ {:وإِنَّهُ لَ ِكتَابٌ َ
َوالَ ِم ْن خ َْل ِف ِه ت َِنزٌ ٌل ِ ّم ْن َح ِك ٌٍم َح ِمٌد }[فصلت.]ٔ:
ظون }[الحجر.]5: ٕٔ -تكفَّل هللا بحفظه { :إِنَّا نَحْ ُن ن ََّز ْلنَا ال ِذّ ْك َر َوإِنَّا لَهُ لـ َ َحافِ ُ
(ٔ) انظر :الجواب الصحٌح لمن بدل دٌن المسٌح البن تٌمٌة ،22 -2ٔ/ٗ ،والبداٌة والنهاٌة البن كثٌر.5٘/ٙ ،
(ٕ) متفك علٌه :البخاري ،كتاب فضابل المرآن ،باب كٌؾ نزل الوحً ،برلم ٔ ،ٗ51ومسلم ،كتاب اإلٌمان،
باب وجوب اإلٌمان برسالة نبٌنا دمحم إلى جمٌع الناس ،برلم ٕ٘ٔ.
ور َو ِكتَابٌ ُّمبٌِن * ٌَ ْهدِي بِ ِه هللا َم ِن اتَّبَ َع ِرض َْوانَه ُ ٖٔ -كتابٌ واض ٌح مبٌن{:لَ ْد َجاء ُكم ّمِنَ هللا نُ ٌ
ص َراطٍ ُّم ْست َ ِمٌم ور بِإ ِ ْذنِ ِه َوٌَ ْهدٌِ ِه ْم إِلَى ِ ت إِلَى النُّ ِ الظلُ َما ِ ُّ سبلَ ِم َوٌ ُْخ ِر ُج ُهم ِ ّم ِن سبُ َل ال َّ ُ
}[المابدة.]ٔٙ:
صلَ ْت ِمن لَّد ُْن َح ِك ٌٍم َخبٌِر } . ٗٔ -أ ُ ْح ِك َم ْت آٌاته{:الَر ِكتَابٌ أ ُ ْح ِك َم ْت آٌَات ُهُ ث ُ َّم فُ ِ ّ
(ٔ)
(ٔ) متفك علٌه :البخاري ،كتاب الوصاٌا ،باب الوصاٌا ،برلم ٓٗ ،ٕ2ومسلم ،كتاب الوصٌة ،باب ترن
الوصٌة لمن لٌس له شًء ٌوصً فٌه ،برلم ٖٗ.ٔٙ
(ٕ) فتح الباري ،البن حجر.ٙ2/5 ،
(ٖ) مسلم ،كتاب الحج ،باب حجة النبً ،برلم .ٕٔٔ1
(ٗ) الحاكم ،5ٖ/ٔ ،وصححه ووافمه الذهبً ،وصححه األلبانً فً صحٌح الترؼٌب والترهٌب ،ٕٔٗ/ٔ ،وفً
األحادٌث الصحٌحة ،برلم ٕ.ٗ2
(٘) اسم لفٌضة على ثبلثة أمٌال من الجحفة،ؼدٌر ٌمال له :ؼدٌر خم[.شرح النووي على صحٌح مسلم].
( )ٙمسلم ،كتاب فضابل الصحابة ، باب من فضابل علً بن أبً طالب ، برلم .ٕٗٓ1
( )2ابن حبان فً صحٌحه مطوالً ،برلم ٔ ،21/ٕ ،ٖٙوحسنه األلبانً لؽٌره فً صحٌح الترؼٌب والترهٌب،
ٕ ،ٔٙٗ/برلم ٕٕٗٔ.
ت فً حدٌث ،لكن
( )1انظر :الترمذي ،برلم ،ٕ5ٓٙوكل ما جاء فً هذا األثر فمعناه صحٌح حتى ولو لم ٌؤ ِ
المعنى تدل علٌه عموم األدلة من الكتاب والسنة.
ٖٔ -ولد وردت أحادٌث كثٌرة تبٌن فضل المرآن على سابر كبلم البشر ،وهو كبلم هللا فمنها:
من فضابل المرآن أنه ٌشفع ٌوم المٌامة لمن لرأه وعمل به فً الدنٌا ،لال " الرءوا
المرآن فإنه ٌؤتً ٌوم المٌامة شفٌعا ألصحابه"(ٔ).
ورة ُ ْال َبمَ َرةِ
س َ آن ٌَ ْو َم ْال ِم ٌَا َم ِة َوأ َ ْه ِل ِه الَّذٌِنَ َكانُوا ٌَ ْع َملُونَ بِ ِه ت َ ْم ُد ُمهُ ُ ولال ٌُ" :إْ ت َى ِب ْالمُ ْر ِ
(ٕ)
اح ِب ِه َما" . ص ِ ع ْن َ ان ََوآ ُل ِع ْم َرانَ ،ت ُ َحا َّج ِ
وخٌر الناس هم الذٌن تعلموا المرآن وعلموه لوجه هللا لال َ " :خٌ ُْر ُك ْم َم ْن ت َ َعلَّ َم المُ ْرآنَ
علَّ َمهُ"(ٖ).َو َ
وعن أبً هرٌرة عن النبً لالٌ" :جًء المرآن ٌوم المٌامة ٌمولٌ :ا رب حله ،فٌلبس
تاج الكرامة ،ثم ٌمولٌ :ا رب زده فٌلبس حلة الكرامة ثم ٌمولٌ :ا رب ارض عنه فٌرضى عنه،
فٌمال :الرأ وارق فٌزاد بكل آٌة حسنة" (ٗ).
وعن علً رضً هللا عنه لال :لال رسول هللا « :من لرأ المرآن فاستظهره فؤحل
حبلله وحرم حرامه؛ أدخله هللا به الجنة وشفعه فً عشرة من أهل بٌته كلهم لد وجبت لهم
النار»(٘).
عن سهل بن معاذ الجهنً أن رسول هللا لال« :من لرأ المرآن وعمل به ألبس والداه
تاجا ٌوم المٌامة ضوءه أحسن من ضوء الشمس فً بٌوت الدنٌا فما ظنكم بالذي عمل بهذا» (.)ٙ
ظ لَهُ َم َع ً ِ ملسو هيلع هللا ىلص لَالََ " :مث َ ُل الَّذِي ٌَ ْم َرأ ُ ْالمُ ْرآنَ َو ُه َو َحا ِف ٌ شةََ :
ع ْن النَّ ِب ّ عا ِب َع ْن َ وروى البخاري َ
()2
ان" . شدٌِ ٌد فَلَهُ أَجْ َر ِعلَ ٌْ ِه َ ُ
سفَ َر ِة ْال ِك َر ِام ْال َب َر َر ِة َو َمث َ ُل الَّذِي ٌَ ْم َرأ َو ُه َو ٌَت َ َعا َه ُدهُ َو ُه َو َ ال َّ
وعن عابشة لالت :لال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص " :الماهر بالمرآن مع السفرة الكرام البررة والذي
ٌمرأ المرآن وٌتتعتع فٌه وهو علٌه شاق له أجران"(.)1
وروى النسابً وابن ماجة والحاكم بإسناد صحٌح عن أنس رضً هللا عنه أن رسول هللا
آن أ َ ْه ُل َّ
َّللاِ َّللاَِ :م ْن ُه ْم؟ لَالَُ ":ه ْم أ َ ْه ُل ْالمُ ْر ِ سو َل َّ اس" ،لَالُوا ٌَا َر ُ ّلل أ َ ْهلٌِنَ ِم ْن النَّ ِ
ملسو هيلع هللا ىلص لال" :إِ َّن ِ َّ ِ
صتُهُ"(.)5 َوخَا َّ
س ِمعْتَ آن؟ لَالََ " :م ْن ِإ َذا َ ص ْوتًا ِب ْالمُ ْر ِ
اس َ س ُن النَّ ِ ً ملسو هيلع هللا ىلص َ :م ْن أَحْ َسبِ َل النَّ ِب ُّ
ع َم َر ،لَالَُ : ع ِن اب ِْن ُ و َ
شلِ َرا َءتَهُ َرأٌَْتَ أَنَّهُ ٌَ ْخ َ
(ٔ ) هو أبو الحسٌن أحمد بن فارس بن زكرٌا بن حبٌب الرازي ،ولد فً لرٌة كرسفة ،منطمة رستاق الزهراء،
كان أحد أبمة اللؽة األعبلم نزٌل همذان ،كان من الرحالة فً طلب العلم ،توفى سنة خمس وتسعٌن وثبلثمابة
للهجرة بالري ودفن بها ،انظر :سٌر أعبلم النببلء ،شمس الدٌن أبو عبدهللا دمحم بن أحمد الذهبً ،ٖٔٓ/ٔ2
تحمٌك :مجموعة بإشراؾ شعٌب األرناإوط ،مإسسة الرسالة( ،بدون).
(ٕ) معجم مماٌٌس اللؽة ،أحمد بن فارس ٗ ،ٕٗٓ/تحمٌك :عبد السـبلم دمحم هارون ،دار الفكرٖٔ55 ،هـ.
(ٖ ) هو دمحم بن مكرم بن علً بن أحمد األنصاري األفرٌمً ثم المصري أبو الفضل ٌعرؾ بابن منظور ،ولد
سنة ثبلثٌن وستمابة ،بمصر ولٌل فً طرابلس ،خدم فً دٌوان اآلثار بالماهرة ثم ولً المضاء فً طرابلس ثم
رجع إلى مصر ومات فٌها سنة إحدى عشرة وسبعمابة وترن من مختصراته بخطه خمسمابة مجلد ،انظر:
الدرر الكامنة فً أعٌان المابة الثامنة ،البن حجر ،أبً الفضل أحمد بن علً العسمبلنً الشافعً ٕ،ٔٓ2/
مجلس دابرة المعارؾ العثمانٌة ،حٌدر أباد -الهندٖٔ5ٕ ،هـ ٔ52ٕ -م ،ط/الثانٌة ،تحمٌك :دمحم عبد المعٌد ضان.
(ٗ) لسان العرب ،دمحم بن مكرم بن منظور األفرٌمً ٔٔ ،ٕٔ1/دار صادر – بٌروت ،ط/األولى.
(٘) لسان العرب البن منظور ٔٔ.ٕٔ1/
وٌعرؾ اإلمام الزركشً(ٔ) ،التفسٌر اصطبلحا بموله" :التفسٌر :هو علم ٌعرؾ به فهم
وحكمه ،واستمداد ذلنكتاب هللا المنزل على نبٌه دمحم -ملسو هيلع هللا ىلص ،-وبٌان معانٌه ،واستخراج أحكامهِ ،
من علم اللؽة ،والنحو ،والتصرٌؾ ،وعلم البٌان ،وأصول الفمه ،والمراءات ،وٌحتاج لمعرفة
أسباب النزول ،والناسخ والمنسوخ"(ٕ).
وٌرى الباحث أن الزركشً أطلك الفهم ولم ٌبٌن ضوابطه ،ولم ٌصرح بؤن السنة مفسرة
ال فً المول ،وال فً الفعل ،وال فً التمرٌر ،وكرر بعض المعانً فالنحو والتصرٌؾ وعلم
البٌان كلها داخلة فً علم اللؽة.
(ٖ)
وٌمول اإلمام السٌوطً :التفسٌر" :علم نزول اآلٌات ،وشإونها ،وألاصٌصها،
واألسباب النازلة فٌها ،ثم ترتٌب مكٌها ،ومدنٌها ،ومحكمها ،ومتشابهها وناسخها ،ومنسوخها،
وخاصها ،وعامها ،ومطلمها ،وممٌدها ،ومجملها ،ومفسرها ،وحبللها ،وحرامها ،ووعدها،
ووعٌدها ،وأمرها ،ونهٌها ،و ِعبرها ،وأمثالها"(ٗ) ،وٌبدو أن اإلمام السٌوطً ركز على أسباب
النزول ،وترتٌب فروع المرآن من مدنً ،ومكً ،ومحكم ،ومتشابه ...الخ ،ولم ٌهتم بجانب
التفسٌر المشتمل على الفهم والبٌان.
ع َّرؾ علم التفسٌر أٌضا ً بؤنه" :علم ٌبحث فٌه عن كٌفٌة النطك بؤلفاظ المرآن، و ُ
ومدلوالتها ،وأحكامها ،اإلفرادٌة ،ومعانٌها التركٌبٌة ،وتفسٌر الشًء الحك به ومتمم له وجار
مجرى بعض أجزابه ،لال أهل البٌان :التفسٌر هو أن ٌكون فً الكبلم لبس ،وخفاء فٌإتى بما
ٌزٌله وٌفسره"(٘).
وهذا التعرٌؾ ركز على المراءات بشكل جوهري لكنه أشار إلى إٌضاح تلن المدلوالت
بشكل إفرادي ،وتركٌبً ،فهو لد تناول نوعٌن من التفسٌر :تفسٌر مفردات ،وتفسٌر تراكٌب،
وعلٌه فإن هذا التعرٌؾ ألرب إلى الصواب من حٌث استٌعاب معنى التفسٌر عند أهله.
(ٔ) هو بدر الدٌن أبو عبد هللا دمحم بن بهادر بن عبد هللا المصري الزركشً الشافعً اإلمام المصنؾ ،ولد سنة
خمس وأربعٌن وسبعمابة ،وأخذ عن الشٌخٌن :جمال الدٌن األسنوي ،وسراج الدٌن البلمٌنً وكان رحالة فً
طلب العلم ،وكثٌر التصانٌؾ ،توفً بمصر ودفن بالمرافة ،سنة أربع وتسعٌن وسبعمابة ،انظر :الدرر الكامنة
فً أعٌان المابة الثامنةٔ ،ٗ25/وشذرات الذهب فً أخبار من ذهب ،عبد الحً بن أحمد ابن العماد العكري
الحنبلً ،ٖٖٗ/ٙتحمٌك :عبد المادر األرناإوط ،ومحمود األرناإوط ،دار ابن كثٌر -دمشك ،طٔٗٓٙ/هـ.
(ٕ) البرهان فً علوم المرآن ،بدر الدٌن دمحم بن عبد هللا الزركشً ٔ ،ٖٔ/دار إحٌاء الكتب العربٌة
ط /األولى ٖٔ2ٙهـ.
(ٖ) هو عبد الرحمن بن الكمال أبً بكر بن دمحم بن سابك الدٌن بن الفخر عثمان الخضٌري األسٌوطً ولد فً
رجب سنة تسع وأربعٌن وثمانمابة ،ونشؤ فً الماهرة ٌتٌما ،اشتؽل بالعلوم وكان علما ،توفى لٌلة الجمعة لتسعة
عشر ٌوما ً خلت من جمادى األولى سنة إحدى عشرة وتسعمابة للهجرة ،وكان عمره إحدى وستٌن سنة ،انظر:
حسن المحاضرة فً تؤرٌخ مصر والماهرة صٓٔٔ( ،بدون) ،وطبمات المفسرٌن ،أحمد بن دمحم األدنروي
ص٘ -ٖٙتحمٌك :سلٌمان بن صالح الخزي ،مكتبة العلوم والحكم -المدٌنة المنورة ،ط/األولىٔ552م.
(ٗ) اإلتمان فً علوم المرآن ،جبلل الدٌن السٌوطً صٖ٘ٗ ،تحمٌك :سعٌد المندوب ،دار الفكر -لبنان
ٔٗٔٙهـ ٔ55ٙ -م .
(٘) كتاب الكلٌات ألبً البماء أٌوب بن موسى الكفومً صٓ ،ٕٙتحمٌك :عدنان دروٌش ،ودمحم المصري،
مإسسة الرسالة -بٌروت -طٔٗٔ5 /هـ .
ُبحث فٌه عن كٌفٌة النطك بؤلفاظ المرآن ،ومدلوالتها، ولال أبو حٌان(ٔ)" :التفسٌر :علم ٌ ُ
وأحكامها اإلفرادٌة ،والتركٌبٌة ،ومعانٌها التً تحمل علٌها حالة التركٌب ،وتتمات لذلن"(ٕ).
والظاهر أن أبا حٌان أورد نفس التعرٌؾ الذي سبمه ،بدون زٌادة ،ثم لام بشرحه فمال" :فمولنا:
علم هو جنس ٌشمل سابر العلوم ،ولولناٌ :بحث فٌه عن كٌفٌة النطك بؤلفاظ المرآن هذا هو علم
المراءات ،ولولنا :ومدلوالتها أي مدلوالت تلن األلفاظ ،وهذا هو علم اللؽة الذي ٌحتاج إلٌه فً
هذا العلم ،ولولنا :وأحكامها اإلفرادٌة ،والتركٌبٌة هذا ٌشمل علم التصرٌؾ ،وعلم اإلعراب،
وعلم البٌان ،وعلم البدٌع ،ولولنا :ومعانٌها التً تحمل بها حالة التركٌب :شمل بموله التً تحمل
علٌها ما داللته علٌه بالحمٌمة ،وما داللته علٌه بالمجاز ،فإن التركٌب لد ٌمضً بظاهره شٌباً،
وٌصد عن الحمل على الظاهر صاد فٌحتاج ألجل ذلن أن ٌحمل على الظاهر وهو المجاز،
ولولنا :وتتمات لذلن ،هو معرفة النسخ ،وسبب النزول ولصة توضح بعض ما انبهم فً المرآن
ونحو ذلن"(ٖ).
وخبلصة المول فً تعرٌؾ التفسٌر اصطبلحاً :أنه علم ٌفهم به مراد هللا فً كتابه
للح َكم واألَح َكام عبر علوم وضوابط حددها المنزل على دمحم -ملسو هيلع هللا ىلص -من بٌان لمعانٌه ،واستخراجٍ ِ
العلماء سٌؤتً بٌانها فً أنواع التفسٌر.
وهذا التعرٌؾ تحاشى فٌه الباحث من الفهم بدون ضوابط ،وعن التكرار الذي انتمدناه
ب الفهم والبٌان لؤللفاظ والتراكٌب الذي أؼفله السٌوطً ،وذكر فً تعرٌؾ الزركشً ،و ِذ ْك ِر جان ِ
العلوم والضوابط التً حددها العلماء إٌضاحا ً للتعرٌفٌن األخٌرٌن ،وهللا أعلم.
أنواع التفسٌر
روي عن ابن عباس رضً هللا تعالى عنهما أنه لال" :التفسٌر أربعة :حبلل وحرام ال
سره العلماء ،وتفسٌر ال ٌعلمه إال هللا ٌعذر أحد بجهالته ،وتفسٌر تمره العرب بؤلسنتها ،وتفسٌر تف ّ
تعالى"(ٗ).
ولال آخرون :التفسٌر ثبلثة ألسام :تفسٌر بالرواٌة ،وٌسمى التفسٌر بالمؤثور ،وتفسٌر
بالدراٌة ،وٌسمى التفسٌر بالرأي .وتفسٌر اإلشارة ،وٌسمى التفسٌر اإلشاري ،وٌضٌؾ بعضهم
لسما رابعا ،وهو تفسٌر باطنً ،وٌسمى التفسٌر الباطنً.
-8التفسٌر بالمأثور (بالرواٌة) ،وألسامه:
وهو تفسٌر المرآن بالمنمول سواء كان لرآنا ً أو مؤثورا ً عن النبً -ملسو هيلع هللا ىلص ،-أو عن الصحابة،
ومعتمد هذا التفسٌر هو النمل كتفسٌر ابن جرٌر الطبري(ٔ) ،وؼٌره ،وهذه هً إحدى طرق
ي عصره (ٔ) دمحم بن ٌوسؾ بن علً بن ٌوسؾ بن حٌّان ،اإلمام أثٌر الدٌن األندلسً الؽرناطً ،النّفزي ،نحو ّ
ولؽوٌّه ومفسّره ،ولد بمطخشارس ،مدٌنة من حاضرة ؼرناطة سنة أربع وخمسٌن ،وستمابة للهجرة ،من
تصانٌفه :البحر المحٌط فً التفسٌر ،وؼٌره ،توفى سنة خمس وأربعٌن وسبعمابة ،انظر :معجم الشٌوخ ،تاج
الدٌن عبد الوهاب بن علً السبكً صٕ ،ٗ2تخرٌج :شمس الدٌن أبً عبد هللا ابن سعد الصالحً الحنبلً،
تحمٌك :الدكتور بشار عواد -رابد ٌوسؾ العنبكً -مصطفى إسماعٌل األعظمً ،دار الؽرب اإلسبلمً ،ط/
األولى ٕٗٓٓم.
(ٕ) البحر المحٌط ،دمحم بن ٌوسؾ أبوحٌان األندلسً ٔ ،ٕٔٔ/تحمٌك :الشٌخ عادل أحمد عبد الموجود والشٌخ
علً معوض ،دار الكتب العلمٌة ،لبنان – بٌروت ،ط/األولىٕٕٗٔ هـٕٓٓٔ-م.
(ٖ) المصدر نفسه ٔ.ٕٕٔ/
(ٗ)تفسٌر الطبري ،) ٖٗ : ٔ (:وإٌضاح الولؾ واالبتداء ( ٔ ،) ٔٓٔ :ولد اعتمد الطبري ( ت ) ٖٔٓ :
على هذا األثر فً ذكر الوجوه التً من لِبَلها ٌوصل إلى معرفة تؤوٌل المرآن.
طرق التفسٌر؟ فالجواب :أن أصح الطرق فً ُ التفسٌر ،لال ابن تٌمٌة" :فإن لال لابل :فما أحسن
ُ
جمل فً مكان فإنه لد ف ِس َر فً موضع آخر ،وما اختصر من ذلن أن ٌفسر المرآن بالمرآن؛ فما أ ُ ِ
مكان فمد بسط فً موضع آخر فإن أعٌان ذلن فعلٌن بالسنة فإنها شارحة للمرآن وموضحة له..
وإذا لم نجد التفسٌر فً المرآن ،وال فً السنة رجعنا فً ذلن إلى ألوال الصحابة فإنهم أدرى
بذلن لما شاهدوه من المرآن ..ولما لهم من الفهم التام ،والعلم الصحٌح والعمل الصالح ،...وإذا لم
تجد التفسٌر فً الـمرآن ،وال فً السنة ،وال وجدته عن الصحابة"(ٕ) .
فمد رجع كثٌر من األبمة فً ذلن إلى ألوال التابعٌن"(ٖ) ،ولال اإلمام الزركشً" :للناظر
فً المرآن لطلب التفسٌر مآخذ كثٌرة أمهاتها أربعة:
األول :النمل عن النبً -ملسو هيلع هللا ىلص ،-وهذا هو الطراز المعلم لكن ٌجب الحذر من الضعٌؾ منه
والموضوع فإنه كثٌر.
الثانً :األخذ بمول الصحابً فإن تفسٌره عندهم بمنزلة المرفوع إلى النبً -ملسو هيلع هللا ىلص -وفً الرجوع
إلى لول التابعً رواٌتان.
الثالث :األخذ بمطلك اللؽة؛ فإن المرآن نزل بلسان عربً مبٌن ،ولد ذكره جماعة منهم :أنس بن
مالن ،وأحمد بن حنبل.
الرابع :التفسٌر بالممتضى من معنى الكبلم ،والممتضب من لوة الشرع ،وهذا هو الذي دعا به
النبً -ملسو هيلع هللا ىلص -البن عباس رضً هللا عنهما فً لوله" :اللهم فمهه فً الدٌن وعلمه التؤوٌل"(ٗ) "(٘).
ومن خبلل كبلم ابن تٌمٌة ٌتضح أن التفسٌر لكتاب هللا تعالى ٌكون بتفسٌر المـرآن
بالمـرآن ثم بالسنة ثم بؤلـوال الصحابة ثم ٌرجع إلى ألـوال كبار التابعٌن
كمجاهد بن جبر( ،)ٙوهذا هو الذي ٌسمى بتفسٌر الرواٌة.
(ٔ) هو اإلمام أبو جعفر دمحم بن جرٌر بن ٌزٌد الطبري اإلمام الجامع للعلوم المجتهد ،ولد سنة أربع وعشرٌن
ومابتٌن للهجرة فً آمل طبرستان ،ورحل إلى بؽداد واستمربه الممام بها حتى توفى سنة عشر وثبلثمابة ،انظر:
طبمات الشافعٌة الكبرى ،تاج الدٌن بن علً بن عبد الكافً السبكً ٖ ،ٕٔٓ/تحمٌك :د .محمود دمحم الطناحً
ود.عبد الفتاح دمحم الحلو ،هجر للطباعة والنشر والتوزٌع ،ط/الثانٌة ٖٔٗٔهـ.
(ٕ) هو أبو ال َعباس أحمد بن عبد الحلٌم بن عبد السبلم ابن تٌمٌة الحرانً الحنبلً الدمشمً ،شٌخ اإلسبلم فً
بحران سنة إحدى وستٌن وستمابة للهجرة ،ورحل إلى دمشك مع أسرته هربًا من ؼزو زمانه وأبرز علمابه ،ولد َّ
التتار ،تلمى العلم حتى آلت إلٌه اإلمامة ،وتوفى سنة ثمان وعشرٌن وسبعمابة ،انظر :معجم المحدثٌن للذهبً دمحم
بن أحمد بن عثمان بن لاٌماز الذهبً أبو عبد هللا صٔٔ ،تحمٌك :د .دمحم الحبٌب الهٌلة ،مكتبة الصدٌك–
الطابؾ ،ط /األولى ٔٗٓ1هـ.
(ٖ)مجموع الفتاوى ،أحمد بن عبد الحلٌم ابن تٌمٌة الحرانً ٖٔ ،ٖٙ1-ٖٖٙ /تحمٌك :أنور الباز ،وعامر
الجزار ،دار الوفاء ،ط /الثانٌة ٕٔٗٙهـ ٕ٘ٓٓم بتصرؾ.
(ٗ) لوله ( : اللهم فمه فً الدٌن) متفك علٌه ،فً البخاري ،باب :وضع الماء عند الخبلءٔ ،ٔٗ5/وفً مسلم
باب :فضابل الصحابة ،ٔ٘1/2وأما لوله( :وعلمه التؤوٌل) فمد أخرجه أحمد فً مسند ابن عباس ٔ ،ٕٖ٘/أحمد
بن حنبل أبو عبدهللا الشٌبانً ،مإسسة لرطبة – الماهرة( ،بدون) ،ولال شعٌب األرنإوط :إسناده لوي على
شرط مسلم ،ومصنؾ ابن أبً شٌبة ،أبو بكر عبد هللا بن دمحم بن أبً شٌبة العبسً الكوفً ٕ ،ٕ٘ٓ/تحمٌك :دمحم
عوامة ،دار المبلة (بدون).
(٘) البرهان فً علوم المرآن للزركشً ٕ ،ٔٙٔ -ٔ٘ٙ/بتصرؾ ٌسٌر.
( )ٙهو مجاهد بن جبر اإلمام أبو الحجاج المخزومً موالهم المكً الممري المفسر الحافظ سمع سعداً وعابشة،
وأبا هرٌرة ،وأم هان ا ،وعبد هللا بن عمر وابن عباس ولزمه مدة ،ولرأ علٌه المرآن وكان أحد أوعٌة العلم،
روى عنه جمع ؼفٌر من التابعٌن وؼٌرهم ،توفى سنة ثبلث ومابة ولد بلػ ثبلثا ً وثمانٌن سنة ،انظر :تذكرة
ومن كبلم الزركشً ٌتبٌن أن التفسٌر عنده هو ما جاء تفسٌره عن النبً -ملسو هيلع هللا ىلص ،-أو نُمل
تفسٌره عن أحد الصحابة ،أو عن تابعً إذا رفعه إلى الصحابً آخذا ً بمطلك اللؽة ،وبممتضى
معنى الكبلم ،وهذا شامل للتفسٌر عموما ً إال أنه بٌََّنَ فً الفمرتٌن األولى والثانٌة سبٌل التفسٌر
بالرواٌة.
وٌرى الباحث من كبلم الزركشً أٌضا أن معتمد التفسٌر بالمؤثور هو النمل ،وٌجب أن ً
ٌكون هذا النمل صحٌحاً؛ ألنه حذر من الضعٌؾ ،والموضوع إذ ال عبرة به عند جمٌع
المفسرٌن.
بعض المعاصرٌن التفسٌر بالرواٌة فمال" :هو ما جاء فً المرآن ،أو السنة، ُ ع َّرؾ ولد َ
(ٔ)
أو كبلم الصحابة ،بٌانا لمراد هللا تعالى" . ً
ولٌل" :هو ما جاء فً المرآن نفسه من البٌان والتفصٌل ،وما نمل عن الرسول-ملسو هيلع هللا ىلص،-
وأصحابه ،والتابعٌن مسندا ً إلى من لبلهم على الصحٌح"(ٕ).
وهذان التعرٌفان األخٌران هما خبلصة كبلم اإلمام ابن تٌمٌة ،وهو الراجح وهو ما سٌموم
الباحث بشرحه فً ألسام التفسٌر بالرواٌة.
ألسام التفسٌر بالرواٌة:
سم التفسٌر بالرواٌة إلى األلسام اآلتٌة: مما سبك ٌمكننا أن نم ِ ّ
أ -تفسٌر المرآن بالمرآن:
َ ُ
ت لَ ُك ْم بَ ِهٌ َمة األ ْن َع ِام َّ ُ َ َّ َ
ومثال هذا ال ِمسْم لوله تعالىٌَ[ :ا أٌُّ َها الذٌِنَ آ َ َمنُوا أ ْوفُوا ِبالعُمُو ِد أ ِحل ْ
ص ٌْ ِد َوأ َ ْنت ُ ْم ُح ُر ٌم إِ َّن هللاَ ٌَحْ ُك ُم َما ٌ ُِرٌدُ] {المابدة ،}ٔ:جاء مفسرا ً فً ؼٌ َْر ُم ِح ِلًّ ال َّ علَ ٌْ ُك ْم َ ِإ َّال َما ٌُتْلَى َ
ُ
ٌر َو َما أ ِه َّل ِلؽٌَ ِْر هللاِ ِب ِه َوال ُم ْن َخنِمَةُ َوال َم ْولُو َذة ُ علَ ٌْ ُك ُم ال َم ٌْتَةُ َوال َّد ُم َولَحْ ُم ِ
الخ ْن ِز ِ ت َ لوله تعالىُ [:ح ِ ّر َم ْ
ب َوأ َ ْن ت َ ْست َ ْم ِس ُموا بِاأل َ ْز َال ِم ص ِعلَى النُّ ُ سبُ ُع ِإ َّال َما َذ َّك ٌْت ُ ْم َو َما ذُ ِب َح َ َوال ُمت ََر ِ ّد ٌَةُ َوالنَّ ِطٌ َحةُ َو َما أ َ َك َل ال َّ
ْ
اخش َْو ِن الٌَ ْو َم أ َ ْك َملتُ لَ ُك ْم ِدٌنَ ُك ْم َوأَتْ َم ْمتُس الَّذٌِنَ َكفَ ُروا ِم ْن دٌِنِ ُك ْم فَ َبل ت َْخش َْو ُه ْم َو ْ ْك الٌَ ْو َم ٌَبِ َ َذ ِل ُك ْم فِس ٌ
ؼٌ َْر ُمت َ َجانِؾٍ ِ ِإلثْ ٍم فَإ ِ َّن هللاَ ص ٍة َ ط َّر فًِ َم ْخ َم َ ض ُ اإلس َْبل َم دٌِنًا فَ َم ِن ا ْ ضٌتُ لَ ُك ُم ِ علَ ٌْ ُك ْم نِ ْع َمتًِ َو َر ِ َ
ور َر ِحٌ ٌم] {المابدة}ٖ: ٌ ُ فؼَ
ار َك ٍة إِنَّا ُكنَّا ُم ْنذ ِِرٌنَ ] {الدُخان ،}ٖ:جاء مفسرا ً فً لوله ب
َُ َ م ة
ٍ َ لٌْ َ ل ً ف
ِ ُ ه َا نلْ زَ ْ
ن َ أ اَّ ن إ
ِ تعالى[: لوله وكذلن
تعالىِ [:إنَّا أ َ ْنزَ ْلنَاهُ ِفً لَ ٌْلَ ِة المَد ِْر] {المدر}ٔ:
ب -تفسٌر المرآن بالسنة:
ومثال ذلن ما ورد عن ابن مسعود (-رضً هللا تعالى عنه -لال" :ل َّما نزل لوله تعالى:
من َو ُهم ُّمهتَدُونَ {[األنعام ،]1ٕ:شك ذلن على ظ ٍلم أ ُ ْولَبِنَ لَ ُه ُم ٱأل َ ُ سواْ ِإٌ َمنَ ُهم ِب ُ {ٱلَّذٌِنَ َءا َمنُواْ َولَم ٌَل ِب ُ
أصحاب رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص -ولالواٌ :ا رسول هللا :أٌنا لم ٌظلم نفسه؟ فمال رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص" :-لٌس
ً َال ت ُ ْش ِر ْن ان ِال ْب ِن ِه َو ُه َو ٌَ ِع ُ
ظهُ ٌَا بُنَ َّ البنه[:و ِإ ْذ لَا َل لُ ْم َم ُ
َ ذان إنما هو الشرن ألم تسمعوا لو َل لممان
ظ ْل ٌم َ ش ْرنَ لَ ُ
(ٖ)
ع ِظٌ ٌم] {لممان. "}ٖٔ: بِاهللِ إِ َّن ال ِ ّ
الحفاظ ،دمحم بن أحمد بن عثمان الذهبًٔ ،5ٖ /تحمٌك :زكرٌا عمٌرات ،دار الكتب العلمٌة -بٌروت ط /األولى
ٔٗٔ5هـٔ551 -م.
(ٔ)التبٌان فً علوم المرآن ،دمحم بن علً الصابونً ص٘ ،2دار اإلرشاد– بٌروت،ط/األولىٖٓٔ5هـ.
(ٕ) علوم المرآن الكرٌم ص٘ ،2د /نور الدٌن عترة ،دمشك– الصباح ،ط /السادسة ٔٗٔٙهـ.
(ٖ) البخاري مع الفتح ،باب :ال تشرن باهلل ،ٙ٘ٔ /1مكتبة دار السبلم ،ط/األولى ٔٗٔ1هـ ،ومسلم مع شرح
النووي ،باب :صدق اإلٌمانٔ ،1ٓ/برلم (ٖٕٖ) ،دار المعرفة ،ط /الثانٌة ٘ٔٗٔهـ.
َّللا بن مسعود -رضً هللا وفسر النبً -ملسو هيلع هللا ىلص -الصبلة الوسطى بصبلة العصر ،فعن عبد َّ
س أ ِوَ ش ْم ُ ت ال َّ َّ
ص ِر َحتى احْ َم َّر ِ صبلَةِ ْالعَ ْ
ع ْن َ
َّللاِ -ملسو هيلع هللا ىلصَ - س ْال ُم ْش ِر ُكونَ َر ُ
سو َل َّ تعالى عنه -لالَ :حبَ َ
َ
َّللاُ أجْ َوافَ ُه ْم َ
ص ِر َمؤل َّ ْ
صبلَةِ العَ ْ َ ْ
صبلَةِ ال ُو ْسطى َ ع ِن ال َّ ُ
شؽَلونَا َ سو ُل َّ ِ
َّللا -ملسو هيلع هللا ىلصَ " :- ت فَمَا َل َر ُ صفَ َّر ْ
ا ْ
(ٔ)
َارا" . َولُب َ
ُور ُه ْم ن ً
ت -تفسٌر المرآن بمول الصحابً:
إن الصحابة رضوان هللا علٌهم عاٌشوا التنزٌل ،وعرفوا بجملتهم فً ماذا أنزلت
اآلٌات ،وأعانهم على ذلن أن المرآن نزل إلٌهم منجماً ،ولم ٌنزل دفعة واحدة ،لٌكون أرسخ
للفهم ،وأسهل فً االمتثال والتطبٌك.
ُ
ومثال ذلن تفسٌر ابن عباس لسورة النصر ،وأنها عبلمة أج ِل النبً -صلى هللا علٌه
وسلم ،-فعن ابن عباس لال" :كان عمر ٌُد ِْخلنً مع أشٌاخ بدر ،فمال بعضهمِ :ل َم تُد ِْخل هذا الفتى
معنا ولنا أبناء مثله؟ فمال :إنه م َّمن لد علمتم ،لال :فدعاهم ذات ٌوم ودعانً معهم ،لال :وما
ص ُر هللاِ َوالفَتْ ُح] رأٌته دعانً ٌومبذ إال ِلٌ ُِرٌَهم منً ،فمال :ما تمولون فً لوله تعالىِ [: :إ َذا َجا َء نَ ْ
{النَّصر ،}ٔ:حتى ختم السورة؟ فمال بعضهم :أمرنا أن نحمد هللا ونستؽفره إذا جاء نصرنا وفُتِ َح
علٌنا ،ولال بعضهم :ال ندري ،فمال لًٌ :ا ابن عباس أكذلن تمول؟ للت :ال ،لال :فما تمول؟
ص ُر هللاِ َوالفَتْ ُح] {النَّصر ،}ٔ:فتح مكة ،فذلن للت :هو أجل رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص -أعلمه بهِ [:إ َذا َجا َء نَ ْ
سبِّحْ بِ َح ْم ِد َربِّنَ َوا ْست َ ْؽ ِف ْرهُ ِإنَّهُ َكانَ ت ََّوابًا] {النَّصر ،}ٖ:فمال عمر :ما أعلم منها إال عبلمة أجلن[فَ َ
ما تعلم"(ٕ).
ث -تفسٌر المرآن بمول التابعً:
لد اختلؾ العلماء فً تفسٌر التابعً هل هو من المؤثور أم من التفسٌر بالرأي؟ بمعنى
هل نحمله على أنه منمول عن الصحابة رضوان هللا علٌهم اللذٌن -عاٌشوا التنزٌل -أم باجتها ٍد
منهم.
(ٖ)
لال ابن تٌمٌة" :ولال شعبة بن الحجاج :ألوال التابعٌن فً الفروع لٌست حجة،
فكٌؾ تكون حجة فً التفسٌر؟! ٌعنً :أنها ال تكون حجة على ؼٌرهم ممن خالفهم ،وهذا
صحٌح ،أما إذا أجمعوا على الشًء فبل ٌُرت َاب فً كونه حجة ،فإن اختلفوا فبل ٌكون لول
بعضهم حجة على بعض ،وال على من بعدهم ،وٌرجع فً ذلن إلى لؽة المرآن ،أو السنة ،أو
عموم لؽة العرب ،أو ألوال الصحابة فً ذلن"(ٗ).
ولو رتب ابن تٌمٌة الرجوع إلى لؽة المرآن ،والسنة ،ثم إلى ألوال الصحابة ،ثم إلى
عموم لؽة العرب لكان خٌرا ً من التخٌٌر فً الرجوع عند اختبلؾ ألوال التابعٌن.
(ٔ) البخاري مع الفتح ،باب :الدعاء على المشركٌن بالهزٌمة والزلزلة ،15 /ٙبرلم (ٖٔ ،)ٕ5ومسلم مع شرح
النووي باب :الدلٌل لمن لال الصبلة الوسطى هً صبلة العصر ٘ ،ٕٔ5 /برلم (.)ٔٗ٘1
س ِبّحْ ِب َح ْم ِد َر ِبّنَ َوا ْست َ ْؽ ِف ْرهُ ِإنَّهُ َكانَ ت ََّوابًا] {النَّصر.5ٔ5/ 1 :}ٖ:
(ٕ) البخاري مع الفتح ،باب لوله[ :فَ َ
(ٖ ) هو شعبة بن الحجاج بن الورد الواسطً ،أبو بسطام األزدي العتكً ،موالهم ،عالم أهل البصرة فً زمانه،
وأمٌر المإمنٌن فً الحدٌث ،سكن البصرة ،ورأى الحسن وسمع منه مسابل ،وروى عن أنس وابن سٌرٌن
وؼٌرهم ،ولد سنة اثنتٌن وثمانٌن ،وتوفً سنة ستٌن ومابة للهجرة ،وروى له الجماعة ،انظر :الوافً بالوفٌات،
أبً الصفاء صبلح الدٌن خلٌل بن أٌبن األلبكً الصفدي ٘ ،ٕٓٙ /تحمٌك :أحمد األرناإوط ،وتركً مصطفى،
دار إحٌاء التراث -بٌروت ٕٓٗٔهـ ٕٓٓٓ -م.
(ٗ) ممدمة التفسٌر ،أحمد بن عبد الحلٌم بن تٌمٌة الحرانً صٕٗ ،دار مكتبة الحٌاة-لبنان ،طٔٗ5ٓ/هـ.
لال دمحم الزرلانً(ٔ)" :أما ما ٌنمل عن التابعٌن ففٌه خبلؾ بٌن العلماء :منهم من اعتبره من
المؤثور؛ ألنهم تلموه من الصحابة ؼالباً ،ومنهم من لال :إنه من التفسٌر بالرأي ،وفً تفسٌر ابن
كثٌر من النمول عن الصحابة والتابعٌن فً بٌان المرآن الكرٌم"(ٕ). ٌ جرٌر الطبري
ى عن التابعٌن -وإن كان فٌه خبلؾ: ولٌل" :وإنما أدرجنا فً التفسٌر بالمؤثور ما ُر ِو َ
هل هو من لبٌل المؤثور أو من لبٌل الرأي -ألننا وجدنا كتب التفسٌر بالمؤثور ،كتفسٌر ابن
ى عن أصحابه ،بل ى) عن النبً -ملسو هيلع هللا ىلص -وما ُر ِو َ جرٌر الطبري وؼٌره ،لم تمتصر على ما ُر ِو(َٖ
ضمت إلى ذلن ما نُ ِمل عن التابعٌن فً التفسٌر" .
ومن خبلل صنٌع ابن جرٌر الطبري وؼٌره من المفسرٌنٌ ،تبٌن أن لول التابعٌن ٌعتبر
من التفسٌر بالمؤثور لمربهم من الذٌن شهدوا الوحً وتلموا عنهم ،خبلفا لمول ابن تٌمٌة ،ومن
أهم مإلفات التفسٌر بالمؤثور:
-جامع البٌان فً تؤوٌل آي المرآن ،لئلمام أبو جعفر دمحم بن جرٌر الطبري.
-تفسٌر المرآن العظٌم ،لئلمام الحافظ ابن كثٌر البصري(ٗ).
-الدر المنثور فً التفسٌر بالمؤثور لئلمام السٌوطً.
ومن أبرز جماعة التابعٌن ممن اشتهروا بمعرفة التفسٌر فبرعوا ونبؽوا فٌه:
ٔ -سعٌد بن جبٌر (ت٘5هـ)
ٕ -عكرمة (ت ٔٓ2هـ)
ٖ -مجاهد (ت ٔٓٔ أو ٕٓٔ أو ٖٓٔ أو ٗٓٔهـ)
ٗ -أبو العالٌة (ت ٓ5هـ)
٘ -لتادة (تٓٔٔهـ)
-ٙعامر الشعبً (ت٘ٓٔهـ)
-2مسروق (تٖٙهـ)
-1الحسن البصري (تٓٔٔهـ)
-5الضحان بن مزاحم (ت٘ٓٔ أو ٔٓٙهـ).
ولد استفادوا من تلن المنهجٌة العلمٌة الدلٌمة التً بوأتهم مكانة مرمولة ،فتصدروا
مجالس العلم وبدأ بعضهم بتدوٌن التفسٌر فكانوا طلٌعة الفرسان فً هذا المٌدان ،ففً عصرهم
بدأ تدوٌن التفسٌر ،وأول من لام بذلن سعٌد ابن جبٌر األسدي (ت٘5هـ)عندما كتب الخلٌفة
(ٔ) هو دمحم عبد العظٌم الزرلانً ،من علماء األزهر بمصر ،تخرج بكلٌة أصول الدٌن ،وعمل بها مدرسا ً لعلوم
المرآن والحدٌث ،وتوفً بالماهرة عام سبع وستٌن وثبلثمابة وألؾ للهجرة -الموافك ثمان وأربعٌن وتسعمابة
وألؾ مٌبلدٌة ،انظر :األعبلم ،خٌر الدٌن بن محمود بن دمحم بن علً بن فارس ،الزركلً الدمشمً ،ٕٔٓ/ٙدار
العلم للمبلٌٌن ،ط /الخامسة عشر ٕٕٓٓ م.
(ٕ) مناهل العرفان فً علوم المرآن ،دمحم الزرلانً ٕ ،ٕٔ/دار الفكر -بٌروت ،ط/األولى ٔ55ٙم.
(ٖ) التفسٌر والمفسرون ،دمحم حسٌن الذهبً ٔ ،ٖٔ5 /مكتبة وهبة -مصر ،ط /األولى ٔٗٓ5هـ.
(ٗ ) هو اإلمام الحافظ عماد الدٌن أبو الفداء إسماعٌل بن عمر بن كثٌر بن ضوء البصري ثم الدمشمً ،فمٌه
مفسر مإرخ ،ولد سنة سبعمابة للهجرة ،وتوفى سنة أربع وسبعٌن وسبعمابة ،انظر :معجم المحدثٌن للذهبً
صٔٗ ،والمنهل الصافً والمستوفى بعد الوافً ،جمال الدٌن ٌوسؾ بن عبدهللا ،الملمب ابن تؽري بردي
ٔ( ،ٔ22/بدون).
األموي عبد الملن بن مروان ٌسؤل سعٌد ابن جبٌر أن ٌكتب إلٌه بتفسٌر المرآن ولد استجاب له
فصنؾ التفسٌر ولد وجد عطاء بن دٌنار هذا التفسٌر فً الدٌوان ،فرواه عن سعٌد وجادة (ٔ) .
وفً هذا العصر انتشرت كتابة التفسٌر ،روى الدارمً عن عمرو بن عون ،أنا فضٌل،
عن عبٌد المكتب لال ":رأٌتهم ٌكتبون التفسٌر عن مجاهد"(ٕ).
وأخرجه الخطٌب البؽدادي من طرٌك وكٌع بن فضٌل ابن عٌاض به(ٖ).
وأخرج الخطٌب البؽدادي بسنده عن أبً ٌحٌى الكناسً لال" :كان مجاهد ٌصعد بً إلى
ً كتبه فؤنسخ منها"(ٗ).
ؼرفته فٌخرج إل ّ
أشهر تفاسٌر أتباع التابعٌن وما بعدهم
التدوٌن الفت َح اإلسبلمً الذي امتدت أطرافه شرلا ً وؼربا ً وشماالً وجنوبا ًُ ولد واكب هذا
مما أدى إلى اتساع انتشار هذا العلم إضافة إلى ذلن ازدٌاد الرحبلت العلمٌة ،وكان لتدوٌنه أٌضا ً
أثر كبٌر فً انتشاره وتداوله عند أهل العلم من صؽار التابعٌن وأتباع التابعٌن مثل:
ٔ -الضحان بن مزاحم الهبللً(ت٘ٓٔ هـ أو ٔٓٙهـ)
(٘)
ٕ -ومماتل بن سلٌمان البلخً(ت٘ٓٔهـ ولد طبع تفسٌره .
ٖ -وطاوس بن كٌسان الٌمانً(تٔٓٙهـ)
ٗ -ولتادة بن دعامة السدوسً(تٓٔٔهـ)
٘ -ودمحم بن كعب المرظً(تٔٔ1هـ)
-ٙوالسدي الكبٌر(ت ٕٔ2هـ)
-2وعبد هللا بن ٌسار المعروؾ بابن أبً نجٌح(تٖٔٔ هـ)
()ٙ
-1وعطاء الخراسانً(تٖ٘ٔ هـ ولد حممتُ لطعة من تفسٌره .
-5وزٌد بن أسلم العدوي(تٖٔٙهـ)
ٓٔ -والربٌع بن أنس البكري(تٓٗٔهـ)
ٔٔ -وعلً بن أبً طلحة(تٖٗٔهـ استخرج السٌوطً أؼلب صحٌفة علً بن أبً
طلحة من تفسٌري الطبري وابن أبً حاتم (. )2
ٕٔ -واألعمش سلٌمان بن مهران (ت ٔٗ2هـ أو ٔٗ1هـ)(.)1
وكل هذه التفاسٌر لد أفرد لكل تفسٌر مإلؾ جمعت فً مروٌات كل مفسر ،وأؼلبها
رسابل جامعٌة.
(ٔ)توجد منه لطعة فً حواشً تفسٌر ابن أبً حاتم فً المجلد الثانً.
(ٕ)توجد منه لطعة فً ألمانٌا الشرلٌة -مكتبة جوتا.
(ٖ)ٌوجد نصفه تمرٌبا ً ولد حمك فً جامعة أم المرى.
(ٗ)العجاب فً بٌان األسباب د.ٖ-
ٌر ْال ُممَ ْن َ
ط َرة) . (و ْالمَن ِ
َاط ِ َ تعالى لوله عند ٔ51 - ٔٔ1 رلم (٘)انظر تفسٌر سورة آل عمران
()ٙطبمات الحنابلة ٔ.ٔ1ٖ/
()2تارٌخ بؽداد .ٖ2٘/5
()1سٌر أعبلم النببلء ٖٔ.ٖٕ5 ،ٖٕ1/
()5ص ٖٕ من ممدمة أحمد شاكر لمسند أحمد.
(ٓٔ)منالب اإلمام أحمد ص .ٕٗ1
(ٔٔ)لفهرست ص ٘.ٕ1
(ٕٔ)الفتاوي ٖ٘٘/ٖٔ ،ٖ15/ٙودرء تعارض العمل والنمل ٗ.ٕٕ1/
(ٖٔ)طبمات المفسرٌن ٕ.ٕٕ/
(ٗٔ)الجوهر المحصل فً منالب اإلمام أحمد فً بداٌة عرضه لمإلفات اإلمام أحمد.
فذكره فً ثبته ثم ساق إسناده إلى اإلمام أحمد بن جعفر المطٌعً عن عبد هللا بن اإلمام أحمد
عن أبٌه (ٔ) .
ولكن اإلمام الذهبً أنكر وجود هذا التفسٌر ،فبعد أن ذكر لول ابن المنادي لال :لكن
ما رأٌنا أحدا أخبرنا عن وجود هذا التفسٌر وال بعضه وال كراسة منه ولو كان له وجود أو
لشًء منه لنسخوه . )ٕ( ...
وٌبدو أن اإلمام الذهبً لم ٌحظ بجزء أو كراسة من تفسٌر اإلمام أحمد علما بؤن جزءا
من تفسٌر أحمد كان موجودا فً زمنه حٌث نمله بنصه وفصه اإلمام ابن لٌم الجوزٌة -وهو
معاصر للذهبً وتوفً ابن المٌم سنة(ٔ٘ 2هـ) أي بعد وفاة الذهبً بثبلث سنوات -فمال ابن
المٌم بدابع الفوابد" :ومن خط الماضً من جزء فٌه تفسٌر آٌات من المرآن عن اإلمام أحمد.
ثم ساله بؤكمله فً تسع صفحات" (ٖ) إضافة إلى ذلن أن الحافظ ابن حجر أفاد من تفسٌر
أحمد وصرح بنمله منه(ٗ) .
والحك أن تفسٌر اإلمام أحمد لم ٌشتهر كشهرة مسنده الذي ذاع صٌته فً اآلفاق وكثر
لصاده إلى العراق(٘).
ٕ -التفسٌر الكبٌر ألمٌر المإمنٌن دمحم بن إسماعٌل البخاري صاحب الصحٌح (ت ٕ٘ٙهـ).
ذكر بروكلمان نسخة منه فً بارٌس -المكتبة الوطنٌة -ولطعة منه فً الجزابر فً
المكتبة الوطنٌة أٌضا ً ( . )ٙولعلها من صحٌح البخاري.
ولد سؤلت عن هاتٌن النسختٌن فلم أجد أحدا رآهما!! وٌبدو من عنوانه أنه تفسٌر كبٌر.
ٖ -تفسٌر أبً مسعود أحمد بن الفرات الرازى (ت ٕ٘1هـ).
لال إبراهٌم بن دمحم الطٌان :سمعت أبا مسعود ٌمول :كتبت عن ألؾ وسبعمابة وخمسٌن رجبل
أدخلت فً تصنٌفً ثبلث مبة وعشرة وعطلت سابر ذلن وكتبت ألؾ ألؾ حدٌث وخمس مبة
ألؾ حدٌث فؤخذت من ذلن ثبلث مبة ألؾ فً التفسٌر واألحكام والفوابد وؼٌره (. )2
ٗ -تفسٌر المرآن الكرٌم البن ماجة المزوٌنً (ت ٖ ٕ2هـ).
وصفه ابن كثٌر بالحافل فمال :والبن ماجة تفسٌر حافل (. )1والحافل الكثٌر الممتلا .
()5
صؽٌر ولٌل نُ ْمرة فً الجبل ٌستَن ِمع فٌها الما ُء ،وتطلك على العطٌَّةُ والهبة ،انظر:
ٌ ؼدٌر ماءٍ
ُ (ٔ) الموهبة:
لسان العربٔ .1ٖٓ/والمراد بالموهبة هنا من أعطاه هللا ملكة ٌتذوق بها األلفاظ والمعانً فٌفسرها.
(ٕ) علوم المرآن الكرٌم لنور الدٌن عترة ص٘.2
(ٖ) سنن الترمذي ،دمحم بن عٌسى الترمذي السلمً٘ ،ٕٓٓ/باب :الذي ٌفسر المرآن برأٌه ،تحمٌك :أحمد دمحم
شاكر ،دار إحٌاء التراث العربً -بٌروت ،وسنن أبً داود ،سلٌمان بن األشعث السجستانً ٖ ،ٕ٘1/باب:
الكبلم فً كتاب هللا بؽٌر علم ،دار الكتاب العربً -بٌروت(،بدون).
(ٗ) رواه الترمذي ٘ ،ٔ55/ولال :حدٌث حسن ،لال األلبانً :وفٌه نظر ،ففً سنده عبد األعلى أبو عامر
الثعلبً فمد أورده الذهبً فً "الضعفاء" ،ولال" :ضعفه أحمد وأبو زرعة" ،ولال الحافظ فً التمرٌب" :صدوق،
ٌهم" ،وفً سند الترمذي سفٌان بن وكٌع ،لكنه لد توبع من جماعة ،ولذلن لال المناوي" :رمز المصنؾ لحسنه،
اؼترارا ً بالترمذي ،لال ابن المطانٌ :نبؽً أن ٌضعؾ ،إذ فٌه سفٌان بن وكٌع ،ولال أبو زرعة :متهم بالكذب،
انظر :سلسلة األحادٌث الضعٌفة والموضوعة ،دمحم ناصر الدٌن بن الحاج نوح األلبانًٗ ،ٕٙ٘/دار المعارؾ-
الرٌاض ،ط/األولى ٕٔٗٔهـٔ55ٕ -م ،وأخرجه أحمد بن حنبل أبو عبدهللا الشٌبانً فً المسند ٕٔٙ5 /
وٖ ، ٕ5وأخرجه أبو ٌعلى فً مسنده ،أحمد بن علً بن المثنى أبو ٌعلى الموصلً التمٌمًٕ ،ٕٔٙ /تحمٌك:
حسٌن سلٌم أسد ،دار المؤمون للتراث – دمشك ،ط /األولىٗٓٗٔهـ ٔ51ٗ -م.
(٘ )المصنؾ فً األحادٌث واآلثار ،أبو بكر عبد هللا بن دمحم بن أبً شٌبة الكوفً ،باب :من كره أن ٌفسر المرآن
،ٕٔٙ/ٙتحمٌك كمال ٌوسؾ الحوت ،مكتبة الرشد– الرٌاض ،ط /األولى ٔٗٓ5هـ.
( )ٙمنهم:
ولد نالش المجٌزون للتفسٌر بالرأي هذه األدلة فمالوا:
(ٔ)
أما الحدٌث :ففً صحته وثبوته نظر؛ فمد لال الترمذي بعد أن رواه :هكذا ُر ِوي عن
ُ
المرآن بؽٌر علم، بعض أهل العلم من أصحاب النبً -ملسو هيلع هللا ىلص ،-وؼٌرهم أنهم شددوا فً أن ٌُفَ َ
سر
وأما الذي روي عن مجاهد ولتادة(ٕ) وؼٌرهما من أهل العلم أنهم فسروا المرآن فلٌس الظن بهم
أنهم لالوا فً المرآن أو فسروه بؽٌر علم ،أو من لبل أنفسهم ،ولد ُر ِوي عنهم ما ٌدل على ما للنا
(ٖ)
-أنهم لم ٌمولوا من لبل أنفسهم بؽٌر علم -ولد تكلم بعض أهل الحدٌث فً سهٌل بن أبً حزم
"(ٗ).
ولد ذكر اإلمام السٌوطً التفسٌر بالرأي المحرم بموله" :وجملة ما تحصل فً معنى
حدٌث التفسٌر بالرأي خمسة ألوال:
أحدها :التفسٌر من ؼٌر حصول العلوم التً ٌجوز معها التفسٌر.
الثانً :تفسٌر المتشابه الذي ال ٌعلمه إال هللا.
الثالث :التفسٌر الممَ ِرر للمذهب الفاسد بؤن ٌجعل المذهب أصبل والتفسٌر تابعاً.
الرابع :التفسٌر بؤن مراد هللا كذا على المطع من ؼٌر دلٌل.
الخامس :التفسٌر باالستحسان والهوى"(٘).
أ -سعٌد بن المسٌب ولد كان إذا سبل عن تفسٌر آٌة من المرآن لال " :أنا ال ألول فً المرآن شٌبا" ،وكان سعٌد
إذا سبل عن الحبلل والحرام تكلم ،وإذا سبل عن تفسٌر آٌة من المرآن سكت ،وكؤن لم ٌسمع شٌبا .انظر :فضابل
المرآن للماسم بن سبلم ،أبو عُبٌد الماسم بن سبلّم البؽداديٕ ،ٕ٘2/تحمٌك :مروان العطٌة -محسن خرابة -وفاء
تمً الدٌن ،دار ابن كثٌر -دمشك ،طٕٔٗٓ /هـ.
ب -اإلمام الشعبً لال( :ثبلث ال ألول فٌهن حتى أموت) :المرآن والروح والرإى ،انظر :جامع البٌان فً تؤوٌل
المرآن ،دمحم بن جرٌر ،أبو جعفر الطبرئ ،12/تحمٌك :أحمد دمحم شاكر ،مإسسة الرسالة ،ط /األولى ٕٓٗٔ هـ
ٕٓٓٓ -م.
ج -دمحم بن سٌرٌن لال :سؤلت عبٌدةٌ :عنً السلمانً عن آٌة من المرآن فمال" :ذهب الذٌن كانوا ٌعلمون فٌما
أنزل المرآن ،فاتك هللا وعلٌن بالسداد" ،انظر :مصنؾ ابن أبً شٌبة .ٔ25 /2
د -ما روي عن مسروق :أنه لال" :اتموا التفسٌر فإنما هو الرواٌة عن هللا" ،انظر :مجموع الفتاوى ،تمً الدٌن
أبو العباس أحمد بن عبد الحلٌم بن تٌمٌة الحرانً ٕ ،ٖٕٓ/تحمٌك :أنور الباز -عامر الجزار ،دار الوفاء ،ط/
الثالثة ٕٔٗٙهـ ٕٓٓ٘ /م.
(ٔ) هو دمحم بن عٌسى بن سورة بن موسى السلمً الحافظ أبو عٌسى الترمذي الضرٌر مصنؾ الكتاب الجامع،
ولد سنة بضع ومابتٌن ،أخذ علم الحدٌث عن أبً عبد هللا البخاري ،وروى عنه حماد بن شاكر وآخرون ،وكان
ممن جمع وصنؾ وحفظ وذاكر ،توفً ثالث عشر رجب بترمذ سنة تسع وسبعٌن ومابتٌن ولٌل :خمس وسبعٌن،
انظر :الوافً بالوفٌات ٕ ،٘ٗ /وفٌات األعٌان ٗ.ٕ21 /
(ٕ ) هو لتادة بن دعامة بن لتادة بن عزٌز البصري ،حافظ العصر ،لدوة المفسرٌن والمحدثٌن أبو الخطاب
السدوسً البصري الضرٌر األكمه ،مات بواسط فً الطاعون ،سنة ثمانً عشرة ومابة للهجرة ،انظر :سٌر
أعبلم النببلء ٘.ٕٙ5/
(ٖ) هو سهٌل بن أبً حزم المطٌعً ضعٌؾ ،و"لد ضعفه الجمهور ،لال ابن حبانٌ :تفرد عن الثمات بما ال ٌشبه
حدٌث األثبات" ،انظر :المجروحٌن من المحدثٌن والضعفاء والمتروكٌن ،دمحم بن حبان ابن أحمد بن أبً حاتم
التمٌمً البستًٔ ،ٖ5ٓ/تحمٌك :محمود إبراهٌم زاٌد ،دار الوعً– حلب ،ط/األولى ٖٔ5ٙهـ.
(ٗ) سنن الترمذي ٘ ،ٕٓ/تحمٌك :أحمد شاكر ،ومذٌل بحكم األلبانً على األحادٌث ،دار الكتاب العربً-
بٌروت( ،بدون).
(٘) اإلتمان فً علوم المرآن لجبلل الدٌن السٌوطً صٕٕٓ ،بتصرؾ.
وعلٌه فإن التفسٌر المذموم المردود هو التفسٌر بالرأي المحرم الذي ذكره اإلمام
السٌوطً ،وهذا النوع من التفسٌر كثٌرا ً ما ٌشتمل على المروٌات الواهٌة ،والباطلة ،و"أما
التفسٌر الممبول فهو التفسٌر المبنً على المعرفة بالعلوم اللؽوٌة ،والمواعد الشرعٌة،
واألصولٌة ،وعلم السنن ،واألحادٌث ،وال ٌعارض نمبل صحٌحاً ،وال عمبل سلٌماً ،وال علما ً ٌمٌنا ً
ثابتا ً مستمراً ،مع بذل ؼاٌة الوسع فً البحث ،واالجتهاد والمبالؽة فً تحري الحك والصواب،
وتجرٌد النفس من الهوى"(ٔ) ،وهو الحك وعلٌه أكثر السلؾ(ٕ)؛ ألن ما كان مخالفا ً لنص من
الكتاب أو السنة فهو فاسد االعتبار ،كما أن ما كان متكلفا ً ؼٌر مبنى على االجتهاد المستكمل
للشروط ٌُعد عبثاً.
واختلؾ العلماء فً تسمٌة التفسٌر بالرأي ،هل ٌسمى تفسٌرا ً أم ٌسمى تؤوٌبلً ؟
(ٖ)
والذي رجحه الزركشً أن هنان فرلا ً بٌن التؤوٌل والتفسٌر وأنهما لٌسا بمعنى واحد،
فمال" :ثم لٌل التفسٌر والتؤوٌل واحد بحسب عرؾ االستعمال والصحٌح تؽاٌرهما"(ٗ).
ولال فً موضع آخر" :وكؤن السبب فً اصطبلح بعضهم على التفرلة بٌن التفسٌر
والتؤوٌل التمٌٌز بٌن المنمول والمستنبط لٌحمل على االعتماد فً المنمول وعلى النظر فً
المستنبط تجوٌزا ً له وازدٌاداً"(٘).
ولال دمحم حسٌن الذهبً " :والذي تمٌل إلٌه النفس أن التفسٌر ما كان راجعا ً إلى الرواٌة،
والتؤوٌل ما كان راجعا ً إلى الدراٌة؛ وذلن ألن التفسٌر معناه الكشؾ والبٌان عن مراد هللا تعالى
ال ٌجزم به إال إذا ورد عن رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص -أو عن بعض أصحابه الذٌن شهدوا نزول الوحً،
وعلموا ما أحاط به من حوادث وولابع وخالطوا رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص -ورجعوا إلٌه فٌما أشكل علٌهم
من معانً المرآن الكرٌم.
(ٔ) اإلسرابٌلٌات والموضوعات فً كتب التفسٌر ،د /دمحم بن دمحم أبو شهبة ص ،51مكتبة السنة ،ط /الرابعة
ٔٗٓ1هـ ،بتصرؾ ٌسٌر.
(ٕ )منهم كثٌر من الصحابة رضً هللا عنهم كاإلمام علً ،وابن مسعود ،وابن عباس ،وأبً بن كعب وعبد هللا
بن عمرو بن العاص ،وأنس ،وأبً هرٌرة ،وؼٌرهم ،فلوال أن تفسٌر المرآن جابز لمن تؤهل له لما فعلوه ،ألنهم
كانوا أشد الناس ورعا ،وتموى ،وولوفا عند حدود هللا ،كما ورد تفسٌر المرآن عن كثٌر من خٌار التابعٌن،
كسعٌد بن جبٌر ،ومجاهد بن جبر ،وعكرمة ،ولتادة والحسن البصري ،ومسروق ،والشعبً ،وؼٌرهم ،مما ٌدل
على أن من امتنع منهم من تفسٌر المرآن إنما كان زٌادة احتٌاط ،ومبالؽة فً التورع ،انظر :أبجد العلوم الوشً
المرلوم لصدٌك بن حسن المنوجً ٕ ،ٔٗٔ /تحمٌك :عبد الجبار زكار ،دار الكتب العلمٌة – بٌروتٔ521 ،م.
(ٖ ) لال صدٌك حسن خان :واختلؾ فً التفسٌر والتؤوٌل فمال أبو عبٌد وطابفة :هما بمعنى ولد أنكر ذلن لوم،
ولال الراؼب :التفسٌر أعم من التؤوٌل ،وأكثر استعماله فً األلفاظ ومفرداتها ،وأكثر استعمال التؤوٌل فً
معان
ٍ المعانً والجمل ،ولٌل :التفسٌر :بٌان لفظ ال ٌحتمل إال وج ًها واحدًا ،والتؤوٌل :توجٌهُ لفظ متوج ٍه إلى
مختلفة إلى واحد منها بما ظهر من األدلة ،ولال الماترٌدي :التفسٌر :المط ُع على أن المرا َد من اللفظ هذا،
فظ هذا ،والتؤوٌل :ترجٌح أحد المحتمبلت بدون المطع ،ولال أبو والشهادة ُ على هللا سبحانه وتعالى أنه عنَى باللَّ ِ
إخبار عن دلٌ ِل المرادِ ،ولال البؽوي :التفسٌر بالرأي:
ٌ والتفسٌر
ُ إخبار عن حمٌم ِة المرادِ،
ٌ طالب الثعلبً :التؤوٌلُ:
ك
ب والسن ِة ،من طرٌ ِ ؼٌر مخالؾ للكتا ِِ ُ
ك لما لبلها وبعدها ،تحتمله اآلٌة، هو صرؾ اآلٌ ِة إلى معنى مواف ٍ
االستنباط .انظر:أبجد العلومٕ.ٕٔٗ ،ٔٗٔ/
ِ
(ٗ) البرهان فً علوم المرآن للزركشًٕ.ٔٗ5/
(٘)المصدر نفسه ٕ.ٔ2ٕ/
وأما التؤوٌل فملحوظ فٌه ترجٌح أحد محتمبلت اللفظ بالدلٌل ،والترجٌح ٌعتمد على االجتهاد،
وٌتوصل إلٌه بمعرفة مفردات األلفاظ ومدلوالتها فً لؽة العرب واستنباط المعانً من كل
ذلن"(ٔ).
والذي ٌراه الباحث هو ما رجحه األكثر(ٕ) أن التفسٌر مؽاٌر للتؤوٌل ،وأن تفسٌر الدراٌة
"الرأي" هو التؤوٌل؛ وذلن لٌحصل التمٌٌز فً التفسٌر بالمؤثور ،واالجتهاد فً التفسٌر بالرأي،
وٌكون االعتـماد على التـفسٌر بالمؤثور ،والنظر فً المستنبط ،ثم إن التفسٌر بالمؤثور ممدم على
التفسٌر بالرأي عند التعارض ،بل ٌعد التفسٌر بالرأي فً ممابل النص فاسد االعتبار ،وال
مشاحة فً االصطبلح إذا عرؾ المعنى ،ومن أهم كتب التفسٌر بالرأي:
أ -أنوار التنزٌل وأسرار التؤوٌل للبٌضاوي(ٖ).
ب -مدارن التنزٌل وحمابك التؤوٌل للنسفً(ٗ).
ج -لباب التؤوٌل فً معانً التنزٌل للعبلمة عبلء الدٌن البؽدادي الملمب بالخازن(٘).
د -البحر المحٌط ألبً حٌان دمحم بن ٌوسؾ األندلسً.
-4التفسٌر اإلشاري
هو تفسٌر المرآن بؽٌر ظاهره إلشارة تظهر ألرباب الصفاء ،مع عدم إبطال الظاهر،
لال الزرلانً" :التفسٌر اإلشاري :هو تؤوٌل المرآن بؽٌرظاهره إلشارة خفٌة تظهر ألرباب
السلون والتصوؾ وٌمكن الجمع بٌنها وبٌن الظاهرالمراد أٌضا"(.)ٙ
ولال الصابونً" :التفسٌراإلشاري :هو تؤوٌل المرآن على خبلؾ ظاهره ،إلشارات
خفٌة تظهر لبعض أولً العلم ،أوتظهر للعارفٌن باهلل من أرباب السلون والمجاهدة للنفس ،ممن
نور هللا بصابرهمفؤدركوا أسرار المرآن العظٌم ،أو انمدحت فً أذهانهم بعض المعانً الدلٌمة،
بواسطةاإللهام اإللهً أو الفتح الربانً ،مع إمكان الجمع بٌنهما وبٌن الظاهر المراد من اآلٌات
الكرٌمة"(..)2
(ٔ) تفسٌر المران الكرٌم على الطرٌمة الصوفٌة ،دراسة وتحمٌك حمابك التفسٌر ألبً عبدالرحمن بن دمحم بن
الحسٌن األزدي السلمً ،رسالة ماجستٌر ،سلمان نصٌؾ جاسم التكرٌتً ،مكتبة كلٌة دار العلوم ،جامعة الماهرة،
٘.ٕٕ :ٔ52
(ٕ) تفسٌر المران العظٌم ،سهل بن عبدهللا ،مطبعة السعادة.ٙٔ :ٔ5ٓ1 ،
(ٖ) لطابؾ اإلشارات ،المشٌري ،تحمٌك :د .ابراهٌم بسٌونً ،طبعة الهٌبة المصرٌة العامة للكتاب ،طٖ،
الماهرة.ٗٔ/ٔ :ٔ51ٔ ،
(ٗ) تارٌخ أدبٌات در اٌران ،ذبٌح هللا صفا ،طٖٖٖٔ5 ،هـ.ٕ٘2/ٕ :
هو ما تتناهً إلٌه الفهوم من معنى الكبلم ،والمطلع ما ٌصعد إلٌه منه فٌطلع على شهود الملن
العبلم"(ٔ).
وٌمكن المول باستمراء التفسٌرات الصوفٌة السابمة أن السمة الؽالبة فً التفسٌر
اإلشاري لدى الصوفٌة تتمثل فٌما ٌؤتً:
ٔ -أن للمرآن ظاهرا وباطنا ،وأن الظاهر للعوام والباطن ال ٌدركه إال الخواص وإدران
الخواص مستمد من فٌض إلهً ٌنٌر بصابرهم ،وٌكشؾ لهم على زعمهم عن معارؾ لدنٌة
مباشرة.
ٕ -أن العلم بالمرآن على هذا النحو ٌفترق عن العلوم المرآنٌة األخرى فً بداٌته وفى طرابمه
وفً ؼاٌاته ،فضبل عن أنه ٌفترق عن سابر العلوم بضرورة العمل ،فالعالم البد أن ٌكون عامبل
وعمله هو جهاده ورٌاضاته التً تإدى إلى صمل إرادته وشحذ همته وتنمٌة مرآته الباطنٌة من
كل شاببة ،فالتفسٌر عموما لٌس تفسٌرا مباشرا ،بل ٌسلن تزكٌة النفوس وتطهٌر الملوب والحث
على التحلى باألخبلق الفاضلة.
ٖ -أن التفسٌر اإلشاري وإن كان ٌعتمد على ما وراء العبارة الظاهرٌة إال أنه لم تخل من
بعض ما نمل من اآلثار على النحو المذكور فً التفسٌر بالمؤثور أو التفسٌر بالرأي بالطرٌمة
االستنباطٌة ،أو تفسٌرات تعتمد على معانً األلفاظ والتفسٌرات الببلؼٌة.
ٗ -تتعرض هذه التفسٌرات لكثٌر من المعانً والمصطلحات الصوفٌة التً تكشؾ عن طرٌمتهم
وتجربتهم ،ال سٌما أنهم ٌوجهون اآلٌات كشواهد لهذه الرموز والمصطلحات.
٘ -ومع ما فٌها من معانً تمبل بصعوبة ،أو ٌلتمس لها وجها تحمل علٌه بمشمة.
-ٙلم تسلم هذه التفسٌرات من اإلسرابٌلٌات ،واالستشهاد بؽٌر المرآن والسنة ،ولم تتبع الدلة فً
تحري ثبوت الحدٌث ،أو مراعاة التعلٌك على األسانٌد ،وكذلن لم تخل من فكر باطنً(ٕ).
ولد استدل الصوفٌة بكثٌر من اآلٌات المرآنٌة العامة ،التً تدعو إلى التدبر وفهم كتاب
ْب فٌِ ِه ُهدًى ِلّ ْل ُمتَّمٌِنَ الَّذٌِنََاب الَ َرٌ َ هللا بالتؤمل وحسن االستماع ،كموله تعالى {:الم َذلِنَ ْال ِكت ُ
صبلة َ َو ِم َّما َرزَ ْلنَا ُه ْم ٌُن ِفمُونَ } [البمرة ،]ٖ-ٔ:وكموله{ :فَ َما ِل َهإُ الء ْالمَ ْو ِم ب َوٌُ ِمٌ ُمونَ ال َّ ٌُإْ ِمنُونَ بِ ْالؽَ ٌْ ِ
الَ ٌَ َكادُونَ ٌَ ْفمَ ُهونَ َحدٌِثًا}[النساء ،]21:والمعنى ال ٌفهمون عن هللا مراده من الخطاب ،ولم ٌرد
ب أ َ ْلفَالُ َها}[دمحم،]ٕٗ: علَى لُلُو ٍأنهم ال ٌفهمون نفس الكبلم وكموله تعالى{ :أَفَبل ٌَت َ َدب َُّرونَ ْالمُ ْرآنَ أ َ ْم َ
حٌث دل على أن ظاهر المعنى شًء وهم عارفون به ألنهم عرب ،والمراد هو شًء آخر وهو
الذي ال شن فٌه أنه من عند هللا ،والتدبر إنما ٌكون لمن التفت إلى المماصد ،وذلن ظاهر فً أنهم
أعرضوا عن مماصد المرآن ،فلم ٌحصل منهم تدبر ،وكموله تعالىِ [ :إ َّن ِفً َذلِنَ لَ ِذ ْك َرى ِل َمن َكانَ
ش ِهٌ ٌد}[ق ،]ٖ2:ولال أبو سعٌد الخراز" :أول الفهم لكتاب هللا عز س ْم َع َو ُه َو َ لَهُ لَ ْلبٌ أ َ ْو أ َ ْلمَى ال َّ
وجل العمل به ،ألن فٌه العلم والفهم واالستنباط ،وأول الفهم إلماء السمع والمشاهدة لموله عز
ش ِهٌ ٌد}[ق.)ٖ("]ٖ2: س ْم َع َو ُه َو َوجل{ :إِ َّن فًِ َذلِنَ لَ ِذ ْك َرى ِل َمن َكانَ لَهُ لَ ْلبٌ أ َ ْو أ َ ْلمَى ال َّ
(ٔ) تفسٌر ابن عربً ،ٔ/ٗ :وانظر تحمٌك نسبته فً :تفسٌر المنار ،ٔ1/ٔ:ومحً الدٌن بن عربً مفسرا ،حامد
محمود الزفري ،رسالة دكتوراه بمكتبة كلٌة أصول الدٌن جامعة األزهر ،الماهرة ،سنة ٕ :ٔ52صٗ.ٔ2
(ٕ) انظر :الموافمات.ٖٗٓ/ٖ :
(ٖ) اللمع فً التصوغ ،سراج الطوسً.ٖٔٔ :
وٌواصل السراج الطوسً استدالله على التفسٌر اإلشاري فٌمول" :ولال تعالى { :الَّذٌِنَ
سنَهُ}[ الزمر ،]ٔ1:فالمرآن كله حسن ومعنى اتباع األحسن ،ما ٌَ ْست َِمعُونَ ْالمَ ْو َل فٌََتَّبِعُونَ أَحْ َ
ٔ
ٌكشؾ للملوب من العجابب عند االستماع وإلماء السمع من طرٌك الفهم واالستنباط"( ).
(ٕ)
،فلفظ ومن السنة ٌستدلون بموله " :لكل آٌة ظهر وبطن ولكل حرؾ حد ومطلع"
الظاهر والباطن على زعمهم لرآنٌان ،وال ٌمكن االعتراض على الفكرة المابلة بؤن فً المرآن
ناحٌة واضحة تدرن فً ضوء االشتماق ،وأن به ناحٌة أخرى ربما كانت أخفك وأعمك بالنسبة
لؤلولى ،ألن هذه الفكرة ٌمكن أن تطبك فً الوالع على أي نص فكل نص له ناحٌة لرٌبة مباشرة
تدرن ببل عناء ،وناحٌة أخرى تحتاج إلى عمل وجهد فً استٌعابها وفهمها ،كما ال ٌمكننا أن
ننكر أن الحمٌمة اإلنسانٌة الثابتة تشٌر إلى عدم تساوي الناس فً الفهم واإلدران ،ولد ظهرت
تلن الحمٌمة فً حٌاة الرسول وصحابته رضً هللا عنهم الذٌن تفاوتت ألدارهم فً سرعة ومدى
فهمهم للمرآن ،وهذا ٌفسر ما أثر عنهم من تفسٌرات مختلفة(ٖ).
وعن ابن عباس رضً هللا تعالى عنهما لال " :كان عمر ٌدخلنً مع أشٌاخ بدر فمال
بعضهم :لم تدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله ؟ فمال :إنه ممن لد علمتم لال :فدعاهم ذات ٌوم
ودعانً معهم ،لال :وما أرٌته دعانً ٌومبذ إال لٌرٌهم منً ،فمال :ما تمولون فًِ { :إ َذا َجاء
َّللا أ َ ْف َوا ًجا}[ النصر ،]ٔ-ٕ:حتى ختم السورة ؟
ٌِن َّ ِ َّللاِ َو ْالفَتْ ُح َو َرأٌَْتَ النَّ َ
اس ٌَ ْد ُخلُونَ فًِ د ِ ص ُر َّ
نَ ْ
فمال بعضهم :أمرنا أن نحمد هللا ونستؽفره إذا نصرنا وفتح علٌنا ،ولال بعضهم :ال ندري أو لم
ٌمل بعضهم شٌبا ،فمال لًٌ :ا ابن عباس أكذان تمول ؟ للت :ال ،لال :فما تمول ؟ للت :هو أجل
َّللاِ َو ْالفَتْ ُح}[ النصر ،]ٔ:فتح مكة ،فذان عبلمة رسول هللا أعلمه هللا لهِ { :إ َذا َجاء نَ ْ
ص ُر َّ
س ِبّحْ ِب َح ْم ِد َر ِبّنَ َوا ْست َ ْؽ ِف ْرهُ إِنَّهُ َكانَ ت ََّوابًا}[النصر ،]ٖ-ٗ:لال عمر رضً هللا عنه :ماأجلن { :فَ َ
(ٗ)
أعلم منها إال ما تعلم " .
والشاهد هنا أن ابن عباس رضً هللا عنه فهم من خطاب هللا معنى خفٌا وراء ظاهر
األلفاظ لم ٌدركه عامة الصحابة فً مجلسهم ،وهذا ٌشبه عمل الصوفٌة فً التفسٌر اإلشاري.
ومثله أٌضا ما روى عن أبً سعٌد الخدري رضً هللا عنه أن رسول هللا جلس على المنبر
فمال " :إن عبدا خٌره هللا بٌن أن ٌإتٌه من زهرة الدنٌا ما شاء وبٌن ما عنده فاختار ما عنده،
فبكى أبو بكر ولال :فدٌنان بآبابنا وأمهاتنا ،فعجبنا له ولال الناس :انظروا إلى هذا الشٌخٌ ،خبر
رسول هللا عن عبد خٌره هللا بٌن أن ٌإتٌه من زهرة الدنٌا وبٌن ما عنده ،وهو ٌمول فدٌنان
بآبابنا وأمهاتنا فكان رسول هللا هو المخٌر ،وكان أبو بكر هو أعلمنا به.
ولال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص" :إن من أمن الناس علً فً صحبته وماله أبا بكر ،ولو كنت متخذا
خلٌبل من أمتً التخذت أبا بكر إال خلة اإلسبلم ،ال ٌبمٌن فً المسجد خوخة إال خوخة أبً
بكر"(٘).
(ٔ) انظر :الفكر السٌاسً عند الباطنٌة ومولك الؽزالً منه ،احمد عرفات ،رسالة ماجستٌر ،كلٌة دار العلوم،
جامعة الماهرة.ٕٔ2 :ٔ511 ،
(ٕ) المعجم الصوفً ،محمود عبدالرزاق.ٕٖٔ-ٕٔٓ/ٔ :
(ٖ) االتمان فً علوم المرآن.ٔ1٘/ٕ :
ار[التوبة]ٕٖٔ:فكؤنه لال :أمرنا بمتال النفس ومن ٌلٌنا من الكفار ومع ذلن فٌالٌتهم لم ْال ُكفَّ ِ
(ٔ)
ٌتساهلوا فً مثل ذلن لما فٌه من اإللهام واإللباس" .
ٕ -رأى الشاطبى:
ٌمسم الشاطبى االعتبارات المرآنٌة الواردة على الملوب الطاهرة وأصحاب البصابر إذا
صحت على كمال شروطها على ضربٌن :
أ -ما ٌكون أصل انفجاره من المرآن وٌتبعه سابر الموجودات ،فإن االعتبار الصحٌح فً الجملة
هو الذي ٌخرق من البصٌرة فً حجب األكوان من ؼٌر تولؾ ،فإن تولؾ فهو ؼٌر صحٌح
حسبما بٌنه أهل التحمٌك بالسلون.
ب -ما ٌكون انفجاره من الموجودات كلٌا أو جزبٌا وٌتبعه االعتبار فً المرآن.
فإن كان األول فهذا االعتبار صحٌح وهو معتمد على فهم باطن المرآن من ؼٌر إشكال ،وإن
كان الثانً فالتولؾ على اعتباره فً فهم باطن المرآن الزم وأخذه على إطبلله ممتنع ألنه
بخبلؾ األول (ٕ).
ٖ-رأى تاج الدٌن بن عطاء هللا:
وٌع ّد ابن عطاء هللا تفسٌر الصوفٌة لكبلم هللا ورسوله بالمعانً الؽرٌبة ،لٌس إحالة
للظاهر عن ظاهره ،ولكن ظاهر اآلٌة مفهوم منه ما جلبت اآلٌة له ودلت علٌه فً عرؾ
اللسان ،وثمة أفهام باطنة تفهم عند اآلٌة والحدٌث لمن فتح هللا للبه ،ولد جاء فً الحدٌث لكل آٌة
ظهر وبطن ،فبل ٌصدنن عن تلمى هذه المعانً منهم أن ٌمول لن ذو جدل ومعارضة هذا إحالة
لكبلم هللا ورسوله ،فلٌس ذلن بإحالة وإنما ٌكون إحالة لو لالوا :ال معنى لآلٌة إال هذا وهم لم
ٌمولوا ذلن بل ٌمرون بالظواهر على ظواهرها مرادا بها موضوعاتها وٌفهمون عن هللا ما
أفهمهم(ٖ).
ٗ -رأى حاجى خلٌفة:
ٌرى حاجى خلٌفة أن التصوؾ علم كٌفٌة رلً أهل الكمال من النوع االنسانً فً
مدارج سعادتهم ،واألمور العارضة لهم فً درجاتهم ،بمدر الطالة البشرٌة ،وأما التعبٌر عن هذه
الدرجات والممامات كما هو حمه ،فؽٌر ممكن ألن العبارات إنما وضعت للمعانً التً وصل
إلٌها فهم أهل اللؽات ،وأما المعانً التً ال ٌصل إلٌها إال ؼابب عن ذاته فضبل عن لوى بدنه،
فلٌس ٌمكن أن ٌوضع لها ألفاظ ،فضبل عن أن ٌعبر عنه بؤلفاظ ،فكما أن المعموالت ال تدرن
باألوهام والموهومات ،ال تدرن بالخٌالٌات ،والتخٌبلت ال تدرن بالحواس ،كذلن ما من شؤنه أن
ٌعاٌن بعٌن الٌمٌن ال ٌمكن أن ٌدرن بعلم الٌمٌن ،فالواجب على من ٌرد ذلن أن ٌجتهد فً
الوصول إلٌه ،بالعٌن دون أن ٌطلبه بالبٌان والعمل(ٗ).
٘ -رأى سعد الدٌن التفتازانى:
فً شرحه للعمابد النسفٌة وتحت لول النسفى" :النصوص على ظاهرها والعدول عنها
إلى معان ٌدعها أهل الباطن إلحاد" علك سعد الدٌن التفتازانى بموله" :سمٌت المبلحدة باطنٌة
(ٔ) مناهل العرفان فً علوم المران ،الزرلانً ،طبعة عٌسى البابً.٘٘1/ٔ :ٔ5ٖ٘ ،
(ٕ) التفسٌر والمفسرون ،دمحم حسٌن الذهبً ،دارالكتب الحدٌثة.ٕٕ/ٖ:
(ٖ) التفسٌر والمفسرون.ٕٕ/ٖ :
(ٗ) التفسٌر والمفسرون.ٕٕ/ٖ :
(٘) التفسٌر والمفسرون.ٕٗ/ٖ :
( )ٙالتصوؾ طرٌما وتجربة ومذهبا.ٔ٘2 :
بحٌث أنها تإدى إلى أن ٌكون تفسٌر المرآن مختلفا باختبلؾ الذوات المشتركة فٌها أي أن ٌكون
المولؾ مولفا ذاتٌا مما ٌنتج بدوره تفسٌرات متعارضة وٌإدى إلى اضطرار كبٌر ،ولكن
الحمٌمة أن الصوفٌة فعبل ٌرون أن تعدد التفسٌرات أمر حتمى ،ألن معانً المرآن ال نهابٌة
وتتكشؾ لكل صوفى حسب طالته الروحٌة وحسب فضل هللا ٌإتٌه من ٌشاء ،ولٌس فً ذلن أي
ضٌر ما دام هذا متصبل بالمعانً الكمالٌة التً ال تتجاوز حدود المعانً المباشرة المتفك
علٌها (ٔ).
ولبل النظر والتعمٌب على اآلراء السابمة فً التفسٌر اإلشار لنستخلص منها ما ٌمكن أن
نصل إلٌه فً تمرٌر شروط التفسٌر اإلشاري ،تجدر اإلشارة إلى رأي بعض المستشرلٌن
الؽربٌٌن من لبٌل الممارنة المإثرة فً توجٌه اآلراء إلى األفضل ،فنرى المستشرق نكلسون
أستاذ مدرسة كمبردج االستشرالٌة ٌصرح بؤن التفسٌر الصوفً ٌشابه التفسٌر الشٌعً وكبلهما
عنده من التؤوٌبلت المؽرضة التً تتبلعب بالنصوص ،فٌمول ":استطاع الصوفٌة متبعٌن فً
ذلن الشٌعة ،أن ٌبرهنوا بطرٌمة تؤوٌل نصوص الكتاب والسنة تؤوٌبل ٌبلبم أؼراضهم على أن
كل آٌة بل كل كلمة من المرآن تخفى وراءها معنى باطنٌا ال ٌكشفه هللا إال لخاصة العباد ،الذٌن
تشرق هذه المعانً فً للوبهم وفى أولات وجدهم ،واعتبروا أنفسهم خاصة أهل هللا الذٌن منحهم
هللا أسرار علم الباطن المودعة فً المرآن والحدٌث ،وأنهم استعملوا فً التعبٌر عن هذا العلم لؽة
الرمز واإلشارة ،التً ال ٌموى على فهمها ؼٌرهم من المسلمٌن"(ٕ) ،وربما كان هذا
المولؾ للمستشرق نٌكلسون بسبب ما أشارت إلٌه الباحثة ملسو هيلع هللا ىلص أن المستشرلٌن فً المرن التاسع
عشر لد عرفوا المصادر الصوفٌة المتؤخرة والتً ال تصور التصوؾ فً مراحله األولى.
فحكم نٌكلسون على جمٌع الصوفٌة فً تفسٌرهم للمرآن بما رآه من الؽلو فً التفسٌر
اإلشاري عند المتؤخرٌن ،ولذا أدرن نٌكلسون بعد ذلن استحالة وضع حكم منصؾ للتصوؾ
لبل أن تعد مصادره األولى إعدادا علمٌا دلٌما ،ولد تولى هو زمام المبادرة فً نشر
(ٖ).
المخطوطات وتحمٌمها والتعلٌك علٌها وترجمتها وتحلٌل مادتها
وٌرى المستشرق جولد تسهٌر أن العمل بما روى عن عبد هللا بن مسعود رضً هللا
عنه" :من أراد علم األولٌن واآلخرٌن فلٌتثور المرآن" ال ٌحصل بمجرد تفسٌره الظاهر،
فاألمور كلها داخلة فً أفعال هللا عز وجل وصفاته ،وهذه العلوم ال نهاٌة لها ،وفى المرآن إشارة
إلى مجامعها ،وفٌه رموز ودالالت لكل ما أشكل من ذلن على النظار ،ومهمة التفسٌر
هً استخراج كل ذلن العلم من الكتاب والتعمك فً تفصٌله ،ووراء هذه المعانً الظاهرة
ٌحتجب المعنى الباطن وتسكن أسرار المرآن التً ٌنبؽى البحث عنها بتؽلؽل ونفاذ أعمك من
ذلن ،ولن ٌترتب على ذلن المضاء على ظاهر التفسٌر بل هو استكمال له ووصول إلى لبابه،
وإذا كان التفسٌر الصوفً فٌه تجاوز للتفسٌر المنمول المحدود فً حرٌة ال تولفها لٌود ،ومع
استخدام أمثلة بعٌدة المدرن والمورد فً الؽالب فً الكشؾ عن أفكار الورى إال أن أثرت فً
(ٔ) مذاهب التفسٌر االسبلمً ،إجناز جولد تسهٌر ،ترجمة :دمحم ٌوسؾ موسى وآخرون ،طبعة دار الكتاب
العربً.ٕٓ2 :ٔ5٘5 ،
(ٕ) تارٌخ الفلسفة االسبلمٌة ،هنري كوربان ،ترجمة :لٌسً وزمٌله ،بٌروت ،طٔ.ٔٓ :ٔ5ٙٙ ،
(ٖ) انظر :التصوؾ ،د .دمحم كمال جعفر.ٕٙ :
(ٗ) التصوؾ ،د .دمحم كمال جعفر.ٕٙ :
ٕ- -أن ٌكون له شاهد شرعً ٌإٌده.
ٖ -أال ٌكون له معارض شرعً أو عملً.
ٗ -أال ٌدعً أن التفسٌر الصوفً هو المراد وحده من الظاهر.
٘ -أال ٌكون التؤوٌل بعٌدا ال ٌحتمله اللفظ فٌه تلبٌس على أفهام الناس.
فإذا توفرت هذه الشروط ،ولٌس للتفسٌر ما ٌنافٌه أو ٌعارضه من األدلة الشرعٌة ،جاز
األخذ به أو تركه ،ألنه من لبٌل الوجدانٌات ،والوجدانٌات ال تموم على دلٌل نظري ،وإنما هو
أمر ٌبعث على تنمٌة المشاعر وتحصٌل مكارم األخبلق ،فٌجده الصوفً من نفسه وٌسره بٌنه
وبٌن ربه ،فله أن ٌؤخذ به أو ٌعمل بممتضاه دون أن ٌلزم به أحدا من الناس ،واألحرى أال ٌسمى
هذا اللون من الفهم تفسٌرا وإنما ٌسمى ذكر النظٌر بالنظٌر الذي ٌعتبر صحٌح (ٔ).
أمثلة على التفسٌر اإلشاري:
َّ
ضتُ فَ ُه َو ٌَ ْش ِفٌن َوالذِي ما ذكره سهل بن عبد هللا التسترى فً لوله تعالى َ { :و ِإ َذا َم ِر ْ
ٌن }[الشعراءٓ ،]1ٔ-1لالٌ" :عنى إذ تحركت بؽٌره لؽٌره عصمنى ،وإذا ملت ٌ ُِمٌتُنًِ ث ُ َّم ٌُحْ ٌِ ِ
إلى شهوة من الدنٌا منعها عنى ،ولوله والذى ٌمٌتنى ثم ٌحٌن أي الذي ٌمٌتنى بالؽفلة ثم ٌحٌنى
ظلَ ُموا إِ َّن فًِ َذلِنَ َآلٌَةً ِلّمَ ْو ٍم َ بالذكر" ،وفً لوله {:فَتِ ْلنَ بٌُُوت ُ ُه ْم خَا ِوٌَةً بِ َما
ٌَ ْعلَ ُمونَ }[النمل ،]ٕ٘:لال" :اإلشارة فً البٌوت إلى الملب فمنها ما هو عامر بالذكر ،ومنها ما
هو خرب بالؽفلة ومن ألهمه هللا عز وجل بالذكر فمد خلصه من الظلم"(ٕ).
َتص ِل ُحوا بَ ٌْنَ ُه َما فَإِن بَؽ ْ َان ِمنَ ْال ُمإْ ِمنٌِنَ ا ْلتَتَلُوا فَؤ َ ْ ولال فً لوله تعالى َ { :و ِإن َ
طابِفَت ِ
ْ َ
اءت فَؤ ْ
ص ِل ُحوا بَ ٌْنَ ُه َما ِبال َع ْد ِل َّللاِ فَإِن فَ ْ علَى ْاأل ُ ْخ َرى فَمَاتِلُوا الَّتًِ ت َ ْب ِؽً َحتَّى ت َ ِفً َء إلى أ ْم ِر َّ
َ ِإحْ َدا ُه َما َ
َّللا ٌ ُِحبُّ ال ُم ْم ِس ِطٌنَ }[الحجرات ،]5:ظاهرهما ما علٌه من أهل التفسٌر ،وباطنها هو ْ طوا إِ َّن َّ َ َوأ َ ْل ِس ُ
الروح والعمل والملب والطبع والهوى والشهوة ،فإن بؽى الطبع والهوى والشهوة على الملب
والعمل والروح ،فلٌتماتل العبد بسٌوؾ المرالبة وسهام المطالعة وأنوار الموافمة لٌكون الروح
والعمل ؼالبا والهوى والشهوة مؽلوبا(ٖ).
وأورد أبو نصر السراج الطوسً بعض األمثلة التً ذكرها الصوفٌة من طرٌك اإلشارة
واالستنباط والفهم الصحٌح ،وبٌن أنهم لم ٌمدموا فٌها ما أخر هللا تعالى وال أخروا ما لدم هللا،
وال نازعوا الربوبٌة وال خرجوا عن العبودٌة وال ٌكون فٌه تحرٌؾ الكلم ،منها لوله
س ِل ٌٍم}(الشعراء ،)15- 11:سبل عنه أبو ب َ َّللاَ بِمَ ْل ٍ
تعالى ْ ٌَ {:و َم َال ٌَنفَ ُع َما ٌل َو َال بَنُونَ ِإ َّال َم ْن أَت َى َّ
بكر الكتانى فمال :الملب السلٌم على ثبلثة أوجه من طرٌك الفهم :
أحدها :هو الذي ٌلمى هللا تعالى عز وجل ولٌس فً للبه مع هللا شرٌن.
والثانً :هو الذي ٌلمى هللا تعالى ولٌس فً للبه شؽل مع هللا عز وجل وال ٌرٌد ؼٌر هللا تعالى.
والثالث :الذي ٌلمى هللا عز وجل وال ٌموم به ؼٌر هللا عز وجل ،فنى عن األشٌاء باهلل ،ثم فنى
عن هللا باهلل (ٗ).
وفً هذا المثال ،وكل ما هو على شاكلته ٌمكن إعمال الرأي فً اختٌار أحد المعانً،
وٌمكن حمل اللفظ أو الجملة على جمٌع المعانً إن كانت اللؽة والسٌاق ٌحتمله ،وهللا الموفك.
ٕ-االتجاه العلمً:
وهو "التفسٌر الذي ٌُ َح ِكم االصطبلحات العلمٌة فً عبارات المرآن ،وٌجتهد فً ّ
استخراج مختلؾ العلوم واآلراء الفلسفٌة منها"(ٗ) ،ولعل اإلمام الؽزالً(٘) أكثر من تحدث عن
هذا النوع من التفسٌر بمعلومات عصره ،وما حصل علٌه من كتب الفلسفة ،وأحٌانا ً بلفتا ٍ
ت
تؤملٌه وفما ً لآلٌات ،وعندما عمد أول مإتمر لئلعجاز العلمً فً إسبلم أباد عام ٔ512م ،عرؾ
التفسٌر العلمً بؤنه" :الكشؾ عن معانً اآلٌة أو الحدٌث فً ضوء ما ترجحت صحته من
نظرٌات العلوم الكونٌة"(.)ٙ
"والتفسٌر العلمً ٌختلؾ عن اإلعجاز العلمً؛ ألن اإلعجاز ال ٌكون إال فٌما تحمك
ثبوته ،ولذلن ٌ َع َّرؾ اإلعجاز بؤنه :إخبار المرآن الكرٌم ،أو السنة النبوٌة ،بحمٌمة أثبتها العلم
التجرٌبً أخٌراً ،وثبت عدم إمكانٌة إدراكها بالوسابل البشرٌة فً زمن الرسول -ملسو هيلع هللا ىلص ،-وهكذا
ٌظهر اشتمال المرآن ،أو الحدٌث على الحمٌمة الكونٌة ،التً ٌإول إلٌها معنى اآلٌة أو الحدٌث،
وٌشاهد الناس مصدالها فً الكون ،فٌستمر عندها التفسٌر ،وٌعلم بها التؤوٌل ،كما لال تعالى:
ؾ ت َ ْعلَ ُمونَ } [األنعام ،]ٙ2:ولد تتجلى مشاهد أخرى كونٌة عبر المرون، { ِل ُك ِّل نَ َبإ ٍ ُم ْستَمَ ٌّر َو َ
س ْو َ
تزٌد المعنى المستمر وضوحاً ،وعمماً ،وشموالً؛ ألن الرسول -ملسو هيلع هللا ىلص -لد أوتى جوامع الكلم" .
()2
وتكمن أهمٌة التفسٌر العلمً المتثبت من الحمابك التً أثبتها العلم التجرٌبً باآلتً:
أ -تفسٌر المرآن للمسلمٌن تفسٌرا ً ٌشبع حاجتهم من الثمافة الكونٌة ،وٌؽرس الٌمٌن فً للوبهم
بصدق ما أخبرهم به المرآن الكرٌم.
ب -إدران وجوه جدٌدة لئلعجاز فً المرآن من ناحٌة ما ٌحوٌه أو ٌرمز إلٌه من علوم الكون
واالجتماع.
ج -دفع مزاعم المابلٌن بؤن هنان عداوة بٌن العلم والدٌن.
النحو ،وؼٌرها ،ولد عام أربعمابة للهجرة وتوفى سنة إحدى وسبعٌن وأربعمابة ،انظر :طبمات الشافعٌة الكبرى
للسبكً ٘ ،ٔٗ5/وشذرات الذهب ٖ.ٕٗٓ/
(ٔ) التحرٌر والتنوٌر ،دمحم الطاهر بن دمحم بن عاشور التونسًٔ ،٘5 /مإسسة التؤرٌخ العربً ،بٌروت -لبنان،
ط /األولىٕٓٗٔهـٕٓٓٓم.
(ٕ) معمر بن المثنى التٌمً بالوالء ،البصري ،أبو عبٌدة النحوي ،من أبمة العلم باللؽة واألدب ،ولد بالبصرة
سنة عشر ومابة ،استمدمه هارون الرشٌد إلى بؽداد ،ولرأ علٌه أشٌاء من كتبه ،وكان إباضًٌّا ،شعوبًٌّا من
=حفاظ الحدٌث ،توفً سنة تسع ومؤتٌن للهجرة ،انظر :العبر فً خبر من ؼبر ،أبو عبدهللا دمحم بن أحمد بن
لاٌماز الذهبًٔ ،ٕ٘5/تحمٌك :أبو هاجر دمحم السعٌد بن بسٌونً زؼلول ،دار الكتب العلمٌة – بٌروت ،والبلؽة
فً تراجم أبمة النحو واللؽة ،دمحم بن ٌعموب الفٌروزأبادئ ،2ٙ /تحمٌك :دمحم المصري ،جمعٌة إحٌاء التراث
اإلسبلمً -الكوٌت ،ط /األولى ٔٗٓ2هـ.
(ٖ) أثر الدرس اللؽوي فً فهم النص الشرعً ،دمحم المختار دمحم المهدي ص.2
(افعل كذا) وهو ٌمصد المعنى الظاهري لهذه الكلمة ،ولد ٌستخدم نفس الكلمة وٌمصد بها التهدٌد،
الذي ٌستطٌع اكتشافه من خبلل المرابن ،وهنا ٌنملب معنى (افعل) إلى معنى منالض تماما ً هو
(ال تفعل)! ،وهذا هو بالضبط ما ٌنطبك على المرآن الكرٌم ،فمد ٌستخدم المرآن صٌؽة األمر
ك اللَّ ٌْ ِل َولُ ْرآَنَ س ِ ؼ َش ْم ِس إِلَى َ ون ال َّ وٌمصد بها مدلولها الظاهري ،عندما ٌمول{:أَلِ ِم ال َّ
ص َبلة َ ِل ُدلُ ِ
الفَجْ ِر إِ َّن لُ ْرآَنَ الفَجْ ِر َكانَ َم ْش ُهودًا} [اإلسراء ،]21:ولد ٌمصد بها اإلباحة عندما ٌمولَ { :وإِ َذا
ص ٌْ َد َوأ َ ْنت ُ ْم
طادُوا} {المابدة ،}ٕ:عمٌب الحظر فً لولهٌَ[:ا أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َ َمنُوا َال ت َ ْمتُلُوا ال َّ ص ََحلَ ْلت ُ ْم فَا ْ
الزمر ،]ٔ٘:ولد ُح ُر ٌم] {المابدة ،}5٘:ولد ٌمصد التهدٌد عندما ٌمول{:فَا ْعبُدُوا َما ِشبْت ُ ْم ِم ْن دُونِ ِه} [ ُّ
ورةٍ ِم ْن س َ ع ْب ِدنَا فَؤْتُوا بِ ُ
علَى َ ب ِم َّما ن ََّز ْلنَا ٌَمصد التعجٌز والتحدي عندما ٌمولَ {:وإِ ْن ُك ْنت ُ ْم فًِ َر ٌْ ٍ
صا ِدلٌِنَ } [البمرة ،]ٕٖ:أو عندما ٌمول على لسان نبً ُون هللاِ ِإ ْن ُك ْنت ُ ْم َ ش َه َدا َء ُك ْم ِم ْن د ِ عوا ُ ِمثْ ِل ِه َوا ْد ُ
ون} [هود ، ]٘٘:ولد هللا هود -ملسو هيلع هللا ىلص -مخاطبا ً لومه الكافرٌنِ {:م ْن دُونِ ِه فَ ِكٌدُونًِ َج ِمٌعًا ث ُ َّم َال ت ُ ْن ِظ ُر ِ
ٌز ال َك ِرٌ ُم} ٌمصد االستهزاء عندما ٌمول هللا تعالى فً خطابة لبعض أهل جهنم{:ذُ ْق ِإنَّنَ أ َ ْنتَ العَ ِز ُ
[الدُخان ،]ٗ5:وهكذا وهلم جرا ً(ٔ).
ٗ -إثراء المعانً لؤللفاظ والجمل التً ظاهرها التماثل والتشابه.
وتعنى بهذا كتب الببلؼة التً تعنى بممتضٌات األحوال وأسرار التراكٌب ومثال ذلن
ً ورود الٌؤس فً المرآن الكرٌم بمعنى :اإلحباط ،والمنوط ،وعدم الرجاء ،مثل لوله تعالىٌَ{ :ا بَنِ َّ
َس ِم ْن َر ْوحِ هللاِ ِإ َّال المَ ْو ُم سوا ِم ْن َر ْوحِ هللاِ ِإنَّهُ َال ٌَ ٌْب ُ ؾ َوأ َ ِخٌ ِه َو َال ت َ ٌْب َ ُس َ سوا ِم ْن ٌُو ُ ا ْذ َهبُوا فَت َ َح َّ
س ُ
ت هللاِ َو ِلمَابِ ِه ال َكافِ ُرونَ } [{ٌوسؾ ،]12:أي :ال ٌمنط من رحمة هللا...ولولهَ {:والَّذٌِنَ َكفَ ُروا بِآٌََا ِ
ان ِم ْن س ُ ع َذابٌ أ َ ِلٌ ٌم} [العنكبوت ،]ٕٖ:ولولهَ [ :ال ٌَسْؤ َ ُم ِ
اإل ْن َ سوا ِم ْن َرحْ َمتًِ َوأُولَبِنَ لَ ُه ْم َ أُولَبِنَ ٌَبِ ُ
صلت ،]ٗ5:لكنه لد وردت آٌة فٌها الٌؤس بمعنى ط} [ف ِ ّ وس لَنُو ٌ ش ُّر فٌََب ُ ٌسهُ ال َّ اء ال َخٌ ِْر َوإِ ْن َم َّ ع ُِد َ
العلم على لهج ٍة من لهجات العرب ،دل علٌها سٌاق النص ،وذلن فً لوله تعالىَ { :ولَ ْو أ َ َّن لُ ْرآَنًا
ض أ َ ْو ُك ِلّ َم ِب ِه ال َم ْوت َى َب ْل هللِ األ َ ْم ُر َج ِمٌعًا أَفَلَ ْم ٌَ ٌْب َِس الَّذٌِنَ ت ِب ِه األ َ ْر ُ ط َع ْ الج َبا ُل أ َ ْو لُ ِ ّ
ت ِب ِه ِ س ٌِّ َر ُْ
آ َ َمنُوا أ َ ْن لَ ْو ٌَشَا ُء هللاُ لَ َه َدى النَّ َ
(ٕ)
اس َج ِمٌعًا} [الرعد ،]ٖٔ:ومعناها :أفلم ٌعلم ،فدل ذلن على
أهمٌة معرفة سٌاق النص ،ولهجات العرب ،لتفسٌر كتاب هللا تعالى.
خاتمة التمهٌد
إن النص المرآنً ٌنؤى عن النص البشري بكل أجناسه ،فهو فمعجزة ،ثابتة األلفاظ
ك فً كل زمان ومكان ،تحمل دالالت بعضها فوق طالة العمل متحركة المعانً تصلح لكل متل ٍ
اإلنسانً واستٌعابه ،ألبل العلماء على هذا الكتاب المجٌد مشؽوفٌن بكل ما ٌتعلك به :حتى
أحصوا عدد آٌاته وحروفه ،وعدد ألفاظه المعجمة والمهملة ،وأطول كلمة فٌه وألصرها ،وأكثر
(ٔ ) اإلٌضاح فً علوم الببلؼة ،جبلل الدٌن أبو عبدهللا دمحم بن سعدالدٌن بن عمر المزوٌنً ص ،ٗ5دار إحٌاء
العلوم – بٌروت ،ط /الرابعة ٔ551م.
(ٕ) أثر الدرس اللؽوي ،ٖٔ :بتصرؾ.
ما اجتمع فٌه من الحروؾ المتحركة ،واشتؽلوا منه بؤبحاث دون تلن وزنا معتمدٌن أن لهم فً
هذا كله ثوابا عند هللا وأجرا ،إذ حمموا إرادته األزلٌة فً حفظ كبلمه المبٌن من عبث السنٌن.
وٌمكن تحدٌد أهم النتابج التً توصلنا إلٌها من هذا التمهٌد كما ٌؤتً:
ٔ -المرآن الكرٌم :هو كتاب هللا تعالى الذي أنزله على خاتم المرسلٌن دمحم -ملسو هيلع هللا ىلص -لهداٌة البشر،
وهو دستور الحك إلصبلح الخلك ،ولانون السماء لهداٌة األرض ،أودعه ربنا تعالى كل
تشرٌع ،وضمنه كل موعظة من شؤنها تحمٌك السعادة للبشرٌة جمعاء ،لال تعالىٌَ{ :ا أٌَُّ َها النَّ ُ
اس
َّللاِ ُور َو ُهدًى َو َرحْ َمةٌ ِل ْل ُمإْ ِمنٌِنَ ( )٘2لُ ْل بِفَ ْ
ض ِل َّ صد ِظةٌ ِم ْن َر ِبّ ُك ْم َو ِشفَا ٌء ِل َما فًِ ال ُّلَ ْد َجا َءتْ ُك ْم َم ْو ِع َ
َوبِ َرحْ َمتِ ِه فَبِ َذلِنَ فَ ْلٌَ ْف َر ُحوا ُه َو َخٌ ٌْر ِم َّما ٌَجْ َمعُونَ (ٌ[ })٘1ونس ]٘1 - ٘2 :
ٕ -لم تكن كتب علوم المرآن -فً المرن األول -لد انفردت واستملّت بالتؤلٌؾ؛ بل نرى بعض
الرسم،
ِ وعلم
ِ كعلم المراءاتِ، ِ ت على وجه االستمبلل فً المرون األولى؛ الموضوعات ُكتِبَ ْ
والناسخِ والمنسوخِ ،وإعجاز المرآن ،وبعض الكتب جمعت أكثر من نوع من هذه األنواع.
ٖ -كان المرآن الكرٌم موضع اهتمام المسلمٌن من أول ٌوم تنـزل فٌه على رسول هللا صلى هللا
علٌه وسلم ،فوعاه الصحابة وحفظوه ،وكتبوه ،وطبموا ما فٌه ،وكان ما لام به أبوبكر الصدٌك
بمشورة عمر رضً هللا عنهما من جمع المرآن مما هو مكتوب أو محفوظ فً عهده صلى هللا
علٌه وسلم عمبل عظٌما ً ُحفظ به المرآن ،وسار على نهجه عثمان بن عفان رضً هللا عنه عندما
جمع الناس على مصحؾ واحد ومنع االختبلؾ بٌن المسلمٌن ،ولد نال زٌد بن ثابت رضً هللا
عنه شرؾ تحمل مسإولٌة جمع المرآن فً عهد أبً بكر ،وكتابته فً عهد عثمان.
ٗ -الوحً عملٌة مرتبطة بحوار ثنابً :بٌن ذات أمرة ،وذات متلمٌة ،ورأٌنا ظاهرة الوحً
مربٌة ومسموعة ،ولكنها خاصة بالنبً صلىهللاعلٌه وآله وسلم وحده ،ولم ٌكن الوحً ظاهرة
ذاتٌة عند النبً صلىهللاعلٌهوآلهوسلم إطبللا ً ،بل كانت منفصلة عنه انفصاالً تاماً ،ربما
صاحبه من خبللها إمارات خارجٌة فً شحوب الوجه أو تصبب الجبٌن عرلا ،ولكنها إمارات
لم تكن لتمتلن علٌه وعٌه نهابٌا ً ،وكان الداعً لبحث ذلن هو الرد على هجمات طابفة من
المستشرلٌن الذٌن ٌرون الوحً نوعا من اإلؼماء ،أو مثبلً من التشنج ،واألمر لٌس كذلن ،بل
هو استمبال لظاهرة ،أعمبه هذا الولع ،استعداد للنشر والتبلٌػ .بعد هذا أرسٌنا مصطلح الوحً
على لاعدة من الفهم المرآنً.
٘ -تناول البحث تحدٌد بداٌة نزول المرآن زمنٌا ً ،وتعٌٌن ما نزل منه أول مرة ،ثم أشرنا للنزول
التدرٌجً ،وضرورة تنجٌم المرآن ،وعالجنا هذه الظاهرة بما نمتلن من تملٌل ألسرارها ،
وتمٌٌم ألبعادها ،وأوضحنا إٌمان المرآن بمرحلٌة النزول ،وتعمبنا ذلن بتؤرٌخٌة ما انمسم منه
إلى مكً ومدنً ،وسلطنا الضوء على ضوابط السور المكٌة والمدنٌة ،وحمنا حول أسباب
النزول ولٌمتها الفنٌة ،وما ٌستؤنس منه بجذورها فً تعٌٌن النزول زمانٌا ً ومكانٌا ً ،وتتبعنا ما
نزل من المرآن بمكة أوالً بؤول ،وما نزل بالمدٌنة أوالً بؤول ،معتمدٌن على أصح الرواٌات
وأشهرها ،أو بما ٌساعد علٌه نظم المرآن وسٌاله ،وختمنا الفصل بجدول إحصابً إستمرابً
لسور المرآن كافة بترتٌبها العددي والمصحفً والزمانً والمكانً.
-ٙإن لآلٌات المرآنٌة لصة تعٌن على الفهم السدٌد وتلهم أرجح التؤوٌل وأصح التفسٌر وهو ما
ٌسمى بؤسباب النزول ،وحٌن وصفنا مماٌٌس المفسرٌن المحممٌن فً ترجٌح الرواٌات المنببة
عن تلن األسباب بمصطلحها الدلٌك وتخرٌجها الذكً ونمدها الحصٌؾ ،وجمعها بٌن السبب
التارٌخً والسٌاق األدبً فً اآلٌات التً وضعت فً السطور على حسب الحكمة ترتٌبا
وحفظت فً الصدور على حسب الولابع تنزٌبل ،وحٌن تحدثنا عن ألوان من التناسك الفنً
ٌعوض بها المرآن أسباب النزول إذا لم تعرؾ ،أو ٌإكد مدلوالتها "بالنماذج" الحٌة إذا عرفت
ولم تحفظ ،أو حفظت ولم تشتهر.
-2إن فً اعتبار الشكل المصحفً ،وطرٌك الرواٌة إلى النبً صلىهللاعلٌه وآله وسلم ،وتعدد
لهجات المبابل ،مضافا ً إلى المناخ اإلللٌمً المابم بٌن مدرستً الكوفة والبصرة ،أسسا لابلة
لبلجتهاد واألثر فً تعدد المراءات المرآنٌة ،وانتهٌنا إلى أن االختبلؾ كان فً األلل ،واالتفاق
فً األكثر ،وحددنا وجهة النظر العلمٌة تجاه المراء السبعة والمراءات السبع ،وأعطٌنا الفروق
الممٌزة بٌن المراءة واالختٌار ،وأوردنا مماٌٌس المراءة المعتبرة
-1ولد تمصٌنا الخطوات التً مر بها التفسٌر حتى اتخذ الصورة التً نجده علٌها فً بطون
المإلفات ،وأن نفرق بٌن التفسٌر بالمؤثور والتفسٌر بالرأي ،وأن نتبٌن كٌؾ ٌفسر المرآن بالمرآن
لما فً داللته من اإلحاطة والشمول ،فً منطوله ومفهومه ،وعامه وخاصه ،ومطلمه وممٌده،
ومجمله ومفصله ،ونصه وظاهره.
ضا متشابه ،بمعنى أنه ٌصدق -5إن المرآن كله محكم بمعنى أنه متمن ؼاٌة اإلتمان ،وهو أٌ ً
ؼ ُمض عرؾ الممصود منه ،والمتشابه ما َ ضا؛ أما من جهة االصطبلح ،فالمحكم ما ُ بعضه بع ً
ضا المولؾ السلٌم من النصوص الواردة فً باب الصفات ،وأن الممصود منه .وظهر لنا أٌ ً
المول الصواب فٌها ما ذهب إلٌه السلؾ من إجراء تلن النصوص على ظاهرها ،دون أن
ٌمتضً ظاهر تلن النصوص تمثٌل الخالك بالمخلوق.
ٓٔ -وتبٌن لنا بعد التجوال فً مٌدان علوم المرآن الكرٌم أن ( الناسخ والمنسوخ ) علم من آكد
العلوم وأوجبها تعلما وحفظا وبحثا وفهما وخاصة لمن أراد أن ٌخوض ؼمار تفسٌر كتاب هللا
تعالى وأن ٌؽوص فً لجته الستخراج الدرر الثمٌنة والجواهر النفٌسة .بل إنه علم ال ٌسع كل
من تعلك بؤدنى علم من علوم الدٌانة جهله كما لال ذلن مكً بن أبً طالب المٌسً رحمه
هللا تعالى ،وإن مما ٌدل على عظم شؤن هذا العلم وجلٌل خطره أن اإلمام أحمد وإسحاق بن
راهوٌه عداه شرطا لكون اإلنسان عالما .وأن أبا ٌوسؾ صاحب أبً حنٌفة اعتبره
شرطا لئلفتاء بل لال :إنه ال ٌحل ألحد أن ٌفتً حتى ٌعرفه.
ٔٔ -إن الترجمة عامل آخر ٌسٌر موازًٌا لتعلم لؽة المرآن الكرٌم فً نشر دعوته ،وتبلٌػ هداٌته
للعالمٌن ،ولٌس بالضرورة أن ٌتحول المسلمون جمٌعًا إلى عرب ،فؤكثر المسلمٌن فً أرض هللا
صا على طلب العلم ،وأكثر الٌوم من العجم ،وها نحن نراهم أشد نصرة لدٌن هللا ،وأكثر حر ً
األبمة األعبلم كانوا من ؼٌر العرب ،ولد سجل المرآن الكرٌم ،أن من آٌات هللا العظمٌة ،وآٌات
المدرة :اختبلؾ األلسنة واللهجات.
فبل مانع أن ٌُترجم المرآن الكرٌم لؽٌر العرب ،وأن ٌدخل ؼٌر العرب فً دٌن اإلسبلم،
وٌتعلمون اللؽة العربٌة.
ٕٔ -وننتهً إلى إعجاز المرآن ،فإذا نحن نرد سحره إلى نسمه الذي ٌجمع بٌن مزاٌا النثر
والشعر جمٌعا ،بموسٌماه الداخلٌة ،وفواصله المتماربة فً الوزن التً تؽنً عن التفاعٌل ،وتمفٌته
التً تؽنً عن الموافً ،ورأٌنا كٌؾ تم للمرآن من اإلعجاز باأللفاظ الجامدة ما ال ٌتم للفنان من
اإلبداع بالرٌشة واأللوان ،وحاولنا فً تصور التشبٌه واالستعارة والكناٌة وأنواع المجاز أن نبث
الحٌاة فً اصطبلحات المدامى ،فكان المرآن -فً هذا كله -نسٌجا واحدا فً ببلؼته وسحر بٌانه،
وألحانه أنؽامه فً الوجود موسٌمى تنوع متنوع أنه إال
فذلن هو المرآن :إن نطك لم ٌنطك إال بالحك ،وإن علم لم ٌعلم إال الهدى والرشاد ،وإن صور لم
ٌصور إال أجمل لوحات الحٌاة ،وإن رتل ترتٌبل لم ٌسمع بعده لحن فً الوجود ذلن كتاب هللا
المجٌد (ال ٌَؤْتٌِ ِه ْالبَ ِ
اط ُل ِم ْن بٌَ ِْن ٌَ َد ٌْ ِه َوال ِم ْن خ َْل ِف ِه ت َ ْن ِزٌ ٌل ِم ْن َح ِك ٌٍم َح ِمٌدٍ).
وأخٌرا فالمرآن الكرٌم ،هو مرجع اإلسبلم األول ،ودلٌله األعظم ،إلٌه المستند فً
العمابد ،والعبادات ،والحكم ،واألحكام ،واآلداب ،واألخبلق ،وفٌه المصص ،والمواعظ ،والعلوم،
والمعارؾ ،لذلن كله ،كان المرآن الكرٌم ،موضع العناٌة الكبرى من الرسول ومن صحابته،
والتابعٌن ،ومن سلؾ األمة ،وخلفها جمٌعًا ،منذ المرن األول إلى ٌومنا هذا ،وإلى أن ٌرث هللا
ظا بحفظ هللا؛ مصدالًا لموله سبحانه{ :إِنَّا ن ُ
َحْن األرض ومن علٌها ،وسٌبمى كتاب هللا هذا محفو ً
ظونَ ([ })5الحجر .]5 : ن ََّز ْلنَا ال ِذّ ْك َر َو ِإنَّا لَهُ لَ َحافِ ُ
أشكاال مختلفة؛ فتارة ً تتو ّجه إلى لفظه ً ولد تبٌّن لنا من خبلل البحث أن العناٌة بالمرآن اتخذت
وأسلوبه ،وأخرى إلى كتابته ورسمه ،وثالثة إلى إعجازه وتفسٌره.
وٌمكننا أن نمول :إن كتاب هللا تعالى -الذي حظً من عناٌة العلماء بالجهد الموفور ،لشرحه
وتفسٌره ،وبٌان علومه ،وهداٌاته -لد شمل عدة أنواع من المإلفات ،ك ُكتب التفسٌر ،وكتب علوم
فضبل عن الموضوعات الخاصة فً مإلفاتها الموجزة ً المرآن ،وكتب المناهج ،وكتب الدخٌل،
ب، َّ
فً العمٌدة ،واألخبلق ،والمعامبلت ...ونحو ذلن ،ولمد رأٌنا علماءنا سلفًا ،وخلفًا لد ألفُوا ال ُكت ُ َ
نظٌر لَ َها ،وتراث عظٌم ،من َ وتباروا فً هذا المٌدان؛ حتى زخرت المكتبة اإلسبلمٌة ،بثروةٍ ال ْ
المصنفات المتنوعة ،والموسوعات المٌمة.
وبعد كان هذا إٌذانا بجملة من نتابج البحث ،الذي ولفنا عنده ،فتلن مباحث فً علوم
المرآن ال ننمً إلٌها السعة والشمول ،وال ندعً لها التفصٌل واالستٌعاب ،إنما هً طابفة من
المسابل المهمة التً نرجو أال ٌجهلها أو ٌتجاهلها عربً ٌنطك بالضاد أو مسلم ٌهتؾ بهذا الدٌن
ا لحنٌؾ ،وها نحن أوالء نتركها بٌن أٌدي المراء سابلٌن هللا أن ٌشولهم بها إلى تبلوة كتابه،
فتدبر أحكامه ،فالعمل بتعالٌمه ،لعل التارٌخ ٌعٌد نفسه ،ولعلنا نرجع بهذا الكتاب كما كنا خٌر
أمة أخرجت للناس ،و نسؤل هللا تعالى أن ٌتمبله منا بؤحسن لبوله ،وأن ٌنفع به الباحثٌن
والدارسٌن ،وأن ٌجعله ذخٌرة لنا ٌوم الدٌن.
وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمٌن ،وصلى هللا على سٌدنا دمحم وعلى آله وصحبه
وسلم تسلٌما ً كثٌراً.
المإلؾ
-------------------------------------------------
انتهى الممدمة والتمهٌد ،وٌلٌه تفسٌر سورة الفاتحة.
تفسٌر سورة الفاتحة
وهً السورة األولى من حٌث الترتٌب فً المصحؾ الشرٌؾ ،التً جمع هللا فٌها كل
مماصد المرآن ،وأجمل معانٌه فً تلن اآلٌات السبع المثانً ،باألسلوب المعجز؛ واللفظ الموجز،
والمول السلس الذي ال ٌحتاج إلى كثٌر معاناة بحث ،وال ٌستدعً عمٌك فهم وعوٌص تفكٌر؛
فهً نموذج المرآن الذي ٌرسم أسسه وحمابمه فً كل نفس ،وٌصور معانٌه فً كل للب :العلماء
والدهماء على اختبلؾ منازلهم ،وتباٌن درجاتهم ،إذا ما لفتوا أفهامهم بعض اللفت ،ووجهوا
للوبهم نوع توجٌه ،آتتهم هذه الفاتحة المباركة ذلن النموذج المرآنً ،وتلن الصورة الحمة
لمماصد الكتاب الحكٌم.
ولهذه السورة أسما ٌء متعددةٌ ،نذكر منها:
أوال -:فاتحةُ الكتا ِ
ب(ٔ):
صبلة َ ِل َم ْن لَ ْم ٌَ ْم َرأْ
ً لال " :ال َ امت َّ
أن النب َّ ص ِبن ال َّ
عبادة ِ
صحٌحٌن" عن ُ ورد فً "ال َّ
ً بِفَاتِ َح ِة ْال ِكت َا ِ
(ٕ)
سور المرآن بها كتابة ،ولراءة ً فً س ِ ّمٌت "فاتحة الكتاب" الفتتاح ُ ب " ،وإنَّما ُ
(ٔ) لمد اشتملت السورة على كل معانً المرآن وهذا هو سر الفاتحة .فمعانً المرآن ثبلثة -ٔ( :العمٌدة " :الحمد
هلل رب العالمٌن ،الرحمن الرحٌم" ٕ -العبادة " :إٌان نعبد وإٌان نستعٌن" ٖ -مناهج الحٌاة " :اهدنا الصراط
المستمٌم ،صراط اللذٌن أنعمت علٌهم" ،و كل ما بعد الفاتحة من لرآن ٌشرح هذه المحاور الثبلثة ،و الفانحة
تذكرنا بكل أساسٌات الدٌن:
ٔ -نعم هللا " :الحمد هلل رب العالمٌن" ٕ -اإلخبلص " :إٌان نعبد وإٌان نستعٌن"ٖ -الصحبة الصالحة" صراط
اللذٌن أنعمت علٌهم"ٗ -التحذٌر من صحبه السوء " :ؼٌر المؽضوب علٌهم" ٘ -أسماء هللا الحسنى " :الرحمن
الرحٌم" -ٙأصل صلة هللا بن " :الرحمن الرحٌم" -2االستمامة " :اهدنا الصراط المستمٌم" -1اآلخرة" :
الصراط" -5أهمٌة الدعاء-ٔٓ.وحدة األمة " :نعبد......نستعٌن" فجاءت الصٌؽة هنا جماعة و لٌست مفردا
للتؤكٌد على وحدة األمة.
و الفانحة تعلمنا كٌؾ نتعامل مع هللا :فجاءت نصفها ثناء والنصؾ اآلخر دعاء ،فحتى لو لسمت حروفها
لوجدت أن نصؾ الحروؾ ثناء والنصؾ الثانً دعاء .فعند دعابنا هلل تعالى ٌجب أن نبدأه بالثناء على هللا تعالى
بؤسمابه الحسنى وصفاته ثم نتوجه بما نرٌد من الدعاء.
ومن جمالٌات األسلوب المرآنً:عبللة أول الفاتحة بنهاٌة المصحؾ ،إذ ترى فً سورة الفاتحة " الحمد هللا رب
العالمٌن" و فً سورة الناس " لل أعوذ برب الناس" فمد بدأ المصحؾ برب العالمٌن و اختتم المصحؾ برب
الناس .
(ٕ) صحٌح البخاري ،)2٘ٙ( :و صحٌح مسلم .)ٖ5ٗ( :ولد احتج العلماء بهذا الحدٌث على أن الفاتحة ركن
فً الصبلة البد منها فً حك اإلمام والمنفرد ،وحاصل المسؤلة أن المنفرد واإلمام ٌجب علٌهما لراءة الفاتحة
مطلما فً الصبلة السرٌة والجهرٌة ،أما المؤموم فٌجب علٌه أن ٌمرأ حال الركعات السرٌة كالظهر والعصر
واألخٌرتٌن من العشاء وثالثة المؽرب ،أما فً الركعات التً ٌجهر فٌها اإلمام فبل ٌجب علٌه المراءة وال ٌجب
علٌه السكوت ،ولكن المستحب المتؤكد فً حمه اإلنصات واالستماع إلى لراءة اإلمام ،فإن لم ٌسمع لراءة اإلمام
طل ُم َك ِبّر الصوت أو ل َ
ص َم ٍم فٌجب علٌه لراءة الفاتحة عمبل باألصل. لبُ ْعد المكان أو لت َ َع ُّ
وتجدر اإلشارة بؤن لراءة الفاتحة خلؾ اإلمام حال الجهر للعلماء فٌها ثبلثة ألوال:
المول األول :لٌس للمؤموم أن ٌمرأ فً الصبلة الجهرٌة إذا كان ٌسمع اإلمام ال بالفاتحة وال بؽٌرها وهذا لول
جمهور العلماء من السلؾ والخلؾ وهو مذهب أبً حنٌفة ومالن وأحمد وأحد لولً الشافعً ،وممن لال بهذا
المول من المعاصرٌن العبلمة األلبانً والشٌخ أبو بكر الجزابري والشٌخ سٌد سابك والشٌخ محمود المصري.
المول الثانًٌ :جب على المؤموم أن ٌمرأ الفاتحة فً الصبلة الجهرٌة كالسرٌة وهو المذهب عند الشافعٌة ولول
البخاري وابن حزم من الظاهرٌة ،ولال بصحته المرطبً ،وممن لال بهذا المول من المعاصرٌن :العبلمة ابن
باز وابن عثٌمٌن ،والشٌخ عبد هللا بن لعود ،والشٌخ عبد هللا بن ؼدٌان والشٌخ عبد الرزاق عفٌفً و الشٌخ دمحم
بن عبد الممصود.
المول الثالثٌ :ستحب للمؤموم لراءتها وهو لول جماعة من أهل العلم منهم األوزاعً.
والذي ٌبدو لً أن أعدل األلوال وألربها للصواب هو المول األول لول الجمهور وأن المؤموم ال ٌمرأ
فً حال الجهر ال بالفاتحة وال بؽٌرها إذا كان ٌسمع لراءة اإلمام هذا ما ٌدل علٌه عمل أكثر الصحابة رضً هللا
تعالى{:وإِذَا لُ ِر َ
ئ َ عنهم وتتفك علٌه أكثر األحادٌث وألن هللا تعالى أمر باإلنصات لمراءة اإلمام فً الصبلة فمال
ْالمُ ْرآ ُن فَا ْست َِمعُوا لَه ُ َوأ َ ْن ِ
صتُوا لَعَلَّ ُك ْم ت ُ ْر َح ُمونَ } [األعراؾ ]ٕٓٗ:وٌإٌد داللة اآلٌة على وجوب اإلنصات لمراءة
اإلمام ما رواه مسلم فً صحٌحه من حدٌث أبً موسى األشعري رضً هللا عنه لال" :إن رسول هللا صلى هللا
علٌه وسلم خطبنا فبٌن لنا سنتنا وعلمنا صبلتنا فمال :ألٌموا صفوفكم ثم لٌإمكم أحدكم فإذا كبر فكبروا ..وذكر
الحدٌث الطوٌل" وزاد بعض رواته" :وإذا لرأ فؤنصتوا" ولد ذكرها فً صحٌحه .ولد رواها أحمد وأبو داود
والنسابً وابن ماجه من حدٌث أبً هرٌرة مرفوعاً" :إنما جعل اإلمام لٌإتم به فإذا كبر فكبروا وإذا لرأ
فؤنصتوا" ولد سبل مسلم بن الحجاج عن حدٌث أبً هرٌرة هذا فمال :هو عندي صحٌح .ومما ٌدل على منع
المؤموم من المراءة حال جهر اإلمام ما رواه أصحاب السنن وؼٌرهم من حدٌث أبً هرٌرة رضً هللا عنه "أن
النبً ملسو هيلع هللا ىلص انصرؾ من صبلة جهر فٌها بالمراءة فمال :هل لرأ معً أحد منكم آنفاً؟ فمال رجل :نعم ٌارسول هللا.
فمال :إنً ألول :مالً أنازع المرآن لال :فانتهى الناس عن المراءة مع رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص فٌما جهر فٌه رسول هللا
ملسو هيلع هللا ىلص من الصلوات بالمراءة حٌن سمعوا ذلن من رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص" ،ولد تكلم فً هذا الحدٌث بعض أهل العلم من جهة
ابن أكٌمة الراوي عن أبً هرٌرة ولٌس ذلن بشًء فمد لال عنه ٌحٌى بن سعٌد عمرو بن أكٌمة ثمة ووثمه ؼٌر
واحد من أهل العلم .كما أنه طعن فً الحدٌث من جهة أن لوله فً الحدٌث" :فانتهى الناس" ...مدرج من كبلم
الزهري كما لاله البخاري والذهلً وأبو داود وؼٌرهم والجواب عن هذا أن ذلن ال ٌسمط االحتجاج بالحدٌث
سواء كان ذلن من لول أبً هرٌرة أو من لول الزهري ،لال شٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة رحمه هللا فً مجموع
الفتاوى (ٖٕ " :) ٕ2ٗ /وهذا إذا كان من كبلم الزهري فهو من أدل الدالبل على أن الصحابة لم ٌكونوا ٌمرإون
فً الجهر مع ال نبً ملسو هيلع هللا ىلص فإن الزهري من أعلم أهل زمانه أو أعلم أهل زمانه بالسنة ولراءة الصحابة خلؾ النبً
ملسو هيلع هللا ىلص إذا كانت مشروعة واجبة أو مستحبة تكون من األحكام العامة التً ٌعرفها عامة الصحابة والتابعٌن لهم
بإحسان فٌكون الزهري من أعلم الناس بها فلو لم ٌبٌنها الستدل بذلن على انتفابها فكٌؾ إذا لطع الزهري بؤن
الصحابة لم ٌكونوا ٌمرإون خلؾ النبً فً الجهر" انتهى كبلمه رحمه هللا.
ومما ٌستؤنس به فً عدم وجوب المراءة على المؤموم فً الجهرٌة الحدٌث المشهور "من كان له إمام
فمراءة اإلمام له لراءة" وهذا الحدٌث أخرجه جمع من األبمة بطرق متعددة مسنداً ومرسبلً عن جماعة من
الصحابة أمثلها حدٌث جابر على ضعؾ فٌه وكثرة كبلم النماد فٌه ومع ذلن فمد لال شٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة
رحمة هللا فً مجموع الفتاوى (" :)ٕ2ٕ-ٕ2ٔ/ٔ1وهذا الحدٌث روي مرسبلً ومسنداً لكن أكثر األبمة الثمات
رووه مرسبلً عن عبد هللا بن شداد عن النبً ملسو هيلع هللا ىلص وأسنده بعضهم ورواه ابن ماجه سندا وهذا المرسل لد عضده
ظاهر المرآن والسنة ولال به جماهٌر أهل العلم من الصحابة والتابعٌن ومثل هذا المرسل ٌحتج به باتفاق األبمة
األربعة وؼٌرهم" .وممن استوعب الكبلم فً الحدٌث وطرله الدار لطنً رحمه هللا فً علله ومما تمدم ٌتبٌن أن
ما رواه البخاري ومسلم وؼٌرها من حدٌث عبادة بن الصامت رضً هللا عنه عن النبً ملسو هيلع هللا ىلص أنه لال" :ال صبلة
لمن لم ٌمرأ بفاتحة الكتاب" لٌس على عمومه بل هو مخصوص بما تمدم من النصوص ومثله ما رواه مسلم فً
صحٌحه عن أبً هرٌرة رضً هللا عنه أن النبً ملسو هيلع هللا ىلص لال" :من صلى صبلة لم ٌمرأ فٌها بؤم المران فهً خداج
ثبلثا ً ؼٌر تمام" فكل هذا وأمثاله محمول على ؼٌر المؤموم جمعا ً بٌن األحادٌث ومما ٌإٌد عدم العموم فٌها ما
حكاه اإلمام أحمد رحمه هللا من إجماع .لال رحمه هللا" :ما سمعنا أحدا ً من أهل اإلسبلم ٌمول :إن اإلمام إذا جهر
بالمراءة ال تجزئ صبلة من خلفه إذا لم ٌمرأ".
أما حدٌث عبادة بن الصامت "أن النبً ملسو هيلع هللا ىلص صلى الصبح فثملت علٌه المراءة فلما انصرؾ لال :إنً
أراكم تمرإون وراء إمامكم للناٌ :ا رسول هللا إي وهللا .لال :ال تفعلوا إال بؤم المرآن فإنه ال صبلة لمن لم ٌمرأ
بها" ولد أخرجه أحمد وأصحاب السنن إال ابن ماجه وفٌه دمحم بن إسحاق ولال عنه أحمد :لم ٌرفعه إال ابن
إسحاق .ولال شٌخ اإلسبلم فً مجموع الفتاوى (ٖٕ" :)ٕ1ٙ /هذا الحدٌث معلل عند أبمة الحدٌث بؤمور كثٌرة
ضعفه أحمد وؼٌره من األبمة" .ولال بعد ذكر من ص ّحح الحدٌث وحسنه (ٖٕ " :)ٖٔ٘ /ففً هذا الحدٌث أن
النبً ملسو هيلع هللا ىلص لم ٌكن ٌعلم هل ٌمرإون وراءه بشًء أم ال؟ ومعلوم أنه لو كانت المراءة واجبة على المؤموم لكان لد
أمرهم بذلن وأن تؤخٌر البٌان عن ولت الحاجة ال ٌجوز ولو بٌّن ذلن لهم لفعله عامتهم ولم ٌكن ٌفعله الواحد أو
االثنان منهم .ولم ٌكن ٌحتاج إلى استفهامه فهذا دلٌل على أنه لم ٌوجب علٌهم المراءة خلفه حال الجهر ثم إنه لما
علم أنهم ٌمرإون نهاهم عن المراءة بؽٌر أم الكتاب وما ذكر من التباس المراءة علٌه تكون بالمراءة معه حال
الجهر سواء كان بالفاتحة أو ؼٌرها فالعلة متناولة لؤلمرٌن فإن ما ٌوجب ثمل المراءة والتباسها على اإلمام منهً
عنه".
منصوص علٌه كترتٌب اآلٌات
ٌ سور المرآنالصبلة ،وهذا م َّما استد َّل به من لال :إن ترتٌب ُ
عا.
إجما ً
(ٔ)
وفً سبب تسمٌتها بـ(فاتحة الكتاب) ألوال :
أحدها :أنها س ّمٌت بذلن ،ألنه ٌفتتح بها فً المصاحؾ والتعلٌم والمراءة فً الصبلة ،وهً
وتبركا وهً التسمٌة.
ّ مفتتحة باآلٌة التً تفتتح بها األمور تٌ ّمنا
(ٕ)
لال الطبري ، ":فهً فَواتح لما ٌتلوها من سور المرآن فً الكتابة والمراءة" .
والثانً :أنها س ّمٌت بذلن ،ألن الحمد فاتحة كل كتاب كما هً فاتحة المرآن.
(ٖ)
والثالث:أنها سمٌت بذلن،ألنها أول سورة نزلت من السماء .لاله الحسٌن بن الفضل .
وتجدر اإلشارة بؤن األمة اإلسبلمٌة أجمعت على أن ترتٌب اآلٌات فً سورها على ما هو علٌه
المصحؾ الٌوم تولٌفً بؤمر من النبً-ملسو هيلع هللا ىلص ،-فمد كانت اآلٌات تنزل علٌه ،وجبرٌل ٌدله على
مواضعها ،وٌبلؽها رسول هللا صحابته ،وٌؤمر كتاب الوحً بنسخها فً مواضعها ،وكان جبرٌل
ٌعارضه بالمرآن فً رمضان كل عام مرة ،حتى عارضه فً السنة التً توفً فٌها رسول هللا
مرتٌن مرتبا اآلٌات كما هً علٌه اآلن ،ولد حفظه الصحابة بعده وأجمعوا على هذا الترتٌب(ٗ).
ولمد نمل ؼٌر واحد من العلماء اإلجماع فً ذلن ،فلمد جاء فً البرهان للزركشً لوله:
"فؤما اآلٌات فً كل سورة ،ووضع البسملة فً أوابلها ،فترتٌبها تولٌفً ببل شن ،وال خبلؾ فٌه،
ولهذا ال ٌجوز تعكٌسها"(٘) ،وممن نمل اإلجماع أٌضا حول هذه المسؤلة أبو جعفر ابن الزبٌر
ولذلن فالذي ٌظهر لً أن المؤموم ال ٌجوز له المراءة حال جهر اإلمام بالمراءة لما تمدم من األدلة ولما فً حدٌث
عبادة من معنى النهً لكن إن تمكن المؤموم من المراءة فً سكتات اإلمام فهذا المطلوب وإال فبل شًء علٌه
لتركه المراءة أخذ بما نهى عنه رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ولد لال النبً ملسو هيلع هللا ىلص" :ما نهٌتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا
منه ما استطعتم" وهذا الحدٌث أخرجه أحمد ومسلم وؼٌرهما من حدٌث أبً هرٌرة رضً هللا عنه ،وهللا تعالى
أعلم .
(.انظر فً هذه المسؤلة :مجموع الفتاوى البن تٌمٌة مجلد ٕ ص ٔٗٔ ٔ٘ٓ -مسؤلة المراءة خلؾ اإلمام دار
الفكر ٖٓٗٔهـ ٖٔ51م ،ومجموع فتاوى ورسابل العثٌمٌن ،ٖٔٔ /ٖٔ :انظر مبحث ألفاظ العموم وداللة العام
فً علم أصول الفمه للشٌخ عبد الوهاب خبلؾ ٕٓٔ ٕٕٔ -دار الحدٌث ٖٕٗٔهـ ٖٕٓٓم ،وفً الوجٌز فً
أصول الفمه د.عبد الكرٌم زٌدان ٖ٘ٓ ٖٔٓ -مإسسة الرسالة الطبعة السابعة ٕٔٗٔهـ ٕٓٓٓ ،وفً علم أصول
الفمه د .دمحم الزحٌلً ٕٙٔ -ٕ٘ٙدارالملم الطبعة األولى ٕ٘ٗٔهـ ٕٗٓٓم وفً شرح األصول من علم األصول
البن عثٌمٌن ٓ ٕٓ٘ -ٔ5المكتبة التوفٌمٌة وفً مذكرة فً أصول الفمه للشنمٌطً ٘ ٔ51- ٔ5مكتبة العلوم
والحكم الطبعة الرابعة ٕ٘ٗٔهـ ٕٗٓٓم).
وٌنبؽً أن ٌتنبه أن هذه المسؤلة هً من مسابل االجتهاد ،فمن كان عنده المدرة على النظر
فً األدلة وا لترجٌح بٌنها :فإنه ٌعمل بما ترجح لدٌه ،ومن لم ٌكن عنده المدرة على ذلن فإنه ٌملد عالما ٌثك فً
دٌنه وعلمه ،وال ٌجوز أن تُتخذ هذه المسؤلة االجتهادٌة مثارا للطعن فً العلماء ،أو الجدال المإدي إلى
التعصب والتفرق واختبلؾ الملوب .وهللا تعالى أعلم.
(ٔ) انظر :ا لكشؾ والبٌان عن تفسٌر المرآن ،أحمد بن دمحم بن إبراهٌم الثعلبً ،أبو إسحاق (المتوفىٕٗ2 :هـ)،
تحمٌك :اإلمام أبً دمحم بن عاشور ،مراجعة وتدلٌك :األستاذ نظٌر الساعدي /دار إحٌاء التراث العربً ،بٌروت -
لبنان ،الطبعة :األولى ٕٕٗٔ ،هـ ٕٕٓٓ -م ،ٕٔٙ/ٔ:وتفسٌر الطبري.ٔٓ2/ٔ :
(ٕ) تفسٌر الطبري.ٔٓ2/ٔ :
(ٖ) انظر :تفسٌر الثعلبً.ٕٔٙ/ٔ:
(ٗ)اإلعجاز البٌانً فً ترتٌب آٌات المرآن وسوره ،دمحم أحمد الماسمً ،طٔٔ525 ،م ،مصر ،ص.ٕٗٗ :
(٘)البرهان فً علوم المرآن ،الزركشً ،دار النشر بٌروت( ،د،ط) ،جٔ ،ص.ٕ٘ٙ :
الؽرناطً ،حٌث لال" :ترتٌب اآلٌات فً سورها والع بتولٌفه ملسو هيلع هللا ىلص ،وأمره من ؼٌر خبلؾ فً هذا
بٌن المسلمٌن"(ٔ).
فاإلجماع والنصوص المترادفة كلها على أن ترتٌب اآلٌات تولٌفً ،ال شبهة فً ذلن،
لال مكً(ٕ) وؼٌره :ترتٌب اآلٌات فً السور بؤمر النبً-ملسو هيلع هللا ىلص ،-ولما لم ٌؤمر بذلن فً أول براءة
تركت بدون بسملة ،ولال الماضً أبو بكر البالبلنً" :ترتٌب اآلٌات أمر واجب ،وحكم الزم،
فمد كان الرسول بؤمر من جبرٌل-علٌه السبلمٌ -مول ضعوا آٌة كذا فً موضع كذا"(ٖ).
وٌمول السٌوطً" :والذي نذهب إلٌه أن جمٌع المرآن الذي أنزله هللا وأمر بإثبات
رسمه ،ولم ٌنسخه ،وال رفع تبلوته بعد نزوله ،هو الذي بٌن الدفتٌن ،الذي حواه مصحؾ
عثمان ،وأنه لم ٌنمص منه شٌبا ،وال زٌد فٌه ،وأن ترتٌبه ،ونظمه ثابت على ما نظمه هللا تعالى،
ورتبه علٌه رسوله من آي السور ،لم ٌمدم من ذلن مإخر ولم ٌإخر ممدم ،وأن األمة ضبطت
على النبً rترتٌب آي كل سورة وموضعها وعرفت مولعها ،كما ضبطت عنه نفس المراءات،
وذات التبلوة ،وأنه ٌمكن أن ٌكون الرسول-ملسو هيلع هللا ىلص -لد رتب سوره ،وأن ٌكون لد وكل ذلن إلى
األمة بعده ،ولم ٌتول ذلن بنفسه"(ٗ).
كما أن ترتٌب السور فً المرآن فٌه خبلؾ بٌن أهل العلم على خبلؾ ترتٌب اآلٌات ،فٌمول:
"...وإنما اختلؾ فً ترتٌب السور على ما هً علٌه ،وكما ثبت فً مصحؾ عثمان بن عفان
الذي بعث بنسخه(٘) إلى اآلفاق ،وأطبمت الصحابة على موافمة عثمان فً ترتٌب سوره وعمله
()ٙ
رؾ ترتٌب السور ،وعلى ما سمعوه منه بنوا جلٌل ع َ فٌه" ،ثم لال" :فكٌفما دار األمر فمنه ملسو هيلع هللا ىلص ُ
ذلن النظر"( ،)2وإنما الخبلؾ ولع فً فعلهم فً ترتٌب السور هل كان بتولٌؾ لولً ،أو بمجرد
استناد فعلً حٌث بمً لهم فٌه مجال نظر؟ وحتى لو كان هذا األمر اجتهادا من الصحابة ،فإن
األمر مسلم فٌه أٌضا ،ألنه ال ٌوجد من هو أفصح ،وأعلم بكتاب هللا ،وبآٌاته ،وسوره ،ونزوله
(ٔ)البرهان فً ترتٌب سور المرآن ،ابن الزبٌر الؽرناطً ،تحمٌك :دمحم شعبانً ،طبعة وزارة األولاؾ المؽربٌة،
سنةٔٗٔٓ( :هـٔ55ٓ/م) ،ص.ٔ1ٕ :
(ٕ)هو مكً بن أبً طالب حمش بن دمحم بن مختار ،أبو سمر المٌسً ،كان من أهل التبحر فً علوم المرآن
والعربٌة ،حسن الفهم ،كثٌر التؤلٌؾ فً علوم المرآن ،محسنا لذلن ،توفً سنةٗ2ٖ :هـ ،أنظر ابن بشكوال،
الصلة :قٕ ،ص.ٖٙٔ :
(ٖ)اإلتمان فً علوم المرآن ،جبلل الدٌن السٌوطً ،تحمٌك :فإاد أحمد زمولً ،دار الكتاب العربًٕٓٓٗ ،م،
بٌروت ،ص.ٖٔٙ :
(ٗ) اإلتمان فً علوم المرآنٖٔٙ :
(٘)والراجح أنها أربع نسخ ،ولال أبو عمر الدانً فً" :الممنع فً رسم المرآن ،ص« :ٔٓ :لٌل أربع ولٌل
خمس ،واألول أصح ،وعلٌه األمة».أنظر :السٌوطً اإلتمان ،ص ،ٔ٘5 :و-الزركشً :البرهان ،جٔ ،ص:
ٕٓٗ .والدانً هو :الحافظ اإلمام شٌخ اإلسبلم ،أبو عمر عثمان بن سعٌد األموي ،موالهم المرطبً الممرئ،
صاحب التصانٌؾ ،عُرؾ بالدانً لمسكنه بدانٌة ،لال« :ولدت سنةٖ2ٔ :هـ ،وبدأت طلب العلم سنةٖ1ٙ :هـ،
ورحلت إلى المشرق سنةٖ52 :هـ ،وسكنت المٌروان أربعة أشهر ،ودخلت مصر فً شوال فمكثت بها سنة ،ثم
حججت ،ورجعت إلى األندلس فً ذي المعدة سنةٖ55 :هـ» ،لرأ على عبد العزٌز بن جعفر الفارسً ،وابن
ؼلبون ،و سمع من أبً مسلم ،والبزار ،وابن النحاس ،كان أحد األبمة فً المرآءات ،ورواٌة الحدٌث والتفسٌر،
كان مالكً المذهب ،له ٕٓٔمصنؾ ،كانت وفاته بدانٌة فً النصؾ من شوال ،سنةٗٗٗهـ .ممدمة كتاب
التٌسٌر.
()ٙالبرهان فً ترتٌب سور المرآن ،ابن الزبٌر الؽرناطً.ٔ1ٕ :
( )2المصدر نفسه.ٔ1ٖ :
من الصحابة رضً هللا عنهم ،كما أنهم أعملوا فً ذلن اجتهادهم األلصى ،وهم األعلٌاء بعلمه،
والمسلم لهم فً وعٌه ،وفهمه ،وهم العارفون بؤسباب النزول ،وموالع الكلمات ،وإنما ألفوه على
ما كانوا ٌسمعون منه ،وهو رسول هللا-ملسو هيلع هللا ىلص ،-ولد كان نظرهم هذا فً ما استمر علٌه النبً-صلى
هللا علٌه وسلم -من كان فعله األكثر ،والسند فً ذلن بان الترتٌب فً السور لد روعً فٌه
التناسب ،وإن كان لم ٌُراعى فٌه أسباب النزول ،وزمانه ومكانه ،بؤدلة ،وأحادٌث روٌت منها فً
صحٌح مسلم(ٔ) ،وما روى فً مصنؾ ابن أبً شٌبة(ٕ) ،وما نُمل عن الخطابً(ٖ) والماضً ابن
العربً(ٗ) ،والتؤمل بالعمل فً ذلن التناسب الموجود بٌن عدة سور كاألنفال ،وبراءة ،والتناسب
الموجود بٌن الطبلق ،والتحرٌم ،والضحى ،والشرح...مما ال ٌتولؾ فً وضوحه من له أدنى
نظر ،كما نمل عن أبً دمحم بن عطٌة(٘) لوله بتفصٌل فً المسؤلة ،وساق له ابن الزبٌر فً كتابه
البرهان بعض ما ٌإٌد هذا الرأي ،منه لول رسول هللا-ملسو هيلع هللا ىلص" :-إلرأوا الزهروان البمرة ،وآل
صلٌَّْتُ مع النبً ملسو هيلع هللا ىلص ذَاتَ لَ ٌْلَ ٍة (ٔ) إشارة إلى حدٌث حذٌفة فً صبلة المٌام :عن ُح َذ ٌْ َفةَ رضً هللا عنه لالَ (:
سا َء ضى فملت ٌَ ْر َك ُع بها ث ُ َّم ا ْفتَتَ َح ال ِن َّ ص ِلًّ بها فً َر ْك َع ٍة فَ َم َ ضى فملت ٌُ َ فَا ْفتَت َ َح ْال َبمَ َرة َ فملت ٌَ ْر َك ُع ِع ْن َد ْال ِماب َ ِة ث ُ َّم َم َ
سؤ َل وإذا َم َّر بِتَعَ ُّو ٍذ َ س َإا ٍل َسبَّ َح وإذا َم َّر بِ ُ سبل إذا َم َّر بِآٌَ ٍة فٌها تَ ْسبٌِ ٌح َ ً فَمَ َرأَهَا ث ُ َّم ا ْفتَت َ َح آ َل ِع ْم َرانَ فَمَ َرأَهَا ٌَ ْم َرأ ُ ُمت ََر ِ ّ
ام ِه ث ُ َّم لال سمع هللا ِل َم ْن َح ِم َدهُ ث ُ َّم لام عهُ نَح ًْوا من لِ ٌَ ًِ ْال َع ِظ ٌِم فَ َكانَ ُر ُكو ُ س ْب َحانَ َر ِبّ َ ت َ َع َّوذَ ث ُ َّم َر َك َع فَ َج َع َل ٌمول ُ
ام ِه )...رواه مسلم(ٕ.)22 س ُجو ُدهُ لَ ِرٌبًا من لٌَِ ًِ األعلى فَ َكانَ ُ س ْب َحانَ َربِّ َ س َج َد فمال ُ ٌبل لَ ِرٌبًا ِم َّما َر َك َع ث ُ َّم َ
ط ِو ًَ
ورةَ ال ُج ُم َع ِة َوال ُمنَافِمٌِنَ " س َ صبلَةِ ال ُج ُم َع ِة ُ ُ عباس رضً هللا عنهما أ َ ّن النب َّ
ً ملسو هيلع هللا ىلص َ " :كانَ ٌَ ْم َرأ فِى َ ٍ (ٕ) عن ابن
(أخرجه مسلم.)152 :
ولد روى دمحم بن أحمد بن حبان البستً ،صحٌح ابن حبان بترتٌب ابن بلبان ،تحمٌك :شعٌب األرنإوط ،ط ٕ٘ ،
(بٌروت :مإسسة الرسالة ٔٗٔٗ ،هـ) ،ح ٔٗ ،ٔ1كتاب الصبلة باب صفة الصبلة ،ذكر ما ٌستحب أن ٌمرأ به
من السور لٌلة الجمعة فً صبلة المؽرب والعشاء ،ٔٗ5 ،من حدٌث جابر بن سمرة لال( :كان رسول هللا صلى
هللا علٌه وسلمٌ :مرأ فً صبلة المؽرب لٌلة الجمعة بمل ٌا أٌها الكافرون ،ولل هو هللا أحد ،وٌمرأ فً العشاء
اآلخرة لٌلة الجمعة ،الجمعة ،والمنافمٌن) .والحدٌث ضعفه األلبانً ،سلسلة األحادٌث الضعٌفة ،ح ، ٘٘5
واألرنإوط فً تعلٌمه على ابن حبان.
(ٖ)هو اإلمام أحمد بن إبراهٌم ابن الخطاب السبتً ،أبو سلٌمان الفمٌه ،المحدث اللؽوي ،وله عدة مصنفات ،من
آثار ه" :معالم السنن" ،و"إصبلح ؼلط المحدثٌن" ،و"ؼرٌب الحدٌث" وله شرح على البخاري ،توفً سنة:
ٖ11هـ .أنظر :الذهبً ،تذكرة الحفاظ ،جٖ ،ص ،ٔٓٔ1 :حٌث نُمل عنه لوله« :أن الصحابة لما اجتمعوا على
المرآن وضعوا سورة المدر عمب العلك ،واستدلوا بذلن على أن المراد بها الكتابة فً لوله{:إنا أنزلناه فً لٌلة
المدر} المدر آٌةٔ ،إشارة إلى لوله :إلرأ".
(ٗ)ابن العربً هو دمحم بن عبد هللا بن دمحم بن العربً اإلشبٌلً ،المالكً ،ولد باألندلس ،ورحل إلى المشرق،
وعاد إلى وطنه سنةٔ ٗ5هـ ،وتولى المضاء ،وذكر ابن بشكوال فً الصلة أن له مصنفات عدٌدة منها" :عارضة
األحوذي" و"أحكام المرآن" و" العواصم ،وشرح موطؤ مالن ،و"لانون التؤوٌل" ،توفً سنةٖ٘ٗ :هـ بفاس ،ونُمل
عنه لوله ..« :وهذا بدٌع جدا ،للت ومن ظن ممن اعتمد المول بؤن ترتٌب السور إجتهاد من الصحابة ،أنهم لم
ٌراعوا فً ذلن التناسب ،واإلشتباه ،فمد سمطت مخاطبته ،وإال فما المراعى فً ترتٌب النزول؟ وهو ؼٌر
واضح فً ذلن بالمطع ،بل هذا معلوم فً ترتٌب آي المرآن الوالع ترتٌبه بؤمره علٌه الصبلة والسبلم ،وتولٌفه
بؽٌر خبلؾ (.»...أنظر ابن الزبٌر ،البرهان ،ص.ٔ1ٗ :و تاربخ لضاة األندلس ،ص .ٔٓ٘ :ونفح الطٌب،
جٕ ،ص .ٔ55 :و األعبلم ،ج ،ٙص.)ٕٖٓ :
(٘)هو عبد الحك بن ؼالب ابن عبد الرحمن ابن عطٌة األندلسً المحاربً الؽرناطً ،كان فمٌها نبٌها مفسرا
أدٌبا شاعرا ذكره صاحب الصلة ،ولال :كان مولده سنةٗ1ٔ :هـ ،وتوفً فً ٕ٘ رمضان ،سنةٔٗ٘هـ ،بمدٌنة
ٌورلة ،من أشهر مصنفاته" :المحرر الوجٌز" أنظر :تارٌخ لضاة األندلس ،ص .ٔٓ5 :و -األعبلم ،جٖ ،ص:
ٕ.ٕ1
عمران"(ٔ) ،وحدٌث ٌإتى بالمرآن ٌوم المٌامة تمدمه سورة البمرة(ٕ) ،وحدٌث :صلى رسول هللا-
ملسو هيلع هللا ىلص -بالسبع الطوال فً ركعة(ٖ) ،وحدٌث كان ٌجمع المفصل فً ركعة(ٗ) ،وحدٌث رواه البخاري
من طرٌك عابشة" :أن النبً كان إذا آوى إلى فراشه كل لٌلة لرأ المعوذتٌن ، )٘("..وكؤنه ٌإٌد
الرأي المابل بؤن ترتٌب السور ،إن لم ٌكن رسول هللا-ملسو هيلع هللا ىلص ،-لد أمر به بلسان الممال ،فإنه لد أشار
إلٌه بلسان الحال ،وهو ما كان علٌه أكثر عمله ،وأن العبرة بما ورد على األكثر واإلجمال ،ال
على الملة والتفصٌل ،وللٌل بمً فٌه الخبلؾ.
ثانٌا -:أم الكتاب:
َ
جاء فً "المسند" و"سنن ابن ماجه" عن عابشة رضً هللا عنها لالت :سمعتُ رسو َل هللا
ب فهً ِخ َدا ٌج"(.)ٙ صلَّى صبلة ً لم ٌَ ْم َرأ فٌها بؤ ِ ّم الكتا ِ ٌ مولَُ " :م ْن َ
ْ
ّلل َربّ ِ العَالَ ِمٌنَ } أ ُّم المرآن ،وأ ُّم ْ
وفً "سنن أبً داود" من حدٌث أبً هرٌرة{" :ال َح ْم ُد ِ َّ ِ
سب ُع المثانً"(.)2 الكتاب ،وال َّ
()1
وؼٌره :أ َّم الكتاب.ُ َّاس
ابن عب ٍ جوزه الجمهور ،ولد س َّماها ُ وفً هذا الؽسم خبلؾّ ،
(ٓٔ) ()5
وكرهه أنس والحسن ،وابن سٌرٌن ،لل الحسن":أ ُّم الكتاب الحبلل والحرام" .
علٌَْنَ ْال ِكت َ
َاب ِم ْنهُ آٌََاتٌ ُمحْ َك َماتٌ المرطبًٌ":شٌر إلى لوله تعالىُ { :ه َو الَّذِي أ َ ْنزَ َل َ ُ لال
بؤن أ َّم الكتاب هو اللو ُح المحفوظ، ب َوأخ َُر ُمتَشَا ِب َهاتٌ } ]آل عمران ،]2:وربما وجه َّ ُ ُه َّن أ ُ ُّم ْال ِكت َا ِ
ب} ]الرعد ،]ٖ5:ولوله تعالى: َّللاُ َما ٌَشَا ُء َوٌُثْ ِبتُ َو ِع ْن َدهُ أ ُ ُّم ْال ِكت َا ِ
كما فً لوله تعالىْ ٌَ{ :م ُحوا َّ
{ َو ِإنَّهُ فًِ أ ُ ِ ّم ْال ِكت َا ِ
(ٔٔ)
ً َح ِكٌ ٌم} ]الزخرؾ. "]ٗ: ب لَ َد ٌْنَا لَ َع ِل ٌّ
ولال أنس وابن سٌرٌن" :أم الكتاب :اسم اللوح المحفوظ .لال هللا تعالى{ :وإنه فً أم
الكتاب} [الزخرؾ.)ٕٔ( "]ٗ :
(ٔ)رواه مسلم فً كتاب صبلة المسافرٌن ،ولصرها ،باب :فضل لرآءة المرآن ،وسورة البمرة ،برلم)1ٓٗ( :
من حدٌث معاوٌة بن سبلم عن أخٌه زٌد ،ورواه الحاكم فً المستدرن ،كتاب :فضابل المرآن ،أخبار فً فضل
سورة البمرة ،برلم ،)ٕٓ2ٔ( :ورواه أحمد فً المسند من حدٌث أبً أمامة البهلً ،برلم/ٕٔ2ٔٓ( :
ٕٗ ،)ٕٖٔٙ٘/ٕٔٙو -فً شعب اإلٌمان فصل فً إدمان تبلوة المرآن برلم.)ٔ51ٓ( :
(ٕ) رواه مسلم فً صحٌحه :كتاب صبلة المسافرٌن باب فضل لرآءة المرآن الكرٌم ،برلم ،)1ٓ٘( :ورواه أحمد
فً المسند من حدٌث النواس بن سمعان ،برلم ،)ٔ2ٔ1٘( :ورواه فً الشعب ،الكتاب :التاسع عشر ،باب:
تعظٌم المرآن برلم.)ٕٖ2ٖ( :
(ٖ)المصنؾ فً األحادٌث واآلثار ،ابن أبً شٌبة ،تحمٌك :عامر العمري األعظمً ،الدار السلفٌة بندي بازار
بومباي ،الهند ،فً كتاب :الصلوات فً الرجل ٌمرن السورة فً الركعة.ٖٙ2/ٔ:
(ٗ)المصدر نفسه.ٖٙ1/ٔ :
(٘) أخرجه البخاري ،ج ،5ص ،ٕٙ :وأبو داود فً سننه برلم ،)٘ٓ٘ٙ( :والترمذي فً الجامع جٗ ،ص:
ٖٕٔ ،والنسابً فً عمل الٌوم واللٌلة برلم ،)211( :وابن ماجة برلم ،)ٖ12٘( :وأخرجه اإلمام أحمد ج،ٙ
ص ،ٔ٘ٗ-ٔٔٙ :وابن حبان برلم.)٘٘ٗٗ-ٖ٘٘ٗ( :
( )ٙالمسند ،)ٖٔٗ/ٙ( :و سنن ابن ماجه.)1ٗٓ( :
( )2سنن أبً داود.)ٕٔٗ٘( :
( )1انظر :تفسٌر المرطبً.ٔٔٔ/ٔ :
( )5انظر :النكت والعٌون ،ٗٙ/ٔ :وتفسٌر المرطبً.ٔٔٔ/ٔ :
(ٓٔ) انظر :النكت والعٌون ،ٗٙ/ٔ :وتفسٌر المرطبً.ٔٔٔ/ٔ :
(ٔٔ)تفسٌر المرطبً.ٔٔٔ/ٔ :
(ٕٔ)تفسٌر المرطبً.ٔٔٔ/ٔ :
وهذا ال ٌد ُّل على َم ْنعِ تسمٌة الفاتحة بذلن .وهللا أعلم.
(ٔ)
ولد اختلؾ فً معنى تسمٌتها بؤ ِ ّم الكتاب ،على ثبلثة ألوال :
الخط ،فهً تإ ُّم السور بتمدمهاّ ِ ور الكتاب فً س ِأحدهما :أنها سمٌت بذلن ،ألنَّها تتمدم على بمٌَّة ُ
َّ
س ِ ّمٌت مكة أ ّم المرى ،ألن البلدان علٌها ،فالكتاب كله راجع إلى معانٌها ،فهً كاألصل له ،كما ُ
د ُِحٌت من تحتها.
والمرآن س ّمٌت بذلن ألنها ّأول المرآن والكتب المنزلة ،فجمٌع ما أودعها من العلوم
مجموع فً هذه السورة فهً أصل لها كاألم للطفل.
والثانً :أنها س ّمٌت بذلن ،ألنها أفضل سور المرآن كما أن مكة سمٌت أم المرى ألنها أشرؾ
البلدان.
والثالث :أنها س ّمٌت بذلن ،ألنها مجمع العلوم والخٌرات ،كما أن الدماغ ٌسمى أ ّم الرأس ألنها
مجمع الحواس والمنافع.
ٌمول أبو بكر البرٌدي" :األم فً كبلم العرب :الراٌة ٌنصبها العسكر ،لال لٌس بن
الخطٌم:
وصاروا بعد إلفتهم شبلال ابذعروا
ّ نصبنا أ ّمنا حتى
فس ّمٌت أم المرآن ألن مفزع أهل اإلٌمان إلٌها كمفزع العسكر إلى الراٌة.
ومنه لول ذي الرمة(ٕ):
ب ال ت ُ َو ِاري لَهُ أ َ ْز َرا ٌؾ ال ِث ٌّا ِ
َخ ِف ِ صحْ بَتًِ ،س ْم َر ،لَ َّو ٍام إ َذا نَام ُ َوأ َ َ
عاصً لَ َها ْأم َرا أمور ال نُ ِ ٍ ع
ِجما ُ علَى َرأْ ِسه أ ٌّم لنا نَ ْمتَدِي ِب َها ، َ
ك نَنَال ِب َها فَ ْخ َرا ٍ زٌ رْ ب
ِ ذاتَ تْ د
َ ؼَ ْ
ت د
َ ؼ وإذا ، واُ لانز : ل
َ ٌ ل
ِ ْ
نزلت ا َ
ذ إ
ٌعنً بموله :على رأسه أ ٌّم لنا ،أي على رأس الرمح راٌةٌ ٌجتمعون لها فً النزول والرحٌل
العدو(ٖ).
ّ وعند لماء
ألن معاد الخلك إلٌها فً حٌاتهم وبعد مماتهم ،لال أمٌة بن أبً والعرب تسمً األرض :أ ّماّ ،
الصلت(ٗ):
للماء حتّى ك ّل زند مسفد نوخها اإلله طرولة واألرض ّ
فٌها ممابرنا وفٌها نولد واألرض معملنا وكانت أ ّمنا
وأنشد أحمد بن عبٌدة(٘):
كما ولها أنؾ عزٌز وذنب نؤوي إلى أ ّم لنا تعتصب
من السحاب ترتدي وتنتمب وحاجب ما إن نوارٌها الؽصب
ٌعنً :نصبه كما وصؾ لها .وسمٌت الفاتحة أ ّما لهذه المعانً.
(ٗ) دٌوان أمٌة بن أبً الصلت ،ٖ٘ٙواألول فً اللسان والتاج (سفد) ،والثانً فً المخصص ٖٔ ،ٔ1ٓ/وببل
(نوخها :أبركها .والطرولة :أنثى الفحل ،شبه الماء
نسبة فً المذكر والمإنث لؤلنباري ،ٔ12فً دٌوانهّ :
واألرض باألنثى والفحل) والبٌت الثانً ذكره المرطبً فً تفسٌره ،انظر :تفسٌر المرطبً.ٕٔٔ /ٔ :
(٘)لسان العربٔٙ1 /ٔ٘ :
ولال الحسٌن بن الفضل" :سمٌت بذلن ألنها إمام لجمٌع المرآن تمرأ فً كل صبلة و
تمدم على كل سورة ،كما أن أ ّم المرى إمام ألهل اإلسبلم ،ولال ابن كٌسان :سمٌت بذلن ألنها
تامة فً الفضل"(ٔ).
{م ْنهُ آٌََاتٌ
ٌتطرق إلٌها نس ٌخ ،من لوله تعالىِ : َّ ولٌل :أصالتها من حٌث أنَّها محكمةٌ لم
ب} ]آل عمران.)ٕ(]2: ُمحْ َك َماتٌ ُه َّن أ ُ ُّم ْال ِكت َا ِ
ثالثا -:أ ُّم المرآن:
واختلؾ فٌه أٌضا ،فجوزه الجمهور ومنهم الحسن الذي كره تسمٌتها بؤ ِ ّم الكتاب ،وكرهه
أنس وابن سٌرٌن ،واألحادٌث الثابتة ترد هذٌن المولٌن(ٖ).
ولد ورد تسمٌتُها بذلن فً أحادٌث كثٌرة:
منها حدٌث أبً هرٌرة عن النبً " :ك ُّل صبلةٍ ال ٌُمرأ فٌها بؤ ِ ّم المرآن فهً ِخ َدا ٌج"
خرجه ُم ْس ِل ٌم(ٗ). َّ
(٘)
ً لال" :ال صبلة لمن لم ٌمرأ بؤ ِ ّم المرآن" . عبادة َّ
أن النب َّ وخرج من حدٌث ُ َّ
الرابع -:السبع المثانً:
ً بالفاتحة كما سٌؤتً ذكره ،وذكر وكٌع فً "كتابه" عن سفٌان عن سرها النب ُّ ولد ف َّ
ْ
س ْبعًا مِنَ ال َمثَانًًِ ِ لالَ {" :ولَمَ ْد آَت َ ٌْنَانَ َ
ي ِ عن النب ّ عمرو بن مٌمون عن أبً مسعود األنصار ّ
ٌم}]الحجر [12:لال :فاتحة الكتاب". َو ْالمُ ْرآَنَ ْال َع ِظ َ
وابن عمر والحسن ومجاه ٌد وعكرمةُ ُ َّاس
ابن عب ٍ وممن لال (الفاتحة هً السبع المثانً)ُ :
كثٌر.
ٌ ٌ
وخلك
واختلؾ فً سبب تسمٌتها بالمثانً على ألوال:
ع ّدضهم َ ؼٌَّر بع ُ إن َت اتِ ّفالا ً( ،)ٙولٌس فً المرآن ما هو كذلن سواها ْ ،
()2
أحدها :إذ هً سبع آٌا ٍ
(ٔ) ()1
ع َكس ،وهذا المول هو المشهور . ضهم َ التَّسمٌة آٌة دون {صراط الذٌن أنعمتَ علٌهم} ،وبع ُ
المراء والعلماء فً ذلن ،وإنما س ْب ُع " ،فإنها سب ُع آٌات ،ال خبلؾ بٌن الجمٌع من َّ (ٔ)وأما تؤوٌل اسمها أنها " ال َّ
اختلفوا فً اآلي التً صارت بها سبع آٌات :
وروي ذلن عن الر ِح ٌِم ) ُ
الرحْ َم ِن َّ المول األول :فمال معظم أهل الكوفة ومكة :صارت سبع آٌات بـ ( بِس ِْم َّ ِ
َّللا َّ
جماعة من أصحاب رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص -والتابعٌن والشافعً ٌعد البسملة آٌة منها.
الر ِح ٌِم ) ولكن السابعة (أنعمت علٌهم)، الرحْ َم ِن َّ المول الثانً :لالوا هً سبع آٌات ،ولٌس منهن ( بِس ِْم َّ ِ
َّللا َّ
وذلن لول معظم لَ َرأةِ أهل المدٌنة والبصرة والشام و ُمتْمنٌهم ومنهم اإلمام مالن.
لال الطٌبً :وع ّد التسمٌة أولى؛ ألن (أنعمت علٌهم) ال ٌناسب وزانه وزان فواصل السور ،ولما روى
البؽوي(هو الحسن بن مسعود بن دمحم محًٌ السنة أبو دمحم البؽوي الشافعً المفسر ،كان سٌدا إماما ،عالما
عبلمة ،زاهدا لانعا بالسٌر ،توفً سنة ست عشرة وخمسمابة .سٌر أعبلم النببلء ٖٗ5 /ٔ5وطبمات الشافعٌة
الر ِح ٌِم اآلٌة السابعة "(رواه
الرحْ َم ِن َّ الكبرى ).2٘ /2فً " شرح السنة " عن ابن عباس أنه لال " :بِس ِْم َّ ِ
َّللا َّ
الشافعً فً المسند 25ومن طرٌمه البؽوي فً شرح السنة ٖ ٘ٓ /من طرٌك عبد المجٌد ،والطبري فً تفسٌر
الطبري ٗٔ ٘٘ /من طرٌك ٌحٌى األموي ،والحاكم فً المستدرن ٕ ٕ٘2 /من طرٌك حفص بن ؼٌاث،
والبٌهمً فً السنن الكبرى ٕ ٗٗ /من طرٌك حجاج بن دمحم األعور ،وحفص بن ؼٌاث ،والطحاوي فً شرح
معانً اآلثار ٔ ٕٓٓ /من طرٌك أبً عاصم كلهم (عبد المجٌد ،وٌحٌى وحفص ،وحجاج ،وأبو عاصم) عن ابن
جرٌح عن أبٌه ،عن سعٌد بن جبٌر ،عن ابن عباس ،لال الحاكم هذا حدٌث صحٌح اإلسناد ،ووافمه الذهبً.
وصحح السٌوطً سنده فً اإلتمان ٔ ٕٗٙ /وفً التصحٌح نظر ،فإن فً سنده عبد العزٌز بن جرٌج ،لال
الحافظ بن حجر عنه :لٌن ،التمرٌب ٔٔ.)ٙ
(ٕ)سرد العبلمة دمحم بن دمحم الحسٌنً الزبٌدي فً ممدمة شرح إحٌاء علوم الدٌن "إتحاؾ السادة المتمٌن بشرح
إحٌاء علوم الدٌن" مإلفات الؽزالً ،ثم ألؾ عبد الرحمن بدوي كتابا حافبل فً مإلفات الؽزالً ،ولم ٌرد فً
واحد من الكتابٌن كتاب مفرد للؽزالً فً البسملة ،بٌد أن الؽزالً تعرض لمسؤلة البسملة فً كتابه "المستصفى"
ٕ ٕٖ - ٖٔ /وذكر أنه أورد أدلة كون البسملة من المرآن فً كتاب حمٌمة المولٌن ،فلعله التصنٌؾ الذي عناه
السٌوطً.
(ٖ)هو سلطان بن إبراهٌم بن المسلم أبو الفتح الممدسً ،كان من أفمه الفمهاء بمصر ،تفمه علٌه صاحب الذخابر،
توفً سنة خمس وثبلثٌن وخمسمابة .طبمات الشافعٌة الكبرى 5ٗ /2وحسن الخاضرة فً أخبار مصر والماهرة
ٔ.ٗٓ٘ /
(ٗ)هو ُم َج ِلًّ بن جمٌع بضم الجٌم بن نجا أبو المعالً المخزومً ،صاحب الذخابر وؼٌره من المصنفات ،له
إثبات الجهر ببسم ميحرلا نمحرلا هللا ،توفً سنة خمسٌن وخمسمابة .سٌر أعبلم النببلء ٕٓ ٖٕ٘ /وطبمات
الشافعٌة الكبرى .ٕ22 /2
وعلٌه لراء مكة ،كابن كثٌر(ٕ) (والكوفة) كعاصم(ٖ) حمزة(ٗ) والكسابً(٘).
وممن خالفهم من لراء المدٌنة :كنافع()ٙوالبصرة :كؤبً عمرو(،)2والشام كابن عامر(.)1
أما سبب اإلختبلؾ فً البسملة فمرده" أنه لد ولع اإلجماع على استحباب ذكر هللا تعالى
عند ابتداء كل أمر له بال حٌن الشروع فٌه ،ولد ورد فٌه خبر عن النبً صلى هللا علٌه وسلّم.
ولد كانت العرب فً الجاهلٌة تفعل ذلن فٌمولون :باسمن اللهم ،وٌد ّل علٌه ما فً لصة
هدنة الحدٌبٌة( ،)5ثم إنه شرع للنبً صلى هللا علٌه وسلّم فً ذلن لفظ البسملة .وذكر هللا تعالى
فً كتابه حكاٌة عن كتاب سلٌمان علٌه السبلم أنها كانت فً أوله .ثم أثبتها الصحابة فً
خطا فً ّأول كل سورة سوى براءة ،فاختلؾ العلماء هل كان ذلن ألنها أنزلت حٌث المصحؾ ًّ
كتبت ،أو فعل ذلن للتبرن كما فً ؼٌره ،ولم ٌكتؾ بها فً أول الفاتحة ،بل أعطٌت كل سورة
ي سورة منها إلى البسملة فً أولها ،ولما فمد هذا المعنى حكم االستمبلل إرشادا لمن أراد افتتاح أ ّ
حٌن التبلوة بوصل السورة اختلؾ المراء فٌه :فمنهم من اتبع المصحؾ فبسمل مستمرا على
ؾ ألجله لٌاس اللؽة ،على ما لد عرؾ فً علم ذلن ،إذ المراءة فً اتباع الرسم شؤن ٌُخَالَ ُ
المراءة ،فما الظن بهذا؟ ولد كان تمرر عندهم أن المصحؾ لم تكتبه الصحابة إالّ لٌرجع إلٌه فٌما
كانوا اختلفوا فٌه ،ومنهم من فهم المعنى فلم ٌبسمل إالّ فً ّأول سورة ٌبتدئ بها(ٓٔ)،ولد ص ّح أن
(ٔ)هو عبد الرحمن بن إسماعٌل بن إبراهٌم شهاب الدٌن أبو شامة الدمشمً ،كان أحد األبمة ،برع فً فنون
العلم ،توفً سنة خمس وستٌن وستمابة .طبمات الشافعٌة الكبرى ٔٙ٘ /1وبؽٌة الوعاة ٕ.22 /
(ٕ)هو عبد هللا بن كثٌر بن عمرو أبو معبد الكنانً المكً الممرئ ،انتهت إلٌه اإلمامة بمكة فً تجوٌد األداء،
توفً سنة اثنتٌن وعشرٌن ومابة .معرفة المراء الكبار على الطبمات واألعصار ٔ ٔ52 /وؼاٌة النهاٌة فً
طبمات المراء ٔ.ٖٗٗ /
(ٖ)هو عاصم بن أبً النجود بهدلة أبو بكر األسدي الكوفً الممرئ ،واسم أبٌه بهدلة على الصحٌح ،ولٌل هً
أمه ،ولٌس ذا بشًء ،انتهت إلٌه اإلمامة فً المراءة بالكوفة ،توفً سنة سبع وعشرٌن ومابة .معرفة المراء
الكبار ٔ ٕٓٗ /وؼاٌة النهاٌة ٔ.ٖٗٙ /
(ٗ)هو حمزة بن حبٌب بن عمارة أبو عمارة المارئ ،كان إماما حجة ،لٌما بحفظ كتاب هللا ،توفً سنة ست
وخمسٌن ومابة .معرفة المراء ٔ ٕ٘ٓ /وؼاٌة النهاٌة ٔ.ٕٙٔ /
(٘)هو علً بن حمزة بن عبد هللا أبو الحسن الكسابً الكوفً الممرئ النحوي ،انتهت إلٌه اإلمامة فً المراءة
والعربٌة ،توفً سنة تسع وثمانٌن ومابة .معرفة المراء ٔ ٕٙ5 /وؼاٌة النهاٌة ٔ.ٖ٘٘ /
()ٙهو نافع بن عبد الرحمن بن أبً نعٌم الممرئ المدنً ،لرأ على سبعٌن من التابعٌن ،توفً سنة تسع وستٌن
ومابة .معرفة المراء ٕٗٔ/وؼاٌة النهاٌة ٕ.ٖٖٓ /
()2هو زبان بن العبلء بن عمار أبو عمرو البصري الممرئ النحوي ،شٌخ المراء بالبصرة ،توفً سنة أربع
وخمسٌن ومابة .معرفة المراء ٔ ٕٕٖ /وؼاٌة النهاٌة ٔ.ٕ11 /
()1هو عبد هللا بن عامر بن ٌزٌد أبو عمران الٌحصبً الدمشمً ،إمام الشامٌٌن فً المراءة ،توفً سنة ثمانً
عشرة ومابة .معرفة المراء ٔ ٔ1ٙ /وؼاٌة النهاٌة ٔ.ٕٖٗ /
()5بضم الحاء وفتح الدال وٌاء ساكنة وباء موحدة مكسورة وٌاء اختلفو فٌها ،فمنهم من شددها ،ومنهم من
خففها ،لرٌة متوسطة لٌست بالكبٌرة ،سمٌت بببر هنان عند مسجد الشجرة التً باٌع رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص -تحتها،
وبٌن الحدٌبٌة ومكة مرحلة ،وٌمال لها الٌوم :الشمٌسً .معجم البلدان ٕ ٕٕ5 /وصحٌح األخبار عما فً ببلد
العرب من اآلثار ٕ ٖٔ5 /وانظر هدنة الحدٌبٌة فً صحٌح البخاري ٗ ٕٔ٘ٗ /وصحٌح مسلم ٖ.ٔٗٔٓ /
(ٓٔ)لال أبو شامة فً إبراز المعانً من حرز األمانً ٔ ٕٕ2 /فً شرح بٌت:
رجال نموها درٌة وتحمبل وبسمل بٌن السورتٌن بسنة
لمبسملون من المراء هم الذٌن رمز لهم فً هذا البٌت من لوله :بسنة ،رجال ،نموها ،درٌة [وهم لالون
والكسابً ،وعاصم ،وابن كثٌر] وعلم من ذلن أن البالٌن ال ٌبسملون ،ألن هذا من لبٌل اإلثبات والحذؾ.
النبً صلى هللا علٌه وسلّم لما أنزلت الكوثر وتبلها على الناس بسمل فً ّأولها(ٔ)،وكذا لما لرأ
سورة حم السجدة على عتبة بن ربٌعة(ٕ) ،ولما تبل سورة المجادلة على امرأة (ٖ) أوس بن
الصامت (ٗ) ،ولما لرأ سورة الروم على المشركٌن(٘) ،وإلٌبلؾ لرٌش -أخرج البٌهمً حدٌثهما
فً " الخبلفٌات "( - )ٙولما لرأ سورة الحجر أخرجه ابن أبً هاشم(ٔ) بسنده(ٕ).
(ٔ)رواه مسلم ٔ ٖٓٓ /ح ٗ٘ وأبو داود ٔ ٘ٓ2 /ح ٓ 21والنسابً ٕ ٖٔٗ /حٗٓ 5من حدٌث أنس.
(ٕ)رواه ابن أبً شٌبة فً مصنفه ٗٔ ٕ5٘ /وعنه عبد بن حمٌد فً مسنده (المنتخب ٖ )ٕٙ /وأبو ٌعلى فً
مسنده ٖ ٖٗ5/من طرٌك علً بن مسهر ،عن األجلح ،عن الذٌال بن حرملة ،عن جابر بن عبد هللا لال .فذكره.
ورواه أبو نعٌم فً دالبل النبوة ٔ ٕ55 /من طرٌك منجاب بن الحارث ،عن علً بن مسهر ،ورواه البٌهمً فً
دالبل النبوة ٕ ٕٕٓ /وابن عساكر فً تارٌخ دمشك ٕٕٗ /ٖ1من طرٌك ٌحٌى بن معٌن ،عن دمحم بن فضٌل،
عن األجلح ،ورواه الحاكم فً المستدرن ٕ ٕٖ٘ /من طرٌك جعفر بن العون ،عن األجلح .لال الحاكم :هذا
حدٌث صحٌح اإلسناد ،ولم ٌخرجاه ،ووافمه الذهبً .ولال الهٌثمً فً مجمع الزوابد ومنبع الفوابد ٔ2 /ٙفٌه
األجلح الكندي ،وثمه ابن معٌن وؼٌره ،وضعفه النسابً وؼٌره ،وبمٌة رجاله ثمات .ولال الحافظ ابن حجر:
صدوق شٌعً .التمرٌب ٕٓٔ للت :الحدٌث حسن إذن.
(ٖ)هً :خولة بنت ثعلبة ،وٌمال :خوٌلة ،وخولة أكثر ،ولٌل :خولة بنت حكٌم ،ولٌل :خولة بنت مالن بن ثعلبة،
ولٌل :جمٌلة ،ولٌل :بل هً خولة بنت دلٌج ،وال ٌثبت شًء من ذلن ،وهللا أعلم ،والذي لدمنا أثبت وأصح إن
شاء هللا .االستٌعاب ٗ ٔ1ٖٓ /واإلصابة .ٙٔ1 /2
(ٗ)هو أوس بن الصامت بن لٌس األنصاري ،أخو عبادة بن الصامت ،شهد بدرا وأحدا وسابر المشاهد مع
رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص ،-وهو الذي ظاهر من امرأته فوطبها لبل أن ٌكفر ،مات فً أٌام عثمان ،وله خمس وثمانون
سنة .االستٌعاب ٔ ٔٔ1 /واإلصابة ٔ .ٔ٘ٙ /ولصة ظهاره من امرأته رواها أحمد ٘ٗ ٖٓٓ /وأبو داود ٖ/
ٖ 1ح ٕٕٓ5وابن حبان (اإلحسان ٓٔ )ٔٓ2 /والطبري فً تفسٌر الطبري ٘ /ٕ1من طرٌك ٌوسؾ بن عبد
هللا بن سبلم ،عن خولة .ولٌس فٌها البسملة ،ورواها ابن أبً حاتم -وفٌها البسملة -فً تفسٌر المرآن العظٌم
(تفسٌر المرآن العظٌم البن كثٌر )ٖ1 /1والبٌهمً فً السنن الكبرى ٖ1٘ /2عن داود بن أبً هند ،عن أبً
العالٌة مرسبلً .وزاد السٌوطً فً الدر المنثور 22 /2نسبته إلى عبد بن حمٌد -ولم أرها فً المسند المنتخب-
وابن مردوٌه.
(٘)رواه ابن خزٌمة فً كتاب التوحٌد ٔ ٗٓٗ /ومن طرٌمه البٌهمً فً الخبلفٌات لٗٗ وأبو الماسم األصبهانً
فً الحجة فً بٌان المحجة ٔ ٕ5ٔ /من طرٌك دمحم بن ٌحٌى ،عن سرٌج بن النعمان ،عن عبد الرحمن بن أبً
الزناد ،عن أبٌه ،عن عروة بن الزبٌر ،عن نٌار بن مكرم مرفوعاً .وفٌه البسملة.
ورواه البخاري فً كتاب التارٌخ الكبٌر ٖٔ5 /1من طرٌك إسماعٌل بن أبً أوٌس ،وأبو الحسن بن لانع فً
معجم الصحابة ٖ ٔ2ٕ /والطحاوي فً شرح مشكل اآلثار ٕٗٗ /2من طرٌك دمحم بن سلٌمان لوٌن ،والطبرانً
فً المعجم األوسط ٕٓٓ /2من طرٌك ابن جرٌج ،وعبد هللا بن أحمد فً كتاب السنة ٔ ٖٔٗ /ومن طرٌمه
البٌهمً فً كتاب األسماء والصفات ٔ ٘1٘ /وفً االعتماد والهداٌة إلى سبٌل الرشاد ٓٔ ٔٓ1 /من طرٌك أبً
معمر الهذلً ،عن سرٌج بن النعمان ،وأبو نعٌم فً معرفة الصحابة ٘ ٕ2ٓٗ /من طرٌك دمحم بن العباس
المإدب ،عن سرٌج بن النعمان كلهم عن عبد الرحمن بن أبً الزناد ،عن أبٌه به ،ولٌس فً هذه الطرق البسملة،
وهً المحفوظة.
()ٙرواه الحاكم فً المستدرن ٕ ٖ٘ٙ /وعنه البٌهمً فً الخبلفٌات لٗٗ من طرٌك ٌعموب بن دمحم الزهري
والبسملة فً رواٌته والبخاري فً التارٌخ الكبٌر ٔ ٖٕٔ /والطبرانً فً المعجم الكبٌر ٕٗ ٗٓ5 /وابن عدي
فً الكامل فً ضعفاء الرجال ٔ ٕٙٓ /من طرٌك أبً مصعب الزهري ،كبلهما (ٌعموب بن دمحم ،وأبو مصعب
الزهري) عن إبراهٌم بن دمحم ،عن عثمان بن عبد هللا بن أبً عتٌك ،عن سعٌد بن عمرو بن جعدة ،عن أبٌه ،عن
جدته أم هانا لال الحاكم :هذا حدٌث صحٌح اإلسناد ولم ٌخرجاه .لال الذهبًٌ :عموب ضعٌؾ ،وإبراهٌم
صاحب مناكٌر ،هذا أنكرها .تلخٌص المستدرن.
الثانً :أن تلن اآلٌات تثنى فً كل ركعة أي تضم إلٌها السورة فً كل ركعة .اختاره ابن
عاشور لاببل " :ووجه الوصؾ به أن تلن اآلٌات تثنى فً كل ركعة كذا فً الكشاؾ(ٖ) لٌل وهو
مؤثور عن عمر بن الخطاب(ٗ) ،وهو مستمٌم ألن معناه أنها تضم إلٌها السورة فً كل
ركعة" (ٔ)(ٕ).
وخالفه سلٌمان بن ببلل فروى البخاري فً التارٌخ الكبٌر من طرٌك سلٌمان بن ببلل ،عن عثمان بن عبد هللا بن
أبً عتٌك ،عن ابن جعدة المخزومً ،عن ابن شهاب عن النبً -ملسو هيلع هللا ىلص -نحوه .لال أبو عبد هللا :هذا بإرساله أشبه.
لال الحافظ العرالً فً محجة المرب إلى محبة العرب ٖٖٕ :هذا حدٌث حسن ،ورجاله كلهم ثمات معروفون إال
عمرو بن جعدة بن هبٌرة فلم أجد فٌه تعدٌبلً وال جرحاً ،وهو ابن ابن أخت علً بن أبً طالب ،وهو أخو ٌحٌى
بن جعدة بن هبٌرة أحد الثمات.
وهنا ولفات:
األولى :إن رواٌة البسملة فً الحدٌث ضعٌفة ،تفرد بها ٌعموب بن دمحم الزهري ،لال الحافظ ابن حجر عنه:
صدوق كثٌر الوهم والرواٌة عن الضعفاء .التمرٌب ٓ.ٔٓ5
الث انٌة :إن إبراهٌم بن دمحم اختلؾ فٌه ،فمال عنه ابن عدي فً الكامل :مدنً ،روى عنه عمرو بن أبً سلمة
وؼٌره مناكٌر ،ولال أٌضاً :وأحادٌثه صالحة محتملة ،ولعله أتً ممن لد روى عنه .ولال عنه الذهبً :ذو
مناكٌر .المٌزان ٔ ٘ٙ /وسبك لوله فٌه فً تلخٌص المستدرن .ثم إنه خالؾ سلٌمان بن ببلل الثمة ،فرواٌته
حٌنب ٍذ منكرة ،ورواٌة سلٌمان معروفة ،ولهذا رجح البخاري رواٌة سلٌمان فمال :هذا بإرساله أشبه.
الثالثة :لول الحافظ العرالً :هذا حدٌث حسن ورجاله كلهم ثمات معروفون .فٌه نظر ٌعرؾ مما سبك ،لكن
ٌشهد لمرسل ابن شهاب هذا حدٌث الزبٌر الذي رواه الطبرانً فً المعجم األوسط 2ٙ /5من طرٌك عبد هللا بن
مصعب بن ثابت بن عبد هللا بن الزبٌر ،عن هشام بن عروة ،عن أبٌه ،عن الزبٌر نحوه .لال الحافظ العرالً
فٌه :هذا حدٌث ٌصلح أن ٌخرج لبلعتبار واالستشهاد ،فإن عبد هللا بن مصعب بن ثابت ذكره ابن حبان فً
الثمات ،وضعفه ابن معٌن.
للت :وخبلصة المول أن رواٌة البسملة فً حدٌث أم هانا ضعٌفة ،وبالً الحدٌث حسن لؽٌره(.نواهد األبكار
وشوارد األفكار.)٘ٙ/ٔ :
(ٔ)هو عبد الواحد بن عمر بن دمحم بن أبً هاشم أبو طاهر البؽدادي الممرئ ،انتهى إلٌه الحذق بؤداء المرآن ،لرأ
بالرواٌات على ا بن مجاهد ،له كتاب البٌان ،وكتاب الفصل بٌن أبً عمرو والكسابً ،ورسالة فً الجهر
بالبسملة ،توفً سنة تسع وأربعٌن وثبلثمابة .معرفة المراء الكبار ٕ ٖٙٓ /وؼاٌة النهاٌة ٔ ٗ2٘ /وإٌضاح
المكنون ٘.ٕ٘ٙ /
(ٕ)رواه الطبري فً تفسٌر الطبري ٗٔ ٕ /من طرٌك علً بن سعٌد بن مسروق الكندي ،وأبو بكر ابن أبً
عاصم فً السنة ٔ ٘1ٕ /والطبرانً فً المعجم الكبٌر (تفسٌر المرآن العظٌم البن كثٌر ٗ )ٕ٘٘ /والحاكم فً
المستدرن ٕ ٕٕٗ /وعنه البٌهمً فً كتاب البعث والنشور المسم الثانً ٔ ٕٓ2 /من طرٌك أبً الشعثاء علً
بن الحسن كبلهما عن خالد بن نافع األشعري ،عن سعٌد بن أبً بردة ،عن أبٌه ،عن أبً موسى مرفوعاً ،ولٌس
فٌه البسملة لال الحافظ ابن كثٌر :ورواه ابن أبً حاتم من حدٌث خالد بن نافع به ،وزاد فٌه :بسم
هللا الرحمن الرحٌم.
لال الهٌثمً :وفٌه خالد بن نافع األشعري ،لال أبو داود :مترون .مجمع الزوابد .ٖٔٔ /2
لال الذهبً :وهذا تجاوز فً الحد ،فإن الرجل لد حدث عنه أحمد بن حنبل ،ومسدد ،فبل ٌستحك الترن ،مٌزان
االعتدال ٔ.ٙٗٗ /
(ٖ) ٌمول االمام الزمخشري " :وسورة الحمد والمثانً ألنها تثنى فً كل ركعة"( عن حمابك ؼوامض التنزٌل
وعٌون األلاوٌل فى وجوه التؤوٌل ،العبلمة جار هللا أبو الماسم محمود بن عمر الزمخشرى ( ٗٙ2ـ ٖ٘1هـ )،
:دار الكتاب العربً ـ بٌروتٔٗٓ2 ،م:صٔ.)ٔ/
(ٗ) لال السٌوطً فً حاشٌته على تفسٌر البٌضاوي ":أخرجه ابن جرٌر فً تفسٌره بسند حسن عنه لال" :
السبع المثانً فاتحة الكتاب تثنى فً كل ركعة" ،ولم أر هذا اللفظ فً تفسٌر الطبري عن عمر ،ولكن رأٌت فٌه:
صبلة وأخرى بالمدٌنة حٌن ُح ّ ِولَت ضت ال َّ الثالث :وإ َّما ألنَّها ت َثنَّى نزولها ،فَ َم َّرة بِم َّكة حٌن فُ ِر َ
ال ِمبلة ،لال ابن عاشورَ " :و َه َذا لَ ْو ٌل بَ ِعٌ ٌد ِجدًّا َوت َ َك ُّر ُر النُّ ُزو ِل َال ٌُ ْعتَبَ ُر لَابِلُهَُ ،ولَ ِد اتُّفِكَ َ
(ٖ)
علَى
عا َدةِ نُ ُزو ِل َها بِ ْال َمدٌِنَ ِة"(ٗ).ي َم ْعنًى ِ ِإل َ أَنَّ َها َم ِ ّكٌَّةٌ فَؤ َ ُّ
سبع على الثّناء علٌه ج َّل شؤنُه؛ إ ّما تصرٌحا ً أو تلوٌحاً، الرابع :وإ َّما الشتمال ك ٍّل ِمن آٌاتها ال َّ
ع ِ ّد {صراط الذٌن أنعمت ع ِ ّد التسمٌة آٌة منها ،و َ َّ صحٌح ِمن َ ً على ما هو ال َّ وهو مبن ٌّ
ّ
سابعة ،وإال فت َض ُّمنها الثناء ؼٌر ظاهر . َّ ً
علٌهم} بعضا من ال َّ
َّ
لتكرر ما تض َّمنته من المماصد :فالثناء علٌه سبحانه لد ت َ َك َّرر فً ُجملت ًَ البسملة ُّ الخامس :وإ ّما
َ
تكرر فً جملت ًَ عز وعبل باإللبال علٌه وحده واإلعراض ع َّما سواه لد َّ صه َّ والحم ِد لَه .وتخصٌ ُ
كرر بـ{صراط الذٌن أنعمت صراط ال ُمستمٌم ُم َّ وطلب الهداٌة إلى ال ِ ّ ُ العبادة واإلستعانة.
كرر بِذِكر {المؽضوب علٌهم وال الضالٌن} أن سإال البُعد عن الطرٌك ؼٌر الموٌم ُم َّ َّ علٌهم} ،كما َّ
(٘).
سبع المثانً. فهذه وجوه خمسة فً تسمٌتها بال َّ
والمثانً تحتمل واحدا من ستة معان:
أحدها :المثانً من الثناء ،والثناء ال ٌكون إال على هللا.
ً واإلنثناء ،وهذه ال تكون إال فً أطراؾ األشٌاء ،وأٌضا تعنً المعانً والثانً :المثانً من الثن ّ
الخفٌة أو المتخفٌة فً اإلنثناءات ،أو المعانً الباطنة ،أوالمعانً ؼٌر الظاهرة للعٌان آنٌا ،أو هً
تلن التً لم ٌؤن آوان ظهورها بعد ،والتً سوؾ تظهر تباعا فً المادم من األزمنة.
والثالث :المثانً من اإلزدواجٌة ،أي ثنابٌة التكوٌن.
والرابع :المثانً من التثنٌة ،أي العد مثنى مثنى ،أو إثنتٌن إثنتٌن.
والخامس :وهو امتداد أو هو تفصٌل للمعنى الثانً ( من اإلنثناء) ،وحٌث تكون المثانً من
ظهور معنى ثان لها ،وهذا المعنى بدوره ٌظهر له معنى جدٌد وهكذا ،إلى سبعة أعماق ،أو
سبعة أبعاد ،أو سبعة معانً وكلها صحٌح ،مما ٌشٌر إلى معنً المتشابه من اآلٌات.
ما لهم رؼبة عن فاتحة الكتاب ،وما ٌبتؽً بعد المثانً(.٘ٗ /ٔٗ :انظر :نواهد األبكار وشوارد األفكار =
حاشٌة السٌوطً على تفسٌر البٌضاوي ،عبد الرحمن بن أبً بكر ،جبلل الدٌن السٌوطً (المتوفى5ٔٔ :هـ)،
جامعة أم المرى -كلٌة الدعوة وأصول الدٌن،المملكة العربٌة السعودٌة (ٖ رسابل دكتوراة) ٕٔٗٗ ،هـ -
ٕ٘ٓٓ م:صٔ.ٗ5/
(ٔ)تفسٌر التحرٌر والتنوٌر ،الشٌخ دمحم بن الطاهر ابن عاشو ،دار التنوسٌة للنشر ،التونس:ٔ51ٗ ،صٔ.ٖٔ٘/
شاؾ)" :ألنّها تُثنَّى فً ك ِّل ركعة" ،وهو بظاهره ؼٌر صحٌح ،ووجوه التَّكلُّؾ (ٕ) ولٌل أن فً كبلم صاحب (الك ّ
ٌر ُد علٌه ال ِوتْر إذ لٌست فً
صبلة تسمٌة ِللك ّل باسم الجزء ،وال ِالركعة على ال ّلتوجٌهه مشهورة ،أجودُها حمل َّ
الركعة علٌها .
َّ إطبلله لعدم حمٌمة صبلة لت مذهبه ،وال صبلة الجنازةْ ،
وإن ُج ِع
(ٖ)لال السٌوطً فً اإلتمان :األكثرون على أنها مكٌة ...واستدل لذلن بموله تعالى "ولمد آتٌنان سبعا من
المثانً" وفسرها -ملسو هيلع هللا ىلص -بالفاتحة كما فً الصحٌح ،وسورة الحجر مكٌة باإلتمان ،ولد امتن على رسوله فٌها بها،
فتدل على تمدم نزول الفاتحة علٌها ،إذ ٌبعد أن ٌمتن علٌه بما لم ٌنزل بعد.
وانظر فً :صحٌح البخاري ٗ ٕٔ٘٘ /ح ٖ5ٔ5وتفسٌر الطبري ٙ5 /ٕٙوالمحرر الوجٌز ٖٔ ٕٗ2 /وزاد
المسٌر ٗٔ1 /2والتفسٌر الكبٌر ٔ ٔ22 /وتفسٌر المرآن العظٌم ٖٕ٘ /2واإلتمان فً علوم المرآن ٔ.ٖٗ /
(ٗ) تفسٌر التحرٌر والتنوٌر ،الشٌخ دمحم بن الطاهر ابن عاشو ،دار التنوسٌة للنشر ،التونس،
ٗ:ٔ51صٔ.ٖٔ٘/
(٘) انظر :االتمان فً علوم المرآن.ٔ٘ٓ/ٔ :
والسادس :وهو معنى ال ٌخص المثانً بذاتها ،لكنه ٌخص العددٌة الدالة علٌها (سبعة) ،مما
ٌعنً أن مجرد ظهور خاصٌة معٌنة متمٌزة فً آٌات وسور كتاب هللا ،فً سبعة أشكال أو سبعة
تكرارات ،أو سبعة سور ،أو سبعة آٌات ،أو سبعة خصالٌ ،صون لها إحتمال كونها من السبع
المثانً.
َ
"أن المثانً تُطل ُك باعتبار معنٌٌن: ولٌل َّ
ُ ُ
أحدهما :باعتبار ما ث ِنًّ لفظه ِ ّ
وكر َر.
مطلك العدد ِم ْن ؼٌر ُ فإن التثنٌة ٌ َُرا ُد بها تَّ ، وكر َر ْ عه وألسا ُمهّ ِ ، ت أنوا ُ والثانً :باعتبار ما ثُنٌَِّ ْ
مرة ً بعد ص َر َك َّرتٌَ ِْن} ]الملن ،]ٗ:أيَّ : ار ِجعِ ْالبَ َ تخصٌص بعدد االثنٌن ،كما فً لوله تعالى{ :ث ُ َّم ْ ٍ
مرةٍ"(ٔ). َّ
والمرآن نوعان:
ظه لفابدةٍ مجدَّدةٍ ،فهذا هو المتشابه. أحدُهما :ما ُك ِ ّرر لف ُ
ظه ،فهذا المثانً ،ولد َج َم َع هللاُ بٌن هذٌن الوصفٌن فً لوله ُكرر لف ُ والثانً :ما نُ ّ ِوع ولُ ِسم ولم ٌ ّ
َّ
ً} ]الزمر ،]ٕٖ:فوصؾ الكتاب كله بؤنَّه متشابهٌ ث ِكت َابًا ُمتَشَابِ ًها َمثَانِ َ سنَ ْال َحدٌِ ِ تعالى{ :ن ََّز َل أَحْ َ
ومثانً ،فإ َّما أن ٌكون تنوٌعًا إلى هذٌن النوعٌن ،وهما :النظابر المتماثلة ،والمثانً فً األنواع،
لح َك ٍم وفوابد متجدّدةٍ ،وسورة ُ ت فٌه فً مواضع ِ أن آٌاته المتماثلة ثُنٌَِّ ْ وإ َّما أن ٌكون المراد َّ
الفاتحة على المثانً بهذٌن التفسٌرٌن ،ألنَّها تضمنت األنواع واأللسام المعدّدة وذكر العبادة
واالستعانة ،وذكر المؽضوب علٌهم والضالٌن ،وتضمنت ذكر النظابر المتماثلة ،وث ُ ِنٌّت فٌها
الر ِح ٌِم} على لول من ٌمول َّ
إن الرحْ َم ِن َّ علَ ٌْ ِه ْم} ،وتكرٌرَّ { : ط} ،و{ َ ص َرا َ كتكرٌر { ِإٌَّانَ } ،و{ال ِ ّ
س ْبعًا ِمنَ ال َمثَانًِ} ]الحجرٌ [12:د ُّل على أنَّها ْ البسملة منها ،فإن لٌل :لوله تعالىَ { :ولَمَ ْد آَت َ ٌْنَانَ َ
(ٕ)
ً لال فً الفاتحة" :هً السبع المثانً" . أن النب َّ من جملة المثانً ال كلّها ،وفً الحدٌثَّ :
صل ،كما ط َول ،والمبون ،والمثانً ،والمف ّ ألسام :السبع ال ُ ٍ أن المرآنَ كلَّه أربعةُ فالجوابَّ :
ط َولَ، سب َع ال ًُ لال" :أعطٌتُ مكان التوراةِ ال َّ ُ أن النب َّ وؼٌره عن واثلة بن األسمع َّ ِ فً "المسند"
ص ِل" ،ولد ُروي (ٖ)
ضلتُ بالمف ّ المثانً ،وفُ ِ ّ بور المبٌن ،وأعطٌتُ مكان اإلنجٌ ِل ُ الز ِ وأُعطٌتُ مكان َّ
َ
وؼٌره(ٗ). ِ َّاس
ابن عب ٍ نحو ذلن عن ِ
ط َو ُل هً :البمرة ،وآل عمران ،وال ِنّساء ،والمابدة ،واألنعام ،واألعراؾ، سبع ال ُ وال َّ
إن السابعة :األنفال وبراءة. جبٌر ،ولٌلَّ : ٍ َّاس وسعٌ ُد ُ
بن ابن عب ٍ وٌونس ،كذا لال ُ
ٌنمص ُّ سور ٌبل ُػ عددُه مابةً ،مابةً ،أو ٌزٌ ُد علٌها للٌبلً أو والمبون :ما كان بعد ذلن من ال ُّ
للٌبلً.
َّ
فكؤن ٌتلو المبٌن، س ِ ّمً مثانً لٌل :ألنَّه ُ والمثانً :ما سوى ذلن ،وسوى المفصل ،و ُ
والفرابض والحدودُ ،ونُمل عن ُ ص واألمثا ُل ص ُ المبٌن أوابل وهذه ثوانً ،ولٌل :ألنَّه تُثنَّى فٌه المَ َ
جبٌر.
ٍ بن
اس وسعٌ ِد ِ ابن عبَّ ٍ ِ
الممامات الثبلثة"(.)2
ولال ابن المٌم" :فمد أثر هنا الدواء فً هـذا الداء وأزاله ،حتى كؤنه لم ٌكن ،وهو أسهل
سره ،ولو أحسن العبد التداوي بالفاتحة لرأى لها تؤثٌرا ً عجٌبا ً فً الشفا ،ومكثت بمكة دواء وأٌ َ
و الحاكم (ٔ ) ٘ٙٓ - ٘٘5 /و الطٌالسً ( ٕ ) ٖٔٙو أحمد ( ٘ ) ٕٔٔ - ٕٔٓ /من
ق ار ِ ت َع ْن َع ِ ّم ِه أَنَّه ُ َم َّر بِمَ ْو ٍم فَؤَت َْوهُ فَمَالُوا :إِنَّنَ ِجبْتَ ِم ْن ِع ْن ِد َهذَا َّ
الر ُج ِل بِ َخٌ ٍْر فَ ْ ص ْل ِ َار َجةَ ب ِْن ال َّ طرٌك الشعبً ْن خ ِ
ؼد َْوة ً َو َع ِشٌَّةً َو ُكلَّ َما َختَ َم َها َج َم َع بُزَ الَهُ ث ُ َّمآن ث َ َبلثَةَ أٌََّ ٍام ُ
ِ رْ ُ م ْ
ال م ُ ؤ
َ ِ ِّب ُ ها َ ل ر َ ف د
ِ ُو ٌُ م ْ
ال ً ف
ِ ه
ٍ و ُ تعْ م الر ُج َل فَؤَت َْوهُ ِ َ ٍ َ
ل ج
ُ ر ب لَنَا َهذَا َّ
سل َمَّ َ
َّللاُ َعل ٌْ ِه َو َ
صلى َّ َّ ً َ َّ َ َ َ َ
سل َم فذك ََرهُ لهُ فما َل النبِ ُّ َ َّ َ
َّللاُ َعل ٌْ ِه َو َ
صلى َّ َّ ً َ َّ َ
ش ٌْبا فؤت َى النبِ ََّ ً َ َ َ َ ْ ُ
تَفَ َل فَ َكؤَنَّ َما أن ِشط ِم ْن ِعما ٍل فؤ ْعط ْوهُ َ
َ
ك" ولال الحاكم " :صحٌح اإلسناد ،و وافمه الذهبً .لال اط ٍل لَمَ ْد أَك َْلتَ ِب ُر ْلٌَ ٍة َح ّ ٍ ُك ْل فَلَ َع ْم ِري لَ َم ْن أ َ َك َل ِب ُر ْلٌَ ٍة بَ ِ
األلبانً :و هو كما لاال إن شاء هللا ،فإن رجاله ثمات رجال الشٌخٌن ؼٌر خارجة بن الصلت ،فروى عنه مع
الشعبً عبد األعلى بن الحكم الكلبً ،و ذكره ابن حبان فً" الثمات " ،لكن لال ابن أبً خٌثمة " :إذا روى
الشعبً عن رجل و سماه فهو ثمة ٌ ،حتج بحدٌثه " .ذكره الحافظ فً " التهذٌب " و ألره ،و كؤنه لذلن لال
الذهبً فً " الكاشؾ " " :ثمة( " .لاله األلبانً فً " :السلسلة الصحٌحة " ٘ .) ٗٗ /
(ٔ) حدٌث ضعٌؾ :ضعٌؾ الجامع الصؽٌر.ٖ5ٗ5 :
(ٕ) أخرجه الخلعً فً فوابده ،من حدٌث جابر بن عبدهللا (:تهذٌب وترتٌب اإلتمان فً علوم المرآن للسٌوطً،
دمحم بن عمر بن سالم بازمول ،دار الهجرة للنشر والتوزٌع.)ٗٓ ،
(ٖ) انظر :الجامع ألحكام المرآن :للمرطبً (ٔ.)1ٓ/
(ٗ) سنن الدارمً من كتاب فضابل المرآن ،باب فضل فاتحة الكتاب ،رلم الحدٌث(.)ٗٗ٘/ٕ( :)ٖٕٗ2أخرجه
البٌهمً فً "الشعب"(ٓ ،)ٕٖ2وحكم األلبانً بضعفه فً ضعٌؾ الجامع الصؽٌر.11/ٗ :
(٘) حدٌث موضوع( ضعٌؾ الجامع الصؽٌر.)11/ٗ:
( )ٙفً التفسٌر الكبٌر( ::فهً فً الحمٌمة سبب لحصول الشفاء)
( )2التفسٌر الكبٌر.)ٔٗ2/ٔ( :
مدة تعترٌنً أدواء ،وال أجد طبٌبا ً وال دواء ،فكنت أعالج نفسً بالفاتحة ،فؤرى لها تؤثٌرا ً عجٌباً،
فكنت أصؾ ذلن لمن ٌشتكً ألماً ،فكان كثٌر منهم ٌبرأ سرٌعاً" (ٔ).
ولكن هاهنا أمر ٌنبؽً التفطن له ،وهو أن األذكار واآلٌات أو األدعٌة التً ٌُستشفى بها،
وتؤثٌره،
َ وٌُرلى بها هً نفسها نافعة شافعة ،ولكن تستدعً لبول المحل ،ولوة همة الفاعل،
فمتى تخلؾ الشفاء كان لضعؾ تؤثٌر الفاعل ،أو لعدم لبول المنفعل ،أو لمانع لوي فٌه ٌمنع أن
ٌنجح فٌه الدواء ،كما ٌكون ذلن فً األدوٌة واألدواء الحسٌة ،فإن عدم تؤثٌرها لد ٌكون لعدم
لبول الطبٌعة (أي طبٌعة البدن) لذلن الدواء ،ولد ٌكون لمانع لوي ٌمنع من التضابه أثره ،فإن
الطبٌعة (أي األجسام) إذا أخذت الدواء لمبول تام كان انتفاع البدن به بحسب ذلن المبول ،فكذلن
نفس فعالة ،وهمة مإثرة فً إزالة الداء . الملب إذا أخذ الرلى والتعاوٌذ بمبول تام ،وكان للرالً ٌ
العاشر -:الوافٌة:
ً ً
عٌٌنَةَ ،ألنَّها ال تمب ُل الحذؾ ،فبل ب َّد من اإلتٌان بها وافٌة تا َّمة ،ولال بن ُ ُح ِكً عن سفٌان ِ
س ِ ّمٌت وافٌة الشتما ِلها على المعانً التً فً المرآن من الثناء على هللا َّ
عز ً ي :إنَّما ُالزمخشر ُّ َّ
(ٕ)
باألمر والنَّهً ،ومن الوعد والوعٌد . ِ ُ
وج َّل بما هو أهله ،ومن التعبُّد
الحادي عشر -:األساس:
أساس ال ُكت ُ ِ
ب ُ ً ِ أنَّه س َّماها :األساس ،وأنَّه لال" :سمعتُ ابنَ عب ٍ
َّاس ٌمول: ُروي عن ال َّ
شعب ّ
(ٖ)
وأساس الفاتحة بسم ميحرلا نمحرلا هللا" .ُ وأساس المرآن الفاتحة، ُ المرآن،
سا لوجهٌن :أحدُهما :أنَّها ّأو ُل سورةٍ من المرآن ،فهً كاألساس، س ِ ّمٌت أسا ً
ي :و ُ الراز ُّ
لال َّ
(٘) (ٗ)
والثانً]:أن أشرؾ العبادات بعد اإلٌمان هو الصبلة[ ،وهذه السورة مشتملة على ما ال بد
منه فً اإلٌمان ،والصبلة ال تتم إال بها(.)ٙ
الثانً عشر -:الكنز
واستدل بذلن بما رواه أنس بن مالن-رضً هللا عنه -عن النبً-ملسو هيلع هللا ىلص لال" :إن هللا أعطانً
ً ،أنً أعطٌتن فاتحة الكتاب ،وهً من كنوز عرشً ،ثم لسمتها بٌنً وبٌن من به عل ّ فٌما ّ
()2
عبدي نصفٌن" .
(ٔ) أخرجه الثعلبً فً تفسٌره ،مخطوطة-الكشؾ والبٌان ،ٖ٘/ٔ:-والواحدي فً أسباب النزول.ٔ5 :
(ٕ) أورده السٌوطً فً الدر ،ٔٙ/ٔ :وعزاه إلى إسحاق بن راهوٌه فً مسنده.
(ٖ) انظر فً هذه التسمٌات فً كتب التفاسٌر وعلوم المرآن كتفسٌر :الزمخشري ، ٗ/ٔ :والنسفً ،ٖ/ٔ:وابن
كثٌر ،ٔ٘/ٔ:والبٌضاوي ،٘/ٔ:والشوكانً ،ٕٖ/ٔ:واآللوسً ،ٖ1/ٔ:وذكرها السٌوطً فً اإلتمان،ٔ2ٓ/ٔ:
والبماعً فً نظم الدرر فً تناسب اآلٌات والسور ،ٔ5/ٔ:والزركشً فً البرهان.ٕ2ٓ/ٔ:
(ٗ) انظر :اإلتمان فً علوم المرأن ،ٔ2ٓ/ٔ :وتفسٌر األلوسً.ٖ1/ٔ :
(٘) انظر :أسماء سور المرآن وفضابلها ،د.منٌرة دمحم ناصر الدوسري ،دار ابن الجوزي ،رسابل جامعٌة(،)ٗ2
طٕٔٔٗٙ ،هـ:ص ٔٗٔ.
( )ٙانظر تفسٌره.ٗ2/ٔ :
( )2انظر نفسٌره.1ٔ/ٔ :
( )1انظر تفسٌره.ٖ1/ٔ :
( )5انظر اإلتمان.ٔ2ٓ/ٔ :
(ٓٔ) انظر تفسٌره.ٔ5/ٔ :
(ٔٔ) مفاتٌح الؽٌب.ٔٗ2/ٔ :
(ٕٔ) انظر :بصابر ذوي التمٌٌز ،فٌروزآبادي.ٕٔ5/ٔ :
السادسة عشر -التفوٌض:
(ٗ) (ٖ)
ذكره كل من السٌوطً واأللوسً ،فمالوا أنها سمٌت بذلن ،ألنه ٌحصل بها
ٌن (٘)} [الفاتحة ،]٘ :وها التفوٌض(٘) فهً مشتملة علٌه فً لوله تعالى{:إٌَِّانَ نَ ْعبُ ُد َوإٌَِّانَ نَ ْست َ ِع ُ
أٌضا اجتهاد منها -رحمهما هللا -دون استناد على دلٌل.
السابعة عشر -:الدعاء:
()2 ()ٙ
وردت هذه التسمٌة فً بعض كتب التفسٌر :كتفسٌر الرازي ،والبٌضاوي ،وأبً
مسعود( ،)1واأللوسً( ،)5كما ذكرها البماعً فً نظمه(ٓٔ) ،والسٌوطً فً اإلتمان(ٔٔ) ،وعللوا فً
ٌم ([ })ٙالفاتحة ،]ٙ :طٕٔ) ْال ُم ْست َ ِم َ
ص َرا َ
(
وجه تسمٌتها " :الشتمالها علٌه فً لوله تعالى{:ا ْه ِدنَا ال ِ ّ
وأخرج أبو عبٌد عن مكحول" :أم المرآن لراءة ومسؤلة ودعاء" .
للت :ال شن بؤن الدعاء من المعانً التً اشتملت علٌها سورة الفاتحة ،أما كون الدعاء
اسما لها ،فلم ٌثبت ذلن عن الرسول -ملسو هيلع هللا ىلص ،-بل مجرد اجتهاد واستنباط من السادة العلماء-رحمهم
هللا تعالى.-
الثامنة عشر -:النور
(ٗٔ) (ٖٔ)
ذكرها كل من السٌوطً ،واأللوسً ،وعلل هذا األخٌر سبب تسمٌتها بذلن،
لظهورها بكثرة استعمالها أو لتنوٌرها الملوب لجبللة لدرها ،أو ألنها لما اشتملت علٌه من
المعانً عبارة عن النور بمعنى المرآن.
وهذا اجتهاد ،إلم لم أحد سندا صحٌحا فً تسمٌتها بالنور ،إنما هو وصؾ للسورة كما
فً حدٌث ابن عباس" :لال فٌه جبرٌل :أبشر بنورٌن أوتٌتها لم ٌإتها نبً لبلن :فتحة الكتاب،
وخواتٌم سورة البمرة.)ٔ٘( "..
التاسعة عشر -:تعلٌم المسؤلة:
الثانً :ان أول ما نزلٌَ{ :اأٌَُّ َها ْال ُم َّد ِث ّ ُر} [المدثر ،]ٔ :كما جاء فً حدٌث جابر الصحٌح(ٕٔ).
)ٔ(أخرجه البخاري ،كتاب بدء الوحً ،باب ٔ :كٌؾ كان بدء الوحً إلى رسول هللا صلً هللا علٌه وسلم ،
حدٌث رلم ٗ ؛ ومسلم كتاب اإلٌمان باب ٖ :2بدء الوحً إلى رسول هللا صلً هللا علٌه وسلم ،حدٌث رلم ٗٓٙ
{ ٕ٘٘} ٔ. ٔٙ
(ٕ) أخرجه البخاري ،كتاب التفسٌر ،باب ٖ لوله ٌَ ( :ا أٌَُّ َها ْال ُم َّد ِثّ ُر) حدٌث رلمٕٗ ٗ5؛ ومسلم كتاب اإلٌمان
باب ٖ :2بدء الوحً إلى رسول هللا صلً هللا علٌه وسلم ،حدٌث رلم ٔٙٔ }ٕ٘2 { ٗٓ5
(ٔ) انظر :تفسٌر ابن كثٌر ،ٔٓٔ/ٔ :ومجمع البٌان.ٔ2/ٔ :
(ٕ) انظر :الدر المنثور ،عبد الرحمن بن أبً بكر ،جبلل الدٌن السٌوطً (المتوفى5ٔٔ :هـ) ،ار الفكر -
بٌروت.ٔٔ/ٔ:
(ٖ) اإلتمان.ٕٔ/ٔ :
(ٗ) المعجم األوسط -ٔٓٓ/٘( :رلم.)ٗ211:
(٘)أخرجه مسلم فً كتاب :صبلة المسافرٌن ولصرها -باب :فضل الفاتحة وخواتٌم سورة البمرة والحث على
لراءة اآلٌتٌن من آخر البمرة (( )1ٓٙج ٔ /ص ٗ٘٘).
فإن لٌل :هذا كان فً المدٌنة ،فكٌؾ جاء بفاتحة الكتاب وهً نزلت بمكة؟
ت بها أصبلً ،وإنما بشر النبً -ملسو هيلع هللا ىلص -بذلن ،والبشارة ٌمكن أن تكون أٌضا ً ٌمال :هو لم ٌؤ ِ
أمر لد مضى ،فبٌن له المزٌة لسورة الفاتحة وآخر آٌتٌن أوتٌهما –ملسو هيلع هللا ىلص -من سورة البمرة، على ٍ
فالبشارة ٌمكن أن تكون عن شًء كان فً الماضً ،وهو كذلن ،فبل ٌفهم منه أنه هو الذي نزل
بها كما لال بعض المعاصرٌن :إن بعض المرآن لد ٌنزل به ؼٌر جبرٌل ،فاألمر واضح أن
ٌن} [الشعراء ،]ٔ5ٖ:فالمول بؤن هذا الرو ُح ْاأل َ ِم ُ جبرٌل هو الذي نزل به كما لال تعالى{:نَزَ َل بِ ِه ُّ
فً الجملة وال ٌإثر على ذلن أن ٌنزل ؼٌره بآٌ ٍة أو نحو هذا ،فهذا لول ؼٌر صحٌح.
ومعروؾ لطعا ً أن النبً -ملسو هيلع هللا ىلص -كان ٌصلً بمكة ،وكان ٌمرأ الفاتحة ،وآٌة الحجر تدل
على نزولها بمكة.
المول الثالث :أنها نزلت مرتٌن مرة بمكة ومرة بالمدٌنة:
أراد بعض أهل العلم أن ٌوفك وأن ٌجمع فمال :نزلت مرتٌن ،مرة بمكة ومرة بالمدٌنة.
ومرة ً بالمدٌنة جمعًا بٌن هذه ّ مرة ً بم ّكة مرتٌن ّ لال الشوكانً":ولٌل :إنّها نزلت ّ
الرواٌات"(ٔ). ّ
لال الزركشً(ت25ٗ :هـ) ":ولد ٌنزل الشًء مرتٌن تعظٌما لشؤنه ،وتذكٌرا به عند
حدوث سببه خوؾ نسٌانه ،وهذا كما لٌل فً الفاتحة نزلت مرتٌن ،مرة بمكة ،وأخرى
بالمدٌنة"(ٕ).
ً (ت :قٔٔهـ)":مكٌة مدنٌة؛ ألنها نزلت بن مح َّم ٍد األ َ ْش ُمونِ ُّ الكرٌم ِ
ِ بن عبد لال أحم ُد ُ
(ٖ)
مرتٌن مرة بمكة حٌن فرضت الصبلة ومرة بالمدٌنة حٌن حولت المبلة. ".
المول الرابع :أن نصفها األول نزل بمكة ونصفها اآلخر نزل بالمدٌنة:
وحكى أبو اللٌّث ال ّ
(ٗ)
أن نصفها نزل بم ّكة ونصفها اآلخر نزل بالمدٌنة" . يّ ": سمرلند ّ
(٘) ()ٙ
ً عنه " . المرطب) ّ لال ابن كثٌر":وهو ؼرٌبٌ جدًّا ،نمله
والصحٌح أنَّها أُنزلت بم َّكة ،وذلن ألمرٌن :
(2
(ٔ)انظر :لاموس العٌن -الفراهٌدي ج ( ،)ٙص ( ،)ٕٖٙوأساس الببلؼة ،ص ( ،)ٖٕ5الماموس المحٌط ج
(ٔ) ،ص (ٓ ،)12والمصباح المنٌر ج (ٔ) ،ص (ٖٖٔ) ،والمعجم الوسٌط ج (ٔ) ،ص (ٖ ،)ٗ1وتهذٌب اللؽة
ج (ٔٔ) ،ص (ٖٕٔ) ،وجمهرة اللؽة ج (ٕ) ،ص ( ،)1ٙ2ومختار الصحاح ،ص (ٕٗٔ).
(ٕ)دبوانه ص٘ٗٗ وانظر« :لسان العرب» مادة «شطن» .ومعنى عكاه :شده ،وأوثمه ،واألكبال :المٌود.
(ٖ)دٌوانه ٖٗ .
(ٗ)انظر :مماٌٌس اللؽة ٖ ،)ٔ1٘ - ٔ1ٗ/ولسان العرب ،)ٔٓ٘/ٔ2والمفردات -الراؼب األصفهانً.ٕٙٔ:
(٘) انظر :الزاهر فً معانً كلمات الناس ،أبو بكر األنباري.٘ٙ/ٔ:
( )ٙدٌوانه ،ٗ2:وانظر :المنجد فً اللؽة ،ٕٖٔ:والفابل :عرق فً الفخذٌن ٌكون فً خربة الورن ٌنحدر فً
الرجلٌن.
( )2انظر :الزاهر فً معانً كلمات الناس ،أبو بكر األنباري.٘ٙ/ٔ:
( )1النهاٌة فً ؼرٌب الحدٌث واألثر.ٔٔٙٓ/ٕ :
( )5تفسٌر ابن كثٌر.ٔ٘/ٔ :
(ٓٔ) ؼرٌب الحدٌث البن لتٌبة ،2٘5/ٖ:والفابك فً ؼرٌب الحدٌث ،ٕٗٙ/ٕ:والنهاٌة فً ؼرٌب
الحدٌثٗ2٘/ٕ:
(ٔٔ) لسان العرب.ٕٖ2/ٖٔ :
(ٕٔ) ؼرٌب الحدٌث.2٘5/ٖ :
عن أَمر ربه .والشطونْ :البعٌد طانا ِألَنَّهُ شطن َ ش ٌْ َ
لال دمحم بن إسحاق " :إِنَّ َما سمً َ
النازح "(ٔ).
ولال أبو عبٌد":الشٌطان كل عات متمرد من إنس ،أو جن"(ٕ) ،أو دابة ،لال جرٌر(ٖ):
و ُه َّن ٌَ ْه َو ٌْنَنً إ ْذ كنتُ َ
شٌْطانا شٌْطانَ من ؼَزَ ٍل عوننً ال َ أٌام ٌد َُ
ْ
نس َوال ِج ِّن ٌ ِ
ُوحً اإل ِ اطٌنَ ِشٌَ ِ عد ًُّوا َ ُ ْ
{و َك َذلِنَ َجعَلنَا ِلك ِّل نِبٌِا َ َ : تعالى لوله ذلن على وٌدل
ورا َولَ ْو شَاء َربُّنَ َما فَعَلُوهُ فَ َذ ْر ُه ْم َو َما ٌَ ْفت َُرونَ } [ األنعام: ؼ ُر ً ؾ ْالمَ ْو ِل ُ ض ُز ْخ ُر َ ض ُه ْم إِلَى بَ ْع ٍ
بَ ْع ُ
َحْن ُم ْست َ ْه ِزإُونَ }[البمرة،]ٔٗ : ْ ْ ُ
اطٌنِ ِه ْم لَالوا إِنَّا َمعَك ْم إِنَّ َما ن ُ
شٌَ ِ َ ْ َ
ٕٔٔ] ،وكذا لوله َ {:وإِ َذا َخل ْوا إِلى َ
َ َ
اطٌنَ لٌُو ُحونَ إِلى أ ْو ِلٌَآبِ ِه ْم}[ األنعام:َ شٌَ ِ(وإِ َّن ال َّأي أصحابهم من الجن واإلنس ،و لوله تعالى َ :
سل ٌْ َمانَ }[ البمرة ،]ٕٔٓ :لٌل مردة الجن َ ْ
علَى ُمل ِن ُ اط ُ
ٌن َ شٌَ ِ {واتَّبَعُواْ َما تَتْلُواْ ال َّ
ٕٔٔ] ،ولوله َ :
(ٗ)(٘)
. ولٌل مردة اإلنس
واشتماله من (شطن) هو المول الراجح ،وذلن ألنَّها ألرب إلى وصؾ أعمال الشٌطان
"ألن اشتماق الشٌطان من شطن، َّ التً ت َهدؾ إلى إبعاد الناس عن ع َمل الخٌر وا ِت ّباع الحك،
الحك -ألرب إلى الحمٌمة من اشتماله من شاط ،بمعنى :احترق، ِّ بمعنى :بَعُد عن الخٌر ومال عن
الحك والخٌر ٌكون هو ِّ الحك ،والذي ٌبعد الناس عن ِّ أن عمل الشٌطان هو إبعاد الناس عن ذلن َّ
()ٙ
بعٌدًا عنه" .
والجن لؽة :اسم جنس جمعً ،واحده جنً ،وهو مؤخوذ من االجتنان ،وهو التستر
واالستخفاء .ولد سموا بذلن الجتنانهم من الناس فبل ٌرون( ،)2والجمع جنان ،وهم الجنة(.)1
وكل شًء ولٌت به نفسن ،واستترت به فهو جنة ،ومنه لول النبً فٌما أخرجه
البخاري فً كتاب الصوم" :والصٌام جنة" أي ولاٌة ،حٌث ٌمً صاحبه من المعاصً.
ون
ط ِ وسمً الجنٌن جنٌنًا الستتاره فً بطن أمه ،ومنه لوله تعالىَ {:وإِ ْذ أ َ ْنت ُ ْم أ َ ِجنَّةٌ فًِ بُ ُ
أ ُ َّم َهاتِ ُك ْم}[ النجم.)5( ]ٖٕ :
ضا(ٓٔ).وسمٌت الجنة – بفتح الجٌم – بذلن لكثرة شجرها ،بحٌث ٌستر بعضها بع ً
)ٔ( انظر الفصل فً الملل واألهواء والنحل :البن حزم (٘ ،)ٕٔ/و فتح الباري ،)ٖٗٗ/ٙ( :و فٌض المدٌر:
(ٔ)ٖٔٔ/
)ٕ( سورة األنعام.ٕٔٔ :
)ٖ( سورة البمرة.ٔٗ :
)ٗ( المفردات للراؼب األصفهانً ،وانظر فتح الباري.)ٖٗٗ/ٙ( :
(٘) آكام المرجان ص .1
()ٙأخرجه الطبرانً والحاكم والبٌهمً ،وإسناده صحٌح .صحٌح الجامع ٖ.1٘ /
).)ٕٔ/٘( (2
تواترا معلو ًما باالضطرار ،ومعلوم ً بذلن ،وهذا ألن وجود الجن تواترت به أخبار األنبٌاء
ضا باالضطرار أنهم أحٌاء عمبلء فاعلون باإلرادة ،بل مؤمورون منهٌون ،لٌسوا صفات وأعرا ً
تواترا
ً متواترا عن األنبٌاء ً لابمة باإلنسان أو ؼٌره كما ٌزعم بعض المبلحدة ،فلما كان أمر الجن
ظاهرا ،تعرفه العامة والخاصة لم ٌمكن طابفة كبٌرة من الطوابؾ المإمنٌن بالرسل أن تنكرهم، ً
كما لم ٌمكن لطابفة كبٌرة من الطوابؾ المإمنٌن بالرسل إنكار المبلبكة ،وال إنكار معاد األبدان،
وال إنكار عبادة هللا وحده ال شرٌن له ،وال إنكار أن ٌرسل هللا رسوالً من اإلنس إلى خلمه،
تواترا تعرفه العامة والخاصة ،كما تواتر عند ً ونحو ذلن مما تواترت به األخبار عن األنبٌاء
العامة والخاصة مجًء موسى إلى فرعون ،وؼرق فرعون ،ومجًء المسٌح إلى الٌهود
وعداوتهم له ،وظهور دمحم بمكة وهجرته إلى المدٌنة ،ومجٌبه بالمرآن والشرابع الظاهرة،
وجنس اآلٌات الخارلة التً ظهرت على ٌدٌه ،كتكثٌر الطعام والشراب ،واإلخبار بالؽٌوب
الماضٌة والمستمبلة التً ال ٌعلمها بشر إال بإعبلم هللا وؼٌر ذلن (ٔ).
كما أجمعوا على االستعاذة باهلل العظٌم من شرورهم ،ومن ٌعرؾ عجابب خلك هللا عز
وجل وعظمته ولدرته لن ٌستؽرب وجود عالم الجن ؼٌر المربً ،ووجود عالم اإلنس المربً،
فكبلهما من مخلولات هللا تعالى العمبلء.
وكان لبعض المدامى اعتمادات عجٌبة فً الجن ،حتى إن بعضهم جعل الجن شركاء هلل
ت ع ِل َم ِ عز وجل ،فؤبطل المرآن هذا كله ،فمال عز من لابلَ { :و َج َعلُوا بَ ٌْنَهُ َوبٌَْنَ ْال ِجنَّ ِة نَ َ
سبا ً َولَمَ ْد َ
ض ُرونَ } ]الصافات.]ٔ٘1 ْال ِجنَّةُ إِنَّ ُه ْم لَ ُمحْ َ
تعرٌف إبلٌس لغة:
اختلؾ أهل العلم فً تعرٌؾ كلمة (إبلٌس) ،على ألوال:
أحدها :أن إبلٌس اسم عربً ،على وزن إفعٌل ،مشتك من اإلببلس ،وهو اإلبعاد من الخٌر ،أو
الٌؤس من رحمة هللا(ٕ)ٌ ،مال أَبلَس الرجل :إذا انمطع ولم تكن له ح َّجة ،وأَبلَس الرجل :لُ ِطع به،
ضا :س َكتَ ،وأبلس ِمن رحمة هللاٌ :بس ،واإلببلس :الحزن المعترض من شدَّة البؤس، وأبلس أٌ ً
العرب هذه المعانً فمالوا :نالة ِمببلس :إذا كانت ال ت َرؼو من الخوؾ ،وفبلن أبلس: ُ ولد استخدم
(ٖ)
إذا س َكت من شدَّة الخوؾ ،والمرآن الكرٌم استخدم هذه المعانً اللؽوٌَّة لكلمة أبلس ،فمال
سوا َما ذُ ِ ّك ُروا ِب ِه س ْال ُمجْ ِر ُمونَ } [الروم ،]ٕٔ :ولال تعالى {:فَلَ َّما نَ ُ عةُ ٌُ ْب ِل ُ
سا َتعالىَ {:وٌَ ْو َم تَمُو ُم ال َّ
سونَ } [األنعام: ُ
ًَءٍ َحتَّى ِإ َذا فَ ِر ُحوا ِب َما أوتُوا أ َ َخ ْذنَا ُه ْم َب ْؽتَةً فَإ ِ َذا ُه ْم ُم ْب ِل ُ اب ُك ِّل ش ْ علَ ٌْ ِه ْم أَب َْو َ
فَتَحْ نَا َ
ٗٗ].
(ٗ)
والثانً :ولال األكثرون :إن إبلٌس اسم أعجمً ممنوع من الصرؾ للعلمٌة والعجمٌة ،ولد
ذكر ابن األنباري أن إبلٌس لو كان اسما ً عربٌا ً لم ٌصرؾ كإكلٌل وإحلٌل(٘) ،لال أبو إسحاق:
والصحٌح أنها مستحبة ،فبل ٌضر تركها فً الصبلة عمدا ً أو نسٌانٌاً ،وهو لول جمهور
العلماء(ٖ).
لال الشافعً ":وكان بعضهم ٌتعوذ حٌن ٌفتتح لبل أم المرآن ،وبذلن ألول ،وأحبّ أن
ٌمول« :أعوذ باهلل من الشٌطان الرجٌم» ،وإذا استعاذ باهلل من الشٌطان الرجٌم ،وأي كبلم استعاذ
به ،أجزأه ،وٌموله فً أول ركعة.
سن ،وال آمر به فً ولد لٌل :إن لاله حٌن ٌفتتح كل ركعة لبل المراءة ف َح َ
شًء من الصبلة ،أمرتُ به فً أول ركعة.
وإن تركه – [لول :االستعاذة] -ناسٌا ً أو جاهبلً أو عامداً ،لم ٌكن علٌه إعادة ،وال
سجود سهو .وأكره له تركه عامداً ،وأحب إذا تركه فً أول ركعة أن ٌموله فً ؼٌرها [من
الركعات] ،وإنَّما منعنً أن آمره أن ٌعٌد؛ أن النبً -ملسو هيلع هللا ىلص -علم رجبلً ما ٌكفٌه فً الصبلة
فمال":كبر ثم الرأ بؤم المرآن" الحدٌث(ٗ).
ُرو عنه أنه -ملسو هيلع هللا ىلص -أمره بتعوذ وال افتتاح .فدل على أن شافِ ِعً رحمه هللا :ولم ٌ َ لال ال َّ
(٘)
افتتاح رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص -اختٌار ،وأن التعوذ مما ال ٌفسد الصبلة إن تركه" .
لال ابن كثٌر " :وجمهور العلماء على أن االستعاذة مستحبة لٌست بمتحتمة ٌ ،ؤثم
تاركها ،ولال النووي :ثم إن التعوذ مستحب ولٌس بواجب ،وهو مستحب لكل لارئ ،سواء
كان فً الصبلة أو فً ؼٌرها"(. )ٙ
وٌدل على عدم الوجوب :
ط ٌْنَانَ الر ِح ٌِم ِإنَّا أ َ ْع َ
الرحْ َم ِن َّ ورة ٌ فَمَ َرأَ :بِس ِْم َّ ِ
َّللا َّ س ًَ آنِفا ً ُ علَ َّ
ت َ أوال :حدٌث أنس لال النبً " أ ُ ْن ِزلَ ْ
سولُهُ َّللاُ َو َر ُ ص ِّل ِل َر ِبّنَ َوا ْن َح ْر إِ َّن شَانِبَنَ ُه َو ْاأل َ ْبت َُر ،ث ُ َّم لَالَ :أَتَد ُْرونَ َما ْال َك ْوث َ ُر؟ فَمُ ْلنَاَّ : ْال َك ْوث َ َر فَ َ
ُ
علَ ٌْ ِه أ َّم ِتً ٌَ ْو َم ْال ِم ٌَا َم ِة
ض ت َِر ُد ٌَر ُه َو َح ْو ٌ علَ ٌْ ِه َخٌ ٌْر َك ِث ٌ
ع َّز َو َج َّل َ ع َد ِنٌ ِه َر ِبًّ َأ َ ْعلَ ُم ،لَالَ :فَإِنَّهُ نَ ْه ٌر َو َ
َولَا َل بَ ْع ُ
ض ُه ْم ٌَ ِجبْ َوا ْست ُ ِحبَّ تَعَ ُّوذٌ
أخرج الطبري بسنده عن عبد هللا بن عباس ،لال :أول ما نزل جبرٌ ُل على دمحم لال ٌ " :ا
دمحم استعذ ،لل :أستعٌذ بالسمٌع العلٌم من الشٌطان الرجٌم " ،ثم لال :لل " :بسم ميحرلا نمحرلا هللا
" ،ثم لال { :ا ْل َرأْ بِاس ِْم َر ِبّنَ الَّذِي َخلَكَ } [العلك .]ٔ :لال عبد هللا :وهً أول سورة أنزلها هللا
على دمحم بلسان جبرٌل"(.)ٙ
ولئلستعاذة مجموعة صٌػ ،منها:
الصٌؽة األولى :أعوذ باهلل من الشٌطان الرجٌم.
وعلى هذا اللفظ دل الكتاب والسنة .وسوؾ نسرد األدلة فً الترجٌح.
الصٌؽة الثانٌة :أعوذ باهلل السمٌع العلٌم من الشٌطان الرجٌم.
ٌدل على هذا اللفظ ،ما جاء فً حدٌث أبً سعٌد الخدري -رضً هللا عنه -فً دعاء
الرسول -ملسو هيلع هللا ىلص -إذا لام إلى الصبلة فً اللٌل ،وفٌه :ثم ٌمول" :أعوذ باهلل السمٌع العلٌم من
الشٌطان الرجٌم "(.)2
هذا الحدٌث من حدٌث عابشة أبو داود -الحدٌث ( ،)22ٙوالترمذي -الحدٌث ٖٕٗ ،وابن ماجه فً اإللامة
الحدٌث ( ،)1ٓٙوالدارلطنً (ٔ) ،)ٕٔٔ( :والحاكم ٔ )ٕٖ٘( :ورجاله ثمات فالحدٌث صحٌح.
(ٔ)انظر :التبٌان.ٙٗ :
(ٕ)انظر «اإللناع فً المراءات» (ٔ)« ،)ٔ٘ٔ( - )ٔ٘ٓ( :إؼاثة اللهفان» ٔ.ٖٔ٘ :
(ٖ)انظر «ؼرابب المرآن» (ٔ)« ،)ٔ٘( :النشر» (ٔ).)ٕٗ5( :
(ٗ)أخرجها عن عمر ابن أبً شٌبة -فً الصبلة -التعوذ كٌؾ هو (ٔ).)ٕٖ2( :
(٘)أخرجها عن الحسن عبد الرزاق -فً الصبلة -متى ٌستعٌذ ،األثر (ٔ ´،)ٕ٘5وابن حزم
فً «المحلى» (ٖ).)ٕٗ5( :
()ٙانظر :إؼاثة اللهفان.ٖٔ٘/ٔ :
( )2المجموع.ٖٕ٘/ٖ :
()1انظر «أحكام المرآن» للشافعً (ٔ)« ،)ٕٙ( :المجموع» ٖ.ٖٕٖ :
()5انظر «مسابل اإلمام أحمد» للنٌسابوري صٓ٘ فمرة (« ،)ٕٖ1المؽنً» (ٕ)« ،)ٔٗٙ( :إؼاثة اللهفان»
ٔ.ٖٔ٘ :
(ٓٔ)أخرجه أحمد (ٖ) ،)٘ٓ( :وأبو داود -فً الصبلة -باب من رأى االستفتاح بسبحانن اللهم وبحمدن -
حدٌث ٘ ،22والترمذي -فً أبواب الصبلة -باب ما ٌمول عند افتتاح الصبلة -حدٌث (ٕٕٗ) -لال الترمذي
«وحدٌث أبً سعٌد أشهر حدٌث فً هذا الباب» والنسابً فً الصبلة -باب نوع آخر من الذكر بعد افتتاح
الصبلة ٕ ،ٖٕٔ :وابن ماجه فً اإللامة الحدٌث (ٗٓ .)1وصححه أحمد شاكر فً تحمٌك سنن الترمذي ٕ،ٔٔ:
واأللبانً فً «صحٌح سنن أبً داود» حدٌث (ٔٓ ،)2وحسنه األرناإوط فً تحمٌمه لزاد المعاد (ٔ).)ٕٓ٘( :
ولد أخرج هذا الحدٌث من حدٌث عابشة أبو داود -الحدٌث ( ،)22ٙوالترمذي -الحدٌث ٖٕٗ ،وابن ماجه فً
اإللامة الحدٌث ( ،)1ٓٙوالدارلطنً (ٔ) ،)ٕٔٔ( :والحاكم ٔ )ٕٖ٘( :ورجاله ثمات فالحدٌث صحٌح.
(ٔٔ)أخرجه ابن ماجه -فً إلامة الصبلة -باب االستعاذة فً الصبلة -حدٌث ( ،)1ٓ1وأبن خزٌمة -فً
الصبلة -باب االستعاذة فً الصبلة لبل المراءة حدٌث (ٕ .)ٗ2وصححه األلبانً فً «صحٌح سنن ابن ماجه»
حدٌث ( .)ٙ٘1وأخرجه ابن أبً شٌبة فً المصنؾ -فً الصبلة -التعوذ كٌؾ هو (ٔ).)ٕٖ1( :
الصٌؽة الخامس :أعوذ باهلل من الشٌطان الرجٌم ،إن هللا هو السمٌع العلٌم(ٖ).
جمعًا بٌن أدلة الصٌؽة األولى ،وأدلة الصٌؽة الثانٌة والثالثة.
وبها لرأ نافع وابن عامر والكسابً(ٗ) ،وهً مروٌة عن حمزة وعن أبً عمرو ولد ُروٌت
(٘)
-ومنها أعوذ باهلل السمٌع ،الرحمن الرحٌم ،من الشٌطان الرجٌم ،وأعوذ بن رب أن ٌحضرون ،أو ٌدخلوا بٌتً
الذي ٌإوٌنً [.أخرجها عبد الرازق عن عطاء -فً الصبلة -باب االستعاذة فً الصبلة -حدٌث ٗ.]ٕ٘2
-ومنها :رب أعوذ بن من همزات الشٌطان ،وأعوذ بن رب أن ٌحضرون ،أعوذ باهلل من الشٌطان الرجٌم ،إن
هللا هو السمٌع العلٌم[أخرجها عبد الرزاق -فً الصبلة -باب االستعاذة فً الصبلة -حدٌث ٕ٘21من
طاووس].
-ومنها :أعوذ باهلل السمٌع العلٌم من همزات الشٌاطٌن ،وأعوذ باهلل أن ٌحضرون [.أخرجها ابن أبً شٌبة فً
الصبلة -فً التعوذ كٌؾ هوٕٖ1:ٔ ،عن دمحم بن سٌرٌن].
وهذه الصٌػ وإن روٌت عن بعض السلؾ ،فإن ألل أحوالها الجواز ،وما صح عن المصطفى -صلى
هللا علٌه وسلم -هو األولى باألتباع[.انظر :اللباب فً تفسٌر اإلستعاذة والبسملة وفاتحة الكتاب.]ٕٔ:
(ٔ)الجامع ألحكام المرآن ٕٙ / ٔ :
(ٕ)رواه البخاري (٘ٔٔ ، )ٙومسلم (ٓٔ.)ٕٙ
(ٖ) انظر :النشر ،ٕٖٗ/ٔ :واللباب فً تفسٌر اإلستعاذة والبسملة وفاتحة الكتاب.ٔٗ :
(ٗ)انظر «المبسوط» ٔ« ،ٖٔ :ؼرابب المرآن» للنٌسابوري ٔ« ،ٔ٘ :مجمع البٌان» ٔٔ1 :
(٘)أخرجها عن عمر -ابن أبً شٌبة -فً الصبلة -فً التعوذ كٌؾ هو لبل المراءة أو بعدها (ٔ)،)ٕٖ2( :
والبٌهمً فً الصبلة ،باب التعوذ بعد االفتتاح (ٕ) .ٖٙ :وأخرجها عن عبد هللا ابن عمر ابن أبً شٌبة فً
الموضع نفسه.
()ٙانظر «فتح المدٌر» البن الهمام ٔ« ،ٕ5ٔ :النشر» ٔ.)ٕٖٗ( :
()2انظر «األم» ٔ« ،ٔٓ2 :أحكام المرآن» للشافعً (ٔ)« ،)ٕٙ( :المهذب» للشٌرازي ا« ،)25( :التبٌان»
للنووي صٗ« ،ٙتفسٌر ابن كثٌر» ٔ.ٕٖٗ :
()1انظر «المؽنً» (ٕ)« ،)ٔٗٙ( :إؼاثة اللهفان» (ٔ)« ،)ٖٔ٘( :النشر» (ٔ).)ٕٖٗ( :
( )5تفسٌر ابن عطٌة.٘٘/ٔ :
(ٓٔ)الكشؾ عن وجوه المراءات السبع ،1 /ٔ :وانظر أٌضًا «التبصرة» لمكً ص« ،ٕٗٙاإللناع فً
المراءات السبع» ٔ.ٔ٘ٔ:
ٕ -وفً الصبلة سرٌةً كانت أم جهرٌة.
ئ بالمراءة. ئ المبتد َ ٖ -وإن كان المارئ وسط لوم ٌتدارسون المرآن ولم ٌكن المار ُ
جهرا ،وكان هنان من ٌستمع إلٌه ،وفً ً وٌستحب الجهر باالستعاذة إذا كان المارئ ٌمرأ
(ٔ)
ئ بالمراءة . حالة التعلٌم والمدارسة عندما ٌكون المارئ المبتد َ
وتشرع االستعاذة فً مواضع ،منها :
ٔ -عند لراءة المرآن:
الر ِج ٌِم} [النحل .]51 : ان َّ َ
ش ٌْط ِ اّلل ِمنَ ال َّ ْ ُ ْ ْ
لال تعالى{ :فَإ ِ َذا لَ َرأتَ الم ْرآنَ فَا ْست َ ِعذ بِ َّ ِ
ٕ -عند حصول نزغ من الشٌطان ووسوسة .
ع ِلٌ ٌم} [األعراؾ : س ِمٌ ٌع َ اّلل ِإنَّهُ َ ْ
ان ن َْزغ فَا ْست َ ِعذ بِ َّ ِ ٌ ش ٌْط َِ ؼنَّنَ ِمنَ ال َّ {و ِإ َّما ٌَ ْنزَ َلال تعالىَ :
ٕٓٓ].
ٖ -عند ما ٌوسوس الشٌطان للمسلم فً معتمده بربه .
لحدٌث أبً هرٌرة ،لال :لال رسول هللا " : ال ٌزال الناس ٌتساءلون حتى ٌمال هذا
خلك هللاُ الخلكَ ،فمن خلك هللا ؟ فمن وجد من ذلن شٌبا فلٌمل آمنت باهلل"(ٕ).
الشٌطان أح َدكم فٌمول من خلك السماء ؟ من خلك األرض ُ ولال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ٌ " :ؤتً
؟ فٌمول :هللا - ،ثم ذكر بمثله -وزاد " :ورسله" .
الشٌطان أح َدكم فٌمول من خلك كذا وكذا ؟ حتى ٌمول له من ُ ولال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ٌ " :ؤتً
خلك ربَّن ؟ فإذا بلػ ذلن فلٌستعذ باهلل ولٌنته" .
(ٖ)
ولال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ٌ " :ؤتً العبد الشٌطان فٌمول من خلك كذا وكذا ؟ " .
ٗ -ومنها :عند ما ٌُلبس الشٌطان على اإلنسان فً صبلته .
طانَ لَ ْد ش ٌْ ََّللاِ إِ َّن ال َّ
سو َل َّ لحدٌث عثمان بن أبً العاص أنه أتى النبً فمال ٌَ " :ا َر ُ
سلَّ َم َ " :ذانَ علَ ٌْ ِه َو ََّللاُ َ صلَّى َّ َّللاِ َ سو ُل َّ ً .فَمَا َل َر ُ علَ َّ س َها َ ص َبلتًِ َولِ َرا َءتًِ ٌَ ْل ِب ُ َحا َل بَ ٌْنًِ َوبٌَْنَ َ
ارنَ ث َ َبلثًا" لَا َل :فَفَ َع ْلتُ َذلِنَ س ِ علَى ٌَ َ اّلل ِم ْنهُ َواتْ ِف ْل َ س ْستَهُ فَت َ َع َّو ْذ ِب َّ ِ ان ٌُمَا ُل لَهُ َخ ْنزَ بٌ ،فَإِذَا أَحْ َ ط ٌ ش ٌْ َ َ
فَؤ َ ْذ َه َبهُ َّ
(ٗ)
ع ِنًّ " . َّللاُ َ
٘ -ومنها :عند الؽضب .
َحْن ِع ْن َدهُ سلَّ َم َون ُ علَ ٌْ ِه َو َ صلَّى هللاُ َ ًِ َ صرد لال "ا ْستَبَّ َر ُجبلَ ِن ِع ْن َد النَّ ِب ّ لحدٌث سلٌمان بن ُ
سلَّ َم " : صلَّى هللاُ َ
علَ ٌْ ِه َو َ ً َ ضبًا لَ ِد احْ َم َّر َوجْ ُههُ ،فَمَا َل النَّبِ ُّ اح َبهُ ُ ،م ْؽ َ ص ِ وس َ ،وأ َ َح ُد ُه َما ٌَسُبُّ َ ُجلُ ٌ
عوذُ ِب َّ ع ْنهُ َما ٌَ ِج ُد ،لَ ْو لَا َل :أ َ ُ ِإ ِنًّ َأل َ ْعلَ ُم َك ِل َمةً ،لَ ْو لَالَ َها لَذَه َ
(٘)
الر ِج ٌِم " . ان َّ ط ِ ش ٌْ َ اّللِ ِمنَ ال َّ َب َ
-ٙومنها :عندما ٌرى اإلنسان رإٌا ٌكرهها .
انط ِ َّللاِ َو ْال ُح ْل ُم ِمنَ ال َّ
ش ٌْ َ "الرإْ ٌَا مِنَ َّ لحدٌث أبً لتادة .لال :سمعت رسول هللا ٌ مول ُّ
()ٙ
ض َّرهُ " . اّلل ِم ْن ش ِ َّرهَا فَإ ِنَّ َها لَ ْن ت َ ُ ار ِه ثَبلثًا َو ْلٌَتَعَ َّو ْذ بِ َّ ِ س ِ ع ْن ٌَ َ ث َ فَإ ِ َذا َحلَ َم أ َ َح ُد ُك ْم ُح ْل ًما ٌَ ْك َر ُههُ فَ ْل ٌَ ْنفُ ْ
-2ومنها :عند نزول منزل .
(ٔ)انظر :البدور الزاهرة فً المراءات العشر المتواترة ،عبدالفتاح الماضً ،دار الكتاب العالمً.ٕٔ :
(ٕ) صحٌح مسلم(ٖٗٔ):صٔ.ٕٔٓ/
(ٖ) األحادٌث رواها جمٌعا االمام مسلم.ٖٔٗ :
(ٗ) رواه مسلم.ٕٕٖٓ :
(٘)رواه البخاري (٘ٔٔ ، )ٙومسلم (ٓٔ.)ٕٙ
()ٙرواه مسلم (ٔ.)ٕٕٙ
لحدٌث خولة بنت حكٌم لالت :سمعت رسول هللا ٌ مولَ ":م ْن نَزَ َل َم ْن ِز ًال ث ُ َّم لَالَ:
ش ًْ ٌءَ ،حتَّى ٌَ ْرت َِح َل ِم ْن َم ْن ِز ِل ِه َذلِنَ "(ٔ).
ض َّرهُ َت ِم ْن ش ِ َّر َما َخلَكَ ،لَ ْم ٌَ ُ ت هللاِ التَّا َّما ِ أَ ُ
عوذُ بِ َك ِل َما ِ
-1ومنها :عند دخول الخبلء .
ً صلَّى هللاُ علٌه وسلم كان إذا دخل الخبلء ،لال :الله َّم إنًِّ أعوذ بن من َّ "أن النب َّلحدٌث أنس َّ
ال ُخبُثِ"(ٕ).
وأما الحكمة من االستعاذة لبل المراءة ،فنمول(ٖ):
أوالً :أن المرآن شفاء لما فً الصدور ٌُذهب لما ٌلمٌه الشٌطان فٌها من الوساوس والشهوات
واإلرادات .
ثانٌا ً :أن المبلبكة تدنو من لارئ المرآن وتستمع لمراءته ،والشٌطان ضد الملن وعدوه ،فؤمر
المارئ أن ٌطلب من هللا تعالى مباعدة عدوه عنه .
ثالثا ً :أن الشٌطان ٌُجلب بخٌله ورجله على المارئ حتى ٌشؽله عن الممصود بالمرآن .
رابعا ً :أن الشٌطان أحرص ما ٌكون على اإلنسان عندما ٌهم بالخٌر أو ٌدخل فٌه.
الفوابد:
ٔ-مشروعٌة االستعاذة دابما ً من الشٌطان.
ٕ -فٌه دلٌل على أن اإلنسان ٌنبؽً أن ٌطلب العون من هللا على الطاعة وعلى مجاهدة عدوه
ٖ -وفٌه دلٌل على اعتراؾ العبد بالعجز ولدرة الرب.
ٗ-وفٌه أنه ال وسٌلة إلى المرب من هللا إال بالعجز واالنكسار.
٘ -وفٌه اإللرار بالفمر التام للعبد ،والؽنى التام هلل سبحانه وتعالى.
المرآن
ٌم ([ })8الفاتحة ]8 : الر ِح ِ
الرحْ َم ِن ه َّللا ه
س ِم ه ِ{ ِب ْ
التفسٌر:
أبتدئ لراءة المرآن باسم هللا مستعٌنا به ،هللاِ علم على الرب -تبارن وتعالى -المعبود بحك دون
الرحْ َم ِن ذي الرحمة العامة الذي سواه ،وهو أخص أسماء هللا تعالى ،وال ٌسمى به ؼٌره سبحانهَّ .
الر ِح ٌِم بالمإمنٌن ،وهما اسمان من أسمابه تعالىٌ ،تضمنان إثبات وسعت رحمته جمٌع الخلكَّ ،
صفة الرحمة هلل تعالى كما ٌلٌك بجبلله.
لال الماوردي ":أجمعوا أنها من المرآن فً سورة النمل ،وإنما اختلفوا فً إثباتها فً
فاتحة الكتاب ،وفً أول كل سورة ،فؤثبتها الشافعً فً طابفة(ٗ) ،ونفاها أبو حنٌفة فً
آخرٌن"(٘).
َّللاِ}[الفاتحة ،]ٔ:أي " :أبدأ بتسمٌة هللا وذكره لبل كل شًء"(.)ٙ لوله تعالىِ {:بس ِْم َّ
لال الماوردي ":وزعم لوم أن االسم ذاتُ المسمى ،واللفظ هو التسمٌة دون االسم ،
ت هً الذواتُ ،لكان أسما ُء األفعال هً األفعال ،وهذا وهذا فاسد ،ألنه لو كان أسما ُء الذوا ِ
ممتنع فً األفعال فامتنع فً الذوات"(. )ٙ
واختلفوا فً اشتماق (االسم) على وجهٌن(: )2
أحدهما :أنه مشتك من السمة ،وهً العبلمة ،لما فً االسم من تمٌٌز المسمى ،وهذا لول
()1
. الفراءَّ
والثانً :أنه مشتك من (السمو) ،وهً الرفعة ألن االسم ٌسمو بالمسمى فٌرفعه من ؼٌره ،وهذا
لول الخلٌل والز َّجاج(.)5
وأنشد لول عمرو بن معدي كرب(ٓٔ):
َو َجا ِو ْزهُ ِإلَى َما ت َ ْست َِطٌ ُع ِإ َذا لَ ْم ت َ ْست َِط ْع أ َ ْمرا ً فَ َد ْعهُ
س َم ْوتَ لَهُ ُولُوعُ س َما لَنَ أ َ ْو َ
َ اء فَ ُك ُّل أ َ ْم ٍر
ع ِص ْلهُ ِبال ُّد َ َو ِ
(ٔ)
ثم ذكروا فً سبب اشتماق (االسم) من (السمو) ،لولٌن :
(ٔ) نسبه إلٌه الماوردي فً :النكت والعٌون ،ٗ2 :ولم أجد رأٌه فً معانً المرآن.
(ٕ) انظر :معانً المرآن.ٖ5/ٔ:
(ٖ)شرح الطحاوٌة" ص ٕ.1
(ٗ) المحرر الوجٌز.ٖٙ /ٔ :
(٘) النكت والعٌون.ٗ1/ٔ:
( )ٙالنكت والعٌون.ٗ1/ٔ:
()2انظر :النكت والعٌون ،ٗ5-ٗ1 :ومعانً المرآن" للزجاج ٔ" ،ٕٗٓ /تفسٌر ابن عطٌة" ٔ" ،1ٗ /اإلنصاؾ
فً مسابل الخبلؾ" ص ٗ" ،البٌان فً ؼرٌب إعراب المرآن" ٔ" ،ٖٕ /مشكل إعراب المرآن" ٔ.ٙ /
( )1حكاه عنه الماوردي ،ٗ5/ٔ :ولم اجده فً معانً المرآن.
( )5انظر :معانً المرآن.ٗٓ/ٔ :
(ٓٔ)انظر :النكت والعٌون ،ٗ5/ٔ:وتاج العروس ،ٔ٘5/ٕٔ:والعٌن ،ٖٙ1/ٔ:البٌت األول فمط ،ولم ٌنسبه.
أحدهما :أنه مشتك من السمو ،ألنه ٌعلو المسمى ،فاالسم :ما عبل وظهر ،فصار علما للداللة
على ما تحته من المعنى .لاله الزجاج(ٕ).
والثانً :ولال بعضهم :العلة فً اشتماله من السمو أن الكبلم ثبلثة :اسم وفعل وحرؾ ،فاالسم
ٌصح أن ٌكون خبرا وٌخبر عنه ،والفعل ٌكون خبرا وال ٌخبر عنه ،والحرؾ ال ٌكون خبرا وال
ٌخبر عنه ،فلما كان لبلسم مزٌة على النوعٌن اآلخرٌن وجب أن ٌشتك مما ٌنبا عن هذِه
المزٌة ،فاشتك من السمو لٌدل على علوه وارتفاعه(ٖ).
لال الواحدي" :وعند المتكلمٌن أنه اشتك من (السمو)؛ ألنه سما عن حد العدم إلى
(ٗ)
سمو) بالضم] وجمعه (أسماء) مثل لنو وألناء ،وحنو الوجود ،ولالوا :أصله ( ِس ْمو)[ ،أو (( ُ
استثماال ،ولم تحذؾ من نظابره؛ ألنها لم تكثر كثرته ،ثم سكنوا السٌن ً وأحناء فحذفت الواو
استخفافًا لكثرة ما تجري على لسانهم ،واجتلبت ألؾ الوصل لٌمكن االبتداء به ،وكان هذا أخؾ
علٌهم من ترن الحرؾ متحركا ،ألن األلؾ تسمط فً اإلدراج ،وكان إثبات الحرؾ الذي ٌسمط
كثٌرا أخؾ من حركة السٌن التً تلزم أبدا"(٘).
لال الماوردي ":و ُحذِفت ألؾ الوصل ،باإللصاق فً اللفظ والخط ،لكثرة االستعمال
كما ُحذفت من الرحمن ،ولم تحذؾ من الخط فً لوله ِ { :إ ْل َرأْ بِاس ِْم َر ِبّنَ الذَّي َخلَكَ } [ العلك :
آٌة ٔ ] لملَّة استعماله "(.)ٙ
عى معانً الحروؾ ببسم هللا تؤوٌبلً ،أجرى علٌه أحكام الحروؾ المعنوٌة وتكلؾ من َرا َ
،حتى صار ممصودا ً عند ذكر هللا فً كل تسمٌة ،ولهم فٌه ثبلثة ألاوٌل :
()2
وسموه وسٌادته ،والمٌم مجده ُّ أحدها :أن الباء بهاإه وبركته ،وبره وبصٌرته ،والسٌن سناإه
ومملكته و َمنُّه ،وهذا لول الكلبً( ،)1والضحان(.)5
لال ابن كثٌر ":هذا ؼرٌب جدا"(ٓٔ).
والثانً :أن الباء بريء من األوالد ،والسٌن سمٌع األصوات والمٌم مجٌب الدعوات ،وهذا
لول سلٌمان بن ٌسار .
والثالث :أن الباء بارئ الخلك ،والسٌن ساتر العٌوب ،والمٌم المنان ،وهذا لول أبً روق.
لال الماوردي ":ولو أن هذا االستنباط ٌحكً ع َّمن ٌُ ْمتدى به فً علم التفسٌر لرؼب عن
(ٔ) انظر :ومعانً المرآن" للزجاج ٔ ،ٕٗٓ /والمحرر الوجٌز ،،1ٗ /ٔ :والتفسٌر البسٌط،ٗٗٓ/ٔ :
واإلنصاؾ فً مسابل الخبلؾ" ص ٗ" ،البٌان فً ؼرٌب إعراب المرآن" ٔ" ،ٖٕ /مشكل إعراب المرآن" ٔ/
.ٙ
(ٕ) انظر :معانً المرآنٗٓ/ٔ :ن واإلنصاؾ.٘ :
(ٖ)انظر" :اإلٌضاح فً علل النحو" ص " ،ٗ5اإلنصاؾ" ص .ٙ
(ٗ) انظر :تفسٌر الثعلبً ،5ٕ/ٔ :والتفسٌر البسٌط.ٗٗٓ/ٔ :
(٘) التفسٌر البسٌط ،ٗٗٓ/ٔ :وانظر :انظر" :الممتضب" ٔ" ،ٕٕ5 /مشكل إعراب المرآن" ٔ ،ٙ /اشتماق
أسماء هللا" ص " ،ٕ٘2 ،ٕ٘ٙإعراب المرآن" للنحاس ٔ" ،ٔٔ2 /الكشاؾ" ٔ ،ٖٗ /لال الزمخشري( :ومنهم
من لم ٌزدها ،أي :األلؾ ،واستؽنى عنها بتحرٌن الساكن فمال( :سم) و (سم).
( )ٙالنكت والعٌون.ٗ1/ٔ :
( )2انظر :النكت والعٌون ،٘ٓ-ٗ5 :وتفسٌر الثعلبً.5٘-5ٗ/ٔ :
( )1انظر :النكت والعٌون ،٘ٓ-ٗ5 :وتفسٌر الثعلبً.5٘-5ٗ/ٔ :
( )5انظر :تفسٌر ابن أبً حاتم(ٕ):صٔ.ٕ٘/
(ٓٔ) تفسٌر ابن كثٌر.ٖٖ /ٔ :
ذكره ،لخروجه عما اختص هللا تعالى به من أسمابه ،لكن لاله متبوع فذكرتُهُ َم َع بُ ْع ِد ِه حاكٌا ً ،
ال محمما ً لٌكون الكتاب جامعا ً لما لٌل"(ٔ).
وٌمال لمن لال:بسم هللا :بَ ْس َملَ ،على لُؽَ ٍة ُم َولَّ َدةٍ(ٕ) ،ولد جاءت فً الشعر ،لال عمر بن
أبً ربٌعة(ٖ) :
فٌََا َحبَّذا َذانَ ْال َحبِ ُ
ٌب ال ُمبَس ِْم ُل ؼ َداة َ لَ ِمٌت ُ َها
ت لَ ٌْلَى َ
لَمَ ْد بَ ْس َملَ ْ
س َّم باسمه الذي هو ( هللا ) ؼٌره . وأما لوله{:هللا} ،فهو أخص أسمابه به ،ألنه لم ٌت َ
(ٗ)
و ُحكً عن أبً حنٌفة أنه االسم األعظم من أسمابه تعالى ،ألن ؼٌره ال ٌشاركه فٌه .
علَ ٍم للذات أو اسم ُم ْشت ٌَّك من صف ٍة ،على واختلفوا فً هذا االسم{هللا} ،هل هو اسم َ
لولٌن(٘):
أحدهما :أنه اسم علم لذاته ،ؼٌر مشتك من صفاته ،ألن أسماء الصفات تكون تابعة ألسماء
ت ٌ ،كون علما ً لتكون أسماء الصفات والنعوت تبعاً، الذات ،فلم ٌكن بُ ٌّد من أن ٌختص باسم ذا ٍ
تفرد به الباري سبحانه وتعالىٌ ،جري فً وصفه مجرى األسماء األعبلم ،ال ٌشركه فٌه أحد،
س ِمًٌّا} [مرٌم .]ٙ٘ :وهذا مذهب الخلٌل( ،)ٙوابن كٌسان(،)2وأبً لال هللا عز وجل{ :ه َْل ت َ ْعلَ ُم لَهُ َ
()ٔٓ()5
. بكر المفال( ،)1والحسٌن بن الفضل
همز ِه ،وتفخٌم لفظه هللا . والمول الثانً :أنه مشتك من (أَلَهَ) ،صار باشتماله عند حذؾ ِ
(ٔ)هذا التفسٌر لمعنى اإل َلهٌة هو منهج المتكلمٌن ،وعند أهل السنة هو المستحك للعبادة .لال ابن تٌمٌة( :ولٌس
المراد بـ) باإلله (هو المادر على االختراع كما ظنه من ظنه من أبمة المتكلمٌن ..بل اإلله الحك هو الذي
ٌستحك أن ٌعبده فهو إله بمعنى مؤلوه ال إله بمعنى آله " ،)..الرسالة التدمرٌة" ص .ٔ1ٙ
(ٕ) البٌت فً اللسان ،٘ٙٔ/ٖٔ:وتفسٌر الثعلبً.51/ٔ:
(ٖ) تفسٌر الثعلبً.51-52/ٔ:
(ٗ) تفسٌر الثعلبً ،51/ٔ :و تفسٌر المرطبً.ٔٓٔ /ٔ2 :
(٘) انظر :تفسٌر الثعلبً.51/ٔ:
( )ٙانظر :تفسٌر الثعلبً.51/ٔ:
()2تفسٌر الطبري ،ٖ٘ /5 :وتفسٌر الثعلبً ،51/ٔ :ولسان العرب.ٕٔ5 /ٔ :
( )1فً اللسان :عصرا.
( )5انظر :تفسٌر الثعلبً.51/ٔ:
(ٓٔ) انظر :تاج العروس ،ٖ2٘ /5 :وتفسٌر الثعلبً.51/ٔ:
(ٔٔ)هو سعٌد بن أوس بن ثابت ،أبو زٌد األنصاري ،صاحب النحو واللؽة ،مات سنة خمس عشرة ومابتٌن.
انظر ترجمته فً ممدمة "تهذٌب اللؽة" ٔ" ،ٖ٘ - ٖٗ /تارٌخ بؽداد" " ،22 /5طبمات النحوٌٌن واللؽوٌٌن" ص
٘" ،ٔٙإنباه الرواة" ٕ.ٖٓ /
(ٕٔ)اإلؼفال ،ٙ :والمخصص.ٖٔٙ /ٔ2 :
(ٖٔ) البٌت لرإبة ،انظر :دٌوانه( ،ٔٙ٘:ال ُمدَّه) جمع َمادِه ،بمعنى المادحٌ ،مول :إن هإالء سبحن:
وللن إنا هلل وإنا إلٌه راجعونٌ ،ملنها حسرة كٌؾ تنسن وهجر الدنٌا.
لَ َّما َرأٌَْنَ َخلِكَ ْال ُم َم َّو ِه ت ال ُم َّد ِه ّلل َد ُّر ْالؽَانٌَِا ِ
ِ َّ ِ
سبَّحْ نَ وا ْست َْر َج ْعنَ ِم ْن تؤل ِهً َ
(ٔ)
أي من تعبد .
(ٕ)
{:وٌَذ َرنَ وءا ِل َهتَنَ } ،لال" :معناه :عبادتن" .وروي َ ولد ُروي عن ابن عباس أنه لرأ َ
عن مجاهد مثل ذلن(ٖ).
وروي عن ابن عباس أٌضا ،لال ":هللا :ذو األلوهٌة وال َم ْعبودٌة على خلمه أجمعٌن"(ٗ).
وعن ابن عباس كذلنَ {":وٌَذَ َرنَ َوإال َهت َن} ،لال :إنما كان فرعونُ ٌُعبَد وال ٌَعبُد"(٘).
لال الطبري":وكذلن كان عب ُد هللا ٌمرإها ومجاهد"(.)ٙ
س َّمت العرب الشمس لما عبدت ( ِإال َهةَ) ،و (اإلالهة) لال عتٌبة بن الحارث ولد َ
الٌربوعً(:)2
وأ َ ْع َج ْلنَا اإلالَ َهةَ أ َ ْن ت َإُوبَا اء أ َ ْر ً
ضا ت ََر َّوحْ نَا ِمنَ الل ْعبَ ِ
وإنما سموها (اإلالَهَة) ،على نحو تعظٌمهم لها وعبادتهم إٌاها كفرا ،وعلى ذلن نهاهم
ش ْم ِس} [فصلت]ٖ2 : {ال ت َ ْس ُجدُوا ِلل َّ
هللا وأمرهم بالتوجه فً العبادة إلٌه فً لوله جل وعبلَ :
ضا كانوا ٌدعون معبوداتهم من األصنام واألوثان (آلهة) ،وهً [فصلت ]ٖ2 :اآلٌة ،وكذلن أٌ ً
{وٌَ َذ َرنَ َوآ ِل َهتَنَ } [األعراؾ ،]ٕٔ2 :وهً جمع (إاله) كإزار وآزرة ،وإناء وآنٌة ،لال هللا تعالىَ :
()1
أصنام كان ٌعبدها لوم فرعون معه ،وعلى هذا لال لابلهم :
ٌَ ْس َمعُ َها الَ ُههُ ال ُك ُ
بار َك َح ْلفَ ٍة ِم ْن أ َ ِبً ِرٌَاحٍ
ٌرٌد :الصنم ،وهذا البٌت حجة لمن ٌمول ٌؤن أصل(هللا) من (اله).
ورد البٌت فً "الطبري" ٔ" ،٘ٗ /اإلؼفال" ص " ،ٙالمخصص" " ،ٖٔٙ /ٔ2المحتسب" ٔ" ،ٕ٘ٙ /تفسٌر
أسماء هللا" للزجاج ص " ،ٕٙاشتماق أسماء هللا" ص ٕٗ" ،التهذٌب" (هللا) ٔ" ،ٔ15 /شرح المفصل" ٔ،ٖ /
"زاد المسٌر" ٔ ،5 /وابن عطٌة ٔ.٘2 /
(ٔ) انظر :المخصص ،ٖٔٙ/ٔ2 :واللسان(أله):صٖٔ.ٗٙ5/
(ٕ)أخرجه الطبري عن ابن عباس ومجاهد ،من طرق ،ٕٙ - ٕ٘ /5 ،1ٗ /ٔ ،وذكره ابن خالوٌه فً "الشواذ"
ص ٓ٘ ،وابن جنً فً "المحتسب" وعزاه كذلن إلى علً وابن مسعود وأنس بن مالن وعلممة الجحدري
والتٌمً وأبً طالوت وأبً رجاء ،ٕ٘ٙ /ٔ ،والفارسً فً "اإلؼفال" ص ٘ ،وانظر" :المخصص" ،ٖٔٙ /ٔ2
"تفسٌر الماوردي" ٕ" ،ٕٗ1 /تهذٌب اللؽة" (هللا) ٔ" ،ٔ5ٓ /البحر" ٗ.ٖٙ2 /
(ٖ)انظر :تفسٌر الطبري(ٗٗٔ):صٔ. ٕٔٗ/
(ٗ) تفسٌر الطبري(ٔٗٔ):صٔ.ٕٖٔ/
(٘) تفسٌر الطبري(ٖٗٔ):صٔ.ٕٔٗ/
( )ٙتفسٌر الطبري.ٕٔٗ/ٔ:
()2نسبه الطبري لبنت عتٌبة ،ٕٙ /5ونسبه بعضهم لـ (مٌة) وهو اسمها وكذا (أم البنٌن) ولٌل :لنابحة عتٌبة،
واأللرب أنه لبنت عتٌبة ترثً أباها حٌن لتله (بنو أسد) ٌوم (خ َّو) مع أبٌات أخرى ذكرها فً "معجم البلدان" ٘/
.ٔ1
()1من لصٌدة لؤلعشى ،لالها فٌما كان بٌنه وبٌن بنً جحدر ،و (أبو رٌاح) رجل من بنً ضبٌعة ،لتل جارا
لبنً سعد بن ثعلبة ،فسؤلوه الدٌة ،فحلؾ ال ٌفعل ،ثم لُتِل بعد حلفته ،و (الهه) :الهه( ،الكبار) :العظٌم ،وٌروى
(بحلفة) وٌروى (كدعوة).
انظر" :دٌوان األعشى" ص ٕ" ،2الجمهرة" ٔ" ،ٖٕ2 /اشتماق أسماء هللا" ص " ،ٕ2تفسٌر الثعلبً" ٔٔ2 /
ب" ،الزٌنة" ٕ" ،ٔ1 /معانً المرآن" للفراء ٔ ،ٕٓ2 /والمرطبً ٗ" ،ٖ٘ /اللسان( :لوه) ٖٔ ،ٖ٘5 /و(أله):
ٖٔ ،ٗٙ5 /وشرح المفصل" ٔ" ،ٖ /الخزانة" .ٔ2ٙ /2
ثم اختلفوا ،هل اشتك اسم (اإلله) من فعل العبادة ،أو من استحمالها ،على لولٌن(ٔ):
أ حدهما :أنه مشتك من فعل العبادة ،فعلى هذا ،ال ٌكون ذلن صفة الزمة لدٌمة لذاته ،لحدوث
عبادته بعد خلك خلمه ،ومن لال بهذا ،منع من أن ٌكون هللا تعالى إلها ً لم ٌزل ،ألنه لد كان لبل
خلمه ؼٌر معبود .
والمول الثانً :أنه مشتك من استحماق العبادة ،فعلى هذا ٌكون ذلن صفة الزمة لذاته ،ألنه لم
ٌزل مستحمّا ً للعبادة ،فلم ٌزل إلها ً(ٕ).
لال الماوردي ":وهذا أصح المولٌن ،ألنه لو كان مشتمّا ً من فعل العبادة ال من استحمالها
،للزم تسمٌة عٌسى علٌه السبلم إلها ً ،لعبادة النصارى له ،وتسمٌة األصنام آلهة ،لعبادة أهلها
لها ،وفً بطبلن هذا دلٌل ،على اشتماله من استحماق العبادة ،ال من فعلها ،فصار لولنا (إله)
على هذا المول صفة من صفات الذات ،وعلى المول األول من صفات الفعل"(ٖ).
الرحْ َم ِن} [الفاتحة ،]ٔ :أي ":ذي الرحمة العامة الذي وسعت رحمته جمٌع لوله تعالىَّ {:
الخلك"(ٗ).
لال ابن عباس ":الرحمن :الفعبلن من الرحمة ،وهو من كبلم العرب...
«الرحمن»:الرلٌك الرفٌك لمن أحب أن ٌرحمه"(٘).
وعن ابن عباس أٌضا" ،أن عثمان بن عفان سؤل رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص -عن «بسم هللا الرحمن
الرحٌم» ،فمال :هو اسم من أسماء هللا ،وما بٌنه وبٌن اسم «هللا» إال كما بٌن سواد العٌنٌن
وبٌاضهما من المرب"(.)ٙ
وروي عن الحسن لال ":الرحمن :اسم ال ٌستطٌع الناس أن ٌنتحلوه ،تسمى به تبارن
وتعالى"(.)2
إن عٌسى ابن مرٌم لال : ي ،لال " :لال رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلصّ « :- وعن أبً سعٌد الخدر ّ
()1
الرحمنَ :رحمنُ اآلخرة والدنٌا»" .
()5
ولال العَ ْرزَ مً" :الرحمن :بجمٌع الخلك " .
(ٓٔ)
الر ِح ٌِم} [الفاتحة ،]ٔ :أي" :الرحٌم بالمإمنٌن" . لوله تعالىَّ {:
(ٔٔ)
لال ابن عباس ":الرحٌم :البعٌد الشدٌد على من أحب أن ٌعنؾ علٌه العذاب" .
الرحٌم :بالمإمنٌن "(ٔ). ولال العَ ْرزَ مًّ " :
(ٔ)انظر :النكت والعٌون ،٘ٔ/ٔ :و اإلؼفال" ص ٘" ،المخصص" ،ٖٔٙ /ٔ2وتفسٌر الثعلبً،5ٖ-5ٕ /ٔ :
وتفسٌر أسماء هللا" ص " ،ٕٙاشتماق أسماء هللا" ص ٖٕٖٓ" ،تهذٌب اللؽة" (هللا) ٔ.ٔ15 /
(ٕ)انظر" :اإلؼفال" ص ٘" ،المخصص" ،ٖٔٙ /ٔ2وتفسٌر الثعلبً" ،5ٖ-5ٕ/ٔ:تفسٌر أسماء هللا" ص ،ٕٙ
"اشتماق أسماء هللا" ص ٖٕٖٓ" ،تهذٌب اللؽة" (هللا) ٔ.ٔ15 /
(ٖ) انظر :النكت والعٌون.٘ٔ/ٔ :
(ٗ) التفسٌر المٌسر.ٔ:
(٘) تفسٌر ابن أبً حاتم(ٗ):صٔ.ٕ٘/
( )ٙأخرجه ابن أبً حاتم(٘):صٔ.ٕ٘/
( )2أخرجه ابن أبً حاتم(:)2صٔ.ٕٙ/
()1أخرجه الطبري(:)ٔٗ2صٔ.ٕٔ2/
( )5أخرجه الطبري(:)ٔٗٙصٔ.ٕٔ2/
(ٓٔ) التفسٌر المٌسر.ٔ:
(ٔٔ) أخرجه ابن أبً حاتم(:)ٙصٔ.ٕٙ/
ولد روي عن رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص -أنه لال« :الرحٌم :رحٌ ُم اآلخرة »"(ٕ).
وأخرج البهمً عن ابن عباس -رضً هللا عنهما ،-لال" :الرحمن :وهو الرلٌك ،الرحٌم:
وهو العاطؾ على خلمه بالرزق ،وهما اسمان رلٌمان أحدهما أرق من اآلخر"(ٖ).
أن المعنى الذي فً تسمٌة هللا بالرحمن ،دون الذي فً تسمٌته بالرحٌم :هو لال الطبريّ ":
أنه بالتسمٌة بالرحمن موصوؾ بعموم الرحمة جمٌ َع خلمه ،وأنه بالتسمٌة بالرحٌم موصوؾ
بعض خلمه ،إما فً كل األحوال ،وإما فً بعض األحوال .فبل شن -إذا كان َ بخصوص الرحمة
أن ذلن الخصوص الذي فً وصفه بالرحٌم ال ٌستحٌل عن معناه ،فً الدنٌا كان ذلن ذلن كذلن ّ -
(ٗ)
أو فً اآلخرة ،أو فٌهما جمٌعًا" .
ولال عطاء الخراسانً : ":كان الرحمن ،فلما اختز َل الرحمن من اسمه كان الرحمنَ
الرحٌم"(٘).
َ
الكذاب مسٌلمة -وهو اختزاله إٌاه ٌ ،عنً التطاعه من أسمابه ُ أراد عطاء أنه لما تس َّمى به
لٌفصل بذلن لعباده اس َمهُ من اسم من لد ِ لنفسه -أخبر هللا ج ّل ثناإه أن اسمه " الرحمنُ الرحٌ ُم "
تس َّمى بؤسمابه ،إذ كان ال ٌس َّمى أحد " الرحمن الرحٌم " ،فٌجمع له هذان االسمان ،ؼٌره ج ّل
بعض خ َْلمه إما رحٌما ،أو ٌتس َّمى َرحمن .فؤما " رحمن رحٌم " ،فلم ٌجتمعا ُ ذكره .وإنما ٌتس َّمى
صل َ
فكؤن معنى لول عطاء هذا :أن هللا جل ثناإه إنما ف َ ّ لط ألحد سواهُ ،وال ٌجمعان ألحد ؼٌره، ّ
بتكرٌر الرحٌم على الرحمن ،بٌن اسمه واسم ؼٌره من خل ِمه ،اختلؾ معناهما أو اتفما.
خص نفسه ّ ثناإه ؼٌر فاسد المعنى ،بل جابز أن ٌكون ج ّل ُ والذي لال عطا ٌء من ذلن
مجموعٌن أنه الممصود ِ بالتسمٌة بهما معًا مجتمعٌن ،إبانةً لها من خلمه ،لٌعرؾ عبادُه بذكرهما
بذكرهما دون َم ْن سواه من خلمه ،مع َما فً تؤوٌل كل واحد منهما من المعنى الذي لٌس فً اآلخر
منهما(.)ٙ
الفوائد:
ٔ-إثبات اسم من أسماء هللا وهو الرحمن المتضمـن للرحمـة الواسعـة :كما لال تعالى {فَإ ِ ْن
ع ِن ْالمَ ْو ِم ْال ُمجْ ِر ِمٌنَ } [األنعام .]ٔٗ2 : سه ُ َ َكذَّبُونَ فَمُ ْل َربُّ ُك ْم ذُو َرحْ َم ٍة َوا ِس َع ٍة َو َال ٌ َُر ُّد َبؤ ْ ُ
اب َب ْل لَ ُه ْم َم ْو ِع ٌد لَ ْن سبُوا لَ َع َّج َل لَ ُه ُم ْال َع َذ َاخذُ ُه ْم ِب َما َك َ
الرحْ َم ِة لَ ْو ٌ َُإ ِ ور ذُو َّ {و َربُّنَ ْالؽَفُ ُولال تعالى َ
سنَةً َوفًِ ْاآل ِخ َر ِة تعالى{:وا ْكتُبْ لَنَا فًِ َه ِذ ِه ال ُّد ْنٌَا َح َ
َ ٌَ ِجدُوا ِم ْن دُونِ ِه َم ْوبِ ًبل} [الكهؾ ،]٘1 :ولال
سؤ َ ْكتُبُ َها ِللَّذٌِنَ ٌَتَّمُونًََءٍ فَ َ ت ُك َّل ش ْ ٌب ِب ِه َم ْن أَشَا ُء َو َرحْ َمتًِ َو ِس َع ْ ص ُ ع َذابًِ أ ُ ِِإنَّا ُه ْدنَا ِإلٌَْنَ لَا َل َ
الز َكاة َ َوالَّذٌِنَ ُه ْم بِآٌَا ِتنَا ٌُإْ ِمنُونَ } [األعراؾ .]ٔ٘ٙ : َوٌُإْ تُونَ َّ
ٕ -رحمته سبمت ؼضبه :كما لال ": إن هللا كتب فً كتاب فهو عنده فوق العرش :إن
رحمتً سبمت ؼضبً"(.)2
(ٔ)أخرجه البخاري ،كتاب األدب ،باب رحمة الولد وتمبٌله ومعانمته ،رلم ،)٘555( :ومسلم ،كتاب التوبة ،باب
فً سعة رحمة هللا تعالى وأنها سبمت ؼضبه ،رلم.)ٕ2٘ٗ( :
(ٕ) تفسٌر الطبري.ٔٔٗ/ٔ :
(ٖ) انظر :للفتاوى للسٌوطً ٗ.ٔ/ٖ5
ٗ ) أبو جعفر الطبري هودمحم بن جرٌر الطبري ولد سنة ٕٕ٘ هـ وتوفً ٖٓٔهـ(انظر طبمات المفسرٌن
صٖٓ ).
(٘) وابن حبان :دمحم بن حبان بن أحمد التمٌمً البستً الحافظ العبلمة صاحب المسند الصحٌح توفً ٖٗ٘
(الوافً بالوفٌات ٔ ،)ٕ21/وهً إحدي الرواٌات.
( ) ٙلال المناوي :لٌل االسم األعظم بمعنً العظٌم ،ولٌس أفعل التفضٌل ؛الن كل اسم من أسمابه عظٌم ،ولٌس
بعضها أعظم من بعض ولٌل هو للتفضٌل ،ألن كل اسم فٌه أكثر تعظٌما ً هلل فهو أعظم من الرب فإنه ال شرٌن
له فً تسمٌته به ال باإلضافة والبدونها وأما الرب فٌضاؾ للمخلوق )فٌض المدٌر ٔ ٘ٔٓ/رلمٖٔٓٔ ،تفسٌر بن
كثٌر ٔٔٔ/وانظر علوم المران للزركشً ٔ ٖٗ1/واٌثار الحك .ٖٕ5ٍ:
وٌرى االمام السٌوطً أن األلوال كلها صحٌحة إذ لم ٌرد فً خبر منها أنه االسم األعظم وال
شًء أعظم منه فكؤنه تعالى ٌمول [كل اسم من أسمابً ٌجوز وصفه بكونه أعظم فٌرجع إلى
معنى عظٌم (ٔ).
ولال ابن حبان :األعظمٌة الواردة فً األخبار المراد بها مزٌد ثواب الداعً بذلن كما أطلك
ذلن فً المرآن والمراد به مزٌد ثواب الداعً والمارئ(ٕ).
ٕ -لم ٌطلع علٌه أحد:
وٌرى آخرون أنه مما استؤثر هللا بعلمه ولم ٌطلع علٌه أحدا من خلمه كما لبل بذلن فً لٌلة المدر
وفً ساعة اإلجابة وفً الصبلة الوسطى(ٖ).
ٖ(-هو):
ولٌل أن (هو) هو اسم هللا األعظم ،نمله اإلمام فخر الدٌن عن بعض أهل الكشؾ واحتج له بؤن
من أراد أن ٌعبر عن كبلم عظٌم بحضرته لم ٌمل أنت للت كذا وإنما ٌمول هو تؤدبا معه(ٗ).
ٗ( -هللا)
ولٌل أن (هللا) هو اسم هللا األعظم ،ألنه اسم لم ٌطلك على ؼٌره وألنه األصل فً األسماء
الحسنى ومن ثم أضٌفت إلٌه(٘) لال ابن أبً حاتم فً تفسٌره حدثنا الحسن بن دمحم بن الصباح
حدثنا إسماعٌل بن علٌة عن أبً رجاء حدثنً رجل عن جابر بن عبد هللا بن زٌد أنه لال :اسم
عا ِل ُم ْالؽَ ٌْ ِ
ب َوال َّ
ش َها َدةِ ُه َو َّللاُ الَّذِي َال ِإلَهَ ِإ َّال ُه َو َ
هللا األعظم هو هللا ألم تسمع أنه ٌمولُ {:ه َو َّ
الر ِحٌ ُم} [الحشر ،]ٕٕ :ولال ابن أبً الدنٌا فً كتاب الدعاء حدثنا إسحاق بن إسماعٌل الرحْ َم ُن َّ
َّ
()ٙ
عن سفٌان بن عٌٌنة عن مسعر لال لال الشعبً اسم هللا األعظم ٌا هللا .
٘( -هللا الرحمن الرحٌم):
(ٔ) أنظر :فٌض المدٌر ٔ ٘ٔٓ/والسر المدسً فً تفسٌر آٌة الكرسً (خطوط) وانظر الممصد االسنً للؽزالً
ص ٔٙ5والثابت عند استمراء األحادٌث أن النبً لد أشار إلً مجموعة من األسماء الحسنً أنها متعٌنة
لتكون اسم هللا األعظم ومن لرأ هذه المخطوطة تؤكد له ذلن وأكثر هذه األحادٌث صحٌحة فكٌؾ ٌمول السٌوطً
بعد ذلن( ،ؼذ لم ٌرد فً خبر منها أنه االسم األعظم )وٌإكد علً أنها التساوي فً العظمة.
(ٕ) انظر فٌض المدٌر ٔ،٘ٔٓ/البرهان فً علوم المران ٔ، ٖٗ1/وشرح صحٌح مسلم 5ٖ/ٙونمل عن ابن
حبان لوله :أعظم سورة أراد به فً األجر ال أن بعض المرآن أفضل من بعض )البرهان فً علوم المران
ٔ ٖٗ1/وأجود من هذا ما لاله الزركشً من أن التفاضل والع بٌن اآلٌات والسور واألسماء لنا تضمنته من
المعانً
(فالتفضٌل إنما هو بالمعانً وكثرتها ؛ال من حٌث الصفة وهذا هو الحك )البرهان فً علوم المرآن ٔ ٖٗ5/ونمل
بن العربً التفضٌلإنما صارت آٌة الكرسً عظم لعظم ممتضاها فإن الشًء إنما بشرؾ ذاته وممتضاه
ومتعلماته البرهان ٔ ٕٗٗ/وانظر مجموع الفتاوى ٔٓٙ2/ٔ2وشفاء العلٌل صٗ٘1
(ٖ) وٌبدو أن هذا المول جانب الصواب لعدم توفر أدلته علٌه وأٌضا ً ٌ:توفر األدلة علً معرفته كما هو ظاهر.
(ٗ)انظر لوامع البٌنات ص ،والممصد االسنً ص ٔٙ5وتفسٌر أسماء هللا الحسنً صٕٗ،ٕٙ
(٘) لال الزجاج :االسم األعظم هو لولنا هللا وٌعد األسماء االخري مضافة ؼلٌه تفسٌر أسماء هللا الحسنى
للزجاج صٕٗ.
( )ٙمصنؾ بن أبً شٌبة ٕٖٗ/2رلمٕٖٔ٘ٙورلمٖٔ ٖ٘ٙعن جابر بن زٌد والدر المنثور ٕٕٔ/1ومعنً ال
إله إال هللا للزركشً صٖٕٔونمض الدارمًٔ ٔٙ1،ٔٙ5/ولال الزركشً ولد تكلم كل ذي فن من العلوم علً
هذا االسم بما لو جمع لبلػ ماال تحصره دواوٌن .وما بلؽت نفس امرئ لال مبلؽاً...من المول ؼبل والذي فٌه
أعظم )معنً ال إله إال هللا صٖٕٔ
لال الحافظ ابن حجر (ٔ) فً شرح البخاري(ٕ) ولعل مستنده ما أخرجه ابن ماجهٖ عن
عابشة أنها سؤلت النبً ملسو هيلع هللا ىلص أن ٌعلمها االسم األعظم ،فلم ٌفعل فصلت ودعت اللهم إنً أدعون هللا
وأدعون الرحمن وأدعون الرحٌم ،وأدعون بؤسمابن الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم-
الحدٌث ،وفٌه أنه ملسو هيلع هللا ىلص لال لها إنه لفً ٍ األسماء التً دعوت بها.
لال وسنده ضعٌؾ وفً االستدالل به نظر انتهى ،للت ألوى منه فً االستدالل ما
أخرجه الحاكم فً المستدرن وصححه ابن عباس أن عثمان بن عفان سؤل رسول هللا صلى هللا
علٌه وسلم عن بسم ميحرلا نمحرلا هللا فمال هو اسم من أسماء هللا تعالى وما بٌنه وبٌن اسم هللا
األكبر إال كما بٌن سواد العٌن وبٌاضها من المربٗ ،وفً الفردوس للدٌلمً من حدٌث ابن
عباس مرفوعا اسم هللا األعظم فً ست آٌات من آخر سورة الحشر(٘).
()ٙ
[ -ٙالرحمن الرحٌم]
ولٌل أن (الحً المٌوم) هو اسم هللا األعظم ،ولن لحدٌث الترمذي وؼٌره عن أسماء بنت
َّللاُ الَّذِي َال ِإلَهَ ِإ َّال ُه َو َ
عا ِل ُم ٌزٌد أنه علٌه السبلم لال اسم هللا األعظم فً هاتٌن اآلٌتٌن { ُه َو َّ
عمران{َّللاُ َال ِإلَهَ ِإ َّال ُه َو
َّ الر ِحٌ ُم} [الحشر ،]ٕٕ :وفاتحه سورة آل الرحْ َم ُن َّ
ش َها َدةِ ُه َو َّ ْالؽَ ٌْ ِ
ب َوال َّ
ً ْالمٌَُّو ُم} [آل عمران . ]ٕ :
()2
ْال َح ُّ
(-2الحً المٌوم) ،وذلن لحدٌث ابن ماجه والحاكم عن أبً أمامة رضً هللا تعالى عنه رفعه
االسم األعظم فً ثبلث سور :البمرة وآل عمران وطه ،لال الماسم الراوي عن أبً أمامه التمسته
فٌها فعرفت أنه الحً المٌوم ،ولواه الفخر الرازي واحتج بؤنهما ٌدالن على صفات العظمة
بالربوبٌة ما ال ٌدل على ذلن ؼٌرهما كداللتهما (.)1
( -1الحنان المنان بدٌع السماوات واألرض ذو الجبلل واإلكرام )
وذلن لحدٌث أحمد وأبً داود وابن حبان والحاكم عن أنس "أنه كان مع رسول هللا-
ملسو هيلع هللا ىلص -جالسا ورجل ٌصلً ثم دعا اللهم إنً أسؤلن بؤن لن الحمد ال إله إال أنت الحنان المنان بدٌع
(ٔ) رواه ابن ماجه فً سننه ٕ ٖٕ5/رلمٖٓٔٔ ،واأللوسً فً تفسٌره ٖ 2٘/وصححه األلبانً فً السلسلة
الصحٌحة .2ٗٙ
(ٕ) انظر فتح الباري شرح صحٌح البخاري ٔٔ،ٕٕٗ/وشرح النووي .ٔ1/ٔ2
(ٖ) سنن ابن ماجه ٕٕٔٙ2/رلم ٖ1٘5وضعفه ابن حجر فً فتحه ٔٔ.ٕٕٗ/
(ٗ) المستدرنٔ2ٖ1/رلم ٕٕٓ2لال هذا حدٌث صحٌح اإلسناد ولم ٌخرجاه وشعب اإلٌمان ٕ.ٖٗ2/
(٘) روح المعانً ،ٙٗ/ٕ1الدر المنثور ٗ21/ٕٖٔ،٘/1عن ابن عباس.
( )ٙالرحمن الرحٌم وفاتحة سورة آل عمران " هللا ال إله إال هو الحً المٌوم " فً (ب)
( )2رواه الترمذي فً سننه ٘٘ٔ2/حدٌث رلم ٖٗ21وأبو داود فً سننهٔ ٗ2ٓ/لال األلبانً حسن
( ) 1ومنهم من لال االسم األعظم الحً المٌوم وٌدل علٌه وجهان:أحدهما أن أبً بن كعب طلب من المصطفً
انه ٌعلمه االسم األعظم فمال هو فً لوله تعالً (هللا ال إله إال هو الحً المٌوم )وفً ألم هللا ال ؼله إال هو
الحً المٌوم )لالوا ولٌس ذلن فً لولنا هللا ال إله إال هو ألن هذه الكلمة موجودة فً آٌات كثٌرة فلما خص االسم
األعظم بهاتٌن اآلٌتٌن علمنا أنه الحً المٌوم الثانً أن الحً ٌدل علً كونه سبحانه عالما ً متكلما ً لادراً سمٌعا ً
بصٌرا ً والمٌوم ٌدل علً أنه لابم بذاته مموم لؽٌره ومن هذٌن األصلٌن تتشعب جمٌع المسابل المعتبرة فً علم
التوحٌد )..لوامع البٌنات ص ،فٌض المدٌر ٔ ٘ٔٓ/وتفسٌر الثعالبً ٔ-ٕٕٓ ،ٕٗٔ/
السماوات واألرض ٌا ذا الجبلل واإلكرام ٌا حً ٌا لٌوم ،فمال -ملسو هيلع هللا ىلص -لمد دعا هللا باسمه العظٌم
الذي إذا دعى به أجاب وإذا سبل به أعطى" (ٔ).
( -5بدٌع السماوات واألرض ذو الجبلل واإلكرام)
أخرج أبو ٌعلى من طرٌك السرى بن ٌحٌى عن رجل من طًء وأثنى علٌه خٌرا لال كنت أسال
هللا تعالى أن ٌرٌنً االسم األعظم فرأٌت مكتوبا فً الكواكب فً السماء ٌا بدٌع السماوات
واألرض ٌا ذا الجبلل واإلكرام"(ٕ) .
ٓٔ ( -ذو الجبلل واإلكرام)
وذلن لحدٌث الترمذي عن معاذ سمع النبً -ملسو هيلع هللا ىلص -رجبل ٌمولٌ :ا ذا الجبلل واإلكرام فمال لد
استجٌب لن فسل (ٖ) ،وأخرج ابن جرٌر فً تفسٌر سورة النمل عن مجاهد لال :االسم الذي إذا
دعى به أجاب ٌا ذا الجبلل واإلكرام(ٗ) واحتج له الفخر الرازي بؤنه ٌشمل جمٌع الصفات
المعتبرة فً اإللهٌة ،ألن فً الجبلل إشارة إلى جمٌع السلوب وفً اإلكرام إشارة إلى جمٌع
اإلضافات (٘).
ٔٔ( -هللا ال إله إال هو األحد الصمد الذي لم ٌلد ولم ٌولد ولم ٌكن له كفوا أحد)
وذلن بدلٌل حدٌث أبً داود والترمذي وابن حبانوالحاكم عن برٌدة" :أن رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص -سمع
رجبل ٌمول :اللهم إنً أسؤلن بؤنً أشهد أنن أنت هللا ال إله إال أنت األحد الصمد الذي لم ٌلد ولم
ٌولد ولم ٌكن له كفوا أحد فمال :لمد سؤلت هللا باالسم الذي إذا سبل به أعطى وإذا دعً به
أجاب"( ،)ٙوفً لفظ عند أبً داود ":لمد سؤلت هللا باسمه األعظم" ،لال الحافظ ابن حجر :وهو
أرجح من حدٌث السند[ عن ] جمٌع ما ورد فً ذلن(.)2
ٕٔ( -ربّ ربّ )
()1
أخرج الحاكم عن أبً الدر داء وابن عباس لاال :اسم هللا األكبر رب رب ،وأخرج ابن أبً
الدنٌا عن عابشة مرفوعا ومولوفا إذا لال العبدٌ" :ا رب ٌا رب" لال هللا" :تعالى لبٌن عبدي سل
تعط"(ٔ).
(ٔ) رواه أبو داود فً سننه ٔ ٗ2ٓ/حدٌث رلم ٘ ٔٗ5والنسابً ٖٕ٘ٓ/حدٌث رلمٖٓٓٔ وابن ماجه ٕٕٔٙ1/
حدٌث رلم ٖ1٘1واحمد فً مسندهٕٕٔٓ/رلم، ٕٕٕٙالترؼٌب والترهٌب ٕ ، ٖٔ1/وجبلء اإلفهام البن المٌم
صٔ12وفً كتاب الدعاء للطبرانً ٔ ٕ٘/لال الحاكم :صحٌح علً شرط مسلم ولال األلبانً حسن صحٌح.
(ٕ) رواه أبو ٌعلً فً مسنده ورواته ثمات وذكره صاحب الترؼٌب والترهٌب ٕ ٖٔ1/رلم ٕٓٗ٘ وهو عن
بعض الصحابة انظر جبلء اإلفهام البن المٌم ص ٔ12وأخرجه الطبرانً فً الدعاء ٕٔ٘/
(ٖ) أخرجه الترمذي فً سننه ولال حسن حدٌث رلم ٕٖ٘2وفً الترؼٌب والترهٌب والمعجم الكبٌر
ٕ٘ٙ/رلم 51ومسند بن حمٌد ٔٙٙ/رلمٔٓ2
(ٗ) الدر المنثور ٖٖٗ/
(٘) كرامات األولٌاء لبللكابً صٓ 2ٕ،1انظر الرازي اآلٌات البٌنات ص
( )ٙرواه أبو داود فً سننه ٔٗٙ5/رلمٖ ٔٗ5والترمذي ٘ ٘ٔ٘/رلم٘ ٖٗ2الحاكم فً مستدركه
ٖٔٙ1/رلم 1٘1ولال هذا حدٌث صحٌح علً شرط الشٌخٌن ولم ٌخرجاه
( )2لال فً الترؼٌب ٕٖٔ2/رواه أبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن حبان فً صحٌحه والحاكم لال
صحٌح علً شرطٌهما ..ولال ابو الحسن الممدسً وؼسناده ال مطعن فٌه ولم ٌرد فً هذا الباب حدٌث أجود
اسنادا ً وصححه االلبانً :فً صحٌح الترؼٌب والترهٌب ٕ ٕٔ5/رلمٓٗ ٔٙمنه.
1أخرجه الطبرانً فً الدعاء ٔ٘ٗ/رلم ٔٔ5عن أبً الدر داء وابن عباس رضً هللا عنهما والحاكم فً
مستدركه ٔٙ1ٗ/رلمٓ ٔ1ٙومصنؾ ابن أبً شٌبة ٗ2،ٕٖٖ/ٙرلم٘.ٖ٘ٙٔٓ، ٕ5ٖٙ
ٖٔ -ولد لٌل (مالن الملن)
أخرج الطبرانً فً الكبٌر بسند ضعٌؾ عن ابن عباس لال :لال رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص "-اسم هللا
األعظم الذي إذا دعً به أجاب فً هذه اآلٌة من آل عمران (لل اللهم مالن الملن تإتً الملن
من تشاء) إلى لوله( :وترزق من تشاء بؽٌر حساب" (ٕ).
ٗٔ( -ال إله إال أنت سبحانن إنً كنت من الظالمٌن)
(ٖ)
لال المناوي :اسم هللا االعظم الذي إذا دعً به أجاب ...دعوة ٌونس بن متً ،وذلن لحدٌث
النسابً والحاكم عن فضالة بن عبٌد رفعه "دعوة ذي النون فً بطن الحوت (ال إله إال أنت
سبحانن إنً كنت من الظالمٌن) لم ٌدع بها رجل مسلم لط إال استجاب هللا له"(ٗ) ،أخرج ابن
جرٌر من حدٌث معبد مرفوعا "اسم هللا الذي إذا دعً به أجاب وإذا سبل به أعطى دعوة ٌونس
بن متى"(٘) ،أخرج الحاكم عن سعد بن أبً ولاص مرفوعا" أال أدلكم على اسم هللا األعظم دعاء
ٌونس فمال :رجل هل كانت لٌونس خاصة؟ فمال أال تسمع لوله( :ونجٌناه من الؽم وكذلن ننجً
المإمنٌن)"( )ٙوأخرج ابن أبً حاتم عن كثٌر ابن سعٌد معبد لال سؤلت الحسن عن اسم هللا
األعظم لال :أما تمرأ المرآن؟ لول ذي النون([ :)2ال إله إال أنت سبحانن إنً كنت من
الظالمٌن](.)1
٘ٔ( -كلمة التوحٌد :ال إاله إال هللا)
()ٔٓ( )5
. لال به الماضً عٌاض
( -ٔٙهللا .هللا..هللا ال إله إال هو رب العرش العظٌم )
ما نمله الفخر الرازي عن زٌن العابدٌن أنه سؤل هللا أن ٌعلمه االسم األعظم فرأى فً
النوم هو هللا .هللا..هللا ال إله إال هو رب العرش العظٌم(ٔٔ).
-ٔ2ولٌل هو مخفً فً األسماء الحسنى
(ٔ) ضعٌؾ انظر فٌض المدٌر ٔ ٗٔٔ/رلم 222ولال احتج بهذا الحدٌث من ذهب ؼلً ان اسم هللا االعظم هو
الرب لال ابن تٌمٌة اسمه الرب ،ولهذا ٌمال فً الدعاء ٌارب كما لال آدم ربنا ظلمنا أنفسنا (مجموع الفتاوى
ٕٔٓ2/
(ٕ) لال المناوي :لال الهٌثمً :فٌه جسر بن فرلد وهو ضعٌؾ وألول فٌه أٌضا ً دمحم بن زكرٌا الؽبلبً أورده
الذهبً فً الضعفاء اٌضاًولال وثمه ابن معٌن ولال أحمد لٌس بموي والنسابً والطبرانً والدار لطنً :ضعٌؾ
)فٌض المدٌر ٔ ٘ٔٔ/اخرجه الطبرانً فً المعجم الكبٌر ٕٔ ٔ2ٔ/رلم ٕ ٕٔ25عن ابن عباس
(ٖ) فٌض المدٌرٔ. ٕ٘ٔ/
(ٗ) أخرجه الحاكم فً مستدركه ٔٙ1٘/رلم ٕ ٔ1ٙولال هذا حدٌث صحٌح اإلسناد
(٘) أخرجه ابن جرٌر الطبري فً تفسٌره ، 21/5والسٌوطً فً الدر المنثور ٘ٙ55/
( )ٙاخرجه الحاكم فً مستدركه ٔ ٙ1٘/رلم٘ٔ1ٙ
( )2لال ابن المٌم ) اما دعوة ذى النون :فإن فٌها من كمال التوحٌد والتنزٌه للرب ،واعتراؾ العبد بظلمه وذنبه
ما هو أبلػ أدوٌة الكرب والهم زاد المعاد ٗٔ1٘/
( )1الدر النثور ٘ٙٙ5/
( )5الماضً عٌاض بن موسً بن عٌاض العبلمة صاحب التصانٌؾ المالكً المذهب ولد سنة ٗ2ٙالعبر
ٕٔٙٔ/
(ٓٔ) انظر فتح الباري ٕٔٔٓ2/
(ٔٔ) البرهان فً علوم المرآن ٔ، ٗٗ/معارج المبول ٕ، ٖ5ٗ/لوامع البٌنات ص
وٌإٌده حدٌث عابشة المتمدم لما دعت ببعض األسماء و باألسماء الحسنى فمال لها" إنه لفً
األسماء التً دعوت بها"(ٔ).
-ٔ1أنه كل اسم من أسمابه تعالى دعا به العبد مستؽرلا
ولٌل أنه كل اسم من أسمابه تعالى دعا العبد به ربه مستؽرلا بحٌث ال ٌكون فً فكره حالة إذ
ؼٌر هللا فإن من دعا هللا تعالى بهذه الحالة كان لرٌب اإلجابة وأخرج أبو نعٌم فً الحلٌة عن أبً
ٌزٌد البسطامً(ٕ) أنه سؤله رجل عن االسم األعظم فمال :لٌس له حد محدود إنما هو فراغ للبن
بوحدانٌته [فإذا كنت كذلن فافرغ إلى أي اسم شبت فإنن تسٌر به إلى المشرق والمؽرب(ٖ).
وأخرج أبو نعٌم أٌضا عن أبً سلٌمان الدارانًٗ لال :سؤلت بعض المشاٌخ عن اسم
هللا األعظم لال :تعرؾ للبن للت نعم لال فإذا رأٌته لد ألبل ورق فسل هللا حاجتن فذان اسم هللا
األعظم (٘).
وأخرج أبو نعٌم أٌضا عن ابن الربٌع السابح أن رجبل لال :له علمنً االسم األعظم فمال اكتب
بسم ميحرلا نمحرلا هللا أطع هللا[ ٌطعن كل شًء.
( -ٔ5الله ّم )
()ٙ
حكاه الزركشً فً شرح جمع الجوامع واستدل لذلن بؤن هللا دال على الذات والمٌم
دالة على الصفات التسعة والتسعٌن ذكره أبو المظفر وهذا لال الحسن البصري اللهم مجمع
الدعاءٔ ولال النصر بن شمٌلمن لال اللهم فمد دعا هللا بجمٌع أسمابه.
سو َل َّ ِ
َّللا س ِم ْعتُ َر ُ تَ : شةَ لَالَ ْ (ٔ) سنن ابن ماجة(.ٖٔ1/ٔٔ :صحٌح وضعٌؾ سنن ابن ماجةَ .)ٖ1٘5 :ع ْن َعابِ َ
َّ
ار ِن ْاأل َ َحبّ ِ إِلٌْنَ ،الذِي إِذا ُدعٌِتَ بِ ِه
َ َ ب ْال ُمبَ َطٌِّ ِ طاه ِِر ال َّ سلَّ َم ٌَمُولُ« :اللَّ ُه َّم إِ ِنًّ أ َ ْسؤَلُنَ بِاس ِْمنَ ال َّ صلَّى هللاُ َ
علَ ٌْ ِه َو َ َ
تَ :ولَا َل ذَاتَ ٌَ ْو ٍمٌَ« :ا طٌْتَ َ ،و ِإذَا ا ْست ُ ْر ِح ْمتَ بِ ِه َر ِح ْمتَ َ ،و ِإذَا ا ْست ُ ْف ِر َجتَ بِ ِه فَ َّرجْ تَ » لَالَ ْ َ
سبِلتَ بِ ِه أ ْع َْ أ َ َجبْتَ َ ،و ِإذَا ُ
َّللاِِ ،بؤ َ ِبً أَ ْنتَ سو َل َّ ت :فَمُ ْلتُ ٌَ :ا َر ُ اب؟» لَالَ ْ ً ِب ِه أ َ َج َ َّللا لَ ْد َدلَّ ِنً َعلَى ِاالس ِْم الَّذِي إِذَا ُد ِع َ ت أ َ َّن َّ َشةُ ه َْل َع ِل ْم ِ َعا ِب َ
ْ ُ ُ
سهُ ،ث َّم للتُ : ْ ْ ُ
سا َعة ،ث َّم ل ْمتُ فَمَبَّلتُ َرأ َ ُ ً ت :فَتَنَ َّحٌْتُ َو َجلَ ْستُ َ شة» ،لَالَ ْ ُ َوأ ُ ِ ّمً فَعَ ِل ْمنٌِ ِه ،لَالَ« :إِنَّهُ َال ٌَ ْنبَ ِؽً لَ ِن ٌَا َعابِ َ
ّ
ش ٌْبًا ِمنَ ال ُّد ْن ٌَا» شةُ أ َ ْن أ ُ َع ِلّ َم ِنِ ،إنَّه ُ َال ٌَ ْن َب ِؽً لَ ِن أ َ ْن تَ ْسؤ َ ِلً ِب ِه َ َّللاَِ ،ع ِلّ ْم ِنٌ ِه ،لَالَِ « :إنَّه ُ َال ٌَ ْن َب ِؽً لَ ِن ٌَا َعا ِب َ سو َل َّ ٌَا َر ُ
ْ َ
الرحْ َمنَ َ ،وأ ْدعُونَ البَ َّر َ
َّللاَ ،وأ ْدعُونَ َّ َ َّ ْ ُ ُ
صلٌْتُ َركعَتٌَ ِْن ،ث َّم للتُ :الل ُه َّم إِنًِّ أ ْدعُونَ َّ َ ْ َّ ُ ْ
ت :فَم ْمتُ فَت ََوضَّؤتُ ،ث َّم َ ُ ،لَالَ ْ
ض َحنَ ت :فَا ْستَ ْ ٌمَ ،وأ َ ْدعُونَ ِبؤ َ ْس َمابِنَ ْال ُح ْسنَى ُك ِلّ َهاَ ،ما َع ِل ْمتُ ِم ْن َهاَ ،و َما لَ ْم أ َ ْعلَ ْم ،أ َ ْن ت َ ْؽ ِف َر ِلً َوت َْر َح َمنًِ ،لَالَ ْ الر ِح َ َّ
ت بِ َها" .ضعٌؾ التعلٌك على ابن ماجة، َّ
اء التًِ َد َع ْو ِ َ ْ َ َّ َ
سل َم ،ث َّم لالَ« :إِنهُ ل ِفً األ ْس َم ِ ُ َّ َ
صلى هللاُ َعل ٌْ ِه َو َ َّ َّللا َسو ُل َّ ِ َر ُ
التعلٌك الرؼٌب (ٕ .)ٕ2٘ /
(ٕ ) أبو ٌزٌد البسطامً :اسمه :هو أبو ٌزٌد طٌفور بن عٌسى مروشان البسطامً ،أحد الزهاد ،أخو
الزاهدٌن :آدم وعلً ،وكان جدهم شروسان مجوسٌاً ،فؤسلم ٌمال :إنه روى عن إسماعٌل السدي ،وجعفر
الصادق ،ولد ولد العارؾ أبو ٌزٌد سنة ٔ11هـ ببسطام فً ببلد خرسان فً مجلة ٌمال لها محلة موبدان ،وتوفً
سنة ٕٔٙهـ عن ثبلث وسبعٌن سنة( .انظر سٌر أعبلم النببلء ،1ٙ /ٖٔ ،وانظر وفٌات األعٌان ٕ،ٖ٘ٔ /
وانظر طبمات الصوفٌة للسلمً ص . ٔ5 – ٔ1وانظر الطبمات الكبرى ٔ).2ٙ /
(ٖ) حلٌة األولٌاء ٖٓٔ5/
(ٗ) أبو سلٌمان الدانً :أبو سلٌمان عبد الرحمن بن عطٌة الدارانً ،أحد علماء أهل السنة والجماعة ومن
أعبلم التصوؾ السنً فً المرن الثالث الهجري ،من أهل دارٌّا ،لرٌة من لرى دمشك فً سورٌا .
وصفه الذهبً بـ "اإلمام الكبٌر ،زاهد العصر" ،ولد سنة ٓٗٔ هـ ،وتوفً سنة ٕ٘ٔ هـ (.انظر :بمات الصوفٌة،
تؤلٌؾ :أبو عبد الرحمن السلمً ،صٗ ،25-2دار الكتب العلمٌة ،طٖٕٓٓ ،وسٌر أعبلم النببلء ٔ1ٖ/ٔٓ :وما
بعدها)،
(٘) حلٌة األولٌاء ٖٓٔٔٙ/
( )ٙذكره البؽوي فً تفسٌره ٔ (: ٔٗٙ/انطلموا علً اسم هللا "اللهم "أعنهم ثم رجع رسول هللا .)...
ٕٓ ( -ألم)
(ٕ)
أخرج ابن جرٌر وابن أبً حاتم عن ابن عباس لال (آلم) اسم من أسماء هللا األعظم ،
وأخرج ابن جرٌر وابن أبً حاتم عن ابن عباس لال (آلم) لسم ألسم هللا به وهو من أسمابه
تعالى (ٖ).
مسؤلة:
اختلؾ العلماء هل البسملة آٌة لرآنٌة؟ وهل تمرأ فً الصبلة؟ ،وفً ذلن ألوال:
أحدها :ذهب مالن واألوزاعً إلى أنها لٌست من المرآن ،ومنعا من لراءتها فً الفرابض مطلماً،
وأجازا لراءتها فً النافلة"(ٗ).
والثانً :أما أبو حنٌفة والثوري وأتباعهم فمرأوها فً افتتاح "الحمد" ولكن أوجبوا إخفاتها.
والثالث :فً حٌن أن اإلمام الشافعً لرأها فً الجهرٌات جهرا ً وفً اإلخفاتٌات إخفاتاً ،وعدها
آٌة من "الفاتحة" ،وهذا هو لول أحمد بن حنبل أٌضاً ،واختلؾ المنمول عن الشافعً فً أنها آٌة
من كل سورة أم أنها لٌست باٌَة فً ؼٌر "الفاتحة"(٘).
وٌترتب على المول بؤن البسملة آٌة من الفاتحة أو لٌست آٌة منها من حٌث لراءة البسملة
فً الصبلة :أن من ٌمول أن البسملة آٌة من الفاتحة ٌمول بوجوب و ٌترتب على المول لرابتها
فً الصبلة (،)ٙو ال تصح الصبلة إال بمرابتها ؛ ألنها من الفاتحة ؛ لموله " : ال صبلة لمن لم
ٌمرأ بفاتحة الكتاب"( )2؛ ومن ٌمول :إنها لٌست من الفاتحة ؛ ولكنها آٌة مستملة من كتاب هللا
ٌمول لرابتها جابزة(، )1ومن ٌمول لٌست البسملة من الفاتحة وال من ؼٌرها ٌمول تكره لراءة
البسملة فً الصبلة فبل ٌمرأ بها المصلً فً المكتوبة وال فً ؼٌرها سرا وال جهرا(، )5وٌترتب
على كون البسملة آٌة أو بعض آٌة حرمة مس المحدث حدثا أكبر أو أصؽر ورلة مكتوب فٌها
البسملة عند المابلٌن بحرمة مس المحدث المصحؾ ،وهم جهور العلماء ؛ ألن البسملة ما دامت
آٌة أو بعض آٌة فهً من المصحؾ فتؤخذ حكمه .
والنصوص فً ذلن متواترة ،أما عن طرٌك العامة فهنالن رواٌات كثٌرة تدل على ذلن:
(ولَمَ ْد آت َ ٌْنَانَ َ
س ْبعًا ٔ .عن ابن جرٌح عن أبٌه عن سعٌد بن جبٌر عن ابن عباس فً لوله تعالىَ :
الر ِح ٌِمْ ،ال َح ْم ُد ّّللِ َربّ ِ ْال َعالَ ِمٌنَ )" -ولرأ
من َّالرحْ ِ ِ ّمنَ ْال َمثَانًِ) ،لال ":فاتحة الكتاب ( ِبس ِْم ّ ِ
َّللا َّ
من
الرحْ َِّللاِ َّ
السورة ،لال ابن جرٌح" :فملت ألبً :لمد أخبرن سعٌد عن ابن عباس أنه لالِ ( :بس ِْم ّ
الر ِح ٌِم) آٌة؟" لال":نعم"(ٓٔ).
َّ
(ٔ) انظر تفسٌر البؽوي ٔ، ٖٓٗ/والدر المنثور ٕ ٔ2ٕ/واإلتمان للسٌوطً ٕ.ٕٗ/
(ٕ) تفسٌر الطبري ٔ، ٔٔ1/تفسٌر بن كثٌر ٔ. ٙٔ/
(ٖ) تفسٌر الطبري ٔ، ٔٔ1/وزاد المٌسر ، ٖٔ٘/ٙوتفسٌر الثعالبً ٔ.ٖٓ/
(ٗ)انظر" :بداٌة المجتهد" البن رشد -ج ٔ -ص ،5ٙو"التفسٌر الكبٌر" للفخر الرازي -ج ٔ -ص ٓٓٔ
(٘)انظر" :التفسٌر الكبٌر" فً تفسٌر البسملة.
()ٙانظر تحفة األحوذي ٕ ٗ2/دمحم عبد الرحمن المباركفوري أبو العبل دار الكتب العلمٌة -بٌروت
( )2رواه البخاري فً صحٌحه رلم ،2٘ٙورواه مسلم فً صحٌحه رلم ٖٗ5
( )1انظر تحفة األحوذي ٕٗ2/
- 5تفسٌر المرطبً ٔ ٔٔٔ/دار الحدٌث الطبعة الثانٌة ٔٗٔٙهـ ٔ55ٙم ،و االستذكار البن عبد البر ٔٗ٘٘/
الناشر :دار الكتب العلمٌة – بٌروت الطبعة األولى ٕٓٓٓ – ٕٔٗٔ ،تحمٌك :سالم دمحم عطا ،دمحم علً
(ٓٔ)انظر :تفسٌر سورة الفاتحة من كتاب التفسٌر من المستدرن للحاكم ومن تلخٌصه للذهبً -ص - ٕ٘2ج
ٕ ،ولد صرح الحاكم والذهبً بصحة إسناد الحدٌث .
من
الرحْ ِ َّللاِ َّ ٕ .ما ص َّح عن ابن عباس أٌضا ً لال":إن النبً (ملسو هلآو هيلع هللا ىلص) كان إذا جاءه جبرابٌل فمرأ(بِس ِْم ّ
الر ِح ٌِم) ،علم أنها سورة"(ٔ). َّ
َّللاِ
ً (ملسو هلآو هيلع هللا ىلص) ال ٌعلم ختم السورة حتى تنزل (بِس ِْم ّ ابن عباس أٌضا لال" :كان النب ُّ ً ٖ .ما صح عن
(ٕ)
الر ِح ٌِم)" . من َّ
الرحْ ِ َّ
َّللاِ
ٗ .ما صح عنه أٌضا لال" :كان المسلمون ال ٌعلمون انمضاء السورة حتى تنزل (بِس ِْم ّ ً
الر ِح ٌِم) علموا أن السورة لد انمضت.)ٖ(". من َّ َّللاِ َّ
الرحْ ِ الر ِح ٌِم) ،فإذا نزلت (بِس ِْم ّ من َّالرحْ ِ َّ
ْ
الر ِح ٌِم ،ال َح ْم ُد ّّللِ من َّ الرحْ ِ َّللاِ َّ
٘ .ما صح عن أم سلمة لالت" :كان النبً (ملسو هلآو هيلع هللا ىلص) ٌمرأ (بِس ِْم ّ
َربّ ِ )..إلى آخرها ٌ -مطعها حرفا ً حرفاً"(ٗ).
منالرحْ ِ َّللا َّ وعن أم سلمة من طرٌك آخر إن رسول هللا (ملسو هلآو هيلع هللا ىلص) لرأ فً الصبلة (بِس ِْم ّ ِ
ّلل َربّ ِ ْالعَالَ ِمٌنَ ) آٌتٌنَّ ، الر ِح ٌِم) وعدها آٌةْ ،
(٘)
الر ِح ٌِم) ثبلث آٌات "...الحدٌث . من َّ
(الرحْ ِ (ال َح ْم ُد ّ ِ َّ
الر ِح ٌِم) ثم لرأ من َّ الرحْ ِ .ٙما صح عن نعٌم المجمر لال" :كنت وراء أبً هرٌرة فمرأ (بِس ِْم ّ ِ
َّللا َّ
(والَ الضَّالٌِّنَ ) ،لال' :آمٌن' ،فمال الناس' :آمٌن' ،فلما سلم لال' :والذي نفسً بؤم الكتاب حتى بلػ َ
()ٙ
بٌده إنً ألشبهكم صبلة برسول هللا ملسو هلآو هيلع هللا ىلص" .
وعن أبً هرٌرة أٌضاً ،لال" :كان رسول هللا (ملسو هلآو هيلع هللا ىلص) ٌجهر فً الصبلة ببسم ميحرلا نمحرلا هللا" .
()2
.2ما صح عن أنس بن مالن لال" :صلى معاوٌة بالمدٌنة فجهر فٌها بالمراءة ،فمرأ فٌها ( ِبس ِْم
الر ِح ٌِم) للسورة التً بعدها حتى من َّ َّللاِ َّ
الرحْ ِ الر ِح ٌِم) ألم المرآن ،ولم ٌمرأ ( ِبس ِْم ّ من َّ الرحْ ِ ِّ
َّللا َّ
لضى تلن المراءة ،فلما سلم ناداه من سمع ذلن من المهاجرٌن واألنصار من كل مكانٌ' :ا
الر ِح ٌِم) للسورة من َّ َّللاِ َّ
الرحْ ِ معاوٌة ،أسرلت الصبلة أم نسٌت؟' فلما صلى بعد ذلن لرأ ( ِبس ِْم ّ
()1
التً بعد أم المرآن ".أخرج هذا الحدٌث الحاكم فً المستدرن وصححه على شرط مسلم ،
وأخرجه ؼٌر واحد من أصحاب المسانٌد كالشافعً فً مسنده( ،)5وعلك على ذلن بموله" :إن
معاوٌة كان سلطانا ً عظٌم الموة شدٌد الشوكة فلوال أن الجهر بالبسملة كان كاألمر الممرر عند
كل الصحابة من المهاجرٌن واألنصار لما لدروا على إظهار اإلنكار علٌه بسبب ترن
التسمٌة"(ٓٔ).
ميحرلا نمحرلا هللا من كتابٌهما ولاال :رواة هذا الحدٌث (ٔ) أخرجه الحاكم وأورده الذهبً فً باب الجهر ببسم
عن آخرهم ثمات وجعبله علة ونمٌضا لحدٌث لتادة عن أنس.
(ٕ) أخرجه الحاكم فً المستدرن وأورده الذهبً فً التلخٌص ونصا على أن رواته عن آخرهم ثمات وجعبله
علة ونمٌضا ً لحدٌث لتادة عن أنس ،الباطل.
(ٖ)سنن البٌهمً -باب افتتاح المراءة فً الصبلة ببسم هللا -الجزء ٕ ص ، ٗٙوالمستدرن ،حدٌث الجهر ببسم
هللا الجزء ٔ ص ٖٖٕ " .
(ٗ) مستدرن الحاكم ،ٕٖٕ / ٔ :والذهبً فً تلخٌصه ولد صرحا بصحة الحدٌث .
(٘)الجامع الصؽٌر للسٌوطً -حرؾ الكاؾ ،5ٔ/ ٕ :كنز العمال. ٔ5ٖ / ٔ :
()ٙالجامع الصؽٌر للسٌوطً -حرؾ الكاؾ ،5ٔ/ ٕ :كنز العمال . ٔ5ٖ/ ٔ :وانظر :التفسٌر الكبٌر للرازي
-ج ٔ فً تفسٌر البسملة .لال اإلمام النووى فى " األذكار " ٔ : 5ٗ /و لد روى موصوال كما ذكرنا و روى
مرسبل و رواٌة الموصول جٌدة اإلسناد ،و لال عبد المادر األرناإوط ٔ : 5ٗ /أخرجه ابن السنى فى عمل "
الٌوم و اللٌلة " عن أبى هرٌرة و إسناده ضعٌؾ .و رواه بنحوه الحاكم و الترمذى و البٌهمى فى " شعب اإلٌمان
" عن ابن عباس رضى هللا عنهما و فى سنده ٌمان بن الممبرة و هو ضعٌؾ.
سلَّ َم ُ ( :كل كَبل ٍم أ ْو أ ْم ٍر ذِي بَا ٍل ال ٌُفت ُح بِ ِذك ِر
ْ َ ْ َ َ َ َ ُّ صلَّى هللاُ َعلَ ٌْ ِه َو َ أَبًِ ه َُرٌ َْرة َ رضً هللا عنه لَا َل :لَا َل َر ُ
سو ُل هللاِ َ
ط ُع )-ولد روي الحدٌث بؤلفاظ أخرى نحو هذا. هللاِ فَ ُه َو أ َ ْبت َُر -أ َ ْو لَا َل :أ َ ْل َ
نستنتج مما سبك بؤنه لد اختلؾ فً العلماء فً البسملة فذهب البعض إلى أنها لٌست من فاتحة
الكتاب ،وال من ؼٌرها من السور واالفتتاح بها للتٌمن والتبرن .وذهب البعض إلى أنها من
الفاتحة ولٌست من سابر السور ،وذهب آخرون إلى أنها آٌة مستملة ،وهذا هو الراجح لجمعه بٌن
النصوص التً تثبتؤن البسملة من كتاب هللا وبٌن األدلة التً تثبت أن البسملة لٌست من السور
إال أنها بعض آٌة من سورة النمل .وهللا أعلم.
المرآن
ب ا ْلعَالَ ِمٌنَ ([ })2الفاتحة ]2 : {ا ْل َح ْم ُد ِ ه ِ
ّلِل َر ّ ِ
التفسٌر:
ُّ
الثناء على هللا بصفاته التً كلها أوصاؾ كمال ،وبنعمه الظاهرة والباطنة ،الدٌنٌة والدنٌوٌة،
وفً ضمنه أ َ ْم ٌر لعباده أن ٌحمدوه ،فهو المستحك له وحده ،وهو سبحانه المنشا للخلك ،المابم
بؤمورهم ،المربً لجمٌع خلمه بنعمه ،وألولٌابه باإلٌمان والعمل الصالح.
صا هلل"(ٕ).
{ال َح ْم ُد ِ َّّللِ}[الفاتحة ،]ٕ:أي ":الشكر خال ً لوله تعالىْ :
(ٖ)
لال الصابونً ":أي :لولوا ٌا عبادي إذا أردتم شكري وثنابً الحمدهلل" .
لال الماسمً ":أي :الثناء بالجمٌل ،والمدح بالكمال ثابت هلل دون سابر ما ٌعبد من دونه،
ودون كل ما برأ من خلمه"(ٔ).
رواه اإلمام أحمد فً " المسند " (ٗٔ )ٖٕ5/طبعة مإسسة الرسالة ،وآخرون كثٌرون من أصحاب السنن
والمسانٌد.
وفٌه علتان:
العلة األولى :ضعؾ لرة بن عبد الرحمن ،لال أحمد بن حنبل :منكر الحدٌث جدا .ولال ٌحٌى بن معٌن :
ضعٌؾ الحدٌث .ولال أبو زرعة :األحادٌث التى ٌروٌها مناكٌر .انظر" :تهذٌب التهذٌب" ()ٖ2ٖ/1
العلة الثانٌة :أنه لد رجح بعض أهل العلم أن الصواب فٌه :عن الزهري مرسبل ،ـ والمرسل من ألسام الحدٌث
الضعٌؾ ـ.
صلَّى هللاُ َعلَ ٌْ ِه
َ هللا رسول لال : لال ، الزهري عن ) ٗ52 ، ٘ٗ5 ( واللٌلة" الٌوم "عمل فً النسابً فمد أخرجه
سلَّ َم ،فذكره.
َو َ
لال الدارلطنً رحمه هللا" :والصحٌح عن الزهري المرسل " انتهى ".العلل " (.)ٖٓ/1
وضعفه الزٌلعً فً " تخرٌج الكشاؾ " (ٔ ، )ٕٗ/وضعفه الشٌخ األلبانً فً " إرواء الؽلٌل " (ٔ،)ٖٕ-ٕ5/
كما ضعفه المحممون فً طبعة مإسسة الرسالة .ولد َحسَّن الحدٌث أو صححه جماعة من العلماء ،فمد حسنه
النووي وابن حجر ،وصححه ابن دلٌك العبد وابن الملمن.
وسبل عنه الشٌخ ابن باز رحمه هللا فمال:
" جاء هذا الحدٌث من طرٌمٌن أو أكثر عند ابن حبان وؼٌره ،ولد ضعفه بعض أهل العلم ،واأللرب أنه من
باب الحسن لؽٌره" انتهى" .مجموع فتاوى ابن باز" (ٕ٘.)ٖٔ٘/
والحدٌث معناه ممبول ومعمول به ،فمد افتتح هللا تعالى كتابه بالبسملة ،وافتتح سلٌمان علٌه السبلم كتابه إلى
الر ِح ٌِم) النمل ، ٖٓ/وافتتح النبً صلى هللا الر ْح َم ِن َّ سلَ ٌْ َمانَ َوإِنَّه ُ بِس ِْم َّ ِ
َّللا َّ ملكة سبؤ بالبسملة ،لال تعالى( :إِنَّهُ ِم ْن ُ
علٌه وسلم كتابه إلى هرلل بالبسملة ،وكان ملسو هيلع هللا ىلص ٌفتتح خطبه بحمد هللا والثناء علٌه.
ولد ذهب أكثر الفمهاء إلى مشروعٌة البسملة واستحبابها عند األمور المهمة.
وجاء فً الموسوعة الفمهٌة (" :)5ٕ/1اتفك أكثر الفمهاء على أن التسمٌة مشروعة لكل أمر ذي بال ،عبادة أو
ؼٌرها" انتهى .وهللا أعلم.
(ٔ) انظر :التفسٌر الكبٌر للرازي -ج ٔ فً تفسٌر البسملة.
(ٕ) تفسٌر الطبري.ٖٔٗ/ٔ:
(ٖ) صفوة التفاسٌر.ٔ5/ٔ:
لال مماتل بن سلٌمانٌ ":عنً الشكر َّّلل"(ٕ).
كر له بإنعامه"(ٖ). ش ُلال الواحدي:أي ":الثَّناء هلل وال ُّ
(ٗ)
لال النسفً :أي ":الوصؾ بالجمٌل على جهة التفضٌل واجب هلل" .
لال السعدي:أي ":الثناء على هللا بصفات الكمال ،وبؤفعاله الدابرة بٌن الفضل والعدل،
فله الحمد الكامل ،بجمٌع الوجوه"(٘).
لال ابن عباس{ ":الحمد هلل} :كلمة الشكر ،وإذا لال العبد :الحمد هلل ،لال :شكرنً
عبدي"(.)ٙ
وعن ابن عباس أٌضا{ ":الحمد هلل} :هو الشكر هلل ،واالستخذاء هلل ،واإللرار بنعمته
وهداٌته وابتدابه ،وؼٌر ذلن"(.)2
لال كعب{ ":الحمد هلل} :ثناء على هللا"(.)1
لال علً ":كلمة رضٌها هللا لنفسه"(.)5
ضا :الثناء"(ٓٔ). لال األخفش :أي" :الشكر هلل ،والحمد أٌ ً
لال ابن عثٌمٌن{ ":الحمد} وصؾ المحمود بالكمال مع المحبة ،والتعظٌم؛ الكمال الذاتً،
والوصفً ،والفعلً؛ فهو كامل فً ذاته ،وصفاته ،وأفعاله"(ٔٔ).
ّلل}[الفاتحة ،]ٕ:ثبلثة ألوال(ٕٔ): ْ
تعالى{:ال َح ْم ُد ِ َّ ِ وفً نوع االلؾ والبلم فً لوله
أحدهما :لل َعهدِ ،أي :الحم ُد المعهودُ.
(ٖٔ)
ضعٌؾ" . ٌ طلك الحمد ،لال ابن رجب":وهو والثانً :لتعرٌؾ الجنس ،أيُ :م ُ
(ٗٔ)
والثالث :لبلستؽراق ،لاله أبو َجعفر البالِ ُر وؼٌره.
والمول األخٌر هو األص ُّح ،أي :استؽراق جمٌع أجناس الحمد وثبوتها هلل تعالى تعظٌما
وتمجٌدا" ،وفً األثر" :الله ّم لن الحم ُد كلُّه" ،وفً د ِ
()ٔٙ (٘ٔ)
الخٌر
َ ُعاء المنوت" :ونثنً علٌن
كلَّه"(ٔ) ،ولوله" :ال أُحصً ثنا ًء علٌن أنت كما أثنٌتَ على نفسن"(ٕ).
(ٔ)رواه الهٌثمً ،فً مجمع الزوابد ،عن أبً سعٌد الخدري وأبو هرٌرة ،الصفحة أو الرلم ،5ٓ/ٔٓ :خبلصة
حكم المحدث :رجالهم رجال الصحٌح.
(ٕ)لال النووي" :هذا محمول على كبلم اآلدمً ،وإال فالمرآن أفضل ،وكذا لراءة المرآن أفضل من التسبٌح
والتهلٌل المطلك ،فؤما المؤثور فً ولت أو حال ونحو ذلن فاالشتؽال به أفضل ،وهللا أعلم"؛ شرح مسلم
(.)5٘/5
(ٖ)لال الصنعانً" :لوله ملسو هلآو هيلع هللا ىلص(( :ال ٌضرن بؤٌِّهن بدأت)) :دل على أنه ال ترتٌب بٌنها ،ولكن تمدٌم التنزٌه أولى؛
ألنه تمدم التخلٌة -بالخاء المعجمة -على التحلٌة -بالحاء المهملة -والتنزٌه :تخلٌة عن كل لبٌح ،وإثبات الحمد
تضر البداءة
َّ منزهةً ذاتُه عن كل لبٌح ،لم
والوحدانٌة واألكبرٌة :تحلٌة بكل صفات الكمال ،لكنه لما كان تعالى َّ
بالتحلٌة وتمدٌمها على التخلٌة"؛ سبل السبلم (ٗ.)ٕٙ/
(ٗ)أخرجه مسلم رلم.)ٕٖٔ2( :
(٘)وزارة األولاؾ والشبون اإلسبلمٌة -الكوٌت (ٗٓٗٔ ٕٔٗ2 -هـ) ،الموسوعة الفمهٌة الكوٌتٌة (الطبعة
األولى) ،مصر :مطابع دار الصفوة ،صفحة ٘ ،ٔ2جزء .ٕٙٙ
()ٙجابر بن موسى بن عبد المادر بن جابر أبو بكر الجزابري (ٖٕٓٓ) ،أٌسر التفاسٌر لكبلم العلً الكبٌر
بتصرؾ.
ّ (الطبعة الخامسة) ،السعودٌة :مكتبة العلوم والحكم ،صفحة ٕٖٔ ،جزء ٔٔ.
( )2المصدر نفسه والصحٌفة نفسها.
المإمن
ِ -2عن أبً موسى األشعري رضً هللا عنه ،أن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص لال" :إذا مات ول ُد العب ِد
ضتُم ثمرة َ فإا ِده؟ لالوا :نَعم لال :فما لال؟ ضتُم ولَد عبدي؟ لالوا :نَعم لال :لبَ ْ لال هللاُ للمبلبك ِة :لبَ ْ
(ٔ)
ً
وحمدن لال :ابنوا له بٌتا فً الجنَّ ِة وس ُّموه بٌتَ الحمدِ" . ِ لالوا :استر َجع
هللا لٌرضى عن العب ِد أن ٌؤك َل األكلةَ هللا ملسو هيلع هللا ىلص" :إن َ -1عن أنس رضً هللا عنه لال :لال رسول
ٌشرب الشربةَ فٌحم َده علٌها" .
(ٕ)
َ فٌحم َده علٌها .أو
ُ
-5عن أبً هرٌرة رضً هللا عنه ،لال :لال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص" :ك ُّل أمر ذي با ٍل ال ٌُب َدأ بالحمد َّّللِ
هو أج َذ ُم، كبلم ال ٌُب َدأ ُ فٌ ِه بالحمد َّ ِ
ّلل فَ َ ٍ هو ألط ُع ،وفً رواٌةٍ :كل هو ألط ُع ،وفً رواٌةٍ :بالحم ِد فَ َ فَ َ
(ٖ)
هو ألط ُع" . حٌم فَ َ
الر ِ حمن َّ
الر ِ َّللا َّ ببسم َّ ِ
ِ ُ
أمر ذي با ٍل ال ٌبدأ فٌ ِه وفً رواٌة :ك ُّل ٍ
(ٗ)
لوله تعالىَ {:ربّ ِ العَال ِمٌنَ }[الفاتحة ،]ٕ:أي ":مالن العالمٌن" . َ ْ
لال الواحدي:أي ":مالن المخلولات كلها"(٘).
لال التستري:أي ":سٌد الخلك المربً لهم ،والمابم بؤمرهم ،المصلح المدبر لهم لبل
كونهم ،وكون فعلهم المتصرؾ بهم لسابك علمه فٌهم ،كٌؾ شاء لما شاء ،وأراد وحكم ولدر من
أمر ونهً ،ال رب لهم ؼٌره"(.)ٙ
و(الرب) " :هو من اجتمع فٌه ثبلثة أوصاؾ :الخلك ،والملن ،والتدبٌر؛ فهو الخالك
المالن لكل شًء المدبر لجمٌع األمور"(.)2
لال السعدي( ":الرب) :هو المربً جمٌع العالمٌن -وهم من سوى هللا -بخلمه إٌاهم،
وإعداده لهم اآلالت ،وإنعامه علٌهم بالنعم العظٌمة ،التً لو فمدوها ،لم ٌمكن لهم البماء .فما بهم
من نعمة ،فمنه تعالى ،وتربٌته تعالى لخلمه نوعان :عامة وخاصة.
فالعامة :هً خلمه للمخلولٌن ،ورزلهم ،وهداٌتهم لما فٌه مصالحهم ،التً فٌها بماإهم فً الدنٌا.
والخاصة :تربٌته ألولٌابه ،فٌربٌهم باإلٌمان ،وٌوفمهم له ،وٌكمله لهم ،وٌدفع عنهم الصوارؾ،
والعوابك الحابلة بٌنهم وبٌنه ،وحمٌمتها :تربٌة التوفٌك لكل خٌر ،والعصمة عن كل شر .ولعل
هذا [المعنى] هو السر فً كون أكثر أدعٌة األنبٌاء بلفظ الرب .فإن مطالبهم كلها داخلة تحت
ربوبٌته الخاصة"(.)1
علَم على خالمهم و{العالمٌن} " :كل ما سوى هللا فهو من العالَم؛ ُوصفوا بذلن؛ ألنهم َ
سبحانه وتعالى؛ ففً كل شًء من المخلولات آٌة تدل على الخالك :على لدرته ،وحكمته،
ورحمته ،وعزته ،وؼٌر ذلن من معانً ربوبٌته"(.)5
(ٔ)رواه ابن حبان ،فً صحٌح ابن حبان ،عن أبً موسى األشعري ،الصفحة أو الرلم ،ٕ5ٗ1 :أخرجه فً
صحٌحه.
(ٕ)رواه مسلم عن أنس بن مالن(ٖٗ.)ٕ2
(ٖ)رواه النووي فً األذكار ،عن أبً هرٌرة :ص .ٔٗ5حدٌث حسن ،روي موصوال ومرسبل ورواٌة.
(ٗ) تفسٌر النسفً[.ٖٔ/ٔ :بتصرؾ بسٌط].
(٘) الوجٌز.11:
( )ٙتفسٌر التستري.ٕٖ:
( )2تفسٌر ابن عثٌمٌن.ٔٓ/ٔ:
( )1تفسٌر السعدي.ٖ5:
( )5تفسٌر ابن عثٌمٌن.ٔٓ/ٔ:
{العَالَ ِمٌنَ } ":عنً :الجن واإلنس مثل لولهِ :لٌَ ُكونَ ِل ْلعالَ ِمٌنَ ْ لال مماتل":
(ٔ)
نَذٌِراً}[الفرلان. " ]ٔ:
(ٕ)
واختُلؾ فً اشتماق (الرب) على ألوال :
(ٖ)
أحدها :أنه مشتك من المالن ،كما ٌمال رب الدار أي مالكها ،ومنه لول صفوان بن أمٌة ":
ألن ٌَ ُربَّنًِ رجل من لرٌش أحب إِلً من أن ٌَ ُربَّنًِ رجل من هوازن ٌ ،عنً :أن ٌكون ربًا
فولً ،وسٌدًا ٌملكنً"(ٗ).
ومن ملن شٌبا فهو ربّه ٌ ،مال :هو ربّ الدار وربّ الضٌعة(٘) ،ولال النبً -صلى هللا
علٌه وسلم -لرجل" :أ َ َربُّ إِب ٍل أنت أم َربُّ ؼنم؟ "( ،)ٙولال النابؽة(:)2
احنَ َما أ َ َ
صابُوا صابُوا ِم ْن ِلمَ ِأَ َ فَإ ِ ْن ت َنُ َربَّ أ َ ْذ َوا ٍد بِ ُح ْزوى
فـ(الرب)( :)1بمعنى المالن للشًء ،واألمثلة علٌه كثٌرة ،نذكر منها لوله عز وجل:
ب ْال َعالَ ِمٌنَ }[الفاتحة ،]ٕ:فهو سبحانه مالن كل شًء ،ونحو هذا لوله عز وجل: ْ
{ال َح ْم ُد ِ َّ ِ
ّلل َر ّ ِ
سبْعِ َو َربُّ ْال َع ْر ِش ْال َع ِظ ٌِم}[المإمنون ،]1ٙ:أي :إنه سبحانه هو مالن ت ال َّس َم َاوا ِ {لُ ْل َمن َّربُّ ال َّ
السماوات السبع والعرش العظٌم وسٌدهما ،فبل مالن لهما سواه ،وال سٌد لهما ؼٌره .ونحوه لوله
ًَءٍ }[األنعام ،]ٔٙٗ:لال المرطبً :أي" :مالكه"(.)5 {و ُه َو َربُّ ُك ِّل ش ْ تعالىَ :
َ َ
والثانً :أنه مشتك من السٌد ،ألن السٌد ٌسمى ربّاً ،لال تعالى {:أ َّما أ َح ُد ُك َما فٌََ ْس ِمً َربَّهُ خ َْمراً}
[ ٌوسؾ ٌ ] ٗٔ :عنً سٌده ،ولوله{ :ا ْذ ُك ْرنًِ ِع ْن َد َر ِبّنَ } [ٌوسؾ .]ٕٗ :ومنه لَبٌِد بن ربٌعة (ٓٔ):
ع ِر
ع ْر َ
تو َ وربَّ َمع ٍ ّد ،بٌن َخ ْب ٍ َ وأ َ ْهل ْكنَ ٌو ًما ربَّ ِك ْن َدة وابنَه
(ٔ)دٌوانه ، 15 :والمخصص . ٔ٘ٗ : 2الطرٌؾ والطارؾ :المال المستحدث ،خبلؾ التلٌد والتالد :وهو
العتٌك الذي ولد عندن .
َّللاِ أَ ْب ِؽً َربًّا}[ألنعام ،]ٔٙٗ:أي :أؼٌر هللا أتخذ إلها ً أعبده .ومنها لوله تعالىِ {:إ َّن
َ َّْر
ٌ َ
ؼ َ أ ْ
ل (ٕ) ومنه لوله تعالى{:لُ
َّللاُ }[األعراؾ ،]٘ٗ:أي :إن المعبود الحك الذي ٌنبؽً أن ٌُفرد بالعبادة هو هللا دون سواه .ومنها لول َربَّ ُك ُم َّ
َّللاُ َربُّ ُك ْم فَا ْعبُدُوهُ }[ٌونس ،]ٖ:أي :إن هللا سبحانه هو المعبود الحك الذي ٌنبؽً أن تخلص م
ِ ُ َّ ُ
ك ل َ ذ { سبحانه: الباري
له العبادة.
هذا ،ولد ذكر بعض المفسرٌن أن لفظ (الرب) فً المرآن جاء بمعنى كبٌر الموم ،وتؤول علٌه لوله (ٖ)
َ َّ َ َ َ َ ْ َ
تعالى على لسان لوم موسى{ :فاذهَبْ أنتَ َو َربُّنَ فماتِبل إِنا هَا ُهنَا لا ِعدُونَ }[المابدة ،]ٕٗ:وذلن أن هارون علٌه
ظما ً فً بنً إسرابٌل محبَّباً ،لسعة ُخلُمه ،ورحب صدره، السبلم كان أسن من موسى علٌه السبلم ،وكان مع َّ
فكؤنهم لالوا :اذهب أنت وكبٌرن .ولد ذكر هذا المول الدامؽانً كؤحد معنٌٌن للفظ (الرب) .لال ابن عطٌة معمبا ً
على هذا المول" :وهذا تؤوٌل بعٌد ،وهارون إنما كان وزٌرا ً لموسى ،وتابعا ً له فً معنى الرسالة"[.المحرر
الوجٌز.]ٔ2٘/ٕ :
(ٗ) انظر :التحرٌر والتنوٌر ٔٙٙ/ٔ :ومابعدها.
(٘)دٌوانه . ٕ٘ :سؤل السمن ٌسلإه :طبخه وعالجه فؤذاب زبده .والسبلء ،بكسر السٌن :السمن .وحمن اللبن
فً الوطب ،والماء فً السماء :حبسه فٌه وعبؤه .رب نحى السمن ٌربه :دهنه بالرب ،وهو دبس كل ثمرة ،
وكانوا ٌدهنون أدٌم النحى بالرب حتى ٌمتنوه وٌصلحوه ،فتطٌب رابحته ،وٌمنع السمن أن ٌرشح ،من ؼٌر أن
ٌفسد طعمه أو رٌحه .وإذا لم ٌفعلوا ذلن بالنحى فسد السمن .وأدٌم مربوب :جدا لد أصلح بالرب ٌ .مول :
فعلوا فعل هذه الحمماء ،ففسد ما جهدوا فً تدبٌره وعمله .
( ))ٙدٌوانه ، ٕ5 :والمخصص ، ٔ٘ٗ : ٔ2والشعر ٌموله للحارث بن أبً شمر الؽسانً ملن ؼسان ،وهو
الحارث األعرج المشهور .لال ابن سٌده " :ربوب :جمع رب ،أي الملون الذٌن كانوا لبلن ضٌعوا أمري ،
ولد صارت اآلن ربابتً إلٌن -أي تدبٌر أمري وإصبلحه -فهذا رب بمعنى مالن ،كؤنه لال :الذٌن كانوا
ٌملكون أمري لبلن ضٌعوه " .ولال الطبري فٌما سٌؤتً ٌ " :عنً بموله :ربتنً :ولً أمري والمٌام به لبلن
ض ْعتُ ُرب ُ
ُوب َولَ ْبلَنَ َربَّتْنً َ ،ف ِ ت إلٌن ِربَابَتً ض ْ امرأ ً أ َ ْف َ
ف ُك ْنتَ َ
(ٔ)
تربُّ أمري فتصلحه . وصلت إلٌن ِربَابتً ،فصرتَ أنت الذي ُ ْ أفضت إلٌن ،أي ْ ٌعنى بموله :
(ٕ)
ومنه لول الشاعر :
وؾ زَ ا َد َوت َ َّم َما َ
إذا فَعَ َل ال َم ْع ُر َ ٌَ ُربُّ الذِّي ٌَؤْتًِ مِنَ ال َخٌ ِْر أنَّهُ
َ
(ٖ)
فالمعنى :على هذا أنه ٌربً الخلك وٌؽذوهم بما ٌنعم علٌهم .
فالرب هو الكفٌل والرلٌب ،والمتكفل بالتعهد وإصبلح الحال ،ومنه لوله عز وجل على
عد ٌُّو ِلً إِ َّال َربَّ ْالعَالَ ِمٌنَ }[الشعراء ،]22:ولوله عز وجل : لسان إبراهٌم علٌه السبلم{ :فَإِنَّ ُه ْم َ
ب َال إِلَهَ إِ َّال ُه َو فَات َّ ِخذهُ َو ِكٌبل}[المزمل ، ]5:لال ابن كثٌر ":أي :هو الذيْ ق َو ْال َم ْؽ ِر ِ{ربُّ ْال َم ْش ِر ِ
(ٗ)
ً َ
جعل المشرق مشرلا ،تطلع منه الكواكب ،والمؽرب مؽربا تؽرب فٌه الكواكب ،ثوابتها ً
وسٌاراتها ،مع هذا النظام الذي سخرها فٌه ولدرها" .ونظٌره لوله تعالىَ {:ربُّ ْال َم ْش ِر ِ
(٘)
ق
ٌبل} [المزمل ،]5 :أي :هو المالن المتصرؾ فً المشارق ب َال ِإلَهَ ِإ َّال ُه َو فَات َّ ِخ ْذهُ َو ِك ً َو ْال َم ْؽ ِر ِ
والمؽارب ال إله إال هو.
ار}وهم العلماء ،سموا الربَّانٌُِّونَ َواألحْ بَ ُ عز وج َّل َ
{:و َّ والرابع :أن الرب :الم َد ِبّر ،ومنه لول هللا َّ
ربَّان ٌٌِّن ،لمٌامهم بتدبٌر الناس بعلمهم ،ولٌل :ربَّهُ البٌت ،ألنها تدبره .
ور ُك ْم} [ النساء : والخامس :الرب مشتك من التربٌة ،ومنه لوله تعالى َ {:و َربَآبِبُ ُك ُم البلَّتًِ فً ُح ُج ِ
ٖٕ ] فسمً ولد الزوجة ربٌبة ،لتربٌة الزوج لها ،ومنه لوله تعالى{:لَا َل َم َعاذَ َّ
َّللاِ ِإنَّهُ َربًِّ
اي }[ٌوسؾ ،)ٙ( ]ٕٖ:ومنه لول الشاعر(:)2 سنَ َمثْ َو َ أَحْ َ
من ٌربه وٌصلحه فلم ٌصلحوه ،ولكنهم أضاعونً فضعت " .والربابة :المملكة ،وهً أٌضًا المٌثاق والعهد .
وبها فسر هذا البٌت ،وأٌدوه برواٌة من روى بدل " ربابتً " " ،أمانتً " .واألول أجود .
(ٔ) انظر :تفسٌر الطبري.ٕٔٗ-ٔٗٔ/ٔ :
(ٕ)ورد البٌت بدون عزو فً "الزاهر" ٔ" ،٘2ٙ /تهذٌب اللؽة" (رب) ٕ" ،ٖٖٔٙ /تفسٌر الثعلبً" ٔ/ٕ٘ /
ب" ،الوسٌط" للواحدي ٔ" ،ٔ2 /اللسان" (ربب) ٖ ،ٔ٘ٗ2 /ورواٌة البٌت فً ؼٌر الثعلبً (من العرؾ) بدل
(من الخٌر)( ،سبل) بدل (فعل).
(ٖ) التفسٌر البسٌط.ٗ1ٙ/ٔ :
(ٗ)انظر :المصطلحات األربعة فً المرآن ،أبو األعلى المودودي ،هذه رساله ألفها االستاذ السٌد أبو األعلى
المودودي فً سنة ٖٓٔٙهـ ٔ5ٗٔ -م ،ونشر فصولها تباعا فً مجلته الشهرٌة " ترجمان المرآن " ثم جمعها
ونشرها فً رسالة سماها " المصطلحات األربعة فً المرآن " :ص ٕ1 :ومابعدها.
(٘) تفسٌر ابن كثٌر.ٔٗٓ/ٙ :
( ) ٙال ٌذهبن بؤحد الظن أن ٌوسؾ علٌه الصبلة والسبلم أراد بكلمة ( ربً ) فً اآلٌة عزٌز مصر ،كما ذهب
إلٌه بعض المفسرٌن ،وإنما ٌرجع الضمٌر فً ( انه ) إلى هللا الذي لد استعاذ به ٌوسؾ علٌه السبلم بموله( :
معاذ هللا ) .
ولما كان المشار إلٌه لرٌبا من ضمٌر االشارة فؤي حاجة بنا إلى أن نلتمس له مشارا إلٌه آخر لم ٌذكر لرٌبا منه.
ونمول :ما نفاه االستاذ المودودي من أن الضمٌر فً ( إنه ) ٌعود على عزٌز مصر رواه الطبري فً التفسٌر
ٕٔ ٔٓ1/من وجوه عن مجاهد وابن اسحاق ،ولم ٌنمل ؼٌره .ولد روى الوجه الذي ذهب إالٌه االستاذ
المودودي الطبرسً فً ( مجمع البٌان ) ٘ ٕٕٖ/ممال .. " :ولٌل :أن الهاء عابد إلى هللا سبحانه ،والمعنى أن
هللا ربً رفع من محلً وأحسن إلى وجعلنً نبٌا ً فبل أعصٌه أبدا "
()2البٌت لعمرو بن شؤس ،كان له ابن ٌمال له (عرار) من أمة سوداء ،وكانت امرأته تإذٌه وتستخؾ به ،فمال
لصٌدة ٌخاطبها ،ومنها هذا البٌتٌ ،مول :إن كنت ترٌدٌن مودتً ،فؤحسنً إلٌه كما تستصلحٌن وعاء السمن
(الربُّ ) :خبلصة التمر بعد طبخه وعصره .ورد حتى ال ٌفسد علٌن ،و (األ َ َدم) جمع أَدٌِم :الجلد المدبوغ ،و ُّ
َّت لَهُ األ َ َدم
س ْم ِن ُرب ْ صحْ بَتًِ فَ ُكونًِ لَهُ َكال َّ ت ِم ِنًّ أ َ ْو ت ُ ِرٌدٌِن ُ فَإ ِ ْن ُك ْن ِ
سإدده ،والمصلح لال الطبري ":فربّنا ج ّل ثناإه :السٌد الذي ال ِشبْه لهُ ،وال مثل فً ُ
أمر خلمه بما أسبػ علٌهم من نعمه ،والمالن الذي له الخلك واألمر"(ٔ).
لال الماوردي":فعلى هذا ،أن صفة هللا تعالى بؤنه رب ،ألنه مالن أو سٌد ،فذلن صفة
من صفات ذاته ،وإن لٌل ألنه مد ِبّر لخلمه ،و ُمر ِبٌّهم ،فذلن صفة من صفات فعله ،ومتى
أ ْدخَلت علٌه األلؾ والبلم .اختص هللا تعالى به ،دون عباده ،وإن حذفتا منه ،صار مشتركا ً
بٌن هللا وبٌن عباده "(ٕ).
لال ابن المٌم ":ربوبٌته للعالم تتضمن تصرفه فٌه ،وتدبٌره له ،ونفاذ أمره كل ولت فٌه،
وكونه معه كل ساعة فً شؤنٌ ،خلك وٌرزق ،وٌمٌت وٌحًٌ ،وٌخفض وٌرفع ،وٌعطً وٌمنع،
وٌعز وٌذل ،وٌصرؾ األمور بمشٌبته وإرادته ،وإنكار ذلن إنكار لربوبٌته وإلهٌته وملكه"(ٖ).
ولد ذهب الزمخشري ومن تابعه إلى أن لفظ (الرب) لم ٌطلك على ؼٌره تعالى إال
ممٌدا ً(ٗ) ،ولد رد ابن عاشور لول الزمخشري بموله" :وجمعه على (أرباب) أدل دلٌل على
إطبلله على متعدد ،فكٌؾ تصح دعوى تخصٌص إطبلله عندهم باهلل تعالى؟"(٘) ،واستدل ابن
احبًَ ِ ال ِسّجْ ِن أَأ َ ْربَابٌ
ص ِعاشور على إطبلله ؼٌر مضاؾ على ؼٌره سبحانه ،بموله تعالىٌَ{ :ا َ
ار }[ٌوسؾ ،]ٖ5:فهذا إطبلق لـ (الرب) ؼٌر مضاؾ على ؼٌر اح ُد ْالمَ َّه ُ
َّللاُ ْال َو ِ
ُمتَفَ ِ ّرلُونَ َخٌ ٌْر أ َ ِم َّ
هللا تعالى.
وأما(العالَمون) :فـ"جمع (عالَم) ،والعالَم :جم ٌع ال واح َد له من لفظه ،كاألنام والرهط
والجٌش ،ونحو ذلن من األسماء التً هً موضوعات على ِج َماعٍ ال واحد له من لفظه ،والعالم
اسم ألصناؾ األمم ،وكل صنؾ منها عالَ ٌم ،وأهل كل لَ ْرن من كل صنؾ منها عالم ذلن المرن
والجن عالم ،وكذلن سابر ُّ وذلن الزمان .فاإلنس عالَم ،وكل أهل زمان منهم عال ُم ذلن الزمان.
أجناس الخلك ،ك ّل جنس منها عال ُم زمانه .ولذلن ُجمع فمٌل :عالمون ،وواحده جم ٌع ،لكون
عالم ك ّل زمان من ذلن عالم ذلن الزمان"( ،)ٙلال العجاج(: )2
ِؾ هَا َمةُ َه َذا ْال َعالَ ِم
فَ ِخ ْند ٌ ٌا دار سلمى ٌا اسلمً ثم اسلمً
()1
واخت ُ ِلؾ فً (العالم) ،على ألوال :
()5
أحدها :أن العالم كل ما خلمه هللا تعالى فً الدنٌا واآلخرة ،وهذا لول أبً إسحاق الز َّجاج ،
ولتادة(ٔ) ،ومجاهد(ٕ) ،وابن عباس(ٖ) فً رواٌة الضحان عنه.
البٌت فً "شعر عمرو" ص ٔ" ،2الشعر والشعراء" ص ٗ" ،ٕ2طبمات الشعراء" للجمحً ص ٓ" ،1أمالً
المالً" ٕ" ،ٔ15 /اشتماق أسماء هللا" ص ٖٖ" ،الصحاح" (ربب) ٔ" ،ٖٔٔ /اللسان".
(ٔ) تفسٌر الطبري.ٕٔٗ/ٔ :
(ٕ) النكت والعٌون.٘ٗ/ٔ :
(ٖ) الصواعك المرسلة.ٕٕٖٔ/ٗ :
(ٗ) انظر :الكشاؾ.ٔٓ/ٔ :
(٘) التحرٌر والتنوٌر.ٔٙ2/ٔ :
( )ٙتفسٌر الطبري ،ٖٔٗ/ٔ :وانظر :معانً المرآن للزجاج ،ٗٙ/ٔ :والنكت والعٌون.٘ٗ/ٔ :
()2دٌوانه ، ٙٓ :وطبمات فحول الشعراء ، ٙٗ :وخندؾ :أم بنً إلٌاس بن مضر ،مدركة وطابخة ،
وتشعبت منهم لواعد العرب الكبرى .
( )1انظر :النكت والعٌون.٘٘-٘ٗ/ٔ :
( )5انظر :معانً المرآن.ٗٙ/ٔ :
ت
سماوا ِ ع ْو ُن َوما َربُّ ْالعالَ ِمٌنَ لا َل َربُّ ال َّ لال الثعلبً":واحتجوا بموله{ :لا َل فِ ْر َ
ض َوما بَ ٌْنَ ُه َما}[الشعراء.)ٗ("]ٕٗ-ٕٖ: َو ْاأل َ ْر ِ
()2 ()ٙ (٘)
والجن ،وهذا لول ابن عباس ،وسعٌد بن جبٌر ،ومجاهد ،وابن ِّ والثانً :أنّه اإلنس ،
جرٌج( ،)1ومماتل بن سلٌمان .
()5
ع ْب ِد ِه ِلٌَ ُكونَ ِل ْلعَالَ ِمٌنَ نَذٌِراً}[الفرلان: ارنَ الَّذِي ن ََّز َل ْالفُ ْرلَانَ َ
علَى َ ودلٌلهم لوله تعالى{:تَبَ َ
ٔ] ،ولم ٌكن نذٌرا للبهابم(ٓٔ).
كما وٌموي هذا المول ،جمع الكلمة على (عالمون) ،وهو جمع الٌكون إال مع العالل!
فٌكون هذا دلٌبل على أن الحدٌث عن عوالم عاللة.
والثالث :أن العالم :الدنٌا وما فٌها(ٔٔ).
والرابع :أهل كل زمان عالم ،لاله الحسٌن بن الفضل ،لموله تعالى { :أَت َؤْتُونَ الذُّ ْك َرانَ ِمنَ
ْال َعالَ ِمٌنَ }[الشعراء ،]ٔٙ٘ :أي من الناس(ٕٔ) ،ولال الع ّجاج(ٖٔ):
مبارن لؤلنبٌاء خاتم ِؾ ها َمةُ َه َذا ال َعالَ ِمفَ ِخ ْند ٌ
(ٗٔ)
ولال جرٌر بن الخطفى :
وٌضحً العالمون له عٌاال تنصفه(٘ٔ) البرٌة وهو سام
والخامس :أن العالم عبارة عمن ٌعمل ،وهم أربعة أمم :اإلنس والجن والمبلبكة والشٌاطٌن،
وال ٌمال للبهابم :عالم ،ألن هذا الجمع إنما هو جمع من ٌعمل خاصة .وهذا لول الفراء وأبً
عبٌدة(.)ٔٙ
والسادس :أن العالمٌن ،أي :المخلولٌن .لاله أبو عبٌدة( ،)ٔ2وأنشد لول لبٌد بن ربٌعة(:)ٔ1
تُ بمثلهم فى العالمٌنا ما إن رأٌت وال سمعـ
( )ٔ1دٌوانه ،ٕٔ/ٔ :واألؼانً ،ٖ25/ٔ٘ :ونسبه المرطبً لؤلعشى ،ولم نمؾ علٌه لؤلعشى.
والسابع :أنهم المرتزلون ،لاله زٌد بن أسلم(ٔ) ،ونحوه لول أبً عمرو بن العبلء(ٕ) :هم
الروحانٌّون ،وابن لتٌبة(ٖ) ،وهو معنى لول ابن عباس كذلن" :كل ذي روح دبّ على وجه
األرض"(ٗ).
والثامن :العالمون :أهل الجنة وأهل النار .حكاه الثعلبً عن جعفر الصادق(٘).
لال الشنمٌطً ":لم ٌبٌن هنا ما (العالمون) ،وبٌن ذلن فً موضع آخر بموله{ :لا َل
ض َوما بَ ٌْنَ ُه َما}[الشعراء.)ٙ("]ٕٗ-ٕٖ: ت َو ْاأل َ ْر ِ ع ْو ُن َوما َربُّ ْالعالَ ِمٌنَ لا َل َربُّ ال َّ
سماوا ِ فِ ْر َ
َ
والظاهر أن{ العالمٌن} :جمع عالم ،وهو كل موجود سوى هللا جل وعبل ،و(العالم) جمع َ
ال واح َد له من لفظه ،و(العوالم) أصناؾ المخلولات فً السموات واألرض فً البر والبحر،
فاإلنس عالَم ،والجن عالَم ،والمبلبكة عالَم( .)2وهللا أعلم.
واختلفوا فً اشتماله على وجهٌن (:)1
أحدهما :أنه مشتك من العلم ،وهذا تؤوٌل َم ْن جعل العالم اسما ً لما ٌعمل .
والثانً :أنه مشتك من العبلمة ،ألنه داللة على خالمه ،وهذا تؤوٌل َم ْن جعل العالم اسما ً ل ُك ِّل
ق. مخلو ٍ
لال الخلٌل " :العلم والعبلمة والمعلم :ما دل على الشًء ،فالعالم دال على أن له خالما
ومدبرا"( ،)5ولد ذكر أن رجبل لال بٌن ٌدي الجنٌد(ٓٔ) :الحمد هلل فمال له :أتمها كما لال هللا لل
رب العالمٌن فمال الرجل :ومن العالمٌن حتى تذكر مع الحك؟ لال :لل ٌا أخً؟ فإن المحدث
إذا لرن مع المدٌم ال ٌبمى له أثر(ٔٔ) .
واختلفوا فً مبلػ (العالمٌن) وكٌفٌتهم ،فمال :أبو العالٌة":الجن عالم واإلنس عالم،
وسوى ذلن لؤلرض أربع زوابا فً كل زاوٌة ألؾ وخمس مبة عالم ،خلمهم لعبادته"(ٕٔ).
وهذه األخبار لٌست دلٌمة ،لال ابن كثٌر بعد أن أورد لول أبً العالٌة " :وهذا كبلم
ؼرٌب ٌحتاج مثله إلى دلٌل صحٌح"(ٖٔ) .وهذا حك .
(ٔ) انظر :الكتاب الفرٌد فً اعراب المران المجٌد ،2ٖ/ٔ :و مجمع البٌان ،الطبرسً.ٕ5/ٔ :
(ٕ) سنن ابن ماجة(ٖٓ:)ٖ1صٕ.ٕٔ٘ٓ/
(ٖ) تفسٌر ابن عثٌمٌن.٘/ٔ:
(ٗ) تفسٌر مماتل بن سلٌمان.ٖٙ/ٔ:
(٘) تفسٌر المراؼً. ٖٔ/ٔ:
( )ٙتفسٌر العز بن عبدالسبلم. 15/ٔ:
()2هو دمحم األمٌن بن دمحم المختار بن عبدالمادر الجكنً الشنمٌطً المدنً ،ولد بمورٌتانٌا عام ٕٖ٘ٔ هـ،
حوالً ٔ2فبراٌر٘ٓ ، ٔ5بمدٌنة تنبه فً مورٌتانٌا ،اجتهد فً طلب العلم فؤصبح من علماء مورٌتانٌا ،وتولى
المدرسٌن فً الجامعة اإلسبلمٌة سنة
ِّ المضاء فً بلده ،فكان موضع ثمة ح َّكامها ومحكومٌها ،وكان من أوابل
عضوا فً مجلس التؤسٌس لرابطة العالم اإلسبلمً، ً عضوا فً مجلس الجامعة ،كما عٌِّن
ً ٖٔٔ1هـ ،ثم عٌِّن
وعضوا فً هٌبة كبار العلماء ٖٔ5ٔ/ 2/ 1هـ ،توفً بمكة بعد أدابه لفرٌضة الحج فً السابع عشر من ذي ً
ص ِلًّ علٌه بالمسجد الحرام ،ودفن بممبرة المعبلة بمكة.
الحجة سنة ثبلث وتسعٌن وثبلثمابة وألؾ من الهجرة ،و ُ
الشاملة لجمٌع الخبلبك فً الدنٌا ،وللمإمنٌن فً اآلخرة ،والرحٌم ذو الرحمة للمإمنٌن ٌوم
المٌامة ،وعلى هذا أكثر العلماء"(ٔ).
لال أبو السعود ":صفتان هلل فإن أرٌد بما فٌهما من الرحمة ما ٌختص بالعمبلء من
العالمٌن أو ما ٌفٌض على الكل بعد الخروج إلى طور الوجود من النعم فوجه تؤخٌرهما عن
وصؾ الربوبٌة ظاهر وإن أرٌد ما ٌعم الكل فً األطوار كلها حسبما فً لوله تعالى ورحمتى
وسعت كل شىء فوجه الترتٌب أن التربٌة ال تمتضً الممارنة للرحمة فإٌرادهما فً عمبها
لئلٌذان بؤنه تعالى متفضل فٌها فاعل بمضٌة رحمته السابمة من ؼٌر وجوب علٌه وبؤنها والعة
على أحسن ما ٌكون وااللتصار على نعته تعالى بهما فً التسمٌة لما أنه األنسب بحال المتبرن
المستعٌن باسمه الجلٌل واألوفك لمماصده"(ٕ).
لال السعدي " :اسمان داالن على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظٌمة التً وسعت كل
شًء ،وعمت كل حً ،وكتبها للمتمٌن المتبعٌن ألنبٌابه ورسله .فهإالء لهم الرحمة المطلمة،
ومن عداهم فلهم نصٌب منها ،واعلم أن من المواعد المتفك علٌها بٌن سلؾ األمة وأبمتها،
اإلٌمان بؤسماء هللا وصفاته ،وأحكام الصفات ،فٌإمنون مثبلً بؤنه رحمن رحٌم ،ذو الرحمة التً
اتصؾ بها ،المتعلمة بالمرحوم .فالنعم كلها ،أثر من آثار رحمته ،وهكذا فً سابر األسماءٌ .مال
فً العلٌم :إنه علٌم ذو علمٌ ،علم [به] كل شًء ،لدٌر ،ذو لدرة ٌمدر على كل شًء"(ٖ).
لال الصابونً ":صفتان مشتمتان من الرحمة ،أي الذي وسعت رحمته كل شًء ،وع َّم
فضله جمٌع األنام ،بما أنعم على عباده من الخلك والرزق والهداٌة إلى سعادة الدارٌن ،فهو
اإلحسان"(ٗ).الرب الجلٌل عظٌم الرحمة دابم ِ
الرحْ َم ِن} :صفة للفظ الجبللة ،و{الرحٌم} :صفة أخرى ،والرحمن لال ابن العثٌمٌنَّ {":
هو ذو الرحمة الواسعة ،والرحٌم هو ذو الرحمة الواصلة ،فالرحمن وصفه ،والرحٌم فعلُه ،ولو
سر أنه جًء بـ"الرحمن" وح َده ،أو بـ"الرحٌم" وحده ،لشمل الوصؾ والفعل ،لكن إذا الترنا ف ِ ّ
و(الر ِحٌم) بالفعل"(٘).
َّ الرحْ َم ِن) بالوصؾ،
( َّ
()ٙ
لال ابن المٌم "{:الرحمن} فإن رحمته تمن ُع إهما َل عباده ،وعدم تعرٌفهم ما ٌنالون به
ع َرؾ أنه متض ِ ّمن إلرسال الرسل ،وإنزال الكتب، ؼاٌةَ كما ِلهم ،فمن أعطى اسم "الرحمن" حمه َ
أعظم من تضمنه إنزال الؽٌث ،وإنبات الكؤل ،وإخراج ال َحب ،فالتضاء الرحمة لما تحصل به َ
(ٔ)انظر "تٌسٌر الكرٌم الرحمن فً تفسٌر كبلم المنان" لعبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه هللا نشر مإسسة
الرسالة (ص.)ٖ5/
(ٕ) تفسٌر أبً السعود..ٔ٘/ٔ:
(ٖ)انظر "تٌسٌر الكرٌم الرحمن فً تفسٌر كبلم المنان" لعبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه هللا نشر مإسسة
الرسالة (ص.)ٖ5/
(ٗ) صفوة التفاسٌر.ٔ5/ٔ:
(٘)تفسٌر العبلمة دمحم العثٌمٌن (ٕ .)ٙ/
()ٙهو الفمٌه ،المفتً ،اإلمام الربانً شٌخ اإلسبلم الثانً أبو عبدهللا شمس الدٌن دمحم بن أبً بكر بن أٌوب بن
سعد الزرعً ،ثم ال ّدِمشمً ،الشهٌر بـ"ابن لٌم الجوزٌة" ،عاش فً دمشك ودرس على ٌد ابن تٌمٌة الدمشمً،
والزمه لرابة ٔٙعا ًما ،وتؤثر به ،وسجن فً للعة دمشك فً أٌام سجن ابن تٌمٌة ،وخرج بعد أن تو ِفًّ شٌخه
عام 2ٕ1هـ ،ومن تبلمٌذه :ابن رجب الحنبلً ،وابن كثٌر ،والذهبً ،وابن عبدالهادي ،والفٌروزآبادي صاحب
"الماموس المحٌط" -رحمهم هللا تعالى -وؼٌرهم ،وتوفً -رحمه هللا -لٌلة الخمٌس ،ثالث عشرٌن من رجب
الفرد سنة (ٔٔ٘2هـ) ،ودفن بدمشك بممبرة الباب الصؽٌر.
حٌاة الملوب واألرواح أعظم من التضابها لما تحصل به حٌاة األبدان واألشباح ،لكن المحجوبون
أمرا وراء ذلن"(ٔ). حظ البهابم والدواب ،وأدرن منه أولو األلباب ً إنما أدركوا من هذا االسم َّ
لال الماترٌدي ":اسمان مؤخوذان من الرحمة ،لكنه روى فٌهما« :رلٌمان أحدهما أرق
من اآلخر»(ٕ) ،وكؤن الذي روي عنه هذا أراد به :لطٌفان أحدهما ألطؾ من اآلخر ،دلٌل ذلن
وجهان:
أحدهما :مجًء األثر فً ذلن -اللطٌؾ -فً أسماء هللا تعالى مع ما نطك به الكتاب ،ولم ٌذكر فً
ً إِنَّ َها
شًء من ذلن رلٌك ،ومعنى اللطٌؾ :استخراج األمور الخفٌة وظهورها له؛ كمولهٌَ{ :ا بُنَ َّ
ٌر} [لممان .]ٔٙ : ص ْخ َرةٍ } ،إلى لوله{ :لَ ِط ٌ
ٌؾ َخبِ ٌ إِ ْن ت َنُ ِمثْمَا َل َحبَّ ٍة ِم ْن خ َْر َد ٍل فَت َ ُك ْن فًِ َ
والثانً :أن اللطٌؾ حرؾ ٌدل على البر والعطؾ ،والرلة على رلة الشًء التً هً نمٌض
الؽلظ والكثافة ،كما ٌمال :فبلن رلٌك الملب.
ولوله :أحدهما أرق من اآلخر ،بمعنى اللطؾ ٌ -حتمل وجهٌن:
أحدهما :التحمٌك بؤن اللطؾ بؤحد الحرفٌن أخص وألٌك ،وأوفر وأكمل ،فذلن رحمته بالمإمنٌن
أنه ٌمال :رحٌم بالمإمنٌن على تخصٌصهم بالهداٌة لدٌنه؛ ولذا ذكر أمته وإن أشركهم فً الرزق
فٌما ٌراهم ؼٌرهم؛ أال ترى أنه ال ٌمال :رحمن بالمإمنٌن ،وجابز المول :رحٌم بهم ،وكذلن ال
ٌمال :رحٌم بالكافرٌن ،مطلما؟!.
ووجه آخر :أن أحدهما ألطؾ من اآلخر؛ كؤنه وصؾ الؽاٌة فً اللطؾ حتى ٌتعذر وجه إدران
ما فً كل واحد منهما من اللطؾ ،أو ٌوصؾ بمطع الؽاٌة عما ٌتضمنه كل حرؾ"(ٖ).
لوله{:ربّ ِ
َ الر ِح ٌِم} [الفاتحة ]ٖ:بعد
من َّ {الرحْ ِ
َّ لال المرطبً" :إنما وصؾ نفسه بـ
ْال َعالَ ِمٌنَ } [الفاتحة ]ٕ:لٌكون من باب لرن الترؼٌب بعد الترهٌب ،كما لال تعالى{:نَ ِبّ ْا ِع َبادِي
ٌم} [الحجر.)ٗ("]٘ٓ-ٗ5: ع َذا ِبً ُه َو ْال َع َذ ُ
اب األ َ ِل َ الر ِحٌ ُم* َوأ َ َّن َ
ور َّ أ َ ِنًّ أَنَا ْالؽَفُ ُ
المٌنَ } ،تنبٌها على أصل النشؤة ،وأنه هو و لال ابن عرفة" :لدم أوال الوصؾ بـ{ َربّ ال َع ِ
الخالك المبدئ ،ثم ثنى بحال اإلنسان فً الدّنٌا من النعم واإلحسان ،فلوال رحمة هللا تعالى لما
كان ذلن"(٘).
وفً اشتماق{الرحمن} ،لوالن(: )ٙ
أحدهما:أنه اسم عبرانً معرب ،ولٌس بعربً ،كالفسطاط رومً معرب ،واإلستبرق فارسً
ص َحاإهم ،لم ٌعرفوهُ حتى ذكر لهم ،ولالوا ما حكاه طنَةُ العرب وفُ َ معرب ،ألن لرٌشا ً وهم فَ َ
(ٔ)انظر :تفسٌر المرآن الكرٌم؛ البن المٌم -نشر دار ومكتبة الهبلل -بٌروت ص ،ٕٔ/وٌنتبه أن هذا التفسٌر
المرن العشرٌن الذي
ِ المعاصرٌن فً أوساط هذا
ِ صنع بعض لٌس َمن جمع ابن المٌم -رحمه هللا -؛ وإنما ِمن ُ
جمعه من مإلفات ابن المٌم ولد أثنى علٌه أهل العلم وهللا أعلم.
(ٕ) المول لخالد بن صفوان التمٌمً كما سٌؤتً ،انظر :تفسٌر ابن أبً حاتم(ٕٔ):صٔ.ٕ1/
(ٖ) تفسٌر الماترٌدي.ٖٙٔ-ٖٙٓ/ٔ:
(ٗ) تفسٌر ابن كثٌر.ٕٔٔ/ٔ :
(٘) تفسٌر ابن عرفة.ٖ٘/ٔ:
( )ٙانظر :النكت والعٌون.ٕ٘/ٔ :
من أَنَ ْس ُج ُد ِل َما ت َؤ ْ ُم ُرنَا َوزَ ا َد ُه ْم نُفُورا ً } [ الفرلان ، ] ٙٓ :وهذا
الرحْ ُ
هللا تعالى عنهم َ . . . { :و َما َّ
(ٕ)(ٖ)
: لول ثعلب(ٔ) ،واستشهد بمول جرٌر
ومسحكم صلبهم رحمن لربانا سٌن هجرتكم أو تتركون إلى الم ّ
لال :ولذلن جمع بٌن الرحمن والرحٌم ،لٌزول االلتباس ،فعلى هذا ٌكون األصل فٌه تمدٌم
الرحٌم على الرحمن لعربٌته ،لكن لدَّم الرحمن لمبالؽته .
وحكً عن ثعلب أنه لال":إن جمهور العرب كانوا ال ٌعرفون "الرحمن" فً الجاهلٌة،
ً
رجبل بالٌمامة الدلٌل على هذا أنهم لما سمعوا النبً -ملسو هيلع هللا ىلص ٌ -ذكره لالوا :ما نعرؾ الرحمن إال
،وذلن لوله تعالى{ :لَالُوا َو َما َّ
(ٗ)
الرحْ َم ُن} [الفرلان ]ٙٓ :وإنما ٌذكر بعض الشعراء الرحمن فً
الجاهلٌة ،إذ لمنه من أهل الكتاب ،أو أخذه عن بعض من لرأ الكتب كؤمٌة بن أبً الصلت(٘)،
وزٌد بن عمرو( ،)ٙوورلة بن نوفل( ،)2وال تجعل هذا حجة على ما علٌه أكثرهم"(.)1
وأنكر ذلن الطبري فمال" :ولد زعم بعض أهل الؽباء أن العرب كانت ال تعرؾ
(الرحمن) ولم ٌكن ذلن فً لؽتها "( .)5ثم أنشد لبعض الجاهلٌة(ٓٔ):
(ٔ)انظر" :الزٌنة" ٕ" ،ٕ٘ /الزاهر" ٔ" ،ٖٔ٘ /اشتماق أسماء هللا" ص ٖٗ" ،تهذٌب اللؽة" (رحم) ٕ،ٖٔ1ٖ /
"تفسٌر الماوردي" ٔ" ٕ٘ /تفسٌر المرطبً" ٔ" ،5ٔ /اللسان" (رحم) ٖ.ٕٔٙٔ /
(ٕ)هو أبو َح ْرزَ ة ،جرٌر بن عطٌة بن حذٌفة من بنً كلٌب بن ٌربوع ،أحد فحول الشعراء فً صدر اإلسبلم،
توفً سنة عشر ومابة .انظر ترجمته فً "الشعر والشعراء" ص ٖٗٓ" ،طبمات فحول الشعراء" ٕ،ٕ52 /
"الخزانة" ٔ.2٘ /
(ٖ)البٌت من لصٌدة له ٌهجو فٌها األخطل وهو نصرانً ،فحكى فً البٌت لول النصارى ،ولهذا نصب
(رحمن)( :لربانا) أي لابلٌن ذلن ،وٌروى البٌت (هل تتركن)( ،مسحكم) وفً "الزٌنة" (رخمن) بالمعجمة وهو
بمعنى :الحاء .انظر" :الزٌنة" ٕ" ،ٕ٘ /الزاهر" ٔ" ،ٖٔ٘ /اشتماق أسماء هللا" ص ٖٗ" ،تهذٌب اللؽة" (رحم)
ٕ" ،ٖٔ1ٖ /تفسٌر الماوردي" ٔ" ٕ٘ /تفسٌر المرطبً" ٔ" ،5ٔ /اللسان" (رحم) ٖ.ٕٔٙٔ /
(ٗ)انظر :تفسٌر الطبري ،ٕ5 /ٔ5 :وتفسٌر المرطبً.ٙٗ /ٖٔ :
(٘)واسمه عبد هللا بن ربٌعة بن عوؾ الثمفً ،سمع النبً -ملسو هيلع هللا ىلص -شعره فمال" :آمن شعره وكفر للبه" وكان ٌخبر
أن نبٌا ٌخرج لد أظل زمانه ،فلما خرج النبً -ملسو هيلع هللا ىلص -كفر به حسدا ،ومات كافرا سنة ثمان أو تسع.
انظر" :الشعر والشعراء" ص ٖٓٓ" ،طبمات فحول الشعراء" ص ٔٓٔ" ،االشتماق" ص ٖٗٔ" ،الخزانة" ٔ/
.ٕٗ2
()ٙزٌد بن عمرو بن نفٌل ،والد سعٌد بن زٌد أحد العشرة ،مات لبل المبعث .انظر" :اإلصابة" ٔ،٘ٙ5 /
"تجرٌد أسماء الصحابة" ٔ.ٕٓٓ /
()2هو ورلة بن نوفل بن أسد ،ابن عم خدٌجة رضً هللا عنها ،لال ابن منده :اختلؾ فً إسبلمه ،واألظهر أنه
مات لبل الرسالة ،وبعد النبوة وكذا لال الذهبً فً "تجرٌد أسماء الصحابة" ٕ ،ٕٔ1 /وانظر" :اإلصابة" ٖ/
ٖٖ" ،ٙالخزانة" ٖ.ٖ5ٔ /
( )1حكاه عنه الواحدي فً التفسٌر البسٌط ،ٗ٘2-ٗ٘ٙ/ٔ :ولم أجده ،ولعله فً كتب ابن األنباري المفمودة،
وأورد نحوه الطبري فً تفسٌره" ٔ ،ٖٔٔ /وانظر" :االشتماق" ص ،٘1والماوردي فً "تفسٌره" ٔ،ٕ٘ /
والمرطبً فً "تفسٌره" ٔ.ٔٓٗ /
()5تفسٌر الطبري ،ٖٔٔ /ٔ :كما انكر ذلن الزجاجً فً "اشتماق أسماء هللا" ص ٕٗ ،وابن سٌده فً
"المخصص" ٔ٘ٔ /ٔ2وؼٌرهم.
(ٓٔ)لم أتعرؾ على لابله ،واستشهد به ابن سٌده فً المخصص ، ٕٔ٘ : ٔ2وعلك على البٌت دمحم محمود
التركزي الشنمٌطً ،وادعى أن البٌت مصنوع ،وأن " بعض الرجال الذٌن ٌحبون إٌجاد الشواهد المعدومة
لدعاوٌهم المجردة ،صنعه ولفمه ،وأن الوضع والصنعة ظاهران فٌه ظهور شمس الضحى ،وركاكته تنادي
جهارا بصحة وضعه وصنعته ،والصواب وهو الحك المجمع علٌه ،أن الشاعر الجاهلً المشار إلٌه ،هو ً
ب الرحْ َم ُن َربًِّ ٌَ ِمٌنَ َها أَال لَ َ
ض َ ت تلنَ الفتاة ُ ه َِجٌنَ َها أَال ضربَ ْ
(ٔ)
س ْعدي : ولال سبلمة بن َجند ٍل ال َّ
ْ
َو َما ٌَشَإ الرحْ َم ُن ٌَ ْع ِم ْد َوٌُط ِل ِ
ك علَ ٌْ ُك ُم
عجْ لَت َ ٌْنَا َ ع ِج ْلت ُ ْم َ
علَ ٌْنَا َ َ
(ٕ)
ولال الواحدي ":ومراد أبً العباس أن الرحمن ٌتكلم به بالعبرانٌة ،وتتكلم به العرب،
فلما لم ٌخلص فً كبلمهم ،ولم ٌنفردوا به دون ؼٌرهم ،أتى بعده بالرحٌم الذي ال ٌكون إلى
(ٖ)
عربٌا ،وال ٌلتبس بلؽة ؼٌرهم"
المول الثانً :أن (الرحمن) اسم عربً كالرحٌم المتزاج حروفهما ،ولد ظهر ذلن فً كبلم
العرب ،وجاءت به أشعارهم ،لال الشنفري(ٗ) :
الرحْ ُ
من َر ِبًّ ٌَ ِمٌنَ َها ب ًّ أَالَ َ
ض َر َ ت تِ ْلنَ ْالفَت َاة ُ ه َِجٌنَ َها أَالَ َ
ض َربَ ْ
والراجح-وهللا أعلم" :-أنه مشتك من الرحمة ،وأنه اسم عربً لوجود هذا البناء فً
كبلمهم ،كاللهفان والندمان والؽضبان"(٘).
الر ِح ٌِم} اسمان ،اشتمالهما من (الرحمة)"(.)ٙ "{الرحْ َم ِن ََّّ لال اللٌث:
()2
ولال أبو عبٌدة" :هما صفتان هلل تعالى ،معناهما ذو الرحمة" .
الرحْ َم ُن} [الفرلان ]ٙٓ :فهو
{و َما َّ لال الواحدي ":وأما ما احتج به أبو العباس من لولهَ :
الرحْ َم ُن} ،ولم ٌمولوا :ومن ،والموم جهلوا صفته ،واالسم {و َما َّ سإال عن الصفة ،ولذلن لالواَ :
()1
كان معلوما لهم فً الجملة ،ولٌل :هذا على جهة ترن التعظٌم منهم" .
ولال ابن عطٌة" :وإنما ولفت العرب على تعٌٌن اإلله الذي أمروا بالسجود له ،ال على
نفس اللفظة"(.)5
ضلَّةٌؾ َ الشنفرى األزدي ،وهذا البٌت لٌس فً شعره " ،وأنه ملفك من لول الشنفرى :أَالَ لٌَْتَ ِش ْع ِري ،والتَل ُّه ُ
ه َِجٌنَ َها الفَت َا ِة َؾ
ك ُّ ض َر َب ْ
ت َ بما ...
والشنمٌطً رحمه هللا كان كثٌر االستطالة ،سرٌعًا إلى المباهاة بعلمه ورواٌته .والذي لاله من ادعاء الصنعة ال
ٌموم .وكفى بالبٌت الذي ٌلٌه دلٌبل على فساد زعمه أن الدافع لصنعته :إٌجاد الشواهد المعدومة ،لدعاوى
مجردة .ولٌس فً البٌت ركاكة وال صنعة [.حاضٌة الطبري.]ٖٔٔ/ٔ :
(ٔ)دٌوانه ، ٔ5 :ولد جاء فً طبمات فحول الشعراء ٖٔٔ :فً نسب الشاعر :سبلمة بن جندل بن عبد
الرحمن " ،وهذه رواٌة ابن سبلم ،وؼٌره ٌمول " :ابن عبد " ،فإن صحت رواٌة ابن سبلم ،فهً دلٌل آخر
لوي على فساد دعوى الشنمٌطً .
(ٕ)هو أبو العباس ثعلب.
(ٖ) التفسٌر البسٌط.ٗ٘5-ٗ٘1/ٔ :
(ٗ)لم أتعرؾ على لابله ،واستشهد به ابن سٌده فً المخصص ،ٕٔ٘/ ٔ2والواحدي فً التفسٌر البسٌط:
ٔ ،ٗ٘ٙ/والطبري.ٖٔٔ/ٔ :
(٘) التفسٌر البسٌط ،ٗ٘1/ٔ :وانظر :انظر" :تفسٌر الطبري" ٔ" ،٘٘ /اشتماق أسماء هللا" ص ،ٖ1
"المخصص" ٔ.ٖٔٔ /
()ٙتهذٌب اللؽة" (رحم) ٕ.ٖٔ1ٖ /
(")2مجاز المرآن" ٔ" ،ٕٔ /تهذٌب اللؽة" (رحم) ٕ ،ٖٔ1ٖ /والنص من "التهذٌب" ،ولد رد الطبري على أبً
عبٌدة لوله وأؼلظ له حٌث لال( :ولد زعم بعض من ضعفت معرفته بتؤوٌل أهل التؤوٌل ،وللت رواٌته أللوال
السلؾ من أهل التفسٌر أن (الرحمن) مجازه :ذو الرحمة )..الطبري فً "تفسٌره" ٔ.ٖٔٔ-ٖٔٓ /
( )1التفسٌر البسٌط .ٗ٘5-ٗ٘1/ٔ :وجعله الطبري من إنكار العناد والمكابرة ،وإن كانوا عالمٌن بصحته،
ولٌس ذلن منهم إنكارا لهذا االسم ،الطبري فً "تفسٌره" ٔ.ٖٔٔ-ٖٔٓ /
()5المحرر الوجٌز ،ٙٗ /ٔ :وانظر ابن كثٌر فً "تفسٌره" ٔ ،ٕٖ /والمرطبً فً "تفسٌره" ٖٔ.ٙ2 /
لال الماوردي ":فإذا كانا اسمٌن عربٌٌن فهما مشتمان من (الرحمة) ،والرحمة هً
س ْلنَانَ إِالَّ َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِمٌنَ } [ األنبٌاء ، ] ٔٓ2 : تعالى{:و َما أ َ ْر َ
َ النعمة على المحتاج ،لال هللا
ٌعنً نعمةً علٌهم ،وإنما سمٌت النعمة رحمة لحدوثها عن الرحمة ،والرحمن أش ُّد مبالؽة من
ً ً ُ
الرحٌم ،ألن الرحمن ٌتعدى لفظه ومعناه ،والرحٌم ال ٌتعدى لفظه ،وإنما ٌتعدى معناه ،ولذلن
س َّم أح ٌد بالرحمن ،وكانت الجاهلٌةُ تُس ِ ّمً هللاَ تعالى به وعلٌه بٌت سمً لوم بالرحٌم ،ولم ٌت َ َ
الشنفرى ،ثم إن مسٌلمة الكذاب تس َّمى بالرحمن ،والتطعه من أسماء هللا تعالى ،لال عطاء :
فلذلن لرنه هللا تعالى بالرحٌم ،ألن أحدا ً لم ٌتس َّم بالرحمن الرحٌم لٌفصل اسمه عن اسم ؼٌره ،
وفرق أبو عبٌدة بٌنهما ،فمال بؤن الرحمن ذو الرحمة ،والرحٌم فٌكون الفرق فً المبالؽة َّ ،
الراحم"(ٔ) .
واختلفوا فً اشتماق (الرحمن والرحٌم) ،على لولٌن (ٕ):
أحدهما :أنهما مشتمان من رحمة واحدةٍ ُ ،ج ِعل لفظ الرحمن أش َّد مبالؽة من الرحٌم .
لال وكٌع(" :الرحٌم) أشد مبالؽة؛ ألنه ٌنبا عن رحمته فً الدنٌا واآلخرة ورحمة
الرحمانٌة فً الدنٌا دون اآلخرة"(ٖ).
ولالوا :إنهما بمعنى واحد كندمان وندٌم ،ولهفان ولهٌؾ ،وجًء بهما للتؤكٌد واإلشباع ،كمولهم:
ط ْرفَه(ٗ)(٘): جا ٌّد و ُم ِجدُّ ،ولول َ
َ َ
َمت َى أد ُْن ِم ْنه ٌَ ْنؤ ِم ِنًّ َوٌَ ْبعُ ِد َما ِلً أ َ َرانًِ وابْنَ َ
ع ِ ّمً َما ِل ًكا
ولول عدي (:)2()ٙ
وأ َ ْلفى لَولَ َها َك ِذبًا َو َم ٌْنَا َول َّد َدت األ َ ِد ٌَم ِل َراهِشٌْه
(ٔ)ذكره الثعلبً فً "تفسٌره" ٔ ،55 /وابن األنباري فً "الزاهر" ٔ ،ٕٔ٘ /واألزهري فً "تهذٌب اللؽة"
(رحم) ٕ ،ٖٔ1ٖ /والواحدي فً التفسٌر البسٌط ،ٗٙٔ/ٔ :والمرطبً فً "تفسٌره" ٔ ،5ٕ /وابن كثٌر عن
المرطبً فً "تفسٌره" ٔ ،ٕٕ /ولد أخرج الطبري وابن أبً حاتم بسندٌهما عن ابن عباس ،لال( :الرحمن
الفعبلن من الرحمة ،وهو من كبلم العرب لال :الرحمن الرحٌم :الرلٌك الرفٌك بمن أحب أن ٌرحمه ،والبعٌد
الشدٌد على من أحب أن ٌعنؾ علٌه) فً سنده ضعؾ .انظر الطبري ٔ" ،٘2 /تفسٌر ابن أبً حاتم" (رسالة
دكتوراه) ٔ ،ٔٗ1 /وابن كثٌر فً "تفسٌره" ٔ" ،ٕٖ /المفسر عبد هللا بن عباس والمروي عنه" (رسالة
ماجستٌر) ٔ.ٖٔٓ /
(ٕ) ذكره الواحدي فً التفسٌر البسٌط،ٕٗٙ/ٔ :
(ٖ)أخرجه مسلم (ٖ )ٕ٘5كتاب البر ،باب :فضل الرفك ،وأبو داود ( )ٗ1ٓ2كتاب األدب ،باب :فً الرفك،
وأحمد فً "مسنده" عن علً ٔ ،ٕٔٔ /وعن عبد هللا بن مؽفل ٗ ،12 /وأخرج البخاري عن عابشة وفٌه( :إن
هللا رفٌك ٌحب الرفك فً األمر كله ( )ٙ5ٕ2كتاب استتابة المرتدٌن ،باب :إذا عرض الذمً وؼٌره بسب النبً
-ملسو هيلع هللا ىلص .-
(ٗ) التفسٌر البسٌط ،ٕٗٙ/ٔ :و المرطبً ،وذكر نحوه عن الخطابً ٔ ،5ٕ /وذكره ابن كثٌر فً "تفسٌره" فً
المرطبً ٔ.ٕٕ /
(٘) تفسٌر ابن أبً حاتم(ٕٔ):صٔ.ٕ1/
( )ٙأخرجه ابن أبً حاتم(ٕٓ):صٔ.ٕ1/
( )2تفسٌر ابن أبً حاتم(ٕٕ):صٔ.ٕ1/
لال الشٌخ ابن عثٌمٌن :وذكر هذٌن االسمٌن الكرٌمٌن فً البسملة التً تتمدم فعل العبد
ولوله ،إشارة إلى أن هللا إذا لم ٌرحمن فلن تستفٌد ال من هذا الفعل وال من هذا المول ،ولهذا
لال النبً " : لن ٌدخل أحد الجنة بعمله ،لالوا :وال أنت ٌا رسول هللا ؟ لال :وال أنا ،إال
أن ٌتؽمدنً هللا برحمته"(ٔ).
الر ِح ٌِم} [الفاتحة ،]ٖ :ثبلثة أوجه للمراءة(ٕ):
{الرحْ َم ِن َّ وفً لوله تعالىَّ :
الر ِح ٌِم} ،لرأ بها نافع ،ابن كثٌر ،أبو عمر ،ابن عامر ،عاصم ،حمزة، الرحْ َمن ِ َّ أحدهاَّ { :
الكسابً.
وبالخفض صفات مدح ،فالخفض على النعت ،ولٌل فً الخفض إنه بدل أو عطؾ
بٌان(ٖ).
الر ِح ٌِم} ،لرأ بها عٌسى و ابن عمرو. الرحْ َم ِن َّ
والثانً :ر َّ
الر ِح ٌِم َّمالن} ،لرأ بها السوسً ،وأبو عمرو ،وٌعموب ،المطوعً ،وابن محٌصن، والثالثَّ { :
الحسن ،الٌزٌدي.
الفوائد:
عز وج ّل؛ وإثبات ما ٔ-من فوابد اآلٌة :إثبات هذٌن االسمٌن الكرٌمٌن{ .الرحمن الرحٌم} هلل ّ
تضمناه من الرحمة التً هً الوصؾ ،ومن الرحمة التً هً الفعل..
عز وج ّل مبنٌة على الرحمة الواسعة للخلك الواصلة؛ ألنه تعالى لما ٕ -ومنها :أن ربوبٌة هللا ّ
لال{ :رب العالمٌن} كؤن ساببلً ٌسؤل" :ما نوع هذه الربوبٌة؟ هل هً ربوبٌة أخذ ،وانتمام؛ أو
ربوبٌة رحمة ،وإنعام؟ " لال تعالى{ :الرحمن الرحٌم} .
وفً صحٌح مسلم عن أبً هرٌرة -رضً هللا تعالى عنه -لال :لال رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص" :-لو
ٌعلم المإمن ما عند هللا من العموبة ما طمع فً جنته أحد ،ولو ٌعلم الكافر ما عند هللا من الرحمة
ما لنط من رحمته أحد"(ٗ)".
المرآن
ٌِن ([ })3الفاتحة ]3 :
{ َما ِل ِن ٌَ ْو ِم ال ّد ِ
التفسٌر:
وهو سبحانه وحده مالن ٌوم المٌامة ،وهو ٌوم الجزاء على األعمال .وفً لراءة المسلم لهذه
وحث له على االستعداد بالعمل الصالح، ٌّ اآلٌة فً كل ركعة من صلواته تذكٌر له بالٌوم اآلخر،
والكؾ عن المعاصً والسٌبات.
ٌِن}[الفاتحة" ،]ٗ:أي :هو سبحانه المالن للجزاء والحساب، لوله تعالىَ { :ما ِل ِن ٌَ ْو ِم ال ّد ِ
(٘)
تصرؾ المالن فً ملكه" . ّ المتصرؾ فً ٌوم الدٌن
()ٙ
لال التستري ":أيٌ :وم الحساب" .
(ٔ)رواه البخاري فً صحٌحه ،51/1حدٌث رلم ،ٙٗٙ2باب المصد والمداومة على العمل.
(ٕ)انظر :البحر المحٌط فً التفسٌر ،أبو حٌان األندلسً الؽرناطً ،دار الفكر ،بٌروتٕٓٓ٘ ،م.ٖ٘/ٔ :
(ٖ) انظر :البحر المحٌط .ٖ٘/ٔ:
(ٗ) أخرجه مسلم فً كتاب التوبة -باب فً سعة رحمة هللا تعالى وأنها سبمت ؼضبه (٘٘( )ٕ2ج ٗ /ص
.)ٕٔٓ5
(٘) صفوة التفاسٌر.ٔ5/ٔ:
( )ٙتفسٌر التستري.ٕٖ:
كم ْل ِكهم فً الدنٌا"(ٔ). لال ابن عباسٌ ":مول :ال ٌملن أح ٌد فً ذلن الٌوم معهُ حك ًما ِ
َ
لال مماتلٌ" :عنى :مالن ٌوم الحساب كموله -سبحانه{ -إِنَّا ل َمدٌِنُونَ }[الصافات،]ٖ٘:
س ْب َحانَهُ -أَنَّهُ ال ٌَ ْملن ٌوم ْال ِمٌَا َمة
ٌعنً لمحاسبون وذلن أن ملون ال ُّد ْنٌَا ٌملكون فًِ ال ُّد ْنٌَا فؤخبرُ -
{:و ْاأل َ ْم ُر ٌَ ْو َمبِ ٍذ ِ َّّللِ}[اإلنفطار.)ٕ("]ٔ5:
أحد ؼٌره فذلن لوله -تعالىَ -
ْ
وملكا و َملكا ُ
و(المالن) فً اللؽة(" :الفاعل) من الملنٌ ،مال :ملن فبلن الشًء ٌم ِلكه ُملكا ِ
والملن راجع إلى معنى والم ْلن ،وأصل ال ُملن ِ المل َكة ِ و َملَكة ،و َم ْملَكة و َم ْملَكة ،وٌمال :إنه لحسن ْ
واحد ،وهو الربط والشد ،فمالن الشًء من ربطه لنفسه وملكه ما ٌختص به ،وشد بعمد ٌخرج
به عن أن ٌكون مباحا لؽٌره ،وملن الموم من ؼلبهم وربط أمرهم"(ٖ).
ومن هذا ٌمال :ملكت العجٌن أي شددت عجنه ،لال أوس بن حجر(ٗ)(٘):
ع ِل
ٌض من َ ٌض كنه المَ ُ ك ِؽ ْرلًء بَ ٍ فملن باللٌط الذي تحت لشرها
لوله :ملن :أي :شدد.
()2()ٙ
ومنه لول لٌس بن الخطٌم :
ملكت بها كفً فؤنهرت فتمها ٌرى لابم من خلفها ما وراءها
أي :شددت بالطعنة كفً.
()1
وٌمال :ما تمالن فبلن أن فعل كذا ،أي لم ٌستطع أن ٌضبط نفسه .لال الشاعر :
فبل تمالن( )5عن أرض لها عمدوا
ومبلن األمر :ما ٌضبط به األمرٌ ،مال :الملب مبلن الجسد(ٔ).
()ٔ1هذا المثل فى الكامل ٘ ،ٔ1الجمهرة ٕ ،ٖٓٙ /جمهرة األمثال ٕ ،ٔ٘ٗ /المٌدانً ٕ ،ٕ2ٖ /اللسان ،التاج
(دٌن) ،الفرابد ٕ..ٕٕٔ /
لال الطبري : ":والدٌن فً هذا الموضع ،بتؤوٌل الحساب والمجازاة باألعمال ،كما لال
كعب بن ُجعٌَْل (ٕ):
ضونَا و ِدنَّا ُه ُم ِمثْ َل ما ٌُ ْم ِر ُ إِ َذا َما َر َم ْونَا َر َم ٌْنَا ُهم
وكما لال اآلخر(ٖ) :
واعل ْم بؤَنَّنَ َما تد ُ
ٌِن ت ُ َد ُ
ان أن ُم ْلكنَ زاب ٌل َوا ْعلَ ْم وأ َ ٌْ ِم ْن َّ
ٌعنً :ما تَجْ ِزي تُجازى.
َ َ
عل ٌْ ُك ْم ل َحافِ ِظٌنَ }{وإِ َّن َ
ٌِن }ٌ -عنً :بالجزاء َ - ّ
ومن ذلن لول هللا جل ثناإه{ َكبل بَ ْل ت ُ َك ِذبُونَ بِال ّد ِ
َ
[سورة االنفطار ٌُ ]ٔٓ ، 5 :حصون ما تعملون من األعمال ،ولوله تعالى{فَل ْوال إِ ْن ُك ْنت ُ ْم َ
ؼٌ َْر
سبٌن"(ٗ).
َمدٌِنٌِنَ }[سورة الوالعة ٌ ، ]1ٙ :عنً ؼٌر مجز ٌٌِّن بؤعمالكم وال ُمحا َ
وفً أصل (الدٌن) فً اللؽة ،لوالن(٘) :
أحدهما :العادة ،ومنه لول المثمَّب ال َع ْبدِي(: )ٙ
أَه َذا دٌِنُهُ أَبَدا ً َودٌنًِ ضٌنًِ تَمُو ُل َولَ ْد َد َرأْتُ لَ َها َو ِ
أي عادته وعادتً .
()2
سلمى : أن أصل الدٌن الطاعة ،ومنه لول زهٌر بن أبً ُ والثانً َّ :
الت بَ ٌْنَنَا فَ َدنُ
ع ْم ٍرو َو َم ْ ٌِن َفً د ِ لَبِن َحلَ ْلتَ بِ َج ّ ٍو فً بَنًِ أ َ
س ٍد َ
أي فً طاعة عمرو .
()1
وفً هذا الٌوم لوالن :
أحدهما :أنه ٌوم ،ابتداإه طلوع الفجر ،وانتهاإه ؼروب الشمس .
(ٔ)انظر" :تفسٌر الثعلبً" ٔ /ٕ1 /أ" ،الزٌنة" ٔ" ،ٔٓٔ ،ٔٓٓ /معانً المرآن" لؤلخفش ٔ" ،ٔٙٓ /التهذٌب"
(ملن) ٗ ،ٖٗٗ5 /والتفسٌر البسٌط.٘ٓٔ/ٔ :
(ٕ)ذلن أن (مالكا) ٌجمع لفظ االسم ومعنى الفعل فلذلن ٌعمل (فاعل) فٌنصب كما ٌنصب الفعل .انظر:
"الكشؾ" لمكً ٔ.ٕٙ /
(ٖ)انظر" :الحجة" ألبً علً الفارسً ٔ" ،ٔٙ ،ٔ٘ ،ٕٔ /الكشؾ" ٔ.ٕٙ ،ٕ٘ /
(ٗ) انظر :السبعة فً المراءات ،ٔٓٗ :والحجة للمراء السبعة.ٕٙ :
(٘) السبعة فً المراءات.ٔٓٗ :
( )ٙتفسٌر الطبري.ٔٗ5/ٔ:
( )2تفسٌر البٌضاوي.ٕ1/ٔ :
لال الواحدي( ":الملن) أشمل وأتم؛ ألنه لد ٌكون مالن وال ملن له ،وال ٌكون َم ِلن إلى
وله ُملن ،وألنه ال ٌمال :مالن على اإلطبلق ،حتى ٌضاؾ إلى شًء ،وٌمال :ملن على
اإلطبلق"(ٔ).
كما ولد اختار اإلمام الطبري المراءة الثانٌة ،إذ ٌمول :وأولى التؤوٌلٌن باآلٌة لراءة ُ من
بالم ْلن ،وفضٌلة لرأ { َم ِل ِن} بمعنى (ال ُملن) ،ألن فً اإللرار له باالنفراد بال ُملن ،إٌجابًا النفراده ِ
الملن على المالن ،إ ْذ كان معلو ًما أن ال َم ِلن إال وهو مالنٌ ،ولد ٌكون المالنُ ال مل ًكا زٌادة ِ
"(ٕ).
{ربّ ِ ْالعَالَ ِمٌنَ } فحمل لوله { َما ِل ِن ٌَ ْو ِم
ثم ذكر الطبري بؤن هللا نبه على أنه مالكهم بمولهَ :
ٌِن} على وصؾ زابد أحسن(ٖ). ال ّد ِ
ومن نصر المراءة األولى ،أجاب ابن جرٌر الطبري بؤن لال :ما ذكرت ال ٌرجح لراءة
ملن؛ ألن فً التنزٌل أشٌاء على هذِه الصورة لد تمدمها العام وذكر بعده الخاص ،كموله {ا ْل َرأْ
ك (ٕ)} [العلك ،]ٕ - ٔ :ولوله{ :الَّذٌِنَ ٌُإْ ِمنُونَ علَ ٍ
سانَ ِم ْن َ بِاس ِْم َر ِبّنَ الَّذِي َخلَكَ (ٔ) َخلَكَ ْ ِ
اإل ْن َ
{وبِ ْاآل ِخ َرةِ ُه ْم ٌُولِنُونَ } [البمرة .]ٗ :فً أمثال كثٌرة لهذا . بِ ْالؽَ ٌْ ِ
(ٗ)
ب} [البمرة ،]ٖ :ثم لالَ :
لال ابن كثٌر :لرأ بعض المراء(ملن ٌوم الدٌن) ولرأ آخرون(مالن) وكبلهما صحٌح
متواتر فً السبع ،وٌمال (ملن) بكسر البلم وبإسكانها ،وٌمال( :ملٌن) أٌضا ،وأشبع نافع كسرة
الكاؾ فمرأ (ملكً ٌوم الدٌن) ،ولد رجح كبل من المراءتٌن مرجحون من حٌث المعنى وكلتاهما
صحٌحة وحسنة(٘).
لال ابن عثٌمٌن ":وفً الجمع بٌن المراءتٌن فابدة عظٌمة؛ وهً أن ملكه ج ّل وعبل ملن
حمٌمً؛ ألن ِمن الخلك َمن ٌكون ملكاً ،ولكن لٌس بمالنٌ :سمى ملكا ً اسما ً ولٌس له من التدبٌر
عز وج ّل مالنٌ ومن الناس َمن ٌكون مالكاً ،وال ٌكون ملكاً :كعامة الناس؛ ولكن الرب ّ شًء؛ ِ
م ِلن"(.)ٙ
للت :وال وجه لتفضٌل لراءة على أخرى -كما فعل بعض المفسرٌن-؛ إذ ال ٌظهر وجه
للتفضٌل هنا ،وكل لراءة تدل على معنى جمٌل فً ذاته .وهللا أعلم.
المراءة الثالثةَ {:ملِنَ } ،على وزن{فَ ِعلَ} ،لرأ بها ابن كثٌر ،أبو عمرو.
وفً اآلٌة لراءات شاذة ،وهً(:)2
َٔ ( -م ْل ِن) على وزن(فَ ْع ِل) ،لرأ بها عاصم الجحدي ،وأبو عمرو.
َٕ ( -م ِل ِكً) بإشباع(الكاؾ) ،وهً لراءة أحمد بن صالح عن ورش عن نافع.
ٌوم) بصٌؽة فعل الماض ،لرأ بها عاصم بن مٌمون الجحدي ،والحسن ،وعلً بن أبً َٖ ( -ملَنَ َ
طالب.
(ٔ) التفسٌر البسٌط ،ٗ55/ٔ :وانظر :حجة المراءات البن زنجلة ص ،25 - 22والكشؾ" ٔ.ٕٙ /
(ٕ) تفسٌر الطبري.ٔ٘ٓ/ٔ :
(ٖ) انظر :تفسٌر الطبري.ٔ٘ٓ/ٔ:
(ٗ) انظر :التفسٌرالبسٌط ،ٕ٘ٓ/ٔ :والحجة.ٔ5-ٔ1/ٔ :
(٘) تفسٌر ابن كثٌر.ٖٗ/ٔ :
( )ٙتفسٌر ابن عثٌمٌن.ٕٔ/ٔ:
( )2انظر :تفسٌر البٌضاوي ،ٕ1/ٔ :وتفسٌر المرطبً ،ٖ2-ٖٙ/ٔ :و الكتاب الفرٌد فً اعراب المران المجٌد:
ٔ ،22-2ٙ/و مجمع البٌان ،الطبرسً ،ٖٕ/ٔ :و البحر المحٌط فً التفسٌر.ٖ5-ٖ1/ٔ :
ٗ( -مالنَ ) :لرأ بها المطوعً ،واألعمش.
َ٘ ( -ملُنَ ) على وزن( فَعُلَ) :لرأ بها عاصم الجحدي ،ورواها الجعفً وعبدالوارث عن أبً
عمرو.
( -ٙملكا) :روى ابن أبً عاصم عن الٌمان. ً
ٌوم) :لرأ بها خلؾ ابن هشام. ( -2مالنٌ َ
(ملٌن) على وزن (فعٌ ِل) :وهً لراءة أبً بن كعب ِ -1
(-5مالن) باإلمالة بٌن بٌن ،وهً لراءة لتٌبة بن مهران عن الكسابً.
ٓٔ-ولرئ{:مالكا} ،بالنصب على المدح أو الحال.
الفوابد:
عز وج ّل ،وملكوته ٌوم الدٌن؛ ألن فً ذلن الٌوم تتبلشى ٔ -من فوابد اآلٌة :إثبات ملن هللا ّ
جمٌع الملكٌات ،والملون.
فإن لال لابل :ألٌس مالن ٌوم الدٌن ،والدنٌا؟
فالجواب :بلى؛ لكن ظهور ملكوته ،وملكه ،وسلطانه ،إنما ٌكون فً ذلن الٌوم؛ ألن هللا
تعالى ٌنادي{ :لمن الملن الٌوم} [ؼافر ]ٔٙ :فبل ٌجٌب أحد؛ فٌمول تعالى{ :هلل الواحد المهار}
[ؼافر ] ٔٙ :؛ فً الدنٌا ٌظهر ملون؛ بل ٌظهر ملون ٌعتمد شعوبهم أنه ال مالن إال هم؛
فالشٌوعٌون مثبلً ال ٌرون أن هنان ربا ً للسموات ،واألرض؛ ٌرون أن الحٌاة :أرحام تدفع،
وأرض تبلع؛ وأن ربهم هو ربٌسهم..
ٕ-ومن فوابد اآلٌة :إثبات البعث ،والجزاء؛ لموله تعالى{ :مالن ٌوم الدٌن}.
ٖ -ومنها :حث اإلنسان على أن ٌعمل لذلن الٌوم الذي ٌُدان فٌه العاملون.
المرآن
ست َ ِعٌنُ ([ })5الفاتحة ]5 : { ِإٌهانَ نَ ْعبُ ُد َو ِإٌهانَ نَ ْ
التفسٌر:
إنا نخصن وحدن بالعبادة ،ونستعٌن بن وحدن فً جمٌع أمورنا ،فاألمر كله بٌدن ،ال ٌملن منه
أحد مثمال ذرة .وفً هذه اآلٌة دلٌل على أن العبد ال ٌجوز له أن ٌصرؾ شٌبًا من أنواع العبادة
كالدعاء واالستؽاثة والذبح والطواؾ إال هلل وحده ،وفٌها شفاء الملوب من داء التعلك بؽٌر هللا،
ومن أمراض الرٌاء والعجب ،والكبرٌاء.
(ٔ)
صن ٌا أهلل بالعبادة" .لوله تعالى{ :إٌَِّانَ نَ ْعبُدُ}[الفاتحة" ،]٘:أي :نخ َّ
(ٕ)
لال ابن عباس ":إٌانَ نُو ِ ّحد ونخاؾ ونرجو ٌا ربَّنا ال ؼٌرن " .
(ٖ)
لال لتادةٌ :ؤمركم أن تخلصوا له العبادة ،وأن تستعٌنوه على أمركم" .
س ْب َحانَهُِ -فً المفصل{ :عا ِبداتٍ}[التحرٌمٌ ،]ٖ:عنً: لال مماتلٌ ":عنً :نو ّحد ،كمولهُ -
موحدات"(ٗ).
بالربوبٌة ال
إلرارا لن ٌا َربنا ًُّ ُ
ونستكٌن ، لال الطبري:أي ":لن اللهم نَخش ُع ونَ ِذ ُّل
لؽٌرن"(ٔ).
(ٔ)أعنفه :أعنؾ به وعلٌه أي أخذه بشدة ولسوة .مادة "ع ن ؾ" اللسان "ٗ."ٖٖٕٔ /
(ٕ) الكتاب ،ٕ25/ٔ :وانظر :سر صناعة اإلعراب.ٖٕٓ/ٔ :
(ٖ) سر صناعة اإلعراب.ٖٕٔ/ٔ :
(ٗ) انظر :سر صناعة اإلعراب.ٖٕٓ/ٔ :
(٘) انظر :سر صناعة اإلعراب.ٖٕٓ/ٔ :
( )ٙانظر :سر صناعة اإلعراب ،ٖٕٓ/ٔ :حٌث لال ":وتؤملنا هذِه األلوال على اختبلفها واالعتدال لكل لول
منها ،فلم نجد فٌها ما ٌصح مع الفحص والتنمٌب ؼٌر لول أبً الحسن األخفش".
( )2الكشاؾ.ٖٔ/ٔ :
(ٔ) فالمراد بـ"ما ٌحبه هللا وٌرضاه" :كل أمر ٌجري وفك شرع هللا سبحانه وتعالى من الواجبات والمندوبات
والمباحات .وكذلن ترن المنهٌات ،فإن هللا ٌحب أن نترن ما نهانا عنه ،من األلوال واألفعال( :إن هللا كره لكم
ق} لٌل ولال وكثرة السإال) فمن ترن ذلن فمد أرضى ربه .ولال تعالىَ {:وال ت َ ْمتُلُوا أ َ ْوال َد ُك ْم َخ ْش ٌَةَ ِإ ْمبل ٍ
ْس ؾ َما لٌَ َ سبٌِبلً } [اإلسراء ،]ٖٕ :ولالَ {:وال ت َ ْم ُ سا َء َ شةً َو َ اح َ الزنَى إِنَّه ُ َكانَ فَ ِ [اإلسراء ،]ٖٔ :ولالَ {:وال ت َ ْم َربُوا ِ ّ
ض َم َرحا ً } [اإلسراء ،]ٖ22 :ترن كل ذلن ٌرضً هللا لَنَ ِب ِه ِع ْل ٌم } [اإلسراء ،]ٖٙ :ولالَ {:وال تَ ْم ِش فًِ ْاأل َ ْر ِ
سبحانه وتعالى وٌحب هللا تاركٌه ما داموا لد تركوها من أجله.
والمراد بموله" :الباطنة والظاهرة" فهنان أعمال للملوب وهً باطنة ال ٌطلع علٌها إال هللا سبحانه
وتعالى ،ولد نحس بآثارها على المتصؾ بها :فمما ورد فً ذلن فً المرآن الكرٌم لوله تعالى {:إِ َّن ْال ُم ْس ِل ِمٌنَ
ت َو ْالخَا ِشعٌِنَ صابِ َرا ِصابِ ِرٌنَ َوال َّ ت َوال َّ صا ِدلَا ِ صا ِدلٌِنَ َوال َّ ت َوال َّ ت َو ْالمَانِتٌِنَ َو ْالمَانِت َا ِ ت َو ْال ُمإْ ِمنٌِنَ َو ْال ُمإْ ِمنَا ِ َو ْال ُم ْس ِل َما ِ
َّللاَ ت َوالذَّا ِك ِرٌنَ َّ ظا ِ ت َو ْال َحا ِف ِظٌنَ فُ ُرو َج ُه ْم َو ْال َحا ِف َ صا ِب َما ِ صا ِب ِمٌنَ َوال َّ ت َوال َّ ص ِ ّدلَا ِ ص ِ ّدلٌِنَ َو ْال ُمتَ َ ت َو ْال ُمتَ ََو ْالخَا ِش َعا ِ
َ
َّللاُ لَ ُه ْم َم ْؽ ِف َرة ً َوأجْ را ً َع ِظٌما ً } (األحزاب.)ٖ٘٘ : َ
ت أ َع َّد ََّكثٌِرا ً َوالذَّا ِك َرا ِ
إن االستسبلم ألمر هللا ،والتصدٌك الجازم بما أنزله على رسوله ،واإلخبات ألمر هللا واالستمرار علٌه والخشوع
بتدبر أوامر هللا ونواهٌه والتذلل لها ،وصدق الحال واإلخبلص فً األعمال ....كل هذه أعمال باطنة وصفات
للبٌة ال نحس إال بآثارها على المتصؾ بها.
أما األلوال واألعمال الظاهرة فكل ما نموله ضمن حدود الشرع وأحكامه وما نعمله من أعمال وفك
أحكام الشرع ولٌست متنالضة معها فهو داخل فً العبادة .فاألب عندما ٌإدب أوالده لال لوالً ظاهراً فهو فً
عبادة ،والمدرس إذا ألمى درسا ً فً أي موضوع تجرٌبً تطبٌمً -مسؤلة فً الرٌاضٌات ،أو معادلة كٌماوٌة ،أو
لانونا ً طبٌعٌا ً -أو فً علم نظري :فً التربٌة أو مهارة أدبٌة فً التعبٌر فكؤنما لال حكما ً شرعٌا ً فً الفمه أو
الحدٌث النبوي أو التفسٌر ،فهو مؤجور على كل ذلن ألنه أوصل منفعة لطبلبه ٌستفٌدون منها فً حٌاتهم العلمٌة
والعملٌة.
وكذلن األعمال التً ٌموم بها األفراد هً عبادة :عٌادة المرٌض عبادة ،صلة الرحم عبادة ،وكما تمدم إماطة
األذى عن الطرٌك عبادة ،إصبلح ذات البٌن عبادة ،إكرام الضٌؾ عبادة ،إعانة األخرق عبادة ....،وهكذا.
ٌمول دمحم لطب "وهكذا ٌمضون الحٌاة كلها فً عبادة ...عبادة تشمل نشاط الروح كله ،ونشاط العمل
كله ،ونشاط الجسد كله ،ما دام هذا كله متوجها ً به إلى هللا ،وملتزما ً فٌه بما أنزل هللا ،وهذا هو المفهوم الصحٌح
ّلل َربّ ِ اي َو َم َماتًِ ِ َّ ِ س ِكً َو َمحْ ٌَ َ ص َبلتًِ َونُ ُ للعبادة كما أنزله هللا ..المفهوم الشامل الواسع العمٌك { لُ ْل إِ َّن َ
ْالعَالَ ِمٌنَ * َال ش َِرٌنَ لَهُ } [األنعام [.]ٖٔٙ-ٕٔٙ :مفاهٌم ٌنبؽً أن تصحح ،صٕ٘ٓ ،طبعة دار الشروق].
ولمد ضمر معنى العبادة فً نفوس بعض المسلمٌن وعمولهم بحٌث حصروها فً الشعابر التعبدٌة:
الصبلة ،الزكاة الصوم ،الحج ،وربما أضاؾ بعضهم إلٌها الذكر ،والجهاد ولكن داللة العبادة أوسع بكثٌر من
ذلن ،فإنها تشمل الحٌاة كلها .وهذا ما تدل علٌه نصوص الكتاب والسنة وفهم صحابة رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ،فمد أطلك
المرآن الكرٌم مصطلح (العمل الصالح) على كل ما ٌموم به اإلنسان من جهد بشري ٌبتؽً به وجه هللا تعالى ،أو
ٌموم به نتٌجة تكلٌؾ من هللا تعالى ،أو ما فٌه منفعة لنفسه ،ولمن حوله أو للمخلولات عامة ،ولو تتبعنا هذا
المصطلح لوجدناه ٌشمل مجاالت الحٌاة كلها:
س ِن َ َ َ ً َ َ َ ُ َ
صا ِلحا ً ِم ْن ذَك ٍَر أ ْو أ ْنثى َوه َُو ُمإْ ِم ٌن فَلنُحْ ٌٌَِنَّهُ َحٌَاةً طٌِّبَة َولنَجْ ِزٌَنَّ ُه ْم أجْ َر ُه ْم بِؤحْ َ ٔ -فً لوله تعالىَ {:م ْن َع ِم َل َ
َما كَانُوا ٌَ ْع َملُونَ } [النحل ،]52 :أي ألام حٌاته على الطاعة وعمل الخٌر.
عذَابًا نُ ْك ًرا * َوأَ َّما َم ْن آَ َمنَ َو َع ِم َل ؾ نُعَ ِذّبُهُ ث ُ َّم ٌ َُر ُّد إِلَى َربِّ ِه فٌَُعَ ِذّبُهُ َ س ْو َ ظلَ َم فَ َ ٕ -وفً لوله تعالى {:لَا َل أ َ َّما َم ْن َ
سنَمُو ُل لَه ُ ِم ْن أ َ ْم ِرنَا ٌُس ًْرا } [الكهؾ ،]11-12 :حٌث أطلك العمل الصالح على ما صا ِل ًحا فَلَهُ َجزَ ا ًء ْال ُح ْسنَى َو َ َ
ٌمتضٌه اإلٌمان من الواجبات ،ومنها طاعة أولً األمر وااللتزام بؤنظمة الدولة ومصالح المجتمع.
َّللاُ َؼفُورا ً ت َو َكانَ َّ س ٌِّب َاتِ ِه ْم َح َسنَا ٍ صا ِلحا ً فَؤُولَبِنَ ٌُبَ ِ ّد ُل َّ
َّللاُ َ َاب َوآ َمنَ َو َع ِم َل َع َمبلً َ ٖ -فً لوله تعالىِ {:إ َّال َم ْن ت َ
َر ِحٌما ً }[الفرلان.]2ٓ :
(ٕ) تفسٌر المراؼً.ٖٖ/ٔ :
لال ابن كثٌر" :والعبادة فً الشرع :عبارة عما ٌجمع كمال المحبة والخضوع
والخوؾ"(ٔ).
لال الواحدي ":معنى العبادة :الطاعة مع الخضوع والتذلل ،وهو جنس من الخضوع ،ال
ٌستحمه إلى هللا عز وجل ،وهو خضوع لٌس فوله خضوع ،وسمً العبد عبدا لذلته وانمٌاده
لمواله"(ٕ).
صن بطلب شٌبا ً اإلعانة"(ٖ).ٌن}[الفاتحة" ،]٘:أي ونخ ّ تعالى{:وإٌَِّانَ نَ ْست َ ِع ُ
َ لوله
(ٗ)
على عبادتن" . َ لال مماتلَ ":
(٘)
لال ابن عباس ":على طاعتن وعلى أمورنا كلها" .
ّ ()ٙ
لال الثعلبً:أي ":نستوفً ونطلب المعونة على عبادتن وعلى أمورنا كلها"
لال الصابونً :أي ":وإٌَّان ربنا نستعٌن على طاعتن ومرضاتن ،فإِنن المستحك لكل
ِإجبلل وتعظٌم ،وال ٌملن المدرة على عون أح ٌد سوان"(.)2
لال ابن كثٌر:أي ":وال نتوكل إال علٌن"(.)1
لال الزمخشري:أي ":نخصن بطلب المعونة"(.)5
لال ابن عطٌة ":معناه نطلب العون منن فً جمٌع أمورنا ،وهذا كله تبرإ من
األصنام"(ٓٔ).
لال الخطٌب المكً:أي ":نفردن وحدن باالستعانة فإنه ال حول لنا وال لوة إال بما منحتنا
من لوة الروح ،وما أودعته إٌانا من سابر الموى الخفٌة الكامنة فً أجسامنا ،ولوالن ما استطعنا
تحمل المشاق ومكافحة الخطوب واألحداث ،بل لم نذق لذة الحٌاة .ولذلن فإنا نفوض إلٌن كل
أمورنا ونرجو عونن على بلوغ آمالنا ودفع الشر عنا بما لن من كامل العلم بما ٌنفعنا وما
ٌرضٌن عنا ٌا أكرم األكرمٌن"(ٔٔ).
ٌن} ،للحال والمعنى نعبدن مستعٌنٌن بن(ٕٔ). ولٌل( :الواو) فً لوله تعالىَ {:و ِإٌَّانَ نَ ْست َ ِع ُ
واألصل فً {نستعٌن}" :نستعون ،ألنه إنما معناه من المعونة والعون ،ولكن الواو للبت
ٌاء لثمل الكسرة فٌها ،ونملت كسرتها إلى العٌن ،وبمٌت الٌاء ساكنة ،ألن هذا من اإلعبلل الذي
ٌتبع بعضه بعضا نحو أعان ٌعٌن وألام ٌمٌم"(ٖٔ).
(ٔ)لال أبو حٌان" :حذؾ المفعول اختصارا فً (للى) إذ ٌعلم أنه ضمٌر المخاطب وهو الرسول -صلى هللا
علٌه وسلم " .-البحر المحٌط" .ٗ1٘ /1
ولال الرازي فً حذؾ الكاؾ وجوه:
ٔ -اكتفاء بالكاؾ فً (ودعن) ،وألن رإوس اآلٌات بالٌاء ،فؤوجب اتفاق الفواصل حذؾ الكاؾ.
ٕ -اإلطبلق ،أنه ما لبلن ،وال أحدا من أصحابن ،وال أحدا ممن أحبن"[ .انظر :مفاتٌح الؽٌب،ٕٓ5 /ٖٔ :
وانظر تفسٌر المرطبً ٕٓ.]5ٗ /
(ٕ) التفسٌر البسٌط.٘ٔ2/ٔ :
(ٖ) انظرن تفسٌر الرابػ األصفهانً.ٙٓ-٘5/ٔ :
(ٗ) تفسٌر الراؼب األصفهانً.٘5/ٔ :
(٘) انظر :تفسٌر الراؼب األصفهانً.ٙٓ/ٔ :
()ٙشرح دٌوان الحماسة" اللمرزولً ص ٕٕٔ"،لسان العرب" (شٌم) ٗ" ،ٕٖ1ٓ /المعانً الكبٌر" ٖ.ٕٔٙ٘ /
والبٌت أنشده المبرد ،ونسبه للفرزدق ،ولال عنه المبرد :هذا البٌت طرٌؾ عند أصحاب المعانً،
وتؤوٌله :لم ٌشٌموا :أي :لم ٌُؽمدوا ،ولم تكثر المتلى ،أي :لم ٌؽمدوا سٌوفهم إال ولد كثرت المتلى حٌن سلت.
الكامل ٔ ، ٗٓٔ /ولال المحمك :لم أجده فً دٌوان الفرزدق ،ط :دار صادر .وبحثت عنه فً ط :دار بٌروت ،فلم
أجده أٌضًا .وأنشده الزجاج" ،معانً المرآن" ٗ ،22 /ولم ٌنسبه .وفٌه :ولم ٌكثروا .وأنشده ابن األنباري،
اإلنصاؾ ٕ ،ٙٙ2 /ولم ٌنسبه ،وفً الحاشٌة :ولد وجدته فً دٌوان الفرزدق بٌتا ً مفرداً.
.
()2لسان العرب البن منظور (ٖٔ \ ، )ٕ55 - ٕ51وانظر :الصحاح تاج اللؽة وصحاح العربٌة إسماعٌل بن
حماد الجوهري ،تحمٌك :أحمد عبد الؽفور عطار ،الماهرة ٕ ٔ51م ( ، )ٕٔٙ5 - ٕٔٙ1 \ ٙوالمفردات فً
واالستعانة اصطبلحا " :طلب العون من هللا والمخلوق ٌطلب منه من هذه األمور ما
ٌمدر علٌه.)ٔ( " .
لال السعدي إن االستعانة هً " :االعتماد على هللا تعالى فً جلب المنافع ،ودفع
المضار مع الثمة به فً تحصٌل ذلن "(ٕ).
واالستعانة تجمع بٌن أصلٌن(ٖ):
أحدهما :الثمة باهلل.
والثانً:اإلعتماد علٌه.
والتوكل أٌضا ٌلتبم من هذٌن األصلٌن ،لذلن لد سوى ابن المٌم بٌن التوكل واالستعانة
ولال فً تعرٌفهما " :التوكل واالستعانة ،حال للملب ٌنشؤ عن معرفته باهلل تعالى ،واإلٌمان
بتفرده بالخلك ،والتدبٌر والضرر والنفع ،والعطاء والمنع ،وأنه ما شاء هللا كان ،وما لم ٌشؤ
لم ٌكن ،وإن شاءه الناس فٌوجب له هذا اعتمادا علٌه (واستعانة به) وتفوٌضا إلٌه ،وطمؤنٌنة
به ،وثمة به ،وٌمٌنا بكتابته لما توكل علٌه فٌه واستعان به علٌه ،وأنه ملً به ،وال ٌكون إال
بمشٌبته شاء الناس ذلن أم أبوه"(ٗ).
وبعض أهل العلم مثل ابن المٌم -رحمه هللاٌ -ذكر أكثر من عشرة أوجه فً وجه تمدٌم
ٌن} وٌمكن أن تراجع فً كتابه مدارج السالكٌن. { ِإٌَّانَ نَ ْعبُدُ} على { ِإٌَّانَ نَ ْست َ ِع ُ
كما وأن "تحول الكبلم من الؽٌبة إلى المواجهة بكاؾ الخطاب ،ألنه لما أثنى على هللا
تفنن فً ٌ فكؤنه الترب وحضر بٌن ٌدي هللا تعالى"(٘) ،وهذا التفات ،وااللتفات ال شن أنه
ممام ما ٌناسبه ،وهو فً الجملة ال شن أنه أدعى إلى الخطاب ،وله من الدالالت الببلؼٌة فً كل ٍ
تنشٌط السامع ،وهو أد ُّل على الفصاحة والببلؼة والمدرة على التفنن بالكبلم ،فهذا االلتفات تارة ً
ٌكون من الؽابب إلى المخاطب مثل هنا ،فهو ٌتحدث عن هللا -عز وجل -على سبٌل الؽٌبة،
الحمد هلل هو رب العالمٌن ،هو الرحمن الرحٌم ،ثم لال :إٌان ،فتوجه إلى المخاطب ،وعلل ذلن
هنا فمال :كؤنه لما أثنى علٌه الترب منه فناسب أن ٌوجه الخطاب إلٌهِ { ،إٌَّانَ نَ ْعبُ ُد و ِإٌَّانَ
ٌن} [(٘) الفاتحة] ،وهذا مثل لوله تعالىَ {:حتَّى ِإ َذا ُكنت ُ ْم ِفً ْالفُ ْل ِن} [(ٕٕ) ٌونس] ،فالكبلم نَ ْست َ ِع ُ
ط ٌِّ َبةٍ} [(ٕٕ) ٌونس] حٌث تحول عكس ما علٌه الحال هنا، لال{:و َج َرٌْنَ بِ ِهم ِب ِرٌحٍ َ
َ للمخاطب ،ثم
أي تحول الكبلم من الخطاب إلى الؽٌبة ،وعلى كل حال فااللتفات أنواع ،والكبلم عن هذا
ٌن} [الفاتحة: الموضوع ٌوجد فً كتب الببلؼة مفصبلً ،ولهذا لال تعالىِ {:إٌَّانَ نَ ْعبُ ُد و ِإٌَّانَ نَ ْست َ ِع ُ
٘] "وفً هذا دلٌ ٌل على أن أول السورة خبر من هللا تعالى بالثناء على نفسه الكرٌمة بجمال
صفاته الحسنى ،وإرشاد لعباده بؤن ٌثنوا علٌه بذلن ،ولهذا ال تصح صبلة من لم ٌمل ذلن وهو
ؼرٌب المرآن ،الحسٌن بن دمحم المعروؾ بالراؼب األصفهانً ،تحمٌك وضبط :دمحم خلٌل عٌتانً ،دار
المعرفة ،بٌروت ،ط ٗ ٕٔٗٙ ،هـ ،ص (.)ٖ٘ٙ
(ٔ) مجموع الفتاوى.ٖٔٓ/ٔ :
(ٕ)تٌسٌر الكرٌم الرحمن فً تفسٌر كبلم المنان ،عبد الرحمن بن ناصر السعدي ،تحمٌك :طه عبد الرإوؾ
سعد ،دار الصفا بالزلازٌك (ٔ \ ٘ٔ).
(ٖ) مدارج السالكٌن.2٘/ٔ :
(ٗ) مدارج السالكٌن.1ٕ/ٔ :
(٘)تفسٌر ابن كثٌرٕٔ٘/ٔ :
لادر علٌه ،كما جاء فً الصحٌحٌن عن عبادة بن الصامت -رضً هللا تعالى عنه -لال :لال
رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص" :-ال صبلة لمن لم ٌمرأ بفاتحة الكتاب"(ٔ)(ٕ).
ٌن } [الفاتحة " :]٘ :والدٌن ٌرجع كله لال ابن كثٌر فً تفسٌر { :إٌَِّانَ نَ ْعبُ ُد َوإٌَِّانَ نَ ْست َ ِع ُ
إلى هذٌن المعنٌٌن ،وهذا كما لال بعض السلؾ :الفاتحة سر المرآن ،وسرها هذه الكلمة { :
ٌن } [الفاتحة ]٘ :فاألول تبرإ من الشرن ،والثانً تبرإ من الحول إٌَِّانَ نَ ْعبُ ُد َوإٌَِّانَ نَ ْست َ ِع ُ
والموة ،والتفوٌض إلى هللا عز وجل .وهذا المعنى فً ؼٌر آٌة من المرآن ،كما لال تعالى { :
علَ ٌْ ِه ع َّما ت َ ْع َملُونَ } [هود { ]ٕٖٔ :لُ ْل ُه َو َّ
الرحْ َم ُن آ َمنَّا بِ ِه َو َ علَ ٌْ ِه َو َما َربُّنَ بِؽَافِ ٍل َ فَا ْعبُ ْدهُ َوت ََو َّك ْل َ
ب ال إِلَهَ إِال ُه َو فَات َّ ِخ ْذهُ َو ِكٌبل } [المزمل ، ]5 : ق َو ْال َم ْؽ ِر ِ ت ََو َّك ْلنَا } [الملن َ { ]ٕ5 :ربَّ ْال َم ْش ِر ِ
(ٖ)
ٌن }" . وكذلن هذه اآلٌة الكرٌمة ِ { :إٌَّانَ نَ ْعبُ ُد َوإٌَِّانَ نَ ْست َ ِع ُ
وفً صحٌح مسلم عن أبً هرٌرة -رضً هللا تعالى عنه -عن رسول هللا -صلى هللا
علٌه وسلمٌ" :-مول هللا تعالى :لسمت الصبلة بٌنً وبٌن عبدي نصفٌن ،فنصفها لً ونصفها
العبد{:ال َح ْم ُد ّّللِ َربّ ِ ْال َعالَ ِمٌنَ } ،لال :هللا :حمدنً عبدي ،وإذا ْ لعبدي ولعبدي ما سؤل ،إذا لال
ٌِن} ،لال هللا :مجدنً ً عبدي ،فإذا لالَ {:ما ِل ِن ٌَ ْو ِم ال ّد ِ الر ِح ٌِم} ،لال هللا :أثنى عل َّ من َّ لال{:الرحْ ِ
َّ
ٌن} ،لال :هذا بٌنً وبٌن عبدي ولعبدي ما سؤل ،فإذا عبدي ،وإذا لال{:إٌَِّانَ نَ ْعبُ ُد و ِإٌَّانَ نَ ْست َ ِع ُ
ّ
علٌَ ِه ْم َوالَ الضَّالٌِنَ }، ب َ ضو ِ ٌَر ال َمؽ ُ علٌَ ِه ْم ؼ ِ ط الَّذٌِنَ أن َعمتَ َ
َ ص َرا َ ٌم* ِ ط ال ُمست َ ِم َ ص َرا َلال{:اه ِدنَا ال ِ ّ
(ٗ)
لال :هذا لعبدي ولعبدي ما سؤل" ".
(٘)
ٌن} [الفاتحة ،]٘ :على أوجه : واختلفت المراءة فً لوله تعالىِ { :إٌَّانَ نَ ْعبُ ُد َو ِإٌَّانَ نَ ْست َ ِع ُ
أحدهاِ (:إٌَّانَ ) ،بتشدٌد (الٌاء) ،لرأ بها نافع ،ابن كثٌر ،أبو عمرو ،ابن عامر ،عاصم ،حمزة،
الكسابً.
()ٙ
والعلماء على ش ِ ّد الٌاء من (إٌان) فً الموضعٌن" . ِ ":الجمهور من المُ ّر ِ
اء ُ ً
لال المرطب ّ
فإن {إٌّان} منصوب بولوع الفعل علٌه ،وهو (نعبد) ،وتمدٌم المفعول لمصد االختصاص
واالهتمام به ،والمعنى :نخصن بالعبادة ،ونخصن بطلب المعونة(.)2
()1
ً. والثانًِ (:إ ٌَانَ ) :فً الموضعٌن ،بتخفٌؾ(الٌاء) ،لراءة شاذة ،لعمرو بن فابد عن أب ّ
(ٔ)أخرجه البخاري فً كتاب صفة الصبلة -باب وجوب المراءة لئلمام والمؤموم فً الصلوات كلها فً
الحضر والسفر وما ٌجهر فٌها وما ٌخافت (ٖٕ( )2ج ٔ /ص ٖ )ٕٙومسلم فً كتاب الصبلة -باب وجوب
لراءة الفاتحة فً كل ركعة وإنه إذا لم ٌحسن الفاتحة وال أمكنه تعلمها لرأ ما تٌسر له من ؼٌرها (ٗ( )ٖ5ج ٔ /
ص ٘.)ٕ5
(ٕ)تفسٌر ابن كثٌر.ٕٔ٘/ٔ :
(ٖ) تفسٌر ابن كثٌر.ٖٔ٘-ٖٔٗ/ٔ:
(ٗ)أخرجه مسلم فً كتاب الصبلة -باب وجوب لراءة الفاتحة فً كل ركعة وإنه إذا لم ٌحسن الفاتحة وال أمكنه
تعلمها لرأ ما تٌسر له من ؼٌرها (٘( )ٖ5ج ٔ /ص .)ٕ5ٙ
(٘) انظر :إعراب المراءات السبع وعللها ٕٓٔ/ ٔ :ـ ٕٕٓ ،والبحر المحٌط.ٕٗ-ٕٖ/ٔ :
( )ٙتفسٌر المرطبً.ٔٗٙ/ ٔ :
()2انظر :الكتاب الفرٌد فً اعراب المران المجٌد.1ٓ/ٔ :
لٌست ثابتة وال هً لراءة ٌ صحٌحةٌ متواترةٌ ،بل هً مثال ْ ( )1وهذا الوجه من المراءة لٌس بشًء؛ ألنّها لطعًا
شذوذ فً مثل تلن المراءة .فبل هً فً المراءات العشر لما ال ٌنبؽً أن ٌُذك ََر إالّ لبٌانه على سبٌل الخطؤ وال ّ
ي ّ ّ
المصادر بنسبتها فً الشواذ لعَمرو بن فابد اإلسوار ّ
ُ ْ
الزابدة ،ولد انفردت صؽرى وال الكبرى وال فً األربع ّ ال ُّ
ً
ّ للكرمان ّ ذ واشّ ال كتاب فً وكذا ترجمته فً ٕٓٙ ص ٔ ج هاٌة ّ نال ؼاٌة فً ي
ّ الجزر ابنُ اإلمام ذلن ذكر . ً
ّ المعتزل
عمرو بن فاٌد والجمهور بتشدٌد الٌاء من (إٌّان) ،ولرأ َ َ ُ سبعةُ ابن كثٌر" :لرأ َ ال ّ لال ُ
(ٔ)
شمس" . ألن (إٌا) ضو ُء ال ّ ٌ ٌ ّ ٌ
بت َخفٌفها مع الكسر وهً لراءة شاذة مردودة؛ ّ
بن فابد( :إٌَِانَ ) بكسر الهمزة وت َخفٌؾ الٌاء ،وذلن أنّه َك ِرهَ عمرو ُ ً ":ولرأ َ لال المرطب ّ
وكون الكسرة لبلها .وهذه لراءة ٌ َمرؼوبٌ عنه ،فإن المعنى ٌصٌر :شمسن َ ِ تضعٌؾ الٌاء ِلثمَ ِلها َ
(ٕ)
نعبد أو ضوءن ،إٌاة ُ الشمس -بكسر الهمزة :-ضوءها " .
ٌ
ً ،وهً لؽة مشهورة ٌ. الرلاش ّ والثالث( :أٌََّان) بفتح الهمزة وتشدٌد الٌاء ،لرا بها الفض ُل ّ
ي ،وهً لؽة، سوار الؽنو ّ والرابعَ ( :هٌَّانَ ) ،فً الموضعٌن [بالهاء بدل الهمزة] ،لرأ بها أبو ال ّ
شاعر(ٖ): لال ال ّ
صاد ُِرهُ علٌْنَ َم َ َ ت َ ضالَ ْ َم َو ِار ُدهُ َ ت َّ َ
فَ َهٌَّانَ َواأل ْم َر الذِي ِإ ْن ت ََرا َحبَ ْ
إنً وجماعة ْ نستنتج مما سبك بؤن(إٌَِانَ ) ،بالتّخفٌؾ تُف ِس ُد المعنى .وعلى لو ِل ال ّ
شافع ّ
ألن اإلٌا هو ضو ُء شرنُ ؛ ّ ضهم إن تع ّم َد فٌُخشَى علٌه ال ِ ّ ت صبلتُهُ ،ولا َل بع ُ طلَ ْ لرأَها بدون تشدٌد بَ ُ
فٌصٌر معناها :نعب ُد ضو َء شمسِنَ بدل نعب ُدنَ .وال ِعٌاذُ َ
باّللِ. ُ شمس ال َّ
والخامس(:نَ ْعبُدُ) ،لرأ بها نافع ،ابن كثٌر ،أبو عمرو ،ابن عامر ،عاصم ،حمزة ،الكسابً.
والسادسْ ٌُ( :عبُدُ) ،بالٌاء ،مبنٌا للمفعول ،لرأ بها الحسن وأبو مجلز ،وعلً بن داود (ٗ).
لال أبو حٌان ":ولراءة من لرأ إٌان (ٌُعبد) بالٌاء مبنٌا ً للمفعول مشكلة ،ألن {إٌان}
ضمٌر نصب وال ناصب له وتوجٌهها إن فٌها استعارة والتفاتا ً ،فاالستعارة إحبلل الضمٌر
المنصوب موضع الضمٌر المرفوع ،فكؤنه لال أنت ،ثم التفت فؤخبر عنه أخبار الؽابب لما كان
إٌان هو الؽابب من حٌث المعنى فمالٌ :عبد ،وؼرابة هذا االلتفات كونه فً جملة واحدة ،وهو
ٌنظر إلى لول الشاعر(٘) :
بً ال ُمؽَلَّ ُس ِم ْعنَا ِب ِه َواأل َ ْر َحبِ َُّ ً الَّذي ُك ْنتَ َم َّرة ً أَأ َ ْنتَ ال ِهبلَ ِل ُّ
()ٙ
وإلى لول أبً كثٌر الهذلً :
()2
ب األ ْعفَ ِر" . ـٌاض َوجْ ِهنَ للت ّ َرا ِ ُ و َب ؾ نَ ْف ِسً كانَ ِج ّدة ُ خا ِل ٍد ٌا لَ ْه َ
(ٔ)(ٕ)
ومنه لول كثٌر :
ب التّفسٌر كما فً معجم المراءات المرآنٌّة للدكتور عبد العال صٗ٘ٔ جٔ ،ومعجم الدكتور وبعض كت ِ
ُ صٕٗ،
ّ
ً ،وحاشاهُ فهاهً المراءات المتواترة التً تنتهً ُ
مرا هذا نسبَها ألبَ ّ ّ
الخطٌب ص ٗٔ ،وفً بعض المصادر أن َع ً
إلٌه لٌس فٌها هذا الخطؤ البٌَِّن؛ فهً لراءة ٌ ُمنك ََرة ٌ .
(ٔ) تفسٌر ابن كثٌر.ٖٔٗ/ٔ :
(ٕ) تفسٌر المرطبً.ٔٗٙ/ ٔ :
ي كما فً أساس الببلؼة (ص ٔ٘2رحب) ،وشرح شافٌة ابن الحاجب .ٗ2ٗ/ ٗ: (ٖ) البٌت لطفٌل الؽنو ّ
(ٗ) انظر :البحر المحٌط.ٕٖ/ٔ :
(٘)البٌت من الطوٌل ،وهو ببل نسبة فى الدرر ٔ ،ٕ1ٖ /ورصؾ المبانى ص ،ٕٙوالمؽرب ٔ ،ٖٙ /وهمع
الهوامع ٔ.12 /
( )ٙانظر :أمالً ابن الشجرئٔ2/ٔ:ن ودٌوان الهذلٌٌن ،ٔٓٔ/ٕ:ومجاز المرآن ،ٕٗ/ٔ :وتفسٌر الطبري:
ٔ ،ٙ2/والمحرر الوجٌز.ٔٓٗ/ٔ :
وفً البٌت ٌرثً الشاعر صدٌما له اسمه خالد (جدة) ٌعنً :شبابه( ،األعفر) ٌمول :دفن فً أرض ترابها أعفر:
أي :أبٌض.
( )2البحر المحٌط.ٕ٘-ٕٗ/ٔ :
لدٌنا وال مملٌة إن تملت أسٌبً بنا أو أحسنً ال ملومة
(ٖ)
والسابع(:نعبدْ) ،حكاه أبو حٌان عن بعض أهل مكة .
والثامن( :نِ ْعبُدُ) ،بكسر النون ،لرأ بها زٌد بن علً ،وٌحٌى بن وثاب ،وعبٌد بن عمٌر
اللٌثً(ٗ).
والتاسع( :نعبُدو) ،بإشباع الضمة ،لراءة نافع برواٌة َو ْرش.
ٌن) ،لرأ بها نافع ،ابن كثٌر ،أبو عمرو ،ابن عامر ،عاصم ،حمزة ،الكسابً. والعاشر ( :نَ ْست َ ِع ُ
ٌن) ،بكسر (النون) ،لراءة ،عبٌد بن عمٌر اللٌثً ،وزر بن حبٌش ، والحادي عشر(:نِ ْست َ ِع ُ
(٘)
وٌحٌى بن وثاب ،والنخعً ،واألعمش ،وهً لؽة لٌس ،وتمٌم ،وأسد ،وربٌعة .
لال المرطبً(" :وإٌان نِستعٌن) عطؾ ملة على جملة ،أي نطلب العون والتؤٌٌد
والتوفٌك ،هً لؽة تمٌم ولٌس وأسد وربٌعة ،لٌدل على أنه من استعان ،ف ُكسرت النون كما تُكسر
ألؾ الوصل(.)ٙ
لال أبو حٌان" :إن فتح نون(نستعٌن) هً لؽة الحجاز ،وهً الفصحى ،ولرأ بكسرها
وهً لؽة لٌس وتمٌم وأسد وربٌعة وكذلن حكم حرؾ المضارعة فً هذا الفعل وما أشبهه(.)2
الفوائد:
ٔ-من فوابد اآلٌة :إخبلص العبادة هلل؛ لموله تعالى{ :إٌان نعبد} ؛ وجه اإلخبلص :تمدٌم
المعمول.
ٕ-ومنها :أن العبادة تطلك فً المعنى الشرعً على أمرٌن ،األمر األول :بالنظر إلى فعل العبد،
والثانً :بالنظر إلى المفعوالت واألعمال التً تعبَّد هللا -عز وجل -الناس بها
ٖ -ومن الفوابد :أن العبادة اس ٌم جامع لما ٌحبه هللا وٌرضاه من األلوال واألعمال الظاهرة
والباطنة ،فهذا باالعتبار الثانً أي باعتبار المفعوالت واألعمال التً شرعها هللا -عز وجل-
لعباده لٌتمربوا بها إلٌه.
وإذا نظرنا إلى العبادة باالعتبار األول ،أي باعتبار أنها نفس فعل العبد الذي هو صفة
من صفاته ،نمول :إن العبادة هً االنمٌاد هلل -عز وجل ،-بمعنى اإلسبلم ،أي إسبلم الوجه هلل -
تبارن وتعالى -والخضوع له بالطاعةٌ ،عنً فعل العبد ال نفس العبادات التً شرعها هللا -عز
وجل ،-ألن العبادة مصدر ،تارة ً ٌراد بها المفعول ،وتارة ً تطلك على نفس الفعل ،كما تمول
المرآن ٌطلك على نفس الممروء الذي هو الكتاب الذي بٌن أٌدٌنا ،وٌطلك على المراءة ،وكذلن
الوحً ٌطلك على هذا المرآن أنه وحًٌ ،عنً ما نتج عن اإلٌحاء وهو هذا الكتاب ،وتارة ً ٌطلك
(ٔ)هو كثٌر بن عبد الرحمن بن أبً جمعة من خزاعة ،كان أحد العشاق المشهورٌن ،وصاحبته (عزة) وهً
ضمرة ،وإلٌها ٌنسب ،كان كثٌر رافضٌا توفً فً الٌوم الذي توفً فٌه عكرمة مولى ابن عباس .انظر ترجمته
فً" :الشعر والشعراء" ص ٖٖٗ" ،طبمات فحول الشعراء" ٕ" ،ٖ٘ٗ /الخزانة" ٘.ٕٕٔ /
(ٕ)من لصٌدة لكثٌر فً ذكر (عزة) لوله (مملٌة) من الملً وهو البؽض( ،تملت) تبؽضت ،ورد البٌت فً
"الشعر والشعراء" ص ٖٖٗ" ،دٌوان كثٌر" ص ٔٓٔ ،نشر دار الثمافة بٌروت" ،أمالً ابن الشجري" ٔ،ٗ5 /
" ،ٔٔ1المحكم" ٖ" ،ٔٗٗ /الخزانة" ٘.ٕٔ5 /
(ٖ) انظر :البحر المحٌط.ٕٖ/ٔ :
(ٗ) انظر :البحر المحٌط.ٕٖ/ٔ :
(٘)انظر :البحر المحٌط.ٕٖ/ٔ :
( )ٙتفسٌر المرطبً.ٔٗٙ-ٔٗ٘/ٔ :
()2البحر المحٌط فً التفسٌر.ٖٗ/ٔ :
على نفس العملٌة التً هً اإلٌحاء ،فتارة ً ٌطلك على هذا المعنى ،وتارة ً ٌطلك على المعنى
اآلخر ،فهما إطبللان معروفان" ،ولدم المفعول وهو إٌان ،وكرر لبلهتمام والحصر ،أي :ال نعبد
إال إٌان وال نتوكل إال علٌن"(ٔ).
لال ابن عاشور...":وهو شرابع اإلسبلم"(ٕ).
وبنحو ذلن فً حدٌث رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص فمن ذلن لوله ملسو هيلع هللا ىلص" :اإلٌمان بضع وسبعون شعبة أو
بضع وستون شعبة فؤفضلها ال إله إال هللا ،وأدناها إماطة األذى عن الطرٌك"(ٖ).
ولد لال ملسو هيلع هللا ىلص" :تبسمن فً وجه أخٌن صدلة"(ٗ).
ولد مر شاب على النبً ملسو هيلع هللا ىلص فرأى أصحاب النبً ملسو هيلع هللا ىلص جلدة ونشاطة فمالواٌ :ا رسول هللا!
لو كان هذا فً سبٌل هللا ،فمال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص" :إن كان خرج ٌسعى على ولده صؽارا ً فهو فً
سبٌل هللا ،وإن كان خرج ٌسعى على أبوٌن شٌخٌن كبٌرٌن فهو فً سبٌل هللا ،وإن كان خرج
ٌسعى على نفسه ٌعفها فهو فً سبٌل هللا ،وإن كان خرج ٌسعى رٌاء ومفاخرة فهو فً سبٌل
الشٌطان"(٘).
ولال النبً ملسو هيلع هللا ىلص" :بٌنما رجل ٌمشً بطرٌك اشتد علٌه العطش فوجد ببرا ً فنزل فٌها
فشرب ثم خرج ،فإذا كلب ٌلهث ٌؤكل الثرى من العطش ،فمال الرجل :لمد بلػ هذا الكلب من
العطش مثل الذي كان بلػ منً ،فنزل الببر فمؤل خفه ماء ثم أمسكه بفٌه حتى رلى فسمى الكلب
فشكر هللا له فؽفر له ،لالوا ٌا رسول هللا وإن لنا فً هذه البهابم ألجرا ً فمال :فً كل كبد رطبة
أجر"(.)ٙ
ولال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص" :ما من مسلم ٌؽرس ؼرسا ً أو ٌزرع زرعا ً فٌؤكل منه طٌر أو
إنسان أو بهٌمة إال كان له به صدلة"(.)2
وعن أبً هرٌرة عن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص لال" :نزع رجل لم ٌعمل خٌر لط ؼصن شون عن
الطرٌك إما كان فً شجرة فمطعه فؤلماه وإما كان موضوعا ً فؤماطه ،فشكر هللا له بها فؤدخله
الجنة"(.)1
هذا وؼٌره من األعمال التً تنبع من نفس تحب الخٌر وترؼب فً العطاء ،وٌبتؽً
بذلن وجه هللا ،أي تمدم نفعا ً للمجتمع فهو عبادة ،لذلن لال العلماء النٌة تملب العادة عبادة.
ٗ -ومنها أن المفهوم العام للعبادة له آثار إٌجابٌة على سلون الناس ،ومن أبرز هذه اآلثار :أن
اإلنسان العالل عندما ٌمدم على عمل وٌعتبره عبادة فإنه سٌإدٌه على أحسن وجه ألنه ٌرجو
ثوابه عند هللا على ممدار إخبلصه وصدله فً أدابه ،سواء كان ٌإدي حرفة أو تعلٌما ً أو أداء
(ٔ)مجمع الزوابد ٗ ،51 /ولال :رواه أبو ٌعلى ،ورواه الطبرانً فً األوسط رلم .152
(ٕ)متفك علٌه :رواه البخاري رلم ٓ٘ باب سإال جبرٌل ٔ ،ٕ2 /ومسلم رلم 5كتاب اإلٌمان ٔ.ٖ5 /
(ٖ)رواه مسلم رلم ٔٓٓٙباب بٌان أن اسم الصدلة ٌمع على كل نوع من المعروؾ ٕ.ٙ52 /
(ٗ)أخرجه البخاري صٕٖٕ ،كتاب الجهاد ،باب ٕ :2فضل من حمل متاع صاحبه فً السفر حدٌث رلم
ٕٔ15؛ وأخرجه مسلم ص ،1ٖ2كتاب الزكاة ،باب :ٔٙبٌان أن اسم الصدلة ٌمع على كل نوع من المعروؾ،
حدٌث رلم ٖٖٕ٘ [ ،ٔٓٓ5 ]٘ٙواللفظ لمسلم.
ً الذي فً شرق الدنٌا ٌعٌنه على مهمته فً بلده :فهذا أٌضا ً ال ٌمدر علٌه ،مثل أن ٌعتمد أن الول ّ
شرن أكبر؛ ألنه ال ٌمدر أن ٌعٌنه وهو هنان.
فإن لال لابل :هل ٌجوز أن ٌستعٌن المخلوقَ فٌما تجوز استعانته به؟
سر بذلن، فالجواب :األولى أن ال ٌستعٌن بؤحد إال عند الحاجة ،أو إذا علم أن صاحبه ٌُ َ
فٌستعٌن به من أجل إدخال السرور علٌه؛ وٌنبؽً لمن طلبت منه اإلعانة على ؼٌر اإلثم
والعدوان أن ٌستجٌب لذلن.
-1ومن الفوابد أن كلمة االستعانة تُشعر بوجوب العمل ،واألخذ باألسباب ،ألن االستعانة طلب
العون من هللا تعالى على أداء عمل أو إتمامه ،وذلن فً كل ما لئلنسان فٌه كسب ،كطلب الشفاء
من هللا تعالى مع بذل سبب العبلج وأخذ الدواء ،وطلب الرزق مع بذل السبب ،وطلب النصر
على العدو مع مجاهدته وإعداد العدة ،وطلب النجاح فً االمتحان من هللا تعالى مع الجد
واالجتهاد فً تحصٌل الدروس ،وهكذا.
وكل من ترن األخذ باألسباب ٌكون لد جانب الصواب ،وكل من اعتمد على هللا تعالى
دون أن ٌبذل األسباب فمد أخطؤ االعتماد ،فإن العبد ال ٌستؽنً عن العون اإللهً مهما أوتً من
لوة وحصافة ،والبد له من العمل والتوكل ،وال ٌنفع التوكل بدون عمل ،وال ٌنفع عمل بدون
توكل واستعانة.
ٌن} ،على توحٌد الربوبٌة واالستعانة -5ومن الفوابد اشتمال هذه اآلٌة { ِإٌَّانَ نَ ْعبُ ُد وإٌَِّانَ نَ ْست َ ِع ُ
به سبحانه وتعالى ،وهً أفضل الوسابل لئلعانة على العبادة ،والتعبد ٌكون باسم هللا ،واسم
الرحمن ،واسم الرب ،والمسلم ٌعبد هللا تعالى بؤلوهٌته ،وٌستعٌن بربوبٌته.
عن الحسن :أن هللا تعالى أنزل مبة وأربعة كتب جمع معانٌها فً أربعة هن :التوراة،
واإلنجٌل ،والمرآن ،والزبور ،وجمع معانٌها فً المرآن ،وجمع معانً المرآن فً الفاتحة ،وجمع
ٌن}(ٔ). معانً الفاتحة فً ِ { :إٌَّانَ نَ ْعبُ ُد وإٌَِّانَ نَ ْست َ ِع ُ
ٌِن "وعند التلفظ الر ِح ٌِم * َما ِل ِن ٌَ ْو ِم ال ّد ِ
مـن َّ الرحْ ِ ّلل َربّ ِ ْال َعالَ ِمٌنَ * َّ وإذا لرأ العبد" ْال َح ْم ُد ّ ِ
ٌن "تؽمره السكٌنة والطمؤنٌنة ،ألنه لد توكل على هللا ،وألمى إلٌه ممالٌد أموره بـ" و ِإٌَّانَ نَ ْست َ ِع ُ
فً الدنٌا واآلخرة ،لعٌنه سبحانه على الوصول إلٌها.
المرآن
ست َ ِمٌ َم ([ })6الفاتحة ]6 : ص َرا َط ا ْل ُم ْ {ا ْه ِدنَا ال ِ ّ
التفسٌر:
دُلَّنا ،وأرشدنا ،ووفمنا إلى الطرٌك المستمٌم ،وثبتنا علٌه حتى نلمان ،وهو اإلسبلم ،الذي هو
الطرٌك الواضح الموصل إلى رضوان هللا وإلى جنته ،الذي د ّل علٌه خاتم رسله وأنبٌابه دمحم
ملسو هيلع هللا ىلص ،فبل سبٌل إلى سعادة العبد إال باالستمامة علٌه.
ٌم} [الفاتحة " ،]ٙ :أي :دلنا وأرشدنا ٌا رب إِلى ط ْال ُم ْست َ ِم َص َرا َلوله تعالى{ :ا ْه ِدنَا ال ِ ّ
طرٌمن الحك ودٌنن المستمٌم"(ٕ).
لال ابن أبً زمنٌن" :اي أرشدنا الطرٌك"(ٔ).
(ٔ) كتاب الصبلة ابن المٌم وأخرجه البٌهمً عن الحسن فً "شعب اإلٌمان" ،و ذكره كل من ابن تٌمٌة فً
مجموع الفتاوى ،ٙٓ2/ٕٕ :وابن لٌم فً مدارج السالكٌن بٌن منازل إٌان نعبد وإٌان نستعٌن (ٔ.)5٘/
مام َممَاال فإن لك ِّل َم ٍ ّ وال ت ُ ْع ِجلَ ِنًّ ه َداَن الملٌنُ
فمعلوم أنه إنما أراد :وفمن هللا إلصابة الحك فً أمري.
ٌشر ُح للحك
َ ّ
الظا ِل ِمٌنَ } ،أي ":ال ٌُو ِفمهم ،وال َّللاُ ال ٌَ ْهدِي ْالمَ ْو َم َّ {و َّ
ثناإهَ : ومنه لول هللا جل
()2
صدورهم" .
َ واإلٌمان
()1
وذكر السمٌن الحلبً وجوها فً معنى (الهداٌة) :
أحدها :اإلرشاد.
والثانً :الداللة.
()5
والثالث :التمدم ،ومنه هوادي الخٌل لتمدمها لال امرإ المٌس :
جواحرها فً صرة لم تزٌل فؤلحمه بالهادٌات ودونه
فموله :الهادٌات ،أي :أوابل بمر الوحش.
{وأ َ َّما ث َ ُمو ُد فَ َه َد ٌْنَا ُه ْم } [فصلت . ]ٔ2 :أي بٌنا لهم. والرابع :التبٌٌن نحوَ :
ًَءٍ خَلمَهُ ث ُ َّم َه َدى} [طه ]٘ٓ :أي ألهمه لمصالحه. ْ طى ُك َّل ش ْ َ
والخامس :اإللهام ،نحو { :أ ْع َ
والسادس :الدعاء كموله تعالىَ { :و ِل ُك ِّل لَ ْو ٍم هَا ٍد } [الرعد ،]2 :أي :داع.
والسابع :ولٌل هو المٌل ،ومنه {إنا هدنآ إلٌن} [األعراؾ ، ]٘ٙ :والمعنى :مل بملوبنا إلٌن ،لال
السمٌن الحلبً":وهذا ؼلط ،فإن تٌن مادة أخرى من هاد ٌهود"(ٓٔ).
لال الحسن بن الفضل(" :الهدى) فً المرآن على وجهٌن:
صراطٍ ُم ْست َ ِم ٌٍم }[الشورى،]ٕ٘: {و ِإنَّنَ لَت َ ْه ِدي ِإلى ِ الوجه األول :هدى دعاء وبٌان كمولهَ :
صلت.]ٔ2: و{وأ َ َّما ث َ ُمو ُد فَ َه َدٌْنا ُه ْم}[ف ّ
ولوله{:و ِل ُك ِّل لَ ْو ٍم هادٍ}[الرعدَ ،]2:
َ
ُض ُّل َم ْن ٌَشا ُء َو ٌَ ْهدِي َم ْن ٌَشا ُء}[النحل،]5ٖ: ِ ٌ { كموله: وتسدٌد توفٌك هدى الثانً: الوجه
ولولهِ {:إنَّنَ ال ت َ ْهدِي َم ْن أَحْ بَبْتَ }[المصص. "]٘ٙ:
(ٔ)
اط
ص َر ِ تر ْكنَاها أ َ َد َّق ِمنَ ال ِ ّ صبَحْ نَا أ َ ْر َ
ض ُه ْم بال َخ ٌْ ِل َحتّى َ
()ٙ
ولال عامر بن الطفٌل :
تركناهم أذل من الصراط خشونا أرضهم بالخٌل حتّى
ص َراطٍ تُو ِعدُون} [ األعراؾ : ْ
تعالى{:والَ تَمعُدُوا بِ ُك ِّل ِ
َ والثانً :أنه الطرٌك الواضح ،ومنه لوله
،] 1ٙولال الشاعر(: )2
اص ِداط ْالمَ ِص َر ِع ْن نَ ْهجِ ال ِ ّص َّد َفَ َ
()1
والثالث :أن الصراط :الطرٌك ،بلؽة الروم .لاله النماش .
لال ابن عطٌة ":وهذا ضعٌؾ جدا"(.)5
لال الماوردي :و{الصراط} " :مشتك من ُم ْست ََر ِط الطعام ،وهو ممره فً الحلك"(ٓٔ) .
المستمٌم} ،هو:َ أن {الصرا َ
ط لال الطبري" :أجم َعت األ َّمةُ من أهل التؤوٌل جمٌعًا على َّ
(ٔٔ)
الطرٌك الواض ُح الذي ال اعوجاج فٌه ،وكذلن ذلن فً لؽة جمٌع العرب" . ُ
أن ٌكون طرٌمًا لال ابن المٌم رحمه هللا" :و{الصراط} :ما َج َمع خمسةَ أوصاؾْ :
العرب الطرٌكَ ال ُم ْع َوجَّ:
ُ مستمٌ ًما ،سهبلً ،مسلو ًكا ،واسعًا ،موصبلً إلى الممصود ،فبل تُس ِ ّمً
الصعب المشك ،وال المسدود ؼٌر الموصل ،و َمن تؤ َّم َل موار َد الصراط فً لسانهم َ طا ،وال صرا ً
طا حتى تتض َّمن خمسةَ أمور :االستمامةَ، الطرٌك صرا ً ُ واستعمالهم ،تبٌَّن له ذلن ...وال تكون
(ٕٔ)
للمارٌن علٌه ،وتعٌُّنَه طرٌمًا للممصود" . ِّ ب ،وسعت َه واإلٌصا َل إلى الممصود ،والمُ ْر َ
(ٔ)انظر :تفسٌر الثعلبً ،ٕٕٔ/ٔ :والمحرر الوجٌز .2٘/ٔ :ولفظه« ":المنعم علٌهم أصحاب موسى لبل أن
ٌبدلوا» .
(ٕ) انظر :المحرر الوجٌز ،2٘/ٔ :وتفسٌر البٌضاوي ،ٖٓ/ٔ :والنكت والعٌون ،ٙٓ-٘5:وتفسٌر ابن كثٌر:
ٖٕٕ.
(ٖ) انظر :المحرر الوجٌز.2٘/ٔ :
(ٗ) انظر :تفسٌر الطبري(ٔ:)ٔ5صٔ.ٔ21/
(٘) انظر :تفسٌر الطبري(ٕ:)ٔ5صٔ.ٔ25/
( )ٙانظر :تفسٌر الثعلبً.ٕٕٔ/ٔ :
( )2انظر :تفسٌر الطبري( :)ٔ11صٔ،ٔ21/وابن أبً حاتم(:)ٖ1صٔ ،ٖٔ/والضحان لم ٌسمع من ابن
عباس فهو ضعٌؾ.
( )1انظر :المحرر الوجٌز.2٘/ٔ :
()5المحرر الوجٌز.2٘/ٔ :
والمراد هو المسم األخٌر وما ٌكون وصلة إلى نٌله من اآلخرة فإن ما عدا ذلن ٌشترن
فٌه المإمن والكافر"(ٔ).
وفً تفسٌر (اإلنعام) فً لوله{ أ َ ْنعَ ْمتَ َ
علَ ٌْ ِه ْم} [الفاتح،]2:وجوه:
(ٕ)
أحدها :بالثبات على اإلٌمان واالستمامة .لاله عكرمة .
الضراء .لاله علً بن
ّ السراء والصبر علىّ علَ ٌْ ِه ْم} ،بالشكر على والثانً :أن المراد{ :أ َ ْنعَ ْمتَ َ
الحسٌن بن داود(ٖ).
والثالث :أنه ٌعنً :أتممت علٌهم النعمة .لاله الحسٌن بن الفضل(ٗ).
والرابع :بخلمهم للسعادة.
والخامس :بؤن نجاهم من الهلكة.
والسادس :بالهداٌة واتباع الرسول.
(٘)
لال أبو حٌان ":ولم ٌمٌد األنعام لٌعم جمٌع األنعام" .
ّ
لال الثعلبً ":وأصل (النعمة) :المبالؽة والزٌادةٌ ،مال :دلمت الدواء فؤنعمت دله أي
بالؽت فً دله ،ومنه لول النبً صلّى هللا علٌه وآله ":إن أهل الجنة ٌتراءون الؽرفة منها كما
الدري الشرلً أو الؽربً فً أفك السماء وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما"(،)ٙ ٌتراءون الكوكب ّ
()2
أي زادا علٌه .ولال أبو عمرو :بالؽا فً الخٌر" .
ّ
علَ ٌْ ِه ْم َوالَ ٱلضَّآلٌِنَ }[الفاتحة ،]2:أي ":ؼٌر صراط الذٌن ب َ ضو ِؼٌ ِْر ْٱل َم ْؽ ُ
لوله تعالىَ { :
()1
ؼضبت علٌهم ،وال الضالٌن عن الهدى" .
لال صدٌك خان " :أي ؼٌر صراط الذٌن ؼضبت علٌهم وهم الٌهود ،لموله تعالى فٌهم{:
علَ ٌْ ِه}[المادة ،]ٙٓ:وال الضالٌن عن الهدى ،وهم النصارى لموله عز ب َ َض َ َم ْن لَ َعنَهُ َّ
َّللاُ َوؼ ِ
ضلُّوا ِم ْن لَ ْبلُ}[المادة. "]22:
()5
وجل {:لَ ْد َ
علَى دٌن ؼٌر الٌهود الَّذٌِن ؼضب َّ
َّللا علٌهم ،فجعل منهم المردة لال مماتلٌ ":عنً دلنا َ
{و َال الضَّالٌِّنَ }ٌ ،مول :وال دٌن المشركٌن ٌعنً النصارى" .
(ٓٔ)
والخنازٌرَ ،
لال السعدي :أي :ؼٌر صراط " الذٌن عرفوا الحك وتركوه كالٌهود ونحوهم ،وؼٌر
صراط الذٌن تركوا الحك على جهل وضبلل ،كالنصارى ونحوهم"(ٔٔ).
لال الصابونً ":أي ال تجعلنا ٌا أهلل من زمرة أعدابن الحابدٌن عن الصراط المستمٌم،
السالكٌن ؼٌر المنهج الموٌم ،من الٌهود المؽضوب علٌهم أو النصارى الضالٌن ،الذٌن ضلوا عن
شرٌعتن المدسٌة ،فاستحموا الؽضب واللعنة األبدٌة"(ٔ).
(ٔ) ذكره النووي فً التبٌان ،ٕٔٙ :وانظر :تفسٌر المرطبً ،ٕٔ5/ٔ :وتفسٌر ابن كثٌر.ٔٗ٘/ٔ :
(ٕ) هو ابن أبً لاسم المشٌري ،النٌسابوري ،مات(ٗٔ٘هـ) ،انظر :سٌر أعبلم النببلء.ٕٗٙ/ٔ5:
(ٖ)التبٌان.ٕٔٙ :
(ٗ) انظر :الصحاح(أمن) ،وتفسٌر المرطبً.ٕٔ1/ٔ :
الدر المنثور ،ٔ2 /ٔ :وفتح المدٌر.ٕٙ /ٔ :
(٘) انظر :تفسٌر الثعلبً ،ٕٔ٘/ٔ :وتفسٌر ابن كثٌر ،ٕٖٕ :و ّ
()ٙتفسٌر أبً اللٌث ، 1ٗ/ٔ:حدٌث ضعٌؾ جدا من أجل الكلبً وأبً صالح ،وذكره السٌوطً فً الدر المنثور:
ٔ ،ٗ٘/ونسبه للثعلبً .فٌدخل فً باب تفسٌر المرآن فً الرأي.
( )2انظر :الصحاح(أمن) ،وتفسٌر المرطبً ،ٕٔ1/ٔ :وتفسٌر ابن كثٌر.ٔٗ٘/ٔ :
( )1انظر :تفسٌر الثعلبً ،ٕٔ٘/ٔ :ولفظه(كذلن لٌكن).
( )5انظر :تفسٌر ابن كثٌر ،ٔٗ٘/ٔ :وتفسٌر المرطبً.ٕٔ1/ٔ :
(ٓٔ) انظر :المحرر الوجٌز ،25/ٔ :واألضداد لؤلنباري.ٖ1ٕ :
(ٔٔ) انظر :المحرر الوجٌز.25/ٔ :
(ٕٔ) انظر :تفسٌر المرطبً ،ٕٔ1/ٔ :وتفسٌر ابن كثٌر.ٔٗ٘ :
(ٖٔ) حكاه عنه الثعلبً فً تفسٌره ،ٕٔ٘/ٔ :والمرطبً :فً تفسٌره ،ٕٔ1/ٔ :وانظر :فٌض المدٌر ،1ٓ /ٔ :ح
ٕٓ.
(ٗٔ) حكاه عنه الثعلبً فً تفسٌره ،ٕٔ٘/ٔ :والمرطبً :فً تفسٌره.ٕٔ1/ٔ :
(٘ٔ) حكاه عنه المرطبً فً تفسٌره.ٕٔ1/ٔ :
( )ٔٙأحكام المرآن ،ٙ/ٔ :وانظر :مصنؾ ابن ابً شٌبة ،ٕٗٙ/ٕ:والمحرر الوجٌز ،25/ٔ:وتفسٌر ابن كثٌر:
ٕٖٕ.
( )ٔ2انظر :المحرر الوجٌز.25/ٔ :
لال ابن عطٌة ":ومعنى (آمٌن) عند أكثر أهل العلم :اللهم استجب ،أو أجب ٌا رب،
ونحو هذا"(ٕ).
وفً (آمٌن) ،لؽتان(ٖ):
إحداهما( :أمٌن) بمصر األلؾ ،ومنه لول الشاعر(ٗ):
أمٌن فزاد هللا ما بٌننا بعدا تباعد منًّ فطحل إذ سؤلته
(٘)
والثانٌة( :آمٌن) ،بمد (األلؾ) ،لال الشاعر :
وٌَ ْر َح ُم هللاُ َم ْن لال :آمٌنَا ٌا ربّ ال ت َ ْسلُبَنًِّ ُحبَـها أبدًا
()ٙ
لال الثعلبً" :وهو مبنً على الفتح مثل (أٌن) ".
ولد اتفك العلماء على أنه ٌسن للمنفرد والمؤموم أن ٌمول ( :آمٌن) ،فالمنفرد ٌإ ِ ّمن بعد
لراءته للفاتحة ،والمؤموم ٌإمن بعد لراءة اإلمام(.)2
واختلؾ أهل العلم فً جهر اإلمام:بـ(آمٌن) ،على وجوه:
أحدها :أن اإلمام ٌجهر فً ذلن .وهذا مذهب الشافعً( ،)1وأحمد ،ومالن فً رواٌة
()5
والثانً :أن اإلمام ال ٌجهر بها .وهذا مذهب الحنفٌة وبعض المدنٌٌن من أصحاب مالن ،وهو
لول الطبري(ٖٔ) ،وبه لال ابن حبٌب(ٗٔ) ،وابن أبً لاسم(٘ٔ) ،والمصرٌٌن من أصحاب مالن(.)ٔٙ
ودلٌلهم ما رواه مالن عن سمً عن أبً صالح عن أبً هرٌرة أن رسول هللا صلى هللا
علٌه وسلم لال " وإذا لال ٌ -عنً اإلمام { -وال الضالٌن} ،فمولوا آمٌن"(.)ٔ2
(ٔ) الموطؤ ،12/ٔ :رواه البخاري ،)251( :ومسلم )ٗٓ5( :من طرٌك مالن ،به.
(ٕ) انظر :المحرر الوجٌز.25/ٔ :
(ٖ) المحرر الوجٌز.25/ٔ :
صلى َّ سو ُل َّ ِ
َّللا َ اس التَّؤ ِمٌنَ ! َ ،و َكانَ َر ُ ْ (ٗ) روى أبو داود ( )255عن أبًِ ه َُرٌ َْرة َ رضً هللا عنه لَا َل " :ت ََرنَ النَّ ُ َ
ب َعلَ ٌْ ِه ْم َو َال الضَّالٌِّنَ .رفع صوته فمال ِ :آمٌنَ " لال الدارلطنً :إسناده سلَّ َم ِإذَا لَا َل َ :ؼٌ ِْر ْال َم ْؽضُو ِ َّللاُ َعلَ ٌْ ِه َو َ
َّ
حسن ،ولال البٌهمً :حسن صحٌح ،وصححه األلبانً فمال " :معناه صحٌح ،فإن له شاهدا من حدٌث وابل
بن حجر بسند صحٌح " .انتهى من " سلسلة األحادٌث الضعٌفة " (ٕ .)ٖٙ1/زاد ابن ماجة (ٖٗ )1فً رواٌته
ؾ ْاأل َ َّو ِل ،فٌََ ْرت َ ُّج بِ َها ْال َمس ِْجدُ" .وهذه الزٌادة ضعٌفة ال تصح ،انظر : ص ِّ للحدٌث َ ( :حتَّى ٌَ ْس َمعَ َها أ َ ْه ُل ال َّ
"تلخٌص الحبٌر" (ٔ" ، )ٕٖ1/األحادٌث الضعٌفة "(ٔ٘ .)5ٕ٘( ، )5وروى الترمذي من حدٌث سفٌان الثوري
ب َعلَ ٌْ ِه ْم َو َال الضَّالٌِّنَ فَمَا َل سلَّ َم لَ َرأ َ َؼٌ ِْر ْال َم ْؽضُو ِ َّللاُ َعلَ ٌْ ِه َو َصلَّى َّ ً َ س ِم ْعتُ النَّبِ َّ بسنده عن َوابِ ِل ب ِْن حُجْ ٍر لَا َل َ " :
ص ْوتَهُ".لال النووي فً المجموع (ٖ : )ٖٕ1/إسناده حسن ،وصححه األلبانً . (آمٌنَ ) َو َم َّد بِ َها َ ِ :
ولال البٌهمً (ٕ ) ٘5/وروٌنا عن ابن عمر رضى هللا عنه " أنه كان ٌرفع بها صوته ،إماما كان أو مؤموما
عه ُ ع َم َر َال ٌَ َد ُ " .وهذا األثر رواه البخاري عن ابن عمر معلما ،بصٌؽة الجزم ،ولفظه َ :ولَا َل نَافِ ٌع َ " :كانَ ا ْبنُ ُ
ض ُه ْم) ،أي :على )(.و ٌَ ُح ُّ س ِم ْعتُ ِم ْنهُ ِفً ذَلِنَ َخٌ ًْرا " .لال الحافظ ابن حجر رحمه هللا (َٕ ٖٓ2/ ض ُه ْم َ ،و َ َ ،و ٌَ ُح ُّ
ع َم َر ِم ْن ِج َه ِة أنَّهُ َكانَ ٌ َُإ ِ ّمنُ إِذَا َخت ََم َ َ
لولها (آمٌن)َ ( .خٌ ًْرا) ،أي :فَض ًْبل َوث َ َوابًا .ووجه االستدالل بؤث َ ِر اِب ِْن ُ َ
ْالفَا ِت َحةَ َ ،وذَلِنَ أ َ َع ُّم ِم ْن أ َ ْن ٌَ ُكونَ ِإ َما ًما أ َ ْو َمؤ ْ ُمو ًما" انتهى.
اإل َما ُم ْ
ص َحابَ ِة ،إِذَا لَا َل ِ ْ َ َ
وروى البٌهمً (ٕ ، )٘5/وابن جبان فً "الثمات" عن َعطاء لَالَ " :أد َْركتُ ِمابَتٌَ ِْن ِمنَ ال َّ
آمٌنَ ". ص َوات َ ُه ْم ِب ِ َ :و َال الضَّالٌِّنَ َرفَعُوا أَ ْ
اإل َما ُم : َ َ
ٌن ،وروى فٌه لول الرسول ملسو هيلع هللا ىلص " :إِذا لا َل ِ ْ َّ
وم بِالتؤ ِم ِ ْ ْ
ولال اإلمام البخاري رحمه هللا :بَاب َج ْه ِر ال َمؤ ُم ِ
سبَةُ ٌر ُ :منَا َ ِ ن
ِ مُ ْ
ال نُ ب
ْ نُ ٌ
ْ َّ
الز ل
َ ا َ ل " : حجر ابن الحافظ لال ." ب َعلَ ٌْ ِه ْم َوالَ الضَّالٌِّنَ { فَمُولُوا ِ :آمٌنَ { َؼٌ ِْر ْال َم ْؽضُو ِ
َ ً َ ْ َ ْ َ
ث األ ْم َر بِم ْو ِل ِآمٌنَ َ ،والم ْو ُل إِذا َول َع بِ ِه ال ِخطابُ ُمطلما ُ ،ح ِم َل َعلى َ َ ْ َ َ ْ ْ َ
ث ِللت َّ ْر َج َم ِة ِمن ِج َه ِة أن فًِ ال َحدٌِ ِ
َّ ْ ْال َحدٌِ ِ
ت: سبَة ِم ْنهُ ِم ْن ِج َها ٍ ُ ْ
ٌِث النَّ ْف ِس :لٌُِّ َد بِذَلِنَ َ .ولَا َل اِ ْبنُ ُرشٌد :تُإْ َخذُ ال ُمنَا َ ار أ ْو َحد ُ َ اإلس َْر ُ ُ
ْال َج ْه ِر َ ،و َمت َى أ ِرٌ َد بِ ِه ْ ِ
ظاه ُِر ِاال ِت ّفَاقَ اإل َما ُم إِنَّ َما لَا َل ذَلِنَ َج ْه ًرا ،فَ َكانَ ال َّ اإل َما ُم ،فَمُولُوا " فَمَابَ َل ْالمَ ْو َل بِ ْالمَ ْو ِل َ ،و ْ ِ ِم ْن َها أَنَّهُ لَا َل " إِذَا لَا َل ْ ِ
صفَ ِة." ...انتهى من " فتح الباري " (ٕ.)ٖٔٔ/ فًِ ال ِ ّ
ولال النووي فً " األذكار" (ص ٔ٘) " :وٌجهر به (التؤمٌن) اإلمام والمنفرد فً الصبلة الجهرٌة ،
والصحٌح أن المؤموم أٌضا ٌجهر به ،سواء كان الجمع للٌبل أو كثٌرا " انتهى .
الجهر بآمٌن فً الصبلة ،لموله ملسو هيلع هللا ىلص فً ُ ولال ابن المٌم رحمه هللا" :السنةُ المحكمةُ الصحٌحة ُ :
الصحٌحٌن ":إذا أمن األمام فؤمنوا ،فإنه من وافك تؤمٌنه تؤمٌن المبلبكة ؼفر له ما تمدم من ذنبه" ؛ ولوال جهره
بالتؤمٌن لما أمكن المؤموم أن ٌإمن معه وٌوافمه فً التؤمٌن ،وأصرح من هذا حدٌث وابل بن حجر وحدٌث أبً
هرٌرة رضً هللا عنهما ...وذكر الحدٌثٌن المتمدمٌن ،ثم لال :وسبل الشافعً عن اإلمام هل ٌرفع صوته
بآمٌن ؟ لال :نعم ،وٌرفع بها من خلفه أصواتهم .فمٌل له :وما الحجة ؟ فمال :لول رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ( :إذا أمن
ا إلمام) ؛ فٌه داللة على أنه أمر اإلمام أن ٌجهر بآمٌن ،ألن من خلفه ال ٌعرفون ولت تؤمٌنه إال بؤن ٌسمع
تؤمٌنه " .انتهى من " إعبلم المولعٌن " (ٕ.)ٖ51-ٖ5ٙ/
ٔ -من الفوابد :إسناد النعمة إلى هللا تعالى وحده فً هداٌة الذٌن أنعم علٌهم؛ ألنها فضل محض
من هللا.
ٕ -ومنها :ذكر التفصٌل بعد اإلجمال؛ لموله تعالى{ :اهدنا الصراط المستمٌم} :وهذا مجمل؛
{صراط الذٌن أنعمت علٌهم} :وهذا مفصل؛ ألن اإلجمال ،ثم التفصٌل فٌه فابدة :فإن النفس إذا
جاء المجمل تترلب ،وتتشوؾ للتفصٌل ،والبٌان؛ فإذا جاء التفصٌل ورد على نفس مستعدة
لمبوله متشوفة إلٌه؛ ثم فٌه فابدة ثانٌة هنا :وهو بٌان أن الذٌن أنعم هللا علٌهم على الصراط
المستمٌم.
ٖ -ومنها :انمسام الناس إلى ثبلثة ألسام :لسم أنعم هللا علٌهم؛ ولسم مؽضوب علٌهم؛ ولسم
ضالون؛ ولد سبك بٌان هذه األلسام..
سبب خروجهم العناد هم ُ وأسباب الخروج عن الصراط المستمٌم :إما الجهل؛ أو العناد؛ والذٌن
المؽضوب علٌهم .وعلى رأسهم الٌهود؛ واآلخرون الذٌن سبب خروجهم الجهل كل من ال ٌعلم
الحك .وعلى رأسهم النصارى؛ وهذا بالنسبة لحالهم لبل البعثة .أعنً النصارى؛ أما بعد البعثة
فمد علموا الحك ،وخالفوه؛ فصاروا هم ،والٌهود سوا ًء .كلهم مؽضوب علٌهم.
ٗ -ومن فوابد اآلٌتٌن :ببلؼة المرآن ،حٌث جاء التعبٌر عن المؽضوب علٌهم باسم المفعول
الدال على أن الؽضب علٌهم حاصل من هللا تعالى ،ومن أولٌابه.
٘-ومنها :أنه ٌمدم األشد ،فاألشد؛ ألنه تعالى لدم المؽضوب علٌهم على الضالٌن؛ ألنهم أشد
مخالفة للحك من الضالٌن؛ فإن المخالؾ عن علم ٌصعب رجوعه .بخبلؾ المخالؾ عن جهل.
وهذا الذي سردناه فً تفسٌر السورة ،لطرة من بحر؛ ومن أراد التوسع فً ذلن
فؤنصحه بكتاب "مدارج السالكٌن" البن المٌم رحمه هللا .وهللا الموفك.
-------------------------------------------------
انتهى الجزء األول من التفسٌر ،وٌلٌه الجزء الثانً بإذن هللا،
وبداٌته تفسٌر اآلٌة ( )8من سورة البمرة.