You are on page 1of 272

‫الكِفاية‬

‫يف التَّفسريِ بِاملأْثو ِر والدِّراية‬


‫تؤلٌؾ الفمٌر إلى رحمة ربه‬
‫د‪.‬عبدهللا خضر حمد‬
‫الجزء األول‬
‫الممدمة والتمهٌد وتفسٌر سورة الفاتحة‬
‫الطبعة األولى‬
‫‪ ٖٔٗ1‬هـ ‪ ٕٓٔ2 -‬م‬
‫حموق النسخ والطبع والنشر مسموح بها لكل مسلم‬
‫الرلم الدولی(‪55ٖ٘-2ٕ-2ٔ٘-٘:)ISBN‬‬
‫الطبعة األولى‬
‫‪ ٖٔٗ1‬هـ ‪ ٕٓٔ2 -‬م‬
‫الناشر‪ :‬دار الملم‬
‫بٌروت ‪ -‬لبنان‬
‫الر ِح ٌِم}‬
‫الر ْح َم ِن ه‬
‫َّللا ه‬
‫س ِم ه ِ‬
‫{ ِب ْ‬
‫الممدمة‬
‫بسم ميحرلا نمحرلا هللا‬
‫إن الحمد هلل‪ ،‬نحمده‪ ،‬ونستعٌنه‪ ،‬ونستؽفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا‪ ،‬ومن سٌبات‬
‫أعمالنا‪ ،‬من ٌهده هللا فبل مضل له‪ ،‬ومن ٌضلل‪ ،‬فبل هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال‬
‫شرٌن له‪ ،‬وأشهد أن دمحما عبده ورسوله ‪ٌَ{ ،‬اأٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َمنُوا اتَّمُوا َّ‬
‫َّللاَ َح َّك تُمَاتِ ِه َوال ت َ ُموت ُ َّن إِال‬
‫اح َدةٍ َو َخلَكَ‬ ‫اس اتَّمُوا َربَّ ُك ُم الَّذِي َخلَمَ ُك ْم ِم ْن نَ ْف ٍس َو ِ‬ ‫َوأ َ ْنت ُ ْم ُم ْس ِل ُمونَ }[آل عمران‪ٌَ{.]ٕٔٓ :‬اأٌَُّ َها النَّ ُ‬
‫ام ِإ َّن َّ‬
‫َّللاَ َكانَ‬ ‫سا َءلُونَ بِ ِه َو ْ‬
‫األر َح َ‬ ‫َّللاَ الَّذِي ت َ َ‬ ‫سا ًء َواتَّمُوا َّ‬
‫ٌرا َونِ َ‬ ‫ث ِم ْن ُه َما ِر َجاال َكثِ ً‬ ‫ِم ْن َها زَ ْو َج َها َوبَ َّ‬
‫َ‬
‫صلِحْ لَ ُك ْم أ ْع َمالَ ُك ْم‬‫سدٌِدًا * ٌُ ْ‬ ‫ُ‬
‫َّللاَ َولُولوا لَ ْوال َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫علَ ٌْ ُك ْم َرلٌِبًا ] [النساء ‪ٌَ {.]ٔ :‬اأٌُّ َها الذٌِنَ آ َمنُوا اتَّمُوا َّ‬ ‫َ‬
‫ع ِظٌ ًما}[األحزاب ‪.]2ٔ ، 2ٓ :‬‬ ‫سولَهُ فَمَ ْد فَازَ فَ ْو ًزا َ‬ ‫َوٌَ ْؽ ِف ْر لَ ُك ْم ذُنُوبَ ُك ْم َو َم ْن ٌ ُِطعِ َّ َ‬
‫َّللا َو َر ُ‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫ٌعد تفسٌر المرآن الكرٌم الركٌزة المهمة لدارسً العلوم اإلسبلمٌة‪ ،‬والدراسات المرتكزة‬
‫علٌها‪ ،‬كالدراسات االسبلمٌة‪ ،‬والثمافة اإلسبلمٌة‪...‬الخ‪ ،‬والتفسٌر هو فهم المرآن الكرٌم‪ ،‬وفك‬
‫إحدى مدارس المفسرٌن‪ ،‬كالمدرسة اللؽوٌة‪ ،‬والمدرسة الموضوعٌة‪ ،‬والمدرسة اإلعجازٌة‪،‬‬
‫وتفسٌر المرآن بالمرآن‪ ،‬وتفسٌر المرآن بالسنّة النبوٌة‪ ،‬إلى ؼٌرها من المدارس األخرى‪ ،‬وتإكد‬
‫نتابج الدراسات التً أجرٌت أخٌرا ً حول موضوع تفسٌر المرآن ومصادره‪ ،‬كدراسة عبد العلٌم‬
‫صبّاح(‪ ،)ٔ555‬ودراسة دمحم عبد النبً محمود (ٕٗٓٓ)‪ ،‬وؼٌرها من الدراسات بؤن دراسة‬
‫التفسٌر لها أهمٌة كبٌرة للطلبة فً كافة مراحل التعلٌم‪ ،‬سواء على الصعٌد الجامعً‪ ،‬أو التعلٌم‬
‫فً الدراسات العلٌا‪ ،‬وأكدّت هذه الدراسات على أن للتفسٌر دورا ً كبٌرا ً فً فهم ممصود المولى‬
‫– عز وجل – فً آٌاته فً كافة الولابع واألحداث‪ ،‬كما أشارت دراسة عبد الوافً‬
‫المعلم(‪ ،)ٔ552‬بؤن عن طرٌك دراسة تفسٌر المرآن الكرٌم ٌمكن الولوؾ على بعض األلفاظ‬
‫الؽرٌبة فً المرآن الكرٌم‪ ،‬ومعرفة أسباب نزول اآلٌات المرآنٌة الكرٌمة ‪.‬‬
‫ولد أفرد اإلمام المرطبً فً ممدمة تفسٌره بابا ً س ّماه‪ " :‬باب ما جاء فً إعراب المرآن‬
‫وتعلٌمه والحث علٌه‪ ،‬وثواب من لرأ المرآن معرباً"(ٔ)‪ ،‬ضمنه مجموعة من األحادٌث واألخبار‬
‫التً تدل فً مجموعها على تفضٌل من لرأ المرآن معربا ً وذم اللحن فٌه وذلن "صونا ً من‬
‫تحرٌؾ الكلم عن مواضعه ودرءا ً للخروج على مراد اهلل تبارن وتعالى"(ٕ)‪.‬‬
‫ومن االحادٌث واألخبار فً هذا الشؤن ما رواه أبو هرٌرة رضً هللا عنه أن النبً صلى هللا‬
‫علٌه وسلم لال‪ " :‬أعربوا المرآن والتمسوا ؼراببه"(ٖ)‪.‬‬

‫(ٔ) الجامع ألحكام المرآن‪ ،‬المرطبً‪.ٕٖ/ٔ :‬‬


‫(ٕ) مدرسة التفسٌر فً األندس‪ ،‬مصطفى إبراهٌم المشنً‪ ،‬مإسسة الرسالة‪ ،‬بٌروت‪ ،‬لبنان‪،‬طٔ‪،ٔ51ٙ ،‬ص‪:‬‬
‫ٖ‪.ٖ5‬‬
‫(ٖ)أخرجه ابن أبً شٌبة (‪ ،)ٔٔٙ /ٙ‬وأبو ٌعلى الموصلً(ٓ‪:)ٙ٘ٙ‬صٔٔ‪ ،ٖٗٙ /‬والحاكم ‪،ٗ22 /ٕ :‬‬
‫والبٌهمً فً شعب اإلٌمان‪ .٘ٗ1 /ٖ :‬وإسناده ضعٌؾ‪.‬‬
‫جودوا المرآن وزٌنوه بؤحسن األصوات‪،‬‬ ‫ولال عبد هللا بن مسعود رضً هللا عنهما‪ّ " :‬‬
‫وأعربوه فإنه عربً‪ ،‬وهللا ٌحب أن ٌعرب به"(ٔ)‪.‬‬
‫ولال أبو بكر(ٕ)‪ ،‬وعمر(ٖ) رضً هللا عنهما‪ " :‬لبعض إعراب المرآن أحب إلٌنا من حفظ‬
‫حروفه"(ٗ)‪.‬‬
‫ولال ابن عمر‪":‬أعربوا المرآن"(٘)‪.‬‬
‫لال السٌوطً‪":‬والممصود من اإلعراب فً هذه النصوص لٌس ما اطلع به علماء النحو‪،‬‬
‫وإنما الممصود تفسٌر ألفاظه وتوضٌح معانٌه وبٌان ؼرٌبه"(‪.)ٙ‬‬
‫فالواجب على العلماء الكشؾ عن معانً كبلم هللا ‪ ،‬وتفسٌر ذلن ‪ ،‬وطلبه من مظانه ‪،‬‬
‫َّللاُ ِمٌثَاقَ الَّذٌِنَ أُوتُوا ْال ِكت َ‬
‫َاب لَتُبٌَِّنُنَّهُ ِللنَّا ِس َوال‬ ‫وت َعلُّم ذلن وتعلٌمه ‪ ،‬كما لال تعالى ‪َ [ :‬و ِإ ْذ أ َ َخذَ َّ‬
‫س َما ٌَ ْشت َُرونَ ] [آل عمران ‪، ]ٔ12 :‬‬ ‫ور ِه ْم َوا ْشت ََر ْوا بِ ِه ث َ َمنًا لَ ِلٌبل فَبِبْ َ‬ ‫ظ ُه ِ‬ ‫ت َ ْكت ُ ُمونَهُ فَنَبَذُوهُ َو َرا َء ُ‬
‫َّللاِ َوأ َ ٌْ َمانِ ِه ْم ث َ َمنًا لَ ِلٌبل أُولَبِنَ ال خَبلقَ لَ ُه ْم فًِ اآل ِخ َرةِ َوال‬ ‫ولال تعالى ‪ِ [ :‬إ َّن الَّذٌِنَ ٌَ ْشت َُرونَ بِ َع ْه ِد َّ‬
‫ع َذابٌ أ َ ِلٌ ٌم ] [آل عمران ‪.]22 :‬‬ ‫ظ ُر ِإلَ ٌْ ِه ْم ٌَ ْو َم ْال ِمٌَا َم ِة َوال ٌُزَ ِ ّكٌ ِه ْم َولَ ُه ْم َ‬ ‫ٌُ َك ِلّ ُم ُه ُم َّ‬
‫َّللاُ َوال ٌَ ْن ُ‬
‫فذ ّم هللا تعالى أهل الكتاب لبلنا بإعراضهم عن كتاب هللا إلٌهم ‪ ،‬وإلبالهم على الدنٌا‬
‫وجمعها ‪ ،‬واشتؽالهم بؽٌر ما أمروا به من اتباع كتاب هللا‪ ،‬فعلٌنا أن ننتهً عما ذ َّمهم هللا تعالى‬
‫به‪ ،‬وأن نؤتمر بما أمرنا به‪ ،‬من ت َ َعلُّم كتاب هللا المنزل إلٌنا وتعلٌمه‪ ،‬وتفهمه وتفهٌمه ‪ ،‬لال هللا‬
‫ك َوال ٌَ ُكونُوا َكالَّذٌِنَ‬ ‫َّللا َو َما نز َل ِمنَ ْال َح ّ ِ‬
‫ش َع لُلُوبُ ُه ْم ِل ِذ ْك ِر َّ ِ‬ ‫تعالى ‪ [ :‬أَلَ ْم ٌَؤ ْ ِن ِللَّذٌِنَ آ َمنُوا أ َ ْن ت َْخ َ‬
‫ٌر ِم ْن ُه ْم فَا ِسمُونَ * ا ْعلَ ُموا أ َ َّن َّ َ‬
‫َّللا ٌُحْ ًٌِ‬ ‫ت لُلُوبُ ُه ْم َو َكثِ ٌ‬ ‫س ْ‬ ‫علَ ٌْ ِه ُم األ َم ُد فَمَ َ‬
‫طا َل َ‬ ‫َاب ِم ْن لَ ْب ُل فَ َ‬ ‫أُوتُوا ْال ِكت َ‬
‫ت لَ َعلَّ ُك ْم ت َ ْع ِملُونَ ] [الحدٌد ‪ .]ٔ2 ، ٔٙ :‬ففً ذكره تعالى لهذه‬ ‫ض َب ْع َد َم ْوتِ َها لَ ْد بٌََّنَّا لَ ُك ُم اآل ٌَا ِ‬ ‫األر َ‬ ‫ْ‬
‫اآلٌة بعد التً لبلها تنبٌه على أنه تعالى كما ٌحًٌ األرض بعد موتها ‪ ،‬كذلن ٌلٌن الملوب‬

‫(ٔ)النشر ٔ‪ ،ٕٔٓ /‬وانظره فً "الوجٌز" للمرطبً ص‪ ،11‬وٌإٌده ما ُروي عن البراء بن عازب من لول‬
‫الرسول ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬زٌنوا المرآن بؤصواتكم" وهو صحٌح اإلسناد‪ .‬أخرجه أحمد ٗ‪ ،ٖٓٗ ،ٕ5ٙ ،ٕ1٘ /‬وأبو داود ٕ‪/‬‬
‫ٗ‪ ،2‬برلم‪ ،ٔٗٙ1 :‬والنسابً ٕ‪ ،ٔ1ٓ ،ٔ25 /‬برلم‪ ،ٔٓٔٙ ،ٔٓٔ٘ :‬وابن ماجه ٔ‪ ،ٕٗٙ /‬برلم‪،ٖٕٔٗ :‬‬
‫والدارمً ٕ‪ ،٘ٙ٘ /‬برلم‪ ،ٖ٘ٓٓ :‬والحاكم فً المستدرن ٔ‪ ،٘2٘-٘2ٔ /‬والطٌالسً فً مسنده‪ ،‬انظر‪ :‬منحة‬
‫المعبود ٕ‪ ،ٖ /‬برلم‪.ٔ11ٙ :‬‬
‫َّللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬وأفضل األمة ‪ ،‬وأحد المبشرٌن بالجنة‬
‫َّللا بن أبً لحافة بن عامر ‪ ،‬خلٌفة رسول ّ‬
‫(ٕ) هو ‪ :‬أبو بكر عبد ّ‬
‫‪ ،‬هو أشهر من أن ٌعرؾ ‪ .‬توفً سنة (ٖٔهـ) وله (ٖ‪ )ٙ‬سنة ‪ .‬وسٌرته ومنالبه فً أؼلب كتب التارٌخ ‪ ،‬أفرد‬
‫له المحب الطبري مجلدا خاصا من أربعة مجلدات فً ترجمته للعشرة المبشرٌن بالجنة فً كتابه المسمى‬
‫(الرٌاض النضرة)‪[ .‬انظر ‪ :‬تذكرة الحفاظ ‪ ،ٗ \ٔ:‬وشذرات الذهب‪.]ٕٗ \ ٔ:‬‬
‫َّللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬بالفاروق ‪ ،‬وتولى الخبلفة‬
‫(ٖ) هو ‪ :‬عمر بن الخطاب بن نفٌل بن عبد العزى بن رباح ‪ .‬لمبه رسول ّ‬
‫بعد أبً بكر الصدٌك ‪ ،‬ولمب بؤمٌر المإمنٌن ‪ ،‬وأحد العشرة المبشرٌن بالجنة ‪ .‬لتله أبو لإلإة المجوسً ؼبلم‬
‫المؽٌرة سنة ٖٕ هـ ‪ ،‬وعمره (ٖ‪ )ٙ‬سنة‪[ .‬انظر ‪ :‬تذكرة الحفاظ‪ ،1 \ٔ :‬وشذرات الذهب‪.]ٖٖ \ ٔ:‬‬
‫(ٗ) حكاه عنهما المرطبً فً تفسٌره‪ ،ٕٖ/ٔ :‬ولم أجده بهذا اللفظ وإنما أخرجه ابن أبً شٌبة فً مصنفه عن‬
‫عمر أنه كتب إلى أبً موسى األشعري فمال ‪'' :‬أما بعد ‪ :‬فتفمهوا فً السنة وتفمهوا فً العربٌة وأعربوا المرآن‬
‫فإنه عربً فتمعددوا فإنكم معدٌون'' ‪ .‬أ ‪ .‬هـ ‪ .‬أي تشبهوا بجدكم معد بن عدنان ‪ ،‬انظر ‪ :‬المصنؾ (ٓٔ \‬
‫‪.)ٗ٘ٙ‬‬
‫(٘) أخرجه أبو علً الصواؾ فً " الفوابد " ( ٖ‪ ) ٕ/ٔٙٔ/‬و أبو علً الهروي فً " األول من الثانً من‬
‫الفوابد " ( ‪ ) ٕ/ٔ1‬عن لٌث عن طلحة بن مصرؾ عن إبراهٌم عن علممة عن عبد هللا مرفوعا وإسناده‬
‫ضعٌؾ‪ .‬انظر‪ :‬السلسلة الضعٌفة والموضوعة‪ ،‬لؤللبانً‪.ٕ٘ٔ/ٖ:‬‬
‫(‪ )ٙ‬اإلتمان‪ ،‬السٌوطً‪.ٕٕٗ/ٕ :‬‬
‫باإلٌمان بعد لسوتها من الذنوب والمعاصً ‪ ،‬وهللا المإمل المسإول أن ٌفعل بنا ذلن ‪ ،‬إنه جواد‬
‫كرٌم‪.‬‬
‫المنهج فً التفسٌر‬
‫الم ْن َها ُج ) مثله و (نَ َه َج ) الطرٌك (‬ ‫المنهج لؽة‪ :‬نَ َه َج‪ :‬الطرٌك الواضح و ( ال َم ْن َه ُج ) و ( ِ‬
‫ٌَ ْن َه ُج ) بفتحتٌن ( نُ ُهو ًجا ) وضح و استبان و ( أ َ ْن َه َج ) باأللؾ مثله و ( نَ َهجْ تُهُ ) و ( أ ْن َهجْ تُهُ )‬
‫َ‬
‫أوضحته ٌستعمبلن الزمٌن و متعدٌٌن(ٔ) نهج النهج‪ :‬الطرٌك الواضح‪ ،‬وكذلن المنهج والمنهاج‪.‬‬
‫وأنهج الطرٌك‪ ،‬أي استبان وصار نهجا واضحا بٌنا‪ ،‬لال ٌزٌد بن الخذاق العبدى(ٕ)‪:‬‬
‫الن وال ُه َدى ٌُ ْعدِي‬ ‫سبُ ُل ال َم َ‬
‫س ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌك وأ َ ْنه َج ْ‬
‫ت‬ ‫الط ِر ُ‬‫ضا َء لَنَ َّ‬ ‫ولَمَ ْد أ َ َ‬
‫ونهجت الطرٌك‪ ،‬إذا أبنته وأوضحته‪ٌ ،‬مال‪ :‬اعمل على ما نهجته لن‪ ،‬ونهجت الطرٌك أٌضا‪،‬‬
‫{وأَنزَ ْلنَا ِإلٌَْنَ ْال ِكت َ‬
‫(ٖ)‪،‬‬
‫َاب‬ ‫إذا سلكته‪ .‬وفبلن ٌستنهج سبٌل فبلن‪ ،‬أي ٌسلن مسلكه وفً التنزٌل َ‬
‫َّللاُ َوالَ تَتَّبِ ْع أ َ ْه َواء ُه ْم‬
‫علَ ٌْ ِه فَاحْ ُكم بَ ٌْنَ ُهم بِ َما أَنزَ َل ّ‬
‫ب َو ُم َهٌ ِْمنًا َ‬ ‫ص ِ ّدلًا ِلّ َما بٌَْنَ ٌَ َد ٌْ ِه ِمنَ ْال ِكت َا ِ‬
‫ك ُم َ‬ ‫بِ ْال َح ّ ِ‬
‫اح َدة ً َولَ ِكن‬ ‫َّللاُ لَ َج َعلَ ُك ْم أ ُ َّمةً َو ِ‬
‫عةً َو ِم ْن َها ًجا َولَ ْو شَاء ّ‬ ‫ك ِل ُك ّل َج َع ْلنَا ِمن ُك ْم ِش ْر َ‬ ‫ع َّما َجاءنَ مِنَ ْال َح ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ت ِإلَى هللا َم ْر ِجعُ ُك ْم َج ِمٌعًا فٌَُنَبِّب ُ ُكم بِ َما ُكنت ُ ْم فٌِ ِه‬ ‫ِلٌَّ ْبل َو ُك ْم فًِ َمآ آت َا ُكم فَا ْستَبِمُوا ال َخٌ َْرا ِ‬ ‫ُ‬
‫ت َْخت َ ِلفُونَ }(المابدة‪. )ٕ()ٗ1 :‬‬
‫والمنهج اصطبلحا ً ‪ :‬هو فن التنظٌم الصحٌح لسلسلة من األفكار العدٌدة‪ ،‬إما من أجل‬
‫الكشؾ عن حمٌمة حٌن نكون بها جاهلٌن ‪ ،‬وإما من أجل البرهنة علٌها لآلخرٌن حٌن نكون بها‬
‫عارفٌن "(ٖ) وهذا تعرٌؾ عام لمنهج البحث العلمً والتعرٌؾ االصطبلحً العام هو لرٌب من‬
‫التعرٌؾ اللؽوي ألن كلٌهما ٌعتمد على التوضٌح واالستبانة للطرٌك‪.‬‬
‫وٌعرؾ المنهج بؤنه "أداة التربٌة ووسٌلتها‪ ،‬وهو ذلن الطرٌك الواضح الذي ٌسلكه‬
‫المربً أو المدرس مع َم ْن ٌربٌهم لتنمٌة معارفهم‪ ،‬ومهاراتهم‪ ،‬واتجاهاتهم‪ ،‬أو هو مجموع‬
‫الخبرات التربوٌّة‪ ،‬والثمافٌّة‪ ،‬واالجتماعٌّة‪ ،‬والرٌاضٌّة‪ ،‬والفنٌّة‪ ،‬التً ٌهٌبها المدرس لتبلمٌذه‬
‫داخل المدرسة وخارجها بمصد مساعدتهم على النّمو الشامل فً جمٌع النواحً وتعدٌل سلوكهم‬
‫طبما ً ألهدافها التربوٌّة"(ٕ)‪.‬‬
‫فإن للمنهج أربعة أركان‬ ‫ً المعاصر؛ َّ‬ ‫وانطبللا ً من هذا المفهوم الشامل للمنهج الدراس ّ‬
‫ربٌسٌة‪:‬‬
‫أولها‪ :‬األهداؾ التربوٌّة‪.‬‬
‫ثانٌها‪ :‬المادة العلمٌّة الشاملة للمعارؾ‪ ،‬وأوجه النشاط والخبرات التً تتك ّون منها مادة المنهج‪.‬‬
‫طرق وأسالٌب التدرٌس المتبعة مع التبلمٌذ لدفعهم إلى التعلُّم وتحمٌك أهدافه المرسومة‪.‬‬ ‫ثالثها‪ُ :‬‬

‫(ٔ) مصباح المنٌر ٕ‪.ٕٙ2/‬‬


‫(ٕ) دٌوان المفضلٌات‪ ،‬المفضل الضبً‪ ،‬تحمٌك‪ :‬احمد شاكر وعبدالسبلم دمحم هارون‪ ،‬دار المعرؾ‪ ،‬ط‪:ٙ‬‬
‫ٔ‪.ٕ5ٙ/‬‬
‫(ٖ) صحاح تاج اللؽة وصحاح العربٌة‪ .‬تؤلٌؾ‪ :‬إسماعٌل بن حماد الجوهري‪ .‬تحمٌك‪ :‬أحمد عبد الؽفور عطار‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬دار العلم للمبلٌٌن ‪ -‬بٌروت‪ .‬الطبعة‪ :‬الرابعة ‪ ٔٗٓ2‬ه ‪ ٔ512 -‬م‪ ،ٖٗٙ/ٔ .‬و ابن منظور ‪ ،‬لسان‬
‫العرب (ٕ ‪. ) ٖ1ٖ/‬‬
‫(ٕ) ابن منظور ‪ ،‬لسان العرب (ٕ ‪. ) ٖ1ٖ/‬‬
‫(ٖ) عبد الفتاح خضر ‪ ،‬أزمة البحث العلمً فً العالم العربً ص ٕٔ ‪.‬‬
‫(ٕ) فلسفة التّربٌة‪ :‬د‪ .‬الدمرداش ود‪ .‬منٌر‪.ٖٓٔ/ٔ ،‬‬
‫طرق التموٌم والمٌاس(ٕ)‪.‬‬ ‫رابعها‪ُ :‬‬
‫ً فإنَّه ٌعرؾ بؤنَّه لانون الحٌاة الذي أنزله هللا سبحانه إلى الجنس‬ ‫أ َّما المنهج اإلسبلم ّ‬
‫ً لٌح ّكموه فً حٌاتهم وشإونهم المختلفة‪ ،‬وهو منهج ٌتجاوب مع الفطرة اإلنسانٌّة التً‬ ‫اإلنسان ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فطر هللا تعالى الناس علٌها‪ ،‬وهللا أعلم بها؛ ألنَّه خالمها‪ ،‬لال تعالى‪[ :‬أ َال ٌَ ْعل ُم َم ْن َخلكَ َو ُه َو‬
‫أن الخالك أعلم بتصمٌم منهاج الحٌاة من اإلنسان الذي ٌجهل‬ ‫ٌر} [الملن‪ ،]ٔٗ :‬ذلن َّ‬ ‫ٌؾ ْال َخبِ ُ‬ ‫اللَّ ِط ُ‬
‫ض َو َال خ َْلكَ أ َ ْنفُ ِس ِه ْم‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِ‬ ‫س َم َاوا ِ‬‫طبٌعة نفسه وطبٌعة عمله‪ ،‬لال تعالى‪َ [ :‬ما أ َ ْش َه ْدت ُ ُه ْم خ َْلكَ ال َّ‬
‫ضدًا}[الكهؾ‪.]٘ٔ :‬‬ ‫ع ُ‬ ‫ض ِلٌّنَ َ‬‫َو َما ُك ْنتُ ُمت َّ ِخ َذ ْال ُم ِ‬
‫ظاه ًِرا مِنَ ْال َحٌَاةِ‬ ‫إن اإلنسان ٌعلم ما ٌبدو له من ظاهر الحٌاة الدنٌا‪ ،‬لال تعالى‪ْ ٌَ{ :‬علَ ُمونَ َ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫ع ِن اآل ِخ َرةِ ُه ْم ؼَافِلونَ }[الروم‪.]2 :‬‬ ‫ْ‬ ‫ال ُّد ْنٌَا َو ُه ْم َ‬
‫ً ال ُم ْنزَ ل فً جمٌع األدٌان متفك‬ ‫ي الربان ّ‬ ‫فإن اإلطار العام لهذا المنهج التربو ّ‬ ‫ومن هنا؛ َّ‬
‫ألن الناس جمٌعا ً صفتهم الفطرة مشتركة‬ ‫فً تجاوبه مع الفطرة اإلنسانٌّة الكامنة فً كل إنسان؛ َّ‬
‫عمبلً‪ ،‬ونفساً‪ ،‬وروحاً‪ ،‬وللباً‪ ،‬وجسماً‪ ،‬فهو منهاج متكامل لئلنسان فً هذه المجاالت الخمسة‪ ،‬لال‬
‫َّللاِ َذلِنَ ال ِد ُ‬
‫ٌّن‬ ‫ك َّ‬ ‫علَ ٌْ َها َال ت َ ْبدٌِ َل ِلخ َْل ِ‬‫اس َ‬ ‫ط َر النَّ َ‬ ‫َّللاِ الَّتًِ فَ َ‬‫ط َرتَ َّ‬ ‫ٌّن َحنٌِفًا فِ ْ‬
‫تعالى‪( :‬فَؤَلِ ْم َوجْ َهنَ ِلل ِد ِ‬
‫اس َال ٌَ ْعلَ ُمونَ }[الروم‪.]ٖٓ :‬‬ ‫ْالمٌَِّ ُم َولَ ِك َّن أ َ ْكث َ َر النَّ ِ‬
‫سرون فً‬ ‫طرق التً ٌتبعها المف ِ ّ‬ ‫سرٌن"‪" :‬ال ُ‬ ‫وبنا ًء على ما تمدّم؛ فإنَّا نمصد بـ "مناهج المف ّ‬
‫أن منهم الذي ٌعتمد على الرواٌة‪ ،‬ومنهم َم ْن ٌعتمد على الدّراٌة‪،‬‬ ‫تفسٌر كتاب هللا تعالى"‪ .‬ذلن َّ‬
‫ً والمجال الذي‬ ‫شخص ّ‬ ‫ومنهم َم ْن ٌجمع بٌن الرواٌة والدّراٌة‪ ،‬ومنهم َم ْن ٌعتمد على الفهم ال َّ‬
‫صص فٌه‪.‬‬ ‫تخ َّ‬
‫ً"‪،‬‬ ‫ومن هنا برزت عدّة مس ّمٌات‪ ،‬منها‪" :‬التَّفسٌر بالمؤثور"‪" ،‬التَّفسٌر الموضوع ّ‬
‫ً"‬ ‫ً"‪ ،‬و"التَّفسٌر البدع ّ‬ ‫ي"‪" ،‬التفسٌر العلم ّ‬ ‫ً النَّظر ّ‬ ‫ي"‪" ،‬التَّفسٌر الصوف ّ‬ ‫ً اإلشار ّ‬ ‫"التَّفسٌر الصوف ّ‬
‫ً الكرٌم‪.‬‬ ‫الذي ٌإول كبلم هللا وٌح ّمله معانً فاسدة وبعٌدة عن النَّص المرآن ّ‬
‫سر المرآن بالمرآن‪ ،‬ومن ثم بالسنة‪ ،‬فإنها شارحة للمرآن‬ ‫إن أصح الطرق فً ذلن أن ٌُفَ َّ‬
‫وموضحة له ‪ ،‬كما لال الشافعً‪-‬رحمه هللا‪" :-‬كل ما حكم به رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص فهو مما فهمه من‬
‫َّللاُ َوال ت َ ُك ْن‬ ‫اس ِب َما أ َ َرانَ َّ‬ ‫ك ِلتَحْ ُك َم بٌَْنَ النَّ ِ‬ ‫َاب ِب ْال َح ّ ِ‬
‫نزلنَا ِإلٌَْنَ ْال ِكت َ‬ ‫المرآن‪ .‬لال هللا تعالى ‪ { :‬إِنَّا أ َ ْ‬
‫اس َما نز َل‬ ‫نزلنَا ِإلٌَْنَ ال ِذّ ْك َر ِلتُبَ ٌِّنَ ِللنَّ ِ‬‫َصٌ ًما } [ النساء ‪ ، ]ٔٓ٘ :‬ولال تعالى ‪َ { :‬وأ َ ْ‬ ‫ِل ْلخَا ِبنٌِنَ خ ِ‬
‫َاب ِإال ِلتُبَ ٌِّنَ لَ ُه ُم‬ ‫علٌَْنَ ْال ِكت َ‬ ‫ِإلَ ٌْ ِه ْم َولَ َعلَّ ُه ْم ٌَتَفَ َّك ُرونَ } [ النحل ‪ ، ]ٗٗ :‬ولال تعالى ‪َ { :‬و َما أ َ ْ‬
‫نزلنَا َ‬
‫اختَلَفُوا ِفٌ ِه َو ُهدًى َو َرحْ َمةً ِلمَ ْو ٍم ٌُإْ ِمنُونَ } [النحل ‪.)ٔ("]ٙٗ :‬‬ ‫الَّذِي ْ‬
‫وعن أٌوب السختٌانً أن رجبل لال لمطرؾ بن عبد هللا بن الشخٌر ‪-‬وهو من كبار‬
‫التابعٌن (ت ٘‪ 5‬هـ)‪ :‬ال تحدثونا إال بالمرآن‪ ،‬فمال له مطرؾ‪" :‬وهللا ما نرٌد بالمرآن بدال‪ ،‬ولكن‬
‫نرٌد من هو أعلم بالمرآن منا"(ٕ)‪.‬‬
‫ولال مكحول الشامً ‪-‬وهو من ثمات التابعٌن وفمهابهم‪( -‬ت ٖٔٔ هـ)‪" :‬المرآن أحوج‬
‫إلى السنة من السنة إلى المرآن"(ٔ)‪.‬‬

‫(ٕ) مناهج الدّراسات اإلسبلمٌة‪ :‬د‪ .‬عابدٌن توفٌك‪.ٖٕ/ٔ ،‬‬


‫(ٔ) مجموع الفتاوى‪ ،‬شٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة‪ ،ٖٖٙ /ٖٔ :‬وتفسٌر ابن كثٌر‪.ٗ/ٔ :‬‬
‫(ٕ)أخرجه أبو خٌثمة فً (كتاب العلم) ص ٔٗ رلم (‪ ،)52‬وابن عبد البر فً (جامع بٌان العلم) ص ٖ‪.٘ٙ‬‬
‫وعن حسان بن عطٌة ‪-‬وهو أحد ثمات التابعٌن‪ ،‬مات بعد سنة ٕٓٔ هـ‪ -‬لال‪" :‬كان‬
‫الوحً ٌنزل على رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬وٌحضره جبرٌل بالسنة التً تفسر ذلن"(ٕ)‪.‬‬
‫ولال ٌحٌى بن أبً كثٌر ‪-‬وهو من صؽار التابعٌن الثمات األثبات‪ ،‬ت ‪ ٕٔ5‬هـ‪" :-‬السنة‬
‫لاضٌة على الكتاب‪ ،‬ولٌس الكتاب بماض على السنة" (ٖ)‪.‬‬

‫(ٔ)أخرجه المروزي فً (السنة) رلم (ٗٓٔ)‪ ،‬وابن شاهٌن فً (شرح مذاهب أهل السنة) رلم (‪ ،)ٗ1‬وابن بطة‬
‫فً (اإلبانة الكبرى) رلم (‪ ،)15‬والخطٌب فً (الكفاٌة) ص ٗٔ‪ ،‬وأورده ابن عبد البر فً (جامع ببان العلم)‬
‫ص ٖ‪ ،٘ٙ‬وعزاه إلى سعٌد بن منصور‪.‬‬
‫وجاء هذا عن اإلمام األوزاعً ‪-‬راوٌه عن مكحول‪ ،‬وهو من كبار أتباع التابعٌن‪ ،‬وأبمة الفمه‬
‫المشهورٌن‪ ،‬ت ‪ ٔ٘2‬هـ‪ -‬أنه لال‪" :‬الكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب"‪ .‬أورده ابن عبد البر فً‬
‫(جامع بٌان العلم وفضله) ص ٖ‪ ،٘ٙ‬وعلك علٌه فمال‪ٌ" :‬رٌد أنها تمضً علٌه وتبٌن المراد منه ‪ ،‬وهذا نحو‬
‫لولهم‪ :‬ترن الكتاب موضعا للسنة‪ ،‬وتركت السنة موضعا للرأي"‪.‬‬
‫وجاء أٌضا عن حماد بن زٌد ‪-‬وهو من أتباع التابعٌن‪ ،‬مات سنة ‪ ٔ25‬هـ‪ -‬لال‪ " :‬إنما هو الكتاب‬
‫والسنة‪ ،‬والكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب" أخرجه الخطٌب فً (الفمٌه والمتفمه) ٔ‪ ٕٖٔ :‬رلم‬
‫(ٖٕٔ)‪.‬‬
‫(ٕ)أخرجه بهذا اللفظ‪ :‬ابن عبد البر فً (جامع بٌان العلم) ص ٖ‪ ،٘ٙ‬وذكره المرطبً فً تفسٌره ٔ‪.ٖ5 :‬‬
‫وأخرجه الخطٌب فً (الكفاٌة) ص ٘ٔ‪ ،‬ولفظه‪( :‬كان جبرابٌل ٌنزل على النبً ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬بالمرآن‪ ،‬والسنة تفسر‬
‫المرآن)‪.‬‬
‫وأخرجه الدارمً رلم (‪ )٘11‬فً الممدمة‪ :‬باب السنة لاضٌة على كتاب هللا ‪ ،‬والمروزي فً (السنة) رلم‬
‫(ٕٓٔ) (ٕٓٗ)‪ ،‬ونعٌم بن حماد فً زوابده على (الزهد) ص ‪ ٖٗ5‬رلم (ٔ‪ ،)5‬وابن بطة فً (اإلبانة الكبرى)‬
‫رلم (ٕ‪ ،)5‬والبللكابى فً (شرح أصول اعتماد أهل السنة) ٔ‪ 1ٖ :‬رلم (‪ )55‬والخطٌب البؽدادي فً (الفمٌه‬
‫والمتفمه) ٔ‪ ٕٙ2 - ٕٙٙ :‬رلم (‪ ،)ٕ2ٓ( )ٕٙ5( )ٕٙ1‬وفً (الكفاٌة) ص ٕٔ بنحوه‪ .‬وصحح إسناده ابنُ حجر‬
‫فً (فتح الباري) ٖٔ‪.ٖٓ٘ :‬‬
‫(ٖ)أخرجه الدارمً رلم (‪ )٘12‬فً الممدمة‪ :‬باب السنة لاضٌة على كتاب هللا‪ ،‬والمروزي فً (السنة) رلم‬
‫(ٖٓٔ)‪ ،‬وابن شاهٌن فً (شرح مذاهب أهل السنة) رلم (‪ ،)ٗ2‬وابن بطة فً (اإلبانة الكبرى) رلم (ٓ‪)5‬‬
‫(ٔ‪ ،)5‬والخطٌب فً (الكفاٌة) ص ٗٔ‪ .‬وأورده ابن لتٌبة فً (تؤوٌل مختلؾ الحدٌث) ص ٓ‪ ٖ1‬وعلك علٌه‬
‫فمال‪" :‬أراد أنها مبٌنة للكتاب‪ ،‬منببة عما أراد هللا تعالى فٌه"‪ .‬وأورده السٌوطً فً (مفتاح الجنة) ص ٔ‪،5‬‬
‫{وأَ ْنزَ ْلنَا‬
‫وعمب علٌه فمال‪" :‬لال البٌهمً‪ :‬ومعنى ذلن أن السنة مع الكتاب ألٌمت ممام البٌان عن هللا ‪،‬كما لال هللا‪َ :‬‬
‫إِلٌَْنَ ال ِذّ ْك َر ِلتُبٌَِّنَ ِللنَّ ِ‬
‫اس َما نُ ِ ّز َل إِلَ ٌْ ِه ْم}‪ ،‬ال أن شٌبًا من السنن ٌخالؾ الكتاب"‪.‬‬
‫للت ‪-‬المابل السٌوطً‪" :-‬والحاصل أن معنى احتٌاج المرآن إلى السنة؛ أنها مبٌنة له‪ ،‬ومفصلة لمجمبلته‪ ،‬ألن فً‬
‫ِل َوجازته كنوز تحتاج إلى من ٌعرؾ خفاٌا خباٌاها فٌبرزها‪ ،‬وذلن هو المنزل علٌه ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬وهو معنى كون السنة‬
‫لاضٌة علٌه‪ ،‬ولٌس المرآن مبٌنا للسنة وال لاضٌا علٌها‪ ،‬ألنها بٌنة بنفسها إذ لم تصل إلى حد المرآن فً االعجاز‬
‫واإلٌجاز‪ ،‬ألنها شرح له‪ ،‬وشؤن الشرح أن ٌكون أوضح وأبٌن وأبسط من المشروح‪ ،‬وهللا أعلم"‪.‬‬
‫وجاء هذا عن األوزاعً لال‪" :‬إن السنة جاءت لاضٌة على الكتاب‪ ،‬ولم ٌجًء الكتاب لاضٌا على‬
‫السنة"‪ .‬أخرجه الحاكم فً (معرفة علوم الحدٌث) ص ٘‪.ٙ‬‬
‫ولال الفضل بن زٌاد‪ :‬سمعت أحمد بن حنبل ‪-‬وسبل عن الحدٌث الذي روي أن السنة لاضٌة على الكتاب‪ -‬لال‪:‬‬
‫"ما أجسر على هذا أن ألوله‪ ،‬ولكن السنة تفسر الكتاب‪ ،‬وتعرؾ الكتاب‪ ،‬وتبٌنه)‪ .‬أخرجه الخطٌب فً (الكفاٌة)‬
‫ص ٗٔ ‪ ،ٔ٘ -‬وأورده ابن عبد البر فً (جامع بٌان العلم) ص ٗ‪ ،٘ٙ‬والمرطبً فً تفسٌره ٔ‪.ٖ5 :‬‬
‫وجاء فً (مسابل اإلمام أحمد) رواٌة ابنه عبد هللا رلم (‪" :)ٔ٘1ٙ‬لال عبد هللا‪ :‬سؤلت أبً ‪ ،‬للت‪ :‬ما‬
‫تمول فً السنة تمضً على الكتاب؟ لال‪ :‬لد لال ذلن لوم منهم مكحول والزهري‪ .‬للت‪ :‬فما تمول أنت؟ لال‪:‬‬
‫ألول‪ :‬السنة تدل على معنى الكتاب"‪ .‬وأخرجه الخطٌب فً (الفمٌه والمتفمه) ٔ‪.ٕٖٔ - ٕٖٓ :‬‬
‫ؼٌر مدرن إال ببٌان من جعل هللا إلٌه‬ ‫ولال اإلمام الطبري ‪-‬رحمه هللا‪" :-‬تؤوٌ ُل المرآن ُ‬
‫بٌان المرآن" (ٔ)‪.‬‬
‫ولال ابن تٌمٌة ‪-‬رحمه هللا‪" :-‬اتفك الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسابر أبمة الدٌن؛‬
‫سر المرآن‪ ،‬وتبٌنه‪ ،‬وتدل علٌه‪ ،‬وتعبر عن مجمله" (ٕ)‪.‬‬ ‫أن السنة تُفَ ِ ّ‬
‫ولال الشاطبً ‪-‬رحمه هللا‪" :-‬ال ٌنبؽً فً االستنباط من المرآن االلتصار علٌه دون‬
‫النظر فً شرحه وبٌانه‪ ،‬وهو‪ :‬السنة"(ٖ)‪.‬‬
‫ولهذا لال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪" :‬أال إنً أوتٌت المرآن ومثله معه" (ٗ)‪ ،‬لال ابن المٌم ‪-‬رحمه‬
‫هللا‪ -‬معلما على الحدٌث‪" :‬هذا هو السنة ببل شن"(٘)‪ ،‬ولال ابن كثٌر‪ٌ":‬عنً ‪ :‬السنة‪ ،‬والسنة أٌضا‬
‫تنزل علٌه بالوحً‪ ،‬كما ٌنزل المرآن؛ إال أنها ال تتلى كما ٌتلى المرآن"(‪ ،)ٙ‬إال أنها ال تتلى كما‬
‫ٌتلى المرآن ‪ ،‬ولد استدل اإلمام الشافعً ‪ ،‬رحمه هللا وؼٌره من األبمة على ذلن بؤدلة كثٌرة لٌس‬
‫هذا موضع ذلن‪.‬‬
‫تفسٌر المرآن منه ‪ ،‬فإن لم تجدْه فمن السنة ‪ ،‬كما لال رسو ُل هللا‬ ‫َ‬ ‫والؽرض أنن تطلب‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص لمعاذ حٌن بعثه إلى الٌمن ‪" :‬بم تحكم ؟ "‪ .‬لال ‪ :‬بكتاب هللا‪ .‬لال ‪" :‬فإن لم تجد ؟"‪ .‬لال ‪ :‬بسنة‬
‫رسول هللا‪ .‬لال ‪" :‬فإن لم تجد ؟ "‪ .‬لال ‪ :‬أجتهد برأٌى‪ .‬لال ‪ :‬فضرب رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص فً صدره ‪،‬‬
‫سو َل رسو ِل هللا لما ٌرضى رسول هللا"(‪ ،)2‬وهذا الحدٌث فً‬ ‫ولال ‪" :‬الحمد هلل الذي وفَّك َر ُ‬
‫المساند والسنن بإسناد جٌد‪ ،‬كما هو ممرر فً موضعه‪ ،‬وحٌنبذ‪ ،‬إذا لم نجد التفسٌر فً المرآن‬
‫وال فً السنة ‪ ،‬رجعنا فً ذلن إلى ألوال الصحابة ‪ ،‬فإنهم أدرى بذلن‪ ،‬لما شاهدوا من المرابن‬
‫واألحوال التً اختصوا بها ‪ ،‬ولما لهم من الفهم التام ‪ ،‬والعلم الصحٌح‪ ،‬والعمل الصالح‪ ،‬ال سٌما‬
‫علماإهم وكبراإهم ‪ ،‬كاألبمة األربعة والخلفاء الراشدٌن ‪ ،‬واألبمة المهدٌٌن‪ ،‬وعبد هللا بن‬
‫مسعود‪ ،‬رضً هللا عنه‪ ،‬لال اإلمام أبو جعفر دمحم بن جرٌر حدثنا أبو ُك َرٌْب ‪ ،‬حدثنا جابر بن‬
‫ض َحى ‪ ،‬عن مسروق ‪ ،‬لال ‪ :‬لال عبد هللا ‪ٌ -‬عنً ابن مسعود‬ ‫نوح ‪ ،‬حدثنا األعمش ‪ ،‬عن أبً ال ُّ‬

‫وفهم ابن المٌم من عبارة اإلمام أحمد معنى اإلنكار‪ ،‬فمال فً (الطرق الحكمٌة) ص ‪" :ٔٓ2‬ولد أنكر اإلمام‬
‫أحمد على من لال‪ :‬السنة تمضً على الكتاب‪ ،‬فمال‪ :‬بل السنة تفسر الكتاب وتبٌنه"‪.‬‬
‫(ٔ)تفسٌر الطبري ٕ‪.ٔ1ٔ :‬‬
‫(ٕ)مجموع الفتاوى ‪.ٖٕٗ :ٔ2‬‬
‫(ٖ)الموافمات ٖ‪.ٖٙ5 :‬‬
‫(ٗ)رواه اإلمام أحمد فً المسند (ٗ‪ ،)ٖٔٔ /‬وأبو داود فً السنن برلم (ٗٓ‪ ،)ٗٙ‬والبٌهمً فً السنن الكبرى ‪/5‬‬
‫ٕٖٖ‪ ،‬والطبرانً فً "الكبٌر" (ٕٓ‪ ،)ٕ1ٖ /‬والمروزي فً السنة (ٕٗٗ‪)ٖٗٓ،‬؛ والخطٌب فً الكفاٌة (ٔ‪/‬‬
‫ٓ‪)1‬؛ وابن عبد البر فً التمهٌد (ٔ‪ ،)ٔ٘ٓ - ٔٗ5 /‬وابن حبان فً صحٌحه كما فً اإلحسان ٔ‪ ٔ11 /‬رلم‬
‫(ٕٔ)‪ ،‬والطحاوي فً (شرح معانً اآلثار) ٗ‪ ،ٕٓ5 /‬من حدٌث الممدام بن معدى كرب ‪ ،‬رضً هللا عنه‪،‬‬
‫وصححه العبلمة األلبانً فً "مشكاة المصابٌح" (ٔ‪.)ٖٔٙ /٘2 /‬‬
‫(٘)التبٌان فً ألسام المرآن ص ‪.ٔ٘ٙ‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر ابن كثٌر‪.2/ٔ:‬‬
‫(‪)2‬رواه اإلمام أحمد فً المسند (٘‪ )ٕٖٓ /‬وأبو داود فً السنن برلم (ٕ‪ )ٖ٘5‬والترمذي فً السنن برلم‬
‫(‪ ) ٖٕٔ1‬من طرق عن شعبة عن أبً عون عن الحارث بن عمرو عن ناس من أصحاب معاذ عن معاذ به ‪،‬‬
‫ولال الترمذي ‪" :‬هذا حدٌث ال نعرفه إال من هذا الوجه ‪ ،‬ولٌس إسناده عندي بمتصل ‪ ،‬وأبو عون الثمفً اسمه‬
‫دمحم بن عبٌد هللا"‪ .‬وللشٌخ ناصر األلبانً مبحث ماتع بٌن فٌه كبلم العلماء فً نمد الحدٌث‪ .‬انظر ‪ :‬السلسلة‬
‫الضعٌفة برلم (ٔ‪.)11‬‬
‫‪ : -‬والذي ال إله ؼٌره ‪ ،‬ما نزلت آٌة من كتاب هللا إال وأنا أعلم فٌمن نزلت ؟ وأٌن نزلت ؟ ولو‬
‫أعلم مكان أحد أعلم‪ ،‬بكتاب هللا منى تناله المطاٌا ألتٌته(ٔ)‪.‬‬
‫ضا ‪ ،‬عن أبً وابل ‪ ،‬عن ابن مسعود لال ‪" :‬كان الرجل منا إذا تعلم‬ ‫ولال األعمش أٌ ً‬
‫(ٕ)‬
‫عشر آٌات لم ٌجاوزهن حتى ٌعرؾ معانٌهن ‪ ،‬والعمل بهن" ‪.‬‬
‫ولال أبو عبد الرحمن السلمً ‪" :‬حدثنا الذٌن كانوا ٌمربوننا أنهم كانوا ٌستمربون من‬
‫النبً ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،‬فكانوا إذا تعلموا عشر آٌات لم ٌخلفوها حتى ٌعملوا بما فٌها من العمل ‪ ،‬فتعلمنا‬
‫المرآن والعمل جمٌعا"(ٖ)‪.‬‬
‫ومنهم الحبر البحر عبد هللا بن عباس ‪ ،‬ابن عم رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،‬وترجمان المرآن وببركة‬
‫دعاء رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص له حٌث لال ‪" :‬اللهم فمهه فً الدٌن ‪ ،‬وعلمه التؤوٌل"(ٗ)‪.‬‬
‫ابن عباس"(٘)‪.‬‬ ‫لال ابن مسعود‪" :‬ن ْعم ترجمان المرآن ُ‬
‫فهذا إسناد صحٌح إلى ابن مسعود ‪ :‬أنه لال عن ابن عباس هذه العبارة‪ .‬ولد مات ابن‬
‫ع ِ ّمر بعده ابن عباس ستًا‬ ‫مسعود ‪ ،‬رضً هللا عنه ‪ ،‬فً سنة اثنتٌن وثبلثٌن على الصحٌح ‪ ،‬و ُ‬
‫وثبلثٌن سنة ‪ ،‬فما ظنن بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود ؟‪.‬‬
‫ً عبد هللا بن عباس على الموسم ‪ ،‬فخطب‬ ‫ولال األعمش عن أبً وابل ‪" :‬استخلؾ ع ِل ّ‬
‫تفسٌرا لو سمعته‬
‫ً‬ ‫الناس ‪ ،‬فمرأ فً خطبته سورة البمرة ‪[ ،‬وفً رواٌة ‪ :‬سورة النور] ‪ ،‬ففسرها‬
‫الروم والترن والدٌلم ألسلموا"(‪.)ٙ‬‬
‫ولهذا ؼالب ما ٌروٌه إسماعٌل بن عبد الرحمن السدي الكبٌر فً تفسٌره ‪ ،‬عن هذٌن‬
‫الرجلٌن ‪ :‬عبد هللا بن مسعود وابن عباس ‪ ،‬ولكن فً بعض األحٌان ٌنمل عنهم ما ٌحكونه من‬
‫ألاوٌل أهل الكتاب ‪ ،‬التً أباحها رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص حٌث لال ‪َ " :‬ب ِلّؽوا عنً ولو آٌة ‪ ،‬و َح ّدِثوا عن‬
‫ى متعمدًا فلٌتبوأ ممعده من النار" رواه البخاري عن عبد‬ ‫علَ َّ‬
‫بنً إسرابٌل وال َح َرج ‪ ،‬ومن كذب َ‬
‫هللا(‪ ، )2‬ولهذا كان عبد هللا بن عمرو ٌوم الٌرمون لد أصاب زاملتٌن من كتب أهل الكتاب ‪ ،‬فكان‬
‫ٌحدث منهما بما فهمه من هذا الحدٌث من اإلذن فً ذلن‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة بؤن هذه األحادٌث اإلسرابٌلٌة تذكر لبلستشهاد ‪ ،‬ال لبلعتضاد ‪ ،‬كما أنها‬
‫على ثبلثة ألسام ‪:‬‬
‫أحدها ‪ :‬ما علمنا صحته مما بؤٌدٌنا مما ٌشهد له بالصدق ‪ ،‬فذان صحٌح‪.‬‬
‫والثانً ‪ :‬ما علمنا كذبه بما عندنا مما ٌخالفه‪.‬‬
‫والثالث ‪ :‬ما هو مسكوت عنه ال من هذا المبٌل وال من هذا المبٌل ‪ ،‬فبل نإمن به وال نكذبه‪،‬‬
‫وتجوز حكاٌته لما تمدم ‪ ،‬وؼالب ذلن مما ال فابدة فٌه تعود إلى أمر دٌنً‪ ،‬ولهذا ٌختلؾ علماء‬
‫كثٌرا ‪ ،‬وٌؤتً عن المفسرٌن خبلؾ بسبب ذلن ‪ ،‬كما ٌذكرون فً مثل هذا‬ ‫ً‬ ‫أهل الكتاب فً هذا‬

‫(ٔ)تفسٌر الطبري (ٔ‪ )1ٓ /‬وجابر بن نوح ضعٌؾ لكنه توبع ‪ ،‬فرواه البخاري فً صحٌحه برلم (ٕٓٓ٘) عن‬
‫عمر بن حفص عن أبٌه عن األعمش به‪.‬‬
‫(ٕ)رواه الطبري فً تفسٌره (ٔ‪ )1ٓ /‬من طرٌك الحسٌن بن والد عن األعمش به‪.‬‬
‫(ٖ)رواه الطبري فً تفسٌره(ٕ‪:)1‬ص ٔ‪ ،1ٓ /‬إسناده صحٌح‪.‬‬
‫(ٗ)رواه اإلمام أحمد فً المسند (ٔ‪ )ٖٕ2 ، ٖٔٗ ، ٕٙٙ /‬وأصله فً صحٌح البخاري برلم (٘‪.)2‬‬
‫(٘)أخرجه الطبري فً تفسٌره(٘ٓٔ)‪:‬صٔ‪.5ٓ/‬‬
‫(‪)ٙ‬رواه الطبري فً تفسٌره(٘‪ ،)1‬و(‪:)1ٙ‬صٔ‪ ،1ٔ /‬والفسوي فً تارٌخه‪ ،ٗ5٘ /ٔ:‬من طرٌك األعمش به‪.‬‬
‫(‪)2‬صحٌح البخاري(ٗ‪:)ٖٕ2‬صٖ‪ ،ٕٔ2٘/‬ومسند اإلمام احمد(ٓ٘ٗ‪:)ٙ‬صٕ‪.ٔ٘5/‬‬
‫أسماء أصحاب الكهؾ ‪ ،‬ولون كلبهم ‪ ،‬وعدّتهم ‪ ،‬وعصا موسى من أي الشجر كانت ؟ وأسماء‬
‫الطٌور التً أحٌاها هللا إلبراهٌم ‪ ،‬وتعٌٌن البعض الذي ضرب به المتٌل من البمرة ‪ ،‬ونوع‬
‫الشجرة التً كلَّم هللا منها موسى ‪ ،‬إلى ؼٌر ذلن مما أبهمه هللا تعالى فً المرآن ‪ ،‬مما ال فابدة فً‬
‫تعٌٌنه تعود على المكلفٌن فً دنٌاهم وال دٌنهم‪ .‬ولكن نَ ْم ُل الخبلؾ عنهم فً ذلن جابز ‪ ،‬كما لال‬
‫ب َوٌَمُولُونَ‬ ‫س ُه ْم َك ْلبُ ُه ْم َرجْ ًما بِ ْالؽَ ٌْ ِ‬
‫سا ِد ُ‬‫سة ٌ َ‬‫سٌَمُولُونَ ثَبلثَةٌ َرابِعُ ُه ْم َك ْلبُ ُه ْم َوٌَمُولُونَ َخ ْم َ‬ ‫تعالى ‪َ { :‬‬
‫َ‬
‫ار فٌِ ِه ْم إِال ِم َرا ًء ظاه ًِرا َوال‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫س ْبعَةٌ َوث َ ِ‬
‫امنُ ُه ْم َكلبُ ُه ْم ل ْل َربًِّ أ ْعل ُم بِ ِع َّدتِ ِه ْم َما ٌَ ْعل ُم ُه ْم إِال لَ ِلٌ ٌل فَبل ت ُ َم ِ‬ ‫َ‬
‫ت فٌِ ِه ْم ِم ْن ُه ْم أ َحدًا } [الكهؾ ‪ ، ]ٕٕ :‬فمد اشتملت هذه اآلٌة الكرٌمة على األدب فً هذا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ت َ ْستَف ِ‬
‫الممام وتعلٌم ما ٌنبؽً فً مثل هذا ‪ ،‬فإنه تعالى أخبر عنهم بثبلثة ألوال ‪ ،‬ضعؾ المولٌن األولٌن‬
‫وسكت عن الثالث ‪ ،‬فدل على صحته إذ لو كان باطبل لرده كما ردهما ‪ ،‬ثم أرشد على أن‬
‫االطبلع على عدتهم ال طابل تحته ‪ ،‬فمال فً مثل هذا ‪ { :‬لُ ْل َر ِبًّ أ َ ْعلَ ُم بِ ِع َّدتِ ِه ْم } فإنه ما ٌعلم‬
‫ظاه ًِرا } أي‬ ‫ار فٌِ ِه ْم ِإال ِم َرا ًء َ‬ ‫بذلن إال للٌل من الناس ‪ ،‬ممن أطلعه هللا علٌه‪ ،‬فلهذا لال ‪ { :‬فَبل ت ُ َم ِ‬
‫‪ :‬ال تجهد نفسن فٌما ال طابل تحته ‪ ،‬وال تسؤلهم عن ذلن فإنهم ال ٌعلمون من ذلن إال رجم‬
‫الؽٌب‪ .‬فهذا أحسن ما ٌكون فً حكاٌة الخبلؾ ‪ :‬أن تستوعب األلوال فً ذلن الممام ‪ ،‬وأن تنبه‬
‫على الصحٌح منها وتبطل الباطل ‪ ،‬وتذكر فابدة الخبلؾ وثمرته‪ ،‬لببل ٌطول النزاع والخبلؾ‬
‫فٌما ال فابدة تحته‪ ،‬فتشتؽل به عن األهم فاألهم‪ .‬فؤما من حكى خبلفًا فً مسؤلة ولم ٌستوعب‬
‫ألوال الناس فٌها فهو نالص ‪ ،‬إذ لد ٌكون الصواب فً الذي تركه‪ .‬أو ٌحكً الخبلؾ وٌطلمه وال‬
‫ضا‪ .‬فإن صحح ؼٌر الصحٌح عامدا فمد تعمد‬ ‫ٌنبه على الصحٌح من األلوال ‪ ،‬فهو نالص أٌ ً‬
‫الكذب ‪ ،‬أو جاهبل فمد أخطؤ ‪ ،‬وكذلن من نصب الخبلؾ فٌما ال فابدة تحته ‪ ،‬أو حكى ألواال‬
‫ظا وٌرجع حاصلها إلى لول أو لولٌن معنى ‪ ،‬فمد ضٌع الزمان ‪ ،‬وتكثر بما لٌس‬ ‫متعددة لف ً‬
‫بصحٌح ‪ ،‬فهو كبلبس ثوبً زور ‪ ،‬وهللا الموفك للصواب‪.‬‬
‫لال سفٌان بن عٌٌنة عن عبد هللا بن أبً ٌزٌد ‪" :‬كان ابن عباس إذا سبل عن اآلٌة فً‬
‫المرآن لال به ‪ ،‬فإن لم ٌكن وكان عن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص أخبر به ‪ ،‬فإن لم ٌكن فعن أبً بكر وعمر ‪،‬‬
‫رضً هللا عنهما ‪ ،‬فإن لم ٌكن اجتهد برأٌه"(ٔ) ‪.‬‬
‫إذا لم تجد التفسٌر فً المرآن وال فً السنة وال وجدته عن الصحابة ‪ ،‬فمد رجع كثٌر من‬
‫األبمة فً ذلن إلى ألوال التابعٌن ‪ ،‬كمجاهد بن َجبْر‪ ،‬فإنه كان آٌة فً التفسٌر ‪ ،‬كما لال دمحم بن‬
‫ضتُ المصحؾ على ابن عباس ثبلث‬ ‫عر ْ‬ ‫إسحاق ‪ :‬حدثنا أبان بن صالح ‪ ،‬عن مجاهد ‪ ،‬لال ‪َ :‬‬
‫(ٕ)‬
‫عرضات ‪ ،‬من فاتحته إلى خاتمته ‪ ،‬أولفه عند كل آٌة منه ‪ ،‬وأسؤله عنها" ‪.‬‬
‫ط ْلك بن ؼنام ‪ ،‬عن عثمان المكً ‪ ،‬عن ابن‬ ‫ولال ابن جرٌر ‪ :‬حدثنا أبو ُك َرٌْب ‪ ،‬حدثنا َ‬
‫أبً ُملَ ٌْ َكة لال ‪" :‬رأٌت مجاهدًا سؤل ابن عباس عن تفسٌر المرآن ‪ ،‬ومعه ألواحه ‪ ،‬لال ‪ :‬فٌمول‬
‫له ابن عباس ‪ :‬اكتب ‪ ،‬حتى سؤله عن التفسٌر كله"(ٖ)‪.‬‬
‫ولهذا كان سفٌان الثوري ٌمول ‪" :‬إذا جاءن التفسٌر عن مجاهد فحسبن به"(ٗ)‪.‬‬
‫وكسعٌد بن ُجبٌَْر ‪ ،‬و ِع ْك ِرمة مولى ابن عباس ‪ ،‬وعطاء بن أبً رباح ‪ ،‬والحسن‬
‫البصري ‪ ،‬ومسروق ابن األجدع ‪ ،‬وسعٌد بن المسٌب ‪ ،‬وأبً العالٌة ‪ ،‬والربٌع بن أنس ‪ ،‬ولتادة‬

‫(ٔ)سنن الدارمً(‪:)ٔٙ1‬ص ٔ‪.ٕٙ٘/‬‬


‫(ٕ)رواه الطبري فً تفسٌره (‪()ٔٓ1‬صٔ‪.)5ٓ /‬‬
‫(ٖ)تفسٌر الطبري(‪ )ٔٓ2‬صٔ‪.5ٓ/‬‬
‫(ٗ) أخرجه الطبري فً تفسٌره(‪:)ٔٓ5‬ص ٔ‪ 5ٔ /‬من طرٌك أبً بكر الحنفً سمعت سفٌان فذكره‪.‬‬
‫‪ ،‬والضحان بن ُمزاحم ‪ ،‬وؼٌرهم من التابعٌن وتابعٌهم ومن بعدهم ‪ ،‬فتذكر ألوالهم فً اآلٌة‬
‫فٌمع فً عباراتهم تباٌن فً األلفاظ ‪ٌ ،‬حسبها من ال علم عنده اختبلفًا فٌحكٌها ألواال ولٌس كذلن‬
‫‪ ،‬فإن منهم من ٌعبّر عن الشًء ببلزمه أو بنظٌره ‪ ،‬ومنهم من ٌنص على الشًء بعٌنه ‪ ،‬والكل‬
‫بمعنى واحد فً كثٌر من األماكن ‪ ،‬فلٌتفطن اللبٌب لذلن ‪ ،‬وهللا الهادي‪.‬‬
‫ولال شعبة بن الحجاج وؼٌره ‪" :‬ألوال التابعٌن فً الفروع لٌست حجة ؟ فكٌؾ تكون‬
‫حجة فً التفسٌر؟‪ٌ ،‬عنً ‪ :‬أنها ال تكون حجة على ؼٌرهم ممن خالفهم ‪ ،‬وهذا صحٌح ‪ ،‬أما إذا‬
‫أجمعوا على الشًء فبل ٌرتاب فً كونه حجة‪ ،‬فإن اختلفوا فبل ٌكون بعضهم حجة على بعض ‪،‬‬
‫وال على من بعدهم ‪ ،‬وٌرجع فً ذلن إلى لؽة المرآن أو السنة أو عموم لؽة العرب ‪ ،‬أو ألوال‬
‫الصحابة فً ذلن "(ٔ)‪.‬‬
‫فؤما تفسٌر المرآن بمجرد الرأي فحرام(ٕ)‪ ،‬لما رواه دمحم بن جرٌر ‪ ،‬رحمه هللا ‪ ،‬بسنده‬
‫عن ابن عباس ‪ ،‬عن النبً ملسو هيلع هللا ىلص لال ‪ " :‬من لال فً المرآن برأٌه ‪ ،‬أو بما ال ٌعلم ‪ ،‬فلٌتبوأ ممعده‬
‫من النار "(ٖ)‪.‬‬
‫وفً رواٌة أخرى‪" :‬من لال فً المرآن برأٌه فؤصاب‪ ،‬فمد أخطؤ "(ٗ)‪.‬‬
‫ألنه لد تكلؾ ما ال علم له به ‪ ،‬وسلن ؼٌر ما أمر به ‪ ،‬فلو أنه أصاب المعنى فً نفس‬
‫األمر لكان لد أخطؤ‪ ،‬ألنه لم ٌؤت األمر من بابه ‪ ،‬كمن حكم بٌن الناس على جهل فهو فً النار ‪،‬‬
‫وإن وافك حكمه الصواب فً نفس األمر ‪ ،‬لكن ٌكون أخؾ جر ًما ممن أخطؤ ‪ ،‬وهللا أعلم ‪،‬‬
‫اء فَؤُولَبِنَ ِع ْن َد َّ‬
‫َّللاِ ُه ُم ْال َكا ِذبُونَ }‬ ‫وهكذا سمى هللا المَ َذفة كاذبٌن ‪ ،‬فمال ‪ { :‬فَإ ِ ْذ لَ ْم ٌَؤْتُوا بِال ُّ‬
‫ش َه َد ِ‬
‫[النور ‪ ، ]ٖٔ :‬فالماذؾ كاذب ‪ ،‬ولو كان لد لذؾ من زنى فً نفس األمر‪ ،‬ألنه أخبر بما ال ٌحل‬
‫له اإلخبار به ‪ ،‬ولو كان أخبر بما ٌعلم‪ ،‬ألنه تكلؾ ما ال علم له به ‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫ولهذا ت َ َح َّرج جماعة من السلؾ عن تفسٌر ما ال علم لهم به ‪ ،‬كما روى شعبة ‪ ،‬عن‬
‫سلٌمان ‪ ،‬عن عبد هللا بن مرة ‪ ،‬عن أبً َم ْع َمر ‪ ،‬لال ‪ :‬لال أبو بكر الصدٌك ‪ ،‬رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫ي أرض تملّنً وأي سماء تظلنً ؟ إذا للت فً كتاب" هللا ما ال أعلم"(٘)‪.‬‬ ‫أ ّ‬
‫ولال أبو عبٌد الماسم بن سبلم ‪ :‬حدثنا دمحم بن ٌزٌد ‪ ،‬عن ال َع َّوام بن َح ْوشَب ‪ ،‬عن‬
‫إبراهٌم التٌَّ ِْمً‪ ،‬أن أبا بكر الصدٌك سبل عن لوله ‪َ { :‬وفَا ِك َهةً َوأَبًّا } [عبس ‪ ، ]ٖٔ :‬فمال ‪ :‬أي‬
‫سماء تظلنً ‪ ،‬وأي أرض تملنً ؟ إذا أنا للت فً كتاب هللا ما ال أعلم‪ .‬منمطع(‪.)ٙ‬‬

‫(ٔ) تفسٌر ابن كثٌر‪ ،ٔٓ/ٔ :‬وانظر‪ :‬تفسٌر البؽوي‪ ،ٔ2/ٔ :‬وممدمة فً أصول التفسٌر ص‪،٘ٓ :‬‬
‫(ٕ) انظر‪ :‬شرح ممدمة التفسٌر‪ :‬البن تٌمٌة‪.ٖٔ5/ٔ :‬‬
‫(ٖ)تفسٌر الطبري(ٗ‪ )2‬صٔ‪ ،22 /‬وأخرجه الترمذي فً سننه‪ ،)ٕ5ٕ٘(:‬ولال حدٌث حسن‪ ،‬والنسابً فً‬
‫سنن النسابً الكبرى(ٗ‪ ،)1ٓ 1‬وأبو داود فً سننه(ٕ٘‪ ، )ٖٙ‬والحدٌث مداره على عبد األعلى بن عامر لال‬
‫أبو زرعة ‪ :‬ضعٌؾ ‪ ،‬وتركه ابن مهدي‪.‬‬
‫(ٗ)تفسٌر الطبري(ٓ‪ )1‬صٔ‪ .25 /‬وانظر‪ :‬سنن أبً داود برلم (ٕ٘‪ )ٖٙ‬وسنن الترمذي برلم (ٖ٘‪ ،)ٕ5‬لال‬
‫الترمذي‪ :‬ؼرٌب‪ ،‬وسنن النسابً الكبرى برلم (‪.)1ٓ1ٙ‬‬
‫(٘)رواه الطبري فً تفسٌره(‪ :)25‬ص(ٔ‪.)21 /‬‬
‫(‪)ٙ‬فضابل المرآن (ص ‪ )ٕٕ2‬ورواه ابن أبً شٌبة فً المصنؾ (ٓٔ‪ )ٖ٘ٔ /‬عن دمحم بن عبٌد عن العوام بن‬
‫حوشب به‪.‬‬
‫ضا ‪" :‬حدثنا ٌزٌد ‪ ،‬عن حمٌد ‪ ،‬عن أنس‪ ،‬أن عمر بن الخطاب لرأ‬ ‫ولال أبو عبٌد أٌ ً‬
‫على المنبر ‪َ { :‬وفَا ِك َهةً َوأَبًّا } [عبس ‪ ، ]ٖٔ :‬فمال ‪ :‬هذه الفاكهة لد عرفناها ‪ ،‬فما األبّ ؟ ثم‬
‫رجع إلى نفسه فمال ‪ :‬إن هذا لهو التكلؾ ٌا عمر"(ٔ)‪.‬‬
‫عبْد بن ُح َمٌْد ‪" :‬حدثنا سلٌمان بن حرب ‪ ،‬حدثنا حماد بن زٌد ‪ ،‬عن ثابت ‪ ،‬عن‬ ‫ولال َ‬
‫أنس ‪ ،‬لال ‪ :‬كنا عند عمر بن الخطاب ‪ ،‬رضً هللا عنه ‪ ،‬وفً ظهر لمٌصه أربع رلاع ‪ ،‬فمرأ ‪:‬‬
‫{ َوفَا ِك َهةً َوأَبًّا } فمال ‪ :‬ما األب ؟ ثم لال ‪ :‬إن هذا لهو التكلؾ فما علٌن أال تدرٌه"(ٕ)‪.‬‬
‫وهذا كله محمول على أنهما ‪ ،‬رضً هللا عنهما ‪ ،‬إنما أرادا استكشاؾ علم كٌفٌة األب ‪،‬‬
‫وإال فكونه نبتا من األرض ظاهر ال ٌجهل ‪ ،‬لموله ‪ { :‬فَؤ َ ْنبَتْنَا فٌِ َها َحبًّا َو ِعنَبًا } اآلٌة [عبس ‪ٕ2 :‬‬
‫‪.]ٕ1 ،‬‬
‫وأخرج الطبري بسنده الصحٌح عن ابن أبً ُملَ ٌْ َكة ‪" :‬أن ابن عباس سبل عن آٌة لو‬
‫سبل عنها بعضكم لمال فٌها ‪ ،‬فؤبى أن ٌمول فٌها"(ٖ)‪.‬‬
‫ولال أبو عبٌد ‪ :‬حدثنا إسماعٌل بن إبراهٌم ‪ ،‬عن أٌوب ‪ ،‬عن ابن أبً ملٌكة ‪ ،‬لال ‪:‬‬
‫سنَ ٍة } [ السجدة ‪ ، ]٘ :‬فمال له ابن عباس ‪:‬‬ ‫ؾ َ‬ ‫ارهُ أ َ ْل َ‬
‫"سؤل رجل ابن عباس عن { ٌَ ْو ٍم َكانَ ِم ْم َد ُ‬
‫سنَ ٍة } [ المعارج ‪ ]ٗ :‬؟ فمال له الرجل ‪ :‬إنما سؤلتن لتحدثنً‪.‬‬ ‫ؾ َ‬ ‫ارهُ خ َْمسٌِنَ أ َ ْل َ‬
‫فما { ٌَ ْو ٍم َكانَ ِم ْم َد ُ‬
‫فمال ابن عباس ‪ :‬هما ٌومان ذكرهما هللا تعالى فً كتابه ‪ ،‬هللا أعلم بهما‪ .‬فكره أن ٌمول فً كتاب‬
‫هللا ما ال ٌعلم"(ٗ)‪.‬‬
‫ضا ‪ -‬ابن جرٌر الطبري ‪ :‬عن َم ْهدي بن مٌمون ‪ ،‬عن الولٌد بن مسلم ‪ ،‬لال‬ ‫وأخرج ‪ -‬أٌ ً‬
‫أحرج علٌن إن‬‫ط ْلك بن حبٌب إلى ُج ْندُب بن عبد هللا ‪ ،‬فسؤله عن آٌة من المرآن ؟ فمال ‪ّ ِ :‬‬ ‫‪" :‬جاء َ‬
‫(٘)‬
‫كنت مسل ًما إال ما لمتَ عنً ‪ ،‬أو لال ‪ :‬أن تجالسنً" ‪.‬‬
‫ولال مالن ‪ ،‬عن ٌحٌى بن سعٌد ‪ ،‬عن سعٌد بن المسٌب ‪" :‬إنه كان إذا سبل عن تفسٌر‬
‫آٌة من المرآن ‪ ،‬لال ‪ :‬ال ألول فً المرآن شٌبًا" (‪.)ٙ‬‬
‫ولال اللٌث ‪ ،‬عن ٌحٌى بن سعٌد ‪ ،‬عن سعٌد بن المسٌب ‪" :‬إنه كان ال ٌتكلم إال فً‬
‫المعلوم من المرآن" (‪.)2‬‬
‫ولال شعبة ‪ ،‬عن عمرو بن ُم َّرة ‪ ،‬لال ‪" :‬سؤل رجل سعٌد بن المسٌب عن آٌة من‬
‫المرآن فمال ‪ :‬ال تسؤلنً عن المرآن ‪ ،‬وسل من ٌزعم أنه ال ٌخفى علٌه منه شًء ‪ٌ ،‬عنً ‪:‬‬
‫عكرمة"(‪.)1‬‬

‫(ٔ)فضابل المرآن (ص ‪ )ٕٕ2‬ورواه ابن أبً شٌبة فً المصنؾ (ٓٔ‪ )ٕ٘ٔ /‬عن ٌزٌد به ‪ ،‬ورواه الحاكم فً‬
‫المستدرن (ٕ‪ )٘ٔٗ /‬من طرٌك ٌزٌد عن حمٌد به ‪ ،‬ولال ‪" :‬صحٌح على شرط الشٌخٌن ولم ٌخرجاه"‪.‬‬
‫(ٕ)ورواه ابن سعد فً الطبمات (ٖ‪ ، )ٖٕ2 /‬ورواه البخاري فً صحٌحه برلم (ٖ‪ )2ٕ5‬عن سلٌمان بن حرب‬
‫مختصرا ولفظه ‪" :‬نهٌنا عن التكلؾ"‪.‬‬
‫ً‬ ‫به‬
‫(ٖ)تفسٌر الطبري(‪:)51‬ص ٔ‪.1ٙ /‬‬
‫(ٗ)فضابل المرآن‪.ٕٕ1 :‬‬
‫(٘)تفسٌر الطبري(‪:)55‬صٔ‪.1ٙ /‬‬
‫(‪)ٙ‬رواه الطبري فً تفسٌره(ٖ‪:)5‬صٔ‪ ،1٘ /‬من طرٌك ابن وهب عن مالن به‪.‬‬
‫(‪)2‬رواه الطبري فً تفسٌره(٘‪:)5‬ص ٔ‪ ،1ٙ /‬من طرٌك ابن وهب عن مالن به‪.‬‬
‫(‪)1‬رواه الطبري فً تفسٌره(ٔٓٔ)‪:‬صٔ‪ ،12 /‬وابن أبً شٌبة فً المصنؾ (ٓٔ‪ )٘ٔٔ /‬من طرٌك دمحم بن‬
‫جعفر عن شعبة به‪.‬‬
‫ولال ابن ش َْو َذب ‪ :‬حدثنً ٌزٌد بن أبً ٌزٌد ‪ ،‬لال ‪" :‬كنا نسؤل سعٌد بن المسٌب عن‬
‫الحبلل والحرام ‪ ،‬وكان أعلم الناس ‪ ،‬فإذا سؤلناه عن تفسٌر آٌة من المرآن سكت ‪ ،‬كؤن لم ٌسمع"‬
‫(ٔ)‪.‬‬
‫وأخرج ابن جرٌر الطبري بسنده عن عبٌد هللا بن عمر ‪ ،‬لال ‪" :‬لمد أدركتُ فمهاء‬
‫لٌعظمون المول فً التفسٌر ‪ ،‬منهم ‪ :‬سالم بن عبد هللا ‪ ،‬والماسم بن دمحم ‪ ،‬وسعٌد‬ ‫ِّ‬ ‫المدٌنة ‪ ،‬وإنهم‬
‫(ٕ)‬
‫بن المسٌب ‪ ،‬ونافع" ‪.‬‬
‫ع ْر َوة ‪ ،‬لال ‪" :‬ما‬
‫ولال أبو عبٌد ‪ :‬حدثنا عبد هللا بن صالح ‪ ،‬عن اللٌث ‪ ،‬عن هشام بن ُ‬
‫سمعت أبً ت ََّؤول آٌة من كتاب هللا لط" (ٖ)‪.‬‬
‫ع ْون ‪ ،‬وهشام ال َّدسْتوابًِ ‪ ،‬عن دمحم بن سٌرٌن ‪" :‬سؤلت عبٌَدة‬ ‫ولال أٌوب ‪ ،‬وابن َ‬
‫السلمانً ‪ ،‬عن آٌة من المرآن فمال ‪ :‬ذهب الذٌن كانوا ٌعلمون فٌم أنزل المرآن ؟ فاتَّك هللا ‪،‬‬
‫وعلٌن بالسداد"(ٗ)‪.‬‬
‫ولال أبو عبٌد ‪ :‬حدثنا معاذ ‪ ،‬عن ابن عون ‪ ،‬عن عبد هللا بن مسلم بن ٌسار ‪ ،‬عن أبٌه ‪،‬‬
‫لال ‪" :‬إذا حدثت عن هللا فمؾ ‪ ،‬حتى تنظر ما لبله وما بعده"(٘)‪.‬‬
‫شٌْم ‪ ،‬عن ُمؽٌرة ‪ ،‬عن إبراهٌم ‪ ،‬لال ‪ :‬كان أصحابنا ٌتمون التفسٌر وٌهابونه(‪.)ٙ‬‬ ‫حدثنا ُه َ‬
‫س ْفر ‪ ،‬لال ‪" :‬لال الشعبً ‪ :‬وهللا ما من آٌة إال ولد‬ ‫ولال شعبة عن عبد هللا بن أبً ال َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫سؤلت عنها ‪ ،‬ولكنها الرواٌة عن هللا عز وجل" ‪.‬‬
‫ولال أبو عبٌد ‪ :‬حدثنا هشٌم ‪ ،‬حدثنا عمر بن أبً زابدة ‪ ،‬عن الشعبً ‪ ،‬عن مسروق ‪،‬‬
‫لال ‪" :‬اتموا التفسٌر ‪ ،‬فإنما هو الرواٌة عن هللا"(‪.)1‬‬
‫فهذه اآلثار الصحٌحة وما شاكلها عن أبمة السلؾ محمولة على تحرجهم عن الكبلم فً‬
‫عا ‪ ،‬فبل حرج علٌه‪ ،‬ولهذا‬ ‫التفسٌر بما ال علم لهم به‪ ،‬فؤما من تكلم بما ٌعلم من ذلن لؽة وشر ً‬
‫روي عن هإالء وؼٌرهم ألوال فً التفسٌر ‪ ،‬وال منافاة‪ ،‬ألنهم تكلموا فٌما علموه ‪ ،‬وسكتوا عما‬
‫جهلوه ‪ ،‬وهذا هو الواجب على كل أحد‪ ،‬فإنه كما ٌجب السكوت عما ال علم له به ‪ ،‬فكذلن ٌجب‬
‫اس َوال ت َ ْكت ُ ُمونَهُ } [آل عمران ‪]ٔ12 :‬‬‫المول فٌما سبل عنه مما ٌعلمه ‪ ،‬لموله تعالى ‪ { :‬لَت ُ َبٌِّنُنَّهُ ِللنَّ ِ‬

‫(ٔ)رواه الطبري فً تفسٌره(ٓٓٔ)‪:‬ص (ٔ‪ )1ٙ /‬عن العباس بن الولٌد عن أبٌه عن ابن شوذب به‪.‬‬
‫(ٕ)تفسٌر الطبري(ٕ‪:)5‬صٔ‪.1٘ /‬‬
‫(ٖ)فضابل المرآن‪.ٕٕ5 :‬‬
‫(ٗ)رواه الطبري فً تفسٌره(‪:)52‬ص ٔ‪ ،1ٙ /‬من طرٌك ابن علٌة عن أٌوب وابن عون به‪.‬‬
‫(٘)فضابل المرآن‪.ٕٕ5:‬‬
‫(‪)ٙ‬فضابل المرآن (ص ‪ )ٕٕ5‬ورواه أبو نعٌم (ٗ‪ )ٕٕٕ /‬من طرٌك جرٌر عن المؽٌرة به‪.‬‬
‫(‪)2‬فضابل المرآن (ص ‪.)ٕٕ5‬‬
‫(‪)1‬جاء من حدٌث أبً هرٌرة ‪ ،‬ومن حدٌث أنس ‪ ،‬وأبً سعٌد الخدري ‪ ،‬رضً هللا عنهم‪ .‬أما حدٌث أبً هرٌرة‬
‫‪ ،‬فرواه أحمد فً المسند (ٕ‪ )ٕٖٙ /‬وأبو داود فً السنن برلم (‪ )ٖٙ٘1‬والترمذي فً السنن برلم (‪ )ٕٙٗ5‬وابن‬
‫ماجة فً السنن برلم (ٔ‪ )ٕٙ‬من طرٌك علً ابن الحكم عن عطاء عن أبً هرٌرة ‪ ،‬ولال الترمذي ‪" :‬حدٌث‬
‫حسن"‪ .‬وأما حدٌث أنس ‪ ،‬فرواه ابن ماجة فً السنن برلم (ٗ‪ )ٕٙ‬من طرٌك ٌوسؾ بن إبراهٌم عن أنس ‪ ،‬ولال‬
‫البوصٌري فً الزوابد (ٔ‪" : )ٔٔ2 /‬هذا إسناد ضعٌؾ"‪ .‬وأما حدٌث أبً سعٌد ‪ ،‬فرواه ابن ماجة فً السنن‬
‫برلم (٘‪ ) ٕٙ‬من طرٌك دمحم بن داب عن صفوان بن سلٌم عن عبد الرحمن بن أبً سعٌد عن أبً سعٌد ‪ ،‬ولال‬
‫البوصٌري فً الزوابد (ٔ‪" : )ٔٔ1 /‬هذا إسناد ضعٌؾ"‪.‬‬
‫‪ ،‬ولما جاء فً الحدٌث المروى من طرق ‪" :‬من سبل عن علم فكتمه ‪ْ ،‬أل ِجم ٌوم المٌامة بلجام‬
‫من نار"(ٔ)‪.‬‬
‫ً ملسو هيلع هللا ىلص‬
‫لالت ‪ :‬لم ٌكن النب ُّ‬ ‫فؤما الحدٌث الذي رواه أبو جعفر بن جرٌر بسنده عن عابشة ‪،‬‬
‫(ٕ)‬
‫علمهن إٌاه جبرٌل علٌه السبلم" ‪ .‬فإنه حدٌث منكر‬ ‫ّ‬ ‫ٌفسر شٌبًا من المرآن ‪ ،‬إال آًٌا بعَد ٍد ‪،‬‬
‫ؼرٌب(ٖ)‪.‬‬
‫وتكلَّم علٌه اإلمام أبو جعفر بما حاصله أن هذه اآلٌات مما ال ٌعلم إال بالتولٌؾ عن هللا‬
‫تعالى ‪ ،‬مما ولفه علٌها جبرٌل‪ .‬وهذا تؤوٌل صحٌح لو صح الحدٌث‪ ،‬فإن من المرآن ما استؤثر‬
‫هللا تعالى بعلمه ‪ ،‬ومنه ما ٌعلمه العلماء ‪ ،‬ومنه ما تعلمه العرب من لؽاتها ‪ ،‬ومنه ما ال ٌعذر‬
‫أحد فً جهله ‪ ،‬كما صرح بذلن ابن عباس فً رواٌة األعرج عنه‪ ":‬التفسٌر على أربعة أوجه ‪:‬‬
‫وجه تعرفه العرب من كبلمها ‪ ،‬وتفسٌر ال ٌعذر أحد بجهالته ‪ ،‬وتفسٌر ٌعلمه العلماء ‪ ،‬وتفسٌر‬
‫ال ٌعلمه إال هللا" (ٗ)‪.‬‬
‫لال ابن جرٌر ‪" :‬ولد روى نحوه فً حدٌث فً إسناده نظر ‪ :‬حدثنً ٌونس بن عبد‬
‫األعلى الصدفً ‪ ،‬أنبؤنا ابن وهب لال ‪ :‬سمعت عمرو بن الحارث ٌحدث عن الكلبً ‪ ،‬عن أبً‬
‫صالح ‪ ،‬مولى أم هانا ‪ ،‬عن عبد هللا بن عباس ‪ :‬أن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص لال ‪" :‬أنزل المرآن على‬
‫أربعة أحرؾ ‪ :‬حبلل وحرام ‪ ،‬ال ٌعذر أحد بالجهالة به‪ .‬وتفسٌر تفسره [العرب ‪ ،‬وتفسٌر‬
‫تفسره العلماء‪ ،‬ومتشابه ال ٌعلمه إال هللا عز وجل ‪ ،‬ومن ادعى علمه سوى هللا فهو كاذب"(٘)‪.‬‬
‫والنظر الذي أشار إلٌه فً إسناده هو من جهة دمحم بن السابب الكلبً؛ فإنه مترون‬
‫الحدٌث؛ لكن لد ٌكون إنما وهم فً رفعه‪ .‬ولعله من كبلم ابن عباس ‪ ،‬كما تمدم‪ ،‬وهللا أعلم‬
‫بالصواب‪.‬‬
‫والط ِرٌمةُ التً اتَّبعها فً التفسٌر‪:‬‬‫َّ‬
‫أوال‪ :‬ذكر الرواٌات حول اسم السورة‪.‬‬
‫ثانٌا‪ :‬ذكر مكان نزولها و عدد آٌاتها‪ ،‬وسبب نزولها ‪-‬إن وجد‪.-‬‬
‫ثالثا‪ :‬أؼراض السورة ومحتوٌات السورة وفضابلها‪-‬إن وجد‪.-‬‬
‫رابعا‪ :‬تفسٌر السورة‪ :‬أذكر اآلٌةَ‪ ،‬ثم أذكر َم ْعناها العام ‪ ،‬ثم ألوم بت َ ْف َ‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫سٌرها من المُ ْرآن أو من‬
‫سنَّة أو من ألوال الصحابة والتَّابعٌن‪ ،‬وأحْ ٌانًا أذكر كل ما ٌتعلَّك باآلٌة من لضاٌا أو أحْ كام‪ ،‬مع‬ ‫ال ُّ‬
‫سنة‪ ،‬وأ ْل َوال المذاهب ال ِف ْم ِهٌَّة وأدِلت َ َها والت َّ ْر ِجٌ َح َب ٌْنَها‪.‬‬
‫ذكر األدِلةَ من ال ِكت َاب وال ُّ‬
‫كثٌرا عند الترجٌح واالختٌار إلى المعروؾ من كبلم‬ ‫ً‬ ‫خامسا‪ :‬االهتمام باللؽة وعلومها‪ ،‬واإلحتكام‬
‫العرب‪ ،‬واإلعتماد على أشعارهم‪ ،‬والرجوع إلى مذاهبهم النحوٌة واللؽوٌة‪.‬‬

‫(ٔ)تفسٌر الطبري(٘‪:)ٕٖ2‬صٔ‪ ،1ٗ /‬ورواه أبو ٌعلى فً مسنده (‪ )ٕٖ /1‬من طرٌك معن المزاز عن فبلن بن‬
‫دمحم بن خالد ‪ ،‬عن هشام بن عروة به ‪ ،‬ورواه البزار فً مسنده برلم (٘‪" )ٕٔ1‬كشؾ األستار" عن دمحم بن‬
‫المثنى ‪ ،‬عن دمحم بن خالد بن عثمة ‪ ،‬عن حفص ‪ -‬أظنه ابن عبد هللا ‪ -‬عن هشام عن أبٌه به‪.‬‬
‫(ٕ)تفسٌر الطبري (ٔ‪:)5‬صٔ‪.1ٗ /‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬حاشٌة تفسٌر الطبري‪.1ٗ/ٔ :‬‬
‫(ٗ)تفسٌر الطبري(ٔ‪:)2‬صٔ‪.2٘ /‬‬
‫(٘)تفسٌر الطبري (ٕ‪:)2‬صٔ‪.2ٙ /‬‬
‫(‪ )ٙ‬وذلن معتمدا على كتاب‪ :‬التفسٌر المٌسر‪ ،‬نخبة من أساتذة التفسٌر‪ ،‬مجمع الملن فهد لطباعة المصحؾ‬
‫الشرٌؾ ‪ -‬السعودٌة‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانٌة‪ ،‬مزٌدة ومنمحة‪ٖٔٗٓ ،‬هـ ‪ ٕٓٓ5 -‬م‪.‬‬
‫سادسا‪:‬إختٌار مذهب السلؾ فً إثبات الصفات وإمرارها كما جاءت من ؼٌر تكٌٌؾ‪ ،‬وال تشبٌه‪،‬‬
‫وال تعطٌل‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬إضافة األلوال إلى لابلٌها واألحادٌث إلى مصنفٌها‪ ،‬فإنه ٌمال‪ :‬من بركة العلم أن ٌضاؾ‬
‫المول إلى لابله‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬اإلضراب عن كثٌر من لصص المفسرٌن وأخبار المإرخٌن إال ما ال بد منه‪ ،‬وما ال ؼنى‬
‫عنه للتبٌٌن‪.‬‬
‫كبٌرا فً اإلختٌار والترجٌح‪.‬‬ ‫تاسعا‪ :‬تمدٌر اإلجماع وإعطابه اعتبارا ً‬
‫عاشرا‪ :‬بٌان أوجه المراءات السورة‪.‬‬
‫الحادي عشر‪ :‬ذكر فوابد كل آٌة(ٔ)‪.‬‬
‫الثانً عشر‪ :‬اإلعجاز البٌانً والدراسة األسلوبٌة للسورة‪ :‬إذ خصصت مبحثا للدراسة األسلوبٌة‬
‫لكل سورة‪ ،‬مبٌنا الظواهر األسلوبٌة فً المستوٌات (التركٌبٌة والداللٌة والصوتٌة)‪ .‬وذلن فً‬
‫مجلد خاص نهاٌة التفسٌر‪.‬‬
‫كما تولدت رؼبتنا فً تخصٌص مهاد عام حول(علوم المرآن واتجاهات التفسٌر)‪ ،‬وذلن‬
‫من خبلل فصلٌن‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مهاد عام حول علوم المرآن‪ ،‬ولد اختص بشرح مفاهٌم مفردات علوم المرآن‬
‫الكرٌم‪ ،‬وبعد تعرٌؾ المرآن الكرٌم لؽة واصطبلحا تناول البحث المواضٌع اآلتٌة‪:‬‬
‫(أوال‪ -:‬مفهوم الوحً‪ ،‬ثانٌا‪ -:‬نزول المرآن‪ ،‬ثالثا‪ -:‬مراحل جمع المرآن الكرٌم وترتٌبه‪ ،‬رابعا‪-:‬‬
‫المكً والمدنً‪ ،‬خامسا‪ -:‬أسباب النزول‪ ،‬سادسا‪ -:‬المحكم والمتشابه فً المرآن الكرٌم‪ ،‬سابعا‪-:‬‬
‫الناسخ والمنسوخ فً المرآن الكرٌم‪ ،‬ثامنا‪ -:‬المراءات‪ ،‬تاسعا‪ -:‬اإلسرابٌلٌات‪ ،‬عاشرا‪ -:‬تفسٌر‬
‫المرآن وشرفه‪ ،‬حادي عشر‪ :‬إعجاز المرآن‪ ،‬ثانً عشر‪ -:‬ترجمة المرآن الكرٌم بؽٌر لؽته‪ ،‬الثالث‬
‫عشر‪ -:‬فضابل المرآن)‪.‬‬
‫الفصل الثانً‪ :‬فمد اختص بعلوم التفسٌر واتجاهاته‪ ،‬وذلن من خبلل محورٌن‪:‬‬
‫المحور األول‪ :‬تناولنا فٌه أنواع التفسٌر وذلن من خبلل محاور‪:‬‬
‫(ٔ‪ -‬التفسٌر بالمؤثور‪ -ٕ ،‬التفسٌر بالدراٌة‪ -ٖ ،‬التفسٌر اإلشاري)‪.‬‬
‫فً حٌن تطرلنا فً المحور الثانً الى‪ :‬اتجاهات التفسٌر‪ ،‬وذلن من خبلل العناوٌن‬
‫اآلتٌة‪:‬‬
‫(ٔ‪-‬االتجاه اللؽوي‪ -ٕ ،‬االتجاه العلمً‪ -ٖ ،‬االتجاه الموضوعً‪ -ٗ ،‬االتجاه الفمهً‪-٘ ،‬االتجاه‬
‫الببلؼً)‪.‬‬
‫وفً الخاتمة‪ :‬استظهرنا أهم النتابج التً توصلنا إلٌها فً هذا التمهٌد‪.‬‬
‫طؤ‪ ،‬فَ ِمثْل ه َذا‬ ‫علَى زَ لَل‪ ،‬أو لارئ َولَ َع على َخ َ‬ ‫سمَط َ‬ ‫سا العُ ْذ َر ِم ْن عا ِل ٍم َ‬‫ملتم ً‬
‫ِ‬ ‫ألو ُل ذلن‬
‫ً‪-‬‬ ‫هام ْالٌَ ِسٌرةِ‪ ،‬و َ‬
‫ص َدقَ ال ُمزَ ن ُّ‬ ‫واألو ِ‬
‫ْ‬ ‫األخطاء المطبعٌ ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫هر فٌ ِه بَ ْعض‬ ‫أن ت َْظ َ‬‫العَ َم ِل الكبٌِر ال بُ َّد ْ‬
‫ص ِحٌ ًحا‬ ‫طؤ‪ ،‬أبَى هللاُ أن ٌكون َ‬ ‫سبْعٌنَ مرة ً لَ ُو ِج َد فٌه َخ َ‬ ‫ورض كتابٌ َ‬ ‫َ‬ ‫رحمه هللا ‪ -‬حٌن لال ‪" :‬لَ ْو ُ‬
‫ع‬
‫ب‬ ‫فالمر ُجو من أ ْه ِل ال ِع ْل ِم أن ٌ ُْر ِسلُوا ِلً ما لَ َد ٌْ ِهم من ُمبلحظا ٍ‬
‫ت أو ا ْستِ ْدرانٍ أو ت َ ْع ِمٌ ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ؼٌْر ِكتابِ ِه" ‪،‬‬
‫حتى أتدَارنَ ذلن فً الطبع ِة البلحم ِة إن شَا َء هللاُ‪.‬‬

‫(ٔ) أخذت جلّها من تفسٌر ابن عثٌمٌن‪ ،‬مع تصرؾ بسٌط وبعض اإلضافات فٌها‪.‬‬
‫ض ُل فً‬ ‫ي الَّل َذٌ ِْن كان لهما الفَ ْ‬ ‫ش ْك ِري إلى َممَ ِام والد َّ‬ ‫أرفَ َع ُ‬‫أن ْ‬ ‫سى فً ِخت َِام َك ِل َمتً ْ‬ ‫وال أ ْن َ‬
‫طلَبِ ِه‪َ { :‬ربّ ِ ا ْؼ ِف ْر ِلً َو ِل َوا ِل َد َّ‬
‫ي َو ِل َم ْن َد َخ َل بَ ٌْتِ َ‬
‫ً‬ ‫وإرشَادِي إلى ال ِع ْل ِم و ُح ِبّ ِه‪ ،‬واالجْ تِها ِد فًِ َ‬ ‫ت َ ْن ِشبَتًِ‪ْ ،‬‬
‫ارا } [نوح ‪.]ٕ1 :‬‬ ‫ت َوال ت َِز ِد َّ‬
‫الظا ِل ِمٌنَ إِال تَبَ ً‬ ‫ُمإْ ِمنًا َو ِل ْل ُمإْ ِمنٌِنَ َو ْال ُمإْ ِمنَا ِ‬
‫وأن ٌَ ُكونَ من الثَّبلث‬ ‫صا لِوجْ ِه ِه ْال َك ِرٌم ‪ْ ،‬‬ ‫وأن ٌجْ عَلَهُ خال ً‬ ‫أن ٌَ ْنف َع به الجمٌ َع‪ْ ،‬‬ ‫وهللاَ أسْؤ ُل ْ‬
‫َ‬
‫ب لجمٌع من أ ْس َه َم فٌه األجْ َر والمثوبَة ‪ ،‬إنه‬ ‫ْ‬
‫وأن ٌكت ُ َ‬ ‫آدم إذا مات إال ِم ْنها ‪ْ ،‬‬ ‫ع َم ُل اب ِْن َ‬ ‫مط ُع َ‬ ‫التً ٌَ ْن ِ‬
‫صحْ بِه أجْ َمعٌنَ ‪ .‬وكتبه ‪:‬‬ ‫على آ ِل ِه و َ‬ ‫َ‬ ‫سل َم على نَبِ ٌِّنا ُم َح َّم ٍد و َ‬ ‫َّ‬ ‫صلى هللاُ و َ‬ ‫َّ‬ ‫ً ذلن والماد ُِر علٌه ‪ ،‬و َ‬ ‫َو ِل ُّ‬
‫عبدهللا بن خضر بن حمد بن بٌرداود‬
‫العراق‪ /‬أربٌل ‪ /2 :‬شعبان‪8341 /‬هـ‬

‫الفصل األول‬
‫مهاد عام حول علوم المرآن‬
‫توطئة‬
‫لمد فصل أبو شهبة فً كتابه‪،‬المدخل لدراسة المرآن الكرٌم‪ ،‬المعنى الممصود بعلوم‬
‫المرآن(ٔ)‪ ،‬إذ بدأ أوال بكلمة علوم‪،‬فذكر أن معنى العلم _مفرد علوم_ فً اصطبلح أهل التدوٌن‪،‬‬
‫"جمله من المسابل المضبوطة بجهة واحدة"(ٕ)‪ ،‬والعلم فً اللؽة نمٌض الجهل ‪ ،‬وهو مصدر‬
‫مرادؾ للفهم والمعرفة واإلدران‪ ،‬وٌراد به إدران الشًء على حمٌمته‪ ،‬ثم نُمل بمعنى المسابل‬
‫المختلفة المضبوطة ضبطا ً علمٌا ً والمتعلمة بعلم ما‪ ،‬ومن أحسن ما لٌل فً كلمة العلم أنها أشهر‬
‫من أن تعرؾ‪.‬‬
‫وإن تعرٌؾ المرآن عند األصولٌٌن والفمهاء "هو كبلم هللا المنزل على نبٌه دمحم ملسو هيلع هللا ىلص‪،‬‬
‫المعجز بلفظه‪ ،‬المتعبد بتبلوته‪ ،‬المنمول بالتواتر‪ ،‬المكتوب فً المصاحؾ‪ ،‬من أول سورة‬
‫الفاتحة إلى آخر سورة الناس"ٖ‪ .‬تخصٌص التعرٌؾ بهذا الشكل ٌخرج منه الكتب السماوٌة‬
‫األخرى _التً لم تنزل على دمحم ملسو هيلع هللا ىلص‪،‬وتخرج أٌضا األحادٌث المدسٌة التً هً أٌضا لفظا من هللا‬
‫تعالى‪ ،‬لكنها ؼٌر معجزة وال ٌتعبد بتبلوتها(ٗ)‪.‬‬
‫أما المركب اإلضافً‪ ،‬علوم المرآن‪ ،‬فمكون من كلمتٌن‪ ،‬كلمة علوم ولرآن ‪.‬‬

‫(ٔ) أبو شهبة‪ ،‬دمحم بن دمحم‪ ،‬المدخل لدراسة المرآن الكرٌم ‪،‬بٌروت‪ ،‬دار الجٌل‪ ،‬ص‪.ٔ1‬‬
‫(ٕ) المصدر السابك‪.‬‬
‫(ٖ) المدخل لدراسة المرآن الكرٌم‪.‬أبو شهبة‪،‬مرجع سابك‪،‬صٕٓ‪.‬‬
‫(ٗ) المصدر السابك‪.‬‬
‫ولد عرؾ الكفافً والشرٌؾ علوم المرآن بؤنه(ٔ)‪:‬علم أو دراسة تدور حول أي جانب‬
‫من جوانب المرآن الكرٌم‪ ،‬وهذا ٌتضمن علوم كثٌرة مثل علم‪ :‬رسم المرآن‪ ،‬إعراب المرآن‪،‬‬
‫تفسٌر المرآن‪،‬أسباب النزول‪،‬المكً والمدنً‪ ،‬الناسخ والمنسوخ‪ ،‬ؼرٌب المرآن‪ ،‬المراءات‪ ،‬فضل‬
‫المرآن‪ ،‬األحرؾ السبعة‪ ،‬مجاز المرآن‪ ،‬ألسام المرآن‪ ،‬أمثال المرآن‪ ،‬حجج المرآن‪ ،‬نزول المرآن‬
‫وتنجٌمه‪ ،‬جمع المرآن وكتابته‪ ،‬المصاحؾ العثمانٌة‪ ،‬فواتح السور‪،‬المحكم والمتشابه‪ ،‬إعجاز‬
‫المرآن‪ ،‬تشبٌه المرآن واستعاراته‪،‬اإلعجاز فً نؽم المرآن‪ ،‬ترجمة المرآن‪،‬ترتٌب المرآن‪،‬العام‬
‫والخاص‪،‬المطلك والممٌد‪،‬المنطوق والمفهوم‪،‬جدل المرآن‪،‬لصص المرآن‪ ،‬وؼٌرها(ٕ)‪.‬‬
‫وأوضح الدكتور زرزور(ٖ) أن هذه العلوم من األجدر أن تسمى"علوم التفسٌر" أو‬
‫"علوم تفسٌر المرآن"‪ ،‬ألن ؼرضها الربٌسً إنما هو لتسهٌل فهم وتفسٌر المرآن‪ .‬و لد دعم رأٌه‬
‫هذا بؤن كتب التفسٌر الكبٌرة عادة ما تشتمل على ممدمة تذكر فٌها أهم هذه العلوم لبل البدء‬
‫بالتفسٌر‪،‬أمثال كتاب الطبرانً و األصفهانً‪ .‬وأفضل كما ذكرت بالممدمة‪،‬تمسٌم محاور هذه‬
‫العلوم الى‪:‬العلوم للمحافظة على المحتوى‪ ،‬العلوم للمحافظة على المراءة‪،‬والعلوم للمحافظة على‬
‫التفسٌر‪ ،‬والعلوم إلظهار اإلبداع المرآنً‪.‬‬
‫والمرآن فً اللؽة ‪ :‬اختلفت فٌه ألوال العلماء هل هو مصدر أم وصؾ؟ ثم هل هو‬
‫مهموز أم ؼٌر مهموز؟‬
‫والذي نختاره أنه مصدر مهموز على وزن فُعبلن بالضم كالؽفران‪ ،‬والشكران‪ ،‬من لرأ‬
‫علَ ٌْنَا‬‫ٌمرأ لراءة ً ‪ ،‬ولرآنا ً ‪ ،‬وٌشهد لهذا االختٌار ورود المرآن بمعنى المراءة فً لوله تعالى {إِ َّن َ‬
‫َج ْم َعهُ َولُ ْرآنَهُ (‪ )ٔ2‬فَإ ِ َذا لَ َرأْنَاهُ فَاتَّبِ ْع لُ ْرآنَهُ (‪[ })ٔ1‬المٌامة ‪ ]ٔ1 - ٔ2 :‬أي‪ :‬لراءته علٌن حتى‬
‫تعٌٌه(ٗ) ‪.‬‬
‫فـ"لرأ"‪ :‬تؤتً بمعنى الجمع والضم والتبلوة‪ ،‬والمراءة ‪ :‬ضم الحروؾ والكلمات بعضها‬
‫إلى بعض فً الترتٌل‪ ،‬ولد نمل من هذا المعنى المصدري‪ ،‬وجعل اسما ً للكبلم المعجز‪ ،‬المنزل‬
‫على دمحم ‪ ‬من باب إطبلق المصدر على مفعوله‪ ،‬فؤصبح كالعلم الشخصً له‪ ،‬ومنه لوله تعالى‬
‫ب َال‬ ‫صٌ َل ْال ِكت َا ِ‬‫صدٌِكَ الَّذِي بٌَْنَ ٌَ َد ٌْ ِه َوت َ ْف ِ‬
‫َّللا َولَ ِك ْن ت َ ْ‬
‫ُون َّ ِ‬ ‫{و َما َكانَ َه َذا ْالمُ ْر ُ‬
‫آن أ َ ْن ٌُ ْفت ََرى ِم ْن د ِ‬ ‫‪َ :‬‬
‫ْب فٌِ ِه ِم ْن َربّ ِ ْال َعالَ ِمٌنَ } [ٌونس ‪. ]ٖ2 :‬‬ ‫َرٌ َ‬
‫ولعلوم المرآن معنٌان ‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬معنى عام‪ :‬وهوأنواع المعارؾ والعلوم المتصلة بالمرآن الكرٌم ‪ ،‬سواء كانت خادمة له‬
‫‪ ،‬أو دل المرآن على مسابلها وأحكامها(٘)‪.‬‬

‫(ٔ) الكفافً‪،‬د‪ .‬دمحم عبد السبلم و األستاذ الشرٌؾ‪ ،‬عبد هللا‪،‬فً علوم المرآن دراسات و محاضرات‪،‬‬
‫بٌروت_لبنان‪ ،‬دار النهضة العربٌة‪،ٔ52ٕ،‬ص ‪.ٕ2‬‬
‫(ٕ) د‪ .‬الصالح‪،‬صبحً‪،‬مباحث فً علوم المرآن‪،‬الطبعة الخامسة والعشرون‪،‬بٌروت_لبنان‪ ،‬دار العلم‬
‫للمبلٌٌن‪ٕٕٓٓ،‬م ‪،‬و المطان‪،‬مناع‪ ،‬مباحث فً علوم المرآن‪،‬الطبعة الثانٌة‪،‬الرٌاض‪،‬مكتبة المعارؾ للنشر‬
‫والتوزٌع‪ٔٗٔ2،‬ه‪ٔ55ٙ/‬م‪.‬‬
‫(ٖ) د‪.‬زرزور‪،‬عدنان دمحم‪ ،‬فصول فً علوم المرآن‪،‬الطبعة األولى‪،‬بٌروت_لبنان‪،‬المكتب‬
‫اإلسبلمً‪ٔٗٔ5،‬ه‪ٔ551/‬م‪،‬ص ٓٔ‪.‬‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬تفسٌر السمعانً‪ ،ٔٔ٘٘ :‬وتفسٌر الطبري‪.ٗ55/ٕٖ :‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬مناهل العرفان‪ ،ٕٖ :‬ودراسات فً علوم المرآن الكرٌم‪ ،‬فهد الرومً‪.ٖٕ:‬‬
‫فعلوم خادمة للمرآن كعلم التجوٌد ‪ ،‬وعلم التفسٌر ‪ ،‬وعلوم اللؽة العربٌة ‪ ،‬وعلم الناسخ‬
‫والمنسوخ ‪ ،‬ونحو ذلن ‪ ،‬وعلوم دل المرآن على مسابلها وأحكامها ‪ ،‬كعلم الفمه ‪ ،‬وعلم التوحٌد ‪،‬‬
‫وعلم الفرابض ‪ ،‬وعلم التارٌخ‪ ،‬ونحو ذلن ‪.‬‬
‫ولد توسع بعض العلماء فً ذلن حتى أدخلوا علم الطب ‪ ،‬وعلم الفلن‪ ،‬والجبر ‪،‬‬
‫والهندسة ‪ ،‬وؼٌرها‪.‬‬
‫ولكن لٌس هنالن شن أن كل العلوم الدٌنٌة والعربٌة داخلة فً معنى علوم المرآن فً‬
‫معناه العام ‪.‬‬
‫والثانً‪ :‬ومعنى خاص باعتباره علما مدونا‪:‬‬
‫إن علوم المرآن باعتباره فنا ً مدونا ً عبارة عن مباحث أساسٌة ٌنبؽً اإللمام بها لكل ممبل‬
‫على فهم ودراسة المرآن الكرٌم وإال ضل عن سواء السبٌل ‪ ،‬لذا ٌمكن تعرٌفه بؤنه ‪" :‬أنواع‬
‫المعارؾ والعلوم الخادمة للمرآن الكرٌم كعلم النزول ‪ ،‬وعلم الرسم ‪ ،‬وعلم التجوٌد والمراءات‪،‬‬
‫وعلم أسباب النزول‪ ،‬وعلم الناسخ والمنسوخ وعلم التفسٌر ونحو ذلن"(ٔ)‪.‬‬
‫وفً المرن الثانً بدأ تدوٌن هذه العلوم فً كتب منفصلة‪ ،‬كل علم ٌدرس وٌدون على‬
‫حده‪ ،‬ثم جمعت هذه العلوم فً كتاب واحد لتؤخذ الشكل المسمى بعلوم المرآن المتعارؾ علٌه‬
‫اآلن‪ .‬ولد ذكر الدكتور صبحً الصالحٕ أن بداٌة ظهور الشكل المعاصر لعلوم المرآن إنما بدأ‬
‫فً كتاب "البرهان فً علوم المرآن" للحوفً (تٖٓٗهـ)‪ .‬بٌنما حدد كفافً والشرٌؾ بداٌة‬
‫بلورة المفهوم المعاصرلعلوم المرآن فً المرن الثامن على ٌد الزركشً (تٗ‪25‬هـ) فً كتابه‬
‫"البرهان فً علوم المرآن" (ٖ)‪.‬‬
‫فوابد معرفة علوم المرآن‪:‬‬
‫(ٗ)‬
‫ولمعرفة علوم المرآن فوابد جمة‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬أن دراسة المرآن الكرٌم وفهمه وتفسٌره إنما تتطلب معرفة المفسر لهذه العلوم‪،‬لمعرفة‬
‫أسباب النزول‪ ،‬لمعرفة الناسخ والمنسوخ و ؼٌرها من علوم المرآن حتى ٌتفادى الخطا والزلل‪،‬‬
‫واإلسبلم ٌحث على العلم والمعرفة‪ ،‬وبالعلم ترلى األمم‪ ،‬فكٌؾ إذا تكون ثمافة الدارس لعلوم‬
‫المرآن‪ ،‬فهً أشرؾ الثمافات والعلوم‪.‬‬
‫علوم المرآن من أهم العلوم‪ ،‬وأعبلها‪ ،‬وأنفعها‪ ،‬إذ هو السبٌل لفهم كتاب هللا‪ ،‬ومعرفة أحكامه ‪،‬‬
‫وحكمه ‪ ،‬ولذا تظهر علوم المرآن الكرٌم من جوانب عدٌدة أبرزها ما ٌؤتً ‪:‬‬
‫ٕ‪ٌ -‬ساعد على فهم وتدبر المرآن الكرٌم ‪ ،‬واستنباط أحكامه ‪ ،‬ومعرفة حكمه ‪ ،‬وحل مشكله ‪،‬‬
‫وفهم متشابهه‪ ،‬بصورة صحٌحة دلٌمة ‪ ،‬ألنه ال ٌمكن أن ٌفهم المرآن وٌفسره من ال ٌعرؾ‬
‫نطمه‪ ،‬ورسمه‪ ،‬وأوجه لراءته‪ ،‬وأسباب نزوله ‪ ،‬وناسخه ومنسوخه‪ ،‬ومحكمه ومتشابهه‪ ،‬ونحو‬
‫ذلن ‪ ،‬فهو األساس‪ ،‬والمفتاح لفهم المرآن الكرٌم‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬زٌادة الثمة والٌمٌن بهذا المرآن العظٌم ‪ ،‬خاصة لمن ٌتعمك فً معرفة إعجازه‪ ،‬وأحكامه‪،‬‬
‫وحكمه‪ ،‬وٌمؾ على دلٌك أسراره‪ ،‬إذ الجهل بمثل هذه العلوم ٌجعل المسلم عرضة للشبهات التً‬
‫ٌمصد من ورابها زعزعة الٌمٌن‪.‬‬

‫(ٔ) مناهل العرفان‪.ٕٖ :‬‬


‫(ٕ)مباحث فً علوم المرآن‪ ،‬د الصالح ‪:‬صٕٗٔ‪.‬‬
‫(ٖ) فً علوم المرآن‪،‬الكفافً و الشرٌؾ‪ ،‬مرجع سابك‪،‬صٖٖ‪.‬‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬المدخل لدراسة المرآن الكرٌم‪.‬أبو شهبة‪،‬مرجع سابك‪،‬ص‪.ٕٙ‬‬
‫ٗ‪ -‬معرفة الجهود العظٌمة ـ الممتدة عبر التارٌخ وفً كل المرون ـ التً بذلها العلماء لخدمة هذا‬
‫الكتاب ‪ ،‬ودور هذه الجهود فً حفظه من التؽٌٌر والتبدٌل‪ ،‬وفً تٌسٌر فهمه ‪.‬‬
‫٘‪ -‬التسلح بعلوم لٌمة تمكن من الدفاع عن هذا الكتاب العزٌز ضد من ٌتعرض لـه من أعداء‬
‫اإلسبلم‪ ،‬وٌبث الشكون والشبهات فً عمابده وأحكامه‪ ،‬وتعالٌمه‪ ،‬وهو من أعظم الواجبات ‪.‬‬
‫‪ -ٙ‬زٌادة ثمافة الفرد المسلم بالمصدر األول لدٌنه ‪ ،‬وأعظم ما ٌملكه فً وجوده ‪ ،‬إذ ٌنبؽً لكل‬
‫مسلم أن ٌؤخذ حظه من المرآن مهما كان تخصصه‪ ،‬ومهنته‪ ،‬وحرفته ‪.‬‬
‫‪ -2‬نٌل األجر والثواب ‪ ،‬إذ تعلم مثل هذه العلوم من أوسع أبواب العبودٌة هلل ‪.‬‬
‫‪ -1‬تطهٌر الملب ‪ ،‬وتهذٌب النفس ‪ ،‬وزٌادة اإلٌمان‪ ،‬إذ تعلم علوم المرآن ٌربط المسلم بصورة‬
‫لوٌة بكتاب هللا الذي أنزله هللا شفاء للناس ورحمة ‪.‬‬
‫وبعد هذه التوطبة لعلوم المرآن سوؾ نتناول المرآن لؽة واصطبلحا‪:‬‬
‫‪ -8‬تعرٌف المرآن لغة‬
‫اختلؾ العلماء فً تعرٌؾ المرآن لؽة‪ ،‬على ألوال‪:‬‬
‫المول األول ‪ :‬أن كلمة المرآن مهموزة على وزن فُعبلن‪ ،‬مشتك من (المرء) بمعنى الجمع‪ .‬وهذا‬
‫لول لتادة(ٔ)‪ ،‬والزجاج(ٕ)‪ ،‬وأبو عبٌدة(ٖ)‪.‬‬
‫وفً سبب تسمٌته بالمرآن وجهان‪:‬‬
‫علَ ٌْنَا َج ْم َعهُ َولُ ْرآنَهُ} [المٌامة‬
‫أحدهما‪ :‬أنه س ّمى لرآنا‪ ،‬ألنه ٌجمع السور فٌضمها‪ ،‬لال تعالى‪{:‬إِ َّن َ‬
‫‪ ،]ٔ2 :‬أي‪" :‬تؤلٌؾ بعضه إلى بعض‪ ،‬ثم لال {فَإ ِ َذا لَ َرأْنَاهُ فَات َّ ِب ْع لُ ْرآنَهُ} [المٌامة ‪ ، ]ٔ1 :‬أي‪ :‬فإذا‬
‫ألّفنا منه شٌبا‪ ،‬فضممناه إلٌن فخذ به‪ ،‬واعمل به وض ّمه إلٌن‪ ،‬ولال عمرو ابن كلثوم فً هذا‬
‫المعنى(ٗ)‪:‬‬
‫هجان اللّون لم تمرأ جنٌنا‬ ‫حرة أدماء بكر‬
‫ذراعى ّ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫(٘)‬
‫أي لم تض ّم فى رحمها ولدا لط‪... ،‬وفى آٌة أخرى‪{ :‬فَإ ِ َذا لَ َرأتَ المُ ْرآنَ } [النحل ‪ ،]51 :‬أي‪ :‬إذا‬
‫تلوت بعضه فى إثر بعض‪ ،‬حتى ٌجتمع وٌنض ّم بعضه إلى بعض ومعناه ٌصٌر إلى معنى‬
‫التؤلٌؾ والجمع"(‪.)ٙ‬‬
‫ُظهره وٌبٌنه وٌلمٌه من فٌه‪ ،‬أخذ من لول العرب‪ :‬ما لَ َرأ َ ِ‬
‫ت‬ ‫سمً لرآنًا؛ ألن المارئ ٌ ُ‬ ‫والثانً‪ :‬أنه ُ‬
‫(ٖ)‬
‫لطرب ‪ ،‬وأبو هٌثم ‪ ،‬واللحٌانً ‪ ،‬واستشهدوا بمول‬ ‫(ٕ)‬ ‫(ٔ)‬ ‫سبل لَط‪ ،‬أي‪ :‬ما رمت بولد‪ .‬حكاه ْ‬ ‫النالة ً‬
‫(ٗ)‬
‫الشاعر ‪:‬‬

‫(ٔ) حكاه عنه الماوردي فً النكت والعٌون‪.ٕٗ/ٔ:‬‬


‫(ٕ) انظر‪ :‬معانً المرآن‪ ،ٖٓ٘/ٔ :‬وتهذٌب اللؽة‪.ٕ5ٖٔ/ٖ:‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬مجاز المرآن‪ ،ٔ/ٔ :‬والبرهان للزركشً‪.٘2ٙ/ٖ:‬‬
‫(ٗ)البٌت من معلمته‪ ،‬وانفرد أبو عبٌدة بهذه الرواٌة‪ ،‬أنظر شرح العشر للتبرٌزى ٔٔٔ‪ ،‬وهو فى جمهرة‬
‫األشعار ‪ ،2ٙ‬واألضداد لؤلصمعى ‪ ،ٙ‬والطبري ‪ ،ٕٔٓ /ٕ5‬والجمهرة ٔ‪ ،ٕٕ1 /‬والمرطبً ٖ‪ ،ٔٔٗ /‬واللسان‬
‫والتاج (لرأ) ‪.‬‬
‫(٘)«أي لم تضم ‪ ...‬لط» ‪ :‬رواه أبو الطٌب اللؽوي عن أبى عبٌدة (األضداد ٓ‪ 1‬ب) ‪ ،‬وهو فى األضداد‬
‫لبلصمعى ‪ ،ٙ‬وأخذه البخاري‪ ،‬ولال ابن حجر‪ :‬هو لول أبى عبٌدة أٌضا لاله فى المجاز رواٌة أبى جعفر‬
‫المصادرى عنه‪ ،‬وأنشد لول الشاعر‪« :‬هجان» البٌت‪.‬‬
‫والسلى بفتح المهملة وتخفٌؾ البلم‪ .‬وحاصله أن المرآن عنده من «لرأ» بمعنى جمع‪ ،‬ال من «لرأ» بمعنى تبل‪.‬‬
‫(فتح الباري ‪)ٖٗٓ /1‬‬
‫(‪ )ٙ‬مجاز المرآن‪.ٖ-ٕ/ٔ :‬‬
‫مرا ًحا ولم ٌمرأ جنٌنًا وال د َما‬ ‫َ‬ ‫أ َ َراها الولٌد أن الخبل فتشذّ ْ‬
‫رت‬
‫ترم بجنٌن‪ ،‬وسمً لرء المرأة من هذا على مذهب أهل العراق‪ ،‬والمرآن‬ ‫معناه‪" :‬لم ِ‬
‫(٘)‬
‫عا" ‪.‬‬ ‫ٌلفظه المارئ من فٌه وٌلمٌه‪ ،‬فسمً لرآنًا‪ ،‬ومعنى لرأت المرآن‪ :‬لفظت به مجمو ً‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫لال أبو إسحاق‪" :‬وهذا المول لٌس بخارج من الصحة وهو حسن‪ .‬لَ َرأته‪ ،‬أي‪:‬‬
‫َج َم ْعتُه"(‪.)ٙ‬‬
‫وذكر األشعري(‪- )2‬رحمه هللا‪ -‬هذا المعنى فً بعض كتبه فمال‪" :‬إن كبلم هللا ٌسمى‬
‫لُرآنًا؛ ألن العبارة َ عنه لرن بعضه إلى بعض"(‪.)1‬‬
‫ضا‪،‬‬‫لال الفراء‪" :‬ظن أن المرآن سمً من المرابن‪ ،‬وذلن أن اآلٌات ٌصدق بعضها بع ً‬
‫ضا‪ ،‬فهً لرابن‪ ،‬فمذهب هإالء أنه ؼٌر مهموز"(‪.)5‬‬ ‫وٌشبه بعضها بع ً‬
‫(ٓٔ)‬
‫المول الثانً‪:‬أن كلمة المرآن مشتمة من (لـرأ) بمعنى ألمى وأظهر‪ .‬وهذا لول ابن عباس ‪.‬‬
‫وذلن استشهادا ً بموله تعالى‪{ :‬فَإ ِ َذا لَ َرأْنَاهُ فَاتَّبِ ْع لُ ْرآنَهُ} [المٌامة ‪ٌ ، ]ٔ1 :‬عنً إذا بٌناه‬
‫فاعمل به(ٔٔ)‪.‬‬
‫وعلى هذا المول فإن‪" :‬المرآن مؤخوذ من (لرأ) بمعنى‪ :‬تبل‪ ،‬وهو مصدر مرادؾ‬
‫علَ ٌْنَا َج ْمعَهُ َولُ ْرآَنَهُ‪ ،‬فَإ ِ َذا لَ َرأْنَاهُ فَاتَّبِ ْع لُ ْرآَنَهُ]‬ ‫للمراءة‪ ،‬ولد ورد بهذا المعنى فً لوله تعالى‪[:‬إِ َّن َ‬
‫{المٌامة‪ ،}ٔ1-ٔ2:‬أي‪ :‬لراءته‪ ،‬ومنه لول حسان بن ثابت ‪-‬رضً هللا تعالى عنه‪ -‬فً رثاء‬
‫عثمان بن عفان‪-‬رضً هللا تعالى عنه‪:)ٕٔ(-‬‬
‫(ٔ)‬
‫ط ُع اللَّ ٌْ َل ت َ ْسبٌِ ًحا َولُ ْرآنَا‬
‫ٌَ ْم َ‬ ‫س ُجو ِد بِ ِه‬ ‫ع ْن َو ُ‬
‫ان ال ُّ‬ ‫ُ‬
‫(ٖٔ)‬
‫ض َّح ْوا ِبؤ َ ْش َم َ‬
‫ط‬ ‫َ‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬تهذٌب اللؽة" ٖ‪" ،ٕ5ٕٔ /‬التفسٌر الكبٌر" ٘‪.1ٙ /‬‬
‫(ٕ)تهذٌب اللؽة" ٖ‪" ،ٕ5ٕٔ /‬اللسان" ‪.ٖ٘ٙ٘ /ٙ‬‬
‫(ٖ)تهذٌب اللؽة" ٖ‪" ،ٕ5ٕٔ /‬اللسان" ‪.ٖ٘ٙ٘ /ٙ‬‬
‫(ٗ)البٌت لحمٌد بن ثور فً "دٌوانه" ص ٕٔ‪" ،‬لسان العرب" ‪( ٖ٘ٙ٘ /ٙ‬لرأ)‪.‬‬
‫(٘)تهذٌب اللؽة" ٖ‪" ،ٕ5ٕٔ /‬اللسان" ‪.ٖ٘ٙ٘ /ٙ‬‬
‫(‪")ٙ‬تهذٌب اللؽة" ٖ‪.ٕ5ٕٔ /‬‬
‫(‪)2‬هو‪ :‬علً بن إسماعٌل بن أبً بشر‪ ،‬أبو الحسن تتلمذ فً العمابد على الجبابً زوج أمه‪ ،‬وبرع فً علمً‬
‫شهر بمذهب ٌنسب إلٌه‪ ،‬ولٌل إنه رجع بعده إلى‬ ‫الكبلم والجدل على طرٌمة المعتزلة‪ ،‬ثم رجع فرد علٌهم‪ ،‬و ُ‬
‫مذهب السلؾ‪ ،‬له‪" :‬مماالت اإلسبلمٌٌن"‪ ،‬و"اإلبانة"‪ ،‬توفً سنة ٕٖٗ هـ‪ .‬انظر‪" :‬شذرات الذهب" ٕ‪،ٖٖٓ /‬‬
‫"األعبلم" ٗ‪.ٕٖٙ /‬‬
‫(ٗ) فً (م)‪( :‬كتاب)‪.‬‬
‫(‪)1‬البرهان‪ ،‬للزركشً‪ .ٕ21 /ٔ :‬ونمله الواحدي فً التفسٌر البسٌط‪ ،٘2ٙ/ٖ :‬وهذا مذهب األشاعرة واعتماد‬
‫السلؾ إثبات صفة الكبلم هلل تعالى على الوجه البلبك به سبحانه من ؼٌر تشبٌه وال تمثٌل وال تكٌٌؾ وال تعطٌل‬
‫ٌر} [الشورى‪.]ٔٔ :‬‬ ‫ش ًْ ٌء َوه َُو الس َِّمٌ ُع ْالبَ ِ‬
‫ص ُ‬ ‫ْس ك َِمثْ ِل ِه َ‬
‫على حد لوله تعالى‪{ :‬لٌَ َ‬
‫(‪ )5‬نمبل عن التفسٌر البسٌط‪ ،٘22/ٖ :‬والتفسٌر الكبٌر‪.1ٙ/٘ :‬‬
‫(ٓٔ) حكاه عنه الماوردي فً النكت والعٌون‪.ٕٖ/ٔ :‬‬
‫(ٔٔ)انظر‪ :‬النكت والعٌون‪.ٕٖ/ٔ :‬‬
‫(ٕٔ)البٌت لحسان بن ثابت‪ ،‬دٌوانه‪ ،ٗٔٓ :‬وضحى‪ :‬ذبح شاته ضحى النحر‪ ،‬وهً األضحٌة‪ .‬واستعاره حسان‬
‫لممتل عثمان فً ذي الحجة سنة ٖ٘‪ ،‬رضً هللا عنهما‪ ،‬انظر‪" :‬المؽنً" ٔ‪ ،ٕٔ1 /‬رلم ٖ‪" ،ٖٙ‬البحر المحٌط"‬
‫ٕ‪ ،ٖٕ /‬والعنوان‪ :‬األثر الذي ٌظهر فتستدل به على الشًء‪.‬‬
‫الر ُجل شٌب اللحٌة‪ .‬انظر‪ :‬لسان العرب‪ ،‬مادة (شمط)‪.ٖٖٙ - ٖٖ٘ / 2 :‬‬ ‫(ٖٔ) الشمط‪ :‬فً َّ‬
‫أي‪ :‬لراءة"(ٕ)‪.‬‬
‫فإن لال لابل‪ :‬وكٌؾ ٌجوز أن ٌسمى "لرآنًا" بمعنى المراءة‪ ،‬وإنما هو ممروء؟‬
‫لٌل‪ :‬كما جاز أن ٌسمى المكتوب‪ :‬كتابًا‪ ،‬بمعنى‪ :‬كتاب الكاتب(ٖ)‪ ،‬كما لال الشاعر فً‬
‫ق كتبه المرأته(ٗ)‪:‬‬ ‫طبل ٍ‬‫صفة كتاب َ‬
‫صك ال ِؽ َراء‬ ‫كِتابٌ مث َل ما لَ ِ‬ ‫ت ُ َإ ِ ّمل َرجْ عةً ِمنّى‪ ،‬وفٌها‬
‫علَ َما ً للكتاب‬
‫المول الثالث‪ :‬أن "لفظ المرآن لٌس مشتماً‪ ،‬وال مهموزاً‪ ،‬وأنه لد ارتجل وجعل َ‬
‫المنزل‪ ،‬كما أطلك اسم التوراة على كتاب موسى‪ ،‬واإلنجٌل على كتاب عٌسى صلى هللا علٌهما‬
‫وسلم"‪ .‬وها لول اإلمام الشافعً‪-‬رحمه هللا‪.)٘(-‬‬
‫والمول الراجح هو أن المرآن مؤخـوذ من (لرأ) بمعنى‪ :‬تبل‪ ،‬وهو مصدر مرادؾ للمراءة‬
‫علَ ٌْنَا َج ْمعَهُ َولُ ْرآَنَهُ‪ ،‬فَإ ِ َذا لَ َرأْنَاهُ فَاتَّبِ ْع لُ ْرآَنَهُ] {المٌامة‪-ٔ2:‬‬
‫ٌدل على ذلن اآلٌة السابمة‪ِ [: :‬إ َّن َ‬
‫[ولُ ْرآَنَ الفَجْ ِر ِإ َّن لُ ْرآنَ الفَجْ ِر َكانَ َم ْش ُهودًا] {اإلسراء‪ ،}21:‬أي‪ :‬لراءة‬
‫َ‬ ‫}أي‪ )ٙ‬لراءته – ولوله‪َ :‬‬ ‫‪ٔ1‬‬
‫(‬
‫الفجر ‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫‪ -2‬تعرٌف المرآن فً االصطالح‪:‬‬
‫إن المرآن الكرٌم مصدر العلوم وأصل الحمابك الثابتة ومرجع العلماء ٌرجع إلٌه الفمهاء‬
‫واألصولٌون لمعرفة األحكام الشرعٌة إجماالً وتفصٌبلً وٌرجع إلٌه علماء اللؽة إلظهار إعجازه‬
‫واإلفادة من أسلوبه ومعانً كلماته اإلفرادٌة والتركٌبٌة ‪ ،‬وٌرجع إلٌه علماء المراءات لتحمٌك‬
‫هدفهم فً معرفة كٌفٌة النطك بؤلفاظه الكرٌمة ‪.‬‬
‫ذكر اإلمام السٌوطً فً اإلتمان‪" :‬أن المرآن كبلم هللا المنزل‪ ،‬ثم أخذ فً تفصٌل معنى‬
‫الكبلم وكٌفٌة التنزٌل‪ ،‬وعمد بعد ذلن فصبلً فً تواتر نمل المرآن وذكر أن األمة متعبدة بفهم‬
‫معانٌه‪ ،‬وإلامة حدوده‪ ،‬وحروفه على الصفة المتلماه‪ ،‬ثم ذكر أن المرآن معجز‪ ،‬وأخذ فً تفصٌل‬
‫المدر المعجز منه"(‪ ،)2‬وعلٌه فٌمكن تلخٌص كبلمه على ممتضى الحد الجامع المانع فٌمال‪ :‬هو‬
‫كبلم هللا المنزل على دمحم ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬بواسطة جبرٌل‪ ،‬المتواتر‪ ،‬المعجز‪ ،‬المتعبد بتبلوته وتطبٌك‬
‫أحكامه‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ولال الشوكانً ‪" :‬المرآن كبلم هللا تعالى‪ ،‬المنزل على نبٌنا دمحم ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬المكتوب فً‬
‫متواترا‪ ،‬المتعبد بتبلوته‪ ،‬المتحدى بؤلصر سورة منه"(ٔ)‪ ،‬وهذا‬ ‫ً‬ ‫المصاحؾ‪ ،‬المنمول إلٌنا ً‬
‫نمبل‬

‫(ٔ) البٌان والتبٌٌن‪ ،‬أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ صٖٗٔ‪ ،‬تحمٌك‪ :‬فوزي عطوى‪ ،‬دار صعب‪ -‬بٌروت‪،‬‬
‫ط‪/‬األولى ‪ٔ5ٙ1‬م‪.‬‬
‫(ٕ) لسان العرب البن منظور ٔ‪.ٕ5/‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري‪.52/ٔ :‬‬
‫(ٗ) البٌت من شواهد الطبري فً تفسٌره‪ ،52/ٔ:‬ولم أتعرؾ على لابله‪.‬‬
‫(٘)منالب الشافعً‪ ،‬أبوبكر أحمد بن الحسٌن بن علً البٌهمًٔ‪ ،ٕ2ٙ /‬تحمٌك أحمد صمر‪ ،‬مكتبة دار التراث –‬
‫الماهرة‪ ،‬ط‪ٔ52ٔ /‬م‪.‬‬
‫(‪ ) ٙ‬الجامع ألحكام المرآن‪ ،‬أبو عبد هللا دمحم بن أحمد بن أبً بكر بن فرح األنصاري الخزرجً شمس الدٌن‬
‫المرطبًٕ‪ ،ٕ51/‬تحمٌك ‪ :‬أحمد البردونً وإبراهٌم أطفٌش‪ ،‬دار الكتب المصرٌة – الماهرة‪ ،‬ط‪ /‬الثانٌة ٗ‪ٖٔ1‬هـ‬
‫‪ ٔ5ٙٗ -‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬اإلتمان فً علوم المرآن للسٌوطً ٔ‪ ،ٔ2ٓ-ٔ٘1/‬بتصرؾ‪.‬‬
‫(‪ )1‬هو دمحم بن علً بن دمحم الشوكانً‪ ،‬اإلمام العبلمة الربانً‪ ،‬ولد فً هجرة شوكان سنة ثبلث وسبعٌن ومابة‬
‫وألؾ من الهجرة‪ ،‬تولى منصب لاضً لضاة المطر الٌمانً‪ ،‬وكان نابذا للتملٌد داعٌا ً لبلجتهاد‪ ،‬صاحب‬
‫التعرٌؾ مزٌد فٌه على ما سبك لوله‪" :‬المكتوب فً المصاحؾ" وهذا لٌد ؼٌر الزم‪ ،‬وال ٌشترط‬
‫فً إثبات المرآن أن ٌكون فً المصاحؾ؛ ألن هذا المٌد ال ٌشمل ما كان محفوظا ً فً الصدور‪،‬‬
‫والكل ٌسمى لرآنا ً سواء كان مكتوبا ً أو محفوظاً‪.‬‬
‫ولٌل المرآن‪" :‬هو الكبلم المعجز‪ ،‬المنزل على النبً ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬المكتوب فً المصاحؾ‬
‫المنمول بالتواتر المتعبد بتبلوته"(ٕ)‪.‬‬
‫ولٌل المرآن‪" :‬هو كبلم هللا المعجز المنزل على خاتم األنبٌاء‪ ،‬والمرسلٌن دمحم ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪-‬‬
‫بواسطة أمٌن الوحً جبرٌل علٌه السبلم‪ ،‬المنمول إلٌنا بالتواتر‪ ،‬المتعبد بتبلوته‪ ،‬المبدوء بسورة‬
‫الفاتحة‪ ،‬والمختتم بسورة الناس‪ ،‬والمتحدى بؤلصر سورة منه"(ٖ)‪.‬‬
‫ولولهم فً التعرٌؾ‪" :‬كبلم" جنس ٌشمل كل كبلم‪ ،‬خصص هذا الجنس باإلضافة إلى‬
‫لفظ الجبللة لٌخرج كل كبلم سوى كبلم هللا‪ ،‬بٌد أن كبلم هللا منه ما هو متعبد بتبلوته‪ ،‬ومنه ؼٌر‬
‫ذلن‪ ،‬فتكون نسبة التخصٌص هنا نسبٌة بالنسبة لما سوى كبلم هللا‪ ،‬والكبلم صفة هلل لابمة به‪،‬‬
‫ع ِ ّرؾ المرآن فً العمٌدة‬ ‫أثبتها ربنا عز وجل لنفسه‪ ،‬بدون تشبٌه وال تكٌٌؾ وال تعطٌل‪ ،‬و ُ‬
‫الطحاوٌة بؤنه‪" :‬كبلم هللا‪ ،‬منه بدا‪ ،‬ببل كٌفٌة لوالً‪ ،‬وأنزله على رسوله وحٌاً‪ ،‬وصدله المإمنون‬
‫على ذلن حماً‪ ،‬وأٌمنوا أنه كبلم هللا تعالى بالحمٌمة‪ ،‬لٌس بمخلوق ككبلم البرٌة‪ ،‬فمن سمعه فزعم‬
‫أنه كبلم البشر فمد كفر"(ٗ)‪.‬‬
‫وهذا التعرٌؾ فٌه زٌادة تفصٌل فً جانب‪ ،‬وخبل من لٌود مهمة فً جانب آخر‪ ،‬فمثبل‬
‫لوله‪" :‬بالحمٌمة"‪ :‬إما أن تكون صفة كاشفة‪ ،‬أو تؤكٌدا ً معنوٌا ً وعلى كبل التمدٌرٌن دخولها فً‬
‫التعرٌؾ معٌب‪ ،‬كما ٌبلحظ الباحث أن هذا التعرٌؾ خبل من وصؾ المرآن بالمعجز؛ فهل‬
‫اإلعجاز صفة مختصة بكبلم هللا؟ وهل فً الحدٌث المدسً أو النبوي شًء من اإلعجاز فتدخل‬
‫فً التعرٌؾ؟ على كبل األمرٌن سٌخرج ؼٌر المرآن من التعرٌؾ بمولهم‪" :‬المتعبد بتبلوته" أي‪:‬‬
‫بإلامة حروفه وألفاظه‪ ،‬وبؤنه ال ٌجزئ فً الصبلة ؼٌره‪.‬‬
‫ع ِ ّرؾ كذلن بؤنه‪" :‬كبلم هللا تعالى المنزل على دمحم ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬للبٌان‪ ،‬واإلعجاز‪ ،‬المجموع‬ ‫و ُ‬
‫(٘)‬
‫بٌن دفتً المصحؾ‪ ،‬المتعبد بتبلوته‪ ،‬المنمول بالتواتر" ‪.‬‬
‫نستنتج مما سبك أن كل التعرٌفات تدور فً الجملة حول معنى واحد ؼٌر أن فً بعضها‬
‫زٌادة لٌود‪ ،‬وإسهاب‪ ،‬واألصل فً الحدود أن تكون جامعة مانعة‪ ،‬وعلٌه فإن الباحث ٌرى أن‬
‫التعرٌؾ المختار هو‪ :‬أن المرآن كبلم هللا المنزل على دمحم ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬لفظاً‪ ،‬للبٌان‪ ،‬والتحدي‪،‬‬
‫واإلعجاز‪ ،‬المتعبد بتبلوته‪ ،‬وبؤحكامه‪ ،‬المنمول بالتواتر‪.‬‬
‫شرح محترزات ولٌود التعرٌؾ‪:‬‬

‫التصانٌؾ‪ ،‬توفى عام خمسٌن ومؤتٌن وألؾ‪ ،‬انظر‪ :‬البدر الطالع بمحاسن من بعد المرن السابع للشوكانً‬
‫ٕ‪ ،ٕٓ2/‬دار المعرفة‪ -‬بٌروت‪( ،‬بدون)‪ .‬واألعبلم للزركلً ‪.ٕ51/ ٙ‬‬
‫(ٔ) إرشاد الفحول‪ ،‬دمحم بن على الشوكانًٔ‪ ،1ٙ/‬تحمٌك‪ :‬أحمد عزو عناٌة‪ ،‬دار الكتاب العربً‪ ،‬ط‪/‬األولى‬
‫‪ٔٗٔ5‬هـ‪ٔ555 -‬م (بتصرؾ بسٌط)‪.‬‬
‫(ٕ) مناهل العرفان فً علوم المرآن‪ ،‬للزرلانًٔ‪.ٔ٘/‬‬
‫(ٖ) نفحات من علوم المرآن‪ ،‬دمحم أحمد معبد صٖٔ‪ ،‬مكتبة طٌبة– المدٌنة المنورة‪ ،‬ط‪ /‬األولى ‪ٔ51ٙ‬م‪.‬‬
‫(ٗ) شرح العمٌدة الطحاوٌةٔ‪ ،ٕ٘ٗ/‬الماضً علً بن علً أبً العز الدمشمً‪ ،‬تحمٌك عبدهللا عبدالمحسن‬
‫التركً‪ ،‬مإسسة الرسالة‪ ،‬ط‪ /‬الثانٌة ٕٓٗٔهـ‪.‬‬
‫(٘) الآللًء الحسان فً علوم المرآن ص‪ ،5‬د‪ /‬موسى شاهٌن الشٌن‪ ،‬مطبعة الفجر الجدٌد‪(،‬بدون)‪.‬‬
‫لوله‪ :‬كبلم هللا‪ :‬الكبلم صفة من صفات هللا أثبتها سبحانه لنفسه‪ ،‬وأثبتها له رسوله ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬ولولنا‬
‫كبلم هللا الكبلم جنس فً التعرٌؾ ٌشمل كل كبلم وإضافته إلى (هللا) ٌخرج كبلم ؼٌره من‬
‫اإلنس والجن والمبلبكة‪" ،‬فمد كلم سبحانه عبده ورسوله موسى ببل واسطة‪ ،‬بل أسمعه كبلمه‬
‫س ُل فَض َّْلنَا‬ ‫الذي هو صفته البلبمة بذاته كما شاء وعلى ما أراد‪ ،‬لال هللا عز وجل‪[ :‬تِ ْلنَ ُّ‬
‫الر ُ‬
‫ت َوأٌََّ ْدنَاه ُ‬ ‫سى ابْنَ َم ْرٌَ َم البَ ٌِّنَا ِ‬ ‫ت َوآَت َ ٌْنَا ِعٌ َ‬ ‫ض ُه ْم َد َر َجا ٍ‬‫ض ِم ْن ُه ْم َم ْن َكلَّ َم هللاُ َو َرفَ َع بَ ْع َ‬ ‫علَى بَ ْع ٍ‬ ‫ض ُه ْم َ‬‫بَ ْع َ‬
‫َ‬
‫اختَلفُوا فَ ِم ْن ُه ْم‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫بِ ُروحِ المد ُِس َول ْو شَا َء هللاُ َما التَت َ َل الذٌِنَ ِم ْن بَ ْع ِد ِه ْم ِم ْن بَ ْع ِد َما َجا َءت ُه ُم البٌَِّنَاتُ َول ِك ِن ْ‬ ‫ُ‬
‫سبل لَ ْد‬ ‫ً‬ ‫[و ُر ُ‬‫َم ْن آ َ َمنَ َو ِم ْن ُه ْم َم ْن َكفَ َر َولَ ْو شَا َء هللاُ َما ا ْلتَتَلُوا َولَ ِك َّن هللاَ ٌَ ْفعَ ُل َما ٌ ُِرٌدُ] {البمرة‪َ }ٕٖ٘:‬‬
‫سى ت َ ْك ِلٌ ًما] {النساء‪،}ٔٙٗ:‬‬ ‫علٌَْنَ َو َكلَّ َم هللاُ ُمو َ‬ ‫ص ُه ْم َ‬ ‫ص ْ‬ ‫س ًبل لَ ْم نَ ْم ُ‬
‫علٌَْنَ ِم ْن لَ ْب ُل َو ُر ُ‬ ‫صنَا ُه ْم َ‬ ‫ص ْ‬ ‫لَ َ‬
‫(ٔ)‬
‫فؤكده بالمصدر مبالؽة فً البٌان والتوضٌح" ‪.‬‬
‫ولوله‪" :‬المنزل على دمحم ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ :"-‬خرج بموله المنزل‪ :‬كبلم هللا الذي استؤثر به نفسه‬
‫ت َربًِّ لَنَ ِف َد البَحْ ُر لَ ْب َل أ َ ْن ت َ ْنفَ َد َك ِل َماتُ َر ِبًّ َولَ ْو‬ ‫سبحانه‪ :‬لال تعالى‪[ :‬لُ ْل لَ ْو َكانَ البَحْ ُر ِم َدادًا ِل َك ِل َما ِ‬
‫ِجبْنَا بِ ِمثْ ِل ِه َم َددًا] {الكهؾ‪ ،}ٔٓ5:‬وخرج بموله على دمحم ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬الكتب السماوٌة السابمة لنزول‬
‫علَى لَ ْلبِنَ ِلت َ ُكونَ ِمنَ‬ ‫ٌن‪َ ،‬‬ ‫الرو ُح األ َ ِم ُ‬ ‫المرآن كالتوراة واالنجٌل وؼٌرها‪ ،‬لال تعالى‪[:‬نَزَ َل بِ ِه ُّ‬
‫ال ُم ْنذ ِِرٌنَ ] {الشعراء‪.}ٔ5ٗ-ٔ5ٖ:‬‬
‫ولوله‪" :‬لفظاً"‪ :‬لٌ ٌد خرج به الحدٌث المدسً والنبوي‪ ،‬إذ لم ٌنزل كل واحد منهما لفظاً‪،‬‬
‫وإنما نزل الحدٌث النبوي معنى على الصحٌح‪ ،‬وفً الحدٌث المدسً خبلؾ مشهور‪.‬‬
‫ولوله‪" :‬للبٌان"‪ :‬أي‪ :‬للبٌان التشرٌعً وؼٌره‪ ،‬وهو من مهام دمحم ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬لال‬
‫اس َما نُ ِ ّز َل ِإلَ ٌْ ِه ْم َولَ َعلَّ ُه ْم ٌَتَفَ َّك ُرونَ ]‬ ‫الزب ُِر َوأ َ ْنزَ ْلنَا ِإلٌَْنَ ال ِذّ ْك َر ِلتُبٌَِّنَ ِللنَّ ِ‬ ‫ت َو ُّ‬ ‫تعالى‪ِ [:‬بالبَ ٌِّنَا ِ‬
‫{النحل‪.}ٗٗ:‬‬
‫ولوله‪" :‬والتحدي"‪" :‬إن المرآن لد تحدى اإلنس والجن جمٌعاً‪ ،‬مكٌهم‪ ،‬ومدنٌهم‪،‬‬
‫وعربٌهم‪ ،‬وعجمٌهم‪ ،‬أن ٌؤتوا ولو بمثل ألصر سورة من سور المرآن فعجزوا أجمعٌن "(ٕ)‪،‬‬
‫لال تعالى‪:‬‬
‫ض ُه ْم‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫علَى أ َ ْن ٌَؤتُوا ِب ِمثْ ِل َه َذا المُ ْرآ َ ِن َال ٌَؤتُونَ ِب ِمثْ ِل ِه َولَ ْو َكانَ َب ْع ُ‬ ‫الج ُّن َ‬‫س َو ِ‬ ‫اإل ْن ُ‬ ‫ت ِ‬ ‫[لُ ْل لَبِ ِن اجْ ت َ َم َع ِ‬
‫ٌرا] {اإلسراء‪ ، } :‬ولال تعالى‪:‬‬ ‫ظ ِه ً‬ ‫ض َ‬ ‫ِل َب ْع ٍ‬
‫ُون هللاِ إِ ْن‬ ‫ش َه َدا َء ُك ْم ِم ْن د ِ‬ ‫عوا ُ‬ ‫ورةٍ ِم ْن ِمثْ ِل ِه َوا ْد ُ‬
‫س َ‬ ‫ْ‬
‫ع ْب ِدنَا فَؤتُوا ِب ُ‬ ‫علَى َ‬ ‫ب ِم َّما ن ََّز ْلنَا َ‬ ‫[وإِ ْن ُك ْنت ُ ْم ِفً َر ٌْ ٍ‬ ‫َ‬
‫صا ِدلٌِنَ ] {البمرة‪.}ٕٖ:‬‬ ‫ُك ْ َ‬
‫م‬‫ُ‬ ‫ت‬‫ن‬‫ْ‬
‫ولوله‪" :‬واالعجاز"‪" :‬فالمرآن كتاب معجز بكلٌته وبجزبٌته بكل وجوه اإلعجاز‪ ،‬وهذا‬
‫اإلعجاز للبشرٌة كلها هو ممصد من مماصد إنزال المرآن‪ ،‬إثباتا ً لرسالة ونبوة دمحم ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬كما أن‬
‫إعجازه "فً فصاحته وببلؼته‪ ،‬وأنباء الؽٌب‪ ،‬وأخبار األمم السابمة‪ ،‬وما حواه المرآن من إعجاز‬
‫علمً‪ ،‬وتشرٌعً محكم دلٌك صالح لكل زمان ومكان"(ٖ)‪.‬‬
‫ولوله‪" :‬المتعبد بتبلوته"‪ :‬المؤمور بمراءته فً الصبلة‪ ،‬وؼٌرها‪ ،‬ومتعبد بإلامة ألفاظه‪،‬‬
‫وهذا لٌد خرجت به األحادٌث المدسٌة‪ ،‬وهً المسندة إلى هللا عز وجل إن للنا أنها منزلة من عند‬

‫(ٔ) معارج المبول بشرح سلم الوصول حافظ بن أحمد بن علً الحكمً ٔ‪ ،ٕٗ2 /‬تحمٌك‪ :‬عمر بن محمود أبو‬
‫عمر‪ ،‬دار ابن المٌم – الدمام‪ ،‬ط‪/‬األولى ٓٔٗٔ هـ ‪ ٔ55ٓ -‬م‪.‬‬
‫(ٕ) مناهل العرفان فً علوم المرآن ٔ‪.ٕٔ1/‬‬
‫(ٖ) الواضح فً علوم المرآن ‪ ،ٔٙ2 :‬د‪ /‬مصطفى دٌب البؽا ومحً الدٌن دٌب مستو‪ ،‬دار الكلم الطٌب ودار‬
‫العلوم اإلنسانٌة ـ دمشك ‪ ،‬ط األولى ‪ٔٗٔ2‬هـ‪.‬‬
‫هللا بؤلفاظها‪ ،‬واألحادٌث النبوٌة‪ ،‬وإن كانت مما نإجر على لرأتها‪ ،‬واستخراج األحكام الشرعٌة‬
‫منها؛ ولكن ال ٌصح المراءة بها فً الصبلة‪ ،‬وال متعبدون بإلامة ألفاظها على الصحٌح‪.‬‬
‫ولوله‪" :‬المنمول بالتواتر"‪":‬المتواتر هو‪ :‬ما نمله جمع ال ٌمكن تواطإهم على الكذب عن‬
‫مثلهم إلى منتهاه"(ٔ)‪ ،‬أي‪ :‬من النبً ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬إلى أصحابه إلى التابعٌن وهكذا حتى وصل إلٌنا دون‬
‫ظونَ ] {الحجر‪،}5:‬‬ ‫َحْن ن ََّز ْلنَا ال ِذّ ْك َر َوإِنَّا لَهُ لَ َحافِ ُ‬
‫نمص أو تحرٌؾ مصدالا ً لمول هللا تعالى‪[:‬إِنَّا ن ُ‬
‫وهذا لٌد خرجت به المراءات المنمولة إلٌنا بطرٌك اآلحاد‪ ،‬واألحادٌث المدسٌة‪ ،‬وهً المسندة إلى‬
‫هللا عز وجل إن للنا إنها منزلة من عند هللا بؤلفاظها‪.‬‬
‫وسوؾ ٌتناول البحث فً هذا المبحث المحاور اآلتٌة‪:‬‬
‫أوال‪ -:‬مفهوم الوحً‬
‫ً‬
‫الوحً لؽة‪ :‬مصدر وحٌْتُ ‪ ،‬وأوحٌت وحٌا‪،‬ومعناه اإلشارة‪ ،‬والكتابة‪ ،‬والرسالة‪،‬‬
‫واإللهام‪ ،‬والكبلم الخطً‪ ،‬وكل ما ألمٌته إلى ؼٌرن(ٔ)‪.‬‬
‫لال الزبٌدي‪" :‬أوحى إلٌه‪ :‬كلمه بكبلم ٌخفٌه"(ٕ)‪.‬‬
‫لال فً (المصباح)‪ ":‬الوحً اإلشارة‪ ،‬والكتابة‪ ،‬وكل ما ألمٌته إلى ؼٌرن لٌَ ْعلمه َوحْ ً‬
‫كٌؾ كان لاله ابن فارس وهو مصدر َو َحى إلٌه ٌَ ِحً من باب وعد وأوحى إلٌه باأللؾ مثله‪،‬‬
‫ً‪ ،‬واألصل فُعول مثل فلوس وبعض العرب ٌمول وحٌت إلٌه ووحٌت له‪ ،‬وأوحٌت‬ ‫وجمعه ُو ِح ّ‬
‫إلٌه وله ثم ؼلب استعمال الوحً فٌما ٌُلمى إلى األنبٌاء من عندهللا تعالى ولؽة المرآن الفاشٌة‬
‫ومعنى‪ ،‬فعٌل بمعنى فاعل‪ ،‬وذكاة ٌ ُو ِحٌّةٌ أي‬ ‫ً‬ ‫ً مثل سرٌع وزنا ً‬ ‫والو َحا السرعة َو ِح ّ‬ ‫أوحى باأللؾ َ‬
‫سرٌعة أٌضا وٌمال وحٌت الذبٌحة أحٌها من باب وعد أٌضا ذبحتها ذبحا ً َو ِحٌّاً‪ ،‬وو ّحى الدواء‬
‫الموت توحٌة ع ّجله‪ ،‬وأوحاه باأللؾ مثله‪ ،‬واستوحٌت فبلنا ً استصرخته"(ٕ)‪.‬‬
‫"و َحى إلٌه‪ ،‬وأوحى إلٌه بمعنى‪ ،‬ووحٌت إلٌه‪ ،‬وأوحٌت إذا كلمته‬ ‫لال فً (األساس)‪َ :‬‬
‫(ٖ)‬
‫بما تخفٌه عن ؼٌره‪ ،‬وأوحى هللا إلى أنبٌابه‪{ .‬وأوحى ربن إلى النحل} [النحل‪. "]ٙ1:‬‬
‫ً "‬ ‫لال الراؼب‪" :‬أصل الوحً‪ :‬اإلشارة السرٌعة‪ ،‬ولتضمن السرعة لٌل‪ " :‬أمر ُو ِح ٌّ‬
‫وذلن ٌكون بالكبلم على سبٌل الرمز والتعرٌض‪ ،‬ولد ٌكون بصوت مجرد عن التركٌب‪،‬‬
‫على لَ ْو ِم ِه ِمنَ‬ ‫وبإشارة ببعض الجوارح‪،‬ولد ُحمل على ذلن لوله تعالى عن زكرٌا‪ {:‬فَخ ََر َج َ‬
‫ع ِشًٌّا}[مرٌم‪.)ٗ("]ٔٔ :‬‬ ‫س ِبّ ُحوا بُ ْك َرة ً َو َ‬ ‫ْال ِمحْ را ِ‬
‫ب فَؤ َ ْوحى ِإلَ ٌْ ِه ْم أ َ ْن َ‬
‫لال ابن تٌمٌة رحمه هللا تعالى‪" :‬الوحً اإلعبلم السرٌع الخفً إما فً الٌمظة وإما فً‬
‫المنام"(٘)‪.‬‬

‫(ٔ) اإلتمان فً علوم المرآن للسٌوطً ٔ‪.ٕٙٗ/‬‬


‫(ٔ) انظر‪ :‬اللسان مادة (وحً) ومختار الصحاح‪ ،‬ومعجم مماٌٌس اللؽة البن فارس ‪ ،5ٖ /ٙ‬مادة (وحً)‪،‬‬
‫ومشكل المرآن وؼرٌبه البن لتٌبة ٕ‪ ،ٕٔٔ /‬والمفردات للراؼب األصفهانً (وحً) ‪ ،1٘5-1٘1‬والبرهان‪/ٔ :‬‬
‫ٓ‪ ،ٕ1‬وفتح الباري ٔ‪.ٔٗ /ٔ ،5 /‬‬
‫(ٕ)تاج العروس‪ :‬الزبٌدي ٓٔ‪ ،ٖ٘1/‬مادة‪( :‬وحً)‪.‬‬
‫(ٕ) المصباح المنٌر‪ ،‬أحمد بن دمحم بن علً الفٌومً المصري‪ ،‬مكتبة لبنان‪ٔ512 ،‬م‪ ،‬صٕٓ٘‪.‬‬
‫(ٖ) أساس الببلؼة‪ ،ٖٕٗ/ٕ:‬مادة‪(:‬وحً)‪.‬‬
‫(ٗ) الفمردات فً ؼرٌب المرآن‪ ،1٘1:‬أبو الماسم الحسٌن بن دمحم المعروؾ بالراؼب األصفهانى (المتوفى‪:‬‬
‫ٕٓ٘هـ)‪ ،‬دار الملم‪ ،‬الدار الشامٌة ‪ -‬دمشك بٌروت‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى ‪ ٕٔٗٔ -‬هـ‪.‬‬
‫(٘)مجموع الفتاوى البن تٌمٌة‪ :‬جٕٔ ص‪.ٖ51‬‬
‫بهذا ٌظهر أن الوحً فً األصل‪:‬الخفاء والسرعة‪ ،‬وعلى هذا فالوحً فً اللؽة‪:‬‬
‫"اإلعبلم الخفً السرٌع الخاص بمن ٌوجه إلٌه بحٌث ٌخفى على ؼٌره"(ٔ)‪.‬‬
‫جاء فً بٌان المعانً‪ ":‬واعلم أن معنى الوحً اإلٌماء بالتكلٌم خفٌة عن أن ٌفهمه الؽٌر‪،‬‬
‫وأصله اإلشارة السرٌعة على سبٌل الرمز والتعرٌض‪ ،‬ولد ٌكون بصوت مجرد عن التركٌب‬
‫وباشارة بعض الجوارح وبالكتابة‪ ،‬وحمل علٌه لوله تعالى حكاٌة عن زكرٌا علٌه السبلم‬
‫ع ِشًٌّا}[ المرٌم‪ ،]ٔٔ :‬ولم ٌتكلم‪ ،‬وحمل على اإلٌماء لول‬ ‫س ِبّ ُحوا بُ ْك َرة ً َو َ‬ ‫{فَؤ َ ْوحى إِلَ ٌْ ِه ْم أ َ ْن َ‬
‫الشاعر(ٕ)‪:‬‬
‫صفَاتِ َها‬‫َدلَابِك فِ ْكري فِى بَ ِدٌْع ِ‬ ‫ت‬‫نظرت إلٌْها نظرة ً فَت َ َحٌ ََّر ْ‬
‫حً فً َوجنَاتِ َها‬ ‫الو ُ‬ ‫َّ‬
‫الطرؾ أنًَّ أحبّ َها فؤثر َذانَ َ‬ ‫ُ‬ ‫فَؤو َحى ِإلَ ٌْ َها‬
‫(ٖ)‬
‫ولول اآلخر ‪:‬‬
‫اشارة محزون ولم تتكلم‬ ‫أشارت بطرؾ العٌن خٌفة أهلها‬
‫وأهبل وسهبل بالجبٌب المتٌم‬ ‫فؤٌمنت أن الطرؾ لد لال مرحبا‬
‫اس ثَبلثَةَ أٌ ٍَّام ِإ َّال َر ْمزاً} [آل عمران‪.]ٗٔ:‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫وحمل على االشارة لوله تعالى‪{ :‬آٌَتُنَ أ َّال ت ُ َك ِل َم النَّ َ‬
‫هذا ولد اتخذت الملون واألمراء حروفا وكلمات بؤرلام اصطلحوا علٌها وعبروا عنها‬
‫باسم شفره‪ ،‬كناٌة عن هذا المعنى‪ ،‬واستنباطا منه‪ ،‬منعا من أن ٌفهم الؽٌر ما ٌتخابرون به‪ ،‬ألن‬
‫هللا تعالى علم البشر كٌؾ ٌتخاطبون‪ ،‬وكٌؾ ٌتنعمون‪ ،‬وكٌؾ ٌعذبون وٌعذبون‪ ،‬مما وصفه من‬
‫أحوال أهل الجنة والنار‪ ،‬ولصه فً كتابه المنزل هذا وكتبه السابمة أٌضا‪ ،‬وجعل أوابل السور‬
‫رموزا بٌنه وبٌن حبٌبه‪ ،‬فبل ٌعرؾ معناها إال هما كما سنبٌنه فً مواضعه إن شاء هللا‪ ،‬هذا وان‬
‫المول الجامع فً معنى وحً هللا ألنبٌابه‪ ،‬هو إعبلم خفً سرٌع خاص بمن بوحٌه الٌه‪ ،‬بحٌث‬
‫ٌخفً عن ؼٌره المبلحك له‪ ،‬كما كان ٌوحً الٌه فً فراش عابشة فٌعلم ما هو المراد وهً ال‬
‫تدري ما هو‪ ،‬وكذلن كان ٌوحً الٌه بمحضر من أصحابه فٌعً ما ٌتلماه‪ ،‬وهم ال ٌعلمون شٌبا‬
‫منه إال تؽٌّر حال الرسول عما كان علٌه لبل الوحً ألنه علٌه السبلم كان ٌعترٌه ثمل وشدة حال‬
‫نزوله حتى أنه لٌعرق فً الولت البارد‪ ،‬من عظم ما ٌبللً من هٌبة كبلم الرب هلالج لج (ٗ)‪.‬‬
‫والوحً بمعناه اللؽوي ٌتناول‪:‬‬
‫ُوحً َربُّنَ ِإلَى ْال َم َبل ِب َك ِة أَنًِّ َم َع ُك ْم فَثَبِّتُوا الَّذٌِنَ }‬ ‫ٔ‪ -‬األوامر اإللهٌة للمبلبكة‪ ،‬كموله تعالى‪ِ { :‬إ ْذ ٌ ِ‬
‫[األنفال ‪.]ٕٔ :‬‬
‫ٕ‪ -‬تبلٌػ المبلبكة لؤلنبٌاء‪ ،‬ومنه تبلٌػ اآلٌات إلى رسول هللا – ملسو هيلع هللا ىلص‪-‬بواسطة ملن الوحً جبرٌل‬
‫ع ِن ْال َه َوى {إِ ْن ُه َو إِ َّال َوحْ ٌ‬
‫ً‬ ‫{و َما ٌَ ْن ِط ُك َ‬ ‫بالوحً كما ورد فً لوله سبحانه‪َ :‬‬ ‫(٘)‬
‫علٌه السبلم الموكل‬
‫ٌُو َحى} [النجم ‪ . ]ٗ-ٖ :‬وهذان الجنسان من أعلى وأعظم درجات الوحً‪.‬‬

‫(ٔ)الوحً الدمحمي‪ :‬دمحم رشٌد رضا ص‪.ٖ2‬‬


‫(ٕ) البٌتان دون نسبة فً منار الماري‪ ،ٕٗ/ٔ :‬وبٌان المعانً‪.٘ٗ/ٔ :‬‬
‫(ٖ) البٌت لعمر بن أبً ربٌعة فً شرح ابٌات مؽنً اللبٌب‪ ،ٗ2ٙ/ٔ :‬واألؼانً‪ ،ٖ٘ٙ/ٔ :‬وشرح الشواهد‬
‫ش َّراب‪ ،ٕ2/ٖ:‬وؼٌر منسوب فً شرح شذور الذهب‪،ٖٙ :‬‬ ‫الشعرٌة فً أمات الكتب النحوٌة‪ ،‬دمحم بن دمحم حسن ُ‬
‫والخزانة‪ .ٕٕٙ/ٔ :‬وفٌهما أن اإلشارة نوع من الكبلم‪ ،‬أو أن الكبلم لد ٌكون باإلشارة‪.‬‬
‫مبل حوٌش السٌد محمود آل ؼازي العانً (المتوفى‪ٖٔ51 :‬هـ)‪ ،‬مطبعة‬ ‫(ٗ) انظر‪ :‬بٌان المعانً‪ ،‬عبد المادر بن ّ‬
‫الترلً ‪ -‬دمشك‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى‪ ٖٔ1ٕ ،‬هـ ‪ ٔ5ٙ٘ -‬م‪:‬صٔ‪.٘ٗ/‬‬
‫(٘)للتفصٌل أنظر‪ :‬تفسٌر ابن كثٌر‪.ٖ51/ٖ :‬‬
‫ٖ‪ -‬اإللهام الفطري لئلنسان‪ ،‬كالوحً إلى أُم موسى‪ ،‬والوحً للحوارٌٌن كما ورد فً اآلٌات‬
‫علَ ٌْ ِه فَؤ َ ْل ِمٌ ِه فًِ ْالٌَ ِ ّم َو َال تَخَافًِ َو َال‬ ‫ت َ‬ ‫ض ِعٌ ِه فَإ ِ َذا ِخ ْف ِ‬ ‫سى أ َ ْن أ َ ْر ِ‬ ‫{وأ َ ْو َح ٌْنَا إِلَى أ ُ ِ ّم ُمو َ‬ ‫التالٌات‪َ : :‬‬
‫َ‬
‫{وإِذ أ ْو َحٌْتُ‬ ‫ْ‬ ‫سلٌِنَ } [المصص ‪ ،]2 :‬وفً لوله تعالى‪َ :‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫تَحْ زَ نًِ إِنَّا َرادُّوهُ إِلٌ ِْن َو َجا ِعلوهُ ِمنَ ال ُم ْر َ‬
‫َ‬
‫سو ِلً لَالُوا آ َمنَّا َوا ْش َه ْد بِؤنَّنَا ُم ْس ِل ُمونَ } [المابدة ‪. ]ٔٔٔ :‬‬ ‫إِلَى ْال َح َو ِارٌٌِّنَ أ َ ْن ِآمنُوا بًِ َوبِ َر ُ‬
‫(ٔ)‬

‫تعالى‪{:‬وأ َ ْو َحى َربُّنَ إِلَى النَّحْ ِل أ َ ِن ات َّ ِخذِي‬ ‫ٗ‪ -‬اإللهام الؽرٌزي للحٌوان‪ ،‬كالوحً إلى النحل‪ ،‬لال (ٕ) َ‬
‫أن هللا سخرها عن طرٌك‬ ‫شونَ }[النحل‪ . ]ٙ1:‬أي‪َّ ":‬‬ ‫ش َج ِر َو ِم َّما ٌَ ْع ِر ُ‬ ‫ِمنَ ْال ِجبَا ِل بٌُُوتًا َومِنَ ال َّ‬
‫(ٖ)‬
‫أن تصنع هذه األشٌاء العجٌبة" ‪.‬‬ ‫الؽرٌزة ْ‬
‫ْ‬
‫على لَ ْو ِم ِه ِمنَ ال ِمحْ َرا ِ‬
‫ب‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫٘‪ -‬اإلشارة السرٌعة برمز أو إٌماء كما ورد رمزا لوله تعالى‪{ :‬فَخ ََر َج َ‬
‫ع ِشًٌّا} [مرٌم ‪ ،]ٔٔ :‬فمد ذكر ابن كثٌر أن زكرٌا أشار إلى لومه‬ ‫س ِبّ ُحوا بُ ْك َرة ً َو َ‬ ‫فَؤ َ ْو َحى ِإلَ ٌْ ِه ْم أ َ ْن َ‬
‫(ٔٔ)‬
‫إشارة سرٌعة ولم ٌتكلم ‪.‬‬
‫(ٗ)‬
‫وأما اإلٌماء‪ ،‬فمثاله لول الشاعر ‪:‬‬
‫دلابك فكري فً بدٌع صفاتهـا‬ ‫نظرت إلٌـها نظـرة ً فتـحٌرت‬
‫فؤثر ذان الوحـً فً وجـناتها‬ ‫فؤوحى ِإلٌها الطـرؾ أنً أحبها‬
‫(٘)‬
‫‪ -ٙ‬الكتابة‪ ،‬ومن ذلن لول لبٌد ‪:‬‬
‫ً ِسبلَ ُمها‬ ‫الو ِح َّ‬ ‫ض ِمنَ ُ‬‫َخلَما ً كما َ‬ ‫ع ِ ّري َر ْس ُمها‬ ‫الرٌَّان ُ‬ ‫فمداف ُع َّ‬
‫اإلشارة والكتابة وحٌا ً لداللتهما على المعنى‬ ‫ى جمع َوحْ ً ٍ وهو الكتابة‪ ،‬وإنما سمٌت ِ‬ ‫ْ‬
‫فال ُو ِح ُّ‬
‫بسرعة ال ٌدانٌهما فٌها ؼٌرهما‪ .‬والعرب تسمً السرعة وحٌاً‪ ،‬فٌمولون‪ :‬ت ََو َّحى الرجل إذا جاء‬
‫بسرعة‪ ،‬فهما ٌرجعان إلى أصل واحد وهو السرعة(‪.)ٙ‬‬
‫اطٌنَ لٌَُو ُحونَ ِإلَى‬ ‫شٌَ ِ‬ ‫{و ِإ َّن ال َّ‬
‫‪ -2‬وسوسة الشٌطان وتزٌٌنه الشر فً نفس اإلنسان‪ ،‬لال تعالى‪َ :‬‬
‫ُوحً‬ ‫ْ‬
‫اإل ْن ِس َوال ِج ِّن ٌ ِ‬ ‫ش ٌَاطٌِنَ ْ ِ‬ ‫عد ًُّوا َ‬ ‫ًٍ َ‬ ‫{و َك َذلِنَ َج َع ْلنَا ِل ُك ِّل نَبِ ّ‬ ‫أ َ ْو ِل ٌَابِ ِه ْم ِلٌُ َجا ِدلُو ُك ْم}[األنعام‪َ ،]ٕٔٔ:‬‬
‫سلنَا ِم ْن لَ ْبلِنَ‬ ‫ْ‬ ‫{و َما أ َ ْر َ‬ ‫ورا} [األنعام‪ ،]ٕٔٔ:‬ولوله تعالى‪َ :‬‬ ‫ؼ ُر ً‬‫ؾ ْالمَ ْو ِل ُ‬ ‫ض ُز ْخ ُر َ‬ ‫ض ُه ْم ِإلَى َب ْع ٍ‬ ‫َب ْع ُ‬
‫ان ث ُ َّم ٌُحْ ِك ُم َّ‬
‫َّللاُ‬ ‫ط ُ‬ ‫َّللاُ َما ٌ ُْل ِمً ال َّ‬
‫ش ٌْ َ‬ ‫س ُخ َّ‬ ‫ُ‬
‫ان فًِ أ ْمنٌَِّتِ ِه فَ ٌَ ْن َ‬‫ط ُ‬ ‫ش ٌْ َ‬‫ً ٍ إِ َّال ِإ َذا ت َ َمنَّى أ َ ْلمَى ال َّ‬
‫سو ٍل َو َال نَ ِب ّ‬ ‫ِم ْن َر ُ‬
‫(‪)2‬‬
‫ع ِلٌ ٌم َح ِكٌ ٌم} [الحج ‪. ]ٕ٘ :‬‬ ‫َّللاُ َ‬ ‫آ ٌَاتِ ِه َو َّ‬
‫الؽرٌزي " و " الوسوسة الشٌطانٌة " وحٌاً‪ ،‬ألنّها‬ ‫وإنما سمً " اإللهام " و " التسخٌر ْ‬
‫إعبلم فً خفاء‪ ،‬والعرب تسمً اإلعبلم الخفً َوحْ ٌا ً ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬أصول اإلٌمان فً ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬نخبة من العلماء‪ ،‬وزارة الشإون اإلسبلمٌة واألولاؾ‬
‫والدعوة واإلرشاد‪ ،‬المملكة العربٌة السعودٌة‪ ،‬طٔ‪ٕٔٗٔ ،‬هـ‪:‬ص‪.ٕٖٔ/ٔ:‬‬
‫(ٕ) انظر‪ :‬أصول اإلٌمان فً ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬نخبة من العلماء‪ ،‬وزارة الشإون اإلسبلمٌة واألولاؾ‬
‫والدعوة واإلرشاد‪ ،‬المملكة العربٌة السعودٌة‪ ،‬طٔ‪ٕٔٗٔ ،‬هـ‪:‬ص‪.ٕٖٔ/ٔ:‬‬
‫(ٖ) منار الماري شرح مختصر صحٌح البخاري‪ :‬حمزة دمحم لاسم‪.ٕٗ/ٔ :‬‬
‫(ٔٔ) مختصر تفسٌر ابن كثٌر‪ ،‬دمحم علً الصابونً‪ ،‬دار المرآن الكرٌم‪ ،‬بٌروت‪ٕٔٗٓ،‬ه‪ٔ51ٔ/‬م‪،‬‬
‫مٕ‪،‬صٗٗٗ‪.‬‬
‫(ٗ) البٌتان دون نسبة فً منار الماري‪ ،ٕٗ/ٔ :‬وبٌان المعانً‪.٘ٗ/ٔ :‬‬
‫(٘)دٌوانه‪.ٕ52 :‬‬
‫(‪ )ٙ‬انظر‪ :‬منار الماري شرح مختصر صحٌح البخاري‪ ،‬حمزة دمحم لاسم‪ٕٗ/ٔ:‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬أصول اإلٌمان فً ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬نخبة من العلماء‪ ،‬وزارة الشإون اإلسبلمٌة واألولاؾ‬
‫والدعوة واإلرشاد‪ ،‬المملكة العربٌة السعودٌة‪ ،‬طٔ‪ٕٔٗٔ ،‬هـ‪:‬ص‪.ٕٖٔ/ٔ:‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬منار الماري‪.ٕ٘-ٕٗ/ٔ:‬‬
‫لال الكسابً‪" :‬تمول‪ :‬وحٌت إلٌه‪ ،‬إذا كلمته بكبلم تخفٌه عن ؼٌره"(ٔ)‪.‬‬
‫ولؽة المرآن‪(:‬أوحى)‪ ،‬باأللؾ ‪-‬ولم ٌستعمل مصدرها‪ -‬وإنما جاء فٌه مصدر الثبلثً‪:‬‬
‫{إِ ْن ُه َو إِ َّال َوحْ ٌ‬
‫ً ٌُو َحى}[النجم‪.]ٗ:‬‬
‫وعلٌه فان المعنى المستفاد من مادة الكلمة ٌشتمل على السرعة والخفاء ولو نظرنا لما‬
‫استخدم هذه األٌام من وسابل االتصال الحدٌثة فان فٌها السرعة والخفاء‪ ،‬وسترى ذلن واضحا ً‬
‫فً معنى الوحً فً نظر العلم‪.‬‬
‫فً العلم‪ :‬وهو ما توصل إلٌه علماء الصناعة من اكتشافات‪ ،‬وما فٌه من الدلة‪ ،‬وما اكتشؾ‬
‫من معلومات حو ل النمل والنحل والمخلولات‪ .‬فمن ذلن‪:‬‬
‫التنوٌم المؽناطٌسً ‪.‬‬
‫الهاتؾ والبلسلكً‪ ،‬والرادٌو‪ ،‬والفاكس‪ ،‬واإلنترنت وؼٌرها‪.‬‬
‫التسجٌبلت اإللكترونٌة على أشرطة التسجٌل وأسطواناته فتنمل صوت الؽابب والمٌت وهكذا‪.‬‬
‫أعمال النمل‪ ،‬والنحل وحشرات اإلكسٌكلوب وما فٌه من الدلة واإلتمان‪.‬‬
‫‪:‬وٌعرفُها أفبلطون بؤنها حال إلهٌة مولدة لئللهامات العلوٌة للبشر‪ .‬وٌمرر الفبلسفة بؤنها‬ ‫ِّ‬ ‫العبمرٌة‬
‫حال علوٌة ال شؤن للعمل بها‪ .‬وٌمول عباد الطبٌعة بؤنها هبة من الطبٌعة نفسها ال تحصلها‬
‫دراسة‪ ،‬وال ٌوجدها تفكٌر‪.‬‬
‫(ٖ)‬
‫الحاالت الروحانٌة التً ٌفتح على اإلنسان بها بما ال ممدور له علٌه ‪.‬‬
‫فً العمل‪" :‬ما جرى للنبً دمحم‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬وما أخبر به‪ .‬وٌشهد له المعجزات التً أظهرها أو خبَّر‬
‫بها‪ .‬ولد اعترؾ العمبلء بما أخبر به فً زمانه وبعده‪ ،‬وما زال العمل مستسلما‪ .‬والعمل هو مناط‬
‫التكلٌؾ"(ٕ)‪.‬‬
‫الوحً فً االصطبلح الشرعً‪:‬‬
‫هو إعبلم هللا نبٌا ً من أنبٌابه أو رسوالً من رسله ما ٌشاء من كبلم أو معنى بطرٌمة تفٌد النبً‬
‫أو الرسول العلم الٌمٌنً الماطع بما أعلمه هللا به‪ ،‬على وجه الخفٌة والسرعة(ٗ)‪ .‬وهذا ما ٌسمى‬
‫بالناموس وهو الوسٌلة لئلعبلم الربّانً إلببلغ خلمه من البشر والمتمثل بملن الوحً جبرٌل‬
‫علٌه السبلم(٘)‪.‬‬
‫أو أن ٌُع ِلم هللا تعالى مصطفاه من عباده بما أراد إطبلعه علٌه من ألوان الهداٌة والعلم‪،‬‬
‫سرٌة سرٌعة ؼٌر معتادة للبشر(‪.)ٙ‬‬ ‫بطرٌمة ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫أو إعبلم هللا تعالى النبً من أنبٌابه بحكم شرعً ونحوه ‪.‬‬

‫(ٔ) لسان العرب(وحً)‪.‬‬


‫(ٖ )مناهل العرفان‪ ،‬دمحم عبدالعظٌم الزرلانً‪ ،‬مطبعة عٌسى البابً الحلبً وشركاه‪ ،‬جٔ‪،‬صٖ‪.2ٖ-ٙ‬‬
‫(ٕ) الوحً فً المرآن الكرٌم‪ ،‬د‪ .‬أمٌن دمحم سبلم المناسٌة‪ ،‬مجلة جامعة دمشك للعلوم االلتصادٌة والمانونٌة‪،‬‬
‫مجلدٕٓ‪ ،‬عٕ‪:ٕٓٓٗ-‬ص‪.ٖ٘1 :‬‬
‫عبد الرحمن حسن حبنكةٔالمٌدانً‪ ،‬العمٌدة اإلسبلمٌة وأسسها‪،‬طٖ‪،‬دار الملم‪،‬‬ ‫(ٗ)‬
‫دمشك‪ٖٔٗٓ،‬ه‪ٔ51ٖ/‬م‪،‬ص‪ ٕ٘1‬بتصرؾ فمد لدمت النبً على الرسول لسبك النبوة للرسالة ‪.‬‬
‫(٘ ) المصدر السابك‪.‬‬
‫(‪ )ٙ‬مناهل العرفان‪ ،‬دمحم عبدالعظٌم الزرلانً‪ ،‬مطبعة عٌسى البابً الحلبً وشركاه‪ ،‬جٔ‪،‬صٖ‪.ٙ‬‬
‫(‪ )2‬ذكره دمحم رشٌد رضا بؤنه تعرٌؾ أستاذه للوحً‪ .‬الوحً الدمحمي‪،‬ص٘ٗ‪..‬‬
‫أو عرفان ٌجده الشخص من نفسه مع الٌمٌن بؤنه من لبل هللا بواسطة أو بؽٌر واسطة‪،‬‬
‫واألول بصوت ٌتمثل لسمعه أو بؽٌر صوت‪ .‬والفرق بٌنه وبٌن اإللهام وجدان تستٌمنه النفس‪،‬‬
‫وتنساق إلى ما ٌطلب من ؼٌر شعور منها من أٌن أتى‪ ،‬وهو أشبه بوجدان الجوع والعطش‬
‫والحزن والسرور(‪.)1‬‬
‫أنواع الوحً اإللهً‪:‬‬
‫(‪)5‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تكرر وورود كلمة (الوحً) فً المرآن الكرٌم كثٌرا‪ ،‬فبلػ ثمانٌا وسبعٌن مرة ‪ ،‬والوحً‬
‫جنس ونوع وصورة‪ .‬فؤجناسه اثنان‪ ،‬وأنواعه ثبلثة‪ ،‬وصوره أكثر من ذلن‪ .‬ولد كشؾ‪ ،‬لوله‬
‫ً بِإ ِ ْذنِ ِه َما‬‫ُوح َ‬ ‫س ً‬
‫وال فٌَ ِ‬ ‫ب أ َ ْو ٌ ُْر ِس َل َر ُ‬ ‫اء ِح َجا ٍ‬ ‫َّللاُ إِ َّال َوحْ ًٌا أ َ ْو ِم ْن َو َر ِ‬
‫{و َما َكانَ ِلبَش ٍَر أ َ ْن ٌُ َك ِلّ َمهُ َّ‬
‫تعالى َ‬
‫ً َح ِكٌ ٌم} [الشورى ‪ ،]٘ٔ :‬أن أنواع الوحً متنوعة‪ ،‬فهذا ما ٌخص البشر دون‬ ‫ٌَشَا ُء ِإنَّهُ َ‬
‫ع ِل ٌّ‬
‫ؼٌره ‪ ،‬فٌتنوع الوحً بتنوع الموحى إلٌهم ‪ ،‬وأما الصور فهً تنوع المثال فً طرٌمة الوحً‬
‫للنوع الواحد ‪ ،‬فٌمكن المول‪ :‬بؤن الوحً منه ظاهر‪ ،‬وخفً ‪ .‬ومنه متلو‪ ،‬وؼٌر متلو؛ فالمرآن‬
‫متلو‪ ،‬والسنة ؼٌر متلوة ‪.‬‬
‫وإذا للنا بالتعمٌم فإن أنواع الوحً هً‪:‬‬
‫اإللهام الفطري لئلنسان ‪ٌ .‬مذفه هللا تعالى فً للب مصطفاه على وجه من العلم الضروري ‪.‬‬
‫اإللهام الؽرٌزي للحٌوان ‪.‬‬
‫واإلشارة السرٌعة من اإلنسان‪.‬‬
‫الوحً النفسً (ٗٔ)‪.‬‬
‫والتبلٌػ بطرله المختلفة مناما ً وٌمظةً ‪.‬‬
‫وأما صور الوحً اإللهً إلى نبٌنا‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬فهً‪:‬‬
‫الرإٌا الصادلة ‪.‬‬
‫ما ٌلمٌه الملن فً روعه‪.‬‬
‫أن ٌسمع كصلصلة الجرس ‪.‬‬
‫مثل دوي النحل ‪.‬‬
‫الملن بصورته المبلبكٌة ‪.‬‬
‫الملن بصورة بشرٌة معروفة‪.‬‬
‫الملن بصورة بشرٌة ؼٌر معروفة ‪.‬‬
‫أن ٌؤتٌه الملن مناماً‪.‬‬
‫سى ت َ ْك ِلٌ ًما} [النساء ‪.]ٔٙٗ :‬‬ ‫التكلٌم اإللهً ٌمظة( خبلؾ النوم)‪ .‬كموله تعالى‪َ { :‬و َكلَّ َم َّ‬
‫َّللاُ ُمو َ‬
‫ومن أدلته النملٌة ‪:‬‬
‫ٌن (٘ٗ) ث ُ َّم لَمَ َ‬
‫ط ْعنَا‬ ‫ض ْاألَلَا ِوٌ ِل (ٗٗ) َأل َ َخ ْذنَا ِم ْنهُ ِب ْال ٌَ ِم ِ‬ ‫علَ ٌْنَا َب ْع َ‬ ‫{ولَ ْو تَمَ َّو َل َ‬ ‫لول هللا تعالى‪َ :‬‬
‫ِم ْنهُ ْال َوتٌِنَ (‪[ })ٗٙ‬الحالة ‪.]ٗٙ - ٗٗ :‬‬
‫ومن الحدٌث‪:‬‬

‫(‪ )1‬الوحً الدمحمي‪،‬ص٘ٗ‪..‬‬


‫(‪ )5‬انظر‪ :‬المعجم المفهرس أللفاظ المرآن الكرٌم‪ ،‬دمحم فإاد عبدالبالً‪ ،‬دار الفكر‪ -‬بٌروت‪ٔ52ٕ ،‬م‪.‬‬
‫(ٗٔ ) ولد تكلم علٌه دمحم رشٌد رضا فً كتابه الوحً الدمحمي بما ال مزٌد علٌه‪.‬‬
‫ما ورد عن رسول هللا‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬فٌما رواه البخاري فً صحٌحه عن عابشة أم المإمنٌن رضً‬
‫هللا عنها‪ :‬أن الحارث بن هشام سؤل رسول هللا‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬فمال‪ٌ :‬ا رسول هللا كٌؾ ٌؤتٌن الوحً؟ فمال‬
‫رسول هللا‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪" :-‬أحٌانا ٌؤتٌنً مثل صلصلة الجرس‪ -‬وهو أشده علً‪ -‬فٌفصم عنً ولد وعٌت‬
‫عنه ما لال ‪ .‬وأحٌانا ٌتمثل لً الملن رجبل فٌكلمنً فؤعً ما ٌمول" (‪. )ٔ1‬‬
‫ولد روى الحدٌث أٌضا الربٌع بن حبٌب عن أبً عبٌدة عن جابر بن زٌد عن عابشة رضً‬
‫هللا عنها(‪. )ٔ5‬‬
‫الفرق بٌن الوحً واإللهام‬
‫من المعلوم عند المسلمٌن أن الوحً الذي هو أساس األحكام لسمان‪ :‬متلو وهو المرآن‬
‫الكرٌم‪ ،‬وؼٌر متلو وهو السنة النبوٌة الشرٌفة‪ ،‬وأما اإللهام فهو نوع من أنواع الوحً لكنه ال‬
‫تنبنً علٌه األحكام الشرعٌة وإلٌن بٌان ذلن‪.‬‬
‫إن المرآن الكرٌم هو األساس الذي بنً علٌه دٌن اإلسبلم‪ ،‬فهو المعجزة الخالدة‪ ،‬به نزل‬
‫جبرٌل علٌه السبلم على رسول هللا دمحم ملسو هيلع هللا ىلص لٌبلؽه الناس‪ ،‬وكونه أساس حجٌة األحكام عند‬
‫المسلمٌن أمر مسلم ال ٌحتاج إلى تبٌٌن ‪.‬‬
‫وأما السنة النبوٌة الشرٌفة وأنها من أسس حجٌة األحكام فتدل علٌه األدلة التالٌة‪:‬‬
‫ثبوت عصمة النبً ملسو هيلع هللا ىلص فً التبلٌػ عن ربه فً الكتاب والسنة‪.‬‬
‫تمرٌر هللا تمسن الصحابة بالسنة‪ ،‬فً عصره ملسو هيلع هللا ىلص(ٕٓ)‪.‬‬
‫ت‬ ‫س َما َوا ِ‬ ‫َّللاِ ِإلَ ٌْ ُك ْم َج ِمٌعًا الَّذِي لَهُ ُم ْلنُ ال َّ‬‫سو ُل َّ‬ ‫اس ِإنًِّ َر ُ‬ ‫الكتاب الكرٌم لموله تعالى {لُ ْل ٌَا أٌَُّ َها النَّ ُ‬
‫اّللِ َو َك ِل َماتِ ِه‬ ‫ً ِ ْاأل ُ ِ ّم ّ‬
‫ً ِ الَّذِي ٌُإْ ِم ُن بِ َّ‬ ‫سو ِل ِه النَّبِ ّ‬ ‫آمنُوا ِب َّ‬
‫اّللِ َو َر ُ‬ ‫ض َال ِإلَهَ ِإ َّال ُه َو ٌُحْ ًٌِ َوٌ ُِمٌتُ فَ ِ‬ ‫َو ْاأل َ ْر ِ‬
‫َّ‬
‫َوات َّ ِبعُوهُ لَ َعل ُك ْم ت َ ْهتَدُونَ } [األعراؾ ‪.]ٔ٘1 :‬‬
‫السنة الشرٌفة نفسها كإخباره‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪-‬وهو المعصوم من الكذب –بؤنه لد أوحً إلٌه المرآن وؼٌره؛‬
‫وأن ما بٌنه وشرعه‪-‬من األحكام‪-‬فإنما هو؛ بتشرٌع هللا تعالى ومن عنده؛ ولٌس من عنده صلى‬
‫هللا علٌه وسلم ‪.‬‬
‫تعذر العمل بالمرآن وحده‪ ،‬إذ ال بد أن تبٌنه السنة‪.‬‬
‫السنة نفسها فإن منها ما ٌمصد به تشرٌع األحكام ومنها ما ال ٌمصد به ذلن‪.‬‬
‫اإلجماع(ٕٕ)‪.‬‬
‫وأما بالنسبة لئللهام فإنه وإن كان نوعا ً من أنواع الوحً فلٌس له حجة فً بناء األحكام علٌه‬
‫‪ .‬وذلن لعدة أمور ‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬لم نجد فً كتاب هللا تعالى‪ ،‬وسنة نبٌه ما ٌشٌر إلى أنه حجة‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬لم ٌرد عن سلؾ األمة الصالح من اعتمده حجة‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬إجماع أمة اإلسبلم على عدم حجٌته‪.‬‬

‫(‪ )ٔ1‬البخاري حدٌث رلم (ٕ)وطرفه(رواٌة بلفظ آخر)رلم (ٕٖ٘ٔ)‪.‬‬


‫(‪ )ٔ5‬الجامع الصحٌح(مسند الربٌع بن حبٌب)‪،‬ضبط وتخرٌج مجمد إدرٌس‪ ،‬مراجعة وتمدٌم عاشور بن ٌوسؾ‪،‬‬
‫دار الحكمة‪،‬بٌروت‪ ،‬ومكتبة االستمامة‪،‬سلطنة عمان‪،‬ط٘ٔٗٔ‪ٔ،‬ه‪ٔ55٘/‬م‪،‬حدٌث رلمٕ‪ ،‬واللفظ األول للبخاري‬
‫حدٌث رلم(ٕ)‪.‬‬
‫(ٕٓ) أنظر حجٌة السنة‪ ،‬عبدالؽنً عبدالخالك‪(،‬من منشورات المعهد العالمً للفكر اإلسبلمً)‪،‬طٔ‪ ،‬دار المرآن‬
‫الكرٌم‪ :‬بٌروت‪ٔٗٓ2 ،‬ه‪ٔ51ٙ/‬م‪،‬صٕ‪ ٕ1‬وما بعدها‪.‬‬
‫(ٕٕ ) مختصرا ً من كتاب حجٌة السنة‪ ،‬عبدالؽنً عبدالخالك‪ ،‬صٖٕٗ‪.ٖ1ٕ-‬‬
‫ٗ‪ -‬لو لبل الناس اإللهام حجة لفتح باب ال ٌمكن إؼبلله ألن الكمال فً الناس مستحٌل‪ ،‬كما أن‬
‫دعوى اإللهام دعوى واسعة تفتح باب الكذب والتزوٌر ‪.‬‬
‫٘‪ -‬لبول اإللهام ٌفتح بابا للشٌطان على الناس‪.‬‬
‫وهكذا فإن اإللهام لٌس حجة فً بناء األحكام علٌه‪ ،‬لكن إذا صح اإللهام مع عدم المخالفة‬
‫للشرع فمد ٌستفاد منه فً بعض الهداٌات وهللا أعلم ‪.‬‬
‫النبً والرسول والفرق بٌنهما‬
‫(ٔ)‬
‫ً‬
‫النبوة لؽة ‪ :‬من النبؤ‪ ،‬وهو اإلخبار؛ وأٌضا هً بمعنى العلو واالرتفاع ‪ ،‬وك ُّل رسو ٍل‬
‫ً(ٕ)؛ والرسول لفظةٌ مشتمّةٌ من اإلرسال‪ ،‬وتعنً التوجٌه والبعث (ٖ)‪.‬‬ ‫نب ّ‬
‫أما اصطبلحا ‪ :‬فمد اختلؾ أهل العلم فٌها‪ ،‬وافترلوا على مذاهب‪:‬‬
‫أوالها ‪ :‬أنه ال فرق بٌن النبً والرسول‪ ،‬بل هو من لبٌل الترادؾ‪ ،‬فٌطلك النبً على الشخص‬
‫الذي اصطفاه هللا إلنذار لومه‪ ،‬والرسول تطلك علٌه من جهلة تكلٌفه بمهمة التبلٌػ واإلرسال‪.‬‬
‫نص علٌه الماضً عٌاض وبٌّنه رحمه هللا(ٗ)‪.‬‬ ‫وهو مذهبٌ ضعٌؾ كما ّ‬
‫ثانٌهما ‪ :‬أن النبً لم ٌإمر بالتبلٌػ‪ ،‬فً حٌن أن الرسول هو المؤمور بتبلٌػ شرعه‪ ،‬وهو لو ٌل‬
‫مخالؾ لؤلدلة أٌضا‪ ،‬فكبلهما مبلّ ٌػ عن هللا تعالى‪.‬‬
‫ٌ‬
‫لوم برسالة‬ ‫الرسول هو المبعوث إلى ٍ‬ ‫ثالثهما ‪ :‬وهو مذهب جمهور أهل العلم‪ ،‬والذي نر ّجحه‪ ،‬أن ّ‬
‫ً هو م َذ ِ ّك ٌر لمومه برسال ٍة سابمةٍ‪ ،‬فٌكون ك ّل رسو ٍل نبٌّاً‪،‬‬ ‫فً) حٌن أن النب ّ‬ ‫جدٌدة وشرعٍ جدٌد‪،‬‬
‫(٘‬
‫ً ٍ رسوال ‪.‬‬‫ولٌس ك ُّل نب ّ‬
‫و(األنبٌاء) جمع نبً وٌمد مهموزا ً فٌمال‪ :‬نبًء ‪ ،‬كما هً لراءة ورش عن نافع فً‬
‫النبوة(ٖٕ)‪.‬‬
‫جمٌع المرآن أو فً ؼالبه‪ ،‬وهو عابد إلى االشتماق األول الذي تمدم فً كلمة َّ‬
‫شبه الجاحدٌن للوحً والرد علٌها(ٗ٘)‪:‬‬
‫لمد تفنن الحالدون من أعداء اإلسبلم‪ .‬وما زالوا ٌخططون وٌجددون وضع الشبه واختبللها‪،‬‬
‫وهذا ال ٌإثر على عظمة دٌن اإلسبلم فتنبه! ومن ذلن لولهم‪:‬‬
‫ٔ‪-‬لو كان الوحً ممكنا ألوحى هللا إلى أفراد البشر عامة‪ ،‬ولم ٌخص به عددا ً للٌبلً… ورده أن‬
‫هذا من سذاجة المول فان األعمال العادٌة التً ٌتفاوت الناس فً إنجازها ال توكل أحٌانا ً لكل‬
‫األفراد فكٌؾ بالوحً وهو شدٌد الخطورة ٌحتاج إلى مإهبلت ال تتوفر إال فً نوادر البشر‪.‬‬

‫(ٔ)لسان العرب البن منظور‪ ،‬الجزء ‪ ،2‬مادة نبؤ‪.‬‬


‫فالرسول أخص من النبً‪ ،‬فكل رسول نبً‪ ،‬ولٌس كل نبً رسوالً‪ ،‬ولكن الرسالة أعم من جهة نفسها‪،‬‬ ‫(ٕ)‬
‫فالنبوة جزء من الرسالة‪ ،‬إذ الرسالة تتناول النبوة وؼٌرها‪ ،‬بخبلؾ الرسل فإنهم ال ٌتناولون األنبٌاء وؼٌرهم‪ ،‬بل‬
‫األمر بالعكس‪.‬فالرسالة أعم من جهة نفسها‪ ،‬وأخص من جهة أهلها"ٕٗ ولننتمل اآلن لبٌان أجناس وأنواع‬
‫وصور الوحً‪.‬‬
‫(ٖ)كتاب الشفا للماضً عٌاض‪.2ٕٙ /ٕ ،‬‬
‫(ٗ)المرجع السابك‪ 2ٕ5 /ٕ:‬فما فولها‪.‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬لوامع األنوار البهٌة للسفارٌنً‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬ص ‪.ٗ5 :‬‬
‫(ٖٕ) عمٌدة المإمن ‪ :‬أبو بكر الجزابري ‪ ،‬ص‪.ٕ٘1‬‬
‫(ٗ٘) انظر‪ :‬مناهل العرفان للزرلانً‪ ،2ٙ/ٔ :‬وما بعدها بتصرؾ بسٌط‪ ،‬وللتوسع‪ :‬الرأ فً المجلد العاشر من‬
‫مجلة األزهر عام ‪ٖٔ٘1‬ه ما كتبه دمحم فرٌد وجدي‪ ،‬وما كتبه الزرلانً فً المجلد الخامس من مجلة الهدٌة‬
‫اإلسبلمٌة عام ٖٔ٘ٔه وما كتبه دمحم عبدهللا دراز فً كتابه النبؤ العظٌم‪.‬‬
‫ٕ‪-‬إن الوحً الذي تدعونه‪ ،‬وتدّعون تنجٌمه جاء بهذا المرآن ؼٌر مرتب‪ ،‬وال منظم‪ ،‬فلم ٌفرد كل‬
‫ؼرض من أؼراضه بفصل أو باب…وهذا كبلم من ال ٌعرؾ حمٌمة المرآن الذي بهر نظمه‬
‫وتنسٌمه أصحاب االختصاصات والفنون المختلفة فً اللؽة والحساب مع أن المرآن لٌس كتاب‬
‫تؤلٌؾ‪ ،‬بل كتاب وحً ومنهج حٌاة‪ ،‬وأٌن مولعه إذا ما لورن بالكتب السماوٌة التً بٌن أٌدي‬
‫المدعٌن علٌه‪.‬‬
‫ٖ‪-‬اتهام النبً ملسو هيلع هللا ىلص بمرض الهسترٌا والهلوسة…ورده أن صاحب الهسترٌا والهلوسة ال ٌستطٌع‬
‫أن ٌحل مشاكله‪ ،‬وال أن ٌمود نفسه!! والنبً ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬لاد أمة ونظم شعوبا ولضى على‬
‫إمبراطورٌات‪ ،‬وتحدى العبالرة األصحاء‪.‬‬
‫ٗ‪-‬إنكم تستدلون على الوحً بإعجاز المرآن‪ ،‬وتستدلون على إعجاز المرآن بما فٌه من أسرار‪،‬‬
‫صر أفهامكم‪ ،‬وضعؾ عمولكم حجة‬ ‫إن لِ َ‬ ‫ونحن ال ندرن اإلعجاز وال تلن األسرارٓٓٓوجوابه ّ‬
‫علٌكم ال لكم‪.‬ولد أدرن ذلن أهل االختصاص واعترفوا به‪.‬كما أن فً المرآن ما تعرفون من‬
‫أنواع اإلعجاز وال لدرة لكم على الولوؾ أمامه‪-٘ .‬إعجاز المرآن بالعربٌة للعرب ال ٌدل على‬
‫أنه وحً هللا بل كبلم دمحم نسبه إلى ربهٓٓٓوالرد على هذه الفرٌة كذبها المرآن بؤسلوبه المتنوع؛‬
‫فمرة بؤلفاظ(لُل)‪ ،‬وأخرى بآٌات العتاب‪ ،‬وأخرى بالنهً‪.‬ومن ؼٌر المعمول أن ٌؤمر اإلنسان‬
‫نفسه وٌنتمدها وٌفضحها أمام الناس‪ ،‬بل المعروؾ أن اإلنسان ٌتستر على عٌوبه ونمابصه وال‬
‫ٌكشفها لآلخرٌن هذا من جانب‪ ،‬ومن جانب آخر فإن دمحما ً – ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬معروؾ للعرب الذٌن نشؤ بٌنهم‬
‫وتربى عندهم‪ ،‬ولام بخدمتهم ف ِل َم لم ٌشهر كتابه ومإلفه إال بعد هذه المدة المدٌدة من الزمان‬
‫وكذلن إن دمحما ً ملسو هيلع هللا ىلص ما كان ٌجٌب على التساإالت حتى ٌؤتٌه الوحً وٌخبره بجواب هللا عن تلن‬
‫األمور‪.‬كما أن أخبار المرآن فٌها من أنواع الؽٌب المستمبلً فكٌؾ ٌإلؾ هذا ؟!ومزٌدا ً على ذلن‬
‫إعجاز االبتبلؾ الموجود فً المرآن لم ٌشتمل علٌه مإلؾ ال لدٌما ً وال حدٌثا ً وال ٌمكن أن‬
‫ٌحصل له مثٌل فً المستمبل‪.‬أال تراه جمع فً ثبلث وعشرٌن سنة دون أن ٌكون فٌه اختبلؾ أو‬
‫ٌرا} [النساء ‪ ،]1ٕ :‬وأٌن أنت‬ ‫اختِ َبلفًا َكثِ ً‬ ‫َّللاِ لَ َو َجدُوا فٌِ ِه ْ‬
‫ؼٌ ِْر َّ‬‫{ولَ ْو َكانَ ِم ْن ِع ْن ِد َ‬ ‫تعارض فافهم ؟! َ‬
‫من دمحم ملسو هيلع هللا ىلص الذي اعترؾ بؤمانته وطهره من عاصره وشب معه‪ ،‬فهو حرب على الكذب والخنا‬
‫والفساد والجهالة‪.‬‬
‫أن الحاجة الماسة لوجود الوحً ملحة جدا ً لمطع الطرٌك‬ ‫من خبلل ما تمدم ٌمكن استخبلص َّ‬
‫على المعترضٌن من المؽرضٌن‪.‬وذلن أن الوحً ٌعطً المول الفصل والحجة التً ال مزٌد‬
‫علٌها لبٌان اإلله الحمٌمً الذي ٌستحك العبادة‪ ،‬وبٌان الحبلل والحرام وما ٌحتاج إلٌه الناس فً‬
‫جمٌع شإونهم دون الشعور بالظلم والتحٌز والكٌل بؤكثر من مكٌال‪ٌ.‬ضاؾ إلى ذلن حصول‬
‫المناعة والرضا المترتبة حٌنما ٌثك اإلنسان بؤن هذا هو حكم هللا تعالى‪ ،‬ولٌس حكما ً لاببلً للنمض‬
‫صدر من إنسان ٌعتوره الهوى وحب المصالح‪ .‬فاهلل تعالى مبرأ من التحٌز والظلم بخبلؾ‬
‫البشر‪.‬‬
‫والمٌام بؤمر النبوة والرسالة وظٌفة ثمٌلة تحتاج إلى من ٌمدر على حملها‪ ،‬ومصداق ذلن‬
‫ٌبل} [المزمل ‪ ،]٘ :‬والنبوة والرسالة ٌمدر علٌها الرجال‬ ‫سنُ ْل ِمً َ‬
‫علٌَْنَ لَ ْو ًال ث َ ِم ً‬ ‫لوله تعالى {إِنَّا َ‬
‫بصفة عامة أكثر من النساء لما ٌكتنفها من ظروؾ وأخطار المرأة فً منؤى عنها‪.‬وما ورد من‬
‫ألوال بؤن النبوة لد حصلت للنساء فؤلوال فٌها نظر لضعؾ المرأة عن هذه المهام الجسام إال إذا‬
‫اعتبرنا ذلن ممصورا ً علٌها وحدها‪.‬وعدم ولوعه هو الراجح عند جمهور العلماء‪ ،‬فالوحً إذن‬
‫وظٌفة شرٌفة ٌستحك من ٌتمٌز بها الطاعة واالحترام والتمدٌر واإلجبلل والنصرة‬
‫والمتابعة‪.‬وهذا الٌمدره إال من خالطت بشاشة اإلٌمان للبه فاستحك بذلن المؽفرة والرحمة من هللا‬
‫تعالى‪.‬وبعكسه من أنكر الوحً وكذب األنبٌاء فعولب بالنار والخلود األبدي فٌها وصلى هللا‬
‫وسلم على سٌدنا دمحم وآله وصحبه(ٔ)‪.‬‬
‫ثانٌا‪ -:‬نزول المرآن‬
‫ٌطلك اإلنزال فً اللؽة على معنٌٌن ‪-:‬‬
‫اء َما ًء‬ ‫س َم ِ‬ ‫َ‬
‫أحدهما ‪ :‬الهبوط من علو ‪ٌ :‬مال ‪ :‬نزل فبلن من الجبل ‪ ،‬ومنه لوله تعالى {أ ْنزَ َل ِمنَ ال َّ‬
‫ت أ َ ْو ِدٌَةٌ بِمَ َد ِرهَا} [الرعد ‪.]ٔ2 :‬‬ ‫سالَ ْ‬ ‫فَ َ‬
‫{ول ْل َربّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫(ٕ)‬
‫الثانً ‪ :‬الحلول ‪ٌ :‬مـال ‪( :‬نزل فبلن بالمدٌنة)‪ ،‬أي‪ :‬ح َّل بها ‪ ،‬ومنه لوله تعالى ‪َ :‬‬
‫ار ًكا َوأ َ ْنتَ َخٌ ُْر ْال ُم ْن ِزلٌِنَ } [المإمنون ‪.]ٕ5 :‬‬ ‫أ َ ْن ِز ْلنًِ ُم ْنزَ ًال ُمبَ َ‬
‫وكبل المعنٌٌن ٌشعر بالمكانٌة والجسمٌة فبل مجال لتحممهما فً كبلم هللا ووحٌه فالتعبٌر‬
‫إذن هو من لبٌل المجاز وال ٌمكن حمله على الحمٌمة ولد ذهب العلماء إلى أن إنزال المرآن فٌها‬
‫توجٌهان ‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن ٌمصد من إنزال المرآن إنزال حامله وهو الروح األمٌن جبرٌل علٌه السبلم ‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن ٌمصد من اإلنزال الزمة وهو اإلعبلم فمعنى إنزال المرآن على النبً ‪-‬صلى هللا علٌه‬
‫وسلم‪ -‬إٌصاله إلٌه وإعبلمه به ‪.‬‬
‫واختٌر لفظ اإلنزال أٌضا ً لحكمة عظٌمة وهً بٌان شرؾ هذا المرآن وعلو منزلته وأنه‬
‫من العالم العلوي ومن هنا اختٌرت لفظة اإلنزال على لفظة اإلعبلم واإلٌصال لال تعالى‬
‫ٌِرا} [اإلسراء ‪. )ٖ( ]ٔٓ٘ :‬‬ ‫ش ًرا َونَذ ً‬ ‫س ْلنَانَ ِإ َّال ُم َب ِ ّ‬ ‫ك أ َ ْنزَ ْلنَاهُ َو ِب ْال َح ّ ِ‬
‫ك نَزَ َل َو َما أ َ ْر َ‬ ‫{و ِب ْال َح ّ ِ‬ ‫َ‬
‫تنزالت المرآن الكرٌم ‪:‬‬
‫فً هذه المسؤلة طرفان ‪ ،‬أحدهما متفك علٌه ‪ ،‬واآلخر مختلؾ فٌه‪ ،‬أما الطرؾ المتفك علٌه ‪،‬‬
‫فهو أن المرآن لم ٌنزل على رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص من السماء جملة واحدة ‪ ،‬بل كان ٌنزل الوحً به من‬
‫عند هللا ‪ ،‬مفرلا حسب الحوادث واألحوال‪.‬‬
‫ولد جاءت اآلٌات تمرر ذلن بوضوح تام ال لبس فٌه ‪ ،‬وتمرر حكمة النزول على تلن‬
‫الصفة‪:‬‬
‫آن ُج ْملَةً َو ِ‬
‫اح َدة ً َك َذلِنَ ِلنُثَبِّتَ ِب ِه فُ َإادَنَ‬ ‫علَ ٌْ ِه ْالمُ ْر ُ‬‫{ولَا َل الَّذٌِنَ َكفَ ُروا لَ ْو َال نُ ِ ّز َل َ‬ ‫ٔ‪ -‬لال تعالى‪َ :‬‬
‫ٌبل} [الفرلان ‪.]ٖٕ :‬‬ ‫َو َرت َّ ْلنَاهُ ت َْرتِ ً‬
‫لال الشٌخ عبد الرحمن السعدي – رحمه هللا ‪ " : -‬ألنه كلما نزل علٌه شًء من المرآن ازداد‬
‫طمؤنٌنةً وثباتا ً ‪ ،‬وخصوصا ً عند ورود أسباب الملك ؛ فإن نزول المرآن عند حدوث السبب ‪،‬‬
‫ٌكون له مولع عظٌم ‪ ،‬وتثبٌت كثٌر ‪ ،‬أبلػ مما لو كان نازالً لبل ذلن ثم تذكره عند حلول‬
‫سببه‪.‬‬
‫{و َرت َّ ْلنَاهُ ت َْرتٌِبل}‪ ،‬أي ‪ :‬مهلناه ودرجنان فٌه تدرٌجا ً ‪ ،‬وهذا كله ٌدل على اعتناء هللا بكتابه‬ ‫َ‬
‫ً‬
‫المرآن‪ ،‬وبرسوله دمحم ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،‬حٌث جعل إنزال كتابه جارٌا على أحوال الرسول ومصالحه الدٌنٌة‬
‫"(ٔ)‪.‬‬

‫(ٔ) انظر‪َ :‬م ْن َه ِجٌَّةُ البَحْ ِ‬


‫ث فً الت َّ ْف ِس ُ‬
‫ٌر ال َم ْوضُو ِعً للكلمة‪ ،‬واآلٌة‪ ،‬والسورة المرآنٌة‪ ،‬د‪ .‬أمٌن دمحم سبلم المناسٌة‬
‫البطوش(بحث منشور فً الشبكة االلكترونٌة(بتصرؾ بسٌط)‪.‬‬
‫(ٕ) المعجم الوسٌط – د‪ .‬إبراهٌم أنٌس – ٕ‪. 5٘ٔ/‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬إتمان البرهان‪ :‬ص ‪ ٔٗٙ‬وما بعدها ‪.‬‬
‫ٌبل} [اإلسراء ‪.]ٔٓٙ :‬‬ ‫ث َون ََّز ْلنَاهُ ت َ ْن ِز ً‬‫علَى ُم ْك ٍ‬ ‫اس َ‬ ‫علَى النَّ ِ‬ ‫{ولُ ْرآنًا فَ َر ْلنَاهُ ِلت َ ْم َرأَهُ َ‬‫ٕ‪ -‬لال تعالى‪َ :‬‬
‫على ُمكثٍ} على مهل ‪ ،‬لٌتدبروه‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫لال الشٌخ عبد الرحمن السعدي – رحمه هللا ‪َ { " : -‬‬
‫مفرلا فً ثبلث وعشرٌن‬ ‫ً‬ ‫{ون ََّز ْلنَاهُ ت َ ْنزٌبلً}‪ ،‬شٌبًا فشٌبا َّ‬
‫ً‬ ‫وٌتفكروا فً معانٌه وٌستخرجوا علومه‪َ ،‬‬
‫سنَة"(ٕ)‪.‬‬
‫مفرلا ً ‪ :‬انمطاع الوحً فً حادثة اإلفن التً اتهمت فٌها عابشة‬ ‫ومما ٌإكد نزول المرآن َّ‬
‫رضً هللا عنها بالزنى ‪ ،‬ولد انتظر النبً ملسو هيلع هللا ىلص نزول المرآن ؛ لعظٌم ولع المصٌبة بتهمة زوجه‬
‫سبُوهُ ش ًَّرا لَ ُك ْم بَ ْل ُه َو َخٌ ٌْر لَ ُك ْم ِل ُك ِّل‬ ‫صبَةٌ ِم ْن ُك ْم َال تَحْ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫اإل ْف ِن ُ‬‫حتى نزل لوله {إِ َّن الَّذٌِنَ َجا ُءوا بِ ْ ِ‬
‫ع ِظٌ ٌم} [النور ‪.]ٔٔ :‬‬ ‫ع َذابٌ َ‬ ‫اإلثْ ِم َوالَّذِي ت ََولَّى ِكب َْرهُ ِم ْن ُه ْم لَهُ َ‬ ‫ب مِنَ ْ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ئ ِم ْن ُه ْم َما ا ْكت َ َ‬
‫ْام ِر ٍ‬
‫مفرلا – أٌضا ‪ : -‬اآلٌات األولى من سورة " عبس " ؛ وذلن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ومما ٌإكد نزول المرآن َّ‬
‫ً‬
‫عندما أعرض النبً ملسو هيلع هللا ىلص عن تعلٌم ابن أم مكتوم األعمى طمعا فً إسبلم كبار لرٌش‪.‬‬
‫وأما الذي ولع الخبلؾ فٌه ‪ ،‬فهو أول وأصل نزول المرآن ‪ :‬هل نزل مرة واحدة إلى‬
‫السماء الدنٌا ‪ ،‬ثم نزل على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص مفرلا ‪ ،‬أو كان نزوله على صفة واحدة ‪ ،‬مفرلا حسب‬
‫الولابع ‪ ،‬كما سبك‪.‬‬
‫وسبب ذلن الخبلؾ هو فهم بعض اآلٌات التً تدل على نزول المرآن فً ولت واحد ‪،‬‬
‫ان }[‬ ‫ت مِنَ ْال ُه َدى َو ْالفُ ْرلَ ِ‬ ‫اس َوبٌَِّنَا ٍ‬ ‫آن ُهدًى ِللنَّ ِ‬ ‫ضانَ الَّذِي أ ُ ْن ِز َل فٌِ ِه ْالمُ ْر ُ‬ ‫ش ْه ُر َر َم َ‬ ‫مثل لوله تعالى‪َ {:‬‬
‫ْ‬
‫البمرة‪ ،]ٔ1٘ :‬ولوله تعالى‪ {:‬إِنَّا أ ْنزَ لنَاهُ فًِ لَ ٌْلَ ِة المَد ِْر}[ المدر‪ ،]ٔ :‬مع تصرٌح ابن عباس‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫رضً هللا عنه بذلن الفهم‪.‬‬
‫ولد اختلؾ العلماء فً هذا النزول على ألوال‪:‬‬
‫أولها ‪ :‬أن المرآن لد نزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنٌا لٌلة المدر جملةً واحدة ‪ ،‬ثم نزل‬
‫بعد ذلن من َّجما ً فً ثبلث وعشرٌن سنة‪ .‬لاله ابن عباس وهو لول األكثرٌن‪ .‬وهو الراجح‪.‬‬
‫لال عنه الزركشً" إنه أشهر وأصح وإلٌه ذهب األكثرون"(ٖ)‪.‬‬
‫ووصفه ابن حجر بؤنه‪" :‬الصحٌح المعتمد"(ٗ)‪ .‬ولال ذلن عنه ‪-‬أٌضا‪ -‬المسطبلنً فً‬
‫لطابؾ اإلشارات(٘)‪.‬‬
‫وذكر السٌوطً أن المرطبً حكى اإلجماع على أنه نزل جملة واحدة من اللوح‬
‫المحفوظ إلى بٌت العزة فً السماء الدنٌا (‪.)ٙ‬‬
‫وحكاٌة اإلجماع فً ذلن ال تصح لوجود المخالؾ فً ذلن وتعدد المذاهب فٌه‪.‬‬
‫وأدلة هذا المول‪:‬‬
‫ٔ‪-‬أنه ظاهر اآلٌات الثبلث فً لوله تعالى‪ { :‬إنا أنزلناه فً لٌلة المدر } [المدر‪ ]ٔ:‬ولوله سبحانه‪:‬‬
‫{ إنا أنزلناه فً لٌلة مباركة } [الدخان‪ ]ٖ :‬ولوله جل وعبل‪ { :‬شهر رمضان الذي أنزل فٌه‬
‫المرآن } [البمرة‪.]ٔ1٘ :‬‬

‫(ٔ) تفسٌر السعدي‪.٘1ٕ :‬‬


‫(ٕ)تفسٌر السعدي‪.ٗٙ1 :‬‬
‫(ٖ) البرهان‪.ٕٕ1/ٔ :‬‬
‫(ٗ) فتح الباي‪.ٗ/5 :‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬لطابؾ اإلشارات‪.ٕٕ:‬‬
‫(‪)ٙ‬اإلتمان (ٔ ‪ ،)ٔٗ1 /‬ومناهل العرفان (ٔ ‪ ،)ٖ5 /‬تفسٌر المرطبً (ٕ ‪.)ٕ52 /‬‬
‫فمد دل ظاهر هذه اآلٌات الثبلث أن المرآن الكرٌم أنزل جملة فً لٌلة واحدة توصؾ بؤنها‬
‫مباركة من شهر رمضان‪ .‬وهذا وصؾ مؽاٌر لصفة نزول المرآن الكرٌم على الرسول صلى هللا‬
‫علٌه وسلم حٌث إنه من المعلوم الممطوع به أن المرآن نزل على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص منجما مفرلا فً‬
‫نحو ثبلث وعشرٌن سنة حسب الولابع واألحداث‪.‬‬
‫فتعٌن أن ٌكون هذا النزول الذي دل علٌه ظاهر اآلٌات نزوال آخر ؼٌر النزول المباشر‬
‫على النبً ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬أنه صرٌح اآلثار الواردة عن ابن عباس‪ ،‬والتً لها حكم الرفع إلى الرسول ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬ومن‬
‫األخبار التً استند إلٌها أصحاب هذا المذهب ‪:‬‬
‫عن ابن عباس رضً هللا عنهما لال ‪" :‬أنزل المرآن جملة واحدة إلى سماء الدنٌا لٌلة المـدر ثم‬
‫سنَ ت َ ْف ِس ً‬
‫ٌرا}‬ ‫ك َوأَحْ َ‬‫{و َال ٌَؤْتُونَنَ بِ َمث َ ٍل ِإ َّال ِجبْنَانَ بِ ْال َح ّ ِ‬
‫أنزل بعد ذلن فً عشرٌن سنة"‪ .‬ثم لرأ ‪َ :‬‬
‫ٌبل} [اإلسراء ‪:‬‬ ‫ْ‬
‫ث َون ََّزلنَاهُ ت َ ْن ِز ً‬
‫علَى ُم ْك ٍ‬ ‫اس َ‬ ‫علَى النَّ ِ‬ ‫{ولُ ْرآنًا فَ َر ْلنَاهُ ِلت َ ْم َرأَهُ َ‬
‫[الفرلانٔ)‪َ ،]ٖٖ :‬‬
‫‪. ("]ٔٓٙ‬‬
‫وعن ابن عباس رضً هللا عنهما لال ‪ " :‬فصل المرآن من الذكر فوضع فً بٌت العزة فً‬
‫السماء الدنٌا‪ ،‬فجعل جبرٌل علٌه السبلم ٌنزله على النبً ملسو هيلع هللا ىلص وٌرتله ترتٌبل "(ٕ)‪.‬‬
‫وعن ابن عباس رضً هللا عنهما لال‪":‬أنزل المرآن جملة واحدة حتى وضع فً بٌت‬
‫العزة فً السماء الدنٌا ونزله جبرٌل على دمحم ملسو هيلع هللا ىلص بجواب كبلم العباد وأعمالهم"(ٖ)‪.‬‬
‫وعن ابن عباس رضً هللا عنهما لال ‪ :‬أنزل المرآن جملة واحدة فً لٌلة المدر إلى‬
‫السماء الدنٌا وكان بموالع النجوم وكان هللا ٌنزله على رسوله ملسو هيلع هللا ىلص بعضه فً إثر بعض لال هللا‬

‫(ٔ)أخرجه أبو عبٌد فً فضابل المرآن (‪ ،)ٖٙ1‬وانظر طبعة المؽرب بتحمٌك أحمد الخٌاطً (ٕ ‪)ٕٕٓ /‬‬
‫وأخرجه الحاكم فً المستدرن (ٕ ‪ )ٕٕٕ /‬و(ٕ ‪ )ٖٙ1 /‬ولال‪ :‬هذا حدٌث صحٌح اإلسناد ولم ٌخرجاه‪ .‬ووافمه‬
‫الذهبً وأخرجه البٌهمً فً األسماء والصفات (ٔ ‪ )ٖٙ1 /‬وشعب اإلٌمان (ٕ ‪ )ٗٔ٘ /‬رلم ‪ ،ٕٕٗ5‬والنسابً‬
‫فً التفسٌر (ٕ ‪ )ٖٔٔ /‬رلم ٕ‪ ٖ5‬ولال المحمك صحٌح‪ .‬وأخرجه ابن جرٌر فً تفسٌره (٘ٔ ‪ )ٔ21 /‬و(ٖٓ ‪/‬‬
‫‪ .)ٕ٘1‬وانظر‪ :‬فضابل المرآن للنسابً (‪ ،)٘5‬وابن الضرٌس (ٕ‪ .)2‬والمرشد الوجٌز (ٗٔ‪ )-‬وذكره ابن كثٌر‬
‫فً فضابل المرآن (‪ )ٙ‬عن أبً عبٌد ثم لال‪ :‬هذا إسناد صحٌح‪.‬‬
‫ولال أبو عبٌد ‪ :‬وال أدري كٌؾ لرأ ٌزٌد فً حدٌثه "فرلناه" مشددة أم ال؟ إال أنه ال ٌنبؽً أن تكون على هذا‬
‫التفسٌر إال بالتشدٌد "فرلناه"‪.‬‬
‫ولراءة الجمهور بالتخفٌؾ‪ ،‬ولرأ بالتشدٌد أبً‪ ،‬وعبد هللا بن مسعود وعلً وابن عباس‪ ،‬وأبو رجاء وؼٌرهم‪.‬‬
‫انظر تفسٌر ابن جرٌر (٘ٔ ‪ ،)ٔ21 /‬والبحر المحٌط (‪ .)12 / ٙ‬ومعجم المراءات المرآنٌة (ٖ ‪.)ٖٕٗ /‬‬
‫(ٕ)أخرجه البٌهمً فً األسماء والصفات (ٔ ‪ ،)ٖٙ1 /‬والطبرانً فً الكبٌر (ٕٔ ‪ )ٕٙ /‬رلم ٔ‪ ،ٕٖٔ1‬والحاكم‬
‫فً المستدرن (ٕ ‪ )ٕٕٖ /‬ولال‪ :‬هذا حدٌث صحٌح اإلسناد ولم ٌخرجاه‪ .‬ووافمه الذهبً‪ .‬وأخرجه النسابً فً‬
‫فضابل المرآن (‪ )ٙٓ-٘5‬وزاد فً آخره‪ :‬لال سفٌان‪ :‬خمس آٌات‪ ،‬ونحوها‪ .‬وانظر المرشد الوجٌز ألبً شامة‬
‫(ٕٓ)‪ .‬وذكره السٌوطً فً الدر المنثور بنحوه (ٔ ‪ )ٗ٘2 /‬وزاد نسبته للفرٌابً وابن جرٌر ودمحم بن نصر‬
‫وابن مردوٌه والضٌاء الممدسً فً المختارة‪ .‬وذكره الهٌثمً فً مجمع الزوابد (‪ )ٔ٘2 / 2‬ولال‪ :‬رواه‬
‫الطبرانً عن شٌخه عبد هللا بن دمحم بن سعٌد بن أبً مرٌم وهو ضعٌؾ‪.‬‬
‫(ٖ)أخرجه الطبرانً فً الكبٌر (ٕٔ ‪ )ٕٙ /‬رلم (ٕ‪ ،)ٕٖٔ1‬والهٌثمً فً مجمع الزوابد (‪ )ٔٗٓ / 2‬ولال عنه‪:‬‬
‫رواه الطبرانً والبزار باختصار ورجال البزار رجال الصحٌح‪ ،‬وفً إسناد الطبرانً عمرو بن عبد الؽفار وهو‬
‫ضعٌؾ‪ .‬وذكره السٌوطً فً الدر المنثور (‪ )٘ٙ2 / 1‬وزاد نسبته البن الضرٌس وابن جرٌر وابن المنذر وابن‬
‫أبً حاتم والحاكم وصححه‪ ،‬وابن مردوٌه‪ ،‬والبٌهمً فً الدالبل‪.‬‬
‫اح َدة ً َك َذلِنَ ِلنُث َ ِبّتَ ِب ِه فُ َإادَنَ َو َرت َّ ْلنَاهُ‬
‫آن ُج ْملَةً َو ِ‬ ‫علَ ٌْ ِه ْالمُ ْر ُ‬
‫{ولَا َل الَّذٌِنَ َكفَ ُروا لَ ْو َال نُ ِ ّز َل َ‬ ‫تعالى‪َ :‬‬
‫(ٔ)‬
‫ٌبل} [الفرلان ‪. "]ٖٕ :‬‬ ‫ت َْرتِ ً‬
‫اء‬
‫س َم ِ‬ ‫ضانَ إِلَى ال َّ‬ ‫آن لَ ٌْلَةَ ْالمَد ِْر فًِ َر َم َ‬ ‫وعن ابن عباس رضً هللا عنهما لال ‪ " :‬أ ُ ْن ِز َل ْالمُ ْر ُ‬
‫ال ُّد ْنٌَا ُج ْملَةً‪ ،‬ث ُ َّم أ ُ ْن ِز َل نُ ُجو ًما" (ٕ) ‪.‬‬
‫وعن ابن عباس ‪-‬رضً هللا عنهما‪ -‬لال‪" :‬أنزل المرآن إلى السماء الدنٌا فً لٌلة المدر‬
‫فكان هللا إذا أراد أن ٌوحً منه شٌبا أوحاه أو أن ٌحدث منه شٌبا أحدثه"(ٖ)‪.‬‬
‫وعن ممسم عن ابن عباس ‪ -‬رضً هللا عنهما ‪ -‬لال‪ :‬سؤله عطٌه بن األسود فمال‪ :‬إنه‬
‫ولع فً للبً الشن فً لوله تعالى‪ { :‬شهر رمضان الذي أنزل فٌه المرآن } [البمرة‪]ٔ1٘ :‬‬
‫ولوله‪ { :‬إنا أنزلناه فً لٌلة المدر } [المدر‪ ]ٔ :‬ولوله‪ { :‬إنا أنزلناه فً لٌلة مباركة } [الدخان‪]ٖ :‬‬
‫ولد أنزل فً شوال‪ ،‬وذي المعدة‪ ،‬وذي الحجة‪ ،‬والمحرم‪ ،‬وشهر ربٌع األول؟ فمال ابن عباس ‪-‬‬
‫رضً هللا عنهما‪ :-‬إنه أنزل فً رمضان‪ ،‬وفً لٌلة المدر‪ ،‬وفً لٌلة مباركة؛ جملة واحدة‪ ،‬ثم‬
‫أنزل بعد ذلن على موالع النجوم رسبل (ٗ)فً الشهور واألٌام"(٘)‪.‬‬
‫وعن سعٌد بن جبٌر لال‪" :‬نزل المرآن جملة واحدة فً لٌلة المدر فً رمضان فجعل فً‬
‫بٌت العزة‪ ،‬ثم أنزل على النبً ملسو هيلع هللا ىلص فً عشرٌن سنة جواب كبلم الناس"(‪.)ٙ‬‬
‫وعن سعٌد بن جبٌر أٌضا لال‪" :‬نزل المرآن جملة من السماء العلٌا إلى السماء الدنٌا لٌلة‬
‫المدر‪ ،‬ثم نزل مفصبل"(‪.)2‬‬
‫وعن الربٌع بن أنس فً لوله‪ { :‬إنا أنزلناه فً لٌلة المدر } لال‪" :‬أنزل هللا المرآن جملة‬
‫فً لٌلة المدر كله"(‪.)1‬‬

‫(ٔ)أخرجه البٌهمً فً األسماء والصفات (ٔ ‪ )ٖٙ2 /‬وفً شعب اإلٌمان (ٖ ‪ )ٖٕٓ /‬رلم (‪ ،)ٖٙ٘5‬والحاكم‬
‫فً المستدرن (ٕ ‪ )ٕٕٕ /‬ولال‪ :‬هذا حدٌث صحٌح على شرطهما ولم ٌخرجاه‪ .‬وابن الضرٌس فً فضابل‬
‫المرآن (ٕ‪ .)2‬وذكره أبو شامة فً المرشد الوجٌز (‪ )ٔ2‬وذكر السٌوطً ‪-‬نحوه‪ -‬فً الدر المنثور وزاد نسبته‬
‫البن جرٌر وابن مردوٌه ودمحم بن نصر والطبرانً وأخرجه النسابً فً تفسٌره (ٕ ‪ )ٖ٘5 /‬رلم (‪ )2ٓ5‬ولال‬
‫المحمك‪ :‬صحٌح‬
‫(ٕ) أخرجه الطبرانً فً الكبٌر (ٔٔ ‪ )ٕٗ2 /‬رلم (‪ )ٔٔ1ٖ5‬والهٌثمً فً مجمع الزوابد (‪ )ٔٗٓ / 2‬ولال‪:‬‬
‫رواه الطبرانً فً األوسط والكبٌر وفٌه عمران المطان وثمه ابن حبان وؼٌره‪ ،‬وفٌه ضعؾ‪ ،‬وبمٌة رجاله ثمات‪.‬‬
‫(ٖ)أخرجه النسابً فً فضابل المرآن (‪ ،)٘5‬والبٌهمً فً األسماء والصفات (ٔ ‪ .)ٖٙ1 /‬والحاكم فً‬
‫المستدرن (ٕ ‪ )ٕٕٕ /‬ولال‪ :‬هذا حدٌث صحٌح اإلسناد ولم ٌخرجاه‪ .‬ووافمه الذهبً وأخرجه ابن الضرٌس‬
‫بنحوه فً فضابل المرآن (ٔ‪.)-2‬‬
‫(ٗ)رسبل‪ :‬لطعة لطعة وفرلة فرلة‪ .‬انظر‪ :‬حاشٌة تفسٌر الطبري (ٖ ‪.)ٗٗٙ /‬‬
‫(٘)أخرجه البٌهمً فً األسماء والصفات (ٔ ‪ )-ٖٙ5 /‬وأخرجه الطبري فً تفسٌره بسنده (ٖ ‪ )ٗٗ1 /‬ولم ٌسم‬
‫فٌه السابل‪ .‬وأخرجه الطبرانً فً الكبٌر (ٔٔ ‪ )ٖٓ5 /‬رلم (٘‪ )ٕٔٓ5‬والهٌثمً فً مجمع الزوابد (‪)ٖٔٙ / ٙ‬‬
‫ولال عنه‪ :‬وفٌه سعد بن طرٌؾ وهو مترون‪ .‬وذكره السٌوطً فً الدر المنثور (ٔ ‪ )ٗ٘ٙ /‬وزاد نسبته البن‬
‫أبً حاتم‪ ،‬وابن مردوٌه‪ ،‬ودمحم بن نصر فً كتاب الصبلة‪.‬‬
‫(‪)ٙ‬أخرجه ابن الضرٌس فً فضابل المرآن (ٕ‪ .)2‬وذكره السٌوطً فً الدر المنثور (ٔ ‪ )ٗ٘2 /‬ولم ٌنسبه‬
‫لؽٌر ابن الضرٌس‪.‬‬
‫(‪)2‬أخرجه سعٌد بن منصور فً سننه بسنده (ٕ ‪ )ٕ5ٗ /‬رلم (‪ )25‬وفٌه حكٌم بن جبٌر ضعٌؾ‪ .‬وذكره‬
‫السٌوطً فً الدر المنثور (‪ )ٖ55 / 2‬ولم ٌنسبه لؽٌر سعٌد بن منصور‪.‬‬
‫(‪)1‬أخرجه عبد بن حمٌد كما ذكر السٌوطً فً الدر المنثور (‪.)٘ٙ2 / 1‬‬
‫وعن إبراهٌم النخعً فً لوله عز وجل‪ { :‬إنا أنزلناه فً لٌلة مباركة } لال‪" :‬أنزل جملة‬
‫على جبرٌل علٌه السبلم‪ ،‬وكان جبرٌل ٌجًء بعد إلى دمحم ملسو هيلع هللا ىلص"(ٔ)‪.‬‬
‫ووجه االستدالل بهذه األحادٌث واآلثار التً أخرجها األبمة وصححوا بعضها‪ ،‬والتً‬
‫ٌعضد بعضها بعضا أنها وإن كانت مولوفة فً جملتها على ابن عباس رضً هللا عنهما فإن لها‬
‫حكم الرفع إلى النبً ملسو هيلع هللا ىلص ألن لول الصحابً الذي ال ٌؤخذ عن اإلسرابٌلٌات‪ ،‬فٌما ال مجال للرأي‬
‫فٌه له حكم المرفوع إلى النبً ملسو هيلع هللا ىلص وابن عباس لن ٌمول ما لال من هذا التفصٌل والتحدٌد بمحض‬
‫رأٌه ومن عند نفسه فهو إذا محمول على سماعه من النبً ملسو هيلع هللا ىلص أو ممن سمعه منه من الصحابة‬
‫والصحابة كلهم عدول‪.‬‬
‫ٖ‪-‬عدم معارضته للمول الثانً مع توجٌه أدلة هذا المول والرد علٌها‪.‬‬
‫ٗ‪-‬ضعؾ األلوال األخرى‪.‬‬
‫٘‪-‬انتفاء المحذور العمدي بالتصرٌح بسماع جبرٌل للمرآن من هللا عز وجل دون واسطة‪.‬‬
‫‪-ٙ‬شهرة المول وكثرة المابلٌن به‪ ،‬والمصححٌن له‪ ،‬حتى حكى المرطبً(ٕ) اإلجماع علٌه‪.‬‬
‫المول الثانً ‪ :‬أنه ابتُدئ إنزال المرآن فً لٌلة المدر ‪ ،‬ثم نزل بعد ذلن من َّجما فً أولات مختلفة‬
‫حسب الحوادث والولابع وحاجات الناس ‪ ،‬وهذ لول التابعً الجلٌل الشعبً(ٖ)‪ ،‬ودمحم ابن‬
‫إسحاق(ٗ)‪ ،‬واختاره النسفً(٘)‪.‬‬
‫وأدلتهم(‪:)ٙ‬‬
‫ٔ‪ -‬الوالع الفعلً لنزول المرآن الكرٌم على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص وأنه نزل منجما مفرلا حسب الحوادث‬
‫والولابع على نحو من ثبلث وعشرٌن سنة‪.‬‬
‫ٌبل} [اإلسراء ‪،]ٔٓٙ :‬‬ ‫ْ‬
‫ث َون ََّزلنَاهُ ت َ ْن ِز ً‬ ‫علَى ُم ْك ٍ‬ ‫اس َ‬ ‫علَى النَّ ِ‬ ‫{ولُ ْرآنًا فَ َر ْلنَاهُ ِلت َ ْم َرأَهُ َ‬
‫ٕ‪-‬لوله تعالى‪َ :‬‬
‫فصرٌح المرآن‪ ،‬ووالع نزوله ٌدل على تنجٌمه وتفرٌمه‪.‬‬
‫ٖ‪-‬أن اآلٌات الثبلث الواردة فً وصؾ نزول المرآن المراد بها ابتداء نزول المرآن الكرٌم على‬
‫الرسول ملسو هيلع هللا ىلص وأنه ابتدأ نزوله فً لٌلة المدر من شهر رمضان وهً اللٌلة المباركة وفً هذا جمع‬
‫ث َون ََّز ْلنَاهُ ت َ ْن ِز ً‬
‫ٌبل}‬ ‫علَى ُم ْك ٍ‬ ‫اس َ‬ ‫علَى النَّ ِ‬ ‫{ولُ ْرآنًا فَ َر ْلنَاهُ ِلت َ ْم َرأَهُ َ‬
‫بٌن هذه اآلٌات ولوله تعالى‪َ :‬‬
‫[اإلسراء ‪. ]ٔٓٙ :‬‬
‫ٗ‪-‬أن ما جاء من اآلثار الدالة على نزول المرآن جملة واحدة إلى بٌت العزة فً السماء الدنٌا‬
‫وإن كانت صحٌحة اإلسناد فهً مولوفة على ابن عباس وؼٌر متواترة‪ .‬وهذه مسؤلة ؼٌبٌة عمدٌة‬
‫وال ٌإخذ فً الؽٌبٌات إال بما تواتر ٌمٌنا فً الكتاب والسنة فصحة اإلسناد ال تكفً وحدها‬
‫لوجوب اعتماده‪ .‬فكٌؾ ولد نطك المرآن بخبلفه‪.‬‬

‫(ٔ)أخرجه سعٌد بن منصور فً سننه بسنده (ٕ ‪ )ٕ5ٕ /‬رلم (‪ )21‬وذكره السٌوطً فً الدر المنثور (‪/ 2‬‬
‫‪ )ٖ55‬ولم ٌنسبه لؽٌر سعٌد بن منصور‪.‬‬
‫(ٕ)اإلتمان (ٔ ‪ ،)ٔٗ1 /‬ومناهل العرفان (ٔ ‪ ،)ٖ5 /‬تفسٌر المرطبً (ٕ ‪.)ٕ52 /‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري‪.ٖ٘ٔ/ٕٗ :‬‬
‫(ٗ) نسبه له الفخر الرازي فً تفسٌره ‪.1٘ / ٘:‬‬
‫(٘)انظر تفسٌره‪ ،5ٗ / ٔ:‬حٌث لال‪ {" :‬الذي أنزل فٌه المرآن}‪ :‬أي ابتدئ فٌه إنزاله وكان فً لٌلة المدر‪،"..‬‬
‫وأشار إلى اإلنزال جملة بصٌؽة التضعٌؾ فً تفسٌر سورة المدر (ٗ ‪ )ٖ2ٓ /‬فمال‪" :‬روي أنه أنزل جملة"‪.‬‬
‫(‪)ٙ‬انظر‪ :‬مباحث فً علوم المرآن‪ .‬د‪ .‬صبحً الصالح‪ )٘ٔ( .‬وتفسٌر جزء «عم» للشٌخ دمحم عبده ص(ٕٕٔ)‬
‫ط‪ .‬بوالق‪.‬‬
‫ي‪ ،‬إالّ أنّه ٌُر ّد من أوجه ثبلثة‪:‬‬
‫وهذا المول لول لو ّ‬
‫(ٔ)‬ ‫ّ‬
‫شعبً رحمه هللا رواه عنه الطبري ‪ ،‬بإسناد ضعٌؾ‪ ،‬ففٌه‪:‬‬ ‫أن أثر ال ّ‬‫األول‪ّ :‬‬
‫ّ‬
‫(ٕ)‬
‫العوام‪ ،‬وهو صدوق ٌهم ‪.‬‬ ‫أ‪ -‬عمران أبو ّ‬
‫(ٖ)‬
‫ب‪ -‬وفٌه عمرو بن عاصم الكبلبً‪ ،‬فهو صدوق فً حفظه شًء ‪.‬‬
‫(ٗ)‬
‫الطبري بإسناد صحٌح ‪.‬‬ ‫شعبً هو ما ٌوافك الجمهور‪ ،‬رواه عنه ّ‬ ‫أن الثّابت عن ال ّ‬ ‫الثّانً‪ّ :‬‬
‫صحابة هً الح ّجة فً ك ّل باب‬ ‫الثّالث‪ :‬أنّه مخالؾ لما ذكره ابن عبّاس رضً هللا عنه‪ ،‬وألوال ال ّ‬
‫عند انعدام النّصوص‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬كما ٌجاب على أدلة المول الثانً ‪ -‬على سبٌل اإلٌجاز ‪ -‬بما ٌؤتً‪:‬‬
‫ٔ‪-‬أن صفة نزول المرآن المباشر على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص وكونه نزل علٌه مفرلا‪ ،‬وكونه صرٌح لوله‬
‫تعالى‪ { :‬ولرآنا فرلناه لتمرأه على الناس على مكث } هو محل إجماع وال خبلؾ حوله وال‬
‫ٌعارض النزول جملة‪.‬‬
‫ٕ‪-‬المول بؤن المراد باآلٌات الثبلث من سور البمرة‪ ،‬والدخان‪ ،‬والمدر‪ ،‬هو ابتداء النزول؛ هو‬
‫صرؾ لها عن ظاهرها بؽٌر صارؾ وٌجعلها تحتاج إلى تمدٌر محذوؾ‪ .‬فموله تعالى‪ { :‬إنا‬
‫أنزلناه فً لٌلة المدر } أي ابتدأنا إنزاله‪ .‬وهو ٌمتضً حمل المرآن على أن المراد به بعض‬
‫أجزابه وألسامه(٘) فموله تعالى‪ { :‬إنا أنزلناه فً لٌلة المدر } أي أنزلنا بعضه‪.‬‬
‫ٖ‪-‬أن المول بؤن المسؤلة عمدٌة ال بد لها من أدلة متواترة لطعٌة الثبوت إلفادة العلم الٌمٌنً وال‬
‫ٌكفً فٌها اآلثار المولوفة؛ لول ؼٌر مسلم‪ .‬واستبعاد االستدالل بؤحادٌث اآلحاد على العمابد ؼٌر‬
‫صحٌح فالعبرة بصحة الحدٌث فمتى صح الحدٌث احتج به سواء كان آحادا أم متواترا وسواء‬
‫كان فً األحكام أم العمابد(‪.)ٙ‬‬
‫المول الثالث‪ :‬أنّه نزل إلى السماء الدّنٌا فً ثبلث وعشرٌن لٌل ِة لدر‪ ،‬فً ك ّل لٌلة ٌنزل ما ٌمدّر‬
‫سنة‪.‬‬ ‫هللا إنزاله تلن ال ّ‬
‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫وهذا لول ابن جرٌج ‪ ،‬وأبو عبد هللا الحسٌن بن الحسن الحلٌمً ‪ ،‬ومماتل بن‬
‫حٌان(‪،)5‬ولال بنحوه مماتل بن سلٌمان (ٔ)‪ ،‬ونسبه السٌوطً للفخر الرازي(ٕ)‪،‬‬
‫كما ٌنسب هذا المول فً كثٌر من كتب علوم المرآن للماوردي(ٖ)‪.‬‬

‫(ٔ)انظر‪ :‬تفسٌر الطبري‪.ٖ٘ٔ/ٕٗ :‬‬


‫(ٕ)كما فً "التّمرٌب" (ٕ‪.)1ٖ/‬‬
‫(ٖ)كما فً "التّمرٌب" (ٕ‪.)2ٕ/‬‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(ٕٓ‪:)ٕ1‬صٖ‪ ،ٗٗ2/‬و‪:‬صٕٗ‪ ،ٖٕ٘/‬ولفظه‪" ":‬بلؽنا أن المرآن نزل جملة واحدة‬
‫إلى السماء الدنٌا"‪ .‬كما عد السخاوي فً جمال المراء‪ ،ٕٓ/ٔ:‬الشعبً من المابلٌن بالمول األول مع ابن عباس‬
‫وابن جبٌر ‪.‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬مفاتبح الؽٌب‪.1٘/٘ :‬‬
‫(‪)ٙ‬انظر‪ :‬المدخل لدراسة المرآن الكرٌم (ٕ٘)‪.‬‬
‫(‪)2‬انظر‪ :‬تفسٌر الطبري (ٖ ‪ .)ٗٗ2 /‬وتفسٌر أبً اللٌث السمرلندي (ٔ ‪ )ٖ٘ٙ /‬والدر المنثور للسٌوطً (ٔ ‪/‬‬
‫‪.)ٗ٘2‬‬
‫(‪ )1‬لاله فً كتابه المنهاج (ٕ ‪ ،)-ٕٖٗ /‬وانظر‪ :‬البرهان (‪ ،)ٔ،ٕٕ5‬ولطابؾ اإلشارات للمسطبلنً (ٔ ‪،)ٕٕ /‬‬
‫والمرشد الوجٌز (‪.)ٔ5‬‬
‫(‪)5‬انظر‪ :‬اإلتمان للسٌوطً (ٔ ‪ ،)ٔٗ1 /‬والزٌادة واإلحسان البن عمٌلة المكً (ٔ ‪ )ٕٔ٘ /‬بتحمٌك د‪.‬دمحم صفاء‬
‫حمً‪ .‬رسالة ماجستٌر ؼٌر منشورة‪ .‬لسم المرآن وعلومه فً كلٌة أصول الدٌن‪ .‬الرٌاض‪.‬‬
‫ً‪.‬‬
‫صحاب ّ‬
‫وهذا المول ضعٌؾ مدفوع أٌضا بمذهب ال ّ‬
‫(ٗ)‬
‫لال عنه ابن حجر ‪" :‬وهذا أورده ابن األنباري من طرٌك ضعٌفة ومنمطعة أٌضا" ‪.‬‬
‫ولال عنه المرطبً ‪" :‬للت‪ :‬ولول مماتل هذا خبلؾ ما نمل من اإلجماع "أن المرآن أنزل‬
‫جملة واحدة" (٘)‪.‬‬
‫وحكاٌة المرطبً لئلجماع هنا ؼٌر مسلمة لما علمته من األلوال فً ذلن‪.‬‬
‫المول الرابع‪ :‬أن المرآن نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ وأن الحفظة نجمته على جبرٌل فً‬
‫عشرٌن لٌلة‪ ،‬وأن جبرٌل نجمه على النبً ملسو هيلع هللا ىلص فً عشرٌن سنة‪ .‬حكاه بعض المفسرٌن عن ابن‬
‫عباس(‪.)ٙ‬‬
‫لال ابن حجر‪ ":‬وهذا ‪-‬أٌضا‪ -‬ؼرٌب"(‪.)2‬‬
‫ولال أبو شامة‪ ":‬وهو لول مردود ألنه لٌس بٌن هللا وجبرٌل واسطة فً تلمً المرآن‬
‫الكرٌم"(‪.)1‬‬
‫ولال ابن العربً متعمبا هذا المول‪" :‬ومن جهلة المفسرٌن أنهم لالوا‪ :‬إن السفرة ألمته إلى‬
‫جبرٌل فً عشرٌن لٌلة وألماه جبرٌل إلى دمحم ‪ -‬علٌهما السبلم ‪ -‬فً عشرٌن سنة وهذا باطل‪،‬‬
‫لٌس بٌن جبرٌل وبٌن هللا واسطة‪ ،‬وال بٌن جبرٌل ودمحم صلى هللا علٌهما واسطة"(‪.)5‬‬
‫ولد نمل أبو شامة فً المرشد الوجٌز عن تفسٌر علً بن سهل النٌسابوري عن جماعة‬
‫من العلماء أن جبرٌل هو من أمبله على السفرة‪ .‬لال‪" :‬لال جماعة من العلماء‪ :‬تنزل المرآن‬
‫جملة واحدة فً لٌلة المدر من اللوح المحفوظ إلى بٌت ٌمال له بٌت العزة‪ ،‬فحفظه جبرٌل علٌه‬
‫السبلم‪ ،‬وؼشى على أهل السماوات من هٌبة كبلم هللا فمر بهم جبرٌل ولد أفالوا فمالوا‪ { :‬ماذا‬
‫لال ربكم لالوا الحك } [سبؤ‪ٌ ]ٕٖ :‬عنً المرآن وهو معنى لوله‪ { :‬حتى إذا فزع عن للوبهم }‬

‫(ٔ)انظر‪ :‬حاشٌة المرشد الوجٌز بتحمٌك طٌار آلتً لوالج (‪ .)ٔ1‬وتفسٌر مماتل بن سلٌمان (ٔ ‪ٕٕ /‬خ)‪،‬‬
‫وتفسٌر أبً اللٌث السمرلندي (ٔ ‪.)ٕ٘ٙ /‬‬
‫(ٕ) انظر‪ :‬مفاتٌح الؽٌب‪ .1٘/٘ :‬وهً نسبة ؼٌر محررة فمد ذكر الفخر الرازي فً تفسٌره هذا المول وجعله‬
‫محتمبل‪ ،‬وتولؾ فً الترجٌح بٌنه وبٌن المول بنزوله جملة واحدة من اللوح المحفوظ ثم نزوله منجما بعد ذلن‪.‬‬
‫لكنه فً موضع آخر وبعد صفحة واحدة رجح المول الثانً‪ .‬فمال‪.." :‬التنزٌل مختص بالنزول على سبٌل التدرٌج‬
‫واإلنزال مختص بما ٌكون النزول فٌه دفعة واحدة‪ ،‬ولهذا لال هللا تعالى‪ { :‬نزل علٌن الكتاب بالحك مصدلا لما‬
‫بٌن ٌدٌه وأنزل التوراة واإلنجٌل } إذا ثبت هذا فنمول‪ :‬لما كان المراد ههنا من لوله تعالى‪ { :‬شهر رمضان الذي‬
‫أنزل فٌه المرآن } ‪ .‬نزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنٌا‪ .‬ال جرم ذكره بلفظ اإلنزال دون التنزٌل وهذا ٌدل‬
‫على أن هذا المول راجح على سابر األلوال"‪.‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬المرشد الوجٌز ألبً شامة (‪ ،)ٔ1،ٔ5‬والبرهان (ٔ ‪ ،)ٕٕ5 /‬واإلتمان (ٔ ‪ ،)ٔٗ1 /‬والزٌادة‬
‫واإلحسان البن عمٌلة (ٔ ‪ ،)ٕٔ٘ /‬وهً نسبة ؼٌر محررة من حٌث تحدٌد المول‪ ،‬وتعٌٌن المابل‪.‬‬
‫(ٗ) فتح الباري (‪ ،)ٗ / 5‬ونمله المسطبلنً فً لطابؾ اإلشارات (ٔ ‪.)ٕٕ /‬‬
‫(٘) تفسٌر المرطبً (ٕ ‪ ،)ٕ51 /‬وانظر اإلتمان (ٔ ‪.)ٔٗ1 /‬‬
‫(‪)ٙ‬انظر‪:‬الدر المنثور‪ ،ٖٗ٘/٘ :‬وحكاه الماوردي عن ابن عباس فً النكت والعٌون (‪ ،)ٖٔٔ / ٙ‬وابن كثٌر فً‬
‫تفسٌره‪ ،٘ٗٗ/2:‬اإلتمان‪ :‬السٌوطً‪ :‬جٔ صٗ٘‪ .‬وأخرجه ‪ -‬بنحوه ‪ -‬ابن أبً حاتم‪ ،‬وانظر الزٌادة واإلحسان‬
‫(ٔ‪. )ٔ2ٕ،ٕٔ1/‬‬
‫(‪)2‬فتح الباري البن حجر (‪ ،)-ٗ / 5‬ونمل المسطبلنً كبلم ابن حجر فً كتابه لطابؾ اإلشارات (ٔ ‪.)ٕٕ /‬‬
‫(‪ )1‬المرشد الوجٌز‪.ٔ5 :‬‬
‫(‪)5‬أحكام المرآن البن العربً (ٗ ‪ )-ٔ5ٙٔ /‬وانظر تفسٌر المرطبً (ٕٓ ‪.)ٖٔٓ /‬‬
‫[سبؤ‪ ]ٕٖ :‬فؤتى به جبرٌل إلى بٌت العزة فؤمبله جبرٌل على السفرة الكتبة‪ٌ .‬عنً المبلبكة وهو‬
‫لوله تعالى‪ { :‬بؤٌدي سفرة }{ كرام بررة } [عبس‪.)ٔ("]ٔٙ-ٔ٘ :‬‬
‫وذهب إلى هذا المعنى من إمبلء جبرٌل المرآن على السفرة علم الدٌن السخاوي فً‬
‫جمال المرآن فً معرض حدٌثه عن حكمة إنزاله جملة فمال‪.." :‬وزاد سبحانه فً هذا المعنى بؤن‬
‫أمر جبرٌل علٌه السبلم بإمبلبه على السفرة الكرام البررة ‪-‬علٌهم السبلم‪ -‬وإنساخهم إٌاه‪،‬‬
‫وتبلوتهم له" (ٕ) فٌكون لوال خامسا‪.‬‬
‫ولد حاول ابن عمٌلة المكً اإلجابة عما تضمنه ذلن الخبر من عدم أخذ جبرٌل للمرآن‬
‫من هللا‪ .‬فمال بعد أن ساق الخبر‪":‬فهذا ٌمضً أن جبرٌل ما أخذه إال عن السفرة‪ .‬للت‪ :‬ال تنافً‪،‬‬
‫الحتمال أن جبرٌل ‪-‬علٌه السبلم‪ -‬سمعه من هللا سبحانه وتعالى كما تمدم بصفة التجلً فعلمه‬
‫جمٌعه ثم أمره هللا أن ٌؤخذه من اللوح المحفوظ فٌضعه فً بٌت العزة عند السفرة‪ ،‬ثم أمر هللا‬
‫سبحانه وتعالى السفرة أن تنجمه على جبرٌل علٌه السبلم فً عشرٌن لٌلة لكل سنة لٌلة وإنما‬
‫كان التنجٌم من السفرة على جبرٌل لما ذكره الحكٌم الترمذي ‪ :‬إن سر وضع المرآن فً السماء‬
‫الدنٌا لٌدخل فً حدها ألنه رحمة ألهلها‪ .‬فؤخذ جبرٌل عن السفرة إشارة إلى أنه صار‬
‫مخصوصا بهم فبل ٌإخذ إال عنهم"(ٖ)‪.‬‬
‫وال ٌخفى ما فً هذا المول األخٌر من ضعؾ‪ ،‬فً كون جبرٌل علٌه السبلم ٌؤخذ المرآن‬
‫ص ُحؾٍ ُم َك َّر َم ٍة‬
‫إلى السفرة ثم ٌؤخذه منهم؛ ‪ ،‬دون إنكار صلة السفرة بالمرآن‪ ،‬لال تعالى‪{ :‬فًِ ُ‬
‫سفَ َرةٍ (٘ٔ) ِك َر ٍام بَ َر َرةٍ (‪[ })ٔٙ‬عبس ‪.]ٔٙ - ٖٔ :‬‬ ‫ط َّه َرةٍ (ٗٔ) ِبؤ َ ٌْدِي َ‬ ‫ع ٍة ُم َ‬
‫(ٖٔ) َم ْرفُو َ‬
‫واالتفاق حاصل واإلجماع لابم على صفة نزول المرآن الكرٌم المباشر على الرسول‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص وأنه نزل منجما مفرلا من بعثته ملسو هيلع هللا ىلص إلى لرب وفاته ٌنزل أحٌانا ابتداء بؽٌر سبب وهو أكثر‬
‫المرآن الكرٌم وأحٌانا أخرى ٌنزل مرتبطا باألحداث والولابع واألسباب‪.‬‬
‫وأما نزوله جملة فهو ظاهر المرآن فً لوله تعالى‪ { :‬شهر رمضان الذي أنزل فٌه‬
‫المرآن } ولوله‪ { :‬إنا أنزلناه فً لٌلة مباركة } ولوله سبحانه‪ { :‬إنا أنزلناه فً لٌلة المدر } فهو‬
‫أنزل فً لٌلة اسمها لٌلة المدر‪ ،‬وصفتها أنها مباركة‪ ،‬وشهرها شهر رمضان‪ .‬وهو صرٌح‬
‫األخبار الواردة عن ابن عباس‪ ،‬والتً لها حكم الرفع إلى الرسول ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬
‫وما دام أن النزول جملة ال ٌعارض صراحة النزول السابك‪ ،‬وال ٌرتبط به من خبلل‬
‫تلن النصوص‪ .‬بل هو نزول خاص‪ ،‬ووجود معٌن حٌث المرآن الكرٌم كبلم هللا ومنزل من عند‬
‫هللا ٌتلماه جبرٌل علٌه السبلم من هللا ببل واسطة عند نزوله به على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص مباشرة‪.‬‬
‫وإن كان لد نزل به إلى بٌت العزة فذلن نزول خاص‪ .‬وأحد وجودات المرآن الكرٌم‬
‫المتعددة‪ .‬حٌث ٌوجد المرآن الكرٌم فً اللوح المحفوظ(ٗ)‪.‬‬
‫وٌوجد ‪ -‬أٌضا ‪ -‬فً الصحؾ المطهرة الموجودة فً أٌدي الكرام البررة من المبلبكة‬
‫ص ُحؾٍ ُم َك َّر َم ٍة (ٖٔ) َم ْرفُو َ‬
‫ع ٍة‬ ‫كما لال تعالى‪َ { :‬ك َّبل إِنَّ َها ت َ ْذ ِك َرة ٌ (ٔٔ) فَ َم ْن شَا َء َذ َك َرهُ (ٕٔ) فًِ ُ‬
‫سفَ َرةٍ (٘ٔ) ِك َر ٍام بَ َر َرةٍ (‪[ })ٔٙ‬عبس ‪.]ٔٙ - ٔٔ :‬‬ ‫ط َّه َرةٍ (ٗٔ) بِؤ َ ٌْدِي َ‬‫ُم َ‬

‫(ٔ) المرشد الوجٌز (ٖٕ)‪ ،‬وانظر تفسٌر المرطبً (ٕٓ ‪.)ٖٔٓ /‬‬
‫(ٕ)جمال المراء وكمال اإللراء للسخاوي (ٔ ‪.)ٕٓ /‬‬
‫(ٖ) الزٌادة واإلحسان البن عمٌلة (ٔ ‪ )ٔ2ٕ /‬بتحمٌك‪ :‬د‪ .‬دمحم صفاء حمً‬
‫(ٗ)عد الشٌخ عبد العظٌم الزرلانً هذا الوجود تنزال‪ .‬وجعله التنزل األول والصواب أنه وجود إذ لم ٌرد لفظ‬
‫النزول ممترنا به فبل ٌصح أن ٌعد نزوال أو تنزال‪ .‬وانظر‪ :‬المدخل لدراسة المرآن للشٌخ دمحم أبو شهبة (‪.)ٗ2‬‬
‫وٌوجد ‪ -‬كذلن ‪ -‬فً بٌت العزة من السماء الدنٌا كما دلت على ذلن األخبار عن ابن‬
‫عباس ‪ .‬وجابز أن ٌكون الوجودان األخٌران مختلفٌن متؽاٌرٌن وجابز أن ٌكونا وجودا واحدا‬
‫بؤن ٌكون المرآن الكرٌم فً تلن الصحؾ فً بٌت العزة وبؤٌدي أولبن المبلبكة الكرام كما ٌوجد‬
‫فً األرض بنزوله على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص والنزول ممترن بما عدا األول من الوجودات المذكورة‪.‬‬
‫ٌمول البٌهمً ‪ -‬رحمه هللا ‪" :-‬ولوله تعالى‪ { :‬إنا أنزلناه فً لٌلة المدر } ٌرٌد به وهللا‬
‫أعلم إنا أسمعناه الملن‪ ،‬وأفهمناه إٌاه‪ ،‬وأنزلناه بما سمع فٌكون الملن منتمبل به من علو إلى‬
‫سفل"(ٔ)‪.‬‬
‫وٌمول شٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬بعد عرض لرر فٌه أن المرآن الكرٌم كبلم‬
‫هللا منزل من عند هللا كما هو صرٌح المرآن‪ ،‬لال‪" :‬فعلم أن المرآن العربً منزل من هللا ال من‬
‫الهواء‪ ،‬وال من اللوح‪ ،‬وال من جسم آخر‪ ،‬وال من جبرٌل‪ ،‬وال من دمحم‪ ،‬وال ؼٌرهما‪ ،‬وإذا كان‬
‫أهل الكتاب ٌعلمون ذلن (ٕ) فمن لم ٌمر بذلن من هذه األمة كان أهل الكتاب الممرون بذلن خٌرا‬
‫منه من هذا الوجه‪.‬‬
‫ثم لال ‪" :‬وهذا ال ٌنافً ما جاء عن ابن عباس وؼٌره من السلؾ فً تفسٌر لوله‪ { :‬إنا‬
‫أنزلناه فً لٌلة المدر } أنه أنزله إلى بٌت العزة فً السماء الدنٌا‪ ،‬ثم أنزله بعد ذلن منجما مفرلا‬
‫بحسب الحوادث‪ .‬وال ٌتنافى أنه مكتوب فً اللوح المحفوظ لبل نزوله‪ ،‬كما لال تعالى‪ { :‬بل هو‬
‫لرآن مجٌد }{ فً لوح محفوظ } ولال تعالى‪ { :‬إنه لمرآن كرٌم }{ فً كتاب مكنون }{ ال ٌمسه‬
‫إال المطهرون } ولال تعالى‪ { :‬كبل إنها تذكرة }{ فمن شاء ذكره }{ فً صحؾ مكرمة }{‬
‫مرفوعة مطهرة }{ بؤٌدي سفرة }{ كرام بررة } ‪ .‬ولال تعالى‪ { :‬وإنه فً أم الكتاب لدٌنا لعلً‬
‫حكٌم } ‪ .‬فإن كونه مكتوبا فً اللوح المحفوظ وفً صحؾ مطهرة بؤٌدي المبلبكة ال ٌنافً أن‬
‫ٌكون جبرٌل نزل به من هللا سواء كتبه هللا لبل أن ٌرسل به جبرٌل أو بعد ذلن وإذ كان لد أنزله‬
‫مكتوبا إلى بٌت العزة جملة واحدة فً لٌلة المدر فمد كتبه كله لبل أن ٌنزله‪.)ٖ("...‬‬
‫فعلى هذا الوجه ال إشكال فً المول بؤن للمرآن تنزلٌن‪ :‬نزول جملة‪ ،‬ونزول مفرق‪ ،‬وال‬
‫ٌترتب علٌه محذور‪ .‬وإنما ٌمع المحذور وٌحصل اإلشكال فً المول بؤن جبرٌل ٌؤخذ المرآن من‬
‫الكتاب أو من بٌت العزة عند نزوله به على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص من دون سماع من هللا تعالى‪ .‬كما نمل‬
‫أبو شامة عن الحكٌم الترمذي ‪ -‬فً معرض حدٌثه عن حكمة نزول المرآن جملة ‪ -‬لوله‪" :‬ثم‬
‫أجرى من السماء الدنٌا اآلٌة بعد اآلٌة عند نزول النوابب‪.)ٗ("..‬‬
‫وكما لد ٌفهم من ظاهر بعض اآلثار فمثل هذا المول‪ ،‬ومثل هذا الفهم للمول بؤن للمرآن‬
‫تنزلٌن؛ ال ٌصح‪ .‬فهو أوال لم ٌرد فً تلن النصوص المفسرة والمفصلة لنزول المرآن جملة‪.‬‬
‫وثانٌا أنه ٌلزم منه أن جبرٌل علٌه السبلم لم ٌسمع المرآن من هللا عز وجل وأن المرآن نزل من‬
‫مخلوق ال من هللا وهذا باطل‪.‬‬

‫(ٔ)كتاب األسماء والصفات للبٌهمً (ٔ ‪.)ٖٕٙ /‬‬


‫(ٕ)إشارة إلى لوله تعالى‪ :‬والذٌن آتٌناهم الكتاب ٌعلمون أنه منزل من ربن بالحك فبل تكونن من الممترٌن‬
‫األنعام‪ ،‬من اآلٌة ‪.ٔٔٗ /‬‬
‫(ٖ)الفتاوى البن تٌمٌة (ٕٔ ‪)-ٕٔٙ /‬‬
‫(ٗ) المرشد الوجٌز (‪.)ٕٙ‬‬
‫ٌمول شٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة ‪ -‬رحمه هللا‪":‬والنبً ملسو هيلع هللا ىلص سمعه من جبرٌل‪ ،‬وهو الذي نزل‬
‫علٌه به‪ ،‬وجبرٌل سمعه من هللا تعالى‪ ،‬كما نص على ذلن أحمد وؼٌره من األبمة‪ .‬لال تعالى‪{ :‬‬
‫لل نزله روح المدس من ربن بالحك } فؤخبر سبحانه أنه نزله روح المدس وهو الروح األمٌن‪،‬‬
‫وهو جبرٌل من هللا بالحك‪.)ٔ( "..‬‬
‫وذكر ابن تٌمٌة عن أبً حامد اإلسفرابٌنً لوله‪" :‬مذهبً ومذهب الشافعً وفمهاء‬
‫األمصار أن المرآن كبلم هللا ؼٌر مخلوق ومن لال‪ :‬مخلوق فهو كافر‪ ،‬والمرآن حمله جبرٌل‬
‫مسموعا من هللا‪ ،‬والنبً ملسو هيلع هللا ىلص سمعه من جبرٌل‪ ،‬والصحابة سمعوه من رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص وهو الذي‬
‫نتلوه نحن بؤلسنتنا‪ ،‬وفٌما بٌن الدفتٌن‪ ،‬وما فً صدورنا‪ :‬مسموعا‪ ،‬ومكتوبا‪ ،‬ومحفوظا‪.)ٕ( "..‬‬
‫فالمرآن كبلم هللا لفظه ومعناه سمعه منه جبرٌل‪ ،‬وبلؽه عن هللا إلى دمحم‪ ،‬ودمحم سمعه من‬
‫جبرٌل وبلؽه إلى أمته‪ ،‬فهو كبلم هللا حٌث سمع‪ ،‬وكتب‪ ،‬ولرئ‪ ،‬كما لال تعالى‪ { :‬وإن أحد من‬
‫المشركٌن استجارن فؤجره حتى ٌسمع كبلم هللا ثم أبلؽه مؤمنه } (ٖ)‪.‬‬
‫وٌمول شٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬أٌضا ‪":‬ومن لال إن جبرٌل أخذ المرآن من‬
‫الكتاب لم ٌسمعه من هللا كان هذا باطبل من وجوه‪ :‬منها أن ٌمال إن هللا سبحانه وتعالى لد كتب‬
‫التوراة لموسى بٌده فبنو إسرابٌل أخذوا كبلم هللا من الكتاب الذي كتبه هو سبحانه وتعالى فٌه‬
‫فإن كان دمحم أخذه عن جبرٌل‪ ،‬وجبرٌل عن الكتاب كان بنو إسرابٌل أعلى من دمحم بدرجة"(ٗ)‪.‬‬
‫ولد أبان الشٌخ دمحم بن إبراهٌم ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬مذهب أهل السنة فمال‪" :‬فإن الذي علٌه أهل السنة‬
‫والجماعة لاطبة أن هللا تعالى لم ٌزل متكلما إذا شاء‪ ،‬ومتى شاء‪ ،‬وكٌؾ شاء‪ ،‬وأن جبرٌل علٌه‬
‫السبلم‪ ،‬سمع المرآن الكرٌم من هللا تعالى وبلؽه دمحم ملسو هيلع هللا ىلص"(٘)‪.‬‬
‫وهذا الخبلؾ – كما ترى – لٌس له كبٌر أثر فً والع تنزٌل المرآن على النبً ملسو هيلع هللا ىلص ‪،‬‬
‫ولد لٌل إن هذا التنزٌل سببه إظهار كرامة المرآن وعظٌم منزلته فً العالَم العلو ‪.‬‬
‫لال بدر الدٌن الزركشً – رحمه هللا – ‪ " :‬فإن لٌل ‪ :‬ما السر فً إنزاله جملة إلى‬
‫السماء ؟‬
‫لٌل ‪ :‬فٌه تفخٌم ألمره وأمر َمن نزل علٌه ‪ ،‬وذلن بإعبلن سكان السموات السبع أن هذا‬
‫آخر الكتب المنزلة على خاتم الرسل ألشرؾ األمم"(‪.)ٙ‬‬
‫والراجح أن المرآن الكرٌم له تنزالن ‪-:‬‬
‫األول ‪ :‬نزوله جملة واحدة فً لٌلة المدر إلى بٌت العزة من السماء الدنٌا ‪.‬‬
‫الثانً ‪ :‬نزوله من السماء الدنٌا إلى األرض مفرلا ً منجما ً فً نٌؾ وعشرٌن سنة ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫الحكمة من تنجٌم المرآن ‪:‬‬


‫إن لتنجٌم المرآن الكرٌم حكم‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬

‫(ٔ)الفتاوى (ٕٔ ‪ )ٕ51 /‬باختصار‪.‬‬


‫(ٕ)الفتاوى (ٕٔ ‪.)ٖٓٙ /‬‬
‫(ٖ)المصدر السابك (ٕٔ ‪.)٘ٙٙ /‬‬
‫(ٗ) الفتاوى (ٕٔ ‪)-ٕٔ2 /‬‬
‫(٘)الجواب الواضح المستمٌم فً التحمٌك فً كٌفٌة إنزال المرآن الكرٌم للعبلمة الشٌخ دمحم بن إبراهٌم‪ ،‬مطبعة‬
‫الحكومة بمكة المكرمة‪ ،‬عام ‪ٖٔٙ5‬هـ‪:‬صٖ‪.‬‬
‫(‪)ٙ‬البرهان فً علوم المرآن ‪.ٕٖٓ / ٔ :‬‬
‫(‪ )2‬مباحث فً علوم المرآن – مناع المطان – ص ٗٓٔ ‪.‬‬
‫الحكمة األولى ‪ :‬تثبٌت فإاد النبً وذلن من خبلل اآلتً ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬أن فً تجدد الوحً ‪ ،‬وتكرار نزوله من جانب الحك إلى رسوله ٌمؤل للب الرسول الكرٌم‬
‫سرورا ً ‪ ،‬وٌشعر بالعناٌة اإللهٌة ‪.‬‬
‫ومما ال شن فٌه أن كثرة نزول الوحً ألوى بالملب وأشد عناٌة بالمرسل إلٌه‪ ،‬فٌحصل للنبً ‪‬‬
‫األ ُ ْنس واالرتباط باهلل تعالى ٌمول اإلمام أبو شامة (ٔ)‪:‬كن "فإن الوحً إذا كان ٌتجدد فً كل‬
‫حادثة كان ألوى بالملب‪ ،‬وأشد عناٌة بالمرسل إلٌه‪ ،‬وٌستلزم ذلن كثرة نزول الملن إلٌه وتجدد‬
‫العهد به وبما معه من الرسالة الواردة من ذلن الجناب العزٌز‪ ،‬فٌحدث له من السرور ما تمصر‬
‫عنه العبارة‪ ،‬ولهذا كان أجود ما ٌكون فً رمضان لكثرة لمابه جبرٌل" (ٕ)‪.‬‬
‫ومنها تسلٌته ‪ ‬ببٌان ما ٌثبت للبه على الحك وٌشحذ عزمه للمضً لد ًما فً طرٌك‬
‫دعوته ال ٌبالً بظلمات الجهالة التً ٌواجهها من لومه‪ ،‬فما حصل للنبً دمحم ‪ ‬لد حصل‬
‫سفًا}‬ ‫ث أَ َ‬ ‫ار ِه ْم ِإ ْن لَ ْم ٌُإْ ِمنُوا بِ َه َذا ْال َحدٌِ ِ‬ ‫علَى آث َ ِ‬ ‫سنَ َ‬ ‫اخ ٌع نَ ْف َ‬ ‫لؤلنبٌاء السابمٌن لال تعالى‪{ :‬فَلَ َعلَّنَ بَ ِ‬
‫َّللاِ‬‫ت َّ‬ ‫الظا ِل ِمٌنَ بِآٌَا ِ‬ ‫[الكهؾ ‪{ ]ٙ :‬لَ ْد نَ ْعلَ ُم إِنَّهُ لٌََحْ ُزنُنَ الَّذِي ٌَمُولُونَ فَإِنَّ ُه ْم َال ٌُ َك ِذّبُونَنَ َولَ ِك َّن َّ‬
‫ص ُرنَا َو َال‬ ‫علَى َما ُك ِذّبُوا َوأُوذُوا َحتَّى أَت َا ُه ْم نَ ْ‬ ‫صبَ ُروا َ‬ ‫س ٌل ِم ْن لَ ْبلِنَ فَ َ‬ ‫ت ُر ُ‬ ‫ٌَجْ َحدُونَ (ٖٖ) َولَمَ ْد ُك ِذّبَ ْ‬
‫سلٌِنَ (ٖٗ)} [األنعام ‪ ،]ٖٗ - ٖٖ :‬وكلما اشتد أذى‬ ‫َّللاِ َولَمَ ْد َجا َءنَ ِم ْن نَبَإ ِ ْال ُم ْر َ‬ ‫ت َّ‬ ‫ُمبَ ِ ّد َل ِل َك ِل َما ِ‬
‫المشركٌن للرسول ‪ ‬نزلت اآلٌات لطمؤنة الرسول ‪ ‬وتسلٌته‪ ،‬وتهدٌد المشركٌن والمكذبٌن‬
‫بؤن هللا ٌعلم أحوالهم وسٌجازٌهم على ذلن أشد الجزاء‪ ،‬لال تعالى‪{ :‬فَ َبل ٌَحْ ُز ْننَ لَ ْولُ ُه ْم ِإنَّا نَ ْعلَ ُم َما‬
‫س ِمٌ ُع ْال َع ِلٌ ُم}‬ ‫ّلل َج ِمٌعًا ُه َو ال َّ‬ ‫{و َال ٌَحْ ُز ْننَ لَ ْولُ ُه ْم ِإ َّن ْال ِع َّزة َ ِ َّ ِ‬ ‫ٌُ ِس ُّرونَ َو َما ٌُ ْع ِلنُونَ } [ٌس ‪َ ،]2ٙ :‬‬
‫ص بِ ْر َك َم ا‬ ‫ٌبل} [المزمل ‪{ ،]ٔٓ :‬فَا ْ‬ ‫َجْرا َج ِم ً‬ ‫ع َلى َما ٌَمُولُونَ َوا ْه ُج ْر ُه ْم ه ً‬ ‫ص ِب ْر َ‬ ‫{وا ْ‬ ‫[ٌونس ‪َ ،]ٙ٘ :‬‬
‫ْ‬
‫ع دُونَ لَ ْم ٌَل بَث ُوا إِ َّال‬ ‫َ‬
‫الر سُ ِل َو َال ت َ ْس ت َعْ ِج ْل لَ ُه ْم َك ؤ نَّ ُه ْم ٌَ ْو َم ٌَ َر ْو نَ َم ا ٌُو َ‬ ‫ص بَ َر أ ُولُو ْال عَ ْز ِم ِم نَ ُّ‬ ‫َ‬
‫ص بِ ْر َو َم ا‬ ‫{و ا ْ‬ ‫َ‬ ‫]‪،‬‬ ‫ٖ٘‬ ‫‪:‬‬ ‫[األحماؾ‬ ‫}‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫م‬
‫ْ ُ‬‫و‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ال‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫نُ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ه‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ٌ‬ ‫غ‬ ‫بل‬‫َ‬ ‫ب‬
‫َ ٍ َ‬ ‫ار‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ة‬ ‫ع‬
‫سا َ‬ ‫َ‬
‫ك ِم َّم ا ٌَ ْم كُ ُر ونَ } [النحل ‪،]ٕٔ2 :‬‬ ‫َ ٍ‬ ‫ٌ‬
‫ْ‬ ‫ض‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫َنُ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫و‬
‫َ ِْ َ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ٌ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫زَ‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫اّلل‬
‫َّ‬ ‫ب‬
‫ِ ِ‬ ‫ال‬ ‫َّ‬ ‫إ‬ ‫نَ‬ ‫ْر‬
‫َ ُ‬ ‫ب‬ ‫ص‬
‫ُضٌ ُع أَجْ َر ْال ُمحْ ِسنٌِنَ } [هود ‪ ،]ٔٔ٘ :‬فكان التصال الوحً بالرسول ‪‬‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ال‬‫َ‬ ‫َّللا‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬‫َّ‬ ‫َ‬
‫{وا ِ ِ‬
‫إ‬ ‫ف‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ص‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫وتتابع نزول اآلٌات علٌه تسلٌةً له بعد تسلٌة تشد من أزره وتحمله على الصبر والمصابرة‪،‬‬
‫وكان لذلن أبلػ األثر فً مواساته والتخفٌؾ عنه‪ ،‬ولو أن المرآن نزل جملةً واحدة لكان النمطاع‬
‫الوحً بعد ذلن أثر كبٌر فً استشعار الوحشة والؽربة‪.‬‬
‫اء‬‫علٌَْنَ ِم ْن أ َ ْن َب ِ‬ ‫ص َ‬ ‫{و ُك ًّبل نَمُ ُّ‬ ‫ب‪ -‬ومنها تسلٌته ‪ ‬بذكر لصص األنبٌاء السابمٌن‪ ،‬لال تعالى‪َ :‬‬
‫ظةٌ َو ِذ ْك َرى ِل ْل ُمإْ ِمنٌِنَ } [هود ‪{ ،]ٕٔٓ :‬لَمَ ْد‬ ‫س ِل َما نُث َ ِبّتُ ِب ِه فُ َإادَنَ َو َجا َءنَ ِفً َه ِذ ِه ْال َح ُّك َو َم ْو ِع َ‬ ‫الر ُ‬ ‫ُّ‬
‫صٌ َل‬ ‫ف‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬
‫َ ََ ِ َ ِ‬‫و‬ ‫ه‬ ‫ٌ‬
‫ْ‬ ‫د‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ْنَ‬ ‫ب‬ ‫ِي‬ ‫ذ‬‫َّ‬ ‫ال‬ ‫د‬
‫ٌِكَ‬ ‫ص‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫و‬
‫ُ َ َ ِ‬ ‫ى‬ ‫َر‬ ‫ت‬ ‫ْ‬
‫ف‬ ‫ٌ‬ ‫ا‬‫ً‬ ‫ث‬ ‫ٌِ‬
‫د‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫انَ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ ِ َ‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫األ‬ ‫ً‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫أل‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ة‬ ‫ْر‬ ‫ب‬ ‫ع‬
‫َ ِ ِْ ِ َ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ص‬ ‫ص‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ً‬ ‫َك ِ‬
‫ف‬ ‫انَ‬
‫ص َب َر أُولُو ْال َع ْز ِم مِنَ‬ ‫ص ِب ْر َك َما َ‬ ‫ًَءٍ َو ُهدًى َو َرحْ َمةً ِلمَ ْو ٍم ٌُإْ ِمنُونَ } [ٌوسؾ ‪{ ،]ٔٔٔ :‬فَا ْ‬ ‫ُك ِّل ش ْ‬
‫غ فَ َه ْل ٌُ ْهلَنُ‬ ‫ار بَ َبل ٌ‬ ‫عةً ِم ْن نَ َه ٍ‬ ‫سا َ‬ ‫عدُونَ لَ ْم ٌَ ْل َبثُوا إِ َّال َ‬ ‫س ِل َو َال ت َ ْست َ ْع ِج ْل لَ ُه ْم َكؤَنَّ ُه ْم ٌَ ْو َم ٌَ َر ْونَ َما ٌُو َ‬ ‫الر ُ‬ ‫ُّ‬
‫إِ َّال الم ْو ُم الفا ِسمونَ } [األحماؾ ‪.]ٖ٘ :‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ج‪ -‬أن فً التنجٌم تٌسٌرا ً علٌه من هللا فً حفظه وفهمه ومعرفة أحكامه وحكمه ‪.‬‬

‫(ٔ ) أبو شامة هو العبلمة عبد الرحمن بن إسماعٌل بن إبراهٌم الممدسً أبو الماسم شهاب الدٌن‪ ،‬فمٌه شافعً له‬
‫كتاب (المرشد الوجٌز فٌما ٌتعلك بالمرآن العزٌز)‪ ،‬وكتب أخرى‪ ،‬توفً سنة ٘‪ٙٙ‬ه‪ ،‬انظر األعبلم ‪.ٕ55‬‬
‫(ٕ) انظر البرهان ٔ ٖٕٔ‪ ،‬اإلتمان ٔ ٕٔٔ‪.‬‬
‫فمد نزل المرآن مفرلًا لكً ٌسهل حفظه وفهمه‪ ،‬فكانت اآلٌات تنزل على النبً دمحم ‪‬‬
‫وكان النبً ٌعلمها أصحابه فكلما نزلت اآلٌة أو اآلٌات حفظها الصحابة‪ ،‬وتدبروا معانٌها‪،‬‬
‫وولفوا عند أحكامها (ٔ) بل صار الصحابة والتابعون ٌعلمون من بعدهم بنفس الطرٌمة فصارت‬
‫الرٌاحً (ٕ) أنه لال "تعلموا المرآن خمس آٌات خمس آٌات فإن‬ ‫سنة متبعة فعن أبً العالٌة ِ ّ‬
‫(ٖ)‬
‫سا " ‪.‬‬ ‫سا خم ً‬ ‫رسول هللا ‪ ‬كان ٌؤخذه خم ً‬
‫ولال عبد هللا بن مسعود "كان الرجل منا إذا تعلم عشر آٌات لم ٌجاوزهن حتى ٌعرؾ‬
‫معانٌهن والعمل بهن" (ٗ)‪.‬‬
‫وفً بعض الرواٌات أن أبا عبد الرحمن السلمً (٘) لال حدثنا الذٌن كانوا ٌمربوننا‬
‫المرآن أنهم كانوا ٌستمربون من النبً ‪ ‬وكانوا إذا تعلموا عشر آٌات لم ٌخلفوها حتى ٌعملوا بما‬
‫فٌها‪ ،‬فتعلمنا المرآن والعمل جمٌعًا (‪.)ٙ‬‬
‫ثم إن أدوات الكتابة لم تكن مٌسورة لل ُكتَّاب على ندرتهم‪ ،‬فلو أنزل المرآن جملة واحدة‬
‫لعجزوا عن حفظه وكتابته‪ ،‬فالتضت حكمة هللا العلٌا أن ٌنزله إلٌهم مفرلًا لٌسهل علٌهم حفظه‬
‫وٌتهٌؤ لهم استظهاره(‪.)2‬‬
‫د‪ -‬أن هذا التنزٌل فٌه نوع من اإلعجاز ‪ ،‬حٌث تحدى كفار لرٌش فً كل مرة أن ٌؤتـوا بمثـل‬
‫هذا التنزٌل – وال شن أن هذه المعجزة تموي أزر الرسول الكرٌم ‪.‬‬
‫صا ِدلٌِنَ‬‫ث ِمث ِل ِه ِإ ْن َكانُوا َ‬ ‫ْ‬ ‫لال تعالى‪{ :‬أ َ ْم ٌَمُولُونَ تَمَ َّولَهُ بَ ْل َال ٌُإْ ِمنُونَ (ٖٖ) فَ ْلٌَؤْتُوا بِ َحدٌِ ٍ‬
‫س َو ٍر ِمثْ ِل ِه ُم ْفت ََرٌَا ٍ‬
‫ت‬ ‫(ٖٗ)} [الطور ‪ ،]ٖٗ - ٖٖ :‬ولوله‪{ :‬أ َ ْم ٌَمُولُونَ ا ْفت ََراهُ لُ ْل فَؤْتُوا ِب َع ْش ِر ُ‬
‫ب ِم َّما‬‫{و ِإ ْن ُك ْنت ُ ْم فًِ َر ٌْ ٍ‬ ‫صا ِدلٌِنَ } [هود ‪ ،]ٖٔ :‬ولال‪َ :‬‬ ‫َّللا إِ ْن ُك ْنت ُ ْم َ‬ ‫ُون َّ ِ‬ ‫ط ْعت ُ ْم ِم ْن د ِ‬ ‫عوا َم ِن ا ْست َ َ‬ ‫َوا ْد ُ‬
‫صا ِدلٌِنَ } [البمرة ‪:‬‬ ‫َّللا إِ ْن ُك ْنت ُ ْم َ‬
‫ُون َّ ِ‬‫ش َه َدا َء ُك ْم ِم ْن د ِ‬ ‫عوا ُ‬ ‫ْ‬
‫ورةٍ ِم ْن ِمث ِل ِه َوا ْد ُ‬ ‫س َ‬ ‫ْ‬
‫ع ْب ِدنَا فَؤتُوا ِب ُ‬ ‫علَى َ‬ ‫ن ََّز ْلنَا َ‬
‫ٖٕ]‪.‬‬
‫هـ‪ -‬أن فً هذا النزول دحض شبهات كفار لرٌش وردا ً على أسبلتهم ‪ ،‬وتسلٌة للرسول الكرٌم‬
‫وتؤٌٌدا ً له ‪.‬‬
‫فالمشركٌن تما َدوا فً ؼٌهم وأسبلتهم للرسول ‪ ‬فكانوا ٌسؤلون الرسول ‪ ‬أسبلة تعجٌز وتحد‬
‫ساهَا}[األعراؾ‪ ،]ٔ12:‬فٌنزل الجواب من هللا‬ ‫سا َع ِة أٌََّانَ ُم ْر َ‬ ‫ع ِن ال َّ‬ ‫ومبالؽة مثل متى الساعة‪ٌَ { ،‬سْؤَلُونَنَ َ‬
‫ْ‬
‫ض َال ت َؤ ِتٌ ُك ْم ِإ َّال َب ْؽتَةً‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِ‬‫س َم َاوا ِ‬‫ت ِفً ال َّ‬ ‫تعالى‪ {:‬لُ ْل ِإنَّ َما ِع ْل ُم َها ِع ْن َد َر ِبًّ َال ٌُ َج ِلٌّ َها ِل َو ْل ِت َها ِإ َّال ُه َو ثَمُ َل ْ‬
‫اس َال ٌَ ْع َل ُمونَ} [األعراؾ ‪. ]ٔ12 :‬‬ ‫ع ْن َها لُ ْل ِإنَّ َما ِع ْل ُم َها ِع ْن َد َّ ِ‬
‫َّللا َو َل ِك َّن أَ ْكث َ َر النَّ ِ‬ ‫ً َ‬ ‫ٌَسْؤَلُونَنَ َكؤَنَّنَ َح ِف ٌّ‬

‫(ٔ) المدخل لدراسة المرآن الكرٌم ٔ‪ ،2‬مباحث فً علوم المرآن ٘‪.5‬‬


‫(ٕ) اسمه ُرفٌَْع بن مهران‪ ،‬من رواة الحدٌث‪ ،‬ثمة كثٌر االرسال‪ ،‬التمرٌب ٕٓٔ‪.‬‬
‫(ٖ) أخرجه ابن أبً شٌبة فً المصنؾ‪ ،‬كتاب فضابل المرآن‪ ،‬فً تعلٌم المرآن كم آٌة ٓٔ ٔ‪ ،ٗٙ‬وأخرجه أبو‬
‫نعٌم فً الحلٌة ٕ ‪ ،ٕٔ5‬أخرجه البٌهمً فً شعب اإلٌمان (‪.)ٔ5٘5‬‬
‫(ٗ) المصنؾ ٖ ٓ‪.ٖ1‬‬
‫(٘) هو عبد هللا بن حبٌب بن ُربَ ٌِّ َعة الكوفً الممرئ‪ ،‬مشهور بكنٌته‪ ،‬وألبٌه صحبة‪ ،‬التمرٌب ‪.ٕ55‬‬
‫(‪ )ٙ‬انظر المصنؾ للصنعانً ٖ ٓ‪ ،ٖ1‬والمصنؾ البن أبً شٌبة‪ ،‬كتاب فضابل المرآن‪ ،‬فً تعلٌم المرآن كم آٌة‬
‫ٓٔ ٓ‪ ، ٗٙ‬ولال الهٌثمً فً المجمع‪ ،‬باب السإال عن الفمه‪ ،‬رواه أحمد وفٌه عطاء بن السابب اختلط فً آخر‬
‫عمره‪ .‬مجمع الزوابد ٔ ٘‪ ٔٙ‬وأخرجه الصنعانً فً المصنؾ بنحوه‪ ،‬كتاب فضابل المرآن‪ ،‬باب تعلٌم المرآن‬
‫وفضله ٖ ٓ‪.ٖ1‬‬
‫(‪ )2‬مناهل العرفان ٔ ‪.٘ٙ‬‬
‫الرو ُح‬ ‫وح} [اإلسراء ‪ ،]1٘ :‬فٌمول المرآن‪ { :‬لُ ِل ُّ‬ ‫الر ِ‬ ‫ع ِن ُّ‬ ‫{و ٌَسْؤَلُونَنَ َ‬ ‫ومثل ما المراد بالروح َ‬
‫ِم ْن أ َ ْم ِر َر ِبًّ َو َما أُوتٌِت ُ ْم مِنَ ْال ِع ْل ِم إِ َّال لَ ِل ًٌبل} [اإلسراء ‪]1٘ :‬‬
‫ٌرا} [الفرلان ‪:‬‬ ‫سنَ ت َ ْف ِس ً‬ ‫ك َوأَحْ َ‬ ‫{و َال ٌَؤْتُونَنَ بِ َمث َ ٍل إِ َّال ِجبْنَانَ بِ ْال َح ّ ِ‬ ‫فرد هللا علٌهم بموله‪َ :‬‬
‫ً‬
‫ٖٖ]‪ ،‬وحٌث عجبوا من نزول المرآن منج ًما بٌن هللا لهم الحك فً ذلن‪ ،‬فإن تحدٌهم به مفرلا مع‬
‫عجزهم عن اإلتٌان بمثله أدخل فً اإلعجاز‪ ،‬وأبلػ فً الحجة من أن ٌنزل جملة وٌمال لهم‪:‬‬
‫آن ُج ْملَة ً‬ ‫علَ ٌْ ِه ْالمُ ْر ُ‬
‫{ولَا َل الَّذٌِنَ َكفَ ُروا لَ ْو َال نُ ِ ّز َل َ‬ ‫جٌبوا بمثله‪ ،‬ولهذا جاءت اآلٌة عمب اعتراضهم َ‬
‫ٌبل} [الفرلان ‪ ،]ٖٕ :‬أي‪ :‬ال ٌؤتونن بصفة عجٌبة‬ ‫اح َدة ً َك َذلِنَ ِلنُث َ ِبّتَ بِ ِه فُ َإادَنَ َو َرت َّ ْلنَاهُ ت َْرتِ ً‬ ‫َو ِ‬
‫ٌطلبونها كنزول المرآن جملة إال أعطٌنان من األحوال ما ٌحك لن فً حكمتنا وبما هو أبٌن‬
‫معنى فً إعجازهم وذلن بنزوله مفرلًا (ٔ)‪.‬‬
‫الحكمة الثانٌة ‪ :‬التدرج فً التشرٌع‪ ،‬وذلن من خبلل‪:‬‬
‫أ‪ -‬التدرج فً انتزاع العادات الضارة‪ ،‬وذلن بالتخلً عنها شٌبًا فشٌبًا والتدرج فً نمل الناس من‬
‫حٌاة الفوضى والتفلت إلى حٌاة النظام والتمٌٌد بالمعاٌٌر اإلسبلمٌة الصحٌحة‪ ،‬فمد بُعث النبً ‪‬‬
‫إلٌهم وهم ٌعبدون األصنام‪ ،‬وٌشركون باهلل ومع هللا‪ ،‬وٌسفكون الدماء وٌشربون الخمر وٌزنون‪،‬‬
‫وٌمتلون األوالد خشٌة الفمر‪ ،‬وٌتعاملون بالربا الفاحش‪ ،‬وٌلعبون المٌسر‪ ،‬وٌستمسمون باألزالم‪،‬‬
‫وٌنكحون نساء اآلباء وٌجمعون بٌن األختٌن وٌكرهون الفتٌات على البؽاء‪ ،‬وذكر العلماء فً‬
‫كتب التارٌخ أن الحروب كانت تمع بٌن المبابل العربٌة ألوهى األسباب ومجرد حب االنتمام‪،‬‬
‫حتى أدى هذا إلى لطع حبال المودة بٌنهم وجعلهم شٌعًا متباؼضة ٌتربص كل فرٌك منهم بؽٌره‬
‫الدوابر‪ ،‬واعتادوا على كثٌر من هذه األخبلق المنحطة وتؽلؽلت فٌهم حتى صارت جز ًءا ال‬
‫ٌتجزأ منهم ومن المعلوم أنه ٌصعب على المرء والمجتمع ترن هذه األمور مرة واحدة ألن‬
‫للعمابد حتى ولو كانت باطلة وللعادات ولو كانت مستهجنة سلطانًا على النفوس‪ ،‬والناس أَسْرى‬
‫ما أَلفوا ونشؤوا علٌه‪ ،‬فلو أن المرآن نزل جملة واحدة وطالبهم بالتخلً عما هم منؽمسون فٌه من‬
‫كفر وجهل وشرن مرة واحدة لما استجاب إلٌه أحد ولكن المرآن نجح معهم فً هدم العادات‬
‫الباطلة وانتزاعها بالتدرٌج بسبب نزول المرآن علٌهم شٌبًا فشٌبًا (ٕ)‪.‬‬
‫وأبلػ دل ٌل على ذلن هو انتزاع الخمر من ذلن المجتمع الذي كان ٌشربه كالماء‪ ،‬فعن‬
‫أبً هرٌرة ‪ ‬لال‪" :‬حرمت الخمر ثبلث مرات‪ ،‬لدم رسول هللا ‪ ‬المدٌنة وهم ٌشربون الخمر‬
‫ع ِن ْال َخ ْم ِر‬‫وٌلعبون المٌسر‪ ،‬فسؤلوا رسول هللا عنهما فؤنزل هللا ‪ ‬على نبٌه ‪ٌَ{ ‬سْؤ َلُونَنَ َ‬
‫اس َو إِثْ ُم ُه َم ا أ َ ْك بَ ُر ِم ْن نَفْ ِع ِه َم ا َو ٌَسْؤ َلُونَنَ َم اذَا‬ ‫ٌر َو َم نَافِ ُع ِل لن َّ ِ‬ ‫َو الْ َم ٌْ ِس ِر ل ُ ْل فٌِ ِه َم ا إِثْ ٌم َك بِ ٌ‬
‫ت لَعَل َّكُ ْم ت َت َفَكَّ ُر ونَ } [البمرة ‪ ،]ٕٔ5 :‬فمال الناس‪:‬‬ ‫َّللا ُ لَكُ ُم ْاآل ٌَا ِ‬ ‫ٌُ ْن ِف مُونَ ل ُ ِل ْال عَ ْف َو كَ ذَ لِنَ ٌُبٌَِّ ُن َّ‬
‫ما حرم علٌنا إنما لال فٌهما إثم كبٌر‪ ،‬وكانوا ٌشربون الخمر حتى إذا كان ٌوم من األٌام صلى‬
‫رجل من المهاجرٌن أ َّم أصحابه فً المؽرب َخلَط فً لراءته فؤنزل هللا فٌها آٌة أؼلظ منها { ٌَا‬
‫ارى َحتَّى ت َ ْعلَ ُموا َما تَمُولُونَ } [النساء ‪ ،]ٖٗ :‬وكان‬ ‫س َك َ‬ ‫ص َبلة َ َوأ َ ْنت ُ ْم ُ‬ ‫أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َمنُوا َال ت َ ْم َربُوا ال َّ‬
‫الناس ٌشربون حتى ٌؤتً أحدهم الصبلة وهو مفٌك‪ ،‬ثم أنزلت آٌة أؼلظ من ذلن { ٌَا أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َمنُوا‬
‫ان فَاجْ تَنِبُوهُ لَ َعلَّ ُك ْم ت ُ ْف ِل ُحونَ } [المابدة ‪:‬‬ ‫ط ِ‬‫ش ٌْ َ‬
‫ع َم ِل ال َّ‬
‫جْس ِم ْن َ‬ ‫اب َو ْاأل َ ْز َال ُم ِر ٌ‬ ‫ص ُ‬ ‫إِنَّ َما ْالخ َْم ُر َو ْال َم ٌْ ِس ُر َو ْاأل َ ْن َ‬
‫ٓ‪ ،]5‬فمالوا‪ :‬انتهٌنا ٌا رب‪ ،‬فمال الناس‪ٌ :‬ا رسول هللا ناس لتلوا فً سبٌل هللا أو ماتوا على فرشهم‬

‫(ٔ) انظر مباحث فً علوم المرآن ٗ‪.5‬‬


‫(ٕ) انظر مناهل العرفان ٔ ‪ ،٘ٙ‬المدخل لدراسة المرآن الكرٌم ٕ‪.2‬‬
‫علَى‬ ‫ْس َ‬ ‫سا ومن عمل الشٌطان فؤنزل هللا {لٌَ َ‬ ‫كانوا ٌشربون الخمر وٌلعبون المٌسر ولد جعله هللا رج ً‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ت ث َّم اتمَ ْوا‬‫صا ِل َحا ِ‬ ‫ُ‬
‫ع ِملوا ال َّ‬ ‫َّ‬
‫ط ِع ُموا إِ َذا َما اتمَ ْوا َوآ َمنُوا َو َ‬ ‫ت ُجنَا ٌح فٌِ َما َ‬ ‫ع ِملُوا ال َّ‬
‫صا ِل َحا ِ‬ ‫الَّذٌِنَ آ َمنُوا َو َ‬
‫َّللاُ ٌ ُِحبُّ ْال ُمحْ ِسنٌِنَ } [المابدة ‪ ،]5ٖ :‬فمال النبً ‪ ‬لو حرمت علٌهم‬ ‫سنُوا َو َّ‬ ‫َوآ َمنُوا ث ُ َّم اتَّمَ ْوا َوأَحْ َ‬
‫(ٔ)‬
‫لتركوها كما تركتم " ‪.‬‬
‫ومن هذا الحدٌث نستنبط أن الخمر حرمت على مراحل فتاب الناس والصحابة منها‬
‫حتى جرت فً سكن المدٌنة‪ ،‬ولو حرمت دفعة واحدة الستمروا علٌها‪ ،‬ولذلن تمول عابشة‬
‫رضً هللا عنها "إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل (ٕ) فٌها ذكر الجنة والنار‪ ،‬حتى‬
‫إذا ثاب الناس إلى اإلسبلم نزل الحبلل والحرام‪ ،‬ولو نزل أول شًء (ال تشربوا الخمر) لمالوا‪:‬‬
‫ال ندع الخمر أبدًا‪ ،‬ولو نزل‪ :‬ال تزنوا لالوا‪ :‬ال ندع الزنا أبدًا "(ٖ)‪.‬‬
‫وعمبل‪ ،‬فبدأت اآلٌات تنزل على النبً ‪ ‬سالكة‬ ‫ً‬ ‫ب‪-‬التدرج فً تربٌة هذه األمة الناشبة عل ًما‬
‫التدرج فً تربٌة األمة‪ ،‬فؤول ما نزلت اآلٌات المتعلمة باإلٌمان باهلل ومبلبكته وكتبه ورسله‬
‫والٌوم اآلخر والمضاء والمدر خٌره وشره والتوحٌد وما ٌتعلك بذلن من أمور العمٌدة‪ ،‬بدأت‬
‫أوال بفطامهم عن الشرن واإلباحٌة وإحٌاء للوبهم بعمابد التوحٌد والجزاء‪ ،‬فإذا اطمؤنت‬ ‫اآلٌات ً‬
‫للوبهم باإلٌمان وأشربوا حبه انتمل بهم بعد ذلن إلى العبادات فبدأهم بالصبلة ثم الزكاة ثم الصوم‬
‫ثم الحج ثم األمور األخرى‪ ،‬ولذلن كان مدار اآلٌات فً المسم المكً على إثبات العمابد‬
‫والفضابل التً ال تختلؾ باختبلؾ الشرابع‪ ،‬بخبلؾ المسم المدنً فكان مدار التشرٌعات فٌه على‬
‫األحكام العملٌة وتفصٌل ما أجمل لبل ذلن (ٗ)‪.‬‬
‫لذا أنزل المرآن مفرلًا فحصلت النتٌجة المطلوبة وهً التؽٌر فً العادات من حسن إلى‬
‫أحسن ومن شر إلى خٌر ومن تفرق فً الكلمة إلى اتحاد واعتصام بحبل هللا المتٌن فكانت خٌر‬
‫األمم‪.‬‬
‫الحكمة الثالثة‪ :‬بٌان ببلؼة المرآن الكرٌم فمد نزل مفرلًا فً ثبلثة وعشرٌن عا ًما‪ ،‬وكلما نزلت آٌة‬
‫أو آٌات لال لهم الرسول ‪ " ‬ضعوا هذه اآلٌات فً موضع كذا من سورة كذا " (٘)‪ ،‬ومع ذلن‬
‫فهو مترابط فً األلفاظ والمعانً‪ ،‬حسن التنسٌك‪ ،‬محكم النسج‪ ،‬دلٌك السبن‪ ،‬متناسك اآلٌات‬
‫والسور‪ ،‬متٌن األسلوب‪ ،‬لوي االتصال‪ ،‬ال ٌكاد ٌوجد بٌن أجزابه تفكن كؤنه ِع ْم ٌد فرٌد نظمت‬
‫ٌر}‬ ‫ت ِم ْن لَد ُْن َح ِك ٌٍم َخبِ ٍ‬
‫صلَ ْ‬ ‫حباته بما لم ٌعهد له مثٌل فً كبلم البشر {الر ِكتَابٌ أُحْ ِك َم ْ‬
‫ت آ ٌَاتُهُ ث ُ َّم فُ ِ ّ‬
‫[هود ‪.]ٔ :‬‬

‫(ٔ ) أخرجه اإلمام احمد فً المسند‪ ،‬انظر الفتح الربانً‪ ،‬كتاب التفسٌر‪ ،‬باب لول هللا(ٌسؤلونن عن الخمر‬
‫والمٌسر) ‪ 1ٙ ،1٘ ٔ1‬وإسناده ضعٌؾ‪ ،‬وله شواهد تموٌه منها حدٌث عمر بن الخطاب (اللهم بٌن لنا فً الخمر‬
‫بٌانًا شافًٌّا) فنزلت اآلٌات الثبلثة بالتدرٌج‪ ،‬حدٌث صحٌح أخرجه اإلمام أحمد فً المسند ‪ ،1ٙ ٔ1‬وأخرجه أبو‬
‫داود فً سننه‪ ،‬كتاب األشربة‪ ،‬باب فً تحرٌم الخمر ٖ ٕٖ٘‪ ،‬وأخرجه الترمذي فً سننه كتاب التفسٌر‪ ،‬باب‬
‫ومن سورة المابدة ٘ ٖٕ٘‪ ٕ٘٘ ،ٕ٘ٗ ،‬وأخرجه الحاكم فً المستدرن ولال حدٌث صحٌح على شرط الشٌخٌن‬
‫ولم ٌخرجاه ٕ ‪.ٕ21‬‬
‫(ٕ) سور المرآ ن على أربع ألسام وأنواع فمنها السبع الطوال أولها البمرة‪ ،‬ومنها المبون‪ ،‬والمثانً‪ ،‬والمفصل‪:‬‬
‫ً المثانً من لصار السور‪ ،‬وسمً بذلن لكثرة الفصول التً بٌن السور بالبسملة‪ ،‬انظر اإلتمان ٔ ‪،ٔ25‬‬ ‫ما َو ِل َ‬
‫ٓ‪.ٔ1‬‬
‫(ٖ) أخرجه البخاري فً كتاب فضابل المرآن‪ ،‬باب تؤلٌؾ المرآن ص‪.)ٗ55ٖ( ٔٓ12‬‬
‫(ٗ) المدخل لدراسة المرآن ٗ‪.2‬‬
‫(٘) الترمذي تفسٌر المرآن (‪ ، )ٖٓ1ٙ‬أبو داود الصبلة (‪ ، )21ٙ‬أحمد (ٔ‪.)ٙ5/‬‬
‫وكل ذلن فٌه داللة على أن المرآن ُمن ََّز ٌل من هللا تعالى ال ٌؤتٌه الباطل من بٌن ٌدٌه وال‬
‫من خلفه‪ ،‬تنزٌل من حكٌم حمٌد‪ ،‬وأنه كبلم هللا تعالى وال ٌمكن أن ٌكون كبلم دمحم ‪ ‬وال كبلم‬
‫ض إِنَّهُ َكانَ‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِ‬ ‫س َم َاوا ِ‬ ‫س َّر فًِ ال َّ‬ ‫مخلوق سواه‪ ،‬وصدق هللا إذ ٌمول‪{ :‬لُ ْل أ َ ْنزَ لَهُ الَّذِي ٌَ ْعلَ ُم ال ِ ّ‬
‫ورا َر ِحٌ ًما} [الفرلان ‪.]ٙ :‬‬ ‫ؼفُ ً‬ ‫َ‬
‫الحكمة الرابعة‪ :‬مساٌرة الحوادث والطوارئ فً تجددها وتفرلها‪:‬‬
‫فكانت تحدث حوادث لم ٌكن لها حكم معروؾ فً الشرٌعة اإلسبلمٌة‪ ،‬فٌحتاج‬
‫المسلمون إلى معرفة ذلن فتنزل اآلٌة من هللا تبارن وتعالى لحكم تلن الحوادث‪ ،‬ومن ذلن حادثة‬
‫خولة بنت ثعلبة (ٔ)‪ ،‬حٌن ما جاءت إلى رسول هللا ‪ ‬تشتكً زوجها‪ ،‬وتصؾ لنا ذلن عابشة‬
‫ت ث َ ْعلَبَةَ‬ ‫ًَءٍ إِ ِنًّ َأل َ ْس َم ُع َك َبل َم خ َْولَةَ بِ ْن ِ‬ ‫س ْمعُهُ ُك َّل ش ْ‬ ‫ارنَ الَّذِي َو ِس َع َ‬ ‫رضً هللا عنها ذلن فتمول "تَبَ َ‬
‫شبَابًِ‬ ‫َ‬
‫َّللاِ أ َك َل َ‬ ‫سو َل َّ‬ ‫ًِ تَمُو ُل ٌَا َر ُ‬ ‫َّللاِ ‪َ ‬وه َ‬ ‫سو ِل َّ‬ ‫ًِ ت َ ْشت َ ِكً زَ ْو َج َها ِإلَى َر ُ‬ ‫ضهُ َوه َ‬ ‫ً بَ ْع ُ‬ ‫علَ َّ‬ ‫َوٌَ ْخفَى َ‬
‫ت‬ ‫َ‬
‫ظاه ََر ِمنًِّ الل ُه َّم ِإ ِنًّ أ ْش ُكو ِإلٌَْنَ فَ َما بَ ِر َح ْ‬ ‫َّ‬ ‫ط َع َولَدِي َ‬ ‫ت ِس ِنًّ َوا ْنمَ َ‬ ‫َونَث َ ْرتُ لَهُ بَطنًِ َحتَّى ِإ َذا َكبِ َر ْ‬ ‫ْ‬
‫َّللاُ لَ ْو َل التًِ ت ُ َجا ِدلنَ فًِ زَ ْو ِج َها َوت َ ْشت َ ِكً ِإلَى َّ‬
‫َّللاِ َو َّ‬
‫َّللاُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫س ِم َع َّ‬ ‫ت {لَ ْد َ‬ ‫َحتَّى نَزَ َل ِجب َْرابٌِ ُل بِ َهإ َُال ِء ْاآلٌَا ِ‬
‫(ٕ)‬
‫ٌر} [المجادلة ‪. "]ٔ :‬‬ ‫ص ٌ‬ ‫س ِمٌ ٌع بَ ِ‬ ‫او َر ُك َما ِإ َّن َّ َ‬
‫َّللا َ‬ ‫ٌَ ْس َم ُع ت َ َح ُ‬
‫وكذلن حادثة اإلفن فعندما حصل ما حصل من المنافمٌن والمشركٌن واتهموا السٌدة‬
‫عابشة رضً هللا عنها أنزل هللا تعالى براءتها من فوق سبع سماوات وأدان الذٌن رموها بدون‬
‫سبُوهُ ش ًَّرا لَ ُك ْم بَ ْل ُه َو َخ ٌْ ٌر‬ ‫صبَةٌ ِم ْن ُك ْم َال تَحْ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫اإل ْف ِن ُ‬ ‫شهود وال بٌنة فمال تعالى‪ِ { :‬إ َّن الَّذٌِنَ َجا ُءوا بِ ْ ِ‬
‫ع ِظٌ ٌم (ٔٔ) لَ ْو َال ِإ ْذ‬ ‫ع َذابٌ َ‬ ‫اإلثْ ِم َوالَّذِي ت ََولَّى ِكب َْرهُ ِم ْن ُه ْم لَهُ َ‬ ‫ب ِمنَ ْ ِ‬ ‫س َ‬‫ئ ِم ْن ُه ْم َما ا ْكت َ َ‬ ‫لَ ُك ْم ِل ُك ِّل ْام ِر ٍ‬
‫ٌن (ٕٔ)} [النور ‪- ٔٔ :‬‬ ‫ظ َّن ال ُمإْ ِمنُونَ َوال ُمإْ ِمنَاتُ ِبؤ ْنفُ ِس ِه ْم َخٌ ًْرا َولَالُوا َه َذا ِإ ْفنٌ ُمبِ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫س ِم ْعت ُ ُموهُ َ‬ ‫َ‬
‫وؾ َر ِحٌ ٌم (ٕٓ)} [النور ‪:‬‬ ‫َ َ ُ ٌ‬ ‫ء‬ ‫ر‬ ‫َّللا‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬‫و‬ ‫ُ‬ ‫ه‬
‫َ ْ َ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫حْ‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫ٌ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫َّللا‬
‫َّ‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫ض‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ال‬‫َ‬ ‫و‬ ‫َ‬
‫َ ْ‬ ‫ل‬‫{و‬ ‫تعالى‬ ‫لوله‬ ‫إلى‬ ‫]‪،‬‬ ‫ٕٔ‬
‫ٕٓ] (ٖ)‪.‬‬
‫والمرآن ملًء بتلن المصص والموالؾ المشابهة‪ ،‬ومما هو طبٌعً ومعروؾ أن هذه‬
‫الحوادث لم تكن لتمع فً ولت واحد فنزل المرآن فً هذه الحوادث مفرلًا لذلن‪.‬‬
‫الحكمة الخامسة‪ : :‬تنبٌه المسلمٌن من ولت آلخر ألخطابهم التً ولعوا فٌها وكٌفٌة تصحٌحها‪،‬‬
‫وتحذٌرهم من عوالب المخالفة وبٌان االمتنان علٌهم بالنصر مع الملة‪ ،‬ولنمرأ ما لصه هللا تعالى‬
‫فً سورة آل عمران بشؤن ؼزوة بدر وأحد من االمتنان والتنبٌه والتحذٌر‪ ،‬ففً ؼزوة أحد خالؾ‬
‫الرماة نصٌحة رسول هللا ‪ ‬متؤولٌن فكانت النتٌجة أن أوتً المسلمون من جهتهم وأن شاعت‬ ‫ُّ‬
‫محذرا المخالفٌن‪:‬‬ ‫ً‬ ‫اآلٌات‬ ‫تعالى‬ ‫هللا‬ ‫فؤنزل‬ ‫باعٌته‬ ‫ر‬‫ُ‬ ‫وكسرت‬ ‫‪‬‬ ‫النبً‬ ‫وجه‬ ‫ج‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ش‬ ‫و‬ ‫بٌنهم‬ ‫الهزٌمة‬
‫ص ٌْت ُ ْم ِم ْن َب ْع ِد َما‬ ‫ع‬
‫ِْ َ َ َ‬‫و‬ ‫ر‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫األ‬ ‫ً‬‫ف‬
‫ْ ِ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫َازَ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ِ ْ َ‬‫م‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ذ‬ ‫إ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫َّللاُ َو َ ُ ِ ُ ُّ ُ ْ ِ ِ ِ ِ َ ِ‬
‫ى‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬
‫ذ‬ ‫إ‬ ‫ه‬ ‫د‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ص َدلَ ُك ُم َّ‬ ‫{ولَمَ ْد َ‬ ‫َ‬
‫عفَا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫د‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫و‬ ‫م‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫ٌ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ب‬
‫ْ‬ ‫ٌ‬‫ل‬ ‫م‬ ‫ه‬‫ن‬‫ْ‬
‫ِ َ َّ َ َ ْ َ ُ ْ ِ َ ِ َ ْ َ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ف‬‫ر‬ ‫ص‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫ْ‬
‫اآل‬ ‫ُ‬
‫د‬ ‫ٌ‬ ‫ُر‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬‫ْ‬
‫َ َ ِ ْ َ ِ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫ُّ‬
‫د‬ ‫ال‬ ‫ُ‬
‫د‬ ‫ٌ‬ ‫ُر‬ ‫ٌ‬
‫ِ ْ َ ِ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫ُّونَ‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫أَ َ ْ َ ِ‬
‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ا‬‫م‬ ‫م‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫ا‬ ‫ر‬
‫علَى ْال ُمإْ ِمنٌِنَ } [آل عمران ‪. ]ٕٔ٘ :‬‬
‫(ٗ)‬
‫ض ٍل َ‬ ‫َّللاُ ذُو فَ ْ‬ ‫ع ْن ُك ْم َو َّ‬ ‫َ‬

‫(ٔ) خولة بنت ثعلبة األنصارٌة الخزرجٌة‪ ،‬صحابٌة‪ ،‬وهً التً ظاهر منها زوجها أوس بن الصامت‪ ،‬فنزلت‬
‫فٌها سورة لد سمع‪ ،‬اإلصابة ٗ ‪ ،ٕ15‬أسد الؽابة ٘ ٕٗٗ‪.‬‬
‫(ٕ) انظر ابن ماجه‪ ،‬كتاب الطبلق‪ ،‬باب الظهار ٔ ‪ ،)ٕٖٓٙ( ٔٙٙ‬والنسابً فً كتاب الطبلق‪ ،‬باب الظهار ‪ٙ‬‬
‫‪ ،)ٖٗٙٓ( ٔ1ٙ‬والحدٌث صحٌح‪.‬‬
‫(ٖ)انظر الحدٌث فً البخاري‪ ،‬كتاب الشهادات‪ ،‬باب تعدٌل النساء بعضهن بعضًا صٖٓ٘ (ٔ‪ ،)ٕٙٙ‬وانظر‬
‫مسلم فً كتاب التوبة‪ ،‬باب فً حدٌث اإلفن ولبول توبة الماذؾ (ٓ‪.)ٕ22‬‬
‫(ٗ) وانظر المصة فً البخاري‪ ،‬كتاب المؽازي‪ ،‬باب ؼزوة أحد صٕٖ‪.)ٖٗٓٗ( 1‬‬
‫وكذلن فً ؼزوة حنٌن واألحزاب وؼٌر ذلن كثٌر‪ ،‬ففً ٌوم حنٌن أعجب المسلمون‬
‫بكثرتهم فكانت الهزٌمة فمال تعالى لهم‪{ :‬لُ ْل إِ ْن َكانَ آبَاإُ ُك ْم َوأ َ ْبنَاإُ ُك ْم َوإِ ْخ َوانُ ُك ْم َوأ َ ْز َوا ُج ُك ْم‬
‫ض ْونَ َها أ َ َحبَّ إِلَ ٌْ ُك ْم ِمنَ َّ‬
‫َّللاِ‬ ‫سا ِك ُن ت َْر َ‬ ‫سا َدهَا َو َم َ‬ ‫ارة ٌ ت َْخش َْونَ َك َ‬ ‫ٌرت ُ ُك ْم َوأ َ ْم َوا ٌل ا ْلت ََر ْفت ُ ُموهَا َوتِ َج َ‬
‫ع ِش َ‬‫َو َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫َّللاُ َال ٌَ ْهدِي المَ ْو َم الفَا ِسمٌِنَ (ٕٗ) لمَ ْد‬ ‫َ‬
‫َّللاُ بِؤ ْم ِر ِه َو َّ‬‫ً َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫سبٌِ ِل ِه فَت ََربَّ ُ‬ ‫سو ِل ِه َو ِج َها ٍد فًِ َ‬
‫صوا َحتى ٌَؤتِ َ‬ ‫َو َر ُ‬
‫علَ ٌْك ُمُ‬
‫ت َ‬ ‫ضالَ ْ‬ ‫ش ٌْبًا َو َ‬ ‫ُ‬
‫ع ْنك ْم َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ٌرةٍ َوٌَ ْو َم ُحنٌَ ٍْن إِذ أ ْع َجبَتك ْم َكث َرتُك ْم فَل ْم ت ُ ْؽ ِن َ‬ ‫َّللاُ فًِ َم َواطِنَ َكثِ َ‬ ‫ُ‬
‫ص َرك ُم َّ‬ ‫نَ َ‬
‫ْ‬
‫على ال ُمإْ ِمنٌِنَ‬ ‫َ‬ ‫سو ِل ِه َو َ‬ ‫على َر ُ‬ ‫َ‬ ‫س ِكٌنَتَهُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ت ث َّم َول ٌْت ُ ْم ُم ْدبِ ِرٌنَ (ٕ٘) ث َّم أ ْنزَ َل َّ‬
‫َّللاُ َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ض بِ َما َر ُحبَ ْ‬ ‫ْاأل َ ْر ُ‬
‫ب الَّذٌِنَ َكفَ ُروا َو َذلِنَ َجزَ ا ُء ْال َكافِ ِرٌنَ (‪[ })ٕٙ‬التوبة ‪،]ٕٙ - ٕٗ :‬‬ ‫عذَّ َ‬‫َوأ َ ْنزَ َل ُجنُودًا لَ ْم ت ََر ْوهَا َو َ‬
‫{و َما َجعَلَهُ‬ ‫وتعلم المسلمون من ذلن أن النصر لٌس بالعدد والعُدَّة فحسب‪ ،‬وإنما هو من عند هللا َ‬
‫ٌز ْال َح ِك ٌِم} [آل عمران ‪:‬‬ ‫َّللاِ ْالعَ ِز ِ‬
‫ص ُر ِإ َّال ِم ْن ِع ْن ِد َّ‬ ‫َّللاُ إِ َّال بُ ْش َرى لَ ُك ْم َو ِلت َْط َمبِ َّن لُلُوبُ ُك ْم بِ ِه َو َما النَّ ْ‬
‫َّ‬
‫(ٔ)‬
‫‪. "]ٕٔٙ‬‬
‫الحكمة السادسة‪ :‬توثٌك ولابع السٌرة النبوٌة المباركة والتارٌخ‪ ،‬وذلن عن طرٌك معرفة الحادثة‬
‫وولتها وأٌن كانت ومتى‪ ،‬فنستطٌع أن نرتب السٌرة النبوٌة من خبلل الحوادث وضمها إلى‬
‫لصص األنبٌاء وسٌر المرسلٌن وحٌاة األمم السابمٌن (ٕ)‪.‬‬
‫الحكمة السابعة‪ :‬معرفة الناسخ والمنسوخ‪:‬‬
‫ً‬
‫إن فً المرآن الكرٌم ناس ًخا ومنسو ًخا وال ٌمكن أن ٌكون ذلن إذا نزل المرآن جملة على‬
‫المصطفى علٌه الصبلة والسبلم‪ ،‬إذ ال ٌُتصور النسخ إال مع التفرٌك وال ٌمكن أن ٌحدث ذلن إال‬
‫على تباعد الزمن فإن حكمة التربٌة االنتمالٌة لد تمتضً تشرٌعًا تجًء به آٌة إلى أجل مسمى ثم‬
‫تجًء آٌة أخرى بتشرٌع آخر‪ ،‬وال ٌكون هذا إال مع تنجٌم النزول(ٖ)‪.‬‬
‫الحكمة الثامنة ‪ :‬تفضٌل المرآن الكرٌم على ؼٌره من الكتب السماوٌة ‪:‬‬
‫لمد جمع هللا له النزولٌن ‪ :‬النزول جملة واحدة ‪ ،‬والنزول مفرلا ً وبذلن شارن الكتب‬
‫السماوٌة فً األولى ‪ ،‬وانفرد فً الفضل بالثانٌة ‪ ،‬وهذا ٌعود بالتفضٌل لنبٌنا دمحم على سابر‬
‫(ٗ)‬
‫إخوانه من األنبٌاء – علٌهم السبلم – وإن هللا جمع له من الخصابص ما لؽٌره ‪ ،‬وزاد علٌها‬
‫‪ ،‬وكذلن تفخٌم المنزل وهو المرآن الكرٌم‪ ،‬وتعظٌم لدر من سوؾ ٌنزل علٌه وهو الرسول‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬وتكرٌم من سوؾ ٌنزل إلٌهم وهم المسلمون‪ .‬وذلن بإعبلم سكان السماوات بؤن هذا المرآن‬
‫آخر الكتب المنزلة على خاتم الرسل ألشرؾ األمم(٘)‪.‬‬
‫ٌمول السخاوي فً جمال المراء‪" :‬فإن لٌل‪ :‬ما فً إنزاله جملة إلى سماء الدنٌا؟ للت‪ :‬فً‬
‫ذلن تكرٌم بنً آدم‪ ،‬وتعظٌم شؤنهم عند المبلبكة‪ ،‬وتعرٌفهم عناٌة هللا عز وجل بهم‪ ،‬ورحمته‬
‫لهم‪ ،‬ولهذا المعنى أمر سبعٌن ألفا من المبلبكة لما أنزل سورة األنعام أن تزفها(‪.)ٙ‬‬
‫وزاد سبحانه فً هذا المعنى بؤن أمر جبرٌل علٌه السبلم بإمبلبه على السفرة الكرام‬
‫البررة ‪ -‬علٌهم السبلم ‪ -‬وإنساخهم إٌاه‪ ،‬وتبلوتهم له وفٌه أٌضا إعبلم عباده من المبلبكة‬

‫(ٔ) وانظر منهج الفرلان ‪.ٕ2 ،ٕٙ‬‬


‫(ٕ) الواضح فً أصول المرآن ٕ٘‪.‬‬
‫(ٖ) المرآن الكرٌم إبراهٌم أبو الخشب ٗٗ‪.‬‬
‫(ٗ) المرجع السابك ‪.‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬المرشد الوجٌز‪.ٕٗ:‬‬
‫(‪ )ٙ‬لال ابن الصبلح فً الخبر الوارد بذلن‪ :‬وفً إسناده ضعؾ ولم نر له إسنادا صحٌحا‪ )..‬فتاوى ابن‬
‫الصبلح (ٔ‪.)ٕٗ1/‬‬
‫وؼٌرهم أنه عبلم الؽٌوب ال ٌؽرب عنه شًء إذ كان فً هذا الكتاب العزٌز ذكر األشٌاء لبل‬
‫ولوعها"(ٔ)‪.‬‬
‫ٌمول السخاوي‪" :‬وفٌه أٌضا التسوٌة بٌنه وبٌن موسى علٌه السبلم فً إنزال كتابه جملة‪،‬‬
‫والتفضٌل لدمحم ملسو هيلع هللا ىلص فً إنزاله علٌه منجما لٌحفظه‪ .‬لال هللا عز وجل‪ { :‬كذلن لنثبت به فإادن }‬
‫[الفرلان‪ ]ٖٕ :‬ولال عز وجل‪ { :‬سنمربن فبل تنسى } [األعلى‪.)ٕ("]ٙ :‬‬
‫ولت نزول المرآن الكرٌم‪:‬‬
‫أكثر نزول المرآن الكرٌم نهارا حضرا‪ ،‬ولد نزل ٌسٌر منه فً السفر وللٌل منه فً‬
‫اللٌل‪.‬‬
‫ٔ‪ -‬اآلٌات والسور المتفك على نزولها لٌبل‪ً:‬‬
‫لمد تتبع العلماء ذلن فذكروا ما ولفوا علٌه منه‪ ،‬فمن ذلن‪:‬‬
‫أواخر آ ِل عمران ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫أوالً ‪:‬‬
‫ً ‪ٌُ ‬إْ ذِنه لصبلةِ الصبح فوجده ٌبكً‬ ‫أن ببلالً أتى النب َّ‬ ‫عن عابشةَ رضً هللا عنها َّ‬
‫ت‬ ‫ار َآلٌَا ٍ‬ ‫َّ‬
‫ؾ الل ٌْ ِل َوالنَّ َه ِ‬ ‫ض َو ْ‬
‫اختِ َبل ِ‬ ‫َ‬
‫ت َو ْاأل ْر ِ‬ ‫س َم َاوا ِ‬‫ك ال َّ‬ ‫ْ‬
‫فمال‪ٌ:‬ا رسول هللا ما ٌُبكٌن؟ لال‪ِ { :‬إ َّن فًِ خَل ِ‬
‫{و ٌْ ٌل لمن‬ ‫عمران ‪ ]ٔ5ٓ :‬إلى لوله‪{:‬سبحانن فمنا عذاب النار}‪ .‬ثم لال‪َ :‬‬ ‫ب} [آل‬ ‫ِألُو ِلً ْاأل َ ْلبَا ِ‬
‫لَ َرأَهَا ولَ ْم ٌَتَفَ َك ْر فِ ٌْ َها} ‪.‬‬
‫"(ٖ)‬

‫وعن إبراهٌم بن سوٌد النخعً حدثنا عبد الملن بن أبً سلٌمان عن عطاء لال ‪ :‬دخلت‬
‫أنا وعبٌد ابن عمٌر على عابشة رضً هللا عنها فمال عبد هللا بن عمٌر ‪ :‬حدثٌنا بؤعجب شًء‬
‫رأٌته من رسول هللا ‪ ‬؟ فبكت ولالت ‪ :‬لام لٌلة من اللٌالً فمال ‪ٌ " :‬ا عابشة ! ذرٌنً أتعبد‬
‫لربً " ‪ ،‬لالت ‪ :‬للت ‪ :‬وهللا إنً ألحب لربن وأحب ما ٌسرن لالت‪ :‬فمام فتطهر ثم لام ٌصلً‬
‫فلم ٌزل ٌبكً حتى بل حجره ‪ ،‬ثم بكى فلم ٌزل ٌبكً حتى بل األرض‪ ،‬وجاء ببلل ٌإذنه‬
‫بالصبلة فلما رآه ٌبكً لال ‪ٌ :‬ا رسول هللا ! تبكً ولد ؼفر هللا لن ما تمدم من ذنبن وما تؤخر ؟ !‬
‫لال ‪ " :‬أفبل أكون عبدا شكورا ؟ لمد نزلت علً اللٌلة آٌات وٌل لمن لرأها ولم ٌتفكر فٌها‪ِ { :‬إ َّن‬
‫ب} [آل عمران ‪"]ٔ5ٓ :‬‬ ‫ت ِألُو ِلً ْاأل َ ْل َبا ِ‬ ‫ار َآل ٌَا ٍ‬‫ؾ اللَّ ٌْ ِل َوالنَّ َه ِ‬ ‫ض َو ْ‬
‫اختِ َبل ِ‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِ‬ ‫س َم َاوا ِ‬ ‫ك ال َّ‬ ‫فًِ خ َْل ِ‬
‫(ٗ)‪.‬‬
‫فهذه الرواٌات الصحٌحة تإكد نزول هذه اآلٌات لٌبلً على النبً ‪. ‬‬
‫ثانٌاً‪ :‬آٌات الثبلثة الذٌن خلفوا من سورة التوبة ‪:‬‬
‫ب‬ ‫س ِم ْعتُ أَبًِ َك ْع َ‬ ‫ع ْن أَبٌِ ِه لَا َل ‪َ :‬‬ ‫ب ب ِْن َمالِنٍ َ‬ ‫َّللاِ ب ِْن َك ْع ِ‬
‫ع ْب ِد َّ‬ ‫الرحْ َم ِن بْن َ‬ ‫ع ْب ِد َّ‬ ‫فمد جاء عن َ‬
‫ً‬‫علَى نَبِ ٌِّ ِه ‪ِ ‬حٌنَ بَ ِم َ‬ ‫علَ ٌْ ِه ْم ـ لال ‪ " :‬فَؤ َ ْنزَ َل َّ‬
‫َّللاُ ت َْوبَتَنَا َ‬ ‫ٌب َ‬ ‫بْنَ َمالِنٍ ـ َو ُه َو أ َ َح ُد الثَّبلث َ ِة الَّذٌِنَ ِت َ‬

‫(ٔ)جمال المراء للسخاوي (ٔ ‪ ،)ٕٓ /‬وانظر‪ :‬المرشد الوجٌز (‪ )ٕ2‬واإلتمان للسٌوطً ٔٓ ‪.)ٔٗ5 /‬‬
‫(ٕ) جمال المراء للسخاوي (ٔ ‪ .)ٕٓ /‬وانظر ما استحسنه أبو شامة فنمله من كبلم للحكٌم الترمذي فً تفسٌره‬
‫بهذا الشؤن‪ .‬المرشد الوجٌز (‪.)ٕٙ‬‬
‫(ٖ) أخرجه ابن حبَّان فً صحٌحه ح رلم ٕٓ‪ ،ٙ‬وعزاه السٌوطً فً الدر المنثور (ٖ ‪" )ٔ2ٙ /‬لعبد بن حمٌد ‪،‬‬
‫وابن أبً الدنٌا فً التفكر ‪ ،‬وابن المنذر ‪ ،‬وابن حبان فً صحٌحه ‪ ،‬وابن مردوٌه ‪ ،‬واألصبهانً فً الترؼٌب ‪،‬‬
‫وابن عساكر ‪ ،‬لال شعٌب األرنإوط ‪ :‬إسناده صحٌح على شرط مسلم ‪ .‬انظر‪ :‬صحٌح ابن حبان بؤحكام‬
‫األرناإوط (ٕ ‪. )ٖٔٔ /‬‬
‫(ٗ) رواه ابن حبان فً صحٌحه ح رلم ٕٓ‪ ،ٙ‬والمنذري فً الترؼٌب والترهٌب ‪ ،‬وحسنه األلبانً فً صحٌح‬
‫الترؼٌب ح رلم ‪ ، ٔٗٙ1‬وفً السلسلة الصحٌحة ح رلم ‪.ٙ1‬‬
‫سلَ َمةَ ُمحْ ِسنَةً فًِ شَؤْنًِ ‪َ ،‬م ْعنٌَِّة ً‬ ‫َت أ ُ ُّم َ‬ ‫سلَ َمةَ ‪َ ،‬و َكان ْ‬ ‫َّللاِ ‪ِ ‬ع ْن َد أ ُ ِ ّم َ‬ ‫سو ُل َّ‬ ‫ث ْاآل ِخ ُر ِم ْن اللَّ ٌْ ِل َو َر ُ‬ ‫الثُّلُ ُ‬
‫ش َرهُ ؟‬ ‫ت ‪ :‬أَفَبل أ ُ ْر ِس ُل إِلَ ٌْ ِه فَؤُبَ ِ ّ‬ ‫ب ‪ ،‬لَالَ ْ‬ ‫علَى َك ْع ٍ‬ ‫ٌب َ‬ ‫سلَ َمةَ تِ َ‬ ‫َّللاِ ‪ٌَ " : ‬ا أ ُ َّم َ‬ ‫سو ُل َّ‬ ‫فًِ أ َ ْم ِري ‪ ،‬فَمَا َل َر ُ‬
‫ص َبلة َ‬ ‫َّللا ‪َ ‬‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫صلَّى َر ُ‬ ‫سابِ َر اللَّ ٌْلَ ِة ‪َ ،‬حتَّى إِ َذا َ‬ ‫اس فٌََ ْمنَعُونَ ُك ْم النَّ ْو َم َ‬ ‫لَا َل ‪ " :‬إِذًا ٌَحْ ِط َم ُك ْم النَّ ُ‬
‫طعَةٌ ِم ْن ْالمَ َم ِر " ‪.‬‬
‫(ٔ)‬ ‫َار َوجْ ُههُ َحتَّى َكؤَنَّهُ لِ ْ‬ ‫علَ ٌْنَا َو َكانَ إِ َذا ا ْست َ ْبش ََر ا ْستَن َ‬ ‫ْالفَجْ ِر آ َذنَ بِت َْوبَ ِة َّ‬
‫َّللاِ َ‬
‫فهذه الرواٌات الصحٌحة التً هً فً البخاري ومسلم من رواٌة كعب ابن مالن تإكد‬
‫نزول هذه اآلٌات لٌبلً بما ال ٌجعل مجاالً لبلختبلؾ فً ذلن ‪ ،‬بل نزلت لٌبلً فً الثلث األخٌر‬
‫(ٕ)‬
‫ث ْاآل ِخ ُر ِم ْن اللَّ ٌْ ِل "‬ ‫ً الثُّلُ ُ‬ ‫علَى نَبٌِِّ ِه ‪ِ ‬حٌنَ بَ ِم َ‬ ‫َّللاُ ت َْوبَتَنَا َ‬ ‫كما لال كعب بن مالن ‪ " :‬فَؤ َ ْنزَ َل َّ‬
‫ثالثا ً ‪ :‬أول سورة الفتح ‪:‬‬
‫ع َم ُر ب ُْن‬ ‫ار ِه َو ُ‬ ‫ض أ َ ْسفَ ِ‬ ‫ٌر فًِ بَ ْع ِ‬ ‫َّللاِ ‪َ ‬كانَ ٌَ ِس ُ‬ ‫سو َل َّ‬ ‫ع ْن أَبٌِ ِه أ َ َّن َر ُ‬ ‫ع ْن زَ ٌْ ِد ب ِْن أ َ ْسلَ َم َ‬ ‫َ‬
‫سؤلَهُ فَلَ ْم‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َّللاِ ‪ ، ‬ث َّم َ‬ ‫سو ُل َّ‬ ‫ًَءٍ فَلَ ْم ٌ ُِج ْبهُ َر ُ‬ ‫ع ْن ش ْ‬ ‫ب َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫ع َم ُر ب ُْن الخَطا ِ‬ ‫سؤلَهُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌر َمعَهُ لٌَ ًْبل فَ َ‬ ‫ب ٌَ ِس ُ‬ ‫َطا ِ‬ ‫ْالخ َّ‬
‫َّللا ‪‬‬ ‫سو َل َّ ِ‬ ‫ع َم ُر نَزَ ْرتَ َر ُ‬ ‫ب ‪ :‬ث َ ِكلَتْنَ أ ُ ُّمنَ ٌَا ُ‬ ‫َطا ِ‬ ‫ع َم ُر ب ُْن ْالخ َّ‬ ‫سؤَلَهُ فَلَ ْم ٌ ُِج ْبهُ ‪َ ،‬ولَا َل ُ‬ ‫ٌ ُِج ْبهُ ‪ ،‬ث ُ َّم َ‬
‫ام ْال ُم ْس ِل ِمٌنَ َو َخ ِشٌتُ‬ ‫ٌري ث ُ َّم تَمَد َّْمتُ أ َ َم َ‬ ‫ع َم ُر ‪ :‬فَ َح َّر ْكتُ بَ ِع ِ‬ ‫ت ُك ُّل َذلِنَ ال ٌ ُِجٌبُنَ ‪ ،‬لَا َل ُ‬ ‫بلث َم َّرا ٍ‬ ‫ثَ َ‬
‫َ‬
‫ص ُر ُخ بًِ ‪ ،‬لَا َل ‪ :‬فَمُلتُ لَمَ ْد َخ ِشٌتُ أ ْن ٌَ ُكونَ‬ ‫ْ‬ ‫ار ًخا ٌَ ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫س ِم ْعتُ َ‬ ‫َ‬
‫آن فَ َما نَ ِشبْتُ أ ْن َ‬ ‫ً لُ ْر ٌ‬ ‫أ َ ْن ٌَ ْن ِز َل فِ َّ‬
‫ً أ َ َحبُّ‬ ‫ورة ٌ لَ ِه َ‬ ‫س َ‬ ‫ً اللَّ ٌْلَةَ ُ‬ ‫علَ َّ‬ ‫ت َ‬ ‫علَ ٌْ ِه فَمَا َل ‪ " :‬لَمَ ْد أ ُ ْن ِزلَ ْ‬ ‫سلَّ ْمتُ َ‬ ‫َّللا ‪ ‬فَ َ‬ ‫سو َل َّ ِ‬ ‫آن َو ِجبْتُ َر ُ‬ ‫ً لُ ْر ٌ‬ ‫نَزَ َل فِ َّ‬
‫(ٖ)‬
‫س ث َّم لَ َرأ إِنَّا فَتَحْ نَا لَنَ فَتْ ًحا ُم ِبٌنًا" ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ش ْم ُ‬ ‫علَ ٌْ ِه ال َّ‬
‫ت َ‬ ‫طلَ َع ْ‬ ‫ً ِم َّما َ‬ ‫ِإلَ َّ‬
‫فهذه الرواٌة الصحٌحة تإكد أنها نزلت لٌبلً بعد صلح الحدٌبٌة بٌن مكة والمدٌنة ‪ ،‬كما‬
‫س ث ُ َّم لَ َرأ َ‬ ‫ش ْم ُ‬ ‫علَ ٌْ ِه ال َّ‬
‫ت َ‬ ‫طلَ َع ْ‬ ‫ً ِم َّما َ‬ ‫ً أ َ َحبُّ ِإلَ َّ‬ ‫ورة ٌ لَ ِه َ‬ ‫س َ‬ ‫ً اللَّ ٌْلَةَ ُ‬ ‫علَ َّ‬ ‫ت َ‬ ‫جاء فً الحدٌث‪ " :‬لَمَ ْد أ ُ ْن ِزلَ ْ‬
‫{ ِإنَّا فَتَحْ نَا لَنَ فَتْ ًحا ُمبٌِنًا} ولٌس فً ذلن خبلؾ ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬صدر سورة العلك ‪:‬‬
‫ال شن أن اآلٌات األولى من المرآن نزلت لٌبلً ‪ ،‬ولد ثبت أن ابتداء نزول المرآن كان‬
‫ت مِنَ‬ ‫اس َوبَ ٌِّنَا ٍ‬ ‫آن ُهدًى ِللنَّ ِ‬ ‫ضانَ الَّذِي أ ُ ْن ِز َل فٌِ ِه ْالمُ ْر ُ‬ ‫ش ْه ُر َر َم َ‬ ‫فً شهر رمضان لٌبلً‪ ،‬لال تعالى‪َ { :‬‬
‫ُ‬
‫سفَ ٍر فَ ِع َّدة ٌ ِم ْن أٌَ ٍَّام أخ ََر‬ ‫علَى َ‬ ‫ضا أ َ ْو َ‬ ‫ص ْمهُ َو َم ْن َكانَ َم ِرٌ ً‬ ‫ش ْه َر فَ ْل ٌَ ُ‬ ‫ش ِه َد ِم ْن ُك ُم ال َّ‬ ‫ان فَ َم ْن َ‬ ‫ْال ُه َدى َو ْالفُ ْرلَ ِ‬
‫علَى َما َه َدا ُك ْم َولَ َعلَّ ُك ْم‬ ‫َّللا َ‬ ‫َّللاُ ِب ُك ُم ْالٌُس َْر َو َال ٌ ُِرٌ ُد ِب ُك ُم ا ْلعُس َْر َو ِلت ُ ْك ِملُوا ْال ِع َّدة َ َو ِلت ُ َك ِبّ ُروا َّ َ‬ ‫ٌ ُِرٌ ُد َّ‬
‫ار َك ٍة ِإنَّا ُكنَّا‬ ‫ت َ ْش ُك ُرونَ (٘‪[ })ٔ1‬البمرة ‪]ٔ1٘ :‬البمرة‪ ،)ٔ1٘:‬ولال تعالى‪ِ { :‬إنَّا أ َ ْنزَ ْلنَاهُ فًِ لَ ٌْلَ ٍة ُم َب َ‬
‫ُم ْنذ ِِرٌنَ (ٖ)} [الدخان ‪ ،]ٖ :‬ولال تعالى ‪{ :‬إِنَّا أ َ ْنزَ ْلنَاهُ فًِ لَ ٌْلَ ِة ْالمَد ِْر (ٔ) َو َما أَد َْرانَ َما لَ ٌْلَةُ ْالمَد ِْر‬
‫ش ْه ٍر (ٖ)} [المدر ‪ ،]ٖ - ٔ :‬فبركة تلن اللٌلة ‪ ،‬وشرفها وسمو‬ ‫ؾ َ‬ ‫(ٕ) لَ ٌْلَةُ ْالمَد ِْر َخٌ ٌْر ِم ْن أ َ ْل ِ‬
‫لدرها ؛ ألن هللا تعالى جعلها مبدأ الوحً إلى رسوله الكرٌم‪.‬‬
‫المرآن كلُّه فٌكون فعل ‪ ( :‬أنزلنا ) مستعمبلً فً‬ ‫ُ‬ ‫لال ابن عاشور‪ " :‬فٌجوز أن ٌراد به‬
‫اإلنزال ألن الذي أُنزل فً تلن اللٌلة خمس اآلٌات األول من سورة العلك ثم فتر الوحً‬ ‫ابتداء ِ‬
‫ثم عاد إنزاله منجما ً ولم ٌكمل إنزال المرآن إال بعد نٌؾ وعشرٌن سنة ‪ ،‬ولكن لما كان جمٌع‬

‫(ٔ) أخرجه البخاري فً صحٌحه ‪ ،‬كتاب ‪ :‬التفسٌر ‪ ،‬باب ‪ " :‬وعلى الثبلثة الذٌن خلفوا " ح رلم ‪، ٗٙ22‬‬
‫ومسلم كتاب ‪ :‬التوبة ‪ ،‬باب ‪ :‬حدٌث توبة كعب بن مالن وصاحبٌه ح رلم ‪.ٕ2ٙ5‬‬
‫(ٕ)من حدٌث طوٌل أخرجه البخاري فً صحٌحه‪ ،‬كتاب التفسٌر‪ ،‬باب لوله تعالى لمد تاب هللا على النبً‪/ ٙ ..‬‬
‫‪ ،ٕٓ5‬وفً المؽازي باب حدٌث كعب بن مالن‪ ٖٔٓ / ٘ ،‬وأخرجه مسلم‪ ،‬كتاب التوبة‪ ،‬باب حدٌث توبة كعب‪،‬‬
‫ٗ ‪ ٕٕٔٓ /‬رلم ‪.ٕ2ٙ5‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(ٖ) أخرجه البخاري فً صحٌحه ‪ ،‬كتاب‪ :‬التفسٌر‪ ،‬باب ‪ :‬سورة الفتح (إنا فتحنا لن فتحا مبٌنا ) ح رلم‬
‫ٖٖ‪.ٗ1‬‬
‫ممداره وأنه ٌنزل على النبً ‪ ‬من َّجما ً حتى ٌتم ‪ ،‬كان إنزاله‬ ‫ُ‬ ‫المرآن ممررا ً فً علم هللا تعالى‬
‫بإنزال اآلٌات األُول منه ألن ما ألحك بالشًء ٌعد بمنزلة أوله " ‪.‬‬
‫(ٔ)‬

‫ت ‪" :‬أ َ َّو ُل َما‬ ‫شةَ أ ُ ِ ّم ْال ُمإْ ِمنٌِنَ أَنَّ َها لَالَ ْ‬ ‫عابِ َ‬ ‫ع ْن َ‬ ‫وهذا هو الذي ٌمتضٌه حدٌث بَدْء الوحً كما جاء َ‬
‫ك‬ ‫َ‬
‫ت ِمث َل فَل ِ‬‫ْ‬ ‫صا ِل َحةُ فًِ النَّ ْو ِم فَ َكانَ ال ٌَ َرى ُرإْ ٌَا إِال َجا َء ْ‬
‫َّ‬ ‫الرإْ ٌَا ال َّ‬ ‫َّللاِ ‪ِ ‬م ْن ْال َوحْ ً ِ ُّ‬ ‫سو ُل َّ‬ ‫ئ بِ ِه َر ُ‬ ‫بُ ِد َ‬
‫ت‬ ‫ً َذ َوا ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫َار ِح َراءٍ فٌََت َ َحنَّث فٌِ ِه ـ َو ُه َو التعَبُّ ُد اللٌَا ِل َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ب إِل ٌْ ِه الخ ََبل ُء ‪َ ،‬و َكانَ ٌَ ْخلو بِؽ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫صبْحِ ‪ ،‬ث َّم ُح ِبّ َ‬‫ُ‬ ‫ال ُّ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ع إِلى أ ْه ِل ِه َوٌَت َزَ َّو ُد ِل َذلِنَ ث َّم ٌَ ْر ِج ُع إِلى َخدٌِ َجة فٌََت َزَ َّو ُد ِل ِمث ِل َها ‪َ ،‬حتى َجا َءهُ ال َح ُّك‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْالعَ َد ِد ـ لَ ْب َل أ ْن ٌَ ْن ِز َ‬
‫َ‬
‫َطنًِ‬ ‫ئ " ‪ ،‬لَا َل ‪ :‬فَؤ َ َخ َذنًِ فَؽ َّ‬ ‫ار ٍ‬ ‫َار ِح َراءٍ ‪ ،‬فَ َجا َءهُ ْال َملَنُ فَمَا َل ‪ :‬ا ْل َرأْ ‪ ،‬لَا َل ‪َ " :‬ما أَنَا بِمَ ِ‬ ‫َو ُه َو فًِ ؼ ِ‬
‫َطنًِ الثَّانٌَِةَ‬ ‫ئ " ‪ ،‬فَؤ َ َخ َذنًِ فَؽ َّ‬ ‫ار ٍ‬ ‫َ‬
‫سلنًِ فَمَا َل ‪ :‬ال َرأ ‪ ،‬للتُ ‪َ " :‬ما أنَا بِمَ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫َحتَّى بَلَ َػ ِمنًِّ ال َج ْه َد ث َّم أ ْر َ‬
‫َطنًِ الثَّا ِلثَةَ ث ُ َّم‬ ‫ئ " فَؤ َ َخذَنًِ فَؽ َّ‬ ‫ار ٍ‬ ‫سلَنًِ فَمَا َل ‪ :‬ا ْل َرأْ فَمُ ْلتُ ‪َ " :‬ما أَنَا بِمَ ِ‬ ‫َحتَّى بَلَ َػ ِم ِنًّ ْال َج ْه َد ث ُ َّم أ َ ْر َ‬
‫ك * ا ْل َرأْ َو َربُّنَ ْاأل َ ْك َر ُم} فَ َر َج َع‬ ‫علَ ٍ‬ ‫سانَ ِم ْن َ‬ ‫اإل ْن َ‬‫سلَنًِ فَمَا َل ‪{ :‬ا ْل َرأْ بِاس ِْم َر ِبّنَ الَّذِي َخلَكَ * َخلَكَ ْ ِ‬ ‫أ َ ْر َ‬
‫ع ْن َها فَمَا َل ‪ :‬زَ ِ ّملُونًِ‬ ‫َّللاُ َ‬‫ً َّ‬ ‫ض َ‬ ‫ت ُخ َو ٌْ ِل ٍد َر ِ‬ ‫علَى َخدٌِ َجةَ بِ ْن ِ‬ ‫ؾ فُ َإا ُدهُ فَ َد َخ َل َ‬ ‫َّللا ‪ْ ٌَ ‬ر ُج ُ‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫بِ َها َر ُ‬
‫علَى نَ ْف ِسً‬ ‫ْ‬
‫ع فَمَا َل ِل َخدٌِ َجةَ َوأ ْخبَ َرهَا ال َخبَ َر ‪ :‬لَمَ ْد َخ ِشٌتُ َ‬ ‫َ‬ ‫الر ْو ُ‬‫ع ْنهُ َّ‬ ‫َب َ‬ ‫زَ ِ ّملُونًِ ‪ ،‬فَزَ َّملوهُ َحتَّى َذه َ‬‫ُ‬
‫‪. )ٕ(" ...‬‬
‫فهو ٌدل على نزول الوحً علٌه فً ولت تعبده لٌبلً ‪.‬‬
‫ٌِم أ َّو َل لَ ٌْلَ ٍة ِم ْن‬ ‫َ‬ ‫ؾ إِب َْراه َ‬ ‫ص ُح ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫ً ‪ ‬لَا َل ‪ " :‬نَزَ لَ ْ‬ ‫ع ْن َواثِلَةَ ب ِْن األ َ ْسمَعِ ‪ ‬أ َ َّن النَّبِ َّ‬ ‫ولد جاء َ‬
‫ت ِم ْن‬ ‫ع ْش َرة َ َخلَ ْ‬ ‫ث َ‬ ‫اإل ْن ِجٌ ُل ِلثَبلَ ِ‬ ‫ُ‬
‫ضانَ ‪َ ،‬وأ ْن ِز َل ِ‬ ‫ضٌْنَ ِم ْن َر َم َ‬ ‫ت َم َ‬ ‫ت الت َّ ْو َراة ُ ِل ِس ّ ٍ‬ ‫ضانَ ‪َ ،‬وأ ُ ْن ِزلَ ِ‬ ‫َر َم َ‬
‫ت ِم ْن‬ ‫آن أل ْربَعٍ َو ِع ْش ِرٌنَ َخلَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ضانَ ‪َ ،‬والمُ ْر ُ‬ ‫ت ِم ْن َر َم َ‬ ‫ع ْش َرة َ َخلَ ْ‬ ‫ان َ‬ ‫ُور ِلث َ َم ِ‬ ‫الزب ُ‬ ‫ضانَ ‪َ ،‬وأ ْن ِز َل َّ‬ ‫ُ‬ ‫َر َم َ‬
‫(ٖ)‬
‫ضانَ " ‪.‬‬ ‫َر َم َ‬
‫لال ابن حجر ( ت ‪1ٕ٘ :‬هـ ) ‪ ":‬فٌحتمل أن تكون لٌلة المدر فً تلن السنة كانت تلن‬
‫اللٌلة فؤنزل فٌها جملة إلى سماء الدنٌا ثم أنزل فً الٌوم الرابع والعشرٌن إلى األرض أول الرأ‬
‫باسم ربن"(ٗ) ‪.‬‬
‫فهذه الرواٌات المختلفة تشٌر إلى أن ابتداء نزول المرآن كان لٌبلً‪،‬وال شن أن أول ما‬
‫نزل من المرآن هو صدر سورة العلك ‪.‬‬
‫خامسا ً وسادسا ً ‪ :‬المعوذتان ‪:‬‬
‫ً آ ٌَاتٌ لَ ْم ٌ َُر‬ ‫علَ َّ‬ ‫ت َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َّللاِ ‪" :‬أ ْن ِز َل أ َ ْو أ ْن ِزلَ ْ‬ ‫سو ُل َّ‬ ‫ام ٍر ‪ ‬لَالَ‪ :‬لَا َل ِلً َر ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ع ْم َبةَ ب ِْن َ‬ ‫ع ْن ُ‬ ‫َ‬
‫ت اللَّ ٌْلَةَ‬ ‫ت أ ْن ِزلَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّللا ‪ " : ‬أَلَ ْم ت ََر آ ٌَا ٍ‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫ر‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫أخرى‬ ‫رواٌة‬ ‫وفً‬ ‫‪.‬‬ ‫"‬ ‫ْن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ط ُ َ ِّ ِ‬
‫ٌ‬ ‫ت‬ ‫ذ‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ِمثْلُ ُه َّن لَ ُّ‬
‫عوذُ ِب َربّ ِ النَّ ِ‬ ‫ك) َو (لُ ْل أ َ ُ‬ ‫عوذُ بِ َربّ ِ ْالفَلَ ِ‬ ‫ط (لُ ْل أ َ ُ‬ ‫لَ ْم ٌ َُر ِمثْلُ ُه َّن لَ ُّ‬
‫(ٔ)‬
‫اس )" ‪.‬‬

‫(ٔ) التحرٌر والتنوٌر (ٖٓ ‪ )ٗ٘ٙ /‬اعتنى به وخرج أحادٌث عبد الحمٌد الدخاخنً ‪ ،‬ط‪ :‬دار طٌبة للنشر‬
‫والتوزٌع ‪ ،‬الرٌاض ‪ ،‬طٔ ‪ٔٗٔ2 ،‬هـ ـ ‪ٔ552‬م ‪.‬‬
‫(ٕ) أخرجه البخاري فً صحٌحه ‪ ،‬كتاب ‪ :‬بدء الوحً ‪ ،‬باب ‪ :‬بدء الوحً ح رلم ٖ ‪ ،‬ومسلم فً كتاب اإلٌمان‬
‫‪ ،‬باب ‪ :‬بدء الوحً إلى رسول هللا ‪‬ح رلم ٖٕٓ‪.‬‬
‫(ٖ) أخرجه أحمد فً المسند ح رلم ٗ‪ ،ٔٙ51‬والبٌهمً فً سننه ح رلم ‪، ٔ1ٕٗ5‬وأبو ٌعلى فً مسنده ح رلم‬
‫ٓ‪ ، ٕٔ5‬والهٌثمً فً مجمع الزوابد ومنبع الفوابد ح رلم ‪، 5٘5‬ولال‪ :‬رواه أحمد والطبرانً فً الكبٌر‬
‫واألوسط ‪ ،‬وفٌه عمران بن داود المطان ضعفه ٌحٌى ووثمه ابن حبان ‪.‬ولال أحمد ‪ :‬أرجو أن ٌكون صالح‬
‫الحدٌث ‪ .‬وبمٌة رجاله ثمات ‪ ،‬ولال األلبانً فً سلسلة األحادٌث الصحٌحة إسناده حسن ورجاله ثمات ح رلم‬
‫٘‪.ٔ٘2‬‬
‫(ٗ) فتح الباري البن حجر (‪ )٘ / 5‬تحمٌك على بن عبد العزٌز الشبل ‪ ،‬ورلم وكتبها وأبوابها وأحادٌثها األستاذ‬
‫دمحم فإاد عبد البالً ‪ ،‬ط ‪ :‬دار السبلم ‪ ،‬الرٌاض ‪ ،‬طٔ ‪ٕٔٗٔ /‬هـ ـ ٕٓٓٓم ‪.‬‬
‫فهذه الرواٌات الصحٌحة تإكد نزولهما لٌبلً ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬اآلٌات والسور المختلؾ فً نزولها لٌبلً ‪:‬‬
‫هنالن آٌات تكلم العلماء فً نزولها لٌبلً ؛ ولكن اختلفت فٌها ألوالهم بسبب ضعؾ‬
‫الرواٌة وعدم صحتها ‪،‬أو ألنها محتملة ‪ ،‬أو لتعارضها مع رواٌات أخرى ‪ ،‬وهً على النحو‬
‫التالً ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬آٌات تحوٌل المبلة ‪:‬‬
‫صبْحِ إِ ْذ َجا َء ُه ْم‬‫صبلةِ ال ُّ‬ ‫اس بِمُبَاءٍ فًِ َ‬ ‫ع َم َر رضً هللا عنهما لَا َل ‪ :‬بَ ٌْنَا النَّ ُ‬ ‫َّللا ب ِْن ُ‬ ‫ع ْب ِد َّ ِ‬ ‫ع ْن َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫آن ‪َ ،‬ولَ ْد أ ِم َر أ ْن ٌَ ْستَمبِ َل ال َك ْعبَة فَا ْستَمبِلوهَا ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫عل ٌْ ِه الل ٌْلة ل ْر ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َّللاِ ‪ ‬لَ ْد أ ْن ِز َل َ‬ ‫سو َل َّ‬ ‫ت فَمَا َل ‪ " :‬إِ َّن َر ُ‬ ‫آ ٍ‬
‫(ٕ)‬
‫اروا ِإلى ال َك ْعبَ ِة" ‪.‬‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫شؤ ِم فَا ْست َ َد ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َت ُو ُجو ُه ُه ْم ِإلى ال َّ‬ ‫َو َكان ْ‬
‫ب‬ ‫ُّ‬
‫ت ‪ { :‬لَ ْد ن ََرى تَمَل َ‬ ‫ت ال َممد ِِس فَنَزَ لَ ْ‬‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ص ِلى نَحْ َو بَ ٌْ ِ‬ ‫ّ‬ ‫َّللاِ ‪َ ‬كانَ ٌُ َ‬ ‫سو َل َّ‬ ‫َ‬
‫وعن أن ٍَس ‪ ‬أ َّن َر ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ضاهَا فَ َو ِّل َوجْ َهنَ شَط َر ال َمس ِْج ِد ال َح َر ِام } فَ َم َّر َر ُج ٌل ِم ْن بَنِى‬ ‫ً‬
‫اء فَلَنُ َو ِلٌَنَّنَ لِ ْبلَة ت َْر َ‬ ‫ّ‬ ‫س َم ِ‬ ‫َوجْ ِهنَ فً ال َّ‬
‫ُ‬
‫ت ‪ .‬فَ َمالوا َك َما ُه ْم‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫صل ْوا َر ْك َعة فَنَا َدى أالَ ِإ َّن ال ِم ْبلَةَ لَ ْد ُح ّ ِولَ ْ‬ ‫َّ‬ ‫صبلَةِ الفَجْ ِر َولَ ْد َ‬ ‫ْ‬ ‫ع فً َ‬ ‫س ِل َمةَ َو ُه ْم ُر ُكو ٌ‬ ‫َ‬
‫(ٖ)‬ ‫ْ‬
‫نَحْ َو ال ِم ْبلَ ِة " ‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫علَى أجْ َدا ِد ِه ـ أ ْو لَا َل أ ْخ َوا ِل ِه ـ‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫ً ‪َ ‬كانَ أ َّو َل َما لَد َِم ال َمدٌِنَةَ نَزَ َل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اء ‪ ‬أ َّن النَّبِ َّ‬ ‫ْ‬
‫ع ْن البَ َر ِ‬ ‫و َ‬
‫ش ْه ًرا ‪َ ،‬و َكانَ ٌُ ْع ِجبُهُ‬ ‫عش ََر َ‬ ‫س ْب َعةَ َ‬ ‫َ‬
‫ش ْه ًرا أ ْو َ‬ ‫عش ََر َ‬ ‫ت ال َم ْمد ِِس ِستَّةَ َ‬ ‫ْ‬ ‫صلى لِبَ َل بَ ٌْ ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ار ‪َ ،‬وأنَّهُ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ِم ْن ْاأل َ ْن َ‬
‫صلَّى َم َعهُ لَ ْو ٌم ‪ ،‬فَخ ََر َج‬ ‫ص ِر َو َ‬ ‫صبلة َ ا ْل َع ْ‬ ‫ص َّبلهَا َ‬ ‫صبلةٍ َ‬ ‫صلَّى أ َ َّو َل َ‬ ‫ت ‪َ ،‬وأَنَّهُ َ‬ ‫أ َ ْن ت َ ُكونَ لِ ْبلَتُهُ لِبَ َل ْالبَ ٌْ ِ‬
‫سو ِل‬ ‫صلٌَّْتُ َم َع َر ُ‬ ‫اّلل لَمَ ْد َ‬‫علَى أ َ ْه ِل َمس ِْج ٍد َو ُه ْم َرا ِكعُونَ فَمَالَ‪ :‬أ َ ْش َه ُد ِب َّ ِ‬ ‫صلَّى َم َعهُ فَ َم َّر َ‬ ‫َر ُج ٌل ِم َّم ْن َ‬
‫(ٗ)‬
‫ت" ‪.‬‬ ‫ْ‬
‫اروا َك َما ُه ْم لِ َب َل البَ ٌْ ِ‬ ‫َّللا ‪ ‬لِ َب َل َم َّكةَ فَ َد ُ‬ ‫َّ ِ‬
‫لال ابن حجر ‪ " :‬األلوى أن نزولها كان نهارا ‪ ،‬والجواب عن حدٌث ابن عمر أن‬
‫الخبر وصل ولت العصر إلى من هو داخل المدٌنة وهم بنو حارثة ‪ ،‬ووصل ولت الصبح إلى‬
‫من هو خارج المدٌنة وهم بنو عمرو بن عوؾ أهل لباء ‪ ،‬ولوله لد أنزل علٌه اللٌلة مجاز من‬
‫إطبلق اللٌلة على بعض الٌوم الماضً والذي ٌلٌه "‪ ،‬ولال السٌوطً بعد نمله لكبلم ابن حجر "‬
‫فهذا ٌمتضً أنها نزلت نهارا بٌن الظهر والعصر"(٘) ‪.‬‬
‫واألرجح أنها نزلت لٌبلً ؛ ألن حدٌث أنس ال ٌعارض رواٌة ابن عمر ‪ ،‬ألن حدٌث أنس‬
‫صبلَةِ‬ ‫س ِل َمةَ َو ُه ْم ُر ُكوعٌ فً َ‬ ‫فً ولت بلوغ الخبر لبنً سلمة كما فً لوله ‪" :‬فَ َم َّر َر ُج ٌل ِم ْن َبنِى َ‬
‫ت " ‪ ،‬وابن عمر ٌتحدث عن ولت‬ ‫صلَّ ْوا َر ْك َعةً فَنَا َدى أَالَ إِ َّن ْال ِم ْبلَةَ لَ ْد ُح ّ ِولَ ْ‬ ‫ْالفَجْ ِر َولَ ْد َ‬
‫ُ‬
‫آن ‪َ ،‬ولَ ْد أ ِم َر أ َ ْن‬ ‫علَ ٌْ ِه اللَّ ٌْلَةَ لُ ْر ٌ‬ ‫ُ‬
‫َّللا ‪ ‬لَ ْد أ ْن ِز َل َ‬ ‫سو َل َّ ِ‬ ‫نزولها‪،‬ولرٌنة النص تدل على ذلن‪ِ " :‬إ َّن َر ُ‬
‫ٌَ ْست َ ْم ِب َل ْال َك ْع َبةَ فَا ْست َ ْم ِبلُوهَا " فهو ٌتحدث عن نفس اللٌلة ‪ ،‬وهو ٌإكد أنها نزلت لٌبلً ‪ ،‬وهً‬

‫(ٔ) أخرجه مسلم فً كتاب صبلة المسافرٌن ولصرها ‪ ،‬باب ‪ :‬فضل لراءة المعوذتٌن ‪ ،‬ح رلم ٗٔ‪.1‬‬
‫َ‬
‫َاب بِ ُك ِّل آٌَ ٍة َما تَبِعُوا لِ ْبلتَنَ‬ ‫(ٕ) أخرجه البخاري فً صحٌحه ‪ ،‬كتاب ‪:‬التفسٌر باب ‪َ { :‬ولَبِ ْن أَتٌَْتَ الَّذٌِنَ أُوتُوا ْال ِكت َ‬
‫الظا ِل ِمٌنَ } ح رلم ٓ‪ ،ٗٗ5‬ومسلم فً كتاب ‪:‬المساجد ومواضع الصبلة باب ‪ :‬تحوٌلة‬ ‫ِإلَى لَ ْو ِل ِه ِإنَّنَ ِإذًا لَ ِم ْن َّ‬
‫المبلة من المدس إلى الكعبة ح رلم ‪.ٕ٘ٙ‬‬
‫(ٖ) أخرجه مسلم فً كتاب ‪:‬المساجد ومواضع الصبلة باب ‪ :‬تحوٌلة المبلة من المدس إلى الكعبة ح رلم ‪.ٕ٘2‬‬
‫اس َما َو َّال ُه ْم َع ْن لِ ْبلَتِ ِه ْم الَّتًِ‬ ‫(ٗ) أخرجه البخاري فً صحٌحه ‪ ،‬كتاب ‪ :‬التفسٌر باب ‪َ { :‬سٌَمُو ُل ال ُّ‬
‫سفَ َها ُء ِم ْن النَّ ِ‬
‫ص َراطٍ ُم ْستَ ِم ٌٍم } ح رلم ‪ ،ٗٗ1ٙ‬ومسلم فً كتاب ‪:‬‬ ‫ّلل ْال َم ْش ِر ُق َو ْال َم ْؽ ِربُ ٌَ ْهدِي َم ْن ٌَشَا ُء ِإلَى ِ‬
‫كَانُوا َعلَ ٌْ َها لُ ْل ِ َّ ِ‬
‫المساجد ومواضع الصبلة باب ‪ :‬تحوٌل المبلة من المدس إلى الكعبة ح رلم ٕ٘٘‪.‬‬
‫(٘) اإلتمان فً علوم المرآن (ٔ ‪.)ٗ5 /‬‬
‫الرواٌة الوحٌدة التً تنص على زمان النزول ‪ ،‬وحدٌث البراء ال ٌتحدث عن ولت النزول ‪،‬‬
‫وإنما ٌتحدث عن أول صبلة صبلها ‪ ،‬ولد تكون هً أول صبلة لراوي الحدٌث ‪ ،‬ودابما ً تملٌب‬
‫النظر والتؤمل والتفكر فً السماء ٌكون باللٌل أكثر من النهار ‪ ،‬كما أن نزولها لٌبلً ٌواكب‬
‫ممتضٌات التحول ؛ إذ الفجر بداٌة ٌوم جدٌد وهو بداٌة تحول لعهد جدٌد‪ ،‬وهو التحول من بٌت‬
‫الممدس إلى بٌت هللا الحرام ؛ ولهذا لال الماضً جبلل الدٌن البلمٌنً ( ت ‪" : ) 1ٕٗ :‬‬
‫واألرجح بممتضى االستدالل نزولها باللٌل ألن لضٌة أهل لباء كانت فً الصبح ولباء لرٌبة من‬
‫المدٌنة فٌبعد أن ٌكون رسول هللا أخر البٌان لهم من العصر إلى الصبح "(ٔ) ‪ .‬وهللا أعلم‬
‫ثانٌا ً ‪ :‬آٌة {الٌوم أكملت لكم دٌنكم} ‪:‬‬
‫علَ ٌْنَا َم ْعش ََر ٌَ ُهو َد‬ ‫ت ْالٌَ ُهو ُد ِلعُ َم َر ‪ :‬لَ ْو َ‬‫ب لَا َل ‪" :‬لَالَ ِ‬ ‫ق ب ِْن ِش َها ٍ‬ ‫ار ِ‬ ‫ط ِ‬‫ع ْن َ‬ ‫ع ْن لٌَ ِْس ب ِْن ُم ْس ِل ٍم َ‬ ‫َ‬
‫اإلس َْبل َم دٌِنًا(ٖ)}‬ ‫ْ‬
‫ضٌتُ لَ ُك ُم ِ‬ ‫علَ ٌْ ُك ْم نِ ْع َمتًِ َو َر ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ت َه ِذ ِه اآلٌَة‪ { :‬الٌَ ْو َم أ ْك َملتُ لَ ُك ْم دٌِنَ ُك ْم َوأتْ َم ْمتُ َ‬ ‫نَزَ لَ ْ‬
‫ْ‬
‫ع ِل ْمتُ الٌَ ْو َم‬‫ع َم ُر‪ ":‬فَمَ ْد َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ت فٌِ ِه الَت َّ َخذنَا َذلِنَ الٌَ ْو َم ِعٌدًا‪.‬لَالَ‪:‬فَمَا َل ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫[المابدة ‪ ]ٖ :‬نَ ْعلَ ُم الٌَ ْو َم الذي أ ْن ِزلَ ْ‬
‫َّللاِ‬
‫سو ِل َّ‬ ‫ت لَ ٌْلَةَ َج ْمعٍ َونَحْ ُن َم َع َر ُ‬ ‫ت ‪ .‬نَزَ لَ ْ‬ ‫َّللاِ ‪ِ ‬حٌنَ نَزَ لَ ْ‬ ‫سو ُل َّ‬ ‫عةَ َوأٌَْنَ َر ُ‬ ‫سا َ‬
‫ت فٌِ ِه َوال َّ‬ ‫الَّذي أ ُ ْن ِزلَ ْ‬
‫(ٕ)‬
‫ت" ‪.‬‬ ‫‪ ‬بِ َع َرفَا ٍ‬
‫ؾ بِ َع َرفَةَ) ‪ .‬وفً رواٌة‪ ( :‬نزلت‬ ‫"ٖ‬
‫َّللاِ ‪َ ‬والِ ٌ‬ ‫سو ُل َّ‬‫ت بِ َع َرفَةَ َو َر ُ‬ ‫ُ‬
‫وفً رواٌة أخرى "أ ْن ِزلَ ْ‬
‫ع َرفَةَ فًِ ٌَ ْو ِم ْال ُج ُم َع ِة"(ٗ)‪.‬‬ ‫ع ِشٌَّةَ َ‬ ‫َ‬
‫َّللا ‪ِ ‬ب َع َرفَاتٍ" ‪ ،‬والرواٌة‬ ‫سو ِل َّ ِ‬ ‫ت لَ ٌْلَةَ َج ْمعٍ َونَحْ ُن َم َع َر ُ‬ ‫فالرواٌة األولى أنها "نَزَ لَ ْ‬
‫ع َرفَةَ‬ ‫ع ِشٌَّةَ َ‬‫ؾ ِب َع َرفَةَ"‪ ،‬والرواٌة الثالثة أنها" نزلت َ‬ ‫َّللاِ ‪َ ‬والِ ٌ‬ ‫سو ُل َّ‬ ‫ت ِب َع َرفَةَ َو َر ُ‬ ‫الثانٌة أنها "أ ُ ْن ِزلَ ْ‬
‫فًِ ٌَ ْو ِم ْال ُج ُم َع ِة" فهنالن اتفاق فً المكان فً عرفات ‪ ،‬والٌوم وهو ٌوم الجمعة ‪ ،‬وهنالن اختبلؾ‬
‫فً الزمان الذي نزلت فٌه‪،‬والراجح أنها نزلت ٌوم عرفة عشٌة والرسول ‪ ‬والؾ على المولؾ‬
‫(٘)‬
‫لم ٌدفع‪،‬وكان ٌوم جمعة‪،‬وهذا ما نص علٌه عدد من أهل العلم منهم ابن جرٌر ( ت ‪ٖٔٓ:‬هـ )‬
‫‪ ،‬وشٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة(‪ ،)ٙ‬وابن كثٌر(ت ‪22ٔ:‬هـ ) ()‪ ، 2‬والسٌوطً(‪.)1‬‬
‫لال ابن جرٌر بعد أن سرد جمٌع الرواٌات التً ذكرت فً سبب نزولها‪ ":‬وأولى‬
‫األلوال فً ولت نزول اآلٌة‪ ،‬المو ُل الذي روي عن عمر بن الخطاب‪ :‬أنها نزلت ٌوم عرفة ٌوم‬
‫جمعة‪ ،‬لصحة سنده‪َ ،‬و َو ْهً ِ أسانٌد ؼٌره "(‪. )5‬‬
‫ولال المرطبً " أنها نزلت فً ٌوم جمعة وكان ٌوم عرفة بعد العصر فً حجة الوداع‬
‫سنة عشر ورسول هللا ‪ ‬والؾ بعرفة على نالته العضباء ‪ ،‬فكاد عضد النالة ٌنمد من ثملها‬
‫فبركت "(ٓٔ) ‪.‬‬

‫(ٔ) اإلتمان فً علوم المرآن (ٔ ‪. )ٗ5 /‬‬


‫(ٕ) أخرجه مسلم فً كتاب ‪ :‬التفسٌر ‪ ،‬باب (ٔ)ح رلم ٔٔ‪.22‬‬
‫(ٖ) أخرجه مسلم فً كتاب التفسٌر ‪ ،‬باب ( ٔ) ح رلم ٓٔ‪.22‬‬
‫(ٗ) مسند أحمد بن حنبل ح رلم ‪،ٔ11‬والواحدي فً أسباب نزول المرآن الكرٌم (ٔ ‪ ،ٔ1ٕ /‬وإسناده صحٌح‬
‫على شرط الشٌخٌن ‪ .‬انظر ‪ :‬مسند أحمد بن حنبل (ٔ ‪.)ٕ1 /‬‬
‫(٘) جامع البٌان فً تؤوٌل آي المرآن ( ٗ‪. )ٕٙ51 ./‬‬
‫(‪ )ٙ‬مجموع الفتاوى (ٕٓ‪.)ٕٔ٘ /‬‬
‫(‪ )2‬تفسٌر المرآن العظٌم ابن كثٌر (ٖ ‪.)ٕ1 /‬‬
‫(‪ )1‬اإلتمان فً علوم المرآن (ٔ ‪.)ٗٗ /‬‬
‫(‪ )5‬جامع البٌان (ٗ ‪)ٕ2ٖٓ /‬‬
‫(ٓٔ) الجامع ألحكام المرآن للمرطبً (‪.)ٙٔ / ٙ‬‬
‫وما جاء أنها نزلت لٌلة جمع مراد بها عشٌة عرفة ألن النبً ‪ ‬دفع بعد المؽٌب‪ ،‬كما‬
‫ص‬ ‫َاب ْالمُ ْر ُ‬ ‫ص ْف َرة ُ لَ ِلٌبلً َحتَّى ؼ َ‬ ‫ت ال ُّ‬ ‫س َو َذ َهبَ ِ‬ ‫ش ْم ُ‬ ‫ت ال َّ‬ ‫جاء فً الحدٌث‪ " :‬فَلَ ْم ٌَزَ ْل َوالِفًا َحتَّى ؼ ََربَ ِ‬
‫ٌب َم ْو ِرنَ‬ ‫ُص ُ‬ ‫س َها لٌَ ِ‬ ‫ام َحتَّى إِ َّن َرأْ َ‬ ‫اء ِ ّ‬
‫الز َم َ‬ ‫ص َو ِ‬ ‫شنَكَ ِل ْلمَ ْ‬ ‫َّللا ‪َ ‬ولَ ْد َ‬
‫سو ُل َّ ِ‬ ‫سا َمةَ خ َْلفَهُ َو َدفَ َع َر ُ‬ ‫ؾ أُ َ‬‫َوأ َ ْر َد َ‬
‫س ِكٌنَةَ " ‪ .‬وهللا أعلم ‪.‬‬ ‫َرحْ ِل ِه َوٌَمُو ُل بٌَِ ِد ِه ْالٌ ُْمنَى ‪ :‬أٌَُّ َها النَّ ُ‬
‫(ٔ)‬
‫س ِكٌنَةَ ال َّ‬ ‫اس ال َّ‬
‫ثالثاً‪ { :‬وهللا ٌعصمن من الناس} من سورة المابدة ‪:‬‬
‫س َحتَّى‬ ‫ً ‪ٌُ ‬حْ َر ُ‬ ‫ت ‪َ :‬كانَ النَّبِ ُّ‬ ‫ع ْن َها لَالَ ْ‬ ‫َّللاُ َ‬‫ضً َّ‬ ‫شةَ َر ِ‬ ‫عابِ َ‬ ‫ع ْن َ‬ ‫ك َ‬‫ش ِمٌ ٍ‬ ‫َّللاِ ب ِْن َ‬
‫ع ْب ِد َّ‬ ‫ع ْن َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫سالتَهُ َو َّ‬
‫َّللاُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫سو ُل بَ ِل ْػ َما أ ْن ِز َل إِلٌْنَ ِم ْن َر ِبّنَ َوإِ ْن ل ْم تَفعَ ْل فَ َما بَل ْؽتَ ِر َ‬ ‫ّ‬ ‫الر ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ت َه ِذ ِه اآلٌَة {ٌَا أٌُّ َها َّ‬ ‫نَزَ لَ ْ‬
‫اس‬ ‫سهُ ِمنَ ْالمُبَّ ِة فَمَا َل ‪ٌَ " :‬ا أٌَُّ َها النَّ ُ‬ ‫ً ‪َ ‬رأْ َ‬ ‫[المابدة ‪، ]ٙ2 :‬فَؤ َ ْخ َر َج النَّبِ ُّ‬ ‫اس(‪})ٙ2‬‬ ‫ص ُمنَ مِنَ النَّ ِ‬ ‫ٌَ ْع ِ‬
‫(ٕ)‬
‫َّللاُ " ‪.‬‬ ‫ص َمنًِ َّ‬ ‫ع َ‬ ‫ص ِرفُوا فَمَ ْد َ‬ ‫ا ْن َ‬
‫فهذه الرواٌة وإن لم تنص على ولت النزول ولكن ٌفهم من دالالت النص أنها نزلت‬
‫لٌبلً ؛ ألن النبً ‪ ‬كان ٌحرس لٌبلً ‪ ،‬لال السٌوطً ‪" :‬فؤخرج رأسه من المبة فمال‪ٌ :‬ا أٌها الناس‬
‫انصرفوا فمد عصمنً هللا ‪ .‬فً هذا الحدٌث دلٌل على أنها ـ أي اآلٌة ـ لٌلٌة نزلت لٌبل فراشٌة ‪-‬‬
‫والرسول فً فراشه "(ٖ) ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬سورة األنعام ‪:‬‬
‫ً‬
‫األنعام بمكةَ لٌبل جملة ‪ ،‬حولَها‬ ‫ِ‬ ‫نزلت سورة ُ‬ ‫ْ‬ ‫عن ابن عباس ‪-‬رضً هللا عنهما ‪-‬لال‪":‬‬
‫ألؾ َملَنٍ ٌجؤَرون بالتسبٌحِ "(ٗ)‪،‬‬ ‫سبعونَ َ‬
‫فإن صحت هذه الرواٌة تكون نزلت هذه السورة جملة لٌبلً ‪ .‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬سورة مرٌم ‪:‬‬
‫روى الطبرانً عن أبً مرٌم الؽسانً لال‪ :‬أتٌت رسول هللا ‪ ‬فملت‪ :‬ولدت لً اللٌلة‬
‫(٘)‬
‫ً سورة مرٌم سمها مرٌم "‬ ‫جارٌة فمال‪ ":‬واللٌلة نزلت عل ّ‬

‫(ٔ) أخرجه مسلم فً كتاب ‪ :‬الحج ‪ ،‬باب ‪ :‬حجة النبً ‪ ‬ح رلم ‪.ٖٓٓ5‬‬
‫(ٕ) أخرجه الترمذي ح رلم ‪ ،ٖٓٗٙ‬ولال ‪ :‬حدٌث ؼرٌب ‪ ،‬والبٌهمً فً السنن الكبرى ح رلم ‪، ٔ1ٔ1ٙ‬‬
‫والحاكم فً المستدرن ح رلم ٕٕٖٔ‪،‬ولال‪ :‬هذا حدٌث صحٌح اإلسناد و لم ٌخرجاه ‪ ،‬وعلك الذهبً فً‬
‫التلخٌص ‪ :‬صحٌح ‪ ،‬وحسنه األلبانً فً صحٌح الترمذي ‪.‬‬
‫(ٖ) تفسٌر الجبللٌن (ٕ‪ ، )ٖٖٖ /‬ولباب النمول فً أسباب النزول للسٌوطً (ٔ‪.)1ٕ /‬‬
‫(ٗ) أخرجه أبو عبٌدة فً فضابل المرآن ص ‪ ٕٔ5‬ح رلم ٕ‪ ، ٖ2‬والطبرانً فً المعجم الكبٌر ح رلم‬
‫ٖٓ‪ ، ٕٔ5‬ورواه ابن الضرٌس فً فضابل المرآن ص ‪ ، ٔ٘2‬والسٌوطً فً الدر المنثور فً التفسٌر بالمؤثور(‬
‫ٖ ‪ ) ٕٖٗ /‬وزاد نسبته البن مردوٌه ‪ ،‬وابن كثٌر فً تفسٌره (ٖ ‪ )ٕٖ2 /‬وفً إسناده علً بن زٌد بن جدعان‬
‫وهو ضعٌؾ كما فً التمرٌب ص‪ ٙ5ٙ‬برلم ‪ ،ٗ2ٙ1‬وله شاهد من حدٌث ابن عمر وأنس رضً هللا عنهم‬
‫أخرجهما الطبرانً فً الصؽٌر (ٔ‪ ) 1ٔ/‬واألوسط كما فً مجمع البحرٌن (‪ ) ٕٕ/ٙ‬ح رلم ‪، ٖٖٔ2 ، ٖٖٔٙ‬‬
‫وضعؾ الهٌثمً فً الزوابد إسناده حٌث لال ‪ :‬رواه الطبرانً فً الصؽٌر وفٌه ٌوسؾ بن عطٌة الصفار وهو‬
‫ضعٌؾ جدا ( ‪ ، ) ٕٓ/2‬ولد جاء فً الضعفاء الكبٌر للعمٌلً (‪ )ٕٕٗ / 5‬لال البخاري‪ٌ :‬وسؾ بن عطٌة منكر‬
‫الحدٌث ‪ ،‬ولال محممو كتاب اإلتمان فً مركز الدراسات المرآنٌة بمجمع الملن فهد لطباعة المصحؾ الشرٌؾ‬
‫بالمدٌنة النبوٌة ‪ " :‬ولعله ٌتموى بشواهده ‪ ،‬وانظر شواهده فً مجمع الزوابد (‪ ) ٕٓ ، ٔ5 / 2‬من حدٌث ابن‬
‫عمر وأنس وأسماء بنت ٌزٌد مع بعض االختبلؾ" ‪.‬‬
‫(٘) رواه الطبرانً فً المعجم الكبٌر ح رلم ٖٗ‪ 1‬وهو ضعٌؾ جدا مداره على سلٌمان بن سلمة الخبابري ‪،‬‬
‫مترون كما فً المؽنً فً الضعفاء للذهبً (ٔ‪ ) ٕ1ٓ/‬وبه ضعفه الهٌثمً فً المجمع ( ‪ ،) ٘٘/1‬وفٌه أٌضا ً ‪:‬‬
‫أبو بكر بن أبً مرٌم ضعٌؾ كما فً التمرٌب ص‪ ٔٔٔٙ‬برلم ٖٔٓ‪ . 1‬وانظر ‪ :‬اإلتمان للسٌوطً ( ٔ‪) ٕٔٗ/‬‬
‫‪.‬‬
‫فالحدٌث ضعٌؾ لم ٌصح فً سنده ‪ ،‬ولذا لم ٌثبت فً ولت نزولها شًء ‪.‬‬
‫سادسا ً ‪ :‬أول الحج ‪:‬‬
‫ذكره ابن حبٌب ودمحم بن بركات السعدي فً كتابه الناسخ والمنسوخ ‪ ،‬وجزم به‬
‫السخاوي ( ت ‪. )ٔ() ٖٙٗ :‬‬
‫لال السٌوطً فً اإلتمان ‪" :‬ولد ٌستدل له بما أخرجه ابن مردوٌه عن عمران بن‬
‫حصٌن أنها نزلت على النبً ‪ ‬ولد نعس بعض الموم وتفرق بعضهم فرفع بها صوته‬
‫َّللاِ بن أَحْ َم َد بن َح ْنبَ ٍل‪َ ،‬ح َّدثَنَا ُه ْدبَةُ بن خَا ِلدٍ‪َ ،‬ح َّدثَنَا َح َّما ُد بن‬ ‫عبْد َّ‬ ‫الحدٌث" ‪ ،‬والحدٌث جاء عن َ‬
‫(ٕ)‬

‫اس ات َّمُوا‬ ‫ت َه ِذ ِه اآلٌَةُ‪ٌَ{ :‬ا أٌَُّ َها النَّ ُ‬ ‫صٌ ٍْن‪،‬لَالَ‪" :‬نَزَ لَ ْ‬ ‫ع ْن ِع ْم َرانَ بن ُح َ‬ ‫س ِن‪َ ،‬‬ ‫ع ِن ْال َح َ‬ ‫ع ْن ثَابِتٍ‪َ ،‬‬ ‫سلَ َمةَ‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫َّللاِ ‪ ‬فًِ‬ ‫سو ِل َّ‬ ‫ع ِظٌ ٌم (ٔ)} [الحج ‪ ( ]ٔ :‬الحج آٌة ٔ) َونَحْ ُن َم َع َر ُ‬ ‫ًَ ٌء َ‬ ‫ع ِة ش ْ‬ ‫سا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َربَّ ُك ْم ِإ َّن زَ لزَ لة ال َّ‬
‫ص ْوتَهُ‪ " ...‬الحدٌث ‪.‬‬ ‫(ٖ)‬
‫َّللا ‪َ ‬‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫ض ُه ْم‪ ،‬فَ َرفَ َع بِ َها َر ُ‬ ‫ض المَ ْو ِم‪َ ،‬وتَفَ َّرقَ بَ ْع ُ‬ ‫ْ‬ ‫س بَ ْع ُ‬ ‫سفَ ٍر َولَ ْد نَعَ َ‬ ‫َ‬
‫فلم تنص أي رواٌة على أن ذلن كان لٌبلً إال رواٌة الطبرانً حٌث جاء فٌها ‪" :‬نزلت‬
‫ع ِظٌ ٌم (ٔ)} [الحج ‪ ]ٔ :‬ونحن مع‬ ‫ًَ ٌء َ‬ ‫ع ِة ش ْ‬ ‫سا َ‬ ‫اس اتَّمُوا َربَّ ُك ْم إِ َّن زَ ْلزَ لَةَ ال َّ‬ ‫هذه اآلٌة {ٌَا أ ٌَُّ َها النَّ ُ‬
‫رسول هللا ‪ ‬فً سفر ولد نعس بعض الموم وتفرق بعضهم فرفع بها رسول هللا ‪‬صوته " علما ً‬
‫بؤن جمٌع الرواٌات تثبت أنها نزلت فً سفر ‪ ،‬وما جاء فٌها من لول الراوي " ولد نعس بعض‬
‫الموم وتفرق بعضهم فرفع بها رسول هللا ‪‬صوته" فمط هو الذي ٌشٌر للنزول اللٌلً ‪.‬‬
‫سابعا ً ‪ :‬آٌة اإلذن فً خروج النسوة فً األحزاب‪:‬‬
‫َت‬ ‫اب ِل َحا َجتِ َها َو َكان ْ‬ ‫ْ‬
‫ب ال ِح َج ُ‬ ‫ض ِر َ‬ ‫س ْو َدة ُ بَ ْع َد َما ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ت ‪" :‬خ ََر َج ْ‬ ‫ع ْن َها لَالَ ْ‬ ‫َّللاُ َ‬
‫ً َّ‬ ‫ض َ‬ ‫شةَ َر ِ‬ ‫عابِ َ‬ ‫ع ْن َ‬ ‫َ‬
‫َّللاِ َما‬ ‫َ‬
‫س ْو َدة ُ أ َما َو َّ‬ ‫ب ‪ ‬فَمَا َل ‪ٌَ :‬ا َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫ع َم ُر ب ُْن الخَطا ِ‬ ‫علَى َم ْن ٌَ ْع ِرفُ َها ‪ ،‬فَ َرآهَا ُ‬ ‫ْام َرأَة ً َج ِسٌ َمة ال ت َْخفَى َ‬
‫ً‬
‫َّللا ‪ ‬فًِ َب ٌْتًِ ‪َ ،‬وإِنَّهُ‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫اج َعةً َو َر ُ‬ ‫ت َر ِ‬ ‫ت ‪ :‬فَا ْن َكفَؤ َ ْ‬ ‫ْؾ ت َْخ ُر ِجٌنَ ‪ ،‬لَالَ ْ‬ ‫ظ ِري َكٌ َ‬ ‫علَ ٌْنَا فَا ْن ُ‬ ‫ت َْخفٌَْنَ َ‬
‫ع َم ُر‬ ‫ض َحا َجتًِ فَمَا َل ِلً ُ‬ ‫َّللاِ ِإنًِّ خ ََرجْ تُ ِل َب ْع ِ‬ ‫سو َل َّ‬ ‫ت ‪ٌَ :‬ا َر ُ‬ ‫ت فَمَالَ ْ‬ ‫عر ٌق فَ َد َخلَ ْ‬ ‫شى َوفًِ ٌَ ِد ِه ْ‬ ‫لَ ٌَت َ َع َّ‬
‫ُ‬
‫ض َعهُ فَمَالَ‪ِ ":‬إنَّهُ لَ ْد أذِنَ‬ ‫عرقَ فًِ ٌَ ِد ِه َما َو َ‬ ‫ْ‬
‫ع ْنهُ َوإِ َّن ال ْ‬ ‫ت‪ :‬فَؤ َ ْو َحى َّ‬
‫َّللاُ ِإلَ ٌْ ِه ث ُ َّم ُرفِ َع َ‬ ‫َك َذا َو َك َذا ‪ ،‬لَالَ ْ‬
‫لَ ُك َّن أ َ ْن ت َْخ ُرجْ نَ ِل َحا َجتِ ُك َّن " ‪.‬‬
‫(ٗ)‬

‫َّللاِ ‪ُ ‬ك َّن ٌَ ْخ ُرجْنَ ِباللَّ ٌْ ِل ِإ َذا تَبَ َّر ْزنَ‬ ‫سو ِل َّ‬ ‫شةَ أ َ َّن أ َ ْز َوا َج َر ُ‬ ‫عابِ َ‬ ‫ع ْن َ‬ ‫الز َبٌ ِْر َ‬ ‫ع ْر َوة َ ب ِْن ُّ‬ ‫ع ْن ُ‬ ‫و َ‬
‫سا َءنَ ‪ .‬فَلَ ْم‬ ‫َّللاِ ‪ ‬احْ ُجبْ نِ َ‬ ‫سو ِل َّ‬ ‫ب ٌَمُو ُل ِل َر ُ‬ ‫َطا ِ‬ ‫ع َم ُر ب ُْن ْالخ َّ‬ ‫ص ِعٌ ٌد أ َ ْف ٌَ ُح َو َكانَ ُ‬ ‫َاصعِ َو ُه َو َ‬ ‫ِإلَى ْال َمن ِ‬
‫ت‬ ‫ً ‪ ‬لَ ٌْلَةً ِمنَ اللٌََّا ِلً ِعشَا ًء َو َكانَ ِ‬ ‫س ْو َدة ُ ِب ْنتُ زَ ْمعَةَ زَ ْو ُج النَّبِ َّ‬ ‫ت َ‬ ‫َّللا ‪ْ ٌَ ‬ف َع ُل فَخ ََر َج ْ‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫ٌَ ُك ْن َر ُ‬
‫شةُ‬ ‫عا ِب َ‬ ‫ت َ‬ ‫اب ‪ .‬لَالَ ْ‬ ‫علَى أ َ ْن ٌُ ْن ِز َل ْال ِح َج َ‬ ‫صا َ‬ ‫س ْو َدةُ‪ِ .‬ح ْر ً‬ ‫َان ٌَا َ‬ ‫ع َر ْفن ِ‬ ‫ع َم ُر أَالَ لَ ْد َ‬ ‫ط ِوٌلَةً فَنَا َداهَا ُ‬ ‫ْام َرأَة ً َ‬
‫ع َّز َو َج َّل ْال ِح َج َ‬ ‫فَؤ َ ْنزَ َل َّ‬
‫(٘)‬
‫اب " ‪.‬‬ ‫َّللاُ َ‬

‫(ٔ) جمال المراء وكمال اإللراء (ٔ‪.) ٔٗ/‬‬


‫(ٕ) اإلتمان فً علوم المرآن (ٔ‪. ) ٕٔٗ /‬‬
‫(ٖ) الحدٌث أخرجه أحمد فً المسند ح رلم ٘ٔ‪،ٔ55‬النسابً ح رلم عٓ‪،ٙ‬والترمذي ح رلم ‪ ، ٖٔٙ1‬والحاكم‬
‫فً المستدرن (ٔ‪ ، ) ٖٙ/‬الطبرانً فً المعجم الكبٌر ح رلم ٖٓٗ ‪ ،‬ولال الترمذي صحٌح اإلسناد ‪ ،‬وصححه‬
‫األلبانً فً صحٌح وضعٌؾ سنن الترمذي ‪ ،‬ولال الحاكم ‪ :‬صحٌح على شرطهما جمٌعا و لم ٌخرجاه وال‬
‫واحد منهما ‪ ،‬ولال الذهبً‪ :‬صحٌح اإلسناد ‪.‬‬
‫(ٗ) أخرجه البخاري فً صحٌحه ‪ ،‬كتاب ‪ :‬التفسٌر ‪ ،‬باب ‪ :‬سورة األحزاب ح رلم ‪ ،ٗ٘ٔٙ‬ومسلم كتاب ‪:‬‬
‫السبلم ‪ ،‬باب ‪ :‬إباحة الخروج للنساء لمضاء الحاجة ح رلم ‪.٘25ٙ‬‬
‫ان ح رلم‬‫س ِ‬ ‫ْ‬
‫اإلن َ‬
‫اء َحا َج ِة ِ‬
‫ض ِ‬ ‫َ‬
‫اء ِلم َ‬
‫س ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫(٘) أخرجه مسلم فً صحٌحه فً كتاب ‪ :‬السبلم ‪ ،‬باب ‪ِ :‬إبَا َحةُ الخ ُروجِ ِلل ِن َ‬
‫‪.٘255‬‬
‫لال الماضً جبلل الدٌن البلمٌنً‪ " :‬وإنما للنا أن ذلن كان لٌبل ألنهن إنما كن ٌخرجن‬
‫للحاجة لٌبل كما فً الصحٌح عن عابشة فً حدٌث اإلفن "(ٔ) ‪.‬‬
‫فهذه الرواٌات لٌس فٌها ما ٌنص على نزولها فً اللٌل ولكنها محتملة ‪.‬‬
‫صةٌ } ‪:‬‬ ‫صا َ‬ ‫علَى أ َ ْنفُ ِس ِه ْم َولَ ْو َكانَ بِ ِه ْم َخ َ‬ ‫ثامنا ً ‪ :‬لوله تعالى‪َ {:‬وٌُإْ ثِ ُرونَ َ‬
‫سابِ ِه فَمُ ْلنَ ‪َ :‬ما َمعَنَا إِ َّال ْال َما ُء فَمَا َل‬ ‫ث إِلَى نِ َ‬ ‫ً ‪ ‬فَبَعَ َ‬ ‫ع ْن أَبًِ ُه َرٌ َْرة َ ‪ ‬أ َ َّن َر ُج ًبل أَت َى النَّبِ َّ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ار ‪ :‬أنَا فَا ْنطلكَ بِ ِه إِلى ْام َرأتِ ِه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ص ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ٌؾ َه َذا ؟ فَمَا َل َر ُج ٌل ِم ْن األ ْن َ‬ ‫ُض ُ‬ ‫ض ُّم أ ْو ٌ ِ‬ ‫َ‬ ‫َّللا ‪َ : ‬م ْن ٌَ ُ‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫َر ُ‬
‫َ‬
‫ص ْبٌَانًِ ‪ ،‬فَمَا َل ‪َ :‬ه ٌِّبًِ طعَا َم ِن‬ ‫ُ‬
‫ت ‪َ :‬ما ِع ْن َدنَا إِال لوتُ ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫َّللاِ ‪ ، ‬فَمَال ْ‬ ‫سو ِل َّ‬ ‫ْؾ َر ُ‬ ‫ضٌ َ‬ ‫فَمَا َل ‪ :‬أك ِر ِمً َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ت ِس َرا َج َها َون ََّو َم ْ‬ ‫صبَ َح ْ‬ ‫َ‬
‫ت طعَا َم َها َوأ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عشَا ًء فَ َهٌَّؤ ْ‬ ‫ص ْبٌَان َِن إِ َذا أ َرادُوا َ‬ ‫َ‬ ‫صبِ ِحً ِس َرا َج ِن َون ّ َِو ِمً ِ‬ ‫َوأ َ ْ‬
‫طا ِوٌٌَ ِْن فَلَ َّما‬ ‫طفَؤَتْهُ فَ َجعَ َبل ٌ ُِرٌَانِ ِه أَنَّ ُه َما ٌَؤ ْ ُك َبل ِن فَبَات َا َ‬ ‫ص ِل ُح ِس َرا َج َها فَؤ َ ْ‬ ‫ت َكؤَنَّ َها ت ُ ْ‬ ‫ص ْبٌَانَ َها ث ُ َّم لَا َم ْ‬ ‫ِ‬
‫َّللاُ { َوٌُإْ ثِ ُرونَ‬ ‫َ‬
‫ب ِم ْن فَعَا ِل ُك َما فَؤ ْنزَ َل َّ‬ ‫ع ِج َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّللاُ الل ٌْلَة أ ْو َ‬ ‫َّ‬ ‫ض ِحنَ َّ‬ ‫َّللاِ ‪ ‬فَمَا َل ‪َ :‬‬ ‫سو ِل َّ‬ ‫ؼ َدا ِإلَى َر ُ‬ ‫صبَ َح َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ش َّح نَ ْف ِس ِه فَؤُولَبِنَ ُه ُم ْال ُم ْف ِل ُحونَ (‪[ })5‬الحشر ‪:‬‬ ‫صةٌ َو َم ْن ٌُوقَ ُ‬ ‫صا َ‬ ‫علَى أ َ ْنفُ ِس ِه ْم َولَ ْو َكانَ بِ ِه ْم َخ َ‬ ‫َ‬
‫(ٕ)‬
‫‪. ]5‬‬
‫صابَنًِ‬ ‫َ‬
‫َّللا أ َ‬ ‫سو َل َّ ِ‬ ‫َّللا ‪ ‬فَمَا َل ‪ٌَ :‬ا َر ُ‬ ‫سو َل َّ ِ‬ ‫َ‬
‫ع ْن أبًِ ُه َرٌ َْرة َ ‪ ‬لَا َل ‪" :‬أت َى َر ُج ٌل َر ُ‬ ‫َ‬ ‫و َ‬
‫َّ‬
‫ضٌِّفُهُ َه ِذ ِه الل ٌْلَةَ‬ ‫َّللا ‪ : ‬أال َر ُج ٌل ٌُ َ‬ ‫َ‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫ش ٌْبًا ‪ ،‬فَمَا َل َر ُ‬ ‫سابِ ِه فَلَ ْم ٌَ ِج ْد ِع ْن َد ُه َّن َ‬ ‫س َل ِإلَى نِ َ‬ ‫ْال َج ْهدُ‪ ،‬فَؤ َ ْر َ‬
‫ْؾ‬ ‫ضٌ ُ‬ ‫َب ِإلَى أ َ ْه ِل ِه فَمَا َل ال ْم َرأَتِ ِه ‪َ :‬‬ ‫َّللا فَ َذه َ‬ ‫سو َل َّ ِ‬ ‫ار فَمَا َل ‪ :‬أَنَا ٌَا َر ُ‬ ‫ص ِ‬ ‫ام َر ُج ٌل ِم ْن ْاأل َ ْن َ‬ ‫َّللاُ ‪ ،‬فَمَ َ‬ ‫ٌَ ْر َح ُمهُ َّ‬
‫ص ْبٌَةُ‬ ‫َ‬
‫ص ْبٌَ ِة لَالَ‪ :‬فَإ ِ َذا أ َرا َد ال ِ ّ‬ ‫َّللاِ َما ِع ْندِي ِإ َّال لُوتُ ال ِ ّ‬ ‫ت ‪َ :‬و َّ‬ ‫ش ٌْبًا ‪ ،‬لَالَ ْ‬ ‫َّللاِ ‪ ‬ال تَد َِّخ ِرٌ ِه َ‬ ‫سو ِل َّ‬ ‫َر ُ‬
‫سو ِل‬ ‫علَى َر ُ‬ ‫الر ُج ُل َ‬ ‫ؼ َدا َّ‬ ‫ت ث ُ َّم َ‬ ‫َّ‬
‫س َرا َج َونَط ِوي بُطونَنَا الل ٌْلَةَ فَفَ َعلَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْال َعشَا َء فَن ّ َِو ِمٌ ِه ْم َوت َ َعالَ ًْ فَؤط ِفبًِ ال ِ ّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ع َّز َو َج َّل ‪{ :‬‬ ‫َّللاُ َ‬ ‫ض ِحنَ ِم ْن فُ َبل ٍن َوفُ َبلنَةَ فَؤ َ ْنزَ َل َّ‬ ‫ع َّز َو َج َّل أ َ ْو َ‬ ‫َّللاُ َ‬ ‫ب َّ‬ ‫ع ِج َ‬ ‫َّللا ‪ ‬فَمَا َل ‪ :‬لَمَ ْد َ‬ ‫َّ ِ‬
‫ش َّح نَ ْف ِس ِه فَؤولَبِنَ ُه ُم ال ُم ْف ِل ُحونَ (‪})5‬‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫صة َو َم ْن ٌُوقَ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫صا َ‬ ‫علَى أ ْنفُ ِس ِه ْم َولَ ْو َكانَ ِب ِه ْم َخ َ‬ ‫َ‬ ‫َوٌُإْ ثِ ُرونَ َ‬
‫"(ٖ)‬
‫[الحشر ‪. ]5 :‬‬
‫فلٌس فٌها ما هو صرٌح فً ولت نزولها على أنها نزلت لٌبلً ‪ ،‬ولكنها محتملة ‪ ،‬ألنه لد‬
‫ٌكون هنالن تراخٍ بٌن سبب النزول وولت النزول ‪.‬‬
‫تاسعا ً ‪ :‬سورة المنافمون ‪:‬‬
‫َّللا ‪‬‬ ‫سو ِل َّ ِ‬ ‫ي ِ َح َّدثَنَا زَ ٌْ ُد ب ُْن أ َ ْرلَ َم لَا َل ‪" :‬ؼَزَ ْونَا َم َع َر ُ‬ ‫س ْع ٍد ْاأل َ ْز ِد ّ‬ ‫ع ْن أ َ ِبً َ‬ ‫يِ َ‬ ‫س ِ ّد ّ‬ ‫ع ْن ال ُّ‬ ‫َ‬
‫ً‬ ‫َ ِ ٌّ‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ْر‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫كَ‬ ‫ب‬
‫ََ‬‫س‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬
‫ِ ِ‬ ‫ٌ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ا‬ ‫َّ‬ ‫ن‬‫و‬ ‫ُ‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫س‬
‫ْ‬ ‫ٌ‬
‫َ ُ َ ِ‬ ‫اب‬ ‫ْر‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫األ‬‫ْ‬ ‫انَ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫و‬ ‫ُ َ َ َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ء‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ال‬‫ْ‬ ‫ِر‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ب‬
‫ْ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ب‬
‫َ ِ‬ ‫ا‬ ‫ْر‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫األ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫م‬ ‫ٌ ِ‬ ‫َاس‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫َا‬ ‫َو َكانَ َمعَن‬
‫علَ ٌْ ِه َحتَّى ٌَ ِجً َء‬ ‫ط َع َ‬ ‫ارة ً َو ٌَجْ َع ُل النِّ ْ‬ ‫ض َو ٌَجْ َع ُل َح ْولَهُ ِح َج َ‬ ‫ً فٌََ ْم َؤل ُ ْال َح ْو َ‬ ‫ص َحا َبهُ فَ ٌَ ْسبَ ُك ْاألَع َْرا ِب ُّ‬ ‫أَ ْ‬
‫ع‬‫عهُ فَا ْنت َزَ َ‬ ‫ب فَؤ َ َبى أ َ ْن ٌَ َد َ‬ ‫ام نَالَ ِت ِه ِلت َ ْش َر َ‬ ‫ار أَع َْرابًٌِّا فَؤ َ ْرخَى ِز َم َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ص َحابُهُ ‪ ،‬لَا َل ‪ :‬فَؤَت َى َر ُج ٌل ِم ْن ْاأل َ ْن َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫َّللا بْنَ أبَ ّ‬ ‫ع ْب َد َّ ِ‬ ‫ش َّجهُ ‪ ،‬فَؤَت َى َ‬ ‫ي ِ فَ َ‬ ‫ار ّ‬ ‫ص ِ‬ ‫س ْاأل َ ْن َ‬ ‫ْ‬
‫ب ِب َها َرأ َ‬ ‫ض َر َ‬ ‫شبَتَهُ فَ َ‬ ‫ً َخ َ‬ ‫اء فَ َرفَ َع ْاألَع َْرابِ ُّ‬ ‫اض ْال َم ِ‬ ‫ِل َب َ‬
‫علَى َم ْن ِع ْن َد‬ ‫ً ث ُ َّم لَا َل ‪ :‬ال ت ُ ْن ِفمُوا َ‬ ‫َّللا ب ُْن أ ُ َب ّ‬ ‫ع ْب ُد َّ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫َض َ‬ ‫ص َحابِ ِه فَؽ ِ‬ ‫س ْال ُمنَا ِفمٌِنَ فَؤ َ ْخ َب َرهُ َو َكانَ ِم ْن أ َ ْ‬ ‫َرأْ َ‬
‫الط َع ِام‬ ‫َّللاِ ‪ِ ‬ع ْن َد َّ‬ ‫سو َل َّ‬ ‫ض ُرونَ َر ُ‬ ‫اب ‪َ ،‬و َكانُوا ٌَحْ ُ‬ ‫َّللا َحتَّى ٌَ ْنفَضُّوا ِم ْن َح ْو ِل ِه ‪ْ ٌَ .‬ع ِنً ْاألَع َْر َ‬ ‫سو ِل َّ ِ‬ ‫َر ُ‬
‫الطعَ ِام فَ ْلٌَؤ ُك ْل ُه َو َو َم ْن ِع ْن َدهُ ‪ ،‬ث ُ َّم لَا َل‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫َّللاِ إِ َذا ا ْنفَضُّوا ِم ْن ِع ْن ِد ُم َح َّم ٍد فَؤتُوا ُم َح َّمدًا بِ َّ‬ ‫ع ْب ُد َّ‬ ‫فَمَا َل َ‬
‫َّللاِ‬ ‫سو ِل َّ‬ ‫ْؾ َر ُ‬ ‫ع ُّز ِم ْن َها ْاأل َ َذ َّل ‪ ،‬لَا َل زَ ٌْ ٌد ‪َ :‬وأَنَا ِرد ُ‬ ‫ص َحابِ ِه ‪ :‬لَبِ ْن َر َج ْعنَا إِلَى ْال َمدٌِنَ ِة لٌَ ُْخ ِر َج َّن ْاأل َ َ‬ ‫ِأل َ ْ‬

‫(ٔ) إتمام الدراٌة لمراء النماٌة‪ ،‬للسٌوطً (ٔ ‪ ، )ٕٗ /‬واإلتمان فً علوم المرآن (ٔ ‪.)ٔٗٗ /‬‬
‫َّللا { َوٌُإْ ثِ ُرونَ َعلَى أ َ ْنفُ ِس ِه ْم َول ْوَ‬
‫(ٕ) أخرجه البخاري فً صحٌحه فً كتاب ‪ :‬منالب األنصار ‪ ،‬باب ‪ :‬لَ ْو ِل َّ ِ‬
‫صةٌ } ح رلم ‪. ٖ251‬‬
‫صا َ‬‫َكانَ بِ ِه ْم َخ َ‬
‫َّللاِ { َوٌُإْ ثِ ُرونَ َعلَى أَ ْنفُ ِس ِه ْم َول ْوَ‬ ‫َ‬
‫(ٖ) أخرجه البخاري فً صحٌحه فً كتاب ‪ :‬منالب األنصار ‪ ،‬باب ‪ :‬ل ْو ِل َّ‬
‫صةٌ } ح رلم ‪. ٗ115‬‬‫صا َ‬‫َكانَ بِ ِه ْم َخ َ‬
‫َّللاِ ‪‬‬ ‫سو ُل َّ‬ ‫س َل إِلَ ٌْ ِه َر ُ‬ ‫َّللا ‪َ ‬فؤ َ ْر َ‬ ‫سو َل َّ ِ‬ ‫طلَكَ َفؤ َ ْخبَ َر َر ُ‬ ‫ع ِ ّمً فَا ْن َ‬‫ً ٍ فَؤ َ ْخبَ ْرتُ َ‬ ‫َّللاِ بْنَ أُبَ ّ‬
‫ع ْب َد َّ‬ ‫س ِم ْعتُ َ‬ ‫‪ ‬فَ َ‬
‫ً فَمَالَ‪َ :‬ما أ َ َر ْدتَ إِ َّال أ ْنَ‬ ‫َ‬
‫ع ِ ّمً إِل َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫َّللاِ ‪َ ‬و َكذبَنًِ ‪ ،‬لا َل ‪ :‬فَ َجا َء َ‬ ‫سو ُل َّ‬ ‫ص َّدلهُ َر ُ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ؾ َو َج َح َد لا َل ‪ :‬فَ َ‬ ‫فَ َحلَ َ‬
‫علَى أ َ َح ٍد ‪ ،‬لَا َل ‪:‬‬ ‫ً ِم ْن ْال َه ِ ّم َما لَ ْم ٌَمَ ْع َ‬ ‫علَ َّ‬‫َّللاِ ‪َ ‬و َكذَّبَنَ َو ْال ُم ْس ِل ُمونَ ‪ ،‬لَالَ‪ :‬فَ َولَ َع َ‬ ‫سو ُل َّ‬ ‫َممَتَنَ َر ُ‬
‫َّللا ‪ ‬فَعَ َرنَ‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫سفَ ٍر لَ ْد َخفَمتُ بِ َرأ ِسً ِم ْن ال َه ِ ّم إِذ أت َانًِ َر ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّللا ‪ ‬فًِ َ‬ ‫سو ِل َّ ِ‬ ‫ٌر َم َع َر ُ‬ ‫فَبَ ٌْنَ َما أَنَا أ ِس ُ‬
‫َ‬
‫س ُّرنًِ أ َ َّن ِلً بِ َها ْال ُخ ْل َد فًِ ال ُّد ْنٌَا ث ُ َّم إِ َّن أَبَا بَ ْك ٍر لَ ِحمَنًِ فَمَا َل ‪َ :‬ما‬ ‫ض ِحنَ فًِ َوجْ ِهً فَ َما َكانَ ٌَ ُ‬ ‫أُذُنًِ َو َ‬
‫ض ِحنَ فًِ َوجْ ِهً ‪ ،‬فَمَا َل ‪:‬‬ ‫ع َرنَ أُذُنًِ َو َ‬ ‫ش ٌْبًا إِ َّال أَنَّهُ َ‬ ‫َّللا ‪ ‬؟ لُ ْلتُ ‪َ :‬ما لَا َل ِلً َ‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫لَا َل لَنَ َر ُ‬
‫ورة َ ْال ُمنَافِمٌِنَ‬ ‫س َ‬ ‫َّللا ‪ُ ‬‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫صبَحْ نَا لَ َرأ َ َر ُ‬ ‫ع َم ُر فَمُ ْلتُ لَهُ ِمثْ َل لَ ْو ِلً ِألَبًِ بَ ْك ٍر فَلَ َّما أ َ ْ‬ ‫أ َ ْب ِش ْر ث ُ َّم لَ ِحمَنًِ ُ‬
‫"(ٔ) ‪.‬‬
‫وفً ذلن دلٌل على نزولها لٌبلً وتبلوتها للناس بعد أن أصبحوا ‪ .‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫عاشرا ً ‪ :‬سورة المرسبلت ‪:‬‬
‫ت‬ ‫س َبل ِ‬ ‫ت َو ْال ُم ْر َ‬ ‫َار فَنَزَ لَ ْ‬ ‫َّللا ‪ ‬فًِ ؼ ٍ‬ ‫سو ِل َّ ِ‬ ‫َّللا بن مسعود ‪ ‬لَا َل ‪ُ :‬كنَّا َم َع َر ُ‬ ‫ع ْب ِد َّ ِ‬ ‫ع ْن َ‬ ‫َ‬
‫ت جُحْ َرهَا‬ ‫سبَمَتْنَا فَ َد َخلَ ْ‬ ‫ت َحٌَّة ِم ْن جُحْ ِرهَا فَا ْبت َ َد ْرنَاهَا ِلنَ ْمتُلَ َها فَ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬
‫ع ْرفًا فَإِنَّا لَنَتَلَمَّاهَا ِم ْن فٌِ ِه ِإذ خ ََر َج ْ‬ ‫ُ‬
‫(ٕ)‬
‫ت ش ََّر ُك ْم َك َما ُولٌِت ُ ْم ش ََّر َها " ‪.‬‬ ‫"ولٌَِ ْ‬
‫َّللاِ ‪ُ : ‬‬ ‫سو ُل َّ‬ ‫فَمَال َر ُ‬
‫ْ‬
‫َار بِ ِمنًى ِإذ نَزَ َل‬ ‫ً ِ ‪ ‬فًِ ؼ ٍ‬ ‫وفً رواٌة أخرى له فً البخاري ‪" :‬لَا َل بَ ٌْنَ َما نَحْ ُن َم َع النَّبِ ّ‬
‫ٌ‬
‫علَ ٌْنَا َحٌَّة فَمَا َل‬ ‫ت َ‬ ‫ْ‬
‫طبٌ ِب َها ِإذ َوثَبَ ْ‬ ‫ت َو ِإنَّهُ لٌََتْلُوهَا َوإِ ِنًّ َألَتَلَمَّاهَا ِم ْن فٌِ ِه َوإِ َّن فَاهُ لَ َر ْ‬ ‫سبل ِ‬ ‫علَ ٌْ ِه َو ْال ُم ْر َ‬ ‫َ‬
‫(ٖ)‬
‫ت ش ََّر ُك ْم َك َما ُولٌِت ُ ْم ش ََّرهَا" ‪.‬‬ ‫ً ‪ُ : ‬ولٌَِ ْ‬ ‫ت ‪ ،‬فَمَا َل النَّبِ ُّ‬ ‫ُ‬
‫ً ‪ : ‬ا ْلتُلوهَا فَا ْبت َ َد ْرنَاهَا فَ َذ َهبَ ْ‬ ‫النَّ ِب ُّ‬
‫لال السخاوي فً جمال المراء ‪ " :‬روي عن ابن مسعود أنها نزلت على رسول هللا ‪‬‬
‫لٌلة الجن بحراء "(ٗ) ‪.‬‬
‫لال السٌوطً ‪ " :‬للت هذا أثر ال ٌعرؾ ثم رأٌت فً صحٌح اإلسماعٌلً وهو‬
‫مستخرجه على البخاري أنها نزلت لٌلة عرفة بؽار منى ‪ ،‬وهو فً الصحٌحٌن بدون لوله لٌلة‬
‫عرفة ‪ ،‬والمراد بها لٌلة التاسع من ذي الحجة فإنها التً كان النبً ‪ٌ ‬بٌتها بمنى "(٘) ‪.‬‬
‫فإن صحت هذه الرواٌة تكون دلٌبلً على نزولها لٌبلً ‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫ولد ذكر أبو الماسم الحسن بن دمحم النٌسابوري (ت‪ )ٗٓٙ‬فً كتابه التنبٌه على فضل‬
‫علوم المرآن من وجوه شرؾ علوم المرآن؛ معرفة تفصٌل نزول المرآن الكرٌم زمانا‪ ،‬ومكانا‪،‬‬
‫وأوصافا‪ .‬فمال‪:‬‬
‫"من أشرؾ علوم المرآن علم نزوله وجهاته‪ ،‬وترتٌب ما نزل بمكة والمدنٌة‪ ،‬وما نزل بمكة‬
‫وحكمه مدنً‪ ،‬وما نزل بالمدٌنة وحكمه مكً‪ ،‬وما نزل بمكة فً أهل المدٌنة‪ ،‬وما نزل بالمدٌنة‬
‫فً أهل مكة‪ ،‬وما ٌشبه نزول المكً فً المدنً‪ ،‬وما ٌشبه نزول المدنً فً المكً‪ ،‬وما نزل‬
‫بالجحفة‪ ،‬وما نزل ببٌت الممدس‪ ،‬وما نزل بالطابؾ‪ ،‬وما نزل بالحدٌبٌة‪ ،‬وما نزل لٌبل‪ ،‬وما نزل‬
‫نهارا‪ ،‬وما نزل مشٌعا‪ ،‬وما نزل مفردا‪ ،‬واآلٌات المدنٌات‪ ،‬وما حمل من مكة إلى المدٌنة‪ ،‬وما‬

‫(ٔ) أخرجه الترمذي ح رلم ٖٖٖٔ ‪ ،‬والطبرانً فً المعجم الكبٌر ح ٔٗٓ٘‪ ،‬وابن أبً شٌبة فً مسنده ح رلم‬
‫ص ِحٌ ٌح‪ ،‬ولال األلبانً فً حكمه على أحادٌثه ‪ :‬صحٌح اإلسناد ‪.‬‬ ‫س ٌن َ‬ ‫ٕٔ٘ ولَا َل الترمذي ‪َ :‬هذَا َحد ٌ‬
‫ٌِث َح َ‬
‫س ِم ْن الد ََّوابّ ِ فَ َوا ِس ُك ٌُ ْمت َْلنَ فًِ ْال َح َر ِم ح رلم‬
‫(ٕ) أخرجه البخاري فً صحٌحه ‪ ،‬كتاب‪ :‬الحج ‪ ،‬باب ‪َ :‬خ ْم ٌ‬
‫‪.ٖٖٔ2‬‬
‫(ٖ) أخرجه البخاري فً كتاب ‪ :‬الحج ‪ ،‬باب ‪َ :‬ما ٌَ ْمت ُ ُل ْال ُمحْ ِر ُم ِم ْن الد ََّوابّ ِ ح رلم ٖٓ‪.ٔ1‬‬
‫(ٗ) جمال المراء وكمال اإللراء ( ٔ‪. ) ٔٗٙ /‬‬
‫(٘) اإلتمان فً علوم المرآن ( ٔ‪. ) ٘ٔ /‬‬
‫حمل من المدٌنة إلى مكة‪ ،‬وما حمل من المدٌنة إلى الحبشة‪ ،‬وما نزل مجمبل‪ ،‬وما نزل مفسرا‪،‬‬
‫وما اختلؾ فٌه فمال بعضهم‪ :‬مدنً‪ ،‬ولال بعضهم‪ :‬مكً‪ ،‬فهذه خمسة وعشرون وجها من لم‬
‫ٌعرفها‪ ،‬وٌمٌز بٌنها‪ ،‬لم ٌحل له أن ٌتكلم فً كتاب هللا تعالى"(ٔ)‪.‬‬
‫ولد فسرت وفصلت هذه األنواع مع التمثٌل لها بما وردت به الرواٌات فً البرهان للزركشً‪،‬‬
‫واإلتمان للسٌوطً‪ ،‬والزٌادة واإلحسان البن عمٌلة المكً مما ال حاجة معه لزٌادة الكبلم فً‬
‫بسطه ونمله"(ٕ)‪.‬‬
‫وما ذكره النٌسابوري هنا من وجوب معرفة هذه األنواع والتمٌٌز بٌنها وجعل ذلن‬
‫شرطا للتفسٌر ال ٌسلم له وفٌه نظر‪ .‬فلٌس كله مما له أثر فً التفسٌر‪.‬‬
‫مدة نزول المرآن الكرٌم ‪:‬‬
‫اختلؾ العلماء فً تحدٌد مدة نزول المرآن الكرٌم على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص على ألوال‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أنها ثمانً عشرة سنة‪ .‬روي هذا المول ؼٌر المشتهر عن الحسن ‪ .‬وأنه كان ٌمول ذكر‬
‫لنا أنه كان بٌن أوله وآخره ثمانً عشرة سنة‪ ،‬وأنه أنزل على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص ثمانً سنٌن فً مكة‬
‫لبل الهجرة وعشر سنٌن بعدها(ٖ)‪.‬‬
‫وهو لول ضعٌؾ ٌنتج عنه أن الرسول ملسو هيلع هللا ىلص توفً عن ثمان وخمسٌن سنة وهو ما لم ٌمل‬
‫به أحد‪.‬‬
‫(ٗ)‬
‫لال ابن عطٌة‪" :‬وهذا لول مختل ال ٌصح عن الحسن وهللا أعلم" ‪.‬‬
‫والثانً‪ :‬أنها عشرون سنة‪ :‬روي عن ابن عباس‪ ،‬وعكرمة‪ ،‬والشعبً ولتادة‪ ،‬واختاره ابن جزي‬
‫الكلبً (٘)‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬أنها ثبلث وعشرون سنة‪ .‬وهو لول الجمهور(‪.)ٙ‬‬
‫والرابع‪ :‬أنها خمس وعشرون سنة‪ .‬وهو لول من ٌذهب إلى أن الرسول ملسو هيلع هللا ىلص عاش خمسا وستٌن‬
‫سنة خبلفا للمشهور(‪.)2‬‬
‫وتجدر اإلشارة بؤن منشؤ هذا االختبلؾ ٌعود إلى عدة أسباب‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬الخبلؾ فً مدة إلامته‪-‬علٌه الصبلة والسبلم‪ -‬بمكة بعد البعثة‪ ،‬فمٌل‪ :‬ثمان‪ ،‬ولٌل عشر‪،‬‬
‫ولٌل ثبلث عشرة‪ ،‬ولٌل خمس عشرة سنة‪ .‬بناء على اختبلؾ الرواٌات فً ذلن‪ .‬فإذا أضٌؾ‬
‫إلٌها عشر سنٌن وهً مدة إلامته‪-‬علٌه الصبلة والسبلم‪-‬بالمدٌنة بعد الهجرة المتفك علٌها كما‬

‫(ٔ)التنبٌه على فضل علوم المرآن‪ .‬ألبً الماسم النٌسابوري‪ .‬منشور فً مجلة المورد العرالٌة‪ .‬بتحمٌك دمحم عبد‬
‫الكرٌم كاظم‪ .‬عدد (ٗ)‪ ،‬مجلد (‪ ،)ٔ2‬عام ‪ٔٗٓ5‬ه‪ .‬الصفحات (ٖ٘ٓ‪.)ٖٕٕ-‬‬
‫(ٕ) انظر البرهان للزركشً (ٔ ‪ ،)ٔ5ٕ /‬واإلتمان للسٌوطً (ٔ ‪ )-ٖٙ /‬والزٌادة واإلحسان البن عمٌلة المكً‬
‫(ٔ ‪.)ٕٖٙ /‬‬
‫(ٖ)انظر‪ :‬تفسٌر الطبري‪ ،)ٔ1ٓ-ٔ25 / ٔ٘(:‬والمحرر الوجٌز‪ ،)ٖ2٘ / ٔٓ( :‬وزاد المسٌر‪،)٘ / ٔ( :‬‬
‫والبحر المحٌط‪ ،)12 / ٙ( :‬وفضابل المرآن‪ ،‬البن الضرٌس ‪.)2ٗ(:‬‬
‫(ٗ) المحرر الوجٌز‪.ٖ٘2/ٔٓ:‬‬
‫(٘) تفسٌر ابن جزي الكلبً (ٔ ‪.)ٕٔٓ / ٗ ،ٙ /‬‬
‫(‪)ٙ‬انظر البرهان (ٔ ‪ ،)ٕٕ1 /‬واإلتمان ٔ ‪ ٔٗٙ /‬وانظر علوم المرآن من خبلل ممدمات التفاسٌر‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراه‪ ،‬د‪ .‬دمحم صفاء حمً‪.ٕٗٔ / ٕ ،‬‬
‫(‪)2‬انظر البرهان (ٔ ‪ ،)ٕٕ1 /‬واإلتمان ٔ ‪ ٔٗٙ /‬وانظر علوم المرآن من خبلل ممدمات التفاسٌر‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراه‪ ،‬د‪ .‬دمحم صفاء حمً‪.ٕٗٔ / ٕ ،‬‬
‫نص على ذلن ابن كثٌر حٌث لال‪" :‬أما إلامته بالمدٌنة عشرا فهذا مما ال خبلؾ فٌه‪ ،)ٔ("..‬فٌنتج‬
‫عن ذلن األلوال السابمة‪.‬‬
‫والثانً‪ :‬ومن األسباب كذلن‪ :‬اختبلؾ االعتبار الذي ٌبدأ منه حساب تلن المدة‪ ،‬هل هو من بداٌة‬
‫الرإٌا الصادلة‪ ،‬أو من البعثة التً تبلها فتور فً نزول الوحً‪ ،‬أو من الرسالة وتتابع الوحً‬
‫بعد ذلن‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬ومنها اٌضا‪ :‬التسامح والتساهل فً تحدٌد الولت‪ ،‬وجبر الكسور فً حساب السنوات‬
‫اختصارا وعادة‪ٌ ،‬مول ابن كثٌر ‪" :‬إن العرب كثٌرا ما ٌحذفون الكسور من كبلمهم"(ٕ)‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬ومنها‪ :‬الخبلؾ فً عمره ‪-‬علٌه الصبلة والسبلم‪ .-‬حٌث لٌل إنه ستون سنة‪ ،‬ولٌل ثبلث‬
‫وستون‪ ،‬ولٌل خمس وستون‪.‬‬
‫والمعتمد كما ٌمول ابن حجر أنه ملسو هيلع هللا ىلص عاش ثبلثا وستٌن سنة وأن ما ورد مما ٌخالؾ ذلن‬
‫فهو محمول إما على إلؽاء الكسر فً السنٌن أو جبر الكسر فً الشهور(ٖ)‪.‬‬
‫وأضاؾ ابن كثٌر معنى جدٌدا فً الجمع وهو‪ :‬اعتبار لرن جبرٌل بالرسول ملسو هيلع هللا ىلص فً‬
‫نزول ال وحً حٌث روي أنه لرن به علٌه السبلم مٌكابٌل فً ابتداء األمر‪ٌ .‬لمً إلٌه الكلمة‬
‫والشًء ثم لرن به جبرٌل(ٗ)‪.‬‬
‫كما أنه بعث ملسو هيلع هللا ىلص على رأس أربعٌن سنة‪ .‬كما لال النووي ‪" :‬واتفموا أنه ملسو هيلع هللا ىلص ألام بالمدٌنة‬
‫بعد الهجرة عشر سنٌن وبمكة لبل النبوة أربعٌن سنة وإنما الخبلؾ فً لدر إلامته بمكة بعد‬
‫النبوة ولبل الهجرة‪ .‬والصحٌح أنها ثبلث عشرة فٌكون عمره ثبلثا وستٌن وهذا الذي ذكرناه أنه‬
‫بعث على رأس أربعٌن سنة هو الصواب المشهور الذي أطبك علٌه العلماء"(٘)‪.‬‬
‫ولد حاول الشٌخ دمحم الخضري اختٌار تحدٌد دلٌك للمدة فذكر أن مدة ممامه صلى هللا‬
‫علٌه وسلم بمكة هً اثنتا عشرة سنة‪ ،‬وخمسة أشهر‪ ،‬وثبلثة عشر ٌوما من ٌوم ‪ٔ2‬رمضان سنة‬
‫ٔٗ من مٌبلده الشرٌؾ إلى أول ربٌع األول سنة ٗ٘ منه‪.‬‬
‫ومدة إلامته بالمدٌنة بعد الهجرة هً تسع سنوات‪ ،‬وتسعة أشهر‪ ،‬وتسعة أٌام من أول‬
‫ربٌع األول سنة ٘ٗ إلى تاسع ذي الحجة سنة ٖ‪ ٙ‬من مٌبلده الشرٌؾ‪ ،‬وهً سنة عشر من‬
‫هجرته ملسو هيلع هللا ىلص(‪.)ٙ‬‬
‫فصارت المدة بٌن مبتدأ التنزٌل ومختتمه اثنتان وعشرون سنة وشهران واثنان‬
‫وعشرون ٌوما(‪.)2‬‬
‫وهذا التحدٌد هو ما أشار إلٌه الشٌخ دمحم عبد العظٌم الزرلانً فً كتابه مناهل العرفان‬
‫حٌث ذكره وتعمبه فمال‪" :‬لكن هذا التحمٌك ال ٌزال فً حاجة إلى تحمٌمات ثبلث‪ :‬ذلن ألنه أهمل‬
‫من حسابه باكورة الوحً إلٌه ملسو هيلع هللا ىلص عن طرٌك الرإٌا الصادلة ستة أشهر على أنها ثابتة فً‬

‫(ٔ) فضابل المرآن البن كثٌر‪ .‬بتحمٌك‪ :‬ابن إسحاق الحوٌنً األثري‪.ٖٙ:‬‬
‫(ٕ) فضابل المرآن البن كثٌر‪.ٖٙ :‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬فتح الباري‪.ٗ/5 :‬‬
‫(ٗ)فضابل المرآن الكرٌم البن كثٌر‪ٖٙ:‬‬
‫(٘)شرح صحٌح مسلم للنووي (٘ٔ ‪ ،)55 /‬وانظر الزٌادة واإلحسان (ٔ ‪.)ٕٕ٘ /‬‬
‫(‪ )ٙ‬انظر تارٌخ التشرٌع اإلسبلمً للشٌخ دمحم الخضري بن‪ .‬ص‪ 1‬وتارٌخ المرآن ألبً عبد هللا الزنجانً‬
‫صٔ‪ .2‬فمد ذكر تحدٌد الفترة المكٌة كما هنا‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تارٌخ التشرٌع‪.٘:‬‬
‫الصحٌح‪ .‬ثم جرى فٌه على أنه ابتداء نزول المرآن كان لٌلة السابع عشر من رمضان وهً لٌلة‬
‫المدر على بعض اآلراء‪ ،‬ؼٌر أنه ٌخالؾ المشهور الذي ٌإٌده الصحٌح‪.‬‬
‫ثم ذهب فٌه مذهب المابلٌن بؤن آخر ما نزل من المرآن هو آٌة‪ { :‬الٌوم أكملت لكم دٌنكم‬
‫} [المابدة‪ ]ٖ :‬وذلن فً تاسع ذي الحجة سنة عشر من الهجرة‪ ،‬وسترى فً مبحث آخر ما نزل‬
‫من المرآن أن هذا المذهب ؼٌر صحٌح (ٔ)"(ٕ)‪.‬‬
‫ومما ٌعترض به على هذا التحدٌد أن ٌوم الفرلان ‪ٔ2‬رمضان هو ٌوم الجمعة ٌمول‬
‫الخضري عن ٌوم الفرلان‪ ،‬وٌوم ابتداء إنزال المرآن الكرٌم ‪...":‬فهما متحدان فً الوصؾ‪ ،‬وهو‬
‫أنهما جمٌعا ٌوافمان الجمعة ‪ ٔ2‬رمضان وإن لم ٌكونا فً سنة واحدة"(ٖ)‪.‬‬
‫والمول بؤن ٌوم ابتداء إنزال المرآن ٌوافك ٌوم الجمعة معارض لما ثبت فً صحٌح مسلم‬
‫عن ٌوم االثنٌن ولوله ملسو هيلع هللا ىلص حٌن سبل عنه‪ " :‬ذان ٌوم ولدت فٌه‪ ،‬وٌوم بعثت ‪ -‬أو أنزل علً فٌه‬
‫"(ٗ)‪.‬‬
‫كما حدد الشٌخ دمحم دمحم أبو شهبة مدة نزول المرآن الكرٌم بؤنها اثنتان وعشرون سنة‬
‫وخمسة أشهر‪ ،‬ونصؾ الشهر‪ .‬راعى فً هذا التحدٌد ما ذهب إلٌه الجمهور من أنه صلى هللا‬
‫علٌه وسلم ولد فً الثانً عشر من ربٌع األول عام الفٌل‪ ،‬وتوفً فً الثانً عشر أٌضا من ربٌع‬
‫األول عام إحدى عشرة من الهجرة‪.‬‬
‫وبٌن ذلن بؤن النبً ملسو هيلع هللا ىلص نبا على رأس األربعٌن من مٌبلده الشرٌؾ وذلن من الثانً‬
‫عشر من ربٌع األول ولد بدئ الوحً إلٌه بالرإٌا الصادلة ومكث على ذلن إلى السابع عشر من‬
‫رمضان وجملة ذلن ستة أشهر وخمسة أٌام حٌن نزل علٌه صدر سورة الرأ‪ .‬وآخر آٌة نزلت‬
‫علٌه من المرآن هً لوله تعالى‪ { :‬واتموا ٌوما ترجعون فٌه إلى هللا } اآلٌة [البمرة‪ ،]ٕ1ٔ :‬ولد‬
‫روي أن ذلن لبل وفاة النبً ملسو هيلع هللا ىلص بتسعة أٌام‪ ،‬ولٌل بؤحد عشر ٌوما‪ ،‬ولٌل بواحد وعشرٌن ٌوما‬
‫فلو أخذنا بالمتوسط تكون جملة المدة التً لم ٌنزل فٌها المرآن ستة أشهر وستة عشر ٌوما‪.‬‬
‫وجملة عمر ملسو هيلع هللا ىلص ثبلث وستون عاما‪ ،‬ومدة نبوته ثبلث وعشرون سنة فإذا أنمصنا منها ستة أشهر‬
‫وستة عشر ٌوما ٌكون البالً اثنتٌن وعشرٌن سنة وخمسة أشهر وأربعة عشر ٌوما‪.‬‬
‫ثم لال أبو شهبة بعد هذا معبرا عن فرحه به‪" :‬والحمد هلل الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي‬
‫لوال أن هدانا هللا‪ .‬ثم انتمد حساب الخضري السابك بؤنه بنً على أن آخر آٌة نزلت هً لوله‬
‫تعالى‪ { :‬الٌوم أكملت لكم دٌنكم } اآلٌة [المابدة‪.)٘("[ٖ :‬‬
‫وما ذكره أبو شهبة ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬من تحدٌد فٌه نظر كذلن‪ .‬إذ جعل ٌوم السابع عشر‬
‫من رمضان بداٌة إنزال المرآن على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص ولد تمدم أنه ٌوافك ٌوم الجمعة ‪ -‬على لول‬
‫الصحٌح‬ ‫فً‬ ‫ثبت‬ ‫ما‬ ‫ٌعارض‬ ‫بهذا‬ ‫وأنه‬ ‫‪-‬‬ ‫الخضري‬
‫وكذلن أنه بناه على األخذ بؤحد األلوال فً مدة بماء الرسول ملسو هيلع هللا ىلص بعد آخر آٌة نزلت علٌه دون‬

‫(ٔ )الصواب فً آخر ما نزل‪ ،‬لوله تعالى‪{ :‬واتموا ٌوما ترجعون فٌه إلى هللا ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم ال‬
‫ٌظلمون} [البمرة ‪]ٕ1ٔ /‬‬
‫(ٕ) مناهل العرفان‪.ٗ٘/ٔ:‬‬
‫(ٖ)تارٌخ التشرٌع ص‪ٙ،2:‬‬
‫(ٗ)أخرجه مسلم فً صحٌحه من حدٌث طوٌل (ٕ ‪ )1ٔ5 /‬رلم (ٕ‪ .)ٔٔٙ‬وراجع ص(‪.)ٗ5‬‬
‫(٘) المدخل لدراسة المرآن الكرٌم‪.٘٘،٘ٙ:‬‬
‫دراسة ترجٌحٌة له‪ .‬فٌبمى ملخص المول أن المدة نحوا من ثبلث وعشرٌن سنة تمرٌبا ال‬
‫تحدٌدا(ٔ)‪.‬‬
‫ٌوم إنزال المرآن‪:‬‬
‫الصحٌح أن أول ٌوم أنزل فٌه المرآن هو ٌوم االثنٌن‪ .‬لحدٌث أبً لتادة األنصاري‬
‫الصحٌح‪ ،‬وفٌه‪ :‬وسبل عن صوم ٌوم االثنٌن‪ .‬لال‪ " :‬ذان ٌوم ولدت فٌه‪ ،‬وٌوم بعثت ‪ -‬أو أنزل‬
‫علً فٌه "(ٕ)‪.‬‬
‫وفً رواٌة أخرى‪.. :‬فمال‪ " :‬فٌه ولدت‪ ،‬وفٌه أنزل علً"(ٖ)‪.‬‬
‫وأخرج الواحدي عن أبً لتادة ‪ ":‬أن رجبل لال لرسول هللا‪ :‬أرأٌت صوم ٌوم اإلثنٌن‪:‬‬
‫"لال فٌه أنزل علً المرآن "(ٗ)‪.‬‬
‫ولد ذكر ابن سعد فً طبماته عن ابن عباس لال‪" :‬نبا نبٌكم ملسو هيلع هللا ىلص ٌوم االثنٌن"(٘)‪.‬‬
‫وعن أنس لال‪ :‬استنبؤ النبً ملسو هيلع هللا ىلص ٌوم االثنٌن(‪.)ٙ‬‬
‫لال الواحدي ‪" :‬وأول ٌوم أنزل المرآن فٌه ٌوم االثنٌن"(‪.)2‬‬
‫وذكر البلمٌنً أنه ٌوم االثنٌن نهارا(‪.)1‬‬
‫ولذا لال ابن المٌم ‪ ":‬وال خبلؾ أن مبعثه ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬كان ٌوم االثنٌن"(‪.)5‬‬
‫ولال ابن كثٌر ‪" :‬وهكذا لال عبٌد بن عمٌر وأبو جعفر البالر وؼٌر واحد من العلماء‬
‫أنه ‪-‬علٌه الصبلة والسبلم‪ -‬أوحً إلٌه ٌوم االثنٌن‪ .‬وهذا ما ال خبلؾ فٌه بٌنهم"(ٓٔ)‪.‬‬
‫شهر إنزال المرآن الكرٌم ‪:‬‬
‫اختلؾ فً شهر إنزال المرآن الكرٌم على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬على ألوال‪:‬‬
‫(ٔٔ)‬
‫األول‪ :‬أنه شهر رجب‪ ،‬فً السابع عشر منه‪ .‬وهو لول ؼٌر مشهور لكنه مذكور ‪.‬‬
‫الثانً‪ :‬أنه فً شهر ربٌع األول‪ .‬لٌل فً أوله‪ ،‬والمشهور فً ثامنه سنة إحدى وأربعٌن من عام‬
‫الفٌل‪ .‬ولد جعله ابن المٌم لول األكثرٌن(ٕٔ)‪.‬‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬نزول المرآن الكرٌم والعناٌة به فً عهد النبً‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬عبدالودود ممبول حنٌؾ(بحث منشور فً الشبكة‬
‫االلكترونٌة)‪(.‬بتصرؾ بسٌط)‪.‬‬
‫(ٕ)أخرجه مسلم فً صحٌحه من حدٌث طوٌل‪ .‬كتاب الصٌام‪ ،‬باب استحباب صٌام ثبلثة أٌام‪ ،‬حدٌث ٕ‪،ٔٔٙ‬‬
‫(ٕ ‪.)1ٔ5 /‬‬
‫(ٖ)صحٌح مسلم (ٕ ‪.)1ٕٓ /‬‬
‫(ٗ)أسباب النزول للواحدي‪.ٔٗ-ٖٔ:‬‬
‫(٘)طبمات ابن سعد ‪.ٔ5ٖ / ٔ:‬‬
‫(‪ )ٙ‬طبمات ابن سعد ‪.ٔ5ٗ / ٔ:‬‬
‫(‪)2‬أسباب النزول للواحدي‪ .‬تحمٌك السٌد أحمد صمر ‪.ٖٔ:‬‬
‫(‪ )1‬فتح الباري‪.ٖ٘ٙ/ٕٔ:‬‬
‫(‪ )5‬زاد المعاد ‪ٔ1 / ٔ:‬‬
‫(ٓٔ) السٌرة النبوٌة البن كثٌر ‪.ٖ5ٕ / ٔ:‬‬
‫(ٔٔ)انظر‪ :‬فتح الباري ‪ -‬كتاب التعبٌر (ٕٔ ‪ .)ٖ٘2 /‬وزاد المعاد البن المٌم (ٔ ‪ .)ٔ1 /‬والزٌادة واإلحسان‬
‫البن عمٌلة المكً (ٔ ‪.)ٕ٘ٓ /‬‬
‫(ٕٔ)انظر المصادر السابمة‪.‬‬
‫ولٌل فً الثانً عشر من ربٌع األول ٌوم االثنٌن كما روي عن جابر وابن عباس أنهما‬
‫لاال‪ :‬ولد رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص عام الفٌل ٌوم االثنٌن الثانً عشر من شهر ربٌع األول‪ ،‬وفٌه بعث‪ ،‬وفٌه‬
‫عرج به إلى السماء‪ ،‬وفٌه هاجر‪ ،‬وفٌه مات(ٔ)‪.‬‬
‫وعن عبٌد هللا بن عبد هللا عن ابن عباس لال‪ :‬ولد رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ٌوم االثنٌن فً ربٌع‬
‫األول‪ ،‬وأنزلت علٌه النبوة ٌوم االثنٌن فً أول شهر بٌع األول وأنزلت علٌه البمرة فً ربٌع‬
‫األول(ٕ)‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أنه فً شهر رمضان‪ ،‬لال الواحدي ‪" :‬وأول شهر أنزل فٌه المرآن شهر رمضان"(ٖ)‪،‬‬
‫لال هللا تعالى‪ { :‬شهر رمضان الذي أنزل فٌه المرآن } [البمرة‪.]ٔ1٘ :‬‬
‫وجعله ابن كثٌر ‪ :‬المشهور‪ .‬فمال‪ :‬والمشهور أنه بعث علٌه الصبلة والسبلم فً شهر‬
‫رمضان كما نص على ذلن عبٌد بن عمٌر‪ ،‬ودمحم بن إسحاق وؼٌرهما"(ٗ)‪.‬‬
‫لال ابن المٌم ‪" :‬وإلٌه ذهب جماعة منهم ٌحٌى الصرصري حٌث ٌمول فً نونٌته‪ :‬شمس‬
‫النبوة منه فً رمضان‪ ،‬وأتت علٌه أربعون فؤشرلت"(٘)‪.‬‬
‫ولال ابن إسحاق ‪ :‬ابتدئ رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص بالتنزٌل فً رمضان ‪ -‬ثم استدل له فمال‪ -‬لال هللا‬
‫تعالى‪ { :‬شهر رمضان الذي أنزل فٌه المرآن } [البمرة‪ ]ٔ1٘ :‬ولال سبحانه‪ { :‬إنا أنزلناه فً لٌلة‬
‫المدر } [المدر‪ ]ٔ :‬ولال تعالى‪ { :‬إنا أنزلناه فً لٌلة مباركة }[الدخان‪.)ٙ(]ٖ:‬‬
‫واختلؾ فً أي األولات من رمضان‪ :‬فمٌل فً سابعه(‪ ،)2‬ولٌل فً الرابع عشر(‪ ،)1‬ولٌل‬
‫فً السابع عشر منه‪.‬‬
‫فمد أخرج ابن سعد عن الوالدي عن أبً جعفر البالر‪ ،‬لال نزل الملن على رسول هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص بحراء ٌوم االثنٌن لسبع عشرة خلت من شهر رمضان‪ .‬ورسول هللا ٌومٌبذ ابن أربعٌن سنة‪.‬‬
‫وجبرٌل الذي كان ٌنزل علٌه بالوحً(‪.)5‬‬
‫ولٌل فً الرابع والعشرٌن من رمضان‪ ،‬لال أبو عبد هللا الحلٌمً ‪ٌ" :‬رٌد لٌلة خمس‬
‫وعشرٌن"(ٓٔ)‪.‬‬
‫ولال ابن كثٌر ‪" :‬ولهذا ذهب جماعة من الصحابة والتابعٌن إلى أن لٌلة المدر لٌلة أربع‬
‫وعشرٌن"(ٔٔ)‪.‬‬

‫(ٔ)انظر السٌرة النبوٌة البن كثٌر (ٔ ‪ ،)ٔ55 /‬و(ٔ ‪ .)ٖ5ٕ /‬ولال‪ :‬رواه ابن أبً شٌبة فً مصنفه عن عفان‬
‫عن سعٌد بن مٌناء عنهما‪.‬‬
‫(ٕ)ذكره ابن كثٌر فً السٌرة النبوٌة (ٔ ‪ )ٕٓٓ /‬بسنده ولال عنه‪ :‬وهذا ؼرٌب جدا‪ ،‬رواه ابن عساكر‪.‬‬
‫(ٖ)أسباب النزول للواحدي‪.ٔٗ:‬‬
‫(ٗ)انظر السٌرة النبوٌة ‪.ٖ5ٕ / ٔ:‬‬
‫(٘) زاد المعاد ‪.ٔ1 / ٔ:‬‬
‫(‪)ٙ‬انظر‪ :‬مختصر السٌرة البن هشام (‪ )ٖ5‬والسٌرة النبوٌة للذهبً (٘‪.)2‬‬
‫(‪)2‬انظر فتح الباري (ٕٔ ‪)ٖ٘ٙ /‬‬
‫(‪)1‬انظر فتح الباري (ٕٔ ‪)ٖ٘ٙ /‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه ابن سعد فً الطبمات بسنده (ٔ ‪ .)ٔ5ٗ /‬وانظر‪ :‬السٌرة النبوٌة البن كثٌر (ٔ ‪ )ٖ5ٕ /‬والزٌادة‬
‫واإلحسان فً علوم المرآن البن عمٌلة المكً (ٔ ‪ .)ٕ٘ٔ-ٕ٘ٓ /‬وانظر‪ :‬تارٌخ التشرٌع للخضري (‪ .)ٙ،2‬فمد‬
‫ذكر هذا التارٌخ لكن جعله ٌوم الجمعة ‪.‬‬
‫(ٓٔ)المرشد الوجٌز ألبً شامة (ٖٔ)‪.‬‬
‫(ٔٔ) السٌرة النبوٌة البن كثٌر (ٔ ‪.)ٖ5ٕ /‬‬
‫واستدل لهذا بحدٌث واثلة بن األسمع (ٔ)‪.‬‬
‫وجعله السخاوي فً النزول المباشر على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص فمال بعد أن ساله بنحوه‪" :‬فهذا‬
‫اإلنزال ٌرٌد به ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص أول نزول المرآن علٌه‪ -‬ثم لال‪ :‬ولوله عز وجل‪ { :‬إنا أنزلناه فً لٌلة المدر‬
‫} ٌشمل اإلنزالٌن" (ٕ)‪.‬‬
‫أما البٌهمً فمد حمل حدٌث واثلة بن األسمع على أن المراد به اإلنزال جملة فمال‪" :‬للت‪:‬‬
‫وإنما أراد ‪ -‬وهللا أعلم ‪ -‬نزول الملن بالمرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنٌا"(ٖ)‪.‬‬
‫وٌشهد لهذا المعنى ما رواه ابن أبً شٌبة عن أبً لبلبة لال‪.." :‬أنزلت الكتب كاملة لٌلة‬
‫أربع وعشرٌن من رمضان‪.)ٗ("..‬‬
‫ولد ذهب صفً الرحمن المباركفوري فً كتابه الرحٌك المختوم إلى تحدٌد دلٌك‪ ،‬ورأي‬
‫جدٌد وهو أن ٌوم نزول المرآن وشهره كان ٌوم االثنٌن إلحدى وعشرٌن مضت من رمضان‬
‫لٌبل‪ .‬الموافك عشرة أؼسطس سنة ٓٔ‪ٙ‬م‪ ،‬وكان عمره ملسو هيلع هللا ىلص إذ ذان أربعون سنة لمرٌة وستة‬
‫أشهر ؤٕ ٌوما‪ ،‬وذلن نحو ‪ ٖ5‬سنة شمسٌة وثبلثة أشهر وٕٕ ٌوما‪.‬‬
‫وهو لول لم ٌمل به أحد لبله ولد بناه على ما ٌؤتً(٘)‪:‬‬
‫أوال‪ :‬كونه ٌوم االثنٌن بناء على ما صح من حدٌث أبً لتادة األنصاري وفٌه ذان ٌوم ولدت‬
‫فٌه‪ ،‬وٌوم بعثت أو أنزل علً فٌه‪ ،‬وهو ما اتفك علٌه أهل السٌر‪.‬‬
‫ثانٌا‪ :‬وكونه شهر رمضان عمبل باآلٌات الثبلث فً سور‪ :‬البمرة‪ ،‬الدخان‪ ،‬والمدر‪ .‬وكونه شهر‬
‫الجوار والتحنث بحراء‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬كونه إلحدى وعشرٌن مضت من رمضان‪ .‬بناء على أن حساب التموٌم العلمً لذلن الشهر‬
‫فً تلن السنة ال ٌوافك ٌوم االثنٌن إال ٌوم السابع‪ ،‬والرابع عشر‪ ،‬والحادي والعشرٌن‪ ،‬والثامن‬
‫والعشرٌن‪ .‬وألن لٌلة المدر إنما تمع فً الوتر من لٌالً العشر من شهر رمضان‪ ،‬تعٌن كون ذلن‬
‫ٌوم واحد وعشرٌن(‪.)ٙ‬‬
‫وهذا جهد طٌب ومنهج جٌد فً التحدٌد إال أنه ٌرد علٌه ما ٌؤتً(‪:)2‬‬

‫(ٔ)أخرجه أحمد فً المسند (ٗ ‪ )ٔٓ2 /‬وأبو عبٌد فً فضابل المرآن (‪ )ٖٙ1‬وأخرجه ابن الضرٌس بسنده عن‬
‫أبً الخلد (ٗ‪ )2‬بزٌادة فً آخره‪ .‬وابن جرٌر فً تفسٌره (ٕ ‪ .)ٔٗ٘ /‬والواحدي فً أسباب النزول (ٗٔ)‪.‬‬
‫والطبرانً فً المعجم الكبٌر (ٕٕ ‪ )2٘ /‬حدٌث (٘‪ .)ٔ1‬ؼٌر أنه ولع فً النسخة‪« :‬وأنزل المرآن ألربع‬
‫عشرة» بدال من أربع وعشرٌن‪ .‬فلعله خطؤ‪ .‬وذكره األلبانً فً الصحٌح رلم (٘‪ )ٔ٘2‬ولال عنه‪« :‬هذا إسناد‬
‫حسن‪ ،‬رجاله ثمات‪ ،‬وفً المطان كبلم ٌسٌر‪ ،‬وله شاهد من حدٌث ابن عباس مرفوعا نحوه‪ ،‬وأخرجه البٌهمً فً‬
‫األسماء والصفات (‪ ،)ٔ،ٖٙ2‬ولال عنه‪ :‬خالفه عبٌد هللا بن أبً حمٌد ولٌس بالموي فرواه عن أبً الملٌح عن‬
‫جابر بن عبد هللا من لوله‪ .‬ورواه إبراهٌم بن طهمان عن لتادة من لوله لم ٌجاوز به إال أنه لال‪ :‬الثنتً عشرة‬
‫» وكذلن وجده جرٌر بن حازم فً كتاب أبً لبلبة دون ذكر صحؾ إبراهٌم‪ .‬وانظر السٌرة النبوٌة البن كثٌر‬
‫(ٔ ‪ .)ٖ5ٖ /‬وتفسٌر الماوردي بتحمٌك الباحث (ٕ ‪ )٘ٙ5 /‬والمرشد الوجٌز (ٕٔ) والزٌادة واإلحسان البن‬
‫عمٌلة المكً (ٔ ‪.)ٕٕ٘ /‬‬
‫(ٕ)جمال المراء‪)ٕٕ / ٔ( :‬‬
‫(ٖ) األسماء والصفات للبٌهمً (ٔ ‪ ،)ٖٙ2 /‬والمرشد الوجٌز (ٗٔ)‪.‬‬
‫(ٗ)المرشد الوجٌز ‪.ٖٔ:‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬نزول المرآن الكرٌم والعناٌة به فً عهد لرسول‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪.ٙٗ:-‬‬
‫(‪)ٙ‬انظر‪ :‬الرحٌك المختوم ص(‪ )ٙٙ‬وحاشٌته (ٕ)‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬نزول المرآن الكرٌم والعناٌة به فً عهد لرسول‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪.ٙٗ:-‬‬
‫أوال‪ :‬أن كون ذلن ٌوم االثنٌن إلحدى وعشرٌن مضت من شهر رمضان لٌبل‪ٌ .‬جعل تلن اللٌلة‬
‫هً لٌلة الثبلثاء اثنتٌن وعشرٌن فبل تصٌر بذلن من لٌالً الوتر التً تتحرى بها لٌلة المدر‪.)ٔ(.‬‬
‫ثانٌا‪ :‬أن االستدالل باآلٌات الثبلث فً سور‪ :‬البمرة‪ ،‬والدخان‪ ،‬والمدر‪ .‬على ابتداء النزول لٌس‬
‫صرٌحا‪ ،‬ولد فسرت بؤن المراد بها النزول جملة إلى السماء الدنٌا‪ .‬وهو ما ٌتفك مع الرواٌات‬
‫األخرى الواردة عن ابن عباس وؼٌره فً ذلن‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أن حمله تلن اآلٌات على ابتداء النزول ٌعنً أن لٌلة المدر صارت معروفة على وجه‬
‫الٌمٌن ألن معرفة ابتداء نزول المرآن مٌسور للصحابة رضً هللا عنهم لو تعلك به أمر تعٌٌن‬
‫لٌلة المدر التً هً خٌر من ألؾ شهر‪ .‬ومعلوم أنها لد أخفٌت عٌنها‪ .‬فاختلؾ فً تحدٌدها‪ .‬وإذا‬
‫سلم هذا اإلٌراد كان دلٌبل على نزول المرآن فً ؼٌر شهر رمضان‪ .‬وكان ترجٌحا للمول بنزوله‬
‫فً شهر ربٌع األول إال أن تكون لٌلة تسع وعشرٌن على ما ذكر من الحساب‪.‬‬
‫ولد رجح ابن حجر كون ابتداء النزول فً رمضان فمال‪" :‬للت‪ :‬ورمضان هو الراجح‬
‫لما تمدم من أنه الشهر الذي جاء فٌه الرسول ملسو هيلع هللا ىلص حراء فجاءه الملن وعلى هذا ٌكون سنه حٌنبذ‬
‫أربعٌن سنة وستة أشهر"(ٕ)‪.‬‬
‫كما رجح فً موضع آخر أنه فً آخر شهر رمضان ولم ٌحدده بتارٌخ فمال‪.." :‬فٌستفاد‬
‫من ذلن أن ٌكون آخر شهر رمضان‪ ،‬وهو لول آخر ٌضاؾ لما تمدم ولعله أرجحها"(ٖ)‪.‬‬
‫وجعل ابن حجر شهر رمضان زمانا لنزول المرآن جملة‪ ،‬ونزوله مفرلا أٌضا‪ ،‬فمال عن‬
‫حدٌث مدارسة جبرٌل علٌه السبلم للرسول ملسو هيلع هللا ىلص للمرآن "‪..‬وفٌه إشارة إلى أن ابتداء نزول المرآن‬
‫كان فً شهر رمضان ألن نزوله إلى السماء الدنٌا جملة واحدة كان فً رمضان كما ثبت من‬
‫حدٌث ابن عباس"(ٗ)‪.‬‬
‫وذكر ابن عرفة فً تفسٌره مثل هذا التوجٌه بعد أن ساق بعض األلوال فً معنى لوله‬
‫تعالى‪ { :‬أنزل فٌه المرآن } لال‪" :‬لال الضحان ‪ :‬أنزل المرآن فً فرضه وتعظٌمه‪ ،‬والحض‬
‫علٌه‪ .‬ولٌل‪ :‬الذي أنزل المرآن فٌه‪ .‬لال ابن عرفة ‪ :‬وال ٌبعد أن ٌراد األمران فٌكون أنزل المرآن‬
‫فٌه تعظٌما له وتشرٌفا‪ ..‬ولٌل‪ :‬أنزل فٌه المرآن جملة إلى سماء الدنٌا‪ .‬لال ابن عرفة فالمرآن‬
‫على هذا االسم للكل‪ ،‬وعلى المول الثانً‪ :‬بؤنه أنزل فٌه بعضه ٌكون المرآن اسم جنس ٌصدق‬
‫على الملٌل والكثٌر"(٘)‪.‬‬
‫وإلى مثل ذلن ذهب أبو شامة فً تعلٌمه على ما نسب للشعبً من أن هللا عز وجل ابتدأ‬
‫إنزال المرآن فً لٌلة المدر فمال‪" :‬هو إشارة إلى ابتداء إنزال المرآن على النبً ملسو هيلع هللا ىلص فإن ذلن كان‬
‫وهو متحنث بحراء فً شهر رمضان ‪ -‬ثم لال ‪ -‬ولد بٌنت ذلن فً شرح حدٌث المبعث‬
‫وؼٌره(‪.)ٙ‬‬

‫(ٔ)ٌصدق تعلٌله على ما ذكره من موافمة ٌوم االثنٌن لثمان وعشرٌن من رمضان حٌث تكون لٌلة تسع‬
‫وعشرٌن‪ .‬وهً من لٌالً الوتر‪ ،‬ولكنه لم ٌذكره ولم ٌختره‪.‬‬
‫(ٕ) فتح الباري‪ ،‬كتاب التعبٌر ‪.ٖ٘ٙ / ٕٔ:‬‬
‫(ٖ) فتح الباري‪ ،‬كتاب التعبٌر ‪.ٖ٘2 / ٕٔ:‬‬
‫(ٗ) فتح الباري‪ ،‬كتاب بدء الوحً ‪.ٖٔ / ٔ:‬‬
‫(٘)تفسٌر ابن عرفة برواٌة تلمٌذه األبً ‪.ٖ٘5 / ٕ:‬‬
‫(‪)ٙ‬كتاب للمإلؾ سماه فً كتابه الذٌل على الروضتٌن‪ :‬شرح الحدٌث الممتفى فً مبعث النبً المصطفى‪ .‬انظر‬
‫المرشد الوجٌز (ٕٓ) حاشٌة (ٕ)‪.‬‬
‫وهذا وإن كان األمر فٌه كذلن إال أن تفسٌر اآلٌة به بعٌد مع ما لد صح من اآلثار عن‬
‫ابن عباس ‪ :‬أنه نزل جملة إلى السماء الدنٌا" (ٔ)‪ ،‬ففرق أبو شامة بهذا بٌن جعل رمضان شهر‬
‫نزول المرآن واالستدالل له باآلٌات‪.‬‬
‫ولال فً موضع آخر مبٌنا صلة شهر رمضان بالمرآن‪ ..." :‬وٌجوز أن ٌكون لوله‪{ :‬‬
‫أنزل فٌه المرآن } إشارة إلى كل ذلن‪ ،‬وهو كونه أنزل جملة إلى السماء الدنٌا‪ ،‬وأول نزوله إلى‬
‫األرض‪ ،‬وعرضه وإحكامه فً شهر رمضان‪ .‬فموٌت مبلبسة شهر رمضان للمرآن‪ :‬إنزاال جملة‬
‫وتفصٌبل وعرضا وإحكاما فلم ٌكن شًء من األزمان تحمك له من الظرفٌة للمرآن ما تحمك‬
‫لشهر رمضان فلمجموع هذه المعانً لٌل‪ { :‬أنزل فٌه المرآن }(ٕ)‪.‬‬
‫ممدار التنزٌل‪:‬‬
‫لمد ثبت نزول المرآن الكرٌم على الرسول ملسو هيلع هللا ىلص منجما مفرلا ابتداء أو حسب الحاجة‬
‫والولابع‪ .‬وؼالب المرآن الكرٌم نزل آٌات مفرلات وبعضه نزل سورا كاملة‪ ،‬ونزلت سورتان‬
‫من لصار السور معا هما المعوذتان‪.‬‬
‫فؤول ما نزل من المرآن الكرٌم اآلٌات الخمس األولى من سورة العلك‪ .‬وهً لوله‬
‫تعالى‪ { :‬الرأ باسم ربن الذي خلك }{ خلك اإلنسان من علك }{ الرأ وربن األكرم }{ الذي علم‬
‫بالملم }{ علم اإلنسان ما لم ٌعلم } ثم نزل بالٌها بعد نزول سورة المدثر‪.‬‬
‫كما نزلت الخمس اآلٌات األولى من سورة الضحى إلى لوله‪ { :‬ولسوؾ ٌعطٌن ربن‬
‫فترضى } وصح نزول عشر آٌات من لصة اإلفن جملة واحدة من سورة النور‪ .‬وصح كذلن‬
‫نزول عشر آٌات جملة من أول سورة المإمنون‪ .‬ونزلت آٌة { الٌوم أكملت لكم دٌنكم } (المابدة‪:‬‬
‫ٖ) فً عرفة فً ٌوم جمعة‪.‬‬
‫وصح نزول لوله { ؼٌر أولً الضرر } وحدها‪ ،‬وهً بعض آٌة‪ .‬فمد أخرج البخاري‬
‫من حدٌث البراء بن عازب رضً هللا عنه لال‪ :‬لما نزلت‪ { :‬ال ٌستوي الماعدون من المإمنٌن }‬
‫(النساء‪ )5٘ :‬دعا رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص زٌدا فكتبها فجاء ابن أم مكتوم فشكا ضرارته‪ :‬فؤنزل هللا‪ { :‬ؼٌر‬
‫أولً الضرر } (ٖ)‪.‬‬
‫وكذا لوله‪ { :‬وإن خفتم عٌلة فسوؾ ٌؽنٌكم هللا من فضله إن شاء إن هللا علٌم حكٌم }‬
‫(التوبة‪ )ٕ1 :‬نزلت بعد نزول أول اآلٌة ‪ ،‬فهً بعض آٌة (ٗ)‪.‬‬
‫ولد تنزل السورة كاملة ومن ذلن سورة الفاتحة‪ ،‬واإلخبلص‪ ،‬والكوثر‪ ،‬والمسد‪،‬‬
‫والنصر‪ ،‬والمرسبلت‪ ،‬والصؾ‪ ..‬وؼٌرها(٘)‪.‬‬
‫وأما ما ورد من نزول سورة األنعام جملة ٌشٌعها سبعون ألؾ ملن‪ .‬فلم ٌخل من‬
‫خبلؾ‪ .‬فمد لال ابن الصبلح فً فتاوٌه‪" :‬الحدٌث الوارد فً أنها نزلت جملة روٌناه من طرٌك‬
‫أبً بن كعب وفً إسناده ضعؾ‪ ،‬ولم نر له إسنادا صحٌحا‪ .‬ولد روي ما ٌخالفه فروي أنها لم‬

‫(ٔ)المرشد الوجٌز ألبً شامة الممدسً ‪.ٕٓ:‬‬


‫(ٕ)المرشد الوجٌز ألبً شامة الممدسً ‪.ٕٗ:‬‬
‫(ٖ)أخرجه البخاري‪ .‬كتاب التفسٌر‪ ،‬باب ‪ ٔ1‬ال ٌستوي الماعدون من المإمنٌن‪ )-ٔ1ٕ / ٘( ..‬وانظر‪ :‬سنن أبً‬
‫داود (ٖ ‪ )ٔ2 /‬والمرشد الوجٌز (ٖٗ‪ )-‬وأسباب النزول للواحدي (‪ )-ٔٙ1‬وانظر اإلتمان (ٔ ‪.)ٔ٘٘ /‬‬
‫(ٗ)انظر تفسٌر الطبري (ٗٔ ‪ .)ٔ5ٗ /‬والتبٌان للشٌخ طاهر الجزابري (‪.)٘5‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬اإلتمان (ٔ ‪ .)ٖٔٙ /‬والزٌادة واإلحسان (ٔ ‪.)ٖ55 /‬‬
‫تنزل جملة واحدة بل نزلت آٌات منها بالمدٌنة اختلفوا فً عددها‪ ،‬فمٌل ثبلث‪ ،‬ولٌل‪ :‬ست‪ ،‬ولٌل‬
‫ؼٌر ذلن(ٔ)‪.‬‬
‫ولد لال ابن عمٌلة المكً فً توجٌه هذا االعتراض‪ .‬بؤن نزول ؼالبها فً حكم نزولها‬
‫كلها‪ .‬لال‪" :‬ألول‪ :‬من لال‪ :‬إن السورة نزلت كلها فإنما ٌعنً ‪ -‬وهللا أعلم‪ -‬الؽالب‪ ،‬وال ٌضر أن‬
‫ٌنزل بعضها بعد ذلن وتمامها‪ ،‬فإن المرآن ؼالبه إنما ٌنزل مفرلا آٌات‪ .‬ومثل هذه السورة‬
‫العظٌمة إذا نزل ؼالبها فٌحكم لها بالكل‪ ،‬فإنه نادر الولوع" (ٕ)‪.‬‬
‫ولد نزلت سورتا المعوذتٌن معا بسبب سحر لبٌد بن األعصم الٌهودي لرسول هللا صلى‬
‫هللا علٌه وسلم فؤنزل هللا جل شؤنه المعوذتٌن فمرأهما وتعوذ بهما فانحل السحر(ٖ)‪.‬‬
‫فتبٌن مما سبك أن المرآن نزل مفرلا‪ :‬اآلٌة ‪ ،‬واآلٌتان‪ ،‬والخمس‪ ،‬والعشر‪ ،‬وألل وأكثر‪.‬‬
‫كما نزل جزء اآلٌة ‪ .‬ونزلت سورة كاملة‪ ،‬ونزلت سورتا المعوذتٌن معا‪.‬‬
‫وال شن أن هذه المتابعة الدلٌمة من لبل العلماء لجزبٌات نزول المرآن الكرٌم فً ولته‪،‬‬
‫وصفته‪ ،‬وممداره‪ ،‬وٌوم إنزاله‪ ،‬وشهره‪ ،‬وكون ذلن لٌبل ونهارا‪ ،‬حضرا وسفرا؛ دلٌل عناٌة‬
‫األمة البالؽة بالمرآن الكرٌم التً مٌز هللا بها كتابه فصارت من خصابصه التً تفرد بها‪ ،‬وجعلها‬
‫هللا وسٌلة حفظ كتابه الذي تكفل به فً لوله سبحانه‪ { :‬إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }‬
‫[الحجر‪.]5:‬‬
‫كما كان الرسول ملسو هيلع هللا ىلص ٌتلمى المرآن من جبرٌل فٌحفظه وال ٌنساه { سنمربن فبل تنسى }‬
‫فٌبلؽه أصحابه‪ ،‬وٌحفظهم إٌاه‪ ،‬وٌؤمرهم بكتابته‪ .‬فتوفر للمرآن الكرٌم بالػ العناٌة به‪ ،‬وكامل‬
‫وسابل حفظه‪ ،‬والمحافظة علٌه‪ .‬وتلن نعمة ومنة من هللا تعالى على الناس ولكن أكثر الناس ال‬
‫ٌعلمون‪ ،‬وال ٌشكرون(ٗ)‪.‬‬
‫ثالثا‪ -:‬مراحل جمع المرآن الكرٌم وترتٌبه‬
‫المراد بجمع المرآن عند العلماء أحد معنٌٌن ‪ :‬أولهما الحفظ‪ ،‬وهذا المعنى هو الذي ورد‬
‫فً لوله عز وجل فً خطابه لنبٌه ملسو هيلع هللا ىلص «ال تحرن به لسانن لتعجل به إن علٌنا جمعه ولرآنه فإذا‬
‫لرأناه فاتبع لرآنه ثم إن علٌنا بٌانه»(٘)‪.‬‬
‫وثانٌهما ‪ :‬الكتابة والتدوٌن‪ ،‬أي كتابة المرآن كله مفرق اآلٌات والسور‪ ،‬أو مرتب اآلٌات والسور‬
‫فً صحابؾ مجتمعة تضم السور جمٌعا‪.ٙ‬‬
‫ولد اجتمع للمرآن الكرٌم ما لم ٌجتمع لؽٌره من الكتب السابمة فاعتمد فً طرٌمة نمله المشافهة‬
‫والحفظ والكتابة والتدوٌن‪ ،‬وتعتبر مسؤلة المشافهة والحفظ وهً أولى مراحل الجمع‪ ،‬من أعظم‬
‫خصٌصة شرفت بها األمة اإلسبلمٌة دون سابر الملل والنحل‪.‬‬
‫جمع المرآن فً عهد النبً ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬

‫(ٔ) فتاوى ابن الصبلح (ٔ ‪ ،)ٕٗ1 /‬والبرهان (ٔ ‪ ،)ٔ55 /‬واإلتمان (ٔ ‪.)ٖٔ2 /‬‬
‫(ٕ) الزٌادة واإلحسان (ٔ ‪.)ٗٓٔ /‬‬
‫(ٖ)انظر‪ :‬أسباب النزول للواحدي‪ )٘ٔ٘( .‬والجامع ألحكام المرآن (ٕٓ ‪ ،)ٕ٘ٗ /‬والزٌادة واإلحسان (ٔ ‪/‬‬
‫٘ٓٗ)‪.‬‬
‫(ٗ)انظر‪ :‬نزول المرآن الكرٌم والعناٌة به فً عهد لرسول‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،2ٔ-ٙ1:-‬والزٌادة واإلحسان‪.ٗٓ٘/ٔ:‬‬
‫٘ ‪ :‬المٌامة اآلٌات ‪.ٔ1 - ٔ2 - ٔٙ :‬‬
‫‪ : ٙ‬أنظر مباحث فً علوم المرآن لمناع المطان ص ‪ ٔٔ5‬وكذلن اإلتمان للسٌوطً‪.‬‬
‫اعتبرت طرٌمة الحفظ‪ ‬والمشافهة الوسٌلة الوحٌدة التً اعتمد علٌها فً جمع المرآن‬
‫الكرٌم فً العهد النبوي‪ ،‬فالمرآن الكرٌم لما نزل بروعة نظمه ونماء ألفاظه وشدة تؤثٌره على‬
‫العمول والمشاعر اشتد اهتمام العرب به‪ ،‬وخاصة الذٌن كانوا من السابمٌن إلى اإلٌمان به‪،‬‬
‫وكانوا ٌترلبون كل جدٌد ٌنزل به الوحً ٌجمعون بٌن حفظه والعمل به‪ ،‬وهكذا اهتم جم ؼفٌر‬
‫من الصحابة كالخلفاء األربعة ومعاذ بن جبل وزٌد بن ثابت ‪ ...‬بجمع المرآن الكرٌم وحفظه‪،‬‬
‫وكان النبً ملسو هيلع هللا ىلص كلما نزل علٌه شًء من الوحً أمر كتبة الوحً بكتابته فورا‪ ،‬سماعا من فمه ثم‬
‫ٌنتشر ما نزل بٌن الناس‪ ،‬فكانت العبللة بٌن المسلمٌن وكتاب ربهم هً الحفظ استنادا لما سمعوه‬
‫من فً رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬وهذه خصٌصة خص هللا بها األمة الدمحمٌة‪ .‬لال بن الجزري ‪« :‬إن‬
‫االعتماد فً نمل المرآن على حفظ الملوب والصدور ال على خط المصاحؾ والكتب أشرؾ‬
‫خصٌصة من هللا تعالى لهذه األمة»(ٔ)‪.‬‬
‫ومع حرص الصحابة على مدارسة المرآن واستظهاره‪ ،‬فإن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص كان ٌشجعهم‬
‫على ذلن‪ ،‬وٌختار لهم من ٌعلمهم المرآن‪ ،‬عن عبادة بن الصامت لال ‪« :‬كان الرجل إذا هاجر‬
‫دفعه النبً ملسو هيلع هللا ىلص إلى رجل منا ٌعلمه المرآن‪ ،‬وكان ٌسمع لمسجد رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ضجة بتبلوة‬
‫المرآن‪ ،‬حتى أمرهم رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص أن ٌخفضوا أصواتهم لببل ٌتؽالطوا»(ٕ)‪.‬‬
‫وكان الصحابة ٌعرضون على رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ما لدٌهم من المرآن حفظا وكتابة‪ ،‬ولم تكن‬
‫الوثابك‪ ‬التً كتبوها فً العهد النبوي مجتمعة فً مصحؾ عام بل عند هذا ما لٌس عند ذان‪،‬‬
‫وهذا ٌعزى إلى اختبلؾ لراءات الصحابة لكون المرآن أنزل على سبعة أحرؾ‪.‬‬
‫ولبض النبً علٌه الصبلة والسبلم والمرآن محفوظ فً الصدور ومكتوب فً الصحؾ‪،‬‬
‫مفرق اآلٌات والسور‪ ،‬أو مرتب اآلٌات فمط وكل سورة فً صحٌفة على حدة‪ ،‬باألحرؾ السبعة‬
‫الواردة‪ ،‬ولم ٌجمع فً مصحؾ عام‪ ،‬حٌث كان المرآن ٌنزل فٌحفظه المراء وٌكتبه الكتبه‪ ،‬ولم‬
‫تدع الحاجة إلى تدوٌنه فً مصحؾ واحد‪ ،‬ألنه علٌه الصبلة والسبلم كان ٌترلب نزول الوحً‬
‫من حٌن آلخر‪ ،‬ولد ٌكون منه الناسخ لشًء نزل من لبل‪ ،‬وكتابة المرآن لم ٌكن ترتٌبها بترتٌب‬
‫النزول بل تكتب اآلٌة بعد نزولها حٌث ٌشٌر ملسو هيلع هللا ىلص إلى موضع كتابتها بٌن آٌة كذا وآٌة كذا فً‬
‫سورة كذا لال الزركشً‪« :‬وإنما لم ٌكتب فً عهد النبً ملسو هيلع هللا ىلص مصحؾ لببل ٌمضً إلى تؽٌٌره فً‬
‫كل ولت‪ ،‬فلهذا تؤخرت كتابته إلى أن كمل نزول المرآن بموته ملسو هيلع هللا ىلص»(ٖ)‪ ،‬وبهذا ٌفسر ما روي عن‬
‫زٌد بن ثابت لال ‪« :‬لبض النبً ملسو هيلع هللا ىلص ولم ٌكن المرآن جمع فً شًء»(ٗ) ‪.‬‬
‫ولال الخطابً ‪ " :‬إنما لم ٌجمع ملسو هيلع هللا ىلص المرآن فً المصحؾ لما كان ٌترلبه من ورود ناسخ‬
‫لبعض أحكامه أو تبلوته‪ ،‬فلما انمضى نزوله بوفاته ألهم هللا الخلفاء الراشدٌن ذلن‪ ،‬وفاء بوعده‬
‫الصادق بضمان حفظه على هذه األمة‪ ‬فكان ابتداء ذلن على ٌد الصدٌك بمشورة عمر "(٘)‪.‬‬

‫‪ : ‬الممصود به الحفظ فً الصدور والسطور‪.‬‬


‫ٔ ‪ :‬مباحث فً ع‪ .‬المرآن ص ٖٕٔ‪.‬‬
‫( ٕ) ‪ :‬نفسه‪ ،‬ص ٕٔٔ‪.‬‬
‫‪ : ‬الممصود بها العسب والرلاع واللخاؾ ‪ ...‬التً كان ٌدون فٌها المرآن‪.‬‬
‫( ٖ) مباحث فً علوم المرآن ص ٕ٘ٔ‪.‬‬
‫( ٗ) المصدر نفسه والصحٌفة نفسها‪.‬‬
‫‪ ‬إشارة إلى لوله عز وجل ‪ " :‬إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون "‪.‬‬
‫( ٘) مباحث فً علوم المرآن ص ٕ٘ٔ‪.‬‬
‫خبلصة المول أن الهدؾ من الجمع األول كان هو حفظ المرآن واستظهاره خشٌة أن‬
‫ٌفلت منه شًء‪ ،‬لال تعالى ‪َ { :‬و َال ت َ ْع َج ْل بِ ْالمُ ْر ِ‬
‫آن ِم ْن لَ ْب ِل أ َ ْن ٌُ ْم َ‬
‫ضى ِإلٌَْنَ َوحْ ٌُهُ َولُ ْل َربّ ِ ِز ْدنًِ‬
‫ِع ْل ًما} [طه ‪.]ٔٔٗ :‬‬
‫جمع المرآن الكرٌم فً عهد أبً بكر الصدٌك ‪-‬رضً هللا عنه‪-‬‬
‫بعد وفاة النبً ملسو هيلع هللا ىلص واستمرار نصوص الوحً دعت الضرورة إلى كتابة المرآن الكرٌم‬
‫وترتٌبه بمحضر من حفظته السٌما بعد استشهاد كثٌر من حملته وظهور حركة الردة من جهة‪،‬‬
‫ومن جهة أخرى دخول الناس فً دٌن هللا أفواجا وهم ال ٌعرفون من المرآن شٌبا‪.‬‬
‫وبعد أن استحر المتل بالمراء فً معركة الٌمامة وخشٌة أن ٌضٌع المرآن أو ٌلتبس األمر‬
‫على المسلمٌن فً شؤن من آٌاته أشار عمر بن الخطاب ‪-‬رضً هللا عنه‪ -‬على الخلٌفة أبو بكر‬
‫الصدٌك بجمع المرآن وكتابته خشٌة الضٌاع‪ ،‬فتردد أبو بكر فً لبول ذلن خشٌة أن ٌفعل شٌبا لم‬
‫ٌفعله رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص وبعد تردد شرح هللا صدره لذلن‪ ،‬فكلؾ زٌد بن ثابت ‪-‬وهو ممن شهد‬
‫العرضة األخٌرة مع النبً ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬بجمع المرآن وال ٌخفى ما فً هذا التكلٌؾ من مشمة لال زٌد "‬
‫وهللا لو كلفونً نمل جبل من الجبال ما كان علً أتمل مما أمرت به من جمع المرآن "(ٔ)‪.‬‬
‫وٌتجلى جمع أبً بكر فً جمع الوثابك التً كتبها كتبة الوحً فً حضرة رسول هللا‪،‬‬
‫بمعنى تنسٌك وثابك كل سورة مرتبة آٌاتها على نسك نزولها‪ ،‬وال معنى لهذا الجمع االما تم‬
‫ذكره‪ ،‬وإطبلق وصؾ المصحؾ علٌه إطبلق مجازي المصد منه أن ٌكون مرجعا موثولا به‬
‫عند اختبلؾ الحفاظ‪.‬‬
‫ومما ٌجب التنبٌه إلٌه أن الجمع فً هذه المرحلة لم ٌضؾ شٌبا أو ٌحذفه من تلن‬
‫الوثابك الخطٌة التً تم تدوٌنها فً حٌاة النبً ملسو هيلع هللا ىلص وإمبلء منه على كتبة وحٌه األمناء الصادلٌن‪.‬‬
‫وكان عمل الصدٌك رضً هللا عنه محل إكبار الصحابة كما لال علً بن أبً طالب‬
‫رضً هللا عنه " أعظم الناس فً المصاحؾ أجرا ً أبو بكر رحمة هللا على أبً بكر هو أول من‬
‫جمع كتاب هللا "(ٕ)‪.‬‬
‫جمع المرآن فً عهد عثمان بن عفان رضً هللا عنه‪.‬‬
‫فً عهد الخلٌفة عثمان بن عفان رضً هللا عنه اتسعت رلعة الدولة اإلسبلمٌة وامتد‬
‫سلطانها واختلطت شعوبها‪ ،‬وتداخلت لؽاتها وأخذ كل إللٌم ٌلتفت حول صحابً لٌعلمه المرآن‪،‬‬
‫فكان من الطبٌعً أن تتعدد المراءات وتتباعد اللهجات وٌمع االختبلؾ فً المرآن خاصة فً‬
‫وجود مصاحؾ الصحابة التً لم ٌمكن ترتٌبها وضبط تبلوتها ورسمها لتباعد األمصار‬
‫اإلسبلمٌة عن المدٌنة‪ ،‬وخشً بعض الصحابة أن تتسع دابرة الخبلؾ فطلبوا من الخلٌفة أن‬
‫ٌوحد الناس على مصحؾ واحد لال حذٌفة ابن الٌمان لعثمان ‪ٌ " :‬ا أمٌر المإمنٌن أدرن هذه‬
‫األمة لبل أن ٌختلفوا فً الكتاب اختبلؾ الٌهود والنصارى "(ٖ)‪.‬‬
‫فؤدرن عثمان عظم األمر ولال للصحابة‪ ،‬اجتمعوا ٌا أصحاب دمحم واكتبوا للناس إماما‪.‬‬
‫فؤرسل إلى حفصة أن إرسل إلٌنا بالصحؾ ننسخها فً المصاحؾ ثم نردها إلٌن فؤمر طابفة من‬

‫( ٔ ) مباحث فً علوم المرآن ص ‪.ٕٔ2‬‬


‫‪www.al-islam.com/articles/articles.asp?fname=ALISLAM_Lٔٔ_A‬‬ ‫( ٕ)‬
‫( ٖ) مباحث فً علوم المرآن ص ٖٓٔ‪.‬‬
‫الصحابة (كزٌد بن ثابت‪ ،‬عبد هللا بن الزبٌر‪ ،‬سعٌد بن العاص ‪ )...‬فنسخوها فً المصاحؾ ولام‬
‫عثمان بإرسال نسخ منها إلى كل األمصار(ٔ)‪.‬‬
‫واتفك الصحابة رضً هللا عنهم على هذا العمل وعدوه من مفاخر عثمان وحسناته‪ ،‬من‬
‫ذلن لول اإلمام علً ‪-‬رضً هللا عنه‪ " -‬ال تمولوا فً عثمان إال خٌرا فو هللا ما فعل الذي فعل‬
‫فً المصاحؾ إال على مئل منا "(ٕ)‪.‬‬
‫وكان هدؾ عثمان من هذا الجمع هو توحٌد األمة على المراءات الصحٌحة التً لرأها‬
‫النبً علٌه الصبلة والسبلم فً العرضة األخٌرة على جبرٌل‪ ،‬وهذا ما ٌإكده البالبلنً من أن ما‬
‫لصد عثمان هو جمع المسلمٌن على المراءات الثابتة المعروفة وإلؽاء ما لٌس كذلن وأخذهم‬
‫بمصحؾ ال تمدٌم فٌه وال تؤخٌر(ٖ)‪.‬‬
‫وهكذا عمل الخلٌفة عثمان على " حمل الناس على المراءة بوجه واحد‪ ،‬على اختٌار ولع‬
‫بٌ نه وبٌن من شهده من المهاجرٌن واألنصار‪ ،‬لما خشً الفتنة عند اختبلؾ أهل العراق والشام‬
‫فً حروؾ المراءات "(ٗ)‪.‬‬
‫وبهذا لطع عثمان دابرة الفتنة وحسم مصدر االختبلؾ‪ ،‬وحض المرآن من أن ٌتطرق‬
‫إلٌه شًء من الزٌادة والتحرٌؾ على مر العصور وتعالب األزمان‪.‬‬
‫رابعا‪ -:‬المكً والمدنً‬
‫(٘)‬
‫للعلماء فً معنى المكً والمدنً ثبلثة اصطبلحات ‪:‬‬
‫االصطبلح األول ‪ :‬باعتبار المكان ‪:‬‬
‫إن المكً ما نزل بمكة ولو بعد الهجرة ‪ ،‬والمدنً ما نزل بالمدٌنة ‪ ،‬وٌرد على هذا‬
‫التعرٌؾ أنه ؼٌر ضابط وال حاصر ‪ ،‬ألنه ٌشمل ما نزل بؽٌر مكة والمدٌنة وضواحٌها ‪ ،‬كموله‬
‫اصدا ً الت َّ َبعُون ‪[ }َ...‬التوبة ‪ ،] ٕٗ :‬فإنها نزلت بتبون ‪،‬‬
‫سفَرا ً لَ ِ‬
‫ع َرضا ً لَ ِرٌبا ً َو َ‬ ‫تعالى ‪{ :‬لَ ْو َكانَ َ‬
‫س ِلنَا ‪[ }...‬الزخرؾ‪ ،]ٗ٘:‬نزلت ببٌت الممدس‬ ‫ْ‬
‫سلنَا ِم ْن لَ ْبلِنَ ِم ْن ُر ُ‬ ‫{واسْؤ َ ْل َم ْن أ َ ْر َ‬
‫ولوله تعالى ‪َ :‬‬
‫لٌلة اإلسراء‪.‬‬
‫االصطبلح الثانً ‪ :‬باعتبار المخاطب ‪:‬‬
‫أن المكً ما ولع خطابا ً ألهل مكة ‪ ،‬والمدنً ما ولع خطابا ً ألهل المدٌنة ‪ ،‬وٌحمل على‬
‫هذا ما نمل عن ابن مسعود أنه لال ‪" :‬ما كان فً المرآن (ٌا أٌها الذٌن آمنوا) أنزل بالمدٌنة أي‬
‫مدنً ‪ ،‬وما كان من المرآن بلفظ (ٌا أٌها الناس) و (ٌا بنً آدم) فهو مكً ‪ ،‬وذلن أن اإلٌمان كان‬
‫ؼالبا ً على أهل المدٌنة ‪ ،‬فخوطبوا بٌا أٌها الذٌن آمنوا ‪ ،‬وكذلن خطاب الكافرٌن بٌا أٌها الناس‪،‬‬
‫ألن الكفر كان ؼالبا ً على أهل مكة ‪.‬‬
‫وهذا التمسٌم لوحظ فٌه المخاطبون ‪ ،‬لكنه ؼٌر ضابط وال حاصر لجمٌع آٌات المرآن‬
‫الكرٌم ألمرٌن ‪-:‬‬

‫( ٔ) أنظر مباحث فً علوم المرآن لمناع المطان وصبحً الصالحً‪ ،‬واإلتمان للسٌوطً‪.‬‬
‫‪www.al-islam.com/articles/articles.asp?fname=ALISLAM_Lٔٔ_A‬‬ ‫( ٕ)‬
‫( ٖ) أنظر‪ :‬إعجاز المرآن للبالبلنً‪.‬‬
‫( ٗ) أنظر‪ :‬مباحث فً علوم المرآن ص ‪.ٖٔٓ - ٕٔ5‬‬
‫(٘) انظـر‪ :‬هـذه اآلراء بالتفصٌل فً اإلتمان للسٌوطً – جٔ ص ‪ ٙ‬وما بعدها ‪ ،‬البرهـان للزركشـً – جٕ‬
‫ص ٕٗٗ‪ ، ٕٗ٘-‬مناهـل العرفـان للزرلانـً – جٔ ص ٖ‪ ، ٔ5ٗ-ٔ5‬المدخل لدراسة المرآن ألبً شهبة – ص‬
‫ٕٕٔ‪ٕٕٕ-‬‬
‫اس} مثل ما جاء فً سورة النساء‬ ‫ص ّدِرت بصٌؽة {ٌَا أٌَُّ َها النَّ ُ‬‫األمر األول ‪ :‬إنه ٌوجد آٌات مدنٌة ُ‬
‫اس}[النساء‪ ،]ٔ:‬وكذلن هنان آٌات مكٌة‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫التً اتفك على أنها مدنٌة ‪ ،‬ولكنها تبدأ بـ {ٌَا أٌُّ َها الن ُ‬
‫اس‬ ‫صدرت بصٌؽة {ٌَا أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َمنُوا} [الحج‪ ،]ٔ:‬وكذلن سورة البمرة مدنٌة وفٌها {ٌَا أٌُّ َها النَّ ُ‬
‫َ‬
‫ار َكعُوا‬ ‫ا ْعبُدُوا َربَّ ُك ُم ‪[}...‬البمرة‪ ،]ٕٔ:‬وأٌضا ً ما جاء فً سورة الحج المكٌة {ٌَا أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َمنُوا ْ‬
‫‪[}...‬الحج‪.]22:‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫األمر الثانً ‪ٌ :‬وجد سـور كثٌرة فً المرآن الكرٌم لٌس فٌها الخطاب بـ {ٌَا أٌُّ َها الذٌِنَ آ َمنُوا} و‬
‫اس} فعلى هذا االعتبـار فهـً ؼٌر مكٌة وال مدنٌة ‪ ،‬مثال لوله تعالى ‪ٌَ{ :‬ا أٌَُّ َها النَّبِ ُّ‬
‫ً‬ ‫{ٌَا أٌَُّ َها النَّ ُ‬
‫َّللاَ َوال ت ُ ِطعِ ْال َكافِ ِرٌنَ َو ْال ُمنَافِمٌِنَ ‪[}...‬األحزاب‪ ،]ٔ:‬ولوله تعالـى ‪{ :‬إِ َذا َجـا َءنَ ْال ُمنَافِمـُونَ‬ ‫ك َّ‬ ‫ات َّ ِ‬
‫َّللاِ }[المنافمٌن‪.]ٔ:‬‬ ‫لَالُوا نَ ْش َه ُد ِإنَّنَ ل َر ُ‬
‫سو ُل َّ‬ ‫َ‬
‫وعلى هذا فإن هذا التمسٌم ؼٌر ضابط وال حاصر ‪.‬‬
‫االصطبلح الثالث ‪ :‬باعتبار زمن النزول ‪:‬‬
‫وهو ما علٌه جمهور العلماء أن المكً ما نزل لبل هجرة الرسول إلى المدٌنة ‪ ،‬وإن‬
‫كان نزوله بؽٌر مكة ‪ ،‬والمدنً ما نزل بعد الهجرة وإن كان نزوله بمكة ‪.‬‬
‫وهذا التمسٌم كما ترى لوحظ فٌه زمن النزول ‪ ،‬هو تمسٌم صحٌح سلٌم ألنه ضابط‬
‫حاصر لجمٌع آٌات المرآن الكرٌم ‪.‬‬
‫الطرٌك إلى معرفة المكً والمدنً ‪:‬‬
‫لمد اعتمد العلماء فً معرفة المكً والمدنً على منهجٌن هما ‪-:‬‬
‫المنهج األول ‪ :‬السماعً النملً ‪:‬‬
‫العمدة فً معرفة المكً والمدنً النمل الصحٌح عن الصحابة – رضً هللا عنهم –‬
‫الذٌن شاهدوا أحوال الوحً والتنزٌل ‪ ،‬والتابعٌن اآلخذٌن عنهم ‪ ،‬ولم ٌرد عن النبً فً ذلن‬
‫لول ‪ ،‬وٌإٌد ذلن ما نمله السٌوطً عن الماضً أبً بكر فً االنتصار حٌث لال ‪" :‬إنما ٌُرجع‬
‫فً معرفة المكً والمدنً إلى حفظ الصحابة والتابعٌن ولم ٌرد عن النبً فً ذلن لول‪ ،‬ألنه‬
‫لم ٌإمر به ‪ ،‬ولم ٌجعل هللا علم ذلن من فرابض األمة وإن وجب فً بعض أهل العلم معرفة‬
‫تارٌخ الناسخ والمنسوخ ‪ ،‬ولد ٌعرؾ ذلن بؽٌر نص عن الرسول "(ٔ)‪.‬‬
‫ولد اشتهر بمعرفة المكً والمدنً من الصحابة – رضً هللا عنهم – عبد هللا بن مسعود‬
‫– رضـً هللا عنـه – أنه لال ‪" :‬وهللا الذي ال إله ؼٌره ما نزلت سورة من كتاب هللا إال وأنا أعلم‬
‫أٌن نزلت ‪ ،‬وال نزلت آٌة من كتاب هللا إال وأنا أعلم فٌم أنزلت ‪ ،‬ولو أعلم أحدا ً أعلم منً بكتاب‬
‫هللا تبلؽه اإلبل لركبت إلٌه" (ٕ) ‪.‬‬
‫المنهج الثانً ‪ :‬المٌاس االجتهادي ‪:‬‬
‫عرفنا فٌما مضى أن مرد العلم بالمكً والمدنً هو السماع عن طرٌك الصحابة‬
‫والتابعٌن‪ ،‬ولكن هنان عبلمات وضوابط وممٌزات وضعها العلماء ٌُعرؾ بها المكً والمدنً‬
‫هً ‪-:‬‬
‫أوالً ‪ :‬ضوابط المرآن المكً هً ‪:‬‬
‫(ٖ)‬

‫(ٔ) اإلتمان للسٌوطً – جٔ ص ‪. ٔٙ‬‬


‫(ٕ) انظر ‪ :‬مناهل العرفان – الزرلانً – جٕٔ ص ‪. ٔ5ٙ‬‬
‫(ٖ) اإلتمان للسٌوطً – جٔ ص ‪ 5‬بتصرؾ ‪ ،‬وانظر بالتفصٌل مناهل العرفان للزرلانً جٔ ص ٕٕٓ ‪،‬‬
‫ٖٕٓ ‪.‬‬
‫ٔ‪ -‬كل سورة فٌها لفظ (كبل) ولد ذكر هذا اللفظ فً المرآن ثبلثا ً وثبلثٌن مرة فً خمس عشرة‬
‫سورة ‪ ،‬كلها فً النصؾ األخٌر من المرآن ‪ ،‬لال العمانً ‪" :‬وحكمة ذلن إن نصؾ المرآن‬
‫األخٌر نزل أكثره بمكة وأكثرها جبابرة ‪ ،‬فتكررت فٌه على وجه التهدٌد والتعنٌؾ لهم واإلنكار‬
‫علٌهم ‪ ،‬بخبلل النصؾ األول ‪ ،‬وما نزل منه فً الٌهود لم ٌحتج إلى إٌرادها فٌه‪ ،‬لذلتهم‬
‫وضعفهم"(ٔ) ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬كل سورة فً أولها حرؾ تهجً ؼٌر سورة البمرة وآل عمران فهما مدنٌتان ‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬كل سورة فٌها سجدة أو مبدوءة بمسم ‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬كل سورة فٌها تفصٌل لمصص األنبٌاء ولؤلمم الؽابرة فهً مكٌة سوى البمرة ‪ ،‬وفٌها ذكر –‬
‫تعالى – تلن المصص ألخذ العبرة والعظة بسنته – تعالى – فً هبلن أهل الكفر والطؽٌان‬
‫وانتصار أهل اإلٌمان ‪.‬‬
‫٘‪ -‬كل سورة فٌها لصة آدم وإبلٌس فهً مكٌة سوى البمرة ‪.‬‬
‫ثانٌا ً ‪ :‬ممٌزات المرآن المكً ‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬الدعوة إلى أصول اإلٌمان االعتمادٌة من اإلٌمان باهلل والٌوم اآلخر وما فٌه من البعث‬
‫والحشر والجزاء ‪ ،‬واإلٌمان بالرسالة ‪ ،‬وذلن ألن أهل مكة كانوا منؽمسٌن فً الشرن والوثنٌة ‪،‬‬
‫كذلن نالشهم باألدلة العملٌة والكونٌة فً عمابدهم الضالة ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬محاجة المشركٌن ومجادلتهم وإلامة الحجة علٌهم فً بطبلن عبادتهم لؤلصنام ‪ ،‬وبٌان أنها ال‬
‫تنفع وال تضر ‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬إنه تحدث عن عاداتهم المبٌحة‪ ،‬كالمتل وسفن الدماء ‪ ،‬ووأد البنات واستباحة األعراض ‪،‬‬
‫وأكل مال الٌتٌم ‪ ،‬للفت أنظارهم إلى ما فً ذلن من أخطار ‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬الدعوة إلى أصول التشرٌعات العامة واآلداب والعمابد الثابتة التً ال تتؽٌر بتؽٌر الزمان‬
‫والمكان ‪ ،‬وال سٌما التً ٌتعلك منها بحفظ الدٌن والنفس والمال والعمل والنسب ‪ ،‬وأٌضا ً أمرهم‬
‫بالصدق والعفاؾ وبر الوالدٌن وصلة الرحم والعفو والعدل وؼٌر ذلن ‪.‬‬
‫٘‪ -‬لصر أكثر آٌاته وسوره ‪ ،‬فمد سلن مع أهل مكة سبٌل اإلٌجاز فً خطابه لهم ‪ ،‬وذلن ألنهم‬
‫كانوا أهل الببلؼة والبٌان ‪ ،‬صناعتهم الكبلم ‪ ،‬فٌناسبهم اإلٌجاز واإللبلل دون اإلسهاب‬
‫واإلطناب ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬ضوابط المرآن المدنً ‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬تتمٌز اآلٌات المدنٌة بذكر وبٌان الحدود والفرابض ‪ ،‬وذلن ألنها شرعت بعد إلامة المجتمع‬
‫اإلسبلمً ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬كل سورة فٌها إذن بالجهاد وبٌان ألحكام الجهاد والصلح والمعاهدات فهً مدنٌة سوى سورة‬
‫الحج ‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬كل سورة فٌها ذكر المنافمٌن فهً مدنٌة ما عدا سورة العنكبوت مكٌة اآلٌات اإلحدى عشرة‬
‫األولى ‪ ،‬وذلن ألن ظاهرة النفاق بدت تظهر فً المدٌنة ‪.‬‬
‫رابعا‪ -:‬ممٌزان المرآن المدنً (ٕ) ‪:‬‬

‫(ٔ) نمبل عن‪ :‬مناهل العرفان للزرلانً جٔ ص ٕٕٓ ‪.‬‬


‫(ٕ) اإلتمان للسٌوطً – جٔ ص ‪ 5‬بتصرؾ ‪ ،‬وانظر بالتفصٌل مناهل العرفان – جٔ ص ٕٕٓ‪، ٕٖٓ-‬‬
‫وانظـر المدخـل لدراسـة المـرآن الكرٌـم ألبـً شهبة – ص ‪. ٕٖٖ-ٕٕ1‬‬
‫وللسور المدنٌة ممٌزات‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬التحدث عن دلابك التشرٌع ‪ ،‬وتفاصٌل األحكام فً العبادات والمعامبلت كؤحكام الصبلة‬
‫والصٌام والزكاة ‪ ...‬وكذلن البٌوع والربا والسرلة والكفارات كما فً سورة البمرة والنساء‬
‫والمابدة والنور ‪ ،‬وذلن أن حٌاة المسلمٌن بدأت تستمر وأصبح لهم كٌان ودولة وسلطان ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬محاجة أهل الكتاب وبٌان ضبللهم فً عمابدهم ‪ ،‬وبٌان تحرٌفهم لكتب هللا وهذا ما توضحه‬
‫سورة البمرة والمابدة والفتح ‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬تمتاز آٌات المرآن المدنً بطول المماطع‪ ،‬وذلن ألنها تتحدث عن التشرٌعات ومخاطبة أهل‬
‫الكتاب ‪.‬‬
‫(ٔ)‬
‫فوائد معرفة المكً والمدنً ‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬معرفة المكً والمدنً ٌساعد على تمٌٌز الناسخ من المنسوخ فٌما لو وردت آٌتان‬
‫متعارضتان وإحداهما مكٌة واألخرى مدنٌة ‪ ،‬فإننا نحكم بنسخ المدنٌة للمكٌة لتؤخرها عنها ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬أنه ٌعٌن على معرفة تارٌخ التشرٌع ‪ ،‬والولوؾ على سنة هللا الحكٌمة فً تشرٌعه ‪ ،‬وهً‬
‫التدرج فً التشرٌعات بتمدٌم األصول على الفروع واإلجمـال فً التفصٌـل ‪ ،‬وبذلـن ٌترتب‬
‫علٌه اإلٌمان بسمو السٌاسة اإلسبلمٌة فً تربٌة الشعوب واألفراد ‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬معرفة هذا العلم ٌزٌد الثمة بهذا المرآن العظٌم ‪ ،‬وبوصوله إلٌنا سالما ً من التؽٌٌر والتحرٌؾ ‪،‬‬
‫وٌدل على ذلن اهتمام المسلمٌن بهذا العلم عن طرٌك تناللهم لهم وما نزل من لبل الهجرة‬
‫وبعدها فً السفر والحضر وفً اللٌل والنهار ‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬معرفة هذا العلم ٌفٌد وٌساعد على تفسٌر المرآن الكرٌم ‪ ،‬فإن معرفة مكان النزول وزمنه‬
‫ٌعٌن على فهم وتفسٌر المرآن العظٌم ‪.‬‬
‫ومولؾ‬ ‫٘‪ -‬أٌضا ً ٌفٌدنا فً معرفة أحداث السٌرة النبوٌة من خبلل متابعة أحوال النبً‬
‫المشركٌن من دعوته فً العصر المكً والعصر المدنً ‪ ،‬والولوؾ على الؽزوات التً ؼزاها‬
‫الرسول كؽزوة بدر وأحد وبنً لرٌظة والفتح وحنٌن وؼٌر ذلن ‪.‬‬
‫‪ -ٙ‬تذوق أسالٌب المرآن المتنوعة فً خطابه لخصومه واالستفادة منها فً الدعوة إلى هللا ‪،‬‬
‫فمخاطبة الكفار ٌحتاج إلى األسلوب الخطابً فً العهد المكً عن طرٌك التركٌز على إثبات‬
‫وجود هللا والبعث والعمٌدة ‪ ،‬ومخاطبة أهل الكتاب والمنافمٌن ٌحتاج إلى أسلوب الخطابة فً‬
‫العهد المدنً عن طرق منالشتهم فً عمٌدتهم المنحرفة وبٌان التحرٌؾ فً كتبهم ‪.‬‬
‫خامسا‪ -:‬أسباب النزول‬
‫(ٕ)‬
‫إن سبب النزول هو ما نزلت اآلٌة أو اآلٌات متحدثة عنه ‪ ،‬أو مبٌنة لحكم ٍة أٌام ولوعه ‪،‬‬
‫والمعنى أنه حادثة ولعت فً زمن النبً أو سإال وجه إلٌه فنزلت اآلٌة أو اآلٌات من هللا –‬
‫تعالى – ببٌان ما ٌتصل بتلن الحادثة أو بجواب هذا السإال‪.‬‬
‫وذلن مثل حادثة خولة بنت ثعلبة ‪ ،‬التً ظاهر منها زوجها "أوس بن الصامت" فنزلت‬
‫او َر ُك َما‬ ‫َّللاُ ٌَ ْس َم ُع ت َ َح ُ‬ ‫َّللاُ لَ ْو َل الَّتًِ ت ُ َجا ِدلُنَ فًِ زَ ْو ِج َها َوت َ ْشت َ ِكً إِلَى َّ‬
‫َّللاِ َو َّ‬ ‫س ِم َع َّ‬‫آٌات الظهار ‪{ :‬لَ ْد َ‬
‫سابِ ِه ْم َما ُه َّن أ ُ َّم َهاتِ ِه ْم إِ ْن أ ُ َّم َهات ُ ُه ْم إال البلبًِ َولَ ْدنَ ُه ْم‬
‫ظاه ُِرونَ ِم ْن ُك ْم ِم ْن نِ َ‬ ‫ٌر*الَّذٌِنَ ٌُ َ‬
‫ص ٌ‬ ‫س ِمٌ ٌع بَ ِ‬ ‫إِ َّن َّ‬
‫َّللاَ َ‬
‫سابِ ِه ْم ث ُ َّم‬
‫ظاه ُِرونَ ِم ْن نِ َ‬ ‫ور * َوالَّذٌِنَ ٌُ َ‬ ‫ؼفُ ٌ‬ ‫َوإِنَّ ُه ْم لٌََمُولُونَ ُم ْن َكرا ً ِمنَ ْالمَ ْو ِل َو ُزورا ً َوإِ َّن َّ‬
‫َّللاَ لَعَفُ ٌّو َ‬

‫(ٔ) بالتفصٌل مناهل العرفان – جٔ ص ٘‪ ، ٔ5‬وانظر المدخل لدراسة المرآن الكرٌم ‪ ،‬ص ٕٕٓ ‪.‬‬
‫(ٕ) أسباب النزول – الواحدي – ص ‪. ٙٙ‬‬
‫َّللاُ بِ َما ت َ ْع َملُونَ َخبٌِر * فَ َم ْن‬ ‫ظونَ بِ ِه َو َّ‬ ‫ع ُ‬
‫سا َذ ِل ُك ْم تُو َ‬ ‫ٌر َرلَبَ ٍة ِم ْن لَ ْب ِل أ َ ْن ٌَت َ َما َّ‬ ‫ٌَعُودُونَ ِل َما لَالُوا فَتَحْ ِر ُ‬
‫طعَا ُم ِستٌِّنَ ِم ْس ِكٌنـا ً َذ ِلـنَ‬ ‫سا فَ َم ْن لَ ْم ٌَ ْست َِط ْع فَإ ِ ْ‬ ‫ش ْه َرٌ ِْن ُمتَت َابِعٌَ ِْن ِم ْن لَ ْب ِل أ َ ْن ٌَت َ َما َّ‬ ‫صٌـَا ُم َ‬ ‫لَ ْم ٌَ ِج ْد فَ ِ‬
‫ع َذابٌ أ َ ِلٌ ٌم}[المجادلة‪.]ٗ-ٔ:‬‬ ‫َّللا َو ِل ْل َكافِ ِرٌنَ َ‬
‫اّللِ َو َرسـُو ِل ِه َوتِلـْنَ ُحدُو ُد َّ ِ‬ ‫ِلتُإْ ِمنـُوا بِ َّ‬
‫ومثل ما حدث بٌن األوس والخزرج من خصومة ‪ ،‬بسبب تؤلٌب أحد الٌهـود العداوة‬
‫َاب‬ ‫بٌنهما ‪ ،‬فمد نزل بحمها لوله تعالى {ٌَا أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َمنُوا إِ ْن ت ُ ِطٌعُوا فَ ِرٌمًا ِمنَ الَّذٌِنَ أُوتُوا ْال ِكت َ‬
‫سولُهُ َو َم ْن‬ ‫علَ ٌْ ُك ْم آٌَاتُ َّ ِ‬
‫َّللا َوفٌِ ُك ْم َر ُ‬ ‫ْؾ ت َ ْكفُ ُرونَ َوأ َ ْنت ُ ْم تُتْلَى َ‬ ‫ٌَ ُردُّو ُك ْم بَ ْع َد إٌِ َمانِ ُك ْم َكافِ ِرٌنَ (ٓٓٔ) َو َكٌ َ‬
‫َّللا َح َّك تُمَاتِ ِه َو َال ت َ ُموت ُ َّن‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ص َراطٍ ُم ْست َ ِم ٌٍم (ٔٓٔ) ٌَا أٌُّ َها الذٌِنَ آ َمنُوا اتَّموا َّ َ‬ ‫ِي إِلَى ِ‬ ‫اّللِ فَمَ ْد ُهد َ‬ ‫َص ْم بِ َّ‬ ‫ٌَ ْعت ِ‬
‫علَ ٌْ ُك ْم إِذْ‬ ‫َّللاِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫َّللا َج ِمٌعًا َو َال تَفَ َّرلوا َواذ ُك ُروا نِ ْع َمتَ َّ‬ ‫َص ُموا بِ َح ْب ِل َّ ِ‬ ‫إِ َّال َوأ ْنت ُ ْم ُم ْس ِل ُمونَ (ٕٓٔ) َوا ْعت ِ‬ ‫َ‬
‫ار فَؤ َ ْنمَ َذ ُك ْم ِم ْن َها‬ ‫شفَا ُح ْف َرةٍ ِمنَ النَّ ِ‬ ‫علَى َ‬ ‫صبَحْ ت ُ ْم بِنِ ْع َمتِ ِه ِإ ْخ َوانًا َو ُك ْنت ُ ْم َ‬ ‫ؾ بٌَْنَ لُلُوبِ ُك ْم فَؤ َ ْ‬ ‫ُك ْنت ُ ْم أ َ ْع َدا ًء فَؤَلَّ َ‬
‫َّللاُ لَ ُك ْم آٌَاتِ ِه لَعَلَّ ُك ْم ت َ ْهتَدُونَ (ٖٓٔ)} [آل عمران ‪. ]ٖٔٓ - ٔٓٓ :‬‬ ‫َك َذلِنَ ٌُبٌَِّ ُن َّ‬
‫الروحِ لُ ِل‬ ‫ع ِن ُّ‬ ‫َ‬
‫{وٌَسـْؤلونَنَ َ‬ ‫ومثل ما نزل إجابة لسإال وجه إلى النبً لولـه تعالـى ‪َ :‬‬
‫ع ْن‬ ‫{وٌَسْؤلونَنَ َ‬ ‫َ‬ ‫الرو ُح ِم ْن أ َ ْم ِر َر ِبًّ َو َما أُوتٌِت ُ ْم ِمنَ ْال ِع ْل ِم ِإال لَ ِلٌبلً}[اإلسراء‪ ،]1٘:‬ولوله تعالى ‪َ :‬‬ ‫ُّ‬
‫َ‬
‫ع ِة أٌَّانَ‬ ‫سا َ‬ ‫ع ِن ال َّ‬ ‫َ‬
‫علَ ٌْ ُك ْم ِم ْنهُ ِذ ْكراً}[الكهؾ‪ ،]1ٖ:‬ولوله تعالى ‪ٌَ{ :‬سْؤلونَنَ َ‬ ‫ُ‬
‫سؤتْلو َ‬ ‫َ‬ ‫ذِي المَ ْرنٌَ ِْن لُ ْل َ‬ ‫ْ‬
‫ساهَا}[البمرة‪.]ٔ1٘:‬‬ ‫ُم ْر َ‬
‫ًَءٍ‬ ‫{و َال تَمُولَ َّن ِلش ْ‬ ‫ومثل ما نزل إرشادا ً وهداٌة وتعلٌما ً للرسول كما فً لوله تعالى َ‬
‫ب‬ ‫سى أ َ ْن ٌَ ْه ِدٌَ ِن َر ِبًّ ِأل ْل َر َ‬
‫َ‬ ‫ع َ‬ ‫َّللاُ َوا ْذ ُك ْر َربَّنَ ِإ َذا نَسٌِتَ َولُ ْل َ‬ ‫ؼدًا (ٖٕ) إِ َّال أ َ ْن ٌَشَا َء َّ‬ ‫ِإ ِنًّ فَا ِع ٌل َذلِنَ َ‬
‫شدًا (ٕٗ)} [الكهؾ ‪ ،]ٕٗ - ٕٖ :‬واألمثلة كثٌرة على ذلن ‪.‬‬ ‫ِم ْن َه َذا َر َ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وعندما نمول بؤن سبب النزول هو ما نزلت اآلٌة أو اآلٌات متحدثة عنه أو مبٌنة لحكمه‬
‫أٌام ولوعه‪ ،‬فذا ٌعنً أن هنان ارتباطا بٌن ولوع الحدث واآلٌة التً نزلت مبٌنة لحكم هذا أو‬
‫هذه الحال‪ ،‬هذا احترز به ع َّما شاع وذاع عند بعض المفسرٌن حٌنما ٌذكرون مثبلً سورة الفٌل‬
‫نزلت لصة الفٌل هل هنان ارتباط بٌن الحادثة واآلٌات ؟ الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬نمول ‪ :‬سبب النزول أن‬
‫بزمن ٌسٌر نزول اآلٌات حٌنب ٍذ ال بد‬ ‫ٍ‬ ‫تكون اآلٌة نزلت مبٌنةً لحكم الحادثة ‪ ،‬وهذه الحادثة سبمت‬
‫من ارتباطٍ بٌن اآلٌات وبٌن الوالع ‪ ،‬فإذا كانت الوالعة لد خبل علٌها الدهر كمصة أصحاب الفٌل‬
‫ب ْال ِفٌ ِل}[ الفٌل ‪ . ]ٔ :‬ال نمول ‪ :‬هذه اآلٌات‬ ‫ص َحا ِ‬ ‫ْؾ فَ َع َل َربُّنَ ِبؤ َ ْ‬ ‫ثم نزل لوله تعالى ‪ { :‬أَلَ ْم ت ََر َكٌ َ‬
‫أو هذه السورة سبب نزولها ماذا ؟ لصة أصحاب الفٌل نمول ‪ :‬ال ‪ ،‬لصة أصحاب الفٌل تضمنت‬
‫السورة بٌانًا لحادث ٍة لد ولعت ومضى علٌها الزمان الطوٌل حٌنب ٍذ لٌس ثم ارتباط بٌن السورة‬
‫وبٌن هذه المصة ‪ ،‬إذًا ما نزلت اآلٌة أو اآلٌات متحدثةً عنه أو مبٌنةً لحكمه أٌام ولوعه هذا فٌه‬
‫ر ٌد على كل من وضع أمام لص ٍة من لصص األنبٌاء أو سورةٍ تضمنت حادثة سابمة ربطها بماذا‬
‫زمن لد مضى ‪ ،‬تحدثت‬ ‫ٍ‬ ‫؟ بتلن الحادثة نمول ‪ :‬ال ‪ ،‬جاءت هذه اآلٌات مبٌنة لحادث ٍة والع ٍة فً‬
‫كما تتحدث اآلٌات عن نوحٍ مع لومه ‪ ،‬أو عن هو ٍد مع لومه ‪ ،‬أو عن صالحٍ ‪ ،‬أو شعٌب مع‬
‫لومه هل نزلت هذه اآلٌات بسبب لوم نوح ؟ ال ‪ ،‬سورة نوح نمول ‪ :‬نزلت بسبب لوم نوح ؟‬
‫أمم لد خلت فً هذه السورة ولٌس ث َ َّم‬ ‫الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬وإنما تضمنت حادثة ووالعة وحكاٌةً لحالة ٍ‬
‫(ٔ)‬
‫ارتباط من حٌث النزول ‪ٌ ،‬عنً لم ٌكن سبب نزول اآلٌات هو تلن الحادثة ‪.‬‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬شرح منظومة التفسٌر‪ ،‬الشٌخ عبد العزٌز الزمزمً‪ ،‬شرحه وعلك علٌه الشٌخ أحمد بن عمر‬
‫الحازمً(الشرٌط السادس)‪.‬‬
‫طرٌك معرفة سبب النزول (‪: )8‬‬
‫ال طرٌك لمعرفة أسباب النزول إال النمل الصحٌح ‪ ،‬وال مجال للعمل فٌه إال بالتمحٌص‬
‫والترجٌح ‪ ،‬لال الواحدي ‪" :‬ال ٌحل المول فً أسباب نزول المرآن بالرواٌة والسماع ‪ ،‬إال ممن‬
‫شاهدوا التنزٌل ‪ ،‬وولفوا على األسباب وبحثوا عن عللها" (ٕ) ‪.‬‬
‫وعلى هذا فإن ُروي سبب النزول عن صحابً فهو ممبول ‪ ،‬وإن لم ٌعـزز برواٌـة‬
‫أخرى ‪ ،‬ألن لول الصحابً فٌما ال مجال للرأي فٌه حكمه المرفوع إلى النبً ‪.‬‬
‫وأما ما روي من سبب النزول بحدٌث مرسل ‪ ،‬أي سمط من سنده الصحابً وانتهى إلى‬
‫التابعً ‪ ،‬ففً حكمه لوالن‪:‬‬
‫األول‪ :‬تمبل بؤربعة شروط‪:‬‬
‫ٔ – التصرٌح بالسبب‪.‬‬
‫ٕ – صحة اإلسناد‪.‬‬
‫ٖ – أن ٌكون من أبمة التفسٌر الذٌن أخذوا عن الصحابة‪.‬‬
‫ٗ – أن ٌعتضد برواٌة تابعً آخر تتوفر فٌه هذه الشروط‪ .‬وهو لول السٌوطً وجماعة‪.‬‬
‫الثانً‪ :‬ال تُمبل ألنها فً حكم الحدٌث المرفوع وهو مرسل من التابعً‪ ،‬والمرسل لون من ألوان‬
‫الحدٌث الضعٌؾ وبالتالً فهو ؼٌر ممبول‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫إذن التمبل رواٌة التابعً إال إذا صح سنده ‪ ،‬واعتضد بمرسل آخر ‪ ،‬وكان الراوي له‬
‫من أبمة التفسٌر اآلخذٌن عن الصحابة مباشرة كمجاهد وعكرمة وسعٌد بن جبٌر ‪.‬‬
‫ألسام أسباب النزول ‪:‬‬
‫ٌنمسم المرآن الكرٌم من حٌث سبب النزول وعدمه إلى لسمٌن ‪:‬‬
‫المسم األول ‪ :‬لسم نزل من هللا ابتداء ؼٌر مرتبط بسبب من األسباب الخاصة إنما هو لمحض‬
‫هداٌة الخلك إلى الحك ‪ ،‬وإرشادهم على األفضل فً هذه الحٌاة ‪ ،‬وهو كثٌر ظاهر فً المرآن‬
‫الكرٌم ‪.‬‬
‫المسم الثانً ‪ :‬لسم نزل مرتبطا ً بسبب من األسباب الخاصة وهو موضوع البحث ‪ ،‬وهو كثٌر‬
‫(ٖ)‬
‫فً المرآن الكرٌم ‪ ،‬مثل حدٌث اإلفن ‪ ،‬أو إجابة عن سإال ‪ ،‬أو بٌان ألمر ٌتعلك بحادثة معٌنة‬
‫‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫فوائد معرفة سبب النزول ‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬االستعانة على فهم اآلٌة وإزالة اإلشكال عنها ‪ :‬مثاله ‪:‬‬
‫أنه أشكل على عروة بن الزبٌر – رضً هللا عنهما – أن ٌفهم فرٌضة السعً بٌن‬
‫َّللاِ فَ َم ْن َح َّج ْال َبٌْتَ أ َ ِو ا ْعت َ َم َر فَبل ُجنَا َح‬ ‫صفَا َو ْال َم ْر َوة َ ِم ْن َ‬
‫شعَابِ ِر َّ‬ ‫الصفا والمروة من لوله {إِ َّن ال َّ‬
‫ع ِلٌ ٌم}[البمرة‪ ،]ٔ1٘:‬وذلن ألن اآلٌة نفت‬ ‫ع َخٌْرا ً فَإ ِ َّن َّ َ‬
‫َّللا شَا ِك ٌر َ‬ ‫ؾ ِب ِه َما َو َم ْن ت َ َ‬
‫ط َّو َ‬ ‫علَ ٌْ ِه أ َ ْن ٌَ َّ‬
‫ط َّو َ‬ ‫َ‬
‫ال ُجناح ‪ ،‬ونفً الجناح ال ٌدل على الفرضٌة ‪ ،‬حتى سؤل خالته السٌدة عابشة – رضً هللا عنها‬

‫(ٔ) مناهل العرفان – الزرلانً – جٔ ص ‪. ٔٓٙ‬‬


‫(ٕ) المدخل لدراسة المرآن – ص ٖٗٔ‪ ، ٖٔ٘-‬مناهل العرفان – جٔ ص ٗٔٔ ‪.‬‬
‫(ٖ) اإلتمان – السٌوطً – جٔ ص ‪ ٕ5‬بتصرٌؾ ‪ ،‬مناهل العرفان – الزرلانً – جٔ ص ‪. ٔٓٙ‬‬
‫(ٗ) انظر بالتفصٌل اإلتمان – السٌوطً – جٔ ص ‪ ٕ5‬بتصرؾ ‪ ،‬وانظر المدخل لدراسة المرآن الكرٌم – أ‪.‬د‪.‬‬
‫دمحم أبو شهبة – ص ‪. ٖٔ2-ٖٔٙ‬‬
‫– عن ذلن ‪ ،‬فؤفهمته أن نفً ال ُجناح لٌس نفٌا ً للفرضٌة ‪ ،‬إنما هو نفً لما ولر فً أذهان‬
‫المسلمٌن ٌومب ٍذ من التحرج والتؤثم من السعً بٌن الصفا والمروة ؛ ألنه من عمل الجاهلٌة (ٔ) ‪.‬‬

‫ولد اختلؾ أهل التفسٌر فً سبب نزول هذه اآلٌة على ألوال(ٕ)‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬لالت‪:‬عابشة‪-‬رضً هللا عنها‪" :-‬أنزلت هذه اآلٌة فً األنصار‪ ،‬كانوا ٌهلون لمناة‪ ،‬وكانت‬
‫مناة حذو لدٌد‪ ،‬وكانوا ٌتحرجون أن ٌطوفوا بٌن الصفا والمروة‪ ،‬فلما جاء اإلسبلم سؤلوا رسول‬
‫هللا ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬عن ذلن‪ ،‬فؤنزل هللا تعالى هذه اآلٌة"(ٖ)‪.‬‬
‫الثانً‪ :‬لال الشعبً‪" :‬أن َوثَنًا كان فً الجاهلٌة على الصفا ٌسمى (إسافًا)‪ ،‬ووثنًا على ْ‬
‫المروة‬
‫ٌسمى(نابلة)‪ ،‬فكان أهل الجاهلٌة إذا طافوا بالبٌت َمسحوا الوثَنٌن‪ .‬فلما جاء اإلسبلم و ُكسرت‬
‫الوثنٌن ‪ ،‬ولٌس‬
‫والمروة إنما كانَ ٌُطاؾ بهما من أجل َ‬ ‫ْ‬ ‫األوثان ‪ ،‬لال المسلمون ‪ّ :‬‬
‫إن الصفا‬
‫الطواؾ بهما من الشعابر! لال ‪ :‬فؤنزل هللا ‪ :‬إنهما من الشعابر ‪ " ،‬فمن َح ّج البٌتَ أو اعتمر فبل‬
‫ٌطوؾ بهما " (ٗ)‪.‬‬
‫ُجنا َح علٌه أن ّ‬
‫(‪)5‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)ٙ‬‬ ‫(٘)‬
‫وروي عن عامر ‪ ،‬وٌزٌد ‪ ،‬وأنس بن مالن ‪ ،‬وابن عمر ‪ ،‬ومجاهد ‪ ،‬وابن‬
‫زٌد(ٓٔ)‪ ،‬نحو ذلن‪.‬‬
‫ولد ذكر ابن إسحاق فً كتاب السٌرة أن إسافا ونابلة كانا بشرٌن‪ ،‬فزنٌا داخل الكعبة‬
‫فمسخا حجرٌن فنصبتهما لُرٌش تجاه الكعبة لٌعتبر بهما الناس‪ ،‬فلما طال عهدهما عبدا ‪ ،‬ثم‬
‫حوال إلى الصفا والمروة ‪ ،‬فنصبا هنالن ‪ ،‬فكان من طاؾ بالصفا والمروة ٌستلمهما ‪ ،‬ولهذا‬
‫ٌمول أبو طالب‪ ،‬فً لصٌدته المشهورة ‪:‬‬
‫(ٔٔ)‬
‫بمفضى السٌول من إساؾ ونابل‬ ‫وحٌث ٌنٌخ األشعرون ركابهم‬
‫ً من تهامة فً‬ ‫والمر َوة من شعابر هللا}‪ ،‬اآلٌة ‪ ،‬فكان َح ٌّ‬‫ْ‬ ‫ّ‬
‫‪{:‬إن الصفا‬ ‫الثالث‪ :‬ولال لتادة‪" :‬لوله‬
‫سنة‬
‫أن الصفا والمروة من شعابر هللا ‪ ،‬وكانَ من ُ‬ ‫الجاهلٌة ال ٌسعون بٌنهما ‪ ،‬فؤخبرهم هللا ّ‬
‫إبراهٌم وإسماعٌ َل الطواؾ بٌنهما"(ٕٔ)‪.‬‬

‫(ٔ) مناهل العرفان – الزرلانً – جٔ ص ‪. ٔٓ5‬‬


‫(ٕ) انظر‪ :‬أسباب النزول للواحدي‪ ،ٗ2-ٗٗ:‬والعجاب‪.ٗٔٔ-ٗٓٙ/ٔ :‬‬
‫(ٖ) أسباب النزول للواحدي‪ .ٗ٘-ٗٗ :‬و أخرجه البخاري (فتح الباري‪ - ٙٔٗ/ٖ :‬ح‪ - ٗ52/ٖ ٔ25ٓ :‬ح‪:‬‬
‫ٖٗ‪ )ٔٙ‬ومسلم (ٕ‪ - 5ٕ1/‬ح‪ - 5ٕ5/ٕ ٕٙٓ :‬ح‪ - 5ٖٓ/ٕ ،ٕٙٔ :‬ح‪ )ٕٖٙ :‬واإلمام مالن (الموطؤ‪- ٕ٘2 :‬‬
‫ح‪ 1ٖ٘ :‬رواٌة ٌحٌى اللٌثً) واإلمام أحمد (الفتح الربانً‪ - 21 /ٔ1 :‬ح‪ - 25/ٔ1 ،ٔ2ٖ :‬ح‪ )2ٗ :‬وأبو داود‬
‫(ٕ‪ - ٖٗ٘/‬ح‪ )ٔ5ٓٔ :‬والترمذي (٘‪ - ٕٓ1/‬ح‪ )ٕ5ٙ٘ :‬والنسابً (جامع األصول‪ )ٔ1/ٕ :‬وابن ماجه‬
‫(ٕ‪ - 55ٗ/‬ح‪ )ٕ51ٙ :‬وابن جرٌر (ٕ‪ )ٖٔ ،ٕ5/‬كلهم عن عابشة رضً هللا عنها به‪.‬‬
‫(ٗ) أخرجه الطبري(ٖٖٕ٘)‪:‬صٖ‪.ٖٖٔ /‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(‪:)ٕٖٖٙ‬صٖ‪.ٕٖٕ-ٕٖٔ /‬‬
‫(‪)ٙ‬انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(‪:)ٕٖٖ2‬صٖ‪.ٕٖٕ /‬‬
‫(‪)2‬انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(‪،)ٕٖٖ1‬و(‪:)ٕٖٖ5‬صٖ‪.ٕٖٕ /‬‬
‫(‪)1‬انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(ٖٕٓٗ)‪:‬صٖ‪.ٕٖٖ /‬‬
‫(‪)5‬انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(ٖٖٕٗ)‪ ،‬و(ٖٕٗٗ)‪:‬صٖ‪.ٕٖ٘ /‬‬
‫(ٓٔ)انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(ٖٕ٘ٗ)‪:‬صٖ‪.ٕٖ٘ /‬‬
‫(ٔٔ)السٌرة النبوٌة البن إسحاق (رلم النص ٗ) ط ‪ ،‬حمٌد هللا ‪ ،‬المؽرب‪.‬‬
‫(ٕٔ) أخرجه الطبري(‪:)ٕٖٗ5‬ص ٖ‪ ،ٕٖٙ/‬و(ٕٖٕ٘)‪:‬صٖ‪.ٕٖ1/‬‬
‫وروي عن عابشة(ٔ)‪ ،‬نحو ذلن‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬ولال مماتل بن سلٌمان‪ ":‬وذلن أن الخمس‪ :‬وهم لرٌش‪ ،‬وكنانة‪ ،‬وخزاعة‪ ،‬وعامر بن‬
‫صعصعة‪ ،‬لالوا‪ :‬لٌست الصفا والمروة من شعابر هللا‪ ،‬وكان على الصفا صنم ٌمال له نابلة‪،‬‬
‫وعلى المروة صنم ٌمال له ٌساؾ فً الجاهلٌة‪ .‬لالوا‪ ،‬إنه حرج علٌنا فً الطواؾ بٌنهما‪ ،‬فكانوا‬
‫ال ٌطوفون بٌنهما فؤنزل هللا‪ -‬عز وجل‪{ -‬إن الصفا والمروة من شعابر هللا}"(ٕ)‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬ولال ابن كثٌر‪" :‬لال آخرون من األنصار‪ :‬إنما أمرنا بالطواؾ بالبٌت ‪ ،‬ولم نإمر‬
‫َّللاِ}(ٖ)‪.‬‬ ‫صفَا َو ْال َم ْر َوة َ ِم ْن َ‬
‫شعَا ِب ِر َّ‬ ‫بالطواؾ بٌن الصفا والمروة ‪ ،‬فؤنزل هللا تعالى ‪ِ { :‬إ َّن ال َّ‬
‫ؾ اللٌل أجم َع بٌن الصفا والمروة‪،‬‬ ‫تعز ُ‬ ‫السادس‪:‬لال ابن عباس‪ ":‬أنه كانَ فً الجاهلٌة شٌَاطٌن ِ‬
‫ظهر ‪ ،‬لال المسلمون ‪ٌ :‬ا َرسو َل هللا ‪ ،‬ال نطوؾ بٌن‬ ‫وكانت بٌَنهما آلهة ‪ ،‬فلما جاء اإلسبلم و َ‬
‫ٌطوؾ‬ ‫َّ‬ ‫الصفا والمروة ‪ ،‬فإنه شرنٌ كنا نفعله فً الجاهلٌة! فؤنزل هللا ‪ {:‬فبل ُجناح علٌه أن‬
‫بهما}"(ٗ)‪.‬‬
‫َّللاِ إِ َّن َّ‬
‫َّللاَ َوا ِس ٌع‬ ‫{و ِ َّّللِ ْال َم ْش ِر ُق َو ْال َم ْؽ ِر ُ‬
‫ب فَؤ َ ٌْنَ َما ت ُ َولُّوا فَث َ َّم َوجْ هُ َّ‬ ‫ومن هذا لول هللا تعالى ‪َ :‬‬
‫ع ِلٌ ٌم}[المابدة‪ ،]5ٖ:‬فهذا اللفظ الكرٌم ٌدل بظاهره على أن لئلنسان أن ٌصلً إلى أي جهة شاء ‪،‬‬ ‫َ‬
‫وال ٌجب علٌه أن ٌولً وجهه شطر البٌت الحرام ال فً سفر وال فً حضر ‪ ،‬لكن إذا علم أن‬
‫هذه اآلٌة نازلة فً نافلة السفر خاصة ‪ ،‬أو فٌمن صلى باجتهاده ثم ظهر له خطؤ ذلن (٘) فبل بد‬
‫أن ٌمصرها على هذا السبب وٌعلم أنه فً صبلة الفرض ال بد من التوجه لِبَل الكعبة المشرفة ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬معرفة الحكمة من تدرج التشرٌع ‪:‬‬
‫ً‬
‫إن الشرٌعة اإلسبلمٌة لابمة على رعاٌة المصالح ودفع الضرر ‪ ،‬خصوصا إذا الحظ‬
‫اإلنسان تدرج التشرٌع فً موضوع واحد ‪ ،‬وٌكفً شاهدا ً على ذلن تحرٌم الخمر ‪ ،‬وما نزل فٌه‬
‫‪ ،‬أٌضا ً تشرٌع الكفارات لمن حنث فً الٌمٌن ‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬العبرة بعموم اللفظ ال بخصوص السبب ‪:‬‬
‫آٌات الظهار فً مفتتح سورة المجادلة سببها أن أوس بن الصامت ظاهر من زوجته‬
‫خولة بنت ثعلبة والحكم الذي تضمنته هذه اآلٌات خاص بهما وحدهما على هذا الرأي ‪ ،‬أما‬
‫ؼٌرهما فٌعلم بدلٌل آخر لٌاسا ً ‪ ،‬وبدهً أنه ال ٌمكن معرفة الممصود بهذا الحكم والمٌاس علٌه‬
‫إال إذا علم السبب ‪ ،‬وبدون معرفة السبب تصٌر اآلٌات معطلة خالٌة الفابدة‪.‬‬
‫سادسا‪ -:‬المحكم والمتشابه فً المرآن الكرٌم‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫المحكم لغة ‪:‬الحاء والكاؾ والمٌم أصل واحد‪ ،‬وهو"المنع" ‪ ،‬و"المحكم" ‪:‬ما ال ٌعرض‬
‫فٌه شبهة من حٌث اللفظ‪ ،‬وال من حٌث المعنى"(‪.)2‬‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(ٖٕٓ٘)‪ ،‬و(ٖٕٔ٘)‪:‬ص ٖ‪.ٕٖ2-ٕٖٙ/‬‬


‫(ٕ) تفسٌر مماتل بن سلٌمان‪.ٕٔ٘/ٔ :‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬تفسٌر ابن كثٌر‪.ٗ2ٓ/ٔ :‬‬
‫(ٗ) أخرجه الطبري(ٕٖٕٗ)‪:‬صٖ‪ ،ٕٖٗ/‬و تفسٌر المرطبً‪ ،ٔ25/ٕ :‬وانظر‪ :‬أسباب النزول للواحدي‪،ٗٙ :‬‬
‫حكاه عن السدي‪.‬‬
‫(٘) اإلتمان – السٌوطً – جٔ ص ‪ ، ٕ5‬وانظر البرهان – الزركشً – جٔ ص ٕ٘‪ٖ٘-‬‬
‫(‪)ٙ‬معجم مماٌٌس اللؽة‪،‬ابن فارس‪ ،‬جٕ‪ ،‬مادّة"حكم"‪ ،‬صٔ‪.5‬‬
‫(‪ )2‬مفردات ألفاظ المرأن‪ ،‬راؼب األصفهانً‪ ،‬مادّة"حكم"‪ ،‬صٕٔ٘‪.‬‬
‫والـ ُمـحْ َك ُم الذي ال اختبلؾ فـٌه وال‬ ‫لال ابن منظور‪ ":‬فالمحكم من أصل حكم‬
‫اضطراب‪ ،‬أُحْ ِك َم فهو ُمـحْ َك ٌم" (ٔ)‪.‬‬
‫ورة ٌ ُمحْ َك َمةٌ‪َ :‬‬
‫ؼٌ ُْر َم ْنسو َخةٍ‪ ،‬واآلٌاتُ ال ُمحْ كَماتُ مثل لوله تعالى‪:‬‬ ‫س َ‬ ‫لال الفٌروز آبادي‪" :‬و ُ‬
‫ت فبل ٌَحْ تا ُج‬ ‫ُ‬ ‫الوا أَتْ ُل ما َح َّر َم َربُّ ُك ْم }[ األنعام ‪ ،] . ٔ٘ٔ/‬إلى ِ‬
‫آخ ِر اآلٌة ‪ ،‬أو التً أحْ ِك َم ْ‬ ‫{ لُ ْل تَعَ ْ‬
‫ٌص األ َ ْنبِ ِ‬ ‫سامعُها إلى تؤ ِوٌ ِلها ِلبٌانِها‪ ،‬كؤ َ ِ‬
‫(ٕ)‬
‫ٌاء" ‪.‬‬ ‫لاص ِ‬ ‫ِ‬
‫لال الزركشً ‪ :‬فؤما (المحكم)‪ ،‬فؤصله لؽة ‪:‬المنع ‪ ،‬تمول ‪ :‬أحكمت بمعنى رددت ‪،‬‬
‫والحاكم لمنعه الظالم من الظلم ‪ ،‬حكمة اللجام هً التً تمنع الفرس من االضطراب(ٖ)‪.‬‬
‫وعلٌه‪ ،‬فالمحكم هو ما كان ذا داللة واضحة‪ ،‬بحٌث ال ٌحتمل وجوها ً من المعانً‪.‬‬

‫المعنى االصطالحً ‪ :‬ذُ ِك َرت للمحكم تحدٌدات عدّة‪ ،‬منها(ٗ)‪:‬‬

‫ٔ‪ -‬ما أنبؤ لفظه عن معناه من ؼٌر أن ٌنضم إلٌه أمر لفظ ٌبٌّن معناه‪ ،‬سواء أكان اللفظ لؽوٌا ً أم‬
‫عرفٌاً‪ ،‬وال ٌحتاج إلى ضرب من ضروب التؤوٌل‪.‬‬

‫ٕ‪-‬المحكم‪ :‬ما استم ّل بنفسه‪ ،‬ولم ٌفتمر إلى ؼٌره‪.‬‬

‫ٖ‪-‬المحكمات‪ :‬هً آٌات واضحة ال ُمراد‪ ،‬ال اختبلؾ فٌها وال اضطراب‪.‬‬

‫لال ابن عباس‪" :‬لرأت المحكم على عهد رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ٌ ، )٘( " -‬رٌد المفصل من‬
‫المرآن ألنه لم ٌنسخ منه شًء‪.‬‬
‫والمتشابه لغة ‪" :‬الشٌن والباء والهاء أصل واحد ٌد ّل على تشابه الشًء وتشاكله لونا ً‬
‫ووصفاً‪ ...‬والمشبّهات من األمور المشكبلت‪ ،‬واشتبه األمران إذا أشكبل"(‪.)ٙ‬‬
‫وال ُمتَشَابِه من المرآن‪" :‬ما أُش ِك َل تفسٌره لمشابهته بؽٌره‪ ،‬إ ّما من حٌث اللَّفظ‪ ،‬وإ ّما من‬
‫ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫حٌث المعنى" ‪.‬‬

‫لال الفٌروز آبادي‪" :‬و الـ ُم ْشتَبِ َهات من األُمور‪ :‬الـ ُم ْش ِكبلتُ ‪ :‬و الـ ُمتشابِ َهاتُ ‪ :‬الـ ُمت َماثِبلت‪،‬‬
‫والمثْلُ‪ .‬و ُ‬
‫شبِّهَ علٌه األ َ ْم ُر‬ ‫االلتَبِاس‪ِ ،‬‬‫ش ْب َهةُ‪ ،‬بالضم‪ْ :‬‬ ‫ظ َمةٍ‪ُ :‬م ْش ِكلَةٌ‪ .‬وال ُّ‬
‫شبَّ َهةٌ‪َ ،‬ك ُم ْع َّ‬ ‫وأ ُ ٌ‬
‫مور ُم ْشتَبِ َهةٌ و ُم َ‬
‫ت َ ْشبٌهاً‪ :‬لُبِّ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫س علٌه" ‪.‬‬

‫(ٔ)لسان العرب‪ ( :‬حكم ) ‪.5ٕ٘/ٕ:‬‬


‫(ٕ)الماموس المحٌط ( الحكم )‪.‬‬
‫(ٖ ) البرهان فً علوم المرآن‪ ،‬الزركشً ‪ ٙ1/ٕ :‬وانظر ‪ :‬مناهل العرفان ‪ -‬الزرلانً ‪ٔٙٙ/ٕ :‬‬
‫(ٗ)انظر‪ :‬البرهان فً علوم المرآن‪ ،‬الزركشً ‪ ،ٙ1/ٕ :‬ومناهل العرفان‪ ،‬الزرلانً ‪ ،ٔٙٙ/ٕ :‬واإلتمان فً‬
‫علوم المرآن‪ ،‬السٌوطً‪ ،ٙ/ٕ :‬و لسان العرب ٕٔ‪. ٔٗٔ/‬‬
‫(٘)أخرجه البخاري بسنده عن سعٌد بن جبٌر لال ‪ :‬ولال ابن عباس ‪ ( :‬ثم توفً رسول هللا ‪ S‬وأنا بن عشر سنٌن ولد‬
‫لرأت المحكم ) (‪.ٔ5ٕٕ/ٗ )ٗ2ٗ1‬‬
‫(‪)ٙ‬معجم مماٌٌس اللؽة‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬جٖ‪ ،‬مادّة"شبه"‪ ،‬صٖٕٗ‪.‬‬
‫(‪)2‬مفردات ألفاظ المرآن‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬مادّة"شبه"‪ ،‬صٖٗٗ‪.‬‬
‫ش ْبهُ ) ‪.‬‬‫(‪ )1‬الماموس المحٌط ( ش) ( ال ِ ّ‬
‫ط علـٌه األَمر حتـى ا ْشتَبَه بؽٌره" (ٔ)‪.‬‬ ‫شبَّهَ علـٌه‪ :‬خَـلَّ َ‬
‫لال ابن منظور‪ ":‬و َ‬
‫لال الخلٌل‪" :‬والشبه ضرب من النحاس ‪ٌ ،‬لمى علٌه دواء فٌصفر ‪ ،‬وسمً شبها ألنه‬
‫شبه بالذهب ‪ ،‬وفً فبلن شبة من فبلن أي شبٌهه ‪ ،‬وتمول ‪ :‬شبهت هذا بهذا ‪ ،‬وأشبه فبلن فبلنا ‪،‬‬
‫وأشبه الشًء الشًء ماثله ‪ ،‬والمشبهات من األمور المشكبلت ‪ ،‬تشابه الشٌبان أشبه كل منهما‬
‫اآلخر حتى التبسا ‪ ،‬وشبه فبلن علً إذا خلط ‪ ،‬واشتبه األمر"(ٕ) ‪.‬‬
‫لال الزركشً ‪" :‬أما المتشابه فؤصله أن ٌشتبه اللفظ فً الظاهر مع اختبلؾ المعانً ‪،‬‬
‫وٌمال للؽامض متشابه ألن جهة الشبه فٌه ‪ ،‬والمتشابه مثل المشكل ألنه أشكل و دخل فً شكل‬
‫ؼٌر شكله "(ٖ)‪.‬‬
‫المعنى االصطالحً ‪ :‬ذُ ِك َرت للمتشابه تحدٌدات عدّة‪ ،‬منها(ٗ)‪:‬‬
‫ُعرؾ بظاهره‪ ،‬بل ٌحتاج إلى دلٌل‪ ،‬وهو ما كان محتمبلً ألمور كثٌرة‬ ‫ٔ‪ -‬ما كان المراد به ال ٌ َ‬
‫أو أمرٌن‪ ،‬وال ٌجوز أن ٌكون الجمٌع مراداً‪ ،‬فإنّه من باب المتشابه‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬المتشابه‪ :‬ما ال ٌستم ّل بنفسه إال بردّه إلى ؼٌره‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬اآلٌات المتشابهة‪ :‬هً آٌات ظاهرها لٌس ُمراداً‪ ،‬و ُمرادها الوالعً الذي هو تؤوٌلها ال ٌعلمه‬
‫إال هللا والراسخون فً العلم‪ ،‬وٌجب اإلٌمان بها‪ ،‬والتولّؾ عن اتّباعها‪ ،‬واالمتناع عن العمل‬
‫بها‪ ...‬واآلٌات المتشابهة منجهة المدلول وال ُمراد ترجع لآلٌات المحكمة‪ ،‬وبمعرفة المحكمات‬
‫ُعرؾ معناها الوالعً‪ ...‬فالمتشابه هو اآلٌة التً ال استمبلل لها فً إفادة مدلولها‪ ،‬وٌظهر‬ ‫ٌ َ‬
‫بواسطة الر ّد إلى المحكمات‪ ،‬ال أنّه ما ال سبٌل إلى فهم مدلوله‪.‬‬
‫ورد فً كتاب النهاٌة فً ؼرٌب الحدٌث واألثر بؤن ال ُمتَشَابه‪ :‬ما لم ٌُتَلَ َّك معناه من لَ ْف ِظه‪،‬‬
‫ع ِرؾ معناه‪ ،‬واآلخر ما ال سبٌل إلى معرفة‬ ‫وهو على ضربٌن‪ :‬أح ُد ُهما إذا ُر َّد إلى ال ُمحْ َكم ُ‬
‫حمٌمته‪ .‬فال ُمتَت َ ِبّع له ُم ْبت َػ ِل ْلفتنَة‪ ،‬ألنه ال ٌكا ُد ٌنتهً إلى شًءٍ تسكن نَ ْف ُ‬
‫(٘)‬
‫سه إلٌه" ‪.‬‬
‫ش ِبّهُ ُم ْم ِبلَةً وتُبَـ ٌِّ ُن ُم ْد ِب َرةً"(‪ ،)2‬لال شمر(‪" :)1‬معناه أ َ َّن‬‫وفـً حدٌث حذٌفة(‪ :)ٙ‬وذكر فتنةً فمال‪" :‬ت ُ َ‬
‫ت علـى الموم وأ َ َرتْ ُهم أنهم علـى الـحك حتـى ٌدخـلوا فـٌها وٌَ ْر َكبُوا منها ما‬ ‫الفتنة ِإذا أ َ ْلبلت َ‬
‫شبَّ َه ْ‬
‫ال ٌحل‪ ،‬فإِذا أَدْبرت وانمضت بانَ أَمرها‪ ،‬ف َع ِل َ‬
‫(ٔ)‬
‫ـم َم ْن دخـل فـٌها إِنه كان علـى الـخطؤ" ‪.‬‬

‫(ٔ)لسان العرب ( شبه ) ‪. ٕٔ5ٓ/ٗ:‬‬


‫(ٕ)كتاب العٌن‪ ،‬الفراهٌدي ‪ :‬أبو عبد الرحمن الخلٌل بن أحمد ‪ ،‬تحمٌك د‪.‬مهدي المخزومً ود‪.‬إبراهٌم السامرابً ‪ ،‬نشر‬
‫دار ومكتبة الهبلل ٖ‪ ، ٗٓٗ/‬والمعجم الوسٌط ‪ ،‬مجمع اللؽة العربٌة‪ ،‬نشر دار المعارؾ ‪ ،‬طٖ ‪. ٗ5ٓ/ٔ ،‬‬
‫(ٖ)البرهان‪ ،‬الزركشً ‪. ٙ5/ٕ :‬‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬البرهان فً علوم المرآن ‪ ،‬جٕ‪ ،‬ص‪ ،2ٔ-ٙ5‬اإلتمان فً علوم المرآن ‪ ،‬جٕ‪ ،‬ص٘‪ ،2-‬مناهل العرفان فً‬
‫علوم المرآن‪ ،‬جٕ‪ ،‬صٕ٘ٔ‪.ٕٔ5-‬‬
‫(٘) النهاٌة فً ؼرٌب الحدٌث واألثر ( شبه ) ‪ٕٗٗ/ٕ .‬‬
‫(‪ )ٙ‬حذٌفة بن الٌَمان حلٌؾ األنصار‪ ،‬صحابـً جلٌل من السابمٌن ‪ .‬أنظر ‪ :‬تمرٌب التهذٌب ٔ‪ٔ٘ٗ/‬‬
‫(‪)2‬وتمامه عن حذٌفة لال‪ ( :‬إٌان والفتن ال ٌشخص لها أحد فوهللا ما شخص منها أحد إال نسفته كما ٌنسؾ‬
‫السٌل الدمن ‪ ،‬إنها مشبهة ممبلة حتى ٌمول الجاهل هذه تشبه ممبلة وتتبٌن مدبرة ‪ ،‬فإذا رأٌتموها فاجتمعوا فً‬
‫بٌوتكم واكسروا سٌوفكم ولطعوا أوتاركم وؼطوا وجوهكم ) لال الحاكم ‪ :‬هذا حدٌث صحٌح اإلسناد ولم‬
‫ٌخرجاه‪ .‬المستدرن على الصحٌحٌن ‪. ٗ5٘/ٗ ،‬‬
‫سدِي الكَا ِه ِلً ال ُك ْوفًِ‪ .‬ولال النَّسابً‪ :‬ثمة‪ .‬وذكره ابنُ ِحبَّان فً كتاب‬
‫(‪ )1‬لعله ِش ْم ُر بنُ َع ِطٌَّة األ َ‬
‫«ال ِثّمات»‪ .‬تهذٌب الكمال ‪ -‬المزي ترجمة (ٖٔٓٔ) لال ابن حجر ‪ :‬صدوق‪ ،‬من السادسة‪ .‬تمرٌب التهذٌب ‪:‬‬
‫ٔ‪. ٕٙ1/‬‬
‫ولد اختلؾ العلماء فً وجود المتشابهات فً المرآن الكرٌم‪ ،‬وفٌه لوالن‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أنه ال وجود للمتشابهات فً المرآن‪ ،‬ألن المرآن كتاب هداٌة عا ّمة لك ّل الناس‪.‬‬

‫ظةٌ ِل ْل ُمتَّمٌِنَ } [آل عمران ‪ ،]ٖٔ1 :‬ولال‬‫اس َو ُهدًى َو َم ْو ِع َ‬ ‫ودلٌهم لوله تعالى‪َ { :‬ه َذا َب ٌَ ٌ‬
‫ان ِللنَّ ِ‬
‫ٌر} [هود ‪ ،]ٔ :‬فبل وجود فٌه آلي ٍ‬ ‫ت ِم ْن لَد ُْن َح ِك ٌٍم َخ ِب ٍ‬‫صلَ ْ‬ ‫تعالى‪{ :‬الر ِكتَابٌ أُحْ ِك َم ْ‬
‫ت آ ٌَاتُهُ ث ُ َّم فُ ِ ّ‬
‫متشابهة بالذات‪ ،‬وأ ّما التعبٌر بالتشابه فً آي ِ المرآن‪ ،‬فهو بمعنى التشابه بالنسبة إلى أُولبن‬
‫الزابؽٌن الذٌن ٌحاولون تحرٌؾ الك ِلم عن مواضعه‪.‬‬

‫والثانً‪ :‬المول بوجود المتشابهات فً المرآن ‪ :‬إذ ٌشتمل المرآن الكرٌم على آٌات متشابهات‪،‬‬
‫علٌَْنَ ْال ِكت َ‬
‫َاب ِم ْنهُ آٌَاتٌ‬ ‫كما هو مشتمل على آٌات مح َكمات‪ ،‬لموله تعالى ‪ُ {:‬ه َو الَّذِي أ َ ْنزَ َل َ‬
‫ب َوأُخ َُر ُمتَشَابِ َهاتٌ } [آل عمران ‪ ، ]2 :‬فٌشتمل على تمسٌم آٌات المرآن إلى‬ ‫ُمحْ َك َماتٌ ُه َّن أ ُ ُّم ْال ِكت َا ِ‬
‫المحكم والمتشابه‪.‬‬

‫{م ْنهُ آٌَاتٌ ُمحْ َك َماتٌ ُه َّن أ ُ ُّم‬ ‫والراجح هو المول الثانً‪ ،‬إذ أن المراد باإلحكام فً لوله‪ِ :‬‬
‫ؾ به جمٌع الكتاب فً لوله‬ ‫ص َ‬ ‫ب َوأُخ َُر ُمتَشَابِ َهاتٌ } [آل عمران ‪ ،]2 :‬ؼٌر اإلحكام الذي ُو ِ‬ ‫ْال ِكت َا ِ‬
‫ٌر} [هود ‪ ،]ٔ :‬وكذا المراد بالتشابه‬ ‫ت ِم ْن لَد ُْن َح ِك ٌٍم َخبِ ٍ‬ ‫ت آٌَاتُهُ ث ُ َّم فُ ِ ّ‬
‫صلَ ْ‬ ‫تعالى ‪{:‬الر ِكتَابٌ أُحْ ِك َم ْ‬
‫ث ِكت َابًا‬ ‫سنَ ْال َحدٌِ ِ‬‫{َّللاُ ن ََّز َل أَحْ َ‬
‫ؾ به جمٌع الكتاب فً لوله تعالى ‪َّ :‬‬ ‫ص َ‬ ‫فٌه ؼٌر التشابه الذي ُو ِ‬
‫ُّمتَشَابِ ًها}[الزمر‪ .]ٕٖ :‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫سابعا‪ -‬الناسخ والمنسوخ فً المرآن الكرٌم‬


‫ٌعد الناسخ والمنسوخ فً المرآن من المسابل التً كثر فٌها الجدل بٌن المإٌدٌن‬
‫والمعارضٌن‪ ،‬فٌعرض البحث تعرٌؾ هذا الفن و منشؤه وأدلة المابلٌن به وأنواعه وشروطه‪.‬‬
‫وٌتناول البحث حجج المعارضٌن التً تدحض النسخ أساسا وشكبل ثم ٌعرض بعض المضاٌا‬
‫التً ذُكرت فً اآلٌات الشرٌفة وادعى البعض أنها منسوخة‪ .‬وٌتم تفنٌدها من خبلل حجج‬
‫معارضً النسخ وٌتبٌن أن كل لضٌة من تلن المضاٌا ٌمكن معالجتها علً حدة وان كل آٌة‬
‫شرٌفة تعبر عن لضٌة مختلفة أو أنها متناسجة مع بعضها البعض‪ٌ .‬ستتبع ذلن تؤمل فً دالالت‬
‫نسخ اآلٌة بما ٌتعلك بمضٌة تطور اإلنسان عندما ٌمرأ اإلنسان آٌات هللا فً األفاق وفً نفسه‪.‬‬
‫وبمدر صدق اإلنسان فً لراءته آلٌات هللا ‪ٌ ،‬كتب باهلل فً نسخة كتابه وٌثبت الفعل الحسن‬
‫وٌمحو منها السٌا لٌؤخذ كتابه بٌمٌنه فٌكون بذلن آٌة ومثل أفضل من لدٌمه‪ .‬إن نسخ اآلٌة لجدٌد‬
‫أفضل هو تعبٌر عما هو أفضل لئلنسان فبل ٌنبؽً التشبث باأللفاظ ونسٌان ما فٌها من دالالت‪.‬‬
‫وٌعرض الباحث رإٌته فً تلن المضاٌا التً تتعلك بما ٌجب أن ٌكون علٌه اإلنسان‪ .‬فجمٌع‬
‫المضاٌا المذكورة فً المرآن لٌست بمنؤى عن اإلنسان فجمٌعها وجوه للحمٌمة لتشخص لئلنسان‬
‫داءه وتصؾ دواءه فمن أحصى منها شٌبا ً ارتمى‪.‬‬

‫(ٔ)أنظر ‪ :‬ؼرٌب الحدٌث ( حكم )‪. ٗٔ5/ٔ .‬‬


‫لمد اهتم المفسرون‪،‬وعلماء المرآن منذ المدم بالناسخ والمنسوخ حتى ألًفوا فً ذلن‬
‫مصنفات كثٌرة منهم أبو عبٌد الماسم بن سبلم‪ ،‬وأبو داود السجستانً‪ ،‬وأبو جعفر النحاس‪ ،‬وابن‬
‫األنبا ري‪،‬ومكً بن أبً طالب المٌسً‪،‬وابن العربً وآخرون(ٔ)‪.‬‬
‫ولٌل أن بدء التدوٌن فٌه ٌرجع إلى المرن الثانً الهجري‪،‬وكتب فٌه ‪ :‬أبو دمحم عبد هللا بن‬
‫عبد الرحمن األصمعً‪، ،‬وكان الصحابة وعلى رأسهم اإلمام علً (علٌه السبلم) ٌرون أن‬
‫معرفة الناسخ والمنسوخ شرطا فً أهلٌة المفسر للتفسٌر والمحدث للحدٌث‪.‬‬
‫لال األبمة ‪" :‬وال ٌجوز ألحد أن ٌفسر كتاب هللا إال بعد أن ٌعرؾ منه الناسخ‬
‫والمنسوخ‪ ،‬ولد لال علً بن أبً طالب لماص‪:‬أتعرؾ الناسخ والمنسوخ ؟ لال‪ :‬هللا أعلم‪ ،‬لال‬
‫هلكت وأهلكت"(ٕ)‪.‬‬
‫وللمفسرٌن فً اآلٌات المنسوخة آراء مختلفة تداخلت مع ؼٌرها واشتبهت على كثٌر‬
‫منهم ‪ .‬فظن بعض منهم أنه نسخ‪ ،‬ولو تمعنوا جٌدا لوجدوها أنه لٌس بنسخ‪ ،‬لال الزركشً ‪":‬إنما‬
‫نسؤ وتؤخٌر‪ ،‬أو مجمل أ ُ ِخر بٌان لولت الحاجة‪ ،‬أو خطاب لد حال بٌنه وبٌن َأوله خطاب آخر‬
‫ؼٌره‪،‬أو مخصوص من عموم‪ ،‬أو حكم عام لخاص‪ ،‬أو لمداخلة معنى فً معنى‪ ،‬وأنواع‬
‫الخطاب كثٌرة فظنوا ذلن نسخا ولٌس به‪.)ٖ("...‬‬
‫وللناسخ والمنسوخ الدور الكبٌر فً استنباط األحكام الشرعٌة‪ ،‬إذ به ٌعرؾ الحكم الثابت‬
‫البالً الذي ٌعمل به عن الحكم الزابل المترون ‪.‬‬
‫تعرٌف النسخ‬
‫النسخ لؽة‪ :‬رفع شًء وإثبات ؼٌره مكانه‪،‬أو تحوٌل شًء إلى ؼٌره‪ ،‬ومنه نسخ الكتاب‬
‫ومنه‪ :‬أمر كان ٌعمل به من لبل ثم ٌنسخ بحادث ؼٌره ٓٓوكل شًء خلؾ شٌبا فمد انتسخه‪،‬‬
‫فٌمال ‪ :‬انتسخت الشمس الظل‪ ،‬والشٌب الشباب ٓٓومنه نسخ الكتاب(ٗ)‪.‬‬
‫ولٌل النسخ فً اللؽة ٌطلك على معنٌٌن(٘)‪:‬‬
‫ان ث ُ َّم ٌُحْ ِك ُم َّ‬
‫َّللاُ آ َ ٌَاتِ ِه} (الحج‪:‬‬ ‫ط ُ‬ ‫َّللاُ َما ٌ ُْل ِمً ال َّ‬
‫ش ٌْ َ‬ ‫س ُخ َّ‬ ‫األول‪ :‬بمعنى اإلزالة ومنه لوله تعالى {فٌََ ْن َ‬
‫ٕ٘)‪ ،‬تمول العرب‪ :‬نسخت الشمس الظل‪ ،‬أي أزالته حلت محله‪.‬‬
‫والثانً‪ :‬نمل الشًء من كان إلى مكان دون تؽٌر‪ ،‬ومنه نسخ الكتاب أي تكتب كتابا عن كتاب‬
‫حرفا بحرؾ وكلمة بكلمة‪.‬‬
‫وبمعنى التبدٌل‪ ،‬ومنه لوله تعالى { َو ِإ َذا َبد َّْلنَا آ َ ٌَةً َم َكانَ آٌََ ٍة}[النحل‪.]ٔٓٔ :‬‬
‫وبمعنى التحوٌل‪ ،‬كتناسخ الموارٌث‪ ،‬بمعنى تحوٌل المٌراث من واحد إلى واحد‪.‬‬
‫وبمعنى النمل من موضع إلى موضع‪ ،‬ومنه نسخت الكتاب‪ ،‬إذ نملت ما فٌه حاكٌا للفظه‬
‫وخطه(‪.)ٙ‬‬
‫والنسخ فً الشرع(االصطبلح)‪ -:‬أجمع العلماء والمفسرون وكل من بحث فً علوم‬
‫أن اختصاص النسخ فً العلوم المرآنٌة هو إبطال حكم آٌة لرآنٌة بآٌة لرآنٌة أخرى‪.‬‬ ‫المرآن ً‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬اإلتمان ‪ /‬السٌوطً ‪.٘ٔ/ٖ /‬‬


‫(ٕ)البرهان ‪ /‬الزركشً ‪.ٖٗ/ٕ /‬‬
‫(ٖ) المصدر نفسه‪ :‬والصحٌفة نفسها‪.‬‬
‫(ٗ)معجم مماٌٌس اللؽة‪ ،‬مادة نسخ ‪.‬‬
‫(٘)لسان العرب ‪ ،‬ابن منظور‪ :‬مادة( نسخ‪5.‬‬
‫(‪ )ٙ‬اإلتمان‪.٘ٔ/ٖ :‬‬
‫فمٌل النسخ فً الشرع‪":‬إزالة ما كان ثابتا بنص شرعً‪،‬سواء عمل به أم لم ٌعمل به"(ٔ)‪.‬‬
‫وعرفه الراؼب بؤنه‪":‬إزالة مثل الحكم الثابت بالشرع بشرع آخر مع التراخً"(ٕ)‪.‬‬
‫وهنان تعرٌؾ للنسخ فً اصطبلح الشرٌعة جامع مانع وكل التعارٌؾ التً لٌلت تنصب‬
‫فٌه هو "رفع الحكم الشرعً بدلٌل شرعً متؤخر عنه"(ٖ)‪.‬‬
‫وهذا المعنى الشرعً ٌتصل بالمعنى اللؽوي األول للنسخ(ٗ)‪.‬‬
‫أهمٌة النسخ فً التفسٌر‬
‫من أساسات علوم التفسٌر علم الناسخ والمنسوخ وهو من العلوم التً ال ٌموم إال بها‬
‫وكذلن ال ٌمكن معرفة األحكام الشرعٌة المستنبطة وتفسٌر تعارض النصوص إال بمعرفته‪،‬‬
‫ولذلن أفرد له علماء أصول التفسٌر وعلماء أصول الفمه مصنفات لدٌما وحدٌثا ‪.‬‬
‫لال المرطبً ‪ ":‬معرفة هذا الباب أكٌدة‪ ،‬وفابدته كبٌرة‪ ،‬ال ٌستؽنى عنه معرفته العلماء‬
‫وال ٌنكره إال الجهلة أنصاؾ المتعلمٌن‪ ،‬لما ٌترتب علٌه من النوازل فً األحكام ومعرفة الحبلل‬
‫والحرام روى البختري لال ‪ :‬دخل علً رضً هللا عنه المسجد‪ ،‬فإذا رجل ٌخوؾ الناس‪ ،‬لال‪:‬‬
‫ما هذا ؟ لالوا ‪ :‬رجل ٌذكر الناس ‪.‬فمال‪ :‬لٌس برجل ٌذكر الناس‪ ،‬لكنه ٌمول‪ :‬أنا فبلن بن فبلن‬
‫اعرفونً ‪ .‬فؤرسل إلٌه فمال‪ :‬أتعرؾ الناسخ من المنسوخ ؟ فمال‪ :‬ال‪ ،‬لال‪ :‬فاخرج من مسجدنا‬
‫وال تذكر فٌه‪ ،‬وفً رواٌة ‪ :‬أعلمت الناسخ والمنسوخ ؟ لال‪ :‬ال‪ ،‬لال‪ :‬هلكت وأهلكت ‪ .‬ومثله عن‬
‫ابن عباس رضً هللا عنهما"(٘)‪.‬‬
‫اهتم العلماء والمفسرون والباحثون منذ المدم بموضع الناسخ والمنسوخ‪ ،‬وهً من‬
‫األمور التً ٌسر هللا تعالى بها على المإمنٌن ولت تنزٌل المرآن فً تطبٌك األحكام والولوؾ‬
‫على الناسخ والمنسوخ فً المرآن الكرٌم من األمور الواجب معرفتها عند كل من ٌرٌد أن‬
‫ٌتصدى للتفسٌر المرآنً‪ ،‬إذ ٌدخل فً تحدٌد المراد من النصوص المرآنٌة وهذا ما أكده العلماء‬
‫ولالوا "ال ٌجوز ألحد أن ٌفسر كتاب هللا إال بعد أن ٌعرؾ من الناسخ والمنسوخ ولد روٌت كثٌر‬
‫من األخبار عن الصحابة"(‪.)ٙ‬‬
‫ومن الكثٌرٌن الذٌن بحثوا فً الناسخ والمنسوخ أكدوا على أهمٌة هذا العلم فً فهم مراد‬
‫هللا تعالى من نصوص المرآن الكرٌم وهو ٌعد علما من الواجب على العالم معرفته حتى ٌكون‬
‫بحثه فً هذا العلم رصٌنا وموافما لما أمر به سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫ٌمول مكً بن أبً طالب بهذا الخصوص‪" :‬وأن من أكد ما عنً أهل العلم والمرآن‬
‫بفهمه‪ ،‬وحفظه والنظر فٌه من علوم المرآن وسارعوا إلى البحث عن فهمه وعلم أصوله‪ ،‬علم‬
‫ناسخ المرآن ومنسوخه فهو علم ال ٌسع كل من تعلك بؤدنى علم من علوم الدٌانة جهله"(‪.)2‬‬

‫(ٔ)المصباح المنٌر ‪ ،‬أحمد بن دمحم الفٌومً ‪ ،‬مادة (نسخ) صٕٓ‪.ٙ‬‬


‫(ٕ)ممدمة جامع التفاسٌر ‪ ،‬الراؼب ‪ :‬صٕ‪.1‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬النسخ فً المرآن‪ ،‬مصطفى زٌد‪ٔٓ٘/ٔ :‬ظ‪،‬اإلحكام فً أصول األحكام‪ /‬اآلمدي ٖ‪ ،51/‬الوجٌز فً‬
‫أصول الفمه‪ ،‬عبد الكرٌم زٌدان صٕٖ‪.5‬‬
‫(ٗ)اإلٌضاح لناسخ المرآن ومنسوخه ‪ ،‬مكً ابن أبً طالب ‪ :‬صٖٗ‪.‬‬
‫(٘)الجامع ألحكام المرآن ‪ ،‬المرطبً ‪.ٕٙ/ٕ:‬‬
‫(‪ )ٙ‬انظر‪ :‬فهم المرآن‪ ،‬الحارث المحاسبً ص‪ ٖٕ2‬ظ‪،‬الناسخ والمنســـوخ النحاس صٗٓ٘ ظ‪ ،‬تلخٌص‬
‫التمهٌد‪ /‬دمحم هادي معرفة‪.ٗٔ2/ٔ :‬‬
‫(‪)2‬اإلٌضاح ‪ ،‬مكً طالب ‪ٗ٘ :‬ـ ‪.ٗٙ‬‬
‫وللنسخ أهمٌة كبٌرة فً مجال العرض على المرآن الكرٌم فمع ثبوت النسخ فً بعض‬
‫من اآلٌات المرآنٌة ال ٌمكن الرجوع إلٌها فً تفسٌر اآلٌات الكرٌمة األخرى ‪.‬‬
‫فالزركشً ٌمول فً هذا الشؤن ‪":‬إن العلم بالناسخ والمنسوخ عظٌم الشؤن ولد صنؾ به‬
‫جماعة كثٌرون"(ٔ)‪.‬‬
‫ولال الزرلانً ‪":‬أنه طوٌل الذٌل‪ ،‬كثٌر التفارٌع‪ ،‬متشعب المسالن ‪..‬المسابل التً‬
‫ٌتناوله دلٌمة‪،‬إذن على ال باحث الذي ٌتناول النسخ أن ٌكون ٌمضا ودلٌما وأن ٌتصؾ بحسن‬
‫االختٌار ‪..‬والنسخ ٌكشؾ النماب عن مسٌرة التشرٌــع اإلسبلمً‪ ،‬وٌصبح اإلنسان مطلعا على‬
‫حكمة هللا تعالى فً تربٌته للخلك وسٌاسته للبشر وابتبلبه للناس وهذا ما ٌدل بالٌمٌن والتواتر‬
‫على أن الرسالة اإلسبلمٌة هً من هللا تعالى العزٌز الحكٌم ‪ ....‬إن معرفة الناسخ والمنسوخ ٌعد‬
‫ركنا مهما وعظٌما فً فهم اإلسبلم‪،‬وفً االهتداء إلى صحٌح اإلسبلم"(ٕ)‪.‬‬
‫تاسعا‪ -:‬المراءات‬
‫فالمرآن الكرٌم‪ ،‬كتاب هللا الخالد‪ ،‬ومعجزة رسوله دمحم ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬التى ال تفنى إلى األبد‪ .‬وهو‬
‫كتاب منتظم اآلٌات‪ ،‬متعاضد الكلمات‪ ،‬ال نفور فٌه وال تعارض‪ ،‬وال تضاد وال تنالض‪ ،‬صدق‬
‫كلها أخباره‪ ،‬عدل كلها أحكامه‪ ،‬وصدق هللا إذا ٌمول‪{ :‬أفبل ٌتدبرون المرآن ولو كان من عند ؼٌر‬
‫هللا لوجدوا فٌه اختبلفا ً كثٌراً}[األنعام‪ ،]ٔٔ٘ :‬هذه اآلٌة تنفى عن المرآن الكرٌم التنالض فى‬
‫معانٌه ومبانٌه‪ ،‬أما من جهة المعنى‪ ،‬فبل تجد آٌة تثبت معنى تنمضه آٌة سواها‪ ،‬وال ٌَ ِرد على ذلن‬
‫الناسخ والمنسوخ‪ ،‬فإن ذلن لٌس من التنالض وال من االختبلؾ فى شا‪ ،‬ألن النسخ رفع لحكم‪،‬‬
‫وإثبات آلخر‪ ،‬فالبالى إذن حكم واحد هو المحصلة النهابٌة‪ ،‬فلٌس ثمت ما ٌعارضه‪ ،‬وال ٌرد‬
‫على ذلن أٌضا ً موهم االختبلؾ‪ ،‬فإنه متنالض فى نظر من ال نظر له‪ ،‬لكن عند التدبر ٌتم‬
‫التوفٌك وااللتبام‪ ،‬وال ٌرد على ذلن أٌضا ً االختبلؾ بٌن لراءاته‪ ،‬فهو اختبلؾ تبلزم وتنوع‪،‬‬
‫ولٌس اختبلؾ تضاد وتنالض‪ ،‬ولذلن فإن المراء لم ٌعترض بعضهم على بعض‪ ،‬فالكل صحٌح‬
‫ما دام مستوفٌا ً لشروطه‪ ،‬كما سٌؤتى ذلن فى محله إن شاء هللا تعالى‪ ،‬وال ٌرد على ذلن‬
‫االختبلؾ حول تفسٌره‪ ،‬أو وجوه إعرابه‪ ،‬أو معانى لؽاته‪ ،‬ألن ذلن لٌس اختبلؾ فى المرآن‪ ،‬بل‬
‫هو اختبلؾ فى كبلم البشر عن المرآن‪ ،‬والفرق بٌن المرآن والتفسٌر‪ ،‬تماما ً كالفرق بٌن الخالك‬
‫والمخلوق(ٖ)‪.‬‬
‫ولد سبل اإلمام الؽزالى عن معنى لوله تعالى‪( :‬ولو كان من عند ؼٌر هللا لوجدوا فٌه اختبلفا ً‬
‫كثٌراً) فؤجاب بما صورته‪ :‬االختبلؾ لفظ مشترن بٌن معان‪ ،‬ولٌس المراد نفى اختبلؾ والناس‬
‫فٌه‪ ،‬بل نفى االختبلؾ عن ذات المرآن‪ٌ .‬مال هذا كبلم مختلؾ فٌه‪ ،‬أى‪ :‬ال ٌشبه أوله آخره فى‬
‫الفصاحة‪ ،‬إذ هو مختلؾ‪ ،‬أى‪ :‬بعضه ٌدعو إلى الدٌن‪ ،‬وبعضه ٌدعو إلى الدنٌا‪ ،‬أو هو مختلؾ‬
‫النظم فبعضه على وزن الشعر‪ ،‬وبعضه منزحؾ‪ ،‬وبعضه على أسلوب مخصوص فى الجزالة‪،‬‬
‫وبعضه على أسلوب ٌخالفه‪ ،‬وكبلم هللا منزه عن هذه االختبلفات‪ ،‬فإنه على منهاج واحد فى‬
‫النظم مناسب أوله آخره‪ ،‬وعلى مرتبة واحدة فى ؼاٌة الفصاحة‪ ،‬فلٌس ٌشتمل على الؽث‬

‫(ٔ)البرهان ‪ /‬الزركشً‪.ٖٖ/ٕ /‬‬


‫(ٕ)مناهل العرفان فً تفسٌر المرآن ‪ /‬الزر لانًٕ‪ٙ5/‬ـ ٓ‪. 2‬‬
‫(ٖ) بٌن المراءات والتفسٌرتؤصٌل وتطبٌك‪ ،‬أٓد‪/‬أحمد سعد الخطٌب‪ ،‬أستاذ التفسٌر وعلوم المرآن بجامعة‬
‫األزهر(بحث منشور بتصرؾ بسٌط)‪.‬‬
‫والسمٌن‪ ،‬ومسوق لمعنى واحد‪ ،‬وهو دعوة الخلك إلى هللا تعالى‪ ،‬وصرفهم عن الدنٌا إلى‬
‫الدٌن(ٔ)‪.‬‬
‫ولرٌب من هذا ما نمل عن ابن مسعود رضى هللا عنه ‪ ":‬ال تنازعوا فى المرآن فإنه ال‬
‫ٌختلؾ وال ٌتبلشى‪ ،‬وال ٌنفد لكثرة الرد‪ ،‬وإنه شرٌعة اإلسبلم وحدوده وفرابضه‪ ،‬ولو كان شا‬
‫من الحرفٌن ‪-‬أى المراءتٌن ‪ٌ -‬نهى عن شا ٌؤمر به اآلخر‪ ،‬كان ذلن االختبلؾ‪ ،‬ولكنه جامع ذلن‬
‫كله ال تختلؾ فٌه الحدود وال الفرابض‪ ،‬وال شا من شرابع اإلسبلم ولمد رأٌتنا نتنازع عند‬
‫رسول ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،-‬فٌؤمرنا فنمرأ فٌخبرنا أن كلنا محسن…‪.)ٕ("..‬‬
‫ومن األسباب التى كانت وراء هذه اآلراء الكثٌرة المتناثرة فى كتب التفسٌر‪ ،‬والسٌّما‬
‫ً منها بالتفسٌر المؤثور والسبب المختار هو "اختبلؾ المراءات" إذ أن اختبلؾ المراءات‬ ‫المعن ّ‬
‫كان سببا ً فى اختبلؾ المفسرٌن حول بٌان المعنى الممصود من النص المرآنى‪ ،‬وعلٌه لام العلماء‬
‫بوضع ضوابط ولواعد كلٌة تساعد على حسم هذا الخبلؾ‪ ،‬و الوصول إلى المعنى الراجحٓ‬
‫المراءات لغة واصطالحا‬
‫المراءات ‪:‬جمع لراءة‪ ،‬والمراءة فى اللؽة مصدر لرأ‪ ،‬وفى االصطبلح‪ :‬مذهب من‬
‫مذاهب النطك فى المرآن‪ٌ ،‬ذهب إلٌه إمام من األبمة مخالفا ً به ؼٌره‪ ،‬سواء أكانت هذه المخالفة‬
‫فى نطك الحروؾ‪ ،‬أو فى نطك هٌباتها(ٖ)‪.‬‬
‫وعلم المراءات‪ :‬هو علم ٌعرؾ به كٌفٌة النطك بالكلمات المرآنٌة‪ ،‬وطرٌك أدابها اتفالا ً واختبلفاً‪،‬‬
‫مع عزو كل وجه لنالله‪ .‬فموضوع علم المراءات إذن‪ ،‬كلمات المرآن الكرٌم من حٌث أحوال‬
‫النطك بها‪ ،‬وكٌفٌة أدابها (ٗ) ‪.‬‬
‫نشأة المراءات‪:‬‬
‫إن الزمن الذى نشؤت فٌه المراءات المرآنٌة‪ ،‬هو زمن نزول المرآن الكرٌم نفسه‪،‬‬
‫ضرورة أن هذه المراءات‪ ،‬لرآن نزل من عند هللا فلم تكن من اجتهاد أحد‪ ،‬بل هى وحى أوحاه‬
‫هللا تعالى إلى نبٌه ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬ولد نملها عنه أصحابه الكرام ‪ -‬رضى هللا عنهم ‪ -‬حتى وصلت إلى األبمة‬
‫المراء‪ ،‬فوضعوا أصولها‪ ،‬ولعدوا لواعدها‪ ،‬فى ضوء ما وصل إلٌهم‪ ،‬منموالً عن النبى ‪-‬صلى‬
‫هللا علٌه وسلم ‪ -‬وعلى ذلن‪ ،‬فالمعول علٌه فى المراءات‪ ،‬إنما هو التلمى بطرٌك التواتر‪ ،‬جمع‬
‫عن جمع ٌإمن عدم تواطإهم على الكذب‪ ،‬وصوالً إلى النبى ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬أو التلمى عن طرٌك نمل الثمة‬
‫عن الثمة وصوالً كذلن إلى النبى ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬وٌضاؾ إلى هذا المٌد لٌدان آخران سٌذكران فى محلهما‬
‫عند الحدٌث عن شروط المراءة الصحٌحة‪ ،‬أو ضوابط لبول المراءة‪.‬‬
‫وانطبللا ً من ذلن وبنا ًء علٌه‪ ،‬فإن إضافة هذه المراءات إلى أفراد معٌنٌن‪ ،‬هم المراء‬
‫الذٌن لرأوا بها‪ ،‬لٌس ألنهم هم الذٌن أنشؤوها أو اجتهدوا فى تؤلٌفها‪ ،‬بل هم حلمة فى سلسلة من‬
‫الرجال الثمات الذٌن رووا هذه الرواٌات ونملوها عن أسبلفهم‪ ،‬انتها ًء بالنبى ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬الذى تلمى هذه‬

‫(ٔ) انظر ‪ :‬البرهان فى علوم المرآن ٔ‪ ، ٗٙ /‬معترن األلران ٔ ‪5 /‬‬


‫(ٕ) أخرجه الطبري(‪:)ٔ1‬صٔ‪ .ٕ1/‬إسناده ضعٌؾ جدا‪.‬‬
‫(ٖ) المهذب فى المراءات العشر ٔ ‪ٙ /‬‬
‫(ٗ) المهذب فى المراءات العشر‪ٙ / ٔ :‬‬
‫المراءات وحٌا ً عن ربه ‪ -‬جل وعبل‪ .‬وإنما نسبت المراءات إلى المراء ألنهم هم الذٌن اعتنوا بها‬
‫وضبطوها ووضعوا لها المواعد واألصول‪.‬‬
‫أما سبب اختبلؾ المراءات‪ ،‬ذلن أن الصحابة ‪ -‬رضى هللا عنهم ‪ -‬كانوا من لبابل‬
‫عدٌدة‪ ،‬وأماكن مختلفة‪ ،‬وكما هو معروؾ أنه كما تختلؾ العادات والطباع باختبلؾ البٌبات‪،‬‬
‫فهكذا اللؽة أٌضاً‪ ،‬إذ تنفرد كل بٌبة ببعض األلفاظ التى لد ال تتوارد على لهجات بٌبات أخرى‪،‬‬
‫مع أن هذه البٌبات جمٌعها تنضوى داخل إطار لؽة واحدة‪ ،‬وهكذا كان األمر‪ ،‬الصحابة عرب‬
‫خلص بٌد أن اختبلؾ لبابلهم ومواطنهم أدى إلى انفراد كل لبٌلة ببعض األلفاظ التى لد ال تعرفها‬
‫المبابل األخرى مع أن الجمٌع عرب‪ ،‬والمرآن الكرٌم جاء ٌخاطب الجمٌع‪ ،‬لذلن راعى المرآن‬
‫الكرٌم هذا األمر‪ ،‬فجاءت لراءاته المتعددة موابمة لمجموع من ٌتلمون المرآن‪ ،‬فالتٌسٌر على‬
‫األمة‪ ،‬والتهوٌن علٌها هو السبب فى تعدد المراءات‪.‬‬
‫‪ -‬واألحادٌث المتواترة الواردة حول نزول المرآن على سبعة أحرؾ تدل على ذلن‪:‬‬
‫‪-‬جاء فى الصحٌحٌن ‪:‬عن ابن عباس رضى هللا عنهما ‪ -‬أن رسول هللا ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬لال ‪ " :‬ألرأنى‬
‫جبرٌل على حرؾ فراجعته‪ ،‬فلم أزل أستزٌده وٌزٌدنى حتى انتهى إلى سبعة أحرؾ"(ٔ)‪ ،‬وزاد‬
‫مسلم‪ " :‬لال ابن شهاب‪ :‬بلؽنى أن تلن السبعة فى األمر الذى ٌكون واحدا ً ال ٌختلؾ فى حبلل وال‬
‫حرام"(ٕ)‪.‬‬
‫ضاة بنى ؼفار(ٖ) لال‪ " :‬فؤتاه‬ ‫‪ -‬وأخرج مسلم بسنده عن أبى بن كعب‪ ،‬أن النبى ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬كان عند أ َ َ‬
‫جبرٌل ‪ -‬علٌه السبلم ‪ -‬فمال‪ :‬إن هللا ٌؤمرن أن تمرأ أمتن المرآن على حرؾ‪ ،‬فمال‪ :‬أسؤل هللا‬
‫معافاته ومؽفرته‪ ،‬وإن أمتى ال تطٌك ذلن‪ ،‬ثم أتاه الثانٌة فمال‪ :‬إن هللا ٌؤمرن أن تمرأ أمتن المرآن‬
‫على حرفٌن‪ ،‬فمال‪ :‬أسؤل هللا معافاته ومؽفرته‪ ،‬وإن أمتى ال تطٌك ذلن‪ ،‬ثم جاء الثالثة فمال‪ :‬إن‬
‫هللا ٌؤمرن أن تمرأ أمتن المرآن على ثبلثة أحرؾ‪ ،‬فمال‪ :‬أسؤل هللا معافاته ومؽفرته‪ ،‬وإن أمتى ال‬
‫تطٌك ذلن‪ ،‬ثم جاءه الرابعة فمال‪ :‬إن هللا ٌؤمرن أن تمرأ أمتن المرآن على سبعة أحرؾ‪ .‬فؤٌما‬
‫حرؾ لرأوا علٌه فمد أصابوا" (ٗ)‪.‬‬
‫واألحادٌث الواردة فى هذا الممام كثٌرة‪ ،‬لكنى أكتفى بما ذكرت‪ ،‬والمزٌد فى مظانه‪،‬‬
‫وٌإخذ من ذلن ما ٌلى‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬إن األحرؾ السبعة جمٌعها لرآن نزل من عند هللا‪ ،‬ال مجال لبلجتهاد فٌها‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬أن السبب فى هذه التوسعة هو التهوٌن على األمة‪ ،‬والتٌسٌر علٌها فى لراءة المرآن الكرٌم‪.‬‬
‫ألسام المراءات وبٌان ما ٌمبل منها وماال ٌمبل‬
‫نمل السٌوطى عن ابن الجرزى أن أنواع المراءات ستة‪:‬‬
‫األول ‪ :‬المتواتر‪ :‬وهو ما نمله جمع ال ٌمكن تواطإهم على الكذب‪ ،‬عن مثلهم إلى منتهاه‪ ،‬حتى‬
‫ٌبلؽوا به النبى ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،-‬ومثاله ما اتفمت الطرق على نمله عن السبعة ‪ -‬أو ؼٌرهم ‪ -‬وهذا هو‬
‫الؽالب فى المراءات‪.‬‬

‫(ٔ) انظر صحٌح البخارى ‪ ،‬كتاب فضابل المرآن ‪ ،‬باب أنزل المرآن على سبعة أحرؾ‬
‫(ٕ) انظر ‪ :‬صحٌح مسلم ‪ ،‬كتاب صبلة المسفرٌن ‪ ،‬باب بٌان أن المرآن أنزل على سبعة أحرؾ‬
‫(ٖ) مستنمع ماء كالؽدٌر ‪ ،‬كان بموضع بالمدٌنة نزل عنده بنو ؼفار فنسب إلٌهم‬
‫(ٗ) انظر صحٌح مسلم ‪ ،‬كتاب صبلة المسافرٌن ‪ ،‬باب بٌان أن المرآن على سبعة أحرؾ‬
‫الثانى‪ :‬المشهور‪ :‬وهو ما صح سنده بؤن رواه العدل الضابط عن مثله‪ ،‬وهكذا ووافك العربٌة ولو‬
‫بوجه‪ ،‬ووافك رسم المصحؾ العثمانى‪ ،‬واشتهر عند المراء فلم ٌعدوه من الؽلط وال من الشذوذ‪،‬‬
‫إال أنه لم ٌبلػ درجة المتواتر‪ .‬ومثاله ما اختلفت الطرق فى نمله عن السبعة‪ ،‬فرواه بعض الرواة‬
‫عنهم دون بعض‪ ،‬ولد ذكر كثٌرا ً من هذا النوع الدانى فى التٌسٌر والشاطبى فى الشاطبٌة‪،‬‬
‫وؼٌرهما‪ .‬وهذان النوعان‪ ،‬هما اللذان ٌمرأ بهما‪ ،‬مع وجوب اعتمادهما وال ٌجوز إنكار شا‬
‫منهما‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ما صح سنده‪ ،‬وخالؾ الرسم أو العربٌة‪ ،‬أو لم ٌشتهر االشتهار المذكور‪ ،‬وهذا النوع ال‬
‫ٌمرأ به وال ٌجب اعتماده‪ ،‬ومثاله لراءة ( متكبٌن على رفارؾ خضر وعبالرى حسان ) ولراءة‬
‫(لمد جاءكم رسول من أنفَ ِسكم) بفتح الفاء‪.‬‬
‫سمٌفع (فالٌوم ننحٌن ببدنن) بالحاء المهملة‬ ‫الرابع ‪ :‬الشاذ‪ ،‬وهو ما لم ٌصح سنده‪ ،‬لراءة ابن ال َّ‬
‫(لتكون لمن َخلَفن آٌة) بفتح البلم من كلمة ( َخلَفن)‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬الموضوع‪ ،‬وهو ما نسب إلى لابله من ؼٌر أصل‪ ،‬مثل المراءات التى جمعها دمحم بن‬
‫جعفر الخزاعى‪ ،‬ونسبها إلى أبى حنٌفة‪.‬‬
‫السادس‪ :‬ما ٌشبه المدرج من أنواع الحدٌث‪ ،‬وهو ما زٌد فى المراءات على وجه التفسٌر‪،‬‬
‫كمراءة سعد بن أبى ولاص (وله أخ أو أخت من أم) بزٌادة لفظ ( من أم)‪.‬‬
‫لال ابن الجزرى‪" :‬وربما كانوا ٌدخلون التفسٌر فى المراءات إٌضاحا ً وبٌانا ً ‪ ،‬ألنهم محممون لما‬
‫تلموه عن النبى ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬لرآناً‪ ،‬فهم آمنون من االلتباس‪ ،‬وربما كان بعضهم ٌكتبه معه"(ٔ) ‪.‬‬
‫ومن خبلل هذا النمل خلصنا إلى أن النوعٌن األولٌن هما اللذان ٌمرأ بهما وأما ؼٌرهما‪،‬‬
‫فبل‪ .‬والنوع األول‪ ،‬وهو المتواتر ممطوع بمرآنٌته ببل نزاع‪ .‬وأما النوع الثانى وهو المشهور‬
‫الذى اتفمت فٌه الضوابط الثبلثة المذكورة‪ ،‬وهى صحة السند‪ ،‬وموافمة اللؽة العربٌة ولو بوجه‪،‬‬
‫وموافمة الرسم العثمانى ولو احتماالً‪ ،‬ألول‪:‬‬
‫هذا النوع لم ٌوافك علٌه بعض العلماء‪ ،‬بل اشترطوا التواتر دون صحة السند ‪ -‬أى لم ٌكتفوا‬
‫بصحة السند‪ -‬جاء فى اإلتمان تعلٌما ً على ذلن‪.‬‬
‫وهذا مما ال ٌخفى ما فٌه‪ ،‬فإن التواتر إذا ثبت‪ ،‬ال ٌحتاج فٌه إلى الركنٌن األخٌرٌن من العربٌة‬
‫والرسم‪ ،‬إذ ما ثبت من أحرؾ الخبلؾ متواترا ً عن النبى ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬وجب لبوله والمطع بكونه لرآنا ً‬
‫سواء وافك الرسم أو ال‪ .‬ا‪.‬هـ (ٕ)‬
‫ومن ثم لال بعض العلماء تعلٌما ً على هذا الرأى فى محاولة لتمرٌب وجهة النظر حول‬
‫لبول هذه المراءة‪ ،‬أو عدم لبولها‪ ،‬لال‪ :‬إن هذا المسم ‪ٌ -‬عنى الذى استجمع األركان الثبلثة‬
‫المذكورة ‪ٌ -‬تنوع إلى نوعٌن‪:‬‬
‫األول‪ :‬ضرب أو نوع‪ ،‬استفاض نمله وتلمته األمة بالمبول‪ ،‬وهو ٌلحك بالمتواتر من حٌث لبوله‬
‫والعمل بممتضاه ‪ ،‬ألنه وإن كان من لبٌل اآلحاد إال أنه احتفت به لرابن جعلته ٌفٌد العلم ال‬
‫الظن‪.‬‬

‫(ٔ) انظر اإلتمان ٔ ‪ ، 25/‬مناهل العرفان ٔ ‪ ، ٕٗ5 /‬وما بعدها‬


‫(ٕ) اإلتمان‪21 / ٔ :‬‬
‫لال صاحب المناهل ‪ :‬إن ركن الصحة فى ضابط المرآن المشهور‪ ،‬ال ٌراد بالصحة فٌه‬
‫مطلك صحة‪ ،‬بل المراد صحة ممتازة‪ ،‬تصل بالمراءة إلى حد االستفاضة والشهرة‪ ،‬وتلمى األمة‬
‫لها بالمبول حتى ٌكون هذا الركن بمرٌنة الركنٌن اآلخرٌن فى لوة التواتر الذى البد منه فى تحمك‬
‫المرآنٌة (ٔ)‪.‬‬
‫والنوع الثانى‪ :‬وهو ما لم تتلمه األمة بالمبول ولم ٌستفض‪ ،‬وهذا فٌه خبلؾ بٌن العلماء‪ ،‬من حٌث‬
‫لبوله‪ ،‬والمراءة به‪ ،‬أو عدم ذلن واألكثرون على لبوله (ٕ)‪.‬‬
‫أوجه االختالف بٌن المراءات الثابتة‬
‫سبك أن علمنا بؤن المراءات مرجعها النمل الثابت عن النبى ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬ولذلن‪ ،‬لم ٌكن‬
‫االختبلؾ بٌنها على سبٌل التضاد فى المعانى‪ ،‬بل المراءة إما مإكدة لؽٌرها‪ ،‬أو موضحة‪ ،‬أو‬
‫مضٌفة إلٌها معنى جدٌداً‪ ،‬فتكون كل لراءة بالنسبة لؤلخرى‪ ،‬بمنزلة اآلٌة مع اآلٌة‪ ،‬وكما أن‬
‫االختبلؾ بٌن هذه المراءات لم ٌكن على سبٌل التضاد فى المعانى‪ ،‬فإنه كذلن لم ٌكن على سبٌل‬
‫التباٌن فى األلفاظ‪ ،‬ولد حصر بعضهم أوجه االختبلؾ بٌن المراءات فى الوجوه اآلتٌة‪:‬‬
‫األول‪ :‬االختبلؾ فى شكل آخر الكلمات‪ ،‬أو بنٌتها‪ ،‬مما ٌجعلها جمٌعا ً فى دابرة العربٌة الفصحى‪،‬‬
‫بل أفصح هذه اللؽة‪ ،‬المتسمة فى ألفاظها‪ ،‬وتآخى عباراتها‪ ،‬ورنة موسٌماها‪ ،‬والتواإم بٌن ألفاظها‬
‫ومعانٌها‪.‬‬
‫الثانً‪ :‬االختبلؾ فى المد فى الحروؾ‪ ،‬من حٌث الطول والمصر‪ ،‬وكون المد الزما ً أو ؼٌر‬
‫الزم‪ ،‬وكل ذلن مع التآخى فى النطك فى المراءة الواحدة‪ ،‬فكل لراءة متناسمة فى ألفاظها من‬
‫حٌث البنٌة للكلمة‪ ،‬ومن حٌث طول المد أو لصره‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬االختبلؾ من حٌث اإلمالة‪ ،‬أو عدمها فى الحروؾ‪ ،‬كالولوؾ باإلمالة فى التاء‬
‫المربوطة‪ ،‬أو عدم اإلمالة فٌها‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬االختبلؾ من حٌث النمط ومن حٌث شكل البنٌة فى مثل لوله تعالى‪ٌ( :‬ا أٌها الذٌن آمنوا‬
‫إن جاءكم فاسك بنبؤ فتبٌنوا) (الحجرات‪ ) ٙ :‬حٌث لرئ متواترا ً كذلن (فتثبتوا) ومع ذلن‬
‫فالمراءتان متبللتٌان فى المعنى‪ ،‬فاألولى طالبت بالتبٌن المطلك‪ ،‬واألخرى بٌنت طرٌك التبٌن‪،‬‬
‫وهو التثبت بتحرى اإلثبات‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬زٌادة بعض الحروؾ فى لراءة‪ ،‬ونمصها فى أخرى‪ ،‬مثل لراءة ابن عامر ‪ -‬وهو أحد‬
‫المراء السبعة‪( -‬لالوا اتخذ هللا ولدا )[ البمرة‪ ] ٔٔٙ :‬بدون (واو) لبل ( لالوا ) بٌنما لرأ ؼٌره‬
‫بالواو هكذا(ولالوا اتخذ هللا ولدا ) ( البمرة‪ ،) ٔٔٙ :‬ومثل ذلن لراءة ابن كثٌر ‪ -‬وهو أحد‬
‫المراء السبعة كذلن ‪( -‬تجرى من تحتها األنهار) بزٌادة ( من ) بٌنما لرأ ؼٌره (تجرى تحتها‬
‫األنهار)[ التوبة‪.] ٔٓٓ :‬‬
‫وتجدر اإلشارة بؤن المصاحؾ العثمانٌة ‪ -‬وعددها ستة أو سبعة ‪ -‬أثبت فٌها كل ما‬
‫ٌحتمله الرسم بطرٌمة واحدة (ٔ)‪ ،‬وأما ما ال ٌحتمله الرسم كالزٌادة والنمصان فى حالتنا هذه‪،‬‬
‫فإنه كان ٌثبت فى بعض المصاحؾ بمراءة‪ ،‬وفى بعضها بمراءة أخرى‪.‬‬

‫(ٔ) انظر مناهل العرفان‪ٗ2ٓ / ٔ :‬‬


‫(ٕ) انظر‪ :‬مناهل العرفان ‪ ، ٗٙ2 / ٔ :‬الرلاءات المرآنٌة – تارٌخ وتعرٌؾ ص ‪ٙٙ‬‬
‫ولد لال المرطبى فى ذلن‪" :‬وما وجد بٌن هإالء المراء السبعة من االختبلؾ فى حروؾ‬
‫ٌزٌدها بعضهم‪ ،‬وٌنمصها بعضهم‪ ،‬فذلن ألن كبلً منهم اعتمد على ما بلؽه فى مصحفه ورواه‪ ،‬إذ‬
‫كان عثمان كتب تلن المواضع فى بعض النسخ‪ ،‬ولم ٌكتبها فى بعض‪ ،‬إشعارا ً بؤن كل ذلن‬
‫صحٌح‪ ،‬وأن المراءة بكل منها جابزة" (ٕ)‪.‬‬
‫فوائد اختالف المراءات‬
‫مسؤلة اختبلؾ المراءات وتعددها‪ ،‬كانت وال زالت محل اهتمام العلماء‪ ،‬ومن اهتمامهم‬
‫بها بحثهم عن الحكم والفوابد المترتبة علٌها‪ ،‬وهى عدٌدة نذكر اآلن بعضا ً منها‪ ،‬فؤلول ‪ -‬وباهلل‬
‫التوفٌك‪ :-‬إن من الحكم المترتبة على اختبلؾ المراءات ما ٌلى‪-:‬‬
‫ٔ‪ -‬التٌسٌر على األمة اإلسبلمٌة‪ ،‬ونخص منها األمة العربٌة التى شوفهت بالمرآن‪ ،‬فمد نزل‬
‫المرآن الكرٌم باللسان العربى‪ ،‬والعرب ٌومب ٍذ لبابل كثٌرة‪ ،‬مختلفة اللهجات‪ ،‬فراعى المرآن‬
‫الكرٌم ذلن‪ ،‬فٌما تختلؾ فٌه لهجات هذه المبابل‪ ،‬فؤنزل فٌه ‪ -‬أى بٌن لراءاته ‪ -‬ما ٌواكب هذه‬
‫المبابل ‪-‬على تعددها ‪ -‬دفعا ً للمشمة عنهم‪ ،‬وبذالً للٌسر والتهوٌن علٌهم‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬الجمع بٌن حكمٌن مختلفٌن مثل لوله تعالى‪( :‬فاعتزلوا النساء فى المحٌض وال تمربوهن حتى‬
‫ٌطهرن)(البمرة‪ ،)ٕٕٕ:‬حٌث لرئ (ٌطهرن) بتخفٌؾ الطاء وتشدٌدها‪ ،‬ومجوع المراءتٌن ٌفٌد أن‬
‫الحابض‪ ،‬ال ٌجوز أن ٌمربها زوجها إال إذا طهرت بؤمرٌن‪ :‬أ‪ -‬انمطاع الدم‪ ،‬ب‪ -‬االؼتسال‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬الداللة على حكمٌن شرعٌٌن فى حالٌن مختلفٌن‪ ،‬ومثال ذلن لوله تعالى‪( :‬فاؼسلوا وجوهكم‬
‫وأٌدٌكم إلى المرافك وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبٌن)[المابدة‪ ]ٙ:‬إذ لرئ ( وأرجلكم)‬
‫بالنصب عطفا ً على (وجوهكم) وهى تمتضى ؼسل األرجل‪ ،‬لعطفها على مؽسول وهى الوجوه‪.‬‬
‫(وأرجلكم) بالجر عطفا ً على (رءوسكم) وهذه المراءة تمتضى مسح األرجل‪ ،‬لعطفها على‬ ‫ِ‬ ‫ولرئ‬
‫ممسوح وهو الرءوس‪ .‬وفى ذلن إلرار لحكم المسح على الخفٌن‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬دفع توهم ما لٌس مراداً‪ :‬ومثال ذلن لوله تعالى‪ٌ( :‬ا أٌها الذٌن آمنوا إذا نودى للصبلة من ٌوم‬
‫الجمعة فاسعوا إلى ذكر هللا)[الجمعة‪ ،]5:‬إذ لرئ (فامضوا إلى ذكر هللا)‪ ،‬وفى ذلن دفع لتوهم‬
‫وجوب السرعة فى المشى إلى صبلة الجمعة المفهوم من المراءة األولى‪ ،‬حٌث بٌنت المراءة‬
‫الثانٌة أن المراد مجرد الذهاب (ٖ)‪.‬‬
‫٘‪ -‬إظهار كمال اإلعجاز بؽاٌة اإلٌجاز‪ ،‬حٌث إن كل لراءة مع األخرى بمنزلة اآلٌة مع اآلٌة‪،‬‬
‫وذلن من دالبل اإلعجاز فى المرآن الكرٌم‪ ،‬حٌث دلت كل لراءة على ما تدل علٌه آٌة مستملة‪.‬‬
‫‪ -ٙ‬اتصال سند هذه المراءات عبلمة على اتصال األمة بالسند اإللهى‪ ،‬فإن لراءة اللفظ الواحد‬
‫بمراءات مختلفة‪ ،‬مع اتحاد خطه وخلوه من النمط والشكل‪ ،‬إنما ٌتولؾ على السماع والتلمى‬
‫والرواٌة‪ ،‬بل بعد نمط المصحؾ وشكله ‪ ،‬ألن األلفاظ إنما نمطت وشكلت فى المصحؾ على وجه‬
‫واحد فمط‪ ،‬وبالى األوجه متولؾ على السند والرواٌة إلى ٌومنا هذا‪ .‬وفى ذلن منمبة عظٌمة لهذه‬

‫(ٔ ) أعنى طرٌمة واحدة تجمع المراءات الواردة فى الكلمة مثل لوله تعالى‪ { :‬مـــلن ٌوم الدٌن } فإن كلمة {‬
‫مـــلن } كتبت بهذه الطرٌمة لتشمل لراءتى { مالن } و { ملن } وهكذا كلمة { فـتــبــٌــنـوا } الحجرات‪ٓ ٙ :‬‬
‫حٌث كتبت هكذا لتشمل لراءتى { فتثبتوا } و { فتبٌنوا } حٌث كان الرسم خالٌا من النمط والشكلٓـ‬
‫(ٕ) انظر‪ :‬المرطبى ٔ ‪ ، ٗ2 /‬كتاب المعجزة الكبرى ص ‪ ٘ٓ – ٗ1‬بتصرؾٓ‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬مناهل العرفان ٔ ‪ٔٗ1 ، ٔٗ2 /‬‬
‫األمة الدمحمٌة بسبب إسنادها كتاب ربها‪ ،‬واتصال هذا السند بالسند اإللهى‪ ،‬فكان ذلن تخصٌصا ً‬
‫بالفضل لهذه األمة (ٔ)‪.‬‬
‫‪ -2‬فى تعدد المراءات تعظٌم ألجر األمة فى حفظها والعناٌة بجمعها ونملها بؤمانة إلى ؼٌرهم‪،‬‬
‫ونملها بضبطها مع كمال العناٌة بهذا الضبط إلى الحد الذى حاز اإلعجاب(ٕ)‪.‬‬
‫التعرٌف بالمراء األربعة عشر ورواتهم‬
‫أوالً‪ :‬المراء العشرة ورواتهم‪:‬‬
‫المراء جمع لارئ‪ ،‬اسم فاعل من لرأ‪ ،‬والمراد به فى اصطبلح أهل الفن‪ :‬اإلمام الذى‬
‫تنسب إلٌه لراءة(ٖ)‪ ،‬والمراد بمولنا العشرة‪ :‬المراء الذٌن تنسب إلٌهم المراءات العشر التى‬
‫وصفها العلماء بؤنها متواترة جمٌعها‪ ،‬وتشمل المراءات السبع وتواترها مجمع علٌه ثم الثبلث‬
‫تتمة العشر‪ ،‬ولد حمك العلماء كونها متواترة كما ذكر فى ثناٌا هذا البحث فى ؼٌر ما موضع‪.‬‬
‫والمراء السبعة هم‪:‬‬
‫(ٗ)‬
‫ٔ‪ -‬ابن عامر‬
‫واسمه عبدهللا بن عامر بن ٌزٌد بن تمٌم بن ربٌعة بن عامر بن عبدهللا الٌحصبى‪ .‬ولد‬
‫سنة إحدى وعشرٌن من الهجرة ولٌل سنة ثمان وعشرٌن منها وتوفى سنة ثمان عشرة ومابة‬
‫من الهجرة النبوٌة المباركة‪ ،‬وهو تابعى جلٌل لمى واثلة بن األسمع والنعمان بن بشٌر ولد أخذ‬
‫عن المؽٌرة بن أبى شهاب المخزومى عن عثمان بن عفان عن رسول هللا ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪.‬‬
‫ولٌل‪ :‬إنه لرأ على عثمان ‪ -‬رضى هللا عنه ‪ -‬مباشرة ببل واسطة‪ ،‬ولد أخذ عنه أهل الشام لراءته‬
‫واشتهر برواٌة لراءته‪:‬‬
‫(٘)‬
‫أ‪ -‬هشام وهو أبو الولٌد بن عمار بن نصٌر السلٌمى الدمشمى ‪ .‬ت [ ٕ٘ٗ هـ]‬
‫ب‪ -‬ابن ذكوان وهو أبو دمحم عبدهللا بن أحمد بن بشٌر بن ذكوان المرشى الدمشمى ت [ ٕٕٗ هـ]‬
‫(‪ ،)ٙ‬ورواٌة هذٌن لمراءة ابن عامر هى بالواسطة‪.‬‬
‫ولد لال صاحب الشاطبٌة فى ابن عامر وراوٌٌه‪:‬‬
‫محلبل‬ ‫طابت‬ ‫بعبدهللا‬ ‫فتلن‬ ‫وأما دمشك الشام دار ابن عامر‬
‫تنمبل‬ ‫عنه‬ ‫باإلسناد‬ ‫لذكوان‬ ‫هشام وعبدهللا وهو انتسابه‬
‫(‪)2‬‬
‫ٕ‪ -‬ابن كثٌر‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬جواهر البٌن فى علوم المرآن د ٓ دمحم العسال ص ٗ‪ٓ 5‬‬
‫(ٕ) انظر‪ :‬دراسات فى علوم المرآن د ٓ دمحم بكر إسماعٌل‬
‫(ٖ) المارئ المبتدئ من أفرد إلى ثبلث رواٌات ‪ ،‬والمتوسط إلى أربع أو خمس ‪ ،‬والمنتهى من عرؾ من‬
‫المراءات أكثرها واشهرها‪.‬‬
‫(ٗ) ترجمته فى ؼاٌة النهاٌة ‪ ٗٓٗ/ٔ -‬البن الجوزى ‪ ،‬معرفة المراء الكبار للذهبى ‪ ، 1ٕ/ٔ -‬البحث‬
‫واالستمراء فى تراجم المراء ‪-‬صٖٓ ‪ ،‬و أنظر أٌضاً‪ :‬مناهل العرفان ‪ ، ٗ٘ٙ/ٔ-‬ولد أخطؤ صاحب إعراب‬
‫المرآن الكرٌم وبٌانه ٖ‪ ٕٖٗ/‬فترجم له على أنه الصحابى الجلٌل عمبة بن عامر‪.‬‬
‫(٘) ؼاٌة النهاٌة ‪ ، ٖ٘٘/ٕ -‬معرفة المراء ‪.ٔ5٘/ٔ -‬‬
‫(‪)ٙ‬ؼاٌة النهاٌة ‪ ، ٗٓٗ/ٔ -‬معرفة المراء ‪.ٔ51/ٔ -‬‬
‫(‪ )2‬ترجمته فى ؼاٌة النهاٌة ٕ‪ ، ٖٖٓ/‬ومعرفة المراء ٔ‪ ، 1ٙ/‬البحث باالستمراء ‪ -‬ص٘ٔ ‪ ،‬وأنظر‪ :‬مناهل‬
‫العرفان ٔ‪.ٗ٘2/‬‬
‫هو أبو دمحم أو أبو معبد عبدهللا بن كثٌر الدارى‪ ،‬ولد بمكة سنة خمس وأربعٌن للهجرة‪،‬‬
‫وتوفى سنة عشرٌن ومابة‪ .‬تابعى جلٌل وإمام فى المراءة‪ ،‬لمى من الصحابة عبدهللا بن الزبٌر‬
‫وأبا أٌوب األنصارى‪ ،‬وأنس بن مالن‪ .‬ولد كان رحمه هللا إمام الناس بمكة لم ٌنازع فى ذلن‪،‬‬
‫ولذلن روى عنه الخلٌل بن أحمد ونمل عنه‪.‬‬
‫روى ابن كثٌر عن مجاهد عن ابن عباس عن أبى بن كعب عن رسول هللا ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،-‬ولرأ على‬
‫عبدهللا بن السابب المخزومى‪ ،‬ولرأ عبدهللا هذا على أبى ابن كعب‪ ،‬وعمر بن الخطاب‪ ،‬ولرأ‬
‫كبلهما على رسول هللا ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،-‬ولد اشتهر بالرواٌة عنه بواسطة أصحابه‪:‬‬
‫(ٔ)‬
‫البــزى ‪ :‬وهو أبو الحسن أحمد بن دمحم بن عبدهللا بن الماسم ابن أبى بزة‬ ‫ِّ‬ ‫أ‪-‬‬
‫(ٕ)‬
‫ب‪ -‬ولنبل‪ :‬وهو دمحم بن عبدالرحمن بن خالد المخزومى المكى ت [ ٔ‪ ٕ5‬هـ] ‪ ،‬ولد لمب بمنبل‬
‫لشدته‪ ،‬فالمنبل هو الؽبلم الحا ُّد الرأس الخفٌؾ الروح‪.‬‬
‫ولد لال صاحب الشاطبٌة فٌه وفى راوٌٌه‪:‬‬
‫هو ابن كثٌر كاثر الموم ُمعتبل‬ ‫ممامه‬ ‫فٌها‬ ‫عبدهللا‬ ‫ومكة‬
‫على سند وهو الملمب لنببل‬ ‫البزى له ودمحم‬ ‫ِّ‬ ‫روى أحمد‬
‫(ٖ)‬
‫ٖ‪ -‬عاصم‬
‫هو عاصم بن أبى النجود األسدى‪ ،‬توفى سنة سبع وعشرٌن ومابة‪ ،‬كان لاربا ً متمناً‪ ،‬آٌة‬
‫فى التحرٌر واإلتمان والفصاحة‪.‬‬
‫لال عبدهللا بن أحمد‪ :‬سؤلت أبى عن عاصم فمال‪ :‬رجل صالح خٌر ثمة‪ ،‬فسؤلته‪ :‬أى‬
‫المراء أحب إلٌن؟ لال‪ :‬لراءة أهل المدٌنة‪ ،‬فإن لم تكن فمراءة عاصم‪.‬‬
‫ولد أخذ عاصم لراءته عن ثبلثة من الصحابة هم على بن أبى طالب‪ ،‬وعبدهللا بن‬
‫ى معلم الحسن‬ ‫مسعود‪ ،‬وأبى ٌن كعب‪ .‬فمرأ عاصم على أبى عبدالرحمن عبدهللا بن حبٌب السلم ّ‬
‫والحسٌن وأبو عبدالرحمن لرأ على على بن أبى طالب عن النبى ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪.‬‬
‫ولرأ كذلن على أبى عبدالرحمن السلمى وزر بن حبٌش األسدى على على أٌضاً‪ .‬ولرأ‬
‫علٌهما ومعهما أبو عمرو الشٌبانى ثبلثتهم على عبدهللا بن مسعود‪.‬‬
‫ى وراوٌاه هما‪:‬‬ ‫عبدالرحمن السلم ّ‬ ‫ولرأ لراءة أبى بن كعب بطرٌك واحد هو طرٌك أبى‬
‫(ٗ)‬
‫أ‪ -‬شعبة‪ :‬وهو أبو بكر بن عٌاش األسدى‪ .‬ت سنة [ ٖ‪ ٔ5‬هـ]‬
‫ب‪ -‬حفص ‪ :‬وهو أبو عمرو حفص بن سلٌمان بن المؽٌرة البزار‪ ،‬كان ربٌب عاصم تربى فى‬
‫(٘)‬
‫حجره‪ ،‬وتعلم منه‪ ،‬لذا كان أدق إتمانا ً من شعبة‪ .‬ت [ٓ‪ٔ1‬هـ]‬
‫ولد لال صاحب الشاطبٌة فى عاصم وراوٌٌه‪:‬‬
‫أذاعوا فمد ضاعت شذى ولرنفبل‬ ‫ثبلثة‬ ‫منهم‬ ‫الؽراء‬ ‫وبالكوفة‬
‫فشعبة راوٌه المبرز أفضبل‬ ‫فؤما أبو بكر وعاصم اسمه‬

‫(ٔ) ت سنة [ٕٓ٘] ‪ -‬أنظر ؼاٌة النهاٌة ‪.ٔٗٙ/ٔ -‬‬


‫(ٕ) ؼاٌة النهاٌة ‪ ، ٔٙ٘/ٕ -‬معرفة المراء ‪.ٕٖٓ/ٔ -‬‬
‫(ٖ)ترجمته فى ؼاٌة النهاٌة ٔ‪ ، ٖٗٙ/‬ومعرفة المراء ٔ‪ ، 11/‬البحث باالستمراء ‪ -‬صٔٗ‪ ، ٗٓ،‬وأنظر‪ :‬مناهل‬
‫العرفان ٔ‪.ٗ٘1/‬‬
‫(ٗ) ؼاٌة النهاٌة ‪ ، ٖٕ٘/ٔ -‬معرفة المراء ‪.ٖٔٗ/ٔ -‬‬
‫(٘)ؼاٌة النهاٌة ‪ ، ٖٕ٘/ٔ -‬معرفة المراء ‪.ٖٔٗ/ٔ -‬‬
‫مفضّبل‬ ‫كان‬ ‫وباإلتمان‬ ‫وحفص‬ ‫وذان ابن عٌّاش أبو بكر الرضا‬
‫(ٔ)‬
‫ٗ‪ -‬أبو عمرو‬
‫هو أبو عمرو زبان بن العبلء البصرى‪ ،‬كان مولده سنة ثمان وستٌن من الهجرة‬
‫المباركة‪ ،‬وهو من أعلم الناس بالمراءة‪ ،‬وكان والده لد أخذه مؽه حٌنما هرب من الحجاج إلى‬
‫كثٌر من البلدان‪ ،‬ولد لرأ المرآن بمكة والمدٌنة‪ ،‬ولرأ أٌضا ً بالكوفة والبصرة على جماعات‬
‫كثٌرة‪ ،‬ولٌس من علماء المراءات من هو أكثر شٌوخا ً منه‪ ،‬ومرجع ذلن إلى كثرة تنمله إلى‬
‫أماكن عدٌدة‪ ،‬حٌث لم ٌستمر فى مكان واحد‪.‬‬
‫جاء فى التهذٌب عن أبى معاوٌة األزهرى‪ :‬كان أعلم الناس بوجوه المراءات وألفاظ‬
‫العرب ونوادر كبلمهم وفصٌح أشعارهم (ٕ)‪.‬‬
‫ولد أخذ أبو عمرو لراءته عن ثبلثة من الصحابة هم‪:‬‬
‫ّ‬
‫ٔ‪ -‬عمر بن الخطاب‪ :‬من طرٌك أبى جعفر ٌزٌد بن المعماع والحسن البصرى عن حطان وأبى‬
‫العالٌة عن عمر بن الخطاب‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬وعلى بن أبى طالب‪ :‬أخذها عنه من ست طرق‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬وأبى بن كعب‪ :‬أخذها عنه من أحد عشر طرٌماً‪.‬‬
‫وكانت وفاته رحمه هللا سنة أربع وخمسٌن من الهجرة المباركة وراوٌاه هما‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬الدورى ‪ :‬وهو أبو عمرو حفص بن عمر الممرى الضرٌر‪ ،‬ولمب بالدورى نسبة إلى الدور‬
‫(ٖ)‬
‫وهو موضع بالجانب الشرلى من بؽداد‪ .‬ت [‪]ٕٗٙ‬‬
‫(ٗ)‬
‫ٕ‪ -‬السوسى‪ :‬وهو أبو شعٌب صالح بن زٌاد وكان ثمة ضابطات [ٔ‪]ٕٙ‬‬
‫ولد لال صاحب الشاطبٌة‪:‬‬
‫أبو عمرو البصرى فوالده العبل‬ ‫وأما اإلمام المازنى صرٌحهم‬
‫فؤصبح بالعذب الفرات معلبل‬ ‫أفاض على ٌحٌى الٌزٌد سٌبه‬
‫شعٌب هو السوسى عنه تمببل‬ ‫أبو عمرو الدورى وصالحهم أبو‬
‫(٘)‬
‫٘‪ -‬حمـزة‬
‫هو حمزة بن حبٌب بن عمارة بن إسماعٌل الكوفى التٌمى‪ ،‬ولد سنة ثمانٌن من الهجرة‪،‬‬
‫وتوفى سنة ست وخمسٌن ومابة‪ ،‬ولد أخذ المراءة عن أبى دمحم سلٌمان بن مهران األعمش عن‬
‫ٌحٌى بن وثاب عن زر بن حبٌش عن عثمان وعلى وابن مسعود عن الرسول ‪ -‬صلى هللا علٌه‬
‫وسلم ‪ .‬لال له اإلمام أبو حنٌفة‪ :‬شٌبان ؼلبتنا علٌهما لسنا ننازعن فٌها المرآن والفرابض‪.‬‬
‫وراوٌاه هما‪:‬‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫ٔ‪-‬خلؾ‪ :‬وهو أبو دمحم األسدى بن هشام بن ثعلب البزار البؽدادى‪ .‬ت [‪]ٕٕ5‬‬

‫(ٔ) ترجمته فى ؼاٌة النهاٌة ‪ ، ٕ11/ٔ-‬معرفة المراء ‪ ، ٔٓٓ/ٔ -‬وأنظر‪ :‬مناهل العرفان ‪.ٗ٘5/ٔ -‬‬
‫(ٕ) تهذٌب التهذٌب البن حجر العسمبلنى ‪.ٔ21/ٕ -‬‬
‫(ٖ)ؼاٌة النهاٌة ‪ ، ٕ٘٘/ٔ -‬معرفة المراء ‪.ٔ5ٔ/ٔ -‬‬
‫(ٗ)ؼاٌة النهاٌة ‪ ، ٖٖٕ/ٔ -‬معرفة المراء ‪.ٔ5ٖ/ٔ -‬‬
‫(٘) ترجمته فى ؼاٌة النهاٌة ‪ ، ٕٙٔ/ٔ -‬ومعرفة المراء ‪ ، ٔٔٔ/ٔ -‬والبحث واالستمراء ‪-‬ص‪.ٗٙ‬‬
‫(‪ )ٙ‬ؼاٌة النهاٌة ‪ ، ٕ2ٕ/ٔ -‬ومعرفة المراء ‪ ٕٓ1/ٔ -‬وخلؾ هذا أحد الثبلثة تتمة العشرة‪.‬‬
‫(ٔ)‬
‫ٕ‪ -‬خبلد‪ :‬وهو أبو عٌسى خبلد بن خالد األحول الصٌرفى‪ .‬ت [ٕٕٓ]‬
‫لال صاحب الشاطبٌة‪:‬‬
‫مرتبل‬ ‫للمرآن‬ ‫ً‬ ‫صبورا‬ ‫ً‬ ‫إماما‬ ‫وحمزة ما أزكاه من متورع‬
‫ومحصبل‬ ‫ً‬ ‫متمنا‬ ‫سلٌم‬ ‫رواه‬ ‫روى خلؾ عنه وخبلد الذى‬
‫(ٕ)‬
‫‪ -ٙ‬نافــع‬
‫هو أبو ُر َوٌْم نافع بن عبدالرحمن بن أبى نعٌم المدنى‪ .‬ولد سنة سبعٌن من الهجرة‪،‬‬
‫وتوفى سنة تسع وستٌن ومابة‪.‬‬
‫لٌل‪ :‬إنه كان إذا لرأ المرآن كانت تشم منه رابحة المسن‪ ،‬ولد أخذ المراءة عن أبى جعفر المارئ‬
‫وعن سبعٌن من التابعٌن عن عبدهللا بن عباس وأبى هرٌرة عن أبى بن كعب عن رسول هللا ‪-‬‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬ولد انتهت إلٌه رٌاسة اإللراء بالمدٌنة المنورة‪.‬‬
‫لال سعٌد بن منصور‪ :‬سمعت مالن بن أنس‪ -‬رضى هللا عنه ‪ٌ -‬مول‪ :‬لراءة أهل المدٌنة سنة‪،‬‬
‫لٌل له‪ٌ :‬عنى لراءة نافع ؟ لال‪ :‬نعم‪ .‬وأما راوٌاه فهما‪:‬‬
‫أ‪ -‬لالون ‪ :‬وهو أبو موسى عٌسى بن مٌناء بن وردان النحوى‪ .‬ت [ٕٕٓ]‪ ،‬ولالون هذا لمبه‬
‫(ٖ)‬
‫ومعناه بالرومٌة الجٌد ولمب به لجودة لراءته‬
‫ب‪ -‬ورش‪ :‬وهو عثمان بن سعٌد المصرى‪ ،‬وورش هذا لمبه ومعناه شدٌد البٌاض‪ ،‬رحل إلى‬
‫(ٗ)‬
‫المدٌنة فمرأ على نافع ثم عاد إلى مصر‪ .‬ت [‪]ٔ52‬‬
‫لال صاحب الشاطبٌة‪:‬‬
‫فذان الذى اختار المدٌنة منزال‬ ‫فؤما الكرٌم السر فى الطٌب نافع‬
‫تؤ َّ‬
‫شبل‬ ‫الرفٌع‬ ‫المجد‬ ‫بصحبته‬ ‫ولالون عٌسى ثم عثمان ورشهم‬
‫(٘)‬
‫‪ -2‬الكسـابى‬
‫هو على بن حمزة بن عبدهللا بن بهمن بن فٌروز األسدى النحوى‪ ،‬توفى سنة تسع‬
‫وثمانٌن ومابة‪ ،‬ولد لمب بالكسابى ألنه كان محرما ً فى كساء‪ ،‬ولٌل‪ :‬ألنه كان ٌلبس كساء له‬
‫طابع خاص ممٌز‪ ،‬وكان ٌجلس فى مجلس حمزة‪ ،‬وكان حمزة ٌمول ‪ :‬اعرضوا على صاحب‬
‫الكساء أى اعرضوا علٌه الرأى‪ .‬لال األهوازى‪ :‬وهذا المول أشبه بالصواب (‪.)ٙ‬‬
‫لال عنه أبو بكر األنبارى‪ :‬اجتمعت فى الكسابى أمور‪ ،‬كان أعلم الناس بالنحو وأوحدهم‬
‫بالؽرٌب‪ ،‬وكان أوحد الناس بالمرآن‪ ،‬فكانوا ٌكثرون علٌه‪ ،‬حتى ٌضطر أن ٌجلس على الكرسى‬
‫وٌتلو المرآن من أوله إلى آخره‪ ،‬وهم ٌسمعون منه وٌضبطون عنه (‪.)2‬‬
‫أخذ عن أربعة من الصحابة لراءته وهم‪:‬‬

‫(ٔ) ؼاٌة النهاٌة ‪ ، ٕ2ٗ/ٔ -‬ومعرفة المراء ‪.ٕٔٓ/ٔ -‬‬


‫(ٕ) ترجمته فى ؼاٌة النهاٌة ‪ ، ٖٖٓ/ٕ -‬معرفة المراء ‪ ، ٔٓ2/ٔ -‬البحث واالستمراء ‪ -‬ص‪.2‬‬
‫(ٖ) ؼاٌة النهاٌة ‪ ، ٙٔ٘/ٔ -‬معرفة المراء ‪.ٔ٘٘/ٔ -‬‬
‫(ٗ) ؼاٌة النهاٌة ٔ‪ ، ٕ٘ٓ/‬معرفة المراء ‪.ٕٔ٘/ٔ -‬‬
‫(٘) ترجمته فى ؼاٌة النهاٌة ‪ ، ٖ٘٘/ٔ -‬معرفة المراء ‪ ، ٕٔٓ/ٔ -‬البحث واالستمراء ‪ -‬صٖ٘‪.‬‬
‫(‪ )ٙ‬البحث واالستمراء صٖ٘‪.‬‬
‫(‪ )2‬مناهل العرفان ‪.ٕٗٙ/ٔ -‬‬
‫عثمان بن عفان‪ ،‬وعلى بن أبى طالب‪ ،‬وعبدهللا بن مسعود‪ ،‬وأبى بن كعب عن النبى ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬ولد‬
‫أخذ عن هإالء الصحابة بخمسة عشر طرٌماً‪.‬‬
‫وراوٌاه هما‪:‬‬
‫ً‬
‫أ‪ -‬أبو الحارث ‪ :‬وهو اللٌث بن خالد المروزى‪ ،‬كان من أجل أصحاب الكسابى‪ ،‬ثمة وضبطا‪ .‬ت‬
‫(ٔ)‬
‫[ٕٓٗ]‬
‫ب‪ -‬الدورى ‪ :‬وهو أبو عمر حفص بن عمر الدورى‪ ،‬ولد مر الحدٌث عنه فهو أحد راوٌى أبى‬
‫عمرو‪.‬‬
‫لال صاحب الشاطبٌة‪:‬‬
‫لما كان فى اإلحرام تسرببل‬ ‫نعته‬ ‫فالكسابى‬ ‫على‬ ‫وأما‬
‫حفص هو الدورى وفى الذكر لد خبل‬ ‫روى لٌثهم عنه أبو الحارث الرضا‬

‫وإلى هنا نكون لد انتهٌنا من الترجمة الموجزة للمراء السبعة المجمع على تواتر لراءتهم‪ ،‬ولد‬
‫عرفنا بإٌجاز كذلن براوٌى كل واحد منهم‪ ،‬ثم ننتمل بعد ذلن إلى التعرٌؾ بالثبلثة تتمة العشرة‬
‫الذٌن حمك العلماء تواتر لراءتهم كذلن‪ ،‬ونعرؾ موجزٌن برواتهم أٌضا ً‬
‫(ٕ)‬
‫‪ -1‬أبو جعفر‬
‫هو‪ٌ :‬زٌد بن المعماع أبو جعفر المخزومى المدنى المارئ ت [ٖٓٔ هـ] تابعى جلٌل المدر‪ ،‬تام‬
‫الضبط‪ ،‬رفٌع المنزلة أخذ لراءته عن عبدهللا ابن عباس وأبى هرٌرة عن أبى بن كعب عن‬
‫رسول هللا ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪.‬‬
‫وراوٌاه همـا‪:‬‬
‫أ‪ -‬ابن وردان‪ :‬وهو أبو موسى عٌسى بن وردان الخداء المدنى‪ ،‬من أصحاب نافع فى المراءة‬
‫على أبى جعفر وكان ممربا ً ضابطا ً ثمة ت [ٓ‪ٔٙ‬هـ]‬
‫ب‪ -‬ابن جماز‪ )ٖ( :‬وهو أبو الربٌع سلٌمان بن مسلم بن جماز ت [ ٓ‪ ٔ2‬هـ]‬
‫(ٗ)‬
‫‪ٌ -5‬عمـــــوب‬
‫هو ٌعموب بن إسحاق بن زٌد بن عبدهللا بن إسحاق أبو دمحم الحضرمى‪ ،‬أحد المراء‬
‫العشرة وإمام أهل البصرة‪ ،‬انتهت إلٌه رٌاسة المراءة بعد أبى عمر الدانى توفى سنة خمس‬
‫ومابتٌن‪.‬‬
‫لرأ على أبى المنذر سبلم بن سلٌمان الطوٌل ولرأ سبلم هذا على عاصم وعلى أبى عمرو‪.‬‬
‫وراوٌاه هما‪:‬‬
‫أ‪ -‬روح‪ )٘( :‬وهو أبو الحسن روح بن عبدالمإمن بن عبدة الهذلى النحوى ت [ٖٕٗ]‬
‫ب‪ -‬روٌس‪ )ٙ( :‬وهو أبو عبدهللا دمحم بن المتوكل اللإلإى البصرى ت [‪]ٕٖ1‬‬
‫(ٔ)‬
‫ٓٔ‪ -‬خلؾ‬

‫(ٔ) ؼاٌة النهاٌة ‪ ، ٖٗ/ٕ -‬معرفة المراء ‪.ٕٔٔ/ٔ -‬‬


‫(ٕ) ترجمته فى ؼاٌة النهاٌة ‪ ، ٖ1ٕ/ٕ -‬وأنظر‪ :‬مناهل العرفان ‪.ٖٗٙ/ٔ -‬‬
‫(ٖ) ؼاٌة النهاٌة ‪.ٖٔ٘/ٔ -‬‬
‫(ٗ) ؼاٌة النهاٌة ‪ ، ٖ1ٙ/ٕ -‬ومعرفة المراء ‪.ٔ٘2/ٔ -‬‬
‫(٘) ؼاٌة النهاٌة ‪.ٖٔ٘/ٔ -‬‬
‫(‪ )ٙ‬ؼاٌة النهاٌة ‪ ، ٕ2ٕ/ٔ -‬معرفة المراء ‪.ٕٔ1/ٔ -‬‬
‫هو أبو دمحم خلؾ بن هشام ابن ثعلب بن خلؾ بن ثعلب األسدى أحد المراء العشرة‪،‬‬
‫وأحد راوٌى حمزة كما مر ت [‪ ،]ٕٕ5‬لرأ على سلٌم عن حمزة‪ ،‬وعلى ٌعموب بن خلٌفة‬
‫األعشى‪ ،‬وعلى أبى زٌد سعٌد بن اوس األنصارى صاحب الفضل الضبى‪ ،‬وعلى أبن العطار‬
‫وهم أخذوا عن عاصم‪.‬‬
‫وراوٌاه هما‪:‬‬
‫(ٕ)‬
‫أ‪ -‬أبو ٌعموب إسحاق بن إبراهٌم بن عثمان المروزى ت [‪ ]ٕ1ٙ‬هـ‪.‬‬
‫ب‪ -‬أبو الحسن (ٖ) إدرٌس عبدالكرٌم الحداد البؽدادى ت [ٕ‪ ]ٕ5‬هـ‪.‬‬
‫وبعد‪ ،‬فهإالء هم المراء العشرة ورواتهم الذٌن تلمت األمة لراءتهم بالمبول‪ ،‬ولد للت سابماً‪ :‬إن‬
‫المحممٌن من العلماء لد حكموا بتواترها جمٌعا ً بما فٌها المراءات الثبلث المتممة للعشر‪ ،‬ومن ثم‬
‫ٌلزم لبولها جمٌعاً‪ ،‬وال ٌجوز رد شى منها‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫ولد اعترض بعضهم على تواتر هذه المراءات بحجة أن األسانٌد إلى هإالء األبمة‬
‫المراء وأسانٌدهم هم إلى النبى ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬هى آحاد وال تبلػ حد التواتر‪.‬‬
‫وٌجاب عن ذلن بان انحصار األسانٌد المذكورة فى طابفة ال ٌمنع مجا المراءات عن‬
‫ؼٌرهم‪ ،‬وإنما نسبت المراءات إلى األبمة ومن ذكر فى أسانٌدهم‪ ،‬واألسانٌد إلٌهم‪ ،‬لتصدٌهم‬
‫لضبط الحروؾ وحفظ شٌوخهم فٌها‪ ،‬ومع كل واحد منهم فى طبمته ما ٌبلؽها عدد التواتر ‪ ،‬ألن‬
‫المرآن لد تلماه من أهل كل بلد بمراءة إمامهم الجم الؽفٌر عن مثلهم‪ ،‬وكذلن دابما ً مع تلمى األمة‬
‫لمراءة كل منهم بالمبول‪.‬‬
‫(ٗ)‬
‫لال السخاوى‪" :‬وال ٌمدح فى تواتر المراءات السبع إذا أسندت من طرٌك اآلحاد‪ ،‬كما‬
‫علم وجودها بطرٌك التواتر‬ ‫لو للت‪ :‬أخبرنى فبلن عن فبلن أنه رأى مدٌنة سمرلند ‪ -‬مثبلً ‪ -‬ولد ُ‬
‫لم ٌمدح ذلن فٌما سبك من العلم بها " (٘)‪.‬‬
‫وهذا التواتر المذكور شامل لؤلصول والفرش وهذا هو الذى علٌه المحممون (‪.)ٙ‬‬
‫والمراد باألصول األحكام الكلٌة المطردة الجارٌة فى كل ما تحمك فٌه شرط ذلن الحكم‬
‫كالمد والمصر واإلظهار واإلدؼام واإللبلب وؼٌرها‪ ،‬والمراد بالفرش ما ٌذكر فى السورة من‬
‫كٌفٌة لراءة كل كلمة لرآنٌة مختلؾ فٌها بٌن المراء مع عزو كل لراءة إلى صاحبها‪ ،‬وٌسمى‬
‫فرش الحروؾ وسماه بعضهم بالفروع ممابلة لؤلصول وذلن كاختبلفهم فى لراءة " ٌخدعون‪،‬‬
‫ننسخ‪ ،‬ننشزها‪ ،‬فتبٌنوا" وهذا هو الذى ٌإثر فى المعنى دون األول‪.‬‬
‫السبب الداعى لاللتصار على المراء المشهورٌن‬
‫لال الدمٌاطى‪" :‬لٌعلم أن السبب الداعى إلى أخذ المراءة عن المراء المشهورٌن دون‬
‫ؼٌرهم‪ ،‬أنه لما كثر االختبلؾ فٌما ٌحتمله رسم المصاحؾ العثمانٌة التى وجه بها عثمان ‪-‬‬
‫رضى هللا عنه ‪ -‬إلى األمصار‪ ،‬وحبس بالمدٌنة واحدا ً وأمسن لنفسه واحدا ً الذى ٌمال له‪ :‬اإلمام‪،‬‬
‫فصار أهل األهواء والبدع ٌمرأون بما ال ٌحل تبلوته وفالا ً لبدعتهم‪ ،‬أجمع رأى المسلمٌن أن‬

‫(ٔ) ؼاٌة النهاٌة ‪ ، ٕ2ٕ/ٔ -‬معرفة المراء ‪.ٕٓ1/ٔ -‬‬


‫(ٕ) ؼاٌة النهاٌة ‪.ٔ٘٘/ٔ -‬‬
‫(ٖ) ؼاٌة النهاٌة ‪.ٔ٘ٗ/ٔ -‬‬
‫(ٗ) للت‪ :‬بل العشر على التحمٌك‪.‬‬
‫(٘) نمله الماسمى فى ممدمة محاسن التؤوٌل ‪.ٖٓٗ/ٔ -‬‬
‫(‪ )ٙ‬إتحاؾ فضبلء البشر ‪ -‬ص‪.5‬‬
‫ٌتفموا على لراءات أبمة ثمات تجردوا لبلعتناء بشؤن المرآن العظٌم‪ ،‬فاختاروا من كل مصر‬
‫وجه إلٌه مصحؾ ‪ -‬اختاروا ‪ -‬أبمة مشهورٌن بالثمة واألمانة فى النمل وحسن الدراٌة وكمال‬
‫العلم أفنوا عمرهم فى المراءة واإللراء‪ ،‬واشتهر أمرهم‪ ،‬وأجمع أهل مصرهم على عدالتهم ولم‬
‫تخرج لراءتهم عن خط وصحفهم‪ ،‬ثم إن المراء الموصوفٌن بما ذكر بعد ذلن تفرلوا فى الببلد‬
‫وخلفهم األبمة لذلن مٌزانا ً ٌرجع إلٌه وهو السند والرسم والعربٌة " (ٔ)‬
‫ٌمصد بذلن الضوابط الثبلثة الموضوعة لمبول المراءة والمذكورة فى هذا البحث فى‬
‫مواضع متعددة‪ .‬ومن خبلل هذا النمل النفٌس عن الدمٌاطى نتٌمن من أن انحصار أخذ المراءة‬
‫عن هإالء األبمة المشهورٌن ال ٌعنى بحال من األحوال أال ٌكون أحد علٌما ً بالمراءات سواهم‪.‬‬
‫ثانٌا ً ‪ :‬المراء األربعة تتمة األربعة عشر‬
‫(ٕ)‬
‫ٔ‪ -‬أبو الحسن البصرى‬
‫هو اإلمام أبو سعٌد الحسن بن الحسن ٌسار البصرى‪ ،‬تابعى جلٌل‪ ،‬ولد فى خبلفة عمر‬
‫سنة إحدى وعشرٌن‪ ،‬وتوفى سنة عشر ومابة من الهجرة المباركة‪.‬‬
‫لمى من الصحابة على بن أبى طالب وأم سلمة أم المإمنٌن ‪ -‬رضى هللا عنها ‪ -‬وأخذ عن سمرة‬
‫بن جندب‪ٌُ ،‬شهد له بالورع والزهد‪ ،‬وكان إماما ً فى المراءات والتفسٌر والفمه وؼٌر ذلن من‬
‫العلوم اإلسبلمٌة‪.‬‬
‫(ٖ)‬
‫ٕ‪ -‬ابن محٌصن‬
‫هو أبو عبدهللا بن عبدالرحمن بن محٌصن السهمى المكى توفى سنة ثبلث وعشرٌن‬
‫ومابة‪ .‬شهد له بالعلم فى األثر والعربٌة والمراءات فهو ممرئ أهل مكة مع ابن كثٌر‪.‬‬
‫(ٗ)‬
‫ٖ‪ٌ -‬حٌى الٌزٌدى‬
‫هو أبو دمحم بن المبارن بن المؽٌرة الٌزٌدى المتوفى سنة اثنتٌن ومابتٌن كان فصٌحا ً‬
‫مفوهاً‪ ،‬إماما ً فى اللؽة واألدب والمراءات‪ ،‬وهو أمثل أصحاب أبى عمرو‪ ،‬ولد لام بعده بالمراءة‬
‫ففاق نظراءه‪.‬‬
‫(٘)‬
‫ٗ‪ -‬األعمــــــــش‬
‫هو أبو دمحم سلٌمان بن مهران األعمش األسدى المتوفى سنة ثمان وأربعٌن ومابة‪ ،‬وكان إماما ً‬
‫فى المراءات‪ ،‬ال ٌلحن فى كبلمه‪ ،‬لمى من الصحابة عبدهللا بن أبى أوفى‪ ،‬وأنس بن مالن ‪-‬‬
‫رضى هللا عنهما‪ .‬لكن لم ٌثبت له سماع من أحدهما‪ ،‬وكان شعبة ٌمول عنه‪ :‬المصحؾ المصحؾ‬
‫لصدله‪.‬‬
‫حكم ما وراء المراءات العشر‬
‫اختلؾ العلماء فٌما زاد عن العشر من المراءات هل ٌحكم علٌه جمٌعا ً بحكم واحد أم ال؟‬
‫فاتجه فرٌك منهم إلى أن جمٌع المراءات األربع عشرة صحٌحة هكذا بإطبلق الحكم‬
‫بالصحة‪.‬‬

‫(ٔ) إتحاؾ فضبلء البشر ‪ -‬ص ‪.1 ، 2‬‬


‫(ٕ) معرفة المراء ٔ‪ ، ٙ٘/‬سٌر أعبلم النببلء ٗ‪.ٖ٘ٙ/‬‬
‫(ٖ) ؼاٌة النهاٌة ‪.ٔٙ2/ٕ -‬‬
‫(ٗ) ؼاٌة النهاٌة ‪.ٖ2٘/ٕ -‬‬
‫(٘) ؼاٌة النهاٌة ‪ ، ٖٔ٘/ٔ -‬معرفة المراء ‪.5ٗ/ٔ -‬‬
‫واتجه فرٌك آخر إلى أن األربع الزابدة على العشر شاذة‪ ،‬هكذا بإطبلق الحكم بالشذوذ‬
‫كذلن (ٔ) ‪.‬‬
‫وتوسط بٌن هذٌن الفرٌمٌن فرٌك ثالث‪ ،‬نظروا إلى المراءات ال من حٌث أعدادها وال‬
‫أشخاصها‪ ،‬ولكن من حٌث هى لواعد ومبادئ وضوابط‪ ،‬وٌعنون ضوابط المراءة الممبولة الثبلثة‬
‫وهى‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬صحة السند‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬موافمة اللؽة ولو بوجه‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬موافمة أحد المصاحؾ العثمانٌة ولو احتماال‪ً.‬‬
‫فحٌث تحممت هذه الضوابط فى لراءة فهى صحٌحة ممبولة‪ ،‬وإال كانت مردودة أو شاذة‬
‫بمطع النظر عمن نسبت إلٌه هذه المراءة‪.‬‬
‫من صور اختبلؾ المعنى والتفسٌر بسبب المراءات وضوابط الخروج منه‬
‫أوال‪ -:‬الخبلؾ بٌن لراءة متواترة وأخرى شاذة‬
‫لد ترد أحٌانا ً آٌة بمراءتٌن‪ ،‬إحداهما متواترة‪ ،‬واألخرى شاذة‪ ،‬فٌختلؾ تفسٌرها عند‬
‫المفسرٌن بسبب ذلن‪ ،‬حٌث ٌفسرها بعضهم‪ ،‬معتمدا ً على المراءة المتواترة‪ ،‬بٌنما ٌنحاز بعضهم‬
‫إلى المراءة الشاذة‪ ،‬فٌمع التعارض‪ ،‬أو الخبلؾ‪.‬‬
‫والماعدة الحاسمة للخروج من هذا الخبلؾ‪ :‬المراءة المتواترة هى األصل ‪ ،‬ألنها لرآن‬
‫ممطوع به‪ ،‬فبل تموى على معارضتها لراءة شاذة‪ ،‬والٌخفى بؤن التواتر ألوى طرق اإلثبات‪،‬‬
‫ولذلن فإنه ٌفٌد الٌمٌن والمطع‪ ،‬والمتواتر‪ :‬هو ما رواه جمع عن جمع تحٌل العادة تواطإهم على‬
‫الكذب‪ ،‬وأما المراءة الشاذة فهى التى اختل فٌها ركن من أركان المراءة الصحٌحة التى سبك‬
‫ذكرها وهى‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬صحة السند‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬موافمة اللؽة العربٌة‪ ،‬ولو بوجه‪.‬‬
‫ٖ‪-‬موافمة أحد المصاحؾ العثمانٌة‪ ،‬ولو احتماالً‪.‬‬
‫فمتى اختل ركن من هذه األركان‪ ،‬فهى المراءة الشاذة‪.‬‬
‫ولٌل‪ :‬الشاذ هو ما صح سنده‪ ،‬وخالؾ الرسم والعربٌة مخالفة تضر‪ ،‬أو لم تشتهر عند‬
‫المراء‪ )ٕ( .‬ولد ٌطلك الشاذ وٌراد به كل ما ال ٌمرأ به من أنواع المراءات‪.‬‬
‫ولولنا فى الماعدة‪" :‬فبل تموى على معارضتها لراءة شاذة" ٌخرج ما إذا كانت الشاذة‪،‬‬
‫مإٌدة للمتواترة‪ ،‬فإنه ٌجوز ذكرها على سبٌل االستشهاد والبٌان للمراءة المتواترة (ٖ)‪ ،‬وكون‬
‫المراءة الشاذة‪ ،‬ال تموى على معارضة المتواترة‪ ،‬مما ال ٌمارى فٌه‪ ،‬بل إن كثٌرا ً من‬
‫األصولٌٌن‪ ،‬لم ٌعتبرها حجة حتى فى ممام عدم المعارضة‪.‬‬

‫(ٔ) لال الدمٌاطى‪ :‬أخذنا عن شٌوخنا أن األربعة ‪ -‬بعد العشرة ‪ -‬وهم ابن محٌصن والٌزٌدى والحسن واألعمش‬
‫لراءتهم شاذة اتفالاً‪ .‬أنظر‪ :‬اإلتحاؾ ‪ -‬ص‪.5‬‬
‫(ٕ) التحبٌر للسٌوطى ‪ :‬ص‪.ٙ5‬‬
‫(ٖ) أنظر‪ :‬أضواء البٌان ‪ ، 2/ٔ :‬معترن األلران ‪.ٕٔ1 ، ٕٔ2/ٔ -‬‬
‫تاسعا‪ -:‬اإلسرائٌلٌات‬
‫هً المصص واألخبار الٌهودٌة والنصرانٌة التً تسربت إلى المجتمع اإلسبلمً عن‬
‫طرٌك من أسلم من أهل الكتاب حمٌمة أو تظاهر بالدخول فً اإلسبلم وسمٌت باإلسرابٌلٌات‬
‫لتؽلٌب اللون الٌهودي فٌها حٌث إن أكثرها جاء عن الٌهود ولتخالطهم بالمسلمٌن فً المجتمع‬
‫المدنً أكثر من النصارى وألن النصارى ٌُعتبروا تبعا ً للٌهود ‪ ،‬لذلن سمٌت باإلسرابٌلٌات ‪.‬‬
‫ولد بدأ الٌهود بالدس منذ األٌام األولى لدخول اإلسبلم فً المدٌنة المنورة فؤدخلوا‬
‫ثمافتهم وثمافات أخرى وظهر أثر هذه الثمافات فً العملٌة المسلمة مع بماء الرواٌات اإلسرابٌلٌة‬
‫هً الظاهرة وخاصة فٌما ٌتعلك بتفسٌر المرآن الكرٌم ‪.‬‬
‫وكانت الثمافة الٌهودٌة تتمثل فً التوراة وبما تحوٌه من األسفار الموسوٌة وتسمى‬
‫بالعهد المدٌم وهذه ُحرفت وت ّم فٌها التؽٌٌر والتبدٌل والمرآن الكرٌم ٌشهد بذلن لال تعالى ‪{ :‬‬
‫اض ِع ِه}[المابدة‪.]ٖٔ:‬‬ ‫ع ْن َم َو ِ‬ ‫ٌُ َح ِ ّرفُونَ ْال َك ِل َم َ‬
‫وكان للٌهود بجانب التوراة سنن ونصابح وشروح لم تإخذ عن موسى – علٌه السبلم –‬
‫بطرٌك الكتابة وإنما أُخذت بطرٌك المشافهة إال أنها ُحرفت بالزٌادة علٌها والنمص منها ‪ ،‬مثلها‬
‫مثل التوراة فً ذلـن ‪ ،‬لال تعالى ‪{ :‬فَ َو ٌْ ٌل ِللَّذٌِنَ ٌَ ْكتُبُونَ ْال ِكت َ‬
‫َاب بِؤ َ ٌْدٌِ ِه ْم ث ُ َّم ٌَمُولُونَ َه َذا ِم ْن ِع ْن ِد َّ‬
‫َّللاِ‬
‫ت أ َ ٌْدٌِ ِه ْم َو َو ٌْ ٌل لَ ُه ْم ِم َّما ٌَ ْك ِسبُونَ }[البمرة‪ ،]25:‬ثم دونت مع‬ ‫ِلٌَ ْشت َُروا ِب ِه ث َ َمنا ً لَ ِلٌبلً فَ َو ٌْ ٌل لَ ُه ْم ِم َّما َكتَبَ ْ‬
‫الزمن وعرفت بالتلمود ‪ ،‬وكان ٌوجد بجانب ذلن الكثٌر من األدب والمصص والتارٌخ والتشرٌع‬
‫واألساطٌر الٌهودٌة ‪.‬‬
‫أما النصارى فتتمثل ثمافتهم فً األناجٌل المعتبرة عندهم ورسابل الرسل وتسمى جمٌعا ً‬
‫بالعهد الجدٌد ‪ ،‬أما الكتاب الممدس فهو ٌعنً عندهم التوراة واإلنجٌل وٌسمى بالعهد المدٌم‬
‫والعهد الجدٌد ‪.‬‬
‫أسباب دخول اإلسرابٌلٌات فً المجتمع اإلسبلمً ‪:‬‬
‫مرت فً‬ ‫ٔ‪ -‬لمد تناول المرآن الكرٌم العدٌد من لصص األنبٌاء واألمم السابمة والحوادث التً ّ‬
‫األزمنة الؽابرة بصورة من اإلٌجاز مع التركٌز على جانب الموعظة والعبرة من ذلن‬
‫المصص دون أن ٌذكر التفاصٌل ودلابك المصة ‪ ،‬والنفس البشرٌة تمٌل دابما ً إلى معرفة‬
‫التفاصٌل ودلابـك تتعلـك بالمصص المرآنً ‪ ،‬لذلن عندما سؤلوا أهل‬
‫الكتاب فؤجابوهم بما هو موجود فً التوراة واإلنجٌل ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬إسبلم العدٌد من أهل الكتاب ودخول فً الدٌن اإلسبلمً ساهم مساهمة حمٌمٌة فً إدخال‬
‫الكثٌر من الرواٌات اإلسرابٌلٌة إلى المجتمع اإلسبلمً وخاصة أنه أمر بالحدٌث عنهم‬
‫فمال ‪" :‬بلؽوا عنً ولو آٌة وحدثوا عن بنً إسرابٌل وال حرج" أي حدثوا عنهم بما ٌتفك‬
‫وحدود الشرٌعة اإلسبلمٌة وضمن الشروط الواجبة فً األخذ عن أهل الكتاب ‪.‬‬
‫ومرت فترة على المجتمع اإلسبلمً دخل فٌها كثٌر من المروٌات اإلسرابٌلٌة دون التمٌد‬
‫بالمٌود التً وضعها اإلسبلم فتسرب الضعٌؾ والمكذوب والمخالؾ لشرعنا اإلسبلمً وؼٌره‬
‫وخاصة فً أواخر عهد التابعٌن ‪.‬‬
‫حكم اإلسرابٌلٌات ‪:‬‬
‫ٌؤخذ ما ورد عن أهل الكتاب من إسرابٌلٌات حكما ً من األحكام الثبلثة اآلتٌة ‪-:‬‬
‫ٔ‪ -‬إن كانت الرواٌة عن أهل الكتاب مصدلة لما عندنا فنصدلها ونؤخذها لبلستبناس ال‬
‫لبلستدالل ونعتبرها من الثمافة اإلسبلمٌة ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬وإن كانت الرواٌة اإلسرابٌلٌة تُكذب ما عندنا فنكذبها ونضرب بها عرض الحابط ألنها‬
‫مخالفة لما جاء فً شرٌعتنا اإلسبلمٌة ‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬أما إذا كانت الرواٌة اإلسرابٌلٌة ال توافك وال تعارض ما عندنا فنتولؾ حٌنبـ ٍذ فبل نصدلهـا‬
‫وال نكذبهـا خوفا ً من أن نصدق بكذب وباطل وال نكذبها خوفا ً من أن نكذب بصـدق وحك‬
‫عمبلً بمول الرسول‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪" :-‬ال تصدلـوا أهـل الكتـاب وال تكذبوهـم ولولـوا آمنا باهلل وما‬
‫أنزل إلٌنا" (ٔ) ‪.‬‬
‫عاشرا‪ :‬تفسٌر المرآن وشرفه‬
‫التفسٌر كشؾ معانً المرآن وبٌان المراد منه وهو أجل العلوم الشرعٌة وأشرؾ صناعة‬
‫ٌتعاطاها اإلنسان وأرفعها لدرا وهو أشرؾ العلوم موضوعا وؼرضا وحاجة إلٌه ألن موضوعه‬
‫كبلم هللا الذي هو ٌنبوع كل حكمة ومعدن كل فضٌلة‪ ،‬وألن الؽرض منه هو االعتصام بالعروة‬
‫الوثمى والوصول إلى السعادة الحمٌمٌة وإنما اشتدت الحاجة إلٌه ألن كل كمال دٌنً أو دنٌوي ال‬
‫بد وأن ٌكون موافما للشرع وموافمته تتولؾ على العلم بكتاب هللا تعالى وٌجب أن ٌعلم أن النبً‬
‫اس َما نُ ِ ّز َل إِلٌَ ِْه ْم}‬‫‪ ‬بٌن لؤلمة معانً المرآن كما بٌن ألفاظه كما لال تعالى‪ِ { :‬لتُبٌَِّنَ ِل لنه ِ‬
‫[النحل‪ ]ٗٗ :‬وكانوا إذا تعلموا عشر آٌات من النبً ‪ ‬لم ٌتجاوزوها حتى ٌعلموا ما فٌها من‬
‫العلم والعمل لالوا‪ :‬فتعلمنا المرآن والعلم والعمل جمٌعا‪.‬‬
‫والعادة تمنع من أن ٌمرأ لوم كتابا فً فن من الفنون كالطب والحساب وال ٌعرفون‬
‫معناه‪ ،‬فكٌؾ بكبلم هللا الذي هو عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم ولٌام دٌنهم ودنٌاهم‪ ،‬وعن سعٌد‬
‫بن جبٌرن لال‪" :‬من لرأ المرآن ثم لم ٌفسره كان كاألعمى أو األعرابً"(ٕ)‪ ،‬وحاجة المسلم ماسة‬
‫إلى فهم المرآن الذي هو حبل هللا المتٌن والذكر الحكٌم والصراط المستمٌم‪.‬‬
‫(ٖ)‬
‫ومن المعلوم أن كل كبلم فالممصود منه فهم معانٌه دون مجرد ألفاظه‪ ،‬فالمرآن أولى بذلن ‪.‬‬
‫ولال المرطبً‪ٌ ":‬نبؽً له أن ٌتعلم أحكام المرآن فٌفهم عن هللا مراده وما فرض علٌه‬
‫فٌنتفع بما ٌمرأ وٌعمل بما ٌتلو‪ ،‬فما ألبح بحامل المرآن أن ٌتلو فرابضه وأحكامه وهو ال ٌفهم‬
‫معنى ما ٌتلوه‪ ،‬فكٌؾ ٌعمل بما ال ٌفهم معناه‪ ،‬ما ألبح أن ٌسؤل عن فمه ما ٌتلوه وهو ال ٌدرٌه‪،‬‬
‫فما مثل من هذه حالته إال كمثل الحمار ٌحمل أسفارا " (‪ )3‬ولد ذم هللا من هذه حاله بموله‪:‬‬
‫ظنُّونَ } [البمرة‪.]21 :‬‬ ‫اب إِال أ َ َمانِ ه‬
‫ً َو إِ ْن ُه ْم إِال ٌَ ُ‬ ‫{ َو ِم ْن ُه ْم أ ُ ِ ّم ٌُّونَ ال ٌَ ْع لَ ُمونَ ا ْل ِكت َ َ‬
‫وألرب التفاسٌر تناوال‪ :‬تفسٌر الجبللٌن‪ ،‬حٌث ٌذكر معنى الكلمة وأسباب النزول‬
‫والمراءات باختصار‪ ،‬إال أنه لد ٌخطا فً تفسٌر صفات هللا تعالى مثل المجًء والنزول‬
‫وؼٌرهما حٌث ٌفسرها على طرٌمة األشاعرة‪ ،‬ومن أراد التوسع والتحمٌك فعلٌه بتفسٌر اإلمام‬

‫(ٔ) فتح الباري – ج‪ 1‬ص ٕٓٔ ‪.‬‬


‫(ٕ) أخرجه الطبري(‪:)12‬صٔ‪.1ٔ/‬‬
‫(ٖ)ٌنظر‪ :‬ممدمة أصول التفسٌر البن تٌمٌة ‪.2 ،ٙ‬‬
‫(ٗ) تفسٌر المرطبً (ٔ‪)ٕٔ /‬‬
‫ابن كثٌر فإنه تفسٌر سلفً ممتاز‪ ،‬وتفسٌر ابن سعدي(‪ )8‬ثم تفسٌر الطبري‪ ،‬والمرطبً‪ ،‬فإنهما‬
‫من أمهات التفاسٌر الصحٌحة المعتبرة‪ ،‬وكذلن تفسٌر البؽوي وابن الجوزي وفتح المدٌر‬
‫للشوكانً‪ ،‬وحاشٌة الجمل على الجبللٌن فإنه مجموع من عدة تفاسٌر‪ ،‬وأٌسر التفاسٌر‬
‫للجزابري‪.‬‬
‫المنهج األمثل فً تفسٌر المرآن‬
‫إن منهج المرآن الكرٌم ٌُمرر أن الفهم السلٌم هو ؼاٌة كل مسلم ‪ ،‬وهو الثمرة العلمٌة‬
‫المرجوة من تدبره ‪ ،‬كما أن الثمرة العلمٌة هً االلتزام بؤحكامه وتوجٌهاته إٌمانا ً وعمبلً ودعوة‪.‬‬
‫والذي ٌساعد على الفهم الصحٌح للمرآن هو حسن تفسٌره بما ٌبٌن مماصده ‪ ،‬وٌوضح‬
‫معانٌه ‪ ،‬وٌكشؾ اللثام عما فٌه من كنوز وأسرار وٌفتح مؽالمه للعمول والملوب ‪.‬‬
‫إن المنهج األمثل فً تفسٌر المرآن ٌموم على أصول راسخة وخطوات معلومة ومعالم‬
‫مرسومة ٌجب مراعاتها وااللتزام بها حتى تتضح من خبلل إتباع المفسر الخطوات التالٌة ‪-:‬‬
‫‪ -8‬تفسٌر المرآن بالمرآن ‪:‬‬
‫أول هذه المعالم هو تفسٌر المرآن بالمرآن وذلن ألن المرآن الكرٌم ٌصدق بعضه بعضا ً‬
‫صل فً موضع آخر وما جاء عاما ً فً‬ ‫‪ ،‬وٌفسر بعضه بعضا ً ‪ ،‬وذلن فما أُجمل فً موضع فُ ّ‬
‫صص فً سٌاق آخر ‪.‬‬ ‫سٌاق ُخ ِ ّ‬
‫‪ -2‬تفسٌر المرآن بالسنة ‪:‬‬
‫لال شٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة فً ممدمته فً أصول التفسٌر ‪" :‬إن أصح طرق التفسٌر‬
‫سر المرآن بالمرآن ‪ ،‬فما أجمل فً مكان فإنه لد ٌفسر فً موضع آخر ‪ ،‬وما اختصر فً مكان‬ ‫ٌُف ّ‬
‫(ٕ)‬
‫فمد بُسط فً موضع آخر ‪ ،‬فإن أعٌان ذلـن فعلٌن بالسنة ‪ ،‬فإنها شارحة للمرآن موضحة له" ‪.‬‬
‫ط ٌِّبَةً َك َ‬
‫ش َج َرةٍ َ‬
‫طٌِّبَ ٍة} [إبراهٌم ‪ ] ٕٗ :‬بؤنها النخلة ‪.‬‬ ‫ولد فسـر الرسـول ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪َ { -‬ك ِل َمةً َ‬
‫سنُوا ْال ُح ْسنَى َو ِز ٌَا َدةٌ}[ ٌونس ‪ ،] ٕٙ :‬بؤنها النظر إلى وجه‬ ‫وكما فسر الزٌادة { ِللَّذٌِنَ أَحْ َ‬
‫هللا الكرٌم‪.‬‬
‫ولال الزركشً‪" :‬لطالب التفسٌر مآخذ كثٌرة أمهاتها أربعة‪ :‬األول‪ :‬النمل عن رسول هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص وهذا هو الطراز األول‪ ،‬ولكن ٌجب الحذر من الضعٌؾ فٌه والموضوع؛ فإنه كثٌر‪ .‬وإن‬
‫سواد األوراق سواد فً الملب"(ٖ)‪.‬‬
‫‪ -4‬االنتفاع بتفسٌر الصحابة والتابعٌن ‪:‬‬
‫الصحابة هم تبلمٌذ المدرسة النبوٌة ‪ ،‬تربوا فً حجر الرسول وسمعوا منه وشاهدوا‬
‫التنزٌل ‪ ،‬هذا مع كونهم أصحاب اللؽة والبٌان ‪ ،‬فإذا صح عنهم التفسٌر أخذنا به خاصة إن‬
‫أجمعوا علٌه ‪ ،‬وإن اختلفوا فمد أتاحوا لنا أن نتخٌر من بٌن آرابهم ما نراه ألرب إلى السداد‪.‬‬

‫(ٔ) فإنه تفسٌر سلفً عصري واضح جلً ٌعنً بالمعانً واألحكام‪.‬‬
‫(ٕ)ممدمة فً أصول التفسٌر‪.5ٖ :‬‬
‫(ٖ) البرهان‪.ٔ٘ٙ :‬‬
‫لال ابن تٌمٌة ‪" :‬إذا لم تجد التفسٌر فً المرآن وال فً السنة ‪ ،‬رجعت فً ذلن إلى ألوال‬
‫الصحابة فإنهم أدرى بذلن لما شاهدوه من المرابن واألحوال التً اختصوا بها و ِل َما هم علٌه من‬
‫الفهم التام والعلم الصحٌح وال سٌما علماإهم وكبراإهم وكاألبمة األربعة والخلفـاء الراشدٌن‬
‫واألبمة المهدٌٌن ‪ ،‬وعبد هللا بن مسعود الذي لال ‪ :‬والذي ال إله ؼٌره ما نزلت آٌة من كتاب هللا‬
‫إال وأنا أعلم أٌن نزلت ‪ ،‬وفٌم نزلت ‪ ،‬وكان الرجل منهم إذا تعلّم عشر آٌات ‪ ،‬لم ٌجاوزهن حتى‬
‫ٌعرؾ معانٌهن والعمل بهن ‪ ،‬وهذا حبر األمة عبد هللا بن عباس ‪ ،‬ترجمان المرآن ببركة دعاء‬
‫رسول هللا‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬اللهم فمهه فً الدٌن وعلَّمه التؤوٌل"(ٔ) ‪.‬‬
‫لال الزركشً‪ ":‬الثانً‪ :‬األخذ بمول الصحابً؛ فإن تفسٌره عندهم بمنزلة المرفوع إلى‬
‫النبً ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كما لاله الحاكم فً تفسٌره ‪ ...‬إلى أن لال‪ :‬وفً الرجوع إلى ألوال التابعٌن رواٌتان‬
‫عن أحمد‪ ،‬واختار ابن عمٌل المنع‪ ،‬وحكوه عن شعبة‪ ،‬لكن عمل المفسرٌن على خبلفه‪ ،‬ولد‬
‫حكوا فً كتبهم ألوالهم ‪ ...‬وؼالب ألوالهم تلموها من الصحابة‪ ،‬ولعل اختبلؾ الرواٌة عن أحمد‬
‫إنما هو فٌما كان من ألوالهم وآرابهم"(ٕ)‪.‬‬
‫‪ -3‬األخذ بمطلك اللغة ‪:‬‬
‫ٌن}[الشعراء‪ ،[ٔ5٘ :‬فٌجب أن ٌُفسر اللفظ بحسب ما‬ ‫ً ٍ ُمبِ ٍ‬
‫ع َربِ ّ‬
‫ان َ‬
‫س ٍ‬‫إن المرآن نزل { ِب ِل َ‬
‫تدل علٌه اللؽة العربٌة واستعماالتها وما ٌوافك لواعدها وٌناسب ببلؼة المرآن المعجز ‪ ،‬هذا مع‬
‫أن األلفاظ منها ما جاء على سبٌل المجاز ومنها ما هو مشترن ٌدل على أكثر من معنى ‪،‬‬
‫وٌنبؽً أن ٌعلم أن األصل حمل الكبلم على الحمٌمة ‪ ،‬وال ٌعدل عنها إلى المجاز إال بمرٌنة (تدل‬
‫داللة معتبرة على المعنى) ‪ ،‬ومما ٌعٌن المفسر للمرآن على حسن الفهم أن ٌتتبع الكلمة المرآنٌة‬
‫معان‬
‫ٍ‬ ‫فً مواردها المختلفة فً المرآن حتى ٌتبٌن له حمٌمة معناها مثل كلمة (عٌن) لها عدة‬
‫حسب مولعها فً الجملة ‪ ،‬تؤتً بمعنى عٌن الماء – والجاسوس – والعٌن المبصرة ‪ ،‬فكل‬
‫مفردة فً المرآن تإدي معنى تام حسب السٌاق الذي وضعت فٌه ‪.‬‬
‫‪ -5‬مراعاة السٌاق ‪:‬‬
‫ومن الضوابط الهامة فً حسن فهم المرآن وصحة تفسٌره مراعاة سٌاق اآلٌة فً‬
‫مولعها من السورة وسٌاق الجملة فً مولعها من اآلٌة ‪ ،‬فٌجب أن تُربط اآلٌـة بالسٌاق الذي‬
‫وردت فٌـه وال تُمطـع عمـا لبلها وما بعدها ‪.‬‬
‫معان مختلفة وإنما ٌتحدد المعنى المراد منها فً‬‫ٍ‬ ‫فالكلمة الواحدة لد ترد فً المرآن لعدة‬
‫ً‬
‫كل مولع بالسٌاق ‪ ،‬والممصود بالسٌاق ما لبل الكلمة وما بعدها فمثبل ‪ :‬كلمة الكتاب تؤتً بمعنى‬
‫المرآن ‪ ،‬وتؤتً بمعنى النص المرآنً ‪ ،‬وتؤتً بمعنى اللوح المحفوظ ‪.‬‬
‫وكذلن معنى كلمة (آٌة) تؤتً بمعنى العبلمة أو اآلٌة المنزلة أو المعجزة واآلٌة الدالة‬
‫على صدق رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ، -‬والسٌاق هو الذي ٌحدد المعنى المراد من كلمة آٌة ‪.‬‬
‫‪ -6‬االهتمام بعلوم المرآن إجماال ً وخاصة سبب النزول ‪:‬‬
‫من المعالم المهمة فً فهم المرآن وتفسٌره مبلحظة أسباب النزول فمن الممرر لدى‬
‫العلماء أن المرآن نزل على لسمٌن ‪ :‬لسم نزل ابتداء بدون سبب خاص ‪ ،‬وإنما لتوضٌح معنى‬

‫(ٔ)ممدمة فً أصول التفسٌر‪.5ٗ :‬‬


‫(ٕ) البرهان فً علوم المرآن‪.ٔٙٓ-ٔ٘ٙ/ٔ :‬‬
‫الهداٌة فً حٌاة الناس ولسم نزل لسبب خاص وهذا المسم األخٌر هو الذي ٌبحث عن سبب‬
‫نزوله ‪ ،‬ألن معرفة األسباب والمبلبسات المحٌطة بالنص تساعد على فهم المراد منه ‪ٌ ،‬مول ابن‬
‫دلٌك العٌد ‪ :‬بٌان سبب النزول طرٌك لوي فً فهم معانً المرآن ‪.‬‬
‫‪ -7‬اعتبار المرآن أصالً ٌرجع إلٌه ‪:‬‬
‫إن هللا تبارن وتعالى أنزل المرآن الكرٌم لٌكون متبوعا ً ال تابعا ً وٌنبؽً على من ٌرٌد‬
‫فهم المرآن وتفسٌره أن ٌتحرر من اعتماداته وأفكاره وأهوابه ‪ ،‬بل ٌجب أن ٌكون مولفه من‬
‫المرآن مولؾ المتلمً الذي ٌهتدي بهداه ‪ ،‬وٌنظر إلٌه على أنه األصل الذي ٌرجع إلٌه (ٔ) ‪.‬‬
‫حادي عشر‪ -:‬إعجاز المرآن‬
‫اإلعجاز لغة‪ :‬أصله التؤخر عن الشًء ‪ ،‬وهو ضد المدرة ‪ ،‬بمعنى الضعؾ ‪ٌ ،‬مال ‪ :‬أعجزه‬
‫{والَّذٌِنَ َ‬
‫(ٕ)‬
‫سعَ ْوا فًِ آٌَاتِنَا‬ ‫األمر إذا حاوله فلم ٌستطعه ولم تتسع له لدرته وجهده ٌمول تعالى ‪َ :‬‬
‫اج ِزٌنَ [سبؤ‪.]٘:‬‬ ‫ُم َع ِ‬
‫اإلعجاز اصطبلحا ً ‪ :‬كون المرآن الكرٌم أمرا ً خارلا ً للعادة لم ٌستطع أحدا ً معارضته برؼم‬
‫تصدي الناس له (ٖ) ‪ ،‬أو هو ضعؾ المدرة اإلنسانٌة فً محاولة المعجزة ‪ ،‬ثم استمرار هذا‬
‫الضعؾ على تراخً الزمن (ٗ) ‪.‬‬
‫أ‪ -‬اإلعجاز البٌانً ‪:‬‬
‫ٌع ّد اإلعجاز البٌانً من أعظم وجوه اإلعجاز ألنه ٌنتظم فً المرآن كله ‪ ،‬فبل تخلو منه‬
‫سورة على لصرها أو على طولها ‪ ،‬بل هو فً كل آٌة من آٌات المرآن الكرٌم ‪ ،‬ولد تحدث‬
‫العلماء والمفسرون عن اإلعجاز المرآنً لدٌما ً وحدٌثا ً حٌث أجمع هإالء أن المرآن الكرٌم‬
‫معجزة بٌانٌة تحدى هللا بها العرب وؼٌرهم فثبت عجز البشر جمٌعا ً أمام إعجازه (٘) ‪ ،‬ولد سجل‬
‫علَى أ َ ْن ٌَؤْتُوا ِب ِمثْ ِل َه َذا‬
‫س َو ْال ِج ُّن َ‬ ‫ت ِْ‬
‫األ ْن ُ‬ ‫المرآن الكرٌم هـذه الحمٌمـة بمولـه ‪{{ :‬لُ ْل لَبِ ِن اجْ ت َ َمعَ ِ‬
‫ظ ِهٌراً}[ اإلسراء ‪.] 11‬‬ ‫ض َ‬ ‫آن ال ٌَؤْتُونَ ِب ِمثْ ِل ِه َولَ ْو َكانَ َب ْع ُ‬
‫ض ُه ْم ِل َب ْع ٍ‬ ‫ْالمُ ْر ِ‬
‫واالعجاز البٌانً هو بٌان المرآن وفصاحته وببلؼته ‪ ،‬وفً أسلوبه المتمٌز عن بالً‬
‫أسالٌب العرب حٌث جاء المرآن الكرٌم بؤفصح األلفاظ فً أحسن نظوم التؤلٌؾ ‪ ،‬متضمنا ً أصح‬
‫المعانً ‪ ،‬كذلن ترتٌب ألفاظ المرآن الكرٌم فً آٌاته وجمله ‪ ،‬ثم ترتٌب هذه الجمل لآلٌات فً‬
‫السورة (‪. )ٙ‬‬

‫(ٔ) انظر هـذا الموضوع بالتفصٌـل فـً كتاب ‪ :‬كٌؾ نتعامل مع المرآن الكرٌم – أ‪.‬د‪ٌ .‬وسؾ المرضاوي من‬
‫ص ٕٓ٘‪. ٖٓٓ-‬‬
‫(ٕ) لسان العرب البن منظور – ح‪. ٕٖٙ/2‬‬
‫(ٖ) فكرة اإلعجاز – نعٌم الحمصً – ص ‪. 5‬‬
‫(ٗ) إعجاز المرآن للرافعً – ص ‪. ٖٔ5‬‬
‫(٘) مباحث فً إعجاز المرآن الكرٌم– ص٘‪ ٔٙ‬بتصرؾ‪،‬أ‪ .‬د‪ .‬مصطفى مسلم ص ٗ٘ٔ‪.‬‬
‫(‪ )ٙ‬موجز فً إعجاز المرآن – المرجع السابك ص ٗ٘ٔ ‪.‬‬
‫وٌمثل اإلعجاز البٌانً فً حروؾ المرآن وأصواتها ‪ ،‬والكلمات ومخارجها (ٔ) ‪ٌ ،‬مول‬
‫ابن عطٌة ‪" :‬وكتاب هللا تعالى لو نزعت منه لفظة فً أدٌر لسان العرب على لفظة ؼٌرها لم‬
‫ٌوجد" (ٕ) ‪.‬‬
‫وكذلن ٌمثل اإلعجاز البٌانً فً طرٌمة التعبٌر التً انفرد بها المرآن الكرٌم ‪ ،‬وأٌضا ً‬
‫ٌتمثل فً وجود الفاصلة المرآنٌة التً تعنً مناسبة ختم اآلٌة لما سبك (ٖ) ‪.‬‬
‫ونزل المرآن الكرٌم على العرب وكانوا أصحاب وأرباب الببلؼة والبٌـان وذلـن ألنهم‬
‫تمٌزوا بسبلمة السلٌمة وسرعة البدٌهة ‪ ،‬فعندما تحداهـم المـرآن على أن ٌؤتوا بمثله لم ٌستطٌعوا‬
‫وولفوا عاجزٌن حابرٌن ال ٌستطٌعون ذلـن على الرؼم من أن المرآن الكرٌم نزل باللؽة التً‬
‫ٌعرفونها وٌتكلمون بها ‪ ،‬لذا نجد أن المرآن تحداهم أن ٌؤتوا بمثل المرآن ‪ٌ ،‬مول تعالى {فَ ْلٌَؤْتُوا‬
‫صا ِدلٌِنَ }[ الطور ‪. ]ٖٗ :‬‬ ‫ث ِمثْ ِل ِه إِ ْن َكانُوا َ‬ ‫ِب َح ِدٌ ٍ‬
‫ثم تحداهم أن ٌؤتوا بعشر سور فمال تعالى ‪{ :‬أ َ ْم ٌَمُولُونَ ا ْفت ََراهُ لُ ْل فَؤْتُوا ِبعَ ْش ِر ُ‬
‫س َو ٍر ِمثْ ِل ِه‬
‫صا ِدلٌِنَ }[ هود ‪. ]ٔٗ-ٖٔ :‬‬ ‫َّللاِ ِإ ْن ُك ْنت ُ ْم َ‬ ‫ط ْعت ُ ْم ِم ْن د ِ‬
‫ُون َّ‬ ‫عوا َم ِن ا ْست َ َ‬ ‫ت َوا ْد ُ‬ ‫ُم ْفت ََرٌَا ٍ‬
‫فلما عجزوا تحداهم أن ٌؤتوا بسورة واحدة لال تعالى ‪{ :‬أ َ ْم ٌَمُولُونَ ا ْفت ََراهُ لُ ْل فَؤْتُوا‬
‫صا ِدلٌِنَ }[ ٌونس ‪.] ٖ1 :‬‬ ‫َّللاِ ِإ ْن ُك ْنت ُ ْم َ‬
‫ُون َّ‬ ‫عوا َم ِن ا ْست َ َ‬
‫ط ْعت ُ ْم ِم ْن د ِ‬ ‫ورةٍ ِمثْ ِل ِه َوا ْد ُ‬ ‫س َ‬ ‫بِ ُ‬
‫{وإِ ْن ُك ْنت ُ ْم فًِ‬
‫سبحانه وتعالى ‪َ :‬‬ ‫ثم أخٌـرا ً تحداهـم أن ٌؤتوا بسورة تشبه المرآن فمال‬
‫ورةٍ ِ ّم ْن ِمثْ ِل ِه}[ البمرة ‪. ] ٕٗ-ٕٖ :‬‬ ‫ع ْب ِدنَا فَؤْتُوا بِ ُ‬ ‫ب ِم َّما ن ََّز ْلنَا َ‬
‫(ٗ)‬
‫س َ‬ ‫علَى َ‬ ‫َر ٌْ ٍ‬
‫ب‪ -‬اإلعجاز التشرٌعً ‪:‬‬
‫سن ‪ ،‬ولد سمً ما شرع هللا لعباده شرٌعة كالصبلة‬ ‫شرع ‪ :‬بمعنى َّ‬ ‫‪ -‬التشرٌع لؽة ‪ :‬مصدر ّ‬
‫(٘)‬
‫والصوم والزكاة والحج وؼٌر ذلن ‪.‬‬
‫‪ -‬التشرٌع اصطبلحا ً ‪ :‬هو شـرعة هللا لعباده من أحكام اعتمادٌة أو عملٌة أو ُخلمٌة (‪. )ٙ‬‬
‫‪ -‬اإلعجاز التشرٌعً ‪ :‬هو سمو التشرٌعات المرآنٌة وشمولها وكمالها إلى الحد الذي تعجـز‬
‫عنـه كل الموانٌن البشرٌة مهما بلؽت على أن تؤتً بمثل تشرٌعات المرآن الكرٌم(‪.)2‬‬
‫أو هو عجز البشر محاكاة التشرٌع المرآنً ‪ ،‬وإداراكهم كل ما فٌه من أسرار تشرٌعٌة(‪.)1‬‬
‫ومن نماذج من اإلعجاز التشرٌعً ‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬فً العبادات ‪ :‬الوضوء والتٌمم والؽسل ‪ :‬أمر هللا سبحانه وتعالى المسلمٌن بالوضوء عند‬
‫المٌام إلى الصبلة ‪ ،‬وجعل الوضوء شرطا ً للصبلة ‪ ،‬فإذا لم ٌتمكنوا من استعمال الماء فعلٌهم‬
‫صبل ِة ‪[}.............‬المابدة ‪. ]ٙ :‬‬ ‫بالتٌمم لال تعالى ‪ٌَ { :‬ا أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َمنُوا ِإ َذا لُ ْمت ُ ْم ِإلَى ال َّ‬

‫(ٔ) موجز فً إعجاز المرآن – أ‪ .‬د‪ .‬مصطفى مسلم ص ٗ٘ٔ ‪.‬‬


‫(ٕ) فكرة اإلعجاز – نعٌم الحمص – ص ٘‪. 5‬‬
‫(ٖ) إعجاز المرآن – د‪ .‬فضل عباس – ص ٘‪ ٙ‬وما بعدها ‪.‬‬
‫(ٗ) إعجاز المرآن – د‪ .‬فضل عباس – ص ٖٔ‪. ٖٕ-‬‬
‫(٘) لسان العرب – حٖ‪. ٕٖ1/‬‬
‫(‪ )ٙ‬التشرٌع اإلسبلمً – مصادره وأدواته – د‪ .‬سفٌان إسماعٌل – ص ‪. 2‬‬
‫(‪ )2‬اإلعجاز التشرٌعً فً معالجة مشكلة الفمر – ص ‪. ٙ‬‬
‫(‪ )1‬المرآن وإعجازه – ص ٕٓٔ ‪.‬‬
‫علَ ٌْ ُك ْم ِم ْن َح َرجٍ‬ ‫وتشٌر اآلٌة إلى الحكمة من هذا التشرٌع ٌمول تعالى ‪َ { :‬ما ٌ ُِرٌ ُد َّ‬
‫َّللاُ ِلٌَجْ عَ َل َ‬
‫‪[}.....‬المابدة ‪. ]ٙ :‬‬
‫إن اشتراط االؼتسال للجنب هو تطهٌره ولٌتم نعمته علٌه ‪ ،‬وحتى ٌشكره على نعمه‬
‫الكثٌرة ‪ ،‬والحكمة من الوضوء والتٌمم والؽسل لٌس النظافة فحسب بل العبادة (ٔ) ‪ٌ ،‬مول سٌد‬
‫لطب ‪ٌ" :‬بدو أن حكمة الوضوء أو الؽسل لٌست هً مجرد النظافة ‪ ،‬وإال فإن البدٌل من أحدهما‬
‫أو من كلٌهما ال ٌحمك هذه الحكمة فبل بد إذن من حكمة أخرى للوضوء أو الؽسل تكون متحممة‬
‫اط َّه ُروا ‪]}...‬المابدة ‪:‬‬ ‫{وإِ ْن ُك ْنت ُ ْم ُجنُبا ً فَ َّ‬
‫كذلن فً التٌمم ‪ ،‬وأما حكمة االؼتسال من الجنابـة َ‬
‫‪ ، ]ٙ‬فهً حركة عملٌة عن معنى نفسً ‪ ،‬إن اإلنسان عندما ٌمضً شهوته فإنه ٌحمك حاجة‬
‫فطرٌة ونفسٌة أصٌلة فً كٌانه ‪ ،‬ثم إن كل جزء من أعضاء جسمه متلذذ من لضاء الشهوة‬
‫وٌشارن فً هذه العملٌة الجنسـٌة ‪ ،‬لذا كان االؼتسال شكر هلل الذي ٌسر له لضاء شهوته ‪ ،‬شكر‬
‫هلل‪ ،‬ألن كـل جزء شارن فً االستمتاع والتلذذ عند لضاء الشهوة ‪ ،‬لذلن ختمت اآلٌة بموله ‪:‬‬
‫{ولعلكم تشكرون}" (ٕ) ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬فً المعامبلت ‪ :‬تحرٌم الربا ‪ :‬حرم هللا الربا فً آٌات صرٌحة وأعلن الحرب على المرابٌن‬
‫الربا‬
‫ً ِمنَ ِ ّ‬ ‫َّللا َو َذ ُروا َما بَ ِم َ‬ ‫‪ ،‬وتوعد بمحك الربا ٌمول تعالى ‪ٌَ { :‬ا أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َمنُوا اتَّمُوا َّ َ‬
‫‪[}...‬البمرة ‪ ]ٕ25-ٕ21 :‬على الرؼم أن الربا هو السمة البارزة لبللتصاد العالمً المعاصر ‪،‬‬
‫ولاعدة التعامل االلتصادي بٌن الدول ‪ ،‬إال أن التشرٌع اإلسبلمً هو الحك والصواب فً تحرٌم‬
‫الربا ومحاربته وتحرٌمه ‪ ، ....‬فالربا ببلء وآفة ‪ٌ ،‬دمر االلتصاد وٌمطع الروابط ‪ ،‬وٌولع‬
‫العداوة والبؽضاء بٌن الناس ‪ ،‬والربا ٌمضً على إنسانٌـة اإلنسـان وللبه ودٌنه وإٌمانه ‪،‬‬
‫والمرابون مصاصً الدماء واألموال (ٖ) ‪.‬‬
‫ٌمول سٌد لطب ‪" :‬إن النظام الربوي نظام معٌب من الوجهة االلتصادٌة البحتة ‪.)ٗ("...‬‬
‫ٖ‪ -‬فً الحدود ‪ :‬شرع هللا تبارن وتعالى الحدود حتى ٌعٌش اإلنسان المسلم وؼٌر المسلم‬
‫أمٌنا ً على نفسه وماله وعرضه وعمله ‪ ،‬لذلن حرم على المسلم لتل أخٌـه المسـلم ‪ٌ ،‬مـول تعالى‬
‫طؤ ً ‪ [ }....................‬النساء‪ . ]5ٕ:‬فإذا اعتمد الماتل‬ ‫{و َما َكانَ ِل ُمإْ ِم ٍن أ َ ْن ٌَ ْمت ُ َل ُمإْ ِمنا ً ِإال َخ َ‬
‫‪َ :‬‬
‫حرم السـرلة ‪ ،‬فإنه حفظ للناس أموالهـم ‪،‬‬ ‫بؤنه سٌُمتل فإنه ال ٌمدم على المتل ‪ ،‬وكذلـن عندمـا ّ‬
‫فعندما ٌعتمـد المإمن أنه إذا سرق سوؾ تمطع ٌده ‪ ،‬فإنه ال ٌسرق وبذلن حفظ للناس أموالهم ‪.‬‬
‫الزانًِ‪}....‬‬‫{الزانٌَِةُ َو َّ‬
‫وكذلن عندما شرع عموبة الزنا مابة جلدة لؽٌـر المتزوج كمـا لال تعالـى ‪َّ :‬‬
‫[ النور‪ ،] ٕ :‬والرجم حتى الموت للمتزوج رجبلً كان أو أنثى‪.‬‬
‫(٘)‬
‫وكذلن عندما شرع عموبة الخمر الجلد ثمانٌن جلدة لٌحفظ العمل ‪ٌ ،‬مول الرسول‬
‫‪" :‬إذا شرب إنسان الخمر فاجلدوه ثمانٌن جلدة ‪ ،‬إذا شرب سكر ‪ ،‬وإذا سكر هذى ‪ ،‬وإذا هذى‬
‫افترى ‪ ،‬وحد المفتري ثمانون" (‪. )ٙ‬‬

‫(ٔ) مباحث فً إعجاز المرآن – أ‪ .‬د‪ .‬مصطفى السباعً – ص ٘٘ٔ ‪.‬‬


‫(ٕ) فً ظبلل المرآن‪ ،‬سٌد لطب ‪.ٕٕٕ٘ٔ/٘:‬‬
‫(ٖ) مباحث فً إعجاز المرآن – أ‪.‬د‪ .‬مصطفى السباعً – ص ٕ‪.ٔٙ‬‬
‫(ٗ) الظبلل ح٘‪. ٕٕٕ٘/‬‬
‫(٘) اإلعجاز المرآنً فً تشرٌع الحدود ‪.‬‬
‫(‪)ٙ‬الموطؤ لئلمام مالن – حٕ‪ ٕٙٗ/‬كتاب األشربة باب حد الخمر – ص ٕ٘ ‪.‬‬
‫ٌمول األستاذ رشٌد رضا ‪ٌ" :‬شتمل المرآن الكرٌم على العلوم اإللهٌة وأصول المواعد‬
‫الدٌنٌة ‪ ،‬وأحكام العبادات ‪ ،‬ولوانٌن الفضابل واآلداب ولواعد التشرٌع السٌاسً والمدنً‬
‫واالجتماعً الموافمة لكل زمان ومكان ‪ ،‬وبذلن ٌفضل على كل ما سبمه من الكتب السماوٌة‬
‫والشرابع األرضٌة واآلداب الفلسفٌة" (ٔ) ‪.‬‬
‫ت‪ -‬اإلعجاز العلمً ‪:‬‬
‫لمد حث اإلسبلم على العلم والتعلم ‪ ،‬فآٌات المرآن األولى فً النزول تؤمر باستخدام الملم‬
‫وتشجع على المراءة وذلن لما للملم والمراءة من أهمٌة فً حٌاة األمم والشعوب ‪ .‬لال تعالى ‪:‬‬
‫سانَ‬‫األ ْن َ‬ ‫ك ا ْل َرأْ َو َربُّنَ ْاأل َ ْك َر ُم الَّذِي َ‬
‫علَّ َم ِب ْالمَلَ ِم َ‬
‫علَّ َم ْ ِ‬ ‫علَ ٍ‬ ‫{ا ْل َرأْ ِباس ِْم َر ِبّنَ الَّذِي َخلَكَ َخلَكَ ْ ِ‬
‫األ ْن َ‬
‫سانَ ِم ْن َ‬
‫َما لَ ْم ٌَ ْعلَ ْم}[العلك‪.]٘-ٔ:‬‬
‫األمة اإلسبلمٌة منوط بها لٌادة البشرٌة بؤسرها فً جمٌع مناحً الحٌاة ‪ ،‬لذلن ٌنبؽً أن‬
‫تتصدر األمم والشعوب فً مجال العلم واإلٌمان واألخبلق حتى تصل إلى ذلن المركز المٌادي‬
‫الذي أُعدّت له ‪.‬‬
‫لذلن جاءت التوجٌهات المرآنٌة فً العدٌد من اآلٌات تشجع األمة كل األمة على العلم‬
‫والبحث والتحري عن المجهول فً هذا الكـون الفسٌح ‪ .‬لـال تعالى ‪{ :‬لُ ْل ه َْل ٌَ ْست َ ِوي الَّذٌِنَ‬
‫ٌَ ْعلَ ُمونَ َوالَّذٌِنَ ال ٌَ ْعلَ ُمون }[الزمر‪.]5:‬‬
‫وجعل الحك تبارن وتعالى شهادة العلماء مع شهادته وشهادة المبلبكة المبلبكة فً اإللرار‬
‫َّللاُ أَنَّهُ ال إِلَهَ إِ َّال ُه َو َو ْال َمبلبِ َكةُ َوأُولُو‬ ‫ش ِه َد َّ‬
‫بالوحدانٌـة هلل فـً األلوهٌـة والربوبٌة ‪ ،‬لال تعالى ‪َ { :‬‬
‫ْط ال ِإلَهَ إِال ُه َو ْالعَ ِزٌ ُز ْال َح ِكٌ ُم}[آأل عمران‪ ،]ٔ1:‬وأمر ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬بطلب العلم النافع‬ ‫ْال ِع ْل ِم لَابِما ً بِ ْال ِمس ِ‬
‫للبشرٌة وشجع على تحصٌله ‪ ،‬لال ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪" : -‬طلب العلم فرٌضة على كل مسلم ومسلمة" ‪ ،‬وجاء‬
‫عن أبً الدرداء رضً هللا عنه لال سمعت رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ٌ -‬مول ‪" :‬من سلن طرٌما ً ٌبتؽً فٌه‬
‫علما ً س َّهل هللا له طرٌما ً إلى الجنة" (ٕ) ‪.‬‬
‫واالعجاز العلمً‪ :‬هو ما ٌتعلك بإشارة المرآن فً كثٌر من آٌاته إلى حمابك علمٌة ثابتة‬
‫كشؾ عنها العلم الحدٌث ‪ ،‬ووافمت أحدث ما انتهى إلٌه الكشؾ العلمً فً هـذا العصر ‪،‬مع أنها‬
‫كانت مجهولة فً عصرة النبوة وما بعده لمرون عدٌدة (ٖ) ‪.‬‬
‫ولد ذكـر د‪ .‬عبد السـبلم تعرٌفا ً فمال ‪" :‬تلن الموافمة بٌن المكتشفات الحدٌثة للسنن‬
‫اإللهٌة ‪،‬وبٌن ما أشـار إلٌه المرآن مع تمام المطابمة بٌنهما"(ٗ) ‪.‬‬
‫ب‪ -‬الضوابط العلمٌة المنهجٌة لئلعجاز العلمً ‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬اعتماد أن المرآن كتاب هداٌة وإرشاد أوالً ولٌس كتاب علوم وكونٌات ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬عدم اإلفراط والتفرٌط عند النظر فً اآلٌات الكونٌة ‪ ،‬واالكتفاء بالحمابك العلمٌة فً‬
‫االستدالل وعدم االستدالل بالنظرٌات والفرضٌات العلمٌة ‪.‬‬

‫(ٔ) تفسٌر المنار – حٔ‪. ٕٓ2 ، ٕٓٙ/‬‬


‫(ٕ) رواه الترمذي (جزء من حدٌث طوٌل) ولال عنه ‪ :‬حدٌث حسن ‪.‬‬
‫(ٖ) انظر ثمافة الداعٌة للمرضاوي – ص ٘ٔ ‪.‬‬
‫(ٗ) اإلعجاز العلمً فً المرآن الكرٌم – ص ٗٔ ‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬الولوؾ على مرونة األسلوب المرآنً فً توضٌح المضامٌن العلمٌة بحٌث ٌحتمل ذلن‬
‫األسلوب وجوها ً من التؤوٌل ‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬عدم حصر داللة اآلٌة المرآنٌة على الحمٌمة الواحدة ‪ ،‬بل إبماء اآلٌة مفتوحة الداللة بحٌث‬
‫تحتمل كل ما ٌتفك مع معناها ‪.‬‬
‫٘‪ -‬الٌمٌن باستحالة التصادم بٌن الحمابك المرآنٌة والحمابك العلمٌة ‪.‬‬
‫‪ -ٙ‬اتباع المنهج المرآنً فً طلب المعرفة من خبلل النظر فً اآلٌات الربانٌة فً الكون‬
‫والنفس واآلفاق والتعرؾ على سنن هللا فً هذا الوجود ‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلعجاز العلمً ٌُثبت عالمٌة رسالة المرآن الكرٌم ‪ ،‬وذلن ألن المرآن ٌدعو الناس‬
‫فً كل عصر لدٌن هللا (ٔ) ‪.‬‬
‫أمثلة على اإلشارات العلمٌة فً المرآن ‪:‬‬
‫ت ُجلـُو ُد ُه ْم بَد َّْلنـَا ُه ْم ُجلـُودا ً‬
‫َض َج ْ‬‫ص ِلٌ ِه ْم نَارا ً ُكلَّ َما ن ِ‬
‫ؾ نُ ْ‬ ‫أ‪ -‬لال تعالى ‪{ :‬إِ َّن الَّذٌِنَ َكفَ ُروا بِآٌَاتِنَا َ‬
‫س ْو َ‬
‫ع ِزٌزا ً َح ِكٌماً}[النساء‪ ،]٘ٙ:‬هذه اآلٌة فٌها من التهدٌد والوعٌد‬ ‫َّللا َكانَ َ‬‫اب ِإ َّن َّ َ‬ ‫ؼٌ َْرهَا ِلٌَذُولُوا ْال َعـ َذ َ‬ ‫َ‬
‫بعذاب أل ٌم للكافرٌن ٌوم المٌامة وجاء هذا العذاب فً صورة تعذٌب للجلود ‪ ،‬فلماذا اختار هللا‬
‫سبحانه التعبٌر بعذاب الجلود دون ؼٌره من ألوان العذاب ‪ ،‬إن فً ذلن لحكمة حٌث استطاع‬
‫العلم التوصل إلى وجود أوعٌة ناللة لئلحساس وهً تحت الجلد مباشرة وتصل على خمسة عشر‬
‫نوعا ً كل نوع له وظٌفتـه وطبٌعته ‪ ،‬لهذا فإن األلم الذي ٌحصل لجسم اإلنسان ٌذوله كل الجسم‬
‫‪.‬‬
‫َّ‬
‫ُضلهُ ٌَجْ َع ْل‬ ‫َ‬
‫ْبلم َو َم ْن ٌ ُِر ْد أ ْن ٌ ِ‬
‫ئلس ِ‬ ‫صد َْرهُ ِل ِ‬ ‫َ‬
‫َّللاُ أ ْن ٌَ ْه ِدٌَهُ ٌَ ْش َرحْ َ‬
‫لال تعالى ‪{ :‬فَ َم ْن ٌ ُِر ِد َّ‬ ‫ب‪-‬‬
‫س َماء}[األنعام‪ ،]ٕٔ٘:‬بفضل الطٌران والبالونات استطاع‬ ‫َ‬
‫ضٌِّما ً َح َرجا ً َكؤنَّ َما ٌَ َّ‬
‫صعَّ ُد فًِ ال َّ‬ ‫صد َْرهُ َ‬ ‫َ‬
‫اإلنسان التعرؾ على ظاهرة طبٌعٌة وهً نمص أوكسجٌن الهواء فً طبمات الجو العلٌا حٌث إن‬
‫الصاعد ٌشعر بصعوبة وضٌك فً التنفس واآلٌة المرآنٌة صرحت بهذه الظاهرة منذ زمن بعٌد ‪،‬‬
‫وهذا ٌدعونا إلى اإلٌمان الراسخ بؤن ما جاء به محم ٌد إن هو إال وحً ٌوحى علمه شدٌد الموى‬
‫(ٕ) ‪.‬‬
‫املٌَ ِْن ِل َم ْن أ َ َرا َد أ َ ْن ٌُتِ َّم‬ ‫ض ْعنَ أ َ ْوال َد ُه َّن َح ْولٌَ ِْن َك ِ‬ ‫{و ْال َوا ِل َداتُ ٌ ُْر ِ‬ ‫ت‪ -‬لال تعالى‪َ :‬‬
‫عةَ}[البمرة‪ ،]ٕٕٖ:‬فالرضاعة أوجبها هللا سبحانه على األم ألطفالها حفاظا ً على األطفال‬ ‫ضا َ‬ ‫الر َ‬ ‫َّ‬
‫من الناحٌة الجسدٌة والنفسٌة والعملٌة فمد تحدث الطب الحدٌث عن ممارنة بٌن اإلرضاع‬
‫الطبٌعً والحلٌب الصناعً وذكر اآلتً ‪-:‬‬
‫ٔ‪ -‬أن ممٌزات اللبن الطبٌعً أنه ٌتناسب من ٌوم آلخر عند األم مع حاجة الطفل على‬
‫مدار العامٌن الذي ٌرضع فٌها الطفل ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬أما اإلرضاع الصناعً فهو ثابت التركٌز وال ٌتناسب مع نمو الطفل ‪ ،‬لذلن أشار األطباء‬
‫إلى أهمٌة إرضاع الطفل من أمه وخاصة فً األٌام األولى من والدته ألن اللبن فً هذه‬

‫(ٔ) انظـر هـذه الضوابـط بالتفصٌـل – اإلعجاز العلمً – د‪ .‬عبد السبلم اللوح – ص ٕ‪. ٔٙ٘-ٔٙ‬‬
‫(ٕ) انظر روح الدٌن اإلسبلمً – ص ٗ٘ ‪ ،‬وانظر بالتفصٌل أمثلة متنوعة – اإلعجاز العلمً – د‪ .‬عبد‬
‫السبلم اللوح – ص ‪. ٕٖٗ-ٔٙٙ‬‬
‫الفترة ٌحتوي على عناصر ومواد لها دخل كبٌر فً تكوٌن المناعة من األمراض عند الطفل‬
‫‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬إن حلٌب األم ال ٌحتاج إلى تعمٌم وال تعلك به الجراثٌم بٌنما الحلٌب الصناعً فهو عرضة‬
‫من خبلل أي إساءة فً استعمال األدوات ‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬لبن األم أسهل فً الهضم على الطفل من اللبن الصناعً حٌث إن اللبن الصناعً ٌحتاج‬
‫هضمه من ثبلث إلى أربع ساعات (ٔ) ‪.‬‬
‫هذا باإلضافة لهذه األنواع من اإلعجاز ٌوجد أنواع أخرى منها ‪ :‬اإلعجاز التارٌخً ‪،‬‬
‫واإلعجاز األخبللً ‪ ،‬واإلعجاز النفسً والروحً ‪ ،‬واإلعجاز التربوي ‪ ،‬واإلعجاز بؤخبار‬
‫الؽٌب والمستمبل وؼٌر ذلن (ٕ) ‪.‬‬
‫فٌمكن المول بؤن أوجه إعجاز المرآن هً‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬النظم البدٌع المخالؾ لكل نظم معهود فً لسان العرب‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬األسلوب العجٌب المخالؾ لجمٌع األسالٌب العربٌة‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬الجزالة التً ال ٌمكن لمخلوق أن ٌؤتً بمثلها‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬التشرٌع الدلٌك الكامل الذي ٌفً بحاجات البشر‪.‬‬
‫٘‪ -‬اإلخبار عن المؽٌبات الماضٌة والمستمبلة‪ ،‬التً ال تعرؾ إال بالوحً‪.‬‬
‫‪ -ٙ‬الوفاء بكل ما أخبر عنه المرآن من وعد ووعٌد‪.‬‬
‫‪ -2‬عجز المخلولٌن عن أن ٌؤتوا بمثله‪.‬‬
‫ْ‬
‫ظا من الزٌادة والنمصان ومن التبدٌل والتؽٌٌر {إِنَّا نَحْ ُن ن ََّز لنَا ال ِذّ ْك َر َو إِنَّا لَهُ‬ ‫‪ -1‬كونه محفو ً‬
‫ظونَ } [الحجر‪.]5 :‬‬ ‫لَ َحافِ ُ‬
‫ْ‬
‫س ْرنَا المُ ْرآنَ ِل ل ِذّ ْك ِر فَ َه ْل ِم ْن ُم َّد ِك ٍر} [الممر‪.]ٔ2 :‬‬ ‫‪ -5‬تٌسٌره للحفظ { َو لَمَ ْد ٌَ َّ‬
‫(ٖ)‬
‫ٓٔ‪ -‬تؤثٌره فً للوب األتباع واألعداء حتى لال لابلهم ‪« ،‬وهللا إن له لحبلوة وإن علٌه لطبلوة‬
‫وإن أسفله لمؽدق وإن أعبله لمثمر وإنه لٌعلو وما ٌعلى علٌه وما تموله بشر»‪.‬‬
‫ٔٔ‪ -‬كونه ال ٌمله لاربه وال سامعه على كثرة التردٌد بخبلؾ سابر الكبلم(ٗ)‪.‬‬
‫وآخرا هو الذي صٌر العرب رعاة الشاء والؽنم ساسة شعوب ولادة أمم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫والمرآن أوالً‬
‫وهذا وحده إعجاز‪ ،‬والمرآن الكرٌم هو أساس الدٌن ومصدر التشرٌع وحجة هللا البالؽة فً كل‬
‫عصر ومصر‪ ،‬بلؽه رسول هللا ألمته امتثاالً ألمر ربه واحتوى المرآن على األمر الصرٌح‬
‫بوجوب اتباعه والعمل بما تضمنه من األحكام فً ؼٌر موضع وبؽٌر أسلوب {اتَّبِعُوا َما أ ُ ْن ِز َل‬
‫ب} [العنكبوت‪.]ٗ٘ :‬‬ ‫ً إِلٌَْنَ ِم ْن ِكت َا ِ‬ ‫إِلَ ٌْ ُك ْم ِم ْن َربِّ ُك ْم} [األعراؾ‪{ ]ٖ :‬اتْ ُل َما أ ُ ِ‬
‫وح َ‬
‫كما ولد احتوى المرآن الكرٌم على كثٌر من نواحً الحٌاة المختلفة من ذلن ما ٌؤتً‪:‬‬

‫(ٔ) انظر لمحات فً إعجاز المرآن – ص ٗٗ‪. ٗ٘-‬‬


‫(ٕ) إعجاز المرآن – أ‪.‬د‪ .‬فضل عباس – ص ٕٓ٘ ‪.‬‬
‫(ٖ) هو‪ :‬الولٌد بن المؽٌرة المخزومً‪ ،‬انظر‪" :‬شعب اإلٌمان" للبٌهمً (ٖٗٔ)‪ ،‬و"تفسٌر البؽوي" (ٕ‪.)ٖٕٙ /‬‬
‫(ٗ) التبٌان فً علوم المرآن للصابونً (ٖٓٔ) وانظر‪ :‬البٌان فً إعجاز المرآن وممدمة تفسٌر ابن جزي (ٔ‪/‬‬
‫ٖٕ)‪.‬‬
‫ٔ‪ -‬العمابد التً ٌجب اإلٌمان بها فً هللا ومبلبكته وكتبه ورسله والٌوم اآلخر والمدر خٌره‬
‫وشره‪ ،‬وهً الحد الفاصل بٌن اإلٌمان والكفر‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬اإلرشاد إلى النظر والتفكر فً ملكوت السموات واألرض وما خلك هللا من شًء لتعرؾ‬
‫أسرار هللا فً كونه وإبداعه فً خلمه فتمتلا الملوب إٌمانا بعظمته عن نظر واستدالل ال عن‬
‫تملٌد ومجاورة‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬لصص األولٌن أفرادا وأمما‪ ،‬فمد ورد فً المرآن كثٌر من المصص الذي ٌثٌر االعتبار‬
‫واالتعاظ وٌرشد إلى سنن هللا فً خلمه نجاة للصالحٌن وهبلكا للمفسدٌن‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬األخبلق الفاضلة التً تهذب النفوس وتصلح من شؤن الفرد والجماعة كالصبر والصدق‬
‫والوفاء وأداء األمانة مع التحذٌر من األخبلق السٌبة التً تودي بمعانً الحٌاة اإلنسانٌة الفاضلة‬
‫وتسبب لها الشماء كالكذب والخٌانة وإخبلؾ الوعد ونمض العهد‪.‬‬
‫٘‪ -‬العبادات على اختبلؾ أنواعها من صبلة وزكاة وصوم وحج وجهاد وجاء فً ذلن ما ٌمرب‬
‫من مابة وأربعٌن آٌة‪.‬‬
‫‪ -ٙ‬نظام األسرة كؤحكام الزواج والطبلق وما ٌتبعها من مهر ونفمة وحضانة ورضاع ونسب‬
‫وعدة ووصٌة وإرث‪ ،‬وجاء فً ذلن ما ٌمرب من سبعٌن آٌة‪.‬‬
‫‪ -2‬أحكام المعامبلت المالٌة كالبٌع واإلجارة والرهن والمداٌنة والتجارة‪ ،‬جاء فً ذلن ما ٌمرب‬
‫من سبعٌن آٌة أٌضا‪.‬‬
‫‪ -1‬أحكام الجناٌات والحدود والسرلة والزنا والمذؾ ومحاربة هللا فً أرضه وجاء فً ذلن ما‬
‫ٌمرب من ثبلثٌن آٌة‪.‬‬
‫‪ -5‬أحكام الحرب والسلم وما ٌتبع ذلن من جهاد وؼنٌمة وأسر وعهود وجزٌة‪.‬‬
‫ٓٔ‪ -‬نظام الحكم فٌما ٌجب على الحكام من الشورى والعدل والمساواة والحكم بما أنزل هللا وما‬
‫ٌجب على الناس لهم من طاعة‪.‬‬
‫ٔٔ‪ -‬تنظٌم الحٌاة االجتماعٌة فً عبللة األؼنٌاء بالفمراء فٌما ٌحمك العدل االجتماعً بٌن‬
‫الناس‪ ،‬ولم ٌتفك العلماء على عدد آٌات األحكام ولٌل إنها‪ :‬خمس مابة آٌة أو لرٌب منها(ٔ) وهللا‬
‫سبحانه وتعالى أعلم‪.‬‬
‫ولد لال ‪« ‬إنها ستكون فتنة» لٌل‪ :‬وما المخرج منها ٌا رسول هللا؟ لال‪« :‬كتاب هللا‬
‫فٌه نبؤ ما لبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بٌنكم»(ٕ)‪ ،‬وورد فً الحدٌث ما معناه‪ :‬أن المرآن اشتمل‬
‫على ذكر الحبلل والحرام والمحكم والمتشابه واألمثال‪ ،‬فؤحلوا حبلله وحرموا حرامه‪ ،‬وعملوا‬
‫بمحكمه وآمنوا بمتشابهه واعتبروا بؤمثاله‪ ،‬ولال بعضهم‪ :‬اشتمل المرآن على تسعة أشٌاء(ٖ)‪:‬‬
‫سؤنببكما فً بٌت شعر ببل خلل‬ ‫فمال‪ :‬ال إنما المرآن تسعة أحرؾ‬
‫بشٌر نذٌر عظة لصة مثل‬ ‫متشابه‬ ‫محكم‬ ‫حرام‬ ‫حبلل‬

‫(ٔ) تارٌخ التشرٌع والفمه اإلسبلمً للشٌخ مناع خلٌل المطان «(‪.»)ٙ1 ،ٙ2‬‬
‫(ٕ)أخرجه الترمذي(‪:)ٕ5ٓٙ‬ص٘‪.،ٕٕ/‬‬

‫(ٖ) نمبل عن ‪:‬فضابل المرآن‪ ،‬عبد هللا بن جار هللا بن إبراهٌم آل جار هللا‪.ٖٕ:‬‬
‫وأصل علوم المرآن ثبلثة‪ :‬توحٌد وتذكٌر وأحكام‪ ،‬فالتوحٌد ٌدخل فٌه معرفة المخلولات ومعرفة‬
‫الخالك بؤسمابه وصفاته وأفعاله‪ ،‬والتذكٌر منه الوعد والوعٌد والجنة والنار‪.‬‬
‫واألحكام منها التكالٌؾ كلها وتبٌٌن المنافع والمضار واألمر والنهً والندب‪ ،‬ولهذا‬
‫كانت الفاتحة أم المرآن ألن فٌها األلسام الثبلثة‪ ،‬وسورة اإلخبلص ثلثه ألن فٌها أحد األلسام وهو‬
‫التوحٌد(ٔ)‪.‬‬
‫ولال ابن جزي فً ممدمة تفسٌره‪" :‬معانً المرآن سبعة‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬علم الربوبٌة‪ ،‬ومنه إثبات وجود الباري هلالج لج‬
‫واالستدالل علٌه بمخلولاته‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬والنبوة وإثبات نبوة األنبٌاء علٌهم السبلم على العموم وإثبات نبوة نبٌنا دمحم على الخصوص‬
‫وإثبات الكتب التً أنزلها هللا علٌهم ووجود المبلبكة الذٌن كانوا وسابط بٌن هللا وبٌنهم‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬المعاد‪ :‬وهو إثبات الحشر وذكر ما فً اآلخرة من الحساب والجزاء وصحابؾ األعمال‬
‫وكثرة األهوال والجنة والنار‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬األحكام‪ :‬وهً األوامر والنواهً وتنمسم خمسة أنواع‪ ،‬واجب ومندوب وحرام ومكروه‬
‫ومباح‪ ،‬ومنها ما ٌتعلك باألبدان كالصبلة والصٌام‪ ،‬وما ٌتعلك باألموال كالزكاة وما ٌتعلك‬
‫بالملوب كاإلخبلص والخوؾ والرجاء وؼٌر ذلن‪.‬‬
‫٘‪ -‬الوعد‪ :‬ومنه وعد بخٌر الدنٌا كالنصر على األعداء والحٌاة الطٌبة واألمن واالستمرار ومنه‬
‫وعد بخٌر اآلخرة كؤوصاؾ الجنة ونعٌمها‪.‬‬
‫‪ -ٙ‬الوعٌد‪ :‬ومنه تخوٌؾ بالعماب فً الدنٌا كالخوؾ والمرض والجوع ونمص األموال واألنفس‬
‫والثمرات‪ ،‬ومنه وعٌد‪ ،‬بعماب اآلخرة كعذاب المبر‪ ،‬وأهوال ٌوم المٌامة‪ ،‬وشدة الحساب‪ ،‬ودخول‬
‫ار لَ ِفً نَ ِع ٌٍم * َو إِ َّن ْالفُ َّج َ‬
‫ار لَ ِفً‬ ‫النار‪ ،‬وتؤمل المرآن تجد الوعد ممرونا بالوعٌد كموله‪{ :‬إِ َّن األَب َْر َ‬
‫َج ِح ٌٍم} [االنفطار‪ ]ٔٗ ،ٖٔ :‬لٌبعث على الخوؾ والرجاء‪.‬‬
‫‪ -2‬المصص‪ :‬وذكر أخبار األنبٌاء مع لومهم وماجرى لهم من نجاة المصدلٌن وهبلن المكذبٌن‬
‫لٌعتبر البلحمون بالسابمٌن فبل ٌعملون مثل عملهم فٌصٌبهم ما أصابهم"(ٕ)‪.‬‬
‫الثانً عشر‪ :‬ترجمة المرآن الكرٌم بغٌر لغته‬
‫تطلك الترجمة فً اللؽة على ‪ :‬نمل الكبلم من لؽة إلى أخرى ‪ ،‬جاء فً لسان العرب ‪:‬‬
‫الترجمان بالضم والفتح هو الذي ٌترجم الكبلم أي ٌنمله إلى لؽة أخرى (ٖ) ‪.‬‬
‫والترجمة اصطبلحا ً ‪ :‬تفسٌر الكبلم وبٌان معناه بلؽة أخرى‪ ،‬لال الجوهري ‪" :‬ولد ترجمه‬
‫وترجم عنه إذا فسر كبلمه بلسان آخر"(ٗ)‪.‬‬
‫ألسام الترجمة (٘) ‪:‬‬
‫تنمسم الترجمة إلى لسمٌن ‪-:‬‬

‫(ٔ) «مختصر اإلتمان فً علوم المرآن» (‪.)51-5ٙ‬‬


‫(ٕ) التسهٌل لعلوم التنزٌل (ٔ‪.)5 /‬‬
‫(ٖ) لسان العرب البن منظور – ج‪ ٔٙ‬ص ٓٗٔ ‪.‬‬
‫(ٗ) الماموس المحٌط – ج‪ 1‬ص ٕٔٔ ‪.‬‬
‫(٘) التفسٌر والمفسرون للذهبً – جٔ ص ٕٗ ‪.‬‬
‫أوال ً ‪ :‬الترجمة الحرفٌة ‪:‬‬
‫وهً نمل الكبلم من لؽة إلى أخرى مع مراعاة الموافمة فً النظم والترتٌب ‪ ،‬والمحافظة‬
‫على جمٌع معانً األصل المترجم ‪.‬‬
‫ثانٌا ً ‪ :‬الترجمة المعنوٌة والتفسٌرٌة ‪:‬‬
‫وتعنً شرح الكبلم وبٌان معناه بلؽة أخرى بدون مراعاة لنظم األصل وترتٌبه ‪ ،‬وبدون‬
‫المحافظة على جمٌع معانً األصل المترجم ‪.‬‬
‫مولف العلماء من ترجمة المرآن الكرٌم ‪:‬‬
‫أوال ً ‪ :‬الترجمة الحرفٌة ال تجوز وذلن ‪:‬‬
‫ال ٌمكن ترجمة المرآن ترجمة تماثله فً دلة تعبٌره وعلو أسلوبه وجمال سبكه وإحكام‬
‫نظ مه وتموم ممامه فً إعجازه وتحمٌك جمٌع مماصده من إفادة األحكام واآلداب واإلبانة عن‬
‫العبر والمعانً األصلٌة والثانوٌة ونحو ذلن مما هو من خواص مزاٌاه المستمدة من كمال‬
‫ببلؼته وفصاحته ومن حاول ذلن فمثله كمثل من ٌحاول أن ٌصعد إلى السماء ببل أجهزة وال‬
‫سلم أو ٌحاول أن ٌطٌر فً الجو ببل أجنحة وال آالت ‪.‬‬
‫ألن المرآن الكرٌم أنزله هللا علـى العرب وهم أرباب اللؽة والبٌان فلم ٌستطٌعوا أن ٌؤتوا‬
‫بسورة من مثله ‪ ،‬وهذا دلٌـل واضح على إعجازه ‪ ،‬فلو تُرجم المرآن ترجمة حرفٌة لضاعت‬
‫خواص المرآن الببلؼٌة ولنزل عن مرتبته المعجزة إلى مرتبة تدخل تحت طوق البشـر والدلٌل‬
‫{و َال تَجْ َع ْل ٌَدَنَ َم ْؽلُولَةً ِإلَى‬
‫على ذلن إذا أراد المترجم أن ٌترجم لوله تعالى ترجمة حرفٌة ‪َ :‬‬
‫ورا} [اإلسراء ‪، ]ٕ5 :‬أتى المترجم بكبلم ٌدل‬ ‫س ً‬ ‫ط َها ُك َّل ْال َبس ِ‬
‫ْط فَت َ ْمعُ َد َملُو ًما َمحْ ُ‬ ‫س ْ‬
‫عنُمِنَ َو َال ت َ ْب ُ‬
‫ُ‬
‫على النهً عن ربط الٌد فً العنك وعن مدها ؼاٌة المد ‪ ،‬مع مراعاة الترتٌب فً األصل ‪،‬‬
‫ولكن هذه الترجمة ال توضح الممصد والمعنى الحمٌمً لهذه اآلٌة الكرٌمة ‪ ،‬وعلى هذا ‪:‬‬
‫فالترجمة الحرفٌة ال ٌمكن أن تموم ممام األصل فً تحصٌل كل ما ٌمصد منه لما ٌترتب علٌها‬
‫من ضٌاع هذا الؽرض ‪.‬‬
‫ثانٌا ً ‪ :‬الترجمة التفسٌرٌة أو المعنوٌة ‪:‬‬
‫أجازها العلماء وذلن ألن المترجم إذا أراد أن ٌترجم هذه اآلٌة ترجمة تفسٌرٌة ‪ ،‬فإنه‬
‫ٌؤتً بالنهً عن التبذٌر والتمتٌر فً أبشع صورة منفرة فتؤتً منها بعبارة تدل على هذا النهً‬
‫المراد فً أسلوب ٌترن فً نفس المترجم لهم أكثر األثر فً استبشاع التمتٌر والتبذٌر دون‬
‫رعاٌة األصل فً نظم وترتٌب اآلٌة ‪.‬‬
‫إذن ٌمكن أن ٌعبر العالم عما فهمه من معانً المرآن حسب وسعه وطالته بلؽة أخرى‬
‫لٌبٌن ألهلها ما ما أدركه فكره من هداٌة المرآن وما استنبطه من أحكامه أو ولؾ علٌه من عبره‬
‫ومواعظه لكن ال ٌعتبر شرحه لتلن ؼٌر اللؽة العربٌة لرآنا ً وال ٌنزل منزلته من جمٌع النواحً ‪،‬‬
‫بل هو نظٌر تفسٌر المرآن باللؽة العربٌة فً تمرٌب المعانً والمساعدة على االعتبار واستنباط‬
‫األحكام ‪ ،‬وال ٌسمى ذلن التفسٌر لرآنا ً ‪ ،‬وعلى هذا ٌجوز للجنب والكفار مس ترجمة معانً‬
‫المرآن بؽٌر اللؽة العربٌة ‪ ،‬كما ٌجوز مسهم تفسٌره باللؽة العربٌة‪.‬‬
‫شروط الترجمة ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬أن تكون الترجمة على شاكلة التفسٌر ‪ ،‬ال ٌعول علٌها إال إذا كانت معتمدة على علوم‬
‫اللؽة ‪ ،‬وعلوم المرآن ‪.‬‬
‫ثانٌا ً ‪ :‬معرفة المترجم ألوضاع اللؽتٌن لؽة األصل ولؽة الترجمة ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬معرفة أسالٌب وخصابص اللؽتٌن ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬وفاء الترجمة بجمٌع معانً األصل ومماصده ‪.‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬أن ٌكتب المرآن أوالً ‪ ،‬ثم ٌإتى بعده بتفسٌره ‪ ،‬ثم ٌتبع هذا بترجمته التفسٌرٌة حتى ال‬
‫ٌتوهم متوهم أن هذه الترجمة ترجمة حرفٌة للمرآن‬
‫سادسا ً ‪ :‬أن ٌكون المترجم بعٌدا ً عن المٌل إلى عمٌدة زابفة تخالؾ ما جاء به المرآن ‪ ،‬وهذا‬
‫شرط فً المفسر أٌضا ً ‪.‬‬
‫مبلحظة ‪ :‬إن الكتابة لآلٌات بالحروؾ البلتٌنٌة أو اإلنجلٌزٌة التً تبمً الكبلم المرآنً كما هو ال‬
‫ٌدخل فً موضوع الترجمة وإنما هو كتابة خطٌة بحروؾ ؼٌر عربٌة ‪.‬‬
‫الثالث عشر‪ :‬فضائل المرآن‬
‫إن لراءة المرآن وتبلوته عبادة من العبادات مثلها مثل سابر العبادات‪ ،‬وهً من الذكر‬
‫ٌإجر المارئ على لرأته له‪ ،‬ولذلن حثنا رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص على تبلوته ودلنا على عظٌم أجره‪،‬‬
‫وكثرة المراءة للمرآن تولد عند المسلم الذي ٌَستمتع بمراءته لذة بتبلوته‪ ،‬وراحة نفسٌة واطمبنان‬
‫وب} [الرعد‪:‬‬‫َّللا ت َْط َمبِ ُّن ْالمُلُ ُ‬ ‫فً الملب‪ ،‬لال تعالى ‪{:‬الَّذٌِنَ آ َ َمنُوا َوت َْط َمبِ ُّن لُلُوبُ ُه ْم ِب ِذ ْك ِر َّ ِ‬
‫َّللا أ َ َال ِب ِذ ْك ِر َّ ِ‬
‫‪ ،] ٕ1‬وبتكرار المراءة بتلذذ فإن المارئ سوؾ ٌحاول أن ٌفهم ما ٌمرأ من المرآن بوعً‬
‫وبصٌرة‪ ..‬فإذا فهم ما ٌمرإه بوعً وبصٌرة فإنه الشن سوؾ ٌدخل إلى محراب التفكر والتدبر‪،‬‬
‫وٌبدأ بالتدبر آلٌات هللا فً المرآن وعندها ٌكون عمل بممتضاها عن علم ووعً وبصٌرة‪.‬‬
‫وللمرآن صفات عظٌمة ٌعجز البشر عن حصرها‪،‬ولكن منها الصفات اآلتٌة(ٔ)‪:‬‬
‫ع ْب ِد ِه ِل ٌَ ُكونَ ِل ْل َعا َل ِمٌنَ نَذ ً‬
‫ٌِرا} [الفرلان ‪:‬‬ ‫ع َلى َ‬ ‫ارنَ الَّذِي ن ََّز َل ْالفُ ْر َلانَ َ‬ ‫ٔ‪ -‬كتاب عام للعالمٌن‪{ :‬ت َ َب َ‬
‫ٔ]‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬المعجزة العظمى‪،‬الذي تحدَّى هللا به اإلنس والجن على أن ٌؤتوا بمثله‪،‬أو بعشر سور من مثله‪،‬‬
‫أو سورة واحدة‪ ،‬فعجزوا مجتمعٌن ومتفرلٌن عن اإلتٌان بشًء من ذلن‪،‬لال هللا {لُ ْل لَبِ ِن‬
‫ض‬ ‫ض ُه ْم ِلبَ ْع ٍ‬‫آن َال ٌَؤْتُونَ ِب ِمثْ ِل ِه َولَ ْو َكانَ بَ ْع ُ‬
‫علَى أ َ ْن ٌَؤْتُوا ِب ِمثْ ِل َه َذا ْالمُ ْر ِ‬‫س َو ْال ِج ُّن َ‬ ‫ت ِْ‬
‫اإل ْن ُ‬ ‫اجْ ت َ َم َع ِ‬
‫ث‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ٌرا} [اإلسراء ‪ ،]11 :‬ولوله تعالى {أ ْم ٌَمُولونَ تَمَ َّولَهُ بَ ْل َال ٌُإْ ِمنُونَ (ٖٖ) فَلٌَؤتُوا ِب َحدٌِ ٍ‬ ‫ظ ِه ً‬ ‫َ‬
‫صا ِدلٌِنَ (ٖٗ)} [الطور ‪ ، ]ٖٗ - ٖٖ :‬وبعد هذا التحدّي عجزوا أن ٌؤتوا‬ ‫ِمث ِل ِه ِإ ْن َكانُوا َ‬ ‫ْ‬
‫ْ‬
‫س َو ٍر ِمث ِل ِه‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫بمثله‪،‬فم َّد لهم فً الحبل وتحدَّاهم بعشر سور مثله‪{ :‬أ ْم ٌَمُولُونَ ا ْفت ََراهُ لُ ْل فَؤتُوا ِب َع ْش ِر ُ‬
‫صا ِدلٌِنَ } [هود ‪ ، ]ٖٔ :‬فعجزوا‪ ،‬فؤرخى‬ ‫َّللاِ ِإ ْن ُك ْنت ُ ْم َ‬ ‫عوا َم ِن ا ْست َ َ‬
‫ط ْعت ُ ْم ِم ْن د ِ‬
‫ُون َّ‬ ‫ُم ْفت ََر ٌَا ٍ‬
‫ت َوا ْد ُ‬
‫ورةٍ ِمثْ ِل ِه‬
‫س َ‬ ‫ْ‬
‫لهم فً الحبل‪ ،‬وتحدّاهم بسورة مثله‪ ،‬لال هللا تعالى‪{ { :‬أ َ ْم ٌَمُولُونَ ا ْفت ََراهُ لُ ْل فَؤتُوا ِب ُ‬
‫صا ِدلٌِنَ } [ٌونس ‪.]ٖ1 :‬‬ ‫َّللا ِإ ْن ُك ْنت ُ ْم َ‬ ‫ط ْعت ُ ْم ِم ْن د ِ‬
‫ُون َّ ِ‬ ‫عوا َم ِن ا ْست َ َ‬ ‫َوا ْد ُ‬
‫ولد سمع هذا التح ّدِي من سمع المرآن وعرفه الخاص والعام‪،‬ولم ٌتمدم أحد على أن ٌؤتً بسورة‬

‫(ٔ) ٌنظر‪ :‬عظمة المرآن وتعظٌمه وأثره فً النفوس فً ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬د‪ .‬سعٌد بن علً بن وهؾ‬
‫المحطانً(كتاب منشور فً الشبكة االلكترونٌة)‪(.‬بتصرؾ بسٌط)‪.‬‬
‫مثله من حٌن بعث النبً ‪ ‬إلى هذا الٌوم (ٔ) وإلى لٌام الساعة‪ ،‬والمرآن ٌشتمل على آالؾ‬
‫المعجزات؛ ألنه مابة وأربع عشرة سورة‪ ،‬ولد ولع التحدي بسورة واحدة‪ ،‬وألصر سورة فً‬
‫المرآن سورة الكوثر‪ ،‬وهً ثبلث آٌات لصار‪ ،‬والمرآن ٌزٌد باالتفاق على ستة آالؾ آٌة ومابتً‬
‫آٌة‪ ،‬وممدار سورة الكوثر من آٌات أو آٌة طوٌلة على ترتٌب كلماتها له حكم السورة‬
‫سٌة‬ ‫الواحدة‪،‬وٌمع بذلن التحدي واإلعجاز؛ ولهذا كان المرآن ٌُؽنً عن جمٌع المعجزات الح ِ ّ‬
‫والمعنوٌة؛ لمن كان له للب أو ألمى السمع وهو شهٌد‪ ،‬وإعجازه فً وجوه كثٌرة‪ :‬اإلعجاز‬
‫الببلؼً والبٌانً‪ ،‬واإلخبار عن الؽٌوب بؤنواعها‪ ،‬واإلعجاز التشرٌعً‪ ،‬واإلعجاز العلمً‬
‫الحدٌث؛ ولهذا لال النبً ‪" :‬ما من األنبٌاء نبً إال أُعطً من اآلٌات على ما مثله آمن البشر‪،‬‬
‫ً‪ ،‬فؤرجو أن أكون أكثرهم تابعا ً ٌوم المٌامة"(ٕ)‪.‬‬ ‫وإنما كان الذي أُتٌته وحٌا ً أوحاه هللا إل َّ‬
‫ْب فٌِ ِه ُهدًى ِل ْل ُمتَّمٌِنَ (ٕ)} [البمرة ‪.]ٕ - ٔ :‬‬ ‫َاب َال َرٌ َ‬ ‫ٖ‪ -‬هدى للمتمٌن‪{ :‬الم (ٔ) َذلِنَ ْال ِكت ُ‬
‫ت ِمنَ ْال ُه َدى‬ ‫اس َوبَ ٌِّنَا ٍ‬ ‫آن ُهدًى ِللنَّ ِ‬ ‫ضانَ الَّذِي أ ُ ْن ِز َل فٌِ ِه ْالمُ ْر ُ‬ ‫ش ْه ُر َر َم َ‬ ‫ٗ‪ -‬هدى للناس جمٌعا ً { َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫سفَ ٍر فَ ِع َّدة ٌ ِم ْن أٌ ٍَّام أخ ََر‬ ‫علَى َ‬ ‫َ‬
‫ضا أ ْو َ‬ ‫ص ْمهُ َو َم ْن َكانَ َم ِرٌ ً‬ ‫ْ‬
‫ش ْه َر فَلٌَ ُ‬ ‫ش ِه َد ِم ْن ُك ُم ال َّ‬
‫ان فَ َم ْن َ‬ ‫َو ْالفُ ْرلَ ِ‬
‫علَى َما َه َدا ُك ْم َولَ َعلَّ ُك ْم‬ ‫َّللاَ َ‬ ‫َّللاُ بِ ُك ُم ْالٌُس َْر َو َال ٌ ُِرٌ ُد بِ ُك ُم ْالعُس َْر َو ِلت ُ ْك ِملُوا ْال ِع َّدة َ َو ِلت ُ َك ِبّ ُروا َّ‬ ‫ٌ ُِرٌ ُد َّ‬
‫ت َ ْش ُك ُرونَ } [البمرة ‪.]ٔ1٘ :‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ش ُر ال ُمإْ ِمنٌِنَ الذٌِنَ ٌَ ْع َملونَ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ًِ أ ْل َو ُم َوٌُبَ ِ ّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫٘‪ٌ -‬هدي للتً هً ألوم‪ِ { :‬إ َّن َه َذا المُ ْرآنَ ٌَ ْهدِي ِللتًِ ه َ‬
‫َ‬
‫ع َذابًا أ ِلٌ ًما‬ ‫ٌرا (‪َ )5‬وأ َ َّن الَّذٌِنَ َال ٌُإْ ِمنُونَ ِب ْاآل ِخ َرةِ أ ْعت َ ْدنَا لَ ُه ْم َ‬
‫َ‬ ‫ت أ َ َّن لَ ُه ْم أَجْ ًرا َكبِ ً‬ ‫صا ِل َحا ِ‬ ‫ال َّ‬
‫(ٓٔ)} [اإلسراء ‪.]ٔٓ - 5 :‬‬
‫ان َولَ ِك ْن‬ ‫اإلٌ َم ُ‬‫َاب َو َال ْ ِ‬ ‫ْ‬
‫{و َك َذلِنَ أ َ ْو َح ٌْنَا ِإلٌَْنَ ُرو ًحا ِم ْن أ ْم ِرنَا َما ُك ْنتَ تَد ِْري َما ال ِكت ُ‬
‫َ‬ ‫‪ -ٙ‬رو ٌح وحٌاةٌ‪َ :‬‬
‫ص َراطٍ ُم ْست َ ِم ٌٍم} [الشورى ‪.]ٕ٘ :‬‬ ‫ورا نَ ْهدِي ِب ِه َم ْن نَشَا ُء ِم ْن ِع َبا ِدنَا َو ِإنَّنَ لَت َ ْهدِي ِإلَى ِ‬ ‫َج َع ْلنَاهُ نُ ً‬
‫ورا نَّ ْهدِي ِب ِه َم ْن نَّشَاء ِم ْن ِع َبا ِدنَا}[الشورى‪، ]ٕ٘:‬‬ ‫‪ -2‬نور‪ٌ :‬هدي به هللا من ٌشاء من عباده‪َ { :‬ولَ ِكن َج َع ْلنَاهُ نُ ً‬
‫ص ُموا بِ ِه‬ ‫اّللِ َوا ْعت َ َ‬‫ورا ُم ِبٌنًا (ٗ‪ )ٔ2‬فَؤ َ َّما الَّذٌِنَ آ َمنُوا ِب َّ‬ ‫اس لَ ْد َجا َءكُ ْم ب ُْرهَا ٌن ِم ْن َربِّكُ ْم َوأَ ْنزَ ْلنَا ِإلَ ٌْكُ ْم نُ ً‬
‫{ ٌَا أٌَُّ َها النَّ ُ‬
‫طا ُم ْستَ ِمٌ ًما (٘‪[ })ٔ2‬النساء ‪.]ٔ2٘ - ٔ2ٗ :‬‬ ‫ص َرا ً‬ ‫ض ٍل َو ٌَ ْهدٌِ ِه ْم إِلَ ٌْ ِه ِ‬‫فَ َسٌُد ِْخلُ ُه ْم فًِ َرحْ َم ٍة ِم ْنهُ َوفَ ْ‬
‫ٌِرا} [الفرلان ‪.]ٔ :‬‬ ‫ع ْب ِد ِه ِل ٌَ ُكونَ ِل ْل َعالَمٌِنَ نَذ ً‬ ‫علَى َ‬ ‫ارنَ الَّذِي ن ََّز َل ْالفُ ْرلَانَ َ‬ ‫‪ -1‬فرلان‪{ :‬ت َ َب َ‬
‫ظةٌ ِ ّمن َّر ِبّ ُك ْم‬ ‫اس لَ ْد َجاءتْ ُكم َّم ْو ِع َ‬ ‫‪ -5‬شفاء لما فً الصدور وهدى ورحمة للمإمنٌن‪ٌَ { :‬ا أٌَُّ َها النَّ ُ‬
‫آن َما ُه َو‬ ‫ُور َو ُهدًى َو َرحْ َمةٌ ِلّ ْل ُمإْ ِم ِنٌن }[ٌونس‪َ { ،]٘2:‬ونُن ِ َّز ُل ِمنَ ْالمُ ْر ِ‬ ‫صد ِ‬ ‫َو ِشفَا ٌء لـ ِّ َما ِفً ال ُّ‬
‫ارا }[اإلسراء‪ { ،]1ٕ:‬لُ ْل ُه َو ِللَّذٌِنَ آ َمنُوا‬ ‫س ً‬ ‫الظا ِل ِمٌنَ إَالَّ َخ َ‬ ‫ِشفَاء َو َرحْ َمةٌ ِلّ ْل ُمإْ ِمنٌِنَ َوالَ ٌَ ِزٌ ُد َّ‬
‫ان َب ِعٌد‬ ‫ع ًمى أ ْولَبِنَ ٌُنَا َد ْونَ ِمن َّم َك ٍ‬ ‫ُ‬ ‫علَ ٌْ ِه ْم َ‬‫ُهدًى َو ِشفَاء َوالَّذٌِنَ الَ ٌُإْ ِمنُونَ ِفً آ َذا ِن ِه ْم َو ْل ٌر َو ُه َو َ‬
‫}[فصلت‪.]ٗٗ:‬‬
‫َاب تِ ْب ٌَانًا ِلّ ُك ِّل ش ًَْءٍ َو ُهدًى َو َرحْ َمةً َوبُ ْش َرى‬ ‫علٌَْنَ ْال ِكت َ‬ ‫تبٌان لكل شًء‪َ { :‬ون ََّز ْلنَا َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٓٔ‪ -‬المرآن‬
‫ِل ْل ُم ْس ِل ِمٌن }[النحل‪.]15:‬‬
‫اط ُل ِمن بٌَ ِْن ٌَ َد ٌْ ِه‬ ‫ع ِزٌز * الَ ٌَؤْتٌِ ِه ْالبَ ِ‬ ‫ٔٔ‪ -‬ال ٌؤتٌه الباطل من بٌن ٌدٌه وال من خلفه‪َ {:‬وإِنَّهُ لَ ِكتَابٌ َ‬
‫َوالَ ِم ْن خ َْل ِف ِه ت َِنزٌ ٌل ِ ّم ْن َح ِك ٌٍم َح ِمٌد }[فصلت‪.]ٔ:‬‬
‫ظون }[الحجر‪.]5:‬‬ ‫ٕٔ‪ -‬تكفَّل هللا بحفظه‪ { :‬إِنَّا نَحْ ُن ن ََّز ْلنَا ال ِذّ ْك َر َوإِنَّا لَهُ لـ َ َحافِ ُ‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬الجواب الصحٌح لمن بدل دٌن المسٌح البن تٌمٌة‪ ،22 -2ٔ/ٗ ،‬والبداٌة والنهاٌة البن كثٌر‪.5٘/ٙ ،‬‬
‫(ٕ) متفك علٌه‪ :‬البخاري‪ ،‬كتاب فضابل المرآن‪ ،‬باب كٌؾ نزل الوحً‪ ،‬برلم ٔ‪ ،ٗ51‬ومسلم‪ ،‬كتاب اإلٌمان‪،‬‬
‫باب وجوب اإلٌمان برسالة نبٌنا دمحم ‪ ‬إلى جمٌع الناس‪ ،‬برلم ٕ٘ٔ‪.‬‬
‫ور َو ِكتَابٌ ُّمبٌِن * ٌَ ْهدِي بِ ِه هللا َم ِن اتَّبَ َع ِرض َْوانَه ُ‬ ‫ٖٔ‪ -‬كتابٌ واض ٌح مبٌن‪{:‬لَ ْد َجاء ُكم ّمِنَ هللا نُ ٌ‬
‫ص َراطٍ ُّم ْست َ ِمٌم‬ ‫ور بِإ ِ ْذنِ ِه َوٌَ ْهدٌِ ِه ْم إِلَى ِ‬ ‫ت إِلَى النُّ ِ‬ ‫الظلُ َما ِ‬ ‫ُّ‬ ‫سبلَ ِم َوٌ ُْخ ِر ُج ُهم ِ ّم ِن‬ ‫سبُ َل ال َّ‬ ‫ُ‬
‫}[المابدة‪.]ٔٙ:‬‬
‫صلَ ْت ِمن لَّد ُْن َح ِك ٌٍم َخبٌِر } ‪.‬‬ ‫ٗٔ‪ -‬أ ُ ْح ِك َم ْت آٌاته‪{:‬الَر ِكتَابٌ أ ُ ْح ِك َم ْت آٌَات ُهُ ث ُ َّم فُ ِ ّ‬
‫(ٔ)‬

‫ض أ َ ْكث َ ُر ُه ْم فَ ُه ْم الَ ٌَ ْس َمعُون‬


‫ٌِرا فَؤَع َْر َ‬ ‫صلَ ْت آٌَاتُهُ لُ ْرآنًا َع َر ِبًٌّا ِلّمَ ْو ٍم ٌَ ْعلَ ُمون * بَ ِش ًٌرا َونَذ ً‬ ‫صلت آٌاته‪ِ { :‬كتَابٌ فُ ِ ّ‬ ‫٘ٔ‪ -‬فُ ِ ّ‬
‫}[فصلت‪.]ٗ-ٕ:‬‬
‫علٌَْنَ ْالمُ ْرآنَ ِلت َ ْشمَى * إِالَّ ت َ ْذ ِك َرة ً ِلّ َمن ٌَ ْخشَى * ت َِنزٌبلً ِ ّم َّم ْن‬ ‫‪ -ٔٙ‬تذكرة ٌ لمن ٌخشى‪َ { :‬ما أَنزَ ْلنَا َ‬
‫ت ْالعُلَى }[طه‪.]ٗ-ٕ:‬‬ ‫س َم َوا ِ‬ ‫ض َوال َّ‬ ‫َخلَكَ األ َ ْر َ‬
‫اطٌن * َو َما ٌَنبَ ِؽً لـ َ ُه ْم َو َما ٌَ ْست َِطٌعُون * إِنَّ ُه ْم‬ ‫شٌَ ِ‬ ‫ت بِ ِه ال َّ‬ ‫‪ -ٔ2‬ما تَن ََّزلت به الشٌاطٌن‪َ {:‬و َما تَن ََّزلَ ْ‬
‫س ْمعِ لـ َ َم ْع ُزولُون }[الشعراء‪.]ٕٕٔ-ٕٓ5:‬‬ ‫ع ِن ال َّ‬ ‫َ‬
‫ُور الَّذٌِنَ أُوتُوا ْال ِع ْل َم }‬ ‫‪ -ٔ1‬آٌاتٌ ب ٌِّناتٌ فً صدور أهل العلم‪ { :‬بَ ْل ُه َو آٌَاتٌ بٌَِّنَاتٌ فًِ ُ‬
‫صد ِ‬
‫[العنكبوت‪.]ٗ5:‬‬
‫علَى‬ ‫آن ُّمبٌِن * ِلٌُنذ َِر َمن َكانَ َحًٌّا َوٌَ ِح َّك ْالمَ ْو ُل َ‬ ‫ولرآن مبٌن‪ { :‬إِ ْن ُه َو إِالَّ ِذ ْك ٌر َولُ ْر ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫‪ِ -ٔ5‬ذ ْك ٌر‬
‫ْال َكافِ ِرٌن }[ٌس‪.]2ٓ-ٙ5:‬‬
‫ش ِع ُّر ِم ْنهُ ُجلُو ُد الَّذٌِنَ ٌَ ْخش َْونَ‬ ‫ً ت َ ْم َ‬‫ث ِكت َابًا ُّمتَشَا ِب ًها َّمثَانِ َ‬ ‫سنَ الـْ َحدٌِ ِ‬ ‫ٕٓ‪ -‬أحسن الحدٌث‪ { :‬هللا ن ََّز َل أَحْ َ‬
‫ض ِل ْل هللا فَ َما لَهُ‬ ‫ٌن ُجلُو ُد ُه ْم َولُلُوبُ ُه ْم ِإلَى ِذ ْك ِر هللا َذلِنَ ُه َدى هللا ٌَ ْهدِي ِب ِه َم ْن ٌَشَاء َو َمن ٌُ ْ‬ ‫َربَّ ُه ْم ث ُ َّم ت َ ِل ُ‬
‫ِم ْن هَاد }[الزمر‪.]ٕٖ:‬‬
‫ً َح ِكٌم }[الزخرؾ‪.]ٗ:‬‬ ‫ب لَ َد ٌْنَا لَ َع ِل ٌّ‬ ‫ً حكٌم‪َ {:‬وإِنَّهُ فًِ أ ُ ِ ّم ْال ِكت َا ِ‬ ‫ٕٔ‪ -‬عل ٌّ‬
‫اس َو ُهدًى َو َرحْ َمةٌ ِلّمَ ْو ِم ٌُولِنُون}[الجاثٌة‪.]ٕٓ:‬‬ ‫صابِ ُر ِللنَّ ِ‬ ‫بصابر للناس‪َ {:‬ه َذا بَ َ‬ ‫ُ‬ ‫ٕٕ‪-‬‬
‫آن الـْ َم ِجٌد }[ق‪.]ٕ:‬‬ ‫ْ‬
‫لرآن مجٌدٌ‪َ { :‬والمُ ْر ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ٖٕ‪-‬‬
‫ْ‬
‫ط َّه ُرون*ت َِنزٌ ٌل ِ ّمن َّربّ ِ ال َعا َل ِمٌن‬ ‫َّ‬
‫سهُ ِإال الـْ ُم َ‬ ‫َّ‬
‫ب َّم ْكنُون * ال ٌَ َم ُّ‬ ‫آن َك ِرٌم* ِفً ِكت َا ٍ‬ ‫لرآن كرٌ ٌم‪ِ {:‬إنَّهُ لَمُ ْر ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٕٗ‪-‬‬
‫}[الوالعة‪.]1ٓ-22:‬‬
‫علَى‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ٕ٘‪ -‬لو أنزله هللا على الجبال لخشعت‪ ،‬وتصدَّعت من خشٌته تعالى‪ { :‬لَ ْو أنزَ لنَا َه َذا المُ ْرآنَ َ‬
‫اس لَ َعلَّ ُه ْم ٌَتَفَ َّك ُرون‬ ‫عا ِ ّم ْن َخ ْشٌَ ِة هللا َوتِ ْلنَ األ َ ْمثَا ُل نَض ِْربُ َها ِللنَّ ِ‬ ‫ص ِ ّد ً‬‫َجبَ ٍل لَّ َرأ َ ٌْتَهُ خَا ِشعًا ُّمت َ َ‬
‫}[الحشر‪.]ٕٔ:‬‬
‫س ِم ْعنَا ِكت َابًا‬ ‫ُ‬
‫ِق لما بٌن ٌدٌه‪ { :‬لَالوا ٌَا لَ ْو َمنَا إِنَّا َ‬ ‫ك مستمٌم‪ ،‬ومص ّد ٌ‬ ‫الحك وإلى طرٌ ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫‪ٌ -ٕٙ‬هدي إلى‬
‫ك ُّم ْست َ ِمٌم }‬ ‫ط ِرٌ ٍ‬ ‫ك َو ِإلَى َ‬ ‫ص ِ ّدلًا لـ ِّ َما بٌَْنَ ٌَ َد ٌْ ِه ٌَ ْهدِي ِإلَى الـْ َح ّ ِ‬ ‫سى ُم َ‬ ‫نز َل ِمن بَ ْع ِد ُمو َ‬ ‫أُ ِ‬
‫[األحماؾ‪.]ٖٓ:‬‬
‫الر ْش ِد فَآ َمنَّا ِب ِه}الجن‪.]ٕ-ٔ:‬‬ ‫ع َجبًا* ٌَ ْهدِي ِإلَى ُّ‬ ‫الرشد‪ِ {:‬إنَّا َس ِم ْعنَا لُ ْرآنًا َ‬ ‫‪ٌ -ٕ2‬هدي إلى ُّ‬
‫ح َّم ْحفُوظ}[البروج‪.]ٕٕ-ٕٔ:‬‬ ‫آن َّم ِجٌد * فًِ لَ ْو ٍ‬ ‫لوح محفوظ‪ {:‬بَ ْل هُ َو لُ ْر ٌ‬ ‫‪ -ٕ1‬فً ٍ‬
‫‪ -ٕ5‬المرآن وصٌَّة رسول هللا ‪ ،‬فمد أوصى به فً عدة أحادٌث منها األحادٌث اآلتٌة‪:‬‬
‫سبل‪ :‬هل أوصى رسول هلل ‪‬؛لال‪":‬أوصى‬ ‫الحدٌث األول ‪ :‬حدٌث عبد هللا بن أبً أوفى ‪،‬فمد ُ‬

‫(ٔ) سورة هود‪ ،‬اآلٌة‪.ٔ :‬‬


‫بكتاب هللا ‪.)ٔ("‬‬
‫ومعنى‪ ،‬فٌُكرم‪ ،‬وٌُصان‪،‬وٌُتّبع ما فٌه‪ ،‬فٌَُعمل‬ ‫ً‬ ‫سا ً‬
‫والمراد بالوصٌة بكتاب هللا‪:‬حفظه ِح َّ‬
‫(ٕ)‬ ‫ُّ‬
‫بؤوامره‪،‬وٌجتنب نواهٌه‪ ،‬وٌداوم على تبلوته‪ ،‬وتعلمه‪ ،‬وتعلٌمه‪ ،‬ونحو ذلن ‪.‬‬
‫ع ْن ُه َما فً صفة حجة النبً ‪ ،‬وفٌه أن النبً ‪ ‬لال فً‬ ‫ً هللاُ َ‬
‫ض َ‬
‫الحدٌث الثانً‪:‬حدٌث جابر َر ِ‬
‫خطبته فً عرفات‪...":‬ولد تركت فٌكم ما لن تضلُّوا بعده إن اعتصمتم به‪:‬كتاب هللا‪،‬وأنتم تُسؤلون‬
‫عنً فماذا أنتم لابلون؟" لالوا‪ :‬نشهد أنن لد بلؽت‪،‬وأدٌت ونصحت‪،‬فمال بؤصبعه السبابة ٌرفعها إلى‬
‫السماء وٌنكتها إلى الناس‪":‬اللهم اشهد‪،‬اللهم اشهد‪،‬اللهم اشهد‪.)ٖ("...‬‬
‫الحدٌث الثالث‪:‬حدٌث ابن عباس رضً هللا عنهما‪:‬أن رسول هللا ‪ ‬خطب الناس فً حجة الوداع‬
‫فمال‪" :‬إن الشٌطان لد ٌبس أن ٌعبد بؤرضكم‪ ،‬ولكن رضً أن ٌُطاع فٌما سوى ذلن مما تحالرون من‬
‫أعمالكم فاحذروا‪ ،‬إنً لد تركت فٌكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلُّوا أبداً‪ :‬كتاب هللا وسنة نبٌه‪.)ٗ("...‬‬
‫الحدٌث الرابع‪ :‬حدٌث زٌد بن أرلم ‪ ‬أن النبً ‪ ‬لال لهم فً ؼدٌر خم [بٌن مكة‬
‫والمدٌنة](٘)‪ ،‬وفٌه‪ ..." :‬وأنا تارن فٌكم ثملٌن‪ :‬أولهما كتاب هللا فٌه الهدى والنور [هو حبل هللا من‬
‫اتبعه كان على الهدى‪ ،‬ومن تركه كان على الضبللة] فخذوا بكتاب هللا واستمسكوا به"‪ ،‬فحث‬
‫ؼب فٌه‪.)ٙ("...‬‬ ‫على كتاب هللا‪ ،‬ور َّ‬
‫الحدٌث الخامس‪ :‬حدٌث أبً ذر ‪ ، ‬لال‪ :‬للت‪ٌ :‬ا رسول هللا أوصنً لال‪" :‬أوصٌن بتموى‬
‫كلّه"‪" ،‬للت‪ٌ :‬ا رسول هللا زدنً‪ ،‬لال‪" :‬علٌن بتبلوة المرآن وذكر هللا؛ فإنه‬ ‫هللا؛ فإنه رأس األمر ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫وذخر لن فً السماء" ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫نور لن فً األرض‬ ‫ٌ‬
‫فمد جاءت هذه األحادٌث تدل على أن رسول هللا ‪ ‬أوصى بكتاب هللا تعالى فً ِع َّدةِ‬
‫موالؾ‪ :‬فً خطبة عرفات‪ ،‬وفً خطبة أٌام منى‪ ،‬وفً خطبته فً ؼدٌر خم بٌن مكة والمدٌنة‪،‬‬
‫وعند موته ‪ ،‬وهذا ٌدل على أهمٌة كتاب هللا ‪.‬‬
‫ٖٓ‪ -‬والمرآن العظٌم‪ :‬من ابتؽى ال ُهدى من ؼٌره أضلّه هللا‪ ،‬وهو حبل هللا المتٌن‪ ،‬ونوره المبٌن‪ ،‬والذكر‬
‫الحكٌم‪ ،‬وهو الصراط المستمٌم‪،‬وهو الذي ال تزٌػ به األهواء‪ ،‬وال تلتبس به األلسنة‪ ،‬وال تتشعَّب معه‬
‫اآلراء‪ ،‬وال ٌشبع منه العلماء‪ ،‬وال ٌملّه األتمٌاء‪ ،‬وال ٌخلك على كثرة الر ّدِ‪ ،‬وال تنمضً عجاببه‪ ،‬من‬
‫ِي إلى‬ ‫ومن لال به صدق‪ ،‬ومن حكم به عدل‪ ،‬ومن عمل به أ ُ ِجر‪ ،‬ومن دعا إلٌه ُهد َ‬ ‫(‪)1‬‬
‫ع ِلم علمه سبك‪،‬‬
‫َ‬
‫صراط مستمٌم ‪.‬‬

‫(ٔ) متفك علٌه‪ :‬البخاري‪ ،‬كتاب الوصاٌا‪ ،‬باب الوصاٌا‪ ،‬برلم ٓٗ‪ ،ٕ2‬ومسلم‪ ،‬كتاب الوصٌة‪ ،‬باب ترن‬
‫الوصٌة لمن لٌس له شًء ٌوصً فٌه‪ ،‬برلم ٖٗ‪.ٔٙ‬‬
‫(ٕ) فتح الباري‪ ،‬البن حجر‪.ٙ2/5 ،‬‬
‫(ٖ) مسلم‪ ،‬كتاب الحج‪ ،‬باب حجة النبً ‪ ،‬برلم ‪.ٕٔٔ1‬‬
‫(ٗ) الحاكم‪ ،5ٖ/ٔ ،‬وصححه ووافمه الذهبً‪ ،‬وصححه األلبانً فً صحٌح الترؼٌب والترهٌب‪ ،ٕٔٗ/ٔ ،‬وفً‬
‫األحادٌث الصحٌحة‪ ،‬برلم ٕ‪.ٗ2‬‬
‫(٘) اسم لفٌضة على ثبلثة أمٌال من الجحفة‪،‬ؼدٌر ٌمال له‪ :‬ؼدٌر خم‪[.‬شرح النووي على صحٌح مسلم]‪.‬‬
‫(‪ )ٙ‬مسلم‪ ،‬كتاب فضابل الصحابة ‪ ، ‬باب من فضابل علً بن أبً طالب ‪ ، ‬برلم ‪.ٕٗٓ1‬‬
‫(‪ )2‬ابن حبان فً صحٌحه مطوالً‪ ،‬برلم ٔ‪ ،21/ٕ ،ٖٙ‬وحسنه األلبانً لؽٌره فً صحٌح الترؼٌب والترهٌب‪،‬‬
‫ٕ‪ ،ٔٙٗ/‬برلم ٕٕٗٔ‪.‬‬
‫ت فً حدٌث‪ ،‬لكن‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الترمذي‪ ،‬برلم ‪ ،ٕ5ٓٙ‬وكل ما جاء فً هذا األثر فمعناه صحٌح حتى ولو لم ٌؤ ِ‬
‫المعنى تدل علٌه عموم األدلة من الكتاب والسنة‪.‬‬
‫ٖٔ‪ -‬ولد وردت أحادٌث كثٌرة تبٌن فضل المرآن على سابر كبلم البشر‪ ،‬وهو كبلم هللا فمنها‪:‬‬
‫من فضابل المرآن أنه ٌشفع ٌوم المٌامة لمن لرأه وعمل به فً الدنٌا‪ ،‬لال ‪" ‬الرءوا‬
‫المرآن فإنه ٌؤتً ٌوم المٌامة شفٌعا ألصحابه"(ٔ)‪.‬‬
‫ورة ُ ْال َبمَ َرةِ‬
‫س َ‬ ‫آن ٌَ ْو َم ْال ِم ٌَا َم ِة َوأ َ ْه ِل ِه الَّذٌِنَ َكانُوا ٌَ ْع َملُونَ بِ ِه ت َ ْم ُد ُمهُ ُ‬ ‫ولال ‪ٌُ" :‬إْ ت َى ِب ْالمُ ْر ِ‬
‫(ٕ)‬
‫اح ِب ِه َما" ‪.‬‬ ‫ص ِ‬ ‫ع ْن َ‬ ‫ان َ‬‫َوآ ُل ِع ْم َرانَ ‪ ،‬ت ُ َحا َّج ِ‬
‫وخٌر الناس هم الذٌن تعلموا المرآن وعلموه لوجه هللا لال ‪َ " :‬خٌ ُْر ُك ْم َم ْن ت َ َعلَّ َم المُ ْرآنَ‬
‫علَّ َمهُ"(ٖ)‪.‬‬‫َو َ‬
‫وعن أبً هرٌرة عن النبً ‪ ‬لال‪ٌ" :‬جًء المرآن ٌوم المٌامة ٌمول‪ٌ :‬ا رب حله‪ ،‬فٌلبس‬
‫تاج الكرامة‪ ،‬ثم ٌمول‪ٌ :‬ا رب زده فٌلبس حلة الكرامة ثم ٌمول‪ٌ :‬ا رب ارض عنه فٌرضى عنه‪،‬‬
‫فٌمال‪ :‬الرأ وارق فٌزاد بكل آٌة حسنة" (ٗ)‪.‬‬
‫وعن علً رضً هللا عنه لال‪ :‬لال رسول هللا ‪« :‬من لرأ المرآن فاستظهره فؤحل‬
‫حبلله وحرم حرامه؛ أدخله هللا به الجنة وشفعه فً عشرة من أهل بٌته كلهم لد وجبت لهم‬
‫النار»(٘)‪.‬‬
‫عن سهل بن معاذ الجهنً أن رسول هللا ‪ ‬لال‪« :‬من لرأ المرآن وعمل به ألبس والداه‬
‫تاجا ٌوم المٌامة ضوءه أحسن من ضوء الشمس فً بٌوت الدنٌا فما ظنكم بالذي عمل بهذا» (‪.)ٙ‬‬
‫ظ لَهُ َم َع‬ ‫ً ِ ملسو هيلع هللا ىلص لَالَ‪َ " :‬مث َ ُل الَّذِي ٌَ ْم َرأ ُ ْالمُ ْرآنَ َو ُه َو َحا ِف ٌ‬ ‫شةَ‪َ :‬‬
‫ع ْن النَّ ِب ّ‬ ‫عا ِب َ‬‫ع ْن َ‬ ‫وروى البخاري َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ان" ‪.‬‬ ‫شدٌِ ٌد فَلَهُ أَجْ َر ِ‬‫علَ ٌْ ِه َ‬ ‫ُ‬
‫سفَ َر ِة ْال ِك َر ِام ْال َب َر َر ِة َو َمث َ ُل الَّذِي ٌَ ْم َرأ َو ُه َو ٌَت َ َعا َه ُدهُ َو ُه َو َ‬ ‫ال َّ‬
‫وعن عابشة لالت‪ :‬لال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪" :‬الماهر بالمرآن مع السفرة الكرام البررة والذي‬
‫ٌمرأ المرآن وٌتتعتع فٌه وهو علٌه شاق له أجران"(‪.)1‬‬
‫وروى النسابً وابن ماجة والحاكم بإسناد صحٌح عن أنس رضً هللا عنه أن رسول هللا‬
‫آن أ َ ْه ُل َّ‬
‫َّللاِ‬ ‫َّللاِ‪َ :‬م ْن ُه ْم؟ لَالَ‪ُ ":‬ه ْم أ َ ْه ُل ْالمُ ْر ِ‬ ‫سو َل َّ‬ ‫اس"‪ ،‬لَالُوا ٌَا َر ُ‬ ‫ّلل أ َ ْهلٌِنَ ِم ْن النَّ ِ‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص لال‪" :‬إِ َّن ِ َّ ِ‬
‫صتُهُ"(‪.)5‬‬ ‫َوخَا َّ‬
‫س ِمعْتَ‬ ‫آن؟ لَالَ‪َ " :‬م ْن ِإ َذا َ‬ ‫ص ْوتًا ِب ْالمُ ْر ِ‬
‫اس َ‬ ‫س ُن النَّ ِ‬ ‫ً ملسو هيلع هللا ىلص ‪َ :‬م ْن أَحْ َ‬‫سبِ َل النَّ ِب ُّ‬
‫ع َم َر‪ ،‬لَالَ‪ُ :‬‬ ‫ع ِن اب ِْن ُ‬ ‫و َ‬
‫ش‬‫لِ َرا َءتَهُ َرأٌَْتَ أَنَّهُ ٌَ ْخ َ‬

‫(ٔ)صحٌح مسلم (ٔ‪ )ٖ٘٘ /‬برلم (ٗٓ‪)1‬‬


‫رمذِي (٘‪)ٕ11ٖ /‬‬ ‫)ر َواه ُم ْس ِلم (ٔ‪ ،)1ٓ٘ /‬وال ِت ّ ِ‬
‫(ٕ َ‬
‫َ‬
‫َاري (‪ ،)ٕ٘ٓ2 /ٙ‬وأبُو َد ُاود (ٕ‪.)ٕٔٗ٘ /‬‬ ‫)ر َواه البُخ ِ‬ ‫(ٖ َ‬
‫(ٗ)صحٌح الجامع(ٖٓٓ‪()1‬حدٌث حسن)‪.‬‬
‫(٘)أخرجه الترمذي‪ ،‬ومعنى استظهره‪ ،‬حفظه عن ظهر للب‪.‬‬
‫(‪)ٙ‬أخرجه أبو داود والحاكم ولال‪ :‬صحٌح اإلسناد‪.‬‬
‫(‪)2‬البخاري‪ ٔ11ٕ /ٗ ،‬رلم ٖ٘‪.ٗٙ‬‬
‫(‪)1‬مسلم ٔ‪ ٘ٗ5 /‬رلم ‪.251‬‬
‫(‪)5‬ابن ماجة ٔ‪ 21 /‬رلم ٕ٘ٔ‪ .‬لال عنه الشٌخ األلبانً فً صحٌح الترؼٌب والترهٌب‪ :‬صحٌح‪ .‬المستدرن ٔ‪/‬‬
‫ٖٗ‪ 2‬رلم ‪.ٕٓٗٙ‬‬
‫الفصل الثانً‬
‫أوال‪ -:‬أنواع التفسٌر‬
‫التفسٌر لغة واصطالحا‬
‫تدور معانً التفسٌر فً اللؽة حول الكشؾ‪ ،‬واإلٌضاح‪ ،‬والبٌان للشًء‪.‬‬
‫(ٔ)‬
‫بٌان شًءٍ‬‫ِ‬ ‫س َر) الفاء‪ ،‬والسٌن‪ ،‬والراء كلمة واحدة تد ُّل على‬ ‫لال ابن فارس ‪(" :‬فَ َ‬
‫وإٌضاحه"(ٕ)‪.‬‬
‫ِ‬
‫(ٖ)‬
‫س ُره بالضم‬‫سر الشً َء ٌف ِس ُره بال َكسر وت َ ْف ُ‬ ‫ولال ابن منظور ‪(" :‬فسر) الفَس ُْر‪ :‬البٌان‪ ،‬فَ َ‬
‫ٌبل} [الفرلان ‪ ،]ٖٕ :‬الفَس ُْر‪ :‬كشؾ ال ُمؽ ّ‬
‫َطى‬ ‫{و َرت َّ ْلنَاهُ ت َْرتِ ً‬
‫س َرهُ‪ :‬أَبانه‪...‬ولوله عز وجل‪َ :‬‬ ‫فَسْرا ً وفَ َّ‬
‫س ْرتُه كذا‪ ،‬أَي سؤَلته أَن ٌُفَ ِ ّ‬
‫(ٗ)‬
‫سره لً" ‪.‬‬ ‫والت َّ ْفسٌر َكشؾ ال ُمراد عن اللفظ ال ُم ْش ِكل‪ ،‬وا ْست َ ْف َ‬
‫ع ِ ّرؾ التفسٌر بؤنه‪" :‬االستبانة‪ ،‬والكشؾ‪ ،‬والعبارة عن الشًء بلفظ أسهل وأٌسر من‬ ‫و ُ‬
‫(٘)‬
‫لفظ األصل" ‪.‬‬
‫وخبلصة المول أن معنى التفسٌر فً اللؽة‪ :‬هو البٌان‪ ،‬واإلٌضاح‪ ،‬والكشؾ بلفظ أسهل‬
‫وأٌسر‪.‬‬

‫(ٔ ) هو أبو الحسٌن أحمد بن فارس بن زكرٌا بن حبٌب الرازي‪ ،‬ولد فً لرٌة كرسفة‪ ،‬منطمة رستاق الزهراء‪،‬‬
‫كان أحد أبمة اللؽة األعبلم نزٌل همذان‪ ،‬كان من الرحالة فً طلب العلم‪ ،‬توفى سنة خمس وتسعٌن وثبلثمابة‬
‫للهجرة بالري ودفن بها‪ ،‬انظر‪ :‬سٌر أعبلم النببلء‪ ،‬شمس الدٌن أبو عبدهللا دمحم بن أحمد الذهبً ‪،ٖٔٓ/ٔ2‬‬
‫تحمٌك‪ :‬مجموعة بإشراؾ شعٌب األرناإوط‪ ،‬مإسسة الرسالة‪( ،‬بدون)‪.‬‬
‫(ٕ) معجم مماٌٌس اللؽة‪ ،‬أحمد بن فارس ٗ‪ ،ٕٗٓ/‬تحمٌك‪ :‬عبد السـبلم دمحم هارون‪ ،‬دار الفكر‪ٖٔ55 ،‬هـ‪.‬‬
‫(ٖ ) هو دمحم بن مكرم بن علً بن أحمد األنصاري األفرٌمً ثم المصري أبو الفضل ٌعرؾ بابن منظور‪ ،‬ولد‬
‫سنة ثبلثٌن وستمابة‪ ،‬بمصر ولٌل فً طرابلس‪ ،‬خدم فً دٌوان اآلثار بالماهرة ثم ولً المضاء فً طرابلس ثم‬
‫رجع إلى مصر ومات فٌها سنة إحدى عشرة وسبعمابة وترن من مختصراته بخطه خمسمابة مجلد‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫الدرر الكامنة فً أعٌان المابة الثامنة‪ ،‬البن حجر‪ ،‬أبً الفضل أحمد بن علً العسمبلنً الشافعً ٕ‪،ٔٓ2/‬‬
‫مجلس دابرة المعارؾ العثمانٌة‪ ،‬حٌدر أباد‪ -‬الهند‪ٖٔ5ٕ ،‬هـ ‪ٔ52ٕ -‬م‪ ،‬ط‪/‬الثانٌة‪ ،‬تحمٌك‪ :‬دمحم عبد المعٌد ضان‪.‬‬
‫(ٗ) لسان العرب‪ ،‬دمحم بن مكرم بن منظور األفرٌمً ٔٔ‪ ،ٕٔ1/‬دار صادر – بٌروت‪ ،‬ط‪/‬األولى‪.‬‬
‫(٘) لسان العرب البن منظور ٔٔ‪.ٕٔ1/‬‬
‫وٌعرؾ اإلمام الزركشً(ٔ)‪ ،‬التفسٌر اصطبلحا بموله‪" :‬التفسٌر‪ :‬هو علم ٌعرؾ به فهم‬
‫وحكمه‪ ،‬واستمداد ذلن‬‫كتاب هللا المنزل على نبٌه دمحم ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬وبٌان معانٌه‪ ،‬واستخراج أحكامه‪ِ ،‬‬
‫من علم اللؽة‪ ،‬والنحو‪ ،‬والتصرٌؾ‪ ،‬وعلم البٌان‪ ،‬وأصول الفمه‪ ،‬والمراءات‪ ،‬وٌحتاج لمعرفة‬
‫أسباب النزول‪ ،‬والناسخ والمنسوخ"(ٕ)‪.‬‬
‫وٌرى الباحث أن الزركشً أطلك الفهم ولم ٌبٌن ضوابطه‪ ،‬ولم ٌصرح بؤن السنة مفسرة‬
‫ال فً المول‪ ،‬وال فً الفعل‪ ،‬وال فً التمرٌر‪ ،‬وكرر بعض المعانً فالنحو والتصرٌؾ وعلم‬
‫البٌان كلها داخلة فً علم اللؽة‪.‬‬
‫(ٖ)‬
‫وٌمول اإلمام السٌوطً ‪ :‬التفسٌر‪" :‬علم نزول اآلٌات‪ ،‬وشإونها‪ ،‬وألاصٌصها‪،‬‬
‫واألسباب النازلة فٌها‪ ،‬ثم ترتٌب مكٌها‪ ،‬ومدنٌها‪ ،‬ومحكمها‪ ،‬ومتشابهها وناسخها‪ ،‬ومنسوخها‪،‬‬
‫وخاصها‪ ،‬وعامها‪ ،‬ومطلمها‪ ،‬وممٌدها‪ ،‬ومجملها‪ ،‬ومفسرها‪ ،‬وحبللها‪ ،‬وحرامها‪ ،‬ووعدها‪،‬‬
‫ووعٌدها‪ ،‬وأمرها‪ ،‬ونهٌها‪ ،‬و ِعبرها‪ ،‬وأمثالها"(ٗ)‪ ،‬وٌبدو أن اإلمام السٌوطً ركز على أسباب‬
‫النزول‪ ،‬وترتٌب فروع المرآن من مدنً‪ ،‬ومكً‪ ،‬ومحكم‪ ،‬ومتشابه ‪...‬الخ‪ ،‬ولم ٌهتم بجانب‬
‫التفسٌر المشتمل على الفهم والبٌان‪.‬‬
‫ع َّرؾ علم التفسٌر أٌضا ً بؤنه‪" :‬علم ٌبحث فٌه عن كٌفٌة النطك بؤلفاظ المرآن‪،‬‬ ‫و ُ‬
‫ومدلوالتها‪ ،‬وأحكامها‪ ،‬اإلفرادٌة‪ ،‬ومعانٌها التركٌبٌة‪ ،‬وتفسٌر الشًء الحك به ومتمم له وجار‬
‫مجرى بعض أجزابه‪ ،‬لال أهل البٌان‪ :‬التفسٌر هو أن ٌكون فً الكبلم لبس‪ ،‬وخفاء فٌإتى بما‬
‫ٌزٌله وٌفسره"(٘)‪.‬‬
‫وهذا التعرٌؾ ركز على المراءات بشكل جوهري لكنه أشار إلى إٌضاح تلن المدلوالت‬
‫بشكل إفرادي‪ ،‬وتركٌبً‪ ،‬فهو لد تناول نوعٌن من التفسٌر‪ :‬تفسٌر مفردات‪ ،‬وتفسٌر تراكٌب‪،‬‬
‫وعلٌه فإن هذا التعرٌؾ ألرب إلى الصواب من حٌث استٌعاب معنى التفسٌر عند أهله‪.‬‬

‫(ٔ) هو بدر الدٌن أبو عبد هللا دمحم بن بهادر بن عبد هللا المصري الزركشً الشافعً اإلمام المصنؾ‪ ،‬ولد سنة‬
‫خمس وأربعٌن وسبعمابة‪ ،‬وأخذ عن الشٌخٌن‪ :‬جمال الدٌن األسنوي‪ ،‬وسراج الدٌن البلمٌنً وكان رحالة فً‬
‫طلب العلم‪ ،‬وكثٌر التصانٌؾ‪ ،‬توفً بمصر ودفن بالمرافة‪ ،‬سنة أربع وتسعٌن وسبعمابة‪ ،‬انظر‪ :‬الدرر الكامنة‬
‫فً أعٌان المابة الثامنةٔ‪ ،ٗ25/‬وشذرات الذهب فً أخبار من ذهب‪ ،‬عبد الحً بن أحمد ابن العماد العكري‬
‫الحنبلً ‪ ،ٖٖٗ/ٙ‬تحمٌك‪ :‬عبد المادر األرناإوط‪ ،‬ومحمود األرناإوط‪ ،‬دار ابن كثٌر‪ -‬دمشك‪ ،‬ط‪ٔٗٓٙ/‬هـ‪.‬‬
‫(ٕ) البرهان فً علوم المرآن‪ ،‬بدر الدٌن دمحم بن عبد هللا الزركشً ٔ‪ ،ٖٔ/‬دار إحٌاء الكتب العربٌة‬
‫ط‪ /‬األولى ‪ٖٔ2ٙ‬هـ‪.‬‬
‫(ٖ) هو عبد الرحمن بن الكمال أبً بكر بن دمحم بن سابك الدٌن بن الفخر عثمان الخضٌري األسٌوطً ولد فً‬
‫رجب سنة تسع وأربعٌن وثمانمابة‪ ،‬ونشؤ فً الماهرة ٌتٌما‪ ،‬اشتؽل بالعلوم وكان علما‪ ،‬توفى لٌلة الجمعة لتسعة‬
‫عشر ٌوما ً خلت من جمادى األولى سنة إحدى عشرة وتسعمابة للهجرة‪ ،‬وكان عمره إحدى وستٌن سنة‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫حسن المحاضرة فً تؤرٌخ مصر والماهرة صٓٔٔ‪( ،‬بدون)‪ ،‬وطبمات المفسرٌن‪ ،‬أحمد بن دمحم األدنروي‬
‫ص٘‪ -ٖٙ‬تحمٌك‪ :‬سلٌمان بن صالح الخزي‪ ،‬مكتبة العلوم والحكم‪ -‬المدٌنة المنورة‪ ،‬ط‪/‬األولى‪ٔ552‬م‪.‬‬
‫(ٗ) اإلتمان فً علوم المرآن‪ ،‬جبلل الدٌن السٌوطً صٖ٘ٗ‪ ،‬تحمٌك‪ :‬سعٌد المندوب‪ ،‬دار الفكر‪ -‬لبنان‬
‫‪ٔٗٔٙ‬هـ ‪ٔ55ٙ -‬م ‪.‬‬
‫(٘) كتاب الكلٌات ألبً البماء أٌوب بن موسى الكفومً صٓ‪ ،ٕٙ‬تحمٌك‪ :‬عدنان دروٌش‪ ،‬ودمحم المصري‪،‬‬
‫مإسسة الرسالة ‪ -‬بٌروت‪ -‬ط‪ٔٗٔ5 /‬هـ ‪.‬‬
‫ُبحث فٌه عن كٌفٌة النطك بؤلفاظ المرآن‪ ،‬ومدلوالتها‪،‬‬ ‫ولال أبو حٌان(ٔ)‪" :‬التفسٌر‪ :‬علم ٌ ُ‬
‫وأحكامها اإلفرادٌة‪ ،‬والتركٌبٌة‪ ،‬ومعانٌها التً تحمل علٌها حالة التركٌب‪ ،‬وتتمات لذلن"(ٕ)‪.‬‬
‫والظاهر أن أبا حٌان أورد نفس التعرٌؾ الذي سبمه‪ ،‬بدون زٌادة‪ ،‬ثم لام بشرحه فمال‪" :‬فمولنا‪:‬‬
‫علم هو جنس ٌشمل سابر العلوم‪ ،‬ولولنا‪ٌ :‬بحث فٌه عن كٌفٌة النطك بؤلفاظ المرآن هذا هو علم‬
‫المراءات‪ ،‬ولولنا‪ :‬ومدلوالتها أي مدلوالت تلن األلفاظ‪ ،‬وهذا هو علم اللؽة الذي ٌحتاج إلٌه فً‬
‫هذا العلم‪ ،‬ولولنا‪ :‬وأحكامها اإلفرادٌة‪ ،‬والتركٌبٌة هذا ٌشمل علم التصرٌؾ‪ ،‬وعلم اإلعراب‪،‬‬
‫وعلم البٌان‪ ،‬وعلم البدٌع‪ ،‬ولولنا‪ :‬ومعانٌها التً تحمل بها حالة التركٌب‪ :‬شمل بموله التً تحمل‬
‫علٌها ما داللته علٌه بالحمٌمة‪ ،‬وما داللته علٌه بالمجاز‪ ،‬فإن التركٌب لد ٌمضً بظاهره شٌباً‪،‬‬
‫وٌصد عن الحمل على الظاهر صاد فٌحتاج ألجل ذلن أن ٌحمل على الظاهر وهو المجاز‪،‬‬
‫ولولنا‪ :‬وتتمات لذلن‪ ،‬هو معرفة النسخ‪ ،‬وسبب النزول ولصة توضح بعض ما انبهم فً المرآن‬
‫ونحو ذلن"(ٖ)‪.‬‬
‫وخبلصة المول فً تعرٌؾ التفسٌر اصطبلحاً‪ :‬أنه علم ٌفهم به مراد هللا فً كتابه‬
‫للح َكم واألَح َكام عبر علوم وضوابط حددها‬ ‫المنزل على دمحم ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬من بٌان لمعانٌه‪ ،‬واستخراجٍ ِ‬
‫العلماء سٌؤتً بٌانها فً أنواع التفسٌر‪.‬‬
‫وهذا التعرٌؾ تحاشى فٌه الباحث من الفهم بدون ضوابط‪ ،‬وعن التكرار الذي انتمدناه‬
‫ب الفهم والبٌان لؤللفاظ والتراكٌب الذي أؼفله السٌوطً‪ ،‬وذكر‬ ‫فً تعرٌؾ الزركشً‪ ،‬و ِذ ْك ِر جان ِ‬
‫العلوم والضوابط التً حددها العلماء إٌضاحا ً للتعرٌفٌن األخٌرٌن‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫أنواع التفسٌر‬
‫روي عن ابن عباس رضً هللا تعالى عنهما أنه لال‪" :‬التفسٌر أربعة‪ :‬حبلل وحرام ال‬
‫سره العلماء‪ ،‬وتفسٌر ال ٌعلمه إال هللا‬ ‫ٌعذر أحد بجهالته‪ ،‬وتفسٌر تمره العرب بؤلسنتها‪ ،‬وتفسٌر تف ّ‬
‫تعالى"(ٗ)‪.‬‬
‫ولال آخرون‪ :‬التفسٌر ثبلثة ألسام‪ :‬تفسٌر بالرواٌة‪ ،‬وٌسمى التفسٌر بالمؤثور‪ ،‬وتفسٌر‬
‫بالدراٌة‪ ،‬وٌسمى التفسٌر بالرأي‪ .‬وتفسٌر اإلشارة‪ ،‬وٌسمى التفسٌر اإلشاري‪ ،‬وٌضٌؾ بعضهم‬
‫لسما رابعا‪ ،‬وهو تفسٌر باطنً‪ ،‬وٌسمى التفسٌر الباطنً‪.‬‬
‫‪ -8‬التفسٌر بالمأثور (بالرواٌة)‪ ،‬وألسامه‪:‬‬
‫وهو تفسٌر المرآن بالمنمول سواء كان لرآنا ً أو مؤثورا ً عن النبً ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬أو عن الصحابة‪،‬‬
‫ومعتمد هذا التفسٌر هو النمل كتفسٌر ابن جرٌر الطبري(ٔ)‪ ،‬وؼٌره‪ ،‬وهذه هً إحدى طرق‬

‫ي عصره‬ ‫(ٔ) دمحم بن ٌوسؾ بن علً بن ٌوسؾ بن حٌّان‪ ،‬اإلمام أثٌر الدٌن األندلسً الؽرناطً‪ ،‬النّفزي‪ ،‬نحو ّ‬
‫ولؽوٌّه ومفسّره‪ ،‬ولد بمطخشارس‪ ،‬مدٌنة من حاضرة ؼرناطة سنة أربع وخمسٌن‪ ،‬وستمابة للهجرة‪ ،‬من‬
‫تصانٌفه‪ :‬البحر المحٌط فً التفسٌر‪ ،‬وؼٌره‪ ،‬توفى سنة خمس وأربعٌن وسبعمابة‪ ،‬انظر‪ :‬معجم الشٌوخ‪ ،‬تاج‬
‫الدٌن عبد الوهاب بن علً السبكً صٕ‪ ،ٗ2‬تخرٌج‪ :‬شمس الدٌن أبً عبد هللا ابن سعد الصالحً الحنبلً‪،‬‬
‫تحمٌك‪ :‬الدكتور بشار عواد‪ -‬رابد ٌوسؾ العنبكً‪ -‬مصطفى إسماعٌل األعظمً‪ ،‬دار الؽرب اإلسبلمً‪ ،‬ط‪/‬‬
‫األولى ٕٗٓٓم‪.‬‬
‫(ٕ) البحر المحٌط‪ ،‬دمحم بن ٌوسؾ أبوحٌان األندلسً ٔ‪ ،ٕٔٔ/‬تحمٌك‪ :‬الشٌخ عادل أحمد عبد الموجود والشٌخ‬
‫علً معوض‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪ ،‬لبنان – بٌروت‪ ،‬ط‪/‬األولىٕٕٗٔ هـ‪ٕٓٓٔ-‬م‪.‬‬
‫(ٖ) المصدر نفسه ٔ‪.ٕٕٔ/‬‬
‫(ٗ)تفسٌر الطبري‪ ،) ٖٗ : ٔ (:‬وإٌضاح الولؾ واالبتداء ( ٔ ‪ ،) ٔٓٔ :‬ولد اعتمد الطبري ( ت ‪) ٖٔٓ :‬‬
‫على هذا األثر فً ذكر الوجوه التً من لِبَلها ٌوصل إلى معرفة تؤوٌل المرآن‪.‬‬
‫طرق التفسٌر؟ فالجواب‪ :‬أن أصح الطرق فً‬ ‫ُ‬ ‫التفسٌر‪ ،‬لال ابن تٌمٌة‪" :‬فإن لال لابل‪ :‬فما أحسن‬
‫ُ‬
‫جمل فً مكان فإنه لد ف ِس َر فً موضع آخر‪ ،‬وما اختصر من‬ ‫ذلن أن ٌفسر المرآن بالمرآن؛ فما أ ُ ِ‬
‫مكان فمد بسط فً موضع آخر فإن أعٌان ذلن فعلٌن بالسنة فإنها شارحة للمرآن وموضحة له‪..‬‬
‫وإذا لم نجد التفسٌر فً المرآن‪ ،‬وال فً السنة رجعنا فً ذلن إلى ألوال الصحابة فإنهم أدرى‬
‫بذلن لما شاهدوه من المرآن‪ ..‬ولما لهم من الفهم التام‪ ،‬والعلم الصحٌح والعمل الصالح‪ ،...‬وإذا لم‬
‫تجد التفسٌر فً الـمرآن‪ ،‬وال فً السنة‪ ،‬وال وجدته عن الصحابة"(ٕ) ‪.‬‬
‫فمد رجع كثٌر من األبمة فً ذلن إلى ألوال التابعٌن"(ٖ)‪ ،‬ولال اإلمام الزركشً‪" :‬للناظر‬
‫فً المرآن لطلب التفسٌر مآخذ كثٌرة أمهاتها أربعة‪:‬‬
‫األول‪ :‬النمل عن النبً ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬وهذا هو الطراز المعلم لكن ٌجب الحذر من الضعٌؾ منه‬
‫والموضوع فإنه كثٌر‪.‬‬
‫الثانً‪ :‬األخذ بمول الصحابً فإن تفسٌره عندهم بمنزلة المرفوع إلى النبً ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬وفً الرجوع‬
‫إلى لول التابعً رواٌتان‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬األخذ بمطلك اللؽة؛ فإن المرآن نزل بلسان عربً مبٌن‪ ،‬ولد ذكره جماعة منهم‪ :‬أنس بن‬
‫مالن‪ ،‬وأحمد بن حنبل‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬التفسٌر بالممتضى من معنى الكبلم‪ ،‬والممتضب من لوة الشرع‪ ،‬وهذا هو الذي دعا به‬
‫النبً ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬البن عباس رضً هللا عنهما فً لوله‪" :‬اللهم فمهه فً الدٌن وعلمه التؤوٌل"(ٗ) "(٘)‪.‬‬
‫ومن خبلل كبلم ابن تٌمٌة ٌتضح أن التفسٌر لكتاب هللا تعالى ٌكون بتفسٌر المـرآن‬
‫بالمـرآن ثم بالسنة ثم بؤلـوال الصحابة ثم ٌرجع إلى ألـوال كبار التابعٌن‬
‫كمجاهد بن جبر(‪ ،)ٙ‬وهذا هو الذي ٌسمى بتفسٌر الرواٌة‪.‬‬

‫(ٔ) هو اإلمام أبو جعفر دمحم بن جرٌر بن ٌزٌد الطبري اإلمام الجامع للعلوم المجتهد‪ ،‬ولد سنة أربع وعشرٌن‬
‫ومابتٌن للهجرة فً آمل طبرستان‪ ،‬ورحل إلى بؽداد واستمربه الممام بها حتى توفى سنة عشر وثبلثمابة‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫طبمات الشافعٌة الكبرى‪ ،‬تاج الدٌن بن علً بن عبد الكافً السبكً ٖ ‪ ،ٕٔٓ/‬تحمٌك‪ :‬د‪ .‬محمود دمحم الطناحً‬
‫ود‪.‬عبد الفتاح دمحم الحلو‪ ،‬هجر للطباعة والنشر والتوزٌع‪ ،‬ط‪/‬الثانٌة ٖٔٗٔهـ‪.‬‬
‫(ٕ) هو أبو ال َعباس أحمد بن عبد الحلٌم بن عبد السبلم ابن تٌمٌة الحرانً الحنبلً الدمشمً‪ ،‬شٌخ اإلسبلم فً‬
‫بحران سنة إحدى وستٌن وستمابة للهجرة‪ ،‬ورحل إلى دمشك مع أسرته هربًا من ؼزو‬ ‫زمانه وأبرز علمابه‪ ،‬ولد َّ‬
‫التتار‪ ،‬تلمى العلم حتى آلت إلٌه اإلمامة‪ ،‬وتوفى سنة ثمان وعشرٌن وسبعمابة‪ ،‬انظر‪ :‬معجم المحدثٌن للذهبً دمحم‬
‫بن أحمد بن عثمان بن لاٌماز الذهبً أبو عبد هللا صٔٔ‪ ،‬تحمٌك‪ :‬د‪ .‬دمحم الحبٌب الهٌلة‪ ،‬مكتبة الصدٌك–‬
‫الطابؾ‪ ،‬ط‪ /‬األولى ‪ٔٗٓ1‬هـ‪.‬‬
‫(ٖ)مجموع الفتاوى‪ ،‬أحمد بن عبد الحلٌم ابن تٌمٌة الحرانً ٖٔ‪ ،ٖٙ1-ٖٖٙ /‬تحمٌك‪ :‬أنور الباز‪ ،‬وعامر‬
‫الجزار‪ ،‬دار الوفاء‪ ،‬ط‪ /‬الثانٌة ‪ٕٔٗٙ‬هـ ٕ٘ٓٓم بتصرؾ‪.‬‬
‫(ٗ) لوله ‪( : ‬اللهم فمه فً الدٌن) متفك علٌه‪ ،‬فً البخاري‪ ،‬باب‪ :‬وضع الماء عند الخبلءٔ‪ ،ٔٗ5/‬وفً مسلم‬
‫باب‪ :‬فضابل الصحابة ‪ ،ٔ٘1/2‬وأما لوله‪( :‬وعلمه التؤوٌل) فمد أخرجه أحمد فً مسند ابن عباس ٔ‪ ،ٕٖ٘/‬أحمد‬
‫بن حنبل أبو عبدهللا الشٌبانً‪ ،‬مإسسة لرطبة – الماهرة‪( ،‬بدون)‪ ،‬ولال شعٌب األرنإوط‪ :‬إسناده لوي على‬
‫شرط مسلم‪ ،‬ومصنؾ ابن أبً شٌبة‪ ،‬أبو بكر عبد هللا بن دمحم بن أبً شٌبة العبسً الكوفً ٕ‪ ،ٕ٘ٓ/‬تحمٌك ‪ :‬دمحم‬
‫عوامة‪ ،‬دار المبلة (بدون)‪.‬‬
‫(٘) البرهان فً علوم المرآن للزركشً ٕ‪ ،ٔٙٔ -ٔ٘ٙ/‬بتصرؾ ٌسٌر‪.‬‬
‫(‪ )ٙ‬هو مجاهد بن جبر اإلمام أبو الحجاج المخزومً موالهم المكً الممري المفسر الحافظ سمع سعداً وعابشة‪،‬‬
‫وأبا هرٌرة‪ ،‬وأم هان ا‪ ،‬وعبد هللا بن عمر وابن عباس ولزمه مدة‪ ،‬ولرأ علٌه المرآن وكان أحد أوعٌة العلم‪،‬‬
‫روى عنه جمع ؼفٌر من التابعٌن وؼٌرهم‪ ،‬توفى سنة ثبلث ومابة ولد بلػ ثبلثا ً وثمانٌن سنة‪ ،‬انظر‪ :‬تذكرة‬
‫ومن كبلم الزركشً ٌتبٌن أن التفسٌر عنده هو ما جاء تفسٌره عن النبً ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬أو نُمل‬
‫تفسٌره عن أحد الصحابة‪ ،‬أو عن تابعً إذا رفعه إلى الصحابً آخذا ً بمطلك اللؽة‪ ،‬وبممتضى‬
‫معنى الكبلم‪ ،‬وهذا شامل للتفسٌر عموما ً إال أنه بٌََّنَ فً الفمرتٌن األولى والثانٌة سبٌل التفسٌر‬
‫بالرواٌة‪.‬‬
‫وٌرى الباحث من كبلم الزركشً أٌضا أن معتمد التفسٌر بالمؤثور هو النمل‪ ،‬وٌجب أن‬ ‫ً‬
‫ٌكون هذا النمل صحٌحاً؛ ألنه حذر من الضعٌؾ‪ ،‬والموضوع إذ ال عبرة به عند جمٌع‬
‫المفسرٌن‪.‬‬
‫بعض المعاصرٌن التفسٌر بالرواٌة فمال‪" :‬هو ما جاء فً المرآن‪ ،‬أو السنة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ع َّرؾ‬ ‫ولد َ‬
‫(ٔ)‬
‫أو كبلم الصحابة‪ ،‬بٌانا لمراد هللا تعالى" ‪.‬‬ ‫ً‬
‫ولٌل‪" :‬هو ما جاء فً المرآن نفسه من البٌان والتفصٌل‪ ،‬وما نمل عن الرسول‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪،-‬‬
‫وأصحابه‪ ،‬والتابعٌن مسندا ً إلى من لبلهم على الصحٌح"(ٕ)‪.‬‬
‫وهذان التعرٌفان األخٌران هما خبلصة كبلم اإلمام ابن تٌمٌة‪ ،‬وهو الراجح وهو ما سٌموم‬
‫الباحث بشرحه فً ألسام التفسٌر بالرواٌة‪.‬‬
‫ألسام التفسٌر بالرواٌة‪:‬‬
‫سم التفسٌر بالرواٌة إلى األلسام اآلتٌة‪:‬‬ ‫مما سبك ٌمكننا أن نم ِ ّ‬
‫أ‪ -‬تفسٌر المرآن بالمرآن‪:‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ت لَ ُك ْم بَ ِهٌ َمة األ ْن َع ِام‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ومثال هذا ال ِمسْم لوله تعالى‪ٌَ[ :‬ا أٌُّ َها الذٌِنَ آ َ َمنُوا أ ْوفُوا ِبالعُمُو ِد أ ِحل ْ‬
‫ص ٌْ ِد َوأ َ ْنت ُ ْم ُح ُر ٌم إِ َّن هللاَ ٌَحْ ُك ُم َما ٌ ُِرٌدُ] {المابدة‪ ،}ٔ:‬جاء مفسرا ً فً‬ ‫ؼٌ َْر ُم ِح ِلًّ ال َّ‬ ‫علَ ٌْ ُك ْم َ‬ ‫ِإ َّال َما ٌُتْلَى َ‬
‫ُ‬
‫ٌر َو َما أ ِه َّل ِلؽٌَ ِْر هللاِ ِب ِه َوال ُم ْن َخنِمَةُ َوال َم ْولُو َذة ُ‬ ‫علَ ٌْ ُك ُم ال َم ٌْتَةُ َوال َّد ُم َولَحْ ُم ِ‬
‫الخ ْن ِز ِ‬ ‫ت َ‬ ‫لوله تعالى‪ُ [:‬ح ِ ّر َم ْ‬
‫ب َوأ َ ْن ت َ ْست َ ْم ِس ُموا بِاأل َ ْز َال ِم‬ ‫ص ِ‬‫علَى النُّ ُ‬ ‫سبُ ُع ِإ َّال َما َذ َّك ٌْت ُ ْم َو َما ذُ ِب َح َ‬ ‫َوال ُمت ََر ِ ّد ٌَةُ َوالنَّ ِطٌ َحةُ َو َما أ َ َك َل ال َّ‬
‫ْ‬
‫اخش َْو ِن الٌَ ْو َم أ َ ْك َملتُ لَ ُك ْم ِدٌنَ ُك ْم َوأَتْ َم ْمتُ‬‫س الَّذٌِنَ َكفَ ُروا ِم ْن دٌِنِ ُك ْم فَ َبل ت َْخش َْو ُه ْم َو ْ‬ ‫ْك الٌَ ْو َم ٌَبِ َ‬ ‫َذ ِل ُك ْم فِس ٌ‬
‫ؼٌ َْر ُمت َ َجانِؾٍ ِ ِإلثْ ٍم فَإ ِ َّن هللاَ‬ ‫ص ٍة َ‬ ‫ط َّر فًِ َم ْخ َم َ‬ ‫ض ُ‬ ‫اإلس َْبل َم دٌِنًا فَ َم ِن ا ْ‬ ‫ضٌتُ لَ ُك ُم ِ‬ ‫علَ ٌْ ُك ْم نِ ْع َمتًِ َو َر ِ‬ ‫َ‬
‫ور َر ِحٌ ٌم] {المابدة‪}ٖ:‬‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ف‬‫ؼ‬‫َ‬
‫ار َك ٍة إِنَّا ُكنَّا ُم ْنذ ِِرٌنَ ] {الدُخان‪ ،}ٖ:‬جاء مفسرا ً فً لوله‬ ‫ب‬
‫َُ َ‬ ‫م‬ ‫ة‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ٌ‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ً‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َا‬ ‫ن‬‫ل‬‫ْ‬ ‫زَ‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫َّ‬ ‫ن‬ ‫إ‬
‫ِ‬ ‫تعالى‪[:‬‬ ‫لوله‬ ‫وكذلن‬
‫تعالى‪ِ [:‬إنَّا أ َ ْنزَ ْلنَاهُ ِفً لَ ٌْلَ ِة المَد ِْر] {المدر‪}ٔ:‬‬
‫ب‪ -‬تفسٌر المرآن بالسنة‪:‬‬
‫ومثال ذلن ما ورد عن ابن مسعود ‪(-‬رضً هللا تعالى عنه‪ -‬لال‪" :‬ل َّما نزل لوله تعالى‪:‬‬
‫من َو ُهم ُّمهتَدُونَ {[األنعام‪ ،]1ٕ:‬شك ذلن على‬ ‫ظ ٍلم أ ُ ْولَبِنَ لَ ُه ُم ٱأل َ ُ‬ ‫سواْ ِإٌ َمنَ ُهم ِب ُ‬ ‫{ٱلَّذٌِنَ َءا َمنُواْ َولَم ٌَل ِب ُ‬
‫أصحاب رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬ولالوا‪ٌ :‬ا رسول هللا‪ :‬أٌنا لم ٌظلم نفسه؟ فمال رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪" :-‬لٌس‬
‫ً َال ت ُ ْش ِر ْن‬ ‫ان ِال ْب ِن ِه َو ُه َو ٌَ ِع ُ‬
‫ظهُ ٌَا بُنَ َّ‬ ‫البنه‪[:‬و ِإ ْذ لَا َل لُ ْم َم ُ‬
‫َ‬ ‫ذان إنما هو الشرن ألم تسمعوا لو َل لممان‬
‫ظ ْل ٌم َ‬ ‫ش ْرنَ لَ ُ‬
‫(ٖ)‬
‫ع ِظٌ ٌم] {لممان‪. "}ٖٔ:‬‬ ‫بِاهللِ إِ َّن ال ِ ّ‬

‫الحفاظ‪ ،‬دمحم بن أحمد بن عثمان الذهبًٔ‪ ،5ٖ /‬تحمٌك‪ :‬زكرٌا عمٌرات‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪ -‬بٌروت ط‪ /‬األولى‬
‫‪ٔٗٔ5‬هـ‪ٔ551 -‬م‪.‬‬
‫(ٔ)التبٌان فً علوم المرآن‪ ،‬دمحم بن علً الصابونً ص٘‪ ،2‬دار اإلرشاد– بٌروت‪،‬ط‪/‬األولىٓ‪ٖٔ5‬هـ‪.‬‬
‫(ٕ) علوم المرآن الكرٌم ص٘‪ ،2‬د‪ /‬نور الدٌن عترة‪ ،‬دمشك– الصباح‪ ،‬ط‪ /‬السادسة ‪ٔٗٔٙ‬هـ‪.‬‬
‫(ٖ) البخاري مع الفتح‪ ،‬باب‪ :‬ال تشرن باهلل ‪ ،ٙ٘ٔ /1‬مكتبة دار السبلم‪ ،‬ط‪/‬األولى ‪ٔٗٔ1‬هـ‪ ،‬ومسلم مع شرح‬
‫النووي‪ ،‬باب‪ :‬صدق اإلٌمانٔ‪ ،1ٓ/‬برلم (ٖٕٖ)‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬ط‪ /‬الثانٌة ٘ٔٗٔهـ‪.‬‬
‫َّللا بن مسعود ‪-‬رضً هللا‬ ‫وفسر النبً ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬الصبلة الوسطى بصبلة العصر‪ ،‬فعن عبد َّ‬
‫س أ ِوَ‬ ‫ش ْم ُ‬ ‫ت ال َّ‬ ‫َّ‬
‫ص ِر َحتى احْ َم َّر ِ‬ ‫صبلَةِ ْالعَ ْ‬
‫ع ْن َ‬
‫َّللاِ ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪َ -‬‬ ‫س ْال ُم ْش ِر ُكونَ َر ُ‬
‫سو َل َّ‬ ‫تعالى عنه‪ -‬لال‪َ :‬حبَ َ‬
‫َ‬
‫َّللاُ أجْ َوافَ ُه ْم‬ ‫َ‬
‫ص ِر َمؤل َّ‬ ‫ْ‬
‫صبلَةِ العَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫صبلَةِ ال ُو ْسطى َ‬ ‫ع ِن ال َّ‬ ‫ُ‬
‫شؽَلونَا َ‬ ‫سو ُل َّ ِ‬
‫َّللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪َ " :-‬‬ ‫ت فَمَا َل َر ُ‬ ‫صفَ َّر ْ‬
‫ا ْ‬
‫(ٔ)‬
‫َارا" ‪.‬‬ ‫َولُب َ‬
‫ُور ُه ْم ن ً‬
‫ت‪ -‬تفسٌر المرآن بمول الصحابً‪:‬‬
‫إن الصحابة رضوان هللا علٌهم عاٌشوا التنزٌل‪ ،‬وعرفوا بجملتهم فً ماذا أنزلت‬
‫اآلٌات‪ ،‬وأعانهم على ذلن أن المرآن نزل إلٌهم منجماً‪ ،‬ولم ٌنزل دفعة واحدة‪ ،‬لٌكون أرسخ‬
‫للفهم‪ ،‬وأسهل فً االمتثال والتطبٌك‪.‬‬
‫ُ‬
‫ومثال ذلن تفسٌر ابن عباس لسورة النصر‪ ،‬وأنها عبلمة أج ِل النبً ‪-‬صلى هللا علٌه‬
‫وسلم‪ ،-‬فعن ابن عباس لال‪" :‬كان عمر ٌُد ِْخلنً مع أشٌاخ بدر‪ ،‬فمال بعضهم‪ِ :‬ل َم تُد ِْخل هذا الفتى‬
‫معنا ولنا أبناء مثله؟ فمال‪ :‬إنه م َّمن لد علمتم‪ ،‬لال‪ :‬فدعاهم ذات ٌوم ودعانً معهم‪ ،‬لال‪ :‬وما‬
‫ص ُر هللاِ َوالفَتْ ُح]‬ ‫رأٌته دعانً ٌومبذ إال ِلٌ ُِرٌَهم منً‪ ،‬فمال‪ :‬ما تمولون فً لوله تعالى‪ِ [: :‬إ َذا َجا َء نَ ْ‬
‫{النَّصر‪ ،}ٔ:‬حتى ختم السورة؟ فمال بعضهم‪ :‬أمرنا أن نحمد هللا ونستؽفره إذا جاء نصرنا وفُتِ َح‬
‫علٌنا‪ ،‬ولال بعضهم‪ :‬ال ندري‪ ،‬فمال لً‪ٌ :‬ا ابن عباس أكذلن تمول؟ للت‪ :‬ال‪ ،‬لال‪ :‬فما تمول؟‬
‫ص ُر هللاِ َوالفَتْ ُح] {النَّصر‪ ،}ٔ:‬فتح مكة‪ ،‬فذلن‬ ‫للت‪ :‬هو أجل رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬أعلمه به‪ِ [:‬إ َذا َجا َء نَ ْ‬
‫سبِّحْ بِ َح ْم ِد َربِّنَ َوا ْست َ ْؽ ِف ْرهُ ِإنَّهُ َكانَ ت ََّوابًا] {النَّصر‪ ،}ٖ:‬فمال عمر‪ :‬ما أعلم منها إال‬ ‫عبلمة أجلن[فَ َ‬
‫ما تعلم"(ٕ)‪.‬‬
‫ث‪ -‬تفسٌر المرآن بمول التابعً‪:‬‬
‫لد اختلؾ العلماء فً تفسٌر التابعً هل هو من المؤثور أم من التفسٌر بالرأي؟ بمعنى‬
‫هل نحمله على أنه منمول عن الصحابة رضوان هللا علٌهم اللذٌن‪ -‬عاٌشوا التنزٌل‪ -‬أم باجتها ٍد‬
‫منهم‪.‬‬
‫(ٖ)‬
‫لال ابن تٌمٌة‪" :‬ولال شعبة بن الحجاج ‪ :‬ألوال التابعٌن فً الفروع لٌست حجة‪،‬‬
‫فكٌؾ تكون حجة فً التفسٌر؟! ٌعنً‪ :‬أنها ال تكون حجة على ؼٌرهم ممن خالفهم‪ ،‬وهذا‬
‫صحٌح‪ ،‬أما إذا أجمعوا على الشًء فبل ٌُرت َاب فً كونه حجة‪ ،‬فإن اختلفوا فبل ٌكون لول‬
‫بعضهم حجة على بعض‪ ،‬وال على من بعدهم‪ ،‬وٌرجع فً ذلن إلى لؽة المرآن‪ ،‬أو السنة‪ ،‬أو‬
‫عموم لؽة العرب‪ ،‬أو ألوال الصحابة فً ذلن"(ٗ)‪.‬‬
‫ولو رتب ابن تٌمٌة الرجوع إلى لؽة المرآن‪ ،‬والسنة‪ ،‬ثم إلى ألوال الصحابة‪ ،‬ثم إلى‬
‫عموم لؽة العرب لكان خٌرا ً من التخٌٌر فً الرجوع عند اختبلؾ ألوال التابعٌن‪.‬‬

‫(ٔ) البخاري مع الفتح‪ ،‬باب‪ :‬الدعاء على المشركٌن بالهزٌمة والزلزلة ‪ ،15 /ٙ‬برلم (ٖٔ‪ ،)ٕ5‬ومسلم مع شرح‬
‫النووي باب‪ :‬الدلٌل لمن لال الصبلة الوسطى هً صبلة العصر ٘‪ ،ٕٔ5 /‬برلم (‪.)ٔٗ٘1‬‬
‫س ِبّحْ ِب َح ْم ِد َر ِبّنَ َوا ْست َ ْؽ ِف ْرهُ ِإنَّهُ َكانَ ت ََّوابًا] {النَّصر‪.5ٔ5/ 1 :}ٖ:‬‬
‫(ٕ) البخاري مع الفتح‪ ،‬باب لوله‪[ :‬فَ َ‬
‫(ٖ ) هو شعبة بن الحجاج بن الورد الواسطً‪ ،‬أبو بسطام األزدي العتكً‪ ،‬موالهم‪ ،‬عالم أهل البصرة فً زمانه‪،‬‬
‫وأمٌر المإمنٌن فً الحدٌث‪ ،‬سكن البصرة‪ ،‬ورأى الحسن وسمع منه مسابل‪ ،‬وروى عن أنس وابن سٌرٌن‬
‫وؼٌرهم‪ ،‬ولد سنة اثنتٌن وثمانٌن‪ ،‬وتوفً سنة ستٌن ومابة للهجرة‪ ،‬وروى له الجماعة‪ ،‬انظر‪ :‬الوافً بالوفٌات‪،‬‬
‫أبً الصفاء صبلح الدٌن خلٌل بن أٌبن األلبكً الصفدي ٘‪ ،ٕٓٙ /‬تحمٌك‪ :‬أحمد األرناإوط‪ ،‬وتركً مصطفى‪،‬‬
‫دار إحٌاء التراث‪ -‬بٌروت ٕٓٗٔهـ ‪ٕٓٓٓ -‬م‪.‬‬
‫(ٗ) ممدمة التفسٌر‪ ،‬أحمد بن عبد الحلٌم بن تٌمٌة الحرانً صٕٗ‪ ،‬دار مكتبة الحٌاة‪-‬لبنان‪ ،‬ط‪ٔٗ5ٓ/‬هـ‪.‬‬
‫لال دمحم الزرلانً(ٔ)‪" :‬أما ما ٌنمل عن التابعٌن ففٌه خبلؾ بٌن العلماء‪ :‬منهم من اعتبره من‬
‫المؤثور؛ ألنهم تلموه من الصحابة ؼالباً‪ ،‬ومنهم من لال‪ :‬إنه من التفسٌر بالرأي‪ ،‬وفً تفسٌر ابن‬
‫كثٌر من النمول عن الصحابة والتابعٌن فً بٌان المرآن الكرٌم"(ٕ)‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫جرٌر الطبري‬
‫ى عن التابعٌن‪ -‬وإن كان فٌه خبلؾ‪:‬‬ ‫ولٌل‪" :‬وإنما أدرجنا فً التفسٌر بالمؤثور ما ُر ِو َ‬
‫هل هو من لبٌل المؤثور أو من لبٌل الرأي‪ -‬ألننا وجدنا كتب التفسٌر بالمؤثور‪ ،‬كتفسٌر ابن‬
‫ى عن أصحابه‪ ،‬بل‬ ‫ى) عن النبً ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬وما ُر ِو َ‬ ‫جرٌر الطبري وؼٌره‪ ،‬لم تمتصر على ما ُر ِو(َٖ‬
‫ضمت إلى ذلن ما نُ ِمل عن التابعٌن فً التفسٌر" ‪.‬‬
‫ومن خبلل صنٌع ابن جرٌر الطبري وؼٌره من المفسرٌن‪ٌ ،‬تبٌن أن لول التابعٌن ٌعتبر‬
‫من التفسٌر بالمؤثور لمربهم من الذٌن شهدوا الوحً وتلموا عنهم‪ ،‬خبلفا لمول ابن تٌمٌة‪ ،‬ومن‬
‫أهم مإلفات التفسٌر بالمؤثور‪:‬‬
‫‪-‬جامع البٌان فً تؤوٌل آي المرآن‪ ،‬لئلمام أبو جعفر دمحم بن جرٌر الطبري‪.‬‬
‫‪ -‬تفسٌر المرآن العظٌم‪ ،‬لئلمام الحافظ ابن كثٌر البصري(ٗ)‪.‬‬
‫‪-‬الدر المنثور فً التفسٌر بالمؤثور لئلمام السٌوطً‪.‬‬
‫ومن أبرز جماعة التابعٌن ممن اشتهروا بمعرفة التفسٌر فبرعوا ونبؽوا فٌه‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬سعٌد بن جبٌر (ت٘‪5‬هـ)‬
‫ٕ‪ -‬عكرمة (ت ‪ٔٓ2‬هـ)‬
‫ٖ‪ -‬مجاهد (ت ٔٓٔ أو ٕٓٔ أو ٖٓٔ أو ٗٓٔهـ)‬
‫ٗ‪ -‬أبو العالٌة (ت ٓ‪5‬هـ)‬
‫٘‪ -‬لتادة (تٓٔٔهـ)‬
‫‪ -ٙ‬عامر الشعبً (ت٘ٓٔهـ)‬
‫‪ -2‬مسروق (تٖ‪ٙ‬هـ)‬
‫‪ -1‬الحسن البصري (تٓٔٔهـ)‬
‫‪ -5‬الضحان بن مزاحم (ت٘ٓٔ أو ‪ٔٓٙ‬هـ)‪.‬‬
‫ولد استفادوا من تلن المنهجٌة العلمٌة الدلٌمة التً بوأتهم مكانة مرمولة‪ ،‬فتصدروا‬
‫مجالس العلم وبدأ بعضهم بتدوٌن التفسٌر فكانوا طلٌعة الفرسان فً هذا المٌدان‪ ،‬ففً عصرهم‬
‫بدأ تدوٌن التفسٌر‪ ،‬وأول من لام بذلن سعٌد ابن جبٌر األسدي (ت٘‪5‬هـ)عندما كتب الخلٌفة‬

‫(ٔ) هو دمحم عبد العظٌم الزرلانً‪ ،‬من علماء األزهر بمصر‪ ،‬تخرج بكلٌة أصول الدٌن‪ ،‬وعمل بها مدرسا ً لعلوم‬
‫المرآن والحدٌث‪ ،‬وتوفً بالماهرة عام سبع وستٌن وثبلثمابة وألؾ للهجرة‪ -‬الموافك ثمان وأربعٌن وتسعمابة‬
‫وألؾ مٌبلدٌة‪ ،‬انظر‪ :‬األعبلم‪ ،‬خٌر الدٌن بن محمود بن دمحم بن علً بن فارس‪ ،‬الزركلً الدمشمً ‪ ،ٕٔٓ/ٙ‬دار‬
‫العلم للمبلٌٌن‪ ،‬ط‪ /‬الخامسة عشر ٕٕٓٓ م‪.‬‬
‫(ٕ) مناهل العرفان فً علوم المرآن‪ ،‬دمحم الزرلانً ٕ‪ ،ٕٔ/‬دار الفكر‪ -‬بٌروت‪ ،‬ط‪/‬األولى ‪ٔ55ٙ‬م‪.‬‬
‫(ٖ) التفسٌر والمفسرون‪ ،‬دمحم حسٌن الذهبً ٔ‪ ،ٖٔ5 /‬مكتبة وهبة‪ -‬مصر‪ ،‬ط‪ /‬األولى ‪ٔٗٓ5‬هـ‪.‬‬
‫(ٗ ) هو اإلمام الحافظ عماد الدٌن أبو الفداء إسماعٌل بن عمر بن كثٌر بن ضوء البصري ثم الدمشمً‪ ،‬فمٌه‬
‫مفسر مإرخ‪ ،‬ولد سنة سبعمابة للهجرة‪ ،‬وتوفى سنة أربع وسبعٌن وسبعمابة‪ ،‬انظر‪ :‬معجم المحدثٌن للذهبً‬
‫صٔٗ‪ ،‬والمنهل الصافً والمستوفى بعد الوافً‪ ،‬جمال الدٌن ٌوسؾ بن عبدهللا‪ ،‬الملمب ابن تؽري بردي‬
‫ٔ‪( ،ٔ22/‬بدون)‪.‬‬
‫األموي عبد الملن بن مروان ٌسؤل سعٌد ابن جبٌر أن ٌكتب إلٌه بتفسٌر المرآن ولد استجاب له‬
‫فصنؾ التفسٌر ولد وجد عطاء بن دٌنار هذا التفسٌر فً الدٌوان‪ ،‬فرواه عن سعٌد وجادة (ٔ) ‪.‬‬
‫وفً هذا العصر انتشرت كتابة التفسٌر‪ ،‬روى الدارمً عن عمرو بن عون‪ ،‬أنا فضٌل‪،‬‬
‫عن عبٌد المكتب لال‪ ":‬رأٌتهم ٌكتبون التفسٌر عن مجاهد"(ٕ)‪.‬‬
‫وأخرجه الخطٌب البؽدادي من طرٌك وكٌع بن فضٌل ابن عٌاض به(ٖ)‪.‬‬
‫وأخرج الخطٌب البؽدادي بسنده عن أبً ٌحٌى الكناسً لال‪" :‬كان مجاهد ٌصعد بً إلى‬
‫ً كتبه فؤنسخ منها"(ٗ)‪.‬‬
‫ؼرفته فٌخرج إل ّ‬
‫أشهر تفاسٌر أتباع التابعٌن وما بعدهم‬
‫التدوٌن الفت َح اإلسبلمً الذي امتدت أطرافه شرلا ً وؼربا ً وشماالً وجنوبا ً‬‫ُ‬ ‫ولد واكب هذا‬
‫مما أدى إلى اتساع انتشار هذا العلم إضافة إلى ذلن ازدٌاد الرحبلت العلمٌة‪ ،‬وكان لتدوٌنه أٌضا ً‬
‫أثر كبٌر فً انتشاره وتداوله عند أهل العلم من صؽار التابعٌن وأتباع التابعٌن مثل‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬الضحان بن مزاحم الهبللً(ت٘ٓٔ هـ أو ‪ ٔٓٙ‬هـ)‬
‫(٘)‬
‫ٕ‪ -‬ومماتل بن سلٌمان البلخً(ت٘ٓٔهـ ولد طبع تفسٌره ‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬وطاوس بن كٌسان الٌمانً(ت‪ٔٓٙ‬هـ)‬
‫ٗ‪ -‬ولتادة بن دعامة السدوسً(تٓٔٔهـ)‬
‫٘‪ -‬ودمحم بن كعب المرظً(ت‪ٔٔ1‬هـ)‬
‫‪ -ٙ‬والسدي الكبٌر(ت ‪ٕٔ2‬هـ)‬
‫‪ -2‬وعبد هللا بن ٌسار المعروؾ بابن أبً نجٌح(تٖٔٔ هـ)‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫‪ -1‬وعطاء الخراسانً(تٖ٘ٔ هـ ولد حممتُ لطعة من تفسٌره ‪.‬‬
‫‪ -5‬وزٌد بن أسلم العدوي(ت‪ٖٔٙ‬هـ)‬
‫ٓٔ‪ -‬والربٌع بن أنس البكري(تٓٗٔهـ)‬
‫ٔٔ‪ -‬وعلً بن أبً طلحة(تٖٗٔهـ استخرج السٌوطً أؼلب صحٌفة علً بن أبً‬
‫طلحة من تفسٌري الطبري وابن أبً حاتم (‪. )2‬‬
‫ٕٔ‪ -‬واألعمش سلٌمان بن مهران (ت ‪ٔٗ2‬هـ أو ‪ٔٗ1‬هـ)(‪.)1‬‬
‫وكل هذه التفاسٌر لد أفرد لكل تفسٌر مإلؾ جمعت فً مروٌات كل مفسر‪ ،‬وأؼلبها‬
‫رسابل جامعٌة‪.‬‬

‫(ٔ)رواه ابن أبً حاتم عن أبٌه فً الجرح والتعدٌل ‪.ٖٖٕ/ٙ‬‬


‫(ٕ)السنن ‪ -‬باب من رخص فً كتابة العلم ٔ‪.ٕٔ1/‬‬
‫(ٖ)تمٌٌد العلم ص ٘ٓٔ‪.‬‬
‫(ٗ)تمٌٌد العلم ص ٘ٓٔ‪.‬‬
‫(٘)حممه د‪ .‬عبد هللا محمود شحاتة وطبعته الهٌبة المصرٌة العامة للكتاب بالماهرة‪. .‬‬
‫(‪)ٙ‬نشرته مكتبة الدار بالمدٌنة المنورة‪.‬‬
‫(‪)2‬انظر اإلتمان ٕ‪ ،ٗٙ -ٙ /‬والصحٌح المسبور فً التفسٌر بالمنثور‪.ٔ2/ٔ:‬‬
‫(‪)1‬كل هإالء المفسرٌن لهم تفاسٌر ذكرت فً كتب طبمات المفسرٌن للسٌوطً والداوودي وعمر نزٌه التركً ‪-‬‬
‫باللؽة التركٌة‪ -‬ومعجم المفسرٌن لعادل نوهٌض‪ ،‬وكتب فهارس التراث مثل كشؾ الظنون وفهرست ابن الندٌم‬
‫وتارٌخ التراث لسزكٌن وكتب اإلجازات مثل المعجم المفهرس البن حجر‪.‬‬
‫وؼٌرهم من المفسرٌن المتمدمٌن فمام هإالء بجمع نسخ ورواٌات وصحؾ كبار التابعٌن‬
‫وتدوٌنها فسطع لبس التفسٌر فً أرجاء العالم اإلسبلمً آنذان ثم أزداد تؤلما ً فً النصؾ الثانً‬
‫من المرن الثانً الهجري حٌث استنار العلماء الذٌن تلموا هذا العلم من شٌوخهم واعتنوا به‬
‫فحفظوه أو كتبوه ثم رووه لتبلمٌذهم فتوسعت حركة تدوٌن التفسٌر وظهرت تفاسٌر مشابهة‬
‫للتفاسٌر المتمدمة ولد تكون أوسع منها مثل‪ :‬تفسٌر سفٌان الثوري (ت ٔ‪ٔٙ‬هـ )(ٔ)‪.‬‬
‫ٖٔ‪ -‬وتفسٌر معاوٌة بن صالح (ت ‪ ٔ٘1‬هـ أو ت ٕ‪ٔ2‬هـ) وهو الراوي لصحٌفة علً بن‬
‫أبً طلحة‪.‬‬
‫ٗٔ‪ -‬وتفسٌر شٌبان بن عبد الرحمن النحوي (ت ٗ‪ ٔٙ‬هـ )وهو راوي التفسٌر عن لتادة‪.‬‬
‫٘ٔ‪ -‬وتفسٌر نافع بن أبً نعٌم المارئ (ت ‪ٔٙ2‬هـ أو ‪ٔٙ5‬هـ)(ٕ) ‪.‬‬
‫‪ -ٔٙ‬وتفسٌر أسباط بن نصر الهمدانً (ت ٓ‪ ٔ2‬هـ) وهو الراوي لتفسٌر السدي‪.‬‬
‫‪ -ٔ2‬وتفسٌر مالن بن أنس إمام دار الهجرة (ت ‪ ٔ25‬هـ)‪.‬‬
‫‪ -ٔ1‬وتفسٌر مسلم بن خالد الزنجً (ت ‪ ٔ25‬هـ ) (ٖ) ‪.‬‬
‫‪ -ٔ5‬وتفسٌر عبد هللا بن المبارن المروزي (ت ٔ‪ٔ1‬هـ)‪.‬‬
‫ٕٓ‪ -‬وتفسٌر عبد الرحمن بن زٌد بن أسلم (ت ٕ‪ ٔ1‬هـ)‪.‬‬
‫ٕٔ‪ -‬وتفسٌر هشٌم بن بشٌر السلمً (ت ٖ‪ ٔ1‬هـ)‪.‬‬
‫(ٗ)‬
‫ٕٕ‪ -‬وتفسٌر ٌحٌى بن ٌمان العجلً (ت ‪ ٔ15‬هـ)‪ ،‬ولد حممتُ لطعة من تفسٌره ‪.‬‬
‫ٖٕ‪ -‬وتفسٌر إسماعٌل بن علٌة (ت ٖ‪ ٔ5‬هـ)‪.‬‬
‫(٘)‬
‫ٕٗ‪ -‬وتفسٌر ٌحٌى بن سبلم البصري (ت ٕٓٓ هـ) ‪.‬‬
‫وفً هذا العصر ازدادت كتب التفسٌر وبمٌت على هٌبة أجزاء ونسخ كتفسٌر اإلمام‬
‫مالن بن أنس فمد وصفه ابن كثٌر (‪ )ٙ‬والذهبً (‪ )2‬وابن حجر (‪ )1‬والرودانً (‪ )5‬بؤنه جزء وكذلن‬
‫التفاسٌر التً تمدمت فً المابمة السابمة حٌث ذكرت الموجودة منها وكلها على هٌبة أجزاء‬
‫ونسخ‪.‬‬
‫أشهر تفاسٌر المرن الثالث والرابع‬
‫وفً المرن الثالث والرابع الهجري دخل التفسٌر فً مرحلة جدٌدة وهً مرحلة‬
‫الموسوعات الجامعة فً التفسٌر‪ ،‬فظهرت تفاسٌر ضخمة مروٌة ومستوعبة لكثٌر من‬
‫األجزاء والنسخ المبثوثة فً رحاب العالم اإلسبلمً آنذان ذلن العالم الذي استطاعت‬
‫حضارته أن تجمع وتإلؾ بٌن العرب والعجم والبربر تحت راٌة ال إله إال هللا دمحم رسول‬

‫(ٔ)مطبوع فً جزء واحد‪.‬‬


‫(ٕ)نشرت مكتبة الدار بالمدٌنة المنورة‪.‬‬
‫(ٖ)نشرت مكتبة الدار بالمدٌنة المنورة‪.‬‬
‫(ٗ)نشرته مكتبة الدار بالمدٌنة المنورة‪.‬‬
‫ْ‬
‫حممت فً تونس‪.‬‬ ‫(٘)توجد منه أجزاء مخطوطة فً المؽرب ولد‬
‫(‪)ٙ‬انظر التفسٌر ٕ‪.ٔ5ٕ/‬‬
‫(‪)2‬انظر سٌر أعبلم النببلء ‪.1ٓ/1‬‬
‫(‪)1‬المعجم المفهرس ل ٗٗ ب‪.‬‬
‫(‪)5‬صلة الخلؾ بموصول السلؾ ص ٖٗ‪.ٗٗ ،‬‬
‫هللا‪ ،‬ولهذا جاءت بعض تفاسٌر العلماء حافلة بتفاسٌر السابمٌن وشاملة للمرآن كله وذلن بسبب‬
‫انتشار العجمى ومن هذه التفاسٌر‪:‬‬
‫(ٔ)‬
‫ٔ‪ -‬تفسٌر عبد بن حمٌد الكشً (ت ٕٓٗ هـ) ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬تفسٌر ابن جرٌر الطبري (ت ٖٓٔ هـ)‪.‬‬
‫(ٕ)‬
‫ٖ‪ -‬تفسٌر ابن المنذر النٌسابوري (ت ‪ ٖٔ1‬هـ)‬
‫(ٖ)‬
‫ٗ‪ -‬تفسٌر ابن أبً حاتم الرازي (ت ‪ ٖٕ2‬هـ) ‪.‬‬
‫ولد ذكر الحافظ ابن حجر هذه التفاسٌر عند كبلمه عن الذٌن اعتنوا بجمع التفسٌر‬
‫المسند من طبمة األبمة الستة فساق أسماءهم ‪-‬وذكر أولهم بؤنه من طبمة شٌوخهم‪ -‬ثم لال‪:‬‬
‫فهذه التفاسٌر األربعة لل أن ٌشذ عنها شًء من التفسٌر المرفوع والمولوؾ على الصحابة‬
‫والممطوع عن التابعٌن‪ ،‬ولد أضاؾ الطبري إلى النمل المستوعب أشٌاء لم ٌشاركوه فٌها‬
‫‪. )ٗ(...‬‬
‫وكذلن ابن أبً حاتم فمد حاول أن ٌفسر كل آٌة بل كل كلمة وحرؾ ولد ٌسوق أكثر من‬
‫عشرة أوجه فً الكلمة الواحدة (٘) ‪.‬‬
‫ومن هذه التفاسٌر الموسوعٌة أٌضاً‪:‬‬
‫ٔ ‪ -‬تفسٌر اإلمام أحمد بن حنبل الشٌبانً (ت ٕٔٗهـ)‪.‬‬
‫وتفسٌره ضخم حافل بمابة وعشرٌن ألؾ رواٌة‪ ،‬صرح بهذا الرلم أبو الحسٌن بن المنادي‬
‫فً تؤرٌخه فٌما رواه عنه الماضً أبو الحسٌن أبو ٌعلى حٌث ذكر عبد هللا وصالح ابنً‬
‫اإلمام أحمد فمال‪ :‬كان صالح للٌل الكتاب عن أبٌه‪ ،‬فؤما عبد هللا فلم ٌكن فً الدنٌا أحد أروى‬
‫عن أبٌه أكثر منه ألنه سمع المسند وهو ثبلثون ألفاً‪ ،‬والتفسٌر وهو مبة ألؾ وعشرون ألفا ً‬
‫سمع منها ثمانٌن ألفا ً والبالً وجادة ‪ )ٙ( ...‬ونمله أٌضا ً الخطٌب البؽدادي (‪ )2‬والذهبً (‪، )1‬‬
‫وأبو موسى المدٌنً فً خصابص المسند (‪ ، )5‬وصرح بهذا الرلم ابن الجوزي (ٓٔ) ‪.‬‬
‫ولد ذكر هذا التفسٌر ابن الندٌم (ٔٔ) ‪ ،‬وشٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة (ٕٔ) ‪ ،‬والداوودي (ٖٔ) ‪،‬‬
‫ودمحم السعدي الحنبلً (تٓٓ‪ 5‬هـ )(ٗٔ) ‪ ،‬وحصل الرودانً المؽربً على إجازة رواٌته‬

‫(ٔ)توجد منه لطعة فً حواشً تفسٌر ابن أبً حاتم فً المجلد الثانً‪.‬‬
‫(ٕ)توجد منه لطعة فً ألمانٌا الشرلٌة ‪ -‬مكتبة جوتا‪.‬‬
‫(ٖ)ٌوجد نصفه تمرٌبا ً ولد حمك فً جامعة أم المرى‪.‬‬
‫(ٗ)العجاب فً بٌان األسباب د‪.ٖ-‬‬
‫ٌر ْال ُممَ ْن َ‬
‫ط َرة) ‪.‬‬ ‫(و ْالمَن ِ‬
‫َاط ِ‬ ‫َ‬ ‫تعالى‬ ‫لوله‬ ‫عند‬ ‫‪ٔ51‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ٔ‪ٔ1‬‬ ‫رلم‬ ‫(٘)انظر تفسٌر سورة آل عمران‬
‫(‪)ٙ‬طبمات الحنابلة ٔ‪.ٔ1ٖ/‬‬
‫(‪)2‬تارٌخ بؽداد ‪.ٖ2٘/5‬‬
‫(‪)1‬سٌر أعبلم النببلء ٖٔ‪.ٖٕ5 ،ٖٕ1/‬‬
‫(‪)5‬ص ٖٕ من ممدمة أحمد شاكر لمسند أحمد‪.‬‬
‫(ٓٔ)منالب اإلمام أحمد ص ‪.ٕٗ1‬‬
‫(ٔٔ)لفهرست ص ٘‪.ٕ1‬‬
‫(ٕٔ)الفتاوي ‪ ٖ٘٘/ٖٔ ،ٖ15/ٙ‬ودرء تعارض العمل والنمل ٗ‪.ٕٕ1/‬‬
‫(ٖٔ)طبمات المفسرٌن ٕ‪.ٕٕ/‬‬
‫(ٗٔ)الجوهر المحصل فً منالب اإلمام أحمد فً بداٌة عرضه لمإلفات اإلمام أحمد‪.‬‬
‫فذكره فً ثبته ثم ساق إسناده إلى اإلمام أحمد بن جعفر المطٌعً عن عبد هللا بن اإلمام أحمد‬
‫عن أبٌه (ٔ) ‪.‬‬
‫ولكن اإلمام الذهبً أنكر وجود هذا التفسٌر‪ ،‬فبعد أن ذكر لول ابن المنادي لال‪ :‬لكن‬
‫ما رأٌنا أحدا أخبرنا عن وجود هذا التفسٌر وال بعضه وال كراسة منه ولو كان له وجود أو‬
‫لشًء منه لنسخوه ‪. )ٕ( ...‬‬
‫وٌبدو أن اإلمام الذهبً لم ٌحظ بجزء أو كراسة من تفسٌر اإلمام أحمد علما بؤن جزءا‬
‫من تفسٌر أحمد كان موجودا فً زمنه حٌث نمله بنصه وفصه اإلمام ابن لٌم الجوزٌة ‪-‬وهو‬
‫معاصر للذهبً وتوفً ابن المٌم سنة(ٔ٘‪ 2‬هـ) أي بعد وفاة الذهبً بثبلث سنوات‪ -‬فمال ابن‬
‫المٌم بدابع الفوابد‪" :‬ومن خط الماضً من جزء فٌه تفسٌر آٌات من المرآن عن اإلمام أحمد‪.‬‬
‫ثم ساله بؤكمله فً تسع صفحات" (ٖ) إضافة إلى ذلن أن الحافظ ابن حجر أفاد من تفسٌر‬
‫أحمد وصرح بنمله منه(ٗ) ‪.‬‬
‫والحك أن تفسٌر اإلمام أحمد لم ٌشتهر كشهرة مسنده الذي ذاع صٌته فً اآلفاق وكثر‬
‫لصاده إلى العراق(٘)‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬التفسٌر الكبٌر ألمٌر المإمنٌن دمحم بن إسماعٌل البخاري صاحب الصحٌح (ت ‪ ٕ٘ٙ‬هـ)‪.‬‬
‫ذكر بروكلمان نسخة منه فً بارٌس ‪-‬المكتبة الوطنٌة‪ -‬ولطعة منه فً الجزابر فً‬
‫المكتبة الوطنٌة أٌضا ً (‪ . )ٙ‬ولعلها من صحٌح البخاري‪.‬‬
‫ولد سؤلت عن هاتٌن النسختٌن فلم أجد أحدا رآهما!! وٌبدو من عنوانه أنه تفسٌر كبٌر‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬تفسٌر أبً مسعود أحمد بن الفرات الرازى (ت ‪ ٕ٘1‬هـ)‪.‬‬
‫لال إبراهٌم بن دمحم الطٌان‪ :‬سمعت أبا مسعود ٌمول‪ :‬كتبت عن ألؾ وسبعمابة وخمسٌن رجبل‬
‫أدخلت فً تصنٌفً ثبلث مبة وعشرة وعطلت سابر ذلن وكتبت ألؾ ألؾ حدٌث وخمس مبة‬
‫ألؾ حدٌث فؤخذت من ذلن ثبلث مبة ألؾ فً التفسٌر واألحكام والفوابد وؼٌره (‪. )2‬‬
‫ٗ‪ -‬تفسٌر المرآن الكرٌم البن ماجة المزوٌنً (ت ٖ‪ ٕ2‬هـ)‪.‬‬
‫وصفه ابن كثٌر بالحافل فمال‪ :‬والبن ماجة تفسٌر حافل (‪. )1‬والحافل الكثٌر الممتلا ‪.‬‬
‫(‪)5‬‬

‫وذكره ابن خلكان والمزي والذهبً والداوودي(ٓٔ)‪.‬‬

‫(ٔ)صلة الخلؾ ص ‪. ٖ5‬‬


‫(ٕ)سٌر أعبلم النببلء ٖٔ‪ ٕٕ٘/‬وانظر ٔٔ‪.ٖٕ5 ،ٖٕ1/‬‬
‫(ٖ)بدابع الفوابد‪.ٔٔٙ-ٔٓ1/ٖ:‬‬
‫(ٗ)انظر مثبل تؽلٌك التعلٌك ٗ‪.ٕٕ1/‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬الصحٌح المسبور فً التفسٌر بالمؤثور‪.ٕٔ-ٕٓ/ٔ:‬‬
‫(‪)ٙ‬تارٌخ األدب العربً ٖ‪.ٔ25/‬‬
‫(‪)2‬انظر تهذٌب الكمال ٔ‪.ٕٗ٘/‬‬
‫(‪)1‬البداٌة والنهاٌة ٔٔ‪.ٕ٘/‬‬
‫(‪)5‬الصحاح ٗ‪ ٔٙ2ٓ/‬والنهاٌة ٔ‪.ٗٓ5/‬‬
‫(ٓٔ)انظر وفٌات األعٌان ٗ‪ ٕ25/‬وتهذٌب الكمال ٗ‪ ٖٗٔ/2 ،5ٓ/‬وسٌر أعبلم النببلء ٖٔ‪ ٕ22/‬وطبمات‬
‫المفسرٌن ٕ‪. ٕ2ٗ/‬‬
‫٘‪ -‬التفسٌر الكبٌر إلسحاق بن إبراهٌم بن مخلد المروزي المشهور بابن راهوٌه(ت ‪ٕٖ1‬هـ)‪.‬‬
‫وٌبدو أنه كبٌر من عنوانه‪ .‬ذكره ابن الندٌم والخطٌب البؽدادي والسمعانً والداوودي (ٔ) ‪.‬‬
‫‪ -ٙ‬التفسٌر إلبراهٌم بن إسحاق الحربً (ت ٘‪ ٕ1‬هـ)‪ ،‬لال الذهبً فً ترجمته‪" :‬مصنؾ‬
‫التفسٌر الكبٌر" (ٕ)‪ .‬وهو كسابمه وذكره ابن حجر والداوودي (ٖ) ‪.‬‬
‫‪ -2‬التفسٌر البن أبً داود عبد هللا بن سلٌمان بن األشعث السجستانً ت ‪ ٖٔٙ‬هـ‪ .‬روى المفسر‬
‫أبو بكر النماش أنه سمع أبا بكر بن أبً داود ٌمول‪" :‬إن فً تفسٌره مابة ألؾ وعشرٌن ألؾ‬
‫حدٌث"(ٗ) ‪.‬‬
‫وذكر هذا التفسٌر الخطٌب البؽدادي والعلٌمً والداوودي (٘)‪.‬‬
‫‪ -1‬التفسٌر لسلٌمان بن أحمد بن أٌوب الطبرانً (ت ٓ‪ ٖٙ‬هـ)‪.‬‬
‫لال الداوودي فً طبمات المفسرٌن‪ :‬وله تفسٌر كبٌر‪ .‬ا‪ .‬هـ‪.‬‬
‫ولد جمعت رواٌات تفسٌرٌة من معاجمه الثبلثة وكتاب الدعاء‪ ،‬ومكارم األخبلق‪ ،‬وجزء من‬
‫سمع من عطاء‪ .‬كلها للطبرانً المذكور‪.‬‬
‫‪ -5‬تفسٌر الماضً أبً دمحم إسحاق بن إبراهٌم بن إسحاق البستً (ت ‪ ٖٓ2‬هـ)‪.‬‬
‫ولهذا التفسٌر مزاٌا كبرى(‪:)ٙ‬‬
‫أولها‪ :‬أن أؼلب أسانٌده على شرط الصحٌحٌن‪.‬‬
‫ثانٌها‪ :‬أن مإلفه طوٌل النفس فً إٌراد األحادٌث واآلثار وعمله كصنٌع ابن أبً حاتم فً‬
‫التفسٌر بالمؤثور المجرد من أي لول آخر‪.‬‬
‫ٓٔ‪ -‬تفسٌر عمر بن أحمد بن عثمان المشهور بابن شاهٌن ت ٘‪ ٖ1‬هـ‪.‬‬
‫لال الخطٌب البؽدادي فً ترجمته‪ :‬له التفسٌر الكبٌر‪ .‬ا‪ .‬هـ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وتفسٌره كبٌر كما وصؾ حٌث احتوى على تفاسٌر منها تفسٌر أبً الجارود ‪.‬‬
‫ولال الكتانً‪ :‬وهو فً ألؾ جزء ووجد بواسط فً نحو من ثبلثٌن مجلدا" (‪. )1‬‬
‫فهذه نماذج من كتب التفسٌر فً ذلن العصر الذي برز فٌه صرح التفسٌر بالمؤثور‬
‫شامخا مسندا كامبل للمرآن الكرٌم‪ ،‬فمد تكاملت أسسه التً أرسٌت بثمار تلن الجهود المباركة‬
‫السابمة‪ ،‬فاجتمعت مع جهود المتمدمٌن عناٌةُ البلحمٌن حٌث جمعوا وأضافوا ونمدوا‪ ،‬وكان‬
‫جمٌعهم عاكفٌن على هذا العلم‪ ،‬وعضوا علٌه بالنواجذ ألنه جمع بٌن المرآن والسنة‪ ،‬ولد زاد‬

‫(ٔ)انظر الفهرست ص ‪ ،ٕٙ1‬وتارٌخ بؽداد ‪ ،ٖٙ5/1‬والتحبٌر فً المعجم الكبٌر ٕ‪ ،ٔ5ٓ/‬وطبمات المفسرٌن‬


‫ٔ‪.ٖٔٓ/‬‬
‫(ٕ)تذكرة الحفاظ ٕ‪.2ٓٔ/‬‬
‫(ٖ)تهذٌب التهذٌب ٓٔ‪ ٕ1ٔ/‬وطبمات المفسرٌن ٔ‪.2/‬‬
‫(ٗ)انظر سٌر أعبلم النببلء ٖٔ‪ ٕ1ٔ/‬ولسان المٌزان ٖ‪.ٕ5٘/‬‬
‫(٘)انظر تارٌخ بؽداد ‪ ٗٙٗ/5‬والمنهج األحمد ٕ‪ ٔ٘/‬وطبمات المفسرٌن ٔ‪.ٖٖ2 ،ٖٖٙ/‬‬
‫(‪ )ٙ‬انظر‪ :‬الصحٌح المسبور فً التفسٌر بالمنثور‪.ٕٗ/ٔ:‬‬
‫(‪)2‬انظر تارٌخ بؽداد ٔٔ‪.ٕٙ2/‬‬
‫(‪)1‬الرسالة المستطرفة ص ‪.22 ،2ٙ‬‬
‫اهتمامهم عندما تلوث هذا العلم بالدخٌل بسبب تساهل بعض العلماء فً إٌرادهم اإلسرابٌلٌات‬
‫بؤنواعها‪ ،‬وبسبب صنٌع الزنادلة والمصاص والكذابٌن وأهل األهواء فولع التحرٌؾ والتؤوٌل‬
‫والوضع‪.‬‬
‫أخرج ابن عساكر عن ابن علٌة لال‪" :‬أخذ هارون الرشٌد زندٌما فؤمر بضرب عنمه‬
‫فمال له الزندٌك‪ :‬لم تضرب عنمً؟ لال له‪ :‬أرٌح العباد منن لال‪ :‬فؤٌن أنت من ألؾ حدٌث‬
‫وضعتها على رسول هللا ملسو هلآو هيلع هللا ىلص كلها ما فٌها حرؾ نطك به؟ لال‪ :‬فؤٌن أنت ٌا عدو هللا من أبً‬
‫إسحاق الفزاري وعبد هللا بن المبارن ٌنخبلنها فٌخرجانها حرفا حرفا ؟"(ٔ)‪.‬‬
‫ولهذا انبرى جهابذة السلؾ إلى نمد الرواٌات والتفتٌش عن األسانٌد‪ ،‬ولد بدأ هذا‬
‫التحري بعد اندالع الفتنة فً خبلفة عثمان ‪ -‬رضً هللا عنه ‪ -‬أو فً زمن ابن الزبٌر ولد رجح‬
‫الرأي األخٌر مإرخ السٌرة أ‪ .‬د‪ .‬أكرم ضٌاء العمري (ٕ) ‪.‬‬
‫أخرج مسلم فً صحٌحه بسنده عن دمحم بن سٌرٌن‪ :‬لال‪" :‬لم ٌكونوا ٌسؤلون عن‬
‫اإلسناد‪ .‬فلما ولعت الفتنة لالوا‪ :‬سموا لنا رجالكم‪ .‬فٌنظر إلى أهل السنة فٌإخذ حدٌثهم وٌنظر‬
‫إلى أهل البدع فبل ٌإخذ حدٌثهم" (ٖ) ‪.‬‬
‫فكان أهل السنة بالمرصاد لكل من تسول له نفسه أن ٌؤتً بدخٌل ولهذا وضعوا‬
‫ضوابط محكمة ولواعد دلٌمة للرواٌة‪.‬‬
‫لال دمحم بن حاتم بن المظفر‪ ... :‬وهذه األمة إنما تنص الحدٌث عن الثمة المعروؾ فً‬
‫زمانه المشهور بالصدق واألمانة عن مثله حتى تناهى أخبارهم ثم ٌبحثون أشد البحث حتى‬
‫ٌعرفوا األحفظ فاألحفظ واألضبط فاألضبط واألطول مجالسة لمن فوله ممن كان ألل مجالسة ثم‬
‫ٌكتبون الحدٌث من عشرٌن وجها أو أكثر حتى ٌهذبوه من الؽلط والزلل وٌضبطون حروفه‬
‫وٌعدوه عدا ‪.)ٗ("...‬‬
‫هكذا كان منهجهم فً الرواٌة والتصنٌؾ واستمر الحال على ذلن إلى المرن الثالث‬
‫والرابع الهجري وكان أكثر المفسرٌن المصنفٌن ٌروون باإلسناد‪ ،‬فبرأوا ذمتهم ألنهم سموا‬
‫شٌوخهم ورواتهم وكانوا ٌمٌزون بٌن الصحٌح والسمٌم‪ ،‬وبعضهم ٌرى وجوب هذا التمٌٌز بل‬
‫وجوب نمد الرواة لمعرفة الثمة من الضعٌؾ مثل ابن أبً حاتم وهو الذي صنؾ موسوعته فً‬
‫سلَّ َم‬
‫علَ ٌْ ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫َّللاُ َ‬ ‫الجرح والتعدٌل من أجل بٌان الثابت من التفسٌر ومن سنن البشٌر النذٌر َ‬
‫التً تبٌن المرآن الكرٌم‪ ،‬فها هو ٌمول فً تمدمة الجرح والتعدٌل‪ ":‬فلما لم نجد سبٌبل إلى معرفة‬
‫سلَّ َم إال من جهة النمل‬ ‫علَ ٌْ ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫َّللاُ َ‬ ‫شًء من معانً كتاب هللا وال من سنن رسول هللا َ‬
‫والرواٌة وجب أن نمٌز بٌن عدول الناللة والرواة وثماتهم وأهل الحفظ والثبت واإلتمان منهم‬
‫وبٌن أهل الؽفلة والوهم وسوء الحفظ والكذب واختراع األحادٌث الكاذبة" (٘) ‪.‬‬

‫(ٔ)انظر تارٌخ الخلفاء ص ٖ‪.ٕ5‬‬


‫(ٕ)انظر بحوث فً تارٌخ السنة المشرفة ص ‪. ٘ٓ-ٗ1‬‬
‫(ٖ)الممدمة ‪ -‬باب بٌان أن اإلسناد من الدٌن ٔ‪.ٔ٘/‬‬
‫(ٗ)رواه السخاوي من طرٌك أبً العباس الدؼولً عنه (فتح المؽٌث ٖ‪. )ٖ/‬‬
‫(٘)ممدمة الجرح والتعدٌل ص ٘‪..‬‬
‫إن هذا المنهج الدلٌك وتلن الحلمات التفسٌرٌة كانت متصلة من المرن األول الهجري‬
‫إلى المرن الرابع الهجري‪ ،‬وبدخول المرن الخامس الهجري بدأ تدرٌجٌا إهمال األسانٌد بحذفها‬
‫أو باختصارها مما ساعد على شٌوع اإلسرابٌلٌات ورواج األحادٌث الواهٌة والموضوعة ونسب‬
‫األلوال الباطلة إلى الصحابة والتابعٌن‪ ،‬وهم برآء منها‪ ،‬وكانت فرصة سانحة للكذابٌن‬
‫والوضاعٌن والزنادلة وأهل األهواء‪ ،‬فاختلط الصحٌح بالسمٌم والحك بالباطل وانتشر ذلن فً‬
‫كتب لتفسٌر بالمؤثور‪ ،‬ولم ٌسلم منها إال الملٌل كتفسٌر البؽوي(ٔ) وابن كثٌر وعبد الرزاق بن‬
‫رزق الرسعنً (ت ٔ‪ٙٙ‬هـ )(ٕ) الذي روى أؼلب تفسٌره بإسناده واستمر الحال على ذلن إلى‬
‫ٌومنا هذا(ٖ)‪.‬‬
‫‪ -2‬التفسٌر بالدراٌة‪:‬‬
‫ً‬
‫إن هذا النوع من التفسٌر ٌموم على االجتهاد‪ ،‬وإعمال النظر اعتمادا على علوم اللؽة‪،‬‬
‫وأصول الدٌن‪ ،‬والفمه ما لم ٌعارض المؤثور وإال اعتبر فاسداً‪ ،‬لال أبو دمحم البؽوي(ٗ)‪" :‬هو‬
‫صرؾ اآلٌة إلى معنى محتم ٍل موافك لما لبلها‪ ،‬وما بعدها‪ ،‬ؼٌر مخالؾ للكتاب والسنة من‬
‫طرٌك االستنباط"(٘)‪.‬‬
‫ولال الزركشً بعد أن ساق كبلم البؽوي‪" :‬لالوا وهذا ؼٌر محظور على العلماء‬
‫بالتفسٌر ولد رخص فٌه أهل العلم؛ وذلن مثل لوله تعالى‪َ { :‬و َال ت ُ ْلمُوا ِبؤ َ ٌْدٌِ ُك ْم ِإلَى الت َّ ْهلُ َك ِة}[البمرة‬
‫‪ ،]ٔ5٘:‬لٌل‪ :‬هو الرجل ٌحمل فً الحرب على مابة رجل‪ ،‬ولٌل‪ :‬هو الذي ٌمنط من رحمة هللا‪،‬‬
‫ولٌل‪ :‬الذي ٌمسن عن النفمة‪ ،‬ولٌل‪ :‬هو الذي ٌنفك الخبٌث من ماله‪ ،‬ولٌل‪ :‬الذى ٌتصدق بماله‬
‫كله ثم ٌتكفؾ الناس‪ ،‬ولك ٍل منه مخرج"(‪.)ٙ‬‬
‫وأما المراد بالدراٌة فً التفسٌر‪ ،‬فهو‪" :‬المراد بالرأي هنا االجتهاد‪ ،‬فإن كان االجتهاد‬
‫ُم َوفَّما ً‪ -‬أي مستندا ً إلى ما ٌجب االستناد إلٌه‪ -‬بعٌدا ً عن الجهالة والضبللة فالتفسٌر به محمود‪،‬‬
‫وإال فمذموم"(‪ ،)2‬ولٌل‪" :‬هو المول فً المرآن باالجتهاد المبنً على أصول صحٌحة‪ ،‬ولواعد‬
‫سلٌمة متبعة ٌجب أن ٌؤخذ بها من أراد الخوض فً تفسٌر الكتاب‪ ،‬أو التصدي لبٌان معانٌه"(‪.)1‬‬
‫ولٌل‪" :‬هو تفسٌر المرآن باالجتهاد اعتمادا ً على األدوات التً ٌحتاج إلٌها المفسر‪،‬‬
‫وهً علم اللؽة العربٌة‪ ،‬وعلم النحو‪ ،‬والصرؾ‪ ،‬واالشتماق‪ ،‬وعلوم الببلؼة وعلم المراءات‪،‬‬

‫(ٔ)ساق أؼلب أسانٌده فً ممدمة كتابه‪.‬‬


‫(ٕ)انظر الذٌل على طبمات الحنابلة ٕ‪ ٕ2ٙ-ٕ2ٗ/‬واألعبلم ٖ‪.ٕ5ٕ/‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬الصحٌح المسبور فً التفسٌر بالمؤثور‪.ٕ1/ٔ:‬‬
‫(ٗ) أبو دمحم الحسٌن بن مسعود بن دمحم بن الفراء‪ ،‬البؽوي الشافعً‪ ،‬ولد سنة ست وثبلثٌن وأربعمابة للهجرة‬
‫صاحب التصانٌؾ‪ ،‬محًٌ السنة‪ ،‬مح ّدِث فمٌه مفسر‪ ،‬كان سٌدًا إما ًما‪ ،‬زاهدًا‪ ،‬من مصنفاته‪ :‬شرح السنّة‪ ،‬ومعالم‬
‫التنزٌل‪ ،‬والمصابٌح‪ ،‬وؼٌرها‪ ،‬توفى سنة عشر وخمسمابة للهجرة‪ ،‬انظر‪ :‬وفٌات األعٌان وأنباء أبناء الزمان‪،‬‬
‫أبو العباس شمس الدٌن أحمد بن دمحم بن أبً بكر بن خلكان‪ ،‬تحمك‪ :‬إحسان عباس ‪ ،‬دار صادر – بٌروت‪ ،‬ط‪/‬‬
‫األولى ٗ‪ٔ55‬م‪.‬‬
‫(٘) معالم التنزٌل‪ ،‬أبو دمحم الحسٌن بن مسعود البؽوي ٔ‪ ،ٗٙ/‬تحمٌك‪ :‬دمحم النمر‪ ،‬وعثمان جمعة‪ ،‬وسلٌمان‬
‫الحرش‪ ،‬دار طٌبة‪ ،‬ط‪ /‬الرابعة ‪ٔٗٔ2،‬هـ‪ٔ552 -‬م‪.‬‬
‫(‪ )ٙ‬البرهان فً علوم المرآن للزركشً ٕ‪.ٔ٘ٓ/‬‬
‫(‪ )2‬مناهل العرفان فً علوم المرآن للزرلانً ٕ‪.ٗ5 /‬‬
‫(‪ )1‬التبٌان فً علوم المرآن للصابونً ‪.21 :‬‬
‫وعلم أصول الدٌن‪ ،‬وعلم أصول الفمه‪ ،‬وعلم المصص‪ ،‬وعلم الموهبة(ٔ)‪ ،‬واألحادٌث المبٌنة‬
‫للتفسٌر‪ ،‬مثل أسباب النزول‪ ،‬والناسخ والمنسوخ"(ٕ)‪.‬‬
‫نستنتج مما سبك بؤن تفسٌر الدراٌة‪ :‬هو تفسٌر المرآن وفما ً لمواعد صحٌحة من اللؽة‪،‬‬
‫بحٌث ال ٌخالؾ نصا ً من الرواٌة الصحٌحة‪ ،‬وال أصبلً من األصول الشرعٌة‪ ،‬وعلٌه فإن تفسٌر‬
‫الدراٌة ٌشمل عدة اتجاهات‪ ،‬سؤذكر بعضها فً المطلب التالً مع التركٌز على التفسٌر الببلؼً‪،‬‬
‫وأهمٌته؛ ألن موضوعنا فً هذه الدراسة متعلك به‪ ،‬كونها ستتناول الجملة المرآنٌة من ناحٌة‬
‫التؤسٌس والتؤكٌد‪ ،‬وأثر ذلن على معنى اآلٌة المرآنٌة‪.‬‬
‫ولد اختلؾ العلماء فً جواز التفسٌر بالدراٌة إلى لولٌن‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫األول‪ :‬عدم جواز تعاطً تفسٌر شًء من المرآن‪ ،‬وإن كان عالما أدٌبا متسعا فً معرفة األدلة‪،‬‬
‫والفمه‪ ،‬والنحو‪ ،‬واألخبار‪ ،‬واآلثار‪ ،‬ولٌس له أن ٌنتهً إال إلى ما روي عن النبً ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬أو إلى‬
‫صحابته اآلخذٌن عنه‪ ،‬ومن أخذ عنهم من التابعٌن‪.‬‬
‫الثانً‪ :‬جواز تفسٌر المرآن بالدراٌة‪ ،‬ولكن بشروط كما سٌؤتً‪.‬‬
‫فمن ذهب إلى عدم جواز التفسٌر بالرأي استدل باآلتً‪:‬‬
‫عن ابن عباس رضً هللا عنهما عن النبً ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬أنه لال‪" :‬من لال فً المرآن برأٌه‬
‫فؤصاب فمد أخطؤ"(ٖ)‪.‬‬
‫وفً رواٌة أخرى‪" :‬ومن لال فً المرآن برأٌه فلٌتبوأ ممعده من النار"(ٗ)‪.‬‬
‫ما روي عن بعض الصحابة‪ ،‬وبعض التابعٌن من التحرج فً تفسٌر المرآن‪ ،‬فمن ذلن‬
‫سبِ َل عن تفسٌر حرؾ من المرآن فمال‪:‬‬ ‫ما ورد عن أبً بكر الصدٌك ‪-‬رضً هللا تعالى عنه‪ -‬أنه ُ‬
‫"أي سماء تظلنً؟ وأي أرض تملنً؟ وأٌن أذهب؟ وكٌؾ أصنع إذا للت فً حرؾ من كتاب هللا‬
‫بؽٌر ما أراد هللا؟! وفً رواٌة‪":‬إذا للت فً كتاب هللا بما ال أعلم"(٘)‪.‬‬
‫ما ورد عن عدد من التابعٌن التمنع من التفسٌر بالرأي(‪.)ٙ‬‬

‫صؽٌر ولٌل نُ ْمرة فً الجبل ٌستَن ِمع فٌها الما ُء‪ ،‬وتطلك على العطٌَّةُ والهبة‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ؼدٌر ماءٍ‬
‫ُ‬ ‫(ٔ) الموهبة‪:‬‬
‫لسان العربٔ‪ .1ٖٓ/‬والمراد بالموهبة هنا من أعطاه هللا ملكة ٌتذوق بها األلفاظ والمعانً فٌفسرها‪.‬‬
‫(ٕ) علوم المرآن الكرٌم لنور الدٌن عترة ص٘‪.2‬‬
‫(ٖ) سنن الترمذي‪ ،‬دمحم بن عٌسى الترمذي السلمً٘‪ ،ٕٓٓ/‬باب‪ :‬الذي ٌفسر المرآن برأٌه‪ ،‬تحمٌك‪ :‬أحمد دمحم‬
‫شاكر‪ ،‬دار إحٌاء التراث العربً‪ -‬بٌروت‪ ،‬وسنن أبً داود‪ ،‬سلٌمان بن األشعث السجستانً ٖ‪ ،ٕ٘1/‬باب‪:‬‬
‫الكبلم فً كتاب هللا بؽٌر علم‪ ،‬دار الكتاب العربً‪ -‬بٌروت‪(،‬بدون)‪.‬‬
‫(ٗ) رواه الترمذي ٘‪ ،ٔ55/‬ولال‪ :‬حدٌث حسن‪ ،‬لال األلبانً‪ :‬وفٌه نظر‪ ،‬ففً سنده عبد األعلى أبو عامر‬
‫الثعلبً فمد أورده الذهبً فً "الضعفاء"‪ ،‬ولال‪" :‬ضعفه أحمد وأبو زرعة"‪ ،‬ولال الحافظ فً التمرٌب‪" :‬صدوق‪،‬‬
‫ٌهم"‪ ،‬وفً سند الترمذي سفٌان بن وكٌع‪ ،‬لكنه لد توبع من جماعة‪ ،‬ولذلن لال المناوي‪" :‬رمز المصنؾ لحسنه‪،‬‬
‫اؼترارا ً بالترمذي‪ ،‬لال ابن المطان‪ٌ :‬نبؽً أن ٌضعؾ‪ ،‬إذ فٌه سفٌان بن وكٌع‪ ،‬ولال أبو زرعة‪ :‬متهم بالكذب‪،‬‬
‫انظر‪ :‬سلسلة األحادٌث الضعٌفة والموضوعة‪ ،‬دمحم ناصر الدٌن بن الحاج نوح األلبانًٗ‪ ،ٕٙ٘/‬دار المعارؾ‪-‬‬
‫الرٌاض‪ ،‬ط‪/‬األولى ٕٔٗٔهـ‪ٔ55ٕ -‬م‪ ،‬وأخرجه أحمد بن حنبل أبو عبدهللا الشٌبانً فً المسند ٔ‪ٕٙ5 /‬‬
‫وٖ‪ ، ٕ5‬وأخرجه أبو ٌعلى فً مسنده‪ ،‬أحمد بن علً بن المثنى أبو ٌعلى الموصلً التمٌمًٕ‪ ،ٕٔٙ /‬تحمٌك‪:‬‬
‫حسٌن سلٌم أسد‪ ،‬دار المؤمون للتراث – دمشك‪ ،‬ط‪ /‬األولىٗٓٗٔهـ ‪ٔ51ٗ -‬م‪.‬‬
‫(٘ )المصنؾ فً األحادٌث واآلثار‪ ،‬أبو بكر عبد هللا بن دمحم بن أبً شٌبة الكوفً‪ ،‬باب‪ :‬من كره أن ٌفسر المرآن‬
‫‪ ،ٕٔٙ/ٙ‬تحمٌك كمال ٌوسؾ الحوت‪ ،‬مكتبة الرشد– الرٌاض‪ ،‬ط‪ /‬األولى ‪ٔٗٓ5‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )ٙ‬منهم‪:‬‬
‫ولد نالش المجٌزون للتفسٌر بالرأي هذه األدلة فمالوا‪:‬‬
‫(ٔ)‬
‫أما الحدٌث‪ :‬ففً صحته وثبوته نظر؛ فمد لال الترمذي بعد أن رواه‪ :‬هكذا ُر ِوي عن‬
‫ُ‬
‫المرآن بؽٌر علم‪،‬‬ ‫بعض أهل العلم من أصحاب النبً ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬وؼٌرهم أنهم شددوا فً أن ٌُفَ َ‬
‫سر‬
‫وأما الذي روي عن مجاهد ولتادة(ٕ) وؼٌرهما من أهل العلم أنهم فسروا المرآن فلٌس الظن بهم‬
‫أنهم لالوا فً المرآن أو فسروه بؽٌر علم‪ ،‬أو من لبل أنفسهم‪ ،‬ولد ُر ِوي عنهم ما ٌدل على ما للنا‬
‫(ٖ)‬
‫‪ -‬أنهم لم ٌمولوا من لبل أنفسهم بؽٌر علم ‪ -‬ولد تكلم بعض أهل الحدٌث فً سهٌل بن أبً حزم‬
‫"(ٗ)‪.‬‬
‫ولد ذكر اإلمام السٌوطً التفسٌر بالرأي المحرم بموله‪" :‬وجملة ما تحصل فً معنى‬
‫حدٌث التفسٌر بالرأي خمسة ألوال‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬التفسٌر من ؼٌر حصول العلوم التً ٌجوز معها التفسٌر‪.‬‬
‫الثانً‪ :‬تفسٌر المتشابه الذي ال ٌعلمه إال هللا‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬التفسٌر الممَ ِرر للمذهب الفاسد بؤن ٌجعل المذهب أصبل والتفسٌر تابعاً‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬التفسٌر بؤن مراد هللا كذا على المطع من ؼٌر دلٌل‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬التفسٌر باالستحسان والهوى"(٘)‪.‬‬

‫أ‪ -‬سعٌد بن المسٌب ولد كان إذا سبل عن تفسٌر آٌة من المرآن لال ‪" :‬أنا ال ألول فً المرآن شٌبا"‪ ،‬وكان سعٌد‬
‫إذا سبل عن الحبلل والحرام تكلم‪ ،‬وإذا سبل عن تفسٌر آٌة من المرآن سكت‪ ،‬وكؤن لم ٌسمع شٌبا‪ .‬انظر‪ :‬فضابل‬
‫المرآن للماسم بن سبلم‪ ،‬أبو عُبٌد الماسم بن سبلّم البؽداديٕ‪ ،ٕ٘2/‬تحمٌك‪ :‬مروان العطٌة ‪ -‬محسن خرابة ‪ -‬وفاء‬
‫تمً الدٌن‪ ،‬دار ابن كثٌر‪ -‬دمشك‪ ،‬ط‪ٕٔٗٓ /‬هـ‪.‬‬
‫ب‪ -‬اإلمام الشعبً لال‪( :‬ثبلث ال ألول فٌهن حتى أموت)‪ :‬المرآن والروح والرإى‪ ،‬انظر‪ :‬جامع البٌان فً تؤوٌل‬
‫المرآن‪ ،‬دمحم بن جرٌر‪ ،‬أبو جعفر الطبرئ‪ ،12/‬تحمٌك‪ :‬أحمد دمحم شاكر‪ ،‬مإسسة الرسالة‪ ،‬ط‪ /‬األولى ٕٓٗٔ هـ‬
‫‪ ٕٓٓٓ -‬م‪.‬‬
‫ج‪ -‬دمحم بن سٌرٌن لال‪ :‬سؤلت عبٌدة‪ٌ :‬عنً السلمانً عن آٌة من المرآن فمال‪" :‬ذهب الذٌن كانوا ٌعلمون فٌما‬
‫أنزل المرآن‪ ،‬فاتك هللا وعلٌن بالسداد"‪ ،‬انظر‪ :‬مصنؾ ابن أبً شٌبة ‪.ٔ25 /2‬‬
‫د‪ -‬ما روي عن مسروق‪ :‬أنه لال‪" :‬اتموا التفسٌر فإنما هو الرواٌة عن هللا"‪ ،‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى‪ ،‬تمً الدٌن‬
‫أبو العباس أحمد بن عبد الحلٌم بن تٌمٌة الحرانً ٕ‪ ،ٖٕٓ/‬تحمٌك‪ :‬أنور الباز‪ -‬عامر الجزار‪ ،‬دار الوفاء‪ ،‬ط‪/‬‬
‫الثالثة ‪ ٕٔٗٙ‬هـ ‪ ٕٓٓ٘ /‬م‪.‬‬
‫(ٔ) هو دمحم بن عٌسى بن سورة بن موسى السلمً الحافظ أبو عٌسى الترمذي الضرٌر مصنؾ الكتاب الجامع‪،‬‬
‫ولد سنة بضع ومابتٌن‪ ،‬أخذ علم الحدٌث عن أبً عبد هللا البخاري‪ ،‬وروى عنه حماد بن شاكر وآخرون‪ ،‬وكان‬
‫ممن جمع وصنؾ وحفظ وذاكر‪ ،‬توفً ثالث عشر رجب بترمذ سنة تسع وسبعٌن ومابتٌن ولٌل‪ :‬خمس وسبعٌن‪،‬‬
‫انظر‪ :‬الوافً بالوفٌات ٕ‪ ،٘ٗ /‬وفٌات األعٌان ٗ‪.ٕ21 /‬‬
‫(ٕ ) هو لتادة بن دعامة بن لتادة بن عزٌز البصري‪ ،‬حافظ العصر‪ ،‬لدوة المفسرٌن والمحدثٌن أبو الخطاب‬
‫السدوسً البصري الضرٌر األكمه‪ ،‬مات بواسط فً الطاعون‪ ،‬سنة ثمانً عشرة ومابة للهجرة‪ ،‬انظر‪ :‬سٌر‬
‫أعبلم النببلء ٘‪.ٕٙ5/‬‬
‫(ٖ) هو سهٌل بن أبً حزم المطٌعً ضعٌؾ‪ ،‬و"لد ضعفه الجمهور‪ ،‬لال ابن حبان‪ٌ :‬تفرد عن الثمات بما ال ٌشبه‬
‫حدٌث األثبات"‪ ،‬انظر‪ :‬المجروحٌن من المحدثٌن والضعفاء والمتروكٌن‪ ،‬دمحم بن حبان ابن أحمد بن أبً حاتم‬
‫التمٌمً البستًٔ‪ ،ٖ5ٓ/‬تحمٌك‪ :‬محمود إبراهٌم زاٌد‪ ،‬دار الوعً– حلب‪ ،‬ط‪/‬األولى ‪ٖٔ5ٙ‬هـ‪.‬‬
‫(ٗ) سنن الترمذي ٘‪ ،ٕٓ/‬تحمٌك‪ :‬أحمد شاكر‪ ،‬ومذٌل بحكم األلبانً على األحادٌث‪ ،‬دار الكتاب العربً‪-‬‬
‫بٌروت‪( ،‬بدون)‪.‬‬
‫(٘) اإلتمان فً علوم المرآن لجبلل الدٌن السٌوطً صٕٕٓ‪ ،‬بتصرؾ‪.‬‬
‫وعلٌه فإن التفسٌر المذموم المردود هو التفسٌر بالرأي المحرم الذي ذكره اإلمام‬
‫السٌوطً‪ ،‬وهذا النوع من التفسٌر كثٌرا ً ما ٌشتمل على المروٌات الواهٌة‪ ،‬والباطلة‪ ،‬و"أما‬
‫التفسٌر الممبول فهو التفسٌر المبنً على المعرفة بالعلوم اللؽوٌة‪ ،‬والمواعد الشرعٌة‪،‬‬
‫واألصولٌة‪ ،‬وعلم السنن‪ ،‬واألحادٌث‪ ،‬وال ٌعارض نمبل صحٌحاً‪ ،‬وال عمبل سلٌماً‪ ،‬وال علما ً ٌمٌنا ً‬
‫ثابتا ً مستمراً‪ ،‬مع بذل ؼاٌة الوسع فً البحث‪ ،‬واالجتهاد والمبالؽة فً تحري الحك والصواب‪،‬‬
‫وتجرٌد النفس من الهوى"(ٔ)‪ ،‬وهو الحك وعلٌه أكثر السلؾ(ٕ)؛ ألن ما كان مخالفا ً لنص من‬
‫الكتاب أو السنة فهو فاسد االعتبار‪ ،‬كما أن ما كان متكلفا ً ؼٌر مبنى على االجتهاد المستكمل‬
‫للشروط ٌُعد عبثاً‪.‬‬
‫واختلؾ العلماء فً تسمٌة التفسٌر بالرأي‪ ،‬هل ٌسمى تفسٌرا ً أم ٌسمى تؤوٌبلً ؟‬
‫(ٖ)‬

‫والذي رجحه الزركشً أن هنان فرلا ً بٌن التؤوٌل والتفسٌر وأنهما لٌسا بمعنى واحد‪،‬‬
‫فمال‪" :‬ثم لٌل التفسٌر والتؤوٌل واحد بحسب عرؾ االستعمال والصحٌح تؽاٌرهما"(ٗ)‪.‬‬
‫ولال فً موضع آخر‪" :‬وكؤن السبب فً اصطبلح بعضهم على التفرلة بٌن التفسٌر‬
‫والتؤوٌل التمٌٌز بٌن المنمول والمستنبط لٌحمل على االعتماد فً المنمول وعلى النظر فً‬
‫المستنبط تجوٌزا ً له وازدٌاداً"(٘)‪.‬‬
‫ولال دمحم حسٌن الذهبً‪ " :‬والذي تمٌل إلٌه النفس أن التفسٌر ما كان راجعا ً إلى الرواٌة‪،‬‬
‫والتؤوٌل ما كان راجعا ً إلى الدراٌة؛ وذلن ألن التفسٌر معناه الكشؾ والبٌان عن مراد هللا تعالى‬
‫ال ٌجزم به إال إذا ورد عن رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬أو عن بعض أصحابه الذٌن شهدوا نزول الوحً‪،‬‬
‫وعلموا ما أحاط به من حوادث وولابع وخالطوا رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬ورجعوا إلٌه فٌما أشكل علٌهم‬
‫من معانً المرآن الكرٌم‪.‬‬

‫(ٔ) اإلسرابٌلٌات والموضوعات فً كتب التفسٌر‪ ،‬د‪ /‬دمحم بن دمحم أبو شهبة ص‪ ،51‬مكتبة السنة ‪ ،‬ط‪ /‬الرابعة‬
‫‪ٔٗٓ1‬هـ‪ ،‬بتصرؾ ٌسٌر‪.‬‬
‫(ٕ )منهم كثٌر من الصحابة رضً هللا عنهم كاإلمام علً‪ ،‬وابن مسعود‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬وأبً بن كعب وعبد هللا‬
‫بن عمرو بن العاص‪ ،‬وأنس‪ ،‬وأبً هرٌرة‪ ،‬وؼٌرهم‪ ،‬فلوال أن تفسٌر المرآن جابز لمن تؤهل له لما فعلوه‪ ،‬ألنهم‬
‫كانوا أشد الناس ورعا‪ ،‬وتموى‪ ،‬وولوفا عند حدود هللا‪ ،‬كما ورد تفسٌر المرآن عن كثٌر من خٌار التابعٌن‪،‬‬
‫كسعٌد بن جبٌر‪ ،‬ومجاهد بن جبر‪ ،‬وعكرمة‪ ،‬ولتادة والحسن البصري‪ ،‬ومسروق‪ ،‬والشعبً‪ ،‬وؼٌرهم‪ ،‬مما ٌدل‬
‫على أن من امتنع منهم من تفسٌر المرآن إنما كان زٌادة احتٌاط‪ ،‬ومبالؽة فً التورع‪ ،‬انظر‪ :‬أبجد العلوم الوشً‬
‫المرلوم لصدٌك بن حسن المنوجً ٕ‪ ،ٔٗٔ /‬تحمٌك‪ :‬عبد الجبار زكار‪ ،‬دار الكتب العلمٌة – بٌروت‪ٔ521 ،‬م‪.‬‬
‫(ٖ ) لال صدٌك حسن خان‪ :‬واختلؾ فً التفسٌر والتؤوٌل فمال أبو عبٌد وطابفة‪ :‬هما بمعنى ولد أنكر ذلن لوم‪،‬‬
‫ولال الراؼب‪ :‬التفسٌر أعم من التؤوٌل‪ ،‬وأكثر استعماله فً األلفاظ ومفرداتها‪ ،‬وأكثر استعمال التؤوٌل فً‬
‫معان‬
‫ٍ‬ ‫المعانً والجمل‪ ،‬ولٌل‪ :‬التفسٌر‪ :‬بٌان لفظ ال ٌحتمل إال وج ًها واحدًا‪ ،‬والتؤوٌل‪ :‬توجٌهُ لفظ متوج ٍه إلى‬
‫مختلفة إلى واحد منها بما ظهر من األدلة‪ ،‬ولال الماترٌدي‪ :‬التفسٌر‪ :‬المط ُع على أن المرا َد من اللفظ هذا‪،‬‬
‫فظ هذا‪ ،‬والتؤوٌل‪ :‬ترجٌح أحد المحتمبلت بدون المطع ‪ ،‬ولال أبو‬ ‫والشهادة ُ على هللا سبحانه وتعالى أنه عنَى باللَّ ِ‬
‫إخبار عن دلٌ ِل المرادِ‪ ،‬ولال البؽوي‪ :‬التفسٌر بالرأي‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫والتفسٌر‬
‫ُ‬ ‫إخبار عن حمٌم ِة المرادِ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫طالب الثعلبً‪ :‬التؤوٌلُ‪:‬‬
‫ك‬
‫ب والسن ِة‪ ،‬من طرٌ ِ‬ ‫ؼٌر مخالؾ للكتا ِ‬‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ك لما لبلها وبعدها‪ ،‬تحتمله اآلٌة‪،‬‬ ‫هو صرؾ اآلٌ ِة إلى معنى مواف ٍ‬
‫االستنباط‪ .‬انظر‪:‬أبجد العلومٕ‪.ٕٔٗ ،ٔٗٔ/‬‬
‫ِ‬
‫(ٗ) البرهان فً علوم المرآن للزركشًٕ‪.ٔٗ5/‬‬
‫(٘)المصدر نفسه ٕ‪.ٔ2ٕ/‬‬
‫وأما التؤوٌل فملحوظ فٌه ترجٌح أحد محتمبلت اللفظ بالدلٌل‪ ،‬والترجٌح ٌعتمد على االجتهاد‪،‬‬
‫وٌتوصل إلٌه بمعرفة مفردات األلفاظ ومدلوالتها فً لؽة العرب واستنباط المعانً من كل‬
‫ذلن"(ٔ)‪.‬‬
‫والذي ٌراه الباحث هو ما رجحه األكثر(ٕ) أن التفسٌر مؽاٌر للتؤوٌل‪ ،‬وأن تفسٌر الدراٌة‬
‫"الرأي" هو التؤوٌل؛ وذلن لٌحصل التمٌٌز فً التفسٌر بالمؤثور‪ ،‬واالجتهاد فً التفسٌر بالرأي‪،‬‬
‫وٌكون االعتـماد على التـفسٌر بالمؤثور‪ ،‬والنظر فً المستنبط‪ ،‬ثم إن التفسٌر بالمؤثور ممدم على‬
‫التفسٌر بالرأي عند التعارض‪ ،‬بل ٌعد التفسٌر بالرأي فً ممابل النص فاسد االعتبار‪ ،‬وال‬
‫مشاحة فً االصطبلح إذا عرؾ المعنى‪ ،‬ومن أهم كتب التفسٌر بالرأي‪:‬‬
‫أ‪ -‬أنوار التنزٌل وأسرار التؤوٌل للبٌضاوي(ٖ)‪.‬‬
‫ب‪ -‬مدارن التنزٌل وحمابك التؤوٌل للنسفً(ٗ)‪.‬‬
‫ج‪ -‬لباب التؤوٌل فً معانً التنزٌل للعبلمة عبلء الدٌن البؽدادي الملمب بالخازن(٘)‪.‬‬
‫د‪ -‬البحر المحٌط ألبً حٌان دمحم بن ٌوسؾ األندلسً‪.‬‬
‫‪-4‬التفسٌر اإلشاري‬
‫هو تفسٌر المرآن بؽٌر ظاهره إلشارة تظهر ألرباب الصفاء‪ ،‬مع عدم إبطال الظاهر‪،‬‬
‫لال الزرلانً‪" :‬التفسٌر اإلشاري‪ :‬هو تؤوٌل المرآن بؽٌرظاهره إلشارة خفٌة تظهر ألرباب‬
‫السلون والتصوؾ وٌمكن الجمع بٌنها وبٌن الظاهرالمراد أٌضا"(‪.)ٙ‬‬
‫ولال الصابونً‪" :‬التفسٌراإلشاري‪ :‬هو تؤوٌل المرآن على خبلؾ ظاهره‪ ،‬إلشارات‬
‫خفٌة تظهر لبعض أولً العلم‪ ،‬أوتظهر للعارفٌن باهلل من أرباب السلون والمجاهدة للنفس‪ ،‬ممن‬
‫نور هللا بصابرهمفؤدركوا أسرار المرآن العظٌم‪ ،‬أو انمدحت فً أذهانهم بعض المعانً الدلٌمة‪،‬‬
‫بواسطةاإللهام اإللهً أو الفتح الربانً‪ ،‬مع إمكان الجمع بٌنهما وبٌن الظاهر المراد من اآلٌات‬
‫الكرٌمة"(‪..)2‬‬

‫(ٔ) التفسٌر والمفسرون ٔ‪.ٔٙ/‬‬


‫(ٕ) منهم‪ :‬الحسٌن بن مسعود البؽوي فً معالم التنزٌل ٔ‪ ،ٗٙ/‬والزركشً ٕ‪ ،ٔٗ5/‬واألصفهانً فً مفردات‬
‫المرآن ٕ‪ ،ٔ5ٕ/‬ودمحم الذهبً فً التفسٌر والمفسرونٔ‪.ٔٙ/‬‬
‫ٖ‪ -‬هو لاضً المضاة أبو الخٌر عبد هللا بن عمر بن دمحم بن علً البٌضاوي الشافعً‪ ،‬من ببلد فارس صاحب‬
‫المصنفات وعالم أذربجان‪ ،‬ولً لضاء شٌراز‪ ،‬وكان إماما ً بارعا ً مصنفاً‪ ،‬فرٌد عصره‪ ،‬ووحٌد دهر‪ ،‬أثنى على‬
‫علمه وفضله ؼٌر واحد‪ ،‬من مصنفاته‪ :‬أنوار التنزٌل وأسرار التؤوٌل فً التفسٌر‪ ،‬توفى سنة إحدى وتسعٌن‬
‫وستمابة‪ ،‬ولٌل‪ :‬خمس وثمانٌن‪ ،‬انظر‪ :‬طبمات المفسرٌن للسبكً ‪ ،ٔ٘٘/1‬والمنهل الصافً والمستوفى بعد‬
‫الوافًٕ‪.1ٖ/‬‬
‫ٗ‪ -‬هو أبو البركات عبد هللا بن أحمد بن محمود النسفً الحنفً أحد الزهاد واألبمة المعتبرٌن‪ ،‬وصاحب‬
‫التصانٌؾ المعتبرة فً الفمه‪ ،‬واألصول‪ ،‬وؼٌرهما‪ ،‬منها‪ :‬مدارن التنزٌل فً تفسٌر المرآن‪ ،‬وكنز الدلابك‪ ،‬توفى‬
‫سنة إحدى وسبعمابة‪ ،‬انظر‪ :‬الدرر الكامنة فً أعٌان المابة الثامنة ٔ‪.ٔٙ1/‬‬
‫٘‪ -‬هو العبلمة عبلء الدٌن أبو الحسن علً بن دمحم بن إبراهٌم الشٌحً البؽدادي الشافعً عرؾ بالخازن‪ ،‬ولد فً‬
‫بؽداد سنة ثمان وسبعٌن وستمابة‪ ،‬سمع من علمابها ثم انتمل إلى دمشك واستمر بها متعلما ً ثم معلما ً ومات بها‬
‫سنة إحدى وأربعٌن وسبعمابة‪ .‬انظر‪ :‬الوافً بالوفٌاتٔ‪.ٖٗ /‬‬
‫(‪)ٙ‬مناهل العرفان للزرلانً ٕ‪٘ٙ/‬‬
‫(‪)2‬التبٌان فً علوم المرآن للصابونً صٔ‪ٔ5‬‬
‫ولد عرؾ التفسٌر الصوفً بالتفسٌر اإلشاري‪ ،‬وٌتمثل على زعمهم فً أن ٌرى‬
‫المفسر معنى آخر ؼٌر المعنى الظاهر‪ ،‬ربما تحتمله اآلٌة الكرٌمة ولكنه ال ٌظهر للعامة من‬
‫الناس‪ ،‬وإنما ٌظهر لخاصتهم ومن فتح هللا للبه وأنار بصٌرته وسلكه ضمن عباده الصالحٌن‪،‬‬
‫الذٌن منحهم هللا الفهم واإلدران‪ ،‬وهذا النوع من العلم لٌس من العلم الكسبى الذي ٌنال بالبحث‬
‫والمذاكرة وإنما هو من العلم الوهبى الذي هو أثر التمى واالستمامة والصبلح‪ ،‬كما لال‬
‫ع ِلٌ ٌم [البمرة‪.]ٕ1ٕ:‬‬ ‫َّللاُ بِ ُك ِّل ش ْ‬
‫ًَءٍ َ‬ ‫َّللاَ َوٌُعَ ِلّ ُم ُك ْم َّ‬
‫َّللاُ َو َّ‬ ‫تعالى‪َ :‬واتَّمُوا َّ‬
‫والتفسٌر الصوفً ٌعتمد أساسا على أن للمرآن ظاهرا وباطنا‪ ،‬وٌمصد بالظاهر الشرٌعة‬
‫وبالباطن الحمٌمة‪ ،‬وعلم الشرٌعة علم المجاهدة‪ ،‬وعلم الحمٌمة علم الهداٌة‪ ،‬وعلم الشرٌعة علم‬
‫اآلداب وعلم الحمٌمة علم األحوال‪ ،‬وعلم الشرٌعة ٌعلمه علماء الشرٌعة وعلم الحمٌمة ٌعلمه‬
‫العلماء باهلل‪ٌ ،‬مول السلمى فً ممدمة تفسٌره عن الباعث إللدامه على كتابة تفسٌر المرآن‪" :‬لما‬
‫رأٌت المتوسمٌن بعلوم الظاهر لد سبموا فً أنواع فرابد المرآن‪ ،‬من لراءات وتفاسٌر ومشكبلت‬
‫وأحكام وإعراب ولؽة ومجمل ومفصل وناسخ ومنسوخ‪ ،‬ولم ٌشتؽل أحد منهم بفهم الخطاب على‬
‫لسان أهل الحمٌمة إال آٌات متفرلة‪ ،‬أحببت أن أجمع حروفا أستحسنها من ذلن وأضم ألوال‬
‫مشاٌخ أهل الحمٌمة إلى ذلن وأرتبه على السور حسب وسعى وطالتى(ٔ)‪.‬‬
‫وٌمول سهل بن عبد هللا التسترى فً تفسٌره‪ ،‬وهو أول ما ظهر للصوفٌة من تفسٌر‬
‫للمرآن‪" :‬ما من آٌة فً المرآن إال ولها أربعة معان‪ ،‬ظاهر وباطن وحد ومطلع‪ ،‬فالظاهر التبلوة‪،‬‬
‫والباطن الفهم والحد حبللها وحرامها والمطلع إشراؾ الملب على المراد بها فمها من هللا عز‬
‫وجل‪ ،‬فالعلم الظاهر علم عام‪ ،‬والفهم لباطنه والمراد به خاص"(ٕ)‪.‬‬
‫ولد ظهر أٌضا تفسٌر ثالث لعبد الكرٌم المشٌرى سلن فٌه مسلن الصوفٌة فً إدران‬
‫اإلشارات التً ٌراها الصوفً خلؾ آٌات المرآن‪ ،‬وسماه لطابؾ اإلشارات‪ ،‬لال عن الباعث‬
‫لتؤلٌفه‪" :‬وكتابنا هذا ٌؤتى على طرؾ من إشارات المرآن على لسان أهل المعرفة إما من معانً‬
‫لولهم أو لضاٌا أصولهم‪ ،‬سلكنا فٌه طرٌك اإللبلل خشٌة المبلل مستمدٌن من هللا تعالى عوابد‬
‫المنة‪ ،‬متبربٌن من الحول والمنة مستعصمٌن من الخطؤ والخلل‪ ،‬مستوثمٌن ألصوب المول‬
‫والعمل(ٖ)‪.‬‬
‫ولم ٌظهر فً تارٌخ التفسٌر اإلشاري حتى المرن الخامس‪ ،‬أهم من حمابك التفسٌر‬
‫للسلمى‪ ،‬ولطابؾ اإلشارات للمشٌري وإن كان المشٌري لد استفاد من السلمى فابدة كبرى‬
‫والتبس منه كثٌرا من آرابه (ٗ)‪.‬‬
‫ولد ظهر تفسٌر المرآن المنسوب البن عربً‪ ،‬ولكنه فً الحمٌمة للكاشانً السمرلندي‪،‬‬
‫وٌعد هذا التفسٌر أهم تفسٌر إشارى بعد اللطابؾ‪ ،‬لال مإلفه فً ممدمته‪" :‬ما نزل من المرآن آٌة‬
‫إال ولها ظهر وبطن‪ ،‬ولكل حرؾ حد ومطلع‪ ،‬فالظهر هو التفسٌر‪ ،‬والبطن هو التؤوٌل‪ ،‬والحد‬

‫(ٔ) تفسٌر المران الكرٌم على الطرٌمة الصوفٌة‪ ،‬دراسة وتحمٌك حمابك التفسٌر ألبً عبدالرحمن بن دمحم بن‬
‫الحسٌن األزدي السلمً‪ ،‬رسالة ماجستٌر‪ ،‬سلمان نصٌؾ جاسم التكرٌتً‪ ،‬مكتبة كلٌة دار العلوم‪ ،‬جامعة الماهرة‪،‬‬
‫٘‪.ٕٕ :ٔ52‬‬
‫(ٕ) تفسٌر المران العظٌم‪ ،‬سهل بن عبدهللا‪ ،‬مطبعة السعادة‪.ٙٔ :ٔ5ٓ1 ،‬‬
‫(ٖ) لطابؾ اإلشارات‪ ،‬المشٌري‪ ،‬تحمٌك‪ :‬د‪ .‬ابراهٌم بسٌونً‪ ،‬طبعة الهٌبة المصرٌة العامة للكتاب‪ ،‬طٖ‪،‬‬
‫الماهرة‪.ٗٔ/ٔ :ٔ51ٔ ،‬‬
‫(ٗ) تارٌخ أدبٌات در اٌران‪ ،‬ذبٌح هللا صفا‪ ،‬طٖ‪ٖٖٔ5 ،‬هـ‪.ٕ٘2/ٕ :‬‬
‫هو ما تتناهً إلٌه الفهوم من معنى الكبلم‪ ،‬والمطلع ما ٌصعد إلٌه منه فٌطلع على شهود الملن‬
‫العبلم"(ٔ)‪.‬‬
‫وٌمكن المول باستمراء التفسٌرات الصوفٌة السابمة أن السمة الؽالبة فً التفسٌر‬
‫اإلشاري لدى الصوفٌة تتمثل فٌما ٌؤتً‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬أن للمرآن ظاهرا وباطنا‪ ،‬وأن الظاهر للعوام والباطن ال ٌدركه إال الخواص وإدران‬
‫الخواص مستمد من فٌض إلهً ٌنٌر بصابرهم‪ ،‬وٌكشؾ لهم على زعمهم عن معارؾ لدنٌة‬
‫مباشرة‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬أن العلم بالمرآن على هذا النحو ٌفترق عن العلوم المرآنٌة األخرى فً بداٌته وفى طرابمه‬
‫وفً ؼاٌاته‪ ،‬فضبل عن أنه ٌفترق عن سابر العلوم بضرورة العمل‪ ،‬فالعالم البد أن ٌكون عامبل‬
‫وعمله هو جهاده ورٌاضاته التً تإدى إلى صمل إرادته وشحذ همته وتنمٌة مرآته الباطنٌة من‬
‫كل شاببة‪ ،‬فالتفسٌر عموما لٌس تفسٌرا مباشرا‪ ،‬بل ٌسلن تزكٌة النفوس وتطهٌر الملوب والحث‬
‫على التحلى باألخبلق الفاضلة‪.‬‬
‫ٖ ‪ -‬أن التفسٌر اإلشاري وإن كان ٌعتمد على ما وراء العبارة الظاهرٌة إال أنه لم تخل من‬
‫بعض ما نمل من اآلثار على النحو المذكور فً التفسٌر بالمؤثور أو التفسٌر بالرأي بالطرٌمة‬
‫االستنباطٌة‪ ،‬أو تفسٌرات تعتمد على معانً األلفاظ والتفسٌرات الببلؼٌة‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬تتعرض هذه التفسٌرات لكثٌر من المعانً والمصطلحات الصوفٌة التً تكشؾ عن طرٌمتهم‬
‫وتجربتهم‪ ،‬ال سٌما أنهم ٌوجهون اآلٌات كشواهد لهذه الرموز والمصطلحات‪.‬‬
‫٘‪ -‬ومع ما فٌها من معانً تمبل بصعوبة‪ ،‬أو ٌلتمس لها وجها تحمل علٌه بمشمة‪.‬‬
‫‪ -ٙ‬لم تسلم هذه التفسٌرات من اإلسرابٌلٌات‪ ،‬واالستشهاد بؽٌر المرآن والسنة‪ ،‬ولم تتبع الدلة فً‬
‫تحري ثبوت الحدٌث‪ ،‬أو مراعاة التعلٌك على األسانٌد‪ ،‬وكذلن لم تخل من فكر باطنً(ٕ)‪.‬‬
‫ولد استدل الصوفٌة بكثٌر من اآلٌات المرآنٌة العامة‪ ،‬التً تدعو إلى التدبر وفهم كتاب‬
‫ْب فٌِ ِه ُهدًى ِلّ ْل ُمتَّمٌِنَ الَّذٌِنَ‬‫َاب الَ َرٌ َ‬ ‫هللا بالتؤمل وحسن االستماع‪ ،‬كموله تعالى‪ {:‬الم َذلِنَ ْال ِكت ُ‬
‫صبلة َ َو ِم َّما َرزَ ْلنَا ُه ْم ٌُن ِفمُونَ } [البمرة‪ ،]ٖ-ٔ:‬وكموله‪{ :‬فَ َما ِل َهإُ الء ْالمَ ْو ِم‬ ‫ب َوٌُ ِمٌ ُمونَ ال َّ‬ ‫ٌُإْ ِمنُونَ بِ ْالؽَ ٌْ ِ‬
‫الَ ٌَ َكادُونَ ٌَ ْفمَ ُهونَ َحدٌِثًا}[النساء‪ ،]21:‬والمعنى ال ٌفهمون عن هللا مراده من الخطاب‪ ،‬ولم ٌرد‬
‫ب أ َ ْلفَالُ َها}[دمحم‪،]ٕٗ:‬‬ ‫علَى لُلُو ٍ‬‫أنهم ال ٌفهمون نفس الكبلم وكموله تعالى‪{ :‬أَفَبل ٌَت َ َدب َُّرونَ ْالمُ ْرآنَ أ َ ْم َ‬
‫حٌث دل على أن ظاهر المعنى شًء وهم عارفون به ألنهم عرب‪ ،‬والمراد هو شًء آخر وهو‬
‫الذي ال شن فٌه أنه من عند هللا‪ ،‬والتدبر إنما ٌكون لمن التفت إلى المماصد‪ ،‬وذلن ظاهر فً أنهم‬
‫أعرضوا عن مماصد المرآن‪ ،‬فلم ٌحصل منهم تدبر‪ ،‬وكموله تعالى‪ِ [ :‬إ َّن ِفً َذلِنَ لَ ِذ ْك َرى ِل َمن َكانَ‬
‫ش ِهٌ ٌد}[ق‪ ،]ٖ2:‬ولال أبو سعٌد الخراز‪" :‬أول الفهم لكتاب هللا عز‬ ‫س ْم َع َو ُه َو َ‬ ‫لَهُ لَ ْلبٌ أ َ ْو أ َ ْلمَى ال َّ‬
‫وجل العمل به‪ ،‬ألن فٌه العلم والفهم واالستنباط‪ ،‬وأول الفهم إلماء السمع والمشاهدة لموله عز‬
‫ش ِهٌ ٌد}[ق‪.)ٖ("]ٖ2:‬‬ ‫س ْم َع َو ُه َو َ‬‫وجل‪{ :‬إِ َّن فًِ َذلِنَ لَ ِذ ْك َرى ِل َمن َكانَ لَهُ لَ ْلبٌ أ َ ْو أ َ ْلمَى ال َّ‬

‫(ٔ) تفسٌر ابن عربً‪ ،ٔ/ٗ :‬وانظر تحمٌك نسبته فً‪ :‬تفسٌر المنار‪ ،ٔ1/ٔ:‬ومحً الدٌن بن عربً مفسرا‪ ،‬حامد‬
‫محمود الزفري‪ ،‬رسالة دكتوراه بمكتبة كلٌة أصول الدٌن جامعة األزهر‪ ،‬الماهرة‪ ،‬سنة ٕ‪ :ٔ52‬صٗ‪.ٔ2‬‬
‫(ٕ) انظر‪ :‬الموافمات‪.ٖٗٓ/ٖ :‬‬
‫(ٖ) اللمع فً التصوغ‪ ،‬سراج الطوسً‪.ٖٔٔ :‬‬
‫وٌواصل السراج الطوسً استدالله على التفسٌر اإلشاري فٌمول‪" :‬ولال تعالى‪ { :‬الَّذٌِنَ‬
‫سنَهُ}[ الزمر‪ ،]ٔ1:‬فالمرآن كله حسن ومعنى اتباع األحسن‪ ،‬ما‬ ‫ٌَ ْست َِمعُونَ ْالمَ ْو َل فٌََتَّبِعُونَ أَحْ َ‬
‫ٔ‬
‫ٌكشؾ للملوب من العجابب عند االستماع وإلماء السمع من طرٌك الفهم واالستنباط"( )‪.‬‬
‫(ٕ)‬
‫‪ ،‬فلفظ‬ ‫ومن السنة ٌستدلون بموله‪ " :‬لكل آٌة ظهر وبطن ولكل حرؾ حد ومطلع"‬
‫الظاهر والباطن على زعمهم لرآنٌان‪ ،‬وال ٌمكن االعتراض على الفكرة المابلة بؤن فً المرآن‬
‫ناحٌة واضحة تدرن فً ضوء االشتماق‪ ،‬وأن به ناحٌة أخرى ربما كانت أخفك وأعمك بالنسبة‬
‫لؤلولى‪ ،‬ألن هذه الفكرة ٌمكن أن تطبك فً الوالع على أي نص فكل نص له ناحٌة لرٌبة مباشرة‬
‫تدرن ببل عناء‪ ،‬وناحٌة أخرى تحتاج إلى عمل وجهد فً استٌعابها وفهمها‪ ،‬كما ال ٌمكننا أن‬
‫ننكر أن الحمٌمة اإلنسانٌة الثابتة تشٌر إلى عدم تساوي الناس فً الفهم واإلدران‪ ،‬ولد ظهرت‬
‫تلن الحمٌمة فً حٌاة الرسول وصحابته رضً هللا عنهم الذٌن تفاوتت ألدارهم فً سرعة ومدى‬
‫فهمهم للمرآن‪ ،‬وهذا ٌفسر ما أثر عنهم من تفسٌرات مختلفة(ٖ)‪.‬‬
‫وعن ابن عباس رضً هللا تعالى عنهما لال‪ " :‬كان عمر ٌدخلنً مع أشٌاخ بدر فمال‬
‫بعضهم‪ :‬لم تدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله ؟ فمال‪ :‬إنه ممن لد علمتم لال‪ :‬فدعاهم ذات ٌوم‬
‫ودعانً معهم‪ ،‬لال‪ :‬وما أرٌته دعانً ٌومبذ إال لٌرٌهم منً‪ ،‬فمال‪ :‬ما تمولون فً‪ِ { :‬إ َذا َجاء‬
‫َّللا أ َ ْف َوا ًجا}[ النصر‪ ،]ٔ-ٕ:‬حتى ختم السورة ؟‬
‫ٌِن َّ ِ‬ ‫َّللاِ َو ْالفَتْ ُح َو َرأٌَْتَ النَّ َ‬
‫اس ٌَ ْد ُخلُونَ فًِ د ِ‬ ‫ص ُر َّ‬
‫نَ ْ‬
‫فمال بعضهم‪ :‬أمرنا أن نحمد هللا ونستؽفره إذا نصرنا وفتح علٌنا‪ ،‬ولال بعضهم‪ :‬ال ندري أو لم‬
‫ٌمل بعضهم شٌبا‪ ،‬فمال لً‪ٌ :‬ا ابن عباس أكذان تمول ؟ للت‪ :‬ال‪ ،‬لال‪ :‬فما تمول ؟ للت‪ :‬هو أجل‬
‫َّللاِ َو ْالفَتْ ُح}[ النصر‪ ،]ٔ:‬فتح مكة‪ ،‬فذان عبلمة‬ ‫رسول هللا أعلمه هللا له‪ِ { :‬إ َذا َجاء نَ ْ‬
‫ص ُر َّ‬
‫س ِبّحْ ِب َح ْم ِد َر ِبّنَ َوا ْست َ ْؽ ِف ْرهُ إِنَّهُ َكانَ ت ََّوابًا}[النصر‪ ،]ٖ-ٗ:‬لال عمر رضً هللا عنه‪ :‬ما‬‫أجلن‪ { :‬فَ َ‬
‫(ٗ)‬
‫أعلم منها إال ما تعلم " ‪.‬‬
‫والشاهد هنا أن ابن عباس رضً هللا عنه فهم من خطاب هللا معنى خفٌا وراء ظاهر‬
‫األلفاظ لم ٌدركه عامة الصحابة فً مجلسهم‪ ،‬وهذا ٌشبه عمل الصوفٌة فً التفسٌر اإلشاري‪.‬‬
‫ومثله أٌضا ما روى عن أبً سعٌد الخدري رضً هللا عنه أن رسول هللا جلس على المنبر‬
‫فمال‪ " :‬إن عبدا خٌره هللا بٌن أن ٌإتٌه من زهرة الدنٌا ما شاء وبٌن ما عنده فاختار ما عنده‪،‬‬
‫فبكى أبو بكر ولال‪ :‬فدٌنان بآبابنا وأمهاتنا‪ ،‬فعجبنا له ولال الناس‪ :‬انظروا إلى هذا الشٌخ‪ٌ ،‬خبر‬
‫رسول هللا عن عبد خٌره هللا بٌن أن ٌإتٌه من زهرة الدنٌا وبٌن ما عنده‪ ،‬وهو ٌمول فدٌنان‬
‫بآبابنا وأمهاتنا فكان رسول هللا هو المخٌر‪ ،‬وكان أبو بكر هو أعلمنا به‪.‬‬
‫ولال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬إن من أمن الناس علً فً صحبته وماله أبا بكر‪ ،‬ولو كنت متخذا‬
‫خلٌبل من أمتً التخذت أبا بكر إال خلة اإلسبلم‪ ،‬ال ٌبمٌن فً المسجد خوخة إال خوخة أبً‬
‫بكر"(٘)‪.‬‬

‫(ٔ) اللمع فً التصوؾ‪ ،‬سراج الطوسً‪.ٖٔٔ :‬‬


‫(ٕ) ال أصل له ولم أجده فً كتب السنة مرفوعا إلى النبً‪ ،‬ولكنه أثر مولوؾ على عبدهللا بن مسعود‪ ،‬ولفظه‪:‬‬
‫"إن المرآن لٌس منه حرؾ إال له حد‪ ،‬ولكل حد مطلع"‪ .‬انظر‪ :‬معجم الطبرانً الكبٌر‪ :‬رلم(‪.ٖٔٙ/5()1ٙٙ2‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬التصوؾ طرٌما وتجربة ومذهبا‪ ،‬دمحم كمال جعفر‪.ٔ٘2 :‬‬
‫(ٗ) رواه البخاري(ٗ‪.)ٕٗ5‬‬
‫(٘) رواه البخاري(ٗٓ‪ ،)ٖ5‬ومسلم(ٕ‪.)ٕٖ1‬‬
‫فؤبو بكر الصدٌك فهم بطرٌك اإلشارة ما لم ٌفهمه عامة الصحابة وأسعد بذلن رسول هللا وكان‬
‫األمر كما لال‪.‬‬
‫ت نَ ْس َخ‬ ‫َ‬
‫َّللاِ بْنَ َم ْسعُو ٍد َك ِرهَ ِلزَ ٌْ ِد ب ِْن ثابِ ٍ‬ ‫ع ْب َد َّ‬ ‫َ‬
‫عتبَة‪ ،‬أ َّن َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّللاِ ب ِْن ُ‬
‫ع ْب ِد َّ‬ ‫َّللاِ ب ُْن َ‬
‫عبَ ٌْ ُد َّ‬
‫وعن ُ‬
‫َ‬
‫َّللاِ لمَ ْد‬
‫توالهَا َر ُج ٌل َو َّ‬ ‫ؾ َوٌَ َ‬ ‫ص َح ِ‬ ‫ْ‬
‫ع ْن نَسْخِ ِكت َابَ ِة ال ُم ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ؾ‪َ ،‬ولَالَ‪ٌَ :‬ا َم ْعش ََر ال ُم ْس ِل ِمٌنَ أعْزَ ُل َ‬ ‫اح ِ‬ ‫ْال َم َ‬
‫ص ِ‬
‫َّللاِ ب ُْن َم ْسعُو ٍد رضً هللا‬ ‫ع ْب ُد َّ‬‫ب َر ُج ٍل َكافِ ٍر‪ُِ ٌ ،‬رٌ ُد زَ ٌْ َد بْنَ ثَابِتٍ‪َ ،‬و ِل َذلِنَ لَا َل َ‬ ‫ص ْل ِ‬‫أ َ ْسلَ ْمتُ َوإِنَّهُ لَ ِفً ُ‬
‫ت بِ َما‬ ‫َّللا ٌَمُولُ‪َ { :‬و َمن ٌَ ْؽلُ ْل ٌَؤ ْ ِ‬ ‫ؼلُّو(هٔ)َا‪ ،‬فَإ ِ َّن َّ َ‬
‫ؾ الَّتًِ ِع ْن َد ُك ْم َو ُ‬ ‫اح َ‬‫ص ِ‬ ‫ق ا ْكت ُ ُموا ْال َم َ‬ ‫عنه‪ٌَ :‬ا أهل ْال ِع َرا ِ‬
‫ؾ ‪.‬‬ ‫اح ِ‬‫ص ِ‬ ‫ؼ َّل ٌَ ْو َم ْال ِمٌَا َم ِة}[ آل عمران‪ ،]ٔٙٔ:‬فَ ْالمُوا هللاَ بِ ْال َم َ‬ ‫َ‬
‫فالؽلول‪ ،‬وهو إخفاء الؽنابم طمعا لبل تمسٌمها فعل المجرمٌن‪ ،‬وظاهر اآلٌة ورد فً‬
‫عمابهم وفضحهم ٌوم المٌامة‪ ،‬ولد استخدمها ابن مسعود رضً هللا عنه بطرٌك اإلشارة فٌمن ؼل‬
‫ي‪" :‬فَبَلَؽَنًِ أ َ َّن َذلِنَ َك ِر َههُ‬ ‫الز ْه ِر ُّ‬‫المرآن وأخفاه‪ ،‬وٌرد علٌهم بؤن الصحابة انكروا علٌه ذلن‪ ،‬فمَا َل ُّ‬
‫ًِ"(ٕ)‪.‬‬ ‫ب النَّبِ ّ‬ ‫ص َحا ِ‬ ‫اض ِل أ َ ْ‬
‫ِم ْن َممالَ ِة اب ِْن َم ْسعُو ٍد ِر َجا ٌل ِم ْن أَفَ ِ‬
‫ولداختلؾ العلماء فً التفسٌر اإلشاري‪ ،‬وتباٌنت فٌه أراإهم فمنهم من أجازه ومنهم من‬
‫منعه‪ ،‬ومنهم من عده من كمال اإلٌمان ومحض العرفان‪ ،‬ومنهم من اعتبره زٌؽا وضبلال‬
‫وانحرافا عن دٌن هللا تبارن وتعالى‪ ،‬والوالع أن الموضوع دلٌك ٌحتاج إلى بصٌرة وروٌة‬
‫ونظرة إلى أعماق الحمٌمة لٌظهر ما إذا كان الؽرض من هذا النوع من التفسٌر هو اتباع الهوى‬
‫والتبلعب فً آٌات هللا كما فعل الباطنٌة والشٌعة‪ ،‬فٌكون ذلن من لبٌل الزندلة واإللحاد‪ ،‬أو‬
‫الؽرض منه اإلشارة إلى أن كبلم هللا تعالى ٌعز أن ٌحٌط به بشر إحاطة تامة‪ ،‬وأن كبلمه‬
‫تعالى وضعت فٌه مفاهٌم وأسرار ودلابك وعجابب ال تنمضى على مدار األزمان‪ ،‬وٌتوالى‬
‫إعجازه مرة بعد أخرى‪ ،‬فٌكون ذلن من محض العرفان وكمال اإلٌمان‪ ،‬كما نسب السٌوطً إلى‬
‫ابن عباس رضى هللا عنهما‪ " :‬إن المرآن ذو شجون وفنون وظهور وبطون‪ ،‬ال تنمضى عجاببه‬
‫وال تبلػ ؼاٌته‪ ،‬فمن أوؼل فٌه برفك نجا ومن أوؼل فٌه بعنؾ هوى‪ ،‬أخبار وأمثال وحبلل‬
‫وحرام‪ ،‬وناسخ ومنسوخ‪ ،‬ومحكم ومتشابه‪ ،‬وظهر وبطن‪ ،‬فظهره التبلوة‪ ،‬وبطنه التؤوٌل‪،‬‬
‫فجالسوا به العلماء وجانبوا به السفهاء"(ٖ)‪.‬‬
‫وٌمكن أن نعرض أهم آراء العلماء التً نسترشد بها فً تحدٌد شروط لبول التفسٌر‬
‫اإلشاري فمن ذلن‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬رأى ابن الصبلح‪:‬‬
‫ٌنمل ابن الصبلح عن اإلمام أبً الحسن الواحدى المفسر أنه لال‪" :‬صنؾ أبو عبد‬
‫الرحمن السلمى حمابك التفسٌر‪ ،‬فإن كان لد اعتمد أن هذا تفسٌر فمد كفر) ثم ٌعمب على ذلن‬
‫بموله‪( :‬وأنا ألول‪ :‬الظن بمن ٌوثك به منهم أنه إذا لال شًء من أمثال ذلن أنه لم ٌذكره تفسٌرا‬
‫وال ذهب به مذهب الشرح للكلمة المذكورة من المرآن العظٌم‪ ،‬فإنه لو كان كذلن كانوا لد سلكوا‬
‫مسلن الباطنٌة‪ ،‬وإنما ذلن ذكر منهم لنظٌر ما ورد به المرآن فإن النظٌر ٌذكر بالنظٌر ومن‬
‫ذلن‪ ،‬لتال النفس فً اآلٌة المذكورة فً لوله تعالى ‪ٌَ:‬ا أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َمنُواْ لَاتِلُواْ الَّذٌِنَ ٌَلُونَ ُكم ِ ّمنَ‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬الفكر السٌاسً عند الباطنٌة ومولك الؽزالً منه‪ ،‬احمد عرفات‪ ،‬رسالة ماجستٌر‪ ،‬كلٌة دار العلوم‪،‬‬
‫جامعة الماهرة‪.ٕٔ2 :ٔ511 ،‬‬
‫(ٕ) المعجم الصوفً‪ ،‬محمود عبدالرزاق‪.ٕٖٔ-ٕٔٓ/ٔ :‬‬
‫(ٖ) االتمان فً علوم المرآن‪.ٔ1٘/ٕ :‬‬
‫ار[التوبة‪]ٕٖٔ:‬فكؤنه لال‪ :‬أمرنا بمتال النفس ومن ٌلٌنا من الكفار ومع ذلن فٌالٌتهم لم‬ ‫ْال ُكفَّ ِ‬
‫(ٔ)‬
‫ٌتساهلوا فً مثل ذلن لما فٌه من اإللهام واإللباس" ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬رأى الشاطبى‪:‬‬
‫ٌمسم الشاطبى االعتبارات المرآنٌة الواردة على الملوب الطاهرة وأصحاب البصابر إذا‬
‫صحت على كمال شروطها على ضربٌن ‪:‬‬
‫أ‪ -‬ما ٌكون أصل انفجاره من المرآن وٌتبعه سابر الموجودات‪ ،‬فإن االعتبار الصحٌح فً الجملة‬
‫هو الذي ٌخرق من البصٌرة فً حجب األكوان من ؼٌر تولؾ‪ ،‬فإن تولؾ فهو ؼٌر صحٌح‬
‫حسبما بٌنه أهل التحمٌك بالسلون‪.‬‬
‫ب‪ -‬ما ٌكون انفجاره من الموجودات كلٌا أو جزبٌا وٌتبعه االعتبار فً المرآن‪.‬‬
‫فإن كان األول فهذا االعتبار صحٌح وهو معتمد على فهم باطن المرآن من ؼٌر إشكال‪ ،‬وإن‬
‫كان الثانً فالتولؾ على اعتباره فً فهم باطن المرآن الزم وأخذه على إطبلله ممتنع ألنه‬
‫بخبلؾ األول (ٕ)‪.‬‬
‫ٖ‪-‬رأى تاج الدٌن بن عطاء هللا‪:‬‬
‫وٌع ّد ابن عطاء هللا تفسٌر الصوفٌة لكبلم هللا ورسوله بالمعانً الؽرٌبة‪ ،‬لٌس إحالة‬
‫للظاهر عن ظاهره‪ ،‬ولكن ظاهر اآلٌة مفهوم منه ما جلبت اآلٌة له ودلت علٌه فً عرؾ‬
‫اللسان‪ ،‬وثمة أفهام باطنة تفهم عند اآلٌة والحدٌث لمن فتح هللا للبه‪ ،‬ولد جاء فً الحدٌث لكل آٌة‬
‫ظهر وبطن‪ ،‬فبل ٌصدنن عن تلمى هذه المعانً منهم أن ٌمول لن ذو جدل ومعارضة هذا إحالة‬
‫لكبلم هللا ورسوله‪ ،‬فلٌس ذلن بإحالة وإنما ٌكون إحالة لو لالوا‪ :‬ال معنى لآلٌة إال هذا وهم لم‬
‫ٌمولوا ذلن بل ٌمرون بالظواهر على ظواهرها مرادا بها موضوعاتها وٌفهمون عن هللا ما‬
‫أفهمهم(ٖ)‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬رأى حاجى خلٌفة‪:‬‬
‫ٌرى حاجى خلٌفة أن التصوؾ علم كٌفٌة رلً أهل الكمال من النوع االنسانً فً‬
‫مدارج سعادتهم‪ ،‬واألمور العارضة لهم فً درجاتهم‪ ،‬بمدر الطالة البشرٌة‪ ،‬وأما التعبٌر عن هذه‬
‫الدرجات والممامات كما هو حمه‪ ،‬فؽٌر ممكن ألن العبارات إنما وضعت للمعانً التً وصل‬
‫إلٌها فهم أهل اللؽات‪ ،‬وأما المعانً التً ال ٌصل إلٌها إال ؼابب عن ذاته فضبل عن لوى بدنه‪،‬‬
‫فلٌس ٌمكن أن ٌوضع لها ألفاظ‪ ،‬فضبل عن أن ٌعبر عنه بؤلفاظ‪ ،‬فكما أن المعموالت ال تدرن‬
‫باألوهام والموهومات‪ ،‬ال تدرن بالخٌالٌات‪ ،‬والتخٌبلت ال تدرن بالحواس‪ ،‬كذلن ما من شؤنه أن‬
‫ٌعاٌن بعٌن الٌمٌن ال ٌمكن أن ٌدرن بعلم الٌمٌن‪ ،‬فالواجب على من ٌرد ذلن أن ٌجتهد فً‬
‫الوصول إلٌه‪ ،‬بالعٌن دون أن ٌطلبه بالبٌان والعمل(ٗ)‪.‬‬
‫٘‪ -‬رأى سعد الدٌن التفتازانى‪:‬‬
‫فً شرحه للعمابد النسفٌة وتحت لول النسفى‪" :‬النصوص على ظاهرها والعدول عنها‬
‫إلى معان ٌدعها أهل الباطن إلحاد" علك سعد الدٌن التفتازانى بموله‪" :‬سمٌت المبلحدة باطنٌة‬

‫(ٔ)الموافمات فً أصول الشرٌعة‪ ،‬الشاطبً‪ ،‬المطبعة التجارٌة‪ ،‬بمصر‪.ٕ2ٕ/ٖ :‬‬


‫(ٕ)الموافمات ‪.ٕ2ٕ /ٖ : :‬‬
‫(ٖ) الموافمات‪.ٕ2ٕ/ٖ :‬‬
‫(ٗ) كشؾ الظنون عن أسامً كتب الفنون‪ ،‬مصطفى بن عبدهللا المشهور بحاجً خلٌفة‪ ،‬نشره المستشرق‬
‫جوستاؾ فلوٌجل‪ ،‬طبعة مكتبة المثنى‪ ،‬بؽداد‪.ٖٗٔ/ٔ :‬‬
‫الدعابهم أن النصوص لٌست على ظاهرها‪ ،‬بل لها معان باطنة ال ٌعرفها إال المعلم ولصدهم‬
‫فً ذلن نفى الشرٌعة بالكلٌة‪ ،‬وأما ما ٌذهب إلٌه بعض المحممٌن بؤن النصوص على ظاهرها‪،‬‬
‫ومع ذلن فٌها إشارات خفٌة إلى دلابك تكشؾ عن أرباب السلون‪ٌ ،‬مكن التوفٌك بٌنها وبٌن‬
‫الظواهر المرادة‪ ،‬فهً من كمال اإلٌمان ومحض العرفان"(ٔ)‪.‬‬
‫‪ -ٙ‬رأى محى الدٌن ابن عربً ‪:‬‬
‫ٌمول‪" :‬وكما كان أصل تنزٌل الكتاب من هللا على أنبٌابه‪ ،‬كان تنزٌبل للفهم على للوب بعض‬
‫المإمنٌن‪ ،‬واألنبٌاء ما لالت على هللا مالم ٌمل لها‪ ،‬وال أخرجت ذلن من نفوسها وال أفكارها‪ ،‬وال‬
‫تعملت فٌها‪ ،‬بل جاءت من عند هللا‪ ،‬لال تعالى ‪:‬ت َِنزٌ ٌل ِ ّم ْن َح ِك ٌٍم َح ِمٌ ٍد[فصلت‪]ٕٗ:‬ولال فٌه ‪:‬ال‬
‫ٌَؤْتٌِ ِه ْالبَ ِ‬
‫اط ُل ِمن بٌَ ِْن ٌَ َد ٌْ ِه َوال ِم ْن خ َْل ِف ِه[فصلت‪ ،]ٕٗ:‬وإذا كان األصل المتكلم فٌه من عند هللا ال‬
‫من فكر اإلنسان ورإٌته‪ ،‬وعلماء الرسوم ٌعلمون ذلن‪ ،‬فٌنبؽى أن ٌكون أهل هللا العاملون به‬
‫أحك بشرحه‪ ،‬وبٌان ما أنزل هللا فٌه من علماء الرسوم فٌكون شرحه أٌضا تنزٌبل من عند هللا‬
‫على للوب أهل العلم كما كان األصل"(ٕ)‪.‬‬
‫‪ -2‬رأي أبً حامد الؽزالً ‪:‬‬
‫ٌمول الؽزالً‪" :‬ال تظنن فً ضرب األمثال‪ ،‬فرصة منى فً رفع الظواهر واعتمادا فً‬
‫اخلَ ْع‬
‫إبطالها حتى ألول مثبل لم ٌكن مع موسى نعبلن ولم ٌسمع الخطاب بموله ‪:‬فَ ْ‬
‫نَ ْعلٌَْنَ [طه‪]]ٕٔ:‬حاشا هلل فإن إبطال الظواهر رأي الباطنٌة الذٌن نظروا بعٌن عوراء إلى أحد‬
‫العالمٌن‪ ،‬وجهلوا جهبل بالموازنة بٌنهما‪ ،‬فلم ٌفمهوا وجهه‪ ،‬كما أن إبطال األسرار مذهب‬
‫الحشوٌة‪ ،‬فالذى ٌجرد الظاهر حشوى‪ ،‬والذى ٌجرد الباطن باطنى‪ ،‬والذى ٌجمع بٌنهما كامل‪،‬‬
‫بل ألول‪ :‬موسى فهم من خلع النعلٌن اطرح الكونٌن‪ ،‬فامتثل األمر ظاهرا بخلع النعلٌن وباطنا‬
‫بخلع الكونٌن"(ٖ)‪.‬‬
‫‪ -1‬رأي األستاذ دمحم عبد العظٌم الرزلانى ‪:‬‬
‫ٌرى الزرلانى "أن بعض الناس لد فتنوا باإللبال على دراسة تلن اإلشارات والخواطر‪ ،‬فدخل‬
‫فً روعهم أن الكتاب والسنة بل واإلسبلم كله ما هو إال سوانح وواردات على هذا النحو من‬
‫التؤوٌبلت والتوجٌهات‪ ،‬وزعموا أن األمر ما هو إال تخٌٌبلت‪ ،‬وأن المطلوب منهم هو الشطح‬
‫مع الخٌال أٌنما شطح فلم ٌتمٌدوا بتكالٌؾ الشرٌعة‪ ،‬ولم ٌحترموا لوانٌن اللؽة العربٌة فً فهم‬
‫أبلػ النصوص العربٌة‪ ،‬كتاب هللا وسنة رسوله واألدهً من ذلن أنهم ٌتخٌلون وٌخٌلون للناس‬
‫أنهم هم أهل الحمٌمة‪ ،‬الذٌن أدركوا الؽاٌة واتصلوا باهلل اتصاال أسمط عنهم التكلٌؾ‪ ،‬وسما بهم‬
‫عن حضٌض األخذ باألسباب ما دموا فً زعمهم مع رب األرباب‪ ،‬وهذا لعمر هللا هو المصاب‬
‫العظٌم الذي عمل له الباطنٌة‪ ،‬كٌما ٌهدموا التشرٌع من أصوله وٌؤتوا بنٌانه من لواعده‪ ،‬فواجب‬
‫النصح إلخواننا المسلمٌن ٌمتضٌنا أن نحذرهم الولوع فً هذه الشبان‪ ،‬ونشٌر علٌهم أن ٌنفضوا‬
‫من أمثال تلن التفاسٌر اإلشارٌة الملتوٌة‪ ،‬إلنها كلها أذواق ومواجٌد خارجة عن حدود الضبط‬
‫والتمٌٌد‪ ،‬وكثٌرا ما ٌختلط فٌها الخٌال بالحمٌمة والحك بالباطل فاألحرى بالفطن العالل أن ٌنؤى‬

‫(ٔ) العمابد النسفٌة وشرحها‪ ،‬سعدالدٌن التفتازانً‪.ٖٔٗ :‬‬


‫(ٕ) الفتوحات المكٌة‪.ٕ1ٓ/ٔ :‬‬
‫(ٖ) مشكاة األنوار‪ ،‬ابو حامد الؽزالً‪ ،‬تحمٌك‪ :‬ابً العبلء عفٌفً‪ ،‬الدار المومٌة‪ ،‬الماهرة‪.ٔ5ٙٗ:ٖٖ ،‬‬
‫بنفسه عن هذه المزالك وأن ٌفر بدٌنه من هذه الشبهات‪ ،‬وأمامه فً الكتاب والسنة وشروحهما‬
‫على لوانٌن الشرٌعة واللؽة رٌاض وجنات"(ٔ)‪.‬‬
‫‪ -5‬رأي األستاذ دمحم حسٌن الذهبً ‪:‬‬
‫ٌمرر الذهبً أن األدلة مجتمعة تعطٌنا أن المرآن الكرٌم له ظهر وبطن‪ ،‬ظهر ٌفهمه كل من‬
‫ٌعرؾ اللسان العربً‪ ،‬وبطن ٌفهمه أصحاب الموهبة وأرباب البصابر‪ ،‬ؼٌر أن المعانً الباطنٌة‬
‫للمرآن‪ ،‬ال تمؾ عند الحد الذي تصل إلٌه مداركنا الماصرة بل هً أمر فوق ما نظن وأعظم مما‬
‫نتصور(ٕ)‪.‬‬
‫ٌمول‪" :‬أما المعنى الباطن فبل ٌمؾ على جرٌانه على اللسان وحده بل ال بد فٌه مع ذلن‬
‫إلى نور ٌمذفه هللا تعالى فً للب اإلنسان‪ٌ ،‬صٌر به نافذ البصٌرة سلٌم التفكٌر‪ ،‬ومعنى هذا أن‬
‫التفسٌر الباطن لٌس أمرا خارجا عن مدلول اللفظ المرآنى"(ٖ)‪ ،‬وٌمول أٌضا‪( :‬أما الصوفٌة أهل‬
‫الحمٌمة وأصحاب اإلشارة فمد اعترفوا بظاهر المرآن ولم ٌجحدوه كما اعترفوا بباطنه ولكنهم‬
‫حٌن فسروا المعانً الباطنٌة خلطوا عمبل صالحا وآخر سٌبا‪ ،‬فبٌنما تجد لهم أفهاما ممبولة تجد‬
‫لهم بجوارها أفهاما ال ٌمكن أن ٌمبلها العمل أو ٌرضى بها الشرع"(ٗ)‪.‬‬
‫والخبلصة فً رأي الذهبً أن مثل هذه التفاسٌر الؽرٌبة للمرآن مزلة لدم لمن ٌعرؾ‬
‫مماصد الموم‪ ،‬ولٌتهم احتفظوا بها عند أنفسهم ولم ٌذٌعوها على الناس فٌولعهم فً حٌرة‬
‫واختبلؾ‪ ،‬منهم من ٌؤخذها على ظاهرها وٌعتمد أن ذلن هو مراد هللا من كبلمه‪ ،‬وإذا عارضه‬
‫ما ٌنمل فً كتب التفسٌر على خبلفها ربما كذب بها أو أشكل علٌه ومنهم من ٌكذبها على‬
‫اإلطبلق وٌرى أنها تمول على هللا وبهتان‪ ،‬إذن لٌتهم ما فعلوا ذلن‪ ،‬إذن ألراحونا من هذه الحٌرة‬
‫وأراحوا أنفسهم من كبلم الناس فٌهم ولذؾ البعض لهم بالكفر واإللحاد فً آٌات هللا (٘)‪.‬‬
‫ٓٔ‪ -‬رأي الدكتور دمحم كمال جعفر ‪:‬‬
‫وٌرى الدكتور جعفر أنه ٌجب أن ال ٌؽٌب عن أذهاننا أنه من الطبٌعً أن ال ٌمؾ‬
‫الصوفً عند المعانً التملٌدٌة فً أي من المرآن أو السنة لوال وعمبل‪ ،‬ألنه لٌس كالفمٌه أو العالم‬
‫الذي ٌعتمد على النظر العملى فحسب‪ ،‬ألن ذلن ال ٌشبع رؼبته وال ٌمد روحه بالزاد الضرورى‪،‬‬
‫بل إنه ٌتعمك إلى معان وراء المعنى الظاهر المباشر‪ ،‬وإن لم ٌكن من الضرورى أن تكون هذه‬
‫المعانً العمٌمة متنالضة مع تلن المعانً الظاهرٌة‪ ،‬وٌشٌر الدكتور جعفر إلى نمطة هامة‪ ،‬وهً‬
‫أن المرآن بالنسبة للصوفى ٌحمل حمٌمتٌن متساوٌتٌن فً األهمٌة‪ ،‬فهو من جهة وحى تارٌخى‬
‫اتخذ وضعه فً الزمان والمكان المحددٌن‪ ،‬وهو من جهة أخرى النبع الفٌاض الذي ال تنفد‬
‫حمابمه اإللهٌة الصادرة عن هللا هلالج لج‪ ،‬وهو ال متناه ألنه كبلم الموجود الذي ال ٌتناهً‪ ،‬والمعانً‬
‫الباطنٌة لكلماته ؼٌر متناهٌة كذلن أٌضا(‪.)ٙ‬‬
‫كما أن الصوفً المتؤمل لد ٌصل إلى مرحلة ٌدرن فٌها أعمك المعانً الروحٌة فً‬
‫المرآن‪ ،‬وهذه الفكرة فً حد ذاتها بصرؾ النظر عن االعتبارات األخرى لد تثٌر صعوبات‪،‬‬

‫(ٔ) مناهل العرفان فً علوم المران‪ ،‬الزرلانً‪ ،‬طبعة عٌسى البابً‪.٘٘1/ٔ :ٔ5ٖ٘ ،‬‬
‫(ٕ) التفسٌر والمفسرون‪ ،‬دمحم حسٌن الذهبً‪ ،‬دارالكتب الحدٌثة‪.ٕٕ/ٖ:‬‬
‫(ٖ) التفسٌر والمفسرون‪.ٕٕ/ٖ :‬‬
‫(ٗ) التفسٌر والمفسرون‪.ٕٕ/ٖ :‬‬
‫(٘) التفسٌر والمفسرون‪.ٕٗ/ٖ :‬‬
‫(‪ )ٙ‬التصوؾ طرٌما وتجربة ومذهبا‪.ٔ٘2 :‬‬
‫بحٌث أنها تإدى إلى أن ٌكون تفسٌر المرآن مختلفا باختبلؾ الذوات المشتركة فٌها أي أن ٌكون‬
‫المولؾ مولفا ذاتٌا مما ٌنتج بدوره تفسٌرات متعارضة وٌإدى إلى اضطرار كبٌر‪ ،‬ولكن‬
‫الحمٌمة أن الصوفٌة فعبل ٌرون أن تعدد التفسٌرات أمر حتمى‪ ،‬ألن معانً المرآن ال نهابٌة‬
‫وتتكشؾ لكل صوفى حسب طالته الروحٌة وحسب فضل هللا ٌإتٌه من ٌشاء‪ ،‬ولٌس فً ذلن أي‬
‫ضٌر ما دام هذا متصبل بالمعانً الكمالٌة التً ال تتجاوز حدود المعانً المباشرة المتفك‬
‫علٌها (ٔ)‪.‬‬
‫ولبل النظر والتعمٌب على اآلراء السابمة فً التفسٌر اإلشار لنستخلص منها ما ٌمكن أن‬
‫نصل إلٌه فً تمرٌر شروط التفسٌر اإلشاري‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى رأي بعض المستشرلٌن‬
‫الؽربٌٌن من لبٌل الممارنة المإثرة فً توجٌه اآلراء إلى األفضل‪ ،‬فنرى المستشرق نكلسون‬
‫أستاذ مدرسة كمبردج االستشرالٌة ٌصرح بؤن التفسٌر الصوفً ٌشابه التفسٌر الشٌعً وكبلهما‬
‫عنده من التؤوٌبلت المؽرضة التً تتبلعب بالنصوص‪ ،‬فٌمول ‪":‬استطاع الصوفٌة متبعٌن فً‬
‫ذلن الشٌعة‪ ،‬أن ٌبرهنوا بطرٌمة تؤوٌل نصوص الكتاب والسنة تؤوٌبل ٌبلبم أؼراضهم على أن‬
‫كل آٌة بل كل كلمة من المرآن تخفى وراءها معنى باطنٌا ال ٌكشفه هللا إال لخاصة العباد‪ ،‬الذٌن‬
‫تشرق هذه المعانً فً للوبهم وفى أولات وجدهم‪ ،‬واعتبروا أنفسهم خاصة أهل هللا الذٌن منحهم‬
‫هللا أسرار علم الباطن المودعة فً المرآن والحدٌث‪ ،‬وأنهم استعملوا فً التعبٌر عن هذا العلم لؽة‬
‫الرمز واإلشارة‪ ،‬التً ال ٌموى على فهمها ؼٌرهم من المسلمٌن"(ٕ)‪ ،‬وربما كان هذا‬
‫المولؾ للمستشرق نٌكلسون بسبب ما أشارت إلٌه الباحثة ملسو هيلع هللا ىلص أن المستشرلٌن فً المرن التاسع‬
‫عشر لد عرفوا المصادر الصوفٌة المتؤخرة والتً ال تصور التصوؾ فً مراحله األولى‪.‬‬
‫فحكم نٌكلسون على جمٌع الصوفٌة فً تفسٌرهم للمرآن بما رآه من الؽلو فً التفسٌر‬
‫اإلشاري عند المتؤخرٌن‪ ،‬ولذا أدرن نٌكلسون بعد ذلن استحالة وضع حكم منصؾ للتصوؾ‬
‫لبل أن تعد مصادره األولى إعدادا علمٌا دلٌما‪ ،‬ولد تولى هو زمام المبادرة فً نشر‬
‫(ٖ)‪.‬‬
‫المخطوطات وتحمٌمها والتعلٌك علٌها وترجمتها وتحلٌل مادتها‬
‫وٌرى المستشرق جولد تسهٌر أن العمل بما روى عن عبد هللا بن مسعود رضً هللا‬
‫عنه‪" :‬من أراد علم األولٌن واآلخرٌن فلٌتثور المرآن" ال ٌحصل بمجرد تفسٌره الظاهر‪،‬‬
‫فاألمور كلها داخلة فً أفعال هللا عز وجل وصفاته‪ ،‬وهذه العلوم ال نهاٌة لها‪ ،‬وفى المرآن إشارة‬
‫إلى مجامعها‪ ،‬وفٌه رموز ودالالت لكل ما أشكل من ذلن على النظار‪ ،‬ومهمة التفسٌر‬
‫هً استخراج كل ذلن العلم من الكتاب والتعمك فً تفصٌله‪ ،‬ووراء هذه المعانً الظاهرة‬
‫ٌحتجب المعنى الباطن وتسكن أسرار المرآن التً ٌنبؽى البحث عنها بتؽلؽل ونفاذ أعمك من‬
‫ذلن‪ ،‬ولن ٌترتب على ذلن المضاء على ظاهر التفسٌر بل هو استكمال له ووصول إلى لبابه‪،‬‬
‫وإذا كان التفسٌر الصوفً فٌه تجاوز للتفسٌر المنمول المحدود فً حرٌة ال تولفها لٌود‪ ،‬ومع‬
‫استخدام أمثلة بعٌدة المدرن والمورد فً الؽالب فً الكشؾ عن أفكار الورى إال أن أثرت فً‬

‫(ٔ) من التراث الصوفً‪ ،‬سهل بن عبدهللا التستري‪.ٔٓ5 :‬‬


‫(ٕ) التصوؾ االسبلمً وتارٌخه‪.2ٙ :‬‬
‫(ٖ) اإلتجاهات الحدٌثة فً دراسة التصوؾ االسبلمً‪ ،‬دمحم عبدهللا الشرلاوي‪ ٔ5 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫التؽلؽل إلى ما وراء المسموع والمنمول من المعانً الممصودة فً كبلم هللا والمكنونة فً حجبها‬
‫والتً ال ٌعملها إال العالمون(ٔ)‪.‬‬
‫وٌرى المستشرق هنرى كوربان أن المستمع للكبلم اإللهً ٌحك له أن ٌفهم منه كل‬
‫شًء‪ ،‬وفى أي حمل من المعرفة وفى أي درجة من العمك والخفاء شرط أال ٌتجاوز فهم السامع‪،‬‬
‫وال ٌتعدى التفسٌر من محتوى الكبلم ودالالته الوصفٌة حمٌمة ومجازا وكناٌة حٌث أن علم هللا‬
‫عٌن ذاته وال حد له وسع كل شًء علما (ٕ)‪.‬‬
‫و ٌرى الدكتور دمحم كمال جعفر أنه ال بد لبل تمرٌر شروط لبول التفسٌر الصوفً التنبه‬
‫إلى أن التفسٌر الصوفً ٌرتبط بنوعٌة اعتماد المفسر‪ ،‬وٌمكن إجمال تفسٌراتهم فً نوعٌن(ٖ)‪:‬‬
‫أ‪ -‬التفسٌر النظرى‪ :‬وهو التفسٌر المبنى على نزعة فلسفٌة حٌث تتوجه اآلٌات المرانٌة لدٌهم‬
‫وفك نظرٌاتهم وتتفك مع تعالٌمهم ‪.‬‬
‫ب‪ -‬التفسٌر اإلشاري‪ :‬هو تؤوٌل آٌات المرآن الكرٌم على خبلؾ ما ٌظهر منها بممتضى إشارات‬
‫خفٌة تظهر ألرباب السلون وال ٌمكن التطبٌك بٌنها وبٌن الظواهر المرادة‪.‬‬
‫والفرق بٌن التفسٌر النظرى و التفسٌر اإلشاري فً أثرهما على تفسٌر المرآن أن‬
‫التفسٌر النظرى ٌبنى على ممدمة علمٌة تنمدح فً ذهن الصوفً أوال ثم ٌنزل المرآن علٌها بعد‬
‫ذلن‪ ،‬أما التفسٌر اإلشاري فبل ٌرتكز على ممدمات علمٌة بل ٌرتكز على مجاهدات رٌاضٌة‪،‬‬
‫ٌؤخذ الصوفً نفسه بها حتى ٌصل إلى درجة إٌمانٌة تنكشؾ له فٌها من سبل العبارات هذه‬
‫اإلشارات‪ ،‬وتتوالى على للبه تحلٌل اآلٌات من المعانً الربانٌة‪.‬‬
‫كما أن التفسٌر الصوفً النظرى ٌرى صاحبه أنه كل ما تحتمله اآلٌة من معانً ولٌس‬
‫وراءه معنى آخر ٌمكن أن تحمل علٌه إال هذا‪ ،‬على حسب طالته أما التفسٌر اإلشاري فبل ٌرى‬
‫الصوفً أن كل ما ٌراد من اآلٌة بل ٌرى أن هنان معنى آخر تحتمله اآلٌة وٌراد منها أوال ولبل‬
‫كل شًء ذلن المعنى الظاهر الذي ٌنساق إلٌه الذهن لبل ؼٌره‪.‬‬
‫وٌرى الدكتور جعفر فً شرطه لمبول التفسٌر الصوفً أن تؤوٌل الصوفٌة للمرآن أو‬
‫الفهم الخاص له إذا خبل من أي هدؾ سٌاسً أو اجتماعى‪ ،‬سواء كان لرد اعتبار أو كوثٌمة أمن‬
‫أو بسط سلطان أو كسب ثروة أو احتفاظ بمراكز نفوذ تتعلك بؤشخاص أو بجماعات‪ ،‬إذا لم ٌكن‬
‫له مثل هذا الهدؾ وإذا كان ال ٌعارض نصا لرآنٌا آخر‪ ،‬وال ٌعارض االستعمال العربً‪ ،‬وال‬
‫ٌإدى إلى تحرٌؾ أو انحراؾ‪ ،‬وإذا كان وجوده ٌضٌؾ ثروة روحٌة أو عملٌة‪ ،‬وإذا كان ال‬
‫ٌدعى من السلطة ما ٌجعله أمرا ملزما‪ ،‬بفرض واحدٌته فً األحمٌة‪ ،‬إذ كان كذلن فهو تؤوٌل‬
‫ممبول‪ ،‬لٌست له ؼاٌة إال تعمٌك الفهم عن هللا الذي ما زال كتابه منبعا ال ٌؽٌض ومعٌنا ال‬
‫ٌنضب للحمابك واألسرار (ٗ)‪.‬‬
‫ومن ثم وبناء على ما سبك من اآلراء ٌمكن تمرٌر الشروط التً ٌمبل بها التفسٌر‬
‫الصوفً فً العناصر اآلتٌة‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬أال ٌكون التفسٌر الصوفً منافٌا للظاهر من النظم المرآنى الكرٌم‪..‬‬

‫(ٔ) مذاهب التفسٌر االسبلمً‪ ،‬إجناز جولد تسهٌر‪ ،‬ترجمة‪ :‬دمحم ٌوسؾ موسى وآخرون‪ ،‬طبعة دار الكتاب‬
‫العربً‪.ٕٓ2 :ٔ5٘5 ،‬‬
‫(ٕ) تارٌخ الفلسفة االسبلمٌة‪ ،‬هنري كوربان‪ ،‬ترجمة‪ :‬لٌسً وزمٌله‪ ،‬بٌروت‪ ،‬طٔ‪.ٔٓ :ٔ5ٙٙ ،‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬التصوؾ‪ ،‬د‪ .‬دمحم كمال جعفر‪.ٕٙ :‬‬
‫(ٗ) التصوؾ‪ ،‬د‪ .‬دمحم كمال جعفر‪.ٕٙ :‬‬
‫ٕ‪- -‬أن ٌكون له شاهد شرعً ٌإٌده‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬أال ٌكون له معارض شرعً أو عملً‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬أال ٌدعً أن التفسٌر الصوفً هو المراد وحده من الظاهر‪.‬‬
‫٘‪ -‬أال ٌكون التؤوٌل بعٌدا ال ٌحتمله اللفظ فٌه تلبٌس على أفهام الناس‪.‬‬
‫فإذا توفرت هذه الشروط‪ ،‬ولٌس للتفسٌر ما ٌنافٌه أو ٌعارضه من األدلة الشرعٌة‪ ،‬جاز‬
‫األخذ به أو تركه‪ ،‬ألنه من لبٌل الوجدانٌات‪ ،‬والوجدانٌات ال تموم على دلٌل نظري‪ ،‬وإنما هو‬
‫أمر ٌبعث على تنمٌة المشاعر وتحصٌل مكارم األخبلق‪ ،‬فٌجده الصوفً من نفسه وٌسره بٌنه‬
‫وبٌن ربه‪ ،‬فله أن ٌؤخذ به أو ٌعمل بممتضاه دون أن ٌلزم به أحدا من الناس‪ ،‬واألحرى أال ٌسمى‬
‫هذا اللون من الفهم تفسٌرا وإنما ٌسمى ذكر النظٌر بالنظٌر الذي ٌعتبر صحٌح (ٔ)‪.‬‬
‫أمثلة على التفسٌر اإلشاري‪:‬‬
‫َّ‬
‫ضتُ فَ ُه َو ٌَ ْش ِفٌن َوالذِي‬ ‫ما ذكره سهل بن عبد هللا التسترى فً لوله تعالى ‪َ { :‬و ِإ َذا َم ِر ْ‬
‫ٌن }[الشعراءٓ‪ ،]1ٔ-1‬لال‪ٌ" :‬عنى إذ تحركت بؽٌره لؽٌره عصمنى‪ ،‬وإذا ملت‬ ‫ٌ ُِمٌتُنًِ ث ُ َّم ٌُحْ ٌِ ِ‬
‫إلى شهوة من الدنٌا منعها عنى‪ ،‬ولوله والذى ٌمٌتنى ثم ٌحٌن أي الذي ٌمٌتنى بالؽفلة ثم ٌحٌنى‬
‫ظلَ ُموا إِ َّن فًِ َذلِنَ َآلٌَةً ِلّمَ ْو ٍم‬ ‫َ‬ ‫بالذكر"‪ ،‬وفً لوله‪ {:‬فَتِ ْلنَ بٌُُوت ُ ُه ْم خَا ِوٌَةً بِ َما‬
‫ٌَ ْعلَ ُمونَ }[النمل‪ ،]ٕ٘:‬لال‪" :‬اإلشارة فً البٌوت إلى الملب فمنها ما هو عامر بالذكر‪ ،‬ومنها ما‬
‫هو خرب بالؽفلة ومن ألهمه هللا عز وجل بالذكر فمد خلصه من الظلم"(ٕ)‪.‬‬
‫َت‬‫ص ِل ُحوا بَ ٌْنَ ُه َما فَإِن بَؽ ْ‬ ‫َان ِمنَ ْال ُمإْ ِمنٌِنَ ا ْلتَتَلُوا فَؤ َ ْ‬ ‫ولال فً لوله تعالى ‪َ { :‬و ِإن َ‬
‫طابِفَت ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫اءت فَؤ ْ‬
‫ص ِل ُحوا بَ ٌْنَ ُه َما ِبال َع ْد ِل‬ ‫َّللاِ فَإِن فَ ْ‬ ‫علَى ْاأل ُ ْخ َرى فَمَاتِلُوا الَّتًِ ت َ ْب ِؽً َحتَّى ت َ ِفً َء إلى أ ْم ِر َّ‬
‫َ‬ ‫ِإحْ َدا ُه َما َ‬
‫َّللا ٌ ُِحبُّ ال ُم ْم ِس ِطٌنَ }[الحجرات‪ ،]5:‬ظاهرهما ما علٌه من أهل التفسٌر‪ ،‬وباطنها هو‬ ‫ْ‬ ‫طوا إِ َّن َّ َ‬ ‫َوأ َ ْل ِس ُ‬
‫الروح والعمل والملب والطبع والهوى والشهوة‪ ،‬فإن بؽى الطبع والهوى والشهوة على الملب‬
‫والعمل والروح‪ ،‬فلٌتماتل العبد بسٌوؾ المرالبة وسهام المطالعة وأنوار الموافمة لٌكون الروح‬
‫والعمل ؼالبا والهوى والشهوة مؽلوبا(ٖ)‪.‬‬
‫وأورد أبو نصر السراج الطوسً بعض األمثلة التً ذكرها الصوفٌة من طرٌك اإلشارة‬
‫واالستنباط والفهم الصحٌح‪ ،‬وبٌن أنهم لم ٌمدموا فٌها ما أخر هللا تعالى وال أخروا ما لدم هللا‪،‬‬
‫وال نازعوا الربوبٌة وال خرجوا عن العبودٌة وال ٌكون فٌه تحرٌؾ الكلم‪ ،‬منها لوله‬
‫س ِل ٌٍم}(الشعراء‪ ،)15- 11:‬سبل عنه أبو‬ ‫ب َ‬ ‫َّللاَ بِمَ ْل ٍ‬
‫تعالى ‪ْ ٌَ {:‬و َم َال ٌَنفَ ُع َما ٌل َو َال بَنُونَ ِإ َّال َم ْن أَت َى َّ‬
‫بكر الكتانى فمال‪ :‬الملب السلٌم على ثبلثة أوجه من طرٌك الفهم ‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬هو الذي ٌلمى هللا تعالى عز وجل ولٌس فً للبه مع هللا شرٌن‪.‬‬
‫والثانً‪ :‬هو الذي ٌلمى هللا تعالى ولٌس فً للبه شؽل مع هللا عز وجل وال ٌرٌد ؼٌر هللا تعالى‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬الذي ٌلمى هللا عز وجل وال ٌموم به ؼٌر هللا عز وجل‪ ،‬فنى عن األشٌاء باهلل‪ ،‬ثم فنى‬
‫عن هللا باهلل (ٗ)‪.‬‬

‫(ٔ) التصوؾ‪ ،‬دمحم كمال جعفر‪.ٔٙٓ :‬‬


‫(ٕ) تفسٌر المرآن العظٌم‪ ،‬سهل التستري‪.2ٓ :‬‬
‫(ٖ) تفسٌر المرآن العظٌم‪.5ٔ :‬‬
‫(ٗ) تفسٌر المرآن العظً‪.5ٔ :‬‬
‫وٌعمب السراج الطوسً بموله‪" :‬معنى لوله‪ :‬فنى عن هللا باهلل‪ٌ ،‬عنى ٌذهب عن رإٌة‬
‫طاعة هللا عز وجل ورإٌة ذكر هللا ورإٌة محبة هللا‪ ،‬بذكر هللا له ومحبته لبل الخلك‪ ،‬ألن الخلك‬
‫بذكره لهم ذكروه‪ ،‬وبمحبته لهم احبوه‪ ،‬وبمدٌم عناٌته بهم أطاعوه(ٔ)‪.‬‬
‫ومثل ما أشار الجنٌد بن دمحم سٌد الصوفٌة فً عصره بموله تعالى ‪َ {:‬وت ََرى ْال ِجبَا َل‬
‫ب}[النمل‪ ،]11 :‬إلى سكونه وللة اضطراب جوارحه عند‬ ‫ًِ ت َ ُم ُّر َم َّر ال َّ‬
‫س َحا ِ‬ ‫ام َدة ً َوه َ‬ ‫سبُ َها َج ِ‬ ‫تَحْ َ‬
‫السماع‪ ،‬وكذلن ما كان ٌشٌر به أبو علً الروذبارى إذا رأي أصحابه مجتمعٌن فٌمرأ ‪َ {:‬و ُه َو‬
‫ٌِر}[الشورى‪.)ٕ(]ٕ5 :‬‬ ‫علَى َج ْم ِع ِه ْم إِ َذا ٌَشَاء لَد ٌ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫َّ‬
‫َّللاُ إِال بِال َح ّ ِ‬ ‫َّ‬
‫س التًِ َح َّر َم ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ولال أبو الماسم المشٌرى فً لول هللا تعالى‪َ {:‬والَ تَمتُلوا النَّف َ‬
‫ورا}[اإلسراء‪،]ٖٖ:‬‬ ‫طانًا فَبلَ ٌُس ِْرؾ فًِّ ْالمَتْ ِل ِإنَّهُ َكانَ َم ْن ُ‬
‫ص ً‬ ‫س ْل َ‬
‫ظلُو ًما فَمَ ْد َجعَ ْلنَا ِل َو ِلٌِّ ِه ُ‬ ‫َو َمن لُتِ َل َم ْ‬
‫ال ٌجوز لتل نفس الؽٌر بؽٌر الحك‪ ،‬وال للمرء أن ٌمتل نفسه أٌضا بؽٌر الحك‪ ،‬وكما أن لتل‬
‫النفس بالحدٌد وما ٌموم ممامه من اآلالت محرم‪ ،‬فكذلن المصد إلى هبلن المرأ محرم‪ ،‬ومن‬
‫ظلُو ًما فَمَ ْد َج َع ْلنَا ِل َو ِل ٌِّ ِه‬‫انهمن فً مخالفة ربه فمد سعى فً هبلن نفسه‪ ،‬ولوله ‪َ {:‬و َمن لُتِ َل َم ْ‬
‫طانًا}[اإلسراء‪ ،]ٖٖ:‬أى تسلطا على الماتل فً االلتصاص منه‪ ،‬وعلى معنى اإلشارة إن‬ ‫س ْل َ‬
‫ُ‬
‫(ٖ)‬
‫النصرة من لبل هللا ومنصور الحك ال تنكسر سنانه وال تطٌش سهامه ‪.‬‬
‫اتجاهات الـتفـسٌر‬
‫للتفسٌر اتجاهات وهً‪:‬‬
‫‪-8‬االتجاه اللغوي‪:‬‬
‫وهو "التفسٌر الذي ٌبُنى على لواعد نحوٌة أو ببلؼٌة‪ ،‬فإن ساعده السٌاق لُ ِبل‪ ،‬وإال أعرضنا‬
‫عنه‪ ،‬وأخذنا بما ٌصححه النظر‪ ،‬وٌموٌه الدلٌل"(ٗ)‪.‬‬
‫نعرفه بؤنه‪ :‬الرجوع فً تفسٌر المرآن إلى المعنى العربً الذي استعملته‬ ‫وٌمكن أن ِ ّ‬
‫معنى آخر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫العرب‪ ،‬وٌكون ذلن عند عدم النص الشرعً الذي ٌنمل المعنى اللؽوي إلى‬
‫والتفسٌر اللؽوي على لسمٌن‪:‬‬
‫"األول‪ :‬أن ال ٌحتمل اللفظ إال معنى واحداً‪ ،‬وهذا ما ال ٌمع فٌه خبلؾ‪ ،‬وهو أشبه بؤن ٌجعل من‬
‫المسم الذي طرٌمه السماع ال االجتهاد‪ ،‬لعدم الحاجة إلعمال الرأي فٌه مطلماً‪.‬‬
‫الثانً‪ :‬ما ٌحتمل أكثر من معنى‪ ،‬والسٌاق محتمل لها جمٌعها‪ ،‬ففً مثل هذا ٌكون التّمٌ ُّز‬
‫وإعمال الرأي اعتمادا ً على المعنى اللؽوي‪ ،‬ومثال ذلن‪ :‬تفسٌر لوله تعالى‪ِ { :‬خت َا ُمهُ ِم ْسنٌ َو ِفً‬
‫المطففٌن‪ ،]ٕٙ:‬لال الطبري‪" :‬فمال بعضهم‪ :‬ممزوج مخلوط‪ ،‬مزاجه‬ ‫سونَ } [ َّ‬ ‫َذلِنَ فَ ْل ٌَتَنَافَ ِس ال ُمتَنَا ِف ُ‬
‫وخلطه مسن‪ ،‬وعن عبد هللا { َم ْختُوم} لال‪ :‬ممزوج‪ِ { ،‬خت َا ُمهُ ِم ْسنٌ } لال‪ :‬طعمه ورٌحه‪ ،‬ولٌل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫أن آخر شرابهم ٌختم بمسن ٌجعل فٌه"(٘) "(‪.)ٙ‬‬
‫ولعله ٌمصد بالتمٌز أي‪ :‬باالجتهاد‪ ،‬وإعمال الرأي اعتمادا ً على المعنى اللؽوي‪.‬‬

‫(ٔ) اللمع فً التصوؾ‪.ٕٔٙ :‬‬


‫(ٕ) اللمع فً التصوؾ‪.ٕٔٙ :‬‬
‫(ٖ) لطابؾ اإلشارات‪ ،‬المشٌري‪.ٖٗٙ/ٕ :‬‬
‫(ٗ) التفسٌر والمفسرون للذهبً ٕ‪.ٖ51 /‬‬
‫(٘) جامع البٌان للطبري ٕٗ‪.ٕ5ٙ/‬‬
‫(‪ )ٙ‬مصادر التفسٌر‪ ،‬مساعد الطٌار صٕ‪.‬‬
‫ووجه االستشهاد هنا إعمال الرأي‪ ،‬وفما ً للمعنى اللؽوي لموله تعالى‪ِ { :‬خت َا ُمهُ ِم ْسنٌ‬
‫معان هً‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫}فكان فً اللؽة ثبلثة‬
‫ٔ‪ِ -‬خلطه مسن(ٔ)‪ -ٕ .‬طعمه ورٌحه مسن ‪ -ٖ .‬آخره ٌختم بمسن ٌجعل فٌه ‪.‬‬
‫(ٖ)‬ ‫(ٕ)‬

‫وفً هذا المثال‪ ،‬وكل ما هو على شاكلته ٌمكن إعمال الرأي فً اختٌار أحد المعانً‪،‬‬
‫وٌمكن حمل اللفظ أو الجملة على جمٌع المعانً إن كانت اللؽة والسٌاق ٌحتمله‪ ،‬وهللا الموفك‪.‬‬
‫ٕ‪-‬االتجاه العلمً‪:‬‬
‫وهو "التفسٌر الذي ٌُ َح ِكم االصطبلحات العلمٌة فً عبارات المرآن‪ ،‬وٌجتهد فً‬ ‫ّ‬
‫استخراج مختلؾ العلوم واآلراء الفلسفٌة منها"(ٗ)‪ ،‬ولعل اإلمام الؽزالً(٘) أكثر من تحدث عن‬
‫هذا النوع من التفسٌر بمعلومات عصره‪ ،‬وما حصل علٌه من كتب الفلسفة‪ ،‬وأحٌانا ً بلفتا ٍ‬
‫ت‬
‫تؤملٌه وفما ً لآلٌات‪ ،‬وعندما عمد أول مإتمر لئلعجاز العلمً فً إسبلم أباد عام ‪ٔ512‬م‪ ،‬عرؾ‬
‫التفسٌر العلمً بؤنه‪" :‬الكشؾ عن معانً اآلٌة أو الحدٌث فً ضوء ما ترجحت صحته من‬
‫نظرٌات العلوم الكونٌة"(‪.)ٙ‬‬
‫"والتفسٌر العلمً ٌختلؾ عن اإلعجاز العلمً؛ ألن اإلعجاز ال ٌكون إال فٌما تحمك‬
‫ثبوته‪ ،‬ولذلن ٌ َع َّرؾ اإلعجاز بؤنه‪ :‬إخبار المرآن الكرٌم‪ ،‬أو السنة النبوٌة‪ ،‬بحمٌمة أثبتها العلم‬
‫التجرٌبً أخٌراً‪ ،‬وثبت عدم إمكانٌة إدراكها بالوسابل البشرٌة فً زمن الرسول ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬وهكذا‬
‫ٌظهر اشتمال المرآن‪ ،‬أو الحدٌث على الحمٌمة الكونٌة‪ ،‬التً ٌإول إلٌها معنى اآلٌة أو الحدٌث‪،‬‬
‫وٌشاهد الناس مصدالها فً الكون‪ ،‬فٌستمر عندها التفسٌر‪ ،‬وٌعلم بها التؤوٌل‪ ،‬كما لال تعالى‪:‬‬
‫ؾ ت َ ْعلَ ُمونَ } [األنعام‪ ،]ٙ2:‬ولد تتجلى مشاهد أخرى كونٌة عبر المرون‪،‬‬ ‫{ ِل ُك ِّل نَ َبإ ٍ ُم ْستَمَ ٌّر َو َ‬
‫س ْو َ‬
‫تزٌد المعنى المستمر وضوحاً‪ ،‬وعمماً‪ ،‬وشموالً؛ ألن الرسول ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬لد أوتى جوامع الكلم" ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫وتكمن أهمٌة التفسٌر العلمً المتثبت من الحمابك التً أثبتها العلم التجرٌبً باآلتً‪:‬‬
‫أ‪ -‬تفسٌر المرآن للمسلمٌن تفسٌرا ً ٌشبع حاجتهم من الثمافة الكونٌة‪ ،‬وٌؽرس الٌمٌن فً للوبهم‬
‫بصدق ما أخبرهم به المرآن الكرٌم‪.‬‬
‫ب‪ -‬إدران وجوه جدٌدة لئلعجاز فً المرآن من ناحٌة ما ٌحوٌه أو ٌرمز إلٌه من علوم الكون‬
‫واالجتماع‪.‬‬
‫ج‪ -‬دفع مزاعم المابلٌن بؤن هنان عداوة بٌن العلم والدٌن‪.‬‬

‫(ٔ) لسان العرب البن منظور ٕٔ‪.ٖٔٙ/‬‬


‫(ٕ) المصدر نفسه ٕٔ‪.ٖٔٙ/‬‬
‫(ٖ) المحكم والمحٌط األعظم‪ ،‬أبو الحسن علً بن إسماعٌل بن سٌدة المرسً ٘‪ ،ٔ٘ٙ/‬تحمٌك‪ :‬عبد الحمٌد‬
‫هنداوي‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪ -‬بٌروت‪ ،‬ط‪ٕٓٓٓ/‬م‪.‬‬
‫(ٗ) التفسٌر والمفسرون للذهبً ٖ‪.ٕ5 ،ٕ1/‬‬
‫(٘) هو أبو حامد دمحم بن دمحم بن دمحم الؽزالً الطوسً حجة اإلسبلم الفمٌه الشافعً‪ ،‬لم ٌكن فً آخر عصره مثله‪،‬‬
‫اختلؾ إلى دروس العلم وج َّد فً االشتؽال حتى تخرج فً مدة لرٌبة وصار من األعٌان واشتهر اسمه وسار‬
‫بذكره الركبان‪ ،‬وكانت والدته فً سنة خمسٌن وأربع مابة بالطابران وتوفً رابع عشر جمادى اآلخرة سنة‬
‫خمس وخمسمابة انظر‪ :‬سٌر أعبلم النببلء ‪ ،ٖٕٖ /ٔ5‬والوافً بالوفٌات ٔ‪.ٕٔٓ ،ٔٔ5/‬‬
‫(‪ )ٙ‬تؤصٌل اإلعجاز العلمً‪ ،‬عبد المجٌد بن عزٌز الزندانً صٗٔ‪ ،‬مطبوعات هٌبة اإلعجاز العلمً‪ -‬مكة‬
‫المكرمة (بدون)‪.‬‬
‫(‪ )2‬تؤصٌل اإلعجاز العلمً للزندانً ص٘ٔ‪.‬‬
‫د‪ -‬استمالة ؼٌر المسلمٌن إلى اإلسبلم من هذا الطرٌك العلمً الذي ٌخضعون له دون سواه فً‬
‫هذه األٌام"(ٔ)؛ ولكن شرٌطة أن ٌكون بدون تعسؾ لآلٌات والمعانً‪.‬‬
‫‪-4‬االتجاه الموضوعً‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إن هذا النوع من التفسٌر"ٌتناول موضوعا واحدا فً المرآن‪ٌ ،‬عمد المفسر فٌه إلى ذكر‬
‫اآلٌات المتعلمة بهذا الموضوع‪ ،‬وٌشرحها وٌفصل المول فٌها"(ٕ)‪.‬‬
‫ومثال ذلن أن ٌعمد المفسر إلى جمع آٌات التموى من جمٌع سور المرآن ثم ٌموم بتفسٌرها فً‬
‫منظومة واحدة‪.‬‬
‫‪-3‬االتجاه الفمهً‪:‬‬
‫(ٖ)‬
‫وهو "التفسٌر الذي ٌولً موضوع األحكام الفمهٌة عناٌة خاصة" ‪ ،‬ومن األمثلة على ذلن‪:‬‬
‫صاص والمتوفى سنة سبعٌن‬ ‫ى الرازي المعروؾ بالج َّ‬ ‫من الحنفٌة‪ :‬ألَّؾ أبو بكر أحمد بن عل ّ‬
‫وثبلثمابة من الهجرة كتابا ً سماه أحكام المرآن تناول فٌه األحكام الفمهٌة مرجحا ً مذهب الحنفٌة‪.‬‬
‫ومن المالكٌة‪ :‬ألَّؾ أبو بكر دمحم بن عبد هللا بن دمحم بن عبد هللا الملمب بابن العربً المتوفى سنة‬
‫ثبلث وأربعٌن وخمسمابة من الهجرة كتابه أحكام المرآن‪ ،‬معتمدا ً على المذهب المالكً‪ ،‬وكان‬
‫متحررا ً لد بلػ رتبة االجتهاد كما فً ترجمته‪.‬‬
‫ى الطبرى المعروؾ‬ ‫ى بن دمحم بن عل ّ‬ ‫ومن الشافعٌة‪ :‬ألَّؾ أبو الحسن عماد الدٌن‪ ،‬عل ّ‬
‫بالكٌا الهراسً المتوفى سنة أربع وخمسمابة كتابه أحكام المرآن‪ ،‬وهو كسابمه ٌخرج عن‬
‫المذهب إذا الح له الدلٌل‪.‬‬
‫وهكذا بمٌة المذاهب حتى مذاهب الفرق المنحرفة التً تتعسؾ أحكام المرآن للتدلٌل على مذاهبها‬
‫الباطلة‪ ،‬كالشٌعة االثناعشرٌة‪ ،‬والباطنٌة‪ ،‬وؼٌرها‪ ،‬فكل طابفة جعلت لها تفسٌرا ً ٌتماشى مع‬
‫مذهبها‪ ،‬وفكرها‪.‬‬
‫‪-5‬االتجاه البالغً‪:‬‬
‫وهو "علم ٌعرؾ به أحوال األلفاظ‪ ،‬والجمل المرآنٌة التً بها ٌطابك ممتضى الحال‪،‬‬
‫وفما ً للؽرض الذي سٌك له‪ ،‬مع إبراز سهولة المعنى‪ ،‬ومحاسن األلفاظ؛ لٌحترز بالولوؾ علٌها‬
‫عن الخطؤ فً فهم كبلم هللا‪ ،‬وهو‪ " :‬المول فً المرآن باالجتهاد المبنً على أصول صحٌحة‪،‬‬
‫ولواعد سلٌمة متبعة تعنى بؤسرار التراكٌب لنظم المرآن بما ٌبٌن المعنى بحسب ممتضى الحال‪،‬‬
‫وتظهر من خبلله فصاحة المرآن التً تحدى هللا بها العرب"(ٗ)‪.‬‬
‫ومن أعبلم هذا الفن اإلمام عبد الماهر الجرجانً(٘)‪ ،‬فمد ألؾ كتابا ً سماه إعجاز المرآن‬
‫الصؽٌر‪ ،‬وكتابا ً آخر سماه إعجاز المرآن الكبٌر‪ ،‬وؼٌرها من المإلفات‪ ،‬والعبلمة محمود‬

‫(ٔ) مناهل العرفان فً علوم المرآن للزرلانً ٕ‪.ٔٓٓ /‬‬


‫(ٕ) لمحات فً علوم المرآن واتجاهات التفسٌر‪ ،‬دمحم بن لطؾ الصباغ ٕ‪ ،ٔ٘/‬رسالة دكتوراه ‪.‬‬
‫(ٖ) لمحات فً علوم المرآن واتجاهات التفسٌر‪ ،‬دمحم بن لطؾ الصباغ ٕ‪.ٔ٘/‬‬
‫(ٗ ) هذان التعرٌفان استنبطهما الباحث من خبلل تعرٌؾ علم الببلؼة‪ ،‬ومعنى الفصاحة‪ ،‬ومن خبلل علوم‬
‫الببلؼة الثبلثة‪ :‬علم المعانً‪ ،‬وعلم البٌان‪ ،‬وعلم البدٌع‪ ،‬ألنً لم أجد من عرفه على رؼم طول فترة البحث‪،‬‬
‫انظر‪ :‬اإلٌضاح فً علوم الببلؼة‪ ،‬أبو عبدهللا دمحم بن سعدالدٌن بن عمر المزوٌنً ص‪ ،ٗ5‬تحمٌك الخفاجً‪ ،‬دار‬
‫إحٌاء العلوم – بٌروت‪ ،‬ط‪ /‬الرابعة ‪ٔ551 ،‬م‪.‬‬
‫(٘) هو عبد الماهر بن عبد الرحمن بن دمحم الجرجانً‪ ،‬أبو بكر‪ ،‬واضع أصول الببلؼة‪ ،‬كان من أبمة اللؽة‪ ،‬من‬
‫أهل جرجان (بٌن طبرستان وخراسان) له شعر رلٌك‪ ،‬من كتبه‪ :‬أسرار الببلؼة‪ ،‬ودالبل اإلعجاز‪ ،‬والجمل فً‬
‫الزمخشري فً تفسٌره المسمى بالكشاؾ‪ ،‬ولوال اعتزاله وانتصاره فً كتابه للمعتزلة لكان كتابا ً‬
‫حافبلً‪ ،‬ومن المعاصرٌن الطاهر بن عاشور فً تفسٌره التحرٌر والتنوٌر فمد جمع ما لم ٌجمعه‬
‫ؼٌره مستفٌدا ً ِم ْن َم ْن سبمه كثٌراً‪ ،‬وهذا االتجاه فً التفسٌر تابع للتفسٌر بالدراٌة وسٌسلط الباحث‬
‫األضواء علٌه؛ كون هذه الدراسة التً نحن بصددها هً فً التفسٌر الببلؼً‪.‬‬
‫أهمٌة التفسٌر البالغً‪:‬‬
‫وللتفسٌر الببلؼً أهمٌة كبٌرة نذكر منها‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬الولوؾ على معجزة المرآن الكرٌم الببلؼٌة التً تحدى بها هللا تعالى العرب‪.‬‬
‫لال ابن عاشور‪" :‬فإعجاز المرآن متوجه إلى العرب إذ هو معجز لفصحابهم‪،‬‬
‫وخطبابهم‪ ،‬وشعرابهم‪ ،‬مباشرة‪ ،‬ومعجز لعامتهم بواسطة إدراكهم أن عجز ممارعٌه عن‬
‫معارضته مع توفر الدواعً علٌه‪ ،‬فهذا برهان ساطع على أنه تجاوز طالة جمٌعهم‪ ،‬ثم هو بذلن‬
‫دلٌل على صدق ال ُمن ََّز ِل علٌه لدى بمٌة البشر الذٌن بلػ إلٌهم صدى عجز العرب بلوؼا ال‬
‫ٌستطاع إنكاره لمعاصرٌه بتواتر األخبار‪ ،‬ولمن جاء بعدهم بشواهد التؤرٌخ‪ ،‬كما أنه معجزة‬
‫مستمرة على تعالب السنٌن؛ ألنه لد ٌدرن إعجازه العمبلء من ؼٌر األمة العربٌة بواسطة‬
‫ترجمة معانٌه التشرٌعٌة‪ ،‬والحكمٌة والعلمٌة‪ ،‬واألخبللٌة‪ ،‬وهو دلٌل تفصٌلً ألهل تلن المعانً‪،‬‬
‫وإجمالً لمن تبلؽه شهادتهم بذلن"(ٔ)‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬توجٌه التفسٌر لؤللفاظ والجمل المرآنٌة بما ٌرفع اإلشكال وٌوضح المعنى‪.‬‬
‫ومثال ذلن‪" :‬لما جلس أبو عبٌدة معمر بن المثنى(ٕ) لدروس العلم فً المسجد جاءه‬
‫رجل ٌمول له‪ :‬إن العرب حٌن تستعمل أسلوب التشبٌه فإنها تشبه مجهوالً بمعلوم حتى ٌتضح‬
‫ط ْلعُ َها َكؤَنَّهُ‬
‫المجهول فما بال المرآن ٌشبه مجهوالً بمجهول فً لوله تعالى عن شجرة الزلوم‪َ {:‬‬
‫صفات‪ ،]ٙ٘:‬فنحن لم نر طلع الشجرة فهً مجهولة لدٌنا‪ ،‬ورإوس‬ ‫ٌن} [ال َّ‬
‫اط ِ‬ ‫وس ال َّ‬
‫ش ٌَ ِ‬ ‫ُر ُء ُ‬
‫ضا مجهولة لنا حٌث لم نر شٌطانًا‪ ،‬فكٌؾ ولع هذا فً المرآن؟‬ ‫الشٌاطٌن أٌ ً‬
‫فرد علٌه معمر بؤن العرب تكتفً بالصورة الذهنٌة عن الصورة المشاهدة‪ ،‬ورأس‬
‫الشٌطان صورته فً الذهن العربً صورة كرٌهة مخٌفة مرعبة‪ ،‬فشبه به شجرة الزلوم‪ ،‬ومن‬
‫هنا نشؤ علم الببلؼة لخدمة أسالٌب المرآن الكرٌم"(ٖ)‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬فهم المعانً المرآنٌة من خبلل معرفة المرابن وسٌاق النص ولهجات العرب‪.‬‬
‫فالكلمة الواحدة والجملة الواحدة لد تحمل مدلولٌن متنالضٌن تماماً‪ ،‬دون أن تختلؾ‬
‫الكلمة فً بنابها الداخلً‪ ،‬وإنما الذي تؽٌر هو (السٌاق) والمرابن المحٌطة‪ ،‬فمد ٌمول األب البنه‪:‬‬

‫النحو‪ ،‬وؼٌرها‪ ،‬ولد عام أربعمابة للهجرة وتوفى سنة إحدى وسبعٌن وأربعمابة‪ ،‬انظر‪ :‬طبمات الشافعٌة الكبرى‬
‫للسبكً ٘‪ ،ٔٗ5/‬وشذرات الذهب ٖ‪.ٕٗٓ/‬‬
‫(ٔ) التحرٌر والتنوٌر‪ ،‬دمحم الطاهر بن دمحم بن عاشور التونسًٔ‪ ،٘5 /‬مإسسة التؤرٌخ العربً‪ ،‬بٌروت‪ -‬لبنان‪،‬‬
‫ط‪ /‬األولىٕٓٗٔهـٕٓٓٓم‪.‬‬
‫(ٕ) معمر بن المثنى التٌمً بالوالء‪ ،‬البصري‪ ،‬أبو عبٌدة النحوي‪ ،‬من أبمة العلم باللؽة واألدب‪ ،‬ولد بالبصرة‬
‫سنة عشر ومابة‪ ،‬استمدمه هارون الرشٌد إلى بؽداد‪ ،‬ولرأ علٌه أشٌاء من كتبه‪ ،‬وكان إباضًٌّا‪ ،‬شعوبًٌّا من‬
‫=حفاظ الحدٌث‪ ،‬توفً سنة تسع ومؤتٌن للهجرة‪ ،‬انظر‪ :‬العبر فً خبر من ؼبر‪ ،‬أبو عبدهللا دمحم بن أحمد بن‬
‫لاٌماز الذهبًٔ‪ ،ٕ٘5/‬تحمٌك‪ :‬أبو هاجر دمحم السعٌد بن بسٌونً زؼلول‪ ،‬دار الكتب العلمٌة – بٌروت‪ ،‬والبلؽة‬
‫فً تراجم أبمة النحو واللؽة‪ ،‬دمحم بن ٌعموب الفٌروزأبادئ‪ ،2ٙ /‬تحمٌك‪ :‬دمحم المصري‪ ،‬جمعٌة إحٌاء التراث‬
‫اإلسبلمً‪ -‬الكوٌت‪ ،‬ط‪ /‬األولى ‪ٔٗٓ2‬هـ‪.‬‬
‫(ٖ) أثر الدرس اللؽوي فً فهم النص الشرعً‪ ،‬دمحم المختار دمحم المهدي ص‪.2‬‬
‫(افعل كذا) وهو ٌمصد المعنى الظاهري لهذه الكلمة‪ ،‬ولد ٌستخدم نفس الكلمة وٌمصد بها التهدٌد‪،‬‬
‫الذي ٌستطٌع اكتشافه من خبلل المرابن‪ ،‬وهنا ٌنملب معنى (افعل) إلى معنى منالض تماما ً هو‬
‫(ال تفعل)!‪ ،‬وهذا هو بالضبط ما ٌنطبك على المرآن الكرٌم‪ ،‬فمد ٌستخدم المرآن صٌؽة األمر‬
‫ك اللَّ ٌْ ِل َولُ ْرآَنَ‬ ‫س ِ‬ ‫ؼ َ‬‫ش ْم ِس إِلَى َ‬ ‫ون ال َّ‬ ‫وٌمصد بها مدلولها الظاهري‪ ،‬عندما ٌمول‪{:‬أَلِ ِم ال َّ‬
‫ص َبلة َ ِل ُدلُ ِ‬
‫الفَجْ ِر إِ َّن لُ ْرآَنَ الفَجْ ِر َكانَ َم ْش ُهودًا} [اإلسراء‪ ،]21:‬ولد ٌمصد بها اإلباحة عندما ٌمول‪َ { :‬وإِ َذا‬
‫ص ٌْ َد َوأ َ ْنت ُ ْم‬
‫طادُوا} {المابدة‪ ،}ٕ:‬عمٌب الحظر فً لوله‪ٌَ[:‬ا أٌَُّ َها الَّذٌِنَ آ َ َمنُوا َال ت َ ْمتُلُوا ال َّ‬ ‫ص َ‬‫َحلَ ْلت ُ ْم فَا ْ‬
‫الزمر‪ ،]ٔ٘:‬ولد‬ ‫ُح ُر ٌم] {المابدة‪ ،}5٘:‬ولد ٌمصد التهدٌد عندما ٌمول‪{:‬فَا ْعبُدُوا َما ِشبْت ُ ْم ِم ْن دُونِ ِه} [ ُّ‬
‫ورةٍ ِم ْن‬ ‫س َ‬ ‫ع ْب ِدنَا فَؤْتُوا بِ ُ‬
‫علَى َ‬ ‫ب ِم َّما ن ََّز ْلنَا َ‬‫ٌمصد التعجٌز والتحدي عندما ٌمول‪َ {:‬وإِ ْن ُك ْنت ُ ْم فًِ َر ٌْ ٍ‬
‫صا ِدلٌِنَ } [البمرة‪ ،]ٕٖ:‬أو عندما ٌمول على لسان نبً‬ ‫ُون هللاِ ِإ ْن ُك ْنت ُ ْم َ‬ ‫ش َه َدا َء ُك ْم ِم ْن د ِ‬ ‫عوا ُ‬ ‫ِمثْ ِل ِه َوا ْد ُ‬
‫ون} [هود‪ ، ]٘٘:‬ولد‬ ‫هللا هود ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬مخاطبا ً لومه الكافرٌن‪ِ {:‬م ْن دُونِ ِه فَ ِكٌدُونًِ َج ِمٌعًا ث ُ َّم َال ت ُ ْن ِظ ُر ِ‬
‫ٌز ال َك ِرٌ ُم}‬ ‫ٌمصد االستهزاء عندما ٌمول هللا تعالى فً خطابة لبعض أهل جهنم‪{:‬ذُ ْق ِإنَّنَ أ َ ْنتَ العَ ِز ُ‬
‫[الدُخان‪ ،]ٗ5:‬وهكذا وهلم جرا ً(ٔ)‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬إثراء المعانً لؤللفاظ والجمل التً ظاهرها التماثل والتشابه‪.‬‬
‫وتعنى بهذا كتب الببلؼة التً تعنى بممتضٌات األحوال وأسرار التراكٌب ومثال ذلن‬
‫ً‬ ‫ورود الٌؤس فً المرآن الكرٌم بمعنى‪ :‬اإلحباط‪ ،‬والمنوط‪ ،‬وعدم الرجاء‪ ،‬مثل لوله تعالى‪ٌَ{ :‬ا بَنِ َّ‬
‫َس ِم ْن َر ْوحِ هللاِ ِإ َّال المَ ْو ُم‬ ‫سوا ِم ْن َر ْوحِ هللاِ ِإنَّهُ َال ٌَ ٌْب ُ‬ ‫ؾ َوأ َ ِخٌ ِه َو َال ت َ ٌْب َ ُ‬‫س َ‬ ‫سوا ِم ْن ٌُو ُ‬ ‫ا ْذ َهبُوا فَت َ َح َّ‬
‫س ُ‬
‫ت هللاِ َو ِلمَابِ ِه‬ ‫ال َكافِ ُرونَ } [{ٌوسؾ‪ ،]12:‬أي‪ :‬ال ٌمنط من رحمة هللا‪...‬ولوله‪َ {:‬والَّذٌِنَ َكفَ ُروا بِآٌََا ِ‬
‫ان ِم ْن‬ ‫س ُ‬ ‫ع َذابٌ أ َ ِلٌ ٌم} [العنكبوت‪ ،]ٕٖ:‬ولوله‪َ [ :‬ال ٌَسْؤ َ ُم ِ‬
‫اإل ْن َ‬ ‫سوا ِم ْن َرحْ َمتًِ َوأُولَبِنَ لَ ُه ْم َ‬ ‫أُولَبِنَ ٌَبِ ُ‬
‫صلت‪ ،]ٗ5:‬لكنه لد وردت آٌة فٌها الٌؤس بمعنى‬ ‫ط} [ف ِ ّ‬ ‫وس لَنُو ٌ‬ ‫ش ُّر فٌََب ُ ٌ‬‫سهُ ال َّ‬ ‫اء ال َخٌ ِْر َوإِ ْن َم َّ‬ ‫ع ِ‬‫ُد َ‬
‫العلم على لهج ٍة من لهجات العرب‪ ،‬دل علٌها سٌاق النص‪ ،‬وذلن فً لوله تعالى‪َ { :‬ولَ ْو أ َ َّن لُ ْرآَنًا‬
‫ض أ َ ْو ُك ِلّ َم ِب ِه ال َم ْوت َى َب ْل هللِ األ َ ْم ُر َج ِمٌعًا أَفَلَ ْم ٌَ ٌْب َِس الَّذٌِنَ‬ ‫ت ِب ِه األ َ ْر ُ‬ ‫ط َع ْ‬ ‫الج َبا ُل أ َ ْو لُ ِ ّ‬
‫ت ِب ِه ِ‬ ‫س ٌِّ َر ْ‬‫ُ‬
‫آ َ َمنُوا أ َ ْن لَ ْو ٌَشَا ُء هللاُ لَ َه َدى النَّ َ‬
‫(ٕ)‬
‫اس َج ِمٌعًا} [الرعد‪ ،]ٖٔ:‬ومعناها‪ :‬أفلم ٌعلم ‪ ،‬فدل ذلن على‬
‫أهمٌة معرفة سٌاق النص‪ ،‬ولهجات العرب‪ ،‬لتفسٌر كتاب هللا تعالى‪.‬‬

‫خاتمة التمهٌد‬
‫إن النص المرآنً ٌنؤى عن النص البشري بكل أجناسه‪ ،‬فهو فمعجزة‪ ،‬ثابتة األلفاظ‬
‫ك فً كل زمان ومكان‪ ،‬تحمل دالالت بعضها فوق طالة العمل‬ ‫متحركة المعانً تصلح لكل متل ٍ‬
‫اإلنسانً واستٌعابه‪ ،‬ألبل العلماء على هذا الكتاب المجٌد مشؽوفٌن بكل ما ٌتعلك به‪ :‬حتى‬
‫أحصوا عدد آٌاته وحروفه‪ ،‬وعدد ألفاظه المعجمة والمهملة‪ ،‬وأطول كلمة فٌه وألصرها‪ ،‬وأكثر‬

‫(ٔ ) اإلٌضاح فً علوم الببلؼة‪ ،‬جبلل الدٌن أبو عبدهللا دمحم بن سعدالدٌن بن عمر المزوٌنً ص‪ ،ٗ5‬دار إحٌاء‬
‫العلوم – بٌروت‪ ،‬ط‪ /‬الرابعة ‪ٔ551‬م‪.‬‬
‫(ٕ) أثر الدرس اللؽوي ‪ ،ٖٔ :‬بتصرؾ‪.‬‬
‫ما اجتمع فٌه من الحروؾ المتحركة‪ ،‬واشتؽلوا منه بؤبحاث دون تلن وزنا معتمدٌن أن لهم فً‬
‫هذا كله ثوابا عند هللا وأجرا‪ ،‬إذ حمموا إرادته األزلٌة فً حفظ كبلمه المبٌن من عبث السنٌن‪.‬‬
‫وٌمكن تحدٌد أهم النتابج التً توصلنا إلٌها من هذا التمهٌد كما ٌؤتً‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬المرآن الكرٌم‪ :‬هو كتاب هللا تعالى الذي أنزله على خاتم المرسلٌن دمحم ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬لهداٌة البشر‪،‬‬
‫وهو دستور الحك إلصبلح الخلك‪ ،‬ولانون السماء لهداٌة األرض‪ ،‬أودعه ربنا تعالى كل‬
‫تشرٌع‪ ،‬وضمنه كل موعظة من شؤنها تحمٌك السعادة للبشرٌة جمعاء‪ ،‬لال تعالى‪ٌَ{ :‬ا أٌَُّ َها النَّ ُ‬
‫اس‬
‫َّللاِ‬ ‫ُور َو ُهدًى َو َرحْ َمةٌ ِل ْل ُمإْ ِمنٌِنَ (‪ )٘2‬لُ ْل بِفَ ْ‬
‫ض ِل َّ‬ ‫صد ِ‬‫ظةٌ ِم ْن َر ِبّ ُك ْم َو ِشفَا ٌء ِل َما فًِ ال ُّ‬‫لَ ْد َجا َءتْ ُك ْم َم ْو ِع َ‬
‫َوبِ َرحْ َمتِ ِه فَبِ َذلِنَ فَ ْلٌَ ْف َر ُحوا ُه َو َخٌ ٌْر ِم َّما ٌَجْ َمعُونَ (‪ٌ[ })٘1‬ونس ‪]٘1 - ٘2 :‬‬
‫ٕ‪ -‬لم تكن كتب علوم المرآن ‪-‬فً المرن األول‪ -‬لد انفردت واستملّت بالتؤلٌؾ؛ بل نرى بعض‬
‫الرسم‪،‬‬
‫ِ‬ ‫وعلم‬
‫ِ‬ ‫كعلم المراءاتِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ت على وجه االستمبلل فً المرون األولى؛‬ ‫الموضوعات ُكتِبَ ْ‬
‫والناسخِ والمنسوخِ‪ ،‬وإعجاز المرآن‪ ،‬وبعض الكتب جمعت أكثر من نوع من هذه األنواع‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬كان المرآن الكرٌم موضع اهتمام المسلمٌن من أول ٌوم تنـزل فٌه على رسول هللا صلى هللا‬
‫علٌه وسلم‪ ،‬فوعاه الصحابة وحفظوه‪ ،‬وكتبوه‪ ،‬وطبموا ما فٌه‪ ،‬وكان ما لام به أبوبكر الصدٌك‬
‫بمشورة عمر رضً هللا عنهما من جمع المرآن مما هو مكتوب أو محفوظ فً عهده صلى هللا‬
‫علٌه وسلم عمبل عظٌما ً ُحفظ به المرآن‪ ،‬وسار على نهجه عثمان بن عفان رضً هللا عنه عندما‬
‫جمع الناس على مصحؾ واحد ومنع االختبلؾ بٌن المسلمٌن‪ ،‬ولد نال زٌد بن ثابت رضً هللا‬
‫عنه شرؾ تحمل مسإولٌة جمع المرآن فً عهد أبً بكر‪ ،‬وكتابته فً عهد عثمان‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬الوحً عملٌة مرتبطة بحوار ثنابً ‪ :‬بٌن ذات أمرة ‪ ،‬وذات متلمٌة ‪ ،‬ورأٌنا ظاهرة الوحً‬
‫مربٌة ومسموعة ‪ ،‬ولكنها خاصة بالنبً صلىهللاعلٌه وآله وسلم وحده‪ ،‬ولم ٌكن الوحً ظاهرة‬
‫ذاتٌة عند النبً صلىهللاعلٌهوآلهوسلم إطبللا ً ‪ ،‬بل كانت منفصلة عنه انفصاالً تاماً‪ ،‬ربما‬
‫صاحبه من خبللها إمارات خارجٌة فً شحوب الوجه أو تصبب الجبٌن عرلا ‪ ،‬ولكنها إمارات‬
‫لم تكن لتمتلن علٌه وعٌه نهابٌا ً ‪ ،‬وكان الداعً لبحث ذلن هو الرد على هجمات طابفة من‬
‫المستشرلٌن الذٌن ٌرون الوحً نوعا من اإلؼماء ‪ ،‬أو مثبلً من التشنج ‪ ،‬واألمر لٌس كذلن ‪ ،‬بل‬
‫هو استمبال لظاهرة ‪ ،‬أعمبه هذا الولع ‪ ،‬استعداد للنشر والتبلٌػ‪ .‬بعد هذا أرسٌنا مصطلح الوحً‬
‫على لاعدة من الفهم المرآنً‪.‬‬
‫٘‪ -‬تناول البحث تحدٌد بداٌة نزول المرآن زمنٌا ً ‪ ،‬وتعٌٌن ما نزل منه أول مرة‪ ،‬ثم أشرنا للنزول‬
‫التدرٌجً ‪ ،‬وضرورة تنجٌم المرآن ‪ ،‬وعالجنا هذه الظاهرة بما نمتلن من تملٌل ألسرارها ‪،‬‬
‫وتمٌٌم ألبعادها ‪ ،‬وأوضحنا إٌمان المرآن بمرحلٌة النزول ‪ ،‬وتعمبنا ذلن بتؤرٌخٌة ما انمسم منه‬
‫إلى مكً ومدنً‪ ،‬وسلطنا الضوء على ضوابط السور المكٌة والمدنٌة ‪ ،‬وحمنا حول أسباب‬
‫النزول ولٌمتها الفنٌة ‪ ،‬وما ٌستؤنس منه بجذورها فً تعٌٌن النزول زمانٌا ً ومكانٌا ً ‪ ،‬وتتبعنا ما‬
‫نزل من المرآن بمكة أوالً بؤول ‪ ،‬وما نزل بالمدٌنة أوالً بؤول ‪ ،‬معتمدٌن على أصح الرواٌات‬
‫وأشهرها ‪ ،‬أو بما ٌساعد علٌه نظم المرآن وسٌاله ‪ ،‬وختمنا الفصل بجدول إحصابً إستمرابً‬
‫لسور المرآن كافة بترتٌبها العددي والمصحفً والزمانً والمكانً‪.‬‬
‫‪ -ٙ‬إن لآلٌات المرآنٌة لصة تعٌن على الفهم السدٌد وتلهم أرجح التؤوٌل وأصح التفسٌر وهو ما‬
‫ٌسمى بؤسباب النزول‪ ،‬وحٌن وصفنا مماٌٌس المفسرٌن المحممٌن فً ترجٌح الرواٌات المنببة‬
‫عن تلن األسباب بمصطلحها الدلٌك وتخرٌجها الذكً ونمدها الحصٌؾ‪ ،‬وجمعها بٌن السبب‬
‫التارٌخً والسٌاق األدبً فً اآلٌات التً وضعت فً السطور على حسب الحكمة ترتٌبا‬
‫وحفظت فً الصدور على حسب الولابع تنزٌبل‪ ،‬وحٌن تحدثنا عن ألوان من التناسك الفنً‬
‫ٌعوض بها المرآن أسباب النزول إذا لم تعرؾ‪ ،‬أو ٌإكد مدلوالتها "بالنماذج" الحٌة إذا عرفت‬
‫ولم تحفظ‪ ،‬أو حفظت ولم تشتهر‪.‬‬
‫‪ -2‬إن فً اعتبار الشكل المصحفً‪ ،‬وطرٌك الرواٌة إلى النبً صلىهللاعلٌه وآله وسلم ‪ ،‬وتعدد‬
‫لهجات المبابل ‪ ،‬مضافا ً إلى المناخ اإلللٌمً المابم بٌن مدرستً الكوفة والبصرة‪ ،‬أسسا لابلة‬
‫لبلجتهاد واألثر فً تعدد المراءات المرآنٌة‪ ،‬وانتهٌنا إلى أن االختبلؾ كان فً األلل ‪ ،‬واالتفاق‬
‫فً األكثر ‪ ،‬وحددنا وجهة النظر العلمٌة تجاه المراء السبعة والمراءات السبع ‪ ،‬وأعطٌنا الفروق‬
‫الممٌزة بٌن المراءة واالختٌار ‪ ،‬وأوردنا مماٌٌس المراءة المعتبرة‬
‫‪ -1‬ولد تمصٌنا الخطوات التً مر بها التفسٌر حتى اتخذ الصورة التً نجده علٌها فً بطون‬
‫المإلفات‪ ،‬وأن نفرق بٌن التفسٌر بالمؤثور والتفسٌر بالرأي‪ ،‬وأن نتبٌن كٌؾ ٌفسر المرآن بالمرآن‬
‫لما فً داللته من اإلحاطة والشمول‪ ،‬فً منطوله ومفهومه‪ ،‬وعامه وخاصه‪ ،‬ومطلمه وممٌده‪،‬‬
‫ومجمله ومفصله‪ ،‬ونصه وظاهره‪.‬‬
‫ضا متشابه‪ ،‬بمعنى أنه ٌصدق‬ ‫‪ -5‬إن المرآن كله محكم بمعنى أنه متمن ؼاٌة اإلتمان‪ ،‬وهو أٌ ً‬
‫ؼ ُمض‬ ‫عرؾ الممصود منه‪ ،‬والمتشابه ما َ‬ ‫ضا؛ أما من جهة االصطبلح‪ ،‬فالمحكم ما ُ‬ ‫بعضه بع ً‬
‫ضا المولؾ السلٌم من النصوص الواردة فً باب الصفات‪ ،‬وأن‬ ‫الممصود منه‪ .‬وظهر لنا أٌ ً‬
‫المول الصواب فٌها ما ذهب إلٌه السلؾ من إجراء تلن النصوص على ظاهرها‪ ،‬دون أن‬
‫ٌمتضً ظاهر تلن النصوص تمثٌل الخالك بالمخلوق‪.‬‬
‫ٓٔ‪ -‬وتبٌن لنا بعد التجوال فً مٌدان علوم المرآن الكرٌم أن ( الناسخ والمنسوخ ) علم من آكد‬
‫العلوم وأوجبها تعلما وحفظا وبحثا وفهما وخاصة لمن أراد أن ٌخوض ؼمار تفسٌر كتاب هللا‬
‫تعالى وأن ٌؽوص فً لجته الستخراج الدرر الثمٌنة والجواهر النفٌسة ‪ .‬بل إنه علم ال ٌسع كل‬
‫من تعلك بؤدنى علم من علوم الدٌانة جهله كما لال ذلن مكً بن أبً طالب المٌسً رحمه‬
‫هللا تعالى‪ ،‬وإن مما ٌدل على عظم شؤن هذا العلم وجلٌل خطره أن اإلمام أحمد وإسحاق بن‬
‫راهوٌه عداه شرطا لكون اإلنسان عالما ‪ .‬وأن أبا ٌوسؾ صاحب أبً حنٌفة اعتبره‬
‫شرطا لئلفتاء بل لال ‪ :‬إنه ال ٌحل ألحد أن ٌفتً حتى ٌعرفه‪.‬‬
‫ٔٔ‪ -‬إن الترجمة عامل آخر ٌسٌر موازًٌا لتعلم لؽة المرآن الكرٌم فً نشر دعوته‪ ،‬وتبلٌػ هداٌته‬
‫للعالمٌن‪ ،‬ولٌس بالضرورة أن ٌتحول المسلمون جمٌعًا إلى عرب‪ ،‬فؤكثر المسلمٌن فً أرض هللا‬
‫صا على طلب العلم‪ ،‬وأكثر‬ ‫الٌوم من العجم‪ ،‬وها نحن نراهم أشد نصرة لدٌن هللا‪ ،‬وأكثر حر ً‬
‫األبمة األعبلم كانوا من ؼٌر العرب‪ ،‬ولد سجل المرآن الكرٌم‪ ،‬أن من آٌات هللا العظمٌة‪ ،‬وآٌات‬
‫المدرة‪ :‬اختبلؾ األلسنة واللهجات‪.‬‬
‫فبل مانع أن ٌُترجم المرآن الكرٌم لؽٌر العرب‪ ،‬وأن ٌدخل ؼٌر العرب فً دٌن اإلسبلم‪،‬‬
‫وٌتعلمون اللؽة العربٌة‪.‬‬
‫ٕٔ‪ -‬وننتهً إلى إعجاز المرآن‪ ،‬فإذا نحن نرد سحره إلى نسمه الذي ٌجمع بٌن مزاٌا النثر‬
‫والشعر جمٌعا‪ ،‬بموسٌماه الداخلٌة‪ ،‬وفواصله المتماربة فً الوزن التً تؽنً عن التفاعٌل‪ ،‬وتمفٌته‬
‫التً تؽنً عن الموافً‪ ،‬ورأٌنا كٌؾ تم للمرآن من اإلعجاز باأللفاظ الجامدة ما ال ٌتم للفنان من‬
‫اإلبداع بالرٌشة واأللوان‪ ،‬وحاولنا فً تصور التشبٌه واالستعارة والكناٌة وأنواع المجاز أن نبث‬
‫الحٌاة فً اصطبلحات المدامى‪ ،‬فكان المرآن ‪-‬فً هذا كله‪ -‬نسٌجا واحدا فً ببلؼته وسحر بٌانه‪،‬‬
‫وألحانه‬ ‫أنؽامه‬ ‫فً‬ ‫الوجود‬ ‫موسٌمى‬ ‫تنوع‬ ‫متنوع‬ ‫أنه‬ ‫إال‬
‫فذلن هو المرآن‪ :‬إن نطك لم ٌنطك إال بالحك‪ ،‬وإن علم لم ٌعلم إال الهدى والرشاد‪ ،‬وإن صور لم‬
‫ٌصور إال أجمل لوحات الحٌاة‪ ،‬وإن رتل ترتٌبل لم ٌسمع بعده لحن فً الوجود ذلن كتاب هللا‬
‫المجٌد (ال ٌَؤْتٌِ ِه ْالبَ ِ‬
‫اط ُل ِم ْن بٌَ ِْن ٌَ َد ٌْ ِه َوال ِم ْن خ َْل ِف ِه ت َ ْن ِزٌ ٌل ِم ْن َح ِك ٌٍم َح ِمٌدٍ)‪.‬‬
‫وأخٌرا فالمرآن الكرٌم‪ ،‬هو مرجع اإلسبلم األول‪ ،‬ودلٌله األعظم‪ ،‬إلٌه المستند فً‬
‫العمابد‪ ،‬والعبادات‪ ،‬والحكم‪ ،‬واألحكام‪ ،‬واآلداب‪ ،‬واألخبلق‪ ،‬وفٌه المصص‪ ،‬والمواعظ‪ ،‬والعلوم‪،‬‬
‫والمعارؾ‪ ،‬لذلن كله‪ ،‬كان المرآن الكرٌم‪ ،‬موضع العناٌة الكبرى من الرسول ومن صحابته‪،‬‬
‫والتابعٌن‪ ،‬ومن سلؾ األمة‪ ،‬وخلفها جمٌعًا‪ ،‬منذ المرن األول إلى ٌومنا هذا‪ ،‬وإلى أن ٌرث هللا‬
‫ظا بحفظ هللا؛ مصدالًا لموله سبحانه‪{ :‬إِنَّا ن ُ‬
‫َحْن‬ ‫األرض ومن علٌها‪ ،‬وسٌبمى كتاب هللا هذا محفو ً‬
‫ظونَ (‪[ })5‬الحجر ‪.]5 :‬‬ ‫ن ََّز ْلنَا ال ِذّ ْك َر َو ِإنَّا لَهُ لَ َحافِ ُ‬
‫أشكاال مختلفة؛ فتارة ً تتو ّجه إلى لفظه‬ ‫ً‬ ‫ولد تبٌّن لنا من خبلل البحث أن العناٌة بالمرآن اتخذت‬
‫وأسلوبه‪ ،‬وأخرى إلى كتابته ورسمه‪ ،‬وثالثة إلى إعجازه وتفسٌره‪.‬‬
‫وٌمكننا أن نمول‪ :‬إن كتاب هللا تعالى ‪-‬الذي حظً من عناٌة العلماء بالجهد الموفور‪ ،‬لشرحه‬
‫وتفسٌره‪ ،‬وبٌان علومه‪ ،‬وهداٌاته‪ -‬لد شمل عدة أنواع من المإلفات‪ ،‬ك ُكتب التفسٌر‪ ،‬وكتب علوم‬
‫فضبل عن الموضوعات الخاصة فً مإلفاتها الموجزة‬ ‫ً‬ ‫المرآن‪ ،‬وكتب المناهج‪ ،‬وكتب الدخٌل‪،‬‬
‫ب‪،‬‬ ‫َّ‬
‫فً العمٌدة‪ ،‬واألخبلق‪ ،‬والمعامبلت‪ ...‬ونحو ذلن‪ ،‬ولمد رأٌنا علماءنا سلفًا‪ ،‬وخلفًا لد ألفُوا ال ُكت ُ َ‬
‫نظٌر لَ َها‪ ،‬وتراث عظٌم‪ ،‬من‬ ‫َ‬ ‫وتباروا فً هذا المٌدان؛ حتى زخرت المكتبة اإلسبلمٌة‪ ،‬بثروةٍ ال‬ ‫ْ‬
‫المصنفات المتنوعة‪ ،‬والموسوعات المٌمة‪.‬‬
‫وبعد كان هذا إٌذانا بجملة من نتابج البحث‪ ،‬الذي ولفنا عنده‪ ،‬فتلن مباحث فً علوم‬
‫المرآن ال ننمً إلٌها السعة والشمول‪ ،‬وال ندعً لها التفصٌل واالستٌعاب‪ ،‬إنما هً طابفة من‬
‫المسابل المهمة التً نرجو أال ٌجهلها أو ٌتجاهلها عربً ٌنطك بالضاد أو مسلم ٌهتؾ بهذا الدٌن‬
‫ا لحنٌؾ‪ ،‬وها نحن أوالء نتركها بٌن أٌدي المراء سابلٌن هللا أن ٌشولهم بها إلى تبلوة كتابه‪،‬‬
‫فتدبر أحكامه‪ ،‬فالعمل بتعالٌمه‪ ،‬لعل التارٌخ ٌعٌد نفسه‪ ،‬ولعلنا نرجع بهذا الكتاب كما كنا خٌر‬
‫أمة أخرجت للناس‪ ،‬و نسؤل هللا تعالى أن ٌتمبله منا بؤحسن لبوله‪ ،‬وأن ٌنفع به الباحثٌن‬
‫والدارسٌن‪ ،‬وأن ٌجعله ذخٌرة لنا ٌوم الدٌن‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمٌن‪ ،‬وصلى هللا على سٌدنا دمحم وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم تسلٌما ً كثٌراً‪.‬‬

‫المإلؾ‬
‫‪-------------------------------------------------‬‬
‫انتهى الممدمة والتمهٌد ‪ ،‬وٌلٌه تفسٌر سورة الفاتحة‪.‬‬
‫تفسٌر سورة الفاتحة‬
‫وهً السورة األولى من حٌث الترتٌب فً المصحؾ الشرٌؾ‪ ،‬التً جمع هللا فٌها كل‬
‫مماصد المرآن‪ ،‬وأجمل معانٌه فً تلن اآلٌات السبع المثانً‪ ،‬باألسلوب المعجز؛ واللفظ الموجز‪،‬‬
‫والمول السلس الذي ال ٌحتاج إلى كثٌر معاناة بحث‪ ،‬وال ٌستدعً عمٌك فهم وعوٌص تفكٌر؛‬
‫فهً نموذج المرآن الذي ٌرسم أسسه وحمابمه فً كل نفس‪ ،‬وٌصور معانٌه فً كل للب‪ :‬العلماء‬
‫والدهماء على اختبلؾ منازلهم‪ ،‬وتباٌن درجاتهم‪ ،‬إذا ما لفتوا أفهامهم بعض اللفت‪ ،‬ووجهوا‬
‫للوبهم نوع توجٌه‪ ،‬آتتهم هذه الفاتحة المباركة ذلن النموذج المرآنً‪ ،‬وتلن الصورة الحمة‬
‫لمماصد الكتاب الحكٌم‪.‬‬
‫ولهذه السورة أسما ٌء متعددةٌ‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫أوال‪ -:‬فاتحةُ الكتا ِ‬
‫ب(ٔ)‪:‬‬
‫صبلة َ ِل َم ْن لَ ْم ٌَ ْم َرأْ‬
‫ً ‪ ‬لال‪ " :‬ال َ‬ ‫امت َّ‬
‫أن النب َّ‬ ‫ص ِ‬‫بن ال َّ‬
‫عبادة ِ‬
‫صحٌحٌن" عن ُ‬ ‫ورد فً "ال َّ‬
‫ً‬ ‫بِفَاتِ َح ِة ْال ِكت َا ِ‬
‫(ٕ)‬
‫سور المرآن بها كتابة‪ ،‬ولراءة ً فً‬ ‫س ِ ّمٌت "فاتحة الكتاب" الفتتاح ُ‬ ‫ب " ‪ ،‬وإنَّما ُ‬

‫(ٔ) لمد اشتملت السورة على كل معانً المرآن وهذا هو سر الفاتحة‪ .‬فمعانً المرآن ثبلثة‪ -ٔ( :‬العمٌدة‪ " :‬الحمد‬
‫هلل رب العالمٌن‪ ،‬الرحمن الرحٌم" ٕ‪ -‬العبادة‪ " :‬إٌان نعبد وإٌان نستعٌن" ٖ‪ -‬مناهج الحٌاة‪ " :‬اهدنا الصراط‬
‫المستمٌم‪ ،‬صراط اللذٌن أنعمت علٌهم"‪ ،‬و كل ما بعد الفاتحة من لرآن ٌشرح هذه المحاور الثبلثة‪ ،‬و الفانحة‬
‫تذكرنا بكل أساسٌات الدٌن‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬نعم هللا‪ " :‬الحمد هلل رب العالمٌن" ٕ‪ -‬اإلخبلص‪ " :‬إٌان نعبد وإٌان نستعٌن"ٖ‪ -‬الصحبة الصالحة" صراط‬
‫اللذٌن أنعمت علٌهم"ٗ‪ -‬التحذٌر من صحبه السوء‪ " :‬ؼٌر المؽضوب علٌهم" ٘‪ -‬أسماء هللا الحسنى‪ " :‬الرحمن‬
‫الرحٌم" ‪ -ٙ‬أصل صلة هللا بن‪ " :‬الرحمن الرحٌم" ‪ -2‬االستمامة‪ " :‬اهدنا الصراط المستمٌم" ‪ -1‬اآلخرة‪" :‬‬
‫الصراط" ‪ -5‬أهمٌة الدعاء‪-ٔٓ.‬وحدة األمة‪ " :‬نعبد‪......‬نستعٌن" فجاءت الصٌؽة هنا جماعة و لٌست مفردا‬
‫للتؤكٌد على وحدة األمة‪.‬‬
‫و الفانحة تعلمنا كٌؾ نتعامل مع هللا ‪ :‬فجاءت نصفها ثناء والنصؾ اآلخر دعاء‪ ،‬فحتى لو لسمت حروفها‬
‫لوجدت أن نصؾ الحروؾ ثناء والنصؾ الثانً دعاء‪ .‬فعند دعابنا هلل تعالى ٌجب أن نبدأه بالثناء على هللا تعالى‬
‫بؤسمابه الحسنى وصفاته ثم نتوجه بما نرٌد من الدعاء‪.‬‬
‫ومن جمالٌات األسلوب المرآنً‪:‬عبللة أول الفاتحة بنهاٌة المصحؾ‪ ،‬إذ ترى فً سورة الفاتحة " الحمد هللا رب‬
‫العالمٌن" و فً سورة الناس " لل أعوذ برب الناس" فمد بدأ المصحؾ برب العالمٌن و اختتم المصحؾ برب‬
‫الناس ‪.‬‬
‫(ٕ) صحٌح البخاري‪ ،)2٘ٙ( :‬و صحٌح مسلم‪ .)ٖ5ٗ( :‬ولد احتج العلماء بهذا الحدٌث على أن الفاتحة ركن‬
‫فً الصبلة البد منها فً حك اإلمام والمنفرد‪ ،‬وحاصل المسؤلة أن المنفرد واإلمام ٌجب علٌهما لراءة الفاتحة‬
‫مطلما فً الصبلة السرٌة والجهرٌة ‪ ،‬أما المؤموم فٌجب علٌه أن ٌمرأ حال الركعات السرٌة كالظهر والعصر‬
‫واألخٌرتٌن من العشاء وثالثة المؽرب ‪ ،‬أما فً الركعات التً ٌجهر فٌها اإلمام فبل ٌجب علٌه المراءة وال ٌجب‬
‫علٌه السكوت‪ ،‬ولكن المستحب المتؤكد فً حمه اإلنصات واالستماع إلى لراءة اإلمام ‪ ،‬فإن لم ٌسمع لراءة اإلمام‬
‫طل ُم َك ِبّر الصوت أو ل َ‬
‫ص َم ٍم فٌجب علٌه لراءة الفاتحة عمبل باألصل‪.‬‬ ‫لبُ ْعد المكان أو لت َ َع ُّ‬
‫وتجدر اإلشارة بؤن لراءة الفاتحة خلؾ اإلمام حال الجهر للعلماء فٌها ثبلثة ألوال‪:‬‬
‫المول األول‪ :‬لٌس للمؤموم أن ٌمرأ فً الصبلة الجهرٌة إذا كان ٌسمع اإلمام ال بالفاتحة وال بؽٌرها وهذا لول‬
‫جمهور العلماء من السلؾ والخلؾ وهو مذهب أبً حنٌفة ومالن وأحمد وأحد لولً الشافعً‪ ،‬وممن لال بهذا‬
‫المول من المعاصرٌن العبلمة األلبانً والشٌخ أبو بكر الجزابري والشٌخ سٌد سابك والشٌخ محمود المصري‪.‬‬
‫المول الثانً‪ٌ :‬جب على المؤموم أن ٌمرأ الفاتحة فً الصبلة الجهرٌة كالسرٌة وهو المذهب عند الشافعٌة ولول‬
‫البخاري وابن حزم من الظاهرٌة ‪،‬ولال بصحته المرطبً‪ ،‬وممن لال بهذا المول من المعاصرٌن ‪ :‬العبلمة ابن‬
‫باز وابن عثٌمٌن ‪ ،‬والشٌخ عبد هللا بن لعود ‪،‬والشٌخ عبد هللا بن ؼدٌان والشٌخ عبد الرزاق عفٌفً و الشٌخ دمحم‬
‫بن عبد الممصود‪.‬‬
‫المول الثالث‪ٌ :‬ستحب للمؤموم لراءتها وهو لول جماعة من أهل العلم منهم األوزاعً‪.‬‬
‫والذي ٌبدو لً أن أعدل األلوال وألربها للصواب هو المول األول لول الجمهور وأن المؤموم ال ٌمرأ‬
‫فً حال الجهر ال بالفاتحة وال بؽٌرها إذا كان ٌسمع لراءة اإلمام هذا ما ٌدل علٌه عمل أكثر الصحابة رضً هللا‬
‫تعالى‪{:‬وإِذَا لُ ِر َ‬
‫ئ‬ ‫َ‬ ‫عنهم وتتفك علٌه أكثر األحادٌث وألن هللا تعالى أمر باإلنصات لمراءة اإلمام فً الصبلة فمال‬
‫ْالمُ ْرآ ُن فَا ْست َِمعُوا لَه ُ َوأ َ ْن ِ‬
‫صتُوا لَعَلَّ ُك ْم ت ُ ْر َح ُمونَ } [األعراؾ‪ ]ٕٓٗ:‬وٌإٌد داللة اآلٌة على وجوب اإلنصات لمراءة‬
‫اإلمام ما رواه مسلم فً صحٌحه من حدٌث أبً موسى األشعري رضً هللا عنه لال‪" :‬إن رسول هللا صلى هللا‬
‫علٌه وسلم خطبنا فبٌن لنا سنتنا وعلمنا صبلتنا فمال‪ :‬ألٌموا صفوفكم ثم لٌإمكم أحدكم فإذا كبر فكبروا‪ ..‬وذكر‬
‫الحدٌث الطوٌل" وزاد بعض رواته‪" :‬وإذا لرأ فؤنصتوا" ولد ذكرها فً صحٌحه‪ .‬ولد رواها أحمد وأبو داود‬
‫والنسابً وابن ماجه من حدٌث أبً هرٌرة مرفوعاً‪" :‬إنما جعل اإلمام لٌإتم به فإذا كبر فكبروا وإذا لرأ‬
‫فؤنصتوا" ولد سبل مسلم بن الحجاج عن حدٌث أبً هرٌرة هذا فمال‪ :‬هو عندي صحٌح‪ .‬ومما ٌدل على منع‬
‫المؤموم من المراءة حال جهر اإلمام ما رواه أصحاب السنن وؼٌرهم من حدٌث أبً هرٌرة رضً هللا عنه "أن‬
‫النبً ملسو هيلع هللا ىلص انصرؾ من صبلة جهر فٌها بالمراءة فمال‪ :‬هل لرأ معً أحد منكم آنفاً؟ فمال رجل‪ :‬نعم ٌارسول هللا‪.‬‬
‫فمال‪ :‬إنً ألول‪ :‬مالً أنازع المرآن لال‪ :‬فانتهى الناس عن المراءة مع رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص فٌما جهر فٌه رسول هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص من الصلوات بالمراءة حٌن سمعوا ذلن من رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص"‪ ،‬ولد تكلم فً هذا الحدٌث بعض أهل العلم من جهة‬
‫ابن أكٌمة الراوي عن أبً هرٌرة ولٌس ذلن بشًء فمد لال عنه ٌحٌى بن سعٌد عمرو بن أكٌمة ثمة ووثمه ؼٌر‬
‫واحد من أهل العلم‪ .‬كما أنه طعن فً الحدٌث من جهة أن لوله فً الحدٌث‪" :‬فانتهى الناس‪" ...‬مدرج من كبلم‬
‫الزهري كما لاله البخاري والذهلً وأبو داود وؼٌرهم والجواب عن هذا أن ذلن ال ٌسمط االحتجاج بالحدٌث‬
‫سواء كان ذلن من لول أبً هرٌرة أو من لول الزهري‪ ،‬لال شٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة رحمه هللا فً مجموع‬
‫الفتاوى (ٖٕ ‪" :) ٕ2ٗ /‬وهذا إذا كان من كبلم الزهري فهو من أدل الدالبل على أن الصحابة لم ٌكونوا ٌمرإون‬
‫فً الجهر مع ال نبً ملسو هيلع هللا ىلص فإن الزهري من أعلم أهل زمانه أو أعلم أهل زمانه بالسنة ولراءة الصحابة خلؾ النبً‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص إذا كانت مشروعة واجبة أو مستحبة تكون من األحكام العامة التً ٌعرفها عامة الصحابة والتابعٌن لهم‬
‫بإحسان فٌكون الزهري من أعلم الناس بها فلو لم ٌبٌنها الستدل بذلن على انتفابها فكٌؾ إذا لطع الزهري بؤن‬
‫الصحابة لم ٌكونوا ٌمرإون خلؾ النبً فً الجهر" انتهى كبلمه رحمه هللا‪.‬‬
‫ومما ٌستؤنس به فً عدم وجوب المراءة على المؤموم فً الجهرٌة الحدٌث المشهور "من كان له إمام‬
‫فمراءة اإلمام له لراءة" وهذا الحدٌث أخرجه جمع من األبمة بطرق متعددة مسنداً ومرسبلً عن جماعة من‬
‫الصحابة أمثلها حدٌث جابر على ضعؾ فٌه وكثرة كبلم النماد فٌه ومع ذلن فمد لال شٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة‬
‫رحمة هللا فً مجموع الفتاوى (‪" :)ٕ2ٕ-ٕ2ٔ/ٔ1‬وهذا الحدٌث روي مرسبلً ومسنداً لكن أكثر األبمة الثمات‬
‫رووه مرسبلً عن عبد هللا بن شداد عن النبً ملسو هيلع هللا ىلص وأسنده بعضهم ورواه ابن ماجه سندا وهذا المرسل لد عضده‬
‫ظاهر المرآن والسنة ولال به جماهٌر أهل العلم من الصحابة والتابعٌن ومثل هذا المرسل ٌحتج به باتفاق األبمة‬
‫األربعة وؼٌرهم"‪ .‬وممن استوعب الكبلم فً الحدٌث وطرله الدار لطنً رحمه هللا فً علله ومما تمدم ٌتبٌن أن‬
‫ما رواه البخاري ومسلم وؼٌرها من حدٌث عبادة بن الصامت رضً هللا عنه عن النبً ملسو هيلع هللا ىلص أنه لال‪" :‬ال صبلة‬
‫لمن لم ٌمرأ بفاتحة الكتاب" لٌس على عمومه بل هو مخصوص بما تمدم من النصوص ومثله ما رواه مسلم فً‬
‫صحٌحه عن أبً هرٌرة رضً هللا عنه أن النبً ملسو هيلع هللا ىلص لال‪" :‬من صلى صبلة لم ٌمرأ فٌها بؤم المران فهً خداج‬
‫ثبلثا ً ؼٌر تمام" فكل هذا وأمثاله محمول على ؼٌر المؤموم جمعا ً بٌن األحادٌث ومما ٌإٌد عدم العموم فٌها ما‬
‫حكاه اإلمام أحمد رحمه هللا من إجماع‪ .‬لال رحمه هللا‪" :‬ما سمعنا أحدا ً من أهل اإلسبلم ٌمول‪ :‬إن اإلمام إذا جهر‬
‫بالمراءة ال تجزئ صبلة من خلفه إذا لم ٌمرأ"‪.‬‬
‫أما حدٌث عبادة بن الصامت "أن النبً ملسو هيلع هللا ىلص صلى الصبح فثملت علٌه المراءة فلما انصرؾ لال‪ :‬إنً‬
‫أراكم تمرإون وراء إمامكم للنا‪ٌ :‬ا رسول هللا إي وهللا‪ .‬لال‪ :‬ال تفعلوا إال بؤم المرآن فإنه ال صبلة لمن لم ٌمرأ‬
‫بها" ولد أخرجه أحمد وأصحاب السنن إال ابن ماجه وفٌه دمحم بن إسحاق ولال عنه أحمد‪ :‬لم ٌرفعه إال ابن‬
‫إسحاق‪ .‬ولال شٌخ اإلسبلم فً مجموع الفتاوى (ٖٕ‪" :)ٕ1ٙ /‬هذا الحدٌث معلل عند أبمة الحدٌث بؤمور كثٌرة‬
‫ضعفه أحمد وؼٌره من األبمة"‪ .‬ولال بعد ذكر من ص ّحح الحدٌث وحسنه (ٖٕ‪ " :)ٖٔ٘ /‬ففً هذا الحدٌث أن‬
‫النبً ملسو هيلع هللا ىلص لم ٌكن ٌعلم هل ٌمرإون وراءه بشًء أم ال؟ ومعلوم أنه لو كانت المراءة واجبة على المؤموم لكان لد‬
‫أمرهم بذلن وأن تؤخٌر البٌان عن ولت الحاجة ال ٌجوز ولو بٌّن ذلن لهم لفعله عامتهم ولم ٌكن ٌفعله الواحد أو‬
‫االثنان منهم‪ .‬ولم ٌكن ٌحتاج إلى استفهامه فهذا دلٌل على أنه لم ٌوجب علٌهم المراءة خلفه حال الجهر ثم إنه لما‬
‫علم أنهم ٌمرإون نهاهم عن المراءة بؽٌر أم الكتاب وما ذكر من التباس المراءة علٌه تكون بالمراءة معه حال‬
‫الجهر سواء كان بالفاتحة أو ؼٌرها فالعلة متناولة لؤلمرٌن فإن ما ٌوجب ثمل المراءة والتباسها على اإلمام منهً‬
‫عنه"‪.‬‬
‫منصوص علٌه كترتٌب اآلٌات‬
‫ٌ‬ ‫سور المرآن‬‫الصبلة‪ ،‬وهذا م َّما استد َّل به من لال‪ :‬إن ترتٌب ُ‬
‫عا‪.‬‬
‫إجما ً‬
‫(ٔ)‬
‫وفً سبب تسمٌتها بـ(فاتحة الكتاب) ألوال ‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أنها س ّمٌت بذلن‪ ،‬ألنه ٌفتتح بها فً المصاحؾ والتعلٌم والمراءة فً الصبلة‪ ،‬وهً‬
‫وتبركا وهً التسمٌة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مفتتحة باآلٌة التً تفتتح بها األمور تٌ ّمنا‬
‫(ٕ)‬
‫لال الطبري‪ ، ":‬فهً فَواتح لما ٌتلوها من سور المرآن فً الكتابة والمراءة" ‪.‬‬
‫والثانً‪ :‬أنها س ّمٌت بذلن‪ ،‬ألن الحمد فاتحة كل كتاب كما هً فاتحة المرآن‪.‬‬
‫(ٖ)‬
‫والثالث‪:‬أنها سمٌت بذلن‪،‬ألنها أول سورة نزلت من السماء‪ .‬لاله الحسٌن بن الفضل ‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة بؤن األمة اإلسبلمٌة أجمعت على أن ترتٌب اآلٌات فً سورها على ما هو علٌه‬
‫المصحؾ الٌوم تولٌفً بؤمر من النبً‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬فمد كانت اآلٌات تنزل علٌه‪ ،‬وجبرٌل ٌدله على‬
‫مواضعها‪ ،‬وٌبلؽها رسول هللا صحابته‪ ،‬وٌؤمر كتاب الوحً بنسخها فً مواضعها‪ ،‬وكان جبرٌل‬
‫ٌعارضه بالمرآن فً رمضان كل عام مرة‪ ،‬حتى عارضه فً السنة التً توفً فٌها رسول هللا‬
‫مرتٌن مرتبا اآلٌات كما هً علٌه اآلن‪ ،‬ولد حفظه الصحابة بعده وأجمعوا على هذا الترتٌب(ٗ)‪.‬‬
‫ولمد نمل ؼٌر واحد من العلماء اإلجماع فً ذلن‪ ،‬فلمد جاء فً البرهان للزركشً لوله‪:‬‬
‫"فؤما اآلٌات فً كل سورة‪ ،‬ووضع البسملة فً أوابلها‪ ،‬فترتٌبها تولٌفً ببل شن‪ ،‬وال خبلؾ فٌه‪،‬‬
‫ولهذا ال ٌجوز تعكٌسها"(٘)‪ ،‬وممن نمل اإلجماع أٌضا حول هذه المسؤلة أبو جعفر ابن الزبٌر‬

‫ولذلن فالذي ٌظهر لً أن المؤموم ال ٌجوز له المراءة حال جهر اإلمام بالمراءة لما تمدم من األدلة ولما فً حدٌث‬
‫عبادة من معنى النهً لكن إن تمكن المؤموم من المراءة فً سكتات اإلمام فهذا المطلوب وإال فبل شًء علٌه‬
‫لتركه المراءة أخذ بما نهى عنه رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ولد لال النبً ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬ما نهٌتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا‬
‫منه ما استطعتم" وهذا الحدٌث أخرجه أحمد ومسلم وؼٌرهما من حدٌث أبً هرٌرة رضً هللا عنه‪ ،‬وهللا تعالى‬
‫أعلم ‪.‬‬
‫‪(.‬انظر فً هذه المسؤلة‪ :‬مجموع الفتاوى البن تٌمٌة مجلد ٕ ص ٔٗٔ‪ ٔ٘ٓ -‬مسؤلة المراءة خلؾ اإلمام دار‬
‫الفكر ٖٓٗٔهـ ٖ‪ٔ51‬م‪ ،‬ومجموع فتاوى ورسابل العثٌمٌن ‪ ،ٖٔٔ /ٖٔ :‬انظر مبحث ألفاظ العموم وداللة العام‬
‫فً علم أصول الفمه للشٌخ عبد الوهاب خبلؾ ٕٓٔ‪ ٕٕٔ -‬دار الحدٌث ٖٕٗٔهـ ٖٕٓٓم ‪ ،‬وفً الوجٌز فً‬
‫أصول الفمه د‪.‬عبد الكرٌم زٌدان ٖ٘ٓ‪ ٖٔٓ -‬مإسسة الرسالة الطبعة السابعة ٕٔٗٔهـ ٕٓٓٓ ‪،‬وفً علم أصول‬
‫الفمه د‪ .‬دمحم الزحٌلً ‪ ٕٙٔ -ٕ٘ٙ‬دارالملم الطبعة األولى ٕ٘ٗٔهـ ٕٗٓٓم وفً شرح األصول من علم األصول‬
‫البن عثٌمٌن ٓ‪ ٕٓ٘ -ٔ5‬المكتبة التوفٌمٌة وفً مذكرة فً أصول الفمه للشنمٌطً ٘‪ ٔ51- ٔ5‬مكتبة العلوم‬
‫والحكم الطبعة الرابعة ٕ٘ٗٔهـ ٕٗٓٓم)‪.‬‬
‫وٌنبؽً أن ٌتنبه أن هذه المسؤلة هً من مسابل االجتهاد ‪ ،‬فمن كان عنده المدرة على النظر‬
‫فً األدلة وا لترجٌح بٌنها ‪ :‬فإنه ٌعمل بما ترجح لدٌه ‪ ،‬ومن لم ٌكن عنده المدرة على ذلن فإنه ٌملد عالما ٌثك فً‬
‫دٌنه وعلمه ‪ ،‬وال ٌجوز أن تُتخذ هذه المسؤلة االجتهادٌة مثارا للطعن فً العلماء ‪ ،‬أو الجدال المإدي إلى‬
‫التعصب والتفرق واختبلؾ الملوب‪ .‬وهللا تعالى أعلم‪.‬‬
‫(ٔ) انظر‪ :‬ا لكشؾ والبٌان عن تفسٌر المرآن‪ ،‬أحمد بن دمحم بن إبراهٌم الثعلبً‪ ،‬أبو إسحاق (المتوفى‪ٕٗ2 :‬هـ)‪،‬‬
‫تحمٌك‪ :‬اإلمام أبً دمحم بن عاشور‪ ،‬مراجعة وتدلٌك‪ :‬األستاذ نظٌر الساعدي‪ /‬دار إحٌاء التراث العربً‪ ،‬بٌروت ‪-‬‬
‫لبنان‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى ٕٕٗٔ‪ ،‬هـ ‪ ٕٕٓٓ -‬م‪ ،ٕٔٙ/ٔ:‬وتفسٌر الطبري‪.ٔٓ2/ٔ :‬‬
‫(ٕ) تفسٌر الطبري‪.ٔٓ2/ٔ :‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪.ٕٔٙ/ٔ:‬‬
‫(ٗ)اإلعجاز البٌانً فً ترتٌب آٌات المرآن وسوره‪ ،‬دمحم أحمد الماسمً‪ ،‬طٔ‪ٔ525 ،‬م‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪.ٕٗٗ :‬‬
‫(٘)البرهان فً علوم المرآن ‪ ،‬الزركشً‪ ،‬دار النشر بٌروت‪( ،‬د‪،‬ط)‪ ،‬جٔ‪ ،‬ص‪.ٕ٘ٙ :‬‬
‫الؽرناطً‪ ،‬حٌث لال‪" :‬ترتٌب اآلٌات فً سورها والع بتولٌفه ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬وأمره من ؼٌر خبلؾ فً هذا‬
‫بٌن المسلمٌن"(ٔ)‪.‬‬
‫فاإلجماع والنصوص المترادفة كلها على أن ترتٌب اآلٌات تولٌفً‪ ،‬ال شبهة فً ذلن‪،‬‬
‫لال مكً(ٕ) وؼٌره‪ :‬ترتٌب اآلٌات فً السور بؤمر النبً‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬ولما لم ٌؤمر بذلن فً أول براءة‬
‫تركت بدون بسملة‪ ،‬ولال الماضً أبو بكر البالبلنً‪" :‬ترتٌب اآلٌات أمر واجب‪ ،‬وحكم الزم‪،‬‬
‫فمد كان الرسول بؤمر من جبرٌل‪-‬علٌه السبلم‪ٌ -‬مول ضعوا آٌة كذا فً موضع كذا"(ٖ)‪.‬‬
‫وٌمول السٌوطً‪" :‬والذي نذهب إلٌه أن جمٌع المرآن الذي أنزله هللا وأمر بإثبات‬
‫رسمه‪ ،‬ولم ٌنسخه‪ ،‬وال رفع تبلوته بعد نزوله‪ ،‬هو الذي بٌن الدفتٌن‪ ،‬الذي حواه مصحؾ‬
‫عثمان‪ ،‬وأنه لم ٌنمص منه شٌبا‪ ،‬وال زٌد فٌه‪ ،‬وأن ترتٌبه‪ ،‬ونظمه ثابت على ما نظمه هللا تعالى‪،‬‬
‫ورتبه علٌه رسوله من آي السور‪ ،‬لم ٌمدم من ذلن مإخر ولم ٌإخر ممدم‪ ،‬وأن األمة ضبطت‬
‫على النبً ‪r‬ترتٌب آي كل سورة وموضعها وعرفت مولعها‪ ،‬كما ضبطت عنه نفس المراءات‪،‬‬
‫وذات التبلوة‪ ،‬وأنه ٌمكن أن ٌكون الرسول‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬لد رتب سوره‪ ،‬وأن ٌكون لد وكل ذلن إلى‬
‫األمة بعده‪ ،‬ولم ٌتول ذلن بنفسه"(ٗ)‪.‬‬
‫كما أن ترتٌب السور فً المرآن فٌه خبلؾ بٌن أهل العلم على خبلؾ ترتٌب اآلٌات‪ ،‬فٌمول‪:‬‬
‫"‪...‬وإنما اختلؾ فً ترتٌب السور على ما هً علٌه‪ ،‬وكما ثبت فً مصحؾ عثمان بن عفان‬
‫الذي بعث بنسخه(٘) إلى اآلفاق‪ ،‬وأطبمت الصحابة على موافمة عثمان فً ترتٌب سوره وعمله‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫رؾ ترتٌب السور‪ ،‬وعلى ما سمعوه منه بنوا جلٌل‬ ‫ع َ‬ ‫فٌه" ‪ ،‬ثم لال‪" :‬فكٌفما دار األمر فمنه ملسو هيلع هللا ىلص ُ‬
‫ذلن النظر"(‪ ،)2‬وإنما الخبلؾ ولع فً فعلهم فً ترتٌب السور هل كان بتولٌؾ لولً‪ ،‬أو بمجرد‬
‫استناد فعلً حٌث بمً لهم فٌه مجال نظر؟ وحتى لو كان هذا األمر اجتهادا من الصحابة‪ ،‬فإن‬
‫األمر مسلم فٌه أٌضا‪ ،‬ألنه ال ٌوجد من هو أفصح‪ ،‬وأعلم بكتاب هللا‪ ،‬وبآٌاته‪ ،‬وسوره‪ ،‬ونزوله‬

‫(ٔ)البرهان فً ترتٌب سور المرآن‪ ،‬ابن الزبٌر الؽرناطً‪ ،‬تحمٌك‪ :‬دمحم شعبانً‪ ،‬طبعة وزارة األولاؾ المؽربٌة‪،‬‬
‫سنة‪ٔٗٔٓ( :‬هـ‪ٔ55ٓ/‬م)‪ ،‬ص‪.ٔ1ٕ :‬‬
‫(ٕ)هو مكً بن أبً طالب حمش بن دمحم بن مختار‪ ،‬أبو سمر المٌسً‪ ،‬كان من أهل التبحر فً علوم المرآن‬
‫والعربٌة‪ ،‬حسن الفهم‪ ،‬كثٌر التؤلٌؾ فً علوم المرآن‪ ،‬محسنا لذلن‪ ،‬توفً سنة‪ٗ2ٖ :‬هـ‪ ،‬أنظر ابن بشكوال‪،‬‬
‫الصلة‪ :‬قٕ‪ ،‬ص‪.ٖٙٔ :‬‬
‫(ٖ)اإلتمان فً علوم المرآن‪ ،‬جبلل الدٌن السٌوطً‪ ،‬تحمٌك‪ :‬فإاد أحمد زمولً‪ ،‬دار الكتاب العربً‪ٕٓٓٗ ،‬م‪،‬‬
‫بٌروت‪ ،‬ص‪.ٖٔٙ :‬‬
‫(ٗ) اإلتمان فً علوم المرآن‪ٖٔٙ :‬‬
‫(٘)والراجح أنها أربع نسخ‪ ،‬ولال أبو عمر الدانً فً‪" :‬الممنع فً رسم المرآن‪ ،‬ص‪« :ٔٓ :‬لٌل أربع ولٌل‬
‫خمس‪ ،‬واألول أصح‪ ،‬وعلٌه األمة»‪.‬أنظر‪ :‬السٌوطً اإلتمان‪ ،‬ص‪ ،ٔ٘5 :‬و‪-‬الزركشً‪ :‬البرهان‪ ،‬جٔ‪ ،‬ص‪:‬‬
‫ٕٓٗ ‪.‬والدانً هو‪ :‬الحافظ اإلمام شٌخ اإلسبلم‪ ،‬أبو عمر عثمان بن سعٌد األموي‪ ،‬موالهم المرطبً الممرئ‪،‬‬
‫صاحب التصانٌؾ‪ ،‬عُرؾ بالدانً لمسكنه بدانٌة‪ ،‬لال‪« :‬ولدت سنة‪ٖ2ٔ :‬هـ‪ ،‬وبدأت طلب العلم سنة‪ٖ1ٙ :‬هـ‪،‬‬
‫ورحلت إلى المشرق سنة‪ٖ52 :‬هـ‪ ،‬وسكنت المٌروان أربعة أشهر‪ ،‬ودخلت مصر فً شوال فمكثت بها سنة‪ ،‬ثم‬
‫حججت‪ ،‬ورجعت إلى األندلس فً ذي المعدة سنة‪ٖ55 :‬هـ»‪ ،‬لرأ على عبد العزٌز بن جعفر الفارسً‪ ،‬وابن‬
‫ؼلبون‪ ،‬و سمع من أبً مسلم‪ ،‬والبزار‪ ،‬وابن النحاس‪ ،‬كان أحد األبمة فً المرآءات‪ ،‬ورواٌة الحدٌث والتفسٌر‪،‬‬
‫كان مالكً المذهب‪ ،‬له ٕٓٔمصنؾ‪ ،‬كانت وفاته بدانٌة فً النصؾ من شوال‪ ،‬سنةٗٗٗهـ‪ .‬ممدمة كتاب‬
‫التٌسٌر‪.‬‬
‫(‪)ٙ‬البرهان فً ترتٌب سور المرآن‪ ،‬ابن الزبٌر الؽرناطً‪.ٔ1ٕ :‬‬
‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪.ٔ1ٖ :‬‬
‫من الصحابة رضً هللا عنهم‪ ،‬كما أنهم أعملوا فً ذلن اجتهادهم األلصى‪ ،‬وهم األعلٌاء بعلمه‪،‬‬
‫والمسلم لهم فً وعٌه‪ ،‬وفهمه‪ ،‬وهم العارفون بؤسباب النزول‪ ،‬وموالع الكلمات‪ ،‬وإنما ألفوه على‬
‫ما كانوا ٌسمعون منه‪ ،‬وهو رسول هللا‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬ولد كان نظرهم هذا فً ما استمر علٌه النبً‪-‬صلى‬
‫هللا علٌه وسلم‪ -‬من كان فعله األكثر‪ ،‬والسند فً ذلن بان الترتٌب فً السور لد روعً فٌه‬
‫التناسب‪ ،‬وإن كان لم ٌُراعى فٌه أسباب النزول‪ ،‬وزمانه ومكانه‪ ،‬بؤدلة‪ ،‬وأحادٌث روٌت منها فً‬
‫صحٌح مسلم(ٔ)‪ ،‬وما روى فً مصنؾ ابن أبً شٌبة(ٕ)‪ ،‬وما نُمل عن الخطابً(ٖ) والماضً ابن‬
‫العربً(ٗ) ‪ ،‬والتؤمل بالعمل فً ذلن التناسب الموجود بٌن عدة سور كاألنفال‪ ،‬وبراءة‪ ،‬والتناسب‬
‫الموجود بٌن الطبلق‪ ،‬والتحرٌم‪ ،‬والضحى‪ ،‬والشرح‪...‬مما ال ٌتولؾ فً وضوحه من له أدنى‬
‫نظر‪ ،‬كما نمل عن أبً دمحم بن عطٌة(٘) لوله بتفصٌل فً المسؤلة‪ ،‬وساق له ابن الزبٌر فً كتابه‬
‫البرهان بعض ما ٌإٌد هذا الرأي‪ ،‬منه لول رسول هللا‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪" :-‬إلرأوا الزهروان البمرة‪ ،‬وآل‬

‫صلٌَّْتُ مع النبً ملسو هيلع هللا ىلص ذَاتَ لَ ٌْلَ ٍة‬ ‫(ٔ) إشارة إلى حدٌث حذٌفة فً صبلة المٌام‪ :‬عن ُح َذ ٌْ َفةَ رضً هللا عنه لال‪َ (:‬‬
‫سا َء‬ ‫ضى فملت ٌَ ْر َك ُع بها ث ُ َّم ا ْفتَتَ َح ال ِن َّ‬ ‫ص ِلًّ بها فً َر ْك َع ٍة فَ َم َ‬ ‫ضى فملت ٌُ َ‬ ‫فَا ْفتَت َ َح ْال َبمَ َرة َ فملت ٌَ ْر َك ُع ِع ْن َد ْال ِماب َ ِة ث ُ َّم َم َ‬
‫سؤ َل وإذا َم َّر بِتَعَ ُّو ٍذ‬ ‫َ‬ ‫س َإا ٍل َ‬‫سبَّ َح وإذا َم َّر بِ ُ‬ ‫سبل إذا َم َّر بِآٌَ ٍة فٌها تَ ْسبٌِ ٌح َ‬ ‫ً‬ ‫فَمَ َرأَهَا ث ُ َّم ا ْفتَت َ َح آ َل ِع ْم َرانَ فَمَ َرأَهَا ٌَ ْم َرأ ُ ُمت ََر ِ ّ‬
‫ام ِه ث ُ َّم لال سمع هللا ِل َم ْن َح ِم َدهُ ث ُ َّم لام‬ ‫عهُ نَح ًْوا من لِ ٌَ ِ‬‫ً ْال َع ِظ ٌِم فَ َكانَ ُر ُكو ُ‬ ‫س ْب َحانَ َر ِبّ َ‬ ‫ت َ َع َّوذَ ث ُ َّم َر َك َع فَ َج َع َل ٌمول ُ‬
‫ام ِه ‪)...‬رواه مسلم(ٕ‪.)22‬‬ ‫س ُجو ُدهُ لَ ِرٌبًا من لٌَِ ِ‬‫ً األعلى فَ َكانَ ُ‬ ‫س ْب َحانَ َربِّ َ‬ ‫س َج َد فمال ُ‬ ‫ٌبل لَ ِرٌبًا ِم َّما َر َك َع ث ُ َّم َ‬
‫ط ِو ً‬‫َ‬
‫ورةَ ال ُج ُم َع ِة َوال ُمنَافِمٌِنَ "‬ ‫س َ‬ ‫صبلَةِ ال ُج ُم َع ِة ُ‬ ‫ُ‬ ‫عباس رضً هللا عنهما أ َ ّن النب َّ‬
‫ً ملسو هيلع هللا ىلص ‪َ " :‬كانَ ٌَ ْم َرأ فِى َ‬ ‫ٍ‬ ‫(ٕ) عن ابن‬
‫(أخرجه مسلم‪.)152 :‬‬
‫ولد روى دمحم بن أحمد بن حبان البستً‪ ،‬صحٌح ابن حبان بترتٌب ابن بلبان‪ ،‬تحمٌك‪ :‬شعٌب األرنإوط‪ ،‬ط ٕ‪٘ ،‬‬
‫(بٌروت‪ :‬مإسسة الرسالة‪ ٔٗٔٗ ،‬هـ)‪ ،‬ح ٔٗ‪ ،ٔ1‬كتاب الصبلة باب صفة الصبلة‪ ،‬ذكر ما ٌستحب أن ٌمرأ به‬
‫من السور لٌلة الجمعة فً صبلة المؽرب والعشاء‪ ،ٔٗ5 ،‬من حدٌث جابر بن سمرة لال‪( :‬كان رسول هللا صلى‬
‫هللا علٌه وسلم‪ٌ :‬مرأ فً صبلة المؽرب لٌلة الجمعة بمل ٌا أٌها الكافرون‪ ،‬ولل هو هللا أحد‪ ،‬وٌمرأ فً العشاء‬
‫اآلخرة لٌلة الجمعة ‪ ،‬الجمعة‪ ،‬والمنافمٌن)‪ .‬والحدٌث ضعفه األلبانً‪ ،‬سلسلة األحادٌث الضعٌفة ‪ ،‬ح ‪، ٘٘5‬‬
‫واألرنإوط فً تعلٌمه على ابن حبان‪.‬‬
‫(ٖ)هو اإلمام أحمد بن إبراهٌم ابن الخطاب السبتً‪ ،‬أبو سلٌمان الفمٌه‪ ،‬المحدث اللؽوي‪ ،‬وله عدة مصنفات‪ ،‬من‬
‫آثار ه‪" :‬معالم السنن"‪ ،‬و"إصبلح ؼلط المحدثٌن"‪ ،‬و"ؼرٌب الحدٌث" وله شرح على البخاري‪ ،‬توفً سنة‪:‬‬
‫‪ٖ11‬هـ‪ .‬أنظر‪ :‬الذهبً‪ ،‬تذكرة الحفاظ‪ ،‬جٖ‪ ،‬ص‪ ،ٔٓٔ1 :‬حٌث نُمل عنه لوله‪« :‬أن الصحابة لما اجتمعوا على‬
‫المرآن وضعوا سورة المدر عمب العلك‪ ،‬واستدلوا بذلن على أن المراد بها الكتابة فً لوله‪{:‬إنا أنزلناه فً لٌلة‬
‫المدر} المدر آٌةٔ‪ ،‬إشارة إلى لوله‪ :‬إلرأ"‪.‬‬
‫(ٗ)ابن العربً هو دمحم بن عبد هللا بن دمحم بن العربً اإلشبٌلً‪ ،‬المالكً‪ ،‬ولد باألندلس‪ ،‬ورحل إلى المشرق‪،‬‬
‫وعاد إلى وطنه سنةٔ‪ ٗ5‬هـ‪ ،‬وتولى المضاء‪ ،‬وذكر ابن بشكوال فً الصلة أن له مصنفات عدٌدة منها‪" :‬عارضة‬
‫األحوذي" و"أحكام المرآن" و" العواصم‪ ،‬وشرح موطؤ مالن‪ ،‬و"لانون التؤوٌل"‪ ،‬توفً سنة‪ٖ٘ٗ :‬هـ بفاس‪ ،‬ونُمل‬
‫عنه لوله‪ ..« :‬وهذا بدٌع جدا‪ ،‬للت ومن ظن ممن اعتمد المول بؤن ترتٌب السور إجتهاد من الصحابة‪ ،‬أنهم لم‬
‫ٌراعوا فً ذلن التناسب‪ ،‬واإلشتباه‪ ،‬فمد سمطت مخاطبته‪ ،‬وإال فما المراعى فً ترتٌب النزول؟ وهو ؼٌر‬
‫واضح فً ذلن بالمطع‪ ،‬بل هذا معلوم فً ترتٌب آي المرآن الوالع ترتٌبه بؤمره علٌه الصبلة والسبلم‪ ،‬وتولٌفه‬
‫بؽٌر خبلؾ‪ (.»...‬أنظر ابن الزبٌر‪ ،‬البرهان‪ ،‬ص‪.ٔ1ٗ :‬و تاربخ لضاة األندلس‪ ،‬ص‪ .ٔٓ٘ :‬ونفح الطٌب‪،‬‬
‫جٕ‪ ،‬ص‪ .ٔ55 :‬و األعبلم‪ ،‬ج‪ ،ٙ‬ص‪.)ٕٖٓ :‬‬
‫(٘)هو عبد الحك بن ؼالب ابن عبد الرحمن ابن عطٌة األندلسً المحاربً الؽرناطً‪ ،‬كان فمٌها نبٌها مفسرا‬
‫أدٌبا شاعرا ذكره صاحب الصلة‪ ،‬ولال‪ :‬كان مولده سنة‪ٗ1ٔ :‬هـ‪ ،‬وتوفً فً ٕ٘ رمضان‪ ،‬سنةٔٗ٘هـ‪ ،‬بمدٌنة‬
‫ٌورلة‪ ،‬من أشهر مصنفاته‪" :‬المحرر الوجٌز" أنظر‪ :‬تارٌخ لضاة األندلس‪ ،‬ص‪ .ٔٓ5 :‬و‪ -‬األعبلم‪ ،‬جٖ‪ ،‬ص‪:‬‬
‫ٕ‪.ٕ1‬‬
‫عمران"(ٔ)‪ ،‬وحدٌث ٌإتى بالمرآن ٌوم المٌامة تمدمه سورة البمرة(ٕ)‪ ،‬وحدٌث‪ :‬صلى رسول هللا‪-‬‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬بالسبع الطوال فً ركعة(ٖ)‪ ،‬وحدٌث كان ٌجمع المفصل فً ركعة(ٗ)‪ ،‬وحدٌث رواه البخاري‬
‫من طرٌك عابشة‪" :‬أن النبً كان إذا آوى إلى فراشه كل لٌلة لرأ المعوذتٌن‪ ، )٘("..‬وكؤنه ٌإٌد‬
‫الرأي المابل بؤن ترتٌب السور‪ ،‬إن لم ٌكن رسول هللا‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬لد أمر به بلسان الممال‪ ،‬فإنه لد أشار‬
‫إلٌه بلسان الحال‪ ،‬وهو ما كان علٌه أكثر عمله‪ ،‬وأن العبرة بما ورد على األكثر واإلجمال‪ ،‬ال‬
‫على الملة والتفصٌل‪ ،‬وللٌل بمً فٌه الخبلؾ‪.‬‬
‫ثانٌا‪ -:‬أم الكتاب‪:‬‬
‫َ‬
‫جاء فً "المسند" و"سنن ابن ماجه" عن عابشة رضً هللا عنها لالت‪ :‬سمعتُ رسو َل هللا‬
‫ب فهً ِخ َدا ٌج"(‪.)ٙ‬‬ ‫صلَّى صبلة ً لم ٌَ ْم َرأ فٌها بؤ ِ ّم الكتا ِ‬ ‫‪ٌ ‬مولُ‪َ " :‬م ْن َ‬
‫ْ‬
‫ّلل َربّ ِ العَالَ ِمٌنَ } أ ُّم المرآن‪ ،‬وأ ُّم‬ ‫ْ‬
‫وفً "سنن أبً داود" من حدٌث أبً هرٌرة‪{" :‬ال َح ْم ُد ِ َّ ِ‬
‫سب ُع المثانً"(‪.)2‬‬ ‫الكتاب‪ ،‬وال َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫وؼٌره‪ :‬أ َّم الكتاب‪.‬‬‫ُ‬ ‫َّاس‬
‫ابن عب ٍ‬ ‫جوزه الجمهور ‪ ،‬ولد س َّماها ُ‬ ‫وفً هذا الؽسم خبلؾ‪ّ ،‬‬
‫(ٓٔ)‬ ‫(‪)5‬‬
‫وكرهه أنس والحسن‪ ،‬وابن سٌرٌن ‪ ،‬لل الحسن‪":‬أ ُّم الكتاب الحبلل والحرام" ‪.‬‬
‫علٌَْنَ ْال ِكت َ‬
‫َاب ِم ْنهُ آٌََاتٌ ُمحْ َك َماتٌ‬ ‫المرطبً‪ٌ":‬شٌر إلى لوله تعالى‪ُ { :‬ه َو الَّذِي أ َ ْنزَ َل َ‬ ‫ُ‬ ‫لال‬
‫بؤن أ َّم الكتاب هو اللو ُح المحفوظ‪،‬‬ ‫ب َوأخ َُر ُمتَشَا ِب َهاتٌ } ]آل عمران‪ ،]2:‬وربما وجه َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُه َّن أ ُ ُّم ْال ِكت َا ِ‬
‫ب} ]الرعد‪ ،]ٖ5:‬ولوله تعالى‪:‬‬ ‫َّللاُ َما ٌَشَا ُء َوٌُثْ ِبتُ َو ِع ْن َدهُ أ ُ ُّم ْال ِكت َا ِ‬
‫كما فً لوله تعالى‪ْ ٌَ{ :‬م ُحوا َّ‬
‫{ َو ِإنَّهُ فًِ أ ُ ِ ّم ْال ِكت َا ِ‬
‫(ٔٔ)‬
‫ً َح ِكٌ ٌم} ]الزخرؾ‪. "]ٗ:‬‬ ‫ب لَ َد ٌْنَا لَ َع ِل ٌّ‬
‫ولال أنس وابن سٌرٌن‪" :‬أم الكتاب‪ :‬اسم اللوح المحفوظ‪ .‬لال هللا تعالى‪{ :‬وإنه فً أم‬
‫الكتاب} [الزخرؾ‪.)ٕٔ( "]ٗ :‬‬

‫(ٔ)رواه مسلم فً كتاب صبلة المسافرٌن‪ ،‬ولصرها‪ ،‬باب‪ :‬فضل لرآءة المرآن‪ ،‬وسورة البمرة‪ ،‬برلم‪)1ٓٗ( :‬‬
‫من حدٌث معاوٌة بن سبلم عن أخٌه زٌد‪ ،‬ورواه الحاكم فً المستدرن‪ ،‬كتاب‪ :‬فضابل المرآن‪ ،‬أخبار فً فضل‬
‫سورة البمرة‪ ،‬برلم‪ ،)ٕٓ2ٔ( :‬ورواه أحمد فً المسند من حدٌث أبً أمامة البهلً‪ ،‬برلم‪/ٕٔ2ٔٓ( :‬‬
‫ٕٗ‪ ،)ٕٖٔٙ٘/ٕٔٙ‬و‪ -‬فً شعب اإلٌمان فصل فً إدمان تبلوة المرآن برلم‪.)ٔ51ٓ( :‬‬
‫(ٕ) رواه مسلم فً صحٌحه‪ :‬كتاب صبلة المسافرٌن باب فضل لرآءة المرآن الكرٌم‪ ،‬برلم‪ ،)1ٓ٘( :‬ورواه أحمد‬
‫فً المسند من حدٌث النواس بن سمعان‪ ،‬برلم‪ ،)ٔ2ٔ1٘( :‬ورواه فً الشعب‪ ،‬الكتاب ‪ :‬التاسع عشر ‪ ،‬باب‪:‬‬
‫تعظٌم المرآن برلم‪.)ٕٖ2ٖ( :‬‬
‫(ٖ)المصنؾ فً األحادٌث واآلثار‪ ،‬ابن أبً شٌبة‪ ،‬تحمٌك‪ :‬عامر العمري األعظمً‪ ،‬الدار السلفٌة بندي بازار‬
‫بومباي‪ ،‬الهند‪ ،‬فً كتاب‪ :‬الصلوات فً الرجل ٌمرن السورة فً الركعة‪.ٖٙ2/ٔ:‬‬
‫(ٗ)المصدر نفسه‪.ٖٙ1/ٔ :‬‬
‫(٘) أخرجه البخاري‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪ ،ٕٙ :‬وأبو داود فً سننه برلم‪ ،)٘ٓ٘ٙ( :‬والترمذي فً الجامع جٗ‪ ،‬ص‪:‬‬
‫ٖٕٔ‪ ،‬والنسابً فً عمل الٌوم واللٌلة برلم‪ ،)211( :‬وابن ماجة برلم‪ ،)ٖ12٘( :‬وأخرجه اإلمام أحمد ج‪،ٙ‬‬
‫ص‪ ،ٔ٘ٗ-ٔٔٙ :‬وابن حبان برلم‪.)٘٘ٗٗ-ٖ٘٘ٗ( :‬‬
‫(‪ )ٙ‬المسند‪ ،)ٖٔٗ/ٙ( :‬و سنن ابن ماجه‪.)1ٗٓ( :‬‬
‫(‪ )2‬سنن أبً داود‪.)ٕٔٗ٘( :‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تفسٌر المرطبً‪.ٔٔٔ/ٔ :‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬النكت والعٌون‪ ،ٗٙ/ٔ :‬وتفسٌر المرطبً‪.ٔٔٔ/ٔ :‬‬
‫(ٓٔ) انظر‪ :‬النكت والعٌون‪ ،ٗٙ/ٔ :‬وتفسٌر المرطبً‪.ٔٔٔ/ٔ :‬‬
‫(ٔٔ)تفسٌر المرطبً‪.ٔٔٔ/ٔ :‬‬
‫(ٕٔ)تفسٌر المرطبً‪.ٔٔٔ/ٔ :‬‬
‫وهذا ال ٌد ُّل على َم ْنعِ تسمٌة الفاتحة بذلن‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫(ٔ)‬
‫ولد اختلؾ فً معنى تسمٌتها بؤ ِ ّم الكتاب‪ ،‬على ثبلثة ألوال ‪:‬‬
‫الخط‪ ،‬فهً تإ ُّم السور بتمدمها‬‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ور الكتاب فً‬ ‫س ِ‬‫أحدهما‪ :‬أنها سمٌت بذلن‪ ،‬ألنَّها تتمدم على بمٌَّة ُ‬
‫َّ‬
‫س ِ ّمٌت مكة أ ّم المرى‪ ،‬ألن البلدان‬ ‫علٌها‪ ،‬فالكتاب كله راجع إلى معانٌها‪ ،‬فهً كاألصل له‪ ،‬كما ُ‬
‫د ُِحٌت من تحتها‪.‬‬
‫والمرآن س ّمٌت بذلن ألنها ّأول المرآن والكتب المنزلة‪ ،‬فجمٌع ما أودعها من العلوم‬
‫مجموع فً هذه السورة فهً أصل لها كاألم للطفل‪.‬‬
‫والثانً‪ :‬أنها س ّمٌت بذلن‪ ،‬ألنها أفضل سور المرآن كما أن مكة سمٌت أم المرى ألنها أشرؾ‬
‫البلدان‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬أنها س ّمٌت بذلن‪ ،‬ألنها مجمع العلوم والخٌرات‪ ،‬كما أن الدماغ ٌسمى أ ّم الرأس ألنها‬
‫مجمع الحواس والمنافع‪.‬‬
‫ٌمول أبو بكر البرٌدي‪" :‬األم فً كبلم العرب‪ :‬الراٌة ٌنصبها العسكر‪ ،‬لال لٌس بن‬
‫الخطٌم‪:‬‬
‫وصاروا بعد إلفتهم شبلال‬ ‫ابذعروا‬
‫ّ‬ ‫نصبنا أ ّمنا حتى‬
‫فس ّمٌت أم المرآن ألن مفزع أهل اإلٌمان إلٌها كمفزع العسكر إلى الراٌة‪.‬‬
‫ومنه لول ذي الرمة(ٕ)‪:‬‬
‫ب ال ت ُ َو ِاري لَهُ أ َ ْز َرا‬ ‫ٌؾ ال ِث ٌّا ِ‬
‫َخ ِف ِ‬ ‫صحْ بَتًِ ‪،‬‬‫س ْم َر ‪ ،‬لَ َّو ٍام إ َذا نَام ُ‬ ‫َوأ َ َ‬
‫عاصً لَ َها ْأم َرا‬ ‫أمور ال نُ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ع‬
‫ِجما ُ‬ ‫علَى َرأْ ِسه أ ٌّم لنا نَ ْمتَدِي ِب َها ‪،‬‬ ‫َ‬
‫ك نَنَال ِب َها فَ ْخ َرا‬ ‫ٍ‬ ‫زٌ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ذاتَ‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ؼ‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫ت‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ؼ‬ ‫وإذا‬ ‫‪،‬‬ ‫وا‬‫ُ‬ ‫ل‬‫انز‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫نزلت‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ذ‬ ‫إ‬
‫ٌعنً بموله ‪ :‬على رأسه أ ٌّم لنا ‪ ،‬أي على رأس الرمح راٌةٌ ٌجتمعون لها فً النزول والرحٌل‬
‫العدو(ٖ)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وعند لماء‬
‫ألن معاد الخلك إلٌها فً حٌاتهم وبعد مماتهم‪ ،‬لال أمٌة بن أبً‬ ‫والعرب تسمً األرض‪ :‬أ ّما‪ّ ،‬‬
‫الصلت(ٗ)‪:‬‬
‫للماء حتّى ك ّل زند مسفد‬ ‫نوخها اإلله طرولة‬ ‫واألرض ّ‬
‫فٌها ممابرنا وفٌها نولد‬ ‫واألرض معملنا وكانت أ ّمنا‬
‫وأنشد أحمد بن عبٌدة(٘)‪:‬‬
‫كما ولها أنؾ عزٌز وذنب‬ ‫نؤوي إلى أ ّم لنا تعتصب‬
‫من السحاب ترتدي وتنتمب‬ ‫وحاجب ما إن نوارٌها الؽصب‬
‫ٌعنً‪ :‬نصبه كما وصؾ لها‪ .‬وسمٌت الفاتحة أ ّما لهذه المعانً‪.‬‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬النكت والعٌون‪ ،ٗٙ-ٗ٘/ٔ :‬وتفسٌر الطبري‪.ٔٓ2/ٔ:‬‬


‫(ٕ)دٌوانه ‪.ٔ1ٖ :‬‬
‫(ٖ)انظر‪ :‬تفسٌر الطبري‪.ٔٓ1-ٔٓ2/ٔ:‬‬

‫(ٗ) دٌوان أمٌة بن أبً الصلت ‪ ،ٖ٘ٙ‬واألول فً اللسان والتاج (سفد) ‪ ،‬والثانً فً المخصص ٖٔ‪ ،ٔ1ٓ/‬وببل‬
‫(نوخها‪ :‬أبركها‪ .‬والطرولة‪ :‬أنثى الفحل‪ ،‬شبه الماء‬
‫نسبة فً المذكر والمإنث لؤلنباري ‪ ،ٔ12‬فً دٌوانه‪ّ :‬‬
‫واألرض باألنثى والفحل) والبٌت الثانً ذكره المرطبً فً تفسٌره‪ ،‬انظر‪ :‬تفسٌر المرطبً‪.ٕٔٔ /ٔ :‬‬
‫(٘)لسان العرب‪ٔٙ1 /ٔ٘ :‬‬
‫ولال الحسٌن بن الفضل‪" :‬سمٌت بذلن ألنها إمام لجمٌع المرآن تمرأ فً كل صبلة و‬
‫تمدم على كل سورة‪ ،‬كما أن أ ّم المرى إمام ألهل اإلسبلم‪ ،‬ولال ابن كٌسان‪ :‬سمٌت بذلن ألنها‬
‫تامة فً الفضل"(ٔ)‪.‬‬
‫{م ْنهُ آٌََاتٌ‬
‫ٌتطرق إلٌها نس ٌخ‪ ،‬من لوله تعالى‪ِ :‬‬ ‫َّ‬ ‫ولٌل‪ :‬أصالتها من حٌث أنَّها محكمةٌ لم‬
‫ب} ]آل عمران‪.)ٕ(]2:‬‬ ‫ُمحْ َك َماتٌ ُه َّن أ ُ ُّم ْال ِكت َا ِ‬
‫ثالثا‪ -:‬أ ُّم المرآن‪:‬‬
‫واختلؾ فٌه أٌضا‪ ،‬فجوزه الجمهور ومنهم الحسن الذي كره تسمٌتها بؤ ِ ّم الكتاب‪ ،‬وكرهه‬
‫أنس وابن سٌرٌن‪ ،‬واألحادٌث الثابتة ترد هذٌن المولٌن(ٖ)‪.‬‬
‫ولد ورد تسمٌتُها بذلن فً أحادٌث كثٌرة‪:‬‬
‫منها حدٌث أبً هرٌرة عن النبً ‪" :‬ك ُّل صبلةٍ ال ٌُمرأ فٌها بؤ ِ ّم المرآن فهً ِخ َدا ٌج"‬
‫خرجه ُم ْس ِل ٌم(ٗ)‪.‬‬ ‫َّ‬
‫(٘)‬
‫ً ‪ ‬لال‪" :‬ال صبلة لمن لم ٌمرأ بؤ ِ ّم المرآن" ‪.‬‬ ‫عبادة َّ‬
‫أن النب َّ‬ ‫وخرج من حدٌث ُ‬ ‫َّ‬
‫الرابع‪ -:‬السبع المثانً‪:‬‬
‫ً ‪ ‬بالفاتحة كما سٌؤتً ذكره‪ ،‬وذكر وكٌع فً "كتابه" عن سفٌان عن‬ ‫سرها النب ُّ‬ ‫ولد ف َّ‬
‫ْ‬
‫س ْبعًا مِنَ ال َمثَانًِ‬‫ً ِ ‪ ‬لال‪َ {" :‬ولَمَ ْد آَت َ ٌْنَانَ َ‬
‫ي ِ عن النب ّ‬ ‫عمرو بن مٌمون عن أبً مسعود األنصار ّ‬
‫ٌم}]الحجر‪ [12:‬لال‪ :‬فاتحة الكتاب"‪.‬‬ ‫َو ْالمُ ْرآَنَ ْال َع ِظ َ‬
‫وابن عمر والحسن ومجاه ٌد وعكرمةُ‬ ‫ُ‬ ‫َّاس‬
‫ابن عب ٍ‬ ‫وممن لال (الفاتحة هً السبع المثانً)‪ُ :‬‬
‫كثٌر‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫وخلك‬
‫واختلؾ فً سبب تسمٌتها بالمثانً على ألوال‪:‬‬
‫ع ّد‬‫ضهم َ‬ ‫ؼٌَّر بع ُ‬ ‫إن َ‬‫ت اتِ ّفالا ً(‪ ،)ٙ‬ولٌس فً المرآن ما هو كذلن سواها ‪ْ ،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أحدها‪ :‬إذ هً سبع آٌا ٍ‬
‫(ٔ)‬ ‫(‪)1‬‬
‫ع َكس ‪ ،‬وهذا المول هو المشهور ‪.‬‬ ‫ضهم َ‬ ‫التَّسمٌة آٌة دون {صراط الذٌن أنعمتَ علٌهم}‪ ،‬وبع ُ‬

‫(ٔ) تفسٌر الثعلبً‪.ٕٔ2/ٔ:‬‬


‫(ٕ) انظر‪ :‬تفسٌر الفاتحة‪ ،‬الحافظ أبو الفرج عبدالرحمن بن أحمد بن رجب الدمشمً الحنبلً‪.ٔٙ :‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬تفسٌر المرطبً‪.ٕٔٔ/ٔ :‬‬
‫(ٗ) صحٌح مسلم‪.)ٖ5٘( :‬‬
‫(٘) صحٌح مسلم‪.)ٖ5ٗ( :‬‬
‫(‪ )ٙ‬اتفك المراء والمفسرون بؤنها سبع آٌات‪ ،‬ولم ٌشذ عن ذلن إال الحسن البصري فمال هً ثمان آٌات‪ ،‬وإال‬
‫الحسٌن الجعفً فمال هً ست آٌات‪ ،‬ولال البعض أنها تسع آٌات‪ ،‬وٌتعٌن حٌنبذ كون البسملة لٌست من الفاتحة‬
‫لتكون سبع آٌات ومن ع ّد البسملة أدمج اآلٌتٌن‪(.‬انظر‪ :‬التحرٌر والتنوٌر‪ ،‬ابن عاشور‪.)ٖٔ٘/ٔ :‬‬
‫(‪ )2‬لٌس فً المرآن سورة هً سبع آٌات سوى " الفاتحة "‪ ،‬و " أرأٌت " وال ثالث لهما‪.‬‬
‫السراج البؽدادي فً أرجوزته التً نظم فٌها النظابر‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫لال جعفر بن أحمد بن الحسٌن‬
‫أ َ َرأٌَْتَ ِإ ْن أَ ْنتَ لَ َرأْتَ الس ُّْو َره‬ ‫س ْو َرة ُ ال َح ْم ِد لَ َها ن َِظٌ َْر ْه‬
‫فَ ُ‬
‫ولٌس للحك الٌمٌن دف ُع‬ ‫كبلهما إذا عددتَّ سب ُع‪.‬‬
‫(انظر‪ :‬أرجوزة فً نظابر المرآن العظٌم لٕٓ نسخة مكتبة بلدٌة اإلسكندرٌة‪ ،‬ومنها نسخة مصورة بمعهد‬
‫البحوث العلمٌة برلم ٖٗٔٔ) وهو جعفر بن أحمد بن الحسٌن أبو دمحم السراج البؽدادي المارئ‪ ،‬كان عالما‬
‫بالمراءات والنحو واللؽة‪ ،‬كثٌر التصنٌؾ‪ ،‬توفً سنة خمسمابة‪ .‬سٌر أعبلم النببلء ‪ ٕ11 /ٔ5‬وبؽٌة الوعاة ٔ‪/‬‬
‫٘‪.ٗ1‬‬
‫(‪)1‬انظر فً‪ :‬البٌان فً عد آي المرآن‪ ،‬ألبً عمرو الدانً ‪.ٖٔ5‬‬
‫وتجدر اإلشارة بؤن اإلمام أبو عمر ابن عبد البر لد ألؾ رسالة فً البسملة سماها‬
‫"اإلنصاؾ فٌما بٌن علماء المسلمٌن فً لراءة بسم ميحرلا نمحرلا هللا فً فاتحة الكتاب من‬
‫االختبلؾ" سرد فٌها مذاهب العلماء فً البسملة‪ ،‬فً لرآنٌتها وعدم لرآنٌتها‪ ،‬فً الجهر بها‬
‫واإلسرار بها‪ ،‬وساق فٌها ما استدل به كل على مذهبه‪ ،‬ولم ٌمل فٌها إلى مذهب الشافعً كما‬
‫لاله المإلؾ‪ ،‬وسبمه إلٌه عبد الرحمن بن إسماعٌل شهاب الدٌن أبو دمحم المشهور بؤبً شامة فً‬
‫كتاب البسملة لٕ ‪ -‬بل مال إلى مذهب إمامه مالن بن أنس‪ ،‬فإنه لال فٌها ٕ‪ :ٔ5‬أجمع علماء‬
‫المسلمٌن على أنها سبع آٌات‪ ،‬فدل هذا الحدٌث على أن أنعمت علٌهم آٌة‪ ،‬وبسم هللا الرحمن‬
‫الرحٌم لٌست آٌة من أول السورة‪ ،‬وهذا عد أهل المدٌنة والشام والبصرة‪ ،‬وأما أهل مكة وأهل‬
‫الكوفة من العلماء والمراء فٌعدون بسم ميحرلا نمحرلا هللا أول آٌة من أم المرآن‪ ،‬ولٌست أنعمت‬
‫علٌهم بآٌة عندهم‪ ،‬فهذا حدٌث لد رفع اإلشكال فً سموط‪ :‬بسم ميحرلا نمحرلا هللا‪ ،‬ورجاله ثمات‪:‬‬
‫أبو حامد الؽزالً(ٕ) ‪ ،‬والفمٌه سلطان بن إبراهٌم الممدسً(ٖ)‪ ،‬وأبو الفتح سلٌم بن أٌوب الرازي‪،‬‬
‫وأبو المعالً ُم َج ِلًّ صاحب(ٗ) " الذخابر "‪ ،‬والحافظ أبو شامة(ٔ)‪.‬‬

‫المراء والعلماء فً ذلن ‪،‬وإنما‬ ‫س ْب ُع " ‪ ،‬فإنها سب ُع آٌات ‪ ،‬ال خبلؾ بٌن الجمٌع من َّ‬ ‫(ٔ)وأما تؤوٌل اسمها أنها " ال َّ‬
‫اختلفوا فً اآلي التً صارت بها سبع آٌات ‪:‬‬
‫وروي ذلن عن‬ ‫الر ِح ٌِم ) ُ‬
‫الرحْ َم ِن َّ‬ ‫المول األول ‪ :‬فمال معظم أهل الكوفة ومكة ‪ :‬صارت سبع آٌات بـ ( بِس ِْم َّ ِ‬
‫َّللا َّ‬
‫جماعة من أصحاب رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬والتابعٌن والشافعً ٌعد البسملة آٌة منها‪.‬‬
‫الر ِح ٌِم ) ولكن السابعة (أنعمت علٌهم)‪،‬‬ ‫الرحْ َم ِن َّ‬ ‫المول الثانً ‪ :‬لالوا هً سبع آٌات ‪ ،‬ولٌس منهن ( بِس ِْم َّ ِ‬
‫َّللا َّ‬
‫وذلن لول معظم لَ َرأةِ أهل المدٌنة والبصرة والشام و ُمتْمنٌهم ومنهم اإلمام مالن‪.‬‬
‫لال الطٌبً‪ :‬وع ّد التسمٌة أولى؛ ألن (أنعمت علٌهم) ال ٌناسب وزانه وزان فواصل السور‪ ،‬ولما روى‬
‫البؽوي(هو الحسن بن مسعود بن دمحم محًٌ السنة أبو دمحم البؽوي الشافعً المفسر‪ ،‬كان سٌدا إماما‪ ،‬عالما‬
‫عبلمة‪ ،‬زاهدا لانعا بالسٌر‪ ،‬توفً سنة ست عشرة وخمسمابة‪ .‬سٌر أعبلم النببلء ‪ ٖٗ5 /ٔ5‬وطبمات الشافعٌة‬
‫الر ِح ٌِم اآلٌة السابعة "(رواه‬
‫الرحْ َم ِن َّ‬ ‫الكبرى ‪ ).2٘ /2‬فً " شرح السنة " عن ابن عباس أنه لال‪ " :‬بِس ِْم َّ ِ‬
‫َّللا َّ‬
‫الشافعً فً المسند ‪ 25‬ومن طرٌمه البؽوي فً شرح السنة ٖ‪ ٘ٓ /‬من طرٌك عبد المجٌد‪ ،‬والطبري فً تفسٌر‬
‫الطبري ٗٔ‪ ٘٘ /‬من طرٌك ٌحٌى األموي‪ ،‬والحاكم فً المستدرن ٕ‪ ٕ٘2 /‬من طرٌك حفص بن ؼٌاث‪،‬‬
‫والبٌهمً فً السنن الكبرى ٕ‪ ٗٗ /‬من طرٌك حجاج بن دمحم األعور‪ ،‬وحفص بن ؼٌاث‪ ،‬والطحاوي فً شرح‬
‫معانً اآلثار ٔ‪ ٕٓٓ /‬من طرٌك أبً عاصم كلهم (عبد المجٌد‪ ،‬وٌحٌى وحفص‪ ،‬وحجاج‪ ،‬وأبو عاصم) عن ابن‬
‫جرٌح عن أبٌه‪ ،‬عن سعٌد بن جبٌر‪ ،‬عن ابن عباس‪ ،‬لال الحاكم هذا حدٌث صحٌح اإلسناد‪ ،‬ووافمه الذهبً‪.‬‬
‫وصحح السٌوطً سنده فً اإلتمان ٔ‪ ٕٗٙ /‬وفً التصحٌح نظر‪ ،‬فإن فً سنده عبد العزٌز بن جرٌج‪ ،‬لال‬
‫الحافظ بن حجر عنه‪ :‬لٌن‪ ،‬التمرٌب ٔٔ‪.)ٙ‬‬
‫(ٕ)سرد العبلمة دمحم بن دمحم الحسٌنً الزبٌدي فً ممدمة شرح إحٌاء علوم الدٌن "إتحاؾ السادة المتمٌن بشرح‬
‫إحٌاء علوم الدٌن" مإلفات الؽزالً‪ ،‬ثم ألؾ عبد الرحمن بدوي كتابا حافبل فً مإلفات الؽزالً‪ ،‬ولم ٌرد فً‬
‫واحد من الكتابٌن كتاب مفرد للؽزالً فً البسملة‪ ،‬بٌد أن الؽزالً تعرض لمسؤلة البسملة فً كتابه "المستصفى"‬
‫ٕ‪ ٕٖ - ٖٔ /‬وذكر أنه أورد أدلة كون البسملة من المرآن فً كتاب حمٌمة المولٌن‪ ،‬فلعله التصنٌؾ الذي عناه‬
‫السٌوطً‪.‬‬
‫(ٖ)هو سلطان بن إبراهٌم بن المسلم أبو الفتح الممدسً‪ ،‬كان من أفمه الفمهاء بمصر‪ ،‬تفمه علٌه صاحب الذخابر‪،‬‬
‫توفً سنة خمس وثبلثٌن وخمسمابة‪ .‬طبمات الشافعٌة الكبرى ‪ 5ٗ /2‬وحسن الخاضرة فً أخبار مصر والماهرة‬
‫ٔ‪.ٗٓ٘ /‬‬
‫(ٗ)هو ُم َج ِلًّ بن جمٌع بضم الجٌم بن نجا أبو المعالً المخزومً‪ ،‬صاحب الذخابر وؼٌره من المصنفات‪ ،‬له‬
‫إثبات الجهر ببسم ميحرلا نمحرلا هللا‪ ،‬توفً سنة خمسٌن وخمسمابة‪ .‬سٌر أعبلم النببلء ٕٓ‪ ٖٕ٘ /‬وطبمات‬
‫الشافعٌة الكبرى ‪.ٕ22 /2‬‬
‫وعلٌه لراء مكة‪ ،‬كابن كثٌر(ٕ) (والكوفة) كعاصم(ٖ) حمزة(ٗ) والكسابً(٘)‪.‬‬
‫وممن خالفهم من لراء المدٌنة‪ :‬كنافع(‪)ٙ‬والبصرة‪ :‬كؤبً عمرو(‪،)2‬والشام كابن عامر(‪.)1‬‬
‫أما سبب اإلختبلؾ فً البسملة فمرده" أنه لد ولع اإلجماع على استحباب ذكر هللا تعالى‬
‫عند ابتداء كل أمر له بال حٌن الشروع فٌه‪ ،‬ولد ورد فٌه خبر عن النبً صلى هللا علٌه وسلّم‪.‬‬
‫ولد كانت العرب فً الجاهلٌة تفعل ذلن فٌمولون‪ :‬باسمن اللهم‪ ،‬وٌد ّل علٌه ما فً لصة‬
‫هدنة الحدٌبٌة(‪ ،)5‬ثم إنه شرع للنبً صلى هللا علٌه وسلّم فً ذلن لفظ البسملة‪ .‬وذكر هللا تعالى‬
‫فً كتابه حكاٌة عن كتاب سلٌمان علٌه السبلم أنها كانت فً أوله‪ .‬ثم أثبتها الصحابة فً‬
‫خطا فً ّأول كل سورة سوى براءة‪ ،‬فاختلؾ العلماء هل كان ذلن ألنها أنزلت حٌث‬ ‫المصحؾ ًّ‬
‫كتبت‪ ،‬أو فعل ذلن للتبرن كما فً ؼٌره‪ ،‬ولم ٌكتؾ بها فً أول الفاتحة‪ ،‬بل أعطٌت كل سورة‬
‫ي سورة منها إلى البسملة فً أولها‪ ،‬ولما فمد هذا المعنى‬ ‫حكم االستمبلل إرشادا لمن أراد افتتاح أ ّ‬
‫حٌن التبلوة بوصل السورة اختلؾ المراء فٌه‪ :‬فمنهم من اتبع المصحؾ فبسمل مستمرا على‬
‫ؾ ألجله لٌاس اللؽة‪ ،‬على ما لد عرؾ فً علم‬ ‫ذلن‪ ،‬إذ المراءة فً اتباع الرسم شؤن ٌُخَالَ ُ‬
‫المراءة‪ ،‬فما الظن بهذا؟ ولد كان تمرر عندهم أن المصحؾ لم تكتبه الصحابة إالّ لٌرجع إلٌه فٌما‬
‫كانوا اختلفوا فٌه‪ ،‬ومنهم من فهم المعنى فلم ٌبسمل إالّ فً ّأول سورة ٌبتدئ بها(ٓٔ)‪،‬ولد ص ّح أن‬

‫(ٔ)هو عبد الرحمن بن إسماعٌل بن إبراهٌم شهاب الدٌن أبو شامة الدمشمً‪ ،‬كان أحد األبمة‪ ،‬برع فً فنون‬
‫العلم‪ ،‬توفً سنة خمس وستٌن وستمابة‪ .‬طبمات الشافعٌة الكبرى ‪ ٔٙ٘ /1‬وبؽٌة الوعاة ٕ‪.22 /‬‬
‫(ٕ)هو عبد هللا بن كثٌر بن عمرو أبو معبد الكنانً المكً الممرئ‪ ،‬انتهت إلٌه اإلمامة بمكة فً تجوٌد األداء‪،‬‬
‫توفً سنة اثنتٌن وعشرٌن ومابة‪ .‬معرفة المراء الكبار على الطبمات واألعصار ٔ‪ ٔ52 /‬وؼاٌة النهاٌة فً‬
‫طبمات المراء ٔ‪.ٖٗٗ /‬‬
‫(ٖ)هو عاصم بن أبً النجود بهدلة أبو بكر األسدي الكوفً الممرئ‪ ،‬واسم أبٌه بهدلة على الصحٌح‪ ،‬ولٌل هً‬
‫أمه‪ ،‬ولٌس ذا بشًء‪ ،‬انتهت إلٌه اإلمامة فً المراءة بالكوفة‪ ،‬توفً سنة سبع وعشرٌن ومابة‪ .‬معرفة المراء‬
‫الكبار ٔ‪ ٕٓٗ /‬وؼاٌة النهاٌة ٔ‪.ٖٗٙ /‬‬
‫(ٗ)هو حمزة بن حبٌب بن عمارة أبو عمارة المارئ‪ ،‬كان إماما حجة‪ ،‬لٌما بحفظ كتاب هللا‪ ،‬توفً سنة ست‬
‫وخمسٌن ومابة‪ .‬معرفة المراء ٔ‪ ٕ٘ٓ /‬وؼاٌة النهاٌة ٔ‪.ٕٙٔ /‬‬
‫(٘)هو علً بن حمزة بن عبد هللا أبو الحسن الكسابً الكوفً الممرئ النحوي‪ ،‬انتهت إلٌه اإلمامة فً المراءة‬
‫والعربٌة‪ ،‬توفً سنة تسع وثمانٌن ومابة‪ .‬معرفة المراء ٔ‪ ٕٙ5 /‬وؼاٌة النهاٌة ٔ‪.ٖ٘٘ /‬‬
‫(‪)ٙ‬هو نافع بن عبد الرحمن بن أبً نعٌم الممرئ المدنً‪ ،‬لرأ على سبعٌن من التابعٌن‪ ،‬توفً سنة تسع وستٌن‬
‫ومابة‪ .‬معرفة المراء ‪ ٕٗٔ/‬وؼاٌة النهاٌة ٕ‪.ٖٖٓ /‬‬
‫(‪)2‬هو زبان بن العبلء بن عمار أبو عمرو البصري الممرئ النحوي‪ ،‬شٌخ المراء بالبصرة‪ ،‬توفً سنة أربع‬
‫وخمسٌن ومابة‪ .‬معرفة المراء ٔ‪ ٕٕٖ /‬وؼاٌة النهاٌة ٔ‪.ٕ11 /‬‬
‫(‪)1‬هو عبد هللا بن عامر بن ٌزٌد أبو عمران الٌحصبً الدمشمً‪ ،‬إمام الشامٌٌن فً المراءة‪ ،‬توفً سنة ثمانً‬
‫عشرة ومابة‪ .‬معرفة المراء ٔ‪ ٔ1ٙ /‬وؼاٌة النهاٌة ٔ‪.ٕٖٗ /‬‬
‫(‪)5‬بضم الحاء وفتح الدال وٌاء ساكنة وباء موحدة مكسورة وٌاء اختلفو فٌها‪ ،‬فمنهم من شددها‪ ،‬ومنهم من‬
‫خففها‪ ،‬لرٌة متوسطة لٌست بالكبٌرة‪ ،‬سمٌت بببر هنان عند مسجد الشجرة التً باٌع رسول هللا ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬تحتها‪،‬‬
‫وبٌن الحدٌبٌة ومكة مرحلة‪ ،‬وٌمال لها الٌوم‪ :‬الشمٌسً‪ .‬معجم البلدان ٕ‪ ٕٕ5 /‬وصحٌح األخبار عما فً ببلد‬
‫العرب من اآلثار ٕ‪ ٖٔ5 /‬وانظر هدنة الحدٌبٌة فً صحٌح البخاري ٗ‪ ٕٔ٘ٗ /‬وصحٌح مسلم ٖ‪.ٔٗٔٓ /‬‬
‫(ٓٔ)لال أبو شامة فً إبراز المعانً من حرز األمانً ٔ‪ ٕٕ2 /‬فً شرح بٌت‪:‬‬
‫رجال نموها درٌة وتحمبل‬ ‫وبسمل بٌن السورتٌن بسنة‬
‫لمبسملون من المراء هم الذٌن رمز لهم فً هذا البٌت من لوله‪ :‬بسنة‪ ،‬رجال‪ ،‬نموها‪ ،‬درٌة [وهم لالون‬
‫والكسابً‪ ،‬وعاصم‪ ،‬وابن كثٌر] وعلم من ذلن أن البالٌن ال ٌبسملون‪ ،‬ألن هذا من لبٌل اإلثبات والحذؾ‪.‬‬
‫النبً صلى هللا علٌه وسلّم لما أنزلت الكوثر وتبلها على الناس بسمل فً ّأولها(ٔ)‪،‬وكذا لما لرأ‬
‫سورة حم السجدة على عتبة بن ربٌعة(ٕ)‪ ،‬ولما تبل سورة المجادلة على امرأة (ٖ) أوس بن‬
‫الصامت (ٗ)‪ ،‬ولما لرأ سورة الروم على المشركٌن(٘)‪ ،‬وإلٌبلؾ لرٌش ‪-‬أخرج البٌهمً حدٌثهما‬
‫فً " الخبلفٌات "(‪ - )ٙ‬ولما لرأ سورة الحجر أخرجه ابن أبً هاشم(ٔ) بسنده(ٕ)‪.‬‬

‫(ٔ)رواه مسلم ٔ‪ ٖٓٓ /‬ح ٗ٘ وأبو داود ٔ‪ ٘ٓ2 /‬ح ٓ‪ 21‬والنسابً ٕ‪ ٖٔٗ /‬حٗٓ‪ 5‬من حدٌث أنس‪.‬‬
‫(ٕ)رواه ابن أبً شٌبة فً مصنفه ٗٔ‪ ٕ5٘ /‬وعنه عبد بن حمٌد فً مسنده (المنتخب ٖ‪ )ٕٙ /‬وأبو ٌعلى فً‬
‫مسنده ٖ‪ ٖٗ5/‬من طرٌك علً بن مسهر‪ ،‬عن األجلح‪ ،‬عن الذٌال بن حرملة‪ ،‬عن جابر بن عبد هللا لال‪ .‬فذكره‪.‬‬
‫ورواه أبو نعٌم فً دالبل النبوة ٔ‪ ٕ55 /‬من طرٌك منجاب بن الحارث‪ ،‬عن علً بن مسهر‪ ،‬ورواه البٌهمً فً‬
‫دالبل النبوة ٕ‪ ٕٕٓ /‬وابن عساكر فً تارٌخ دمشك ‪ ٕٕٗ /ٖ1‬من طرٌك ٌحٌى بن معٌن‪ ،‬عن دمحم بن فضٌل‪،‬‬
‫عن األجلح‪ ،‬ورواه الحاكم فً المستدرن ٕ‪ ٕٖ٘ /‬من طرٌك جعفر بن العون‪ ،‬عن األجلح‪ .‬لال الحاكم‪ :‬هذا‬
‫حدٌث صحٌح اإلسناد‪ ،‬ولم ٌخرجاه‪ ،‬ووافمه الذهبً‪ .‬ولال الهٌثمً فً مجمع الزوابد ومنبع الفوابد ‪ ٔ2 /ٙ‬فٌه‬
‫األجلح الكندي‪ ،‬وثمه ابن معٌن وؼٌره‪ ،‬وضعفه النسابً وؼٌره‪ ،‬وبمٌة رجاله ثمات‪ .‬ولال الحافظ ابن حجر‪:‬‬
‫صدوق شٌعً‪ .‬التمرٌب ٕٓٔ للت‪ :‬الحدٌث حسن إذن‪.‬‬
‫(ٖ)هً‪ :‬خولة بنت ثعلبة‪ ،‬وٌمال‪ :‬خوٌلة‪ ،‬وخولة أكثر‪ ،‬ولٌل‪ :‬خولة بنت حكٌم‪ ،‬ولٌل‪ :‬خولة بنت مالن بن ثعلبة‪،‬‬
‫ولٌل‪ :‬جمٌلة‪ ،‬ولٌل‪ :‬بل هً خولة بنت دلٌج‪ ،‬وال ٌثبت شًء من ذلن‪ ،‬وهللا أعلم‪ ،‬والذي لدمنا أثبت وأصح إن‬
‫شاء هللا‪ .‬االستٌعاب ٗ‪ ٔ1ٖٓ /‬واإلصابة ‪.ٙٔ1 /2‬‬
‫(ٗ)هو أوس بن الصامت بن لٌس األنصاري‪ ،‬أخو عبادة بن الصامت‪ ،‬شهد بدرا وأحدا وسابر المشاهد مع‬
‫رسول هللا ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،-‬وهو الذي ظاهر من امرأته فوطبها لبل أن ٌكفر‪ ،‬مات فً أٌام عثمان‪ ،‬وله خمس وثمانون‬
‫سنة‪ .‬االستٌعاب ٔ‪ ٔٔ1 /‬واإلصابة ٔ‪ .ٔ٘ٙ /‬ولصة ظهاره من امرأته رواها أحمد ٘ٗ‪ ٖٓٓ /‬وأبو داود ٖ‪/‬‬
‫ٖ‪ 1‬ح ‪ ٕٕٓ5‬وابن حبان (اإلحسان ٓٔ‪ )ٔٓ2 /‬والطبري فً تفسٌر الطبري ‪ ٘ /ٕ1‬من طرٌك ٌوسؾ بن عبد‬
‫هللا بن سبلم‪ ،‬عن خولة‪ .‬ولٌس فٌها البسملة‪ ،‬ورواها ابن أبً حاتم ‪-‬وفٌها البسملة‪ -‬فً تفسٌر المرآن العظٌم‬
‫(تفسٌر المرآن العظٌم البن كثٌر ‪ )ٖ1 /1‬والبٌهمً فً السنن الكبرى ‪ ٖ1٘ /2‬عن داود بن أبً هند‪ ،‬عن أبً‬
‫العالٌة مرسبلً‪ .‬وزاد السٌوطً فً الدر المنثور ‪ 22 /2‬نسبته إلى عبد بن حمٌد ‪-‬ولم أرها فً المسند المنتخب‪-‬‬
‫وابن مردوٌه‪.‬‬
‫(٘)رواه ابن خزٌمة فً كتاب التوحٌد ٔ‪ ٗٓٗ /‬ومن طرٌمه البٌهمً فً الخبلفٌات لٗٗ وأبو الماسم األصبهانً‬
‫فً الحجة فً بٌان المحجة ٔ‪ ٕ5ٔ /‬من طرٌك دمحم بن ٌحٌى‪ ،‬عن سرٌج بن النعمان‪ ،‬عن عبد الرحمن بن أبً‬
‫الزناد‪ ،‬عن أبٌه‪ ،‬عن عروة بن الزبٌر‪ ،‬عن نٌار بن مكرم مرفوعاً‪ .‬وفٌه البسملة‪.‬‬
‫ورواه البخاري فً كتاب التارٌخ الكبٌر ‪ ٖٔ5 /1‬من طرٌك إسماعٌل بن أبً أوٌس‪ ،‬وأبو الحسن بن لانع فً‬
‫معجم الصحابة ٖ‪ ٔ2ٕ /‬والطحاوي فً شرح مشكل اآلثار ‪ ٕٗٗ /2‬من طرٌك دمحم بن سلٌمان لوٌن‪ ،‬والطبرانً‬
‫فً المعجم األوسط ‪ ٕٓٓ /2‬من طرٌك ابن جرٌج‪ ،‬وعبد هللا بن أحمد فً كتاب السنة ٔ‪ ٖٔٗ /‬ومن طرٌمه‬
‫البٌهمً فً كتاب األسماء والصفات ٔ‪ ٘1٘ /‬وفً االعتماد والهداٌة إلى سبٌل الرشاد ٓٔ‪ ٔٓ1 /‬من طرٌك أبً‬
‫معمر الهذلً‪ ،‬عن سرٌج بن النعمان‪ ،‬وأبو نعٌم فً معرفة الصحابة ٘‪ ٕ2ٓٗ /‬من طرٌك دمحم بن العباس‬
‫المإدب‪ ،‬عن سرٌج بن النعمان كلهم عن عبد الرحمن بن أبً الزناد‪ ،‬عن أبٌه به‪ ،‬ولٌس فً هذه الطرق البسملة‪،‬‬
‫وهً المحفوظة‪.‬‬
‫(‪)ٙ‬رواه الحاكم فً المستدرن ٕ‪ ٖ٘ٙ /‬وعنه البٌهمً فً الخبلفٌات لٗٗ من طرٌك ٌعموب بن دمحم الزهري‬
‫والبسملة فً رواٌته والبخاري فً التارٌخ الكبٌر ٔ‪ ٖٕٔ /‬والطبرانً فً المعجم الكبٌر ٕٗ‪ ٗٓ5 /‬وابن عدي‬
‫فً الكامل فً ضعفاء الرجال ٔ‪ ٕٙٓ /‬من طرٌك أبً مصعب الزهري‪ ،‬كبلهما (ٌعموب بن دمحم‪ ،‬وأبو مصعب‬
‫الزهري) عن إبراهٌم بن دمحم‪ ،‬عن عثمان بن عبد هللا بن أبً عتٌك‪ ،‬عن سعٌد بن عمرو بن جعدة‪ ،‬عن أبٌه‪ ،‬عن‬
‫جدته أم هانا لال الحاكم‪ :‬هذا حدٌث صحٌح اإلسناد ولم ٌخرجاه‪ .‬لال الذهبً‪ٌ :‬عموب ضعٌؾ‪ ،‬وإبراهٌم‬
‫صاحب مناكٌر‪ ،‬هذا أنكرها‪ .‬تلخٌص المستدرن‪.‬‬
‫الثانً‪ :‬أن تلن اآلٌات تثنى فً كل ركعة أي تضم إلٌها السورة فً كل ركعة‪ .‬اختاره ابن‬
‫عاشور لاببل ‪" :‬ووجه الوصؾ به أن تلن اآلٌات تثنى فً كل ركعة كذا فً الكشاؾ(ٖ) لٌل وهو‬
‫مؤثور عن عمر بن الخطاب(ٗ)‪ ،‬وهو مستمٌم ألن معناه أنها تضم إلٌها السورة فً كل‬
‫ركعة" (ٔ)(ٕ)‪.‬‬

‫وخالفه سلٌمان بن ببلل فروى البخاري فً التارٌخ الكبٌر من طرٌك سلٌمان بن ببلل‪ ،‬عن عثمان بن عبد هللا بن‬
‫أبً عتٌك‪ ،‬عن ابن جعدة المخزومً‪ ،‬عن ابن شهاب عن النبً ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬نحوه‪ .‬لال أبو عبد هللا‪ :‬هذا بإرساله أشبه‪.‬‬
‫لال الحافظ العرالً فً محجة المرب إلى محبة العرب ٖٖٕ‪ :‬هذا حدٌث حسن‪ ،‬ورجاله كلهم ثمات معروفون إال‬
‫عمرو بن جعدة بن هبٌرة فلم أجد فٌه تعدٌبلً وال جرحاً‪ ،‬وهو ابن ابن أخت علً بن أبً طالب‪ ،‬وهو أخو ٌحٌى‬
‫بن جعدة بن هبٌرة أحد الثمات‪.‬‬
‫وهنا ولفات‪:‬‬
‫األولى‪ :‬إن رواٌة البسملة فً الحدٌث ضعٌفة‪ ،‬تفرد بها ٌعموب بن دمحم الزهري‪ ،‬لال الحافظ ابن حجر عنه‪:‬‬
‫صدوق كثٌر الوهم والرواٌة عن الضعفاء‪ .‬التمرٌب ٓ‪.ٔٓ5‬‬
‫الث انٌة‪ :‬إن إبراهٌم بن دمحم اختلؾ فٌه‪ ،‬فمال عنه ابن عدي فً الكامل‪ :‬مدنً‪ ،‬روى عنه عمرو بن أبً سلمة‬
‫وؼٌره مناكٌر‪ ،‬ولال أٌضاً‪ :‬وأحادٌثه صالحة محتملة‪ ،‬ولعله أتً ممن لد روى عنه‪ .‬ولال عنه الذهبً‪ :‬ذو‬
‫مناكٌر‪ .‬المٌزان ٔ‪ ٘ٙ /‬وسبك لوله فٌه فً تلخٌص المستدرن‪ .‬ثم إنه خالؾ سلٌمان بن ببلل الثمة‪ ،‬فرواٌته‬
‫حٌنب ٍذ منكرة‪ ،‬ورواٌة سلٌمان معروفة‪ ،‬ولهذا رجح البخاري رواٌة سلٌمان فمال‪ :‬هذا بإرساله أشبه‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬لول الحافظ العرالً‪ :‬هذا حدٌث حسن ورجاله كلهم ثمات معروفون‪ .‬فٌه نظر ٌعرؾ مما سبك‪ ،‬لكن‬
‫ٌشهد لمرسل ابن شهاب هذا حدٌث الزبٌر الذي رواه الطبرانً فً المعجم األوسط ‪ 2ٙ /5‬من طرٌك عبد هللا بن‬
‫مصعب بن ثابت بن عبد هللا بن الزبٌر‪ ،‬عن هشام بن عروة‪ ،‬عن أبٌه‪ ،‬عن الزبٌر نحوه‪ .‬لال الحافظ العرالً‬
‫فٌه‪ :‬هذا حدٌث ٌصلح أن ٌخرج لبلعتبار واالستشهاد‪ ،‬فإن عبد هللا بن مصعب بن ثابت ذكره ابن حبان فً‬
‫الثمات‪ ،‬وضعفه ابن معٌن‪.‬‬
‫للت‪ :‬وخبلصة المول أن رواٌة البسملة فً حدٌث أم هانا ضعٌفة‪ ،‬وبالً الحدٌث حسن لؽٌره‪(.‬نواهد األبكار‬
‫وشوارد األفكار‪.)٘ٙ/ٔ :‬‬
‫(ٔ)هو عبد الواحد بن عمر بن دمحم بن أبً هاشم أبو طاهر البؽدادي الممرئ‪ ،‬انتهى إلٌه الحذق بؤداء المرآن‪ ،‬لرأ‬
‫بالرواٌات على ا بن مجاهد‪ ،‬له كتاب البٌان‪ ،‬وكتاب الفصل بٌن أبً عمرو والكسابً‪ ،‬ورسالة فً الجهر‬
‫بالبسملة‪ ،‬توفً سنة تسع وأربعٌن وثبلثمابة‪ .‬معرفة المراء الكبار ٕ‪ ٖٙٓ /‬وؼاٌة النهاٌة ٔ‪ ٗ2٘ /‬وإٌضاح‬
‫المكنون ٘‪.ٕ٘ٙ /‬‬
‫(ٕ)رواه الطبري فً تفسٌر الطبري ٗٔ‪ ٕ /‬من طرٌك علً بن سعٌد بن مسروق الكندي‪ ،‬وأبو بكر ابن أبً‬
‫عاصم فً السنة ٔ‪ ٘1ٕ /‬والطبرانً فً المعجم الكبٌر (تفسٌر المرآن العظٌم البن كثٌر ٗ‪ )ٕ٘٘ /‬والحاكم فً‬
‫المستدرن ٕ‪ ٕٕٗ /‬وعنه البٌهمً فً كتاب البعث والنشور المسم الثانً ٔ‪ ٕٓ2 /‬من طرٌك أبً الشعثاء علً‬
‫بن الحسن كبلهما عن خالد بن نافع األشعري‪ ،‬عن سعٌد بن أبً بردة‪ ،‬عن أبٌه‪ ،‬عن أبً موسى مرفوعاً‪ ،‬ولٌس‬
‫فٌه البسملة لال الحافظ ابن كثٌر‪ :‬ورواه ابن أبً حاتم من حدٌث خالد بن نافع به‪ ،‬وزاد فٌه‪ :‬بسم‬
‫هللا الرحمن الرحٌم‪.‬‬
‫لال الهٌثمً‪ :‬وفٌه خالد بن نافع األشعري‪ ،‬لال أبو داود‪ :‬مترون‪ .‬مجمع الزوابد ‪.ٖٔٔ /2‬‬
‫لال الذهبً‪ :‬وهذا تجاوز فً الحد‪ ،‬فإن الرجل لد حدث عنه أحمد بن حنبل‪ ،‬ومسدد‪ ،‬فبل ٌستحك الترن‪ ،‬مٌزان‬
‫االعتدال ٔ‪.ٙٗٗ /‬‬
‫(ٖ) ٌمول االمام الزمخشري‪ " :‬وسورة الحمد والمثانً ألنها تثنى فً كل ركعة"( عن حمابك ؼوامض التنزٌل‬
‫وعٌون األلاوٌل فى وجوه التؤوٌل‪ ،‬العبلمة جار هللا أبو الماسم محمود بن عمر الزمخشرى ( ‪ ٗٙ2‬ـ ‪ ٖ٘1‬هـ )‪،‬‬
‫‪ :‬دار الكتاب العربً ـ بٌروت‪ٔٗٓ2 ،‬م‪:‬صٔ‪.)ٔ/‬‬
‫(ٗ) لال السٌوطً فً حاشٌته على تفسٌر البٌضاوي‪ ":‬أخرجه ابن جرٌر فً تفسٌره بسند حسن عنه لال‪" :‬‬
‫السبع المثانً فاتحة الكتاب تثنى فً كل ركعة"‪ ،‬ولم أر هذا اللفظ فً تفسٌر الطبري عن عمر‪ ،‬ولكن رأٌت فٌه‪:‬‬
‫صبلة وأخرى بالمدٌنة حٌن ُح ّ ِولَت‬ ‫ضت ال َّ‬ ‫الثالث‪ :‬وإ َّما ألنَّها ت َثنَّى نزولها‪ ،‬فَ َم َّرة بِم َّكة حٌن فُ ِر َ‬
‫ال ِمبلة ‪ ،‬لال ابن عاشور‪َ " :‬و َه َذا لَ ْو ٌل بَ ِعٌ ٌد ِجدًّا َوت َ َك ُّر ُر النُّ ُزو ِل َال ٌُ ْعتَبَ ُر لَابِلُهُ‪َ ،‬ولَ ِد اتُّفِكَ َ‬
‫(ٖ)‬
‫علَى‬
‫عا َدةِ نُ ُزو ِل َها بِ ْال َمدٌِنَ ِة"(ٗ)‪.‬‬‫ي َم ْعنًى ِ ِإل َ‬ ‫أَنَّ َها َم ِ ّكٌَّةٌ فَؤ َ ُّ‬
‫سبع على الثّناء علٌه ج َّل شؤنُه؛ إ ّما تصرٌحا ً أو تلوٌحاً‪،‬‬ ‫الرابع‪ :‬وإ َّما الشتمال ك ٍّل ِمن آٌاتها ال َّ‬
‫ع ِ ّد {صراط الذٌن أنعمت‬ ‫ع ِ ّد التسمٌة آٌة منها‪ ،‬و َ‬ ‫َّ‬ ‫صحٌح ِمن َ‬ ‫ً على ما هو ال َّ‬ ‫وهو مبن ٌّ‬
‫ّ‬
‫سابعة‪ ،‬وإال فت َض ُّمنها الثناء ؼٌر ظاهر ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫علٌهم} بعضا من ال َّ‬
‫َّ‬
‫لتكرر ما تض َّمنته من المماصد‪ :‬فالثناء علٌه سبحانه لد ت َ َك َّرر فً ُجملت ًَ البسملة‬ ‫ُّ‬ ‫الخامس‪ :‬وإ ّما‬
‫َ‬
‫تكرر فً جملت ًَ‬ ‫عز وعبل باإللبال علٌه وحده واإلعراض ع َّما سواه لد َّ‬ ‫صه َّ‬ ‫والحم ِد لَه‪ .‬وتخصٌ ُ‬
‫كرر بـ{صراط الذٌن أنعمت‬ ‫صراط ال ُمستمٌم ُم َّ‬ ‫وطلب الهداٌة إلى ال ِ ّ‬ ‫ُ‬ ‫العبادة واإلستعانة‪.‬‬
‫كرر بِذِكر {المؽضوب علٌهم وال الضالٌن}‬ ‫أن سإال البُعد عن الطرٌك ؼٌر الموٌم ُم َّ‬ ‫َّ‬ ‫علٌهم}‪ ،‬كما َّ‬
‫(٘)‪.‬‬
‫سبع المثانً‪.‬‬ ‫فهذه وجوه خمسة فً تسمٌتها بال َّ‬
‫والمثانً تحتمل واحدا من ستة معان‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬المثانً من الثناء‪ ،‬والثناء ال ٌكون إال على هللا‪.‬‬
‫ً واإلنثناء‪ ،‬وهذه ال تكون إال فً أطراؾ األشٌاء‪ ،‬وأٌضا تعنً المعانً‬ ‫والثانً‪ :‬المثانً من الثن ّ‬
‫الخفٌة أو المتخفٌة فً اإلنثناءات‪ ،‬أو المعانً الباطنة‪ ،‬أوالمعانً ؼٌر الظاهرة للعٌان آنٌا‪ ،‬أو هً‬
‫تلن التً لم ٌؤن آوان ظهورها بعد‪ ،‬والتً سوؾ تظهر تباعا فً المادم من األزمنة‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬المثانً من اإلزدواجٌة‪ ،‬أي ثنابٌة التكوٌن‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬المثانً من التثنٌة‪ ،‬أي العد مثنى مثنى‪ ،‬أو إثنتٌن إثنتٌن‪.‬‬
‫والخامس‪ :‬وهو امتداد أو هو تفصٌل للمعنى الثانً ( من اإلنثناء)‪ ،‬وحٌث تكون المثانً من‬
‫ظهور معنى ثان لها‪ ،‬وهذا المعنى بدوره ٌظهر له معنى جدٌد وهكذا ‪ ،‬إلى سبعة أعماق‪ ،‬أو‬
‫سبعة أبعاد‪ ،‬أو سبعة معانً وكلها صحٌح‪ ،‬مما ٌشٌر إلى معنً المتشابه من اآلٌات‪.‬‬

‫ما لهم رؼبة عن فاتحة الكتاب‪ ،‬وما ٌبتؽً بعد المثانً‪(.٘ٗ /ٔٗ :‬انظر‪ :‬نواهد األبكار وشوارد األفكار =‬
‫حاشٌة السٌوطً على تفسٌر البٌضاوي‪ ،‬عبد الرحمن بن أبً بكر‪ ،‬جبلل الدٌن السٌوطً (المتوفى‪5ٔٔ :‬هـ)‪،‬‬
‫جامعة أم المرى ‪ -‬كلٌة الدعوة وأصول الدٌن‪،‬المملكة العربٌة السعودٌة (ٖ رسابل دكتوراة)‪ ٕٔٗٗ ،‬هـ ‪-‬‬
‫ٕ٘ٓٓ م‪:‬صٔ‪.ٗ5/‬‬
‫(ٔ)تفسٌر التحرٌر والتنوٌر‪ ،‬الشٌخ دمحم بن الطاهر ابن عاشو‪ ،‬دار التنوسٌة للنشر‪ ،‬التونس‪:ٔ51ٗ ،‬صٔ‪.ٖٔ٘/‬‬
‫شاؾ)‪" :‬ألنّها تُثنَّى فً ك ِّل ركعة"‪ ،‬وهو بظاهره ؼٌر صحٌح‪ ،‬ووجوه التَّكلُّؾ‬ ‫(ٕ) ولٌل أن فً كبلم صاحب (الك ّ‬
‫ٌر ُد علٌه ال ِوتْر إذ لٌست فً‬
‫صبلة تسمٌة ِللك ّل باسم الجزء‪ ،‬وال ِ‬‫الركعة على ال ّ‬‫لتوجٌهه مشهورة‪ ،‬أجودُها حمل َّ‬
‫الركعة علٌها ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫إطبلله‬ ‫لعدم‬ ‫حمٌمة‬ ‫صبلة‬ ‫لت‬ ‫مذهبه‪ ،‬وال صبلة الجنازة‪ْ ،‬‬
‫وإن ُج ِع‬
‫(ٖ)لال السٌوطً فً اإلتمان‪ :‬األكثرون على أنها مكٌة ‪ ...‬واستدل لذلن بموله تعالى "ولمد آتٌنان سبعا من‬
‫المثانً" وفسرها ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬بالفاتحة كما فً الصحٌح‪ ،‬وسورة الحجر مكٌة باإلتمان‪ ،‬ولد امتن على رسوله فٌها بها‪،‬‬
‫فتدل على تمدم نزول الفاتحة علٌها‪ ،‬إذ ٌبعد أن ٌمتن علٌه بما لم ٌنزل بعد‪.‬‬
‫وانظر فً‪ :‬صحٌح البخاري ٗ‪ ٕٔ٘٘ /‬ح‪ ٖ5ٔ5‬وتفسٌر الطبري ‪ ٙ5 /ٕٙ‬والمحرر الوجٌز ٖٔ‪ ٕٗ2 /‬وزاد‬
‫المسٌر ‪ ٗٔ1 /2‬والتفسٌر الكبٌر ٔ‪ ٔ22 /‬وتفسٌر المرآن العظٌم ‪ ٖٕ٘ /2‬واإلتمان فً علوم المرآن ٔ‪.ٖٗ /‬‬
‫(ٗ) تفسٌر التحرٌر والتنوٌر‪ ،‬الشٌخ دمحم بن الطاهر ابن عاشو‪ ،‬دار التنوسٌة للنشر‪ ،‬التونس‪،‬‬
‫ٗ‪:ٔ51‬صٔ‪.ٖٔ٘/‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬االتمان فً علوم المرآن‪.ٔ٘ٓ/ٔ :‬‬
‫والسادس‪ :‬وهو معنى ال ٌخص المثانً بذاتها‪ ،‬لكنه ٌخص العددٌة الدالة علٌها (سبعة)‪ ،‬مما‬
‫ٌعنً أن مجرد ظهور خاصٌة معٌنة متمٌزة فً آٌات وسور كتاب هللا‪ ،‬فً سبعة أشكال أو سبعة‬
‫تكرارات‪ ،‬أو سبعة سور‪ ،‬أو سبعة آٌات‪ ،‬أو سبعة خصال‪ٌ ،‬صون لها إحتمال كونها من السبع‬
‫المثانً‪.‬‬
‫َ‬
‫"أن المثانً تُطل ُك باعتبار معنٌٌن‪:‬‬ ‫ولٌل َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أحدهما‪ :‬باعتبار ما ث ِنًّ لفظه ِ ّ‬
‫وكر َر‪.‬‬
‫مطلك العدد ِم ْن ؼٌر‬ ‫ُ‬ ‫فإن التثنٌة ٌ َُرا ُد بها‬ ‫ت‪َّ ،‬‬ ‫وكر َر ْ‬ ‫عه وألسا ُمه‪ّ ِ ،‬‬ ‫ت أنوا ُ‬ ‫والثانً‪ :‬باعتبار ما ثُنٌَِّ ْ‬
‫مرة ً بعد‬ ‫ص َر َك َّرتٌَ ِْن} ]الملن‪ ،]ٗ:‬أي‪َّ :‬‬ ‫ار ِجعِ ْالبَ َ‬ ‫تخصٌص بعدد االثنٌن‪ ،‬كما فً لوله تعالى‪{ :‬ث ُ َّم ْ‬ ‫ٍ‬
‫مرةٍ"(ٔ)‪.‬‬ ‫َّ‬
‫والمرآن نوعان‪:‬‬
‫ظه لفابدةٍ مجدَّدةٍ‪ ،‬فهذا هو المتشابه‪.‬‬ ‫أحدُهما‪ :‬ما ُك ِ ّرر لف ُ‬
‫ظه‪ ،‬فهذا المثانً‪ ،‬ولد َج َم َع هللاُ بٌن هذٌن الوصفٌن فً لوله‬ ‫ُكرر لف ُ‬ ‫والثانً‪ :‬ما نُ ّ ِوع ولُ ِسم ولم ٌ ّ‬
‫َّ‬
‫ً} ]الزمر‪ ،]ٕٖ:‬فوصؾ الكتاب كله بؤنَّه متشابهٌ‬ ‫ث ِكت َابًا ُمتَشَابِ ًها َمثَانِ َ‬ ‫سنَ ْال َحدٌِ ِ‬ ‫تعالى‪{ :‬ن ََّز َل أَحْ َ‬
‫ومثانً‪ ،‬فإ َّما أن ٌكون تنوٌعًا إلى هذٌن النوعٌن‪ ،‬وهما‪ :‬النظابر المتماثلة‪ ،‬والمثانً فً األنواع‪،‬‬
‫لح َك ٍم وفوابد متجدّدةٍ‪ ،‬وسورة ُ‬ ‫ت فٌه فً مواضع ِ‬ ‫أن آٌاته المتماثلة ثُنٌَِّ ْ‬ ‫وإ َّما أن ٌكون المراد َّ‬
‫الفاتحة على المثانً بهذٌن التفسٌرٌن‪ ،‬ألنَّها تضمنت األنواع واأللسام المعدّدة وذكر العبادة‬
‫واالستعانة‪ ،‬وذكر المؽضوب علٌهم والضالٌن‪ ،‬وتضمنت ذكر النظابر المتماثلة‪ ،‬وث ُ ِنٌّت فٌها‬
‫الر ِح ٌِم} على لول من ٌمول َّ‬
‫إن‬ ‫الرحْ َم ِن َّ‬ ‫علَ ٌْ ِه ْم}‪ ،‬وتكرٌر‪َّ { :‬‬ ‫ط}‪ ،‬و{ َ‬ ‫ص َرا َ‬ ‫كتكرٌر { ِإٌَّانَ }‪ ،‬و{ال ِ ّ‬
‫س ْبعًا ِمنَ ال َمثَانًِ} ]الحجر‪ٌ [12:‬د ُّل على أنَّها‬ ‫ْ‬ ‫البسملة منها‪ ،‬فإن لٌل‪ :‬لوله تعالى‪َ { :‬ولَمَ ْد آَت َ ٌْنَانَ َ‬
‫(ٕ)‬
‫ً ‪ ‬لال فً الفاتحة‪" :‬هً السبع المثانً" ‪.‬‬ ‫أن النب َّ‬ ‫من جملة المثانً ال كلّها‪ ،‬وفً الحدٌث‪َّ :‬‬
‫صل‪ ،‬كما‬ ‫ط َول‪ ،‬والمبون‪ ،‬والمثانً‪ ،‬والمف ّ‬ ‫ألسام‪ :‬السبع ال ُ‬ ‫ٍ‬ ‫أن المرآنَ كلَّه أربعةُ‬ ‫فالجواب‪َّ :‬‬
‫ط َولَ‪،‬‬ ‫سب َع ال ُ‬‫ً ‪ ‬لال‪" :‬أعطٌتُ مكان التوراةِ ال َّ‬ ‫ُ‬ ‫أن النب َّ‬ ‫وؼٌره عن واثلة بن األسمع َّ‬ ‫ِ‬ ‫فً "المسند"‬
‫ص ِل" ‪ ،‬ولد ُروي‬ ‫(ٖ)‬
‫ضلتُ بالمف ّ‬ ‫المثانً‪ ،‬وفُ ِ ّ‬ ‫بور المبٌن‪ ،‬وأعطٌتُ مكان اإلنجٌ ِل‬ ‫ُ‬ ‫الز ِ‬ ‫وأُعطٌتُ مكان َّ‬
‫َ‬
‫وؼٌره(ٗ)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َّاس‬
‫ابن عب ٍ‬ ‫نحو ذلن عن ِ‬
‫ط َو ُل هً‪ :‬البمرة‪ ،‬وآل عمران‪ ،‬وال ِنّساء‪ ،‬والمابدة‪ ،‬واألنعام‪ ،‬واألعراؾ‪،‬‬ ‫سبع ال ُ‬ ‫وال َّ‬
‫إن السابعة‪ :‬األنفال وبراءة‪.‬‬ ‫جبٌر‪ ،‬ولٌل‪َّ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫َّاس وسعٌ ُد ُ‬
‫بن‬ ‫ابن عب ٍ‬ ‫وٌونس‪ ،‬كذا لال ُ‬
‫ٌنمص‬ ‫ُّ‬ ‫سور ٌبل ُػ عددُه مابةً‪ ،‬مابةً‪ ،‬أو ٌزٌ ُد علٌها للٌبلً أو‬ ‫والمبون‪ :‬ما كان بعد ذلن من ال ُّ‬
‫للٌبلً‪.‬‬
‫َّ‬
‫فكؤن‬ ‫ٌتلو المبٌن‪،‬‬ ‫س ِ ّمً مثانً لٌل‪ :‬ألنَّه ُ‬ ‫والمثانً‪ :‬ما سوى ذلن‪ ،‬وسوى المفصل‪ ،‬و ُ‬
‫والفرابض والحدودُ‪ ،‬ونُمل عن‬ ‫ُ‬ ‫ص واألمثا ُل‬ ‫ص ُ‬ ‫المبٌن أوابل وهذه ثوانً‪ ،‬ولٌل‪ :‬ألنَّه تُثنَّى فٌه المَ َ‬
‫جبٌر‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بن‬
‫اس وسعٌ ِد ِ‬ ‫ابن عبَّ ٍ‬ ‫ِ‬

‫(ٔ) تفسٌر الفاتحة‪ ،‬ابن رجب‪.ٔ1 :‬‬


‫(ٕ ) عن أبً سعٌد بن المعلى ‪" ...‬الحمد هلل رب العالمٌن هً السبع المثانى والمرآن العظٌم الذي أوتٌته" رواه‬
‫البخاري ٗ‪ ٕٖٔٙ /‬حٕٗٓٗ وأبو داود ٕ‪ ٕ2ٓ /‬حٕ٘ٗٔ والنسابً ٕ‪ ٖٔ5 /‬حٖٔ‪ 5‬وابن ماجة ٖ‪٘12 /‬‬
‫حٖ٘‪.ٖ1‬‬
‫(ٖ) المسند‪.)ٔٓ2/ٗ( :‬‬
‫(ٗ) تفسٌر سورة الفاتحة‪ ،‬ابن رجب‪.ٔ5 :‬‬
‫سبْع ِ ّ‬
‫الطوا ِل‪ ،‬ولٌست من المبٌن‪ ،‬وال من‬ ‫فالفاتحة من لِس ِْم المثانً‪ ،‬ألنَّها لٌست من ال َّ ِ‬
‫ً ‪ ‬السبع المثانً الختصاصها من بٌن بمٌَّة‬ ‫صل‪ ،‬فتعٌَّن أنَّها من المثانً‪ ،‬وإنَّما س َّماها النب ُّ‬ ‫المف َّ‬
‫سور كتثنٌتِها فً الصبلة‬ ‫ؼٌرها من ال ُّ‬ ‫سور المثانً بمعانً أخر تمتضً أنَّها أ َح ّك بهذا االسم من ِ‬ ‫ُ‬
‫يِ‬ ‫ّ‬
‫أن فً لفظ ال ِترمذ ّ‬ ‫س ِ ّمٌت‪" :‬السبع المثانً"‪ ،‬مع َّ‬ ‫عا مستمبل بنف ِسه فلذلن ُ‬ ‫ً‬ ‫وؼٌر ذلن‪ ،‬فصارت نو ً‬
‫(ٔ)‬
‫ً ‪ ‬لال‪" :‬إنَّها سب ٌع من المثانً والمرآن العظٌم الذي أعطٌتُه" ‪.‬‬ ‫أن النب َّ‬ ‫َّ‬
‫المرآن العظٌم‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫الخامس‪:‬‬
‫(ٕ)‬ ‫ُ‬
‫سب ُع المثانً والمرآن العظٌم الذي أوتٌتُه" ‪،‬‬ ‫ً ِ ‪ ‬فً الفاتحة‪" :‬هً ال َّ‬ ‫وذلن لمو ُل النب ّ‬
‫ت‬‫صفا ِ‬ ‫عطؾ ال ِ ّ‬ ‫ِ‬ ‫العطؾ حٌنب ٍذ من با ِ‬
‫ب‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فٌكون هذا‬ ‫ُ‬ ‫سب َع المثانً والمرآن العظٌم بالفاتحة‪،‬‬ ‫سر ال َّ‬ ‫فف َّ‬
‫ونظٌره لوله سبحانه وتعالى‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ت على الموصوفاتِ‪،‬‬ ‫عطؾ الموصوفا ِ‬ ‫ِ‬ ‫صفاتِ‪ ،‬ال من‪:‬‬ ‫على ال ِ ّ‬
‫عى}‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫س َّوى * َوالذِي لَد ََّر فَ َه َدى * َوالذِي أ ْخ َر َج ال َم ْر َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫س ِبّحِ اس َْم َر ِبّنَ األ ْعلَى * الذِي َخلَكَ فَ َ‬ ‫{ َ‬
‫صبلةِ‬ ‫صلوات وال َّ‬ ‫وؼٌرها من الصحاب ِة‪( :‬حافظوا على ال َّ‬ ‫ِ‬ ‫]األعلى‪ ،]ٗ-ٔ:‬وكذلن لراءة ُ عابشةَ‬
‫ُ‬
‫إن المرآن العظٌم المرا ُد به بمٌة المرآن‪،‬‬ ‫سرٌن من لال‪َّ :‬‬ ‫العصر)‪ ،‬ومن المف ِ ّ‬ ‫ِ‬ ‫الوسطى وصبلةِ‬ ‫ُ‬
‫الخاص بعد‬ ‫ِّ‬ ‫سه‪ ،‬وهو ذكر‬ ‫فجعله من باب ذكر الخاص لبل العام وهو للٌلٌ‪ ،‬والمعروؾ عك ُ‬
‫العا ِ ّم‪.‬‬
‫صبلة‪:‬‬ ‫السادس‪ :‬ال َّ‬
‫صبلة ُ بٌنً‬ ‫ً ِ ‪ ‬لال‪" :‬لال هللا تعالى‪ :‬لُسمت ال َّ‬ ‫فمد ثبت فً حدٌث أبً هرٌرة عن النب ّ‬
‫(ٖ)‬
‫خرجه مسل ٌم ‪.‬‬ ‫وبٌن عبدي نصفٌن‪ ،‬فنصفُها لً‪ ،‬ونصفُها لعبدي‪ ،‬ولعبدي ما سؤل" َّ‬
‫س ِ ّمٌت "صبلةً"‪ ،‬كما‬ ‫تخلو عنها‪ ،‬وال تص ُّح إالَّ بها‪ ،‬ف ُ‬ ‫ُ‬ ‫ألن الصبلة َ ال‬ ‫س ِ ّمٌت "صبلةً" َّ‬ ‫وإنَّما ُ‬
‫تس َّمى الصبلة ُ "لرآناً"‪ ،‬كما فً لوله تعالى‪{ :‬ولرآن الفجر إن لرآن الفجر كان مشهودا}‬
‫]إلسراء‪.]21:‬‬
‫ولد س َّماها بهذا االسم جماعةٌ من األبم ِة‪.‬‬
‫كبلم له‪" :‬هذا إذا سلَّمنا تو َّجه التنصٌؾ إلى آٌات الفاتحة‪ ،‬وذلن‬ ‫ٍ‬ ‫لال أبو شَا َمة فً أثناء‬
‫بنص الحدٌث‪ ،‬فإن لٌل‪ :‬المرا ُد لراءة‬ ‫ِّ‬ ‫ع من أص ِله‪ ،‬وإنَّما التنصٌؾ متو ِ ّجهٌ إلى الصبلة‬ ‫ممنو ٌ‬
‫الصبل ِة‪ ،‬للنا‪ :‬بل المراد لسمةُ ِذ ْك َر الصبل ِة‪ ،‬أي‪ :‬ال ِذّ ْك ُر المشروعِ فٌها وهو ثنا ٌء ودعا ٌء‪ ،‬فالثنا ُء‪:‬‬
‫منصرؾ إلى هللا تعالى‪ ،‬سواء ما ولع منه فً المراء ِة‪ ،‬وما ولع منه فً الركوعِ والسجودِ‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫وؼٌرهما‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫والسجود‬ ‫المراءة‬ ‫فً‬ ‫منه‬ ‫ولع‬ ‫ما‬ ‫سواء‬ ‫ِ‪،‬‬
‫د‬ ‫العب‬ ‫إلى‬ ‫منصرؾ‬
‫ٌ‬ ‫ء‬ ‫ُ‬ ‫والدعا‬ ‫ِما‪،‬‬ ‫وؼٌره‬
‫(ٗ)‬
‫ي مع تسمٌته الفاتحة بـ (الصبلة)" ‪.‬‬ ‫وألره علٌه النوو ُّ‬ ‫ّ‬
‫ِّ‬
‫الحك‪:‬‬ ‫السابع‪ -:‬رلٌة‬
‫ً ِ ‪ ‬أنَّه لال للذي َرلَى بالفاتحة‪" :‬وما ٌدرٌن أنَّها رلٌةٌ"‪ ،‬وثبت أنَّه‬ ‫ولد ثبت عن النب ّ‬
‫(٘)‬
‫حك" ‪.‬‬ ‫لال‪" :‬لمد أكلتَ برلٌ ِة ّ ٍ‬

‫(ٔ) الجامع‪.)ٕ12٘( :‬‬


‫(ٕ) صحٌح البخاري‪.)ٗٗ2ٗ( :‬‬
‫(ٖ) صحٌح مسلم‪.)ٖ5٘( :‬‬
‫(ٗ) "المجموع"‪ ،‬ولد نمل كبلم أبً شامة (ٖ‪ ،)ٖٖ5/‬وانظر تسمٌته الفاتحة بـ "الصبلة" فٌه (ٖ‪ ،)ٖٖٔ/‬وفً‬
‫"شرح مسلم" (ٗ‪.)ٖٔٓ/‬‬
‫(٘)أخرجه أبو داود ( ٕٖٓٗ ‪ ) ٖ152 ، ٖ15ٙ ،‬و النسابً فً " عمل الٌوم و اللٌلة( "‬
‫) ٕٖٓٔو عنه ابن السنً ( رلم ٕٗ‪ ) ٙ‬و الطحاوي فً " شرح المعانً " ( ٕ ‪)ٕٙ5 /‬‬
‫الثامن‪ -:‬سورة الحمد‪:‬‬
‫صبلة بـ {الحمد هلل‬ ‫َ‬
‫حدٌث‪( :‬كان ٌفتت ُح ال َّ‬ ‫َّ‬
‫كثٌر من الناس‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ولد اشتهر تسمٌتها بذلن‪ ،‬و َح َم َل‬
‫سورة‪.‬‬ ‫رب العالمٌن} على أنَّه أُرٌد ذكر اسم ال ُّ‬
‫ور كثٌرة ٌ َّأولُها‪{ :‬الحمد هلل}‪ ،‬فما وجهُ تسمٌة الفاتحة بـ "سورة‬ ‫س ٌ‬
‫فإن لٌل‪ :‬ففً المرآن ُ‬
‫الحمد" دون ؼٌرها ؟‬
‫سابر‬
‫ِ‬ ‫سورة هو الممصو ُد األعظم من‬ ‫أن الثناء على هللا سبحانه فً هذه ال ُّ‬ ‫فالجواب‪َّ :‬‬
‫ؼٌرها‪.‬‬
‫بخبلؾ ِ‬
‫ِ‬ ‫ب علٌها‪،‬‬ ‫َ‬
‫ؼل َ‬‫معانٌها‪ ،‬ولد استوعب نحو شطرها‪ ،‬فهو الؽالب علٌها‪ ،‬فس ِ ّمٌت بما َ‬
‫التاسع‪ -:‬الشفاء‪:‬‬
‫أن رسو َل هللا‬ ‫ي ِ َّ‬ ‫ابن سٌرٌن عن أبً سعٌ ٍد ال ُخدر ّ‬ ‫ؼٌر واحدٍ‪ ،‬وذكروا من حدٌث ِ‬ ‫ذكره ُ‬
‫‪ ‬لال‪" :‬فاتحةُ الكتا ِ‬
‫(ٕ)‬ ‫(ٔ)‬
‫ام" ‪ ،‬وهو‬ ‫س َ‬ ‫داء" ‪ ،‬وفً رواٌة‪" :‬من كل شًء إال ال َّ‬ ‫ب شفا ٌء من ك ِّل ِ‬
‫(ٖ)‬
‫خرجه ‪ ،‬وروي مرسبل عن عبد الملن بن عمٌر أن النبً ‪ ‬لال‪:‬‬ ‫الموت‪ ،‬ولٌل‪ :‬إن الدارمً َّ‬
‫(ٗ)‬
‫"فً فاتحة الكتاب‪ :‬شفاء من كل داء" ‪ ،‬وأخرج سعٌد بن منصور والبٌهمً وؼٌرهما من حدٌث‬
‫أبً سعٌد الخدري‪" :‬فاتحة الكتاب شفاء من السم"(٘)‪.‬‬
‫ضا‪.‬‬ ‫وتُس َّمى "الشافٌة" أٌ ً‬
‫األمراض منها ما هو روحانٌَّة‪ ،‬ومنها ما هو جسمانٌَّة‪ ،‬بدلٌل‬ ‫ُ‬ ‫ي‪" :‬وألول‪:‬‬ ‫الراز ُّ‬
‫لال َّ‬
‫ض} ]البمرة‪ ،]ٔٓ:‬وهذه السورة‬ ‫ُ‬
‫ضا‪ ،‬فً لو ِله تعالى‪{ :‬فًِ لُلو ِب ِه ْم َم َر ٌ‬ ‫الكفر مر ً‬ ‫َ‬ ‫تسمٌتِه تعالى‬
‫مشتملةٌ على معرف ِة األصول والفروع والمكاشفات‪ ،‬فهً فً الحمٌمة شفا ٌء‪ ،‬بل الشفا ُء فً هذه‬
‫(‪)ٙ‬‬

‫الممامات الثبلثة"(‪.)2‬‬
‫ولال ابن المٌم‪" :‬فمد أثر هنا الدواء فً هـذا الداء وأزاله‪ ،‬حتى كؤنه لم ٌكن‪ ،‬وهو أسهل‬
‫سره‪ ،‬ولو أحسن العبد التداوي بالفاتحة لرأى لها تؤثٌرا ً عجٌبا ً فً الشفا‪ ،‬ومكثت بمكة‬ ‫دواء وأٌ َ‬

‫و الحاكم (ٔ ‪ ) ٘ٙٓ - ٘٘5 /‬و الطٌالسً ( ٕ‪ ) ٖٔٙ‬و أحمد ( ٘ ‪ ) ٕٔٔ - ٕٔٓ /‬من‬
‫ق‬ ‫ار ِ‬ ‫ت َع ْن َع ِ ّم ِه أَنَّه ُ َم َّر بِمَ ْو ٍم فَؤَت َْوهُ فَمَالُوا‪ :‬إِنَّنَ ِجبْتَ ِم ْن ِع ْن ِد َهذَا َّ‬
‫الر ُج ِل بِ َخٌ ٍْر فَ ْ‬ ‫ص ْل ِ‬ ‫َار َجةَ ب ِْن ال َّ‬ ‫طرٌك الشعبً ْن خ ِ‬
‫ؼد َْوة ً َو َع ِشٌَّةً َو ُكلَّ َما َختَ َم َها َج َم َع بُزَ الَهُ ث ُ َّم‬‫آن ث َ َبلثَةَ أٌََّ ٍام ُ‬
‫ِ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ؤ‬
‫َ ِ ِّ‬‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫ا‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ُو‬ ‫ٌ‬‫ُ‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ً‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫ٍ‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫ع‬‫ْ‬ ‫م‬ ‫الر ُج َل فَؤَت َْوهُ ِ َ ٍ َ‬
‫ل‬ ‫ج‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫لَنَا َهذَا َّ‬
‫سل َمَّ‬ ‫َ‬
‫َّللاُ َعل ٌْ ِه َو َ‬
‫صلى َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سل َم فذك ََرهُ لهُ فما َل النبِ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫َّللاُ َعل ٌْ ِه َو َ‬
‫صلى َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ش ٌْبا فؤت َى النبِ َّ‬‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫تَفَ َل فَ َكؤَنَّ َما أن ِشط ِم ْن ِعما ٍل فؤ ْعط ْوهُ َ‬
‫َ‬
‫ك" ولال الحاكم ‪ " :‬صحٌح اإلسناد ‪،‬و وافمه الذهبً‪ .‬لال‬ ‫اط ٍل لَمَ ْد أَك َْلتَ ِب ُر ْلٌَ ٍة َح ّ ٍ‬ ‫ُك ْل فَلَ َع ْم ِري لَ َم ْن أ َ َك َل ِب ُر ْلٌَ ٍة بَ ِ‬
‫األلبانً ‪ :‬و هو كما لاال إن شاء هللا ‪ ،‬فإن رجاله ثمات رجال الشٌخٌن ؼٌر خارجة بن الصلت ‪ ،‬فروى عنه مع‬
‫الشعبً عبد األعلى بن الحكم الكلبً ‪ ،‬و ذكره ابن حبان فً" الثمات " ‪ ،‬لكن لال ابن أبً خٌثمة ‪ " :‬إذا روى‬
‫الشعبً عن رجل و سماه فهو ثمة ‪ٌ ،‬حتج بحدٌثه " ‪ .‬ذكره الحافظ فً " التهذٌب " و ألره ‪ ،‬و كؤنه لذلن لال‬
‫الذهبً فً " الكاشؾ " ‪ " :‬ثمة‪( " .‬لاله األلبانً فً‪ " :‬السلسلة الصحٌحة " ٘ ‪.) ٗٗ /‬‬
‫(ٔ) حدٌث ضعٌؾ‪ :‬ضعٌؾ الجامع الصؽٌر‪.ٖ5ٗ5 :‬‬
‫(ٕ) أخرجه الخلعً فً فوابده‪ ،‬من حدٌث جابر بن عبدهللا‪ (:‬تهذٌب وترتٌب اإلتمان فً علوم المرآن للسٌوطً‪،‬‬
‫دمحم بن عمر بن سالم بازمول‪ ،‬دار الهجرة للنشر والتوزٌع‪.)ٗٓ ،‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬الجامع ألحكام المرآن‪ :‬للمرطبً (ٔ‪.)1ٓ/‬‬
‫(ٗ) سنن الدارمً من كتاب فضابل المرآن‪ ،‬باب فضل فاتحة الكتاب‪ ،‬رلم الحدٌث(‪.)ٗٗ٘/ٕ( :)ٖٕٗ2‬أخرجه‬
‫البٌهمً فً "الشعب"(ٓ‪ ،)ٕٖ2‬وحكم األلبانً بضعفه فً ضعٌؾ الجامع الصؽٌر‪.11/ٗ :‬‬
‫(٘) حدٌث موضوع( ضعٌؾ الجامع الصؽٌر‪.)11/ٗ:‬‬
‫(‪ )ٙ‬فً التفسٌر الكبٌر‪( ::‬فهً فً الحمٌمة سبب لحصول الشفاء)‬
‫(‪ )2‬التفسٌر الكبٌر‪.)ٔٗ2/ٔ( :‬‬
‫مدة تعترٌنً أدواء‪ ،‬وال أجد طبٌبا ً وال دواء‪ ،‬فكنت أعالج نفسً بالفاتحة‪ ،‬فؤرى لها تؤثٌرا ً عجٌباً‪،‬‬
‫فكنت أصؾ ذلن لمن ٌشتكً ألماً‪ ،‬فكان كثٌر منهم ٌبرأ سرٌعاً" (ٔ)‪.‬‬
‫ولكن هاهنا أمر ٌنبؽً التفطن له‪ ،‬وهو أن األذكار واآلٌات أو األدعٌة التً ٌُستشفى بها‪،‬‬
‫وتؤثٌره‪،‬‬
‫َ‬ ‫وٌُرلى بها هً نفسها نافعة شافعة ‪ ،‬ولكن تستدعً لبول المحل‪ ،‬ولوة همة الفاعل‪،‬‬
‫فمتى تخلؾ الشفاء كان لضعؾ تؤثٌر الفاعل‪ ،‬أو لعدم لبول المنفعل‪ ،‬أو لمانع لوي فٌه ٌمنع أن‬
‫ٌنجح فٌه الدواء‪ ،‬كما ٌكون ذلن فً األدوٌة واألدواء الحسٌة‪ ،‬فإن عدم تؤثٌرها لد ٌكون لعدم‬
‫لبول الطبٌعة (أي طبٌعة البدن) لذلن الدواء‪ ،‬ولد ٌكون لمانع لوي ٌمنع من التضابه أثره‪ ،‬فإن‬
‫الطبٌعة (أي األجسام) إذا أخذت الدواء لمبول تام كان انتفاع البدن به بحسب ذلن المبول‪ ،‬فكذلن‬
‫نفس فعالة‪ ،‬وهمة مإثرة فً إزالة الداء ‪.‬‬ ‫الملب إذا أخذ الرلى والتعاوٌذ بمبول تام‪ ،‬وكان للرالً ٌ‬
‫العاشر‪ -:‬الوافٌة‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عٌٌنَةَ‪ ،‬ألنَّها ال تمب ُل الحذؾ‪ ،‬فبل ب َّد من اإلتٌان بها وافٌة تا َّمة‪ ،‬ولال‬ ‫بن ُ‬ ‫ُح ِكً عن سفٌان ِ‬
‫س ِ ّمٌت وافٌة الشتما ِلها على المعانً التً فً المرآن من الثناء على هللا َّ‬
‫عز‬ ‫ً‬ ‫ي‪ :‬إنَّما ُ‬‫الزمخشر ُّ‬ ‫َّ‬
‫(ٕ)‬
‫باألمر والنَّهً‪ ،‬ومن الوعد والوعٌد ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وج َّل بما هو أهله‪ ،‬ومن التعبُّد‬
‫الحادي عشر‪ -:‬األساس‪:‬‬
‫أساس ال ُكت ُ ِ‬
‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ً ِ أنَّه س َّماها‪ :‬األساس‪ ،‬وأنَّه لال‪" :‬سمعتُ ابنَ عب ٍ‬
‫َّاس ٌمول‪:‬‬ ‫ُروي عن ال َّ‬
‫شعب ّ‬
‫(ٖ)‬
‫وأساس الفاتحة بسم ميحرلا نمحرلا هللا" ‪.‬‬‫ُ‬ ‫وأساس المرآن الفاتحة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫المرآن‪،‬‬
‫سا لوجهٌن‪ :‬أحدُهما‪ :‬أنَّها ّأو ُل سورةٍ من المرآن‪ ،‬فهً كاألساس‪،‬‬ ‫س ِ ّمٌت أسا ً‬
‫ي‪ :‬و ُ‬ ‫الراز ُّ‬
‫لال َّ‬
‫(٘)‬ ‫(ٗ)‬
‫والثانً‪]:‬أن أشرؾ العبادات بعد اإلٌمان هو الصبلة[ ‪ ،‬وهذه السورة مشتملة على ما ال بد‬
‫منه فً اإلٌمان‪ ،‬والصبلة ال تتم إال بها(‪.)ٙ‬‬
‫الثانً عشر‪ -:‬الكنز‬
‫واستدل بذلن بما رواه أنس بن مالن‪-‬رضً هللا عنه‪ -‬عن النبً‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص لال‪" :‬إن هللا أعطانً‬
‫ً‪ ،‬أنً أعطٌتن فاتحة الكتاب‪ ،‬وهً من كنوز عرشً‪ ،‬ثم لسمتها بٌنً وبٌن‬ ‫من به عل ّ‬ ‫فٌما ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫عبدي نصفٌن" ‪.‬‬

‫(ٔ)الجواب الكافً‪ٖ :‬‬


‫(ٕ) الكشاؾ‪.)ٗ٘/ٔ( :‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬تفسٌر المرطبً‪ ،ٖٔٔ/ٔ :‬والدر المنثور‪ ،ٖ/ٔ :‬ونسبه للثعلبً‪ ،‬لال ابن كٌر‪ :‬إن فً كتب الثعلبً من‬
‫الؽرابب الشًء الكثٌر"‪[ .‬البداٌة والنهاٌة‪.]ٗٓ/ٕٔ:‬‬
‫(ٗ) ما بٌن المعكوفتٌن بٌاض باألصل‪ ،‬واستدرن من التفسٌر الكبٌر‪ ،:‬ولد ذكر الرازي وجها ثالثا أٌضا‪ ،‬ولكنه‬
‫ذكره بعد الوجه األول‪ ،‬فمال‪( :‬الثانً‪ :‬أنها مشتملة على أشرؾ المطالب) ثم ذكر هذا الوجه‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫وجاء فً هامش األصل‪( :‬الثالث عشر‪ :‬الكافٌة‪ ،‬س ّماها به ألنها تكفً عن ؼٌرها‪ ،‬فإن أم المرآن عوض من‬
‫ؼٌرها‪ ،‬ولٌس ؼٌرها منها عوضا) ا‪.‬هـ وال أدري هل هذا الهامش من إلحالات المصنؾ‪ ،‬أم أنه من الناسخ ؟‬
‫(٘) فً التفسٌر الكبٌر‪( ::‬على كل)‪.‬‬
‫(‪ )ٙ‬التفسٌر الكبٌر‪.)ٔٗ2/ٔ( :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البٌهمً فً الشعب‪ ،‬باب تعظٌم المرآن‪ ،‬فصل(فً فضابل السور واآلٌات) حدٌث‬
‫رلم(ٖ‪ ،)ٙٗ1/ٕ:)ٕٖٙ‬وابن الضرٌس فً فضابله‪ ،‬باب(فً فضابل فاتحة الكتاب)‪ ،‬حدٌث رلم(ٖٗٔ)‪ :‬ص‪،25‬‬
‫وانظر‪ :‬كنز العمال حدٌث رلم(ٕٕٔ٘)‪ :‬صٔ‪.٘ٙٓ/‬‬
‫وأخرج الواحدي فً أسباب النزول عن علً لال‪" :‬نزلت فاتحة الكتاب بمكة عن كنز‬
‫تحت العرش"(ٔ)‪ ،‬وعنه ‪-‬رضً هللا عنه‪ -‬أنه سبل عن فاتحة الكتاب‪ ،‬فمال‪" :‬حدثنا نبً هللا‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪-‬‬
‫أنها أنزلت من كنز تحت العرش"(ٕ)‪.‬‬
‫ولد ذكرت هذا التسمٌة فً بعض كتب التفاسٌر وعلوم المرآن(ٖ)‪.‬‬
‫ولٌل سمٌت بذلن الشتمالها على المعانً التً فً المرآن‪ ،‬وهً بمثابة الجواهر المكنوزة‬
‫فٌه(ٗ)‪.‬‬
‫وهذه األحادٌث التً وردت فً التسمٌة لم ٌصرح فٌها رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬بتسمٌتها بالكنز‪،‬‬
‫إنما ذكر أنها نزلت من كنوز العرش‪ ،‬فهً وصؾ للسورة ولٌست اسما لها(٘)‪.‬‬
‫الثالثة عشر‪ -:‬الشكر‬
‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)ٙ‬‬
‫ذكر هذه التسمٌة بعض المفسرٌن كالرازي ‪ ،‬وأبً مسعود ‪ ،‬واأللوسً ‪ ،‬كما ذكرها‬
‫السٌوطً(‪ ،)5‬والبماعً(ٓٔ)‪.‬‬
‫ووجه التسمٌة بذلن الشتمالها على الشكر‪ ،‬لال الرازي‪ :‬وذلن ألنها ثناء على هللا‬
‫بالفضل والكرم واإلحسان"(ٔٔ)‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة بؤن هذه التسمٌة مجرد أجتهاد من السادة المفسرٌن لما تضمنته االسورة‬
‫من معانً الشكر والثناء هلل‪ ،‬دون اإلستناد فً تسمٌتها إلى حدٌث أو أثر صحٌح‪.‬‬
‫الرابعة عشر‪ -:‬الثناء‪:‬‬
‫(ٕٔ)‬
‫لال بهذه التسمٌة الفٌروزآبادي ‪ ،‬ولن الشتمال السورة على الثناء على هللا تعالى فً‬
‫ٌِن (ٗ)} [الفاتحة ‪- ٕ :‬‬ ‫الر ِح ٌِم (ٖ) َما ِل ِن ٌَ ْو ِم ال ّد ِ‬ ‫تعالى‪{:‬ال َح ْم ُد ِ َّّللِ َربّ ِ ْال َعالَ ِمٌنَ (ٕ) َّ‬
‫الرحْ َم ِن َّ‬ ‫ْ‬ ‫لوله‬
‫ٗ]‪ ،‬دون أن ٌذكر مستنده فً ذلن‪.‬‬
‫الخامسة عشر‪-:‬المناجاة‪:‬‬
‫(ٕ)‬ ‫(ٔ)‬
‫ذكر هذا االسم كل من السٌوطً ‪ ،‬واآللوسً ‪ ،‬وعلبل بؤن العبد ٌناجً فٌها ربه‬
‫ٌن (٘)} [الفاتحة ‪ ،]٘ :‬وهذه التسمٌة من باب اإلجتهاد ولم ٌثبت‬ ‫بموله‪{:‬إٌَِّانَ نَ ْعبُ ُد َو ِإٌَّانَ نَ ْست َ ِع ُ‬
‫ذلن عن الرسول‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬وال صحابته الكرام‪-‬رضً هللا تعالى عنهم‪.-‬‬

‫(ٔ) أخرجه الثعلبً فً تفسٌره‪ ،‬مخطوطة‪-‬الكشؾ والبٌان‪ ،ٖ٘/ٔ:-‬والواحدي فً أسباب النزول‪.ٔ5 :‬‬
‫(ٕ) أورده السٌوطً فً الدر‪ ،ٔٙ/ٔ :‬وعزاه إلى إسحاق بن راهوٌه فً مسنده‪.‬‬
‫(ٖ) انظر فً هذه التسمٌات فً كتب التفاسٌر وعلوم المرآن كتفسٌر‪ :‬الزمخشري‪ ، ٗ/ٔ :‬والنسفً‪ ،ٖ/ٔ:‬وابن‬
‫كثٌر‪ ،ٔ٘/ٔ:‬والبٌضاوي‪ ،٘/ٔ:‬والشوكانً‪ ،ٕٖ/ٔ:‬واآللوسً‪ ،ٖ1/ٔ:‬وذكرها السٌوطً فً اإلتمان‪،ٔ2ٓ/ٔ:‬‬
‫والبماعً فً نظم الدرر فً تناسب اآلٌات والسور‪ ،ٔ5/ٔ:‬والزركشً فً البرهان‪.ٕ2ٓ/ٔ:‬‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬اإلتمان فً علوم المرأن‪ ،ٔ2ٓ/ٔ :‬وتفسٌر األلوسً‪.ٖ1/ٔ :‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬أسماء سور المرآن وفضابلها‪ ،‬د‪.‬منٌرة دمحم ناصر الدوسري‪ ،‬دار ابن الجوزي‪ ،‬رسابل جامعٌة(‪،)ٗ2‬‬
‫طٔ‪ٕٔٗٙ ،‬هـ‪:‬ص ٔٗٔ‪.‬‬
‫(‪ )ٙ‬انظر تفسٌره‪.ٗ2/ٔ :‬‬
‫(‪ )2‬انظر نفسٌره‪.1ٔ/ٔ :‬‬
‫(‪ )1‬انظر تفسٌره‪.ٖ1/ٔ :‬‬
‫(‪ )5‬انظر اإلتمان‪.ٔ2ٓ/ٔ :‬‬
‫(ٓٔ) انظر تفسٌره‪.ٔ5/ٔ :‬‬
‫(ٔٔ) مفاتٌح الؽٌب‪.ٔٗ2/ٔ :‬‬
‫(ٕٔ) انظر‪ :‬بصابر ذوي التمٌٌز‪ ،‬فٌروزآبادي‪.ٕٔ5/ٔ :‬‬
‫السادسة عشر‪ -‬التفوٌض‪:‬‬
‫(ٗ)‬ ‫(ٖ)‬
‫ذكره كل من السٌوطً واأللوسً ‪ ،‬فمالوا أنها سمٌت بذلن‪ ،‬ألنه ٌحصل بها‬
‫ٌن (٘)} [الفاتحة ‪ ،]٘ :‬وها‬ ‫التفوٌض(٘) فهً مشتملة علٌه فً لوله تعالى‪{:‬إٌَِّانَ نَ ْعبُ ُد َوإٌَِّانَ نَ ْست َ ِع ُ‬
‫أٌضا اجتهاد منها ‪-‬رحمهما هللا‪ -‬دون استناد على دلٌل‪.‬‬
‫السابعة عشر‪ -:‬الدعاء‪:‬‬
‫(‪)2‬‬ ‫(‪)ٙ‬‬
‫وردت هذه التسمٌة فً بعض كتب التفسٌر‪ :‬كتفسٌر الرازي ‪ ،‬والبٌضاوي ‪ ،‬وأبً‬
‫مسعود(‪ ،)1‬واأللوسً(‪ ،)5‬كما ذكرها البماعً فً نظمه(ٓٔ)‪ ،‬والسٌوطً فً اإلتمان(ٔٔ)‪ ،‬وعللوا فً‬
‫ٌم (‪[ })ٙ‬الفاتحة ‪،]ٙ :‬‬‫طٕٔ) ْال ُم ْست َ ِم َ‬
‫ص َرا َ‬
‫(‬
‫وجه تسمٌتها ‪ " :‬الشتمالها علٌه فً لوله تعالى‪{:‬ا ْه ِدنَا ال ِ ّ‬
‫وأخرج أبو عبٌد عن مكحول‪" :‬أم المرآن لراءة ومسؤلة ودعاء" ‪.‬‬
‫للت‪ :‬ال شن بؤن الدعاء من المعانً التً اشتملت علٌها سورة الفاتحة‪ ،‬أما كون الدعاء‬
‫اسما لها‪ ،‬فلم ٌثبت ذلن عن الرسول ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬بل مجرد اجتهاد واستنباط من السادة العلماء‪-‬رحمهم‬
‫هللا تعالى‪.-‬‬
‫الثامنة عشر‪ -:‬النور‬
‫(ٗٔ)‬ ‫(ٖٔ)‬
‫ذكرها كل من السٌوطً ‪ ،‬واأللوسً ‪ ،‬وعلل هذا األخٌر سبب تسمٌتها بذلن‪،‬‬
‫لظهورها بكثرة استعمالها أو لتنوٌرها الملوب لجبللة لدرها‪ ،‬أو ألنها لما اشتملت علٌه من‬
‫المعانً عبارة عن النور بمعنى المرآن‪.‬‬
‫وهذا اجتهاد‪ ،‬إلم لم أحد سندا صحٌحا فً تسمٌتها بالنور‪ ،‬إنما هو وصؾ للسورة كما‬
‫فً حدٌث ابن عباس‪" :‬لال فٌه جبرٌل‪ :‬أبشر بنورٌن أوتٌتها لم ٌإتها نبً لبلن‪ :‬فتحة الكتاب‪،‬‬
‫وخواتٌم سورة البمرة‪.)ٔ٘( "..‬‬
‫التاسعة عشر‪ -:‬تعلٌم المسؤلة‪:‬‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬اإلتمان فً علوم المرآن‪.ٔ2ٔ/ٔ :‬‬


‫(ٕ) تفسٌر األلوسً‪.ٖ1/ٔ:‬‬
‫(ٖ)انظر‪ :‬اإلتمان فً علوم المرآن‪ٔ2ٔ/ٔ :‬‬
‫(ٗ)تفسٌر األلوسً‪.ٖ1/ٔ:‬‬
‫(٘) جاء فً الصحاح‪" :‬فوض إلٌه األمر‪ ،‬أي ردّه إلبه"‪ (.‬مادة‪" :‬ؾ و ض"‪.)ٔٓ55/ٖ :‬‬
‫(‪ )ٙ‬انظر تفسٌره‪.ٔٗ2/ٔ :‬‬
‫(‪)2‬انظر تفسٌره‪.٘/ٔ :‬‬
‫(‪)1‬انظر تفسٌره‪.1/ٔ :‬‬
‫(‪)5‬انظر تفسٌره‪.ٖ1/ٔ :‬‬
‫(ٓٔ) انظر‪ :‬اإلتمان‪.ٔ5/ٔ :‬‬
‫(ٔٔ) انظر‪ :‬نظم الدرر فً تناسب اآلٌات والسور‪.ٔ2ٔ/ٔ:‬‬
‫(ٕٔ) باب(فضل فاتحة الكتاب)‪.ٔٔ1 :‬‬
‫(ٖٔ)انظر تفسٌره‪.ٔ2ٓ/ٔ :‬‬
‫(ٗٔ)انظر تفسٌره‪.ٖ1/ٔ :‬‬
‫(٘ٔ)أخرجه مسلم فً كتاب‪ :‬صبلة المسافرٌن ولصرها ‪ -‬باب‪ :‬فضل الفاتحة وخواتٌم سورة البمرة والحث‬
‫على لراءة اآلٌتٌن من آخر البمرة (‪( )1ٓٙ‬ج ٔ ‪ /‬ص ٗ٘٘)‪.‬‬
‫أوردت هذه التسمٌة‪ ،‬كل من‪ :‬البٌضاوي(ٔ)‪ ،‬وأبً مسعود(ٕ)‪ ،‬واأللوسً(ٖ)‪ ،‬كما ذكرها‬
‫السٌوطً فً اإلتمان(ٗ)‪ ،‬ونسب إلى المرسً لوله فً وجه التسمٌة‪" :‬ألن فٌها آداب السإال‪،‬‬
‫ألنها بدبت بالثناء لبله"(٘)‪.‬‬
‫ولد أخرج أبو عبٌد عن مكحول لوله‪" :‬أم المرآن لراءة ومسؤلة ودعاء"(‪.)ٙ‬‬
‫للت‪ :‬وهذه التسمٌة أٌضا من باب اإلجتهاد‪ ،‬ألن تعلٌم المسؤلة هو من المعانً التً‬
‫تضمنتها السورة‪ ،‬ولم ٌرد حدٌث عن الرسول ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬فً ذلن‪.‬‬
‫العشرون‪ -:‬السإال‪:‬‬
‫(‪)5‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫سماها بذلن كل من‪ :‬الرازي ‪ ،‬والسٌوطً ‪ ،‬واأللوسً ‪ ،‬ووجه التسمٌة بلن لكونها‬
‫اشتملت على الدعاء الذي هو السإال هلل تعالى‪.‬‬
‫لال الرازي‪ " :‬روي أن رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬حكً عن رب العزة‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬أنه لال‪:‬‬
‫"من شؽله ذكري عن مسؤلتً أعطٌته أفضل ما أعطً السابلٌن"(ٓٔ)‪ ،‬ولد فعل الخلٌل‪-‬علٌه‬
‫لال‪{:‬ربّ ِ هَبْ ِلً‬
‫َ‬ ‫ٌِن} [الشعراء ‪ ،]21 :‬إلى أن‬ ‫السبلم‪ -‬ذلن حٌث لال‪{:‬الَّذِي َخلَمَنًِ فَ ُه َو ٌَ ْهد ِ‬
‫صا ِل ِحٌنَ } [الشعراء ‪ ،]1ٖ :‬ففً هذه السورة أٌضا ولعت البداءة بالثناء علٌه‬ ‫ُح ْك ًما َوأ َ ْل ِح ْمنًِ بِال َّ‬
‫سبحانه وتعالى‪ ،‬وهو لوله‪{ :‬الحمد هلل} إلى لوله‪{:‬مالن ٌوم الدٌن}‪ ،‬ثم ذكر العبودٌة وهو‬
‫ٌن (٘)} [الفاتحة ‪ ،]٘ :‬ثم ولع الختم على طلب الهداٌة وهو لوله‬ ‫لوله‪ِ {:‬إٌَّانَ نَ ْعبُ ُد َوإٌَِّانَ نَ ْست َ ِع ُ‬
‫ٌم (‪[ })ٙ‬الفاتحة ‪ ،]ٙ :‬وهذا ٌدل على أن أكمل المطالب هو الهداٌة‬ ‫ط ْال ُم ْست َ ِم َ‬
‫ص َرا َ‬
‫تعالى‪{:‬ا ْه ِدنَا ال ِ ّ‬
‫فً الدٌن‪.)ٔٔ("..‬‬
‫للت وهذه التسمٌة أٌضا من اجتهاد العلماء‪-‬رحمهم هللا‪ -‬وهو مشابه لبلسم الذي لبله‪.‬‬
‫هذه كانت أسماء سورة الفاتحة التً ذكرها المفسرون التوفٌمٌة واالجتهادٌة وأشهرها‬
‫وأكثرها تداوال هً‪(:‬فاتحة الكتاب‪ ،‬والسبع المثانً‪ ،‬وأم الكتاب‪ ،‬وأم المرآن‪ ،‬وأشهر هذه األسماء‬
‫هً "الفاتحة")‪ ،‬أما بالً التسمٌات فهً من باب اإلجتهاد لطون السورة تضمنت لمعانٌها‪ .‬وهللا‬
‫تعالى أعلم‪.‬‬
‫ولد اختلؾ العلماء فً مواضع نزولها‪ ،‬وفٌه ثبلثة ألوال‪:‬‬
‫المول األول‪ :‬أنَّها نزلت بم َّكة‪.‬‬

‫(ٔ)انظر تفسٌره‪٘/ٔ :‬‬


‫(ٕ)انظر تفسٌره‪.1/ٔ :‬‬
‫(ٖ)انظر تفسٌره‪.ٖ1/ٔ :‬‬
‫(ٗ)انظر اإلتمان‪.2ٓ/ٔ :‬‬
‫(٘) اسماء سور المرآن وفضابلها‪.ٔٗ٘ :‬‬
‫(‪ )ٙ‬باب(فضل فاتحة الكتاب)‪.ٔٔ1 :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تفسٌره‪.ٔٗ2/ٔ :‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬اإلتمان‪.ٔ2ٔ/ٔ :‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬نفسٌره‪.ٖ1/ٔ :‬‬
‫(ٓٔ) حدٌث ضعٌؾ‪ ،‬أخرجه البخاري فً "التارٌخ" (ٔ‪ ، )ٔٔ٘ /ٕ /‬والبٌهمً فً "الشعب" (ٔ‪ )ٖٖ2 /‬من‬
‫طرٌمٌن عن صفوان بن أبً الصهباء ‪ ،‬عن بكٌر بن عتٌك عن سالم ابن عبد هللا بن عمر عن أبٌه عن جده ‪(.‬‬
‫األحادٌث الضعٌفة والموضوعة وأثرها السٌا فً األمة‪ ،‬األلبانً‪.)ٗ515( :‬‬
‫(ٔٔ) انظر‪ :‬تفسٌرخ‪.ٔٗ2/ٔ :‬‬
‫َّاس وأبً هرٌرة واألكثرٌن‪ ،‬حتى لال أبو مٌسرة‪" :‬هً َّأول سورة‬
‫(ٔ)‬
‫ً ٍ وابن عب ٍ‬ ‫نُمل عن عل ّ‬
‫نزلت من المرآن بمكة‪ ،‬وأنها ابتدبت بـ {بسم ميحرلا نمحرلا هللا}"‪ .‬أخرجه البٌهمً ‪ ،‬وهذا لول‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫جمهور العلماء‪ ،‬ودلٌلهم (ٕ)‪:‬‬
‫أوال‪ :‬ما أخرجه أبو بكر بن األنباري فً المصاحؾ عن عبادة لال‪" :‬فاتحة الكتاب نزلت‬
‫بمكة"(ٖ)‪.‬‬
‫ً‪ ،‬لال‪" :‬نزلت فاتحة الكتاب بمكة عن كنز تحت‬ ‫أخرج الواحدي فً أسباب النزول عن عل ّ‬ ‫ثانٌا‪:‬‬
‫(ٗ)‬
‫العرش" ‪ ،‬وعنه ‪-‬رضً هللا عنه‪ -‬أنه سبل عن فاتحة الكتاب‪ ،‬فمال‪" :‬حدثنا نبً هللا‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬أنها‬
‫أنزلت من كنز تحت العرش"(٘)‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أخرج أبو نعٌم فً الدالبل عن رجل من بنً سلمة لال‪" :‬لما أسلمت فتٌان بنً سلمة‪...‬‬
‫فسؤله فمرأ علٌه‪ :‬الحمد هلل رب العالمٌن‪ ،‬وكان ذلن لبل الهجرة(‪.")ٙ‬‬
‫الرابع‪ :‬ولالوا‪ :‬لم تكن صبلة فً اإلسبلم بدون فاتحة الكتاب‪ ،‬ومن المعلوم أن الصبلة شرعت‬
‫فً األٌام األولى من البعثة‪ ،‬وفرضت الصلوات الخمس فً لٌلة اإلسراء والمعراج‪ ،‬وكانت لبل‬
‫الهجرة بثبلث سنوات‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫لال جبلل الدٌن‪" :‬ولم ٌحفظ صبلة بؽٌر فاتحة الكتاب" ‪.‬‬
‫لال ابن كثٌر‪" :‬وهً مكٌة لاله ابن عباس ‪-‬رضً هللا تعالى عنهما‪ ،-‬ولتادة‪ ،‬وأبو‬
‫س ْبعًا ِ ّمنَ ْال َمثَانًِ} [الحجر‪.)1(]12:‬‬
‫تعالى‪{:‬ولَمَ ْد آت َ ٌْنَانَ َ‬
‫َ‬ ‫العالٌة‪ ،‬لموله‬
‫ووجه االستدالل بهذه اآلٌة على أن سورة الفاتحة مكٌة‪ ،‬هو أن هذه اآلٌة من سورة‬
‫الحجر‪ ،‬وسورة الحجر سورة مكٌة‪ ،‬فهً تتحدث عن الفاتحة‪ ،‬فهذا دلٌ ٌل من المرآن على أن‬
‫سورة الفاتحة نازلة بمكة‪ ،‬وهذا هو المعروؾ عند أهل العلم‪ ،‬وال ٌلتفت إلى ؼٌره‪.‬‬
‫واختلؾ فً أول ما نزل من المرآن على ألوال‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن أول ما نزل‪{ :‬بسم ميحرلا نمحرلا هللا} منفردة‪.‬‬
‫لال الفخر الخطٌب(‪" :)5‬وهو لول األكثرٌن من الذٌن لالوا‪ :‬لم تنزل (المدثر) و(الرأ)‬
‫َّاس(ٔٔ)‪.‬‬
‫أوال" ‪ .‬ونمله فً موضع آخر عن ابن عب ٍ‬
‫(ٓٔ)‬

‫الثانً‪ :‬ان أول ما نزل‪ٌَ{ :‬اأٌَُّ َها ْال ُم َّد ِث ّ ُر} [المدثر‪ ،]ٔ :‬كما جاء فً حدٌث جابر الصحٌح(ٕٔ)‪.‬‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬دالبل النبوة‪.)ٔ٘1/ٕ( :‬‬


‫(ٕ) انظر‪ :‬فتح المدٌر الجامع بٌن فنً الرواٌة والدراٌة من علم التفسٌر‪ ،‬دمحم بن علً بن دمحم الشوكانً‪.ٔ٘/ٔ :‬‬
‫(ٖ)فتح المدٌر‪.ٔ٘/ٔ:‬‬
‫(ٗ) أخرجه الثعلبً فً تفسٌره‪ ،‬مخطوطة‪-‬الكشؾ والبٌان‪ ،ٖ٘/ٔ:-‬والواحدي فً أسباب النزول‪ ،ٔ5 :‬وانظر‪:‬‬
‫اإلتمان‪.ٕٔ/ٔ :‬‬
‫(٘) أورده السٌوطً فً الدر‪ ،ٔٙ/ٔ :‬وعزاه إلى إسحاق بن راهوٌه فً مسنده‪.‬‬
‫(‪)ٙ‬فتح المدٌر‪.ٔ٘/ٔ:‬‬
‫(‪ )2‬اإلتمان‪.ٕٔ/ٔ:‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬المصدر نفسه والصحٌفة نفسها‪.‬‬
‫(‪ )5‬هو الرازي‪ ،‬والمعروؾ أنه ٌلمب‪( :‬بابن الخطٌب) أو (ابن خطٌب الري)‪.‬‬
‫(ٓٔ) مفاتٌح الؽٌب‪.ٔٗ2/ٔ :‬‬
‫(ٔٔ) انظر‪ :‬مفاتٌح الؽٌب‪.ٔٗ2/ٔ :‬‬
‫(ٕٔ) صحٌح البخاري‪ -ٙ22-ٙ2ٙ/1( :‬رلم‪.)ٗ5ٕٕ:‬‬
‫والثالث‪ :‬ولٌل‪{ :‬ا ْل َرأْ بِاس ِْم َر ِبّنَ الَّذِي َخلَكَ }‪ ،‬وهذا هو الصحٌح‪ ،‬فإنه لما أنزل علٌه‪{ :‬ا ْل َرأْ بِاس ِْم‬
‫َر ِبّنَ الَّذِي َخلَكَ } رجع فتدثر‪ ،‬فنزل‪ٌَ{ :‬اأٌَُّ َها ْال ُم َّد ِث ّ ُر}(ٔ)‪.‬‬
‫واتفك العلماء أن أول ما نزل المرآن على وجه اإلطبلق لطعا ً اآلٌات الخمس األولً من سورة‬
‫ك (ٕ) ا ْل َرأْ َو َربُّنَ‬ ‫علَ ٍ‬ ‫سانَ ِم ْن َ‬ ‫العلك‪ ،‬وهً لوله تعالً ‪{ :‬ا ْل َرأْ بِاس ِْم َر ِبّنَ الَّذِي َخلَكَ (ٔ) َخلَكَ ْ ِ‬
‫اإل ْن َ‬
‫سانَ َما لَ ْم ٌَ ْعلَ ْم (٘)} [العلك ‪ ،]٘ - ٔ :‬ثم فتر الوحً‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫علَّ َم بِ ْالمَلَ ِم (ٗ) َ‬
‫علَّ َم ْ ِ‬ ‫ْاأل َ ْك َر ُم (ٖ) الَّذِي َ‬
‫مدة ‪ ،‬ثم نزلت اآلٌات الخمس األولى من سورة المدثر ‪ ،‬وهً لوله تعالى ‪ٌَ{ :‬ا أٌَُّ َها ْال ُم َّد ِث ّر (ٔ)‬
‫الرجْ زَ فَا ْه ُج ْر(٘)} [المدثر‪ ،]٘-ٔ:‬ففً‬ ‫ط ِ ّه ْر(ٗ) َو ُّ‬ ‫لُ ْم فَؤ َ ْنذ ِْر(ٕ) َو َربَّنَ فَ َك ِبّ ْر(ٖ) َوثٌَِابَنَ فَ َ‬
‫الصحٌحٌن‪ :‬عن عابشة رضً هللا عنها فً بدء الوحً لالت ‪" :‬أول ما بُدئ به رسول هللا ـ‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص ـ من الوحً هو الرإٌا الصالحة فً النوم‪ ،‬فكان ال ٌرى رإٌا إال جاءت مثل فلك الصبح‪ ،‬ثم‬
‫ُحبِب إلٌه الخلوة‪ ،‬وكان ٌخلو فً ؼار حراء‪ٌ ،‬تحنث [ٌتعبد] فٌه اللٌالً ذوات العدد‪ ،‬لبل أن‬
‫ٌنزع إلى أهله وٌتزود لذلن‪ ،‬ثم ٌرجع إلى خدٌجة فٌتزود لمثلها‪ ،‬حتى جاءه الحك وهو فً ؼار‬
‫حراء‪ ،‬فجاءه الملَن فمال‪ :‬الرأ‪ ،‬للت‪ :‬ما أنا بمارئ‪ ،‬لال‪ :‬فؤخذنً فؽطنً حتى بلػ منً ال َجهد‪ ،‬ثم‬
‫أرسلنً فمال الرأ‪ ،‬للت‪ :‬ما أنا بمارئ‪ ،‬لال فؽطنً الثانٌة حتى بلػ منً الجهد‪ ،‬ثم أرسلنً فمال‪:‬‬
‫الرأ‪ ،‬للت‪ :‬ما أنا بمارئ‪ ،‬فؤخذنً فؽطنى الثالثة ثم أرسلنً فمال‪ {:‬ا ْل َرأْ بِاس ِْم َر ِبّنَ الَّذِي َخلَكَ *‬
‫ك * ا ْل َرأْ َو َربُّنَ ْاأل َ ْك َر ُم }[العلك ٔ‪ ،]ٖ-‬فرجع رسول هللا ـ صلى هللا علٌه‬ ‫علَ ٍ‬‫سانَ ِم ْن َ‬ ‫َخلَكَ ْ ِ‬
‫األ ْن َ‬
‫وسلم ـ ٌرجؾ فإاده‪ ،‬فدخل على زوجته خدٌجة بنت خوٌلد ـ رضً هللا عنها ـ‪ ،‬فمال‪ :‬زملونً‪،‬‬
‫زملونً‪ ،‬فزملوه حتى ذهب عنه الروع‪ ،‬فمال لخدٌجة ‪ :‬لمد خشٌت على نفسً‪ ،‬فمالت خدٌجة ‪:‬‬
‫كبل وهللا ما ٌخزٌن هللا أبدا‪ ،‬إنن لتصل الرحم‪ ،‬وتحمل ال َكل‪ ،‬وت َكسب المعدوم‪ ،‬وت َمري الضٌؾ‪،‬‬
‫امرأ ً‬ ‫وتعٌن على نوابب الحك‪ ،‬فانطلمت به خدٌجة حتى أتت ورلة بن نوفل ابن عمها‪ ،‬وكان ً‬
‫تنصر بالجاهلٌة‪ ،‬وكان ٌكتب الكتاب العبرانً من اإلنجٌل بالعبرانٌة ما شاء هللا له أن ٌكتب‪،‬‬
‫وكان شٌخا كبٌرا لد عمً‪ ،‬فمالت له خدٌجة‪ٌ :‬ا ابن عم‪ ،‬اسمع من ابن أخٌن‪ ،‬فمال له ورلة ‪ٌ :‬ا‬
‫ابن أخً ما ذا ترى؟ فؤخبره رسول هللا ـ ملسو هيلع هللا ىلص ـ ما رأى‪ ،‬فمال له ورلة ‪ :‬هذا الناموس (جبرٌل‬
‫نزل هللا على موسى‪ٌ ،‬ا لٌتنً فٌها جذعا ( شابا)‪ ،‬لٌتنً أكون حٌا إذ ٌخرجن‬ ‫علٌه السبلم ) الذي ّ‬
‫لومن‪ ،‬فمال‪ :‬أ َ َو ُمخرجً هم؟‪ ،‬لال نعم‪ ،‬لم ٌؤت رجل لَط بمثل ما جبت به إال عودي‪ ،‬وإن‬
‫ٌدركنً ٌومن أنصرن نصرا مإزرا‪ ،‬ثم لم ٌنشب ( ٌلبث ) ورلة أن توفً‪ ،‬وفتر الوحً (ٔ)‪.‬‬
‫وفٌهما عن جابر رضً هللا عنه ‪ ،‬أن النبً صلً هللا علٌه وسلم لال وهو ٌحدث عن فترة الوحً‬
‫ص ِري‪ ،‬فَإ ِ َذا ال َملَنُ الَّذِي َجا َء ِنً ِب ِح َراءٍ‬ ‫اء‪ ،‬فَ َرفَ ْعتُ بَ َ‬ ‫س َم ِ‬‫ص ْوتًا مِنَ ال َّ‬ ‫س ِم ْعتُ َ‬ ‫‪َ " :‬ب ٌْنَا أَنَا أ َ ْم ِشً ِإ ْذ َ‬
‫ض‪ ،‬فَ ُر ِعبْتُ ِم ْنهُ‪ ،‬فَ َر َج ْعتُ فَمُ ْلتُ ‪ :‬زَ ِ ّملُونًِ زَ ِ ّملُو ِنً " فَؤ َ ْنزَ َل‬ ‫اء َواأل َ ْر ِ‬ ‫س َم ِ‬
‫ً ٍ بٌَْنَ ال َّ‬ ‫علَى ُك ْر ِس ّ‬ ‫س َ‬ ‫َجا ِل ٌ‬
‫الرجْ زَ فَا ْه ُج ْر} [المدثر‪.]٘ :‬‬ ‫{و ُّ‬ ‫َّللاُ تَعَالَى‪ٌَ {:‬ا أٌَُّ َها ال ُم َّد ِث ّ ُر‪ .‬لُ ْم فَؤ َ ْنذ ِْر} [المدثر‪ِ ]ٕ :‬إلَى ‪ -]1[-‬لَ ْو ِل ِه َ‬ ‫َّ‬
‫يِ‪،‬‬ ‫ِ ّ‬‫ر‬ ‫ه‬‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫الز‬ ‫ن‬ ‫ع‬
‫َ ِ‬ ‫ٍ‪،‬‬‫د‬ ‫َّا‬
‫د‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ْن‬‫ب‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫َ‬ ‫بل‬‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ع‬‫ب‬
‫َ ِ ٍ َ ََ ِ‬‫َا‬ ‫ت‬‫و‬ ‫‪،‬‬‫ح‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ص‬ ‫ُو‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫أ‬‫و‬‫ُ َ َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ؾ‬ ‫س‬ ‫ُو‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ْن‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫فَ َ ِ َ َ حْ ُ َ َ َ َ َ َ ْ َّ‬
‫َّللا‬ ‫ُ‬
‫د‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫ع‬‫ب‬ ‫َا‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫َا‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫الو‬ ‫ً‬ ‫م‬ ‫ح‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬تفسٌر الخطٌب الشربٌنً‪.ٕٗ٘/ٗ :‬‬


‫)ٔ( أخرجه البخاري ‪ ،‬كتاب بدء الوحً ‪ ،‬باب ٔ ‪ :‬كٌؾ كان بدء الوحً إلى رسول هللا صلً هللا علٌه وسلم‬
‫‪ ، ...‬أصول فً التفسٌر ‪ ،‬حدٌث رلم ٖ ؛ ومسلم كتاب اإلٌمان باب ٖ‪ :2‬بدء الوحً إلى رسول هللا صلً هللا‬
‫علٌه وسلم ‪ ،‬حدٌث رلم ٖٓٗ ( ٕٕ٘) ٓ‪. ٔٙ‬‬
‫س‪َ ،‬و َم ْع َم ٌر بَ َواد ُِرهُ"(ٔ) ‪ ،‬وفٌه ‪ ،‬فؤنزل هللا تعالى‪ٌَ( :‬ا أٌَُّ َها ْال ُم َّد ِث ّر (ٔ) لُ ْم فَؤ َ ْنذ ِْر(ٕ) إلى‬ ‫َولَا َل ٌُونُ ُ‬
‫الرجْ زَ فَا ْه ُجر(ْ٘) (المدثر‪.)٘-ٔ:‬‬ ‫( َو ُّ‬
‫وثمت آٌات ٌمال فٌها ‪ :‬أول ما نزل‪ ،‬والمراد أول ما نزل باعتبار شًء معٌن ‪ ،‬فتكون أولٌة‬
‫ممٌدة مثل ‪ :‬حدٌث جابر رضً هللا عنه فً الصحٌحٌن‪ ،‬إن أبا سلمة بن عبد الرحمن سؤله‪ :‬أي‬
‫المرآن أنزل أول؟ لال جابر‪ٌَ(:‬ا أٌَُّ َها ْال ُم َّد ِث ّ ُر) (المدثر‪ )ٔ:‬لال أبو سلمة ‪ :‬أنببت أنه (ا ْل َرأْ بِاس ِْم‬
‫َر ِبّنَ الَّذِي َخلَكَ ) (العلك‪ )ٔ:‬فمال جابر ‪ :‬ال أخبرن إال بما لال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪ :‬لال رسول هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ":‬جاورت فً حراء فلما لضٌت جواري هبطت ‪ "...‬فذكر الحدٌث وفٌه ‪" :‬فؤتٌت خدٌجة‬
‫فملت ‪ :‬دثرونً ‪ ،‬وصبوا علً ماء باردا ً ‪ ،‬وأنزل علً ‪ٌَ( :‬ا أٌَُّ َها ْال ُم َّد ِث ّ ُر) (المدثر‪ )ٔ:‬إلى لوله‬
‫الرجْ زَ فَا ْه ُج ْر) (المدثر‪.)ٕ( ")٘-ٔ:‬‬ ‫‪(:‬و ُّ‬‫َ‬
‫فهذه األولٌة التً ذكرها جابر رضً هللا عنه باعتبار أول ما نزل بعد فترة الوحً ‪ ،‬أو أول ما‬
‫نزل فً شؤن الرسالة ؛ ألن ما نزل من سورة الرأ ثبتت نبوة النبً ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،‬وما نزل من سورة‬
‫المدثر ثبتت به الرسالة فً لوله { لُ ْم فَؤ َ ْنذ ِْر} [المدثر‪.]ٕ:‬‬
‫ولهذا لال أهل العلم ‪ :‬إن النبً ملسو هيلع هللا ىلص نبا بـ(ا ْل َرأْ) [العلك‪ ،]ٔ:‬وأرسل بـ( ْال ُم َّد ِث ّ ُر) [المدثر‪.]ٔ:‬‬
‫المول الثانً‪ :‬أنها أُنزلت بالمدٌنة‪.‬‬
‫(ٔ)‬
‫لاله أبو هرٌرة ومجاهد وعطاء بن ٌسار والزهري ‪ ،‬روى منصور عن مجاهد لال‪:‬‬
‫ً ‪ ،‬وحٌن أُنزلت‬ ‫رن أرب َع رنَّاتٍ‪ :‬حٌن(ٕلُ)عِنَ ‪ ،‬وحٌن أُهبط من الجنَّة‪ ،‬وحٌن بُعث النب ُّ‬ ‫"إن إبلٌس َّ‬
‫ب‪ ،‬وأنزلت بالمدٌنة" ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فاتحة الكتا ِ‬
‫(ٖ)‬
‫ألن العلماء على خبلؾ لوله" ‪.‬‬ ‫لال الحسٌن بن الفضل‪" :‬هذه هفوة من مجاهد‪ّ ،‬‬
‫ش ٌْ َبةَ ثنا أبو‬ ‫عبٌد بن ؼنَّام ثنا أبو بكر بن أبً َ‬ ‫ً فً "األوسط"‪" :‬حدثنا ُ‬ ‫وروى َّ‬
‫الطبران ُّ‬
‫ب‪،‬‬ ‫رن حٌن أُنزلت فاتحةُ الكتا ِ‬ ‫إبلٌس َّ‬
‫َ‬ ‫منصور عن مجاه ٍد عن أبً هرٌرة‪َّ :‬‬
‫أن‬ ‫ٍ‬ ‫ص عن‬ ‫األَحْ َو ِ‬
‫تفرد به أبو بكر بن أبً‬ ‫وأُنزلت بالمدٌنة‪ ،‬ولال‪ :‬لم ٌروه عن منصور إال أبو األحوص‪ّ ،‬‬
‫شٌبة"(ٗ)‪ ،‬ورواه سفٌان وؼٌره عن منصور وولفُوه على مجاهدٍ‪.‬‬
‫واستدلوا على هذا بحدٌث مشهور فً صحٌح مسلم‪" :‬بٌنما جبرٌل لاعد عند النبً ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪-‬‬
‫سمع نمٌضا ً من فوله فرفع رأسه فمال‪ :‬هذا باب من السماء فتح الٌوم لم ٌفتح لط إال الٌوم‪ ،‬فنزل‬
‫منه ملن فمال‪ :‬هذا ملن نزل إلى األرض لم ٌنزل لط إال الٌوم‪ ،‬فسلم ولال‪ :‬أبشر بنورٌن‬
‫أوتٌتهما لم ٌإتهما نبً لبلن‪ ،‬فاتحة الكتاب وخواتٌم سورة البمرة"(٘)‪.‬‬

‫)ٔ(أخرجه البخاري ‪ ،‬كتاب بدء الوحً ‪ ،‬باب ٔ ‪ :‬كٌؾ كان بدء الوحً إلى رسول هللا صلً هللا علٌه وسلم ‪،‬‬
‫حدٌث رلم ٗ ؛ ومسلم كتاب اإلٌمان باب ٖ‪ :2‬بدء الوحً إلى رسول هللا صلً هللا علٌه وسلم ‪ ،‬حدٌث رلم ‪ٗٓٙ‬‬
‫{ ٕ٘٘} ٔ‪. ٔٙ‬‬
‫(ٕ) أخرجه البخاري ‪ ،‬كتاب التفسٌر ‪ ،‬باب ٖ لوله ‪ٌَ ( :‬ا أٌَُّ َها ْال ُم َّد ِثّ ُر) حدٌث رلمٕٗ‪ ٗ5‬؛ ومسلم كتاب اإلٌمان‬
‫باب ٖ‪ :2‬بدء الوحً إلى رسول هللا صلً هللا علٌه وسلم ‪ ،‬حدٌث رلم ‪ٔٙٔ }ٕ٘2 { ٗٓ5‬‬
‫(ٔ) انظر‪ :‬تفسٌر ابن كثٌر‪ ،ٔٓٔ/ٔ :‬ومجمع البٌان‪.ٔ2/ٔ :‬‬
‫(ٕ) انظر‪ :‬الدر المنثور‪ ،‬عبد الرحمن بن أبً بكر‪ ،‬جبلل الدٌن السٌوطً (المتوفى‪5ٔٔ :‬هـ)‪ ،‬ار الفكر ‪-‬‬
‫بٌروت‪.ٔٔ/ٔ:‬‬
‫(ٖ) اإلتمان‪.ٕٔ/ٔ :‬‬
‫(ٗ) المعجم األوسط‪ -ٔٓٓ/٘( :‬رلم‪.)ٗ211:‬‬
‫(٘)أخرجه مسلم فً كتاب‪ :‬صبلة المسافرٌن ولصرها ‪ -‬باب‪ :‬فضل الفاتحة وخواتٌم سورة البمرة والحث على‬
‫لراءة اآلٌتٌن من آخر البمرة (‪( )1ٓٙ‬ج ٔ ‪ /‬ص ٗ٘٘)‪.‬‬
‫فإن لٌل‪ :‬هذا كان فً المدٌنة‪ ،‬فكٌؾ جاء بفاتحة الكتاب وهً نزلت بمكة؟‬
‫ت بها أصبلً‪ ،‬وإنما بشر النبً ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬بذلن‪ ،‬والبشارة ٌمكن أن تكون أٌضا ً‬ ‫ٌمال‪ :‬هو لم ٌؤ ِ‬
‫أمر لد مضى‪ ،‬فبٌن له المزٌة لسورة الفاتحة وآخر آٌتٌن أوتٌهما –ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬من سورة البمرة‪،‬‬ ‫على ٍ‬
‫فالبشارة ٌمكن أن تكون عن شًء كان فً الماضً‪ ،‬وهو كذلن‪ ،‬فبل ٌفهم منه أنه هو الذي نزل‬
‫بها كما لال بعض المعاصرٌن‪ :‬إن بعض المرآن لد ٌنزل به ؼٌر جبرٌل‪ ،‬فاألمر واضح أن‬
‫ٌن} [الشعراء‪ ،]ٔ5ٖ:‬فالمول بؤن هذا‬ ‫الرو ُح ْاأل َ ِم ُ‬ ‫جبرٌل هو الذي نزل به كما لال تعالى‪{:‬نَزَ َل بِ ِه ُّ‬
‫فً الجملة وال ٌإثر على ذلن أن ٌنزل ؼٌره بآٌ ٍة أو نحو هذا‪ ،‬فهذا لول ؼٌر صحٌح‪.‬‬
‫ومعروؾ لطعا ً أن النبً ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬كان ٌصلً بمكة‪ ،‬وكان ٌمرأ الفاتحة‪ ،‬وآٌة الحجر تدل‬
‫على نزولها بمكة‪.‬‬
‫المول الثالث‪ :‬أنها نزلت مرتٌن مرة بمكة ومرة بالمدٌنة‪:‬‬
‫أراد بعض أهل العلم أن ٌوفك وأن ٌجمع فمال‪ :‬نزلت مرتٌن‪ ،‬مرة بمكة ومرة بالمدٌنة‪.‬‬
‫ومرة ً بالمدٌنة جمعًا بٌن هذه‬ ‫ّ‬ ‫مرة ً بم ّكة‬ ‫مرتٌن ّ‬ ‫لال الشوكانً‪":‬ولٌل‪ :‬إنّها نزلت ّ‬
‫الرواٌات"(ٔ)‪.‬‬ ‫ّ‬
‫لال الزركشً(ت‪25ٗ :‬هـ)‪ ":‬ولد ٌنزل الشًء مرتٌن تعظٌما لشؤنه‪ ،‬وتذكٌرا به عند‬
‫حدوث سببه خوؾ نسٌانه‪ ،‬وهذا كما لٌل فً الفاتحة نزلت مرتٌن‪ ،‬مرة بمكة‪ ،‬وأخرى‬
‫بالمدٌنة"(ٕ)‪.‬‬
‫ً (ت‪ :‬قٔٔهـ)‪":‬مكٌة مدنٌة؛ ألنها نزلت‬ ‫بن مح َّم ٍد األ َ ْش ُمونِ ُّ‬ ‫الكرٌم ِ‬
‫ِ‬ ‫بن عبد‬ ‫لال أحم ُد ُ‬
‫(ٖ)‬
‫مرتٌن مرة بمكة حٌن فرضت الصبلة ومرة بالمدٌنة حٌن حولت المبلة‪. ".‬‬
‫المول الرابع‪ :‬أن نصفها األول نزل بمكة ونصفها اآلخر نزل بالمدٌنة‪:‬‬
‫وحكى أبو اللٌّث ال ّ‬
‫(ٗ)‬
‫أن نصفها نزل بم ّكة ونصفها اآلخر نزل بالمدٌنة" ‪.‬‬ ‫ي‪ّ ":‬‬ ‫سمرلند ّ‬
‫(٘) (‪)ٙ‬‬
‫ً عنه " ‪.‬‬ ‫المرطب) ّ‬ ‫لال ابن كثٌر‪":‬وهو ؼرٌبٌ جدًّا‪ ،‬نمله‬
‫والصحٌح أنَّها أُنزلت بم َّكة‪ ،‬وذلن ألمرٌن ‪:‬‬
‫(‪2‬‬

‫س ْبعًا ِمنَ ْال َمثَانًِ‬


‫(الحجْ ر) م ِ ّكٌَّةٌ باإلجماع‪ ،‬ولد أنزل هللا فٌها‪َ { :‬ولَمَ ْد آَت َ ٌْنَانَ َ‬ ‫فإن سورة ِ‬ ‫أحدهما‪َّ :‬‬
‫أن نزول َها متمد ٌم على نزول‬ ‫ً ‪ ‬بالفاتحة‪ ،‬فعُلم َّ‬ ‫سرها النب ُّ‬ ‫ٌم} ]الحجر‪ ،]12:‬ولد ف َّ‬ ‫َو ْالمُ ْرآَنَ ْال َع ِظ َ‬
‫(الحجْ ر)‪.‬‬
‫ِ‬
‫ً ‪ ‬وأصحا َبه صلَّوا صبلة ً بؽٌر‬ ‫َّ‬ ‫النب‬ ‫أن‬ ‫َّ‬ ‫ُنمل‬ ‫ٌ‬ ‫ولم‬ ‫ة‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ك‬ ‫بم‬ ‫رضت‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ة‬‫بل‬‫ص‬‫َّ‬ ‫ال‬ ‫َّ‬
‫فإن‬ ‫ا‬ ‫ض‬
‫ً‬ ‫وأٌ‬ ‫والثانً‪:‬‬
‫أن نزول َها كان بم َّكةَ‪.‬‬ ‫فاتحة الكتاب أصبلً‪ ،‬فد َّل على َّ‬
‫صحٌحة‬ ‫الرواٌة بؤنَّها َّأول سورة أُنزلت من المرآن فاألحادٌث ال َّ‬ ‫لال ابن رجب‪":‬وأ َّما ِ ّ‬
‫تردُّه"(‪.)1‬‬

‫(ٔ) فتح المدٌر‪.2ٗ-2ٖ/ٔ :‬‬


‫(ٕ)البرهان فً علوم المرآن‪.ٕ2/ٔ:‬‬
‫(ٖ) منار الهدى‪.ٕ2 :‬‬
‫(ٗ) بحر العلوم‪ ،ٖ5/ٔ :‬وتفسٌر ابن كثٌر‪ ،ٔٓٔ/ٔ :‬وتفسٌر المرطبً‪.ٔٔ٘/ٔ :‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬تفسٌر المرطبً‪.ٔٔ٘/ٔ :‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر ابن كثٌر‪.ٔٓٔ/ٔ :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬أسباب النول للواحدي‪.ٕٔ :‬‬
‫(‪ )1‬تفسٌر سورة الفاتحة البن رجب‪.ٔ1 :‬‬
‫س ْبعًا ِمنَ‬ ‫ت كما د َّل علٌه لولُه تعالى‪َ :‬‬
‫{ولَمَ ْد آَت َ ٌْنَانَ َ‬ ‫وأما عدد آٌاتها‪" ،‬فهً سب ُع آٌا ٍ‬
‫َّ‬
‫ؼٌر واح ٍد االتفاق على أنها سب ٌع‪ ،‬منهم‬ ‫ً ‪ ‬بالفاتحة‪ ،‬ونمل ُ‬ ‫سرها النب ُّ‬ ‫ْال َمثَانًِ}الحجر‪ ،]12:‬وف َّ‬
‫وؼٌره"(ٕ)‪.‬‬ ‫ُ‬
‫(ٔ)‬
‫ُ‬
‫ابن جرٌر‬
‫(ٖ)‬
‫واختلؾ أهل العلم فً اآلي التً صارت بها سبع آٌات‪ ،‬وفٌه لوالن ‪:‬‬
‫الر ِح ٌِم }‪ ،‬وها لول عظم أهل الكوفة‪.‬‬ ‫الرحْ َم ِن َّ‬ ‫َّللا َّ‬ ‫أحدهما‪ :‬أنها صارت سبع آٌات بـ{ بِس ِْم َّ ِ‬
‫(ٗ)‬
‫لال الطبري‪":‬ولد ُروي ذلن عن جماعة من أصحاب رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص والتابعٌن" ‪.‬‬
‫َ‬
‫عل ٌْ ِه ْم}‪.‬‬‫الر ِح ٌِم } ولكن السابعة { أ َ ْنعَ ْمتَ َ‬ ‫الرحْ َم ِن َّ‬ ‫َّللاِ َّ‬ ‫والثانً‪:‬أنها سبع آٌات ‪ ،‬ولٌس منهن { بِس ِْم َّ‬
‫ظم لَ َرأةِ أهل المدٌنة و ُمتْمنٌهم‪.‬‬ ‫ع ْ‬
‫وذلن لول ُ‬
‫ّ (٘)‬
‫وفً عددها لوالن شاذان ‪:‬‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫ًِ ‪.‬‬ ‫ست آٌاتٍ‪ُ ،‬حكً عن حسٌن ال ُج ْع ِف ّ‬ ‫أحدُهما‪ :‬أنَّها ُّ‬
‫(‪)2‬‬ ‫ٌ‬
‫وأن‪ِ { :‬إٌَّانَ نَ ْعبُ ُد} آٌة‪ .‬لاله عمرو بن عبٌد ‪.‬‬ ‫ثمان آٌاتٍ‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫والثانً‪ :‬أنَّها‬
‫(‪)1‬‬ ‫ُ‬
‫ثمان آٌاتٍ‪ ،‬وال ٌعبؤ به" ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫لال ابن رجب‪ ":‬نُمل عن عمرو بن عبٌد أنَّها‬
‫لال أبو حٌان‪ ":‬وشذ عمرو بن عبٌد ‪ ،‬فجعل آٌة { ِإٌَّانَ نَ ْعبُدُ} ‪ ،‬فهً على عده ثمان‬
‫آٌات"(‪.)5‬‬
‫سبْعا ً مِنَ ْال َمثانًِ} [الحجر‪ ]12 :‬هو‬ ‫{ولَمَ ْد آتٌَْنانَ َ‬ ‫عطٌة‪ ":‬ولول هللا تعالى‪َ :‬‬ ‫لال ابن‬
‫(ٓٔ)‬
‫الفصل فً ذلن" ‪.‬‬
‫ً(ٔٔ)‬
‫خمس وعشرون كلمة ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫وأ َّما كلماتُها‪ :‬فهً‬
‫(ٕٔ)‬
‫وأ َّما حروفُها‪ :‬فمابة وثبلثة عشر حرفًا ‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫وخصابص عدٌدةٌ‪ ،‬لال ابن رجب‪":‬ولم ٌثبت فً‬ ‫ٌ‬ ‫سورة العظٌمة لها فضاب ٌل‬ ‫وإن هذه ال ُّ‬
‫(ٖٔ)‬
‫سور أكثر مما ثبت فً فض ِلها‪ ،‬وفض ِل سورة (اإلخبلص)" ‪.‬‬ ‫فضاب ِل شًءٍ من ال ُّ‬
‫(ٗٔ)‬
‫ثم سرد مجموعة من فضاب ِلها ‪.‬‬
‫ٌم)‬
‫الر ِج ِ‬
‫ان ه‬ ‫ش ٌْ َط ِ‬
‫لل ِمنَ ال ه‬ ‫(أَعُوذُ ِبا ِ‬
‫شرع هللا تعالى لكل لارئ للمرآن العظٌم‪ ،‬أن ٌستعٌذ باهلل من الشٌطان الرجٌم‪ ،‬لال سبحانه‪{ :‬فَإ ِ َذا‬
‫الر ِج ٌِم} [النحل ‪]51 :‬؛ ذلن ألن المرآن الكرٌم هداٌة‬ ‫ان َّ‬ ‫ط ِ‬‫ش ٌْ َ‬ ‫لَ َرأْتَ ْالمُ ْرآنَ فَا ْست َ ِع ْذ ِب َّ ِ‬
‫اّلل ِمنَ ال َّ‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري‪.ٔٔٓ-ٔٓ5/ٔ :‬تفسٌر الطبري‪.ٗ1/ٔ :‬‬


‫(ٕ) تفسٌر سورة الفاتحة البن رجب‪.ٔ5 :‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري‪.ٔٓ5/ٔ :‬‬
‫(ٗ) تفسٌر الطبري‪.ٔٓ5/ٔ :‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬المحرر الوجٌز‪ ،ٕٙ-ٙٔ/ٔ :‬والبحر المحٌط‪ ،ٔ2/ٔ :‬وتفسٌر سورة الفاتحة البن رجب‪.ٕٓ-ٔ5:‬‬
‫(‪ )ٙ‬انظر‪ :‬المحرر الوجٌز‪ ،ٕٙ-ٙٔ/ٔ :‬والبحر المحٌط‪ ،ٔ2/ٔ :‬وتفسٌر سورة الفاتحة البن رجب‪.ٕٓ-ٔ5:‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬المحرر الوجٌز‪ ،ٕٙ-ٙٔ/ٔ :‬والبحر المحٌط‪ ،ٔ2/ٔ :‬وتفسٌر سورة الفاتحة البن رجب‪.ٕٓ-ٔ5:‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تفسٌر سورة الفاتحة البن رجب‪.ٕٓ-ٔ5:‬‬
‫(‪ )5‬البحر المحٌط‪.ٔ2/ٔ :‬‬
‫(ٓٔ) المحرر الوجٌز‪.ٕٙ-ٙٔ/ٔ :‬‬
‫(ٔٔ) انظر‪ :‬تفسٌر سورة الفاتحة البن رجب‪.ٕٓ-ٔ5:‬‬
‫(ٕٔ) انظر‪ :‬تفسٌر سورة الفاتحة البن رجب‪.ٕٓ-ٔ5:‬‬
‫(ٖٔ) تفسٌر سورة الفاتحة‪.ٖ٘:‬‬
‫(ٗٔ) انظر‪ :‬تفسٌر سورة الفاتحة البن رجب‪ ٖ٘ :‬وما بعدها‪.‬‬
‫للناس وشفاء لما فً الصدور‪ ،‬والشٌطان سبب الشرور والضبلالت‪ ،‬فؤمر هللا سبحانه كل لارئ‬
‫للمرآن أن ٌتحصن به سبحانه من الشٌطان الرجٌم‪ ،‬ووساوسه‪ ،‬وحزبه‪.‬‬
‫وأجمع العلماء على أن االستعاذة لٌست من المرآن الكرٌم‪ ،‬ولهذا لم تكتب فً‬
‫المصاحؾ(ٔ)‪.‬‬
‫أستجٌر باهلل ‪ -‬دون ؼٌره من سابر خلمه"(ٕ)‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫عوذُ بِاهللِ) ‪ ،‬أي‪":‬‬ ‫لوله‪(:‬أ َ ُ‬
‫(ٖ)‬
‫لال ابن كثٌر‪ ":‬أي‪ :‬أستجٌر بجناب هللا" ‪.‬‬
‫ٌضرنً فً دٌنً‪ ،‬أو ٌصدَّنً عن حك‬ ‫َّ‬ ‫ان)‪ ،‬أي‪":‬من الشٌطان أن‬ ‫ط ِ‬‫ش ٌْ َ‬
‫لوله‪ِ (:‬منَ ال َّ‬
‫لربً"(ٗ)‪.‬‬ ‫ٌلزَ ُمنً َ‬
‫لال ابن كثٌر‪:‬أي‪":‬من الشٌطان أن ٌضرنً فً دٌنً أو دنٌاي ‪ ،‬أو ٌصدنً عن فعل ما‬
‫أمرت به ‪ ،‬أو ٌحثنً على فعل ما نهٌت عنه ؛ فإن الشٌطان ال ٌكفُّه عن اإلنسان إال هللا ؛ ولهذا‬
‫أمر هللا تعالى بمصانعة شٌطان اإلنس ومداراته بإسداء الجمٌل إلٌه ‪ ،‬لٌرده طبعه ع َّما هو فٌه‬
‫من األذى ‪ ،‬وأمر باالستعاذة به من شٌطان الجن ألنه ال ٌمبل رشوة وال ٌإثر فٌه جمٌل ؛ ألنه‬
‫شرٌر بالطبع وال ٌكفه عنن إال الذي خلمه ‪ ،‬وهذا المعنى فً ثبلث آٌات من المرآن ال أعلم لهن‬
‫ع ِن ْال َجا ِه ِلٌن } [األعراؾ ‪:‬‬ ‫ض َ‬ ‫ؾ َوأَع ِْر ْ‬ ‫رابعة ‪ ،‬لوله فً األعراؾ‪ُ {:‬خ ِذ ْال َع ْف َو َوأْ ُم ْر بِ ْالعُ ْر ِ‬
‫ان نزغٌ‬ ‫ش ٌْ َ‬
‫ط ِ‬ ‫ؼنَّنَ مِنَ ال َّ‬ ‫‪ ، ]ٔ55‬فهذا فٌما ٌتعلك بمعاملة األعداء من البشر ‪ ،‬ثم لال ‪َ { :‬و ِإ َّما ٌَنز َ‬
‫ع ِلٌ ٌم } [األعراؾ ‪ ، ]ٕٓٓ :‬ولال تعالى فً سورة " لد أفلح المإمنون " ‪:‬‬ ‫س ِمٌ ٌع َ‬ ‫فَا ْست َ ِع ْذ ِب َّ ِ‬
‫اّلل إِنَّهُ َ‬
‫عوذُ ِبنَ ِم ْن َه َمزَ ا ِ‬
‫ت‬ ‫صفُونَ (‪َ )5ٙ‬ولُ ْل َربّ ِ أ َ ُ‬ ‫س ٌِّبَةَ نَحْ ُن أ َ ْعلَ ُم ِب َما ٌَ ِ‬ ‫س ُن ال َّ‬ ‫ًِ أَحْ َ‬ ‫{ا ْدفَ ْع ِبالَّتًِ ه َ‬
‫ون (‪[ })51‬المإمنون ‪ ،]51 - 5ٙ :‬ولال تعالى فً‬ ‫ض ُر ِ‬ ‫عوذُ ِبنَ َربّ ِ أ َ ْن ٌَحْ ُ‬ ‫ٌن (‪َ )52‬وأ َ ُ‬ ‫اط ِ‬ ‫ش ٌَ ِ‬ ‫ال َّ‬
‫َّ‬
‫س ُن فَإِذَا الذِي َب ٌْنَنَ‬ ‫َ‬
‫ًِ أحْ َ‬ ‫َّ‬
‫سٌِّبَةُ ا ْدفَ ْع ِبالتًِ ه َ‬ ‫سنَةُ َو َال ال َّ‬ ‫ْ‬
‫{و َال ت َ ْست َ ِوي ال َح َ‬ ‫سورة " حم السجدة " ‪َ :‬‬
‫ع ِظ ٌٍم (ٖ٘)‬ ‫ظ َ‬ ‫ص َب ُروا َو َما ٌُلَمَّاهَا إِ َّال ذُو َح ٍ ّ‬
‫ً َح ِمٌ ٌم (ٖٗ) َو َما ٌُلَمَّاهَا ِإ َّال الَّذٌِنَ َ‬ ‫ع َد َاوة ٌ َكؤَنَّهُ َو ِل ٌّ‬‫َوبَ ٌْنَهُ َ‬
‫س ِمٌ ُع ال َع ِلٌ ُم (‪[ })ٖٙ‬فصلت ‪]ٖٙ - ٖٗ :‬‬ ‫ْ‬ ‫غ فَا ْست َ ِع ْذ ِب َّ‬
‫اّللِ ِإنَّهُ ُه َو ال َّ‬ ‫ان ن َْز ٌ‬‫ط ِ‬ ‫ش ٌْ َ‬ ‫ؼنَّنَ ِمنَ ال َّ‬ ‫َو ِإ َّما ٌَ ْنزَ َ‬
‫(٘)‬
‫[فصلت ‪. "]ٖٙ - ٖٗ :‬‬
‫وفً المراد بـ(الشٌطان) لوالن‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن المراد به‪ :‬الشٌطان المخصوص وهو إبلٌس الذي كانت لصته مع أبٌنا آدم‪-‬علٌه‬
‫السبلم‪.-‬‬
‫والثانً‪ :‬أن المراد به كل شٌطان‪ ،‬أي‪ :‬كل ما ٌصدق علٌه هذا االسم أو الوصؾ‪.‬‬
‫والمول الثانً أصح ‪ ،‬ألنه ٌدخل فٌه األول وٌدخل فٌه سابر الشٌاطٌن ‪ ،‬ومن المعلوم أن سابر‬
‫الشٌاطٌن ٌصدون اإلنسان عن طاعة هللا ‪.‬‬
‫ولد اختُلؾ فً معنى(الشٌطان) من ناحٌة اللؽة‪ ،‬بناء على االختبلؾ فً اشتماله وأصالة‬
‫النون فً بنابه‪ ،‬وفٌه وجهان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن (الشٌطان) نونه أصلٌة على وزن "فٌعال" مشتك من (شطن)‪ ،‬بمعنى‪ :‬بَعُد عن‬
‫الحك‪ ، ،‬فسمً الشٌطان شٌطانا‪ ،‬لتباعده من الخٌر‪ ،‬فهو من‪ :‬شطنه ٌشطنه شطنًا‪ :‬إذا خالفه عن‬ ‫ِّ‬

‫(ٔ)انظر‪ :‬التفسٌر المٌسر‪. ٔ٘:‬‬


‫(ٕ) تفسٌر الطبري‪.ٔٔٔ/ٔ:‬‬
‫(ٖ) تفسٌر ابن كثٌر‪.ٔٔٗ/ٔ :‬‬
‫(ٗ) تفسٌر الطبري‪.ٔٔٔ/ٔ:‬‬
‫(٘) تفسٌر ابن كثٌر‪.ٔٔٗ/ٔ :‬‬
‫َطت الدار‪ :‬بَعُ َدت‪ ،‬والشاطن‪ :‬الخبٌث‪ ،‬وتشٌطن الرجل‪ :‬إذا صار كالشٌطان‬ ‫وجهته ونٌَّته‪ ،‬وش َّ‬
‫(ٔ)‬
‫وفعل فعله‪ ،‬ومنه الشٌطنة‪ :‬التً هً مرتبة كلٌة عا َّمة لمظاهر االسم المضل ‪ ،‬لال أمٌة بن أبً‬
‫الصلت ٌصؾ سلٌمان بن داود ‪-‬علٌهما السبلم‪:)ٕ(-‬‬
‫ثم ٌلمى فً السجن واألؼبلل‬ ‫أٌما شاطن عصاه عكاه‬

‫فمال‪ :‬أٌما شاطن‪ ،‬ولم ٌمل‪ :‬أٌما شابط ‪.‬‬


‫ولال نابؽة بنً شٌبان (ٖ)‪:‬‬
‫شطون ال تعاد وال تعود‬ ‫فؤضحت بعدما وصلت بدار‬
‫والثانً‪:‬أن (الشٌطان) مؤخوذ من الفعل (شاط)‪ ،‬وعلى هذا االشتماق ٌكون على وزن فعبلن‪،‬‬
‫والنون فٌه زابدة‪ ،‬بمعنى‪ :‬احترق من الؽضب‪ ،‬فهو من‪ :‬شاط ٌشٌط‪ ،‬وتشٌط‪ :‬إذا لف َحته النار‬
‫فاحترق أو هلن‪ ،‬مثل هٌمان وؼٌمان‪ِ ،‬من هام وؼام(ٗ)‪ ،‬فسمً الشٌطان سمً شٌطانا‪ ،‬لؽٌه‬
‫وهبلكه(٘)‪ ،‬لال األعشى(‪:)ٙ‬‬
‫احنَا ْالبَ َ‬
‫ط ُل‬ ‫علَى أ َ ْر َم ِ‬
‫ط َ‬ ‫َولَ ْد ٌَ ِشٌ ُ‬ ‫َطعَ ُن ْالعٌَ َْر فًِ َم ْكنُ ِ‬
‫ون فَابِ ِل ِه‬ ‫َون ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫أراد‪ :‬ولد ٌهلن على أرماحنا ‪.‬‬
‫وذكر ابن األثٌر أن نون (الشٌطان) إذا جعلت أصلٌة كان من الشطن وهو‪ :‬البعد عن‬
‫الخٌر‪ ،‬أو الحبل الطوٌل‪ ،‬كؤنه طال فً الشر‪ ،‬وإن جعلت زابدة كان من شاط ٌشٌط‪ :‬إذا هلن‪ ،‬أو‬
‫من استشاط ؼضباً‪ ،‬إذا احتد فً ؼضبه والتهب‪ ،‬لال‪ :‬واألول أصح (‪ ، )1‬وذكر ابن كثٌر أن من‬
‫العلماء من صحح المعنٌٌن مع لولهم بؤن األول أصح (‪.)5‬‬
‫والشطن‪ :‬البعد‪ ،‬ومنه شطنت داره‪ ،‬أي بعدت‪ ،‬وٌمال‪ :‬نوى شطون أي بعٌدة‪ ،‬وببر‬
‫شطون‪ :‬أي بعٌدة المعر‪ ،‬وٌمال للحبل شطن سمً بذلن لطوله‪ ،‬وجمعه أشطان‪ ،‬و فً الحدٌث‪« :‬‬
‫ار »(ٓٔ)(ٔٔ)‪.‬‬ ‫َاط ٌن فًِ النَّ ِ‬
‫ىش ِ‬ ‫ُك ُّل هَو ً‬
‫(ٕٔ)‬
‫‪.‬‬ ‫لال ابن لتٌبة‪" :‬الشاطن البعٌد عن الحك"‬

‫(ٔ)انظر‪ :‬لاموس العٌن ‪ -‬الفراهٌدي ج (‪ ،)ٙ‬ص (‪ ،)ٕٖٙ‬وأساس الببلؼة‪ ،‬ص (‪ ،)ٖٕ5‬الماموس المحٌط ج‬
‫(ٔ)‪ ،‬ص (ٓ‪ ،)12‬والمصباح المنٌر ج (ٔ)‪ ،‬ص (ٖٖٔ)‪ ،‬والمعجم الوسٌط ج (ٔ)‪ ،‬ص (ٖ‪ ،)ٗ1‬وتهذٌب اللؽة‬
‫ج (ٔٔ)‪ ،‬ص (ٖٕٔ)‪ ،‬وجمهرة اللؽة ج (ٕ)‪ ،‬ص (‪ ،)1ٙ2‬ومختار الصحاح‪ ،‬ص (ٕٗٔ)‪.‬‬
‫(ٕ)دبوانه ص٘ٗٗ وانظر‪« :‬لسان العرب» مادة «شطن»‪ .‬ومعنى عكاه‪ :‬شده‪ ،‬وأوثمه‪ ،‬واألكبال‪ :‬المٌود‪.‬‬
‫(ٖ)دٌوانه ٖٗ ‪.‬‬
‫(ٗ)انظر‪ :‬مماٌٌس اللؽة ٖ‪ ،)ٔ1٘ - ٔ1ٗ/‬ولسان العرب‪ ،)ٔٓ٘/ٔ2‬والمفردات ‪ -‬الراؼب األصفهانً‪.ٕٙٔ:‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬الزاهر فً معانً كلمات الناس‪ ،‬أبو بكر األنباري‪.٘ٙ/ٔ:‬‬
‫(‪ )ٙ‬دٌوانه‪ ،ٗ2:‬وانظر‪ :‬المنجد فً اللؽة‪ ،ٕٖٔ:‬والفابل‪ :‬عرق فً الفخذٌن ٌكون فً خربة الورن ٌنحدر فً‬
‫الرجلٌن‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬الزاهر فً معانً كلمات الناس‪ ،‬أبو بكر األنباري‪.٘ٙ/ٔ:‬‬
‫(‪ )1‬النهاٌة فً ؼرٌب الحدٌث واألثر‪.ٔٔٙٓ/ٕ :‬‬
‫(‪ )5‬تفسٌر ابن كثٌر‪.ٔ٘/ٔ :‬‬
‫(ٓٔ) ؼرٌب الحدٌث البن لتٌبة‪ ،2٘5/ٖ:‬والفابك فً ؼرٌب الحدٌث‪ ،ٕٗٙ/ٕ:‬والنهاٌة فً ؼرٌب‬
‫الحدٌث‪ٗ2٘/ٕ:‬‬
‫(ٔٔ) لسان العرب‪.ٕٖ2/ٖٔ :‬‬
‫(ٕٔ) ؼرٌب الحدٌث‪.2٘5/ٖ :‬‬
‫عن أَمر ربه‪ .‬والشطون‪ْ :‬البعٌد‬ ‫طانا ِألَنَّهُ شطن َ‬ ‫ش ٌْ َ‬
‫لال دمحم بن إسحاق‪ " :‬إِنَّ َما سمً َ‬
‫النازح "(ٔ)‪.‬‬
‫ولال أبو عبٌد‪":‬الشٌطان كل عات متمرد من إنس‪ ،‬أو جن"(ٕ)‪ ،‬أو دابة‪ ،‬لال جرٌر(ٖ)‪:‬‬
‫و ُه َّن ٌَ ْه َو ٌْنَنً إ ْذ كنتُ َ‬
‫شٌْطانا‬ ‫شٌْطانَ من ؼَزَ ٍل‬ ‫عوننً ال َ‬ ‫أٌام ٌد ُ‬‫َ‬
‫ْ‬
‫نس َوال ِج ِّن ٌ ِ‬
‫ُوحً‬ ‫اإل ِ‬ ‫اطٌنَ ِ‬‫شٌَ ِ‬ ‫عد ًُّوا َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫{و َك َذلِنَ َجعَلنَا ِلك ِّل نِبٌِا َ‬ ‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫تعالى‬ ‫لوله‬ ‫ذلن‬ ‫على‬ ‫وٌدل‬
‫ورا َولَ ْو شَاء َربُّنَ َما فَعَلُوهُ فَ َذ ْر ُه ْم َو َما ٌَ ْفت َُرونَ } [ األنعام‪:‬‬ ‫ؼ ُر ً‬ ‫ؾ ْالمَ ْو ِل ُ‬ ‫ض ُز ْخ ُر َ‬ ‫ض ُه ْم إِلَى بَ ْع ٍ‬
‫بَ ْع ُ‬
‫َحْن ُم ْست َ ْه ِزإُونَ }[البمرة‪،]ٔٗ :‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫اطٌنِ ِه ْم لَالوا إِنَّا َمعَك ْم إِنَّ َما ن ُ‬
‫شٌَ ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ٕٔٔ]‪ ،‬وكذا لوله ‪َ {:‬وإِ َذا َخل ْوا إِلى َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اطٌنَ لٌُو ُحونَ إِلى أ ْو ِلٌَآبِ ِه ْم}[ األنعام‪:‬‬‫َ‬ ‫شٌَ ِ‬‫(وإِ َّن ال َّ‬‫أي أصحابهم من الجن واإلنس‪ ،‬و لوله تعالى ‪َ :‬‬
‫سل ٌْ َمانَ }[ البمرة‪ ،]ٕٔٓ :‬لٌل مردة الجن‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫علَى ُمل ِن ُ‬ ‫اط ُ‬
‫ٌن َ‬ ‫شٌَ ِ‬ ‫{واتَّبَعُواْ َما تَتْلُواْ ال َّ‬
‫ٕٔٔ]‪ ،‬ولوله ‪َ :‬‬
‫(ٗ)(٘)‬
‫‪.‬‬ ‫ولٌل مردة اإلنس‬
‫واشتماله من (شطن) هو المول الراجح‪ ،‬وذلن ألنَّها ألرب إلى وصؾ أعمال الشٌطان‬
‫"ألن اشتماق الشٌطان من شطن‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫التً ت َهدؾ إلى إبعاد الناس عن ع َمل الخٌر وا ِت ّباع الحك‪،‬‬
‫الحك ‪ -‬ألرب إلى الحمٌمة من اشتماله من شاط‪ ،‬بمعنى‪ :‬احترق‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫بمعنى‪ :‬بَعُد عن الخٌر ومال عن‬
‫الحك والخٌر ٌكون هو‬ ‫ِّ‬ ‫الحك‪ ،‬والذي ٌبعد الناس عن‬ ‫ِّ‬ ‫أن عمل الشٌطان هو إبعاد الناس عن‬ ‫ذلن َّ‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫بعٌدًا عنه" ‪.‬‬
‫والجن لؽة‪ :‬اسم جنس جمعً‪ ،‬واحده جنً‪ ،‬وهو مؤخوذ من االجتنان‪ ،‬وهو التستر‬
‫واالستخفاء‪ .‬ولد سموا بذلن الجتنانهم من الناس فبل ٌرون(‪ ،)2‬والجمع جنان‪ ،‬وهم الجنة(‪.)1‬‬
‫وكل شًء ولٌت به نفسن‪ ،‬واستترت به فهو جنة‪ ،‬ومنه لول النبً ‪ ‬فٌما أخرجه‬
‫البخاري فً كتاب الصوم‪" :‬والصٌام جنة" أي ولاٌة‪ ،‬حٌث ٌمً صاحبه من المعاصً‪.‬‬
‫ون‬
‫ط ِ‬ ‫وسمً الجنٌن جنٌنًا الستتاره فً بطن أمه‪ ،‬ومنه لوله تعالى‪َ {:‬وإِ ْذ أ َ ْنت ُ ْم أ َ ِجنَّةٌ فًِ بُ ُ‬
‫أ ُ َّم َهاتِ ُك ْم}[ النجم‪.)5( ]ٖٕ :‬‬
‫ضا(ٓٔ)‪.‬‬‫وسمٌت الجنة – بفتح الجٌم – بذلن لكثرة شجرها‪ ،‬بحٌث ٌستر بعضها بع ً‬

‫(ٔ) ؼرٌب الحدٌث البن لتٌبة‪.2٘5/ٖ:‬‬


‫(ٕ) انظر‪ :‬بحر العلوم‪ ،‬السرممندي‪.ٕ22/ٔ :‬‬
‫(ٖ) دٌوانه‪.ٔٙ٘:‬‬
‫(ٗ) مفردات ؼرٌب المرآن‪ ،‬الراؼب األصفهانً‪.ٕٙٔ :‬‬
‫(٘) عالم الجن فً ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬عبدالكرٌم عبٌدات‪.ٕٗٙ :‬‬
‫(‪)ٙ‬التطور الداللً بٌن لؽة الشعر الجاهلً ولؽة المرآن ‪ -‬د‪ .‬عودة خلٌل أبو عودة ‪ -‬مكتبة المنار ‪ -‬األردن‪ ،‬ص‬
‫(‪.)ٗ21‬‬
‫)‪ (2‬أي ال ٌرون على طبٌعتهم وصورتهم الحمٌمة كما سٌؤتً فً تعرٌفهم‪ ،‬وبذلن ٌعلم عدم التعارض بٌن هذا‬
‫المول‪ ،‬وما ورد أنهم ٌتشكلون فً صور البشر‪ ،‬والحٌات والكبلب وؼٌر ذلن وبذلن ٌفهم لول الشافعً‪ :‬من‬
‫زعم أنه ٌرى الجن أبطلنا شهادته‪ :‬أخرجه أبو نعٌم فً الحلٌة‪ )ٔٗٔ/5( :‬فإنه ٌرٌد على طبٌعتهم وصورتهم‬
‫الحمٌمٌة‪.‬‬
‫)‪ (1‬انظر الماموس المحٌط‪ :‬صٕٖ٘ٔ‪ ،‬مادة (جنن)‪ ،‬و لسان العرب‪.)5٘/ٖٔ( :‬‬
‫)‪ (5‬انظر المفردات‪ :‬ص‪.51‬‬
‫)ٓٔ( انظر تهذٌب اللؽة‪ :‬لؤلزهري (ٓٔ‪.)ٗ55/‬‬
‫وأما الجن اصطبل ًحا فهم‪ :‬نوع من األرواح العاللة المرٌدة المكلفة على نحو ما علٌه اإلنسان‪،‬‬
‫مجردون عن المادة‪ ،‬مستترون عن الحواس‪ ،‬ال ٌرون على طبٌعتهم وصورتهم الحمٌمٌة‪ٌ ،‬ؤكلون‬
‫وٌشربون وٌتناكحون‪ ،‬ولهم ذرٌة‪ ،‬محاسبون على أعمالهم فً اآلخرة(ٔ)‪.‬‬
‫فإن لال لابل‪ :‬وما الفرق بٌن الجن والشٌاطٌن؟‬
‫ٌن‬‫اط ُ‬ ‫شٌَ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫فالجواب‪ :‬أن الشٌاطٌن هم مردة الجن‪ ،‬ومنه لوله تعالى‪َ {:‬واتبَعُوا َما تَت لو ال َّ‬
‫ُ‬
‫سِحْ َر َو َما أ ْن ِز َل‬ ‫اطٌنَ َكفَ ُروا ٌُعَ ِلّ ُمونَ النَّ َ‬
‫اس ال ّ‬ ‫ش ٌَ ِ‬ ‫سلَ ٌْ َما ُن َو لَ ِك َّن ال َّ‬ ‫علَى ُم ْل ِن ُ‬
‫سلَ ٌْ َمانَ َو َما َكفَ َر ُ‬ ‫َ‬
‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ان ِم ْن أ َح ٍد َحتَّى ٌَموال إِنَّ َما نَحْ ُن فِتنَة فَبل‬ ‫ّ‬
‫اروتَ َو َما ٌُعَلِ َم ِ‬ ‫َاروتَ َو َم ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫على ال َم ل َكٌ ِْن بِبَابِ َل ه ُ‬ ‫َ‬
‫تَكفُ ْر‪ [}...‬البمرة‪]ٕٔٓ :‬اآلٌة‪.‬‬ ‫ْ‬
‫وواحد الشٌاطٌن‪ :‬شٌطان‪ ،‬مؤخوذ من شطن بمعنى بعد وال ٌمتصر هذا اللفظ على مردة‬
‫اطٌنَ‬
‫ش ٌَ ِ‬ ‫الجن فمط‪ ،‬بل ٌطلك كذلن على كل عارم ومإذ من الجن واإلنس‪ ،‬لال هللا تعالى‪َ {:‬‬
‫شٌَا ِطٌنِ ِه ْم لَالُوا إِنَّا َمعَ ُك ْم} أي‬
‫(ٖ)‬
‫اإل ْن ِس َو ْال ِج ِّن}(ٕ)‪ ،‬ولال سبحانه عن المنافمٌن‪َ {:‬و إِذَا َخلَ ْوا إِلَى َ‬ ‫ِ‬
‫إلى أصحابهم من الجن واإلنس(ٗ)‪.‬‬
‫وإذا كان الجن ممن ٌساكن الناس‪ ،‬لالوا‪ :‬عامر‪ ،‬جمع عمار‪ ،‬وإذا كان مما ٌعرض‬
‫للصبٌان‪ ،‬لالوا‪ :‬أرواح‪ ،‬والخبٌث من الجن هو الشٌطان‪ ،‬واألشد خبثا ً مارد‪ .‬ومن اشتد أمره من‬
‫(٘)‬
‫المردة‪ :‬عفرٌت‪ ،‬وجمعه عفارٌت‬
‫والجن ثبلثة أصناؾ كما لال رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪" : -‬صنؾ ٌطٌر فً الهواء‪ ،‬وصنؾ‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫حٌات وكبلب‪ ،‬وصنؾ ٌحلون وٌظعنون"‬
‫وردت آٌات لرآنٌة كثٌرة فً الجن‪ ،‬وسمٌت السورة الثانٌة والسبعون من كتاب هللا‬
‫تعالى باسمهم‪( :‬سورة الجن)‪.‬‬
‫ولد دل الكتاب العزٌز والسنة المطهرة على وجود الجن ودل علٌه كذلن اإلجماع‪،‬‬
‫وعلٌه فإنه ال ٌجوز ألي أحد من الناس إنكارهم‪ ،‬ولذا لال جمع من أهل العلم‪ :‬إنه ٌكفر من‬
‫أنكرهم‪ ،‬ففً كتاب "الفصل فً الملل واألهواء والنحل"(‪ )2‬البن حزم لوله‪" :‬وأجمع المسلمون‬
‫كلهم على ذلن – أي على وجود الجن وأنهم خلك من خلك هللا – نعم والنصارى والمجوس‬
‫والصاببون وأكثر الٌهود حاشا السامرة فمط‪ ،‬فمن أنكر الجن أو تؤول فٌهم تؤوٌبلً ٌخرجهم به عن‬
‫هذا الظاهر‪ ،‬فهو كافر مشرن حبلل الدم والمال"‪.‬‬
‫ولال شٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة‪" :‬لم ٌخالؾ أحد من طوابؾ المسلمٌن فً وجود الجن‪ ،‬وال‬
‫فً أن هللا أرسل محمدًا ‪ ‬إلٌهم‪ ،‬وجمهور طوابؾ الكفار على إثبات الجن‪ ،‬أما أهل الكتاب من‬
‫الٌهود والنصارى فهم ممرون بهم كإلرار المسلمٌن‪ ،‬وإن وجد فٌهم من ٌنكر ذلن كما ٌوجد فً‬
‫طوابؾ المسلمٌن كالجمهٌة والمعتزلة من ٌنكر ذلن‪ ،‬وإن كان جمهور الطابفة وأبمتها ممرٌن‬

‫)ٔ( انظر الفصل فً الملل واألهواء والنحل‪ :‬البن حزم (٘‪ ،)ٕٔ/‬و فتح الباري‪ ،)ٖٗٗ/ٙ( :‬و فٌض المدٌر‪:‬‬
‫(ٔ‪)ٖٔٔ/‬‬
‫)ٕ( سورة األنعام‪.ٕٔٔ :‬‬
‫)ٖ( سورة البمرة‪.ٔٗ :‬‬
‫)ٗ( المفردات للراؼب األصفهانً‪ ،‬وانظر فتح الباري‪.)ٖٗٗ/ٙ( :‬‬
‫(٘) آكام المرجان ص ‪.1‬‬
‫(‪)ٙ‬أخرجه الطبرانً والحاكم والبٌهمً ‪ ،‬وإسناده صحٌح ‪ .‬صحٌح الجامع ٖ‪.1٘ /‬‬
‫)‪.)ٕٔ/٘( (2‬‬
‫تواترا معلو ًما باالضطرار‪ ،‬ومعلوم‬ ‫ً‬ ‫بذلن‪ ،‬وهذا ألن وجود الجن تواترت به أخبار األنبٌاء‬
‫ضا‬ ‫باالضطرار أنهم أحٌاء عمبلء فاعلون باإلرادة‪ ،‬بل مؤمورون منهٌون‪ ،‬لٌسوا صفات وأعرا ً‬
‫تواترا‬
‫ً‬ ‫متواترا عن األنبٌاء‬ ‫ً‬ ‫لابمة باإلنسان أو ؼٌره كما ٌزعم بعض المبلحدة‪ ،‬فلما كان أمر الجن‬
‫ظاهرا‪ ،‬تعرفه العامة والخاصة لم ٌمكن طابفة كبٌرة من الطوابؾ المإمنٌن بالرسل أن تنكرهم‪،‬‬ ‫ً‬
‫كما لم ٌمكن لطابفة كبٌرة من الطوابؾ المإمنٌن بالرسل إنكار المبلبكة‪ ،‬وال إنكار معاد األبدان‪،‬‬
‫وال إنكار عبادة هللا وحده ال شرٌن له‪ ،‬وال إنكار أن ٌرسل هللا رسوالً من اإلنس إلى خلمه‪،‬‬
‫تواترا تعرفه العامة والخاصة‪ ،‬كما تواتر عند‬ ‫ً‬ ‫ونحو ذلن مما تواترت به األخبار عن األنبٌاء‬
‫العامة والخاصة مجًء موسى إلى فرعون‪ ،‬وؼرق فرعون‪ ،‬ومجًء المسٌح إلى الٌهود‬
‫وعداوتهم له‪ ،‬وظهور دمحم ‪ ‬بمكة وهجرته إلى المدٌنة‪ ،‬ومجٌبه بالمرآن والشرابع الظاهرة‪،‬‬
‫وجنس اآلٌات الخارلة التً ظهرت على ٌدٌه‪ ،‬كتكثٌر الطعام والشراب‪ ،‬واإلخبار بالؽٌوب‬
‫الماضٌة والمستمبلة التً ال ٌعلمها بشر إال بإعبلم هللا وؼٌر ذلن (ٔ)‪.‬‬
‫كما أجمعوا على االستعاذة باهلل العظٌم من شرورهم‪ ،‬ومن ٌعرؾ عجابب خلك هللا عز‬
‫وجل وعظمته ولدرته لن ٌستؽرب وجود عالم الجن ؼٌر المربً‪ ،‬ووجود عالم اإلنس المربً‪،‬‬
‫فكبلهما من مخلولات هللا تعالى العمبلء‪.‬‬
‫وكان لبعض المدامى اعتمادات عجٌبة فً الجن‪ ،‬حتى إن بعضهم جعل الجن شركاء هلل‬
‫ت‬ ‫ع ِل َم ِ‬ ‫عز وجل‪ ،‬فؤبطل المرآن هذا كله‪ ،‬فمال عز من لابل‪َ { :‬و َج َعلُوا بَ ٌْنَهُ َوبٌَْنَ ْال ِجنَّ ِة نَ َ‬
‫سبا ً َولَمَ ْد َ‬
‫ض ُرونَ } ]الصافات‪.]ٔ٘1‬‬ ‫ْال ِجنَّةُ إِنَّ ُه ْم لَ ُمحْ َ‬
‫تعرٌف إبلٌس لغة‪:‬‬
‫اختلؾ أهل العلم فً تعرٌؾ كلمة (إبلٌس)‪ ،‬على ألوال‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن إبلٌس اسم عربً‪ ،‬على وزن إفعٌل‪ ،‬مشتك من اإلببلس‪ ،‬وهو اإلبعاد من الخٌر‪ ،‬أو‬
‫الٌؤس من رحمة هللا(ٕ)‪ٌ ،‬مال أَبلَس الرجل‪ :‬إذا انمطع ولم تكن له ح َّجة‪ ،‬وأَبلَس الرجل‪ :‬لُ ِطع به‪،‬‬
‫ضا‪ :‬س َكتَ ‪ ،‬وأبلس ِمن رحمة هللا‪ٌ :‬بس‪ ،‬واإلببلس‪ :‬الحزن المعترض من شدَّة البؤس‪،‬‬ ‫وأبلس أٌ ً‬
‫العرب هذه المعانً فمالوا‪ :‬نالة ِمببلس‪ :‬إذا كانت ال ت َرؼو من الخوؾ‪ ،‬وفبلن أبلس‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ولد استخدم‬
‫(ٖ)‬
‫إذا س َكت من شدَّة الخوؾ ‪ ،‬والمرآن الكرٌم استخدم هذه المعانً اللؽوٌَّة لكلمة أبلس‪ ،‬فمال‬
‫سوا َما ذُ ِ ّك ُروا ِب ِه‬ ‫س ْال ُمجْ ِر ُمونَ } [الروم‪ ،]ٕٔ :‬ولال تعالى‪ {:‬فَلَ َّما نَ ُ‬ ‫عةُ ٌُ ْب ِل ُ‬
‫سا َ‬‫تعالى‪َ {:‬وٌَ ْو َم تَمُو ُم ال َّ‬
‫سونَ } [األنعام‪:‬‬ ‫ُ‬
‫ًَءٍ َحتَّى ِإ َذا فَ ِر ُحوا ِب َما أوتُوا أ َ َخ ْذنَا ُه ْم َب ْؽتَةً فَإ ِ َذا ُه ْم ُم ْب ِل ُ‬ ‫اب ُك ِّل ش ْ‬ ‫علَ ٌْ ِه ْم أَب َْو َ‬
‫فَتَحْ نَا َ‬
‫ٗٗ]‪.‬‬
‫(ٗ)‬
‫والثانً‪ :‬ولال األكثرون‪ :‬إن إبلٌس اسم أعجمً ممنوع من الصرؾ للعلمٌة والعجمٌة ‪ ،‬ولد‬
‫ذكر ابن األنباري أن إبلٌس لو كان اسما ً عربٌا ً لم ٌصرؾ كإكلٌل وإحلٌل(٘) ‪ ،‬لال أبو إسحاق‪:‬‬

‫)ٔ( مجموع الفتاوى‪.)ٔٔ ،ٔٓ/ٔ5( :‬‬


‫(ٕ) انظر‪ :‬لسان العرب‪ ،ٕ5/ٙ :‬وتفسٌر الطبري‪ ،٘ٓ5/ٔ :‬وتفسٌر روح المعانً‪.ٕٕ5/ٔ :‬‬
‫(ٖ)انظر‪ :‬مماٌٌس اللؽة ج (ٔ)‪ ،‬ص (‪ ،)ٖٓٓ ،ٕ55‬والمفردات ‪ -‬الراؼب األصفهانً‪ ،‬ص (ٓ‪ ،)ٙ‬وانظر‪:‬‬
‫التبٌان فً تفسٌر ؼرٌب المرآن ‪ -‬شهاب الدٌن أحمد بن دمحم الهابم المصري ‪ -‬دار الصحابة للطباعة طٔ ٕ‪ٔ55‬‬
‫م‪ ،‬ج (ٔ)‪ ،‬ص (‪.)2ٙ‬‬
‫(ٗ)انظر‪ :‬الماموس المحٌط ج (ٔ)‪ ،‬ص (‪ ،)ٙ12‬والمعجم الوسٌط ج (ٔ)‪ ،‬ص (ٖ)‪ ،‬والمفردات ‪ -‬األصفهانً‪،‬‬
‫ص (ٓ‪.)ٙ‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬تفسٌر روح المعانً‪ ،ٕٕ5/ٔ :‬وفتح الباري‪.ٖٖ5/ٙ :‬‬
‫أن إبلٌس أعجمً معرفة‪ ،‬وذكر الزبٌدي أن إبلٌس ال ٌصح أن ٌشتك وإن وافك معنى إبلٌس لفظا ً‬
‫ومعنى‪ ،‬ولد ؼلط العلماء الذٌن لالوا باشتماله‪.‬‬
‫ً‬
‫وذكر الطبري بؤنه‪" :‬لم ٌصرؾ استثماال‪ ،‬إذ كان اسما ال نظٌر له من أسماء العرب‪،‬‬ ‫ً‬
‫فشبهته العرب إذ كان كذلن بؤسماء العجم التً ال تجري كما فً إسحاق حٌث لم ٌجروه‪ ،‬وهو‬
‫مشتك من أسحمه هللا إسحالاً‪ ،‬إذ ولع ابتداء اسما ً لؽٌر العرب التً تسمت به العرب‪ ،‬فجري‬
‫مجراه‪ ،‬وهو من أسماء العجم فً اإلعراب فلم ٌصرؾ‪ ،‬وكذلن أٌوب إنما هو من آب ٌبوب"(ٔ)‪.‬‬
‫ولال ابن حجر‪" :‬ولد تعمب بؤنه لو كان اسما ً عربٌا ً مشتما ً من اإلببلس لكان لد سمً به‬
‫بعد ٌؤسه من رحمة هللا بطرده ولعنه"(ٕ)‪.‬‬
‫وظاهر المرآن أنه كان ٌسمى بذلن لبل ذلن‪ ،‬وكذا لٌل‪ ،‬وال داللة فٌه‪ ،‬لجواز أن ٌسمى‬
‫بذلن باعتبار ما سٌمع له‪ ،‬نعم روى الطبري عن ابن عباس لال‪" :‬كان اسم إبلٌس حٌث كان مع‬
‫المبلبكة عزازٌل ثم إبلٌس بعد" (ٖ) ‪ ،‬وهذا ٌإٌد المول(ٗ)‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬وذهب بعض الدَّارسٌن إلى أنَّها كلمة ٌونانٌة األصل هً (دٌا بولس)‪ ،‬جرى علٌها‬
‫بعض التؽٌٌر والتحرٌؾ حتى صارت كذلن(٘)‪.‬‬ ‫ُ‬
‫والراجح عندي أنها مشتمة من أبلس الرجل‪ :‬إذا انمطع‪ ،‬وهللا تعالى أعلم‪.‬‬
‫الشٌطان وإبلٌس اصطبل ًحا‪:‬‬
‫تردد لفظ (إبلٌس) و(الشٌطان) فً مواضع متعددة من المرآن الكرٌم‪ ،‬فمد ورد لفظ‬
‫إبلٌس فً أحد عشر موضعاً‪ ،‬ولم ٌرد هذا اللفظ إال مفردا ً فً هذه المواضع جمٌعا ً ‪.‬‬
‫أما لفظ الشٌطان فمد جاء مفردا ً ومجموعاً‪ ،‬فمد ورد مفردا ً فً سبعٌن موضعاً‪ ،‬وأما بلفظ‬
‫والجنَّة‪،‬‬‫ِ‬ ‫الجمع فمد ورد فً ثمانٌة عشر موضعاً‪ ،‬عدا من المواضٌع التً ورد فٌها لفظ الجن‬
‫التً ٌراد فً كثٌر منها الشٌطان مفردا ً ومجموعا ً ‪.‬‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫{و َك َذلِنَ‬
‫الجن واإلنس والدواب ‪ ،‬لال تعالى‪َ :‬‬ ‫ِّ‬ ‫متمرد من‬‫ِّ‬ ‫الشٌطان‪ :‬فً اإلصطبلح هو‪ :‬ك ِّل‬
‫ورا َولَ ْو‬ ‫ؾ ْالمَ ْو ِل ُ‬
‫ؼ ُر ً‬ ‫ض ُز ْخ ُر َ‬ ‫ض ُه ْم ِإلَى َب ْع ٍ‬
‫ُوحً َب ْع ُ‬ ‫نس َو ْال ِج ِّن ٌ ِ‬ ‫اإل ِ‬
‫ش ٌَاطٌِنَ ِ‬‫عد ًُّوا َ‬‫ًٍ َ‬‫َج َع ْلنَا ِل ُك ِّل نِبِ ّ‬
‫شَاء َربُّنَ َما فَ َعلُوهُ فَ َذ ْر ُه ْم َو َما ٌَ ْفت َُرونَ }[األنعام‪.]ٕٔٔ :‬‬
‫وعن أبً أمامة لال‪ :‬لال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪ٌ " :‬ا أبا ذر تعوذ باهلل من شر شٌاطٌن الجن‬
‫ض ُه ْم‬
‫ُوحً َب ْع ُ‬ ‫نس َو ْال ِج ِّن ٌ ِ‬ ‫اإل ِ‬
‫اطٌنَ ِ‬ ‫ش ٌَ ِ‬
‫واإلنس‪ ،‬لال‪ٌ :‬ا نبً هللا‪ ،‬وهل لئلنس شٌاطٌن؟ لال‪ :‬نعم‪َ { :‬‬
‫ورا}[ األنعام‪.)2("]ٕٔٔ :‬‬ ‫ؾ ْالمَ ْو ِل ُ‬
‫ؼ ُر ً‬ ‫ض ُز ْخ ُر َ‬ ‫ِإلَى َب ْع ٍ‬
‫ولد ٌطلك لفظ الشٌطان كذلن على المتمٌز بالخبث واألذى من الحٌوان‪ ،‬فعن زٌد بن‬
‫أسلم عن أبٌه لال‪" :‬ركب عمر برذوناً‪ ،‬فجعل ٌتبختر به‪ ،‬فضربه فلم ٌزدد إال تبختراً‪ ،‬فنزل عنه‬

‫(ٔ) تفسٌر الطبري‪.ٕٕ2/ٔ :‬‬


‫(ٕ) فتح الباري‪.ٖٖ5/ٔ :‬‬
‫(ٖ) تفسٌر الطبري‪.ٕٕٗ/ٔ :‬‬
‫(ٗ) فتح الباري‪.ٖٖ5/ٙ :‬‬
‫(٘)انظر‪ :‬إبلٌس ‪ -‬عباس محمود العماد ‪ -‬نشر المكتبة العصرٌة ‪ -‬صٌدا ‪ -‬بٌروت ‪ -‬ص (‪.)ٗ2‬‬
‫(‪)ٙ‬انظر‪ :‬المفردات‪ ،‬األصفهانً‪ ،‬ص (ٔ‪ ،)ٕٙ‬وانظر‪ :‬روح المعانً ‪ -‬اآللوسً ج (ٔ)‪ ،‬ص (‪ ،)ٔ٘2‬ولد‬
‫نسب اآللوسً هذا التعرٌؾ البن عباس رضً هللا عنهما‪.‬‬
‫(‪ )2‬مسند أحمد حدٌث (‪ ،)ٕٔ٘2‬ومجمع الزوابد ٔ‪.5ٗ /‬‬
‫ولال‪ :‬ما حملتمونً إال على شٌطان‪ ،‬لمد أنكرت نفسً(ٔ)‪ ،‬وعلى هذا فإن الشٌطان إذا أرٌد به‬
‫الجنس فله معنٌان‪ :‬معنى خاص‪ ،‬ومعنى عام ‪.‬‬
‫أوال‪ -:‬المعنى الخاص‪:‬‬
‫وٌراد به إبلٌس وذرٌته المخلولون من النار‪ ،‬والذٌن لهم المدرة على التشكل‪ ،‬وهم‬
‫ٌتناكحون‪ ،‬وٌتناسلون‪ ،‬وٌؤكلون‪ ،‬وٌشربون‪ ،‬وهم محاسبون على أعمالهم فً اآلخرة‪ ،‬مطبوعون‬
‫بفطرتهم على الوسوسة واإلؼواء‪ ،‬وهم بهذا عاملون على التفرٌك والخراب‪ ،‬جاهدون لفصل ما‬
‫أمر هللا به أن ٌوصل‪ ،‬ووصل ما أمر هللا به أن ٌفصل‪ ،‬وإبرام ما ٌجب فصمه‪ ،‬وفصم ما ٌجب‬
‫إبرامه‪ ،‬فهم والمبلبكة على طرفً نمٌض(ٕ)‪.‬‬
‫ثانٌا‪ -:‬المعنى العام‪:‬‬
‫وأما المعنى العام فٌراد به كل مخلوق عات متمرد من اإلنس‪ ،‬والجن‪ ،‬والدواب‪ ،‬فؤما‬
‫من جانب الجن واإلنس فهو التمرد والعصٌان ألمر هللا‪ ،‬ومحاولة بذر الفساد فً األرض بشتى‬
‫ؾ ْالمَ ْو ِل‬ ‫ض ُز ْخ ُر َ‬ ‫ض ُه ْم ِإلَى بَ ْع ٍ‬ ‫ُوحً بَ ْع ُ‬ ‫نس َو ْال ِج ِّن ٌ ِ‬ ‫اإل ِ‬
‫اطٌنَ ِ‬
‫شٌَ ِ‬
‫صوره وأشكاله لال تعالى‪َ { :‬‬
‫ورا َولَ ْو شَاء َربُّنَ َما فَ َعلُوهُ فَ َذ ْر ُه ْم َو َما ٌَ ْفت َُرونَ }[ األنعام‪ .]ٕٔٔ :‬وأما من جانب الدواب فهو‬ ‫ُ‬
‫ؼ ُر ً‬
‫الخبث واألذى الذي تمٌزت به عن جنسها‪..‬‬
‫وأ َّما (إبلٌس)‪ :‬فهو ذلن المخلوق من النار‪ ،‬والذي كان ٌجالس المبلبكة وٌتعبد معهم‪،‬‬
‫ولٌس من جنسهم كما سٌؤتً‪ ،‬ولام بعمله ما شاء هللا أن ٌموم‪ ،‬ث َّم نازع ربَّه الكبرٌاء والعظمة‪،‬‬
‫فاستكبر عن طاعته‪ ،‬وعصى ربَّه‪ ،‬فطرده من رحمته ومن وظٌفته‪ ،‬فهبط إلى األرض‪،‬‬
‫وأصبحت الشٌطنة صفة له(ٖ)‪.‬‬
‫أخرج الطبري بسنده الصحٌح عن اإلمام الفاروق عمر‪-‬رضً هللا عنه‪ ": -‬لال عمر بن‬
‫تبخترا‪،‬‬
‫ً‬ ‫الخطاب ‪-‬رحمة هللا علٌه‪ ،-‬وركب ِبرذَ ْونًا فجعل ٌتبختر به‪ ،‬فجعل ٌضربه فبل ٌزداد إال‬
‫شٌطان! ما نزلت عنهُ حتى أنكرت نَفسً"(ٗ)‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫فنزل عنه‪ ،‬ولال‪ :‬ما حملتمونً إال على‬
‫وإبلٌس له ذرٌَّة بصرٌح المرآن الكرٌم‪ ،‬لال تعالى‪ {:‬أَفَتَت َّ ِخذُونَهُ َوذُ ِ ّرٌَّتَهُ أ َ ْو ِل ٌَا َء ِم ْن دُونًِ }‬
‫سموم‪ ،‬وإنَّه لٌرانا هو ولبٌله من حٌث ال‬ ‫الجن المخلولٌن من نار ال َّ‬ ‫ِّ‬ ‫[الكهؾ‪ ،]٘ٓ :‬فإبلٌس من‬
‫(٘)‬
‫والمتمردٌن‪ ،‬وجمعه‪ :‬أبالٌس وأبالسة ‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫سك عن أمر ربِّه‪ ،‬وهو رأس الشٌاطٌن‬ ‫نراهم‪ ،‬ولد ف َ‬
‫صفة له ولؽٌره‪.‬‬ ‫المتمرد‪ ،‬والشٌطان ِ‬ ‫ِّ‬ ‫إذًا‪ ،‬إبلٌس هو االسم ال َعلَم لهذا المخلوق‬
‫وكان إبلٌس ٌجالس المبلبكة وٌتعبد معهم‪ ،‬ولٌس من جنسهم كما سٌؤتً‪ ،‬فلما أمر هللا‬
‫مبلبكته بالسجود آلدم خالؾ أمر ربه بتكبره على آدم الدعابه أن النار التً خلك منها خٌر من‬
‫الطٌن الذي خلك منه آدم علٌه السبلم‪،‬فكان جزاء هذه المخالفة أن طرده هللا عن باب رحمته‪،‬‬
‫ومحل أنسه‪ ،‬وحضرة لدسه‪ ،‬وسماه إبلٌس إعبلما ً له بؤنه لد أبلس من الرحمة‪ ،‬وأنزله من‬
‫السماء مذموما ً مدحورا ً إلى األرض‪ ،‬فسؤل هللا النظرة إلى ٌوم البعث‪ ،‬فؤنظره الحلٌم الذي ال‬

‫(ٔ)تفسٌر الطبري‪ ،ٔٔٔ/ٔ:‬وتفسٌر ابن كثٌر‪ ٖٔ/ٔ:‬ولال اسناده صحٌح‪.‬‬


‫(ٕ)انظر‪ :‬دابرة معارؾ المرن العشرٌن‪.ٖٖٕ/ٕ :‬‬
‫(ٖ)انظر‪ :‬تفسٌر الطبري ‪ -‬الطبري ج (ٔ)‪ ،‬ص (‪ ،)ٕٕٙ‬ومختصر تفسٌر ابن كثٌر‪ ،ٕٓ5/ٖ :‬والمفردات ‪-‬‬
‫األصفهانً‪ ،‬ص (ٓ‪ ،)ٙ‬وانظر‪ :‬شواهد فً اإلعجاز المرآنً ‪ -‬د‪ .‬عودة أبو عودة‪ ،‬ص (‪.)ٕٕ2‬‬
‫(ٗ) تفسٌر الطبري(‪:)ٖٔٙ‬صٔ‪.ٔٔٔ/‬‬
‫(٘)انظر‪ :‬المعجم الوسٌط ج (ٔ)‪ ،‬ص (ٖ)‪.‬‬
‫ٌعجل على من عصاه‪ ،‬فلما أمن الهبلن إلى ٌوم المٌامة تمرد وطؽى (ٔ) ‪ ،‬ولال‪ { :‬لَا َل فَبِ ِع َّزتِنَ‬
‫صٌنَ }[ص‪ ،]1ٖ-1ٕ :‬وكما لال عز وجل عنه ‪{ :‬لَبِ ْن‬ ‫أل ُ ْؼ ِوٌَنَّ ُه ْم أَجْ َمعٌِنَ إِالَّ ِعبَادَنَ ِم ْن ُه ُم ْال ُم ْخلَ ِ‬
‫أ َ َّخ ْرت َِن إِلَى ٌَ ْو ِم ْال ِمٌَا َم ِة ألَحْ تَنِ َك َّن ذُ ِ ّرٌَّتَهُ إَالَّ لَ ِلٌبلً }[اإلسراء‪ ،]ٕٙ :‬وهإالء هم المستثنون فً لوله‬
‫ان َو َكفَى بِ َر ِبّنَ َو ِكٌبلً }[اإلسراء‪.]ٙ٘ :‬‬ ‫ط ٌ‬‫س ْل َ‬
‫علَ ٌْ ِه ْم ُ‬
‫ْس لَنَ َ‬ ‫تعالى ‪{:‬إِ َّن ِعبَادِي لٌَ َ‬
‫وإبلٌس واحد من الجن‪ ،‬وهو أبو الشٌاطٌن والمحرن لهم لفتنة الناس وإؼوابهم‪ ،‬ولد‬
‫{وإِ ْذ لُ ْلنَا ِل ْل َمبلَبِ َك ِة ا ْس ُجدُواْ آل َد َم‬ ‫ذكره هللا فً لصة امتناعه من السجود آلدم وذلن كموله تعالى ‪َ :‬‬
‫ٌس أَبَى َوا ْست َ ْكبَ َر َو َكانَ ِمنَ ْال َكافِ ِرٌنَ }[ البمرة‪ ،]ٖٗ :‬ولد أطلك علٌه المرآن اسم‬ ‫س َجدُواْ إِالَّ إِ ْب ِل َ‬ ‫فَ َ‬
‫ع ْن ُه َما ِمن‬ ‫ي َ‬ ‫ور َ‬ ‫َ‬
‫ِي ل ُه َما َما ُو ِ‬ ‫ان ِلٌُ ْبد َ‬ ‫َ‬
‫ش ٌْط ُ‬ ‫س ل ُه َما ال َّ‬‫َ‬ ‫الشٌطان فً مواضع‪ ،‬منها لوله تعالى ‪{ :‬فَ َوس َْو َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ش َج َرةِ ِإال أن ت َ ُكونَا َمل َكٌ ِْن أ ْو ت َ ُكونَا مِنَ الخَا ِلدٌِنَ }[‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ع ْن َه ِذ ِه ال َّ‬ ‫س ْو َءاتِ ِه َما َولَا َل َما نَ َها ُك َما َربُّ ُك َما َ‬ ‫َ‬
‫ع ْن ُه َما‬‫ع َ‬ ‫نز ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ان َك َما أ ْخ َر َج أبَ َو ٌْ ُكم ِ ّمنَ ال َجنَّ ِة ٌَ ِ‬ ‫ط ُ‬ ‫ش ٌْ َ‬‫األعراؾ‪ ،]ٕٓ :‬ولوله ‪ٌَ{:‬ا بَنًِ آ َد َم الَ ٌَ ْفتِنَنَّ ُك ُم ال َّ‬
‫َ‬
‫اطٌنَ أ ْو ِلٌَاء‬ ‫شٌَ ِ‬ ‫ْ‬
‫ْث الَ ت ََر ْونَ ُه ْم ِإنَّا َج َعلنَا ال َّ‬ ‫س ْو َءاتِ ِه َما ِإنَّهُ ٌَ َرا ُك ْم ُه َو َولَبٌِلُهُ ِم ْن َحٌ ُ‬ ‫س ُه َما ِلٌ ُِرٌَ ُه َما َ‬ ‫ِلبَا َ‬
‫ِللَّذٌِنَ الَ ٌُإْ ِمنُونَ }[ األعراؾ‪ ،]ٕ2 :‬فالشٌطان فً هذه اآلٌات مراد به إبلٌس‪ ،‬ألن المرآن ٌتحدث‬
‫عن لصة إؼوابه آلدم وحواء علٌهما السبلم ‪.‬‬
‫والذي ٌتؤمل المرآن ٌرى أن إطبلق لفظ إبلٌس لم ٌرد إال فً معرض الحدٌث عن إباء‬
‫إبلٌس من السجود آلدم‪ ،‬ولم ٌرد هذا اإلطبلق خارج الحدٌث عن إبابه من السجود إال فً‬
‫موضعٌن ‪:‬‬
‫ٌس أجْ َمعُونَ }[‬ ‫َ‬ ‫َاوونَ َو ُجنُو ُد ِإ ْب ِل َ‬ ‫ْ‬
‫األول‪:‬فً سورة الشعراء وهو لوله تعالى‪ { :‬فَ ُك ْب ِكبُوا فٌِ َها ُه ْم َوالؽ ُ‬
‫الشعراء‪ ،]5٘-5ٗ :‬وفً هذا الموضع ٌكون مرادا ً به جمع إبلٌس وجنوده من الجن واإلنس فً‬
‫نار جهنم‪ ،‬باعتبار الربٌس واألتباع ‪.‬‬
‫ظنَّهُ فَات َّ َبعُوهُ ِإ َّال فَ ِرٌمًا ِ ّمنَ‬ ‫ٌس َ‬ ‫علَ ٌْ ِه ْم إِ ْب ِل ُ‬
‫صدَّقَ َ‬ ‫الثانً‪ :‬فً سورة سبؤ فً لوله تعالى{ ‪َ :‬ولَمَ ْد َ‬
‫ْال ُمإْ ِمنٌِنَ }[ سبؤ‪ ،]ٕٓ :‬وهذا هو الموضع الوحٌد الذي ورد فٌه لفظ إبلٌس فً معرض الحدٌث‬
‫عن ممارسة ؼواٌته وإفساده للناس ‪.‬‬
‫(ٕ)‬
‫الر ِج ٌِم)‪ ،‬أي‪ ":‬الملعون المشتوم" ‪.‬‬ ‫لوله‪َّ (:‬‬
‫مً‪ ،‬بمول‬ ‫الر ُ‬ ‫لال الطبري‪ ":‬وكل مشتوم بمو ٍل رديء أو سبّ ٍ فهو َم ْر ُجوم‪ .‬وأصل الرجم َّ‬
‫كان أو بفعل‪ .‬ومن الرجم بالمول لول أبً إبراهٌم إلبراهٌم ‪-‬صلوات هللا علٌه‪{ :-‬لَ ِب ْن لَ ْم ت َ ْنت َ ِه‬
‫ألر ُج َمنَّنَ } [سورة مرٌم‪. ]ٗٙ :‬‬ ‫ْ‬
‫سمواته‪،‬‬ ‫َ‬ ‫من‬ ‫ده‬ ‫طر‬ ‫َ‬ ‫ثناإه‬ ‫جل‬ ‫هللا‬ ‫ألن‬ ‫‪،‬‬ ‫»‬ ‫رجٌم‬ ‫«‬ ‫للشٌطان‬ ‫ٌل‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ٌكون‬ ‫أن‬ ‫ٌجوز‬ ‫ولد‬
‫شهب الثَّوا ِلب"(ٖ)‪.‬‬ ‫ورجمه بال ُّ‬
‫و(الرجٌم)‪ :‬صفة للشٌطان‪ ،‬وهو مفعول فً معناه على وزن فعٌل‪ ،‬وفً سبب تسمٌته‬
‫بذلن ألوال(ٗ)‪:‬‬
‫س ِ ّمً بالرجٌم‪ ،‬ألنه أتى إبراهٌم علٌه السبلم وهاجر وإسماعٌل فً منى‪ ،‬فاستعطؾ‬ ‫أحدها‪:‬أنه ُ‬
‫إبراهٌم حتى ال ٌذبح ولده‪ ،‬فمال‪ :‬أعوذ باهلل منن فرجمه‪ ،‬ثم استعطؾ هاجر على ولدها فمالت‪:‬‬ ‫َ‬

‫(ٔ) مختصر تفسٌر ابن كثٌر‪.ٕٓ5/ٖ :‬‬


‫(ٕ) تفسٌر الطبري‪.ٕٔٔ/ٔ:‬‬
‫(ٖ) تفسٌر الطبري‪.ٕٔٔ/ٔ:‬‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬تفسٌر ابن كثٌر‪.ٔٔٙ/ٔ :‬‬
‫أعوذ باهلل منن فرجمته‪ ،‬ثم استعطؾ إسماعٌل علٌه السبلم على نفسه‪ ،‬فمال‪ :‬أعوذ باهلل منن‬
‫فرجمه"‪ ،‬فصار الرجم من مناسن الحج إلى ٌوم المٌامة‪.‬‬
‫(ٔ)‬
‫وعلى هذا المول فإن "الرجٌم" بمعنى‪ :‬المرجوم الملعون والملعون المطرود" ‪ ،‬وهو‬
‫مذهب أهل التفسٌر‪ ،‬والملعون عند العرب‪ :‬المطرود‪ ،‬إذا لالت العرب‪ :‬لعن هللا فبلنا‪ ،‬فمعناه‪:‬‬
‫طرده هللا‪ .‬وكذلن‪ :‬على الكافر لعنة هللا‪ ،‬فمعناه‪ :‬علٌه طرد هللا‪ ،‬لال الشماخ(ٕ)‪:‬‬
‫علٌه الطٌر كالورق اللجٌن‬ ‫وماء لد وردت لوصل أروى‬
‫ممام الذبب كالرجل اللعٌن‬ ‫ذعرت به المطا ونفٌت عنه‬
‫(ٖ)‬
‫معناه‪ :‬كالرجل المطرود ‪.‬‬
‫س ِ ّمً بالرجٌم‪ ،‬ألنه ٌسترق السمع فً السماء فتر ُج ُمه المبلبكة‪ ،‬لال سبحانه‪ِ {:‬إالَّ‬ ‫والثانً‪ :‬ولٌل‪ُ :‬‬
‫ٌن } [الحجر‪.]ٔ1 :‬‬ ‫َ‬
‫س ْم َع فَؤتْبَعَهُ ِش َهابٌ ُمبِ ٌ‬ ‫َم ِن ا ْست ََرقَ ال َّ‬
‫وعلى هذا المول فإن معنى الرجٌم‪ :‬أي‪ :‬المرجوم بالنجوم؛ فصرؾ عن المرجوم إلى‬
‫الرجٌم‪ ،‬كما تمول العرب‪ :‬طبٌخ ولدٌر‪ ،‬واألصل‪ :‬مطبوخ وممدور؛ وكذلن‪ :‬جرٌح ولتٌل‪،‬‬
‫أصلهما‪ :‬ممتول ومجروح‪ ،‬فصرفا من مفعول إلى فعٌل‪ .‬لال امرإ المٌس(ٗ) ‪:‬‬
‫صفٌؾ شواء أو لدٌر معجل‬ ‫فظل طهاة اللحم من بٌن منضج‬
‫(٘)‬
‫أراد‪ :‬ممدور معجل‪ ،‬فصرؾ عن مفعول إلى فعٌل" ‪.‬‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫والثالث‪ :‬ولٌل ‪ :‬رجٌم بمعنى راجم‪ ،‬ألنه ٌرجم الناس بالوساوس ‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬ولٌل‪ :‬أن الرجٌم‪ :‬المرجوم‪ ،‬أي المشبوم المسبوب(‪،)2‬فٌكون من لول هللا عز وجل {لَبِ ْن‬
‫لَ ْم ت َ ْنت َ ِه َأل َ ْر ُج َمنَّنَ } [مرٌم ‪ ،]ٗٙ :‬معناه‪ :‬ألشتمنن وألسبنن(‪.)1‬‬
‫ومنه الحدٌث الذي ٌروى عن عبد هللا بن مؽفل أنه أوصى بنٌه عند موته‪ ،‬فمال‪" :‬ال‬
‫ترجموا لبري"(‪ ،)5‬فمعناه‪ :‬ال تنوحوا عند لبري‪ .‬أي‪ :‬ال تمولوا عنده كبلما سٌبا سمجا(ٓٔ)‪.‬‬
‫ولٌل‪ُ :‬وصؾ الشٌطان بذلن ألن أتباعه ٌرجمونه فً النار‪ ،‬والرجم أصله الرمً‬
‫بالحجارة‪ ،‬والشٌطان مرجوم بالمول وبالفعل ‪:‬‬
‫بالمول ‪ :‬بالسب والشتم والذم وٌلحك به كل لول لبٌح ‪.‬‬
‫وبالفعل ‪ :‬أن رجمه هللا أي طرده وأبعده من رحمتـه ‪ ،‬وٌرجم بالشهب كما لال تعالى { ِإنَّا زَ ٌَّنَّا‬
‫س َّمعُونَ ِإلَى ْال َم َ ِ‬
‫ئل ْاألَعْلى َوٌُ ْم َذفُونَ‬ ‫مار ٍد ال ٌَ َّ‬
‫ْطان ِ‬
‫شٌ ٍ‬ ‫ب َو ِح ْفظا ً ِم ْن ُك ِّل َ‬‫سما َء ال ُّد ْنٌا ِب ِزٌنَ ٍة ْال َكوا ِك ِ‬
‫ال َّ‬
‫َطفَةَ فَؤَتْ َب َعهُ شِهابٌ ثالِبٌ } [‪ ٙ‬ـ ٓٔ‬ ‫ؾ ْالخ ْ‬ ‫واصبٌ ِإ َّال َم ْن خ ِ‬
‫َط َ‬ ‫ِ‬ ‫عذابٌ‬ ‫ب ُد ُحورا ً َولَ ُه ْم َ‬ ‫ِم ْن ُك ِّل جا ِن ٍ‬
‫الصافات]‪.‬‬

‫(ٔ)النكت والعٌون‪ ،‬الماوردي‪. ٖٗ/ٔ:‬‬


‫(ٕ) دٌوانه‪.ٖٕٓ:‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬الزاهر فً معانً كلمات الناس‪.٘1/ٔ:‬‬
‫(ٗ) دٌوانه‪.ٕٕ:‬‬
‫(٘) الزاهر فً معانً كلمات الناس‪.٘2/ٔ:‬‬
‫(‪ )ٙ‬انظر‪ :‬النكت والعٌون‪.ٖٗ/ٔ:‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬الزاهر فً معانً كلمات الناس‪ ،٘2/ٔ :‬والنكت والعٌون‪.ٖٗ/ٔ:‬‬
‫(‪)1‬انظر‪ :‬الزاهر فً معانً كلمات الناس‪. ٘2/ٔ :‬‬
‫(‪)5‬ؼرٌب الحدٌث ٗ ‪ ٕ5ٓ /‬وفٌه‪( :‬والمحدثون ٌمولون‪ :‬ال ترجموا لبري‪ ،‬لال أبو عبٌد‪ :‬إنما هو‪ :‬ال ترجموا) ‪.‬‬
‫وكذا فً الصحاح (رجم) ‪ .‬وٌنظر‪ :‬النهاٌة ٕ ‪.ٕٓ٘ /‬‬
‫(ٓٔ)انظر‪ :‬الزاهر فً معانً كلمات الناس‪. ٘2/ٔ :‬‬
‫لال ابن كثٌر‪" :‬واألول أشهر وأصح"(ٔ)‪.‬‬
‫وفً حكم (اإلستعاذة) لوالن‪:‬‬
‫أحدهما‪:‬أنها مستحبة‪ٌ :‬رى أهل العلم بؤن حكم اإلستعاذة مستحبة لبل لراءة المرآن‪ ،‬لال هللا‬
‫الر ِج ٌِم } [النحل‪.]51 :‬‬ ‫ان َّ‬ ‫ط ِ‬‫ش ٌْ َ‬ ‫تعالى‪ {:‬فَإ ِ َذا لَ َرأْتَ ْالمُ ْرآنَ فَا ْست َ ِع ْذ بِ َّ ِ‬
‫اّلل مِنَ ال َّ‬
‫والثانً‪ :‬أنها واجبة‪ :‬وذلن‪ ،‬أخذًا بظاهر األمر فً اآلٌة‪ .‬عطاء بن أبً رباح‪ ،‬وابن حزم ‪.‬‬
‫(ٕ)‬

‫والصحٌح أنها مستحبة‪ ،‬فبل ٌضر تركها فً الصبلة عمدا ً أو نسٌانٌاً‪ ،‬وهو لول جمهور‬
‫العلماء(ٖ)‪.‬‬
‫لال الشافعً‪ ":‬وكان بعضهم ٌتعوذ حٌن ٌفتتح لبل أم المرآن‪ ،‬وبذلن ألول‪ ،‬وأحبّ أن‬
‫ٌمول‪« :‬أعوذ باهلل من الشٌطان الرجٌم»‪ ،‬وإذا استعاذ باهلل من الشٌطان الرجٌم‪ ،‬وأي كبلم استعاذ‬
‫به‪ ،‬أجزأه‪ ،‬وٌموله فً أول ركعة‪.‬‬
‫سن‪ ،‬وال آمر به فً‬ ‫ولد لٌل‪ :‬إن لاله حٌن ٌفتتح كل ركعة لبل المراءة ف َح َ‬
‫شًء من الصبلة‪ ،‬أمرتُ به فً أول ركعة‪.‬‬
‫وإن تركه – [لول‪ :‬االستعاذة] ‪ -‬ناسٌا ً أو جاهبلً أو عامداً‪ ،‬لم ٌكن علٌه إعادة‪ ،‬وال‬
‫سجود سهو‪ .‬وأكره له تركه عامداً‪ ،‬وأحب إذا تركه فً أول ركعة أن ٌموله فً ؼٌرها [من‬
‫الركعات] ‪ ،‬وإنَّما منعنً أن آمره أن ٌعٌد؛ أن النبً ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬علم رجبلً ما ٌكفٌه فً الصبلة‬
‫فمال‪":‬كبر ثم الرأ بؤم المرآن" الحدٌث(ٗ)‪.‬‬
‫ُرو عنه أنه ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬أمره بتعوذ وال افتتاح‪ .‬فدل على أن‬ ‫شافِ ِعً رحمه هللا‪ :‬ولم ٌ َ‬ ‫لال ال َّ‬
‫(٘)‬
‫افتتاح رسول هللا ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬اختٌار‪ ،‬وأن التعوذ مما ال ٌفسد الصبلة إن تركه" ‪.‬‬
‫لال ابن كثٌر ‪" :‬وجمهور العلماء على أن االستعاذة مستحبة لٌست بمتحتمة ‪ٌ ،‬ؤثم‬
‫تاركها‪ ،‬ولال النووي ‪ :‬ثم إن التعوذ مستحب ولٌس بواجب‪ ،‬وهو مستحب لكل لارئ ‪ ،‬سواء‬
‫كان فً الصبلة أو فً ؼٌرها"(‪. )ٙ‬‬
‫وٌدل على عدم الوجوب ‪:‬‬
‫ط ٌْنَانَ‬ ‫الر ِح ٌِم ِإنَّا أ َ ْع َ‬
‫الرحْ َم ِن َّ‬ ‫ورة ٌ فَمَ َرأَ‪ :‬بِس ِْم َّ ِ‬
‫َّللا َّ‬ ‫س َ‬‫ً آنِفا ً ُ‬ ‫علَ َّ‬
‫ت َ‬ ‫أوال‪ :‬حدٌث أنس لال النبً ‪" ‬أ ُ ْن ِزلَ ْ‬
‫سولُهُ‬ ‫َّللاُ َو َر ُ‬ ‫ص ِّل ِل َر ِبّنَ َوا ْن َح ْر إِ َّن شَانِبَنَ ُه َو ْاأل َ ْبت َُر‪ ،‬ث ُ َّم لَالَ‪ :‬أَتَد ُْرونَ َما ْال َك ْوث َ ُر؟ فَمُ ْلنَا‪َّ :‬‬ ‫ْال َك ْوث َ َر فَ َ‬
‫ُ‬
‫علَ ٌْ ِه أ َّم ِتً ٌَ ْو َم ْال ِم ٌَا َم ِة‬
‫ض ت َِر ُد َ‬‫ٌر ُه َو َح ْو ٌ‬ ‫علَ ٌْ ِه َخٌ ٌْر َك ِث ٌ‬
‫ع َّز َو َج َّل َ‬ ‫ع َد ِنٌ ِه َر ِبًّ َ‬‫أ َ ْعلَ ُم‪ ،‬لَالَ‪ :‬فَإِنَّهُ نَ ْه ٌر َو َ‬

‫(ٔ) تفسٌر ابن كثٌر‪.ٔٔٙ/ٔ :‬‬


‫(ٕ)انظر‪ :‬تفسٌر ابن كثٌر‪.ٔٔٙ/ٔ :‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬المؽنً‪.ٔٗ٘/ٕ:‬‬
‫(ٗ) الحدٌث تمامه‪:‬عن رفاعة بن رافع الزرلً‪ ،‬لال‪" :‬وكان من أصحاب النبً ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،‬لال‪:‬جاء رجل ورسول هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬فً المسجد‪ ،‬فصلى لرٌبا منه‪ ،‬ثم انصرؾ إلٌه‪ ،‬فسلم علٌه‪ ،‬فمال له رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬أعد صبلتن‪ ،‬فإنن لم‬
‫تصل‪ ،‬لال‪ :‬فرجع فصلى نحوا مما صلى‪ ،‬ثم انصرؾ إلى رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬فمال له رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬أعد صبلتن‪،‬‬
‫فإنن لم تصل‪ ،‬فمال‪ٌ :‬ا رسول هللا‪ ،‬كٌؾ أصنع؟ فمال‪ :‬إذا استمبلت المبلة‪ ،‬فكبر‪ ،‬ثم الرأ بؤم المرآن‪ ،‬ثم الرأ بما‬
‫شبت‪ ،‬فإذا ركعت‪ ،‬فاجعل راحتٌن على ركبتٌن‪ ،‬وامدد ظهرن‪ ،‬ومكن لركوعن‪ ،‬فإذا رفعت رأسن‪ ،‬فؤلم صلبن‪،‬‬
‫حتى ترجع العظام إلى مفاصلها‪ ،‬فإذا سجدت‪ ،‬فمكن لسجودن‪ ،‬فإذا رفعت رأسن‪ ،‬فاجلس على فخذن الٌسرى‪،‬‬
‫ثم اصنع ذلن فً كل ركعة وسجدة"‪ [.‬أخرجه أحمد‪:)ٔ5ٕٓٙ(:‬صٗ‪ ،ٖٗٓ/‬وأبو داود(‪ ،)1٘2‬و(‪.])1٘5‬‬
‫(٘) تفسٌر اإلمام الشافعً‪.ٔ1ٙ/ٔ:‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر ابن كثٌر‪.ٖٔٔ/ٔ :‬‬
‫وم فٌَ ُْختَلَ ُج ْالعَ ْب ُد ِم ْن ُه ْم فَؤَلُولُ‪َ :‬ربّ ِ إِنَّهُ ِم ْن أ ُ َّمتًِ‪ ،‬فٌََمُولُ‪َ :‬ما تَد ِْري َما أَحْ َدث َ ْ‬
‫ت بَ ْعدَنَ‬ ‫آنٌَِتُهُ َ‬
‫ع َد ُد النُّ ُج ِ‬
‫"(ٔ)‪ ،‬ولم ٌذكر االستعاذة ‪.‬‬
‫ثانٌا‪ :‬وألن النبً ‪ ‬لم ٌعلمها األعرابً حٌن علمـه الصبلة(ٕ)‪.‬‬
‫لال اإلمام الجصاص(ٖ) ‪" :‬واالستعاذة لٌست بفرض‪َّ ،‬‬
‫ألن النبً ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬لم ٌعلمها األعرابً‬
‫ضا لم ٌخله من تعلٌمها"(ٗ)‪ ،‬ولال اإلمام ابن الجزري ‪ -‬رحمه‬ ‫حٌن علمه الصبلة‪ ،‬ولو كانت فر ً‬
‫هللا(٘)‪-:‬‬

‫َولَا َل بَ ْع ُ‬
‫ض ُه ْم ٌَ ِجبْ‬ ‫َوا ْست ُ ِحبَّ تَعَ ُّوذٌ‬
‫أخرج الطبري بسنده عن عبد هللا بن عباس ‪ ،‬لال ‪ :‬أول ما نزل جبرٌ ُل على دمحم لال ‪ٌ " :‬ا‬
‫دمحم استعذ ‪ ،‬لل ‪ :‬أستعٌذ بالسمٌع العلٌم من الشٌطان الرجٌم " ‪ ،‬ثم لال ‪ :‬لل ‪ " :‬بسم ميحرلا نمحرلا هللا‬
‫" ‪ ،‬ثم لال ‪ { :‬ا ْل َرأْ بِاس ِْم َر ِبّنَ الَّذِي َخلَكَ } [العلك ‪ .]ٔ :‬لال عبد هللا ‪ :‬وهً أول سورة أنزلها هللا‬
‫على دمحم بلسان جبرٌل"(‪.)ٙ‬‬
‫ولئلستعاذة مجموعة صٌػ‪ ،‬منها‪:‬‬
‫الصٌؽة األولى‪ :‬أعوذ باهلل من الشٌطان الرجٌم‪.‬‬
‫وعلى هذا اللفظ دل الكتاب والسنة‪ .‬وسوؾ نسرد األدلة فً الترجٌح‪.‬‬
‫الصٌؽة الثانٌة‪ :‬أعوذ باهلل السمٌع العلٌم من الشٌطان الرجٌم‪.‬‬
‫ٌدل على هذا اللفظ‪ ،‬ما جاء فً حدٌث أبً سعٌد الخدري ‪ -‬رضً هللا عنه ‪ -‬فً دعاء‬
‫الرسول ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬إذا لام إلى الصبلة فً اللٌل‪ ،‬وفٌه‪ :‬ثم ٌمول‪" :‬أعوذ باهلل السمٌع العلٌم من‬
‫الشٌطان الرجٌم "(‪.)2‬‬

‫(ٔ) أخرجه المسلم فً الصبلة‪.ٖٓٓ/ٔ:‬‬


‫‪،ٕٔٙ‬‬ ‫البخاري(ٓٔ)‪:‬صٔ‪،ٕٓ2/‬‬ ‫أخرجه‬ ‫والحدٌث‬ ‫ٖ‪.ٔ5ٔ/‬‬
‫(ٕ) أحكام المرآن للجصاص‪:‬‬
‫والمسلم(ٗ)‪:‬صٔ‪.ٕ51/‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬أحكام المرآن‪.ٖٔ/٘ :‬‬
‫(ٗ)ٌعنً حدٌث المسًء صبلته‪ ،‬فعن أبً هرٌرة ‪ -‬رضً هللا عنه ‪ -‬أن رجبلً دخل المسجد ورسو ُل هللا ‪ -‬صلَّى‬
‫هللا علٌه وسلَّم ‪ -‬جالس فً ناحٌة المسجد‪ ،‬فصلى ثم جاء فسلم علٌه‪ ،‬فمال له رسول هللا ‪ -‬صلَّى هللا علٌه وسلَّم ‪:-‬‬
‫(وعلٌن السبلم‪ ،‬ارجع فص ِّل‪ ،‬فإنن لم تص ِّل)‪ ،‬فرجع فصلى ثم جاء فسلم‪ ،‬فمال‪( :‬وعلٌن السبلم‪ ،‬فارجع فصل‪،‬‬
‫فإنن لم تصل)‪ ،‬فمال فً الثانٌة أو فً التً بعدها‪ :‬علمنً ٌا رسول هللا فمال‪( :‬إذا لمت إلى الصبلة‪ ،‬فؤسبػ‬
‫الوضوء‪ ،‬ثم استمبل المبلة‪ ،‬فكبر ثم الرأ بما تٌسر معن من المرآن‪ ،‬ثم اركع حتى تطمبن راكعًا‪ ،‬ثم ارفع حتى‬
‫سا‪ ،‬ثم اسجد حتى تطمبن ساجدًا‪ ،‬ثم ارفع‬ ‫تستوي لاب ًما‪ ،‬ثم اسجد حتى تطمبن ساجدًا‪ ،‬ثم ارفع حتى تطمبن جال ً‬
‫سا‪ ،‬ثم افعل ذلن فً صبلتن كلها)؛ صحٌح رواه البخاري (‪)2ٙٓ( ،)ٕٖٓ2/٘( )٘152‬‬ ‫حتى تطمبن جال ً‬
‫(ٔ‪ ،)ٕٗ٘٘/ٙ( )ٕٙ5ٓ( ،)ٕٖٙ/ٔ( )2ٕٗ( ،)ٕ2ٗ/‬ومسلم (‪.)ٕ51/ٔ( )ٖ52‬‬
‫(٘)النشر فً المراءات العشر‪ ،‬ابن الجزري‪.ٕٖ٘/ٔ ،‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر الطبري(‪:)ٖٔ2‬صٔ‪. ٖٔٔ/‬‬
‫(‪)2‬أخرجه أحمد (ٖ)‪ ،)٘ٓ( :‬وأبو داود ‪ -‬فً الصبلة ‪ -‬باب من رأى االستفتاح بسبحانن اللهم وبحمدن ‪ -‬حدٌث‬
‫٘‪ ،22‬والترمذي‪ -‬فً أبواب الصبلة‪ -‬باب ما ٌمول عند افتتاح الصبلة ‪ -‬حدٌث (ٕٕٗ) ‪ -‬لال الترمذي «وحدٌث‬
‫أبً سعٌد أشهر حدٌث فً هذا الباب» والنسابً فً الصبلة ‪ -‬باب نوع آخر من الذكر بعد افتتاح الصبلة ٕ‪:‬‬
‫ٕٖٔ‪ ،‬وابن ماجه فً اإللامة الحدٌث (ٗٓ‪ .)1‬وصححه أحمد شاكر فً تحمٌك سنن الترمذي ٕ‪ ،ٔٔ:‬واأللبانً‬
‫فً «صحٌح سنن أبً داود» حدٌث (ٔٓ‪ ،)2‬وحسنه األرناإوط فً تحمٌمه لزاد المعاد (ٔ)‪ .)ٕٓ٘( :‬ولد أخرج‬
‫س ِمٌ ٌع‬ ‫ان ن َْزغٌ فَا ْست َ ِع ْذ بِ َّ‬
‫اّللِ إِنَّهُ َ‬ ‫ط ِ‬‫ش ٌْ َ‬
‫ؼنَّنَ ِمنَ ال َّ‬ ‫{وإِ َّما ٌَ ْنزَ َ‬
‫كما استدل له بموله ‪ -‬تعالى ‪َ :-‬‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬
‫ان نَزغ فَا ْست َ ِعذ بِ َّ‬
‫اّللِ إِنهُ ُه َو‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ش ٌْط ِ‬‫ؼننَ مِنَ ال َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫{وإِ َّما ٌَنزَ َ‬ ‫ع ِلٌ ٌم}[األعراؾ‪ ،]ٕٓٓ:‬وبموله‪ -‬تعالى‪َ :-‬‬ ‫َ‬
‫ع ِلٌ ٌم}[فصلت‪.]ٗٙ:‬‬
‫س ِمٌ ٌع َ‬
‫َ‬
‫(ٖ)‬ ‫(ٕ)‬ ‫(ٔ)‬
‫وهً اختٌار طابفة من المراء منهم حمزة ‪ ،‬وسهل بن أبً حاتم ‪ ،‬وهً مروٌة‬
‫عن عمر بن الخطاب ‪ -‬رضً هللا عنه ‪ - )ٗ( -‬وبها ٌمول الحسن البصري (٘)‪.‬‬
‫ودمحم بن سٌرٌن (‪ ،)ٙ‬والحسن بن صالح (‪ ،)2‬والشافعً (‪ ،)1‬وأحمد بن حنبل‪ ،‬فً رواٌة‬
‫النٌسابوري (‪.)5‬‬
‫الصٌؽة الثالثة‪ :‬أعوذ باهلل السمٌع العلٌم‪ ،‬من الشٌطان الرجٌم‪ ،‬من همزه ونفخه ونفثه‪.‬‬
‫ٌدل على هذا اللفظ‪ ،‬ما رواه أبو سعٌد الخدري ‪ -‬رضً هللا عنه ‪ -‬لال‪ :‬كان رسول هللا ‪ -‬صلى‬
‫هللا علٌه وسلم ‪ -‬إذا لام إلى الصبلة باللٌل كبر‪ ،‬ثم ٌمول‪« :‬سبحانن اللهم وبحمدن‪ ،‬وتبارن‬
‫اسمن‪ ،‬وتعالى جدن‪ ،‬وال إله ؼٌرن‪ ،‬ثم ٌمول‪" :‬أعوذ باهلل السمٌع العلٌم‪ ،‬من الشٌطان الرجٌم‪،‬‬
‫من همزه ونفخه ونفثه"(ٓٔ)‪.‬‬
‫الصٌؽة الرابعة‪ :‬اللهم إنً أعوذ بن من الشٌطان الرجٌم‪ ،‬وهمزه ونفخه ونفثه‪.‬‬
‫ٌدل على ما راوه عبد هللا بن مسعود ‪ -‬رضً هللا عنه ‪ -‬عن النبً ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬لال‪":‬اللهم إنً‬
‫أعوذ بن من الشٌطان الرجٌم‪ ،‬وهمزه ونفخه ونفثه"(ٔٔ)‪.‬‬
‫وهً مروٌة عن بعض أهل العلم‪ ،‬منهم الحسن البصري (ٔ)‪ ،‬وإسحاق بن راهوٌه(ٕ)‪.‬‬

‫هذا الحدٌث من حدٌث عابشة أبو داود ‪ -‬الحدٌث (‪ ،)22ٙ‬والترمذي ‪ -‬الحدٌث ٖٕٗ‪ ،‬وابن ماجه فً اإللامة‬
‫الحدٌث (‪ ،)1ٓٙ‬والدارلطنً (ٔ)‪ ،)ٕٔٔ( :‬والحاكم ٔ‪ )ٕٖ٘( :‬ورجاله ثمات فالحدٌث صحٌح‪.‬‬
‫(ٔ)انظر‪ :‬التبٌان‪.ٙٗ :‬‬
‫(ٕ)انظر «اإللناع فً المراءات» (ٔ)‪« ،)ٔ٘ٔ( - )ٔ٘ٓ( :‬إؼاثة اللهفان» ٔ‪.ٖٔ٘ :‬‬
‫(ٖ)انظر «ؼرابب المرآن» (ٔ)‪« ،)ٔ٘( :‬النشر» (ٔ)‪.)ٕٗ5( :‬‬
‫(ٗ)أخرجها عن عمر ابن أبً شٌبة ‪ -‬فً الصبلة ‪ -‬التعوذ كٌؾ هو (ٔ)‪.)ٕٖ2( :‬‬
‫(٘)أخرجها عن الحسن عبد الرزاق ‪ -‬فً الصبلة ‪ -‬متى ٌستعٌذ‪ ،‬األثر (ٔ‪ ´،)ٕ٘5‬وابن حزم‬
‫فً «المحلى» (ٖ)‪.)ٕٗ5( :‬‬
‫(‪)ٙ‬انظر‪ :‬إؼاثة اللهفان‪.ٖٔ٘/ٔ :‬‬
‫(‪ )2‬المجموع‪.ٖٕ٘/ٖ :‬‬
‫(‪)1‬انظر «أحكام المرآن» للشافعً (ٔ)‪« ،)ٕٙ( :‬المجموع» ٖ‪.ٖٕٖ :‬‬
‫(‪)5‬انظر «مسابل اإلمام أحمد» للنٌسابوري صٓ٘ فمرة (‪« ،)ٕٖ1‬المؽنً» (ٕ)‪« ،)ٔٗٙ( :‬إؼاثة اللهفان»‬
‫ٔ‪.ٖٔ٘ :‬‬
‫(ٓٔ)أخرجه أحمد (ٖ)‪ ،)٘ٓ( :‬وأبو داود ‪ -‬فً الصبلة ‪ -‬باب من رأى االستفتاح بسبحانن اللهم وبحمدن ‪-‬‬
‫حدٌث ٘‪ ،22‬والترمذي‪ -‬فً أبواب الصبلة‪ -‬باب ما ٌمول عند افتتاح الصبلة ‪ -‬حدٌث (ٕٕٗ) ‪ -‬لال الترمذي‬
‫«وحدٌث أبً سعٌد أشهر حدٌث فً هذا الباب» والنسابً فً الصبلة ‪ -‬باب نوع آخر من الذكر بعد افتتاح‬
‫الصبلة ٕ‪ ،ٖٕٔ :‬وابن ماجه فً اإللامة الحدٌث (ٗٓ‪ .)1‬وصححه أحمد شاكر فً تحمٌك سنن الترمذي ٕ‪،ٔٔ:‬‬
‫واأللبانً فً «صحٌح سنن أبً داود» حدٌث (ٔٓ‪ ،)2‬وحسنه األرناإوط فً تحمٌمه لزاد المعاد (ٔ)‪.)ٕٓ٘( :‬‬
‫ولد أخرج هذا الحدٌث من حدٌث عابشة أبو داود ‪ -‬الحدٌث (‪ ،)22ٙ‬والترمذي ‪ -‬الحدٌث ٖٕٗ‪ ،‬وابن ماجه فً‬
‫اإللامة الحدٌث (‪ ،)1ٓٙ‬والدارلطنً (ٔ)‪ ،)ٕٔٔ( :‬والحاكم ٔ‪ )ٕٖ٘( :‬ورجاله ثمات فالحدٌث صحٌح‪.‬‬
‫(ٔٔ)أخرجه ابن ماجه ‪ -‬فً إلامة الصبلة‪ -‬باب االستعاذة فً الصبلة ‪ -‬حدٌث (‪ ،)1ٓ1‬وأبن خزٌمة‪ -‬فً‬
‫الصبلة‪ -‬باب االستعاذة فً الصبلة لبل المراءة حدٌث (ٕ‪ .)ٗ2‬وصححه األلبانً فً «صحٌح سنن ابن ماجه»‬
‫حدٌث (‪ .)ٙ٘1‬وأخرجه ابن أبً شٌبة فً المصنؾ ‪ -‬فً الصبلة ‪ -‬التعوذ كٌؾ هو (ٔ)‪.)ٕٖ1( :‬‬
‫الصٌؽة الخامس‪ :‬أعوذ باهلل من الشٌطان الرجٌم‪ ،‬إن هللا هو السمٌع العلٌم(ٖ)‪.‬‬
‫جمعًا بٌن أدلة الصٌؽة األولى‪ ،‬وأدلة الصٌؽة الثانٌة والثالثة‪.‬‬
‫وبها لرأ نافع وابن عامر والكسابً(ٗ)‪ ،‬وهً مروٌة عن حمزة وعن أبً عمرو ولد ُروٌت‬
‫(٘)‬

‫عن عمر بن الخطاب ‪ -‬رضً هللا عنه ‪ -‬ودمحم بن سٌرٌن(‪.)ٙ‬‬


‫وهً اختٌار سفٌان الثوري(‪ ،)2‬واألوزاعً(‪ ،)1‬ومسلم بن ٌسار(‪ ،)5‬وأحمد فً رواٌة‪ ،‬اختارها‬
‫الماضً أبو ٌعلى‪ ،‬وابن عمٌل(ٓٔ)‪.‬‬
‫الصٌؽة السادسة‪ :‬أعوذ باهلل العظٌم‪ ،‬وبوجهه الكرٌم‪ ،‬وسلطانه المدٌم‪ ،‬من الشٌطان الرجٌم‪.‬‬
‫لما رواه عبد هللا بن عمرو بن العاص ‪ -‬رضً هللا عنهما ‪ -‬عن النبً ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬أنه كان إذا دخل‬
‫المسجد لال‪« :‬أعوذ باهلل العظٌم‪ ،‬وبوجهه الكرٌم‪ ،‬وسلطانه المدٌم من الشٌطان الرجٌم"(ٔٔ)‪.‬‬
‫وهنان ألفاظ أخرى(ٕٔ)‪ ،‬واللفظ األول ممدم واختار هذه الصٌؽـة أكثر العلماء‪ ،‬لثبلثة‬
‫أسباب‪:‬‬

‫(ٔ)أخرجها عن الحسن عبد الرزاق فً الصبلة‪ -‬باب االستعاذة فً الصبلة‪ ،‬األثرٓ‪.ٕ٘1‬‬


‫(ٕ) انظر‪ :‬إؼاثة اللهفان‪ .ٔ٘ٗ/ٔ :‬ولد أخرج عبد الرزاق فً الموضع السابك‪ ،‬األثر ‪ ،ٕ٘22‬وابن حزم فً‬
‫«المحلً» ٖ‪ ٕٗ5:‬عن ابن عمر أنه كان ٌمول‪« :‬للهم أعوذ بن من الشٌطان الرجٌم»‪.‬‬
‫(ٖ)انظر «ؼرابب المرآن» (ٔ)‪« ،)ٔ٘( :‬إؼاثة اللهفان» (ٔ)‪.)ٔ٘ٗ( :‬‬
‫(ٗ)انظر «اإللناع فً المراءات السبع» (ٔ)‪« ،)ٔ٘ٓ( :‬المبسوط» (ٔ)‪.)ٖٔ( :‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬النشر‪.ٕ٘ٔ/ٔ :‬‬
‫(‪ )ٙ‬انظر‪ :‬النشر‪.ٔٓ/ٔ :‬‬
‫(‪)2‬انظر «التفسٌر الكبٌر» ٔ‪« ،)ٙٔ( :‬المجموع» ٖ‪« ،ٖٖ٘ :‬إؼاثة اللهفان» (ٔ)‪« ،)ٔ٘ٗ( :‬تفسٌر ابن‬
‫كثٌر» ٔ‪« ،ٖٕ :‬النشر» ٔ‪.)ٕ٘ٓ( :‬‬
‫(‪)1‬انظر «التفسٌر الكبٌر» ٔ‪« ،ٙٔ:‬لباب التؤوٌل» ٔ‪« ،)ٔٓ( :‬تفسٌر ابن كثٌر» ٔ‪.)ٖٕ( :‬‬
‫(‪)5‬أخرجها عنه ابن أبً شٌبة فً المصنؾ فً الصبلة‪ -‬فً التعوذ كٌؾ هو (ٔ)‪ ،ٕٖ2 :‬وانظر «إؼاثة‬
‫اللهفان» (ٔ)‪« ،)ٔ٘ٗ( :‬النشر» (ٕ) ٓ٘‪.‬‬
‫(ٓٔ)انظر «المؽنً» (ٕ)‪« ،)ٔٗٙ( :‬إؼاثة اللهفان» ٔ‪.ٔ٘ٗ ،ٕٔ٘:‬‬
‫(ٔٔ)أخرجه أبو داود فً الصبلة ‪ -‬الحدٌث ٔٗٗ وصححه األلبانً‪ .‬وانظر «النشر» ٔ‪.ٕ٘ٔ:‬‬
‫(ٕٔ)وهنان صٌػ أخرى روٌت عن بعض المراء‪ ،‬وبعض أهل العلم‪.‬‬
‫‪ -‬منها‪ :‬أعوذ باهلل العظٌم‪ ،‬من الشٌطان الرجٌم [ذكرها ابن الباذش فً «إللناع فً المراءات السبع» ٔ‪،ٔٗ5:‬‬
‫ولال‪« :‬هً رواٌة أهل مصر عن ورش فٌما ذكر األهوازي»‪ .‬وانظر «النشر» ‪..]:ٕٗ5‬‬
‫‪ -‬ومنها‪ :‬أعوذ باهلل العظٌم‪ ،‬السمٌع العلٌم‪ ،‬من الشٌطان الرجٌم[رواها هبٌرة عن حفص فٌما ذكر ابن الباذش فً‬
‫«اإللناع» ٔ‪ ،ٔ٘ٓ:‬وانظر «المبسوط» ٔ‪.]ٖٔ:‬‬
‫‪ -‬ومنها‪ :‬أعوذ باهلل العظٌم‪ ،‬من الشٌطان الرجٌم‪ ،‬إن هللا هو السمٌع العلٌم‪[.‬انظر «النشر» ٔ‪.]ٕ٘ٓ:‬‬
‫‪-‬ومنها‪ :‬أعوذ باهلل السمٌع العلٌم‪ ،‬من الشٌطان الرجٌم‪ ،‬إن هللا هو السمٌع العلٌم [انظر «المجموع» ٖ‪.]ٖٕ٘:‬‬
‫‪-‬ومنها‪ :‬أستعٌذ باهلل‪ ،‬أو نستعٌذ باهلل‪ ،‬من الشٌطان الرجٌم [نسبت لحمزة الزٌات ودمحم بن سٌرٌن‪ .‬انظر‬
‫«المبسوط» ٔ‪« ،ٖٔ:‬مجمع البٌان» ٔ‪« ،ٔ1:‬ؼرابب المرآن» للنٌسابوري ٔ‪ ،ٔ٘:‬ولد نفى ابن الجزري‬
‫صحتها عن حمزة‪ .‬انظر «النشر» ٔ‪.]ٕٗٙ:‬‬
‫‪-‬ومنها‪ :‬أعوذ باهلل الموي‪ ،‬من الشٌطان الؽوي‪ [.‬لال ابن الباذش فً «اإللناع» ٔ‪« ٔ٘ٔ:‬اختارها بعضهم لجمٌع‬
‫المراء»]‪.‬‬
‫‪-‬ومنها‪ :‬أعوذ باهلل المجٌد‪ ،‬من الشٌطان المرٌد‪ [.‬انظر «تفسٌر ابن عطٌة» ٔ‪.]ٗ5:‬‬
‫‪-‬ومنها أعوذ باهلل من الشٌطان الرجٌم وأستفتح هللا وهو خٌر الفاتحٌن‪ [.‬انظر «النشر» ٔ‪.]ٕ٘ٔ:‬‬
‫أحدها‪ :‬ألنها الصٌؽة التً جاءت بالمرآن(ٔ)‪.‬‬
‫ًِ‬‫صرد لال "ا ْستَبَّ َر ُجبلَ ِن ِع ْن َد النَّبِ ّ‬ ‫والثانً‪ :‬وهو الذي ورد فً السنة كما فً حدٌث سلٌمان بن ُ‬
‫ضبًا لَ ِد احْ َم َّر َوجْ ُههُ ‪،‬‬ ‫ْ‬
‫احبَهُ ‪ُ ،‬مؽ َ‬‫ص ِ‬ ‫وس ‪َ ،‬وأ َ َح ُد ُه َما ٌَسُبُّ َ‬ ‫َحْن ِع ْن َدهُ ُجلُ ٌ‬ ‫سلَّ َم َون ُ‬ ‫علَ ٌْ ِه َو َ‬‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫َ‬
‫عوذُ‬ ‫ع ْنهُ َما ٌَ ِج ُد ‪ ،‬لَ ْو لَا َل ‪ :‬أ َُ‬
‫َب َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سل َم ‪ :‬إِ ِنًّ َأل ْعل ُم َك ِل َمة ‪ ،‬ل ْو لَال َها لذه َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫عل ٌْ ِه َو َ‬‫صلى هللاُ َ‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫فَمَا َل النَّبِ ُّ‬
‫(ٕ)‬
‫الر ِج ٌِم " ‪.‬‬ ‫ان َّ‬ ‫َ‬
‫ش ٌْط ِ‬ ‫اّلل مِنَ ال َّ‬ ‫بِ َّ ِ‬
‫(ٖ)‬
‫والثالث‪ :‬أن هذه الصٌؽة هً المختارة عند أكثر المراء ‪،‬منهم‪ :‬أبو عمرو البصري‪ ،‬وعاصم بن‬
‫أبً النجود الكوفً‪ ،‬وعبد هللا ابن كثٌر المكً(ٗ) وبها كان ٌتعوذ جمهور السلؾ من الصحابة‬
‫والتابعٌن منهم‪ :‬عمر بن الخطاب وابنه عبد هللا بن عمر (٘) ‪-‬رضً هللا عنهما‪ ،-‬وهً اختٌار‪:‬‬
‫أبً حنٌفة (‪ ،)ٙ‬والشافعً(‪ ،)2‬وأحمد بن حنبل(‪ - )1‬رحمهم هللا‪.‬‬
‫لال ابن عطٌة ‪" :‬وأما لفظ االستعاذة ‪ ،‬فالذي علٌه جمهور الناس ‪ ،‬هو لفظ كتاب هللا‬
‫تعالى( أعوذ باهلل من الشٌطان الرجٌم)"(‪.)5‬‬
‫لال مكً‪ ":‬الذي علٌه العمل وهو االختٌار أن ٌمول المراء‪ :‬أعوذ باهلل من الشٌطان‬
‫الرجٌم‪ .‬لآلٌة"(ٓٔ)‪.‬‬
‫س ُّر باالستعاذة فً الحاالت اآلتٌة‪:‬‬ ‫وٌ ُ َ‬
‫سرا‪ ،‬سواء كان المارىء منفردا أم فً مجلس‪.‬‬ ‫ٔ‪-‬عند المراءة ًّ‬
‫جهرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫سرا أم‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وعند المراءة خالًٌا‪ ،‬سواء ألَ َرأ المارئ ًّ‬

‫‪-‬ومنها أعوذ باهلل السمٌع‪ ،‬الرحمن الرحٌم‪ ،‬من الشٌطان الرجٌم‪ ،‬وأعوذ بن رب أن ٌحضرون‪ ،‬أو ٌدخلوا بٌتً‬
‫الذي ٌإوٌنً ‪ [.‬أخرجها عبد الرازق عن عطاء‪ -‬فً الصبلة‪ -‬باب االستعاذة فً الصبلة‪ -‬حدٌث ٗ‪.]ٕ٘2‬‬
‫‪-‬ومنها‪ :‬رب أعوذ بن من همزات الشٌطان‪ ،‬وأعوذ بن رب أن ٌحضرون‪ ،‬أعوذ باهلل من الشٌطان الرجٌم‪ ،‬إن‬
‫هللا هو السمٌع العلٌم[أخرجها عبد الرزاق ‪ -‬فً الصبلة ‪ -‬باب االستعاذة فً الصبلة ‪ -‬حدٌث ‪ ٕ٘21‬من‬
‫طاووس]‪.‬‬
‫‪-‬ومنها‪ :‬أعوذ باهلل السمٌع العلٌم من همزات الشٌاطٌن‪ ،‬وأعوذ باهلل أن ٌحضرون‪ [.‬أخرجها ابن أبً شٌبة فً‬
‫الصبلة ‪ -‬فً التعوذ كٌؾ هو‪ٕٖ1:ٔ ،‬عن دمحم بن سٌرٌن]‪.‬‬
‫وهذه الصٌػ وإن روٌت عن بعض السلؾ‪ ،‬فإن ألل أحوالها الجواز‪ ،‬وما صح عن المصطفى ‪ -‬صلى‬
‫هللا علٌه وسلم ‪ -‬هو األولى باألتباع‪[.‬انظر‪ :‬اللباب فً تفسٌر اإلستعاذة والبسملة وفاتحة الكتاب‪.]ٕٔ:‬‬
‫(ٔ)الجامع ألحكام المرآن ‪ٕٙ / ٔ :‬‬
‫(ٕ)رواه البخاري (٘ٔٔ‪ ، )ٙ‬ومسلم (ٓٔ‪.)ٕٙ‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬النشر‪ ،ٕٖٗ/ٔ :‬واللباب فً تفسٌر اإلستعاذة والبسملة وفاتحة الكتاب‪.ٔٗ :‬‬
‫(ٗ)انظر «المبسوط» ٔ‪« ،ٖٔ :‬ؼرابب المرآن» للنٌسابوري ٔ‪« ،ٔ٘ :‬مجمع البٌان» ٔ‪ٔ1 :‬‬
‫(٘)أخرجها عن عمر‪ -‬ابن أبً شٌبة ‪ -‬فً الصبلة ‪ -‬فً التعوذ كٌؾ هو لبل المراءة أو بعدها (ٔ)‪،)ٕٖ2( :‬‬
‫والبٌهمً فً الصبلة‪ ،‬باب التعوذ بعد االفتتاح (ٕ)‪ .ٖٙ :‬وأخرجها عن عبد هللا ابن عمر ابن أبً شٌبة فً‬
‫الموضع نفسه‪.‬‬
‫(‪)ٙ‬انظر «فتح المدٌر» البن الهمام ٔ‪« ،ٕ5ٔ :‬النشر» ٔ‪.)ٕٖٗ( :‬‬
‫(‪)2‬انظر «األم» ٔ‪« ،ٔٓ2 :‬أحكام المرآن» للشافعً (ٔ)‪« ،)ٕٙ( :‬المهذب» للشٌرازي ا‪« ،)25( :‬التبٌان»‬
‫للنووي صٗ‪« ،ٙ‬تفسٌر ابن كثٌر» ٔ‪.ٕٖٗ :‬‬
‫(‪)1‬انظر «المؽنً» (ٕ)‪« ،)ٔٗٙ( :‬إؼاثة اللهفان» (ٔ)‪« ،)ٖٔ٘( :‬النشر» (ٔ)‪.)ٕٖٗ( :‬‬
‫(‪ )5‬تفسٌر ابن عطٌة‪.٘٘/ٔ :‬‬
‫(ٓٔ)الكشؾ عن وجوه المراءات السبع ‪ ،1 /ٔ :‬وانظر أٌضًا «التبصرة» لمكً ص‪« ،ٕٗٙ‬اإللناع فً‬
‫المراءات السبع» ٔ‪.ٔ٘ٔ:‬‬
‫ٕ ‪-‬وفً الصبلة سرٌةً كانت أم جهرٌة‪.‬‬
‫ئ بالمراءة‪.‬‬ ‫ئ المبتد َ‬ ‫ٖ‪ -‬وإن كان المارئ وسط لوم ٌتدارسون المرآن ولم ٌكن المار ُ‬
‫جهرا‪ ،‬وكان هنان من ٌستمع إلٌه‪ ،‬وفً‬ ‫ً‬ ‫وٌستحب الجهر باالستعاذة إذا كان المارئ ٌمرأ‬
‫(ٔ)‬
‫ئ بالمراءة ‪.‬‬ ‫حالة التعلٌم والمدارسة عندما ٌكون المارئ المبتد َ‬
‫وتشرع االستعاذة فً مواضع‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬عند لراءة المرآن‪:‬‬
‫الر ِج ٌِم} [النحل ‪.]51 :‬‬ ‫ان َّ‬ ‫َ‬
‫ش ٌْط ِ‬ ‫اّلل ِمنَ ال َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫لال تعالى‪{ :‬فَإ ِ َذا لَ َرأتَ الم ْرآنَ فَا ْست َ ِعذ بِ َّ ِ‬
‫ٕ‪ -‬عند حصول نزغ من الشٌطان ووسوسة ‪.‬‬
‫ع ِلٌ ٌم} [األعراؾ ‪:‬‬ ‫س ِمٌ ٌع َ‬ ‫اّلل ِإنَّهُ َ‬ ‫ْ‬
‫ان ن َْزغ فَا ْست َ ِعذ بِ َّ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ش ٌْط ِ‬‫َ‬ ‫ؼنَّنَ ِمنَ ال َّ‬ ‫{و ِإ َّما ٌَ ْنزَ َ‬‫لال تعالى‪َ :‬‬
‫ٕٓٓ]‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬عند ما ٌوسوس الشٌطان للمسلم فً معتمده بربه ‪.‬‬
‫لحدٌث أبً هرٌرة‪ ،‬لال ‪ :‬لال رسول هللا ‪" : ‬ال ٌزال الناس ٌتساءلون حتى ٌمال هذا‬
‫خلك هللاُ الخلكَ ‪ ،‬فمن خلك هللا ؟ فمن وجد من ذلن شٌبا فلٌمل آمنت باهلل"(ٕ)‪.‬‬
‫الشٌطان أح َدكم فٌمول من خلك السماء ؟ من خلك األرض‬ ‫ُ‬ ‫ولال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪ٌ " :‬ؤتً‬
‫؟ فٌمول ‪ :‬هللا ‪ - ،‬ثم ذكر بمثله ‪ -‬وزاد ‪ " :‬ورسله‪" .‬‬
‫الشٌطان أح َدكم فٌمول من خلك كذا وكذا ؟ حتى ٌمول له من‬ ‫ُ‬ ‫ولال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪ٌ " :‬ؤتً‬
‫خلك ربَّن ؟ فإذا بلػ ذلن فلٌستعذ باهلل ولٌنته‪" .‬‬
‫(ٖ)‬
‫ولال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪ٌ " :‬ؤتً العبد الشٌطان فٌمول من خلك كذا وكذا ؟ " ‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬ومنها ‪ :‬عند ما ٌُلبس الشٌطان على اإلنسان فً صبلته ‪.‬‬
‫طانَ لَ ْد‬ ‫ش ٌْ َ‬‫َّللاِ إِ َّن ال َّ‬
‫سو َل َّ‬ ‫لحدٌث عثمان بن أبً العاص أنه أتى النبً ‪ ‬فمال ‪ٌَ " :‬ا َر ُ‬
‫سلَّ َم ‪َ " :‬ذانَ‬ ‫علَ ٌْ ِه َو َ‬‫َّللاُ َ‬ ‫صلَّى َّ‬ ‫َّللاِ َ‬ ‫سو ُل َّ‬ ‫ً ‪ .‬فَمَا َل َر ُ‬ ‫علَ َّ‬ ‫س َها َ‬ ‫ص َبلتًِ َولِ َرا َءتًِ ٌَ ْل ِب ُ‬ ‫َحا َل بَ ٌْنًِ َوبٌَْنَ َ‬
‫ارنَ ث َ َبلثًا" لَا َل ‪ :‬فَفَ َع ْلتُ َذلِنَ‬ ‫س ِ‬ ‫علَى ٌَ َ‬ ‫اّلل ِم ْنهُ َواتْ ِف ْل َ‬ ‫س ْستَهُ فَت َ َع َّو ْذ ِب َّ ِ‬ ‫ان ٌُمَا ُل لَهُ َخ ْنزَ بٌ ‪ ،‬فَإِذَا أَحْ َ‬ ‫ط ٌ‬ ‫ش ٌْ َ‬ ‫َ‬
‫فَؤ َ ْذ َه َبهُ َّ‬
‫(ٗ)‬
‫ع ِنًّ " ‪.‬‬ ‫َّللاُ َ‬
‫٘‪ -‬ومنها‪ :‬عند الؽضب ‪.‬‬
‫َحْن ِع ْن َدهُ‬ ‫سلَّ َم َون ُ‬ ‫علَ ٌْ ِه َو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫ًِ َ‬ ‫صرد لال "ا ْستَبَّ َر ُجبلَ ِن ِع ْن َد النَّ ِب ّ‬ ‫لحدٌث سلٌمان بن ُ‬
‫سلَّ َم ‪" :‬‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬
‫علَ ٌْ ِه َو َ‬ ‫ً َ‬ ‫ضبًا لَ ِد احْ َم َّر َوجْ ُههُ ‪ ،‬فَمَا َل النَّبِ ُّ‬ ‫اح َبهُ ‪ُ ،‬م ْؽ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫وس ‪َ ،‬وأ َ َح ُد ُه َما ٌَسُبُّ َ‬ ‫ُجلُ ٌ‬
‫عوذُ ِب َّ‬ ‫ع ْنهُ َما ٌَ ِج ُد ‪ ،‬لَ ْو لَا َل ‪ :‬أ َ ُ‬ ‫ِإ ِنًّ َأل َ ْعلَ ُم َك ِل َمةً ‪ ،‬لَ ْو لَالَ َها لَذَه َ‬
‫(٘)‬
‫الر ِج ٌِم " ‪.‬‬ ‫ان َّ‬ ‫ط ِ‬ ‫ش ٌْ َ‬ ‫اّللِ ِمنَ ال َّ‬ ‫َب َ‬
‫‪ -ٙ‬ومنها ‪ :‬عندما ٌرى اإلنسان رإٌا ٌكرهها ‪.‬‬
‫ان‬‫ط ِ‬ ‫َّللاِ َو ْال ُح ْل ُم ِمنَ ال َّ‬
‫ش ٌْ َ‬ ‫"الرإْ ٌَا مِنَ َّ‬ ‫لحدٌث أبً لتادة ‪ .‬لال ‪ :‬سمعت رسول هللا ‪ٌ ‬مول ُّ‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫ض َّرهُ " ‪.‬‬ ‫اّلل ِم ْن ش ِ َّرهَا فَإ ِنَّ َها لَ ْن ت َ ُ‬ ‫ار ِه ثَبلثًا َو ْلٌَتَعَ َّو ْذ بِ َّ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ع ْن ٌَ َ‬ ‫ث َ‬ ‫فَإ ِ َذا َحلَ َم أ َ َح ُد ُك ْم ُح ْل ًما ٌَ ْك َر ُههُ فَ ْل ٌَ ْنفُ ْ‬
‫‪ -2‬ومنها ‪ :‬عند نزول منزل ‪.‬‬

‫(ٔ)انظر‪ :‬البدور الزاهرة فً المراءات العشر المتواترة‪ ،‬عبدالفتاح الماضً‪ ،‬دار الكتاب العالمً‪.ٕٔ :‬‬
‫(ٕ) صحٌح مسلم(ٖٗٔ)‪:‬صٔ‪.ٕٔٓ/‬‬
‫(ٖ) األحادٌث رواها جمٌعا االمام مسلم‪.ٖٔٗ :‬‬
‫(ٗ) رواه مسلم‪.ٕٕٖٓ :‬‬
‫(٘)رواه البخاري (٘ٔٔ‪ ، )ٙ‬ومسلم (ٓٔ‪.)ٕٙ‬‬
‫(‪)ٙ‬رواه مسلم (ٔ‪.)ٕٕٙ‬‬
‫لحدٌث خولة بنت حكٌم لالت ‪ :‬سمعت رسول هللا ‪ٌ ‬مول‪َ ":‬م ْن نَزَ َل َم ْن ِز ًال ث ُ َّم لَالَ‪:‬‬
‫ش ًْ ٌء‪َ ،‬حتَّى ٌَ ْرت َِح َل ِم ْن َم ْن ِز ِل ِه َذلِنَ "(ٔ)‪.‬‬
‫ض َّرهُ َ‬‫ت ِم ْن ش ِ َّر َما َخلَكَ ‪ ،‬لَ ْم ٌَ ُ‬ ‫ت هللاِ التَّا َّما ِ‬ ‫أَ ُ‬
‫عوذُ بِ َك ِل َما ِ‬
‫‪-1‬ومنها ‪ :‬عند دخول الخبلء ‪.‬‬
‫ً صلَّى هللاُ علٌه وسلم كان إذا دخل الخبلء‪ ،‬لال ‪:‬الله َّم إنًِّ أعوذ بن من‬ ‫َّ‬ ‫"أن النب َّ‬‫لحدٌث أنس َّ‬
‫ال ُخبُثِ"(ٕ)‪.‬‬
‫وأما الحكمة من االستعاذة لبل المراءة‪ ،‬فنمول(ٖ)‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬أن المرآن شفاء لما فً الصدور ٌُذهب لما ٌلمٌه الشٌطان فٌها من الوساوس والشهوات‬
‫واإلرادات ‪.‬‬
‫ثانٌا ً ‪ :‬أن المبلبكة تدنو من لارئ المرآن وتستمع لمراءته ‪ ،‬والشٌطان ضد الملن وعدوه ‪ ،‬فؤمر‬
‫المارئ أن ٌطلب من هللا تعالى مباعدة عدوه عنه ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬أن الشٌطان ٌُجلب بخٌله ورجله على المارئ حتى ٌشؽله عن الممصود بالمرآن ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬أن الشٌطان أحرص ما ٌكون على اإلنسان عندما ٌهم بالخٌر أو ٌدخل فٌه‪.‬‬
‫الفوابد‪:‬‬
‫ٔ‪-‬مشروعٌة االستعاذة دابما ً من الشٌطان‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬فٌه دلٌل على أن اإلنسان ٌنبؽً أن ٌطلب العون من هللا على الطاعة وعلى مجاهدة عدوه‬
‫ٖ‪ -‬وفٌه دلٌل على اعتراؾ العبد بالعجز ولدرة الرب‪.‬‬
‫ٗ‪-‬وفٌه أنه ال وسٌلة إلى المرب من هللا إال بالعجز واالنكسار‪.‬‬
‫٘‪ -‬وفٌه اإللرار بالفمر التام للعبد ‪ ،‬والؽنى التام هلل سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫المرآن‬
‫ٌم (‪[ })8‬الفاتحة ‪]8 :‬‬ ‫الر ِح ِ‬
‫الرحْ َم ِن ه‬ ‫َّللا ه‬
‫س ِم ه ِ‬‫{ ِب ْ‬
‫التفسٌر‪:‬‬
‫أبتدئ لراءة المرآن باسم هللا مستعٌنا به‪ ،‬هللاِ علم على الرب ‪-‬تبارن وتعالى‪ -‬المعبود بحك دون‬
‫الرحْ َم ِن ذي الرحمة العامة الذي‬ ‫سواه‪ ،‬وهو أخص أسماء هللا تعالى‪ ،‬وال ٌسمى به ؼٌره سبحانه‪َّ .‬‬
‫الر ِح ٌِم بالمإمنٌن‪ ،‬وهما اسمان من أسمابه تعالى‪ٌ ،‬تضمنان إثبات‬ ‫وسعت رحمته جمٌع الخلك‪َّ ،‬‬
‫صفة الرحمة هلل تعالى كما ٌلٌك بجبلله‪.‬‬
‫لال الماوردي‪ ":‬أجمعوا أنها من المرآن فً سورة النمل‪ ،‬وإنما اختلفوا فً إثباتها فً‬
‫فاتحة الكتاب‪ ،‬وفً أول كل سورة‪ ،‬فؤثبتها الشافعً فً طابفة(ٗ)‪ ،‬ونفاها أبو حنٌفة فً‬
‫آخرٌن"(٘)‪.‬‬
‫َّللاِ}[الفاتحة‪ ،]ٔ:‬أي‪ " :‬أبدأ بتسمٌة هللا وذكره لبل كل شًء"(‪.)ٙ‬‬ ‫لوله تعالى‪ِ {:‬بس ِْم َّ‬

‫(ٔ) رواه مسلم‪.)ٕ2ٓ1( :‬‬


‫(ٕ) رواه البخاري(ٕٕٖ‪ ،)ٙ‬اللفظ له ومسلم‪.ٖ2٘ :‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬إؼاثة اللهفان ‪. ٔٓ2 / ٔ :‬‬
‫شافِ ِعً‪ :‬ثم بعد لول‪( :‬أعوذ باهلل من الشٌطان الرجٌم) ٌمرا ً‬ ‫(ٗ) لال الشافعً‪ ":‬لال ال َّ‬
‫الر ِح ٌِم) ‪ ،‬أن النبً ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬لرأ بؤم المرآن وعدَّها ‪ -‬أي‪ :‬البسملة ‪-‬‬
‫الرحْ َم ِن َّ‬ ‫مرتبل بؤم المرآن وٌبتدبها ب (بِس ِْم َّ ِ‬
‫َّللا َّ‬
‫آٌة‪[".‬تفسٌر اإلمام الشافعً‪. ]ٔ5ٕ/ٔ:‬‬
‫(٘) النكت والعٌون‪.ٗ2 :‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر الطبري‪.ٔٔ٘/ٔ:‬‬
‫لال الثعلبً‪ ":‬وفً الكبلم إضمار واختصار تمدٌره‪ :‬لل‪ ،‬أو ابدأ بسم هللا"(ٔ)‪.‬‬
‫لال ابن عباس‪ّ ":‬أول ما نزل جبرٌل على دمحم ملسو هيلع هللا ىلص لال ‪ٌ :‬ا دمحم ‪ ،‬لل ‪ :‬أستعٌذ بالسمٌع‬
‫العلٌم من الشٌطان الرجٌم‪ ،‬ثم لال ‪ :‬لل ‪{ :‬بسم ميحرلا نمحرلا هللا}"‪ .‬لال ابن عباس ‪{" :‬بسم هللا }‪،‬‬
‫ٌمول له جبرٌ ُل ‪ٌ :‬ا دمحم ‪ ،‬الرأ بذكر هللا ر ِبّن ‪ ،‬ولم والعد بذكر هللا "(ٕ)‪.‬‬
‫ؾ فً لوله تعالى‪ {:‬بِسْم}[الفاتحة‪ ،]ٔ:‬على لولٌن(ٖ)‪:‬‬ ‫واخت ُ ِل َ‬
‫الرحمن الرحٌ ُم ‪ ،‬لاله أبو‬ ‫ُ‬ ‫المول األول‪ :‬أنها صلة زابدة‪ ،‬وأن االسم هو المسمى‪ ،‬وإنما هو‪ :‬هللاُ‬
‫عبٌدة(ٗ) وآخرون(٘)‪ ،‬واستشهدوا بمول لبٌد(‪: )ٙ‬‬
‫امبلً فَمَ ِد ا ْعت َ َذ ْر‬
‫َو َم ْن ٌَب ِْن َح ْوالً َك ِ‬ ‫علَ ٌْ ُكما‬ ‫إِلَى ْال َح ْو ِل ث ُ َّم ا ْس ُم ال َّ‬
‫سبلَ ِم َ‬
‫فذكر اسم السبلم زٌادة ‪ ،‬وإنما أراد ‪ :‬ثم السبلم علٌكما ‪.‬‬
‫ش ُرنَ بِؽُ ٍ‬
‫بلم ا ْس ُمهُ‬ ‫لال الثعلبً‪ ":‬والدلٌل على أن االسم عٌن المس ّمى لوله تعالى‪{ :‬إِنَّا نُبَ ِ ّ‬
‫أن اسمه ٌحٌى‪ ،‬ث ّم نادى االسم وخاطبه فمال‪ٌ{ :‬ا ٌَحْ ٌى}[مرٌمٖٔ]‪،‬‬ ‫ٌَحْ ٌى}[مرٌم‪ ،]2:‬فؤخبر ّ‬
‫َ‬
‫فٌحٌى هو االسم‪ ،‬واإلسم هو ٌحٌى‪ ،‬ولوله تعالى‪{ :‬ما ت َ ْعبُدُونَ ِم ْن دُونِ ِه ِإ َّال أسْما ًء‬
‫س َّم ٌْت ُ ُموها}[ٌوسؾ‪ ،]ٗ1:‬وأراد األشخاص المعبودة ألنهم كانوا ٌعبدون المس ّمٌات‪ ،‬ولوله تعالى‪:‬‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫َبارنَ ا ْس ُم َربِّنَ }[الرحمن‪ ،]21:‬ولوله صلى هللا علٌه‬ ‫َ‬
‫س ِبّحِ اس َْم َر ِبّنَ ْاأل ْعلَى}[األعلى‪ ،]ٔ:‬و{ت َ‬ ‫{ َ‬
‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫"لتضربن مضر عباد هللا حتّى ال ٌعبد له اسم" ‪ .‬أي حتى ال ٌعبد هو" ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وسلم‪:‬‬
‫(‪)5‬‬
‫واختلؾ من لال بهذا فً معنى زٌادته على لولٌن ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬إلجبلل ذكره وتعظٌمه ‪ ،‬لٌمع الفرق به بٌن ذكره وذكر ؼٌره من المخلولٌن ‪ ،‬وهذا‬
‫لول لطرب ‪.‬‬
‫التبرن ‪ ،‬وهذا لول األخفش ‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫والثانً ‪ :‬لٌخرج به من حكم المسم إلى لصد‬
‫والمول الثانً‪ :‬وذهب الجمهور إلى أن ( بسم ) أصل ممصود ‪ ،‬واختلفوا فً معنى دخول الباء‬
‫علٌه ‪ ،‬فهل دخلت على معنى األمر أو على معنى الخبر على لولٌن‪:‬‬

‫(ٔ) تفسٌر الثعلبً‪.5ٕ/ٔ:‬‬


‫(ٕ) أخرجه الطبري(‪:)ٖٔ5‬صٔ‪.ٔٔ2/‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬النكت والعٌون‪.ٗ2 :‬‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬مجاز المرآن‪.ٔٙ/ٔ :‬‬
‫(٘) منهم الثعلبً فً تفسٌره "الكشؾ والبٌان" ٔ‪ ، 5ٕ /‬ولرره أبو عبٌدة فً "مجاز المرآن" ٔ‪ ،ٔٙ /‬والزجاج‬
‫فً "معانً المرآن" ٔ‪ . ٕ /‬ولد رد الطبري هذا المول كما سبك‪ ،‬كما رد علٌه ابن جنً فً كتابه "الخصابص"‬
‫حٌث أبان فً (باب فً إضافة االسم إلى المسمى‪ ،‬والمسمى إلى االسم) لال‪" :‬فٌه دلٌل نحوي ؼٌر مدفوع ٌدل‬
‫على فساد لول من ذهب إلى أن االسم هو المسمى"‪[.‬الخصابص‪.]ٕٗ /ٖ :‬‬
‫(‪)ٙ‬دٌوانه ‪ ،‬المصٌدة رلم ‪ ، ٕٔ :‬والخزانة ٕ ‪ ، ٕٔ2 :‬ثم ٌؤتً فً تفسٌر آٌة سورة التوبة ‪ٔٗٗ : ٔٓ( 5ٓ :‬‬
‫ٌعٌش أبُوهما ‪...‬‬ ‫َ‬ ‫بوالق) ‪ ،‬وآٌة سورة الرعد ‪ )ٔٓ5 : ٖٔ( ٖ٘ :‬والشعر ٌموله البنتٌه ‪ ،‬إذ لال ‪ :‬تَ َمنَّى ابنت َ‬
‫َاي أن‬
‫ض ْر!‬ ‫ُم َ‬ ‫أو‬ ‫ربٌعة‬ ‫من‬ ‫إالَّ‬ ‫أنا‬ ‫وه َْل‬
‫ثم أمرهما بؤمره فمال لبل بٌت الشاهد ‪ :‬فمُو َما فموالَ بالذي لد علمتُما ‪ ...‬وال ت َْخ ِمشا وجْ ًها وال تَحْ ِلما َش َع ْر‬
‫َؼ َد ْر‬ ‫ع ‪ ،‬وال خانَ الصدٌكَ ‪ ،‬وال‬ ‫ولوالَ ‪ :‬هو المر ُء الّذي ال خلٌلَه ‪ ...‬أَضا َ‬
‫فموله " إلى الحول ‪ " . .‬أي افعبل ذلن إلى أن ٌحول الحول ‪ .‬والحول ‪ :‬السنة كاملة بؤسرها ‪ .‬ولوله " اعتذر "‬
‫هنا بمعنى أعذر ‪ :‬أي بلػ ألصى الؽاٌة فً العذر ‪.‬‬
‫(‪)2‬مجمع الزوابد‪.ٖٖٔ /2 :‬‬
‫(‪ )1‬تفسٌر الثعلبً‪.5ٖ/ٔ:‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬النكت والعٌون‪.ٗ2 :‬‬
‫أحدهما ‪ :‬دخلت على معنى األمر وتمدٌره ‪ :‬ابدإوا بسم ميحرلا نمحرلا هللا‪ .‬وهذا لول الفراء(ٔ)‪.‬‬
‫والثانً ‪ :‬على معنى اإلخبار وتمدٌره ‪ :‬بدأت بسم ميحرلا نمحرلا هللا‪ .‬وهذا لو ُل الز َّجاج(ٕ) ‪.‬‬
‫والصحٌح من المولٌن‪ :‬أنه ال ٌمال‪ :‬االسم هو المسمى وال ؼٌره‪ ،‬بل لد ٌكون هو‬
‫المسمى فً موضع وؼٌره فً موضع آخر‪.‬‬
‫العز فً شرح "العمٌدة الطحاوٌة" المنهج الصحٌح فً هذا‬ ‫ولد أوضح العبلمة ابن أبً ّ‬
‫حٌث‪ ،‬فمال‪" :‬لولهم‪ :‬االسم عٌن المسمى أو ؼٌره؟ وطالما ؼلط كثٌر من الناس فً ذلن‪ ،‬وجهلوا‬
‫الصواب فٌه‪ ،‬فاالسم ٌراد به المسمى تارة‪ ،‬وٌراد به اللفظ الدال علٌه أخرى‪ ،‬فإذا للت‪ :‬لال هللا‬
‫كذا‪ ،‬أو سمع هللا لمن حمده‪ ،‬ونحو ذلن‪ .‬فهذا المراد به المسمى نفسه‪ ،‬وإذا للت‪ :‬هللا اسم عربً‪،‬‬
‫والرحمن اسم عربً‪ ،‬والرحٌم من أسماء هللا تعالى ونحو ذلن‪ ،‬فاالسم ها هنا هو المراد ال‬
‫المسمى‪ ،‬وال ٌمال ؼٌره‪ ،‬لما فً لفظ الؽٌر من اإلجمال ‪.)ٖ("..‬‬
‫ولد ذكر ابن عطٌة فً "تفسٌره" أن مالكا رحمه هللا سبل عن االسم أهو المسمى؟ فمال‪:‬‬
‫"لٌس به وال ؼٌره‪ ،‬لال ابن عطٌة‪ٌ :‬رٌد دابما فً كل موضع"(ٗ)‪.‬‬
‫صوؾ‬ ‫و(االسم) ‪" :‬كلمة تدل على المسمى داللة إشارةٍ ‪ ،‬والصفة كلمة تدل على المو ُ‬
‫داللة إفادة ‪ ،‬فإن جعلت الصفة اسما ً ‪ ،‬دلَّت على األمرٌن ‪ :‬على اإلشارة واإلفادة" ‪.‬‬
‫(٘)‬

‫لال الماوردي‪ ":‬وزعم لوم أن االسم ذاتُ المسمى ‪ ،‬واللفظ هو التسمٌة دون االسم ‪،‬‬
‫ت هً الذواتُ ‪ ،‬لكان أسما ُء األفعال هً األفعال ‪ ،‬وهذا‬ ‫وهذا فاسد ‪ ،‬ألنه لو كان أسما ُء الذوا ِ‬
‫ممتنع فً األفعال فامتنع فً الذوات"(‪. )ٙ‬‬
‫واختلفوا فً اشتماق (االسم) على وجهٌن(‪: )2‬‬
‫أحدهما ‪ :‬أنه مشتك من السمة ‪ ،‬وهً العبلمة ‪ ،‬لما فً االسم من تمٌٌز المسمى ‪ ،‬وهذا لول‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفراء‬‫َّ‬
‫والثانً ‪ :‬أنه مشتك من (السمو)‪ ،‬وهً الرفعة ألن االسم ٌسمو بالمسمى فٌرفعه من ؼٌره ‪ ،‬وهذا‬
‫لول الخلٌل والز َّجاج(‪.)5‬‬
‫وأنشد لول عمرو بن معدي كرب(ٓٔ)‪:‬‬
‫َو َجا ِو ْزهُ ِإلَى َما ت َ ْست َِطٌ ُع‬ ‫ِإ َذا لَ ْم ت َ ْست َِط ْع أ َ ْمرا ً فَ َد ْعهُ‬
‫س َم ْوتَ لَهُ ُولُوعُ‬ ‫س َما لَنَ أ َ ْو َ‬
‫َ‬ ‫اء فَ ُك ُّل أ َ ْم ٍر‬
‫ع ِ‬‫ص ْلهُ ِبال ُّد َ‬ ‫َو ِ‬
‫(ٔ)‬
‫ثم ذكروا فً سبب اشتماق (االسم) من (السمو)‪ ،‬لولٌن ‪:‬‬

‫(ٔ) نسبه إلٌه الماوردي فً‪ :‬النكت والعٌون‪ ،ٗ2 :‬ولم أجد رأٌه فً معانً المرآن‪.‬‬
‫(ٕ) انظر‪ :‬معانً المرآن‪.ٖ5/ٔ:‬‬
‫(ٖ)شرح الطحاوٌة" ص ٕ‪.1‬‬
‫(ٗ) المحرر الوجٌز‪.ٖٙ /ٔ :‬‬
‫(٘) النكت والعٌون‪.ٗ1/ٔ:‬‬
‫(‪ )ٙ‬النكت والعٌون‪.ٗ1/ٔ:‬‬
‫(‪)2‬انظر‪ :‬النكت والعٌون‪ ،ٗ5-ٗ1 :‬ومعانً المرآن" للزجاج ٔ‪" ،ٕٗٓ /‬تفسٌر ابن عطٌة" ٔ‪" ،1ٗ /‬اإلنصاؾ‬
‫فً مسابل الخبلؾ" ص ٗ‪" ،‬البٌان فً ؼرٌب إعراب المرآن" ٔ‪" ،ٖٕ /‬مشكل إعراب المرآن" ٔ‪.ٙ /‬‬
‫(‪ )1‬حكاه عنه الماوردي‪ ،ٗ5/ٔ :‬ولم اجده فً معانً المرآن‪.‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬معانً المرآن‪.ٗٓ/ٔ :‬‬
‫(ٓٔ)انظر‪ :‬النكت والعٌون‪ ،ٗ5/ٔ:‬وتاج العروس‪ ،ٔ٘5/ٕٔ:‬والعٌن‪ ،ٖٙ1/ٔ:‬البٌت األول فمط‪ ،‬ولم ٌنسبه‪.‬‬
‫أحدهما‪ :‬أنه مشتك من السمو‪ ،‬ألنه ٌعلو المسمى‪ ،‬فاالسم‪ :‬ما عبل وظهر‪ ،‬فصار علما للداللة‬
‫على ما تحته من المعنى‪ .‬لاله الزجاج(ٕ)‪.‬‬
‫والثانً‪ :‬ولال بعضهم‪ :‬العلة فً اشتماله من السمو أن الكبلم ثبلثة‪ :‬اسم وفعل وحرؾ‪ ،‬فاالسم‬
‫ٌصح أن ٌكون خبرا وٌخبر عنه‪ ،‬والفعل ٌكون خبرا وال ٌخبر عنه‪ ،‬والحرؾ ال ٌكون خبرا وال‬
‫ٌخبر عنه‪ ،‬فلما كان لبلسم مزٌة على النوعٌن اآلخرٌن وجب أن ٌشتك مما ٌنبا عن هذِه‬
‫المزٌة‪ ،‬فاشتك من السمو لٌدل على علوه وارتفاعه(ٖ)‪.‬‬
‫لال الواحدي‪" :‬وعند المتكلمٌن أنه اشتك من (السمو)؛ ألنه سما عن حد العدم إلى‬
‫(ٗ)‬
‫سمو) بالضم] وجمعه (أسماء) مثل لنو وألناء‪ ،‬وحنو‬ ‫الوجود ‪،‬ولالوا‪ :‬أصله ( ِس ْمو)‪[ ،‬أو (( ُ‬
‫استثماال‪ ،‬ولم تحذؾ من نظابره؛ ألنها لم تكثر كثرته‪ ،‬ثم سكنوا السٌن‬ ‫ً‬ ‫وأحناء فحذفت الواو‬
‫استخفافًا لكثرة ما تجري على لسانهم‪ ،‬واجتلبت ألؾ الوصل لٌمكن االبتداء به‪ ،‬وكان هذا أخؾ‬
‫علٌهم من ترن الحرؾ متحركا‪ ،‬ألن األلؾ تسمط فً اإلدراج‪ ،‬وكان إثبات الحرؾ الذي ٌسمط‬
‫كثٌرا أخؾ من حركة السٌن التً تلزم أبدا"(٘)‪.‬‬
‫لال الماوردي‪ ":‬و ُحذِفت ألؾ الوصل ‪ ،‬باإللصاق فً اللفظ والخط ‪ ،‬لكثرة االستعمال‬
‫كما ُحذفت من الرحمن ‪ ،‬ولم تحذؾ من الخط فً لوله ‪ِ { :‬إ ْل َرأْ بِاس ِْم َر ِبّنَ الذَّي َخلَكَ } [ العلك ‪:‬‬
‫آٌة ٔ ] لملَّة استعماله "(‪.)ٙ‬‬
‫عى معانً الحروؾ ببسم هللا تؤوٌبلً‪ ،‬أجرى علٌه أحكام الحروؾ المعنوٌة‬ ‫وتكلؾ من َرا َ‬
‫‪ ،‬حتى صار ممصودا ً عند ذكر هللا فً كل تسمٌة ‪ ،‬ولهم فٌه ثبلثة ألاوٌل ‪:‬‬
‫(‪)2‬‬

‫وسموه وسٌادته ‪ ،‬والمٌم مجده‬ ‫ُّ‬ ‫أحدها ‪ :‬أن الباء بهاإه وبركته ‪ ،‬وبره وبصٌرته‪ ،‬والسٌن سناإه‬
‫ومملكته و َمنُّه ‪ ،‬وهذا لول الكلبً(‪ ،)1‬والضحان(‪.)5‬‬
‫لال ابن كثٌر‪ ":‬هذا ؼرٌب جدا"(ٓٔ)‪.‬‬
‫والثانً ‪ :‬أن الباء بريء من األوالد ‪ ،‬والسٌن سمٌع األصوات والمٌم مجٌب الدعوات ‪ ،‬وهذا‬
‫لول سلٌمان بن ٌسار ‪.‬‬
‫والثالث ‪ :‬أن الباء بارئ الخلك ‪ ،‬والسٌن ساتر العٌوب ‪ ،‬والمٌم المنان ‪ ،‬وهذا لول أبً روق‪.‬‬
‫لال الماوردي‪ ":‬ولو أن هذا االستنباط ٌحكً ع َّمن ٌُ ْمتدى به فً علم التفسٌر لرؼب عن‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬ومعانً المرآن" للزجاج ٔ‪ ،ٕٗٓ /‬والمحرر الوجٌز‪ ،،1ٗ /ٔ :‬والتفسٌر البسٌط‪،ٗٗٓ/ٔ :‬‬
‫واإلنصاؾ فً مسابل الخبلؾ" ص ٗ‪" ،‬البٌان فً ؼرٌب إعراب المرآن" ٔ‪" ،ٖٕ /‬مشكل إعراب المرآن" ٔ‪/‬‬
‫‪.ٙ‬‬
‫(ٕ) انظر‪ :‬معانً المرآن‪ٗٓ/ٔ :‬ن واإلنصاؾ‪.٘ :‬‬
‫(ٖ)انظر‪" :‬اإلٌضاح فً علل النحو" ص ‪" ،ٗ5‬اإلنصاؾ" ص ‪.ٙ‬‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪ ،5ٕ/ٔ :‬والتفسٌر البسٌط‪.ٗٗٓ/ٔ :‬‬
‫(٘) التفسٌر البسٌط‪ ،ٗٗٓ/ٔ :‬وانظر‪ :‬انظر‪" :‬الممتضب" ٔ‪" ،ٕٕ5 /‬مشكل إعراب المرآن" ٔ‪ ،ٙ /‬اشتماق‬
‫أسماء هللا" ص ‪" ،ٕ٘2 ،ٕ٘ٙ‬إعراب المرآن" للنحاس ٔ‪" ،ٔٔ2 /‬الكشاؾ" ٔ‪ ،ٖٗ /‬لال الزمخشري‪( :‬ومنهم‬
‫من لم ٌزدها‪ ،‬أي‪ :‬األلؾ‪ ،‬واستؽنى عنها بتحرٌن الساكن فمال‪( :‬سم) و (سم)‪.‬‬
‫(‪ )ٙ‬النكت والعٌون‪.ٗ1/ٔ :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬النكت والعٌون‪ ،٘ٓ-ٗ5 :‬وتفسٌر الثعلبً‪.5٘-5ٗ/ٔ :‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬النكت والعٌون‪ ،٘ٓ-ٗ5 :‬وتفسٌر الثعلبً‪.5٘-5ٗ/ٔ :‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬تفسٌر ابن أبً حاتم(ٕ)‪:‬صٔ‪.ٕ٘/‬‬
‫(ٓٔ) تفسٌر ابن كثٌر‪.ٖٖ /ٔ :‬‬
‫ذكره ‪ ،‬لخروجه عما اختص هللا تعالى به من أسمابه ‪ ،‬لكن لاله متبوع فذكرتُهُ َم َع بُ ْع ِد ِه حاكٌا ً ‪،‬‬
‫ال محمما ً لٌكون الكتاب جامعا ً لما لٌل"(ٔ)‪.‬‬
‫وٌمال لمن لال‪:‬بسم هللا‪ :‬بَ ْس َملَ‪ ،‬على لُؽَ ٍة ُم َولَّ َدةٍ(ٕ)‪ ،‬ولد جاءت فً الشعر‪ ،‬لال عمر بن‬
‫أبً ربٌعة(ٖ) ‪:‬‬
‫فٌََا َحبَّذا َذانَ ْال َحبِ ُ‬
‫ٌب ال ُمبَس ِْم ُل‬ ‫ؼ َداة َ لَ ِمٌت ُ َها‬
‫ت لَ ٌْلَى َ‬
‫لَمَ ْد بَ ْس َملَ ْ‬
‫س َّم باسمه الذي هو ( هللا ) ؼٌره ‪.‬‬ ‫وأما لوله‪{:‬هللا}‪ ،‬فهو أخص أسمابه به‪ ،‬ألنه لم ٌت َ‬
‫(ٗ)‬
‫و ُحكً عن أبً حنٌفة أنه االسم األعظم من أسمابه تعالى ‪ ،‬ألن ؼٌره ال ٌشاركه فٌه ‪.‬‬
‫علَ ٍم للذات أو اسم ُم ْشت ٌَّك من صف ٍة ‪ ،‬على‬ ‫واختلفوا فً هذا االسم{هللا}‪ ،‬هل هو اسم َ‬
‫لولٌن(٘)‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬أنه اسم علم لذاته ‪ ،‬ؼٌر مشتك من صفاته ‪ ،‬ألن أسماء الصفات تكون تابعة ألسماء‬
‫ت ‪ٌ ،‬كون علما ً لتكون أسماء الصفات والنعوت تبعاً‪،‬‬ ‫الذات ‪ ،‬فلم ٌكن بُ ٌّد من أن ٌختص باسم ذا ٍ‬
‫تفرد به الباري سبحانه وتعالى‪ٌ ،‬جري فً وصفه مجرى األسماء األعبلم‪ ،‬ال ٌشركه فٌه أحد‪،‬‬
‫س ِمًٌّا} [مرٌم‪ .]ٙ٘ :‬وهذا مذهب الخلٌل(‪ ،)ٙ‬وابن كٌسان(‪،)2‬وأبً‬ ‫لال هللا عز وجل‪{ :‬ه َْل ت َ ْعلَ ُم لَهُ َ‬
‫(‪)ٔٓ()5‬‬
‫‪.‬‬ ‫بكر المفال(‪ ،)1‬والحسٌن بن الفضل‬
‫همز ِه ‪ ،‬وتفخٌم لفظه هللا ‪.‬‬ ‫والمول الثانً ‪ :‬أنه مشتك من (أَلَهَ)‪ ،‬صار باشتماله عند حذؾ ِ‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬النكت والعٌون‪.٘ٓ/ٔ:‬‬


‫(ٕ) انظر‪ :‬الزاهر فً معانً كلمات الناس‪.ٔٓ/ٔ:‬‬
‫(ٖ) دٌوانه‪.ٗ51:‬‬
‫(ٗ)انظر‪ :‬النكت والعٌون‪.٘ٓ/ٔ:‬‬
‫(٘)انظر‪ :‬النكت والعٌون‪ ،٘ٔ-٘ٓ/ٔ:‬و اشتماق أسماء هللا" للزجاجً ص ٕ٘‪" ،‬الخزانة" ٕ‪ ،ٕٙ2 ،ٕٙٙ /‬و‬
‫الكتاب" ٖ‪ ،ٗ51 /‬واإلؼفال" ص ‪ ،ٕٙ‬والمخصص" ‪ ،ٖٔٗ /ٔ2‬والمسابل الحلبٌات" للفارسً صٔٓٔ‪،‬‬
‫والمسابل البصرٌات" للفارسً ٕ‪.5ٓ5 /‬‬
‫(‪)ٙ‬هو أبو عبد الرحمن الخلٌل بن أحمد الفراهٌدي‪ ،‬البصري‪ ،‬صاحب العربٌة والعروض (ٓٓٔ ‪ ٔ2٘ -‬هـ)‪.‬‬
‫انظر ترجمته فً‪" :‬معجم األدباء" ٖ‪" ،ٖٓٓ /‬طبمات النحوٌٌن واللؽوٌٌن" للزبٌدي ص ‪" ،ٗ2‬إنباه الرواة" ٔ‪/‬‬
‫‪" ،ٖ2ٙ‬وفٌات األعٌان" ٕ‪ ،ٕٗٗ /‬وممدمة "تهذٌب اللؽة" ٔ‪" ،ٖٕ /‬إشارة التعٌٌن" ص ٗٔٔ‪.‬‬
‫(‪)2‬هو أبو الحسٌن دمحم بن أحمد بن كٌسان‪ ،‬النحوي‪ ،‬كان ٌجمع بٌن المذهبٌن البصري والكوفً‪ ،‬وإلى مذهب‬
‫البصرٌٌن أمٌل‪ ،‬توفً سنة تسع وتسعٌن ومابتٌن‪.‬‬
‫انظر ترجمته فً "طبمات النحوٌٌن" للزبٌدي ص ‪" ،ٖٔ5‬تارٌخ بؽداد" ٔ‪" ،ٖٖ٘ /‬إنباه الرواة" ٖ‪.٘2 /‬‬
‫(‪)1‬هو دمحم بن علً بن إسماعٌل‪ ،‬أبو بكر الشاشً المفال‪ ،‬أحد أعبلم المذهب الشافعً‪ٌ ،‬تكرر ذكره فً التفسٌر‬
‫والحدٌث واألصول والكبلم‪ ،‬توفً سنة خمس وستٌن وثبلثمابة على الصحٌح‪.‬‬
‫انظر ترجمته فً "األنساب" ‪" ،ٕٗٗ /2‬وفٌات األعٌان" ٗ‪" ،ٕٓٓ /‬طبمات الشافعٌة" البن لاضً شهبة ٔ‪/‬‬
‫‪.ٔٗ1‬‬
‫(‪)5‬الحسٌن بن الفضل‪ ،‬هو أبو علً الحسٌن بن الفضل بن عمٌر الب َج ِلً الكوفً ثم النٌسابوري‪ ،‬المفسر‪ ،‬توفً‬
‫سنة اثنتٌن وثمانٌن ومابتٌن‪.‬‬
‫انظر ترجمته فً‪" :‬العبر" ٔ‪" ،ٗٓٙ /‬طبمات المفسرٌن" للداودي ٔ‪.ٔ٘5 /‬‬
‫(ٓٔ)انظر‪" :‬تفسٌر أسماء هللا" للزجاجً‪ ،‬اشتماق اسماء هللا" للزجاجً‪ :‬ص ‪ ، ٕ1‬وتفسٌر الثعلبً" ٔ‪،5ٕ /‬‬
‫والزٌنة" ٕ‪.ٕٔ /‬‬
‫أخرج ابن ابً حاتم بسنده عن أبً الشعثاء جابر بن زٌد فً لوله‪{ :‬بسم هللا}‪ ،‬لال‪ :‬اسم‬
‫هللا األعظم هو «هللا»‪ .‬أال ترى أنه فً جمٌع المرآن ٌبدأ به لبل كل اسم"(ٔ)‪.‬‬
‫واختلفوا فٌما ا ْشتُكَ منه إله على لولٌن(ٕ)‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬أنه مشتك من الَولَه‪ ،‬وفً سبب اشتماله من ذلن‪ ،‬ألوال‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬ألن العباد ٌؤلهون إلٌه‪ ،‬أي ٌفزعون إلٌه فً أمورهم ‪ ،‬فمٌل للمؤلوه إلٌه‪( :‬إله)‪ ،‬كما لٌل‬
‫للمإت ِ ّم به‪( :‬إمام) ‪.‬‬
‫لال أبو الهٌثم‪ ":‬وأصل (إاله) (واله) فملبت الواو همزة‪ ،‬كما لالوا‪ :‬للوشاح‪ :‬إشاح‪،‬‬
‫و ِل ْل ِو َجاح‪ :‬إِ َجاح‪ ،‬ومعنى ِواله‪ :‬أن الخلك ٌَ ْولَهون إلٌه فً حوابجهم‪ ،‬وٌضرعون إلٌه فٌما ٌنوبهم‪،‬‬
‫وٌفزعون إلٌه فً كل ما ٌصٌبهم كما ٌَ ْولَه كل طفل إلى أمه"(ٖ)‪.‬‬
‫والثانً‪ :‬وحكً عن أبً عمرو بن العبلء أنه مشتك من‪ :‬أ َ ِل ْهت فً الشًء آلَهُ إلها إذا تحٌرت‬
‫فٌه(ٗ)‪ ،‬وتسمى المفازة مٌلها‪ ،‬ولال األعشى(٘)(‪:)ٙ‬‬
‫َوت َْلمَى بِ َها بٌَ َ‬
‫ْض النَّ َعام ت ََرابِ َكا‬ ‫َوبَ ْه َما َء تٌِ ٍه ت َؤْلهَ ال َعٌ ُْن َو ْس َ‬
‫ط َها‬
‫(‪)2‬‬
‫ومعناه‪ :‬أن العمول تتحٌر فً كنه صفته وعظمته ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫المبرد‪" :‬هو من لول العرب‪( :‬ألهت إلى فبلن) أي سكنت إلٌه‪ ،‬لال الشاعر ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫والثالث‪ :‬ولال‬
‫أَلَ ْهتُ ِإلَ ٌْ َها َو ْال َح َواد ُ‬
‫ِث َج َّمةٌ‬
‫شا ِع ُر(‪:)5‬‬ ‫ولال ال َّ‬
‫ؾ‬‫ب ُولَّ ٌ‬ ‫أَلَ ْهتُ ِإلَ ٌْ َها َو َّ‬
‫الر َكابِ ُ‬
‫َّللا ت َْط َمبِ ُّن‬
‫فكؤن الخلك ٌسكنون إلٌه وٌطمبنون بذكره‪ ،‬لال هللا تعالى‪{ :‬أَال ِب ِذ ْك ِر َّ ِ‬
‫وب}[الرعد‪.)ٔٓ("]ٕ1:‬‬ ‫ْالمُلُ ُ‬
‫والرابع‪ :‬وعند األشاعرة‪" :‬أن(اإلله) من (اإللَهٌة)‪ ،‬و(اإللَ ِهٌة)‪ :‬المدرة على اختراع األعٌان(ٔ)‪.‬‬

‫(ٔ) تفسٌر ابن أبً حاتم(ٖ)‪:‬صٔ‪.ٕ٘/‬‬


‫(ٕ) انظر‪ :‬النكت والعٌون‪.٘ٔ/ٔ :‬‬
‫(ٖ)"التهذٌب" (هللا واإلله) ٔ‪ ،ٔ15 /‬وانظر‪" :‬اللسان" (أله) ٔ‪.ٔٔٗ /‬‬
‫(ٗ)انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪.52/ٔ :‬‬
‫ً‬
‫(٘)هو أبو بَصٌر‪ ،‬مٌمون بن لٌس‪ ،‬من فحول شعراء الجاهلٌة‪ ،‬وٌدعى (األعشى الكبٌر) تمٌٌزا له عن ؼٌره‬
‫ممن سمً (األعشى)‪ ،‬أدرن اإلسبلم آخر عمره‪ ،‬وعزم على الدخول فٌه‪ ،‬فصدته لرٌش فً لصة مشهورة‪.‬‬
‫انظر ترجمته فً "الشعر والشعراء" ص ٗ٘ٔ‪" ،‬معاهد التنصٌص" ٔ‪" ،ٔ5ٙ /‬خزانة األدب" ٔ‪.ٔ2٘ /‬‬
‫(‪)ٙ‬البٌت فً وصؾ صحراء مطموسة المعالم‪( ،‬ترابكا) متروكة‪ ،‬ورواٌة الشطر األول فً الدٌوان‪َ :‬وٌَ ْه َما َء لَ ْف ٍر‬
‫ط َها‪ .‬وعلٌه فبل شاهد فً البٌت هنا‪( .‬الدٌوان) ص ٖٓٔ‪ ،‬والثعلبً بعد أن ذكر لول أبً عمرو‬ ‫ت َْخ ُرجْ ال َعٌْنَ َو ْس َ‬
‫ابن العبلء استشهد بمول زهٌر‪:‬‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫م‬‫س‬ ‫ء‬‫ا‬ ‫م‬
‫َ َ َ َ َ َْ ِ‬‫ر‬‫ْ‬ ‫ص‬ ‫ء‬‫ا‬ ‫ْر‬
‫ب‬ ‫َ‬
‫ؼ‬ ‫ة‬
‫ٍ‬ ‫م‬‫َّ‬ ‫ف‬‫خ‬‫َ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫‪...‬‬ ‫َو َب ٌْ َداء تٌِ ٍه ت َْؤلهُ ال َع ٌْنُ َو ْس َ‬
‫ط َها‬
‫انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً ٔ‪ ،52 /‬وكذا فً "الزٌنة" ٕ‪.ٔ5 /‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪ ،52/ٔ :‬والتفسٌر البسٌط‪.ٖٗ٘/ٔ :‬‬
‫(‪)1‬ذكره ابن منظور فً اللسان(أله)‪:‬صٖٔ‪ ،ٗٙ5/‬والثعلبً فً تفسٌر‪ ،52/ٔ:‬والبؽوي‪ .2ٔ/ٔ :‬ولم ٌنسبه‬
‫احدهم‪.‬‬
‫(‪ )5‬اللسان(أله)‪:‬صٖٔ‪ ،ٗٙ5/‬وتفسٌر البؽوي‪.2ٔ/ٔ :‬‬
‫(ٓٔ) تفسٌر الثعلبً‪.52/ٔ:‬‬
‫والخامس‪ :‬ولال الحسن علً بن عبد الرحٌم المناد‪ " :‬من (الوله) ‪ ،‬وهو ذهاب العمل لفمدان من‬
‫ٌعز علٌن‪،‬وأصله (أله) ‪ -‬بالهمزة‪ -‬فؤبدل من األلؾ واو فمٌل الوله‪ ،‬مثل (إشاح‪ ،‬ووشاح) و‬ ‫ّ‬
‫وورخته) و (وولّتت‪ ،‬وألّتت) ‪ .‬لال الكمٌت ‪:‬‬
‫(ٕ)‬
‫(أرخت الكتاب‪ّ ،‬‬ ‫(وكاؾ‪ ،‬وإكاؾ) و ّ‬
‫ولها حال دون طعم الطعام‬ ‫ولهت نفسً الطروب إلٌهم‬
‫(ٖ)‬ ‫ّ‬
‫فكؤنه س ّمً بذلن ألن الملوب توله لمحبّته وتضطرب وتشتاق عند ذكره" ‪.‬‬
‫والسادس‪ :‬ولٌل‪ :‬معناه‪ :‬محتجب ألن العرب إذا عرفت شٌبا‪ ،‬ثم حجب عن أبصارها س ّمته إلها‪،‬‬
‫لال‪ :‬الهت العروس تلوه لوها‪ ،‬إذ حجبت‪ .‬لال الشاعر(ٗ)‪:‬‬
‫ٌا لٌتها خرجت حتّى رأٌناها‬ ‫الهت فما عرفت ٌوما بخارجة‬
‫وهللا تعالى هو الظاهر بالربوبٌّة [بالدالبل واألعبلم] وهو المحتجب من جهة الكٌفٌّة عن‬
‫األوهام(٘)‪.‬‬
‫والسابع‪ :‬ولٌل‪ :‬معناه المتعالً‪ٌ ،‬مال‪( :‬اله) أي‪ :‬ارتفع(‪.)ٙ‬‬
‫والثامن‪ :‬ولد لٌل‪ :‬من [إال هتن] ‪ ،‬فهو كما لال الشاعر(‪:)2‬‬
‫(‪)5‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫وأعجلنا األالهة أن تإوبا‬ ‫تروحنا من اللعباء لصرا‬
‫ّ‬
‫والتاسع‪ :‬ولٌل‪ :‬هو مؤخوذ من لول العرب‪ :‬ألهت بالمكان‪ ،‬إذا ألمت فٌه‪ ،‬لال الشاعر‪:‬‬
‫كؤن بماٌاها وشام على الٌد‬ ‫ألهنا بدار ما تبٌن رسومها‬
‫(ٓٔ)‬
‫فكؤن معناه‪ :‬الدابم الثابت البالً ‪.‬‬
‫َّ‬
‫والمول الثانً ‪ :‬أن لفظ الجبللة(هللا) مشتك من (األلوهٌة)‪ ،‬وهً العبادة ‪ ،‬من لولهم ‪:‬فبلن ٌتؤله‪،‬‬
‫أي ٌتعبد‪.‬‬
‫(ٖٔ)‬ ‫(ٕٔ)‬ ‫(ٔٔ)‬
‫لال أبو زٌد ‪" :‬ت َؤله الرجل‪ ،‬إذا نسن" ‪ ،‬وأنشد ‪:‬‬

‫(ٔ)هذا التفسٌر لمعنى اإل َلهٌة هو منهج المتكلمٌن‪ ،‬وعند أهل السنة هو المستحك للعبادة‪ .‬لال ابن تٌمٌة‪( :‬ولٌس‬
‫المراد بـ) باإلله (هو المادر على االختراع كما ظنه من ظنه من أبمة المتكلمٌن ‪ ..‬بل اإلله الحك هو الذي‬
‫ٌستحك أن ٌعبده فهو إله بمعنى مؤلوه ال إله بمعنى آله ‪" ،)..‬الرسالة التدمرٌة" ص ‪.ٔ1ٙ‬‬
‫(ٕ) البٌت فً اللسان‪ ،٘ٙٔ/ٖٔ:‬وتفسٌر الثعلبً‪.51/ٔ:‬‬
‫(ٖ) تفسٌر الثعلبً‪.51-52/ٔ:‬‬
‫(ٗ) تفسٌر الثعلبً‪ ،51/ٔ :‬و تفسٌر المرطبً‪.ٔٓٔ /ٔ2 :‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪.51/ٔ:‬‬
‫(‪ )ٙ‬انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪.51/ٔ:‬‬
‫(‪)2‬تفسٌر الطبري‪ ،ٖ٘ /5 :‬وتفسٌر الثعلبً‪ ،51/ٔ :‬ولسان العرب‪.ٕٔ5 /ٔ :‬‬
‫(‪ )1‬فً اللسان‪ :‬عصرا‪.‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪.51/ٔ:‬‬
‫(ٓٔ) انظر‪ :‬تاج العروس‪ ،ٖ2٘ /5 :‬وتفسٌر الثعلبً‪.51/ٔ:‬‬
‫(ٔٔ)هو سعٌد بن أوس بن ثابت‪ ،‬أبو زٌد األنصاري‪ ،‬صاحب النحو واللؽة‪ ،‬مات سنة خمس عشرة ومابتٌن‪.‬‬
‫انظر ترجمته فً ممدمة "تهذٌب اللؽة" ٔ‪" ،ٖ٘ - ٖٗ /‬تارٌخ بؽداد" ‪" ،22 /5‬طبمات النحوٌٌن واللؽوٌٌن" ص‬
‫٘‪" ،ٔٙ‬إنباه الرواة" ٕ‪.ٖٓ /‬‬
‫(ٕٔ)اإلؼفال‪ ،ٙ :‬والمخصص‪.ٖٔٙ /ٔ2 :‬‬
‫(ٖٔ) البٌت لرإبة‪ ،‬انظر‪ :‬دٌوانه‪( ،ٔٙ٘:‬ال ُمدَّه) جمع َمادِه‪ ،‬بمعنى المادح‪ٌ ،‬مول‪ :‬إن هإالء سبحن‪:‬‬
‫وللن إنا هلل وإنا إلٌه راجعون‪ٌ ،‬ملنها حسرة كٌؾ تنسن وهجر الدنٌا‪.‬‬
‫لَ َّما َرأٌَْنَ َخلِكَ ْال ُم َم َّو ِه‬ ‫ت ال ُم َّد ِه‬ ‫ّلل َد ُّر ْالؽَانٌَِا ِ‬
‫ِ َّ ِ‬
‫سبَّحْ نَ وا ْست َْر َج ْعنَ ِم ْن تؤل ِهً‬ ‫َ‬
‫(ٔ)‬
‫أي من تعبد ‪.‬‬
‫(ٕ)‬
‫‪{:‬وٌَذ َرنَ وءا ِل َهتَنَ }‪ ،‬لال‪" :‬معناه‪ :‬عبادتن" ‪ .‬وروي‬ ‫َ‬ ‫ولد ُروي عن ابن عباس أنه لرأ َ‬
‫عن مجاهد مثل ذلن(ٖ)‪.‬‬
‫وروي عن ابن عباس أٌضا‪ ،‬لال ‪ ":‬هللا‪ :‬ذو األلوهٌة وال َم ْعبودٌة على خلمه أجمعٌن"(ٗ)‪.‬‬
‫وعن ابن عباس كذلن‪َ {":‬وٌَذَ َرنَ َوإال َهت َن}‪ ،‬لال ‪ :‬إنما كان فرعونُ ٌُعبَد وال ٌَعبُد"(٘)‪.‬‬
‫لال الطبري‪":‬وكذلن كان عب ُد هللا ٌمرإها ومجاهد"(‪.)ٙ‬‬
‫س َّمت العرب الشمس لما عبدت ( ِإال َهةَ)‪ ،‬و (اإلالهة) لال عتٌبة بن الحارث‬ ‫ولد َ‬
‫الٌربوعً(‪:)2‬‬
‫وأ َ ْع َج ْلنَا اإلالَ َهةَ أ َ ْن ت َإُوبَا‬ ‫اء أ َ ْر ً‬
‫ضا‬ ‫ت ََر َّوحْ نَا ِمنَ الل ْعبَ ِ‬
‫وإنما سموها (اإلالَهَة)‪ ،‬على نحو تعظٌمهم لها وعبادتهم إٌاها كفرا‪ ،‬وعلى ذلن نهاهم‬
‫ش ْم ِس} [فصلت‪]ٖ2 :‬‬ ‫{ال ت َ ْس ُجدُوا ِلل َّ‬
‫هللا وأمرهم بالتوجه فً العبادة إلٌه فً لوله جل وعبل‪َ :‬‬
‫ضا كانوا ٌدعون معبوداتهم من األصنام واألوثان (آلهة)‪ ،‬وهً‬ ‫[فصلت‪ ]ٖ2 :‬اآلٌة‪ ،‬وكذلن أٌ ً‬
‫{وٌَ َذ َرنَ َوآ ِل َهتَنَ } [األعراؾ‪ ،]ٕٔ2 :‬وهً‬ ‫جمع (إاله) كإزار وآزرة‪ ،‬وإناء وآنٌة‪ ،‬لال هللا تعالى‪َ :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أصنام كان ٌعبدها لوم فرعون معه ‪ ،‬وعلى هذا لال لابلهم ‪:‬‬
‫ٌَ ْس َمعُ َها الَ ُههُ ال ُك ُ‬
‫بار‬ ‫َك َح ْلفَ ٍة ِم ْن أ َ ِبً ِرٌَاحٍ‬
‫ٌرٌد‪ :‬الصنم‪ ،‬وهذا البٌت حجة لمن ٌمول ٌؤن أصل(هللا) من (اله)‪.‬‬

‫ورد البٌت فً "الطبري" ٔ‪" ،٘ٗ /‬اإلؼفال" ص ‪" ،ٙ‬المخصص" ‪" ،ٖٔٙ /ٔ2‬المحتسب" ٔ‪" ،ٕ٘ٙ /‬تفسٌر‬
‫أسماء هللا" للزجاج ص ‪" ،ٕٙ‬اشتماق أسماء هللا" ص ٕٗ‪" ،‬التهذٌب" (هللا) ٔ‪" ،ٔ15 /‬شرح المفصل" ٔ‪،ٖ /‬‬
‫"زاد المسٌر" ٔ‪ ،5 /‬وابن عطٌة ٔ‪.٘2 /‬‬
‫(ٔ) انظر‪ :‬المخصص‪ ،ٖٔٙ/ٔ2 :‬واللسان(أله)‪:‬صٖٔ‪.ٗٙ5/‬‬
‫(ٕ)أخرجه الطبري عن ابن عباس ومجاهد‪ ،‬من طرق‪ ،ٕٙ - ٕ٘ /5 ،1ٗ /ٔ ،‬وذكره ابن خالوٌه فً "الشواذ"‬
‫ص ٓ٘‪ ،‬وابن جنً فً "المحتسب" وعزاه كذلن إلى علً وابن مسعود وأنس بن مالن وعلممة الجحدري‬
‫والتٌمً وأبً طالوت وأبً رجاء‪ ،ٕ٘ٙ /ٔ ،‬والفارسً فً "اإلؼفال" ص ٘‪ ،‬وانظر‪" :‬المخصص" ‪،ٖٔٙ /ٔ2‬‬
‫"تفسٌر الماوردي" ٕ‪" ،ٕٗ1 /‬تهذٌب اللؽة" (هللا) ٔ‪" ،ٔ5ٓ /‬البحر" ٗ‪.ٖٙ2 /‬‬
‫(ٖ)انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(ٗٗٔ)‪:‬صٔ‪. ٕٔٗ/‬‬
‫(ٗ) تفسٌر الطبري(ٔٗٔ)‪:‬صٔ‪.ٕٖٔ/‬‬
‫(٘) تفسٌر الطبري(ٖٗٔ)‪:‬صٔ‪.ٕٔٗ/‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر الطبري‪.ٕٔٗ/ٔ:‬‬
‫(‪)2‬نسبه الطبري لبنت عتٌبة ‪ ،ٕٙ /5‬ونسبه بعضهم لـ (مٌة) وهو اسمها وكذا (أم البنٌن) ولٌل‪ :‬لنابحة عتٌبة‪،‬‬
‫واأللرب أنه لبنت عتٌبة ترثً أباها حٌن لتله (بنو أسد) ٌوم (خ َّو) مع أبٌات أخرى ذكرها فً "معجم البلدان" ٘‪/‬‬
‫‪.ٔ1‬‬
‫(‪)1‬من لصٌدة لؤلعشى‪ ،‬لالها فٌما كان بٌنه وبٌن بنً جحدر‪ ،‬و (أبو رٌاح) رجل من بنً ضبٌعة‪ ،‬لتل جارا‬
‫لبنً سعد بن ثعلبة‪ ،‬فسؤلوه الدٌة‪ ،‬فحلؾ ال ٌفعل‪ ،‬ثم لُتِل بعد حلفته‪ ،‬و (الهه)‪ :‬الهه‪( ،‬الكبار)‪ :‬العظٌم‪ ،‬وٌروى‬
‫(بحلفة) وٌروى (كدعوة)‪.‬‬
‫انظر‪" :‬دٌوان األعشى" ص ٕ‪" ،2‬الجمهرة" ٔ‪" ،ٖٕ2 /‬اشتماق أسماء هللا" ص ‪" ،ٕ2‬تفسٌر الثعلبً" ٔ‪ٔ2 /‬‬
‫ب‪" ،‬الزٌنة" ٕ‪" ،ٔ1 /‬معانً المرآن" للفراء ٔ‪ ،ٕٓ2 /‬والمرطبً ٗ‪" ،ٖ٘ /‬اللسان‪( :‬لوه) ٖٔ‪ ،ٖ٘5 /‬و(أله)‪:‬‬
‫ٖٔ‪ ،ٗٙ5 /‬وشرح المفصل" ٔ‪" ،ٖ /‬الخزانة" ‪.ٔ2ٙ /2‬‬
‫ثم اختلفوا ‪ ،‬هل اشتك اسم (اإلله) من فعل العبادة ‪ ،‬أو من استحمالها ‪ ،‬على لولٌن(ٔ)‪:‬‬
‫أ حدهما ‪ :‬أنه مشتك من فعل العبادة ‪ ،‬فعلى هذا ‪ ،‬ال ٌكون ذلن صفة الزمة لدٌمة لذاته ‪ ،‬لحدوث‬
‫عبادته بعد خلك خلمه ‪ ،‬ومن لال بهذا ‪ ،‬منع من أن ٌكون هللا تعالى إلها ً لم ٌزل‪ ،‬ألنه لد كان لبل‬
‫خلمه ؼٌر معبود ‪.‬‬
‫والمول الثانً ‪ :‬أنه مشتك من استحماق العبادة ‪ ،‬فعلى هذا ٌكون ذلن صفة الزمة لذاته ‪ ،‬ألنه لم‬
‫ٌزل مستحمّا ً للعبادة ‪ ،‬فلم ٌزل إلها ً(ٕ)‪.‬‬
‫لال الماوردي‪ ":‬وهذا أصح المولٌن‪ ،‬ألنه لو كان مشتمّا ً من فعل العبادة ال من استحمالها‬
‫‪ ،‬للزم تسمٌة عٌسى علٌه السبلم إلها ً ‪ ،‬لعبادة النصارى له ‪ ،‬وتسمٌة األصنام آلهة ‪ ،‬لعبادة أهلها‬
‫لها ‪ ،‬وفً بطبلن هذا دلٌل ‪ ،‬على اشتماله من استحماق العبادة ‪ ،‬ال من فعلها ‪ ،‬فصار لولنا (إله)‬
‫على هذا المول صفة من صفات الذات ‪ ،‬وعلى المول األول من صفات الفعل"(ٖ)‪.‬‬
‫الرحْ َم ِن} [الفاتحة ‪،]ٔ :‬أي‪ ":‬ذي الرحمة العامة الذي وسعت رحمته جمٌع‬ ‫لوله تعالى‪َّ {:‬‬
‫الخلك"(ٗ)‪.‬‬
‫لال ابن عباس‪ ":‬الرحمن‪ :‬الفعبلن من الرحمة‪ ،‬وهو من كبلم العرب‪...‬‬
‫«الرحمن»‪:‬الرلٌك الرفٌك لمن أحب أن ٌرحمه"(٘)‪.‬‬
‫وعن ابن عباس أٌضا‪" ،‬أن عثمان بن عفان سؤل رسول هللا‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬عن «بسم هللا الرحمن‬
‫الرحٌم»‪ ،‬فمال‪ :‬هو اسم من أسماء هللا‪ ،‬وما بٌنه وبٌن اسم «هللا» إال كما بٌن سواد العٌنٌن‬
‫وبٌاضهما من المرب"(‪.)ٙ‬‬
‫وروي عن الحسن لال‪ ":‬الرحمن‪ :‬اسم ال ٌستطٌع الناس أن ٌنتحلوه‪ ،‬تسمى به تبارن‬
‫وتعالى"(‪.)2‬‬
‫إن عٌسى ابن مرٌم لال ‪:‬‬ ‫ي‪ ،‬لال ‪" :‬لال رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ّ « :-‬‬ ‫وعن أبً سعٌد الخدر ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫الرحمن‪َ :‬رحمنُ اآلخرة والدنٌا»" ‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫ولال العَ ْرزَ مً‪" :‬الرحمن‪ :‬بجمٌع الخلك " ‪.‬‬
‫(ٓٔ)‬
‫الر ِح ٌِم} [الفاتحة ‪ ،]ٔ :‬أي‪" :‬الرحٌم بالمإمنٌن" ‪.‬‬ ‫لوله تعالى‪َّ {:‬‬
‫(ٔٔ)‬
‫لال ابن عباس‪ ":‬الرحٌم‪ :‬البعٌد الشدٌد على من أحب أن ٌعنؾ علٌه العذاب" ‪.‬‬
‫الرحٌم‪ :‬بالمإمنٌن "(ٔ)‪.‬‬ ‫ولال العَ ْرزَ مً‪ّ " :‬‬

‫(ٔ)انظر‪ :‬النكت والعٌون‪ ،٘ٔ/ٔ :‬و اإلؼفال" ص ٘‪" ،‬المخصص" ‪ ،ٖٔٙ /ٔ2‬وتفسٌر الثعلبً‪،5ٖ-5ٕ /ٔ :‬‬
‫وتفسٌر أسماء هللا" ص ‪" ،ٕٙ‬اشتماق أسماء هللا" ص ٖٕٖٓ‪" ،‬تهذٌب اللؽة" (هللا) ٔ‪.ٔ15 /‬‬
‫(ٕ)انظر‪" :‬اإلؼفال" ص ٘‪" ،‬المخصص" ‪ ،ٖٔٙ /ٔ2‬وتفسٌر الثعلبً‪" ،5ٖ-5ٕ/ٔ:‬تفسٌر أسماء هللا" ص ‪،ٕٙ‬‬
‫"اشتماق أسماء هللا" ص ٖٕٖٓ‪" ،‬تهذٌب اللؽة" (هللا) ٔ‪.ٔ15 /‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬النكت والعٌون‪.٘ٔ/ٔ :‬‬
‫(ٗ) التفسٌر المٌسر‪.ٔ:‬‬
‫(٘) تفسٌر ابن أبً حاتم(ٗ)‪:‬صٔ‪.ٕ٘/‬‬
‫(‪ )ٙ‬أخرجه ابن أبً حاتم(٘)‪:‬صٔ‪.ٕ٘/‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه ابن أبً حاتم(‪:)2‬صٔ‪.ٕٙ/‬‬
‫(‪)1‬أخرجه الطبري(‪:)ٔٗ2‬صٔ‪.ٕٔ2/‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه الطبري(‪:)ٔٗٙ‬صٔ‪.ٕٔ2/‬‬
‫(ٓٔ) التفسٌر المٌسر‪.ٔ:‬‬
‫(ٔٔ) أخرجه ابن أبً حاتم(‪:)ٙ‬صٔ‪.ٕٙ/‬‬
‫ولد روي عن رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬أنه لال‪« :‬الرحٌم‪ :‬رحٌ ُم اآلخرة »"(ٕ)‪.‬‬
‫وأخرج البهمً عن ابن عباس ‪-‬رضً هللا عنهما‪ ،-‬لال‪" :‬الرحمن‪ :‬وهو الرلٌك ‪ ،‬الرحٌم‪:‬‬
‫وهو العاطؾ على خلمه بالرزق ‪ ،‬وهما اسمان رلٌمان أحدهما أرق من اآلخر"(ٖ)‪.‬‬
‫أن المعنى الذي فً تسمٌة هللا بالرحمن ‪ ،‬دون الذي فً تسمٌته بالرحٌم‪ :‬هو‬ ‫لال الطبري‪ّ ":‬‬
‫أنه بالتسمٌة بالرحمن موصوؾ بعموم الرحمة جمٌ َع خلمه‪ ،‬وأنه بالتسمٌة بالرحٌم موصوؾ‬
‫بعض خلمه‪ ،‬إما فً كل األحوال ‪ ،‬وإما فً بعض األحوال‪ .‬فبل شن ‪ -‬إذا كان‬ ‫َ‬ ‫بخصوص الرحمة‬
‫أن ذلن الخصوص الذي فً وصفه بالرحٌم ال ٌستحٌل عن معناه ‪ ،‬فً الدنٌا كان ذلن‬ ‫ذلن كذلن ‪ّ -‬‬
‫(ٗ)‬
‫أو فً اآلخرة ‪ ،‬أو فٌهما جمٌعًا" ‪.‬‬
‫ولال عطاء الخراسانً‪ : ":‬كان الرحمن ‪ ،‬فلما اختز َل الرحمن من اسمه كان الرحمنَ‬
‫الرحٌم"(٘)‪.‬‬
‫َ‬
‫الكذاب مسٌلمة ‪ -‬وهو اختزاله إٌاه ‪ٌ ،‬عنً التطاعه من أسمابه‬ ‫ُ‬ ‫أراد عطاء أنه لما تس َّمى به‬
‫لٌفصل بذلن لعباده اس َمهُ من اسم من لد‬ ‫ِ‬ ‫لنفسه ‪ -‬أخبر هللا ج ّل ثناإه أن اسمه " الرحمنُ الرحٌ ُم "‬
‫تس َّمى بؤسمابه ‪ ،‬إذ كان ال ٌس َّمى أحد " الرحمن الرحٌم " ‪ ،‬فٌجمع له هذان االسمان ‪ ،‬ؼٌره ج ّل‬
‫بعض خ َْلمه إما رحٌما ‪ ،‬أو ٌتس َّمى َرحمن‪ .‬فؤما " رحمن رحٌم " ‪ ،‬فلم ٌجتمعا‬ ‫ُ‬ ‫ذكره‪ .‬وإنما ٌتس َّمى‬
‫صل‬ ‫َ‬
‫فكؤن معنى لول عطاء هذا ‪ :‬أن هللا جل ثناإه إنما ف َ‬ ‫ّ‬ ‫لط ألحد سواهُ ‪ ،‬وال ٌجمعان ألحد ؼٌره‪،‬‬ ‫ّ‬
‫بتكرٌر الرحٌم على الرحمن ‪ ،‬بٌن اسمه واسم ؼٌره من خل ِمه ‪ ،‬اختلؾ معناهما أو اتفما‪.‬‬
‫خص نفسه‬ ‫ّ‬ ‫ثناإه‬ ‫ؼٌر فاسد المعنى ‪ ،‬بل جابز أن ٌكون ج ّل‬ ‫ُ‬ ‫والذي لال عطا ٌء من ذلن‬
‫مجموعٌن أنه الممصود‬ ‫ِ‬ ‫بالتسمٌة بهما معًا مجتمعٌن‪ ،‬إبانةً لها من خلمه ‪ ،‬لٌعرؾ عبادُه بذكرهما‬
‫بذكرهما دون َم ْن سواه من خلمه ‪ ،‬مع َما فً تؤوٌل كل واحد منهما من المعنى الذي لٌس فً اآلخر‬
‫منهما(‪.)ٙ‬‬
‫الفوائد‪:‬‬
‫ٔ‪-‬إثبات اسم من أسماء هللا وهو الرحمن المتضمـن للرحمـة الواسعـة ‪ :‬كما لال تعالى {فَإ ِ ْن‬
‫ع ِن ْالمَ ْو ِم ْال ُمجْ ِر ِمٌنَ } [األنعام ‪.]ٔٗ2 :‬‬ ‫سه ُ َ‬ ‫َكذَّبُونَ فَمُ ْل َربُّ ُك ْم ذُو َرحْ َم ٍة َوا ِس َع ٍة َو َال ٌ َُر ُّد َبؤ ْ ُ‬
‫اب َب ْل لَ ُه ْم َم ْو ِع ٌد لَ ْن‬ ‫سبُوا لَ َع َّج َل لَ ُه ُم ْال َع َذ َ‬‫اخذُ ُه ْم ِب َما َك َ‬
‫الرحْ َم ِة لَ ْو ٌ َُإ ِ‬ ‫ور ذُو َّ‬ ‫{و َربُّنَ ْالؽَفُ ُ‬‫ولال تعالى َ‬
‫سنَةً َوفًِ ْاآل ِخ َر ِة‬ ‫تعالى‪{:‬وا ْكتُبْ لَنَا فًِ َه ِذ ِه ال ُّد ْنٌَا َح َ‬
‫َ‬ ‫ٌَ ِجدُوا ِم ْن دُونِ ِه َم ْوبِ ًبل} [الكهؾ ‪ ،]٘1 :‬ولال‬
‫سؤ َ ْكتُبُ َها ِللَّذٌِنَ ٌَتَّمُونَ‬‫ًَءٍ فَ َ‬ ‫ت ُك َّل ش ْ‬ ‫ٌب ِب ِه َم ْن أَشَا ُء َو َرحْ َمتًِ َو ِس َع ْ‬ ‫ص ُ‬ ‫ع َذابًِ أ ُ ِ‬‫ِإنَّا ُه ْدنَا ِإلٌَْنَ لَا َل َ‬
‫الز َكاة َ َوالَّذٌِنَ ُه ْم بِآٌَا ِتنَا ٌُإْ ِمنُونَ } [األعراؾ ‪.]ٔ٘ٙ :‬‬ ‫َوٌُإْ تُونَ َّ‬
‫ٕ‪ -‬رحمته سبمت ؼضبه ‪ :‬كما لال ‪": ‬إن هللا كتب فً كتاب فهو عنده فوق العرش‪ :‬إن‬
‫رحمتً سبمت ؼضبً"(‪.)2‬‬

‫(ٔ) أخرجه الطبري(‪:)ٔٗٙ‬صٔ‪.ٕٔ2/‬‬


‫(ٕ)أخرجه الطبري(‪:)ٔٗ2‬صٔ‪.ٕٔ2/‬‬
‫(ٖ) األسماء والصفات للبٌهمً(ٕ‪:)1‬صٔ‪.ٖٔ5/‬‬
‫(ٗ) تفسٌر الطبري‪.ٕٔ1/ٔ:‬‬
‫(٘) أخرجه الطبري(‪:)ٔٗ5‬صٔ‪.ٖٔٓ/‬‬
‫(‪ )ٙ‬انظر‪ :‬تفسٌر الطبري‪.ٖٔٓ/ ٔ:‬‬
‫(‪ )2‬رواه البخاري‪ :‬كتاب التوحٌد‪.)ٙ12ٕ(:‬‬
‫ٖ‪-‬وهللا أرحم بعباده من األم بولدها ‪ .‬كما فً حدٌث عمر أنه لال‪" :‬لُدِم رسول هللا ‪-‬صلى هللا‬
‫علٌه وسلم‪ -‬بسبً‪ ،‬فإذا امرأة من السبً تسعى‪ ،‬إ ْذ وجدت صبًٌّا فً السبً أخذته فؤلزلته ببطنها‬
‫فؤرضعته‪ ،‬فمال رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -:‬أترون هذه المرأة طارحةً ولدها فً النار؟‪ ،‬للنا‪ :‬ال وهللا‪،‬‬
‫فمال( ‪:‬هللا أرحم بعباده من هذه بولدها"(ٔ)‪.‬‬
‫ٗ‪-‬ولد ذهب أكثر العلماء إلى استحبابها لبل األلوال واألفعال‪ ،‬فبِها بدأ هللا كبلمه‪ ،‬وكان ٌبدأ بها‬
‫وجماعه ودخوله إلى الخبلء ودخوله إلى البٌت وخروجه منه‪ ،‬وؼٌر‬ ‫النبً ملسو هيلع هللا ىلص لبل أكله وشربه ِ‬
‫ذلن‪.‬‬
‫تمدٌم ذكر‬
‫َ‬ ‫لال الطبري‪":‬إن هللا تعالى ذكره وتمدَّست أسماإه أدّب نبٌه محمدًا ملسو هيلع هللا ىلص بتعلٌمه‬
‫أسمابه الحسنى أمام جمٌع أفعاله ‪ ،‬وتمدَّم إلٌه فً َوصفه بها لبل جمٌع ُمه َّماته‪ ،‬وجعل ما أدّبه به‬
‫سنَّةً ٌستَنُّون بها‪ ،‬وسبٌبل ٌتَّبعونه علٌها ‪ ،‬فبه افتتاح أوابل‬ ‫من ذلن وعلَّمه إٌاه ‪ ،‬منه لجمٌع خلمه ُ‬
‫منطمهم‪ ،‬وصدور رسابلهم وكتبهم وحاجاتهم ‪ ،‬حتى أؼنت داللة ما ظهر من لول المابل ‪ " :‬بسم‬
‫هللا " ‪ ،‬على من بطن من مراده الذي هو محذوؾ"(ٕ)‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ً ِكتَابٌ‬‫ً ِإلَ َّ‬‫ت ٌَا أٌَُّ َها ْال َم َؤل ِإنًِّ أ ْل ِم َ‬‫٘‪ -‬واتفك العلماء أنها جزء آٌة من سورة النمل‪ {:‬لَالَ ْ‬
‫الر ِح ٌِم } [النمل‪ ،]ٖٓ -ٕ5 :‬وأنها لٌست فً أول‬ ‫الرحْ َم ِن َّ‬ ‫سلَ ٌْ َمانَ َوإِنَّهُ بِس ِْم َّ ِ‬
‫َّللا َّ‬ ‫َك ِرٌ ٌم * ِإنَّهُ ِم ْن ُ‬
‫ووعدوا فٌها بؤشد العذاب‪ ،‬فبل ٌلٌك أن تُبدأ برحمة هللا‪.‬‬ ‫سورة التوبة التً فُضح فٌها المنافمون ُ‬
‫‪ -ٙ‬ومنها أن لفظ الجبللة{هللا} ‪ :‬اسم هللا رب العالمٌن ال ٌسمى به ؼٌره؛ وهو أصل األسماء؛‬
‫ولهذا تؤتً األسماء تابعة له‪ ،‬لد ورد فً اسم هللا األعظم من األحادٌث واآلثار واأللوال‪ ،‬نذطر‬
‫منها(ٖ)‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬الوجود السم هللا األعظم ألن اسماءه تعالى كلها عظٌمة‪:‬‬
‫ٌرى البعض أنه ال وجود السم هللا األعظم‪ ،‬بمعنى أن أسماء هللا تعالى كلها عظٌمة ال‬
‫ٌجوز تفضٌل بعضها على بعض‪ ،‬ذهب إلى ذلن لوم منهم أبو جعفر الطبري(ٗ) وأبو الحسن‬
‫األشعري وأبو حاتم [بن حبان(٘) والماضً أبو بكر البالبلنً‪ ،‬ونحوه لول مالن وؼٌره‪ ،‬ال ٌجوز‬
‫تفضٌل بعض األسماء على بعض وحمل هإالء ما ورد من ذكر االسم األعظم على أن المراد‬
‫به العظٌم(‪ ،)ٙ‬وعبارة الطبري اختلفت اآلثار فً تعٌٌن االسم األعظم‪.‬‬

‫(ٔ)أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب رحمة الولد وتمبٌله ومعانمته‪ ،‬رلم‪ ،)٘555( :‬ومسلم‪ ،‬كتاب التوبة‪ ،‬باب‬
‫فً سعة رحمة هللا تعالى وأنها سبمت ؼضبه‪ ،‬رلم‪.)ٕ2٘ٗ( :‬‬
‫(ٕ) تفسٌر الطبري‪.ٔٔٗ/ٔ :‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬للفتاوى للسٌوطً ٗ‪.ٔ/ٖ5‬‬
‫ٗ ) أبو جعفر الطبري هودمحم بن جرٌر الطبري ولد سنة ٕٕ٘ هـ وتوفً ٖٓٔهـ(انظر طبمات المفسرٌن‬
‫صٖٓ )‪.‬‬
‫(٘) وابن حبان ‪ :‬دمحم بن حبان بن أحمد التمٌمً البستً الحافظ العبلمة صاحب المسند الصحٌح توفً ٖٗ٘‬
‫(الوافً بالوفٌات ٔ‪ ،)ٕ21/‬وهً إحدي الرواٌات‪.‬‬
‫(‪ ) ٙ‬لال المناوي ‪:‬لٌل االسم األعظم بمعنً العظٌم ‪،‬ولٌس أفعل التفضٌل ؛الن كل اسم من أسمابه عظٌم ‪،‬ولٌس‬
‫بعضها أعظم من بعض ولٌل هو للتفضٌل ‪،‬ألن كل اسم فٌه أكثر تعظٌما ً هلل فهو أعظم من الرب فإنه ال شرٌن‬
‫له فً تسمٌته به ال باإلضافة والبدونها وأما الرب فٌضاؾ للمخلوق )فٌض المدٌر ٔ‪ ٘ٔٓ/‬رلمٖٔٓٔ ‪،‬تفسٌر بن‬
‫كثٌر ٔ‪ٔٔ/‬وانظر علوم المران للزركشً ٔ‪ ٖٗ1/‬واٌثار الحك ‪.ٖٕ5ٍ:‬‬
‫وٌرى االمام السٌوطً أن األلوال كلها صحٌحة إذ لم ٌرد فً خبر منها أنه االسم األعظم وال‬
‫شًء أعظم منه فكؤنه تعالى ٌمول [كل اسم من أسمابً ٌجوز وصفه بكونه أعظم فٌرجع إلى‬
‫معنى عظٌم (ٔ)‪.‬‬
‫ولال ابن حبان ‪ :‬األعظمٌة الواردة فً األخبار المراد بها مزٌد ثواب الداعً بذلن كما أطلك‬
‫ذلن فً المرآن والمراد به مزٌد ثواب الداعً والمارئ(ٕ)‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬لم ٌطلع علٌه أحد‪:‬‬
‫وٌرى آخرون أنه مما استؤثر هللا بعلمه ولم ٌطلع علٌه أحدا من خلمه كما لبل بذلن فً لٌلة المدر‬
‫وفً ساعة اإلجابة وفً الصبلة الوسطى(ٖ)‪.‬‬
‫ٖ‪(-‬هو)‪:‬‬
‫ولٌل أن (هو) هو اسم هللا األعظم‪ ،‬نمله اإلمام فخر الدٌن عن بعض أهل الكشؾ واحتج له بؤن‬
‫من أراد أن ٌعبر عن كبلم عظٌم بحضرته لم ٌمل أنت للت كذا وإنما ٌمول هو تؤدبا معه(ٗ)‪.‬‬
‫ٗ‪( -‬هللا)‬
‫ولٌل أن (هللا) هو اسم هللا األعظم‪ ،‬ألنه اسم لم ٌطلك على ؼٌره وألنه األصل فً األسماء‬
‫الحسنى ومن ثم أضٌفت إلٌه(٘) لال ابن أبً حاتم فً تفسٌره حدثنا الحسن بن دمحم بن الصباح‬
‫حدثنا إسماعٌل بن علٌة عن أبً رجاء حدثنً رجل عن جابر بن عبد هللا بن زٌد أنه لال‪ :‬اسم‬
‫عا ِل ُم ْالؽَ ٌْ ِ‬
‫ب َوال َّ‬
‫ش َها َدةِ ُه َو‬ ‫َّللاُ الَّذِي َال ِإلَهَ ِإ َّال ُه َو َ‬
‫هللا األعظم هو هللا ألم تسمع أنه ٌمول‪ُ {:‬ه َو َّ‬
‫الر ِحٌ ُم} [الحشر ‪ ،]ٕٕ :‬ولال ابن أبً الدنٌا فً كتاب الدعاء حدثنا إسحاق بن إسماعٌل‬ ‫الرحْ َم ُن َّ‬
‫َّ‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫عن سفٌان بن عٌٌنة عن مسعر لال لال الشعبً اسم هللا األعظم ٌا هللا ‪.‬‬
‫٘‪( -‬هللا الرحمن الرحٌم)‪:‬‬

‫(ٔ) أنظر‪ :‬فٌض المدٌر ٔ‪ ٘ٔٓ/‬والسر المدسً فً تفسٌر آٌة الكرسً (خطوط) وانظر الممصد االسنً للؽزالً‬
‫ص‪ ٔٙ5‬والثابت عند استمراء األحادٌث أن النبً‪ ‬لد أشار إلً مجموعة من األسماء الحسنً أنها متعٌنة‬
‫لتكون اسم هللا األعظم ومن لرأ هذه المخطوطة تؤكد له ذلن وأكثر هذه األحادٌث صحٌحة فكٌؾ ٌمول السٌوطً‬
‫بعد ذلن‪( ،‬ؼذ لم ٌرد فً خبر منها أنه االسم األعظم )وٌإكد علً أنها التساوي فً العظمة‪.‬‬
‫(ٕ) انظر فٌض المدٌر ٔ‪،٘ٔٓ/‬البرهان فً علوم المران ٔ‪، ٖٗ1/‬وشرح صحٌح مسلم ‪ 5ٖ/ٙ‬ونمل عن ابن‬
‫حبان لوله ‪:‬أعظم سورة أراد به فً األجر ال أن بعض المرآن أفضل من بعض )البرهان فً علوم المران‬
‫ٔ‪ ٖٗ1/‬وأجود من هذا ما لاله الزركشً من أن التفاضل والع بٌن اآلٌات والسور واألسماء لنا تضمنته من‬
‫المعانً‬
‫(فالتفضٌل إنما هو بالمعانً وكثرتها ؛ال من حٌث الصفة وهذا هو الحك )البرهان فً علوم المرآن ٔ‪ ٖٗ5/‬ونمل‬
‫بن العربً التفضٌل‪‬إنما صارت آٌة الكرسً عظم لعظم ممتضاها فإن الشًء إنما بشرؾ ذاته وممتضاه‬
‫ومتعلماته البرهان ٔ‪ ٕٗٗ/‬وانظر مجموع الفتاوى ‪ ٔٓٙ2/ٔ2‬وشفاء العلٌل صٗ‪٘1‬‬
‫(ٖ) وٌبدو أن هذا المول جانب الصواب لعدم توفر أدلته علٌه وأٌضا ً ‪ٌ:‬توفر األدلة علً معرفته كما هو ظاهر‪.‬‬
‫(ٗ)انظر لوامع البٌنات ص ‪،‬والممصد االسنً ص‪ ٔٙ5‬وتفسٌر أسماء هللا الحسنً ص‪ٕٗ،ٕٙ‬‬
‫(٘) لال الزجاج ‪:‬االسم األعظم هو لولنا هللا وٌعد األسماء االخري مضافة ؼلٌه تفسٌر أسماء هللا الحسنى‬
‫للزجاج صٕٗ‪.‬‬
‫(‪ )ٙ‬مصنؾ بن أبً شٌبة ‪ ٕٖٗ/2‬رلمٕٔ‪ٖ٘ٙ‬ورلمٖٔ‪ ٖ٘ٙ‬عن جابر بن زٌد والدر المنثور ‪ ٕٕٔ/1‬ومعنً ال‬
‫إله إال هللا للزركشً صٖٕٔونمض الدارمًٔ‪ ٔٙ1،ٔٙ5/‬ولال الزركشً ولد تكلم كل ذي فن من العلوم علً‬
‫هذا االسم بما لو جمع لبلػ ماال تحصره دواوٌن ‪.‬وما بلؽت نفس امرئ لال مبلؽاً‪...‬من المول ؼبل والذي فٌه‬
‫أعظم )معنً ال إله إال هللا صٖٕٔ‬
‫لال الحافظ ابن حجر (ٔ) فً شرح البخاري(ٕ) ولعل مستنده ما أخرجه ابن ماجهٖ عن‬
‫عابشة أنها سؤلت النبً ملسو هيلع هللا ىلص أن ٌعلمها االسم األعظم‪ ،‬فلم ٌفعل فصلت ودعت اللهم إنً أدعون هللا‬
‫وأدعون الرحمن وأدعون الرحٌم‪ ،‬وأدعون بؤسمابن الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم‪-‬‬
‫الحدٌث‪ ،‬وفٌه أنه ملسو هيلع هللا ىلص لال لها إنه لفً ٍ األسماء التً دعوت بها‪.‬‬
‫لال وسنده ضعٌؾ وفً االستدالل به نظر انتهى‪ ،‬للت ألوى منه فً االستدالل ما‬
‫أخرجه الحاكم فً المستدرن وصححه ابن عباس أن عثمان بن عفان سؤل رسول هللا صلى هللا‬
‫علٌه وسلم عن بسم ميحرلا نمحرلا هللا فمال هو اسم من أسماء هللا تعالى وما بٌنه وبٌن اسم هللا‬
‫األكبر إال كما بٌن سواد العٌن وبٌاضها من المربٗ‪ ،‬وفً الفردوس للدٌلمً من حدٌث ابن‬
‫عباس مرفوعا اسم هللا األعظم فً ست آٌات من آخر سورة الحشر(٘)‪.‬‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫‪[ -ٙ‬الرحمن الرحٌم]‬
‫ولٌل أن (الحً المٌوم) هو اسم هللا األعظم‪ ،‬ولن لحدٌث الترمذي وؼٌره عن أسماء بنت‬
‫َّللاُ الَّذِي َال ِإلَهَ ِإ َّال ُه َو َ‬
‫عا ِل ُم‬ ‫ٌزٌد أنه علٌه السبلم لال اسم هللا األعظم فً هاتٌن اآلٌتٌن { ُه َو َّ‬
‫عمران{َّللاُ َال ِإلَهَ ِإ َّال ُه َو‬
‫َّ‬ ‫الر ِحٌ ُم} [الحشر ‪ ،]ٕٕ :‬وفاتحه سورة آل‬ ‫الرحْ َم ُن َّ‬
‫ش َها َدةِ ُه َو َّ‬ ‫ْالؽَ ٌْ ِ‬
‫ب َوال َّ‬
‫ً ْالمٌَُّو ُم} [آل عمران ‪. ]ٕ :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ْال َح ُّ‬
‫‪(-2‬الحً المٌوم)‪ ،‬وذلن لحدٌث ابن ماجه والحاكم عن أبً أمامة رضً هللا تعالى عنه رفعه‬
‫االسم األعظم فً ثبلث سور‪ :‬البمرة وآل عمران وطه‪ ،‬لال الماسم الراوي عن أبً أمامه التمسته‬
‫فٌها فعرفت أنه الحً المٌوم‪ ،‬ولواه الفخر الرازي واحتج بؤنهما ٌدالن على صفات العظمة‬
‫بالربوبٌة ما ال ٌدل على ذلن ؼٌرهما كداللتهما (‪.)1‬‬
‫‪ ( -1‬الحنان المنان بدٌع السماوات واألرض ذو الجبلل واإلكرام )‬
‫وذلن لحدٌث أحمد وأبً داود وابن حبان والحاكم عن أنس "أنه كان مع رسول هللا‪-‬‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص ‪-‬جالسا ورجل ٌصلً ثم دعا اللهم إنً أسؤلن بؤن لن الحمد ال إله إال أنت الحنان المنان بدٌع‬

‫(ٔ) رواه ابن ماجه فً سننه ٕ‪ ٖٕ5/‬رلمٖٓٔٔ‪ ،‬واأللوسً فً تفسٌره ٖ‪ 2٘/‬وصححه األلبانً فً السلسلة‬
‫الصحٌحة ‪.2ٗٙ‬‬
‫(ٕ) انظر فتح الباري شرح صحٌح البخاري ٔٔ‪،ٕٕٗ/‬وشرح النووي ‪.ٔ1/ٔ2‬‬
‫(ٖ) سنن ابن ماجه ٕ‪ٕٔٙ2/‬رلم ‪ ٖ1٘5‬وضعفه ابن حجر فً فتحه ٔٔ‪.ٕٕٗ/‬‬
‫(ٗ) المستدرنٔ‪2ٖ1/‬رلم‪ ٕٕٓ2‬لال هذا حدٌث صحٌح اإلسناد ولم ٌخرجاه وشعب اإلٌمان ٕ‪.ٖٗ2/‬‬
‫(٘) روح المعانً ‪،ٙٗ/ٕ1‬الدر المنثور ‪ ٗ21/ٕٖٔ،٘/1‬عن ابن عباس‪.‬‬
‫(‪ )ٙ‬الرحمن الرحٌم وفاتحة سورة آل عمران " هللا ال إله إال هو الحً المٌوم " فً (ب)‬
‫(‪ )2‬رواه الترمذي فً سننه ٘‪٘ٔ2/‬حدٌث رلم‪ ٖٗ21‬وأبو داود فً سننهٔ‪ ٗ2ٓ/‬لال األلبانً حسن‬
‫(‪ ) 1‬ومنهم من لال االسم األعظم الحً المٌوم وٌدل علٌه وجهان‪:‬أحدهما أن أبً بن كعب طلب من المصطفً‬
‫‪ ‬انه ٌعلمه االسم األعظم فمال هو فً لوله تعالً (هللا ال إله إال هو الحً المٌوم )وفً ألم هللا ال ؼله إال هو‬
‫الحً المٌوم )لالوا ولٌس ذلن فً لولنا هللا ال إله إال هو ألن هذه الكلمة موجودة فً آٌات كثٌرة فلما خص االسم‬
‫األعظم بهاتٌن اآلٌتٌن علمنا أنه الحً المٌوم الثانً أن الحً ٌدل علً كونه سبحانه عالما ً متكلما ً لادراً سمٌعا ً‬
‫بصٌرا ً والمٌوم ٌدل علً أنه لابم بذاته مموم لؽٌره ومن هذٌن األصلٌن تتشعب جمٌع المسابل المعتبرة فً علم‬
‫التوحٌد ‪)..‬لوامع البٌنات ص‪ ،‬فٌض المدٌر ٔ‪ ٘ٔٓ/‬وتفسٌر الثعالبً ٔ‪-ٕٕٓ ،ٕٗٔ/‬‬
‫السماوات واألرض ٌا ذا الجبلل واإلكرام ٌا حً ٌا لٌوم‪ ،‬فمال‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬لمد دعا هللا باسمه العظٌم‬
‫الذي إذا دعى به أجاب وإذا سبل به أعطى" (ٔ)‪.‬‬
‫‪( -5‬بدٌع السماوات واألرض ذو الجبلل واإلكرام)‬
‫أخرج أبو ٌعلى من طرٌك السرى بن ٌحٌى عن رجل من طًء وأثنى علٌه خٌرا لال كنت أسال‬
‫هللا تعالى أن ٌرٌنً االسم األعظم فرأٌت مكتوبا فً الكواكب فً السماء ٌا بدٌع السماوات‬
‫واألرض ٌا ذا الجبلل واإلكرام"(ٕ) ‪.‬‬
‫ٓٔ‪ ( -‬ذو الجبلل واإلكرام)‬
‫وذلن لحدٌث الترمذي عن معاذ سمع النبً‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬رجبل ٌمول‪ٌ :‬ا ذا الجبلل واإلكرام فمال لد‬
‫استجٌب لن فسل (ٖ)‪ ،‬وأخرج ابن جرٌر فً تفسٌر سورة النمل عن مجاهد لال‪ :‬االسم الذي إذا‬
‫دعى به أجاب ٌا ذا الجبلل واإلكرام(ٗ) واحتج له الفخر الرازي بؤنه ٌشمل جمٌع الصفات‬
‫المعتبرة فً اإللهٌة‪ ،‬ألن فً الجبلل إشارة إلى جمٌع السلوب وفً اإلكرام إشارة إلى جمٌع‬
‫اإلضافات (٘)‪.‬‬
‫ٔٔ‪( -‬هللا ال إله إال هو األحد الصمد الذي لم ٌلد ولم ٌولد ولم ٌكن له كفوا أحد)‬
‫وذلن بدلٌل حدٌث أبً داود والترمذي وابن حبانوالحاكم عن برٌدة‪" :‬أن رسول هللا‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬سمع‬
‫رجبل ٌمول‪ :‬اللهم إنً أسؤلن بؤنً أشهد أنن أنت هللا ال إله إال أنت األحد الصمد الذي لم ٌلد ولم‬
‫ٌولد ولم ٌكن له كفوا أحد فمال‪ :‬لمد سؤلت هللا باالسم الذي إذا سبل به أعطى وإذا دعً به‬
‫أجاب"(‪ ،)ٙ‬وفً لفظ عند أبً داود ‪":‬لمد سؤلت هللا باسمه األعظم"‪ ،‬لال الحافظ ابن حجر‪ :‬وهو‬
‫أرجح من حدٌث السند[ عن ] جمٌع ما ورد فً ذلن(‪.)2‬‬
‫ٕٔ‪( -‬ربّ ربّ )‬
‫(‪)1‬‬
‫أخرج الحاكم عن أبً الدر داء وابن عباس لاال‪ :‬اسم هللا األكبر رب رب ‪ ،‬وأخرج ابن أبً‬
‫الدنٌا عن عابشة مرفوعا ومولوفا إذا لال العبد‪ٌ" :‬ا رب ٌا رب" لال هللا‪" :‬تعالى لبٌن عبدي سل‬
‫تعط"(ٔ)‪.‬‬

‫(ٔ) رواه أبو داود فً سننه ٔ‪ ٗ2ٓ/‬حدٌث رلم ٘‪ ٔٗ5‬والنسابً ٖ‪ٕ٘ٓ/‬حدٌث رلمٖٓٓٔ وابن ماجه ٕ‪ٕٔٙ1/‬‬
‫حدٌث رلم ‪ ٖ1٘1‬واحمد فً مسندهٕ‪ٕٔٓ/‬رلم‪، ٕٕٕٙ‬الترؼٌب والترهٌب ٕ‪ ، ٖٔ1/‬وجبلء اإلفهام البن المٌم‬
‫ص‪ٔ12‬وفً كتاب الدعاء للطبرانً ٔ‪ ٕ٘/‬لال الحاكم ‪:‬صحٌح علً شرط مسلم ولال األلبانً حسن صحٌح‪.‬‬
‫(ٕ) رواه أبو ٌعلً فً مسنده ورواته ثمات وذكره صاحب الترؼٌب والترهٌب ٕ‪ ٖٔ1/‬رلم ٕٓٗ٘ وهو عن‬
‫بعض الصحابة انظر جبلء اإلفهام البن المٌم ص‪ ٔ12‬وأخرجه الطبرانً فً الدعاء ٔ‪ٕ٘/‬‬
‫(ٖ) أخرجه الترمذي فً سننه ولال حسن حدٌث رلم ‪ٕٖ٘2‬وفً الترؼٌب والترهٌب والمعجم الكبٌر‬
‫ٕ‪٘ٙ/‬رلم ‪ 51‬ومسند بن حمٌد ٔ‪ٙٙ/‬رلم‪ٔٓ2‬‬
‫(ٗ) الدر المنثور ٖ‪ٖٗ/‬‬
‫(٘) كرامات األولٌاء لبللكابً صٓ‪ 2ٕ،1‬انظر الرازي اآلٌات البٌنات ص‬
‫(‪ )ٙ‬رواه أبو داود فً سننه ٔ‪ٗٙ5/‬رلمٖ‪ ٔٗ5‬والترمذي ٘‪ ٘ٔ٘/‬رلم٘‪ ٖٗ2‬الحاكم فً مستدركه‬
‫ٔ‪ٖٙ1/‬رلم‪ 1٘1‬ولال هذا حدٌث صحٌح علً شرط الشٌخٌن ولم ٌخرجاه‬
‫(‪ )2‬لال فً الترؼٌب ٕ‪ٖٔ2/‬رواه أبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن حبان فً صحٌحه والحاكم لال‬
‫صحٌح علً شرطٌهما ‪..‬ولال ابو الحسن الممدسً وؼسناده ال مطعن فٌه ولم ٌرد فً هذا الباب حدٌث أجود‬
‫اسنادا ً وصححه االلبانً ‪:‬فً صحٌح الترؼٌب والترهٌب ٕ‪ ٕٔ5/‬رلمٓٗ‪ ٔٙ‬منه‪.‬‬
‫‪1‬أخرجه الطبرانً فً الدعاء ٔ‪٘ٗ/‬رلم‪ ٔٔ5‬عن أبً الدر داء وابن عباس رضً هللا عنهما والحاكم فً‬
‫مستدركه ٔ‪ٙ1ٗ/‬رلمٓ‪ ٔ1ٙ‬ومصنؾ ابن أبً شٌبة ‪ٗ2،ٕٖٖ/ٙ‬رلم٘‪.ٖ٘ٙٔٓ، ٕ5ٖٙ‬‬
‫ٖٔ‪ -‬ولد لٌل (مالن الملن)‬
‫أخرج الطبرانً فً الكبٌر بسند ضعٌؾ عن ابن عباس لال‪ :‬لال رسول هللا‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ "-‬اسم هللا‬
‫األعظم الذي إذا دعً به أجاب فً هذه اآلٌة من آل عمران (لل اللهم مالن الملن تإتً الملن‬
‫من تشاء) إلى لوله‪( :‬وترزق من تشاء بؽٌر حساب" (ٕ)‪.‬‬
‫ٗٔ‪( -‬ال إله إال أنت سبحانن إنً كنت من الظالمٌن)‬
‫(ٖ)‬
‫لال المناوي‪ :‬اسم هللا االعظم الذي إذا دعً به أجاب ‪...‬دعوة ٌونس بن متً ‪ ،‬وذلن لحدٌث‬
‫النسابً والحاكم عن فضالة بن عبٌد رفعه "دعوة ذي النون فً بطن الحوت (ال إله إال أنت‬
‫سبحانن إنً كنت من الظالمٌن) لم ٌدع بها رجل مسلم لط إال استجاب هللا له"(ٗ)‪ ،‬أخرج ابن‬
‫جرٌر من حدٌث معبد مرفوعا "اسم هللا الذي إذا دعً به أجاب وإذا سبل به أعطى دعوة ٌونس‬
‫بن متى"(٘)‪ ،‬أخرج الحاكم عن سعد بن أبً ولاص مرفوعا" أال أدلكم على اسم هللا األعظم دعاء‬
‫ٌونس فمال‪ :‬رجل هل كانت لٌونس خاصة؟ فمال أال تسمع لوله‪( :‬ونجٌناه من الؽم وكذلن ننجً‬
‫المإمنٌن)"(‪ )ٙ‬وأخرج ابن أبً حاتم عن كثٌر ابن سعٌد معبد لال سؤلت الحسن عن اسم هللا‬
‫األعظم لال‪ :‬أما تمرأ المرآن؟ لول ذي النون(‪[ :)2‬ال إله إال أنت سبحانن إنً كنت من‬
‫الظالمٌن](‪.)1‬‬
‫٘ٔ‪( -‬كلمة التوحٌد‪ :‬ال إاله إال هللا)‬
‫(‪)ٔٓ( )5‬‬
‫‪.‬‬ ‫لال به الماضً عٌاض‬
‫‪( -ٔٙ‬هللا‪ .‬هللا‪..‬هللا ال إله إال هو رب العرش العظٌم )‬
‫ما نمله الفخر الرازي عن زٌن العابدٌن أنه سؤل هللا أن ٌعلمه االسم األعظم فرأى فً‬
‫النوم هو هللا‪ .‬هللا‪..‬هللا ال إله إال هو رب العرش العظٌم(ٔٔ)‪.‬‬
‫‪ -ٔ2‬ولٌل هو مخفً فً األسماء الحسنى‬

‫(ٔ) ضعٌؾ انظر فٌض المدٌر ٔ‪ ٗٔٔ/‬رلم‪ 222‬ولال احتج بهذا الحدٌث من ذهب ؼلً ان اسم هللا االعظم هو‬
‫الرب لال ابن تٌمٌة ‪‬اسمه الرب ‪،‬ولهذا ٌمال فً الدعاء ٌارب كما لال آدم ربنا ظلمنا أنفسنا (مجموع الفتاوى‬
‫ٔ‪ٕٓ2/‬‬
‫(ٕ) لال المناوي ‪ :‬لال الهٌثمً ‪ :‬فٌه جسر بن فرلد وهو ضعٌؾ وألول فٌه أٌضا ً دمحم بن زكرٌا الؽبلبً أورده‬
‫الذهبً فً الضعفاء اٌضاًولال وثمه ابن معٌن ولال أحمد لٌس بموي والنسابً والطبرانً والدار لطنً ‪:‬ضعٌؾ‬
‫)فٌض المدٌر ٔ‪ ٘ٔٔ/‬اخرجه الطبرانً فً المعجم الكبٌر ٕٔ‪ ٔ2ٔ/‬رلم ٕ‪ ٕٔ25‬عن ابن عباس‬
‫(ٖ) فٌض المدٌرٔ‪. ٕ٘ٔ/‬‬
‫(ٗ) أخرجه الحاكم فً مستدركه ٔ‪ٙ1٘/‬رلم ٕ‪ ٔ1ٙ‬ولال هذا حدٌث صحٌح اإلسناد‬
‫(٘) أخرجه ابن جرٌر الطبري فً تفسٌره ‪، 21/5‬والسٌوطً فً الدر المنثور ٘‪ٙ55/‬‬
‫(‪ )ٙ‬اخرجه الحاكم فً مستدركه ٔ‪ ٙ1٘/‬رلم٘‪ٔ1ٙ‬‬
‫(‪ )2‬لال ابن المٌم ) اما دعوة ذى النون ‪:‬فإن فٌها من كمال التوحٌد والتنزٌه للرب ‪،‬واعتراؾ العبد بظلمه وذنبه‬
‫ما هو أبلػ أدوٌة الكرب والهم زاد المعاد ٗ‪ٔ1٘/‬‬
‫(‪ )1‬الدر النثور ٘‪ٙٙ5/‬‬
‫(‪ )5‬الماضً عٌاض بن موسً بن عٌاض العبلمة صاحب التصانٌؾ المالكً المذهب ولد سنة ‪ ٗ2ٙ‬العبر‬
‫ٔ‪ٕٙٔ/‬‬
‫(ٓٔ) انظر فتح الباري ٔٔ‪ٕٓ2/‬‬
‫(ٔٔ) البرهان فً علوم المرآن ٔ‪، ٗٗ/‬معارج المبول ٕ‪، ٖ5ٗ/‬لوامع البٌنات ص‬
‫وٌإٌده حدٌث عابشة المتمدم لما دعت ببعض األسماء و باألسماء الحسنى فمال لها" إنه لفً‬
‫األسماء التً دعوت بها"(ٔ)‪.‬‬
‫‪ -ٔ1‬أنه كل اسم من أسمابه تعالى دعا به العبد مستؽرلا‬
‫ولٌل أنه كل اسم من أسمابه تعالى دعا العبد به ربه مستؽرلا بحٌث ال ٌكون فً فكره حالة إذ‬
‫ؼٌر هللا فإن من دعا هللا تعالى بهذه الحالة كان لرٌب اإلجابة وأخرج أبو نعٌم فً الحلٌة عن أبً‬
‫ٌزٌد البسطامً(ٕ) أنه سؤله رجل عن االسم األعظم فمال‪ :‬لٌس له حد محدود إنما هو فراغ للبن‬
‫بوحدانٌته [فإذا كنت كذلن فافرغ إلى أي اسم شبت فإنن تسٌر به إلى المشرق والمؽرب(ٖ)‪.‬‬
‫وأخرج أبو نعٌم أٌضا عن أبً سلٌمان الدارانًٗ لال ‪ :‬سؤلت بعض المشاٌخ عن اسم‬
‫هللا األعظم لال‪ :‬تعرؾ للبن للت نعم لال فإذا رأٌته لد ألبل ورق فسل هللا حاجتن فذان اسم هللا‬
‫األعظم (٘)‪.‬‬
‫وأخرج أبو نعٌم أٌضا عن ابن الربٌع السابح أن رجبل لال‪ :‬له علمنً االسم األعظم فمال اكتب‬
‫بسم ميحرلا نمحرلا هللا أطع هللا[ ٌطعن كل شًء‪.‬‬
‫‪( -ٔ5‬الله ّم )‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫حكاه الزركشً فً شرح جمع الجوامع واستدل لذلن بؤن هللا دال على الذات والمٌم‬
‫دالة على الصفات التسعة والتسعٌن ذكره أبو المظفر وهذا لال الحسن البصري اللهم مجمع‬
‫الدعاءٔ ولال النصر بن شمٌلمن لال اللهم فمد دعا هللا بجمٌع أسمابه‪.‬‬

‫سو َل َّ ِ‬
‫َّللا‬ ‫س ِم ْعتُ َر ُ‬ ‫ت‪َ :‬‬ ‫شةَ لَالَ ْ‬ ‫(ٔ) سنن ابن ماجة‪(.ٖٔ1/ٔٔ :‬صحٌح وضعٌؾ سنن ابن ماجة‪َ .)ٖ1٘5 :‬ع ْن َعابِ َ‬
‫َّ‬
‫ار ِن ْاأل َ َحبّ ِ إِلٌْنَ ‪ ،‬الذِي إِذا ُدعٌِتَ بِ ِه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب ْال ُمبَ َ‬‫طٌِّ ِ‬ ‫طاه ِِر ال َّ‬ ‫سلَّ َم ٌَمُولُ‪« :‬اللَّ ُه َّم إِ ِنًّ أ َ ْسؤَلُنَ بِاس ِْمنَ ال َّ‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬
‫علَ ٌْ ِه َو َ‬ ‫َ‬
‫ت‪َ :‬ولَا َل ذَاتَ ٌَ ْو ٍم‪ٌَ« :‬ا‬ ‫طٌْتَ ‪َ ،‬و ِإذَا ا ْست ُ ْر ِح ْمتَ بِ ِه َر ِح ْمتَ ‪َ ،‬و ِإذَا ا ْست ُ ْف ِر َجتَ بِ ِه فَ َّرجْ تَ » لَالَ ْ‬ ‫َ‬
‫سبِلتَ بِ ِه أ ْع َ‬‫ْ‬ ‫أ َ َجبْتَ ‪َ ،‬و ِإذَا ُ‬
‫َّللاِ‪ِ ،‬بؤ َ ِبً أَ ْنتَ‬ ‫سو َل َّ‬ ‫ت‪ :‬فَمُ ْلتُ ‪ٌَ :‬ا َر ُ‬ ‫اب؟» لَالَ ْ‬ ‫ً ِب ِه أ َ َج َ‬ ‫َّللا لَ ْد َدلَّ ِنً َعلَى ِاالس ِْم الَّذِي إِذَا ُد ِع َ‬ ‫ت أ َ َّن َّ َ‬‫شةُ ه َْل َع ِل ْم ِ‬ ‫َعا ِب َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫سهُ‪ ،‬ث َّم للتُ ‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫سا َعة‪ ،‬ث َّم ل ْمتُ فَمَبَّلتُ َرأ َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ت‪ :‬فَتَنَ َّحٌْتُ َو َجلَ ْستُ َ‬ ‫شة» ‪ ،‬لَالَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َوأ ُ ِ ّمً فَعَ ِل ْمنٌِ ِه‪ ،‬لَالَ‪« :‬إِنَّهُ َال ٌَ ْنبَ ِؽً لَ ِن ٌَا َعابِ َ‬
‫ّ‬
‫ش ٌْبًا ِمنَ ال ُّد ْن ٌَا»‬ ‫شةُ أ َ ْن أ ُ َع ِلّ َم ِن‪ِ ،‬إنَّه ُ َال ٌَ ْن َب ِؽً لَ ِن أ َ ْن تَ ْسؤ َ ِلً ِب ِه َ‬ ‫َّللاِ‪َ ،‬ع ِلّ ْم ِنٌ ِه‪ ،‬لَالَ‪ِ « :‬إنَّه ُ َال ٌَ ْن َب ِؽً لَ ِن ٌَا َعا ِب َ‬ ‫سو َل َّ‬ ‫ٌَا َر ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫الرحْ َمنَ ‪َ ،‬وأ ْدعُونَ البَ َّر‬ ‫َ‬
‫َّللا‪َ ،‬وأ ْدعُونَ َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫صلٌْتُ َركعَتٌَ ِْن‪ ،‬ث َّم للتُ ‪ :‬الل ُه َّم إِنًِّ أ ْدعُونَ َّ َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ت‪ :‬فَم ْمتُ فَت ََوضَّؤتُ ‪ ،‬ث َّم َ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ،‬لَالَ ْ‬
‫ض َحنَ‬ ‫ت‪ :‬فَا ْستَ ْ‬ ‫ٌم‪َ ،‬وأ َ ْدعُونَ ِبؤ َ ْس َمابِنَ ْال ُح ْسنَى ُك ِلّ َها‪َ ،‬ما َع ِل ْمتُ ِم ْن َها‪َ ،‬و َما لَ ْم أ َ ْعلَ ْم‪ ،‬أ َ ْن ت َ ْؽ ِف َر ِلً َوت َْر َح َمنًِ‪ ،‬لَالَ ْ‬ ‫الر ِح َ‬ ‫َّ‬
‫ت بِ َها"‪ .‬ضعٌؾ التعلٌك على ابن ماجة‪،‬‬ ‫َّ‬
‫اء التًِ َد َع ْو ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫سل َم‪ ،‬ث َّم لالَ‪« :‬إِنهُ ل ِفً األ ْس َم ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫صلى هللاُ َعل ٌْ ِه َو َ‬ ‫َّ‬ ‫َّللا َ‬‫سو ُل َّ ِ‬ ‫َر ُ‬
‫التعلٌك الرؼٌب (ٕ ‪.)ٕ2٘ /‬‬
‫(ٕ ) أبو ٌزٌد البسطامً ‪ :‬اسمه ‪ :‬هو أبو ٌزٌد طٌفور بن عٌسى مروشان البسطامً‪ ،‬أحد الزهاد‪ ،‬أخو‬
‫الزاهدٌن‪ :‬آدم وعلً‪ ،‬وكان جدهم شروسان مجوسٌاً‪ ،‬فؤسلم ٌمال‪ :‬إنه روى عن إسماعٌل السدي‪ ،‬وجعفر‬
‫الصادق‪ ،‬ولد ولد العارؾ أبو ٌزٌد سنة ‪ٔ11‬هـ ببسطام فً ببلد خرسان فً مجلة ٌمال لها محلة موبدان‪ ،‬وتوفً‬
‫سنة ٔ‪ٕٙ‬هـ عن ثبلث وسبعٌن سنة‪( .‬انظر سٌر أعبلم النببلء‪ ،1ٙ /ٖٔ ،‬وانظر وفٌات األعٌان ٕ‪،ٖ٘ٔ /‬‬
‫وانظر طبمات الصوفٌة للسلمً ص ‪ . ٔ5 – ٔ1‬وانظر الطبمات الكبرى ٔ‪).2ٙ /‬‬
‫(ٖ) حلٌة األولٌاء ٓٔ‪ٖ5/‬‬
‫(ٗ) أبو سلٌمان الدانً ‪ :‬أبو سلٌمان عبد الرحمن بن عطٌة الدارانً‪ ،‬أحد علماء أهل السنة والجماعة ومن‬
‫أعبلم التصوؾ السنً فً المرن الثالث الهجري‪ ،‬من أهل دارٌّا‪ ،‬لرٌة من لرى دمشك فً سورٌا ‪.‬‬
‫وصفه الذهبً بـ "اإلمام الكبٌر‪ ،‬زاهد العصر"‪ ،‬ولد سنة ٓٗٔ هـ‪ ،‬وتوفً سنة ٕ٘ٔ هـ‪ (.‬انظر‪ :‬بمات الصوفٌة‪،‬‬
‫تؤلٌؾ ‪:‬أبو عبد الرحمن السلمً‪ ،‬صٗ‪ ،25-2‬دار الكتب العلمٌة‪ ،‬طٖٕٓٓ‪ ،‬وسٌر أعبلم النببلء‪ ٔ1ٖ/ٔٓ :‬وما‬
‫بعدها)‪،‬‬
‫(٘) حلٌة األولٌاء ٓٔ‪ٖٔٙ/‬‬
‫(‪ )ٙ‬ذكره البؽوي فً تفسٌره ٔ‪ (: ٔٗٙ/‬انطلموا علً اسم هللا "اللهم "أعنهم ثم رجع رسول هللا ‪.)... ‬‬
‫ٕٓ‪ ( -‬ألم)‬
‫(ٕ)‬
‫أخرج ابن جرٌر وابن أبً حاتم عن ابن عباس لال (آلم) اسم من أسماء هللا األعظم ‪،‬‬
‫وأخرج ابن جرٌر وابن أبً حاتم عن ابن عباس لال (آلم) لسم ألسم هللا به وهو من أسمابه‬
‫تعالى (ٖ)‪.‬‬
‫مسؤلة‪:‬‬
‫اختلؾ العلماء هل البسملة آٌة لرآنٌة؟ وهل تمرأ فً الصبلة؟‪ ،‬وفً ذلن ألوال‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬ذهب مالن واألوزاعً إلى أنها لٌست من المرآن‪ ،‬ومنعا من لراءتها فً الفرابض مطلما‪ً،‬‬
‫وأجازا لراءتها فً النافلة"(ٗ)‪.‬‬
‫والثانً‪ :‬أما أبو حنٌفة والثوري وأتباعهم فمرأوها فً افتتاح "الحمد" ولكن أوجبوا إخفاتها‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬فً حٌن أن اإلمام الشافعً لرأها فً الجهرٌات جهرا ً وفً اإلخفاتٌات إخفاتاً‪ ،‬وعدها‬
‫آٌة من "الفاتحة"‪ ،‬وهذا هو لول أحمد بن حنبل أٌضاً‪ ،‬واختلؾ المنمول عن الشافعً فً أنها آٌة‬
‫من كل سورة أم أنها لٌست باٌَة فً ؼٌر "الفاتحة"(٘)‪.‬‬
‫وٌترتب على المول بؤن البسملة آٌة من الفاتحة أو لٌست آٌة منها من حٌث لراءة البسملة‬
‫فً الصبلة ‪ :‬أن من ٌمول أن البسملة آٌة من الفاتحة ٌمول بوجوب و ٌترتب على المول لرابتها‬
‫فً الصبلة (‪،)ٙ‬و ال تصح الصبلة إال بمرابتها ؛ ألنها من الفاتحة ؛ لموله ‪ " : ‬ال صبلة لمن لم‬
‫ٌمرأ بفاتحة الكتاب"(‪ )2‬؛ ومن ٌمول‪ :‬إنها لٌست من الفاتحة ؛ ولكنها آٌة مستملة من كتاب هللا‬
‫ٌمول لرابتها جابزة(‪، )1‬ومن ٌمول لٌست البسملة من الفاتحة وال من ؼٌرها ٌمول تكره لراءة‬
‫البسملة فً الصبلة فبل ٌمرأ بها المصلً فً المكتوبة وال فً ؼٌرها سرا وال جهرا(‪، )5‬وٌترتب‬
‫على كون البسملة آٌة أو بعض آٌة حرمة مس المحدث حدثا أكبر أو أصؽر ورلة مكتوب فٌها‬
‫البسملة عند المابلٌن بحرمة مس المحدث المصحؾ ‪،‬وهم جهور العلماء ؛ ألن البسملة ما دامت‬
‫آٌة أو بعض آٌة فهً من المصحؾ فتؤخذ حكمه ‪.‬‬
‫والنصوص فً ذلن متواترة‪ ،‬أما عن طرٌك العامة فهنالن رواٌات كثٌرة تدل على ذلن‪:‬‬
‫(ولَمَ ْد آت َ ٌْنَانَ َ‬
‫س ْبعًا‬ ‫ٔ‪ .‬عن ابن جرٌح عن أبٌه عن سعٌد بن جبٌر عن ابن عباس فً لوله تعالى‪َ :‬‬
‫الر ِح ٌِم‪ْ ،‬ال َح ْم ُد ّّللِ َربّ ِ ْال َعالَ ِمٌنَ )" ‪ -‬ولرأ‬
‫من َّ‬‫الرحْ ِ‬ ‫ِ ّمنَ ْال َمثَانًِ)‪ ،‬لال‪ ":‬فاتحة الكتاب ( ِبس ِْم ّ ِ‬
‫َّللا َّ‬
‫من‬
‫الرحْ ِ‬‫َّللاِ َّ‬
‫السورة‪ ،‬لال ابن جرٌح‪" :‬فملت ألبً‪ :‬لمد أخبرن سعٌد عن ابن عباس أنه لال‪ِ ( :‬بس ِْم ّ‬
‫الر ِح ٌِم) آٌة؟" لال‪":‬نعم"(ٓٔ)‪.‬‬
‫َّ‬

‫(ٔ) انظر تفسٌر البؽوي ٔ‪، ٖٓٗ/‬والدر المنثور ٕ‪ ٔ2ٕ/‬واإلتمان للسٌوطً ٕ‪.ٕٗ/‬‬
‫(ٕ) تفسٌر الطبري ٔ‪، ٔٔ1/‬تفسٌر بن كثٌر ٔ‪. ٙٔ/‬‬
‫(ٖ) تفسٌر الطبري ٔ‪، ٔٔ1/‬وزاد المٌسر ‪، ٖٔ٘/ٙ‬وتفسٌر الثعالبً ٔ‪.ٖٓ/‬‬
‫(ٗ)انظر‪" :‬بداٌة المجتهد" البن رشد ‪ -‬ج ٔ ‪ -‬ص ‪ ،5ٙ‬و"التفسٌر الكبٌر" للفخر الرازي ‪ -‬ج ٔ ‪ -‬ص ٓٓٔ‬
‫(٘)انظر‪" :‬التفسٌر الكبٌر" فً تفسٌر البسملة‪.‬‬
‫(‪)ٙ‬انظر تحفة األحوذي ٕ‪ ٗ2/‬دمحم عبد الرحمن المباركفوري أبو العبل دار الكتب العلمٌة ‪ -‬بٌروت‬
‫(‪ )2‬رواه البخاري فً صحٌحه رلم ‪،2٘ٙ‬ورواه مسلم فً صحٌحه رلم ٗ‪ٖ5‬‬
‫(‪ )1‬انظر تحفة األحوذي ٕ‪ٗ2/‬‬
‫‪ - 5‬تفسٌر المرطبً ٔ‪ ٔٔٔ/‬دار الحدٌث الطبعة الثانٌة ‪ٔٗٔٙ‬هـ ‪ٔ55ٙ‬م ‪،‬و االستذكار البن عبد البر ٔ‪ٗ٘٘/‬‬
‫الناشر ‪ :‬دار الكتب العلمٌة – بٌروت الطبعة األولى ‪ ٕٓٓٓ – ٕٔٗٔ ،‬تحمٌك ‪ :‬سالم دمحم عطا ‪ ،‬دمحم علً‬
‫(ٓٔ)انظر‪ :‬تفسٌر سورة الفاتحة من كتاب التفسٌر من المستدرن للحاكم ومن تلخٌصه للذهبً ‪ -‬ص ‪ - ٕ٘2‬ج‬
‫ٕ‪ ،‬ولد صرح الحاكم والذهبً بصحة إسناد الحدٌث ‪.‬‬
‫من‬
‫الرحْ ِ‬ ‫َّللاِ َّ‬ ‫ٕ‪ .‬ما ص َّح عن ابن عباس أٌضا ً لال‪":‬إن النبً (ملسو هلآو هيلع هللا ىلص) كان إذا جاءه جبرابٌل فمرأ(بِس ِْم ّ‬
‫الر ِح ٌِم)‪ ،‬علم أنها سورة"(ٔ)‪.‬‬ ‫َّ‬
‫َّللاِ‬
‫ً (ملسو هلآو هيلع هللا ىلص) ال ٌعلم ختم السورة حتى تنزل (بِس ِْم ّ‬ ‫ابن عباس أٌضا لال‪" :‬كان النب ُّ‬ ‫ً‬ ‫ٖ‪ .‬ما صح عن‬
‫(ٕ)‬
‫الر ِح ٌِم)" ‪.‬‬ ‫من َّ‬
‫الرحْ ِ‬ ‫َّ‬
‫َّللاِ‬
‫ٗ‪ .‬ما صح عنه أٌضا لال‪" :‬كان المسلمون ال ٌعلمون انمضاء السورة حتى تنزل (بِس ِْم ّ‬ ‫ً‬
‫الر ِح ٌِم) علموا أن السورة لد انمضت‪.)ٖ(".‬‬ ‫من َّ‬ ‫َّللاِ َّ‬
‫الرحْ ِ‬ ‫الر ِح ٌِم)‪ ،‬فإذا نزلت (بِس ِْم ّ‬ ‫من َّ‬‫الرحْ ِ‬ ‫َّ‬
‫ْ‬
‫الر ِح ٌِم‪ ،‬ال َح ْم ُد ّّللِ‬ ‫من َّ‬ ‫الرحْ ِ‬ ‫َّللاِ َّ‬
‫٘‪ .‬ما صح عن أم سلمة لالت‪" :‬كان النبً (ملسو هلآو هيلع هللا ىلص) ٌمرأ (بِس ِْم ّ‬
‫َربّ ِ‪ )..‬إلى آخرها ‪ٌ -‬مطعها حرفا ً حرفاً"(ٗ)‪.‬‬
‫من‬‫الرحْ ِ‬ ‫َّللا َّ‬ ‫وعن أم سلمة من طرٌك آخر إن رسول هللا (ملسو هلآو هيلع هللا ىلص) لرأ فً الصبلة (بِس ِْم ّ ِ‬
‫ّلل َربّ ِ ْالعَالَ ِمٌنَ ) آٌتٌن‪َّ ،‬‬ ‫الر ِح ٌِم) وعدها آٌة‪ْ ،‬‬
‫(٘)‬
‫الر ِح ٌِم) ثبلث آٌات‪ "...‬الحدٌث ‪.‬‬ ‫من َّ‬
‫(الرحْ ِ‬ ‫(ال َح ْم ُد ّ ِ‬ ‫َّ‬
‫الر ِح ٌِم) ثم لرأ‬ ‫من َّ‬ ‫الرحْ ِ‬ ‫‪ .ٙ‬ما صح عن نعٌم المجمر لال‪" :‬كنت وراء أبً هرٌرة فمرأ (بِس ِْم ّ ِ‬
‫َّللا َّ‬
‫(والَ الضَّالٌِّنَ )‪ ،‬لال‪' :‬آمٌن'‪ ،‬فمال الناس‪' :‬آمٌن'‪ ،‬فلما سلم لال‪' :‬والذي نفسً‬ ‫بؤم الكتاب حتى بلػ َ‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫بٌده إنً ألشبهكم صبلة برسول هللا ملسو هلآو هيلع هللا ىلص" ‪.‬‬
‫وعن أبً هرٌرة أٌضاً‪ ،‬لال‪" :‬كان رسول هللا (ملسو هلآو هيلع هللا ىلص) ٌجهر فً الصبلة ببسم ميحرلا نمحرلا هللا" ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫‪ .2‬ما صح عن أنس بن مالن لال‪" :‬صلى معاوٌة بالمدٌنة فجهر فٌها بالمراءة‪ ،‬فمرأ فٌها ( ِبس ِْم‬
‫الر ِح ٌِم) للسورة التً بعدها حتى‬ ‫من َّ‬ ‫َّللاِ َّ‬
‫الرحْ ِ‬ ‫الر ِح ٌِم) ألم المرآن‪ ،‬ولم ٌمرأ ( ِبس ِْم ّ‬ ‫من َّ‬ ‫الرحْ ِ‬ ‫ِّ‬
‫َّللا َّ‬
‫لضى تلن المراءة‪ ،‬فلما سلم ناداه من سمع ذلن من المهاجرٌن واألنصار من كل مكان‪ٌ' :‬ا‬
‫الر ِح ٌِم) للسورة‬ ‫من َّ‬ ‫َّللاِ َّ‬
‫الرحْ ِ‬ ‫معاوٌة‪ ،‬أسرلت الصبلة أم نسٌت؟' فلما صلى بعد ذلن لرأ ( ِبس ِْم ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫التً بعد أم المرآن‪ ".‬أخرج هذا الحدٌث الحاكم فً المستدرن وصححه على شرط مسلم ‪،‬‬
‫وأخرجه ؼٌر واحد من أصحاب المسانٌد كالشافعً فً مسنده(‪ ،)5‬وعلك على ذلن بموله‪" :‬إن‬
‫معاوٌة كان سلطانا ً عظٌم الموة شدٌد الشوكة فلوال أن الجهر بالبسملة كان كاألمر الممرر عند‬
‫كل الصحابة من المهاجرٌن واألنصار لما لدروا على إظهار اإلنكار علٌه بسبب ترن‬
‫التسمٌة"(ٓٔ)‪.‬‬

‫(ٔ)أخرجه الحاكم فً كتاب الصبلة من مستدركه ‪ -‬ص ٖٕٔ ‪ -‬جٔ‬


‫(ٕ)مستدرن الحاكم فً كتاب الصبلة من مستدركه ‪ -‬ص ٖٕٔ ‪ -‬ج ٔ‬
‫(ٖ)مستدرن الحاكم ‪ -‬ج ٔ ‪ -‬ص ٕٖٕ‪ ،‬لال‪" :‬هذا الحدٌث صحٌح على شرط الشٌخٌن‪ "،‬وصححه الذهبً أٌضا ً‬
‫فً التلخٌص‬
‫(ٗ)مستدرن الحاكم ‪ -‬ج ٔ ‪ -‬ص ٕٖٕ‪ ،‬والذهبً فً تلخٌصه‪ ،‬ولد صرحا بصحة الحدٌث‬
‫(٘) المصدر نفسه والصحٌفة نفسها‪.‬‬
‫(‪)ٙ‬مستدرن الحاكم ‪ -‬ج ٔ ‪ -‬ص ٕٖٕ‪ ،‬والذهبً فً تلخٌصه ولد صرحا بصحة الحدٌث‪.‬‬
‫(‪ )2‬مستدرن الحاكم ‪ -‬ج ٔ ‪ -‬ص ٕٖٕ‪ ،‬والذهبً فً تلخٌصه ولد صرحا بصحة الحدٌث ‪ ،‬وأخرجه البٌهمً‬
‫فً السنن الكبٌرة‪ ،‬كما ذكره الرازي فً تفسٌره ‪ -‬ج ٔ ‪ -‬ص ٘ٓٔ‬
‫(‪)1‬ورواها الحاكم فً المستدرن الجزء ٔ ص ٖٖٕ ولال‪ :‬حدٌث صحٌح على شرط مسلم‪.‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬ترتٌب مسند اإلمام الشافعً‪ ،1ٓ / ٔ :‬وسنن البٌهمً‪ ،ٗٗ - ٕٗ / ٕ :‬ومسابل فمهٌة‪ :‬ص ‪،ٕ5 - ٔٙ‬‬
‫وبحار األنوار‪ ،٘5 / ٔ5 :‬ومستدرن الحاكم‪ ،ٕٖٕ ،ٕٖٔ :‬وكنز العمال‪ ،ٖٓ / ٗ :‬وتفسٌر الزمخشري ‪:‬تفسٌر‬
‫سورة الحمد‪.‬‬
‫(ٓٔ) كما نمله الرازي فً التفسٌر الكبٌر ‪ -‬ج ٔ ‪ٔٓ٘ -‬‬
‫‪ .1‬ما صح ‪ -‬أٌضا ً ‪ -‬عن أنس بن‪ ،‬لال‪" :‬سمعت رسول هللا (ملسو هلآو هيلع هللا ىلص) ٌجهر فً الصبلة ببسم‬
‫هللا الرحمن الرحٌم"(ٔ)‪.‬‬
‫‪ .5‬ما صح عن دمحم بن السري العسمبلنً‪ ،‬لال‪" :‬صلٌت خلؾ المعتمر بن سلٌمان ما ال أحصً‬
‫صبلة الصبح والمؽرب‪ ،‬فكان ٌجهر ببسم ميحرلا نمحرلا هللا لبل فاتحة الكتاب وبعدها للسورة‪.‬‬
‫وسمعت المعتمر ٌمول‪' :‬ما آلوا أن ألتدي بصبلة أبً‪ ،‬ولال أبً‪ :‬ما آلوا أن ألتدي بصبلة أنس‬
‫بن مالن‪ '.‬ولال أنس بن مالن‪' :‬ما آلو أن ألتدي بصبلة رسول هللا (ملسو هلآو هيلع هللا ىلص)"(ٕ)‪.‬‬
‫وعن لتادة لال‪" :‬سبل أنس بن مالن كٌؾ كانت لراءة رسول هللا (صلى هللا علٌه وآله‬
‫الر ِح ٌِم) ٌمد الرحمن وٌمد الرحٌم‪.)ٖ("،‬‬ ‫من َّ‬
‫الرحْ ِ‬ ‫وسلم)؟ لال‪' :‬كانت مدا ً ثم لرأ (بِس ِْم ّ ِ‬
‫َّللا َّ‬
‫وعن حمٌد الطوٌل عن أنس بن مالن لال‪" :‬صلٌت خلؾ النبً وخلؾ أبً بكر وخلؾ‬
‫الر ِح ٌِم)"(ٗ)‪.‬‬
‫من َّ‬‫الرحْ ِ‬ ‫عمر وخلؾ عثمان وخلؾ علً‪ ،‬فكلهم كانوا ٌجهرون بمراءة (بِس ِْم ّ ِ‬
‫َّللا َّ‬
‫ٓٔ‪ .‬ولد ذكر الرازي أن البٌهمً روى الجهر بالبسملة فً سننه عن عمر بن الخطاب وابن‬
‫عمر وابن الزبٌر ثم لال الرازي‪" :‬وأما علً بن أبً طالب (رضً هللا عنه) كان ٌجهر بالبسملة‬
‫فمد ثبت بالتواتر ومن التدى فً دٌنه بعلً بن أبً طالب فمد اهتدى‪ ،‬والدلٌل علٌه لول رسول هللا‬
‫(ملسو هلآو هيلع هللا ىلص)‪' :‬اللهم أدر الحك مع علً حٌث دار"(٘)‪.‬‬
‫وهنالن حجة أخرى على أن البسملة آٌة فً كل سورة وهً أن الصحابة كافة ومن بعدهم إلى‬
‫ٌومنا هذا أجمعوا إجماعا ً عملٌا ً على كتابة البسملة فً بداٌة كل سورة عدا سورة براءة‪ ،‬كما‬
‫كتبوا سابر اآلٌات ببل مٌزة مع أنهم مطبمون على أن ال ٌكتبوا شٌبا ً من ؼٌر المرآن إال بمٌزة‬
‫عنه حرصا ً منهم على أن ال ٌختلط فٌه شًء من ؼٌره‪ ،‬ول َّل أن تجتمع األمة على أمر‬
‫كاجتماعها على ذلن‪ ،‬وهذا دلٌل على أن البسملة أٌة مستملة فً بداٌة كل سورة‪.‬‬
‫دلٌل آخر‪ :‬من المشهور المؤثور عن رسول هللا (ملسو هلآو هيلع هللا ىلص) لوله‪" :‬كل أمر ذي بال ال ٌبدأ فٌه‬
‫ببسم ميحرلا نمحرلا هللا ألطع(‪ )ٙ‬أو أبتر أو أجذم"(ٔ) فهل ٌمكن أن ٌكون المرآن وهو أفضل ما‬
‫أوحاه هللا إلى أنبٌابه ألطع؟ وهل ٌمكن أن تكون الصبلة وهً خٌر العمل بتراء جذماء؟‬

‫ميحرلا نمحرلا هللا من كتابٌهما ولاال ‪ :‬رواة هذا الحدٌث‬ ‫(ٔ) أخرجه الحاكم وأورده الذهبً فً باب الجهر ببسم‬
‫عن آخرهم ثمات وجعبله علة ونمٌضا لحدٌث لتادة عن أنس‪.‬‬
‫(ٕ) أخرجه الحاكم فً المستدرن وأورده الذهبً فً التلخٌص ونصا على أن رواته عن آخرهم ثمات وجعبله‬
‫علة ونمٌضا ً لحدٌث لتادة عن أنس‪ ،‬الباطل‪.‬‬
‫(ٖ)سنن البٌهمً ‪ -‬باب افتتاح المراءة فً الصبلة ببسم هللا ‪ -‬الجزء ٕ ص ‪ ، ٗٙ‬والمستدرن ‪ ،‬حدٌث الجهر ببسم‬
‫هللا الجزء ٔ ص ٖٖٕ " ‪.‬‬
‫(ٗ) مستدرن الحاكم‪ ،ٕٖٕ / ٔ :‬والذهبً فً تلخٌصه ولد صرحا بصحة الحدٌث ‪.‬‬
‫(٘)الجامع الصؽٌر للسٌوطً ‪ -‬حرؾ الكاؾ‪ ،5ٔ/ ٕ :‬كنز العمال‪. ٔ5ٖ / ٔ :‬‬
‫(‪)ٙ‬الجامع الصؽٌر للسٌوطً ‪ -‬حرؾ الكاؾ ‪ ،5ٔ/ ٕ :‬كنز العمال ‪ . ٔ5ٖ/ ٔ :‬وانظر‪ :‬التفسٌر الكبٌر للرازي‬
‫‪ -‬ج ٔ فً تفسٌر البسملة‪ .‬لال اإلمام النووى فى " األذكار " ٔ ‪ : 5ٗ /‬و لد روى موصوال كما ذكرنا و روى‬
‫مرسبل و رواٌة الموصول جٌدة اإلسناد‪ ،‬و لال عبد المادر األرناإوط ٔ ‪ : 5ٗ /‬أخرجه ابن السنى فى عمل "‬
‫الٌوم و اللٌلة " عن أبى هرٌرة و إسناده ضعٌؾ ‪ .‬و رواه بنحوه الحاكم و الترمذى و البٌهمى فى " شعب اإلٌمان‬
‫" عن ابن عباس رضى هللا عنهما و فى سنده ٌمان بن الممبرة و هو ضعٌؾ‪.‬‬
‫سلَّ َم ‪ُ ( :‬كل كَبل ٍم أ ْو أ ْم ٍر ذِي بَا ٍل ال ٌُفت ُح بِ ِذك ِر‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫صلَّى هللاُ َعلَ ٌْ ِه َو َ‬ ‫أَبًِ ه َُرٌ َْرة َ رضً هللا عنه لَا َل ‪ :‬لَا َل َر ُ‬
‫سو ُل هللاِ َ‬
‫ط ُع ‪ )-‬ولد روي الحدٌث بؤلفاظ أخرى نحو هذا‪.‬‬ ‫هللاِ فَ ُه َو أ َ ْبت َُر ‪ -‬أ َ ْو لَا َل ‪ :‬أ َ ْل َ‬
‫نستنتج مما سبك بؤنه لد اختلؾ فً العلماء فً البسملة فذهب البعض إلى أنها لٌست من فاتحة‬
‫الكتاب‪ ،‬وال من ؼٌرها من السور واالفتتاح بها للتٌمن والتبرن ‪ .‬وذهب البعض إلى أنها من‬
‫الفاتحة ولٌست من سابر السور ‪،‬وذهب آخرون إلى أنها آٌة مستملة ‪،‬وهذا هو الراجح لجمعه بٌن‬
‫النصوص التً تثبتؤن البسملة من كتاب هللا وبٌن األدلة التً تثبت أن البسملة لٌست من السور‬
‫إال أنها بعض آٌة من سورة النمل‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫المرآن‬
‫ب ا ْلعَالَ ِمٌنَ (‪[ })2‬الفاتحة ‪]2 :‬‬ ‫{ا ْل َح ْم ُد ِ ه ِ‬
‫ّلِل َر ّ ِ‬
‫التفسٌر‪:‬‬
‫ُّ‬
‫الثناء على هللا بصفاته التً كلها أوصاؾ كمال‪ ،‬وبنعمه الظاهرة والباطنة‪ ،‬الدٌنٌة والدنٌوٌة‪،‬‬
‫وفً ضمنه أ َ ْم ٌر لعباده أن ٌحمدوه‪ ،‬فهو المستحك له وحده‪ ،‬وهو سبحانه المنشا للخلك‪ ،‬المابم‬
‫بؤمورهم‪ ،‬المربً لجمٌع خلمه بنعمه‪ ،‬وألولٌابه باإلٌمان والعمل الصالح‪.‬‬
‫صا هلل"(ٕ)‪.‬‬
‫{ال َح ْم ُد ِ َّّللِ}[الفاتحة‪ ،]ٕ:‬أي‪ ":‬الشكر خال ً‬ ‫لوله تعالى‪ْ :‬‬
‫(ٖ)‬
‫لال الصابونً‪ ":‬أي‪ :‬لولوا ٌا عبادي إذا أردتم شكري وثنابً الحمدهلل" ‪.‬‬
‫لال الماسمً‪ ":‬أي‪ :‬الثناء بالجمٌل‪ ،‬والمدح بالكمال ثابت هلل دون سابر ما ٌعبد من دونه‪،‬‬
‫ودون كل ما برأ من خلمه"(ٔ)‪.‬‬

‫رواه اإلمام أحمد فً " المسند " (ٗٔ‪ )ٖٕ5/‬طبعة مإسسة الرسالة ‪ ،‬وآخرون كثٌرون من أصحاب السنن‬
‫والمسانٌد‪.‬‬
‫وفٌه علتان‪:‬‬
‫العلة األولى ‪ :‬ضعؾ لرة بن عبد الرحمن ‪ ،‬لال أحمد بن حنبل ‪ :‬منكر الحدٌث جدا ‪ .‬ولال ٌحٌى بن معٌن ‪:‬‬
‫ضعٌؾ الحدٌث ‪ .‬ولال أبو زرعة ‪ :‬األحادٌث التى ٌروٌها مناكٌر‪ .‬انظر‪" :‬تهذٌب التهذٌب" (‪)ٖ2ٖ/1‬‬
‫العلة الثانٌة ‪ :‬أنه لد رجح بعض أهل العلم أن الصواب فٌه ‪ :‬عن الزهري مرسبل ‪ ،‬ـ والمرسل من ألسام الحدٌث‬
‫الضعٌؾ ـ‪.‬‬
‫صلَّى هللاُ َعلَ ٌْ ِه‬
‫َ‬ ‫هللا‬ ‫رسول‬ ‫لال‬ ‫‪:‬‬ ‫لال‬ ‫‪،‬‬ ‫الزهري‬ ‫عن‬ ‫)‬ ‫‪ٗ52‬‬ ‫‪،‬‬ ‫٘‪ٗ5‬‬ ‫(‬ ‫واللٌلة"‬ ‫الٌوم‬ ‫"عمل‬ ‫فً‬ ‫النسابً‬ ‫فمد أخرجه‬
‫سلَّ َم ‪ ،‬فذكره‪.‬‬
‫َو َ‬
‫لال الدارلطنً رحمه هللا‪" :‬والصحٌح عن الزهري المرسل " انتهى "‪.‬العلل " (‪.)ٖٓ/1‬‬
‫وضعفه الزٌلعً فً " تخرٌج الكشاؾ " (ٔ‪ ، )ٕٗ/‬وضعفه الشٌخ األلبانً فً " إرواء الؽلٌل " (ٔ‪،)ٖٕ-ٕ5/‬‬
‫كما ضعفه المحممون فً طبعة مإسسة الرسالة‪ .‬ولد َحسَّن الحدٌث أو صححه جماعة من العلماء ‪ ،‬فمد حسنه‬
‫النووي وابن حجر ‪ ،‬وصححه ابن دلٌك العبد وابن الملمن‪.‬‬
‫وسبل عنه الشٌخ ابن باز رحمه هللا فمال‪:‬‬
‫" جاء هذا الحدٌث من طرٌمٌن أو أكثر عند ابن حبان وؼٌره ‪ ،‬ولد ضعفه بعض أهل العلم ‪ ،‬واأللرب أنه من‬
‫باب الحسن لؽٌره" انتهى"‪ .‬مجموع فتاوى ابن باز" (ٕ٘‪.)ٖٔ٘/‬‬
‫والحدٌث معناه ممبول ومعمول به ‪ ،‬فمد افتتح هللا تعالى كتابه بالبسملة ‪ ،‬وافتتح سلٌمان علٌه السبلم كتابه إلى‬
‫الر ِح ٌِم) النمل‪ ، ٖٓ/‬وافتتح النبً صلى هللا‬ ‫الر ْح َم ِن َّ‬ ‫سلَ ٌْ َمانَ َوإِنَّه ُ بِس ِْم َّ ِ‬
‫َّللا َّ‬ ‫ملكة سبؤ بالبسملة ‪ ،‬لال تعالى‪( :‬إِنَّهُ ِم ْن ُ‬
‫علٌه وسلم كتابه إلى هرلل بالبسملة ‪ ،‬وكان ملسو هيلع هللا ىلص ٌفتتح خطبه بحمد هللا والثناء علٌه‪.‬‬
‫ولد ذهب أكثر الفمهاء إلى مشروعٌة البسملة واستحبابها عند األمور المهمة‪.‬‬
‫وجاء فً الموسوعة الفمهٌة (‪" :)5ٕ/1‬اتفك أكثر الفمهاء على أن التسمٌة مشروعة لكل أمر ذي بال ‪ ،‬عبادة أو‬
‫ؼٌرها" انتهى‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫(ٔ) انظر‪ :‬التفسٌر الكبٌر للرازي ‪ -‬ج ٔ فً تفسٌر البسملة‪.‬‬
‫(ٕ) تفسٌر الطبري‪.ٖٔٗ/ٔ:‬‬
‫(ٖ) صفوة التفاسٌر‪.ٔ5/ٔ:‬‬
‫لال مماتل بن سلٌمان‪ٌ ":‬عنً الشكر َّّلل"(ٕ)‪.‬‬
‫كر له بإنعامه"(ٖ)‪.‬‬ ‫ش ُ‬‫لال الواحدي‪:‬أي‪ ":‬الثَّناء هلل وال ُّ‬
‫(ٗ)‬
‫لال النسفً‪ :‬أي‪ ":‬الوصؾ بالجمٌل على جهة التفضٌل واجب هلل" ‪.‬‬
‫لال السعدي‪:‬أي‪ ":‬الثناء على هللا بصفات الكمال‪ ،‬وبؤفعاله الدابرة بٌن الفضل والعدل‪،‬‬
‫فله الحمد الكامل‪ ،‬بجمٌع الوجوه"(٘)‪.‬‬
‫لال ابن عباس‪{ ":‬الحمد هلل}‪ :‬كلمة الشكر‪ ،‬وإذا لال العبد‪ :‬الحمد هلل‪ ،‬لال‪ :‬شكرنً‬
‫عبدي"(‪.)ٙ‬‬
‫وعن ابن عباس أٌضا‪{ ":‬الحمد هلل}‪ :‬هو الشكر هلل ‪ ،‬واالستخذاء هلل ‪ ،‬واإللرار بنعمته‬
‫وهداٌته وابتدابه ‪ ،‬وؼٌر ذلن"(‪.)2‬‬
‫لال كعب‪{ ":‬الحمد هلل}‪ :‬ثناء على هللا"(‪.)1‬‬
‫لال علً‪ ":‬كلمة رضٌها هللا لنفسه"(‪.)5‬‬
‫ضا‪ :‬الثناء"(ٓٔ)‪.‬‬ ‫لال األخفش‪ :‬أي‪" :‬الشكر هلل‪ ،‬والحمد أٌ ً‬
‫لال ابن عثٌمٌن‪{ ":‬الحمد} وصؾ المحمود بالكمال مع المحبة‪ ،‬والتعظٌم؛ الكمال الذاتً‪،‬‬
‫والوصفً‪ ،‬والفعلً؛ فهو كامل فً ذاته‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وأفعاله"(ٔٔ)‪.‬‬
‫ّلل}[الفاتحة‪ ،]ٕ:‬ثبلثة ألوال(ٕٔ)‪:‬‬ ‫ْ‬
‫تعالى‪{:‬ال َح ْم ُد ِ َّ ِ‬ ‫وفً نوع االلؾ والبلم فً لوله‬
‫أحدهما‪ :‬لل َعهدِ‪ ،‬أي‪ :‬الحم ُد المعهودُ‪.‬‬
‫(ٖٔ)‬
‫ضعٌؾ" ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫طلك الحمد‪ ،‬لال ابن رجب‪":‬وهو‬ ‫والثانً‪ :‬لتعرٌؾ الجنس‪ ،‬أي‪ُ :‬م ُ‬
‫(ٗٔ)‬
‫والثالث‪ :‬لبلستؽراق‪ ،‬لاله أبو َجعفر البالِ ُر وؼٌره‪.‬‬
‫والمول األخٌر هو األص ُّح‪ ،‬أي‪ :‬استؽراق جمٌع أجناس الحمد وثبوتها هلل تعالى تعظٌما‬
‫وتمجٌدا" ‪ ،‬وفً األثر‪" :‬الله ّم لن الحم ُد كلُّه" ‪ ،‬وفً د ِ‬
‫(‪)ٔٙ‬‬ ‫(٘ٔ)‬
‫الخٌر‬
‫َ‬ ‫ُعاء المنوت‪" :‬ونثنً علٌن‬
‫كلَّه"(ٔ)‪ ،‬ولوله‪" :‬ال أُحصً ثنا ًء علٌن أنت كما أثنٌتَ على نفسن"(ٕ)‪.‬‬

‫(ٔ) محاسن التؤوٌل‪.ٕٕٙ/ٔ :‬‬


‫(ٕ) تفسٌر مماتل‪.ٖٙ/ٔ :‬‬
‫(ٖ) الوجٌز‪.11:‬‬
‫(ٗ) تفسٌر النسفً‪[.ٖٔ/ٔ :‬بتصرؾ بسٌط]‪.‬‬
‫(٘) تفسٌر السعدي‪.ٖ5/ٔ:‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر ابن أبً حاتم(‪:)1‬صٔ‪.ٕٙ/‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه الطبري(ٔ٘ٔ)‪:‬صٔ‪ .ٖٔ٘/‬اساده ضعٌؾ‪ ،‬و الحدٌث نمله ابن كثٌر فً التفسٌر ٔ ‪، ٖٗ :‬‬
‫والسٌوطً فً الدر المنثور ٔ ‪ ، ٔٔ :‬والشوكانً فً تفسٌره الذي سماه فتح المدٌر ٔ ‪ ، ٔٓ :‬ونسبوه أٌضًا البن‬
‫أبً حاتم فً تفسٌره ‪.‬‬
‫(‪ )1‬تفسٌر ابن أبً حاتم(ٓٔ)‪:‬صٔ‪ ،ٕٙ/‬وتفسٌر الطبري(ٖ٘ٔ)‪:‬صٔ‪.ٖٔ2/‬‬
‫(‪ )5‬تفسٌر ابن أبً حاتم(ٕٔ)‪:‬صٔ‪.ٕ2/‬‬
‫(ٓٔ) تهذٌب اللؽة‪( :‬حمد)‪:‬صٔ‪ ،5ٖٔ/‬واللسان(حمد)‪:‬صٕ‪ .512/‬ولم أجد المول فً معانً المرآن‪.‬‬
‫(ٔٔ) تفسٌر ابن عثٌمٌن‪.5/ٔ:‬‬
‫(ٕٔ) انظر‪ :‬تفسٌر الفاتحة البن رجب‪.ٙٗ :‬‬
‫(ٖٔ) تفسٌر الفاتحة‪.ٙٗ :‬‬
‫(ٗٔ) انظر‪ :‬تفسٌر الفاتحة البن رجب‪.ٙٗ :‬‬
‫(٘ٔ) محاسن التؤوٌل‪.ٕٕٙ/ٔ :‬‬
‫(‪)ٔٙ‬حدٌث حسن‪ ،‬رواه البٌهمً‪.)ٗٓ12( :‬‬
‫شً َء‪:‬‬ ‫حمد ال َّ‬ ‫حم َد ٌَح َمد‪َ ،‬ح ْمدًا‪ ،‬فهو حامد‪ ،‬والمفعول َمحْ مود و َحمٌد‪ِ ،‬‬ ‫و(الحمد) فً اللؽة‪ِ :‬‬
‫ب‬‫ّلل َر ّ ِ‬ ‫ْ‬
‫وشكر نعمت َه لال هللا تعالى‪(:‬ال َح ْم ُد ِ َّ ِ‬ ‫َ‬ ‫هللا‪ :‬أثنى علٌه‬ ‫وحمد َ‬‫ِ‬ ‫رضً عنه وارتاح إلٌه‪،‬‬
‫الراضون‬ ‫امدُونَ )(التوبة‪ ،)ٕٔٔ:‬أي‪َّ :‬‬ ‫ْالعَالَ ِمٌنَ )(الفاتحة‪ )ٕ:‬لال هللا تعالى‪( :‬التابِبُونَ العَابِدُونَ ال َح ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫(ٖ)‬
‫حمد فبلنًا على أمر أي‪ :‬أثنى علٌه‪ ،‬وعكسه ذ َّمه ‪.‬‬ ‫شاكرون ألنعمه‪ ،‬وٌمال ِ‬ ‫بمضاء هللا‪ ،‬ال َّ‬
‫لال أحمد بن فارس فً معجم مماٌٌس اللؽة‪( :‬حمد) الحاء والمٌم والدال كلمة واحدة‬
‫وأصل واحد ٌد ّل على خبلؾ الذم‪ٌ ،‬مال حمدت فبلنا ً أحمده‪ ،‬ورجل محمود ودمحم‪ ،‬إذا كثرت‬
‫خصاله المحمودة ؼٌر المذمومة(ٗ)‪.‬‬
‫(٘)‬
‫الرجل‪ ،‬أي‬ ‫ُعرؾ (الحمد) فً االصطبلح بؤنه‪ :‬الثناء بالفضٌلة ‪،‬فٌُمال‪ :‬حمدتُ ّ‬ ‫وٌ ّ‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫إن الحمد هو‪ :‬ثناء على المحمود لكمال‬ ‫بمعنى‪ :‬أثنٌتُ علٌه بفع ٍل جمٌ ٍل لام به اختٌاره ‪ ،‬ولٌل ّ‬
‫ذاته وصفاته‪ ،‬والحمد المطلك ال ٌكون إالّ هلل(‪.)2‬‬
‫إخبار من هللا – تعالى ‪ -‬لعباده بؤسمابه ال ُحسنى وصفاته العبل‪ ،‬وإرشا ٌد‬ ‫ٌ‬ ‫و(ال َح ْم ُد ِّلل)‪ ،‬فٌه‬
‫لهم بؤن ٌُثنوا علٌه بها ثنا ًء ٌلٌك بجبلله – ج ّل فً عبله – كما أثنى ‪ -‬سبحانه ‪ -‬على نفسه‪ ،‬فهو‬
‫األسود بن سرٌع ‪ -‬رضً هللا عنه ‪ -‬لال‬ ‫َ‬ ‫حمٌد ٌحب الحمد‪ ،‬وٌحبّ من ٌحمده‪ ،‬وٌثنً علٌه‪ ،‬عن‬
‫بمحامد"‪ ،‬لال ‪" :‬أما‬ ‫ِ‬ ‫‪" :‬كنت شا ِع ًرا ‪ ،‬فؤتٌت النبً ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬فملت ‪ٌ :‬ا رسول هللا ! إنً مدحت ربً‬
‫إن ربن ٌحب الحمد"(‪.)1‬‬
‫ُعرؾ الحمد بؤنه‪ :‬الوصؾ بالجمٌل االختٌاري على المنعم بسبب كونه منعما ً على‬ ‫ولٌل ٌ ّ‬
‫(‪)5‬‬
‫بؤن فبلن كرٌم أو شجاع‪( ،‬على المنعم)‪ :‬الذي أعطى النعمة‪،‬‬ ‫الحامد أو ؼٌره ‪ ،‬مثاله المول‪ّ :‬‬
‫عز وج ّل‪ٌ .‬عّرؾ الحمد عند األصولٌٌن وؼٌرهم بؤنه‪ :‬لٌس لول المابل‪ :‬الحمد هلل‪ ،‬إنما‬ ‫وهو هللا ّ‬
‫هو فع ٌل ٌُشعر بتعظٌم المنعم‪ ،‬بسبب كونه منعماً‪ ،‬وذلن الفعل إما فعل اعتماد بصفات الجبلل‬
‫والكمال‪ ،‬أو فعل لسان َذ َكر ما ٌذكره الملب‪ ،‬أو فعل جوارح باإلتٌان بؤفعال دالة علٌه(ٓٔ)‪.‬‬
‫و(الشكر) لؽةً ‪:‬االعتراؾ باإلحسان‪ ،‬ونشره‪ ،‬وحمد مولٌه‪ ،‬وهو الشكور أٌضا ً(ٔٔ) ولٌل‪:‬‬
‫الشٌن والكاؾ والراء أصول أربعة متباٌنة بعٌدة المٌاس‪ .‬فاألول‪ :‬الشكر‪ :‬الثناء على اإلنسان‬

‫(ٔ) البٌهمً‪.ٕٔٔ/ٕ :‬‬


‫(ٕ)عن على بن أبى طالب رضى هللا عنه أن رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬كان ٌمول فى آخر وتره ‪" :‬اللهم إنً أعوذ‬
‫برضان من سخطن ‪ ،‬وبمعافاتن من عموبتن ‪ ،‬وأعوذ بن منن ‪ ،‬ال أحصى ثناء علٌن ‪ ،‬أنت كما أثنٌت على‬
‫نفسن"‪ .‬رواه أبو داود (‪ )ٕٔٗ2‬والنسابً(‪ )ٔ2ٗ2‬والترمذي (ٕ‪ )ٖ11‬وابن ماجة (‪.)ٔٔ25‬‬
‫(ٖ)د أحمد مختار عبد الحمٌد عمر(‪ ،)ٕٓٓ1‬معجم اللؽة العربٌة المعاصرة (الطبعة األولى)‪ ،‬بٌروت‪ :‬عالم‬
‫بتصرؾ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الكتب‪ ،‬صفحة ‪ ،٘٘ٙ‬جزء ٔٔ‪.‬‬
‫بتصرؾ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(ٗ)أحمد بن فارس (‪ ،)ٔ525‬معجم مماٌس اللؽة‪ ،‬بٌروت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬صفحة ٓٓٔ‪ ،‬جزء ٕ‪.‬‬
‫بتصرؾ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(٘)عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر‪ ،‬فمه األدعٌة واألذكار (الطبعة الثانٌة)‪ ،‬صفحة ٗ‪.ٕٙ1-ٕٙ‬‬
‫(‪)ٙ‬عماد بن زهٌر حافظ (ٕٗٗٔهـ‪ٕٓٓٗ/‬م)‪ ،‬حمد هللا ذاته الكرٌمه فً آٌات كتابه الحكٌمة (الطبعة األولى)‪،‬‬
‫بتصرؾ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المدٌنة المنورة‪ :‬الجامعة اإلسبلمٌة‪ ،‬صفحة ‪ ،ٔٙ‬جزء ٔٔ‪.‬‬
‫بتصرؾ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(‪)2‬عطٌة بن دمحم سالم‪ ،‬شرح بلوغ المرام‪ ،‬صفحة ٕ‪ ،ٙ-‬جزء ‪.٘5‬‬
‫(‪)1‬رواه البخاري فً األدب المفرد (‪ .)1٘5‬وحسنه األلبانً فً صحٌح األدب المفرد (ٓ‪.)ٙٙ‬‬
‫بتصرؾ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(‪)5‬دمحم بن دمحم الشنمٌطً‪ ،‬شرح زاد المستمنع‪ ،‬صفحة ٖ‪ ،‬جزء ٕ‪.‬‬
‫(ٓٔ)لمرداوي (ٕٓٓٓ)‪ ،‬التحبٌر شرح التحرٌر فً أصول الفمه (الطبعة األولى)‪ ،‬السعودٌة‪ :‬مكتبة الرشٌد‪،‬‬
‫بتصرؾ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫صفحة ‪ ،ٗ5-ٗ2‬جزء ٔٔ‪.‬‬
‫بتصرؾ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(ٔٔ)كتاب العٌن‪ ،‬للفراهٌدي‪ :‬السعودٌة‪ :‬دار ومكتبة الهبلل‪ ،‬صفحة ٕ‪ ،ٕ5‬جزء ٘‪.‬‬
‫بمعروؾ ٌولٌكه‪ .‬وٌمال‪ :‬إن حمٌمة الشكر الرضا بالٌسٌر‪ ،‬واألصل الثانً‪ :‬االمتبلء والؽزر فً‬
‫الشًء‪ ،‬األصل الثالث‪ :‬الشكٌر من النبات‪ ،‬وهو الذي ٌنبت من ساق الشجرة‪ ،‬األصل الرابع‪:‬‬
‫(ٔ)‬
‫الشكر‪ ،‬وهو النكاح‬
‫(ٕ)‬
‫والشكر ٌكون على ثبلث منازل ‪:‬‬
‫األول‪ :‬شكر الملب‪.‬‬
‫{و َما بِ ُك ْم ِم ْن نِ ْع َم ٍة فَ ِمنَ َّ‬
‫َّللاِ}‬ ‫الواحدي‪ ":‬وهو االعتماد بؤن هللا ولً النعم‪ ،‬لال هللا‪َ :‬‬ ‫لال‬
‫(ٖ)‬
‫[النحل‪. "]ٖ٘ :‬‬
‫الثانً‪ :‬شكر اللسان‪ ،‬وٌكون بإظهار النّعمة بالذكر لها والحدٌث عنها‪ ،‬والثناء على من أسداها‪،‬‬
‫ّث}[الضحى‪.]ٔٔ:‬‬ ‫{وأ َ َّما بِنِ ْع َم ِة َربِّنَ فَ َح ِد ْ‬
‫لال سبحانه وتعالى‪َ :‬‬
‫ُ‬ ‫)‬‫ٗ‬ ‫(‬ ‫ّ‬
‫الثالث‪ :‬شكر العمل‪ ،‬وهو إخضاع النّفس بالطاعة لال هللا سبحانه وتعالى‪{ :‬ا ْع َملوا آ َل َد ُاوو َد‬
‫ت ل َدماه‪ ،‬فمٌل له‪:‬‬ ‫ً ‪-‬صلَّى هللاُ علٌه وسلَّم‪ -‬حتى َّ‬
‫تور َم ْ‬ ‫ش ْك ًرا} [السبؤ‪ ،]ٖٔ :‬وفً الحدٌث‪" :‬لام النب ُّ‬ ‫ُ‬
‫(٘)‬
‫َكورا" ‪.‬‬‫أكون عبدًا ش ً‬ ‫ُ‬ ‫ؼفَر هللاُ لن ما تمدَّم من َذ ْنبِن وما تؤ َّخر‪ ،‬لال‪ :‬أفبل‬
‫ولد جمع الشاعر أنواعه الثبلثة فمال(‪:)ٙ‬‬
‫ٌر ال ُم َح َّجبَا‬‫سانِى والض َِّم َ‬ ‫ٌَدِي و ِل َ‬ ‫أَفَا َدتْ ُك ُم النَّ ْع َما ُء م ِنّى ثبلثةً‬
‫(‪)2‬‬
‫وأما (الحمد)‪ :‬فٌكون باللسان وحده‪ ،‬فهو إحدى شعب الشكر ‪.‬‬
‫واختلؾ العلماء فً الفرق بٌن الحمد والشكر‪ ،‬على ألوال‪:‬‬
‫ُطلك للثناء على المحمود بجمٌل ما فٌه من صفات وأفعال ونعم‪ ،‬أ ّما‬ ‫أن لفظ الحمد ٌ ُ‬ ‫أحدها‪ّ :‬‬
‫الشكر فهو ثناء العبد على المحمود بنعمه فمط‪ .‬وعلى هذا المول فالحمد أع ّم من الشكر‪ ،‬فك ّل‬
‫شكر هو حمد‪ ،‬ولٌس ك ّل حمد ٌُعت َبر شكراً‪ ،‬ولذلن ورد حمد هللا سبحانه نفسه ولم ٌرد شكره‪،‬‬
‫أن المدح ٌكون‬ ‫وهو كما الحال فً حالة التفرلة بٌن الحمد والمدح‪ ،‬فالمد ُح أعم من الحمد ذلن ّ‬
‫للعالل ولؽٌر العالل‪ ،‬وال ٌلزم فً المدح كون الممدوح ُمختاراً‪ ،‬ومن هنا كان وصؾ اللإلإة‬
‫بصفابها ونمابها مدحا ً ال حمداً‪ ،‬أما الحمد فإنّه ال ٌُطلَك إال للفاعل ال ُمختار على اعتبار كون‬
‫الصفات ال ُمتّصؾ فٌها والمحمودة له صفات كمال‪ ،‬وٌكون الحمد صادرا ً عن ِعلم ولٌس عن‬
‫ظن‪ ،‬فٌمكن المول بؤن‪ :‬المدح ٌكون أع ّم من الحمد‪ ،‬والحمد ٌكون أع ّم من الشكر(‪. )1‬‬ ‫ّ‬
‫صفات‬ ‫صفات البلزمة وال ّ‬ ‫والثانً‪ :‬أن الحمد ٌكون أع ّم فٌما ٌمع علٌه‪ ،‬فالحمد ٌمع على ال ّ‬
‫فبلن فبلنا ً لفروسٌته وشجاعته ولكرمه‪ .‬فالحمد وصؾ المحمود بصفات‬ ‫ٌ‬ ‫ال ُمتعدٌّة‪ ،‬فٌُمال‪ :‬حمد‬
‫أن مدار األعمال‬ ‫الكمال البلزمة وال ُمتعدٌّة مع المحبة وتعظٌم المحمود فً الملب‪ ،‬وال ٌخفى ّ‬

‫(ٔ) معجم مماٌٌس اللؽة‪.ٔٓٓ/ٕ :‬‬


‫(ٕ) انظر‪ :‬التفسٌر البسٌط‪.ٗ2ٓ/ٔ :‬‬
‫(ٖ) التفسٌر البسٌط‪.ٗ2ٓ/ٔ:‬‬
‫(ٗ) الت َّ ْف ِس ُ‬
‫ٌر البَ ِسٌْط‪ ،‬للواحدي‪.ٗ2ٓ/ٔ :‬‬
‫(٘) رواه البخاري عن المؽٌرة بن شعبة(‪.)ٗ1ٖٙ‬‬
‫(‪ٌ)ٙ‬مول‪ :‬إن نعمتكم علً أفادتكم منً ٌدي ولسانً وجنانً فهً وأعمالها لكم‪ .‬ورد البٌت بدون عزو فً‬
‫"ؼرٌب الحدٌث" للخطابً ٔ‪ " ،ٖٗٙ /‬الكشاؾ" ٔ‪" ،ٗ2 /‬الفابك" ٔ‪" ،ٖٔٗ /‬الدر المصون" ٔ‪ ،ٖٙ /‬وانظر‪:‬‬
‫"مشاهد اإلنصاؾ على شواهد الكشاؾ" ص ‪.2‬‬
‫(‪)2‬انظر‪ :‬الكشاؾ‪.5/ٔ :‬‬
‫(‪)1‬عماد بن زهٌر حافظ (ٕٗٗٔهـ‪ٕٓٓٗ/‬م)‪ ،‬حمد هللا ذاته الكرٌمه فً آٌات كتابه الحكٌمة (الطبعة األولى)‪،‬‬
‫بتصرؾ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المدٌنة المنورة‪ :‬الجامعة اإلسبلمٌة‪ ،‬صفحة ‪ ،ٔٙ‬جزء ٔٔ‪.‬‬
‫سبلم‪" :-‬إنّما األعما ُل‬ ‫صبلة وال ّ‬ ‫صبلحا ً أو فسادا ً ٌنبنً على الملب‪ .‬لال رسول هللا ‪-‬علٌه ال ّ‬
‫امرئ ما نوى‪ ،‬فمن كانت هجرتُه إلى دنٌا ٌصٌُبها‪ ،‬أو إلى امرأةٍ ٌنكحها‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بالنٌاتِ‪ ،‬وإنما لك ِّل‬
‫(ٔ)‬
‫رام بٌِ ٌّن‬
‫وإن ال َح َ‬ ‫"إن ال َحبل َل بٌِ ٌّن َّ‬ ‫سبلم‪َّ :-‬‬ ‫صبلة وال ّ‬ ‫فهجرتُه إلى ما هاجر إلٌه" لال ‪-‬علٌه ال ّ‬
‫رض ِه‪ ،‬ومن ول َع‬ ‫َبرأ َ لدٌنِ ِه و ِع ِ‬
‫ت است َ‬ ‫فمن اتَّمَى الشب َها ِ‬
‫الناس‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫كثٌر من‬
‫ٌ‬ ‫وبٌنَه َما م ْشتَبَ َهاتٌ ال ٌ ْعلَ ُم ُه َّن‬
‫أن ٌَ ْرت َ َع فٌ ِه‪ ،‬أال َّ‬
‫وإن لك ِل ملِنٍ‬ ‫الح َمى ٌو ِشنُ ْ‬ ‫عى حو َل ِ‬ ‫الحرام‪ ،‬كالرا ِعً ٌر َ‬ ‫ِ‬ ‫ت ول َع فً‬ ‫فً الشب َها ِ‬
‫ُّ‬
‫س ُد ُكلهُ وإ َذا‬ ‫َ‬
‫صل َح ال َج َ‬‫ت َ‬ ‫صل َح ْ‬‫َ‬ ‫ضؽَة إذا َ‬ ‫ً‬ ‫س ِد ُم ْ‬
‫وإن فً ال َج َ‬ ‫ار ُمهُ‪ ،‬أال َّ‬ ‫وإن ِح َمى هللاِ م َح ِ‬ ‫ِح ًم‪ ،‬أال َّ‬
‫(ٕ)‬
‫لب" ‪.‬‬ ‫ًِ المَ ُ‬ ‫ُّ‬
‫ت‪ ،‬فس َد ال َجس ُد ُكلهُ‪ ،‬أال وه َ‬ ‫فَ َ‬
‫س َد ْ‬
‫لال شٌخ اإلسبلم ‪-‬رحمه هللا‪" :-‬الحمد ٌكون بالملب واللسان‪ ،‬وأما الشكر فهو أخص من‬
‫حٌث الولوع‪ ،‬فالشكر ال ٌكون إال مع الصفات ال ُمتعدٌّة‪ٌُ .‬مال‪ :‬شكر فبلنا ً لكرمه‪ ،‬وال ٌُمال‪:‬‬
‫شكر ٌكون جزا ًء على نعمة انتفع بها‪ ،‬بٌنما ٌؤتً الحمد جزا ًء‬ ‫شكره لفروسٌته وشجاعته‪ .،‬فال ّ‬
‫كالشكر‪ ،‬وٌؤتً ابتدا ًء"(ٖ)‪.‬‬
‫والثالث‪:‬أن الحمد ثناء العبد على الممدوح بصفاته من أن ٌسبك إحسان الممدوح‪ ،‬وأ ّما الشكر‬
‫فهو ثناء على المشكور بما لدّم وأجزل من اإلحسان‪ ،‬وعلى هذا المول لال علماء اإلسبلم‪ :‬الحمد‬
‫أعم من الشكر‪.‬‬
‫لال أحمد بن دمحم الخطابً البستً‪":‬الحمد نوع والشكر جنس‪ ،‬وكل حمد شكر‪ ،‬ولٌس كل‬
‫شكر حمدا"(ٗ)‪.‬‬
‫ألن العبد ح َمد الممدوح على‬ ‫ع ُّم‪َّ ،‬‬ ‫بؤن الحمد والشكر ُمت َماربان‪ ،‬والحمد أ َ‬ ‫والرابع‪ :‬وهنان من ٌمول ّ‬
‫(٘)‬
‫صفاته ‪.‬‬ ‫صفاته الذاتٌَّة وعلى كثرة عطابه‪ ،‬وال ت َ ْش ُكره بالتالً على ِ‬ ‫ِ‬
‫وٌمال‪ " :‬شكرته وشكرت له وبالبلم أفصح"(‪ )ٙ‬المشهور بالبلم وهو األكثر استعماالً‪ ،‬لال‬
‫تعالى‪{:‬وا ْش ُك ُرواْ ِ ّّللِ} [البمرة‪ ،]ٔ2ٕ:‬وٌؤتً‬ ‫َ‬ ‫تعالى‪{:‬أ َ ِن ا ْش ُك ْر ِلً َو ِل َوا ِل َدٌْنَ } [لممان‪ ،]ٔٗ:‬ولال‬
‫َّللاِ} [النحل‪.]ٔٔٗ:‬‬ ‫تعالى‪{:‬وا ْش ُك ُرواْ نِ ْع َمتَ ّ‬
‫َ‬ ‫متعدٌا ً بنفسه كما فً لوله‬
‫وفً لول الشاعر(‪:)2‬‬
‫وما ُك ُّل من أولٌته نعمةً ٌمضً‬ ‫ش ْك َر حب ٌل من التمً‬ ‫إن ال ُّ‬‫َكرتنَ َّ‬
‫ش ْ‬
‫فمال شكرتن‪ ،‬مع أن الؽالب فً االستعمال أن ٌمول‪ :‬شكرت لن‪.‬‬
‫أما المدح‪" :‬فهو أعم من الحمد‪ ،‬ألنه ٌكون للحً وللمٌت وللجماد أٌضاً‪ ،‬كما ٌمدح‬
‫الطعام والمكان ونحو ذلن‪ ،‬وٌكون لبل اإلحسان وبعده‪ ،‬وعلى الصفات المتعدٌة والبلزمة أٌضا ً‬
‫فهو أعم"(ٔ)‪.‬‬

‫(ٔ) رواه البخاري عن عمر بن الخطاب(ٔ)‪.‬‬


‫(ٕ) رواه مسلم عن النعمان بن بشٌر(‪.)ٔ٘55‬‬
‫(ٖ)سلٌمان بن إبراهٌم بن عبد هللا البلحم (ٕٓٗٔ هـ ‪ ٔ555 -‬م)‪ ،‬اللباب فً تفسٌر االستعاذة والبسملة وفاتحة‬
‫الكتاب (الطبعة األولى)‪ ،‬الرٌاض ‪ -‬المملكة العربٌة السعودٌة‪ :‬دار المسلم للنشر والتوزٌع‪ ،‬صفحة ‪ ،ٕٔ1‬جزء‬
‫ٔٔ‪.‬‬
‫(ٗ) ؼرٌب الحدٌث‪.ٖٗٙ/ٔ :‬‬
‫(٘)مدارج السالكٌن بٌن منازل إٌان نعبد وإٌان نستعٌن‪ ،‬دمحم بن أبً بكر بن أٌوب بن سعد شمس الدٌن ابن لٌم‬
‫الجوزٌة (‪ ٔٗٔٙ‬هـ ‪ٔ55ٙ -‬م)‪( ،‬الطبعة الثالثة)‪ ،‬بٌروت‪ :‬دار الكتاب العربً‪ ،‬صفحة ‪ ،ٕٖ2‬جزء ٕٕ‪.‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر ابن كثٌر‪.ٗٗ/ٔ :‬‬
‫(‪ )2‬البٌت ألبً نُخٌَلة ‪ ،‬انظر‪ :‬مروج الذهب‪ ، )ٕ12 /ٖ( :‬و األؼانً‪ . )ٖ5ٕ /ٕٓ( :‬و طبمات الشعراء‪ :‬البن‬
‫المعتز ص (ٗ‪.)ٙ‬‬
‫وللحمد صٌػ‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬الحمد هلل ‪ :‬عن أبً هرٌرة ‪ -‬رضً هللا عنه ‪ -‬لال ‪ :‬لال رسول هللا ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪" : -‬ألن ألول‬
‫سبحان هللا‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬وال إله إال هللا‪ ،‬وهللا أكبر‪ ،‬أحب إلً(ٕ) مما طلعت علٌه الشمس"(ٖ)‪.‬‬
‫ّلل } فاختار لفظ‬ ‫لال العلماء رحمهم هللا ‪ -‬تعالى ‪ : -‬افتت َح هللاُ كتابهُ العزٌز بـ{ ْال َح ْم ُد ِ َّ ِ‬
‫‪(:‬ال َح ْم ُد للكرٌم) وال (للعظٌم) وهو وإن كان حمدا ً للعظٌم والكرٌم‪ ،‬إال أن‬ ‫الجبللة (هللا) ولم ٌمل ْ‬
‫تخصٌص االسم الدا ّل على الذات أبلػ فٌالحمد والثناء من ذكر الوصؾ‪ ،‬ألنن لو للت ‪ :‬الحم ُد‬
‫ت لَهُ ال َح ْم َد لذاته ‪ -‬سبحانه‬ ‫للكرٌم‪ ،‬أل ْشعَ َر أننَ َح َم ْدتَهُ ِمن أجْ ِل َك َر ِمه‪ ،‬فإن للت ‪ :‬ال ُح ْم ُد هلل‪ ،‬أثبَ َّ‬
‫وتعالى – كان ذلن أبلػ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ٕ‪ -‬الحمد هلل رب العالمٌن ‪ :‬لال تعالى‪{ :‬ال َح ْم ُد ِ َّّللِ َربّ ِ العَال ِمٌنَ } [الفاتحة ‪ ،]ٕ :‬ولوله ‪ -‬تعالى‬
‫ّلل َربّ ِ ْالعَالَ ِمٌنَ } [الصافات ٕ‪.]ٔ1‬‬ ‫{ َو ْال َح ْم ُد ِ َّ ِ‬
‫وعن أبً سعٌد وأبً هرٌرة ‪ -‬رضً هللا عنه ‪ -‬لاال ‪ :‬لال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا علٌه‬
‫وسلم ‪" : -‬إن هللا ‪ -‬تعالى ‪ -‬اصطفى من الكبلم أربعا ‪ :‬سبحان هللا‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬وال إله إال هللا‪،‬‬
‫وهللا أكبر‪ ،‬فمن لال سبحان هللا كتبت له عشرون حسنة وحطت عنه عشرون سٌبة‪ ،‬ومن لال هللا‬
‫أكبر مثل ذلن‪ ،‬ومن لال ال إله إال هللا مثل ذلن‪ ،‬ومن لااللحمد هلل رب العالمٌن من لبل نفسه‬
‫كتبت له ثبلثون حسنة وحط عنه ثبلثون خطٌبة"(ٗ)‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬لربً الحمد ‪ :‬عن حذٌفة ‪ -‬رضً هللا عنه ‪ -‬أنه ‪" :‬صلى مع رسول هللا ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬ذات لٌلة‪،‬‬
‫أكبر ذا الجبروت والملكوت والكبرٌاء والعظمة‪ ،‬وكان ٌمول فً‬ ‫ُ‬ ‫فسمعه حٌن كبر‪ ،‬لال ‪ :‬هللا‬

‫(ٔ) تفسٌر ابن كثٌر‪.ٗٗ/ٔ :‬‬


‫(ٕ)ولد استشكل الكثٌرون ‪ -‬كابن جرٌر الطبري‪ ،‬وابن العربً المالكً وؼٌرهما ‪ -‬كٌؾ تتم الممارنة أصبلً بٌن‬
‫الدنٌا وما ذكر فً الحدٌث؟ وكٌؾ أطلك المفاضلة بٌن المنزلة التً أعطٌها‪ ،‬وبٌن ما تطلع علٌه الشمس‪ ،‬مع أن‬
‫من شرط المفاضلة استواء الشٌبٌن فً أصل المعنى؟! ثم كٌؾ ٌزٌد أحدهما على اآلخر‪ ،‬وال استواء بٌن تلن‬
‫المنزلة والدنٌا بؤسرها؟!‬
‫وجوابًا على ذلن ‪ -‬من وجوه ‪ -‬وباختصار نمول‪:‬‬
‫أوال‪ٌ :‬فضً إلى درجات اآلخرة‪ ،‬وكل ما كان مفضًٌا إلى درجات‬ ‫ً من الدنٌا))؛ ً‬ ‫أوالً‪ :‬إن لوله ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪(( :‬أحب إل َّ‬
‫اآلخرة‪ٌ ،‬كون أفضل وأحب من الدنٌا؛ ألن الدنٌا مفضٌة إلى الهبلن‪.‬‬
‫وثانًٌا‪ :‬كانت هً أحب إلٌه من كل شًء؛ ألنه ال شًء إال الدنٌا واآلخرة‪ ،‬فؤخرج الخبر عن ذكر الشًء بذكر‬
‫الدنٌا؛ إذ كان ال شًء سواها إال اآلخرة‪.‬‬
‫وثالثًا‪ :‬أن ٌكون خاطب أصحابه بذلن‪ ،‬على ما لد جرى من استعمال الناس بٌنهم فً مخاطبتهم‪ ،‬من لولهم ‪ -‬إذا‬
‫ً من الدنٌا‪ ،‬وما أعدل به من الدنٌا شٌبًا؛ كما لال ‪ -‬عز‬ ‫أراد أحدهم الخبر عن نهاٌة محبته للشًء ‪ :-‬هو أحب إل َّ‬
‫اصٌَ ِة } [العلك‪ ،]ٔ٘٘ :‬ومعنى ذلن‪ :‬لنهٌنَنَّه ولنُذلنَّه؛ ألن الذٌن خوطبوا بهذا‬ ‫وجل‪ {:‬ك ََّبل لَبِ ْن لَ ْم ٌَ ْنتَ ِه لَنَ ْسفَعًا بِالنَّ ِ‬
‫الخطاب كان فً إذال ِلهم َمن أرادوا إذاللَه السَّف ُع بالناصٌة‪ ،‬فخاطبهم بالذي كانوا ٌتعارفون بٌنهم‪.‬‬
‫ٌبل } [الفرلان‪ ،]ٕٗٗ :‬وال‬ ‫ورابعًا‪ :‬أن أفعل لد ال ٌراد بها المفاضلة؛ كموله ‪ -‬عز وجل‪َ {:‬خٌ ٌْر ُم ْستَمَ ًّرا َوأَحْ َ‬
‫سنُ َم ِم ً‬
‫مفاضلة بٌن الجنة والنار‪.‬‬
‫ؼٌرها من اآلٌات المتعلمة به‪ ،‬فرجحها‪ ،‬وجمٌع‬ ‫سا‪ :‬أن ٌراد المفاضلة بٌن ما دلت علٌه وبٌن ما دل علٌه ُ‬ ‫وخام ً‬
‫اآلٌات وإن لم تكن من أمور الدنٌا فإنها أنزلت ألهل الدنٌا‪ ،‬فدخلت كلها فٌما طلعت علٌه الشمس‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫[انظر‪ :‬شرح صحٌح البخاري (ٓٔ‪ ،)ٕٗ5/‬البن بطال‪ ،‬وفتح الباري (‪ ،)٘1ٖ/1‬ومرلاة المفاتٌح شرح مشكاة‬
‫المصابٌح (‪ ،)ٕٔٙ/1‬وتحفة األحوذي بشرح جامع الترمذي (ٓٔ‪.])ٗٓ/‬‬
‫(ٖ) رواه مسلم(٘‪.) ٕٙ5‬‬
‫(ٗ) رواه ‪( :‬أحمد والحاكم والضٌاء) انظر ‪( :‬صحٌح الجامع ‪)ٔ2ٔ1‬‬
‫ركوعه سبحان ربً العظٌم‪ ،‬وإذا رفع رأسه من الركوع لال ‪ :‬لربً الحمد‪ ،‬لربً الحمد‪ ،‬وفً‬
‫سجوده سبحان ربً األعلى‪ ،‬وبٌن السجدتٌن رب اؼفر‪ ،‬لً رب اؼفر لً‪ ،‬وكان لٌامه‬
‫وركوعه‪ ،‬وإذا رفع رأسه من الركوع وسجوده‪ ،‬وما بٌن السجدتٌن لرٌبا من السواء"(ٔ)‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬له الحمد ‪ :‬التران الحمد بالكلمة الطٌبة ‪ :‬شهادة التوحٌد ‪ :‬عن أبً أٌوب ‪ -‬رضً هللا عنه ‪-‬‬
‫لال ‪ :‬لال رسول هللا ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص‪" :-‬من لال ال إله إال هللا‪ ،‬وحده ال شرٌن له‪ ،‬له الملن وله الحمد‪ ،‬وهو‬
‫على كل شًء لدٌر عشرا‪ ،‬كان كمن أعتك رلبة من ولد إسماعٌل"(ٕ)‪.‬‬
‫وعن أبً هرٌرة ‪ -‬رضً هللا عنه ‪ -‬لال ‪ :‬لال رسول هللا ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪( : -‬من لال ال إله إال هللا وحده ال‬
‫شرٌن له له الملن وله الحمد وهو على كل شًء لدٌر فً ٌوم مابة مرة‪ ،‬كانت له عدل عشر‬
‫رلاب‪ ،‬وكتبت له مابة حسنة ومحٌت عنه مابة سٌبة‪ ،‬وكانت له حرزا من الشٌطان ٌومه ذلن‬
‫حتى ٌمسً‪ ،‬ولم ٌؤت أحد بؤفضل مما جاء به إال أحد عمل عمبل أكثر من ذلن)(ٖ)‪.‬‬
‫٘‪ -‬لن الحمد ‪ :‬عن أنس بن مالن لال ‪ :‬كنت مع رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص جالسا ٌعنً ورجل لابم ٌصلً‬
‫فلما ركع وسجد وتشهد دعا فمال فً دعابه اللهم انً أسؤلن بؤن لن الحمد ال إله إال أنت المنان‬
‫بدٌع السماوات واألرض ٌا ذا الجبلل واإلكرام ٌا حً ٌا لٌوم إنً أسؤلن فمال النبً ‪ -‬صلى هللا‬
‫علٌه وسلم ‪ -‬ألصحابه تدرون بما دعا لالوا ‪ :‬هللا ورسوله أعلم لال ‪" :‬والذي نفسً بٌده لمد دعا‬
‫هللا باسمه العظٌم‪ ،‬الذي إذا دعً به أجاب‪ ،‬وإذا سبل به أعطى"(ٗ)‪.‬‬
‫سبلم‪ ،-‬منها‪:‬‬ ‫صبلة وال ّ‬ ‫ولد وردت أحادٌث كثٌرة فً فضل الحمد عن الرسول ‪-‬علٌه ال ّ‬
‫علَ ٌْ ِه‬ ‫َّللاُ َ‬
‫صلى َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّللاِ َ‬
‫سو ُل َّ‬ ‫‪ -‬روى البخاري فً صحٌحه‪ ،‬عن أبً هرٌرة رضً هللا عنه لال‪ :‬لَا َل َر ُ‬
‫الرحمن‪ :‬سبحانَ هللاِ‬ ‫ِ‬ ‫حبٌبتان إلى‬
‫ِ‬ ‫المٌزان‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ثمٌلتان فً‬ ‫ِ‬ ‫اللسان‪،‬‬
‫ِ‬ ‫خفٌفتان على‬‫ِ‬ ‫"كلمتان‬
‫ِ‬ ‫سلَّ َم ‪:‬‬
‫َو َ‬
‫(٘)‬
‫العظٌم" ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وبحمدِه‪ ،‬سبحانَ هللاِ‬
‫اإلٌمان‪،‬‬
‫ِ‬ ‫شطر‬
‫ُ‬ ‫هور‬
‫الط ُ‬ ‫سلَّ َم‪َّ :-‬‬ ‫علَ ٌْ ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫َّللاُ َ‬ ‫َّللاِ َ‬ ‫سو ُل َّ‬ ‫‪ -‬عن أبً مالن األشعري لَالَ‪" :‬لَا َل َر ُ‬
‫واألرض‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ت‬
‫تمآلن [أو تمؤل] ما بٌن السماوا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫والحم ُد هللِ تمؤل ُ المٌزانَ ‪ ،‬وسبحان هللاِ والحم ُد هللِ‬
‫الناس ٌؽدُو‬ ‫ِ‬ ‫والمرآن ُح َّجةٌ لنَ أو علٌنَ ‪ ،‬كل‬ ‫ُ‬ ‫والصبر ضٌا ٌء‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫برهان‪،‬‬ ‫نور‪ ،‬والصدلةُ‬ ‫والصبلة ُ ٌ‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫سه ف ُم ْعتِمُها أو ُمو ِبمُها" ‪.‬‬ ‫فباٌِ ٌع نف َ‬
‫الكبلم أربعًا‪ :‬سبحانَ هللاِ‪ ،‬والحم ُد‬ ‫ِ‬ ‫هللا اصطفى ِمنَ‬ ‫"إن َ‬ ‫سبلم‪َّ :-‬‬ ‫صبلة وال ّ‬‫‪ -‬لال رسول هللا ‪-‬علٌه ال ّ‬
‫ت عنه عشرون‬ ‫ط ْ‬ ‫ب له عشرون حسنةً و ُح َّ‬ ‫هللِ‪ ،‬وال إلهَ َّإال هللاُ‪ ،‬وهللاُ أكبَ ُر‪ ،‬ف َمن لال سبحانَ هللاِ ُك ِت َ‬
‫ب‬ ‫فمثْ ُل ذلن‪ ،‬و َمن لال الحم ُد هللِ ر ّ ِ‬ ‫فمثْ ُل ذلن‪ ،‬و َمن لال ال إلهَ َّإال هللاُ ِ‬ ‫س ٌِّبةً‪ ،‬و َمن لال هللاُ أك َب ُر ِ‬
‫ت عنه ثبلثون س ٌِّبةً‪ ،‬وفً رواٌةٍ‪َ :‬من لال‬ ‫ط ْ‬ ‫ت له ثبلثون حسنةً و ُح َّ‬ ‫العالمٌنَ ِمن ِل َب ِل نف ِسه ُكتِبَ ْ‬
‫شن‪ .‬وفً رواٌةٍ‪ :‬ف َمن‬ ‫ؼٌر ٍّ‬ ‫ت عنه عشرون س ٌِّبةً ِمن ِ‬ ‫ط ْ‬ ‫ب له عشرون حسنةً و ُح َّ‬ ‫سبحانَ هللاِ ُك ِت َ‬
‫فمثْ ُل‬ ‫ت عنه عشرون سٌِّبةً‪ ،‬و َمن لال الحم ُد هللِ ِ‬ ‫ط ْ‬ ‫ت له عشرون حسنةً و ُح َّ‬ ‫لال سبحانَ هللاِ ُكتِ َب ْ‬

‫(ٔ) سنن النسابً ٕ‪ ٔ55 /‬رلم ‪.ٔٓٙ5‬‬


‫(ٕ) متفك علٌه‪ ،‬ولفظ (الترمذي) ‪( :‬كانت له عدل أربع رلاب من ولد إسماعٌل)‪( .‬صحٌح)‪( .‬صحٌح الجامع‬
‫ٖ٘ٗ‪.)ٙ‬‬
‫(ٖ) متفك علٌه‪( ،‬صحٌح الجامع ‪)ٖٙٗ2‬‬
‫(ٗ)سنن النسابً‪ ٕ٘ /ٖ:‬رلم ٖٓٓٔ‪.‬‬
‫(٘)رواه البخاري عن ابً هرٌرة(ٕ‪.)ٙٙ1‬‬
‫(‪ )ٙ‬رواه مسلم عن أبً مالن األشعري(ٖٕٕ)‪.‬‬
‫ب له ثبلثون حسنةً‬ ‫فمثْ ُل ذلن‪ ،‬و َمن لال هللاُ أكبَ ُر ِمن لِبَ ِل نف ِسه ُك ِت َ‬ ‫ذلن‪ ،‬و َمن لال ال إلهَ َّإال هللاُ ِ‬
‫ت عنه ثبلثون سٌِّبةً"(ٔ) ‪.‬‬ ‫ط ْ‬ ‫و ُح َّ‬
‫(ٕ)‬
‫وفً رواٌة‪ :‬ن سمرة بن جندب ‪ -‬رضً هللا عنه ‪ -‬لال‪ :‬لال رسول هللا ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪" :‬أحب الكبلم إلى‬
‫هللا أربع‪ :‬سبحان هللا والحمد هلل وال إله إال هللا وهللا أكبر‪ ،‬ال ٌضرن بؤ ٌِّهن بدأت(ٖ)‪ ،‬وال تسمٌن‬
‫ٌسارا وال ربا ًحا وال نجٌ ًحا وال أفلح‪ ،‬فإنن تمول‪ :‬أث َ َّم هو؟ فبل ٌكون فٌمول‪ :‬ال‪ ،‬إنما هن‬ ‫ً‬ ‫ؼبلمن‬
‫(ٗ)‬
‫ً" ‪.‬‬ ‫أربع فبل تزٌدن عل َّ‬
‫(٘)‬
‫ولد ثبت فضل الشكر فً الشرٌعة من أوج ٍه كثٌرةٍ‪ ،‬منها‪:‬‬
‫إن هللا سبحانه وتعالى أثنى فً كتابه العزٌزعلى أهل الشكر‪ ،‬ووصؾ أفضل خلمه بذلن‪،‬‬ ‫ٔ‪َّ -‬‬
‫ورا}[اإلسراء‪.]ٖ :‬‬ ‫ش ُك ً‬ ‫فمال عن نوح علٌه السبلم‪ِ { :‬إنَّهُ َكانَ َ‬
‫ع ْبدًا َ‬
‫َ‬
‫َّللاُ أ ْخ َر َج ُك ْم‬ ‫إن هللا عز وج َّل جعل الهدؾ من الش ّكر تفضله بالنعم‪ ،‬لال سبحانه وتعالى‪َ :‬‬
‫{و َّ‬ ‫ٕ‪َّ -‬‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ار َواألفبِ َدة َ لَ َعل ُك ْم ت َ ْش ُك ُرونَ }[النحل‪:‬‬‫ْ‬ ‫ص َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫س ْم َع َواأل ْب َ‬ ‫ش ٌْبًا َو َج َع َل لَ ُك ُم ال َّ‬ ‫ُ‬
‫ون أ َّم َهاتِ ُك ْم َال ت َ ْعلَ ُمونَ َ‬ ‫ُ‬
‫ِم ْن بُط ِ‬
‫‪.]21‬‬
‫شا ِك ِرٌنَ }[آل عمران‪:‬‬ ‫سنَجْ ِزي ال َّ‬ ‫{و َ‬ ‫إن هللا وعد الشاكرٌن من عباده بؤحسن الجزاء‪ ،‬فمال‪َ :‬‬ ‫ٖ‪َّ -‬‬
‫٘ٗٔ]‪.‬‬
‫إن هللا سبحانه وتعالى لد س ّمى نفسه شاكرا ً شكوراً‪ ،‬وذلن بؤن ٌمبل العمل الملٌل من العبد‬ ‫ٗ‪َّ -‬‬
‫ع ِلٌ ٌم}[البمرة‪.]ٔ٘1 :‬‬ ‫َّللاَ شَا ِك ٌر َ‬ ‫ع َخٌ ًْرا فَإ ِ َّن َّ‬‫ط َّو َ‬‫{و َم ْن ت َ َ‬ ‫وٌثنً على فاعله‪ ،‬لال سبحانه وتعالى‪َ :‬‬
‫ون}[البمرة‪ ،]ٕٔٗ :‬أي‬ ‫َ‬
‫٘‪ -‬لول هللا سبحانه وتعالى‪{ :‬فَا ْذ ُك ُرونًِ أ ْذ ُك ْر ُك ْم َوا ْش ُك ُروا ِلً َو َال ت َ ْكفُ ُر ِ‬
‫أن هللا سبحانه وتعالى أمر عباده المإمنٌن بذكره وشكره‪ ،‬ونهاهم عن نسٌانه وكفره‪ ،‬ف ِذ ْكر هللا‬ ‫ّ‬
‫تعالى بؤسمابه وصفاته من موجبات محبة هللا للعبد‪ ،‬وفً شكره بإلامة الصبلة وأداء العبادات من‬
‫ممتضٌات رحمته وفضله(‪.)ٙ‬‬
‫شدٌِدٌ}[ابراهٌم‪:‬‬ ‫ع َذابًِ لَ َ‬ ‫{و ِإ ْذ ت َؤَذَّنَ َربُّ ُك ْم لَبِن َ‬
‫ش َك ْرت ُ ْم َأل َ ِزٌ َدنَّ ُك ْم َولَبِن َكفَ ْرت ُ ْم ِإ َّن َ‬ ‫‪ -ٙ‬لول هللا تعالى‪َ :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ]2‬فمد وعد هللا تعالى لمن ٌشكر نعمه بزٌادة تلن النعم‬

‫(ٔ)رواه الهٌثمً‪ ،‬فً مجمع الزوابد‪ ،‬عن أبً سعٌد الخدري وأبو هرٌرة‪ ،‬الصفحة أو الرلم‪ ،5ٓ/ٔٓ :‬خبلصة‬
‫حكم المحدث ‪ :‬رجالهم رجال الصحٌح‪.‬‬
‫(ٕ)لال النووي‪" :‬هذا محمول على كبلم اآلدمً‪ ،‬وإال فالمرآن أفضل‪ ،‬وكذا لراءة المرآن أفضل من التسبٌح‬
‫والتهلٌل المطلك‪ ،‬فؤما المؤثور فً ولت أو حال ونحو ذلن فاالشتؽال به أفضل‪ ،‬وهللا أعلم"؛ شرح مسلم‬
‫(‪.)5٘/5‬‬
‫(ٖ)لال الصنعانً‪" :‬لوله ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪(( :‬ال ٌضرن بؤٌِّهن بدأت))‪ :‬دل على أنه ال ترتٌب بٌنها‪ ،‬ولكن تمدٌم التنزٌه أولى؛‬
‫ألنه تمدم التخلٌة ‪ -‬بالخاء المعجمة ‪ -‬على التحلٌة ‪ -‬بالحاء المهملة ‪ -‬والتنزٌه‪ :‬تخلٌة عن كل لبٌح‪ ،‬وإثبات الحمد‬
‫تضر البداءة‬
‫َّ‬ ‫منزهةً ذاتُه عن كل لبٌح‪ ،‬لم‬
‫والوحدانٌة واألكبرٌة‪ :‬تحلٌة بكل صفات الكمال‪ ،‬لكنه لما كان تعالى َّ‬
‫بالتحلٌة وتمدٌمها على التخلٌة"؛ سبل السبلم (ٗ‪.)ٕٙ/‬‬
‫(ٗ)أخرجه مسلم رلم‪.)ٕٖٔ2( :‬‬
‫(٘)وزارة األولاؾ والشبون اإلسبلمٌة ‪ -‬الكوٌت (ٗٓٗٔ ‪ ٕٔٗ2 -‬هـ)‪ ،‬الموسوعة الفمهٌة الكوٌتٌة (الطبعة‬
‫األولى)‪ ،‬مصر‪ :‬مطابع دار الصفوة‪ ،‬صفحة ٘‪ ،ٔ2‬جزء ‪.ٕٙٙ‬‬
‫(‪)ٙ‬جابر بن موسى بن عبد المادر بن جابر أبو بكر الجزابري (ٖٕٓٓ)‪ ،‬أٌسر التفاسٌر لكبلم العلً الكبٌر‬
‫بتصرؾ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(الطبعة الخامسة)‪ ،‬السعودٌة‪ :‬مكتبة العلوم والحكم‪ ،‬صفحة ٕٖٔ‪ ،‬جزء ٔٔ‪.‬‬
‫(‪ )2‬المصدر نفسه والصحٌفة نفسها‪.‬‬
‫المإمن‬
‫ِ‬ ‫‪ -2‬عن أبً موسى األشعري رضً هللا عنه‪ ،‬أن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص لال‪" :‬إذا مات ول ُد العب ِد‬
‫ضتُم ثمرة َ فإا ِده؟ لالوا‪ :‬نَعم لال‪ :‬فما لال؟‬ ‫ضتُم ولَد عبدي؟ لالوا‪ :‬نَعم لال‪ :‬لبَ ْ‬ ‫لال هللاُ للمبلبك ِة‪ :‬لبَ ْ‬
‫(ٔ)‬
‫ً‬
‫وحمدن لال‪ :‬ابنوا له بٌتا فً الجنَّ ِة وس ُّموه بٌتَ الحمدِ" ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫لالوا‪ :‬استر َجع‬
‫هللا لٌرضى عن العب ِد أن ٌؤك َل األكلةَ‬ ‫هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬إن َ‬ ‫‪ -1‬عن أنس رضً هللا عنه لال‪ :‬لال رسول‬
‫ٌشرب الشربةَ فٌحم َده علٌها" ‪.‬‬
‫(ٕ)‬
‫َ‬ ‫فٌحم َده علٌها‪ .‬أو‬
‫ُ‬
‫‪ -5‬عن أبً هرٌرة رضً هللا عنه‪ ،‬لال‪ :‬لال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬ك ُّل أمر ذي با ٍل ال ٌُب َدأ بالحمد َّّللِ‬
‫هو أج َذ ُم‪،‬‬ ‫كبلم ال ٌُب َدأ ُ فٌ ِه بالحمد َّ ِ‬
‫ّلل فَ َ‬ ‫ٍ‬ ‫هو ألط ُع‪ ،‬وفً رواٌةٍ‪ :‬كل‬ ‫هو ألط ُع‪ ،‬وفً رواٌةٍ‪ :‬بالحم ِد فَ َ‬ ‫فَ َ‬
‫(ٖ)‬
‫هو ألط ُع" ‪.‬‬ ‫حٌم فَ َ‬
‫الر ِ‬ ‫حمن َّ‬
‫الر ِ‬ ‫َّللا َّ‬ ‫ببسم َّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أمر ذي با ٍل ال ٌبدأ فٌ ِه‬ ‫وفً رواٌة‪ :‬ك ُّل ٍ‬
‫(ٗ)‬
‫لوله تعالى‪َ {:‬ربّ ِ العَال ِمٌنَ }[الفاتحة‪ ،]ٕ:‬أي‪ ":‬مالن العالمٌن" ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫لال الواحدي‪:‬أي‪ ":‬مالن المخلولات كلها"(٘)‪.‬‬
‫لال التستري‪:‬أي‪ ":‬سٌد الخلك المربً لهم‪ ،‬والمابم بؤمرهم‪ ،‬المصلح المدبر لهم لبل‬
‫كونهم‪ ،‬وكون فعلهم المتصرؾ بهم لسابك علمه فٌهم‪ ،‬كٌؾ شاء لما شاء‪ ،‬وأراد وحكم ولدر من‬
‫أمر ونهً‪ ،‬ال رب لهم ؼٌره"(‪.)ٙ‬‬
‫و(الرب)‪ " :‬هو من اجتمع فٌه ثبلثة أوصاؾ‪ :‬الخلك‪ ،‬والملن‪ ،‬والتدبٌر؛ فهو الخالك‬
‫المالن لكل شًء المدبر لجمٌع األمور"(‪.)2‬‬
‫لال السعدي‪( ":‬الرب)‪ :‬هو المربً جمٌع العالمٌن ‪-‬وهم من سوى هللا‪ -‬بخلمه إٌاهم‪،‬‬
‫وإعداده لهم اآلالت‪ ،‬وإنعامه علٌهم بالنعم العظٌمة‪ ،‬التً لو فمدوها‪ ،‬لم ٌمكن لهم البماء‪ .‬فما بهم‬
‫من نعمة‪ ،‬فمنه تعالى‪ ،‬وتربٌته تعالى لخلمه نوعان‪ :‬عامة وخاصة‪.‬‬
‫فالعامة‪ :‬هً خلمه للمخلولٌن‪ ،‬ورزلهم‪ ،‬وهداٌتهم لما فٌه مصالحهم‪ ،‬التً فٌها بماإهم فً الدنٌا‪.‬‬
‫والخاصة‪ :‬تربٌته ألولٌابه‪ ،‬فٌربٌهم باإلٌمان‪ ،‬وٌوفمهم له‪ ،‬وٌكمله لهم‪ ،‬وٌدفع عنهم الصوارؾ‪،‬‬
‫والعوابك الحابلة بٌنهم وبٌنه‪ ،‬وحمٌمتها‪ :‬تربٌة التوفٌك لكل خٌر‪ ،‬والعصمة عن كل شر‪ .‬ولعل‬
‫هذا [المعنى] هو السر فً كون أكثر أدعٌة األنبٌاء بلفظ الرب‪ .‬فإن مطالبهم كلها داخلة تحت‬
‫ربوبٌته الخاصة"(‪.)1‬‬
‫علَم على خالمهم‬ ‫و{العالمٌن} ‪" :‬كل ما سوى هللا فهو من العالَم؛ ُوصفوا بذلن؛ ألنهم َ‬
‫سبحانه وتعالى؛ ففً كل شًء من المخلولات آٌة تدل على الخالك‪ :‬على لدرته‪ ،‬وحكمته‪،‬‬
‫ورحمته‪ ،‬وعزته‪ ،‬وؼٌر ذلن من معانً ربوبٌته"(‪.)5‬‬

‫(ٔ)رواه ابن حبان‪ ،‬فً صحٌح ابن حبان‪ ،‬عن أبً موسى األشعري‪ ،‬الصفحة أو الرلم‪ ،ٕ5ٗ1 :‬أخرجه فً‬
‫صحٌحه‪.‬‬
‫(ٕ)رواه مسلم عن أنس بن مالن(ٖٗ‪.)ٕ2‬‬
‫(ٖ)رواه النووي فً األذكار‪ ،‬عن أبً هرٌرة‪ :‬ص‪ .ٔٗ5‬حدٌث حسن‪ ،‬روي موصوال ومرسبل ورواٌة‪.‬‬
‫(ٗ) تفسٌر النسفً‪[.ٖٔ/ٔ :‬بتصرؾ بسٌط]‪.‬‬
‫(٘) الوجٌز‪.11:‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر التستري‪.ٕٖ:‬‬
‫(‪ )2‬تفسٌر ابن عثٌمٌن‪.ٔٓ/ٔ:‬‬
‫(‪ )1‬تفسٌر السعدي‪.ٖ5:‬‬
‫(‪ )5‬تفسٌر ابن عثٌمٌن‪.ٔٓ/ٔ:‬‬
‫{العَالَ ِمٌنَ }‪ ":‬عنً‪ :‬الجن واإلنس مثل لوله‪ِ :‬لٌَ ُكونَ ِل ْلعالَ ِمٌنَ‬ ‫ْ‬ ‫لال مماتل‪":‬‬
‫(ٔ)‬
‫نَذٌِراً}[الفرلان‪. " ]ٔ:‬‬
‫(ٕ)‬
‫واختُلؾ فً اشتماق (الرب) على ألوال ‪:‬‬
‫(ٖ)‬
‫أحدها ‪ :‬أنه مشتك من المالن ‪ ،‬كما ٌمال رب الدار أي مالكها‪ ،‬ومنه لول صفوان بن أمٌة ‪":‬‬
‫ألن ٌَ ُربَّنًِ رجل من لرٌش أحب إِلً من أن ٌَ ُربَّنًِ رجل من هوازن ‪ٌ ،‬عنً‪ :‬أن ٌكون ربًا‬
‫فولً‪ ،‬وسٌدًا ٌملكنً"(ٗ)‪.‬‬
‫ومن ملن شٌبا فهو ربّه ‪ٌ ،‬مال‪ :‬هو ربّ الدار وربّ الضٌعة(٘)‪ ،‬ولال النبً ‪ -‬صلى هللا‬
‫علٌه وسلم ‪ -‬لرجل‪" :‬أ َ َربُّ إِب ٍل أنت أم َربُّ ؼنم؟ "(‪ ،)ٙ‬ولال النابؽة(‪:)2‬‬
‫احنَ َما أ َ َ‬
‫صابُوا‬ ‫صابُوا ِم ْن ِلمَ ِ‬‫أَ َ‬ ‫فَإ ِ ْن ت َنُ َربَّ أ َ ْذ َوا ٍد بِ ُح ْزوى‬
‫فـ(الرب)(‪ :)1‬بمعنى المالن للشًء‪ ،‬واألمثلة علٌه كثٌرة‪ ،‬نذكر منها لوله عز وجل‪:‬‬
‫ب ْال َعالَ ِمٌنَ }[الفاتحة‪ ،]ٕ:‬فهو سبحانه مالن كل شًء‪ ،‬ونحو هذا لوله عز وجل‪:‬‬ ‫ْ‬
‫{ال َح ْم ُد ِ َّ ِ‬
‫ّلل َر ّ ِ‬
‫سبْعِ َو َربُّ ْال َع ْر ِش ْال َع ِظ ٌِم}[المإمنون‪ ،]1ٙ:‬أي‪ :‬إنه سبحانه هو مالن‬ ‫ت ال َّ‬‫س َم َاوا ِ‬ ‫{لُ ْل َمن َّربُّ ال َّ‬
‫السماوات السبع والعرش العظٌم وسٌدهما‪ ،‬فبل مالن لهما سواه‪ ،‬وال سٌد لهما ؼٌره‪ .‬ونحوه لوله‬
‫ًَءٍ }[األنعام‪ ،]ٔٙٗ:‬لال المرطبً ‪:‬أي‪" :‬مالكه"(‪.)5‬‬ ‫{و ُه َو َربُّ ُك ِّل ش ْ‬ ‫تعالى‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫والثانً ‪ :‬أنه مشتك من السٌد ‪ ،‬ألن السٌد ٌسمى ربّاً‪ ،‬لال تعالى‪ {:‬أ َّما أ َح ُد ُك َما فٌََ ْس ِمً َربَّهُ خ َْمراً}‬
‫[ ٌوسؾ ‪ٌ ] ٗٔ :‬عنً سٌده‪ ،‬ولوله‪{ :‬ا ْذ ُك ْرنًِ ِع ْن َد َر ِبّنَ } [ٌوسؾ‪ .]ٕٗ :‬ومنه لَبٌِد بن ربٌعة (ٓٔ)‪:‬‬
‫ع ِر‬
‫ع ْر َ‬
‫تو َ‬ ‫وربَّ َمع ٍ ّد ‪ ،‬بٌن َخ ْب ٍ‬ ‫َ‬ ‫وأ َ ْهل ْكنَ ٌو ًما ربَّ ِك ْن َدة وابنَه‬

‫(ٔ) تفسٌر مماتل‪.ٖٙ/ٔ :‬‬


‫(ٕ) انظر‪ :‬النكت والعٌون‪.٘ٗ/ٔ :‬‬
‫(ٖ)صفوان بن أمٌة بن خلؾ الجمحً المرشً‪ ،‬أسلم بعد الفتح‪ ،‬وروى أحادٌث وشهد الٌرمون‪ ،‬توفً سنة إحدى‬
‫وأربعٌن‪ .‬انظر ترجمته فً "اإلصابة" ٕ‪" ،ٔ12 /‬تجرٌد أسماء الصحابة" ٔ‪" ،ٕٙٙ /‬سٌر أعبلم النببلء" ٕ‪/‬‬
‫ٕ‪" ،٘ٙ‬طبمات ابن سعد" ٘‪.ٗٗ5 /‬‬
‫(ٗ) التفسٌر البسٌط‪ ،ٗ12/ٔ :‬و ذكره األزهري فً "التهذٌب"‪ ،‬وفٌه‪ :‬أن صفوان كان ٌرد بذلن على أبً‬
‫سفٌان"‪ .‬التهذٌب" (رب) ٕ‪ ، ٖٖٔٙ /‬وذكره ابن هشام فً "السٌرة"‪ ،‬وذكر عن ابن إسحاق أنه كان ٌرد به على‬
‫(جبلة بن الحنبل) ولال ابن هشام (كلدة بن الحنبل) "السٌرة" البن هشام ٗ‪.2ٖ - 2ٕ /‬‬
‫(٘) انظر‪" :‬تهذٌب اللؽة" (رب) ٕ‪ " ،ٖٖٔٙ /‬الزٌنة" ٕ‪" ،ٕ2 /‬اشتماق أسماء هللا" ص ٕٖ‪ ،‬والتفسٌر البسٌط‪:‬‬
‫ٔ‪.ٗ12/‬‬
‫وصوب ولال‪:‬‬
‫َّ‬ ‫(‪)ٙ‬أخرجه أحمد فً (مسنده) عن أبً األحوص عن أبٌه لال‪ :‬أتٌت النبً ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬فصعد فً النظر‬
‫"أ َ َربُّ إبل ‪ " ....‬الحدٌث ٗ‪ ،ٖٔٙ /‬وذكره الثعلبً فً "تفسٌره" ٔ‪ /ٕ٘ /‬ب‪ ،‬والرازي فً "الزٌنة" ٕ‪.ٕ5 /‬‬
‫(‪ )2‬البٌت فً رواٌة الواحدي فً تفسٌره‪ ،ٗ12/ٔ :‬وأما رواٌة البٌت فً "الدٌوان"‪:‬‬
‫صابُوا ِم ْن ِلمَابِنَ َما أَ َ‬
‫صابُوا‬ ‫أَ َ‬ ‫فَإ ِ ْن ت َ ُك ِن الفَ َو ِار ُ‬
‫س ٌَ ْو َم ِحسًْ‬
‫"الدٌوان" ص ٗ‪ ،1‬ونحو رواٌة الدٌوان فً "مجاز المرآن" ٔ‪" ،ٖٔٔ /‬الزاهر" ٔ‪" ،٘2٘ /‬الزٌنة" ٕ‪،ٕ2 /‬‬
‫وبمثل رواٌة الواحدي ورد فً "تفسٌر الثعلبً" ٔ‪ /ٕ٘ /‬ب‪ ،‬ولعله أخذه عنه‪ ،‬و ( ُح ْزوى) بضم الحاء موضع‬
‫بنجد‪ ،‬انظر‪" :‬معجم البلدان" ٕ‪.ٕ٘٘ /‬‬
‫(‪)1‬وورد ذكر(الرب) فً المرآن فً أكثر من (‪ )521‬موضع‪.‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬تفسٌر المرطبً‪ ،ٖٔ2 /ٔ :‬ولسان العرب‪.ٖ55/ٔ:‬‬
‫(ٓٔ)دٌوانه المصٌدة ‪ . ٖٕ / ٔ٘ :‬وسٌد كندة هو حجر أبو امرئ المٌس ‪ .‬ورب معد ‪ :‬حذٌفة بن بدر ‪ ،‬كما ٌمول‬
‫وعرعرا ‪ ،‬وهما موضعان‬
‫ً‬ ‫شارح دٌوانه ‪ ،‬وأنا فً شن منه ‪ ،‬فإن حذٌفة بن بدر لتل بالهباءة ‪ .‬ولبٌد ٌذكر خبتًا‬
‫ؼٌره ‪.‬‬
‫ٌعنً بربّ ِ كندة ‪ :‬س ٌِّد كندة‪ .‬ومنه لول نابؽة بنً ذُبٌان (ٔ)‪:‬‬
‫ط ِرٌ ِفً َوت َا ِلدِي‬ ‫فِدًى لنَ من َربّ ٍ َ‬ ‫ان َحتَّى ت َنالَهُ‬ ‫ت َ ُخبُّ إلى النُّ ْع َم ِ‬
‫فـ(الرب)‪ :‬بمعنى السٌد المطاع‪ ،‬والربٌس وصاحب السلطة النافذ الحكم‪ ،‬والمعترؾ له‬
‫{و َال ٌَت َّ ِخ َذ بَ ْع ُ‬
‫ضنَا‬ ‫بالرفعة والسٌادة‪ ،‬والمالن لصبلحٌات التصرؾ‪ ،‬ومنهموله سبحانه‪َ :‬‬
‫ساهُ‬ ‫َ‬
‫َّللاِ} [آل عمران‪ ،]ٙٗ:‬ولوله تعالى‪[:‬ا ْذ ُك ْرنًِ ِع ْن َد َربِّنَ فَؤ ْن َ‬ ‫ُون َّ‬ ‫ضا أ َ ْربَابًا ِ ّمن د ِ‬ ‫بَ ْع ً‬
‫(ٕ)‬
‫َ‬
‫ار ِج ْع إِلى‬‫ض َع ِسنٌِنَ ] [ٌوسؾ‪ ، ]ٕٗ:‬ولوله تعالى‪{ :‬لَا َل ْ‬ ‫ث فًِ ال ِسّجْ ِن بِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ان ِذك َر َربِّ ِه فَلبِ َ‬ ‫َ‬
‫ش ٌْط ُ‬‫ال َّ‬
‫ع ِلٌ ٌم }[ٌوسؾ‪ ،]٘ٓ:‬و(الربّ )‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َربِّنَ فَاسْؤلهُ َما بَا ُل النِّس َْوةِ البلتًِ لَط ْعنَ أ ٌْ ِدٌَ ُه َّن إِ َّن َربًِّ بِ َك ٌْ ِده َِّن َ‬
‫بمعنى الملن والسٌد‪ ،‬لال تعالى‪{:‬فَ ْلٌَ ْعبُدُوا َربَّ َٰ َه َذا ْالبَ ٌْتِ}[لرٌش‪ ،]ٖ:‬ولوله سبحانه‪:‬‬
‫سبْعِ َو َربُّ ْالعَ ْر ِش ْالعَ ِظ ٌِم} [المإمنون‪.)ٖ(]1ٙ:‬‬ ‫ت ال َّ‬ ‫س َم َاوا ِ‬ ‫{لُ ْل َمن َّربُّ ال َّ‬
‫وذهب ابن عاشور إلى أن "األكثر فً كبلم العرب ورود (الرب) بمعنى المالن‬
‫والسٌد(ٗ)‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬أنه مشتك من (الصلح)‪ ،‬ألن الرجل المصلح للشًء ٌُدعى ربًّا ‪ ،‬ومنه لول الفرزدق بن‬
‫ؼالب(٘)‪:‬‬
‫ب‬
‫ؼٌ ِْر َم ْربُو ِ‬ ‫ِسبل َءها فًِ أدٌِم َ‬ ‫سا ِلب َ ٍة َح ْممَا َء إ ْذ َحمَ ْ‬
‫نت‬ ‫كانُوا َك َ‬
‫ٌعنً بذلن ‪ :‬فً أدٌم ؼٌر ُمصلَحٍ‪ .‬ومن ذلن لٌل ‪ :‬إن فبلنًا ٌَ ُربُّ صنٌعته عند فبلن ؛ إذا كان‬
‫عبَدة (‪:)ٙ‬‬ ‫ٌحاول إصبلحها وإدامتها ‪ ،‬ومن ذلن لول علممة بن َ‬

‫(ٔ)دٌوانه ‪ ، 15 :‬والمخصص ‪ . ٔ٘ٗ : 2‬الطرٌؾ والطارؾ ‪ :‬المال المستحدث ‪ ،‬خبلؾ التلٌد والتالد ‪ :‬وهو‬
‫العتٌك الذي ولد عندن ‪.‬‬
‫َّللاِ أَ ْب ِؽً َربًّا}[ألنعام‪ ،]ٔٙٗ:‬أي‪ :‬أؼٌر هللا أتخذ إلها ً أعبده‪ .‬ومنها لوله تعالى‪ِ {:‬إ َّن‬
‫َ َّ‬‫ْر‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ؼ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫(ٕ) ومنه لوله تعالى‪{:‬لُ‬
‫َّللاُ }[األعراؾ‪ ،]٘ٗ:‬أي‪ :‬إن المعبود الحك الذي ٌنبؽً أن ٌُفرد بالعبادة هو هللا دون سواه‪ .‬ومنها لول‬ ‫َربَّ ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ َربُّ ُك ْم فَا ْعبُدُوهُ }[ٌونس‪ ،]ٖ:‬أي‪ :‬إن هللا سبحانه هو المعبود الحك الذي ٌنبؽً أن تخلص‬ ‫م‬
‫ِ ُ َّ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫{‬ ‫سبحانه‪:‬‬ ‫الباري‬
‫له العبادة‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬ولد ذكر بعض المفسرٌن أن لفظ (الرب) فً المرآن جاء بمعنى كبٌر الموم‪ ،‬وتؤول علٌه لوله‬ ‫(ٖ)‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫تعالى على لسان لوم موسى‪{ :‬فاذهَبْ أنتَ َو َربُّنَ فماتِبل إِنا هَا ُهنَا لا ِعدُونَ }[المابدة‪ ،]ٕٗ:‬وذلن أن هارون علٌه‬
‫ظما ً فً بنً إسرابٌل محبَّباً‪ ،‬لسعة ُخلُمه‪ ،‬ورحب صدره‪،‬‬ ‫السبلم كان أسن من موسى علٌه السبلم‪ ،‬وكان مع َّ‬
‫فكؤنهم لالوا‪ :‬اذهب أنت وكبٌرن‪ .‬ولد ذكر هذا المول الدامؽانً كؤحد معنٌٌن للفظ (الرب)‪ .‬لال ابن عطٌة معمبا ً‬
‫على هذا المول‪" :‬وهذا تؤوٌل بعٌد‪ ،‬وهارون إنما كان وزٌرا ً لموسى‪ ،‬وتابعا ً له فً معنى الرسالة"‪[.‬المحرر‬
‫الوجٌز‪.]ٔ2٘/ٕ :‬‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬التحرٌر والتنوٌر‪ ٔٙٙ/ٔ :‬ومابعدها‪.‬‬
‫(٘)دٌوانه ‪ . ٕ٘ :‬سؤل السمن ٌسلإه ‪ :‬طبخه وعالجه فؤذاب زبده ‪ .‬والسبلء ‪ ،‬بكسر السٌن ‪ :‬السمن ‪ .‬وحمن اللبن‬
‫فً الوطب ‪ ،‬والماء فً السماء ‪ :‬حبسه فٌه وعبؤه ‪ .‬رب نحى السمن ٌربه ‪ :‬دهنه بالرب ‪ ،‬وهو دبس كل ثمرة ‪،‬‬
‫وكانوا ٌدهنون أدٌم النحى بالرب حتى ٌمتنوه وٌصلحوه ‪ ،‬فتطٌب رابحته ‪ ،‬وٌمنع السمن أن ٌرشح ‪ ،‬من ؼٌر أن‬
‫ٌفسد طعمه أو رٌحه ‪ .‬وإذا لم ٌفعلوا ذلن بالنحى فسد السمن ‪ .‬وأدٌم مربوب ‪ :‬جدا لد أصلح بالرب ‪ٌ .‬مول ‪:‬‬
‫فعلوا فعل هذه الحمماء ‪ ،‬ففسد ما جهدوا فً تدبٌره وعمله ‪.‬‬
‫(‪ ))ٙ‬دٌوانه ‪ ، ٕ5 :‬والمخصص ‪ ، ٔ٘ٗ : ٔ2‬والشعر ٌموله للحارث بن أبً شمر الؽسانً ملن ؼسان ‪ ،‬وهو‬
‫الحارث األعرج المشهور ‪ .‬لال ابن سٌده ‪ " :‬ربوب ‪ :‬جمع رب ‪ ،‬أي الملون الذٌن كانوا لبلن ضٌعوا أمري ‪،‬‬
‫ولد صارت اآلن ربابتً إلٌن ‪ -‬أي تدبٌر أمري وإصبلحه ‪ -‬فهذا رب بمعنى مالن ‪ ،‬كؤنه لال ‪ :‬الذٌن كانوا‬
‫ٌملكون أمري لبلن ضٌعوه " ‪ .‬ولال الطبري فٌما سٌؤتً ‪ٌ " :‬عنً بموله ‪ :‬ربتنً ‪ :‬ولً أمري والمٌام به لبلن‬
‫ض ْعتُ ُرب ُ‬
‫ُوب‬ ‫َولَ ْبلَنَ َربَّتْنً ‪َ ،‬ف ِ‬ ‫ت إلٌن ِربَابَتً‬ ‫ض ْ‬ ‫امرأ ً أ َ ْف َ‬
‫ف ُك ْنتَ َ‬
‫(ٔ)‬
‫تربُّ أمري فتصلحه ‪.‬‬ ‫وصلت إلٌن ِربَابتً ‪ ،‬فصرتَ أنت الذي ُ‬ ‫ْ‬ ‫أفضت إلٌن‪ ،‬أي‬ ‫ْ‬ ‫ٌعنى بموله ‪:‬‬
‫(ٕ)‬
‫ومنه لول الشاعر ‪:‬‬
‫وؾ زَ ا َد َوت َ َّم َما‬ ‫َ‬
‫إذا فَعَ َل ال َم ْع ُر َ‬ ‫ٌَ ُربُّ الذِّي ٌَؤْتًِ مِنَ ال َخٌ ِْر أنَّهُ‬
‫َ‬
‫(ٖ)‬
‫فالمعنى‪ :‬على هذا أنه ٌربً الخلك وٌؽذوهم بما ٌنعم علٌهم ‪.‬‬
‫فالرب هو الكفٌل والرلٌب‪ ،‬والمتكفل بالتعهد وإصبلح الحال‪ ،‬ومنه لوله عز وجل على‬
‫عد ٌُّو ِلً إِ َّال َربَّ ْالعَالَ ِمٌنَ }[الشعراء‪ ،]22:‬ولوله عز وجل ‪:‬‬ ‫لسان إبراهٌم علٌه السبلم‪{ :‬فَإِنَّ ُه ْم َ‬
‫ب َال إِلَهَ إِ َّال ُه َو فَات َّ ِخذهُ َو ِكٌبل}[المزمل‪ ، ]5:‬لال ابن كثٌر‪ ":‬أي‪ :‬هو الذي‬‫ْ‬ ‫ق َو ْال َم ْؽ ِر ِ‬‫{ربُّ ْال َم ْش ِر ِ‬
‫(ٗ)‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫جعل المشرق مشرلا‪ ،‬تطلع منه الكواكب‪ ،‬والمؽرب مؽربا تؽرب فٌه الكواكب‪ ،‬ثوابتها‬ ‫ً‬
‫وسٌاراتها‪ ،‬مع هذا النظام الذي سخرها فٌه ولدرها" ‪ .‬ونظٌره لوله تعالى‪َ {:‬ربُّ ْال َم ْش ِر ِ‬
‫(٘)‬
‫ق‬
‫ٌبل} [المزمل‪ ،]5 :‬أي‪ :‬هو المالن المتصرؾ فً المشارق‬ ‫ب َال ِإلَهَ ِإ َّال ُه َو فَات َّ ِخ ْذهُ َو ِك ً‬ ‫َو ْال َم ْؽ ِر ِ‬
‫والمؽارب ال إله إال هو‪.‬‬
‫ار}وهم العلماء ‪ ،‬سموا‬ ‫الربَّانٌُِّونَ َواألحْ بَ ُ‬ ‫عز وج َّل َ‬
‫‪{:‬و َّ‬ ‫والرابع ‪ :‬أن الرب‪ :‬الم َد ِبّر ‪ ،‬ومنه لول هللا َّ‬
‫ربَّان ٌٌِّن ‪ ،‬لمٌامهم بتدبٌر الناس بعلمهم ‪ ،‬ولٌل ‪ :‬ربَّهُ البٌت ‪ ،‬ألنها تدبره ‪.‬‬
‫ور ُك ْم} [ النساء ‪:‬‬ ‫والخامس‪ :‬الرب مشتك من التربٌة‪ ،‬ومنه لوله تعالى ‪َ {:‬و َربَآبِبُ ُك ُم البلَّتًِ فً ُح ُج ِ‬
‫ٖٕ ] فسمً ولد الزوجة ربٌبة ‪ ،‬لتربٌة الزوج لها ‪ ،‬ومنه لوله تعالى‪{:‬لَا َل َم َعاذَ َّ‬
‫َّللاِ ِإنَّهُ َربًِّ‬
‫اي }[ٌوسؾ‪ ،)ٙ( ]ٕٖ:‬ومنه لول الشاعر(‪:)2‬‬ ‫سنَ َمثْ َو َ‬ ‫أَحْ َ‬

‫من ٌربه وٌصلحه فلم ٌصلحوه ‪ ،‬ولكنهم أضاعونً فضعت " ‪ .‬والربابة ‪ :‬المملكة ‪ ،‬وهً أٌضًا المٌثاق والعهد ‪.‬‬
‫وبها فسر هذا البٌت ‪ ،‬وأٌدوه برواٌة من روى بدل " ربابتً " ‪ " ،‬أمانتً " ‪ .‬واألول أجود ‪.‬‬
‫(ٔ) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري‪.ٕٔٗ-ٔٗٔ/ٔ :‬‬
‫(ٕ)ورد البٌت بدون عزو فً "الزاهر" ٔ‪" ،٘2ٙ /‬تهذٌب اللؽة" (رب) ٕ‪" ،ٖٖٔٙ /‬تفسٌر الثعلبً" ٔ‪/ٕ٘ /‬‬
‫ب‪" ،‬الوسٌط" للواحدي ٔ‪" ،ٔ2 /‬اللسان" (ربب) ٖ‪ ،ٔ٘ٗ2 /‬ورواٌة البٌت فً ؼٌر الثعلبً (من العرؾ) بدل‬
‫(من الخٌر)‪( ،‬سبل) بدل (فعل)‪.‬‬
‫(ٖ) التفسٌر البسٌط‪.ٗ1ٙ/ٔ :‬‬
‫(ٗ)انظر‪ :‬المصطلحات األربعة فً المرآن‪ ،‬أبو األعلى المودودي‪ ،‬هذه رساله ألفها االستاذ السٌد أبو األعلى‬
‫المودودي فً سنة ٓ‪ٖٔٙ‬هـ ‪ ٔ5ٗٔ -‬م ‪ ،‬ونشر فصولها تباعا فً مجلته الشهرٌة " ترجمان المرآن " ثم جمعها‬
‫ونشرها فً رسالة سماها " المصطلحات األربعة فً المرآن "‪ :‬ص‪ ٕ1 :‬ومابعدها‪.‬‬
‫(٘) تفسٌر ابن كثٌر‪.ٔٗٓ/ٙ :‬‬
‫(‪ ) ٙ‬ال ٌذهبن بؤحد الظن أن ٌوسؾ علٌه الصبلة والسبلم أراد بكلمة ( ربً ) فً اآلٌة عزٌز مصر ‪ ،‬كما ذهب‬
‫إلٌه بعض المفسرٌن‪ ،‬وإنما ٌرجع الضمٌر فً ( انه ) إلى هللا الذي لد استعاذ به ٌوسؾ علٌه السبلم بموله‪( :‬‬
‫معاذ هللا ) ‪.‬‬
‫ولما كان المشار إلٌه لرٌبا من ضمٌر االشارة فؤي حاجة بنا إلى أن نلتمس له مشارا إلٌه آخر لم ٌذكر لرٌبا منه‪.‬‬
‫ونمول ‪ :‬ما نفاه االستاذ المودودي من أن الضمٌر فً ( إنه ) ٌعود على عزٌز مصر رواه الطبري فً التفسٌر‬
‫ٕٔ‪ ٔٓ1/‬من وجوه عن مجاهد وابن اسحاق‪ ،‬ولم ٌنمل ؼٌره ‪ .‬ولد روى الوجه الذي ذهب إالٌه االستاذ‬
‫المودودي الطبرسً فً ( مجمع البٌان ) ٘‪ ٕٕٖ/‬ممال ‪ .. " :‬ولٌل ‪ :‬أن الهاء عابد إلى هللا سبحانه ‪ ،‬والمعنى أن‬
‫هللا ربً رفع من محلً وأحسن إلى وجعلنً نبٌا ً فبل أعصٌه أبدا "‬
‫(‪)2‬البٌت لعمرو بن شؤس‪ ،‬كان له ابن ٌمال له (عرار) من أمة سوداء‪ ،‬وكانت امرأته تإذٌه وتستخؾ به‪ ،‬فمال‬
‫لصٌدة ٌخاطبها‪ ،‬ومنها هذا البٌت‪ٌ ،‬مول‪ :‬إن كنت ترٌدٌن مودتً‪ ،‬فؤحسنً إلٌه كما تستصلحٌن وعاء السمن‬
‫(الربُّ )‪ :‬خبلصة التمر بعد طبخه وعصره‪ .‬ورد‬ ‫حتى ال ٌفسد علٌن‪ ،‬و (األ َ َدم) جمع أَدٌِم‪ :‬الجلد المدبوغ‪ ،‬و ُّ‬
‫َّت لَهُ األ َ َدم‬
‫س ْم ِن ُرب ْ‬ ‫صحْ بَتًِ فَ ُكونًِ لَهُ َكال َّ‬ ‫ت ِم ِنًّ أ َ ْو ت ُ ِرٌدٌِن ُ‬ ‫فَإ ِ ْن ُك ْن ِ‬
‫سإدده ‪ ،‬والمصلح‬ ‫لال الطبري‪ ":‬فربّنا ج ّل ثناإه ‪ :‬السٌد الذي ال ِشبْه لهُ ‪ ،‬وال مثل فً ُ‬
‫أمر خلمه بما أسبػ علٌهم من نعمه ‪ ،‬والمالن الذي له الخلك واألمر"(ٔ)‪.‬‬
‫لال الماوردي‪":‬فعلى هذا ‪ ،‬أن صفة هللا تعالى بؤنه رب ‪ ،‬ألنه مالن أو سٌد ‪ ،‬فذلن صفة‬
‫من صفات ذاته ‪ ،‬وإن لٌل ألنه مد ِبّر لخلمه ‪ ،‬و ُمر ِبٌّهم ‪ ،‬فذلن صفة من صفات فعله ‪ ،‬ومتى‬
‫أ ْدخَلت علٌه األلؾ والبلم ‪ .‬اختص هللا تعالى به ‪ ،‬دون عباده ‪ ،‬وإن حذفتا منه ‪ ،‬صار مشتركا ً‬
‫بٌن هللا وبٌن عباده "(ٕ)‪.‬‬
‫لال ابن المٌم‪ ":‬ربوبٌته للعالم تتضمن تصرفه فٌه‪ ،‬وتدبٌره له‪ ،‬ونفاذ أمره كل ولت فٌه‪،‬‬
‫وكونه معه كل ساعة فً شؤن‪ٌ ،‬خلك وٌرزق‪ ،‬وٌمٌت وٌحًٌ‪ ،‬وٌخفض وٌرفع‪ ،‬وٌعطً وٌمنع‪،‬‬
‫وٌعز وٌذل‪ ،‬وٌصرؾ األمور بمشٌبته وإرادته‪ ،‬وإنكار ذلن إنكار لربوبٌته وإلهٌته وملكه"(ٖ)‪.‬‬
‫ولد ذهب الزمخشري ومن تابعه إلى أن لفظ (الرب) لم ٌطلك على ؼٌره تعالى إال‬
‫ممٌدا ً(ٗ)‪ ،‬ولد رد ابن عاشور لول الزمخشري بموله‪" :‬وجمعه على (أرباب) أدل دلٌل على‬
‫إطبلله على متعدد‪ ،‬فكٌؾ تصح دعوى تخصٌص إطبلله عندهم باهلل تعالى؟"(٘)‪ ،‬واستدل ابن‬
‫احبًَ ِ ال ِسّجْ ِن أَأ َ ْربَابٌ‬
‫ص ِ‬‫عاشور على إطبلله ؼٌر مضاؾ على ؼٌره سبحانه‪ ،‬بموله تعالى‪ٌَ{ :‬ا َ‬
‫ار }[ٌوسؾ‪ ،]ٖ5:‬فهذا إطبلق لـ (الرب) ؼٌر مضاؾ على ؼٌر‬ ‫اح ُد ْالمَ َّه ُ‬
‫َّللاُ ْال َو ِ‬
‫ُمتَفَ ِ ّرلُونَ َخٌ ٌْر أ َ ِم َّ‬
‫هللا تعالى‪.‬‬
‫وأما(العالَمون)‪ :‬فـ"جمع (عالَم)‪ ،‬والعالَم ‪ :‬جم ٌع ال واح َد له من لفظه ‪ ،‬كاألنام والرهط‬
‫والجٌش ‪ ،‬ونحو ذلن من األسماء التً هً موضوعات على ِج َماعٍ ال واحد له من لفظه‪ ،‬والعالم‬
‫اسم ألصناؾ األمم ‪ ،‬وكل صنؾ منها عالَ ٌم ‪ ،‬وأهل كل لَ ْرن من كل صنؾ منها عالم ذلن المرن‬
‫والجن عالم ‪ ،‬وكذلن سابر‬ ‫ُّ‬ ‫وذلن الزمان‪ .‬فاإلنس عالَم ‪ ،‬وكل أهل زمان منهم عال ُم ذلن الزمان‪.‬‬
‫أجناس الخلك ‪ ،‬ك ّل جنس منها عال ُم زمانه‪ .‬ولذلن ُجمع فمٌل ‪ :‬عالمون ‪ ،‬وواحده جم ٌع ‪ ،‬لكون‬
‫عالم ك ّل زمان من ذلن عالم ذلن الزمان"(‪ ،)ٙ‬لال العجاج(‪: )2‬‬
‫ِؾ هَا َمةُ َه َذا ْال َعالَ ِم‬
‫فَ ِخ ْند ٌ‬ ‫ٌا دار سلمى ٌا اسلمً ثم اسلمً‬
‫(‪)1‬‬
‫واخت ُ ِلؾ فً (العالم)‪ ،‬على ألوال ‪:‬‬
‫(‪)5‬‬
‫أحدها ‪ :‬أن العالم كل ما خلمه هللا تعالى فً الدنٌا واآلخرة ‪ ،‬وهذا لول أبً إسحاق الز َّجاج ‪،‬‬
‫ولتادة(ٔ)‪ ،‬ومجاهد(ٕ)‪ ،‬وابن عباس(ٖ) فً رواٌة الضحان عنه‪.‬‬

‫البٌت فً "شعر عمرو" ص ٔ‪" ،2‬الشعر والشعراء" ص ٗ‪" ،ٕ2‬طبمات الشعراء" للجمحً ص ٓ‪" ،1‬أمالً‬
‫المالً" ٕ‪" ،ٔ15 /‬اشتماق أسماء هللا" ص ٖٖ‪" ،‬الصحاح" (ربب) ٔ‪" ،ٖٔٔ /‬اللسان"‪.‬‬
‫(ٔ) تفسٌر الطبري‪.ٕٔٗ/ٔ :‬‬
‫(ٕ) النكت والعٌون‪.٘ٗ/ٔ :‬‬
‫(ٖ) الصواعك المرسلة‪.ٕٕٖٔ/ٗ :‬‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬الكشاؾ‪.ٔٓ/ٔ :‬‬
‫(٘) التحرٌر والتنوٌر‪.ٔٙ2/ٔ :‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر الطبري‪ ،ٖٔٗ/ٔ :‬وانظر‪ :‬معانً المرآن للزجاج‪ ،ٗٙ/ٔ :‬والنكت والعٌون‪.٘ٗ/ٔ :‬‬
‫(‪)2‬دٌوانه ‪ ، ٙٓ :‬وطبمات فحول الشعراء ‪ ، ٙٗ :‬وخندؾ ‪ :‬أم بنً إلٌاس بن مضر ‪ ،‬مدركة وطابخة ‪،‬‬
‫وتشعبت منهم لواعد العرب الكبرى ‪.‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬النكت والعٌون‪.٘٘-٘ٗ/ٔ :‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬معانً المرآن‪.ٗٙ/ٔ :‬‬
‫ت‬
‫سماوا ِ‬ ‫ع ْو ُن َوما َربُّ ْالعالَ ِمٌنَ لا َل َربُّ ال َّ‬ ‫لال الثعلبً‪":‬واحتجوا بموله‪{ :‬لا َل فِ ْر َ‬
‫ض َوما بَ ٌْنَ ُه َما}[الشعراء‪.)ٗ("]ٕٗ-ٕٖ:‬‬ ‫َو ْاأل َ ْر ِ‬
‫(‪)2‬‬ ‫(‪)ٙ‬‬ ‫(٘)‬
‫والجن ‪ ،‬وهذا لول ابن عباس ‪ ،‬وسعٌد بن جبٌر ‪ ،‬ومجاهد ‪ ،‬وابن‬ ‫ِّ‬ ‫والثانً‪ :‬أنّه اإلنس ‪،‬‬
‫جرٌج(‪ ،)1‬ومماتل بن سلٌمان ‪.‬‬
‫(‪)5‬‬

‫ع ْب ِد ِه ِلٌَ ُكونَ ِل ْلعَالَ ِمٌنَ نَذٌِراً}[الفرلان‪:‬‬ ‫ارنَ الَّذِي ن ََّز َل ْالفُ ْرلَانَ َ‬
‫علَى َ‬ ‫ودلٌلهم لوله تعالى‪{:‬تَبَ َ‬
‫ٔ]‪ ،‬ولم ٌكن نذٌرا للبهابم(ٓٔ)‪.‬‬
‫كما وٌموي هذا المول‪ ،‬جمع الكلمة على (عالمون)‪ ،‬وهو جمع الٌكون إال مع العالل!‬
‫فٌكون هذا دلٌبل على أن الحدٌث عن عوالم عاللة‪.‬‬
‫والثالث ‪ :‬أن العالم‪ :‬الدنٌا وما فٌها(ٔٔ)‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬أهل كل زمان عالم‪ ،‬لاله الحسٌن بن الفضل‪ ،‬لموله تعالى ‪{ :‬أَت َؤْتُونَ الذُّ ْك َرانَ ِمنَ‬
‫ْال َعالَ ِمٌنَ }[الشعراء‪ ،]ٔٙ٘ :‬أي من الناس(ٕٔ)‪ ،‬ولال الع ّجاج(ٖٔ)‪:‬‬
‫مبارن لؤلنبٌاء خاتم‬ ‫ِؾ ها َمةُ َه َذا ال َعالَ ِم‬‫فَ ِخ ْند ٌ‬
‫(ٗٔ)‬
‫ولال جرٌر بن الخطفى ‪:‬‬
‫وٌضحً العالمون له عٌاال‬ ‫تنصفه(٘ٔ) البرٌة وهو سام‬
‫والخامس‪ :‬أن العالم عبارة عمن ٌعمل‪ ،‬وهم أربعة أمم ‪ :‬اإلنس والجن والمبلبكة والشٌاطٌن‪،‬‬
‫وال ٌمال للبهابم ‪ :‬عالم‪ ،‬ألن هذا الجمع إنما هو جمع من ٌعمل خاصة‪ .‬وهذا لول الفراء وأبً‬
‫عبٌدة(‪.)ٔٙ‬‬
‫والسادس‪ :‬أن العالمٌن‪ ،‬أي‪ :‬المخلولٌن‪ .‬لاله أبو عبٌدة(‪ ،)ٔ2‬وأنشد لول لبٌد بن ربٌعة(‪:)ٔ1‬‬
‫تُ بمثلهم فى العالمٌنا‬ ‫ما إن رأٌت وال سمعـ‬

‫(ٔ) حكاه عنه الثعلبً فً تفسٌره‪.ٕٔٔ/ٔ :‬‬


‫(ٕ)حكاه عنه الثعلبً فً تفسٌره‪.ٕٔٔ/ٔ :‬‬
‫(ٖ)انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(‪:)ٔ٘ٙ‬صٔ‪.ٔٗٗ/‬‬
‫(ٗ) تفسٌر الثعلبً‪.ٕٔٔ/ٔ :‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(‪ ،)ٔ٘2‬و(‪:)ٔ٘1‬صٔ‪.ٔٗٗ/‬‬
‫(‪ )ٙ‬انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(‪ ،)ٔ٘5‬و(ٓ‪:)ٔٙ‬صٔ‪.ٔٗ٘-ٔٗٗ/‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(ٔ‪ ،)ٔٙ‬و(ٕ‪:)ٔٙ‬صٔ‪.ٔٗ٘/‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(٘‪:)ٔٙ‬صٔ‪.ٔٗٙ/‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬تفسٌر مماتل بن سلٌمان‪.ٖٙ/ٔ :‬‬
‫(ٓٔ) انظر‪ :‬تهذٌب اللؽة لؤلزهري‪.ٗٔٙ/ٕ :‬‬
‫(ٔٔ) انظر‪ :‬النكت والعٌون‪.٘٘/ٔ :‬‬
‫(ٕٔ) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري‪.ٔٗٗ/ٔ :‬‬
‫(ٖٔ)هو عبدهللا بن رإبة أبو الشعثاء‪ ،‬اشتهر بالعجاج الراجز‪ ،‬لمً أبا هرٌرة‪ ،‬وسمع منه أحادٌث‪ ،‬والبٌت فً‬
‫دٌوانه‪.ٙٓ :‬‬
‫(ٗٔ) دٌوانه‪.2٘ٓ/ٕ :‬‬
‫(٘ٔ) تنصفه‪ :‬أي تطلب فضله‪.‬‬
‫(‪ )ٔٙ‬انظر‪ :‬حكاه عنهما المرطبً فً تفسٌره‪ .ٕٖٔ/ٔ :‬ولول أبً عبٌدة‪ :‬أن العالمٌن‪ :‬المخلولٌن‪.‬‬
‫(‪ )17‬انظر‪ :‬جماز القرىن‪.22/1:‬‬

‫(‪ )ٔ1‬دٌوانه‪ ،ٕٔ/ٔ :‬واألؼانً‪ ،ٖ25/ٔ٘ :‬ونسبه المرطبً لؤلعشى‪ ،‬ولم نمؾ علٌه لؤلعشى‪.‬‬
‫والسابع‪ :‬أنهم المرتزلون‪ ،‬لاله زٌد بن أسلم(ٔ)‪ ،‬ونحوه لول أبً عمرو بن العبلء(ٕ)‪ :‬هم‬
‫الروحانٌّون‪ ،‬وابن لتٌبة(ٖ)‪ ،‬وهو معنى لول ابن عباس كذلن‪" :‬كل ذي روح دبّ على وجه‬
‫األرض"(ٗ)‪.‬‬
‫والثامن‪ :‬العالمون‪ :‬أهل الجنة وأهل النار‪ .‬حكاه الثعلبً عن جعفر الصادق(٘)‪.‬‬
‫لال الشنمٌطً‪ ":‬لم ٌبٌن هنا ما (العالمون)‪ ،‬وبٌن ذلن فً موضع آخر بموله‪{ :‬لا َل‬
‫ض َوما بَ ٌْنَ ُه َما}[الشعراء‪.)ٙ("]ٕٗ-ٕٖ:‬‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِ‬ ‫ع ْو ُن َوما َربُّ ْالعالَ ِمٌنَ لا َل َربُّ ال َّ‬
‫سماوا ِ‬ ‫فِ ْر َ‬
‫َ‬
‫والظاهر أن{ العالمٌن}‪ :‬جمع عالم‪ ،‬وهو كل موجود سوى هللا جل وعبل‪ ،‬و(العالم) جمع‬ ‫َ‬
‫ال واح َد له من لفظه‪ ،‬و(العوالم) أصناؾ المخلولات فً السموات واألرض فً البر والبحر‪،‬‬
‫فاإلنس عالَم‪ ،‬والجن عالَم‪ ،‬والمبلبكة عالَم(‪ .)2‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫واختلفوا فً اشتماله على وجهٌن (‪:)1‬‬
‫أحدهما ‪ :‬أنه مشتك من العلم ‪ ،‬وهذا تؤوٌل َم ْن جعل العالم اسما ً لما ٌعمل ‪.‬‬
‫والثانً ‪ :‬أنه مشتك من العبلمة ‪ ،‬ألنه داللة على خالمه ‪ ،‬وهذا تؤوٌل َم ْن جعل العالم اسما ً ل ُك ِّل‬
‫ق‪.‬‬ ‫مخلو ٍ‬
‫لال الخلٌل ‪" :‬العلم والعبلمة والمعلم ‪ :‬ما دل على الشًء‪ ،‬فالعالم دال على أن له خالما‬
‫ومدبرا"(‪ ،)5‬ولد ذكر أن رجبل لال بٌن ٌدي الجنٌد(ٓٔ) ‪ :‬الحمد هلل فمال له ‪ :‬أتمها كما لال هللا لل‬
‫رب العالمٌن فمال الرجل ‪ :‬ومن العالمٌن حتى تذكر مع الحك؟ لال ‪ :‬لل ٌا أخً؟ فإن المحدث‬
‫إذا لرن مع المدٌم ال ٌبمى له أثر(ٔٔ) ‪.‬‬
‫واختلفوا فً مبلػ (العالمٌن) وكٌفٌتهم‪ ،‬فمال‪ :‬أبو العالٌة‪":‬الجن عالم واإلنس عالم‪،‬‬
‫وسوى ذلن لؤلرض أربع زوابا فً كل زاوٌة ألؾ وخمس مبة عالم‪ ،‬خلمهم لعبادته"(ٕٔ)‪.‬‬
‫وهذه األخبار لٌست دلٌمة‪ ،‬لال ابن كثٌر بعد أن أورد لول أبً العالٌة‪ " :‬وهذا كبلم‬
‫ؼرٌب ٌحتاج مثله إلى دلٌل صحٌح"(ٖٔ)‪ .‬وهذا حك ‪.‬‬

‫(ٔ) حكاه عنه المرطبً فً تفسٌره‪.ٕٖٔ/ٔ:‬‬


‫(ٕ) حكاه عنه الثعلبً فً تفسٌره‪.ٕٔٔ/ٔ :‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬ؼرٌب المرآن‪ ،ٖ1 :‬لال‪ (":‬العالَ ُمونَ )‪ :‬أصناؾ الخلك ُّ‬
‫الروحانِ ٌٌِّن‪ ،‬وهم اإلنس والجن والمبلبكة‪ ،‬ك ُّل‬
‫ص ْنؾٍ منهم عالَم"‪.‬‬
‫ِ‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪ ،ٕٔٔ/ٔ :‬وزاد المسٌر‪ ،ٕٔ/ٔ :‬وتفسٌر المرطبً‪.ٕٖٔ/ٔ :‬‬
‫(٘) تفسٌر الثعلبً‪.ٕٔٔ/ٔ:‬‬
‫(‪ )ٙ‬أضواء البٌان‪.٘/ٔ:‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تفسٌر الطبري‪ ،ٖٔٗ/ٔ :‬معانً المرآن للزجاج‪.ٗٙ/ٔ :‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪ ،ٕٔٔ/ٔ:‬والنكت والعٌون‪.٘٘/ٔ:‬‬
‫(‪ )5‬العٌن‪(ٖٔ٘/ٕ :‬علم)‪.‬‬
‫(ٓٔ)أبو الماسم الجنٌد بن دمحم الخزاز الموارٌري‪ ،‬أحد علماء أهل السنة والجماعة ومن أعبلم التصوؾ السنً‬
‫فً المرن الثالث الهجري‪ ،‬أصله نهاوند فً همدان (مدٌنة اذرٌة)‪ ،‬ومولده ومنشإه ببؽداد‪ .‬انظر‪ :‬تارٌخ بؽداد"‬
‫(‪ ،)ٔٙ1 /1‬و سٌر أعبلم النببلء" (ٔٔ‪.)ٖٗ /‬‬
‫(ٔٔ) تفسٌر المرطبً‪.ٕٔ٘/ٔ :‬‬
‫(ٕٔ) تفسٌر الطبري(ٗ‪:)ٔٙ‬ص ٔ‪ ،ٔٗٙ/‬وابن ابً حاتم(٘ٔ)‪:‬صٔ‪ٕ2/‬‬
‫(ٖٔ) تفسٌر ابن كثٌر‪.ٖٕٔ/ٔ:‬‬
‫{وما ٌَ ْعلَ ُم ُجنُو َد َربِّنَ إِ َّال‬‫كعب األحبار‪" :‬ال ٌحصً عدد العالمٌن ّإال هللا‪ ،‬لال هللا‪َ :‬‬ ‫ولال‬
‫(ٔ)‬
‫ُه َو}[المثر‪. "]ٖٔ:‬‬
‫لال أبو حٌان‪":‬ونمل عن المتمدمٌن أعداد مختلفة فً العالمٌن وفً ممارها ‪ ،‬هللا أعلم‬
‫بالصحٌح"(ٕ)‪.‬‬
‫وفً لوله تعالى‪ْ :‬‬
‫{ال َح ْم ُد ِ َّّللِ} [الفاتحة ‪ ،]ٕ :‬ثبلثة لراءات(ٖ)‪:‬‬
‫ّلل}‪ ،‬لرأ بها نافع‪ ،‬ابن كثٌر‪ ،‬أبو عمرو‪ ،‬ابن عامر‪ ،‬عاصم‪ ،‬حمزة‪ ،‬الكسابً‪.‬‬ ‫إحداهما‪ْ {:‬ال َح ْم ُد ِ َّ ِ‬
‫لال الهمذانً‪(" :‬الحمد) رفع باالبتداء‪ ،‬وخبره الظرؾ هو (هللا)‪ ،‬متعلك بمحذوؾ‪ ،‬أي‪:‬‬
‫الحمد ثابت أو مستمر هلل"(ٗ)‪ ،‬وهو اجود المراءات‪ ،‬لما فٌه من التعمٌم والداللة على ثبات المعنى‬
‫واستمراره‪.‬‬
‫ّلل}‪ ،‬لرأ بها الحسن البصري وابن عبلة‪ ،‬وزٌد بن علً‪ ،‬وهً لراءة شاذة‪.‬‬ ‫ْ‬
‫والثانٌة‪{ :‬ال َح ْم ِد ِ َّ ِ‬
‫والثالثة‪ْ { :‬ال َح ْم ُد ُّلل}‪ .‬مضمومة الدال والبلم‪ ،‬لرأ بها بعض أهل البادٌة‪.‬‬
‫لال ابن جنً‪ ":‬وكبلهما شاذ[أي‪ :‬المراءة الثانٌة والثالثة] فً المٌاس واالستعمال؛ إال أن‬
‫من وراء ذلن ما أذكره لن؛ وهو أن هذا اللفظ كثر فً كبلمهم‪ ،‬وشاع استعماله‪ ،‬وهم ِل َما كثر‬
‫تؽٌٌرا‪ ،‬كما جاء عنهم لذلن‪ :‬لم ٌَنُ ‪ ،‬وال أَد ِْر‪ ،‬ولم أُبَ ْل‪ ،‬وأٌَ ٍْش تمول‪ ،‬وجا‬ ‫ً‬ ‫من استعمالهم أشد‬
‫َ‬
‫ٌجً‪ ،‬وسا ٌسو‪ ،‬بحذؾ همزتٌهما‪ ،‬فلما اطرد هذا ونحوه لكثرة استعماله أتبعوا أحد الصوتٌن‬
‫"ال َح ْم ُد ُّلل" كعُنُك‬ ‫اآلخر‪ ،‬وشبهوهما بالجزء الواحد وإن كانا جملة من مبتدأ وخبر؛ فصارت ْ‬
‫و"ال َح ْم ِد ِّلل" كإ ِ ِبل و ِإ ِطل"(٘)‪.‬‬ ‫طنُب‪ْ ،‬‬ ‫و ُ‬
‫وفً { َربّ ِ ْال َعالَ ِمٌنَ } [الفاتحة ‪ ،]ٕ :‬ثبلثة لراءات متواترة(‪:)ٙ‬‬
‫{ربّ ِ ْال َعالَ ِمٌنَ }‪ : ،‬لرأ بها نافع‪ ،‬ابن كثٌر‪ ،‬أبو عمرو‪ ،‬ابن عامر‪ ،‬عاصم‪ ،‬حمزة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫إحداها‪:‬‬
‫الكسابً‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وجر على النعت هلل‬ ‫ّ‬ ‫فـ(رب العالمٌن) أي مالكهم‪ ،‬وكل من ملن شٌبا فهو ربه‪ ،‬فالرب‪ :‬المالن ‪،‬‬
‫سبحانه وتعالى أو على البدل(‪.)1‬‬
‫والثانٌة‪َ { :‬ربَّ ْال َعالَ ِمٌنَ }‪ ،‬وهً لراءة الكسابً‪.‬‬
‫ومن نصب(رب العالمٌن) فإنما ٌنصبه لى المدح والثناء‪ ،‬كؤنه لما لال‪( :‬الحمد هلل)‬
‫استدل بهذا اللفظ على أنه ذاكر هلل فكؤنما لال‪( :‬أذكر رب العالمٌن)‪ ،‬فعلى هذا لو لرىء فً ؼٌر‬
‫المرآن (رب العالمٌن) مرفوعا على المدح أٌضا لكان جابزا على معنى (هور رب العالمٌن)(‪،)5‬‬
‫ولٌل النصب ‪-‬هنا‪ -‬على النداء‪ ،‬ذكره الكسابً‪ :‬أي الحمد هلل ربا ً وإلها ً(ٓٔ)‪.‬‬

‫(ٔ) تفسٌر الثعلبً‪.ٕٔٔ/ٔ:‬‬


‫(ٕ) البحر المحٌط‪.ٖٔ/ٔ :‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬المحتسب فً تبٌٌن وجوه شواذ المراءات واإلٌضاح عنها‪ ،‬ابن جنً‪.ٖ2/ٔ :‬‬
‫(ٗ) الكتاب الفرٌد فً إعراب المرآن المجٌد‪ ،‬المنتجب الهمذانً‪ ،‬دار الزمان‪ ،‬المدٌنة المنورة‪.ٙ5/ٔ :‬‬
‫(٘) المحتسب‪.ٖ2/ٔ :‬‬
‫(‪)ٙ‬انظر‪ :‬الكتاب الفرٌد فً اعراب المران المجٌد‪ ،2ٖ/ٔ :‬و مجمع البٌان‪ ،‬الطبرسً‪.ٕ5/ٔ :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تفسٌر المرطبً‪.ٖٔٙ/ٔ :‬‬
‫(‪)1‬انظر‪ :‬الكتاب الفرٌد فً اعراب المران المجٌد‪2ٖ/ٔ :‬‬
‫(‪ )5‬مجمع البٌان‪ ،‬الطبرسً‪.ٕ5/ٔ :‬‬
‫(ٓٔ) انظر‪ :‬انظر‪ :‬الكتاب الفرٌد فً اعراب المران المجٌد‪.2ٖ/ٔ :‬‬
‫والثالثة‪َ { :‬ربُّ ْالعَالَ ِمٌنَ }‪:‬لرأ بها أبو جعفر‪.‬‬
‫والرفع على‪( :‬هو ربّ العالمٌن)(ٔ)‪.‬‬
‫الفوابد‪:‬‬
‫عز وج ّل‪ ،‬وذلن من "أل" فً لوله تعالى‪{ :‬الحمد} ؛‬ ‫ٔ‪ -‬من فوابد اآلٌة‪ :‬إثبات الحمد الكامل هلل ّ‬
‫ألنها دالة على االستؽراق‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬ومنها‪ :‬أن هللا تعالى مستحك مختص بالحمد الكامل من جمٌع الوجوه؛ ولهذا كان النبً صلى‬
‫هللا علٌه وسلم إذا أصابه ما ٌسره لال‪" :‬الحمد هلل الذي بنعمته تتم الصالحات"؛ وإذا أصابه‬
‫خبلؾ ذلن لال‪" :‬الحمد هلل على كل حال"(ٕ)‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬ومنها‪ :‬تمدٌم وصؾ هللا باأللوهٌة على وصفه بالربوبٌة؛ وهذا إما ألن "هللا" هو االسم العَلَم‬
‫الخاص به‪ ،‬والذي تتبعه جمٌع األسماء؛ وإما ألن الذٌن جاءتهم الرسل ٌنكرون األلوهٌة فمط‪..‬‬
‫ٗ‪ -‬ومنها‪ :‬عموم ربوبٌة هللا تعالى لجمٌع العالم؛ لموله تعالى‪{ :‬العالمٌن}‪.‬‬
‫المرآن‬
‫ٌم (‪[ })4‬الفاتحة ‪]4 :‬‬ ‫الر ِح ِ‬
‫{الرحْ َم ِن ه‬
‫ه‬
‫التفسٌر‪:‬‬
‫الر ِح ٌِم‪ ،‬بالمإمنٌن‪ ،‬وهما اسمان من أسماء هللا تعالى‪.‬‬‫الرحْ َم ِن الذي وسعت رحمته جمٌع الخلك‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫الر ِح ٌِم}[الفاتحة‪ " ،]ٔ:‬أي‪:‬ذو الرحمة الواسعة‪ ،‬والموصل للرحمة‬ ‫من َّ‬
‫تعالى‪{:‬الرحْ ِ‬
‫َّ‬ ‫لوله‬
‫(ٖ)‬
‫من ٌشاء من عباده" ‪.‬‬
‫لال مماتل‪ ":‬اسمان رلٌمان أحدهما أرق من اآلخر الرحمن ٌعنً المترحم‪ ،‬الرحٌم ٌعنً‬
‫المتعطؾ بالرحمة"(ٗ)‪.‬‬
‫لال المراؼً‪:‬أي‪ ":‬المفٌض للنعم المحسن على عباده ببل حصر وال نهاٌة"(٘)‪.‬‬
‫لال العز بن عبدالسبلم‪:‬أي‪ ":‬الراحم‪ ،‬أو الرحمن أبلػ"(‪.)ٙ‬‬
‫لال الشنمٌطً(‪" :)2‬هما وصفان هلل ‪ -‬تعالى ‪ -‬واسمان من أسمابه الحسنى‪ ،‬مشتمان من‬
‫الرحمة على وجه المبالؽة‪ ،‬والرحمن أش ُّد مبالؽة من الرحٌم‪ ،‬ألن الرحمن هو ذو الرحمة‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬الكتاب الفرٌد فً اعراب المران المجٌد‪ ،2ٖ/ٔ :‬و مجمع البٌان‪ ،‬الطبرسً‪.ٕ5/ٔ :‬‬
‫(ٕ) سنن ابن ماجة(ٖٓ‪:)ٖ1‬صٕ‪.ٕٔ٘ٓ/‬‬
‫(ٖ) تفسٌر ابن عثٌمٌن‪.٘/ٔ:‬‬
‫(ٗ) تفسٌر مماتل بن سلٌمان‪.ٖٙ/ٔ:‬‬
‫(٘) تفسٌر المراؼً‪. ٖٔ/ٔ:‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر العز بن عبدالسبلم‪. 15/ٔ:‬‬
‫(‪)2‬هو دمحم األمٌن بن دمحم المختار بن عبدالمادر الجكنً الشنمٌطً المدنً‪ ،‬ولد بمورٌتانٌا عام ٕٖ٘ٔ هـ‪،‬‬
‫حوالً‪ ٔ2‬فبراٌر٘ٓ‪ ، ٔ5‬بمدٌنة تنبه فً مورٌتانٌا‪ ،‬اجتهد فً طلب العلم فؤصبح من علماء مورٌتانٌا‪ ،‬وتولى‬
‫المدرسٌن فً الجامعة اإلسبلمٌة سنة‬
‫ِّ‬ ‫المضاء فً بلده‪ ،‬فكان موضع ثمة ح َّكامها ومحكومٌها‪ ،‬وكان من أوابل‬
‫عضوا فً مجلس التؤسٌس لرابطة العالم اإلسبلمً‪،‬‬ ‫ً‬ ‫عضوا فً مجلس الجامعة‪ ،‬كما عٌِّن‬
‫ً‬ ‫ٔ‪ٖٔ1‬هـ‪ ،‬ثم عٌِّن‬
‫وعضوا فً هٌبة كبار العلماء ‪ ٖٔ5ٔ/ 2/ 1‬هـ‪ ،‬توفً بمكة بعد أدابه لفرٌضة الحج فً السابع عشر من ذي‬ ‫ً‬
‫ص ِلًّ علٌه بالمسجد الحرام‪ ،‬ودفن بممبرة المعبلة بمكة‪.‬‬
‫الحجة سنة ثبلث وتسعٌن وثبلثمابة وألؾ من الهجرة‪ ،‬و ُ‬
‫الشاملة لجمٌع الخبلبك فً الدنٌا‪ ،‬وللمإمنٌن فً اآلخرة‪ ،‬والرحٌم ذو الرحمة للمإمنٌن ٌوم‬
‫المٌامة‪ ،‬وعلى هذا أكثر العلماء"(ٔ)‪.‬‬
‫لال أبو السعود‪ ":‬صفتان هلل فإن أرٌد بما فٌهما من الرحمة ما ٌختص بالعمبلء من‬
‫العالمٌن أو ما ٌفٌض على الكل بعد الخروج إلى طور الوجود من النعم فوجه تؤخٌرهما عن‬
‫وصؾ الربوبٌة ظاهر وإن أرٌد ما ٌعم الكل فً األطوار كلها حسبما فً لوله تعالى ورحمتى‬
‫وسعت كل شىء فوجه الترتٌب أن التربٌة ال تمتضً الممارنة للرحمة فإٌرادهما فً عمبها‬
‫لئلٌذان بؤنه تعالى متفضل فٌها فاعل بمضٌة رحمته السابمة من ؼٌر وجوب علٌه وبؤنها والعة‬
‫على أحسن ما ٌكون وااللتصار على نعته تعالى بهما فً التسمٌة لما أنه األنسب بحال المتبرن‬
‫المستعٌن باسمه الجلٌل واألوفك لمماصده"(ٕ)‪.‬‬
‫لال السعدي ‪" :‬اسمان داالن على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظٌمة التً وسعت كل‬
‫شًء‪ ،‬وعمت كل حً‪ ،‬وكتبها للمتمٌن المتبعٌن ألنبٌابه ورسله‪ .‬فهإالء لهم الرحمة المطلمة‪،‬‬
‫ومن عداهم فلهم نصٌب منها‪ ،‬واعلم أن من المواعد المتفك علٌها بٌن سلؾ األمة وأبمتها‪،‬‬
‫اإلٌمان بؤسماء هللا وصفاته‪ ،‬وأحكام الصفات‪ ،‬فٌإمنون مثبلً بؤنه رحمن رحٌم‪ ،‬ذو الرحمة التً‬
‫اتصؾ بها‪ ،‬المتعلمة بالمرحوم‪ .‬فالنعم كلها‪ ،‬أثر من آثار رحمته‪ ،‬وهكذا فً سابر األسماء‪ٌ .‬مال‬
‫فً العلٌم‪ :‬إنه علٌم ذو علم‪ٌ ،‬علم [به] كل شًء‪ ،‬لدٌر‪ ،‬ذو لدرة ٌمدر على كل شًء"(ٖ)‪.‬‬
‫لال الصابونً‪ ":‬صفتان مشتمتان من الرحمة‪ ،‬أي الذي وسعت رحمته كل شًء‪ ،‬وع َّم‬
‫فضله جمٌع األنام‪ ،‬بما أنعم على عباده من الخلك والرزق والهداٌة إلى سعادة الدارٌن‪ ،‬فهو‬
‫اإلحسان"(ٗ)‪.‬‬‫الرب الجلٌل عظٌم الرحمة دابم ِ‬
‫الرحْ َم ِن}‪ :‬صفة للفظ الجبللة‪ ،‬و{الرحٌم}‪ :‬صفة أخرى‪ ،‬والرحمن‬ ‫لال ابن العثٌمٌن‪َّ {":‬‬
‫هو ذو الرحمة الواسعة‪ ،‬والرحٌم هو ذو الرحمة الواصلة‪ ،‬فالرحمن وصفه‪ ،‬والرحٌم فعلُه‪ ،‬ولو‬
‫سر‬ ‫أنه جًء بـ"الرحمن" وح َده‪ ،‬أو بـ"الرحٌم" وحده‪ ،‬لشمل الوصؾ والفعل‪ ،‬لكن إذا الترنا ف ِ ّ‬
‫و(الر ِحٌم) بالفعل"(٘)‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الرحْ َم ِن) بالوصؾ‪،‬‬
‫( َّ‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫لال ابن المٌم ‪"{:‬الرحمن} فإن رحمته تمن ُع إهما َل عباده‪ ،‬وعدم تعرٌفهم ما ٌنالون به‬
‫ع َرؾ أنه متض ِ ّمن إلرسال الرسل‪ ،‬وإنزال الكتب‪،‬‬ ‫ؼاٌةَ كما ِلهم‪ ،‬فمن أعطى اسم "الرحمن" حمه َ‬
‫أعظم من تضمنه إنزال الؽٌث‪ ،‬وإنبات الكؤل‪ ،‬وإخراج ال َحب‪ ،‬فالتضاء الرحمة لما تحصل به‬ ‫َ‬

‫(ٔ)انظر "تٌسٌر الكرٌم الرحمن فً تفسٌر كبلم المنان" لعبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه هللا نشر مإسسة‬
‫الرسالة (ص‪.)ٖ5/‬‬
‫(ٕ) تفسٌر أبً السعود‪..ٔ٘/ٔ:‬‬
‫(ٖ)انظر "تٌسٌر الكرٌم الرحمن فً تفسٌر كبلم المنان" لعبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه هللا نشر مإسسة‬
‫الرسالة (ص‪.)ٖ5/‬‬
‫(ٗ) صفوة التفاسٌر‪.ٔ5/ٔ:‬‬
‫(٘)تفسٌر العبلمة دمحم العثٌمٌن (ٕ ‪.)ٙ/‬‬
‫(‪)ٙ‬هو الفمٌه‪ ،‬المفتً‪ ،‬اإلمام الربانً شٌخ اإلسبلم الثانً أبو عبدهللا شمس الدٌن دمحم بن أبً بكر بن أٌوب بن‬
‫سعد الزرعً‪ ،‬ثم ال ّدِمشمً‪ ،‬الشهٌر بـ"ابن لٌم الجوزٌة"‪ ،‬عاش فً دمشك ودرس على ٌد ابن تٌمٌة الدمشمً‪،‬‬
‫والزمه لرابة ‪ ٔٙ‬عا ًما‪ ،‬وتؤثر به‪ ،‬وسجن فً للعة دمشك فً أٌام سجن ابن تٌمٌة‪ ،‬وخرج بعد أن تو ِفًّ شٌخه‬
‫عام ‪ 2ٕ1‬هـ‪ ،‬ومن تبلمٌذه‪ :‬ابن رجب الحنبلً‪ ،‬وابن كثٌر‪ ،‬والذهبً‪ ،‬وابن عبدالهادي‪ ،‬والفٌروزآبادي صاحب‬
‫"الماموس المحٌط" ‪ -‬رحمهم هللا تعالى ‪ -‬وؼٌرهم‪ ،‬وتوفً ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬لٌلة الخمٌس‪ ،‬ثالث عشرٌن من رجب‬
‫الفرد سنة (ٔٔ٘‪2‬هـ)‪ ،‬ودفن بدمشك بممبرة الباب الصؽٌر‪.‬‬
‫حٌاة الملوب واألرواح أعظم من التضابها لما تحصل به حٌاة األبدان واألشباح‪ ،‬لكن المحجوبون‬
‫أمرا وراء ذلن"(ٔ)‪.‬‬ ‫حظ البهابم والدواب‪ ،‬وأدرن منه أولو األلباب ً‬ ‫إنما أدركوا من هذا االسم َّ‬
‫لال الماترٌدي‪ ":‬اسمان مؤخوذان من الرحمة‪ ،‬لكنه روى فٌهما‪« :‬رلٌمان أحدهما أرق‬
‫من اآلخر»(ٕ)‪ ،‬وكؤن الذي روي عنه هذا أراد به‪ :‬لطٌفان أحدهما ألطؾ من اآلخر‪ ،‬دلٌل ذلن‬
‫وجهان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬مجًء األثر فً ذلن ‪-‬اللطٌؾ‪ -‬فً أسماء هللا تعالى مع ما نطك به الكتاب‪ ،‬ولم ٌذكر فً‬
‫ً إِنَّ َها‬
‫شًء من ذلن رلٌك‪ ،‬ومعنى اللطٌؾ‪ :‬استخراج األمور الخفٌة وظهورها له؛ كموله‪ٌَ{ :‬ا بُنَ َّ‬
‫ٌر} [لممان ‪.]ٔٙ :‬‬ ‫ص ْخ َرةٍ }‪ ،‬إلى لوله‪{ :‬لَ ِط ٌ‬
‫ٌؾ َخبِ ٌ‬ ‫إِ ْن ت َنُ ِمثْمَا َل َحبَّ ٍة ِم ْن خ َْر َد ٍل فَت َ ُك ْن فًِ َ‬
‫والثانً‪ :‬أن اللطٌؾ حرؾ ٌدل على البر والعطؾ‪ ،‬والرلة على رلة الشًء التً هً نمٌض‬
‫الؽلظ والكثافة‪ ،‬كما ٌمال‪ :‬فبلن رلٌك الملب‪.‬‬
‫ولوله‪ :‬أحدهما أرق من اآلخر‪ ،‬بمعنى اللطؾ ‪ٌ -‬حتمل وجهٌن‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬التحمٌك بؤن اللطؾ بؤحد الحرفٌن أخص وألٌك‪ ،‬وأوفر وأكمل‪ ،‬فذلن رحمته بالمإمنٌن‬
‫أنه ٌمال‪ :‬رحٌم بالمإمنٌن على تخصٌصهم بالهداٌة لدٌنه؛ ولذا ذكر أمته وإن أشركهم فً الرزق‬
‫فٌما ٌراهم ؼٌرهم؛ أال ترى أنه ال ٌمال‪ :‬رحمن بالمإمنٌن‪ ،‬وجابز المول‪ :‬رحٌم بهم‪ ،‬وكذلن ال‬
‫ٌمال‪ :‬رحٌم بالكافرٌن‪ ،‬مطلما؟!‪.‬‬
‫ووجه آخر‪ :‬أن أحدهما ألطؾ من اآلخر؛ كؤنه وصؾ الؽاٌة فً اللطؾ حتى ٌتعذر وجه إدران‬
‫ما فً كل واحد منهما من اللطؾ‪ ،‬أو ٌوصؾ بمطع الؽاٌة عما ٌتضمنه كل حرؾ"(ٖ)‪.‬‬
‫لوله‪{:‬ربّ ِ‬
‫َ‬ ‫الر ِح ٌِم} [الفاتحة‪ ]ٖ:‬بعد‬
‫من َّ‬ ‫{الرحْ ِ‬
‫َّ‬ ‫لال المرطبً‪" :‬إنما وصؾ نفسه بـ‬
‫ْال َعالَ ِمٌنَ } [الفاتحة‪ ]ٕ:‬لٌكون من باب لرن الترؼٌب بعد الترهٌب‪ ،‬كما لال تعالى‪{:‬نَ ِبّ ْا ِع َبادِي‬
‫ٌم} [الحجر‪.)ٗ("]٘ٓ-ٗ5:‬‬ ‫ع َذا ِبً ُه َو ْال َع َذ ُ‬
‫اب األ َ ِل َ‬ ‫الر ِحٌ ُم* َوأ َ َّن َ‬
‫ور َّ‬ ‫أ َ ِنًّ أَنَا ْالؽَفُ ُ‬
‫المٌنَ }‪ ،‬تنبٌها على أصل النشؤة‪ ،‬وأنه هو‬ ‫و لال ابن عرفة‪" :‬لدم أوال الوصؾ بـ{ َربّ ال َع ِ‬
‫الخالك المبدئ‪ ،‬ثم ثنى بحال اإلنسان فً الدّنٌا من النعم واإلحسان‪ ،‬فلوال رحمة هللا تعالى لما‬
‫كان ذلن"(٘)‪.‬‬
‫وفً اشتماق{الرحمن}‪ ،‬لوالن(‪: )ٙ‬‬
‫أحدهما‪:‬أنه اسم عبرانً معرب ‪ ،‬ولٌس بعربً ‪ ،‬كالفسطاط رومً معرب ‪ ،‬واإلستبرق فارسً‬
‫ص َحاإهم ‪ ،‬لم ٌعرفوهُ حتى ذكر لهم ‪ ،‬ولالوا ما حكاه‬ ‫طنَةُ العرب وفُ َ‬ ‫معرب ‪ ،‬ألن لرٌشا ً وهم فَ َ‬

‫(ٔ)انظر‪ :‬تفسٌر المرآن الكرٌم؛ البن المٌم ‪ -‬نشر دار ومكتبة الهبلل ‪ -‬بٌروت ص‪ ،ٕٔ/‬وٌنتبه أن هذا التفسٌر‬
‫المرن العشرٌن الذي‬
‫ِ‬ ‫المعاصرٌن فً أوساط هذا‬
‫ِ‬ ‫صنع بعض‬ ‫لٌس َمن جمع ابن المٌم‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬؛ وإنما ِمن ُ‬
‫جمعه من مإلفات ابن المٌم ولد أثنى علٌه أهل العلم وهللا أعلم‪.‬‬
‫(ٕ) المول لخالد بن صفوان التمٌمً كما سٌؤتً‪ ،‬انظر‪ :‬تفسٌر ابن أبً حاتم(ٕٔ)‪:‬صٔ‪.ٕ1/‬‬
‫(ٖ) تفسٌر الماترٌدي‪.ٖٙٔ-ٖٙٓ/ٔ:‬‬
‫(ٗ) تفسٌر ابن كثٌر‪.ٕٔٔ/ٔ :‬‬
‫(٘) تفسٌر ابن عرفة‪.ٖ٘/ٔ:‬‬
‫(‪ )ٙ‬انظر‪ :‬النكت والعٌون‪.ٕ٘/ٔ :‬‬
‫من أَنَ ْس ُج ُد ِل َما ت َؤ ْ ُم ُرنَا َوزَ ا َد ُه ْم نُفُورا ً } [ الفرلان ‪ ، ] ٙٓ :‬وهذا‬
‫الرحْ ُ‬
‫هللا تعالى عنهم ‪َ . . . { :‬و َما َّ‬
‫(ٕ)(ٖ)‬
‫‪:‬‬ ‫لول ثعلب(ٔ)‪ ،‬واستشهد بمول جرٌر‬
‫ومسحكم صلبهم رحمن لربانا‬ ‫سٌن هجرتكم‬ ‫أو تتركون إلى الم ّ‬
‫لال ‪ :‬ولذلن جمع بٌن الرحمن والرحٌم ‪ ،‬لٌزول االلتباس ‪ ،‬فعلى هذا ٌكون األصل فٌه تمدٌم‬
‫الرحٌم على الرحمن لعربٌته ‪ ،‬لكن لدَّم الرحمن لمبالؽته ‪.‬‬
‫وحكً عن ثعلب أنه لال‪":‬إن جمهور العرب كانوا ال ٌعرفون "الرحمن" فً الجاهلٌة‪،‬‬
‫ً‬
‫رجبل بالٌمامة‬ ‫الدلٌل على هذا أنهم لما سمعوا النبً ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ٌ -‬ذكره لالوا‪ :‬ما نعرؾ الرحمن إال‬
‫‪ ،‬وذلن لوله تعالى‪{ :‬لَالُوا َو َما َّ‬
‫(ٗ)‬
‫الرحْ َم ُن} [الفرلان‪ ]ٙٓ :‬وإنما ٌذكر بعض الشعراء الرحمن فً‬
‫الجاهلٌة‪ ،‬إذ لمنه من أهل الكتاب‪ ،‬أو أخذه عن بعض من لرأ الكتب كؤمٌة بن أبً الصلت(٘)‪،‬‬
‫وزٌد بن عمرو(‪ ،)ٙ‬وورلة بن نوفل(‪ ،)2‬وال تجعل هذا حجة على ما علٌه أكثرهم"(‪.)1‬‬
‫وأنكر ذلن الطبري فمال‪" :‬ولد زعم بعض أهل الؽباء أن العرب كانت ال تعرؾ‬
‫(الرحمن) ولم ٌكن ذلن فً لؽتها "(‪ .)5‬ثم أنشد لبعض الجاهلٌة(ٓٔ)‪:‬‬

‫(ٔ)انظر‪" :‬الزٌنة" ٕ‪" ،ٕ٘ /‬الزاهر" ٔ‪" ،ٖٔ٘ /‬اشتماق أسماء هللا" ص ٖٗ‪" ،‬تهذٌب اللؽة" (رحم) ٕ‪،ٖٔ1ٖ /‬‬
‫"تفسٌر الماوردي" ٔ‪" ٕ٘ /‬تفسٌر المرطبً" ٔ‪" ،5ٔ /‬اللسان" (رحم) ٖ‪.ٕٔٙٔ /‬‬
‫(ٕ)هو أبو َح ْرزَ ة‪ ،‬جرٌر بن عطٌة بن حذٌفة من بنً كلٌب بن ٌربوع‪ ،‬أحد فحول الشعراء فً صدر اإلسبلم‪،‬‬
‫توفً سنة عشر ومابة‪ .‬انظر ترجمته فً "الشعر والشعراء" ص ٖٗٓ‪" ،‬طبمات فحول الشعراء" ٕ‪،ٕ52 /‬‬
‫"الخزانة" ٔ‪.2٘ /‬‬
‫(ٖ)البٌت من لصٌدة له ٌهجو فٌها األخطل وهو نصرانً‪ ،‬فحكى فً البٌت لول النصارى‪ ،‬ولهذا نصب‬
‫(رحمن)‪( :‬لربانا) أي لابلٌن ذلن‪ ،‬وٌروى البٌت (هل تتركن)‪( ،‬مسحكم) وفً "الزٌنة" (رخمن) بالمعجمة وهو‬
‫بمعنى‪ :‬الحاء‪ .‬انظر‪" :‬الزٌنة" ٕ‪" ،ٕ٘ /‬الزاهر" ٔ‪" ،ٖٔ٘ /‬اشتماق أسماء هللا" ص ٖٗ‪" ،‬تهذٌب اللؽة" (رحم)‬
‫ٕ‪" ،ٖٔ1ٖ /‬تفسٌر الماوردي" ٔ‪" ٕ٘ /‬تفسٌر المرطبً" ٔ‪" ،5ٔ /‬اللسان" (رحم) ٖ‪.ٕٔٙٔ /‬‬
‫(ٗ)انظر‪ :‬تفسٌر الطبري ‪ ،ٕ5 /ٔ5 :‬وتفسٌر المرطبً‪.ٙٗ /ٖٔ :‬‬
‫(٘)واسمه عبد هللا بن ربٌعة بن عوؾ الثمفً‪ ،‬سمع النبً ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬شعره فمال‪" :‬آمن شعره وكفر للبه" وكان ٌخبر‬
‫أن نبٌا ٌخرج لد أظل زمانه‪ ،‬فلما خرج النبً ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬كفر به حسدا‪ ،‬ومات كافرا سنة ثمان أو تسع‪.‬‬
‫انظر‪" :‬الشعر والشعراء" ص ٖٓٓ‪" ،‬طبمات فحول الشعراء" ص ٔٓٔ‪" ،‬االشتماق" ص ٖٗٔ‪" ،‬الخزانة" ٔ‪/‬‬
‫‪.ٕٗ2‬‬
‫(‪)ٙ‬زٌد بن عمرو بن نفٌل‪ ،‬والد سعٌد بن زٌد أحد العشرة‪ ،‬مات لبل المبعث‪ .‬انظر‪" :‬اإلصابة" ٔ‪،٘ٙ5 /‬‬
‫"تجرٌد أسماء الصحابة" ٔ‪.ٕٓٓ /‬‬
‫(‪)2‬هو ورلة بن نوفل بن أسد‪ ،‬ابن عم خدٌجة رضً هللا عنها‪ ،‬لال ابن منده‪ :‬اختلؾ فً إسبلمه‪ ،‬واألظهر أنه‬
‫مات لبل الرسالة‪ ،‬وبعد النبوة وكذا لال الذهبً فً "تجرٌد أسماء الصحابة" ٕ‪ ،ٕٔ1 /‬وانظر‪" :‬اإلصابة" ٖ‪/‬‬
‫ٖٖ‪" ،ٙ‬الخزانة" ٖ‪.ٖ5ٔ /‬‬
‫(‪ )1‬حكاه عنه الواحدي فً التفسٌر البسٌط‪ ،ٗ٘2-ٗ٘ٙ/ٔ :‬ولم أجده‪ ،‬ولعله فً كتب ابن األنباري المفمودة‪،‬‬
‫وأورد نحوه الطبري فً تفسٌره" ٔ‪ ،ٖٔٔ /‬وانظر‪" :‬االشتماق" ص ‪ ،٘1‬والماوردي فً "تفسٌره" ٔ‪،ٕ٘ /‬‬
‫والمرطبً فً "تفسٌره" ٔ‪.ٔٓٗ /‬‬
‫(‪)5‬تفسٌر الطبري‪ ،ٖٔٔ /ٔ :‬كما انكر ذلن الزجاجً فً "اشتماق أسماء هللا" ص ٕٗ‪ ،‬وابن سٌده فً‬
‫"المخصص" ‪ ٔ٘ٔ /ٔ2‬وؼٌرهم‪.‬‬
‫(ٓٔ)لم أتعرؾ على لابله‪ ،‬واستشهد به ابن سٌده فً المخصص ‪ ، ٕٔ٘ : ٔ2‬وعلك على البٌت دمحم محمود‬
‫التركزي الشنمٌطً ‪ ،‬وادعى أن البٌت مصنوع ‪ ،‬وأن " بعض الرجال الذٌن ٌحبون إٌجاد الشواهد المعدومة‬
‫لدعاوٌهم المجردة ‪ ،‬صنعه ولفمه ‪ ،‬وأن الوضع والصنعة ظاهران فٌه ظهور شمس الضحى ‪ ،‬وركاكته تنادي‬
‫جهارا بصحة وضعه وصنعته ‪ ،‬والصواب وهو الحك المجمع علٌه ‪ ،‬أن الشاعر الجاهلً المشار إلٌه ‪ ،‬هو‬ ‫ً‬
‫ب الرحْ َم ُن َربًِّ ٌَ ِمٌنَ َها‬ ‫أَال لَ َ‬
‫ض َ‬ ‫ت تلنَ الفتاة ُ ه َِجٌنَ َها‬ ‫أَال ضربَ ْ‬
‫(ٔ)‬
‫س ْعدي ‪:‬‬ ‫ولال سبلمة بن َجند ٍل ال َّ‬
‫ْ‬
‫َو َما ٌَشَإ الرحْ َم ُن ٌَ ْع ِم ْد َوٌُط ِل ِ‬
‫ك‬ ‫علَ ٌْ ُك ُم‬
‫عجْ لَت َ ٌْنَا َ‬ ‫ع ِج ْلت ُ ْم َ‬
‫علَ ٌْنَا َ‬ ‫َ‬
‫(ٕ)‬
‫ولال الواحدي‪ ":‬ومراد أبً العباس أن الرحمن ٌتكلم به بالعبرانٌة‪ ،‬وتتكلم به العرب‪،‬‬
‫فلما لم ٌخلص فً كبلمهم‪ ،‬ولم ٌنفردوا به دون ؼٌرهم‪ ،‬أتى بعده بالرحٌم الذي ال ٌكون إلى‬
‫(ٖ)‬
‫عربٌا‪ ،‬وال ٌلتبس بلؽة ؼٌرهم"‬
‫المول الثانً ‪ :‬أن (الرحمن) اسم عربً كالرحٌم المتزاج حروفهما ‪ ،‬ولد ظهر ذلن فً كبلم‬
‫العرب ‪ ،‬وجاءت به أشعارهم ‪ ،‬لال الشنفري(ٗ) ‪:‬‬
‫الرحْ ُ‬
‫من َر ِبًّ ٌَ ِمٌنَ َها‬ ‫ب ًّ‬ ‫أَالَ َ‬
‫ض َر َ‬ ‫ت تِ ْلنَ ْالفَت َاة ُ ه َِجٌنَ َها‬ ‫أَالَ َ‬
‫ض َربَ ْ‬
‫والراجح‪-‬وهللا أعلم‪" :-‬أنه مشتك من الرحمة‪ ،‬وأنه اسم عربً لوجود هذا البناء فً‬
‫كبلمهم‪ ،‬كاللهفان والندمان والؽضبان"(٘)‪.‬‬
‫الر ِح ٌِم} اسمان‪ ،‬اشتمالهما من (الرحمة)"(‪.)ٙ‬‬ ‫"{الرحْ َم ِن َّ‬‫َّ‬ ‫لال اللٌث‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ولال أبو عبٌدة‪" :‬هما صفتان هلل تعالى‪ ،‬معناهما ذو الرحمة" ‪.‬‬
‫الرحْ َم ُن} [الفرلان‪ ]ٙٓ :‬فهو‬
‫{و َما َّ‬ ‫لال الواحدي‪ ":‬وأما ما احتج به أبو العباس من لوله‪َ :‬‬
‫الرحْ َم ُن}‪ ،‬ولم ٌمولوا‪ :‬ومن‪ ،‬والموم جهلوا صفته‪ ،‬واالسم‬ ‫{و َما َّ‬ ‫سإال عن الصفة‪ ،‬ولذلن لالوا‪َ :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫كان معلوما لهم فً الجملة‪ ،‬ولٌل‪ :‬هذا على جهة ترن التعظٌم منهم" ‪.‬‬
‫ولال ابن عطٌة‪" :‬وإنما ولفت العرب على تعٌٌن اإلله الذي أمروا بالسجود له‪ ،‬ال على‬
‫نفس اللفظة"(‪.)5‬‬

‫ضلَّةٌ‬‫ؾ َ‬ ‫الشنفرى األزدي ‪ ،‬وهذا البٌت لٌس فً شعره " ‪ ،‬وأنه ملفك من لول الشنفرى ‪ :‬أَالَ لٌَْتَ ِش ْع ِري ‪ ،‬والتَل ُّه ُ‬
‫ه َِجٌنَ َها‬ ‫الفَت َا ِة‬ ‫َؾ‬
‫ك ُّ‬ ‫ض َر َب ْ‬
‫ت‬ ‫َ‬ ‫بما‬ ‫‪...‬‬
‫والشنمٌطً رحمه هللا كان كثٌر االستطالة ‪ ،‬سرٌعًا إلى المباهاة بعلمه ورواٌته ‪ .‬والذي لاله من ادعاء الصنعة ال‬
‫ٌموم ‪ .‬وكفى بالبٌت الذي ٌلٌه دلٌبل على فساد زعمه أن الدافع لصنعته ‪ :‬إٌجاد الشواهد المعدومة ‪ ،‬لدعاوى‬
‫مجردة ‪ .‬ولٌس فً البٌت ركاكة وال صنعة ‪[.‬حاضٌة الطبري‪.]ٖٔٔ/ٔ :‬‬
‫(ٔ)دٌوانه ‪ ، ٔ5 :‬ولد جاء فً طبمات فحول الشعراء ‪ ٖٔٔ :‬فً نسب الشاعر ‪ :‬سبلمة بن جندل بن عبد‬
‫الرحمن " ‪ ،‬وهذه رواٌة ابن سبلم ‪ ،‬وؼٌره ٌمول ‪ " :‬ابن عبد " ‪ ،‬فإن صحت رواٌة ابن سبلم ‪ ،‬فهً دلٌل آخر‬
‫لوي على فساد دعوى الشنمٌطً ‪.‬‬
‫(ٕ)هو أبو العباس ثعلب‪.‬‬
‫(ٖ) التفسٌر البسٌط‪.ٗ٘5-ٗ٘1/ٔ :‬‬
‫(ٗ)لم أتعرؾ على لابله‪ ،‬واستشهد به ابن سٌده فً المخصص ‪ ،ٕٔ٘/ ٔ2‬والواحدي فً التفسٌر البسٌط‪:‬‬
‫ٔ‪ ،ٗ٘ٙ/‬والطبري‪.ٖٔٔ/ٔ :‬‬
‫(٘) التفسٌر البسٌط‪ ،ٗ٘1/ٔ :‬وانظر‪ :‬انظر‪" :‬تفسٌر الطبري" ٔ‪" ،٘٘ /‬اشتماق أسماء هللا" ص ‪،ٖ1‬‬
‫"المخصص" ٔ‪.ٖٔٔ /‬‬
‫(‪)ٙ‬تهذٌب اللؽة" (رحم) ٕ‪.ٖٔ1ٖ /‬‬
‫(‪")2‬مجاز المرآن" ٔ‪" ،ٕٔ /‬تهذٌب اللؽة" (رحم) ٕ‪ ،ٖٔ1ٖ /‬والنص من "التهذٌب"‪ ،‬ولد رد الطبري على أبً‬
‫عبٌدة لوله وأؼلظ له حٌث لال‪( :‬ولد زعم بعض من ضعفت معرفته بتؤوٌل أهل التؤوٌل‪ ،‬وللت رواٌته أللوال‬
‫السلؾ من أهل التفسٌر أن (الرحمن) مجازه‪ :‬ذو الرحمة ‪ )..‬الطبري فً "تفسٌره" ٔ‪.ٖٔٔ-ٖٔٓ /‬‬
‫(‪ )1‬التفسٌر البسٌط‪ .ٗ٘5-ٗ٘1/ٔ :‬وجعله الطبري من إنكار العناد والمكابرة‪ ،‬وإن كانوا عالمٌن بصحته‪،‬‬
‫ولٌس ذلن منهم إنكارا لهذا االسم‪ ،‬الطبري فً "تفسٌره" ٔ‪.ٖٔٔ-ٖٔٓ /‬‬
‫(‪)5‬المحرر الوجٌز‪ ،ٙٗ /ٔ :‬وانظر ابن كثٌر فً "تفسٌره" ٔ‪ ،ٕٖ /‬والمرطبً فً "تفسٌره" ٖٔ‪.ٙ2 /‬‬
‫لال الماوردي‪ ":‬فإذا كانا اسمٌن عربٌٌن فهما مشتمان من (الرحمة)‪ ،‬والرحمة هً‬
‫س ْلنَانَ إِالَّ َرحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِمٌنَ } [ األنبٌاء ‪، ] ٔٓ2 :‬‬ ‫تعالى‪{:‬و َما أ َ ْر َ‬
‫َ‬ ‫النعمة على المحتاج ‪ ،‬لال هللا‬
‫ٌعنً نعمةً علٌهم ‪ ،‬وإنما سمٌت النعمة رحمة لحدوثها عن الرحمة‪ ،‬والرحمن أش ُّد مبالؽة من‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫الرحٌم ‪ ،‬ألن الرحمن ٌتعدى لفظه ومعناه ‪ ،‬والرحٌم ال ٌتعدى لفظه ‪ ،‬وإنما ٌتعدى معناه ‪ ،‬ولذلن‬
‫س َّم أح ٌد بالرحمن ‪ ،‬وكانت الجاهلٌةُ تُس ِ ّمً هللاَ تعالى به وعلٌه بٌت‬ ‫سمً لوم بالرحٌم ‪ ،‬ولم ٌت َ َ‬
‫الشنفرى ‪ ،‬ثم إن مسٌلمة الكذاب تس َّمى بالرحمن ‪ ،‬والتطعه من أسماء هللا تعالى ‪ ،‬لال عطاء ‪:‬‬
‫فلذلن لرنه هللا تعالى بالرحٌم ‪ ،‬ألن أحدا ً لم ٌتس َّم بالرحمن الرحٌم لٌفصل اسمه عن اسم ؼٌره ‪،‬‬
‫وفرق أبو عبٌدة بٌنهما ‪ ،‬فمال بؤن الرحمن ذو الرحمة ‪ ،‬والرحٌم‬ ‫فٌكون الفرق فً المبالؽة ‪َّ ،‬‬
‫الراحم"(ٔ) ‪.‬‬
‫واختلفوا فً اشتماق (الرحمن والرحٌم)‪ ،‬على لولٌن (ٕ)‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬أنهما مشتمان من رحمة واحدةٍ ‪ُ ،‬ج ِعل لفظ الرحمن أش َّد مبالؽة من الرحٌم ‪.‬‬
‫لال وكٌع‪(" :‬الرحٌم) أشد مبالؽة؛ ألنه ٌنبا عن رحمته فً الدنٌا واآلخرة ورحمة‬
‫الرحمانٌة فً الدنٌا دون اآلخرة"(ٖ)‪.‬‬
‫ولالوا‪ :‬إنهما بمعنى واحد كندمان وندٌم‪ ،‬ولهفان ولهٌؾ‪ ،‬وجًء بهما للتؤكٌد واإلشباع‪ ،‬كمولهم‪:‬‬
‫ط ْرفَه(ٗ)(٘)‪:‬‬ ‫جا ٌّد و ُم ِجدُّ‪ ،‬ولول َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َمت َى أد ُْن ِم ْنه ٌَ ْنؤ ِم ِنًّ َوٌَ ْبعُ ِد‬ ‫َما ِلً أ َ َرانًِ وابْنَ َ‬
‫ع ِ ّمً َما ِل ًكا‬
‫ولول عدي (‪:)2()ٙ‬‬
‫وأ َ ْلفى لَولَ َها َك ِذبًا َو َم ٌْنَا‬ ‫َول َّد َدت األ َ ِد ٌَم ِل َراهِشٌْه‬

‫(ٔ) النكت والعٌون‪.ٖ٘-ٕ٘/ٔ:‬‬


‫(ٕ) انظر‪ :‬النكت والعٌون‪.ٖ٘/ٔ :‬‬
‫(ٖ) حكاه عنه الواحدي فً التفسٌر البسٌط‪ ،ٗٙٓ/ٔ :‬ولم أجده عن وكٌع فٌما اطلعت علٌه‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫ط ْرفَه) وأحد‬‫ع َّد بعد امرئ المٌس فً الشعر‪ ،‬واسمه (عمرو) ولمب بـ ( َ‬ ‫(ٗ)هو الشاعر الجاهلً المشهور‪ُ ،‬‬
‫الطرفاء لبٌت لاله‪ ،‬لتل وهو ابن ست وعشرٌن سنة‪ ،‬ولٌل‪ :‬ابن عشرٌن‪ .‬ترجمته فً "الشعر والشعراء" ص‬
‫ٖٓٔ‪" ،‬الخزانة" ٕ‪.ٗٔ5 /‬‬
‫(٘)البٌت من معلمة طرفة المشهورة‪ٌ ،‬تحدث عما كان بٌنه وبٌن ابن عمه (مالن) من جفوة وخصام‪ٌ( ،‬نؤ عنً)‬
‫و (ٌبعد) معناهما واحد‪ ،‬وإنما جاء بهما ألن اللفظٌن مختلفان‪ ،‬والمعنى ٌبعد ثم ٌبعد بعد ذلن‪ ،‬ولٌل‪ٌ :‬نؤ‪ :‬بالفعل‪،‬‬
‫وٌبعد‪ :‬بالنفس لشدة بؽضه لً‪ .‬أورد البٌت الثعلبً فً "تفسٌره" ٔ‪ ٔ5 /‬أ‪ ،‬وانظر‪" :‬دٌوان طرفة" ص ٖٗ‬
‫تحمٌك وتحلٌل د‪ .‬علً الجندي‪.‬‬
‫(‪)ٙ‬عدي بن زٌد بن حماد‪ ،‬من بنً امرئ المٌس بن زٌد بن مناة بن تمٌم شاعر فصٌح‪ ،‬من شعراء الجاهلٌة‪،‬‬
‫وكان نصرانٌا‪ ،‬لتله النعمان بن المنذر ملن الحٌرة‪ .‬ترجمته فً "الشعر والشعراء" ص ٖٓٔ‪" ،‬معاهد‬
‫التنصٌص" ٔ‪" ،ٖٕ٘ /‬الخزانة" ٔ‪.ٖ1ٔ /‬‬
‫الزباء وجذٌمة وردت فً كتب التارٌخ واألدب‪.‬‬ ‫(‪)2‬من لصٌدة لالها عدي بن زٌد‪ ،‬فً لصة طوٌلة مشهورة بٌن َّ‬
‫وٌروي (لدمت) و (الراهش) عرق فً باطن الذراع و (المٌن) بمعنى‪ :‬الكذب‪ ،‬ورد البٌت فً "معانً المرآن"‬
‫للفراء ٔ‪" ،ٖ2 /‬الشعر والشعراء" ص ٕٖٔ‪" ،‬إعراب المرآن" للنحاس ٔ‪" ،ٔ2٘ /‬تفسٌر الثعلبً" ٔ‪ ٔ5 /‬أ‪،‬‬
‫ٖ‪ 2‬أ‪" ،‬أمالً المرتضى" ٕ‪" ،ٕ٘1 /‬المستمصى" ٔ‪" ،ٕٖٗ /‬مؽنً اللبٌب" ٕ‪" ،ٖ٘2 /‬الهمع" ٘‪،ٕٕٙ /‬‬
‫"معاهد التنصٌص" ٔ‪" ،ٖٔٓ /‬اللسان" (مٌن) ‪ ،ٖٗٔٔ /2‬والمرطبً فً "تفسٌره" ٔ‪" ،ٖ55 /‬الدر المصون"‬
‫ٔ‪.ٖ٘1 /‬‬
‫والشاهد (كذبا و َمٌْنا) فؤكد الكذب بالمٌن وهو بمعناه‪.‬‬
‫فً أمثال لهذا‪ ،‬وروي عن ابن عباس أنه لال‪ ":‬الرحمن الرحٌم‪ ،‬اسمان رلٌمان أحدهما أرق من‬
‫اآلخر"(ٔ)‪.‬‬
‫لال الحسٌن بن الفضل‪" :‬ؼلط الراوي؛ ألن الرلة فً صفة الباري ال تصح‪ .‬وإنما هما‬
‫أسمان رفٌمان أحدهما أرفك من اآلخر"(ٕ)‪.‬‬
‫لال الواحدي‪ٌ" :‬دل على هذا ما روي فً الخبر‪" :‬إن هللا رفٌك ٌحب الرفك‪ ،‬وٌعطً‬
‫على الرفك ماال ٌعطً على العنؾ"(ٖ)‪ ،‬وسمعت من ٌمول‪ :‬معنى لول ابن عباس (اسمان‬
‫رلٌمان) أي ٌدالن فٌنا على الرلة"(ٗ)‪.‬‬
‫ولد أخرج ابن أبً حاتم عن خالد بن صفوان التمٌمً فً لوله‪{" :‬الرحمن الرحٌم}‪،‬‬
‫لال‪ :‬هما رلٌمان أحدهما أرق من اآلخر"(٘)‪.‬‬
‫والمول الثانً ‪ :‬أنهما مشتمان من رحمتٌن ‪ ،‬والرحمة التً اشتك منها الرحمن ‪ ،‬ؼٌر الرحمة‬
‫التً اشتك منها الرحٌم ‪ ،‬لٌصح امتٌاز االسمٌن ‪ ،‬وتؽاٌر الصفتٌن ‪ ،‬ومن لال بهذا المول اختلفوا‬
‫فً الرحمتٌن على ثبلثة ألوال ‪:‬‬
‫أحدها ‪ :‬أن الرحمن مشتك من رحمة هللا لجمٌع خلمه ‪ ،‬والرحٌم مشتك من رحمة هللا ألهل‬
‫طاعته‪.‬‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫لال الضحان‪ ":‬الرحمن بجمٌع خلمه‪ ،‬والرحٌم بالمإمنٌن خاصة" ‪.‬‬
‫والمول الثانً ‪ :‬أن الرحمن مشتك من رحمة هللا تعالى ألهل الدنٌا واآلخرة ‪ ،‬والرحٌم مشتك من‬
‫رحمتِ ِه ألهل الدنٌا دُون اآلخرة ‪.‬‬
‫والمول الثالث ‪ :‬أن الرحمن مشتك من الرحمة التً ٌختص هللا تعالى بها دون عباده ‪ ،‬والرحٌم‬
‫مشتك من الرحمة التً ٌوجد فً العباد مثلُها ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ولد اخرج ابن أبً حاتم عن الحسن‪ ":‬الرحمن‪ :‬اسم ال ٌستطٌع الناس أن ٌنتحلوه" ‪.‬‬

‫(ٔ)ذكره الثعلبً فً "تفسٌره" ٔ‪ ،55 /‬وابن األنباري فً "الزاهر" ٔ‪ ،ٕٔ٘ /‬واألزهري فً "تهذٌب اللؽة"‬
‫(رحم) ٕ‪ ،ٖٔ1ٖ /‬والواحدي فً التفسٌر البسٌط‪ ،ٗٙٔ/ٔ :‬والمرطبً فً "تفسٌره" ٔ‪ ،5ٕ /‬وابن كثٌر عن‬
‫المرطبً فً "تفسٌره" ٔ‪ ،ٕٕ /‬ولد أخرج الطبري وابن أبً حاتم بسندٌهما عن ابن عباس‪ ،‬لال‪( :‬الرحمن‬
‫الفعبلن من الرحمة‪ ،‬وهو من كبلم العرب لال‪ :‬الرحمن الرحٌم‪ :‬الرلٌك الرفٌك بمن أحب أن ٌرحمه‪ ،‬والبعٌد‬
‫الشدٌد على من أحب أن ٌعنؾ علٌه) فً سنده ضعؾ‪ .‬انظر الطبري ٔ‪" ،٘2 /‬تفسٌر ابن أبً حاتم" (رسالة‬
‫دكتوراه) ٔ‪ ،ٔٗ1 /‬وابن كثٌر فً "تفسٌره" ٔ‪" ،ٕٖ /‬المفسر عبد هللا بن عباس والمروي عنه" (رسالة‬
‫ماجستٌر) ٔ‪.ٖٔٓ /‬‬
‫(ٕ) ذكره الواحدي فً التفسٌر البسٌط‪،ٕٗٙ/ٔ :‬‬
‫(ٖ)أخرجه مسلم (ٖ‪ )ٕ٘5‬كتاب البر‪ ،‬باب‪ :‬فضل الرفك‪ ،‬وأبو داود (‪ )ٗ1ٓ2‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬فً الرفك‪،‬‬
‫وأحمد فً "مسنده" عن علً ٔ‪ ،ٕٔٔ /‬وعن عبد هللا بن مؽفل ٗ‪ ،12 /‬وأخرج البخاري عن عابشة وفٌه‪( :‬إن‬
‫هللا رفٌك ٌحب الرفك فً األمر كله (‪ )ٙ5ٕ2‬كتاب استتابة المرتدٌن‪ ،‬باب‪ :‬إذا عرض الذمً وؼٌره بسب النبً‬
‫‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪.-‬‬
‫(ٗ) التفسٌر البسٌط‪ ،ٕٗٙ/ٔ :‬و المرطبً‪ ،‬وذكر نحوه عن الخطابً ٔ‪ ،5ٕ /‬وذكره ابن كثٌر فً "تفسٌره" فً‬
‫المرطبً ٔ‪.ٕٕ /‬‬
‫(٘) تفسٌر ابن أبً حاتم(ٕٔ)‪:‬صٔ‪.ٕ1/‬‬
‫(‪ )ٙ‬أخرجه ابن أبً حاتم(ٕٓ)‪:‬صٔ‪.ٕ1/‬‬
‫(‪ )2‬تفسٌر ابن أبً حاتم(ٕٕ)‪:‬صٔ‪.ٕ1/‬‬
‫لال الشٌخ ابن عثٌمٌن ‪ :‬وذكر هذٌن االسمٌن الكرٌمٌن فً البسملة التً تتمدم فعل العبد‬
‫ولوله ‪ ،‬إشارة إلى أن هللا إذا لم ٌرحمن فلن تستفٌد ال من هذا الفعل وال من هذا المول ‪ ،‬ولهذا‬
‫لال النبً ‪ " : ‬لن ٌدخل أحد الجنة بعمله ‪ ،‬لالوا ‪ :‬وال أنت ٌا رسول هللا ؟ لال ‪ :‬وال أنا ‪ ،‬إال‬
‫أن ٌتؽمدنً هللا برحمته"(ٔ)‪.‬‬
‫الر ِح ٌِم} [الفاتحة ‪ ،]ٖ :‬ثبلثة أوجه للمراءة(ٕ)‪:‬‬
‫{الرحْ َم ِن َّ‬ ‫وفً لوله تعالى‪َّ :‬‬
‫الر ِح ٌِم}‪ ،‬لرأ بها نافع‪ ،‬ابن كثٌر‪ ،‬أبو عمر‪ ،‬ابن عامر‪ ،‬عاصم‪ ،‬حمزة‪،‬‬ ‫الرحْ َمن ِ َّ‬ ‫أحدها‪َّ { :‬‬
‫الكسابً‪.‬‬
‫وبالخفض صفات مدح‪ ،‬فالخفض على النعت‪ ،‬ولٌل فً الخفض إنه بدل أو عطؾ‬
‫بٌان(ٖ)‪.‬‬
‫الر ِح ٌِم}‪ ،‬لرأ بها عٌسى و ابن عمرو‪.‬‬ ‫الرحْ َم ِن َّ‬
‫والثانً‪ :‬ر َّ‬
‫الر ِح ٌِم َّمالن}‪ ،‬لرأ بها السوسً‪ ،‬وأبو عمرو‪ ،‬وٌعموب‪ ،‬المطوعً‪ ،‬وابن محٌصن‪،‬‬ ‫والثالث‪َّ { :‬‬
‫الحسن‪ ،‬الٌزٌدي‪.‬‬
‫الفوائد‪:‬‬
‫عز وج ّل؛ وإثبات ما‬ ‫ٔ‪-‬من فوابد اآلٌة‪ :‬إثبات هذٌن االسمٌن الكرٌمٌن‪{ .‬الرحمن الرحٌم} هلل ّ‬
‫تضمناه من الرحمة التً هً الوصؾ‪ ،‬ومن الرحمة التً هً الفعل‪..‬‬
‫عز وج ّل مبنٌة على الرحمة الواسعة للخلك الواصلة؛ ألنه تعالى لما‬ ‫ٕ‪ -‬ومنها‪ :‬أن ربوبٌة هللا ّ‬
‫لال‪{ :‬رب العالمٌن} كؤن ساببلً ٌسؤل‪" :‬ما نوع هذه الربوبٌة؟ هل هً ربوبٌة أخذ‪ ،‬وانتمام؛ أو‬
‫ربوبٌة رحمة‪ ،‬وإنعام؟ " لال تعالى‪{ :‬الرحمن الرحٌم} ‪.‬‬
‫وفً صحٌح مسلم عن أبً هرٌرة ‪-‬رضً هللا تعالى عنه‪ -‬لال‪ :‬لال رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪" :-‬لو‬
‫ٌعلم المإمن ما عند هللا من العموبة ما طمع فً جنته أحد‪ ،‬ولو ٌعلم الكافر ما عند هللا من الرحمة‬
‫ما لنط من رحمته أحد"(ٗ)"‪.‬‬
‫المرآن‬
‫ٌِن (‪[ })3‬الفاتحة ‪]3 :‬‬
‫{ َما ِل ِن ٌَ ْو ِم ال ّد ِ‬
‫التفسٌر‪:‬‬
‫وهو سبحانه وحده مالن ٌوم المٌامة‪ ،‬وهو ٌوم الجزاء على األعمال‪ .‬وفً لراءة المسلم لهذه‬
‫وحث له على االستعداد بالعمل الصالح‪،‬‬ ‫ٌّ‬ ‫اآلٌة فً كل ركعة من صلواته تذكٌر له بالٌوم اآلخر‪،‬‬
‫والكؾ عن المعاصً والسٌبات‪.‬‬
‫ٌِن}[الفاتحة‪" ،]ٗ:‬أي‪ :‬هو سبحانه المالن للجزاء والحساب‪،‬‬ ‫لوله تعالى‪َ { :‬ما ِل ِن ٌَ ْو ِم ال ّد ِ‬
‫(٘)‬
‫تصرؾ المالن فً ملكه" ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المتصرؾ فً ٌوم الدٌن‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫لال التستري‪ ":‬أي‪ٌ :‬وم الحساب" ‪.‬‬

‫(ٔ)رواه البخاري فً صحٌحه ‪ ،51/1‬حدٌث رلم ‪ ،ٙٗٙ2‬باب المصد والمداومة على العمل‪.‬‬
‫(ٕ)انظر‪ :‬البحر المحٌط فً التفسٌر‪ ،‬أبو حٌان األندلسً الؽرناطً‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بٌروت‪ٕٓٓ٘ ،‬م‪.ٖ٘/ٔ :‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬البحر المحٌط ‪.ٖ٘/ٔ:‬‬
‫(ٗ) أخرجه مسلم فً كتاب التوبة ‪ -‬باب فً سعة رحمة هللا تعالى وأنها سبمت ؼضبه (٘٘‪( )ٕ2‬ج ٗ ‪ /‬ص‬
‫‪.)ٕٔٓ5‬‬
‫(٘) صفوة التفاسٌر‪.ٔ5/ٔ:‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر التستري‪.ٕٖ:‬‬
‫كم ْل ِكهم فً الدنٌا"(ٔ)‪.‬‬ ‫لال ابن عباس‪ٌ ":‬مول ‪ :‬ال ٌملن أح ٌد فً ذلن الٌوم معهُ حك ًما ِ‬
‫َ‬
‫لال مماتل‪ٌ" :‬عنى‪ :‬مالن ٌوم الحساب كموله‪ -‬سبحانه‪{ -‬إِنَّا ل َمدٌِنُونَ }[الصافات‪،]ٖ٘:‬‬
‫س ْب َحانَهُ‪ -‬أَنَّهُ ال ٌَ ْملن ٌوم ْال ِمٌَا َمة‬
‫ٌعنً لمحاسبون وذلن أن ملون ال ُّد ْنٌَا ٌملكون فًِ ال ُّد ْنٌَا فؤخبر‪ُ -‬‬
‫‪{:‬و ْاأل َ ْم ُر ٌَ ْو َمبِ ٍذ ِ َّّللِ}[اإلنفطار‪.)ٕ("]ٔ5:‬‬
‫أحد ؼٌره فذلن لوله‪ -‬تعالى‪َ -‬‬
‫ْ‬
‫وملكا و َملكا‬ ‫ُ‬
‫و(المالن) فً اللؽة‪(" :‬الفاعل) من الملن‪ٌ ،‬مال‪ :‬ملن فبلن الشًء ٌم ِلكه ُملكا ِ‬
‫والملن راجع إلى معنى‬ ‫والم ْلن‪ ،‬وأصل ال ُملن ِ‬ ‫المل َكة ِ‬ ‫و َملَكة‪ ،‬و َم ْملَكة و َم ْملَكة‪ ،‬وٌمال‪ :‬إنه لحسن ْ‬
‫واحد‪ ،‬وهو الربط والشد‪ ،‬فمالن الشًء من ربطه لنفسه وملكه ما ٌختص به‪ ،‬وشد بعمد ٌخرج‬
‫به عن أن ٌكون مباحا لؽٌره‪ ،‬وملن الموم من ؼلبهم وربط أمرهم"(ٖ)‪.‬‬
‫ومن هذا ٌمال‪ :‬ملكت العجٌن أي شددت عجنه‪ ،‬لال أوس بن حجر(ٗ)(٘)‪:‬‬
‫ع ِل‬
‫ٌض من َ‬ ‫ٌض كنه المَ ُ‬ ‫ك ِؽ ْرلًء بَ ٍ‬ ‫فملن باللٌط الذي تحت لشرها‬
‫لوله‪ :‬ملن‪ :‬أي‪ :‬شدد‪.‬‬
‫(‪)2()ٙ‬‬
‫ومنه لول لٌس بن الخطٌم ‪:‬‬
‫ملكت بها كفً فؤنهرت فتمها ٌرى لابم من خلفها ما وراءها‬
‫أي‪ :‬شددت بالطعنة كفً‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وٌمال‪ :‬ما تمالن فبلن أن فعل كذا‪ ،‬أي لم ٌستطع أن ٌضبط نفسه‪ .‬لال الشاعر ‪:‬‬
‫فبل تمالن(‪ )5‬عن أرض لها عمدوا‬
‫ومبلن األمر‪ :‬ما ٌضبط به األمر‪ٌ ،‬مال‪ :‬الملب مبلن الجسد(ٔ)‪.‬‬

‫(ٔ) أخرجه الطبري فً تفسٌره(‪:)ٔٙٙ‬صٔ‪ ،ٔٗ5/‬وابن أبً حاتم(ٕٗ)‪:‬صٔ‪.ٕ5/‬‬


‫(ٕ) تفسٌر مماتل بن سلٌمان‪.ٖٙ/ٔ :‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬تهذٌب اللؽة‪( :‬ملن) ٗ‪ ،ٖٗٗ5 /‬والمحكم‪( :‬ملن) ‪ ،ٗ٘ /2‬والحجة" ألبً علً الفارسً ٔ‪،ٔ2 ،ٖٔ /‬‬
‫والمخصص" البن سٌده ‪ ،ٔ٘2 /ٔ2‬وتفسٌر أسماء هللا للزجاج ص ٖٓ‪ ،‬واشتماق أسماء هلل للزجاجً ص ٖٗ‪،‬‬
‫ٗٗ‪ ،‬والتفسٌر البسٌط‪.ٗ52/ٔ :‬‬
‫(ٗ)أوس بن حجر من شعراء الجاهلٌة وفحولها‪ ،‬وأحد شعراء تمٌم‪ ،‬انظر ترجمته فً "الشعر والشعراء" ص‬
‫ٗٔٔ‪" ،‬الخزانة" ٗ‪" ،ٖ25 /‬معاهد التنصٌص" ٔ‪.ٖٕٔ /‬‬
‫(٘) دٌوان أوس‪ ،52 :‬وانظر‪ :‬الحجة للفارسً ٔ‪ ،ٔ2 /‬وتهذٌب اللؽة" (ملن) ٗ‪ ،ٖٗ٘ٓ /‬والخصابص" ٕ‪/‬‬
‫ٖ‪ ،ٔ2ٕ /ٖ ،ٖٙ‬واشتماق أسماء هللا" ص ‪ ،ٗٙ‬والصحاح" (ملن) ٗ‪ ،ٔٙٔٓ /‬والمحكم" (ملن) ‪،ٗٙ /2‬‬
‫واللسان" (ملن) ‪ ،ٕٗٙ1 /2‬والخزانة" ٕ‪.ٖ5ٙ /‬‬
‫ولوله (ملن)‪ :‬شدد‪ ،‬و (اللٌط)‪ :‬المشر‪ ،‬و (المٌض)‪ :‬المشر الؽلٌظ فوق البٌضة‪ ،‬و (الؽرلىء)‪ :‬المشر‬
‫الرلٌك للبٌضة‪ ،‬وهو ٌصؾ لوسا ٌمول‪ :‬إنه لواه وذلن حٌن لشره فترن المشر الرلٌك لٌموٌه به‪.‬‬
‫(‪)ٙ‬هو لٌس بن الخطٌم بن عدي بن الخزرج‪ ،‬شاعر فارس‪ ،‬لمً النبً ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪ -‬ومات كافرا‪ ،‬ترجمته فً "طبمات‬
‫فحول الشعراء" ٔ‪" ،5ٕ /5‬اإلصابة" ٖ‪" ،ٕ1ٔ /‬الخزانة" ‪.ٖٗ /2‬‬
‫(‪)2‬انظر‪" :‬دٌوان لٌس" ص ‪" ،1‬تهذٌب اللؽة" (ملن) ٗ‪" ،ٖٗ٘ٓ /‬الصحاح" ٗ‪" ،ٔٙٓ5 /‬المحكم" ‪،ٗٙ /2‬‬
‫"تاج العروس" ٖٔ‪" ،ٖٙ٘ /‬اللسان" ‪( ،ٕٗٙ1 /2‬المعانً الكبٌر) ٕ‪" ،51ٖ ،521 /‬الحجة" للفارسً ٔ‪،ٖٔ /‬‬
‫‪" ،ٔ2‬الخزانة" ‪.ٖ٘ /2‬‬
‫والبٌت من لصٌدة لمٌس لالها حٌن أصاب بثؤره من لاتلً أبٌه وجده‪ٌ ،‬مول‪ :‬شددت بهذِه الطعنة كفى ووسعت‬
‫خرلها‪ ،‬حتى ٌرى المابم من دونها الشًء وراءها‪..‬‬
‫(‪)1‬ورد فً "التهذٌب" (ملن) ٓٔ‪ ،ٕ2ٔ /‬ؼٌر منسوب‪ ،‬وكذا فً "اللسان" (ملن) ٓٔ‪.ٗ5ٗ /‬‬
‫(‪)5‬تمالُن) بضم البلم فً "تهذٌب اللؽة" وفً الحاشٌة‪( :‬جـ)‪( ،‬ل) بفتح البلم‪" ،‬تهذٌب اللؽة" ٓٔ‪ ،ٕ2ٔ /‬وبالفتح‬
‫فً "اللسان" ٓٔ‪.ٗ5ٗ /‬‬
‫وأبو مالن‪ :‬كنٌة الكبر والسن‪ ،‬كنً به ألنه ٌؽلب اإلنسان وٌشده عما ٌرٌد‪ ،‬فبل ٌنبسط‬
‫انبساط الشاب(ٕ)‪ ،‬لال الشاعر(ٖ)‪:‬‬
‫أبا مالن إنً أظنن داببا‬ ‫أبا مالن إن الؽوانً هجرننً‬
‫(ٗ)‬
‫وٌمال للرجل إذا تزوج‪ :‬ملن فبلن‪ٌ ،‬ملن ملكا؛ ألنه شد عمد النكاح‪ .‬وأملن إمبلكا إذا زوج ‪.‬‬
‫ٌِن}‪ :‬أي ٌوم الحساب‪ ،‬لال ابن عباس‪ ":‬الدٌن ٌوم حساب الخبلبك‪ ،‬وهو ٌوم‬ ‫و{ ٌَ ْو ِم ال ّد ِ‬
‫(٘)‬
‫المٌامة ٌدٌنهم بؤعمالهم إن خٌرا فخٌر‪ ،‬وإن شر شرا إال من عفا عنه" ‪.‬‬
‫ٌِن}[البمرة‪ ،]ٗ:‬تؤوٌبلن‪:‬‬ ‫وفً لوله تعالى‪ْ ٌَ{:‬و ِم ال ّد ِ‬
‫(‪)2‬‬ ‫(‪)ٙ‬‬
‫أحدهما ‪ :‬أنه ٌوم الجزاء‪ٌ .‬عنً‪ٌ :‬وم ٌدٌن هللا العباد بؤعمالهم‪ .‬وهذا لول الضحان ‪ ،‬ولتادة ‪،‬‬
‫وحمبد األعرج(‪.)1‬‬
‫"مجربون"(‪.)5‬‬
‫ّ‬ ‫دلٌله لوله‪{ :‬أَإِنَّا لَ َمدٌِنُونَ }[الصافات‪ ،]ٖ٘:‬أي‬
‫(ٔٔ)‬ ‫(ٓٔ)‬
‫والثانً ‪ :‬أنه الحساب‪ .‬ومعنى اآلٌة‪ :‬لاضً ٌوم الحساب‪ ،‬وهذا لول ابن عباس ‪ ،‬والسدي ‪،‬‬
‫ومماتل(ٕٔ)‪ ،‬وابن جرٌج(ٖٔ)‪ ،‬واختاره أبو عبٌد (ٗٔ)‪.‬‬
‫ٌِن ْالمَ ٌِّ ُم}[التوبة‪ ،]ٖٙ:‬أي‪":‬الحساب المستمٌم"(٘ٔ)‪.‬‬
‫ودلٌهم‪ :‬لوله تعالى‪{:‬ذلِنَ ال ّد ُ‬
‫(‪)ٔ2‬‬ ‫(‪)ٔٙ‬‬
‫ومنه لوله ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬الكٌس من دان نفسه " ‪ .‬أي حاسبها ‪.‬‬
‫(‪)ٔ( )ٔ1‬‬
‫ٌِن} الحساب والجزاء‪ٌ ،‬مال فى المثل‪« :‬كما تدٌن تدان» " ‪.‬‬ ‫لال أبو عبٌدة‪{ ":‬ال ّد ِ‬
‫(ٔ) انظر‪ :‬التفسٌر البسٌط‪ ،ٗ51-ٗ52/ٔ :‬و لتهذٌب" (ملن) ٗ‪ ،ٕٗ٘ٓ /‬وانظر‪" :‬المحكم" ‪" ،ٗٙ /2‬اللسان"‬
‫(ملن) ‪.ٕٗٙ1 /2‬‬
‫(ٕ) انظر‪ :‬التفسٌر البسٌط‪ ،ٗ55/ٔ :‬وذكر األزهري نحوه فً التهذٌب عن ابن األعرابً‪ ،ٖٗ٘ٔ /ٗ :‬وانظر‪:‬‬
‫"اللسان" (ملن) ‪.ٕٗٙ5 /2‬‬
‫(ٖ)أورده األزهري بدون نسبه فً "التهذٌب" (ملن) ٗ‪ ٖٗ٘ٔ /‬و (أبا) ٔ‪" ،ٔٓٗ /‬اللسان" (ملن) ‪،ٕٗٙ5 /2‬‬
‫وكذا الزمخشري فً "أساس الببلؼة" (ملن) ٕ‪.ٗٓٔ /‬‬
‫(ٗ) انظر‪" :‬التهذٌب" (ملن) ٗ‪ ،ٖٗٗ5 /‬وانظر‪" :‬اللسان" (ملن) ‪ ،.ٕٗٙ1 /2‬والتفسٌر البسٌط‪.ٗ55/ٔ :‬‬
‫(٘) أخرجه ابن أبً حاتم(ٕ٘)‪:‬صٔ‪.ٕ5/‬‬
‫(‪ )ٙ‬ذكره الثعلبً فً تفسٌره‪.ٔٔ٘/ٔ:‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه الطبري(‪:)ٔٙ5‬صٔ‪.ٔ٘ٙ-ٔ٘٘/‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه ابن أبً حاتم(‪:)ٕٙ‬صٔ‪.ٕ5/‬‬
‫(‪ )5‬تفسٌر الثعلبً‪.ٔٔ٘/ٔ:‬‬
‫(ٓٔ) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(‪:)ٔٙ2‬صٔ‪.ٔ٘ٙ/‬‬
‫(ٔٔ) انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪.ٔٔ٘/ٔ:‬‬
‫(ٕٔ)انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪.ٔٔ٘/ٔ:‬‬
‫(ٖٔ) أخرجه الطبري(ٓ‪:)ٔ2‬صٔ‪.ٔ٘2/‬‬
‫(ٗٔ) انظر‪ :‬مجاز المرآن‪.ٖٗ5/ٔ :‬‬
‫(٘ٔ)تفسٌر الثعلبً‪.ٔٔ٘/ٔ:‬‬
‫(‪)ٔٙ‬الحدٌث أخرجه الترمذي عن شداد بن أوس‪ ،‬ولال‪ :‬حدٌث حسن‪ .‬الترمذي (‪ ،)ٕٗ٘5‬أبواب صفة المٌامة‪،‬‬
‫وابن ماجه (ٓ‪ )ٕٗٙ‬كتاب‪ :‬الزهد‪ ،‬باب‪ :‬ذكر الموت‪ ،‬واإلمام أحمد فً "مسنده" ٗ‪ ،ٕٕٔ /‬وهو بنصه فً‬
‫"تهذٌب اللؽة" (دان) ٕ‪.ٖٔٔٙ /‬‬
‫(‪ )ٔ2‬التفسٌر البسٌط‪.٘ٓ٘/ٔ :‬‬

‫(‪)ٔ1‬هذا المثل فى الكامل ٘‪ ،ٔ1‬الجمهرة ٕ‪ ،ٖٓٙ /‬جمهرة األمثال ٕ‪ ،ٔ٘ٗ /‬المٌدانً ٕ‪ ،ٕ2ٖ /‬اللسان‪ ،‬التاج‬
‫(دٌن) ‪ ،‬الفرابد ٕ‪..ٕٕٔ /‬‬
‫لال الطبري‪ : ":‬والدٌن فً هذا الموضع‪ ،‬بتؤوٌل الحساب والمجازاة باألعمال ‪ ،‬كما لال‬
‫كعب بن ُجعٌَْل (ٕ)‪:‬‬
‫ضونَا‬ ‫و ِدنَّا ُه ُم ِمثْ َل ما ٌُ ْم ِر ُ‬ ‫إِ َذا َما َر َم ْونَا َر َم ٌْنَا ُهم‬
‫وكما لال اآلخر(ٖ) ‪:‬‬
‫واعل ْم بؤَنَّنَ َما تد ُ‬
‫ٌِن ت ُ َد ُ‬
‫ان‬ ‫أن ُم ْلكنَ زاب ٌل‬ ‫َوا ْعلَ ْم وأ َ ٌْ ِم ْن َّ‬
‫ٌعنً ‪ :‬ما تَجْ ِزي تُجازى‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫عل ٌْ ُك ْم ل َحافِ ِظٌنَ }‬‫{وإِ َّن َ‬
‫ٌِن }‪ٌ -‬عنً ‪ :‬بالجزاء ‪َ -‬‬ ‫ّ‬
‫ومن ذلن لول هللا جل ثناإه{ َكبل بَ ْل ت ُ َك ِذبُونَ بِال ّد ِ‬
‫َ‬
‫[سورة االنفطار ‪ٌُ ]ٔٓ ، 5 :‬حصون ما تعملون من األعمال ‪ ،‬ولوله تعالى{فَل ْوال إِ ْن ُك ْنت ُ ْم َ‬
‫ؼٌ َْر‬
‫سبٌن"(ٗ)‪.‬‬
‫َمدٌِنٌِنَ }[سورة الوالعة ‪ٌ ، ]1ٙ :‬عنً ؼٌر مجز ٌٌِّن بؤعمالكم وال ُمحا َ‬
‫وفً أصل (الدٌن) فً اللؽة‪ ،‬لوالن(٘) ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬العادة ‪ ،‬ومنه لول المثمَّب ال َع ْبدِي(‪: )ٙ‬‬
‫أَه َذا دٌِنُهُ أَبَدا ً َودٌنًِ‬ ‫ضٌنًِ‬ ‫تَمُو ُل َولَ ْد َد َرأْتُ لَ َها َو ِ‬
‫أي عادته وعادتً ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫سلمى ‪:‬‬ ‫أن أصل الدٌن الطاعة ‪ ،‬ومنه لول زهٌر بن أبً ُ‬ ‫والثانً ‪َّ :‬‬
‫الت بَ ٌْنَنَا فَ َدنُ‬
‫ع ْم ٍرو َو َم ْ‬ ‫ٌِن َ‬‫فً د ِ‬ ‫لَبِن َحلَ ْلتَ بِ َج ّ ٍو فً بَنًِ أ َ‬
‫س ٍد‬ ‫َ‬
‫أي فً طاعة عمرو ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وفً هذا الٌوم لوالن ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬أنه ٌوم ‪ ،‬ابتداإه طلوع الفجر ‪ ،‬وانتهاإه ؼروب الشمس ‪.‬‬

‫(ٔ)مجاز المرآن‪. ٕٖ/ٔ:‬‬


‫(ٕ)الكامل للمبرد ٔ ‪ ، ٔ5ٔ :‬وولعة صفٌن لنصر بن مزاحم ٔ ‪ ، ٕ٘ :‬المخصص ‪. ٔ٘٘ : ٔ2‬‬
‫(ٖ)الكامل للمبرد ٔ ‪ ٔ5ٕ :‬منسوبًا إلى ٌزٌد بن أبً الصعك الكبلبً ‪ ،‬وكذلن فً جمهرة األمثال للعسكري ‪:‬‬
‫‪ ، ٔ5ٙ‬والمخصص ‪ ، ٔ٘٘ : ٔ2‬وفً اللسان (زنؤ) و (دان) منسوبٌن إلى خوٌلد بن نوفل الكبلبً ‪ ،‬وفً‬
‫الخزانة ٗ ‪ ٕٖٓ :‬إلى بعض الكبلبٌٌن ‪ٌ .‬مولون ‪ :‬إن الحارث بن أبً شمر الؽسانً كان إذا أعجبته امرأة من‬
‫لٌس عٌبلن بعث إلٌها واؼتصبها ‪ ،‬فؤخذ بنت ٌزٌد بن الصعك الكبلبً ‪ ،‬وكان أبوها ؼاببًا ‪ ،‬فلما لدم أخبر ‪ .‬فوفد‬
‫ان ؟‬ ‫ص ْب ًحا َكٌْؾ ٌَ ْختَ ِلفَ ِ‬ ‫إلٌه فولؾ بٌن ٌدٌه ولال ‪ٌَ :‬ا أٌَُّ َها ال َم ِلنُ ال ُم ِمٌتُ ! أ َما ت َرى ‪ ...‬لَ ٌْبلً و ُ‬
‫ان؟‬
‫ٌَ َد ِ‬ ‫ِب ْال َم ِلٌن‬ ‫لَنَ‬ ‫وهل‬ ‫؟‬ ‫لَ ٌْبلً‬ ‫‪...‬‬ ‫بها‬ ‫ت َؤتًِ‬ ‫أن‬ ‫س‬ ‫ال َّ‬
‫ش ْم َ‬ ‫ت َ ْست َِطٌ ُع‬ ‫ه َْل‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫ار ‪ ،‬أ ٌْ ِمن أن ُملكنَ زَ ابِل ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . ...‬‬ ‫ٌَا َح ِ‬
‫(ٗ) تفسٌر الطبري‪.ٔ٘٘/ٔ :‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬النكت والعٌون‪.٘2-٘ٙ/ٔ :‬‬
‫(‪ )ٙ‬دٌوانه‪ ،ٔ5٘ :‬وانظر‪ :‬الكامل ٔ‪ ،ٖٕ5 /‬الصناعتٌن ص ‪" 1ٙ‬اللسان" (درأ) ‪ ،ٖٔٗ5‬الطبري ٔ‪،٘ٔٔ /‬‬
‫"تؤوٌل مختلؾ الحدٌث" ٕ‪" ،1‬تهذٌب اللؽة" ٕ‪" ،ٔٔٙٙ /‬تاج العروس" (درأ) ٔ‪.ٔ٘ٓ /‬‬
‫(‪)2‬البٌت فً "شرح دٌوانه" ص ٖ‪ ،ٔ1‬و"تفسٌر ابن جرٌر" ٓٔ‪.ٔٓ5 /‬‬
‫و"جو"‪ :‬موضع فً دٌار بنً أسد‪ ،‬و"عمرو"‪ :‬هو عمرو بن هند بن المنذر بن ماء السماء‪ ،‬و"فدن"‪ :‬لرٌة‬
‫معروفة شمال الحجاز‪.‬‬
‫والشاعر ٌخاطب الحارث بن ورلاء األسدي‪ ،‬الذي أؼار على إبل زهٌر‪ ،‬وأسر راعٌه وكانت بنو أسد تحت نفوذ‬
‫عمرو بن هند ملن العراق‪ ،‬فهدد زهٌر الحارث بهجاء الذع إن لم ٌرد اإلبل والراعً‪ٌ ،‬مول بعد البٌت المذكور‪:‬‬
‫لٌؤتٌنن منً منطك لذع ‪ ...‬باق‪ ،‬كما دنس المبطٌة الودن‬
‫انظر‪" :‬شرح الدٌوان" ص ٗ‪.ٔ1ٖ ،ٔٙ‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬النكت والعٌون‪.٘2/ٔ :‬‬
‫والثانً ‪ :‬أنه ضٌاء ‪ٌ ،‬ستدٌم إلى أن ٌحاسب هللا تعالى جمٌع خلمه ‪ ،‬فٌستمر أهل الجنة فً الجنة‬
‫‪ ،‬وأهل النار فً النار ‪.‬‬
‫(ٔ)‬
‫وفً اختصاصه بملن ٌوم الدٌن تؤوٌبلن ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬أنه ٌوم لٌس فٌه ملن سواه‪ ،‬فكان أعظم من ُملن الدنٌا التً تملكها الملون ‪ ،‬وهذا لوله‬
‫(ٕ)‬
‫‪.‬‬ ‫األصم‬
‫ٌِن} ٌرٌد به‬ ‫{ربّ ِ العَال ِمٌنَ }‪ٌ ،‬رٌد به ملن الدنٌا ‪ ،‬لال بعده ‪َ { :‬م ِل ِن ٌَ ْو ِم ال ّد ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫والثانً ‪ :‬أنه لما لال َ‬
‫ملن اآلخرة ‪ ،‬لٌجمع بٌن ملن الدنٌا واآلخرة ‪.‬‬
‫لال الواحدي‪ ":‬وخص هذا الٌوم بؤنه مالكه‪ ،‬تعظٌما لشؤنه وتهوٌبل ألمره‪ ،‬كموله‪{ :‬إِ َّن‬
‫ٌر } [العادٌات‪ ]ٔٔ :‬وهو خبٌر سابر األٌام‪ .‬وللدٌن معان كثٌرة فً اللؽة‪،‬‬ ‫َربَّ ُه ْم بِ ِه ْم ٌَ ْو َمبِ ٍذ لَ َخبِ ٌ‬
‫(ٖ)‬
‫وكل موضع انتهٌنا إلٌه من المرآن ذكرنا ما فٌه" ‪.‬‬
‫أخرج ابن أبً حاتم بسنده عن أبً هرٌرة‪ ،‬عن النبً‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬لال‪" :‬لال هللا تعالى‪ :‬كتبت‬
‫الصبلة بٌنً وبٌن عبدي‪ ،‬فإذا لال العبد‪ :‬مالن ٌوم الدٌن لال‪ :‬فوض عبدي وأثنى علً"(ٗ)‪.‬‬
‫ٌِن}[الفاتحة‪ ،]ٗ:‬على ثبلثة لراءات‬ ‫واختلفت المراءة فً لوله تعالى‪َ { :‬ما ِل ِن ٌَ ْو ِم ال ّد ِ‬
‫متواترة(٘)‪:‬‬
‫ٌِن}‪ ،‬بؤلؾ‪ ،‬لرأ بها عاصم والكسابً‪ ،‬وٌعموب‪.‬‬ ‫المراءة األولى‪َ { :‬ما ِل ِن ٌَ ْو ِم ال ّد ِ‬
‫وحجتهم(‪:)ٙ‬‬
‫أوال‪ :‬أن الملن داخل تحت المالن‪ .‬والدّلٌل له‪ :‬لوله تعالى‪{ :‬لُ ِل اللَّ ُه َّم مالِنَ ْال ُم ْل ِن}[آل عمران ‪:‬‬
‫‪ ،]ٕٙ‬ولم ٌمل‪ :‬ملن الملن‪.‬‬
‫ش ٌْبًا َو ْاأل َ ْم ُر ٌَ ْو َمبِ ٍذ ِ َّّللِ} [االنفطار ‪:‬‬‫س ِلنَ ْف ٍس َ‬ ‫والثانً‪ :‬وٌعضده لوله تعالى‪ْ ٌَ{ :‬و َم َال ت َْم ِلنُ نَ ْف ٌ‬
‫‪.)2(]ٔ5‬‬
‫والثالث‪:‬أن {مالن} أمدح من {ملن}‪ ،‬ألنه ٌجمع االسم والفعل‪.‬‬
‫{و ْاأل َ ْم ُر ٌَ ْو َمبِ ٍذ ِ َّّللِ} [االنفطار‪ ]ٔ5 :‬فمولن‪:‬‬ ‫والرابع‪ :‬ومما ٌموي هذِه المراءة من التنزٌل لوله َ‬
‫(‪)1‬‬
‫األمر له‪ ،‬وهو مالن األمر بمعنى‪ ،‬أال ترى أن الم الجر معناها الملن ‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫وأكثر أهل اللؽة اختاروا (مالن)‪ ،‬منهم‪" :‬أبو عبٌدة‪ ،‬وأبو حاتم ‪،‬واألصمعً‪،‬‬
‫واألخفش‪ ،‬وأبو العباس(ٓٔ)"(ٔ)‪.‬‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬النكت والعٌون‪.٘2/ٔ :‬‬


‫(ٕ) انظر‪ :‬النكت والعٌون‪.٘2/ٔ :‬‬
‫(ٖ) التفسٌر البسٌط‪.٘ٓ٘/ٔ :‬‬
‫(ٗ) تفسٌر ابن أبً حاتم(ٖٕ)‪:‬صٔ‪. ٕ5/‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬السبعة فً المراءات‪ ،ٔٓٗ :‬والحجة للمراء السبعة‪ ،ٕٙ :‬وتفسٌر البٌضاوي‪.ٕ1/ٔ :‬‬
‫(‪ )ٙ‬انظر‪ :‬السبعة فً المراءات‪ ،ٔٓٗ :‬والحجة للمراء السبعة‪.ٕٙ :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تفسٌر البٌضاوي‪.ٕ1/ٔ :‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الحجة‪.ٔ5/ٔ :‬‬
‫(‪)5‬أبو حاتم هو‪ :‬سهل بن دمحم الجشمً السجستانً‪ .‬نزٌل البصرة وعالمها‪ ،‬من أبمة اللؽة والشعر‪ ،‬والنحو إلى‬
‫أنه لم ٌكن فٌه حاذلًا‪ ،‬تلمى على أبً زٌد‪ ،‬وأبً عبٌدة واألصمعً‪ ،‬توفً سنة (ٕ٘٘ هـ)‪.‬‬
‫(ٓٔ) احتج أبو العباس لهذِه المراءة فمال‪(" :‬مالن ٌوم الدٌن) معناه ٌملن إلامة ٌوم الدٌن‪ ،‬على معنى ٌملن أن‬
‫ٌؤتً به‪ ،‬وإذا كان المعنى على هذا فالوجه (مالن) ال (ملن)"‪[.‬التفسٌر البسٌط‪ ،٘ٓٔ/ٔ :‬و ذكر األزهري نحوه‬
‫عن المنذري عن أبً العباس‪" .‬التهذٌب" (ملن) ٗ‪ ،ٖٗٗ5 /‬وانظر‪" :‬الحجة" ٔ‪.]ٔ٘ /‬‬
‫ولالوا‪ :‬إنه أجمع وأوسع‪ ،‬ألنه ٌمال‪ :‬مالن الطٌر والدواب والوحوش وكل شًء‪ ،‬وال‬
‫ٌمال‪ :‬ملن كل شًء‪ ،‬إنما ٌمال‪ :‬ملن الناس‪ ،‬لالوا‪ :‬وال ٌكون مالن الشًء إال وهو ٌملكه‪ ،‬ولد‬
‫ٌكون ملن الشًء وهو ال ٌملكه كمولهم‪( :‬ملن العرب والعجم)‪ ،‬وألنه ٌجمع الفعل واالسم(ٕ)‪،‬‬
‫وألن معنى اآلٌة أنه ٌملن الحكم ٌوم الدٌن بٌن خلمه دون ؼٌره‪ ،‬فالوصؾ ٌكون مالكا(ٖ)‪.‬‬
‫ٌِن}‪ ،‬بؽٌر ألؾ‪ .‬لرأ بها البالون‪.‬‬ ‫المراءة الثانٌة‪َ { :‬م ِل ِن ٌَ ْو ِم ال ّد ِ‬
‫وحجتهم(ٗ)‪:‬‬
‫ُّوس } [الحشر‪،ٕٖ :‬‬ ‫اس} [الناس ‪ ،]ٕ :‬ولوله‪ْ { :‬ال َم ِلنُ ْالمُد ُ‬ ‫أوال‪ :‬لوله تعالى‪َ { :‬م ِل ِن النَّ ِ‬
‫َّللاُ ال َم ِلنُ }[طه‪ ،ٔٔٗ:‬والمإمنون‪.]ٔٔٙ:‬‬ ‫ْ‬ ‫والجمعة‪ ،]ٔ:‬ولوله‪{ :‬فَتَعَالَى َّ‬
‫والثانً‪ :‬أن (الملن) أخص من (المالن) وأمدح؛ ألنه لد ٌكون المالن ؼٌر ملن‪ ،‬وال ٌكون الملن‬
‫إال مالكا‪.‬‬
‫لال أبوبكر البؽدادي‪" :‬لال أبو حمدون عن الٌزٌدي عن أبً عمرو‪{ ":‬ملن} ٌجمع‬
‫مالكا‪ ،‬و {مالن} ال ٌجمع ملكا"(٘)‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬أن لوله {مالن ٌوم الدٌن}‪ ،‬إنما هو ذلن الٌوم بعٌنه‪ ،‬فً حٌن أن {ملن ٌوم الدٌن}‪ ،‬ملن‬
‫ذلن الٌوم بما فٌه‪.‬‬
‫صا دون جمٌع‬ ‫ْ‬
‫وتفسٌر اآلٌة على هذا الوجه من المراءة‪ :‬أن "هلل ال ُملن ٌوم الدٌن خال ً‬
‫خلمه ‪ ،‬الذٌن كانوا لبل ذلن فً الدنٌا ملو ًكا جبابرة ٌنازعونه الملن ‪ ،‬وٌدافعونه االنفرا َد‬
‫وأن له ‪-‬‬ ‫صؽَرة األذِلّة‪ّ ،‬‬ ‫بالكبرٌاء والعظمة والسلطان والجبرٌة‪ ،‬فؤٌمنوا بلماء هللا ٌوم الدٌن أنهم ال َّ‬
‫من دُونهم ‪ ،‬ودون ؼٌرهم ‪ -‬ال ُملن والكبرٌاء ‪ ،‬والعزة والبهاء ‪ ،‬كما لال ج ّل ذكره وتمدست‬
‫ًَ ٌء ِل َم ِن ْال ُم ْلنُ ْالٌَ ْو َم ِ َّّللِ ْال َو ِ‬
‫اح ِد‬ ‫علَى َّ‬
‫َّللاِ ِم ْن ُه ْم ش ْ‬ ‫ار ُزونَ ال ٌَ ْخفَى َ‬
‫أسماإه فً تنزٌله ‪ْ ٌَ{:‬و َم ُه ْم َب ِ‬
‫ار} [سورة ؼافر‪ .]ٔٙ :‬فؤخبر تعالى ذكره أنه المنفرد ٌومبذ بال ُملن دون ملون الدنٌا ‪ ،‬الذٌن‬ ‫ْالمَ َّه ِ‬
‫صؽار ‪ ،‬ومن دُنٌاهم فً المعاد إلى خسار"(‪.)ٙ‬‬ ‫من ُملكهم إلى ذِلّة و َ‬ ‫صاروا ٌوم الدٌّن ْ‬ ‫ُ‬
‫واختار البٌضاوي المراءة الثانٌة‪ ،‬حٌث لال‪ ":‬وهو المختار‪ ،‬ألنه لراءة أهل الحرمٌن‬
‫ولموله تعالى‪ِ { :‬ل َم ِن ْال ُم ْلنُ ْال ٌَ ْو َم}[ؼافر‪ ،]ٔٙ:‬ولما فٌه من التعظٌم‪ ،‬والمالن هو المتصرؾ فً‬
‫األعٌان المملوكة كٌؾ ٌشاء من الملن‪ ،‬والملن هو المتصرؾ باألمر والنهً فً المؤمورٌن من‬
‫الملن"(‪.)2‬‬

‫(ٔ)انظر‪" :‬تفسٌر الثعلبً" ٔ‪ /ٕ1 /‬أ‪" ،‬الزٌنة" ٔ‪" ،ٔٓٔ ،ٔٓٓ /‬معانً المرآن" لؤلخفش ٔ‪" ،ٔٙٓ /‬التهذٌب"‬
‫(ملن) ٗ‪ ،ٖٗٗ5 /‬والتفسٌر البسٌط‪.٘ٓٔ/ٔ :‬‬
‫(ٕ)ذلن أن (مالكا) ٌجمع لفظ االسم ومعنى الفعل فلذلن ٌعمل (فاعل) فٌنصب كما ٌنصب الفعل‪ .‬انظر‪:‬‬
‫"الكشؾ" لمكً ٔ‪.ٕٙ /‬‬
‫(ٖ)انظر‪" :‬الحجة" ألبً علً الفارسً ٔ‪" ،ٔٙ ،ٔ٘ ،ٕٔ /‬الكشؾ" ٔ‪.ٕٙ ،ٕ٘ /‬‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬السبعة فً المراءات‪ ،ٔٓٗ :‬والحجة للمراء السبعة‪.ٕٙ :‬‬
‫(٘) السبعة فً المراءات‪.ٔٓٗ :‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر الطبري‪.ٔٗ5/ٔ:‬‬
‫(‪ )2‬تفسٌر البٌضاوي‪.ٕ1/ٔ :‬‬
‫لال الواحدي‪( ":‬الملن) أشمل وأتم؛ ألنه لد ٌكون مالن وال ملن له‪ ،‬وال ٌكون َم ِلن إلى‬
‫وله ُملن‪ ،‬وألنه ال ٌمال‪ :‬مالن على اإلطبلق‪ ،‬حتى ٌضاؾ إلى شًء‪ ،‬وٌمال‪ :‬ملن على‬
‫اإلطبلق"(ٔ)‪.‬‬
‫كما ولد اختار اإلمام الطبري المراءة الثانٌة‪ ،‬إذ ٌمول‪ :‬وأولى التؤوٌلٌن باآلٌة لراءة ُ من‬
‫بالم ْلن ‪ ،‬وفضٌلة‬ ‫لرأ { َم ِل ِن} بمعنى (ال ُملن)‪ ،‬ألن فً اإللرار له باالنفراد بال ُملن ‪ ،‬إٌجابًا النفراده ِ‬
‫الملن على المالن ‪ ،‬إ ْذ كان معلو ًما أن ال َم ِلن إال وهو مالنٌ ‪ ،‬ولد ٌكون المالنُ ال مل ًكا‬ ‫زٌادة ِ‬
‫"(ٕ)‪.‬‬
‫{ربّ ِ ْالعَالَ ِمٌنَ } فحمل لوله { َما ِل ِن ٌَ ْو ِم‬
‫ثم ذكر الطبري بؤن هللا نبه على أنه مالكهم بموله‪َ :‬‬
‫ٌِن} على وصؾ زابد أحسن(ٖ)‪.‬‬ ‫ال ّد ِ‬
‫ومن نصر المراءة األولى‪ ،‬أجاب ابن جرٌر الطبري بؤن لال‪ :‬ما ذكرت ال ٌرجح لراءة‬
‫ملن؛ ألن فً التنزٌل أشٌاء على هذِه الصورة لد تمدمها العام وذكر بعده الخاص‪ ،‬كموله {ا ْل َرأْ‬
‫ك (ٕ)} [العلك‪ ،]ٕ - ٔ :‬ولوله‪{ :‬الَّذٌِنَ ٌُإْ ِمنُونَ‬ ‫علَ ٍ‬
‫سانَ ِم ْن َ‬ ‫بِاس ِْم َر ِبّنَ الَّذِي َخلَكَ (ٔ) َخلَكَ ْ ِ‬
‫اإل ْن َ‬
‫{وبِ ْاآل ِخ َرةِ ُه ْم ٌُولِنُونَ } [البمرة‪ .]ٗ :‬فً أمثال كثٌرة لهذا ‪.‬‬ ‫بِ ْالؽَ ٌْ ِ‬
‫(ٗ)‬
‫ب} [البمرة‪ ،]ٖ :‬ثم لال‪َ :‬‬
‫لال ابن كثٌر‪ :‬لرأ بعض المراء(ملن ٌوم الدٌن) ولرأ آخرون(مالن) وكبلهما صحٌح‬
‫متواتر فً السبع‪ ،‬وٌمال (ملن) بكسر البلم وبإسكانها‪ ،‬وٌمال‪( :‬ملٌن) أٌضا‪ ،‬وأشبع نافع كسرة‬
‫الكاؾ فمرأ (ملكً ٌوم الدٌن)‪ ،‬ولد رجح كبل من المراءتٌن مرجحون من حٌث المعنى وكلتاهما‬
‫صحٌحة وحسنة(٘)‪.‬‬
‫لال ابن عثٌمٌن‪ ":‬وفً الجمع بٌن المراءتٌن فابدة عظٌمة؛ وهً أن ملكه ج ّل وعبل ملن‬
‫حمٌمً؛ ألن ِمن الخلك َمن ٌكون ملكاً‪ ،‬ولكن لٌس بمالن‪ٌ :‬سمى ملكا ً اسما ً ولٌس له من التدبٌر‬
‫عز وج ّل مالنٌ‬ ‫ومن الناس َمن ٌكون مالكاً‪ ،‬وال ٌكون ملكاً‪ :‬كعامة الناس؛ ولكن الرب ّ‬ ‫شًء؛ ِ‬
‫م ِلن"(‪.)ٙ‬‬
‫للت‪ :‬وال وجه لتفضٌل لراءة على أخرى ‪-‬كما فعل بعض المفسرٌن‪-‬؛ إذ ال ٌظهر وجه‬
‫للتفضٌل هنا‪ ،‬وكل لراءة تدل على معنى جمٌل فً ذاته‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫المراءة الثالثة‪َ {:‬ملِنَ }‪ ،‬على وزن{فَ ِعلَ}‪ ،‬لرأ بها ابن كثٌر‪ ،‬أبو عمرو‪.‬‬
‫وفً اآلٌة لراءات شاذة‪ ،‬وهً(‪:)2‬‬
‫ٔ‪َ ( -‬م ْل ِن) على وزن(فَ ْع ِل)‪ ،‬لرأ بها عاصم الجحدي‪ ،‬وأبو عمرو‪.‬‬
‫ٕ‪َ ( -‬م ِل ِكً) بإشباع(الكاؾ)‪ ،‬وهً لراءة أحمد بن صالح عن ورش عن نافع‪.‬‬
‫ٌوم) بصٌؽة فعل الماض‪ ،‬لرأ بها عاصم بن مٌمون الجحدي‪ ،‬والحسن‪ ،‬وعلً بن أبً‬ ‫ٖ‪َ ( -‬ملَنَ َ‬
‫طالب‪.‬‬

‫(ٔ) التفسٌر البسٌط‪ ،ٗ55/ٔ :‬وانظر‪ :‬حجة المراءات البن زنجلة ص ‪ ،25 - 22‬والكشؾ" ٔ‪.ٕٙ /‬‬
‫(ٕ) تفسٌر الطبري‪.ٔ٘ٓ/ٔ :‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري‪.ٔ٘ٓ/ٔ:‬‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬التفسٌرالبسٌط‪ ،ٕ٘ٓ/ٔ :‬والحجة‪.ٔ5-ٔ1/ٔ :‬‬
‫(٘) تفسٌر ابن كثٌر‪.ٖٗ/ٔ :‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر ابن عثٌمٌن‪.ٕٔ/ٔ:‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تفسٌر البٌضاوي‪ ،ٕ1/ٔ :‬وتفسٌر المرطبً‪ ،ٖ2-ٖٙ/ٔ :‬و الكتاب الفرٌد فً اعراب المران المجٌد‪:‬‬
‫ٔ‪ ،22-2ٙ/‬و مجمع البٌان‪ ،‬الطبرسً‪ ،ٖٕ/ٔ :‬و البحر المحٌط فً التفسٌر‪.ٖ5-ٖ1/ٔ :‬‬
‫ٗ‪( -‬مالنَ )‪ :‬لرأ بها المطوعً‪ ،‬واألعمش‪.‬‬
‫٘‪َ ( -‬ملُنَ ) على وزن( فَعُلَ)‪ :‬لرأ بها عاصم الجحدي‪ ،‬ورواها الجعفً وعبدالوارث عن أبً‬
‫عمرو‪.‬‬
‫‪( -ٙ‬ملكا)‪ :‬روى ابن أبً عاصم عن الٌمان‪.‬‬ ‫ً‬
‫ٌوم)‪ :‬لرأ بها خلؾ ابن هشام‪.‬‬ ‫‪( -2‬مالنٌ َ‬
‫(ملٌن) على وزن (فعٌ ِل)‪ :‬وهً لراءة أبً بن كعب‬ ‫ِ‬ ‫‪-1‬‬
‫‪(-5‬مالن) باإلمالة بٌن بٌن‪ ،‬وهً لراءة لتٌبة بن مهران عن الكسابً‪.‬‬
‫ٓٔ‪-‬ولرئ‪{:‬مالكا}‪ ،‬بالنصب على المدح أو الحال‪.‬‬
‫الفوابد‪:‬‬
‫عز وج ّل‪ ،‬وملكوته ٌوم الدٌن؛ ألن فً ذلن الٌوم تتبلشى‬ ‫ٔ‪ -‬من فوابد اآلٌة‪ :‬إثبات ملن هللا ّ‬
‫جمٌع الملكٌات‪ ،‬والملون‪.‬‬
‫فإن لال لابل‪ :‬ألٌس مالن ٌوم الدٌن‪ ،‬والدنٌا؟‬
‫فالجواب‪ :‬بلى؛ لكن ظهور ملكوته‪ ،‬وملكه‪ ،‬وسلطانه‪ ،‬إنما ٌكون فً ذلن الٌوم؛ ألن هللا‬
‫تعالى ٌنادي‪{ :‬لمن الملن الٌوم} [ؼافر‪ ]ٔٙ :‬فبل ٌجٌب أحد؛ فٌمول تعالى‪{ :‬هلل الواحد المهار}‬
‫[ؼافر‪ ] ٔٙ :‬؛ فً الدنٌا ٌظهر ملون؛ بل ٌظهر ملون ٌعتمد شعوبهم أنه ال مالن إال هم؛‬
‫فالشٌوعٌون مثبلً ال ٌرون أن هنان ربا ً للسموات‪ ،‬واألرض؛ ٌرون أن الحٌاة‪ :‬أرحام تدفع‪،‬‬
‫وأرض تبلع؛ وأن ربهم هو ربٌسهم‪..‬‬
‫ٕ‪-‬ومن فوابد اآلٌة‪ :‬إثبات البعث‪ ،‬والجزاء؛ لموله تعالى‪{ :‬مالن ٌوم الدٌن}‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬ومنها‪ :‬حث اإلنسان على أن ٌعمل لذلن الٌوم الذي ٌُدان فٌه العاملون‪.‬‬
‫المرآن‬
‫ست َ ِعٌنُ (‪[ })5‬الفاتحة ‪]5 :‬‬ ‫{ ِإٌهانَ نَ ْعبُ ُد َو ِإٌهانَ نَ ْ‬
‫التفسٌر‪:‬‬
‫إنا نخصن وحدن بالعبادة‪ ،‬ونستعٌن بن وحدن فً جمٌع أمورنا‪ ،‬فاألمر كله بٌدن‪ ،‬ال ٌملن منه‬
‫أحد مثمال ذرة‪ .‬وفً هذه اآلٌة دلٌل على أن العبد ال ٌجوز له أن ٌصرؾ شٌبًا من أنواع العبادة‬
‫كالدعاء واالستؽاثة والذبح والطواؾ إال هلل وحده‪ ،‬وفٌها شفاء الملوب من داء التعلك بؽٌر هللا‪،‬‬
‫ومن أمراض الرٌاء والعجب‪ ،‬والكبرٌاء‪.‬‬
‫(ٔ)‬
‫صن ٌا أهلل بالعبادة" ‪.‬‬‫لوله تعالى‪{ :‬إٌَِّانَ نَ ْعبُدُ}[الفاتحة‪" ،]٘:‬أي‪ :‬نخ َّ‬
‫(ٕ)‬
‫لال ابن عباس‪ ":‬إٌانَ نُو ِ ّحد ونخاؾ ونرجو ٌا ربَّنا ال ؼٌرن " ‪.‬‬
‫(ٖ)‬
‫لال لتادة‪ٌ :‬ؤمركم أن تخلصوا له العبادة‪ ،‬وأن تستعٌنوه على أمركم" ‪.‬‬
‫س ْب َحانَهُ‪ِ -‬فً المفصل‪{ :‬عا ِبداتٍ}[التحرٌم‪ٌ ،]ٖ:‬عنً‪:‬‬ ‫لال مماتل‪ٌ ":‬عنً‪ :‬نو ّحد ‪،‬كموله‪ُ -‬‬
‫موحدات"(ٗ)‪.‬‬
‫بالربوبٌة ال‬
‫إلرارا لن ٌا َربنا ُّ‬‫ً‬ ‫ُ‬
‫ونستكٌن ‪،‬‬ ‫لال الطبري‪:‬أي‪ ":‬لن اللهم نَخش ُع ونَ ِذ ُّل‬
‫لؽٌرن"(ٔ)‪.‬‬

‫(ٔ) صفوة التفاسٌر‪.ٔ5/ٔ:‬‬


‫(ٕ)أخرجه الطبري(ٔ‪:)ٔ2‬صٔ‪ ،ٔ٘2/‬وابن أبً حاتم(‪:)ٕ2‬صٔ‪.ٕ5/‬‬
‫(ٖ) اخرجه ابن ابً حاتم(‪:)ٕ5‬صٔ‪.ٕ5/‬‬
‫(ٗ) تفسٌر مماتل بن سلٌمان‪،ٖٙ/ٔ:‬‬
‫لال ابن عطٌة‪ " :‬معناه نمٌم الشرع واألوامر مع تذلل واستكانة"(ٕ)‪.‬‬
‫لال الصابونً‪ :‬أي‪ ":‬فبل نعبد أحدا ً سوان‪ ،‬لن وحدن نذ ُّل ونخضع ونستكٌن ونخشع"(ٖ)‪.‬‬
‫لال البٌضاوي(ٗ) والزمخشري(٘)‪:‬أي‪ ":‬نخصن بالعبادة"‪.‬‬
‫لال ابن كثٌر‪ ":‬أي ‪ :‬ال نعبد إال إٌان‪ ،‬ولدم المفعول وهو { إٌان } ‪ ،‬وكرر ؛ لبلهتمام‬
‫والحصر‪ ،‬وإنما لدم ‪ { :‬إٌان نعبد } على { وإٌان نستعٌن } ألن العبادة له هً الممصودة ‪،‬‬
‫واالستعانة وسٌلة إلٌها ‪ ،‬واالهتمام والحزم هو أن ٌمدم ما هو األهم فاألهم"(‪.)ٙ‬‬
‫لال الثعلبً‪ ":‬أي‪ :‬نوحد ونخلص ونطٌع ونخضع‪ ،‬والعبادة رٌاضة النفس على حمل‬
‫المشاق فً الطاعة"(‪.)2‬‬
‫لال التستري‪ ":‬أي نخضع ونذل ونعترؾ بربوبٌتن ونوحدن ونخدمن‪ ،‬ومنه اشتك اسم‬
‫العبد"(‪.)1‬‬
‫لال الخطٌب المكً‪:‬أي‪ ":‬نفردن وحدن بالدعاء الذي هو مخ العبادة فبل ندعو ؼٌرن وال‬
‫نإمل فً سوان العتمادنا الجازم بؤنه لٌس ؼٌرن من ٌسمع النداء وٌجٌب الدعاء‪ ،‬أو ٌحمك‬
‫الرؼبات وٌستحك العبادة‪ .‬فؤنت أنت الفعال لما ترٌد‪ ،‬المإثر فً كل شًء‪ ،‬الممصود لبل كل‬
‫أحد‪ ،‬المعطً المانع ال شرن لن"(‪.)5‬‬
‫وفً‪ِ { :‬إٌَّانَ }[الفاتحة‪ ،]٘:‬لوالن (ٓٔ)‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬أنها اسم هللا تعالى مضاؾ إلى الكاؾ ‪ ،‬وهذا لول الخلٌل(ٔٔ)‪ ،‬وأبً عثمان‬
‫المازنً(ٕٔ)(ٖٔ)‪.‬‬
‫لال سٌبوٌه‪" :‬حدثنً من ال أتهم عن الخلٌل‪ :‬أنه سمع أعرابٌا ٌمول‪ :‬إذا بلػ الرجل‬
‫الستٌن فإٌاه وإٌا الشواب"(ٗٔ)‪.‬‬

‫(ٔ) تفسٌر الطبري‪.ٔ٘2/ٔ:‬‬


‫(ٕ) المحرر الوجٌز‪.2ٕ/ٔ :‬‬

‫(ٖ) صفوة التفاسٌر‪.ٔ5/ٔ:‬‬


‫(ٗ) تفسٌر البٌضاوي‪.ٕ5/ٔ :‬‬
‫(٘) الكشاؾ‪.ٖٔ/ٔ :‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر ابن كثٌر‪[.ٖٔ٘-ٖٔٗ/ٔ :‬بتصرؾ بسٌط]‪ .‬وللرازي فً هذا التمدٌم تعلٌبلت ٌطول ذكرها‪ .‬انظر‬
‫(تفسٌره) ٔ‪.ٕ٘ٗ /‬‬
‫(‪ )2‬تفسٌر الثعلبً‪.ٔٔ2/ٔ:‬‬
‫(‪ )1‬تفسٌر التستري‪.ٕٔ:‬‬
‫(‪ )5‬تفسٌر الخطٌب المكً‪.ٖٔ /ٔ:‬‬
‫(ٓٔ) انظر‪ :‬سر صناعة اإلعراب البن جنً‪ ،ٖٕٔ-ٖٕٓ/ٔ :‬واإلؼفال(رسالة ماجستٌر)‪ ،ٕ٘:‬والنكت والعٌون‪:‬‬
‫ٔ‪ ،٘2/‬والتفسٌر البسٌط‪.٘ٓٙ-٘ٓ٘/ٔ :‬‬
‫(ٔٔ)انظر‪ :‬سر صناعة اإلعراب البن جنً‪ ،ٖٕٓ/ٔ :‬والنكت والعٌون‪ ،٘2/ٔ :‬والتفسٌر البسٌط‪.٘ٓٙ/ٔ :‬‬
‫(ٕٔ)هو أبو عثمان بكر بن دمحم المازنً الشٌبانً‪ ،‬النحوي المشهور‪ ،‬أستاذ أبى العباس المبرد‪ ،‬اختلؾ فً سنة‬
‫وفاته فمٌل‪ ٕٖٙ( :‬هـ)‪ ،‬ولٌل‪ ٕٗ1( :‬هـ)‪ ،‬ولٌل‪ :‬ؼٌر ذلن‪ .‬انظر ترجمته فً "طبمات النحوٌٌن واللؽوٌٌن" ص‬
‫‪" ،12‬تارٌخ بؽداد" ‪" ،5ٖ /2‬إنباه الرواة" ٔ‪" ،ٕٗٙ /‬معجم األدباء" ٕ‪" ،ٖٗ٘ /‬نزهة األلباء" ص ٓٗٔ‪.‬‬
‫(ٖٔ) انظر‪ :‬التفسٌر البسٌط‪.٘ٓٙ/ٔ :‬‬
‫(ٗٔ) الكتاب‪ ،ٕ25/ٔ :‬وانظر‪ :‬سر صناعة اإلعراب‪.ٖٕٓ/ٔ :‬‬
‫وحكى سٌبوٌه أٌضا عن الخلٌل أنه لال‪" :‬لو أن لاببل لال‪ :‬إٌان نفسن لم أ ُ َ‬
‫عنَّ ْفه (ٔ)‪َّ ،‬‬
‫ألن‬
‫هذه الكاؾ مجرورة"(ٕ)‪.‬‬
‫واعترض ابن جنً لاببل‪ ":‬أما لول الخلٌل إن إٌا اسم مضمر مضاؾ‪ ،‬فظاهر الفساد‪،‬‬
‫وذلن أنه إذا ثبت أنه مضمر‪ ،‬فبل سبٌل إلى إضافته على وجه من الوجوه‪ ،‬ألن الؽرض فً‬
‫اإلضافة إنما هو التعرٌؾ والتخصٌص‪ ،‬والمضمر على نهاٌة االختصاص‪ ،‬فبل حاجة به إلى‬
‫اإلضافة"(ٖ)‪.‬‬
‫ً بها عن اسم هللا تعالى ‪ ،‬ولٌس فٌها إضافة ألن المضمر ال ٌضاؾ‬
‫(‪)ٙ‬‬ ‫(٘)‬
‫واحدة ُكنِّ َ‬
‫(ٗ)‬
‫والثانً ‪ :‬أنها كلمة‬
‫‪ ،‬وهذا لول األخفش ‪ ،‬وحكاه ابن كٌسان عن بعض النحوٌٌن ‪ ،‬واختاره ابن جنً ‪.‬‬
‫لال الزمخشري‪ ":‬وهو مذهب األخفش وعلٌه المحممون‪ ،‬وأما ما حكاه الخلٌل عن بعض‬
‫ٌعول علٌه"(‪.)2‬‬
‫العرب‪« :‬إذا بلػ الرجل الستٌن فإٌاه وإٌا الشواب» فشًء شاذ ال ّ‬
‫لال الراؼب األصفهانً‪ ":‬والموالن ال تنافً بٌنهما فً الحمٌمة‪ ،‬ألن ذلن بنظرٌن‬
‫مختلفٌن‪ ،‬وذان أن الضمٌر المتصل إذا لدم أو فصل بٌنه وبٌن المتصل به ال ٌحسن النطك به‬
‫مفرداً‪ ،‬فضم إلٌه‪ " :‬إٌا " لٌصٌر بذلن كبلما ً مستمبلً‪ ،‬فمن لال‪ :‬الضمٌر هو الكاؾ‪ ،‬فإنما اعتبر‬
‫بذلن بعد انضمام " إٌا " إلى الضمٌر‪ ،‬والعرب كما أنهم ٌتحرون بالحروؾ المركبة إفادة‬
‫المعنى‪ ،‬فمد ٌؤتون ببعضها تهذٌبا ً للفظ وتحسٌنا ً له‪ ،‬بداللة إدخالهم الحروؾ بٌن الحرفٌن‬
‫المتنافرٌن فً التركٌب‪ ،‬لببل ٌمبح التفوه بهما"(‪.)1‬‬
‫وفً لوله تعالى‪{:‬نَ ْعبُدُ}[الفاتحة‪ ،]٘:‬ثبلثة تؤوٌبلت (‪:)5‬‬
‫أحدها ‪ :‬أن العبادة الخضوع ‪ ،‬وال ٌستحمها إال هللا تعالى ‪ ،‬ألنها أعلى مراتب الخضوع ‪ ،‬فبل‬
‫ٌستحمها إال المنعم بؤعظم النعم ‪ ،‬كالحٌاة والعمل والسمع والبصر ‪.‬‬
‫والثانً ‪ :‬أن العبادة الطاعة ‪.‬‬
‫والثالث ‪ :‬أنها التمرب بالطاعة ‪.‬‬
‫لال الماوردي‪ ":‬واألول أظهرها ‪ ،‬ألن النصارى عبدت عٌسى علٌه السبلم ‪ ،‬ولم تطعه‬
‫بالعبادة ‪ ،‬والنبً‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬مطاع ‪ ،‬ولٌس بمعبو ٍد بالطاعة"(ٓٔ) ‪.‬‬

‫(ٔ)أعنفه‪ :‬أعنؾ به وعلٌه أي أخذه بشدة ولسوة‪ .‬مادة "ع ن ؾ" اللسان "ٗ‪."ٖٖٕٔ /‬‬
‫(ٕ) الكتاب‪ ،ٕ25/ٔ :‬وانظر‪ :‬سر صناعة اإلعراب‪.ٖٕٓ/ٔ :‬‬
‫(ٖ) سر صناعة اإلعراب‪.ٖٕٔ/ٔ :‬‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬سر صناعة اإلعراب‪.ٖٕٓ/ٔ :‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬سر صناعة اإلعراب‪.ٖٕٓ/ٔ :‬‬
‫(‪ )ٙ‬انظر‪ :‬سر صناعة اإلعراب‪ ،ٖٕٓ/ٔ :‬حٌث لال‪ ":‬وتؤملنا هذِه األلوال على اختبلفها واالعتدال لكل لول‬
‫منها‪ ،‬فلم نجد فٌها ما ٌصح مع الفحص والتنمٌب ؼٌر لول أبً الحسن األخفش"‪.‬‬
‫(‪ )2‬الكشاؾ‪.ٖٔ/ٔ :‬‬

‫(‪ )1‬تفسٌر الراؼب األصفهانً‪.٘1-٘2/ٔ :‬‬


‫(‪ )5‬انظر‪ :‬النكت والعٌون‪.٘1-٘2/ٔ :‬‬
‫(ٓٔ)النكت والعٌون‪.٘1/ٔ :‬‬
‫لال الراؼب‪ ":‬إن لٌل‪ :‬كٌؾ لال‪ " :‬إٌان " نعبد ولو لال‪ " :‬نعبدن " كان أوجز منه‬
‫لفظاً؟ لٌل‪ :‬إن عادتهم أن ٌمدموا من الفاعل والمفعول ما المصد األول إلٌه‪ ،‬واالهتمام متوجه‬
‫نحوه‪ ،‬وإن كان فً ذكر الجملة المصدان جمٌعاً‪.‬‬
‫تمول‪ :‬باألمٌر استخؾ الجند ‪ -‬إذا كان المصد األول ذكر من ولع به استخفاؾ الجند ‪ -‬و "‬
‫األمٌر أستخؾ بالجند ‪ -‬إذا كان المصد األول إلى من ألدم على االستخفاؾ بهم‪.‬‬
‫ولما كان المصد األول ‪ -‬فً هذا الموضع ‪ -‬ذكر المعبود دون اإلخبار عن إتخاذ‬
‫عبادتهم‪ ،‬كان تمدٌم ذكره أولى‪.‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َّللاِ ت َؤ ُم ُرو ِنًّ أ ْعبُ ُد أٌُّ َها ال َجا ِهلونَ } وأٌضا‪ ،‬ففً ذكر‬ ‫َ‬
‫وعلى هذا لوله تعالى‪{ :‬أفَؽٌَ َْر َّ‬
‫ً‬
‫المفعول إشارة إلى إثبات الحكم المذكور ونفٌه عن ؼٌره تمول‪ :‬إلٌن أفزع تنبٌها أنً ال أفزع إال‬
‫إلٌن‪.‬‬
‫وإذا لال‪ :‬أفزع إلٌن‪ ،‬فلٌس فٌه المعنى وعلى هذا فسر ابن عباس ‪ -‬رضً هللا تعالى‬
‫عنهما فمال‪ :‬معناه‪ :‬ال نوجد ؼٌرن ولال بعضهم‪ :‬إنما نبه تعالى بتمدٌم ذكر أن تكون نظر العباد‬
‫من المعبود إلى عبادتهم له ال من العبادة إلى المعبود‪ ،‬وعلى ذلن فضل ما حكً هللا عن نبٌنا ‪-‬‬
‫َّللاَ َم َعنَا} فنظر من هللا تعالى إلى نفسه على ما حكى عن‬ ‫{ال تَحْ زَ ْن إِ َّن َّ‬
‫علٌه السبلم ‪ -‬إذ لال‪َ :‬‬
‫(ٔ)‬
‫ً َر ِبًّ} فمدم ذكر نفسه‪ ،‬ونظر منها إلى ربه" ‪.‬‬
‫(ٕ)‬
‫موسى علٌه السبلم حٌن لال‪{ :‬إِ َّن َم ِع َ‬
‫والعبادة لؽة‪" :‬التذلل‪ ..‬وبعٌر معبد‪ :‬مذلل‪ .‬وطرٌك معبد‪ :‬مسلون مذلل ‪.‬‬
‫لال الزجاج‪ ":‬معنى العبادة فً اللؽة‪ :‬الطاعة مع الخضوع‪ٌ ،‬مال هذا طرٌك معبد إذا‬
‫كان مذلبل بكثرة الوطء‪ ،‬وبعٌر معبد‪ ،‬إذا كان مطلٌا بالمطران"(ٖ)‪.‬‬
‫لال ابن فارس‪ :‬العٌن والباء والدال أصبلن صحٌحان‪ .‬كؤنهما متضادان‪ ،‬واألول من‬
‫ذٌنن األصلٌن ٌدل على لٌن وذل‪ .‬واآلخر على شدة وؼلظ‪ .‬فاألول‪ :‬العبد المملون‪ ..‬والمعبد‪:‬‬
‫الذلول‪ ..‬والطرٌك المعبد المسلون المذلل‪ ،‬واألصل اآلخر‪ :‬العبدة وهً الموة والصبلة ٌمال‪ :‬هذا‬
‫ثواب له عبدة‪ ،‬إذا كان صفٌما ً لوٌا ً(ٗ)‪.‬‬
‫لال الطبري‪ ":‬وأنها تسمً الطرٌكَ المذلَّ َل الذي لد َو ِطبته األلدام ‪ ،‬وذلّلته السابلة ‪ :‬معبَّدًا‬
‫ط َرفَة بن ال َعبْد (٘)‪:‬‬‫‪ .‬ومن ذلن لو َل َ‬
‫َو ِظٌفًا وظٌفًا فوق َم ْو ٍر ُم َعبَّ ِد‬ ‫ت وأَتْ َبعت‬
‫اري ِعت َالًا نَاجٌا ٍ‬
‫ت ُ َب ِ‬
‫بالمور ‪ :‬الطرٌك‪ .‬وبالمعبَّد ‪ :‬المذلَّل الموطوء" ‪.‬‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫ْ‬ ‫ٌعنً‬
‫والعبادة اصطبلحا ً هو‪ " :‬اسم جامع لكل ما ٌحبه هللا وٌرضاه من األلوال واألعمال‬
‫الباطنة والظاهرة"(‪.)ٔ()2‬‬

‫(ٔ) تفسٌر الرابػ األصفهانً‪.٘5/ٔ :‬‬


‫(ٕ)لسان العرب‪ ،‬مادة عبد ٖ‪.ٕ2ٗ /‬‬
‫(ٖ) معانً المرآن‪.ٗ1/ٔ :‬‬
‫(ٗ)معجم مماٌٌس اللؽة ٗ‪ ٕٓٙ ،ٕٓ٘ /‬باختصار‪.‬‬
‫(٘)دٌوان الستة الجاهلٌٌن ‪ٌ . ٖٔ :‬صؾ نالته ‪ .‬تباري ‪ :‬تجارٌها وتسابمها ‪ .‬والعتاق جمع عتٌك ‪ :‬وهو الكرٌم‬
‫المعرق فً كرم األصل ‪ .‬وناجٌات ‪ :‬مسرعات فً السٌر ‪ ،‬من النجاء ‪ ،‬وهو سرعة السٌر ‪ .‬والوظٌؾ ‪ :‬من‬
‫رسؽً البعٌر إلى ركبتٌه فً ٌدٌه ‪ ،‬وأما فً رجلٌه فمن رسؽٌه إلى عرلوبٌه ‪ .‬وعنى بالوظٌؾ هنا ‪ :‬الخؾ ‪.‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر الطبري‪.ٔٙٔ/ٔ :‬‬
‫(‪)2‬العبودٌة‪ ،‬صٖٔ‪.‬‬
‫لال المراؼً‪" :‬العبادة‪ :‬خضوع ٌنشؤ عن استشعار الملب بعظمة المعبود اعتمادا بؤن له‬
‫سلطانا ال ٌدرن العمل حمٌمته ألنه أعلى من أن ٌحٌط به فكره ‪ ،‬أو ٌرلى إلٌه إدراكه"(ٕ)‪.‬‬

‫(ٔ) فالمراد بـ"ما ٌحبه هللا وٌرضاه"‪ :‬كل أمر ٌجري وفك شرع هللا سبحانه وتعالى من الواجبات والمندوبات‬
‫والمباحات‪ .‬وكذلن ترن المنهٌات‪ ،‬فإن هللا ٌحب أن نترن ما نهانا عنه‪ ،‬من األلوال واألفعال‪( :‬إن هللا كره لكم‬
‫ق}‬ ‫لٌل ولال وكثرة السإال) فمن ترن ذلن فمد أرضى ربه‪ .‬ولال تعالى‪َ {:‬وال ت َ ْمتُلُوا أ َ ْوال َد ُك ْم َخ ْش ٌَةَ ِإ ْمبل ٍ‬
‫ْس‬ ‫ؾ َما لٌَ َ‬ ‫سبٌِبلً } [اإلسراء‪ ،]ٖٕ :‬ولال‪َ {:‬وال ت َ ْم ُ‬ ‫سا َء َ‬ ‫شةً َو َ‬ ‫اح َ‬ ‫الزنَى إِنَّه ُ َكانَ فَ ِ‬ ‫[اإلسراء‪ ،]ٖٔ :‬ولال‪َ {:‬وال ت َ ْم َربُوا ِ ّ‬
‫ض َم َرحا ً } [اإلسراء‪ ،]ٖ22 :‬ترن كل ذلن ٌرضً هللا‬ ‫لَنَ ِب ِه ِع ْل ٌم } [اإلسراء‪ ،]ٖٙ :‬ولال‪َ {:‬وال تَ ْم ِش فًِ ْاأل َ ْر ِ‬
‫سبحانه وتعالى وٌحب هللا تاركٌه ما داموا لد تركوها من أجله‪.‬‬
‫والمراد بموله‪" :‬الباطنة والظاهرة" فهنان أعمال للملوب وهً باطنة ال ٌطلع علٌها إال هللا سبحانه‬
‫وتعالى‪ ،‬ولد نحس بآثارها على المتصؾ بها‪ :‬فمما ورد فً ذلن فً المرآن الكرٌم لوله تعالى‪ {:‬إِ َّن ْال ُم ْس ِل ِمٌنَ‬
‫ت َو ْالخَا ِشعٌِنَ‬ ‫صابِ َرا ِ‬‫صابِ ِرٌنَ َوال َّ‬ ‫ت َوال َّ‬ ‫صا ِدلَا ِ‬ ‫صا ِدلٌِنَ َوال َّ‬ ‫ت َوال َّ‬ ‫ت َو ْالمَانِتٌِنَ َو ْالمَانِت َا ِ‬ ‫ت َو ْال ُمإْ ِمنٌِنَ َو ْال ُمإْ ِمنَا ِ‬ ‫َو ْال ُم ْس ِل َما ِ‬
‫َّللاَ‬ ‫ت َوالذَّا ِك ِرٌنَ َّ‬ ‫ظا ِ‬ ‫ت َو ْال َحا ِف ِظٌنَ فُ ُرو َج ُه ْم َو ْال َحا ِف َ‬ ‫صا ِب َما ِ‬ ‫صا ِب ِمٌنَ َوال َّ‬ ‫ت َوال َّ‬ ‫ص ِ ّدلَا ِ‬ ‫ص ِ ّدلٌِنَ َو ْال ُمتَ َ‬ ‫ت َو ْال ُمتَ َ‬‫َو ْالخَا ِش َعا ِ‬
‫َ‬
‫َّللاُ لَ ُه ْم َم ْؽ ِف َرة ً َوأجْ را ً َع ِظٌما ً } (األحزاب‪.)ٖ٘٘ :‬‬ ‫َ‬
‫ت أ َع َّد َّ‬‫َكثٌِرا ً َوالذَّا ِك َرا ِ‬
‫إن االستسبلم ألمر هللا‪ ،‬والتصدٌك الجازم بما أنزله على رسوله‪ ،‬واإلخبات ألمر هللا واالستمرار علٌه والخشوع‬
‫بتدبر أوامر هللا ونواهٌه والتذلل لها‪ ،‬وصدق الحال واإلخبلص فً األعمال‪ ....‬كل هذه أعمال باطنة وصفات‬
‫للبٌة ال نحس إال بآثارها على المتصؾ بها‪.‬‬
‫أما األلوال واألعمال الظاهرة فكل ما نموله ضمن حدود الشرع وأحكامه وما نعمله من أعمال وفك‬
‫أحكام الشرع ولٌست متنالضة معها فهو داخل فً العبادة‪ .‬فاألب عندما ٌإدب أوالده لال لوالً ظاهراً فهو فً‬
‫عبادة‪ ،‬والمدرس إذا ألمى درسا ً فً أي موضوع تجرٌبً تطبٌمً‪ -‬مسؤلة فً الرٌاضٌات‪ ،‬أو معادلة كٌماوٌة‪ ،‬أو‬
‫لانونا ً طبٌعٌا ً‪ -‬أو فً علم نظري‪ :‬فً التربٌة أو مهارة أدبٌة فً التعبٌر فكؤنما لال حكما ً شرعٌا ً فً الفمه أو‬
‫الحدٌث النبوي أو التفسٌر‪ ،‬فهو مؤجور على كل ذلن ألنه أوصل منفعة لطبلبه ٌستفٌدون منها فً حٌاتهم العلمٌة‬
‫والعملٌة‪.‬‬
‫وكذلن األعمال التً ٌموم بها األفراد هً عبادة‪ :‬عٌادة المرٌض عبادة‪ ،‬صلة الرحم عبادة‪ ،‬وكما تمدم إماطة‬
‫األذى عن الطرٌك عبادة‪ ،‬إصبلح ذات البٌن عبادة‪ ،‬إكرام الضٌؾ عبادة‪ ،‬إعانة األخرق عبادة‪ ....،‬وهكذا‪.‬‬
‫ٌمول دمحم لطب "وهكذا ٌمضون الحٌاة كلها فً عبادة‪ ...‬عبادة تشمل نشاط الروح كله‪ ،‬ونشاط العمل‬
‫كله‪ ،‬ونشاط الجسد كله‪ ،‬ما دام هذا كله متوجها ً به إلى هللا‪ ،‬وملتزما ً فٌه بما أنزل هللا‪ ،‬وهذا هو المفهوم الصحٌح‬
‫ّلل َربّ ِ‬ ‫اي َو َم َماتًِ ِ َّ ِ‬ ‫س ِكً َو َمحْ ٌَ َ‬ ‫ص َبلتًِ َونُ ُ‬ ‫للعبادة كما أنزله هللا‪ ..‬المفهوم الشامل الواسع العمٌك { لُ ْل إِ َّن َ‬
‫ْالعَالَ ِمٌنَ * َال ش َِرٌنَ لَهُ } [األنعام‪ [.]ٖٔٙ-ٕٔٙ :‬مفاهٌم ٌنبؽً أن تصحح‪ ،‬صٕ٘ٓ‪ ،‬طبعة دار الشروق]‪.‬‬
‫ولمد ضمر معنى العبادة فً نفوس بعض المسلمٌن وعمولهم بحٌث حصروها فً الشعابر التعبدٌة‪:‬‬
‫الصبلة‪ ،‬الزكاة الصوم‪ ،‬الحج‪ ،‬وربما أضاؾ بعضهم إلٌها الذكر‪ ،‬والجهاد ولكن داللة العبادة أوسع بكثٌر من‬
‫ذلن‪ ،‬فإنها تشمل الحٌاة كلها‪ .‬وهذا ما تدل علٌه نصوص الكتاب والسنة وفهم صحابة رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬فمد أطلك‬
‫المرآن الكرٌم مصطلح (العمل الصالح) على كل ما ٌموم به اإلنسان من جهد بشري ٌبتؽً به وجه هللا تعالى‪ ،‬أو‬
‫ٌموم به نتٌجة تكلٌؾ من هللا تعالى‪ ،‬أو ما فٌه منفعة لنفسه‪ ،‬ولمن حوله أو للمخلولات عامة‪ ،‬ولو تتبعنا هذا‬
‫المصطلح لوجدناه ٌشمل مجاالت الحٌاة كلها‪:‬‬
‫س ِن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫صا ِلحا ً ِم ْن ذَك ٍَر أ ْو أ ْنثى َوه َُو ُمإْ ِم ٌن فَلنُحْ ٌٌَِنَّهُ َحٌَاةً طٌِّبَة َولنَجْ ِزٌَنَّ ُه ْم أجْ َر ُه ْم بِؤحْ َ‬ ‫ٔ‪ -‬فً لوله تعالى‪َ {:‬م ْن َع ِم َل َ‬
‫َما كَانُوا ٌَ ْع َملُونَ } [النحل‪ ،]52 :‬أي ألام حٌاته على الطاعة وعمل الخٌر‪.‬‬
‫عذَابًا نُ ْك ًرا * َوأَ َّما َم ْن آَ َمنَ َو َع ِم َل‬ ‫ؾ نُعَ ِذّبُهُ ث ُ َّم ٌ َُر ُّد إِلَى َربِّ ِه فٌَُعَ ِذّبُهُ َ‬ ‫س ْو َ‬ ‫ظلَ َم فَ َ‬ ‫ٕ‪ -‬وفً لوله تعالى‪ {:‬لَا َل أ َ َّما َم ْن َ‬
‫سنَمُو ُل لَه ُ ِم ْن أ َ ْم ِرنَا ٌُس ًْرا } [الكهؾ‪ ،]11-12 :‬حٌث أطلك العمل الصالح على ما‬ ‫صا ِل ًحا فَلَهُ َجزَ ا ًء ْال ُح ْسنَى َو َ‬ ‫َ‬
‫ٌمتضٌه اإلٌمان من الواجبات‪ ،‬ومنها طاعة أولً األمر وااللتزام بؤنظمة الدولة ومصالح المجتمع‪.‬‬
‫َّللاُ َؼفُورا ً‬ ‫ت َو َكانَ َّ‬ ‫س ٌِّب َاتِ ِه ْم َح َسنَا ٍ‬ ‫صا ِلحا ً فَؤُولَبِنَ ٌُبَ ِ ّد ُل َّ‬
‫َّللاُ َ‬ ‫َاب َوآ َمنَ َو َع ِم َل َع َمبلً َ‬ ‫ٖ‪ -‬فً لوله تعالى‪ِ {:‬إ َّال َم ْن ت َ‬
‫َر ِحٌما ً }[الفرلان‪.]2ٓ :‬‬
‫(ٕ) تفسٌر المراؼً‪.ٖٖ/ٔ :‬‬
‫لال ابن كثٌر‪" :‬والعبادة فً الشرع‪ :‬عبارة عما ٌجمع كمال المحبة والخضوع‬
‫والخوؾ"(ٔ)‪.‬‬
‫لال الواحدي‪ ":‬معنى العبادة‪ :‬الطاعة مع الخضوع والتذلل‪ ،‬وهو جنس من الخضوع‪ ،‬ال‬
‫ٌستحمه إلى هللا عز وجل‪ ،‬وهو خضوع لٌس فوله خضوع‪ ،‬وسمً العبد عبدا لذلته وانمٌاده‬
‫لمواله"(ٕ)‪.‬‬
‫صن بطلب شٌبا ً اإلعانة"(ٖ)‪.‬‬‫ٌن}[الفاتحة‪" ،]٘:‬أي ونخ ّ‬ ‫تعالى‪{:‬وإٌَِّانَ نَ ْست َ ِع ُ‬
‫َ‬ ‫لوله‬
‫(ٗ)‬
‫على عبادتن" ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫لال مماتل‪َ ":‬‬
‫(٘)‬
‫لال ابن عباس‪ ":‬على طاعتن وعلى أمورنا كلها" ‪.‬‬
‫ّ (‪)ٙ‬‬
‫لال الثعلبً‪:‬أي‪ ":‬نستوفً ونطلب المعونة على عبادتن وعلى أمورنا كلها"‬
‫لال الصابونً‪ :‬أي‪ ":‬وإٌَّان ربنا نستعٌن على طاعتن ومرضاتن‪ ،‬فإِنن المستحك لكل‬
‫ِإجبلل وتعظٌم‪ ،‬وال ٌملن المدرة على عون أح ٌد سوان"(‪.)2‬‬
‫لال ابن كثٌر‪:‬أي‪ ":‬وال نتوكل إال علٌن"(‪.)1‬‬
‫لال الزمخشري‪:‬أي‪ ":‬نخصن بطلب المعونة"(‪.)5‬‬
‫لال ابن عطٌة‪ ":‬معناه نطلب العون منن فً جمٌع أمورنا‪ ،‬وهذا كله تبرإ من‬
‫األصنام"(ٓٔ)‪.‬‬
‫لال الخطٌب المكً‪:‬أي‪ ":‬نفردن وحدن باالستعانة فإنه ال حول لنا وال لوة إال بما منحتنا‬
‫من لوة الروح‪ ،‬وما أودعته إٌانا من سابر الموى الخفٌة الكامنة فً أجسامنا‪ ،‬ولوالن ما استطعنا‬
‫تحمل المشاق ومكافحة الخطوب واألحداث‪ ،‬بل لم نذق لذة الحٌاة‪ .‬ولذلن فإنا نفوض إلٌن كل‬
‫أمورنا ونرجو عونن على بلوغ آمالنا ودفع الشر عنا بما لن من كامل العلم بما ٌنفعنا وما‬
‫ٌرضٌن عنا ٌا أكرم األكرمٌن"(ٔٔ)‪.‬‬
‫ٌن}‪ ،‬للحال والمعنى نعبدن مستعٌنٌن بن(ٕٔ)‪.‬‬ ‫ولٌل‪( :‬الواو) فً لوله تعالى‪َ {:‬و ِإٌَّانَ نَ ْست َ ِع ُ‬
‫واألصل فً {نستعٌن}‪" :‬نستعون‪ ،‬ألنه إنما معناه من المعونة والعون‪ ،‬ولكن الواو للبت‬
‫ٌاء لثمل الكسرة فٌها‪ ،‬ونملت كسرتها إلى العٌن‪ ،‬وبمٌت الٌاء ساكنة‪ ،‬ألن هذا من اإلعبلل الذي‬
‫ٌتبع بعضه بعضا نحو أعان ٌعٌن وألام ٌمٌم"(ٖٔ)‪.‬‬

‫(ٔ)تفسٌر ابن كثٌر‪ .ٕٔٗ/ٔ :‬وهذه تسمى أركان العبادة‪.‬‬


‫(ٕ) التفسٌر البسٌط‪.٘ٔٙ/ٔ :‬‬
‫(ٖ) صفوة التفاسٌر‪.ٔ5/ٔ:‬‬
‫(ٗ) تفسٌر مماتل بن سلٌمان‪،ٖٙ/ٔ:‬‬
‫(٘) أخرجه ابن ابً حاتم(ٖٓ)‪:‬صٔ‪.ٕ5/‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر الثعلبً‪.ٔٔ1/ٔ:‬‬
‫(‪ )2‬صفوة التفاسٌر‪.ٕٓ-ٔ5/ٔ:‬‬
‫(‪ )1‬تفسٌر ابن كثٌر‪.ٖٔٗ/ٔ :‬‬
‫(‪ )5‬الكشاؾ‪.ٖٔ/ٔ :‬‬

‫(ٓٔ) المحرر الوجٌز‪.2ٕ/ٔ :‬‬


‫(ٔٔ) تفسٌر الخطٌب المكً‪.ٖٔ/ٔ :‬‬
‫(ٕٔ) انظر‪ :‬تفسٌر البٌضاوي‪.ٖٓ/ٔ :‬‬
‫(ٖٔ) معانً المرآن للزجاج‪.ٗ5/ٔ :‬‬
‫وفً تكرار {إٌان}‪ ،‬لوالن‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن التكرار لؽرض التوكٌد‪ ،‬واإلهتمام‪ ،‬واإلختصاص‪.‬‬
‫لال أبو بكر‪" :‬وإنما كرر {إٌان} للتوكٌد‪ ،‬كما تمول‪ :‬بٌن زٌد وبٌن عمرو خصومة‪،‬‬
‫فتعٌد (بٌن)"(ٔ)‪.‬‬
‫كرر {إٌَِّانَ }‪ ،‬لٌكون أد ّل على اإلخبلص واالختصاص والتؤكٌد لمول‬ ‫لال الثعلبً‪ ":‬وإنّما ّ‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ً‬
‫س ِبّ َحنَ َكثٌِرا َونَذ ُك َرنَ َكثٌِرا}[طه‪ ،]ٖٗ-ٖٖ:‬ولم ٌمل‪ :‬كً‬ ‫هللا تعالى خبرا عن موسى‪َ { :‬ك ًْ نُ َ‬
‫(ٕ)‬
‫نسبحن ونذكرن كثٌرا‪ ،‬ولال الشاعر ‪:‬‬
‫َّ‬
‫هار َوبٌْنَ اللٌل لد فَ َ‬
‫صبل‬ ‫بٌَْن النَّ ِ‬ ‫ص ًرا ال َخفَا َء بِه‬
‫شمس ِم ْ‬ ‫و َجا ِعل ال َّ‬
‫(ٖ)‬
‫ولم ٌمل بٌن النهار واللٌل‪ .‬ولال اآلخر ‪:‬‬
‫(ٗ)‬ ‫ُ‬
‫بَ ْخ بَ ْخ َلوا ِل ِد ِه ولل َمولو ِد " ‪.‬‬ ‫ش ّجِ وبٌَْنَ لٌَ ٍْس باذ ٌخ‬
‫بٌَْنَ األ َ‬
‫لال ابن عطٌة‪ "::‬وتكررت { ِإٌَّانَ }‪ ،‬بحسب اختبلؾ الفعلٌن‪ ،‬فاحتاج كل واحد منهما إلى‬
‫تؤكٌد واهتمام"(٘)‪.‬‬
‫لال أبو حٌان ‪ ":‬كرر {إٌان} لٌكون كل من العبادة واالستعانة سٌما فً جملتٌن‪ ،‬وكل منهما‬
‫ممصودة‪ ،‬وللتنصٌص على طلب العون منه"(‪.)ٙ‬‬
‫لال أبو السعود‪" :‬تكرٌر الضمٌر المنصوب للتنصٌص على تخصٌصه تعالى بكل واحدة‬
‫من العبادة واالستعانة"(‪.)2‬‬
‫ٌن}‪ ،‬لكان ٌصح أن ٌعتمد أن االستعانة‬ ‫لال الراؼب‪ ":‬و لال‪{ :‬إٌَِّانَ نَ ْعبُ ُد َوإٌَِّانَ نَ ْست َ ِع ُ‬
‫بؽٌره‪ ،‬وكان إعادته أبلػ"(‪.)1‬‬
‫والثانً‪ :‬أن األفصح إعادة الضمٌر مع كل فعل اتصل به‪ ،‬فٌمال‪ :‬اللهم إنا نعبدن ونستعٌنن‬
‫ونحمدن ونشكرن‪ ،‬وإن كان ترن اإلعادة جابزا‪ .‬وهذا لول الطبري(‪.)5‬‬
‫والراجح أن الؽرض من التكرار للتوكٌد والتنصٌص‪ ،‬واإلهتمام‪ "،‬ألن العرب إذا‬
‫جمعت فعلٌن والعٌن اكتفت بولوع أحدهما من ولوع اآلخر‪ ،‬فٌمولون‪ :‬لد أكرمتن وألطفت‪ ،‬لال‬

‫(ٔ) حكاه عنه الواحدي فً التفسٌر البسٌط‪.٘ٔ2/ٔ :‬‬


‫(ٕ)فً اللسان (مصر) منسوبًا إلى أمٌة بن أبً الصلت ‪ .‬واستدركه ابن بري ونسبه لعدي بن زٌد ‪ ،‬والبٌت‬
‫منسوب لعدي فً تفسٌر الطبري‪ ،ٔٙ٘/ٔ:‬والمصر ‪ :‬الحاجز والحد بٌن الشٌبٌن ‪ٌ .‬مول ‪ :‬جعل الشمس حدا‬
‫وعبلمة بٌن اللٌل والنهار ‪.‬‬
‫(ٖ) البٌت ألعشى ه َْمدان‪ ،‬انظر‪ :‬دٌوان األعشٌن ‪ ، ٖٕٖ :‬واألؼانً ‪ ، ٙٔ ، ٗٙ / ٙ‬وتفسٌر الطبري‪:‬‬
‫ٔ‪ ،ٔٙ٘/‬وأعشى همدان هو عبد الرحمن بن عبد هللا الهمدانً أبو مصبح ‪ ،‬كان أحد الفمهاء المراء ‪ ،‬ثم ترن‬
‫ذلن ولال الشعر ‪ٌ .‬مدح عبد الحمن بن األشعث بن لٌس الكندي ‪ ،‬وكان خرج على الحجاج ‪ ،‬فخرج معه الفمهاء‬
‫والمراء ‪ ،‬فلما أسر الحجاج األعشى ‪ ،‬لال له ‪ :‬ألست المابل ‪ :‬وأنشده البٌت ‪ -‬وهللا ال تبخبخ بعدها أبدًا! ولتله ‪.‬‬
‫األشج ‪ :‬هو األشعث والد عبد الحمن ‪ ،‬ولٌس جده ‪ .‬وبخ بخ ‪ :‬كلمة للتعظٌم والتفخٌم ‪.‬‬
‫(ٗ) تفسٌر الثعلبً‪.ٔٔ1/ٔ:‬‬
‫(٘) المحرر الوجٌز‪.2ٕ/ٔ :‬‬
‫(‪)ٙ‬البحر المحٌط" ٔ‪.ٕ٘ /‬‬
‫(‪ )2‬تفسٌر أبً السعود‪.ٔ2/ٔ :‬‬
‫(‪ )1‬تفسٌر الراؼب األصفهانً‪.٘5/ٔ:‬‬

‫(‪ )5‬انظر‪ :‬تفسٌر الطبري‪.ٔٙ٘-ٔٙٗ/ٔ :‬‬


‫عنَ َربُّنَ َو َما لَلَى} [الضحى‪ ،]ٖ :‬أراد (وما لبلن) (ٔ)فاكتفى بولوع األول من‬ ‫هللا تعالى‪َ { :‬ما َو َّد َ‬
‫ولوع الثانً"(ٕ)‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫وفً تمدٌم العبادة على االستعانة‪ ،‬فً اآلٌة ألوال(ٖ)‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أنه على التمدٌم والتؤخٌر‪.‬‬
‫والثانً‪ :‬أن (الواو) ال تمتضً الترتٌب‪.‬‬
‫لال الراؼب‪ :‬والوجه ‪ -‬فً ذلن ‪ -‬أن هللا تعالى علم خلمه بذلن أن ٌمدموا حمه ثم ٌسؤلوه‬
‫لٌمونوا مستحمٌن لئلجابة"(ٗ)‪.‬‬
‫ٌن}‪ :‬فً موضع الحال‪ ،‬أجازه الراؼب(٘)‪ ،‬واستشهد بمول‬ ‫{وإٌَِّانَ نَ ْست َ ِع ُ‬
‫والثالث‪ )ٙ:‬أن لوله‪َ :‬‬
‫الشاعر( ‪:‬‬
‫ت‬ ‫سٌُوفَ ُه ْم ولم ٌ ْكثُر ْالمَتْلَى بِ َها ِحٌنَ ُ‬
‫سلَّ ِ‬ ‫ي ِر َجا ٍل لَ ْم ٌ ُ‬
‫شٌِ ُموا ُ‬ ‫بَؤ َ ٌْ ِد ّ‬
‫فموله‪:‬ولم ٌكثر المتلى بها‪ ،‬فً موضع الحال‪.‬‬
‫واالستعانة لؽة‪ :‬مصدر استعان وهو من العون بمعنى المعاونة والمظاهرة على الشًء‬
‫‪ٌ ،‬مال‪ :‬فبلن عونً أي معٌنً ولد أعنته ‪ ،‬واالستعانة طلب العون ‪ ،‬لال تعالى ‪َ :‬وا ْست َ ِعٌنُوا‬
‫صبلَةِ ‪ ،‬والعون ‪ :‬الظهٌر على األمر ‪ ،‬الواحد واالثنان والجمع والمإنث فٌه سواء ‪.‬‬ ‫صب ِْر َوال َّ‬‫ِبال َّ‬
‫ولد حكً فً تكسٌره أعوان ‪ ،‬والعرب تمول ‪ :‬إذا جاءت السنة جاء معها أعوانها ‪ٌ ،‬عنون‬
‫بالسنة ‪ :‬الجدب ‪ .‬وباألعوان ‪ :‬الجراد والذباب واألمراض ‪ ،‬وتمول ‪ :‬أعنته إعانة واستعنته‬
‫واستعنت به فؤعاننً وتعاونوا على واعتونوا ‪ :‬أعان بعضهم بعضا‪ ،‬وتعاونا ‪ :‬أعان بعضنا‬
‫بعضا ‪ ،‬والمعونة ‪ :‬اإلعانة ‪ ،‬ورجل معوان حسن المعونة ‪ ،‬وكثٌر المعونة للناس وكل شًء‬
‫أعانن فهو عون لن كالصوم عون على العبادة (‪.)2‬‬

‫(ٔ)لال أبو حٌان‪" :‬حذؾ المفعول اختصارا فً (للى) إذ ٌعلم أنه ضمٌر المخاطب وهو الرسول ‪ -‬صلى هللا‬
‫علٌه وسلم ‪" .-‬البحر المحٌط" ‪.ٗ1٘ /1‬‬
‫ولال الرازي فً حذؾ الكاؾ وجوه‪:‬‬
‫ٔ ‪ -‬اكتفاء بالكاؾ فً (ودعن)‪ ،‬وألن رإوس اآلٌات بالٌاء‪ ،‬فؤوجب اتفاق الفواصل حذؾ الكاؾ‪.‬‬
‫ٕ ‪ -‬اإلطبلق ‪ ،‬أنه ما لبلن‪ ،‬وال أحدا من أصحابن‪ ،‬وال أحدا ممن أحبن"‪[ .‬انظر‪ :‬مفاتٌح الؽٌب‪،ٕٓ5 /ٖٔ :‬‬
‫وانظر تفسٌر المرطبً ٕٓ‪.]5ٗ /‬‬
‫(ٕ) التفسٌر البسٌط‪.٘ٔ2/ٔ :‬‬
‫(ٖ) انظرن تفسٌر الرابػ األصفهانً‪.ٙٓ-٘5/ٔ :‬‬
‫(ٗ) تفسٌر الراؼب األصفهانً‪.٘5/ٔ :‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬تفسٌر الراؼب األصفهانً‪.ٙٓ/ٔ :‬‬
‫(‪)ٙ‬شرح دٌوان الحماسة" اللمرزولً ص ٕٕٔ‪"،‬لسان العرب" (شٌم) ٗ‪" ،ٕٖ1ٓ /‬المعانً الكبٌر" ٖ‪.ٕٔٙ٘ /‬‬
‫والبٌت أنشده المبرد‪ ،‬ونسبه للفرزدق‪ ،‬ولال عنه المبرد‪ :‬هذا البٌت طرٌؾ عند أصحاب المعانً‪،‬‬
‫وتؤوٌله‪ :‬لم ٌشٌموا‪ :‬أي‪ :‬لم ٌُؽمدوا‪ ،‬ولم تكثر المتلى‪ ،‬أي‪ :‬لم ٌؽمدوا سٌوفهم إال ولد كثرت المتلى حٌن سلت‪.‬‬
‫الكامل ٔ‪ ، ٗٓٔ /‬ولال المحمك‪ :‬لم أجده فً دٌوان الفرزدق‪ ،‬ط‪ :‬دار صادر‪ .‬وبحثت عنه فً ط‪ :‬دار بٌروت‪ ،‬فلم‬
‫أجده أٌضًا‪ .‬وأنشده الزجاج‪" ،‬معانً المرآن" ٗ‪ ،22 /‬ولم ٌنسبه‪ .‬وفٌه‪ :‬ولم ٌكثروا‪ .‬وأنشده ابن األنباري‪،‬‬
‫اإلنصاؾ ٕ‪ ،ٙٙ2 /‬ولم ٌنسبه‪ ،‬وفً الحاشٌة‪ :‬ولد وجدته فً دٌوان الفرزدق بٌتا ً مفرداً‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫(‪)2‬لسان العرب البن منظور (ٖٔ \ ‪ ، )ٕ55 - ٕ51‬وانظر ‪ :‬الصحاح تاج اللؽة وصحاح العربٌة إسماعٌل بن‬
‫حماد الجوهري ‪ ،‬تحمٌك ‪ :‬أحمد عبد الؽفور عطار ‪ ،‬الماهرة ٕ‪ ٔ51‬م (‪ ، )ٕٔٙ5 - ٕٔٙ1 \ ٙ‬والمفردات فً‬
‫واالستعانة اصطبلحا‪ " :‬طلب العون من هللا والمخلوق ٌطلب منه من هذه األمور ما‬
‫ٌمدر علٌه‪.)ٔ( " .‬‬
‫لال السعدي إن االستعانة هً ‪ " :‬االعتماد على هللا تعالى فً جلب المنافع ‪ ،‬ودفع‬
‫المضار مع الثمة به فً تحصٌل ذلن "(ٕ)‪.‬‬
‫واالستعانة تجمع بٌن أصلٌن(ٖ)‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬الثمة باهلل‪.‬‬
‫والثانً‪:‬اإلعتماد علٌه‪.‬‬
‫والتوكل أٌضا ٌلتبم من هذٌن األصلٌن‪ ،‬لذلن لد سوى ابن المٌم بٌن التوكل واالستعانة‬
‫ولال فً تعرٌفهما‪ " :‬التوكل واالستعانة ‪ ،‬حال للملب ٌنشؤ عن معرفته باهلل تعالى ‪ ،‬واإلٌمان‬
‫بتفرده بالخلك ‪ ،‬والتدبٌر والضرر والنفع ‪ ،‬والعطاء والمنع ‪ ،‬وأنه ما شاء هللا كان ‪ ،‬وما لم ٌشؤ‬
‫لم ٌكن ‪ ،‬وإن شاءه الناس فٌوجب له هذا اعتمادا علٌه (واستعانة به) وتفوٌضا إلٌه ‪ ،‬وطمؤنٌنة‬
‫به ‪ ،‬وثمة به ‪ ،‬وٌمٌنا بكتابته لما توكل علٌه فٌه واستعان به علٌه ‪ ،‬وأنه ملً به ‪ ،‬وال ٌكون إال‬
‫بمشٌبته شاء الناس ذلن أم أبوه"(ٗ)‪.‬‬
‫وبعض أهل العلم مثل ابن المٌم ‪-‬رحمه هللا‪ٌ -‬ذكر أكثر من عشرة أوجه فً وجه تمدٌم‬
‫ٌن} وٌمكن أن تراجع فً كتابه مدارج السالكٌن‪.‬‬ ‫{ ِإٌَّانَ نَ ْعبُدُ} على { ِإٌَّانَ نَ ْست َ ِع ُ‬
‫كما وأن "تحول الكبلم من الؽٌبة إلى المواجهة بكاؾ الخطاب‪ ،‬ألنه لما أثنى على هللا‬
‫تفنن فً‬ ‫ٌ‬ ‫فكؤنه الترب وحضر بٌن ٌدي هللا تعالى"(٘)‪ ،‬وهذا التفات‪ ،‬وااللتفات ال شن أنه‬
‫ممام ما ٌناسبه‪ ،‬وهو فً الجملة ال شن أنه أدعى إلى‬ ‫الخطاب‪ ،‬وله من الدالالت الببلؼٌة فً كل ٍ‬
‫تنشٌط السامع‪ ،‬وهو أد ُّل على الفصاحة والببلؼة والمدرة على التفنن بالكبلم‪ ،‬فهذا االلتفات تارة ً‬
‫ٌكون من الؽابب إلى المخاطب مثل هنا‪ ،‬فهو ٌتحدث عن هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬على سبٌل الؽٌبة‪،‬‬
‫الحمد هلل هو رب العالمٌن‪ ،‬هو الرحمن الرحٌم‪ ،‬ثم لال‪ :‬إٌان‪ ،‬فتوجه إلى المخاطب‪ ،‬وعلل ذلن‬
‫هنا فمال‪ :‬كؤنه لما أثنى علٌه الترب منه فناسب أن ٌوجه الخطاب إلٌه‪ِ { ،‬إٌَّانَ نَ ْعبُ ُد و ِإٌَّانَ‬
‫ٌن} [(٘) الفاتحة]‪ ،‬وهذا مثل لوله تعالى‪َ {:‬حتَّى ِإ َذا ُكنت ُ ْم ِفً ْالفُ ْل ِن} [(ٕٕ) ٌونس]‪ ،‬فالكبلم‬ ‫نَ ْست َ ِع ُ‬
‫ط ٌِّ َبةٍ} [(ٕٕ) ٌونس] حٌث تحول عكس ما علٌه الحال هنا‪،‬‬ ‫لال‪{:‬و َج َرٌْنَ بِ ِهم ِب ِرٌحٍ َ‬
‫َ‬ ‫للمخاطب‪ ،‬ثم‬
‫أي تحول الكبلم من الخطاب إلى الؽٌبة‪ ،‬وعلى كل حال فااللتفات أنواع‪ ،‬والكبلم عن هذا‬
‫ٌن} [الفاتحة‪:‬‬ ‫الموضوع ٌوجد فً كتب الببلؼة مفصبلً‪ ،‬ولهذا لال تعالى‪ِ {:‬إٌَّانَ نَ ْعبُ ُد و ِإٌَّانَ نَ ْست َ ِع ُ‬
‫٘] "وفً هذا دلٌ ٌل على أن أول السورة خبر من هللا تعالى بالثناء على نفسه الكرٌمة بجمال‬
‫صفاته الحسنى‪ ،‬وإرشاد لعباده بؤن ٌثنوا علٌه بذلن‪ ،‬ولهذا ال تصح صبلة من لم ٌمل ذلن وهو‬

‫ؼرٌب المرآن ‪ ،‬الحسٌن بن دمحم المعروؾ بالراؼب األصفهانً ‪ ،‬تحمٌك وضبط ‪ :‬دمحم خلٌل عٌتانً ‪ ،‬دار‬
‫المعرفة ‪ ،‬بٌروت ‪ ،‬ط ٗ ‪ ٕٔٗٙ ،‬هـ ‪ ،‬ص (‪.)ٖ٘ٙ‬‬
‫(ٔ) مجموع الفتاوى‪.ٖٔٓ/ٔ :‬‬
‫(ٕ)تٌسٌر الكرٌم الرحمن فً تفسٌر كبلم المنان ‪ ،‬عبد الرحمن بن ناصر السعدي ‪ ،‬تحمٌك ‪ :‬طه عبد الرإوؾ‬
‫سعد ‪ ،‬دار الصفا بالزلازٌك (ٔ \ ٘ٔ)‪.‬‬
‫(ٖ) مدارج السالكٌن‪.2٘/ٔ :‬‬
‫(ٗ) مدارج السالكٌن‪.1ٕ/ٔ :‬‬
‫(٘)تفسٌر ابن كثٌر‪ٕٔ٘/ٔ :‬‬
‫لادر علٌه‪ ،‬كما جاء فً الصحٌحٌن عن عبادة بن الصامت ‪-‬رضً هللا تعالى عنه‪ -‬لال‪ :‬لال‬
‫رسول هللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪" :-‬ال صبلة لمن لم ٌمرأ بفاتحة الكتاب"(ٔ)(ٕ)‪.‬‬
‫ٌن } [الفاتحة ‪" :]٘ :‬والدٌن ٌرجع كله‬ ‫لال ابن كثٌر فً تفسٌر‪ { :‬إٌَِّانَ نَ ْعبُ ُد َوإٌَِّانَ نَ ْست َ ِع ُ‬
‫إلى هذٌن المعنٌٌن ‪ ،‬وهذا كما لال بعض السلؾ ‪ :‬الفاتحة سر المرآن ‪ ،‬وسرها هذه الكلمة ‪{ :‬‬
‫ٌن } [الفاتحة ‪ ]٘ :‬فاألول تبرإ من الشرن ‪ ،‬والثانً تبرإ من الحول‬ ‫إٌَِّانَ نَ ْعبُ ُد َوإٌَِّانَ نَ ْست َ ِع ُ‬
‫والموة ‪ ،‬والتفوٌض إلى هللا عز وجل‪ .‬وهذا المعنى فً ؼٌر آٌة من المرآن ‪ ،‬كما لال تعالى ‪{ :‬‬
‫علَ ٌْ ِه‬ ‫ع َّما ت َ ْع َملُونَ } [هود ‪ { ]ٕٖٔ :‬لُ ْل ُه َو َّ‬
‫الرحْ َم ُن آ َمنَّا بِ ِه َو َ‬ ‫علَ ٌْ ِه َو َما َربُّنَ بِؽَافِ ٍل َ‬ ‫فَا ْعبُ ْدهُ َوت ََو َّك ْل َ‬
‫ب ال إِلَهَ إِال ُه َو فَات َّ ِخ ْذهُ َو ِكٌبل } [المزمل ‪، ]5 :‬‬ ‫ق َو ْال َم ْؽ ِر ِ‬ ‫ت ََو َّك ْلنَا } [الملن ‪َ { ]ٕ5 :‬ربَّ ْال َم ْش ِر ِ‬
‫(ٖ)‬
‫ٌن }" ‪.‬‬ ‫وكذلن هذه اآلٌة الكرٌمة ‪ِ { :‬إٌَّانَ نَ ْعبُ ُد َوإٌَِّانَ نَ ْست َ ِع ُ‬
‫وفً صحٌح مسلم عن أبً هرٌرة ‪-‬رضً هللا تعالى عنه‪ -‬عن رسول هللا ‪-‬صلى هللا‬
‫علٌه وسلم‪ٌ" :-‬مول هللا تعالى‪ :‬لسمت الصبلة بٌنً وبٌن عبدي نصفٌن‪ ،‬فنصفها لً ونصفها‬
‫العبد‪{:‬ال َح ْم ُد ّّللِ َربّ ِ ْال َعالَ ِمٌنَ }‪ ،‬لال‪ :‬هللا‪ :‬حمدنً عبدي‪ ،‬وإذا‬ ‫ْ‬ ‫لعبدي ولعبدي ما سؤل‪ ،‬إذا لال‬
‫ٌِن}‪ ،‬لال هللا‪ :‬مجدنً‬ ‫ً عبدي‪ ،‬فإذا لال‪َ {:‬ما ِل ِن ٌَ ْو ِم ال ّد ِ‬ ‫الر ِح ٌِم}‪ ،‬لال هللا‪ :‬أثنى عل َّ‬ ‫من َّ‬ ‫لال‪{:‬الرحْ ِ‬
‫َّ‬
‫ٌن}‪ ،‬لال‪ :‬هذا بٌنً وبٌن عبدي ولعبدي ما سؤل‪ ،‬فإذا‬ ‫عبدي‪ ،‬وإذا لال‪{:‬إٌَِّانَ نَ ْعبُ ُد و ِإٌَّانَ نَ ْست َ ِع ُ‬
‫ّ‬
‫علٌَ ِه ْم َوالَ الضَّالٌِنَ }‪،‬‬ ‫ب َ‬ ‫ضو ِ‬ ‫ٌَر ال َمؽ ُ‬ ‫علٌَ ِه ْم ؼ ِ‬ ‫ط الَّذٌِنَ أن َعمتَ َ‬
‫َ‬ ‫ص َرا َ‬ ‫ٌم* ِ‬ ‫ط ال ُمست َ ِم َ‬ ‫ص َرا َ‬‫لال‪{:‬اه ِدنَا ال ِ ّ‬
‫(ٗ)‬
‫لال‪ :‬هذا لعبدي ولعبدي ما سؤل" "‪.‬‬
‫(٘)‬
‫ٌن} [الفاتحة ‪ ،]٘ :‬على أوجه ‪:‬‬ ‫واختلفت المراءة فً لوله تعالى‪ِ { :‬إٌَّانَ نَ ْعبُ ُد َو ِإٌَّانَ نَ ْست َ ِع ُ‬
‫أحدها‪ِ (:‬إٌَّانَ )‪ ،‬بتشدٌد (الٌاء)‪ ،‬لرأ بها نافع‪ ،‬ابن كثٌر‪ ،‬أبو عمرو‪ ،‬ابن عامر‪ ،‬عاصم‪ ،‬حمزة‪،‬‬
‫الكسابً‪.‬‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫والعلماء على ش ِ ّد الٌاء من (إٌان) فً الموضعٌن" ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪":‬الجمهور من المُ ّر ِ‬
‫اء‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫لال المرطب ّ‬
‫فإن {إٌّان} منصوب بولوع الفعل علٌه‪ ،‬وهو (نعبد)‪ ،‬وتمدٌم المفعول لمصد االختصاص‬
‫واالهتمام به‪ ،‬والمعنى‪ :‬نخصن بالعبادة‪ ،‬ونخصن بطلب المعونة(‪.)2‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ً‪.‬‬ ‫والثانً‪ِ (:‬إ ٌَانَ )‪ :‬فً الموضعٌن‪ ،‬بتخفٌؾ(الٌاء)‪ ،‬لراءة شاذة‪ ،‬لعمرو بن فابد عن أب ّ‬

‫(ٔ)أخرجه البخاري فً كتاب صفة الصبلة ‪ -‬باب وجوب المراءة لئلمام والمؤموم فً الصلوات كلها فً‬
‫الحضر والسفر وما ٌجهر فٌها وما ٌخافت (ٖٕ‪( )2‬ج ٔ ‪ /‬ص ٖ‪ )ٕٙ‬ومسلم فً كتاب الصبلة ‪ -‬باب وجوب‬
‫لراءة الفاتحة فً كل ركعة وإنه إذا لم ٌحسن الفاتحة وال أمكنه تعلمها لرأ ما تٌسر له من ؼٌرها (ٗ‪( )ٖ5‬ج ٔ ‪/‬‬
‫ص ٘‪.)ٕ5‬‬
‫(ٕ)تفسٌر ابن كثٌر‪.ٕٔ٘/ٔ :‬‬
‫(ٖ) تفسٌر ابن كثٌر‪.ٖٔ٘-ٖٔٗ/ٔ:‬‬
‫(ٗ)أخرجه مسلم فً كتاب الصبلة ‪ -‬باب وجوب لراءة الفاتحة فً كل ركعة وإنه إذا لم ٌحسن الفاتحة وال أمكنه‬
‫تعلمها لرأ ما تٌسر له من ؼٌرها (٘‪( )ٖ5‬ج ٔ ‪ /‬ص ‪.)ٕ5ٙ‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬إعراب المراءات السبع وعللها ‪ ٕٓٔ/ ٔ :‬ـ ٕٕٓ‪ ،‬والبحر المحٌط‪.ٕٗ-ٕٖ/ٔ :‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر المرطبً‪.ٔٗٙ/ ٔ :‬‬
‫(‪)2‬انظر‪ :‬الكتاب الفرٌد فً اعراب المران المجٌد‪.1ٓ/ٔ :‬‬
‫لٌست ثابتة وال هً لراءة ٌ صحٌحةٌ متواترةٌ‪ ،‬بل هً مثال‬ ‫ْ‬ ‫(‪ )1‬وهذا الوجه من المراءة لٌس بشًء؛ ألنّها لطعًا‬
‫شذوذ فً مثل تلن المراءة‪ .‬فبل هً فً المراءات العشر‬ ‫لما ال ٌنبؽً أن ٌُذك ََر إالّ لبٌانه على سبٌل الخطؤ وال ّ‬
‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المصادر بنسبتها فً الشواذ لعَمرو بن فابد اإلسوار ّ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫الزابدة‪ ،‬ولد انفردت‬ ‫صؽرى وال الكبرى وال فً األربع ّ‬ ‫ال ُّ‬
‫ً‬
‫ّ‬ ‫للكرمان‬ ‫ّ‬ ‫ذ‬ ‫وا‬‫ش‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫كتاب‬ ‫فً‬ ‫وكذا‬ ‫ترجمته‬ ‫فً‬ ‫ٕٓ‪ٙ‬‬ ‫ص‬ ‫ٔ‬ ‫ج‬ ‫هاٌة‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫ؼاٌة‬ ‫فً‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫الجزر‬ ‫ابنُ‬ ‫اإلمام‬ ‫ذلن‬ ‫ذكر‬ ‫‪.‬‬ ‫ً‬
‫ّ‬ ‫المعتزل‬
‫عمرو بن فاٌد‬ ‫والجمهور بتشدٌد الٌاء من (إٌّان)‪ ،‬ولرأ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫سبعةُ‬ ‫ابن كثٌر‪" :‬لرأ َ ال ّ‬ ‫لال ُ‬
‫(ٔ)‬
‫شمس" ‪.‬‬ ‫ألن (إٌا) ضو ُء ال ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫بت َخفٌفها مع الكسر وهً لراءة شاذة مردودة؛ ّ‬
‫بن فابد‪( :‬إٌَِانَ ) بكسر الهمزة وت َخفٌؾ الٌاء‪ ،‬وذلن أنّه َك ِرهَ‬ ‫عمرو ُ‬ ‫ً‪ ":‬ولرأ َ‬ ‫لال المرطب ّ‬
‫وكون الكسرة لبلها‪ .‬وهذه لراءة ٌ َمرؼوبٌ عنه‪ ،‬فإن المعنى ٌصٌر‪ :‬شمسن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫تضعٌؾ الٌاء ِلثمَ ِلها‬ ‫َ‬
‫(ٕ)‬
‫نعبد أو ضوءن‪ ،‬إٌاة ُ الشمس ‪-‬بكسر الهمزة‪ :-‬ضوءها " ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ً‪ ،‬وهً لؽة مشهورة ٌ‪.‬‬ ‫الرلاش ّ‬ ‫والثالث‪( :‬أٌََّان) بفتح الهمزة وتشدٌد الٌاء‪ ،‬لرا بها الفض ُل ّ‬
‫ي‪ ،‬وهً لؽة‪،‬‬ ‫سوار الؽنو ّ‬ ‫والرابع‪َ ( :‬هٌَّانَ )‪ ،‬فً الموضعٌن [بالهاء بدل الهمزة]‪ ،‬لرأ بها أبو ال ّ‬
‫شاعر(ٖ)‪:‬‬ ‫لال ال ّ‬
‫صاد ُِرهُ‬ ‫علٌْنَ َم َ‬ ‫َ‬ ‫ت َ‬ ‫ضالَ ْ‬ ‫َم َو ِار ُدهُ َ‬ ‫ت‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫فَ َهٌَّانَ َواأل ْم َر الذِي ِإ ْن ت ََرا َحبَ ْ‬
‫إن‬‫ً وجماعة ْ‬ ‫نستنتج مما سبك بؤن(إٌَِانَ )‪ ،‬بالتّخفٌؾ تُف ِس ُد المعنى‪ .‬وعلى لو ِل ال ّ‬
‫شافع ّ‬
‫ألن اإلٌا هو ضو ُء‬ ‫شرنُ ؛ ّ‬ ‫ضهم إن تع ّم َد فٌُخشَى علٌه ال ِ ّ‬ ‫ت صبلتُهُ‪ ،‬ولا َل بع ُ‬ ‫طلَ ْ‬ ‫لرأَها بدون تشدٌد بَ ُ‬
‫فٌصٌر معناها‪ :‬نعب ُد ضو َء شمسِنَ بدل نعب ُدنَ ‪ .‬وال ِعٌاذُ َ‬
‫باّللِ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫شمس‬ ‫ال َّ‬
‫والخامس‪(:‬نَ ْعبُدُ)‪ ،‬لرأ بها نافع‪ ،‬ابن كثٌر‪ ،‬أبو عمرو‪ ،‬ابن عامر‪ ،‬عاصم‪ ،‬حمزة‪ ،‬الكسابً‪.‬‬
‫والسادس‪ْ ٌُ( :‬عبُدُ)‪ ،‬بالٌاء‪ ،‬مبنٌا للمفعول‪ ،‬لرأ بها الحسن وأبو مجلز‪ ،‬وعلً بن داود (ٗ)‪.‬‬
‫لال أبو حٌان‪ ":‬ولراءة من لرأ إٌان (ٌُعبد) بالٌاء مبنٌا ً للمفعول مشكلة ‪ ،‬ألن {إٌان}‬
‫ضمٌر نصب وال ناصب له وتوجٌهها إن فٌها استعارة والتفاتا ً ‪ ،‬فاالستعارة إحبلل الضمٌر‬
‫المنصوب موضع الضمٌر المرفوع ‪ ،‬فكؤنه لال أنت ‪ ،‬ثم التفت فؤخبر عنه أخبار الؽابب لما كان‬
‫إٌان هو الؽابب من حٌث المعنى فمال‪ٌ :‬عبد ‪ ،‬وؼرابة هذا االلتفات كونه فً جملة واحدة ‪ ،‬وهو‬
‫ٌنظر إلى لول الشاعر(٘) ‪:‬‬
‫ب‬‫ً ال ُمؽَلَّ ُ‬‫س ِم ْعنَا ِب ِه َواأل َ ْر َحبِ ُّ‬‫َ‬ ‫ً الَّذي ُك ْنتَ َم َّرة ً‬ ‫أَأ َ ْنتَ ال ِهبلَ ِل ُّ‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫وإلى لول أبً كثٌر الهذلً ‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ب األ ْعفَ ِر" ‪.‬‬ ‫ـٌاض َوجْ ِهنَ للت ّ َرا ِ‬ ‫ُ‬ ‫و َب‬ ‫ؾ نَ ْف ِسً كانَ ِج ّدة ُ خا ِل ٍد‬ ‫ٌا لَ ْه َ‬
‫(ٔ)(ٕ)‬
‫ومنه لول كثٌر ‪:‬‬

‫ب التّفسٌر كما فً معجم المراءات المرآنٌّة للدكتور عبد العال صٗ٘ٔ جٔ‪ ،‬ومعجم الدكتور‬ ‫وبعض كت ِ‬
‫ُ‬ ‫صٕٗ‪،‬‬
‫ّ‬
‫ً‪ ،‬وحاشاهُ فهاهً المراءات المتواترة التً تنتهً‬ ‫ُ‬
‫مرا هذا نسبَها ألبَ ّ‬ ‫ّ‬
‫الخطٌب ص ٗٔ‪ ،‬وفً بعض المصادر أن َع ً‬
‫إلٌه لٌس فٌها هذا الخطؤ البٌَِّن؛ فهً لراءة ٌ ُمنك ََرة ٌ ‪.‬‬
‫(ٔ) تفسٌر ابن كثٌر‪.ٖٔٗ/ٔ :‬‬
‫(ٕ) تفسٌر المرطبً‪.ٔٗٙ/ ٔ :‬‬
‫ي كما فً أساس الببلؼة (ص‪ ٔ٘2‬رحب)‪ ،‬وشرح شافٌة ابن الحاجب ‪.ٗ2ٗ/ ٗ:‬‬ ‫(ٖ) البٌت لطفٌل الؽنو ّ‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬البحر المحٌط‪.ٕٖ/ٔ :‬‬
‫(٘)البٌت من الطوٌل‪ ،‬وهو ببل نسبة فى الدرر ٔ‪ ،ٕ1ٖ /‬ورصؾ المبانى ص ‪ ،ٕٙ‬والمؽرب ٔ‪ ،ٖٙ /‬وهمع‬
‫الهوامع ٔ‪.12 /‬‬
‫(‪ )ٙ‬انظر‪ :‬أمالً ابن الشجري‪ٔٔ2/ٔ:‬ن ودٌوان الهذلٌٌن‪ ،ٔٓٔ/ٕ:‬ومجاز المرآن‪ ،ٕٗ/ٔ :‬وتفسٌر الطبري‪:‬‬
‫ٔ‪ ،ٙ2/‬والمحرر الوجٌز‪.ٔٓٗ/ٔ :‬‬
‫وفً البٌت ٌرثً الشاعر صدٌما له اسمه خالد (جدة) ٌعنً‪ :‬شبابه‪( ،‬األعفر) ٌمول‪ :‬دفن فً أرض ترابها أعفر‪:‬‬
‫أي‪ :‬أبٌض‪.‬‬
‫(‪ )2‬البحر المحٌط‪.ٕ٘-ٕٗ/ٔ :‬‬
‫لدٌنا وال مملٌة إن تملت‬ ‫أسٌبً بنا أو أحسنً ال ملومة‬
‫(ٖ)‬
‫والسابع‪(:‬نعبدْ)‪ ،‬حكاه أبو حٌان عن بعض أهل مكة ‪.‬‬
‫والثامن‪( :‬نِ ْعبُدُ)‪ ،‬بكسر النون‪ ،‬لرأ بها زٌد بن علً ‪ ،‬وٌحٌى بن وثاب ‪ ،‬وعبٌد بن عمٌر‬
‫اللٌثً(ٗ)‪.‬‬
‫والتاسع‪( :‬نعبُدو)‪ ،‬بإشباع الضمة‪ ،‬لراءة نافع برواٌة َو ْرش‪.‬‬
‫ٌن)‪ ،‬لرأ بها نافع‪ ،‬ابن كثٌر‪ ،‬أبو عمرو‪ ،‬ابن عامر‪ ،‬عاصم‪ ،‬حمزة‪ ،‬الكسابً‪.‬‬ ‫والعاشر‪ ( :‬نَ ْست َ ِع ُ‬
‫ٌن)‪ ،‬بكسر (النون)‪ ،‬لراءة‪ ،‬عبٌد بن عمٌر اللٌثً ‪ ،‬وزر بن حبٌش ‪،‬‬ ‫والحادي عشر‪(:‬نِ ْست َ ِع ُ‬
‫(٘)‬
‫وٌحٌى بن وثاب ‪ ،‬والنخعً ‪ ،‬واألعمش‪ ،‬وهً لؽة لٌس ‪ ،‬وتمٌم ‪ ،‬وأسد ‪ ،‬وربٌعة ‪.‬‬
‫لال المرطبً‪(" :‬وإٌان نِستعٌن) عطؾ ملة على جملة‪ ،‬أي نطلب العون والتؤٌٌد‬
‫والتوفٌك‪ ،‬هً لؽة تمٌم ولٌس وأسد وربٌعة‪ ،‬لٌدل على أنه من استعان‪ ،‬ف ُكسرت النون كما تُكسر‬
‫ألؾ الوصل(‪.)ٙ‬‬
‫لال أبو حٌان‪" :‬إن فتح نون(نستعٌن) هً لؽة الحجاز‪ ،‬وهً الفصحى‪ ،‬ولرأ بكسرها‬
‫وهً لؽة لٌس وتمٌم وأسد وربٌعة وكذلن حكم حرؾ المضارعة فً هذا الفعل وما أشبهه(‪.)2‬‬
‫الفوائد‪:‬‬
‫ٔ‪-‬من فوابد اآلٌة‪ :‬إخبلص العبادة هلل؛ لموله تعالى‪{ :‬إٌان نعبد} ؛ وجه اإلخبلص‪ :‬تمدٌم‬
‫المعمول‪.‬‬
‫ٕ‪-‬ومنها‪ :‬أن العبادة تطلك فً المعنى الشرعً على أمرٌن‪ ،‬األمر األول‪ :‬بالنظر إلى فعل العبد‪،‬‬
‫والثانً‪ :‬بالنظر إلى المفعوالت واألعمال التً تعبَّد هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬الناس بها‬
‫ٖ‪ -‬ومن الفوابد‪ :‬أن العبادة اس ٌم جامع لما ٌحبه هللا وٌرضاه من األلوال واألعمال الظاهرة‬
‫والباطنة‪ ،‬فهذا باالعتبار الثانً أي باعتبار المفعوالت واألعمال التً شرعها هللا ‪-‬عز وجل‪-‬‬
‫لعباده لٌتمربوا بها إلٌه‪.‬‬
‫وإذا نظرنا إلى العبادة باالعتبار األول‪ ،‬أي باعتبار أنها نفس فعل العبد الذي هو صفة‬
‫من صفاته‪ ،‬نمول‪ :‬إن العبادة هً االنمٌاد هلل ‪-‬عز وجل‪ ،-‬بمعنى اإلسبلم‪ ،‬أي إسبلم الوجه هلل ‪-‬‬
‫تبارن وتعالى‪ -‬والخضوع له بالطاعة‪ٌ ،‬عنً فعل العبد ال نفس العبادات التً شرعها هللا ‪-‬عز‬
‫وجل‪ ،-‬ألن العبادة مصدر‪ ،‬تارة ً ٌراد بها المفعول‪ ،‬وتارة ً تطلك على نفس الفعل‪ ،‬كما تمول‬
‫المرآن ٌطلك على نفس الممروء الذي هو الكتاب الذي بٌن أٌدٌنا‪ ،‬وٌطلك على المراءة‪ ،‬وكذلن‬
‫الوحً ٌطلك على هذا المرآن أنه وحً‪ٌ ،‬عنً ما نتج عن اإلٌحاء وهو هذا الكتاب‪ ،‬وتارة ً ٌطلك‬

‫(ٔ)هو كثٌر بن عبد الرحمن بن أبً جمعة من خزاعة‪ ،‬كان أحد العشاق المشهورٌن‪ ،‬وصاحبته (عزة) وهً‬
‫ضمرة‪ ،‬وإلٌها ٌنسب‪ ،‬كان كثٌر رافضٌا توفً فً الٌوم الذي توفً فٌه عكرمة مولى ابن عباس‪ .‬انظر ترجمته‬
‫فً‪" :‬الشعر والشعراء" ص ٖٖٗ‪" ،‬طبمات فحول الشعراء" ٕ‪" ،ٖ٘ٗ /‬الخزانة" ٘‪.ٕٕٔ /‬‬
‫(ٕ)من لصٌدة لكثٌر فً ذكر (عزة) لوله (مملٌة) من الملً وهو البؽض‪( ،‬تملت) تبؽضت‪ ،‬ورد البٌت فً‬
‫"الشعر والشعراء" ص ٖٖٗ‪" ،‬دٌوان كثٌر" ص ٔٓٔ‪ ،‬نشر دار الثمافة بٌروت‪" ،‬أمالً ابن الشجري" ٔ‪،ٗ5 /‬‬
‫‪" ،ٔٔ1‬المحكم" ٖ‪" ،ٔٗٗ /‬الخزانة" ٘‪.ٕٔ5 /‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬البحر المحٌط‪.ٕٖ/ٔ :‬‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬البحر المحٌط‪.ٕٖ/ٔ :‬‬
‫(٘)انظر‪ :‬البحر المحٌط‪.ٕٖ/ٔ :‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر المرطبً‪.ٔٗٙ-ٔٗ٘/ٔ :‬‬
‫(‪)2‬البحر المحٌط فً التفسٌر‪.ٖٗ/ٔ :‬‬
‫على نفس العملٌة التً هً اإلٌحاء‪ ،‬فتارة ً ٌطلك على هذا المعنى‪ ،‬وتارة ً ٌطلك على المعنى‬
‫اآلخر‪ ،‬فهما إطبللان معروفان‪" ،‬ولدم المفعول وهو إٌان‪ ،‬وكرر لبلهتمام والحصر‪ ،‬أي‪ :‬ال نعبد‬
‫إال إٌان وال نتوكل إال علٌن"(ٔ)‪.‬‬
‫لال ابن عاشور‪...":‬وهو شرابع اإلسبلم"(ٕ)‪.‬‬
‫وبنحو ذلن فً حدٌث رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص فمن ذلن لوله ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬اإلٌمان بضع وسبعون شعبة أو‬
‫بضع وستون شعبة فؤفضلها ال إله إال هللا‪ ،‬وأدناها إماطة األذى عن الطرٌك"(ٖ)‪.‬‬
‫ولد لال ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬تبسمن فً وجه أخٌن صدلة"(ٗ)‪.‬‬
‫ولد مر شاب على النبً ملسو هيلع هللا ىلص فرأى أصحاب النبً ملسو هيلع هللا ىلص جلدة ونشاطة فمالوا‪ٌ :‬ا رسول هللا!‬
‫لو كان هذا فً سبٌل هللا‪ ،‬فمال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬إن كان خرج ٌسعى على ولده صؽارا ً فهو فً‬
‫سبٌل هللا‪ ،‬وإن كان خرج ٌسعى على أبوٌن شٌخٌن كبٌرٌن فهو فً سبٌل هللا‪ ،‬وإن كان خرج‬
‫ٌسعى على نفسه ٌعفها فهو فً سبٌل هللا‪ ،‬وإن كان خرج ٌسعى رٌاء ومفاخرة فهو فً سبٌل‬
‫الشٌطان"(٘)‪.‬‬
‫ولال النبً ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬بٌنما رجل ٌمشً بطرٌك اشتد علٌه العطش فوجد ببرا ً فنزل فٌها‬
‫فشرب ثم خرج‪ ،‬فإذا كلب ٌلهث ٌؤكل الثرى من العطش‪ ،‬فمال الرجل‪ :‬لمد بلػ هذا الكلب من‬
‫العطش مثل الذي كان بلػ منً‪ ،‬فنزل الببر فمؤل خفه ماء ثم أمسكه بفٌه حتى رلى فسمى الكلب‬
‫فشكر هللا له فؽفر له‪ ،‬لالوا ٌا رسول هللا وإن لنا فً هذه البهابم ألجرا ً فمال‪ :‬فً كل كبد رطبة‬
‫أجر"(‪.)ٙ‬‬
‫ولال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬ما من مسلم ٌؽرس ؼرسا ً أو ٌزرع زرعا ً فٌؤكل منه طٌر أو‬
‫إنسان أو بهٌمة إال كان له به صدلة"(‪.)2‬‬
‫وعن أبً هرٌرة عن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص لال‪" :‬نزع رجل لم ٌعمل خٌر لط ؼصن شون عن‬
‫الطرٌك إما كان فً شجرة فمطعه فؤلماه وإما كان موضوعا ً فؤماطه‪ ،‬فشكر هللا له بها فؤدخله‬
‫الجنة"(‪.)1‬‬
‫هذا وؼٌره من األعمال التً تنبع من نفس تحب الخٌر وترؼب فً العطاء‪ ،‬وٌبتؽً‬
‫بذلن وجه هللا‪ ،‬أي تمدم نفعا ً للمجتمع فهو عبادة‪ ،‬لذلن لال العلماء النٌة تملب العادة عبادة‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬ومنها أن المفهوم العام للعبادة له آثار إٌجابٌة على سلون الناس‪ ،‬ومن أبرز هذه اآلثار‪ :‬أن‬
‫اإلنسان العالل عندما ٌمدم على عمل وٌعتبره عبادة فإنه سٌإدٌه على أحسن وجه ألنه ٌرجو‬
‫ثوابه عند هللا على ممدار إخبلصه وصدله فً أدابه‪ ،‬سواء كان ٌإدي حرفة أو تعلٌما ً أو أداء‬

‫(ٔ) تفسٌر ابن كثٌر‪.ٕٔٗ/ٔ :‬‬


‫(ٕ) انظر‪ :‬التحرٌر والتنوٌر‪.2ٙ/ٔ5 :‬‬
‫(ٖ)صحٌح مسلم رلم ٖ٘ باب عدد شعب اإلٌمان ٔ‪.ٖٙ /‬‬
‫(ٗ)رواه الترمذي فً جامعه عن أبً ذر رلم ‪ ٔ5٘ٙ‬باب ما جاء فً صنابع المعروؾ ٗ‪.ٖٖ5 /‬‬
‫(٘)مجمع الزوابد ٗ‪ ،ٖٕ٘ /‬ورجال المعجم الكبٌر رجال الصحٌح‪.‬‬
‫(‪)ٙ‬متفك علٌه‪ :‬صحٌح البخاري رلم ٖٖٕٗ باب اآلبار ٕ‪ ،12ٓ /‬ورواه مسلم رلم ٕٕٗٗ باب فضل سالً‬
‫البهابم ٗ‪.ٔ2ٙٔ /‬‬
‫(‪)2‬متفك علٌه واللفظ للبخاري رلم ٘‪ ٕٔ5‬باب فضل الزرع ٕ‪ ،1ٔ2 /‬ومسلم رلم ٕ٘٘ٔ‪.ٔٔ11 /ٖ ،‬‬
‫(‪)1‬رواه ابن حبان فً صحٌحه رلم ٓٗ٘ ٕ‪.ٕ52 /‬‬
‫وظٌفة إدارٌة‪ ،‬أو ٌمدم بحثا ً علمٌا ً فإنه فً عبادة وبالتالً سٌبذل ألصى ما ٌستطٌع من جهد‪ ،‬ألن‬
‫فً حسه أنه ٌإدي عبادة وهللا مطلع علٌه "إن هللا ٌحب إذا عمل أحدكم عمبلً أن ٌتمنه"(ٔ)‪.‬‬
‫٘‪ -‬ومنها ان اإلحسان فً العبادة "أن تعبد هللا كؤنن تراه فإن لم تكن تراه فإنه ٌران"(ٕ)‪.‬‬
‫‪ -ٙ‬ومن الفوابد فً مفهوم العبادة الشامل‪ ،‬هو أن اإلنسان سٌتجنب الكثٌر من األعمال التً ال‬
‫تدخل دابرة العبادة‪ .‬أي األعمال ؼٌر المشروعة أو المحرمة‪ ،‬ألن األعمال كلها إما أن تكون فً‬
‫دابرة المشروع الجابز‪ ،‬أو فً دابرة المنهً عنه فتركه للمنهً عنه أٌضا ً عبادة ٌإجر علٌها‪ .‬لال‬
‫رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ .." :‬وفً بضع أحدكم صدلة لالوا‪ٌ :‬ا رسول هللا أٌؤتً أحدنا شهوته وٌكون له فٌها‬
‫أجر‪ ،‬لال‪ :‬أرأٌتم لو وضعها فً حرام أكان علٌه فٌها وزر فكذلن إذا وضعها فً الحبلل كان له‬
‫أجر"(ٖ)‪.‬‬
‫عز وج ّل؛ لموله تعالى‪{ :‬وإٌان نستعٌن} ‪ ،‬حٌث لدم المفعول‪.‬‬ ‫‪ -2‬ومنها‪ :‬إخبلص االستعانة باهلل ّ‬
‫فإن لال لابل‪ :‬كٌؾ ٌمال‪ :‬إخبلص االستعانة هلل ولد جاء فً لوله تعالى‪{ :‬وتعاونوا على‬
‫البر والتموى} [المابدة‪ ]ٕ :‬إثبات المعونة من ؼٌر هللا ّ‬
‫عز وج ّل‪ ،‬ولال النبً ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬تعٌن الرجل‬
‫فً دابته‪ ،‬فتحمله علٌها‪ ،‬أو ترفع له علٌها متاعه صدلة"(ٗ)؟‬
‫عز وج ّل‪،‬‬‫فالجواب‪ :‬أن االستعانة نوعان‪ :‬استعانة تفوٌض؛ بمعنى أنن تعتمد على هللا ّ‬
‫عز وج ّل؛ واستعانة بمعنى المشاركة فٌما ترٌد أن‬ ‫وتتبرأ من حولن‪ ،‬ولوتن؛ وهذا خاص باهلل ّ‬
‫تموم به‪ :‬فهذه جابزة إذا كان المستعان به حٌا ً لادرا ً على اإلعانة؛ ألنه لٌس عبادة؛ ولهذا لال هللا‬
‫تعالى‪{ :‬وتعاونوا على البر والتموى} [المابدة‪.]ٕ :‬‬
‫فٌمكن المول بؤن واالستعانة نوعان‪:‬‬
‫احدهما‪ :‬نوع خاص باهلل تعالى ‪:‬ال ٌُطلب إال منه سبحانه وتعالى‪ ،‬وال ٌُمصد ؼٌره فٌه‪ ،‬وٌكون‬
‫ذلن فً األمور التً ال ٌمدر علٌها إال هللا سبحانه‪ ،‬كاالستعاذة‪ ،‬والمدد‪ ،‬وجلب الخٌر‪ ،‬ودفع‬
‫الضر‪ ،‬وإجابة الدعاء‪ ،‬واالستؽاثة‪ ،‬وطلب النجاح والشفاء‪ ،‬وطلب الولد والرزق‪.‬‬
‫والثانً‪ :‬ونوع هو فً ممدور الناس ‪ :‬كاالستعانة بشخص فً حمل شًء ال ٌستطٌع حمله‪ ،‬أو‬
‫االستعانة به فً إنهاء معاملة أو مصلحة مشروعة‪ ،‬أو االستعانة به فً أن ٌشفع له شفاعة حسنة‬
‫لدى مسبول للتوصل إلى حمه‪ ،‬أو لدفع الضرر عنه‪ ،‬كذلن كل ما ٌعجز عنه اإلنسان فً أمور‬
‫الدنٌا وٌحتاج إلى مساعدة ؼٌره فٌه‪ ،‬وٌكون ذلن فً األمور التً تدخل فً لدرة اإلنسان‬
‫وتصرفه‪ ،‬فهً استعانة جابزة مشروعة‪.‬‬
‫فإن لال لابل‪ :‬وهل االستعانة بالمخلوق جابزة فً جمٌع األحوال؟‬
‫فالجواب‪ :‬ال؛ االستعانة بالمخلوق إنما تجوز حٌث كان المستعان به لادرا ً علٌها؛ وأما‬
‫إذا لم ٌكن لادرا ً فإنه ال ٌجوز أن تستعٌن به‪ :‬كما لو استعان بصاحب لبر فهذا حرام؛ بل شرن‬
‫أكبر؛ ألن صاحب المبر ال ٌؽنً عن نفسه شٌباً؛ فكٌؾ ٌعٌنه!!! وكما لو استعان بؽابب فً أمر‬

‫(ٔ)مجمع الزوابد ٗ‪ ،51 /‬ولال ‪ :‬رواه أبو ٌعلى‪ ،‬ورواه الطبرانً فً األوسط رلم ‪.152‬‬
‫(ٕ)متفك علٌه‪ :‬رواه البخاري رلم ٓ٘ باب سإال جبرٌل ٔ‪ ،ٕ2 /‬ومسلم رلم ‪ 5‬كتاب اإلٌمان ٔ‪.ٖ5 /‬‬
‫(ٖ)رواه مسلم رلم ‪ ٔٓٓٙ‬باب بٌان أن اسم الصدلة ٌمع على كل نوع من المعروؾ ٕ‪.ٙ52 /‬‬
‫(ٗ)أخرجه البخاري صٕٖٕ‪ ،‬كتاب الجهاد‪ ،‬باب ٕ‪ :2‬فضل من حمل متاع صاحبه فً السفر حدٌث رلم‬
‫ٔ‪ٕ15‬؛ وأخرجه مسلم ص‪ ،1ٖ2‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب ‪ :ٔٙ‬بٌان أن اسم الصدلة ٌمع على كل نوع من المعروؾ‪،‬‬
‫حدٌث رلم ٖٖٕ٘ [‪ ،ٔٓٓ5 ]٘ٙ‬واللفظ لمسلم‪.‬‬
‫ً الذي فً شرق الدنٌا ٌعٌنه على مهمته فً بلده‪ :‬فهذا أٌضا ً‬ ‫ال ٌمدر علٌه‪ ،‬مثل أن ٌعتمد أن الول ّ‬
‫شرن أكبر؛ ألنه ال ٌمدر أن ٌعٌنه وهو هنان‪.‬‬
‫فإن لال لابل‪ :‬هل ٌجوز أن ٌستعٌن المخلوقَ فٌما تجوز استعانته به؟‬
‫سر بذلن‪،‬‬ ‫فالجواب‪ :‬األولى أن ال ٌستعٌن بؤحد إال عند الحاجة‪ ،‬أو إذا علم أن صاحبه ٌُ َ‬
‫فٌستعٌن به من أجل إدخال السرور علٌه؛ وٌنبؽً لمن طلبت منه اإلعانة على ؼٌر اإلثم‬
‫والعدوان أن ٌستجٌب لذلن‪.‬‬
‫‪-1‬ومن الفوابد أن كلمة االستعانة تُشعر بوجوب العمل‪ ،‬واألخذ باألسباب‪ ،‬ألن االستعانة طلب‬
‫العون من هللا تعالى على أداء عمل أو إتمامه‪ ،‬وذلن فً كل ما لئلنسان فٌه كسب‪ ،‬كطلب الشفاء‬
‫من هللا تعالى مع بذل سبب العبلج وأخذ الدواء‪ ،‬وطلب الرزق مع بذل السبب‪ ،‬وطلب النصر‬
‫على العدو مع مجاهدته وإعداد العدة‪ ،‬وطلب النجاح فً االمتحان من هللا تعالى مع الجد‬
‫واالجتهاد فً تحصٌل الدروس‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫وكل من ترن األخذ باألسباب ٌكون لد جانب الصواب‪ ،‬وكل من اعتمد على هللا تعالى‬
‫دون أن ٌبذل األسباب فمد أخطؤ االعتماد‪ ،‬فإن العبد ال ٌستؽنً عن العون اإللهً مهما أوتً من‬
‫لوة وحصافة‪ ،‬والبد له من العمل والتوكل‪ ،‬وال ٌنفع التوكل بدون عمل‪ ،‬وال ٌنفع عمل بدون‬
‫توكل واستعانة‪.‬‬
‫ٌن}‪ ،‬على توحٌد الربوبٌة واالستعانة‬ ‫‪ -5‬ومن الفوابد اشتمال هذه اآلٌة { ِإٌَّانَ نَ ْعبُ ُد وإٌَِّانَ نَ ْست َ ِع ُ‬
‫به سبحانه وتعالى ‪ ،‬وهً أفضل الوسابل لئلعانة على العبادة‪ ،‬والتعبد ٌكون باسم هللا‪ ،‬واسم‬
‫الرحمن‪ ،‬واسم الرب‪ ،‬والمسلم ٌعبد هللا تعالى بؤلوهٌته‪ ،‬وٌستعٌن بربوبٌته‪.‬‬
‫عن الحسن ‪ :‬أن هللا تعالى أنزل مبة وأربعة كتب جمع معانٌها فً أربعة هن ‪ :‬التوراة‪،‬‬
‫واإلنجٌل‪ ،‬والمرآن‪ ،‬والزبور‪ ،‬وجمع معانٌها فً المرآن‪ ،‬وجمع معانً المرآن فً الفاتحة‪ ،‬وجمع‬
‫ٌن}(ٔ)‪.‬‬ ‫معانً الفاتحة فً ‪ِ { :‬إٌَّانَ نَ ْعبُ ُد وإٌَِّانَ نَ ْست َ ِع ُ‬
‫ٌِن "وعند التلفظ‬ ‫الر ِح ٌِم * َما ِل ِن ٌَ ْو ِم ال ّد ِ‬
‫مـن َّ‬ ‫الرحْ ِ‬ ‫ّلل َربّ ِ ْال َعالَ ِمٌنَ * َّ‬ ‫وإذا لرأ العبد" ْال َح ْم ُد ّ ِ‬
‫ٌن "تؽمره السكٌنة والطمؤنٌنة‪ ،‬ألنه لد توكل على هللا‪ ،‬وألمى إلٌه ممالٌد أموره‬ ‫بـ" و ِإٌَّانَ نَ ْست َ ِع ُ‬
‫فً الدنٌا واآلخرة‪ ،‬لعٌنه سبحانه على الوصول إلٌها‪.‬‬
‫المرآن‬
‫ست َ ِمٌ َم (‪[ })6‬الفاتحة ‪]6 :‬‬ ‫ص َرا َط ا ْل ُم ْ‬ ‫{ا ْه ِدنَا ال ِ ّ‬
‫التفسٌر‪:‬‬
‫دُلَّنا‪ ،‬وأرشدنا‪ ،‬ووفمنا إلى الطرٌك المستمٌم‪ ،‬وثبتنا علٌه حتى نلمان‪ ،‬وهو اإلسبلم‪ ،‬الذي هو‬
‫الطرٌك الواضح الموصل إلى رضوان هللا وإلى جنته‪ ،‬الذي د ّل علٌه خاتم رسله وأنبٌابه دمحم‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬فبل سبٌل إلى سعادة العبد إال باالستمامة علٌه‪.‬‬
‫ٌم} [الفاتحة ‪ " ،]ٙ :‬أي‪ :‬دلنا وأرشدنا ٌا رب إِلى‬ ‫ط ْال ُم ْست َ ِم َ‬‫ص َرا َ‬‫لوله تعالى‪{ :‬ا ْه ِدنَا ال ِ ّ‬
‫طرٌمن الحك ودٌنن المستمٌم"(ٕ)‪.‬‬
‫لال ابن أبً زمنٌن‪" :‬اي أرشدنا الطرٌك"(ٔ)‪.‬‬

‫(ٔ) كتاب الصبلة ابن المٌم وأخرجه البٌهمً عن الحسن فً "شعب اإلٌمان"‪ ،‬و ذكره كل من ابن تٌمٌة فً‬
‫مجموع الفتاوى‪ ،ٙٓ2/ٕٕ :‬وابن لٌم فً مدارج السالكٌن بٌن منازل إٌان نعبد وإٌان نستعٌن (ٔ‪.)5٘/‬‬

‫(ٕ) صفوة التفاسٌر‪.ٕٓ/ٔ:‬‬


‫لال النسفً‪ ":‬أي ثبتنا على المنهاج الواضح"(ٕ)‪.‬‬
‫لال الزجاج‪ :‬اي‪ :‬ثبتنا على المنهاج الواضح"(ٖ)‪.‬‬
‫ْس بمستمٌم"(ٗ)‪.‬‬ ‫لال مماتل‪ٌ ":‬عنً دٌن اإلسبلم‪ ،‬ألن ؼٌر دٌن اإلسبلم لٌَ َ‬
‫(٘)‬
‫لال الماسمً‪ ":‬أي ألهمنا الطرٌك الهادي‪ ،‬وأرشدنا إلٌه‪ ،‬ووفمنا له" ‪.‬‬
‫لال الخطٌب المكً‪:‬أي‪ ":‬نور للوبنا بهداٌتن الربانٌة لنعرؾ السبل الموصلة إلٌن‪ ،‬فؤنت‬
‫وحدن الذي تنعم بالهداٌة وتوفك من أردت إلى اتباع أوامرن اإللهٌة"(‪.)ٙ‬‬
‫لال البٌضاوي‪ ":‬بٌان للمعونة المطلوبة فكؤنه لال‪ :‬كٌؾ أعٌنكم فمالوا ا ْه ِدنَا‪ .‬أو إفراد لما‬
‫هو الممصود األعظم"(‪.)2‬‬
‫لال الطبري‪ ":‬وإنما وصفه هللا باالستمامة ‪ ،‬ألنه صواب ال خطؤ فٌه"(‪.)1‬‬
‫لال ابن عثٌمٌن‪ ":‬والمراد بـ "الهداٌة" هداٌة اإلرشاد‪ ،‬وهداٌة التوفٌك؛ فؤنت بمولن‪:‬‬
‫{اهدنا الصراط المستمٌم} تسؤل هللا تعالى علما ً نافعاً‪ ،‬وعمبلً صالحاً"(‪.)5‬‬
‫لال الراؼب ‪":‬الهداٌة‪ :‬داللة بلطؾ"(ٓٔ)‪.‬‬
‫وفً الصحاح‪ :‬الهداٌة بمعنى االرشاد والداللة(ٔٔ)‪ ،‬وٌمال‪ :‬هدٌتُهُ الطرٌكَ والبٌتَ هداٌة‪،‬‬
‫ع َّرفتُه به (ٕٔ)‪.‬‬
‫أي َ‬
‫(ٗٔ)‬ ‫(ٖٔ)‬
‫و{الصراط}‪ :‬هو الطرٌك السهل ‪ ،‬والسبٌل الواضح ‪.‬‬
‫ُّ‬
‫طارق‪ ،‬معتادًا كان أو ؼٌر معتادٍ‪ ،‬والسبٌل من الطرق‪ :‬ما‬ ‫ٌ‬ ‫فـ"الطرٌك‪ :‬هو كل ما ٌطرله‬
‫السلون‪ ،‬والصراط من السبٌل‪ :‬ما ال التِواء فٌِه وال اع ِوجاج‪ ،‬بل ٌكون على سبٌ ِل‬ ‫ِ‬ ‫هو ُمعتا ُد‬
‫(٘ٔ)‬
‫أخص منها" ‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫صدِ‪ ،‬فهو‬ ‫المَ ْ‬
‫(‪)ٔٙ‬‬
‫‪:‬‬ ‫تؤوٌبلن‬ ‫ٌم}[الفاتحة‪،]ٙ:‬‬ ‫صرا َ‬
‫ط ال ُم ْست َ ِم َ‬ ‫وفً لوله تعالى‪{:‬ا ْهدِنا ال ِ ّ‬
‫شدْنا ودُلَّنَا ‪.‬لاله علً بن أبً طالب ‪ ،‬وأب ّ‬
‫(ٔ)‬ ‫(‪)ٔ1‬‬ ‫(‪)ٔ2‬‬
‫ً بن كعب ‪ ،‬والسدي ‪،‬‬ ‫أر ُ‬
‫أحدهما ‪ :‬معناه ْ‬

‫(ٔ) تفسٌر ابن أبً زمنٌن‪.ٔٔ5/ٔ :‬‬


‫(ٕ) تفسٌر النسفً‪.ٖٕ/ٔ :‬‬
‫(ٖ) معانً المرآن‪[.ٗ5/ٔ :‬بتصرؾ بسٌط]‪.‬‬
‫(ٗ) تفسٌر مماتل بن سلٌمان‪.ٖٙ/ٔ :‬‬
‫(٘) محاسن التؤوٌل‪.ٕٖٓ/ٔ :‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر الخطٌب المكً‪.ٖٔ/ٔ :‬‬
‫(‪ )2‬تفسٌر البٌضاوي‪.ٖٓ/ٔ:‬‬
‫(‪ )1‬تفسٌر الطبري‪.ٔ22/ٔ :‬‬
‫(‪ )5‬تفسٌر ابن عثٌمٌن‪.ٔٙ/ٔ:‬‬
‫(ٓٔ)المفردات فً ؼرٌب المرآن‪ :‬مادة هدى‪ ،:‬ص ‪.ٖ٘1‬‬
‫(ٔٔ)الصحاح‪ :‬مادة‪ :‬ال ُهدى‪ ،:‬ج‪ ،ٙ‬صٖٖٕ٘‪.‬‬
‫(ٕٔ)المصباح المنٌر مادة (شَا َء) و( َه َدى) ٔ‪.ٖٖٗ/‬‬
‫(ٖٔ)والطرٌك عمو ًما ال ٌمتضً السهولة؛ انظر الفروق اللؽوٌة للعسكري (‪ ،)ٔ/ٕ51‬ولال فً الماموس المحٌط‬
‫وجس ٌْر َم ْمدُو ٌد على متْ ِن َج َهنَّ َم‪".‬‬ ‫ُ‬
‫الطرٌك‪ِ ،‬‬ ‫ط ‪ -‬بالكسر ‪: -‬‬‫صرا ُ‬
‫(ص٘‪" :)ٙ2‬ال ِ ّ‬
‫(ٗٔ)لسان العرب (‪.)ٖٖٔ /2‬‬
‫(٘ٔ)لكلٌات؛ ألبً البماء الكفوي (صٖٔ٘)‪.‬‬
‫(‪ )ٔٙ‬انظر‪ :‬النكت والعٌون‪.٘1/ٔ:‬‬
‫(‪ )ٔ2‬انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪.ٔٔ1/ٔ:‬‬
‫(‪)ٔ1‬انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪.ٔٔ1/ٔ:‬‬
‫ومماتل(ٕ)‪.‬‬
‫والثانً ‪ :‬معناه ألهمنا (وفمنا)‪ ،‬وهذا لول ابن عباس(ٖ)‪.‬‬
‫و«الهداٌة»‪ :‬لد ٌؤتً فً كبلم العرب‪ :‬بمعنى التوفٌك(ٗ)‪ ،‬فمن ذلن لول الشاعر(٘)‪:‬‬
‫َوال أ ُكون َْن كمن ْأو َدى به ال َّ‬
‫سفَ ُر‬ ‫ال تَحْ ِر َمنًِّ َهدَانَ هللا َمسْؤلتًِ‬
‫ٌعنى به ‪ :‬وفَّمن هللا لمضاء حاجتً‪ .‬ومنه لول اآلخر ‪:‬‬
‫(‪)ٙ‬‬

‫مام َممَاال‬ ‫فإن لك ِّل َم ٍ‬ ‫ّ‬ ‫وال ت ُ ْع ِجلَ ِنًّ ه َداَن الملٌنُ‬
‫فمعلوم أنه إنما أراد ‪ :‬وفمن هللا إلصابة الحك فً أمري‪.‬‬
‫ٌشر ُح للحك‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫الظا ِل ِمٌنَ }‪ ،‬أي‪ ":‬ال ٌُو ِفمهم ‪ ،‬وال‬ ‫َّللاُ ال ٌَ ْهدِي ْالمَ ْو َم َّ‬ ‫{و َّ‬
‫ثناإه‪َ :‬‬ ‫ومنه لول هللا جل‬
‫(‪)2‬‬
‫صدورهم" ‪.‬‬
‫َ‬ ‫واإلٌمان‬
‫(‪)1‬‬
‫وذكر السمٌن الحلبً وجوها فً معنى (الهداٌة) ‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬اإلرشاد‪.‬‬
‫والثانً‪ :‬الداللة‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫والثالث‪ :‬التمدم‪ ،‬ومنه هوادي الخٌل لتمدمها لال امرإ المٌس ‪:‬‬
‫جواحرها فً صرة لم تزٌل‬ ‫فؤلحمه بالهادٌات ودونه‬
‫فموله ‪:‬الهادٌات‪ ،‬أي‪ :‬أوابل بمر الوحش‪.‬‬
‫{وأ َ َّما ث َ ُمو ُد فَ َه َد ٌْنَا ُه ْم } [فصلت‪ . ]ٔ2 :‬أي بٌنا لهم‪.‬‬ ‫والرابع‪ :‬التبٌٌن نحو‪َ :‬‬
‫ًَءٍ خَلمَهُ ث ُ َّم َه َدى} [طه‪ ]٘ٓ :‬أي ألهمه لمصالحه‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫طى ُك َّل ش ْ‬ ‫َ‬
‫والخامس‪ :‬اإللهام‪ ،‬نحو‪ { :‬أ ْع َ‬
‫والسادس‪ :‬الدعاء كموله تعالى‪َ { :‬و ِل ُك ِّل لَ ْو ٍم هَا ٍد } [الرعد‪ ،]2 :‬أي‪ :‬داع‪.‬‬
‫والسابع‪ :‬ولٌل هو المٌل‪ ،‬ومنه {إنا هدنآ إلٌن} [األعراؾ‪ ، ]٘ٙ :‬والمعنى‪ :‬مل بملوبنا إلٌن‪ ،‬لال‬
‫السمٌن الحلبً‪":‬وهذا ؼلط‪ ،‬فإن تٌن مادة أخرى من هاد ٌهود"(ٓٔ)‪.‬‬
‫لال الحسن بن الفضل‪(" :‬الهدى) فً المرآن على وجهٌن‪:‬‬
‫صراطٍ ُم ْست َ ِم ٌٍم }[الشورى‪،]ٕ٘:‬‬ ‫{و ِإنَّنَ لَت َ ْه ِدي ِإلى ِ‬ ‫الوجه األول‪ :‬هدى دعاء وبٌان كموله‪َ :‬‬
‫صلت‪.]ٔ2:‬‬ ‫و{وأ َ َّما ث َ ُمو ُد فَ َه َدٌْنا ُه ْم}[ف ّ‬
‫ولوله‪{:‬و ِل ُك ِّل لَ ْو ٍم هادٍ}[الرعد‪َ ،]2:‬‬
‫َ‬
‫ُض ُّل َم ْن ٌَشا ُء َو ٌَ ْهدِي َم ْن ٌَشا ُء}[النحل‪،]5ٖ:‬‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫{‬ ‫كموله‪:‬‬ ‫وتسدٌد‬ ‫توفٌك‬ ‫هدى‬ ‫الثانً‪:‬‬ ‫الوجه‬
‫ولوله‪ِ {:‬إنَّنَ ال ت َ ْهدِي َم ْن أَحْ بَبْتَ }[المصص‪. "]٘ٙ:‬‬
‫(ٔ)‬

‫(ٔ)انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪.ٔٔ5/ٔ:‬‬


‫(ٕ)انظر‪ :‬تفسٌر مماتل بن سلٌمان‪ ،ٖٙ/ٔ :‬وتفسٌر الثعلبً‪.ٔٔ5/ٔ:‬‬
‫(ٖ)انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(ٖ‪:)ٔ2‬صٔ‪ ،ٔٙٙ/‬وتفسٌر ابن أبً حاتم(ٖٔ)‪ ،‬و(‪:)ٖٙ‬صٔ‪.ٖٓ/‬‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري‪.ٔٙ2/ٔ :‬‬
‫(٘) لم أتعرؾ على لابله‪ ،‬والبٌت من شواهد الطبري‪ ،ٔٙ2/ٔ :‬وفً أمالً المرتضى‪ ،ٔٙٓ/ٔ:‬من ابٌات لودلة‬
‫األسدي ٌمولها لمعن بن زابدة‪.‬‬
‫(‪)ٙ‬نسبه المفضل بن سلمة فً الفاخر ‪ ، ٕٖ٘ :‬ولال ‪ " :‬أول من لال ذلن طرفة بن العبد ‪ ،‬فً شعر ٌعتذر فٌه‬
‫إلى عمرو بن هند " ‪ ،‬ولٌس فً دٌوانه ‪ ،‬وانظر أمثال المٌدانً ٕ ‪. ٕٔ٘ /‬‬
‫(‪ )2‬تفسٌر الطبري‪.ٔٙ2/ٔ:‬‬
‫(‪)1‬انظر‪ :‬الدر المصون‪.ٖٙ/ٔ :‬‬
‫(‪ )5‬دٌوانه‪ ،ٕٕ :‬وانظر‪ :‬شرح المعلمات السبع للزوزنً‪ ،ٖٔ :‬إذ الرواٌة فٌه (فالحمنا)‪ .‬وجواحرها‪،‬أي‪:‬‬
‫متخلفاتها‪ .‬لم تزٌل‪ :‬لم تتفرق‪.‬‬
‫(ٓٔ) الدر المصون‪.ٖٙ/ٔ :‬‬
‫وأما {الصراط}‪ ،‬ففٌه ثبلثة ألوال(ٕ) ‪:‬‬
‫أحدها ‪ :‬أنه السبٌل المستمٌم ‪ ،‬ومنه لول جرٌر(ٖ) ‪:‬‬
‫إ َذا اع َْو َّج ْال َم َو ِار ُد ُم ْست َ ِمٌم‬ ‫صراطٍ‬ ‫علَى ِ‬ ‫مٌر ْال ُمإْ ِمنٌِنَ َ‬
‫أَ ُ‬
‫(ٗ)‬
‫ٌرٌد على طرٌك الحك ‪.‬‬
‫ومنه لول ال ُهذلً أبً ذُ َإٌْب ‪:‬‬
‫(٘)‬

‫اط‬
‫ص َر ِ‬ ‫تر ْكنَاها أ َ َد َّق ِمنَ ال ِ ّ‬ ‫صبَحْ نَا أ َ ْر َ‬
‫ض ُه ْم بال َخ ٌْ ِل َحتّى‬ ‫َ‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫ولال عامر بن الطفٌل ‪:‬‬
‫تركناهم أذل من الصراط‬ ‫خشونا أرضهم بالخٌل حتّى‬
‫ص َراطٍ تُو ِعدُون} [ األعراؾ ‪:‬‬ ‫ْ‬
‫تعالى‪{:‬والَ تَمعُدُوا بِ ُك ِّل ِ‬
‫َ‬ ‫والثانً ‪ :‬أنه الطرٌك الواضح‪ ،‬ومنه لوله‬
‫‪ ،] 1ٙ‬ولال الشاعر(‪: )2‬‬
‫اص ِد‬‫اط ْالمَ ِ‬‫ص َر ِ‬‫ع ْن نَ ْهجِ ال ِ ّ‬‫ص َّد َ‬‫فَ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫والثالث‪ :‬أن الصراط‪ :‬الطرٌك‪ ،‬بلؽة الروم‪ .‬لاله النماش ‪.‬‬
‫لال ابن عطٌة‪ ":‬وهذا ضعٌؾ جدا"(‪.)5‬‬
‫لال الماوردي‪ :‬و{الصراط}‪ " :‬مشتك من ُم ْست ََر ِط الطعام ‪ ،‬وهو ممره فً الحلك"(ٓٔ) ‪.‬‬
‫المستمٌم}‪ ،‬هو‪:‬‬‫َ‬ ‫أن {الصرا َ‬
‫ط‬ ‫لال الطبري‪" :‬أجم َعت األ َّمةُ من أهل التؤوٌل جمٌعًا على َّ‬
‫(ٔٔ)‬
‫الطرٌك الواض ُح الذي ال اعوجاج فٌه‪ ،‬وكذلن ذلن فً لؽة جمٌع العرب" ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫أن ٌكون طرٌمًا‬ ‫لال ابن المٌم رحمه هللا‪" :‬و{الصراط}‪ :‬ما َج َمع خمسةَ أوصاؾ‪ْ :‬‬
‫العرب الطرٌكَ ال ُم ْع َوجَّ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫مستمٌ ًما‪ ،‬سهبلً‪ ،‬مسلو ًكا‪ ،‬واسعًا‪ ،‬موصبلً إلى الممصود‪ ،‬فبل تُس ِ ّمً‬
‫الصعب المشك‪ ،‬وال المسدود ؼٌر الموصل‪ ،‬و َمن تؤ َّم َل موار َد الصراط فً لسانهم‬ ‫َ‬ ‫طا‪ ،‬وال‬ ‫صرا ً‬
‫طا حتى تتض َّمن خمسةَ أمور‪ :‬االستمامةَ‪،‬‬ ‫الطرٌك صرا ً‬ ‫ُ‬ ‫واستعمالهم‪ ،‬تبٌَّن له ذلن‪ ...‬وال تكون‬
‫(ٕٔ)‬
‫للمارٌن علٌه‪ ،‬وتعٌُّنَه طرٌمًا للممصود" ‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ب‪ ،‬وسعت َه‬ ‫واإلٌصا َل إلى الممصود‪ ،‬والمُ ْر َ‬

‫(ٔ) تفسٌر الثعلبً‪.ٔٔ5/ٔ:‬‬


‫(ٕ) انظر‪ :‬النكت والعٌون‪.٘1/ٔ:‬‬
‫(ٖ)) دٌوانه ‪ٌ ، ٘ٓ2 :‬مدح هشام بن عبد الملن ‪ .‬والموارد جمع موردة ‪ :‬وهً الطرق إلى الماء ‪ٌ .‬رٌد الطرق‬
‫التً ٌسلكها الناس إلى أؼراضهم وحاجاتهم ‪ ،‬كما ٌسلكون الموارد إلى الماء‪.‬‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري‪.ٔ2ٓ/ٔ :‬‬
‫(٘) نسبه إلٌه الطبري‪ ،ٔ2ٓ/ٔ :‬والبٌت لٌس فً دٌوانه‪ ،‬ونسبه المرطبً فً تفسٌره ٔ ‪ ٕٔ1 :‬لعامر بن الطفٌل‬
‫‪ ،‬ولٌس فً دٌوا نه ‪ ،‬فإن ٌكن هذلٌا ‪ ،‬فلعله من شعر المتنخل ‪ ،‬وله لصٌدة فً دٌوان الهذلٌٌن ٕ ‪، ٕ1 - ٔ1 /‬‬
‫على هذه المافٌة ‪ .‬ولعمرو بن معد ٌكرب أبٌات مثلها رواها المالً فً النوادر ٖ ‪. ٔ5ٔ /‬‬
‫(‪ )ٙ‬انظر‪ :‬الفروق اللؽوٌة‪ ،ٖٖٔ :‬وتفسٌر الثعلبً‪.ٔٔ5/ٔ:‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬النكت والعٌون‪ ،ٔ،٘1 :‬وتفسٌر الطبري‪ ،ٔ2ٓ/ٔ :‬ومجاز المرآن‪ ،ٕٗ/ٔ :‬والمحرر الوجٌز‪،2ٗ/ٔ :‬‬
‫وتفسٌر المرطبً‪ ،ٕٔ1/ٔ :‬وفٌه‪" :‬الصراط الواضح"‪ .‬وهو ببل نسبة‪.‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬المحرر الوجٌز‪.2ٗ/ٔ :‬‬
‫(‪)5‬المحرر الوجٌز‪.2ٗ/ٔ :‬‬
‫(ٓٔ) النكت والعٌون‪.٘1/ٔ:‬‬
‫(ٔٔ)تفسٌر الطبري (ٔ‪.)ٔ2ٓ /‬‬
‫(ٕٔ)دابع الفوابد (ٕ‪.)ٔٙ /‬‬
‫وفً الدعاء بهذه الهداٌة ‪ ،‬ثبلثة تؤوٌبلت(ٔ) ‪:‬‬
‫أحدها ‪ :‬أنهم دعوا باستدامة الهداٌة ‪ ،‬وإن كانوا لد ُهدُوا ‪.‬‬
‫والثانً ‪ :‬معناه زدنا هداٌةً‪ .‬وضعفه الطبري(ٕ)‪.‬‬
‫لال الزمخشري‪ ":‬ومعنى طلب الهداٌة‪ -‬وهم مهتدون‪ -‬طلب زٌادة الهدى بمنح اإللطاؾ‪،‬‬
‫{والَّذٌِنَ جا َهدُوا فٌِنا لَنَ ْه ِدٌَنَّ ُه ْم ُ‬
‫سبُلَنا}"(ٖ)‪.‬‬ ‫{والَّذٌِنَ ا ْهت َ َد ْوا زا َد ُه ْم ُهد ً‬
‫ى} ‪َ ،‬‬ ‫كموله تعالى‪َ :‬‬
‫ً‬
‫والثالث ‪ :‬أنهم دعوا بها إخبلصا للرؼبة ‪ ،‬ورجا ًء لثواب الدعاء ‪.‬‬
‫واختلفوا فً المراد بالصراط المستمٌم ‪ ،‬على ألوال(ٗ) ‪:‬‬
‫أحدها ‪ :‬أنه كتاب هللا تعالى ‪ ،‬وهو لول علً(٘)‪ ،‬وعبد هللا (‪ ،)ٙ‬وٌ ُْر َوى عن النبً ‪-‬صلى هللا علٌه‬
‫وسلم‪. )2(-‬‬
‫والثانً ‪ :‬أنه دٌن هللا اإلسبلم ‪ ،‬وهو لول جابر بن عبد هللا (‪ ،)1‬ودمحم بن الحنفٌة(‪ ،)5‬وزٌد بن‬
‫أسلم(ٓٔ)‪ ،‬وابن عباس(ٔٔ) فً رواٌة مٌمون بن مهران عنه‪ ،‬ورواه نواس بن سمعان األنصاري‬
‫عن النبً ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪. )ٕٔ(-‬‬
‫والثالث ‪ :‬أنه الطرٌك الهادي إلى دٌن هللا تعالى ‪ ،‬الذي ال عوج فٌه ‪ ،‬وهو لول ابن عباس (ٖٔ)‪،‬‬
‫ومجاهد(ٗٔ)‪.‬‬
‫والرابع ‪ :‬هو رسول هللا‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ -‬وأخٌار أهل بٌته وأصحابه ‪ ،‬وهو لول الحسن البصري(٘ٔ)‪ ،‬وأبً‬
‫العالٌة الرٌاحً(‪ ،)ٔٙ‬وأبً برٌدة(‪.)ٔ2‬‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬النكت والعٌون‪.٘5-٘1/ٔ:‬‬


‫(ٕ) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري‪.ٔٙ1-ٔٙ2/ٔ :‬‬
‫(ٖ) الكشاؾ‪.ٔ٘/ٔ :‬‬
‫(ٗ)انظر‪ :‬النكت والعٌون‪ ،٘5/ٔ:‬وتفسٌر الثعلبً‪.ٕٔٓ-ٔٔ5/ٔ:‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(‪:)ٔ2ٙ‬صٔ‪ ،ٔ2ٖ/‬وتفسٌر الثعلبً‪.ٕٔٓ/ٔ:‬‬
‫(‪ )ٙ‬انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(‪:)ٔ22‬صٔ‪ ،ٔ2ٖ/‬وتفسٌر الثعلبً‪.ٕٔٓ/ٔ:‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه ابن أبً حاتم(ٕٖ)‪:‬صٔ‪ .ٖٓ/‬لال ابن كثٌر‪« :‬ولصارى هذا الحدٌث أن ٌكون من كبلم أمٌر‬
‫المإمنٌن على رضى هللا عنه‪ ،‬ولد وهم بعضهم فً رفعه‪ ،‬وهو كبلم حسن صحٌح‪ ،‬على أنه لد روى له شاهد‬
‫عن عبد هللا بن مسعود رضً هللا عنه عن النبً ملسو هيلع هللا ىلص» ٔ‪.ٕٔ /‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(‪:)ٔ21‬صٔ‪ ،ٔ2ٖ/‬وتفسٌر الثعلبً‪.ٕٔٓ/ٔ:‬‬
‫(‪)5‬انظر‪:‬تفسٌر الطبري(ٔ‪:)ٔ1‬صٔ‪ ،ٔ2٘/‬والنكت والعٌون‪ ،٘5/ٔ:‬وتفسٌر الثعلبً‪.ٕٔٓ/ٔ :‬‬
‫(ٓٔ) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(٘‪:)ٔ1‬صٔ‪.ٔ2ٙ/‬‬
‫(ٔٔ) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(ٓ‪:)ٔ1‬صٔ‪.ٔ2٘/‬‬
‫(ٕٔ) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري‪ ،)ٔ1ٙ( :‬و(‪:)ٔ12‬صٔ‪ ،ٔ2ٙ/‬وتفسٌر ابن أبً حاتم(ٖٖ)‪:‬صٔ‪ .ٖٓ/‬لال ابن‬
‫كثٌر‪ :‬وهو إسناد حسن صحٌح"‪.ٕٔ /ٔ.‬‬
‫وتفسٌر ابن أبً‬ ‫(ٖٔ)انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(ٖ‪:)ٔ2‬صٔ‪ ،ٔٙٙ/‬و(‪:)ٔ25‬صٔ‪،ٔ2٘-ٔ2ٗ/‬‬
‫حاتم(‪:)ٖٙ‬صٔ‪.ٖٓ/‬‬
‫(ٗٔ) انظر‪ :‬تفسٌر ابن أبً حاتم(ٖ٘)‪:‬صٔ‪.ٖٓ/‬‬
‫(٘ٔ)انظر‪ :‬النكت والعٌون‪ ،٘5/ٔ:‬وتفسٌر الثعلبً‪.ٕٔٓ/ٔ:‬‬
‫(‪)ٔٙ‬انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(ٗ‪:)ٔ1‬صٔ‪ ،ٔ2٘/‬والنكت والعٌون‪ ،٘5/ٔ:‬وتفسٌر الثعلبً‪ ،ٕٔٓ/ٔ:‬والكامل البن‬
‫عدي‪.ٖٔٙ /ٖ :‬‬
‫(‪ )ٔ2‬انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪ ،ٕٔٓ/ٔ:‬وتفسٌر أبً حمزة الثمالً‪ ،ٔٙ2 :‬وشواهد التنزٌل‪ 2ٗ /ٔ :‬ح ‪ ،1ٙ‬ونهج‬
‫االٌمان البن جبر عن كتاب ابن شاهٌن‪.٘ٗ :‬‬
‫والخامس‪ :‬أنه طرٌك السواد األعظم‪ .‬لاله عبدالعزٌز بن ٌحٌى(ٔ)‪.‬‬
‫الوراق(ٕ)‪.‬‬
‫والسادس‪ :‬أنه ٌعنً صراطا ال تزٌػ به األهواء ٌمٌنا وشماال‪ .‬لاله أبو بكر ّ‬
‫والسابع‪ :‬أنه ٌعنً طرٌك الخوؾ والرجاء‪ .‬لاله دمحم بن علً النهدي(ٖ)‪.‬‬
‫والثامن‪ :‬أنه طرٌك العبودٌة‪ .‬لاله أبو عثمان الدارانً(ٗ)‪.‬‬
‫والتاسع‪ :‬أنه طرٌك السنّة والجماعة ألن البدعة ال تكون مستمٌمة‪ .‬لاله عبدهللا التستري(٘)‪.‬‬
‫ُض َّل أَعْمالَ ُه ْم َ‬
‫سٌَ ْهدٌِ ِه ْم‬ ‫َّللاِ فَلَ ْن ٌ ِ‬
‫سبٌِ ِل َّ‬ ‫والعاشر‪ :‬أنه سإال الجنة‪ ،‬لموله تعالى‪َ :‬والَّذٌِنَ لُتِلُوا فًِ َ‬
‫ت ٌَ ْهدٌِ ِه ْم َربُّ ُه ْم بِإٌِمانِ ِه ْم‬‫صا ِلحا ِ‬ ‫ع ِملُوا ال َّ‬ ‫ص ِل ُح بالَ ُه ْم [دمحم‪ ،]٘ -ٗ :‬ولال‪ :‬إِ َّن الَّذٌِنَ آ َمنُوا َو َ‬ ‫َوٌُ ْ‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫[ٌونس‪ ]5 :‬اآلٌة ‪.‬‬
‫ً فذلن سبب الخبلص‪ ،‬وهو المعبّر عنه بالنور فً‬ ‫الحادي عشر‪ :‬أن المعنى‪ :‬علمنا العلم الحمٌم ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫ور ِه َم ْن ٌَشا ُء [النور‪. ]ٖ٘ :‬‬ ‫َّللاُ ِلنُ ِ‬
‫لوله‪ْ ٌَ :‬هدِي َّ‬
‫ْ‬
‫اّللِ ٌَ ْه ِد لَلبَهُ [التؽابن‪:‬‬ ‫الثانً عشر‪ :‬أن المراد‪ :‬زدنا هدى استنجاحا لما وعدت بمولن‪َ :‬و َم ْن ٌُإْ ِم ْن بِ َّ‬
‫ى [دمحم‪.)1( ]ٔ2 :‬‬ ‫ٔٔ] ‪ .‬ولولن‪َ :‬والَّذٌِنَ ا ْهت َ َد ْوا زا َد ُه ْم ُهد ً‬
‫الثالث عشر‪ :‬أن المراد‪ :‬احرسنا عن استؽواء الؽواة واستهواء الشهوات‪ ،‬واعصمنا من الشبهات‬
‫(‪.)5‬‬
‫الرابع عشر‪ :‬أنه عنى الهداٌة العامة‪ ،‬وأمر أن ندعو بذلن‪ -‬وإن كان هو لد فعله ال محالة‪-‬‬
‫لٌزٌدنا ثوابا بالدعاء‪ ،‬كما أمرنا أن نمول‪ :‬اللهم ص ّل على دمحم (ٓٔ)‪.‬‬
‫لال ابن كثٌر‪" :‬وكل هذه األلوال صحٌحة وهً متبلزمة فإن من اتبع النبً صلى هللا‬
‫علٌه وسلم والتدى بالذٌن من بعده أبً بكر وعمر فمد اتبع الحك‪ ،‬ومن اتبع الحك فمد اتبع‬
‫اإلسبلم‪ ،‬ومن اتبع اإلسبلم فمد اتبع المرآن"(ٔٔ)‪.‬‬
‫ولال الماسمً‪ ":‬فهذه األلاوٌل اختلفت باختبلؾ أنظارهم إلى أبعاض الهداٌة وجزبٌاتها‪،‬‬
‫والجمٌع ٌصح أن ٌكون مرادا باآلٌة‪ -‬إذ ال تنافً بٌنها‪ -‬وباهلل التوفٌك» كبلم الراؼب‪ .‬وبه ٌعلم‬
‫تحمٌك معنى الهداٌة فً سابر موالعها فً التنزٌل الكرٌم‪ ،‬وأن الوجوه المؤثورة فً آٌة ما‪ -‬إذا لم‬
‫تنوع ال اختبلؾ تضادّ"(ٕٔ)‪.‬‬ ‫تتناؾ‪ -‬صح إرادتها كلها‪ ،‬ومثل هذا ٌسمى‪ :‬اختبلؾ ّ‬
‫ط ْال ُم ْست َ ِم َ‬
‫(ٖٔ)‬
‫ٌم} [الفاتحة ‪ ،]ٙ :‬على وجوه ‪:‬‬ ‫ص َرا َ‬
‫واختلفت المراءة فً لوله تعالى‪{:‬ا ْه ِدنَا ال ِ ّ‬
‫(أرشدنا)‪ ،‬لرأ بها عبدهللا ابن مسعود(ٔ)‪.‬‬ ‫أحدها‪ْ :‬‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪.ٕٔٔ/ٔ:‬‬


‫(ٕ) انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪.ٕٔٔ/ٔ:‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪.ٕٔٔ/ٔ:‬‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪.ٕٔٔ/ٔ:‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪.ٕٔٔ/ٔ:‬‬
‫(‪ )ٙ‬انظر‪ :‬محاسن التؤوٌل‪.ٕٖٕ/ٔ :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬محاسن التؤوٌل‪.ٕٖٕ/ٔ :‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬محاسن التؤوٌل‪.ٕٖٕ/ٔ :‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬محاسن التؤوٌل‪.ٕٖٕ/ٔ :‬‬
‫(ٓٔ) انظر‪ :‬محاسن التؤوٌل‪.ٕٖٕ/ٔ :‬‬
‫(ٔٔ) تفسٌر ابن كثٌر‪.ٕٔ/ٔ:‬‬
‫(ٕٔ) محاسن التؤوٌل‪.ٕٖٖ-ٖٕٔ/ٔ :‬‬
‫(ٖٔ) انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪ ،ٔٔ5/ٔ :‬وتفسٌر المرطبً‪ ،ٔٗ1-ٔٗ2/ٔ :‬والبحر المحٌط‪.ٗ٘/ٔ :‬‬
‫ط)‪ ،‬لرأ بها نافع‪ ،‬أبو عمرو‪ ،‬ابن عامر‪ ،‬عاصم‪ ،‬الكسابً‪ ،‬لالون‪ ،‬ورش‪،‬‬ ‫ص َرا َ‬ ‫والثانً‪( :‬ال ِ ّ‬
‫خلؾ‪ ،‬خبلد‪ ،‬لنبل‪.‬‬
‫صراط)‪ :‬بٌن الصاد والزاي‪ ،‬لرأ بها حمزة‪ ،‬وأبو عمرو‪ ،‬خلؾ‪ ،‬خبلد‪ ،‬الدوري‪ ،‬ابن‬ ‫والثالث‪(:‬ال ّ‬
‫سعدان‪.‬‬
‫والرابع‪( :‬الزراط)‪ ،‬لراءة حمزة برواٌة األصمعً عن أبً عمرو‪.‬‬
‫والخامس‪( :‬السراط)‪ ،‬بالسٌن‪ ،‬لرأ بها ابن كثٌر برواٌة المواس‪ ،‬الكسابً‪ ،‬ابو عمرو‪ ،‬لنبل‪ ،‬ابن‬
‫مجاهد‪ ،‬و ٌعموب‪ ،‬روٌس اللإلوي‪ ،‬وابن محٌصن‪.‬‬
‫(ٕ)‬
‫و(السراط)‪" :‬من االتراط بمعنى االبتبلع‪ ،‬كؤن الطرٌك ٌسترط من ٌسلكه ‪.‬‬
‫والسادس‪(:‬صراطا ً مستمٌماً)‪ ،‬بالتنوٌن من ؼٌر الم التعرٌؾ‪ ،‬لرأ بها نصر بن علً عن الحسن‪.‬‬
‫لال الثعلبً‪ ":‬وكلّها لؽات فصٌحة صحٌحة‪ّ ،‬إال إن االختٌار‪( :‬الصاد)‪ ،‬لموافمة‬
‫المصحؾ ألنها كتبت فً جمٌع المصاحؾ بالصاد‪ .‬وألن آخرتها بالطاء ألنهما موافمتان فً‬
‫االطباق واالستعبلء"(ٖ)‪.‬‬
‫لال الفراء‪" :‬اللؽة الجٌدة بالصاد‪ ،‬وهً لؽة لرٌش األول‪ ،‬وعامة العرب ٌجعلونها سٌنا‪،‬‬
‫وبعض لٌس ٌشمون الصاد‪ ،‬فٌمول‪( :‬الصراط) بٌن الصاد والسٌن‪ ،‬وكان حمزة ٌمرأ(الزراط)‬
‫بالزاي‪ ،‬وهً لؽة لعذرة وكلب وبنً المٌْن"(ٗ)‪.‬‬
‫الفوائد‪:‬‬
‫عز وج ّل بعد استعانته به على العبادة أن ٌهدٌه‬ ‫ٔ‪ -‬من فوابد اآلٌة‪ :‬لجوء اإلنسان إلى هللا ّ‬
‫الصراط المستمٌم؛ ألنه ال بد فً العبادة من إخبلص؛ ٌدل علٌه لوله تعالى‪{ :‬إٌان نعبد} ؛ ومن‬
‫استعانة ٌتموى بها على العبادة؛ ٌدل علٌه لوله تعالى‪{ :‬وإٌان نستعٌن} ؛ ومن اتباع للشرٌعة؛‬
‫ٌدل علٌه لوله تعالى‪{ :‬اهدنا الصراط المستمٌم} ؛ ألن {الصراط المستمٌم} هو الشرٌعة التً جاء‬
‫بها الرسول ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬ومن فوابد اآلٌة‪ :‬ببلؼة المرآن‪ ،‬حٌث حذؾ حرؾ الجر من {اهدنا} ؛ والفابدة من ذلن‪ :‬ألجل‬
‫أن تتضمن طلب الهداٌة‪ :‬التً هً هداٌة العلم‪ ،‬وهداٌة التوفٌك؛ ألن الهداٌة تنمسم إلى لسمٌن‪:‬‬
‫عز وج ّل‬ ‫هداٌة علم‪ ،‬وإرشاد؛ وهداٌة توفٌك‪ ،‬وعمل؛ فاألولى لٌس فٌها إال مجرد الداللة؛ وهللا ّ‬
‫لد هدى بهذا المعنى جمٌع الناس‪ ،‬كما فً لوله تعالى‪{ :‬شهر رمضان الذي أنزل فٌه المرآن‬
‫هدًى للناس} [البمرة‪ ]ٔ1٘ :‬؛ والثانٌة فٌها التوفٌك للهدى‪ ،‬واتباع الشرٌعة‪ ،‬كما فً لوله تعالى‪:‬‬
‫{ذلن الكتاب ال رٌب فٌه هدًى للمتمٌن} [البمرة‪ ]ٕ :‬وهذه لد ٌحرمها بعض الناس‪ ،‬كما لال‬
‫تعالى‪{ :‬وأما ثمود فهدٌناهم فاستحبوا العمى على الهدى} [فصلت‪{ : ]ٔ2 :‬فهدٌناهم} أي بٌّنّا لهم‬
‫الحك‪ ،‬و َدلَ ْلناهم علٌه؛ ولكنهم لم ٌوفموا‪..‬‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬تفسٌر مماتل بن سلٌمان‪.ٖٙ/ٔ :‬‬


‫(ٕ) تفسٌر المرطبً‪.ٔٗ1-ٔٗ2/ٔ :‬‬
‫(ٖ) تفسٌر الثعلبً‪.ٔٔ5/ٔ:‬‬
‫(ٗ) حكاه عنه ابن الجوزي‪ ،ٕٓ/ٔ :‬ولال بمعناه فً(كتاب فٌه لؽات المرآن)‪ ":‬و «الصراط» فٌه لؽات أربع‪:‬‬
‫فاللؽة الجٌدة لؽة لرٌش األولى التً جاء بها الكتاب؛ بالصاد‪ ،‬وعامة العرب ٌجعلونها سٌنا‪ ،‬فٌمولون‪ :‬السراط‪،‬‬
‫بالسٌن"‪[.‬كتاب فٌه لؽات المرآن‪ ،‬للفراء‪ .]ٔٓ :‬نسخة مكتبة الشاملة‪ ،‬والكتاب ؼٌر مطبوع‪.‬‬
‫ونسبه أبو حٌان‪ ،ٗ٘/ٔ:‬ألبً جعفر الطوسً‪ ،‬وكذا الهرري فً الحدابك‪.2٘/ٔ :‬‬
‫ٖ‪ -‬ومن فوابد اآلٌة‪ :‬أن الصراط ٌنمسم إلى لسمٌن‪ :‬مستمٌم‪ ،‬ومعوج؛ فما كان موافما ً للحك فهو‬
‫مستمٌم‪ ،‬كما لال هللا تعالى‪{ :‬وأن هذا صراطً مستمٌما ً فاتبعوه} [األنعام‪ ]ٖٔ٘ :‬؛ وما كان‬
‫مخالفا ً له فهو معوج‪.‬‬
‫المرآن‬
‫ّ‬
‫علٌ ِْه ْم َو َال الضها ِلٌنَ (‪[ })7‬الفاتحة ‪]7 :‬‬ ‫َ‬ ‫ب َ‬ ‫غٌ ِْر ا ْل َم ْغضُو ِ‬ ‫{ص َرا َط اله ِذٌنَ أ َ ْنعَ ْمتَ َ‬
‫علٌَ ِْه ْم َ‬ ‫ِ‬
‫التفسٌر‪:‬‬
‫طرٌك الذٌن أنعمت علٌهم من النبٌٌن والص ّدٌِمٌن والشهداء والصالحٌن‪ ،‬فهم أهل الهداٌة‬
‫واالستمامة‪ ،‬وال تجعلنا ممن سلن طرٌك المؽضوب علٌهم‪ ،‬الذٌن عرفوا الحك ولم ٌعملوا به‪،‬‬
‫وهم الٌهود‪ ،‬ومن كان على شاكلتهم‪ ،‬والضالٌن‪ ،‬وهم الذٌن لم ٌهتدوا‪ ،‬فضلوا الطرٌك‪ ،‬وهم‬
‫النصارى‪ ،‬ومن اتبع سنتهم‪.‬‬
‫علَ ٌْ ِه ْم }[الفاتحة‪ " ،]2:‬أي طرٌك من تفضّلت علٌهم‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ط الذٌِنَ أ ْن َع ْمتَ َ‬ ‫ص َرا َ‬ ‫لوله تعالى‪ِ { :‬‬
‫بالجود واإلنعام"(ٔ)‪.‬‬
‫لال ابن عباس‪ٌ ":‬مول‪ :‬طرٌك من أنعمت علٌهم"(ٕ)‪.‬‬
‫سنَ أولبن‬ ‫لال الصابونً‪:‬أي" من النبٌٌّن والصدٌّمٌن والشهداء والصالحٌن‪َ ،‬و َح ُ‬
‫رفٌماً"(ٖ)‪.‬‬
‫لال الثعلبً‪ٌ ":‬عنً‪ :‬طرٌك الذٌن أنعمت علٌهم بالتوفٌك والرعاٌة‪ ،‬والتوحٌد والهداٌة‪،‬‬
‫سو َل فَؤُولَبِنَ َم َع‬‫الر ُ‬ ‫لوله‪{:‬و َم ْن ٌ ُِطعِ َّ‬
‫َّللاَ َو َّ‬ ‫َ‬ ‫وهم األنبٌاء والمإمنون الذٌن ذكرهم هللا تعالى فً‬
‫ُ‬
‫سنَ أولَبِنَ َرفٌِمًا} [النساء ‪:‬‬ ‫صا ِل ِحٌنَ َو َح ُ‬
‫اء َوال َّ‬ ‫علَ ٌْ ِه ْم ِمنَ النَّبِ ٌٌِّنَ َوال ِ ّ‬
‫ص ّدٌِمٌِنَ َوال ُّ‬
‫ش َه َد ِ‬ ‫الَّذٌِنَ أ َ ْن َع َم َّ‬
‫َّللاُ َ‬
‫‪.)ٗ("]ٙ5‬‬
‫أن طاعة هللا َج ّل ثناإه ال ٌنالها‬ ‫لال الطبري‪ ":‬وفً هذه اآلٌة دلٌ ٌل واضح على ّ‬
‫ال ُمطٌعون إال بإنعام هللا بها علٌهم ‪ ،‬وتوفٌمه إٌاهم لها‪َ .‬أو ال ٌسمعونه ٌمول ‪{ :‬صراط الذٌن‬
‫أنعمت علٌهم}‪ ،‬فؤضاؾ ك ّل ما كان منهم من اهتداء وطاعة وعبادة إلى أنه إنعام منه علٌهم"(٘)‪.‬‬
‫واختلؾ فً المراد بالذٌن أنعم هللا علٌهم فً اآلٌة‪ ،‬على ألوال(‪:)ٙ‬‬
‫أحدها ‪ :‬أنهم المإمنون‪ ،‬لاله ابن عباس(‪ ،)2‬ومجاهد(‪ ،)1‬واختاره ابن كثٌر(‪.)5‬‬
‫والثانً ‪ :‬أنهم األنبٌاء‪ .‬لاله ربٌع (ٓٔ)‪ ،‬ولتادة(ٔٔ)‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬أنهم المبلبكة ‪.‬‬

‫(ٔ) صفوة التفاسٌر‪.ٕٓ/ٔ :‬‬


‫(ٕ) أخرجه ابن أبً حاتم(‪:)ٖ2‬صٔ‪.ٖٔ/‬‬
‫(ٖ)صفوة التفاسٌر‪.ٕٓ/ٔ :‬‬
‫(ٗ) تفسٌر الثعلبً‪.ٕٔٔ/ٔ:‬‬
‫(٘) تفسٌر الطبري‪.ٔ25/ٔ :‬‬
‫(‪ )ٙ‬اتظر‪ :‬النكت والعٌون‪ ،ٙٓ-٘5:‬وتفسٌر ابن كثٌر‪.ٕٕٖ :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(ٓ‪:)ٔ5‬صٔ‪ ،ٔ21/‬والحدٌث منمطع‪ ،‬ألن ابن جرٌج لم ٌسمع من ابن عباس‪.‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تفسٌر ابن أبً حاتم(‪:)ٖ5‬صٔ‪ ،ٖٔ/‬وانظر تفسٌر ابن كثٌر‪.ٕٕٖ :‬‬
‫(‪ )5‬تفسٌر ابن كثٌر‪.ٕٕٖ :‬‬
‫(ٓٔ) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(‪:)ٔ15‬صٔ‪.ٔ21/‬‬
‫(ٔٔ) انظر‪ :‬المحرر الوجٌز‪.2٘/ٔ :‬‬
‫والرابع ‪ :‬أنهم المإمنون بالكتب السالفة‪ ،‬لبل التحرٌؾ والنسخ‪ ،‬لاله ابن عباس(ٔ)‪ ،‬وحكاه‬
‫مكً(ٕ)‪.‬‬
‫علَ ٌْ ُك ْم} [البمرة‪،ٗٓ :‬‬ ‫ً الَّتًِ أ َ ْنعَ ْمتُ َ‬‫ٌدل علٌه لوله تعالى‪ٌ{:‬ا بَنًِ إِسْرابٌِ َل ا ْذ ُك ُروا نِ ْع َمتِ َ‬
‫‪.]ٕٕٔ ،ٗ2‬‬
‫(ٖ)‬
‫والخامس‪ :‬أن "المنعم علٌهم دمحم ملسو هيلع هللا ىلص وأبو بكر وعمر"‪ .‬حكاه مكً عن ابً العالٌة ‪.‬‬
‫والسادس‪ :‬أنهم المسلمون‪ .‬وهو لول وكٌع(ٗ)‪.‬‬
‫والسابع‪ :‬أنهم النبً‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،-‬و َم ْن معه ِم ْن أصحابه ‪ ،‬وهذا لول عبد الرحمن بن زٌد(٘)‪.‬‬
‫والثامن‪ .‬أنهم أصحاب الرسول صلّى هللا علٌه ورضً عنهم وأهل بٌته‪ .‬لاله شهر بن حوشب(‪.)ٙ‬‬
‫والتاسع‪ :‬أنه صراط النبٌٌن والصدٌمٌن والشهداء والصالحٌن"‪ .‬لاله ابن عباس فً رواٌة‬
‫الضحان عنه(‪ ،)2‬وهو لول جمهور المفسرٌن(‪.)1‬‬
‫ظونَ بِ ِه لَكانَ‬ ‫ع ُ‬ ‫{ولَ ْو أَنَّ ُه ْم فَ َعلُوا ما ٌُو َ‬ ‫لال ابن عطٌة‪ ":‬وانتزعوا ذلن من لوله تعالى‪َ :‬‬
‫صراطا ً ُم ْست َ ِمٌما ً َو َم ْن ٌ ُِطعِ َّ‬
‫َّللاَ‬ ‫ش َّد ت َثْبٌِتاً‪َ ،‬و ِإذا ً َآلتٌَْنا ُه ْم ِم ْن لَ ُدنَّا أَجْ را ً َ‬
‫ع ِظٌما ً َولَ َه َدٌْنا ُه ْم ِ‬ ‫َخٌْرا ً لَ ُه ْم َوأ َ َ‬
‫سنَ‬‫صا ِل ِحٌنَ َو َح ُ‬‫داء َوال َّ‬ ‫ص ّدٌِمٌِنَ َوال ُّ‬
‫ش َه ِ‬ ‫علَ ٌْ ِه ْم ِمنَ النَّبِ ٌٌِّنَ َوال ِ ّ‬ ‫سو َل فَؤُولبِنَ َم َع الَّذٌِنَ أ َ ْن َع َم َّ‬
‫َّللاُ َ‬ ‫الر ُ‬
‫َو َّ‬
‫أُولبِنَ َرفٌِماً} [النساء‪ ،]ٙ5 -ٙٙ :‬فاآلٌة تمتضً أن هإالء على صراط مستمٌم‪ ،‬وهو المطلوب‬
‫فً آٌة الحمد"(‪.)5‬‬
‫والمول األول أشبه بالصواب‪ ،‬لكونه أعم وأشمل‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫لال البٌضاوي‪ ":‬اإلنعام‪ :‬إٌصال النعمة‪ ،‬وهً فً األصل الحالة التً ٌستلذها اإلنسان‬
‫{و ِإ ْن تَعُدُّوا‬
‫فؤطلمت لما ٌستلذه من النعمة وهً اللٌن‪ ،‬ونعم هللا وإن كانت ال تحصى كما لال‪َ :‬‬
‫صوها}‪ ،‬تنحصر فً جنسٌن‪ :‬دنٌوي وأخروي‪.‬‬ ‫َّللا الَ تُحْ ُ‬ ‫نِ ْع َمةَ َّ ِ‬
‫واألول لسمان‪ :‬موهبً وكسبً‪ ،‬والموهبً لسمان‪ :‬روحانً كنفخ الروح فٌه وإشراله بالعمل وما‬
‫ٌتبعه من الموى كالفهم والفكر والنطك‪ ،‬وجسمانً‪ :‬كتخلٌك البدن والموى الحالة فٌه والهٌبات‬
‫العارضة له من الصحة وكمال األعضاء والكسبً تزكٌة النفس عن الرذابل وتحلٌتها باألخبلق‬
‫السنٌة والملكات الفاضلة‪ ،‬وتزٌٌن البدن بالهٌبات المطبوعة والحلى المستحسنة وحصول الجاه‬
‫والمال‪.‬‬
‫وا لثانً‪ :‬أن ٌؽفر له ما فرط منه وٌرضى عنه وٌبوبه فً أعلى علٌٌن مع المبلبكة الممربٌن أبد‬
‫اآلبدٌن‪.‬‬

‫(ٔ)انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪ ،ٕٕٔ/ٔ :‬والمحرر الوجٌز‪ .2٘/ٔ :‬ولفظه‪« ":‬المنعم علٌهم أصحاب موسى لبل أن‬
‫ٌبدلوا» ‪.‬‬
‫(ٕ) انظر‪ :‬المحرر الوجٌز‪ ،2٘/ٔ :‬وتفسٌر البٌضاوي‪ ،ٖٓ/ٔ :‬والنكت والعٌون‪ ،ٙٓ-٘5:‬وتفسٌر ابن كثٌر‪:‬‬
‫ٖٕٕ‪.‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬المحرر الوجٌز‪.2٘/ٔ :‬‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(ٔ‪:)ٔ5‬صٔ‪.ٔ21/‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(ٕ‪:)ٔ5‬صٔ‪.ٔ25/‬‬
‫(‪ )ٙ‬انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪.ٕٕٔ/ٔ :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تفسٌر الطبري(‪ :)ٔ11‬صٔ‪،ٔ21/‬وابن أبً حاتم(‪:)ٖ1‬صٔ‪ ،ٖٔ/‬والضحان لم ٌسمع من ابن‬
‫عباس فهو ضعٌؾ‪.‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬المحرر الوجٌز‪.2٘/ٔ :‬‬
‫(‪)5‬المحرر الوجٌز‪.2٘/ٔ :‬‬
‫والمراد هو المسم األخٌر وما ٌكون وصلة إلى نٌله من اآلخرة فإن ما عدا ذلن ٌشترن‬
‫فٌه المإمن والكافر"(ٔ)‪.‬‬
‫وفً تفسٌر (اإلنعام) فً لوله{ أ َ ْنعَ ْمتَ َ‬
‫علَ ٌْ ِه ْم} [الفاتح‪،]2:‬وجوه‪:‬‬
‫(ٕ)‬
‫أحدها‪ :‬بالثبات على اإلٌمان واالستمامة‪ .‬لاله عكرمة ‪.‬‬
‫الضراء‪ .‬لاله علً بن‬
‫ّ‬ ‫السراء والصبر على‬‫ّ‬ ‫علَ ٌْ ِه ْم}‪ ،‬بالشكر على‬ ‫والثانً‪ :‬أن المراد‪{ :‬أ َ ْنعَ ْمتَ َ‬
‫الحسٌن بن داود(ٖ)‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬أنه ٌعنً‪ :‬أتممت علٌهم النعمة‪ .‬لاله الحسٌن بن الفضل(ٗ)‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬بخلمهم للسعادة‪.‬‬
‫والخامس‪ :‬بؤن نجاهم من الهلكة‪.‬‬
‫والسادس‪ :‬بالهداٌة واتباع الرسول‪.‬‬
‫(٘)‬
‫لال أبو حٌان‪ ":‬ولم ٌمٌد األنعام لٌعم جمٌع األنعام" ‪.‬‬
‫ّ‬
‫لال الثعلبً‪ ":‬وأصل (النعمة)‪ :‬المبالؽة والزٌادة‪ٌ ،‬مال‪ :‬دلمت الدواء فؤنعمت دله أي‬
‫بالؽت فً دله‪ ،‬ومنه لول النبً صلّى هللا علٌه وآله‪ ":‬إن أهل الجنة ٌتراءون الؽرفة منها كما‬
‫الدري الشرلً أو الؽربً فً أفك السماء وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما"(‪،)ٙ‬‬ ‫ٌتراءون الكوكب ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫أي زادا علٌه‪ .‬ولال أبو عمرو‪ :‬بالؽا فً الخٌر" ‪.‬‬
‫ّ‬
‫علَ ٌْ ِه ْم َوالَ ٱلضَّآلٌِنَ }[الفاتحة‪ ،]2:‬أي‪ ":‬ؼٌر صراط الذٌن‬ ‫ب َ‬ ‫ضو ِ‬‫ؼٌ ِْر ْٱل َم ْؽ ُ‬
‫لوله تعالى‪َ { :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ؼضبت علٌهم‪ ،‬وال الضالٌن عن الهدى" ‪.‬‬
‫لال صدٌك خان‪ " :‬أي ؼٌر صراط الذٌن ؼضبت علٌهم وهم الٌهود‪ ،‬لموله تعالى فٌهم‪{:‬‬
‫علَ ٌْ ِه}[المادة‪ ،]ٙٓ:‬وال الضالٌن عن الهدى‪ ،‬وهم النصارى لموله عز‬ ‫ب َ‬ ‫َض َ‬ ‫َم ْن لَ َعنَهُ َّ‬
‫َّللاُ َوؼ ِ‬
‫ضلُّوا ِم ْن لَ ْبلُ}[المادة‪. "]22:‬‬
‫(‪)5‬‬
‫وجل‪ {:‬لَ ْد َ‬
‫علَى دٌن ؼٌر الٌهود الَّذٌِن ؼضب َّ‬
‫َّللا علٌهم‪ ،‬فجعل منهم المردة‬ ‫لال مماتل‪ٌ ":‬عنً دلنا َ‬
‫{و َال الضَّالٌِّنَ }‪ٌ ،‬مول‪ :‬وال دٌن المشركٌن ٌعنً النصارى" ‪.‬‬
‫(ٓٔ)‬
‫والخنازٌر‪َ ،‬‬
‫لال السعدي‪ :‬أي‪ :‬ؼٌر صراط " الذٌن عرفوا الحك وتركوه كالٌهود ونحوهم‪ ،‬وؼٌر‬
‫صراط الذٌن تركوا الحك على جهل وضبلل‪ ،‬كالنصارى ونحوهم"(ٔٔ)‪.‬‬
‫لال الصابونً‪ ":‬أي ال تجعلنا ٌا أهلل من زمرة أعدابن الحابدٌن عن الصراط المستمٌم‪،‬‬
‫السالكٌن ؼٌر المنهج الموٌم‪ ،‬من الٌهود المؽضوب علٌهم أو النصارى الضالٌن‪ ،‬الذٌن ضلوا عن‬
‫شرٌعتن المدسٌة‪ ،‬فاستحموا الؽضب واللعنة األبدٌة"(ٔ)‪.‬‬

‫(ٔ) تفسٌر البٌضاوي‪.ٖٔ-ٖٓ/ٔ :‬‬


‫(ٕ) انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪.ٕٕٔ/ٔ:‬‬
‫(ٖ) انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪.ٕٕٔ/ٔ:‬‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪.ٕٕٔ/ٔ:‬‬
‫(٘) البحر المحٌط‪.ٕ1/ٔ :‬‬
‫(‪)ٙ‬الجامع الصؽٌر‪.ٕٖٓ /ٕ :‬‬
‫(‪ )2‬تفسٌر الثعلبً‪.ٕٕٔ/ٔ:‬‬
‫(‪ )1‬تفسٌر البؽوي‪.2ٙ/ٔ :‬‬
‫(‪ )5‬فتح البٌان فً مماصد المرآن‪.ٕ٘/ٔ :‬‬
‫(ٓٔ) تفسٌر مماتل بن سلٌمان‪.ٖٙ/ٔ :‬‬
‫(ٔٔ) تفسٌر السعدي‪.ٖ5 :‬‬
‫لال الراؼب‪ ":‬أصل (الؽضب)‪ :‬ؼلٌان دم الملب إرادة االنتمام‪ ،‬ومبدأ الؽضب‪ :‬انفعال‬
‫مكروه‪ ،‬بداللة لوله علٌه السبلم‪ " :‬إن الؽضب من الشٌطان‪ ،‬وإن الشٌطان خلك من النار " ولال‬
‫علٌه السبلم‪ " :‬اتموا الؽضب‪ ،‬فإنها جمرة تولد فً للب ابن آدم ألم تروا إلى انتفاخ أوداجه‬
‫وحمرة عٌنٌه فمن وجد من ذلن شٌباً‪ ،‬فلٌلزم األرض "(ٕ)"(ٖ)‪.‬‬
‫لال ابن أبً زمنٌن‪ ":‬هذا دعاء أمر هللا رسوله أن ٌدعو به‪ ،‬وجعله سنة له‬
‫وللمإمنٌن"(ٗ)‪.‬‬
‫وب‬‫إن {المؽض َ‬ ‫أخرج الطبري عن عدي بن حاتم ‪ ،‬لال ‪" :‬لال لً رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪ّ :‬‬
‫علٌهم} الٌهود"(٘)‪[ ،‬و] "إن {الضَّالٌن} ‪ :‬النَّصارى"(‪ .)ٙ‬وروي عن ابن عباس(‪ ،)2‬ومجاهد ‪،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫والربٌع(‪ ،)5‬وابن زٌد(ٓٔ)‪.‬‬


‫وفً ؼضب هللا علٌهم ‪ ،‬أربعة ألاوٌل(ٔٔ) ‪:‬‬
‫أحدها ‪ :‬أنه الؽضب المعروؾ من العباد ‪.‬‬
‫(ٕٔ)‬
‫لال الطبري‪ ":‬ؼٌر أنه ‪ -‬وإن كان كذلن من جهة اإلثبات ‪ -‬فمخالؾ معناه منه معنى‬
‫ما ٌكون من ؼضب اآلدمٌٌن الذٌن ٌزعجهم وٌحركهم وٌشك علٌهم وٌإذٌهم‪ ،‬ألن هللا جل ثناإه‬
‫ال تحل ذاته اآلفات ‪ ،‬ولكنه له صفة ‪ ،‬كما العلم له صفة ‪ ،‬والمدرة له صفة ‪ ،‬على ما ٌعمل من‬
‫جهة اإلثبات ‪ ،‬وإن خالفت معانً ذلن معانً علوم العباد ‪ ،‬التً هً معارؾ الملوب ‪ ،‬ولواهم‬
‫التً توجد مع وجود األفعال وتعدم مع عدمها"(ٖٔ)‪.‬‬
‫والثانً ‪ :‬أنه إرادة االنتمام ‪ ،‬ألن أصل الؽضب فً اللؽة هو الؽلظة ‪ ،‬وهذه الصفة ال تجوز على‬
‫هللا تعالى ‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سفُونَا ا ْنتَمَ ْمنَا ِم ْن ُه ْم فَؤ ْؼ َر ْلنَا ُه ْم أجْ َمعٌِنَ }[سورة الزخرؾ ‪. ]٘٘ :‬‬ ‫لال تعالى‪{ :‬فَلَ َّما آ َ‬
‫علَ ٌْ ِه َو َج َع َل‬
‫ب َ‬
‫َض َ‬
‫َّللاُ َوؼ ِ‬ ‫وكما لال ‪{ :‬لُ ْل ه َْل أُنَبِّب ُ ُك ْم بِش ٍ َّر ِم ْن َذلِنَ َمثُوبَةً ِع ْن َد َّ‬
‫َّللاِ َم ْن لَ َعنَهُ َّ‬
‫ٌر}[ سورة المابدة ‪.] ٙٓ :‬‬ ‫ِم ْن ُه ُم ْال ِم َر َدة َ َو ْال َخن ِ‬
‫َاز َ‬

‫(ٔ) صفوة التفاسٌر‪.ٕٓ/ٔ :‬‬


‫(ٕ) هذا طرؾ من خطبة النبً ملسو هيلع هللا ىلص من بعد صبلة العصر إلى مؽٌربان الشمس‪ ،‬أنظر‪ :‬المصنؾ البن أبً‬
‫شٌبة(ٖ‪:)ٕ٘15‬صٖٔ‪ ،ٙ٘-ٙٗ/‬كتاب األدب‪ ،‬ورواه عبدالرزاق(ٕٓ‪ ،)ٕٓ2‬من طرٌمة أحمد‪ ،ٖ،ٙٔ:‬وحماد بن‬
‫سلمة‪ ،‬والطٌالسً(‪ ،)ٕٔ٘ٙ‬وعبد بن حمٌد(ٗ‪ ،)1ٙ‬وأحمد‪ ،ٔ5/ٖ:‬وأبً ٌعلى(‪*ٔٔٓٔ ،ٔٓ5ٙ‬ـ‬
‫والحاكم‪ ،٘ٓ٘/ٗ:‬ولال‪ :‬لم ٌحتج الشٌخان بابن جدعان‪ ،‬وعلّك علٌه الذهبً بانه‪ :‬صالح الحدٌث‪.‬‬
‫(ٖ) تفسٌر الراؼب األصفهانً‪.ٙٙ/ٔ :‬‬
‫(ٗ) تفسٌر ابن أبً زمنٌن‪.ٔٔ5/ٔ:‬‬
‫(٘) تفسٌر الطبري(ٖ‪:)ٔ5٘(-)ٔ5‬صٔ‪.ٔ1ٙ-ٔ1٘/‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر الطبري(‪:)ٕٓ5(-)ٕٓ2‬صٔ‪.ٔ5ٖ-ٔ5ٕ/‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تفسٌر الطبري (ٕٓٓ)‪:‬صٔ‪ ،ٔ12/‬و(ٕ٘ٔ)‪ ،‬و(‪:)ٕٔ2‬صٔ‪.ٔ5ٗ-ٔ5ٖ/‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تفسٌر الطبري (ٕٕٓ)‪:‬صٔ‪ ،ٔ11/‬و(ٕٗٔ)‪:‬صٔ‪.ٔ5ٖ/‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬تفسٌر الطبري (ٖٕٓ)‪:‬صٔ‪ ،ٔ11/‬و(‪:)ٕٔ1‬صٔ‪.ٔ5٘/‬‬
‫(ٓٔ) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري (ٕ٘ٓ)‪ ،‬و(‪:)ٕٓٙ‬صٔ‪ ،ٔ11/‬و(‪ ،)ٕٔ5‬و(ٕٕٓ)‪:‬صٔ‪.ٔ5٘/‬‬
‫(ٔٔ) انظر‪ :‬تفسٌر الطبري‪ ،ٔ15-ٔ11/ٔ :‬والنكت والعٌون‪.ٙٔ/ٔ :‬‬
‫(ٕٔ)اإلثبات ‪ :‬مذهب أهل السنة فً إثبات الصفات هلل تعالى كما وصؾ نفسه ‪ ،‬وإثبات المدر ببل تؤوٌل ‪ ،‬خبلفا‬
‫ألهل المدر ‪ ،‬وهم نفاته ‪ ،‬وللجهمٌة والمعطلة للصفات ‪.‬‬
‫(ٖٔ) تفسٌر الطبري‪.ٔ15/ٔ :‬‬
‫والثالث ‪ :‬أن ؼضبه علٌهم هو َذ ُّمهُ لهم ألفعالهم‪.‬‬
‫ت نِعَ ُمهُ َرحْ َمةً‪.‬‬ ‫ً ؼضبا ً ‪ ،‬كما ُ‬
‫س ِ ّمٌَ ْ‬ ‫س ِ ّم َ‬‫والرابع ‪ :‬أنه نوع من العموبة ُ‬
‫ضا ٌّل عند‬ ‫ؼٌر المنهج الموٌم ‪ ،‬ف َ‬ ‫َ‬ ‫صد السبٌل ‪ ،‬وسالنٍ‬ ‫لال الطبري‪ ":‬فك ّل حاب ٍد عن لَ ْ‬
‫ِّ‬
‫الحك‬ ‫ضبلال لخطبهم فً‬ ‫النصارى ُ‬ ‫َ‬ ‫العرب ‪ ،‬إلضبلله َوجهَ الطرٌك‪ .‬فلذلن سمى هللا جل ذكره‬
‫َمنه َج السبٌل ‪ ،‬وأخذهم من ال ّدٌِن فً ؼٌر الطرٌك المستمٌم‪.‬‬
‫ضا من صفة الٌهود ؟‬ ‫فإن لال لابل ‪َ :‬أو لٌس ذلن أٌ ً‬
‫لٌل ‪ :‬بلى!‬
‫خص الٌهو َد بما وصفَهم به من أنهم‬ ‫النصارى بهذه الصفة ‪َ ،‬و ّ‬ ‫َ‬ ‫َص‬
‫فإن لال ‪ :‬كٌؾ خ ّ‬
‫مؽضوب علٌهم ؟‬
‫ؼٌر أن هللا ج ّل ثناإه َوسم كل فرٌك منهم‬ ‫ضبلل مؽضوبٌ علٌهم ‪َ ،‬‬ ‫لٌل ‪ :‬كبل الفرٌمٌن ُ‬
‫صفَته لعباده بما ٌعرفونه به ‪ ،‬إذا ذكرهُ لهم أو أخبرهم عنه‪ .‬ولم ٌس ِ ّم واحدًا من الفرٌمٌن إال‬ ‫من ِ‬
‫(ٔ)‬
‫ت الذ ّم زٌاداتٌ علٌه" ‪.‬‬ ‫بما هو له صفة على حمٌمته ‪ ،‬وإن كان له من صفا ِ‬ ‫ٌ‬
‫علَ ٌْ ِه ْم َو َال‬
‫ب َ‬
‫ضو ِ‬ ‫ْ‬
‫ؼٌ ِْر ال َم ْؽ ُ‬ ‫ط الَّذٌِنَ أ ْن َع ْمتَ َ‬
‫علَ ٌْ ِه ْم َ‬ ‫َ‬ ‫{ص َرا َ‬
‫واختلفت المراءة فً لوله تعالى‪ِ :‬‬
‫الضَّالٌِّنَ (‪[ })2‬الفاتحة ‪ ،]2 :‬على وجوه(ٕ)‪:‬‬
‫أحدها‪(:‬سراط)‪ ،‬لراءة ابن كثٌر‪ ،‬ولنبل‪ ،‬وابن محٌصن‪ ،‬والشنبوذي‪.‬‬
‫والثانً‪( :‬صراط)‪ :‬إشمام الصاد الزاي‪ ،‬لراءة حمزة‪ ،‬والمطوعً‪ ،‬وخلؾ‪.‬‬
‫ط َم ْن)‪ ،‬لراءة شاذة البن مسعود‪ ،‬وعمر‪ ،‬وابنالزبٌر‪ ،‬وزٌد بن علً‪.‬‬ ‫والثالث‪( :‬صرا َ‬
‫والرابع‪( :‬علٌ ِه ْم)‪ ،‬بكسر الهاء وجزم المٌم‪ ،‬لرأ بها نافع‪ ،‬ابن كثٌر‪ ،‬أبو عمرو‪ ،‬ابن عامر‪،‬‬
‫عاصم‪ ،‬حمزة‪ ،‬الكسابً‪ ،‬ورش‪ ،‬خبلد‪ ،‬لنبل‪ ،‬خلؾ‪.‬‬
‫والخامس‪(:‬عل ٌْ ُه ْم)‪ ،‬بضم الهاء وجزم المٌم‪ ،‬لرأ بها حمزة‪ ،‬وٌعموب‪ ،‬والطوعً‪ ،‬والشنبوذي‪،‬‬
‫واألعمش‪.‬‬
‫والسادي‪( :‬عل ٌْ ُه ُم)‪ ،‬بضم الهاء والمٌم من ؼٌر إلحاق واو‪ ،‬لرأ بها ابن أبً إسحاق‪ ،‬وعٌسى بن‬
‫عمر‪.‬‬
‫والسابع‪( :‬عل ٌْ ُه ُمو)‪ ،‬بكسر الهاء وضم المٌم وإلحاق الواو‪ ،‬لراءة ابن كثٌر‪ ،‬ولالون‪ ،‬والخفاؾ‬
‫عن أبً عمرو‪ ،‬وأبو جعفر‪ ،‬وابن أبً إسحاق‪ ،‬األعرج‪ ،‬وابن محٌصن‪.‬‬
‫والثامن‪( :‬عل ٌْ ِه ُمو)‪ ،‬لرأ بها األعرج‪ ،‬وعبدهللا بن عطاء الخفاؾ عن أبً عمرو‪ ،‬والحسن‬
‫البصري‪.‬‬
‫والتاسع‪( :‬عل ٌْ ِه ِمً)‪ ،‬لراءة شاذة للحسن البصري‪.‬‬
‫(ؼٌر)‪ ،‬بالجر‪ ،‬لرأ بها نافع‪ ،‬ابن كثٌر‪ ،‬أبو عمرو‪ ،‬ابن عامر‪ ،‬عاصم‪ ،‬حمزة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫والعاشر‪:‬‬
‫الكسابً‪.‬‬
‫(ؼٌر)‪ ،‬بالنصب على الحال‪ ،‬لرأ بها أبً بن كعب‪ ،‬وابن مسعود‪ ،‬وعلً بن أبً‬ ‫َ‬ ‫الحادي عشر‪:‬‬
‫طالب‪ ،‬وروى الخلٌل عن ابن كثٌر‪ .‬وهً لراءة شاذة‪.‬‬
‫الثانً عشر‪( :‬وؼٌ ِْر)‪ ،‬لرأ بها أبً بن كعب‪ ،‬وعلً بن أبً طالب‪ ،‬وهً لراءة شاذة‪.‬‬

‫(ٔ) تفسٌر الطبري‪.ٔ5٘/ٔ :‬‬


‫(ٕ) انظر‪ :‬السبعة فً المراءات‪ ،ٔٓ1 :‬والحجة للمراء السبعة‪ ٘1/ٔ :‬وما بعدها‪ ،‬والدر المنثور‪ ،ٗٔ/ٔ :‬والبحر‬
‫المحٌط‪ ،ٔٗ/ٔ :‬وتفسٌر الثعلبً‪.ٕٖٔ-ٕٕٔ/ٔ :‬‬
‫وٌستحب لمن ٌمرأ الفاتحة أن ٌمول بعدها (آمٌن)‪ ،‬وٌمال (أمٌن) بالمصر أٌضاً‪ ،‬ومعناه‬
‫اللهم استجب(ٔ)‪.‬‬
‫والدلٌل على استحباب التؤمٌن‪:‬‬
‫ّ‬
‫عل ٌْ ِه ْم َوالَ ٱلضَّآلٌِنَ } فمال ‪" :‬‬ ‫َ‬ ‫ب َ‬ ‫ضو ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫أوال‪ :‬عن وابل بن حجر‪ :‬سمعت النبً ملسو هيلع هللا ىلص لرأ { َ‬
‫ؼٌ ِْر ٱل َمؽ ُ‬
‫آمٌن " ومد بها صوته (ٕ)‪ .‬ولال الترمذي هذا حدٌث حسن‪ ،‬وروي عن علً وابن مسعود‬
‫وؼٌرهم(ٖ)‪.‬‬
‫علَ ٌْ ِه ْم َوالَ ٱلضَّآلٌِّنَ }‬
‫ب َ‬ ‫ضو ِ‬‫ؼٌ ِْر ْٱل َم ْؽ ُ‬
‫ثانٌا‪ :‬عن أبً هرٌرة لال‪" :‬كان رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص إذا تبل { َ‬
‫لال " آمٌن " حتى ٌسمع من ٌلٌه من الصؾ األول"(ٗ)‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬عن أبً هرٌرة رضً هللا عنه أن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص لال‪":‬إذا أمن اإلمام فؤمنوا فإنه من وافك‬
‫تؤمٌنه تؤمٌن المبلبكة‪ ،‬ؼفر له ما تمدم من ذنبه"(٘)‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬ولمسلم أن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص لال‪":‬إذا لال أحدكم فً الصبلة آمٌن‪ ،‬والمبلبكة فً السماء آمٌن‪،‬‬
‫فوافمت إحداهما األخرى‪ ،‬ؼفر له ما تمدم من ذنبه"(‪.)ٙ‬‬
‫لال ابن كثٌر‪ ":‬لٌل بمعنى من وافك تؤمٌنه تؤمٌن المبلبكة فً الزمان‪ ،‬ولٌل فً اإلجابة‪،‬‬
‫ولٌل فً صفة اإلخبلص"(‪.)2‬‬
‫خامسا‪ :‬وفً صحٌح مسلم عن أبً موسى مرفوعا ً‪" :‬إذا لال ‪ٌ -‬عنً اإلمام ‪ -‬وال الضالٌن‪،‬‬
‫فمولوا آمٌن‪ٌ ،‬جبكم هللا"(‪.)1‬‬
‫لال ابن كثٌر‪ ":‬لال أصحابنا وؼٌرهم وٌستحب ذلن لمن هو خارج الصبلة‪ ،‬وٌتؤكد فً‬
‫حك المصلً‪ ،‬وسواء كان منفردا ً أو إماما ً أو مؤموماً‪ ،‬وفً جمٌع األحوال"(‪.)5‬‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬تفسٌر المرطبً‪ ،ٕٔ1/ٔ :‬وتفسٌر ابن كثٌر‪.ٕٖٕ :‬‬


‫(ٕ)المسند‪ .ٖٔٙ-ٖٔ٘/ٗ :)ٔ115ٙ ،ٔ115٘( :‬سنن الترمذي‪ :‬الرلم(‪( .)ٕٗ1‬حدٌث حسن)‪ ،‬وألبً داود رفع‬
‫بها صوته(سنن أبً داود‪ ،‬كتاب الصبلة‪ ،‬باب التؤمٌن وراء اإلمام‪ )"ٕ2/ٕ"ٕٗ5 ،ٕٗ1 :‬زلال أبو عٌسى‪:‬‬
‫حدٌث وابل بن حجر حدٌث حسن ورواه النسابً(ٕ‪ ،)ٔٗ٘/‬وله فً الكبرى(ٗٔ‪ ،)5‬وابن ماجة فً سننه(٘٘‪:)1‬‬
‫ٔ‪ ٕ21/‬و (ٕٓ‪ ،ٕٔٗ5/ٕ :)ٖ1‬ورواه الدارمً‪ ،)ٕٔ٘ٓ( :‬والدارلطنً(ٔ‪ ،)ٖٖ٘-ٖٖٗ/‬ولال أبو عٌسى‪:‬‬
‫سمعت دمحما ٌمول‪ :‬وحدٌث سفٌان أصح من حدٌث شعبة فً هذا‪ ،‬وأخطؤ شعبة فً مواضع من هذا الحدٌث‪ ،‬فمال‬
‫عن حجر أبً العنبس‪ ،‬وإنما هو خحر بن عنبس وٌكنى أبا السكن‪ ،‬وزاد فٌه عن علممة بن وابل‪ ،‬ولٌس فٌه عن‬
‫علممة‪ ،‬وإنما هو‪ :‬عن حجر بن عنبس عن وابل بن حجر‪ ،‬ولال‪ :‬وخفض بها صوته‪ ،‬وإنما هً ومد بها صوته‪،.‬‬
‫ولال الترمذي هذا حدٌث حسن‪ ،‬وروي عن علً وابن مسعود وؼٌرهم‪.‬‬
‫(ٖ) حدٌث علً رواه ابن ماجة(ٗ٘‪ ،)1‬وابن أبً حاتم فً العلل(ٔ‪ ،)ٕ٘ٔ/‬ولال البوصٌري‪ :‬هذا إسناد‬
‫ضعٌؾ‪ ،‬وفٌه ممال‪ ،‬وابن أبً لٌلى وهو دمحم بن عبدالرحمن ضعفه الجمهور‪ ،‬وله شاهد من حدٌث وابل بن‬
‫حجر‪ .‬ولال ابو حاتم‪ :‬هذا عندي خطؤ إنما هو سلمة‪ ،‬عن حجر أبً العنبس‪ ،‬عن وابل بن حجر‪ ،‬عن النبً‪-‬صلى‬
‫هللا علٌه وسلم‪ ،-‬ثم لال أبو حاتم‪ :‬كان ابن أبً لٌلى سًء الحفظ‪.‬‬
‫(ٗ) رواه أبو داود(ٖٗ‪ ،)5‬وابن ماجة(ٖ٘‪ ،)1‬وابن عبد البر فً التمهٌد‪ ،)ٖٔ/2 :‬وأبو ٌعلى‪ ،ٕٕٙٓ/ٔٔ:‬ولال‬
‫البوصٌري(ٔ‪ :)ٕ5ٙ/‬هذا إسناد ضعٌؾ‪ ،‬أبو عبدهللا ال ٌعرؾ حاله‪ ،‬وبشر ضعفه أحمد‪ ،‬ولال ابن حبان‪ٌ :‬روي‬
‫الموضوعات‪.‬‬
‫(٘) رواه البخاري‪ ،)ٕٙٗٓ()ٗٗ2٘()21ٕ()21ٔ()21ٓ(:‬ومسلم‪.)ٗٔٓ( :‬‬
‫(‪ )ٙ‬رواه مسلم‪:‬برلم(ٗ‪.ٗٔٓ :)2‬‬
‫(‪ )2‬تفسٌر ابن كثٌر‪.ٔٗ٘/ٔ :‬‬
‫(‪ )1‬رواه مسلم‪ ،ٗٓٗ-)ٕٙ( :‬وأبو داود‪ ،)52ٕ(:‬وأحمد‪.)ٗٓٔ/ٗ -)ٔ5ٙٗ5( :‬‬
‫(‪ )5‬تفسٌر ابن كثٌر‪.ٔٗ٘/ٔ :‬‬
‫واختلؾ فً تشدٌد(المٌم) فً (آمٌن)‪ ،‬على لولٌن‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬روي عن الحسن وجعفر الصادق‪ :‬أنهما شددا (المٌم) من (آمٌن)‪ ،‬من (أ ّم)‪ ،‬إذا لصد‪،‬‬
‫نحونٕ) ‪ ،‬ومنه لوله تعالى‪َ { :‬ءا ِ ّمٌنَ ْٱلبٌَْتَ ْٱل َح َر َ‬
‫(ٔ)‬
‫ام}‪ .‬حكاه أبو نصر عبد الرحٌم‬ ‫أي نحن لاصدون‬
‫(‬
‫بن عبد الكرٌم المشٌري ‪.‬‬
‫ونسبه اإلمام النووي للواحدي‪ ،‬واستؽرب التشدٌد‪ ،‬ولال‪":‬عدّها كثٌر من أهل اللؽة من‬
‫لحن العوام‪ ،‬ولال جماعة من أصحابنا‪ :‬من لالها فً الصبلة‪ ،‬بطلت صبلته"(ٖ)‪.‬‬
‫والثانً‪ :‬أن تشدٌد (المٌم) خطؤ‪ .‬لاله الجوهري(ٗ)‪.‬‬
‫واختلؾ فً معنى(آمٌن)‪ ،‬على ألوال(٘)‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن معناه‪":‬رب افعل"‪ .‬رواه ابن عباس عن رسول هللا‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪.)ٙ(-‬‬
‫والثانً‪ :‬أن المعنى‪ :‬كذلن فلٌكن‪ .‬لاله الجوهري(‪ ،)2‬وحكاه الثعلبً عن ابن عباس ولتادة(‪.)1‬‬
‫والثالث‪ :‬أن معناه‪ :‬ال تخٌب رجاءنا‪ .‬لاله الترمذي(‪.)5‬‬
‫والرابع‪ :‬أن معناه‪ :‬اللهم استجب لنا‪ .‬لاله الحسن(ٓٔ)‪ ،‬وأحمد بن ٌحٌى ثعلب(ٔٔ)‪ ،‬وهو لول‬
‫األكثرٌن(ٕٔ)‪.‬‬
‫والخامس‪ :‬أن (آمٌن)‪ ،‬اسم من أسماء هللا تعالى‪ .‬لاله مجاهد(ٖٔ)‪ ،‬وهبلل بن ٌساؾ(ٗٔ)‪ ،‬وجعفر‬
‫الصادق(٘ٔ)‪.‬‬
‫لال ‪ :‬ابن العربً" ولم ٌصح" (‪.)ٔٙ‬‬
‫والسادس‪ :‬أن"(آمٌن)‪ ،‬خاتم رب العالمٌن‪ٌ ،‬ختم بها دعاء عبده المإمن"‪ .‬لاله علً بن أبً‬
‫طالب(‪.)ٔ2‬‬
‫والسابع‪ :‬أن (آمٌن)‪ ،‬اسم خاتم ٌطبع به كتب أهل الجنة التً تإخذ باإلٌمان(ٔ)‪.‬‬

‫(ٔ) ذكره النووي فً التبٌان‪ ،ٕٔٙ :‬وانظر‪ :‬تفسٌر المرطبً‪ ،ٕٔ5/ٔ :‬وتفسٌر ابن كثٌر‪.ٔٗ٘/ٔ :‬‬
‫(ٕ) هو ابن أبً لاسم المشٌري‪ ،‬النٌسابوري‪ ،‬مات(ٗٔ٘هـ)‪ ،‬انظر‪ :‬سٌر أعبلم النببلء‪.ٕٗٙ/ٔ5:‬‬
‫(ٖ)التبٌان‪.ٕٔٙ :‬‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬الصحاح(أمن)‪ ،‬وتفسٌر المرطبً‪.ٕٔ1/ٔ :‬‬
‫الدر المنثور‪ ،ٔ2 /ٔ :‬وفتح المدٌر‪.ٕٙ /ٔ :‬‬
‫(٘) انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪ ،ٕٔ٘/ٔ :‬وتفسٌر ابن كثٌر‪ ،ٕٖٕ :‬و ّ‬
‫(‪)ٙ‬تفسٌر أبً اللٌث‪ ، 1ٗ/ٔ:‬حدٌث ضعٌؾ جدا من أجل الكلبً وأبً صالح‪ ،‬وذكره السٌوطً فً الدر المنثور‪:‬‬
‫ٔ‪ ،ٗ٘/‬ونسبه للثعلبً‪ .‬فٌدخل فً باب تفسٌر المرآن فً الرأي‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬الصحاح(أمن)‪ ،‬وتفسٌر المرطبً‪ ،ٕٔ1/ٔ :‬وتفسٌر ابن كثٌر‪.ٔٗ٘/ٔ :‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تفسٌر الثعلبً‪ ،ٕٔ٘/ٔ :‬ولفظه(كذلن لٌكن)‪.‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬تفسٌر ابن كثٌر‪ ،ٔٗ٘/ٔ :‬وتفسٌر المرطبً‪.ٕٔ1/ٔ :‬‬
‫(ٓٔ) انظر‪ :‬المحرر الوجٌز‪ ،25/ٔ :‬واألضداد لؤلنباري‪.ٖ1ٕ :‬‬
‫(ٔٔ) انظر‪ :‬المحرر الوجٌز‪.25/ٔ :‬‬
‫(ٕٔ) انظر‪ :‬تفسٌر المرطبً‪ ،ٕٔ1/ٔ :‬وتفسٌر ابن كثٌر‪.ٔٗ٘ :‬‬
‫(ٖٔ) حكاه عنه الثعلبً فً تفسٌره‪ ،ٕٔ٘/ٔ :‬والمرطبً‪ :‬فً تفسٌره‪ ،ٕٔ1/ٔ :‬وانظر‪ :‬فٌض المدٌر‪ ،1ٓ /ٔ :‬ح‬
‫ٕٓ‪.‬‬
‫(ٗٔ) حكاه عنه الثعلبً فً تفسٌره‪ ،ٕٔ٘/ٔ :‬والمرطبً‪ :‬فً تفسٌره‪.ٕٔ1/ٔ :‬‬
‫(٘ٔ) حكاه عنه المرطبً فً تفسٌره‪.ٕٔ1/ٔ :‬‬
‫(‪ )ٔٙ‬أحكام المرآن‪ ،ٙ/ٔ :‬وانظر‪ :‬مصنؾ ابن ابً شٌبة‪ ،ٕٗٙ/ٕ:‬والمحرر الوجٌز‪ ،25/ٔ:‬وتفسٌر ابن كثٌر‪:‬‬
‫ٕٖٕ‪.‬‬
‫(‪ )ٔ2‬انظر‪ :‬المحرر الوجٌز‪.25/ٔ :‬‬
‫لال ابن عطٌة‪ ":‬ومعنى (آمٌن) عند أكثر أهل العلم‪ :‬اللهم استجب‪ ،‬أو أجب ٌا رب‪،‬‬
‫ونحو هذا"(ٕ)‪.‬‬
‫وفً (آمٌن)‪ ،‬لؽتان(ٖ)‪:‬‬
‫إحداهما‪( :‬أمٌن) بمصر األلؾ‪ ،‬ومنه لول الشاعر(ٗ)‪:‬‬
‫أمٌن فزاد هللا ما بٌننا بعدا‬ ‫تباعد منًّ فطحل إذ سؤلته‬
‫(٘)‬
‫والثانٌة‪( :‬آمٌن)‪ ،‬بمد (األلؾ)‪ ،‬لال الشاعر ‪:‬‬
‫وٌَ ْر َح ُم هللاُ َم ْن لال ‪ :‬آمٌنَا‬ ‫ٌا ربّ ال ت َ ْسلُبَنًِّ ُحبَـها أبدًا‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫لال الثعلبً‪" :‬وهو مبنً على الفتح مثل (أٌن) "‪.‬‬
‫ولد اتفك العلماء على أنه ٌسن للمنفرد والمؤموم أن ٌمول ‪( :‬آمٌن)‪ ،‬فالمنفرد ٌإ ِ ّمن بعد‬
‫لراءته للفاتحة‪ ،‬والمؤموم ٌإمن بعد لراءة اإلمام(‪.)2‬‬
‫واختلؾ أهل العلم فً جهر اإلمام‪:‬بـ(آمٌن)‪ ،‬على وجوه‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن اإلمام ٌجهر فً ذلن‪ .‬وهذا مذهب الشافعً(‪ ،)1‬وأحمد ‪ ،‬ومالن فً رواٌة‬
‫(‪)5‬‬

‫المدنٌٌن(ٓٔ)‪ ،‬واختاره المرطبً(ٔٔ)‪.‬‬


‫علَ ٌْ ِه ْم َو َال‬
‫ب َ‬ ‫ؼٌ ِْر ْال َم ْؽ ُ‬
‫ضو ِ‬ ‫شافِ ِعً عن اإلمام إذا لال ‪َ { :‬‬ ‫لال الربٌع ‪":‬سؤلت ال َّ‬
‫الضَّالٌِّنَ }اآلٌة ‪ ،‬هل ٌرفع صوته بآمٌن ؛ لال ‪ :‬نعم ‪ ،‬وٌرفع بها من خلفه أصواتهم" ‪.‬‬
‫(ٕٔ)‬

‫والثانً‪ :‬أن اإلمام ال ٌجهر بها‪ .‬وهذا مذهب الحنفٌة وبعض المدنٌٌن من أصحاب مالن‪ ،‬وهو‬
‫لول الطبري(ٖٔ)‪ ،‬وبه لال ابن حبٌب(ٗٔ)‪ ،‬وابن أبً لاسم(٘ٔ)‪ ،‬والمصرٌٌن من أصحاب مالن(‪.)ٔٙ‬‬
‫ودلٌلهم ما رواه مالن عن سمً عن أبً صالح عن أبً هرٌرة أن رسول هللا صلى هللا‬
‫علٌه وسلم لال " وإذا لال ‪ٌ -‬عنً اإلمام ‪{ -‬وال الضالٌن}‪ ،‬فمولوا آمٌن"(‪.)ٔ2‬‬

‫(ٔ) انظر‪ :‬المحرر الوجٌز‪.25/ٔ :‬‬


‫(ٕ) المحرر الوجٌز‪.25/ٔ :‬‬
‫(ٖ) وفً تفسٌر الثعلبً‪( ، ٕٔ٘/ٔ :‬فطحل) ‪(:‬فعطل)‪.‬‬
‫(ٗ) انظر‪ :‬اللسان والصحاح‪ ،‬وتاج العروس‪ ،‬وإصبلح الكنطك‪ ،‬فً مادتً ‪(:‬فحطل وفطحل)‪ ،‬تفسٌر‬
‫الثعلبً‪ ،ٕٔ٘/ٔ:‬وفً الصحاح‪ :‬إذ دعوته‪ ،‬وبخطه فً الهامش‪ :‬إذ رأٌته‪.‬‬
‫(٘)البٌت للمجنون فً دٌوانه ص‪ٕٔ5‬؛ ولعمر بن أبً ربٌعة فً لسان العرب ٖٔ‪" ٕ2 /‬أمن"‪ ،‬ولٌس فً‬
‫دٌوانه؛ وببل نسبة فً إصبلح المنطك ص‪ٔ25‬؛ وإنباه الرواة ٖ‪ٕ1ٕ /‬؛ وشرح المفصل ٗ‪.ٖٗ /‬‬
‫(‪ )ٙ‬تفسٌر الثعلبً‪.ٕٔ٘/ٔ:‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬الموسوعة الفمهٌة‪.ٕٔ-ٔ/ٔٔ :‬‬
‫(‪ )1‬تفسٌر الشافعً‪.ٔ5ٙ/ٔ :‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬التمهٌد‪.2/ٔ٘ :‬‬
‫(ٓٔ) انظر‪ :‬اإلستذكار‪.ٕٖ٘/ٗ :‬‬
‫(ٔٔ) انظر‪ :‬تفسٌر الشافعً‪.ٕٔ5/ٔ :‬‬
‫(ٕٔ) تفسٌر الشافعً‪.ٔ5ٙ/ٔ :‬‬
‫(ٖٔ) انظر‪ :‬اإلستذكار‪ ،ٕ٘ٗ/ٗ :‬والتمهٌد‪ ،ٖٔ/2 :‬وتفسٌر المرطبً ‪ ،ٕٔ1/ٔ:‬ولم ألؾ على لوله تفسٌره‪.‬‬
‫(ٗٔ) انظر‪ :‬المحرر الوجٌز‪ ،25/ٔ:‬وتفسٌر المرطبً‪.ٕٔ5/ٔ :‬‬
‫(٘ٔ) انظر‪ :‬اإلستذكار‪.ٕٖ٘/ٗ :‬‬
‫(‪ )ٔٙ‬انظر‪ :‬اإلستذكار‪.ٕٖ٘/ٗ :‬‬
‫(‪ )ٔ2‬صحٌح البخاري(‪:)2ٗ5‬صٔ‪ ،ٕ2ٔ/‬ومسلم(٘ٔٗ)‪:‬صٔ‪.ٖٔٓ/‬‬
‫واستؤنسوا أٌضا ً بحدٌث أبً موسى عند مسلم " وإذا لرأ { َوالَ ٱلضَّآلٌِّنَ }‪ ،‬فمالوا‪:‬‬
‫آمٌن"(ٔ)‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬أنه مخٌر‪ .‬لاله ابن بكٌر(ٕ)‪.‬‬
‫أسر أم جهر"(ٖ)‪.‬‬ ‫لال ابن عطٌة‪ ":‬ولد روي عن مالن رضً هللا عنه‪ :‬أن اإلمام ٌمولها ّ‬
‫والصحٌح هو المول األول‪ ،‬وعلٌه تدل األحادٌث الصحٌحة ‪ ،‬واآلثار الواردة عن‬
‫الصحابة رضً هللا عنهم (ٗ) ‪ ،‬كما وٌجب التنبه إلى أن هذه السنة من سنن الصبلة ال ٌجوز أن‬
‫تكون سببا للشماق والنزاع بٌن المسلمٌن وهللا أعلم‪.‬‬
‫الفوابد‪:‬‬

‫(ٔ) الموطؤ‪ ،12/ٔ :‬رواه البخاري‪ ،)251( :‬ومسلم‪ )ٗٓ5( :‬من طرٌك مالن‪ ،‬به‪.‬‬
‫(ٕ) انظر‪ :‬المحرر الوجٌز‪.25/ٔ :‬‬
‫(ٖ) المحرر الوجٌز‪.25/ٔ :‬‬
‫صلى‬ ‫َّ‬ ‫سو ُل َّ ِ‬
‫َّللا َ‬ ‫اس التَّؤ ِمٌنَ ! ‪َ ،‬و َكانَ َر ُ‬ ‫ْ‬ ‫(ٗ) روى أبو داود (‪ )255‬عن أبًِ ه َُرٌ َْرة َ رضً هللا عنه لَا َل ‪ " :‬ت ََرنَ النَّ ُ‬ ‫َ‬
‫ب َعلَ ٌْ ِه ْم َو َال الضَّالٌِّنَ ‪ .‬رفع صوته فمال ‪ِ :‬آمٌنَ " لال الدارلطنً ‪ :‬إسناده‬ ‫سلَّ َم ِإذَا لَا َل ‪َ :‬ؼٌ ِْر ْال َم ْؽضُو ِ‬ ‫َّللاُ َعلَ ٌْ ِه َو َ‬
‫َّ‬
‫حسن ‪ ،‬ولال البٌهمً ‪ :‬حسن صحٌح ‪ ،‬وصححه األلبانً فمال ‪ " :‬معناه صحٌح ‪ ،‬فإن له شاهدا من حدٌث وابل‬
‫بن حجر بسند صحٌح‪ " .‬انتهى من " سلسلة األحادٌث الضعٌفة " (ٕ‪ .)ٖٙ1/‬زاد ابن ماجة (ٖٗ‪ )1‬فً رواٌته‬
‫ؾ ْاأل َ َّو ِل ‪ ،‬فٌََ ْرت َ ُّج بِ َها ْال َمس ِْجدُ"‪ .‬وهذه الزٌادة ضعٌفة ال تصح ‪ ،‬انظر ‪:‬‬ ‫ص ِّ‬ ‫للحدٌث ‪َ ( :‬حتَّى ٌَ ْس َمعَ َها أ َ ْه ُل ال َّ‬
‫"تلخٌص الحبٌر" (ٔ‪" ، )ٕٖ1/‬األحادٌث الضعٌفة "(ٔ٘‪ .)5ٕ٘( ، )5‬وروى الترمذي من حدٌث سفٌان الثوري‬
‫ب َعلَ ٌْ ِه ْم َو َال الضَّالٌِّنَ فَمَا َل‬ ‫سلَّ َم لَ َرأ َ َؼٌ ِْر ْال َم ْؽضُو ِ‬ ‫َّللاُ َعلَ ٌْ ِه َو َ‬‫صلَّى َّ‬ ‫ً َ‬ ‫س ِم ْعتُ النَّبِ َّ‬ ‫بسنده عن َوابِ ِل ب ِْن حُجْ ٍر لَا َل ‪َ " :‬‬
‫ص ْوتَهُ"‪.‬لال النووي فً المجموع (ٖ‪ : )ٖٕ1/‬إسناده حسن ‪ ،‬وصححه األلبانً ‪.‬‬ ‫(آمٌنَ ) َو َم َّد بِ َها َ‬ ‫‪ِ :‬‬
‫ولال البٌهمً (ٕ‪ ) ٘5/‬وروٌنا عن ابن عمر رضى هللا عنه " أنه كان ٌرفع بها صوته ‪ ،‬إماما كان أو مؤموما‬
‫عه ُ‬ ‫ع َم َر َال ٌَ َد ُ‬ ‫"‪ .‬وهذا األثر رواه البخاري عن ابن عمر معلما ‪ ،‬بصٌؽة الجزم ‪ ،‬ولفظه ‪َ :‬ولَا َل نَافِ ٌع ‪َ " :‬كانَ ا ْبنُ ُ‬
‫ض ُه ْم)‪ ،‬أي‪ :‬على‬ ‫)‪(.‬و ٌَ ُح ُّ‬ ‫س ِم ْعتُ ِم ْنهُ ِفً ذَلِنَ َخٌ ًْرا‪ " .‬لال الحافظ ابن حجر رحمه هللا (ٕ‪َ ٖٓ2/‬‬ ‫ض ُه ْم ‪َ ،‬و َ‬ ‫‪َ ،‬و ٌَ ُح ُّ‬
‫ع َم َر ِم ْن ِج َه ِة أنَّهُ َكانَ ٌ َُإ ِ ّمنُ إِذَا َخت ََم‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لولها (آمٌن)‪َ ( .‬خٌ ًْرا)‪ ،‬أي‪ :‬فَض ًْبل َوث َ َوابًا ‪ .‬ووجه االستدالل بؤث َ ِر اِب ِْن ُ‬ ‫َ‬
‫ْالفَا ِت َحةَ ‪َ ،‬وذَلِنَ أ َ َع ُّم ِم ْن أ َ ْن ٌَ ُكونَ ِإ َما ًما أ َ ْو َمؤ ْ ُمو ًما" انتهى‪.‬‬
‫اإل َما ُم‬ ‫ْ‬
‫ص َحابَ ِة‪ ،‬إِذَا لَا َل ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وروى البٌهمً (ٕ‪ ، )٘5/‬وابن جبان فً "الثمات" عن َعطاء لَالَ‪ " :‬أد َْركتُ ِمابَتٌَ ِْن ِمنَ ال َّ‬
‫آمٌنَ "‪.‬‬ ‫ص َوات َ ُه ْم ِب ِ‬ ‫‪َ :‬و َال الضَّالٌِّنَ َرفَعُوا أَ ْ‬
‫اإل َما ُم ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ٌن ‪ ،‬وروى فٌه لول الرسول ملسو هيلع هللا ىلص ‪" :‬إِذا لا َل ِ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫وم بِالتؤ ِم ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ولال اإلمام البخاري رحمه هللا ‪ :‬بَاب َج ْه ِر ال َمؤ ُم ِ‬
‫سبَةُ‬ ‫ٌر ‪ُ :‬منَا َ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫نُ‬ ‫ب‬
‫ْ‬ ‫نُ‬ ‫ٌ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬
‫الز‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫"‬ ‫‪:‬‬ ‫حجر‬ ‫ابن‬ ‫الحافظ‬ ‫لال‬ ‫‪.‬‬‫"‬ ‫ب َعلَ ٌْ ِه ْم َوالَ الضَّالٌِّنَ { فَمُولُوا ‪ِ :‬آمٌنَ‬ ‫{ َؼٌ ِْر ْال َم ْؽضُو ِ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ث األ ْم َر بِم ْو ِل ِآمٌنَ ‪َ ،‬والم ْو ُل إِذا َول َع بِ ِه ال ِخطابُ ُمطلما ‪ُ ،‬ح ِم َل َعلى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ث ِللت َّ ْر َج َم ِة ِمن ِج َه ِة أن فًِ ال َحدٌِ ِ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْال َحدٌِ ِ‬
‫ت‪:‬‬ ‫سبَة ِم ْنهُ ِم ْن ِج َها ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ٌِث النَّ ْف ِس‪ :‬لٌُِّ َد بِذَلِنَ ‪َ .‬ولَا َل اِ ْبنُ ُرشٌد ‪ :‬تُإْ َخذُ ال ُمنَا َ‬ ‫ار أ ْو َحد ُ‬ ‫َ‬ ‫اإلس َْر ُ‬ ‫ُ‬
‫ْال َج ْه ِر ‪َ ،‬و َمت َى أ ِرٌ َد بِ ِه ْ ِ‬
‫ظاه ُِر ِاال ِت ّفَاقَ‬ ‫اإل َما ُم إِنَّ َما لَا َل ذَلِنَ َج ْه ًرا ‪ ،‬فَ َكانَ ال َّ‬ ‫اإل َما ُم ‪ ،‬فَمُولُوا " فَمَابَ َل ْالمَ ْو َل بِ ْالمَ ْو ِل ‪َ ،‬و ْ ِ‬ ‫ِم ْن َها أَنَّهُ لَا َل " إِذَا لَا َل ْ ِ‬
‫صفَ ِة‪." ...‬انتهى من " فتح الباري " (ٕ‪.)ٖٔٔ/‬‬ ‫فًِ ال ِ ّ‬
‫ولال النووي فً " األذكار" (ص ٔ٘) ‪ " :‬وٌجهر به (التؤمٌن) اإلمام والمنفرد فً الصبلة الجهرٌة ‪،‬‬
‫والصحٌح أن المؤموم أٌضا ٌجهر به ‪ ،‬سواء كان الجمع للٌبل أو كثٌرا " انتهى ‪.‬‬
‫الجهر بآمٌن فً الصبلة ‪ ،‬لموله ملسو هيلع هللا ىلص فً‬ ‫ُ‬ ‫ولال ابن المٌم رحمه هللا‪" :‬السنةُ المحكمةُ الصحٌحة ُ ‪:‬‬
‫الصحٌحٌن ‪":‬إذا أمن األمام فؤمنوا ‪ ،‬فإنه من وافك تؤمٌنه تؤمٌن المبلبكة ؼفر له ما تمدم من ذنبه" ؛ ولوال جهره‬
‫بالتؤمٌن لما أمكن المؤموم أن ٌإمن معه وٌوافمه فً التؤمٌن ‪ ،‬وأصرح من هذا حدٌث وابل بن حجر وحدٌث أبً‬
‫هرٌرة رضً هللا عنهما ‪ ...‬وذكر الحدٌثٌن المتمدمٌن ‪ ،‬ثم لال ‪ :‬وسبل الشافعً عن اإلمام هل ٌرفع صوته‬
‫بآمٌن ؟ لال ‪ :‬نعم ‪ ،‬وٌرفع بها من خلفه أصواتهم ‪ .‬فمٌل له ‪ :‬وما الحجة ؟ فمال ‪ :‬لول رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪( :‬إذا أمن‬
‫ا إلمام) ؛ فٌه داللة على أنه أمر اإلمام أن ٌجهر بآمٌن ‪ ،‬ألن من خلفه ال ٌعرفون ولت تؤمٌنه إال بؤن ٌسمع‬
‫تؤمٌنه‪ " .‬انتهى من " إعبلم المولعٌن " (ٕ‪.)ٖ51-ٖ5ٙ/‬‬
‫ٔ‪ -‬من الفوابد‪ :‬إسناد النعمة إلى هللا تعالى وحده فً هداٌة الذٌن أنعم علٌهم؛ ألنها فضل محض‬
‫من هللا‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬ومنها‪ :‬ذكر التفصٌل بعد اإلجمال؛ لموله تعالى‪{ :‬اهدنا الصراط المستمٌم} ‪ :‬وهذا مجمل؛‬
‫{صراط الذٌن أنعمت علٌهم} ‪ :‬وهذا مفصل؛ ألن اإلجمال‪ ،‬ثم التفصٌل فٌه فابدة‪ :‬فإن النفس إذا‬
‫جاء المجمل تترلب‪ ،‬وتتشوؾ للتفصٌل‪ ،‬والبٌان؛ فإذا جاء التفصٌل ورد على نفس مستعدة‬
‫لمبوله متشوفة إلٌه؛ ثم فٌه فابدة ثانٌة هنا‪ :‬وهو بٌان أن الذٌن أنعم هللا علٌهم على الصراط‬
‫المستمٌم‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬ومنها‪ :‬انمسام الناس إلى ثبلثة ألسام‪ :‬لسم أنعم هللا علٌهم؛ ولسم مؽضوب علٌهم؛ ولسم‬
‫ضالون؛ ولد سبك بٌان هذه األلسام‪..‬‬
‫سبب خروجهم العناد هم‬ ‫ُ‬ ‫وأسباب الخروج عن الصراط المستمٌم‪ :‬إما الجهل؛ أو العناد؛ والذٌن‬
‫المؽضوب علٌهم‪ .‬وعلى رأسهم الٌهود؛ واآلخرون الذٌن سبب خروجهم الجهل كل من ال ٌعلم‬
‫الحك‪ .‬وعلى رأسهم النصارى؛ وهذا بالنسبة لحالهم لبل البعثة‪ .‬أعنً النصارى؛ أما بعد البعثة‬
‫فمد علموا الحك‪ ،‬وخالفوه؛ فصاروا هم‪ ،‬والٌهود سوا ًء‪ .‬كلهم مؽضوب علٌهم‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬ومن فوابد اآلٌتٌن‪ :‬ببلؼة المرآن‪ ،‬حٌث جاء التعبٌر عن المؽضوب علٌهم باسم المفعول‬
‫الدال على أن الؽضب علٌهم حاصل من هللا تعالى‪ ،‬ومن أولٌابه‪.‬‬
‫٘‪-‬ومنها‪ :‬أنه ٌمدم األشد‪ ،‬فاألشد؛ ألنه تعالى لدم المؽضوب علٌهم على الضالٌن؛ ألنهم أشد‬
‫مخالفة للحك من الضالٌن؛ فإن المخالؾ عن علم ٌصعب رجوعه‪ .‬بخبلؾ المخالؾ عن جهل‪.‬‬
‫وهذا الذي سردناه فً تفسٌر السورة‪ ،‬لطرة من بحر؛ ومن أراد التوسع فً ذلن‬
‫فؤنصحه بكتاب "مدارج السالكٌن" البن المٌم رحمه هللا‪ .‬وهللا الموفك‪.‬‬

‫‪-------------------------------------------------‬‬
‫انتهى الجزء األول من التفسٌر‪ ،‬وٌلٌه الجزء الثانً بإذن هللا‪،‬‬
‫وبداٌته تفسٌر اآلٌة (‪ )8‬من سورة البمرة‪.‬‬

‫فهرست المجلد األول‬


‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫الممدمة‬
‫مهاد عام حول علوم المرآن واتجاهات التفسٌر‬
‫الفصل األول‪ -:‬مهاد عام حول علوم المرآن‬
‫توطبة‬
‫تعرٌؾ المرآن لؽة واصطبلحا ً‬
‫أوال‪ -:‬مفهوم الوحً‬
‫ثانٌا‪ -:‬نزول المرآن‬
‫ثالثا‪ -:‬مراحل جمع المرآن الكرٌم وترتٌبه‪.‬‬
‫رابعا‪ -:‬المكً والمدنً‬
‫خامسا‪ -:‬أسباب النزول‬
‫سادسا‪ -:‬المحكم والمتشابه فً المرآن الكرٌم‬
‫سابعا‪ -:‬الناسخ والمنسوخ فً المرآن الكرٌم‬
‫ثامنا‪ -:‬المراءات‬
‫تاسعا‪ -:‬اإلسرابٌلٌات‬
‫عاشرا‪ -:‬تفسٌر المرآن وشرفه‬
‫حادي عشر‪ :‬إعجاز المرآن‬
‫ثانً عشر‪ -:‬ترجمة المرآن الكرٌم بؽٌر لؽته‬
‫الثالث عشر‪ -:‬فضابل المرآن‬
‫الفصل الثانً‪ -:‬علوم التفسٌر وإتجاهاته‬
‫أوال‪ :‬أنواع التفسٌر‬
‫ٔ‪ -‬التفسٌر بالمؤثور (بالرواٌة)‪ ،‬وألسامه‬
‫ألسام التفسٌر بالرواٌة‬
‫ٕ‪ -‬التفسٌر بالدراٌة‬
‫ٖ‪-‬التفسٌر اإلشاري‬
‫ثانٌا‪ :‬اتجاهات الـتفـسٌر‬
‫ٔ‪-‬االتجاه اللؽوي‬
‫ٕ‪-‬االتجاه العلمً‬
‫ٖ‪-‬االتجاه الموضوعً‬
‫ٗ‪-‬االتجاه الفمهً‬
‫٘‪-‬االتجاه الببلؼً‬
‫خاتمة التمهٌد‬
‫تفسٌر سورة الفاتحة‬
‫أعوذ باهلل من الشٌطان الرجٌم‬
‫الر ِح ٌِم (ٔ)}‬
‫الرحْ َم ِن َّ‬ ‫َّللاِ َّ‬‫{ ِبس ِْم َّ‬
‫{ال َح ْم ُد ِ َّّللِ َربّ ِ ْالعَالَ ِمٌنَ (ٕ)}‬
‫ْ‬
‫الر ِح ٌِم (ٖ)}‬‫{الرحْ َم ِن َّ‬ ‫َّ‬
‫ٌِن (ٗ)}‬ ‫{ َما ِل ِن ٌَ ْو ِم ال ّد ِ‬
‫ٌن (٘)}‬ ‫{إٌَِّانَ نَ ْعبُ ُد َوإٌَِّانَ نَ ْست َ ِع ُ‬
‫ٌم (‪})ٙ‬‬ ‫ط ْال ُم ْست َ ِم َ‬
‫ص َرا َ‬ ‫{ا ْه ِدنَا ال ِ ّ‬
‫ّ‬
‫علَ ٌْ ِه ْم َو َال الضَّالٌِنَ‬
‫ب َ‬ ‫ْ‬ ‫علَ ٌْ ِه ْم َ‬
‫ؼٌ ِْر ال َم ْؽ ُ‬
‫ضو ِ‬ ‫َ‬
‫ط الذٌِنَ أ ْن َع ْمتَ َ‬ ‫َّ‬ ‫{ص َرا َ‬ ‫ِ‬
‫(‪})2‬‬
‫المحتوٌات‬

You might also like