Professional Documents
Culture Documents
1
إهــــــــــــــــداء
الى روح أمي الطاهرة التي إنتقلت الى جوار ربها وأنا طالب علم
***
2
شكر وتقدير
في حياة اإلنسان أشخاص لهم دور خفي في رفع معنوياته والدفع به نحو اإلمام ،لهم في حياتي
بصمات اليمكن أنساها ،لهم في القلب كل اإلحترام والتقدير والعرفان
لكم مني خالث الدعوات سائالً هللا عز وجل ان يجعل ذلك في ميزان حسناتكم
3
المقدمة
لقد أحيط موضوع حقوق اإلنسان بنـوع من المزايـدات الفكريـة والسياسـية والفلسـفية عـبر عنـاوين
ومســميات ،ونعــود تختلــف من زمن آلخــر ومن مكــان آلخــر ،ومن دائــرة فكريــة الى أخــرى .وكمــا هــو
معروف بأن مفهوم حقوق اإلنسان ليس مفهوما ً جامداً ،بل مفهومــا مرنـا ً يعــرف حركيــة دائمــة وتطــوراً
متواصال .لذلك لم يعد محصــوراً بــالحقوق والحريــات التقليديــة كمــا نظــرت لهــا الثــورة الفرنســية ،وكــذا
ً
المواثيق الدولية بل إمتد األمر الى نطاقات نوعية ،إما أنها بسبب شروط الظرفية الحالية سواء الوطنيــة
أو الدولية أو بسبب خروجها من نطاق الدين واألخالق والتقاليــد "(بإعتبــار الخلــط بين هــذين المجــالين
هو من مخلفات العصور الوسطى ،حيث إنعدام اإلختصاص العلمي على المستوى الفكرى ،وعدم التحديد
الــدقيق لوظــائف الدولــة قــد يفضــي الى نــوع من الطغيــان واإلســتبداد) أو دخولهــا في اإلطــار القــانوني
الحقوقي الوضعي".
ان المسئولية األولى في حماية وتعزيز حقوق اإلنسان ،ومنها الحقوق السياسية في المقام األول تقع
على كل دولة وفق ما إلتزمت بـه بإنضـمامها إلى العهـود والمواثيـق الدوليـة الخاصـة بحقـوق اإلنسـان.
كذلك من المسلم به ،أن توعيـة الفــرد وتبصـيره بحقــوق اإلنســان وحرياتـه وحقــوق وحريــات غـيره في
المجتمع ،التي يتعين عليه احترامها هو مســاهمة الزمــة لنشــر ثقافــة حقــوق اإلنســان لتكــون أقــدر على
المساهمة في خدمة قضايا حقوق اإلنسان على المستوى المحلى واإلقليمي والدولي.
لقد شهد العالم بعد الحرب العالمية الثانية نشاطا ً دوليـا ً مكثفـا لضـمان الحقـوق األساسـية لإلنسـان،
حيث تعــد حقــوق اإلنســان حجــر الزاويــة في إقامــة المجتمــع المتحضــر الحــر ،واحــترام حقــوق اإلنســان
4
ورعايتهــا هــو عمــاد الحكم العــادل في المجتمعــات الحديثــة والســبيل الوحيــد لخلــق العــالم الحــر اآلمن
والمستقر.
وقد إعتمدت الجمعية العامة لألمم المتحدة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بمــوجب
قراراهــا ( )2200الصـار عـام 1966م ،وأقرتــه بأغلبيــة األصـوات ــ 106صـوت ـــ ويســعى إلى تعـويم
وحماية الحقوق التاريخية المدنية والسياسية الــتي هي أســاس األمن ورخــاء اإلنســان أينمــا وجــد ،دون
تفرقة بين الرجال والنساء في هذا الصدد.
وإنطالقا ً من الهدف المتصور ،فسنعرض مفاهيم هذه النصــوص ،وذلــك إسترشــاداً بمــا توصــلت إليــه
اللجنــة المعنية( )1بــالحقوق المدنيــة والسياســية عــبر الســنوات الــتي إنقضــت منــذ بدايــة أعمالهــا ،ومــا
إستخلصته من معايير وآليات محددة الزمـة لضـمان إعمـال حمايـة وتعزيـز هـذه الحقـوق والحريـات في
الواقع العملي ،وذلك من خالل الحوار المستمر بين الدول األعضاء في العهد الدولي وفق ما نصــر عليــه
العهد( .)2ومن المعــروف من أن حقــوق اإلنســان تشــكل وحــدة كاملــة التقبــل التجزئــة ،ممــا يعــني تــداخل
وتكامل العهد نصوص العهد الدولي.
وبطبيعة الحال فحقوق اإلنسان ،حقوق عامة في مجملها تكمن من بينها الحقــوق السياســية .ويقصــد
بــالحقوق السياســية الحقــوق الــتي تثبت لألفــراد بإعتبــارهم أفــراداً منتســبين لجماعــة معينــة (الدولــة)،
وتهدف إلى تمكين األفراد من المشاركة في تولي الشؤون السياسية لهذه الدولــة ويــدخل في هــذا النــوع
من الحقوق حق الترشح في المجالس البلدية والبرلمانية وحق االنتخاب وحق تولي الوظائف العامة.
فكفالة حماية حق معين بذاته اليقتصــر بالضــرورة على مــادة بعينهــا من العهــد الــدولي بــل كثــيراً مــا
تقتضي حماية ذات الحق أو أحــد أوجهــه الــتي اليكتمــل إال بهــا ،اإلســتناد إلى اكــثر من مــادة كلمــا دعت
الضرورة لذلك عند تناولنا تباعا ً للحقوق المدنية والسياسية التي يحميها العهد الدولي.
ولم يقتصر األمر على الحماية الدولية لحقوق اإلنسان فالعديـد من المصــادر الوطنيــة لهـا أهميـة في
ترسيخ الكثير من مبادئ حقــوق اإلنســان وحرياتـه ولالهتمـام المتزايـد لدســاتير العــالم بحقـوق اإلنسـان
بإعتبار الدستور هو القانون األعلى في الدولة والمعبر عن أرادة الشعب ،مثاالً على ذلــك ،إعالن حقــوق
اإلنسان والمواطن الفرنسي 26أغســطس 1789م والدســاتير واإلعالنــات الفرنســية الــتي تلتــه كــإعالن
حقوق اإلنسان والمواطن سنة 1793م.
1
)(.تقارير اللجنة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية عن اجتماعاتها المتعاقبة والمرفوعة للجمعية العامة لألمم المتحدة
2
، May 12Rev6/ــ التعليقات $العامة للجنة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية على مواد العهد الدولي mالعخد الدولي للحقوق المدنية والسياسي
)(1 /GEN/ HR 1/ 2003 .
5
وإذا كان الدين اإلسالمي قد كــرم اإلنســان منــذ قــرون ،فــإن هــذا ـــ التوجــه ينم عن مرجعيــة وقاعــدة
قانونية شرعية لمفهوم حقوق اإلنسان ـ الذي ظهر في منتصف القرن السابع عشر كمفهوم حــديث ،لكن
جذوره التاريخية تمتد الى القرون الوسطى في نطاق دراسات "الالهــوت" إذ إنتشــر هــذا المفهــومـ لــدى
فالسفة التاريخ الذين ارجعوا إنتصار وإنتشار حقوق اإلنسان للمبادئ المسيحية ،غــير أن هــذا الــرأي لم
يصمد أمام الوقائع التاريخيــة والحقــائق العلميــة ،بإعتبــار أن حقــوق اإلنســان وليــد الحضــارة اإلنســانية
ومفاهيم قواعد العدل واإلنصاف "القانون الطــبيعي ،الثــورات ،اإلنتفاضــات ،الكتب الســماوية" كــل ذلــك
ساهم في بروز المفهومـ الحديث لحقوق اإلنسان وحرياته األساسية ،ولم يتخذ هذا المفهومـ شكالً واضحا ً
إال في القرن الثامن عشر إذ جاءت الحقوق والحريات األساسية تدريجيا ً لدى دول أوروبا الغربية ،بحيث
أصبحت حركة حقوق اإلنسان جزءاً من الحركة السياسية الديمقراطيــة ،ممـا أدى الى تطــور وتقـدم هــذه
الدول ،لكن اإلنشغاالت السياسية واأليديولوجية والمشــاكل اإلقتصــادية في البلــدان الناميــة كــان لهــا أثــر
واضح على غياب التنمية الشاملة والديمقراطية ،وبالتالي أدى ذلك الى غيابا ً وضعف الحمايــة القانونيــة
إلحترام حقوق اإلنسان التي تعتبر حجر الزاوية في تشكيل المجتمعات الديمقراطية.
وهكــــذا وبعــــد أن ثبت أن نجــــاح الــــدول في تحقيــــق التنميــــة ودمقرطة( ،)3نظمهــــا السياســــية
بالتركيزواإلهتمام باإلنسان وبحقوقه ،فإن األمر بات من الضــروري العمــل على حمايــة قانونيــة لحقــوق
اإلنسان وحرياتــه األساســية ســواء عن طريـق التشــريع القــانوني "الدســتوري" أو البنــاء المؤسســاتي
بإعتبار ذلك رهان التنمية والديمقراطية ،فال تنمية بدون حماية لحقوق اإلنسان نظراً للعالقة الجدلية بين
الفكر الديمقراطي وحقوق اإلنسان.
وإذا ما تم إلقاء نظرة على الواقع العربي فإن الباحثين األكاديميين أثبتوا أن هناك مفارقات كبيرة بين
النصوص التي تؤطر مجال حماية حقوق اإلنسان وبين واقع ممارستها ،إذ تظل أســئلة جوهريــة غائبــة
أو مغيبة من دائرة النقاش إما بسبب مظلة الخصوصية المحلية ،وإما بسبب بعض المشاكل الراسخة في
طبيعة البنيات الثقافية السياسية واإلجتماعية لهذه المجتمعات ،ولم تكن سلطنة عمان في منأى عن ذلك
الغياب أو التغيب إال أننا سنالحظ بأنها قد قطعت شوطا ً في مجال تكــريس ثقافــة حقــوق اإلنســان والعمــل
على حمايتها.
فإن حقوق اإلنســان كمــا تم اإلشــارة الى ذكــره ليســت بجامــدة وإنمــا مرنــة متطــورة ،لــذا فـإن هنــاك
مجاالت واسعةـ لم يشملها بعد نفس التأطير الدستوري ،فمنذ انطالق عهد النهضة المباركة العمانية عــام
1970م بتولي جاللة السلطان قابوس بن سعيد المعظمـ سلطان عمان مقاليد الحكم ظل هدف بنــاء الدولــة
3
()الديمقرطة :أي تلك اإلجراءات التي تتخذها الدول والمجتمع ات لالنتق ال من نم وذج الحكم الف ردي إلى نم وذج من نم اذج الديمقراطي ة .وه و
مفهوم يشير إلى إعادة توزيع مقدرات القوة السياسية بين الدولة والشعب ،على حس اب تن اقص س لطة الدول ة ،وإع ادة التوزي ع العقالني للس لطة
داخل الدولة ( راجع :الغيالني (خالد حمد) ،مشروعية السلطة والتطور المؤسس ات السياس ية في النظ ام السياس ي العم اني ،أطروح ة دكت وراه،
(غير منشورة) جامعة عبدالمالك السعدي ،طنجة 2014م
6
العصرية وإقامة دولة المؤسسـات هـو أحـد المحـاور األساسـية الـتي إرتكـزت عليهـا وتـدور في نطاقهـا
جهــود التنميــة ومواكبــة حركــة المجتمــع العمــاني وتطورحقوقــه السياســية واإلقتصــادية واإلجتماعيــة
ومشاركته في بناء مؤسسات الدولة التنفيذية والبرلمانية والقضائية.
وقبل هذا العهد لم تكن التشريعات القانونية المنظمة للدولة تـرقى الى دسـاتير بـالمعنى الــدقيق.وإنمــا
كانت غطاء قانونيا ً يحمي تصرفات القابضين على السلطة ،إلى أن جاء النظام األساســي للدولــة الصــادر
بالمرسوم السلطاني رقم 101/1996م بتاريخ 6/11/1996م ،الذي انطلقت به سلطنة عمان نحو اآلفـاق
لتحقق المزيد من التقدم القانوني واإلستقرار المؤسساتي والمشاركة الفاعلة ألفراد المجتمع العماني في
البناء وترسيخ الحقوق وحمايتها
.
ويمثل النظام األساسي للدولة اإلطار القانوني الذي يتحــرك المجتمــع في نطاقــه وتســتمد منــه أجهــزة
الدولة المختلفة أسس عملهــا ودورهــا ،وتحتكم إليــه كــذلك ومن ثم فإنــه لم يكن مصــادفة أن يصــدر هـذا
النظام بعد نحو ربع قرن من العمل والجهد الشاق ليقنن الكثير مما اســتقرت عليــه حركــة المجتمــع خالل
تلك السنوات من ناحية وليتجاوب مع تطلعات المواطنين ومتطلباتهم الحقوقية من ناحية ثانية.
لقد أقر النظام األساسي للدولة حقوق األفراد العامة المتصــلة بــأحوالهم المعنويــة وحرمــة مســاكنهم،
وحقوقهمـ السياسية وحمايتها فنظم عمــل الســلطات الحاميــة الــرئيس لحقــوق اإلنســان .فالضــمانات تبــدأ
بــاإلعتراف بوجــود الحقــوق والحريــات ،ومختلــف اآلليــات والميكانزمــات المنصــوص عليهــا في النظــام
األساسي للدولة حماية لممارسة فعلية لحقوق اإلنسان المعترف بها.
إن معالجة النظام األساسي العماني لموضــوع حقــوق اإلنســان وحمايتهــا التختلــف كثــيراً عن غالبيــة
الدساتير التي تبدأ بإقرار مجموعة من الحقــوق ضــمن بنــود متعــددة ،واإلعــتراف بهــا لم يكن مطلقـا ً بــل
محــدداً واختالف مجــال الحقــوق حســب التوجهــات ،وهــذا النظــام األساســي هــو الــذي يحمي الحقــوق
والحريات ،فيضفي الشرعية على ممارسة الســلطات ويكفــل الحمايــة القانونيــة ،ورقابــة عمــل الســلطات
العامة في مجتمع تسوده الشرعية ،ويتحقق فيه تفتح اإلنسان بكل أبعاده.
ولم يكن الدستور المغربي بعيداً عن ذلك ،فقد سبق النظام األساسي لســلطنة عمــان بســنوات ،ومــرت
عليه مراحل تعديالً كان آخرها عام 2011م ،حيث حظ ّي هذا الدستور بتعديالً واسعة جداً ،وبارك الشــعب
المغربي على إدخال تلك التعديالً ،ولعل أهم ما يمكن ذكره في هذا المقام ،التعددية الحزبية وإدخــال اللغــة
األمازيغريــة لغــة رســمية بجــانب اللغــة العربيــة واإلنفتــاح الكبــير في مجــاالت حريــة الــرأي والتعبــير
والمشاركة السياسية العامة.
7
تظهــر أهميــة اإلعــتراف بــالحقوق والحريــات بمــوجب أحكــام دســتورية في إثبــات وجودهــا وتحديــد
مضــامينها ،وكــذلك تمكين المواطــنين من المطالبــة بهــا من ناحيــة أولى ،والقصــد من تــدوين حقــوق
اإلنسان في الدستور نفسه يرجع الى ما يتمتع به الدستور من أعلى أو أسمى القوانين في الدولــة ،لــذلك
فإن تدوين الحقوق فيه هو إضفاء مزيد من اإلحــترام عليهــا عالوة على أنــه يجعــل من تلــك الحقــوق في
حالة عدم الثبات نتيجة للتغييرات التي يمكن أن تطرأ على القوانين العادية بخالف مــا تتضــمنه الدســاتير
من شروط خاصة ،لذا فهي تكرس الحقوق لإلنسان المعترف بها في متنه وإنشاء آلية مراقبة تعد حامية
لهذه الحقوق ،فعلى سبيل المثال :تشكل السلطة القضائية حامي الحقــوق والحريــات بإمتيــاز ،وعلى هــذا
يعتبر موضوع حقوق اإلنسان مؤشراً حاســما ً في البرهنــة على حصــول تغيــير فعلي في سياســية الدولــة
وممارستها ،ودليل على قيام دولــة الحــق والقــانون ،وهكــذا بــرزت قضــية حقــوق اإلنســان في الســنوات
األخيرة وأصبحت تحظى بأهمية قصوى داخليا ً وخارجياً.
أهمية البحث
تعميقا ً لتدارس حقوق اإلنسان في الــدول الناميــة ،تــبرز أهميــة الموضــوع في كونــه يرتبــط بالحمايــة
القانونية لحقوق اإلنسان في النظام األساسي لسلطنة عمان ،والمــواطن العمــاني هــو المحــور األساســي
لهذه الحماية .وتعد التجربــة العمانيــة في مجــال حقــوق اإلنســان مواكبــة لعهــد النهضــة المجيــدة لجاللــة
الســلطان المعظمـ فإنهــا ستسترشــد بتجــارب الــدول األخــرى ولعلــه من يمكن الطــالع أن تكــون المملكــة
المغريبــة الشــقيقة للســلطنة هي أقــرب مــا تكــون من حيث التقــارب السياســي والفكــري بين القيــادتين
الرشيدتين.
كما أن هذا الموضــوع يعــد من أهم مواضــيع الســاعة خصوصـا ً أن األهتمــام بقضــايا حقــوق اإلنســان
ومدى احترامها أعطيت لها األولوية من قبل المجتمـع الـدولي الـذي أصـبح يعـير إهتمامـا ً لمـدى احـترام
الدول للقانون والمبادئ الحقوقية ،وهذا ما دفع بالقيادة السياسية العمانية والمغربيــة الى إعطــاء أهميــة
قصوى لإلنسان العماني والمغربي ،والتشبت بمبادئ حقوق اإلنسان كما هو متعــارف عليــه عالمي ـا ً ممــا
فتح الباب أمام عدة تحوالت شملت ما هو قانوني وما هو مؤسساتي ،فدخلت سلطنة عُمان مرحلة جديدة
تمثلت في استكمال دولة الحق والقانون واإلنفتاح نحـو العـالم الخـارجي ،وهـذا مـا يمكن أن يالحـظ على
مستوى التطور القــانوني المتمثــل في اإلدمــاج المعيــاري لإلتفاقيـات الدوليــة الخاصــة بحقــوق اإلنســان،
والعمل على مالئمة التشريع الوطني لها .وقيام المملكــة المغربيــة بــإجراء تعــديالً واشــعة على الدســتور
المغــربي ،كــل هــذا يصــب في إتجــاه تقويــة الحمايــة القانونيــة لحقــوق اإلنســان الــتي أطرهــا النظــامين
القانونيين في البلدين ،إضافة الى اإلتفاقيات الدولية ذات الصلة بالمجال الحقوقي.
8
أهداف البحث
تهدف هذه الدراسة الى البحث والتنقيب والشرح في المبادئ الحقوقية السياسية التي تضمنها النظام
األساسي لســلطنة عمــان ،ومــا كفلــه النظــام من حقــوق والــتي نظمتهــا وشــرعتها األعــراف والمواثيــق
الدولية ،وطرح آراء وأفكــار البــاحث من خالل تعمقــه في هــذه الدراســة ،وكــذا مقارنــة النظــام األساســي
لسلطنة عمان مع الدستور التشريعي للمملكة المغربية ،وذلك من خالل التشــريعات والحقــوق السياســية
والمدنية بين الدستورين ،والمتمثلة في العديد من الحقوق كحــق اإلنتخــاب والترشــيح والترشــح والحــق
المشاركة السياسية في صنع القرار والمساهمة الفعليه في وضع التشريعات وسن القوانين .كما أن هــذه
الدراسة تهدف أيضا ً الى العديد من األهداف التي نوجزها في اآلتي:ـ
أــ التعرف على مختلــف النصــوص القانونيــة الــتي تســعى لحمايــة حقــوق اإلنســان المــؤطرة
دستورياً.
ب ــ ابراز مختلف المفاهيم التي تناولت حقوق اإلنسان ،مع تناول المراحل الــتي قطعهــا هــذا
المفهوم ،والتنقيب عن الجذور التاريخية لنشأة حقوق اإلنسان.
جـ ــ عرض النظريات التي تصدت لحقوق اإلنسان ،فحقوق اإلنسان وإن كانت ترتبط بظهــور
الثورة الفرنسية وأسهاماتها إال أنها سباقة لذلك فهي مرتبطة بنشاة اإلنسان أساساً.
د ـــ التعــرف على نطــاق الحمايــة القانونيــة الــتي يوفرهــا النظــام األساســي العمــاني لحقــوق
اإلنسان وما هي المحددات.
9
أهمية مبررات إختيار دراسة الموضوع
يأتي إهتمام الباحث بالموضوع نتيجــة لألهميــة الــتي يحظى بهــا موضــوع حقــوق اإلنســان والحمايــة
القانونية لهذه الحقوق ،لذا فأن هناك اهتمام ذاتي للباحث ،هــذا من جــانب ومن جــانب آخــر فــإن المكتبــة
العمانية وكذا المكتبية المغربية قليالً ما تزخران بمثــل هــذه الموضــوعات .لــذا فــإن هــذه الدراســة مفيــدة
للدارسين والمهتمين بموضوع حمايــة حقــوق اإلنســان في الدســاتير والتجربــة العمانيــة تحديــداً ،وبــذلك
ستشكل هذه الدراسة مرجعا ً مهما ً للراغبين في إستقاء العلم والمعرفة.
إشكالية البحث
اإلشكالية التي نحن بصدد دراستها يطرح سؤاال رئيسيا وتساؤالت فرعية جوهرية ،فالسؤال الرئيس
ما هي أسس الحقوق السياسية وكيف أصلها المشرعين في الدســتور المغــربي والدســتور العمــاني ومــا
هي آفاقهــا المســتقبلية في اســتقرار النظم السياســي وتطورهــا؟ وســوف تختــبر الدراســة مجموعــة من
الفرضيات لتأكيد العمق التاريخي لمبدأ الحقوق السياسية:
ــ الفكر الحقوق فكراً أزليا هو وليد البشرية منذ أن أعتمدت بقضايا العمل الجماعي.
ــ المــوروث الفكــري لإلنســان أســاس لتأصــيل الفكــر الحقــوقي لإلنســان ،وأصــلها المشــرع
القانوني لمزيد من االستقرار األساسي للنظم السياسية.
ــ المبدأ الحقوقي الذي كرسه المشرع العماني يقوم على أساس المــورث اإلســالمي متماشــيا ً
مــع متطلبــات العهــد الــدولي لحقــوق اإلنســان ،إال أن يحتــاج مزيــداً من التأصــيل القــانوني
والمؤسسي.
منهجية البحث
مما الشك فيه ثمة مناهج كثيرة يســتخدمها البــاحثون في مجــاالت العلــوم اإلنســانية واإلجتماعيــة ،إذ
يتوقف إختيار المنهج على الباحث نفسه ،وطبيعة بحثه واإلمكانيات المتــوفرة ،في الواقــع أن الموضــوع
متشعب ويطرق العديد من العناصر لذا اليمكن اإلعتماد على منهج بذاته ،وإنما هناك ما يســمى بالتكامــل
10
المنهجي ،أي يمكن اســتخدام المنهج التــاريخي ،والوصــفي ،والتحليلي ،والمقــارن ،وذلــك للوصــول إلى
دراسة موضوعية وأكثر شمولية ،ولكن في الوقت ذاته سأعتمد كثيراً على المنهجين التحليل والمقــارن،
خاصة وأن المنهج التحليلي يشمل كافــة المنــاهج األخــرى بإإلســتثناء المنهج التــاريخي .كمــا أن المنهج
التحليلي يعتمد أيضا ً على تفسير الوضــع القــائم وتحديــد الظــروف والعالقــات الموجــودة بين المتغــيرات،
والمنهج المقارن من تحليل ما تضمنته دساتير الــدول وخاصــة الدســتور الملكي المغــربي بالمقارنــة مــع
النظام األساسي لسلطنة عمان من قواعد وأحكام ومبادئ ،فضالً عن اإلشارة إلى ما هو متبع في بعض
النظم القضائية المقارة ـــ الدوليــة والوطنيــة ـــ كلمــا اســتدعى المقــام ذكــر ذلــك .وســنحاول ايضـا ً األخــذ
بالمنهج الوصفي من خالل وصف العهد الــدولي للحقــوق المدنيــة والسياســية والــبروتوكول اإلختيــاري،
وذلك برصد اهم الحقوق والحريات التي تضمنها العهد ،باإلضافة الى أسلوب تحيليل المضــمون للتعــرف
على القيمة القانونية التي تضمنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
خطة البحث
إنطالقا ً من أهمية الموضوع وتحقيقاًـ ألهدافه ـ ســيتم تقســيم هــذه الدراســة إلى بــابيّن ،وفي كــل بــاب
قسمين ،بخالف المقدمة والخاتمة التي ستتضمن خالصة نتائج البحث والتوصيات التي توصــلنا إليهــا ،
والنتائج التي أثمرت من جراء دراسة هذه الموضوع والتي نأمل أن ترقى لتكون محل دراسة والنظر في
مدى إمكانية تطبيقها ،مع وضع األمر محل الدراسة في ميزان التقدير ،وبيان الممــيزات والعيــوب فيــه،
وأن تعم الفائدة في الرسالة لتكون عونا ً للباحثين والمهتمين والمتقاضين في مجــال الحقــوق السياســية،
حيث يتناول الباب األول :اإلطار الدولي العام للحقــوق السياســية وآليــات حمايتهــا ،فيمــا ســيتناول البــاب
الثاني :حماية الحقوق السياسية في سلطنة عمان والمملكة المغربية ،وبعض مجاالت ممارســة الحقــوق
السياسية بالسلطنة والتعرف على تحديات ممارسة الحقوق السياسية وذلك بالمقارنة مع المعمولـ به في
المملكة المغربية.
11
الباب األول :
12
الباب األول :
ونتيجة لهذه اإلجتماعات فقد تقرر إنشاء هيئة األمم المتحدة عــام 1945م ،من أجــل فض المنازعــات
والمحافظة على األمن والسلم الدوليين ،وقد أكد ميثاقها العــام الــذي تم تأسيســها بموجبــه على ضــرورة
احــترام حقــوق اإلنســان وحرياتــه األساســية بإعتبارهــا الضــمانة األساســية للحفــاظ على األمن والســلم
الدوليين.
وتعزيزاً لهذه الحقوق كان البد من إثباتهــا في وثقــة عالميــة وافقت عليهــا الــدول األعضــاء في هيئــة
األمم المتحدة في 10ديسمبر 1948م ،وسيّمت هذه الوثيقة "بــاإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان" وقــد
اتبع هذا اإلعالن بوصفه وثيقة مهمــة ذات صــفة معنونــة بثالثــة صــكوك تضــفي عليهــا القــوة القانونيــة
وتلزم الدول األعضاء بضرورة إحترامها وهي:
13
اإلتفاقية الدولية بشأن الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية ،عام 1966م. .1
اإلتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية ،عام 1966م. .2
البروتوكول اإلختياري المتعلــق بهــا وفقـا ً لمــا ورد في تقريــر المنظمــة العربيــة لحقــوق .3
اإلنسان ،عام 2007م.
وتكسب هذه الصكوك أهميتها من كونها ملزمة للدول التي صدّقت عليها بــاإلعتراف بحقــوق
اإلنسان الواردة فيها وقد صدّقت أغلبية الدول العربيــة على هــاتين اإلتفــاقيتين ،واعــترفت بهــذه
الحقوق وكرستها في دساتيرها بإعتبارها حقوقا ً أساسية.
*ولكن ثمة السؤال يطرح نفسه إلى أي مدى يتوافق مفهوم حقوق اإلنسان في الدســاتير العربيــة مــع
مفهومه في المواثيق الدولية؟.
يذهب الكثـير من الفقهـاء والقـانون الـدولي إال أن هنـاك الكثـير من الصـعوبات الـتي تواجـه الحقـوق
والحريــات العامــة في البالد العربيــة على المســتوى الــداخلي ،والــتي تزيــد من أزمــة تطبيقهــا وتعــرض
وجودها لإلنهيار ويرجعون ذلك الى عدة أسباب منها:
أســباب تقنيــة .حيث أدى التطــور العلمي الى بــروز وســائل تــؤثر ســلبا ً على الحقــوق .1
والحريات العامة ،وخاصة في ميدان اإلعالم واإلتصاالت ألن الدول في النظام الشمولي تحتكــر
لبعضها وسائل اإلعالم سوا ًء كانت مجموعـة أو مرئيـة أو مكتوبـة ،وتوجـه من خاللهـا الـرأي
العام بالطريقة التي تستطيع أن تكرس صورتها كحامية للحريات ومدافعة عن القيم واألخالق.
أسباب إجتماعية .أن القول بأن حرية الفرد تتوقــف عن حريــة األخــرين ،إنمــا يعــبر عن .2
حالة تصادمية ناجمة عن طبيعة الحياة اإلجتماعية التي تكشف عن مظــاهر متعــددة ذات صــفة
فريدة أو إرغامية ،فكثافة العالقات اإلجتماعيــة وردود الفعــل المعاديــة من جــانب األقليــة تجــاه
سلوك األغلبية المسيطرة البد أن تؤدي الى اإلضرار بالحقوق والحريات الشخصية والعامة.
أســباب إقتصــادية .فاألنظمــة الموجهــة وتحت ســتار المحافظــة على الــثروات العامــة .3
أصبحت تمارس تــأثيراً مباشــراًعلى الســلوك اإلقتصــادي الفــردي والجمــاعي .كمــا أن األنظمــة
الليبرالية القائمة على سياسة المنافســة وحريــة المبــادره الفــرده أو قعت قســما ً كبــيراً من اليــد
العاملة المنتجة تحت وطأة اإلستغالل الرأس مالي.
أسباب سياسية .ان الطبيعة التســلطية والتقييــد بــه للنظم السياســة تضــعها في مواجهــة .4
حادة مع الحريات العامة ووسائل القمع واإلكراه التي تملكها السلطة ،ولعل األفراد والجماعات
يتحملون قسطا ً كبير من المسؤولية التي تجعل السلطة إستبدادية في سلوكها الى حــد بعيــد .إن
من الصعب إقامة عالقــات متوازنـة بين الفــرد والسـلطة في ميــدان الحقــوق والحرياتــة العامـة
14
بسبب التناقض بين الرغبات الشخصية الموجودة لدى الفرد والتي تدفعه دائما ً الى التطلــع الى
أقصــى حــد من الحريــة وبين الســلطة الــتي تــرى في مراقبتهــا المســتمرة لمختلــف النشــاطات
اإلجتماعية الضمانة الوحيدة إلستمرارها.
من المالحظ أن التطور العام الذي طرأ على المجتمع الدولي في مختلف الميادين العمليــة والسياســية
واإلقتصادية والفكرية واالجتماعية أدى الى بروز حقائق جديدة على مستوى سلوك األنظمــة السياســية
فتقارب الحدود الجغرافية وإنهيار الحواجز الثقافية والفكرية وتحول المشـاكل الكـبرى الـتي يعـاني منهـا
بلد ما في مختلف المجاالت جعل األمور تخرج عن الحــدود الوطنيــة لتصــب في قلب اإلهتمامــات الدوليــة
وبشكل مباشر قضية حقوق اإلنسان على المستوى العالمي.
فسياسية التميـيز العنصـري والـديني وعـدم المسـاواة بين الرجـل والمـرأة وقضـية اسـتغالل األطفـال
بصورة بشعة والسيما على المستوى الجسدي وحرية المعتقد السياسي والحق بمقاومة اشــكال الطغيــان
أصبحت كلها محور اهتمامات الرأي العام في مختلف أقطار العالم ،فلم يعد بمقدور أية دولة بسبب ضغط
الرأي العام تـبرير اإلنتهاكـات الـتي ترتكبهـا في مجـال حقـوق اإلنسـان بـل؛ على العكس من ذلـك أصـبح
اإلتجاه السائد لدى الدول التي تعاني من مشاكل مماثلة إظهار صورة إيجابية تكرس تعاطيهــا مــع قضــايا
حقوق اإلنسان.
ولهــذا فــإن دراســة حقــوق اإلنســان واإلحاطــة بهــا إحاطــة علميــة شــاملة تســتوجب منــا األخــذ بعين
اإلعتبار ،هذه اإلعتبارات والتجاذبات التي تجعل من موضوع حقوق اإلنسان من أكــثر المواضــيع تعقيــداًـ
وصعوبة ،نظراً لتعدد مداخيل الدراسة ذات األبعاد المختلفة والمتنوعة.
ومن الثابت أن حقوق اإلنسان نتــاج تــاريخي ،وهي بهــذه الصــفة ينبغي أن يكــون مواكبــة للتطــورات
التاريخية ،وأن تتطور معها وأن تعكس صورة حقيقيـةـ لمختلــف أوضــاعها( .)4وهــذا مــا يؤكــد أن جــوهر
حقوق اإلنسان في حالة تطور دائم ومستمر وليس براكــد أو ســاكن ،كمــا أن حقــوق اإلنســان لصــيقة بــه
فضـل
ألنها من الحقوق الطبيعية ،وهي تعني قيامه بممارسة مختلف اإلنشطة ألن هللا سبحانه وتعالى قــد ّ
اإلنسان وكرمه على سائر مخلوقاته ،ومن الطبيعي جداً أن يميّزه في ممارسته لجميع حقوقه الحياتيه.
وعليه ،فإن تناولنا لدراسة حقوق اإلنسان عامة والحقوق السياسية خاصة ،يســتلزم منــا األخــذ بعين
اإلعتبار كل هذه الجوانب والمداخيل ،لتكون دراستنا ذات جدوى علمية ،وإضافة نوعية في مجــال الحــق
المعرفي ،وهو ما يقتضي اإلحاطة أوالً بالجانب التاريخي الذي يعتبر مهما ً لمعرفة سيرورة تطور األفكار
4
.الدكتورحافظ علوان الدليمي ،حقوق اإلنسان ،مكتبة دار السنهوري ،بيروت ،2018 ،ص ( ) 17
15
ذات الصلة بحقوق اإلنسان في بعض الحضارات ،التي كان لها تأثير كبير على اإلنسانية جمعــاء ،ســوا ًء
على مســتوى الفكــر أو على مســتوى التشــريع ،وثاني ـا ً بالجــانب المفــاهيمي لحقــوق اإلنســان ،حيث أن
التعاطي مع حقوق اإلنسـان ليس تعاطيـا ً سـهالً أو ممكنـاً؛ بـل يعتـبر من أصـعب المجـاالت الفكريـة كمـا
سبقت اإلشارة إلى ذلك ،ولهذا فإن الجانب المفاهيمي سيفيدنا في تلمس وضــبط المصــطلحات والمفــاهيم
حــتى ال نبقى في ســياق مغالطــات قانونيـة أو تطبيقيـة معيّنــه ،وثالثـا ً بالجـانب القــانوني الــدولي لحقـوق
اإلنسان الذي أصبح يحتل مكانة هامة في القــانون الــدولي العــام ،و ُمحــدثا ً لنفســه مجــاالً قانونيـا ً مســتقالً
وغنيّنا ً ومتطوراً ،وهو الز ٌم في دراستنا ،ألن التعــاطي مــع حقـوق اإلنسـان يبقى مســيطر عليــه ومتحكم
فيـه الجـانب القــانوني اإلتفــاقي أكـثر من أي جــانب آخـر ،وبالتـالي فـإن هــذا الجـانب أو المــدخل ســيغني
دراستنا ويعطيها نجاعة وجدوى علمية نظريا ً وممارسة.
القسم األول:
األمر األول :مفهوم الحقوق ،تلك الفكرة التي ترسخت بفعل نضـاالت كثـيرة ومتعــددة ،وبــذل
في سبيلها الغالي والنفيس.
األمر الثاني :القــانون الطــبيعي ،بإعتبــار أن القــانون الطــبيعي هــو أصــل الحقــوق والحريــات
جميعاً.
فالحق لغة :هو الشئ الثابت الذي الشك فيه أو هو النصــيب الـواجب ســواء للفـرد أو للجماعــة ،كمــا
يعرف الحق عند بعض اللغويين بأنه الملك والمال أو األمر الموجود الثابت (.)5
5
.د .هيفي أمجد حسين ،الحماية الدولية لحقوق اإلنسان "التحديات والمعالجات" ،دار الكتب القانونية ،مصر،2017 ،ص( ) 17
17
وفي تعريف أخر بأنها "عبارة عن مجموعة من الثوابت المقررة لإلنســان في جميــع مجــاالت حياتــه
بموجب الشرع والقانون"(.)6
أما من الناحية اإلصطالحية :فقد درج الفقه القــانوني الوضــعي والقــانون األوروبي على التميــيز بين
إتجاهات أو مذاهب ثالثة ،فيما يتعلق بتعريف الحق وهي:
اإلتجاه األول :أو ما يطلق عليه المذهب الشخصــي ،ويــذهب أنصــاره الى تعريــف الحــق بأنــه
"قدره أو سلطة إدارية يخولها القانون شخصا ً معينا ً ويرسم حدودها" .وهذه اإلدارة هي :معيار
وجود الحـق وجـوهره ،حيث أن الحـق وفقـا ً لـرأي أصـحاب هــذا اإلتجـاه إنمـا هـو صـفة تلحـق
بالشخص فيصبح بها قادراً على القيام بأعمال معيّنة تحقق له في الغالب مصلحة يريدها.
وقد أخذ بعض القانونيين على هذا التعريف للحق تعارضه مــع المنطــق فالثــابت لــديهم أن القــدرة أو
اإلدارة التي ينهض عليها التعريف المذكور التعدو إال أن تكون نتيجة لوجود الحق واإلقــرار بــه وليســت
جوهره ،وهذا باإلضافة أن الواقع يعرف حــاالت خاصــة تثبت فيهــا لبعض األفــراد حقــوق معيّنــة دون أن
تكون لهم إرادة.
اإلتجاه الثاني :المذهب الموضوعي ،والذي ينسب أساسا ً الى الفقيه األلماني إهرنج ،ويــذهب
أنصاره الى تعريف الحق بأنه "مصلحة يحميها القانون" ،وهذه المصلحة قد تكون مادية كحــق
الملكية ،وقــد تكــون معنويــة كــالحقوق الشخصــية ومنهــا الحــق في الحريــة ،والحــق في ســالمة
البــدن ،والحــق في المحافظــة على شــرف اإلنســان وإعتبــاره ،كمــا أن هــذه المصــلحة شخصــية
بالنســبة لعمــوم النــاس حــتى ولــو انعــدمت اإلرادة أو تعطلت لــدى البعض منهم .ووفق ـا ً للمعــنى
السابق فإن إصطالح الحق إنما يقوم على عنصريين رئيسيين:
العنصر األول :موضوعي أو جوهري ،ويتمثل في المصلحة التي تتجسد في الفائدة أو الميزة
أو المكسب الذي يحصل عليه صاحب الحق.
العنصــرالثاني :شــكلي ،ويتمثـل في الحمايــة القانونيــة الــتي تكفـل من خالل التشــريعات الـتي
ينظمها إنجاز هذه المصحلة .وتعد هذه الحماية في نظر أنصــار هــذا اإلتجــاه ضــرورية ،حيث أن
تقريــر هــذه المصــلحة ليس كافيـا ً في حــد ذاتــه ،وإنمــا يتعين وجــود غطــاء مناســب من الحمايــة
يضمن حقيقها وتأخذ هذه الحماية صور عدة أبرزها صورة الدعوى أو الحق في التقاضي.
ونالحظ :أن اإلنتقاد الذي وجه الى المذهب الموضوعي من تعريف الحق قد بني على مقولة أساســية
مؤداها أن العنصرين اللذين يقوم عليها هذا التعريف يتعدى النظر إليها بوصفهما جوهر الحق وأساسه،
6
.د .هيفي أمجد حسين ،الحماية الدولية لحقوق اإلنسان "التحديات والمعالجات" ،دار الكتب القانونية ،مصر،2017 ،ص( ) 17
18
وبيان ذلك أن العنصر األول من هذين العنصرين وهو ما وصف بأنه العنصر الجــوهري ليس من جــوهر
الحق في شيء وإنما هو الهــدف منــه ،وبالتــالي فهــو أمــر خــارج عنــه ،وكــذلك الحــال بالنســبة للعنصــر
الشكلي المتمثل في الحماية القانونية ،فهذه الحماية التصلح ألن تكون جوهراً للحــق ،وإنمــا هي التعــدوا
إال أن تكون مجرد وسيلة يقررها القانون لحماية شئ موجود هو الحق.
اإلتجــاه الثــالث :فهــو الجمــع بين المــذهب الشخصــي والمــذهب الموضــوعي ،ولــذلك ع ـ ّرف
أصحاب هذا اإلتجاه الحرية بعدة تعريفات منها:
التعريف األول :الحق هو سـلطة لإلرادة اإلنسـانية معـترف بهـا ومحيـة من القـانون ومحلهـا
مال أو مصلحة.
التعريف الثــالث :الحــق هــو المــال أو المصــلحة المحيــة عن طريــق اإلعــتراف بقــدره إلرادة
صحبها.
والواقع أن هذا التباين في الفقة القانوني األوروبي فيما يتعلــق بتعريــف الحــق قــد انعكس أيضـا ً على
الفقه العربي ،حيث نجد أنفسنا أمام تعريفات عدة أبرزها ما ذهب إليه البض أن الحق :الصلة التي تربــط
بين طــريفين ،وتقــوم على مصــلحة مشــروعة .وقــد انتقــد هــذا التعريــف أيضـا ً من حيث قصــوره وعــدم
إشتماله على الحقوق كافة ،حيث أنه ينطبق عل طائفـة من الحقـوق ،وهي الحــق الشخصـية ،كمـا يوجـد
كثير من التعريفات وكلها متأثرة بالمذهبين الشخصي والموضوعي.
رأينا في الموضوع
أما نحن فإننا نميل الى التعامل مع اصطالح حقــوق اإلنســان والحريــات األساســية بوصــفه اصــطالحا ً
يشير بصفة عامة الى مجموعة اإلحتياجات او المطالب التي يلزم توافرها بالنسبة الى عمـوم األشـخاص
في أي مجتمع دون أي تمييز بينهم في هــذا الخصــوص ســواء إلعتبــارات الجنس أو النــوع أو اللــون أو
العقيدة أو اإلنتماء الوطني أو ألي اعتبار أخر.
كما أننا نرى أن هذه الحقوق والحريات وإن كانت ذات طابع وطني أو داخلي أساسـا ً إال أن لهــا صــفة
الطابع الدولي بإعتبار أن الدولة صـاحبة هـذه الحقــوق عضــو في األسـرة الدولــة ،كمـا أن هـذه الحقـوق
توصف بأصالتها أو بعدم إمكان التنازل عنها وإن جاز للسطة المختصة وضع ضوابط تصحيحية لها .أما
الحقوق الساسية فإنها تعني أمرين:
19
األول :حق كل إنسان في إبداء رأيه في تسيير األمور العامة وتحديد موقفــه منهــا ،وذلــك في
مختلف القضايا التي تدخل في إطار السياسة وشؤونها على صعيد الوطن وضمن حدود األمه.
الثاني :حق كل إنسان على والية الوظائف أصغرها وأكبرها ما دام اهالً لذلك ،فرئيس الدولــة
وكل من دونه من الوزراء والمدراء والموظفين هم أشخاص تختارهم األمة واليفرضــون عليهــا
لمــا تتوســم فيهم من صــالح إلدارة األعمــال الــتي تســند إليهم وتعطيهم نظــير ذلــك أجــر يكفــل
معيشتهمـ وأوالدهم.
ذهب معظم المفكــرين والفالســفةـ الى اعتبــار القــانون الطــبيعي مصــدراً أساســيا ً للحقــوق والحريــات
ووصفه بعضهم بأنه جزء من القانون اإللهي ولكن الفقيه القانوني الهولندي "هوغوغروشيوس" الذي
عاش بين عام " 1583ــ "1645فصل بين القانون الطبيعي والقانون اإللهي.
حيث جعل األول مصدراً أساسيا ً للقوانين الدنيوية والــتي أرتــأى أنهــا تقــوم على المنطــق والعقالنيــة،
وانتهى غروشيوس الى تعريف القانون لطبيعي أنه "مجموعة القواعد القانونيــة اآلمــرة الــتي يفرضــها
المنطق السليم والتي نجد أساسها في األخالق أو الضرورات األخالقية".
وهو بــذلك مهــد األرض لمن جـاء بعـده من المفكـرين وفقهــاء القـانون والفالسـفة للنظـر الى حقــوق
اإلنسان وشرعيتها بإعتبارها حقوقا ً طبيعية ،وقد استخدمت الدول الغربيــة مبــادئ هــذه النظريــة للتــدخل
ضد الدول العثمانية في اليونان عــام 1827م وفي بلغاريــا 1876م ،وكــان ذلــك مؤشــراً إلعتمــاد الدولــة
لحقوق اإلنسان بمفهوم ذلك الوقت سنداً للنضال ضد اإلستبداد السياسي.
تعددت أسس حقوق اإلنسان وتنوعت تاريخيـاً ،إذ أنهــا فلســفية ودينيــة وسياســية واقتصــادية ،وقــد
إزداد مفهوم حقوق اإلنسان على مر األجيال ،وتعود الجــذور األولى لفكــرة حقــوق اإلنســان الى أثينــا في
القرن الخامس قبل الميالد ،حيث وضع وطور الفكر اليوناني مفهــوم الحقــوق الطبيعيــة والــتي بموجبهــا
يملك الفرد حقوقا ً نحو سلطة الدولة.
فأكد سقراط القيمة العليا لهذه الحريات التي ندعوها اليــوم حريــة الفكــر والتعبــير ،كمــا شــدد أرســطو
أفكار الحرية والمساواة كأساس للديمقراطية.
كما بين شرشرون في كتابه التشريع نسبة القـوانين البشـرية وضــرورة إيجــاد مصــدرها األصــلي في
اإلنســان وفي شــعوره بالعــدل ،وفي ضــوء هــذا القــانون اعتــبر أن كــل النــاس متســاوون في الحقــوق
20
والواجبات ،إذ أنهم جميعا ً يملكون عقالً ومتساوون بالتركيب النفسي وفي نظــرتهم المشــتركة الى أمــور
الخير والشر .وقد أكد شيرشرون أن هذا القــانون هــو القــانون األعلى في كــل العصــور قبــل أن يكتب أي
قانون وقبل أن تؤسس أي دولة.
ثم ظهرت الديانة المسيحية التي أحدث ثورة هائلـة في العـالم كمـا يقـول "جـان مـاري بـوك" مؤلـف
كتاب "حقوق اإلنسان األبعاد الوطنية والدولية" وفي العصور الوسطى أغنى مفكرون أوروبيون مفهوم
القانون الطبيعي وطوره وفي مقدمتهم هو غوغروشــيوس الــذي اعتــبر زعيم مدرســة القــانون الطــبيعي
وقانون الشعوب ،فقد أكد في كتابــه "قــانون الحــرب والســلم" أن عالقــات الدولــة يجب أن ينظمهــا على
أساس المساواة ،منوها ً بأن الحياة في المجتمع ضرورة ال غنى عنها لإلنسان وأن القانون هو ما يعتبره
العقل القويمـ موافقا ً لطبيعة اإلنسان اإلجتماعية ،ويمكن بيان أسس القانون الطبيعي فيما يلي:
إن مبادئ هذ القانون المطابقة للعقل القويم والعدل هي مبادئ ثابته وخالدة التتغيربتغيّر .1
الزمان والتختلف بإختالف المكان.
ينبثق القــانون الطــبيعي من طبيعــة اإلنســان وعقلــه ويســبق في وجــوده كــل القــوانين .2
الوضعية ،وهو أســمى منهــا ،وهــذا يســتدعي وجــود مجموعــة من الحقــوق الطبيعيــة لألفــراد
مالزمة للطبيعة البشرية ،فهي ثابته لدى اإلنسان وهو في حالته الطبيعية البشرية أي قبل قيام
الدولة.
والتــزال نظريــة الحــق الطــبيعي تحافــظ على أهميتهــا األساســية بــالرغم من مــرور مــا يقــارب ألفين
وخمسمائة عام على ظهورها ،وقد أثرت في أفكار الفالسفة من أمثـال :فولتـير ،وجـان جـاك ريسـو ،و
ديدرو ،وغيرهم ،كما شكلت أساس اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والمواطن وإعالن اإلستقالل الــذي
أصدرته الواليات الثالثة عشر األمريكية في الرابع من تموز 1776م ،ولكن يبقى التساؤل قائماً:
ان المكانة القانونية التي حققها موضوع حقوق اإلنسان اليوم ،واألهمية التي بلغها على المســتويات
الدولية واإلقليمية والوطنية ،والحيّز المتنامي الذي تشتغله في وعي ووجدان الفــرد كإنسـان وكمــواطن،
لم تكن لتتحقق لوال أن مهد لها وأرسى أساسها اإلطار التاريخي لها ،والمتمثل في مجموعة المرجعيــات
الفكرية والفلسفية والمبادرات التشريعية لألنظمة القانونية التاريخية في مجــال تكــريس حقــوق اإلنســان
والــدفاع عنهــا وجعلهــا منبــع اإلســتقرار وتثــبيت النظــام الــديمقراطي في العهــود القديمــة أو الوســطى،
وخاصة منها في البلدان األوروبية التي شهدت عصور النهضة واألنوار والثورة السياسية والدينية.
21
وعليه ،فإنه البد لنا من تسليط الضوء على المنطلقات التاريخية للفكــر الحقــوقي اإلنســاني ،وهــو مــا
جعلنا نحيط بالجانب التاريخي لحقوق اإلنسان عامــة والحقــوق السياســية خاصــة ،وهي إحاطــة نعتبرهــا
ذات أهمية في الكشف عن مسار التطور الفكري والمرجعي والتشريعي ،الذي طال مجال حقوق اإلنســان
عبر التاريخ اإلنسان في كل الحضارات اإلنسانية.
ومن جانب آخر ،فــإن اإلحاطــة الشــاملة بالحقــل المعــرفي لحقــوق اإلنســان يقتضــي منــا أيضـا ً تنــاول
الجانب المفاهيمي لحقوق اإلنسان والحقوق السياســية ،خاصــة إذا أعتقــدنا أشــد اإلعتقــاد ،بــأن صــعوبة
الحقــل المعــرفي لحقــوق اإلنســان تجــد أساســها في اإلختالف والتبــاين في مفاهيمهــا داخــل المرجعيــات
الفكرية المختلفــة ،ويشــتد هـذا التبــاين واإلختالف إلى حــد التصــارع واإلصــطدام أحيانـاً ،إذا مــا تــداخلت
الجوانب الدينية مع الجوانب القانونية ،وأيضا ً بين الجــانب النظــري الصــرفي لحقــوق اإلنســان والجــانب
الممارساتي والتطبيقي لها على أرض الواقع مع اإلختالف في التطبيق من دولة إلى أخرى ومن مجتمــع
إلى آخر ،رغم إعتماد نفس النصوص القانونية ذات الصلة بحقوق اإلنسان.
وعلى هذا األساس فإن خطة الدراسة في هذا القسم تسير على فصلين أساسين وهما:
22
ومن هنا عانت البشرية على إمتــداد عصــورها المختلفــة ألوانـا ً من الضــعف والمــرارة بســبب هــؤالء
الملوك الطواغيت وسالطين الجور الذين سحقت إرادة الناس غدراً وهدروا كرامتهم وصــادروا حريــاتهم
وحقوقهم.ـ وكثيراً ما اقترن الصــراع الــذي خاضــته أمم المعمــورة من أجــل العــدل والحريــة بصــبغة الــدم
وثمن التضحيات الحسام ،حيث انتهى بمآسي قتل وتشرد من أجلهــا اآللــف من بــني البشــر ،ورغم تميّــز
العصر اإلغريقي بتطور المعرفة وأنظمة الحكم ،فقد تميّزت هــذه المرحلــة بوجــود فالســفة عظــام أمثــال:
سقراط وأرســطو وافالطــون ومن بعـدهم ،غــير أن هــذه الفـترة الزمنيـة كـانت قاصـرة عن إدراك حقــوق
اإلنسان وحمايتها.
وبعد ظهور المسيحية تم وضــع النــواة األولى لمبــدأ خضــوع الدولــة للقــانون عنــدما دعت الى حريــة
الدين والعقيدة وميّزت بين وصــف الفــرد كإنســان ووصــفه كمــواطن ،وبــذلك نــزعت الفــرد من الجماعــة
وجعلت له وجوداً مستقالً بخالف ما كان عليه الحال في العصور القديمة.
وإذا كانت المسيحية قد تحدثت عن ما هلل وما لقصير ،إال أنها لم تبين ما هو هلل وما هو لقصير ،غــير
أنها سعت الى حرية العقيدة .
أما خارج نطاق الدين فقد ظل الخضوع للحاكم وسلطانه كما كــان دون حــدود ،ولــذلك عاشــت أوروبــا
في العصــور الوســطى في ظــل ســلطان مطلــق ال مكــان للفــرد فيــه وال قيمــة لرأيــة وال إعــتراف بحقوقــه
وحريته.
وبالرغم من كل التطور الحاصل نحو الديمقراطية في دولتي المدينة لكل من اســبارطة وأثينــا ،إال أن
الديمقراطية كانت ديمقراطية شــكلية إقتصـرت على ممارســة ســلطة الحكمـ من قبــل المواطــنين األحــرار،
وبالتالي كان للحكام التدخل في أخص شؤون األفراد وسلبهم أموالهم وحرياتهم إذا أرادوا دون أن يكـون
لألفراد الحق في اإلحتجاج بحقوق مكتسبه أو حريات مقدرسة.
أما العصــر الرومــاني فقــد حصــل نوع ـا ً ملموس ـا ً من التطــور في النظــام القــانوني المــدني الخــاص
بالمعامالت بين األفراد ،إال أن هذا التطور بقي في حدود مجــال القــانون دون اإلرتقــاء بحريــات اإلنســان
وحقوقــه عمــا هي عليــه .كمــا أن الرومــان لم يقــروا لألفــراد إمتالك األراضــي واإلمتيــازات والعوائــد
اإلقتصادية المترتبة عليها إذ لم تكن هذه التجاوزات أو الجرائم تخضع لطائلة القانون.
ولبيان مراحل نشأة الحقوق السياسية ومراحل تطورها عبر التاريخ فإنــه يحتم علينــا أن نتنــاول هــذا
الموضوع في مبحثين ،األول نتناول فيه مراحل تطور حقوق اإلنســان في العهــود القديمــة والمتمثلــة في
كل من الحاضرة اإلغريقية والحضارة الرومانية ،أمــا المبحث الثــاني فإننــا ســنتناول فيــه مراحــل حقــوق
23
اإلنسان في العصور الوسطى المتمثلة في كل من الحضارة اإلسالمية والحضارة األوروبيــة ،ولهــذا فــإن
خطة البحث تسير على النحو التالي:
24
المبحث األول:
تقتضي دراسة حقوق اإلنسان البحث عن الجذور التاريخية لها في المجتمعات والحضارات الســابقة،
حيث يتبين لنا أن اإلهتمام بحقوق اإلنسان ليس وليد فــترة زمنيــة بعينهــا أو حضــارة بمفردهــا ؛ بــل هــو
إهتمام إنساني قديم ،قد تختلف مناحي اإلهتمام ومجاالته ومقداره ،ولكن يبقى في النهاية إهتمام إنســاني
يشكل تراثـا ً إنســانيا ً مشــتركا ً لم يعــد خاصـا ً بحضــارة دون غيرهــا .وبالتــالي فــإن حقــوق اإلنســان عامــة
والحقوق السياسية خاصة قد شــكلت دومـا ً نقطــة الخالف والصــراع داخــل الطبقــات الحاكمــة وخارجهــا،
وهو إجتهاد من أجل البحث عن الديمقراطية والعدل عبر التاريخ اإلنساني.
فقد كــان التــاريخ اإلنســاني عــبر تسلســله الزمــني محطــة للعديــد من الحضــارات ،محكومــة بظــروف
ومتطلبات وجودها وديموميتها ،وكان لكل منها خصوصــية ذاتيــة تــركت بصــماتها على مختلــف نــواحي
الحياة ،ومنها اإلنسان وحقوقه قبوالً ورفضاً ،وسلبا ً وإيجابا ً(.)7
ورغبة منا في التأص يل الت اريخي لهات ه الحق وق السياس ية على اعتب ار أنه ا م رت بمحط ات عدي دة
سنحاول أن نعرض لها بنوع من التفصيل ،وذلك من خالل مطلب أول س يكون متمح ورا ح ول الحق وق
السياسية في الحضارة االغريقية باعتبارها محطة تاريخية في هذا المجال على أن نتن اول في مطلب ث اني
تاريخ هذه الحقوق عند الرومان
) ( 7د .حافظ علون الدليمي ،حقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص .24
25
المطلب األول:
في الواقع إن الفكر السياسي يجد منبعه الحقيقيـ في بالد اإلغريق ،حيث ظهرت أصول علم السياسية
على ألسنة فالسفتهم ومفكريهمـ ــ ولذا كان آلراء الفالسفة اإلغريق ومذاهبهم السياسية أكبر األثــر على
الفكر األوروبي فيما بعد ،فقد أستقى منها نظرياته وأسس عليها مذاهبه وإتجاهاته ،حتى يمكن القول أن
(.)8
اإلغريق هم مؤسسوا علم السياسية
ولبيان كيفية ممارسة المواطنين لحقوقهم السياسية في المدن اليونانيــة القديمــة ســنأخذ مدينــة أثينــا
مثاالً ،ألنها صاحبة الدستور الديمقراطي ،وقد كان نظامها السياسي يقوم على األسس اآلتية(:)9ـ
.1الجمعية العمومية:
.2المجلس النيابي:
ويتكــون من خمســمائة عضــو يتم إختيــارهم عن طريــق اإلنتخــاب الشــعبي خاصــة في المــدن
الديمقراطية ،كما هو الحال في مدينة أثينا.
.3المحاكم الشعبية:
ويتم إختيار أعضائها لمدة قصيرة بطريقة تجمع بين اإلنتخــاب والقرعــة من بين المواطــنين البــالغين
من العمر ثالثنين عاما ً ــ وكانت هذه المحاكم تعد الجهاز الحقيقيـ للرقابــة الشــعبية ،فلم يكن إختصاصــها
) ( 8الدكتور ثروت بدوي ،أصول الفكر السياسي والنظريات والمذاهب السياسية الكبرى ،دار النهضة العربية للنشر والتوزيع ،القاهرة،2011 ،
ص .39
9
( ) GERGE SAPIN, A: history of political theory, 1994,p19.
26
مقصــوراً على الفصــل في المنازعــات ،بــل تختص أيض ـا ً بــالبحث في شــرعية القــوانين واإلشــراف على
شؤون الموظفين ومحاسبتهم ومراجعة الحسابات واألموال العامة(.)10
وقد تميّز النظام السياسي عند اإلغريق القدماء في مدينة أثينا باآلتي:
.1أن دولــة المدينــة تهــدف إلى إقامــة حيــاة إجتماعيــة يســودها اإلنســجام والمســاواة بين
أفرادها ،بحيث يكون لكل منهم الحق في اإلشتراك في تسيير أمور الجماعة ،إشتراكا ً فعليـا ً ،كـل
حسب قدرته وكفاءته ،دون تمييز بسبب الثروة أو الوضع اإلجتماعي.
.2كما قامت فلســفتهم السياســية على أن الســيادة في المدينــة للقــانون وليســت للحــاكم ،وأن
على األفراد إحترام القانون ولو أضر بهم.
.3التأكيــد على حريــة المواطــنين ،وتعــني حريتــه في إبــداء الــرأي وفي المشــاركة في إدارة
الشؤون العامة ،حسب قدرته وكفائته ،وليس حسب مركزه اإلجتماعي أو المالي ،وهــذه الحريــة
تتطلب ضرورة إحترام القانون ما دام القانون يساوي بين الجميع.
.4كانت الديمقراطية في نظرهم هي حكومة األغلبية ،بمعنى أن إدارة الشــؤون العامــة يجب
أن تكون في يد أكبر عدد من المواطنين .وقد أدى ذلك إلى عدم التميـيز بين حـاكم ومحكــوم ،ألن
كل شخص سيكون حاكما ً وسيكون محكوما ً كل حسب دوره في إدارة الشؤون العامة(.)11
وإنطالقا ً من مفهوم الحرية في الديمقراطية األثنينة ،كان المواطن في أثينا يتمتــع بحقوقــه السياســية
المتمثلة في العضوية في جمعية الشـعب ،وحـق تـولي المناصـب العامـة بـدون أي تميـيز بسـبب المركـز
اإلجتماعي أو الثروة .وذلك عالوة على تمتع المواطن األثيني بحرية التفكير وحرية إبداء الرأي(.)12
وهناك مبدأ أساسي يسيطر على كل الحقوق والحريات المعترف بهــا لألثينــيين ،هــذا المبــدأ هــو مبــدأ
المساواة ،فالحرية تتطلب المساواة بمعنى(:)13
27
والتتحق الحريــة والمســاواة إال بــإعالء كلمــة القــانون ،فالخضــوع للقــانون أم ـ ٌر ضــروري لتحقيــق
الديمقراطية(.)14
والحرية عنـد قـدماء اإلغريـق لم تكن تعــني حريـة الفــرد ،وإنمـا حريــة المــواطن بوصــفه عضــواً في
المجتمع ،بحيث تسمح له بــأن يســاهم في الحيــاة العامــة للمدينــة .فالحريــة بهــذا المعــنى ترتبــط بوظيفــة
إجتماعية أو وظيفــة سياسـية تتحصــل في عضــوية المدينــة ،بحيث تسـمح لـه بــأن يباشـر هــذه الوظيفـة
بوصفة منتظمة ودائمة(.)15
وعلى ضوء ما تقدم تعني الحرية ــ عند قدماء اإلغريق ــ مســاهمة الشــعب أو إشــتراكه في الشــؤون
العامة للمدينة أيا ً كانت النتائج التي تترتب على هذه المساهمة للمواطن كفــرد ـــ ويتميّــز نظــام الحكم في
دولــة مدينــة أثينــا بمبــدأ المســاواة ،والمقصــود بالمســاواة عنــد قــدماء اإلغريــق هــو مســاواة المــواطن
بالمواطن في الحياة المدنية والسياسية ،وبذلك إقتصر تطــبيق هــذا المبــدأ على المواطــنين دون األجــانب
واألرقاء ،وقد تأكد تطبيق ذلك المبدأ في تولي الوظائف العامة والقضاء .كما تميّــز نظــام الحكم في دولــة
مدينة أثينا أيضا ً بمبدأ الشرعية أو مبدأ سيادة القانون ،ويقصد بذلك المبدأ أن الحــاكم يضــع من القواعــد
ما يسمح له بتنظيم الشؤون العامة ،على أن هذا القواعد ــ متى وضعت ــ تقيّد كالً من الحاكم والمحكــومـ
على حد سواء ــ وبــذلك فقــد بــرزت دعامتــان هامتــان لحمايــة حــق المواطــنين في المشــاركة في الحيــاة
السياســية ،وقــام عليهمــا النظــام السياســي الــديمقراطي لدولــة مدينــة أثينــا ،وهمــا الحريــة واحــترام
القانون(.)16
وفي سبيل حماية الحقوق السياسية في دولة مدينة أثينا ،وإقامة النظام بها على أســاس الديمقراطيــة
الحقة ،كان البد لكل مواطن مهما كان فقيراً أن يهيأ له الوقت لممارســة حقوقــه السياســية ،فتقــرر أجــراً
لذلك منذ عهـد "بـركليس" وقـد كــانت هـذه األجــور في البدايـة مقصـورة على أعضـاء المجلس النيـابي
والقضاة ،وإبتداءاً من القرن الرابع عشر قبل الميالد خصص أجراً للمواطنين الــذين يحضــرون جلســات
الجمعية ،ثم تم قصر الجدر بعد ذلك على أوائل الحاضرين من العدد القانوني ،وذلــك لتشــجيع المواطــنين
على المسارعة في حضور الجلسات والمشاركة الحقيقيةـ في إدارة الشؤون العامة(.)17
وأما عن أسلوب تولي الوظائف العامة ،فقد كان مزيجا ً بين اإلنتخاب واإلقتراح ،فقد كــانت كــل وحــدة
تنتخب عدداً من المرشحين ،ثم يختار بالقرعة من بينهم من يتــولى الوظيف ـةـ العامة( ،)18واليجــوز إعــادة
) ( 14يعبر J.ELLULE :عن ذلك بقولc`est la loi assure la de`mocratie, car c`est elle qui fait citoyens libres et “ :
.e`gaux”. Histoire des ide`es
.chrvalier: Principes de public `950,p95 ) ( 15
. EORJE SABINE, A:history of political theory, 1949,p.p.18-19 ) ( 16
) (17أ .جونز ،الديمقراطية األثينية ،ترجمة :الدكتور عبدالمحسن الخشاب ،الهيئة العامة للكتاب ،مصر ،1976 ،ص .9
) (18جورج سباين ،تطور الفكر السياسي ،مراجعة وتقديم د .عثمان خليل عثمان2015 ،م ،مصر ،ص .7
28
اختيار الذين وقع عليهم اإلختيار مـرة ثانيـة ،وعلّـة ذلـك إفسـاح الطريـق للمواطـنين اآلخـرين في تـولي
الوظائف العامة(.)19
ولقد كانت دولة مدينة أثينا بال ريب أعظم المدن اإلغريقية شأنا ً وأبعــدها شــهرةً وأغناهــا فكــرة ،فقــد
كانت عنوانا ً على أفضل نموذج للدستور الديمقراطي ،خاصة في عهــد صــولون الــذي أكــد على ضــرورة
ممارسة الحقوق السياسية ممارسة حقيقية ،أنه كان يرى أن عـدم اإلهتمـام بالشـؤون العامـة يـؤدي إلى
خراب الدولة ،ولذلك قرر صولون أن الذين يقفون على احياد في أوقات الفتن حقهم كمواطــنين ،ولنــا أن
نتأمل ذلك ونقارنه بالمزايا التي يــذكرها الشــراح المحــدثون للديمقراطيــة المباشــرة ،ونصــف المباشــرة،
ونظام اإلستفتاء ،وتوقيـع العقــاب على من يتخلـف عن واجب اإلنتخــاب ومن أقــوال صــولون أيضـا ً حين
سأله سائل :متى تكـون الدوليـة ثابتـة البنيـان؟ فأجـاب :حين يطيـع المحكومـون الحكـام ،ويطيـع الحكـام
القانون ،وهذا ما نترجمه اآلن بمبدأ سيادة القانون(.)20
وتعتبر الحضارة اليونانية من أقدم الحضارات في الغرب ،وقد ظهرت القوانين عنــد اليونــان في وقت
الحــق لظهورهــا في المجتمعــات الشــرقية ،ولقــد صــدرت في بالد اإلغريــق عــدة قــوانين ،إال أن قــانون
صولون الذي صدر عام 594ق.م كان أشــهرها على اإلطالق ،فقــد جــاءت نصــوص مجموعــة القــانون
معلنه إذابة الفوارق بين الطبقات اإلجتماعيــة ،وجــاءت القــوانين واحــدة بالنســبة للجميــع ،وقــد أفســحت
المجــال بالنســبة للعامــة لإلشــتراك في مناصــب الحكومــة في البالد ،وتولــوا من ثم أهم مناصــب الدولــة،
واشتركوا في السلطة التشريعية عن طريق مجلس الشعب ،مما ساعد على تدعيم النظام الديمقراطي في
أثينا( ،)21وبذلك فبعد أن كان نظام الحكمـ في دولة أثينا يقوم على أساس الديمقراطية المباشرة ،فقد تطور
ذلك النظام خاصــة في فــترة العهــد الــذهبي لهــذه المدينــة ،واتخــذ مظهــر الديمقراطيــة غـير المباشــرة أو
الديمقراطية عن طريق ممثليه في المجلس النيابي(.)22
وجدت بعض مظاهر الديمقراطية والمشاركة الجماهيريــة في الحكم ،لكنهــا مشــاركة لم تـرق إلى تلــك
التي جاءت بها النظرية .خاصة وأن الرقيق في مفهوم النظرية يعتبر شيئا ً ال كيان لــه ،فهــو محــروم من
ممارســة الحقــوق السياســية .ومن ثم كــان المتمتعــون بــالحقوق السياســية يمثلــون قلــة ،بينمــا التتمتــع
القاعدة العريضة بهذه الحقوق ،وهو ما يضعف من قيمة األثر الذي تركته النظرية ،ليس على المســتوى
الخارجي فحسب؛ بل على المستوى المحلي.
وهكذا فإنه على قدر ما احتوت النظرية السياسـية اليونانيـة من أفكـار ذات مغـزى في هيكـل النظريـة
السياسية ،فإنها لم ترق إلى البعد اإلنساني بمفهومه الشامل الذي يعبر عن الضمير اإلنساني في إتجاهه
) (19د .فؤاد العطار ،النظم السياسية والقانون الدستوري ،الجزء األول ،دار النهضه العربية للنشر ،مصر1974،م ،مصر ،ص 27
) ( 20د .القطب محمد طبليه ،اإلسالم وحقوق اإلنسان ،الطبعة الثانية ،دار الفكر العربي ،مصر 1984 ،م ،ص .180
) (21د .محمد السقا ،فلسفة وتاريخ النظم اإلجتماعية والقانونية ،دار النهضة العربية1975 ،م ،مصر ،ص 137ــ .139
) (22د .فؤاد العطار ،النظم السياسية والقانون الدستوري ،مرجع سابق ،ص 49ــ . 56
29
األسمى نحو تحرير اإلرادة اإلنسانية من مظــالم الحكـامـ والطبقـة العليــا وتوسـيع دائـرة التمتـع بــالحقوق
السياسية.
بعد التطرق الى الحقوق السياس ية في الحض ارة االغريقي ة س نحاول في مطلب ث اني أن نتن اول ماهي ة
هاته الحقوق واهتمام الحضارة الرومانية بها وكدا مختلف المراحل التي قطعته ا لتك وين رص يد حق وقي
سياسي.
الريب في أن النظريــات والمــذاهب السياســية عنــد الرومــان ـــ إذا مــا قــورنت بتلــك الــتي كــانت عنــد
اإلغريق ــ لبدت لنا أنها محدودة القيمة ،ألنه لم يكن للرومان فلسفة سياسية أصيلة( .)23وأساس ذلــك أن
طبيعة الحوادث التي مرت بهم جعلتهم يولون اهتمامهم صوب توســيع اإلمبراطوريــة الرومانيــة ،وعمــل
كل ما من شأنه أن يبرز عظمة روما ويرفع من شــأنها أمــام العــالم القــديم ،ولــذلك كــان طبيعيـا ً أن يتجــه
الرومان أساسا ً صوب تكوين رجال الدولة والجيش والقانون والخطباء .أمــا في مجــال الفكــر السياســي،
فقد اقتصر الرومــان على نقــل الــتراث اإلغــريقي وتطــويره بمــا يتفــق وخدمــة أغــراض إمــبراطوريتهم ،
وبذلك إتجه تفكير روما السياسي صوب الجانب العملي دون الجانب النظري (.)24
وقد قــام نظــام الحكم في رومــا على أســس ثالث ،تتمثــل في وجــود رئيس دولــة ،ومجلس للشــيوخ،
ومجالس شعبية ،بيد أن مباشرة هذه الهيئات لسلطاتها اختلفت قوتهــا وضــعفها تباعـا ً إلختالف العصــور
الــتي مــرت بهــا .فقــد امتــد تــاريخ رومــا القديمــة إلى عــدة قــرون ،وســادتها نظ ٌم مختلفــة من ملكيــة إلى
جمهورية إلى إمبراطوريــة ،أمـا عن العهــد الملكي فإنــه لم يكن لمجلس الشــيوخ إال ســلطات استشـارية،
ومع ذلك فإن هذا المجلس وكذلك مجــالس الوحــدات القبليــة لم تكن تشــكل إال من األشــراف وحــدهم (أي
23
.د .مصطفى الخشاب ،النظريات والمذاهب السياسية ،1985 ،مصر ،ص ( ) 103
24
( )Re`Lot: Cours de droit constitutionnel compare,op,sit, p 179.
) (25د .حافظ علوان الدليمي ،حقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص .31
30
السادة بحكمـ المولد) .وفي عهد الجمهوريــة لم تخــرج الســلطة ـــ في الغــالب والواقــع ـــ من تلــك األيــدي
القليلة ،أيدي بعض األسر القوية ،ويوم أن صار للجمعيات العامة بعض الشأن أخذ األثرياء وحــدهم دون
الفقراء ــ طريقهم إلى موقع السلطة والمناصب العليا والوظــائف العامــة ،وثــأر للمــال وشــراء األصــوات
عند اإلقتراع ،ثم صار للتبعيات القوية القول الفصل ،حـتى في شـؤون التشـريع ،وكـانت هـذه الفوضـى
هي النذير بنهاية الجمهورية ــ وفي بداية عهد اإلمبراطوريــة صــار "مجلس الشــيوخ" اســما ً على غــير
مسمى ،ثم انتهى األمر إلى الحكم المطلق فحسب؛ بل إلى اإلستبداد أيضاً .وبذلك فإن الرومــان لم يعرفــوا
ديمقراطية حكم الشعب التي سبقهم إليها اإلغريق(.)26
.1الملك:
وكان على رأس المدينة ،يتولى فيها السلطة مدى الحياة ،وكان يتم إختياره عن طريق سلفه ،فإذا لم
يتم هذا اإلختيار فإن التعــيين يقــوم بــه عضــو من الشــيوخ يســمى وســيط الملــك ،يقــوم مجلس الشــيوخ
بإنتخابه لهذه المهمة.
.2مجلس الشيوخ:
يتكون هذا المجلس من رؤساء العشائر ،وكان لمجلس الشيوخ الصفة اإلستشارية ،حينما يرجع إليــه
الملك في األمور الهامة دون أن يكــون الملـك ملزمـا ً بإتبـاع رأيــه .كمـا كـان لمجلس الشـيوخ اختصـاص
التصديق على قراراته .هذا باإلضافة إلى مهمة إنتخاب وسيط الملك الذي يتــولى اختيــار الملــك في حالــة
عدم تعيين الملك خلفا ً له.
.3مجلس الشعب:
ويتكون من السكان األحرار القادرين على حمل السالح ،وقــد اقتصــرت عضــوية مجلس الشــعب على
طبقة األشراف ،ولم يكن يدخلها العامة الذين كــانوا في حمايــة الملــك ،كمــا لم يكن يــدخلها العامــة الــذين
كانوا في حماية الملك ،كما لم يكن يدخلها النزالء الالجئون.
.4المجلس المئوية:
) (26د .القطب محمد طبلية ،اإلسالم وحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص 201ــ .202
31
وهي أيضا ً مجالس شعبية ،ولكنها تختلف عن المجالس السابقة ،لكون المجالس المئوية تضم طبقتي
األشــراف والعامــة على عكس المجــالس الشــعبية الســابقة ،كمــا أن المجــالس المئويــة كــانت تتمتــع
بصالحيات تشريعية أوسع من المجالس الشعبية ،إال أن الـدور التشـريعي للمجــالس المئويـة لم يـبرز إال
في العصر الجمهوري.
وفي العصــر الجمهــوري حــدث تغيــير كبــير في كافــة المجــاالت السياســية والفكريــة واإلجتماعيــة
واإلقتصادية والقانونية ،وذلك على أثر توسع الدولة الرومانية .فمن الناحية السياســية حــل محــل الملــك
في إدارة شؤون الدولة حاكمان ينتخبها مجلس الشعب لمدة سنة وهما القنصالن .وبسبب اتســاع الدولــة
الرومانيــة فقــد اســتعان القنصــالن ببعض المــوظفين لمســاعدتهما في إدارة شــؤون الدولــة ،وقــد أصــبح
هــؤالء الموظفــون حكامـا ً يتم انتخــابهم بواســطة المجــالس الشــعبية ،وهــؤالء الحكــام الجــدد هم :حــاكم
اإلحصاء ،الحاكم المحقق ،حاكم األسواق ،الحاكم(.)27
وهــذا باإلضــافة إلى اســتمرار مجلس الشــيوخ والــذي زادت اختصاصــاته من ناحيــة الواقــع ،بحيث
أصبحت له اليــد العليــا في إدارة شــؤون رومــا .وقــد أصــبح للطبقــة العامــة حــق التمتــع بعضــوية مجلس
الشيوخ بعد أن سمح لهم بتولي مناصب الحكم ،كما كان لمجلس الشيوخ حق إبداء الرأي حــول مشــاريع
القــوانين الــتي تعــرض على مجــالس الشــعب ،وكــذلك تــولي إدارة شــؤون البالد في مجــالس السياســة
الخارجية وبالنظر في موازنة الدولة وطريقة صرف األموال.
أما عن مجالس الشعب فقد تنوعت في العصـر الجمهـوري الى مجـالس الشـعب الثالثينيـة ،ومجـالس
القابل ،ومجالس الوحدات المئوية الجديدة ،ومجالس العامة.
طبقة األشراف والطبقة العامة ،وقد كان لطبقة األشراف وحــدها حــق تــولي المناصــب العامــة ،وحــق
اإلقتراع على مشروعات القوانين ،دون الطبقة العامة ،الذين حرمــوا من التمتــع بحقــوق القــانون العــام.
لذلك تميّز هذا العصر بنزاع قام بين الطبقتين نتيجة مطالبة طبقة العامة بمساواتها بطبقة األشراف .وقــد
سميّا بحاكم ّي العامة ،وكان لهما حــق
ترتب على ذلك قبول األشراف أن يكون للعامة حاكمان في المدنية ُ
اإلعتراض على قرارات القناصل ومجلس الشيوخ والمجــالس الشــعبية ،وذلــك حمايـةً للمصــالح العامــة.
وبذلك حصلت طبقــة العامــة على مسـاواتها بطبقـة األشـراف بشـكل تــدريجي ،ففي سـنة 471ق.م صـدر
قانون بيبليا ( )PUBLIAالذي قرر إنشاء مجالس خاصــة بالعامــة تصــدر قــرارات تشــريعية بنــا ًء على
إقـــتراح حكـــام العامـــة ،وســـميّت بمجـــالس العامـــة ،وفي ســـنة 467ق.م صـــدرت قـــوانين ليســـنيا (
)LICINIAEالتي أنشئت وظيفت ّي البربتور المدني وحاكم األسواق ،وأعطي للعامة حــق تــولي هــذين
JAMES HENRY BREASTED: Survey of the ancient world U.S.A, 1991, p.285 ) ( 27
32
المنصبين ،كما أوجب أن يكون أحد القنصــلين من العامــة ،ثم أبــاح للعامــة حــق تــولي المناصــب الدينيــة
العليا.
وفي عام 464ق.م طالب العامة بتشكيل لجنة لوضع مجموعة من القوانين تقضــي بتقريــر المســاواة
الكاملة بينهم وبين األشـراف ،وقـد كـان نتيجـة ذلـك صـدور قـانون األلـواح األثـنى عشـر ،وقـد تضـمنت
األلواح الخمسة األخيرة منه تنظيم الجرائم ،وقد ميّز القــانون الرومــاني بين الجــرائم الخاصــة والجــرائم
العامة ،فقرر محاكمة مرتكبو الجرائم العامة أمام حاكم خاص يمكن التظلم من األحكامـ التي يصدرها أمام
مجلس الشعب( .)28ويمنح العامة كل هذه الحقوق ،فقد تمت المساواة بينهم وبين األشراف(.)29
وقد جاءت ظروف وضع قانون األلواح األثنى عشر في رومــا مشــابهةً إلى حــد كبــير بــالظروف الــتي
صدر فيها قانون صولون في بالد اإلغريق ،فقــد ذهب المؤرخــون القــدامى إلى أن وضــع قــانون األلــواح
األثنى عشر جاء نتيجة لحركــة العامــة في ســبيل تقريــر المســاواة بينهم وبين األشــراف في رومــا الــذين
تبؤوا مكانة عليا في المجتمع الروماني ،وتمتعــواـ بكافــة الحقــوق واإلمتيــازات الطبقيــة .ويؤكــد المــؤرخ
الروماني "تبت ليف" ذلك بقوله" إن الغرض من وضع قانون األلواح األثنى عشر هو تحقيق المساواة
في الحقوق بين األشراف العامة.
ولم تكن تطــورات النظــام السياســي في دولــة رومــا القديمــة من فــراغ ،فقــد أســهمـ سيشــرون :أبــرز
المفكرين الرومان إسهاما ً عظيما ً في بناء النظرية السياسية الرومانية ،بأن وضع أساس نظرية متكاملة
المعالم تناولت المواطن والقانون والسلطة.
فبالنسبة للمواطن :فقد خولــه الحــق في إدارة شــؤون الحكم ،وفــق قواعــد العــدل والحــق والمســاواة.
ومن مقتضى هذا أن يشارك المواطنــون في الحيــاة السياســية وأن يتقــدموا بأفكــارهم واقتراحــاتهم الــتي
يرونها جديرة بتحقيق العدالة والتقدم ،وأن يتم ذلك بإضــطراد واســتمرار ،وبغــير ذلــك ال تســتطيع األمــة
تحقيق ماتنشده من الفضيلة والعدالة .فهو بهذا النظر ينوه إلى أهمية ممارســة المــواطن حقــه ،وينــأ بــه
عن العزلــة السياســية ،ويلــزم الحكومــة باإلســتجابة لــذلك ،وعــدم التــبرع بــه ألنــه المــواطن بفعلــه هــذا
يستجيب لداعي الحق والقانون(.)30
أما جانب القانون :فقد رأى شيشرون أن القانون الطبيعي المتسم بصــفة الخلــق والعدالــة هــو األصــل
العام ،ومن ثم فإن كل القوانين والقواعد يجب أن تصدر في نطاقة وال تخالفه ،وان يكون القــانون ملزمـا ً
للحكومة وسلطانها ،كما يكون ملزما ً للمحكومين على الجانب اآلخر ،وبذلك فقد أكد مبدأ سيادة القانون.
) (28د .علي محد جعفر ،تاريخ القوانين ومراحل التشريع اإلسالمي ،مطبعة المؤسسة الجامعية ،بيروت،الطبعة الثانية1989 ،م ،ص .71
ROBINSON (W.S): A short history of Rome , New yourk,1903,62 ) ( 29
) (30د .محمد الشحات الجندي ،معالم النظام السياسي في اإلسالم مقارنة بالنظم الوضعية،دار الفك$$ر الع$$ربي ،الق$$اهرة ،الطبع$$ة األولى،1986 ،
ص .98
33
وبالنسبة لجــانب الســلطة :فالسلطة عنــد شيشــرون مصــدرها الشــعب( .)31فهي بالتــالي ســلطة مقيّــدة
وليســت مطلقــة ،تخضــع إلرادة الجمــاهير ،ويقــع على عــاتق أولي الــرأي منهم واجبـا ً قويـا ً يحتم أداؤه،
وبذلك فأن إلتزام السلطة يكون إلتزاما ً مزدوجا ً يتمثل في اإلرادة الناطقة لجماهير الشعب ،وإرادة صامته
نابعه من نص القانون ،وبذلك تكون الحكومة شرعية ودستورية في نفس الوقت.
وقد تأسست النظرية السياسية للرومان على مساهمة الشعب في شــؤون الحكم ،وأن الحــاكم يجب أن
يستمد سلطاته من الشعب ،ضمانا ً لعدم اإلنحراف بالسـلطة ،وإلتزامـا ً بأحكـام القــانون ،وعلى الشـعب أن
يبادر إلى هذه المشاركة وأال يبقى بمعز ٍل عن المشاركة في إدارة مقاليــد الحكم في بالده ألن لــه مصــلحة
في ذلك ،تلك المصلحة هي سمة العموم واإلشتراك ،وتتطلب القيام بها من جــانب كـل األفـراد ،ومن أجـل
القيام بها يجب أن يحصل الشعب بعض الضمانات الــتي تكفــل لــه اختيــار حكامــه ،ومــراجعتهم ،وهــو مــا
أمكن إقــراره في القــانون الرومــاني ،وذلــك أن تقــدر أبعــاد ذلــك اذا علمت أن الســلطة السياســية لم تكن
تتصف بالشرعية إال أذا كانت ترتكز على إرادة الشعب ،وقد نص على تأكيد هــذه الحقيقــة جســتينيان في
موسوعته ،وأكدها (أولبيان)بقوله " :أن إلرادة اإلمبراطور قوة القانون ألن الشــعب تنــازل لــه ،ووضــع
في يده جميع قوته واختصاصاته(.)32
كما شهدت العصور الوسطى بعض اإلتجاهات الفكرية الحديثة التي كانت تــدعو الى تحريـر الفــرد من
القيود المفروضة وإعطائه نوعا ً من اإلســتقالل والحمايــة ،وتــدعو الى تقريــر بعض الحريــات السياســية
وضرورة تقييد سلطات الملوك المطلقة ،وكان ذلك نتيجة الصراع الذي قام بين الكنيســة واإلمبراطوريــة
وتعد فكرة الحقوق الطبيعية لألفراد من مدنية وسياسية(.)33
وبالرغم مما قبل من إشادة بالنظريــة السياســية لــدى الرومــان ،إال أن هــذه النظريــة قــد أنطــوت على
بعض السلبيات التي أثرت على نطاق دائرة التمتع بالحقوق السياسية والمتمثلة في قصر حــق المواطنــة
أي أصحاب الحق في المشاركة السياسية على الرومانيين وحــدهم ،دون الكم الهائــل من أفــراد الشــعوب
التي كانت خاضعة للحكم الروماني ،وهو ما يــبين مــدى الظلم الــذي وقــع على هــؤالء األفــراد لحرمــانهم
دون مبرر من التمتع بحقوقهم السياسية.
بعد أن تطرقن ا الى مختل ف المراح ل ال تي ش هدتها الحق وق السياس ية في الحض ارة االفريقية بمختل ف
اتجاهاته ا الفكري ة ونظرياته ا السياس ية س نحاول أن نس لط الض وء على نش أتها في العص ور الوس طى
باعتبارها مرحلة ساهمت في تطور هذا المفهوم .
31
.د .فؤاد العطار ،النظم السياسية والقانون الدستوري ،مرجع سابق ،ص ( ) 71
) (32انظر تعليق :د .فاروق سعد ،على كتاب األمير ،بيروت ،سنة 1402هـ الموافق 1982م ،ص .230
) (33أ.د .جابر ابراهيم الرواي ،حقوق اإلنسان وحريات$ه األساس$$ية في الق$انون ال$دولي والش$ريعة اإلس$$المية ،دار وائ$$ل للنش$ر ،األردن ،الطبع$ة
الثانية ،2010 ،ص ( . 4أنظر :الدكتور /عدنان حمود الجليل ،نظرية الحقوق والحريات العام$$ة في تطبيقاته$$ا المعاص$$رة ،الق$$اهرة1974 ،م ــ
1975م ،ص 16وما بعدها).
34
المبحث الثاني:
إذا ما رجعنا الى بدايات العصور الوسطى ،والمراحل الـتي تعـاقبت عليـه ،نجـد أنـه قـد مورسـت
فيها موانع التقييد لكل أنواع حقوق اإلنسان ،ولكل المكونات دور يمــارس ،فهنــاك الكنســيه ،واإلقطــاع ،
والمؤسســة الملكيــة ،ولكــل واحــدة من تلــك المؤسســات ســلوك في موضــوع حقــوق اإلنســان وحرياتــه
األساسية والخضوع لتطبيق القوانين والتشريعات.
فقد أخذت شعوب أوروبا فكرة الخضوع للحاكم خاصة عندما أصبغت عليه الكنيسة صفة القداســة .ثم
جاءت مرحلة افقطاع ،والتي تعددت فيها القيوم على حريــة الفــرد لتخلــق ثالث طبقـا ً في المجتمــاع وهي
طبقــة اإلشــراف ،ورجــال الــدين وعامــة الشــعب .وبالتــالي كــانت الســلطة بين الملــك والكنســية وأمــراء
اإلقطاع .لتتوالى بعد ذلك مرحلة المؤسسة الملكية وفيهــا أن ملـوك أوروبـا خضـعوا لعمليــة إبـتزاز دائم
من قبل الكنيسة واإلقطاع وعجزهم أمام تلك العملية اإلبتزازية .مما كان له أثر على عامة الشعب بأن تم
ممارسة جميع أنواع المنع والتقييد لمكافحة الحقوق والحريات.
وبالتالي فإننا نقصد في هـذا المبحث بالعصـور الوســطى عصـر األنـوار والنهضـة الــذيّن عرفــا ثـورة
فكرية على مستوى القيم واألفكار السياسية والممارسات الديمقراطية الجديدة وهــو مــا يشــكل الحضــارة
35
الغربية ،وكذا عصر اإلسالم ،وما ساهمت به الحضارة اإلسالمية من أفكار في مجال الحريــات والحقــوق
السياسية ،وعلى مستوى السلطة السياسية واإلحكامـ السلطانية.
المطلب األول:
تنشأ األفكار من تجارب البشــر ،ومن وقــائع حيــاتهم وتــأمالتهم ومشــاعرهم الوجدانيــة ،والــتي يعــبر
عنها إصطالحا ً بالمفـاهيم ،ومن أمثلـة هـذه المفـاهيم الـتي إنبثقت من الحيـاة اإلجتماعيـة لإلنسـان فكـرة
"الحق" أو مفهومه .فقد كانت هذه الفكرة ثمرة تجـارب طويلـة في حيـاة اإلنسـان ،وذلـك ألن البشـر هم
من يسعون لتوفير حاجاتهم من الغذاء الكافي ،والمأوى المأمون ،والــدفاع عن النفس ،ولــذلك تعارضــت
إرادتهم فيما بينهم ،وتصادمت مصالحهم ،حول موارد الغذاء ،والماء ،واألرض ،وغيرها من المطــالب
الضرورية ،فخاضوا حروبا ً مريرة في المرحلة البدائية ،ثم أدركوا أنه البد من وضــع نظــام معيّن يضــمن
التعايش بينهم.
ولكن فكرة التعايش هذه ،وما يجسدها من نظام أو قواعد يجب احترامهــا ،لم تتبلــور إال بعــد عصــور
من الصراعات الدموية الرهيبة .ومن خاللها إنبثق مفهوم (العدل) بين المتنــازعين ،بنــا ًء على إقتنــاعهم
بما لكل واحد منهم من حقوق ،وما عليه من واجبــات تجــاه غــيره ،وبــذلك يفســر الفيلســوف اإلجتمــاعي
ظهور فكرة الحق ،وظهور القانون الذي يحميه.
36
ومن الخطأ الجسيم في تاريخ األفكار أن يقتصــر البــاحث ،في نشــوء مفهــوم الحقــوق السياســية على
التراث الغــربي األوروبي وحــده ،وكأنــه مصــدر كــل إنجــاز فكــري أو حضــاري ،فــالغرب وإن كــان يأخــذ
بمقاليد الحضارة اإلنسانية اليوم ،فإنه لم يكن قبل قرون خلت ،سـوى عـالم متخلــف ،بالنســبة لحضــارات
سابقة كالحضارة اإلسالمية ،التي سادت الشرق اإلسالمي ،والتي اقتبست بدورها الكثير من أفكارهــا من
حضارات شرقية قديمة ،كالحضارات الفارسية والهندية والمصرية وغيرها.
ومما الشك فيه أن األديـان السـماوية أقـرت الكثـير من الحقـوق الطبيعيـة لإلنسـان ،إعبتـاراً لكرامتـه
ومسؤوليته .وجعلت من هذه الحقوق ،ليس فقد قيما ً منشودة في حياته ،وإنما واجبات وفضائل أخالقية
يتعيّن اإللتزام بها ،وليس من قبيل المبالغة في هذا الصدد لقول بأن الحضارة اإلســالمية كــانت رائــدة في
ترسيح مفهوم "الحق" بمعناه اإلجتماعي ،وهذا ماسيتم توضيحه في أحد مباحث هذا الكتــاب ،ونكتفي
اآلن بالتحدث عن منشأ فكرة الحق في تاريخ أوروبا.
ويرى أحد الباحثين المتخصصين في "القــانون" أن أول تعريــف للحــق بمعنــاه القــانوني الحــديث في
أوروبا بوصفه سلطة يحميها القانون للشــخص ،على مــال أو منفعــة ،قــد ظهــر في خضــم التعــارض بين
النظرية والعمل واألخراق المسيحية ،والرغبة في التوفيق بين تعاليمها في الزهد وجواز تملــك الرهبــان
الفرنسيســكان لألمــوال ،الــتي راكمتهــا الكنيســة بين أيــديهم ،أو عــدم جــواز ذلــك ،حيث نشــأ نــوع من
التعــارض بين العقيــدة المثاليــة عنــدهم في الحفــاظ على أمــوال الكنيســة ،وبين التطــبيق الــذي يقتضــي
التصرف في تلك األموال ،واحتدم النقاش بينه وبين "البابويه".
وفي خضم تلك اإلختالف تبنى أحدهم فكرة "الحق" ،التي التعني مــايكون من نصــيب الشــخص على
سبيل العدل ،وإنما تعني بالحق السلطة التي للشخص على مال ،وهذه السلطة هي الــتي يمنحهــا القــانون
الوضعي .ويمكن حمايتها باللجوء الى القضاء .وفي ضوء هذا التصور تم حل التعارض ،بتقرير الســماح
للرهبان الفرانسيسكان بإستعمال األموال التي منحتها لهم السماء ،دون أن تخولهم السلطة الدينيــة حــق
إمتالكها(.)34
ويذكر مؤرخو التطور الحقوق في أوروبا أنه منذ بداية القرن الثالث عشر الميالدي ظهر العهد األكبر
MAGA CARTAسنة 1215م في إنجلترا ضد تجاوزات الملك في فرض الضرائب على المواطنين
وسوء تــدبيرها ،ثم ظهــرت عريضــة قــدمها نــواب البرلمــان اإلنجلــيزي كوثيقــة دســتورية حــول حريــات
المواطــنين ســنة 1628م ،ثم ظهــرت وثيقــة HABEAS CORPUSســنة 1688م .وتتعلــق بحــق
المواطن في أال يسجن أو يحجز أو تمس حريته إال بحكم قضائي ،وبذلك تعد انجلــترا رائــدة في التشــريع
لحقوق اإلنسان في أوروبا.
) (34أنظر :محمد حسين منصور ،نظرة الحق ،مطبعة منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،2000 ،ص .28
37
ان القول بأن القرن الثامن عشر في أوروبا يعد قـرن التطـور الحاسـم في الفكـر بقـدر مـا كـان القـرن
العظيمـ لتحقيق التحوالت السياسية الكبرى هو قول صحيح مع مالحظة أن األمــرين كانــا مــترابطين معــا.
فإذا كان التطور العلمي هو الــذي دعى النــاس يــرون أفكــارهم عن واقعهم السياســي واإلجتمــاعي ،وعن
عالقة الحاكمين بالمحكومين.
ومن المعلوم أن الفكر الوضعي في اوروبا قد أبعد المرجعية الدينية في صياغة الحقوق
اإلنسانية ،وذلك بقصد تجاوز نفوذ الكنسية التي كــانت تمــارس ســلطتها المطلقــة على حيــاة المجتعمــات
الغربية .معتبراً أن ما قامت به الكنسية ،إنما كــان ســلطة مزعومــة هلل ،تمارســها بأســمه .واليخفى على
المالحظ في هذا الصدد أن القـائمين على شـؤون الـدين من األحبـار والرهبـان قـد اسـتعملوه إيـديولوجيا ً
لتبرير اإلستبداد في الحكم والتمييز بين البشر.
ومن ثم أبعد الفكر األوروبي الحديث الدين عن الحياة المدنية والسياسية ،وفصل بين الدين والدولــة،
منطلقا ً من كون الحقوق اإلنسانية إذا كانت قد تبلورت بصــورة موضــوعية في التــاريخ الحــديث ،كثمــرة
من ثمـرات الثـورة على الظلم واإلسـتبداد فإنهـا لكي تحافـظ على وجودهـا فإنـه يتعيّن التحـرر من الفكـر
الديني الغيبي ،الذي قد يبرر اصحابه سلوك السلطة المطلقـة .ولـذلك تبـنى بعض المثقفين من المسـلمين
هذه الرؤية الوضعية لحقوق اإلنسان ،بل دعوا إلى فصل الدين عن الدولة كما فعل الغرب.
وربما جاز القول أن المفكرين والفالسفةـ أخذوا يبحثون في (فيزياء السياسة) ،ألنهم أدركوا بشكل أو
بآخر أنه كما تخضع الطبيعــة للقــوانين الطبيعيـة عن السياســة اإلجتماعيــة تخضــع هي األخــرى لقــوانين
يجب اكتشافها.
وفي هذا القرن ظهرت كتب كان لها األثر البعيد في تطوير الفكــر السياســي واإلجتمــاعي في أوروبــا،
مثل كتاب (العقد اإلجتماعي) لجان جاك روسو ( J.J. ROUSSEAUتــوفى عــام 1778م) ،و (روح
القوانين) لمونتسيكيو ( BARON DE MONTESQUUIEUتوفى 1755م) و (فلسفة التاريخ)
لفولتير ( VOLTAIREتوفى 1778م) ،و (مبادئ فلســفة التــاريخ) جيوفــانكو GIOVANVICO
(توفى 1744م).
وفي نفس القرن الذي شهد انتقال الفكر األوروبي من الفلسفة الميتافيزيقية إلى العلوم التجريبية قــام
أحد كبار فالسفة أوروبا ،وهو إيمانويــل كــانت ( IMMANUEL KANTتــوفى عــام 1804م) بنقــل
مفهومـ "الحق" من معناه الميتافيزيقي إلى معناه القانوني ،في مجال السياسة والقانون .وقدم تصــورات
جديدة بالنسبة لعصره ،عملت على اإلعالء من شأن حقوق اإلنسان في الحرية والكرامة(.)35
) (35انظر بحث ،إشكالية العالقة بين االخالق وفلسفة الحق ،الرباط ،منشورات كلية اآلداب ،ص .207
38
والجديد الالفت للنظر في تصور الفليسوف األلماني هو حديثــه عن القواعــد والمبــادئ الــتي منشــأنها
وضع دستور عالمي لتنظيم العالقة بين الشعوب ،والتخفيف من وحدة العدوانية لــدى البشــر ،وهي نفس
األفكار الــتي أثمـرت بعــد مـرور قـرنين من قيـام هيئــة األمم المتحـدة ،وإصـدار اإلعالن العــالمي لحقـوق
اإلنسان(.)36
ض سياســي
نعم ،لم تتبلور فكرة "الحــق" في الفكــر الغــربي إال بعــد أطــوار تاريخيــة متعاقبــة ،ومخــا ٍ
وإجتمــاعي عــنيف ،ونقــاش فلســفي وقــانوني متعــدد اآلراء .وبالنســبة لهــذا األخــير عــرفت فكــرة الحــق
إتجاهين رئيسين :أولهما اإلتجاه الوضعي الذي أنكر فكرة وجــود الحــق كمعــنى مطلــق ،أي وجــدود حــق
طبيعي لإلنسان يمارسة في كل الظروف .إذ الحق في نظــر هــذا اإلتجــاه اليمكن تصــوره إال داخــل عالقــة
اجتماعية ،في مجتمع توجد فيه سلطه ــ أي قانون ــ تفرضه سلطنة حاكمه ،قادرة على تخويــل مصــلحة
أو منفعة بأسم القانون ألشخاص ،بحيث يصـبح مـا نسـيمه حقـا ً لهـؤالء واجبـا ً يتعين القيـام بـه من لـدن
األخرين ،أو يتعين احترامه على األقل .فـالحق ،قبــل كــل شــيء ،هــو واجب يفرضــه القــانون ،والقــانون
معناه الوظيفي هـو تخويـل األفـراد أو بعضـهم أو مصـالح معينـة ،ومن ثم فـإن الحـديث عن حـق مجـرد
بغض النظر عن المجتمع أو عن القانون ،أمر غير صحيح ،أو مجرد تصور افتراضي.
ومن القائلين بهذا الرأي الفقيه الفرنســي ديجي ( DUUIT Leonتــوفى عــام 1928م) الــذي أنكــر
فكرة الحق ،بإعتبارها تقوم على سلطة إرادية ،وهذا يستتبع في رأيــه أن يكــون إلرادة الغلبــة على إرادة
أخرى ،وهذا ما يخالف الواقع ،ألن اإلرادات كلها متساوية .وبناء عليه فالحق ليس سوى مركــز قــانوني
يخوله القانون لشخص دون غيره .وكان غرض هذا الفقيــه مهاجمــة اإلتجــاه األخــر الــذي ينتصــر للحــق
الفردي أو الطـبيعي ،والـذي يعتـبر أساسـا ً القـانون .وكـان يقـول أن التسـليم يوجـود الحـق مطلقـا ً معنـاه
التسليم بقدرة صاحبه وإرادته التي تسمو على كل إرادة مخالفة(.)37
وثــاني اإلتجــاهين يقــول :بوجــود الحــق كمــيزة يختص بهــا اإلنســان من حيث هــو إنســان .وأن على
اآلخرين اإلقرار بها واحترامها ،بغض النظر عن وجود القانون الذي يحميهــا أو عــدم وجــوده ،وهــو مــا
يسمى عندهم الحقـوق الشخصـية ،الـتي توجـد بوجـود اإلنسـان ،كحـق الحيـاة وحـق الحريـة .وفي هـذا
السياق يقول الفقيه الفرنسي دابــان DABINإن من الحــق مــايكون ســابقا ً للقــانون؛ أي ينشــأ قبلــه،
ويفرض عليه ،وهذه هي فكرة الحق الطبيعي الذي يذكره أغلب الفقهاء المعاصرون(.)38
والواقع أن المذهب الوضعي ،الذي سبق ذكره ،يقوم على تصور خاطئ لفكرة الحق لم يقل بهــا أحــد.
فال يعني الحق إمتيازاً وال علواً إلرادة على أخرى .بل أن القانون هو الذي يقـرر المكنـة لصـاحب الحـق،
39
إنطالقا ً من واقعة قانونية معينة .فالدائن مثالً يطالب بدينه من المدين إســتناداً إلى العقــد ،أو العهــد الــذي
يربطه بالمدين .والمتضرر يطالب المسؤول عن الضرر بــالتعويض ،إســتناداً إلى الخطــأ الــذي إرتكبــه أو
تحمله تجاه من وقع عليه الخطأ .وإذا كان أنصار هذا المذهب الذي ينكر فكرة الحق يحلون محلهــا فكــرة
المركز القانوني ،فـإن هـذا المفهـومـ ليس سـوى تعبـير لفظي يتضـمن نفس معـنى فكـرة الحـق ،فاإلنكـار
يتعلــق عنــدهم باللفــظ ال بالمضــمون .ومن ثم يعــد المركــز القــانوني اإليجــابي بمثابــة الحــق الــذي يخــول
صاحبه سلطة محددة ،أو اإلستئثار بقيمة معينة طبقا ً للقانون(.)39
وقد إزداد مفهوم الحق أو الحقوق وضوحا ً في خضم اإلنتفاضــات الشــعبية في أوروبــا وأمريكــا ،ضــد
مختلف أشــكال اإلســتبداد السياســي ،والحرمــان اإلجتمــاعي ،واإلنتهاكــات لكرامــة اإلنســان .وكــانت تلــك
اإلنتفاضات تتطلع الى عهد جديــد ،يحـترم فيـه أصـحاب الســلطة كرامــة اإلنســان في مجتمعـاتهم ،وذلـك
بتحديد حقوق المواطن الذي يحكمون بأسمه.
وكان أحد النصوص التمهيدية لحقــوق اإلنســان نص سياســياً ،يتمثــل في "وثيقــة الحقــوق" BILL
" OF RIGHTSالتي قدمها البرلمان البريطاني سنة 1689م ،وتتعلق بتنظيم الملكية البرلمانية في
عهد الملك الجديد ،نائب الملك الهولندي وليام الثالث ،الذي تولى العرش البريطاني خلفا ً لجيمس الثــاني.
وقد جعلت هذه "الوثيقة" سلطة القانون فوق سلطة الملك ،الذي لم يعد حاكما ً يســتمد ســلطته من الحــق
اإللهي ،كما كان يقال أو يعتقد قبل ذلك .وقد أقامت هذه الوثيقة حقــوق الشــعب األساســية وحرياتــه فــوق
ســـلطة الملـــك .كمـــا كـــانت ثـــاني وثيقـــة لحقـــوق اإلنســـان أيضـــا سياســـية ،وهي"إعالن فرجينيـــا"
DECLARATION OF VIRGINIAالـــذي صـــدر في يوليـــو 1776م من طـــرف اهـــالي
المستعمرات البريطانية في أمريكا ،والتي كانت تسعى الى تحرير نفسها من الحكمـ البريطاني.
وقد أدى ذلك اإلعالن الى إندالع حرب اإلستقالل ( 1776ــ ،)1781وتأسيس دولة الواليات المتحدة
األمريكية .وقد نصت هذه الوثيقة على قائمة الحريــات األساســية للمــواطن ،وعلى الفصــل بين الســلطات
الثالث ،التشريعية ،والتنفيذية ،والقضائية ،كما نصــت على حريــة اإلنتخابــات لمن يمثلــون الشــعب .وفي
26أغسطس 1789صادقت الجمعية التأسيسية الفرنسية على إعالن حقوق اإلنســان والمــواطن ،الــذي
كــان توطنــه لدســتور 1971م بفرنســا .وقــد عــبر هــذا اإلعالن عن الحقــوق الطبيعيــة الثابتــة والمقدســة
لإلنســان ،وأدان خروقــات حقــوق اإلنســان بإعتبارهــا الســبب الوحيــد في مصــائب المجتمعــات وفســاد
الحكومات.
وقد تال ذلك إعالنان آخران ،كان أولهما مدخالً للدستور الفرنسي الجديد يونيــو 1793م والــذي ركــز
على الحريــات ،وعلى جــواز قتــل الطاغيــة ،ورفض العبوديــة .وقــد حــدد البيــان اآلخــر الــذي أعلن في
) (39انظر :محمد حسين منصور ،المدخل الى القانون (نظرية الحق) ،مرجع سابق ،ص 24ــ . 25
40
أغسطس 1795واجبات وحقوق اإلنسان في المجتمع (الحريــة ،األمن ،الملكيــة) ،كمــا ســبقت اســتبدال
عبارة "يولد الناس أحراراً ويتمتعون بنفس الحقوق" ،بعبارة " أن الناس سواسية أمام القانون".
إن هذه المواثيق واإلعالنات حول حقــوق اإلنســان ،كــانت تتــوخى بشــكل واضــح حمايــة الفــرد داحــل
المجتمع األوروبي ،ضد أي سلطة استبدادية .فبينما جاء اإلعالن األمريكي ليؤكد على حريـة واسـتقاللية
اإلنسان عملت اإلعالنات الفرنسية على وضع نظام سوسيو ــ سياسي ،يقف في وجه أي سلطة مطلقة،
ويســاهم في جلب الرفاهيــة للجميــع .وكــانت كــل هــذه اإلعالنــات تــدافع عن الحقــوق السياســية للنــاس،
بصفتهم مواطنين يسعون لتأسيس الديمقراطية وصنعها.
وال يفوتنا أن نشير بعد إيراد هــذه المعطيــات التاريخيــة إلى أن الحــق أو الحقــوق المتحــدث عنهــا في
اإلتفاقيات والمواثيق إنما أخذت توهجها في ضمائر الناس بقدر ما كانوا يعيشونه من مظــالم وانتهاكــات
لقيم العدالة والمساواة والكرامة اإلنسانية .فالتعبير بهذه القوة األدنبية عن الحقوق ظل يعكس تطلعــاتهم
الواقع أفضل ،مثلما يؤكد ذلك واقع المجتمعات اإلنسانية المعاصرة ،والسيما منها شعوب آسيا وافريقيا.
وهكذا كان حدثا ً عظيماً ،بحق أن وافقت الجمعية التأسيسـية لهيئـة األمم المتحـدة في منتصـف القـرن
العشرين على اجتماع إرادة المنتظم الدولي حول اإلعالن عن الحقوق األساســية لإلنســان في 25يونيــو
1945م .وقد واصلت لجنة األمم المتحدة الخاصة بحقوق اإلنسان العمل على إيجاد عهــد أو ميثــاق دولي
في الموضوع ،فحضرت اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان مع ديباجته .وقد نــوقش هــذا اإلعالن ،ثم عــدل
من طرف الجمعيــة العامــة الــتي صــادقت عليــه في 10ديســمبر 1948م .ثم صــدر بعــده العهــد الــدولي
والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بتاريـخ / 16ـ / 12ـ 1966م ،وهي تفصيل لما ورد
في اإلعالن العالمي .ثم صدرت إعالنات أخرى حول منع جميع أشكال التمييز العنصرئ(.)40
ان المطالبة بالحقوق السياسية للمواطنين والمناداة بسيادة الشعب دون الملوك ،وبضرورة الحــد من
السلطان المطلق للحاكم ،لم يكن ذلك كله إال بقصد تقريرالحقــوق والحريــات الفرديــة ،ومنــع الســلطة من
اإلعتاداء عليها أو المساس بها وتنظيم الضمانات الكفيلة بتمتع األفراد بتلك الحقوق في حرية ومســاواة
تامة .أي أن الدعوة الى الديمقراطية وسيادة الشعب قــد أقــترنت بالــدعوة الى تقريــر الحقــوق والحريــات
السياسية للفرد(.)41
40
.محمود شريف بسيوني $،انظر المجلد األول من كتاب :حقوق اإلنسان حول الوثائق العلمية واإلقليمية ،مطبعة دار النهضة2015 ،م ،مصر ) (
41
.الدتور ثروت بدوي ،النظم السياسية ،دار النهضة العربية ،مصر1975 ،م ،ص ( ) 403
41
إن السلطة السياسية كظاهرة تاريخية قد اتخذت ــ فكراً وتطبيقا ً ــ عدداً من األشكال ،وخضعت لجملــة
من الصيغ هي التي جرى على أساسها التميّز في مجال النظمة السياســية بين النظمــة الفرديــة والنظمــة
األرستقراطية واألنظمة الديمقراطية.
واألساس الذي تصدر عنـه هـذه التقسـيمات هـو أن كـل صـياغة لسـلطة االمـة ليسـت في الحقيقـةـ إال
الشكل الذي تلبسه القوة السياسية الغالبة في المجتمع ،أي أن القوة السياسية ــ ظاهرة كانت أم باطنــة ــ
هي صاحبة الســيادة أي صــاحبة الصــوت األعلى ،واإلرادة األقــوى والنهائيــة في تســيير الجماعــة ،وفي
ممارسة قدرة التقرير النهائية فيها ــ فإذا كانت هذه القوة السياسية العلبا فــرداً كــان النظــام فرديـا ً ،وإذا
كانت فئة أو طائقه كان النظام أرستقراطي ،أما إذا كان كل الشعب أو أغلبه ،كان النظام ديمقراطيا ً ــ ـ كــل
ذلك تحكمه وتسيّره موازين القوى العاملة في المجتمع ،بغض النظر عمــا يمكن أن تقــرره النصــوص أو
الوثائق الرسمية المعلنة.
ولذلك فــأن قضــية الســيادة ،ومن بعــدها قضــية األنظمــة السياســية وتكييفهــا هي في األســاس قضــية
واقع ،قضية قوى سياسية عاملــة ومتحركــة فعالً على أرض هــذا الواقــع ،بــأكثر منهــا قضــية قــانون أو
قضية رسمية.
وبغض النظر عن هذا كله يلزم أن تقرر أن كالً من النظامين الفردي أو األرستقراطي ،حتى ولو إلتزم
كالهما قوالً وعمالً بمبدأ سيادة القانون ،وهو أم ٌر تتوافر أسباب كثرة للشك فيه ،اليمكن إال أن يكــون في
نهاية المطاف نظاما ً لسلطة سياسية غــير مكتملــة الشــرعية ،ألنــه طالمــا كــانت القــوة السياســية الغالبــة
وصاحبة السيادة الفعلية في كليهما فرد أو فئة أو طبقة فان مـؤدى ذلــك بإختصــار أن السـلطة السياسـية
تفتقد صلتها باإلرادة الجماعية العامة ،مما يعنى أنهــا تمثــل بصــدق ضــمير الجماعــة ،والتعتمــد بالتــالي
على عنصر الرضا العام بها ،بإعتبار أن هذا الرضا العام هو القول الفصل في كل سلطة شرعية.
ومن ثم فال يكن غريبا ً ــ على كل مراحل التاريخ ــ أن تكون الدولــة في ظــل ســيادة الفــرد أو الفئــة أو
الطبقة ،مجرد مؤسسة خاصة مملوكة لحكامها ،وداخلة في حوزتهم فعالً وقانونا ً ،هي ومن عليها وما
عليها كأحد العناصر المكونة لــذمتهم الماليــة ،بحيث تجــرى في شــأنها كــل التصــرفات كالهبــة والوصــية
والميراث ممـا يجـري على الملكيـة العقاريـة الخاصـة ـــ وقـد كـان ذلـك مـا يملكـه اإلمـبراطور في رومـا
القديمة ،وهو مايميّز النظام الملكي في إنجلترا وفي فرنسا قبل الثــورة الديمقراطيــة الحديثــة ـــ وهــو مــا
يميّز أيضا ً من غير شك كل نظم حكومات األقلية عسكرية كــانت أو دينيــة أو إقتصــادية بأنهــا في النهايــة
دكتاتوريات األقلية تملك الدولة وتتصرف فيها بإعتبارها دومنيا ً خاصة ــ بغير إرتباط بــاإلرادة العامــة أو
التفات إلى الضمير الجماعي أصالً ــ هكذا كانت حكومة األرســتقراطية العســكرية في عهــد اإلمبرطوريــة
الرومانية ،وقبلها كانت حكومة األرستقراطية الدينية أو ما يسمى بحكومة الكهنة في بعض فترات تطور
42
اإلمبراطورية الفرعونيـة في مصـر القديمـة .وبـه تتصـف أيضـا ً كـل األنظمـة السياسـية المعاصـرة الـتي
تســتمد وجودهــا وترســم مســارها من واقــع فــرض ســيطرة الطبقــة وتســلط الحــزب الواحــد .كمــا أن
البيروقراطيات والتكنوقراطيات الحديثة ،ليست إال صــوراً جديــدة لهــذا النــوع من حكومــات األقليــة غــير
المشروعة(.)42
وتستهدف السلطة الحاكمة في كل جماعة سياسية تحقيق وضع إجتماعي معيّن تحدده القــوى الغالبــة
في الجماعة ،وتمليه السياســية الســائدة فيهــا ـــ وبالمقارنــة بين األنظمــة السياســية المختلفــة نجــد أنهــا
تتوزع بين إتجاهات ثالثة:
اإلتجــاه األول :إمــا أن يكــون الفــرد غايــة النظــام ويتمتــع فيــه بإمتيــازات وحقــوق تجعــل من
السلطة مجرد حارس لهذه اإلمتيازات ومؤكدة لتلك الحقوق ،وهذا هو مــا يســمى (نظم المــذهب
الفردي).
اإلتجاه الثاني :يكون الفرد في خدمة الجماعة ،تتحدد حقوقه وحرياته بما يكفل تحقيــق أكــبر
قدر من المنفعةـ للجماعة ،بحيث يصبح الفرد مجرد أداة في يد السلطة تحقق بــه أغراضــها وهي
تلك ( النظم اإلشتراكية).
اإلتجاه الثالث :قد يكون الفرد أداة ــ ليس في خدمة الجماعة ــ ولكن في خدمــة الحــاكم الــذي
يستحوذ على السلطة ،وهذه هي ( النظم الديكتاتورية ).
وتحدد المركز الذي يشغله الفرد في الجماعــة ،ومعرفــة مــا اذا كــانت القواعــد القانونيــة الــتي تســنها
السلطة تستهدف مصالحة ذاتية بطريق مباشر أو بطريق غير مباشــر ،أو إذا كــانت تلــك القواعــد تتفيــأ
مصــلحة أعلى من مصــلحة الفــرد ـــ ســواء اتصــلت هــذه المصــلحة بالحــاكم أو بالدولــة أو بالجماعــة أو
بالشعب أو بقومية أو بجنس معيّن ــ كل ذلـك يكـون دون شـك حجـر الزاويـة في بنـاء النظـام السياسـي،
وبعد الفيصل الرئيسي في التمييز بين األنظمة السياسية المختلفة.
فتعيين المكان الذي يحتله الفــرد في الجماعــة يتضــمن في نفس الــوقت تحديــداً لألهــداف واألغــراض
التي يستهدفها التشريع والنظام القانوني في الدولة ،كما يكشف عن نوع العالقات التي تقوم بين السلطة
العامة واألفراد الخاضعين لها .وبين مدى ما تتمتع به تلك السلطة من إمتيازات وحقوق ،ونطــاق القيــود
التي ترد على هذه اإلمتيازات والحقوق(.)43
42
د .طعيمة الجرف ،نظرية الدولة والمبادئ العامة لألنظمة السياسية ونظم الحكم(دراسة مقارنة) ،دار النهضة العربية ،مصر ، 1978 ،ص ) (
286.
) (43د.ثروت بدوي ،النظم السياسية ،مرجع سابق ،ص 401
43
فإذا لم يكن الفرد غاية في ذاته ،وكان مجرد وسـيلة لتحقيـق مصـلحة الجماعـة أو الشـعب ،فـإن ذلـك
يعني أن النظام قد ضحى بالفرد من اجل الجماعة ـــ وينتج عن ذلـك أن يتخـذ التشـريع طابعـا ً جماعيـا ً أو
غير فردي ،مما يــؤدي إلى أن تهــدر ،أو تتحــدد على األقــل الحقــوق والحريــات الفرديــة بإســم الجماعــة،
وتحقيقا ً ألهدافها وغالبا ً ما تكون األقلية ضحية هذه الفكرة ،فتحرم من الحقوق والحريات األساسية.
أما إذا أعتبر الفرد غاية النظام القانوني للدولة ،فـإن النظــام يكــون حقيقــة قـد هيـأ للفـرد مكانــة عليـا
وصان حقوقه وحرياته األساسية ،ولكنه في نفس الوقت قد أدخل في كيان الجماعة عنصــر تفكــك وهــدم
يهدد تضامنها وتماسكها ،وينذر بإنهيار وحدتها(.)44
وبــذلك يكــون الفــرد غايــة في ذاتــه ال مجــرد وســيلة لتحقيــق أغــراض الجماعــة أو أغــراض الحــاكم،
ويسمى النظام فرديا ً ،وتصبح الحقوق والحريات الفردية دعامة أساسية من دعائمه ،بحيث يتركز نشــاط
السلطة فيما يستهدف تأكيـد تلـك الحقـوق وحمايتهـا ،ويمتنـع عليهـا بالتـالي كـل تقييـد لتلـك الحقـوق أو
اإلعتداء عليها إال بالقدر الضروري لحماية حقوق الجميــع ،أي بالقــدر الالزم فقــط لتمكين جميــع األفــراد
من التمتع بحقوقهم األساسية في حرية وأمن ودون أن يعتدوا على بعضــهم ،لــذلك قــام اإلرتبــاط الوثيــق
بين نظرية الحقوق والحريات الفردية وبين ظهور المــذهب الفــردي .ففكــرة الحقــوق والحريــات الفرديــة
كانت ثمرة جهود المفكرين والفالسفة منذ القــرن الســادس عشــر ـــ فقــام بهــا فالســفة العقــد اإلجتمــاعي
ودعاة القانون الطبيعي ــ ثم نودي بها عالية إبان الثورتين األمريكية والفرنسية(.)45
وبنا ًء على ما تقدم ــ فقد ظل اإلرتباط قائما ً بين الديمقراطيــة وبين المــذهب الفــردي بمــا يتضــمنه من
حقوق وحريات فردية لصيقة باإلنسان ومستمدة من طبيعته البشرية ،وبالتالي ال يمكن النزول عنها ،أو
المساس بها ؛ بل إن دعاة المذهب الفردي ال يتصورون إمكان قيام نظام ديمقراطي دون تقريــر الحقــوق
والحريات الفردية وخاصة الحقوق السياسية وجعلها في مأمن من كل إعتداء أو تقييد من جانب الســلطة
الحاكمة .فهم يربطون بين الحقوق والحريات الفردية ،ويجعلون من األولى وسيلة لخدمة الثانيــة ،بحيث
يكــون من الالزم التضــحية بــالحقوق السياســية كلمــا تعارضــت مــع الحقــوق الفرديــة .فتقريــر الحقــوق
السياسية ألفراد الشعب ليس هدفا ً في ذاته بقــدر مــا هــو وســيلة لتمكين األفــراد من الــدفاع عن حقــوقهم
وحرياتهم الفردية كلما تعرضت للتقييد أو اإلعتداء(.)46
ومن هذا كله ،تبقى الديمقراطية في النهاية هي الصياغة الوحيدة للسلطة السياسية الشرعية .وتنفرد
الديقمراطية بهذه الميزة لسبب بسيط ،هو أن الديمقراطية لغة ،وفكراً هي النظام السياســي الــذي يعتمــد
على حكمـ الشعب.
44
( ) BURDEAUG: Manuel de droit public, paris,1948,p12.
) (45د.ثروت بدوي ،النظم السياسية ،مرجع سابق ،ص 402ــ , 403
.CLAUDE – ALBERT CO;;IARD: libertes publiques,ed precis dailoz, paris, 1959,pp30, 37 ) ( 46
44
وبعبــارة أخــرى هي النظــام الــذي يجعــل اإلرادة العامــة الجماعيــة القــوة السياســية الغالبــة صــاحبة
السيادة ،وهو ما يحــل مشــكل التنــاقض بين الحريــة والســلطة من ناحيــة ،وبين الســلطة والخضــوع من
ناحية أخرى ،وذلك ألنها تجعل المحكومـ حاكما ً في ذات الوقت(.)47
إن كل حقوق اإلنسان المدنية والسياسية ،يمكن تلخيصــها في كلمــة واحــدة هي الحريــة ،هــذه الكلمــة
تكون صيغة الديمقراطية األكثر سهولة واألكثر إكتماالً(.)48
لــذلك تكــون الديمقراطيــة إذن في الشــكل السياســي الوحيــد المالئم للحرية( .)49ومن هنــا فقــد إرتبطت
الديمقراطية بالحرية برباط ال إنفصام فيه( .)50فالحرية اليمكن أن تتحقق إال في ظــل النظــام الــديمقراطي،
بحيث يمكن القول بأنه ال حرية دون ديمقراطية وال ديمقراطية دون حرية.
وإذا كانت الديمقراطية تعني الحرية ،فإنها تعني كذلك مشاركة الشــعب في ممارســة الســلطة من أجــل
تحقيق هدف الحرية ،ذلك أن السيادة الشعبية ال تعلن لذاتها ،وإنمــا لمــا تــؤدي إليــه من تحقيــق الحريــة،
وضمان مشاركة الشعب في ممارسة السلطة(.)51
فالديمقراطية في حقيقتها كمذهب سياسي فــردي يهــدف إلى تقريــر ممارســة الشــعب شــؤون الســلطة
السياســية ،وأفــراد الشــعب يتمتعــون بحقــوقهم السياســية على أســاس فــرديتهم ،أي يمارســون شــؤون
السلطة بصفتهم أفراد ال على أساس إنتسابهم لجماعة معينة أو طبقــة من الطبقــات ـــ ويطلــق على هــذه
الديمقراطية أحيانا ً الليبرالية أي التحررية ،وذلك على أساس قيامها على فكرة الحرية وعـدم التـدخل من
جانب الدولة في النشاط اإلقتصادي الــذي يمارســه األفــراد ،بحيث تقتصــر وظــائف الدولــة على المســائل
التقليدية ،وهذه الليبرالية أو التحريرية ليســت ســوى مجموعــة من األفكــار تــدور حــول الســلطة والفــرد
وتهدف إلى تحرير الفرد من كل القيود ،وعموما ً فــإن الديمقراطيــة الليبراليــة تقــوم على فرديــة اإلنســان
المجردة وتعتــبر الفــرد بحقوقــه مبــدأ أساســياً .ولــذا تتقــرر المســاواة بين كــل أفــراد الشــعب في الحقــوق
السياسية ،وعدم التفرقة بينهم عند مباشرة هذه الحقوق(.)52
وترمي الديمقراطية إلى تحقيق الحرية السياسية بالذات ،بمعنى أن الشعب يحكم نفسه بنفسه أو على
األقل يختار حاكمه .إال أن الحرية السياسية وهي ما تعنيه الديمقراطية التقليدية ال تــؤدي بالضــرورة الى
) (47د .طعيمة الجرف ،نظرية الدولة والمبادئ العامة لألنظمة السياسية ونظم الحكم (دراسة مقارنة) مرجع سابق ،ص 287
.ETIENNE VACHEROT: la democratie, 1860, p35 ) ( 48
.ETIENNE VACHEROT: la democratie, 1860,op,cit, p44 ) ( 49
.BURDEAU.G:al democratie,1960,p15 ) ( 50
) (51د .انور ارسالن ،الحقوق والحريات العامة في عالم متغير ، $دار النهضة العربية ،مصر 1993 ،م ،ص . 101
) (52د.محمد أنس قاسم جعفر ،التنظيم المحلي والديمقراطيات (دراسة مقارنة) مطبعة اخوان مورافتلي ،القاهرة 1982 ،م ،ص 50ــ.51
45
الحرية نفسها ،ولكن مع إنتشار التعليم والثقافة تتوافق غالبا ً الحرية السياسية ،مــع الحريــة ،بمعــنى أن
الحرية السياسية تؤدي عادة الى الحرية نفسها إن عاجالً أو آجالً(.)53
وتقرر الديقراطيــة المســاواة القانونيــة بين األفــراد ،بمعــنى أن جميــع األفــراد في النظــام الــديمقراطي
متســاوون أمــام القــانون ويتمتعــون بــالحقوق السياســية على قــدم المســاواة ،ولقــد أعلنت ذلــك الثــورة
الفرنسية فجاء في وثيقة حقوق اإلنسان الصادرة سنة 1989م ،أن األفراد يولدون أحراراً متساوين أمام
القانون ،ومن ثم فقد كانت المساواة القانونيـة الـتي تعمـل الديمقراطيـة على إقرارهـا هي نتيجـة طبيعيـة
إلعتبار هذه األخيرة مذهبا ً فرديا ً ،إذ ما دام أن األفراد يشتركون في شؤون الحكم بصفتهم أفراداً ،فال بد
أن يكون إشتراك هؤالء األفراد على سبيل المساواة دون تميــيز بينهم بســبب األصــل أو الجنس أو اللغــة
أو الدين أو اإلنتماء إلى جماعة أو طبقة معينة(.)54
والحق أن الدراسة التاريخية للوقائع تؤدي إلى تأييد القول بأن الديمقراطية التقليدية بعيدة في األصل
أن تسعى لتحقيق المساواة المادية بين األفراد ،ذلك أن الجهاد من أجل الديمقراطية كان جهـاد يقصــد بــه
الوصول الى الحرية السياسية أي يقصد به أن يشترك الشعب في السلطة التشريعية والتنفيذيــة ،على أن
يكون هذا اإلشتراك على وجه التساوي فيما بينهم ،أمـا المسـاواة الماديـة واإلقتصـادية فلم تـرمي إليهــا
الديمقراطية األصلية ،ولقد الحظ األستاذ "كلسن" كمــا الحــظ العالمــة "ديجي" أن المســاواة الماديــة أو
اإلقتصادية ،يمكن أن تتحق سواء في الحكم الديمقراطي أو الدكتاتوري ،بل هي أقرب وأسهل تحقيقـا ً من
الحكومات األوتوقراطية منها الديمقراطية(.)55
ونتيجة إلعتبار أن الديمقراطية ترمي الى المساواة السياسية وليست اإلقتصــادية ،فقــد اتضــح أن من
خصائصها نظــام سياســي وليس نظامـا ً إجتماعيـا ً وال بنـا ًء إقتصـادياً .ويقصــد بكــون الديمقراطيــة نظامـا ً
سياسيا ً أن كل شيء يتم في الدولـة بواسـطة الشـعب على األقـل برضـائه ،بمعـنى أن الدولـة تسـود فيهـا
إرادة الشعب أو غالبية أفراد الشعب.
والحق هـــو المـــدلول الحقيقي والعملي للديمقراطيـــة ،وبهـــذا تتميّـــز الديمقراطيـــة السياســـية عن
الديمقراطية اإلجتماعية ،إذ أن هذه األخيرة ترمي الى أن الشعب يجب أن يحظى بالمنافع المادية ،أو كما
يقول األلمان الديمقراطية اإلجتماعيــة هي الزبــد والخــبز ،وهــذا بعكس الديمقراطيــة السياســية الــتي هي
مسألة العقل والقلب ــ ولقد قال األستاذ الدكتور مصطفى كامل في تعريــف الديمقراطيــة أن الجهــود تبــذل
اليـوم من أجـل إدخـال بعض مظـاهر الديمقراطيـة اإلجتماعيـة في الديمقراطيـة األصـلية ،وقـال أيضـا ً أن
) (53د .مصطفى كامل ،شرح القانون الدس$$توري (المب$$ادئ العام$$ة والدس$$تور المص$$ري ) دار الكت$$اب الع$$ربي1952 ،م الق$$اهره ،ص 103ــ
.104
) (54د .ابراهيم عبدالعزيز شيحا ،مبادئ األنظمة السياسية (الدولة والحكومات) ، $الدار الجامعية للطباعة والنشر ،بيروت1982 ،م ،ص 152ـ
.153
) (55د .مصطفى كامل ،شرح القانون الدستوري ( المبادئ العامة والدستور المصري ،مرجع سابق ،ص . 109
46
تجرية بلوم في فرنسا و روزفيلت في الواليات المتحدة األمريكية وحكومة العمــال الحاليــة في بريطانيــا،
مــاهي إال محــاوالت في هــذا الســبيل ،ولكن يجب مالحظــة أن هــذه الجهــود يقصــد بهــا اإلبقــاء على
الديمقراطية األصلية وتقويتها ال القضاء عليها ،وبهذه الجهود تصــبح الديمقراطيــة األصــلية وهي نظــام
سياسي يرمى الى تحقيق الحرية والمساواة السياسية بين األفراد بإشتراكهمـ في حكومة بالدهم نظاما ً له
صبغة اجتماعية ومادية (.)56
كما أن الديمقراطية األصلية هي حكومة األحزاب ،فأيا ً كان الشكل الذي يأخذ الحكم الــديمقراطي فهــو
يفترض دائما ً قيام األحزاب السياسية بما يترتب على هــذا من نتــائج ،ويقــول في هــذا كلســن " :أنــه من
الوهم أو النفاق القول بأن الديمقراطية يمكن أن توجد بدون األحزاب ،وذلك أنه ممــا ال يحتــاج الى بيــان
أن الفرد وهو منفرد ال يكون له أي نفوذ حقيقي في تكوين اإلردة العامة ،فالديمقراطية هي والشك دولــة
األحزاب"(.)57
وعلى األســاس المتقــدم ،فقــد كــان للمبــدأ الــديمقراطي الفضــل األكــبر في تقريــر الحقــوق والحريــات
األساسية لألفراد وفي مقــدمتها الحقــوق السياســية ،إذ إقــترنت الــدعوة للديمقراطيــة بــالحث على تقريــر
الحقوق والحريات الفردية.
وقام إرتباط وثيق بين ظهور المـذهب الفـردي والـذي تتخـذ الديمقراطيـة التقليديـة فلسـفة لهـا ،وبين
ظهور نظرية الحقوق والحريات األساسية( .)58إال أنه اختلفت النظم السياســية من دولـة الى أخــرى ،فـأن
نظام الحكم الديمقراطي كان هو دائما ً أرجح تلك النظم ،وله الصدارة عليهـا ،فهـو معقـد آمــال الشـعوب،
وهدفها الــذي ســهر من أجلــه المفكــرون والفالســفة ،حــتى أصــبحت الديمقراطيــة شــعاراً للجميــع حكامـا ً
ومحكومين ،وصارت الحكومات المحتلفة تعلق الفتة الديمقراطية ،وتعلن في برامجهــا أنهــا تســير حثيثـا ً
نحو تطبيق مبادئها.
والسبب الذي جعل النظام الديمقراطي يتبوأ هــذه المكانــة ســواء بالنســبة للحكــام أو المحكــومين على
السواء ،ما تحتويه مبادئ الديمقراطيـة من كفالـة للحـق وصـونا ً للحريـات األساسـية وتحقيـق المسـاواة
والعدالة اإلجتماعية بين أفراد الشعب ،فالمبادئ الديمقراطية تجعل السيادة للشعب وحــده والحكمـ لغالبيــة
أإلراده ،فهم أصحاب السلطة السياسية في الدولة ،والسيادة لهم ال لغيرهم ،بيدهم زمامها ،وهم اآلخذون
بناصيتها.
) (56د .مصطفى كامل ،شرح القانون الدستوري ( المبادئ العامة والدستور المصري) مرجع سابق ،ص 111ــ .112
.H-KELSEM: la democratie,sa nature et sa valeur, p18 ) ( 57
) (58د .عصام احمد عطية و د .محمد رفعت عبدالدوهاب ،النظم السياسية ،دار الطباعة الحديث1984 ،م ،القاهره ،ط ، 2ص .91
47
المطلب الثاني:
ال ندعي في البداية أن الشـريعة اإلسـالمية تضـمنت منظومــة الحقـوق السياسـية المحـددة في قواعــد
واضــحة في إطــار مــا يجب أن تقــوم بــه الدولــة اإلســالمية تجــاه مواطنيهــا ،وإنمــا المقصــود بــالعنوان
"الحقوق السياسية" هو إبراز ما تنطوي عليــه بعض النصــوص في القــرآن والســنة من مبــادئ عامــة،
يمكن قراءتها قراءة إجتهادية ،بحيث تدل على وجود نقــاط التقــاطع بين اإلســالم واألنظمــة الديمقراطيــة
الحديثــة ،في مجــال الحقــوق السياســية ،والعــبرة في هــذا الســياق بالمقاصــد والمعــاني ال بالمصــطلحات
والمباني.
وقد سبقت اإلشارة ،أكثر من مرة الى مغزى ترابط الحقوق بالواجبات في اإلسالم ،وأن هــذه الحقــوق
تعد من التكاليف التي يخاطب بـه ضـمير المسـلم في نطـاق مسـؤوليته الشخصـية ،ويخـاطب بهـا ضـمير
48
المجتمع المسلم في نطاق مسؤوليته الجماعيــة ،وتخــاطب بهــا الســلطة القــائم في المجتمــع ،أي الدولــة
اإلسالمية مهما كان نوع نظامها السياسي.
وخير دليل على ذلك هو تاريخ الدولة اإلسالمية في عهد الخلفاء الراشدين ،وفترات من عهود الــدول
اإلســالمية المتتابعــة ،ومــا راكمتــه هــذه الــدول من تجــارب ،وأبدعتــه من مؤسســات ،عملت في حــدود
اجتهادها وإكراهاتها على تجسيد حقوق المسلم في مجتمعه.
وعندما نقول اإلجتهاد ،فإننا نتجاوز منطوق النصوص القرآنية والحديثيــة الى مــا تحملــه من دالالت
ضمنية ،بل ونتجاوز عدم ورود النص الى آفاق إعمال الفكر التشريعي بإعتمــاد دليــل اإلجتمــاع وتحــري
المصالح ،ودرء المفاسد واإلستحسان وسد الذرائع والعرف ،وغيرهــا من آليــات اإلجتهـاد المقـررة عنــد
علماء األصول.
ومن ثم فـإن الحــديث عن الحقـوق السياســية لإلنسـان في ظــل إنتمائــه للدولـة اإلســالمية يظــل رؤيـة
اجتهادية ،مقيّدة بظروفها وطورها الحضاري .وإذا كان هناك تفاوت بين ما حققته الحضــارة اإلســالمية
وما بلغته الحضارة الغربية في المجال الحقوقي فإن مقاصد الشريعة اإلسالمية وقيمهــا في تنظيم الحيــاة
اإلنسانية والحث على كرامة اإلنسان التمنع من اإلقتباس من غيرها ،واألخذ باألفضــل في مجــال التنظيم
اإلجتماعي والسياسي ،بل إن مبادئ الشريعة تظــل منبعـا ً ثريـا ً لكــل قيّم التقــدم والعدالــة واإلنصــاف ،وال
يجوز تجميدها بتعطيل اإلجتهاد في تطورها.
وفي هذا السياق نستحضر كلمة الفقيه الكبير اإلمام إبن القيّم التي سبق إيرادها وهي " :ان الشريعة
مبناها وأساسها على الحكمة ومصالح العباد في المعاش والمعاد ،وهي عدل كلها ورحمة كلها ومصــالح
كلها وحكمة كلها ،فكل مسألة خرجت عن العــدل الى الجــور ،وعن الرحمــة الى ضــدها ،وعن المصــلحة
الى المسفدة ،وعن الحكمة الى العبث ،فهي ليست من الشريعة ،وإن أدخلت فيها بالتأويل(.)59
أن فهموم الحقوق والحريــات الفرديــة بصــفة عامــة في النظــام اإلســالمي قوامــه أن اآلدمــيين جميعـا ً
مكرمون من قبل الخالق سبحانه وتعالى:
"ولقد كرمنا بنىي آدم وحملناهم في البر والبحــر ورزقنــاهم من الطبيــات ،وفضــلناهم على كثــير ممن
خلقنا تفضيال"( .)60وهم جميعا ً حكاما ً ومحكومين مخلوقون لعبادة هللا سبحانه وتعالى" :وما خلقت الجن
واإلنس إال ليعبدون"( .)61والعبادة تعني الخضوع لسلطان هللا المطلق ،وتعريف شؤون الفرد أو الجماعة
59
.انظر "اعالم الموقعين" ،م س ،ج ، 3ص ( ) 5
60
.سورة اإلسراء ،اآلية ( ) 70
61
.سورة الذاريات ،اآلية ( ) 56
49
على حسب ما فصل سبحانه في شرعه ،فالحقوق والحريــات الفرديــة أو الجماعيــة في النظــام اإلســالمي
أساسها العقيدة ،ونظامها الشريعة ،وهي منح إلهية من الخالق سبحانه وتعالى الذي كرم الجنس وفضله
على كثير ممن خلق تفضيال.
وبهذا وحد اإلسالم الغاية بالنسبة لكل من الفرد والدولـة ،فهي عبـادة هللا والخضــوع لســلطانه بتنفيـذ
شرعه في الحقوق والحريات قاطبة ،ومن ثم ال نجد في النظــام اإلســالمي عــدوانا ً على حــق مهمــا كــانت
طبيعته ،فحقوق األفراد وحرياتهم محميــة ،ولكن ليس على حســاب الجماعــة ،وكــذلك العكس ،ولكن مــع
عدم اإلستبداد أو الطغيان الذي يؤدي الى وأد مصالح األفراد(.)62
وإذا كانت الحقوق السياسية عند رجال القانون هي التي يكتسبها الشخص بإعتباره عضــواً في هيئــة
سياسية ــ مثل الحق في انتخاب الحــاكم وانتخــاب الممثلين في المجــالس النيابيــة ،والحــق في الترشــيح،
والحق في إبداء الرأي في اإلســتفتاء والحــق في تــولي الوظــائف العامــة في الدولــة ،والحــق في مراقبــة
الحاكم وسلطات الحكم ومحاسبتهم على أعمــالهم .فــإن الشــريعة اإلســالمية قـررت كــل هــذه الحقــوق في
أصل هام جامع هو الشــورى ،وذلــك لقولــه تعــالى" :والــذين إســتجابوا لــربهم وأقــاموا الصــالة وأمــرهم
شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون"(.)63
فقد وصف جماعة المؤمنين ــ وكل فرد مسلم ــ بــأن أمــرهم شــورى بينهم ،أي اليــبرمون أي أمــر إال
بإتفــاقهم ،فال ينُ ّ
ص ـب عليهم حــاكم إال بمــوافقتهم ورضــاهم ،وال تمثلهم هيئــة إال بإختيــارهم ،والفرصــة
متاحة والطريق مفتوح لكل فرد في الجماعة أما أ ،يكون حاكما ً أو نائباً ،إذا أستوفى الشروط وكان كف ًء
رقيب ومسؤول عن مصلحة الجماعة ،وحسن تدبيرها ،ولــه الحــق في تقــويم اإلعوجــاج إن
ٌ لذلك ،والكل
وجد بالوسيلة المشروعة في إطار التضمامن و التناصح.
وبــالرغم من أن الحقــوق السياســية لم تتبلــور بمســمياتها القانونيــة إال حــديثاً ،فــأن فقهــاء الشــريعة
اإلسالمية قد أشاروا إلى مضامينها ومرادفاتها على النحو التالي:
لم يقتصر العلماء المسلمون في البحث عن األمور الشرعية الدينية ،بل أيضا ً أهتمــوا بــأمور الســلطة
والحرية والعدل والشورى .وشكلت األحكــام الســلطانية للمــاوردي وغــيره كــأبن خلــدون والغــزالي وإبن
ُرشد ،والنقاشات التي دارت حول من له حق السلطة والخالفــة ومــاهي حــدودها وتوليهــا ،إهتمــام عــدة
فقهاء وعلماء اإلســالم عربـا ً وعجمـاً .وهكــذا فقــد تنــاول هــؤالء العلمــاء إمكانيــة تــولي الســلطة وأمــور
المسلمين والحكمـ وإمكانية اإلنتخاب والترشح كما سنبيّنه الحقاً.
) (62د .محمد اسماعيل فرحات ،المبادئ العامة في النظام السياسي اإلسالمي (دراسة مقارنة بالنظم المعاصرة ) ،دار النهضة العربية ،مص$$ر ،
1991م ،ص 48ــ . 49
) (63سورة الشورى ،اآلية .38
50
الفقرة األولى :حق اإلنتخاب
ماهو اإلنتخاب :هي العملية الرسمية إلختيار شخص لتولي منصب رسـمي أو قبـول أو رفض اقـتراح
سياسي بواسطة التصويت ،وتتبع اإلنتخابات في الديمقراطيات الحديث لملء المقاعد في البرلمـان ممثـل
السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية مثل رئيس الدولة أو رئيس الحكومة أو الحكم المحلي أو الســلطة
القضائية.
وترجع األصول التاريخية للعمليــة اإلنتخابيــة الى أن الشــعوب دأبت منــذ آالف الســنين الى إيجــاد نظم
يمقراطية تحفظ لهم حقوقهم وتصون كرامتهم من ظلم الحكام وللوصول الى تلــك الديمقراطيــة فإنــه البــد
من مشاركة الشــعوب والتعبــير عن إرادتهــا بحريــة ودون إكــراه ،وقــد أعتــبر أن اإلنتخــاب هــو الدعامــة
األساسية للعمل الديمقراطي.
ولم تكن الدول األوروربية هي مهد للديمقراطية بل؛ عرفتها غيرها من المجتمعات عبر قرون غــابره
من الزمن .ففي المجتمع البدائي ظهرت الديمقراطية من خالل الجماعات الصغيرة المكونة للمــدجتمعات
البدائية ،حيث كانت هذه الجماعات تتمتع بنصــيب وافــر من الحريــة ،حيث لم يكن فيهــا منصــب الرئاســة
خاضعا ً للوراثــة بــل فتح المجــال لمن تتــوافر فيــه صــفات شخصــية مميّــزة من حكمــة ومهــارة وشــجاعة
وإدراك باألعراف والتقاليد.
ولم يكن لمنصب الرئاسة في هذه الجماعات أدنى إمتيازات لمن يتبوأه بل كان لزامـا ً على الــرئيس أن
يقوم بإستشارة كبار السن من الذكور من قومه .وكان إستمراره في منصب كرئيس متوقفا ً على مدى ما
يتمتع به من قوة ولباقة وحسن تقدير لألمور ،فإذا فقد هذه األشياء فقد منصب.
أما المجتمع القبلي؛ فإن الديمقراطية كانت تتواجــد فيــه بشــكل ملحــوظ ،حيث أن أوجــه التشــابه بينــه
وبين المجتمــع البــدائي حاضــرة في أوضــاعه السياســية ،وخاصــة في القبائــل الــتي واجــد فيهــا ســلطة
سياسية ،حيث يخضع اختيار الــرئيس فيهــا الى نظــام اإلنتخــاب الحــر بواســطة أفــراد القبيلــة ،حيث كــان
الرئيس بعـد ذلـك ملزمـا ً بعـرض القضــايا الـتي تتعلــق بشـؤون القبيلـة على رؤسـاء الجماعـات المحليــة
المكونــة لهــا ،فقــد كــان يجتمعــون في هيئــة مجلس يطلــق عليــه مجلس قيــادة القبيلــة لمناقشــة القضــايا
المطروحة سوا ًء كانت على الصعيد الــداخلي أو الخــارجي ،فـالقرار المنفــرد الــذي يصــدره الــرئيس دون
إستشارة أعضاء المجلس ال يكون له سند من الحجية وإنما كان عليه األخذ بآراء أغلبية األعضاء.
كما جرى العرف أيضا ً على ضرورة أن يقدم الرئيس الجديد فور توليه مهام منصــبه تعهــداً أمــام هــذا
المجلس بإحترامه والمحافظة علي على قوانين القبيلة وتقاليدها.
51
وتتواجد الديمقراطيــة أيضــا ً في مجتمعــات المــدن الشــرقية القديمــة ،حيث يــذهب بعض البــاحثين
والمؤرخين الى أن مجتمعات المدن الشرقية القديمة وخاصة في مصر وبالد مــا بين النهــرين قــد عـرفت
أنماطا ً من الحكمـ الديمقراطي يتفاوت في درجته ومداه من مجتمع آلخرعلى حسب الظروف الخاصة بكــل
مجتمع.
ويؤكد الباحثون على أن مدن مصر القديمة قبــل دمجهــا في إطــار الدولــة الموحــدة قــد عــرفت أنظمــة
للحكم ذات صبغة ديمقراطيـة تقـوم على أسـاس توزيـع السـلطة بين الحـاكم وبين مجلس الشـيوخ وكـان
أعضائها بين مجلس الشيوخ من كبــار الســن والعشــائر ولم يكن الحــاكم ليــبرم أمــراً دون الحصــول على
موافقة هذا المجلس ولم تكن السلطات السياسية في بادئ األمر تمـارس من قبـل كافـة الشـعب بـل كـانت
محصورة على فئة قليلة سميت باألشراف ،إال أنه مع نمو الحركـة التجاريـة في هـذه المـدن ظهـرت فئـة
من العوامـ نالت قسطا ً من الثراء عرفت بالطبقة المتوسطة إستطاعت بمرور الزمن أن تقوى تفوذها وأن
تشارك في السلطة كل ذلك أدى الى وجود قناعة لدى أهالي تلــك المـدن بضـرورة إســناد مهـام الحكم الى
هيئات منتخبه من قبل أفراد الشعب.
وقد شهدت بالد ما بين النهرين وجود ديمقراطية أكثر نظاما ً نيجة إلتساع رقعتها وتجزئة مدنها ،وقد
عرفت نظام حكم أقرب الى الحكم الجمهوري ،وكانت تتمركز السلطة السياسية في هذه المدن في مجلس
شعبي أعضائه مؤلفون من كافــة المواطــنين الــذكور األحــرار ،ويعقــد المجلس اجتماعــه بصــورة يوميــة
يشرف عليها الشيوخ من كبار السن وقياداتهم ،وقد أطلق البعض على الديمقراطية القائمــة بتلــك المــدن
الديمقراطية البدائية إال أن هذه الديمقراطية كـان يعيبهـا البطئ من إتخـاذ القـرار األمـر الـذي كـان ينـذر
يعواقب وخيمة.
أما لو انتقلنا الى المدن األغريقية لو جدنا أناه تعتبر مهد لألنظمة الديمقراطية الحديث من حيث الفكر
والتنظيم السليم والتطبيق ،والتي جعلت من أثينا نموذجا ً مثالياً.
وإذا بحثنا عن أصل كلمة الديمقراطية ( )Democracyلوجدنا اغريقيا ً بحسب األصــل ،حيث يتكــون
من مقطعين هما ( )Demosوتعني الشعب )Kartes( ،وتعني الســلطة ،ويتضــح من هــذه المقطعين أن
الديمقراطية عند اإلغريق تعني سلطة الشــعب او مشــاركته في الحكم أو هي حكم الشــعب نفســه بنفســه،
وقد استطاع اإلغريق أن يخرجو الديمقراطية من نطاقها الضيق الى والواقــع العملي في القـرن الســادس
قبل الميالد ،ومن خالل قانون صولون.
وعندما جاء اإلسالم ،حمل للعلم مبادئ ساميه خالــده في مختلــف جــوانب الحيــاة ،وقــد حظي الجــانب
السياسي بنصيب وافر من هذه المبادئ ومن أبرزها مبــدأ الشــورى بإعتبــاره واحــداً من أســمى المبــادئ
52
التي يبنى عليها نظام الحكم في اإلسالم ،حيث نزلت بإسمه سورة في القرآن الكريم ،كما كان النبي صلى
هللا عليه وسلم وصحابته الكرام القدورة الحسـنة في اتبـاع هـذا المنهج الربـاني ،وقـد قـرر اإلسـالم حـق
المشاركة في الحياة السياسية لكل فرد من أفــراد األمــة .فمن حــق كــل فــرد أن يعلم بمــا يجــري في حيــاة
األمة ،وعليه أن يسهم فيها بقدر ما تتيح له مواهبه وقدراته.
إن اإلســالم قــد أرســى دعــائم الحكمـ على أســاس من الشــورى والحريــة السياســية لجميــع المســلمين
وجعلها قاعدة من القواعد التي يرتكز عليها ،حيث يقول هللا عــز وجــل في القــرآن الكــريم "وشــارهم في
األمر" .وفي ذلك يقول عبدهللا بن عباس رضي هللا عنه ،لما نزلت هذه اآليــة قــال النــبي صــلى هللا عليــه
وسلم :أن هللا ورسوله لغنيّــان عنهــا ولكن جعلهــا رحمــة ألمــتي فمن إستشــار منهم لم يعــدم رشــده ومن
تركها لم يعدم غيّا.
ومن األدلــة أيض ـا ً على ذلــك قولــه تعــالي" :ولتكن منكم أمــة يــدعون الى الخــير ويــأمرن بــالمروف
وينهون عن المنكر وألئك هم المفلحون"(.)64
حيث فســر على أنــه يجب على األمــة اإلســالمية أن تقيم هيئــة يتم اختيــار أعضــائها من بين أفــراد
المجتمع اإلسالمي ليلقي على عاتقهم مهام إدارة شؤون المجتمع نيابة عن األمة.
ونأخذ في هذا الجانب رأي الشيخ محمد عبده .حيث يقول أن األمـر الـوارد في هـذه اآليـة يعـد بمثابـة
تكليف على األمة بإنتخاب هيئة تقوم بما فرضته اآلية الكريمة ،ويرى فضيلته أن إقامة هــذه الهيئــة يعــد
من قبيل الواجب العيني الذي يوجب تكليف كل شــخص قــادر عليــه وإال أثم تاركــه ،ومن ثم يعــترف هــذا
النص للجماعة أو الهيئة التي تنوب عن األمة في تيسير شؤونها بأن تصدر أوامر ملزمة لبقيــة أعضــاء
األمة وفي ذلك إجازة للحكم النيابي في اإلسالم.
أما األدلة من السنة النبوية المطهـرة ،تؤكـد على وجـود التمثيـل النيـابي فيهـا ،ويمكن ذلـك من خالل
بيان مايلي:
.1قوله صلى هللا عليه وسلم حينماسئل عن األمور التي لم يرد بشأنها نص قطعي في الكتاب
أو السنة فقال " :أجمعوا له العالمين فأجعلوه شورى ببينكم" ،ومعنى ذلك أن الرسول صلى هللا
عليه وسلم قد أقر نيابة العلماء عن األمة في إدارة شؤون الحكم.
.2قوله صلى هللا عليه وسلم لألنصار الذين قاموا بمبايعته في العقبة أخرجوا ال ّي أثنى عشر
رجالً منكم يكونوا كفالء عن قومهم".
53
وهو األمر الذي يستدل منه على أن الرسول صلى هللا عليه وسلم أقر التمثيل النيابي والتمثيل النسبي
وذلك حينما أوجب إخراج ثالثة لتمثيل الخزرج وتسعمة لتمثيل األوس ،وهو األمر الذي كان مراعيا ً فيه
نسبة اإلثنين من السكان.
أما اإلدلة من اإلجتماع ،فقد أجمع فقهاء المسلمين على ضرورة اللجــوء في إســناد الســلطة الى ولي
األمر عن طريق البيعة التي تتم بواسطة أهل الحل والعقد الذين ينوبون عن األمة في هذه المبايعــة ،كمــا
يجوز لهؤالء الممثلين أن ينيب بعضهم بعضا ً لمبايعة شخص مــا ليتــولى أمــرهم ،وهــذا يعــني أن إختيــار
هذا الشخص البد وأن يقع على عاتق األمة ذاتها وليس ثمة بديل عنــه هـذا اإلختيـار إال باإلنتخــاب الـذي
اتخذ بشكل البيعة في ذلك الوقت .فهو عند الفقهاء حق اإلختيار ،وهذا اإلنتخاب قد يكون مباشراً ،ونجــد
له سنداً في قول اإلمــام الــرازي" :إذا وقعت واقعــة إجتمعــوا وتشــاروا فـأثنى هللا عليهم ،أي ال ينفــردون
برأي بل ما لم يجتمعوا عليه ليعزمون عليه(.)65
ويقول بن قدامة المقدســي صــاحب المغـن ّى" :من إتفـق المسـلمون على إمامتـه وبيعتـه ثبتت إمامتـه
ووجبت معونته ،وكل هذا يستند على مبدأ الشورى الذي جــاء بصــيغة عامــة شــملت جميــع المســلمين ــ
وأيضا ً على مبدأ مسؤولية الجماعة عن تنفيذ إدارة شؤونها وفق أحكام الشرع .فهذه المسؤولية تقتضي
أن يكون السلطان من حق الجماعة نفسها لتستعين به على ما هو مسؤوالً عنه وهو تنفيذ أحكامـ الشــرع
وإدارة شؤونها وفق األحكام.
واإلنتخاب غير المباشر نجد له سنداً في قول إبن خلدون في مقدمته" :وإذا تقرر أن هــذا المنصــب ــ
أي اإلمامة والخالفة ـــ واجب باإلجمـاع فهــو من فـروض الكفايــة وراجـع إلى إختيــار أهـل الحــل والعقــد
فيتعيّن عليهم نصبه ويجب على الخلق طاعته".
ويقول الماوردي في كتاب األحكام السلطانية" :واألمانة تنعقد بوجهين إحــداهما بإختيــاره أهــل الحــل
والعقد ،والثاني بعهد اإلمام من قبله ــ والسوابق التاريخية تؤيد هذا ــ فقــد تم إختيــار الخلفــاء الراشــدين
من قبل طائفة األمة اإلسالمية ،وهم أهل المدينة او أهل الحــل والعقــد ،ولم ينتخبهم جميــع المســلمين في
جميع المدن اإلسالمية(.)66
رأينا في الموضــوع .يتضــح ممــا ســبق أن هنــاك تشــابه كبــير بين البيعــة في النظــام اإلســالمي وبين
اإلنتخاب في النظام الحديث ،حيث نرى أن أهل الحل والعقـد في اإلسـالم كــانوا منتخــبين إنتخابـا ً ضـمنياً،
وذلك حينما سمح النبي صلى هللا عليه وسلم لزعماء القبائل أن يمثلوا جماعتهم القبيلية ،حيث كان يغلب
على المجتمع من ذلك الوقت الطابع القبلي.
) (65ابومحمد ابن عبدهللا ابن قدامة ،المغني،ج ،8مكتبة الجمهورية العربية ومكتبة الكليات األزهرية بمصر ،بدون سنة طبع ،ص .106
) (66ابو الحسن الماوردي ،األحكام السلطانية والواليات الدينية ،مكتبة مصطفى الحلبي ،القاهرة ،1966 ،ص .6
54
ولقد جاء اإلسالم بقواعد كلية وليست تفصيلية إتخذها أساسـا ً لنظــام الحكم ،فلم يلــزم الرعيــة باألخــذ
بنظام معين او يحدد طريقة معينة إلختيار الحكام ،وإنما تــرك لألمــة الحريــة في إتبــاع مــا يــروق لهم من
أساليب تكون موائمة.
فقد اختلفت آراء الفقهاء حول هذا الحق بين مــانع ومجــيز ،والمــانعون يســتندوا الى أدلــة في القــرآن
الكريم والسنة النبوية الشريفة ،منها قوله تعالى:
"فال تزكوا أنفسكمـ هو أعلم بمن إتقى"( .)67والداللة من هذه اآلية الكريمة لدى الممــانعون بــأن اآليــة
هي من تختار ال من يزكى ويقدم نفسه
وما راوه عبــدالرحمن بن ســمرة رضــى هللا عنــه قــال :قــال رســول هللا صــلى هللا عليــه وســلم " :يــا
عبدالرحمن ال تسأل اإلمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مســألة أعنت
عليها" .وما رواه أبو موسى األشعري رضي هللا عنه قال" :دخلت على النبي صلى هللا عليــه وســلم أنــا
ورجالن من بني عمي ،فقال أحد الرجلين :يا رسول هللا أمرنا على بعض ما والك هللا عــز وجــل ،وقــال
آلخر مثل ذلك ،فقال رسول هللا صلى هللا عليــه وســلم :أنــا وهللا ال نــول ّي هـذا العمــل أحــداً ســأله وال أحــداً
حرص عليه"(.)68
في حين نجد أن األكثرية يجيزون حق الترشيح وال يوافقون اإلتجاه السابق ،ألن اآليــة محمولــة على
التزكية الدينية وحدها .والممننع في األحاديث مقصود بها النهي عن التهافت والتكالب على السلطة ،كما
أنهم أيدوا وجهة نظرهم بعدة أدلة ،منها ما جاء في القرآن الكريم على لسان سيدنا يوسف عليــه الســالم
لعزيز مصر في قوله تعالى" :قال اجعلني على خزائن األرض إني حفيظٌ عليم"(.)69
وما جاء على لسان سيدنا ســليمان عليــه الســالم" :وهب لي ملكـا ً ال ينغي ألحـ ٍد من بعــدي"( .)70وأن
رســول هللا صــلى هللا عليــه وســلم :لم ينــه أبــا ذر من طلب الواليــة ،ففي الحــديث المشــهور عن أبي ذر
رضي هللا عنه قال" :قلت يا رسول هللا أال تستعملني ،فقــال :فضــرب على منكــب ّي ،ثم قــال " :يــا أبــا ذر
إنك ضعيف وأنها أمانة وأنها يوم القيامة خزي وندامة إال من أخذها بحقها وأدى الــذي عليهــا" .وأيضـا ً
ما أخرجه أبو داود عن أبي هريرة أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قــال" :في طلب قضــاء المســلمين
حتى ناله ثم غلب عدله جوره فله الجنة ،ومن غلب جوره عدله فله النار" ،كمــا أن العبــاس وابن عمــر
55
تمنيا اإلمارة في إحــدى معــارك خيــبر ،وعلي رضــي هللا عنــه طلب الخالفــة تلميحـا ً وتصــريحا ً فلم يحتج
عليه أحد بهذه األحاديث التي قال بها المانعون(.)71
وهذا اإلختالف بين العلماء لــه داللــة واضــحة في أن الشــريعة اإلســالمية لم تهمــل حــق الترشــيح بــل
أعطته من العناية ما يستحقه ،والشك أن رأي الجمهور أو األكثرية له وجاهته ،ألن األدلــة إذا تعارضــت
سقط اإلستدالل بها وعاد األمر الى طبيعته وهو اإلباحــة ـــ فال واجب وال محظــور ـــ فمن يجــد في نفســه
كفاءة وكان قد أستوفى الشروط المتطلبة في الحــاكم أو في عضــو مجلس الشــورى أو أي من المجــالس
النيابية ،فله أن يرشح نفسه ما دام يبغي المصلحة العامة ويبتعد عن التكاليف ويتجنب اإلفتتات على من
هو أولى منه ،ويؤيد ما أتجه إليه رأي الجمهور.
وفي هــذا الصــدد قــول المــاوردي في األمانــة" :ليس طلب اإلمامــة مكروه ـا ً فقــد تنــازع فيهــا أهــل
الشورى" ،فما رد عنها طالب وال منع منها راغب ،وأختالف الفقهاء فيها يقطع به تنازعهما مع تكــافؤ
أحوالها ،فقالت طائفة يقرع بينهما ويقدم من قرع بينهما .وقولــه في القضــاء " :إن كــان طلب القاضــي
لحاجته الى رزق المســتحق في بيت المـال كــان طلبـه مباحـا ً ،وإن كـان طلب القاضــي لحاجتــه الى رزق
القضاء المستحق في بيت المال كان طلبه مباحاً ،وان كان لرغبة في إقامة الحق وخوفه أن يتعــرض لــه
غير مستحق كان طلبه مسـتجباً ،فـإن قصـد بطلبـه المباهـاة والمنزلـة فقـد اختلـف في كالراهيـة ذلـك في
اإلتفاق على جوازه(.)72
وبذلك فقد أكد أكبر فيلسوف في السلف الصالح من علماء المسلمين مقــرراً بصــريح العبــارة أن طلب
اإلمامة والقضاء ليس فيه أدنى شك وال غبار عليه وهمــا أعلى منصــبين في الدولــة ،فمن بــاب أولى أن
يكون الطلب في غيرهما أولى وأحق ،بل أنه يصرح بجواز الطلب حتى ولو كان طمعا ً في مال أو جاه .
ان الحقوق السياسية في اإلسالم ــ كأي نوع آخر من الحقوق ــ وظائف اجتماعية يغلب عليها عنصر
التكليف والمشؤولية اإليجابية ،وذلك ألنهــا كغيرهــا من وســائل موجبــه لخدمــة اإلمــام الــذي يهيمن على
الجماعة ،ولذلك تسمى واجبات ال حقوق.
وهذه الواجبات أو الحقوق تختلف اختالفا ً كبيراً عن الحقوق السياسية في القانون الحديث .فــالحقوق
السياســية في النظم الحديثــة ال تعــدوا أن تكــون مســاهمة في أغلبيــة معينــة أي كصــوت من األصــوات
ويخضع فيها لقرار تصدره األغلبية ،وهذا هو الشأن بالنسبة لحق اإلنتخاب ،فالفرد يدلي بصوته كعضــو
أو رقم في هيئة الناخبين ،وكذلك بالنسبة إلشتراكه في المجــالس واللجــان والتشــكيالت المختلفــة اليزيــد
دوره على أن يكون صوتا ً في قرار جماعي.
) (71د .عبدالحميد اسماعيل األنصاري ،الشورى وأثرها في الديمقراطية (دراسة مقارنة) الطبعة الثانية ،المكتب العصرية ،بيروت ،1980 ،ص
487
) (72ابو الحسن الماوردي ،األحكام السلطانية (المحقق أحمد مبارك البغدادي ) مكتبة دار ابن قتيبه ،الكويت ، 1989 ،ص .74 ، 7
56
والســبب في ذلــك؛ أن النظم العصــرية تســتند الى اإلدارة العامــة أو الجماعــة ولم يعتــد المشــرعون
الوضعيّون لطريقة لتكوينها سوى اإلنتخاب العام .ويسهل جداً في هــذه الظــروف أن يتســلط ذوي النفــوذ
على بطانتهم ،كما أن عضو المنظمة يخضع ــ حتما ً ــ للعناصر الموجهــة في كــل تشــكيل من التشــكيالت
التي يساهم فيها .ففي اإلنتخابات العامة ال يكون صوت الناخب حراً تماماً ،ألنــه إذا كــان منضــما ً لحــزب
من األحزاب ــ كما هو مفروض في البالد الليبرالية ـــ أو مقيّــداً كعضــو في التنظيم الشــعبي العــام ،فإنــه
يتقيّد في أداء صوته بإتجاهات المسيطرين على الحزب.
أو التنظيم الذي ينتمي إليه والذين يضعون برامجهم التي تختلف من وقت آلخر حسب الظروف،
وإال كان نشازاً شارداً ال ينتمي إلى إتجـاه عـام محـدد ،فهـو كـالغريب في الحيـاة السياسـية ،وهـو أمـ ًر ال
يتيسر في التنظيمات السياسية.
كذلك الحال في عضـوية المجـالس الشـعبية واللجـان ،فال يتـأتى أن يكـون العضـو ممثالً لنفسـه فقـط
نسيج وحده في آراءه ،بل البد أن يساير إتجاها ً عاما ً محدداً من اإلتجاهات الســائدة .وعنــد ذلــك البــد أن
يخضع للدراسة الموجهة لحزب أو تنظيم معيّن ــ وهي الغالب ــ تكون لفرد واحد أو لعدد قابل من األفراد
والتكون له بعد ذلك أي وسائل إيجابية أخرى يمارس بها حقوقا ً فوق ذلك.
أما النظام اإلسالمي فيستطيع الفرد العادي أن يستقل تماما ً بنفسه وكيانــه ألنــه ينتمي إلى حــزب هللا ،
واليشترط تبعيته ألحد في ممارسته لنشاطه السياسي.
وذلك بسبب أن الفرد في اٍإل سالم مخاطب خطابا ً مباشراً من الشراع بتكليفه برعاية الصالح العام ،كما
أن السياسة العامة والمبــادئ العليــا ظــاهرةً بــذاتها ومحــددة التتغــير وال تحتــاج لعمــل تــوجيهي آخــر من
المهيمنين على حزب أو تنظيم ،والرأي العام ثابت على هذه السياسة .ومن ثم فإن الفــرد يتلقى تعليماتــه
وتوجيهاته في هذا النظام من هللا ،أي من النظام نفســه ،وليس من المســيطرين عليــه ،وصــوته في ذلــك
مساوي لصوت أعلى درجات القيادة في المجتمع .فالفرد ال يكون أبــداً نشــازاً أو شــارداً مــا دام يعــبر عن
المقاصــد الشــرعي ،فــالحق واحــد يجمــع األمــة واليكــون شــاذاً ،حيث ال نص إال إذا خــالف الجماعــة في
اجتهادها ،وهذا هو سبب أصالة الحرية والمساواة في اإلسالم.
والمقصود بذلك هو المساواة أمام الوظــائف العامــة ،ويعــني هــذا المبــدأ عنــد القــانونيين أن يتســاوى
جميع المواطنين في تولي الوظــائف العامــة ،وأن يعــاملوا نفس المعاملــة من حيث المــؤهالت والشــروط
57
المطلوبــة قانونـا ً لكــل وظيفــة ،ومن حيث المزايــا والحقــوق والواجبــات والمرتبــات والمكافــآت المحــددة
لها(.)73
أما في اإلسالم فقد ساوى بين الجميع في حق تولي الوظائف العامة ،فال يقبل المحاباة ،وال يقر تمييز
فئة على فئه أو طائفة على أخرى ،فيتساوى الجميع في حق تولي الوظائف العامة وفق ـا ً للعلم والكفــاءة،
وليس بحسب النسب أو القدرة أو القرابة أو أي سبب آخر غير موضوعي ،وبذلك فالمقصــود بالمســاواة
أمام الوظائف العامة هو" :أال تتميّز فئــة من المواطــنين على غيرهــا في تقلــد الوظــائف العامــة" ،وهي
مساواة مشروطة بتوافر الشروط القانونية الالزمة لذلك(.)74
فاألصل في تـولي الوظـائف العامـة هـو الكفـاءة والمقـدرة ،أي الصـالحية لتـولي الوظيفـة مـع تـوافر
الشروط القانونية ،وذلك إعماالً لقول الرسول صلى هللا عليه وسلم:
"من استعمل رجالً في مسألة وهو يعلم بوجود من هو أفضل منه فقد خان هللا ورسوله والمؤمنين".
وهو ما جعل اإلمام إبن تيمية الى القول بأن" :من قلّد رجالً لرشوة أو لمنفعة أو صــدقة أو لموافقتــه في
بلد أو مذنب أو طريقة أو جنس أو يبعده عن آهليته للوظيفة لعداوة بينما أو لحق في نفسه يعد خائنــا ً هلل
ولرسوله"(.)75
والوظائف العامة في النظام اإلسالمي قليلة جداً في األصل ،ألن الكيان الفردي هو الذي باشــر الحيــاة
العامة مستعمالً حقوقه كوظائف إجتماعية لتحقق الصالح العام ،ولما كانت الوظــائف العامــة في اإلســالم
شديدة ودقيقة ،كما أن الفرد اليتمتع في اإلسالم بحق مطلق في المساواة العامة في تولي هذه الوظائف.
بالرغم من أن كثيراً من وظائف األمة في العصر الحــديث يصــل إليهــا مجموعــة من المنــافقين ســواء
بالمحابــاة او المجاملــة أو الرشــوة ،دون أن يكونــوا أهالً لتــولي هــذه الوظــائف ـــ فــأن األمــر في النظــام
اإلسالمي جد مختلف بإعتباره نظاما ً مذهبيا ً ال يتأتى إسناد الوظائف العامة فيه إال ألهل العقيدة ،فال تسند
أمور الناس فيه لممغوص بالنفاق أو لفاسق ،بل تسند لثقة وإطمئنان ــ ،وقد حذرنا رسول هللا صــلى هللا
عليه وسلم في هذا الصدد بقوله" "إذا ضيعت األمانة فإنتظر الســاعة ،قيــل :وكيــف إضــاعتها؟ قــال :إذا
وسد األمر ــ أي سند األمر ــ إلى غير أهله فإنتظر الساعة"(.)76
58
لقد كــان لإلســالم أثــره في الحضــارة المعاصــرة وفضــله على البشــرية في بنــاء الكثــير من األفكــار
الديمقراطيــة واإلشــتراكية ،وســبقه في إرســاء أســس الحريــة قبــل أن تعرفهــا أو تفكــر فيهــا الشــعوب
األوروبية بمئات السنين .وقد جاء اإلســالم في الميــدان الدســتوري (أو ميــدان شــؤون الحكم) بضــمانات
ومبــادئ عامــة هي :الشــورى ،العدالــة ،المســاواة ،الحريــة ،ومســؤولية الحــاكم ،ويمكن بيــان ذلــك في
عنصرين:
مثّل مؤلف األحكام السلطانية للماوردي محاولة فكرية من منظور إسالمي لمفهوم الســلطة السياســية
الشــرعية وأدبياتهــا وحــدوها وشــروطها .وهي بــذلك تتقــارب من حيث التنزيــل والتوصــيف والتأويــل
لمحاوالت المفكرين األغريق عن الديمقراطية وشروطها.
وإذا كان الفكر السياسي اإلسالمي يأخذ بمصطلح " الشورى" فإنه يتقارب إلى حــد بعيــد مــع مفهــوم
الديمقراطية عند الفكر الغربي .وقــد حــاول الفكــر اإلســالمي السياســي وضــع األدبيــات والضــمانات الــتي
تكــون ســببا ً للحكم الرشــيد والعــادل من خالل إعتمــاد مبــدأ الشــورى ومبــدأ العدالــة الــذي يلقى في الفكــر
اإلسالمي أهمية بالغة ضمانا ً للحقوق الشرعية.
صن المسلمين جميعا ً على الشورى في كل أمر يحز بهم ،ممــا هـو في مجـال المشـاورة،
إن اإلسالم ح ّ
وألزم اإلسالم رئيس الدولة بمبدأ الشورى ،يعتمد عليه في تصريف أمــور الدولــة ،واليحيــد عنــه ،وممــا
هو جدير بالمالحظة في هذا الصدد ،أن اإلسالم قرر هذا المبدأ في فترة كان العالم فيها غارقا ً في ديــاجير
الجهالة واإلستبداد السياسي الذي يتسم بطغيان القوى وجور الحكام ،فقد كان الناس أبان ذلــك يعتــبرون
حكامهم آلهة أو أنصاف آله ،أو أنهم على األقل كانوا ينظــرون الى أعمــالهم على أنهــا مقدســة ال يجــوز
نقدها أو الخروج عنها ،فلم يكن من حق الشعوب أن تشارك بالنقد في إبداء الــرأي في حكم نفســها ،هــذا
باإلضافة الى نظرة اإلحتقار واإلزدراء التي كان ينظر بها الحكامـ الى شعوبهمـ(.)77
فقد جاءت الشريعة اإلسالمية من يوم نزولها بنظرية تقييد سلطة الحــاكم ،فكــانت أول شــريعة ذقيّــدت
ســلطة الحكــام ،وحــرمتهم حريــة التصــرف ،وألــزمتهم أن يحكومــواـ في حــدود معينــة ،ليس لهم ان
يتجاوزوها وجعلتهم مسؤولين عن عدوانهمـ وأخطائهم(.)78
) (77د .عبدالكريم عثمان ،النظام السياس$$ي في اإلس$$الم ،الطبع$$ة األولى ،دار اإلرش$$اد ،ب$$يروت ،1986 ، $ص ،29وايض$اً :األس$$تاذ عب$$دالقادر
عوده ،التشريع الجنائي اإلسالمي مقارن$ا ً بالق$$انون الوض$$عي ،الطبع$$ة األولى ،مطبع$$ة دار الك$$اتب الع$$ربي ،ب$$يروت 1368 ،هـ ـ 1949م ،ص
. 41
) (78أ .عبدالقادر عوده ،التشريع الجنائي اإلسالمي مقارنا ً بالقانون الوضعي ،مرجع سابق ،ص41ــ . 42
59
فاإلسالم إذن له فضل السبق في تقرير هذا المبدأ العظيم من مبــادئ نظــام الحكم ،بحيث مهــد الطريــق
أمام اإلنسانية كلها منذ القرن السابع الميالدي بأن تسير على هذا الدرب ،وتسلك الطريق المأمونة الــتي
تحول دون طغيان الحكام أو إستبداد الشعوب.
فالشورى الزمةٌ من لوازم المجتمع اإلسالمي وسمة من ســماته وهي دعامــة من الــدعائم الــتي يقــوم
عليها نظام الحكمـ فيه( .)79وإعمال مبدأ الشورى يقتضي قبــل أن يقــوم ولي األمــر على أي عمــل أو إنفــاذ
أي تصريف معتبر في حق األمة اإلسالمية ،أن يستشيرهم فيما هــو مقــدم عليــه تنفيــذاً للنص الــوارد في
القرآن الكريم" :وشاورهم في األمــر" ،ودليـل إهتمـام النظــام اإلسـالمي بهــذا المبــدأ ورفعـه الى درجــة
سامية أنه :إعتبر أن الشورى دعامة من دعائم اإليمان وصفة من الصفات المميّزة للمسـلمين سـوى هللا
بينها وبين الصالة واإلنفاق في قوله تعالى" :والذين إستجابوا لــربهم وأقــاموا الصــالة وأمــرهم شــورى
بينهم ومما رزقنهم ينفقون"( ، )80فجعل اإلستجابة هلل نتائج بين لنا أبرزها وهي إقامة الصالة والشورى
واإلنفاق.
فطبيعة نظام الحكمـ الذي يقره اإلسالم أن يكون نظاما ً شورياً ،فالشورى تعتبر بمثابة حجر الزاوية في
بناء الدولة اإلسالمية وتؤكدها اآليتان اللتان ورد فيها النص صريحا ً على وجــوب إتبــاع مبــدأ الشــورى،
ففي اآلية األولى:
يقول هللا تعالى" :فبما رحمة من هللا لنت لهم ،ولو كنت فضا غليــظ القلب النفضــوا من حولــك فــأعف
عنهم وأستعفر لهم وشاورهم في األمر فإذا عزمت فتوكل على هللا إن هللا يحب المتوكلين"(.)81
وفي اآلية الثانية ،قوله تعالى" :والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصالة وأمرهم شــورى بينهم وممــا
رزقناهم ينفقون"(.)82
ومن ثم اعتبرت الشورى من المسائل التوفيقية الــتي تعتــبر مبــدأ أساســيا ً في الحكم اإلســالمي ألنهــا
نثري الفكر اإلسالمي بإعمال العقل واإلجتهاد فيما يتعلق بأمور الدنيا ما لم يتعارض مع أحكامـ هللا تعالى
وأقوال وأفعال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم.
وقد تأكدت حجية مبدأ الشورى بإعتباره من أهم المبادئ الدستورية ،التي يقوم عليها نظام الحكمـ في
اإلسالم بأدلة قاطعة في القرآن الكريم والسنة ،فقد تأكدت تلك الحجية في القرآن الكريم في قولــه تعــالى:
"وأمرهم شورى بينهم" .وقوله تعالى مخاطبا ً الرسول" :وشاورهم في األمر"(.)83
) (79د.طعيمة الجرف ،مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة للقانون ،مكتبة القاهرة الحديثة ،مصر ،1963 ،ص .116وأيضا :د .مصطفى
ابو زيد فهمي ،فن الحكم في اإلسالم ،المكتب المصر الحديث ،القاهرة ، 1982 ،ص .222
) (80سورة آالشورى ،اآلية . 38
) (81سورة آل عمران ،اآلية . 159
) (82سورة آالشورى ،اآلية . 38
) (83سورة آالشورى ،اآلية ، 38وسورة آل عمران ،اآلية .159
60
كما تأكدت تلك الحجية أيضا ً في السنة النبوية :فيمــا روى عن الرســول صــلى هللا عليــه وســلم قولــه:
"ما ندم من إستشار ،والخاب من إستخار"( .)84وما روى عن أبي هريرة رضــي هللا عنــه أنــه قـــال" :لم
يكن أحـد أكثر مشورة ألصحاب من رسـول هللا(.)85
وبذلك فقد أجمع العلماء على تأكيد أن الشورى تعد واجبا ً مفروضا ً على الحكــام ،وفــق مقدمــة علمــاء
هذا العصر في مصر ممن يرون هذا الرأي القائل( :بأن الشورى تعد واجبا ً مفروضاً) اإلمام الشيخ محمد
عبدهللا ،واألستاذ الكبير خالف(.)86
فالشورى على هذا النحو أصل من أصول الحياة السياسية في النظام اإلســالمي فهي أوســع مــدى من
دائرة الحكم ،أما طريقة الشورى فلم يحدد لها نظاما ً خاصا ً وتطبيقهــا مــتروك لظــروف الزمــان والمكــان.
لهذا تجد القرآن الكريم يأمر بضرورة مبدأ الشورى ،وترك لنا هللا تعالى حرية اإلختيار لهذا المبدأ حســب
مقتضيات الظروف واألحوال ،حتى ال يشق على المسلمين بنظام دين واحد ،ولكن القرآن الكريم حدد من
تجب مشاروتهم بأولي األمر كقوله تعــالى" :أطيعــوا هللا والرســول وأولي األمــر منكم ،فــإن تنــازعتم في
شيء فردوه الى هللا والرسول إن كنتم تؤمنون باهلل واليوم اآلخر ذلك خير وأحسن تأويال(.)87
وكقوله تعالى " :وإذا جاءهم أم ٌر من األمن أو الخوف أذاعــوا بــه ولــو ردوه الى الرســول والى أولي
األمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم"(.)88
ومن هذه اآليات البينات نــرى أن الشــورى أمـ ٌر واجب بين المســلمين ،ألنهــا تفتح بــااب اإلجتهــاد في
نطاق الشريعة اإلسالمية ما لم يرد فيها نص.
وال نكــاد نجــد نظامـا ً من أنظمــة الحكم المعاصــر ،إال وهــو يزهــو بمشــاركة الشــعب في شــؤون الحكمـ
والسياسة وبأن السلطة مســتوياتها تســتوحي قراراتهــا ،وتســتهدف من أعمالهــا خــير الشــعب والــوطن،
وأن نظامها ديمقراطي ،ولم يكن البعض من أنصار إقحام المصــطلحات الحديثــة على اإلســالم ،ال لشــيء
إال ألن اإلسالم له ذاتيته المتميّزة ،وأن هذه الذاتية قائمة قبل وجود الديمقراطيــة أو غيرهــا من المبــادئ
والقواعد ،ولكنهم في نفس الوقت يعرضون لمقابل هذه المبادئ في إطار النظام اإلسالمي .فهــل للشــعب
المسلم دور في تقريرنظام حكمه؟ (.)90
) (84راجع تفسير القرطبي ( المسمى :الجامع ألحكام القرآن) ،ج ، 4دار الكتب المصرية ،سنة 1356هـ ـ ،1937ص .251
) (85حديث شريف ،رواه الترمذي ،نقالً عن كتاب "حقيقة اإلسالم وأصول الحكم" ،لألستاذ المفتي الشيخ محمد بخيث المطيعي ،طبع$$ة 1344ــ
1925م ،ص .267
) (86يراجع بحث األستاذ الشيخ جالل ،السلطات الثالث في اإلسالم ،منشور بمجلة القانون واإلقتصاد ،ع$دد م$ارس ،1936ص .460أيض$$ا:
األستاذ عبدالقادر عوده ،في كتابه "اإلسالم وأوضاعنا السياسية ،طبعة سنة ،1951ص . 146 ،،145
) (87سورة النساء ،اآلية . 59
) (88سورة النساء ،اآلية . 83
) (89سورة الحل ،اآلية . 43
) (90د.محمد الشحات الجندي ،معالم النظام السياسي في اإلسالم مقارنا ً بالنظم الوضعية ،مرجع سابق ،ص 64
61
إن بعض اإلجابة على هذا السؤوال تتضح لنا إذا علم المــرء أن هللا تعــالى قــد أمــر الرســول صــلى هللا
عليه وسلم بمشاورة أصحابه والتعرف على آرائهم وتقليب النظر فيها ،ثم الوصول الى قراره مســتوحيا ً
هذه اآلراء مبتغيـا ً وجــه المصــلحة اإلســالمية ،فـإذا علم المــرء هــذا أدرك أن مشـاركة الشــعب في تـدبير
شؤونه أم ٌر مقرر في النظام اإلسالمي.
وأما القول بأن هناك أمراً يقرر الشــورى ،فــاألمر واضــح في قولــه تعــالى" :فمبــا رحمــة من هللا لنت
لهم ،ولو كنت فضا ً غليظ القلب ألنفضوا من حولك فــأعف عنهم وأســتغفر لهم وشــاورهم في األمــر فــإذا
عزمت فتوكل على هللا إن هللا يحب المتوكلين".
وقد جاء النص بصيغة األمر ،داللةً على وجوب التشــاور في األمــور الدنيويــة العامــة ،وأن الشــورى
واجبة في حق الحاكم واألمة على السواء ،في قولــه تعــالى" :والــذين اســتجابوا لـربهم وأقــاموا الصــالة
وأمرهم شورى بينهم" .واآلية الكريمة بعمومها دليل على أن الشورى من خصــال المنهج السياســي في
اإلسالم ،وتمتد لتشمل عموم أمر المسلمين ،وعموم المسلمين في جموعهم ،وبذلك فإن الشورى تشــمل
تبادل الرأي والتفاوض حول كافة المسائل السياسية وغير السياسية من األمور الدنيوية .ويعني ذلــك أن
الشورى في اإلسالم أعم من الديمقراطية بمعناها التقليدي.
وبنا ًء على ما تقدم يتبين أن المشاركة في صناعة القرار السياسي ،وبيان نظام الحكم ،منوط بالحــاكم
واألمة على السواء ،الحاكم بإعتباره القائم على رأس األمة ،المكلف بحفظ الدين وسياسة الدنيا ،واألمــة
بإعتبارها صاحبة الحق والتي تبغي المصلحة من ذلك في أمر دينهــا ودنياهــا ،وليس يضــر بعــد ذلــك في
نظر اإلسالم أن تكون هنــاك مؤسســات تنشــأ لهــذا الغــرض ،وال أن تنظم طريقــة بلــوغ هــذا الهــدف ،ألن
المنهج في اإلسالم يبني على الجوهر والحقيقة ،وليس على الشكل والظاهر.
وبذلك تتضح حتمية الشورى كأحد الضمانات الهامة للنظام السياسي اإلسالمي .فقد حلفت النصــوص
اإلسالمية على ما سلف بيانه بالعديد من البراهين التي تؤكــد أهميــة الشــورى ،وعظم دورهــا في الحيــاة
السياسية اإلسالمية ،إذ أنها تبغي التعرف على رأي األمة في إدارة شـؤون الدولــة ،عن طريـق مشــاركة
الجماعة اإلسالمية في الوصول الى ما يحقق صالح األمة في الدين والدنيا .ووســيلة ذلــك أن يســاهم كــل
مسلم في بناء مجتمعه ،واقتراح ما يراه من حلـول في هــذا الشـأن وعليــه أن يتقـدم بمـا يــراه من بيـدهم
مقاليد األمور إلتخاذ ما يرونه مناسبا ً من ذلك.
ولكي نتعرف على قيمة هذه المشاركة ،وخطورة هذا اإلسهام ،فــإن اإلســالم قــد إعتــبر أن مــا يجتمــع
عليه المسلمون هو الصواب ،ويجب تنزيهه عن الخطأ وذلك ما يعبر عنه الرسول صلى هللا عليــه وســلم
بقوله" :ال تجتمع أمتي على ضاللة"
62
وإذا دققنا النظر في تاريخ اإلسالم وجدنا أن الرسول صلى هللا عليــه وســلم كــان أحــرض النــاس على
الشورى وتداول الرأأي بين المسلمين مع أنه بمقتضى الوحي الذي ينطق بــه عن ربــه لم يكن في حاجــة
الى مشاورتهم ،ولكنه وجه أصحابه إليها وأشعرهم بأهميتها وأرسى لهم طريقتها ،ليقتدوا بهــا من بعــده
ولتكون احدى الواجبات في نظام اإلسالم السياسي.
إن مقتضى ذلك أن يشارك المجتمع المسلم في صناعة القرار السياسي ألمتــه ،وتبــدأ هــذه المشــاركة
من لحظة اختيار الحاكم ،وتمتد لتشمل كل ما يعــني لهم من شــؤون السياســة ومعضــالتها ممــا ليس فيــه
نص أو سابقة سياسية إسالمية واإلخالل بذلك من جانب المســلم يجعلــه مقصــراً عن أداء واجبــه الــديني
المنــوط بــه ،فليس من المســلمين من لم يهتم بــأمرهم ،وهــذا من شــأنه تربيــة الفــرد المســلم على أمــل
الشراكة البنا ّءة في شؤون مجتمعه ،وعلى تعميق الشعور لديه بكيانه في هذا المجتمع واإلرتقــاء بفكــره
ووعيه دائما ً للقيام بدوره في مجتمع اإلسالم( .)91ولمـا كـانت األمـة اإلسـالمي ال تسـتطيع جميعهـا القيـام
بهذه الغاية فقد تعيّن أن تختار منها جماعة تنــوب عنهــا ،وقــد نص القــرآن الكــريم على وجــوب ذلــك في
قوله تعالى:
"ولتكن منكم أمـــةٌ يـــدعون الى الخـــير ويـــأمرون بـــالمعروف وينهـــون عن المنكـــر وأولئـــك هم
المفلحون"( .)92ولقد تضمن هذا النص تكليفـا ً لألمـة اإلسـالمية بإختيـار جماعـة منهـا تتـولى على سـبيل
التخصص إدارة شؤونها العامة ،وقد عرفت هذه الجماعة بأهل الحل والعقد في عصر الخفاء الراشدين.
ولما لم يكن لهذه الجماعة قيمة حقيقية ما لم تعط قراراتهــا الــتي تصــدر عنهــا صــفة اإللــزام ،ومــا لم
يتقرر واجب الطاعة لها من جانب الرعية ،لذلك فقد نص القرآن الكرينم على تقرير ذلك في قوله تعالى:
"يا أيها الذين آمنوا أطيعوا هللا وأطيعــوا الرســول وإولي األمــر منكم"( ،)93فقــد نصــت اآليــة الكريمــة
على وجوب طاعة ولي األمر ،ومنهم أهل الحق والعقد ،وهم يماثلون أعضاء المجلس النيــابي المســمى
"بالبرلمان" في العصر الحديث.
ولما كان نظام اإلنتخاب هو الوسيلة العصرية إلختيار أعضاء المجــالس النيابيــة عــل اختالفأنواعهــا،
وأهمها في هذا الصدد المجلس النيابي المســمى "البرلمــان" والــذي يجمــع نخبــة من أبنــاء األمــة الــذي
ينتخب لمباشرة الوظيفة التشريعية والرقابة على الحكومــة .وهنــا نجــد صــلة بين الشــورى الــتي تختص
لذلك أهل الرأي وبين نظام اإلنتخاب الذي يأتي بنخبة من أبناء األمة ليتولوا بعض مهام الحكم.
91
.د .محمد الشحات ،الجندي ،معالم النظام السياسي في اإلسالم مقارنا ً بالنظم الوضيعة ،مرجع سابق :ص ( ) 75
92
.سورة آل عمران ،اآلية ( ) 104
93
.سورة النساء ،اآلية ( ) 59
63
وهنا يثور التساؤل عما إذا كان نظام الشورى يتضــمن األخـذ بنظـام اإلنتخـاب أم أنــه اليتضــمن ذلـك؟
ويوجد إتجاهان في هذا الصدد :إال أن الرأي الراجح يقول:
"بأن الشورى تستوعب نظام اإلنتخاب" ،ومن أصحاب هــذا اإلتجــاه األســتاذ أبــو األعلى المــودودي
الذي يرى :أن حق اإلنتخاب يستوعبه نظام الشورى ،وأن يتقرر لكل أفراد األمة اإلسالمية(.)94
فاآلية الكريمة التي تنص على الشورى وكذلك اآليات التي تقرر األمر بــالمعروف والنهي عن المنكــر
مثل قوله تعالى" :كنتم خــير أمــة للنــاس تــأمرون بــالمعروف وتنهــون عن المنكــر" .ومن هنــا يمكن أن
نســتخلص أن مبــدأ الشــورى يــترتب عليــه األخــذ بنظــام المعــروف في النظم الديمقراطيــة الغربيــة ،ألن
اإلنتخاب غايته األمر بــالم عـروف والنهي عن المنكــر والخطــاب الــوارد في اآليـات الــتي تتضــمن األمــر
باملعروف والنهي عن المنكر هو خطــاب عــام موجــه الى األمــة كلهــا ،وعليــه فــأن الشــورى تكــون لكــل
األفراد من أبناء األمة المسلمة ،كما أن األمر بالمعروف والنهي عن المنكـر تختص بـه األمـة أيضـا ً بكـل
أفرادها.
وهناك من يواكب هذا اإلتجــاه أيضـا ً ولكنــه يــرى أن الشــورى تتضــمن األخــذ بنظــام اإلنتخــاب المقيّــد
وحده ،أي الذي يجعل ممارسة حق اإلنتخاب مقيداً بشروط معيّنة مالية أو ثقافيــة وليس لجميــع األفــراد،
ولم يكن في هذا الرأي إخالل بمبدأ المساواة ،فإسناد األمر في األمة ــ كما يقولون ــ الى النخبة الممتــازة
من أبنهائها الينافي مبدأ المساواة بل يتفق مع تعريفها ــ كما قال بعض الفالفسة عنها ــ ـ المســاواة :هي
إال تضع على قدم المساواة شيئن غير متساويين(.)95
فمسألة اإلنتخاب ليست دينية محضة حتى يكون اإلجتهاد ممتنع ـا ً بشــأنها ،بــل هي مســألة إجتماعيــة
وسياسية يمكن األخذ بها في واقع المسلمين دون أن يكون هناك مخالفين للدين(.)96
فالعدالة هي نظام كل شيء ،فإذا أقيم أمر الــدنيا بالعــدل قــامت ،وأن لم يكن لصــاحبها في اآلخــرة من
خالق ،ومتى لم تقم بالعدل لم تقم ،وإن كان لصاحبها من اإليمان ما يخـزي في اآلخــرى( .)97ولــذلك كــان
تأكيد هللا سبحانه وتعالى على مبدأ العدالة في قوله تعالى:
94
.د .عبدالحميد متولي ،أزمة األنظمة الديمقراطية ،دار المعارف ،القاهرة ،1964 ،الطبعة الثانية ،ص ( ) 29
) (95د .عاصم أحمد عجيله والدكتور محمد رفعت عبدالوهاب ،النظم السياسية ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،1980 ،الطبعة الخامسة ،ص . 183
) (96د .عاصم أحمد عجيله والدكتور محمد رفعت عبدالوهاب ،النظم السياسية ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،1980 ،الطبعة الخامسة ،ص .185
وايضا :عبدالحميد متولي ،أزمة الفكر السياسي اإلسالمي في العصر الحديث ،الطبعة الثانية ،منشأة $المعارف باألسكندرية ،1985 ،ص 344
) (97ابن تيمة ،في كتابة األمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،دار الكتاب الجديد ، 1976،ص . 43
64
"وإذا حكمتم بين النــاس أن تحكمــو بالعــدل"( .)98وقولــه تعــالى " :إن هللا يــأمر بالعــدل"( .)99وقولــه
تعالى :واليجرمنكم شنآن قوم على أال تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى"(.)100
ويقول الرسول صلى هللا عليــه وســلم" :أال وأن أحبكمـ ال ّي من أخــذ مــني حقـا ً أن كــان لــه ،او فلقيت
ربي وأنا طيّب النفس" .وهذا الحديث يؤكد عمق اإلمتثال ألداء واجب العدالة.
وبإرساء مبدأ العدالة يستقيم حال األمة ،وينصرف كل من الحاكم والمحكومـ الى المشاركة في تحقيــق
مهام األمور العامة ،ويترك الشعب مغالبــة الحــاكم أو الخــروج عليــه ،ألن كــل كــل واحــد منهمــا محاســب
بالشريعة.
وللعدالة في اإلسالم أهمية بالغة بإعتبارها مبدأ من المبادئ التي يقوم عليها الحكم فيه .وهو ما أكده
القرآن الكريم والسنة النبوية .ومن أهم مظاهر العدالة فيما يجمع عليه علماء الفقه اإلســالمي ،أن يقــوم
اإلمـام (أو الحـاكم) بتوليـه المهـام أو المناصـب أصـلح األفـراد للقيـام بأعبائهـا ،وهومـا أكـده اإلمـام ابن
تيمية ،حيث يقول:
"يجب على ولي األمر أن يولي كل عمل من أعمال المســملين أصــلح من يجــده لــذلك العمــل" ،وذلــك
مصدقا ً لقول النبي صلى هللا عله وسلم :من ولي من أمر المســلمين شــيئا ً فــولى رجالً وهــو يجــد من هــو
أصلح للمسلمين منه فقد خان هللا ورسوله"(.)101
كما أكدت وثيقة المدينــة في نصوصــها على تقريــر مبــدأ العدالــة بإعتبــاره من المبــادئ األساســية في
الحياة السياسية اإلسالمية ،بل أنه من المبادئ التي ال يصــلح بــدونها أي نظــام سياســي في أي بلــد كــان
وأيا ً كان المذهب الذي ينطلق منه ويقوم على أساسه(.)102
إذا كــان اإلســالم أهتم بنــوع الحقــوق والحريــات السياســية الــتي يمكن التمتــع بهــا وفــق اإلجرائــات
الشرعية فإنه أيضا ً أهتم بالضمانات التي تعمل على حماية ممارسة هــذه الحقــوق والحريــات ،والمتمثلــة
في مجموعة من المبادئ التي جعلها الفقه اإلسالمي واإلجتهاد الديني ضمانا ً للعدل والــتي بــدونها تكــون
حقوق الرعية والناس معرضة لإلنتهاك والظلم والتعسف ،وهي على النحو التالي-:
65
يعتبر مبدأ المساواة في مقدمة المبــادئ المنصــلة بنظــام الحكم والــتي قررهــا اإلســالم ،ويــذهب بعض
الباحثين الى أن اإلسالم حيث قرر هذا المبدأ ،قد جاء بمبدأ جديد ،وكان ذلــك أســبق ـــ في هــذا المقــام ــ
مما هو معروف عن التشريعات في العصر الحديث(.)103
ويعد مبدأ المساواة من المبادئ التي جاء بها اإلسالم إستناداً الى ما ورد في القرآن الكريم واألحاديث
النوبية الشريفة .ومن اآليات القرآنية التي نصت على تأكيد مبدأ المساواة قوله تعالى" :إنمــا المؤمنــون
إخوة"(.)104
وقوله تعالى" :يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا ً وقبائل لتعارفوا ،إن أكرمكم
عند هللا أتقاكم"(.)105
ومن األحاديث النبوية التي تذكر في تقرير مبدأ المساواة قول الرسول صلى هللا عليــه وســلم ،في
آخر خطبة له ( المعروفة بخطبة الوداع ):ـ
"ليس لعربي على عجمي ،وال لعجمي على عـربي ـــ وال أحمـر على أبيض ،وال أبيض على
أحمر فضل إال بالتقوى" ،وقول عليه السالم" :من أذى ذميا ً فأنا خصمه يوم القيامة"(.)106
ويفهم مما تقدم أن اإلسالم ــ فيما يرى علماء الشريعة ــ يقرر المساواة بصورها المختلفة المعروفــة
في الفقه الدستوري الحديث :مساواة أمام القانون ،مساواة أمام القضاء ،مساواة في الحقــوق السياســية
( وهي تشمل :حـق اإلنتخــاب وحـق الترشــح لرئاســة الدولــة والهيئـات النيابيـة ،وحـق إبـداء الــرأي في
اإلستفتاءات وحق تولي الوظائف العامة)(.)107
وقد قررت وثيقة المدينة في عــدد من نصوصــها مبــدأ المســاواة بإعتبــاره من المبــادئ األساســية في
الحياة السياسية اإلسالمية ،فال يصلح بدونه أي نظام سياسي( ،)108وقد كان من أهم مظاهر المســاواة في
اإلسالم في تولي الوظــائف العامــة والــتي كــانت تتم على أســاس من الجــدارة ،وال يخــل بهــذه المســاواة
اشتراك الذكورة أو األنوثة في بعض الواليات تبعا ً لما تتحق به المصلحة والكفاءة كالواليــات العامــة من
رئاسة الدولة والوزارة والقضاء وكافة الوظائف العامة في الدولة.
أما بخصــوص المســاواة بين الرجــل والمــرأة في اإلســالم ،فإننــا نجــده يمنح المــرأة حقوقـا ً إنســانية
وشرعية ومدنية ويسند إليها أموراً وتبعــات هامــة في حيــاة المجتمــع ،رافعـا ً بــذلك من شــأنها ومكانتهــا
.األستاذ عبدالقادر عوده ،التشريع الجنائي اإلسالمي مقارنا ً بالقانون الوضعي ،دار الكاتب العربي ،بيروت ،بدون سنة طبع ،ص ( ) 27
103
66
مستبدالً بذلها عـزاً ،وبعبوديتهــا كرامـة وحريـة ،مسـاويا ً بينهــا وبين أخيهـا الرجـل في اإلنســانية وفي
الحقوق ،ومن أبرزالحقوق التي أعطاها اإلسالم للمرأة الحقوق السياسية.
وقد كانت مشكلة مساواة المرأة بالرجل في الحقوق السياسية من أهم المشاكل التي كثيراً ما أثيرت ،
وقليالً ما بحثت من كافة جوانبها حـتى أثـيرت ،فلقـد كـانت في مصـر موضـع بحث الكثـيرين من علمـاء
الشــريعة ورجــال الــدين ،كمــا عكــف على بحثهــا أســاتذة القــانون ،وعلمــاء اإلجتمــاع ،والمصــلحون،
والساسة ،وكان لكل طائفة وجهة نظر خاصة .ولكن ما هــو موقــف علمــاء الشــريعة اإلســالمية من هــذه
المشكلة؟.
لقد اختلف علماء الشريعة اإلسالمية حـول هـذه المشـكلة ،فثمـة رأي ذهب الى القـول بـان اإلسـالم ال
يعترف بالحقوق السياسية للمرأة ،وال تتساوى بالرجل في هذا المجــال ،ورأي آخــر ذهب الى أن اإلســالم
يقــر ويعــترف بــالحقوق السياســية للمــرأة بإســتثناء رئاســة الدولــة ،بينمــا ذهب رأي ثــالث الى أن هــذه
المشكلة ليست مشكلة دينية أو قانونية إنما هي مشكلة إجتماعيــة سياســية ،وبالتــالي فــإن هــذه المســألة
يجب أن تترك للظروف اإلجتماعية والسياسية واإلقتصادية لكل دولة.
إال أن الرأي الراجح هو الذي يقرر بأن اإلسالم ال يحرم المرأة حقوقها السياســية ،بــل أنــه يؤكــد على
ضرورة تمتع المرأة بالحقوق السياسية كاملة ،ويقول أصاحب هذا الرأي الغـالب ،أن القاعـدة العامـة في
الشريعة اإلسالمية هي مساواة المرأة بالرجــل في الحقــوق والواجبــات ،اللهم مــا أســتثنى بنص صــريح،
فكل حق لها على الرجل يقابله واجب عليها إزاءه ،وكل حق له عليها يقابلــه واجب عليــه إزاءهــا .ومن
ثم فإن اإلسالم يؤكد مساواة المرأة بالرجل في جميــع الحقــوق بمــا في ذلــك الحقــوق السياســية ،ويســتند
أصحاب هذا الرأي الراجح الى كثير من األدلة التي تؤكد ذلك في القرآن الكريم وفي السنة النبوية.
ويستند أصحاب هذا الرأي الى النصوص القرآنية مثل قوله تعالى" :والمؤمنون والمؤمنــات بعضــهم
أوليــاء بعض يــأمرون بــالمعروف وينهــون عن المنكــر ويقيمــون الصــالة ويؤتــون الزكــاة ويطيعــون هللا
ورسوله أولئك سيرحمهم هللا إن هللا عزيز حكيم(.)109
فهذه اآلية تدل على أن المرأة كالرجل ،كل منهم يشارك في سياسة المجتمــع وإدارة شــؤونه .فـالمرأة
كالرجل لها حق الوالية العامة "بعضهم أولياء بعض" ولها الحق كالرجل في أن تأمر بالمعروف وتنهى
عن المنكر ،وأما أعمال السلطة العامة كذلك األمر بالمعروف والنهي عن المنكر .وقد يتم ذلــك بالتشــريع
واإلجتهاد في معرفة األحكام ،أو المشاركة في القضاء والفصل في المنازعات ،أو التنفيذ واإلجبار.
67
وقوله تعالى" :يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا ً وقبائــل لتعــارفوا إن أكــرمكم
عند هللا أتقاكم"(.)110
وقوله تعالى" :يا أيها الناس أتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجهــا وبث منهمــا
رجاالً كثيراً ونساء" ( .)111وقوله تعالى" :ولقد كرمنا بــني آدم وحملنهــا في الــبر والبحــر ورزقنــاهم من
الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيال"( ،)112ولم يقل المولى عز وجــل ولقــد كرمنــا الرجــال أو
الذكور ،فالتكريم هنا وارد للجنسين.
وقوله تعالى" :ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف"( .)113وهو تأكيد رباني للحقوق والواجبات.
هذه اآليات الكريمة توضح بجالء تكريم اإلسالم للمرأة ومساواتها بالرجــل وإثبــات كمــال إنســانيتها ،
وما يترتب على ذلك من تقرير كافة الحقوق لها .كما أن هذه اآليات كما يقول أصحاب هذا الرأي تتضمن
مبدأين:
وهو مبدأ الوالية بين المؤمنين والمؤمنات بعضهم وبعض ،وهي والية تشمل األخوة والصــداقة
والتعاون على الخير.
فهو األمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،وهو واجب يشمل كما يقولون كل ضروب اإلصالح في
كل نـواحي الحيـاة ،ومنهـا اإلشـتغال بالحيـاة السياسـية ،والمـرأة في ذلـك كالرجـل كمـا جـاء في اآليـات
الكريمة(.)114
وقوله تعالى" :قالت يا أيها المأل افتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون ،قالوا نحن
(.)115
أولوا قوة وأولوا بأس شديد ،واألمر إليك فأنظري ماذا تأمرين"
68
وقوله تعالى" :يا أيهــا النــبي إذا جــاءك المؤمنــات يبايعنــك على أن ال يشــركن باهلل شــيئا ً وال يســرقن
واليــزنين وال يقتلن أوالدهن ال يــأتين ببهتــان يفتريّنــة بين أيــديهن وأرجلهن وال يعصــينك في معــروف
فبايُعهن"(.)116
وبذلك يتبين أن المرأة تستطيع أن تبدي الرأي السليم وتشارك في العمل السياسي ،وتمــارس أعبــاءه
وخير دليل على ذلك ما أمر هللا به رسوله من قبول بيعتها(.)117
ويستند أصحاب هذا الرأي الى أن النبي صلى هللا عليه وسلم قد بايع وفــد األنصــار في العقبــة الثانيــة
وكان من بينهم إمرأتان .وهذا يدل على إمكانية مشاركة المرأة في الحقوق السياسية المختلفة ،ألن هــذه
البيعة تعد بمثابة عمل سياسي بمعنى الكلمة ،كمــا أجــاز الرســول صــلى هللا عليــه وســلم للمــرأة أن تمثــل
المسلمين وتتحدث نيابة عنهم وتعطي األمان الملزم بأسمهم .وقد قبل الرسول صلى هللا عليه وسلم أمان
أم هاني ألحد الكفار يوم فتح مكة ،وقال لها :لقد أجرنا من أجارت أم هاني(.)118
وبذلك فأن مسألة الحقوق السياسية للمرأة أم ٌر مقرر في اإلســالم ،وإذا كــانت مســألة (إمامــة المــرأة)
أن رئاستها للدولة اإلسـالمية موضـع خالف طويـل فـإن تمتعهـا بممارسـة بقيّـة الحقـوق السياسـية أمـر
جائز ،بل أنه يدخل في باب الواجب الكفائي ،ألنه من األمر بالمعروف والنهي عن المنكر(.)119
ويــرى اإلســتاذ الــدكتور محمــد أنس قاســم جعفــر أن المـرأة في اإلســالم لهــا الحــق في مباشــرة كافــة
الحقوق السياسية أسوة بالرجل ،ألن اإلســالم ســاوى بينهمــا ومن ثم فـأن من حــق المشــاركة في الحيــاة
السياســية مطلق ـا ً ولهــا الحــق في تــولي الوظــائف العامــة والسياســية شــريطة أن تلــتزم بكافــة األحكــامـ
الشرعية اإلسالمية ،وذلك ألنه اليوجد نص صريح يحول بينها وبين ممارسة هذه الحقوق(.)120
فاإلسالم ال يحرم على المرأة من حق اإلنتخاب ،فاإلنتخاب كما يقول ًأصحاب هــذا الــرأي ،هــو اختيــار
األمة لوكالء ينوبون عنها في التشريع ومراقبة الحكومة ،فعمليــة اإلنتخــاب في عمليــة توكيــل ،والمــرأة
في اإلسالم ليست كما يقولـون ممنوعـه من أن توكــل إنســان بالـدفاع عن حقوقهـا والتعبـير عن إرادتهــا
كمواطنةـ في المجتمع.
69
وكذلك ال تحرم مبادئ اإلسالم على المرأة أن تكون مشروعة ،وأن تقــوم بمراقبــة الســلطة التنفيذيــة،
بمعنى أن اإلسالم ال يحرم عليها أن تكون عضواً بالبرلمان .ويؤكد األستاذ الدكتور مصطفى السباعي ذك
بقوله:
"أما التشريع فليس في اإلسالم ما يمنع أن تكون المرأة مشروعة لن التشريع يحتــاج قبــل كــل شــيء
الى العلم ،مع معرفــة حاجــات المجتمــع وضــروراته الــتي البــد منهــا ،واإلســالم يعطي حــق العلم للرجــل
وللمرأة على السواء ،وفي تاريخنا كثيراً من العالمات في الحديث والفقه واألدب وغير ذلك.
وأما مراقبة السلطة التنفيذية فإنه ال يخلوه من أن يكون أمـراً بـالمعروف نهيـا ً عن المنكــر ،والرجـل
والمرأة في ذلك سواء في نظر اإلسالم ،حيث يقول هللا تعالى" :والمؤمنــون والمؤمنــات بعضــهم أوليــاء
بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" (.)121
وبذلك نجد أن اإلسالم اليحول دون توجيه المرأة إهتمامها ناحية العمل على إصالح أداة الحكمـ بالنقــد
والتوجيه وإقتراح سن القوانين ،وهو ما يطلق عليه (اإلشتغال بالسياسة).
في سياق موضوع حقـوق اإلنسـان ،يعـد تحديـد مفهـوم "الحريـة" أمـراً ضـروريا ً وذلـك بـالنظر الى
اإلســتعمال المتعــدد لهــذه الكلمــة في الموضــوعات الفلســفية واألخليــة والحقوقيــة ،إذ لكــل موضــوع من
الموضــوعات ســالفة الــذكر منظــوره الخــاص الال معــنى "الحريــة" .فمن الخطــأ اســتعماله في المجــال
الحقوقي بمفهومه "العامي" ،أو البحث عن وجوده في الـتراث اإلســالمي بمعنـاه المطلـق أو الفلسـفي.
كما يظهر في العصور الحديثة.
والمالحظة األولى أن القرآن والسنة النبوية ال يتضمن أي منهما إيراد كلمــة (الحريــة) .ألن المفهــوم
المجرد لهذه الكلمة لم يكن قد تبلــور في الفكــر اإلنســاني بعــد .وذلــك ألن أي قيمــة من القيم األخالقيــة أو
الفكريــة التوجــد كمفهــومـ مجــرد أو كلي في مجــال الفكــر إال بعــد أن تنشــأ في مجــال الممارســة والحيــاة
العملية .وهذا ما يتمثل في إنبثاق مفهوم الحرية بعد مخاض إجتماعي وسياسي كبــير ،وتطــور حضــاري
ملموس في العصور الحديثة .ولهذه الكلمة نظائر كثيرة في اللغة العربية من إرتباطهــا بالتطورالتــاريخي
لألفكار.
لقد خــاطبت الــدعوة اإلســالمية النــاس في عصــر الــنزول (الربــع األول من القــرن الســابع الميالدي)
إنطالقا ً من الواقع الذي يعيشونه ،وما كان يسوده من قيم جاهلية ،وذلك بقصد تغيير هذا الواقع ،وإعادة
بناءه على قيم جديدة .ولكي يتم هذا التغيير في المجال اإلجتماعي كان البد من البداية ممــا يعيشــونه من
) (121د .مصطفى السباعي ،المرأة بين الفقه والقانون ،المكتبة العصرية بحلب ،سوريا ،1962 ،ص .156 ، 155
70
وقائع ومعتقدات؛ أي من تحرير العقولـ والنفوس من هيمنة الوثنية ،وما تقوم عليه من تقاليد إجتماعيــة
وأخالقية.
ومن الخضوع للسلطة القبلية التي كـانت تحمي هـذه الوثنيـة ،وذلـك بـالرجوع الى توحيـد هللا وحـده،
الذي خلق اإلنسان وكرمه وسخر له الطبيعة من حوله ،ولم يجعل ألحد من النـاس مـيزة على غـيره ،من
حيث اآلدمية أو اإلنسانية فالبشر كلهم سواسية كأسنان المشط .وهذا ما قرره اإلسالم وأكده النــبي عليــه
الصالة والسالم في كثير من أحاديثه .فهذه الدعوة التحريرية الشاملة لإلنسان كانت تنطــوي على أعمــق
معاني الحرية ،ولكنها لم تكن قد بلــورت هــذه الحريــة في مفهــومـ مجــرد ،وإنمــا دعت إلى ممارســتها في
الواقع عن طريق رفع القيود واألغالل وأنظمــة القهــر واإلســتبداد .ذلــك أن اإليمــان باهلل وحــده بإعتبــاره
مصدر الخلق والرزق والهداية يحرر اإلنسان من كل تبعية للمخلوق ،ومن الخوف منه ،ومن الطمــع في
نواله؛ بل يحرره من ضيق الحياة المحكومة بالتقاليد والسلطة الجائرة.
وقد عبر عن هذا التحرر أحد المسلمين األولين من الصــحابة ،وهــو ربعي بن عــامر ،وكــان من قــادة
جيش المسلمين في حرب القادسية مع الفــرس .فعنــدما دخــل هــذا الصــحابي على قائــد الجيش الفارســي
رستم ،سأله األخير :ما الذي جاء بكم إلينا؟ فقال له ربعي بن عامر :إن هللا إبتعثنا وجــاء بنــا لنخــرج من
شــاء من عبــادة العبــاد الى عبــادة هللا .ومن ضــيق الــدنيا الى ســعتها ،ومن جــور األديــان الى عدالــة
اإلسالم(.)122
والشك في أن ما عبّر عنه هذا الصاحبي كان شعوراً مشتركا ً لدى عامة المسلمين ،الذي تحرر بفضل
اإلسالم من كل أشكال القهــر ،والخضــوع للســلطة الجــائرة ،والوثنيــة الضــالة .وبــذلك أوجــد اإلســالم في
الجماعة األولى من المسـلمين شـعوراً قويـا ً بـالتحرر ونمطـا ً غـير مسـبوق من الشـجاعة النـادرة ،وحب
اإلستشهاد في سبيل الحق ،والشعور العميق بالمسؤولية في تغيير أوضاع الحياة من حولهم.
لقد كفل النظام اإلسالمي حرية التعبير عن الرأي دائما ً بسبب قيامــه على قاعــدة الشــورى الــتي تمثــل
أهم مبادئ نظام الحكمـ في اإلسالم على نحــو مــا ســلف بيانــه ،ففي الشــورى بطبيعــة الحــال إبــداء للــرأي
بمطلق الحريـة ،فالنظـام اإلسـالمي دائمـا ً يحث أتباعـه على األمـر بـالمعروف والنهي عن المنكـر ،وهـذا
يستلزم بالضرورة تمتع الفرد بحرية إبداء رأيه في هذا الصدد ولم يقتصر األمر على ذلك ؛ بــل إننــا نجــد
أن اإلسالم قــد جعــل إبــداء الــرأي واجب على الفــرد الحــق لــه فحســب ،والنصــوص القرآنيــة واألحــاديث
النبوية كثيرة وشهيرة في هذا الجانب ،وحسبنا أن نذكر من تلك اآليــات قولــه تعــالى" :ولتكن منكم أمــة
يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر"(.)123
) (122أنظر الطبري ،تاريخ األمة والملوك ،طبعة بيروت $،دار سويدان ،1967 ،ج ، 3ص .250
) ( 123سورة آل عمران ،اآلية 104
71
ع الى ســـبيل ربـــك بالحكمـــة والموعظـــة الحســـنة وجـــادهلم بـــالتي هي
وقوله تعـــالى" :أد ُ
أحسن"(.)124
ونذكر أيضا ً من األحاديث النبوية الشريفة قوله صلى هللا عليه وســلم" :أفضــل الجهــاد كلمــة
حق عند سلطان جائر"(.)125
72
والمشاركة السياسية في إدارة شؤون الحكم والحق في التعبــير عن الــرأي والتجمهــر وحــق اإلعــتراض
وجق التصويت باإلنتخابات وحق الترشيح.
وتعد الحقوق السياسية من الحقـوق الشحصـية الـتي يتمتـع بهـا كـل فـرد من أفـرد الدولـة ،واليجـوز
حرمان أحد منها إال إستثناء(.)126
وفي ظل غياب تعريف محدد للحقوق السياسية في كــل النصــوص القانونيــة ســواء الدوليــة منهــا أو
الوطنية ،فإننا نجد أنفسنا ملزمين بضرورة اإلحاطة بمعرفة الحقوق السياسية خاصة وأن كــل التعــاريف
الــتي أعطيت لهــا كــانت من خالل مســاهمة الفقـهـ ورجــال القــانون والحقوقيــون ،وهي تعريــف ومفــاهيم
تختلــف من مدرســة الى أخــرى بــإختالف المرجعيــة اإلجتماعيــة والسياســية والفلســفية والقانونيــة لكــل
مدرسة او إتجاه ،مما أدى الى اختالف في التعريف والتوصيف.
كما أن هذا اإلختالف من الجانب المفاهيمي يعكس ظالله على الجانب الممارســاتي والتطــبيقي ،وهــو
ما يستلزم علينا اإلحاطــة بمعــايير ومبــادئ ممارســة الحقــوق السياســية ،وهي المعــايير والمبــادئ الــتي
وضعهتا األمم المتحدة إعتقاداً منها أنه بدونها سيكون للقانون الدولي لحقوق اإلنسان ومفاهيمه تطبيقــا ً
وممارسة دولية معاكســه ومنحرفــة عن مقاصــد األمم المتحــدة والمجتمــع الــدولي الــذي ناضــل من أجــل
توحيد الجهود واألفكار والمرجعيات وكذا الممارسات.
فإن الفصل الثاني سينصب على تسليط الضوء على ماهية الحقوق السياسية من خالل تحديد تعريفها
وأنواعها وطرق ممارستها وحدودها وقيودها القانونية .وعليه ســنتناول هــذا الفصــل من خالل مبحــثين
هما :المبحث األول :مفهوم الحقوق السياسية وأنواعها ،
126
.أ.د .جابر ابراهيم الراوي ،حقوق اإلنسان وحرياته األساسية في القانون الدولي والتشريعة اإلسالمية ،مرجع سابق ،ص ( ) 176
73
المبحث األول:
ستكون مساهمتنا ذات قيمة نوعية في تعريف الحقوق السياســية اخــذين بعين اإلعتبــار كــل الجــوانب
التي تحيط بها ،خاصـة أن من ممـيزات حقـوق اإلنسـان عامـة أنهـا غـير قابلـة للتجزئـة ،وبالتـالي فـإن
الحديث عن الحقوق السياسية ليست منفصله عن باقي الحقــوق األخــرى كمــا أن بــاقي الحقــوق األخــرى
غير منفصلة عن الحقوق السياسية فالبعض يكمل األخر ،وعليه فإن دراستنا للحقــوق السياســية ســتتخذ
أسلوبين :األول يتناول الحقوق السياسية في حـد ذاتهــا ،كمـا يحـددها القــانون الـدولي لحقــوق اإلنســان
والممارسة الدولية في هذا المجال منعزلة عن باقي الحقوق األخرى ،واألســلوب الثــاني نعتمــد فيــه على
طبيعة هذه الحقوق وطرق ممارستها وقيودها.
74
المطلب األول:
من الســائد القــول في أدبيــات حقــوق اإلنســان ،أن الحقــوق السياســية هي تلــك الزمــرة من الحقــوق
والحريات التي تمارس لغاية سياسية ،وهو ما عبر عنه الفقيــه الفرنســي Louis Favoreuبــالقول:
"الحقوق السياسية هي مجموعة الحقوق التي تسـمح للمواطـنين بالمشـاركة في اللعبـة السياسـية الـتي
تفهم بالمعنى الواسع للتعبير"( . )127كما أن الحقوق السياسية هي ذلك التصنيف من الحقوق الذي يحمي
حريات األفراد من انتهاكات المجتمع أو الحكومــة وهــذه الحقــوق تؤكــد لألفــراد حريــاتهم بالمشــاركة في
المجتمع دون أي تمييز او تفرقة عنصرية.
وتعــني الحقــوق السياســية كــذلك ،بأنهــا الحقــوق الــتي تثبت للشــخص بإعتبــاره عضــواً في جماعــة
سياسية معيّنة ،والتي تبيح لألفراد المساهمة في تكوين اإلرادة الجماعية(.)128
ويقصد أيضا ً بالحقوق السياسية الحقوق التي تثبت لألفراد بإعتبارهم أفراداً منتسبين لجماعــة معينــة
(الدولة) ،وتهدف الى تمكين األفراد من المشاركة في تولي الشؤون السياسـية لهـذه الدولــة ويـدخل في
هذا النوع من الحقوق حق الترشح في المجالس البلدية والبرلمانية وحق اإلنتخاب وحق تولي الوظــائف
. Louis Favoresu: Droit des Libertes Fondamentales, 3eme Ed, Paris, Dallos, 2005, P:243 ) ( 127
) (128أ.د .جابر ابراهيم الراوي ،حقوق اإلنسان وحرياته األساسية في القانون الدولي والشريعة اإلسالمية ،مرجع سابق ،ص .176
75
العامة .وهذه الحقوق خاصة فقط بمواطني الدولة ،فال يجوز لألجانب المشاركة في اإلنتخاب أو الترشــح
لمناصب سياسية.
إن الحقوق السياســية هي الــتي تتنــاول العالقــة بين الحــاكم والمحكــومـ وحــق الرعيــة في حكم نفســها
بنفسها( ،)129كمــا يمكن إطالق مصــطلح الحقــوق السياســية على الحقــوق الــتي تثبت للشــخص بإعتبــاره
عضواً في جماعة سياسية معينة ،تمكن من اإلسهام في إدارة شؤون هذه الجماعة ،أو هي الحقوق التي
يكتسبها الشخص بإعتباره عضو في هيئة سياسية( ،)130ويمكن تعريف الحقوق السياسية بأنهــا الحقــوق
التي تسمح للمواطنين بالمشاركة في ممارسة السلطة في الدولة(.)131
كما أن الحقوق السياســية هي جــوهر حقــوق اإلنســان في المجتمــع الــديمقراطي .وهي تســتمد قوتهــا
الملزمة من القانون األساسي للدولة ونصوص القيمة الدستورية.
وتعني الحقوق السياسية ،مجموع الحقوق المقررة للفرد بوصفة أحد األفراد المنتمين لهيئة سياســية
ويرتبط بهــا برابطــة الجنســية ،أو بعبــارة أخــرى :هي الحقــوق المقــررة للمــواطن دون األفــراد األجــانب
المقيمين على إقليم البلدة .ولهذا يكون التمتع بهذه الحقوق والحريات مقتصراً على حملة جنسية الدولــة
فقط دون سواهم من المقيمين األجانب(.)132
ويالحظ أن الحقوق السياسية تغطي مجاالً شاسعا ً وتتداخل الى حد كبير مع بعض الحقوق المدنيــة قــد
تصل الى حد أن تعتدي في بعض األحيان على مجال الحقوق المدنية .وحرية التعبــير وتكــوين الجمعيــات
من حيث المبدأ في مجال الحقوق المدنية .ولكن يمكن للمرء أن يالحظ بشكل إستثنائي أن هــذه الحريــات
تقع في ميدان الحقوق السياسية ،ال سيما عندما يمارسها مواطنواـ دولة ألغراض سياسية.
وبــذلك فهي تلــك الحقــوق الــتي تهــدف الى اشــراك الفــرد في حكم بالده ،بإعطائــه الحــق في تكــوين
األحزاب السياسية أو الدخول في عضويتها ،والحق في الترشح واإلنتخاب وإبداء الــرأي في اإلســتفتاء،
والحق في تولي الوظائف العامة في البالد(.)133
ان إقــرار الحقــوق السياســية ـــ وإن كــان الهــدف منهــا الى تمكين األفــراد من المســاهمة في شــؤون
بالدهم ــــ إال أن لهــذه الحقــوق ممــيزات خاصــة تجعلهــا تختلــف عن غيرهــا من الحقــوق ،وأهم هــذه
المميزات:
) (129حسني قمر ،الحماية الجنائية للحقوق السياسية (دراسة مقارنة بين التشريعين الفرنسي والمصري) ،دار الكتب القانونية ،مصر، 2006 ،
ص .30
) (130ساجر ناصر حمد الجبوري ،حقوق اإلنسان السياسية في اإلسالم والنظم العالمية ،دار الكتب العلمية ،الطبعة األولى ،ب$$يروت ،2005 ،ص
.175
) (131زهير شكر ،الوسيط في القانون الدستوري ،الجزء األول ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،الطبعة الثالثة ،مصر1994 ،م ،
ص . 145
) (132الدليل اإلرشادي حول العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية ،مركز تطوير $المؤسسات األهلية الفلسطينية ،2015 ،ص . 9
) (133حنان برامي ،إجتهاد القاضي في مجال الحقوق والحريات في ظل اإلتفاقيات الدولي$$ة ،مجل$ة اإلجته$$اد القض$$ائي ،جامع$ة بس$$كرة ،الجزائ$$ر
العدد ، 04مارس 2008م ،ص . 132
76
ــ أنها ليست عامة لجميع الناس ،بل تقتصر على المواطنين دون األجانب ،ألن هــذه الحقــوق
تتعلق أساسا ً بإدارة شؤون الدولة ،فكان لزاما ً حجبها على األجانب.
ــ كما أنها ال تثبت لجميع الموطنين بل ال بد من توافر شــروط خاصــة ينص عليهــا القــانون ،
كالسن مثالً.
ومما ال شــك فيــه أنــه ال يمكن للمواطــنين التمتــع بالحريــات العامــة إال في ظــل الحقــوق والحريــات
السياسية ،كما أن هذه األخيرة ال يمكن أن تتحقق إال في ظل الحريات العامة ،وقد عبر عن هذا المعــني
الدكتور /فاروق عبدالبر ،في كتابه (دور مجلس الدولة المصري في حماية الحقــوق والحريــات العامــة)
بقوله" :تتجه الحريات كلها لكي تتجمع حول البرلمان ،فيجب تحقيق حرية الفكر والتعبير ألنهما أســاس
حــق اإلنتخــاب ،وهــذه األخــيرة هي أســاس حريــة البرلمــان .وحريــة البرلمــان هي الضــمان للحريــات
األخرى"(.)134
وكذلك نجد أن اإلنتخاب يقضي حرية الرأي والصحافة وحرية إنشاء األحزاب السياســية الــتي تكــرس
من جهتها حرية الفكر واإلجتماع وتعدد اآلراء واإلتجاهات(.)135
إن كفالة الحقوق السياسية تمثل حجــر األسـاس أو نقطــة اإلرتكــاز إلمكـان ضــمان الممارســة الفعليــة
لكافـة الحقـوق والحريـات ،فـالتالزم واضـح بين ممارسـة الحقـوق السياسـية والتمتـع بالحريـات العامـة
األخرى.
يتجب على الفــرد في المجتمــع ،حــتى يمكن للســطنة العامــة أن تــؤمن لــه التمتــع بحقوقــه وحرياتــه
السياســية ،أن يكــون مواطنـا ً يتســم باإليجابيــة ،من ناحيــة ضــرورة المشــاركة السياســية طبقـا ً للقواعــد
القانونية المقررة(.)136
) (134نقالً عن :حسني قمر ،الحماية الجنائية للحقوق السياسية (دراسة مقارنه بين التشريعيين الفرنسي والمصري ،مرجع سابق ،ص . 18
B.O. OKERE, The Protection of human Rights in Africa and the African on Human and People’s Rights, A ) ( 135
.Comparative analasis with the European and American System, Human Rithts Quarterly, VI, 1984, P:66
) (136د .محمد فايز حسين محمد ،حقوق اإلنسان (دراسة مقارنة) ،دار المطبوعات الجامعية ،مصر ،الطبعة األولى ،2016 ،ص .47
77
المطلب الثاني:
تبعا ً لما أشرنا إليه سابقا ً ،فإن إشــكالية تعريــف الحقــوق السياســية وتحديــد نطاقهــا وخصوصــيتها ،
تبقى من األمور األكثر تعقيداً على مستوى العلوم السياسية والقانونية فقها ً وتشريعاً.
فهناك من عرفها على أنها حــق الشــعب في المشــاركةفي الحيــاة السياســية في مجتمعهم ،وهي تثبت
للشخص بإعتباره عضواً في جماعـة سياسـية معيّنـة والـتي تـتيح لألفـراد المسـاهمة في تكـوين اإلاريـة
الجماعية ،وتشمل الحقوق حق اإلنتخاب وحق الترشيح واإلنتخــاب ،وحــق إبــداء الــرأي في اإلنتخابــات،
وحق إبداء الرأي في اإلستفتاء ،وحق تولي الوظائف العامة للدولة(.)137
وعلى هذا األساس فإن اإلتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية لم تولي أية إهتمام إلشكالية التعريف،
بل فقد حددت أنواع هذه الحقوق وشروط ممارستها ،وبالتالي فإن دراسة الحقــوق السياســية وأنواعهــا
تحتاج منا الى العمل على محاولة بناء معايير التمييز بين الحقوق السياسـية وتحديـد اإلطـار الــذي يليـق
بكل صنف منها ،بناء على محددات معينة نعتبرها ذات أهميــة في عمليــة التميـيز ،ورغم أننـا نــؤمن مـع
باقي وجهــات النظــر األخــرى بــأن الحقــوق السياســية تمثــل أهم حقــوق اإلنســان األساســية والطبيعيــة ،
وبالتالي فإن التداخل بين الحقوق السياسية والمدنية أحيانا ً يضــعنا أمــام تحــدي الفصــل والتميــيز بينهمــا
على إعتبار أن اإلعــتراف بــالحقوق المدنيــة وممارســتها يكــون في بعض األحيــان رهين قــرار سياســي،
) (137أ.د .جابر ابراهيم الراوي ،حقوق اإلنسان وحرياته األساسية في القانون الدولي والتشريعة اإلسالمية ،مرجع سابق ،ص .178
78
وممارستها أيضا ً تكون لغاية سياسية ،وهـو مــا يجعـل الحقــوق المدنيــة ذات طبيعــة سياسـية مثــل بعض
الحقوق الفردية التي سوف ندرسها في المحور الخاص بالحقوق السياسية الفردية.
من هنا يمكن القول بأن الحقوق السياسية وفق ما جاء في الموسة الحرة (الويكيسيديا) :هي سلطات
تقررهــا فــروع القــانون العــام للشــخص بإعتبــاره ينتمي الى وطن معيّن (مــواطن) ،والــتي يســتطيع
بواســطتها أن يابشــر أعمالً معيّنــة يشــترك بهــا في إدارة شــؤون المجتمــع ،مثــل :حــق اإلنتخــاب وحــق
الترشيح وحق تولي الوزظائف العامة ،وهذه الحقوق تقابلهــا واجبــات ،وهي حــق الدولــة على المــواطن
الخدمة الوطنية والدفاع والحماية(.)138
وبنا ًء عليه ،فإن التمييز في الحقوق السياسية ينحصر على نوعين أساسيين هما :الحقوق السياســية
الفردية ،والحقوق السياسية الجماعية ،وفق ما سندرسه بتفصيل في المحور التالي:
نقصد بالحقوق السياسية الفردية تلك الزمرة من الحقوق السياسية التي يمكن للفرد ممارستها بصفة
فردية دون حاجة الى مشاركة اآلخرين فيها ،فهي يمكن أن تمارس فرديا ً ،كما تمارس جماعياً.
ونميّز في الحقوق السياسية الفردية بين تلك الحقوق السياســية بطبيعتهــا والمرتبطــة بغايــة سياســية
تقررها الدولة في قوانينها السياسية ،وبين الــتي تكــون رهينــة قـرار سياســي فتقــرر أو تمنــع بنـا ًء على
قرار سياسي للدولة ،وهنا يمكن التداخل بين الحقوق المدنية والحقوق السياسية.
وتعــني الحقــوق المدنيــة مجمــوع الحقــوق اللصــيقة بشــخص اإلنســان أو الحقــوق األساســية لكرامــة
وكينونة اإلنسان ونماءه ،وتطوره ،أو بعبارة أخــرى ،هي مجموعــة الحقــوق الــتي تضــمن للفــرد حياتــه
وأمنه على شخصه وماله وشرفه .ولهــذا يجب أن يتمتــع بهــذه الحقــوق جميــع األفـراد المتواجــدين على
إقليم أي دولة كانت وبغض النظر عن جنسياتهم(.)139
فالحقوق المدنية هي تلك الحقوق التي تقرر للشــخص بإعتبــاره إنســان بغض النظــر عن القــوانين أو
القرارات السياسية ،وهي ما تشــكل لب حقــوق اإلنســان الطبيعيــة واألساســية ،غــير أنــه يمكن في بعض
الحاالت والظروف منع وتقييد تمتع اإلنسان بها بنا ًء على قرار سياسي ولغاية سياســية تهــدفها الدولــه،
سواء في حالة السلم أو الحــرب ،وهــو مـا سنســلط عليـه الضــوء في هـذا النـوع من الحقــوق السياســية
الفردية ،ومنها على سبيل المثال الحق في الحياة والوجود والبقاء.
) (138د .عباس فاضل الدليمي ،الموسوعة الميسرة في حقوق اإلنسان (الحق$$وق المدني$$ة والسياس$$ية) ،الج$$زء األول ،دار ص$$فاء للنش$$ر والتوزي$$ع،
الطبعة األولى ،األردن2017 ،م ،ص . 79
) (139الدليل اإلرشادي الخاص بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ،مركز التطوير واألهلية الفلسطيني 2005 ،م . 9 : 2 ،
79
العنصر األول :الحق في الحياة والوجود والبقاء
إن أول مالحظـة قـد تبــدو للمطلــع والمختص في مجـال حقــوق اإلنسـان ،أن القـانون الـدولي لحقــوق
اإلنسان ال يتكلم وال يشير من قريب أو بعيد لمفهوم الحق في الوجود والبقاء ،بل فقط للحق في الحياة.
وينص العهـد الـدولي الخـاص بـالحقوق المدنيـة والسياسـية على الحـق في الحيـاة في الفقـرة 1من
المادة ( )6منه بالقول:
"الحق في الحياة حق مالزم لكل إنسان .وعلى القـانون أن يحمي هـذا الحــق .وال يجــوز حرمـان أحـد
من حياته تعسفاً".
أما اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان فقــد نص على الحــق في الحيــاة في المــادة ( )3منــه" :لكــل فــرد
الحق في الحياة والحرية وفي األمان على حياته".
كما أن كل إتفاقيات القوانين الدولية اإلقليمية سوا ًء األوروبية أو األمريكية أو العربية أو األفريقية أو
اإلسالمية؛ نصت على الحق في الحياة صراحةً ومنعت كــل إعتــداء أن مس بــه ســواء عن طريــق الحكم
باإلعدام أو بأية حالة أخرى.
كثــيراً مــا يتعــرض الحــق في الحيــاة في العديــد من الــدول وألســباب سياســية إلى اإلنتهــاك ،من خالل
أشكال مختلفة ،مثــل :التفجــيرات واإلغتيــاالت .ويشــكل الخــوف الــدائم لألشــخاص من حصــول إغتيــاالت
إنتهاكا ً لحقوقهم في السالمة واألمن المنصوص عليها أيضا ً في الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية .وتشكل األضرار الناجمة عن األلغام المضادة لألفراد أيضا ً نوع من أنواع إنتهاك حق الحيــاة
في الدول الــتي تعيش حالــة الحــرب .ومن ناحيــة أخــرى تســتمر محــاكم بعض الــدول ،ولغايــة سياســية،
بإصدار أحكاما ً باإلعدام ،وحتى داخل نظام السجون يتم اإلبالغ عن وفاة سجناء (.)140
وهكذا فإن الدوافع السياسية تكون لها تأثيرات سلبية على المتمتع بالحق في الحياة واإلعتداء عليــه،
وفي هذا الصدد يلقي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والصـكوك الدوليـة األخـرى على
عاتق الدول عدداً من اإللتزامات اإليجابية على الرغم أن العهد الدولي يهتم ــ على ما يظهر من المــادة (
)6ــ بالجانب اإليجـابي للحـق في الحيـاة ،المتمثـل في اإلمتنـاع عن اإلعتـداء عليـه تعسـفا ً ودون سـبب
قانوني ،إال أن إجتهادات اللجنة المعنية بحقوق اإلنســان وغيرهــا من الهيئــات الرقابيــة التعاهديــة ،ومن
خالل تفسيرها لمضمون الحق في الحياة ،تضع إلتزامات إيجابيــة على الــدول إحترامهــا .إذ يــترتب على
الدول األطراف في اإلتفاقيــات عــدداً من اإللــتزامت اإليجابيــة ذات الصــلة بــالحق في الحيــاة ،وهي كلهــا
) (140عبدالواحد محمد الفار ،الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها ،دار النهضة العربية ،مصر 2000 ،م ،ص 111ــ . 112
80
تندرج ضمن إلتزام عام هو وجوب حماية الدول للحق في الحياة والحفــاظ عليــه وصــونه من أي مس أو
إعتداء أو سوء معاملة قد تؤدي الى اإلعتداء عليه بأي طريق أو وجه كان(.)141
وعليه فإن ما يتعلق بمضمون وطبيعة هذه اإللتزامات ،يمكن إيضاحها على الشكل التالي:
ــ تتضمن اإلتفاقيات الدولية في مجال حقوق اإلنســان أحكامـا ً تقضــي بوجــوب قيــام الــدول األطــراف
بحماية الحق في الحياة قانونا ً ،وهـو نص فسـرته اللجنـة المعنيـة بحقـوق اإلنسـان وهيئـات المعاهـدات
األخرى بأنه (:)142
* يلقي على عــاتق الــدول إلــتزام بحمايــة الحــق في حيــاة كــل فــرد خاضــع لواليتهــا أو
إلختصاصها ،فالدول ملزمة بسن تشريعات لمنع اإلعتداء على هذا الحق والمعاقبة عليه إن وقع
،وبحماية هذا الحق ضمن حدود واليتها.
* تلتزم الدول بحمايــة حيـاة األشــخاص مســلوبي الحريـة والمحتجـزين ،وقـد أقـرت اللجنــة
المعنيــة بحقــوق اإلنســان أن اإلختفــاء القســري أو الال إرادي لألفــراد يرجــع الى تقصــير الــدول
األطراف ذاتها بإتخاذ التدابير اإليجابية ،وهذا ما يعد تقصيراً سياسيا ً للدولة في إتخاذ اإلجراءات
الالزمة لحماية الحق في الحياة ،وبالتــالي يصــبح الحــق في الحيــاة كمــا ســبق وأشــرنا إليــه من
الحقوق السياسية أو الحقوق المدنية ذات الطبيعة السياسية.
وفي هذا الصدد ذهبت اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان إلى أن اختفاء أشخاص محتجــزين أو موقــوفين
من قبل السلطات العامة ،هو بمثابة إعتداء على حقهمـ في الحياة ،والحكمـ ذاتـه ينطبــق على حالــة الوفـاة
غــير المــبررة أو الخــير المفســرة تفســيراً معقــوالًـ ،للموقــوفين أو المحتجــزين أثنــاء فــترة التوقيــف أو
اإلحتجاز من قبل الجهات األمنية أوالعســكرية أو القضـائية داخـل الدولـة ،وهــو مـا يجعــل القــرار حمايــة
الحق في اإلعتداء عليه سياسياً.
* تلتزم الدول األطراف في إتفاقيات حقوق اإلنسان بإتخــاذ اإلجــراءات الضــرورية الكافيــة ،
بغية منع تعرض حياة الخاضعين لواليتها الى الخطر ،بسبب تقصيرها في نظم الرعايــة الصــحية
أو في نظم حمايـة الصـحة العامـة والبيئـة ،فيتعيّن عليهـا إتخــاذ مــا تـراه مناسـبا ً وضــروريا ً من
اإلجراءات والتدابير الوقائية الهادفة لضمان حماية الصحة العامة وصحة السكان ومنــع التلــوث
البيئي ،وتلـزم الــدول أيضـا ً بـإعالم األفــراد عن أيــة مخــاطر أو اضــرار بيئيـة .ووضــحت اللجنــة
Fischer.D. Reporting Under the Convenant of Civil and Political roghts, the first live year of the Humain ) ( 141
.Rights Commette, The American Jornal of International law/Vol 122, 2013
) (142انظرأعمال اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان ،التوصيات العامة ،الكتب الصادرة عن اللجنة التابعة لألمم المتحدة،2002 ،ص .23
81
المعنيــة بحقــوق اإلنســان هــذه العالقــة الوطيــدة بين الحــق في الحيــاة والحــق في الرعايــة
الصحية(.)143
وبتأكيدها في تعليقها العام ( )6على الحق في الحياة يجب أن تفسر تفسيراً واسعا ً ،وطلبت من الدول
األطراف في العهد إتخاذ كافة التدابير الممكنة لرفع معدل حياة اإلنسان وتقليل وفيات األطفال (.)144
* باإلضافة الى اإللتزامات اإليجابية الموضوعية سابقة الذكر ،تلتزم الدول بمــوجب القــانون
الدولي لحقوق اإلنسان ،بالتزام إيجابي إجرائي يتمثل في وجــوب القيــام بتحقيــق شــفاف وفعــال
عند وقوع إعتداء على الحياة والحرمان منها ،وتقع مسؤولية الدول في هذه الحالــة خاصــة في
حالة الحرب األهلية أو اال سلم والتي تمتنــع فيهــا الدولــة من القيــام بكافــة اإلجــراءات والتــدابير
التي تمنعه اإلعتــداء على الحــق في الحيــاة ،حيث يــترتب عن هــذا اإلمتنــاع مســؤولية سياســية
وقانونية للدولة ،وهو ما يجعل الحق في الحياة في هذه الحالة حقا ً سياسيا ً خالصاً.
*ثمة إلــتزام إيجــابي آخــر يقـع على عـاتق الــدول األطــراف في إتفاقيــات حقـوق اإلنسـان يتعلــق
بــإحترام الحــق في الحيــاة وصــيانته ،وهــو إلــتزام مســتمد من الصــلة بين الحــق في الحيــاة وبين تــأمين
الحاجيات األساسية ،كالمأكل والملبس والمسكن وفرص الشغل والعمل الــتي تضــمن دخالً كريم ـاً ،وهــذه
كلها مظاهر لحقوق اإلنسان اإلقتصادية واإلجتماعية( ،)145فكل أهمال لها هو في حد ذاته أهمال للحق في
الحياة ومس به وإعتداء عليــه ،وفي حــاالت كثــيرة يكــون هــذا األهمــال مقرونـا ً بأســباب سياســية يكــون
القصد منها أحيانا ً التصفية الجسدية والعرفية كما هـو الحـال في جريمـة اإلبـادة الجماعيـة الـتي تناولهـا
الحقاً.
لم يكن مصطلح اإلبادة الجماعية معروفا ً قبل عام 1944م ،وإن كــان كجــرم وفعــل موجــود في الواقــع
الدولي والوطني عبر قرون عانت منها البشرية في كل مكان وبأصناف شـتى ،وهـو مصـطلح لـه مـدلول
خاص جداً ،حيث يشير إلى تلك الجرائم من القتل الجمـاعي المرتكبــة بحــق مجموعـات معيّنــة من البشــر
بقصد تدمير وجودهم كلياً .وهي بهذا تهدف تدمير األساسيات الضرورية لحياة مجموعة قوميــة ،بهــدف
إبادتها وإنهاء وجودها(.)146
فاإلبادة الجماعية هي القتل المتعمد الجماعي لمجموعــة بشــرية كاملــة ،تعــد من ضــمن الجــرائم ضــد
اإلنسانية ،ووفقا ً للمادة 2من اإلتفاقية الخاصة بمنع اإلبادة الجماعيـة لسـنة 1944م ،يمكن تعريفهـا من
) (143التعليق رقم 16للجنة المعنية بحقوق اإلنسان بتاريخ 1972م ،منشورات ووثائق أعمال اللجنة األمم المتحدة ،ص . 42
) (144انظرأعمال اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان ،التوصيات العامة ،الكتب الصادرة عن اللجنة التابعة لألمم المتحدة2014 ،م ،ص .23
) (145أعمال اللجنة المعنية بحقوق $اإلنسان /وثائق األمم المتحدة ص ، 46نفس المرجع السابق.
) (146عبدالفتاح بيومي $حجازي ،المحكمة الجنائية الدولية ،دار الفكر الجامعي ،مصر 2005 ،م ،ص .36
82
خالل حصر عناصرها ،وتنص هذه المادة على أن اإلبادة الجماعية تعني أيا ً من األفعــال التاليــة المرتكبــة
بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو أثنية أو عنصرية أو دينية بصفتها هذه:
* إخضاع الجماعة ،عمداً لظروف معيشية يراد بها تدميرها كليا ً أو جزئياً؛
فمن خالل قراءة مضامين هذه المادة والحاالت الــتي أوردتهــا في تحديــد األفعــال الــتي تشــكل جريمــة
اإلبادة الجماعية ،نسجل المالحظات التالية(:)147
اإلبــادة الجماعيــة جريمــة ضــد اإلنســانية ،تهــدف التــدمير الكلي أو الجــزئي لفئــة أو .1
مجموعة بشرية أثنية او عرقية أو دينية إلنهاء ومحو وجودهــا من بين المجموعــات البشــرية
األخرى .وهي بهذا تتضمن جريمة أخرى وهي الكراهية والتحريض عليها وما يرتبــط بهــا من
ممارسة للعنف والتعذيب الممنهج قصد إلحاق األذى البليغ والخطير بالمجموعة البشرية.
جريمة اإلبادة الجماعية تشكل عــدم إعــتراف مرتكبيهــا ،ألفـراد وجماعــات المقــترف في .2
حقها هذا الفعل االجرامي ،بحقها في الحياة.
جريمة اإلبادة الجماعية تشكل أيضا ً عدم إعتراف بالحق في الكرامة اإلنســانية من خالل .3
ما تقوم به إخضاع جماعة عمداً وكرها ً وعنوةً ،لظروف معيشية قاسية وغير إنسانية وحاطة
بالكرامة اإلنسانية.
تنقسم جريمة اإلبادة الجماعية من حيث نوع األفعال إلى نوعين: .4
ــ نــوع يســتهدف كــل أفــراد الجماعــة البشــرية دون تميــيز ،وبالتــالي فهــو تــدمير كلي
للجماعة ومحو وجودها فعليا ً وبأقصى سرعة ممكنة بما في ذلك األطفال والنساء الحوامل
والشــيوخ .وهــذا مــا أقــره إعالن القــاهرة حــول حقــوق اإلنســان في اإلســالم بتــاريخ 5
أغسطس 1990م الذي نص في الفقــرة الثانيــة من المــادة الثانيــة منــه والــتي تتحــدث عن
الحق في الحياة ،على" :يحرم اللجوء الى وسائل تفضي إلى إفناء الينبوع البشري".
ــ نوع يستهدف بشكل موجه األطفالـ من خالل فعلين مختلفين:
) (147عبدالفتاح بيومي $حجازي ،المحكمة الجنائية الدولية ،مرجع سابق ،ص 39ــ.41
83
أولهما :فرض تدابير تستهدف الحيلولة دون إنجابهم داخل الجماعة ،بما في ذلك إبعــاد
األزواج عن بعضهم البعض بصفة خاصة والنساء عن الرجال بصفة عامة ،وكذا إجهاض
النساء الحوامل وقتل األجنة التي في أرحامها.
وثانيها :إبعاد األطفالـ عنوة وكرها عن ذويهم وأمهاتهمـ وأسرهم ،إلى جماعــة أخــرى،
ممــا يشــكل إعتــداء على حقهم في الحيــاة والبقــاء ،وذلــك بســبب حرمــانهم من الرعايــة
والحضــانة األســرية ،ومــا قــد يتعرضــون لــه داخــل الجماعــة المنقــولين إليهــا من أفعــال
وتصرفات تهدد بقائهم كاإلهمال ،وتعرضهم لكل صنوف المخاطر التي تهدد حياتهم.
يستنج مما سبق أن الحق في الحياة يصبح حقا ً سياسيا ً في حاالت وظروف معيّنة ،حيث تتــداخل فيهــا
المدنية بالحقوق السياسية وأكثر من ذلــك أن الحقــوق السياســية تهيمن على الحقــوق المدنيــة ،وتصــبح
معها ممارسة الحقوق المدنية األساسية رهينــة ومقرونــة بقــرار ألســباب سياســية .وتمثــل لنــا التجــارب
الدولية في حاالت الحروب األهلية أو األضرابات أو في حالة الثورات نماذد حية واقعية لهذه الممارسات
التي يصبح فيها الحق في الحياة رهين قرار سياسي من الدولة وليس حقا ً طبيعا ً لإلنسان.
يشكل الحق في الوجود والحياة والبقاء أسمى الحقوق إذ بدونه ال يمكن التمتع بأي حــق من الحقــوق
األخرى ،وهو يعتبر وفقا ً للقانون الــدولي لحقــوق اإلنســان من الحقــوق األساســية ،وعليــه اليجــوز معــه
الحكمـ باإلعــدام إال مــع احتياطــات تتعلــق بــالجرائم الخطــيرة وشــروط وإجــراءات ترتبــط بالضــمانات
الضرورية التي تتطلبها المحاكمة العادلة(.)148
وبنا ًء عليـه ،نجـد أن الشـريعة اإلسـالمية والقـوانين الجنائيـة الوضـعية ذات المرجعيةاإلسـالمية هي
وحدها الــتي اعـترفت وأقـ ّرت الحـق في الوجـود والبقــاء كإمتـداد للحـق في الحيـاة وأوجهــه .وهي بهـذا
ح ّرمت قتل اإلنسان في مرحلة األجنة ،وج ّرمت اإلجهاض بإعتبــاره فعــل يهــدف إســقاط الجــنين من رحم
األم ،وبالتالي فهو فعل قتل يدخل ضمن أفعال القتل بصفة عامة التي تجرمها القوانين الجنائية في العالم.
وسندها في ذلك هو أن اإلعتراف بالوجود اإلنساني ال يبدأ من الوالدة ،عكس مــا ذهبت إليــه اإلتفاقيــات
الدولية ذات الصلة بالقانون الدولي لحقوق اإلنسان ،بــل أن الوجــود اإلنســاني ســابق على الــوالدة ،على
إعتبار أن اإلنسان ينمو أطواراً مختلفة داخل الرحم وخارجه ،ومنها أطوار النمو في رحم األم.
) (148تقرير السيد بكر والي نداي المقرر الخاص بحاالت اإلعدام خارج نطاق القانون أو بإجراءات موجزة أو باإلعدام التعسفي عمالً بقرار لجنة
حقوق اإلنسان 2007م.
84
ويالحظ أن اإلختالف بين المرجعيــة اإلســالمية والمرجعيــة الدوليــة في موضــوع الحــق في الوجــود
والحياة والبقاء ،اليقف فقط عند مسألة اإلجهاض وجواز قتل الجنين أم ال؟ ،بل هو أكبر من ذلك ،حيث
يشمل اإلختالف حتى مرحلة ما بعد والدة اإلنسان.
فهذا المنطلق الفكر والمــرجعي لفهم الحــق في الحيــاة والوجــود وعــدم إباحــة الحــد منهمــا ألي ســبب
كان ،هو ما أقره إعالن القاهرة حول حقوق اإلنسان في اإلسالم الصادر في المــؤتمر اإلســالمي التاســع
عشر لوزراء الخارجية بتاريخ 5أغسطس 1990م ،والذي نص في المادة االتية منه أن:
أ .الحياة هبة هللا وهي مكفولة لكل إنسان ،وعلى األفـراد والمجتمعـات والـدول ،حمايـة هـذا
الحق من كل إعتداء ،واليجوز إزهاق روح دون مقتضى شرعي.
ب .يحرم اللجوء إلى وسائل تقضي الى إفناء الينبوع البشري.
ج .المحافظة على إستمرار الحياة البرية الى ما شاء هللا واجب شرعي.
د .سالمة اإلنسان مصونة ،واليجــوز اإلعتــداء عليهــا ،كمــا اليجــوز المســاس بهــا بــدون
مسوغ شرعي ،وتكفلـ الدولة حماية ذلك.
فمن خالل استقراء هذه المادة الثانية من إعالن القاهرة يتضح جليـا ً أن واضــعي اإلتفاقيــة لم يــدرجوا
الحياة ضمن حقوق اإلنسان ،بل إعتبروها هبة من هللا مكفولة لكل إنسان دون تمييز وال إســتثناء ،وهــذا
ما يقتضي أنها ليست حقا ً يعطي لصاحبه حق التصرف فيه ،بل ألزمت األفراد بالحفاظ عليها وعدم إتيــان
أي تصرف قد يؤدي الى إزهاق الروح إما زهاقا ً يمس حياتهم هُم بأنفسهم ،أو إزهاقا ً يمس حق اآلخرين
في الحياة ،كما منعت كل دولة من سن قوانين تقتضي إباحة إزهاق الروح أو إصدار أحكــام قضــائية تقــر
عقوبة القتل إال بنا ًء على مقتضى شرعي .كما جعلت المحافظة على استمرار الحياة البشرية إلى ما شاء
هللا واجب شــرعي ،يجب بمقتضــاه ،على األفــراد والــدول حمايتهــا بكــل الوســائل والطــرق الممكنــة واال
يتخذان ما يكون من شأنه تضييق هذا الحق أو منعه أو القضاء عليه.
وهذا يختلف عنه في المرجعية الدولية ،فالقانون الدولي لحقــوق اإلنســان ،وان منــع عقوبــة اإلعــدام
إحتراما ً لمبدأ الحق في الحياة ،فإنه لم يجعل من عقوبة اإلعــداد مناقضــة لهــذا الحــق ،بــل ســمح بــه في
حدود وجعله مقيّداً ببعض الشروط والضوابط ،ويبدو ذلك جليا ً من خالل قراءة الفقــرة الثانيــة من المــادة
السادسة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي تقتضي مايلي:
(اليجوز في البلدان الــتي لم تلــغ عقوبــة اإلعــدام أن تحكم بهــذه العقوبــة إال جــزاء على أشــد الجــرائم
خطورة وفقا ً للتشريع النافذ وقت إرتكاب الجريمة وغير المخالفة ألحكام هذا العهد.)..
85
فإستقراء هذه الفقرة من المادة السادسة من اإلتفاقية ،يتضح أن القانون الــدولي لحقــوق اإلنســان لم
يمنع نهائيا ً عقوبة اإلعدام ولم يحض الدول على إلغائها كليا ً ونهائياً ،بل جعلها مباحة في بعض الجــرائم
التي يعتبرها أشد خطــورة ،وهــو التفســير الــذي ذهبت اليــه لجنــة حقــوق اإلنســان في تعليقهــا على هــذه
المادة المتعلقة بالحق في الحياة .وقد جاء في التعليق ما يلي:
(مع أنه يستنتج من المادة 6ــ 2و 6ــ ) 6ـ أن الدول األطراف ليست ملزمـةً بإلغــاء عقوبــة اإلعــدام
إلغا ًء تامـا ً ،فإنهــا ملزمــة بالحــد من إســتخدامها ،السـيّما بإلغــاء الحكم بهــا إال في حالــة إرتكــاب "أشــد
الجرائم" لذلك ينبغي لها أن تفكر في إعادة النظر في قوانينها الجنائية في ضوء مــا ســبق ،وهي ملزمــة
على أي حال بعصر تطبيق عقوبة اإلعدام على " أشد الجرام خطورة").
وفسرت اللجنــة المعنيــة في مناســبة أخــرى ،مــدلول عبــارة "أشــد الجــرائم خطــورة" على أنهــا تلــك
الجرائم المتعمدة التي تسفر عن نتائج مميتـة أو نتـائج أخـرى بالغـة الخطـورة .وأعتـبر المقـرر الخـاص
المعني بحاالت اإلعــدام خــارج نطــاق القــانون أو بــإجراءات مــوجزة أو اإلعــدام التعســفي ،أنــه ينبغي أن
تعتبر لفظ "المتعمدة" معادلة لسبق اإلصرار وينبغي أن تفهم على أنها نيّة القتل المتعمد(.)149
ويبــدو من خالل تفســير لجنــة حقــوق اإلنســان لمــدلول المــادة السادســة من العهــد الــدولي الخــاص
بــالحقوق المدنيــة والسياســية ومــدلول عبـارة "الجــرائم األشــد خطــورة" ،أن اللجنــة تعتــبر أن القــانون
الدولي لحقوق اإلنسان لم يجعل من الحق في الحياة حقا ً مطلقا ً اليجوز تقييده ،بل أجاز للدول بنــا ًء على
قوانينها الجنائية وسلطتها التقديرية ،أن تضع حداً لهذا الحق وتقييده في حاالت وأفعال جرميــة تعتبرهــا
ذات خطورة شديدة مع شرط إرتكابها بشكل متعمد.
كما أن القوانين الدوية اإلقليمية لحقوق اإلنسان ذهبت في نفس إتجاه القانون الدولي الكوني لحقــوق
اإلنسان ،واعتبرت أن تفنيذ عقوبة اإلعدام ليس ممنوعا ً قطعياً ،بل هو جائز في حاالت محددة تقتضــيها
القــوانين الجنائيــة للــدول( .)150وبالفعــل هــذا مــا جــاءت بــه اإلتفاقيــة األوربيــة لحمايــة حقــوق اإلنســان
والحريات األساسية ،حيث نصت في المادة الثانية منها المتلعقة بــالحق في الحيــاة والحالــة الــتي يجــوز
فيها وضع حد لها على أن ( :القانون يحمي حق اإلنسان في الحياة .واليجوز إعدام أي إنســان إال تنفيــذاً
لحكم قضائي بإدانته في جريمة يقتضي فيها القانون هذه العقوبــة) ،وبالتــالي فالقــانون الــدولي األوربي
لحقوق اإلنسان جعل حق الحياة حقا ً أساسيا ً غير أنه أجاز للدول األوروبية أن تضع حداً له بتنفيذ عقوبة
اإلعدام ،على أن تكون هذه العقوبة مقرونة بشرطين أساسين هما:ـ
) (149المقرر الخاص المعني بحاالت اإلعدام خارج القانون او باإلجراءات موجزة أو باإلعدام التعسفي ،مرجع سابق.
) (150أحمد عبدالستار ،عقوبة اإلعدام في القانون الدولي (دراسة مقارنة) ،دار الفكر الجامعي ،مصر 2009م ،ص .123
86
أوال :أن تكون عقوبة اإلعدام منصوص عليها في القانون الجنائي للدول األوروبية في حالــة
إرتكاب نوع معيّن من الجرائم.
ثانيا ً :أن تكون عقوبـة اإلعـدام نتيجـة حكم قضـائي صـادر عن محكمـة مختصـة تنفيـذاً لنص
قانوني يقتضي مثل هذه العقوبة.
كما أن اإلتفاقية األمريكية لحقوق إلنسان ،نصت في المادة الرابعة منهــا على نفس المقتضــى والحكم
الذي جاءت به اإلتفاقية األوربية لحقوق اإلنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ،حيث نصت
على أنه( :اليجوز في البلـدان الــتي لم تلـغ عقوبـة اإلعـدام أن توقـع هــذه العقوبـة إال على أشـد الجـرائم
خطــورة ،وبمــوجب حكم قضــائي نهــائي صــادر عن محكمــة متخصصــة ووفق ـا ً لقــانون ينص على تلــك
العقوبة ،ويكون نافذاً قبل إرتكاب الجريمة) .وبنــاء على المــادة الرابعــة الســالفة الــذكر يتــبيّن أن إصــدار
عقوبة اإلعدام في اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان مقرون بتوافر ثالث شروط ،وهي(:)151
.1أن يقترن بجرائم ذات خطــورة شــديدة ،دون تحديــد معــايير ومـدلول لفـظ الجريمـة أشــد
خطورة.
.3أن يكون حكم اإلعدام نهائيا ً وصادراً عن محكمة مختصة تنفيذاً للقانون.
يستنتج مما سبق أن القانون الدولي لحقوق اإلنسان سوا ًء الكوني منــه أو اإلقليمي ،وعلى عكس مــا
يروج له بأنها قوانين تعترف بالحق في الحياة غير القابل أي تقييد ،وتمنع عقوبة اإلعدام وتشجع الدول
على إلغائها ،ليس إال ترويجا ً لكالم زائف ،وأن الذين يدافعون عن أحكام هذه اإلتفاقيــات ويعتــبرون أنهــا
تكرس الحق في الحيــاة وتجعلــه حقـا ً أساســيا ً من ضــمن حقــوق اإلنســان ،لم يقــرؤا جيــداً مضــمون هــذه
اإلتفاقيات ولم يفهموا مضامينها ،حيث اليوجد أي تأكد على إلغائها أو الدعوة الى ذلك.
كما ان هذه اإلتفاقيات هي األكثر تنصيصا ً وتحريا ً على تنفيذ عقوبة اإلعدام وجوازهــا ،وبالتــالي فهي
التعترف بالحق في الحياة والتجعله حقا ً أساسيا ً أو مقدسا ً إال في حدود جــد ضــيقة .ودليلنــا في ذلــك أنهــا
أوالً :لم تح ّرض الدول على إلغاء عقوبة اإلعدام بإلغاء تماما ً وقاطعا ً إعترافا ً للحق في الحيــاة ،مــا يشــكل
سنداً قانونيا ً دوليا ً قويا ً في إقرار عقوبة اإلعدام والحكمـ بها .وثانياً :أنها وسعت من حــاالت تنفيذ عقوبــة
اإلعدام بالتنصيص على أنه يمكن تنفيــذها في "الجــرائم األشــد خطــورة" ،وهي عبــارة عامــة ومبهمــة،
تعطي للدول سلطة تقديرية واسعة في التنصيص على عقوبة اإلعدام وإقــرار مــا يـدخل ضـمن "الجـرائم
األشد خطورة" في قوانينها الجنائية .وهي سلطة تقديرية ستوسع من حاالت "الجرائم األشــد حطــورة"
) (151أحمد عبدالستار ،عقوبة اإلعدام في القانون الدولي (دراسة مقارنة) ،مرجع سابق ،ص .126
87
بناء على تقدير كل دولة ،فما سيشكل جريمة خطــيرة في دولــة مــا قــد اليشــكل جريمــة خطــيرة في دولــة
أخرى ،وهو ما سيجعل اإلختالف كثيراً بين الدول في تحديــد هــذه الجــائم في ظــل غيــاب واضــح لمعــايير
تحديد الجرائم األشد خطورة ومدلولها(.)152
وبالرجوع الى الشريعة اإلســالمية ،نجــدها المرجعيــة الوحيــدة الــتي جعلت من الحــق في الحيــاة حقـا ً
مقدسا ً وربطته بالحق في الوجود األصلي لإلنسان .وهي المرجعية الوحيــدة الــتي منعت اإلجهــاض منعـا ً
كليا ً وأق ّرت حماية خاصة لحق الجنين في الحياة .كما أنهــا لم تجــر عقوبــة اإلعــدام أو القتــل إال في حالــة
واحدة ووحيدة فقط وأن تكون بمقتضى شرعي ،ويتعلق األمر بجريمة القتــل في حــد ذاتهــا ،على إعتبــار
أن الحق في الحياة حق مقدس فاليجوز ،ألي سبب كان قتل النفس إال خطئ ـا ً أو كعقوبــة على قتــل ســابق
للنفس اإلنســانية( .)153وبالتــالي فالشــريعة اإلســالمية لم تعــط لإلنســان الحــق في تقــدير وإجــازة عقوبــة
اإلعــدام أو القتــل ،إال إذا كــان ذك عقوبــة على جريمــة واحــدة بمقتضــى شــرعي وهي قتــل النفس عمــداً
مصداقا ً لقوله تعالى في سورة المائدة اآلية (" )45وكتبنا عليهم فيهــا أن النفس بــالنفس والعين بــالعين
واألنف باألنف واألذن باألذن والسن بالسن والجرو قصاص".
وبخصوص عالقة عقوبة اإلعدام بحق األطفال في الحياة ،فقد أقتضت المواثيق الدولية السالفة الذكر
،أنه اليجوز الحكمـ باإلعدام في الدول التي لم تلغ هذه العقوبة في ثالت حاالت:
وهو نفس اإلتجاه الذي ذهب إليه القانون الجنائي المغربي في المادة ( ،)154()404والذي جعل عقوبة
اإلعدام محددة بضوابط ومعايير تحكمها وهي:
ــ اليحكم باإلعدام وال بالسجن المؤبد على القاصرين دون سن 18سنة.
ــ اليمكن تفيذ عقوبة اإلعدام في حالة المرأة الحامل إال بعد سنتين من وضع حملها.
كما أن الهيئة العلمية المكلفة باإلفتاء المغربية أصدرت فتوى في مسألة جواز قتــل األطفــال في إطــار
ما يسمى بالموت الرحيم ،أو القتل الرحيم في حالة مولود مريض مرضا ً ال يرجى برؤه ويقــود حتم ـا ً الى
الموت ،وأقرت أنه اليجوز شرعا ً اإلقدام على التعجيــل بمــوت المــريض المتــألم ،والميــؤوس من عالجــه
) (152احمد شحاته ،حماية حقوق اإلنسان في القانون الدولي والوطني ،دار ابن لقمان للنشر والتوزيع2014 ،م ،مصر ،ص .241
) (153عبدالفتاح احمد الزهراني ،حقوق اإلنسان في اإلسالم ،مطبعة القاهرة للنشر والتوزيع ،مصر 2015 ،م ،ص .213
) (154القانون رقم 15 / 73تغير وتتميم القانون الجنائي ،الجريدة الرسمية ،عدد 15 ،6491يوليو 2016م ،ص 5992
88
وشفائه ،تحت ذريعة ما يسمى بالموت الرحيم ،مهما طال به المــرض ،وشــتد بــه األلم ،ســوا ًء من تلقــاء
نفسه أو من الطبيب المشرف على مداواتــه ،بقــدر مــا يبغي لكــل منهمــا ،ويتعين في حقــه عمــل مــا هــو
مطلــوب من وســائل العالج والتخفيــف من شــدة األلم مــا أمكن ،على أن يفــوض األمــر بعــد ذلــك الى هللا
تعالى ،ويترك بين يديه سبحانه ،إذ ال يعلم المرء ما يخفيه له القــدر من شــفاء وطــول العمــر أو قصــره ،
وهلل في خلقه شــؤون .وهــذا الحكمـ الشــرعي المســتفاد في المســألة من النصــوص الشــرعية ومقاصــدها
األساسية ،هو الرأي الوجيه والسديد(.)155
يعتــبر الحــق في المســاواة من الحقــوق المدنيــة األصــلية ،والــتي تشــكل المــدخل األول للتمتــع بكافــة
الحقوق األخرى وخاصة منها الحقوق السياسية.
غير أن الحق في المســاواة يعــني أن يكــون لجميــع النــاس نفس القيمــة ،وأن يعــاملوا بشــكل متكــافئ
بغض النظر مثالً عن اإلنتماء العرقي أو الجنسي أو اإلعاقة أو أي ألي سبب آخر(.)156
هذا المبدأ معناه هو ان الناس سواسية بحسب خلقهم األول وال مجال للمفاضلة بينهم إال على أســاس
إعتبارات الكفاءة وما يقدمه كل منهم من جهد مشروع نتج ،وعلى هذا األساس فــإنن ال نجــافي الحقيقــة
إذا قلنا أن حقوق اإلنسان في اإلسالم إنما هي ذات طابع عالمي ،وهي بذلك تكون قد سبقت األفكــار الــتي
بدأت تطرح مؤخراً عن عالمية هذه الحقوق.
وقد جاء التوكيد على الحق في المسـاواة في مواضـع كثـيرة من آيـات الكتـاب منهـا ،قولـه تعـالى في
سورة الحجرات" :يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكمـ شعوبا ً وقبائـل لتعــارفوا إن أكــرمكم
عند هللا أتقاكمإن هللا علم خبير".
وقوله تعالى في سورة المائدة" :يـا أيهـا الـذين آمنـو كونـو قـوامين هلل شـهداء بالقسـط واليجـرمنكم
شنئآن قوم على أال تعدلو إعدلوا هو أقرب للتقوى وأتقو هللا إن هللا خبير بما تعملون".
كما ورد التأكيد على الحق في المساواة في القيمة اإلنســانية من خالل أحــاديث النــبي صـلى هللا عليــه
وسلم حيث قال " :أيها الناس إن ربكم واح وان ابــاكم واحــد كلكم آلدم وآدم من تــراب ليس لعــربي على
أعجمي وال أعجمي على عــربي وال أحمــر على أبيض وال أبيض على أحمــر فضــل إال بــالتقوى أال هــل
بلغت؟ اللهم فأشهد أال فليبلغ الشاهد منكم الغائب".
) (155فتاوي الهيئات العلمية المكلفة باإلفتاء ،منشورات المجلس العلمي األعلى ،ص .100
Bousyt. M: la distinction juridique, Centre des Droits civils et politiques et les droits econonmiques et ) ( 156
.sociaux culturelles Droits l’Homme, Paris, 1975, P: 95
89
والثابت أن الرسول الكريم صلى هللا عليه وســلم في رفضــه للعنصــرية والتميــيز بين البشــر لم يقــف
عند حد المستوى التنظيري وإنما طبق ذلك على المســتوى العملي ،فقــد إســتعملـ عليــه الصــالة والســالم
لوظيفة األذان وهي من الوظائف الدينية المعتبرة عبداً حبشيا ً أســود هــو بالل بن ربــاح رضــي هللا عنــه،
كمــا كــان من بين صــحابته األجالء من هم منحــدرون من أعــراق مختلفــة كصــهيب الــرومي وســلمان
الفارسي.
والواقع أن المساواة في القيمة اإلنسانية العامة بين الناس جميعا ً في نظــر التشــريع اإلســالمي تبــدوا
جلية للغاية إذا ما قورنت بما كان عليه الحال واليــزال في ظــل الشــرائع والنظم القانونيــة الوضــعية على
إمتداد الزمان ،ولعل من األمثلة على ذلك الحاالت الثالث اآلتية:
الحالة األولى :حالة الهند القديمة والتي كــانت كتبهــا المقدمــة تفاضــل بين البراهمــيين أتبــاع
براهمــا وبين غــيرهم من األفــراد ،حيث أن البراهميــيين وحــدهم الــذين يحــق لهم التمتــع بكافــة
الحقوق أمــا مــا عــداهم من المنبــوذين فليس لهم إال أن يكونــوا خــدما ً لغــيرهم ،حيث أنهم رجس
ونجس فال يصــح لهم لمســهم وال مــؤاكلتهم وال مصــاهرتهم وال اإلرتبــاط بهم بــأي عالقــة غــير
عالقة السيد بالمسود.
الحالية الثانية :حالة اليونايين األقدمين الذين كانوا يعتقدون أنهم وحــدهم شــعب هللا المختــار ،وبــذلك
فهم يسمون على غيرهم من الشعوب األخــرى الــذين أطلقــواـ عليهم اســم الــبرابرة .وواجب اليونــايين أن
يعملوا بمختلف الوسائل على أن يردوا هؤالء البرابره الى المنزلة الــتي خلقــوا لهــا ،وهي منزلــة الــرق
وإن حرب يشنها اليونايين لهذا الغرض إنما هي حرب مشروعة.
الحالة الثالثة :حالة الرومان الذين كانت قــوانينهم ونظمهم اإلجتماعيــة تصــنف ســكان اإلمبراطوريــة
الى مجموعتين من البشــر لكــل منهــا قانوهــا الخــاص الــذي يحكمهــا الرومــان من جهــة ومــا عــداهم من
الشعوب األخرى ،وهذه الشعوب خلقت بحسب القانون الروماني من فصيلة إنسانية وضعية وأنها خلقت
ليكون أفرادها رقيقا ً للرومان.
وقد ورد الحق في المساواة في العديد من اإلتفاقيات الدولية ،ويضع اإلعالن العالمي لحقوق اإلنســان
مبدأ المساواة في مقدمــة إعالنــه ،واعتــبر أن المســاواة هي أســاس الحريــة والعــدل والســالم والعــالمي،
بدونها يكون تهديــد الســلم واألمن الــدوليين متاحـا ً ،وهكــذا جــاء في ديباجــة اإلعالن مــا يلي ( :بمــا أن
لجميــع أعضـاء البشـرية من كرامــة أصــلية فيهم ،ومن حقـوق متسـاوية وثابتـه ،يشـكل اســاس الحريـة
والعدل والسالم في العالم).
90
وهو نفس اإلعتبار الذي سار عليــه كــل من العهــدين الــدولين الالحقين على اإلعالن بــإقرار اإلرتبــاط
الالزم بين الحق في المساواة والسالم العالمي ،كما أن القوانين الدولية واإلقليميــة إتخــذت نفس المســار
بــاإلعتراف بالقيمــة الســامية للحــق في المســاواة بين البشــر ،ولمــا لهــذا الحــق من آثــار إيجابيــة على
اإلنسانية.
لــذا فــإن عــدم المســاواة من أبــرز أســباب الثــورتين اللــتين شــهدهما العــالم ،وهمــا الثــورة الفرنســية
واألمريكية ،وهي مازالت سببا ً رئيسيا ً لكل الحركــات النضــالية واإلحتجاجــات اإلجتماعيــة الــتي يشــهدها
العالم ،وخير دليل تجربة الربيع العربي ،حيث كان أول شعار رفع من قبــل كــل حــاالت اإلحتجــاج العــربي
هو شعار المساواة ورفض كل أشكال التمييز.
كما أن النظام اإلشتراكي الماركسي قام في فلسفته على أساس مبــدأ المســاواة الــذي يعتــبره مــاركس
غائب ـا ً في الحيــاة اإلجتماعيــة والسياســية واإلقتصــادية ،حيث التوجــد إال حــاالت ومظــاهر متعــددة من
الالمساواة واإلستعالل اإلجتماعي بين الطبقات اإلجتماعية ،وعلى هذا األساس قامت الثــورة البولشــيفية
الروسية سنة 1917م ،واعتبرت الثورة أن المساواة لن تقوم إال بناء على قرار سياسي جريء(.)157
وأقر ميثاق األمم المتحدة مبدأ حق المساواة بين جميع األمم والشعوب ،وقد أشــارت ديباجــة الميثــاق
الى "ما للرجال والنساء واألمم كبيرها أو صغيرها من حقوق متساوية" ،وكــذلك أدى عــدم التميــيز بين
الشعوب بسبب العرق أو الدين والجنس واللغة ،وجــاء في المــادة األولى من الميثــاق أن من بين أهــداف
منظمة األمم المتحدة تعزيز احترام حقوق اإلنسان والحريات األساسية للناس جميعاً ،وتلزم المادة ( )55
من ميثاق األمم المتحدة بأن تشيع في العالم احترام حقوق اإلنسان والحريات األساســية للجميــع ،ونفس
المعنى ورد في المادة ( ،)62التي تدعو المجلس اإلقتصادي واإلجماعي الى أن يعمل على تنفيذ مــا ورد
بالمادة ( )76من الميثاق التي تحث المجلس على تنفيذ نشر احترام حقوق اإلنسان والحريــات األساســية
للجميع دون التمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين أو التفريق بين الرجال والنساء.
كما أن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان جاءت مادته األولى لتحث على مبدأ المســاواة مثــل المســاواة
في اإلشتراك في إدارة الشــؤون العامــة والحــق في تقلــد الوظــائف العامــة والحــق في التصــويت .وحظــر
اإلعالن التمييز على أسس تخالف ما ورد في الميثـاق ،وهكـذا ورد في المـادة الثانيـة أن " لكـل إنسـان
حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في اإلعالن ،دون تمييز بسب العنصر أو اللون أو الجنس أو
اللغة أو الدين أو الرأي أو األصل الوطني أو اإلجتماعي أو الثروة أو الميالد أو أي وضع آخر "كمـا تقـر
المادة السابعة" أن الناس جميعا ً سواء أمام القانون وهم متساوون في حق التمتع بحماية القــانون ،كمــا
157
( )Bousyt. M: Idem, P:39-41.
91
يتســاوون في حــق التمتــع بالحمايــة من أي تميــيز ينتهــك هــذا اإلعالن ومن أي تحــريض على مثــل هــذا
التمييز".
أما المــادة 26من العهــد تكــرس الحــق في المســاواة أمــام القــانون وعــدم التميــيز "جميــع النــاس
متساوون أمام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق المساواة في التمتع بحماية" ،وينص العهد أيضـا ً
على أن "يحظر القانون في هذا المجال أي تمييز ويكفل لجميع اإلشخاص على السواء حمايــة فعالــة من
التمييز ألي سبب كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي وغيره".
كما أن وثيقة حقوق اإلنسان في اإلسالم قد نصت على أن الناس سواســية أمــام الشــرع ،يســتوي في
ذلك رئيس الدولة والفرد العادي ،وحــق اإللتجــاء الى القضــاء مكفــولـ للجميــع ،امــا المــادة العاشــرة من
الوثيقة فقد أكدت على حق الجميع في التعليم وأن التعليم واجب على الدولة.
يعتبر الحق في الحرية بصفة عامة من الحقوق األساسية ،والطبيعية ،وهــو حــق مــدني أصــلي ،غــير
أنــه تكــون لــه طبيعــة سياســية في حــاالت عــدة خاصــة في ظــل األنظمــة غــير الديمقراطيــة والشــمولية
واإلستبدادية ،حيث ان الحرية قد تكون منعدمة بسبب طبيعة النظام السياسي للدولة.
وإذا كانت ممارسـة الحريـة تكـون بشـكل طـبيعي في األنظمـة الديمقراطيـة دون قيـود إال مـا يقتضـيه
القانون من حدود لها قصد تنظيم المجتمع وأمنه وسـالمته ،فإنهـا تكــون غـير طبيعيــة بــل أكـثر من ذلــك
تكون مهددة ومنعدمة في أنظمة ساسية ديكتاتورية وشمولية ،حيث تصبح الحرية معاكسة ومخفية لهذه
األنظمة ،وبالتالي فإنها تكون مقيّدة الى اكبر حد ممكن ما يجعل ممارستها شبه مستحيلة ،وكل ممارســة
لها يكون خارج القانون الذي يقيّدها ويمنعها مما يسقط المطالبين بالحرية في المسؤولية الجنائية ،وهو
ما تعان منــه الكثـير من المجتمعــات واألفـراد الــذين يتعرضـون لإلعتقــاالت والســجون وإنتهــاك حـريتهم
خارج القانون ويتعرضون لإلختفاء القصري والتعذيب والتصفية الجسدية.
وهكذا فبدل من أن تكون الحرية حقا ً طبيعيا ً مطلقاً ،حيث يولــد النــاس أحــراراً ،وأن تكــون ممارســتها
دون حاجة لتدخل الدولة إلقرارها ،فإنها تصبح ممنوعة مقيّدة ال يتمتــع بهــا األفــراد إال بنــاء على قــرار
سياسي من الدولة غير الديمقراطية.
92
ويمكن تقديم تعريف عام للحرية يشــمل جميــع أنـواع الحريـة الممكنــة ،وهــو كمـا يلي" :الحريـة هي
غياب اإلكراه" ،وألخذ بعين اإلعتبار التعقيد في مجال تعريــف الحريــة والبرهنــة على وجودهــا أو عــدم
وجودهــا نستحضــر قولــة الفيلســوف ألن يقــول فيهــا" :إن تقــديم حجــة على وجــود الحريــة ســيقتل
الحرية"(.)158
ويسود اإلعتقـاد في الـدول اإلسـتبدادية على أن الحريـة السياسـية هي منبـع المشـاكل في المجتمـع ،
وأنها تهدد أمن الدولة والمجتمــع ألن األفــراد يفضــلون دائمـا ً الخــروج عن القــانون ،وأن وجــود الدولــة
ضرورة سياسية ،وهي بهدفها وســعيها الى التضــييق على الحريــات والحقــوق السياســية هــو في ســبيل
تنظيم المجتمع وحمايته من اإلضطرابات اإلجتماعية التي تهدد سالمته وأمنه ،وعليه وإنطالق ـا ً من مبــدأ
الغاية تبرر الوسيلة ،فإن لجوء الدولة الى هذا المنع والتضييق هو في صــالح األفــراد والمجتمــع ،فغايــة
الدولة نبيلة ،وبالتالي فعلى األفراد اإلمتثال للقانون ولضرورة التنظيم اإلجتماعي ،والقبول بتقييد الحرية
السياسية ،وأن ممارستها يكون على سبيل الحصر والمنع ال على سبيل التوسيع واإلباحة.
ففي كثير من الحاالت والممارسات ،منعت الحرية السياسية بناء على مبرر أن المجتمع غير ناضــج،
وبالتالي فإن ضرورة األمن والنظام تفترضان اللجوء الى الضييق أكثر من اإلباحة للحرية.
وعليه فــإن اإلعتــداء على الحيــاة السياســية يظهــر بشــكل جل ّي ،وفي أكــثر الممارســات الشــائعة في
جريمة اإلختفاء القسري ،وهكذا فإن الحماية القانونيــة للحريــة السياســية تكمن أكــثر في إتفاقيــة حمايــة
جميع األشخاص من األختفاء القسري ،وهي اإلتفاقية التي تعــرف هــذه الجريــة وهــذا الفعـلـ في مادتهــا
الثانية" :يقصد بـــ"اإلختفــاء القســري"هــو اإلعتقــال أو اإلحتجــاز أو اإلختطــاف أو أي شــكل من أشــكال
الحرمان من الحرية ،يتم على أيــدي مــوظفي الدولــة ،أو أشــخاص أو مجموعــات من األفــراد يتصــرفون
بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها ،ويعقبهـ رفض اإلعــتراف بحرمــان الشــخص من حريتــه أو إخفــاء
مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده ،مما يحرمه من حماية القانون".
كما تنص المادة الخامســة من ذات اإلتفاقيــة على أن" :تشــكل ممارســة اإلختفــاء القســري العامــة أو
المنهجيــة جريمــة ضــد اإلنســانية ،كمــا تم تعريفهــا في القــانون الــدولي المطبــق وتســتتبع العــواقب
المنصوص عليها في ذلك القانون".
مما الشك فيه أن الحرية هي المقدرة المطلقة للسيطرة على الذات ،وأن التعبــير عن الحريــة من
خالل الميدان الفلسفي والميدان السياسي يعيــدنا إلى األخـذ بمحـاوالت التعريفـات المتعـددة الـتي طــرحت
93
للحرية .فالبمعنى البسيط أن اإلنسان الحر هو ذلك الذي اليكون عبــدأ أو ســجينا ،والحريــة هنــا هي تلــك
الحالة التي يستطيع فيها اإلنسان القيام بما يريد ،وليس بما يريد له اآلخرون .وعلى هــذا األســاس يمكن
بينا هذا المبدأ من خالل المفهوم ومن خالل القانون الدولي المقارن.
تعتبر حرية الرأي والتعبير من األمور الحاسمة للديمقراطية وللتمتــع بــالحقوق األخــرى .وهي إحــدى
مرتكزات الحرية الفكرية ،ومظهر من مظاهر .فــالرأي هــو مــرآة الفكــر ومن صــفته ،ويمكن أن يبقى في
حدود الفكرة الداخلية ،مثلما يمكن أن يصــل إلى مرحلــة التعبــير عن هــذه الفكــرة ،أي إظهارهــا بشــكلها
الخارجي ( .)159وتعتــبر أيضـا ً هــذه الحريــة أساسـا ً للكثــير من الحريــات ،لــذلك تتطلب ممارســتها الفعليــة
نضوجا ً متبادالً بين السلطة واألفراد (.)160
وأن حريــة الــرأي هي روح الفكــر الــديمقراطي ،ألنهــا صــوت مــا يجــول بخطــواطر الشــعب وطبقاتــه
المختلفه( . )161فالتعبير عن حرية الرأي يمكن من خالله اإلفصاح عما يدور في خلجات النفس وما يعانيــة
المجتمع ،وبالتالي فإن السلطة العامــة تعــرف رغبــات الشـعب ومتطلباتـه من حقــوق .ويحتــل هــذا الحـق
مكانة مهمة في التشريع اإلسالمي ،حيث شدد اإلسالم على وجوب أن يكون اإلنسان حراً في إبــداء رأيــه
والتعبير عن موقفه إزاء كل ما يتصل بشـؤون مجتمعـه وإزاء كـل مـا هـو حـق وعـدل ،بـل إن الحـق في
الرأي والتعبير يتجاوز النطاق الضيق لمفهـوم الحـق الـذي يشـير الى كونـه مكنـة أو سـلطة لصـاحبه أن
يباشره أو يتنازل عنه لرقى الى مرتبة الواجب الـذي يلـزم الوفـاء بخ حــتى اليكـون هنـاك مجــال لألثم أو
المؤاخذة عند عدم إبداء الرأي.
وإذا رجعنا الى المصدرين الرئيسيين للشريعة اإلسالمية وهما القرآن والسنوة النبوية المطهرة فإننــا
نجد إشارات واضحة على لزومية الحق المذكور لكل إنســان من ذلــك مثالً قولــه الحــق ســبحانه وتعــالى:
"ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالعروف وينهون عن المنكر".
فهذه اآلية الكريمة تحث بشجاعة وحرية على أبداء الرأي والتعبير وتأمر بحجز بــالوقوف الى جــانب
الحق .
أما لو إنتقلنا الى السنة النبوية المطهرة لوجدنا أن النــبي صــلى هللا عليــه وســلم يــأمر كــل إنســان في
األمةأن يبدي رأيه بشجاعة ودون حوف متى ما كان هناك مقتضى لذلك .ويدل على ذلك قول النبي صلى
) (159د .عيسى بيرم ،حقوق اإلنسان والحريات العامة (مقارنة بين النص والواقع) ،دار المنهل اللباني للدراس$$ات ،ب$$يرت 2011 ،م ،ص 409
(مقتبس من :كتاب مدخل الى الحريات العامة وحقوق اإلنسان ،د .خضر خضر ،المؤسسة الحديث للكتاب ،طرابلس ، 2008 ،ص .)12
) (160د .عيسى بيرم ،حقوق اإلنسان والحريات العامة (مقارنة بين النص والواقع) ،مرجع سابق ،ص .410
) (161د .عيسى بيرم ،حقوق اإلنسان والحريات العامة (مقارنة بين النصر والواقع) ،مرجع سابق ،ص .411
94
هللا عليه وسلم" :أفضل الجهاد قول الحق عند سلطان جائر" .وقوله صــلى هللا عليــه وســلم " :من رأى
منكم منكراً فليغيره بيده ،فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يتسطع فبقلبه وذلك أضعف اإليمان.
كما روي عنه صلوات هللا وسالمه عليه أنه كــان يحث أصــحابه على المجــاهرة بــالحق قــائالً":اليكن
أحد إمعه ،يقول أنا مع الناس إن أحسن النــاس أحســنت وإن أســاؤوا أســاءت ،ولكن وطنــوا أنفســكمـ إن
أحســن النــاس أن تحســنوا وإن أســاؤوا أن تجتنبــوا إســاءتهم" .وتأسيس ـا ً على ذلــك فــإن حريــة الــرأي
والتعبير يجب أن تكون متحلية بأدب الحوار.
ولقد تم التأكيد بشكل خاص على أهميــة حريــة التعبــير من قبــل المحكمــة األمريكيــة لحقــوق اإلنســان
والتي أكدت على ما يلي:
وتعتبر حرية التعبير حجر الزاوية التي يبني عليها وجود المجتمع الديمقراطي وهي ال غنى عنها من
أجل تشـكيل الـرأي العـام ،كمـا أنهـا تُعتـبر شـرطا ً مسـبقا ً لتطـور األحـزاب السياسـية والنقابـات العماليـة
والجمعيات العلمية والثقافية ،وعموما ً كافة الجهات التي ترغب في التأثيرعلى الجمهور ،كما أنهــا تمثــل
بإختصار الوسيلة التي تُمكن المجتمع عند ممارسة حقــه في التعبــير عن الــرأي في أن يكــون على وع ّي
كامل ،وبالنتيجة فيمكن القــول أن المجتمــع الــذي اليكــون على وع ّي كامــل هــو مجتمــع اليتمتــع بالحريــة
الحقيقيةـ (.)162
وإذا لم يكن النــاس أحــراراً في قــول مــا يريــدون ونشــر المعلومــات والتعبــير عن آرائهم في القضــايا
السياسية والحصول على المعلومات واألفكار من مختلف المصادر عندئذ لن يتمكنوا من الصويت بشــكل
واع في في اإلنتخابــات أو المشــاركة في الحكم بــالطرف األخــرى( .)163ويُعتــبر الحــق في حريــة التعبــير
وحريــة الحصــول على المعلومــات من الحقــوق األساســية في أي نظــام من أجــل حمايــة ودعم تمتــع
المواطنين بكافـة حقـوق اإلنسـان األخـرى سـواء الحقـوق المدنيـة أو السياسـية أو الحقـوق اإلقتصـادية
واإلجتماعية والثقافية.
ومن المهم اإلشــارة الى أن إنتهاكــات حقــوق اإلنســان تــزداد في منــاخ الســريّة ،بينمــا تُســاعد حريــة
التعبــير في مكافحــة اإلنتهاكــات من خالل تمكين الصــحفيين وغــيرهم ،وعلى األخص منظمــات المجتمــع
المــدني من التحقيــق واإلبالغ عن اإلنتهاكــات ،ومن خالل جعــل مؤسســات الحكومــة خاضــعة لرقابــة
الجمهور .كما أن لحرية التعبير كذلك أهمية أكبر كحق قائم بذاته ،حيث ينبغي أن تُتاح لكل شخص حريــة
) (162اتش السكي ،الحرية والدولة الحديث ( ،)1948منشورات كندا بريس ،1949 ،ص . 75
B.O.OKERE, The Protection of human Rights in Rights in Africa and the African charer on Human and ) ( 163
People’s Rights, A Comparative analysis with the European and American system, Human Rights Quarterly , VI,
.1984, p156
95
الحديث عمان يجول في تفكيره بحريـة في األمـور الـتي تهمـه وهـو أمـ ٌر محـوري من أجـل الحفـاظ على
الكرامة البشرية.
ال يمكن إعتبار الشخص الذي اليســتطيع الحــديث بحريــة عن أفكــاره أنــه شــخص ُحـ رفعالً .وفي هــذا
السياق فإن الحق في حريــة التعبــير يمتــد ليتجــاوز الســاحة السياســية ،وهــو حــق لـه جــذور في وجــدان
الشــعب كحــق إجتمــاعي يُم ّكن األشــخاص من التواصــل والتفاعــل مــع بعضــهم البعض على مختلــف
المستويات من خالل قدرتهم على التعبير عن أنفسهمـ (.)164
وتؤدي حرية الحصول على المعلومات والتعبير عنها بكل أشكال التعبير الى تحقيق وظيفة إجتماعيــة
هامة وهي اإلعتراف بأن األفراد ليس من حقهم فقط الحديث ،وإنما أيضا ً من حق المجتمع ككل أيض ـا ً أن
يستمع الى ما يقوله اآلخرون .ونعني هنا أن حرية الحصول على المعلومات تشمل ضــمان التــدفق الحــر
للمعلومات واألفكار في المجتمع.
إن حماية حق الفرد في طلب المعلومات واإلطار القانوني لإلفصاح عن المعلومــات جميعهــا والتعبــير
عنها ،تعتبر من األدوات الحيوية من أجل مكافحة الفساد ،حيث يُمثل الفســاد السياســي أحــد أكــبر أعــداء
الديمقراطية( .)165وفي نفس الــوقت فــإن حريــة التعبــير والحــق المرتبــط بــذلك وهــو حــق الحصــول على
المعلومات ليست حقوقا ً مطلقة ،وإنما يمكن وضع قيود عليها في ظروف معينة محددة.
إن تضمين الحق في حرية التعبير وحرية الحصول على المعلومات في الدساتير هو مبدأ تعززه كذلك
المعايير الدولية واإلقليمية المتعلق بحقوق اإلنسان .وتشير هنا بشكل خاص الى انظمــة حقــوق اإلنســان
األفريقية والعربية واألنظمة األوروبية واألمريكية لحماية حقوق اإلنسان.
وسوف يسمح تبنّي حمايــة قانونيــة دســتورية لحريــة التعبــير والحصــول على المعلومــات في الــدول
التي ال تقر بعد هذا الحق ،بأن تنضم الى المجتمع الدولي للدول التي أدرجت في دساتيرها حمايات للحــق
في حرية التعبير وحرية الحصـول على المعلومــات .بينمــا يُعتـبر من الشــائع إدراج أحكـام تتعلــق بحريـة
التعبير في الدسايتر منذ التعديل األول للدستور األمريكي ،إال أن تضـمين الدسـتور أحكامـا ً تتعلـق بحريـة
الملعومات الزالت ممارسة أقل شيوعا ً وممارسة.
ومع ذلك وحتى وقتنا الحاضر تبنّت أكثر من تسعين دولة أحكام دستورية أو قوانين أو لــوائح وطنيــة
تتعلق بحرية الحصول على المعلومات .وباإلضافة الى ذلك فهنــاك عـدد متزايــد من الهيئــات المؤلفـة من
) (164منى ندلو ،الدولة الديمقراطية في أفرقيا (تحديث بناء المؤسسات) ،مجلة القانون األسود الوطني ،1998 ،م 70ص .88
.ARICALE 19- Free word Centre, 60 Farringdon Rid, London ECIR 3GA-www.article19.org ) ( 165
96
عدة حكومات مثل البنك الدولي( ،)166وبنك التنمية األسيوي( ،)167التي قامت كذلك بتبــني سياســات تتعلــق
بقضية الحصول على المعلومات.
وتشمل قائمة الدول التي تبنت قـوانين تتعلـق بحريـة المعلومـات دوالً عديـدة ومتنوعـة مثـل أنجـوال(
والسويد ( )169()1766وتشيلي( .)2008كما تشمل القائمة دوالً في منطقــة الشــرق األوســط )2002
()168
وشمال أفرقيا مثل األردن ( )2007وتونس ( )2011واليمن .كما أن هناك مشاريع قوانين تتعلق بحريــة
الحصول على المعلومات في لبنان واألراضي الفلسطنينية والكويت والمغرب والبحرين.
إن الحق في حريــة التعبــير وحريــة المعلومــات محم ّي من خالل العديــد من الوثــائق الدوليــة المتعلقــة
بحقوق اإلنسان والملزمة للدول ،فقد كفلت المــادة ( )19من اإلعالن العـالمي لحقـوق اإلنســان الحــق في
حرية التعبير بالنص التالي:
"لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير ،ويشمل هذا الحق حريـة إعتنـاق اآلراء دون أي تـدخل،
واستقاء األنباء واألفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية" (.)170
إذا كان اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ليس كقرار صادر عن الجمعيــة العامــة لألمم المتحــدة ملزمـا ً
للدول بشكل مباشر ،إال أن بعض أجزاء اإلعالن بما في ذلك المادة التاسعة عشــر منــه قــد إكتســبت قــوة
قانونية بإعتبارها قانون دولي عرفي .ويعطي العهــد الــدولي للحقــوق المدنيــة والسياســية تفاصــيل أكــثر
ويوفر قوة قانونية للعديد من الحقوق المنصوص عليهــا في اإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان .وبحلــول
20يوناير 2012م أصبح عدد الدول األطراف في العهد الدولي للحقــوق المدنيــة والسياســية 167دولــة
ملتزمــة بــإحترام أحكامــه وتنفيــذ إطــاره على المســتوى الوطــني .وتضــمن المــادة 19من العهــد الــدولي
للحقوق المدنية والسياسية حرية التعبيرة وحرية المعلومات بالصياغة التالية:
2ـ لكل إنسان حق في حرية التعبير .ويشمل هذا الحق حريتــه في إلتمــاس مختلــف ضــروب
المعلومات واألفكار وتلقيها ونقلها الى آخرين دونما إعتبار للحدود ،سواء على شــكل مكتــوب
أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.
97
3ـ ـ تســتتبع ممارســة الحقــوق المنصــوص عليهــا في الفقــرة 2من هــذه المــادة واجبــات
ومسوليات خاصة .وعلى ذلـك يجـوز إخضـاعها لبعض القيـود ولكن شـريطة أن تكـون محـددة
بنص القانون وأن تكون ضرورية:
(ب) لحماية األمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو اآلداب العامة.
باإلضافة الى ذلــك تحمي العديـد من المواثيـق الدوليـة األخــرى المتعلقــة بحقـوق اإلنســان كـالحق في
حرية التعبــير وحريــة المعلومــات ،حيث تشــمل إتفاقيــة حقــوق األشــخاص ذوي اإلعاقــات 2006م ()27
والتي تمت المصادقة عليها من قبل 109دولة طرف ،على أحكام تفصيلية تتعلق بحرية التعبــير وحريــة
المعلومات ،كما تنص المادة 21من اإلتفاقية ذاتها على ما يلي:ـ
"تتخذ الدول األطراف جميع التدابير المناسبة التي نكفل ممارســة األشــخاص ذوي اإلعاقــة حقهم في
حرية التعبير والرأي ،بما في ذلك الحق في طلب معلومــات وأفكــار ،وتلقيهــا ،واإلفصــاح عنهــا ،على
قدم المساواة مع اآلخرين ،وعن طريق جميــع وســائل اإلتصــال الــتي يختاروهــا بأنفســهمـ ،على النحــور
المع ّرف في المادة 2من هذه االتفاقية" ،وبما في ذلك مايلي:ـ
(أ) تزويــد األشــخاص ذوي اإلعاقــة بالمعلومــات الموجهــة لعامــة النــاس بإســتعمال األشــكال
والتكنولوجيا السهلة المنال والمالئمة لمختلف أنواع اإلعاقة في الــوقت المناســب ودون تحميــل
األشخاص ذوي اإلعاقة تكلفة إضافية.
(ب) قبول وتسيير قيام األشخاص ذوي اإلعاقة في معاملتهم الرسمية بإستعمال لغـة اإلشـارة
وطريقة برايل وطرق اإلتصال المعزز البدلــة وجميــع وســائل وطــرق وأشــكال اإلتصــال األخــرى
سهلة المنال التي يختاروها بأنفسهم.
(ج) حث الكيانات الخاصة التي تقدم خدمات الى عامة الناس ،بما في ذلــك عن طريــق شــبكة
اإلنـــترنت ،على تقـــديم معلومـــات وخـــدمات لألشـــخاص ذوي اإلعاقـــة بأشـــكل ســـهلة المنـــال
واإلستعمال.ـ
(د) تشــجيع وســائل اإلعالم الجمــاهيري ،بمــا في ذلــك مقــدموا المعلومــات عن طريــق شــبكة
اإلنترنت ،على جعل خدماتها في متناول األشخاص ذوي اإلعاقة.
98
كما تتضمن المادة التاسعة من الميثاق األفريقي لحقــوق اإلنســان والشــعوب الحــق في حريــة التعبــير
بالصياغة التالية:
كما يؤكد إعالن المبادئ حول حرية التعبير في أفريقيا ــ اإلعالن األفــريقي ـــ الــذي تم تبنيــه من
قبل اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب في عام 2002م في المادة الثانية منه على مايلي:ـ
(ب) ينبغي أن تكون أي قيود تفرض على حرية التعبير قيوداً منصوصا ً عليها بالقـانون ،وأن
تستهدف تحقيق مصلحة مشروعة ،وأن تكون ضرورية في التمتع الديمقراطي.
وينص اإلعالن األفريقي في مادته الثانية عشر المتعلقة بحماية السمعة على ما يلي:ـ
(أ) ينبغي أن تضمن الدول أن تكون قوانينها المتعلقة بالتشهير متوافقة مع المعايير التالية:
*الينبغي أن يُعتــبر أي شــخص أنــه مســؤول عن بيانــات صــحيحة أو آراء أو بيانــات تتعلــق
بالشخصيات العامة والتي كان من المعقول طرحها في تلك الظروف.
*الينبغي أن تكون العقوبات صارمة الى درجة تثبط الحق في حرية التعبير.
(ب)الينبغي أن تؤدي قوانين الخصوصية الى تثبط نشر المعلومات التي تهم الجمهور.
وبشكل مشابه يُلزم اإلعالن األفـريقي في مادتـه الثالثــة عشـرة المتعلقـة بــاإلجراءات الجنائيـة الـدول
األعضاء بأن تراجع كافة القيود الجنائية على المحتويات من أجل ضمان أن تكون تلــك القيــود تســتهدف
تحقيق مصلحة مشروعة في المجتمع الديمقراطي .كما يؤكد اإلعالن كلك على أن حريــة التبعــير الينبغي
أن تقيــد بمــررات النظــام العــام أو األمن الوطــني مــا لم يكن هنــاك خطــر حقيقي يتمثــل في إلحــاق ضــرر
بمصلحة مشروعة ،وأن يكون هناك عالقة سببية وثيقة بين خطر الضرر وحرية التعيبر.
ويخلص الميثاق العربي لحقــوق افنســان الــذي تبنتــه من قبــل مجلس جامعــة الــدول العربيــة في عــام
2004م الى التأكيد على المبادئ المتضمنة في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والعهــد الــدولي للحقــوق
المدنية والسياسية ،وكذلك العهد الدولي للحقوق اإلقتصاية واإلجتماعية والثقافية وميثاق األمم المتحــدة
وإعالن القاهرة لحقوق اإلنسان في اإلسالم.
99
وبالرغم من أن الميثاق العربي ينص على حمايــات أقــل قــوة لبعض الحقــوق األساســية إال أن المــادة
الثانية والثالثين من الميثاق العربي المعدّل تحمي حرية العبير بالصياغة التالية:ـ
.1يضمن هذا الميثاق الحق في اإلعالم وحريــة الــرأي والتعبــير ،وكــذلك الحــق في اســتقاء
األنباء واألفكار وتلقيها ونقلها الى اآلخرين بأي وسيلة ودونما إعتبار للحدود الجغرافية.
.2تمـارس هـذه الحقـوق والحريــات في إطــار المقومـات األساسـية للمجتمـع وال تخضــع إال
للقيود التي يفرضها احترام حقوق األخرين أو سمعتهم أو حمايـة األمن الوطـني أو النظـام العـام
أو الصحة العامة أو اآلداب العامة.
وباإلضافة الى ذلك تحمي المادة 42الحق في البحث العلمي والفــني واألنشــطة اإلبداعيــة والحــق في
المشاركة في الحياة الثقافية .من األهمية بمكان أن المادة 24تحمي اآلن الحـق في المشـاركة السياسـية
بما في ذلك حرية ممارسة النشــاط السياسـي وتشـكيل الجمعيــات واإلنضــمام إليهـا مــع اآلخـرين وحريـة
التجمع.
من الجدير بالمالحظة أنه حتى هذا النص الذي هو موضــوع جــدل يحمي بعبــارات صــريحة الحــق في
حرية التعبير وحرية المعلومات.
لقد تمكنت المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان على مدار السنوات من بناء فقها ً غنيا ً وتوجيهيــا ً تحت
المادة العاشرة من اإلتفاقية األوروربية لحق اإلنسان ،وقد أكدت المحكمة األوروبيــة على أهميــة حريــة
التعبير في مناسبات عدة مشيرة في أحدة األحكامـ الصادة عنها الى ما يلي:
"تُشكل حرية التعبير أحد األسس الجوهرية ألي مجتمع ،وأحد الشروط السياســية لتطــور ونمــو كــل
شخص في المجتمـع .حسـب الفقـرة الثانيـة من المــادة 02ـ )10فـإن حريــة التعبــير التنطبـق فقــط على
المعلومات أو األفكار المالئمة أو التي تعتبر غير مؤذية أو غير هامة وإنمــا تنطبــق حريــة التعبــير كــذلك
على المعلومات واألفكار التي تؤذي أو تصدم أو تزعج الدولة أو أي قطاع من السكان على سبيل المثــال
المطالبة بالتعددية والتسامح واإلنفتاح العقلي التي بدونها لن يكون هناك مجتمع ديمقراطي".
كما أكدت المحكمةـ األوربية كذلك بشكل مستمر على الدور البـارز للصـحافة في الدولـة الــتي تحكمهـا
سيادة القانون .وتستحق وسائل اإلعالم في المجمل حمايــة خاصــة بســبب دورهــا في تشــكيل المعلومــات
واألفكــار العامــة حــول القضــايا الــتي تهم الشــان العــام ،فليس فقــط على الصــحافة مســؤولية نشــر تلــك
المعلومات واألفكار ،وإنما من حق الجمهور كــذلك إســتالم تلــك المعلومــات واألفكــار ،وبخالف ذلــك فــإن
الصحافة لن تكون قادرة على لعب دورها الحيوي الحيوي كجهة رقابية لمصلحة الشعب.
100
وفي العام 2009أق ّرت المحكمة األوربية أنه عندما يكون لــدى لجهــات العامــة معلومــات تحتفــظ بهــا
وتلك المعلومات مطلوبة للنقاش العالم فإن رفض توفـير تلــك المعلومـات ألولئـك الراغـبين في الحصـول
عليها يعد إنتهــاك للحـق في حريــة التعبـير والمعلومـات والمحمي بمــوجب المــادة العاشـرة من اإلتفاقيــة
األوروبية لحقوق اإلنسان.
كما تبنى المجلس األوروبي كــذلك إتفاقيــة الوصــول الى الوثــائق الرســمية في يونيــو 2009م ،وهي
أول معاهدة إقليمية تتعلق بالوصول الى الوثائق.
وفي إطار اإلتحاد األوروبي تحمي المادة الحادية عشر من الميثاق األوروبي للحقوق ،وهو الميثــاق
ذو األثر الملزم قانونا ً والمساوي لمعاهدات اإلتحاد األوروبي الحق في حرية التعبــير وحريــة المعلومــات
بالصياغة التالية:
"لكــل شــخص الحــق في حريــة التعبــير ،ويشــمل ذلــك الحــق حريــة إعتنــاق اآلراء وإســتقبال ونشــر
المعلومــات واألفكــار بــدون تــدخل من الســلطة العامــة وبغض النظــر عن الحــدود .وينبغي احــترام حريــة
وتعددية وسائل اإلعالم".
وفي األخير ،تُشير األطروحات المذكورة آنفا ً والمتعلقـةـ بالقــانون الــدولي واإلقليمي لحقــوق اإلنســان
الى أن هنــاك ثــورة كبــيرة من المعاهــدات المتعلقــة بــالحق في حريــة التعبــير وحريــة المعلومــات وهي
المعاهدات التي تعتبر ملزمة للدول األعضاء فيها ،كما أن هناك عدد متزايد من "أشباه القــوانين" الــتي
التعتبر ملزمة رسيما ً إال أن لها قيمة من حيث اإلقناع .إن أهم المعاهدات الدولية المتعلقــة بقضــية حريــة
التعبير لكافة الدول األخـرى هي المــادة 19من العهـد الـدولي للحقــوق المدنيــة والسياسـية والــتي تـوفر
غطــار الحــد الــدنى لألحكـام الــتي ينبغي أن يتم تضـمينها في الدسـاتير الوطنيـة للـدول فيمــا يتعلـق بهــذه
الحقوق.
الى جانب الحقوق السياسية الفردية التي يمكن لألفراد ممارستها بصفة فردية وإنفراديــة ،الــتي كنــا
بصدد دراستها وتناولها في المحور السابق ،هناك أيضا ضمن الحقوق السياسية حقوق أخــرى جماعيــة
تعني أنها التمــارس إال في إطــار جمــاعي واليمكن ممارســتها بشــكل فــردي ،وهي الــتي يعتبرهــا البعض
صــلب الحقــوق السياســية ،هــذه الحقــوق تتمثــل في الحــق في تأســيس الجمعيــات واألحــزاب والنقابــات،
والحق في المشاركة في إدارة الشؤون العامة للدولة.
101
هناك أهمية خاصة للحــق في حريــة التجمــع الســلمي وفي تكــوين الجمعيــات للتمكين والتمتــع الكامــل
بالحقوق المدنية والسياسية واإلقتصــادية واإلجتماعيــة والثقافيــة ،مــع بيــان جــواز وضــبط تقييــد حريــة
التجمع .حيث أن هناك أهمية كبرى لوجود جمعيات وأطر تنظيمية تدافع وتطلب بــالحقوق وتقــوم بتقــديم
الخدمات .كما أن الحق في حرية التجمع السلمي وفي تكوين الجمعيات يشكالن عنصــرين جــوهريين من
عناصر الديمقراطية بما يتيح لألفراد فرصا ً كبرى تمكنهم من التعبير عن آرائهم السياســية( .)171وتنقســم
هذه الحرية الى قسيمن:
يعد الحق في حريــة اإلجتمــاع الســلمي من الحقــوق األساســية في المجتمعــات الديمقراطيــة ،كمــا أنــه
ضروري في الحياة السياسية واإلجتماعية ألية دولة من الدول ،وتعتمـد عليـه أيضـا ً األحـزاب السياسـية
بهدف تطبيق حق أخر هو الحق في اإلنتخاب.
ان حرية التجمع السلمي ركن أساسي من حرية الرأي والتعبير والتي تعتبر مقدمة لحقــوق اإلنســان،
فحريــة التجمــع الســلمي تعــني أن يتمكن األفــراد من اإلجتمــاع في األمــاكن العامــة ليعــبروا عن آرائهم
بالخطابة أو المناقشة أو بتبادل الرأي .والحقيقــة أن حريــة التجمــع الســلمي أو حريــة اإلجتمــاع الســلمي
تعتبر من الحقوق المعنوية التي تؤثر بصفة مباشرة على الرأي العام.
فقد كفلت المواثيق الدولية المعنية بحقوق اإلنسان هــذا الحــق منــذ اإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان
الصادر من األمم المتحدة عام 1948م ،والتي تعتبر مصدراً أسياسيا ً من مصادر التشريع الــذي ينص في
المادة ( ) 20منه بأنه "لكل شخص الحق في حرية اإلشتراك في اإلجتماعات السلمية" .وبالتالي نجد أن
هذا النص يحتوي على مبدأ واحـد هـو الحريـة لكـل شـخص لإلشـتراك في اإلجتماعـات العامـة السـلمية.
والحقيقــة أن أغلبيــة الدســاتير العربيــة التنص بصــورة بماشــرة على حريــة المــواطن في اإلشــتراك في
اإلجتماعات السلمية ،ولكنه يقر للمواطن الحق في اإلسهام في الحياة السياســية ،وبــأن تكفــل الدولــة لــه
حرية إبداء الرأي بالقول في حدود القانون.
كما نصت المادة ( )21من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه "يجب اعتراف
الــدول بــالحق في التجمــع الســلمي وكفالتــه" ،ونصــت المــادة ( )15من إتفاقيــة الحقــوق اإلقتصــادية
واإلجتماعية على أن تتعهد الدول األطراف في هذا العهد بإحترام الحرية التي الغنى عنها لسائر البشــر،
وكذلك أقر الميثاق األوروبي لحقوق اإلنسان في المادة الحاية عشر منه على حق أي مــواطن ــ ـ منفــرداً
أو مشــتركا ً في جماعــة ـــ في المجتمــع وعمــل التظــاهرات الســلمية وعلى الدولــة أن تحميهــا ،ويجب أال
171
.حرية تأسيس الجمعيات $والتجمع السلمي في القانون الدولي "تقرير $لمنظمة العفو الدولية" ،تعزيز التربية في حقوق اإلنسان وبناء القدرات ) (
102
توضع أي قيود على ممارسة هذا الحق ،ويجب على القانون المحلي أن يقنن حق التظاهر وفق ـا ً لمعــايير
األمن والسالمة العامة.
ونصت المــادة الرابعــة والعشــرين من الميثــاق العــربي لحقــوق اإلنســان على حــق التجمــع الســلمي
والتظاهر للمواطنين وحقهمـ في ممارسة أي نشاط سياسي سلمي.
كما نصــت المبــادئ األساســية لألمم المتحــدة بشــأن اســتخدامـ القــوة واألســلحة الناريــة من جــانب
الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين على أن عليهم قدر اإلمكان اللجوء إلى أساليب سلمية".
ورغم أن نصــوص المواثيــق الــتي أقــرت هــذا الحــق وضــعت بعض القيــود على ممارســته لكنهــا في
النهاية رفضت تقويضه من مضمومنه بدعوى اإلستثناء المتعلق بحماية السالمة واألمن العام.
والمنطق يفرض أنــه اليجــوز وضــع القيــود على ممارســة الحــق في التجمــع الســلمي ألنــه الحــق في
التجمــع الســلمي أصــبح من آليــات التعبــير الحــر في مجمتــع ديمقــراطي أوفي مجتمــع في حالــة إنتقــال
ديمقراطي.
والتتعلق ممارسة هذا الحق ،حسب قرارات اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان واللجنة األوروبية لحقوق
اإلنسان ،بإجتماع سلمي لعدد محدد من المشاركين ،بل يشمل هذا الحق أيضا ً تنظيم المظاهرات الســلمية
والــتي ال يمكن عــادة تحديــد عــدد المشــاركين فيهــا .بــل وذهبت اللجنــة األوروبيــة ألبعــد من ذلــك ،حيث
أوضحت ممارسة هذا الحق لتشمل أيضا ً المظاهرات الــتي ال يمكن أحيانـا ً الســيطرة عليهــا وحصــرها في
المجال السلمي.
وأضــحت المحكمــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان في ســياق آخــر ،في المقابــل ،بــأن الحــق في التجمــع
السلمي ال يمنع لدول من أخذ اإلجراءات اإلحتياطية بهدف أن تسير المظاهرات بشكل قانوني وسلمي.
يسمح هذا الحق بتطبيق فعلي للحقوق الفردية ،ويشــمل بالدرجــة األولى حــق تكــوين الجمعيــات الــتي
ليس لها هدف ربحي ،وحق تأسيس النقابات واإلنتساب إليها.
ويقابل الحق في تكوين الجمعيات الحق في عدم تكوينها واإلنتساب إليهــا والــذي اليمكن أن يُعــد بحــد
ذاته عمالً إلزامياً.
يتصل الحق في حرية التجمع والتنظيم فيما يتعلق بمنظمات المجتمع المدني بمراحل مختلفة من حياة
المنظمات أو الجمعيات ،وهي أساس القدرة على المنظمات واإلنظمام إليها ،وقدرة المنظمات على العمل
103
دون تــدخل بشــؤونها ،بمــا في ذلــك عــدم التــدخل التعســفي مــع األعضــاء أو النشــطاء المــرتبطين بهــذه
المنظمــات وتعــرض حقــوقهم للتهديــد وقــدرة المنظمــات على جمــع األمــوالـ لتتمكن من العمــل والقيــام
بنشاطاتها وتنفيذ برامجهــا ،والتحــرر من الحــل التعســفي أو أي شــكل آخــر من أشــكال التــدخل في عمــل
(.)172
المنظمات والجمعيات
وبشــكل عــام ،هنــاك نظامــان يطبقــان على منظمــات المجتمــع المــدني الراغبــة في إكتســاب شخصــية
إعتبارية ،وهي ما يعرف بنظام "اإلشعار" ونظام"التسجيل" .وتعتمد العديد من بلــدان الشــرق األوســط
وشمال أفريقيا نظام "التسجيل" ،إال أنــه رغم إســتكمال العديــد من طلبــات الجمعيــات وموافقتهــا جميــع
شروط التسجيل فإنه كثيراً ما يتم رفض هذه الطلبات.
وفي بعض الحاالت يكون الرفض مبنيا ً على أسباب أمنية غير محددة من جهة إدارية وبدون إمكانيــة
استئناف القرار لدى جهـات قضــائية .ومن المثـير للقلـق أن هـذه البلــدان تحظـر أنشـطة المنظمـات غـير
المسلجة أو من ينتمي لهذه المنظمات وتفرض أحيانا ً عقوبا ً شديدة في هــذه الحــاالت .لــذلك فــإن نشــطاء
المجتمــع المــدني اليجــدون بــديالً أمــامهم ســوى العمــل بشــكل غــير قــانوني بحيث يعرضــون أنفســهم
ومؤسساتهم للخطر المستمر.
أما بالنسبة للبلدان التي تعتمد نظام "اإلشعار" فإنها غالبا ً ما تفرض قيوداً أخرى فمعظم هذه البلــدان
تقتضي أن تصدر حكوماتها أيصاالً بإستالم اإلشعار وإصدار وثيقة التسجيل.
ولكن الممارسة العملية تظهر في بعض الحاالت أن السلطات في بعض الدول تتجاهل طلبات اإلشــعار
وال تصدر إيصاالت أو وثائق اإلستالم .ومثل ماهو متبــع فيمــا يتعلــق بإشــكالية التســجيل ،فكثــيراً مــا يتم
حظر أنشطة المنظمات غير المسلجة أو من ينتمي لهذه المنظمات ويجرى فرض عقوبات شــديدة عليهــا
(.)173
وبحسب رأي المقرر الخاص المعني بأوضاع المدافعين عن حقــوق اإلنســان ،فإنــه يجب أن ال يكــون
التسجيل إجبارياً ،ويجب السماح للجمعيات بأن تقوم وتضــطلع بأنشــطتها دون أن تضــطر للتســجيل .أمــا
بالنسبة لألنظمة التي تتطلب التسجيل ،يرى المقرر الخاص أن القانون يجب أن يوضــح وضــع المنظمــة
في الفترة مابين تقديم طلب التسجيل والقرار النهائي البات فيه ،وأنه ينبغي أن تكون هذه المنظمات حرة
في بدء أنشطتها الى أن يصدر القرار النهائي .ويعتبر المقـرر الخـاص في القـوانين الخاصـة بالمنظمـات
غــير الحكوميــة والــتي تحتــوي على قــوائم باألنشــطة المســموح بهــا وتلــك المحظــورة إشــكلية الى أبعــد
الحدود .كما ويجري التأكيــد بــأن إمكانيــة حصــول المنظمــات على التمويــل ،وقــدرتها على طلب التمويــل
www.amnesty.org/24-11-2017) ( 172
) ( 173انظر تقرير منظمة العفو الدولية ،مرجع سابق (نفس الموقع السابق ،ص . 45
104
وتلقيه وإستخدامه ،بما في ذلك من مصادر أجنبية ،هو عنصر أصيل في الحق في حرية التجمع وضمان
حرية عمل منظمات المجتمع المدني (.)174
ال يجعل القانون الدولي الحق في حرية التجمع حقا ً مطلقا ً .وتوضح المادة )2( 22من العهد الدولي
الخاص بــالحقوق المدنيــة والسياسـية أن القيــود المســموح بهــا يجب أن "ينص عليهــا القـانون وتشــكل
تــدابير ضـرورية ،في مجتمـع ديمقــراطي ،لصـيانة األمن القـومي أو الســالمة العامـة أو النظـام العـام او
حمايـة الصـحة العامـة أو اآلداب العامـة او حمايـة حقـوق األخـرين وحريـاتهم" .وعليـه ،فإنـه من غـير
المسموح فرض أي من القيود إال إذا تحققت هذه الشروط مجتمعة.
وتوضح اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان والمشرفة على تطبيق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية بأنه متى فُرضت أية قيود فعلى الدول أن تقدم الدليل على ضــرورتها ،كمــا يتعين فقــط إتخــاذ
تلك التدابير التي تكون متناسبة مع السعي الى تحقيق األهداف المشــروعة بغيـة ضـمان حمايــة الحقـوق
المنصوص عليها حماية مستمرة وفعالة .وال يجوز في أي حــال فـرض القيــود أو التــذرع بهــا على نحــو
يضر بجوهر تلك الحقوق.
ولذلك ،وكما يوضــح المقــرر الخــاص المعــني بأوضــاع المــدافعين عن حقــوق اإلنســان ،فــإن القيــود
المفروضة بموجب مراسيم حكومية أوامر إدارية بدون نصوص قانونية واضحة تعتــبر مخالفــة للقــانون
الدولي ،حيث أنها ال تفي بشروط المشروعية والقانونية .عالوة على ذلك ،ال يجوز إقرار قوانين تحــوي
بنــوداً غامضـة وفضفاضــة يمكن اســتغاللها أو إسـاءة تفســيرها بسـهولة .كمـا أن شــر ط إتخـاذ التـدابير
الضرورية في مجتمع ديمقراطي يقتضي ضمان وجود عمل عدد من الجمعيات ،بما فيها تلك الــتي تعمــل
سلميا ً لنشر أفكار قد تكون التتفق او تناقض رؤية الحكومةـ أو أغلبية السكان.
كذلك أن حظر تكوين الجمعيات ومحاكمة األفراد بسبب عضــويتهم في تلــك المنظمــات يجب أن يكــون
فقط ضرورية لتفادي خطراً حقيقيا ً وليس إفتراضيا ً فقط على األمن الوطني او النظام الديمقراطين ويجب
إثبات أن التدابير األقل تدخالً لم يكن كافيا ً لتحقيق ذلك الهدف(.)175
وال يزال التذرع بحماية األمن القومي أو النظام العام واللجوء الى قوانين مكافحة اإلرهاب والقــوانين
المماثلة أحد الوسائل الرئيسية التي تســتخدمها الحكومــات لقمــع الجمعيــات ونشــاطاتها .ويــرى المقــرر
الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق اإلنسان والحريات خالل إجراءات مكافحة اإلرهاب أنه على الرغم
من السماح بإتخاذ تدابير في سياق مكافحة اإلرهــاب مثــل تجــريم اإلعــداد ألعمــال اإلرهــاب الــتي تخطــط
) (174تقرير المقرر الخاص المعني بأوضاع المدافعين عن حقوق اإلنسان المقدم للجمعية العامة لألمم المتحدة 4أغسطس 2009م.
) (175تقرير المقرر الخاص المعني بأوضاع المدافعين عن حقوق اإلنسان المقدم للجمعية العامة لألمم المتحدة 4 ،أغسطس ،2006الفقرة .27
105
المجموعات إلرتكابها ،وهذا بدوره يعني الحاجة إلتخاذ تدابير تتدخل في حريــة التجمــع الســلمي وحريــة
تكوين الجمعيات ،إال أنه ينبغي أن ال تســيء الــدول اســتغالل الحاجــة الى مكافحــة اإلرهــاب بــاللجوء الي
تدابير تكـون مقيّـدة لحقـوق اإلنسـان بشـكل مفـرط وبـدون داع وبال إحـترام للمعـايير الدوليـة .وفي رأي
المقرر الخاص فان ذلك يعني أن القيود يجب أن تجتاز اختبار الضرورة وأن تفي بمتطلبات التناسب(.)176
تعد المشاركة السياسية في صنع القــرار السياســي واإلداري أســاس الديمقراطيــة ،وتعــبر عن ســيادة
الشعب ،ويرتبط مفهوم المشاركة على اإلعتراف بالحقوق المتساوية للجماعــات واألفــراد على الســواء،
وعلى اإلعتراف باآلخر وإعتباره متكافئا ً ومتساويا ً مع جميع نظرائه بصرف النظر عن الجنس أو الــدين
أو العرق أو النوع اإلجتماعي ،كما أن المشاركة البد أن تساهم في استبعاد الصــراع وتحــل محلــه فكــرة
التعاون.
أما في المجال السياسي تعتبر المشاركة حجر الزاوية ،حيث أنها تساعد في التداول السلمي للســلطة
وفي إعادة تركيب نظم السلطة وإتاحة الفرصة للجماعات المختلفة للمشــاركة عــبر آليــات ديمقراطيــة ــ
أي ــ اإلنتخاب.
فالمشــاركة السياســية هي نشــاط سياســي يرمــز الى مســاهمة المواطــنين ودورهم في إطــار النظــام
السياسي .وتبعا ً لتعريف صمونيل هنتغتون وجون نيلسون ،فإن المشــاركة السياســية تعــني تحديــداً ذلــك
النشاط الذي يقوم به المواطنون العاديون بقصد التأثير في عملية صنع القرار الحكومي ،سوا ًء أكان هذا
النشاط فرديا ً أم جماعياً ،منظما ً أم عفويا ً ،متواصالً أم منقطعا ً ،سلميا ً أم عنيفا ً ،شرعيا ً أم غير شــرعي
،فعاالً أم غير فعال (.)177
وبــدوره يؤكــد بعض البــاحثين أن المشــاركة السياســية تتعلــق ببنيــة نظــام سياســي وآليــات عملياتيــة
مختلفة ،حيث يكمن موقعها داخل النظام السياسي في المدخالت ،سواء اكــانت لتقــديم المســاندة للســلطة
القائمة ام المعارضة ،ولكنهــا تســتهدف تغيــير مخرجـات النظــام السياســي ،بالصــورة الـتي تالئم مطــالب
األفراد والجماعات الذين يقدمون عليها ( .)178لكنه يشير في الوقت نفســه الى أن المشــاركة السياســية ال
تقــف في كثــير من األحيــان عنــد حــد مــدخالت النظــام السياســي ،وإنمــا تتعــدى ذلــك الى مرحلــة تحويــل
المطالب ،وخاصة إذا وجد أفراداً وجماعات قريبة من تكون المؤسسات ومن نطاق عمله (.)179
106
تؤدي حقوق المشاركة السياسية العامــة دوراً حاســما ً في تعزيــز الحكم الــديمقراطي وســيادة القــانون
واإلندماج اإلجتماعي والتنمية اإلقتصادية ،وكذا في النهــوض بجميــع حقــوق اإلنســان .ويمثــل الحــق في
المشــاركة المباشــرة وغــير المباشــرة في الحيــاة السياســية والعامــة عنصــراً مهم ـا ً في تمكين األفــراد
والجماعات وأحد العناصر الرئيسية للنهج القائم على حقوق اإلنسان الرامية الى القضــاء على التهميش
والتمييز .وترتبط حقوق المشاركة إرتباطا ً وثيقا ً بحقوق اإلنسان األخرى ،مثل الحق في التجمع الســلمي
وتكوين الجمعيات ،وحرية التعبير والرأي ،والحق في التعليم والحق في الحصول على المعلومات.
وتواجه المشاركة السياسية والعامة على قدم المساواة عراقيـل في سـياقات عديـدة .وقـد تشـمل هـذه
العراقيل التمييز المباشر وغير المبشر على أسس مثل :العرق أو اللون أو النسب أو الجنس أو اللغــة أو
الدين ،أو الرأي السياسي أو غير السياســي ،أو األصــل القــومي أو األثــني أو اإلجتمــاعي ،أو الملكيــة أو
المولد أو اإلعاقة أو الجنسية ،أو أي وضع أخر .وحتى في حالــة عــدم وجــود تميــيز رســمي فيمــا يتعلــق
بالمشاركة السياسية أو العامة ،فإن عـدم المسـاواة في الوصـول الى حقـوق اإلنسـان األخـرى قـد يعـوق
الممارسة الفعلية لحقوق المشاركة السياسية.
وأكدت الجمعية العامة لألمم المتحدة مجدداً ان "المشاركة السياسية في الشــأن السياســي تســتند الى
إرادة الشعوب المعبرة عنها بحرية في تحديد نظمها السياسية واإلقتصادية واإلجتماعيــة والثقافيــة والى
مشــاركتها الكاملــة في جميــع نــواحي حياتهــا" ،كمــا جــاء من قبــل في الوثيقــة الختاميــة لمــؤتمر القمــة
العالمية في سبتمبر 2005م .ففي ذلك المؤتمر ،جددت الحكومات إلتزاماتها بتأييد الديمقراطية وأعربت
عن ترحيبها بنشأ صـندوق الديمقراطيـة في األمم المتحـدة .وتوجـه الغالبيـة العظمى من أمـوال صـندوق
األمم المتحــدة للديمقراطيــة الى منظمــات المجتمــع المــدني المحليــة لمشــروعات تقــوي صــوت المجتمــع
المدني وتعزز حقوق اإلنسان وتشجع على مشاركة جميع الفئات في العمليات الديمقراطية(.)180
لقد نشأت الديمقراطية بوصفها مسألة شاملة في نتائج مؤتمرات األمم المتحدة ومؤتمرات القمـة منـذ
التسعينات وفي األهداف اإلئمانية المتفــق عليهــا دوليـا ً الــتي إنبثقت عنهــا ،بمــا فيهــا األهــداف اإلنمائيــة
لأللفية .فقد تعهد زعماء العالم في إعالن األلفية بأن ال يدخروا وسعا ً لتعزيز الديمقراطية وتوطيد ســيادة
القانون واحترام حقوق اإلنسان والحريات األساسية .وتؤكد الوثيقــة الختاميــة للمفاوضــات مــا بعــد عــام
2015م " ،تحويل عالمنــا :جــدول أعمــال 2030للتنميــة المســتدامة" ،والــذي إعتمــدها رؤســاء الــدول
والحكومات في الفترة 25ــ 27من سـبتمبر 2015م .هـذا اإللـتزام العـالمي وهـو" الديمقراطيـة والحكم
الرشيدة وسيادة القانون وكذلك بيئة تمكينية على الصعدين الوطني والدولي ،ضــرورية لتحقيــق التنميــة
المستدامة.
) (180انظر قرارا الجمعية العامة رقم ، 2012 / 6972اصدارات ومنشورات ،ص .223
107
وتقدم األمم المتحدة الدعم للمشاركة السياسـية للمــرأة ،بمـا في ذلــك الجهـود المبذولـة لزيـادة حصــة
النساء اللواتي ينتخبن للمناصب ،وبناء قدرة النسـاء كعضـواتـ في المجــالس التشـريعية بعـد إنتخـابهن.
وفي يوليو 2010م وكجزء من إصالح على نطاق المنظومة ،أنشأت الجمعية العامة لألمم المتحدة هيئــة
األمم المتحــدة للمــرأة ،والمكلفــة بتنســيق عمــل تعميم مراعــاة المنظــور الجنســائي في منظومــة األمم
المتحــدة .وفي القيــام بــذلك ،أخــذت الــدول األعضــاء بــاألمم المتحــدة خطــوة تاريخيــة في تســريع أهــداف
المنظمة بشان المساواة بين الجنسين.
تتأسس المشاركة كمفهوم عــرفي على اإلعــتراف بــالحقوق المتســاوية للجماعــات واألفــراد في إدارة
شؤونهم والتحكمـ بمصائرهم ،وعلى القبول باآلخر وإعتباره كامل اآلهلية واإلنسانية بصــرف النظــر عن
الجنس أو الدين أو العرق أو اللون....الخ ،ويشمل مفهــوم المشــاركة السياســية مجمــل النشــاطات الــتي
تهدف التأثير على صـانعي القـرار السياسـي (كالسـلطة التشـريعية والتنفيذيـة واألحـزاب) وتـأتي أهميـة
المشاركة السياسية في هذه األشكال المختلفــة في مواقــع صــنع القــرار ومواقــع التــأثير في كونهــا تمكن
الناس من الحصول على حقوق ومصالحهم أو الدفاع عنها ،األمر الذي يعطيهم في النهايــة قــدرة للتحكم
بأمور حياتهم والمساهمة في توجيه حياة المجتمع بشكل عام.
تحدد المادة الخامسة والعشرون من العهد الــدولي الخــاص بــالحقوق المدنيــة والسياســية والتزامــات
الدول األطراف فيما يتعلق بحــق الفــرد في أن يشــارك في إدارة الشــؤون العامــة وفي أن يَنتخب ويُنتخب
في إنتخابات دورية نزيهــة ،وأن تُتـاح لــه فرصـة تلقــد الوظــائف العامــة على قــدم المســاواة مــع الغـير.
والمادة 25يكملها التعليق العام التفسيري واإلجتهادات التي إعتمدتها اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان.
وتحتوي صكوك دولية أخــرى لحقــوق اإلنســان عــل أحكــام مماثلــة .وتتضــمن هــذه الصــكوك اإلعالن
الدولي لحقوق اإلنسان (المادة ،)21والعهد الدولي الخاص بالحقوق اإلقتصــادية واإلجتماعيــة والثقافيــة
(المادة ،)8واإلتفاقيــة الدوليــة للقضــاء على جميــع أشــكل التميــيز العنصــري (المــادة 5ـــ ج) ،وإتفاقيــة
القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (المادتين 7و ، ) 8وإتفاقيــة حقــوق الطفــل (المــادة)15ـ ،
وإتفاقيــة حقــوق األشــخاص ذوي اإلعاقــة (المــواد )3(4و 29و ،))3(33واإلتفاقيــة الدوليــة لحمايــة
حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم (المادتين 41و ،)42وإعالن حقوق األشــخاص المنتمين
الى أقليات قومية أو إثنية أو الى أقليات دينية ولغوية (المادة 2ــ )2وإعالن األمم المتحــدة بشــأن حقــوق
الشــعوب األصــلية (المــادتين 5و ،)18وإعالن وبرنــامج عمــل ديربــان (المــادة ،)22وإعالن الحــق في
التنمية (المواد 1ــ 1و 2و8ــ ،)2واإلعالن المتعلق بحق ومسؤولية األفراد والجماعات وهيئات المجتمع
في تعزيز وحماية حقوق اإلنسان والحريات األساســية المعــترف بهــا عالميـا ً ( المــادة ،)8وعلى الصــعيد
اإلقليمي ،تنص عدة صــكوك على حمايــة الحقــوق السياســية على قــدم المســاواة ،بمــا فيهــا الــبروتوكول
108
األول لإلتفاقية األوروبية لحماية حقـوق اإلنسـان والحريـات األساسـية (المـادة ،)3واإلتفاقيـة األمريكيـة
لحقوق اإلنسان (المادة ،)23والميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب (المادة .)13
وفي جمي ــع الـــديمقراطيات ،يجب أن تقـــوم الس ــلطة على إرادة الشـــعب .واإلنتخابـــات هي الوســـيلة
الرئيسية التي تعبر بها الناس عن إرادتهم وتشكيل حكومتهم،ـ وهي تؤكد من جديد سلطة سيادة القانون.
ليس إرادة الشعب في حكم نفسه هي القاعدة الوحيدة التي تعتمد عليها فلسفة اإلنتخابــات؛ بــل تنبثــق
اإلنتخابات أيضا ً من الحريات األساسية والحقوق السياسية والــتي أرســيت في القــانون الــدولي من خالل
اإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان عــام 1948م ،ووافقت جميــع الــدول األعضــاء في األمم التحــدة على
أحكامه .فالمادة 21من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان تنص:
( )1لكل فرد الحق في اإلشتراك في إدارة الشؤون العامة لبالده إما مباشــرة وإمــا بواســطة
ممثلون يختارون إختيراً حراً.
( )2لكل شخص نفس الحق الذي لغيره في تقلد الوظائف العامة في البالد.
( )3إن إرادت الشعب هي مصدر سلطة الحكومة ،ويعبّر عن هذه اإلرادة بإنتخابــات نزيهــة
دورية تجري على أساس اإلقتراع السري وعلى قدم المساواة بين الجميع أو حسب أي إجــراء
مماثل يضمن حرية التصويت.
كما نص اإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان على حريــات وحقــوق أخــرى يجــوز إعتبارهــا ذات صــلة
باإلنتخابــات ،وهي :حريــة الــرأي والتعبــير ،حريــة اإلشــتراك في الجمعيــات والجماعــات الســلمية ،حــق
اإلنضمام الى النقابات ،حرية التنقل ،حرية التمتع بكافة الحقوق والحريات من دون تمييز وحــق اللجــوء
الفعال الى القانون.
كما تؤمن معاهدات أخرى خاصة بحقوق اإلنسان معايير متصلة باإلنتخابــات والبيئــة المحيطــة بهــا ،
فكل من اإلتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري عام 1966م ،وإتفاقية القضاء على
جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 1979م ،نؤمن قاعدة قانونية إضافية تحول دون تقييــد الحقــوق في
اإلنتخابات على أساس العرق ،وتطالب بالمساواة في الحقوق اإلنتخابية بين الرجال والنساء .أما إتفاقية
حقوق األشخاص ذوي اإلعاقة التي إعتمدتها األمم المتحدة عام 2006م ،فإنها تطـالب الــدول واألطــراف
أن تكفل لألشخاص ذوي اإلعاقة إمكانية المشاركة بصــورة فعالــة وكاملــة في الحيــاة السياســية والعامــة
على قدم المساواة مع األخرين ،بما في ذلك كفالة الحق والفرصــة لألشـخاص ذوي اإلعاقـة كي يصــوتوا
وينتخبوا.
109
يستند المجتمع الدولي في تقديم المساعدة اإلنتخابية للدول الــتي تطلبهــا على المــادة ( /21ثالث ـاً) من
اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الذي ينص على أن "إرادة الشعب هي أساس سلطة الحكم ،ويتوجب أن
تتجلي هذه اإلرادة من خالل إنتخابات نزيهة ودورية"(.)181
ففي منظـــور األمم المتحـــدة "تعـــد اإلنتخابـــات جـــزءاً من مكونـــات إنهـــاء اإلســـتعمار ولتحـــوالت
الديمقراطية ،وتنفيذ إتفاقايت السالم في جميع أنحاء االمل ،وتؤدي األمم المتحدة دوراً رئيسيا ً في توفــير
المساعدة الدولية لعمليات التغيير الهامة"(.)182
وتركز األمم المتحدة جهودها اإلنتخابية على تقديم المساعدة التقنيــة لمســاعدة الــدول األعضــاء على
بناء نظم إنتخابية وطنية مستدامة ذات مصــداقية .وقــد طلب أكــثر من ( )100بلــد مســاعدة إنتخابيــة من
األمم المتحدة وتلقي هذه المساعدة منذ عام 1991م ،عندما أيّدت الجمعية العامــة في قرارهــا /46ـ 137
عام 1991م ،رأي األمين العام بضـرورة تعــيين منســق للمســاعدة اإلنتخابيـة لتقـديم المشـورة إليـه بِــأن
المســائل اإلنتخابيــة ،وضــمان التماســك واإلتســاق في المســاعدة إلنتخابيــة الــتي تقــدمها األمم المتحــدة،
وأيّدت الجمعية العامة أيضا ً إنشاء وحدة صغيرة لدعم المنسق.
وتمارس إدارة الشؤون السياسية ،من خالل شعبة المساعدة اإلنتخابية التابعة لها ،مهاما ً رئيسية في
ضمان التماسك واإلتســاق داخــل مجموعــة واســعةـ من كيانــات األمم المتحــدة العاملــة لتوفــير المســاعدة
اإلنتخابية التي تقدمها األمم المتحدة في الميدان ،وتعمل الشعبة على ما يلي:
ــ ضمان العناية في تنسيق ودراسـة طلبـات المسـاعدة اإلنتخابيـة وتوجيـه هـذه الطلبـات الى
المكتب أو البرنامج المالئم؛
وتأسيسا ً على هذا المفهوم ،تعمل كثير من الــدول األعضــاء في األمم المتحــدة على تضــمين قوانينهــا
الوطنيــة للمواثيــق والقــرارات األساســية الصــادرة عن األمم المتحــدة ،مثــل :اإلعالن العــالمي لحقــوق
اإلنسان لسنة 1948م ،والميثاق العالمي حول الحقـوق السياسـية للمـرأة لسـنة 1952م .وبالتـالي يتعيّن
على القــوانين الوطنيــة في تلــك الحــاالت ،وكــذا سياســيات وأنشــطة اإلدارة اإلنتخابيــة ،أن تأخــذ بعين
اإلعتبار ما تنص عليه تلك المواثيق فيما يتلعق بجوانب مختلفة مثل :حق اإلقــتراع العــام دون أي تميــيز
) (181استراتيجية اإلنتخابات العامة في القانوني الدولي The Arabic network for human right informations, 2014 ،
) (182وفي أيام إنهاء اإلستعمار ،أشرفت األمم المتحدة وراقبت اإلستفتاءات $الشعبية التي أدت الى تكوين دول مستقلة جديدة ،واليوم ؛ تتركز جهود
المنظمة بإطراد على توفير المساعدة التقنية لمساعدة الدول األعضاء على بنء أنظمة إنتخابات $وطنية مستدامة وذات مصداقية.
110
كان ،سرية وحرية التصويت ،حق المرأة في اإلنتخاب والمشــاركة في الحكم ،وحقــوق األقليــات اللغويــة
وغيرها.
لذلك ومع تطـور العمليــة اإلنتخابيــة وشــمولها القســم األكـبر من دول العــالم ،أصـبحت الـدول الـتي ال
تجري فيها إنتخابات قليلــة جــداً وتشــكل خروجـا ً عن المــألوف ،وأيضـا ً أصــبحت عمليــة مراقبــة العمليــة
اإلنتخابية من قبل المنظمات والمؤسسات الدولية واإلقليمية والمحلية جزءاً ال يتجزأ من صحة وشــفافية
العملية اإلنتخابيـة ،لتـأتي تقـارير هـذه المؤسسـات مقياسـا ً لمـدى نزاهـة وشـفافية وديمقراطيـة العمليـة
اإلنتخابية أو عدمه في بلد ما(.)183
ولكن على الرغم من تأثيرات العملية اإلنتخابية في مجمل الحياة السياسية واإلجتماعية واإلقتصــادية
بالنسبة للدول التي تمارسها كوسيلة للوصول الى السلطة ،تبقى فاعلية األنظمة اإلنتخابية رهن تقيد تلك
الــدول وإلتزامهــا بالمعــايير الدوليــة الــتي توصــل المجتمعــات الى التعبــير الحقيقي والصــادق عن إدارة
مجتمعية حرة تعكس رغبة الناخبين وتطلعاتهم
بعد التعرف على مفهوم الحق وق السياس ية وأنواعه ا المختلف ة س واء تعل ق االم ر بالش ريعة اإلس المية
باعتبارها ركيزة هاته الحقوق ،أو من خالل القانون الدولي و المقارن الذي يجسد التنزيل الفعلي له ا الب د
من اإلحاطة بالمبادئ العامة الدستورية لممارسة هاته الحقوق وذلك تماشيا مع ما تقتضيه منهجية البحث .
) (183بناء عليه ،ترسخت مجموعة معايير دولية لمراقبة اإلنتخابات $العامة ،ففي العام 2005شارك ما يقارب من عشرين منظمة حكومية وغير
حكومية دولية ،بالتعاون مع شعبة المساعدة اإلنتخابية لألمم المتحدة في وضع "إعالن مبادئ المراقبة الدولية لإلنتخابات ومدونة قواعد السلوك
للمراقبين الدوليين لإلنتخابات " $متضمنا ً المعايير األساسية للمراقبة الدولية إلنتخابات ودور المراقب يوم اإلنتخاب من خالل مسودة السوكThe ..
.Arabic network for human right information, 2014
111
المبادئ العامة الدستورية لممارسة الحقوق السياسية
ان ممارسة الحقوق بصـفة عامـة والحقـوق السياسـية خاصـة يقتضـي وجـود ضـمانات قانونيـة ذات
طبيعة دستورية وهي المتمثلة في معايير ومبـادئ دسـتورية الزمـة تكـون قـد أقرتهـا الدسـاير العالميـة،
وإتفاقيات حقوق اإلنسان واإلعالنات العالميــة ومنهـا على الخصـوص مبـدأ سـمو الدسـتور ومبــدأ دولــة
الحق والقانون.
ان نشأة الدساتير وصياغتها هي بحد ذاتها ضــمانة لإلنســان وحقوقــه ،وصــورة الضــمان هي تتضــح
أكثر إذا عرفنا أن نشأة الدساتير تاريخا ً ماهي إال عمليــة صــياغة قانونيــة لفكــرة سياســية إســتطاعت في
صراعها مع األفكــار الخــرى أن تؤكــد إنتصــارها وأن تصــعد الى الســلطة وتعــرض إتجاهاتهــا وفلســفتها
بصيغة قواعد قانونية ملزمة ،وتأسيسا ً على ذلك فغن نشأة الدستور تحمل مدلوالً سياسيا ً وتضمن قواعد
ذات طبيعة قانونية (.)184
وان الخالصة التي يمكن أن نستنتجها من نشأة الدسايتر هــو اإلنتقــال من نظــام الســيادة المطلقــة الى
نظام السيادة المقيّدة كان ذلك أفضل كفاح الشعوب في ســبيل تحقيــق حقوقهـا وحرياتهـا ،وكـانت حركـة
حقوقها هي الدافع لكفاحها الدستوري ،وأصبحت هي المنشأ القانوني وأن الدستوري بات من الضمانات
األساسية لحقوقها وحرياتها ،وما النص على الحق في طلب لدستور إال ألعطـاء تلـك الحقـوق اإلنسـانية
مكانة رفيعة وعالية بدرجة تتناسب مع كرامة اإلنسان.
وبنا ًء على ذلك فإن التأكيد على وجود الدستوري كأساس لضمان حقوق اإلنســان فألن الدســتور يقيم
نظاما ً في الدولة يؤسس الوجود القانوني للهيئات الحاكمة في الجماعة محدداً من يكون له حق التصرف
بإسم الدولة ومحدداً أيضا ً وسائل ممارسة السلطة ،كمــا يــبين وســائل ممارســة الســلطة وطريقــة إختيــار
الحاكم وحدود سلطاه واختصاصاته ،ويمنحه الصفة الشــرعية ،إذا فهــو أســمى من الحــاكم ،وهــذا بحــد
ذاته واحدة من الضمانات التي يقدمها الدستور ،وعلى هذا تكون السلطة التي مصــدرها الدســتور مقيّــدة
بالضرورة كون الدستور يحيط بــه الهيئــات الحاكمــة بســياج قــانوني اليمكنهــا الخــروج عليــه وإال فقــدت
صفتها القانونية وفقدت صفاتها الشرعية واستمالت الى إجراءات غير قانونية(.)185
وعليه فوجود الدستور عني تقييد جميع السلطات المنشأة في الدولة ،أي السلطة التشريعية والسلطة
التنفيذية والسـلطة القضـائية ،ألن الدسـتور هـو الـذي أنشـأهاونظمها وبيّن إختصاصـاتها ،فهي سـلطات
) (184د .حافظ علوان الديلمي ،الحماية الدستورية لحقوق اإلنسان (دراسة مقارنة ) ،د .محمد عطيه فودة ،الحماية الدستورية لحقوق اإلنسان
دراسة مقارنة) ،مرجع سابق ،ص .202
) (185د .حافظ علوان الديلمي ،الحماية الدستورية لحقوق اإلنسان (دراسة مقارنة ) ،د .محمد عطيه فودة ،الحماية الدستورية لحقوق اإلنسان
دراسة مقارنة) ،مرجع سابق ،ص .203
112
تابعة للسلطة التأسيسية ،وهذه العناوين والمفردات الدسـتورية الــتي أوردناهــا ،هي اشـتراطات قانونيــة
أولية أساسية وتأسيس لمجموعة قواعد قانونية تكون آليات لضمان حقوق اإلنسان واحترامها.
ومن هذا نســتدل على أن الدســتور هــو القــانون األعلى الــذي يحــدد القواعــد األساســية لشــكل الدولــة
ونظام الحكم فيها وينظم السلطات العامة ،من حيث التكوين واإلختصــاص والعالقــات بين هــذه الســلطات
وحود كل سلطة والحقوق والواجبات األساسية لألفراد والجماعات ويضــع الضــمانات لهــا تجــاه الســلطة
والسلطات األخرى التي تكون غير مقيّدة بالدستور والمؤسسات ،وهي ســلطة مطلقــة تملــك القــدرة على
إهدار حقوق اإلنسان وحرياته.
وعلى الرغم من إقرارنا بأهمية الدستور وضرورته فإن مجرد وجوده هو مسألة غــير كافيــة لضــمان
حقوق اإلنسان وحرياته ما لم يكن دستوراً مدونا ً ـ أي ـ مكتوباً ،ومتضمنا ً لتلك الحقــوق والحريــات .وأن
اإلصـرار على فكـرة الدسـتور المـد ّون ترجـع الى إعتبـاره وسـيله من الوسـائل الناجحـة لضـمان حقـوق
اإلنسان وحرياته ،وذلك بتضمينه أحكاما ً واضحة ومحددة خاصة بتلك الحقوق سوا ًء كان ذلك في مقدمة
الدستور وبتخصيص فصل محد لها ،ألن وجود دستور مدون يعني ضمانة لوجود حقوق مدونة.
إن فكرة تدوين الدسـتور وتضـمينه لحقـوق اإلنسـان وحرياتـه ترجـع الى نهايـة القـرن الثـامن عشـر
عندما بدأت الشعوب تطالب حكامها بإصدار وثائق دستورية تصان بهـا حقـوقهم وتقيّـد سـلطات الحكـام،
وكان من المحفز على ذلك ما جاء في إعالن حقوق اإلنسان والمواطن الفرنسي الصادر في عام 1789م
،حيث نصت المادة ( )16على أن "كل مجتمع ال تكون فيه الحقوق مصـونة وال يـؤمن بفصـل السـلطات
العامة بعضها عن بعض يعتبر مجتمعا ً بال دستور".
ولعل من المفيد اإلشارة ونحن نتحدث عن الدساتير المدونة أن ال نتجاهل دور الدساتير غير المدونــة
وهي الدساتير العرفية في ضمان حقوق اإلنسان وحرياتهــا ويــأتي النمــوذج البريطــاني مثــاالً رائعـا ً على
ذلــك ،فالبريطــانيون يعتقــد بــأن أي نظــام للحريــات والحقــوق اليمكن أن يســتمر إذا لم يكن غالبيــة أفــراد
المجتمع حريصة على الحفاظ عليه(.)186
ولكن أيضا ً أثبت التجارب أن مجرد النص على الحقوق والحريــات في دســتور الدولـة اليضــمن دائمـا ً
تمتع اإلنسان بهذه الحقوق والحريات ،كما أن كيفية تطبيق الدستور التقل أهميـة عن نصـوص الدسـتور
ألن التطبيق الفاسد قد يذهب بأرقى الدساتير كما أن التطبيق الجيد قد يعطي على ما قــد يكــون بالدســتور
من شوائب ونقص وعيوب.
) (186د .حافظ علوان الديلمي ،الحماية الدستورية لحقوق اإلنسان (دراسة مقارنة ) ،د .محمد عطيه فودة ،الحماية الدستورية لحقوق اإلنسان
دراسة مقارنة) ،مرجع سابق ،ص .204
113
المطلب األول:
وحيث أن الحقوق السياسية وفق القانون الدولي لحقوق اإلنسان ،ال تكون فقط بالتنصيص عليهــا في
القانون الوطني للدولة ،بل البد من وجود شروط ضرورية إلحترامهــا ومراعايتهــا ،حــتى يتســنى للفــرد
والجماعة ممارسة تلك الحقوق.
يجمع الفقــه القــانوني والنظم السياســية على أن موقــع الحريــات في البنــاء القــانوني يــأتي في قمــة
القواعــد القانونيــة أو في الدســتور ،وقــد أدى هــذا الى ربــط الحقــوق والحريــات بالدســاتير ،حيث تمثــل
الدسـاتير أرقى مـا وصـل إليـه الفكـر اإلنسـاني في تنظيم شـؤون الحيـاة وتحـرض الشـعوب على إحاطـة
دساتيرها بعديد من اإلجراءات التي تحميها من التغيير وتحقق لها فكرة الجمـود النسـبي أمالً في تحقيــق
الثبات واإلستقرار(.)187
ولما كانت حقوق اإلنسان أغلى القيم المرتبطة بشخصه فقد كان من المؤكد أن يكون مكانها الطــبيعي
صلب الدساتير ،وهو ما درجت عليه النظم السياسية ،سوا ًء في الديمقراطيات الغربية أو اإلشتراكية بل؛
ان هذه المكانة الرفيعــة للحريــات دفعت بعــدد من الــدول الديمقراطيــة الى إصــدارها في صــورة إعالنــات
دستورية ،كاإلعالن الفرنسي ســنة ،1789وإعالن فالدليفيــا األمــريكي ســنة 1776م ،إنتهــا ًء بــاإلعالن
العــالمي لحقــوق اإلنســان الصــادر عن الجمعيــة العامــة لألمم المتحــدة ســنة 1948م ،إذ بــه ترتفــع هــذه
الحريات الى مرتبة النصوص الدستورية الملزمة وتعد قيداً على ســلطة المشــرع العــادي ،ويــذهب الفقـه
الى أن القانون هو األداة التشريعية الوحيدة التي تنظم الحقــوق والحريــات في حــدود اإلطــار الدســتوري
من غير أن تتعداه ،وتكاد هذه القاعـدة تمثـل إتجاهـا ً معاصـراً في سـائر النظم السياسـية منـذ إن وضـعت
إعالنات الحقوق الفرنسية بذورها.
ومرد ذلك هو أن األصل أن الحقــوق والحريـات ال تجــوز أن ينظمهـا سـوى الدسـتور نفســه ،غـير أن
اإلعتبارات القانونية والفنية تحول دون أن تتســع نصــوص الدســتور لتفضــيالت تنظيم الممارســة الحــره
لألنشطة الفردية ،ولذلك يعهد الدستور للقانون بهذه المهمـة ومن أهم هـذه الحريـات الحقـوق السياسـية
واإلجتماعية.
ويذهب رأي في الفقه الغربي الى أن الحريات المنصوص عليها في الدساتير التزيد عن كونهــا وعــداً
دستوريا ً يتطلب تدخل المشرع العادي لوضعه موضع التنفيذ ،وعلى المشروع أن يراعي في تدخل حدود
كل حرية ويؤيد هذا النظام في الفكر الغربي د .نعيم عطيه في رسالته حول النظرية العامة للحريات.
) (187قمر قليح ،حقوق اإلنسان بين الحماية الدولية والضمانات الدستورية ،أطروحة دكتوراة ،جامعة اإلسكندرية ،مصر1998 ،م ،ص.306
114
كما يذهب رأي أخر في الفقه الى أن القيود متى وردت بالنصوص الدســتورية فإنــه يتعين نـزوالً على
قوتها الملزمة تطبيعها ولو لم يصدر تشريع بها ،غــير ان الــراجح فقهـا ً وقضــا ًء أن القيــود على الحريــة
التي ترد بنص دستوري ال تنفذ إال بصدور تشريع بها ،ذلك أن األصل في الديمقراطيــة هــو الحريــة وأن
القيد يرد عليها استثنا ًء على خالف األصل ومالم يتدخل المشرع بالتنظيم فــإن الحريــة تظــل هي األصــل،
بحيث اليجوز إعمال قيود لم يصدرها تشريع ألن النصوص ال تمنح الشعوب حقوقا ً بل ،هي تكشف عنها
فقط ،ويسلم الفقه بأن مجال تنظيم الحريات وقف على القانون ،والقانون مايجب صدوره من شــكليه ،مــا
يصاحبه من عالنية ومناقشة ،فضالً عن عمومية قواعده وتجريدها بشكل أو في ضمان للحرية(.)188
أما العميد السنهوري :فيرى إمكانية الركــون الى معيــار موضــوعي يضــفي على الحريــات مزيــداً من
الثبات واإلستقرار ،إستناداً الى فكرة اإلنحراف بالسلطة المعمول بها في نطاق القرارات اإلداريــة ،وذلــك
أن هناك حريات مطلقة المجال للتشريع في تقييـدها ،وإال دفـع التشــريع بــاطالً مخالفتـه لنص دســتوري،
مثال حرية العقيدة ،وأخرى يعهد الدستور للمشرع بتنظيمها بمقتضى ما يجــوز من ســلطة تقديريــة تكــاد
تستغرق العملية التشريعية(.)189
إذن المشرع عند عــدم إلزامــه بنص دســتوري محــدد للتــدخل في تنظيم حريــة مــا ،فإنــه يملــك ســلطة
تقديرية للتدخل سوا ًء كانت هذه السلطة مطلقة أم مقيّدة ،غير أن هــذه الســلطة بالفعــل ليســت مطلقــة بــل
هي سلطة مرتبطة بحدود المبادئ الدستورية ،وحيث أن الحقوق السياسية وفق القانون الــدولي التكــون
فقط بالتنصيص عليها في القانون الوطني بل؛ البد من وجود شــروط ضــرورية إلحترامهــا ومراعاتهــا ،
حتى يتسى للفــرد والجماعــة ممارســة تلـك الحقــوق وذلــك بتطلب تبيان ه في فــرعين ،األول :مبــدأ ســمو
الوثيقة الدستورية ،الثاني :دولة الحق والقانون هي أيضا ً الضامن لممارسة الحقوق.
يقابل اصطالح "الدستور" في اللغة الغربيــة " "Constitutionالــذي يفيــد األســاس أو التنظيم أو
التكوين أو البناء ،فهو يتضمن معنى النظام األساسي ،كما يعــبر في ذات الــوقت عن طريقــة تكــوين هــذا
النظام والعناصر الــتي يقــوم عليهــا ووســائل ســيره ،وتنظيمــه ،ولهــذا فــأن الكلمــة تســتخدم للداللــة على
القواعد األساسية التي يقوم عليها كل تنظيم من التنظيمات ،فالدستور بالمعنى اللغوي يوجد حيثما توجد
الجماعة المنظمة التي تخضع في وجودها وفي سيرها لقواعد محددة تتمثل في القانون الدستوري الــذي
قدمت له العديد من التعاريف.
) (188قمر قليح ،حقوق اإلنسان بين الحماية الدولية والضمانات الدستورية ،مرجع سابق ،ص.308
) (189د .السنهوري ،مقال عن مخالفة التشريع الدستوري واإلنحراف في استعمال السلطة ،مجلة الدولة ،أنظر في ذلك :قمر قليح ،حقوق اإلنسان
بين الحماية الدولية والضمانات الدستورية ،مرجع سابق.
115
ويعني مبدأ سمو الدستور :جعله أسمى قانون في الدولة ،بحيث ال يسمو عليه أي قانون أخر ويستند
هذا السمو للقواعد الدستورية الى مضمونها وما تحتوي عليــه من أحكــام وقواعــد موضــوعية وهــو مــا
يسمى بالسمو الموضوعي للدستور الذي يتحقق لجميع أنواع الدساتير منها وغير المدونة ،المرنة منها
والصلبة ،كما يستند سمو الدستور من ناحية أخرى الى الشكل الذي تضم فيه القواعد الدستورية ،وذلــك
عندما يتطلب الدستور إجراءات مسطرية معينة سواء في وضعه أو في كيفية تعديلة وهذا ما يطلق علية
السمو الشكلي الذي ال يتحقــق إال للدســاتير المدونــة والصــلبة ،فســمو الدســتور يتضــمن بعــدين أحــدهما
يكتسي طبعا ً شكليا ً واألخر يتخذ طابعا ً موضوعياً.
الســمو الشــكلي :يرتبــط هــذا البعــد بــاإلجراءات الســطرية الــتي على ضــوئها يــأمر وضــع القواعــد
الدستورية ،وهذا األمر يتحقق في الدساتير المدونةوالصلبة ،كما أن السـمو الشـكلي للدسـتور ينصـرف
الى جميع القواعد مـا دامت هـذه األخـيرة واردة في صـلب وثيقـة الدسـتور بغض النظـر عن مضـمونها،
وبالتالي ال تعتبر أي قاعدة قانونية قاعدة دستورية ما لم ترد وتنسجم مع الوثيقة الدســتورية ولــو كــانت
في موضوعها ومضمونها كذلك.
السمو الموضوعي :يتحدد الســمو الموضــوعي للدســتور وفقـا ً لمضــمون وطبيعــة القاعــدة القانونيــة
وليس حسب اإلجراءات الشكلية المتبعة في خلقها أو تعديلها ،ويبرز الســمو الموضــوعي للدســتور من
خالل بعدين أساسيين:
أوالً :البعد السياسي ،ويناط للدستور تبيان النظام القانون األساسي للدولــة فهــو يحــدد أوجــه
أنشطة الدولة مرتباطا ً بإديولوجية معيّنــة ،حيث يرســم من خاللهــا اإلطــار السياســي اإلجتمــاعي
اإلقتصادي للدولة.
ثانيا ً :يبلور الدستور السلطات الحاكمة محــدداً اختصاصــاتها ووظائفهــا ،حيث يحــدد مجــاالت
واختصاصات كل من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية(.)190
ال يمكن تصور دولة الحق والقانون بدون دستور ،ذلك أن هذا األخير هو الذي يحدد البنيـة السياسـية
للدولة ،وكيفية التداول على السلطة بل هو عادة ما يتضــمن إعالنــات حقوقيــة تقــوم على أســاس مبــادئ
فلســفية وأخالقيــة ،وتقــدم ضــمانات حقوقيــة لألفــراد والجماعــات ممــا حــدا بــالبعض على اعتبــار تلــك
اإلعالنات بمثابة دساتير اجتماعية في صلب الستور السياســي تتمتـع بنفس القيمــة ولهـا نفس األهميـة،
ونظراً لطبيعة الضمانات الحقوقية التي يتضــمنها الدســتور ،كــان من الالزم إعطــاءه طابعـا ً ســاميا ً بحيث
يعتبر هو األول واألسمى في الدولة يعلو على غــيره من القــوانين وال يجــوز تغيــيره ،او تعديلــه إال وفــق
إجراءات خاصة ومعقدة في حالة ما إذا كان دستوراً صلباً.
) (190د .محمد زين الدين ،القانون الدستوري والمؤسسات العامة ،الطبعة األولى ،مطبعة النجاح الجديدة ،المغرب ،2011 ،ص .85 -84
116
وقد تولد عن ذلك مبدأ دستورية القوانين والذي يفرض مطابقة كل القواعد القانونية للدســتور وعــدم
مخالفتها له تحت طائلة اإللغاء والبطالن الشئ الذي تطلب معــه تنصــيص جهــاز خــاص في أغلب الــدول
الديمقراطية يسهر على دستورية القوانين من اجل الحيلولة دون خالفتها للدسـتور ،وتتم إحاطتـه عـادة
بكافة الضمانات التي تضمن له العمل بشكل مستقل عن جميع المؤسسات السياسية األخرى.
لقد خلق مبدأ سمو السدتور تراتبية قانونية تمنح الصالحية للقانون األعلى على القانون األدنى ،وقــد
ترتب على ذلك مقتضيات يتمثل األول :في عدم جواز إلغاء قاعدة دســتورية إال بقاعــدة دســتورية أخــرى
ويتجسد الثاني :في عدم جواز تعارض قانون عادي مع قاعدة دستورية ،إذن اليكفي وجــود دســتور لكي
نقــول بــأن هنــاك وجــود دولــة الحــق والقــانون ،بــل البــد من وجــود جهــاز يســهر على احــترام الدســتور
وباألخص من طرف المؤسسات وهو ما يـبرر وجـود القضـاء الدسـتوري الـذي يسـهر على احـترام هـذا
الدستور الضامن لحقوق األفراد والجماعات ،ويبقى شرط اإلستقاللية أساسيا ً في القضاء الدســتوري ،إذ
بدونــه يكــون من الســهل التــأثير عليــه والتحكمـ في قراراتــه ،حيث قــد يصــبح خــرق الحقــوق مطابق ـا ً
للدستور(.)191
أما أهمية إعالنات الحقوق في صلب نص الدستور فمعناه أنها أصبحت من المبــادئ الدسـتورية الـتي
اليمكن خرقها على مختلف مستويات القانون أي الدولة تجد نفسها مقيّدة بنص الدستور بــإحترام وعــدم
خرق حرية الفرد وحقوقه "فهل ينص عليه الدستور من حقوق معناه عدم جواز تمتع األفـراد بهـا؟ ومـا
يعيشه القانون الدســتوري اليــوم وعلى وجــه التحديــد منــذ اتفاقيــة هلســنكي ســنة 1976م ،تــاريخ نفــاذ
العهدين الدوليين للحقــوق المدنيــة والسياســية ،اإلقتصــادية ،اإلجتماعيــة والثقافيــة .واإلتفاقيــة طــرحت
فرض عقوبات على الدول التي التحترم حقوق اإلنسان ،الشيء الذي أطلق حمى تعـديالت دسـتورية في
مختلف دول العالم التي ضلت بمنأى عن هذه الثقافية السياسية الحديثــة خاصــة دول العــالم الثــالث ،ممــا
نتج عنه مفارقة كبيرة تمثلت في توسع الحماية الدولية لحقوق اإلنسان.
سواء على مســتوى هيئــة األمم المتحــدة أو على مســتوى المنظمــات اإلقليميــة وواقــع الحمايــة الــتي
توفرها دساتير دول العالم الثالث ،وإذا قلنا الدستور فإنما نعـني بـه النظـام الـذاتي والقـانوني واألساسـي
الذي ينتظم به أمر األمــة والدولــة والنفــر والجماعــة والحــاكم والمحكــوم والــراعي والرعيــة فبالدســتور
تتقرر الحقوق والواجبات ،ويعرف كل من الشعب والحكومةـ مــا لــه ومــا عليــه ،وهــذا شــرط أساســي في
حياة كل مجتمع بشري وطيد الكيان ،محكم النظام مستقيم السياسة موفور العزة(.)192
) (191إدريس برهون ،إشكالية دولة الحق والقانون في المغرب ،الطبعة األولى ،دار الفرقان للنشر الحديث ،الدار البيضاء ،ابريل ،2002ص
.57-56
) (192علي حسني ،القانون الدستوري وعلم السياسة ،الطبعة الثانية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البضاء ،1999 ،ص 18
117
إن إقرار الحريات العامة في أسمى قانون في الدولة يشكل في الوقت الحاضر ظاهرة عالميــة تكتســي
داللتها بالنظر لمتطلبات دولة القانون وتختلف في أشكالها ومضامينها من دولة الى أخرى ،وهذا اإلقرار
بواســطة الدســتور ينبــع من اعتبــاره القــانون األســمى ،وبهــذا فهــو بمثابــة األداة الفعالــة لضــمانها ضــد
تجاوزات السلطة التشريعية والتنفيذية ،كما يرتبط بمفهوم معيّن لدولة القانون ،أنها الدولة الــتي تلــتزم
بحقوق اإلنسان األمر الذي يتطلب تضمينها في قوانين الدولة.
إننا هنا لسنا أمام دولة الحق بالمفهوم الشكلي ،دولة الحق الــتي تخضــع لنظــام الحــق ويهيمن عليهــا
تــدرج القواعــد القانونيــة الــتي تضــمن احترامهــا بواســطة قضــاء مســتقل ،ويجب أن تكــون مطابقــة مــع
الدســتور ،بمــا فيهــا القــانون المص ـ ّوت عليــه من طــرف البرلمــان ،بحيث ال يعــبر عن اإلرادة العامــة إال
بإحترام الدستور كل هذا يصــب في اإلتجــاه الــذي يفيــد بـأن الضــمانات المتعلـق بالحريـات العامــة ليسـت
نتيجة حتمية لدساتيرها ،فهي تكون لها قيمــة قانونيــة وفعليـة وحـتى تكتســي ســموها بالنســبة للقواعـد
القانونية األخرى التي توجد في مرتبة أدنى منها والمنبثقة عن السلطة والمؤسسة.
يجب اوالً أن يتم النص عليهــا في دســتور ،وذلــك أن الدســتور يفــرض على المشــروع وكــذا على
السلطة التنفيذية بقوة تختلف حسب المسطرة المنصوص عليها لتعديله ،ويجب ثانيا ً أن ينص الدســتور
بصفة صريحة على المراقبة القضائية ضد إنتهاكها ،ويتعلق األمر هنا أساسا ً بمراقبة دستورية القوانين
وأن التنصيص عليها بصفة صريحة ال ضمنية يفيد بأن الدستور كعقد بين الحــاكمين ال يهتم فقــط بتنظيم
السلطات وتحديد العالقات بينها ،ولكن أيضا ً بضمان الحريات العامة لتشكل مكون ـا ً أساســيا ً من مكونــات
هذا العقد (.)193
القانون هو أسمى تعبير عن إرادة األمة ،والجميع أشخاصا ً ذاتيين أو إعتبــاريين بمــا فيهم الســلطات
العمومية ،متساوون أمامه وملزمون باإلمتثال له .وتعمل السلطات العمومية على توفــير الظــروف الــتي
تمكن من تعميم الطــابع الفعلي لحريــة المواطنــات والمواطــنين ،والمســاواة بينهم ،ومن مشــاركتهم في
الحياة السياسية واإلقتصادية والثقافية واإلجتماعيـة .كمـا تعتـبر دسـتورية القواعـد القانونيـة وتراتيبهـا
ووجوب نشرها ،مبادئ ملزمة .وليس للقانون أثر رجعي (الفصل 6من الدستور).
) (193رقية مصدق ،الحريات العامة وحقوق اإلنسان ،الطبعة األولى ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،دنبر ،1999 ،ص 75
118
ّ
الحق والق$$انون في ص$$يغة الحق والقانون ،فإ ّنه يت ّم دمج مصطلحيّ
ّ عند التحدث عن دولة
بشكل أساسيّ إلى خلق دولٍ $ة ذات مؤسّسٍ $ة
ٍ الكالم ،ونحن نعلم أنّ هذين المصطلحين يرمزان
ديمقراطيّة .ليس بالضّرورة أن كل دول$$ة تطل$$ق على نفس$$ها ه$$اتين الص$$فتين هي دول$$ة ذات
مؤسّس ٍة ديمقراطيّة ،ويرجع في تقييم ه$ذه الدول$ة إلى أص$$ل الحكم المتمث$$ل بالش$عب ،وم$$دى
ّ
بالحق والقانون (الديمقراطيّة) في ظ ّل هذه الدولة. شعور المواطنين
ويختلف تعريف مفهوم دولة الحق والقانون من بل ٍد آلخر ،لكن يمكن أن يتم إيجاد تعريف
لهذا المصطلح من خالل عد ٍد من النقاط تعمم التعريفات جميعها ،وهي :دولة الحق والقانون
هي عبارة عن دولة فيها حق وقانون يُسيّران المنتس$$بين إلى تل$$ك الدول$$ة ،من خالل مراع$$اة
ع$$د ٍد من المب$$ادئ القائم$$ة على ض$$رورة اح$$ترام الحريّ$$ات الشخص$$يّة ،من خالل ض$$مان
الحريّات الفرديّة والتشبث بالقيم اإلنسانيّة .ضرورة احترام القوانين التي ت ّم وض$$عها لتس$$يير
األف$$راد والجماع$$ات ،به$$دف تمكينهم من العيش وف$$ق نهج يس$$وده الع$$دل الجم$$اعي ،إضً $
$افة ٍ
لحم$$ايتهم في حال$$ة وق$$وع أيّ ظ$$ر ٍ
ف ق$$د يلح$$ق األذى بهم أو بإنس$$انيتهم دون النظ$$ر إلى
119
$ق والق$$انون ،إضً $
$افة لتحدي$$د األيدولوجيّة .تطبيق مبدأ فص$$ل الس$$لطة للعم$$ل بمقتض$$يات الحّ $
مُهمّة وماهية كل سلطة على حدة ،حتى ال تتحوّ ل ممارسة تلك السلطات إلى فوض$$ى وعلي$$ه
فإذا ك$$ان الق$$انون ي$أتي اقتض$اء ال ابت$$داء ،ال ب$$أس أن نف$$رش فرش$ا مبس$$طا الئح$ة الحق$وق
األساس$$ية ال$$تي ينبغي أن يتمت$$ع به$$ا المجتم$$ع ،وعلى أساس$$ها ينبغي أن تص$$اغ الق$$وانين
والمساطر تجسيدا لها وتيسيرا لسريانها ،ويمكن إجمال أهم هذه الحقوق األساسية في التالي:
.1حق المجتمع في تقرير نوع ومضمون تعاقده مع من يحكمه ويسير شأنه العام،
.5ح$$ق المجتم$$ع في تنظيم نفس$$ه والتعب$$ير على اختيارات$$ه المتنوع$$ة تن$$وع تش$$كيالته
ومكوناته،
.7حق المجتمع في صون الكرامة اإلنس$انية لك$ل أف$راده ،بمختل$ف تجلياته$ا االقتص$ادية
والثقافي$$ة واالجتماعي$$ة ،من ش$$غل وعيش ك$$ريم ،وق$$درة ش$$رائية ت$$وفر الكف$$اف ،وتط$$بيب
مجاني ،وتعليم مجاني ،وسكن$،...
.9حق المجتمع في صون الملكية الفردية والمنافسة االقتصادية الشريفة والحرة والشفافة
و المسؤولة لكل أفراده (بما ال يضر مصلحة المجتمع ككل وفئاته)،
و إذا دولة القانون التي ينبغي أن تكون مالذ طم$$وح المجتم$ع ،هي الدول$ة الض$$امنة له$ذه
الحقوق ،العاملة على إصدار قوانين بما يضمن سريان هذه الحقوق،
بهذا المع$$نى ال يمكن أن نتص$$ور "قض$$اء" في دول$$ة الح$$ق والق$$انون غ$$ير مس$$تقل ،أو ال
يحمي المجتمع من الظلم والتعسف والشطط في استعمال السلطة،
120
وال يمكن أن نتصور "قانونا للصحافة" في دولة الحق والقانون يكب$$ل حري$$ة التعب$$ير ول$$و
تحت أية دعاوى أو تبريرات قانونية،
وال يمكن أن نتص$$ور "قانون$$ا لألح$$زاب السياس$$ية" في دول$$ة الح$$ق والق$$انون يعرق$$ل
التأسيس ،وتوظف فيه الثغرات لصالح المنع أو اإلنكار،
وال يمكن أن نتصور "قانونا جنائيا" في دولة الحق والقانون ال يحمي المتهم ،وال يض$$من
له مجريات تحقيق ومحاكمة عادلتين بدءا من مقتضيات مسطرة البحث التمهيدي$...
وكما أن دولة الحق والقانون ينبغي عليها إصدار قوانين بما يضمن سريان ه$ذه الحق$وق،
فهي كذلك الساهرة على تطبيق هذه القوانين بما يضمن سريان تنزيله$$ا ،بش$$كل يحف$$ظ أيض$$ا
هذه الحقوق األساس$$ية ال$$تي ذكرن$$ا من قب$$ل من التبدي$$د والعبثي$$ة ،وبه$$ذا المع$$نى ال يمكن أن
نتصور تنزيال لقوانين تخرق فيها قواعدها ومساطرها لصالح اتهام مجاني تداس فيه كرام$$ة
مواطن بريء قبل أن تثبت إدانت$$ه ،والتش$$هير ب$$ه قب$$ل أن يق$$ول القض$$اء كلمت$$ه في$$ه إذا ك$$ان
متهم$$ا ،وال يمكن أن نتص$$ور ت$$نزيال له$$ذه الق$$وانين ي$$ؤول فهمه$$ا وش$$رحها لص$$الح ت$$برير
التعسف ،أو لصالح منع حق في التعبير أو التنظيم ،أو لصالح تبرير التدخالت العنيفة ب$القوة
لتفريق مظاهرة يحتج أصحابها لضمان حقهم في العيش الكريم ،فالقانون هنا وتطبيقه يك$$ون
مح$$ط موازن$$ة بين تنزي$$ل بن$$وده حرفي$$ا أو بش$$كل ت$$أويلي وبين اس$$تدعاء خلفي$$ات إص$$داره،
باعتباره كما قلنا من قبل "قانونا لضمان س$$ريان الحق$$وق" ،والموازن$$ة في تق$$ديرنا ينبغي أن
تكون راجحة لصالح ضمان سريان هذه الحق$$وق ،وإال ت$$اه الق$$انون عن مقص$$ده وتم$$رد عن
أسباب والدته.
121
إن الق$$انون في دول$$ة الح$$ق والق$$انون ،ينبغي أن يك$$ون خادم$$ا للح$$ق ال أن يك$$ون الح$$ق
خادمه ،أن يكون خاضعا للحق ال أن يكون الحق خاضعا له ،أن يكون مسيدا بالحق ال س$$يدا
عليه ،هذا هو معنى القانون في دولة الحق والقانون ،و من يريد أن يكرس غير هذا المع$$نى
فهو بذلك ال يعمل إال على تكييف كل مفاهيم االستبداد والظلم والتض$$ييق على الحري$$ات م$$ع
واقع الحال ،حتى يضمن لها االستمرارية في الحياة ،وبالتالي إعط$$اء عم$$ر إض$$افي لمجم$$ل
المآسي االجتماعية للمجتمع...
إن دول$$ة الح$$ق والق$$انون ليس$$ت هي فق$$ط ال$$تي تت$$وفر على دس$$تور وعلى حكوم$$ة وعلى
برلم$$ان وعلى جه$$از قض$$ائي ،وليس$$ت فق$$ط ال$$تي تت$$وفر على ترس$$انة هائل$$ة من الق$$وانين،
وليست فقط هي التي تدار فيها االنتخابات ،إن دول$$ة الح$$ق والق$$انون هي مض$$امين قب$$ل ك$$ل
هذا ،ومضامينها كلها ينبغي أن تكون منسجمة مع مبرر وجودها ،ال$$ذي ه$$و ض$$مان حق$$وق
المجتم$$ع وفئات$$ه وأف$$راده وجماعات$$ه ،ح$$تى تك$$ون بح$$ق دول$$ة المجتم$$ع المع$$برة عن نبض$$ه
وإرادته واختياراته...
تعتبر دولة الحق والقانون الضامن لممارسة الحقوق ،حيث يكون همهــا منصــبا ً بكاملــه على شــخص
اإلنسان ،الذي يصبح هم الغاية وليس الوسيلة في مخططات الدولة فكل سياسية تكون غايتهــا المحافظــة
على اإلنسان ،وإســعاده وعنـدما ال تحمي الدولــة كرامــة اإلنســان وحقـه في ممارســة حقوقـه فهي تعـني
شيء أخر غير دولة الحق والقانون.
فاإلنسان هو جوهر الدولة وليس المقصود بذلك تضييق الخناق عليه وإعتباره مصدر للخطر ،وجعــل
الهاجس األمني مهيمنا ً على كل العالقات التي تربط الدولة به ،وإنما هي موجودة لجعله يرقى بإنســانيته
ويعيض في جو من الهدوء مع غيره ،أمنا ً على حقوقه وعارفا ً بالضمانات الــتي تمنح لــه من اجــل ذلــك،
مما يجعل السمة األساسية للسلوك المتداول بين األفراد هي اإليمــان بحــق اإلختالف والتمتــع بالحريــات،
دون أي تــأثير على العالقــة بــاألخر ،ويــؤدي ذلــك الى خلــق نــوع من التراضــي في المجتمــع حــول قيم
يعتبرها الجميع مقدسـة وأساسـية للمجتمـع ،ممـا يقلـل الى حـد بعيـد من الهـوة الموجـودة بين المجتمـع
المدني والدولة ،إال في القيّم ،ففي هذه الحالة تكون مشــتركة ويـؤمن خاللهــا كـل طـرف بأهميـة الطـرف
األخر واليفكر بأي شكل من األشكال في القضاء عليه .أن نظريــة الحقــوق الفرديــة مســتمدة في الحقيقــة
122
من فكرة العقد اإلجتماعي ،وتتلخص في كــون األفـراد قبــل نشـأة "الجماعــة السياسـية" المنظمــة كـانوا
يتمتعون بمجموعة من الحقوق والحريات وجدت بوجودهم.
والجماعة السياسية المنظمة إنما نشأت لتقوم بحماية هذه الحقوق والحريات الفردية ،وال أحد يجادل
في كـون فكـرة حقـوق األفـراد تنحــدر من القـانون الطــبيعي ،ولم تنفصـل عنهــا إال بظهــور نظريـة العقــد
اإلجتماعي التي ال يتخلى فيها الفرد إال عن الجزء الذي يستلزم قيام الجماعة السياسية المنظمة ،وهنــاك
ثالث اطروحات في مجال نظرية الحقوق الفردية:ـ
األولى :هي تلك المستمدة من فكر "جون لولك القائمة عل أهميـة وأولويـة الحقـوق الفرديــة
في مواجهة سيادة الدولة ،مما يعطي لألفراد الحق في عصيان الســلطة ومقاومتهــا عنــدما تمس
هذه الحقوق .
الثانية :هي تلك التي تعطي األولوية لســيادة الدولــة في واجهــة حقــوق الفــرد ،والــتي مهــدت
إلستبداد السلطة ،ويتزعم هذا التيار ،كالً من" :كانط " و"هيجل".
الثالثة :وهي الـــتي يتزعمهـــا الفرنســـي " ، "EISMAINحيث عمـــل على التوفيـــق بين
النظريتين ،نفيا ً العصيان وناصحا ً بالتغيير عن طريق تعبئــة الــرأي العــام ،أمــا في المغــرب فــأن
حماية الحقوق والحريات تعود الى الملك (الفصل 19من دستور 1996م)( .الفصــل 41ــ 42ــ
59ــ 55من دستور 2011م).
ويمكن إعتبار هذه الفصول أهم مجسد للخصوصيات التي تميّـز النظـام السياسـي المغـربي عن غـيره
من األنظمة األخرى .
لقد تطــورت مســألة الحقــوق الفرديــة ،وأصــبحت ذات أبعــاد إجتماعيــة لتلقي على الدولــة بإلتزامــات
متعددة ،ذلك أنها لم تعد مطالبة بإحترام الحقوق الفردية ،وعدم المساس بهــا ،بــل أصــبحت تقــع عليهــا
إلتزامات وأعباء قصد تمكين المواطنين وتسهيل تمتعهم بهذه الحقوق وتجنب وضع العراقيل التي تعيــق
ممارستها ،فلم تعد الدولة مطالبة بموثوق سلبي إزاء هذه الحقوق ،بل أصبحت عليها ممارسة الســلوك
إيجابي لإلستفادة من هذه الحقوق .
إن الدولة أصبحت ملزمة بإيجاد صيغة لحل معادلــة الحريــة والمسـاواة بحيث أن الكــل عمـل من أجــل
تحقيق الثانية كحق فردي اليجب أن يمس في عمق المبدأ األول أي حرية.
تعكس طبيعة العالقة بين الدولة والمجتمع نوعية الدولــة ،هــل هي دولــة حــق وقــانون فعالً؟ أم دولــة
توفر فقط على قوالب شكلية دون أن تكون الممارسة فيها ممارسة دولة حق وقانون؟.
123
لقد سبقت اإلشارة الى أن دولة الحــق والقــانون هي إفــراز للتــاريخ نتجت عن سلســة من التراكمــات
التي تولدت عن الصيرورة التي ستتحول الى عالقة وثيقة بينهمــا بعــد صــراعات كثــيرة ،حيث سيصــبح
هناك تقاسيم لنفس القيم الهادفة إليها ولم يتم ذلــك إال بعــد أن أصــبحت الحيــاة السياســية مجــاالً للتعاقــد،
فأصبح مركز كل العالقات هو المتمع وتغيّرت األفكار التي كانت تجعل من الدولة قطب الرحى الذي يــدور
حول الكل بما في ذلك المجتمع ،وهي رؤية كان من العسير أن تتحقق معها دولة الحق والقانون.
إن اإلتفــاق حــول نفس القيم السياســية واإلجتماعيــة والثقافيــة وتقاســم المبــادئ الكــبر هي أمــور من
شأنها أن تسهل والدة دولة الحق والقانون ،حيث يشعر الناس بإنسجام تام بينهم وبين الدولــة ،إذ يكــون
لمفهوم المواطنة معنى واحد وهو المعنى الحقــوقي ،ممــا يجعــل النــاس مــرتبطين بشــكل وثيــق بالدولــة،
وتختفي بذلك األفكار المتطرفة التي تهــدد المجتمــع بعــدم اإلســتقرار والــتي يكــون عــادة ســببها المباشــر
الشعور بالظلم وإنعدامـ الحقوق.
إن دولة الحق والقانون ال يمكن إقرارها بالعنف ،كما اليمكن أن تخلــق في إطــار تطــور يــؤمن بــأن ال
حقوق لإلنسان ،بل هي نتيجة للتراضيوالتعاقد منأجل تحقيق الصالح العام للمجتمع ،ويبقى مــر تحقيقهــا
عسيراً في غياب مجتمع مدني حقيقي وفاعل ،بعكس التفاعل الموجود داخل المجتمع بشــكل جــدلي ،كمــا
اليمكن تصور وجــود المجتمــع المــدني ،دون وجــود هــامش من الحريــة ،ألن العالقــة بينهمــا هي عالقــة
وجودية ،كلما أتسع هامش الحرية إال وزادهم المجتمع المدني وعبر ذاته بمختلف الوسائل ،وقام بــدوره
كما يجب ،فالحرية كانت دائما ً وثيقة اإلتصال بالحياة الديمقراطية ،حيث يتمكن من خالل ذلــك كــل إنســان
"محكوما ً وحاكماً ..سيداً ومسوداً ،أن يحقق بالتالي الحرية على أساس المساواة للجميع"(.)194
إن ضمان وحماية الحريات والحقوق بصفة عامة قد أصبح يرتبط إرتباطا ً وثيقا ً بمبــادئ الديمقراطيــة
وإقامة نظام عادل ،فمن الصعب أن نعتبر أن نظامـا ً مـا بأنــه نظامـا ً ديمقراطيـا ً إذا لم يكن يحمي ويضــمن
حريات المواطنين وحقوقهم من مختلف الشرائح واألجناس ،ومن ثم أصبحت الدولة التي تحترام حقــوق
األفراد والجماعات وتلتزم بتطبيق القانون توصف بدولة الحق والقانون.
ومن أجل تطبيق سيادة القانون ناضل الفرع السياسي والقــانوني الحــديث لتحقيــق فكــرة دولــة الحــق
والقــانون ،وبالتــالي تقييــد ســلطة الدولــة ،بحيث أن القيــود الرســمية على ســلطة الدولــة التعســفيةـ في
تدخالتها في جميع مجاالت الحياة تستمد أساسا ً من القــانون الدســتوري واإلداري ،فهاتــان المجموعتــان
من القوانين تضمنان إتساق جميع التشريعات مع الدستور والقانون.
فدولة القــانون إذن هي مجموعـة من النصــوص القانونيــة الــتي تضـمن حقــوق األفـراد والجماعـات،
لكنهـا تبقى مرموقـة بتطـبيق هـذه القـوانين واحـترام هـذه الحقـوق بحيث أن حمايـة الحقـوق والحريـات
194
إدريس برهون ،إشكالية دولة الحق والقانون في المغرب ،مرجع سابق ،ص ( ) 60
124
األساسية للفرد يجب أن يكفلها الدستور ،وبالتالي اليمكن للسلطة التشريعية أن تصدر قانونا ً قد يمس أو
يضع عقبة في سبيل مباشرة جميع الحقوق الــتي يكفلهــا الدســتور وتشــمل هــذه الحمايــة جميــع أصــناف
الحريات والحقوق الطبيعية والمدنية والسياسية واإلقتصادية واإلجتماعية(.)195
بعد حديثنا عن المعايير الدولة لممارسة حقوق اإلنسان عامة والحقــوق السياســية خاصــة ،والقائمــة
على ضرورة تعزيز هذه الممارسة وتقويتها بمبادئ سامية ال بــد منهــا ،والمتمثلــة في مبــدأ دولــة الحــق
والقانون ومبدأ سمو السدتور ،فإننا نطرح ســؤاالً مركزيـا ً وهــو :هــل ممارســة الحقــوق والحريــات هي
ممارسة مطلقة أم أنها مشروطة؟ وهل من موانع قانونية أمام ممارسة الحقوق السياسية؟.
هذا ما ســنتناوله في هـذا المحـور من خالل توضـيح الشــروط القانونيــة للمارسـة الحقــوق السياسـية
(الفرع األول) وموانع مماسة الحقوق السياسية (الفرع الثاني).
مما ال شك فيه أن ممارسة الحقوق والحريات بدون ضوابط تؤدي الى فوضى غير خالقة ،وإذا رجعنا
الى اإلتفاقيات الدولية التي ساهمت في تكوين قواعد قانونيــة دوليــة شــكلت مــا يســمى بالقــانون الــدولي
لحقوق اإلنسان نجد أنها تؤكد على هذه الضوابط وتعطيها شرعية قانونية دولية ووطنية.
195
.عمر العسري ،القانون العام والمؤسسات السياسية بالمغرب ،الطبعة الثانية ،دار أبي رقراق ،الرباط ،2001 ،ص ( ) 155
125
ومن أجل تفادي وضمان فرض قيود ال مبرر لها أو ذات طابع تعسفي ،عمل القــانون الــدولي لحقــوق
اإلنسان على إرساء نظام قانوني خاص بالقيود الواردة على حقوق اإلنسان في الظروف العاديــة ،تبلــور
في النصــوص المقيّــدة لحقــوق اإلنســان الــواردة في العهــد الــدولي للحقــوق المدنيــة والســياية ،بهــدف
تكريس مشروعية تقييد حقوق اإلنسان عبر التشريع الوطني.
إن عدداً من الحقوق الـواردة في الجـزء الثـالث ينص صـراحة على أنهـا تخضـع لقيـود أو تحديـدات،
ويكون ذلك عموما ً عندما ينص القانون على ذلك ،وتكون القيود أو التحديات ضرورية ألغراض محددة.
فالمواد 22 ، 21 ،19 ، 18 ، 17و 25تجيز صراحة شكالً ما من أشكال التقييد أو التحديد .وإذا اختارت
الدولة الطرف تحديد أو تقييد أحد هذه الحقوق ضــمن الحــدود المنصــوص عليهــا ،يكــون هــذا جــائزاً وال
يكــون بمثابــة انتهــاك للحــق المعــني .كمــا أن حقوقــا ً أخــرى ،وال ســيما تلــك الــتي تحمي من األفعــال
"التعسفية" من جانب الدولة ،تعترف ضمنا ً بجواز قيام الدولة بإتخاذ تدابير معقولة معينة.
بيد أنه ينبغي التأكيد على أن التقييدات المسموح بها ليست على أي حـال واسـعة النطـاق وال سـخية،
ومن المؤكد انها ال تجيز للدولة الطرف أن تفــرغ بصــورة فعليــة حقـا ً مــا من معنــاه العملي .ويقــع عبء
التبرير في مثل هذه الحالة على عاتق الدولــة الطــرف لكي تــبرهن ،بمــا في ذلــك للجنــة ،على ان التقييــد
المعني يفي بمعايير المشروعية والضرورة والمعقولية والقصـد المشـروع .واليجـوز بحـال من األحـوال
تقييد أو تحديد بعض الحقوق ،مهما كانت خطورة الظروف الماثلة .وفي حاالت أخرى ،فــإن الحــق الــذي
يطالب به شخص ما قد يتعيّن موازنته بحيث يطالب به شخص أخر .وعلى ســبيل المثــال :فقــد يكــون من
الضروري ،إتساقا ً مع حق الطفل في التمتع بتدابير الحماية الضرورية بموجب المادة ، 24القيــام بنقــل
الطفل من بيئة منزل تحدث فيها تجاوزات ،حتى وإن كان مثل هذا الفصل عن األسرة قــد يبــدو متعارض ـا ً
مع حقوق الوالدين ،بموجب المادة 23في حماية األسرة.
والطريقة األخرى الــتي يجــوز بهــا تقييــد الحقــوق هي إبــداء التحفظــات .والتحفــظ هــو إعالن رســمي
تودعه الدولة الطرف وقت صيرورتها طرفا ً في المعاهدة يفيد انها تمتنع عن تطبيق حكم ما أو أكثر ،إمــا
كليا ً أو جزئيا ً في قضائها .وعلى عكس المعاهدات األخرى فإن العهد يلتزم الصمت بشأن أثر التحفظــات.
إذ يجوز تسجيل تحفظ ما ،رهنا ً بمراعاة القاعدة العامــة للقــانون الــدولي ،كمــا أعــرب عنهــا في اتفاقيــة
فيينا لقانون المعهدات بأنه ال يجوز أن يكون هذا التحفظ متعارضـا ً مــع هــدف المعاهــدة والغــرض منهــا.
والمؤشر التقليدي لبيان ما إذا كان التحفظ مقبوالً أم ال هو رد فعـل الـدول األطـراف األخـرى الـتي يجـوز
لها تقديم اعتراضات على تحفظ أودعته دولة طرف أخرى.
126
وللجنة نفسها ،بوصفها الهيئة المكلفة برصد تنفيذ العهد ،هي التي تولت سلطة البت في مــدى اتفــاق
تحفظ ما مع هدف العهد والغرض منه وهي قد اعربت عن آرائها بشأن هــذه المســألة فيمــا يتعلــق بعــدة
دول أطراف .فإذا تبين للجنة أن التحفظ متعارض معها فإنها "تقطع" هذ التحفظ وتطبق اإللــتزام الكامــل
المعني على الدولة الطرف .وفي حين أن إمكانية إيداع التحفظات قد تشجع الدول على أن تصبح اطراف
في المعاهدة عندما قد ال يكون لديها اإلستعداد لتحمل كامل مدى اإللــتزام المســتمد منهــا ،فـإن التحفظــات
كثيراً ما تعتبر إختياراً رديئا ً على مستوى السياسات من حيث أنهــا تحــرم أشخاصـا ً معيــنين من حقــوقهم
ألسباب قد ال تكون واضحة لدول األطراف األخرى أو قد تكون صحيحة فقط لبعض الوقت .ولهذا الســبب
فإن اللجنة تشجع بإستمرار الــدول األطــراف على إعــادة النظــر في التحفظــات الــتي تكــون قــد اودعتهــا،
بقصد سحبها .ولإلطالع على المزيد من التفاصيل بشأن نهج اللجنة إزاء هذه المسائل(.)196
وجوابا ً على السؤال السابق الذي طرحناه أعاله ،نجــد أن اإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان ينص في
مادته 29ــ 2على أنه "اليخضع أي فرد في ممارسة حقوقــه وحرياتــه إال للقيــود الــتي قررهــا القــانون
مستهدفا ً منها حصراً ظن اإلعتراف الواجب بحقوق وحريـات األخـرين وإحترامهـا ،والوفـاء بالعـدل من
مقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاء الجميع في المجتمع الديمقراطي".
كما أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسـية قـد نص في مادتـه /12ـ 3الخاصـة بحريـة
التنقل وحرية إختيار مكان اإلقامة على أنه "اليجوز تقييد الحقوق المــذكورة أعاله بأيــة قيــود غــير تلــك
التي ينص عليها القانون والضرورية لحماية األمن القومي أو النظــام العــام او الصــحة العامــة أو اآلداب
العامة أو حقوق األخرين وحرياتهم".
وقد وردت الضوابط أيضا ً بالمادة ( ) 14الخاصة بالمساواة أمام القضاء ،والمادة ( 18ــ )3المتعلقة
بحريــة الفكــر والوجــدان والــدين ،والمــادة (/ 19ـ )3الخاصــة بحريــة التعبــير ،والمــادة ( ) 21الخاصــة
بــالتجمع الســملي ،والمــادة (/22ـ )2المتعلقــة بحريــة تكــوين الجمعيــات والنقابــات ،وهي نفس القيــود
الواردة في إتفاقية حقوق الطفل في المواد (. ) 2 / 23 ، 3 / 14 ، 2 / 25
أما العهد الدولي الخاص بالحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية فقد نصت على هذه الضوابط في
المادة (/ 1ـ 8ــ ج ) حيث تقول" :اليجوز اخضاع ممارسة هذا الحق تكوين النقابــات واإلنضــمام إليهــا
ألية قيود غير تلك الــتي ينص عليهــا القــانون ،وتشــكل تــدابير ضــرورية في مجتمــع ديمقــراطي لصــيانة
األمن القومي ،أو النظام العام ،أو لحماية حقوق األخرين وحرياتهم" .وأضافة في نفس المادة أن "حــق
اإلضراب مضمون شريطة ممارسته وفقا ً لقوانين البلد المعني".
) (196انظر التعليق العام رقم 24الصادر بالمسائل المتعلقة بالتحفظات ( .( CCPR/C/Rev.1/Add. 69
127
أما اإلعالن الصادر بشأن القضاء على جميــع أشــكال التعصــب والتميــيز القــائمين على أســاس الــدين
والمعتقدـ ،والذي نشرته الجمعيه العامة لألمم المتحدة في / 11/ 25ـ 1981م ،نص على انه "اليجوز
إخضاع حرية المرأ في إظهار دينه ومعتقداتهـ إال لما قد يفرضه القانون من حدود تكون ضرورية لحماية
األمن العام ،أو الصحة العامة ،أو األخالق العامة ،أو حقوق األخرين وحرياتهم األساسية".
ومن خالل قراءة هذه الموادة السابقة في إتفاقيات حقوق اإلنسان يتبين أنها قد أقر مشروعية القيــود
الــتي يمكن أن تفــرض على ممارســة حقــوق اإلنســان ،ممــا يؤكــد أن ممارســة الحقــوق والحريــات ليس
بممارسة فوضوية أو عشوائية أو إرتجالية؛ بل هي مقيّدة ومضبوطة ومقننة بشروط ضـرورية البـد من
توفرها لتمكين األفراد من ممارسة الحقوق والحريات.
غير أن أشكالية فرض القيود القانونية لممارسة الحقوق والحريات ليست عملية متاحة بشكل مطلــق
أيضا ً ،بحيث إذا كان القــانون الوطــني ،من خالل هــذه المــادة يمكن فــرض قيــود على ممارســة الحقــوق
والحريات ،فإنه ملزم بـإحترام ومراعـاة غايـات وأهـداف حـددها سـلفا ً اإلعالن ،المتمثلـة في المـادة ()4
ضوابط للقيود ،وهي:
يقتضي هذا المبدأ ،أن التقيّد يجب أن يكون منصوصا ً عليــه في القــانون ،فيتم تعطيــل أو تقييــد طبق ـا ً
للقانون ،فالقاعدة هي التعطيل أو تقييد إال بنص .والقانون المقصود ،القانون بمعناه الواسع الذي يشمل
التشريع واألعراف وحتى السوابق القضائية ،وقــد اكــد العهــد الــدولي للحقــوق المدنيــة والسياســية على
جوهرية هذا المبدأ ،حين أشـارت الفقـرة الثانيـة من المـادة ( )5والفقـرة األولى من المـادة ( )9والفقـرة
األولى من المادة ( )14على ضرورة إلزام المشرع الوطــني بأحكــام القــانون الوطــني عنــد التقيّــد لبعض
الحقوق ،أو اإلستناد الى القانون في حالة توقف أو إعتقال أي فرد تعسفاً.
والقانون الجدير باإلعتبار في هذا الشأن ،كما أكـدت على ذلـك المحكمـة األوروبيـة لحقـوق اإلنسـان،
اليتمثل في صدور قانون وطـني يحتـوي تقييـد لحقـوق اإلنسـان؛ بـل القـانون الـذي تتحـد مواصـفاته في
صورة أن يكون ((معلوما ً ومعرفا ً وأن يكون مصاغا ً بشكل دقيق بما فيـه الكفايـة ،ليسـمع المخـاطبين أن
ينزلوا على مقتضاه)).
حتى يكون التقييد بموجب القانون الوطني مشرعاً ،عليه أن يستند على أحد المبررات الــتي إعتبرهــا
القانون الدولي لحقوق اإلنسان ،مرتكز مشروعية التقييد.
128
وهذه المبررات كما وردت في النصوص المقيّدة الخاصة بالعهد الـدولي للحقـوق المدنيــة والسياسـية
ضمن المواد"، 9ـ 21، 19، 18، 12و ، 22هي المبررات الخاصة ببناء مجتمع ديمقراطي أو حماية
األمن الوطــني أو الصــحة أو الســالمة العامــة أو النظــام العــام أو األخالق العامــة أو حقــوق وحريــات
األخــرين ،أوتقييــد اليســتند على هــذه المســوغات ،يخــالف أســاس شــرعية التقييــد كمــا هي مصــطرة في
القانون الدولي لحقوق اإلنسان .وهي ما سنتناوله في الشروط الالحقة أسفله.
ويقتضي هذا أن تقيّد حقوق األفراد ضــرورة إحــترام ومراعــاة حقــوق وحريــات األخــرين ،أي حقــوق
وحريات المجتمع ،بمعنى أن حرية كل فرد تنهي بممارسة األخرين لحرياتهم ،وهو ما يقتضي من الدولة
عند فرض قيود على حقوق وحريات األفراد أن تكون هذه الحقوق من تستهدف بالضرورة فسح المجــال
للجميع لممارسة حقوقهم وحرياتهم ،أي ان يكون هدف القيد أو المنع هو غاية إجتماعيــة في حــد ذاتهــا
وليس غاية سياسية.
ويقتضي هذا القيّد أن تحرص الدولــة في قانونهــا الوطــني ،عنــد فــرض قيــود على ممارســة الحقــوق
والحريات ،أن تكون الغاية من ذلك هي تحقيق ومراعاة إستهداف العدالة في الدولة ،بمعــنى أن شــرعية
القيود تتحدد بغاية مثلى وضرورية وهي توفير وتحقيق العدل بين الناس وفي المجتمع ،وليس أن تكون
شــرعية القيــود مطيّــة للظلم وإنتهــاك للحقــوق ،فالحريــات والتعســف على حقــوق النــاس والشــطط في
ممارسة السلطة ،بل أن تكون ضرورة هذه القيود تستلزمها غاية نشر العدالة بين المجتمع .
تبدو فكرة النظام العام متصلة إتصاالً مباشراً بــالمجتمع وأفــراده ،فهي مســتمدة من مجمــوع القواعــد
المعبّرة عن القيّم واألسس الكامنة بالضمير الجمعي للمجتمع ،إنطالقا ً من الوضع القيمي السلطوي الذي
يدين بهما .والفكرة في ذلك تقوم بدور مزدوج ،فمن ناحية تقوم فكرة النظام العام بترجمة هــذه األســس
واألصول ،سوا ًء الدينية أم المجتمعيــة أم السياســية أم اإلقتصــادية ،بصــورة قواعــد قانونيــة ذات طبيعــة
مخصوصة من حيث إلزامها أي أن لها قوة إلزام تفوق قوة إلزام القواعد القانونيــة العاديــة .ومن ناحيــة
أخرى تقوم بحماية تلك األسس مما قد ينالها من تهديد سواء أكان داخليا ً على يد الســلطة أم األفــراد ،أم
خارجيا ً في صورة إعتداء من قانون أجنبي أخر عليها .فكيف تظل هذه الفكرة أبداً منفذاً رئيسيا ً تجد منــه
السلطة العمومية والتيارات اإلجتماعية واألخالقيــة ســبلها الى النظــام القــانوني لتبث فيــه مــا يعــوزه من
عناصر الجد والحياة؟.
129
ونظراً لتلك المرونة والنسبة الشديتين اللتين تتميّــز بهمــا ،تمتــع الفكــرة بقــدرة هائلــة على مجــارات
التحوالت اإلجتماعية والسياسية واإليديولوجية والفلسفية والدينية واألخالقية ،التي تمــر بهــا الجماعــة،
أخــذة مجموعــة من القواعــد القانونيــة لمواكبــة هــذه التغيّــرات على نحــو متحــرك ف ّعــال ،يحمي النظــام
القانوني من خطر مجاوزة المجتمع له ،حتى ال يختلف عنه فيعجــز عن تلبيــة متطلباتــه ،وحــتى اليســبقه
فيوقع األفراد في الحرج وتقرير قواعد ال عمل لها في المجتمع.
ثمة حقيقة أخرى ،تجلت إزائهـا مهمـة إضـافية أوكلت لفكـرة النظـام العـام ،وهي تأسـيس مشـروعية
القواعد القانونية ،وهو ما يمكن التعبير عنه بمســتوى "المشــروعية العليــا" لبعض القواعــد القانونيــة.
وهي المشروعية التي تعد أساسا ً لتبرير مقدار ما تتمتع له هذه القواعد القانونية من مكنات الضغط على
اإلدارة والحد من سلطانها ،وبما يمنحها مصــداقية عامــة فــوق عاديــة ،تســتلزمها خصوصــيات طبائعهــا
التكلفية الجزائية.
وتفصيل ذلك ،أن القاعدة القانونية ــ أيا ً كان مصدر شرعيتها ــ تجد في القبــول الجمعي العــام ،الســند
األساس في البقاء والفاعلية ،فثمت من القواعد القانونية ما يكون ذا نشأة صحيحة من الناحية الشرعية
ومع ذلك سرعان ما يصيبها الذبول واإلنزواء ،لعدم مصادفتها القبــول الجمعي الــذي هــو مكنــون خلفيــة
الشرعية وقوة الدفع لكل قاعدة قانونية تروم دوام فاعليتها.
إن المكانة التي تبوئتها فكرة النظام العام كان لها إنعكاساتها على الفقه القـانوني كلـه ،الـذي مـا فـتئ
أن تلقفها ببالغ اإلهتمام ،محاوالً سبر غورها ،إلستظهار أوصافها ومعالمها توصالً لوضع تعريف محــدد
لها ،األمر الذي تصاعد بتصاعد الدور الذي غدت فكرة النظام العام تؤديه في فروع القانون كافــة ،إذ مــا
قدم فيه ،ناهيك عن تلــك الفــروع القانونيــة الــتي
من فرع من شجرة القانون إال وكان للنظام العام موطئ ٍ
خطت فيها الفكرة لذاتها كيانا ً مستقال.
يقترب مفهومـ فكرة النظام العام في القانون الخاص إلى كونها" :مجموعة األسس الــتي يقــوم عليهــا
بنيان المجتمع وكيانه المادي بحيث اليتصور قيام هذا البيان أو الكيان وأستمراره عند تخلفها" .وأيضاً:
"كل ما يرتبط بمصلحة عامة تمس النظام األعلى للمجتمــع ،ســوا ًء كــانت هــذه المصــلحة سياســية (مثــل
أغلب روابــط القــانون العــام) أو إجتماعيــة (مثــل القــوانين الجنائيــة ومــا يتلعــق بتكــوين األســرة وحالــة
األشخاص المدنية واألهلية) أو إقتصادية (كالقواعد التي تنص على حماية الملكية والقواعد الــتي تــدعل
التنافس حراً أمـام الجميـع) أو خلقيـة ( وهي الـتي يعـب ّر عنهـا بقواعـد اآلداب)" .وهكـذا يتبلـور مفهـوم
النظام العام لدى فقه القانون الخاص إنحصاراً بهذا النطاق ،بإعتباره" :مجموعة المبادئ الرئيسية التي
130
تعبّر أساس القانون في الدولة" ،أي "مجموعـة األسـس والمصـالح الجوهريـة الـتي يقـوم عليهـا كيـان
الجماعة ،سوا ًء أكانت ُأ ُ
سسا ً سياسية أو إقتصادية أو إجتماعية أو خلقية".
والخالصة أن فكرة النظام العام عند فقه القــانون الخــاص التخــرج عن كونهــاُ ،أســس الجماعــة الــتي
ينبني عليها كيانها ،وما يوفره وجود هذه األسس من تحقيق لصوالحها الكلية العليا.
يأتي فقه القانون العام غير بعيد عما إنتهى إليه نظيره في القانون الخاص ،ولعل قدر التباين بينهمــا،
يرد الى المفارقة بين طبيعة أصول وكليات كال القانونين .لقد ذهب غالب فقه القـانون العــام الى أن فكـرة
النظام العام هي الضابط المعياري لسلطان الضــبط اإلداري الــذي تملكــه الدولــة ،إذ ثمــة عناصــر تقليديــة
للنظام العام تحتل نطاق المحافظة على أمن العام والصحة العامة والســكينة العامــة ،وهي الــتي إعتبرهــا
الفقه متصلة بحماية أسس الحياة اإلجتماعية .وهذا المفهمـومـ هـو مــا أصـطلح عليــه الفقـه بأنــه "فكــرة
النظام العام بمعناها الضيق" .ومن ثم ففي أحوال التهديد الذي قد يحيــق بالنظــام العــام داخــل الدولــة ،أو
أحوالـ إثارة اإلضطراب في األمن أو الصحة أو السكينة ،يكون للدولة ســلطة التــدخل بــإجراءات ضــبطية
تمكنها من إعادة حال الهدوء واإلستقرار اإلجتماعي الى سالف عهده.
على أن هناك ثمة إتجاه فقهي حديث يرى التوسعة في مفهوم فكرة النظام العــام لــدى القــانون العــام،
وعــدم قصـره على مــدلول الثالثي القليـدي سـالف اإلشــارة ،إلى إمتــداد ســلطان الدولـة الضــبطي ليطـور
أنشطة سياسية وإقتصادية وخلقية.
فالنظام العام هو تعبير عن (روح النظام القانوني لجماعة ما ويمثــل خطــة عامــة لتنظيم المجتمــع وال
يقتصر على ميدان واحد أو ميادين خاصة من ميادين التنظيم القانوني وإنما يتغلغل فيهـا كلهـا) .وعليـه،
فلم تعد حمايــة األمن والصــحة والســكينة عناصــر مفهــوم فكــرة النظــام حصــراً ،إذ ثمــة عناصــر أخــرى
أضحت من النظــام العــام كحمايــة الصــالح المــالي للدولــة بمكافحــة التهــرب الضــريبي ،وفـرض التســعير
الجبري للسلع أو الخدمات ،وكحماية الثروى الطبيعية للدولة وآثارها التاريخية.
وعليه فقد تبلور لفكرة النظام العام هدف قصدي ،قد يكون متميّزاً عن سابقيه في شــأن حفــظ اإلتــزان
القسري للمجتمع وتجفيف منـابع إهــتزاز هياكــل اإلئتالف الجمعي فيــه ،وذلــك بتهــئيب الســلطان اإلرادي
المنفلت وتنظيم اإلستعمال الحقوقي على النحو المحقــق لإلنضــباط اإلجتمــاعي الالزم لحصــول التضــامن
الجمعي ،الذي يعد بذاته أولوية ضرورية لحماية الجماعة بل الدولة ذاتها .وقــد ادى هــذا الفقي ((هــنري
131
مايسون)) الى تشــييد بنائــه المعــرفي لمفهــوم فكــرة النظــام العــام ،على أصــل من فكــرة حمايــة الحقــوق
وتحديدها(.)197
إن لفكرة النظام العام دور مزدوج بإعتبار أن تحديد الحقوق ليس بأقــل أهميــة من ضــمان مباشــرتها.
وهو اإلتجاه الذي خطه الفقيه ( بيليت ( PILLETعند طرحه لتصوره المعــرفي لمفهــوم فكــرة النظــام
العام ،بإعتباره النظام الموجود داخل الدولة الذي تنتظم بــه مختلــف القــوى اإلجتماعيــة ،فــيرى كــل فــرد
حقوقه األساسية وقد احترمت .فليس ثمة حقوق أو حريـات مطلقــة ،وإنمــا هي باألســاس محـدودة دومـا ً
معلقة في مشروعيتها على استعمالها اإلجتماعي وإستخدامهاـ في نطاق النظام المجتمعي.
وبطبيعة الحال فإن الحقوق وجدت حتى يسطيع الفرد أن يمارسها داخل مجتمعــه ،فهــو اليمكن لــه أن
يعيش بمعزل عن المجتمع ،بل يتوجب عليه أن يكون فعاالً ومساهما ً ومتعــاون مــع الجميــع وذلــك حــتى
يحقق أغراضه اإلجتماعية.
وبهذا يمكن استظهار توظيف أخر لفكرة النظام العام ،وهو ضمان إنتظام الحقوق الفردية واإلتجاهات
اإلرادية ،في أدائها لواجبها اإلجتماعي المعضد للتضامن اإلئتالفي للمجتمع أفراداً وجماعات.
إن حقوق اإلنسان المكرسة بموجب اإلتفاقيات الدوليــة والدسـاتير الوطنيــة ،التمــارس برمتهـا بشــكل
مطلق ،بــل هي قابلــة للتنفيــذ في الظــروف العاديــة ،حيث أقــر العهــدان الــدوليان ،هــذا النــوع من التقييــد
لممارسة حقوق اإلنسان ،فتضمنها نصوصـا ً أجـازة لكـل دولـة بمـوجب قانونهـا الوطـني تقييـد الحريـات
والحقوق المضمنة بقوانينها.
ومسألة تقييــد حقــوق اإلنســان وتعطيلهـا مرتبطـة بـالظروف اإلسـتثنائية ،حيث إنـه تحت طائلـة هـذه
الظروف التي قد تواجه الدولة ،ويستحيل عليها مواجهتها بالوسائل القانونية العادية ،يسمح لهــا بإتخــاذ
إجراءات مقيّدة ومعطلة لحقوق اإلنسان.
وحتى ال تتحول هذه الظروف الى ذريعة ،تستعمل من قبل الدولة بكــل حريــة فتقــرر بمفردهـا حيثيــات
وكيفية ممارستها ،تدخل القانون الدولي لحقوق اإلنسان ووضع ضوابطها ،ويمثل العهد الدولي للحقــوق
المدنية والسياسية من خالل مادته الرابعة األداة الدولية النموذجية بخصــوص ضــمان هــذا الحــق لفائــدة
الدول.
) (197علي ابراهيم ،الحقوق والواجبات في عالم متغ ّير( $المبادئ الكبرى والنظام الدولي الجديد) ،دار النهضة العربي ،مصر ،1988 ،ص .98
132
بيد أنه ينبغي التأكيد على أن التقييدات المسوح بهـا ليســت على أي حـال واســعة النطـاق وال سـخية،
ومن المؤكد أنها ال تجيز للدولة الطــرف أن تُفــرغ بصــورة فعليــة حقـا ً مــا من معنــاه العلمي .ويقــع عــبئ
التبرير في مثل هذه الحالة على عاتق الدولــة الطــرف لكي تــبرهن ،بمــا في ذلــك للجنــة ،على أن التقييــد
المعني يفي بمعايير أو تحديد بعض الحقوق ،مهما كانت خطورة الظروف المماثلــة .وفي حــاالت أخــرى
فإن الحق الذي يطالبه شخص ما قد يتعيّن موازنته بحق يطالب به شخص أخر .فعلى ســبيل المثــال :فقــد
يكون من الضروري إتساقا ً مع حق الطفــل في التمتــع بتــداير الحمايــة الضــرورية بمــوجب المــادة ، 24
القيام بنقل الطفل من بيئة منزله تحدث فيها تجاوزات ،حتى وإن كان مثل هذا الفصل عن األسرة قد يبدو
متعارضا ً مع حق الوالدين بموجب المادة 23في حماية األسرة.
الفقــرة األولى :جــواز تقييــد وتعطيــل ممارســة حقــوق اإلنســان بنــاء على حالــة الطــوارئ والظــرف
اإلستثنائية
ضمن هذا اإلطار العام الذي تقرر فيه قواعد القــانون الــدولي لحقــوق اإلنســان ،حــق الــدول في تقييــد
حقوق اإلنسان في الظروف العادية ،ومن اسـتعباد وتعطيـل إلتزاماتـه القانونيـة الخاصـة بحمايـة حقـوق
اإلنسان على الصعيد الداخلي ،خالل الظروف اإلسثنائية.
وقد جاء بيان إجازة تقييد وتعطيل ممارسة حقوق اإلنسان وحرياته في المــادة ( )4من العهـد الـدولي
الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تقتضي أنه "في حاالت الطوارئ اإلستثنائية الــتي تهــدد حيــاة
األمة ،والمعلن قيامهــا رســيماً ،يجــوز للــدول األطــراف في هــذا العهــد أن تتخــذ في أضــيق الحــدود الــتي
تتطلبها األوضاع ،تدابير ال تتقيد باإللتزامات المترتبية عليها بمقتضى هـذا العهــد ،شــريطة عــدم منافــاة
هذه التدابير باإللتزامات األخرى المترتبــة عليهــا بمقتضــى القــانون الــدولي وعــدم إنطوائهــا على تميــيز
يكون مبرره الوحيد هو العرف أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين او األصل اإلجتماعي".
يتبيّن من خالل قراءة المادة ( )4من العهــد الــدولي المــذكور ،أن الشــرط الموضــوعي الــرئيس الــذي
يجوز من خالله إستبعاد ممارسة حقوق اإلنسان ،يتمثل في وجود حاالت الطوارئ اإلستثنائية التي تهدد
حياة األمة ،لكن مع مالحظة أن نص هذه المادة لم يعــرف صــراحة حالــة الخطــر العــام الــذي يهــدد حيــاة
األمة ،أو لم ينتج تعريفا ً دقيقا ً لمفهوم حالة الطوارئ في إطار القانون الدولي اإلتفاقي لحقوق اإلنسان.
غير أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية قد وضح مضمون وشــروط ومعــايير تقييــد
ممارسة حقوق اإلنسان وإستبعادها بنا ًء على حالة الطــوارئ ،وهي "الحالــة الــتي تنشــأ نتيجــة لظــرف
غير طبيعي يعصف بالدولة ،كالحرب أو العصيان المسلح ،أو وقوع كارثة طبيعية كالزالزل ،أو فيضان،
أو غيرها من األحوالـ التي قد تهدد مصير وبقاء الدولة أو حياة الشعب .وعلى هذا األساس ،إذا ما قامت
133
حالة الضرورة يحق للدولة الطرف أن تعطّل عدداً من الحقوق التي يقتضي الوضع الناشئ عن الطوارئ
تعطيلها"(.)198
وقد عمل الفقه الــدولي للســعي الى تحديــد المقصــود بفكــرة الطــوارئ الدوليــة ،وفي خضــم محاوالتــه
الهادفة الى حصر الحاالت التي يمكن أن تندرج ضمن مفهوم حالة اإلستثناء إنقسم الى ثالث مواقف:
ــ الموقف األول :حصر مفهوم حالة الطوارئ في االزمات السياسـية الخطـيرة سـواء إتخـذت
شكل حرب أو نزاع مسلح ــ دولي أو غير دولي ــ أو حالــة اإلسـتقرار الـداخلي .كـذلك الكــوارث
الطبيعية ،كالزالزل أو البراكين أو الفيضانات أو غيرها.
ــ فيمـا ذهب الموقـف الثـاني :الى أن حالـة الطـوارئ هي حالـة الخطـر الـذي يهـدد األمـة في
كليتهما ،وليس فقط مجموعات معينة ،وقد تتخذ لهــا شــكل كحالــة الحــرب الفعليــة أو اإلســتعدادـ
لحرب متوقـع حــدوثها .أو وجــود إرهـاب أو تخــريب داخلي أو الخــوف من وقوعــه .كــذلك حالــة
الخطر المرتبة عن اإلنهيار المحتمل لإلقتصاد.
ــ وأنتهى الموقف الثالث :إلى أن حالة الطوارئ المعتــد بهــا حســب الفقــرة األولى من المــادة ( )4من
العهد الدولي ،هي التي يكون فيها الخطر العام دائما ً لكل األمة ،وليس فقط لجــزء من إقليم الدولــة ،وأن
ال يكون بالضرورة مهــدداً حياتهــا بالفنــاء التــام ،وإنمــا أن تــؤدي الى إنهيــار النظــام أو اإلتصــال لدرجــة
يستحيل معها استمرار الحياة.
وأمام اختالف هذه المواقف ليس ثمة ،شك في أن حالــة الحــرب تمثــل عمليـا ً النمــوذج األمثــل للخطــر
العام اإلستثنائي المهدد لحياة األمة الذي تتحدث عنه المادة الرابعة من العهد الدولي ،وإن عــدم اإلشــارة
إليها صراحة في العهد ،يرجع الى كون النص على الحرب في صلب إتفاقية دولية أعـدت في إطـار هيئــة
األمم ،أمراً غير مقبول ومناسب ،ويندرج كذلك في الحرب حالة التهديد بالحرب.
أمام منظور القضاء الدولي لحالة الطوارئ ،السيما موقف المحكمة األوروبية لحقــوق اإلنســان الــذي
يعد الى جانب موقف اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان بمثابة المرجع في تحديــد مفهــومـ الطــوارئ ،فهــو
يرى أن مفهوم الظروف اإلسثنائية بمعنى الخطر العام الذي يهدد حياة األمة الخاص بالمحكمة األوروبية
لحقوق اإلنسان ،وكما تبلور في قضية لولس (" )LAWLESهو حالة أزمة أو خطر إستثنائي محدق
يؤثر على مجموع السكان ويشكل تهديداً للحياة المنظمة".
وبالنسبة للجنة األوروبية لحقوق اإلنسان ،قــامت على تــدقيق مفهــوم حالــة اإلســتثناء من خالل
حصر عناصرها في:
) (198الدليل اإلرشادي حول العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،مرجع سابق ،ص . 4
134
*وجود أزمة أو موقف إستثنائي خطير ،حال أو وشيك الوقوع.
* تهديده استمرار الحياة العادية ،وإيقاعها المنتظم داخل المجتمع الذي يتكون منه الدولة.
* عــدم تمكن مواجتهــا من خالل اإلجــراءات والقيــود العاديــة الــتي تجيزهــا اإلتفاقيــة بهــدف
الحفاظ على النظام العام والصحة العامة والسالمة العامة.
الفقرة الثانية :حقوق ال يشملها جواز التقييد والتعطيل بنا ًء على حالة الظروف اإلستثنائية
إذا كان القانون الدولي لحقوق اإلنسان قد أجـاز للـدول األطـراف ـــ في حالـة الضـرورة والطـوارئ ــ
تجاوز بعض اإللتزامات الناشئة عن العهد ،من خالل تقييدها وتعطيلهــا ممارســة بعض الحقــوق ،إال أنــه
قيّد الدول بإخراجه لطائفة من الحقوق والحريات من دائرة هذا التعطيل والتقييد .ولعل أهم الحقوق الــتي
أخرجها العهد من دائرة التقييد والتعطيل هي:
إن التغ$$يرات ال$$تي تعرفه$$ا الق$$وانين ج$$اءت نتيج$$ة للتح$$والت العميق$$ة ال$$تي عرفه$$ا أول
المجتمع المغربي ،وأيضا بالنظر إلى االلتزام$$ات الدولي$$ة وإص$$رار المواط$$نين أنفس$$هم على
التخلص من المنظومة التشريعية التقليدية المحافظة ،التي طبعت ج$$ل الق$$وانين الج$$اري به$$ا
العمل ،والتي تعود في معظمه$ا إم$ا إلى ف$ترة الحماي$ة الفرنس$ية ،أو إلى ف$ترة الس$تينات من
القرن الماضي$.
ففترة التسعينات من القرن الماضي ،كان لها الفضل الكبير في اإلسراع بهذه التح$$والت،
حيث تنامت بشكل مُلفت المطالب الحقوقية والسياس$$ية باإلص$$الح ،ويكفي هن$$ا االطالع على
األدبيات المتراكم$$ة للجمعي$$ات الحقوقي$$ة ولألح$$زاب السياس$$ية ،لتل$$ك الف$$ترة ،وال$$تي ت$$وجت
بتوصيات هيأة اإلنصاف والمصالحة ،وفتحت صفحة جديدة في تعاطي الدول$$ة بش$$كل جدي$$د
مع قضايا حقوق اإلنسان ،إن على المستوى التشريعي أو المؤسس$$اتي .وأض$$اف أن$$ه عالق$$ة
بموضوع الحق في الحياة ،فقد فتح نقاش واسع ،ح$$ول عقوب$$ة اإلع$$دام وجريم$$ة اإلجه$$اض،
135
بين مختلف الفاعلين والمهتمين على مستوى مختلف ال$$دوائر ،خاص$$ة بع$$د ،2011إذ تمت
دسترة الحق في الحياة وأعلنت ديباجة الدستور ،باعتب$$ار المب$$ادئ الكوني$$ة لحق$$وق اإلنس$$ان،
مرجعا يسمو حتى على القوانين الداخلية وُأسندت للقضاء مهمة حماية هذه الحقوق بع$$دما تم
االرتقاء ب$ه لرتب$ة س$$لطة دس$$تورية ،رغب$ة في االنخ$$راط في مجتم$$ع دولي ،أص$$بح اح$ترام
حق$$وق اإلنس$$ان في$$ه معي$$ارا ب$$الغ األهمي$$ة في تص$$نيف ال$$دول ،و في ان$$دماجها في المنتظم
اُألممي.
99دولة ألغت اإلعدام الحق في الحياة ،أصبح أول ح$$ق يجب أن تض$$منه ال$$دول لمواطنيه$$ا
حتى في حالة الحرب ،فأصبح أمرا مفروض$$ا مراجع$$ة ك$$ل التش$$ريعات به$$دف ض$$مان ه$$ذا
الحق ،لذلك فال غرابة في أن نجد أن ما يفوق 99دولة ألغت عقوبة اإلع$$دام من تش$$ريعاتها
بشكل كلي بما فيها فرنسا ،المصدر التشريعي للمغرب ،وتركيا والسنغال باعتبارهما دولتين
إسالميتين ،بينما اقتصرت دول أخرى وعددها يفوق الس$$بع ،على إلغ$$اء عقوب$$ة اإلع$$دام في
الج$$رائم العادي$$ة ،لتص$$بح مح$$دودة في ج$$رائم قليل$$ة ،نظ$$را لخطورته$$ا كالبرازي$$ل والش$$يلي
وكازاخستان والبيرو.
في مقابل ذلك ،اختارت 58دول$$ة اإلبق$$اء على العقوب$$ة في تش$$ريعاتها ،دون اعتم$$اد معي$$ار
الخط$$ورة ،م$$ع تنفي$$ذ ه$$ذه العقوب$$ة كلم$$ا نط$$ق به$$ا القض$$اء ،خاص$$ة في ظ$$ل ظ$$روف ع$$دم
االستقرار ال$تي تش$هدها ه$ذه ال$دول ،كمص$ر والس$عودية والع$راق والص$ومال واليمن ،م$ع
اإلشارة هنا إلى أن الواليات المتحدة األمريكية واليابان والصين $وإيران ،كلها دول ما ت$$زال
متمسكة بعقوبة اإلعدام تشريعا وممارسة.
35دولة توقفت عن تنفيذه بين هذه ال$دول وتل$ك ،انخ$رط المغ$رب ض$من الئح$ة 35دول$ة
ت$$وقفت عن تنفي$$ذ عقوب$$ة اإلع$$دام ،رغم أنه$$ا لم تتمكن بع$$د من ش$$طب ه$$ذه العقوب$$ة من
تشريعاتها الجنائية ،حيث يالحظ أن آخر تنفيذ لإلعدام بالمغرب يعود إلى ،1993فيما ك$$ان
يعرف بقضية «الكوميسير ثابت».
ورغم أن توصيات هيأة اإلنصاف والمصالحة كانت واضحة ،في ضرورة اإللغاء التدريجي
لعقوبة اإلعدام ،إال أنه يبدو أن هذا المطلب واجهته مقاومة من االتجاه المحاف$$ظ داخ$$ل اآلل$$ة
136
التشريعية بالمغرب ،حيث لم يتم االلتفات إليه إال ضمن الح$$وار الوط$$ني إلص$$الح منظوم$$ة
العدالة ،والذي توج بميثاق لم ينل نصيبا من االهتمام ضمن مسودة مشروع القانون الجن$$ائي
الحالي ،والذي وإن قلص من عدد حاالت اإلعدام من 31حالة إلى 8حاالت ،فإنه بالمقاب$$ل
أحدث 3حاالت جديدة لإلعدام ،ما يؤكد على أن المش$رع الجن$ائي المغ$ربي لم يس$تطع بع$د
التأقلم م$ع األج$واء التش$$ريعية الحديث$ة ،رغم التزامات$ه الدولي$$ة ورغم أن تنفي$ذ العقوب$ة ،ق$د
أوقف منذ ،1993ورغم تسجيل نوع من التروي القضائي في النطق بهذه العقوبة ،وأخ$$يرا
رغم تكرار مبادرات العفو الملكي لفائدة المحكوم عليهم باإلعدام.
اإلجهاض والحق في الحياة الحق في الحياة غير مرتب$$ط فق$$ط بالعقوب$$ات ،وإنم$$ا يمت$$د ك$$ذلك
لجريمة اإلجهاض ،فإذا كان البعض يصف اإلعدام بأن$$ه قت$$ل باس$$م الق$$انون ال$$ذي يس$$مح ب$$ه
ويكسبه شرعيته ،فإن هن$$اك قتال من ن$$وع آخ$$ر يم$$ارس في إط$$ار اإلجه$$اض ال$$ذي يجرم$$ه
المشرع الجن$$ائي ،ألن$$ه اعت$$داء على الح$$ق في الحي$$اة بالنس$$بة إلى الج$$نين ال$$ذي يع$$ترف ل$$ه
القانون بشخصيته ويقر له حقوقا أهمها الحق في اإلرث الذي لن يتحقق إال بضمان حق$$ة في
الحي$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$اة أوال.
وبين اإلجهاض واإلعدام ،تكمن مفارقة غير مقبولة بين لمواقف الفرقاء من حق الحياة ،ففي
الوقت الذي يتشبث فيه المحافظون باإلبقاء على جريمة اإلجهاض دفاعا عن الحق في الحياة
بالنسبة إلى الجنين ،يتشدد هؤالء في الوقت نفسه في تش$$بثهم باإلع$$دام ،متج$$اهلين الح$$ق في
الحياة نفسه .وفي االتجاه اآلخر ،تتعالى أصوات الحقوقيين مطالبة بإلغاء عقوبة اإلع$$دام من
منطلق الدفاع عن الحق في الحياة حقا دستوريا غير قابل ألي تأويل ،كما نجد أغلبية ه$$ؤالء
تطالب برفع التجريم عن اإلجهاض ،متجاهلة هي األخرى الح$$ق في الحي$$اة ،أول ح$$ق يجب
أن يضمن لإلنسان وهو اليزال جنينا في بطن أمه.
24طفال متخلى عنهم يومياهذه المفارقات ،تفرض على المشرع معالجة اإلشكال في إط$$ار
شمولي ،يض$$ع نص$$ب عيني$$ه الواق$$ع المجتمعي ال$$ذي يؤك$$د أن نس$$بة اللج$$وء إلى اإلجه$$اض
السري بالمغرب تتراوح بين 800حالة و 1000حالة يومي$$ا ،خاص$$ة للتخلص من ح$$االت
الحمل خ$$ارج مؤسس$$ة ال$$زواج ،مم$$ا يس$$توجب فتح مل$$ف األمه$$ات العازب$$ات بك$$ل ج$$رأة و
137
مسؤولية ،لتنظيم وضعيتهن بشكل قانوني ينسجم على األقل مع التطورات األخ$يرة للتش$ريع
المغربي في مجال األحوال الشخصية ،و كذلك بشكل يمكن من حل معض$$لة ظ$$اهرة أطف$$ال
الشوارع واألطفال المتخلى عنهم والذين يصل عددهم ألربعة وعشرين طفال يوميا.
إن الحق في الحياة هو مبدأ أخالقي يستند على االعتقاد بأن لإلنسان الحق في العيش
وعدم التعرض للقتل من قبل إنسان آخر .ينشأ مفهوم الحق في الحياة خالل المناقشات ح$$ول
قضايا عقوبة اإلعدام والحرب واإلجهاض والقت$$ل ال$$رحيم والقت$$ل الم$$برر ورعاي$$ة الحي$$وان
والرعاية الصحية العامة .قد يختلف العدي$$د من األف$$راد ال$ذين يملك$$ون وجه$ات نظ$ر مؤي$دة
لحق الحياة على المجاالت التي ينطبق عليها هذا المبدأ ،مثل القضايا المدرجة ساب ًقا.
ولم يكن هناك قبول عام خالل التاريخ البش$ري لمفه$وم الح$ق في الحي$اة ال$ذي يجب أن
يكون فطري لجميع البشر بداًل من منحه كامتياز من قبل الذين يملك$$ون الس$$لطة االجتماعي$$ة
والسياسية .كان تط$$ور مفه$$وم حق$$وق اإلنس$$ان بش$$كل ع$$ام يح$$دث ببطء في من$$اطق متع$$ددة
وبطرق مختلفة ولم يستثنى الحق في الحياة من هذا التطور ،وش$$هدت األلفي$$ة الماض$$ية على
وجه الخصوص مجموعة كب$$يرة من الق$$وانين الوطني$$ة أو الدولي$$ة م$$ع وث$$ائق قانوني$$ة (مث$$ل
الوثيقة العظمى واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان) تدون المُثل العليا ضمن مبادئ محددة.
ويستخدم مصطلح (الحق في الحياة) خالل مناقشة موضوع اإلجهاض من قبل أولئك
الذين يرغبون في إنهاء ممارسة اإلجهاض أو على األقل خفض عددها ،وتم تق$$ديم مص$$طلح
الحق في الحياة في موضوع الحمل من قبل البابا بيوس الثاني عش$$ر خالل الرس$$الة البابوي$$ة
عام 1951
طلب المؤتمر الوطني لألساقفة الكاثولي$$ك ( )NCCBفي ع$$ام 1966من األب جيمس
ماكهو بدء مراقبة حركات التوعية ضد اإلجهاض داخل الوالي$$ات المتح$$دة .تم تموي$$ل لجن$$ة
الحق في الحياة ( )NRLCالوطنية في ع$$ام 1967لتنس$$يق حمالته$$ا الحكومي$$ة تحت رعاي$$ة
المؤتمر الوطني لألساقفة الكاثوليك .اقترح قادة مينيس$$وتا من أج$$ل التوج$$ه إلى حرك$$ة غ$$ير
طائفية على نطاق أوسع نموذجا تنظيميا يلغي االشراف المباش$ر للم$ؤتمر الوط$ني لألس$اقفة
$ترح م$$دير لجن$$ة الح$$ق في الحي$$اة جيمس م$$اكهو
الكاثوليك على لجن$$ة الح$$ق في الحي$$اة .واقَ $
138
ومساعده التنفيذي مايكل تايلور بحلول أوائل عام 1973خطة مختلفة لتسهيل تح$$رك لجن$$ة
الحق في الحياة لنيل استقاللها عن الكنيسة الكاثوليكية الرومانية.
يقول المناهضون لإلجهاض بأن لدى جنين االنسان منذ لحظ$$ة الحم$$ل نفس الح$$ق االساس$$ي
في الحي$اة ال$ذي يملك$$ه البش$$ر بع$د والدتهم .على ال$$رغم من أن المؤي$$دين لح$ق اإلنس$ان في
الحياة يؤيدون حق النس$$اء في االس$$تقاللية الجس$$دية ،إال أنهم يرفض$$ون فك$$رة أن ه$$ذا الح$$ق
يم ّك ن المرأة من انتهاك الحق في الحياة قبل الوالدة بقتل الجنين .بشكل عام يعتقد مؤيدو حق
االنسان في الحياة أن اإلجهاض فعل غير مقبول أخالقيًا
ويُستخدم مصطلح (حق االختيار) ضمن مناقشات موضوع اإلجهاض من قب$$ل أنص$$ار
حقوق اإلجهاض .يزع ُم العديد من المدافعين عن حقوق الناس في اإلجه$$اض أن البش$$ر قب$$ل
ً
أشخاص $ا بش$$ريين وليس ل$$ديهم نفس الح$$ق األساس$$ي في الحي$$اة كأش$$خاص ال$$والدة ليس$$وا
ناضجين .وهناك حجة أخرى تتعلق بحقوق اإلجهاض تقول أنَّ موضوع تمتع جنين االنسان
قب$ل ال$والدة بح$ق الحي$اة أو ع$دم تمتع$ه ب$ذلك ه$و موض$وع غ$ير مهم ألن ح$ق الم$رأة في
الس$$المة الجس$$دية يتج$$اوز أي حق$$وق ق$$د يمتلكه$$ا الج$$نين .ق$$د يتب$$نى الم$$دافعون عن (ح$$ق
االختيار) إحدى الفكرتين أو كالهما
وبش$$كل ع$$ام أولئ$$ك ال$$ذين يعت$$برون أنفس$$هم من المؤي$$دين لح$$ق االختي$$ار هم دع$$اة
لإلجه$$اض الق$$انوني .في ال$$وقت نفس$$ه يق$$ول بعض الم$$دافعين عن اإلجه$$اض الق$$انوني أنهم
ببساطة ال يعرفون بدقة متى تبدأ حياة الجنين خالل الحمل .وقد تبنى الس$$ناتور ب$اراك أوباما
هذا الرأي في انتخابات عام .2008ومع ذلك فقد ق$$ال بعض علم$$اء األحي$$اء أن خص$$ائص
الحياة تظهر منذ المستوى الخلوي .وقد ذكر مناصرون آخرون لحق اإلجهاض أنهم يملكون
بعض وجهات النظر الشخصية ضد اإلجه$$اض لكنهم ال يري$$دون وض$$ع ه$$ذه المعتق$$دات في
القانون ،وقد تبنى السناتور الكاثوليكي جو بايدن هذا الرأي في انتخابات عام .2008
قام حاكم والية إلينوي بروس راونر في شهر أيل$$ول ع$$ام 2017بتوقي$$ع مش$$روع ق$$انون (
أنفقن
َ )HB40لزيادة عمليات اإلجهاض المدعومة ماليًا من دافعي الضرائب $للنس$$اء الل$$واتي$
الت$$أمين الط$$بي أو الت$$أمين الص$$حي لم$$وظفي الدول$$ة على الرعاي$$ة الص$$حية لهنّ .وق$$د تمت
139
تغطية عمليات اإلجهاض ماليًا من قبل في حاالت االغتص$$اب وعالق$$ات المح$$ارم أو عن$$دما
يوجد تهديد لصحة األم وحياتها .وس َّع الق$$انون نط$$اق تغطي$$ة الت$$أمين الط$$بي ليش$$مل ح$$االت
أكثر من تلك الحاالت المحدودة .وقدرت لجنة الحق في الحياة في والي$$ة إلين$$وي أن الق$$انون
الجديد س$يؤدي إلى نح$و 12000عملي$ة إجه$اض إض$افية ك$ل ع$ام بتكلف$ة تزي$د على 21
مليون دوالر أمريكي .استندوا في اس$$تنتاج أرق$$امهم على أرق$$ام الت$$أمين الط$$بي بع$$د أواخ$$ر
سبعينات القرن العش$$رين ،حيث ك$$انت تج$$ري حينه$$ا عملي$$ات اإلجه$$اض في والي$$ة إلين$$وي
بشكل غير ممول من برنامج التأمين الطبي.
هذا و يقول بعض علماء األخالقي$$ات في الفلس$$فة النفعية ب$$أن (الح$$ق في الحي$$اة) يعتم$$د
على ظروف أخرى غير مجرد أن ينتمي الشخص للجنس البشري .ويُعت$$بر الفيلس$$وف بي$$تر
سينغر من أبرز مؤيدي هذه الحج$$ة .يعتم$$د الح$$ق في الحي$$اة بالنس$$بة إلى س$$ينغر على ق$$درة
الفرد للتخطيط وتوقع مستقبله .ويشمل هذا المفهوم الحيوانات غير البشرية مثل القرود العليا
والرض$ع يفتق$$رون إلى ذل$$ك فه$$و يق$$ول أنَّ اإلجه$$اض وقت$$ل
ّ األخرى ،ولكن بم$$ا أن األج ّن$$ة
األطفال دون ألم والقت$$ل ال$$رحيم يمكن أن تك$$ون أفع$$ال م$$بررة (ولكنه$$ا ليس$$ت إلزامي$$ة) في
بعض الظروف الخاصة ،على سبيل المثال في حالة رضيع معاق ستكون حيات$$ه معان$$اة ]،أو
إذا كان والداه غير راغبين في بتربيته وال يرغب أحد في تبنيه .وقد قال علم$$اء األخالقي$$ات
البيولوجية المختصون بدراسة حقوق المعاقين والعجّ ز أن نظرية س$$ينغر تعتم$$د على مف$$اهيم
نظرية التمييز ضد المعاقين.
ويزعم معارضو عقوب$ة اإلع$$دام أنه$ا انته$اك للح$ق في الحي$$اة ،في حين يق$$ول مؤي$$دو
العقوب$$ة أنه$$ا ليس$$ت انتها ًك$$ا للح$$ق في الحي$$اة ألن تط$$بيق الح$$ق في الحي$$اة يجب أن يتم م$$ع
مراعاة العدالة .ويعتقد المعارضون أن عقوبة اإلعدام هي أسوأ انتهاك لحق$$وق اإلنس$$ان ألن
الحق في الحياة هو األهم ،وتنتهك عقوبة اإلعدام هذا الح$$ق دون ض$$رورة وتس$$بب التع$$ذيب
النفسي للمدان .يعارض نشطاء حقوق اإلنسان عقوبة اإلعدام واص$$فين إياه$$ا بأنه$$ا «عقوب$$ة
قاسية وال إنسانية ومهينة» .وتعتبر منظمة العفو الدولية أنها «إنكار كامل لحقوق اإلنسان».
140
تبنت الجمعي$$$ة العام$$$ة لألمم المتح$$$دة في أع$$$وام 2007و 2008و 2010و 2012و
2014و 2016قرارات غير ملزم$$ة ت$$دعو إلى وق$$ف تنفي$$ذ أحك$$ام اإلع$$دام على مس$$توى
العالم ،بهدف إلغائها في نهاية المطاف.
وأنشأت المعايير الدولية لحقوق اإلنسان الخاص$$ة بتط$$بيق الق$$انون نظا ًم$$ا ينص على أنَّ
القانون الدولي لحقوق اإلنسان إلزامي على جميع الجه$$ات الفاعل$$ة التابع$$ة للدول$$ة ،وأنَّ ه$$ذه
الجهات الفاعلة التابعة للدولة يجب أن تكون على علم بالمعايير الدولية لحق$$وق اإلنس$$ان وأن
تكون قادرة على تطبيقها .إن الحق في الحي$$اة ه$$و ح$$ق غ$$ير قاب$$ل للمس$$اومة يتمت$$ع ب$$ه ك$$ل
إنسان على كوكب األرض ،ومع ذلك توج$$د ح$$االت معين$$ة يُطلب فيه$$ا من الجه$$ات الفاعل$$ة
اتخاذ إجراءات عنيفة مما قد يؤدي إلى قتل الم$$دنيين على أي$$دي الم$$وظفين المكلفين بتط$$بيق
القانون.
ويتم تحديد حاالت خاصة ج ًدا من قبل المعايير الدولية لحقوق اإلنسان الخاص$$ة بتط$بيق
القانون تسمح بالقتل وتلتزم بها أجهزة تطبيق الق$$انون بعناي$$ة .إن اتخ$$اذ أي إج$$راء قات$$ل من
قبل الموظفين المكلفين بتطبيق القانون يجب أن يأتي بعد مجموعة معينة من القواعد التي تم
تحديدها في قس$$م (اس$$تخدام الق$$وة) من كت$$اب حق$$وق اإلنس$$ان للش$$رطة .إنَّ المب$$دأ األساس$$ي
للكتاب الذي يخص استخدام القوة المميتة هو أنه ينبغي استخدام جميع الوسائل األخرى ذات
الطبيعة غير العنيفة اواًل ،ثم يليها استخدام القوة بطريقة مناسبة .ويمكن ان يش$$ير االس$$تخدام
المناس$$ب للق$$وة في بعض الظ$$روف إلى اس$$تخدام الق$$وة المميت$$ة إذا اعتق$$د أح$$د الم$$وظفين
المكلفين بتطبيق القانون أنَّ إنهاء حياة شخص واحد قد يؤدي إلى الحفاظ على حياته أو حياة
زمالئه أو حياة المدنيين ،تم ذك$$ر ذل$$ك في قس$$م بعن$$وان (الظ$$روف المس$$موح فيه$$ا اس$$تخدام
األسلحة النارية) في كت$$اب الش$$رطة ،كم$$ا يوض$$ح الكت$$اب ً
ايض$ا في قس$$م (المس$$اءلة بس$$بب
استخدام القوة واألسلحة النارية) أن هناك معايير قاسية للمساءلة مطبقة للحفاظ على النزاه$$ة
داخل وكاالت تطبيق القانون في الدولة فيما يتعلق بحقهم في استخدام القوة المميتة
وقد حددت المؤسسات الدولية متى وأين قد يكون لدى موظفي تط$$بيق الق$$انون امكاني$$ة
استخدام القوة المميتة .تملك الرابطة الدولية لرؤساء الش$$رطة (سياس$$ات نموذجي$$ة) تتض$$من
141
مجموع$$ة متنوع$$ة من المعلوم$$ات من بعض المص$$ادر الرائ$$دة وال$$تي تش$$كل بعض أفض$$ل
األفك$ار المتاح$ة في ه$ذا المج$ال .تنصُّ إح$دى ه$ذه السياس$ات النموذجي$ة على أن عناص$ر
تطبيق القانون سوف يس$$تخدمون ق$$وة ض$$رورية بش$$كل معق$$ول من أج$$ل الوص$$ول بتسلس$$ل
االحداث إلى نهاية فعالة مع االخذ بعين االعتبار سالمة زمالءه وغيرهم من الم$$دنيين .يمنح
الموظفون المكلف$ون بتط$بيق الق$انون الح$ق في اس$تخدام الط$رق ال$تي تواف$ق عليه$ا اإلدارة
لتحقي$$$ق نت$$$ائج آمن$$$ة لألح$$$داث ويتم منحهم ً
أيض$$$ا الق$$$درة على اس$$$تخدام بعض المع$$$دات
المخصصة لحل المشاكل التي قد تحدث حيث يُطلب منهم حماية أنفس$$هم أو حماي$$ة اآلخ$$رين
من األذى ومن أج$$ل الس$$يطرة على األف$$راد المق$$اومين أو إلنه$$اء الح$$وادث غ$$ير القانوني$$ة
بأمان .ال يوجد ما يشير إلى (ما هو ضروري بشكل معقول) ولكن تمت اإلشارة إلى طريقة
الرجل العقالني لتحديد كيفية التعامل مع االحداث .قد تم تس$$ليط الض$وء على ذل$$ك من خالل
بعض األح$$داث مث$$ل مقت$$ل مايك$$ل ب$$راون من قب$$ل دارين ويلس$$ون في فيرغس$$ون بوالي$$ة
ميسوري مما أدى إلى حالة من الفوضى العامة ،وتبين أنَّ هناك ارتبا ًكا يحيط بقسم اس$$تخدام
األسلحة الناري$$ة ال$$ذي يح$$دد العملي$$ة ال$$تي يُس$$مح خالله$$ا ل$$وكالء تط$$بيق الق$$انون باس$$تخدام
األسلحة النارية .يجب على وكيل تطبيق القانون اإلعالن عن هويته وإعطاء تح$$ذير واض$$ح
ووقت كا ٍ
ف لالستجابة بشرط أال يؤدي ذلك الوقت إلى حدوث ضرر للوكيل أو ألحد زمالئه
أو للمدنيين قبل استخدام القوة المميتة بحسب بنود القانون الدولي$.
في حين أن كتاب حقوق اإلنسان للشرطة يحدد الظروف األكاديمية التي قد يستخدم فيها
عناصر تطبيق القانون القوة المميتة ف$$إن االح$$داث ال$$تي ق$$امت فيه$$ا الش$$رطة بعملي$$ات قت$$ل
كانت قريبة ج ًدا من الشروط المذكورة $.يق$ول روزنفيل$د أن هن$اك الكث$ير من الكتاب$ات ال$تي
تعطي سببًا لالعتقاد بأن الظروف االجتماعية لها دور أي ً
ضا في كيفية حدوث عملي$$ات القت$$ل
خالل تنفيذ القانون .ويذكر روزنفيلد أن العديد من الدراسات التي ُأجريت تربط بين استخدام
وكالء تطبيق القانون القوة المميتة مع معدل جرائم العنف ضمن المنطقة وحجم السكان غير
التوص$ل إلى وص$$ف
ُّ األص$$ليين والموق$$ف االجتم$$اعي واالقتص$$ادي للمجتم$$ع .من الص$$عب
شامل لكيفية حدوث عمليات القتل على أيدي الشرطة في ظل االختالفات الشاسعة في الحالة
االجتماعية بين كل دولة وأخرى.
142
هذا ويناقش بيري بعض الظواهر في الواليات المتحدة األمريكية والتي أصبحت متوترة
للغاية ومنتشرة على نطاق واسع في أواخر عام 2014وهي استخدام القوة المميتة من قب$$ل
ضباط الشرطة البيض ضد الرجال الم$$دنيين الس$$ود غ$$ير المس$$لحين .ال يوج$$د نص ق$$انوني
يمنح وكالء تطبيق الق$$انون الق$$درة على اس$$تخدام الق$$وة المميت$$ة على حس$$ب جنس الش$$خص
الذي يتعاملون معه ،يوجد فقط نص قانوني يسمح لهم باستعمال القوة المميت$ة إذا ك$ان هن$اك
خوف معقول على حياتهم أو حياة اآلخرين .ومع ذلك أظهر تحلي$$ل ع$$ام للبيان$$ات الفيدرالي$$ة
حول موضوع إطالق النار بش$$كل مميت من قب$$ل الش$$رطة بين ع$$امي 2010و 2012أن
المدنيين الذكور ذوي البشرة السوداء كانوا أك$$ثر عرض$$ة للقت$$ل بنس$$بة 21ض$$عف على ي$$د
الشرطة من الشباب الذكور البيض .سبّب اس$$تخدام الق$$وة المميت$$ة من وكالء تط$$بيق الق$$انون
في الواليات المتحدة شعورً ا واسع االنتشار بين المواط$$نين األمريك$$يين ب$$أنهم غ$$ير محم$$يين
من قبل الشرطة .لقد وجد نظام العدالة في أغلب المواقف أن الوكالء تصرفوا ض$$من ح$$دود
القانون ألن تصرفات األشخاص الذين ُأطلقت عليهم النار كانت مثيرة للش$كوك بش$$كل ك$$اف
ليخاف موظف الشرطة على حيات$$ه أو حي$$اة زمالئ$$ه أو الم$$دنيين ].حق$$ق كوبول$$و في ق$$انون
والية كونيتيكت وقال أنَّ استخدام القوة المميتة يجب أن يُتبع بتقرير يحدد ما إذا ك$$انت الق$$وة
المميتة ضرورية لتطبيق القانون بشكل مناسب للظروف التي جرت .كما ذكر كوبولو أنه ال
يجب القيام برد فعل قاتل إال إذا كان هناك اعتقاد معقول بأن األحداث ال$$تي تج$$ري يمكن أن
تؤدي في الواقع إلى خطر الموت أو األذى الجسدي الخطير
أ .إذا ال يجوز في البلدان التي لم تلــغ عقوبــة اإلعــدام ،أن يحكمـ بهــذه العقوبــة إال جــزا ًء على
أشــد الجــرائم خطــورة ،وفقـا ً لتشــريع النفــاذ وقت إرتكــاب الجريمــة ،كمــا ال يجــوز تطــبيق هــذه
العقوبةـ إال بمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة.
ب .اليجوز الحكمـ بعقوب اإلعدام على جرائم إرتكبها أشخاص دون الثامنــة عشــر من العمــر،
والتنفيذ هذه العقوبة بالحوامل.
143
ج .اليجوز إخضاع أحد للتعذيب ،وال للمعاملة أو العقوبة القاســية أو الالإنســانية ،أو الحاطّــة
بالكرامة ،وعلى وجه الخصوص ،اليجوز إجراء أية تجربة طبية أو عملية على أحد دون رضــاه
الحر.
ويشمل ذلك حريته في إعتناق أي دين أو معتقد يختاره ،وحريته في إظهــار دينــه أو معتقــده
بالتعبّد ،وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم بمفرده ،أو مع جماعة امام المأل او على حده.
فبعد أن خصصنا بالتحليل والدراسة في القس م األول للمراح ل التاريخي ة للحق وق السياس ية ب دأ من إب راز
مفهومه ا وك دا مراح ل نش أتها س واء تعل ق االم ر بالعص ور القديم ة و الوس طى إض افة الى الحض ارة
اإلسالمية ،مرورا بضمانات ومبادئ ممارسة هاته الحقوق وصوال الى الشروط القانونية لممارستها وكدا
موانعه ا ،س نحاول في قس م ث اني التط رق الى االط ار الم رجعي ال ذي خص ه المنتظم ال دولي للحق وق
السياسية وكدا مختلف االليات التي كرسها لحمايتها .
القسم الثاني:
إن تناول موضوع حمايـة حقـوق اإلنسـان عامـة والحقـوق السياسـية خاصـة ،سـوا ًء على المسـتوى
الدولي أو المســتويات اإلقليميــة أو الوطنيــة ،لن يكــون ناجعـا ً إال من خالل العــروج الى اإلطــار القــانوني
المرجعي لهذه الحقــوق ،والــتي ترســحت بفعــل نضــاالت متعــددة ومتنوعــة ومن عـدة جــوانب ومن عــدة
فاعلين دوليين ووطنيين.
فالمكانة التي حققها موضوع حقـوق اإلنسـان اليــوم ،واألهميــة الــتي بغلهـا على المسـتويات الدوليــة
واإلقليمية والوطنية ،والحيّز المتنامي الذي تشتغله في وعي ووجدان الفــرد كإنســان وكمــواطن ،لم تكن
لتتحقــق لــوال أن مهــد لهــا وأرســى أساســها اإلطــار المــرجعي لهــا والمتمثــل في مجموعــة اإلتفاقيــات
والمعاهدات الدولية التي باتت تشكل ما يعرف "بالقانون الدولي لحقوق اإلنسان" ،وهــو القــانون الــذي
نود تسليط الضوء عليه في القسم الثــاني من هـذا البحث ،سـوا ًء من حيث تنـاول كــل اإلتفاقيــات الدوليـة
التي تدخل في زمرة ما يسمى "بالشرعية الدولية لحقــوق اإلنســان" ،او من حيث مضــمونها ،وخاصــة
145
مجموعة الحقوق السياسية التي شكلت أهم الحقوق التي أهتم بها المجتمع الدولي خالل الخمسين ســنه
األخيرة .وفي هذا القسم سيتم تناول هذا الموضووع من خالل فصلين:
الفصل األول:
إن اهتمامنــا بمنظمومــة القــانون الــدولي لحقــوق اإلنســان لن يتــأتى دون دراســتها في ظــل الواقــع
الممارساتي لها والمتمثل في مجموعة الوسائل واآلليات التي وضعت ورصدت ألجل تكريس حماية هــذه
الحقوق .وقد أكد المجتمع الدولي في عدد من المرات أهمية تعزيز تفعيل هــذه الحقــوق والمبــادئ ضــمن
مـا أصـطلح على تسـميته "التعـاون الـدولي في مجـال حقـوق اإلنسـان" بإعتبـاره من أهم مقاصـد األمم
المتحدة ،وأن حمايتها وتعزيزها تعد المســؤولية األولى الملقــاة على عـاتق الحكومــات ،مـع التأكيــد على
عالميتها وترابطها وعدم قابلتها للتجزية ،وفقا ً لما تم التأكيد عليه في إعالن عمل فيينا للمؤتمر الــدولي
لحقوق اإلنسان لعام 1993م ،وهو اإلعالن الذي يُعد وثيقة مرجعية للعمل الحقوقي حول العالم ،وهو ما
146
ساهم في قيام نظام مؤسسي لحماية حقوق اإلنسان في إطار األمم المتحدة ،ويتمثــل في منظمــة اآلليــات
التي رسختها األمم المتحدة قصد تعزيز الحماية الشاملة لممارسة حقيقية وفعلية لحقوق اإلنسان.
فحقــوق اإلنســان والحريــات األساســية تمثــل رمــزاً للتطــور واإلرتقــاء ،وعالمــة من عالمــات التقــدم
والتحضر ،ولهذا فقد وجدت لها مكان في الوثائق الدستورية والتشريعات المعاصرة (.)199
ولقد أشرنا سابقا ً الى أن دراسة حقوق اإلنسان عامــة والحقــوق السياســية خاصــة ،يســتلزم منــا اوالً
اإلحاطة بالمنظمة المرجعية لهذه الحقوق بكــل أصــنافها وأنواعهــا ،وهــو مــا نســميه "بالمحــل القــانوني
والتشريعي لهذه الحقوق".
وعليــه؛ فإنــه ال أحــد يشــك اليــوم في المنزلــة القانونيــة الرفيعــة الــتي حققتهــا منظمــة اإلتفاقيــات
والمعاهدات الدولية بإعتبارها األداءت العالمية األولى الــتي تكــرس التفكــير المعاصــر لحقــوق اإلنســان،
والخطوة الراسخة نحو تدويل عالمية هذه الحقوق الى درجــة وصــفها البعض على أنهــا تمثــل "القــانون
الدولي الكوني لحقوق اإلنسان" ،وذلك في إطار أهــداف ومقاصــد األمم المتحــدة الــتي ســعت جاهــدة الى
إقناع المجتمع الدولي بضرورة تبني هذه الشرعة الدولية واحترامهــا وتكريســها على مســتوى القــوانين
الوطنية لكافة الدول.
والى جانب هذا القانون الدولي الكوني لحقوق اإلنسان ،فقد نشأت على هامشه قوانين دولية إقليميــة
تخص بعض اإلتحادات واألقاليم القارية التي إستطاعت أن تضع لنفسها منظمة قانونيــة دوليــة للتشــريع
في مجال حقوق اإلنسان ووضع اآلليات لحمايتها ،فمنها ما نجح ومنهــا مــا أخفــق ،االم ر ال ذي يجعلن ا
نخص يشيء من التفصيل االطار القانوني الدولي الكوني وكذا أهم ما جاءت ب ه الش رعة الدولي ة في ه ذا
المجال(.اإلعالن العالمي لحقوق االنسان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسة)
المبحث األول:
تندرج الحقوق السياسية من حيث التشريع لها وتكريسها ووضع إطارها القــانوني المــرجعي ،ضــمن
مجموعة حقوق اإلنسان كافة التي تجد سندها ومشروعيتها في كتلة اإلتفاقيات والمعاهدات الدولية التي
) (199د .مليكه النعيمي $و د .مساعد عبدالقادر ،الناصر في حقوق اإلنسان والحريات األساسية ،دار سليكي أخوين ،طنجه/المغرب ،الطبعة
الثانية ،2015 ،ص . 11
147
رصدت في مجال حماية حقوق اإلنسان ،وذلك إنطالقـا ً من إيمــان راســخ يتمثــل في عــدم قابليــة الحقــوق
والحريات للتجزئة.
ولقد ناضــلت فعاليــات المجتمــع المــدني الدوليــة طيلــة ســنوات من أجــل أن يتحمــل المجتمــع الــدولي
مسؤوليته في المساهمة في وضع إطار قانوني مرجعي عــالمي لحقــوق اإلنســان تهتــدي بــه المجتمعــات
والدول في سبيل احترامها لحقوق اإلنسان وحمايتها والعمل على بلورة المبادئ والقواعــد والممارســات
الفضلى في هذا المجال.
وثمة إتفاق عام على أن المصادر الكونية أو العالمية لحقوق اإلنســان تشــكل أســاس القــانون الــدولي
لحقوق اإلنسان .وكفلت اإلعالنات والوثائق العالمية واإلقليمية المعنية بحقوق اإلنسان وحرياته الحقوق
السياسية لإلنسان ( .)200وبهذا يشكل اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان بإعتباره أول إعالن في هذا المجال
،مصدر إلهام لمجموعـة ضـخمة من معاهـدات حقـوق اإلنسـان ذات اإلـزام القـانوني ،وكـذلك لموضـوع
تطوير حقوق اإلنسان على الصعيد العــالمي بأســره .وهــو اليــزال قبسـا ً يهتــدي بــه الجميــع ،ســوا ًء عنــد
التصدي للمظالم ،أم في المجتمعات التي تعاني من القمع ،أو عنــد بــذل تلــك الجهــود الراميــة الى تحقيــق
التمتع العالمي بحقوق اإلنسان.
المطلب األول:
إن من أهم مــا جــاء بــه اإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان الى جــانب التنصــيص على مجموعــة من
الحقوق والحريات األساسية ،تنصيصه على مجموعــة من المبــادئ الســامية في مجــال حقــوق اإلنســان
) (200د .سحر محمد نجيب ،التنظيم الدستوري لضمانات حقوق اإلنسان وحرياته ،دار الكتب القانونية ،الطبعة األولى ،مصر ،2011 ،ص . 63
148
التي ستصبح المنبر للتشريع في مجال حقوق اإلنسان سوا ًء على المستوى الدولي أو الوطــني ،والغايــة
التي من أجلها وعلى ضوئها يمكن التوسع في هذا المجال عن طريق إعتماد إتفاقيات ومعاهــدات أخــرى
ذات الصلة منها العهدين الدوليين وباقي اإلتفاقيات األخرى سواء الموضوعاتية أو الفئوية أو اإلقليمية.
وقد كان من أبرز هذه المبادئ مبدأ عالمية حقوق اإلنسان ،ومبــدأ عــدم قابليــة الحقــوق للتجزئــة ،ومبــدأ
تعزيز سيادة حقوق اإلنسان بمقابل مبــدأ الســيادة الوطنيــة الــذي كــان ســائداً في مرحلــة مــا قبــل اإلعالن
العالمي ،وما تاله ،وهو ما يشكل الشرعة الدولية لحقوق اإلنسان الــتي تســتمد منهــا الحقــوق السياســية
مرجعيتها القانونية ،االم ر ال ذي س نعالج من خالل ه أهم م ا تض منه اإلعالن ،أس باب ظه وره ،مميزات ه،
القيمة القانونية التي جاء بها .
مثّل اإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان اإلعــتراف الــدولي األول ألهميــة حقــوق اإلنســان في القــانون
الدولي .فنهاية الحرب العالميـة الثانيـة ومـا خلفتهـا من دمـار إنسـاني وبيـئي ،دفـع بـالمنظم الـدولي الى
ضرورة جعل موضوع حقوق اإلنسان موضوعا ً دوليا ً راهنيا ً وملزما ً للجميع.
يشكل اليوم اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان مناسبة لجعل العالم لتفت لموضوع كان يعتبر من الترف
الفكري ،وفرصة لدفع الدول الى جعل قيم حقوق اإلنسان قيما ً مشتركة أساسها تقاس درجة تحضر األمم
والمجتمعات.
أن من أهم اإليجابيــات الــتي طبعت منتصــف القــرن العشــرين ،بعــد األحــداث الداميــة والكارثيــة الــتي
خلفتها الحرب العالمية الثانية ،وضـع اإلعالن العـالمي لحقـوق اإلنســان لســنة 1948م ،الـذي كـانت لــه
بصــمات مشــرفة في تــاريخ اإلنســانية الحــديث ،والــذي ســاهم بشــكل كبــير في إعــادة اإلعتبــار لإلنســان
واإلهتمام به من جانب الحقوق والحريات التي يجب أن يتمتع بهــا ويمارسـها قصـد نشــر السـالم واألمن
واإلستقرار والعدل والكرامة في العالم سواء بين الدول أو بين الشعوب.
وفي هــذا اإلطــار ،يعلن ميثــاق األمم المتحــدة عــام 1945م أن أحــد مقاصــد األمم المتحــدة هــو تعزيــز
وتشجيع احترام حقوق اإلنسان و الحريات اإلساســية للجميــع .وقــد أضــفى على هــذه الــدعوة أول تعبــير
عملي بإصدار اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان من جانب الجمعية العامة لألمم المتحدة في عــام 1948م.
وكان هذا اإلعالن العالمي ،الذي اعتمد في ضوء خلفية تتمثل في فظائع الحرب العالمية الثانية ،هــو أول
149
محاولة من جانب جميع الدول لإلتفاق ،في وثيقة احدة ،على سرد شامل لحقوق الشــخص البشــري .ولم
يكن اإلعالن ،كما يوحي إسمه بذلك قد فكر فيه كمعاهدة بل باألحرى كإعالن ألبســط الحقــوق والحريــات
األساسية ويحمل القوة األدبيــة إلتفــاق عــالمي .وهكــذا وصــف القصــد منــه على أنــه يحــدد المثــل األعلى
المشترك الذي ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب وكافة األمم(.)201
ففي خضم مداوالت مؤتمر سان فرانسيسكو لعـام 1945م ،الـذي عقـد لوضــع ميثـاق األمم المتحـدة،
عرض إقتراح بصوغ "إعالن بشأن حقوق اإلنسان األساسية" ،إال ان هذا اإلقتراح لم يؤخذ بــه إلعتقــاد
المؤتمرين أنه بحاجة الى دراســة متأنيــة ووافيــة وهــو مــا لم يكن متيّسـراً آنــذاك .لكن هــذا لم يحــل دون
تضمين ميثاق األمم المتحدة بعض العبارات العامـة الـتي تعكس اإلهتمـام بشـأن حقـوق اإلنسـان كقضـية
عصــرية .وهكــذا تتحــدث مــادة الميثــاق األولى صــراحة عن "تعزيـز احــترام حقــوق اإلنســان والحريــات
األساسية جميعا ً والتشجيع على ذلك دون تمييز بسبب الجنس او اللغــة أو الــدين وال تفريــق بين الرجــال
والنساء".
أنفضـت الجلســة الختاميــة لمــؤتمر ســان فرانسيســكو حــتى أوصــت اللجنــة التحضــيرية لألمم
ّ وما أن
المتحدة بأن ينشئ المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي في دورته األولى لجنة لتعزيــز حقــوق اإلنســان على
النحو المتوخ ّى في المادة 86من الميثاق .وعمالً بهذه التوصية ،أنشأ المجلس لجنة حقــوق اإلنســان في
العام 1946م أي قبل تبنّي اإلعالن العالمي بسنتين .ومنذ ذلــك الحين شــرعت اللجنــة بالعمــل على إعــداد
شرعة دولية لحقوق اإلنسان ،فتش ّكلت لهذه الغاية لجنــة رســمية للصــياغة تتــألف من ثمــان دول روع ّي
في إختيارها التوزيع الجغرافي :هل ستكون على شكل إعالن يحــدد المبــادئ أو المعــايير العامــة لحقــوق
اإلنسان؟ أو على شكل إتفاقية تعرف حقوقا ً محدّدة وتعطي التقيّد بها صفة اإللزامية؟(.)202
تمت في البداية تشكيل لجنة دولية لصياغة بنود اإلعالن سميّت بلجنـة حقـوق اإلنسـان الــتي اجتمعت
ألول مـرة ســنة 1947م ،وتكــون من ثمانيــة عشـر عضــواً يمثلــون شــتى الخلفيــات السياســية والثقافيــة
والدينيــة .وضــمت اللجنــة شخصــيات عالميــة معروفــة بنضــالها في مجــال حقــوق اإلنســان ،من ضــمنها
إليــانور روزفلت أرملــة الـرئيس األمـريكي فـرانكلين روزفلت الـتي تــولّت رئاسـة لجنـة صــياغة اإلعالن
العالمي لحقوق اإلنسان .واشترك معها رونيه كاسين من فرنسا المعروف بنضاله المستميت بالدفاع عن
حقوق اإلنسان ونشــر الســالم ،الــذي وضـع المشــروع الــدولى لإلعالن ،ومقــرر اللجنــة شــارل مالــك من
لبنان ،ونائب رئيسية اللجنة بونغ شونغ شانغ من الصين ،وجون همفري من كندا ،بصــفته مــدير شــعبة
األمم المتحدة لحقوق اإلنسان ،الذي أعد مخطط اإلعالن .وقد كانت مساهمة السيدة إليانور روزفلت جــد
) (201وثائق األمم المتحدة :حقوق اإلنسان ،الحقوق المدنية والسياسية ،اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان ،صحيفة الوقائع رقم ( 15التنقيح ) 1
.iii ;GE / 2007 . 04 – 43669 161204 171204
) ( 202د .وائل عالم ،اإلتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان ،دار النهضة العربية ،مصر 1999 ،م ،ص . 13
150
إيجابية وحماسية خالل رئاستها للجنة وإدارتها وإشرافها على النقاشات المحتدمة التي عرفتها اللجنــة،
فكانت بمثابة القوة الدافعة وراء وضع اإلعالن(.)203
لقد رأت اللجنة أن تكــرس من جهودهــا في المرحلــة األولى من عملهــا إلعــداد إعالن دولي لــه صــفة
برنامج غير ملزم ،على أن يعقب ذلك إتفاقية أو أكثر تتضمن التزامات قانونيــة واضــحة وتــدابير محــددة
لحماية حقوق اإلنسان.
وعلى هذا األساس ،قدمت لجنة الصياغة الى لجنة حقوق إلنسان مشروعين باإلقتراحين ،وفي العــام
1947م أطلقت اللجنة على ما تم إعداده من وثــائق تحت اســم "الشــرعية الدوليــة لحقــوق اإلنســان" ثم
شــكلت ثالث مجموعــات عمــل :األولى تعــني بــاإلعالن والثانيــة بالعهــد والثالثــة بالتنفيــذ .وفي النهايــة،
اعتمدت اللجنة في اجتماعهــا في صــيف 1948م مشــروع اإلعالن إذ لم يكن لـديها الــوقت الكـافي للنظـر
فيمـــا أعدتـــه مجموعـــتي العهـــد والتنفيـــذ .أحـــالت اللجنـــة مشـــروع اإلعالن الى المجلس اإلقتصـــادي
واإلجتمــاعي الــذي قدمــه الى الجمعيــة العامــة لألمم المتحــدة في إجتماعهــا المنعقــد في بــاريس في 10
ديسمبر 1948م(.)204
وقد تبنّت الجمعيــة العامــة هــذا اإلعالن عنــدما كــان عــدد أعضــائها آنــذاك اليتجــاوز ( )58عضــواً
ومعظمهمـ من الدول الغربية ،وقد صدر بأغلبية ( )48صوتاً ،من بينهم أربعــة دول هي :مصــر ،العــراق،
سوريا ولبنان ،وإمتناع ثماني دول عن التصويت منها :اإلتحاد السوفياتي ،روسيا البيضاء ،يوغسالفيا،
بولندا ،الصين ،السعودية وجنوب أفريقيا ،وغياب دولتان.
وقد شــكلت الــدول الشــيوعية أغلبيــة الــدول الممتنعــة عن التصــويت .وإرتكــزت في مواقفهــا على أن
اإلعالن لم يقم بمعالجة واجبات الفرد نحــو المجتمــع ،وأنــه رجح كفــة الحريــات الرأســمالية ،إضــافة الى
عدم تطرق اإلعالن الى الوسائل التي ينبغي على الدول إتخاذها بغيــة إعمــال هــذه الحقــوق .وقــد انتقــدت
الدول الشوعية موقف الدول الغربية لرفضها إدانة ظاهرة الفاشية بصراحة في اإلعالن ،بحجة إســتحالة
وضع تعريف جامع مانع لهــذه الظــاهرة الــتي كــانت وراء إنــدالع الحــرب العالميــة الثانيــة .وتعكس هــذه
التبريرات خشية هذه الدول من تدخل األمم المتحدة في شؤونها الداخلية بحجة حقوق اإلنسان(.)205
ويجد التأكيد أن المكانة المرموقة التي بلغتها قضــية حقــوق اإلنســان اليــوم على المســتويات الدوليــة
واإلقليمية والوطنية ،والحيّز المتنامي الذي تشــغله في وعي ووجــدان الفــرد كإنســان وكمــواطن ،لم تكن
لتتحقق لوال أن م ّهد لها وأرسى أساسها اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان.
) (203د .احمد الرشيدي ،حقوق اإلنسان (دراسة في النظرية والتطبيق) ، $مكتبة الشروق الدولية ،القاهرة ،الطبعة األولى ،2003 ،ص . 103
) (204د .احمد الرشيدي ،حقوق اإلنسان (دراسة في النظرية والتطبيق) $،مرجع سابق ،ص . 104
) (205د .حسن نافعة ،األمم المتحدة في نصف قرن (دراسة في التنظيم الدولي منذ ، 1945مجلة عالم المعرفة ،الكويت ،1995، $عدد، 202
ص 210
151
فعلى قاعدة اإلعالن ،شهدت الفترة التي أعقبته العديد من التطــورات في ميــدان حقــوق اإلنســان أدّت
فيمـا أدّت إليـه الى تقـنين متزايـد للحقـوق والحريـات والمبـادئ الـتي دشـنها اإلعالن ،والى تبلـور نظـام
وآليات لتعريف وتعزيز حماية حقوق اإلنسان على المستوى التعاقدي بين الدول عبر المعاهــدات أو على
مستوى األمم المتحدة وأجهزتها المتخصصة عبر القرارات واإلعالن ،وما تنطوي عليه من ثقـل قـانوني
معنوي وخلقي ومساعدات إجرائية فنية وإدارية وبرنامجيّة.
فما من أحد يشك اليوم في المنزلــة القانونيــة الرفيعــة الــتي حققهــا اإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان
بإعتباره األداة العالميــة األولى الـتي تعكس التفكــير المعاصــر لحقـوق اإلنسـان والخطــوة الراسـخة نحــو
تدويل وعالمية هذه الحقوق الى درجة وصفه البعضه على أنه يمثل "مغناكرتا" العالم بأسره(. )206
لقد شكل اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان أول وثيقة حقوقية يتم التوافق عليها عالميـا ً لتؤســس الحلم
عــالمي بعصــر جديــد تحــترم فيــه الحقــوق ،وتكــون هي المرجــع الــذي تســتند إيــه أفعــال الــدول واألفــراد
والمجموعات.
وقد كانت بدايات اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الــذي تم إعتمــاده مجســدة في ميثــاق األمم المتحــدة
لسنة 1945م ،حيث تم إقرار أربع حريات بذات الميثاق تتمثل بحرية العبير ،حرية التجمــع ،التحــرر من
الخوف ،والتحرر من الحاجة .ويلعب هذا الميثــاق دوراً هامـا ً في الحفــاظ على حقــوق اإلنســان واإليمــان
بها ،وألزمت األمم المتحدة جميع الدول األعضاء على احــترام هــذه الحقــوق المقــررة وتطبيقهــا دون أي
تفرقة أو تمييز بين األفراد.
لقد اطلق هذا اإلعالن مراحل شاقة من العمل لكل نشطاء حقوق اإلنسان والمنظمات المعنية ،من اجل
تحويل روح اإلعالن الى آليات عمل ووسائل إجرائية تضمن تنفيذ الحقــوق الــتي توافــق عليهــا المجتمــع
الدولي في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،وهو ما انعكس في آالف المؤتمرات واللقاءات حول العــالم،
وعشرات اإلتفاقيــات الــتي وجــدت طريقهــا الى النــور منــذ ذلــك التــاريخ ،لتعكس كــل واحــدة منهــا روح
ومضمون مواد اإلعالن (.)207
وبعد هذا الحدث التاريخي ،طلبت الجمعية العامة من البلدان األعضاء كافـة أن تـدعو لنص اإلعالن و
"أن تعمل على نشره وتوزيعه وقراءتــه وشــرحه ،والسـيّما في المــدارس والمعاهــد التعليميــة األخــرى،
دون أي تمييز بسبب المركز السياسي للبلدان أو األقاليم.
وثمة إتفــاق عــام على أن اإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان يشــكل أســاس القــانون الــدولي لحقــوق
اإلنسان .وكان مصدر إلهام لمجموعة ضخمة من معاهدات حقوق اإلنسان الدولية ذات اإللزام القــانوني،
) (206احمد الرشيدي ،حقوق اإلنسان (دراسة في النظرية والتطبيق) $،مرجع سابق ،ص . 37
) (207د .حسن نافعة ،األمم المتحدة في نصف قرن (دراسة في التنظيم الدولي منذ ، 1945مرجع سابق ،ص . 22
152
وكذلك لموضوع تطوير حقوق اإلنسان على صعيد العالم بأسره .وهو ال يــزال قبسـا ً يهتــدي بــه الجميــع،
سوا ًء عند التصدي للمظالم ،أم في المجتمعات التي تعاني من القمع ،او عنـد بــذلك ذلـك الجهــود الراميــة
الى تحقيق التمتع العالمي بحقوق اإلنسان(.)208
يتألف اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان من مقدمة (ديباجة) وثالثين مادة ،كرس فيهــا مبــدأ المســاواة
والحقوق والحريات األساسية والسالمة البدنية.
ذكرت في المقدمة (الديباجة) األسباب الــتي دفعت الــدول األعضــاء إلصــدار مثــل هــذا اإلعالن ،وذلــك
باإلشارة الى أن اإلعتراف بالكرامة المتأصلة بين جميع أعضاء األســرة البشــرية وبحقــوقهمـ المتســاوية
والثابتة هو أساس الحرية والعدل والسالم في العالم ،و "أن تناسي هــذه الحقــوق وإزدراؤهــا قــد أفضــيا
الى أعمال همجيــة آذت الضــمير اإلنســاني" ،وانــه البــد ان يتــولى القــانون حمايــة حقــوق اإلنســان لكي
اليضطر المرء ،آخر األمر الى التمرد على اإلستبداد والظلم .كما أن الجمعية العامة تنادي كل فرد وهيئــة
في المجتمع الى تعزيز احترام هذه الحقوق والحريات عن طريق التعليم والتربية وإتخاذ إجراءات قومية
وعالمية لضمان اإلعتراف بها ومراعاتها بين الدول األعضاء ذاتها والشعوب الخاضة لسلطاتها.
وبالنظر الى مضمون الحقوق والحريات المذكورة باإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،فقــد قــام البعض
الى تقسيمها الى جزأين أساسيين :جزء خاص بالحقوق المدنية والسياسية التقليدية ،وجزء أخر متعلــق
بالحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية غير أننــا نــرى تقســيمها الى خمس فئــات من الحقــوق والحريــات على
الشكل التالي:
الفئة األولى ،وتخص الحقــوق الشخصــية :الــتي تتضــمن الحــق في الحيــاة ،والحريــة،
والكرامة ،والمساواة أمام القــانون ،وتحــريم الــرق والتعــذيب واإلضــطهاد ،الــتي نصــت عليهــا
المواد من الفئة ( 3الى .)13
الفئة الثانيــة ،وتتعلــق بــالحقوق اإلجتماعيــة :الــتي تشــمل الحقــوق العائــدة لألفــراد في
عالقتهم مع الدولة كحق الجنســية ،وحــق الــزواج ،وحــق الملكيــة ،وحــق اللجــوء الــذي نصــت
عليها المواد ( 14ــ .)17
الفئة الثالثة ،وتخص الحريات العامــة والسياســية :المتمثلــة بحريــة المعتقــد ،والتعبــير،
واإلنتخاب ،وتكوين الجمعيات ،والحق في تقلد الوظائف العامة ،واإلشــتراك في إدارة الشــؤون
العامة التي نصت عليها المواد ( 21ــ .)18
) (208محمد شريف بسيوني ،الوثائق الدولية المعنية بحقوق اإلنسان ،المجلد األول ـ الوثائق الدولية ،دار الشروق ،مصر 2003 ،ص . 88
153
الفئة الرابعة ،وتتعلق بالحقوق اإلقتصــادية والثقافيــة :كــالحق في الضــمان اإلجتمــاعي،
والحــق في العمــل والحمايــة من البطالــة ،والحــق في الراحــة ،والحريــات النقابيــة والثقافيــة،
والحق في مستوى معيشــي كــاف للمحافظــة على صــحة ورفاهيــة اإلنســان ،وحقــه في التعليم،
والتمتــع بنظــام اجتمــاعي دولي تتحقــق بمقتضــاه الحقــوق والحريــات المنصــوص عليهــا في
اإلعالن تحققا ً كامالً.
وأخيراً الفئة الخامسة ،وتتعلق بالواجبــات :الــتي تقــع على عــاتق الفــرد حيــال المجتمــع
والدولة ،والتي نصت عليها المواد ( 30ــ .)22
فهذه الحقوق والحريات تتصل إتصاالً وثيقا ً بالركائز األساسية للكرامــة اإلنســانية بصــرف النظــر عن
منظومة القيم التي يرتبط بها الفرد ،كما صيغت بصورة عامة بشكل تسمح للدول مهمــا كــانت ثقافتهــا أو
مرجعيتها أن تقرها وتتقبلها وتكرسها على مستوى قوانينها الداخلية.
غــير أن من أهم مــا جــاء بــه اإلعالن ،الى جــانب التنصــيص على مجموعــة من الحقــوق والحريــات
األساسية ،تنصيصه على مجموعة من المبادئ السامية في مجال حقوق اإلنســان الــتي ستصــبح المنهج
المنير للتشريع في مجال حقوق اإلنسان سواء على المستوى الدولي أو الوطني ،والغاية التي من أجلها
وعلى ضوئها يمكن التوسع في هذا المجال عن طريق إعتماد إتفاقيات ومعاهدات أخرى ذات الصلة .وقد
كان من أبرز هذه المبادئ مبدأ عالمية حقوق اإلنسان ،ومبدأ عدم قابلية الحقوق للتجزئة ،ومبــدأ تعزيــز
سيادة حقوق اإلنسان بمقابل مبدأ السيادة الوطنية الذي كــان ســائداً في مرحلــة مــا قبــل اإلعالن العــالمي
وما تاله.
إن المبادئ األساسية لحقوق اإلنسان ،التي وردت ألول مرة في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،من
قبيل العالمية والترابط وعدم التجزئة والمساواة والبعد عن التعمييم الى جانب شمول حقوق اإلنســان في
وقت واحد لكل من الحقوق واإللتزامات المتصلة بأصحاب الحقـوق والمســؤولين ،قـد تكــررت في العديـد
من إتفاقيات وإعالنات وقرارات حقوق اإلنسان الدولية ،شكلّت األسس المرجعية والمبادئ السامية التي
يجب على أساسها وفي ضوئها التشريع لحقوق اإلنسان على الصعيد الــدولي والوطــني وتكــريس قيمهــا
(.)209
وقد أكد المجتمع الدولي في عدد من المرات على أهمية تعزيز تفعيل هذه المبـادئ ضـمن مـا أصـطلح
على تسميته "التعاون الدولي في مجال حقــوق اإلنســان" بإعتبــاره من أهم مقاصــد األمم المتحــدة ،وأن
حقوق اإلنسان والحريات األساسية هي حقوق يكتسـبها جميـع البشــر بـالوالدة ،وأن حمايتهــا وتعزيزهـا
هما المسؤولية األولى الملقاة على عاتق الحكومات ،مع التأكيد على عالميتهـا وترابطهـا وعـدم قابليتهـا
) (209وائل عالم ،اإلتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص .124
154
للتجزئة ،وفقا ً لما تم التأكيد عليه في إعالن عمـل فينـا للمــؤتمر الـدولي لحقــوق اإلنسـان لعـام 1993م ،
وهو اإلعالن الذي يُعد وثيقة مرجعية للعمل الحقوقي حول العالم(.)210
وقد ترافق العمل التشريعي الذي قامت به المنظمات الدولية والمحلية من أجل تفعيــل حقـوق اإلنسـان
مع جهود مكثفــة حــول العــالم لنشــر ثقافــة حقــوق اإلنســان ،وتعزيــز هــذه القيم والمبــادئ لــدى اإلنســان
العادي ،من اجل بناء منظومة متكاملة تساعد في إستدامة الحقوق وتفاعلها.
وأهمية هذا اإلعالن ال تأتي من المبادئ التي تضمنها فحسب؛ بل تتبع كذلك من أن الــذي أصــدره هي
الحكومات ،وبالتالي فإن تلك الوثيقة وضعت المسؤولية المطلقة عن إنتهاكات حقوق اإلنسان على عاتق
الحكومات والدول ،وهكذا سقطت المفاهيم العامة لحقوق اإلنسان المرتكزة على مفاهيم خيرية وإنســانية
عامة ،وحولتها الى مفاهيم قانونية تتحدد بموجبها المسؤولية اإلنسانية للدولة تجاه مواطنيها.
ال تنحصر قيمة اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان فقط في مجموعة المبادئ والحقــوق الــتي يتضــمنها،
بل أن قيمته تكاد تفوق بكثير مضمونه ،حيث أنه يعتبر أول إعالن عالمي في هذا المجال الذي فتح الباب
للتفكير في التشريع في ميدان حقوق اإلنسان .وبالتالي فــإن قيمتــه الرئيســية والجوهريــة والســامية هي
إعتماده من قبل منظمة أمميــة عالميــة شــكلّت مرحلــة جديــدة في النظــام الــدولي وتقــنين العــرف الــدولي
وإلزام الدول بضــرورة اإلهتمــام بــالفرد والجماعــات واإللــتزام بخلـق التوافــق بين فكــرة الســلطة وفكــرة
الحرية.
يمكن القول أن اإلعالن جاء لتحديد وتفسير عبارات حقــوق اإلنســان المشــمولة في الميثــاق ليعطيهــا
دفعة هامة الى األمــام .وأهميــة اإلعالن ووزنــه القــانوني واألخالقي ال يأتيــان فقــط من كونــه أول وثيقــة
عالمية لحقوق اإلنسان أو من حقيقة التصويت عليه دون إعتراض ،بل من اإلستهداء بــه في الممارســة
والمواقف التي تجد تعبيراتها في عدة مجاالت ،وكذا من خالل تمتعه بمجموعة من الميزات من بينها:
.1قبول اإلعالن من كافة الــدول الــتي أنضــمت الى األمم المتحــدة بعــد تبنّيــه ولم تشــارك في
دشـن
إعداده ،حيث لم تبد أي مالحظة نقديّة عليه أو على قــرار الجمعيــة العامــة رقم 217الــذي ّ
اإلعالن .بــل وأكــثر من ذلــك أكــدت الــدول بمجملهــا أهميــة اإلعالن في تصــريحاتها ومواقفهــا
وأعتمدته عشرات الدول كمصدر إلهام ونقطة إرتكاز لدساتيرها وقوانيها.
) (210عبدالعزيز محمد سرحان ،اإلطار القانوني لحقوق اإلنسان ،جامعة عين شمس ،مصر 1980 ،م ،ص . 124
155
.2اإلبتعاد عن القضايا المثيرة للجدل؛ إذ جـاء اإلعالن قاصـراً على الموضـوعات والمسـائل
التي كانت محل توافق بين الدول ،واإلبتعاد عن معالجة الموضــوعات والمســائل المثــيرة للجــدل
والخالف .فمن المســائل الــتي اعتـبرت عمليــة وضـع اإلعالن هي صــياغة نص يعــالج الحــق في
اإلضــراب والــذي أنتهى األمــر بواضــعي اإلعالن الى عــدم النص عليــه ،وذلــك إرضــا ًء للــدول
الشيوعية.
.3التأكيــد على اإلعالن في العديــد من قــرارات الجمعيــة العامــة ،ففي الســبعين ســنة الــتي
أعقبت اإلعالن صدرت آالف القرارات التي تشير بطريقة أو بأخرى الى اإلعالن ،وكان بعضها
مصاغا ً بلغة إلزامية وينشئ مباشرة أو غير مباشرة مبــادئ قــانوني دولي ،كمــا هــو الحــال في
القرار بشأن إعالن منح اإلستقالل للبلدان والشعوب المســتعمرة (القــرار / 1514د ، 15ـ 14
ديسمبر ،) 1960وإعالن األمم المتحدة للقضاء على جميع أشــكال التميــيز العنصــري (القــرار
20 ، 18 – 6 / 1904نوفمبر .) 1963والمهم في هذين القرارين وغيرها أنها تضع اإلعالن
العالمي وميثاق األمم المتحدة على قدم المساواة ،علما ً بأن الميثاق هو بمثابة إتفاقية من نوع
خــاص لهــا صــفة اإللــزام ،وأن هــذين القــرارين على ســبيل المثــال حظيــا بموافقــة الــدول ولم
تعترض عليهما أي دولة.
.4قيام نظام مؤسسي لحماية حقوق اإلنسان في إطار األمم المتحدة ،واإلقــرار العــالمي بــأن
اإلعالن هو الذي دشن في إطار األمم المتحدة هــذا النظــام الــذي أصــبح بموجبــه من أعمــدة هــذا
النظام الذي يضم أهم عناصر مــا يســمى بالشــرعة الدوليــة لحقــوق اإلنســان (العهــدان الــدوليان
والــبروتوكوالن اإلختياريــان للعهــد الــدولي الخــاص بــالحقوق المدنيــة والسياســية ،وعشــرات
اإلتفاقيات المتعلقة بمختلف حقوق اإلنسان واآلليات والمؤسسات الخاصة بمراقبة إنتهاكها(.)211
.5على المسـتوى اإلقليمي تظهــر بوضـوح بصــمات اإلعالن العــالمي في اإلجســام اإلقليميـة
التعاقديــة الثالث لحمايــة حقــوق اإلنســان :اإلتفاقيــه األوروبيــة لحقــوق اإلنســان لعــام ،1950
اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان لعام ،1969والميثــاق األفــريقي لحقــوق اإلنســان والشــعوب
لعام 1981م .لقد أبرزت هذه األجسام في ديباجة كل منها األهميــة القصــوى لإلعالن واعتبرتــه
أساس ما تضمنته من نصوص حقوق إنسانية ،كما تناولت بنودها ،وبلغة مشابهة الى حــد كبــير
وببعض التفصيل أحيانا ً ،الحقوق والحريات الواردة في اإلعالن(.)212
) (211احمد ابو الوفاء ،الحماية الدولية لحقوق اإلنسان في إطار منظمة األمم المتحدة والوكاالت $المتخصصة ،دار النهضة العربية ،الطبعة
األولى ،مصر ، 2000 ،ص . 42
) (212احمد ابو الوفاء ،الحماية الدولية لحقوق اإلنسان في إطار منظمة األمم المتحدة والوكاالت $المتخصصة ،مرجع سابق ،ص .44
156
.6التأكيد على اإلعالن في المؤتمرات والمحافل الدولية لحقوق اإلنسان ،وقد برز هذا بشكل
خاص في اإلعالن الصادر عن المؤتمر العالمي لحقوق اإلنسان الــذي عقــد في طهــران في مــايو
1968م إلســتعراض التقــدم الــذي تم تحقيقــه خالل األعــوام العشــرين األولى الــتي أنقضــت على
اعتماد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنســان ولصــياغة برنــامج المســتقبل ،فقــد حث المــؤتمر جميــع
المجســـدة في اإلعالن العـــالمي لحقـــوق
ّ الشـــعوب والحكومـــات على "الـــوالء الكلي للمبـــادئ
اإلنســان" .ومثــل هــذه األهميــة جــرى التأكيــد عليهــا في اإلعالن الصــادر عن المــؤتمر العــالمي
لحقوق اإلنسـان الــذي عقــد في فيينـا في ابريـل 1993م ،واألســاس الــذي اتخذتــه األمم المتحــدة
إلحراز التقدم في وضع المعايير على النحو الوارد في الصكوك الدولية القائمة لحقوق اإلنسان.
.7اإلسترشاد باإلعالن من قبل محكمة العدل الدولية عند نظرها في عــدد من القضــايا الــتي
انطــوت على ممارســات غــير قانونيــة وإنتهاكــات لحقــوق اإلنســان ،كمــا هــو الحــال في قضــية
إحتجــاز الرهــائن األمريكــيين في طهــران عــام 1979م ،فقــد جــاء في البنــد 19من حكمهــا أن
"حرمان الناس من حريتهم واخضاعهم لكوابح مادية في ظروف قاسية هو بحد ذاته اليتوافق
مــع مبــادئ ميثــاق األمم المتحــدة والمبــادئ األساســية المعلنــة في اإلعالن العــالمي لحقــوق
اإلنسان(.)213
احتلّت وثيقة اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان مكانة هامة في نصوص القانوني الدولي ،وخاصــة بعــد
أن أتحدت فيما بعد مع وثيقتي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الــدولي الخــاص
بالحقوق اإلقتصادية واإلجتماعيــة والثقافيــة ،وشـ ّكلت بمجملهــا مــا يســمى بالئحــة الحقــوق الدولية(،)214
وأستمدت هذه الالئحة قوتها القانونية ومتانتها من القانون الدولي العــام لحقــوق اإلنســان ،الــذي ًأصــبح
يشكل حقا ً قانونيا ً دوليا ً جديداً يتمتع بإستقاللية تامة عن القانون الدولي العام الى جانب القــانون الــدولي
اإلنساني.
ويعد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان من أكثر اإلعالنات الصــادرة عن األمم المتحــدة شــهرة وأهميــة
فهو من أكثرها إثارة للجــدل والنقــاش لمــا يتمتـع بـه من قيمـة قانونيــة ،رغم تبــاين اآلراء حولـه .إال أن
المتفق عليه صدوره في شكل توصية عن الجمعية العامة لألمم المتحـدة ،ولم يصـدر في صـورة معاهـدة
دولية محددة بإلتزامات واضحة تقيّد الدول األعضاء في األمم المتحدة أو شعوب العالم التي أتفقت عليه،
لذلك نرى أن عدداً من اإلتجاهات حول قيمته القانونية ،من بينها:
213
( ) Amnesty International “Protecting Humain Rights, International procedures and how use them, Series
L.A.C, on the humain rights committee. London 1987.
) (214احمد ابو الوفاء ،الحماية الدولية لحقوق اإلنسان في إطار منظمة األمم المتحدة والوكاالت $المتخصة ،مرجع سابق ،ص .51
157
*الفريق األول من الفقهاء( :)215يجرده من أية قيمة قانونية بإعتبــاره مجموعــة من المبــادئ
العامة التي صدرت على شكل توصية من أكبر عدد من الــدول ،وبالتــالي ال يتمتــع بقــوة قانونيــة
ملزمة ،فهو عبارة عن وثيقة ذات سمة كونية صادرة عن الجمعية العامة لألمم المتحدة توصــي
شعوب العالم بإحترامها.
هذا اإلتجاه يتوافق مع ما نادى به اإلتحاد السوفياتي في وقته ،واعتبر أن اإلعالن العالمي يعد مخالفا ً
لمبدأ سيادة الدول وخرقا ً للحكم الوارد في الفقرة السابعة من المادة الثانية من ميثاق األمم المتحدة الــتي
تخرج من اختصاص األمم المتحدة المسائل التي تدخل في صميم الشؤون الداخلية للدول.
لــذا فــإن اإلعالن وفــق هــذا الفريــق ،اليتصــف بأيــة صــفة إلزاميــة واليأخــذ صــفة المعاهــدة المحــدة
بإلتزامات قانونية واضحة ،مقارنة مع ميثاق األمم المتحدة الــذي هــو من قبيــل المعاهــدة الشــارعة الــتي
تفرض على األطراف المتعاقدة اإللتزام بنصوصها ،وتحتم تفوقها وسموها على قواعـد القــانون الوطــني
ألية دول متعاقدة ،بما في ذلك القواعد الدستورية.
فهذه الصفة غير اإللزامية لإلعالن جعلت من الصعب جداً إجبار الــدول على التقيّــد بنصوصــه ،مثلمــا
حرمت منظمة األمم المتحدة من حق اإلشراف على تطبيق بنوده تطبيقا ً كامالً.
غير أن القول بالصفة غـير الملزمـة لإلعالن ال يعـني إنكـاراً ألهميتـه ،فهـو يمثـل مركـزاً مرموقـا ً في
تاريخ تطور الحريات العامة عبر األجيـال .وهـو أول وثيقـة عالميــة تتضـافر حولهـا وفيهــا إرادات معظم
دول العالم بغية تحقيق كرامة اإلنسان أينما كان.
*ذهب الفريق الثاني( :)216الى أن اإلعالن يتضمن تفسيراً رسيما ً أو تحــديثا ً لمضــمون حقــوق
اإلنسان والحريات التي أشارت إليها نصوص ميثاق األمم المتحدة وباألخص ما جاء في المادة (
)56منه .وهذا ما يجعلنا نعترف بأن لإلعالن القيمة القانونية ذاتها التي للميثاق .فبمــوجب هــذه
المادة" ،يتعهد أعضاء األمم المتحدة بأن يقوموا منفردين أو مجتمعين بما يجب عليهم من عمل
بالتعاون مع الهيئة إلدراك المقاصد المنصوص عليها في المادة ( ،)55والتي من أهمها احــترام
حقــوق اإلنســان وحرياتــه األساســية للجميــع .ولقــد عــزز اإلعالن من عمــل األمم المتحــدة عــبر
الصفة القانونية للمبادئ الــتي إحتــوى عليــه ،كمــا ســاعد على بلورتهــا وتحديــدها ودخولهــا في
هيكل القواعد الدولية الملزمة .كما تظهر العديد من المناقشات التي تدور في الجمعية العامــة أن
مصطلحات حقوق اإلنسان تستخدم كما لو كانت قانونا ً قائما ً بالفعل.
) (215عبدالرحيم الكاشف ،الرقابة الدولية على تطبيق $العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،جامعة القاهرة ،مصر2003 ،م ،ص 62
.
) (216عبدالرحيم الكاشف ،الرقابة الدولية على تطبيق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،جامعة القاهرة ،مصر ،2003 ،ص . 63
158
*أما الفريـق الثـالث( :)217وهـو الـرأي األرجح الـذي أخـذ بـه الفقـه الحـديث والـذي يعتـبر أن
اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان أصـبح ينظـر إليـه كجـزء اليتجـزأ من القـانون الـدولي العـرفي،
وإعتياد الدول على إعتمــاد مــا ورد فيــه من قواعــد ،جعلــه كجــزء من القــانون الــدولي العــرفي،
وبالتالي فهي قواعد ملزمة .كما نجـد أن محكمـة النقض الفرنسـية قـد أسـتندت في عـام 1972م
الى اإلعالن العالمي لحقــوق اإلنســان ،وعلى إعتبــار أن المبــادئ الــتي تضــمنها قــد تحــولت مــع
الزمن الى قواعد عرفيه.
أما بالنسبة للقضاء الدولي ،فإن موقــف محكمــة العــدل الدوليــة بهــذا الخصــوص لم يكن واضــحا ً كمــا
يجب ،وإن كانت أستندت إليه في بعض األحكام واآلراء اإلستشارية.
وهكذا فإن القوة القانونية لإلعالن قد تزايدت الى الحد الذي يمكن القول بأنه يجعل عدم تنفيذه تهديداً
للسلم ،ومبرراً للتدخل من مجلس األمن لتنفيذ تدابير األمن الجماعي ،ســواء التــدابير العســكرية أو غــير
العسكرية.
وبإختصار ،أن المكانة القانونية والخلقية المتيّزة لإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان هي أمـر مسـل ًم بـه
هذه األيام حتى ولو من الناحية النظرية ،وإذا كان ثمة جدل يدور حول اإلعالن فهو ال يدور حول مكانتــه
وأهميته القانونية واألخالقية والسياسية وإنما حول طبيعة وسيا ق هذه المكانه ،و باإلضافة الى اإلعالن
العالمي لحقوق االنسان نجد العهد الدولي الخ اص بــالحقوق السياســية والمدنيــة وبروتوكولــه اإلختيــاري
كوثيقة سياسية كرست الحقوق السياسية بامتياز وهو ما سنحاول ابرازه من خالل الفرع الثاني .
الفرع الثاني :العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية وبروتوكوله اإلختياري
بطبيعة الحال فإن العهد الدولي الخــاص بــالحقوق المدنيــة والسياســية يشــكل أهميــة قصــوى كوثيقـةـ
أسياسية وســامية في القــانون الــدولي لحقــوق اإلنســان .وهــو بــذلك يعتــبر من ضــمن الوثــائق الرســمية
للشرعية الدولية في مجال حقوق اإلنسان ،الــتي وضــعت اللبنـات األولى والمبــادئ الجوهريــة والقواعــد
الدنيا في مجال حماية واحترام حقوق اإلنسان العالمية.
ش ّكل العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فرصة ثانية لتأكيد القيمــة القانونيــة لإلعالن العــالمي
لحقوق اإلنسان والقيمة المعنوية والمعيارية للحقوق السياسية والمدنية واعتبارها حقوقا ً ملزمــة للــدول
والحكومات.
) (217عبدالرحيم الكاشف ،الرقابة الدولية على تطبيق $العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،مرجع سابق ،ص .65
159
فقد نصــت المــادة األولى من العهــد "أن لجميــع الشــعوب كافــة حــق تقريــر المصــير بنفســها .وهي
بمقتضــى هــذا الحــق حــرة في تقريــر مركزهــا السياســي ،وحــرة في الســعي لتحقيــق نمائهــا اإلقتصــادي
واإلجتماعي والثقافي(.)218
وتجلّت هذه اإللزامية في جعــل العهــد مكمالً قانونيـا ً لإلعالن ،حيث عملت األمم المتحــدة على توزيــع
مضمون اإلعالن على عهدين مختلفين حسب طبيعة نوعية الحقو المقررة في كل عهــد .وهكــذا خصــص
هذا العهد للحقوق المدنية والسياسية نظراً لمــا لهــا من ترابــط وتالزم فيمــا بينهــا ،وتميّزهــا عن الحقــو
اإلقصتادية واإلجتماعية والثقافية.
إذا كان اإلعان العالمي لحقوق اإلنسان قد صــدر إســتجابة إلهتمــام العــالم بهــذه الحقــوق ،وإذا كــانت
القناعة بأن ما ورد في ميثاق األمم المتحدة لم يكن كافياً ،فصدر اإلعالن تالفيـا ً لنقص الميثـاق إال أنـه لم
يكن ملبيا ً لحاجيات وتطلبعات البشرية ،حيث كان بمثابة األساس وليس كل البنــاء ولم يكن منــذ صــدورة
وحتى عام 1966م سوى نص ذو بعد فلسفي ــ أخالقي أكثر منه قانوني رغم إتصافه بــالعموم والــدوامـ ،
بإعتباره يفقد آلية عقابيه تطال األراف التي تنتهك الحقوق والحريات المعلنة فيه.
وإلضفاء قوة قانونية على المبادئ الــتي جــاءت في اإلعالن ،إتجهت جهــود األمم المتحــدة الى مهمــة
أخرى وهي إصدار شرعية جديدة لحقــوق افنســان ،ذلــك عنــدما طلبت الجمعيــة العامــة من لجنــة حقــوق
اإلنسان بأن يعقب هذا اإلعالن إعداد مشــروع ميثــاق أو معاهــدة دوليــة تتضــمن احكامـا ً لتعزيــز حمايــة
حقوق اإلنسان ،ويحدد بصـورة مفصـلة وملزمـة الحـدود الـتي يجب على الـدول أن تتقيّـد بهـا في مجـال
تطبيق الحقوق والحريات ،كذلك أن تتضمن نوعا ً من اإلشراف والرقابــة الدوليــة على تطــبيق اإلتفاقيــات
التي أطلق عليها تسمية عهود(.)219
وبنا ًء عليه شرعت لجنة حقــوق اإلنســان بإعــداد عهــد دولي خــاص بحقــوق اإلنســان متضــمنا ً لكافــة
مجــاالت وأنــواع الحقــوق والحريــات ،ســواء الحقــوق المدنيــة أو السياســية أو الحقــوق اإلقتصــادية أو
افجتماعية أو الثقافية ،والتي واصلت جهودها على مدى ست سنوات إلعداد هــذا المشــروع حيث انتهت
منه سنة 1954م.
ونظراً إلختالف طبيعة هذه الحقوق تقرر صياغة عهدين ،األول يعــالج الحقــوق المدنيــة والسياســية،
والثاني يعالج الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية والبروتوكول اإلختيــاري وفــرغت لجنــة حقــوق
اإلنسان من إعداد مشروعي العهديّن في دورتها التاسعة والعاشـرة المنعقـدين في سـنة 1966م ،وبـذلك
) (218العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في 16ديسمبر 1966م( ،أنظر :د .أحمدالرشيدي ،حقوق اإلنسان (دراسة في النظرية
والتطبيق ) ،مكتبة الشروق ،الكبعة األولى ،القاهرة ،2005 ،ص .432
) (219احمد الرشيدي ،حقوق اإلنسان (دراسة في النظرية والتطبيق) $،مرجع سابق ،ص 66
160
تكون لجنة حقوق اإلنســان اســتغرقت حـوالي 18سـنة في إعــداد نص العهـدين ،مــا يعـبر عن الصـعوبة
الكبيرة التي واجهتها اللجنــة أثنــاء المناقشــات في الوصــول الى وجهــات نظــر متقاربــة حــول مقتضــيات
العهدين.
وبإقرار هذين العهدين فقد تحولت الحقوق والحريات التي وردت النص عليها في اإلعالن العــالمي
الى إلتزامات قانونية مصدرها القانون الدولي اإلتفاقي .وبذلك انتهى الجدال حول القيمــة القانونيــة لهــذه
الحقوق والحريات.
فالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عبارة عن معاهــدة دوليــة ملزمــة تـرتب إلتزامــات
قانونيــة على عــاتق الــدول الطــراف فيهــا ،كمــا انهــا أنشــأت الى جــانب العهــد الــدولي الخــاص بــالحقوق
اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية ،نظاما ً للرقابة لضمان تطبيق الحقوق والحريــات الــواردة فيهــا ،وهــو
يهدف الى توفير مختلف الضمانات لحماية حقوق اإلنسان.
ويشار الى أن هناك عدة أسباب ساهمت في إنجــاح العمليــة التوفيقيــة لــدى صــياغة وإقــرار العهــدين
ومنها(:)220
.1إزدياد خبرة األمم المتحدة في مجال حقوق اإلنسان عامة ،وخبرة لجنة حقــوق اإلنســان
خاصة فيما يخص تدبير الخالفات والنقاشات والعمل على تسليط الضوء على المتفق عليه بين
األطراف وترك الجوانب الخالفية.
.2بروز نماذج ناجحة على مستوى الوكاالت الدولية المتخصصــة كمنظمــة العمــل الدوليــة
التي لها تجربة طويلة في إعــداد اإلتفاقيــات الدوليــة ذات الصــلحة بمجــال الحقــوق اإلقتصــادية
واإلجتماعية ،وأخرى إقليمية تتمثل في المساهمة التوفيقية لمجلس أوروبا.
.3توفر مناخ دولي مالئم تمثل في شـقيّن :يتمثــل األول في انفــراج العالقــات بين الــدولتين
العظيمتين وما بتعه من تيار كل معسكر ،واألخر هو الدوراآلخذ في اإلزدياد لدول العالم الثــالث
في األمم المتنحدة ،إذ لم ينعكس هذا الدور المكتزايد في األغلبية العددية فقـط ،وإنمــا أيضـا ً في
قدرة وفود دول العـالم الثـالث في األمم المتحـدة على ابتـداع الحلـو التوفيقيـه الـتي ال تأخـذ في
اإلعتبار وجهات نظر الغرب والشرق فحسب؛ بل أيضا ً مصلحة دول العالم الثالث.
220
( ) Fiche d’information N 10, Les Droits de l’enfant , Compagne mondiale pour les Droits de l’Homme,
Nations Unies 1990. , -Alsonn. M”The hiarchy if sources of international law, 47 Britishe Yearbook of
international law Revue, 1980 , p89 .
161
يتــألف العهــد من مقدمــة وثالث وخمســين مــادة ( )53موزعــة على ســنة أجــزاء ،كــررت المقدمــة
والجــزءان األول والثــاني من هــذا العهــد مــا ورد حرفيــا ً في العهــد الخــاص بــالحقوق اإلقتصــادية
واإلجتماعية والثقافية ،أما بقية األجزاء من الثالث الى السادس عالجت بالتفصيل حقوق اإلنسان المدنية
والسياسية ،وهو ما سنتناوله كما يلي:
يتضمن الجزءآن األول والثــاني أحكامـا ً إطاريــة عامــة ،ومجموعــة هامــة ممــا يمكن أن يوصــف على
أفضل نحو بأنه أحكام ذات طبيعــة إطاريــة أو هيكليــة .فالمــادة ( )1الــتي تشــكل الجــزء األول ،تكفــل حــق
تقرير المصير ،ويختلف هذا الحق عن حقوق العهد األخرى من حيث أنه حق يُكفل صراحة "للشــعوب"
ال "لألفراد" .كذلك فإنه الحق الوحيد المشــترك بين العهــدين ،بــالنظر الى أن نص المــادة ( )1من العهــد
الدولي الخاص بالحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية مطابق لنفس مقتضيات المادة ( )1من العهــد
الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .وفي حين أن الحدود التي تكتنــف حــق تقريــر المصــير على
وجه الدقـة ،بمـوجب القـانون الـدولي ،مـازالت في حالــة سـيولة فإنــه يمكن بكـل أمــان افـتراض أن أحـد
الشروط المسبقة للتعبير عن حق تقرير المصير من جانب شعب ما تعبيراً كامالً وصادقا ً هو تمتع أفــراده
تمتعا ً كامالً بالحقوق الواردة في العهد.
ويضم الجزء الثــاني المــواد ( 2الى ،) 5فالمــادة ( )2هي أحــد األركــان الجوهريــة للعهــد .فهي تنص
على تعهد كل دولــة طــرف في العهــد بــإحترام الحقــوق المعــترف بهــا فيــه وبكفالــة هــذه الحقــوق لجميــع
األشخاص المشمولين بواليتها .وهـذه الحقـوق ،مـع بعض اإلسـتثناءات مثـل الحـق في التصـويت ،تمتـد
ليس فقط الى مواطني الدولة ولكن أيضا ً الى جميع األشــخاص الموجــودين في إقليمهــا يــوجب احترامهـا
دون تمييز .وينبغي ،إذا لزم ذلك ،سن التشريعات لكفالة هذه الحقوق على النحـو المناسـب .ومن األمـور
الحاســمة األهميــة أن الــدول األطــراف مطالبــة بتوفــير ســبل إنصــاف لألشــخاص الــذين أنتُهكت حقــوقهم
المنصوص عليها في العهد .وقد فسرت اللجنة ،في فقههــا القــانوني ،هــذا الحــق على أنــه يتطلب وجــود
محفل لإلستماع الى أي إدعاء بحدوث إنتهاك لحق من الحقــوق المنصــوص عليهــا في العهــد إذا تأســس
اإلدعاء على أسس جيّدة تكفي لجعله قابالً للنقاش بموجب العهد.
أما الجزء الثالث أي المواد ( 27ــ ) 6فهي في واقــع الحــال حقــوق معــترف بهــا ومصــونة بمــوجب
دســاتير وقــوانين الــدول الديمقراطريــة ،وهــو أهم جــزء في العهــد ،ويحــدد حقــوق اإلنســان المدنيــة
والسياسية ،مثل :الحـق في الحيـاة ،الـذي يجب على القـانون حمايتـه ،واليجـوز حرمـان أحـد من حياتـه
تعسفاً ،وال يجوز الحكم بعقوبة اإلعداد إال في أشد الجـرائم خطـورة ،كمـا ال يجـوز الحكمـ بـه على من هم
دون 18سنه ،وال تنفذ بالحوامل ،وعدم الخضوع للتعذيب ،وعدم توقيف أحــد وإعتقالــه تعســفاً ،وحريــة
التنقل واختيار مكان اإلقامة ،والحــق في عــدم إبعــاد األجنــبي بشــكل تعســفي ،والحــق في المســاواة أمــام
162
القانون دون تمييز ومبدأ ال جريمة وال عقوبة إال بنص في القانون ،وحق كل إنســان في أن يُعــترف بــه
كشخص أمام القانون ،وحرمة الحياة الخاص ،وحرية الفكر والضــمير والــدين ،وحريــة التعبــير ،والحــق
في التجمع السلمي وفي إنشاء الجمعيات والنقابات واإلنضمام إليها.
كما يؤكد العهد على خطورة الرق وحرم اإلسـترقاق وتجـارة الرقيـق ،واإلسـتبعاد والعمـل اإلجبـاري،
وعدم جواز حبس أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بإلتزامات تعاقدية.
وأهم ما جاء في العهد بخصوص موضوعنا ،مجموعة من الحقــوق السياســية مثــل :حــق المواطــنين
في المشــاركة في الترشــيح واإلنتخــاب وتــولي الوظــائف العامــة ،وأهتم بمبــدأ الحــق في المســاواة أمــام
القانون والمساواة بين المواطنين ،والمساواة بين الجنسين ،وعدم التميــيز بين األفــراد بســبب اللــون أو
الجنس أو الدين أو اللغة أو الفكر السياسي ،وعدم رجعية القوانين الجزائية ،وإلزام األعضــاء في العهــد
بأن تحظر قانونيا ً أي دعاية للحــرب أو أي دعايــة للكراهيــة القوميــة أو العنصــرية أو الدينيــة ،أو تشــكل
تحريضا ً على التمييز أو العداوةـ أو العنف(.)221
أما الجزء الرابع من العهد فيتضمن المواد من ( 28الى ، ) 45الذي وضع اآلليات التي تضمن إلتزام
الدول الطراف في العهد ،ونصت المواد على إنشاء لجنة تسمى لجنة حقــوق اإلنســان الــتي تحــولت منــذ
عام 2008م الى مجلس حقوق اإلنسان ،كما بين كفية تشكيلها ووظائفها وطريقة عملها ،واألهداف التي
تقوم من أجلها.
أما الجزء الخامس من العهد فيشــمل المــواد ( 46ــ ) 47اللتــان تحظــران تفســير أي حكم أونص من
نصوص العهد لشكل يعطل نصوص ميثاق األمم المتحدة ودساتير الوكاالت المتخصصة فيهــا الــتي تحــدد
المسؤوليات الخاصة ألجهزة األمم المتحدة المختلفة ،والوكــاالت المتخصصــة فيمــا يتعلــق بــاألمور الــتي
يعالجها العهد ،أو ما يمكن تفسيره بأنه تعطيل للحق المتأصل لجميع الشعوب ،والمتمثــل في حــق تقريــر
مصريها والتمتع بثرواتها ومواردها الطبيعية واإلنتفاع بها كلها وبحرية.
أما بخصوص الجزء السادس األخير الذي يشمل المواد من ( 48ــ ) 53فيتناول كيفية اإلنضــمام الى
العهد والتصديق عليه ،وتنفيذ وسريانه.
ومن المالحظ أن هذا العهد ،يعكس اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،ولم يتضمن بعض الحقوق الــتي
ورد النص عليها في اإلعالن كحق اللجوء لكل فرد إذا تعرض لإلضطهاد أن يهرب الى بلــد أخــر (المــادة
14من اإلعالن) ،والحق في الملكية (المادة 17من اإلعالن) .ورغم ذلــك فقــد أشــتمل العهــد على قائمــة
من الحقوق الواردة في اإلعالن العالمي التي جاءت أكثر وضوحا ً ودقة.
163
الفقرة الثالثة :الحقوق والحريات الواردة بالعهد ولم ترد باإلعالن
تجــدر اإلشــارة الى أن العهــد قــد نص على حقــوق جديــدة لم يــرد النص عليهــا في اإلعالن ،وهي
كالتالي(:)222
.1حق الشعوب في تقرير مصيرها ،والتصرف بحرية في ثرواتها وهــذا الحــق أساسـا ً ضــد
إغتصاب ثروات الدول الضعيفة وهذا المادة تمثل ال ُمثٌــل العليــا ،لنصــها على الكثــير من حقــوق
اإلنسان التي لم ينص عليها سواء ميثاق األمم المتحدة أو اإلعالن العالمي لحقــوق اإلنســان (م
12من العهد).
.2تحــريم حرمــات األقليــات اإلثنيــة ،والدينيــة ،واللغويــة من حقهــا الواضــح كحــق التمتــع
بثقافتها ،والمجاهرة بدينها ،وإقامة شعائرها ،واستعمال لغتهــا باإلشــتراك مــع أبنــاء جماعهــا
األخرين (م .)27
.4حق األشخاص الذين يحرمون من حرياتهم بأن يـاملوا معاملــة إنســانية وبمــا يتفـق مــع
كرامتهم اإلنسانية (م.)10
.5حق كل طفل في أن تكون له جنسية ،وحقه على أسرته والمجتمع والدول بإتخاذ تــدابير
الحماية التي يتطلبها كونه قاصراً (م.)24
.7إلزام الدول األعضاء في العهد بأ ،تحظر قانونا ً أيّة دعاية للحرب أو أيّة دعاية للكراهية
والقومية أو العنصرية أو الدينية ،أو تشكل تحريضا ً على التمييز أو العداوة أو العنف (م.)20
وأخيراً البد من اإلشارة الى أن الحقوق الواردة في هذا العهد هي حقوق تقليدية قديمــة ،وهي حقــوق
سلبية يتطلب إعمالها أساسا ً عدم تدخل الدولة في منعهــا ،ويمكن تطبيقهــا في الحــال بصــرف النظــر عن
الوضع اإلقتصادي للدولة.
إضافة الى ذلك كله يمكن اإلشارة الى بعض المالحظات التي تؤخذ على هذا العهد ،وهي(: )223
Franceso Caportorti “Etude des droits des penes appurtenant aux minorites ethniques, religieuses et ) ( 222
linguistiques”, Series d’etudes5, Rapporteur special de la sous-commission de la lute contre les minorites.
. .New York 1991
223
( ) Erica Irene A. Liberte de l’individu endroit: analyse de l’article 29 de la declaration universelle des droits
de l’Homme. Serie d’etudes 3 New York DACS.
164
.1أشار العهد الى نوعين من الحقوق والحريــات ،حيث يتكلم مــرة عن الحقــوق والحريــات
المعترف بها ،ومرة أخرى عن الحقوق والحريات األساسية ،دون أن يوضح ما هو الفــرق بين
النوعين.
.2أعتبر العهد أن ما ورد فيه من الحقوق والحريات األساســية الحــد األدنى الــذي يجب أن
يتمتع بها اإلنسان ،وهذا يعني أن للدول أن تمنح من الحقوق والحريات ما يزيد ويوفق ما ورد
بالعهد ،ولكن ليس لها الحق في التقليل منها.
.3أجاز العهد للدول األعضاء طبقا ً لمقتضيات المادة ( )4بأنه توجد ثمة أوضاع إســتثنائية
تؤثر على الدولة الطرف قــد تجعــل من الصــعب أو من المســتحيل ،من الناحيــة العمليــة ضــمان
بعض الحقــوق لفــترة زمنيــة مؤقتــة .ولــذلك تنص المــادة ( )4بوضــوح على الحــدود الض ـيّقة
المسموح بها بخصوص تعليق حقوق معيّنة أو عــدم التقيّــد بهــا ،من أجــل إقفــال الطريــق أمــام
إحتمال حدوث أي تجاوزات .والشرط األساسي هنا هــو أنــه يجب وجــود حالــة طــوارئ عامــة،
معلنة رسميّا ً ،تتهدد حياة األمة .غير أنه تستطيع اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان أن تسأل؛ بــل
هي تسأل فعالً ،في الحاالت المناسبة ،عمــان إذا كــان هــذا الشــرط األساســي قــد أســتوفى عنــد
إتخاذ دولة ما قراراً بعدم التقيد بإلتزاماتها بموجب العهد .وحتى إذا كانت هذه الحالــة موجــودة
فعالً ،فيجب أن يكــون إتخــاذ مثــل هـذه التــدابير في "أشــيق الحــدود الــتي تتطلبهــا مقتضــيات"
األزمة المعنية.
وتجد اإلشارة الى عدم وجود آلية لتنفيذ أحكام هذا العهد ،وغياب العقوبــات إضــافة الى الطبيعــة غــير
التنفيذية ألحكامه ،وقابلية معظمها للتعليق أثنــاء حالــة الطــوارئ ،أدت كلهــا الى الحــد من فعاليــة أحكــام
العهد على الرغم من أنه يشكل أداة قانونية ملزمة للدول األطراف.
الفــرع الثــالث :طبيعــة اإللتزامــات القانونيــة الناتجــة عن العهــد الــدولي الخــاص بــالحقوق المدنيــة
والسياسية
تعتبر الحقوق المدنية والسياسية حقوقـا ً سـلبية يتطلب إعمالهــا أسـاس إمتنــاع الـدول عن التــدخل أو
اإلعتراض عن تمتع األفـراد بهـا وممارسـتهم لهـا .لـذا فـإن اإللتزامـات الناشـية عن العهـد هي إلـتزامت
بتحقيق غاية بصرف النظر عن الوضع اإلقتصادي أو المادي أو اإلجتماعي للدولة.
وهذا يبدو واضحا للعيان في نص المادة ( /2ف ) 2من العهد التي تنص على أنه" :تتعهد كــل دولــة
طرف في هذا العهد ،اذا كانت تدابيرها التشريعية او غير التشريعية القائمة ال تكفل فعالً إعمــال الحقــوق
165
المعترف بها في هذا العهد ،بأن تتخذ طبقا ً إلجراءاتها الدستورية وألحكام هذا العهد ،ما يكــون ضــروريا ً
لهذا األعمال من تدابير تشريعية أو غير تشريعية".
ومن الواضح ان هــذا النص بخالف نص المــادة ( / 2ف )1من العهــد الخــاص بــالحقوق اإلقتصــادية
واإلجتماعيــة والثقافيــة ،الــذي يــرتب على عــاتق الــدول إلتزامــات فوريــة .وهي إلتزامــات ســلبية تتحــق
بإحترام الحقوق المحمية بموجب هذا العهد وباإلمتناع عن التدخل في التمتع بهــا ،وذلــك بتــأمين احــترام
وكفالــة هــذه النتيجــة ســواء في الحــال من جــانب الــدول األطــراف أو من جــانب الغــير وإتخــاذ التــدابير
الضرورية لبلوغ هذه النتيجة سواء باإلمتناع عن التدخل أم بالقيام بعمل متى كان ضورريا ً لبلوغها.
ولكن المقولة السائدة في أدبيــات القــانون الــدولي لحقــوق اإلنســان الــتي تجعــل من الحقــوق المدنيــة
والسياسية المعترف بها في العهد حقوقا ً سلبية ال يبـدو ومن ظـاهر النص السـابق أو واضـعي العهـد قـد
أخذوا بها كلية ،فالنص السابق يشير ضمنا ً من خالل عبارة "تأمين الحقوق المقررة" الى إلــتزام الــدول
بالقيام بالتدابير الالزمة والكفيلة بعدم اإلفتتاء على الحقوق المعترف بها من قبل أطراف ثالثة(.)224
فإلتزامات الــدول الناشــئة عن العهــد هي إلتزامــات ســلبية بــإحترام الحقــوق المحميــة وباإلقتنــاع عن
التدخل في التمتع بها ،وإلتزامات إيجابية بتأمين احترام هذه الحقوق من جانب الغير .وقد أشــرت اللجنــة
المعنية بحقـوق اإلنسـان في التعليـق العـام رقم ( )3لسـنة 1981م الخـاص بتنفيـذ العهـد على المسـتوى
الوطني الى هذه الفكرة فقالت" :من الضروري لفت إنتباه الدول األطراف الى ان اإللتزام بمقتضى العهد
اليقتصر على احترام حقوق اإلنسـان ،بـل أن الـدول األطـراف قـد تعهـدت كـذلك بـأن تضـمن التمتـع بهـذ
الحقوق لجميع األفراد الموجودين ضمن واليتها.
وأن هذا الجانب يتطلب أنشطة محددة من قبل الدول األطراف لتمكين األفــراد من التمتــع بحقــوق(.)225
وقد أحالت تأكيد وجهة نظرها على المادة ( )3من العهد التي تناولها التعليق العام رقم 4لسنة 1981م .
ففي هذا التعليق أوضحت اللجنة "أن المادة ( )3من العهد شأنها في ذلك شأن الماتين ( )1/ 2و (، )26
من حيث أنها تعالج المساواة ومنع التمييز لعدة أسباب ،تتطلب أيضا ً ليس فقط تدابير للحماية بــل تتطلب
إتخاذ تدابير للحماية بل تتطلب إتخاذ تدابير إيجابية بقصد ضمان التمتع اإليجابي بهذه الحقوق"(.)226
ومن المالحظ أن الفقرة الثالثة من المادة الثانية من العهد ذاته ضمنت أيضا ً ما يمكن تأويله على أنــه
تطبيق لفكرة اإللتزامات اإليجابية في إطار الحقوق المدنية والسياســية ( .)227فهي تلــزم الــدول األطــراف
Dominic Mc Goldrick, The human Rights Committee, its role the development of the International ) ( 224
.covenant on civil and political rights, University Press, 1994, 271
.Un doc. HTI/GEN/Rev. 5para 1, p125 ) ( 225
Ibid , p 126 ) ( 226
) ( 227محمد خليل الموسى ،اإللتزامات الناشئة عن اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان ،دار النهضة العربية ،مصر ،2000 ،ص .155
166
في العهد بأن "تكفل توفــير ســبيل فعــال لتظلم ألي شــخص انتهكت حقوقــه أو حرياتــه المعــترف بهــا في
العهد حتى ولو صدر اإلنتهاك عن أشخاص يتصرفون بصفتهم الرسيمة".
فالدول الطراف في العهد ،على ما يوحى به ظاهر النص صراحة ،ليست ملزمة باإلمتنــاع عن إتيــان
أفعال من شانها أن تخرق الحقوق المعترف بها فقط ،ولكنها ملزمة أيضا ً بعــدد من اإللتزامــات اإليجابيــة
المنصوص عليها في العهد أو المالزمة ألحكام العهــد والحقــوق المعــترف بهــا والــتي يتصــور إحترامهــا
دون قيام الدول بها (.)228
ويضاف الى ذلك أن النص السابق يأخذ أيضا ً بالتطبيق األفقي ألحكامه ،وهــو أم ـ ًر جل ّي ومســتفاد من
عبارة " حتى لو صــدر اإلنتهــاك عن أشــخاص يتصـرفون بصـفتهم الرســيمة ، "...والــتي تفيـد بمفهـومـ
المخالفة أن اإلنتهاك قد يصدر من أشخاص ال صفة رسمية لهم أو من أشخاص القانون الخاص.
ومن الواضح أنه لم يرد في العهد ما يفيد وجوب إعمال الحقــوق المقــررة فيــه "خالل وقت معقــول"
كما ذهبت إلى ذلك بعض الدول .ولكن هذه الصورة إللتزام الدول األطراف في هــذا العهــد ليســت مطلقــة.
لذا لم تستبعد فكرة اإللتزامات التدريجية أو البرنامجية نهائياً .فكما أن الخط الفاصل بين الحقوق المدنيــة
والسياسية من جهة والحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية من جهة أخرى ليس صارما ً تماماً.
فهناك أحكام مشتركة بيهما ومساحة تختلط بها هذه الحقوق ،كذلك يكون الحــال بين التطــبيق الحــالي
أو الفـــوري للحقـــوق المدنيـــة والسياســـية والتطـــبيق التـــدريجي أو البرنـــامجي لحقـــوق اإلقتصـــادية
واإلجتماعية والثقافية فإنها ليست أمراً صارما ً واليتوجب أن ينظر إليها بمنظار جامد.
وتجدر اإلشارة الى أن هنـاك حقوقـا ً مدنيـة وسياســية من الصــعب إعمالهـا من الحــال بســبب الوضـع
اإلقتصادي للدولة ،ومن أمثله ذلك حق كل طفل في إجراءات الحماية التي يســتوجبها مركــزه كقاصــر (م
/24ف )1ومعاملة السجناء معاملة تستهدف إصالحهم وتأهيلهم(.)229
يتضــمن ميثــاق العهــد الــدولي الخــاص بــالحقوق المدنيــة والسياســية ببنــد تحلــل "Clause de
"derogationــ المادة 4ــ ،حيث درجة العادة على وصــفه بأنــه من األحكــام المحوريــة الــواردة في
العهد ،فه يجيز للدول األطراف في العهد تعطيل أو وقف التمتع بالحقوق الواردة فيه في حاالت الطوارئ
اإلستثنائية التي تهدد حياة األمة ،ولكنه يضــع عــدداً من الشــروط والضــوابط إلعالن حالــة الطــوارئ في
الدول األطراف ،سواء من حيث دواعي أو مبررات إعالنها أم من حيث الحــدود الــتي ال تجــوز للــدول أن
تحيد عنها في ظل هذا الوضع.
.Dominic Mc Goldrick, Idem, p25 ) ( 228
.DENQUIN.J.M: Les droits politiques, Paris, Montchrestien, 1996, p 13 ) ( 229
167
إذ يشــترط لــذلك تــوافر بعض الشــروط الموضــوعية واإلجرائيــة ،كــاإلعالن رســيما ً عن قيــام حالــة
الطوارئ اإلستثنائية ،الذي يقتضي أن تكون تدابير المخالفة في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع ،وأال
تتعارض مع اإللتزامات األخرى المقررة في القانون الدولي ،وأال تنطوي على تمييز يكون مبرره الوحيد
هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو األصل اإلجتماعي.
كما تشترط المادة المذكورة على الدول األطــراف الــتي تســتخدم حقهــا في التعطيــل أو التقييــد أن تعلم
الــدول األطــراف األخــرى حــاالً ،عن طريــق األمين العــام لألمم المتحــدة باألحكــام والحقــوق الــتي جــرى
تعطيلها أو تقييدها وباألسباب التي دفعتها الى ذلك.
ويثار التساؤل حول الفارق بين التعطيــل والتقييــد ،فــاألول يحمــل صــور التــدخل في التمتــع بــالحقوق
المعترف بها أكثر شدة ،بحيث قد يؤدي تدخل الدولــة المتخــذ صــيغة التعطيــل الى تحييــد الحكم القــانوني
الوارد في العهد والمتعلق بأحد الحقوق المعــترف بهــا ويســتبعده من التطــبيق كليـاً .أمــا التقييــد ،فإنــه ال
يمس وجود الحكم القانوني محل التقييد ،لكنه يضيق من نطاق تطبيقه أو من مداه ومضمونه (.)230
ولكن العهد ال يجعل الحكم القانوني المنصوص عليه في المادة الرابعــة منــه شــامالً للحقــوق جميعهــا
المعترف بها ،فهو يحظــر المســاس بســبعة حقــوق وال يــبيح تعطيلهــا أو الخــروج عليهــا أو تقييــدها في
األوقات جميعها سواء في زمن السلم أم في زمن الحرب .وهذه الحقوق هي :الحق في الحياة (المادة )6
الحــق في عــدم الخضــوع للتعــذيب أو للمعاملــة أو العقوبـةـ القاســية أو الال إنســانية أو الحاطــة بالكرامــة
(المادة ،)7الحق في عدم اإلسترقاق أو العبودية (المادة ،)8عدم جواز حبس اإلنسان لمجرد عجــزه عن
الوفاء بإلتزام تعاقدي (المادة ،)11عدم جواز رجعية قوانين العقوبات أو فرض عقوبة أشد من تلك التي
كانت نافذة وقت إرتكاب الجريمة (المـادة ، )15الحـق في اإلعـتراف بالشخصــية القانونيــة (المـادة )16
والحق في حرية الفكر والوجدان والدين (المادة .)18
ومما تجدر اإلشارة إليه في هذا الخصــوص أن قائمــة الحقــوق غــير القابلــة للمســاس أو الــتي يمتنــع
تعطيلها أو تقييــدها تختلــف من إتفاقيــة دوليــة إلى أخــرى ،ولكن الصــكوك اإلتفاقيــة العالميــة واإلقليميــة
المتعلقــة بحقــوق اإلنســان تتفــق فيمــا بينهــا على إعتبــار أربعــة منهــا بمثابــة "نــواة صــلبة" أو "نــواة
أساسية" لحقوق اإلنسـان ،وهي :الحـق في الحيـاة ،الحـق في عـدم الخضـوع للتعـذيب ،تحـريم الـرق
والعبودية وعدم رجعية القوانين اإلجرائية (.)231
) (230محمد شريف بسيوني $،حماية حقوق اإلنسان في إدارة العدالة "ملخص قواعد ومعايير $األمم المتحدة" ،دار الشروق ،مص$$ر1994 ،م ،ص
. 63
Alsonn.M, The hiarchy if sources of international law, 47 Britishe Yearbook of international law Revue, ) ( 231
. 1980, p121
168
لقد تنبهت اللجنة المعنيــة بحقــوق اإلنسـان الى المشـاكل الــتي تثيرهـا المــادة الرابعـة من العهـد في
تعليقها العام رقم ( ) 5لسنة 1981م المتعلــق بالمــادة ذاتهــا فأوضــحت أنــه عنــدما تقــوم حالــة الطــوارئ
عامة تهدد حياة األمة ويعلن عنها رسمياً ،يحق للدولة الطرف المعنية أن تعطل عدداً من الحقوق بالقــدر
الالزم لمواجهة حالة الطوارئ.
واليحق لهذه الدولة البتـة أن تعطـل عـدداً من الحقـوق المحـددة بعينهـا .فاللجنـة تشـير هنـا الى مبـدأ
التناسب بين حالة الطوارئ وتعطيل الحقوق القابلة للمساس .وقد أضافت اللجنة الى الصعوباتوالمشــاكلـ
التي تحيط بتطبيق المادة المذكورة مشكلة عدم وضوح اإلعالن الرسمي عن قيام حالة الطوارئ في عدد
من الدول التي لجأت إلى "بند التحلل" المذكور ،وإلى عــدم احــترام عــدد من الــدول للقيــد الخــاص بعــدم
تعطيل الحقوق التي يحظر العهد تعطيلها (. )232
إضافة الى الحكم الوارد في المادة ( )4من العهد الذي يجيز تعطيل عدد من الحقوق المعترف بهــا في
أوقات الطوارئ ،فإن الحقوق والحريــات المنصــوص عليهــا في العهــد ليســت مطلقــة حــتى في األوقــات
العادية ،إذ يجيز العهد للدول األطراف بشروط محددة وضــع قيــود على الحقــوق المعــترف بهــا .وتهــدف
هذه القيود الى تحقيق نوع من التوازن بين حقوق الفرد وحقوق الجماعة ومصالحها المشتركة.
فإذا كـانت الحقـوق المدنيـة والسياسـية ذات طـابع فـردي في األسـاس ،ذلـك ال يعـني إهـدار مصـالح
الجماعة وحقوقهمـ لحسـاب حقـوق الفـرد وحرياتـه ،فكالهمـا يتـآزران معـا ً لتحقيـق الصـالح العـام داخـل
الدولة ،وتختلف األحكام المتعلقة بــالقيود من حــق الى حــق آخــر .ففي بعض الحقــوق المعــترف بهــا في
العهد يوجب األخــر األخــير أن تكـون القيـود غـير تعسـفية ،وهـذا هـو الوضــع بالنســبة للحـق في الحيـاة
الواردة في المادة ( )6من العهد التي تنص على أنه "اليجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً".
فالحماية المقررة بمقتضى هــذا النص ات أهميــة بالغــة ،ويتــوجب على الــدول األطــراف منــه أعمــال
القتل التعسفي التي قد ترتكبها قوات األمن التابعة لها ،وليس فقط مجرد حرمان اإلنسان من حياتــه عن
طريق األعمال اإلجرامية.
وقد أوضحت اللجنة المعنية في هــذا الصــدد في تعليقهــا العــام رقم ( )6لســنة 1982م المتعلــق بهــذه
المــادة أن القــوانين الداخليــة النافــذة على أقــاليم الــدول األطــراف ينبغي أن "تضــط وتقيّــد بشــكل صــارم
الظروف التي يمكن فيها للسلطات حرمان أي شخص من حياته".
ومن التطبيقات التي أوردتها اللجنة المعنية على عدم جواز حرمان اإلنسان من حياته تعسفا ً الحد من
إستخدامـ عقوبة اإلعدام وقصرها على "أشد الجرائم خطورة" ،واليجــوز للــدول األطــراف تأويــل عبــارة
169
"أشد الجرائم خطورة" بصورة واسعة .فينبغي أخذها بمعناها الضيق ،وهــو أن عقوبــة اإلدام يجب أن
تكون إجراء "إستثنائيا ً جداً (.)233
وقد ورد حكم مماثل بالنسبة للقيود على حق الفرد في الحرية وفي األمان على شخصــه ،إذ أوضــحت
المادة ( )9بأنه "اليجوز توقيفه واعتقاله تعسفاً" .فإذا استخدم الحبس اإلحتياطي ألسباب تتعلق بــاألمن
العام ،فالبد أن يخضع ذلـك لشـروط صـارمة ،بحيث اليكـون تعسـفيا ً وأن يقـوم على أسـس ينص عليهـا
القانون ليس أقلهــا :إعالم الموقـوف بأســباب توقيفــه وتوفــير المراقبــة القضـائية لإلحتجـاز والحـق في
التعويض في حالة التوقيف غير القانوني.
واألمر ذاته موجود في المادة ( )12من العهــد الــتي تنص على جــواز "حرمــان أحــد تعســفا ً من حــق
الدخول الى بلده" ،والمادة ( )17التي التجيز "تعـريض أي شـخص على نحـو تعسـفي أو غـير قـانوني
لتدخلفي خصوصايته أو شؤون أسرته أو بيته أو مراسالته".
ومن جهة أخرى ،إنتهج العهد بالنسـبة للحقـوق والحريـات األخـرى أسـلوبا ً مختلفـا ً ،إذ اكتفى بعـدم
جوازخضوعها ألي قيّد سوى تلك التي ينص عليها القانون ،والضرورية لحماية األمن الوطني أو النظام
العام أو الصحة العامة أو األخالق أو حقوق وحريات األخرين.
ومن الحقوق التي تنطبــق عليهــا هــذه الحالــة :الحــق في حريــة التنقــل وحريــة إختيــار مكــان اإلقامــة
(المادة ، )12الحق في حرية افكر والواجدان والدين (المادة .)18وقد أوضحت اللجنة المعنيــة بحقــوق
اإلنسان في تعليقها العام رقم 22لسنة 1993م بشأن المــادة ( )18من العهــد أنــه يجب على الــدول لــدى
تفسير نطاق أحكامـ القيود الجائزة على هذا الحق ،والمنصوص عليها في المادة (/ 18ـ ، )3أن تنطلـق
من ضرورة حماية الحقـوق المكفولـةـ في العهــدوأن التطبقهـا على نحــو يبطـل مفعـولـ الحقـوق المقـررة
بمقتضى المادة (.)18
والحظت اللجنة أنه يجب تفسير الفقرة ( )3من المادة ( )18بشكل دقيق ومحدد :فاليجوز فرض قيود
ألسباب غير محددة فيها ،حتى لــو كــان مســموحا ً بهــا كقيــود على حقــوق أخــرى في العهــد ،مثــل األمن
القومي .واليسمح بتطبيقها إال ألغراض التي وضــعت من أجلهــا ،كمــا يجب أن ترتبــط مباشــرة بالغايــة
المحددة التي إليها ،وأن تكون متناسبة معها .واليجوز فرض هــذه القيــود ألســباب تمييزيــة أو تطبيقهــا
بصورة تمييز (.)234
ومن هذه الحقوق أيضاًالحق في التجمع السلمي (المادة )21والحق في تكوين الجمعيات (المادة 22
) .ويالحظ بــأن قيــود "األمن الوطــني أو النظــام العــام أو األخالق "غامضــة ومبهمــة وتحتمــل أكــثر من
. DENQUIN.J.M.Les droits politiques.op cit, Paris, Montchrestien, 1996, 89) ( 233
. DENQUIN.J.M.Les droits politiques. Op cit, Paris, Montchrestien, 1996, p93) ( 234
170
تفسير ،وقد يتسع تطبيق هذه القيود أو يضيق بحسب النظام اإلجتماعي والثقافي واإلعتقادي السائد في
الدولة ،وقد أدركت اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان هذه الحقيقة ،فأشارت في تعليقات عامة عديــدة منهــا
التعليــق العــام رقم ( )22لســنة 1993م بشــأن المــادة ( .)18وإلى أن مفهــوم األخالق يســتمد من تقاليــد
إجتماعية ومن مفــاهيم فلســفية ودينيــة عديــدة ،ممــا يعــني أن القيــود المفروضــة على الحــق في حريــة
المجاهرة بالدين أو المعتقد بغرض حمايــة األخالق يجب أن تســتند الى مبــادئ ومفــاهيم "غــير مســتمدة
حصراً ن تقليد واحد".
وتحظر المادة (/ 5ـ )1من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية إهــدار أي من الحقــوق
أو الحريات المعترف بها في العهد أو فرض قيود عليهــا أوســع من تلــك المنصــوص عليهــا فيــه .وتبقى
السلطة الممنوحة للدول في مجال تعطيل أو تطبيق أو تقييد الحقوق المحمية خاضــعة بطبيعــة الحــال الى
رقابة األجهزة الدولية المعنية بمراقبة احترام الدول لحقوق اإلنسان ،وعلى رأسها اللجنة المعنية (.)235
يشكل البروتوكول اإلختياري األول الخاص بــالحقوق المدنيـة والسياسـية مرحلـة أخــرى من مراحـل
تطور اإلهتمام الدولي بحقوق اإلنسان عامــة والحقــوق المدنيــة والسياســية خاصــة ،حيث أن الممارســة
العملية للحقوق والحريـات السياسـية والتطـبيق الـدولي لمضـمون العهـد عـرفت تعـثرات وإنتهاكـات في
مختلــف الــدول ،ممــا فــرض على األمم المتحــدة أن تلجــأ الى ضــمانة جــد قويــة تتمثــل في منح األفــراد
والجماعات آليــة جديــدة لضــمان تمتعهم بــالحقوق المدنيــة والسياســية ،وهــو المتمثــل في منح األفــراد
والجملعال الحق في التقدم بشكايات الى مجلس حقوق اإلنســان في شــأن كــل إعتــداء أو إنتهــاك للحقــوق
المدنية والسياسية المقررة سواء في اإلعالن أو في العهد.
من أجل تعزيز منظومة حقوق اإلنسان وتقويتها وتكريس حمايتها والدفاع عنها ،دأبت األمم المتحــدة
على وضع بعض اآلليات الكفيلة بتحقيق هذه الحماية وجعل الدول ملزمــة بــإحترام مقتضــيات اإلتفاقيــات
الدولية الخاصة بحقوق اإلنسان ،ليس فقط من الجانب األدبي أو األخالقي ولكن أيضا ً من الجانب المادي
والعملي والممارساتي.
وفي هــذا اإلطــار عملت الجمعيــة العامــة على إعتمــاد الــبروتوكول اإلختيــاري األول المحلــق بالعهــد
الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وهو البرتوكول الذي يضع ويؤسس آللية الشكايات الفرديــة
Dobbert.J.P, The specialized agencies and the protection of Humain riths ,29 International and coparative ) ( 235
.Law, Quartely 1980, p:45-46
171
التي يمكن لألفراد تقديمها في حالة تعرضهم إلنتهاكات حقوق اإلنسان األساسية من قبل الدولة ،وهو ما
يعني أن الدول أصبحت معرضة للمراقبة الدولية في مجال إحترامها وحمايتها لحقوق اإلنسان.
وعليه فقــد أعتمــد الــبروتوكول اإلختيــاري األول الملحــق بالعهــد الــدولي الخــاص بــالحقوق المدنيــة
والسياسية وعرض للتوقيع والتصديق واإلنضمام إليه بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحــدة رقم (
2200ألف /د ) 21المــؤرخ في 16ديســمبر 1966م ،ودخــل حيّــز التنفيــذ بتــاريخ 23مــارس 1976م
وفقا ً ألحكام المادة ( )9منه.
يشتمل هذا البروتوكول على مقدمة تتناول القصد من إعتماد البروتوكول وأهدافــه وروحــه والمتمثــل
باألساس في تمكين اللجنة المعنيــة بحقــوق اإلنسـان المنشــأة بمقتضـى الجـزء الرابــع من العهـد الــدولي
الخاص بالحقوق المدنية والسياسـية من القيـام وفقـا ً ألحكـام هـذا الـبروتوكول ،بإسـتالم ونظــر الرسـائل
المقدمة من األفراد الذين يدعون أنهم ضحايا أي أنتهاك ألي حق من الحقوق المقررة في العهد ،و أربــع
عشر مادة موزعة على أربعة أجزاء تتنــاول حقــوق األفــراد وحقــوق الــدول وصــالحيات اللجنــة المعنيــة
بحقوق اإلنسان ،وشروط ومسطرة تقديم الشكايات والبالغات ،وذلك على الشكل التالي:
الجزء األول .ويتضمن المادة ( )2التي تنص صراحة على حــق األفــراد الــذين يــدعون أن أي
حق من حقوقهم المذكورة في العهد قد انتهكت ،والذي يكونون قد استنفدوا جميــع طــرق التظلم
المحلية المتاحة ،بتقديم رسالة كتابية الى اللجنة للنظر فيها.
الجــزء الثــاني .ويتنــاول حقــوق وواجبــات الــدول إزاء مقتضــيات الــبروتوكول ،فمن حيث
الواجبات فإن الدول األطراف في العهد ،تلتزم بمقتضى المــادة ( )1من الــبروتوكول بــاإلعتراف
بإختصاص اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان بإستالم ونظر الرسائل المقدمة من األفــراد الــداخلين
في والية الدولة الطرف والذين يدعون أنهم ضحايا أي انتهاك من جانبهــا ألي حــق من الحقــوق
المقــررة في العهــد .غــير أنــه اليجــوز للجنــة إســتالم أيــة رســالة أو شــكاية من أي فــرد تتعلــق
بإنتهاكات حقوق اإلنسان قد تمارسها دولة ليست طرفا ً في هذا البروتوكول ،وإن كانت طرفا ً في
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
كما يجب على كل دولة طرف في هذا البروتوكول ،بعــد توصــلها برســالة من اللجنــة تتضــمن شــكاية
بإنتهاك لحقوق اإلنسان ،أن تقوم في غضون ستة أشهر بموافاة اللجنة باإليضاحات أو البيانات الكتابية
الالزمة لجالء المسألة مع اإلشارة عند اإلقتضاء الى أيــة تــدابير لرفــع الظالمــة قــد تكــون إتخــذتها طبقـا ً
لمقتضيات المادة (.)4
172
أما بخصوص حقوق الدولة المقررة بمقتضى هذا البروتوكول ،فتتمثل أوالً في حقها في توصــلها من
اللجنة بالرسالة التي تتضمن شكاية األفراد بشأن إدعائهم إنتهاكا ً للحقــوق األساســية المنصــوص عليهــا
في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيــة والسياســية (المــادة ، )4وتوصــلها أيضـا ً بالنتيجــة أو الــرأي
الذي قــد تتوصــل إليــه اللجنــة في حالــة قيامهــا بتحقيــق في موضــوع الشــكاية طبقـا ً للمــادة ( )5من ذات
البروتوكول.
كما يحــق أليــة دولــة توقيــع الــبروتوكول أو المصــادقة عليــه أو اإلنضــمام إليــه أذا مــا هي وقعت أو
صادقت أو إنضمت الى العهد طبقا ً لمقتضيات المادة الثامنه من هذا البروتوكول.ـ
كما يحق أليـة دولــة طـرف في هـذا الــبروتوكول ،طبقـا ً ألحكــام المـادة ( )11أن تقـترح تعــديالً عليـه
تودعه لدى األمين العام لألمم المتحدة .وعلى اثر ذلك يقوم األمين العــام بــإبالغ الــدول األطــراف في هــذا
البروتوكول بأية تعديالت مقترحة ،طالبا ً إليها إعالمه عمــا إذا كــانت تحبــذ عقــد مــؤتمر للــدول األطــراف
للنظر في تلك المقترحات والتصويت عليها .فإذا حبذ عقد المؤتمر ثلث الدول األطــراف على األقــل عقــده
األمين العام برعاية األمم المتحدة ،وأي تعديل تعتمــده أغلبيــة الــدول األطــراف الحاضــرة والمقترعــة في
المؤتمر يعرض على الجمعية العامة لألمم المتحدة إلقراره.
ويبدأ نفاذ التعديالت متى أقرتها الجمعية العامة لألمم المتحدة وقبلتها أغلبية ثلثي الدول األطراف في
هذا البروتوكول ،وفقا ً لإلجراءات الدستورية لدى كل منها( . )236ومتى بدأ نفاذ التعــديالت ،تصــبح ملزمــة
للدول األطراف التي قبلتها ،بينما تظل الدول األطراف األخــرى ملزمــة بأحكــام الــبروتوكول وبــأي تعــديل
سابق تكون قد قبلته.
كما يحــق أليــة دولــة طــرف أن تنســحب من هــذا الــبروتوكول في أي حين بإشــعار خطي توجهــه الى
األمين العــام لألمم المتحــدة .ويصــبح اإلنســحاب نافــذاً بعــد ثالثــة أشــهر من تــاريخ اســتالم األمين العــام
لإلشعار.
وال يخل اإلنسحاب بإستمرار إنطباق أحكام هذا الـبروتوكول على أيـة رسـالة مقدمـة بمقتضـى المـادة
الثانية من الــبروتوكولـ قبــل تــاريخ نفــاذ اإلنســحاب ،بمعــنى أن اإلنســحاب ال يســري أثــره على الرســائل
والشكايات التي تتوصل بها اللجنة من األفراد عن تعرضهم إلنتهاكات الدولـة لحقــوق اإلنســان قبـل طلب
الدولة اإلنسحاب من هذا البرتوكول (المادة .)12
الجــزء الثــالث .ويتعلــق بصــالحيات اللجنــة المعنيــة بحقــوق اإلنســان ،وتشــتمل على تلقي
البالغات والرســائل المتضــمنة لشــكايات األفــراد الــذين يــدعون أنهم قــد تعرضــوا إلنتهــاك ألحــد
Alsonn.M,The hiasrchy if sources of international law, 47 Britishe Yearbook of international law Revue , ) ( 236
.1980, p65
173
حقوقهم األساسية المنصــوص عليهــا في العهــد الــدولي الخــاص بــالحقوق المدنيــة والسياســية،
وتقــوم اللجنــة بــالنظر في الرســائل الــتي تتلقاهــا بمــوجب هــذا الــبروتوكولـ في ضــوء جميــع
المعلومات الكتابية المتوفرة لديها من الفرد المعــني ومن قبــل الــدول الطــرف المعنيــة باألنتهــاك
(المادة .)5
تنظر اللجنة في الرسائل المنصوص عليها في هذا البروتوكول في اجتماعات مغلقــة .وتقــومـ بإرســال
الرأي الذي إنتهت إليه الى الدولة الطرف والى الفرد صاحب الرسالة أو الشكاية (المادة .)5
طبقا ً لمقتضيات المواد من ( 2الى )5من البروتوكول ،يكون البالغ المتصل بإنتهاك لحقوق اإلنسان
والحريات األساسية مقبوالً شريطة إستيفائه ما يلي:ـ
ــ إذا لم تكن لــه دوافــع سياســية واضــحة وكــان موضــوعه متفقـا ً مــع ميثــاق األمم المتحــدة
واإلعالن العالمي لحقوق اإلنســان والصــكوك األخــرى واجبــة التطــبيق في مجــال قــانون حقــوق
اإلنسان؛
ــ إذا كــان يتضــمن وصــفا ً وقائعيـا ً لإلنتهاكــات المزعومــة ،بمــا في ذلــك الحقــوق المزعــوم
إنتهاكها؛
ــ إذا كانت اللغة المستخدمة فيه غير مســيئة .إال أنــه يجــوز النظــر في بالغ ال يســتجيب لهــذا
الشرط إذا أستوفى معايير المقبولية األخرى بعد حذف العبارات المسيئة؛
ــ إذا كان صـادراً عن شـخص أو مجموعـة أشـخاص يـدّعون أنهم ضـحايا إلنتهاكـات حقـوق
اإلنسان والحريــات األساســية أو عن شــخص أو مجموعــة أشــخاص ،بمن فيهم المنظمــات غــير
الحكومية ،يتصرفون بحســن نيـة وفقـا ً لمبـادئ حقـوق اإلنسـان ،وال يســتندون الى مواقـف ذات
دوافع سياسية مخالفة ألحكام ميثـاق األمم المتحـدة ويـدعون أن لهم علمـا ً مباشـراً وموثوقـا ً بـه
بهذه اإلنتهاكات .على أنه اليجوز عدم قبــول البالغــات المؤيّــدة بأدلــة موثــوق بهــا لمجــرد كــون
أصحابها يعلمون بوقوع اإلنتهاكات علما ً غير مباشر ،شريطة أن تكون هذه البالغات مشــفوعة
بأدلة واضحة()237؛
ــ إذا كان ال يستند حصراً الى تقارير نشرتها وسائط اإلعالم؛
237
( )DENQUIN.J.M, Les droits politiques, Paris , Montchrestien, 1996,p73 .
174
ــ إذا كان ال يشير الى حالة يبدو أنها تكشف عن نمط ثــابت من اإلنتهاكــات الجســيمة لحقــوق
اإلنسان المؤيدة بأدلة موثوق بها ويجــري تناولهــا في إطــار أحــد اإلجــراءات الخاصــة أو إحــدى
هيئات المعاهدات أو غير ذلك من إجراءات الشكاوي التابعة لألمم المتحدة أو إجراءات الشكاوي
اإلقليمية المماثلة في ميدان حقوق اإلنسان؛
ــ إذا أستنفذت سبل اإلنتصاف المحلية ،ما لم يتبّن أن هذه السبل غير فعالة أو تستغرق زمنــا ً
يتجاوز حدود المعقول.
المطلب الثاني:
عندما يتعلق األمر بحقوق المرأة ،يفترض أن الرجل والمرأة متطابقان تماما ً في وجود حقوق خاصــة
للمرأة .ومع ذلك نجد أن مفهوم حقوق اإلنسان يبقى غامض جداً ،ولكن أيضا ً أمر رائع تاريخيا ً وثقافية.
ففي معرض الحديث عن الحقوق المحـددة للمـرأة ،نعــرض اإلختالفـات الطبيعيــة داخــل الجنس البشـري.
والغرض من هذه الماحظة هو القول لماذا خصوصية المرأة يمكن أن توجد؟ وهــل هـذه الخصوصــية هي
مؤسسة للحقوق؟ وهل يمكن لخصوصية المـرأة أن تمنح حقوقـاً؟ وإلى جــانب الخصوصـية البيولوجيــة،
هل هناك معايير أخرى يمكن أن تبرر حقوقا ً محددة للمرأة ؟(.)238
ويظهر تصور دور اإلنسان حسـب الجنس في عـدة مجـاالت على أنـه بنـاء إجتمـاعي ينقلــه كثــير من
القوالب النمطية الجنسانية .وباتالي ،يجب تحليل الحقوق المحددة على أنها بناء ،من أجل تفكيــك رؤيــة
األمس للحقوق المحددة المتعلقة بالجوانب البيولوجية والصرفية والجسدية .غير أن المالحظ بخصــوص
الحقوق السياسية أنها التعرف تمييزاً بين الرجل والمرأة بسببالجنس أو لخصوصية المرأة ،ألن الحقوق
السياســية لهــا طبيعــة خاصــة ونطــاق ممارســة متشــابه بين الرجــل والمــرأة يتمثــل في تــولي المناصــب
السياسية والترشح لإلنتخابات والتمثيل السياسي للمجتمع وحريــة التعبــير .ولكن تحليــل حقــوق المــرأة
من زاوية البنية اإلجتماعية واإلقتصادية والثقافية يصبح ضرورة.
وعنــدما نتحــدث عن المصــادر الكونيــة المتعلقــة بــالحقوق السياســية ،البــد أن نشــير الى مجموعــة
اإلتفاقيات التي وضــعتها األمم المتحــدة لصــالح تمكين المــرأة من حقوقهــا السياســية ،وهي إتفاقيــات مــا
كانت لتصاغ وتعتمد من قبل المنتظم الدولي لوال األوضاع المزرية التي كانت تعــاني منهــا المــرأة والــتي
كانت سببا ً وعائقا ً أمام ممارستها وتمتيعها بحقوقها عامة والحقوق السياسية خاصة.
ODITTE Michee Wandji Njinkoue: Existe-t-il des droits specifiques aux femmes. These de Doctorat. ) ( 238
.Grenoble, 2017
175
لهذا كان لزاما ً على المهتمين بحقوق اإلنسان أن يالحظوا اإلقصاء والتهميش الذي كانت تعــاني منــه
المرأة في جميع دول العالم إال في بعض اإلستثناءات التي مع ذلك لم تمكن المــرأة من ممارســة الحقــوق
والحريات األساسية المنصوص عليها في الشرعة الدولية لحقوق اإلنسان.
وعليه إرتأى المجتمع الدولي الحقوقي أن يبادر الى رفع الحيف عن المرأة ومعاناتها ،قصــد ولوجهــا
الى ممارســة الحقــوق والحريــات األساســية مثلهــا مثــل الرجــال وعلى قــدم المســاواة ،ومراجعــة بعض
المفاهيم واآلليات التي كانت سببا ً وعائقا ً أمام تمكين المرأة من ذلك.
وفي هذا الصدد إعتمدت األمم المتحدة ثالث وثائق دولية تشكل ُمــدخالً قانونيـا ً وإجرائيـا ً قصــد تمــتيع
المرأة بحقوقها عامة والحقوق السياسية خاصة وهي(:)239
ــ إعالن القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 1967م.
ــ إتفاقيــة القضــاء على جميــع أشــكال التميــيز ضــد المــرأة المعروفــة بإختصــار ب"الســيداو/
كوبنهاغن".
كما سبقت اإلشارة إليه أن منظومة اإلتفاقيات الدولية التي تهم المرأة سواء بخصوص تمتعهــا بمبــدأ
المساواة مقارنـة بالرجـل أو بخصــوص تمتيعهـا وتمكينهـا من كافـة الحقــوق األخـرى على أسـاس مبـدأ
المساواة سواء منها حقوق اإلنسان عامــة أو الحقــوق السياســية خاصــة تــوزعت على نــوعين من هــذه
اإلتفاقيات ،وهي :إتفاقيات تهم القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وإتفاقية الحقــوق السياســية
خاصة بالمرأة ،وهذا ما سنتناوله في هذا المطلب.
بالرغم من أن شرعة حقوق اإلنسان اعترفت بشــكل واضــح وصــريح وعلــني بالمســاواة بين الرجــال
والنساء ،ومع أن الحركة العالمية نادت بالمساواة بين الجنسين إال أن العمــل الفعلي بقي بعيــداً عن ذلــك
وكأن حقوق اإلنسان هي للرجال فقط ،وليست للنساء ،باإلضافة الى أن المفهوم التقليدي للمساواة يظــل
ODITTE Michee Wandji Njinkoue: Existe-t-il des droits specifiques aux femmes. These de Doctorat. ) ( 239
.Grenoble, 2017
176
يكرس التفاوت بين أوضاع الرجال والنساء والتمييز ضــد النســاء بــدالً من القضــاء عليــه ،ألن المعاملــة
المتساوية في أوضاع غير متساوية تدين الظلم والتغيره.
وقد ظهرت كافة الدرسات واألبحاث والمؤشرات أن وجود التمييز ضد النساء يشكل العائق األساســي
لتحقيــق المســاواة بين الجنســين ،ويجب العمــل على هــدم هــوة الالمســاواة بين الجنســين المتأتيــة من
التمييز ضد النساء لتحقيق المساواة بين الجنســين .لــذلك فــإن الحركــة النســائية على صــعيد العــالم ومن
ضمنها اللجنة المعنية بمركز المرأة التابعة لألمم المتحدة ،طالبت ونادت بإلغاء جميع أشكال التمييز ضــد
النســاء لكي تتمكن من التمتــع بالمســاواة في الحقــوق ومن أجــل تحقيــق المســاواة التامــة بين الجنســين
وتفعليها ،ألن مجرد " إنسانية المرأة" لم تكف لتضمن للنساء حقوقهن .وفي هذا الصدد بــدأ البحث عن
إتفاقية دولية للمرأة التي شكل هذا اإلعالن الخطوة األولى لتشريعها.
ومن هنا جاء صـدور إعالن القضــاء على التميــيز ضــد المـرأة ،وقــد إعتمدتـه الجمعيــة العامـة لألمم
المتحــدة ونشــرته بمــوجب قرارهــا رقم / 2263 :د ـ 22بتــاريخ 7نوفمــبر 1967م ،أعــربت فــه األمم
المتحــدة عن قلقهــا في اســتمرار وجــود قــدر كبــير من التميــيز ضــد المــرأة ،رغم ميثــاق األمم المتحــدة
واإلعهالن العالمي لحقوق اإلنسان والعهدين الدوليين الخاصين بحقوق اإلنسان وغــير ذلــك من صــكوك
األمم المتحدة والوكاالت المتخصصة ،ورغم التقدم المحرز في ميدان المســاواة في الحقــوق ،وهي تــرى
أن التمييز ضد المرأة يتنافى مع كرامة اإلنسان وخير األسرة والمجتمع ،ويحول دون إشــتراك المــرأة ،
على قدم المساواة مع الرجــل ،في حيــاة بلــدهما السياســية واإلجتماعيــة واإلقتصــادية والثقافيــة ،ويمثــل
عقبة تعترض اإلنماء التام لطاقات المرأة على خدمة بلدها وخدمة اإلنســانية ،وبــذلك أيض ـا ً تضــع نصــب
عينيها أهمية إسهام المرأة في الحياة اإلجتماعية والسياسية واإلقتصادية والثقافيــة ( .)240والــدور الــذي
تلعبه داخل األسرة والسيما في تربيــة األوالد وذلــك من خالل إيمانهــا بــأن إســهام النســاء والرجــال على
السواء ،بإعتباره أقصى إسهام ممكن في جميع الميادين ،مطلب البـد منـه للتنميـة الكاملـة لكـل بلـد في
جميع الميادين ،ولخير العالم ولقضية السلم(:)241
وفي هذا الصدد نصت المادة األولى من ذات اإلعالن على أهميــة بــأن تتخــذ الــدول التــدابير المناســبة
الــتي تكفــل للمــرأة مســاواتها مــع الرجــل دون تميــيز في الحقــوق ،وأن تكفــل هــذه الحقــوق عن طريــق
التشريع ،ومن هنا نجد صراحة أن المادة نادت بمساواتها في الحقوق السياسية التالية:ـ
ODITTE Michee Wandji Njinkoue: Existe-t-il des droits specifiques aux femmes. These de Doctorat. ) ( 240
.Grenoble, 2017
Alsonn.M, The hiarchy if sources of international law,47 Britishe Yearbook of international law ) ( 241
>Revue,1980,p 78
177
ــ حقها في التوصيت في جميع اإلنتخابات ،وفي ترشيح نفسها لجميــع الهيئــات المنبثقــة عن
اإلنتخابات العامة.
العنصر الثاني :إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة بإختصار ب"الســيداو/
كوبنهاغن".
بعد إعتماد الجمعية العمة لألمم المتحدة إعالن القضاء على التمييز ضد المرأة لســنة 1976م ،بــدأت
لجنة مركز المرأة في األمم المتحـدة منـذ 1972م إسـتطالع رأي الـدول األعضـاء حـول شـكل ومضـمون
صك دولي بشأن حقوق المرأة .وفي العام التالي بدأ فريق عمــل عيّنــه المجلس اإلقتصــادي واإلجتمــاعي
في اإلعداد لمثل هذه اإلتفاقية .وفي العام 1974م بدأت اللجنة المعنية في مركز المــرأة بصــياغة إتفاقيــة
بشأن القضاء على التمييز ضد المرأة ،وظلت تعمل لسنوات الى أن أنهت إعداد اإلتفاقية الــتي إعتمـدتها
الجمعية العامة لألمم المتحدة في العام 1979م ودخلت حيّز التنفيذ في العام 1981م.
وتُعتبر إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ثمــرة ثالثين عامـا ً من الجهــود واألعمــال
التي قام بها مركز المرأة في األمم المتحدة لتحسينم أوضاع المرأة ولنشر حقوقها.
وتأتي أهمية هذه اإلتفاقية من كونها وضــعت قضــايا المــرأة ضــمن أهــداف األمم المتحــدة وفي قائمــة
أولوياتها ،فأصبحت جزءاً من القانون الدولي لحقوق اإلنسان ،ومن كونها أكدت على العنصر اإلنســاني
في حقوق المرأة وتنـاولت التميـيز موضــوعا ً محـدداً ،وعالجتــه بعمــق وبشـمولية بهـدف إحـداث تغيـير
حقيقي في أوضاع المرأة ،ووضعت الحلول واإلجراءات الواجب إتخاذها من قبل الدول األطراف للقضــاء
على التمييز ضد المرأة في كافة الميادين ،وهو ما لم تنص عليه اإلتفاقيات التي ســبقتها الــتي كــانت كــل
واحدة منها تعالج جانبا ً محدداً من قضايا المرأة.
وتتألف إتفاقيــة "ســيداو" من ديباجــة وثالثين ( )30مــادة ،تنبثــق من اإليمــان بــأن القــانون الــدولي
والوطني هو أداءة فعالة لتحقيق العدالة اإلجحتماعية واإلقتصــادية ،كمــا وبــأن المســاواة بين الجنســين
تتصل الى حد كبير بالمساواة أمام القانون .وتعتبر الموادة من (1ــ )16قواعــد أساســية لإلتفاقيــة ألنهــا
وضعت منهاجا ً كامالً لكفية القضاء على التميــيز ضــد المــرأة على كافــة األصــعدة ،بحيث يمكن إعتبارهــا
جوهر اإلتفاقية ومؤنها ،ألنها تضع الشروط والتــدابير الــواجب على الــدول األطــراف إعتباعهــا لتحقيــق
المساواة بين النساء والرجال.
178
ومن أهم ما جاءت به اإلتفاقية وضع تعريف واضح ودقيق لمفهوم ومصطلح التميـيز ،وهكــذا جـاءت
المادة ( )1من اإلتفاقية لتعطي تعريفا ً شامالً للتمييز ينطبق على نصوص اإلتفاقية جميعها ،حيث يشــمل
التمييز ضد النساء "كل تفرقـة أو إختالف في المعاملـة ،أو إسـتبعاد ،أو تقييـد يتم على أسـاس الجنس،
ويكون من آثاره أو أغراضه النيل من اإلعتراف للمرأة على قدم المساواة مع الرجل بالحقوق اإلنسانية،
أو التــأثير على تمتعهــا بــالحقوق السياســية واإلقتصــادية واإلجتماعيــة والثقافيــة والمدنيــة وأيــة حقــوق
أخرى ،أو يكون من شأنه أن يمنع النساء من ممارســة الحقــوق والحريــات واألساســية بغض النظــر في
الحالة الزوجية".
وبرأينا ،تعتبر هذه المادة حجر األساس لكل القضايات المتعلقة بـالتمييز القـانوني أو الـواقعي الــذي
يمكن القياس عليه للقضاء على كافة أشكال التمييز ،ألن مجرد التصديق على اإلتفاقية ولو كــانت هنــاك
تحفظات من قبل الدولة الموقعة على اإلتفاقية على مواد أخرى ،فــإن هــذه المــادة تكفي للعمــل في ســبيل
تحقيق المساواة ه ،بإعتبارها تمثل جـوهر اإلتفاقيــة وأساسـها القانونيــة ،وتلـزم اإلتفاقيــة الــدول بإتخــاذ
خطوات ملموسة للقضاء على التمييز ضد المرأة.
ووفقا ً للمادة ( )2منها ،نلزم اإلتفاقية الــدول األطــراف ،ليس فقــط بإدانــه جميــع أشــكال التميــيز ضــد
المرأة ،بل وإتخاذ اإلجراءات المختلفة للقضاء عليه من خالل القيام بما يلي:
.1تجسيداً مبدأ المساواة في الدساتير الوطنية والتشريعات كافــة ،وكفالــة التحقيــق العملي
لذلك.
.3إقرار حماية قانونية ضد التمييز عن طريق المحاكم الوطنية المختصة بتقديم الشكاوي.
.4إلتزام السلطات العامة في الدول المصادقة باإلمتناع عن القيــام بالممارســات الــتي فيهــا
تمييز ضد النساء.
.6إلغاء جميع أحكامـ قوانين العقوبات الوطنية التي تشكل تمييزاً ضد المرأة.
وفي سبيل الدفع أكـثر بإعتمـاد هـذه الحقـوق ،نصـت اإلتفاقيـة على ضـرورة إتخـاذ الـدول إلجـراءات
وتدابير خاصة ومؤقته لمكافحة التمييز ،حيث يحق للدول تبنّي تدابير خاصة مؤقته للتعجيــل بالمســاواة،
وهذا وفقا ً للمادة ( ، )4وهو ما يعــرف بــالتمييز اإليجــابي ألنــه أحيانـا ً حــتى إذا منحــدث المــرأة مســاواة
قانونية ودستورية فإن ذلك اليضمن تلقائيا ً أنها ستعامل في الواقع معاملة متســاوية (مســاواة واقعيــة) .
179
لــذلك تســتخدم الـدول تـدابير مؤقتـه الى أن تتحقــق المســاواة الفعليــة ،كالمسـاواة في تكــافؤ الفـرص في
التعليم واإلقتصاد والسياسة والعمالة .وبمجرد بلــوغ الهــدف في المســاواة في المعاملــة وتكــافؤ الفــرص
تصير التدابير غير الزمة ويجب إيقافها.
غير أن أهم ما جاء في اإلتفاقية ،بخصوص موضوع الحقوق السياسية ،ما نصت عليه لمادتــان (7و
) 8في شأن المساواة في الحياة السياسية والعامة على الصعيد الوطني والدولي ،بحيث يجب على الدول
القضــاء على التميــيز ضــد المــرأة في الحيــاة السياســية والعامــة للبلــد ،من خالل إعطائهــا الحقــوق في
التصويت واإلنتخاب والترشيح وشغل المناصب والمشاركة في األحزاب السياسية والمنظمات والنقابــات
على قدم المساواة مع الرجل .كما وينبغي منح النساء فرصا ً متساوية لتمثيل حكومــاتهن والمشــاركة في
أعمال المنظمات الدولية كاألمم المتحدة وغيرها ،وكذلك المنظمات اإلقليمية كمنظمة الجامعة العربية.
كما تطالب اإلتفاقية الدول األطراف بأن تمنح المرأة حقا ً مساويا ً لحق الرجل في إكتســاب الجنســية أو
تغييرهــا أو اإلحتفــاظ بهــا ،حيث ال تطــالب بتغيــير جنســيتها بســبب الـزواج من أجنــبي أو تفــرض عليهــا
جنسية الزوج ،وإعطاء المرأة نفس حقوق الرجل فيما يتعلق بجنسية اوالدهما.
إعتمدت هذه اإلتفاقية وعرضت للتوقيع والتصديق بموجب قرار الجمعيــة العامــة لألمم المتحــدة تحت
رقم ( /640د )7بتاريخ 6ديسمبر 1952م ،وتتــألف من مقدمــة وإحــدى عشــر مــادة تشــتمل على ثالث
مواد رئيسية تنص على الحقوق السياسية للمرأة التي يجب على كافـة الـدول األطـراف أن تتخـذ بشـأنها
إجراءات تشريعية وغير تشريعية قصد تمكين المرأة من ممارسة حقوقها السياسية.
وهكذا ذكرت المقدمة باألهداف والمقاصد النبيلة من وراء إعتماد هذه اإلتفاقية التي تتجلى في رغبــة
األطراف المتعاقدة في إعمال مبدأ تساوي الرجال والنساء في الحقوق الواردة في ميثــاق األمم المتحــدة،
وإعترافا ً منها بأن لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده ،ســوا ًء بصــورة مباشــرة أو
بواســطة ممثلين يختــارون بحريــة ،والحــق في أن تتــاح لــه على قــدم المســاواة مــع ســواه فرصــة تقلــد
المناصب العامة في بلده ،ورغبة منها في جعل الرجال والنساء يتساوون في التمتع بالحقوق السياســية
وفي ممارستها ،طبقا ً ألحكام ميثاق األمم المتحدة واإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان ،وقــد قــررت عقــد
إتفاقية على هذا القصد.
وفي هذا الصدد ،تناولت المادة ( )1حق النساء في التصويت في جميع اإلنتخابات ،بشــروط تســاوي
بينهن وبين الرجال دون أي تمييز.
180
أما المادة ( )2فقد نصت على أهلية النساء في أن ينتخبن لجميع الهيئــات المنتخبــة بــاإلقتراع العــام ،
المنشأة بمقتضى التشريع الوطني ،بشروط تساوي بينهن وبين الرجال دون أي تمييز.
كما أن المادة ( )3نصت على أهلية النساء في تقلد المناصب العامة وممارسة جميع الوظائف العامــة
المنشأة بمقتضى التشريع الوطني ،بشروط تساوي بينهن وبين الرجال دون أي تمييز.
ولم يقتصر االمر عند هذا الحد من الدراسة بل نجد أن ص دى الحق وق السياس ية وتنظيمه ا ق د خص ته
بالدراسة القوانين الدولية اإلقليمية عن طريق التكتالت اإلقليمية باعتماد قوانين دات طابع سياسي
المبحث الثاني:
نحاول من خالل هذا المبحث أهمية إبراز اإلهتمام الدولي بحقوق اإلنسان وأنــه لم يقتصــر فقــط على
الطابع الدولي العالمي تحت غطاء األمم المتحدة وحدها من خالل اإلتفاقيات الدولية ذات الطابع الكــوني،
بل أيضا ً أن حقوق اإلنسان عرفت إهتماما ً من زاوية أخرى وهي الزاوية الدولية اإلقليمية عــبر التكتالت
اإلقليمية الدوليــة ذات الطــابع الجغــرافي القــاري ،حيث أن هــذه التكتالت اإلقليميــة الدوليــة إهتمت أيضـا ً
بحقوق اإلنسان من خالل إبرام إتفاقيات وإعالنات دولية لحقوق اإلنسان ذات طابع إقليمية تخــاطب فقــط
الدول المنضوية تحت هذا التكتل اإلقليمي كما هــو الشــأن بكــل من اإلتحــاد األوروبي واإلتحــاد األمــريكي
واإلتحاد العربي واإلتحاد األفريي واإلسالمي التي إرتأينا تسليط الضوء عليها نظراً لضرورتها وأهميتها
،ولما تمثله من إغناء لمنظومة حقوق اإلنسان على مستوى تنوع الحقوق والحريات المنصوص عليها
في إتفاقياتهــا ،وكــذلك على مســتوى اإلختالف الموجــود بينهــا في مضــامينها وآليــات حمايــة الحقــوق
والحريات ،وسنقتصر على دراسة الحقوق السياسية التي تظمنته ا الق وانين االوربي ة و االمريكي ة وك ذا
التزاماتها في هذا المجال .
181
المطلب األول:
تعززت منظومة حقوق اإلنسان الى التنصيص عليهــا في القــانون الــدولي الكــوني لحقــوق اإلنســان ،
بإعتماد قوانين دولية إقليمية لحقوق اإلنسان ذات أهمية سواء على مستوى إطارها السياســي أو ســواء
على مستوى المضمون ،فقد سعت أوروبا جاهدة الى سن القوانين المنظمة للحقوق السياسية ،وكذلك
الحال بالنسبة للواليات األمريكية.
منذ إنشاء مجلس أوروبا ســنة 1949م ،والــذي يعتــبر إتحــاداً ســليما ً يضــم الــدول الديمقراطيــة الــتي
أعلنت إيمانها بسـيادة القـانون وإلتزامهـا بـالقيم الروحيـة واألخالقيـة الـتي تعتـبر الـتراث المشـترك بين
الشعوب.
فهذا المجلس جاء إستجابة للحركة التي تنادي بالوحدة األوروبية بعد الحرب ،وكان الهدف الرئيســي
هو تحقيق وحدة أكبر بين أعضاءه عن طريق إبرام اإلتفاقيات والبدء في تحقيق هدف مشترك في جميــع
182
المجاالت ما عدا المجال العسكري ،وكان إحــترام ســيادة القــانون وحمايــة حقــوق اإلنســان من الشــروط
األساســية للحصــول على العضــوية في مجلس أوروبــا ،حيث تعتــبر هيئــات المجلس أن حمايــة الفــرد
وحرياته من المتطلبات األولية إلقامــة الديمقراطيــة ،وقــد صــدر في نطــاق مجلس أوروبــا عــدة إتفاقيــات
أوروبية لحقوق اإلنسان ،أهمها اإلتفاقية األوروبيــة لحقــوق اإلنســان لســنة 1950م ،والــتي تعتــبر أول
إتفاقية عامة لحقوق اإلنسان ،ولهذا فقد تأثرت بها باقي اإلتفاقيات اإلقليميــة األخــرى لحقــوق اإلنســان،
ونظــراً ألهميتهــا وأهميــة الميثــاق اإلجتمــاعي األوروبي لســنة 1961م ،فإننــا نعــرض لهمــا بشــيء من
التفصيل ،ثم نحلل تباعا ً باقي اإلتفاقيات األوروبية الخاصة على الشكل اآلتي في العنصرين التاليين:
ُمنذ أن جرى التوقيع على اإلتفاقية في روما في 4نوفمبر 1950م ،والتي هي إتفاقيــة حمايــة حقــوق
اإلنسان والحريات األساسية والمعروفة باإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان والتي دخلت حيّز التنفيذ في
3سبتمنبر سنه 1953م ،وعلى خالف باقي اإلتفاقيات الدولية المتعلقة بحقــوق اإلنســان والــتي التــدخل
حيّز التنفيذ إال بعد إنقضاء مدة طويلة نسبيا ً على التوقيع عليها أو إعتمادها ،دخلت اإلتفاقية األوروبيــة
السالفة الذكر حيّز التنفيذ في أقل من ثالث سنوات من التوقيع عليها ،وذلــك في أعقــاب تصــديق عشــرة
دول أوروبية عليها.
وقد إستكملت أحكام اإلتفاقية بثالثة عشر بروتوكوالً إضافيا ً يوسع بعضها من دائرة الحقوق المحميــة
( ،)242ويعدل بعضها األخر عدداً من أحكامها ( ،)243بينما يقر أحد هذه البروتوكوالت (البروتوكول الثــاني)
للمحكمة سلطات محدودة إلعطاء آراء إستشارية.
وقد انقضـتا الـبروتوكوالت اإلضـافية جميعهـا بإسـتثناء تلـك الـتي توسـع من نطـاق وقائمـة الحقـوق
المحمية المعترف بها لحظة دخول البروتوكول الحادي عشر حيّز التنفيذ بتــاريخ /1/11ـ 1998م ،وهــو
الــبروتوكول الــذي أدخــل تعــديالت جذريــة على آليــة اإلتفاقيــة ،أهمهــا إلغــاء اللجنــة األوروبيــة لحقــوق
اإلنسان ،وإنشاء محكمة أوروبية دائمة لحقوق اإلنسان ذات والية جبرية.
الجدير بالذكر أنه قد تم تعديل تلــك اإلتفاقيــة أكــثر من مــرة ،وهــذه مــيزة يتســم بهــا المنظم األوروبي
بصفة عامة ،حيث يعكس ذلك أنه نظام دائم التطور تبعا ً لتطور األحداث.
وتوصف اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنصسان بأنها دستور للقــارة األوروبيــة واألســاس لنظــام عــام
أوروبي في مجال حقوق اإلنسان والحريات األساسية ( ،)244فمع التطورات التي شهدتها أوروبا الشرقية
) (242د .محمد يوسف علون و د.محمد خليل الموسى ،القانون الدولي لحقوق اإلنسان "المصادر ووسائل الرقابة" ،الجزء األول ،دار الثقافة
للنشر والتوزيع ،عمّان2005 ،م ،ص . 161
) (243نفس المرجع أعاله ،نفس الصفحة.
F.Sudre, Existe-t-il un ordre public europeen, in P. TARENIER (ED), Quelle Europe pour les droits, ) ( 244
.Bruxelles, Bruylant, 1996, p 44
183
والوسطى لم تعد قضية حقوق اإلنسان والحريات األساية قضية خاصــة بأوروبــا الغربيــة أو الوســطى أو
الشرقية ،بل أصبحت قضية أوروبــا الموســعة والــتي تعتــبر اإلتفاقيــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان حجــر
أساس الوحدة األوروبية.
وتتكــون اإلتفاقيــة في وضــعها الحــالي من مقدمــة و 59مــادة وتوجــد عــدة بروتوكــوالت مضــافة
لإلتفاقية( .)245وقــد نقلت جميــع الحقــوق والحريــات محــل الحمايــة باإلتفاقيــة األوروبيــة أصـالً من قائمــة
الحقوق المدنية والسياسية لتلك الواردة في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان.
ومن هنا سنتناول بالدرس والتحليل الحقوق والحريات التي تحميها اإلتفاقية والبروتوكوالت الملحقة
بها وضوابط التمتع بها ،وذلك على الشكل التالي:
الفقرة األولى :الحقوق محل الحماية وضوابط التمتع بها وقيود ممارستها
يتضح تماما ً من قراءة ديباجة اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنســان أن األســاس الــذي يقــوم عليــه هــو
اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،وذلك فإن الحقوق الــتي وردت في اإلتفاقيــة هي في األصــل من طائفــة
الحقوق الكالسيكية ،أي من طائفة الحقوق الفردية المقرة للفرد بذاته وبصفته تلك .وقــد وردت الحقــوق
المحمية أو المعترف بها في األساس في اإلتفاقية ذاتها وفي البروتوكوالت الملحقة بها.
لقد نصت اإلتفاقية األوروربية لحقوق اإلنسان على عــدة حقــوق وهي كالتالـــي :فمن جــانب الحقــوق
والحريــات الفرديــة نصــت على الحــق في الحيــاة ،منــع التعــذيب والعقوبــات والمعــامالت الإلنســانية أو
المهنية ،منع الرق واإلستعباد ،الحق في الحرية واألمن ،الحق في المعاملة العادلــة ،الحــق في إحــترام
الحياة الخاصة ،أما من جانب الحقوق والحريت السياسية فقد نصت على حرية الفكر ولضمير والعقيــدة،
ويشمل هذا الحق حرية تغيير الدين أو المعتقد ،وريـة التعبــير ،ويشـمل هـذا الحــق حريـة الــرأي وحريــة
تلقي المعلومات ،ثم هناك حرية المشاركة في اإلجتماعات السلمية وحرية تكوين الجمعيات ،ويشمل هــذا
الحق حرية إنشاء النقابات ثم حرية الزواج وتكوين األسرة.
وخالفا ً لإلعالن العالمي الذي شكل أساس اإلتفاقية ،فإن هذه األخــيرة تعــد صــكا ً إتفاقيـا ً ملزمـا ً للــدول
األطراف ،وخالفا ً كذلك لإلعالن ،تقتصر اإلتفاقية على الحقوق المدنية والسياسية لحقوق فردية مستمدة
من نظريــة الحقــوق الطبيعيــة ،وهي التتضــمن نصوص ـا ً ذات صــلة بــالحقوق اإلقتصــادية واإلجتماعيــة
والثقافية ،وإذ كان هناك ثمة تداخل بين بعض الحقــوق المقــررة في اإلتفاقيــة وبين الحقــوق اإلقتصــادية
) ( 245أد .ابراهيم العناني ،دراسة حول اإلتفاقية األوروبية لحماية حقوق اإلنسان ،دار العلم للماليين ،بيروت1989 ، $م ،الطبعة األولى ،ص
. 361
184
واإلجتماعية والثقافية مثل الحق في الملكية والحق في التربية وعدم الخضوع للعمل الجبري والحـق في
احترام الحياة الخاصة والعائلية وحرية التجمع.
لقد جاءت اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان مخلصة للمفاهيم الغربية الليبرالية عن حقوق اإلنسان،
ولكن هذا اليعني البتة أنها أهملت الحقوق األخرى ،فقد قامت أجهــزة الرقابــة المعنيــة باإلتفاقيــة بتوســع
نطاق الحقوق المعترف بها من خالل تفسيرها تفسيراً نشطا ً أو غائيا ً جعل الخطوط الفاصلة بين الحقــوق
المدنية والسياسية وبين الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية غير متداخلة(.)246
حرصت اإلتفاقية بموجب المادة ( )15منها على إتخاذ ضوابط للتحلل من اإللتزامات الــواردة بهــا في
وقت الحرب أو الطوارئ العامة األخرى التي تهدد حياة األمة ،فهنا يجوز ألي طرف سام متعاقد أن يتخذ
تدابير تخالف إلتزاماتــه الموضــحة باإلتفاقيــة ،وذلكــل لموازنــة وإيجــاد نقطــة إلتقــاء بين مصــلحة الفــرد
ومصلحة المجتمع ويكون ذلك في أضيق الحدود التي تحتمها مقتضيات الحال ،وبشرط أال تتعارض هــذه
التدابير مع إلتزاماته األخرى ألي إطار القانون الدولي.
والحقوق المعترف بها في اإلتفاقيــة ،كمــا ســبق ذكرهــا ،وفي البروتوكوالتهــا اإلضــافية ،كمــا ســنرى
الحقا ً ،مكفولة بمقتضى المادة األولى من اإلتفاقية لكـل إنسـان يخضــع لواليـة الـدول األطـراف ،فحمايــة
هذه الحقوق وكفالتها وتأمين إحترامها ليس رهينـا ً بجنســية الشــخص أو بمواطنتــه األوروريــة ،ولكنهــا
تثبت لكل شخص خاضع لسلطان أية دولة من الدول األطــراف مهمــا كــانت جنســيته أو جــدوره وأصــوله
القومية أو األثنية ،فال جذور وال أصول يعتد بها لغايات التمتع بالحماية المقررة ،بل هي حمايــة مقــررة
لصالح أي إنسان سواء كان أوروبيا ً أو غير ذلك ،كما تنطبــق أحكــامـ هــذه اإلتفاقيــة على أقــاليم مــا وراء
البحار شريطة صدور اإلعالن الخاص المنصوص عليه في اإلتفاقية(. )247
كما أوضحت المحكمةـ األوروبية لحقوق اإلنسان بأن اإلتفاقية تنطبق على األقاليم التي تحتلهــا إحــدى
الدول األطراف كما هو الحال بالنســبة للوجــود الــتركي في قــبرص ،ولكــل دولــة من الــدول األطــراف في
اإلتفاقيــة مطالبــة دولــة أخــرى طــرفٌ فيهــا بــإحترام الحقــوق الــواردة فيهــا ،ســواء أكــان ذلــك لمصــلحة
مواطنيها أم غيرهم كما تلزم الدول األطراف في اإلتفاقية بإحترام هذه اإلتفاقيــة وبروتوكوالتهــا بالنســبة
لمواطنيها الحاملين لجنسيتها الموجودين خارج أقاليمها.
185
تضمنت اإلتفاقية األوروربية لحقوق اإلنسان عدداً من المبادئ العامــة الــتي تحكم القيــود المقــررة أو
المرخص بها للتعطيل أو للتقييد بوجه عام.
وقد ساهمت المحكمة األوروية لحقوق اإلنسان في تطويرهــا وتوضــيح مضــامينها ،وهــذي المبــادئ
هي:
ــ مبدأ الشرعية ،ويعني في هذا المجال أن القيد يجب أن يكون منصوص ـا ً عليــه في القــانون
أو يجب أن يتم التعطيل أو التقييد طبقا ً للقانون ،فال تعطيل أو تقييد إال بنص وال يقصــد بالقــانون
هنا معناه الضيق بل
(. )248
معناه الواسع الذي يقتصر فقط على التشريع
ـــ مشروعية الغرض ،فحتى يكون تعليق الدول األطراف إللتزاماتها بالنسبة للحقوق القابلــة
للمساس وللحقوق الموصـوفة مشـروعا ً ،يجب أن تتـوخى هـذه الـدول تحقيـق غايـة أو غـرض
مشروع من ذك ،فإن لم تتوافر مثل هذا الغرض ،تعــذر القــول بوجــود مــبرر يســمح فعالً بتقييــد
الحقوق المحمية أو تعطيلها(.)249
ــ مبــدأ التناســب ،ويمكن القــول بــأن هــذا المبــدأ ،هــو من المبــادئ الــتي طورتهــا المحكمــة
األوروبية لحقوق اإلنسان بمناسبة ممارستها لوظيفتها المنوطة بهــا .وتقــوم فكــرة التناســب في
مجال تقييد أو تعطيل الحقوق المحميــة على أســاس التــوازن العــادل بين متطلبــات أو مقتضــيات
الصالح العام وبين مقتضيات حقوق األفراد(.)250
أما فيما يتعلق بالحقوق القابلة للمساس ،فإن المحكمة كشفت بوضوح عن مضمون مبدأ التناسب في
أحكامها الصادرة عنها ،فقد أوضحت أن فحص قانونيــة تقييـد أو تعطيــل أحـد هـذه الحقـوق أو أكـثر يتم
خالل مستويات ثالثه :مدى استجابة التقييــد أو التعطيــل لحاجةاجتماعيــة ماســة ،مالئمــة التقييــد لهــدف
مشروع من األهداف المذكورة في اإلتفاقية لهــذه الغايــة ،وكفايــة األساســب المعطــاة من قبــل الســلطات
الوطنية لتبرير تدخل كهذا (.)251
وقبل أن نســتعرض القيــود والمخالفــات على ممارســة الحقــوق والحريــات األساســية في اإلتفاقيــة
األوروبية لحقوق اإلنسان ،يجب أن نشير الى مجموعة من هذه الحقوق والحريات التي التقبل أي تقييــد
أوو مخالفة ،وهي:
ٌ ) (248أقرت المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان بأن اإلعتراف والسوابق القضائية تصلح أساسا ً لتقيي$$د أو لتعطي$$ل الحق$$وق المحمي$ة في اإلتفاقي$ة ،
أنظر في هذا السياق حكم المحمةECHER , Suday Times, V.UK (1979-1980),2 EHRR,245 :
. ECTHR, KOPP. V. SWEDEN (1999) , 27 EHRR,91,PARA 55 and 64 ) ( 249
. ECTHR, Soering, V.UK (1989) EHRR, 439,PARA 89 ) ( 250
. ECTHR, Sunday times, op, cit, para 50 ) ( 251
186
ــ الحق في الحياة ( المادة .)2
ــ منع التعذيب والعقوبات أو المعامالت غير اإلنسانية أو المهنية (المادة .)3
ويجب أن نميّــز من ناحيــة ،بين القيــود والمخالفــات على الحقــوق والحريــات الــتي تنص عليهــا هــذه
اإلتفاقية األوروربية ،وبين التحفظات التي تقـدمها الـدول األطـراف في هـذه اإلتفاقيـة ،من ناحيـة ثانيـة،
حيث تخضع هذه التحفظات لقواعد محددة ومعروفة في القانون الدولي.
كما ال يمكن من جهة ،اللجوء الى إستخدام القيـود والمخالفـات على الحقـوق والحريـات الـتي نصـت
عليها اإلتفاقية األوروبية بشكل تسعفي ،وهو ما أوضحته المــادة ( )17من هــذه اإلتفاقيــة تحت عنــوان:
منــع التعســف في اســتعمال الحــق حيث نصــت على مــا يلي" :اليجــوز تأويــل أي حكم من أحكــام هــذه
اإلتفاقية على أنها تخول أية دولة أو جماعة أو فرد حق القيام بنشاط أو عمل يهــدف الى إهــدار الحقــوق
والحريات المقررة في هذه اإلتفاقية ،أو فرض قيود على هذه الحقوق والحريات أكثر من تلك التي نصت
عليها اإلتفاقية".
يوجد هناك إذن مجموعة من القيود المفروضة على الحقـوق والحريـات الـتي نصـت عليهـا اإلتفاقيـة
األوروبيــة (أوالً) ،وش روط فــرض هــذه القيــود (ثانيـاً) ،وبينت هــذه اإلتفاقيــة أيضـا ً من هم األشــخاص
المعنيين بهذه القيود (ثالثاً) ،وتطرقت أخيراً الى مخالفة هذه الحققو والحريات (رابعاً).
هناك مجموعة من الدوافع التي تجــيز فــرض القيــود على الحقــوق والحريــات المنصــوص عليهــا في
اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان ،وهي:
187
واليكفي ،من جهة ثانية ،تحديد الدوافع التي تجيز فــرض القيــود على الحقــوق والحريــات ،بــل يجب
أيضا ً فرضها تبعا ً لشروط محددة ،وهي:
لقد تبين من إجتهادات المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان بأن اإلجراءات التي تتخذ لفرض مثــل
هذه القيود يجب أن ينص عليها "القــانون" ،بمعــنى أنــه بإمكــان أي مــواطن مراجعــة هــذا القــانون
واإلطالع عليه ،وأن يكون مضــمون هـذا القــانون واضــحا ً بشــكل يســمح للمواطــنين بمعرفــة مــا لهم
وعليهم(.)252
ويجب أيض ـا ً أن تكــون اإلجــراءات المتخــذة بقصــد تقييــد الحقــوق والحريــات "ضــرورية" في
"مجتمع ديمقراطي" .بمعنى آخر ،أن تأخذ إجــراءات التقييــد هــذه بشــكل يتناســب مــع الهــدف الــذي
تسعى اإلتفاقية األوروربية لتحقيقه ،أال وهو حماية حقوق اإلنسان وحرياته األساسية ،لــنرى بعــدها
فيما إذا كـانت بالفعـل ضـرورية أم ال؟ .كمـا حـددت عناصـره إجتهـادات المحكمـة األوروبيـة لحقـوق
اإلنسان.
يتضح من مراجعة كــل من المــادتين ( 1و ) 14من اإلتفاقيــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان ،بأنــه
التتضمن بشكل عام ،أية قيود مفروضة على أشخاص معيــنين .ولكن توجــد ،في المقابــل ،مجموعــة
من القيود التي تعد من القيود الشخصية التي نصت عليها اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان ،وهي
تتمثل في:
تنص المادة ( )16من اإلتفاقية األوروبية على ما يلي" :اليجوز إعتبــار أحكــام المــواد ، 10
11و 14على أنهــا تمنــع األطــراف الســامية المتعاقــدة من فــرض قيــود على النشــاط الســياي
لألجــانب" .وتتعلــق المــادة ( )10بحريــة التعبــير ،والمــادة ( )11بحريــة اإلجتمــاع وتكــوين
الجمعيات ،والمادة ( )14بمنع التمييز ــ وقد سبق أن تطرقنا بالتفضيل لهذه المواد ــ (.)253
. ) (252سرحان عبدالعزيز ،اإلتفاقية األوروبية لحماية حقوق اإلنسان والحريات األساسية والقواعد المكملة لها طبقا ً للمبادئ العامة للقانون
الدولي ،دار النهضة المصرية ،القاهرة ،بدون تاريخ ،ص . 54
) (253سرحان عبدالعزيز ،اإلتفاقية األوروبية لحماي$$ة حق$$وق اإلنس$$ان والحري$$ات األساس$$ية والقواع$د المكمل$$ة له$$ا طبق$ا ً للمب$$ادئ العام$$ة للق$$انون
الدولي ،مرجع سابق ،ص . 54
188
أوضحت الفقرة الثانية من المادة الحادية عشر من اإلتفاقية األوروبية بأنه لألطراف السامية
المتعاقــدة أن تفــرض قيــوداً على ممارســة أفــراد القــوات المســلحة أو الشــرطة أو إدارة الدولــة
للحقوق المنصوص عليهــا في الفقــرة األولى من المــادة الحاديــة عشــر أي حريــة المشــاركة في
اإلجتماعات السلمية ،وحرية تكوين الجمعيات ،وحرية إنشاء النقابات واإلنضمام إليها.
ويجب أخيراً ،وبمقتضى ما نصت عليــه المــادة ( )18من اإلتفاقيــة األوروبيــة ،أال يتم تطــبيق
القيــود على الحقــوق والحريــات المنصــوص عليهــا في هــذه اإلتفاقيــة إال لتحقيــق الهــدف الــذي
وضعت من أجله ،ويتم ذلك تحت إشراف المحكمة األوروربية لحقوق اإلنسان.
أوضحت المادة الخامسة عشر من اإلتفاقية األروروبية لحقوق اإلنســان ،وعنوانهــا " :الخــروج عن
اإلتفاقيــة في حــاالت الطــوارئ" الحــاالت الــتي يجــوز فيهــا مخالفــة مــا تضــمنته من حقوقــو وحريــات،
ومضمون هذه المخالفة وشروطها ،حيث نصت على ما يلي:
.1في حالة الحرب أو أي خطر عام آخر يهدد حياة األمة ،يجوز ألي طــرف متعاقــد ســام أن
يتخذ تدابير خارجة عن اإللتزامــات المنصــوص عليهــا في هــذه اإلتفاقيــة ،وفي أضــيق الحــدود
التي يتطلبها الوضع وبشرطة أال تتنــاقض هــذه التــدابير مــع بقيــة اإللتزامــات القائمــة بمــوجب
القانون الدولي.
.2ال تجيز األحكامـ الســابقة أي مخالفــة أو الخــارج عن المــادة الثانيــة ،إال في حالــة الوفــاة
الناتجة عن أعمال حربية مشروعة ،وال عن المواد ( 3و ) 4الفقرة 1و .) 7
.3يُخطر أي طرف متعاقد سام يمارس حق المخالفة ،األمين العام لمجلس أوروبا بالتدابير
المتخذة والدوافع التي دعت إليها .ويجب عليه أيضا ً إبالغ األمين العام لمجلس أوروبــا بتــاريخ
وقف سريان هذه التدابير ،ومن ثم تطبيق احكامـ اإلتفاقية تطبيقا ً كامالً.
يتضح من مراجعـة الفقـرة األولى من المـادة الخامسـة عشـر من اإلتفاقيـة األوروربيـة ،بـأن
الحاالت التي تجيز مخالفة الحقوق والحريات التي نصت عليها هي :حالة الحرب أو الخطر العام
الذي يهدد حياة األمة.
189
لقد أوضــحت أيض ـا ً الفقــرة األولى من المــادة ( )15من اإلتفاقيــة األوروبيــة شــروط مخالفــة
الحقوق والحريات التي نصت عليها ،وهي (:)254
يجب أن تتم هذه المخالفة في أشيق الحدود التي يتطلبها الوضع أ.
فال يجــوز للــدول األطــراف في اإلتفاقيــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان أن تخــالف الحقــوق
والحريات المنصوص عليهــا شــكل عــام ،بــل يجب أن يتم ذلــك في أضــيق الحــدود الــتي يتطلبهــا
الوضع الذي سمح بمثل هذه المخالفة كالخطر الذي يهدد حياة األمة .وتقوم المحكمــة األوروبيــة
لحقوق اإلنسان ،ومن خالل ما يصلها من قضايا ،بالتحقق من هذا الشــرط ،فالمخالفــة تتم تحت
رقابتها ،وهو ما نستخلصه من مختلف إجتهاداتها.
يجب أن التتناقض التدابير التي تتخذ مع بقية اإللتزامات المنبثقة عن القانون الدولي ب.
فما حددته اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان من حقوق وحريات اليجوز المساس بحــد ذاتــه ،وهــو
يعد الحد الدنى من اإللتزامات التي يجب أن تخضع لها الدول األطراف في هذه اإلتفاقية.
بمعنى أخر ،ما تنص عليه اإلتفاقيات الدولية األخرى والتي تحمل حقوق اإلنســان مثــل العهــد الــدولي
الخــاص بــالحقوق المدنيــة والسياســية لعــام 1966م ،واإلتفاقيــات الخاصــة بالقــانون الــدولي اإلنســاني
كإتفاقيات جنيف لعام 1949م ،والملحقات المضــافات إليهــا لعــام 1977م ،يجب أن تؤخــذ بعين اإلعتبــار
من قبل هذه الدول بحيث اليجوز لها أن تقوم بمخالفة الحقوق والحريات المنصوص عليها في اإلتتفاقيــة
األوروبية بشكل يناقض ما نصت عليه مختلف هذه اإلتفاقيات الدولية.
المقصود هنــا بــالنواة األساســية هي الحقــوق والحريــات الــتي عرضــنا لهــا في بدايــة هــذا المطلب ــ
المطلب الثاني ــ ،ونعني بها :الحق في الحاية (المادة ،)2ومنع التعذيب والعقوقبات أو المعامالت غــير
اإلنسانية أو المهنية (المادة ،) 3ومنع العبودية واإلسترقاق (الفقــرة األولى من المــادة ، ) 4وأخــيراً ال
عقوبة من دون قانون (المادة .)7
واليجوز المساس بهذه الحقوق والحريات والضمانات في أي حــال من األحــوال ،وال اإلعتــداء عليهــا
بأي شكل من األشــكال ،ومهمــا تعرضــت حيــاة األمــة للكــوارث أو األمن للتهديــد أو النظــام للخظــر ،فال
) ( 254محمد أمين الميداني ،الحماية الدولية لحقوق اإلنسان ،منشورات المركز العربي ،ستراسبورغ ،2018 ،ص .86
190
يجوز ذلك اإلعتداء على الحياة ،أو ممارسة التعذيب ،أو إسترقاق أو إخضاع أحد للعبوديــة ،أو محاكمتــه
بدون نص قانوني .ومن هنا جاء تسمية هذه الحقوق بإســم "النــواة األساســية" لحقــوق اإلنســان ،حيث
تتوسع إتفاقيات دولية أو إقليمية في تضمين هذه النـواة مجموعــة من الحقـوق والحريــات تزيــد وتنقص
حسب ما تضمنته من مواد وفقرات (.)255
ويجب أن نضيف أخيراً بأن كل طرف في اإلتفاقية األوروبية ،والذي يقوم بمخالفة الحقوق والحريات
التي تحميها هذه األخيرة ،وحسب مــا نصــت عليــه الفقــرة ( )3من المــادة ( ،)25عليــه أن يخطــر األمين
العام لمجلس أوربا باألسباب التي دعت لمخالفــة هـذه الحقــوق والحريــات واإلجــراءات المتخــذة في هـذا
الخصوص ،هذا من جهة .ويجب عليه من جهة ثانية ،إعالم األمين العام بتـاريخ توقـف هـذه اإلجـراءات
وعودة األمور الى مجراها الطبيعي ،ومن ثم تطبيق أحكام اإلتفاقية بشكل كامل(.)256
باإلضافة الى اإلتفاقيتين العامتين السابقتين ،فإنه توجد عدة إتفاقيات خاصة تهدف الى حماية حقــوق
معينة وهذه اإلتفاقيات األوروبية الخاصة هي:
.1إتفاقية حماية األفراد ،فيما يتعلق بالمعالجة التلقائية للبيانات الشخصية ،والتي أعتمدت
في 28يناير 1981م ،دخلت حيّز التنفيذ في فاتح أكتوبر 1985م.
* البروتوكول رقم ( )1إلتفاقية منع التعذيب والمعاملة أو العقوبةـ ألال إنسانية والمعنية لسنة
1993م ،المتلعق باإلنضمام لإلتفاقية من قبل دولة غير عضو في مجال أوروبا.
Alsonn. M ,The hiarchy if sources of international law, 47 Britishe Yearbook of international law Revue, ) ( 255
. 1980, p 123
) (256مراجع كال من:
ـ محمد أمين الميداني ،الحماية الدولية لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص .70
ــ عبدهللا خير الدين ،اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان ودورها في تفسير وحماية الحقوق والحريات األساسية لألفراد والجماعات ،الهيئة المصرية
العامة للكتاب ،القاهرة 1991 ،م ،ص . 106
191
* البروتوكول رقم ( )2إلتفاقية منــع التعــذيب والمعاملــة أو العقوبـةـ الال إلنســانية والمهنيــة
لسنة 1993م ،والمتعلق بالسماح ألعضاء لجنة منع التعــذيب من أن ينتخبــوا مــرتين ولكن ليس
لمدة أكثر من ست سنوات.
.4إتفاقية حول مشاركة األجانب في الحياة العامــة على المســتوى المحلــق لســنة 1992م،
والتي دخلت حيّز التنفيذ في فاتح من مايو 1996م.
.7الميثاق األوروبي للغات اإلقليمية ولغات األقليــة ،والــذي أعتمــد في 5نوفمــبر 1992م،
ودخل حيّز التنفيذ في فاتح مارس 1998م.
.12الإلتفاق التكميلي لتطبيق اإلتفاقية األوروربية لألمن اإلجتماعي ،والذي أعتمد في 14
ديسمبر 1972م ،ودخل حيّز النفاذ في فاتح ديسمبر 1977م.
.13الميثاق اإلجتماعي األوروبي (المعــدل) ،لســنة 1996م ،ودخــل حيّــز النفــاذ في 7ينــاير
1999م.
192
كما سبقت اإلشارة وبعد أن تطرقنا الى الحق وق السياس ية في الق انون ال دولي االوربي وال ذي
يبدو أنه قد نص على مجوعة من الضمانات الدولية في ه ذا المج ال س نحاول في الف رع الث اني
ابراز معالم الحقوق السياسية في القانون الدولي األمريكي لحقوق االنسان
خالفا ً للنظام األوروبي لحماية حقوق اإلنسان ،ال تملك الدول األمريكية ســوى منظمــة إقليميــة واحــدة
رئيســية ،وهي بالنتيجــة صــاحبة الــدور األكــثر أهميــة ومركزيــة في مجــال حمايــة حقــوق اإلنســان على
مستوى الدول األمريكية ،فالنظام األمريكي أو نظام الـدول األمريكيـة لحمايـة حقـوق اإلنسـان مرتبـط في
األسـاس بمنظمـة الـدول األمريكيـة الـتي أنشـأت سـنة 1948م ،وتتـألف المنظمـة اآلن من ( )35دولـة ،
ويستند نشاطها الخاص بحماية حقوق اإلنسان على دعامتين هما :ميثاق منظمة الدول األمريكية ذاتهــا،
واإلتفاقية األمريكية لحماية حقوق اإلنســان والــتي صــادقت عليهــا الى حــد اآلن من الــدول األعضــاء في
المنظمة ( )25دولة ،ويضاف الى هذين الصكين اإلعالن األمريكي لحقوق اإلنسان وواجباته الذي جــرى
إعتماده في مــؤتمر بوغاتــا ســنة 1948م ،أي في المــؤتمر ذاتــه الــذي أعتمــد فيــه ميثــاق منظمــة الــدول
األمريكيــة ،كمــا طــورت الــدول األمريكيــة نظامهــا المتعلــق بحمايــة اإلنســان من خالل إبــرام عــدد من
اإلتفاقيات الدولية األخرى في هذا المجال مؤكدة بذلك اهتمامها المتزايد بهاته الحقوق.
العنصر األول :اإلتفاقية األمريكية لحماية حقوق اإلنسان (ميثاق سان خوسيه )
لقد نص ميثـاق الــدول األمريكيــة على أن من أحــد المبــادئ الــتي تســير عليهــا المنظمــة وتلــتزم بهــا
األعضاء هو "إحترام الحقوق األساسية للفرد بدون تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو العقيد أو النوع"
.كمــا نص الميثـاق أيضـا ً على أن " كـل دولـة لهـا الحـق في أن تنمي بحريـة وبصــفة طبيعيـة ،حياتهـا
الثقافيــة والسياســية واإلقتصــادية ،وفي هــذه التنميــة الحــرة يجب على الدولــة أن تحــترم حقــوق الفــرد
ومبادئ األخالق العالمية(.)257
وكان من أهم األسس الرئيسية لهذه المنظمة اإلقليمية هو األخذ بمبدأ عدم التدخل( .)258وبما أن لهــذه
النصوص صــفة اإللــزام لجميــع الــدول األعضــاء في المنظمــة ،فهي تضــع إلتزامـا ً على الــدول األعضــاء
بإحترام حقوق األفراد.
193
وتجد المالحظة في هذا الصدد ،أن الميثاق لم يحدد على وجه اليقين ما هو المقصود بحقوق األفراد ،
إال أنه صدر عن المؤتمر الــذي أقــر ميثــاق المنظمــة "اإلعالن األمــريكي لحقــوق وواجبــات اإلنســان" ،
والذي يحدد بوضوح هذه الحقوق ،وذلك على النحو التالي:
منذ صدور اإلعالن األمريكي لحقوق وواجبات اإلنسان في 2مايو 1948م ،من قبل المــؤتمر الــدولي
التاســع للــدول األمريكيــة ،وجــد أنــه يتضــمن نطاق ـا ً واســعا ً من الحقــوق والواجبــات (مدنيــة وسياســية
وإقتصــادية وإجتماعيـة وثقافيـة) ،ويهـدف الى أن حمايـة البشــر ليس فقــط في حـاالت معيّنــه ،كمــا كـان
موجوداً في السالف ،ولكن في كل الحاالت وفي كل نــواحي النشــاط اإلنســاني ،ومن ثم فقــد نص اإلعالن
على الحقوق التالية " :الحق في الحياة ،والحرية ،وأمن الشخص ،والمساواة أمام القــانون ،والحــق في
اإلقامة والتنقل ،وفي المحاكمة العادلة ،والحماية من القبض التعسفي ،والحـق في الجنســية والشخصــية
القانونيــة ،واللجــوء ،وحريــة الــدين والتعبــير واإلجتمــاع وتكــوين الجمعيــات ،والحــق في التصــويت
والمشــاركة في الحكم ،والحــق في الشــكوى للســطة المختصــة ،والحــق في تكــوين أســرة ،والحــق في
الخصوصية ،والملكية والصحة والتعليم والثقافة ،والعمل وأوقات الراغ واألمن اإلجتماعي".
أما الواجبات فتشمل واجبات األفراد تجاه المجتمع وتجاه األطفال واألباء وفي تلقي الشــخص التعليم،
وأن يدلي بصوته ،وأن يطيع القانون ،وأن يخــدم الجماعــة واألمــة ،وأن يــدفع الضــرائب وأن يعمــل وأن
يحترم الرفاهية واألمن االجماعي واإلجتمــاعي ،وأن يمتنــع عن النشــاطات السياســية المحظــورة في أي
دولة أجنبية.
وفي البداية تم أقرار اإلعالن على أنه إعالن صادر عن مؤتمر غــير ملــزم ،أي ال أثــر لــه من الناحيــة
القانونية ،ثم وبأسلوب متدرج تغيّر الوضع القانوني لإلعالن األمريكي وأصبح ينظر إليه على أنه تفسير
المعتمــد للحقــوق األساســية للفــرد ،كمــا وردت في ميثــاق المنظمة( ، )259وبهــذا اإلطــار أقــر المحكمــة
األمريكية لحقوق اإلنسان برأي إستشاري لها أنه "بالنسبة للدول األعضاء في منظمــة الــدول األمريكيــة
فإن اإلعالن هو النص الذي يعرف حقوق اإلنســان المشــار إليهــا في الميثــاق ،أي أن اإلعالن يكــون هــو
مصدر اإللتزامات الدولية المتعلقة بالمنظمة".
لقد أصدرت منظمــة الــدول األمريكيــة اإلتفاقيــة األمريكيــة لحقــوق اإلنســان في ســان خوســيه في 22
نوفمبر 1969م ،وقد دخلت حيّز التنفيذ في 18يوليــو 1978م ،بعكس ميثــاق المنظمــة الــذي يعــد ملزمـا ً
لكل الدجول األعضاء ،فإن اإلتفاقية ملزمة فقط للدول األطراف فيه.
194
وتســتمد اإلتفاقيــة العديــد من أحكامهــا من اإلعالن األمــريكي لحقــوق اإلنســان وواجباتــه ،فضـالً عن
اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والعهدين الدوليين لحقوق اإلنسان لسنة 1966م (.)260
ولتحليل مضمون هذه اإلتفاقية واإلستثناءات الواردة فيها ،البد من الوقوف على مضــامين اإلتفاقيــة،
من خالل الفقرة األولى .وإمكانية التحلل من بعض أحكامها ،في فقرة ثانية .
تتضمن اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان ،وعلى غرار اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنســان ،مقدمــة
توضح بان حقوق اإلنسان األساسية مردها الى الصفات المييزة للشخصــية اإلنســانية ،فهي التسـتمد من
كون الشــخص مواطنـا ً والتســتمدج البتــة الى الجنســية ،وقــد أكــدت ديباجــة اإلتفاقيــة كــذلك على الطــابع
اإلحتيــاطي أو الفــرعي للحمايــة المقــررة بمقتضــاها ،فاإلتفاقيــة "تــدعم أو تكمــل الحمايــة الــتي توفرهــا
القواين الداخلية للدول األمريكية " .ويعالج الباب األول من اإلتفاقية واجبات الــدول األطــراف والحقــوق
المحمية (.)261
ونستطيع القول أن اإلتفاقية قد إعترفت بجهة الحقوق المدنية والسياسية ذات الحقوقو المعـترف بهـا
في اإلتفاقيات العالمية واإلقليمية األخرى ،ولكنها من جهة أخرى اعترفت بعدد من الحقوق الــتي لم يــرد
لها ذكر في اتفاقية األوروربية لحقوق اإلنســان والــبروتوكوالت الملحقــة بهــا من بينهــا :الحــق في عــدم
الخضوع للرقابة المسبقة على حرية الفكــر والتعبــير (المــادة ، )13الحــق في التصــحيح والــرد لكــل من
تأذى جراء أوقوال أو أفكار غير دقيقة أو جارحة نشرتها على الجمهور وســيلة إتصــال ينظمهــا القــانون
مستخدما ً وسيلة اإلتصال ذاتها وبالشروط التي يحددها القانون (المادة ،)14وحق المساواة بين األطفال
الذين يولدين ضــمن نطــاق الزوجيــة واألطفــال الــذين يولــدون خــارج الزوجيــة (المــادة ،)17كمــا أقــرت
اإلتفاقية الحق في جنسية ما ،وبحــق الفــرد في جنســية الدولــة الــتي يولــد فيهــا أذا لم يكن لــه الحــق في
جنسية أخرى (المادة .)20
وتغفل اإلتفاقية ،خالفا ً للعهــد الــدولي الخــاص في الحقــوق المدنيــة والسياســية ،اإلشــارة إلى حقــوق
الشعوب في تقرير المصير وإلى حقوق األقليات ،وقد أقرت الجمعية العامة لمنظمة الدول األمريكية ســنة
1989م إتفاقيــة خاصــة بحقــوق الشــعوب األصــليين .أمــام بالنســبة للحقــوق اإلقتصــادية واإلجتماعيــة
والثقافية ،فإنها توجب على الدول األطراف فيها إتخاذ التدابير التي تؤمن هذه الحقوق تدريجيا ً ،ولكنهــا
التحدد هذه الحقــوق ،وإنمــا تحيــل هـذا الخصــوص إلى ميثــاق منظمــة الــدول األمريكيــة المعـدّل بمــوجب
بروتوكول بيونيس آيرس (المادة .)26
) (260انظر نص اإلتفاقية في International Legal Materials (ILM) Vol 9, 1970 , p99
) (261تناولت اإلتفاقية في الباب الثاني منها $وسائل الحماية ،حيث يتضمن الباب المذكور األحكام الخاصة باللجنة الدولية لحقوق اإلنسان ومحكمة
الدول األمريكية لحقوق اإلنسان ،وهما الهيئتان اللتان عهدت إليهما اإلتفاقية بتشجيع $وحماية حقوق اإلنسان على صعيد القارة األمريكية.
195
وتقر اإلتفاقية بالعالقة القائمة بين حقــوق اإلنســان وواجباتــه ،ولهــذا تؤكــد المــادة ( )32على أن كــل
شخص مسؤول إتجاه أسرته ومجتمعه والبشرية جمعاء ،وأن حقوق كـل شـخص في مجتمـع ديمقـراطي
مقيّدة بحقوق األخرين ،وباألمن الجماعي وبالمتطلبات المصلحة العامة.
وتتضمن اإلتفاقية شرطا ً إصطالح على تسميته بالبند اإلتحادي أو الفيدرالي ،وبموجبـه يسـمح للـدول
اإلتحادية التي تصبح طرفا ً في اإلتفاقية أن تقصر إلتزامها على األحكــامـ الــتي تــدخل موضــوعاتها ضــمن
صــالحياتها التشــريعية والقضــائية (المــادة )28وقــد وضــع هــذا الشــرط بضــغط من الواليــات المتحــدة
األمريكية التي أوضحت في حينها أن مشاركتها في اإلتفاقية رهينٌ بإدراج نص كهذا في اإلتفاقية (.)262
وكخالصة فالمالحظــة المهمــة فيمــا يخص الحقــوق المحميــة ،فــإن اإلتفاقيــة األمريكيــة كاإلتفاقيــة
األوروبيــة ،كرســت نفســها لحمايــة الحقــوق المدنيــة والسياســية ،فلم تتعــرض للحقــوق اإلقتصــادية
واإلجتماعية والثقافية.
تُجيز اإلتفاقيــة لحقــوق اإلنســان ،وعلى شــاكلة اإلتفاقيــات الدوليــة األخــرى لحقــوق اإلنســان ،للــدول
األطراف في أوقات الحرب أو الخطر العام أو غيرها من الحاالت الطارئــة الــتي تهــدد إســتقالل الدولــة أو
أمنها أو ســالمة أراضــيها ،أن تتخــذ إجــراءات تحــد من إلتزاماتهــا بمــوجب اإلتفاقيــة ،ولكن فقــط بالقــدر
وخالل المدة اللذين تقتضيهما ضرورات الوضع الطارئ.
وعلى كل دولة قامت بهذا التحلل أن تعلم فوراً سائر الدول األطراف عن طريــق األمين العــام لمنظمــة
الدول األمريكية باألحكام التي علقت تطبيقها وأسباب ذلك التعليق والتاريخ المحدد إلنتهاءه (.)263
ولكن حق اإلسـتثناء اليشـمل هنـا مجموعـة كبـيرة من الحقـوق يتجـاوز عـددها الحقـوق الـتي يمتنـع
التحلــل منهــا بمــوجب اإلتفقايــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان والعهــد الــدولي الخــاص بــالحقوق المدنيــة
والسياسية ،كما اليجوز تعليق الضمانات القضائية الالزمة لحمايــة هــذه الحقــوق والــتي تشــمكل كــل من
الحق في الشخصية القانونية (المادة ،)3الحق في الحياة (المادة ،)4والحق في عــدم الخضــوع للتعــذيب
أو المعاملة لالإنسانية (المادة ،)5التحرر من العبودية (المــادة ،)6مبــدأ عــدم رجعيــة القوانيــة الجزائيــة
(المادة ،)9حرية الضمير والدين (المادة ،)12الحقــوق العائليــة (المـادة ،)17الحــق في اإلســم (المــادة
،)18حقوق الطفل على عائلته ومجتمعه ودولته (المادة .)19
196
وباإلضافة الى االتفاقية االمريكية لحقوق االنسان هناك اتفاقيات أخرى خاص ة ب إقرار حماي ة خاص ة
لهاته الحقوق وهو ما سنتطرق إليه في العنصر الثاني من هذه الدراسة.
إن النظام األمريكي المعاصر لحماية اإلنسان ليس مقصــوراً على اإلتفاقيـة األمريكيـة والـبروتوكولين
الملحقين بهــا ،بــل تبــني عــدداً من اإلتفاقيــات األخــرى تحمى الحقــوق اإلنســانية ألشــخاص معيــنين وفي
حاالت معيّنة والتي سوف نوضحها في الفقرات التالية :
فتحت هذه اإلتفاقية للتوقيع سنة 1985م ،ودخلت حيّز التفيذ في 28فبراير 1987م ،وتقوم اإلتفاقية
بتعريــف التعــذيب وتحــدد مســؤولية األفـراد الــذين يقومــون بــإقتراف هـذه الجريمــة ،وتقتضــي اإلتفاقيــة
بوجـوب قيـام الـدول بتـدريب ضـباط الشـرطة والمـوظفين العمومـيين اآلخـرين السـمؤولين عن حراسـة
الشــخاص بصــفة مؤقتــه أو المحــرومين من حــريتهم بصــفة نهائيــة من أجــل تحــريم إســتخدامـ التعــذيب
والقضاء ليه عند اإلستجواب أو اإلعتقال أوإلقاء القبض.
وتضمن الدول بموجب اإلتفاقية لكل شخص يــدعي بأنــه كــان ضــحية للتعــذيب داخــل نطــاق ســلطتهما
القضائية الحق في نظر حالته بشكل عادل ،وأجازت اإلتفاقية لهذا الشخص بعد إستنفاذ كــل طــرق الطعن
المحلية ،أن يلجأ الى المحاكم الدولية التي تعترف الدولة التي وقع التعذيب ضمن واليتها بإختصاصها.
تبنت الجمعية العامة لمنظمة الدول األمريكية هذه اإلتفاقية سنة 1994م ،ودخلت حيّز التنفيــذ في 28
مارس 1996م ،وأشارت اإلتفاقية الى أن اإلختفاء القسري لألشخاص يمثل إهانة للضمير وجريمــة ضــد
كرامة اإلنسان ،وأنه يتعارض مع مبادئ ميثاق منظمة الدول األمريكية وأهدافه.
إن توصيف اإلختفاق القسري لألشخاص في اإلتفاقية بأنه جريمة ضد اإلنســانية يتفــق تمام ـا ً مــع مــا
ورد في المـادة ( / 7ط) من النظــام األساسـي للمحكمــة الجنائيـة الدوليــة لســنة 1998م ،حيث عـد كـذلك
جريمة ضد اإلنسانية ،ولقد تم تعريف اإلختفاء القسري في المادة الثانية من اإلتفاقية بأنه:
"فعل حرمــان شــخص أو أشــخاص من حريتـه أو حـريتهم ،أيـا ً مــا كـانت ،يرتكبـه موظفـو الدولــة أو
أشــخاص الــذين يعملــون بتفــويض أو تأييــد أو موافقــة الدولــه .ويتبــع ذلــك إنعــدامـ المعلومــات أو رفض
اإلعتراف بذلك الحرمان من الحرية ،أو رفض إعطاء المعلومات عن مكان ذلك الشخص ،ومن تم إعاقــة
لجوئه الى الوسائل القانونية واجبة التطبيق ،واألمان اإلجرائية".
197
وقد تعهدت الدول األطــراف في اإلتفاقيــة بــأن التمــارس أو تــبيح اإلختفــاء القســري لألشــخاص حــتى
حاالت الطوارئ ،وتعهد كذلك بإتخاذ اإلجراءات التشريعية الهادفة الى تجريم اإلختفاء القسـري وفـرض
العقوبات المتناسبة مع خطورته الشديدة.
لم يقتصر االمر فقط على منظومة االتفاقيات الدولية ال تي خصص ت ح يزا مهم ا من الدراس ة للحق وق
االقتصادية بل نجد أن االمر كان محل نقاش مستفيض من قبل القانونين االفريقي والعربي لحقوق االنس ان
وهو االمر الذي يجعلنا نلقي نظرة عليه من خالل المطلب الموالي.
198
المطلب الثاني:
الى جــانب تســليط الضــوء على منظومــة اإلتفاقيــات الدوليــة اإلقليميــة في كــل من اإلتحــاد األوروبي
واإلتحاد األمريكي ،نود أيضا ً إبراز من جهة أخرى فلسفة وقيم حقوق اإلنسان عامة والحقوق السياسية
خاصة المتضمنة بكل من القانون الــدولي اإلقليمي اإلفــريقي (الف رع االول ) ،والقــانون الــدولي اإلقليمي
العربي (الفرع الثاني )
تعرضت القــارة اإلفريقيــة عــبر تاريخهــا لمآســي وويالت قــل نظيرهــا في التــاريخ ،فكــانت مرتعــا ً
لإلستعمال بأشد وأقصى صوره ،وكانت محجا ً للدول اإلستعمارية والشعوب البيضاء بغيـة الحصـول على
الرقيق والثروات.
ولهــذا يعتــبر ســجل هــذه القــارة في مجــال حقــوق اإلنســان واحــداً من أســوأ الســجالت على الصــعيد
العالمي ،إن لم يكن األسوأ على اإلطالق ،وذلك بســبب اإلنتهاكــات الواســعة لحقــوق اإلنســان ،كمــا أنهــا
عانت من نظم دكتاتورية طاغية وباطشة ،ولقد أنكرت الدول اإلستعمارية أبسط حقوق اإلنسان وحرياتــه
األساسية على مواطني القارة األفريقية ،على الرغم من أن اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان تجيز لكل
دولة أوروبية طرف فيها عنــد التصــديق أو في أي وقت الحــق ،أن تعلن بإخطــار يوجــه الى األمين العــام
للمجلس األوروربي إنطباق أحكامها على األقليم التي تتولى الدولة المذكورة مباشرة عالقاتها الدولية.
ويستشف من ذلــك ،أن الــدول األوروبيــة كــانت تنطلــق من أن اإلتفاقيــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان
التنطبق آليا أو تلقائيا على الدول اإلفريقيــة الخاضــعة حينــذاك إلســتعمارها وســلطانها ،فهي كــانت تأخــذ
بمفهومـ مزدوج وإنتقائي لحقوق اإلنسان رغم تأكيدها على عالمية هذه الحقوق.
فعلى المستوى السياسي مثلت اإلتفاقيـات الدوليــة اإلقليميـة إختالف الموجـود بين الشــعوب المنتميــة
منطقة جغرافية إقليمية دولية معيّنة ،كما شكلت نوعا ً من الخصوصية للــدول المنضــمة إليهــا ،أمــا على
المستوى المضمون ،فقد شكلت اإلتفاقايت الدولية اإلقليمية غناء وثراء على مستوى الحقوق والحريات
199
المقررة فيها وإختالفا ً تشريعيا ً حسب منظور الحكومات والمجتمعــات الــتي صــادقت على هــذا النــوع من
اإلتفاقيات ،فكان الميثاق اإلفريقي بمثابة الطوق الذي يضمن للشعوب اإلفريقي حقوق اإلنسان.
بعد إستقاللها ،أعطت الدول اإلفريقية قضايا األمن والتنميــة األولويــة على حقــوق اإلنســان وحرياتــه
األساسية ،إال أن ميثاق منظمة الوحدة اإلفريقية ،الــذي وقــع في أديس أبابــا في 25مــايو 1963م ،جــاء
مؤكداً على المبادئ التي تضمنها كالً من ميثاق األمم المتحدة واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان.
ويمكن القــول بــأن ظهــور فكــرة حقــوق واإلنســان والشــعوب في أفريقيــا مــا هي إال إنعكــاس طــبيعي
للتقالية اإلفريقية في مجال حقوق اإلنسان ،والتي لم تعبر عنها مواثيــق القــانون الــدولي العــام ،ولــذلك
أصبحت هناك حاجة إلبتكار صــبغة مناســبة لتعــبر عن المثــل والتقاليــة اإلفريقية( ،)264الــتي تتناســب مــع
تاريخ المجتمع اإلفريقي وظروفه الخاصة من اإلستعمار الذي التزال آثاره تقبــع في القــارة ،ومن تخلــف
إقتصادي ،ومن ناحية أخــرى يـرى البعض بــأن كثــيراً من الــدول اإلفريقيــة اليمكن أن توافــق على صــيغ
متطور ألساليب حقوق اإلنسان ،وان ميثاق افريقيا تتبع فيه اآلليات التي تتناسب مع التقاليــة واألعــراف
اإلفريقية ،وقد ينج أكثر من غيره في إصباغ الحماية على تلك الحقوق ،إال أن إلفريقيا مفاهيم خاصة بها
في مجال حقوق اإلنسان تعبر عنها في ميثاق حقوق خاص بها (.)265
ويمكن الحقــوق بـأن التطــورات الــتي أدت الى إقامــة تنظيمــات إقليميــة في أوروبــا وأمريكــا كــان لهـا
إنعكاسها على القارة اإلفريقيــة ،حيث عقــدت الــدول اإلفريقيــة بين ســنتي 1985م و 1962م سلســلة من
المؤتمرات قبل إنعقاد مــؤتمر (الجــوس) ســنة 1962م ،والــذي تمخض عنــه إقــتراح عمــل تنظيم إلدامــة
التعــاون الفــني واإلقتصــادي ،وقــد إقــترحت ليبيريــا عمــل إتفاقيــات إضــافية ذات طــابع سياســي تخللتهــا
إجتماعات سنوية لوزراء الخارجية ،وتعيين أمين عام دائم.
والجدير بالذكر أن كثير من المنظمات الدولية تستند على نص اإلعالن العالمي لحقوق اإلنســان (.)266
وتتضمن مبادئه المساواة في السيادة بين جميع الدول األطراف مع النص على عدم التــدخل ،طبق ـا ً لنص
) (264انظر على سبيل المثال:د .علي سليمان فضل هللا ،حقوق اإلنسان ،المجلد الثاني ،دار العلم للماليين ،بيروت1989 $،م ،ص .382
Rembe,N.S,African and Regional Protection of Human Right, Cooperation Centre, Inyernational ) ( 265
Commission of Jurists, Numan and People Rights in Africa and the African Charter, Genva, 1986,Gittelmen
Richard “the African charter on Human Rights”, 1982, p667
) ( 266د .وائل أحمد عالم ،اإلتفاقية الدولية لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص .133
200
المادة (/ 2ـ ) 7من ميثاق األمم المتحدة ،في أمورها الداخلية مع اإلهتمــام بتحريــر األراضــي اإلفريقيــة
التي التزال تحت اإلستعمار وإتباع سياسة عدم اإلنحياز وفتح باب العضوية أليــة دولــة إفريقيــة مســتقلة
ذات سيادة (المادة )4من الميثاق.
ويعد الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب حجر الزاوية في حماية حقوق اإلنسان في إفريقيا،
وقــد تم التوقيــع عليــه في 26يونيــو 1981م ،والــذي تتطلب تصــديق أغلب الــدول األعضــاء باإلتحــاد
اإلفريقي ،ودخل حيّز التنفيذ في شهر أكتوبر 1986م ،وقد صادقت عليه خمس وثالثون دولة (.)267
وتعد إتفاقيــة دوليــة ملزمــة قانونــا ً ( .)268حيث تنص المــادة األولى منــه على أن "تعــترف الــدول
األعضاء في اإلتحاد اإلفــريقي األطــراف في هــذا الميثــاق بــالحقوق والواجبــات والحريــات الــواردة فيــه،
وتتعهد بإتخاذ اإلجراءات التشريعية وغيرها من أجل تطبيقها".
وطبقا ً لهذا النص ،يجب على الدول األطراف في الميثــاق إتخــاذ إجــراءات تشــريعية وغيرهــا الكفيلــة
بتنفيذ الميثاق ،باإلضافة إلى ذلك ،يجب على الدول األطراففي الميثاق اإللتزام بما يلي:
ــ النهــوض بــالحقوق والحريــات الــواردة في الميثــاق وضــمان إحترامهــا عن طريــق التعليم
والتربية واإلعالم ،وإتخاذ التدابير التي من شــأنها أن تضــمن فهم هــذه الحريــات والحقــوق ومــا
يقابلها من إلتزامات وواجبات (.)269
ــ ضمان إستقالل المحاكم وإتاحــة إنشــاء وتحســين اآلليــات الوطنيــة المعنيــة بحمايــة حقــوق
اإلنسان والشعوب(.)270
ــ حظر إستخدام أراضيها كقواعد تنطلق منها األنشــطة التجريبيــة واإلرهابيــة الموجهــة ضــد
شعب أي دولة أخرى طرف في الميثاق (.)271
ــ تقديم تقرير كـل عـامين حـول التـدابير التشـريعية األخـرى الـتي تم إتخاذهـا بهـدف تحقيـق
الحقوق والحريات المنصوص عليها في الميثاق (.)272
ويتألف الميثاق من مقدمة وثمان وستين مادة ،ويختلف الميثــاق اإلفــريقي عن اإلتفاقيــات األوروبيــة
واألمريكية لحقوق اإلنسان في أكثر من مسألة :فهو يولي عناية خاصة بحقــوق الشــعوب ،كمــا ال يكتفي
بالمنــاداة بــالحقوق؛ بــل يهتم كــذلك بالواجبــات ،فهــو اليكــرس فقــط حقــوق األفــراد وإنمــا أيضـا ً حقــوق
الشعوب ،وهو أيضا ً ال يولي عنايـة بـالحقوق المدنيـة والسياسـية فقـط ،بـل؛ حـتى بـالحقوق اإلقتصـادية
) (267نفس المرجع أعاله ،ص .134
) (268المادة األولى من الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب.
) (269المادة 25من الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب.
) (270المادة 26من الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب.
) (271المادة 23من الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب.
) (272المادة 62من الميثاق اإلفريي لحقوق اإلنسان والشعوب.
201
واإلجتماعية والثقافيـة أيضـاً ،كمـا أن صـياغته تسـمح للـدول األطـراف بوضـع قيـود واسـعة على تنفيـذ
الحقوق المنصوص عليها.
وبالرجوع إلى المادة األولى من الميثاق نجد أن األطراف تتفــق على اإلعــتراف بــالحقوق والواجبــات
والحريات التي تشمله لتبقى اإلجراءات التشريعية لوضــعها موضــع التنفيــذ ،وقــد تطلب ذلــك النص على
عدم التميّز ،وكذلك قائمة بالمواد المتعددة المالمح وذلك على النحو التالي:
يغطي الميثاق الحقوق الثقافية واإلجتماعية واإلقتصادية والسياسية والمدنية ،وهذا ما يميّزه عن كالً
من ا إلتفاقيتين األوروبية واألمريكية ،ويعكس األهمية التي توليها الدول اإلفريقية لهذه القضايا.
يتضح من عنــوان الميثــاق أن نصوصــه التقتصــر على حقــوق اإلنســان ،بمعــنى حقــوق األفــراد من
الجنسين ،ولكنها تمتد الى حقـوق الشـعوب أو الحقـوق العامـة ،وحقـوق الجيـل الثـالث كمـا يطلـق عليـه
أحياناً.
يتضمن الميثاق النصوص التي تعبّر عن فكرة الحقوق العامة أو الجنس البشري الذي يمكنــه تحقيــق
قدراته كاملة عنما يكون عضواً في مجوعة ،وحين يرتبط ذلك بفكرة الحقوق العامة ،فغن من نتائجــه أن
الشخص له واجبات وحقوق في جميع المجتمع.
تشير مقدمة الميثاق الى فضائل التقاليد التاريخية اإلفريقيــة وقيم الحضــارة اإلفريقيــة الــتي ينبغي أن
تنبع منها وتتسم بها أفكار الدول اإلفريقية حول مفهوم حقوق اإلنسان والشعوب .كمــا أن الطريقــة الــتي
صيغت بها الحقوق والواجبات تعكس المكانة المهمة التي توليها الدول اإلفريقية لمسألة التضامن.
وتولي المقدمة كذلك عنايتها بالحق في التنمية ،إذ تعرب عن إقتناع الدول األعضاء في المنظمة بأنه
أصبح من الضروري كفالة إهتمام خــاص للحــق في التنميــة ،وبــأن الحقــوق المدنيــة والسياســية اليمكن
فصلها عن الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية سوا ًء في مفوهمها أو في عالميتها ،وبــأن الوفــاء
بالطائفة الثانية من الحقوق هو الذي يكفل التمتع بالطائفة األولى (.)273
أما بخصــوص الحقــوق المدنيــة والسياســية للفــرد المنصــوص عليهــا في الميثــاق اإلفــريقي لحقــوق
اإلنســان والشــعوب ،فقــد ورد التنصــيص عليهــا في المــواد من ( )3الى المــادة ( )16من الميثــاق ،حيث
تضمنت الحقوق والحريات اآلتية:
.Emmanuel Cardain, les Conventions Afrainnes des droits de l’Homme, Ed, LGDJ 2011, p 65-66 ) ( 273
202
الحق في المساواة وعدم التمييز ،الحق في الحياة والســالمة البدنيــة ،الحــق في الشخصــية القانونيــة
مع حظر كافة أشــكال اإلسـتغالل واإلمتهـان واإلسـتعباد والتعــذيب ،الحــق في الحريــة واألمن الشخصــي،
الحق في التقاضي ،قرينة البراءة المفترضة وعدم رجعية القــوانين الجزائيــة ،حريــة العقيــدة ،الحــق في
حرية التعبير عن الرأي والحصول على المعلومات ،الحق في تكوين الجمعيات واإلنضمام إليهــا ،والحــق
في اإلجتماع ،حرية التنقف ،الحق في اللجوء وفي عدم جواز طرد األجنبي الذي دخل بصفة قانونية الى
أراضي دولة ما طرف إال بموجب قرار مطابق للقانون ،وفي عدم جواز اإلبعاد الجماعي لألجانب والحــق
في المشاركة في إدارة الشؤون العامة والحق في الملكية.
وبالرغم من أن القائمـة السـابقة تحمـل تشـابها ً واضــحا ً لإلتفاقيـات اإلقليميــة األخـرى ،وكـذلك العهــد
الدولي للحقوق المدنية والسياسية ،وهذا بطبيعة الحال ليس بالصدفة ،إال أنه من الخطأ القول بأن تناول
ومعالجة تلك الحقوق في الميثاق اإلفـريقي يعــد مطابقـا ً للوثــائق الســابقة ،فعنــد إجــراء مقابنــة تفصــيلية
يمكن القول بموجود مالحظتين عامتين ،إحداهما توصي بمنح الميثاق واألخر بتنفيذه (.)274
فمن الواضح أن قائمة الحقوق المدنية والسياسية تتضمن جميع أنواع الحقوق التي تغطيها اإلتفاقيــة
األوروبية ما عدا "الحق في الزواج" وبعض الحقوق التي أضافها البروتوكول الثــاني "الحــق في إدارة
الشؤون العامة للبالد وحق الملكية وحق المشاركة في الحكومــة" ،والــتي التــزال في حاجــة لإلعــتراف
بها على الرغم من أن بعض الحقـوق غـير الموجـودة تنص عليهـا إتفاقيـات أخـرى ،ومن ثم فـإن تنـاول
اإلتفاقية األفريقية للحقوق المدنية والسياسية ال حدود له.
ويتمثل النقد في أنه بالمقارنــة بين تعريــف الحقــوق في الميثــاق اإلفــريقي والنصــوص المشــابهة في
المواثيق األخرى ،يتضح أن الميثاق اإلفريقي قد صيغ بطريقة من شأنها إيجاد صــعوبات وتتمثــل إحــدى
المشاكل في أن الحقوق المعنية في الكثير من القضايا تعرف بطريقة غــير مناســب .فمثالُ في المــادة ()4
والتي تتضمن إحترام حياة الشخص ثم تضيف بأنه ليس ألحــد أن يحــرم إجباريـا ً من هــذا الحــق ،وكــذلك
المــادة ( )6من الميثــاق تتضــمن الحــق في الحريةالشخصــية واألمن ،وتقــرر بأنــه ليس ألحــد أن يعتقــل
إجباريا ً ويحتجز .والسؤالـ الذي يتبــادر الى الــذهن والــذي لم يقــدم الميثــاق إجابــة عنــه مـاذا تعــني كلمــة
"إجباريا ً :في هذه النصوص؟.
هــذا باإلضــافة الى وجــود صــعوبة أخــرى وهي أن الميثــاق يســمح بتعــيين الحقــوق المكفولــة إال أنــه
ينطوي على عبارات بليغة وغالبا ً ما تضعف النص األصلي ،لذلك تشترط المـادة(/ 6ـ ) 2أن "لكـل فـرد
B.O. OKERE,The Protection of human Rights Africa and the African charter on Human and People’s Rights, ) ( 274
.A Comparative analysis with the European and American system, Human Rights Quarterly, VI, 1984, p141
203
الحق في التعبير عن رأية ونشره بمقتضى أحكام القانون" بينما المادة ( )8تقرر بأن لكل فــرد الحــق في
التعبير عن رأيه يشريطة أن يلتزم بالقانون.
ويمقارنة تلك الكلمات الوصفية بمثيالتها في اإلتفاقيات اإلقليمية األخرى ،فإننا نالحظ تناقضا ً واضحا ً
،ففي حين تسمح اإلتفاقيات األخرى بتعديل الحقوق فقط في ظــروف ص معينــة ،فــإن الميثــاق اإلفــريقي
يعرف الحق بالرجوع الى القانون الوطني ،لذلك فإن الحماية التي يقدمها الميثاق اإلفــريقي في نصوصــه
هي ضرب من الخيال الى أن تبدأ اللجنة في تطبيق نصوصه وتفســيرها بــالتطبيق لنص المــادة ( )60من
الميثاق اإلفريقي.
التملك القارة اإلفريقية مفهوما ً لحقوق اإلنسان مطابقا ً لــذلك المســتقر في الفكــر اإلوروبي .فــالمفهوم
األوروبي لحقوق اإلنسان المستند في األسـاس على فكـرة منح الفــرد حقوقـا ً في مواجهــة المجموعـة أو
السلطة السياسية ليس له وجــود في الثقافــة اإلريقيــة القليديــة ،حيث يــذوب الفــرد في الجماعــة ،فــالحق
يظهــر من خالل المجموعــة ويمــارس عبرهــا وفي إطــاره ( .)275ويــترتب على هــذا البعــد أو المفهــوم
اإلجتماعي للحق وجود حقوق للفرد وواجبــات ملقــاة على كاهلــه ،فــالتمتع بــالحقوق والحريــات يتضــمن
إنجاز واجبات على كل شخص .وبمعنى آخر فــإن للحقــوق وللحريــات حســب المفهــوم اإلفــريقي لحقــوق
اإلنسان طابعا ً وظيفيا ً أو تكليفيا ً ،فهو يرتب على عاتق الفرد تكاليف لصالح الجماعة (.)276
تأسيسا ً على الفكــرة الســابقة ،يغــدو طبيعيـا ً ومفهومـا ً أن يتضــمن الميثــاق اإلفــريقي خالفـا ً للصــكوك
الدولية واإلقليمية بإستثناء اإلعالن األمــريكي لحقــوق اإلنســان وواجباتــه ،واجبــات محــددة على األفــراد
نحو أسرهم ومجتماعتهم ودولهم ونحو المجتمع الدولي .وهي تتلخص في ممارســة الحقــوق والحريــات
القررة في الميثاق بصورة التضر بحقوق األخــرين وبــاألمن الجمــاعي ،وبــاألخالق وبالمصــلحة العامــة،
واجب المحافظــة على إنســجام وتطــور األســرة والعمــل من أجــل تماســكها واحترامهــا ،واجب إحــترام
الوالدين في كل وقت وإطعامهمـاـ ومســاعدتهما عنــد الحاجــة ،خدمــة المجتمــع الوطــني بتوظيــف قدراتــه
البدنية والذهنيه لهذه الغاية ،واجب عدم تعــريض أمن الدولــة الــتي هــو من رعايــا أو من المقيمين فيهــا
للخطر ،المحافظة على التضامن اإلجتماعي والوطني وعلى اإلستقالل الوطــني والعمــل بأقصــى القــدرات
واإلمكانيات ،دفع الشرائب ،المحافظة على القيم الثقافية اإلفريقية اإليجابية وتقويتها بروح من التسامح
F.Sudre,Existe-il un ordre public europeen in P. Tarernier,(Ed), Quelle Europe pour les droits, Bruxelles, ) ( 275
. 1996,OP.Cit, p103
) (276يقترب $هذا المفهوم لحقوق اإلنسان وحرياته من التصور اإلسالمي للحق عموماً ،ولحقوق اإلنسان على وجه التحديد ،وهو مفهوم تناوله
د.فتحي الدريني تناوالً عميقا ً في عدد من أعماله أهمها "الحق ومدى سلطات الدولة في تقييده $،بيرة مؤسسة الرسالة1997 ،م.
204
والحوار والتشاور ،اإلسهام بصــفة عامــة في اإلرتقــاء بســالمة أخالقيــات المجتمــع واإلســهامـ في تنميــة
الوحدة اإلفريقية وتحقيقها.
ومن المتوقع أن تستغل الدول هذه الواجبات لتعمد الى فرض قيود الحدود لها على الحقــوق المقــررة
في الميثاق .فالواجبات المشار إليها واسعة جداً ،مما قد تؤدي في الواقع الى تدمير الحقوق المقررة في
الميثاق .فنص المادة )029من الميثاق ،على ســبيل المثــال ،يقضــى في فقرتــه الرابعــة بوجــوب الحفــاظ
على التضامن اإلجتمــاعي والوطــني وتقويتــه خاصــة عنــدما يكــون عرضــة للخطــر ،قــد يفســر أو يطبــق
بصورة تعطل ممارســة الحقــوق الــواردة في الميثــاق بحجــة وجــود تهديــد يعـ ّرض التضــامن اإلجتمــاعي
للخطر.
إن المواد األساسية للميثاق اإلفــريقي تشــتمل على فقــرات "ترفيهيــة زائــدة" تســمح للدولــة أن تقيّــد
الحقوق الى الحد الذي يســمح بــه القــانون الــداخل( ، )277ومن الواضــح أن هــذه المعــايير الهاميــة للغايــة
التضع أي قيود خارجية على سلوك الدول رغم أن هذا هو هدف مواثيق حقوق اإلنسان.
والمادة السادسة الخاصة "بالحق في الحرية" هي خير مثال على ذلك ،فهي تنص على أن "لكل فرد
الحق في حريته وأمنه الشخصي ،واليجـوز حرمـان أي شـخص من حريتـه إال لألسـباب والشـروط الـتي
وضعها القانون من قبل" ،أو العبارة المشابهة مثل "داخــل القــانون" (المــادة )9أو شــريطة أن يلــتزم
بالقانون (المادة .)10
فمن المسلم به أن النص الذي يتعلق بحماية الفرد ،ولكن اليفعل ذلك إال بالقدر الذي يحظى بالحمايــة
به في ظل القانون الوطني ليس له قيمة كبيرة ،خاصة في الحاالت التي اليقدم فيها القانون الوطني ســبل
اإلنصاف الفعالة لإلنتهاكات.
فإذا سلمنا مثالً بأن الميثاق يهدف الى تقديم حقوق دولية أساسية ذات طابع خاص بها ،فإن المشــكلة
تصبح هنا مشكلة تعريف الحدود غير المعروفة حاليا ً لفقرات "الترفيهية الزائدة".
إن الميثاق اإلفريقي هو وثيقة سياسية فعالة ،وهو أيضا ً وثيقة قانونية ،حيث تعطي المادة () 3 / 45
اللجنة الصــالحية بتفســير الميثــاق ،كمــا "تســتقي اللجنــة إلهامهــا من القــانون الــدولي لحقــوق اإلنســان
والشعوب ،بصفة خاصة ،ومن نصوص الوثائق اإلفريقية المختلفة الخاصــة بحقـوق اإلنســان والشـعوب
وميثاق األمم المتحدة وميثاق اإلتحاد اإلفريقي ،واإلعالن العــالمي لحقـوق اإلنسـان والصـكوك والوثـائق
األخرى التي أصدرتها الدول اإلفريقية في مجال حقوق اإلنسان والشعوب ،وكــذلك من نصــوص الوثــائق
205
المختلفة الــتي صــدرت في إطــار الوكــاالت المتخصصــة الــتي تنتمي لعضــويتها الــدول األطــراف في هــذا
الميثاق(.)278
وإذا كانت بعض نصوص المواد األساسية للمثاق تفتقر الى الوضوح الكافي كي تكون محددة تمام ـا ً ،
فإن من المعقولـ أن تتجه الى غيرها من المعايير األكثر دقة التي لها نفس قوةاإللزام على الدول.
وبنــا ًء على مبــدأ القــانون الــدولي المعــروف بإســم " ( )279(" acte sunt servandaاإللــتزام
بالمواثيق والمعاهدات الدولية ) ،فإن اإلتفاقيات تكون ملزمة للدول التي تدخل فيهـا ،فعلى ســبيل المثــال
إذا كــانت إحــدى الــدول األطــراف في الميثــاق اإلفــريقي هي طــرف في العهــد الــدولي للحقــوق السياســية
والمدنية ،فإن المشتكي يستشهد بمواد القانون الواردة بالعهد ،وكـذلك أيضـا ً بنص الميثــاق ،ونجــد بـأن
"الحق في الحرية" الوارد بالعهد يقدم إجراءات للحماية أكثر تفصيالً من المادتين ( 6و )7من الميثــاق
على النحو التالي:
لكل شــخص الحــق في حريتــه وأمن شخصــه ،واليجــوز تعــريض أي شــخص للتوقيــف أو اإلعتقــال
العشوائي ،واليحرم أي شخص للتوقيف أو اإلعتقال العشوائي ،واليحــرم أي شــخص من حريتــه إال على
األسس التي تتفق مع اإلجراءات التي نص عليها القانون.
يتم إعالم أي شخص يتم إحتجازه ،عن أسباب هذا اإلحتجاز ،كمــا يوجــه بإبالغــه عن التهم الموجهــة
ضده.
يتم اإلسراع بمثول أي شخص أوقف أو تم إحتجازه بتهمة جنايــة أمــام إحــدى القضــاة أو المســؤولين
الذين منحهم القانون سلطة ممارسة اإلختصاص القضائي ،ويكون من حقه المحاكمــة خالل فــترة زمنيــة
معقــول أو أن يتم إطالق ســراحه فــوراً ،وليســت قاعــدة عامــة أن يتم إحتجــاز األشــخاص المنتظــرين
للمحاكمة في المعتقــل ،ولكن يجــوز إطالق ســراحهم بضــمانات حــتى يحضــروا المحاكمــة في أي مرحلــة
أخرى من مراحل اإلجراءات القضائية ،ولتنفيذ الحكم إذا تطلبت األمور ذلك.
من حق أي شــخص ســلبت حريتــه باإليقــاف أو اإلحتجــاز أن يتخــذ اإلجــراءات القضــائية أمــام إحــدى
المحاكم حتى تقرر هذه المحكمة على وجه السرعة مدى قانونية إحتجــازه ،أو أن تــأمر بــإطالق ســراحه
على الفور إذا كان اإلحتجاز غير قانوني .أي شخص وقع ضحية إيقاف أو إحتجاز غير قانوني لــه الحــق
في التعويض العادل.
206
إن نص المادة ( )9من العهد قد ينعكس على تفســير المــادتين ، 6ـ 7من الميثــاق ،وبهــذا يقــدم قيــداً
موضعيا ً على نشاط الدولة أكبر بعض الشيء من هـذا الــوارد في الصــياغة اإلفريقيــة بإســتثناء األســباب
والشروط التي وضعها القانون من قبل ،ويجب أن يطبق هذا التأثير بالمثل على الــدول اإلفريقيــة ســواء
كانت بنفسها طرفا ً في العهد الدولي أم ال ،وإال فسوف تضطر اللجنة إلى إيجاد معيار واحــد في الحــاالت
التي تكونف يها الدولة الموجهة إليها اإلهتمام طرفا ً في العهد (والذي يتم تفسير الميثــاق اإلفــريقي فيــه
على إعتبار إتفاقه مع العهد الدولي قدر المستطاع) ،وإيجاد معيار آخــر إذا كــانت الدولــة موضــع اإلتهــام
ليست طرفا ً في العهد الدولي ،وفي هذه الحالة يمكن إعتبار أن العهد ليس له تأثير على تفسير الميثاق.
وعلى كــل األحــوالـ يبــدو أن اإلشــارة إلى النصــوص ذات الصــلة والفقــه التشــريعي لصــكوك حقــوق
اإلنسان الدولية األخرى قد ساعد في تفسير اللجنة للميثاق فيما ورد في المادة (.) 3 / 45
وهناك مجال آخر يمكن أن يقوم فيه العهــد الــدولي للحقــوق السياســية والمدنيــة بــدور المكمــل لســبل
الحماية في الميثاق اإلفريقي ،وهو حالة إلغاء أو تقليل لضمانات خالل أوقــات الطــوارئ ،إذ أن الميثــاق
اإلفــريقي الينطــوي على أي نص من شــأنه الســماح بإلغــاء أو تقييــد الحقــوق ،ومن ناحيــة أخــرى ،فــإن
الفقــرات "الترفيهيــة" في العهديــد من المــواد تبــدو أنهــا تســمح بإلغــاء الحقــوق فعليـا ً من خالل وضــع
التشريعات الوطنية(.)280
وفي تفسير هذه القيود التشريعية يمكن للجنة اإلفريقية أن تشــير الى نص العهــد الــدولي الــذي يحــدد
األوضاع التي يوجد فيها إعالن رسمي "لحالة الطوارئ العامة التي تهــدد حيــاة األمــة" ( .)281والطبيعــة
الملزمة لحرية الضمير غير القابلة لإلنتقاص في ظل العهد الدولي ،على ســبيل المثــال :هي أكــثر حمايــة
من المادة ( )8من الميثاق التي تسمح بالقيود على حماية الضمير والدين تبعا ً للقانون والنظام(.)282
وفي ظل الطبيعة األولوية للمالحظات الواردة في هذا المطلب يتبقى لنا بحث األثر الذي ســوف تتمتــع
به مواثيق حقوق اإلنسان األخرى على الدور التفسيري الفعلي للجنة .إال أن توجيهات الميثــاق تقضــي
بــأن تســتقي اللجنــة إلهامهــا من اإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان وغــيره من مواثيــق حقــوق اإلنســان
الدولــةي األخــرى ،وإرتباطهـا بـاإللتزام العــام من الــدول باإلنصــياع لتزاماتهـا الدوليـة بمــا يتح الفرصـة
األكيدة للجنة للنظر في مصادرها وتفسير مواد الميثاق األفـريقي الـتي يمكن أن تكـون غـير واضـحة من
الوهلة األولى.
وفي مجال حماية اإلنسان يعكس الميثاق أفضـلية الوسـاطة والتوفيـق واإلصـالح والرضـى الجمـاعي
المتبادل في مقابل إجراءات المواجهة والعداء ،وتظــل اإلجــراءات المتخــذة بمــوجب الميثــاق وديــة حــتى
) (280د .الشافعي محمد بشير ،القانون الدولي العام في السلم والحرب ،نفس المرجع السابق ،ص . 56
) (281نفس المرجع السابق أعاله ،ص . 59
) (282نفس المرجع السابق أعاله ،ص . 60
207
تقرر جمعية رؤوساء الدول والحكومات التابعة لإلتحاد اإلفريقي "في إجتماعها الذي يعقد سنوياً" غــير
ذلك ،وعادة ما تكون قرارات الجمعية باإلجماع ،وفي مجال حيوي وهام كمجــال حقــوق اإلنســان اليمكن
لعقل أن يتوقع أن تتخلى الجمعية عن أسلوبها الجماعي أو حتى أن تقدم توصيات عامة الى الدول إال في
ظروف إستثنائية.
وإجماالً ،فإن النجاح األكبر للميثاق سوف يعتمد على الـدول اإلفريقيـة نفسـها ،واليملـك الفـرد إال أن
يأمل أن تكون هذه الدولة ،كما جاء في ديباجة الميثاق ،على يقين وقتنا من واجباتها في تعزيــز وحمايــة
حقوق وحريات الشعوب واإلنسان ،باإلضافة الى االتفاقيات السابقة ال ذكر نج د أن العناي ة بحماي ة حق وق
االنسان كانت محل نظر من قبل اتفاقيات أخرى هدفها األساس ي توف ير حماي ة قص وى لحق وق االنس ان
وهو االمر الذي حاولنا بيانه من خالل المحور التالي :
إال جانب الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب ،هناك عــدد من افتفاقيــات اإلفريقيــة الــتي تعــنى
بجوانب محددة مرتبطــة بحقــوق اإلنســان وحرياتــه األساســية ،ومن أهمهــا اإلتفاقيــات الناظمــة لجــوانب
معيّنة لمشاكل الالجئين في إفريقيا ،الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان ورفاهية الطفل ،ثم برتوكول بشــأن
حقوق اإلنسان.
.1فبالنسبة لإلتفاقية األولى ،فقد تم إعتمادهــا من قبــل مــؤتمر رؤوســاء الــدول والحكومــات
التابعــة لمنظمــة الوحــدة اإلفريقيــة في أديس أبابــا ســنة 1969م ،ودخلت حيّــز التنفيــذ ف 20
يونيو 1974م،وقد جاء إعتماد اإلتفاقية رداً على ظاهرة النزوح واللجــوء الــتي كــانت متفاقمــة
وشائعة في القارة اإلفريقية بسبب ممارسات اإلستبدادية التي كانت تميّز نظم الحكم في القارة.
وتعكس أحكام هــذه اإلتفاقيــة المختلفــة فلســفة ومبــادئ إتفاقيــة األمم المتحــدة الخاصــة بوضــع
الالجئ لسنة 1951م .وقد أكدت المادة ( / 8ـ ) 2من اإلتفاقية على هذه الحقيقةـ بإشــارتها إلى
أن اإلتفاقية اإلفريقية هي اإلتفاقية اإلقليمية الفعالة في أفريقا والمتممة إلتفاقيــة األمم المتحــدة
1951م ،بشان وضع الالجئ ،وقــد نصــت اإلتفاقيــة على "منح اللجــوء الى االجــئين هــو فعــل
سلمي إنساني ،واليجب أن تعتبر أي دولة عضو على أنه فعل معاد" (المادة .) 2 / 2
ولم تلزم اإلتفاقية الدول األطــراف بإســتقبال الالجــئين وتــأمين الملجــأ اآلمن لهم ،فمنح اللجــوء وفقـا ً
لنص المادة (/ 2ـ )1هو أمر إختياري وليس إجبارياً .وقد أكدت اإلتفاقية أيضا ً على التعــاون بين الــدول
األعضاء وبين مكتب األمم المتحدة للمفوضية السامية لالجئين المادة (.) 1/ 8
208
.2أما اإلتفاقية الثانية ،والتي هي الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان ورفاهية الطفــل ،فقــد
دخل هذا الميثاق حيّز التنفيذ في 29نوفمبر 1999م ،وهو يستلهم األحكامـ والمفاهيم والمبادئ
الواردة في إتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989م .ولقد أقــر الميثــاق بــأن وضــع األطفــالـ األفارقــة
خطير بسبب العواملـ الفريدة لظروفهم اإلجتماعية واإلقتصادية والثقافية ،والظــروف التقليديــة
واإلنماية السائدة في القارة ،والكوارث الطبيعية ،النزاعــات المســلحة ،واإلســتغالل والجــوع،
وبسبب عدم النضج البدني والعقلي للطفل ،مما يجعل هذه الطائفة من األفراد بحاجـة لضـمانات
ورعاية خاصة.
ولقد حددت اإلتفاقية مفهومـ الطفل بأنه كل إنسان لم يبلغ الثامنــة عشــر عمـاً ،وجعلت مصــالح الطفــل
المثلى في المكانــة األولى في كافــة األفعــال ذات الصــلة بالطفــل ،الــتي يتعهــد بهــا شــخص أو جهــة مــا.
وإنسجاما ً مع الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب ،أكد الميثاق اإلريقي لحقوق الطفــل ورفاهيتــه
على أن لكل طفل مسـؤوليات نحـو أسـرته ومجتمعـه ودولتـه والجماعـات األخـرى المعـترف بهـا قانونـا ً
والمجتمع الـدولي .وتشــعمل هـذه الواجبـات :إحـترام والديــه ومن هم أكــبر منزلــة منـه وكبـار الســن في
األوقات جميعها ومساعدتهم في حالة الحاجة ،خدمة مجتمعة المحلي وحفظ وتقوية التضامن اإلجتماعي
والقومي والقيم الثقافية اإلفريقية وتقوية وإستقالل وكرامة بالده(.)283
وتضمن الميثاق كذلك في المادة ( )22منه نصـا ً يقضـي بإنشـاء لجنـة خـبراء إفريقيـة بشـأن حقـوق
ورفاهية الطفل وهي تكون من إحدى عشر خبيراً من ذوي المكانة األخالقية العالية واإلستقامةـ والنزاهة
والتخصص في مسائل حقوق ورفاهية الطفل .وإجتمعت اللجنة ألول مــرة في ســنة 2002م ،وهي تتمتـع
بصالحيات واسعة لتشيجع وحمايــة الحقــوق المعــترف بهــا في الميثاقــة ،وخالفـا ً للجنــة حقــوق اإلنســان
التابعة لألمم المتحدة ،تتمتع اللجنة اإلفريقية لحقوق ورفاهية الطفل بصالحية إســتقبال وتلقي إلتماســات
وتبليغات فردية يجري التعامل معها بسرية تامة ( .)284هذا وتنشــر التقـارير الـتي تصــدرها اللجنـة بشـأن
هــذه التبليغــات على نطــاق واســع في أراضــي الــدول األطــراف في الميثــاق وتكــون متاحــة للعمــوم أو
للجمهور.
واإلتفاقية الثالثة تهتم برتوكول بشأن حقوق النساء ،وقد إعتمدته اللجنــة اإلفريقيــة لحقــوق اإلنســان
كمشــروع بروتوكــول بشــأن حقــوق النســاء ،وقــد أحيــل في حينــه لمنظمــة الوحــدة اإلفريقيــة لمناقشــته
وإقراره ،ويهدف المشروع في الواقع الى تكريس مبادئ مؤتمر بكين وخطــة العمــل الي تبناهــا المــؤتمر
المذكور بشأن حقوق المرأة .وإذا ما أقر اإلتحاد اإلفريقي ،الذي حل محل منظمة الوحدة ،هــذا المشــروع
) (283د .محمد يوسف علوان ،ود .محمد خليل الموسى ،القانون الدولي لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 221
) (284د .محمد يوسف علوان ،ود .محمد خليل الموسى ،القانون الدولي لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 222
209
قإنه سيخضع لرقابة أجهزة وهيئات حقوق اإلنسان الموجودة ،فهو اليتضمن إنشاء جهاز مســتقل معــني
بتنفيذه واإلشراف على تطبيقه.
بعد أن خصصنا بالبحث و الدراسة الحق وق السياس ية في الق انون ال دولي االف ريقي من خالل الميث اق
االفريقي ،نشأته وكذا الحقوق محل الحماية ،باإلض افة الى الواجب ات المق ررة في الميث اق س نحاول في
فرع ثاني أن نتناول الحقوق السياسية في القانون الدولي العربي لحقوق االنس ان باعتب اره تض من حماي ة
خاصة لهاته للحقوق .
أما بالنسبة للقانون الدولي العــربي لحقــوق اإلنســان وبــاألخص في الحقــوق السياســية ،فقــد صــدرت
العديد من اإلتفاقيات الدولية بين الدول العربية ،وكانت هذه اإلتفاقيات تهدف بالدرجة األولى الى تحقيــق
التضامن العرب في المجـاالت المختلفـة ،ومـا تضــمنته هـذه اإلتفاقيـات هـو تقريـر عـدة حقــوق متنوعــة
لإلنســان في البالد العربيــة ،وســوف نعــرض في هــذا الفــرع ألهم هــذه اإلتفاقيــات والــبروتوكوالت على
الشكل اآلتي في العناصر التالية:
لقد صدر بروتوكول اإلسكندرية في 7أكتوبر 1944م ،وتضمن الدعوة الى أحد الحقــوق اإلجتماعيــة
الهامـــة ،وهـــو الحـــق في الســـلم ،من خالل رفض اإلحتالل وتأييـــد الحقـــوق المشـــروعة للشـــعوب في
اإلستقالل ،كما تضــمن أيضـا ً قــراراً خاصـا ً بفلســطين جــاء فيــه "أن فلســطين ركن مهم من أركــان البالد
العربيــة ،وأن حقــوق العــرب اليمكن المســاس بهــا من غــير إضــرار بالســلم واإلســتقرار في العــالم
العربي(.)285
كما أن التعهدات التي إرتبطت بها بريطانيا بوقف الهجرة اليهودية والمحافظة على األر اضي العربية
والوصول إلى إستقالل فلسطين هي من حقوق العرب الثابته التي تكــون المبــادرة الى تنفيــذ خطــوة نحــو
الهدف المطلوب وإستتباب السلم وتحقيق اإلستقرار.
) (285د .وائل عالم ،اإلتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص 162
210
في ظل إهتمام جامعة الدول العربية بـالنص على حقـوق اإلنسـان في المعاهـدات الـتي أصـدرتها وفي
إنشــائها للجنــة الدائمــة لحقــوق اإلنســان ،إال أن الحاجــة لوجــود معاهــدة أو ميثــاق ملــزم شــامل لحقــوق
اإلنسان ظلت مستمرة ومن هنا بدأت جهود الجامعة العربية إلصدار ميثاق عربي لحقوق اإلنسان.
لقد سبق ظهور هذا الميثاق ،والذي وافق عليه مجلس جامعة الـدول العربيـة سـنة 1994م ،عـدد من
المبادرات والمحاوالت التي كانت تسعى إال إخراج هذا الميثــاق إلى حيّـز الوجــود ،وســوف نحــاول إلقــاء
الضوء على تلك المبادرات األربع على التوالي:
أوالً :المبــادرة األولى والــتي بــدأت مــع فكــرة وضــع هــذا الميثــاق ســنة 1969م ،حيث قــام
مجلس الجامعة بإصدار القرار رقم ( )2486بتــاريخ 16مــارس 1969م ،والقاضــي بالموافقــة
على إعالن قــرارات المــؤتمر العــربي لحقــوق اإلنســان (بــيروت ــ ديســمبر 1968م)( )286الــتي
تتضمن دعوة األمانة العامة لجامعة الدول العربية الى إتخاذ اإلجراءات إلنعقاد اللجنــة العربيــة
لمتابعة تنفيذ هذه القرارات ،ودون الدخول في تفصيالت تلك اإلجـراءات ،فـإن الــذي حـدث هـو
أن مجلس جامعة الدول العربية قد شكل في سبتمبر 1970م ،لجنة من الخبراء إلعداد مشروع
اإلعالن ( ،)287وطلب أن يتم ذلــك من خالل ســتة أشــهر كحــد أقصــى لإلنتهــاء من المشــروع
وإحالته للدول األعضاء ،وبالفعــل إجتمعت هــذه اللجنــة في األمانــة العامــة للجامعــة في الفــترة
مكن ابريل حتى يوليو 1971م ،وانتهت اللجنة الملكلفة بوضــع المشــروع في يوليــو من نفس
السنة ،وقامت األمانة العمة بتعميم المشـروع على الـدول األعضاءــ وقـد ردت دول قليلـة على
المشروع وسلمت تعليقاتها ،بينما لم ترد دول أخرى( ،)288إال أن المادة األخيرة منه قــد أفســدت
كل ما جاء وتضمنه اإلعالن من حقــوق ،حيث أعطت الحكومــات العربيــة الحــق في التحلــل من
كل الحقوق التي أوردها اإلعالن ،وذلك أثناء حاالت الطوارئ بدون ضوابط أو معايير ،وانتهى
هذا المشروع عند هذا الحد ولم يظهر الى حيّز الوجود(.)289
ثانيا ً :المبادة الثانية ،فقد كانت سنة 1981م ،عنــدما عهــدت األمانــة العامــة لجامعــة الــدول
العربية لمجموعة من الخبراء في القانون الدولي العام بمهمة إعداد المشروع ،وبالفعــل قــامت
اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنســان بإعــداد مشــروع الميثــاق العــربي من خالل دورتين لهــا
إنعقدتا في شهر مايو ويونيو سنة 1982م.
) (286د .وائل عالم ،اإلتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 177
) (287قرار مجلس جامعة الدول العربية رقم . 3 / 2668
) (288مما تجدر اإلشارة إليه بأن هذا اإلقتراح ك$ان مق$دما ً من جمعي$ة حق$وق اإلنس$ان ب$العراق س$نة 1970م ،الى اللجن$ة اإلقليمي$ة الدائم$ة لحق$و
اإلنسان والخاص بإصدار إعالن عربي لحقوق اإلنسان تمهيداً إلبرام إتفاقية عربية وإنش$$اء محكم$$ة عربي$$ة لحق$$وق اإلنس$$ان(.أنظ$$ر :د .أحم$$د ج$$اد
منصور ،حقوق اإلنسان في ضوء المواثيق الدولية واإلقليمية ،مطبعة كلة الشرطة ،مصر 2004 ،م ،ص .)103
) (289أحمد شريف بسيوني ،حقوق اإلنسان في ضوء اإلتفاقيات العربية لحقوق اإلنسان،دار النهضة العربية،مصر2002 ،م ،ص .76
211
وفي 31مارس 1983م ،أصدر مجلس الجامعة قراراً بإحالــة المشــروع الى الــدول األعضــاء إلبــداء
مالحظتهــا على المشــروع .وقــد أدخلت اللجنــة بعض التعــديالت على الــدول إال أنــه تم تأجيــل البت في
المشروع ،ريثما تنتهي منظمة المؤتمر اإلسالمي من دراسة المشروع بنــا ًء على مالحظــات على بعض
حقوق اإلنسان في اإلسالم.
وفي سنة 1994م ،قامت لجنة خاصة بإعادة النظر في المشروع مسترشدة بــإعالن القــاهرة لحقــوق
اإلنسان في اإلسالم الصـادر عن منظمــة المــؤتمر اإلسـالمي سـنة 1990م ،وأعـادت صــياغته في ضــوء
مالحظات ومقترحات الدول األعضاء.
وفي 15سبتمبر 1994م ،صادق مجلس الجامعة على الميثاق العربي لحقــوق اإلنســان( )290بإســتثناء
سبع دول عربية ،وقرر المجلس تخويل األمين العام مهمة دعوة الدول العربيــة للتوقيــع والتصــديق على
الميثـاق العـربي لحقـوق اإلنسـان ،ويعتـبر هـذا القـرار خطـوة جـادة لإللتحـاق بـركب المنظمـات الدوليـة
واإلقليمية التي سبقت الجماعة في مجال حقــوق اإلنســان ،ويتكــون الميثــاق الــذي أعــد في إطــار جامعــة
الدول العربية على التفصيل الذي ألمحنا إليه من ديباجة وثالث وأربعين مادة موزعة على أربعة أقســام،
حيث تنص المادة ( / 42ب) منه على أن "يدخل هذا الميثــاق حيّـز النفــاذ بعــد شــهرين من تــاريخ إيــداع
الويثقة للتصديق أو اإلنضمام السبعة لدى األمانة العامة لجامعة الدول العربية".
وبنا ًء على ذلك ،فهذا الميثاق ليس لــه أيــة صــفة تنفيذيــة حــتى اآلن وذلــك لعــدم التصــديق عليــه من
جانب السبع الدول العربية ،هي :عمان ،قطر ،السودان ،الكويت ،السعودية(.)291
ثالثا ً :المبادرة الثالثة ،وهي المبادة التي هيئ فيها مشــروع ميثــاق حقــوق اإلنســان والشــعب
في الــوطن العربيــة ســنة 1986م ،وكــان بنــا ًء على دعــوة المعهــد الــدولي للدرســات العليــا في
العلوم الجنائية المنعقدة في مدينة ســيراكوزا بإيطاليــا في الفــترة من ( 5الى 12ديســمبر ســنة
1986م) المسمى بمؤتمر الخبراء العربي وذلك للنظر في وضع مشروع ميثاق حقوق اإلنسان
) (290قرار مجلس جماعة الدول العربية رقم ( )5437في الدورة ، 102المنعقدة بتاريخ 15/9/1994م ،وقد أبدت بعض الدول تحفظاتها على
الميثاق ،كالسودان ،ودول الخليج العربي ،على النحول التالي:
ــ اإلمارات العرية المتحدة ،ترى أن الميثاق العربي لحقوق اإلنسان يجب أن يتماشى في روحه ومراميه مع إعالن القاهرة لحقوق اإلنسان في
اإلسالم.
ــ دولة البحرين ،ترى تأجيل بحث هذا المضووع لحين البت في مشروع اإلعالن العربي لحقوق اإلنسان من قبل وزراء العدل العرب ،ونفس
الموقف عند دولة الكويت.
ــ سلطنة عمان تتحفظ على الميثاق العربي لحقوق اإلنسان وال توافق عليه.
ــ دولة قطر تتحفظ على البنود التي ترى أنها تتعرض مع ما نصت عليه الشريعة اإلسالمية وروح إعالن القاهرة ،كما تتحفظ على حكم المادتين (
14و ) 29لتعارضها مع التشريعات المعمول بها في دولة قطر.
ــ السعودية صادقت على إعالن القاهرة لحقوق اإلنسان في اإلسالم الذي كان حصيلة جهود علماء وخبراء في العالمين العربي واإلسالمي ،ولذلك
إلتزمت به وترى أنه تضمن حريات اإلنسان األساسية.
) (291أنظر أحمد يوسف البرعي ،التصور العربي تجاه مواثيق $حقوق اإلنسان ،مجلة السياسة الدولية ،العدد ،1989 ، 96ص .70
212
والشعب في الوطن العربي سنة1986م ،حيث حضر المؤتمر عدد من الخبراء العرب ،من أهــل
الذكر والقانون ،من إحدى عشر دولة عربية(.)292
وقد كــان أمــام المــؤتمر العديــد من الوثــائق الدوليــة لحقــوق اإلنســان في مقــدمتها مشــروع الميثــاق
المصري لحقوق اإلنسان الذي تم إعـداده في إطـار جامعـة الـدول العربيـة ،وكـذا العهـد الـدولي للحقـوق
المدنية والسياسية ،والعهد الدولي للحقوق اإلجتماعية واإلقتصادية والثقافية ،وكافة اإلتفاقيات وإلعالن
العالميــة لحقــوق اإلنســان ،واإلتفاقيــات اإلقليميــة لحقــوق اإلنســان وفي مقــدمتها اإلتفــاقيتين األوروبيــة
واألمريكيــة والميثــاق اإلفــريقي لحقــوق اإلنســان والشــعوب ،والبيــان العــالمي عن حقــوق اإلنســان في
اإلسالم ،وإعالن (دكا) الصادر عن منظمة المؤتمر اإلسالمي(.)293
وقد خلص المؤتمر في نهاية جلساته الى إصدار مشروع ميثاق حقــوق اإلنســان والشــعب في الــوطن
العربي الذي يتكون من ديباجة وخمس وستين مادة ،موزعة على أربعة أبواب ،والتي أرسلت نســخا ً من
ذلك المشروع الى الدول العربية والجامعة العربية على أمل أن تتبنى الدول العربيــة هــذا الميثــاق ،إال أن
ذلك لم يتحقق حتى االن ،ومن ثم فإن هذا المشروع ليست له صفة اإللزام بسبب أنه لم يؤخذ به (.)294
رابعا ً :المبادرة الرابعة ،لقد سبق أن ذكرنــا أن مجلس جامعــة الــدول العربيــة قــد إعتمــد في
15سبتمبر 1997م ،بقــرار مجلس الجامعــة رقم ( )5427إال أنــه لم يتحقــق ،وباإلضــالع على
نصــوص مــواد هــذا المشــروع يتــبين أنــه عبــارة عن ( )43مــادة ،حيث قــامت اللجنــة العربيــة
لحقوق اإلنســان بجامعــة الــدول العربيــة بتــاريخ 29مــارس 2004م ،بتجديــد الــدعوة إلعتمــاد
الميثاقة العربي ،والذي يتكون أيضا ً من ( )43مادة ( ،)295وهو نفس المشروع السابق الــذي لم
يتم التصــديق عليــه ،وقــد ذكــرت اللجنــة بــأن هــذا المشــروع ينــاظر اإلتفــاقيتين األوروبيــة
واألمريكية لحقوق اإلنسان ،وقد أكدت ذلك من خالل إشتراكها مع المفوضــية الســامية لحقــوق
اإلنسان لألمم المتحدة ،وقــد أفــاد أحــد المقــررين باللجنــة بــأن هــذا الميثــاق الجديــد يعــد وثيقــة
إقليمية والذي لم يدخل حيّز التنفيـذ بعـد إصـداره منـذ ( )21سـنه ،وهـو يتضـمن مجموعـة من
الحقوق والمبادئ اللصيقة باإلنســان والحريــات العامـة ،وقــد فـرق هــذا المشـروع الجديــد بين
الحقوق الفردية لإلنسان ،وهو ما سنحاول تبيانه في الفقرة األولى ثم نص ثاني ـا ً على الحقــوق
الجماعية للشعب ،وسنعرض للحقوق محل الحماية لهذا المشروع الجديد في الفقرة الثانية .
) (292هذه الدول هي :المغرب ،فلسطين ،تونس ،الجزائر ،السودان ،سوريا ،األردن ،السعودية ،ليبيا ،لبنان ومصر).
) (293إعالن "دكا" كان محاولة أولى من جانب منظمة المؤتمر اإلسالمي في مجال حقوق اإلنسان ،وقد صدر فيما بعد إعالن القاهرة حول حقوق
اإلنسان سنة 1990م.
) (294أنظر نص مشروع $ميثاق $حقوق اإلنسان والشعب في الوطن العربي ،ص ( 300ــ ،)312كما أصدر المعهد الدولي للدراس$$ات العلي$$ا في
العلوم الجنائية مشروع إتفاقية عربية لمنع التعذيب والماملة الالإنسانية أو المهينة.
) (295بخصوص الموادة ( ،) 43أنظر الشبكة الدولية للمعلومات على موقع جامعة مينوسوتا ،مكتب حقوق اإلنسان على الرابط التالي:
www.umn.edu/human.rts
213
الفقرة األولى :مبادئ ومضامين الميثاق العربي لحقوق اإلنسان
تؤكد ديباجة الميثاق على خصوصية حقوق اإلنسان في الوطن العــربي ،فهــو مهــد الــديانات ومــوطن
الحضارات التي أكدت على حق اإلنسان في حياة كريمة على أســس من الحريــة والعــدل والســالم ،كيــف
ال؟! ،وقد أعز هللا منذ بدء الخليفة اإلنسان وأكد كرامته ،وتشير الديباجة أيضا ً ال المبادئ الخالدة للــدين
بين البشر ،وأكدت كذلك الديباجة على حق الشعوب في تقرير مصييرها وعلى السـيادة الدائمـة للشـعوب
على مواردها الطبيعية.
ولم تغفــل الديباجــة اإلشــارة الى ســيادة القــانون وإلى أن احــترام حقــوق اإلنســان هــو معيــار أصــالة
المجتمع .وأدانت الديباجة العنصرية والصهيونية اللتين تشكالن إنتهاكـا ً لحقــوق اإلنســان وتهــديا ً للســلم
واألمن الــدوليين ،وقــد أبــرزت بوضــوح أهميــة مبــادئ ميثــاق األمم المتحــدةوافعالن العــالمي لحقــوق
اإلنسان ،وأحكامـ العهدين الدوليين لحقوق اإلنسان وإعالن القاهرة حول حقوق اإلنسان في اإلسالم.
ومن الملفت للنظر هنا ،أن ديباجة الميثاق تؤكد على أحكــام العهــدين الــدوليين لحقــوق اإلنســان على
الرغم عن عدم تصــديق عـدد البــأس بــه من الدولــة العربيــة عليهــا ،فالــدول العربيــة الــتي صــادقت على
العهدين هي ( )14دولة ،كما أنها تؤكد على مبادئ اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،وعلى الـرغم أيضـا ً
من الموقف المتحفظ لبعض الدول العربية من أحكام هذا اإلعالن.
أما التأكيد على القيم اإلسالمي ،فيبد أنه كان بقصــد إرضــاء اإلتجاهــات المحافظــة في العــالم العــربي،
بينما جاء التأكيد على اإلعالن العالمي والعهدين الدوليين لحقوق اإلنســان إرضـاء وإسـتمالة لإلتجاهــات
الحديثة والتقدمية وإستجابة لضغط دولي واسع.
وجاءت الديباجة متضمنه أفكــاراً ال صــلة لهــا في الواقــع بحقــوق اإلنســان مثــل دور العــرب في نشــر
مراكز العلم بين الشرق والغرب وإيمان الوطن العربي بوحدته ،ولعل اإلشارة الى أفكار كهذه تفســر على
أنها تعبـير عن رغبـة العـرب في التأكيـد على دورهم األممي والحضـاري .ولكن أفكـاراً كهـذه في الواقـع
التقدم والتؤخر شيئا ً على صعيد الحماية القانونية لحقوق اإلنسان.
إجماالت يمكن القــول بــأن الميثــاق العــربي لحقــوق اإلنســان والشــعب قــد فــرق بين الحقــوق الفرديــة
والجماعية ،فقد نص أوالً على الحقوق الفردية لإلنسان ،ثم نص ثاني ـا ً على الحقــوق الجماعيــة للشــعب،
وهذه الحقوق يمكن تقسيمها الى ثالثة فئات ،فئة الحقوق الفردية ،فئة الحقوق الجماعيــة ثم فئــة حقـوق
التضامن ،وهي كالآلتي:
214
أوالً :فئة الحقوق الفردية
يؤكد الميثــاق العــربي عــل مبــدأ المســاواة وعــدم التميــيز ،فقــد إحتــوت مقدمتــه على عبــارات مثــل
"المساواة والتسامح بين البشر" و "تكافؤ الفرص" .وجــاءت المــادة الثالثــة من الميثــاق المعــدل أكــثر
وضــوحا ً في هــذا الشــأن ،فهي مثلهــا مثــل المــادة الثانيــة في العهــدين تؤكــد على مبــدأ المســاواة وعــدم
التمييز ،ولكنها فضالً عن المبدأ العام توجب أيضا ً كفالة تساوي الرجال والنساء على غرار المادة الثالثة
من العهدين ،عليه فقد جاءت صياغة المادة الثالثة من الميثاق بالصيغة اآلتية:
"تتعهد كل دولة طرف في هذا الميثاق بأن تكفل لكــل شــخص خاضــع لواليتهــا حــق التمتــع بــالحقوق
والحريات المنصوص عليها في هذا الميثاق ،دون تمييز بسبب العرق أو اللون ،أو الجنس ،أو اللغة ،أو
المعتقد الديني أو الرأي أو الفكــر ،أو األصــل الوطــني ،أو اإلجتمــاعي ،أو الــثروة ،أو الميالاد أو اإلعاقــة
البدنية أو العقلية"(المادة .) 1 / 3
واســتطردت المــادة المــذكورة في فقرتهــا الثالثــة في هــذا األمــر ،فأشــارت الى أن" :الرجــل والمــرأة
متساويين في الكرامة اإلنســانية والحقــوق والواجبــات ،في ظــل التميــيز اإليجــابي الــذي أثرتــه الشــريعة
اإلسالمية والشرائع السماوية األخرى والتشريعات والمواثيق النافذة لصالح المرأة.
وتتعهد تبعا ً لذلك كل دولة طرف بإتخاذ كافة التدابير الالزمة لتأمين تكافؤ الفرص والمســاواة الفعليــة
بين النساء والرجال في التمتع بجميع الحقوق الواردة في هذا الميثاق".
فالميثاق يؤكد على مبدأ تساوي الرجال والنساء في الحقوق المحمية بموجبه ولكنه مع ذلــك يتضــمن
صياغات تفضي الى تناقش يصعب فهمه أو تفسيره على نحو يؤدي معنى محدداً ودقيق ـاً .فهــو من جهــة
يؤكد على المساواة بين الرجال والنساء ،إال أنه من جهة أخرى يشير الى فكرة "التمييز اإليجابي".
وهي فكرة تستبعد المســاواة القانونيــة التامــة بين الرجــال والنســاء والتتفــق مــع الفكــرة الســائدة في
اإلتفاقيات الدولية المتعلق بحقوق المــرأة الــتي تجعـل من التميـيز اإليجــابي" أمـراً مؤقتـا ً لحين التوصـل
تدريجيا ً الى المساواة التامة بين الرجال والنساء(.)296
وعلى خالف العهــد الــدولي الخــاص بــالحقوق المدنيــة والسياســية ،وكمــا هــو متوقــع ،جــاء الميثــاق
العــربي لحقــوق اإلنســان خالي ـا ً من النص على تســاوي حقــوق الزوجيــة ووجباتهــا خالل قيــام الــزواج
وإنحالله .ولقد نصت المادة ( ) 1 / 32من الميثاق على أن "للرجل والمرأة إبتداء من بلوغ سن الزواج
حق الزواج وتأسيس أسرة وفق شروط وأركان الزواج ،وال ينعقد الزواج إال برضا الطرفين رضـا ً كــامالً
) (296تنص المادة ( )4/1من إتفاقية القضاء على جميعه أشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1979م ،على" :ال يعتبر $إتخ$$اذ ال$$دول األط$$راف ت$$دابير
خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييزاً بالمعنى الذي تأخذ به هذه اإلتفاقية ،ولكنه يجب أال يس$تتبع على أي نح$$و
اإلبقاء على معايير متكافئة أو منفصلة .كما يجب وقف العمل بهذه التدابير متى تحققق $أهداف التكافؤ في الغرض والمعاملة.
215
ال إكراه فيه ،وينظم التشريع النافذ حقوق وواجبات الرجل والمرأة عند إنعقاد الزواج وخالل قيامه ولدى
إنحالله".
والواقع أن الحديث قد يطول في موضوع المساواة بين المرأة والرجل في الــوطن العــربي ،فغــير أنــه
الينكر أن بعض األقطار العربية قد قطعت أشواطا ً اليستهان بها في إتجاه تحقيق المساواة بين الجنسين،
وهذا على الرغم من ندرة الدولة العربية الــتي أصــبحت أطــرافً في اإلتفاقيــات الدوليــة الخاصــة بــالمرأة
(.)297
ويؤكد الميثــاق في المــادة الخامســة منــه على حــق كــل فــرد في الحيــاة وعلى أنــه حــق مالزم لكــل
األشخاص واليجوز حرمان أحد منــه تعســفاً ،وهــو يخصــص مــادتين لعقوبــة اإلعــدام (المــادة 6و 7من
النص المعدل) ،فهـو يـوجب عـدم الحكم فيهـا إال في الجنايـات بالغـة الخطـورة ولكنـه اليسـتثني الجـرائم
السياسية من هذه العقوبة.
واليجوز الحكم باإلعدام على األطفال الـذين تقـل أعمـارهم عن ( )18سـنه أو على إمـرأة حامـل حـتى
تضع حملها أو في أن مرضعة إال بعد إنقضاء عامين من تاريخ الوالدة ،وفي كــل األحــوال تغلب مصــلحة
الرضــيع .وقــد أجـاز الميثــاق لكــل محكــوم بعقــوب اإلعـدام طلب العفـوـ أو إســتبدالها بعقوبــة أخـف .ومن
المالحظ أن الميثاق لم يمنع إعدام من هم أقل ( )18سنه بصورة مطلقة ،فقــد أجــازت المــادة ( )7/1منــه
ذلك في الحالة التي تنص التشريعات النافذة وقت إرتكاب الجريمة على جواز إيقاع عقوبة اإلعــدام بحــق
من هم أقل من ( )18سنه .وهي بذلك تخالف أحكام القانون الدولي التي تفرض حظراً مطلقـا ً على الحكم
باإلعدام على األطفال في األحوالـ جميعها( .)298فــالحكم الصــادر في الميثــاق في هــذا الصــدد "اليتعــارض
فحسب مع إلتزامات الدول بمقتضى القانون الــدولي ،وإنمــا يســير عكس التيــار العــالمي الــذي ينحــو الى
حظر إستخدامـ عقوبة إلعدام ضد األطفال المدانين"(.)299
ووفقا ً للمادة ( )1/ 8من الميثاق" ،يحظر تعذيب أي شخص بدنيا ً أو نفسيا ً أو معاملته معاملة قاسية
أو مهينة أو حاطة بالكرامة أو غير إنســانية" .ومن الواضــح أن هــذا النص ال يتضــمن إشــارة ،كمــا هــو
الحال بالنسبة للصكوك الدوليــة المختلفــة ،الى العقوبــة القاســية أو الالإنســانية أو الحاطــة بالكرامة(.)300
ولعل مرد ذلك تطيق بعض الدول العربية للعقوبات الجسدية.
) (297من أهم هذه اإلتفاقيات :اإلتفاقية الدولية بشأن الحقوق السياسية للمرأة لسنة 1952م ،اإلتفاقية الدولية بش$$أن جنس$$ية الم$$رأة المتزوج$$ة لس$$نة
1975م ،وإتفاقية القضاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1979م.
) (298أنظر نص المادة ( )5 $/6من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،والمادة ( )1 $/ 37من إتفاقية حقوق الطفل ،علما ً أن الدول
العربية جميعها $مصادقة على إتفاقية حقوق الطفل دون أية تحفظات على المادة ( )1 $/ 37من اإلتفاقية ،كما أن الدول العربية األطراف في العهد
المذكور لم تبد أي تحفظ على المادة ( )5 / 6أيضاً.
) (299منظمة العفو الدولية" :إعادة صياغة الميثاق العربي لحقوق اإلنسان :بناء مستقبل $أفضل" الوثيقةMDE1/002 /2004,p5 :
) (300أنظر للمقارنة نص المادة األولى من إتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ض$روب المعامل$ة أو العقوب$$ات القاس$$ية أو الالإنس$$انية أو المهين$ة،
والمادة ( )7من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
216
وكما يبــدو واضــحا ً أن النص المــذكور لم يقض بحظــر تســليم إو إعــادة األشــخاص قســريا ً الى دول
سيواجهون إنتهاكات جسيمة وخطيرة لحقوق اإلنســان ،بمــا فيهــا التعــرض للتعــذيب .وهــذا المبــدأ الــذي
يفتقد الميثاق العربي نصا ً يؤكده ويكرسه هو في الواقع من القانون الدولي العرفي الذي تلتزم بــه الــدول
كافة سواء أكانت أطرافـا ً في معاهــدة دوليــة تحميــه أم ال .وشــأنه شــأن العهــد الــدولي الخــاص بــالحقوق
المدنية والسياسية بحيث اليجيز بالميثاق إجراء تجارب طبية أو علمية على أي إنسان دون رضاه الحــر
وإدراكه الكامل للمضاعفات التي قد تنجم عنها.
وبعد ذلــك يحظــر الميثــاق الــرق واإلتجــار واإلســترقاق والعبوديــة باإلشــخاص ،كمــا يحظــر الميثــاق
السخرة إو اإلتجار باألشخاص من أجــل الــدعارة أو اإلســتغالل الجنســي أو إســتغالل دعــارة الغــير أو أي
شكل آخر أو إستغالل األطفال في النزاعات المسـلحة .وبعـد ذلـك يؤكـد الميثـاق على الحـق في المسـاواة
أمام القانةن وأمام القضاء .وهو يرتب على الدولة األطراف في الميثاق إلتزاما ً بضمان استقالل القضاء،
وحق التقاضي لكل شخص خاضع لواليتها.
وفي مجــال الحقــوق المتصــلة بالتقاضــي ،تنــاول الميثــاق الحــق في محاكمــة عادلــة وحــدد ضــمانات
المحاكمــة العادلــة والشــروط الــواجب توافرهــا فيهــا .ويالحــظ في هــذا الصــدد أن نص المــادة ( )13من
الميثاق بالمتلعق بالحق في محاكمة عادلة يتضمن في فقرته الثانية قيــداً يجــيز للــدول األطــراف أن تعقــد
المحاكمات بصورة غير علنية في الحاالت اإلستثنائية التي تقضــي "مصــلحة العدالــة في مجتمــع يحــترم
الحريات وحققو اإلنسان" في إجرائات سرية.
إن المــادة المــذكورة تتفــق من حيث المبــدأ مــع القــانون الــدولي بتأكيــدها على أن األصــل هــو علنيــة
المحاكمات ،ولكنها تختلف بصورة واضحة مع ما ورد في المادة (/ 14ـ )1من العهــد الــدولي الخــاص
بالحقوق المدنية والسياسية في أن هذه األخيرة تقضي بأنه يجوز منع الجمهــور والصــحافة من حضــور
المحاكمة "لدواعي اآلداب العامة أو النظام العام أو األمن الوطني في مجتمع ديمقراطي".
وعلنية الجلســات كمــا هــو معــروف ،تعــد أهم الوســائل الوقائيــة الضــامنه لحقــوق الفــرد ولمصــلحة
المجتمع .فالمادة ( )13/2من الميثاق تتضمن قيداً قد يفســر تفســيراً واســعا ً يفضــي الى إهــدار الحــق في
محاكمة عادلة والى حرمان الفرد من ضمانة الدفاع األساسية .فاألصل كفالة الحق في محاكمة عادلــة إال
في حاالت ضيقة جداً ،هي التي نصت عليها المادة (/ 4ـ )1من العهد الدولي الخــاص بـالحقوق المدنيـة
والسياسية.
كما تناول الميثاق الى جانب الحقوق المذكورة أعاله ،حقوقا ً أخــرى هي :الحــق في الحريــة واألمــان
وعدم جواز القبض على اإلنســان أو حجــزه أو تفتيشــه أو إعتقالــه دون ســند قــانوني ،وعلى وجــوب أن
217
يقدم الموقـوف أو المتعقـل بتهمـة جزائيـة للقضـاء دون إبطـاء أو تـأخير ،تطـبيق مبـدأ شـرعية الجـرائم
والعقوبات وقرينة البراءة المفترضة ،محاكمة الطفل الذي تعلقت به تهمة أمــام محــاكم خاصــة باألحــداث
وحقه في معاملة تصون كرامته وتتفق مع سنه ،عدم حبس إنسان ثبت إعسـاره عن الوفـاء بـدين أو أي
إلتزام مدن ،الحق في التعويض للمتهم الــذي تثبتت برائتــه ،الحــق في معاملــة المحــرومين من حــريتهم
معاملـة إنسـانية ،وفصـل المتهمين عن المـدانين ،الحـق في حرمـة الحيـاة الخـاص والعائليـة ،الحـق في
الشخصية القانونية ،الحــق في التظلم لكــل شــخص تنتهــك حقوقــه المعــترف بهــا في الميثــاق ،الحــق في
المشــاركة بــالحكم وإدارة الشــؤون العامــة ،حريــة اإلجتمــاع والتجمــع الســلمي ،الحــق في حريــة التنقــل
وإختيار مكان اإلقامــة ،عــدم جــواز إبعــاد األجــانب عن بلــد اإلقامــة ،الحــق في الجنســية ،الحــق في طلب
اللجوء السياسي وعدم جواز تسليم المجرمين السياسيين( .)301الحق في حريــة الفكــر والــدين ،الحــق في
الملكية والحق في حرية الرأي والتعبير واإلعالم.
لقد أورد الميثاق العربي لحقوق اإلنسان جملة من الحقــوق الجماعيــة ،وهي كمــا بــات مســتقراً اآلن،
الحقوق التي يكون شخصها أو المنتفع بها األفـراد ،ولكن التمتـع بهـا وممارسـتها اليكـون متاحـا ً لهم إال
من خالل جماعة ما أو داخل وسط جماعي معيّن .ومن الحقوق الجماعية التي نص عليها الميثــاق الحــق
في "حرية تكوين الجمعيات مع اآلخرين واإلنضمام إليها" (المادة / 23ـ 5من النص الم ّعدل للميثــاق).
وقد تكرر النص على هذا الحق ولكن بشأن الجمعيات والنقابات المهنيــة في المــادة ( ) 1/ 34من النص
المعدل للميثاق ،حيث قضى هذا النص بأن كل شخص يجب أن يتمتع بالحق في حريــة تكــوين الجمعيــات
والنقابات المهنية وانضمام إليها ،وحرية ممارسة العمل النقابي من أجل حماية مصالحة.
كما كف ــل نص الم ــادة (/34ــ )3من الميث ــاق المع ــدل الح ــق في اإلض ــراب في الح ــدود الـــتي ينص
عليهاالتشريع النافذ .ومعروف أنه الى جانب بعض الدول العربية التي تعترف بالتعددية النقابية وتحــترم
الحق في اإلضراب ،هناك دول عربية التعرف سوى نقابـة واحــدة وتنظيم ضـيق للحــق في وقــف العمـل،
ودول التسمح بتاتا ً بالتنظيم المهني والنقابي والتجيز اإلضراب.
وفيما يتعلــق باألقليــات ،جــاء الميثــاق المعــدل في المــادة ( )25منــه التأكيــد على عــدم جــواز حرمــان
األشخاص المنتمين لألقليات من التمتع بثقافاتها وإستخدامـ لغتها وممارسة تعاليم دينهــا ،وينظم القــانون
التمتع بهذه الحقوق.
) (301في الواقع إعتراف الميثاق العربي لحقوق اإلنسان في المادة ( )27منه بالحق في طلب اللجوء السياسي الى بلد آخر هربا ً من اإلضطهاد هو
أمر على درجة كبيرة من األهمية ،ولكن األهم منه اإلعتراف لطالبي اللجوء بالحق في الملجأ.
218
ويالحظ بــأن هــذا النص يســتلهم نص المــادة ( )27من العهــد الــدولي الخــاص بــالحقوق المدنيــة
والسياسية .فهو يؤكد على الحقوق ذاتها الواردة في هذا النص األخــير ،ولكن نص المــادة ( )25يختلــف
عن نص المادة ( )27من العهد المذكور في أنه لم يحــدد فئــات األقليــات الــتي ينتفــع المنتمــون إليهــا من
الحقوق المعترف بها ،فالمادة ( )27تشير الى األقليات األثنية واللغوية والدينية وهو ما لم تفعلــه المــادة
( )24من الميثــاق ،وهي بــذلك أكــثر ســعة ورحابــة من نص المــادة ( )27من العهــد المــذكور ،حيث أن
نطقها الشخصي يتسع ليشمل األشــخاص المنتمين لألقليــات جميعهــا مهمــا كــانت طبيعتهــا أو صــفتها أو
خصائصها.
والواقع أن غالبية األقطار العربيــة تتجاهــل مطالبــات األقليــات بــاإلعتراف لهمــا بــالحقوق الجماعيــة،
والثقافية (خاصة في مجــال اللغــة) والسياســية (التمثيــل والحكم الــذاتي والمشــاركة في الشــؤون العامــة
للدولة).
ولم تقتصر الحقوق الجماعية المعترف بها في الميثاق على الحقوق المدنيــة والسياســية ،فقــد تنــاول
الميثاق حقوقا ً إقتصادية وإجتماعية وثقافية منها الحق في العمل ،وقــد وصــفه الميثــاق في المــادة ()34
من الميثاق الم ّعدل بأنه حق طبيعي لكل مواطن ،وهــو وصــف لم يــرد بصــدد هــذا الــق في العهــد الــدولي
الخاص بالحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية أو غيره من صكوك حقوق اإلنسان.
وقد أكد الميثاق على حرية إختيار العمل وتكافؤ الفرص والمساواة في العمل وعدم التمييز ألي ســبب
كان ،وأشار الميثاق الى الحق بشروط عمل عادلــة ومرضــية ،والى الحصــول على أجــر مناســب لتغطيــة
مطالب الحياة للعامل وألسرته ،والحق في تحديد ساعات العمل والراحة واإلجازات المدفوعة األجر .كمــا
ألزم الميثاق الدول األطراف بوجوب توفير الحمايــة الضــرورية للعمــال الوافــدين إليهـا طبقـا ً للتشـريعات
النافذة.
ومن الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافيــة األخــرى الــتي وردت في الميثــاق الحــق في مســتوى
معيشي كاف للشخص وألسرته يوفر له الرفاهية والعيش الكريم من غذاء ومسكن وخدمات ،والحــق في
التمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقليــة ،وتوفـير الحيـاة الكريمـة لــذوي اإلعاقـات النفســية أو
الجسدية ،والحق في التعليم ومحو األمية والحق في المشاركة في الحياة الثقافية والتمتع بفوائد العلم.
باإلضافة الى مختلف االتفاقيات التي خصها المنتظم الدولي للحق وق السياس ية لم يق ف االم ر عن د ه ذا
الحد بل نجده قرر مجموعة من االليات الدولية لترسيخ الحماية القانونية لهاته الحقوق باعتب اره أفــرز في
سياق تطوره شبكة واسعة ومتنوعة من اآلليات الرامية لحمايــة حقــوق اإلنســان ،االم ر ال ذي س نحاول
ابرازه من خالل الفصل الثاني تحت عنوان االليات الدولية للحماية القانونية للحقوق السياسية .
219
220
الفصل الثاني :
مما الشك فيه أن توصل المجتمــع الــدولي إلتفاقيـات دوليـة ملزمــة في مجــال حقــوق اإلنســان ،يعتــبر
الخطوة األولى في مجال حمايتها .لكنها خطوة غـير كافيـة ،كــون دوره يقتصـر على اإلعــتراف واإلقـرار
بالحقوق فقط .األمر الذي تطلب إتخاذ خطوات أخرى لتعزيــز حمايــة حقــوق اإلنســان ومن أبرزهــا إتخــاذ
إجراءات ووسائل لحماية هذه الحقوق.
فالنص على الحقوق دون توفير آليــات الحمايــة لهــا ،يفقــدها مضــمونها ويضــعف فــرص التمتــع بهــا
ويبقيها حبراً على ورق ،وتأسيسـا ً على ذلــك إنتقــل المجتمــع الــدولي الى خطــوة هامــة لألمــام في مجــال
الحماية "عندما قام بإيجاد الوسائل واآلليات القانونية والسياسية واإلقتصادية التي تضمن حماية حقوق
اإلنسان" (.)302
ومن الجدير ذكره أن القانون الدولي التقليدي كمان يفتقد للوســائل واإلجــراءات الكافيــة للرقابــة على
إلتزام الـدول باإلتفاقيـات الدوليـة .ومن أهم ممــيزات القـانون الــدولي المعاصـر أنــه "إســتحداث اآلليـات
لحماية حقوق اإلنسان ومواجهة اإلنتهاكات المختلفة التي تقع عليها"(.)303
وتتجلى هذه الميزة بشكل ساطع في القانون الــدولي لحقــوق اإلنســان ،الــذي أفــرز في ســياق تطــوره
شبكة واسعة ومتنوعة من اآلليات الرامية لحماية حقوق اإلنسان.
ويقصد بمفهوم اآلليات"مجموعــة اإلجــراءات اإلشــرافية والرقابيــة الــتي تتخــذها المنظمــات الدوليــة
لمضان تنفيذ الدول األطــراف لإلتفاقيــات الدوليــة لحقــوق اإلنســان( .)304أو مجمــوع اإلجــراءات المقــررة
داخليا ً أو دوليا ً لضمان إحترام الحقوق والحريــات( .)305ومن هنــا سيتض من هــذا الفصــل مبحــثين ،األول:
يتطرق الى اآلليات الدولية التابعة لألمم المتحــدة ،في حين أن المبحث الث اني س يتناول اآلليــات الدوليــة
اإلقليمية.
) (302د .نظام عساف ،مدخل الى حقوق اإلنسان في الوثائق الدولية واإلقليمية واألردنية ،المكتبة الوطنية ،األردن ،1999 ،ص .11
) (303نزار أيوب ،القانون الدولي اإلنساني والقانوني الدولي لحقوق اإلنسان ،الهيئة الفلسطينية المتقلة لحقوق المواطن ،رام هللا ،2003 ،ص
44و .45
) (304شهاب طالب الزوبعي ،الحماية الدولية واإلقليمية لحقوق اإلنسان في ضوء التغيرات الدولية ،رسالة ماجسير ،اإلكاديمية العربية بالدنمارك،
الدنمارك2008 ،م.
) (305د .عمر صدوق ،محاضرات في القانون الدولي العام ،ديوان المطبوعات الجامعية ،بن عنكون ،الجزائر1995 ،م.
221
المبحث األول:
تلعب األجهزة الرئيسية لألمم المتحدة دوراً هاما ً في اإلشراف والرقابة على تنفيــذ اإلتفاقيــات الدوليــة
بوجه عام ،واإلتفاقيات المتلعق بالقانون الدولي لحقوق اإلنسان بوجه خاص.
وتستخدم لهذا الغرض وسائل وآليات متعددة ومتنوعــة ،واألجهــزة الرئيســية هي تلــك األجهــزة الــتي
نص عليها ميثاق األمم المتحدة باإلسم( .)306وتعرف بهيئات ألجهزة المنبثقــة عن الميثــاق( .)307وتتفــاوت
اآلليات من جهاز الى آخر ،وفقا ً إلختصاصات كل جهاز في ميثاق األمم المتحــدة ،وللمشــاهدة والتجــارب
الحسية ،وللتطورات التي شهدتها العالقات الدولية.
كما يالحــظ أن دور بعض األجهــزة الرئيســية في مجــال حقــوق اإلنســان قــد شــهد تراجع ـا ً واضــحا ً ،
وخاصة مجلس الوصاية ،الذي لعب في السابق دوراً واضحا ً في مساعة الشعوب على تقريــر مصــيرها،
ويعود السبب وراء هذا التراجع لحصول غالبية الدول الخاضعة للوصاية على الحق في تقريــر المصــير.
وفي المقابل ذلك تزايد دور بعض األجهزة الرئيسية األخرى في مجال حقوق اإلنسان .وهذا ينطبــق على
الجمعية العامة ومجلس األمن والمجلس اإلقتصادي اإلجتمــاعي ،حيث يتزايــد دورهمــا في مجــال حقــوق
اإلنسان ،وإستخدام العديد من اآلليات للقيام بهذا الدور منها االليات الرئيسية التي اعتمدتها األمم المتحدة
والتي ستكون موضوع دراسة في المطلب األول.
) ( 306جاء في المادة ( )7/ 1من الميثاق تنشأ الهيئات اآلتية فروعا ً رئيسية لألمم المتحدة :الجمعية العامة ،مجلس األمن ،المجلس اإلقتصادي
واإلجتماعي ،مجلس الوصاية ،محكمة العدل الدولية ،األمانة العامة.
) ( 307بوجمعه غشير ،آليات األمم المتحدة لحمية حقوق اإلنسان والرقابة على تنفيذ اإلتفاقيات الدولية ،الدليل العربي لحقوق واإلنسان والتمنية،
المنظمة العربية لحقوق اإلنسان ،دون سنة طباعه ،ص .3
222
المطلب األول:
شكل موضوع حقوق اإلنسان ،عن إنشاء منظمة األمم المتحدة ،موضوعا ً رئيسيا ً ضــمن إهتماماتهــا
ومجال عملها تطبيقا ً لما هــو موثــق ومقــرر بميثاقهــا ،ولهــذا ســارعت منــذ إنشــائها الى إصــدار اإلعالن
العالمي لحقوق اإلنسان العهدين الدوليين ،غير أن المنظمة تبين لها أن تحقيق الحماية لحقــوق اإلنســان
وتكريس ممارستها ،اليمكن إنجـازة دون اإلسـتعانة بمؤسسـات وهيئـات وآليـات تضـطلع بـدور الحمايـة
والمراقبة الدولية لهذا الموضوع .وعليــه فقــد عملت الهيئــات الرســمية لألمم المتحــدة على ترســيخ هـذا
الحماية وضمانها لكل الوسائل القانونية واإلجرائية التي يمنحها لها ميثاق المنظمة من خالل :الجمعيــة
العامة ،ومجلس األمن والمجلس اإلقتصادي واإلجتماعي.
تلعب الجمعية العامة لألمم المتحدة دوراً هاما ً ومفصليا ً في حمايــة حقــوق اإلنســان ،وطبيعيــة األدوار
المتعددة التي تقــوم بهــا في هــذا المجــال ،يجعلهــا أكــثر هيئــات األمم المتحــدة الرئيســية فعالية من خالل
االختصاص ات المس ندة إليه ا االم ر ال ذي يس تدعي وبش ئ من التفص يل تبيانه ا من خالل العنص ر
األول،على أن نتناول في العنصر الثاني االليات التي اعتمدتها الجمعية لحماية هاته الحقوق .
تعتبر الجمعية العامة أكثر األجهزة الرئيسية لألمم المتتحــدة إهتمامـا ً ومتابعــة لهــذا الموضــوع ،حيث
تبذل مجهودات واضحة ومتواصلة في تأطيرها وتوضيحها وتفصيلها وتطويرها.
ولقد أكدت المادة ( )13من ميثاق األمم المتحدة على دور الجمعية العامة في "إنماء التعــاون الــدولي
في الميادين اإلقتصادية والتعليمية والصحية واإلعانة على تحقيق حقــوق اإلنســان والحريــات األساســية
كافة ،بال تمييز بينهم في الجنس أو اللغة أو الدين والتفريق بين الرجال والنساء" .ومــا جــاء في المــادة
السابقة يمثل مسؤولية مباشرة على الجمعية العامة بموجب الميثاق عن تعزيــز إحــترام حقــوق اإلنســان
وحرياته األساسية(.")308
) (308القاضية وهيبه لو صادق ،آليات مراقبة حقوق اإلنسان ،المدرسة العليا للقضاء ،مذكرة تخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ،الجزائر،
، 2008ص. 4
223
كما أن دور الجمعية العامة الـرئيس في مجـال حفـظ السـلم واألمن الـدوليين ،مرتبـط بشـطل عضـوي
بــدورها في حمايــة حقــوق اإلنســان .فمن الــدروس المســتقاة بعــد الحــرب العالميــة الثانيــة أن المســاعي
الرامية الى حفظ السلم واألمن الدوليين ستكون متعثرة وصعبة المنال ،ما لم تكن مقرونة بإحترام حقوق
اإلنسان .وبمعنى آخر فإن حماية حقوق اإلنسان ،من أهم عوامل الـدفع لتحقيــق الســلم واألمن الـدوليين.
فالجمعية العامة لها وظيفة هامة في بنيان الصرح الدولي ،من أهم ما تستند إليه لتحقيــق ذلــك "اإلعانــة
على تحقيق حقوق اإلنسان والحريات األساسية للناس كافة دون تمييز"( .)309مع اإلشــارة أن دورهــا في
مجال حفظ السلم واألمن الدوليين يرد عليه قيود حـال مباشـرة من مجـالس األمن لهـذا الـدور ،ففي هـذه
الحالــة " ليس لهــا أن تقــدم أيــة توصــية في شــأن هــذا الــنزاع أو الموقــف ،إال إذا طلب مجلس األمن
ذلك"(.)310
باإلضافة لذلك ،للجمعية العامة والية فيما يتعلق بالقانون الدولي لحقوق اإلنسان ،فهي الجهــة الــتي
تقوم بإعتماد المبادئ واإلعالن والمعايير والصكوك الدوليــة المتعلقــة بحقــوق اإلنســان ،وتعرضــها على
الدول للتوقيع والمصادقة عليها .فهي وبحق "أكثر أجهــزة األمم المتحــدة الــتي تتبــنى المواثيــق الدوليــة
الخاصة بحقوق اإلنسان(.")311
إن ما تم عرضــه في الفصــل األول من إعالنــات وإتفاقيــات دوليــة في مجــال القــانون الــدولي لحقــوق
اإلنسان ،يعود الفضل به للجمعية العامة ،فهي تقوم بدور السلطات التشريعية العالمية في سن اإلتفاقيات
الرامية لحقوق اإلنسان ،فالدور الريادي والطليعي للجمعية العامــة في تنظيم اإلتفاقــايت الراميــة لحقــوق
اإلنسان اليخضع للنقد أو التشكيك .فبفضل الجمعية العامة تبلور وتطور القانون الدولي اإلتفاقي لحقــوق
اإلنسان ،والشك في كونها المنتج األول والرئيس لإلتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان.
ومن الجير ذكــره ،أن دور الجمعيــة العامــة ،اليقتصــر على تحديــد المعــايير الدوليــة لحقــوق اإلنســان
وتأطيرها في إتفاقيات دولية ملزمة ،بل تعتمد أيضا ً مجموعة من اآلليـات لإلشــراف والرقابــة عليـه على
احترام هذه اإلتفاقيات ،معتمدة بذلك على األقسام واللجان الفرعية المحيطة بها.
ويعتبر إختصاصها في هذا المجال ،محل نقد وتشكيك لــدة العديــد من البــاحثين والمختصــين ،وهنــاك
اختالف واضح ما بين دور وفعالية الجمعية العامة في تنظيم اإلتفاقيات الدولية المتعلقة بالقانون الــدولي
لحقوق اإلنسان ،وما بين فعالية آليات عملها في الرقابة واإلشــراف لحمايــة الحقــوق المنصــوص عليهــا
في هذه اإلتفاقيات ،وهذا ما سنتناوله في العنصر القادم.
224
تعتمد الجمعية العامة مجموعة من اآلليات الرامية لحماية حقوق اإلنسان ،ومن أهمها التالي:
أوالً :المناقشه
تناقش الجمعية العامة في كل دورة "الحالة الواقعية لحقوق اإلنسان في كثير من الــدول ،وتعتمــد مــا
يناظر ذلك من قرارات"( .)312وغالبا ً ما تستند نقاشات الجمعية العامة لحالة حقوق اإلنسان على التقارير
التي "يعرضها عليها المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي وغيره من أجهزة المنظمة" ( )313والــتي تتضــمن
تقييما ً لدى إحترام الدول إللتزاماتها التعاقدية المنصوص عليها في اإلتفاقيات ،ثم تصدر توصياتها للدول
األعضاء ،أو تطلب من مجلس األمن التــدخل بعمــل تنفيــذي ،أو تكلــف األمين العــام القيــام بــدور في هــذا
الشأن.
تنظر الجمعية العامة في إنتهاكات حقوق اإلنسان ،بعدها ينظرها المجلس اإلقتصادي واإلجتمــاعي أو
إحدى أجهزة األمم المتحدة أو األمين العام لألمم المتحدة .وينصب النقاش في هـذه الحالـة على اإلنتهـات
المرتكبة في دولة محددة ،ثم تقوم الجمعية العامة بإتخــاذ التوصــيات الالزمــة بشــأنها ،في إطــار التوجــه
لقمع اإلنتهاكات.
من التوصيات أو القرارات التي تتخذها الجمعية العامة لقمع اإلنتهاكات ،القيام بإرسال بعثــات تقصــي
الحقائق للوقوف عن كثب على هذه اإلنتهاكات ومطالبــة الدولــة المعنيــة بوقــف اإلعتــداءات على حقــوق
اإلنسان ،أما إذا تطلب األمــر إتخـاذ إجـراءات تنفيذيــة" ،لهـا أن تطلب من مجلس األمن إتخــاذ إجــراءات
تنفيذاً لفرض إحترام حقوق اإلنسان(.")314
تتخذ الجمعية العامة قرارات هدفها حث الدول على إحترام حقوق اإلنســان ونشــرها وترويجهـا ،ومن
األمثلــة على ذلـك "القــرار رقم / 49ـ 184الــذي إتخذتــه بجلســتها المؤرخــة في 23ديســمبر 1994م ،
والقاضــي بــأن تخصــص العشــر ســنوات الــتي تلت إتخــاذ القــرار من 1ينــاير 1995م الى 31ديســمبر
2004م لتعليم حقوق اإلنسان(.)315
رابعا ً :التوصيات
) (312مانفرد نوواك ،دليل البرلمانيين العرب الى حقوق اإلنسان ،مفوضية األمم السامية لحقوق اإلنسان واإلتحاد البرلماني العالمي2005 ،م.
) (313نخبة من أساتذة القانون ،مرجع سابق ،ص . 335
) (314شهاب طالب الزوبعي ،الحماية الدولية واإلقليمية لحقوق اإلنسان في ضوء التغيّرات الدولية ،مرجع سابق ،ص . 145
) (315د .نظام عساف ،مدخل الى حقوق اإلنسان في الوثائق الدولية واإلقليمية واألردنية ،مرجع سابق ،ص . 11
225
تصدر الجمعية العامة العديد من التوصيات الخاصة بحماية حقوق اإلنسان ،علمـا ً بانهـا غـير ملزمـة
إال أن جزا ًء من الفقهـ يرى أنه "قلما تخالف الدول هذه التوصيات(.")316
من األدوار الهامة التي تقـوم بهـا الجمعيـة العامـة في مجـال اآلليـات "إنشـاء آليـات الرقابـة الدوليـة
حسبما تنص عليها اإلتفاقيات الدولية ( .)317فكما هو معروف تتضمن اإلتفاقيات الدولية لحقــوق اإلنســان
آليات محددة لضمان إحترام الدول األطراف لهذه اإلتفاقيــات ،فكــل إتفاقيــة دوليــة لحقــوق اإلنســان لجنــة
مناظرة لها ،تتولى مهمة الرقابة والمتابعة مع الدول األطراف .ويقع ضمن إختصاصات الجمعيــة العامــة
تشكيل هذه اللجان ،وتوفير مقومات العمل الالزمة لها ،والنظر في تقاريرها وتوصياتها.
كما تقوم الجمعية العامة بإنشاء هيئات دولية لها والية عامة في مجال الرقابة على حقــوق اإلنســان،
ومن األمثلة على ذلك قرارهــا بتشــكيل المفوضــية الســامية لحقــوق اإلنســان في عــام 1993م ،وقرارهــا
بإنشاء مجلس حقوق اإلنسان في عام 2006م.
تعتبر المؤتمرات الدولية لحقوق اإلنسان من المحطات الهامة في تقييم حالة حقوق اإلنسان ،وتطوير
المعايير لمتلعقة بها وتفعيل آلياتها ،وتتولى الجمعية العامة متابعة هـذه المــؤتمرات( ،)318وذلــك من حيث
اإلعداد والتحصير لها ومتابعة مخرجاتها.
وكثيراً ما يخرج عن المؤتمرات توصيات هامة ،لجهة تطوير معايير حقوق اإلنسان وإستحداث آليات
جديدة للرقابة على حقوق اإلنسان ،ومن األمثلة العامــة في هــذا المجــال ،إســتحداث المفوضــية الســامية
لحقوق اإلنسان ،بناء ً على توصية من مؤتمر فينا لحقوق اإلنسان في العام 1993م ،حيث جرى ترجمــة
التوصية بعد أشهر بسيطة من إنتهاء أعمال المؤتمر.
يضطلع مجلس األمن ضمن أختصاصات ومهامه دوراً هاما ً ومحوريا ً في مجال حماية حقوق اإلنسان
،وهــذا مــا ســنتعرض إليــه في هــذا الفــرع من خالل ثالثــة عناصــر ،حيث نتنــاول في العنصــر األول
226
إختصاصات مجلس األمن في حماية حقوق اإلنسان ،ونخصص العنصــر الثــاني آلليــات مجلس األمن في
حماية حقوق اإلنسان ،أما العنصــر الثـالث فإننـا سـنتطرق فيـه الى تقــييم آليـات مجلس األمن في حمايـة
حقوق اإلنسان.
يعتبر مجلس األمن بمثابة السلطة التنفيذية لألمم المتحدة ،ويتولى مهمة حفظ األمن والسلم الــدوليين
وفقا ً للمادة الرابعة والعشــرون من ميثــاق األمم المتحــدة ،فهــو "صــاحب اإلختصــاص األصــيل في حفــظ
الســلم واألمن الــدوليين( .)319وتتمثــل إختصاصــات مجلس األمن بوجــه عــام في مجــال حقــوق اإلنســان،
كالتالي:
ثالثا ً :التدخل لقمع أية إنتهاكات لحقوق اإلنسان تمس بالسلم واألمن الدوليين.
وتتسم القواعد المنظمة لحفظ السلم واألمن الدوليين بالعلو والســمو عن غيرهــا من القواعــد ،وخــير
تطبيق لعلوية قواعد حفظ السلم واألمن ،ما ورد في أحكامـ الفصل الســابع من الميثــاق( ،)320والــذي خـ ّول
مجلس األمن إتخاذ إجراءات رادعة لحماية السلم واألمن الدوليين ،وقد تصــل الصــالحيات لمجلس األمن
وفقا ً لهذا الفصل حد إستخدام القوة العسكرية.
ومن زاوية أخرى تطلب الحفاظ على السلم واألمن الدوليين إجراءات غير إعتيادية وسلطات واســعة
ورادعة لمجلس األمن لضمان ترجمتها عملياً ،وقمع أية ممارسات تهدد السلم واألمن الدوليين.
وباإلضافة لذلك ،ترتب على سمو وعلو القواعد المتلعقة بحفظ السلم واألمن الدوليين تخويــل مجلس
األمن سلطة إصدار القرارات الملزمة ،فهي مقابل قرارات التتعدى كونها توصيات غير ملزمــة تصــدرها
الجمعية العامة(.")321
ومن أهم العوامل المعززة إللزامية قرارات مجلس األمن ،تعهد أعضاء األمم المتحــدة بقبــول قــرارات
مجلس األمن وتنفيذها وفقا ً للمادة ( )25من ميثاق األمم المتحدة.
) (319د .محمد سامي عبدالحميد ،التنظيم الدولي ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية2000 ،م ،ص . 165
) (320د .مصطفى أحمد فؤاد ،أصول القانون الدولي العام ،منشأة المعارف ،الطبعة الثانية ،اإلسكندرية ،2004 ،ص . 6
) (321عمر رحال ،الدور السياسي لألمم المتحدة في ظل النظام العالمي الجديد ،مركز إعالم حقوق اإلنسان والمشارة الديمقراطية "شمس" ،رام
هللا ،2007 ،ص . 59
227
كما ينطبــق العلــو على قــرارات مجلس األمن المتعلقــة بحقــوق اإلنســان خاصــة وأن دوره في مجــال
حمايــة حقــوق اإلنســان يرتبــط بــدوره بالحفــاظ على الســلم واألمن الــدوليين .فتــدخالت مجلس األمن في
حماية حقوق اإلنسان ،محصورة في حالة حصول انتهاكات تهدد السلم واألمن الدوليين.
وتأسيسا ً على ذلك ،يتدخل مجلس األمن في حاالت اإلنتهاكات لحقوق اإلنسان "التي يعتبر أنها تشكل
تهديــداً للســالم في العــالم ،ولــه في هــذه الحالــة أن "يتخــذ تــدابير قمعيــة أو قســرية ضــد المســؤولين
عنها(.")322
فإذا كانت الجمعية العامة هي المسؤول عن األول عن حماية حقــوق اإلنســان ،فــإن مجلس األمن هــو
المسؤول األول عن قمع إنتهاكات حقوق اإلنسان التي تشكل تهديا ً للسلم واألمن الدوليين.
ومن الواضـــح أن حجم اإلختصاصـــات الـــتي يمتلكهـــا مجلس األمن والطـــابع اإللـــزامي لقراراتـــه،
واإلجراءات الواسعة التي يمتلكها بموجب الفصل السادس والســابع من ميثــاق األمم المتحــدة ،تــوفر لــه
األساس القانوني لقمع اإلنتهاكات التي تتعرض لها حقوق اإلنسان حال توظيفه دون تحيّز أو تسييس.
يمتلك مجلس األمن العديد من اآلليات الفعالة لحماية حقوق اإلنسان ،في مجال إختصاصـه في الـدفاع
عن السلم واألمن الدوليين ،وتمتاز هذه اآلليات بــالتنوع والفعاليــة في حــال إســتخدامه لهــا ،وذلــك وفقـا ً
للتوضيح التالي:
خ ّول ميثاق األمم المتحدة مجلس األمن "ســلطة إتخــاذ قــرارات ملزمــة يمكن تنفيــذها جــبراً( .)323ومــا
يكسب هذه القرارات أهميـة وقـوة تعهـد الـدول األعضـاء بمـوجب الميثـاق "بقبـول قـارات مجلس األمن
وتنفيذها( .)324ولعل من أهم القرارات التي إتخاذها مجلس األمن في مجال حمايــة أحكــامـ القــانون الــدولي
لحقوق اإلنسان ،التالي:
ــ إصدار القرار قم ( )808بتاريخ 22فبراير 1994م القاضــي بتشــكيل محكمــة جنايــة دوليــة
لمحاكمة المتهمين باإلنتهاكات الخطيرة لحقوق اإلنسان في يوغسالفيا سابقا ً(.)325
) ( 322القاضية وهيبه لو صادق ،آليات مراقبة حقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 6
) (323د .غازي حسن صابريني ،الوجيز في مبادئ القانون الدولي العام ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمّان ،2007 ،ص . 17
) (324المادة ( )25من ميثاق األمم المتحدة.
) (325مجموعة قرارات مجلس األمن ،سنة 1994م ن أنظر :www.un.org./conseil.securte/add-6CCP.AE12
228
ــ إلصــدار القــرار رقم ( )955بتــاريخ 8نوفمــبر 1994م ،القاضــي بتشــك محكمــة جنائيــة
لمحاكمة المتهمين بإرتكاب اإلبادة الجماعية في راوندا.
ــ إصدار القرار رقم ( )1456لعام 2003م ،والـذي طـالب الـدول بـأن تحـرص على أن تكـون
تدابير محكمة اإلرهاب ممتثلة لكافــة إلتزاماتهــا بمــوجب القــانون ،وأن تتخــذ تلــك التــدابير وفقـا ً
للقــانون الــدولي ،وبخاصــة القــانون الــدولي لحقــوق اإلنســان والالجــئين والقــانون الــدولي
اإلنسان(.)326
ــ قــرار مجلس األمن رقم( /1325ـ )2000والــذي ينص على ضــرورة إتخــاذ عــدة تــدابير
وإجراءات منها :إشراك النساء في جميع آليات تنفيذ إتفاقات السالم ،مراعاة إلحتياجات النســاء
بعد إنتهاء الصراع ،إتخاذ التــدابير إلحــترام حقــوق النســاء في حــاالت الصــراع المســلح ،التقيّــد
بإتفاقية جنيف الخاصة بحماية المــدنيين ،زيـادة إشــراك النسـاء في جميـع مســتويات القـرار في
عمليات حل الصراع واحالم السالم ،وإشراك النساء في تمثيل بلدانهن في البعثات الدبلوماسية)
(.)327
ــ قــرار مجلس األمن رقم ( ، )5636والــذي حث الــدول األعضــاء على ضــمان زيــادة تمثيــل
المرأة على جميع مستويات صنع القرار في المؤسسـات واآلليـات الوطنيـة واإلقليميـة والدوليـة
لمنع الصراعات وإدارتها وتسويتها.
تعتبر العقوبات اإلقتصادية من أهم األساليب التي يتخذها مجلس األمن في مواجهة الدول التي ترتكب
إنتهاكــات ألحكــام القــانون الــدولي اإلنســاني ،والقــانون الــدولي لحقــوق اإلنســان .وقــد تأخــذ العقوبــات
اإلقتصادية شكالً محدداً وقصير األمد ،وأحيانا ً تأخذ "شكالً شامالً وطويل األمـد ،كمـا هـو الحـال بالنسـبة
للعراق وليبيا وإيران وسوريا( .)328وتعتبر العقوبات اإلقتصــادية ســالحا ً ذو حــدين ،كــون نتائجهــا التقــف
عند حد الضغط على الحكام ،بــل يعـاني منهــا شـعوب الــدول المفروضــة عليهـا العقوبــات ،وغالبـا ً تكــون
سلبياتها أكثر من إيجابياتها.
229
تهدف هذه اآللية الى تقديم المساعدة والعون للشعوب التي تتعرض إلنتهاكـات .ومن ضـمن تطبيقـات
التدخل اإلنساني ،تقديم المواد الغذائية والخدمات الصحية .ومن الجدير بالــذكر أن التــدخل اإلنســان يقــدم
مساعدات لضحايا حقوق اإلنسان ،واليشمل قمع اإلنتهاكات نفسها.
من إختصاصــات مجلس األمن إتخــاذ إجــراءات عســكرية لقمــع إنتهاكــات القــانون الــدولي اإلنســاني،
والقانون الدولي لحقوق اإلنســان ،وذلــك في حــال تعــذر األســاليب والطــرق األخــرى ،مســتنداً بــذلك على
الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة ،ويعتبر هذا اإلجراء أشد وأصعب وأخطر اآلليــات ،الــتي يمتلكهــا
مجلس األمن ،خاصة في ظل اإلستخدامـ المغلوط لها.
يختص مجلس األمن بتشــكيل محــاكم خاصــة لمجــرمي الحــروب ومنتهكي حقــوق اإلنســان ،وينــدرج
ضــمن هــذا اإلختصــاص قيامــه بتشــكيل المحــاكم الخاصــة لمحاكمــة مجــرمي الحــرب في كــل من راونــدا
ويوغسالفيا.
إن إستخدامـ مجلس األمن لألليات السابقة ،يخضع لسلطته التقديرية ،واليضبطه أيــة معــايير واضــحة
ومحددة ،مما يفتح المجال للتســييس واإلزدواجيــة في المعــايير ،وتوظيــف هــذا التــدخل لخدمــة أغــراض
سياسية.
يُعتــبر المجلس اإلقتصــادي واإلجتمــاعي من األجهــزة الرئيســية الســت لألمم المتحــدة ،وفق ـا ً للمــادة
السابعة من ميثاق األمم المتحدة .لكنه من الناحية العملية يمارس مهامه في مجال حقــوق اإلنســان تحت
إشراف الجمعية العامة ،ولكن هــذا اليعــني فقــدان الجهــاز إلســتقالله المتمتــع بــه فيمــا يتعلــق بالوظــائف
المسندة له(.)329
وفي هــذا المقــام نعــرض إلختصاصــات المجلس اإلقتصــادي واإلجتمــاعي في حمايــة حقــوق اإلنســان
وآلياته وتقييم هذه اآلليات ،وذلك في ثالث فقرات على النحو التالي:
) (329د .مصطفى أحمد فؤاد ،أصول القانون الدولي العام ،منشأة المعارف ،الطبعة الثانية ،اإلسكندرية ،2004،ص . 249
230
يتكــون المجلس اإلقتصــادي واإلجتمــاعي من ( )54عضــواً ،ويتم إنتخــابهم من الجمعيــة العموميــة
بأغلبيــة الثلــثين( .)330ويحــق للــدول غــير األعضــاء اإلشــتراك في مداوالتــه ،دون حــق التصــويت على
القرارات(.)331
ويتولى المجلس اإلقتصــادي واإلجتمــاعي وفقـا ً للمــادة ( )62من ميثــاق األمم المتحــدة مجموعــة من
اإلختصاصات المتعلقة بحقوق اإلنسان ،وهي:
كما يقوم المجلس بتنسيق أنشطة الوكاالت المتخصصة والمتعددة ،والتي يبلغ عدده ( ، )14و ()10
لجــان فنيــة ،و ( )5لجــان إقليميــة .ونتيجــة لــدوره الواســع والمتخصصــص في مجــال حقــوق اإلنســان
يستحوذ على النصيب األكبر من مــوارد األمم المتحــدة ،فحجم مســؤولياته تســتحتوذ على أكــثر من (70
)%من الموارد البشرية والمالية لمنظومة األمم المتحدة بكاملها (.)332
باإلضــافة لمــا ســبق ،يقــوم المجلس بتقــديم التوصــيات الى الهيئــات الفرعيــة لألمم المتحــدة ،والى
المنظمات الحكومية وغــير الحكوميــة .ومن النتــائج المترتبــة على دوره التنســيقي والمتشــعب مــع كافــة
الجهات سوا ًء الوكاالت الدولية المتخصصة أو المنظمات غير الحكومية ،أنه بــات يمثــل بوابــة التواصــل
والتنسيق بين األمم المتحدة وكافة المنظمات العاملة في مجال حقوق اإلنسان.
كمــا يقــوم المجلس بإعــداد مشــاريع اإلتفاقيــات الدوليــة لحقــوق اإلنســان الــتي تعــرض على الجميــة
العمومية وإصدار التوصيات في هذا الشــأن ،وإســتحداث آليــات وأســاليب فعالــة وســريعة لمقاومــة هــذه
الممارسات(.)333
وتعزيزاً للتشييك والتنسيق ما بين األمم المتحدة من ناحية والمنظمات األهلية من ناحية أخرى ،يمنح
لبعض المنظمات بشروط معينـة الصـفة اإلستشـارية ،مـا يمكنهـا من حضـور اإلجتماعـات وإبـداء رأيهـا
وتقيم توصياتها وإقتراحاتها .باإلضافة لذلك ،فقد قام المجلس بتشكيل بعض اللجان المختصة في مجــال
حقوق اإلنسان ،وإتخذا العديد من القرارات التي تندرج في إطار اآلليات الهادفة لحماية حقوق اإلنسان.
) (330المادة ( )2/ 18من ميثاق األمم المتحدة
) (331د .عبدالكريم علوان ،المنظمات الدولية ،مرجع سابق . 121 ،
) (332أماني محمد امبابي ،المنظمات الدولية التابعة لألمم المتحدة ،مجلة صادرة عن معهد الدراسات الدبلوماسية التابع لوزارة الخارجية السعودية
،العددد ( ، )28مايو ، 2006ص . 15
) (333د.طارق عزت رخاء ،قانون حقوق اإلنسان بين النظرية والتطبيق في الفكر الوضعي والشريعة ،مرجع سابق ،ص . 178
231
وفي شأن اإلتفاقيـات الدوليــة لحقـوق اإلنسـان ،يعتــبر المجلس السـاعد األمين للجمعيــة العامـة لألمم
المتحدة في تنظيم وإعداد اإلتفاقيات الدوليــة لحقــوق اإلنســان ،حيث يقــوم بإعــدادها ثم تقــر في الجمعيــة
العــام بعــد ذلــك ،فغالبيــة اإلعالنــات واإلتفاقيــات الدوليــة لحقــوق اإلنســان يتــولى المجلس اإلقتصــادي
واإلجتماعي التحضير واإلعداد لها .كما اعتمد على
الفقرة الثانية :آليات عمل المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي في حماية حقوق اإلنسان
يمتلك المجلس مجموعى من آليات الرقابة واإلشراف على حقوق اإلنسان ،وفقا ً للتوضيح التالي:
يقوم المجلس بدراسة وبحث التقارير المقدمة من مجلس حقوق اإلنسان ،واللجان التعاقدية ،واللجان
الفرعية ،وأصحاب الواليات القطرية والموضوعية ،وتقــديم التوصــيات بشــأنها للجمعيــة العامــة ،والــتي
تعتمد الى حد كبير جداً على تقييماته وتوصياته.
يقع في إطار صالحيات المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي تشكيل األهزة الفرعية ،وفقا ً للمــادة ( 68من
الميثاق ،وفي هذا افطار قام بإنشاء لجنة حقوق اإلنسان الــتي أسـهمت بشــكل فاعـل في صـياغة اإلعالن
والعهــدين .وقــد تم حــل لجنــة حقــوق اإلنســان ليحــل مكانهــا مجلس حقــوق اإلنســان.كمــا وأنــه مراعــاة
لخصوصية ووضعية المرأة ُ ،أنشــأ في العــام 1964م لجنــة المــرأة لتقــوم بإعــداد توصــيات وتقــارير الى
المجلس بشأن تعزيز حقوق المرأة في كافة الميادين(.)334
وفي هذا الشأن فقد ساهم المجلس طوال عمله في مجال حقوق اإلنســان في خلــق عــدة لجــان خاصــة
وآليات مســتقلة وفــرق خــبراء متخصصــون في مجــال حمايــة وتكــريس الممارســة الصــحيحة والفضــلى
لحقوق اإلنسان ،من خالل ما تقتضيه أحكام القانون الدولي اإلنسان.
من أهم القرارات التي أصدرها المجلس اإلقتصــاديواإلجتماعي "قراريــه الشــهرين رقمي ( )728و (
)1325في 30يوليو 1959م ،وقد مهــد هـذا القــرار للجنـة حقـوق اإلنسـان المنحلــة إلتخــاذ العديـد من
اإلجراءات الخاصة لحماية حقوق اإلنسان .ومنـذ العـام 1979م تم إنشـاء آليــات لبحث حـاالت قطريـة أو
) (334د .الشافعي محمد بشير،القانون الدولي العام في السلم والحرب ،مرجع سابق ،ص .52و نزار أيوب ،القانون الدولي اإلنساني والقانون
الدولي العام ،مرجع سابق ،ص . 42
232
موضوعاتية محددة من منظور حقوق اإلنسان( .)335ثم إتخذ المجلس االقــرار رقم ( )1503في 27مــايو
1970م ،الــذي يخــول المنظمــات الحكوميــة والهيئــات واألفــراد المهتمين بحقــوق اإلنســان أن يرســلوا
شكاوي الى سكرتير عــام األمم الماتحــدة عن اإلنتهاكــات الجســمية لحقــوق اإلنســان في مكــان مــا (،)336
والذي يعتبر أقدم آلية للشكوى في منظمة األمم المتحدة(.)337
كما إستفاد من هذا القرار مركز المرأة بجنيف ،حيث يستقبل شكاوي تتعلق بإنتهاكات نمطية ومنظمة
ضد النساء ،وتمتاز إجراءات القرار ( )235بأنها تدرس في جلسات علنية.
وتعتبر شروط قبول اإلدعاء مرنة واليشترط إستنفاذ طرق الطعن الداخلية ،وعادة ما تتســم إجــراءات
الق ــرار ( )1235بالط ــابع العل ــني ،في حين أن إج ــراءات الق ــرار ( )1503تتم بش ــكل س ــري( .)338ومن
القرارات الهامــة الــتي إتخــذها المجلس ،إســتحداث آليــات للرقابــة على العهــد الــدولي الخــاص بـالحقوق
اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية ،طن اإلتفاقية لم تنص على تشكيل لجنة تتولى الرقابة عليها ،وفــوض
المجلس بالقيام بهذا الدور .وبسبب الصعاب التي واجهت هذه اآللية ،قام في العام 1985م بتحويلهــا الى
لجنة بنفس شروط لجنة الحقوق السياسية والمدنية(.)339
رابعا ً :التوصيات
يقــوم المجلس بإصــدار توصــيات الى الــدول والوكــاالت المتخصصــة،تتضــمن إتخــاذ التــدابير الكفيلــة
بتحقيق التعاون في المجاالت اإلقتصادية واإلجتماعية واإلنســانية .ومن أبــرز مهامــه الــتي يضــطلع بهــا
تقديم توصيات فيما يختص إشاعة إحترام حقوق اإلنسان والحريــات األساســية ،ولكنهــا في الــوقت ذاتــه
التتمتع بأي قوة إلزامية.
للمجلس اإلقتصادي واإلجتماعي أن يدعو لعقد مؤتمرات دولية بشأن مسائل متعلق بحقوق اإلنســان،
بما يسهم في تحقيق دوره في هذا المجال ،وغالبا ً ما تسهم المؤتمرات في التوصل إلقتراحات وتوصيات
في تطوير المعايير الدولية لحقوق اإلنسان واآلليات الكفيلة بحمايتها.
) (335سبعة عشر سؤاالً يتكرر طرحها بشأن المقررين الخاصين لألمم المتحدة ،صحيفة الوقائع رقم ( ،)27المفوضية السامية لحقوق اإلنسان،
2001م ،ص . 1
) (336د .عبدهللا علي عبو سلطان ،دور القانون الجنائي في حماية حقوق اإلنسان ،دار دجله ،عمان وبغدادا ، 2008،ص 17و .18
) (337إجراءات الشكوى ،صحيفة الوقائع رقم ( )7المفوضية السامية لحقوق اإلنسان ،جنيف ،بدون سنة طباعه ،ص . 26
) (338د .عمر صدوق ،محاضرات في القانون ادولي العام ،ديوان المطبوعات الجامعية ،بن عنكون ،الجزائر ،1995 ،ص . 159
) (339أ .د .عبدهللا علي عبو سلطان ،دور القانون الدولي الجنائي في حماية حقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص .22
233
المطلب الثاني:
لم تكتفي األمم المتحــدة بــدورة األجهــزة الرئيســية الســت ،الــتي نص عليهــا الميثــاق لحمايــة حقــوق
اإلنسان ،والتي أشرنا إليها سابقا ً ،بل قامت بإنشاء أجهزة أخرى بهدف تعزيــز حمايــة حقــوق اإلنســان،
وذلك وفقا ً ألحكام الميثاق الذي نص على "أن ينشأ وفقا ً ألحكام هذا الميثاق ما يرى ضرورة إنشاءه من
فرع ثانوية أخرى(.")340
وعادة ما يتم تشكيل اإلجهزة الفرعية العاملة في مجال حقوق اإلنســان بمــوجب قــرارات صــادرة عن
الجمعية العومية لألمم المتحدة .وتتميّز األجهزة غير الرئيسية ببنيتها الخاصــة وشخصــيتها اإلعتباريــة
المستقلة عن األجسام الرئيسية ،حيث يتكفل قــرار تشــكيلها الصــادر عن الجمعيــة العامــة بتحديــد بنيتهــا
وصالحياتها وإختصاصاتها وطبيعة عالقتها مع األجهزة الرئيسية.
) (340المادة السابعة الفقرة الثانية من ميثاق األمم المتحدة.
234
ومن الجدير ذكره ،أن إستقاللية األجهزة غــير الرئيســية لــه طــابع نســبي ،خاصــة وأن هــذه األجهــزة
تمارس دورها اإلشرافي والرقابي ،تحت مسؤولية ومرجعية أحــد األجهــزة الرئيســية .ومــا يــبرر طبيعــة
هــذه العالقــة المرجعيــة ،هي أن األجهــزة غــير الرئيســية بمثابــة أجهــزة فرعيــة واحــد أدوات األجهــزة
الرئيسية في حماية حقوق اإلنسان.
فمن المالحظ أن مجلس حقوق اإلنسان يتبع للجمعية العامة لألمم المتحـدة ،فيمـا المفوضـية السـامية
لحقــوق اإلنســان ،تتبــع لألمين العــام لألمم المتحــدة ،ولكن كالهمــا يقــدم تقــاريره للمجلس اإلقتصــادي
واإلجتماعي وللجمعية العامة ،فهي إستقاللية في إطار التنسيق والتكامل في األدوار ،وبما يعـزز حمايـة
حقوق اإلنسان.
بالرغم من وجــود العديــد من الجهــزة الفرعيــة ذات الصــلة بحقــوق اإلنســان ،إال أن تركيزنــا في هــذا
المطلب ،يقتصر على مجلس حقوق اإلنسان والمفوضية السامية لحقوق اإلنسان بوصفها األكثر أهميــة
وفاعليه في مجال القانون الدولي لحقوق اإلنسان ،وفي هذا المجـال نتعـرض من ألهم األجهـزة الفرعيـة
لألمم المتحــدة في فــرعين على الشــكل التــالي ،حيث نتنــاول اآلليــات الكــبرى في الفــرع األول ،واآلليــات
الصغرى في الفرع الثاني.
تتضــمن اآلليــات الفرعيــة الكــبرى التابعــة لألمم المتحــدة نــوعين من المؤسســات وهمــا :المفوضــية
الســامية لحقــوق اإلنســان الــتي تم إحــداثها بنــا ًء على توصــيات مــؤتمر فينــا لحقــوق اإلنســان في العــام
1993م ،ومجلس حقوق اإلنسان الذي يتولى المتابعــة واإلشــراف والتنســيق بين كافــة الــدول في مجــال
إحترامهــا لحقــوق اإلنســان كمــا هــو متعــارف عليهــا علميـا ً في اإلتفاقيــات الدوليــة والتوصــيات الدوليــة
المقررة في هذا المجال.
أقــرت الجمعيــة العامــة لألمم المتحــدة ،إنشــاء منصــب المفــوض الســامي لحقــوق اإلنســان ،في العــام
1993م( .)341وقد جاء إستحداث هذا المنصب بنا ًء على توصــيات مــؤتمر فينــا لحقــوق اإلنســان في العــام
1993م ،أي أن الجمعية العامة ترجمت توصية مؤتمر فينا عمليا ً في نفس العام وبعد أشهر محــدودة من
إنتهاء أعمال المؤتمر.
) (341قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم 141 /48المؤرخ في ديسمبر 1993م.
235
كما جاء إستحداث هذا المنصب في إطار برنامج أصــالح األمم المتحــدة( .)342وتعزيــز آليــات اإلشــراف
والرقابة لحماية حقــوق اإلنســان .ويجــري إختيــار المفــوض الســامي لحقــوق اإلنســان عــبر التعــيين من
األمين العام لألم المتحدة ،وبموافقة الجمعية العومية ،ويتم تعيينه لمدة أربع سنوات قابلة للتجديــدة مــرة
واحدة.
أما من حيث متابعتهــا فهــو يمــارس مهامــه تحت مرجعيــة مســؤولية األمين العــام حيث يخضــع في
مزاولة صالحياتها ومهامه لمسائلة األمين العام لألمم المتحدة(.)343
إن عمل المفوض السامي لحقــوق اإلنســان ،تحت إشــراف ورقابــة األمين العــام ،اليحــول دون تنظيم
عالقاتــه مــع الهيئــات واألجســام الهامــة العاملــة في مجــال حقــوق اإلنســان ،وبوجــه خــاص المجلس
اإلقتصادي واإلجتماعي ومجلس حقوق اإلنسان ،حيث يقدم لهما تقارير سنوية ،هــذا عــدى عن التعــاون
والتنسيق المتواصل معهما.
باإلضافة الى ضلك ،يتعاون المفــوض الســامي وبعالقــة مباشــرة مــع الهيئــات التعاقديــة المنبثقــة عن
اإلتفاقيــات الدوليــة لحقــوق اإلنســان ،ومــع اإلجــراءات الخاصــة الــتي يشــرف على والياتهــا المقــرون
الخاصون وأفرقة العمل ،وبمعنى أخر إن المفوض السامي لحقوق اإلنسان يســهم بشــكل فاعــل بالتعــاون
والتنسيق مع كافة اآلليات لحقوق اإلنسان .كما أنه على تواصل وتعاون مع المنظمات الدولية الحكوميــة
وغير الحكومية.
وتقضتي دراسة هذا الموضوع تقسيم هذه العنصر الى ثالث فقرات ،الفقرة األولى :إختصاصــات
المفوضية السامية لحقوق اإلنسان ،والفقرة الثانية :تتناول آليات المفوضــية الســامية لحقــوق اإلنســان،
فيما الفقرة الثالثة تتطرق الى تقييم آليات المفوضية السامية لحقوق اإلنسان.
كــان الهــدف الطمــوح إلنشــاء المفوضــية الســامية لحقــوق اإلنســان "قيــادة الحركــة الدوليــة لحقــوق
اإلنســان"( ،)344خاصــة في ظــل تعــدد وتنــوع اآلليــات الدوليــة لحمايــة حقــوق اإلنســان ،والحاجــة لضــبط
سياقها ،وتنسيق مجهوداتها .وقد إنعكس هذا الطمــوح على دور وصــالحيات المفــوض الســامي لحقــوق
اإلنسان بإعتباره مسؤول األمم المتحدة الرئيس في مجال حقوق اإلنسان(.)345
بوجمعه غشير ،آليات األمم المتحدة لحماية حقوق اإلنسان والرقابة على تنفيذ اإلتفاقيات الدولية ،مرجع سابق ،ص . 233 ) (342
ليا ليفين ،حقوق اإلنسان أسئلة وأجوبة ،ترجمة :عالء شلبي ونزهه جيوسي إدريسي ،اليونيسكو ،باريس ، 12009 ،ص .92 ) (343
العمل مع المفوضية السامية لحقوق اإلنسان ،مرجع ،ص . 1 ) (344
ليا ليفين ،حقوق اإلنسان أسئلة وأجوبة ،مرجع سابق ،ص . 90 ) (345
236
كما أن الطموح وجد ترجمانه في والية المفــوض الســامي ،حيث تمتــاز بأنهــا واليــة واســعة النطــاق.
وتشمل تعزيز وحماية حقوق اإلنسان المدنية والثقافية واإلقتصادية والسياســية واإلجتماعيــة في جميــع
أنحاء العالم(.)346
وقد تم ترجمة المسؤوليات والصالحيات الواسعة للمفوض السامي لحقوق اإلنسان في قرار الجمعيــة
العامة المنشئ لها سالف الذكر ،حيث تحددت والية المفوض السامي بالمهام والصالحيات التالية:
ــ تعزيز وحماية تمتع الناس جميعا ً تمتعا ً فعليا ً بجميع الحقوق المدنية والسياسة واإلقتصادية
واإلجتماعية والثقافية.
ــ تنفيذ المهمات التي توكلها إليه الهيئات المتخصصــة في منظومــة األمم المتحــدة في ميــدان
حقوق اإلنسان ،وتقديم التوصيات إليها بغية تحسين وتعزيز حقوق اإلنسان وحمايتها.
ــ تعزيز وحماية أعمال الحق في التنمية وزياة الــدعم المقــدم لهــذا الغــرض من الهيئــات ذات
الصلة في منظومة األمم المتحدة.
ــ توفير الخدمات اإلستشارية والمساعدة التقنية والمالية ،عن طريق مركز حقوق اإلنســان
التابع لألمانــة العامــة ،وغـيره من المؤسسـات المختصـة ،بنــا ًء على طلب الـدول المعنيـة وعنـد
اإلقتضاء للمنظمات اإلقليمية لحقوق اإلنسان بهدف دعم اإلجراءات والبرامج المضــطلع بهــا في
ميدان حقوق اإلنسان.
ــ تنسيق برامج األمم المتحدة التثقيفية واإلعالمية ذات الصلة في ميدان حقوق اإلنسان.
ــ أداء دور نشط في إزالـة العقبـات الراهنـة والتصـدي للتحـديات الماثلـة أمـام األعمـال التـام
لجميع حقوق اإلنسان ،وفي الحيلولة دون إســتمرار إنتهاكــات حقــوق اإلنســان في جميــع أنحــاء
العالم.
ــ إجراء حوار مع جميع الحكومات تنفيذاً لآلليه بغية تأمين اإلحترام لجميع حقوق اإلنسان.
ــ زيادة التعاون الدولي من أجل تعزيز جميع حقوق اإلنسان وحمايتها.
ــ تنييق األنشطة الرامية الى تعزيز حقوق اإلنسان وحمايتها في جميــع انحــاء منظومــة األمم
المتحدة.
ــ ترشيد أجهزة األمم المتحدة في ميدان حقوق اإلنسان وتكييفها وتوقيتها وتبســيطها بهــدف
تحسين كفائتها وفعاليتها.
) (346سبعة عشر سؤاالً بتكرر طرحها بشأن المقررين الخاصين لألمم المتحدة ،مرجع سباق . 20 ،
237
ــ اإلشراف عموما ً على مركز حقوق اإلنسان.
ومن الجدير ذكره انــه في العـام 1997م ،تم دمج مركـز حقــوق اإلنســان ووظيفـةـ المفـوض السـامي
لحقوق اإلنسان في مكتب واحد يسمى مكتب المفوض السامي لحقوق اإلنســان ،ويتخــذ من جــنيف مقــراً
له( .)347وبموجب هــذال التعــديل ،أصــبح مكتب المفــوض الســامي يســتقبل الشــكاوي المتعلقــة بإنتهاكــات
حقوق اإلنسان.
باإلضافة الى ذلك ،يقدم المفوض الســامي لحقــوق اإلنســان المشــورة لألمين العــام لألمم المتحــدة في
مجال حقوق اإلنسان ،بما يمتلكه من خبرة مميّوة في هذا المجال ،هذا عدا عن كونه يعتبر "برتبة وكيل
لإلمين العام"(.)348
كما تتولى المفوضية السامية تسهيل مهمة عمــل الخــبراء وتوفــير الــدعم ألفرقــة العمل( .)349فبــالرغم
من تبعيتها بالمعنى اإلداري لمجلس حقوق اإلنسان ،إال أن المفوض الســامي لحقــوق اإلنســان يقــدم لهم
الدعم والترتيبات الالزمة إلنجاح عملهم.
يتضح من خالل األدوار والصالحيات للمفوض السامي لحقو اإلنسان سالفة الذكر ،أن طبيعــة الواليــة
الواسعةـ له تعطيه حرية إتخاذ مبادرات لتعزيز حقوق اإلنسان ومواجهة اإلنتهاكات أينما حدثت(.)350
كما يقوم المفوض السامي لحقوق اإلنســان بلعب دور هـام وبــارز في نشـر المعــايير الدوليــة لحقــوق
اإلنسان وآليات حمايتها ،والــترويج لهــا على مســتوى الحكومــات والمنظمــات العاملــة في مجــال حقــوق
اإلنسان ،وكذا رفدها بالخدمات اإلستشارية والمساعدة التقنية والمالية ،التي تمكنها من القيــام بمهامهــا
ووظائفها.
تستند المفوضية السامية لحقوق اإلنسان لتحقيق األدوار المناطة بهــا على العديــد من اآلليــات ،وفقـا ً
للتوضيح التالي:
أوالً :التنسيق
) (347د .طاهر جالل ،دليل اآلليات المنظومة األممية لحقوق اإلنسان ،المعهد العربي لحقوق اإلنسان ،تونس2004 ، $م.
) (348مانفرد نوواك ،دليل البرلمانيين العرب الى حقوق اإلنسان ،مفوضية األمم السامية لحقوق اإلنسان واإلتحاد البرلماني العالمي،2005 ،
ص .39
) (349سبعة عشر سؤاالً يتكرر طرحها بشأن المقررين الخاصين لألمم المتحدة ،مرجع سابق ،ص 1
) (350العمل مع المفوضية السامية لحقوق اإلنسان ،ص . 15
238
هناك العديـد من األجهـزة واللجـان العاملــة في مجـال اإلشــراف والرقابـة على حقـوق اإلنسـان ،ومن
الصعوبة بمكان أن تحقق أهدافها وتكاملها دون تنظيم عالقة تنسيقية ومنتظمة بينها .وباإلستناد لذلك تم
إســتحداث المفوضــية الســامية للتنســيق بين أجهــزة األمم المتحــدة العاملــة في وجــال حقــوق اإلنســان،
ولضمان تمتع الجميع بالحقوق السياسية والمدنية واإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية (.)351
ان وظيفة المفــوض الســامي لحقــوق اإلنســان ذات طبيعــة هامــة على مســتوى أجهــزة األمم المتحــدة
المعنيــة بحقــوق اإلنســان ،حيث يقــوم بتنســيق عملهــا لتجنب اإلزدواج ،حيث يقــوم مكتبــه في جــنيف
بسكرتارية كل اللجان التعاقدية ،بإستثناء لجنة القضاء على التمييز ضد المــرأة الــتي يقــوم بســكرتاريتها
قسم ترقية المرأة بنيويورك(.)352
ومن أهم األدوار التنسيقية التي تقوم بها المفوضــية الســامية لحقــوق اإلنســان ،العمــل كأمانــة عامــة
لجميــع هيئــات حقــوق اإلنســان ،وكأمانــة عامــة لمجلس حقــوق اإلنســان( ،)353حيث يســهم هــذا الــدور
التنسيقي في تعزيز التكامل بين اآلليات الدولية المتعدة في مجال حماية حقوق اإلنسان.
تدخل المفوضية الساميو لحقوق اإلنسان في حــوار مــع كافــة الــدول ،والهــدف من وراء هــذا الحــوار
العمل على بناء كاقات وطنيــة في مجــال حقــوق اإلنســان وتعزيــز اإلحــترام لحقــوق اإلنســان( .)354ويقــدم
مكتب المفوض السامي لهذه الغاية الخدمات اإلستشارية والتقنيــة للــدول .تســتند هــذه اآلليــة على إقنــاع
الدول بإحترام المعايير الدولية لحقوق اإلنسان وإدماجها في تشريعاتها وسياساتها ،وتحقيقا ً لهذه الغايــة
يقوم المفوض بزيارة قطرية ،ويلتقي خاللها مع كبار المسؤولين في الدول لنقاش حالــة حقــوق اإلنســان
وسبل إحترامها .وعادة ما تــولي الحكومــات إهتمامـا ً واضــحا ً بزيــارات المفــوض الســامي ،خاصــة وأنــه
يعتبر من كبار الموظفين في األمم المتحدة.
باإلضافة لتقديم المفوضية السامية لحقوق اإلنسان خدماتها وإسنادها للحكومات ،فإنها تقدم خدماتها
للمنظمات غير الحكوميةـ أيضاً ،وعلى وجه التحديد في مجال تقديم الخدمات اإلستشارية والدعم التقــني.
هذا عدا عن رفدها باألبحاث والدراسات والتدريب في مجــال حقـوق اإلنسـان .وتتمـيز عالقــة المفوضـية
بالمنظمات غير الحكوميةـ بالمرونة واليسر في شروط التعاون معها ،حيث ال تشترط المفوضــية حصــول
دليل تدريب المهنيين في مجال حقوق اإلنسان ،مكتب $األمم المتحدة السامي لحقوق اإلنسان ،جنيف 1999 ،م ،ص . 25 ) (351
بوجمعه غشر ،آليات األمم المتحدة لحماية حقوق اإلنسان والرقابة على تنفيذ اإلتفاقيات الدولية ،مرجع سابق ،ص .245 ) (352
العمل مع مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ص . 1 ) (353
مانفريد نوواك ،دليل البرلمانيين العرب الى حقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 39 ) (354
239
المنظمـــة غـــير الحكومـــة على مركـــز إستشـــاري من المجلس اإلقتصـــادي واإلجتمـــاعي للعمـــل مـــع
المفوضية( .)355ربما يكون ذلك أحد األسباب الهامة في إتســاع شــبكة عالقــات المفوضــية مــع المنظمــات
غير الحكومية.
اليقتصر عمل المفوضية على المســتوى الــدولي ،فعــدا ذلــك تقــوم بالعمــل على المســتوى اإلقليميــة،
وتحقيقا ً لهذه الغاية تنشأ المفوضية العيد من المكتب اإلقليمية ،وذلك بهدف كفالة تنفيذ وإعمال المعــايير
الدوليــة لحقــوق اإلنســان تــدريجيا ً على الصــعيد القطــري ســواء من الناحيــة القانونيــة أو الممارســة
العملية( ،)356لـــذلك عيّن مكتب المفـــوض الســـامي ممثلين إقليمـــيين من األقـــاليم الجغرافيـــة المختلفـــة
للمســاعدة في جهــود التعــاون التقــني( .)357ومن الجــدير ذكــره أن المفوضــية الســامية لحقــوق اإلنســان،
إفتتحت مكتبا ً إقليميـا ً في منـاطق السـلطة الوطنيـة بهـدف تقـديم العـون واإلسـناد لهـا ،وللمنظمـات غـير
الحكومية.
ومن خالل ما سبق يتضح إتســاع نطــاق عمــل المفوضــية على المســتوى اإلقليمي ليشــمل الحكومــات
والمنظمات اإلقليمية والوطنية ،لجهة تقديم الخدمات اإلستشارية والتقنية في مجال حقــوق اإلنســان لهــا
جميعا ً(.)358
كانت الشكاوي المتعلقة إلنتهاكات حقوق اإلنسان ،تح ّول من األمين العــام الى مركــز حقــوق اإلنســان
بجــنيف ،ولكن بعــد إدمــاج مركــز حقــوق اإلنســان بالمفوضــية الســامية لحقــوق اإلنســان ،أصــبح يتلقى
الشكاوي المتعلقة بإنتهاكات حقوق اإلنسان .
العمل مع مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسا ،مرجع سابق ص . 1 ) (355
ما نفريد نوواك ،دليل البرلمانيين العرب الى حقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 40 ) (356
ليا ليفين ،حقوق اإلنسان أسئلة وأجوابة ،مرجع سابق ،ص 93 ) (357
شهاب طالب الزوبعي ،الحماية الدولية واإلقليمية لحقوق اإلنسان في ضوء التغيرات الدولية ،مرجع سابق ،ص . 169 ) (358
240
تلعب الهيئات التعاقدية أو التعاهدية دوراً هاما ً في مجــال اإلشــراف والرقابــة على اإلتفاقيــات الدوليــة
لحقوق اإلنسان ،والتي يقصد بها "األجهــزة أو اللجــان الــتي تشــكلت بمــوجب إتفاقيــة دوليــة .وأعتمــدت
آليات محددة لحماية الحقوق التي ترعاها اإلتفاقية ،وتبيان مدى التقدم المحرز لضمان تلك الحقوق(.)359
ويتضج من التعريف أن هذه اللجـان تسـتند من حيث التشـكيل ،الى نصـوص اإلتفاقيـة المنشـأة لهـا ،
ومن حيث الوظيفــة تقــوم باإلشــراف والرقابــة على مــدى إلــتزام الــدول األطــراف بــالحقوق الــواردة في
اإلتفاقية .كما تعتبر كل لجنة جهاز رقابة على كيفية تطبيق اإلتفاقية التي نشأة في إطارهــا ( ،)360وجميــع
الهيئــات التعاقديــة تم إنشــائها بمــوجب اإلتفاقيــات المنــاظرة لهــا ،مــا عــدى لجنــة الحقــوق اإلقتصــادية
واإلجتماعية والثقافية ،فهي اللجنة الوحيدة التي لم ينص إنشائها في المعاهدات الصلة( .)361واإلتفاقيــات
التي لها لجان مناظرة هي:
.1إتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز العنصري .وتشكل بموجبهــا لجنــة للقضــاء على
التمييز العنصري ،وتتكون اللجنة من ( )18خبير ،ومدة واليتهم أربع سنوات ،وفق ـا ً للمــادة ()8
من اإلتفاقية.
.2العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية .بمقتضاه أنشأت اللجنة المعنية لحقوق
اإلنسان ،وتتكون اللجنة من ( )18خبير ،وفقا ً للمادة ( ،)28ويتم إنتخابهم ألربع سنوات.
.3العهد الدولي الخاص بالحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية .يناظرها اللجنة المعنية
بالحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية ،وال تعتبر هــذه اللجنــة تطبيق ـا ً لنص خــاص بالعهــد،
لكن جاء إنشائها بقرار المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي عام 1985م .وتتــألف اللجنــة من ()18
عضو ،يتم إنتخابهم من دول األطراف من ذوي المناقب الخلقية الرفيعة ،واإلختصاص في مجال
حقوق اإلنسان ،ويعملون فيها بصفتهم الشخصية( .)362ويتم إنتخابهم لمدة أربع سنوات(.)363
.4إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "ســيداو" .بمقتضــاها تشــكلت لجنــة
القضاء عل التمييز ضد المــرأة .ويبلــغ قــوام اللجنــة من ( )18عضــو ،عنــدا بــدأ نفــاذ اإلتفاقيــة،
ويرتفع العدد الى ( )23عضو بعدم إنضمام الدولــة الخامســة وثالثين ،من ذوي المكانــة الرفيعــة
) (359عصام الدين محمد حسن ،التقارير الحكومية وتقارير الظل والهيئات التعاهدية لحقوق اإلنسان ،مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان،
2008م ،ص . 15
) (360د .اسماعيل عبدالفتاح عبدالكافي ،معجم مصطلحات حقوق اإلنسان ،كتاب منشور على الموقع:
، www.kotobarabia.comص . 386
) (361عالء قاعود ،الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية ،مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان2002 ،م ،ص . 22
) (362المادة ( )28من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية.
) (363المادة ( )32من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية.
241
والكفاءة العالية في الميدان الذي تنطبق عليه اإلتفاقية ،ويعملون بصفتهم الشخصــية ( .)364ويتم
إنتخاب أعضاء اللجنة لمدة أربع سنوات.
.5إتفاقية مناهضــة التعــذيب وغــيره ضــروب العاملــة أو العقوبـةـ القاســية أو الالإنســانية أو
المهنية .وتشكلت لجنة لمناهضــة التعــذيب بمــوجب اإلتفاقيــة ،وتتكــون من عشــر أعضــاء ،ويتم
إنتخابهم من الدول األطراف مرة كل سنتين ،ويعملون بصفتهم الشخصية(.)365
.6إتفاقية حقوق الطفل .وقد نصت على تشـكيل لجنـة المعنيـة بحقـوق الطفـل ،وتتكـون من
عشر أعضاء يتم إنتخابهم من الدول األطراف لمدة أربع سنوات(.)366
.7اإلتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأسرهم ،يناظرها لجنــة حقــوق العامــل
المهاجرين .وتتكون من ( )12خبير عنــد بــدأ نفــاذ اإلتفاقيــة ،ويرفــع العــدد الى ( )18خبــير بعــد
إنضمام الدولة الستين .ومدة والية اللجنة أربع سنوات ،وفقا ً للمادة (.)34
.8إتفاقية حقوق األطفال ذوي اإلعاقة .تشكلت بموجبها اللجنــة المعنيــة بحقــوق األشــخاص
ذوي اإلعاقة ،وتتكون من ( )12خبير عند بدأ نفاذ اإلتفاقية ،ويزداد قوام اللجنة ب 6خبراء بعد
إنضمام أو تصديق الدولة الستين على اإلتفاقية ،ومدة والية اللجنة أربع سنوات ،حسب المادة (
)34من اإلتفاقية.
بالرغم من أوجه الشبه الكبير بين هذه اللجان ،إال أن صــالحيتها وأســاليب عملهــا التتماثــل كليـا ً(،)367
وثمــة إختصاصــات وآليــات مشــتركة للجــان التعاهديــة وهي :تلقي وبحث التقــارير المقدمــة من الــدول
األطــراف .إصــدار مبــادئ توجيهيــة .إصــدار تعليقــات عامــة .إصــدار تقريــر ســنوي عن نتــائج أعمالهــا
وتوصياتها يقدم للجمعية العامة لألمم المتحدة( ،)368وفي المقابــل تتفــرد بعض اللجنــة لبعض الصــالحيات
واآلليات الخاصة بها ،ونستعرض هنا آليات اللجان التعاقدية وهي:
يعتبر تقديم التقارير من اآلليات المشتركة لكافة اللجان التعاقديــة ،حيث تنص جميــع اإلتفاقيــات الــتي
يناظرها لجان تعاقدية على تقديم التقارير لها من الدول األطراف في اإلتفاقية.
وبهدف تسهيل وتوحيد التقارير المقدمة من الدول األطراف ،تقوم كل لجنة بإصدار توجيهــات العامــة
أو المبادئ التوجيهية ،التي تساعد الدول في إعداد التقارير المطلوبة منها بموجب أي إتفاقية أو معاهدة
) (364المادة ( )17من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز $ضد المرأة.
) (365المادة ( ) 71من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو الال إنسانية أو المهينة.
) (366المادة ( )43من اتفاقية حقوق الطفل .
) (367د .علي محمد الدباس والنائب العام علي عليان ابو زيد،حقوق اإلنسان وحرياته ودور شرعية اإلجراءات الشرطية في تعزيزها (دراسة
تحليلية لتحقيق التوازن بين حقوق اإلنسان وحرياته وأمن المجتمع $تشريعا ً وفقها ً وقضاء ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمّان ،2009 ،ص . 254
) (368عصام الدين محمد حسن ،التقارير الحكومية وتقارير الظل والهيئات التعامدية لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص 17و . 18
242
( .)369كما انها تـوفر إطـاراً موحـداً ،حيث تسـتطيع الـدول أن تقـدم تقاريرهـا من خاللـه ،وتسـتطيع لجـان
حقوق اإلنسان بدورها أن تعمل في حدوده(.)370
وتتضمن المبادئ التوجيهية التي تصدرها اللجان ،شكل ومحتــوى التقــارير األوليــة والدوريــة للــدول
األطراف أمام اللجان التعاقدية واإلجراءات المتخذه ،أو التقدم الحرز فيما يتعلق بالحقوق المعترف بها.
لقد تبين للجان التعاقدية من خالل التجربة عـدم وجـود فهم مشـترك لـدى مقـدمي التقـارير من الـدول
األطراف ،حول دالالت نصوص اإلتفاقية وبعض المصطلحات الــتي تتضــمنها ،وفي إطــار المســعى لعالج
ذلك ،إتبعت هـذه اللجـان آليـة التعليقـات العامـة ،في محاولـة للتوضـيح المـراد بأحكـام اإلتفاقيـة وتحديـد
اإللتزامــات الواقعــة على عــاتق الــدول بشــكل عملي ومحــدد بعيــداً عن الصــياغات العامــة الــتي تضــعها
اإلتفاقيات( . )371فالتعليقات العامة ،تفتسر أحكام اإلتفاقيات ومحتوى الحقوق التي تتضمنها كما أنها تمثــل
مساهمة فعالة ووسيلة حاسمة األهمية إليجاد دفعة وفهم مشترك لمواد اإلتفاقية وتطبيقها ،وعنــد إعــداد
التقارير( .)372وتصــنف التعليقــات العامــة من حيث القيمــة القانونيــة ،بمثابــة تفســير شــبه القضــائيألحكام
اإلتفاقية( . )373وبالرغم مما يصدر عن اللجان التعاقدية من مبادئ توجيهية وتعليقات عامة ،تساعد الدول
على فهم إلتزاماتها ،وشكل ومحتوى التقــارير المطلــوب تقــديمها للجـان التعاقديــة ،إال أنـه توجـد خشـية
واقعية ،بعدم موضوعية الدول في تقديم تقاريرها ،مما يتطلب فتح المجال والفرصــة للمنظمــات الوطنيـة
والوكاالت المتخصصة لتقديم تقارير موازية للتقارير الحكومية وصوالً للحقيقة.
تقــوم الــدول األطــراف بتقــديم تقــارير عن التــدابير الــتي إتخــذتها ألعمــال الحقــوق الــتي تضــمنتها
اإلتفاقيات ،وعن التقدم المحرز في التمتع بهذه الحقوق للجنة المختصة.
وتعتبر تقديم التقارير ،إلتزاما ً يقع على عاتق الدولة وليس إختياريا ً لها( .)374فهــو اإلجــراء اإللــزامي
المشترك بين جميع معاهدات حقوق اإلنسان( .)375فالدول ملزمة بتقديم نوعين من التقارير وهما:
) (369عصام الدين محمد حسن ،التقارير الحكومية وتقارير الظل والهيئات التعامدية لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 17
) (370د .علي محمد الدباس ،والنائب العام علي عليان ابو زيد ،حقوق اإلنسان وحرياته ودور شرعية اإلجراءات الشرطية في تعزيزها (دراسة
تحليلية لتحقيق التوازن بين حقوق اإلنسان وحرياته وأمن المجتمع $تشريعا ً وفقها ً وقضاء ،مرجع سابق ،ص . 258
) (371مجموعة التعليقات العامة المتعلقة بالعهد الدولي للحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية،مركز الميزان ،غزه2001 ،م ،ص.2
) (372د .طاهر بوجالل ،دليل آليات المنظومة األممية لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 44
) (373د .سعيد فهيم خليل ،الحماية الدولية لحقوق اإلنسان في الظروف اإلستثنائية ،إمديست 1998 ،م ،ص . 398
) (374د .عبدالعزيز محمد سرحان ،مقدمة لدراسات ضمانات حقوق اإلنسان (دراسة مقارنة في القانون الدولي والشريعة اإلسالمية) ،جامعة عين
شمس ،القاهرة ،1988 ،ص 126
) (375مانفريد نوواك ،دليل البرلمانيين العربي الى حقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 28
243
هو التقرير الذي تلتزم الدولة الطرف بتقدميه بعد إنضمامها لإلتفاقية ،خالل مـدة محـددة تنص عليهـا
اإلتفاقيــة ،وقــد تكــون في بعض اإلتفاقيــات خالل ســنة من نفــاذ اإلتفاقيــة مثــل :العهــد الــدولي الخــاص
بالحقوق السياسية والمدنيــة (المــادة ،)40والعهــد الــدولي الخاصــة بــالحقوق اإلقتصــادية واإلجتماعيــة
والثقافيــة( ،المــادة ،)17وإتفاقيــة مناهضــة التميــيز العنصــري( ،المــادة )9وإتفاقيــة مناهضــة التعــذيب
(المادة .)19وفي إتفاقيات أخرى ترفع التقارير اإلبتدائية خالل سنتين مثل :ثقافة حمايــة حقــوق العمــال
المهاجرين وأسرهم ،إتفاقية حقوق الطفل.
هي التقارير التي تقدمها الدول في فترة محددة وبشكل دوري ،وتختلف المدة الالزمة لتقديم التقــارير
الدورية من إتفاقيــة ألخــرى ،حيث تقــدم وفقـا ً لبعض اإلتفاقيــات مــرة كــل أربــع ســنوات ،وخــير ذلــك من
التقارير التي تطلبها اللجنــة ( .)376وفي إتفاقيــات أخــرى مــرة كــل خمس ســنوات ( .)377أمــا العهــد الــدولي
للحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية ،فقد نص على أن تقدم التقارير الدولية وفقا ً لبرنــامج تضــعها
األجهــزة الرقابة( .)378لكن المجلس اإلقتصــادي واإلجتمــاعي وفق ـا ً للقــرار /4ـ 1988م حــدد فــترة تقــديم
التقارير الدورية من كل خمس سنوات( .)379اما إتفاقية مناهضة التميــيز العنصــري ،فقــد تفــردت بــالفترة
الزمنية للتقرير الدوري ،حيث تلزم الدول األطـراف ،بتقـديم تقاريرهـا الدوريــة كـل سـنتين ،وفقـا ً للمــادة
التاسعة من اإلتفاقية ،ويتم النظر ومناقشة التقارير وفق اآللية التالية:
تعتــبر التقــارير عبــارة عن :كشــف حســاب الدولــة الطــرف أمــام اللجنــة لحســن تنفيــذها ألحكــام
اإلتفاقية( .)380وهي وسيلة يتم بمقتضاها تقييم حالة تنفيذ إلتزامات حقوق اإلنسان( .)381كمـا تعتـبر إحـدى
دالالت على إلتزام الدول األطراف بالوفاء بتعهداتها التعاقدية.
) (376المادة ( ) 19اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب العاملة أو العقوبة القاسية او الال إنسانية أو المهنية ،المادة ( )18من اتفاقية
القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ،والمادة ( )35من اتفاقية حماية حقوق العمال المهاجرين وأسرهم \ ،والمادة ( )19من اتفاقية
مناهضة التعذيب.
) (377المادة ( )44من اتفاقية حقوق الطفل .
) (378المادة ( )17الفقرة ( 19من العهد الدولي الخاص بالحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية.
) (379عالء قاعود ،الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية ،مرجع سابق ،ص . 23
) (380د .عبدهللا علي عبدو سلطان ،دور القانون الدولي الجنائي في حماية حقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 24
) (381د .محمد سامي عبدالحميد ومصطفى سالمة حسين ،القانون الدولي العام ،الدار الجامعي ،اإلسكندرية ،1998 ،ص . 267
244
وتتم مناقشة التقارير وفقا ً للتالي:
ــ يُدعى ممثل الدولة الطرف الى عرض التقارير بإبـداء تعليقـات إسـتهاللية مـوجزة ،وتقـديم
أي ردود كتابية على قائمة المسائل التي يضعها الفريق العامل السابق للدورة.
ــ تنظر اللجنة في التقرير في التقرير عل أساسا كل مجموعة من المــواد ،آخــذة في اإلعتبــار
بشكل خاص الردود المقدمة من الدولة المعنية والمتعلقةـ بقائمــة المســائل الــتي أعــدتها اللجنــة.
وعادة ما يقوم الرئيس دعوة أعضاء الجنــة الى توجيــه األســئلة وإبــداء المالحظــات والتعلقيــات
بصدد كل مسألة من المسائل.
ــ يدعو رئيس اللجنة ممثلي الدولة الطرف ال الــرد فــوراً على المســائل الــتي التتطلب مزيــداً
من التفكير أو البحث ،أما األسئلة األخرى التي تبقى بغـير ردود عليهـا ،فيتم تناولهـا في جلسـة
الحقة أو عند اإلقتضاء.
ــ يجــوز دعــوة ممثلي الوكــاالت المتخصصــة وغيرهــا من الهيئــات الدوليــة ذات الصــلة الى
المساهمة في أية مرحلة من مراحل الحوار.
هي عبارة عن قرار اللجنة فيما يتعلق بوضعية تطبيق اإلتفاقية في املة الطرف وإســتنتاجات
وتوصيات اللجنة( .)382وتتضمن عادة األمور لرئيسية التي هي موضع نقــاش ،وكــذا المقترحــات
والتوصيات للحكومة المعنية بشأن طرق تطبيق العهد على نحو أفضل(.)383
بعد دراسـة التقـارير الموازيـة وإبـداء اللجنـة إقتراحاتهـا وتوصـياتتها ،تعـد اللجنـة تقريرهـا
وتدرج بـه كـل المقترحـات التوصـيات العامـة مشـفوعة بتعليقـات الـدول األطـراف والخـبراء إن
وجدت( .)384فكــل لجنــة تصــدر تقريــراً ســنويا ً عن نتــائج أعمالهــا وتوصــياتها يقــدم الى الجمعيــة
العامة المتحدة بواسطة األمين العام لألمم المتحدة.
.2التقارير الموانة
قد تقوم الدول بتقديم معلومات وإحصائات غير دقيقــة في التقــارير المقدمــة للجــان التعاقديــة
المختصــة ،وذلـك بهــدف إقنـاع اللجنــة بأنهـا تتخــذ اإلجــراءات الالزمـة لتنفيــذ اإلتفاقيـة والتقيـد
) (382د .طاهر بو جالل ،دليل آليات المنظومة األممية لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 28
) (383ليا ليفين ،حقوق اإلنسان أسئلة وأجوبة ،مرجع سابق ،ص . 28
) (384الحبيب الحمدني وحفيظة شقير ،حقوق اإلنسان بين اإلعتراف الدولي وتحفظات $الدول العربية ،مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان،
القاهرة ،2008 ،ص .79
245
بأحكامها .فالتقــارير المقدمــة من الــدول األطــراف التعكس بدقــة حالــة حقــوق اإلنســان في البلــد
المعني ،والتحــدد المعيقــات والعقبـات الــتي تعـترض تنفيـذ اإلتفاقيـة أو اإلنتهاكــات الــتي إرتكبت
ألحكامها .وعادة ما تحاول الدول إثبات أنها تنفذ افتفاقيات الدوليــة لحقــوق اإلنســان بحســن نيــة
حفاظا ً على صورتها أمام الرأي العام ،وخشية توجيه مالحظات لها من اللجنة.
ولمحاولة الوصــل للحقيقــة ،تعتمــد اللجنــة على التقــارير والمعلومــات الــتي تمتلكهــا المنظمــات غــير
الحكومية ،حيث يحق للمنظمات غير الحكوميةـ أن تقدم تعليقــات ومعلومــات إضــتفية عن التقريــر قب ان
يجري فحصه من اللجة( .)385إن التقرير الذي تقدمــه المنظمــات غــير الحكوميــة للجــان المختصــة يســمى
أيضا ً تقريراً موازيا ً أو تقرير ظل( .)386فهو مواز للتقرير المقدم من الدولــة ،ويســاعد اللجنــة الى جــوازر
التقرير المقدم من الدولة في التوصل الى الحقيقة.
وقد يكون التقرير المقدم من المنظمات الحكومية ،تقريراً مستقالً،او مالحظــات على التقريــر المقدمــة
من الدولــة ،وهــذا يتطلب إطالع المنظمــات غــير الحكوميـةـ على التقريــر المقــدم من الدولــة ،لتتمكن من
إبداء مالحظاتها عليه ،ومن ثم تزويد اللجنة به.
ومن المهم أن تقدم المالحظات والتقارير من المنمات ير الحكومية قبل أن تقوم اللجنة بفحص التقــير
من الدولة المعنية مع الدولة المعنية ذاتها .خاصة وأن تقارير الظل تساعد أعضــاء الهيئــة التعاقديــة في
التوصـــل الى إســـتنتاجات أكـــثر دقـــة وأكـــثر موضـــوعية ،تجـــاه هـــذه القضـــية أو تجـــاه المشـــكالت
واإلنتهاكات( ،)387فكلمــا زاد تــدفق المعلومــات لــدى اللجنــة ،إزدادت قــدرتها على القيــام بــدورها الرقــابي
واإلشرافي بدقة وشمولية.
إن العمل بآلية التقارير الموازية ،يحمـل الـدول على تحـري الدقـة والموضـوعية عنـد قيامهـا بإعـداد
التقارير الدولية للجنة ،خاصة في ظل معرفتها وشعورها بأن هناك جهات أخرى تقدم تقارير موازية.
باإلضافة لحــق المنظمــات غــير الحكوميــة في تقــديم تقــارير موازيــة ،يحــق لهــا أيضـا ً أن تشــارك في
إجتمعات فرق العمل التابعة للجنة ،والــتي تعقـد قبـل كــل حاسـة بهدفــة تحضـير األئلــة الـتي تســاعد على
توجيه وفحص التقارير(.)388
ومن الطــبيعي أن يســاهم حضــور المنظمــات غــير الحكوميــة في اإلجتماعــات التحضــرية في إغنــاء
معلومات اللجنة عبر إسهامها في فحص التقريــر المقــدم من الدولــة من ناحيــة ،والتحضــير لألســئلة من
نحيـة أخـرى ،ويـترتب على ذلـك أيضـا ً حضـور رأي وصـوت ومالحظـات المنظمـات غـير الحكوميـة في
ليفا ليفين ،حقوق اإلنسان أسئلة وأجوبه ،مرجع سابق ،ص . 28 ) (385
بوجمعه غشير ،آليات األمم المتحدة لحماية حقوق اإلنسان والرقابة على تنفيذ اإلتفاقيات الدولية ،مرجع سابق ،ص . 130 ) (386
عصام الدين محمد حسن ،التقارير الحكومية وتقارير الظل والهيئات التعامدية لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق . 32 ، ) (387
ليفا ليفين ،حقوق اإلنسان أسئلة وأجوبه ،مرجع سابق ،ص . 28 ) (388
246
اإلجتماع الرسمي الذي تعقده اللجنة الحقا ً مع الدولــة مقدمــة التقريــر ،خاصــة بعــد أن تمكنت اللجنــة من
ســماع رأي المنظمــات غــير الحكوميــة ،عــبر التقــارير الموازيــة المقدمــة منهــا ،وعــبر مشــاركتها في
اإلجتماعات التحضيرية.
وهناك آليـات أكـثر فعاليـة لبعض اللجـان التعاقديـة في مجـال مشـاركة المنظمـات غـير الحكوميـة في
نقــاش التقــارير المقدمــة من الدولــة وإبــداء المالحظــات عليهــا ،حيث تســمح لجنــة الحقــوق السياســية
والمدنية ولجنة الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافة ولجنة حقوق الطفل للمنظمات غــير الحكوميــة
بالحديث أمام اللجنــة في جلســات خاصة( .)389وهــذه الجلســات الخاصــة تفتح المجــال لمنظمــات المجتمــع
المدني بمناقشة الدولة بشكل مباشر حول التقرير المقدم منها وإبداء المالحظات عليها.
من الجدير ذكره أن اللجان التعاقدية التكتفي بالتقارير الموازية المقدمة من منظمات المجتمع المــدني
الوطنية ،بل تفتح المجال واسعا ً للوكــاالت المتخصصــة أيضـا ً لتقــديم مــا لــديها من معلومــات حــول حالــة
حقوق اإلنسان في الدولة التي قدمت تقريرهــا ،الســيما وأن الوكــاالت المتخصصــة تمتلــك قاعــدة بيانــات
ومعلومات هامه فيما يتعلق في مجاالت عملها .
إن المعلومات الواردة من قبــل الوكــاالت المتخصصــة كمنظــة العمــل الدوليــة وبرنــامج األمم المتحــدة
اإلنمائي ومنظمة األمم المتحدة للتربيــة والثقافــة والعلــوم (اليونيســكو) ومنظمــة األمم المتحــدة للطفولــة
(اليونيسيف) تساعد اللجان التعاقديـة في فحص تقـارير وإبـداء المالحظـات عليهـا بطريقـة موضـوعيه،
فالتقارير والمالحظات مقدمة من الوكاالت المتخصصة الى جانب المعلومات المقدمة من قبــل المنظمــات
غير الحكومية ،سواء كانت شفهية أو في شكل تقارير تساعد اللجان التعاقدية على الوقــوف على حالــة
حقوق اإلنسان عن كثب في البلد المعني وتمكنها من فحص مصداقية وموضوعية التقــارير المقدمــة من
الدول .
أخذت العديد من اإلتفاقيات أو البروتوكوالت المكملة بآلية الشكاوى في حاالت عـدم التقييـد بأحكامهـا
وبعض اإلتفاقيات أخذت بنظام الشكاوي ما بين الدول والبعض اآلخر عززت هذه اآلليــة بتلقي الشــكاوي
المقدمة من األفراد ،وتعتبر آلية الشكاوي "نظام قانوني مبني على الرضا"( .)390والرضــا المقصــود هــو
الرضا من الدول األطراف خاصة أن تفعيل آلية الشكاوي لدى الــدول األطــراف يحتــاج في بعض الحــاالت
إلى إعالن صريح من قبل الدولة الطرف بقبول إختصــاص اللجنــة التعاقديــة في النظــر بالشــكاوي ســواء
المقدمة من الدول أو األفراد.
) (389مانفريد نوواك ،دليل البرلمانيين العرب الى حقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 29
) (390د .علي محمد الدباس ،و د.علي عليان ابو زيد ،حقوق اإلنسان وحرياته ودور شرعية اإلجراءات الشرطية في تعزيزها (دراسة تحليلية
لتحقيق التوازن بين حقوق اإلنسان وحرياته وأمن المجتمع تشريعاً $وفقها ً وقضاء ،مرجع سابق ،ص . 75
247
وفي حاالت أخرى يتطلب إعمال هذه اآلليــة إنضــمام الدولــة الطــرف للــبروتوكول الملحــق باإلتفاقيــة.
السيما وأن التنظيم القانوني للشكاويإما يجد مرجعياته في اإلتفاقية أو في البروتوكول الملحق بها.
وتحظى آليــة الشــكاوي بإهتمــام واضــح من المنظمــات المحليــة والدوليــة العاملــة في مجــال حقــوق
اإلنسان بإعتبارها أحـد اآلليـات الـتي أسـهمت في الحـد من سـيادة الدولـة ،في ظـل تسـليم الـدول بتقـديم
شكاوي ضدها للجان التعاقدية من الدول األخرى أو من مواطنيها ،وما يعنيــه ذلــك من جعــل الفــرد يقــف
في مواجهة دولته على وجه المساواة.
وآلية الشكاوي اليعتبر نقضيا ً آللية التقارير بل هو "نظــام مكمــل لنظــام التقــارير وليس بــديالً عنــه"
( .)391ومع ذلك ثمة فرق جوهري ما بين آلية تقديم التقارير وآلية تلقي الشــكاوي رغم العالقــة التكامليــة
والعضوية بينها.
فتقديم التقارير ،نظام إلزامي لكل دولة طرف في اإلتفاقية ،وإعماله اليتطلب أية إجــرءات أخــرى من
الدولة ،حيث تصبح الدولة ملزمة به بعد انضامها لإلتفاقية .أما آليــة الشـكاوي تســتند أساسـها القـانوني
على الرضا من الدول األطراف ،ويتطلب إعماله لدى الدولة الطرف إجراءات مكملة لإلنضمام لإلتفاقيــة.
ويشمل آلية تقديم الشكاوي نــوعين من الشــكاوي وهمــا األول :الشــكاوي المقدمــة من الــدول ،والثــاني:
الشكاوي المقدمة من األفراد.
وللتعــرف على نظــام الشــكاوي ،ســوف نعــرض في الفــرع األول للشــكاوي المقدمــة من الــدول ،وفي
الفرعه الثاني للشكاوي المقدمة من األفراد ،وفي الفرع الثالث :تقييم نظام الشكاوي.
تعتبر آلية تقـديم الشـكاوي من دولـة ضـد دولـة أخـرى حـال عـدم الوفـاء بإلتزاماتهـا التعاقديـة ،أحـد
اآلليات المنصوص عليها في بعض اإلتفاقيات ،دون سواها وتسمى هذه الشكاوي بالبالغات .لذا التعتــبر
آلية الشكاوي من اآلليات المشتركة لكافة اإلتفاقيات ،وهذه أحد جوانب اإلختالف بينهــا وبين آليــة تقــديم
التقارير ،فجميع اإلتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان تنص على آلية تقديم التقارير للجان التعاقدية وبشكل
إلزامي بمجرد اإلنضمام إلى اإلتفاقية ،ودون حاجــة إلى إجــرءات أخــرى ،فيمــا آليــة تقــديم الشــكاوي من
الدول تختص بها بعض اللجان فقط دون سواها.
) (391د .عمر صدوق ،محاضرات في القانون الدولي العام ،مرجع سابق ،ص . 158
248
إن اللجان التعاقدية التي يحق لها النظر في الشكاوي المقدمة من الدول هي :اللجنــة المعنيــة بحقــوق
اإلنسان ،لجنة مناهضة التعذيب ،لجنة القضاء على التمييز العنصــري ،لجنــة حمايــة العمــال المهــاجرين
وأسرهم(.)392
ويشترط في هذه اآللية أن تكــون الدولــة الشــاكية والمشــتكى عليهــا أطرافـا ً في اإلتفاقيــة ،وأن تكــون
الدولة المشتكى عليها لم تقدم بالوفاء باإللتزامات التي رتبتها اإلتفاقية.
وتستند هذه اآللية الى مفهوم يقول "بأن كل دولة طرف لها مصلحة قانونية بموجب القانون الــدولي
في وفاء كل دولة طرف أخرى باإللتزامات(.)393
كما أن إختصاص اللجنة في تلقي الشكاوي هو إختصاص إختياري يحق للدولة أن تقبلــه او ترفضــه،
وال يتم إعمالــه بمجــرد إنضــمام الدولــة لال إتفاقيــة ،بــل باإلضــافة الى ذلــك يجب أن يصــدر عنهــا إعالنـا ً
صريحا ً بقبول إختصاص اللجنة المعنية بإستالم ونظر البالغات .وعليه اليجوز للجان إســتالم الشــكاوي،
إال إذا صدر عن الدولة إعالن صريح بإختصاص اللجنة ( .)394وكون الدول غــير ملزمــة بشــكل ميكــانيكي
بهذه اآللية ،واليجوز إجبارها أو الضغط عليها لقبوله ،يتسم هذا النظام في الرضاء التام للدولة.
فأعمال هذه اآللية يتطلب أن يصدر هــذه اإلعالن الصــريح من الــدول األطــراف "ال إذا قبلت الــدولتين
ممارسة اللجنة االختصاص"( .)395ومن الجدير ذكره ،نظام الشــكاوى في اتفاقيــة مناهضــة القضــاء على
كافة أشكال التمييز العنصري ،ال يحتاج إلى إعالن صريح ومسبق باختصــاص اللجنــة ،فبموجبهــا يعتــبر
"هذا االختصاص إجباري(.")396
أما من الناحية اإلجرائية ،فإن الشكاوى المقدمة للجان ،تمر بعدة مراحل "تبدأ باالتصاالت بين الدول
ثم اإلجراءات أمام اللجنة المعنية أمام لجنة خاصة بالتوفيق"(.)397
يجوز ألي دولة طرف أن تلفت نظر دولة طــرف أخــرى من خالل رســالة ،بأنهــا ال تقــوم .1
بتنفيذ االتفاقية.
) (392انظر بخصوص اعتراف الدول بإختصاص اللجان التعاقدية بتسلم بالغات تنطوي على إدعاء عدم التزام دولة طرف باإلتفاقية التالية :المادة
( )41من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية ،والمادة ( )11من اتفاقية مناهضة التمييز ،والمادة ( )21 .1من اتفاقية مناهضة
التعذيب ،والمادة ( )76من اإلتفاقية الدولية لحماية العمال المهاجرين وأسرهم.
) (393مانفريد نووراك ،دليل البرلمانيين العرب الى حقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 29
) (394د .علي محمد الدباس والمدعي العام علي عليان ابو زيد ،حقوق اإلنسان وحرياته ودور شرعية اإلجراءات الشرطية في تعزيزها (دراسة
تحليلية لتحقيق التوازن بين حقوق اإلنسان وحرياته وأمن المجتمع $تشريعا ً وفقها ً وقضاء ،مرجع سابق ،ص .271
) (395شهاب طالب الزوبعي ،الحماية الدولية واإلقليمية لحقوق اإلنسان في ضوء المتغيرات الدولية ،مرجع سابق ،ص . 180
) (396لمزيد من المعلومات أنظر :د .طاهر بوجالل ،دليل آليات المنظومة الممية لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص 47و.48
) (397شهاب طالب الزوبعي ،مرجع سابق ،ص .18
) (398لمزيد من المعلومات ،أنظر د .طاهر بوجالل ،دليل آليات المنظومة األممية لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص 47و . 48
249
على الدولة المشكو ضدها أن ترد في غضون ثالثــة أشــهر ،مــا تم اتخــاذه من إجــراءات .2
ووسائل لمعالجة ما ورد بالرسالة.
إذا لم تتوصــل الــدولتان لتســوية يحــق ألي منهمــا ،أن تحيــل الموضــوع إلى اللجنــة .3
المختصة ،في غضون ستة أشهر من تاريخ استالم الدولة للبالغ األول.
تعقد اللجنــة جلســات ســرية لبحث الموضــوع ،بعــد تأكــدها من اســتنفاذ طــرق التظلم .4
الداخلية.
تعرض اللجنة مساعيها على الدولتين للتوصل لتسوية ودية. .5
قدم اللجنة تقريراً في غضــون عــام تــاريخ اســتالمها للمســألة ،وفي حــال عــدم التوصــل .6
لتسوية ،يتضمن تقريرها بيانا موجزاً بالوقائع و مضمون الحل الـودي ،أمـا إذا لم يتم التوصـل
لهــذا الحــل ،فيتضــمن التقريــر عرضـا ً مــوجزاً للوقــائع ،و المــذكرات الخطيــة والشــفوية ،الــتي
قدمتها الدولتان.
تقوم اللجنة في حال موافقة الدولتين ،بتعيين هيئة توفيق ،وتتكون من خمســة أعضــاء، .7
وعلى لجنة التوفيق ،في مدة ال تتجاوز عام تقديم تقريرلرئيس اللجنة.
يتضــمن التقريــر عرض ـا ً للوقــائع وللحــل الــودي ،و في حــال عــدم التوصــل لحــل ودي، .8
يتضمن عرضا ً موجزاً للوقائع ،وما تستلمه اللجنــة من مــذكرات خطيــة و محاضــر للمالحظــات
الشفوية من الدولتين.
يحق لألفراد تقديم شكاوى للجـان التعاهديــة ،إمــا بنص بعض االتفاقيــات الدوليـة لحقــوق االنســان أو
خالل بروتوكول ملحق بها ،ضد دولتهم( .)399ومن الجدير بالذكر أن اتفاقيــة حقــوق الطفــل لم تاخــذ حــتى
تاريخه بآلية الشكاوى الفردية ،سواء كان ذلك في االتفاقية نفسها ،أو في البروتوكوالت الملحقة بها ،ما
يعتبر أحد النواقص الهامة في آليات حمايــة الحقــوق الــواردة في االتفاقيــة .كمــا أن الحقــوق االقتصــادية
واالجتماعية والثقافية "يقتصر اإلشراف على تطبيق االتفاقية بتلقي التقارير ،التي تلتزم الدول االطراف
في هــذه االتفاقيــة بتقــديمها إلى األمين العــام لألمم المتحــدة ،و الــذي يحيلهــا إلى المجلس اإلقتصــادي
) (399اإلتفاقيات والبروتوكوالت $التي تأخذبآلية الشكاوى الفردية :اتفاقية مناهضة التمييز $العنصري وفقا ً للمادة ( ، )14اتفاقية مناهضة التعذيب
وفقا ً للمادة ( ،)22واإلتفاقية الدولية لحماية العمال المهاجرين وأسرهم وفقا ً للمادة ( ، )77والبروتوكول األول الملحق بالعهد الدولي الخاص
بالحقوق السياسية والمدنية وفقا ً للمادة ( ،)1والبروتوكول الملحق بإتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز $ضد المرأة وفقا ً للماتين (1و ، )2
والبروتوكول الملحق بإتفاقية حقوق ذوي اإلعاقة وفقا ً للمادة ( . )1والمادة ( )1من البروتوكول $الخاص بالعهد الدولي الخاص بالحقوق اإلقتصادي
واإلجتماعية والثقافية.
250
واإلجتماعي( ." )400لقد كان العهد يعاني من غياب آلية الشكاوى للدول واألفراد معاً ،و لكن تم عالج هذه
الثغرة بالبروتوكول األول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق اإلقتصادية و اإلجتماعية(. )401
لقد باتت جميع اللجان ،تمتلك الصالحية بتسلم الشكاوى الفردية ،من أكثر نظم حماية حقوق اإلنســان
أهمية و فعالية ،ألنها توفر لألفراد آلية لمساءلة دولتهم أمام األجهزة الدولية المختصــة ،بغيــة الحصــول
على الحماية الدولية المناسبة(.)402
ويتطلب إعمال هذه اآللية قبول الدولة المعنية،إختصــاص اللجنــة بتلقي الشــكاوى ،إمــا بــإعالن قبــول
المادة التي تنص على هذه اآللية في اإلتفاقية ،أو باإلنضمام لبروتوكول شكاوى ملحق باإلتفاقية( .)403لــذا
يعتبر هذه اآللية إختيارية وقائمــة على رضــا الــدول األطــراف كونهــا يتطلب إتجــاه إرادة الدولــة المعنيــة
برضا تام لقبول إختصاص اللجنة بتلقي الشكاوى .وتمر الشكاوى الفردية بــأربع مراحــل وفقـا ً للتوضــيح
التالي(: )404
تقدم الشكاوى من األفراد إلى أمانة اللجنة التعاقدية المختصة عن طريق المفوضــية الســامية لحقــوق
اإلنسان بجنيف ،ثم تقوم اللجنة بإرسال الشكوى للدولة المعنية للتعليق عليها خالل شهرين.
تعرض الشكوى على فريق عمل مكــون من خمســة أعضــاء منتخــبين من اللجنــة ،ولفريــق العمــل أن
يطلب من مقدم الشــكوى أو الدولــة المعنيــة أيــة معلومــات أو مالحظــات خطيــة إضــافية ،تتعلــق بــالقبول
الشكلي للشكوى .ويشترط لقبول الشـكوى شـكالً أن تكـون الشـكوى معلومـة المصـدر وموقعـة ،وتتعلـق
بإنتهاك حق من الحقوق المنصوص عليها في اإلتفاقية ،وأن تكون كتابيا ً من الضــحية أو أحــد أقاربــه أو
أشخاص يأذن لهم المشتكي صراحة .أن يكون المشــتكي في واليــة دولــة طــرف في اإلتفاقيــة ،وأســتنفذ
طرق الطعن الداخلية ،وأن التكون الشكوىـ نفسها منظورة أمام هيئة أخرى من هيئات التحقيق الـدولي .
أما الدولة المشتكى عليها فيشترط أن تكون اعترفت بإختصاص اللجنة وأن يكون اإلنتهاك وقع بعد نفــاذ
اإلتفاقية للدولة المعنية.
) (400د .علي محمد الدباس والمدعي العام علي عليان ابو زيد ،حقوق اإلنسان وحرياته ودور شرعية اإلجراءات الشرطية في تعزيزها (دراسة
تحليلية لتحقيق التوازن بين حقوق اإلنسان وحرياته وأمن المجتمع $تشريعا ً وفقها ً وقضاء ،مرجع سابق ،ص . 74
) (401اعتمد البروتوكول اإلختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية في 10ديسمبر 2008م،وعرض
للتوقيع والتصديق واإلنضمام في 24سبتمبر2009 $م.
) (402د .سعيد فهيم خليل ،الحماية الدولية لحقوق اإلنسان في الظروف اإلستثنائية ،مرجع سابق ،ص . 402
) (403تقديم الشكاوى آلليات األمم المتحدة ،ص http//www.crin.org/resources/ingodetail.asp?id=20312 ، 1
) (404انظر لهذا الخصوص :د .طاهر بوجالل ،دليل آليات المنظومة األممية لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص 48و . 49
251
المرحلة الثالث :تحديد الوقائع
يتم النظر في الشكوى على أساس الوقائع الموضوعية ،وتبدأ هذه المرحلة بمطالبة الدولة بتفسيرات
وتوضيحات حول الشكوى ،وما إذا كانت قد إتخذت إجراءات لتسويتها .وتمنح الدولة المعنيــة مــدة ســتة
أشهر لتقديم وثائقها حول الشكوى ،وتتاح الفرصة للمشتكي إلبداء رأيه وتعليقاته على ما قدمتــه الدولــة
المعنية.
تشكل مجلس حقوق اإلنسان بموجب قرار الجمعيـة العامـة لألمم المتحـدة رقم (/ 60ـ )251الصـادر
بتاريخ 15مارس 2006م ،ويتخذ المجلس من جنيف مقــراً لــه .لقــد تم تأســيس مجلس حقــوق اإلنســان
ليشكل بديالً عن لجنة حقوق اإلنسان المشكلة في العــام 1946م ،من المجلس اإلقتصــادي واإلجتمــاعي،
وذلك بسبب فشل اللجنة وضعف دورهــا من ناحيــة أولى ،وإتباعهــا سياســة المكيــالين من ناحيــة ثانيــة،
والمساعي الرامية الى إصالح األمم المتحدة من ناحية ثالثة.
لقد صــوتت ( )170دولــة لصــالح القــرار من مجمــوع ( )191دولــة ،بينمــا عارضــته أربــع دول هي:
أمريكــا ،اســرائيل ،جــزر المارشــال وبــاالو .وأمتنعت ثالث دول أخــرى عن التصــويت هي" ايــران ،
وبيالروسيا وفنزويال(.)405
ويمتاز مجلس حقوق اإلنسان عن لجنـة حقـوق اإلنسـان بتبعيتـه مباشـرة للجمعيـة العامـة .بإعتبـاره
هيئة فرعية تابعة لها( . )406في حين كانت اللجنة تتبع للمجلس اإلقتصادي واإلجتماعي ،مما يعطيه منزلة
رفعية تتناسب مع أهمية الوظيفية الموكلة به .كمــا أن تبعيتــه للجمعيــة العامــة ســاهم في تجــاوز مشــكلة
اإلرتبــاط بـالمجلس اإلقتصــادي واإلجتمـاعي الـتي طالمـا عــانت منهــا اللجنــة سـابقاً ،حيث كــان المجلس
اإلقتصادي واإلجتماعي يقوم بدور الوسيط بين المنحلة والجمعيةـ العامة.
يتكــون مجلس حقــوق اإلنســان من ( )47عضــواً يتم إنتخــابهم من الجمعيــة العامــة باألغلبيــة عــبر
اإلقتراع السري من أغلبية أعضاء الجمعية لمدة ثالث سنوات ،واليجوز إعــادة إنتخــابهم لشــغل واليــتين
متتاليتين .ويستند توزيع المقاعد على التوزيع الجغرافي العادل ،بواقــع ( )13للــدول اإلفريقيــة ،و ()13
) (405مولود احمد مصلح ،القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان ،رسالة ماجستير ،األكاديمية العربية المفتوحة،الدنمارك،
، 2008ص . 120
) (406بندر بن تركي بن الحميدي العتيبي ،دور المحكمة لجنائية الدولية الدائمةفي حماية حقوق اإلنسان ،رسالة ماجستير ،جامعة نايف للعلوم
األمنية ،السعودية ،2008 ،مرجع سابق ،ص . 83
252
للــدول اآلســيوية )6( ،دول أوروبــا الشــرقية )8( ،دول أمريكــا الالتينيــة ومنطقــة الكــاريبي ،و ( )7دول
غرب أوروبا (.)407
ويقتضي البحث في هذا الموضوع تقسيم هــذا العنصــر الى ثالث فقــرات ،تتنــاول األولى إختصاصــات
مجلس حقوق اإلنسان ،والثانية خصص آلليـات المجلس ،والثالثـة تعــرض لتقــييم آليـات مجلس حقــوق
اإلنسان.
يتمتع مجلس حقوق اإلنسان بواليــة واســعةـ النطــاق في مجــال حقــوق اإلنســان ،وقــد إنعكس التوجــه
لعالج ما وقعت فيه لجنة حقوق اإلنسان من ثغــرات على إختصصــات المجلس ،فهــو "الهيئــة الحكوميــة
الدولية الرئيسية في األمم المتحدة التي تضطلع بالمسؤولية عن حقوق اإلنسان(.)408
أما من حيث مرجعية المجلس ،فإنه يتبع للجمعية العامة مباشرة بإعتباره هيئة فرعية تابعة لها ،مــا
يعطيه منولة رفية تتناسب مع أهمية الوظيفة الموكلة إليه(.)409
والتنحصر إختاصات وصالحيات المجلس على حماية حقوق اإلنسان في حاالت السلم فقط ،بل واليته
العامة تعطيه الحق في التدخل أيضا ً لحماية حقوق اإلنســان في حــاالت النزاعــات المســلحة .وقــد مــارس
مجلس حقــوق اإلنســان اختصاصــا في مجــال القــانون الــدولي اإلنســاني ،عنــدما قــام الجيش الصــهيوني
بعدوانه على قطاع غزة ،حيث قام بتشكيل لجنة تحقيق دولية برئاسة القاضي غولدستون للتحقيــق في
الجرائم التي أرتكبت بحق أبناء الشعب الفلسطيني.
وقد تناول قرار الجمعية العامــة لألمم المتحــدة المتعلــق بتشــكيل مجلس حقــوق اإلنســان إختصاصــات
المجلس ( ،)410وذلك وفقا ً للتوضيح التالي:
تناط بالمجلس مسؤولية تعزيـز اإللـتزام العـالمي لحقــوق اإلنســان والحريـات األساســية للجميــع دون
تمييز من أي نوع وبطريقة عادلة ومنصفة ،وفقا ً للبند رقم ( )2من قرارا الجمعية العامــة لألمم المتحــدة
المتعلق بتشكيل المجلس.
) (407البند السابع من قرارا الجمعية العام لألمم المتحدة رقم 251 / 60المؤرخ في 15مارس 2006م.
) (408العمل مع مفوضية المم المتحدة السامية لحقوق اإلنسان ،دليل المنظمات غير الحكومية في تقديم الشكاوى ،جنيف ،دون سنه طباعة ،ص
.5
) (409مولود أحمد مصلح ،القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 120
) (410قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم 251/ 60المؤرخ في 15مارس 2006م.
253
يقــوم المجلس بمعالجــة إنتهاكــات حقــوق اإلنســان بمــا فيهــا اإلنتهــاك الجســيمة والمهمجيــة ،وتقــديم
توصيات بشـأنها .كمـا ينبغي أن يقـوم المجلس بتعزيـز التنسـيق الفعـال بشـأن حقـوق اإلنسـان ،وتعميم
مراعاتها داخل منظومة األمم المتحدة ،وفقا ً للبند رقم (.)3
وتضمنت الفقرة ( )5من قرارا الجمعية العامة جملة من اإلختصاصات التي توجب قيام المجلس بها ،
وهي:
* النهــوض بــالتثقيف والتعليم في مجــال حقــوق اإلنســان ،فض ـالً عن الخــدمات اإلستشــارية
والمساعدة التقنية وبناء القدرات بالتشاور مع الدول األعضاء المعنية وبموافقتها.
* اإلضــطالع بــدور منتــدى للحــوار بشــأن القضــايا الموضــوعاتية المتعلقــة بجميــع حقــوق
اإلنسان.
* تقــديم توصــيات الى الجمعيــة العامــة لمواصــلة تطــوير القــانون الــدولي في مجــال حقــوق
اإلنسان.
* تشــجيع الــدول األعضــاء على تنفيــذ كامــل اإللتزامــات الــتي تعهــدت بهــا في مجــال حقــوق
اإلنسان.
* إجراء استعراض دوري شامل يستند الى معلومات موضوعية وموثوق بها لمدى وفاء كل
دولة بإلتزامات وتعهداتها في مجال حقوق اإلنسان.
* اإلضطالع بدور ومسؤوليات لجنة حقوق اإلنسان فيما يتصل بعمل مفوضية األمم المتحدة.
* العمــل بتعــاون وثيــق في مجــال حقــوق اإلنســان مــع الحكومــات والمنظمــات اإلقليميــة
والمؤسسات الوطنية لحقوق اإلنسان والمجتمع المدني.
أما فيما يتعلق باألدوار والمهام واإلجراءات التي كــانت تقــوم بهــا لجنــة حقــوق اإلنســان ،فقــد انتقلت
للمجلس "جميع الواليات واآلليات والوظــائف والمســؤوليات الــتي كــانت بيــد اللجنــة من قبــل"( .)411مــع
اعطاء صالحية للمجلس بإعادة النظر في كل ما ورثه عن اللجنة بهدف تحسينها وتطويرها.
ولقد انعكست هذه المهــام الواســعةـ والمتعــددة لمجلس حقــوق اإلنســان على طبيعــة اجتماعــات ،حيث
يجتمع طــوال العــام ،ويعقــد مــا اليقــل عن ثالث دورات في الســنة ،منهــا دورة رئيســية التقــل مــدتها عن
) (411عالء قاعود ،القانون الدولي لحقوق اإلنسان والتزامات اليمن ،ملتقى المرأة للدراسات والتدريب ،تعز ،بدون سنة طباعه،ص 15
254
عشرة أسابيع ،ويجوز له عقـد دورات إســتثنائية عنـد اإلقتصــاء ،بنـا ًء على طلب أحــد أعضــاء المجلس.
ومنعا ً لسياسة المكيالين التي ميّزت عمل لجنة حقوق اإلنسان المنحلة ،وتحقيقا ً للمســاواة مــا بين الــدول
في نظر سجلها في مجال حقوق اإلنسان ،يقوم المجلس باإلستعراض الشــامل لحالــة حقــوق اإلنســان في
جميع الــدول ،دون إســتثناء على أن ينجــز المجلس هــذا اإلســتعراض في غضــون عــام واحــد من إنعقــاد
دورته األولى(.)412
ومن المميّزات اإليجابية لبنية المجلس ،أن عضوية أي بلــد بــه قــد يتم تعليقهــا بغالبيــة ثلــثي أعضــاء
المجلس في حال قيامها بإرتكاب جسيم ومنهجي( .)413وقد ترجم المجلس ذلك عمليا ً بإتخاذ قراره بتعليــق
عضوية ليبيا رداً على إنتهاكات نظام القذافي لحقوق اإلنسان.
يعتمد مجلس حقوق اإلنسان على اآلليات الــتي كـانت تضـطلع بهـا لجنــة حقــوق اإلنســان سـابقاً ،مـع
إدخال تعديالت عليها ،هذا عدا عما استحدثه من آليات ،وفقا ً للتوضيح التالي:
اإلجراءات الخاصة هي :اإلصطالح العام الذي أطلق على اآلليات التي وضعهتها لجنة حقوق اإلنسان
في إطــار الترجمــة العمليــة لقــرار المجلس اإلقتصــادي واإلجتمــاعي رقم ( )1235الصــادر في 6يونيــو
1976م ،والـتي يضـطلع بهـا حاليـا ً مجلس حقـوق اإلنسـان .وهـذه اآلليـات لم ينص عليهـا ميثـاق األمم
المتحـدة أو أي إتفاقيـة أخـرى من اإلتفاقيـات الدوليـة لحقـوق اإلنسـان ،بـل تعتـبر من إبـداعات المجلس
اإلقتصادي واإلجتماعي ولجنة حقوق اإلنسان المنحلة.
وتستهدف هذه اآللية معالجة أوضاع قطرية محددة أو مســائل موضــوعاتية في كافــة أرجــاء العــالم ،
ورصدها وتقديم المشورة بشانها وتقديم تقرير علني عنها( ،)414وتعتمــد اإلجــراءات الخاصــة على نــوين
من المقررين الخاصين حســب البلــد وحســب الموضــوع .والواليــة الخاصــة حســب البلــد تســمى "واليــة
قطرية" ،وتتعلق بوضع حقوق اإلنسان واإلنتهاكـات لهـا في بلـد محـدد أمـا حسـب الموضـوع ،فتسـمى
"والية موضوعاتية" (المقرر الخاص بحماية حرية الرأي والتعبير ــ المقرر الخـاص بحمايـة الحـق في
) (412بندر بن تركي بن الحميدي العتيبي ،دور المحكمة الجنائية الدولية الدائمة في حماية حقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 84
) (413ليا ليفين ،حقوق اإلنسان اسئلة وأجوبه ،ترجمة عالء شلبي ونزهة ادريسي ،اليونسكو ،2009 $،باريس ،2009 ،ص . 77
) (414العمل مع المفوضية السامية لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 68
255
التجمع السلمي وتأسيس الجمعية ـ المقرر الخاص بحماية الحقوق األساسية) ،تتلعق بإنتهــاك محــدد في
جميع أنحاء العالم ،وحاليا ً يوجد ( )29والية موضوعاتية و ( )9والية قطرية (( )415المقررين الخاصــين
بشان بعض البلدان) .وفي بعض الحاالت ال تستند الوالية لخبير واحد ،بل لفريق خبراء الــذي يتــألف من
خمسة أفراد ،بواقع عضو عن كل مجموعة من المجموعات اإلقليمية ،كما هــو الخحــال بالنســبة للفريــق
المعني بحاالت اإلختفاء القسري ،والفري المعني باإلحتجاز العسفي(.)416
وتقوم الواليات القطرية والموضوعايته بإستعراض ما توصلت اليه خالل عملها بشــكل ســنوي ،فيمــا
بين الوالية المضوعاتية كل ثالث سنوات.
ان اإلســتقاللية الــتي يتمتــع بهــا المكلفــون بواليــات خاصــة هــو أمــر حاســم حــتى يتمكنــوا من القيــام
بوظـائفهمـ بحاديـة وموضـوعية ،ونظـراً لتعـدد الواليـات والحاجـة للتنسـيق بينهـا ،تم اإلتفـاق في العـام
2005م على تأسيس لجنة تنسيق تكون مهمتها الرئيسية " تنسيق العمل بين أصحاب الواليات ،والعمل
كجســر بينهم وبين المفــوض الســامي لحقــوق اإلنســان( .")417ومن الجــدير ذكــره أن المنظمــات غــير
الحكومية الدولية واإلقليمية والوطنية ،تقدم دعما ً هائالً لنظام اإلجراءات الخاصة(.)418
ومنذ حزيران /يونيو 2006م ،يشارك مجلس حقوق اإلنسان في عملية بناء المؤسسات الــتي تشــمل
استعراض نظام اإلجراءات الخاصة ،حيث أبقى عليها وعمل على تطويرعها.
وفي 18يونيو 2007م ،مع اختتام دورته الخامسة ،اعتمد القرار (/ 5ـ )1بعنوان"بناء مؤسسات
مجلس حق ــوق اإلنس ــان في األمم المتح ــدة" ال ــذي يتض ــمن أحكامــا ً بش ــأن اختي ــار المكلفين بواليـــات
واستعراض لجميع واليات اإلجراءات الخاصة ،وفي يونيو 2007م اعتمد المجلس أيضا ً القرار ()2/ 5
ويتضمن قواعد السلوك ألصحاب واليات اإلجراءات الخاصة .ويقدم المقرر الخاص وفريق العمل تقارير
سنوية عن األعمال التي يقومون بها ومالحظاتهم الى لجنة حقوق اإلنسان( ،)419أما حاليا ً فتقدم التقــارير
لمجلس حقوق اإلنسان.
ويعتبر من أهم اآلليات التي يضطلع بها أصحاب واليات اإلجراءات الخاصة ،بــأن يتم اصــدار نــداءات
عاجلة ،والقيام بزيارات قطرية ووضع معايير(.)420
) (415اإلجراءات الخاصة التي يضطلع بها مجلس حقوق اإلنسان htt//www2.ohchr.org/Arabic/bodies/cgr/special.index.htm ،
) (416سبعة عشر سؤاالً يتكرر طرحها بشأن المقرر الخاصين لألمم المتحدة ،مرجع سابق ،ص . 1
) (417اإلجراءات الخاصة التي يضطلع بها مجلس حقوق اإلنسان ،مرجع سابق.
) (418سبة عشر سؤاالً يتكرر طرحها بشأن المقررين الخاصين لألمم المتحدة ،مرجع سابق ،ص . 13
) (419مولود أحمد مصلح ،مرجع سابق ،ص . 31
) (420مانفريد نوواك ،دليل البرلمانيين العرب الى حقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 38
256
تأسس إجــراء تقــديم شــكاوى مجلس حقــوق اإلنســان بــالقرار رقم (/1ــ )5الصــادر في 18يونيــو
2007م ،بعنوان "مجلس حقوق اإلنسان :البناء المؤسسـي" ،ليحـل محـل اإلجـراء ( )1053في التبليـغ
عن األنماط الثابتة إلنتهاكات حقوق اإلنسان والحريــاتت األساســية الــتي تحــدث في أي جــزء من العــالم،
حيث تبنى ملس حقوق اإلنسان بموجب القرار (/ 1ـ )5في يونيــو 2007م ،إجــراءات جديــدة للشــكاوى
التي تأسست على هدف اصالح اإلجراء رقم ( ،)1503كما يشترط لقبــول الشــكوى أن تكــون مبنيــة على
حقائق وبينات واستنفاذ طرق التظلم الداخلي.
ويضم إجراء شكاوي مجلس حقوق اإلنسان فــريقي عمــل :فريــق العمــل المعنيــة بالبالغــات ،وفريــق
العمل المعني بــالمواقف .ويتوليــان النظــر في الشــكاوي ،ولفت نظــر المجلس ألنمــاط اإلنتهاكــات الثابتــة
لحقوق اإلنسان والحريات الساســية ،حيث يقــوم رئيس الفريــق المعــني بالمراســالت مــع األمانــة العامــة
بإستبعاد البالغـات مجهولـة المصـدر أو الـتي ليس لهـا أسـاس من الصـحة ،إسـتناداً الى معـايير القبـول
المحددة ،وبعدها يتم إحالة البالغات المقبولة في الفحص األولى الى الدولة المعنية للحصــول على ردهــا
بشأن إدعاءات اإلنتهاكات.
أما فريق العمل المعني بالمواقف ينظر في البالغات المحالة إليـه من فريـق العمـل المعـني بالبالغـات
وردود الدولة وتوصيات فريق العمل المعــني بالبالغــات ،وكــذلك موقــف المجلس من المســألة( .)421ومن
الشروط التي تتطلبها آلية الشكاوى ،إستنفاذ طرق التظلم الداخلي.
لقد أتاح تأسيس مجلس حقوق اإلنسان الــدخول في عصـر المراجعــة الدوريــة الشــاملة لســجل الــدول
والتزامها بمعايير حقوق اإلنسان ،وفتح صفحة جديدة في مجال الدفاع عن حقوق اإلنسان من خالل آلية
ذات أكثر فعالية بتتبع التزامات الدول في مجال وضع سياسات عمومية حقوقيــة ،ويمكن أن نصــف هــذه
اآللية أنها كما قلنا تساهم في مراقبة السياسة العمومية للدول في مجال حقوق اإلنسان.
لقد ســاهمت هــذه اآلليــة في إلــزام الــدول الراغبــة في الحصــوص على عضــوية الملجس بفتح ســجل
حقوق اإلنسان ،مما سوف يفتح ويتعرض للفحص الدوري للتأكــد من التزامهــا بالمعــايير الدولية( .)422إذ
يتعيّن أن تخضع الــدول األعضــاء دون إســتثناء بصــفة دورة لهــذه المراجعـةـ الــتي تســتند الى معلومــات
موضوعية لمدى وفاء كل من الدول األعضاء بإلتزاماتها وتعهداتها في مجال حقوق اإلنســان (الفقــرة 5
هـ) (.)15
257
وتكمل آلي ــة المراجع ــة الش ــاملة عم ــل الهيئ ــات المنش ــأة بم ــوجب معاه ــدات ،والتك ــرر عليها(.)423
ويستعرض بشكل دوري وشامل وموثق مدى وفاء كل الدول األعضــاء بإلتزاماتهــا وتعهــداتها في مجــال
حقوق اإلنسان على نحو من المساواة والعدالة(.)424
يقوم المجلس في حاالت تعرض حقوق اإلنسان إلنتهاكات في بلــد بإرســال لجــان لتقصــي الحقــائق أو
التحقيق في هذه االنتهكات ،ومن أبرز القرارات التي اتخذها المجلس في هذا اإلطار ،تشكيل لجنة تحقيق
في جريمــة جيش اإلحتالل اإلســرائيلي على عائلــة العثامنــة من بيت حــانون في العــام 2006م ،ولجنــة
تحقيق لإلنتهاكات التي ارتكبتها دول اإلحتالل اإلسرائيلي في عدوانها على قطاع غزة في العام 2008م،
والتي يمخض عنهــا تقريــر دولدســتون( .)425مــع اإلشــارة بــأن دولــة اإلحتالل رفضـت التعــاون مــع هـذه
اللجان ،ومع ما صدر عنها من قرارات.
) (423بندر بن تركي بن الحميدي العتيبي ،دور المحكمة الجنائية الدولية الدائمة في حماية حقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 84
) (424د .مازن ليلو راضي ،ود .حيدر ادهم عبدالهادي ،المدخل لدراسة حقوق اإلنسان ،دار قنديل ،األردن ، 2006 ،ص . 117
) (425تقديم الشكاوى آلليات األمم المتحدة ،مرجع سابق ،ص . 7
258
المبحث الثاني:
لم يمنع ميثاق األمم المتحدة من تشكيل منظمات إقليميـة ،حيث نصـت المـادة الثانيـة والخمسـين منـه
على التالي ":ليس في هذا الميثاق مــا يحــول دون قيــام تنظيمــات أو وكــاالت إقليميــة تعــالج أمــور حفــظ
الســالم واألمن الــدوليين ،مــا دامت نشــاطاتها متالئمــة مــع مقاصــد األمم المتحــدة ومبادئهــا" .والتعتــبر
المنظمات اإلقليمية بديالً عن األمم المتحدة ،بل تلعب دوراً مكمالً ومسانداً لها.
وتجد المنظم ــات الدولي ــة اإلقليميـــة م ــبرر وجوده ــا من مجموعـــة القواســـم المشـــتركة السياســـية
واإلقتصادية والثقافية والنفسية للدول المشكلة لها ،والى جــوار اإلهتمامــات المتعــددة لهــذه المنظمــات،
حظيت حقوق اإلنسان بإهتمام كبير على المستوى اإلقليمي( .)426وذلــك بهــدف اإلســتجابة للثقافــات الــتي
تتميّز بها المجموعات الثقافية عن طريق إضافة تميزها عن الوثائق الدولية .فقد كــانت اإلنطالقــة الــولى
لهذا اإلهتمام من القارة األوروبية ،وكان مجلس أوروبا هو الرائــد والطليعي في هــذا المجــال ،وســرعان
ما انتشر هذا اإلهتمام للقارة اإلمريكية واإلفريقية والوطن العربي أخيراً.
تلعب اآلليات اإلقليمية لحقوق اإلنسان المندرجة ضمن ما نسميه القانون الــدولي اإلقليمي دوراً هام ـا ً
في حماية حقوق اإلنسـان ،اليقـل عن دور اآلليــات الدوليـة التابعــة لألمم المتحــدة ،بــل أنهـا سـبقتها بمـا
اعتمدته آليات فعاله تســهر على حســن تطــبيق نصوصــها ،وتضــمن حمايــة فعالــة لحقــوق اإلنســان(.)427
) (426ياسر حسن كلزي ،حقوق اإلنسان في مواجهة سلطة الضبط الجنائي "دراسة مقارنة" ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،الطبعة األولى،
السعودية ، 2007 ،ص . 13
) (427محمد امين الميداني ،دراسات في الحماية اإلقليمية لحقوق اإلنسان ،الطبعة األولى ،مركز المعلومات والتأهيل لحقوق اإلنسان ،اليمن ،
،2006ص . 61
259
ويرى أحد الباحثين أن إتجاهات التشريع الدولي اإلقليمي كانت األســبق تاريخيـا ً واألكــثر شــموالً لحقــوق
اإلنسان(.)428
يقتضي الحديث في هذا الموضوع الى تقسيم هذا المبحث الى مطلــبين األول :نســتعرض فيــه اآلليــات
األوروبيــة واألمريكيــة ،وفي المطلب الثــاني :نعــرض الى آليــات الحمايــة اإلفريقيــة والعربيــة لحقــوق
اإلنسان.
المطلب األول:
قبل أن نتظـــرق الى اآلليـــات األورروبيـــة واألمريكيـــة ،يتـــوجب علينـــا أن نشـــير الى أن اإلتفاقيـــة
األوروربية وقعت في 4نوفمبر سنة 1950في مدينة روفا ،من قبل الدول األعضاء في مجلس أوروبا ،
ودخلت حيّز التنفيذ في 3سبتمبر 1953م .أما اإلتفاقية األمريكيـة لحقـوق اإلنسـان فقـد عقـدت في سـان
خوســيه في 3نوفمــبر 1969م ،ودخلت حيّــز النفــاذ في 18يوليــو 1987م .وعليــه فإننــا سنقس ـمـ هــذا
المطلب الى فرعين األول منه :يتطرق الى آليات الحمايــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان ،وفي الثــاني :الى
آليات الحماية األمريكية لحقوق اإلنسان.
كانت اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان أحد اآلليات الهامة لتنفيذ اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنســان،
وقد استمر عمل اللجنة األوروبية قائما ً حتى 1988م( .)429إال أن هذه اللجنــة ألغيت بمــوجب الــبروتوكول
رقم ( )11الملحــق باإلتفاقيــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان ،وأحيلت اختصاصــات اللجنــة الى المحكمــة
األوروبية لحقوق اإلنسان .ورغم حـل اللجنـة ،إال أن تناولهـا ينطـوي على قيمـة تاريخيـة ،كمـا يسـم في
تعميق المقارنة بين دورها ودور اللجنة األمريكية واإلفريقية والعربية لحقوق اإلنسان .وبالتــالي ســوف
) (428د .عبدالعزيز محمد سرحان ،اإلطار القانوني لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 5
) (429محمد شريف بسيوني ،الوثائق الدولية المعنية بحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 51
260
ن تعرض للجنة األوروبية لحقوق اإلنسان في ثالث فقرات ،تتناول األولى قوام واختصاصات اللجنة ،وفي
الثاني :آليات عمل اللجنة على أن نتناول في فقرة ثالثة تقييم عمل اللجنة.
تشكلت اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان بموجب نص المادة ( / 19أ) من اإلتفاقية ،وهذا مــا يميّزهــا
عن غيرها من اللجان اإلقليمية ،التي تشكلت غالبيتها بموجب قرارات من المنظمات اإلقليمية.
وحول مهام واختصاصات اللجنة ،فيمكن تلخيصها "مراقبة تطــبيق أحكــام اإلتفاقيــة وتلقي الشــكاوى
من أي شخص أو هيئة غير حكومية بصدد تجاوزات أو مخالفات تقع على حقوق اإلنسان( ،)430هــذا عــدا
عن اختصاصاتها بالنظر في المخالفات المقدمة من األطراف المتعاقدة ضد أي دولة طـرف في اإلتفاقيـة،
وبعتد اختصاصها بنظر الطعون إلزاميا ً للدول الطرف طبقا ً للمادة ( )24من اإلتفاقية.
أما آليــات اختيارأعضــاء اللجنــة ،فتتم عــبر اإلنتخابــات بمعرفــة لجنــة الــوزراء باإلغلبيــة المطلقــة
لألصــوات من قائمــة أســماء بعــدها مكتب الجمعيــة اإلستشــارية لمجلس أوروبــا ،ولكــل دولــة طــرق في
الجمعية اإلستشارية أن تقدم ثالثة مرشحين ،منهم أثنان على األقل من جنســيتها وتتبــع ذات اإلجــراءات
كلما أمكن تطبيقها إلكمال عــدد اللجنــة في حالــة إنضــمام الــدول الخــرى للمعاهــدة ولشــغل المراكــز الــتي
تخلو ،وفقا ً للمادة ( )21من اإلتفاقية.
فيما يتعلق بالوالية الزمنية لعضوية اللجنة ،فقد حددتها اإلتفاقية بفترة ست سنوات ،مع جواز تجديــد
انتخابه مرة أخرى( .)431ويستمر أعضاء اللجنة مزاولة مهام عملهم حتى يتم انتخاب غــيرهم( .)432ومن
الجدير ذكره أن أعضاء اللجنة المنتخبين يقومون بممارسة مهام بصفتهم الشخصية ،وفقـا ً للمــادة ()23
من اإلتفاقية ،بمعنى أنهم اليمثلون دولهم في مهام عملهم ويقتضي دورهم الدفاع عن احترام نصــوص
اإلتفاقية وأن اليعمل لصالح دولته أو أن يتحيّز لها ،رغم أنهــا قــامت بترشــيحه لعضــوية اللجنــة ،وعليــه
فإنهم اليمثلون دولهم بل جميع دول المجلس األوروبي(.)433
لقد كانت اللجنة اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان ،قبل حلها أو إلغائها بموجب البروتوكول رقم ()11
،وإحالــة كافــة مهامهــا وصــالحياتها للمحكمــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان هي الجهــة الرقابيــة األولى
والمباشرة على مدى تقيد الــدول األطــراف بأحكــام اإلتفاقيــة .كمــا أنهــا كــانت تلعب دوراً هامـا ً في النظــر
بالشكوى المقدمة لها ضد أي من الدول األطراف في اإلتفاقية ،حال اإلدعــاء بإرتكابهــا إنتهاكــات ألحكــام
) (430د.عيسى بيرم ،حقوق اإلنسان والحريات العامة مقارنة بين النص والواقع ،بيروت ،دار المنهل اللبناني للطباعة والنشر ،ط 1998 ،1م،
ص .206
) (431المادة ( 22ــ أ) من اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان.
) (432أ د .محمد سليم محمد غزوي ،الوجيز في أثر اإلتجاهات السياسية المعاصرة على حقوق اإلنسان ،كلية الحقوق بالجامعة األردنية ،عمّان ،
1985م ،ص . 72
) (433د .عبدالكريم علوان ،حقوق اإلنسان المنظمات $الدولية ،مكتب $دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمّان ،1997 ،ص .102
261
اإلتفاقية .وتتخذ القرارات في اللجنة بأغلبية األعضاء الحاضرين الـذين أدلـوا بأصـواتهم ،وفقـا ً للمـادة (
)34من اإلتفاقية ،وتعقد إجتماعاتها بشكل سري حسب المادة ( )33من اإلتفاقية.
تمارس اللجنة دورها اإلشراف والرقابي حول إحترام الدول الطــراف ألحكــام اإلتفاقيــة باإلســتناد على
اآلليات التاية:
النــوع األول :الشــكاوى المقدمــة من الــدول .حيث تتلقى اللجنــة الشــكوى المقدمــة من الــدول
األطراف ،عبر السكرتير العام لمجلس أوروبا عن أيــة مخالفــات يرتكبهــا أي طــرف متعاقــد ضــد
أحكــام اإلتفاقيــة وذلــك وفقـا ً للمــادة ( .)24وتنظــر اللجنــة هــذا النــوع من الشــكوى ،دون حاجــة
لتصريح خاص بقبول اختصاصها ،إختصاص اللجنة ينعقد بنظر الشــكاوى ضــد أي دولــة طــرف
بمجرد توقيعها على اإلتفاقية(.)434
النوع الثاني :الشكاوى المقدمة من األفــراد والمنظمــات غــير الحكوميــة .كــانت اللجنــة تنظــر
الشكاوى التي يقدمها األفراد والمنظمات غــير الحكوميــة أو مجموعــة من األفــراد ،يــدعو بــانهم
ضحايا ً إنتهاكات للحقوق الواردة في اإلتفاقية من األطراف السامية المتعاقدة ،وهي تمثل المهمة
الرئيسية للجنة(.)435
من الشروط المطلوبة في هذا النوع من الشكاوى ،أن تكون الدولــة الــتي قــدمت ضــدها الشــكوى ،قــد
أعلنت اعترافها بإختصاص اللجنة بتلقي الشكاوى( .)436هذه إحــدى جــوانب اإلختالف بين آليــة الشــكاوى
المقدمة منم الدول ،والشكاوى المقدمة من األفراد ،حيث ال يكفي لنظــر اللجنــة الشــكاوى الفرديــة توقيــع
الدولــة على اإلتفاقيــة بــل البــد من تصــريح الدولــة المشــكو ضــدها بإختصــاص اللجنــة بهــذا النــوع من
الشكاوى.
من الميزات اإليجباية لهذه اآللية ،أن الحق في التقدم الشكوىـ اليقتصــر على رعايــا الــدول األعضــاء
فقط بل يحق لألجانب الذي اليحملون جنسبة الدول األعضاء(.)437
) (434د .عبدالكريم علوان ،حقوق اإلنسان المنظمات $الدولية ،مرجع سابق ،ص . 153
) (435ج$$اك دونللي ،حق$$وق اإلنس$$ان العالمي$$ة بين النظري$$ة والتط$$بيق ،ترجم$$ة :مب$$ارك على عثم$$ان و د .محم$$د ن$$ور فرح$$ان ،الق$$اهرة ،المكتب$$ة
األكاديمية ،ص . 253
) (436المادة ( )25من اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان .
) (437د .كامل السعيد وآخرون ،مبادئ القانون وحقوق اإلنسان ،منشورات جامعة القدس المفتوحة ،عمّان ،2008 ،ص . 190
262
كما اشترطت المادة ( )25من اإلتفاقية لبدء عمل نظر اللجنــة في الشــكوى أن يســتنفذ الشــاكي طــرق
اإلنتصاف الداخلية ،وخالل سنة أشهر من تاريخ القرار النهائي لتخذ بالداخل.
فمن مميّــزات نظــام الشــكوى المقدمــة من األفــراد والمنظمــات غــير الحكوميــة ،مشــاركة المنظم في
المراحل المختلفة في الدعوى(.)438
هذا وقد حددت اإلتفاقية في المادة ( )27الحاالت الــتي اليجــوز فيهــا نظــر الشــكوى من قبــل اللجنــة،
وهي:
ب .إذا كــانت اللجنــة قــد فحصــت شــكوى مطابقــة لهــا مادي ـا ً من قبــل ،أو ســبق تقــديمها في
إجراءات تحقيق دولية أخرى أو تسوية.
د .تــرفض اللجنــة نظــر أي شــكوى تقــدم لهــا وفقـا ً للمــادة ( )25إذا ثبت أنهــا تخــالف أحكــامـ
المعاهدة الحالية ،والتستند بياناتها الى أساس أو تنطوي على تعسف في استخدام حق الشكوى.ـ
هـ .ترفض اللجنة أي شكوى ترد إليها إذا تبيّنت انها غير مقبولة طبقا ً للمادة ( ، )26أي عدم
استفادة طرق النظام الداخلي.
أما بخصوص إجراءات فحص الشكوى من اللجنة ،فهي تقوم بفحصها مع ممثلي األطــراف ،ولهــا أن
تجري تحقيقا ً حول الشكوى ،وتلتزم الدول األطراف لتقديم التسهيالت الالزمـة مـع تبـادل وجهـات النظـر
مع اللجنة (.)439
ثانيا ً :التسوية
تضع اللجنة نفسها في خدمة األطراف المعنية ،بهدف الوصول الى تسوية وديــة على أســاس احــترام
حقوق اإلنسان حسبما تقررها اإلتفاقية ،وفقا ً للمادة (/28ب) ،فقد كانت اللجنة تقوم بالتوفيق بين األفراد
والحكومةـ المعنية ،حيث يستطبع صاحب الحق في هذا الحالة أن يحصل على تعويض(.)440
وفي حال تصلها الى تسوية ودية ،تعد تقريراً يرسل الى الــدول المعنيــة ولجنــة الــوزارءا وكـذلك الى
السكرتير العام لمجلس أوروبا للنشر ،هــذا التقريــر يقتصــر على بيــان موجــوز للوقــائع والحــال الــذي تم
التوصل اليه وفقا ً للمادة ( ، )30أما في حالة عـدم نجتح التسـوية ،تقـدم اللجنـة تقريـراً مشـفوعا ً برأيهـا
) (438د .احسن بو األصباع ،التطورات الجديدة في القانون الدولي المتعلق بالمنظمات الدولية واألفراد،
الموقع ، http://www.4shard.com/get/3um9HSbi/html :ص . 442
) (439المادة / 028أ) من اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان.
) (440د .محمد شريف بسيوني ،الوثائق الدولية المعنية بحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص 50و.51
263
فيما إذا كـانت الوقـائع تنـبئ عن مخالفـة لإلتفاقيـة وتحيـل التقريـر الى لجنـة الـوزراء ،مـع جـواز إبـداء
اقتراحات التي تراها مناسبة ،حسب المادة ( )31من اإلتفاقية.
وإذا قبلت اللجنة الشكوى وفشـلت في التوفيـق والتســوية ،تسـتطيع أي دولــة أخـرى من الــدول الــتي
صدقت على اإلتفاقية أن تتبنى القضية وتقاضي الدولة المشكو عليهــا أمــام المحكمــة األوروبيــة لحقــوق
اإلنسان( .)441أما إذا لم تقم لجنــة الــوزارءا بإحالــة الموضــوع الى المحكمــة خالل ثالثــة أشــهر من إحالــة
التقرير ،لهـا أن تصـدر قـرار بأغلبيـة ثلـثي أصـحاب حـق حضـور هـذه اللجنـة ،فيمـا كـان هنـاك انتهـاك
للمعاهدة.
إذا كان قرارا اللجنة إيجابيا ،تحدد فيه مهلة بتعيين على األطراف السامية المتعاقــدة أن تتخــذ خاللهــا
التــدابير المطلوبــة في القــرار ،وإذا لم تتخــذ الــدول تــدابير مرضــية خالل المهلــة ،تصــدر لجنــة الــوزراء
قرارها بأغلبية الثلثين وتنشر التقرير وتتعاهد األطراف بأن تلتزم بأي قــرار تتخــذه لجنــة الــوزراء وفق ـا ً
للمادة (.)32
من خالل العرض السابق يتضح أن اللجنة تحاول تسوية النزاعات بالطرق الوديــة ،وإذا لم توفــق في
ذلك تقدم تقريرها الى لجنة الوزارء بالدول المعنية ،وفي حال التوصل الى تسوية فــان الضــحية يحصــل
على تعويض.
ومن المالحظ أنه وفي ظل وجود اللجنة األوروبية لحقـوق اإلنسـان كـانت صـالحية التوجـه للمحكمـة
األوروبية بيدها ويد الدول األطراف فقط ،وما كان يحق لألفراد التوجه للمحكمة مباشرة.
الجــدير بالــذكر فقــد طــرأت تعــديال جذريــة وحاســمة على آليــات الحمايــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان
بموجب البروتوكولـ الحادي عشر ،ومن أبرز هذه التعديالت "إلغاء اللجنــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان
واختصاصات ونشاطها( .)442وأصبحت المحكمةـ وحدها صاحبة اإلختصاص في حسم المنازعات ،بعــد ان
اصبحت محكمكة دائمة يحق ألي شخص تقديم إلتماس إليها مباشرة(.)443
) (441د .محمد شريف بسيوني ،الوثائق الدولية المعنية بحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص .51
) (442د .محمد امين الميداني ،الحماية الدولية لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 82
) (443د .سالم عبدهللا كانيسكاني ،المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان "قلعة حقوق اإلنسان وضمير أوروبا الحيّ " ،مقال منشور على الموقع:
http//www.alitted.com/paper.php?name=news&file=artilesid=51836
264
العنصر الثاني :المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان
نصت اإلتفاقيــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان على تشـكيل محكمــة أوروبيـة لحقــوق اإلنســان ،لضــمان
احترام اإللتزامات التي تعهــدت بهــا الــدول ،وفقـا ً للمــادة ( /19ب) وتتخــذ المحكمــة من لوكســمبورغ في
فرنسا مقراً لها.
تتكون المحكمة من عدد من القضاة يساوي عدد أعضاء مجلس أوروبا ،واليجوز أن تضــم األعضــاء
قاضيين من جنسة واحدة حسب المادة ( )38من اإلتفاقية( .)444فعدد قضاة المحكمة مساو لعدد األعضــاء
في المجلس األوروبي ( .)445ما يجعل قوامها يتأثر بالزيادة أو النقصان ،حسـب عــدد الـدول األعضـاء في
المجلس ،كما يالحظ أن تمثيل الدول في هيئــة المحكمــة ،يقــوم على أســاس المســاواة بينهــا .وقــد نظمت
المادة ( )39من اإلتفاقية طريقــة اختيــار القضــاة ،بحيث يتم انتخــابهم من الجمعيــة اإلستشــارية بأغلبيــة
األصوات من قائمة األسماء المحددة بمعرفة مجلس أوروبا ،ولكل دولة عضوان تســمي ثالثــة مرشــحين
منهم أثنان على األقل من جنسيتها.
ويجب أن يكون المرشــحون ممن يتمتعــون بصــفات أخالقيــة ســامية ،وحــائزين للمــؤهالت المطلوبــة
لشغل وظيفة قضائية عليا ،أو مستشارين ذوي كفاءؤات معترف بها .ويتم انتخاب القضــاة بالنســبة لكــل
طرف متعاقد بأغلبية األصوات من قائمة من ثالثــة مرشــحين ،يعيّنهم الطــرف المتعاقد( .)446وبــالرغم من
أن اقبضــاة يتم ترشــحيهم من دولهم ،إال أنهم حــال فــوزهم يمثلــون أفســهم ويزاولــون مهــام بصــفتهم
الشخصية.
ـل منهــا
تتكون المحكمة من أربعة أقسام ،ويتكون كل قسم من سبعة أعضاء ،و أربع غــرف مكــون كـ ٍ
من سبعة قضاة ،وغرفة كبرى مكونة من سبعة عشر قاضياً ،وتجتمع المحكمة في لجان مكــون
كــل منهــا ثالثــة قضــاة ،وفقــا ً للمــادة ( )27من اإلتفاقيــة .وس نحاول في الفق رة األولى تبي ان
اختصاصاتها وفي فقرة ثانية محاولة إبراز اليات عملها .
أما حــول اختصاصــاتها ،ســابقا ً كــانت تتلخص في تفســير أحكــام اإلتفاقيــة والــبروتوكوالت الملحقــة،
والنظر في القضايا المرفوعة من قبل اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان ومن الدول األعضاء(.)447
) (444أ.د جابر ابراهيم الراوي ،حقوق اإلنسان وحرياته األساسية في القانون الدولي والشريعة اإلسالمية ،مرجع سابق . 149 ،
) (445د .عيسر بيرم ،حقوق اإلنسان والحريات العامة بين النص والواقع ،مرجع سابق . 149 ،
) (446د .نشأت عثمان الهاللي ،حقوق اإلنسان ودور المنظمات $الدولية في حمايتها ،مجلة قضايا ،المركز الدولي للدراسات المستقبلية
واإلستراتيجية ،القاهرة ،العدد ،2005 ،3ص . 44
) (447د .عيسى بيرم ،حقوق اإلنسان والحريات العامة مقارنة بين النص والواقع ،مرجع سابق ،ص .206
265
فوفق النظام القديم لم يكن مسموح لألفراد حتى عام 1998م ،تقديم شكواهم مباشــرة أمــام المحكمــة،
بل البد من اللجوء الى المحكمة األوروبية أوالً( .)448فقد وجهت العديد من اإلنتقادات للصالحية المحدودة
الممنوحة للمحكمة وفقا ً للنظام السابق ،األمر الذي مهــد إلحــداث تعــديالت جذريــة على النظــام األوروبي
لحقوق اإلنسان.
وتشــمل اختصاصــات المكمــة اإلتفاقيــة والنظــر في الشــكاوي ســواء المقدمــة من الــدول أو الشــكاوى
الفردية .كما شملت التعديالت تحويل اختصاص المحكمة من اختصاص اختياري الى اختصاص إلــزامي،
بموجب البروتوكول رقم ( ،)11األمر الذي تطلب تعديل نظام المحكمة الذي كان معمول به منذ 1995م .
وترتب على هذه التعديثالت ،توسيع المهام واإلختصاصت الجديــدة للمحكمــة من ناحيــة ،وتوفــير آليــات
أكثر فعالية ودينامكية في حماية حقوق اإلنسان من ناحية أخرى ،باإلضـافة الى تسـهيل إجـراءات لجـوء
الضحايا الى المحكمة للحصول على العدالة.
مع التحديثات على النظام األوروبي لحقوق اإلنسان ،باتت المحكمــة األوروبيــة الهيئــة الوحيــدة الــتي
ستهر على حسن تطبيق أحكام اإلتفاقية من الدول األطراف( .)449ومن اآلليــات الــتي تســتخدمها المحكمــة
التالي:
أعطى البروتوكول الناني الملحق باإلفاتقاية األوروربية لحقوق اإلنسان للمحكمة ســلطة إعطــاء آراء
إستشارية ،حيث يجوز لها بنا ًء على طلب اللجنة الوزارة ،إعطاء آراء استشارية حول المسائل المتعلقــة
بتفسير اإلتفاقيــة أو البروتوكوليــة الملحــق بهــا ،ويقــدم الـرأي اإلستشــاري للمحكمــة من لجنــة الــوزراء
بأغلبية األصوات في اللجنة(.)450
تقوم المحكمة بإخطار لجنة الوزراء بهذه اآلراء اإلستشارية( ،)451وينحصر دور المحكمة اإلستشاري
في تقديم المعلومات حول مــا يعــرض عليهــا من لجنــة الــوزراء ،والتقــوم بالمبــادرة بالتفســير من تلقــاء
نفسها ،فقد جاء في المــادة ( )47من إتفاقيــة حمايــة حقــوق اإلنســان والحريــات اإلساســية الموقعــة في
روما في 4نوفمبر 1950م ،بأنه يجوز للممحكمة اصدار فتــوى في مســائل قانونيــة بنــاء على طلب من
) (448د .أمل يازجي ،المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان ،منشور على موقع الموسوعة العربية:
http://www.arab-ency.com/index.php?module=pnEncy clopedia&fune=display_term&id=161632&m=1
) (449د .محمد امين الميداني ،الحماية الدولية لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 252
) (450سونيال ابيسيكيرا وأخرون ،المطالبة بالحقوق مطالبة بالعدالة ،دليل خاص بالمدافعات عن حقوق اإلنسان من منطقة آسيا والمحيط الهادي
الخاص بالمرأة والقانون والتنمية ،2007 ،ص . 115
) (451د .نشأت عثمان الهاللي ،حقوق اإلنسان ودور المنظمات الدولية في حمايتها ،مرجع سابق ،ص . 44
266
لجنة الوزراء .كما تمتاز اآلراء اإلستشــارية للمحكمــة بعــدم اإللــزام من الناحيــة القانونية( ،)452ولكن مـع
ذلك ،تتمتع بوزن أدبي كبير ومن الصعب تجاهلها(.)453
تلعب المحكمة األوروبية لحقوق افنسان دوراً قضــائيا هام ـاً ،في النظــر والبت في الشــكاوي المقدمــة
من الدول واألفراد .فقد أســهم الــبروتوكول رقم ( )11الملحــق باإلتفاقيــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان في
مادته ( )34في تسيير طرق الطعن بالنسبة لألشخاص والمجموعات والهيئــات في أوروبــا بفتح المجــال
أمامهم للتوجيه بشكواهمـ للمحكمة وقبولها للنظر في تلك الشكاوي ،وحدد معايير لقبول تلك الطلبات.
ومن أهم التطورات على النظام األوروبي في مجال حماية حقوق افنسان "إلغــاء الطبيعــة اإلختياريــة
لقبول الدول األعضاء اختصاص المحكمة ،وكذلك قبول اللجوء من طرف األفراد الى تلك المحكمة(.)454
يشترط لقبول الشكاوى من المحكمة انسـتنفاد جميـع سـبل اإلنصـاف المحليـة ،خالل سـتة أشـهر من
تــاريخ صــدور الحكم من أعلى محكمــة محكليــة ،وذلــك طبق ـا ً لنص الفقــرة األولى من المــادة الخامســة
وثالثون من البروتوكول رقم 11الملحق باإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان.
وينتهي نظر المحكمة في الدعاوى بإصــدار قــرارات بشــأنها ،وهي قــرارات نهائيــة وإلزاميــة ،وغــير
قابلة لإلستئناف( .)455وهذا ما يميّز الطبيعــة القانونيــة للقــرارات القضــائية الصــادرة عن المحكمــة ،الــتي
تتســم باإللزاميــة والنهائيــة ،عن اآلراء اإلستشــارية الــتي تتوصــل لهــا المحكمــة حــول تفســير المعاهــدة
والبروتوكوالت المحلقة بها ،حيث تقتصر قيمتها على البعد األدبي فقط ،وتقوم المحكمة بتالوة كافة األ؛
كام القضائية ،حيث يقوم رئيس المحكمة بتالوته علنا ً(.)456
تشير لغة األرقام الى أن المحكمة تتلقى سنويا ً ثالثون ألف شكوى حول إنتهاكات حقوق اإلنسان(.)457
فقد أصدرت المحكمة ( )837حكما ً منذ نشــاتها وحــتى عــام 1998م .ونطقت بحكمهــا رقم ()10اآلف في
سبتمبر /أيلول من عام 2008م ،ووصل عدد الشكاوى المقدمة لتلك المحكمة حتى اآلن الى ( )100الــف
شكوى(.)458
) (452د .هاني سليمان الطعيمات ،حقوق اإلنسان وحرياته األساسية ،دار الشروق للنشر والتوزيع ،عمّان ،2001 ،ص . 296
) (453د .عبدالكريم علوان ،حقوق اإلنسان والحريات العامة مقارنة بين النص والواقع ،مرجع سابق ،ص . 162
) (454القاضية .وهيبه لو صادق ،آليات مراقبة حماية حقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 34
) (455د .عمر صدوق ، ،مرجع سابق ،ص .142ود.عبدالكريم علوان ،مرجع سابق ،ص . 123
) (456د .سامي جابر البلتاجي ،المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان ،ص . 2
الموقعwww.eastaws.om :
) (457دافئة غرنقفول واسكندر الديك ،مراجعة :عبده جميل المخالفي ،المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان :شكاوى متراكمة وثقل سياسي لألحكام
الصادرة عنها "مقال منشر بتاريخ ،2010 /18/2الموقع:
http://www.dw-world.de/dw/articla/0,,5261869,00.html
) (458مارتن دورم وكالوس ديمان ،المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان ــ ملجأ العدالة األخير دفاعا ً عن حقوق اإلنسان في أوروبا ،مقال منشور
بتاريخ 23/2/2009على الموقع:
.http://www.dw-world.de/dw/article/0,,4050724,00.html
267
مما سبق يدلل اإلقبال بتقديم الشكاوى للمحكمة ،وتوسع اختصاصاتها ،وسهولة اإلجراءات المطلوبة
للجوء لها ،بعد التعديالت التي أحدثها البروتوكول الحادي عشر ،خاصة وأن المحكمة باتت تشكل اآلليــة
الوحيدة للرقابة واإلشراف على تنفيذ أحكام اإلتفاقية.
وفقا ً للــبروتوكول رقم ( )11الملحــق باإلتفاقيــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان للمحكمــة حــق النظــر في
الشكوى والقيام بإجراءات التوفيق بين الفرد والدولة المدعى عليها( ،)459وقــد كــان هــذا الــدور تقــوم بــه
اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان قبل حلها ،وباتت المحكمة هي التي تقوم بهذا الدور بعد التعديل ،وتأتي
آلية التوصل لتسوية بين أطراف النزاع في المرتبة األولى لتنفيذ اإلتفاقيات بين الدول األطراف( ،)460فقــد
أكدت المادة ( )39من البروتوكول في حال تم التوصل الى تســوية وديــة تقــوم المحكمـة بشــطب القضــية
من قائمة القضايا المنظورة أمامها.
وفي حالة عــدم إمكانيــة التوفيــق ترفــع الــدعوى تلقائيـا ً الى المحكمــة ،مــع عــدم اشــتراط تبــني دولــة
للدعوى كما كان في السالف .أما إذا تم التوصــل لتســوية ،اليتم صــدور حكم معلـل من المحكمــة ،فـالحكم
المعلل تصدره المحكمة في حال فشل التسوية والتوفيق.
رابعا ً :التعويض
اليقتصر دور المحكمة على البت في وجود إنتهاك ألحكام اإلتفاقية من عدمه فقط ،بـل الى جـوار ذلـك
لها ،ان تقرير منح التعــويض للطــرف المضــار إذا رأت محالً لــذلك( .)461خاصــة وأنــه يــترتب عــادة على
اإلنتهاكات إلحاق الضرر بالضحية ،ما يتطلب جبر الضرر بالتعويض.
أما من حيث متابعة تنفيذ قرارات المحكمة ،فإن لجنة الــوزراء تتــولى مهمــة تنفيــذ األحكــام الصــادرة
عن المحكمة ،حيث يرسل لها قرار المحكمة لتقوم باإلشراف على تنفيذ(.)462
وفيما يخص التزام الدول األطراف بقرارات المحكمة ،فيوجد إلتزام واحــترام عاليــا بأحكامها( ،)463مــا
يدلل على احترام الدول اإلوروبية لقــرارات المحكمــة األوروبيــة ،بغض النظــر عن وجــود ســلطة جبريــة
تفرض تنفيذ األحكام.ـ وبالتالي فإن اإللتزام بقرارات المحكمــة وتنفيــذها من قبــل الــدول األوروبيــة يعكس
الوفاء الواضح إللتزاماتها التعاقدية ،واحترامها الحقوق اإلنسان.
) (459د .محمود شريف بسيوني $،الوثائق الدولة المعنية بحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 51
) (460د .محمد ا مين الميداني ،دراسات في الحماية اإلقليمية لحقوق اإلنسان ،الطبعة األولى ،مركز المعلومات والتأهيل لحقوق اإلنسان ،اليمن،
،2006ص . 228
) (461د .سامي جابر البلتاجي ،المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان www/eastlaws/com ،ص . 2
) (462نخبة من استاذة القانون ،حقوق اإلنسان ـ أنوعه$$ا وط$رق حمايته$ا $في القواني$$ني المحلي$ة والدولي$$ة ،المكتب الع$ربي الح$ديث ،اإلس$$كندرية،
،2005ص . 342و د.عمر صدوق ،مرجع سابق ،ص .142و د.نشأت عثمان الهاللي ،مرجع سابق ،ص .44و د.محمد غروري ،مرجع
سابق ،ص . 74
) (463د .محمود شريف بسيوني $،الوثائق الدولية المعنية بحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 51
268
الفرع الثاني :آليات الحماية األمريكية لحقوق اإلنسان
تأسست منظمة الدول األمريكية في العــام 1948م ،وهي من أقــدم المنظمــات اإلقلميــة ،وتتــألف من (
)53دولة( .)464وأولت المنظمــة اإلهتمــام بحقــوق اإلنســان ،وتــرجمت هــذا اإلهتمــام بإ‘تمــاد اإلتفاقيــة
األمريكية لحقوق اإلنسان في سان خوزيه عاصمة كوستاريكا في 3نوفمبر 1969م ،ودخلت حيّز النفــاذ
في 18يوليو 1978م ،وتمثل اإلتفاقية المرجعية القانونية لحماية حقوق اإلنســان في القــارة األمريكيــة،
حيث كـــان لإلتفاقيـــة األوروبيـــة لحقـــوق اإلنســـان أثارهـــا الكبـــيرة على الفكـــر القـــانوني في القاريـــة
األمريكية( ،)465وهي شــبيهة باإلتفقايــة األوروربيــة لحقــوق اإلنســان وبمــا تحتويــه من حقــوق سياســية
ومدنيــة مكثفة( .)466كمــا يوجــد تشــابه بينهــا وبين اإلتفاقيــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان ،قبــل التعــديالت
األخيرة التي شاهدتها اآلليات األوروبية ،وبصفة خاصة بالنسبة لألجرة الــتي أنشــأتها اإلتفاقيــة لضــمان
تطبيق نصوصها( .)467فقــد أحتــوت اإلتفاقيــة في مضــمونها على ( )82مــادة أكــدت في مقــدمتها على أن
تحترم الدول الموقعة على اإلتفاقية على حماية الحرية الشخصية ،وتحقيق العدالــة اإلجتماعيــة واحــترام
حقوق اإلنسان والمساواة أمام القانون.
كذلك أنشأت افتفاقية أجهزة حمايــة لللنظــر في القضــايا المتعلقــة بتنفيــذ تعهــدات الــدول األطــراف في
اإلتفاقية ،وهي :اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان ،والمحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان(.)468
سنتناول في هذا العنصر اللجنـة األوروبيـة لحقـوق اإلنسـان في ثالثـة فقـرات ،تعـالج الفقـرة األولى:
اختصاصات اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان ،والفقرة الثانية :آليات اللجنة األمريكيــة لحقــوق اإلنســان،
والفقرة الثالث :تقييم آليات اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان.
تشكلت اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان بقرار من وزارء الشــؤون الخارجيــة في اإلجتمــاع الخــامس
في العام 1959م في سنتاجو بتشيلي( .)469ومن المالحظ أن تشكيل اللجنة سبق تاريخيا ً اعتمــاد االتفاقيــة
األمريكية لحقوق اإلنسان بقرابة عشــر ســنوات .أمــا منظمــة الــدول األمريكيــة شــكلت اللجنــة بإعتبارهــا
جهازاً دائما ً من أجهزتها الرئيسية ،وتشكيلها يعد ترجمة لما ورد في ميثاق المنظمة األمريكية .فقد نص
) (464ليا ليفين ،حقوق اإلنسان أسئلة وأجوبة ،مرجع سابق ،ص . 120
) (465د .محمد سليم محمد غزوي ،الوجيز في أثر اإلتجاهات المعاصرة على حقوق اإلنسان ،كلية الحقوق بالجامعة األردنية ،1985 ،ص 74و
. 75
) (466د .كامل السعيد وآخرون ،مبادئ القانون وحقوق اإلنسان ،منشورات جامعة القدس المتفوحة ،عمان ،2008 ،ص . 191
) (467د .عبدالواحد محمد الفار ،حقوق اإلنسان في الفكر الوضعي والشريعة اإلسالمية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،1991 ،ص ،71و د.
محمود شريف بسيوني ،الوثائق الدولية المعنية بحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص 180
) (468د .عيسى بيرم ،حقوق اإلنسان والحريات العامة مقارنة بين النص والواقع ،مرجع سابق ،ص . 208
) (469طالب شهاب الزوبعي ،الحماية الدولية واإلقليمية في ضوء التغيرات الدولية ،مرجع سابق ،ص . 114
269
ميثــاق المنظمــة على أن تكــون هنــا لجنــة مشــتركة لحقــوق اإلنســان مهمتهــا الرئيســية تشــجيع مراعــاة
وحماية حقوق اإلنسان ،والعمل كهيئة إستشارية للمنظمة في هذا المسائل(.)470
ثم جاءت اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان لتعــاود النص والتأكــد عليهــا ،وعلى دورهــا بــالنظر في
القضايا المتعلقة بتنفيذ األطراف لإلتفاقية الى جوار المحكمــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان( .)471ومن هنــا
تعتبر اللجنة إحدى أهم هيئات المنظمة ،هذا باإلضافة لكونها هيئة من هيئات اإلتفاقية األمريكية لحقــوق
اإلنسان .وتتخذ اللجنة من واشطن دي سي مقراً لها ،مع جواز عقد اجتماعها في إقليم أي دولة أمريكية
عندما تقرر ذلك باألغلبية المطلقة لألصوات وبموافقة أو بناء على دعوة من الحكومةـ المعنية(.)472
تتكون اللجنـة من ســبعة أعضــاء ،يتمتعــون بصــفات خلقيـة عاليــة ومشـهود لهم بالكفــاءة في ميـدان
حقوق اإلنسان( .)473وهذا يعني أن عدد اللجنة ثابت بصرف النظــر عن عــدد الــدول األمريكيــة ،حيث يتم
اتخابهم من قبل الجمعية العامة للمنظمة بصفتهم الشخصية من قائمة بأســماء المرشــحين المقترحــة من
حكومات الدول األعضاء .لكل حكومه أن ترشح ثالثـة أشـخاص كحـد أقصـى ،يكونـون من مواطنيهـا او
من دول أخرى اعضاء في المنظمــة ،ويجب أن يكــون أحــد مرشــحي الدولــة على األقــل من دول أخــرى،
وذلــك وفقـا ً للمــادة ( .)36كمــا حــدد اإلتفاقيــة الواليــة الزمنيــة ألعضــاء اللجنــة بــأربع ســنوات ،ويجــوز
انتخابهم مرة أخرى ،إضافة إلى أن االتفاقي ة ح ددت االختصاص ات المس ندة والممنوح ة للجن ة من خالل
الفقرة األولى من هذه الدراسة ،ثم في فقرة ثانية تطرقت إلى اليات عمل هذه اللجنة
أما من حيث الـــدور واإلختصاصـــات تمثـــل اللجنـــة األمريكيـــة لحقـــوق اإلنســـان "القلب اإلجـــرائي
للنظام"( .)474وتعتبر الوظيفةـ األساسية للجنة تعزيز احترام حقوق اإلنسان والدفاع عنها ،وتولت المادة
( )41من اإلتفاقية تحديد تفصيلها على النحو التالي:
أ .أن تنمي الوعي بحقوق اإلنسان لدى شعوب القارة األمريكية.
ب .أن تتقدم بتوصيات إلتخاذ إجراءات تدريجية لمصلحة حقوق اإلنسان.
د .أن تطلب الى الــدول األعضــاء تزويــدها بمعلومــات عن اإلجــراءات الــتي اتخــذتها بمســائل
حقوق اإلنسان.
) (470المادة ( )106من ميثاق منظمة تادول األمريكية المبرم في بوجوتا $في 30ابريل ،1948وبدأ العمل به في13/12/1951م.
) (471المادة ( )33من اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان.
) (472المادة ( )16من النظام األساسي للجنة األمريكية لحقوق اإلنسان المقر في العام 1980م.
) (473المادة ( )34من اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان.
) (474جاك دونللي ،حقوق اإلنسان العالمية بين النظرية والتطبيق ،مرجع سابق ،ص . 259
270
هـ .إجابة عن استيضاحات الدول عبر األمانة العامة للمنظمة ،حول مســائل حقــوق اإلنســان،
وتزويد الدول بخدمات استشارية.
ز .رفع تقرير سنوي الى الجمعية العامة لمنظمة الدول األمريكية.
تمارس اللجنة األمريكية اختصاصاتها في اإلشراف والرقابة على أحكــام اإلتفاقيــة ،من خالل اآلليــات
التالي ذكرها:
تستقبل اللجنة الشكاوى من الدول بشكل مباشر ،بخالف ما هو معمول به في اللجنــة األوروبيــة الــتي
كانت التسقبل الشكاوى بشكل مباشر ،بل كانت ترفع الشكاوى الى األمين العام لمجلس أوروبــا ،وبــدوره
يحولها للجنة.
وقد اشترطت اإلتفاقية في الشـكاوى المقدمـة من الـدول وفقـا ً للمـادة (/ 45ـ )2أن تكـون الدولـة قـد
أصدرت إعالن بإعترافها بإختصاص اللجنة(.)475
.2شكاوى األفراد
تم تكليف اللجنة بنظر الشكاوي الفرديــة في عــام 1966م ،وبالتــالي هي :أول هيئــة دوليــة تنظــر في
الشكاوي الفردية بدون وجود معاهدة خاصة بحقوق اإلنسان تعترف بإختصاصها(.)476
ثم جاءت اإلتفاقية لتؤكد هذه اآللية ،فقد نصت اإلتفاقية على أنه يحق لكل فرد أو جماعة أو أية هيئــة
غير معترف بها ال قانونا ً في دولة أو أكثر من الدول األعضاء تتضمن شجبا ً أو شكاوى ضــد خــرق لهــذه
اإلتفاقية من دولة طرف( .)477ويستطيع الفرد أن يتقدم بشكواه مباشرة للجنــة ،وهــذا النجــد لــه نظــير في
أي إتفاقية دولة أخرى لحماية حقوق اإلنسان( .)478كمــا أن ممارســة حــق التقــدم بشــكوى ضــد أي دولــة
يشترط أن تكون الدولة قد وقعت على اإلنضام لإلتفاقية دون الحاجة لتصريحها أو اعترافهــا بإختصــاص
) (475جاء في المادة ( )45من اإلتفاقية :أن التبليغات المقدمة عمالً بهذه المادة التقبل $والتدريس $إال إذا قدمتها دولة طرف كانت قد أعلنت أنها
تعترف بإختصاص اللجنة المذكور أعاله ،والتقبل اللجنة أي تبليغ ضد أي دولة طرف لم تصدر ذلك اإلعالن.
) (476جوليا روسي ،النظام األمريكي لحماية حقوق اإلنسان والحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية،
http;//www1.umn.edu/humanrtc/arab/M30.pdfص . 560
) (477المادة ( )44من اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان
) (478القاضية وهبه لو صادق ،آليات مراقبة حماية حقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 37
271
اللجنة بنظر الشكوى ،ولهذا تعتبر هذه اآللية أكثر تطوراً وتقدما ً عن باقي اآلليات الــتي جــاءت مصــاحبة
لإلتفاقيات الدولية اإلقليمية األخرى.
الجــدير ذكــره ،أن نطــاق اختصــاص اللجنــة أوســع من اختصــاص اللجنــة األوروبيــة من حيث نطــاق
انطباقها ،حيث كان يقتصر اختصاص اللجنة األوروبية على الدول األطراف فقط ،أمــا اللجنــة األمريكيــة
يتجاوز اختصاصــها الــدول المنظمــة الى اإلتفاقيــة األمريكيــة والــتي لم تنظم الى اإلتفاقية( .)479كمــا تقــوم
اللجنة بتحويل شكاوي األفراد الذين يعتقدون أن حقوقهم أنتهكت الى المحكمـةـ األمريكيــة ،خاصــة وأنــه
اليجــوز لإلفــراد التوجــه للمحكمــة مباشــرة ،بــل يجب عليهم أن يحيلــوا قضــاياهم أوالً الى اللجنة(.)480
ولتسهيل تقدم الشكوى قامت اللجنة بإعداد اســتمارة مبســطة التتطلب معاونــة محــام ،دون اإلخالل بحــق
الشكي في توكيل محام(.)481
.3التسوية والتوفيق
جاء في المادة (/ 48و) من اإلتفاقية تضــع اللجنــة نفســها تحت تصــرف الفرقــاء بهــدف التوصــل الى
تسوية ودية للقضية على أساس احترام حقوق اإلنسان المعترف بها في هذه اإلتفاقية.
.4التحقيق
لقد نصت المادة ( /48د) على أنه يمكن للجنة أن تجري تحقيقا ً إذا رأت ذلك ضــروريا ً ومستصــوبا ً ،
من أجل فعالية إجراء التحقيق تطلب اللجنة كل التسهيالت الضرورية فتوفرها لها الدولة المعنية.
تمت صــالحيات وإختصاصــات اللجنــة للــدول األعضــاء في المنظمــة األمريكيــة ،وليســت أطــرافً في
اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان في اإلتفاقية ،وفقا ً للمادة (.)20
أ .لفت اإلنتباه الى مراقبة حقوق اإلنسان المشــار إليهـا في المـواد (،)1ـ (،)2ـ (،)3ـ (،)4ـ (
،)18ـ ( )25و ( )26من اإلعالن األمريكي لحقوق وواجبات اإلنسان ،فحص التبليغــات المقدمــة
وأي معلومات أخرى متاحة ،ومخاطبـة حكومـة أي دولـة عضــو وليسـت طرفـا ً في اإلتفاقيـة من
اجل الحصول على المعلومات التي ترى أنها تتعلــق بهــذه اإلتفاقيــة ،وعمــل التوصــيات بشــأنها
عنما ترى ذلك مناسباً.
) (479د .نظام عساف ،مدخل الى حقوق اإلنسان في الوثائق الدولية واإلقليمية واألردنية ،مرجع سابق ،ص . 187
) (480سونيال ابيسيكيرا وآخرون ،المطالبة بالحقوق مطالبة بالعدالة ،مرجع سابق ،ص.112
) (481جولييتا $روسي ،النظام األمريكي $لحماية حقوق اإلنسان والحقوق اإلقتصادية والثقافية ،مرجع سابق ،ص .561
272
ب .التحقق كشرط مسبق لمباشرة الصالحيات الممنوحة بموجب الفقرة (ب) أعاله.
لقد نصت اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان على تشكيل المحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان ،ونظمت
اإلتفاقيــة األحكــام الخاصــة بالمحكمــة من المــواد ( 54ــ ،)69وتم إنشــاء المحكمــة األمريكيــة لحقــوق
اإلنسان عام 1979م ،ومقرها في سن جوسيه بكوســتريكا .كمــا يجــوز للمحكمــة أن تنعقــد في أي دولــة
عضو بمنظمة الدول األمريكية ،عندما ترى أغلبية أضــعاء المحكمــة ذلــك ،وبموافقــة مســبقة من الدولــة
المعنية( ،)482وقد تم إعتماد النظام األساسي للمحكمة في سنة 1980م.
وفي هذا العنصر سنتعرض للمحكمــة األمريكيــة لحقــوق اإلنســان في ثالث فقــرات ،حيث تتنــاول
الفقرة األولى :قــوام واختصاصــات المحكمــة األمريكيــة لحقــوق اإلنســان ،فيمــا تتعــرض الفقــرة الثانيــة:
آلليات المحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان ،والفقرة الثالثة :لتقييم آليات المحكمة.
تتكون المحكمة من سبعة قضاة ،من مواطني الدول األعضاء ،ويتم نتخابهم بشكل فردي بين القضاة
ذوي المكانة األخالقية العاليـة وذوي اإلختصـاص المعـترف بـه في مجـال حقـوق اإلنسـان ،واليجـوز أن
يكون أثنان من القضاة من مواطني نفس الدولة ،وذلك وفقـا ً للمــادة ( )4من النظــام األساســي للمحكمــة.
ويتم ويتم إنتخاب القضاة من الدول األطراف في اإلتفاقية ،من بين قائمة السماء الذين ترشحهم الــدول،
ويجوز لكل دولة أن ترشح ثالثة أشخاص من مواطنيها أو من مواطني ولة أخــرى عضــو في اإلتفاقيــة،
على أن يكون واحد منهم على األقل مواطنا ً لدولة أخرى يخالف الدولــة المرشــحة ،حســب المــادة (.)7
ويتم إجراء عملية اإلنتخابات باإلقتراع السري.
ومن الواضح ان المحكمة تمثل هيئــة قضــائية مســتقلة ،فرضــها تطــبيق وتفســير اإلتفاقيــة األمريكيــة
لحقوق اإلنسان( .)483كما تقوم المحكمة بإنتخاب رئيسا ً ونائبـا ً للـرئيس من بين أعضــائها ،ويعمالن لمــدة
سنتين ،ويجوز إعادة إنتخابهم لمرة واحدة(.)484
) (482المادة ( )52من اإلتفاقية لحقوق اإلنسان ،والمادة ( )1/ 3من النظام األساسي للمحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان لعام .1980
) (483نخبة من أساتذة القانون ،حقوق اإلنسان ــ أنواعها وطرق حمايتها في القوانين المحلية والدولية ،مرجع سبق ،ص . 349
) (484المادة ( )1 /12من النظام األساسي للمحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان.
273
أما من حيث مهامها ودورها في مجال حماية حقوق اإلنسان ،فهي تمثــل اآلليــة الثانيــة في اإلشــراف
والرقابة على اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان ،الى جوار اللجنــة األمريكيــة ســالفة الــذكر ،وللمحكمــة
وظيفتان أساسيتان وهما :استشارية وقضائية(.)485
وحول اختصاصها القضائي ،تنظر في القضايا المرفوعة لهــا من الــدول األعضــاء واللجنــة المريكيــة
لحقوق اإلنسانز أما بخصوص اختصاصها اإلستشاري ،فيشمل تفسير أحكام اإلتفاقية األمريكيــة لحقــوق
اإلنسان.
تصدر المحكمة في القضايا المنظور أمامها قرارات ملزمة( .)486وهي أيضا ً نهائية وغير قابلة للطعن،
وفقا ً للمادة ( )67من اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان.
في حال عدم اإللتزم من الدولة المعنيــة ،فإنــه طبقـا ً للممــادة ( )25من اإلتفاقيــة األمريكيــة ،يتم إبالغ
منظمة الـدول األمريكيـة عن الـدول الـتي لم تلـتزم ،ويمكن للجمعيـة العامـة مناقشـة الموضـوع ،وإتخـاذ
الخطوات واإلجراءات السياسية المالئمة لحمل الدول على اإللتزام.
تعتمد المحكمة األمريكية في القيام بدورها الرقابي واإلشرافي في مجال حقوق اإلنسان ،على اآلليات
التالية:
تختص المحكمة بنظر الــدعاوى المرفوعــة أمامهــا من قبــل الــدول األطــراف واللجنــة فقــط ،والينعقــد
اختصاص المحكمةـ للنظر في الشكاوى ضد أي دولة بمجرد توقيعها على اإلتفاقية.
كما يشترط الى جوار التوقيع ،اإلعالن من قبل الدول باإلختصــاص الملزمــة للمحكمــة ،وفقـا ً للمــادة (
)62من اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان .فإختصاص المحكمة القضائي إختياري للدول ،فــإذا لم تعلن
الدولة عن قبولها إلختصاص المحكمة ،فلن يكون لها ذلك اإلختصاص(.)487
274
ليس لألفراد التوجه مباشرة للمحكمــة ،بــل ترفــع قضــاياهم عــبر اللجنــة األمريكيــة لحقــوق اإلنســان،
فالمحكمــة تمثــل مالذاً أخــيراً ،اليتم اللجــوء إليهــا إال بعــد أن تخفــق اللجنــة في تســوية القضــية بطريقــة
ودية(.)488
وفي حال تحقق المحكمةـ من وقوع إنتهاكات ســواء قــدمت الشــكوى من أحــد الــدول األعضــاء أو من
اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان ،تحكمـ بإعادة الوضع الى مــا كــان عليــه ،وذلــك بإصــالح الضــرر ودفــع
تعويض عادل للمضرور(.)489
.3اإلختصاص اإلستشاري
جاء في نص المادة ( )24يمكن للدول األعضاء في المنظمة إستشارة المحكمة بشأن تفسير اإلتفاقيــة
أو أية معاهات أخرى تتعلق بحماية حقوق اإلنسان في الدول األمريكية ،وبنا ًء على ذلك للمحكمة إصــدار
آراء إستشراية بنا ًءا على طلب الدول األعضاء(.)490
فالدور اإلستشـاري للمحكمـة األمريكيـة ،أوسـع من دور المحكمـةـ األوروبيـة ،كونـه يشـمل اإلتفاقيـة
األمريكية ،وأية معلومات أخرى تتعلق بحقوق اإلنسان ،في حين ينحصر دور المحكمة األوروبية بإبداء
الرأي حول تفسير اإلتفاقية األوروبة والبروتوكوالت الملحقة بها .كما تزود المحكمة أي دولة عضــو في
منظمــة الــدول األمريكيــة ـــ بنــا ًءا على طلبهــا ـــ بــآراء حــول مــدى إنســجام قوانينهــا الداخليــة مــع تلــك
المعاهدات(.)491
ان اآلراء اإلستشارية للمحكمة غير ملزمة ،وهذا أحد جوانب اإلختالف بينها وبين األحكامـ القضائية،
إال أن مطالبة الدول آلراء إستشارية حول مدى إنسجام قوانينها الداخليــة مــع اإلتفاقيــة األمريكيــة لحق ـ ٌو
اإلنسان ،يعطي الفرصـة للمحكمـة لممارسـة نوعـا ً من الرقابـة الدوليـة على التشـريعات الداخليـة للـدول
األعضاء في اإلتفاقية( . )492كما أن اآلراء اإلستشارية للمحكمة تسهم في تطوير متجانس لحقوق اإلنسان
في األنظمة الداخلية للدول األعضاء(.)493
.4التعويض
اليقتصر دور المحكمــة عنــد نظرهــا الشــكوى على الحكم بوجــود إنتهــاك لحقــوق اإلنســان من عدمــه
وحسب ،بل أسست للحق في تلقي التعويضات أيضاً ،فلهــا أن تحكم بوجــوب إصــالح اإلجــراء أو الوضــع
) (488سونيال ابيسيكيرا وأخرون ،المطالبة بالحقوق المطالبة بالعدالة ،مرجع سابق ،ص . 115
) (489نخبة من أساتذة القانون ،حقوق اإلنسان ــ أنواعها وطرق حمايتها في القوانين المحلية والدولية ،مرجع سابق ،ص . 350
) (490جاك دونللي ،حقوق اإلنسان العالمية بين النظرية والتطبيق ،مرجع سابق ،ص . 259
) (491د .محمد شريف بسيوني ،الوثائق الدولية المعنية بحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 187
) (492د .عمر صدوق ،محاضرات في القانون الدولي العام ،مرجع سابق ،ص . 147
) (493د.هاني سليمان الطعيمات ، $حقوق اإلنسان وحرياته األساسية ،مرجع سابق ،ص . 399
275
الذي شكل إنتهاكا ً لهــذه الحقــوق ودفــع تعــويض عــادل للمتضــرر( .)494واليقتصــر الحــق في التعويضــات
المالية مقابل األشرار المادية والمعنوية ،وإنما يشمل كذلك الحق في إجراء الدولــة للتحقيــق والمحاكمــة
ومعاقبة المسؤولين عن اإلنهاك(.)495
في الحــاالت ذات الخطــورة واإللحــاح الشــديدين ،وحين يكــون ضــرورويا ً تجنب إصــابة األشــخاص
بضرر اليمكن إصالحه ،من الصعوبة بمكان اإلنتظار لحين صدور قرار المحمة ،وذلك خشـية إطالـة مــدة
اإلنتهاكات الخطرة على الضحية ،وبهدف توفير الحماية العاجلة للضحايا ،ووفقا ً للمادة ( )2 /63أعطيت
الصالحية للمحكمة بأن تتخذ التدابير المؤقتة التي تراها مالئمة في القضايا التي هي قيد النظر.
المطلب الثاني:
ينقسم هذا المطلب الى فرعين ،األول منه يتناول آليات الحماية األفريقية لحقوق اإلنســان ،في حين
أن الفرع الثاني منه يتطرق إلى آليات الحماية العربية لحقوق اإلنسان.
276
تم توقيــع ميثــاق منظمــة الــدول اإلفريقيــة في العاصــمة اإلثيوبيــة أديس أبابــا في العــام .)496(1963
وبموجبه أكدت الدول المنظمة إليه على إلتزامها بالمبادئ الــتي جــاء في مضــمون ميثــاق األمم المتحــدة
واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والشعوب ،رغم تأكيد ميثاق الدول اإلفريقيــة على حقــوق اإلنســان ،إال
أن هذا لم يكن كافيا ً وتطلب الى إتخاذ خطوات أخرى وذلك لتأطير حقــوق اإلنســان وحمايتهــا في القــارة
األفريقية .لكن هذه الخطوات تأخرت كثيراً ،وربما يعود ذلك لطبيعة الظروف الــتي مــرت بهــا القــارة من
ناحية ،وتمسك األنظمة في هذه الدول بمفهوم السيادة التقليدي من ناحية أخــرى ،وبحلــول عــام 2009م
صادق على الميثاق كافة دول اإلتحاد اإلفريقي(.)497
يمتاز الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان بالتركيز على الحقــوق الجماعيــة أو حقــوق الشــعوب مقارنــة
باإلتفاقيات األخرى اإلقليمية ،والتي عالجها الميثــاق في المــواد من ( 19ــ ، )24عــدا عن تركــيزه على
الحقوق ،التي تضمنها اإلعالن والعهدين.
بموجب الميثاق تشكلت اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان كأحد اآلليات للرقابة واإلشــراف على تطــبيق
الميثاق ،وفي تطور الحق تبنت دول اإلتحــاد اإلفــريقي الــبروتوكول الملحــق بالميثــاق في العــام 1998م،
والخاص بإنشاء المحكمة اإلفريقية لحقوق اإلنسـان والــتي مثلت اآلليـة الثانيــة لإلشــراف والرقابـة على
اإلتفاقية.
ســنتناول اللجنــة اإلفريقيــة لحقــوق اإلنســان والشــعوب في ثالث فقــرات ،تســتعترض الفقــرة األولى
إلختصاصات اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب ،والفقرة الثانية آلليات اللجنة اإلفريقية لحقــوق
اإلنسان والشعوب ،أما الفقرة الثالثة لتقييم آليات اللجنة.
) (496في العام 2000م تم اعتماد المرسوم الدستوري لإلتحاد األفريقي في سرت 1999م ،وقد دخل هذا المرسوم حيّز النفاد في 26مايو
2001م ،معلنا ً إنشاء اإلتحاد األفريقي الذي حل محل منظمة الوحدة األفريقية.
) (497ليا ليفين ،حقوق اإلنسان ــ أسئلة وأجوبه ،مرجع سابق ،ص . 117
277
لقد تشكلت اللجنة اإلفريقية لحقوق افنسان والشــعوب بمــوجب المــادة ( )30من الميثــاق( .)498وتتخــذ
اللجنة من بنجول في غامبيا مقراً لها .تعقد جلستان ســنويتان ،ليس في مقرهــا وحســب ،فلهــا أيضـا ً أن
تعقد اجمتاعاتها في أي دولة إفريقية أخرى ،حتى يصبح عمل اللجنة معروفا ً على نطاق واسع(.)499
تتكون اللجنة من غحدى عشر عضواً يتم إختيارهم من بين الشخصــيات اإلفرييــة الــتي تتحلى بــأعلى
قدر من اإلحترام ومشهود لها بسمو األخالق والنزاهة والحيدة ،وتتمع بالكفاءة في مجال حقوق اإلنسان
والشعوب مع ضــرورة اإلهتمــام بإشــتراك األشــخاص ذوي الخــبرة في مجــال القــانون ،ويــزاول أعضــاء
اللجنة مهامهم بصفتهم الشخصية ،وفقا ً للمادة ( )31من الميثاق.
يتم إنتخاب أعضاء اللجنة من مؤتمر رؤساء الدول والحكومات عن طريــق اإلقــتراع الســري من بين
قائمة مرشحين من قبل الدول األطراف في هذا الميثاق عن ترشح أكــثر من شخصــين ،وينبغي أن يكــون
المرشحون من رعايا الدول األطراف في هذا الميثاق .حينما تتقدم إحدى الدول بمرشحين أثــنين يجب أن
يكون أحدهما من غير مواطنيها حسب المادة ( ،)34ويتولى األمين العام لإلتحــاد اإلفــريقي ،تعــيين أمين
اللجنة وطاقم من العاملين لتمكينها من القيام بمهامها(.)500
وتبلغ الوالية الزمنية ألعضاء اللجنة ست سنوات قابلــة للتجديــد وفقـا ً للمــادة ( ،)37مــع عــدم جــواز
وجود عضوين في اللجنة من دولة واحدة.
أما من حيث إختصاصات اللجنة وصالحياتها ،فقبل إنشاء المحكمة اإلفريقية لحقوق اإلنسان ،أسندت
للجنة حماية الحقوق المدرجــة في الميثــاق حصــريا( .)501ومن هــذا المنطلــق كــانت اللجنــة ســابقا ً بمثابــة
"الجهاز األساسي والوحيد إلنقاذ الميثاق اإلفــريقي لحقــوق اإلنســان"( .)502وقــد تــولت المــادة ( )45من
الميثاق ،بتحديد مهام واختصاصات اللجنة بالتالي:
أ .تجميع الوثائق وإجراءات الدراسـات والبحـوث حـول المشـاكل اإلفريقيـة في مجـال حقـوق
اإلنسان والشعوب وتنظيم الندوات والحلقات الدراسية والمـؤتمرات ونشـر المعلومــات وتشــجيع
المؤسسات الوطنية والشعوب وتقديم المشورة ورفع التوصيات الى الحكومات عند الضرورة.
) (498جاء في المادة ( ) 30من الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان :تنشأ في إطار منظمة الوحدة األفريقية لجنة أفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب
يشار إليها فيما يلي باسم "اللجنة " وذلك من اجل النهوض بحقوق اإلنسان والشعوب في ألشعوب في أفريقيا وحمايتها.
) (499ليا ليفين ،حقوق اإلنسان ـ أسئلة وأجوبه ،مرجع سابق ،ص . 118
) (500فيليسموركا $،النظام األفريقي لحماية حقوق اإلنسان والحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية:
http://www1/umn/edu/humanrts/arab/M28.pdf
) (501سونيال ابيسيكيرا واخرون ،المطالبة بالحقوق مطالبة بالعدالة ،مرجع سابق ،س . 113
) (502د .مصطفى عبدالغفار ،ضمانات حقوق اإلنسان على المستوى اإلقليمية ،مرجع سابق ،ص . 62
278
ب .صياغة ووضع المبادئ والقواعد التي تهدف الى حل المشاكل القانونية المتعلقــة بــالتمتع
بحقوق اإلنسان والشعوب والحريات األساسية لكي تكون أساسا ً لســن النصـوص التشــريعية من
قبل الحكومات اإلفريقية.
ج .التعاون مـع ســائر المؤسســات اإلفريقيــة أو الدوليــة المعنيــة بــالنهوض بحقــوق اإلنســان
والشعوب وحمايتها.
.2ضمان حماية حقوق اإلنسان والشعوب طبقا ً للشروط الواردة في هذا الميثاق.
تفسير كافة األحكامـ الواردة في هذا الميثاق ،بنا ًء على طلب دولة طــرف أو إحــدى مؤسســات
منظمة الوحدة اإلفريقية أو منظمة تعترف بها منظمة الوحدة اإلفريقية.
.3القيام بأي مهام أخرى قد يوكلها إليها مؤتمر رؤساء الدول والحكومةـ
تشرف اللجنة على نظام التحقيقــات والتقــارير الدوريــة للنشــاط في ميــدان حقــوق اإلنســان ،
ودراسة التقارير الدولية للدول(.)503
وقد أكســبت الفقــرة الرابعــة من المــادة الخامســة واألربعــون ســالفة الــذكر ،المرونــة والســعة لمهــام
اللجنة ،حيث يمتلك مؤتمر رؤساء الدول األعضاء ،بتوسيع مهام اللجنة ،عــبر مــا يتخــذخ من قــرارات،
تتضمن تكليفات لها.
تقوم اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب ،بدورها الرقــابي واإلشــرافي على الميثــاق اإلفــريقي
لحقوق اإلنسان ،وذلك عبر اآلليات التالية:
تتلقى اللجنة التقارير من الــدول األعضــاء ،وتقــوم بدراســاتها في اجتماعاتهــا الدوريــة ،حيث تجتمــع
مرتين سنويا ً لمدة خمسة عشر يــوم خالل ابريــل ،مــايو ،أكتــوبر ونوفمــبر ( .)504رغم أن الميثــاق الينص
) (503خليفه بوزبره ،دور المنظمات $غير الحكومية لحقوق اإلنسان حسب أعضاء المجلس الشعبي الوطني ،رسالة ماجستير ،كلية العلوم
اإلنسانية ،جامعة الجزائر ،2006 ،ص . 62
) (504ميثاق اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان.
279
على إجــراء صــريح في دراســة التقــارير من اللجنــة ،إال أنهــا من الناحيــة الواعيــة قــامت بدراســة هــذه
التقارير في جلسات عامة(.)505
من حيث إلتزام الدول بتقديم التقارير للجنة ،فالتجربة تؤكد على محدودية وهامشية هذا الــتزام ،حيث
لم تتقدم أقلية من الدول بتقاير للجنة( ،)506بينما الكثير من الدول األطراف الزالت ماضية في عـدم الوفـاء
بإلتزاماتها برفع التقارير للجنة(.)507
لكل دولة طرف في الميثاق لفت نظر دولة اخرى كتابياً ،حــال إنتهاكهــا ألحكــام الميثــاق ،وتوجــه ذات
الرســالة لألمين العــام لإلتحــاد اإلفــريقي ورئيس اللجنــة اإلفريقيــة لحقــوق اإلنســان .وعلى الدولــة الــتي
وجهت لها الرسالة أن تقدم توضيحات حول اإلدعاء ،خالل مدة التتجاوز ثالثة أشهر من تاريخ استالمها
الرسالة.
إذا لم يتم تسوية القضية بين الطرفين عن طريق مفاوضات أو اي إجراء أخر ،يحــق لكــل من الــدولتين
عرض هذه القضية على اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان ،بإبالغ رئيسها وإخطار الدولة األخــرى المعنيــة
واألمين العام( .)508ومن المالحظ أن عرض الشــكوى على اللجنــة اإلفريقيــة من الدولــة المدعيــة والمــدعى
عليها يتم في حال فشل وصولها لتسوية ثنائية.
للجنة أن تنظر في الشكاوى التي يتقدم بها األفراد والمنظمات غير الحكومية ،واليشــترط أن تقــوم بهــا
الضحايا( .)509ونشـير في هـذا الســياق الى أن شــروط قبـول الشـكوى المقدمــة من الــدول أســهل بكثـير من
الشروط المقدمة من األفراد ،حيث جاء في المادة ( )50من الميثاق على أنه "اليجوز للجنة النظــر في أي
موضوع يعرض عليهــا إال بعــد التأكــد من اســتنفاذ وســائل اإلنصــاف الداخليــة إن وجــدت مــا لم يتضــح أن
إجراءات النظر فيها قد طالت لمدة غير معقولة" .حيث إكتفى الميثــاق بشــرط واحــد فقــط بالنســبة للــدول،
يمثل في استنفاذ وسائل اإلنصاف الداخلية ،واإلستثناء الوحيد على شرط استنفاذ وسائل النظــام الــداخلي،
) (505دليل حقوق اإلنسان في مجال اقامة العدالة ،ص . 71
) (506د .ابراهيم علي بدوي الشيخ ،عشرة اعوام في حياة اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب" $تقييم ونظرة مستقبلية" ،المجلة العربية
لحقوق اإلنسان ،العدد الخامس ،تونس $جانفي1998 ،م ،ص . 37
) (507فيلكس موركا ،النظام األفريقي لحماية حقوق اإلنسان والحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية ،الموقع:
http://www1.umn.edu/humanrts/M28.pdf
) (508د .محمود شريف بسيوني $،الوثائق الدولية المعنية بحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص 376و . 377
) (509محمد كمال رزاق باره ،اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب بين مهام الترفيه وواجب الحماية ،المجلة العربية لحقوق اإلنسان ،العدد
الخامس ،تونس ،جانفي ،1998ص . 41
280
يتمثل في طول إجراءات وسائل اإلنصاف ،بينما اشــترط شــروطا ً عديــدة بالنســبة لألفــراد والمظمــات غــير
الحكومية التي منحت صفة للمراقب لدى اللجنة(.)510
أما الشكاوى المقدمة من األفراد والمنظمات غــير الحكوميــة ،الــتي نظمتهــا المــادة ( )56من الميثــاق
وجاء بها "تنظر اللجنة في المراســالت الــواردة المنصــوص عليهــا في المــادة ( )55والمتعلقـةـ بحقــوق
اإلنسان والشعوب إذا استوفت وبالضرورة الشروط التالية:
ــ أن تحمل اسم مرسلها حتى ولو طلب الى اللجنة عدم ذكر اسمه.
ــ أن التتضمن ألفاضا ً نابيــة أو مســيئة الى الدولــة المعنيــة أو مؤسســاتها أو منظمــة الوحــدة
األفريقية.
ــ أال تقتصر على تجميع األنباء التي تبثها وسائل اإلعالم الجماهيرية.
ــ أن تأتي بعد استنفاد وسائل اإلنصاف الداخلية إن وجــدت مــا لم يتضــح للجنــة أن إجــراءات
وسائل إنصاف هذه قد طرأت بصورية غير عادية.
ــ أن تقدم اللجنة خالل فترة زمنية معقولة من تاريخ اســتنفاد وســائل اإلنصــاف الداخليــة من
التاريخ الذي حددته اللجنة لبدء النظر في الموضوع.
ــ أال تتعلق بحاالت تمت تسويتها طبقا ً لمبادئ ميثــاق األمم المتحــدة وميثــاق منظمــة الوحــدة
األفريقية وأحكامـ هذا الميثاق.
تقبل الشكاوى من اللجنة باللغات األربع ( اإلنجليزية ،الفنرسية ،البرتغاليــة والعربيــة) ،وهي
اللغات المستخدمة في القارة األفريقية.
.4المهام الميدانية
في بعض الحاالت تقوم اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسـان بأعمـال ميدانيـة ،عنـد تلقيهـا شـكاوى حـول
الوضــعية الخطــيرة لحقــوق اإلنســان في بلــد مــا ال تكفي بمــا يصــل لهــا من تقــارير وبالغــات بخصــوص
اإلنتهاكات ألحكام الميثاق .ومارست اللجنة هـذه اآلليـة عمليـا ً ،حيث قـامت بإيفــاد بعثـات في مهمــة الى
موريتانيا والسنغال والسودان في العام 1996م ،وفي العام 1997م قامت بإيفاد بعثة الى نيجيريا(.)511
.5التدابير المؤقته
) (510يوسف بو القمح ،شروط تقديم الشكاوي أمام القضاء األفريقي لحقوق اإلنسان "بحث محكم" ،مجلة الباحث اإلجتماعي ،مجلسة محكمة
صادرة عن كلية العلوم اإلقتصادية والتجارية بجامعة قاصدي مرباح ورقله ،الجزائر ،العدد التاسع ، 2009 ،ص . 252
) (511محمد كمال رزاق باره ،اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب مهامالترفيه وواجب الحماية ،مرجع سابق ،ص . 46
281
للجنة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب أن تطلب من أي دولة إتخاذ تدابير محددة في حاالت التأكــد
من حدوث ضرر فـوري للضــحية أو الضـحايا .وتكمن أهميـة اآلليــة في التــدخل السـريع والعاجـل لوقـف
اإلنتهاكات ،وعــدم انتظــار نتــائج الفحص والتــدقيق والتحقيــق في الشــكاوى المقدمــة لهــا من التطبيقــات
العملية لهذه االلية من قبل اللجنة ،مطالبتها للحكومة النيجيرية وقف إعدام الناشط كين صارو ويو (.)512
.6اصدار دورية
من ضمن المهــام الــتي أوكلت للجنــة النهـوض بحقـوق اإلنسـان والشــعوب ،إصـدار "دوريـة خاصــة
بها"( . )513والتي تعتبر من اآلليات الخاصة في نشر ثقافة حقوق اإلنسان ،والترويج للجنة واألدوار الــتي
تقوم بها.
طورت اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان من آليات عملها في حماية حقوق اإلنسان ،ومن آليات عملها
في حمايــة الحقــوق الــواردة في الميثــاق والتصــدي لإلنتهاكــات الــتي تتعــرض لهــا ،ومن اآلليــات الــتي
استخدمتها لهذه الغاية ،تعيين مقررين خاصة وأفرقة عمل.
لقد عيّنت اللجنة األفريقيــة مقــررين خاصــين حــول اإلعــدام خــارج نطــاق القضــاء ،وحقــوق المــراة ،
وحرية التعبــير ،والنــازحين ،كمــا شــكلت أفرقــة عمــل في الموضــوعات :الســكان األصــليين ،والحقــوق
اإلقتصادية واإلجتماعية ،وعقوبة اإلعدام( .)514وقد استفادت في هذا المجال من اآلليات الدولية.
تشــكلت اللجنــة األفريقيــة لحقــوق اإلنســان ،كأحــد اآلليــات للرقابــة واإلشــراف الجديــدة على تطــبيق
الميثاق ،حيث لم ينص الميثاق على إنشاء جهاز قضائي للنظر في إنتهاكات حقوق اإلنسان.
لقد كانت اللجنة األفريقية هي اآللية الوحيدة لإلشراف والرقابة على اإلتفاقية ،وقــد أســهمت الثغــرات
والنواقص التي إعــترت عمــل اللجنــة من ناحيــة ،والســعي لتعزيــز أحكــامـ الميثــاق من ناحيــة أخــرى الى
التفكير والعمل من أجل السير بالنظام األفريقي لحماية حقوق اإلنسان ،خطوة نوعية لألمام ،عبر تشــكيل
المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان.
لقد تبنت دول اإلتحــاد األفــريقي الــبروتوكول الملحــق بالميثــاق األفــريقي لحقــوق اإلنســان في العمــام
1998م ،والخــاص بإنشــاء المحكمــة األفرقيــة لحقــوق اإلنســان ،حيث نص الــبروتوكول على أن تنشــأ
282
محكمة أفرقية لحقوق اإلنسان والشــعوب (المحكمــة) يحكم اختصاصــها ومهمتهــا هــذا الــبروتوكول(.)515
وقد دخل حيّز النفاذ في العام 2004م ،وفي العام 2006م تم تأســيس المحكمــة كآليــة ثانيــة للرقابــة على
اإلتفاقية.
وقد جاء تشكيل المحكمة بمثابة قفزة نوعية لنظــام أفـريقي ضــامن لحقــوق اإلنســان( .)516وتعتــبر هي
األحدث عهداً بين الهيئات القضائية اإلقليمية لحقوق اإلنسان( .)517كما أســهم تشــكيل المحكمــة في تكامــل
النظام األفريقي لحقــوق اإلنســان ،حيث كــان النظــام قبــل تشــكيلها يتســم بالقصــور في ظــل إســتناده على
اللجنــة األفريقيــة فقــط .وهنــا يتضــح بــأن المحكمــة التشــكل بــديالً عن اللجنــة بل ج اءت لتكم ل مهام
اللجنة( ،)518كما تضمن البروتوكول الختصاصات المحكمة االفريقية لحقوق االنسان في الفقرة الموالي ة .
وتضمن في فقرة ثانية الليات اشتغالها
تتكون المحكمة من ( )11قاضيا ً ،يتم إنتخابهم لمدة ست سنوات ،مع جواز إنتخابهم مرة أخرى لمرة
واحدة فقط ،وفقا ً للمادة ( )14من البروتوكول.ـ
وقد تميّز برتوكول تشكيل المحكمة بمراعات النوع اإلجتماعي لدى تشكيل هيئة المحكمة ،حيث نصت
المــادة ( / 13ـ )3على التــالي" :يعطى اإلعتبــار الكــافي للتمثيــل المالئم من حيث الجنس أثنــاء عمليــة
اإلنتخاب" ،وقد تقاطع تشكيل المحكمة األفريقية من حيث مراعات التمثيل على أســاس الجنس ،مــع مــا
جاء في المادة ( )14من النظام الداخلي للمحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان.
أما مهام واختصاصات المحكمة ،فقــد جــاءت موزعــة على أكــثر من مــادة من الــبروتوكول ،ومن أهم
الوظائف التي تقوم بها المحكمة العامة للمحكمة وظيفتان "أحدهما قضــائية واألخــرى استشــارية"(.)519
وبمراجعة نصوص البروتوكول ،يتبين أن أهم اإلختصاصات للمحكمة مايلي:
) (515المادة األولى من البروتوكل الملحق بالميثاق األفريقي والخاص بإنشاء المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان.
) (516د .محمد بشير مصمودي ،المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب "طموح $ومحدودية" ،مجلة الفكر ،مجلية علمية محكمة ،كلية الحقوق
والعلوم السياسية ،جامعة محمد خضير بسكره ،الجزائر ،العدد الخامس ،مارس ،2010ص . 41
) (517سونيا ابيسيكيرا واخرون ،المطالبة بالحقوق مطالبة بالعدالة ،مرجع سابق ،ص 114
) (518حفيظة شقير ،المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب ،المجلة العربية لحقوق اإلنسان ،العدد الخامس ،تونس ، $جانفي 1991م ،ص
. 51
) (519محمد بشير مصمودي ،المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب "طموح ومحدودية" ،مرجع سابق ،ص . 43
283
تمثــل رســالة المحكمــة في إتمــام ودعم مهــام اللجنــة في تعزيــز وحمايــة حقــوق وحريــات وواجبــات
اإلنســان والشــعوب في الــدول األعضــاء في اإلتحــاد األفــريقي"( .)520وقــد جــاء في المــادة الثانيــة من
البروتوكول :تتمم المحكمة التكليف الوقائي للجنة األفريقية لحقوق اإلنســان والشــعوب ( اللجنــة ) الــذي
كلفهــا بــه الميثــاق األفــريقي لحقــوق اإلنســان والشــعوب (الميثــاق) هنــا يكمن التقــاطع الواضــح بين
اختصاصات المحكمةـ واللجنة في هذا المجال.
.2الدور التفسيري .للمحكمة النظر في كافة القضايا والنزاعات المقدمــة لهــا ،والــتي تتعلــق
بتفسير وتطبيق هذا البروتوكول وأي اتفاقية أفريقية أخرى ،تتعلق بحقوق اإلنســان ،وفي
حالة النزاع يكون للمحكمة إختصــاص تســوية المســألة بقــرار من المحكمــة ،وفقـا ً للمــادة
الثالثة من البروتوكول.
ووفقا ً للمادة الرابعة من البروتوكول ،للمحكمة أن تبـدي رأيهـا اإلستشــاري بنـا ًء على طلب أي دولـة
عضو في منظمة الوحدة األفريقيــة ،أو أي من هيئاتهــا ،أو منظمــة أفريقيــة تعــترف بهــا منظمــة الوحــدة
األفريقية ،ويجوز للمحكمة أن تعطي رأيها بشأن أي مسألة قانونية تتعلق بالميثاق ،أو أي وثيقة أفرقيــة
تتعلق بحقوق اإلنسان ،كما أجازت ذات المادة ،لكل قاض الحق في تسليم رأي منفصل أو معراض للرأي
اإلستشاري الذي تقدمه اللجنة.
من المالحظ أن إختصاص المحكمة ،فيما يتعلق بالتفســير موســع ،حيث يعطي حــق المطالبــة بــه لكــل
دولة عضو أو هيئة أو منظمــة أفريقيــة معــترف بهــا ،كمــا يشــمل اختصاصــها التفســيري كــل اإلتفاقيــات
المتعلقة بحقوق اإلنسان ،وهذا اإلختصاص الموســع في دور المحكمــة التفســيري مســتوحى من نمــوذج
المحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان ،بينما يقتصر دور المحكمة األوروبية بالقضايا والمنازعات المتعلقة
باإلتفاقية وبروتوكوالتها فقط(.)521
ويشترط لنظر المحكمة في طلب تفسير مقدم لها ،أن اليكون موضع الرأي عليها على عالقة بمسألة
يجري بحثها من قبل اللجنة(.)522
.3الدور القضــائي .فيمــا يتعلــق بالوظيفيــة القضــائية ،فـإن حــق التقــدم لهــا بالشــكاوى، .2
"ينحصر في لجنة الدول األطراف فقط"( .)523وهذا يمثل قيد وأوضــح على توجـه األفـراد
للمحكمة ،حيث اليجوز لهم التوجه لها مباشرة ،إال في حاالت إستثنائية فقط.
) (520كيف نشأت المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان ،منشور على موقع المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسانhttp://www.african- :
court.org/ar/court/faq
) (521د .محمد بشير مصمودي ،المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب "طموح $ومحدودية" ،مرجع سابق ،ص . 43
) (522كيف نشأت المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق.
) (523د .طارق عزت رخاء ،قانون حقوق اإلنسان بين النظرية والتطبيق $في الفكر الوضعي والشريعة ،مرجع سابق ،ص . 233
284
الفقرة الثانية :آليات المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان
تتولى المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان مزاولـة مهام عملها ،باإلستناد لآلليات التالية:
حددت المادة الخامسة من البروتوكول الخاص بتشكيل المحكمة ،الجهات التي يحق لهـا تقـديم قضـايا
للمحكمة باللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان ،والدولة الطرف التي رفعت شكوى الى اللجنة ،والدولة التي
وقعت ضدها شكوى للمحكمة .وقد أكتفى الميثاق بإستخدام شرط واحد بالنسبة للدولة ،يتمثل في استنفاد
وســائل اإلنصــاف الداخلية( .)524ويتــوجب على مقــدم الشــكوىـ بإقامــة الــدليل على اســتنفاد تلــك الوســائل
وبتقديم المعلومات التي تؤكد ذلك.
كما يجب على الدولــة المشــتكى عليهــا ،إذا ادعكس ذلــك أن تثبت بــأن هنــاك وســائل انصــاف لم يتم
استنفاذها فعالً(.)525
اًألصل أال يتقدم األفـراد بشـكاواهم للمحكمـة مباشـرة ،ولكن للمحكمـة اختصـاص اسـتثنائي ،
حيث يجوز لها ــ ألسباب إستثنائية ــ أن تسمح لألفراد والمنظمات غــير الحكوميــة ومجموعــات
من األفراد ،برفع القضايا أمام المحكمة ،وذلــك وفقـا ً للمــادة السادســة من الــبروتوكول الخــاص
بإنشـــاء المحكمـــة .هـــذا اإلختصـــاص اإلســـتثنائي مشـــروط "بقبـــول الدولـــة صـــراحة لهـــذا
اإلختصاص"(.)526
كما أن المحكمــة في مجــال نظرهــا للشــكوى تخضــع لقيــد آخــر ،فهي اليمكن أن تنظــر الى
الشكوى التي تم دراستها من قبل اللجنة.
.3تقصي الحقائق
بعد نظر المحكمة فيما رفعه كافة األطراف بخصوص الشكوى ،لهــا أن تنشــئ لجنــة لتقصــي
الحقائق ،وعلى الدول المعنية المساعدة في توفير المعالجة الفعالة للققضــية ،وفقـا ً للمــادة (/23
)1من البروتوكول.ـ
.4التسوية
285
يعتــبر القيــام بالتســوية بين أطــراف الــنزاع من اإلختصاصــات المشــتركة للجنــة وللمحكمــة،
وكانت التسوية سابقا ً تتم من اللجنة ،وينتج عنها تسوية "ودية وليست قضائية"(.)527
بعد تشــكيل المحكمــة ،تم تفعيــل آليــة التســوية عــبر تشــجيعها إلبــرام التســويات للقضــايا
المعروضة عليها وفقا ً ألحكام الميثاق ،ومن أهم القيود التي تــرد على التســوية الوديــة للــنزاع ،
هو عدم اإلخالل بنصوص الميثاق(.)528
.5التعويض
حال تأكد المحكمة وجــود إنتهــاك،لهــا أن تــأمر بإتخــاذ اإلجــراء المناســب لمعالجــة اإلنتهــاك،
والحكمـ بدفع تعويض عادل للمتضرر.
.6التدابير المؤقتة
للمحكمة إتخـاذ التـدابير أو اإلجـراءات المؤقتـه ،لتجنب الضـرر الـذي يقـع على األشـخاص،
وتتخذ المحكمة هذه لتدابير في حــاالت الخطــورة الشــديدة والطــوارئ الضــرورية ،وذلــك حســب
المادة ( ) 3/ 24من البروتوكول.
أما حول آلية صدور ألحكام من المحكمة ،فإنها تصــدر في تســعين يومـا ً بعــد اإلنتهــاء من مــداولتها ،
ويتلى القرار علنا ً في المحكمة ،متضمنا ً الحيثيات.
كما أن األحكام تصدر باألغلبية ،وإذا لم يمثل حكم المحكمةـ الرأي الجمــاعي للقضــاة ،يكــون من حــق
أي قاض أن يسلم رأيا ً منفصالً أو معارضا ً(.)529
إن قرارات المحكمة نهائية وغير قابلة للطعن ،ومع ذلـك يمكن لطـرف في قضـية مـا التقـدم بإلتمـاس
إلعــادة النظــر في الحكمـ في ضــوء أدلــة جديــدة لم تكن معلومــة لــه في وقت صــدور الحكم ،على أن يتم
استالم هذا اإللتماس في غضون ستة أشهر من معرفـة الطـرف المعـني باألدلـة الجديـدة المكتشـفة ،كمـا
يجوز للمحكمة أيضـا ً تفســير قراراتهــا بــذاتها( .)530أمــا تنفيــذ األحكــامـ فقــد أســند لمــؤتمر رؤســاء الــدول
والحكومات.
) (527د .عمر صدوق ،محاضرات في القانون الدولي العام ،مرجع سابق ،ص . 150
) (528القاضية وهيبه لوصادق ،آليات مراقبة حماية حقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 45
) (529كيف نشأت المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق.
) (530وفقا ً للمادة ( ) 25من بروتوكول تشكيل المحكمة.
286
من الجدير ذكره ،أنه يوجد في النظام األفريقي لحماية حقوق اإلنسان محكمة العدل األفريقيــة ،والـتي
تشكلت بموجب المادة الخامسة من الميثاق التأسيسي لإلتحاد األفريقي في العام 2001م .وفي 11يوليو
2003م ،تبنت دول اإلتحاد األفريقي بروتوكــول تشــكيل محكمــة العــدل ،وفي العــام 2008م قــرر مــؤتمر
اإلتحــاد األفــريقي المنعقــد في شــرم الشــيخ ،دمج المحكمــة األفريقيــة لحقــوق اإلنســان ومحكمــة العــدل
األفريقيــة في محكمــة واحــدة بإســم "المحكمــة األفريقيــة للعــدل وحقــوق اإلنســان" وقــد أقــر المــؤتمر
البروتوكول الخاص بالمحكمة ونظامها الخــاص في وثيقــة واحــدة ،ولكن هــذا الــدمج لم يتم من الناحيــة
العملية(.)531
تأسست جامعة الدول العربية في العام 1945م ،وهي أقدم منظمة إقليمية ،ولكنهــا تــأخرت كثــيراً في
تأطير وتنظيم حقوق اإلنسان ،ولم تكن حقوق اإلنسان مدرجة في أهدافها وإهتماماتها ،حيث أن ميثاقها
التي تأسست بموجبه جاء خاليا ً من أي ذكر لحقوق اإلنسان وحرياته األساسية(.)532
واســتجابة لــدعوة األمم المتحــدة ،قــامت الجامعــة العربيــة ،بشــتكيل اللجنــة العربيــة الدائمــة لحقــوق
اإلنســان ،كإحــدى اللجــان الفنيــة المحيطــة بهــا ،ثم اتجهت المســاعي للتوصــل إلتفاقيــة عربيــة لحقــوق
اإلنسان .وقد صــدر الميثــاق العــربي لحقــوق اإلنســان بقــرار من مجلس الجامعــة رقم ( )5427في العــام
1997م ،إال أن الدول تحفظت عليه ،ولم يدخل حيّز النفاذ.
وتوصلت المجهودات لتطوير الميثاق ،وبعد شد وجذب ومخاض طويل ،صدر الميثاق العربي لحقــوق
اإلنسان عن القمة العربية في تونس بتاريخ 23مـايو 2004م ،ولم يمـر من دون اعتراضـات وتحفظـات
ومعاناة ،حيث كان ينام ويستيقظ ،حتى تم إبرامه بصيغته الجديدة في العام 2004م(.)533
ودخل الميثاق حيّز النفاذ بتاريخ 15مارس 2008م بعد أن صادقت سبع دول ،وذلك وفقا ً لمادة (/49
)2من الميثاق .والدول العربية التي بتصديقها دخل الميثاق حيّز التنفيــذ هي :األردن ،لبنــان ،البحــرين،
) (531انظر بهذا الخصوص :زيدان لوناس ،الضمانات القضائية لحقوق اإلنسان في وقت السلم ،مرجع سابق ،ص 117وما بعدها.
) (532د .عبدالكريم علوان ،حقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 127
) (533عبدالحسين شعبان ،الميثاق العربي لحقوق اإلنسان :السؤال والمال ،الحوار المتمدن ،العدد.3/2008/ 22 -3529
Htttp://www.ahwar.org/debat/show art.asp?aid=12630
287
سوريا ،فلسطين ،ليبيا ،واإلمارات العربية المتحدة( .)534فقد كــانت الدولــة الســابعة الــتي أودعت وثيقــة
تصديقها على الميثاق هي دولة اإلمارات بتاريخ 15يناير 2008م(.)535
وقد جاء الميثاق هزيالً وضبابيا ً من حيث آليات حمايته ،حيث قفز عن اللجنة العربية الدائمــة لحقــوق
اإلنسان ،وسنعجالها في العنصر األول ،فيما العنصر الثاني سيتطرق للجنة حقوق اإلنسان العربية ،مــع
اإلشارة الى عدم توصل الجامعة الى إنشاء محكمة عربية لحقوق اإلنسان بسبب عدم اإلتفــاق بين جميــع
الدول حول الموضوع ،ونظراً للحساسيات السياسية التي تثيرها مثــل هــذه الهيئــات على مســتوى العمــل
والتنسيق واتخاذ القرارات واألحكامـ القضائية.
التعتبر اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسان من آليــات الميثــاق العــربي لحقــوق اإلنســان ،وهي من
اللجــان الفنيــة للجامعــة العربيــة ،وتعتــبر ذراعهــا الــرئيس في مجــال حقــوق اإلنســان ل ذلك س نحاول في
معرض حديثنا عن اللجنة العربية الدائمة لحقوق االنسان الى تبيان اختصاصاتها في الفقرة األولى على أن
نتطرق في فقرة ثانية لالليات التي تعتمدها اللجنة لحماية حقوق االنسان .
تم إنشاء اللجنة العربية الدائمة لحقــوق اإلنسـان بمقتضـى قـرار جامعـة الــدول العربيــة رقم ()2443
بتاريخ 1968م كلجنة فنية محيطة بالجامعة العربية ،فهي ال تعتــبر من اللجــان اإلتفاقيــة ،كــون تشــكيلها
سبق كثيراً صدور الميثاق العربي لحقوق اإلنسان ،وهي لجنة حكومية ،وما تزال معنا حتى اليوم(.)536
وبدأت فكرة إنشاء اللجنة بإستناد إلقتراح مقــدم من األمم المتحــدة لألمانــة العامــة في العــام 1967م،
وأستجاب مجلس جامعة الدول العربية لإلقتراح ،لذا فإن تشكيل اللجنة ،جاء "نتيجــة التعــاون المشــترك
بين منظمة األمم المتحدة وجامعة الدول العربية"( .)537ما يعني أنهام جاءت بناء على اقتراح دولي.
) (534عبدالقادر انيس ،قراءة في الميثاق العربي لحقوق اإلنسان ،الحوار المتمدن ،العدد 2856ــ ، 2009 /12/12منشور على الموقع:
tttp://www.ahwar.org/debat/show art.asp?aid
) (535د .توفيق بوعشبه ،الميثاق العربي لحقوق اإلنسان يدخل حيّز النفاذ اليوم ،الموقعhttp://leguriste.montadaihilal.com/t1180- :
topic
) (536د .جورج جبور ،الميثاق العربي لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق.
) (537د .وائل عالم ،وثائق اإلتفاقية العربية البينية ذات الصلة بحقوق اإلنسان ،األمانة العامة ،الجامعة العربية ،2005،ص .38
288
وقد اتخذت اللجنة في صيغة لجنة دائمة لدى الجامعة العربية وذات صــيغة حكومية( .)538وهي تتكــون
من ممثلي الدول األعضاء في الجامعة ،على أن تراعى هذه الـدول أن يكـون ممثلـون من المختصـين في
حقوق اإلنسان ،وعلى الدول األعضاء أن تبلغ األمين العام بأسماء ممثليها في اللجنة(.)539
كما تتخذ اللجنة العربية من مقر األمانة العامة لجامعة الدول العرية بالقاهرة مقراً لها ،وتعقــد اللجنــة
اجتماعاتها في هذا المقر تطبيقا ً للفقــرة األولى من المــادة الرابعــة من النظــام.ويجــوز لهــا وبعــد موافقــة
األمين العام للجامعة ،أن تعقد اجتماعاتهــا في أي بلــد عــربي أخــر ،إذ اقتضــت ضــرورة العمــل ذلك(.)540
وتخضع في مجال تنظيم عالقاتها الداخلية ،وعالقتها مــع الجامعــة العربيــة للجــان الفنية( .)541ومن حيث
اختصاصاتها فهي اللجنة المسؤولة عن حقوق اإلنسان في الجامعة (.)542
وتعتبر وفقا ً للمادة الثالثة من نظامهــا الــداخلي جهــاز الجامعــة المختص بمســائل حقــوق اإلنســان في
الوطن العربي ،تحت إشراف مجلس الوزارء على المستوى الوزاري .ومن اختصاصاتها ما يلي:
رفع قواعد التعاون ومداه بين الدول العربية في مجال حقوق اإلنسان. .1
اعداد تصور للموقف العربي تجاه قضايا حقوق اإلنسان المطروحة إقليميا ً ودولياً. .2
اعداد مشروعات اإلتفاقيات ذات الصــلة بحمايــة حقــوق اإلنســان وعرضــها على مجلس .3
الجامعة على المستوى الوزاري.
دراسة اإلتفاقيات العربية ،التي قد تكون لها امتدادات في مجال حقوق .4
التعاون مع الهيئات والمنظمات الدولية واإلقليمية ذات الصلحة بحقوق اإلنسان. .5
تشجميع العمل على تطوير وتعزيز واحترام وحماية حقوق اإلنسان في الوطن العربي. .6
متابعة تنفيذ التوصيات والمواثيق واإلتفاقيات العربية ذات الصلة بحقوق اإلنسان. .7
تشجيع نشر ثقافة حقوق اإلنسان في الوطن العربيز .8
المشــاركة في النــدوات والمــؤتمرات العربيــة واإلقليميــة والدوليــة ذات الصــلة بحقــوق .9
اإلنسان.
اإلســتعانة بــالخبراء إلجــراء الدرســات والبحــوث المتعلقــة بحقــوق اإلنســان في الــدول .10
العربية.
) (538نزيهة بوذيب ،الميثاق العربي لحقوق افنسان "قراءة قانونية نقدية" ،مجلة قضايا ،المركز للدراسات المستقبلية واإلستراتيجية ،القاهرة ،العدد
الثالث ،2005 ،ص . 84
) (539المادة الثانية من الالئحة الداخلية للجنة العربية لحقوق اإلنسان ،المعتمدة من مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري بتاريخ
5/9/2007م.
) (540د .معمر رتيب محمد عبدالحافظ ،اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسانhttp://www.4shared.com/get/3b80gP7p/.html ،
) (541د .معمر رتيب $محمد عبدالحافظ ،مرجع سابق أعاله ،ص . 8
) (542د .وائل عالم ،وثائق اإلتفاقية العربية البينية ذات الصلة بحقوق $اإلنسان ،مرجع سابق ،ص .38
289
تنسيق المواقف العربية تجاه قضايا حقوق اإلنســان في المــؤتمرات والمحافــل اإلقليميــة .11
والدولية ،خاصة فيما يتعلق بمشروعات اإلتفقايات الدولية.
اعداد تصور في مجال التدريب للكفاءات في هذا المجال. .12
دراسة ما يحيله مجلس الجامعة أو األمانة العامة أو احــدى الــدول األعضــاء الى اللجنــة .13
من موضوعات تتصل بحقوق اإلنسان وتقديم توصيات في هذا المجال.
التمتلك اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسان آليات واضحة ومحـددة المعـالم ،خاصـة وانهــا التعتــبر
من اللجان التعاقدية ،ومارست مهامها لمدة طويلة دون الئحة أو نظام يضبط عملها .هذا عدا عن تطرق
الميثاق العربي لحقوق اإلنسان لها ،ما يجعل الحديث عن آليات عملها ينطــوي على صــعوبة .وباإلمكــان
تلمس اآلليات التالية:
تحال للجنة جميع مشــاريع اإلتفاقيــات المتعلقــة بحقــوق اإلنســان قبــل إقرارهــا ،والهــدف من
وراء ذلك التأكد من مدى موائمة هذه المشاريع مع حقوق اإلنسان(.)543
وهذه اآللية مستمدة من مكانتها في الجامعة العرية كلجنة فنيــة متخصصــة في مجــال حقــوق
اإلنسان ،هذا عدا عن الوالية العامة التي تتمتع بها في هذا الحقل.
تتولى اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسان ،مهمة تأطير حقـوق اإلنسـان في جامعـة الـدول
العربية ،كمقدمــة لوضــعها في اتفاقيــة تكتســب صــفة اإللــزام ،وذلــك في إطــار ســعيها وتوجههــا
لوضع معايير وحقوق اإلنسان في الجامعة.
ومن أهم ما قامت به اللجنة العرية الدائمـة لحقـوق اإلنسـان حـتى اآلن هـو تحضــيرها لصـك
الميثــاق العــربي لحقــوق اإلنســان ،الــذي اعتمــده مجلس جامعــة الــدول العربيــة في 14ســبتمبر
1994م( .)544وقد واجه هــذا المشــروع بــالرفض من الحكومــات ،ولم توقــع عليــه أي من الــدول
العربية .هذا وقد واصلت اللجنة مساعيها لتطــوير المشــروع ،وصــوالً للميثــاق المقــر في العــام
2004م بتونس.
) (543د .وائل عالم ،وثائق اإلتفاقية العربية البينية ذات الصلة بحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص .38
) (544د .معمر رتيب محمد عبدالحافظ ،اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 6
290
.3التنديد بإنتهاكات دولة اإلحتالل
لعبت اللجنة دوراً واضحا ً في فضح وتعرية انتهاكات دولة اإلحتالل ضــد الشــعب الفلســطيني.
وذلك عبر تنبيه الرأي العام العالمي ومختلف وسائل اإلعالم الى خطــورة هــذه اإلنتهاكــات ،حيث
يرى البعض أن "غالبية جهدها وعملها ،اتجه التنديد باإلنتهاكات اإلسرائيلية لحقــوق اإلنســان،
وفي مقابل ذلك صمتت تماما ً عن إنتهاكات الحكومات العربية لحقوق اإلنسان(.)545
ومن المالحــظ أن هــذه اآلليــة ،تنطــوي على بعــد إيجــابي من حيث رصــد إنتهاكــات دولــة اإلحتالل
وفضحها وتعريتها على المستوى الدولي .وفيما لــو وظفت هــذه اآلليــة من قبــل الجامعــة العربيــة بشــكل
إيجابي وفعال ،سيكون لها مردودات إيجابية في كنس اإلحتالل من ناحية ،والبناء عليهــا لمحاكمــة قــادة
اإلحتالل على هذه اإلنتهاكات من ناحية ثانية.
ومن الجــدير بالــذكر ،ان قيــام اللجنــة بفضــح انتهاكــات دولــة اإلحتالل ،اليتعــارض وال ينفي إلتزامهــا
وواجباتها في فضح انتهاكات النظمة العرية لحقوق اإلنسان.
كان للمنظمات غير الحكوميةـ الدور الهام والفعال في الدعوة إلعتمــاد وثيقــة عربيــة قانونيــة
تحمي حقوق اإلنسان( .)546حيث قامت بتنظيم العديد من المؤتمرات لهــذا الغــرض ،هــذا عــدا عن
مساهماتها في التقدم بالعديد من اإلقتراحات الهادفة لتأطير حقوق اإلنسان ،والضغط على الدول
إلدماجها في الميثاق .كما كان لها دور هام في دعم وإسناد جهود اللجنة للتوصل لميثاق عــربي
لحقوق اإلنسان يكتسب اإللزام القانوني.
هذا ،وقد حرصت اللجنة الدائمة على تنظيم عالقة متقدمة مع المنظمات غــير الحكوميــة ،خاصــة مــع
تلك التي تتمتع بصفة مراقب .كما تميّزت عالقة اللجنة الدائمة مــع المنظمــات غــير الحكوميــة ،عن كافــة
اللجان الدائمة األخرى المحيطة بالجامعة العربية ،كونها اول لجنة دائمة في الجامعة ،تسمح للمنظمــات
غير الحكومية بحضور اجتماعاتها بصفة مراقب.
) (545بهي الدين حسن ،الحماية اإلقليمية لحقوق اإلنسان في العالم العربي ،مرجع سابق ،ص . 43
) (546د .محمد أمين الميداني ،دراسات في الحماية اإلقليمية لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص . 111
291
ويالحظ أن آليات عملها متواضعةـ للغاية بالمقارنة مع دور اللجان اإلقليمية األخرى ،كما يالحــظ انهــا
ال تملك أي آليات للتــدخل بهــدف حمايـة حقـوق اإلنسـان العــربي .وآليـات عملهــا تصـب في جهـة تعزيـز
وتاطير حقوق اإلنسان ،دون إمتالكها من الحماية .ولعل هناك عدة أسباب وراء هامشية دورها.
تشكلت لجنة حقوق اإلنسان العربية بموجب الفقرة األولى من المادة الخامسة واألربعين من الميثــاق
العــربي لحقــوق اإلنســان ،لــذا تعتــبر من آليــات التعاقديــة ،كونهــا تشــكلت بمــوجب الميثــاق ،وهي تمثــل
"الجانب التنفيذي من الميثاق في اإلطار العربي"(.)547
وتناول دور لجنة حقوق اإلنســان يقتضــي تقســم هـذا العنصــر الى ثالثــة فقــرات ،نتعــرض في الفقــرة
األولى الى قوام واختصاصــات لجنــة حقــوق اإلنســان العربيــة ،وفي الفقــرة الثانيــة آلليــات لجنــة حقــوق
اإلنسان ،وأما الفقرة الثالثة لتقييم آليات لجنة حقوق اإلنسان العربية.
تتكون اللجنة من سبعة أعضاء تنتخبهم الدول األطـراف في الميثــاق بـاإلقتراع الســري ،من مواطــني
الدول الطراف في الميثاق .ويشترط في المرشحين لعضوية اللجنة أن يكونوا من ذوي الخــبرة والكفــاءة
العالية في مجال عملها.
ويمارس اعضاء اللجنة مهام بصفتهم الشخصــية وبكــل تجــرد ونزاهــة ،وقــد حظــر الميثــاق أن تضــم
اللجنة أكثر من شخص واحد من مواطني الدولة الطرف.
وينتخب أعضاء اللجنة لمــدة أربــع ســنوات ،على أن تنتهي واليــة ثالثــة من األعضــاء المنتخــبين في
اإلنتخاب األول بعد عامين ،ويحددون عن طريقة القرعة ،ويجوز انتخابهم مرة واحدة فقــط .كمــا يــراعى
مبدأ التداول ،وحظر الميثاق أن تضم اللجنة أكثر من شخص واحد من مواطــني الــدول األطــراف ،وتعقــد
اللجنة اجتماعها األول بدعوة من المين العام ،وتنتخب خاللــه رئيسـا ً للجنــة لمــدة عــامين قابلــة للتجديــد
لمرة واحدة (.)548
ولكون أعضاء اللجنة يتم اختيارهم باإلنتخابات من قائمة المرشـحين تقـدمها الـدول ،واليتم تحديـدهم
أو اختيارهم بالتعيين ،تعتبر اللجنة جهاز مستقل عن الدول األطراف(.)549
) (547د .جورج جبور ،الميثاق العربي لحقوق اإلنسان ،مرجع سابق ،ص
) (548حول قوام اللجنة أنظر المادة ( )45من الميثاق العربي لحقوق اإلنسان.
) (549د .وائل عالم ،وثائق $اإلتفاقية العربية البينية ذات الصلة بحقوق اإلنسان ،األمانة العامة ،الجامعة العربية ،2005،ص.39
292
ويكتسب العاملون بها صفة خبراء ،ويزاولون مهام بعديا ً عن تأثير دولهم ،حيث يمثلون لدى مزاولة
مهامهم جميع الدول األطراف في الميثــاق ،وليس دولهم الــتي قــامت بترشــيحهم .ومن الواضــح أن آليــة
اختيار أعضائها تتقــاطع مــع اآلليــات األمريكيــة واألفريقيــة المتبعــة في اختيــار أعضــاء اللجــان .كمــا أن
طريقة اختيار أعضاء اللجنة ،يجعلها متميّزة ومختلفة عن آليــة اختيــار أعضــاء اللجنــة العربيــة الدائمــة
لحقوق اإلنسان ،والتي يتم اختيار أعضاها من قبل دولهم ،ما يجعلها لجنة سياسية ،يصعب معها القدرة
على مزاولة مهامها بإستقاللية.
وتعد اللجنة اجتماعاتهــا في مقــر األمانــة العامــة لجامعــة الــدول العربيــة بالقــاهرة ،ويجــوز لهــا عقــد
اجتماعاتها في أي بلد طرف في هذا الميثاق بنا ًء على دعوة منه.
وتتعهد الدول األطراف بأن تضمن ألعضاء اللجنة الحصانات الالزمة والضــرورية لحمــايتهم ضــد أي
شكل من أشــكال المضــايقات أو الضــغوط المعنويــة او الماديــة أو أي تبعــات قضــائية بســبب مــواقفهم أو
تصريحاتهم في إطار قيامهم بمهامهم كأعضاء في اللجنة( .)550كما تتــولى جامعــة الــدولي العربيــة توفــير
المقومات المالية الالزمة لعمل اللجنة.
ويرى البعض أن مبدأ تشكيل اللجنة يعد أمراً إيجــابي في حــد ذاتــه ،خاصــة وأن اللجنــة تشــكل اآلليــة
الوحيـــدة واليتميـــة ،الـــتي نص عليهـــا الميثـــاق ،للرقابـــة واإلشـــراف على أحكامـــه ،إال أن صـــالحيات
واختصاصات اللجنة جاءت ضبابية وضعيفة للغاية.
لم يترك الميثــاق العــربي لحقــوق اإلنســان مجــاالت واســعة للجنــة من حيث اإلختصاصــات واآلليــات،
وحصر آليات رقابتها وإشرافها على تلقي التقارير من الدول األطراف ،وهي تتشابه في ممارستها لهــذه
اآلليــة مــع غالبيــة اللجــان التعاقيــدة الدوليــة واإلقليميــة ،خاصــة وأن آليــة تقــديم التقــارير من اآلليــات
المشتركة لكافة اللجان ،ولكن ما يميّز هـذه اآلليـة بالنســبة للجنـة حقــوق اإلنسـان العربيــة "أنهـا اآلليــة
الوحيدة المتاحة للرقابة على أعمال الميثاق"(.)551
لقد ألزم الميثاق الدول األطراف بتقديم تقارير بشأن التدابير التي إتخذتها إلعمال الحقــوق والحريــات
المنصوص عليها في هذا الميثاق ،وبيان التقدم المحرز لتمتع بهــا ،ويتــولى األمين العــام لجامعــة الــدول
العربية بعد تسلمه التقارير إحالتها الى اللجنة للنظـر فيهـا وتقــدم الـدول األطـراف نـوعين من التقـارين،
293
التقرير األول يقدم الى اللجنة خالل سنة من تاريخ دخول الميثاق حيّز التنفيذ بالنســبة لكــل دولــة طــرف،
ومن ثم تقدم تقريراً دوريا ً كل ثالثة أعوام.
كما يجوز للجنة أن تطلب من الدول األطراف معلومات إضافية ذات صلة بتنفيذ الميثاق ،إما من حيث
تعاطي اللجنة مع التقارير بعد تسلمها ،فإنها تقوم بدراستها ،بحضور من يمثل الدولة المعمنية لمناقشة
التقرير ،وأخيراً تبدى اللجنة مالحظاتها وتقدم التوصيات الواجب إتخاذها طبقا ً ألهداف الميثاق.
كما تحيل اللجنة تقريراً سنويا ً يتضمن مالحظاتها وتوصــياتها الى مجلس الجامعــة عن طريــق األمين
العام( .)552وتعمل اللجنة على إصدار تقاريرها ومالحظاتها الختامية تبعا ً لذلك مع السعي الى نشــرها على
نطاق واسع بإعتبارها وثائق علنية بمقتضى الميثاق(.)553
فهذه اآللية اليتيمة التي تمتلكها اللجنة ،تنتهي بإصدار مالحظات وتوصيات الى مجلس جامعة الــدول
العربية والتكتسب أية صفة إلزامية.
لقد جاء الميثاق في ثالث وخمسون مادة ،ومن المســتغرب والمســتهجن أن أي من مــواده لم تتطــرق
لمهام واختصاصـات اللجنــة ،مـا يعتــبر ثغـرة واضــحة في الميثــاق .فاللجنـة التمتلـك أي من الصــالحيات
الجدية والهامة للقيام بدورها الرقابي واإلشرافي على امتثال الدول ألحكام الميثــاق ،إال دارســة التقــارير
المقدمة من الدول األطراف ،حيث تقوم اللجنة بمهمتها من خالل دراستها لتقارير الدول(.)554
ومن المستعجلـ أن صالحياتها في دراسة التقارير ،لم تفرض لها مادة خاصة في الميثاق ،بــل جــرى
إدماجها في ذات المادة التي تتعهد بها الدول بتقديم تقارير بِشان التــدابير الــتي تتخــذها إلعمــال الحقــوق
والحريات المنصوص عليها في الميثاق(.)555
وإذا كان الميثاق العربي قد أخذ بما استقرت عليه األنظمة اإلقليمية في تشــكيل لجـان خــبراء مســتقله
عن الدول األطراف ،إال انه جاء بعيداً عن األنظمة اإلقلميــة األخــرىمن حيث الصــالحية واألدوار الرقابيــة
واإلشرافية للجنة.
) (552حول آلية التعاطي مع التقارير ،أنظر :المادة ( )48من الميثاق العربي لحقوق اإلنسان.
) (553د .توفيق بوعشبة ،الميثاق العربي لحقوق اإلنسان يدخل حيّز النفاذ اليوم ،مرجع سابق.
) (554د .وائل عالم ،وثائق اإلتفاقية العربية البينية ذات الصلة بحقوق اإلنسان ،األمانة العامة ،الجامعة العربية،مرجع سابق ،ص.30
) (555المادة ( )1 / 48من الميثاق العربي لحقوق اإلنسان.
294
خالصة القسم األول
بعد دراستنا المفصلة لموضوع حماية حقوق اإلنســان عامــة ،والحقــوق السياســية خاصــة ،من خالل
القسم األول الذي تناولنا فيه بالتحليل والتفصيل عبر فصلين متكــاملين ،تطرقنــا في الفصــل األول منهمــا
الى المرجعية القانونية للحقوق السياسية ،والفصل الثــاني لإلطــار المفــاهيمي للحقــوق السياســية وآليــة
حمايتها .وبعد كل ذلك فقد خلصت الدراسة الى العديد من النتائج والتي يمكن حصرها في النطاق التالية:
.1حقوق اإلنســان هي مجموعــة المبــادئ والمعــايير المكتوبــة وغــير المكتبــة المتأصــلة في
الكرامة اإلنسانية ،والمؤسسة على الحرية والمساواة لألفراد والجماعــات دون تميــيز ،وواجبــة
اإلحترام في زمن السلم وزمن النزاعات المسلحة .ورغم انها قديمة قدم اإلنسان ،إال أن تأطيرها
قانونا ً على المستوى الدولي بدأ بعد الحرب العالمية الثانية.
.2القانون الدولي لحقوق اإلنســان هــو فــرع جديــد من فــروع القــانون الــدولي ،ويهــدف الى
حماية حقوق اإلنسان الفرديــة والجماعيــة في زمن الســلم والنزاعــات المســلحة ،ووضــع آليــات
الحماية لها.
وقد ارتبــط الخــط النــاظم لتطــوره بجملــة من اإلتجاهــات الهامــة ،وهي :جدليــة اإلنتقــال من
الوطــني الى الــدولي ،اإلعالن عن اإللــتزام من العــام الى الخــاص .كمــا أســهم في تطــوره أربعــة
عوامل وهي :تطور مركز الفرد في القانون الــدولي ،وتطــور مفهــوم ســيادة الدولــة في القــانون
الدولي ،وتنتمي دور المنظمات غير الحكومية ،وتشكيل المحكمة الجنائية الدولية.
وفي المقابل من ذلك يواجه القانون الدولي لحقوق اإلنسان عدة عوامل تســعى لكبح تطــوره،
هي :تســييس القــانون ،وصــراعات وتجاذبــات النظــام العــالمي الجديــد ،واســتراتيجيات الحــرب
واإلرهاب.
.3حظيت حقوق اإلنسان بإهتمام كبير على المستوى اإلقليمي ،وكان اإلنطالقــة األولى لهــذا
اإلهتمام من القارة األوروبية ،وكــان مجلس أوروبــا هــو الرائــد في هــذا المجــال ،وســرعان مــا
أنتشر هذا اإلهتمام للقارة األمريكية واألفريقية والوطن العربي أخيراً.
ولعبت اإلتفاقيات اإلقليمية لحقوق اإلنسان دوراً هاما ً في حماية حقوق اإلنسان ،حيث ســبقت
اإلتفاقايت الدولية في إعتماد آليات فعالة تسهر على حسن تطبيق نصوصها.
295
.4وتتسم آليات الرقابـة والحمايـة لحقـوق اإلنسـان المعتمـد لـدى الجمعيـة العامـة بالضـعف
والهشاشة ،كون توصياتها وقراراتها غير ملزمة ويقتصر دورهــا على األثــار األدبيــة .هـذا عـدا
عن عــدم إمتالكهــا أليــة ســلطات تنفيذيــة تمكنهــا من ترجمــة قراراتهــا وتوصــياتها على أرض
الواقـــع ،حيث يحتكـــر مجلس األمن ه ــذا اإلختصـــاص ،باإلضـــافة الى عجزهـــا عن التصـــويت
للقرارات واإلجراءات العقابية غير المشروعة ،التي يتخــذها مجس األمن وفقـا ً للفصــل الســابع،
حيث يترتب على هذه القرارات انتهاكات بحقوق الشعوب.
.7تقوم اللجان التعاقدية أو التعامدية التي تشكلت بموجب اإلتفاقية الدولية لحقــوق اإلنســان
بدور رقابي وإشرافي على هذه اإلتفاقيات ،وهي :لجنة القضاء على التمييز العنصري ــ ـ اللجنــة
المعنية بحقوق اإلنسان ــ اللجنــة المعنيــة بــالحقوق اإلقتصــادية واإلجتمــاعي والثقافيــة ـــ لجنــة
القضاء على التمييز ضد المرأة ــ لجنة مناهضة التعذيب ــ الجنة المعنية بحقوق الطفــل ـــ لجنــة
حقوق العمال المهاجرين ــ اللجنة المعنية بحقوق األشخاص ذوي اإلعاقة.
.8زيادة وتوسيع اإلهتمام بالتوعية بآليات الحماية الدولية لحقوق اإلنسان ،عبر إدماجها في
مناهج التعليم والبرامج اإلعالمية.
.9تفعيل اآلليات الدولية واإلقليمية للقــانون الــدولي لحقــوق اإلنســان في مواجهــة إنتهاكــات
اإلحتالل.
296
الباب الثاني:
297
الباب الثاني:
تمهيد.
لقــد أثبتت التجربــة اإلنســانية أن المجتمــع الــذي ينشــد التقــدم والتمــدن والحضــارة يحتــاج الى بنيــة
سياســية ومدنيــة تشــكل الديمقراطيــة واحــترام الحقــوق والحريــات األساســية للمواطــنين ،وتعــد اللبنــة
األساسية وحجر الزاورية في أساسها السليم ،وكــل إعاقــة للديمقراطيــة ولحقــوق اإلنســان تكــرس للظلم
واإلستبداد .كما أنها تعزز أركان الجمود والتخلف وضــعف اللحمــة الوطنيــة واستشــراء الفســاد في بنيــة
الدولة.
فاألساس السليم للبناء الديمقراطي هو الحرية ،فإذا فقدت الحريــة تفقــد الديمقراطيــة معناهــا الحقيقي
السليم ،وتتحول الى أداة قمع تعيق طاقات المجتمع(.)556
وقد نتج عن سقوط جدار برلين وإنهيار النظام الشيوعي إنتشار الفكر الديمقراطي وحقــوق اإلنســان،
حيث عرف هذا المـد العالمي إنتشاراً واسعا ً أصاب دول أوربا الشريقية ،وتحقيق الرخاء اإلقتصادي مــع
ما نتج عنه من تنمية مستدامة ،لن أهم مـا يميّـز دولـة القـانون هـو الحـد من السـلطة .وتشـكل مرجعيـة
حقوق اإلنسان المظهراألول له ،فدولة القانون تتضمن مفهوما ً للعالقات بين األفــراد والــدول ممــا يخلــق
إمكانية معارضة السلطة المبنية على القانون والحد من السلطة ناتج عن الرابط العضــوي الموجــود بين
الدولة واألمة (.)557
) (556احمد بلحاج السندن ،بعض مقومات $دعم القانون والنهضوص بحقوق اإلنسان "رهانات وتحديات" $،ص26
) (557محمد معتصم ،وقائع مناظرة القانون والممارسة في المغرب ،المجلة المغربية للقانون واإلقتصاد والتنمية ،العدد 1993 ،31م ،ص .42
298
وبإعتبار كالً من سلطنة عمان والمغرب ينتميان الى دول العالم الثالث فإنها قد تأثرا بطريقــة مباشــرة
أو غير مباشرة من هذا المـد الديمقراطي والحقوقي ،حيث صاحب ذلــك موجــة على المســتوى الــداخلي،
ظهرت بشكل واضح خالل حرب الخليج الثانية ،تطالب بالديمقراطية وحقــوق اإلنســان ،مثلتهــا األحــزاب
السياسية والمنظمات غير الحكومية المهتمة بالدفاع عن حقوق اإلنسان.
ولقــد رافقت هــذه المطــالب إعالن الســلطة السياســية في كال البلــدين عن رغبتهــا في مواكبــة هــذه
التحوالت ،وذلك عن طريق إعادة هيكلة الدولــة على المســتوى المؤسســاتي والقــانوني ،وعلى أثــر ذلــك
قامت السـلطة في كال الــدولتين بإدخـال مجموعــة من التعــديالت على مجموعــة من القـوانين ،وأيضـا ً تم
تأسيس مجموعة من المؤسسات الحقوقية الجديدة إعتباراً منها على أن هذه التدابير تعمــل على ترســيخ
وتدعيم الحقوق المدنية والسيايسية بسلطنة عمان والمغرب.
وإنطالقا ً مما سبق ،سنحاول في هذا الباب التعرف على الضمانات القانونية للحقو السياسية ،وآليــات
ممارسة الحقوق السياسية ،مع بيان المقارنة في كال الدولتين ،وذلــك أننــا نقســم هــذا البــاب الى قســمين
أساسيين وهما:
299
القسم األول:
300
القسم األول:
ان حقوق اإلنسان هي الحقوق األصــلية في طبيعتهــا والــتي اليســتطيع اإلنســان العيش بــدونها ،وهي
حقوق تولد مع اإلنسان وتتميّــز بانهــا واحــد في أي مكــان من المعمــوره ،ويجب على الجميــع احترامهــا
وحمايتها على إعتبار أنها ليست من النظام العام العــام ،وانهــا ليســت وليــدة نظــام قــانوني واحــد ،ولقــد
قطعت البشرية في تاريخها الطويل شوطا ً مهما ً في سبيل القاء على المظالم وأنــواع القهــر ،رغب ـةً منهــا
في تعزيز حقوق اإلنسان وحمايتها(.)558
ولقد أصبحت حفوق اإلنسان اليوم جزء ال يتجزأ من دسادتير أغلب الدول ،وكرست كل القوانين التي
أصدرها المجتمع الدولي الدعوة الصريحة بضرورة حماية حقوق اإلنسان وكرامته بما يضــمن صــيانتها
وعدم إنتهاكها ،وهو ما يعتبر أحد أهم إنجازات البشــرية في هــذا المجــال والــتي بقيت تناضــل من أجلهــا
آالف السنين ،وبذلت من أجل ذلك كل غال ونفيس ،بل وحتى األرواح من أجل تغيير واقــع الظلم والجــور
الى واقع العدل والحق والحرية الى أن أصبح هذا الموضوع يشكل عصــب علم من اهم العلــوم وهــو علم
القانون والسياسة ،وحظي بإهتمام كبير من قبل المفكرين والحقوقيين والفاعلين في مجــال الحريــات من
أجل إثراءه وتوضيح جميع اآلليات والضمانات التي وضعت خصيصا ً في مجال حماة حقوق اإلنسان(.)559
) (558خالد اإلدريسمي ،حماية الحقوق المدنية والسياسية بين القانون واإلجتهاد القضائي ،اطروحة لنيل الدكتوراة ،جامعة عبدالمالك السعدي،
طنجه ،بدون سنة طبع ،ص .2 ،1
) (559عصام ربابعه ،المرشد للحقوق المدنية والسياية ،منشورات عدالة حقوق اإلنسان ،األرد ،2005 ،ص .256
301
وتحتــل حقــوق اإلنســان مكانــة بــارزة في الــديانات الســماوية ،وكــذا اإلهتمامــات الفكريــة والفلســفية
ومساهمة جميــع الحضـارات اإلنســانية في تأصـيل الحريــة والكرامــة ،لهــذا نجـد أن الشـريعة اإلسـالمية
تناولت حقوق اإلنسان في تأصيل الحرية والكرامة على أنها تستمد شرعيتها من أحكامـ الدين اإلسالمي،
وتقوم على سلطان العقلـ وكرامة اإلنسان ،وترسيخ مبدأ المســاواة والمنزلــة الــتي فضــلت اإلنســان على
جميع المخلوقات والتي خولته خالفة هللا في األرض.
وأهـــل القـــانون في الشـــريعة اإلســـالمية هـــو الحكم بمـــا أنـــزل هللا ،وتأســـيس العالقـــة بين الحـــاكم
والمحكومين على أساس الشورى ،وأن حدود هللا هي الفاصل بين الحقوق والواجبات التي تروم احــترام
أعراض النس وحياتهم وأموالهم وحرمة بيوتهم وشؤون الخاصة(.)560
ولقد سار مفهومـ حقوق اإلنسان من المفاهيم والمصطلحات الشائعة اإلستخدام في األدبيات السياسية
الحديثة وفي الخطاب السياسي المعاصر بشكل عام ،وإن كانت العديد من الكتابات الــتي أســتخدمت هــذام
المفهومـ لم تهتم بتأصيله بل أصبح لشدة شيوعه يستعمل بــدون تمحيص وكانــه ال مجــال لمراجعتــه ،لــذا
كان من المهم قراءة المفهومـ في أصوله الغربية ومقارنته بوضع اإلنسان وحقوق وواجباته في اإلسالم.
ولمفهومـ اإلسالم قبوالً على المسـتوى األكـاديمي والمسـتوى السياسـي الـدولي على حـد سـواء ،فقـد
حاولت العديد من األدبيات العربية إضفاء الصبغة اإلســالمية على المفهــوم ،فــبرزت كتابــات تتحــدث عن
حقوق اإلنسان في اإلسالم واحتفظتـ بنفس مفردات الميثاق العــالمي لحقــوق اإلنســان الصــادر عن األمم
المتحدة ،وهو ما يجعل اإلطار الغربي للمفهوم هو المرجعية(.)561
وللوصول الى التأصيل الجيد للموضوع كان البد من بيان الضمانات الدستورية والتشــريعية للحقــوق
السياســية ســوا ًء على المســتوى الــدولي أو على مســتوى القــانون الــداخلي .وســوف نقتصــر على بيــان
الضمانات للحقوق السياسية في القانون الداخلي في كل من المملكة المغربية وســلطنة عمــان ،مــع بيــان
الممارسة الفعلية للحقوق والحريات في البلدين ،والتي سنوردها في فصلين:
) (560يوسف البحيري ،حقوق اإلنسان "المعايير الدولية وآلية الرقابة" ،مطبة وراقه الوطنية ،مراكش ،الطبعة الثانية ،2012 ،ص .15
) (561يوسف البحريري ،حقوق اإلنسان في النظام الدولي ،المطعبة الوطنية ،مراكش2003 ،م ،ص.12
302
الفصل األول :الضمانات الدستورية والتشريعية للحقوق السياسية
تعد الحقوق السياسية من أهم مواضيع حقوق االنسان على الصعيد الوطني واإلقليمي والدولي ،فهي
تشكل الجيل األول لموضوع حقوق االنسان .562ألنها تمثل الحقوق اللصيقة بشخصية الف رد ال تي ال يمكن
التنازل عليها .وفي نفس الوقت هي حقوق سلبية ال يشترط من الدولة سوى االعتراف بها .عكس الحقوق
ال تي يش ترط من الدول ة 563
االقتصادية واالجتماعية والثقافية التي صنفت على أنها حق وق الجي ل الث اني
التدخل من أجل تجسيدها.
ويعتبر العهد الدولي للحقوق السياسية أشمل وثيقة حقوقية دولية تق ر وتض من جي ل الحق وق السياس ية،
كما أنها تضع آلية لمراقبة مدى تطبيق الدول واحترامها اللتزاماتها على مستوى احترام الحقوق السياس ية.
564
562
-يه الفئة التقليدية األوىل من فئات حقوق الانسان و يه تتكون من نوعني من احلقوق ،حقوق مدنية و يقص د هبا تكل احلق وق ال يت تثبت للف رد،
مالزمة هل ولصيقة بطبيعته البرشية وال متايز بني الافراد يف هذه احلقوق ،ال جيوز الترصف فهيا ال تسقط وال تكتسب ابلتقادم وال تنتقل ابلوفاة اكحلق يف
احلي اة ،حرض التع ذيب ،احلق يف احلري ة و الامن ....وحق وق سياس ية و يه تكل احلق وق ال يت تثبت لإل نس ان كون ه رشياك يف جممتع سيايس و ت دعى
.ابحلقوق ادلستورية وتمتثل يف حرية التعبري والتجمع ،حق الانتخاب والرتحش ،حق تقدل الوظائف العامة
563
يتضمن اجليل الثاين احلقوق الاقتصادية والاجامتعية والثقافية اليت ختّول صاحهبا احلق يف اقتض اء خدم ة أساس ية من ادلوةل ،وتف رض علهيا الزتام ات
إجيابّيا ،حيث ميكن لأل فراد المتتع هبا .وتضّ مهنا اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان يف املواد 22إىل 27إىل أن صدر العه د ادلويل اخلاص ابحلقوق الاقتص ادية
.والاجامتعية والثقافية يف 61ديسمرب 6611اذلي يؤكد هذا النوع من احلقوق
564
.محمد سعدي :حقوق الانسان األسس ،املفاهمي واملؤسسات ،مطبعة آنفو -برانت ،12 ،شارع القادسية -الليدو -فاس ،الصفحة152 :
303
ويقصد بالضمانات الدستورية والتشريعية للحقوق السياسية تلك الضمانات المقررة دس توريا وقانوني ا
التي كرس ها المش رع بُغي ة حماي ة حق وق االنس ان بص فة عام ة ،والحق وق السياس ية بص فة خاص ة من
التعسف واالضطهاد الدي قد يلحقها سواء من طرف الدولة أو االفراد.
ونظرا ألهمية الحقوق السياسية في حي اة الف رد والمجتم ع س عت الدس اتير العربي ة؛ خاص ة الدس تور
المغربي وسلطنة عمان عن ما جرى عليه الوضع بالنسبة ألن واع الض مانات ،حيث لج أت إلى تض مينها
في الدساتير وتشريعاتها العادية والتنظيمية وسن ضمانات وآليات لحماية وتجسيد الحقوق السياسية تمام ا
كما ه و متع ارف علي ه في النظم السياس ية الديمقراطي ة .وه و موض وع ه ذا الفص ل حيث س يتناول في
المبحث األول الحقوق السياسية في دس اتير البل دين وض مانات حمايته ا ،وفي المبحث الث اني الض مانات
التشريعية للحقوق السياسية في كال البلدين.
تمثل الحقوق السياسية على المستوى التاريخي الجيل األول لحقوق االنسان ،تمت صياغة مبادئه ا في
القرنين السابع عشر والثامن عش ر ،وته دف ه ده الحق وق إلى ال دفاع عن الحري ات الفردي ة ض د س لطة
565
الدولة ،لهدا تسمى بحقوق الحريات.
وتشكل الحقوق السياسية جزءا ال يتجزأ من الحقوق األساس ية لإلنس ان ،والحق وق السياس ية هي تل ك
الحقوق المرتبطة بالمجال العام والتي خوله ا الق انون لك ل م واطن للمش اركة في تس يير الش ؤون العام ة
والتأثير على مراكز القرار.
ونظرا ألهمي ة الحق وق السياس ية في حي اة الف رد والمجتم ع ،ح اول المش رع المغ ربي والعم اني إلى
تضمينها في الدساتير وباقي النصوص التشريعية.
وتبعا لذلك سيتعرض المطلب األول للحقوق السياس ية في النظ ام األساس ي لس لطة عم ان ويخص ص
المطلب الثاني للحقوق السياسية في الدستور المغربي.
565
،12شارع القادسية -الليدو -فاس ،ص - 152 .محمد سعدي :حقوق الانسان األسس ،املفاهمي واملؤسسات ،مطبعة آنفو -برانت،
304
الحق وق السياس ية لإلنس ان تض منتها االتفاقي ات الدولي ة واالعالن ات والمعاه دات الدولي ة ،كم ا
تضمنتها التشريعات العمانية ،ومن بين التعاريف المقدمة للحقوق السياسية هي التي تتن اول "العالق ة بين
الحاكم والمحكوم وحق الرعية في حكم نفسها بنفسها" 566،كم ا يمكن إطالق مص طلح الحق وق السياس ية
على الحقوق التي تثبت للشخص باعتباره عضوا في جماعة سياسية معين ة ،تمكن ه من االس هام في إدارة
ش ؤون ه ذه الجماع ة ،أو هي الحق وق ال تي يكتس بها الش خص باعتب اره عض وا في هيئ ة سياس ية
معينة567،ويمكن تعريف الحقوق السياسية بأنها تلك الحقوق التي تسمح للمواطنين بالمشاركة في ممارس ة
568
السلطة في الدولة.
وقد رعت الصكوك الدولية واإلقليمية والوطنية لحقوق االنس ان الحق وق السياس ية ،وي أتي في مقدم ة
تل ك الرعاي ة العالمي ة اإلعالن الع المي لحق وق االنس ان ،وال ذي س تأتي نص وص م واده من خالل م ا
سنعرضه من تلك الحقوق .كم ا نص ت أغلب دول مجلس التع اون الخليجي في دس اتيرها على جمل ة من
الحقوق السياسية ،بما فيها النظام األساسي لسلطنة عمان ،569ومن جملة تلك الحقوق ما يأتي:
يعد مبدأ المساواة من المبادئ التقليدية وقب ل أن يك ون من المب ادئ الحقوقي ة األساس ية في التش ريع
العماني هو مبدأ أصيل من أصول وأحك ام الش ريعة اإلس المية ،حيث ورد ض من ع دة نص وص قرآني ة
وأحاديث نبوية منها :قول هللا تعالى " :يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذك ر وأن ثى وجعلن اكم ش عوبا وقبائ ل
فالتقوى حسب اآلية الكريمة هي أساس التك افؤ 570
لتعارفوا إن أكرمكم عند هللا أتقاكم إن هللا عليم خبير".
بين العباد وال معيار نسبي غير ذلك 571،لذلك كان من الطبيعي أن يعمد المشرع العماني إلى االرتق اء ب ه
والتنصيص علي ه في النظ ام األساس ي ،ج اعال من ه الض مانة األساس ية واالل تزام الق انوني في ممارس ة
الحقوق السياسية بين جميع األفراد دون تمييز بينهم بسبب ال دين أو الل ون أو الجنس أو الع رق أو اللغ ة،
حينما تتوفر فيهم الشروط القانونية.
كما تعتمد جل األنظمة السياسية للدول هذا المبدأ ،كما أخذ به اإلعالن العالمي لحقوق االنس ان وجعل ه
متصدرا مواده المعنية بالحقوق والواجبات التي تنظم العالقة بين الفرد والدولة في المجال الحق وقي ،فق د
نصت المادة األولى منه على أنه " :يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحق وق" ،وتبعته ا
566
.حسىن مقر :امحلاية اجلنائية حلقوق السياسية دراسة مقارنة بني الترشيعني الفرنيس واملرصي ،دار الكتب القانونية ،مرص ،2006 ،الصفحة- 03 :
567
لوايف سعيد :امحلاية ادلستورية للحقوق السياسية يف اجلزائر ،أطروحة لنيل شهاد املاسرت يف احلقوق ختصص قانون دستوري ،جامعة محمد خيرض -
–.بسكرة ،لكية احلقوق والعلوم السياسية ،السنة اجلامعية ،2010 -2009الصفحة7 :
568
.زهري شكر :الوسيط يف القانون ادلستوري ،اجلزء األول ،املؤسسة اجلامعية لدلراسات والنرش والتوزيع ،الطبعة الثالثة ،1994 ،الصفحة- 145 :
569
.وزارة الشؤون القانونية بسلطنة عامن ،النظام األسايس لدلوةل الصادر ابملرسوم السلطاين رمق 1417 ،96/101ه1992/م -
570
.سورة احلجرات ،اآلية - 13
571
.محمد بن سيف بن دومي الشعييل ،احلقوق اإلنسانية حمو القوانني العامنية ،اللجنة العامنية حلقوق الانسان ،دون ذكر املطبعة والسنة ،الصفحة- 52 :
305
المادة السابعة من نفس اإلعالن بالقول" :الناس جميعا سواء أمام الق انون ،وهم يتس اوون في ح ق التمت ع
بحماية القانون دونما تمييز ،كما يتساوون في حق التمتع بالحماية من أي تمي يز ينته ك ه ذا اإلعالن ومن
572
أي تحريض على مثل هذا التمييز".
ولعل المتمعن في النظام األساسي للدولة في س لطة عم ان ،يج د أن ه نظم الحق وق والواجب ات تنظيم ا
شامال وواض حا ،بحيث أرس ى مب دأ المس اواة بين الجمي ع أم ام األنظم ة والق وانين الس ارية في مختل ف
المناحي والمجاالت .كما أقر النظام األساسي للدولة في المادة السابعة عشر 17من الباب الثالث الموسوم
بالحقوق والواجبات العامة على هذا المبدأ ،حيث نصت على أن المواطنون جميعهم سواسية أمام القانون،
وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة ،وال تمييز بينهم بسبب الجنس ،أو األصل أو الل ون أو اللغ ة
أو الدين أو المذهب أو الموطن أو المركز االجتماعي.573
وتبع ا ل ذلك ال يجب التمي يز بين المواطن ات والمواط نين من أج ل ممارس ة حق وقهم السياس ية المكفول ة
قانونيا ،وال تفريق في المعاملة بين مواطن وأخر أو فئة وأخرى بدون مبررات شرعية ،حيث تعد هذه المادة
من المرتكزات األساسية التي يقوم عليها النظام األساسي في السلطنة.
إن الديمقراطية تقوم على أساس تحقيق الحرية السياسية ،وهي في تعريفها الواسع يقصد بها حكم الشعب
نفسه بنفسه حسب التعريف االغ ريقي ال ذي يع د الن واة األولى لفك رة الديمقراطي ة ،وال يت أتى ذل ك إال عن
طريق آلية االنتخاب والترشح لالنتخابات.
وفي هذا اإلطار ،تعتبر هذه األخيرة مصدر وسند شرعية السلطة574،وهي الوسيلة الديمقراطي ة الختي ار
الحكام .فبعد أن كان الحاكم من قبل واحدا من معطيات الطبيعة مثل األرض والجو والمرض وعلى اإلنسان
575
أن يتقبلها حسب األستاذ دوفرجيه.
كما يوجد ارتباط وثيق بين المبدأ الديمقراطي والترشح واالنتخاب كوس يلة إلس ناد الس لطة حس ب الفقي ه
ثروت بدوي ،بمعنى أنه ال قيام للديمقراطية ما لم يكن االنتخاب وس يلة الختي ار الحك ام ،وبق در التوس ع في
573
.وزارة الشؤون القانونية بسلطنة عامن ،النظام األسايس لدلوةل ،مرجع سابق ،الصفحة- 10 :
574
للتفصيل أكرث انظر :رشاد أمحد حيىي الرصاص :النظام الانتخايب يف امجلهورية المينية دراسة مقارنة ،أطروحة لنيل شهادة ادلكتوراه ،لكية احلقوق عني مشس السنة -
.اجلامعية ،1996 -1995الصفحة40 :
.أمحد رسالن :النظم السياسية والقانون ادلستوري ،دار الهنضة العربية سنة ،1997الصفحة- . 194 :
575
.نقال عن محمد فرغيل محمد عيل :نظم وإ جراءات انتخاب أعضاء اجملالس احمللية يف ضوء القضاء والفقه ،دراسة تأصيلية وتطبيقية ،دار الهنضة العربية ،1998الصفحة- 58 :
306
تقرير حق االنتخاب وتعميق تطبيقه في تشكيل السلطات المختلفة في الدولة بقدر ما يكون النظام ديمقراطي ا.
576
ونظرا ألهمية هذه الحقوق فقد أقرها اإلسالم الحنيف قب ل الق وانين الوض عية ،ومم ا ي دل على ذل ك ع دة
نصوص شرعية تأكد تطبيقها بتقنينها الواقعي في مواد التشريعات القانونية المختلفة .ويقول سبحانه وتع الى
في س ورة الش ورى" :وال ذين اس تجابوا ل ربهم وأق اموا الص الة وأم رهم ش ورى بينهم ومم ا رزقن اهم
ينفقون" .577وسيرة النبي عليه أفضل الصالة والسالم وأصحابه حافلة بتقرير حق الترشح واالنتخاب حس ب
األصلح واألجدر إلدارة وتولي شؤون العباد بما تكون فيه مصلحة العباد ،ومن ذل ك تطبيق ه ص لى هللا علي ه
وسلم ذلك في أسرى غزوة أحد واختيار موق ع غ زوة ب در ،وأخ د س يدنا أبي بك ر – رض ي هللا عن ه ب رأي
578
الصحابة في جمع القرآن في مصحف واحد بعد وفاته صلى هللا عليه وسلم خوفا على ضياعه.
كم ا كفلت المواثي ق العالمي ة واإلقليمي ة لحق وق االنس ان ح ق الترش ح واالنتخ اب وكرس ته دس اتير
وتشريعات العديد من الدول كأحد الحقوق السياسية ال تي يتمت ع به ا المواطن ات والمواط نين؛ ومنه ا النظ ام
األساسي لسلطنة عمان تحت القيادة الحكيمة لصاحب السلطان قابوس بن سعيد.
حيث كانت سياسة الدولة العمانية في ظل القيادة الحكيمة حافلة باآلخذ بحق الديمقراطي ة ومب دأ الش ورى
المس تمد من الش ريعة اإلس المية ،ومم ا أدل على ذل ك م ا نص ت علي ه ص راحة الم ادة التاس عة من النظ ام
األساسي للدولة العمانية حيث نصت على أن يقوم الحكم في السلطنة على أساس العدل والشورى والمساواة.
579
وللمواطنين وفقا لهذا النظام األساسي والشروط التي يبينها القانون حق المشاركة في الشؤون العامة.
باإلض افة إلى إح داث مجلس عم ان المتض من مجلس الش ورى -المنتخب أعض ائه من قب ل الش عب-
ومجلس الدولة -المعين أعضائه من قبل الحكومة 580،-كما أشار إلى ذلك الباب الخامس ) مجلس عمان( في
المادة 58من النظام األساسي للدولة حيث جاء فيها :يتكون مجلس عمان من:
.ثروت بدوي :النظم السياسية ،دار الهنضة العربية طبعة ،199الصفحة- 210 :
576
577
.سورة الشورى ،اآلية - 38
578
.نقال عن محمد بن سيف بن دومي الشعييل :احلقوق اإلنسانية حمو القوانني العامنية ،مرجع سابق ،الصفحة- 55 :
579
.وزارة الشؤون القانونية ،املادة 9من النظام األسايس لدلوةل ،مرجع سابق -
580
.محمد بن سيف بن دومي الشعييل ،مرجع سابق ،الصفحة- 55 :
581
.وزارة الشؤون القانونية ،النظام األسايس لدلوةل ،مرجع سابق ،الصفحة- 23 :
307
يقوم هذان المجلسان بدور مهيكل في المجال التشريعي ،من خالل المراجعات وتعديل القوانين المختلفة
والمشاركة الفعلية في القضايا المتعلقة بتدبير الشأن العام ،حيث نص على ما يقومان به من مه ام في النظ ام
األساسي المواد اآلتية:
تحال مشروعات القوانين التي تعدها الحكومة إلى مجلس عمان إلقراره ا أو تع ديلها ،ثم رفعه ا مباش رة
إلى جاللة السلطان إلصدارها.
وفي حال إجراء تع ديالت من قب ل مجلس عم ان على مش روع الق انون يك ون لجالل ة الس لطان رده إلى
582
المجلس إلعادة النظر في تلك التعديالت ثم رفعه إلى جاللة السلطان.
لمجلس عمان اقتراح مشروعات قوانين وإحالتها إلى الحكوم ة لدراس تها ثم إعادته ا إلى المجلس ،وتتب ع
583
بشأن إقرارها أو تعديلها وإصدارها ذات اإلجراءات المنصوص عليها في المادة ) )58مكررا )( 35؛
تحال مشروعات الق وانين من مجلس ال وزراء إلى مجلس الش ورى ال ذي يجب علي ه البت في المش روع
بإقراره أو تعديله خالل أشهر على األكثر من تاريخ اإلحالة إليه ،ثم إحالته إلى مجلس الدولة الذي يجب عليه
البت بإقراره أو تعديله خالل خمسة وأربعين يوما على األكثر من تاريخ اإلحالة إليه ،فإذا اختل ف المجلس ان
بشأن المشروع اجتمعا في جلسة مشتركة برئاسة رئيس مجلس الدولة وبدعوة من ه لمناقش ة أوج ه االختالف
بين المجلسين ،ثم التصويت على المشروع في ذات الجلسة ،وتصدر القرارات باألغلبية المطلق ة لألعض اء
الحاضرين ،وفي جميع األحوال على رئيس مجلس الدولة رفع المشروع إلى جاللة السلطان مشفوعا ب رأي
584
المجلسين؛
تحال مشروعات القوانين التي لها صفة االس تعجال من مجلس ال وزراء إلى مجلس الش ورى ال ذي يجب
عليه البت في المشروع بإقراره أو تعديله خالل شهر على األكثر من تاريخ اإلحالة إليه ثم إحالته إلى مجلس
الدولة الذي يجب عليه البت فيه بإقراره أو تعديله خالل خمس ة عش ر يوم ا على األك ثر من ت اريخ اإلحال ة،
585
وعلى رئيس مجلس الدولة رفعه إلى جاللة السلطان مشفوعا برأي المجلسين.
لجاللة السلطان إصدار مراسيم سلطانية لها قوة القانون فيها بين دورات انعقاد مجلس عمان وخالل ف ترة
586
حل مجلس الشورى وتوقف جلسات مجلس الدولة.
582
- .وزارة الشؤون القانونية ،املادة ) )58مكررا ) (35من النظام األسايس لدلوةل ،مرجع سابق
583
- .وزارة الشؤون القانونية ،املادة ) )58مكررا ) )36من النظام األسايس لدلوةل ،مرجع سابق
584
- .وزارة الشؤون القانونية ،املادة ) )58مكررا ) )37من النظام األسايس لدلوةل ،مرجع سابق
585
- .وزارة الشؤون القانونية ،املادة ) )58مكررا ) )38من النظام األسايس لدلوةل ،مرجع سابق
586
- .وزارة الشؤون القانونية ،املادة ) )58مكررا ) )39من النظام األسايس لدلوةل ،مرجع سابق
308
تح ال مش روعات خط ط التنمي ة والميزاني ة الس نوية للدول ة من مجلس ال وزراء إلى مجلس الش ورى
لمناقشتها وإبداء توصياتها بشأنها خالل شهر على األكثر من تاريخ اإلحالة إليه ،ثم إحالتها إلى مجلس الدولة
لمناقشتها وإبداء توصياته بشأنها خالل خمسة عشر يوم ا على األك ثر من ت اريخ اإلحال ة إلي ه ،وعلى رئيس
مجلس الدول ة إعادته ا إلى مجلس ال وزراء مش فوعة بتوص يات المجلس ين وعلى مجلس ال وزراء إخط ار
587
المجلسين بما لم يتم األخذ به من توصياتهما في الشأن مع ذكر األسباب.
تحال مشروعات االتفاقيات االقتصادية واالجتماعية التي تعتزم الحكوم ة إبرامه ا أو االنض مام إليه ا إلى
مجلس الشورى ،إلب داء مالحظات ه وع رض م ا يتوص ل إلي ه بش أنها على مجلس ال وزراء التخ اذ م ا ي راه
588
مناسبا.
على جهاز الرقابة المالية واإلدارية للدولة إرسال نسخة من تقريره الس نوي إلى ك ل من مجلس الش ورى
589
ومجلس الدولة.
يجوز بناء على طلب موقع من خمسة عشر عضوا على األقل من أعضاء مجلس الشورى اس تجواب أي
من وزراء الخدمات في األمور المتعلقة بتجاوز صالحياتهم بالمخالفة للقانون ،ومناقشة ذلك من قبل المجلس
590
ورفع نتيجة ما يتوصل إليه في هذا الشأن إلى جاللة السلطان.
على وزراء الخ دمات مواف اة مجلس الش ورى بتقري ر س نوي عن مراح ل تنفي ذ المش اريع الخاص ة
بوزاراتهم ،وللمجلس دع وة أي منهم لتق ديم بي ان عن األم ور الداخل ة في اختصاص ات وزارت ه ومناقش ته
591
فيها.
يستشف من المهام و االختصاصات المشار إليها أعاله والممنوحة لمجلسي الشورى والدولة ،أنها تشكل
أدوات قانونية لمراقبة عمل الوزراء ،غير أنه يتعين تقوية اإلختصاصات الرقابية للمجلسين في أفق إرساء
العم ل ال ديمقراطي وفق ا للمفه وم العص ري ،ولم ا يعكس س عي الس لطنة إلى تفعي ل مش اركة المواطن ات
والمواطنين في صناعة القرار العمومي ،بشكل غير مباشر عن طريق ممثليهم الدين انتخبوهم.
وبما أن حق الترشح واالنتخاب من الحقوق السياسية التي يتمتع بها كل فرد من أفراد المجتمع ،ف إن م ا
يميز هذه الحقوق عن غيرها من الحقوق والحريات ،تتمثل في أحقية الحصول عليها مرتب ط بس لوك الف رد
وامتثاله للق انون واحترام ه ،حيث ع د ق انون الج زاء العم اني 592الحرم ان من ه ذه الحق وق من العقوب ات
587
.وزارة الشؤون القانونية ،املادة ) )58مكررا ) )40من النظام األسايس لدلوةل ،مرجع سابق -
588
.وزارة الشؤون القانونية ،املادة ) )58مكررا ) )41من النظام األسايس لدلوةل ،مرجع سابق -
589
.وزارة الشؤون القانونية ،املادة ) )58مكررا ) )42من النظام األسايس لدلوةل ،مرجع سابق -
590
.وزارة الشؤون القانونية ،املادة ) )58مكررا ) )43من النظام األسايس لدلوةل ،مرجع سابق -
591
.وزارة الشؤون القانونية ،املادة ) )58مكررا ) )44من النظام األسايس لدلوةل ،مرجع سابق -
592
وزارة الشؤون القانونية بسلطنة عامن ،قانون اجلزاء العامين ،الصادر ابملرسوم السلطاين رمق ،7/74منشور يف اجلريدة الرمسية رمق - ،25
1/4/1974.
309
الفرعية أو اإلضافية التي قد تحول دون ممارستها على مرتكبي الج رائم وف ق أوض اع معين ة ،حيث يحكم
بالحرمان من الحقوق السياسية السالفة الذكر وفق ما يأتي:
الحرمان من الحقوق المدنية ،للمحكوم عليه بعقوبة السجن المؤبد اإلرهابية يح رم من ممارس ة حقوق ه
مدى الحياة.
أما المحكوم عليه بعقوبة السجن المؤقت إرهابي ة ك انت أم تأديبي ة ،فيح رم من ممارس ة حقوق ه المدني ة
طوال تنفيذ مدة عقوبته ومن ثم طوال فترة موازية لمدة العقوب ة المنف ذة على أن ال تق ل عن ثالث س نوات،
593
إال إذا استعاد اعتباره بعد التنفيذ وفقا ألحكام القانون؛
وفي تحديده للحقوق التي يحرم منها المحكوم عليه بمقتضى المادة السالفة الذكر ،فقد حددها في ما يلي:
وبخص وص الح ق في االنتخ اب ،فق د اش ترط المش رع العم اني كب اقي ال دول مجموع ة من الش روط
لممارسة هذا الحق من خالل الالئحة التنظيمية النتخابات أعضاء مجلس الشورى 595على أنه :لكل عماني
الحق في انتخاب أعضاء مجلس الشورى إذا توافرت فيه الشروط التالية:
أن يكون قد أكم ل واح دا وعش رين عام ا ميالدي ا في الي وم األول من ش هر ين اير من س نة .1
االنتخاب؛
أن يكون مقيدا في السجل االنتخابي؛ .2
أن يثبت مقره االنتخابي في بيانات بطاقته الشخصية. .3
يتضح من هذه الشروط ،أن المشرع العماني لم يجعل حق االنتخاب حصرا للمواطنين العمانيين فقط بل
يسمح حتى لألجانب المتجنسين ،عكس بعض المتخصص ين ال دين ي ذهبون إلى الق ول ب أن ح ق االنتخ اب
يقتصر بديهيا على الوطنيين وحدهم ،ويح رم من ذل ك األج انب ،ف الوطني المرتب ط ببل ده ال ذي يعيش في ه
ارتباطا وثيقا ،يجعله حريصا على مصلحته ومعنيا بأموره ،هو من تجوز له المشاركة في اختيار الحك ام،
كما يجوز له تولي السلطة العامة في الدولة.596
593
.وزارة الشؤون القانونية بسلطنة عامن ،املادة 50من قانون اجلزاء العامين ،مرجع سابق - 213
594
.وزارة الشؤون القانونية بسلطنة عامن ،املادة 51من قانون اجلزاء العامين ،مرجع سابق ،الصفحة- 213 :
595
وزارة الشؤون القانونية ،املادة 2من الالحئة التنظميية النتخاابت أعضاء جملس الشورى ،منشور ابملوقع الرمسي لوزارة الشؤون القانونية لسلطنة -
).أخر دخول للموقع 1فرباير http://www.mola.gov.om/Minidecision.aspx?page=54 (2019عامن
596
تلجأ بعض ادلول إىل المتيزي بني الوطين األصيل والوطين ابلتجنس ،فال تعرتف ابحلقوق السياسية لأل خري إال بعد ميض فرتة عىل جتنسه مدة - 5
سنوات أو 10سنوات إىل حني ما يثبت والءه وتعلقه بوطنه اجلديد ،بيامن تسوي دول أخرى بني الوطنيني األصليني والوطنيني ابلتجنس ،ومن الفقهاء
310
وإلى جانب هذا الشرط ،نجد شرط السن ،ومن الطبيعي اشتراط سن معين ة لتقري ر ح ق االنتخ اب ألن ه
يشكل ضمانة واجبة وأساسية الفتراض النضج والخبرة لممارسة الحقوق السياسية .وفي سلطنة عمان م يز
المشرع بين الس ن الم دني المح دد في ثماني ة عش ر 18س نة ،والس ن السياس ي المح دد الالئح ة التنظيمي ة
النتخابات مجلس الشورى في واحد وعش ين 21س نة ،وذل ك باعتب ار ه دا الس ن يس تطيع في ه الن اخب أن
يرجح المصلحة العامة وأن يكون اختياره بعي دا عن ت أثيرات المترش حين ،إال أن ه ذا االتج اه ال يتف ق م ع
النهج الذي يطالب بتخفيض سن الناخب إلى ثمانية عشر سنة وذلك بهدف توسيع قاع دة المش اركة الش عبية
597
والذي تتبناه العديد من الدول.
ويبدوا أن مبررات المشرع العماني في بداية تطبيق نظام االنتخاب برفع السن إلى واح د وعش رين 21
سنة نظرا لحداثة التجربة الديمقراطية وضعف الوعي السياس ي ،ف إن تخفيض الس ن إلى الثامن ة عش ر 18
598
سنة أضحى أمرا بالغ األهمية لعدة مبررات:
تخفيض السن سيساهم في زيادة قاعدة هيئة الناخبين مما سيتيح المجال أم ام اك بر ع دد من .1
أفراد المجتمع للمشاركة في الشؤون العامة؛
إن مشاركة أكبر عدد من الشباب يخلق نوعا من التوازن مع الفئات األخرى ب المجتمع كم ا .2
أن الناخب في هذا السن أصبح أكثر إدراكا ووعيا بالعمل السياسي عن الماضي؛
من األجدر أن يكون الس ن الم دني مس اويا م ع س ن الرش د السياس ي ،باعتب ار أن تص رف .3
الشخص بمفرده في حقه المدني يمثل خطورة واهمية من تصرفه في الحق السياسي مع األمة؛
قلة ع دد الن اخبين في بعض الوالي ات ،ومث ال على ذل ك والي ة الس نينة ،حيث حص ل أح د .4
ممثليها على 99صوتا في انتخابات .2011
كما اشترط المشرع العماني لممارس ة ح ق االنتخ اب ،القي د في الس جل االنتخ ابي طبق ا ألحك ام الم ادة
الثانية من الالئحة التنظيمي ة النتخاب ات مجلس الش ورى المش ار إليه ا س ابقا ،وتحكم ه ذا الش رط ض وابط
محددة أهمها حماية حق االنتخاب من التالعب من استعماله وهو ما سيتم توضيحه من خالل اآلتي:
من يعتقد خبطورة هده املساواة ،ألنه من الالزم قبل الاعرتاف ابحلقوق السياسية البد من قضاء فرتة اختبار قبل تقرير حق الانتخاب ،للتفصيل أكرث
أنظر :أمحد اخلطيب ،الوسيط يف النظم السياسية والقانون ادلستوري ،الطبعة األوىل ،إصدار ،دار الثقافة للنرش والتوزيع ،عامن ،األردن،2009،
.الصفحة245 :
597
عيل بن سامل بن راشد القلهايت :حق الانتخاب يف سلطنة عامن ،أطروحة لنيل ادلكتوراه يف القانون العام ،لكية العلوم القانونية والاقتصادية -
.والاجامتعية طنجة ،السنة اجلامعية ،2013 -2012الصفحة157 :
598
.عيل بن سامل بن راشد القلهايت :حق الانتخاب يف سلطنة عامن ،املرجع السابق ،الصفحة 157 :وما يلهيا -
311
عرفت المادة األولى من الالئحة التنظيمية المقر االنتخابي بأنه :الوالية التي يحق للناخب االدالء فيه ا
599
بصوته وفقا ألحكام هدذه الالئحة.
كما اشترطت المادة السادسة من نفس الالئح ة للقي د في الس جل االنتخ ابي ،أن يك ون الن اخب من أبن اء
الوالية أو من المقيمين فيها ،على أن يعتمد مكان اإلقام ة بالنس بة للمقيمين في الوالي ة على أس اس العن وان
الم دون في البطاق ة الشخص ية ،وإال يعتم د على البيان ات المدون ة في س جل األح وال المدني ة ،وللزوج ة
600
العمانية الحق في القيد في المقر االنتخابي المسجل فيه زوجها.
ينبغي أن تكون أسماء وبيانات الناخبين المقيدة في السجل االنتخابي صحيحة ودقيقة ،إذ بموجبه ا وعلى
أساسها يتم إقرار حق الناخب أو منعه من المشاركة في عملية التصويت .فال يج وز أن يتم القي د ب أي ح ال
من األحوال من لم يبلغ الحادية والعشرين من العمر في األول من يناير من السنة االنتخابية ،كم ا ال يج وز
قيد أي مواطن في والية أخرى غير مقر إقامته ،لذلك فقد نصت المادة السادس ة من الالئح ة الس الفة ال ذكر
على أنه :تقيد في السجل االنتخابي أسماء الناخبين وبياناتهم االنتخابية خالل الف ترة ال تي تح ددها ال وزارة،
على أن تتضمن بيانات كل ناخب اسمه كامال ،وت اريخ ميالده ورقم ه الم دني من واق ع البطاق ة الشخص ية
ومقره االنتخابي ورقمه االنتخابي ،وللوزارة أن تعتمد الرقم المدني كرقم انتخابي.
انطالقا من المقتضيات القانوني ة الس الفة ال ذكر ،ف إن البيان ات ال تي تقي د في الس جل االنتخ ابي له ا من
األهمية بمكان في الحفاظ على حق الناخب ،لذلك فإنه يتطلب من المشرع الحرص على سد الثغ رات ال تي
قد تكلف الناخب من حرمانه من ح ق االنتخ اب ،كم ا أنه ا تتطلب من الجه ات المتخصص ة الدق ة في أخ د
601
البيانات.
كما يرى أحد الباحثين ،أنه من األفيد قيد االسم الرباعي مع إدراج القبيلة لكثرة تش ابه األس ماء وتع ددها
في القبيل ة الواح دة وفي ب اقي الوالي ات أيضا ،602وذل ك تفادي ا للطعن في القي د وك ذلك لض مان نزاه ة
االنتخابات.
كما أتاحت المادة السابعة من الالئحة التنظيمية النتخابات مجلس الشورى ،إمكانية تغي ير التس جيل لك ل
من يرغب في نقل قيده إلى مقر إقامته الجديدة ،حيث أك دت على أن ه :يج وز لك ل ن اخب أن ينق ل قي ده في
599
.وزارة الشؤون القانونية ،املادة األوىل من الالحئة التنظميية النتخاابت أعضاء جملس الشورى ،مرجع سابق -
600
.وزارة الشؤون القانونية ،املادة السادسة من الالحئة التنظميية النتخاابت أعضاء جملس الشورى -
601
.عيل بن سامل بن راشد القلهايت ،حق الانتخاب يف سلطنة عامن ،املرجع السابق ،الصفجة- 163 :
602
.عيل بن سامل بن راشد القلهايت ،املرجع نفسه ،الصفحة- 163 :
312
السجل االنتخابي من مقر انتخابي في والية إلى مقر انتخابي في والي ة أخ رى بطلب خطي يق دم إلى لجن ة
االنتخابات بالوالية الراغب نقل قيده إليها إذا ثبت أنه من أبناء تلك الوالية أو من المقيمين فيها وذل ك خالل
الفترة المحددة ،وثبت لجنة االنتخابات في طلب نقل القيد خالل خمسة عش ر يوم ا من ت اريخ تقديم ه ،على
أن تقوم بإخطار لجنة االنتخابات بالوالية المنقول منها القيد والدائرة المعنية بالسجل االنتخابي خالل خمسة
603
أيام من تاريخ البت في الطلب وتعدل القوائم على هذا األساس.
وما يعاب على نقل القيد هو تبني المشرع العم اني لش رط تق ديم طلب خطي يق دم إلى لجن ة االنتخاب ات
بالوالية الراغب نقل قيده إليها ،حيث كان من األولى أن تكون عملية النقل بشكل الكتروني ،كما هو معمول
به في العديد من الدول ومنها المغرب ،تبسيطا للمس اطر وتش جيعا على المش اركة السياس ية وأيض ا تفادي ا
لتنقل المواطنين وما يترافق من إهدار الوقت والجهد والمال.
كما يتضح أن المشرع حدد مدة لنق ل القي د ،ولم يتم النص عليه ا في الالئح ة ل ذا ك ان من األولى ان يتم
604
النص على المدة في الالئحة كما أن نقل القيد يمكن أن يحدد قبل ستة اشهر من بدء باب الترشيح.
كما تتنبغي اإلشارة في هذا السياق ،إلى أن المشرع أورد نصا في الم ادة الثاني ة من الالئح ة التنظيمي ة
على أن لكل عماني الحق في انتخاب أعض اء مجلس الش ورى إذا ت وفر في ه الش رط اآلتي :أن يثبت مق ره
605
االنتخابي في بيانات بطاقته الشخصية.
ويعتبر الباحث علي بن سالم بن راشد القلهاني أن هذا الشرط وإن كان المقصد منه هو تثبيت هذا الحق،
إال أنه أصبح مانعا من موانع ممارسة حق االنتخاب ،كما أنه ليس له مسوغ من القانون وال يتفق مع قاع دة
توس يع المش اركة الش عبية ،ومن تم ة فإن ه من األولى ع دم االتي ان ب ه ،ناهي ك النص علي ه في الالئح ة
606
االنتخابية .ويمكن أن يراعي عند إعداد قانون االنتخابات اآلتي:
603
.وزارة الشؤون القانونية ،املادة السابعة من الالحئة التنظميية النتخاابت أعضاء جملس الشورى -
604
.عيل بن سامل بن راشد القلهايت :حق الانتخاب يف سلطنة عامن ،املرجع السابق ،الصفحة- 164 :
605
.وزارة الشؤون القانونية ،املادة الثانية من الالحئة التنظميية النتخاابت أعضاء جملس الشورى -
606
.عيل بن سامل بن راشد القلهايت ،املرجع السابق ،الصفحة 164 :وما يلهيا -
313
ثانيا :أن يتم مراجعة القيد في السجل االنتخابي مطلع كل عام وذلك وفقا لما يلي:
تسجيل أسماء الناخبين الذين سقطت أسمائهم سهوا أو لم تقيد في السجل ألي سبب كان؛
تسجيل األسماء الذين بلغوا السن القانوني لالنتخاب؛
إلغاء أسماء المتوفين؛
حذف أسماء الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية تتجاوز فترة الترشيحات.
ثالثا :أن تكون فترة نقل القيد قب ل س تة أش هر من فتح ب اب الترش يحات وذل ك لتجنب النق ل به دف دعم
مرشح على آخر ولنتجنب اإلشكاليات التي حصلت في االنتخابات الماضية وإحاطة العملية االنتخابية ق درا
كبيرا من النزاهة.
رابعا :أن يتم الغاء الشرط الثالث من المادة الثانية والذي ينص على أن يثبت الناخب مقره االنتخابي في
بيانات بطاقته الشخصية.
أما بخصوص الفئات المحرومة من حق االنتخاب 607يمكن إجمالها في المصاب بمرض عقلي أثن اء
مدة الحجر عليه،608العسكريون،609المحرمون بأحكام قضائية ،610والمحب وس احتياطيا611والمس جون تنفي ذا
لحكم قضائي.612
ويعزى من حرمان المشرع العماني للسجناء من ممارسة حق االنتخاب ،تماشيا مع م ا تق ره العدي د من
تشريعات الدول ،وأيضا كعقوبة على األفعال المشينة التي يرتكبه ا األش خاص وع دم امتث الهم واح ترامهم
القانون ،وأيضا لما تتطلبه العملية االنتخابية من نزاهة.
لقد أشارت المادة التاسعة من النظام األساسي لس لطة عم ان ،بالتنص يص ص راحة على ذل ك من خالل
التأكي د على أن للمواط نين وفق ا له ذا النظ ام األساس ي والش روط واألوض اع ال تي يبينه ا الق انون – ح ق
613
المشاركة في الشؤون العامة.
607
.للتفصيل أكرث أنظر :عيل بن سامل بن راشد القلهايت :حق الانتخاب يف سلطنة عامن ،املرجع السابق ،الصفحة- 176 -165 :
608
.وزارة الشؤون القانونية ،املادة الرابعة والثالثون من الالحئة التنفيذية لقانون اجملالس البدلية -
609
.وزارة الشؤون القانونية ،املادة الرابعة من الالحئة التنظميية النتخاابت أعضاء جملس الشورى -
610
.وزارة الشؤون القانونية ،املادة اخلامسة من الالحئة التنظميية النتخاابت أعضاء جملس الشورى -
611
تنص املادة 50من قانون اجلزاء العامين عىل أن :لك حمكوم عليه بعقوبة السجن املؤبد اإلرهابية حيرم من ممارسة حقوق ه م دى احلي اة ،أم ا احملك وم -
عليه بعقوبة السجن املؤقت إرهابية اكنت أم تأديبية ،فيحرم من ممارسة حقوقه املدنية طوال تنفيذه م دة عقوبت ه ومن مث ط وال ف رتة موازي ة ملدة العقوب ة
املنفذة عىل أن ال تقل عن ثالث سنوات ،إال ادا استعاد اعتباره بعد التنفيذ وفقا ألحاكم هدا الق انون ،ال حيرم احملك وم علي ه بعقوب ة تقديري ة من حقوق ه
.املدنية
612
.املادة 50من القانون اجلزايئ العامين -
613
.وزارة الشؤون القانونية ،املادة التاسعة من النظام األسايس لدلوةل -
314
كما أشارت ذلك كل من الم ادة العاش رة المتعلق ة بالمب ادئ األساس ية والم ادة الثاني ة عش ر ذات الص لة
بالمبادئ االجتماعية من الباب الثاني المعنون بالمبادئ الموجهة لسياسة الدول ة في النظ ام األساس ي للدول ة
على الحق في التكاثف والتعاون في بناء المجتمع وحماية مصالحه ،وعلى تكافؤ الفرص بين الجميع ،وذلك
كاآلتي:
إرساء أسس صالحة لترسيخ دعائم شورى صحيحة نابعة من تراث الوطن وقيمة وشريعته
اإلسالمية ،معتزة بتاريخه ،آخذة بالمفيد من أساليب العصر وأدواته.
إقامة نظام إداري س ليم يكف ل الع دل والطمأنين ة والمس اواة للمواط نين ،ويض من االح ترام
للنظ ام الع ام ورعاي ة المص الح العلي ا لل وطن من النظ ام األساس ي للدول ة على ح ق المش اركة في
الشؤون العامة في الوطن.
614
العدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين العمانيين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة.
وتتم هذه المشاركة بصور شتى حسب الباحث كمال رحيم ،منها المشاركة من خالل مجلس الشورى أو
في اختيار أعضائه ،ومن خالل تولي الوظائف العامة العليا منها والدنيا السياسية منه ا أو اإلداري ة وك ذلك
615
من خالل ممارسة مهام السلطة القضائية.
وغير ما ذكر من أنواع المشاركة في الشؤون العامة في المجتمع ،فإن من صوره ك ذلك :المش اركة في
الندوات والمؤتمرات وحلقات العمل وورشها التي تتناول قضايا ساخنة تالمس مصالح الواق ع في المجتم ع
616
وتستهدف تلبية حاجياته بما يكفل لهم العيش الكريم واألمن،
إن النظام األساسي لسلطنة عمان قد ضمن هذا الحق ومشروعيته ،حيث نص على أنه :للمواطنين الحق
في مخاطب ة الس لطات العام ة فيم ا ين وبهم من أم ور شخص ية أو فيم ا ل ه ص لة بالش ؤون العام ة بالكيفي ة
617
والشروط التي يعنيها القانون.
ويستشف من ه ذه الم ادة أن ك ل مس ؤول مهم ا ك انت وظيفت ه اإلداري ة أو غيره ا وأينم ا ك ان موقع ه
الوظيفي في الدولة في أي قطاع كان عام أو خاص إنما جعل في موقع ه ألج ل تق ديم الخ دمات للمواط نين
والمقيمين على أرض عمان ،وألجل ذلك أباح التشريع العماني لكل مقيم أو مواطن أن يقدم م ا يحتاج ه من
أمور ،أو تعوزه من ش ؤون ،أن يتق دم بخط اب رس مي حس ب الكيفي ات المتبع ة ع ادة ونظام ا إلى ه ؤالء
614
.وزارة الشؤون القانونية ،أنظر املواد 10و 12من النظام األسايس لدلوةل -
615 أ
كامل صالح رحمي ،املبادئ العامة للنظام األسايس ونظام احلمك ،الطبعة األوىل ،اكدميية السلطان قابوس لعلوم الرشطة ،رشطة عامن السلطانية- ،
،2006.الصفحة 58 :وما يلهيا
616
.محمد بن سيف بن دومي الشعييل :احلقوق اإلنسانية حمو القوانني العامنية ،مرجع سابق ،الصفحة- 59 :
617
.وزارة الشؤون القانونية ،املادة الرابعة والثالثون من النظام األسايس لدلوةل -
315
المسؤولين ومخاطبتهم والشرح لهم بما يطمح في الحصول عليه ،وبالمقابل على هؤالء المختصين ك ل في
مج ال اختصاص ه وحس ب ص الحياته أن يس تجيب لمخاطب ات المواط نين ،بم ا يت اح من حق وق لألف راد
وتوفيرها لهم ،بكل شفافية وبمنتهى الدقة واألمانة ،فالوظيف ة قب ل أن تك ون تش ريفا هي تكلي ف وأمان ة في
618
المقام األول.
.محمد بن سيف بن دومي الشعييل :احلقوق اإلنسانية حمو القوانني العامنية ،مرجع سابق ،الصفحة- 59 :
618
619
.اترخي الاطالع 04يناير ، www.gabos-oman.com 2019اخلطاب السنوي للسلطان قابوس برمس سنة ،2008منشور ابملوقع الالكرتوين -
316
المطلب الثاني :الحقوق السياسية في الدستور المغربي.
تحتل الحقوق السياسية موقع جوهري ضمن الئحة الحقوق والحري ات األساس ية المنص وص عليه ا في
الدستور المغربي لسنة 620 .2011وللتذكير؛ فقد سبق للمغرب أن صادق مند أزيد من أربعة عقود ونصف
على العهد ال دولي الخ اص ب الحقوق المدني ة والسياس ية ،وق دم تق ارير دوري ة إلى اللجن ة المعني ة بحق وق
االنسان ومجلس حقوق اإلنسان حول تنفيذه اللتزاماته الدولية ،وتلقى سواء من خ براء اللجن ة أو في إط ار
الحوار التفاعلي جملة من المالحظات واالنتقادات والتوصيات. 621
وكسائر دساتير العالم ،تولت الوثيقة الدستورية المغربية لــ يوليوز ، 2011وضع المبادئ الكبرى في
ش كل إعالن للحق وق والحري ات تارك ة للنص وص القانوني ة األخ رى )ق وانين تنظيمي ة ،ق وانين عادي ة،
مراسيم(..مهمة تفصيل كيفيات ممارسة هده الحقوق .622حيث هناك شبه اجماع على أن الوثيق ة الدس تورية
623
تعتبر وثيقة مهيكلة في مجال االعتراف بحقوق وحريات االنسان مقارنة بالدساتير المقارنة،
حيث تبنت المملكة المغربية دستورا يُكرس حقوق االنسان كما هي متعارف عليها كما نص على مجمل
حقوق االنسان الواردة في اإلعالن العالمي لحقوق االنسان ،باإلضافة الى تكريس س مو االتفاقي ات الدولي ة
كما صادق عليها المغرب على التشريعات الوطنية والتنصيص على العمل على مالئمة هذه التشريعات مع
624
مقتضياتها.
620
صدر ابجلريدة الرمسية عدد 5964مكرر 30/يوليوز ،2011الظهري الرشيف رمق 1.11.91الصادر بتارخي 29يوليوز 2011بشان تنفيد نص ادلستور ،يف ضوء قرارا -
.اجمللس ادلستوري رمق 815.2011الصادر يف 14يوليوز ،2011املعلن عن نتاجئ الاستفتاء يف شأن مرشوع ادلستور ادلي اجري يوم امجلعة فاحت يوليوز 2011
621
األمم املتحدة ،امجلعية العامة ،جملس حقوق الانسان ،ادلورة احلادية والعرشون ،تقرير الفريق العامل املعين ابالستعراض ادلوري الشامل ،املغرب -
6.يوليو 2012
.محيد اربيعي :حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية ،منشورات مؤسسة عالل الفايس الطبعة األوىل .2016الصفحة- 172 :
622
623
محمد املساوي :حقوق الانسان يف ادلساتري العربية اجلديدة وسؤال دوةل احلق والقانون -املغرب – تونس ومرص منوذجا ،املركز ادلميقراطي-
.لدلراسات الاسرتاتيجية والسياسية والاقتصادية ،برلني -أملانيا ،2018/الصفحة26 :
624
اجمللس الوط ين حلق وق الانس ان :حق وق الانس ان كام يكرس ها ادلس تور املغ ريب اجلدي د ،منش ور ابملوقع الرمسي للمجلس-
.اترخي الاطالع 04يناير https://www.cndh.ma/ar/bulletin-d-information/hqwq-lnsn-km-ykrsh-ldstwr-lmgrby-ljdyd 2019
317
ويظهر ذلك عبر األحكام الدستورية ،وبالضبط في بابه الثاني 625أهم الحقوق والحريات األساس ية ال تي
كرستها الوثيقة الدستورية الواردة في الباب الثاني المعنون بالحريات والحقوق األساسية وهي أحكام بارزة
تظهر في النص محددة بين الحقوق المدنية والسياسية والحقوق االقتصادية واالجتماعية والبيئية والثقافية.
وقبل ذلك تض منت ديباج ة الدس تور 626فق رات حامل ة لمع اني س امية جس دتها الفص ول المتض منة في
الدستور على شكل قواعد دستورية ومبادئ أساسية ،حيث كرس المشرع الدستوري في ه ده الديباج ة على
حماية حق وق االنس ان م ع مراع اة طابعه ا الك وني وع دم قابليته ا للتج زيء ،والتأكي د على أن بن اء دول ة
ديمقراطية يسودها الحق والقانون ،دولة يتم فيها إرساء دعائم مجتم ع متض امن يتمت ع في ه الجمي ع ب األمن
والحرية والكرامة اإلنسانية وتكافؤ الفرص والعدالة االجتماعية ،ومقومات العيش الكريم في نط اق التالزم
بين حقوق وواجبات المواطنة ،كما تم إعادة التأكيد على التزام المغرب في هدا التصدير بحماية منظومتي
حقوق االنسان والقانون الدولي اإلنساني والنهوض بهما واالسهام في تطويرها مع مراعاة الطابع الك وني
لتلك الحقوق وعدم قابليتها للتجزيء.
وفي ما يلي الحقوق السياسية التي يكفلها الدستور المغربي مرتبة كما جاء به ا اإلعالن الع المي لحق وق
االنسان والتي تضمنها الفصل 30وتتمثل في ما يلي:
625
ابب "احلقوق واحلرايت األساسية" يضم سبعة عرش فصال مقسم مابني مبادئ عامة (من الفصل )160 -154ومؤسسات وهيئات حامي ة احلق وق
-
.واحلرايت واحلاكمة اجليدة والتمنية البرشية واملستدامة وادلميقراطية التشاركية (الفصل )170 -161
626
إن تصدير ادلستور املغريب لسنة ،2011ادلي ميثل ديباجته ،أعفى الفقهاء من النقاش القدمي -اجلديد حول الطبيعة القانونية والالزامية لهدا -
:التصدير ،بتأكيده عىل انه يشلك جزء ال يتجزئ من ادلستور ،للتفصيل أكرث أنظر
الرشيف تيشيت :احلقوق واحلرايت األساسية يف ظل دستور ،2011جمةل مساكل يف الفكر والسياسة والاقتصاد ،مطبعة النجاح اجلديدة ادلار -
.البيضاء ،2016العدد ،40/39الصفحة53 :
محمد املساوي :حقوق الانسان يف ادلساتري العربية اجلديدة وسؤال دوةل احلق والقانون -املغرب – تونس ومرص منوذجا ،املركز ادلميقراطي لدلراسات -
.الاسرتاتيجية والسياسية والاقتصادية ،برلني-أملانيا ،2018/الصفحة28 :
318
وهذا الحق يعتبر حسب تعبير أحد الباحثين من األركان األساسية للديمقراطية،627لهذا س ارعت مختل ف
األنظمة الدستورية والتشريعية في تبنيه ومنها المملكة المغربية ،ذلك أن الحقوق والحري ات العام ة ترتك ز
على مبدأ المساواة ،فال تمييز بين االفراد في التمتع بهذه الحق وق والحري ات ،ال بس بب الجنس وال األص ل
أو اللغ ة أو ال دين أو العقي دة والفك ر ،ح تى قي ل أن المس اواة هي روح الديمقراطي ة ،ب دونها ينه ار مع نى
للحرية.628
وقبل الخوض في تجليات ومظاهر مبدأ المساواة في ممارسة الحقوق السياسية ،الب د من اث ارة المفه وم
العام لهذا المبدأ ثم التطرق لتجليات ومظاهر هذا المبدأ.
فالمفهوم العام لمبدأ المساواة ينظ ر إلي ه من الوجه ة االجتماعي ة ،كم ا يمكن أن ينظ ر الي ه من الوجه ة
المدنية 629والسياسية،
مساواة هدفها رفع درجات الطبقات رفع درجات الطبقات الدنيا من التمتع لجعله ا في مس توى الطبق ات
العليا التي تتمتع بالرفاهية والكرامة؛
أما النوع الثاني من المساواة فيعمل فيه على إلغ اء ك ل الف وارق والتفاوت ات بين األف راد ،وحش رهم في
أدنى الطبقات ،أخذا بالمث ل القائ ل " إذا لم تس تطع أن تس وي الن اس في اإلعط اء فس وهم في المن ع" وه و
630
أسهل.
أما المساواة المدنية فلها تطبيقات خمسة على مستوى الوثيقة الدستورية لـــ 29يوليوز 2011تتمثل في
ما يلي:
319
المساواة في االنتفاع والولوج إلى المرافق العامة634؛
المساواة في تحمل األعباء العامة.635
المس اواة في الحق وق والحري ات المدني ة والسياس ية واالقتص ادية واالجتماعي ة والثقافي ة
والبيئية636؛
هذه األنواع من المساواة وتطبيقاتها خاصة المساواة في ممارسة الحقوق السياسية هو ج وهر موض وع
هذا الشق ،حيث تعتبر من المبادئ التي تضمنتها الوثائق الدولية لحقوق االنسان التي صادق عليها المغرب
كما أشرنا إليها سابقا ،كما تعتبر من المبادئ الدستورية الحديثة ال تي تنفي التمي يز بين األف راد على أس اس
األصل أو الجنس أو الدين أو اللغة أو الرأي أو العقيدة أو المركز االجتم اعي أو أي ش رط أو ظ رف آخ ر
شخصي أو اجتماعي ،سواء في اكتساب الحقوق وممارسة الحريات أو تحمل االلتزامات وأدائها.
وإذا كانت ه ذه المقتض يات ثابت ة في دس اتير المملك ة المغربي ة الس ابقة عن دس تور 2011ومحترم ة
عموما في الممارسة العملية ،فإن أهم مس تجد أدرج ه المش رع الدس توري في النص الجدي د ه و تنصيص ه
على أن الق انون يت ولى س ن مقتض يات من ش أنها تش جيع تك افؤ الف رص بين النس اء والرج ال في ول وج
الوظ ائف 637االنتخابي ة .ه ذه اإلض افة النوعي ة وغ ير المس بوقة حس ب تعب ير األس تاذ حمي د اربيعي تج د
تفسيرها المنطقي في التهميش الذي القته المرأة لعدة عقود في الميدان السياسي واالقصاء من مراكز اتخاد
القرار 638.فرغم أن المغرب أنضم إلى اتفاقية الحقوق السياسية ال تي أقرته ا الجمعي ة العام ة لألمم المتح دة
بموجب قرارها رقم 640المؤرخ في 20دجن بر 1952وال تي دخلت ح يز التط بيق ي وم 7يولي و 1954
وفقا لمقتضيات الفصل ،71فإن حضور المرأة في العمل السياسي ظل باهتا ومش اركتها في الحي اة العام ة
دون المس توى المطل وب .لق د ج اءت االتفاقي ة لتنص على تط بيق مب دأ المس اواة في الحق وق بين الرج ال
والنساء الوارد في وثيقة هيأة األمم المتحدة .فالدول األطراف تعترف " بأن لكل شخص ح ق المش اركة في
إدارة الشؤون العامة لبلده ،س واء بص ورة مباش رة أو بواس طة ممثلين يخت ارون في حري ة ،والح ق في أن
-634ينص الفصل 154من دستور المملكة المغربي$ة في فقرت$$ه االولى على أن يتم تنظيم المراف$$ق العمومي$$ة على أس$$اس المس$$اواة بين المواطن$$ات
والمواطنين في الولوج اليها ،واالنصاف في تغطية التراب الوطني ،واالستمرارية في أداء الخدمات.
-635ينص الفصل 39من دستور المملكة المغربية لسنة 2011على الجميع ان يتحمل ،كل على قدر استطاعته ،التكاليف العمومية ،التي للق$$انون
وحده إحداثها وتوزيعها $،وفق اإلجراءات المنصوص عليها في هدا الدستور.
-636ينص الفصل 19من دستور اململكة املغربية يف فقرته الاوىل عىل ان يمتتع الرجل واملرأة ،عىل قدم املس اواة ،ابحلقوق واحلرايت املدني ة والسياس ية
والاقتصادية والاجامتعية والثقافية والبيئي ة ،ال واردة يف ه دا الب اب من ادلس تور ،ويف مقتض ياته األخ رى ،وك دا يف االتفاقي ات واملواثي ق ادلولي ة ،كام
صادق علهيا املغرب ،ولك ذكل يف نطاق احاكم ادلستور وثوابت اململكة وقوانيهنا.
لتنظ
- 637إذا اكن األصل هو احلف اظ عىل وح دة املص طلح ،فان ه من الرضوري اعامتد املص طلح الق انوين ،كام ه و وارد مثال يف الق انون ا ميي رمق 27.11
املتعلق مبجلس النواب ،حيث يتحدث عن "مسؤولية انتدايب" ،" الانتداب"» ،راجع يف هدا الشأن ظهري رشيف رمق 1.11.165صادر يف 16من دي
القعدة 14) 1432أكتوبر (2011بتنفيذ القانون التنظميي رمق 27.11املتعلق مبجلس النواب ،اجلريدة الرمسية عدد ،5987 :صادرة بتارخي 19دي القعدة
17) 1432أكتوبر .(2011
- 638محيد اربيعي :حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية ،منش ورات مؤسس ة عالل الفايس الطبع ة األوىل .2016الص فحة 183 :وم ا
يلهيا.
320
تتاح له على قدم المساواة مع سواه فرص ة تقل د المناص ب العام ة في بل ده" .كم ا يح دوها األم ل في جع ل
الرجال والنساء يتساوون في التمتع بالحقوق السياس ية وفي ممارس تها ،طبق ا ألحك ام ميث اق األمم المتح دة
واالعالن الع المي لحق وق االنس ان .وترجم ة له ده الرغب ة ،فإن ه يك ون للنس اء ح ق التص ويت في جمي ع
االنتخابات ،بشروط تساوي بينهن وبين الرجال ،دون أي تمييز (المادة األولى ( .كم ا يمكن لهن أن ينتخبن
لجميع الهيئات المنتخبة باالقتراع العام المباشر ،المنشأة بمقتضى التشريع العامة وممارسة جميع الوظ ائف
640
العامة عمال بمقتضيات القانون الوطني )المادة 639،(3دون أن نستثني المناصب العليا.
باإلضافة إلى مناهضة ك ل أش كال التمي يز ض د الم رأة ،بغي ة تحقي ق المس اواة بين الجنس ين في جمي ع
مناحي الحياة ،يكثف المشرع من مجهوداته إلخراج المرأة من وضعية التهميش والهشاشة والتبعي ة ،ويق ر
مجموعة من السياسات واالستراتيجيات في صالح المرأة من أجل النهوض بحقوقها السياسية .هكذا ،ت دخل
المشرع من أجل النهوض بدور المرأة وتمكينها من الوسائل التي تضمن لها المشاركة الحقيقية والفعالة في
641
اتخاد القرار السياسي.
وتنزيال لمقتضيات الفصل 19من الدستور ذات الصلة بتشجيع تكافؤ الف رص بين النس اء والرج ال في
تقلد المسؤوليات السياسية ،تم تكريس العديد من الضمانات القانونية بخصوص تعزيز ه ذا الح ق س نتطرق
إليها الحقا في المبحث الثاني.
إن حق االنتخاب وإبداء الرأي باالستفتاء وحق تقديم العرائض والملتمسات تعد األساس الذي يقوم علي ه
مشاركة المواطن ات والمواط نين في إدارة الش ؤون العام ة في الدول ة س واء بش كل غ ير مباش ر من خالل
االنتخ اب أو االق تراع أو بش كل مباش ر من خالل االس تفتاء )أوال ( ،أو عن طري ق آلي ات الديمقراطي ة
التشاركية )ثانيا(،المتاحة للمواطنات والمواطنين.
321
تعتبر االنتخابات في الدول الديمقراطية حجر األساس ال ذي يق وم علي ه البن اء ال ديمقراطي برمت ه ،ففي
هذه الدول يستمد الحكام مشروعيتهم منه ا فق ط ،وهي ب ذلك أداة التعب ير عن الس يادة الش عبية إذ بواس طتها
يختار األفراد نوابهم في صنع القرار السياسي ،ويمكن معاقبتهم في أول مناس بة انتخابي ة الحق ة ع بر نفس
642
الوسيلة وذلك بحرمانهم من أصواتهن ومنحها لمنافسيهم.
فاالنتخاب عملية سياسية يعبر بواس طتها المواطن ات والمواط نين عن رأيهم في األش خاص المرش حين
646
لت ولي مه ام أو وظ ائف مح ددة في الدولة ،643كمنص ب رئيس الحكومة ،644أو ن ائب 645أو مستش ار
برلم اني ،أو رئيس أو عض و في مج الس الجماع ات الترابية ،647ويك ون ه دا التعب ير ب القبول وتزكي ة
المترشح أو برفضه ،واختيار غيره أو برفضه كلية للمترشحين ،وبذلك يعد االنتخاب طريق ة غ ير مباش رة
لممارسة المواطن في إدارة الشأن العام الوطني أو الترابي باختيار من يمثلونه أو ينوبون عنه في ذلك.
وفيما يلي رسم بياني يوضح الهيئات المنتخبة خاصة على المستوى الوطني
- 642بولكويرات أمنية :معاجلة احلرايت العامة يف ادلساتري املغاربية اجلزائر -املغرب -تونس ،مذكرة لنيل شهادة املاسرت ،جامعة اجلزائر Iلكية احلقوق بن
يوسف بن خدة ،الصفحة.100 :
- 643صاحل دجال :حامية احلرايت ودوةل القانون ،مرجع سابق ،الصفحة.309 :
- 644يمت تعيني رئيس احلكومة بناء عىل الفصل 47يف فقرته األوىل ادلي ينص عىل أن » يعني املكل رئيس احلكومة من احلزب السيايس ادلي تصدر
انتخاابت أعضاء جملس النواب ،وعىل أساس نتاجئها».
- 645ينص الفصل 62عىل أنه ينتخب أعضاء جملس النواب ابالقرتاع العام املبارش ملدة مخس سنوات» ،وعددمه 395انئب برملاين.
- 646يتكون جملس املستشارين حسب الفصل 63من ادلستور من 90عضوا عىل األقل و 120عىل األكرث ،ينتخب ون ابالقرتاع الع ام غ ري املبارش ،ملدة
ست سنوات ،عىل أساس التوزيع التايل:
-ثالثة اخامس األعضاء ميثلون امجلاع ات الرتابي ة ،يتوزع ون بني هجات اململك ة ابلتناس ب م ع ع دد س اكهنا ،وم ع مراع اة الانص اف بني اجله ات .ينتخب
اجمللس اجلهوي عىل مستوى لك هجة ،من بني أعضائه ،الثلث اخملصص للجهة من هدا العدد ،وينتخب الثلثان املتبقيان من قبل هيئ ة انخب ة تتك ون عىل
مستوى اجلهة ،من أعضاء اجملالس امجلاعية وجمالس العامالت والاقالمي،
أل
-مخسان من الاعضاء تنخهبم يف لك هجة ،هيئ ات انخب ة تت ألف من املنتخ بني يف لغ رف املهني ة ،ويف املنظم ة املهني ة للمش غلني ا ك رث متثيلي ة ،وأعض اء
تنتخهبم عىل الصعيد الوطين ،هيئة انخبة مكونة من ممثيل املأجورين.
- 647ينص الفصل 135من دستور املغرب يف فقرته الثالثة عىل أن » تنتخب جمالس اجلهات وامجلاعات ابالقرتاع العام املبارش».
322
المصدر :إعداد شخصي
وفي المغرب أقرت جميع دساتيرها السابقة حق االنتخاب ض من الفص ل الث اني ،648لكن المالح ظ ع دم
ذكر مص طلح االنتخ اب بص فة ص ريحة ،إنم ا يمكن استخالص ها من خالل عب ارة وبص فة غ بر مباش رة
بواسطة المؤسسات الدستورية .خالفا لدستور 2011الذي جاء بعب ارات أك ثر دالل ة وتفص يال ،حيث نص
649
على هذا الحق ضمن الباب األول المعنون بـــ األحكام العامة كما أضاف فقرة جديدة إلى الفص ل الث اني
والتي تنص على أن تختار األمة ممثليها في المؤسسات المنتخب ة ب االقتراع الح ر والنزي ه والمنتظم ونص
في الفص ل الح ادي عشر 650على أن االنتخاب ات الح رة والنزيه ة والش فافة هي أس اس مش روعية التمثي ل
الديمقراطي ،ونالحظ من خالل الفصل الثالثين 651أنه اعتبر حق التصويت ح ق شخص ي وواجب وط ني،
إال أنه اشترط بلوغ سن الرشد القانونية ،والتمتع بالحقوق المدنية والسياسية.
كما أنه متع األجانب المقيمين بالمغرب من المشاركة في االنتخابات المحلية ،بمقتضى القانون أو تطبيقا
التفاقيات دولية أو ممارسات المعاملة بالمثل.
كما متع المغارب ة المقيمين في الخ ارج بحق وق المواطن ة كامل ة بم ا فيه ا ح ق التص ويت والترش ح في
االنتخابات بمقتضى الفصل السابع عشر.652
648
أنظر يف ذكل الفصل الثاين من ادلساتري املغربية السابقة »،السيادة لأل مة متارسها مبارشة ابالستفتاء ،وبصفة غري مبارشة بواسطة املؤسسات -
.ادلستورية
649
أنظر الفصل -
650
.أنظر الفصل 11من ادلستور املغريب لسنة - ». 2011
651
.أنظر الفصل 30من ادلستور املغريب لسنة - ». 2011
.» - 652أنظر الفصل 17من ادلستور املغريب لسنة .2011
323
وتطبيق ا ألحك ام الفص ل 135الس الف ال ذكر ال ذي ينص على انتخ اب مج الس الجه ات والجماع ات
باالقتراع العام المباش ر ،تم إص دار الق انون التنظيمي المتعل ق بانتخ اب أعض اء ه ذه المج الس 653،تفعيال
للفصل 146الذي نص في فقرته األولى على ضرورة إصدار قانون تنظيمي لتحديد شروط تدبير الجه ات
والجماعات الترابية لشؤونها بكيفية ديمقراطية ،وعدد أعضاء مجالسها ،والقواعد المتعلقة بأهلية الترش يح،
وحاالت التنافي ،وحاالت منع الجمع بين االنتدابات ،وكذا النظام االنتخ ابي ،وأحك ام تمثيلي ة النس اء داخ ل
المجالس المذكورة.
"انتخاب أعضاء مجــالس الجهــات بــاالقتراع العــام المباشــر عن طريــق االقــتراع بالالئحــة وبالتمثيــل
النسبي على أساس قاعدة أكبر بقية ودون استعمال طريقة مزج األصوات والتصويت التفاضلي.
غ ير أن االنتخ اب يباش ر ب االقتراع الف ردي باألغلبي ة النس بية في دورة واح دة ،إذا ك ان األم ر يتعل ق
654
بانتخاب عضو واحد في إطار دائرة انتخابية واحدة".
فيم ا يخص أعض اء مج الس العم االت واألق اليم ،فينتخب أعض ائها من ط رف هيئ ة ناخب ة تت ألف من
أعضاء مجالس الجماعات التابعة للعمالة أو اإلقليم المعني عن طريق االقتراع بالالئح ة وبالتمثي ل النس بي
على أساس قاعدة أكبر بقية.
غ ير أن االنتخ اب يباش ر ب االقتراع الف ردي باألغلبي ة النس بية في دورة واح دة إذا ك ان األم ر يتعل ق
655
بانتخاب عضو واحد.
- 653ظهري رشيف رمق 173.11.1ص ادر يف 24من ذي احلج ة 21( 1432نون رب )2011بتنفي ذ الق انون التنظميي رمق 59.11املتعل ق ابنتخ اب أعض اء
جمالس امجلاعات الرتابية ,منشور ابجلريدة الرمسية عدد 5997مكرر 25 -ذو احلجة 2( 1432نونرب .)2011
- 654املادة 78من القانون التنظميي املتعلق ابنتخاب أعضاء جمالس امجلاعات الرتابية.
- 655املادة 102من القانون التنظميي أعاله.
- 656املادة 130من القانون التنظميي أعاله.
- 657املادة 4من القانون التنظميي أعاله.
324
ومن أجل تحسين التمثيلية النسائية في االنتخابات وتعزيز مشاركتها السياس ية ,تم التنص يص على أن
يحدد بم وجب مرس وم ب اقتراح من وزي ر الداخلي ة ع دد األعض اء ال واجب انتخ ابهم في مجلس ك ل جه ة
وتوزيع عدد المقاعد على العماالت واألقاليم وعماالت المقاطعات المكونة لكل جهة من خالل م ا يلي أن
« :يمثل عدد مقاعد الدائرة االنتخابية المخصص ة للنس اء في ك ل عمال ة أو إقليم أو عمال ة مقاطع ات على
658
األقل ثلث عدد المقاعد المخصصة للعمالة أو اإلقليم أو عمالة المقاطعات المعنية برسم مجلس الجهة".
تخصيص دائرتين انتخابيتين للنساء ,على صعيد كل عمالة أو إقليم أو عمالة مقاطعات ,وال يح ول ذل ك
659
دون حقهن في الترشح في الدائرة االنتخابية األخرى.
إمكانية تق ديم الترش يحات النتخاب ات أعض اء مج الس الجه ات ومج الس العم االت واألق اليم ومج الس
الجماعات والمقاطعات من طرف المغاربة المقيمين خارج تراب المملكة وفق الكيفي ات والش روط وداخ ل
اآلجال المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي
غير أنه ال يؤهل للترشح كل مغربي ة أو مغ ربي مقيم بالخ ارج يت ولى مس ؤولية حكومي ة أو انتدابي ة أو
660
عمومية ببلد اإلقامة.
كما يجوز للمغاربة المقيمين بالخارج المقيدين في اللوائح االنتخابية العامة أن يصوتوا في االقتراع عن
طريق الوكالة ,حيث يقوم الوكي ل بالتص ويت نياب ة المع ني ب األمر وف ق الكيفي ات المنص وص عليه ا في
661
القانون التنظيمي ,وال يجوز له أي الوكيل أن يكون وكيال ألكثر من ناخب واحد خارج تراب المملكة.
وتفعيال لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل الثاني 662والفص ل الح ادي عش ر 663من الدس تور فق د س ن
المشرع في القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابي ة إج راءات زجري ة هام ة
تفعيلها على أرض الواقع من شأنها تخليق الحياة االنتخابية والحد من الظواهر الالأخالقية ( من مثل التأثير
على التصويت ،الترهيب ،تقديم هدايا أو هبات أو تبرعات نقدية أو عينية ،تقديم وعود بالوظائف ،انته اك
عمليات االقتراع ،انته اك س رية التص ويت ،إتالف أوراق التص ويت )...ال تي تطب ع العملي ة االنتخابي ة
- 658املادة 77من القانون التنظمي املذكور أعاله.
- 659املادة 76من القانون التنظميي املذكور.
- 660الفقرة األوىل من املادة 5من القانون التنظميي املذكور أعاله.
- 661أنظر املادة 12من القانون التنظميي املذكور.
- 662تنص هذه الفقرة عىل أن " :ختتار األمة ممثلهيا يف املؤسسات املنتخبة ابالقرتاع احلر والزنيه واملنتظم".
- 663ينص هذا الفصل عىل أن «الانتخاابت احلرة والزنهية والشفافة يه أساس مرشوعية المتثيل ادلميقراطي.
السلطات العمومية ملزمة ابحلياد التام إزاء املرتحشني ,وبعدم المتيزي بيهنم.
حيدد القانون القواعد اليت تضمن الاس تفادة ,عىل حنو منص ف ,من وس ائل الاعالم العمومي ة ,واملامرس ة الاكمةل للحرايت واحلق وق الاساس ية ,املرتبط ة
ابمحلالت الانتخابية ,وبعمليات التصويت ,وتسهر السلطات اخملتصة بتنظمي الانتخاابت عىل تطبيقها.
حيدد القانون رشوط وكيفيات املالحظة املستقةل واحملايدة لالنتخاابت ,طبقا للمعايري املتعارف علهيا دوليا.
لك خشص خالف املقتضيات والقواعد املتعلقة بزناهة وصدق وشفافية العمليات الانتخابية ،يعاقب عىل ذكل مبقتىض القانون...
325
خاص ة الجماعي ة وذل ك لحس ن س يرها وس المة إرادة الن اخبين من خالل ت رتيب :الغرام ات ،664
الحبس،665التجريد من ممارسة الحقوق السياسية..666
أما بخصوص االستفتاء فهو شكل مباشر إلشراك المواطنات والمواط نين في إدارة الش ؤون العام ة في
األنظمة الديمقراطية 667،وذلك من خالل طلب رايهم حول موضوع معين قد يكون في شكل وثيق ة سياس ية
أو دستورية تعرضها الدولة -رئيس الدولة غالبا -على الش عب إلب داء رأي ه حوله ا ب القبول أو ال رفض.668
حيث يعرض الموضوع المستفتى حوله على الناخبين ألخد أصواتهم ب )ال( أو)نعم( أو بكلمة)موافق( أو
غير )موافق(.
وبالنسبة للدستور المغ ربي ،فوفق ا لمقتض يات الفص ل الث اني من الدس تور الح الي ،ف إن االس تفتاء أداة
مباشرة لممارسة األمة سيادتها ،كما يمكن ممارسة هده السيادة بصفة غير مباش رة عن طري ق المؤسس ات
الدستورية.
وبخصوص المراجعة الدستورية فإن الفصل 669 172ق د نص في فقرت ه الثاني ة أن للمل ك أن يع رض
مباشرة على االستفتاء ،المشروع الدي اتخذ المبادرة بشأنه.
كما أكد الفصل 174من الدستور المغربي على أن مراجع ة الدس تور ال تك ون نهائي ة إال بع د إقراره ا
670
باالستفتاء.
ويعزى من هذه المقتضيات أن أهم المواضيع التي يتم طرحها على االس تفتاء له ا ص لة بتع ديل الوثيق ة
الدستورية ،وال تكون المراجعة نهائية إال بعد إقراره ا باالس تفتاء وموافق ة المواطن ات والمواط نين علي ه.
لكن دون أن تتناول المراجعة المكتسبات في مجال الحريات والحقوق األساسية المنص وص عليه ا في ه ذا
الدستور 671 .وه ذا الفص ل يش كل ض مانة دس تورية هام ة في مج ال حماي ة الحق وق والحري ات األساس ية
بالمغرب خاصة الحقوق السياسية لما تكتسيه من أهمية.
- 664انظر املواد 46-45-44-43-42:ن القانون التنظميي املذكور أعاله.
- 665انظر املواد 70-69-68-67-66-65-63-62-61-60-59-58-57-56-55-54-51-50-49-48-47 :من القانون التنظميي املذكور أعاله.
- 666أنظر املادة 69و 71من القانون التنظميي املذكور أعاله.
- 667صاحل دجال ،حامية احلرايت ودوةل القانون ،أطروحة لنيل شهادة ادلكتوراه يف القانون العام ،مرجع سابق ص .310
- 668غالبا ما يمت الاستفتاء حول موضوع حساس واسرتاتيجي لدلوةل ميس مبارشة براكئزها ومقوماهتا ،اكالستفتاء حول التعديل ادلستوري كام وقع يف
تعديل الوثيقة ادلستورية املغربية لسنة .2011
- 669ينص الفصل 172من دستور اململكة عىل أن للمكل ول رئيس احلكوم ة وجمللس الن واب وجمللس املستش ارين ،ح ق اختاد املب ادرة قص د مراجع ة
ادلستور.
للمكل ان يعرض مبارشة عىل الاستفتاء ،املرشوع ادلي اختذ املبادرة بشأنه.
- 670ينص الفصل 174من دستور اململكة عىل أن تعرض مشاريع ومقرتحات مراجعة ادلستور ،مبقتىض ظهري ،عىل الشعب قصد الاستفتاء.
تكون املراجعة هنائية بعد إقرارها ابالستفتاء.
- 671ينص الفصل 175من دستور اململكة عىل أنه ال ميكن أن تتناول املراجعة الاحاكم املتعلق ة ابدلين اإلس اليم ،وابلنظ ام املليك لدلوةل ،وابختياره ا
ادلميقراطي لأل مة ،وابملكتسبات يف جمال احلرايت واحلقوق السياسية املنصوص علهيا يف هدا ادلستور.
326
ثانيا :الحق في تقديم العرائض 672والملتمسات 673في مجال التشريع:
ألول مرة في التاريخ الدستوري المغربي كرست الوثيق ة الدس تورية ل 29يولي وز ، 2011في مج ال
المشاركة السياسية في تدبير األن العام الوطني والمحلي ،العدي د من الفص ول الم ؤطرة لحق وق المش اركة
المواطنة لدى كافة الهيئات المنتخبة سواء على المس توى الوط ني أو ال ترابي ،من أج ل النه وض بالعملي ة
التنموية على جميع المس تويات ،ففي الفق رة األولى من تص دير الدس تور المغ ربي تم النص على أن " إن
المملكة المغربية ،وفاء الختيارها الذي ال رجع ة في ه ،في بن اء دول ة ديمقراطي ة يس ودها الح ق والق انون،
تواصل بعزم مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة ،مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجي دة،
وإرساء دعائم مجتمع متضامن ،يتمتع فيه الجميع باألمن والحري ة والكرام ة والمس اواة ،وتك افؤ الف رص،
والعدالة االجتماعية ،ومقومات العيش الكريم ،في نطاق التالزم بين حقوق وواجبات المواطنة".
كما أن الفصل األول والمتعلق بطبيعة نظام الحكم وبمقومات النظام الدستوري المغربي ينص في فقرته
الثانية على أن " يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط ،وتوازنها وتعاونها ،والديمقراطية
المواطنة والتشاركية ،وعلى مبادئ الحكامة الجيدة ،وربط المسؤولية بالمحاسبة".
وفي ذات السياق ألزم الفصل 139من الدستور على أن " تضع مجالس الجه ات ،والجماع ات الترابي ة
األخرى ،آليات تشاركية للحوار والتشاور ،لتيسير مساهمة المواطن ات والمواط نين والجمعي ات في إع داد
برامج التنمية وتتبعها.
يُمكن للمواطنات والمواطنين والجمعي ات تق ديم ع رائض ،اله دف منه ا مطالب ة المجلس ب إدراج نقط ة
تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله".
من أهم الحقوق السياسية حق االنتخاب وحق الترشح ويمكن اعتباراهما المرآة الكاشفة عن مدى ما
وصلت إليه الدول من تقدم في مجال التجربة الديمقراطية ،و ال يكفى للق$$ول بوج$$ود $ه$$ذه الحق$$وق مج$$رد
- 672للتفصيل أكرث:
-القانون التنظميي رمق 44.14بتحديد رشوط وكيفيات تقدمي العرائض إىل السلطات العمومية؛
-ظهري رشيف رمق 1.15.83صادر يف 7يوليو 2015بتنفيذ القانون التنظميي رمق 111.14املتعلق ابجلهات؛
-ظهري رشيف رمق 1.15.84صادر يف 7يوليو 2015بتنفيذ القانون التنظميي رمق 112.14املتعلق ابلعامالت واألقالمي؛
-ظهري رشيف رمق 1.15.85صادر يف 7يوليو 2015بتنفيذ القانون التنظميي رمق 113.14املتعلق ابمجلاعات؛
-محمد رضا مقتدر ،احلق يف تقدمي العرائض بني التجربة املغربية والتجارب ادلولية ،مطبعة مشس برينت – الرابط – السنة .2018
673
327
النص عليها في الدساتير وإنما يجب أن تكون هذه القوانين يمكن تطبيقها في الواق$$ع العملى ح$$تى نض$$من
مشاركة أكبر عدد ممكن فى الحياة السياسية.
فالمشاركة السياسية ذات تأثير على الفرد وعلى السياسة العامة للدول$$ة ،فبالنس$$بة للف$$رد فهي تنمى
إحساسه بذاته وثقل وزن$$ه ووعي$$ه السياس$$ي في المجتم$$ع ال$$ذي يعيش في$$ه ،وت$$ربى $وتنمى انتمائ$$ه لوطن$$ه
وتحمله لمسئولياته تجاه مجتمعه .وعلى مستوى $السياسة العام$$ة تعكس رغب$$ات المواط$$نين في االش$$تراك
في توجيه دفة الحكم في البالد وصنع $القرار السياسي وتقرير $المصير تحقيقا ً للديمقراطية.
و يقتضي حق الترشح وجود $بعض الشروط حتى يس$$تطيع الم$$واطن اس$$تخدامه وترش$$يح نفس$$ه في
االنتخابات سواء الترشح النتخابات الرئاسة أو لمجلس الشعب و يعد ه$$ذا الح$$ق إح$$دى وس$$ائل المش$اركة
في الحياة السياسية للمواطن.
و من أهم الش$$روط ال$$واجب توافره $ا $و ق$$د أجمعت عليه$$ا معظم دس$$اتير $الع$$الم ش$$رطى $الس$$ن و
الجنسية فض$ال عن وج$ود ع$دد من الض$مانات تكف$ل حس$ن ممارس$ة ه$ذا الح$ق فى إط$ار من الحري$ة و
الديمقراطية .
و من المسلم به أن جميع المواطنون أمام القانون سواء ال تمييز بينهم فى الحقوق و الواجب$$ات و ال
مجال للحرمان أو التمييز $بينهم فى ممارسة ح$$ق الترش$$ح على أس$$اس الجنس أو ال$$دين أو العقي$$دة و بن$$اء
على ذلك ال يمكن تمييز المرأة على الرجل فيما يتعلق بحق الترش$$ح للرئاس$$ة و إنم$$ا ه$$و بحس$$ب األص$$ل
حق مكفول لجميع المواطنين بمجرد توافر الشروط $التى يتطلبها القانون فيهم. $
و هناك بعض الدول التى كفلت حق المساواة لمواطنيها و سمحت للمرأة فيها بممارسة حقه$$ا فى
الترشح ألنتخابات الرئاسة و كان المجتمع على درجة من الثقافة و الوعى بمكانة الم$رأة و ال$دور الفاع$ل
التى تستطيع ممارسته و بالت$$الى تم نج$$اح الم$$رأة فى س$$باق $الرئاس$$ة و من ه$$ذه ال$$دول ال$$تى نجحت فيه$$ا
المرأة حديثا فى سباق الرئاسة البرازيل و األرجنتين.
ففى البرازيل عام 2010ف$$ازت ديلم$$ا روس$$يف $بمنص$$ب رئيس$$ة الجمهوري$$ة و تع$$د أول إم$$رأة
برازيلية تحتل منصب رئاسة الجمهورية فى خامس أكبر دولة فى العالم من حيث المساحة و عدد السكان
و نجحت فى إثبات أن المرأة قادرة على تقلد أعلى منصب فى الدولة.
و دعمه$$ا بق$$وة ال$$رئيس الس$$ابق ل$$وال دى س$$يلفا فى االنتخاب$$ات الرئاس$$ية و أعلن أنه$$ا مرش$$حته
لمنصب رئيس الجمهورية
و تتمتع ديلما روسيف بحياة سياسية حافلة فقد بدأت المشاركة فى الحياة السياسية منذ سن السادسة
عشرة حيث انضمت إلى حركة طالبية مناهضة للدكتاتورية فى البرازيل و تعرضت لعقوبة السجن لم$$دة
328
ثالث سنوات نتيجة النضال ضد السياسية القمعية للدولة ،و بع$$د إنته$$اء حقب$$ة الدكتاتوري$$ة العس$$كرية فى
البرازيل كانت روسيف أحد مؤسسى الحزب ال$$ديمقراطى العم$$الى ،ثم أنض$$مت لح$$زب العم$$ال ،و بين
عامى 1995 $: 1991شغلت روسيف منصب وزيرة الطاقة فى الحكومة المحلية لوالي$$ة "ري$$و جران$$د
دو سول" ،و شغلت منصب وزيرة للطاقة مرة أخرى و لكن فى حكومة الرئيس الس$$ابق ل$$وال دى س$$يلفا
فى عام ، 2002و فى عام 2005شغلت منصب رئيسة الحكومة .
و تعت$$بر ديلم$$ا روس$$يف أهم شخص$$ية سياس$$ية فى البرازي$$ل و تلقب ب$$المرأة الحديدي$$ة ذات
الشخصية الفوالذي$$ة و ق$$د ن$$الت فى م$$ارس 2014بج$$ائزة "الم$$رأة الرائ$$دة" و هى ت$$ؤمن بالمس$$اواة بين
الجنسين و تناصر حقوق المرأة و ترى ان هذا الق$رن ه$و بال ش$ك الق$رن الخ$اص بالنس$اء و تعم$ل على
النهوض بمكانة المرأة البرازيلية و تمكينها فى جميع المجاالت و تعمل على النهوض بمستوى $العيش فى
البالد و خاصة بالنسبة إلى الفقراء لدرجة أنها لقبت "أم الفقراء"
و تميزت بقوة شخصيتها $و جرأتها فى إدارة شئون البالد و كانت نموذج مش$رف $و ن$اجح للم$رأة فى
هذا المنصب لمدة ف$ترة واليته$ا $و ق$د ت$رتب على دوره$ا الفاع$ل زي$ادة وعى الش$عب ال$برازيلى و تقبل$ه
للمرأة فى منصب رئاسة الجمهورية و أنعكس ذلك على االنتخابات ال$$تى تج$$رى $فى البرازي$$ل األن حيث
التنافس محتدم بين إمرأتان -ديلما روسيف لقترة والية ثانية و مارينا سيلفا -
و قد فازت ديلما روسيف فى الدورة األولى التى ج$$رت فى الخ$$امس من أكت$$وبر بنس$$بة 41.59
، %و سواء فازت روسيف $أو مارينا سيلفا فذلك يعد إنتصار لحقوق المرأة السياسية.
و أيضا نجحت المرأة فى إثبات قدرتها على تذليل الصعاب و التحول إلى شخصية قيادي$$ة و الوص$$ول$
إلى رئاسة الجمهورية فى بلد به الكثير من األزمات مثل األرجنتين فقد نجحت كريستينا فرنان$$ديز رئيس$$ة
األرجنتين فى الخروج ببالدها من عنق الزجاجة لدولة لها وزنها عالميا.
وتعد كريستينا $فرنانديز $أول رئيسة جمهورية لألرجنتين و قد بدأت العمل فى الحياة السياسية من$$ذ
وقت مبك$$ر أيض$$ا ففى ع$$ام 1970أنخ$$رطت فى حرك$$ة الش$$باب الب$$يرونى ثم فى ع$$ام 1989انتخبت
كعضو $فى المجلس التشريعى االقليمى فى مقاطعة سانتا كروز $و قد أعي$$د إنتخابه$ا $فى ه$$ذا المنص$$ب فى
عام ، 1993و بحلول عام 1995تم انتخابها لتمثيل والية سانتا كروز $فى مجلس الشيوخ االرجنتينى ،
و انتخبت فى ع$$ام 1997كعض$و $بمجلس الن$$واب ،و فى ع$$ام 2001تم انتخابه$$ا م$$رة أخ$$رى عض$$وا
بمجلس الشيوخ .
329
و فى عام 2007فازت فرنانديز $بمنص$$ب رئيس الجمهوري$$ة ألول م$$رة فى ت$$اريخ األرجن$$تين و
جدير بالذكر أن إيزابيل مارتينيز دى بيرون لم تكن رئيسة لدولة األرجنتين و إنم$$ا ت$$ولت مه$$ام المنص$$ب
بعد وفاة زوجها $خوان بيرون.
و استطاعت فرنانديز $القيام بنهضة إقتصادية و إجتماعية و مواجهة العديد من األزمات فى بداية
حكمها و نجحت فى تقليل نسب البطالة بشكل ملحوظ $و أرتفع الناتج القومى فى األرجنتين و ق$$د س$$اهمت
هذه االصالحات الجدية فى التاكيد على قدرة المرأة لت$$ولى أعلى المناص$$ب و حس$$ن إدارته$$ا و أدى ذل$$ك
إلى إعادة إنتخابها مرة أخرى فى عام 2011بنسبة .%54
هذا و يعد حق التصويت $في االنتخابات أو حق االنتخاب هو «قيام الفرد باختيار $أح$$د المرش$$حين
لتمثيله في الهيئات المنتخبة التي تت$$ولى إع$$داد الق$$وانين أو في بعض مناص$$ب اتخ$$اذ الق$$رارات» .ويمكن
تعريف $االنتخابات أيضا ً بأنها «تل$$ك العملي$$ة ال$$تي يق$$وم المواطن$$ون بواس$$طتها ،وبش$$كل دوري ،باختي$$ار
ممثليهم لتسلّم مناصب السلطة التشريعية أو التنفيذية أو المؤسـسات المحليـة».
ليس ك$$ل انتخ$$اب ه$$و ج$$وهر النظ$$ام ال$$ديموقراطي $،ب$$ل هن$$اك مم$$يزات أو خص$$ائص كي توص$$ف
االنتخابات بأنها انتخابات الديموقراطيّة ،ومنها:
وأن تكون سرية ،بمعنى أن هن$اك وس$ائل $ته$دف إلى ض$مان س$رية االنتخ$اب ،بحيث ال تك$ون هن$اك
إمكاني$$ة لممارس$$ة ض$$غط غ$$ير الئ$$ق وغ$$ير ع$ادل على الن$$اخب وإقناع$$ه بالتص$$ويت لمرش$$ح معين ع$بر
استخدام $وسائل $غير الئقة ومرفوضة.
وأن تكون نزيهة وعادلة ،بمعنى أنها تجري وفق قواعد م ّتفق عليها وفق $قوانين الدولة.
في الواقع هناك اختالف حول ماهية الطبيعة القانونية لالنتخاب ،حيث إن هناك ثالثة اتجاهات :يذهب
االتجاه األول إلى أن االنتخاب حق شخصي يتمتع به كل مواطن ،ويثبت هذا الح$$ق لك$$ل ف$$رد على أرض
الدولة على أساس المساواة بين المواطنين ،باعتباره من الحقوق الطبيعية التي ال يجوز $حرمان أحد منها.
ويترتب $على كون االنتخاب حقا ً شخصيا ً ع$$دم ج$$واز تقيي$$د ه$$ذا الح$$ق بش$$روط معين$$ة تح$$د من اس$$تعمال
األفراد $له ،أي أن االقتراع $يجب أن يكون عاماً ،ولألفراد كام$$ل الحري$$ة في اس$$تعمال ه$$ذا الح$$ق أو ع$$دم
استعماله ،من دون جبر أو إلزام.
330
ويذهب االتجاه الثاني إلى أن االنتخاب وظيفة ،وه$$و ليس حق$ا ً شخص$$ياً ،وإنم$$ا مج$$رد وظيف$$ة يؤديه$$ا
المواطن نتيجة النتمائه إلى األم$$ة ص$$احبة الس$$يادة .وي$$ترتب على ك$$ون االنتخ$$اب وظيف$$ة أال تعطى ه$$ذه
الوظيفة إال لألجدر واألكثر $كفاءة ،فينحص$ر $ذل$$ك في فئ$$ات قليل$$ة من الن$$اس .ففي عه$$د الث$$ورة الفرنس$$ية
حظيت هذه النظري$$ة بقب$$ول كب$$ير ،حيث أي$دتها الجمعي$ة التأسيس$$ية س$نة ،1791وض$$منتها $في الدس$$تور$
الصادر $في العام نفسه ،وكذلك في نظام االنتخاب الذي تم إقراره حينذاك.
بينما يذهب االتجاه الثالث إلى أن االنتخاب س$$لطة قانوني$$ة وليس حق$ا ً أو وظيف$$ة ،وإنم$$ا ه$$و س$$لطة أو
مُكنة قانونية تعطى للن$اخبين لتحقي$ق المص$لحة العام$ة ،وليس لمص$لحة شخص$ية ،وذل$ك على أس$اس أن
القانون هو الذي يتولى تحديد مضمون هذه السلطة وشروط اس$$تعمالها بالنس$$بة الى جمي$$ع المواط$$نين من
دون تفرقة.
مهما كان االختالف الفقهي في الطبيعة القانونية لالنتخاب ،فإن التصويت في االنتخاب$$ات أو االنتخ$$اب
وسيلة مهمة وأساسية يمكن لألفراد من خاللها التأثير في الق$$رارات الحكومي$$ة ،حيث تع$$د االنتخاب$$ات من
منظور $سياسي من أهم الممارسات السياسية في الدول الديموقراطية ،فهي وسيلة حض$$ارية لنق$$ل الس$$لطة
بطريقة سلمية من شخص إلى آخر ،أو من مجموعة إلى ُأخرى .وقد تستعين بها الدول غير الديموقراطية
إلضفاء الشرعية على سلطة الحكام المستبدين.
كما تعد االنتخابات من منظور حقوق اإلنسان من أهم الركائز $األساسية لحق$$وق اإلنس$$ان ،فهي وس$$يلة
قانونية تضمن مش$$اركة المواط$$نين في ادارة الش$$ؤون العام$$ة لبل$$دانهم .وق$$د نص عليه$$ا اإلعالن الع$$المي
لحقوق اإلنسان ،1948في المادة 21على أنه «لك$$ل ش$$خص ح$$ق المش$$اركة في ادارة الش$$ؤون العام$$ة
لبلده ،إما مباشرة أو بواسطة ممثلين يختارون بحري$$ة .وإن إرادة الش$$عب هي من$$اط س$$لطة الحكم ،ويجب
أن تتجلى هذه اإلرادة من خالل انتخابات نزيهة تج$$ري دوري$اً $ب$$االقتراع $الع$$ام ،وعلى ق$$دم $المس$$اواة بين
الناخبين ،وبالتصويت الس$$ري أو ب$$إجراء مك$$افئ من حيث ض$مان حري$ة التص$$ويت» .وق$د ج$$رى تأكي$د
أهمية إجراء انتخابات دورية ونزيهة في العديد من الصكوك الدولية واإلقليمي$$ة ،كالعه$$د ال$$دولي $الخ$$اص
ب$$الحقوق المدني$$ة والسياس$$ية ،واالتفاقي$$ة األوروبي$$ة لحق$$وق اإلنس$$ان ،وميث$$اق $منظم$$ة ال$$دول األميركي$$ة،
والميثاق $األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب.
وعلى رغم اإلقرار الدولي بالحق في التصويت كأحد الحقوق األساسية السياسية لإلنس$$ان ،إال أن ه$$ذا
اإلقرار $ما زال ناقصاً $في ما يخص الماليين من األفراد $في العالم ،إذ ان هن$$اك مجموع$$ات محروم$$ة من
التمتع به$$ذا الح$$ق ،كغ$$ير المواط$$نين وص$$غار $الس$$ن وبعض األقلي$$ات ومق$$ترفي $بعض الج$$رائم واألف$$راد
المشردين والجماع$$ات المش$$ردة داخلي$اً ،فض$الً عن أف$$راد وجماع$$ات أخ$$رى من المح$$رومين من التمت$$ع
ب$$الحق في التص$$ويت ألس$باب مختلف$ة ،بم$ا في ذل$ك الفق$ر واألمي$ة واالض$طهاد والخ$$وف وع$$دم س$$المة
331
إجراءات العملية االنتخابية .ناهيك عن نظرة بعض البلدان الى أصل االنتخابات ،وع$$دم اعترافه$ا $ب$$الحق
في االنتخابات.
وهناك بلدان ،على رغم إقرارها باالنتخابات ،اال أنها تضع قيوداً $عليها بحيث تكون نتائجها محس$$ومة
سلفاً.
مع هذا ،ومهما كانت النواقص والثغرات والعيوب $في الممارسة االنتخابي$$ة ،ف$$إن وجوده$$ا أفض$$ل من
غيابها أو عدم االعتراف بها ،فعلى رغم محاوالت التس$ويف واالحت$واء $بالت$أثير $في النت$$ائج ف$إن التط$ور$
الموضوعي $البعيد المدى والتراكم $الذي سيحص$$ل ال يخل$$و من فائ$$دة وإن ك$$انت مح$$دودة وفي حاج$$ة الى
تطوير $وتعميق ومراقبة وشفافية طبقا ً للمعايير الدولية ،ألن اعتم$$اد المع$$ايير الدولي$$ة لالنتخاب$$ات س$$يكون
المدخل الصحيح لمجتمعات تطمح إلى الديموقراطية.
ومما تقدم يتضح أن العملية االنتخابية هي توكيل من الناخب للمرشح لينوب عنه في ممارسة الوالي$$ة،
وهي ضرورة سياسية واجتماعي$ة ال غ$نى عنه$ا في النظم الديموقراطي$ة أو تل$ك ال$تي تس$عى إلى تحقي$ق
حكومة الشعب وسيادته ،وأن التطبيقات االنتخابية وإن كانت تتفاوت من بلد إلى آخ$ر فإنه$ا تجرب$ة مفي$دة
في كل األحوال ،وهي تحقق مجموعة من المكاسب أهمها:
يتكام ل ح ق الترش ح لالنتخاب ات م ع ب اقي الحق وق السياس ية األخ رى المنص وص عليه ا في الوثيق ة
الدستورية كحق انشاء األحزاب السياسية وحرية االنتخاب والتص ويت ،فح ق المواطن ات والمواط نين في
المشاركة السياسية ال يكون عن طري ق االنتخ اب والتص ويت فق ط ،ب ل لهم الح ق في أن يتق دموا للترش ح
لالنتخابات بكل حرية وبدون قيد ،غير تلك المح ددة قانون ا ،كاس تكماله لجمي ع ش روط الترش ح وعلى ق دم
المساواة مع غيره من المترشحين.
وفي التجربة المغربية أكد الفصل 30على أحقية كل مواطن تتوافر فيه الشروط القانوني ة ومنه ا ش رط
بلوغ سن الرشد القانونية ،والتمتع بالحقوق السياسية والمدنية.
332
تتنوع التشكيالت السياس$ية في المغ$رب وتت$وزع $الخريط$ة إلى أل$وان وأح$زاب بعض$ها $ق$ديم $عاص$ر
استقالل البالد وبعضها $جديد تولد عن تطورات سياسية أو أفرزته عوامل اجتماعية أو انش$$قاقات حزبي$$ة.
ومن أبرز تشكيالت الطيف السياسي المغربي:
الكتلة الديمقراطية
كتلة الوفاق
أحزاب الوسط
األحزاب اإلسالمية
أحزاب يسارية
أحزاب أخرى
أحزاب جديدة
تغير في األسماء
الكتلة الديمقراطية
تضم خمسة أحزاب جمعتها المعارضة في وقت سابق ،وتشكل في الوقت الراهن الحكومة وأكبر $ع$دد
من النواب في البرلمان ( 102من أصل 325نائبا) .وأحزاب الكتلة هي:
وهو حزب اشتراكي تأس$$س ع$$ام ،1975وق$د $انفص$$لت الجماع$$ة المؤسس$$ة ل$$ه عن االتح$$اد الوط$$ني$
للق$$وات الش$$عبية (ال$$ذي انش$$ق قب$$ل ذل$$ك عن ح$$زب االس$$تقالل) .ظ$$ل االتح$$اد االش$$تراكي $قطب رحى
المعارضة في المغرب لمدة طويلة ،بل أصبح القوة السياسية المغربية األولى م$$ع بداي$$ة التس$$عينيات .وق$د$
كان فوزه في االنتخابات التشريعية يوم 14نوفمبر/تشرين الثاني 1997بنس$بة %13.9من األص$وات
(أي 57من مجموع $مقاعد مجلس النواب المغربي) س$$ببا في تع$$يين المل$$ك للك$$اتب الع$$ام للح$$زب رئيس$ا$
للوزراء منذ 5فبراير/شباط .1998
حزب وطني $محافظ $من أقدم $األحزاب المغربية ،يش$$كل امت$$دادا لحرك$$ة التحري$$ر ،ش$$ارك $الح$$زب في
حكومات متعاقبة في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات ،ثم دخل تح$$الف أح$$زاب المعارض$$ة إلى ج$$انب
333
االتحاد االشتراكي $للقوات الشعبية .أصبح في االنتخابات التشريعية التي ج$$رت ي$$وم 14نوفم$$بر/تش$$رين
الثاني 1997ثاني أكبر حزب سياسي $مغربي بحصوله على نس$$بة %13.2من األص$$وات (أي 32من
مجموع مقاعد مجلس النواب المغربي) .دخ$$ل الح$$زب حكوم$$ة عب$$د ال$$رحمن اليوس$$في في ف$$براير/ش$$باط
،1998ومنذ ذلك العام أصبح رئيسه عباس الفاسي خلفا لمحمد بوسته مما أعطى الحزب دم$$ا ش$$بابيا ق$$د
يجدد من هياكله .ترأسه عالل الفاسي حتى وفاته عام 1972ثم ترأسه محمد بوسته حتى 1998ليصبح
عباس الفاسي بعد ذلك التاريخ رئيسه الحالي.
حزب يساري تم االعتراف به يوم 23أغسطس/آب ،1974وهو وريث الحزب الشيوعي المغ$$ربي$
الذي أسس عام .1943قاد علي يعته منذ 1946الحزب حتى وفات$$ه المفاجئ$$ة ع$$ام 1997ليص$$بح
إسماعيل العلوي رئيسه (تنازع إسماعيل العلوي والخياري التهامي زعامة الح$$زب فحس$$مت لص$$الح
العلوي ،فأسس الخياري جبهة القوى الديمقراطية عام .)1997ومنذ عام 1995تخلى حزب التق$$دم
واالشتراكية عن النهج الشيوعي ،وق$$د حص$$ل في انتخاب$$ات 14نوفم$$بر/تش$$رين الث$$اني 1997على
تسعة من مقاعد مجلس الن$$واب المغ$$ربي (ك$$ان ه$$ذا الح$$زب أص$$ال الح$$زب الش$$يوعي المغ$$ربي $من$$ذ
1943ثم سمي حزب التحرر واالشتراكية عام 1969ثم حزب التقدم واالشتراكية عام .)1974
حزب يساري $صغير $أسسه محمد بن سعيد آيت يدر عام ،1983وه$$و في األص$$ل امت$$داد لـ "حرك$$ة
23مارس" (ذات التوجه الماركسي اللينيني) .وقد حصلت المنظم$$ة على %8من األص$$وات أي أربع$$ة
من مقاعد مجلس النواب المغربي $يوم 14نوفمبر/تشرين الثاني .1997ومع أن المنظمة تس$$اند حكوم$$ة
اليوسفي فإنها غير ممثلة في الجهاز التنفيذي .ورئيسها $هو محمد بن سعيد (عرفت المنظم$$ة في منتص$$ف
التسعينيات انقساما جذريا بين تيارين داخليين أح$دهما بزعام$ة محم$$د بن س$$عيد ال$ذي ظ$ل محتفظ$$ا باس$م
المنظمة والثاني بزعامة عيسى الورديغي $الذي أسس عام 1996الحزب االش$$تراكي $ال$$ديمقراطي) .وق$د$
اتح$$دت المنظم$$ة في منتص$$ف يولي$$و/تم$$وز 2002 $م$$ع ثالث$$ة أح$$زاب يس$$ارية هي الحرك$$ة من أج$$ل
الديمقراطية والديمقراطيون المستقلون والفعاليات اليسارية المستقلة ،مشكلة م$$ا أص$بح يع$رف بـ "ح$زب
اليسار االشتراكي $الموحد".
334
هو حزب صغير غ$ير ممث$$ل في مجلس الن$$واب ،انش$$ق في بداي$$ة تأسيس$$ه عن ح$$زب االس$$تقالل س$$نة
.1959أسسه المهدي بن بركة وعبد الرحيم بوعبيد ومحمد بصري .وقد تأثر بانفصال جناح$$ه اليس$$اري
الذي أسس االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية سنة .1974
الوفاق
حزب قديم حصل على االعتراف القانوني في فبراير $/شباط ،1959وقد أسسه المحجوبي $أحرض$$ان
وعبد الكريم الخطيب قبل أن يختلفا عام 1966فانقسمت الحركة على نفسها حيث احتفظ أحرضان باس$$م
الحزب وخرج الخطيب .وفي أكتوبر/تشرين األول 1986انعقد المؤتمر $االس$$تثنائي $للح$$زب ال$$ذي أق$$ال
المحجوبي $أحرضان ليصبح محمد العنصر $رئيس الحركة الشعبية.
ح$$زب يمي$$ني أسس$$ه رئيس ال$$وزراء الس$$ابق المعطي بوعبي$$د بإيع$$از من القص$$ر س$$نة 1983أثن$$اء
التحض$$ير النتخاب$$ات ،1984وق $د $ترأس$$ه بع$$د ذل$$ك جالل الس$$عيد ،ثم ترأس$$ه عب$$د اللطي$$ف الس$$ماللي
وأصبحت رئاسته دورية ويرأسه اآلن محمد عبيد.
تأسس في يولي$$و/تم$$وز 1981 $بزعام$$ة محم$$د أرس$$الن الجدي$$دي في انش$$قاق عرف$$ه التجم$$ع الوط$$ني
لألحرار .وقد اعتم$د علي$ه القص$ر أثن$اء تولي$ه رئاس$ة الحكوم$ة لس$نتين ب$دءا من نوفم$بر/تش$$رين الث$اني
.1981حصل على عش$رة من مقاع$د مجلس الن$واب في انتخاب$ات 14نوفم$بر/تش$رين الث$اني .1997
ومنذ وفاة أرسالن الجديدي أصبح عبد الحميد قادري $على رأس الحزب.
حزب يميني أسس في ربيع 1997برئاسة محمود عرشان في انش$$قاق عن الحرك$$ة الوطني$$ة الش$$عبية
برئاسة المحجوبي أحرضان ،وحصل على 32مقعدا في انتخاب$$ات 14نوفم$$بر/تش$$رين الث$$اني
.1997
أحزاب الوسط
335
التجمع الوطني لألحرار .1
أسسه أحمد عص$مان رئيس ال$وزراء الس$ابق وص$هر $المل$ك الحس$ن الث$اني في أكت$وبر/تش$رين األول
،1978وهو حزب يمين الوسط موال للقصر ويمثل البرجوازية الصناعية والتجارية وقد اس$$تقطب تل$$ك
الطبقة حيث إن 15من أعضاء مكتبه السياسي البالغ 25رجال أعمال .تألف عند تأسيس$$ه من مجموع$$ة
من النواب أفرزتها انتخابات عامي 1976و 1977وكانت تشكل أغلبية البرلمان يومها وقد بلغت 141
نائب$$ا .حص$$ل في انتخاب$$ات نوفم$$بر/تش$$رين الث$$اني 1997على نس$$بة %8أي ( 46من مقاع$$د مجلس
النواب) وهي أكبر نسبة حصل عليها حزب في هذه االنتخابات .شارك التجمع في حكومة التناوب (ال$$تي
تجمع بين أحزاب الكتلة وأحزاب الوسط) برئاسة السيد اليوسفي.
أسس$$$ها المحج$$$وبي أحرض$$$ان ع$$$ام 1991بع$$$دما تمت إقالت$$$ه من زعام$$$ة الحرك$$$ة الش$$$عبية في
أكت$$وبر/تش$$رين األول ،1986وتمث$$ل %10من األص$$وات في انتخاب$$ات 14نوفم$$بر/تش$$رين الث$$اني
( 1997أي 40مقعدا من مقاعد مجلس النواب) .شاركت الحركة الوطني$$ة الش$$عبية في حكوم$$ة التن$$اوب
(التي تجمع بين أحزاب الكتلة وأحزاب الوسط) برئاسة السيد اليوسفي.
األحزاب اإلسالمية
نذكرها كالتالي:
وكان يعرف سابقا بالحركة الشعبية الدستورية الديمقراطي$ة س$ابقا وه$و ح$زب إس$المي معت$دل يطل$ق
عليه المراقبون "إسالميو $القصر" ،ذلك أن أعضاء من "حركة اإلصالح والتجديد" -وهي حركة إس$$المية
مغربية -قرروا االلتحاق بالحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية بع$$دما فش$$لوا في م$$ايو/أي$$ار 1992في
تأسيس "حزب التجديد الوطني" ذي التوجه اإلس$$المي .وق$$د س$$مح ال$$دكتور عب$$د الك$$ريم الخطيب الك$$اتب
العام للحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية لمجموعة من "اإلصالح والتجدي$$د" بالعم$$ل في إط$$ار حزب$$ه
المذكور $شريطة دخولهم $كأفراد وليس كتنظيم .ومع دخول تلك الجماع$$ة في الحرك$$ة الش$$عبية الدس$$تورية
الديمقراطية جرت محاوالت لتغيير اسمها حتى تعبر عن الوضع الجديد ،وفي نهاي$$ة ع$$ام 1998أص$$بح
اسم هذه التشكيلة السياسية "حزب العدالة والتنمية" .ال يشارك $حزب العدالة والتنمية في حكوم$$ة التن$$اوب
وإن كان يسمي نفسه "معارضة ناصحة" لحكومة اليوسفي.
336
يتزعمها الشيخ عب$$د الس$$الم ياس$$ين ،وهي أهم تنظيم إس$$المي غ$$ير مع$$ترف $ب$$ه قانوني$$ا $.ويع$$د فتح هللا
أرسالن الناطق الرسمي باسم هذه الجماعة .وتقاطع جماعة العدل واإلحسان انتخابات 27س$بتمبر/أيل$$ول$
.2002
أحزاب يسارية
تأسست في نطاق انشقاق عرفه حزب التقدم واالشتراكية بعد وفاة زعيمه التاريخي $علي يعته .ويعتبر$
المراقبون الجبهة حزبا تق$$دميا يس$$اريا يمت$$از على المس$$توى $التنظيمي $بتقليص ص$$الحيات وف$$ترة انت$$داب
الكاتب العام للجبهة ومساعديه .وقد ش$$كل الح$$زب مجموع$$تين برلم$$انيتين قب$$ل انتخاب$$ات نوفم$$بر/تش$$رين
الثاني .1997والكاتب العام للجبهة هو التهامي الخياري.
انشق هذا الحزب عن االتحاد االشتراكي $للقوات الشعبية عام 1991مشكال حزبا من أقص$ى $اليس$$ار،
وقد $نادى بمقاطعة االنتخابات يوم 14نوفمبر/ى $تشرين الث$$اني 1997مم$$ا أدى لس$$جن بعض أعض$$ائه.
ويمثل الحزب المعارضة الراديكالية للنظام ويرأسه أحمد بن جلون.
وهو اتجاه سياسي يساري متشدد يت$$ابع طري$$ق المنظم$$ة المغربي$$ة القديم$$ة "إلى األم$$ام" ،وهي حرك$$ة
"ماوية" انشقت من حزب التقدم واالشتراكية منذ .1970والمنسق العام هو عبد هللا الحريف.
أحزاب أخرى
أسسه عام 1974عبد الرحمن عبد هللا الصنهاجي ،وظل رئيسه حتى وفات$$ه ع$$ام .1986ش$$ارك في
جميع االستحقاقات االنتخابية ،وقد عرف خالف$$ات داخلي$$ة من بينه$$ا محاول$$ة إبع$$اد رئيس$$ه الح$$الي محم$$د
اإلدريسي $عام .1996ومنذ مؤتمره الثالث المنعقد بت$$اريخ 18ين$$اير/ك$$انون الث$$اني 1998واإلدريس$$ي
رئيس للحزب.
أحزاب جديدة
337
وهي 10أحزاب نذكرها كالتالي:
حزب يمي$ني نخب$وي أسس$ته بعض أوس$اط رج$ال األعم$ال في نوفم$بر/تش$رين الث$اني 2001وعلى
رأسه عبد الرحيم الحجوجي $المشهور بخطاباته ،ويقارنه المراقبون $ببرلس$$كوني في إيطالي$$ا ،حيث يمكن$$ه
عن طريق $أسلوبه الخطابي الجديد والبسيط $أن ينافس اليسار المغربي.
أسسه عبد الرحمن الكوهن عام 2001في إطار انشقاق عرفه التجمع الوطني $لألحرار .وك$$ان إنش$$اء
الحزب نوعا من رفض سلطات أحمد عصمان على الحزب الوطني $لألحرار.
تأسس في أكت$$وبر/تش$$رين األول 2001في انش$$قاق عن االتح$$اد االش$$تراكي $للق$$وات الش$$عبية ،بع$$دما
حصل تنافر بين أمينه العام عب$$د ال$$رحمن اليوس$$في واألمين الع$$ام للكنفدرالي$$ة الديمقراطي$$ة للش$$غل محم$$د
نوبير $األموي (تعتبر الكنفدرالية أهم تشكيلة نقابية في المغرب وهي في األصل جناح االتحاد االش$$تراكي$
للقوات الشعبية النقابي) .وقد أسس هذا الحزب بعض النقابيين المنسحبين من االتحاد االش$$تراكي ،وأمين$$ه
العام هو عبد المجيد بوزوبع$.
نشأ في إطار انشقاق الحركة الوطنية الشعبية التي يرأسها $أحرضان عام .2001أسسه النائب بوعزة
يكن.
تأسست في إطار انشقاق الحركة الوطنية الشعبية في 30مارس/آذار 2002 $ويرأسها محمد بنحمو.
338
أسسه في نهاية مارس/آذار 2002 $المستاؤون من الحركة الشعبية التي يرأسها محم$$د العنص $ر $ومن
الحركة الوطنية الشعبية التي يرأسها أحرضان ،وال$$ذين لم يعجبهم االتح$$اد ال$$ديمقراطي ال$$ذي يرأس$$ه
بوعزة يكن .ويرأس الحزب النقابي والنائب السابق نجيب الوزاني.
تأسس في مارس/آذار 2002برئاسة محمد زيان ،وهو حزب يب$$دو من خطاب$$ه أن$$ه لي$$برالي التوج$$ه.
تنحصر $شعبيته في الريف بالشمال المغربي وخاصة في الحسيمة والناضور $.وقد انشق عنه بعيد تأسيس$$ه
محمد علوه مؤسسا $الحزب الليبرالي التصحيحي$.
أسسه شاكر أشبهار يوم الثالث من أبريل/نيسان 2002في الفترة نفسها ال$$تي تأسس$$ت فيه$$ا األح$$زاب
المذكورة آنفا ،وهو ريفي كمحمد مزيان ومحمد علوه.
ويرأسه السيد أحمد العلمي وزير $سابق للصحة ،ويمثل حزب "الخضر" في المشهد السياسية المغ$$ربي
تأسس في إبريل/نيسان 2002في انشقاق عن الحزب الوطني $الديموقراطي.
تولدت أحزاب مغربية كثيرة من أحزاب ق$$امت نتيج$$ة خالف$$ات في التوجه$$ات السياس$$ية والفكري$$ة بين
األعضاء المتنافسين أحيانا ،أو نتيجة ضغوط خارجي$$ة من القص$$ر أو من وزارة الداخلي$$ة أحيان$$ا أخ$$رى،
وفي $بعض الحاالت نتيجة طموح شخصي .ومن أمثلة االنشقاق واالنشطار $الحزبي في المغرب:
تأسيس االتحاد الوطني للقوات الشعبية عام 1959نتيجة انقسام عرفه حزب االس$$تقالل (أسس$$ت .1
هذا الحزب مجموعة من بينها عبد هللا إبراهيم وعبد الرحيم $بوعبيد والمحجوب $بن صديق.)..
تأسيس الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية عام 1967نتيجة انقسام عرفت$$ه الحرك$$ة الش$عبية .2
(أسس هذه الحركة الدكتور عبد الكريم الخطيب).
تأس$يس منظم$ة " 23م$ارس" ع$ام 1970نتيج$ة انش$قاق عن االتح$اد الوط$ني $للق$وات الش$عبية .3
(أسس هذه المنظمة محمد بن سعيد آيت يدر).
تأسيس منظمة "إلى األم$ام" ع$ام 1970منش$قة عن ح$زب التق$دم واالش$تراكية بوص$فها توجه$ا$ .4
شيوعيا "ماويا".
339
تأسيس االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية عام 1972نتيجة انقسام عرفه االتحاد الوطني للقوات .5
الشعبية (أسسه عبد الرحيم بوعبيد ومجموعة معه).
تأسيس الحزب الوطني $ال$ديمقراطي ع$ام 1981نتيج$ة انقس$ام داخ$ل التجم$ع الوط$ني لألح$رار .6
(أسسه محمد أرسالن الجديدي).
تأس$$يس ح$$زب الطليع$$ة ال$$ديمقراطي االجتم$$اعي ع$$ام 1989منفص$$ال عن االتح$$اد االش$$تراكي .7
للقوات الشعبية (أسسه أحمد بن جلون).
تأسيس الحركة الوطني$$ة الش$$عبية ع$$ام 1991بع$$د ط$$رد مؤسس$$ها $أحرض$$ان من األمان$$ة العام$$ة .8
للحركة الشعبية (أسسها المحجوبي $أحرضان).
تأسيس الحزب االشتراكي $الديمقراطي عام 1996نتيجة انقسام داخل منظمة العمل ال$$ديمقراطي$ .9
الشعبي (أسسه عيسى الورديغي).
تأسيس الحركة الديمقراطية الشعبية عام 1997نتيجة انقسام داخل الحركة الوطنية الشعبية التي .10
لم يمض على تأسيس أحرضان لها أكثر من أربع سنوات (أسسها محمود عرشان).
تأسيس جبهة القوى الديمقراطية عام 1997نتيجة انقسام داخ$$ل ح$$زب التق$$دم واالش$$تراكية على .11
من يخلف علي يعته بعد وفاته (أسسها التهامي الخياري).
تأسيس حزب األصالة والتنمية عام 2001في انشقاق عن التجمع الوطني لألحرار (أسس$$ه عب$$د .12
الرحمن الكوهن).
تأسيس حزب المؤتمر $الوطني االتحادي عام 2001في انشقاق عن االتح$$اد االش$$تراكي $للق$$وات .13
الشعبية (أسسه نوبير $األموي وعبد المجيد بوزوبع ومجموعة من النقابيين).
تأسيس االتحاد الديمقراطي عام 2001في إطار انشقاق الحركة الوطنية الشعبية (أسس$$ه الن$$ائب .14
بوعزة يكن).
تأس$$يس "المب$$ادرة الوطني$$ة للتنمي$$ة" ع$$ام 2002في إط$$ار انش$$قاق الحرك$$ة الوطني$$ة الش$$عبية .15
(ويرأسها $محمد بنحمو).
تأسيس حزب العهد نهاية مارس/آذار 2002في انشقاق عن الحركة الش$$عبية والحرك$$ة الوطني$$ة .16
الشعبية واالتحاد الديمقراطي (يرأسه نجيب الوزاني).
تأس$$$يس ح$$$زب البيئ$$$ة والتنمي$$$ة في إبري$$$ل/نيس$$$ان 2002في انش$$$قاق عن الح$$$زب الوط$$$ني$ .17
الديموقراطي (يرأسه السيد أحمد العلمي).
340
مالحظة
ت$$أتي الحرك$$ة الش$$عبية على رأس التنظيم$$ات السياس$$ية األك$$ثر عرض$$ة لالنش$$طار ،فل$$دينا اآلن الح$$زب
األصلي (الحركة الشعبية) ويتزعمها محمد العنصر .وهنالك حزب العدالة والتنمي$$ة وه$$و تط$$ور $للحرك$$ة
الشعبية الدستورية الديمقراطية وزعيم$ه ال$دكتور عب$د الك$ريم الخطيب وهي االنش$قاق األول .كم$ا توج$د
الحركة الش$$عبية الوطني$$ة وزعيمه$ا $المحج$$وبي $أحرض$$ان ال$$زعيم الت$$اريخي للحرك$$ة الش$$عبية ،والحرك$$ة
الديمقراطية الش$عبية بزعام$ة محم$ود عرش$ان .وهن$اك أيض$ا االتح$اد ال$ديمقراطي برئاس$ة ب$وعزة يكن،
والمبادرة الوطنية للتنمية برئاسة محم$د بنحم$و ،وح$$زب العه$د برئاس$ة نجيب ال$وزاني $،فكله$$ا تش$كيالت
تناسلت من معطف الحركة الشعبية.
كما شهدت األحزاب المغربية انشطارات $وانقسامات $كثيرة ،فقد عرفت بشكل أقل بعض االنص$$هارات
والتوحد$:
تش$$كل "حAAزب اليسAAار االشAAتراكي الموحد" في منتص$$ف يولي$$و/تم$$وز ,2002بانص$$هار $أربع$$ة
تيارات يسارية هي :منظمة العم$$ل ال$$ديمقراطي $الش$$عبي والحرك$$ة من أج$$ل الديمقراطي$$ة وال$$ديمقراطيون
المستقلون والفعاليات اليسارية المستقلة.
نشأ "حزب العدالة والتنمية" من دخ$ول بعض أعض$اء جماع$ة "حرك$ة اإلص$الح والتجدي$د" في
الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية بع$$دما فش$$لوا في م$$ايو/أي$$ار 1992في تأس$$يس ح$$زب ذي توج$$ه
إسالمي.
تغير في األسماء
تحول الحزب الشيوعي المغربي إلى اسم حزب التحرر واالشتراكية ثم حزب التقدم واالشتراكية
أصبحت حركة " 23مارس" تعرف باسم منظمة العمل الديمقراطي $الش$$عبي بع$$د االع$$تراف به$$ا
تبدل اسم الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية ليصبح حزب العدالة والتنمية.
الحزب السياس$$ي ه$و تنظيم سياس$$ي دائم ،يتمت$$ع بالشخص$$ية االعتباري$$ة ،يؤس$$س ،طبق$$ا للق$انون،
بمقتض$$ى اتف$$اق بين أش$$خاص ذات$$يين ،يتمتع$$ون بحق$$وقهم المدني$$ة والسياس$$ية ،يتقاس$$مون نفس المب$$ادئ،
ويسعون $إلى تحقيق نفس األهداف.
341
ويعمل الحزب السياسي ،طبقا ألحكام الفصل 7من الدستور ،على تأطير المواطنات والمواط$$نين
وتكوينهم السياسي $وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية وفي $تدبير الشأن العام.
كما يساهم في التعبير عن إرادة الناخبين ويشارك في ممارسة السلطة ،على أساس التعددية والتناوب،
بالوسائل $الديمقراطية ،وفي نطاق المؤسسات $الدستورية.
تؤسس األحزاب السياسية وتمارس أنش$$طتها بك$ل حري$ة وف$$ق الدس$$تور وطبق$$ا ألحك$ام الق$انون.
ويعتبر $باطال كل تأسيس لحزب سياسي يرتكز على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جه$$وي ،أو بص$$فة
عامة على أي أساس من التمييز أو المخالفة لحقوق اإلنسان.
ويعتبر $أيضا ب$$اطال ك$$ل تأس$$يس لح$$زب سياس$$ي يه$$دف إلى المس$$اس بال$$دين اإلس$$المي أو بالنظ$$ام
الملكي أو المبادئ الدستورية أو األسس الديمقراطية أو الوحدة الوطنية أو الترابية للمملكة.
ويجب على األعض$$اء المؤسس$$ين والمس$$يرين لح$$زب سياس $ي $أن يكون$$وا ذوي جنس$$ية مغربي$$ة،
بالغين من العمر 18س$$نة شمس$$ية كامل$$ة على األق$$ل ،ومس$$جلين في الل$$وائح االنتخابي$$ة العام$$ة ومتمتعين
بحقوقهم $المدنية والسياسية.
كم$$ا يجب على األعض$$اء المؤسس$$ين والمس$$يرين أن يكون$$وا ح$$املين للجنس$$ية المغربي$$ة وغ$$ير
متحملين ألية مسؤولية سياسية في دولة أخرى قد يحملون جنسيتها.
ويودع األعضاء المؤسسون لحزب سياسي ،مباش$$رة أو عن طري$$ق مف$$وض قض$$ائي ،ملف$$ا ل$$دى
السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية ،مقابل وصل مؤرخ ومختوم يسلم فورا ،ويتضمن ما يلي:
تصريح بتأسيس الحزب يحمل التوقيعات المصادق $عليها لثالثة أعضاء مؤسسين ،يبين فيه: .1
األسماء الشخصية والعائلية لموقعي $التصريح وتواريخ ومحالت والدتهم $ومهنهم وعناوينهم؛$ -
التزامات مكتوبة ،في شكل تصريحات $فردية ل 300عضو مؤس$$س على األق$$ل ،بعق$$د الم$$ؤتمر$ .3
التأسيسي $للحزب داخل األجل المشار $إليه في المادة 9بعده.
ويجب أن يكون كل تص$$ريح ف$$ردي ح$$امال لتوقي$$ع المع$$ني ب$$األمر مص$$ادقا $علي$$ه ،وأن يتض$$من
اسميه الشخصي $والعائلي وجنسيته وتاريخ ومحل والدته ومهنته وعنوانه ،وأن يرفق $بنس$$خة من البطاق$$ة
الوطنية للتعريف وبشهادة التسجيل في اللوائح االنتخابية العامة.
342
كما يجب أن يكون ،موزعين بحسب مقرات إقامتهم الفعلية على ثلثي عدد جه$$ات المملك$$ة على
األقل ،شرط $أال يقل عددهم في كل جهة عن 5في المائة من العدد األدنى لألعضاء المؤسسين المطل$$وب
قانونا$.
كما توجه السلطة الحكومية المكلف$$ة بالداخلي$$ة نس$$خة من مل$$ف تأس$$يس الح$$زب إلى النياب$$ة العام$$ة
بالمحكمة االبتدائية بالرباط ،وذلك في أجل ثمان وأربعين ساعة من تاريخ إيداعه لديها.
ينشر بالجريدة الرسمية مستخرج من ملف التصريح بتأسيس الح$$زب ،بمب$$ادرة من الس$$لطة الحكومي$$ة
المكلفة بالداخلية.
وإذا كانت شروط أو إجراءات تأسيس الح$زب غ$ير مطابق$ة ألحك$ام ه$ذا الق$انون التنظيمي ،ف$إن
السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية تق$$دم طلب$$ا أم$$ام المحكم$$ة اإلداري$$ة بالرب$$اط $من أج$$ل رفض التص$$ريح
بتأسيس الحزب داخل أجل ستين يوما ،يبتدئ من تاريخ إيداع ملف تأسيس الحزب.
تبت المحكمة اإلدارية وجوبا $في الطلب ،داخل أجل خمسة عشر يوما من ت$$اريخ إيداع$$ه بكتاب$$ة
ضبطها $.وفي حالة الطعن باالستئناف ،تبت المحكمة المختصة وجوبا في األمر ،داخل أجل خمسة عش$$ر
يوما من تاريخ إحالة الملف عليها.
وفي حالة مطابقة شروط وإجراءات تأسيس الحزب ألحكام هذا القانون التنظيمي ،توجه الس$$لطة
الحكومية المكلفة بالداخلية إشعارا ب$ذلك ،بواس$$طة رس$الة مض$مونة الوص$ول $م$ع إش$$عار بالتوص$ل ،إلى
األعضاء المؤسسين ،داخل أجل ثالثين يوما الموالية لتاريخ إيداع الملف.
في نفس اإلطار يجب أن ينعقد المؤتمر التأسيسي $للحزب المصرح بمطابقة تأسيسه للقانون داخ$$ل
أجل سنة على أبعد تقدير ،يبتدئ من تاريخ أو من تاريخ الحكم النهائي الذي يقضي بأن شروط $وش$$كليات
تأسيس الحزب مطابقة ألحكام هذا القانون التنظيمي.
هذا ويصبح التصريح بتأسيس الحزب غير ذي موضوع في حالة عدم اح$$ترام األج$$ل المش$$ار إلي$$ه
في الفقرة األولى من هذه المادة.
ويجب أن يكون تاريخ وساعة ومكان عقد المؤتمر $التأسيسي $للحزب موضوع تصريح ي$$ودع
لدى السلطة اإلدارية المحلية التابع لدائرة نفوذها مكان االجتماع ،مقابل وصل مؤرخ ومختوم $يسلم فورا،
وذلك قبل انعقاد هذا المؤتمر $باثنتين وسبعين ساعة على األقل.
343
حق تأس يس األح زاب السياس ية واالنتس اب إليه ا ،من الحق وق األساس ية المنص وص عليه ا في جمي ع
الدس اتير الس ابقة ب دءا من دس تور 1962إلى غاي ة دس تور ، 2011إض افة الى التنص يص عليه ا في
نصوص تشريعية خاصة ،حيث ينص الفصل السابع في فقرته الثاني ة على أن تؤس س األح زاب وتم ارس
أنشطتها بحرية ،مع تقييد ممارسة نشاطها في نطاق اح ترام الدس تور والق انون ،كم ا نص على دوره ا في
الفقرة األولى بالتنصيص على أن تعمل على ت أطير المواطن ات والمواط نين وتك وينهم السياس ي ،وتعزي ز
انخراطهم في الحياة الوطنية ،وفي تدبير الشأن العام ،وتس اهم في التعب ير عن إرادة الن اخبين ،والمش اركة
في ممارس ة الس لطة ،على أس اس التعددي ة والتن اوب ،بالوس ائل الديمقراطي ة ،وفي نط اق المؤسس ات
674
الدستورية .كما تم االرتقاء بعملية تنظيم األحزاب السياسية إلى قانون تنظيمي بدل قانون عادي.
كما اشترط الق انون التنظيمي نفس ه على األعض اء المؤسس ين والمس يرين أن يكون وا ح املين للجنس ية
677
المغربية وغير متحملين آلية مسؤولية سياسية في دولة أخرى قد يحملون جنسيتها.
أم ا بخص وص ح ق المواطن ات والمواط نين في االنخ راط في األح زاب السياس ية فق د نص في مادت ه
التاسعة عشر بشكل واضح وصريح بحرية االنخراط شرط بلوغ السن القانوني ة المتمثل ة في الثامن ة عش ر
678
شمسية كاملة في أي حزب سياسي مؤسس بصفة قانونية.
وفيما يلي الجدول التالي نبين قائمة األحزاب السياسية الموجودة في المغرب:
674
نرص ادلين الزييدي ،حرية تأسيس األحزاب السياسية ابدلول املغاربية ،اترخي النرش 14غشت ،2012املوقع الالكرتوين -
.اترخي الاطالع 28دجنرب :www.marocdroit.com 2018
675
: www.maroc.ma/ar/contentالبوابة الوطنية ،قامئة األحزاب السياسية يف املغرب ،منشورة ابملوقع الالكرتوين -
676
ظهير شريف رقم 1.11.166صادر في 22أكت$وبر ،2011بتنفي$ذ الق$انون التنظيمي رقم 29.11المتمم والمع$دل بالق$انون التنظيمي رقم -
33.15.المتعلق باألحزاب السياسية ،الجريدة الرسمية ،عدد 5989
- 677انظر في ذلك المادة 5من القانون التنظيمي السالف الدكر.
- 678أنظر يف ذكل املادة 19من القانون التنظميي السالف ادلكر.
344
الحزب السياسي
345
حزب الوسط االجتماعي )19
679
المصدر :إعداد شخصي
346
إن الممارسة الفعلية للحقوق والحريات بصفة عامة والحق وق السياس ية بص فة خاص ة من قب ل األف راد
والجماعات ال تتحقق بمجرد النص عليها ،ذلك أن تقريرها على مستوى الدساتير والنصوص التشريعية أيا
كان شكلها يمكن أن يظل حبرا على ورق ما لم تتوفر الضمانات التي تسمح بالتمتع بها.
وتتمثل الضمانات التشريعية للحقوق السياسية في كال البل دين من خالل التك ريس الدس توري والق وانين
االنتخابية المتمم ة له ا والمجس دة له ده الض مانات الدس تورية .وبم ا أن المج ال هن ا ال يتس ع للح ديث عن
مختلف الضمانات ،والتطرق فقط للضمانات التشريعية ،ارتأينا تقس يم المبحث الث اني الى مطل بين ،نتن اول
في المطلب األول الض مانات التش ريعية في س لطنة عم ان وفي المطلب الث اني الض مانات القانوني ة في
المغرب.
تعتبر عملية إقرار الحقوق السياسية من أولويات إرساء العم ل ال ديمقراطي في أي دول ة في الع الم ،إال
أن ه ذا اإلق رار بحاج ة إلى توف ير ض مانات عدي دة تحميه ا من االعت داء س واء من قب ل الحكوم ات أو
680
المترشحين أنفسهم ليتم ممارسته دون أي اعتداء أو ضغط.
وعليه سنحاول التطرق ألهم الضمانات التي تضمنتها القوانين التشريعية في سلطنة عمان.
- 680عيل بن سامل بن راشد القلهايت ،حق الانتخاب يف سلطنة عامن ،املرجع السابق ص .208
347
عمومية التصويت: أ-
فنجاح العملية االنتخابية تقاس في أي دولة بمدى توفره من ضمانات في دساتيرها تتيح ألكبر قدر
من المواطنين في عملية االقتراع .ونظرا لما يمثله عمومية االقتراع من أهمية في نظر الش عوب فق د كفلت
معظم الدس اتير على تض مينه ومن أمثل ة ذل ك الدس تور األم ريكي وااليط الي ،681ولكي تتحق ق عمومي ة
االقتراع يجب أن توفر النصوص القانونية الضمانات التالية:
حيث تقتضي عمومية التصويت إلى المس اواة بين الن اخبين في ع دد األص وات دون النظ ر إلى مرك ز
الشخص االجتماعي أو إلى مستواه العلمي أو إلى حالته االجتماعية متزوج أم أعزب أو إلى جنس ه دك ر أو
أنثى أو إلى مركزه المالي غني أو فقير ،بل الجميع متساوين في عدد األصوات .وكم ا يع بر بعض الكت اب
682
بأن األصوات تعد وال توزن.
والجدير بالدكر أنه ال ينبغي أن يفهم من أن المساواة هو إطالق االق تراع لك ل المواط نين ،ولكن مع نى
ذل ك ه و المس اواة بين من تنطب ق عليهم الش روط المنظم ة لممارس ة ح ق االنتخ اب .ومب دأ المس اواة في
االقتراع يقضي بوجوب أن يكون لكل ناخب صوتا واح دا يتم االدالء ب ه في دائ رة واح دة حس ب ال دكتور
محمد أنس قاسم جعفر 683 .ويتضمن كذلك بضرورة أن تمنح المرأة الح ق في االق تراع على ق دم المس اواة
684
مع الرجل حسب مقام الدكتور صالح الدين فوزي.
وبالنسبة لسلطنة عمان فقد عرفت تدرجا في إقرار المساواة ألسباب تتعل ق بثقاف ة المجتم ع وع دم تقبل ه
للديمقراطي ة م رة واح دة ،ولق د ك ان جالل ة الس لطان ق ابوس المعظم ح ريص على الس ير نح و العم ل
الديمقراطي ،إال انه ارتأى أن يتواكب هدا العمل مع مسيرة التنمية واالنفتاح المدروس بما يتواف ق ومب ادئ
الشريعة وتقاليد وعادات المجتمع .فب دأ بمش اركة بعض فئ ات المواط نين في اختي ار أعض اء المجلس في
فترات ه األولى والثاني ة ،إال أن الح ال تغ ير م ع بداي ة الف ترة الثالث ة حين ت زامنت م ع ص دور المرس وم
السلطاني رقم 97/86بإنشاء مجلس عمان حين س مح للم رأة بالمش اركة في عملي ة التص ويت األول ألول
مرة بالسلطنة في حدود محافظة مسقط .وذلك لتحفظ المجتمع على قبول المرأة في العمل السياسي 685 .وفي
الفترة الخامسة اقر حق االنتخاب للمرأة بالسلطنة وشاركت في عملية التص ويت في جمي ع أنح اء الس لطنة
348
وبذلك تخطو خطوات جريئة في سبيل تعميم حق االنتخاب متجاوزة كل القيود ومساوية بين الرجل والمرأة
686
في عملية االقتراع.
يشكل التصويت السري أحد الضمانات الهامة في البنيان الديمقراطي باعتب اره ي وفر للن اخب ق درا من
الحرية في اإلدالء بصوته دون أية ضغوط قد تمارس عليه من قبل المترش حين أو من األح زاب السياس ية
687
خاصة في المجتمعات التي ال زالت الديمقراطية تحبو إليها ببطء شديد.
إال أن العديد من الفقهاء يروا الميل إلى التصويت العلني فقد " ك ان مونتس كيه وس تيوارت مي ل ي رون
في االقتراع العلني ضمانا للديمقراطية وقرينة على أهلية الناخب لتحمل المسؤولية وفرصة سانحة إلظهار
شجاعته في إب داء رأي ه علن ا وص راحة ."688كم ا يتم ل ه في ذات ال وقت فرص ة االسترش اد ب أراء ص فوة
المجتمع من نبالء وغيرهم ".689ويبدو أن هذه الرؤية قد كتب لها التط بيق خالل العه ود األولى من الث ورة
الفرنسية حيث أمن به روبسير" .690وكذا األمر بالنسبة أللمانيا حيث حبذه بسمارك وكان مطبق ا في ألماني ا
في الفترة من عام 1871إلى عام .6911919
وبالرغم من اآلراء الداعية إلى إق رار عالني ة االق تراع إال أن العم ل ب ه ،واج ه الكث ير من الص عوبات
والمساوئ مما حدى بغالية التشريعات إلى إق رار س رية التص ويت ،لم ا يمثل ه من ض مانة لحري ة الن اخب
لإلدالء بصوته بكل ثقة واطمئنان وتنأى به عن الضغوطات التي قد تمارس علي ه وتبع ده عن المج امالت،
بل تجنبه أيضا المشاكل الناجمة الناجمة عن رفض االدالء بصوته لش خص م ا ،أم ا االق تراع العل ني فه و
692
مالذا للرشاوى والمجامالت ويخلق الكثير من المشاكل.
349
ومن أجل ضمان الحق في االقتراع حرص المشرع العماني على أن يكون االقتراع ع ام وس ريا وذل ك
حينم ا نص في الم ادة 58من النظ ام السياس ي للدول ة على أن " :يك ون انتخ اب أعض اء مجلس الش ورى
باالقتراع العام السري المباشر على النحو الذي يبينه قانون االنتخاب.
ويعزى من نفس أحك ام الم ادة على أن المش رع أتب ع نظ ام االق تراع الس ري المباش ر مم ا يعكس على
حرص المؤسس الدستوري والتشريعي على أن يحيط عملية االقتراع بالعديد من الض مانات ت وفر للن اخب
قدرا من الطمأنينة وتبعده عن الضغوطات التي تمارس عليه من قبل المرشحين أو من أهله أو من قبيلته.
ولضمان سرية عملية االقتراع أحاطها المشرع بمجموعة منى اإلجراءات والتدابير ،حيث نصت المادة
69325بإنشاء ثالث لجان فرعية أوكل إليها العديد من االختصاصات على أن تتولى اللجان الفرعي ة المه ام
التالية:
695
لجنة التصويت: ب-
والتي أوكلت إليها االشراف المباشر على عملية التصويت والمحافظة على سريتها ونزاهته ا وذل ك من
خالل االختصاصات التالية:
التأك د من خل و ص ناديق التص ويت من أي ة أوراق أو اس تمارات ،وذل ك بفتحه ا بحض ور
رئيس لجنة الفرز أو من يفوضه كتابيا من بين أعض اء اللجن ة وأم ام الحاض رين من الن اخبين ومن
المرشحين أو من يمثلهم قانونا ثم إغالقها وذلك قب ل ال وقت المح دد لب دئ التص ويت ،على أن يثبت
ذل ك بم وجب محض ر يوق ع من قب ل رئيس ي لجن ة الف رز والتص ويت أو من ين وب عنهم ا من بين
أعضاء اللجتين بموجب تفويض كتابي وذلك بعد موافقة رئيس لجنة االنتخابات.
- 693المادة 25من الالئحة التنظيمية النتخابات مجلس الشورى ،ص .17
- 694أنظر الفقرة األولى من المادة 25من الالئحة التنظيمية النتخابات مجلس الشورى.
- 695أنظر الفقرة الثانية من المادة 25من الالئحة التنظيمية النتخابات مجلس الشورى.
350
وقد أكد المشرع العماني في أحكام المادة 25من الالئحة التنظيمي ة النتخاب ات مجلس الش ورى على أن
ض رورة التأك د من خل و ص ناديق التص ويت من أي ة أوراق ولم يكتفي ب ذلك ب ل أوجب أن يتم فتح تل ك
الصناديق بحضور رئيس لجنة الفرز أو من يفوضه كتابيا ثم إغالقها ،على أن يثبت ذل ك بم وجب محض ر
يوقع من قبل رئيس لجنتي الفرز والتصويت.
تسليم الناخب االستمارة الخاصة بالتصويت بعد التأكد من تث بيت مق ره االنتخ ابي ومطابق ة
بياناته االنتخابية من واقع البطاقة الشخصية.
مساعدة الناخب غير الملم ب القراءة والكتاب ة أو ألي س بب أخ ر يمنع ه من االدالء بص وته
كتابة ،وذلك بأن يقوم أحد أعض اء لجن ة التص ويت بوض ع إش ارة في الخان ة المخصص ة ل ذلك في
استمارة التصويت على أن يتلو عضو أخر في مكان مناسب االس م ال دي اخت اره الن اخب ثم يس لمه
االستمارة ليضعها في صندوق التصويت.
حيث راعى المشرع الناخب األمي الدي ال يعرف القراءة والكتابة أو أي مانع أخ ر يح ول دون إمكاني ة
دون االدالء بصوته ،بأن كلف أحد أعضاء اللجن ة بالقي ام عن ه في التأش ير على المرش ح ال دي ي رغب في
االدالء بصوته له .وحتى يضفي قدرا من النزاهة والسرية كلف عضوا أخر في أن يتلو إسم المرش ح ال دي
اختاره وفي مكان مناسب أي بعيدا عن سماع الناخبين أو أعضاء اللجنة ،ولهدا داللة واضحة على ح رص
المشرع العماني في إضفاء سرية ونزاهة تامة لعملية االقتراع .ومع ذلك كان جديرا بالمشرع أن يفرد نصا
خاصا لفاقدي البصر ودوي اإلعاقة مراعاة ألحوالهم الصحية وحتى يشعروا بأنهم جزء من المجتمع.
مراقبة وضبط عملية وضع استمارات التصويت في صناديق التصويت.
إحكام غلق صندوق التصويت وذلك بختمه بالشمع األحمر في الوقت المحدد النتهاء عملي ة
التصويت مباشرة أو باي وسيلة تعتمدها اللجنة الرئيسية.
تسليم صناديق االقتراع إلى رئيس لجنة الفرز.
ويعزى من هذه الضمانات التي أقرها المشرع العماني من خالل األخذ بنظام االقتراع الس ري وإح داث
اللجان المشرفة على العملية االنتخابية بما يتماشى أوال مع تطور النظم الديمقراطية ،وليج د الن اخب حري ة
أكبر في اختيار مرشحه وبقناعة تامة ،ولينئ به عن المجامالت والضغوطات التي قد تمارس عليه من قبل
المرشحين أو غير ذلك ثانيا ،وثالثا تفاديا من أي تالعب قد يحصل في عملية االقتراع ضمانا وحماية الحق
في نزاهة العملية االنتخابية .خصوصا وأن عمان دولة ال تتواجد به ا أح زاب بالمص طلح المتع ارف علي ه
ولكن توجد بها تكتالت قبلية شبيهة باألحزاب 696تمثل وسيلة ضغط على الن اخب خاص ة إدا ك ان المرش ح
من أبناء قبيلته.
351
شخصية التصويت: ت-
من الضمانات ال تي أقره ا أيض ا المش رع العم اني شخص ية التص ويت من خالل قي ام الن اخب بنفس ه
باإلدالء بصوته وذلك إلبعاد عملية االقتراع من أي شبهة ،فال يجوز التصويت باإلنابة أو المراسلة.
حيث نص المشرع صراحة على شخصية حق االنتخاب وعلى عدم جواز التوكيل أو االنابة فيه وذلك
بنص المادة 3من الالئحة التنظيمية النتخاب ات مجلس الش ورى وال تي تنص على أن :ح ق االنتخ اب ح ق
شخصي يستعمل لمرة واحدة في االنتخاب الواحد وال يجوز اإلنابة أو التوكي ل في ه ،وال يج وز للن اخب أن
يدلي بصوته في غير الوالية المقيد في القائمة النهائية لناخبيها.
ويهدف المشرع من جعل حق االنتخاب حقا شخصيا مع من ع االناب ة أو الوكال ة في ه ،بغي ة تك ريس قيم
ومبادئ النزاه ة والحي اد ،ولتفعي ل ه ذه المب ادئ المتط ورة بم ا ي دعم نزاه ة عملي ة االق تراع ،ولممارس ة
الشخص ذاته حق التصويت يوم االق تراع ،فق د نص المش رع على ض رورة تق ديم بطاق ة الن اخب في ي وم
االقتراع للتأكد من هويته.
:697
رقابة القضاء على العملية االنتخابية ث-
نظرا لما تتعرض له العملية االنتخابية من مظاهر الفساد االنتخابي من رشوة ومحاباة وتدليس وغيرها
من المظاهر التي تتنافى مع أخالقيات الممارسة الديمقراطية والسياس ية ،وبه دف تعزي ز الثق ة في العملي ة
السياس ية عم ل المش رع العم اني على إس ناد االش راف الكام ل للعملي ة االنتخابي ة للهيئ ات القض ائية في
المراحل التالية:
- 697للتفصيل أكثر انظر في ذلك :عيل بن سامل بن راشد القلهايت ،املرجع السابق ،الصفحات من 234إلى.268
- 698المادة 16من الالئحة التنظيمية النتخابات مجلس الشورى ،ص .17
352
لم ا له ا من أهمي ة ه ده المرحل ة باعتباره ا تفتح الطري ق أم ام المترش حين ال دين س يمثلون األم ة في
المجالس التشريعية ،فقد درج المشرع العماني إلى وضع شروط الترشح والنص عليها في النظام األساس ي
699
للدولة في المادة 57مكرر.
كما تضمنت الالئحة التنظيمي ة النتخاب ات مجلس الش ورى في الم ادة 13على أن :يق دم طلب الترش يح
وفق ا للنم وذج المع د ل ذلك من ط الب الترش ح أو من ين وب عن ه قانون ا إلى وإلى الوالي ة ال تي ي رغب في
الترشح عنها أو من يحدده الوزير الستالم الطلب خالل الفترة التي يحددها البيان ال دي يص در من ال وزير
في هدا الشأن ،وترسل تلك الطلبات إلى الوزارة للتحقق من بيان ات ط البي الترش ح ،وذل ك بع د التثبت من
اكتمال السندات التي ترفق بالطلب ،على أن تعاد هده الطلبات إلى لجنة االنتخابات.
وبخصوص لجنة االنتخابات التي هي لج ان إداري ة وتض م في عض ويتها عض و من الس لطة القض ائية
فهي تق وم حس ب أحك ام الم ادة 14من الالئح ة التنظيمي ة النتخاب ات مجلس الش ورى بفحص طلب ات
المترش حين ال واردة من ال وزارة وإع داد كش ف بأس مائهم مش فوعا برأيه ا ،ترفع ه إلى اللجن ة الرئيس ية
لمراجعتها واعتمادها.
وبالنظر لتركيبة لجنة االنتخابات الموكول اليها استالم طلبات الترشيح فهي تعت بر لجن ة إداري ة كم ا أن
المشرع أسند إليها النظر في االعتراضات المقدمة على القوائم األولية للمترشحين وكان من األولى ان تقدم
االعتراضات إلى لجنة الفصل في التظلمات والطعون االنتخابية مباشرة والتي يجب ان يك ون تش كيلها من
الهيئات القضائية وأعضاء االدع اء الع ام وتص در ه ده اللجن ة قراراه ا خالل عش رة أي ام ،على أن يك ون
700
قراراها في مرتبة حكم ابتدائي يمكن الطعن عليه أمام الدائرة االستئنافية أمام القضاء اإلداري.
مرحلة التصويت:
إن عملية التصويت هي نتيجة حصاد للمراحل السابقة للعملية االنتخابية فكلما كان تطبيق مبدأ االشراف
القضائي حاضرا في المراحل الس ابقة ج اءت عملي ة التص ويت ص ادقة ومع برة عن أراء هيئ ة الن اخبين،
701
وكلما كان غائبا في المراحل السابقة فإنها تكن قاصرة عن التعبير عن أراء الناخبين وتفقد مصداقيتها.
ونظرا ألهمية هده المرحلة وحساسيتها فقد اهتم المشرع العماني بها ونص على أن :يج ري التص ويت
في يوم واحد لجميع واليات السلطنة ،ويجوز لل وزير أن يعين يوم ا خاص ا للتص ويت في والي ة معين ة إذا
اقتض ت س المة التص ويت والمص لحة العام ة ذل ك 702 .كم ا نص ت الالئح ة التنظيمي ة النتخاب ات مجلس
الشورى على أن :يبدأ التصويت في اليوم المح دد لالنتخ اب من الس اعة الس ابعة ص باحا وينتهي في تم ام
الساعة السابعة من مساء اليوم ذاته ،ولرئيس اللجنة الرئيسية تمديد الوقت إلى الساعة التاسعة مس اء بق رار
353
مسبب 703 .وقد حددت الالئحة ذاتها على أنه يتم التصويت بموجب استمارة التصويت وفق ا للنم اذج المع دة
704
لذلك وفي مراكز التصويت.
وعليه يمكن القول أن تحديد المشرع العماني لهذه االليات من تحديد ليوم واحد للتصويت وتحدي د الم دة
الزمنية ،لما تشكله هده المرحلة من العملية االنتخابية من األهمية قصد ضبط عملية تنظيم سير االنتخاب ات
بما يتماشى مع مبادئ الشفافية والحياد وتعزيز الثقة في هيئة الناخبين.
354
تش كل الطع ون االنتخابي ة أم ام القض اء أهم ض مانة لتص ويب أي انح راف ق د يحص ل أثن اء العملي ة
االنتخابية سواء كان ذلك في إجراءاتها أو في نتائجها 706،فقد تحدث منازعات ق د تمس س المة اإلج راءات
في القيد في الجداول االنتخابية وعدم التوفر ش روط الترش ح ،أو ق د يش وب عملي ة التص ويت ش ائبة ك ان
يصوت أحد الناخبين الدين ال يحق له التصويت بأن يعترضه مانع ق انوني ،او انتح ال شخص ية الغ ير ك ل
ذلك يتيح القانون الطعن في مثل هده الممارسات الالأخالقية التي تتنافى مع أخالقيات الممارس ة السياس ية
النبيلة وبهدف تعزيز نزاهة العملية االنتخابية.
كما قد تثار المنازعات االنتخابية قبل عملية االقتراع كمنازعات القيد في الجداول االنتخابية ومنازعات
الترشح ،ومنها ما قد يثار بعد الفرز وإعالن النتائج.
لذلك حرص المش رع العم اني الح ق في الطعن على النح و ال دي ي ؤدي في نهاي ة المط اف إلى ص حة
الطعن وتصحيح ما تم الطعن بشأنه أو ببطالن الطعن وإقرار صحة المطعون بشأنه.
الطعون في القيد بالجداول االنتخابية: أ-
حرصت معظم الدساتير والقوانين االنتخابية على أهمية القيد في الجداول االنتخابية واعتبرت عدم القيد
مانعا من ممارسة حق االنتخاب يحول دون إمكانية التمتع بهدأ الحق.
وبالنسبة لسلطنة عمان فقد أسند المش رع مهم ة إع داد ق وائم الن اخبين في الس جل االنتخ ابي إلى وزارة
الداخلية حيث نص على :تعد الوزارة قوائم الناخبين لجميع الواليات تتضمن أسماء الناخبين لكل والية من
واقع السجل االنتخابي وترسلها للجان االنتخابات إلعالنها في مكان بارز في مكتب الوالي فور وصولها.
ويج وز لك ل ذي مص لحة االع تراض على األس ماء ال واردة في الق وائم األولي ة للن اخبين ل دى لجن ة
االنتخاب ات المعني ة خالل خمس ة أي ام من ت اريخ إعالن ه ده الق وائم مبين ا األس باب ال تي اس تند إليه ا في
اعتراض ه والمس تندات المؤي دة ل ه ويس لم إيص اال ب ذلك .وتنظ ر لجن ة االنتخاب ات في أي اع تراض على
األسماء الواردة في القوائم األولية للناخبين وتصدر قرارا نهائيا غير قابل للطعن فيه بأي طريق من ط رق
الطعن خالل خمسة عشر يوما من تاريخ قفل باب االعتراض ،ويعلن في ذات المكان المش ار إلي ه وترس ل
نسخة من تلك القرارات إلى اللجن ة الرئيس ية خالل ثالث ة أي ام من ت اريخ ص دورها وعلى ال وزارة تع ديل
القوائم األولية للناخبين وفقا لتلك القرارات بنص المادة 8من الالئحة التنظيمية النتخابات مجلس الش ورى.
707
وإذا كان المشرع أوك ل مهم ة إع داد ق وائم أس ماء الن اخبين إلى وزارة الداخلي ة إال أن ه أج از لك ل ذي
مصلحة االعتراض على األسماء ال واردة في الق وائم إلى لجن ة االنتخاب ات بالوالي ة خالل خمس ة أي ام من
355
تاريخ إعالن القوائم وهي لجنة إدارية ،كم ا اعت بر قراره ا نهائي ا غ ير قاب ل للطعن ب أي ط رق من ط رق
708
الطعن.
وكان يمكن للمشرع حينما أس ند مهم ة إع داد ق وائم الن اخبين إلى وزارة الداخلي ة وه و يعلم أنه ا جه ة
إدارية أن يوكل مهمة االعتراض على األسماء إلى جهة قض ائية وليس إلى لجن ة االنتخاب ات ال تي هي في
ذات الوقت لجنة تش كلت من أعض اء إداريين كم ا أن المش رع قط ع على الن اخب حق ه في االع تراض أو
الطعن على قرار اللجنة باعتبار أن قرارها نهائي ا وه دا ال يتف ق م ع الح ق المكف ول للم واطن في درج ات
التقاضي .لذا فإنه من المناسب أن يتم االعتراض على قوائم أسماء الناخبين أمام لجنة الفصل في التظلم ات
والطعون االنتخابية ويجوز الطعن على قراراها أمام الدائرة االستئنافية بمحكمة القضاء اإلداري وفي ه ده
709
الحالة يعتبر قراراها نهائيا مما يوفر بذلك ضمانة قضائية لحق الناخب في القيد بالجداول االنتخابية.
الطعون المتعلقة بالترشح: ب-
يمث ل الطعن بالترش ح ض مانة مهم ة لحماي ة الحق وق السياس ية لم ا تش كل ه ذه المرحل ة أهمي ة كب يرة
باعتبارها تحدد األعضاء الدين سيتم انتخ ابهم س واء في مجلس الش ورى أو المج الس البلدي ة ،ل ذلك أح اط
المشرع العماني هده المرحلة بعناية فائقة حفظا لحقوق المترشحين من جهة ولحماية الهيئ ات المنتخب ة من
الوصول إلى سدتها من أي شخص ال تتوافر فيه شروط الترشح من جهة ثانية.
حيث أولت القوانين االنتخابية جانبا مهما من االهتم ام وفتحت ب اب الطعن لك ل دي مص لحة بن اء على
أحكام المادة 17من الالئحة التنظيمية النتخابات مجلس الشورى أن تصدر لجنة االنتخابات قراراها بش أن
االعتراضات على األسماء الواردة في القوائم خالل أسبوع من ت اريخ قف ل ب اب االع تراض ،ف إدا ق ررت
الموافقة على طلب المعترض يبلغ كل من المعترض والمعترض عليه خطيا بذلك وتعدل القائمة بناء عليه،
مع إخطار اللجنة الرئيسية بذلك ،أما إذا كان قرارها بالرفض فيجب أن يكون مسببا ويبلغ المعترض خطي ا
ب الرفض وبإمكاني ة رف ع تظلم ه إلى اللجن ة الرئيس ية ،ويتم إعالن ق رارات لج ان االنتخاب ات بش أن
االعتراضات في ذات المكان الذي أعلنت فيه قوائم المرشحين األولية.
وبخصوص ض مانة الطعن فق د نص ت الم ادة 18من نفس الالئح ة الس الفة ال ذكر أن ه يج وز لك ل ذي
مصلحة أن يتظلم إلى اللجنة الرئيسية من قرار لجنة االنتخابات وذل ك خالل خمس ة أي ام من إعالن القائم ة
األولية للمرشحين بعد تعديلها .كما أتاح المشرع إمكانية تقديم الطلب إلى لجنة االنتخابات اختصارا للوقت.
وقد منح المشرع للجنة الفص ل في التظلم ات والطع ون االنتخابي ة اختص اص الفص ل في التظلم ات ال تي
تحال إليها من اللجنة الرئيسية بناء على أحكام المادة ،19على أن تصدر قراراها خالل خمسة عش ر يوم ا
356
من تاريخ استالم التظلم ويعتبر قراراها نهائيا غير قابل للطعن في ه ب أي طريق ة من ط رق الطعن ،وتع دل
القوائم على هذا األساس،
انطالقا مما سبق يالحظ أن المشرع العماني أسند مهمة إعداد ق وائم األس ماء ل وزارة الداخلي ة ثم أس ند
للجن ة االنتخاب ات فحص طلب ات الترش يح وإب داء ال رأي ثم منح لجن ة االنتخاب ات ص الحية البت في
االعتراض ات المقدم ة على األس ماء ويمكن التظلم على ق رار اللجن ة أم ام لجن ة الفص ل في التظلم ات
والطعون واعتبار قرارها نهائيا.
357
بغرامة ال تقل على الف لاير عماني وال تزيد على ثالثة أالف لاير عماني أو بالعقوبتين مع ا لك ل من ارتكب أي
من األفعال االتية:
انتحال شخصية الغير بقصد التصويت في االنتخابات او القيام بالتصويت أكثر مرة؛
ال دخول ب القوة إلى القاع ات للتأش ير على س ير التص ويت أو التع رض بس وء ألي من
المسؤولين عن إجرائه؛
حمل سالح ناري في أماكن االنتخابات؛
االستيالء على أي صندوق تصويت قبل او بعد الفرز أو محاولة ذلك؛
إتبان أي فعل من شأنه التأثير على سير االنتخابات.
إال أن ما يعاب على نظام العقوبات ما نصت علي ه الم ادة 37من نفس الالئح ة ال تي نص ت على أن ه
تسقط جميع الجرائم المنصوص عليها في المادة 36المشار إليه ا أعاله بع د م رور س تة أش هر من ت اريخ
إعالن النتائج النهائية لالنتخابات 714 .لما تشكل ه ده الم ادة من تش جيع على الفس اد السياس ي لتس اهلها في
مث ل الج رائم الم ذكورة أعاله .وخصوص ا وأن إثب ات بعض الخروق ات وص عبا لم ا يس لكون بعض
المترشحين طرقا ملتوية للحصول على أصوات الناخبين بطرق تتن افى م ع أخالقي ات الممارس ة السياس ية
النبيلة ،بل ويقتضي مضاعفة جهود كل الفاعلين خاصة الجهات المختصة بمراقبة العملية االنتخابية.
حيث تشكل هده االختصاصات وأيضا العقوبات ض مانة مهم ة في حماي ة حق وق المترش حين من جه ة
والحق في نزاهة االنتخاب ات باعتباره ا ح ق مكف ول بم وجب النظ ام األساس ي للدول ة وبم وجب الق وانين
المؤطرة للعملية االنتخابية.
إن الدستور بحكم طبيعته كأسمى تشريع وضعي في البالد ،يتض من المب ادئ العام ة ال تي تحكم الدول ة
ويترك مجال تفاصيلها للقانون ،ولهدا السبب أحيلت الكثير من أحكام الوثيقة الدستورية بخصوص الحق وق
السياسية إلى القانون ،بل أن جل الضمانات التي وردت بخصوص هده الحقوق الزمتها إحالة إلى القانون.
بناء عليه س نحاول من خالل ه دا المطلب التط رق لكفال ة الق وانين التنظيمي ة للحق وق السياس ية الف رع
األول ،ثم القوانين العادية الفرع الثاني احتراما للتراتبية وتدرج القوانين.
358
إذا كانت قواعد الوثيقة الدستورية تحتل أعلى مرتب ة من حيث ت درج الق وانين ،ف إن الق وانين التنظيمي ة
تأتي في المرتبة الثانية بعد القواعد الدستورية وقبل القوانين العادي ة ،كونه ا تحت ل مرتب ة وس طى ورابط ة
بين القواعد الدستورية والقانون التشريعي بل هي مكملة للدستور وجزء من المنظومة القانوني ة الدس تورية
رغم عدم وجودها في نفس الوثيقة ،ذلك أنه يالح ظ أن ج ل الدس اتير الحديث ة ع ادة م ا تكتفي ب النص على
كليات األمور وعمومياتها بينم ا تحي ل بالنس بة للتفاص يل والجزئي ات المرتبط ة بنظ ام الحكم والمؤسس ات
715
السياسية على قوانين تنظيمية مكملة ألحكام الدستور الدي يحيل نفسه عليها.
وسنتطرق في هذا الفرع عن أهم القوانين التنظيمية الضامنة لمجموعة من الحقوق السياسية وفق اآلتي:
يعتبر ح ق تأس يس األح زاب السياس ية واالنتس اب إليه ا ،من الحق وق األساس ية المنص وص عليه ا في
دستور ، 2011حيث نص الفص ل الس ابع في فقرت ه الثاني ة على أن تؤس س األح زاب وتم ارس أنش طتها
بحرية ،مع تقييد ممارسة نشاطها في نطاق احترام الدستور والقانون،
716
وتنزيال ألحكام الوثيقة الدستورية بخصوص هذا الحق ،صدر الق انون التنظيمي لألح زاب السياس ية
لينظم عملية واجراءات تأسيس األحزاب السياسية واالنخ راط فيه ا ،وممارس ة أنش طتها ومب ادئ تنظيمه ا
وتسييرها ،وكافة الشروط واإلجراءات المرتبطة بها ،حيث نص القانون التنظيمي السالف الذكر في مادت ه
الثالثة على أن تؤسس األحزاب وتم ارس أنش طتها بحري ة ،في نط اق اح ترام الدس تور والق انون ،ويعت بر
باطال كل تأسيس لحزب سياسي يرتكز على أساس دي ني أو لغ وي أو ع رقي أو جه وي ،أو بص فة عام ة
على أي أساس من التمييز او المخالفة لحقوق االنسان.
ووعيا من المشرع بضرورة حظر التمييز كضمانة لحماية الحقوق السياسية ،نص على أنه يعتبر باطال
كل تأسيس لحزب سياسي يهدف إلى المساس بالدين اإلسالمي أو بالنظ ام الملكي أو المب ادئ الدس تورية أو
األسس الديمقراطية أو الوحدة الوطنية أو الترابية للملكة .717
كما نص في المادة الخامسة منه على أنه يجب على األعضاء المؤسسين والمسيرين لح زب سياس ي أن
يكون وا دو جنس ية مغربي ة ،ب الغين من العم ر 18س نة ش مية كامل ة على األق ل ،ومس جلين في الل وائح
االنتخابية العامة ومتمتعين بحقوقهم المدنية والسياسية.
- 715عبد النيب كياس :توزيع السلطات يف النظام ادلستوري املغريب عىل ضوء دستور ،1996أطروحة لنيل ادلكتوراه يف الق انون الع ام ،لكي ة العل وم
القانونية والاقتصادية والاجامتعية أكدال ،الرابط ،ص .253
- 716ظهير شريف رقم 1.11.166صادر في 22أكت$$وبر ،2011بتنفي$ذ $الق$$انون التنظيمي رقم 29.11المتمم والمع$$دل بالق$$انون التنظيمي رقم
33.15المتعلق باألحزاب السياسية ،الجريدة الرسمية ،عدد .5989
- 717انظر في ذلك المادة 4من القانون التنظيمي السالف الدكر.
359
كما اشترط الق انون التنظيمي نفس ه على األعض اء المؤسس ين والمس يرين أن يكون وا ح املين للجنس ية
718
المغربية وغير متحملين آلية مسؤولية سياسية في دولة أخرى قد يحملون جنسيتها.
أم ا بخص وص ح ق المواطن ات والمواط نين في االنخ راط في األح زاب السياس ية فق د نص في مادت ه
التاسعة عشر بشكل واضح وصريح بحرية االنخراط شرط بلوغ السن القانوني ة المتمثل ة في الثامن ة عش ر
شمسية كاملة في أي حزب سياسي مؤسس بصفة قانونية.
انطالقا مما سبق يمكن القول أن القانون التنظيمي لألح زاب السياس ية يش كل ض مانة أساس ية لممارس ة
حق تأسيس األحزاب السياسة واالنتساب اليه ا ش ريطة االل تزام بمجموع ة من الض وابط المش ار إليه ا في
الوثيقة الدستورية وفي القانون التنظيمي المتعلق باألحزاب السياسية.
هناك مجموعة من التجليــات الــتي تعكس ضــمان الحــق في المســاواة في التمتــع بــالحقوق السياســية لعــل
أهمها المساواة في الولــوج إلى االنتــدابيات االنتخابيــة(أوال) ،ثم المســاواة في التصــويت (ثانيــا) ،دون أن
نغفل المساواة بين المرشحين (ثالثا).
بغية تحقيق المساواة بين الجنسين في جميع مناحي الحياة ،يكثف المشرع من مجهوداته إلخ راج الم رأة
من وضعية التهميش والهشاشة والتبعية ،ويقر مجموع ة من السياس ات واالس تراتيجيات في ص الح الم رأة
من أجل النهوض بحقوقها السياس ية .هك ذا ،ت دخل المش رع من أج ل النه وض ب دور الم رأة وتمكينه ا من
719
الوسائل التي تضمن لها المشاركة الحقيقية والفعالة في اتخاد القرار السياسي.
وتنزيال لمقتضيات الفصل 19من الدستور ذات الصلة بتشجيع تكافؤ الف رص بين النس اء والرج ال في
تقلد المسؤوليات السياسية ،تم إحداث دائرة انتخابية وطنية على صعيد تراب المملكة ينتخب في نطاقها 90
عض وا من األعض اء ال 3 95ال دين يت ألف منهم مجلس الن واب .720لق د اعت بر قض اة المجلس
الدستوري )المحكمة الدستورية حاليا( أنه " ليس من ص الحيات المجلس الدس توري التعقيب على الس لطة
التقديري ة للمش رع في اختي ار نوعي ة الت دابير التش ريعية ال تي يرتض يها س بيال لبل وغ أه داف مق ررة في
360
الدستور ،طالما أن ذلك ال يخالف أحك ام ه دا األخ ير" ،وأن إح داث دائ رة انتخابي ة وطني ة ي روم تحقي ق
أهداف خاصة مكملة لتلك التي ترمي إليها الدوائر المحلية تتمثل في النهوض بتمثيلي ة متوازن ة للمواطن ات
والمواطنين ،مما يقتضي سن تدابير تكون ،في طبيعته ا وش روطها واألث ر المت وخى منه ا ،كفيل ة بتحقي ق
األهداف الدستورية التي منها تستمد أصال مبرر وجودها ،وأن ال تتجاوز في ذل ك ح دود الض رورة ،عمال
بمبدأ تطابق القواعد القانونية المتخذة مع الهدف المتوخى منه ." وحرص المشرع على تمثيل كاف ة جه ات
المملكة في الدائرة االنتخابية الوطنية وعلى إقرار مبدأ التداول على المقاعد المخصص ة له ا وعلى توس يع
التمثيلية السياسية فيها ،تماشيا مع ما تقتضيه الضرورة ،وبناء علي ه " ،يك ون ق د وف ر وبالق در المطل وب،
الشروط التي تجعل إحداث هده الدائرة الوطنية مستجيبا لألهداف الدستورية التي تبرر وجوده ا.» وتوق ف
المجلس الدس توري عن د الش ق الخ اص بعض وية النس اء في مجلس الن واب ،حيث خص ص لهن المش رع
ضمن الدائرة الوطنية ستون ( )60مقع دا دون إخض اعهن لح د الس ن ،وب ذلك يك ون ق د « س ن مقتض يات
قانونية ترمي بغض النظر عن مداها الى تمتيع المترشحات اإلناث بأحك ام خاص ة من ش أنها تحقي ق غاي ة
دستورية تتمثل في اتاحة فرص حقيقية للنساء لتولي المس ؤولية االنتخابي ة ،تطبيق ا ألحك ام الفص ل 19من
721
الدستور".
وعليه ،فتخويل النساء وضعا خاص ا بواس طة ه ذه ال دائرة االنتخابي ة الوطني ة ال يح ول دس توريا دون
استعمال نفس الوسيلة لتحف يز فئ ة أخ رى طالم ا أن ذل ك يتم من أج ل إدراك ه دف آخ ر مق رر ب دوره في
الدستور».722
باإلض افة إلى الق انون التنظيمي المتعل ق بمجلس الن واب ،ك رس الق انون التنظيمي المتعل ق بمجلس
في مادته 24في فقرتها التاسعة على إج راءات تمييزي ة لفائ دة النس اء حيث أوجبت تق ديم 723
المستشارين
لوائح ترشيح يتناوب فيه ا الجنس ان اس تلهاما لمض مون الفص ل 19والفص ل 30من الدس تور المغ ربي".
يجب أال تتضمن كل الئحة من لوائح الترشيح اسمين متتابعين لمترش حين اث نين من نفس الجنس" .واعت بر
المجلس الدستوري )المحكمة الدستورية( 724أن هذا القيد غير من اف ألحك ام الدس تور ،وإنم ا ج اء تطبيق ا
وتعزيزا لمقتضياتها " :وحيث إنه ،إذا كان إلزام المش رع لألح زاب السياس ية والمترش حين عموم ا بتق ديم
لوائح الترشيح على الوجه المذكور من ش أنه أن يقي د حري ة ه ذه الهيئ ات والمجموع ات في تك وين ل وائح
ترشيحاتها وترتيب المترشحين فيها بغض النظر عن جنسهم ،فإن هذا االلزام ،فضال عن كونه جاء إعم اال
-721د .محيد اربيعي :حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية ،منشورات مؤسسة عالل الفايس الطبعة األوىل .2016ص .238
-722د .محيد اربيعي :حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية ،نفس املرجع .الصفحة.239 :
-723ظه$$ير ش$$ريف رقم 1.11.172ص$$ادر في 21نون$$بر 2011بتنفي$ذ $الق$$انون التنظيمي رقم 28.11المتعل$$ق بمجلس المستش$$ارين ،الجري$$دة
الرسمية ،عدد .5997
-724المحكمة الدستورية ،قرار رقم 820.11صادر في 18نونبر ،2011جريدة رسمية عدد ،5997نقال عن د .محيد اربيعي :حق وق الانس ان
يف املغرب بني الكونية واخلصوصية ،مرجع سابق .ص .239
361
لمبادئ أخرى يضمنها الدستور نفسه ،الس يما تل ك ال واردة في الفص لين 19و 30المش ار اليهم ا س ابقا،
يبقى منسجما مع الدور المخ ول لألح زاب السياس ية دس توريا باعتباره ا أداة لتعزي ز انخ راط المواطن ات
والمواط نين في الحي اة السياس ية والمش اركة في ممارس ة الس لطة ،مم ا ي برر تق ديم ل وائح ترش يح ت تيح
المشاركة المتوازنة والفعلية للجنسين معا في الحياة العامة.725
كما تضمن القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعض اء مج الس الجماع ات الترابية 726م واد ذات طبيع ة
تمييزية لصالح النساء بهدف التشجيع والرفع من مس توى تمثيلي ة الم رأة في االس تحقاقات على المس تويين
الجهوي والمحلي ،من ذلك إحداث دائرتين انتخ ابيتين على ص عيد ك ل عمال ة أو إقليم أو عمال ة مقاطع ات
تخصص إحداهما للنساء ،على أن ال يقل عدد المقاعد المخصصة لهن ثلث المقاع د المخصص ة للعمال ة أو
اإلقليم او عمالة المقاطعات المعنية برسم مجلس الجهة ،وفق مقتضيات المادة 77من نفس القانون )الم ادة
.(76
واعتبر المجلس الدستوري في قراره رقم 821.11الصادر بتاريخ 19نونبر 2011أنه "يعود للمشرع
اختيار نوعية األحكام التي يرتئيه ا مالئم ة لتحس ين تمثيلي ة النس اء في مج الس الجماع ات الترابي ة ،وهي
أحكام يقتصر دور المجلس الدستوري بشأنها على مراقب ة م دى مطابقته ا للدس تور" ،م ع التأكي د في نفس
القرار على أن " تكون هذه التدابير القانونية ،التي تمليها دواع مرحلية ومؤقته ترمي باألساس الى االرتقاء
بتمثيلية النساء بالمجالس الجهوي ة ،محدودي ة في ال زمن يتوق ف العم ل به ا بمج رد تحقي ق األه داف ال تي
بررت اللجوء إليها".
وبغية تحسين المشاركة السياسية للنساء ،للمشرع أن يلجأ إلى أي وسيلة مباشرة أو غير مباشرة تفضي
إلى تحسينها مستلهما ومستحضرا في ذلك نص وروح الدس تور 727،وفي ه ذا الس ياق ،اعت برت المحكم ة
الدس تورية أن المقتض يات المتعلق ة بت أليف مج الس العم االت واألق اليم و إن ك انت خالي ة من أي أحك ام
تشريعية ترمي إلى تحسين تمثيلية النساء داخلها كما تدعو إلى ذلك أحكام الفصل 146من الدستور ،728فإن
الدوائر االنتخابية اإلضافية المتعلقة بانتخ اب أعض اء مج الس الجماع ات والمقاطع ات ال واردة في الم واد
102و 103و 104من هذا القانون التنظيمي ،تض من للنس اء تمثيلي ة معين ة في مج الس الجماع ات ال تي
تنبثق منها مجالس العماالت واألقاليم ويكون المشرع بذلك قد آثر طريق ة غ ير مباش رة في تحس ين تمثيلي ة
- 725د .محيد اربيعي :حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية ،منشورات مؤسسة عالل الفايس الطبعة األوىل .2016ص .239
-726ظه ري رشيف رمق 1.11.173ص ادر يف 18نون رب ،2011بتنفي ذ الق انون التنظميي رمق 59.11املتعل ق ابنتخ اب أعض اء جمالس امجلاع ات الرتابي ة،
اجلريدة الرمسية ،عدد .5997
-727د .محيد اربيعي :حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية ،منشورات مؤسسة عالل الفايس الطبعة األوىل .2016ص .240
- 728ينص الفصل 146من دستور اململكة املغربية يف فقرته األوىل عىل أن حيدد بقانون تنظميي بصفة خاص ة ،رشوط ت دبري اجله ات وامجلاع ات الرتابي ة
لشؤوهنا بكيفية دميقراطية ،وعدد أعضاء جمالسها ،والقواعد املتعلقة بأهلية الرتش يح ،وح االت التن ايف ،وح االت من ع امجلع بني الانت داابت ،وك دا النظ ام
الانتخايب ،وأحاكم حتسني متثيلية النساء داخل اجملالس املذكورة.
362
النساء في هده المجالس ،مما يجعل مقتضيات هده الم واد ليس فيه ا م ا يخ الف الدس تور ،أم ا الم ادة 143
المتعلق ة بال دوائر االنتخابية 729اإلض افية ،فتع د حس ب الب احث حمي د اربيعي 730نموذج ا حي ا للت دابير
التحفيزية التي يلجأ المشرع في سياق استراتيجيته الرامية الى النهوض بأوضاع الم رأة سياس يا واش راكها
الفعلي في اتخاد القرار السياسي واالهتمام بالشأن العام .فه ذه الم ادة ح تى وإن لم تكن تنص ص راحة على
إسناد هذه المقاعد للنساء ،فإن المجلس الدس توري اعت بر ،اس تنادا الى التق ارير ال تي تن اولت مناقش ة ه ذه
المادة ،انصرف نية المشرع إلى حصرها على فئة النساء دون غيرها مرتبا على ذلك مجموعة من النت ائج
القانونية" :وحيث أنه ،لئن كان المشرع لم ينص صراحة على تخصيص هذه الدوائر اإلضافية للنساء ،فق د
تبين للمجلس الدس توري من االطالع على تقري ر لجن ة الداخلي ة والالمركزي ة والبني ات األساس ية لمجلس
الن واب وك دا تقري ر لجن ة الع دل والتش ريع وحق وق االنس ان بمجلس المستش ارين المتض منتين لألش غال
التحضيرية للقانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعض اء مج الس الجماع ات الترابي ة ،أن ال دوائر اإلض افية
ستخص ص للنس اء ،األم ر ال ذي يك ون مع ه المش رع ،وإن لم ي ذكر ص راحة في أحك ام الب اب الس ادس
المخصص للدوائر االنتخابية اإلضافية ،قد راعى ما ينص عليه الفصل 146من الدستور من كون الق انون
التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مج الس الجماع ات الترابي ة يح دد أحك ام تحس ين تمثيلي ة النس اء داخ ل
مج الس الجماع ات الم ذكورة ،وم ع مراع اة ه دا التفس ير بش ان تخص يص ال دوائر االنتخابي ة اإلض افية
للنساء وحدهن ،ولو دعا األمر إلى إبقائها شاغرة عمال بأحكام المادة 149من ه ذا الق انون التنظيمي ،ف إن
أحكام المادة 143المذكورة وما يليها إلى غاية المادة 149المرتبطة بها ليس فيها ما يخالف الدستور."731
وبغية الرف ع من حض ور الم رأة في المس ؤوليات السياس ية ،عم ل المش رع على تع ديل وتتميم ونس خ
بعض النصوص وسن ت دابير جدي دة أك ثر نجاع ة وفعالي ة ،ومنه ا الق انون التنظيمي رقم 34.15الم ؤرخ
بتاريخ 16يوليو .7322015
- 729تنص المادة 143على أنه :زيادة على الدوائر االنتخابية المنص$$وص عليه$$ا في الم$$ادة 129من ه$$ذا الق$$انون التنظيمي ،تح$$دث على ص$$عيد
مجموع $النفوذ الترابي لكل جماعة أو مقاطعة حسب الحالة دائرة انتخابية تسمية "دائرة انتخابية إضافية" .ويحدد عدد المقاعد المخصصة له$$ا طبق$$ا
ألحكام المادة 144بعده.
يجري االنتخاب برسم الدائرة االنتخابية اإلضافية في كل جماعة أو مقاطعة حسب الحالة عن طري$ق االق$$تراع بالالئح$$ة في دورة واح$دة وبالتمثي$$ل
النسبي على أساس قاعدة أكبر بقية ودون استعمال طريقة مزج األصوات والتصويت التفضيلي ،وفق$$ا لألحك$$ام المق$$ررة في الج$$زء الث$$الث من ه$$ذا
القانون التنظيمي $مع مراعاة أحكام هذا الباب.
730د .محيد اربيعي :حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية ،منشورات مؤسسة عالل الفايس الطبعة األوىل .2016ص .240
731نقال عن د .محيد اربيعي :حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية ،مرجع سابق ،ص .241
- 732من تع ديالت الق انون التنظميي املادة 76حيث أص بحت تنص عىل إح داث دائ رة انتخابي ة عىل ص عيد النف ود ال رتايب للك عامةل أو إقلمي أو عامةل
مقاطعات دائرة انتخابية واحدة ،خيصص للنساء يف لك دائرة انتخابية ثلث املقاعد عىل األق ل ،انظ ر الظه ري الرشيف رمق 1.15.90الص ادر يف 16يولي و
2015بتنفي ذ الق انون التنظميي رمق 34.15القايض بتغي ري ومتمي الق انون التنظميي رمق 59.11املتعل ق ابنتخ اب أعض اء جمالس امجلاع ات الرتابي ة ،اجلري دة
الرمسية ،عدد .6380
363
ودائما في إطار دعم قدرات النساء التمثيلية ، 733من خالل اتخاد المغ رب إلج راءات التمي يز اإليج ابي
لفائدة المرأة ،ال يفوتنا التطرق للمبادرة الحكومية بمراجعة مدونة االنتخاب ات ع بر اح داث ص ندوق ال دعم
لتشجيع تمثيلية النساء بمناسبة االنتخابات العامة الجماعية والتشريعية.734
حيث أتاح المشرع المغربي الحق في التص ويت لك ل المواطن ات والمواط نين ال ذين تت وفر فيهم ش رط
التص ويت في االنتخاب ات على ق دم المس اواة دون التمي يز بينهم على أس اس الجنس أو ال دين أو الحال ة
االجتماعية...
من بين الضمانات ال تي أقره ا المش رع المغ ربي بخص وص المب دأ الدس توري القاض ي بالمس اواة في
الحقوق السياسية ،المساواة بين المترشحين تحقيقا للعدالة االنتخابي ة خاص ة خالل الدعاي ة االنتخابي ة حيث
حدد بداية الحملة االنتخابية المخصصة في الساعة األولى من اليوم الثالث عشر الذي يسبق تاريخ االقتراع
وتنتهي في الس اعة الثاني ة عش ر ليال من الي وم الس ابق لالق تراع .كم ا تعق د االجتماع ات االنتخابي ة وف ق
735
الشروط المحددة في التشريع الجاري به العمل في شأن التجمعات العمومية.
كما نص المشرع المغربي على ضرورة تعيين السلطات اإلدارية المحلية األم اكن الخاص ة ال تي تعل ق
بها اإلعالنات االنتخابية ،ولكي يحقق المساواة في الحمل ة االنتخابي ة بين المترش حين أك د على تخص يص
مساحات متساوية للمرشحين أو اللوائح االنتخابي ة 736 .وذل ك للتعب ير عن أرائهم وبث ب رامجهم االنتخابي ة
بطريق ة مش روعة ومتس اوية دون تمي يز ،وذل ك بمنح االذن أو ال ترخيص من الس لطات العمومي ة بتنظيم
المسيرات والمهرجانات الخطابية.
العنصر الثالث :االقــتراع العــام وســيلة ضــرورية لضــمان حــق االنتخــاب من خالل تعبــيره عن ســيادة
الشعب
ال يمكن لالنتخابات أن تكون ديمقراطية من دون احترام حقوق االنسان ،خاصة م ا يتعل ق منه ا بحري ة
التصويت والترشح ،وأقر الدستور المغ ربي ح ق التص ويت من خالل التنص يص ص راحة على االق تراع
733د .محيد اربيعي :حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية ،مرجع سابق ،ص .247
- 734الظه ري الرشيف رمق 1.08.150الص ادر يف 30ديس مرب 2008بتنفي ذ الق انون رمق 36.08القايض بتغي ري وتمتمي الق انون رمق 9.97املتعل ق مبدون ة
الانتخاابت ،اجلريدة الرمسية ،عدد .5696
لتنظ أ
- 735املادة 31من الظه ري الرشيف رمق 1.11.165ص ادر يف 14كت وبر 2011بتنفي ذ الق انون ا ميي رمق 27.11املتعل ق مبجلس الن واب ،اجلري دة
الرمسية ،عدد 5987بتارخي 17أكتوبر .2011
- 736املادة 32من الظه ري الرشيف رمق 1.11.165ص ادر يف 14أكت وبر 2011بتنفي ذ الق انون التنظميي رمق 27.11املتعل ق مبجلس الن واب ،اجلري دة
الرمسية ،عدد 5987بتارخي 17أكتوبر .2011
364
العام المباشر وهو االقتراع الذي يقوم بواسطته الناخبون بانتخاب نوابهم بصفة مباش رة ،ويعت بر االنتخ اب
المباش ر أق رب الى الديمقراطي ة حيث تظه ر في ه إرادة الش عب بص فة مباش رة في اختي ار ممثليهم .إال أن
االق تراع غ ير المباش ر م ازال معم وال ب ه كم ا ه و الح ال للغرف ة الثاني ة للبرلم ان المغ ربي –مجلس
المستشارين -حيث يجري اختيارهم من قبل ن اخبين هم ب دورهم منتخب ون ،ونفس الش يء بالنس بة للمجلس
اإلقليمي بخصوص انتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية.
ولض مان ح ق التص ويت والترش ح كرس ت الق وانين التنظيمي ة المتعلق ة بمجلس الن واب ومجلس
المستشارين والقانون التنظيمي بإنتخاب أعضاء مجالس الجماع ات الترابي ة ع دة ض مانات الغ رض منه ا
جعل ممارسة هده الحقوق تتم في نطاق احترام المبادئ التي تنبني عليها دول ة الح ق والق انون ال تي تحمي
الحريات وحقوق االنسان وتح ترم إرادة الش عب من خالل تنظيم انتخاب ات ح رة وبص فة دوري ة تمكن من
التعبير بصفة وفية وصادقة عن اختياراته لممثليه في كنف احترام مبدأ المساواة بين الناخبين والمترش حين
والشفافية وتجنب كل ما من شأنه أن ينال من نزاهة العملية االنتخابية.
وهكذا فضمان حق التصويت أو االنتخاب والترشح يرتكز على عدة مبادئ أساسية كحرية الناخب أثناء
ممارسته لحقه والمساواة بين المترشحين والناخبين وتنظيم االنتخابات بصفة دوري ة ونزيه ة وفتح إمكاني ة
الطعن في كل م ا يتعل ق ب إجراءات تنظيم العملي ة االنتخابي ة وخاص ة اإلعالن عن نتائجه ا أم ام األجه زة
المكلفة بمراقبتها وتحرص مختلف األنظمة االنتخابية اليوم في تحدي دها ألس اليب الرقاب ة على االنتخاب ات
أن تكون منسجمة مع هذه المبادئ المرتبطة بحق االنتخاب والتي تنبني عليه ا ال دول الديمقراطي ة وتس تمد
منها مشروعيتها وذلك من خالل حرصها على أن تت وفر في أعض اء أجه زة الرقاب ة على االنتخاب ات ك ل
الشروط المتعلقة بالحياد والكفاءة والنزاهة وأن تتم ممارستهم لصالحيتهم في ظ روف تف رض اح ترام ك ل
الضمانات المترتبة عن حق االنتخاب .وسنفصل في هذة المسألة على النحو التالي:
وبخص وص ح ق الترش يح فق د نص ك ل من الق انون التنظيمي لمجلس الن واب 737والق انون التنظيمي
المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية 738على أنه يترشح لالنتخابات شريطة أن يكون ناخب ا
ومتمتعا بحقوقه المدنية والسياس ية وتتمث ل ض مانات ه دا الح ق من خالل ح ق ك ل مترش ح االطالع على
739
محاضر مكتب التصويت في مقر السلطة اإلدارية المحلية أو مقر العمالة أو اإلقليم أو عمالة المقاطعات
- 737انظر في ذلك المادة 21من القانون التنظيمي 59.11المتعلق بانتخاب $أعضاء مجالس الجماعات الترابية.
- 738انظر في ذلك المادة 04من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
- 739انظر في ذلك المادة 86من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
365
وبخصوص القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء الجماعات الترابية فقد نصت المادة 25منه على أن
تسلم إلى ممثل كل مترشح أو الئحة نسخة من محاضر الخاصة باالنتخاب على مس توى ال دائرة االنتخابي ة
المعنية ويوقع عليها ويوقع عليها ،حسب الحال ة ،ريس وأعض اء مكتب التص ويت أو المكتب المرك زي أو
740
الئحة اإلحصاء .
741
ثانيا :ضمان حق االنتخاب من خالل حرية الناخب في تشكيل إرادته.
ثالثا :من خالل حياد اإلدارة في العملية االنتخابية :تنظيم التصويت من قبل هيئة محايدة
وفيما يتعلق برؤساء وأعضاء مكاتب التصويت فيتم تعيينهم من قبل العامل قبل 48ساعة على األقل قبل
تاريخ االقتراع ،من بين الموظفين أو األعوان باإلدارة العمومية أو الجماعات الترابية او من بين مس تخدمي
المؤسسات والمقاوالت العمومية أو الناخبين غير المترشحين الدين يحسنون الق راءة والكتاب ة ،وتت وفر فيهم
746
شروط النزاهة والحياد.
وبخصوص عمليات التصويت ومساطرها فيكون س ريا حس ب أحك ام الم ادة 75من الق انون التنظيمي
السالف الذكر ،كمظهر من مظاهر حرية التصويت وأيضا تبعد الناخب عن كل الضغوط ال تي ق د تنتج عن
تعرف االخرين على اختياره ،وهي الزمة في كل مراحل المس طرة وخاص ة أثن اء االق تراع نفس ه وخالل
- 740انظر في ذلك المواد 23و 76من القانون التنظيمي 59.11 $المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية.
- 741اللجنة االوربية للديمقراطية ،مدونة حسن السلوك في مجال االنتخابات$
- 742مدونة حسن السلوك في مجال االنتخابات اللجنة االوربية للديمقراطية
- 743انظر في ذلك المادة 71من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
- 744انظر في ذلك المادة 70من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
- 745انظر في ذلك المادة 71من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
- 746للتفصيل أكثر انظر في ذلك المادة 74من القانون التنظيمي $المتعلق بمجلس النواب.
366
فرز األصوات 747 .ويتم داخل معزل ،748ويجب على الناخبين أال يهتموا في مك اتب التص ويت إال ب اإلدالء
بأصواتهم ،وال يجوز لهم اثارة أي جدال ونقاش كيفما كان نوعه.
كما يقوم رئيس مكتب التصويت بإحص اء أوراق التص ويت المس لمة ل ه قب ل اإلعالن عن الش روع في
االق تراع .وذل ك أم ام الن اخبين الحاض رين 749أن الص ندوق ال يحت وي على أي ورق ة ثم يس ده بقفلين أو
750
مغالقين متباينين ـ يحتفظ بأحد مفتاحيهما ،ويسلم اآلخر إلى عضو مكتب التصويت األكبر سنا.
ولضمان الحق في نزاهة العملية االنتخابي ة ف إن هن اك مح ددان رئيس يان يتعين اس تعمالهما للحكم على
ص حة التص ويت هم ا :ع دد الن اخبين المش اركين في التص ويت ،م ع مقارنت ه بع دد أوراق التص ويت
الموض وعة في ص ندوق االق تراع .وذل ك حس ب أحك ام الم ادة 77من الق انون التنظيمي لمجلس الن واب
والمادة 21من القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية.
حتى ال تبقى قواعد القانون االنتخ ابي ح برا على ورق ، 751ومن أج ل حماي ة ح ق االنتخ اب والترش ح
باعتبارهما من األرك ان األساس ية لدول ة الق انون وأداة لمش اركة الم واطن في الش ؤون العام ة للدول ة عن
طريق الترشح أو اختيار من ينوب عنهم .ولكي يكون هدا االختيار حقيقيا يجب أن يكون حرا ونزيها.
ووعيا من المش رع بأهمي ة ه ده اآللي ة وفاعليته ا داخ ل المنظوم ة الديمقراطي ة أحاطه ا بمجموع ة من
الضمانات التشريعية وأسند مهمة النظر في المنازعات التي تطولها إلى مؤسسة القضاء باعتبارها مؤسس ة
محايدة ،مستقلة وكفيلة بضمان حماية أسرع وأكثر فاعلية لحقوق المواط نين ،فلك ل دي مص لحة الح ق في
اللجوء إلى القضاء 752سواء للطعن في رفض الترشيحات أو في صحة العملية االنتخابية.
حيث يجوز لكل مترشح حسب القانون التنظيمي المتعلق بمجلس الن واب رفض التص ريح بترش يحه أن
يرف ع ق رار رفض الق رار إلى المحكم ة االبتدائي ة التابع ة له ا ال دائرة االنتخابي ة .كم ا يج وز للمترش حين
المطعون في انتخابهم المشار اليها في الم ادة 88يتم رف ع دع وى الطعن بالمحكم ة االبتدائي ة بالرب اط فيم ا
753
يخص الترشيحات التي رفضها كاتبة اللجنة الوطنية لإلحصاء.
- 747اللجنة االوربية للديمقراطية ،مدونة حسن السلوك في مجال االنتخابات $،ص .30
- 748انظر في ذلك المادة 75من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
- 749الناخبين الحاضرين يمثلون األحزاب السياسية المشاركة في االنتخابات بصفتهم مراقبين للعملية االنتخابية من االقتراع حتى الفرز.
- 750انظر في ذلك المادة 76من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
- 751مدونة حسن السلوك في مجال االنتخابات اللجنة االوربية للديمقراطية ص .37
- 752د .ادريس جردان ،عفاف كوثر :مفهوم $الحياد في أحكام القاضي االنتخابي ،المجلة المغربية للسياسات العمومي$$ة ،الع$$دد 23ص$$يف ،2017
ص.103
- 753المادة 87من القانون التنظيمي $المتعلق بمجلس النواب.
367
وبالنسبة للمنازعات المتعلقة بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابي ة فلك ل مترش ح رفض ترش يحه
ان يطعن في قرار الرفض امام المحكمة اإلداري ة ال تي يش مل نط اق اختصاص ها ال دائرة االنتخابي ة ال تي
ترشح فيها .ويسجل الطعن مجانا وتبت فيه المحكمة اإلدارية ابت دائيا وانتهائي ا خالل األج ل المح دد حس ب
754
الحالة ابتداء من تاريخ إيداعه بكتابة ضبطها،
أم ا بالنس بة للطع ون المتعلق ة بالعملي ات االنتخابي ة فيمكن الطعن في الق رارات الص ادرة عن مك اتب
التصويت والمكاتب المركزية ولجان اإلحصاء فيما يتعلق بالعمليات االنتخابية واحصاء األصوات وإعالن
نتائج االقتراع وذلك طبقا لألحكام المقررة في هدا القانون التنظيمي .كم ا يج وز للمترش حين حس ب أحك ام
المادة 27من نفس القانون التنظيمي المطعون في انتخابهم االطالع على محاضر العمليات االنتخابية واخد
نسخ منها حسب الحال ة بمق ر ال دائرة االنتخابي ة أو الجماع ة او العمال ة او اإلقليم خالل ثماني ة أي ام ،أثن اء
أوقات العمل الرسمية ابتداء من تاريخ تبليغهم عريضة الطعن 755 .وذلك وفق عريض ة كتابية 756للبث فيه ا
757
من قبل المحكمة اإلدارية.
ومن ه ذا المنطل ق يك ون الطعن االنتخ ابي أنج ع طريق ة لحماي ة االس تحقاقات االنتخابي ة بمختل ف
758
أشكالها،
إن إلزام المشرع باحترام الحقوق والحريات العامة يفترض وجود الي ات ت دفع بع دم دس تورية الق وانين
كنوع من الي ات الرقاب ة ،فال مع نى للنص على الحق وق السياس ية مثال في ص لب الوثيق ة الدس تورية دون
وجود ضمانات تح ول دون تعس ف البرلم ان في عمل ه التش ريعي ،ألن ه ده الض مانات ته دف إلى وض ع
قواعد إيجابية ملزمة يلتزم بها المشرع العادي وبالتالي ال يح ق ل ه إق رار ق انون يمكن ان ينته ك أو يش كل
759
حواجز لممارسة الحقوق والحريات المكفولة في الدستور.
وإذا كانت السمة البارزة أللية الدفع بعدم دستورية القوانين تكمن في حماية الحقوق والحريات األساسية
التي كفله ا الدس تور من تعس ف المش رع ،فغنه ا ت رمي بش كل ع ام إلى خض وع الق وانين العادي ة ألحك ام
الدستور ،كما ترمي إلى حماية النظام الديمقراطي وتحقيق االستقرار وحسم النزاعات.760..
- 754انظر في ذلك المادة 26من القانون التنظيمي 59.11المتعلق بانتخاب $أعضاء مجالس الجماعات الترابية.
- 755انظر في ذلك المادة 27من القانون التنظيمي 59.11المتعلق بانتخاب $أعضاء مجالس الجماعات الترابية.
- 756انظر في ذلك المادة 29من القانون التنظيمي 59.11المتعلق بانتخاب $أعضاء مجالس الجماعات الترابية.
- 757انظر في ذلك المواد 30و 31من القانون التنظيمي 59.11 $المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية.
- 758د .ادريس جردان ،عفاف كوثر :مفهوم $الحياد في أحكام القاضي االنتخابي المجلة المغربي$$ة للسياس$$ات العمومي$$ة ،الع$$دد 23ص$$يف ،2017
ص.103
- 759لوافي سعيد ،الحماية الدستورية للحقوق السياسية في الجزائر ،مدكرة مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص قانون دستوري،
جامعة محمد خيضر بسكرة ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،الموسم الجامعي 2009/2010ص .101
- 760لوافي سعيد ،الحماية الدستورية للحقوق السياسية في الجزائر ،مرجع سابق ص .102
368
الفرع الثاني :ضمانات الحقوق السياسية في القوانين العادية.
عمل المشرع المغربي على تعزيز الممارسة الفعلية لحقوق اإلنسان عامة والحقوق السياسية خاصة من
خالل إصدار مجموع ة من التش ريعات الم ؤطرة والمنظم ة لممارس ة ه ذه الحق وق طيل ة ثالث عق ود من
الحياة السياسية المغربية.
وتتميز الترسانة التشريعية المغربية ذات الصلة بالحقوق السياسية ب التنوع والتع دد ،حيث ش ملت تنظيم
العدي د من الحق وق السياس ية المنص وص عليه ا في الدس تور ،س واء منه ا الحق وق الجماعي ة أو الحق وق
الفردية ،ويمكن في هذا الصدد أن ندرس ض مانات الح ق في الترش ح (العنص ر األول) ،وك ذلك الح ق في
التص ويت (العنص ر الث اني) ،وح ق الم رأة في االنتخ اب (العنص ر الث الث) ،م ع ض مان نزاه ة العملي ة
االنتخابية (العنصر الرابع).
نظم المشرع المغربي حق اإلنتخاب والترشح وإجراءاتها من خالل ترسانة قانونية متكاملة؛ منها القانون
التنظيمي رقم 11.59المتعلق بإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية،والقانون رقم 57.11المتعل ق
باللوائح اإلنتخابية العامة وعملي ة اإلس تفتاء وإس تعمال وس ائل اإلتص ال الس معي البص ري العمومي ة خالل
الحملة االنتخابية واالستفتائية:
وتعد مدونة اإلنتخابات من أهم القوانين العادية المنظمة للعميات االنتخابية وإجراءاتها التي تندرج ضمن
اإلصالحات ال تي ج اء به ا اإلص الح الدس توري لس نة 1996وتع ززت بدس تور ،2011وذل ك إس تكماال
للمسلسل الديمقراطي ومواصلة بناء دولة القانون والمؤسسات.
وتهدف مدونة اإلنتخابات أساسا إلى وض ع منظوم ة قانوني ة موح دة وعص رية وس هلة المن ال تتض من
التش ريع اإلنتخ ابي الج اري ب ه العم ل ،كم ا تطمح ه ذه المدون ة إلى توزي ع عقالني للمس ؤولية في مي دان
اإلنتخابات بين الدولة واألطراف المعنية تحت المراقبة الدائمة للقضاء.
وبخصوص ممارسة الحق في الترشح نج د الق انون التنظيمي رقم 11.59المتعل ق بإنتخ اب أعض اء
مج الس الجماع ات الترابي ة ال ذي نظم ش روط الترش ح وح دد موانع ه ،حيث ورد في الم ادة 4من ذات
الق انون التنظيمي م ا يلي" :يش ترط في من يترش ح لالنتخاب ات أن يك ون ناخب ا ومتمتع ا بحقوق ه المدني ة
والسياسية".
369
وعم ل المش رع من خالل الم ادة 5من ذات الق انون التنظيمي على توض يح كيفي ة ترش ح المغارب ة
المقيمين خارج التراب الوطني ،كما أنه حدد موانع ترشح هذه الفئة ،حيث جاء في المادة المادة 5ما يلي:
"يمكن للمغاربة المقيمين خارج تراب المملكة أن يقدموا ترشيحاتهم النتخابات أعضاء مجالس الجه ات
ومجالس العم االت واألق اليم ومج الس الجماع ات والمقاطع ات وف ق الكيفي ات والش روط وداخ ل اآلج ال
المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي.
غير أنه ال يؤهل للترشح كل مغربية أو مغ ربي مقيم بالخ ارج يت ولى مس ؤولية حكومي ة أو انتدابي ة أو
عمومية ببلد اإلقامة".
وفي ذات السياق ،تكلفت المادة 6من القانون التنظيمي المش ار إلي ه س ابقا بموان ع الترش يح المتعلق ة
761
بالمغاربة المقيمين داخل المغرب.
761
نصت المادة 6على ما يلي " :ال يؤهل للترشح:
المتجنسون بالجنسية المغربية خالل الخمس سنوات التالية لحصولهم عليها ما لم يرفع عنهم هذا القيد وفق الش روط المق ررة في .1
الفصل 17من الظهير الشريف رقم 1.58.250الص ادر في 21من ص فر 6( 1378س بتمبر )1958بمثاب ة ق انون الجنس ية
المغربية كما وقع تغييره وتتميمه؛
األشخاص الذين صدر في حقهم قرار عزل من مسؤولية انتدابية أصبح نهائيا بمقتضى حكم مكتس ب لق وة الش يء المقض ي ب ه، .2
في حالة الطعن في القرار المذكور ،أو بسبب انصرام أجل الطعن في قرار العزل دون الطعن فيه؛
األشخاص الذين اختل فيهم نهائيا شرط أو أكثر من الشروط المطلوبة ليكونوا ناخبين؛ .3
األش خاص ال ذين يزاول ون بالفع ل الوظ ائف المبين ة بع ده أو ال ذين انته وا من مزاولته ا من ذ أق ل من س نة في الت اريخ المح دد .4
لالقتراع:
القضاة؛ -
قضاة المجلس األعلى للحسابات وقضاة المجالس الجهوية للحسابات؛ -
الم دراء المركزي ون ل وزارة الداخلي ة وال والة والعم ال وك ذا الكت اب الع امون للعم االت أو األق اليم أو عم االت -
المقاطعات والباشوات ورؤساء دواوين الوالة والعمال ورؤساء الدوائر الحضرية ورؤساء الدوائر والقواد والخلف اء
والشيوخ والمقدمون؛
مفتشو المالية والداخلية؛ -
الخازن العام للمملكة والخزان الجهويون؛ -
المحتسبون؛ -
أفراد القوات المسلحة الملكية وأعوان القوة العمومية؛ -
األشخاص الذين أسندت إليهم مهمة أو انت داب ،ول و ك ان مؤقت ا كيفم ا ك انت تس ميتها أو م داهما ،بع وض أو ب دون -
عوض ،والذين يعملون بتلك الصفة ،في خدمة اإلدارة أو الجماع ات الترابي ة أو المؤسس ات العمومي ة أو في خدم ة
مرفق عمومي كيفما كانت طبيعته ،والذين رخص لهم بحمل السالح أثناء أداء مهامهم.
.5األشخاص المحكوم عليهم بمقتضى حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به بعقوبة حبس نافذة أو عقوبة حبس مع إيقاف التنفيذ ،كيفما كانت مدتهما ،من
أجل أحد األفعال المنصوص عليها في المواد من 65إلى 68من هذا القانون التنظيمي مع مراعاة أحكام المادة 69منه.
يرفع مانع األهلية المشار إليه في البند 2أعاله بعد انصرام مدة انتدابية كاملة ابتداء من التاريخ الذي يصير فيه قرار الع زل نهائي ا .كم ا يرف ع م انع
األهلية المشار إليه في البند 3أعاله ،ما لم يتعلق األمر بجناية ،عن المحكوم عليهم بالحبس بمرور 10سنوات من تاريخ قضاء العقوبة أو تقادمه ا أو
من التاريخ الذي أصبح فيه الحكم نهائيا إذا تعلق األمر بعقوبة موقوفة التنفيذ.
ال توقف طلبات إعادة النظر أو المراجعة ترتيب اآلثار على األحكام المكتسبة لقوة الشيء المقضي به التي يترتب عليها فقدان األهلية االنتخابية.
ترتبط ضمانات الحق في التصويت بما يمكن تسميته بشخصية التصويت من خالل قيام الن اخب بنفس ه
باإلدالء بصوته ،وذلك إلبعاد عملية التصويت من أي شبهة ،حيث نصت المادة 62من مدون ة االنتخاب ات
على ضرورة تقديم الناخب بطاقته التعريفية أو دفتره العائلي وبطاقته االنتخابي ة أو الق رار القض ائي الق ائم
مقامها ،يعلن الكاتب بصوت مسموع االسم الكامل والرقم الترتيبي للناخب الدي يأخذ بنفسه ورقة تص ويت
762
واحدة من فوق طاولة معدة لهدا الغرض.
ويالحظ من خالل أحكام المادة السالفة الدكر أن المشرع المغربي لم يكتفي ببطاقة التعريف الوطنية ب ل
أضاف بطاقة الناخب للتأكد من توفر الناخب من ش روط ح ق االق تراع ،وأيض ا جع ل ح ق االنتخ اب حق ا
شخصيا ال يجوز االنابة أو التوكيل فيه ،بهدف توفير ضمانات قوي ة لتعزي ز قيم ومب ادئ الش فافية والحي اد
ومما يدعم نزاهة العملية االنتخابية.
وبخصوص الضمانات التي كفلها المشرع المغ ربي بخص وص ح ق الترش ح ،منه ا مب دأ المس اواة بين
المترشحين ،حيث نصت مدونة االنتخابات على تحديد أماكن خاصة لوضع التصريحات بالترشيح وتع يين
أماكن خاصة بها ،ولكي يحقق مبدأ المساواة بين المواطنات والمواطنين المترش حين في الحمل ة االنتخابي ة
اكد على تخصيص مساحات متساوية للمترشحين أو اللوائح المترشحين ،وذلك حينما حددت المادة 50ب أن
تقوم السلطة اإلدارية المحلية في ك ل جماع ة ابت داء من ت اريخ انته اء أج ل وض ع التص ريحات بالترش يح
763
بتعيين أماكن خاصة تعلق بها اإلعالنات االنتخابية.
كما نص على أن تخصص في كل من هده األماكن مساحات متساوية للمترشحين أو اللوائح المرش حين
بحيث يجب أال يتعدى عدد ه ده األم اكن عن مك انين بص رف النظ ر عن األم اكن المعين ة بج انب مك اتب
التصويت وذلك على النحو التالي:
وسعيا من المشرع إلى تحقيق المساواة بين المترشحين قنن عدد اإلعالنات لكل مرش ح وك ذلك المس احة
المخصصة لالخبار بانعقاد االجتماعات وذلك حتى ال يفتح المجال أمام أصحاب األموال الذين ل ديهم الق درة
على إنفاق األموال لحمالتهم االنتخابية ويحكم الحملة االنتخابية من التالعب ،وذلك طبق ا ألحك ام الم ادة 51
371
حيث نص على أنه :ال يجوز ألي مرشح أو وكيل كل الئحة أن يضع في األماكن المشار إليها في الم ادة 50
أعاله:
ويعزى من هذه األحكام القانونية أن المشرع واعي بأهمية مبدأ المساواة في الحقوق السياسية لذلك كرس
مقتضيات تعكس ضمانات دقيقة خاصة خالل الحمالت االنتخابية للحد من التالعبات التي ق د يس لكها بعض
المرشحين.
ومن أجل ضمان الحق في االنتخاب والترش ح ح رص المش رع المغ ربي على أن يك ون االق تراع ع ام
وسريا وذلك حينما نص في المادة 60من مدونة االنتخابات على أنه " :يكون التصويت سريا ويشارك فيه
الناخبون في االقتراع مباشرة وداخ ل مع زل بوض ع عالم ة في المك ان المخص ص لالئح ة المرش حين أو
للمرشح الدي يريدون التصويت لفائدته في ورقة التصويت الفريدة الحاملة لطابع السلطة اإلدارية المحلي ة.
ويجب على الناخبين أال يهتموا في مكاتب التصويت إال باإلدالء بأصواتهم وال يجوز لهم إثارة مجادالت أو
765
نقاش كيفما كان نوعه.
ويستش ف من أحك ام الم ادة 60من مدون ة االنتخاب ات على أن المش رع أتب ع نظ ام ااٌل ق تراع الس ري
المباشر مم ا يعكس على ح رص المش رع الدس توري والق انوني المغ ربي على أن يحي ط عملي ة االق تراع
بالعديد من الضمانات توفر للناخب قدرا من الطمأنينة وتبعده عن الضغوطات ال تي تم ارس علي ه من قب ل
المرشحين أو من أي جهة كيفما كانت.
وعيا من المشرع المغربي بحتمية مناهضة جميع اشكال التمييز ضد المرأة ،عم د المش رع المغ ربي إلى
إدخال عدة إصالحات جوهرية على بعض النصوص القانونية حتى تتالءم مع االلتزامات الدولي ة للمغ رب.
فالقانون الجنائي مثال تم تتميمه بقانون جديد 766يجرم التمي يز في جمي ع ص وره ،ف الفقرة األولى من الفص ل
- 764انظر في ذلك المادة 51من مدونة االنتخابات وفق آخر التعديالت.
- 765انظر في ذل$ك الم$ادة 61من مدون$ة االنتخاب$$ات ،ظه$$ير ش$$ريف رقم 1.08.150ص$ادر في 2مح$$رم 30 1430ديس$$مبر 2008بتنفي$ذ$
القانون رقم 36.08القاضي بتغيير القانون رقم 9.97المتعلق بمدونة االنتخابات ،جريدة رسمية ،عدد 5696بتاريخ 4محرم 1430فاتح يناير$
.2009
- 766ظه$ير ش$ريف رقم 1.03.207ص$ادر في 16من رمض$ان 11 1424نون$بر 2003بتنفي$ذ $الق$انون رقم 24.03المتعل$ق بتغي$$ير وتتميم$
مجموعة القانون الجنائي ،الجريدة الرسمية ،عدد 5175بتاريخ 12دو القعدة 5 1424يناير ،2004ص .121
372
431تعرف التمييز كما يلي" :تكون تمييزا كل تفرق ة بين األش خاص الطبيع يين بس بب األص ل الوط ني او
األصل االجتماعي أو اللون أو الجنس او الوضعية العائلية أو الحالة الصحية أو اإلعاق ة أو ال رأي السياس ي
أو االنتماء النقابي أو بسبب االنتماء أو عدم االنتماء الحقيقي أو المفترض لعرق أو ألم ة أو لس اللة أو ل دين
معين" .ورتب المشرع عقوبات في حق مرتك بي أي ن وع من أن واع التمي يز" :يع اقب على التمي يز كم ا تم
تعريفه في الفصل 431.1أعاله بالحبس من شهر إلى سنتين وبالغرام ة من أل ف وم ائتين أى خمس ين أل ف
درهم إذا تمثل فيما يلي :االمتن اع عن تق ديم منفع ة أو عن أداء خدم ة ،عرقل ة الممارس ة العادي ة ألي نش اط
اقتصادي ،رفض تشغيل شخص أو معاقبته أو فصله من العمل ،ربط تق ديم منفع ة أو أداء خدم ة او ع رض
عمل بشرط مبني على أحد العناصر الواردة في الفصل 431.1أعاله .وفي مجال الحقوق السياس ية ،اعت بر
767
المشرع المغربي أن تأسيس أي حزب سياسي على أساس من التمييز أو المخالفة لحقوق االنسان باطال .
باإلض افة إلى مناهض ة ك ل أش كال التمي يز ،ال يفوتن ا الت ذكير بالمب ادرة الحكومي ة بمراجع ة مدون ة
االنتخابات والهادف ة إلى دعم ق درات النس اء التمثيلي ة ع بر إح داث ص ندوق ال دعم لتش جيع تمثيلي ة النس اء
بمناسبة االنتخابات العامة الجماعية والتشريعية 768 .وقد صدر ق رار تنظيمي ي بين ش روط وكيفي ات تط بيق
المادة 288المكررة من مدونة االنتخابات .فمرس وم 7أكت وبر 2013نص على أن" يم ول ص ندوق ال دعم
لتشجيع تمثيلية النساء باعتمادات تخصص لهدا الغرض في إطار القانون المالي للسنة المالية" ،ويعين وزير
الداخلية آمرا بصرفها .ويسند إلى نفس الوزير ،باقتراح من لجنة تسمى اللجنة المكلفة بتفعيل صندوق ال دعم
المخصص لتشجيع تمثيلية النساء ،يحدد تأليفه ا وكيفي ات س يرها بمق رر ل رئيس الحكوم ة 769،مهم ة وض ع
البرامج الهادفة إلى تقوية قدرات النساء التمثيلية واألنش طة المتعلق ة به ا والممول ة كلي ا أو جزئي ا في إط ار
صندوق الدعم .باإلضافة إلى تدخل السلطات العمومية بإجراءات تمييزية وعملي ة به دف الرف ع من التمثي ل
السياس ي للم رأة ودعم ق دراتها ،واص لت الحكوم ة مس اعيها إلعم ال مض مون الفص ل 19من الدس تور
المغ ربي .وفي ه ذا اإلط ار ،تم إح داث ل دى رئيس الحكوم ة لجن ة وزاري ة لتتب ع وتنفي ذ الخط ة الحكومي ة
للمس اواة " إك رام "في اف ق المناص فة 770 .2016-2012منب ين المه ام المس ندة له ده اللجن ة ،اق تراح
التدابير التشريعية والتنظيمي ة ال واجباتخاده ا لتط بيق مض امينالخط ة المتعلق ة ب إقرار مب دأيالمس اواة
و المناصفة طبقا ألحكام الدستور وال سما الفصل 19منه ،وكذا القيام ب أعم ال التق ييم المس تمر لم ا ت م
771
ت حقيقه وإعداد ت قرير سنوي حول المنجزاتالمذكورة.
- 767المادة 4من القانون التنظيمي رقم 29.11المتعلق باألحزاب السياسية ،سبق ذكره.
- 768ظهير شريف رقم 1.08.150ص$$ادر في 2مح$$رم 30 1430ديس$$مبر 2008بتنفي$$ذ الق$$انون رقم 36.08القاض$$ي بتغي$$ير $الق$$انون رقم
9.97المتعلق بمدونة االنتخابات $،جريدة رسمية ،عدد 5696بتاريخ 4محرم 1430فاتح يناير.2009 $
- 769مقرر لرئيس الحكومة رقم 3.04.14صادر في 28ربيع اآلخر 28 1435فبراير 2014يتعلق باللجن$$ة المكلف$$ة بتفعي$ل $ص$$ندوق ال$$دعم
المخصص لتشجيع تمثيلية النساء ،جريدة رسمية ،عدد 6238بتاريخ 11جمادى األولى جمادى األولى 13 1435مارس ،2014ص3142 ،
/نقال عن د .حميد اربيعي :حقوق االنسان في المغرب بين الكونية والخصوصية ،مرجع سابق ص .247
770
مرسوم رقم 2.13.495صادر في 25من شعبان 4 1434يوليو 2013بإحداث اللجنة الوزارية للخطة الحكومية للمساواة إكرام في افق -
.المناصفة ،2016-2012جردية رسمية ،عدد 6176بتاريخ 30رمضان 14348غشت 2013
771
.للتفصيل أكثر انظر د .محيد اربيعي :حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية ،مرجع سابق ،ص - 247،252
373
العنصر الرابع :ضمانات نزاهة العملية اإلنتخابية
نظرا لما تتعرض له العملية االنتخابية من مظاهر الفساد وممارسات الأخالقية والتي قد تخ رج به ا عن
مسارها الصحيح ،فإن الواقع يحتم إسناد العملية االنتخابية إلى سلطة تضمن الحي اد والنزاه ة وتع زز ق درا
من الثقة للهيئة الناخبة وللمترش حين ،وذل ك من خالل رقاب ة القض اء على مراح ل العملي ة االنتخابي ة على
النحو التالي:
حيث نص المشرع المغربي في المادة 68من مدونة االنتخابات على أن الفصل في النزاعات المتعلق ة
بإيداع الترشيحات وفق االحكام وفق األحكام اآلتية مع مراعاة األحكام األخرى المحددة في هدا القانون.
لكل مرشح رفض ترشيحه أن يطعن في قرار الرفض خالل أج ل ي ومين يبت دئ من ت اريخ تبليغ ه إي اه
أمام المحكمة اإلدارية التي يشمل نطاق اختصاصها الدائرة االنتخابية التي ترشح فيها صاحب الطعن.
يسجل الطعن مجانا وتبت فيه المحكمة اإلدارية ابتدائيا وانتهائيا خالل األجل المحدد حسب الحالة ابتداء
من ت اريخ إيداع ه بكتاب ة ض بطها ،وتبل غ حكمه ا ف ورا إلى المع ني ب األمر وإلى الس لطة المكلف ة بتلقي
الترشيحات التي حكمت المحكمة بقبولها وتعلنها للناخبين وفق اإلجراءات المقررة في المادة 47من مدونة
االنتخابات.
تشكل الطعون المتعلقة بالعمليات االنتخابية الضمانة الحقيقي ة لتص ويب أي ممارس ات غ ير قانوني ة ق د
تحصل أثناء العمليات االنتخابية ،لذلك نص المشرع المغربي على مجموعة من الضمانات س واء الطع ون
في القيد بالجداول االنتخابية أو الطعون المتعلقة بالفرز.
374
حيث حرص المش رع المغ ربي على أهمي ة القي د في الج داول االنتخابي ة وأعت بر ع د القي د مانع ا من
ممارسة حق االنتخاب يحول دون إمكانية التمتع بهذا الحق.
وعليه فقد أس ند مهم ة إع داد الج داول االنتخابي ة إلى لجن ة إداري ة ،إال أن ه ب النظر إلى الم ادة 14ف إن
المشرع اعطى الحق لكل شخص يعنيه األمر أن يقيم خالل أجل سبعة أيام تبتدئ من اليوم الم والي النته اء
األجل المحدد ،دعوى طعن في قرارات لجن ة الفص ل ،ويخ ول أيض ا نفس الح ق للعام ل أو الخليف ة األول
772
للعامل أو الباشا أو القائد.
وب العودة ألحك ام الم ادة 37من مدون ة االنتخاب ات يق دم الطعن في الق رارات المنص وص عليه ا في
،27،25،14من هذا القانون إلى المحكمة اإلدارية المختصة بواسطة تصريح يدلي ب ه لكتاب ة الض بط به ا
ويسلم عنه كاتب الضبط وصال ،وتبت المحكمة في القضية دون مصاريف أو إجراءات بعد استدعاء يوجه
إلى األطراف المعنية ب األمر قب ل الت اريخ المح دد للنظ ر في الطعن بثالث ة أي ام .ويجب أن ال يبع د ت اريخ
الجلسة األخيرة للمحكمة اإلدارية بأكثر من 40يوما عن تاريخ الج دول التع ديلي .ويبل غ الحكم كتاب ة ف ور
صدوره إلى األطراف المعنية وإلى رئيس اللجنة اإلدارية.
ويالحظ من خالل هذه األحكام أن المشرع المغربي أسند ح ق الطعن لك ل من المع ني ب األمر ولرج ال
الس لطة الممثلين في ك ل من العام ل والباش ا والقائ د ،حيث ك ان من األولى ان يكتفي بأحقي ة الطعن لك ل
شخص يعنيه األمر تجنبا للشطط في استعمل السلطة.
حرص المشرع المغربي على إحاطة عملية الفرز بالنصوص القانونية الكفيلة بالحفاظ على سالمتها من
أي تالعب أو تزوير قد يحدث.
وتتخذ جريمة اختالس أوراق التصويت إحدى الص ورتين ،فهي إم ا أن ت رتكب من ط رف ش خص ل ه
صفة انتخابية حددها القانون فتكون من جرائم الصفة ،وهدا ما نصت عليه المادة 88من مدونة االنتخابات
بشأن االختالس الذي يرتكب من طرف كل شخص مكل ف في عملي ات االق تراع بتلقي األوراق المص وت
بها وإحصائها وفرزها ،وهذا يشمل بطبيعة الحال رئيس وأعضاء مكتب التصويت والفاحصين المس اعدين
773
في الفرز واالحصاء في حالة االستعانة بهم.
375
أما في الصور الثانية لجريمة اختالس أوراق التصويت فهي التي يقع فيها ارتك اب الجريم ة من ط رف
أي شخص دون اش تراط أن يك ون مكلف ا بمهم ة انتخابي ة ،وهي ال تي أش ارت اليه ا الم ادة 96من مدون ة
774
االنتخابات بخصوص أخد أوراق التصويت.
وفي الصورتين معا ال تتحقق الجريمة عن د – يوس ف وه ابي -إال إذا ك انت ورق ة التص ويت متض منة
لالختيار االنتخابي ،أي يجب أن تكون حاملة لعالمة التص ويت أم ا إذا ك انت ورق ة التص ويت فارغ ة ولم
775
تستعمل بعد من طرف الناخبين فإن الجريمة ال تتحقق.
كما تتحقق أيضا الجريمة االنتخابية بإضافة أوراق زائدة عن األوراق المصوت بها ،ش ريطة أن تك ون
األوراق المضافة بها عالمات تصويت ،أما إذا كانت األوراق المض افة ليس ت به ا عالم ات تص ويت ف إن
هده األوراق ال تكون لها قيمة وبالتالي ال تشكل أي تأثير على نتيجة االنتخابات وقد أشارت إلى ذلك المادة
88من مدونة االنتخابات.
كما ج رمت المدون ة ق راءة غ ير االس م في ورق ة التص ويت ،فبمج رد عملي ات الف رز وتوزي ع أوراق
التصويت على مجموعة من الطاوالت يأخذ أحد الفاحصين أوراق التصويت ورقة ويفتحه ا ويس لمها غ ير
مطوي ة إلى ف احص آخ ر يق رأ بص وت ع الي اس م وكي ل الالئح ة أو اس م المرش ح ال دي وض عت عالم ة
التصويت في المكان المخصص له .كما اعت بر إب دال أوراق التص ويت ب أخرى او اتالفه ا جريم ة يع اقب
عليه بالحبس من ستة إلى سنتين وبغرامة من 10000إلى 20000درهم وذلك طبقا ألحكام الم ادة 96من
مدونة االنتخابات 776 .إذ اعتبرها المشرع من األفعال التي تؤدي الى انتهاك الحق في نزاهة وحي اد العملي ة
االنتخابي ة ،ل ذلك ح رص المش رع المغ ربي على حمايته ا ووض ع المقتض يات القانوني ة المالئم ة لص ون
العملية االنتخابية من االنحراف والتزوير.
كما أت اح المش رع المغ ربي الطعن في الق رارات الص ادرة عن مك اتب التص ويت ومك اتب التص ويت
المركزية ولجان اإلحصاء التابعة للجماعات الحضرية أو المقاطع ات ولج ان اإلحص اء أو التحق ق التابع ة
للعماالت أو األقاليم واللجان الجهوية لإلحصاء فيما يتعلق بالعمليات االنتخابية وإحصاء األصوات وإعالن
نتائج االقتراع وذلك طبقا لألحكام المقررة في هدا القانون.
يج وز للمرش حين المطع ون في انتخ ابهم طبق ا ألحك ام ه دا الق انون االطالع على محاض ر العملي ات
االنتخابية واخد نسخ منها حسب الحالة بمقر الدائرة االنتخابي ة أو الجماع ة أو العمال ة أو اإلقليم التابع ة ل ه
376
الدائرة االنتخابية أو العمالة أو اإلقليم مركز الجهة داخل أجل ثمانية أيام يبت دئ من ت اريخ تبلغهم بعريض ة
777
الطعن.
ويقدم الطعن 778كل من له مصلحة في ذلك وعامل العمالة أو اإلقليم أو خليفته األول أو الباش ا أو رئيس
779
الدائرة أو القائد الدين تقع الدائرة االنتخابية في نطاق اختصاصاتهم.
ويالحظ أيضا أن المشرع المغربي لم يكتفي بأحقية الطعن في القرارات الصادرة عن مكاتب التص ويت
فقط لمن يعنيهم األمر بل خول أيض ا نفس الح ق لرج ال الس لطة المش ار إليهم أعاله ،وك ان من األولى ان
يكتفي فقط بأحقية الطعن لكل شخص يعنيه األمر.
قبل الخوض في الضمانات التشريعية في المغرب لحماية الحق وق السياس ية ،ف إن البحث في موض وع
ضمانات حماية حقوق االنسان يستند أساسا عن مدى مراع اة الوثيق ة الدس تورية له ده الحماي ة ،والمتمعن
في هده األخيرة ،يجد أن المشرع الدستوري المغربي ق د ك رس مب دأين أساس ين من أج ل تحقي ق حماي ة
فعلية لحقوق االنسان المغربي وحرياته األساسية أولهما :مبدأ سيادة القانون ،حيث نص الفصل السادس من
الدستور المغربي لفاتح يوليوز 2011في فقرته األولى والثانية على أن :القانون هو أسمى تعبير عن إرادة
األمة ،والجميع ،أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين ،بم ا فيهم الس لطات العمومي ة ،متس اوون أمام ه ،وملزم ون
باالمتثال له.
تعمل السلطات العمومي ة على توف ير الظ روف ال تي تمكن من تعميم الط ابع الفعلي لحري ة المواطن ات
والمواطنين ،والمساواة بينهم ،ومن مشاركتهم في الحياة السياسية واالقتصادية والثقافية واالجتماعية.
إد بمقتضى هدا الفصل الدستوري يتم إلزام جمي ع أف راد المجتم ع وس لطات الدول ة على ح د الس واء
باحترام القانون كأساس لمشروعية األعمال والتصرفات ،وال يعني احترام مبدأ سيادة القانون في مض مونه
ال مجرد االلتزام بأحكامه ،فالقانون يجب أن يكفل لألف راد حق وقهم وحري اتهم لم ا تعني ه ه ده الكفال ة من
780
تسليم بجوهر سيادة القانون.
وثاني هده المبادئ اإلقرار الدستوري بالمبدأ الديمقراطي ،وفي هدا الصدد جاء في ديباج ة الدس تور أن
المملكة المغربية ،وفاء الختياراتها الدي ال رجعة فيه ،في بن اء دول ة ديمقراطي ة يس ودها الح ق والق انون،
تواصل إقامة مؤسسات دولة حديثة ،مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة ،وإرساء دعائم مجتمع
377
متضامن ،يتمتع فيه الجميع باألمن والحري ة والكرام ة والمس اواة ،وتك افؤ الف رص ،والعدال ة االجتماعي ة،
ومقومات العيش الكريم ،في نطاق التالزم بين حقوق وواجبات المواطنة.
كما نص الفصل األول من الدستور الدي يحدد طبيعة نظام الحكم في المغرب في فقرت ه األولى على أن
نظام الحكم بالمغرب ،نظام ملكية دستورية ،ديمقراطية برلمانية واجتماعية.
وفي الفقرة الثالثة من نفس الفصل جعل المشرع الدستوري من االختي ار ال ديمقراطي أح د أهم الث وابت
الجامعة التي تستند األمة في حياتها العامة.
واستنادا للمبادئ األساسية المنصوص عليها في الوثيق ة الدس تورية المغربي ة ،يمكن الق ول أن المش رع
الدستوري قد ربط بين الديمقراطية وحقوق االنسان ،وهدا الربط نابع في أساسه حسب الب احث محم د بن
محمدوا من واقع العالقة القوية بين الديمقراطية ومبدأ سيادة القانون ،الدي يتجلى في حماية حق وق األف راد
781
وحرياتهم.
وإذا كان الدستور بحكم طبيعته كأسمى تشريع وض عي في البالد ،يتض من المب ادئ العام ة ال تي تحكم
الدولة ويترك تفاصيلها للقانون ،ولهدا السبب أحيلت الكثير من أحكام الوثيقة الدستورية بخصوص الحق وق
السياسية إلى القانون ،بل أن جل الضمانات التي وردت بخصوص هده الحقوق الزمتها إحالة إلى القانون.
بم وجب الوثيق ة الدس تورية لف اتح يولي وز 2011يق وم البرلم ان بثالث وظ ائف أساس ية تكمن في
التشريع والمراقبة ،إلى جانب تقييم السياسيات العمومية 782،حيث يعت بر البرلم ان كس لطة تش ريعية ف اعال
أساسيا في مجال حماية الحقوق السياسية ،وتتجلى هده الحماية من خالل ممارسة السلطة التشريعية.
وبما أن التش ريع في مج ال الحق وق والحري ات األساس ية من اختص اص البرلم ان بم وجب مقتض يات
الفصل 71من الدستور ،حيث ينص هدا األخير على أن يختص القانون بالتشريع في الميادين التالية:
الحقوق والحريات األساسية المنصوص عليها في التصدير وفي فصول أخرى من الدستور.
وتنزيال للمقتضيات الدس تورية دات الص لة ب الحقوق السياس ية ال تي جع ل المش رع تنظيمه ا وحمايته ا
قانونيا ،فإن أهم الضمانات التي جاءت بها القوانين العادية المغربية يتقدمها القانون الجنائي المغربي،
- 781محمد بن محمدوا ،امحلاية ادلستورية يف بدلان املغرب العريب،املرجع نفسه ،ص 70وما يلهيا.
- 782أنظر الفصل 70من دستور اململكة املغربية.
378
كم ا أن المقارب ة الحديث ة للحق وق والحري ات تؤك د أهمي ة ض ماناتها ،فال يكفي االع تراف ب الحقوق
والحريات وإعالنها بقدر ما يتعين تفعيلها ،وتستمد هده المقارب ة أص ولها من فك رة الفقي ه األلم اني Hans
783
Kelsenالدي أكد بان أهمية الحرية تتبع من ضمان ممارستها .
كخالصة أولية في هذا الشق ،وإذا كانت دستورية الحقوق السياسية تكتس ي أهمي ة بالغ ة ،ألنه ا تمنحه ا
مناعة وحماية بحكم علوية الدستور على سائر القوانين ،ف إن تنظيم العدي د منه ا حس ب الوثيق ة الدس تورية
لفاتح يوليوز 2011تقرر قانونيا ،وقبل الخوض في الضمانات التش ريعية للحق وق السياس ية في المغ رب،
البد من اإلشارة إلى أن مسؤولية حماية ه ده الحق وق تق ع في المق ام األول على ع اتق رئيس الدول ة ال دي
خصه الدستور بجملة من االختصاصات والص الحيات على الش كل الت الي :المل ك رئيس الدول ة ،وممثله ا
األسمى ،ورمز وحدة األمة ،وضامن دوام الدولة واستمرارها ،والحكم األسمى بين مؤسساتها ،يس هر على
احترام الدستور ،وحسن سير المؤسسات الدستورية ،وعلى صيانة االختيار الديمقراطي ،وحقوق وحريات
المواطنين والمواطنات والجماعات ،وعلى احترام التعهدات الدولية للملكة .الملك هو ضامن استقالل البالد
وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة .784وبناء على هده المقتضيات التي يقابلها الفصل 19في الدس اتير
السابقة ،اتخذ الملك العديد من المبادرات واإلجراءات تروم تعزي ز منظوم ة حق وق االنس ان .ويعت بر اح د
الباحثين ان السياسات و التصورات وبلورة االستراتيجيات في مجال الحق وق والحري ات يك ون مص درها
785
األساسي رئيس الدولة.
الحماية القانونية للحقوق والحريات خاص ة السياس ية منه ا ،بإقراره ا دس توريا وتنظيمه ا قانوني ا ،يع د
ضمانة أساسية الحترامها ،فإن الحماية الفعلي ة ال تتحق ق إال بتمكين االف راد من الض مانات األساس ية ال تي
786
تضمن ممارستهم لكافة حقوقهم وحرياتهم في وجه كل تقييد او انتهاك غير مشروع قد يطالها.
783
،2002ص - 45.احلجيوي جنيب ،أساس التأويل ادلستوري يف املغرب ،اجملةل املغربية للغدارة احمللية والتمنية ،عدد،42
784
الفصل 42من دستور اململكة املغربية -
785
.للتفصيل أكرث انظر :محيد اربيعي ،حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية ،مرجع سابق ص 197وما يلهيا -
786
.الرشيف تيشيت :احلقوق واحلرايت األساسية يف ظل دستور ،2011جمةل مساكل يف الفكر والسياسة والاقتصاد ،العدد ، 39/40ص - 60
379
الفصل الثاني :الممارسة الفعلية للحقوق السياسية في البلدين
إن الحديث عن الضمانات القانونية للحق وق السياس ية اليتحق ق إال من خالل التك ريس الفعلي لممارس ة
هذه الحقوق على المستوى العملي ،وذلك بتمكين الجميع أفرادا وجماعات من الولوج إلى هذه الحقوق عبر
شروط واضحة وسهلة وممكنة،
ل ذلك تب نى المش رع مقارن ة مرن ة وديمقراطي ة في تمكين األف راد والجماع ات من الممارس ة الفعلي ة
للحقوق السياسية ،سواء منه ا الح ق في المش اركة السياس ية أو تأس يس األح زاب والجمعي ات أو ممارس ة
حرية التعبير أو التجمع السلمي وغيرها من الحقوق التي سيتم مناقشتها في هذا الفصل.
وعلي ه ،س يتم توزي ع ه ذا الفص ل إلى مبح ثين إث نين ،يتع رض المبحث األول للح ق في المش اركة
السياسية وتأسيس تنظيمات سياسية ومدنية في البلدين ،ويتناول المبحث الث اني الح ق في ت ولي المناص ب
والوظائف العامة وضماناته.
380
المبحث األول :الحق في المشاركة السياسية وتأسيس التنظيمات السياسية والمدنية في البلدين
تش كل المش اركة السياس ية وتأس يس التنظيم ات السياس ية والمدني ة أح د أهم الحق وق السياس ية
المنصوص عليها في المواثيق الدولية والقوانين الوطنية ،وعلى أساسها تقاس درجة الديمقراطي ة والحري ة
السياسية في األنظم ة السياس ية ،وتعتم دها األمم المتح دة كمعي ار ج دي وفع ال عن د إع داد تقري ر التنمي ة
البشرية أو عند إعداد تقا رير ذات الصلة بحقوق اإلنسان التي تعدها المنظمات الحكومية وغير الحكومية.
وتتضمن المشاركة السياسية وتأسيس التنظيمات السياسية والمدنية المس اهمة الرس مية وغ ير الرس مية
لألفراد والجماعات في كل أنشطة المجتمع السياسية واالقتصادية واالجتماعية به دف المش اركة في ت دبير
الشأن العام وتحقيق المصلحة العامة.
لذلك سيتم تحلي ل ه ذا المبحث المعن ون ب الحق في المش اركة السياس ية وتأس يس التنظيم ات السياس ية
والمدنية في البلدين من خالل مطلبين إثنين ،يتعرض المطلب األول للحق في المشاركة السياسية في عمان
والمغرب ،ويتناول المطلب الثاني للحق في تأسيس التنظيمات السياسية والمدنية في البلدين.
يتناول هذا المطلب الحق في المشاركة السياسية في كل من المغ رب وس لطنة عم ان من خالل ف رعين
إثنين ،يتعرض الفرع األول للحق في المشاركة السياسية في سلطنة عمان ،ويهتم الفرع الث اني بالمش اركة
السياسية بالمملكة المغربية.
يعتبر العدي د من الب احثين ب أن س لطنة عم ان تع د من أوائ ل دول الخليج ال تي عاش ت تجرب ة
ديمقراطية ،من خالل إقام ة دول ة تق وم على أس اس اإلنتخ اب س واء في مجلس الش ورى أو في المج الس
381
البلدية ،وهذا ما جعل سلطة عم ان ت ركم تجرب ة هام ة في مج ال المش اركة السياس ية ال تي تس مح لجمي ع
المواطين بالمساهمة في تدبير الشأن العام المحلي والوطني.
وفي ه ذا المنحى ،س يتم تقس يم ه ذا الف رع إلى عنص رين ،يهم العنص ر األول المش اركة في مجلس
الشورى ،ويتعلق العنصر الثاني بالمشاركة في المجالس البلدية.
كم ا ه و معل وم أن مجلس الش ورى ه و المجلس المنتخب ال ذي يض م بين جنبات ه أعض اء وث ق فيهم
الناخبون وانتخب وهم ليمثل وهم ويكون وا ص وتا لهم ،وله ذا ف إن المجلس المنتخب غالب ا م ا يتس م أعض اؤه
بالحماس الزائد ،والرغبة لإلبقاء على حبال الود مع الناخبين.
787
إذ يتألف مجلس الشورى من أعضاء منتخبين انتخابا عاما وس ريا ومباش را ،وفق ا لق انون االنتخ اب
الذي يحدد نظام االنتخاب وشروطه والعملية االنتخابي ة باإلض افة إلى الج رائم ال تي يكن أن تلح ق بعملي ة
االنتخاب .سنخص بالذكر هيئة الناخبين ثم العملية االنتخابية .
الناخبون هم عماد الديموقراطية فال ديموقراطية دون مشاركة الشعب في الش ؤون العام ة ال تي تعت بر
االنتخاب مظهرا من مظاهر ممارستها.
وتحديد عدد الناخبون أو الجسم االنتخابي في بلد معين يتوقف على اتجاه وفلس فة التش ريعات فيه ا فيم ا
إذا كانت تأخذ بنظام االنتخاب (االقتراع) العام أو المقيد.
فاالنتخاب يكوم عاما إذا لم يحرم المواطن من ممارسة االنتخاب بس بب جهل ه أو فق ره أو ع دم انتمائ ه
إلى طبقة معينه ،فعدم اشتراط توافر مستوى معين من التعليم أو نص اب م الي معين أو االنتم اء إلى طبق ة
سياسية أو اجتماعية معينة تتيح وتوسع دائرة الناخبين ،ومع ذلك فإن اش تراط بعض الش روط التنظيمي ة ال
تتعارض مع مبدأ االنتخاب العام منها الجنسية والسن والقيد في السجل االنتخابي.
،788
ويكون االنتخاب مقيدا إذا اشترط القانون في الناخب توافر شروط خاصة ك التعليم أو الق درة المالية
أو االنتماء إلى طبقة معينة حتى يتمكن من مباشرة حق االنتخاب.
382
فاشتراط أحد تلك الشروط أو حتى ما هو قريب منها مما يترتب عليه تقييد حق االنتخاب ،يع د خروج ا
على مب دأ االنتخ اب الع ام ،ويك ون أم ام نظ ام انتخ ابي مقي د يجع ل من نظ ام االنتخ اب نظام ا مقص ورا
ومحصورا على طبقة معينة ،ناهيك عما يخلقه من تمييز وتفتيت للمجتمع ينعكس سلبا على تماسك الوح دة
الوطنية للدولة ،لذلك تأخذ غالبية الدول في الوقت الحاضر بمبدأ االنتخاب العام.789
وفيما يتعلق بسلطنة عمان فإن أول انتخابات نظمت فيها كانت عام 1991م ،ولكنها اقتصرت على عدد
محدود ولم تشارك فيها المراءة منذ البداية ،تطورت بعد ذلك لتشهد االنتخابات التي أج ريت ع ام 2002م،
بدء تطبيق نظام االنتخاب العام والسماح للمرأة بأن تكون ناخبة ومنتخبة حيث بلغ عدد الن اخبين 261133
ناخب ،ارتفع في الفترة السابعة 2011م إلى 518101ناخب.790
ويستند نظام االنتخاب العام في الوقت الحالي إلى المادة 58مكررا 9من النظام األساس ي للدول ة ال تي
تنص على أن "يكون انتخاب أعضاء مجلس الش ورى ب االقتراع الع ام الس ري المباش ر على النح و ال ذي
يبينه قانون االنتخاب" ثم جاء قانون االنتخابات الصادر بالرسوم السلطاني رقم (58/2013م) ليكمل حلق ة
التشريعات المنظمة لالنتخابات.
اشترط قانون انتخابات أعضاء مجلس الشورى التمتع بحق االنتخ اب ت وافر بعض الش روط التنظيمي ة
في الناخب وهي:
-1الجنســية :يش ترط أن يك ون الن اخب عم اني الجنس ية وه ذا أم ر ط بيعي وتحتم ه مص لحة
الوطن ،إذ ال يقبل عقال وال منطقا أن يسمح لألجنبي المتواجد في البالد بصفة عارضه وال تربط ه
بها رابطة االنتماء والوالء أن يمارس االنتخاب حاله كحال الوطني وهذا الشرط معمول به في كل
قوانين االنتخاب في العالم.
383
ويالحظ أن المشرع العماني لم يذهب كما فعلت بعض التشريعات 791باشتراط مض ي ف ترة زمني ة على
المتجنس لكي يسمح له بممارسة حق االنتخاب بل أعطاه هذا الحق بمجرد حصوله على الجنسية العمانية.
-2السن :لكي يسمح للمواطن بمباشرة حق االنتخاب البد وأن يكون ق د أتم س نا معين ة ،حيث
يعتبر بلوغه هذا السن قرينة على إدراكه وإلمامه للحياة السياسية ،والمسؤولية الملقاة على عاتق ة
.792
عندما يذهب إلى صناديق االقتراع
ويطلق على هذا السن (سن الرشد السياسي) الذي يختلف في بعض التشريعات عن سن الرشد الم دني،
إما بزيادة سن الرشد المدني ،793وإما بتخفيضه 794بحسب الفلسفة وظروف كل بلد على حدة.
وسن االنتخاب بحسب الم ادة 23من ق انون انتخاب ات أعض اء مجلس الش ورى ه و 21عام ا ميالدي ا
ويجب أن يكون الناخب قد أكملها في اليوم األول من شهر يناير من السنة التي تجري فيها االنتخابات.
-3القيد في الســجل االنتخــابي :يشترط لممارس ة ح ق االنتخ اب أن يك ون الن اخب مقي دا في
السجل االنتخابي فدون هذا القيد ال يمكنه مباشرة حق االنتخاب.795
والسجل االنتخابي هو عبارة عن كشف يدرج فيه أسماء األشخاص الذين تتوافر فيهم الشروط المطلوبة
للتمتع بحق االنتخاب ،ويعد حجة قاطعة وقت االنتخاب وعلى ض وئه يتم إع داد الق وائم االنتخابي ة األولي ة
للناخبين في كل والية من واليات السلطنة.796
وقد نظم قانون انتخابات أعضاء مجلس الشورى الس جل االنتخ ابي في الفص ل الث الث (الم واد من 23
إلى )33من حيث إعداده والبينات الالزم تضمينها في ه إج راءات نق ل القي د وكيفي ة إع داد ق وائم الن اخبين
وإجراءات االعتراض والطعن عليها.
وحرصت وزارة الداخلية بصفتها الجهة المعنية بالعملية االنتخابية برمتها على إنشاء السجل االنتخ ابي
منذ انتخابات الف ترة الخامس ة ال تي ج رت في ع ام 2002م ،797وهي تعم ل على مراجعت ه وتنقيت ه بص فة
مستمرة حتى يكون بحق أصدق تعبير عن رأي الشعب.
- 791من التشريعات التي اشترطت مضي فترة زمنية على الشخص المتجنس للممارسة حق االنتخاب ،الق$$انون الكوي$$تي حيث اش$$ترطت الم$$ادة 6
من قانون الجنسية الصادر بالمرسوم رقم ( 15/1959م) ،مضي عشرين سنة وهي مدة طويلة ومبالغ فيها إذا ماقورنت بتشريعات دول أخرى.
- 792من الدول العربية التي ساورت بين سن الرشد السياسي والمدني األردن وهو إتمام 18سنة.
- 793من الدول العربية التي رفعت سن الرشد المدني لبنان والكويت $حيث حددت األولى ب 21سنة فيما الثانية ب 18سنة.
- 794على سبيل المثال سوريا حددت المادة 59من الدستور سن االنتخاب 18سنة كذلك الحال في مصر.
- 795من البيانات التي يتضمنها السجل االنتخابي اسم الناخب كامال من واقع السجل المدني ،وتاريخ ومحل ميالده ،ومقر االنتخاب ورقمه الم$$دني
(المادة )25من قانون انتخابات أعضاء مجلس الشورى.
- 796على الرغم من أن قانون االنتخاب$$ات لم يتع$$رض لمص$$طلح ال$$دوائر االنتخابي$ة ،إال أن$ه يمكن اعتب$ار ك$$ل والي$ة من والي$$ات الس$لطنة دائ$رة
انتخابية.
- 797الدكتور شهاب بن أحمد بن علي الجابري :شرح قانون انتخابات أعضاء مجلس الشورى العماني ،مرجع سابق ،الصفحة90:
384
بقى أن ننوه كما نوهنا سابقا ،798أن القيد في السجل االنتخابي ال يعد شرطا منشئا لحق االنتخاب بل ه و
قرينة إلثبات توافر هذا الحق ،وبمع نى أخ ر ف إن القي د في الس جل االنتخ ابي عم ل إق راري كاش ف لح ق
االنتخاب وليس عمل إنشائي لهذا الحق.
على الرغم من أن النظام األساسي للدولة لم يتطرق لموضوع اإلدارة المحلية ،وال إلى التقسيم اإلداري
للسلطنة ،إال أنه كرس بحق في المادة التاسعة مبدأ المشاركة الشعبية حيث نصت على أن "يق وم الحكم في
السلطنة على أساس العدل والشورى والمساواة وللمواطنين وفقا لهذا النظام األساسي والشروط واألوضاع
التي يبينها القانون حق المشاركة في الشؤون العامة".
وفي إطار تعداد المبادئ الموجهة لسياسة الدولة جاء ضمن هذه المبادئ في الفقرة في الفقرة الثالث ة من
المادة العاشرة "إقامة نظام إداري سليم يكفل العدل والطمأنينة والمساواة للمواطنين ويضمن احترام للنظ ام
العام ورعاية المصالح العليا للوطن".
وتأكيدا لحق المشاركة الش عبية في الش ؤون العام ة في س بيل ت دعيم الوح دة الوطني ة وتحقي ق التكام ل
الوطني ،إضافة غلى رغبة الحكومة في سرعة اإلنجاز وتبس يط اإلج راءات ،ومراع اة الظ روف المحلي ة
الخاصة بكل محافظة صدر في السادس والعشرين من أكتوبر عام 2011قانون المج الس البلدي ة بم وجب
المرسوم السلطاني رقم ( )2011.116ثم ص درت الالئح ة التنفيذي ة للق انون بم وجب ق رار وزي ر دي وان
البالط السلطاني رقم (.)2012/15
قضت المادة الرابعة من قانون المج الس البلدي ة بإنش اء مجلس البل دي في ك ل محافظ ة من محافظ ات
السلطنة يكون مقره في الوالية التي يقع بها مركز المحافظ ة .وي رأس المحاف ظ المجلس البل دي للمحافظ ة
باستثناء مجلسي البلدي لمحافظتي مسقط وظفار حيث يتولى رئاس ة ه ذين المجلس ين ك ل من رئيس بلدي ة
مسقط ورئيس بلدية ظفار.799
يتكون ك ل مجلس بل دي من فئ تين من األعض اء الفئ ة األولى أعض اء ب التعيين والفئ ة الثاني ة أعض اء
باالنتخاب.
- 798الدكتور سالم بن سلمان الشكيلي :شرح المبادئ العامة في القانون الدستوري والنظام األساسي العماني ،مرجع سابق ،الصفحة.128:
- 799المادة 5من قانون المجالس البلدية
385
الفقرة الثانية :األعضاء المعينون
أ-أعضاء معينون بقوة القانون يمثلون بعض ال وزارات والوح دات الحكومي ة الخدمي ة بواق ع
ممثل واحد عن:
-وزارة البلديات اإلقليمية وموارد المياه أو بلدية مسقط أو بلدية ظفار بحسب األحوال800؛
-وزارة السكنى،
-وزارة الصحة؛
-وزارة السياحة؛
ب-عضوان من أهل المشورة والرأي يتم اختيارهما من أبناء المحافظة ويصدر بتعيينهما قرار
من وزي ر دي وان البالط الس لطاني بالنس بة للمجلس البل دي لمحافظ ة مس قط ،ومن وزي ر الدول ة
ومحافظة ظفار بالنس بة للمجلس البل دي لمحافظ ة ظف ار ومن وزي ر الداخلي ة لبقي ة المج الس في
المحافظات األخرى.802
تتمث ل ك ل والي ة من والي ات المحافظ ة في المجلس البل دي بع دد من األعض اء يختل ف من والي ة إلى
أخرى بحسب الكثافة السكانية للوالية .فالوالية التي ال يزيد عدد سكانها من العم انيين على 30000ثالثين
ألف نسمة تنتخب عضوين من أبنائها .أما الوالية التي يزيد عدد سكانها من العم انيين على 30000ثالثين
- 800في جانب خدمات البلديات تستقل بلدية مسقط عن تبعية وزارة البلديات اإلقليمية وموارد المياه حيث تتب$$ع بلدي$$ة مس$$قط وزي$$ر دي$$وان البالط
السلطاني ،كما تستقل بلدية ظفار وتتبع وزير الدولة ومحافظ ظفار.
- 801تستقل بلدية صحار بوضع قانوني وتتبع وزارة ديوان البالط السلطاني
- 802المادة 6من قانون المجالس البلدية
386
ألف نسمة فتنتخب أربعة أعضاء .فيما تنتخب الوالية ال تي يزي د ع دد س كانها من العم انيين 60000على
ستين ألف نسمة ستة أعضاء.
ويص در بس مية جمي ع األعض اء ق رار من وزي ر ال ديوان البالط الس لطاني بالنس بة للمجلس البل دي
لمحافظة مسقط .ومن وزير الدول ة ومحاف ظ ظف ار بالنس بة للمجلس البل دي لمحافظ ة ظف ار ،ومن وزي ر
الداخلية لباقي المحافظات.803
وفي الواقع فإن الجمع بين أسلوب االنتخاب والتعيين في تش كيل المج الس البلدي ة من اآللي ات المألوف ة
وه و يحق ق محم دة األس لوبين ،ولكن لعل ه من المناس ب أن يت دخل المش رع الق انوني إليج اد آلي ة تح دث
الت وازن بين األعض اء المنتخ بين واألعض اء المعن يين في المحافظ ات ذات الكثاف ة الس كانية القليل ة وهي
محافظات مسندم والبريمي والوسطى.
حددت الم ادة 8من ق انون المج الس البلدي ة الش روط ال واجب توافره ا فيمن يترش ح لعض وية أي ا من
المجالس البلدية وهي:
-أن يكون من ذوي المكانة والسمعة الحسنة في الوالية وأال يكون قد حكم عليه بعقوبة جناية أو
في جريمة مخلة بالشرف أو األمانة ما لم يكن قد رد إليه اعتباره؛
-أن يكون على مستوى مقبول من الثقافة وأن تكون لديه خبرة عملية مناسبة؛
-أال يكون عض وا في مجلس ي الدول ة أو الش ورى أو موظف ا بإح دى وح دات الجه از اإلداري
للدولة.
387
فترة العضوية في المجلس البلدي أربع سنوات ميالدية يجوز تجدي دها لف ترات أخ رى 804ويقس م رئيس
المجلس واألعضاء قبل مباشرتهم أعمالهم اليمين المنصوص عليه في المادة العاش رة من ق انون المج الس
البلدية.
وإذا خال مك ان أح د أعض اء المجلس من المنتخ بين قب ل انته اء ف ترة المجلس بس نة كامل ة ح ل محل ه
الحاصل على أكثر األصوات من المترشحين ،وفي حالة عدم وجود مرشح يحل محله اتخ ذت اإلج راءات
الالزمة النتخاب عضو جديد من ذات الوالية وبالنسبة للعضو المعين باالختيار اتبعت نفس اإلجراءات في
تعيين سلفه.805
يعد المغرب أول الدول العربية واإلفريقية التي تبنت إصالحات ديمقراطية بع د اإلس تقالل ،حيث ش كل
دستور 1962تأسيسا لهذا اإلصالح القائم على تسيير إستفادة المواطنين من الحقوق السياس ية ذات الص لة
بالمشاركة اإلنتخابية ،وتكرس ذلك من خالل اإلصالحات الدستورية المتعاقبة خاص ة دس اتير التس عينات
التي ضخت نفسا جديدا على هذه الحقوق.
وفي ذات التوج ه ،ع زز دس تور 2011ض مانات وآلي ات اإلس تفادة من الحق وق المتعلق ة بالمش اركة
السياسية ،عبر تجويد المؤسسات التمثيلية وتدعيم صالحياتها وتوسيع التمثيلية داخلها.
وبناء على ماتقدم ،سيتم تقسيم هذا الفرع إلى عنصرين إث نين ،يتع رض العنص ر األول إلى المش اركة
في المجالس البرلمانية ،ويعالج العنصر الثاني للمشاركة في المجالس الترابية.
يعتبر البرلمان من الناحية النظرية ،الجهة المختصة بإنتاج القوانين باإلض افة إلى وظيفت ه الرقابي ة من
خالل األدوات واألس اليب ال تي أناطه ا المش رع الدس توري به ذه المؤسس ة ،ذل ك أن ه باس تثناء بعض
االختصاص ات ال تي أس ندها الدس تور ص راحة إلى المل ك أو الحكوم ة ،ف إن جمي ع الق وانين تص در عن
البرلمان.
804
المادة 22من قانون المجالس البلدية -
805
المادة 22من قانون المجالس البلدية -
388
وقد حدد دستور 2011آليات اشتغال البرلمان واختصاصاته بشكل أكثر وضوحا من الدساتير السابقة،
حيث نص في فصله 70على أن البرلمان يمارس السلطة التشريعية ،وح دد مج ال الق انون في الفص ل 71
من دستور ،2011باإلضافة إلى مجاالت أخرى منصوص عليها في فصول أخرى من الدستور.
يجب أن نمــيز هنــا بين مرحلــتين ،أوالهمــا مرحلــة مــا قبــل ( 2011أوال) ،ثم مســتجدات الوثيقــة
الدستورية لسنة 2011بخصوص مجلس النواب وتشكيلته وهيكلته واختصاصاته (ثانيا).
لم تعرف مؤسسة البرلم ان في ظ ل الدس اتير المغربي ة الس ابقة على الدس تور الح الي تم اثال من حيث
طريقة تكوين البرلمان ،كما ألن عدد أعضائه لم يبق جامدا بل ش هد تغ يرا وفق ا لتغ ير الق وانين التنظيمي ة
المحددة لعدد النواب وطريقة انتخابهم وشروط القابلية لالنتخاب وحاالت التنافي.
تشكلت مؤسسة البرلمان في ظل دستور 806 1962من مجلسين ،مجلس الن واب ومجلس المستش ارين،
حيث كان ينتخب مجلس النواب باالقتراع العام المباشر (االقتراع العام األح ادي النس بي في دورة واح دة)
لمدة أربع سنوات ويتحدد عدد أعضائه في 144عضوا.
قد تغيرت وضعية البرلمان على مستوى الش كل في ظ ل دس تور 1970حيث اس تبدل نظ ام المجلس ين
بنظام المجلس الواحد ،وبذلك أضحى البرلمان يتألف من مجلس أحادي أطلق عليه اس م "مجلس الن واب"،
وكان مجلس النواب يتألف أنداك من أعضاء منتخبين ب االقتراع الع ام المباش ر ومن أعض اء منتخ بين من
ل دن جماع ة ناخب ة تت ألف من مستش اري المج الس الحض رية والقروي ة ومن أعض اء منتخ بين من ل دن
جماعات ناخبة تشتمل على المنتخبين بالغرف المهنية وعلى ممثلي المأجورين .وبناء على الفص ل 43من
الدس تور 1970ص در ق انون تنظيمي ينص في فص له األول على أن مجلس الن واب يتك ون من 240
عضوا ،ينتخب 40منهم بواسطة االقتراع المباشر و 40ينتخبون من بين ممثلي الجماعات المحلي ة و 60
ينتخبون من أعضاء الغرف الفالحية ( 24عضوا) أعضاء ومن بين ممثلي المأجورين (عضو واحد فقط).
ويتبين من خالل ذلك أن مجلس النواب كان يتألف من فئتين من األعضاء.
- 806قبل إحداث البرلمان في ظل دستور 14دجنبر ،1962عرف المغرب تجربة انتقالية قصيرة تجلت في إحداث المجلس الوطني اإلستش$$اري
( 12نونبر 23 -1956ماي .)1959
389
ويالحظ أن عدد أعضاء النواب الذين ينتخبون ب االقتراع الع ام المباش ر ق د انخفض من دس تور 1962
إلى 1972من 144عض وا إلى 40عض و ،وق د أدى ه ذا التوج ه إلى إض عاف التمثي ل الش عبي لمجلس
النواب وأضحى انتخاب ثلثي أعضائه باالقتراع العام غير المباشر.
بعد التعديل الدستوري لسنة ،1972أصبح تأليف البرلمان من مجلس واحد (مجلس النواب) يضم فئتين
من األعضاء :فئة مكونة من ثلثي األعضاء وتنتخب باالقتراع الع ام المباش ر وفئ ة ثاني ة مش كلة من ثل ثي
أعضاء مجلس النواب وتنتخب باالقتراع العام غير المباشر من قبل هيئة ناخبة تتألف من أعضاء المجالس
الحضرية والقروية ومن لدن هيئة ناخبة تتألف من المنتخبين بالغرف المهنية وممثلي الم أجورين (الفص ل
43من دستور .)1972وقد صدر قانون تنظيمي بتاريخ 9ماي 1977لتحديد أعض اء مجلس الن واب في
264عضوا ،وبعد اس ترجاع المغ رب إلقليم ه الص حراوي وادي ال ذهب أض يفت ثالث ة مقاع د بمقتض ى
الق انون التنظيمي رقم 79.16بت اريخ 8نون بر ،1979حيث أص بح ع دد أعض اء مجلس الن واب 267
عضوا ،واستجابة من المشرع لمطلب إلشراك العمال المغارب ة بالخ ارج وض مان تم ثيلهم ،ص در ق انون
تنظيمي رقم 83.28بتاريخ 28يناير 1984إلضافة مقتضيات جديدة .وهكذا أصبح يتألف مجلس الن واب
من 306أعضاء من بينهم ينتخبون باالقتراع العام المباشر و 60تنتخبهم هيئة متألف ة من أعض اء مج الس
الجماعات الحضرية والقروية و 32تنتخبهم هيئات تتألف من أعضاء الغرف الفالحي ة والغ رف التجاري ة
والصناعة وغرف الصناعة التقليدية و 10أعضاء تنتخبهم متألفة من ممثلي المأجورين.
واستنادا على ما تقدم ،يالحظ ارتفاع عدد النواب المنتخبين باالقتراع العام المباشر من 90عض وا إلى
( 204من دستور 1970إلى دس تور )1972وع ودة المش رع إلى توس يع م دة الوالي ة التش ريعية من 4
سنوات إلى 6سنوات من خالل التعديل الدستوري الذي تم إجراؤه بتاريخ 30ماي .1970
أما الدستور المعدل لسنة ،1992فقد تضمن مقتضيات جديدة تهم إعادة ترتيب وظائف وكيفي ة انتخ اب
البرلمان .إذ أصبح تأليف مجلس النواب من فئ تين :فئ ة تتش كل من ثل ثي أعض اء مجلس الن واب ينتخب ون
باالقتراع العام المباشر وعددها 222عضوا؛ وتنتخب باالقتراع الع ام غ ير المباش ر من ل دن هيئ ة ناخب ة
مشكلة من أعضاء المجالس الحض رية والقروي ة ،ومن ل دن هيئ ة ناخب ة تت ألف من المنتخ بين في الغ رف
المهنية ،وممثلي المأجورين (الفق رة األولى من الفص ل 43من دس تور )1992وع دد أعض اء ه ده الفئ ة
111عضوا .ويالحظ بهذا الصدد أن عدد مجلس النواب المنتخبين عن طريق االق تراع الع ام المباش ر ق د
ارتفع من 204عضوا إلى ( 222من دستور 1972إلى دس تور )1992كم ا أن المش رع ق د حاف ظ على
مدة االنتداب التشريعي والمحددة في ست سنوات.
390
ارتبطت اإلصالحات التي جاء به ا ه ذا التع ديل الدس توري لس نة 1992على وج ه الخص وص ببني ة
البرلمان وسلطاته ،807وتتحدد أبرز مالمح هذا اإلصالح الدستوري بالعودة إلى تبني نظام المجلس ين ال ذي
ك ان س ائدا في ظ ل دس تور ،1962رغم أن ه ذه التجرب ة اختلفت عن نظ ام المجلس ين في ظ ل دس تور
،1992كم ا تم تخفيض والي ة الن واب إلى 5س نوات ورف ع ع دد أعض اء المجلس إلى ثالثمائ ة وخمس ة
عش رين عض وا( .)325يب دو أن المش رع حاف ظ على نفس النهج المق رر من ذ دس تور ،1962وذل ك أن
انتخاب أعضاء الغرفة األولى يتم من قبل أفراد الشعب بصفة مباشرة عن طريق التص ويت الع ام المباش ر
وبأسلوب االقتراع الفردي باألغلبية النسبية في دورة واحدة.
شكل الحسم الدستوري إلشكالية مصدر الس لطة في الوثيق ة الدس تورية ل 29يولي وز ،2011منطلق ا
أساس يا ناظم ا للهندس ة الدس تورية الجدي دة ،حيث تم إق رار الس يادة لألم ة تمارس ها مباش رة عن طري ق
االستفتاء ،وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها مع ربط التمثيل باالقتراع الحر والنزيه والمنظم ،وه ذا م ا
يقود إلى جعل البرلمان سيد ميدانه فيما يخص وظيفة التمثي ل السياس ي لألم ة ،خاص ة م ع إع ادة تعري ف
وظيفة الملك كممثل أسمى للدولة .808ونذكر في ما يلي أهم مستجدات هيكلة وتنظيم مجلس النواب في ظ ل
الوثيقة الدستورية الحالية:
ينص الفصل 62من دستور 2011على أن أعضاء مجلس الن واب ينتخب ون ب االقتراع الع ام المباش ر
لم دة خمس س نوات ،وتنتهي عض ويتهم عن د افتت اح دورة أكت وبر من الس نة الخامس ة ال تي تلي انتخ اب
المجلس .وقد أحال المش رع الدس توري في الفق رة الثاني ة من الفص ل 62من الدس تور إلى ق انون تنظيمي
يبين عدد أعضاء مجلس النواب ،ونظام انتخ ابهم ومب ادئ التقس يم االنتخ ابي وش روط القابلي ة لالنتخ اب،
وحاالت التنافي ،وقواعد الحد من الجمع بين اإلنتدابات ،ونظام المنازعات االنتخابية .كم ا أح اط المش رع
الدستوري المسلسل االنتخابي بض مانات تتجلى في دس ترة المالحظ ة االنتخابي ة من خالل التنص يص في
الفصل 11من دستور 2011على أن االنتخابات الحرة والنزيهة والش فافة هي أس اس مش روعية التمثي ل
ال ديموقراطي .ولتفعي ل ه ذه المقتض يات ص درت بع د االس تفتاء الدس توري للف اتح من يولي وز ،2011
مجموعة من القوانين المنظمة لالنتخابات التشريعية أهمها:
807
عمر بندور :النظام السياسي المغربي ،سلسلة القانون العام ،الطبعة األولى ،2002الصفحة- 138 :
808
حسن طارق :السياسات العمومية في الدستور المغربي الجديد ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية ( -
،)92.الطبعة األولى ،2012الصفحة21 :
391
-القانون التنظيمي المتعلق باألحزاب السياسية رقم 29.11بتاريخ 22أكتوبر .2011
-القانون المتعلق بتحديد شروط وكيفيات المالحظة المستقلة والمحاي دة لالنتخاب ات رقم 11.30
بتاريخ 29شتنبر .2011
وتضمن القانون التنظيمي رقم 28.11المتعلق بمجلس النواب العديد من المستجدات لعل أهمها توسيع
دائرة المشاركة السياس ية وذل ك بخفض س ن الترش ح لعض وية مجلس الن واب من 23س نة إلى 18س نة،
ورفع عدد أعضاء مجلس النواب من 325عضوا إلى 395عضوا منهم 90عضوا ينتخبون برسم الدائرة
االنتخابية الوطنية ،809وفتح المجال للمغارب ة المقيمين بالخ ارج للتص ويت في االق تراع المتعل ق بانتخ اب
أعض اء مجلس الن واب عن طري ق الوكال ة ،وتش ديد ح االت التن افي لتش مل ص فة عض و في المحكم ة
الدستورية والمجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ورئاسة مجلس جهة ورئاسة أك ثر من رئاس ة واح دة
لغرفة مهنية أو مجلس جماعة ترابية وصفة عضو في الحكومة وك ل مهم ة عمومي ة انتخابي ة في مص الح
الدولة أو الجماع ات الترابي ة أو المؤسس ات العمومي ة .كم ا تم تح ريم الترح ال السياس ي ص راحة ،تحت
طائلة تجريد أي نائب تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه في االنتخابات التش ريعية من عض وية
مجلس النواب ،وهو ما أكده القانون التنظيمي المتعلق باألحزاب السياسية والنظام ال داخلي لمجلس الن واب
لسنة.
تتعلق المالحظة الثانية بالسرعة التي نوقش ت به ا المش اريع القانوني ة الخاص ة باالنتخاب ات التش ريعية
(مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب ومشروع القانون التنظيمي المتعلق باألحزاب السياس ية
وبمشروع القانون المتعلق بالمالحظة االنتخابية) .كما لوح ظ أيض ا ض عف مس اهمة اقتراح ات األح زاب
السياسية وهيئات المجتمع المدني ،بل حتى النقاش ال ذي واكب خ روج ه ذه الق وانين داخ ل البرلم ان ك ان
محتشما حيث حضر ما يقل عن ربع أعضاء مجلس النواب في جلسات التصويت.
- 809فتح المشرع المجال للشباب ،حيث أضحت الالئحة الوطنية تشتمل باإلضافة إلى 60مقعدا للنساء 30مقعدا للشباب.
- 810عبد القادر باينة :اللجوء إلى الفصل 51الذي يمكن الملك من حل مجلس النواب ،جريدة االتحاد االشتراكي 20(،و 21غشت .)2011
- 811عبد العزيز المغاري :مالحظات حول تحديد تاريخ انتخابات أعضاء مجلس النواب ،جريدة االتحاد االشتراكي 24 ،غشت .2011
- 812انظر المذكرة التي قدمها عبد الرحمان بن عمرو نيابة عن حزب الطليعة الديموقراطي االشتراكي أمام الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض ،ضد
رئيس الحكومة ووزير الداخلية بتاريخ 3نون$$بر ،2011قص$$د إلغ$$اء المرس$$وم رقم 2.11.604الص$$ادر في 19أكت$$وبر ،2011وال$$ذي يح$$دد
بموجبه تاريخ انتخاب أعضاء مجلس النواب.
392
ويالحظ أخيرا أن قرارات المجلس الدستوري أثارت نقاش ات كث يرة ،خاص ة الق رار رقم 817/2011
بت اريخ 13أكت وبر ،2011المتعل ق ب البث في م دى مطابق ة الق انون التنظيمي رقم 27.11813الخ اص
بمجلس النواب للدستور والنقاش حول مدى دستورية انتخاب 90عضوا ضمن الالئحة الوطنية.
تتشكل هياك ل مجلس الن واب من المكتب الم ؤقت باعتب اره مؤسس ة انتقالية 814ومكتب مجلس الن واب،
(لجنة مراقبة صرف ميزانية المجلس) ،الفرق والمجموعات النيابية ،اللجان الدائمة ،وندوة الرؤساء.
تنص الفقرة األولى من الفص ل 62من دس تور 2011على أن رئيس مجلس الن واب وأعض اء المكتب
ورؤساء اللجان الدائمة ومكاتبها ينتخبون في مستهل الفترة النيابية ،ثم في س نتها الثالث ة عن د دورة أبري ل،
لما تبقى من الفترة المذكورة.
واشترط المشرع الدستوري في نفس الفقرة األخيرة من الفصل األخ يرة من الفص ل المش ار إلي ه أعاله
انتخاب أعضاء المكتب وفق مسطرة التمثيل النسبي لكل فريق.
لقد حافظ النظام الداخلي لسنة 2013على نفس تركيبة مكتب مجلس الن واب المح ددة من خالل النظ ام
الداخلي لسنة .2004
ولعل المستجد الذي جاء به هذا النظام الداخلي يتعلق بتأليف مكتب مجلس النواب ،يتحدد من خالل فتح
المجال أمام فرق المعارضة لتقدم مرشحيها لمنصب محاسب واحد أو أمين واحد.815
باإلض افة إلى مس تجد آخ ر يتمث ل في انتخ اب رئيس مجلس الن واب وهج ر قاع دة "تع ادل األص وات
يكرس المرشح األكبر سنا فائزا".
بيد أن النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2013حافظ على نفس المسطرة التي حددها النظام ال داخلي
لمجلس النواب لسنة 2004فيما يتعل ق بانتخ اب رئيس مجلس الن واب ،حيث ينتخب رئيس مجلس الن واب
في مستهل الفترة النيابية ،ثم في سنتها الثالثة عند دورة أبريل لم ا تبقى من الف ترة الم ذكورة ،حيث ينتخب
ال رئيس عن طري ق االق تراع الس ري باألغلبي ة المطلق ة لألعض اء ال ذين يتك ون منهم المجلس في ال دور
- 813القانون التنظيمي رقم 27.11المتعلق بمجلس النواب ،الصادر بتاريخ 14أكت$وبر ،2011المغ$$ير والمتمم بالق$$انون التنظيمي $رقم 20.16
الصادر بتاريخ 10أغس$$طس ،2016الجري$$دة الرس$$مية ع$دد 5987في 17أكت$$وبر 2011الص$$فحة 5053 :والع$$دد 6490في 11أغس$$طس
،2016الصفحة 5853
- 814للمزيد من التفاصيل حول اإلشكاليات الدستورية المرتبطة بالقانون التنظيمي $رقم 27.11المتعلق بمجلس النواب ،انظر:
-حسن طارق :السياسات العمومية في الدستور المغربي الجديد ،م،س ،الصفحة.108 :
-مصطفى قلوش :النص الدستوري غير السليم وتأويل المجلس الدستوري غير القويم ،مقال منشور على الجري$$دة اإللكتروني$$ة هيس$$بريس ،بت$$اريخ
الخميس 29مارس .2012
-أحمد حض$$راني :القاض$$ي الدس$$توري حكم سياس$$ي إلى حين تنص$$ب المحكم$$ة الدس$$تورية ،جري$$دة ال$$وطن اآلن 5 ،أبري$$ل ،2012الع$$دد ،468
الصفحة 22 :و 23
- 815يستمر $المجلس الدستوري القائم حاليا في ممارسة صالحياته ،إلى أن يتم تنصيب المحكمة الدستورية المنصوص عليها في الدستور' ،الفصل
177من دستور .)2011
393
األول ،وباألغلبية النسبية في الدور الثاني .غير أن النظ ام ال داخلي لمجلس الن واب لس نة 2013أق ر عن د
تع ادل األص وات المرش ح األص غر س نا ف ائزا ،ويتم اللج وء إلى القرع ة لإلعالن عن الف ائز إذا حص ل
التساوي في السن ،وإذا كان المرشح واحدا فباألغلبية النسبية في دورة واحدة.
ويالحظ أن المشرع انتقل في الحالة التي يتعادل فيها المترشحون لمنصب رئاس ة مكتب مجلس الن واب
من ترجيح المرشح األكبر سنا إلى تغليب كفة المرشح األصغر سنا ،ويثور السؤال حول روح هذا التع ديل
ومقاصد المشرع من هذا التحول.
رغم التميز الذي حظي به مجلس النواب ،إال أنه يبقى أيضا لمجلس المستش ارين دوره الفع ال .ويتجلى
ذلك من خالل الخطب الملكية والدعامة القانونية كتتويج قانوني وفعلي للمطالب اإلصالحية الكتلوية وذل ك
عبر دسترة غرفة المستشارين.
يتكون مجلس المستشارين من 90عضوا على األق ل و 120عض وا وه و الح د األقص ى المنص وص
عليه في الفصل 63من الدستور ،وينتخبون على صعيد جه ات المملك ة من ط رف هيئ ات ناخب ة جهوي ة
تمثل الجماعات الترابية 72عض وا ،والغ رف المهني ة 24عض وا والمنظم ات المهني ة للمش غلين األك ثر
تمثيلية 12عضوا ،و 12عضوا عن هيئة ممثلي المأجورين ينتخبون على الصعيد الوطني.
أما النظام االنتخابي ،فيعتمد على أسلوب االق تراع المعم ول ب ه حالي ا والمتمث ل في االق تراع بالالئح ة
وبالتمثيل النسبي على أساس قاعدة أكبر بقية ودون استعمال طريقة مزج األصوات والتصويت التفاضلي،
وتخصص المقاعد للمرشحين عن كل الئحة حسب الترتيب التم ثيلي .غ ير أن االنتخ اب يباش ر ب االقتراع
الفردي وباألغلبية النسبية في دورة واحدة إذا تعلق األم ر بانتخ اب مستش ار واح د في إلط ار هيئ ة ناخب ة
معينة.
ولقد بين القانون التنظيمي بشأن مجلس المستش ارين رقم 28816-11ع دد أعض اء مجلس المستش ارين
ونظام انتخابهم وعدد األعضاء الذين تنتخبهم كل هيئة ناخبة وتوزيع المقاعد على مختل ف جه ات المملك ة
وشروط القابلية لالنتخاب وحاالت التنافي وطريقة إجراء القرعة ،وتنظيم المنازعات االنتخابية.
ينتخب األعضاء الذين يمثلون المنظمات المهنية للمشغلين األكثر تمثيلية ،على المس توى الجه وي ،من
قبل هيئة ناخبة تتألف من المنتخبين في المنظمات المذكورة.
- 816القانون التنظيمي رقم 28.11المتعلق بمجلس المستشارين ،الصادر األم$$ر بتنفي$$ذه $بم$$وجب الظه$$ير الش$$ريف رقم 1.11.172بت$$اريخ 21
نوفمبر .2011كما وقع تغي$يره وتتميم$ه بالق$انون التنظيمي رقم 32.15الص$ادر بت$اريخ 16يولي$وز ،2015المنش$ور بالجري$دة الرس$مية ع$دد
6380بتاريخ 23يوليوز ،2015الصفحة 6708
394
يقصد في مدلول هذا القانون التنظيمي بالمنظمة المهنية للمشغلين الذين يزاول ون نش اطهم في الجه ة أو
الجه ات المعني ة في واح د أو أك ثر من قطاع ات الفالح ة أو الص يد البح ري أو الص ناعة أو التج ارة أو
الصناعة التقليدية أو الخدمات ،تستجيب للمعايير التالية:
أن تؤسس بصفة قانونية وأن تشتغل طبقا للمبادئ الديموقراطية وألنظمتها األساسية
ان يكون مقرها بالجهة أو بإحدى الجهات المعنية أو تتوفر على تمثيلية بها ،طبقا ألنظمتها األساسية.
يجب أن يؤخذ بعين االعتبار لتحديد المنظم ة المهني ة للمش غلين األك ثر تمثيلي ة ،ع دد مناص ب الش غل
المصرح بها والتي توفرها انشطة منخرطي المنظمة وكذا ال رقم اإلجم الي للمع امالت ال ذي حقق ه ه ؤالء
المنخرطون على مستوى الجهة أو الجهات المعنية برسم السنة المحاسباتية التي تسبق االقتراع.
تحدد بمرسوم يتخذ باقتراح من وزير الداخلية الئحة المنظم ات المهني ة للمش غلين األك ثر تمثيلي ة على
المستوى الجهوي.
تتألف الهيئة الناخب ة للمنظم ات المهني ة للمش غلين من أعض اء ينتخب ون وف ق األنظم ة األساس ية له ذه
المنظم ات .وي بين المرس وم المش ار إلي ه أعاله كيفي ة تحدي د ع دد الن اخبين ال ذين يؤلف ون الهيئ ة الناخب ة
المذكورة ،من بين منخرطي كل منظم ة ال ذين يزاول ون بالجه ة أو الجه ات المعني ة من ذ أك ثر ن س نتين،
حسب عدد األجراء المصرح بهم من قبل هؤالء المنخرطين.
أصبح أعضاء مجلس المستشارين بموجب الفصل 63من دستور 2011ينتخب ون ب االقتراع العم غ ير
المباشر ،لمدة ست سنوات ،بع د أن ك انوا في الدس تور الس ابق ينتخب ون لم دة تس ع س نوات ،ويتج دد ثلث
المجلس كل ثالث سنوات ،وتعين بالقرعة المقاعد التي تكون محل التجديدين األول والثاني.
وبمعنى ذلك ،أن الفترة التشريعية لمجلس المستشارين لم تب ق مفتوح ة بس بب التجدي د ال ذي ك ان يمس
ثلث أعضاء المجلس كل ثالث سنوات ،بل أصبحت محددة في ست سنوات وهي نفسها المدة ال تي ينتخب
لها أعضاؤه ،وذلك بعد أن كانت مفتوحة وكانت مدة انتخاب أعضائه محددة في تسع سنوات.
وفي مقابل ذلك ،عمد المشرع الدستوري إلى إبقاء الوض ع كم ا ك ان علي ه في نط اق الدس تور الس ابق
بالنسبة لمجلس النواب على مستوى مدة والية االنتداب وطبيعتها؛ ب دليل أن الفق رة األولى من الفص ل 62
من الدستور الحالي تتطابق تمام التطابق مع الفقرة من الفصل 37من الدس تور الس ابق؛ إذ هم ا مع ا نص ا
على "ينتخب أعضاء مجلس النواب ب االقتراع الع ام المباش ر لم دة خمس س نوات وتنتهي عض ويتهم عن د
افتتاح دورة أكتوبر من السنة الخامسة التي تلي انتخاب المجلس".
395
وقد كان مجلس المستشارين ،بموجب الوالية المفتوحة التي كانت له في نطاق الدس تور الس ابق ،يمث ل
العنصر الثالث من المعادلة وكان عنوانا على االستقرار والدوام .أما مجلس الن واب ،فك ان بس بب الوالي ة
المغلقة يمثل العنصر المتغير في المعادلة؛ وألجل ذلك ،عمد المش رع الدس توري إلى إلغ اء فك رة التجدي د
الجزئي لمجلس المستشارين ،وآل األمر واستقر إلى فك رة التجدي د الكلي ال ذي يق ع م رة واح دة ك ل س ت
سنوات.
إذ إن انتقال مجلس المستشارين من نظام الوالية المفتوحة إلى الوالية المغلقة ،كم ا ه و الح ال بالنس بة
لمجلس النواب ،كما أن تخفيض مدة انتخاب أعضاء مجلس المستشارين من تسع إلى ست سنوات ،وهو ما
يجعله ا تق ترب كث يرة من خمس س نوات ال تي ينتخب له ا أعض اء مجلس الن واب ،ي دل على أن المش رع
الدستوري قصد إزالة عنصر التفوق الذي كان يتميز به مجلس المستشارين عن مجلس النواب؛ أو تقليصه
إلى أقصى حد ممكن؛ حتى ال يفضل مجلس المستشارين مجلس النواب.
لقد جاء الدستور الجديد بمجموعة من المقتضيات التي تهم الجماعــات الترابيــة (الجماعــات المحليــة
سابقا) وسنرى ذلك في (الفقرة األولى) ،وأهم هــذه المســتجدات التنصــيص على إصــدار قــانون تنظيمي
للجماعات (الفقرة الثانيــة) ،وقــانون تنظيمي آخــر يتعلــق بانتخــاب أعضــاء مجــالس الجماعــات الترابيــة
(الفقرة الثالثة).
أصبحت تسمى الجماعات "الترابية" بدل الجماعات "المحلي ة" ويتض ح ذل ك من خالل الفق رة االولى
من الفص ل 135من الدس تور ال تي تنص على أن "الجماعــات الترابيــة للمملكــة هي الجهــات والعمــاالت
واالقــاليم والجماعــات" و بمقتض ى الفق رة الرابع ة من الفص ل االول من الدس تور ال تي تنص على أن "
التنظيم الــترابي للمملكــة تنظيم المركــزي يقــوم على الجهويــة المتقدمة" تم االع تراف ك ذلك للجماع ات
المحلية بالكينونة الترابية ،وهذا التغيير الذي حصل بنص دستوري ليس مجرد تغيير شكلي او ترف لغوي
بل يؤشر في العمق على تغير في مصدر مشروعية الشأن المحلي وعالقة هذا االخير بسلطة الدولة.
من جهة أخرى أصبح تدبير شؤون الجماعة يرتكز على العديد من المبادئ الدستورية على رأسها مب دأ
التدبير الحر ومبدأ التضامن والتعاون بين الجماعات وبينه ا وبين الجماع ات الترابي ة االخ رى ،باإلض افة
إلى الديمقراطية التشاركية و إلى الحكامة الجيدة واقتران المسؤولية بالمحاسبة وغيرها من المبادئ ،ولق د
396
نص ت الفق رة الثاني ة من الفص ل 135من الدس تور على أن "الجماعــات الترابيــة أشــخاص اعتباريــة
خاضعة للقانون العام تسير شــؤونها بكيفيــة ديمقراطية" أم ا الفص ل 136فينص على "يرتكــز التنظيم
الجهوي والترابي على مبادئ التدبير الحر وعلى التضامن والتعاون ويــؤمن مشــاركة الســكان المعنــيين
في تدبير شؤونهم والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة".
بن اءا على مب دأ الت دبير الح ر ،تتمت ع الجماع ات بكام ل الص الحية والحري ة في ت دبير ش ؤونها بك ل
ديموقراطي ة م ع المس اءلة وفي تحدي د وبل ورة اختياراته ا وص ياغة برامجه ا في ح دود م ا يس مح ب ه
القانون ،كما تمتلك الجماعة سلطة اتخ اذ الق رارات المناس بة المتعلق ة به ذه الش ؤون وس لطة تنفي ذها مم ا
سيجعلها تتحرر أكثر وبشكل تدريجي من الوصاية بمفهومها الضيق والتقليدي التي كانت في السابق تعطل
وتعرقل عمل الهيات المنتخبة المحلية .
ويتضمن التدبير الحر مفاهيم عديدة ينبغي أخذها بعين االعتبار كمفهوم الجماعات المب ادرة ،ومفه وم
التنافسية والتسويق الترابي والتدبير باألهداف وبل ورة الحكام ة الجي دة ،ومن ش أن اح ترام ه ذا المب دأ أن
يساهم في تعزيز استكمال البناء المؤسساتي لالمركزية ويعمل على ترسيخ الديمقراطية المحلية .
باإلض افة إلى اعتم اد مب دأ التفري ع كأس اس في إس ناد االختصاص ات للجماع ات وال تي تت وزع بين
اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة بينها وبين الدولة وأخرى منقولة إليه ا من ط رف ه ذه األخ يرة
مع اعتماد مبدأي التدرج في الزمان ،والتمايز في المجال عند ممارس ة االختصاص ات المنقول ة؛ أم ا مب دأ
التعاون والتضامن بين الجماع ات فيه دف إلى تقوي ة روح المواطن ة وإرس اء الفعالي ة والج ودة والنجاع ة
والتناسق واالنسجام في الفعل العمومي المحلي.
إذا كان انتخاب أعضاء المجالس الجماعية قد ارتبط منذ التجارب األولى بنمط االقتراع العام المباشر،
ف إن اختي ار ال رئيس وأجه زة المكتب أص بح وألول م رة وف ق الق انون التنظيمي الح الي يتم عن طري ق
التصويت العلني حرصا من المشرع على ضمان الشفافية والمزي د من تخلي ق الحي اة الحزبي ة والسياس ية
وض مان ق در من انس جام االغلبي ة داخ ل المجلس ونظ را لل دور المهم الموك ول لل رئيس والص الحيات
المخولة له وال تي تقتض ي تواج ده ال دائم والمس تمر ب القرب من الس كان يمن ع الق انون انتخ اب األعض اء
المقيمين خارج الوطن كرؤساء أو نواب للرئيس.
397
يعترف القانون له ذه الجماع ات أيض ا بالشخص ية المعنوي ة واالس تقالل االداري والم الي ،إال أن مب دأ
االستقاللية وإن كان يمثل روح الالمركزية في بع ده االداري ف ان تكريس ه في الممارس ة العملي ة يقتض ي
توفير الموارد المالية والبشرية ( منتخبين ـ موظفين ) والتقني ة الض رورية لحس ن س ير ه ذه الجماع ات،
زيادة على ما سبق تتوفر الجماعات الترابية في مجال اختصاصاتها وداخل دائرتها الترابية
على سلطة تنظيمية لممارسة صالحياتها وذلك حسب ما ينص عليه الفصل 140من الدس تور والم ادة
95من الق انون التنظيمي للجماع ات وذل ك بغي ة الس ماح له ا باتخ اذ الق رارات والقي ام ب اإلجراءات ال تي
يتطلبها سير المرافق العمومية بكيفية منتظمة وقصد الحفاظ على النظام العام.
ومن شأن هذه الضمانات االساسية أن تدفع المجالس المنتخبة عبر أجهزتها إلى االنخراط بكل جد وثق ة
في تنزيل االختصاصات المخولة له ا وبل ورة اختياراته ا وبرامجه ا حس ب م ا تقتض يه متطلب ات الس اكنة
وحسب ما تتوفر عليه من إمكانات.
و تتكون أجه زة المجلس حس ب الم ادة 7من الق انون التنظيمي المتعل ق بالجماع ات من مكتب (رئيس
ونواب للرئيس ) ومن لجان دائم ة ومن ك اتب المجلس ون ائب ل ه ومن ف رق بالنس بة للمج الس الخاض عة
لنظ ام المقاطع ات وق د أس ند الق انون لمختل ف ه ذه االجه زة مجموع ة من االختصاص ات والص الحيات
والمهام.
الفقرة الثالثة :قانون تنظيمي رقم 59.11817يتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية
ينتخب لم دة س ت س نوات أعض اء مج الس الجه ات وأعض اء مج الس العم االت واألق اليم وأعض اء
المجالس الجماعية وأعضاء مجالس المقاطعات.818
إذ تنتهي مدة عضوية المنتخبين في انتخابات جزئية أو تكميلية عند انتهاء عضوية األعضاء المنتخ بين
في االنتخابات العامة.
ويسري نفس المقتضى على األعضاء الذين يدعون لملء المقاعد الشاغرة عن طريق التعويض.819
- 817الق انون التنظيمي رقم 59.11املتعل ق بانتخ اب أعض اء مج الس الجماع ات الترابي ة كم ا تم تعديله الق انون التنظيمي رقم 34.15الص ادر
بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.90بتاريخ 29رمضان 16( 1436يوليو )2015؛ الجريدة الرسمية عدد 6380بتاريخ 6شوال 23( 1436يوليو
)2015الصفحة.6713 :
- 818المادة 2من قانون التنظيمي رقم 59.11املتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية.
- 819الفقرة الثانية من المادة 2من نفس القانون
398
كما يحدد بمرسوم تاريخ االقتراع والمدة التي تق دم خالله ا الترش يحات وت اريخ ب دء الحمل ة االنتخابي ة
ونهايتها .وينشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية.820
يشترط في من يترشح لالنتخابات أن يكون ناخبا ومتمتع ا بحقوق ه المدني ة والسياس ية 821في حين يمكن
للمغاربة المقيمين خارج تراب المملكة أن يقدموا ترشيحاتهم النتخابات أعضاء مج الس الجه ات ومج الس
العماالت واألقاليم ومجالس الجماعات والمقاطعات وف ق الكيفي ات والش روط وداخ ل اآلج ال المنص وص
عليه ا في ه ذا الق انون التنظيمي.غ ير أن ه ال يؤه ل للترش ح ك ل مغربي ة أو مغ ربي مقيم بالخ ارج يت ولى
مسؤولية حكومية أو انتدابية أو عمومية ببلد اإلقامة.822
-المتجنسون بالجنسية المغربية خالل الخمس سنوات التالية لحصولهم عليها ما لم يرفع عنهم ه ذا القي د
وفق الشروط
المق ررة في الفص ل 17من الظه ير الش ريف رقم 1.58.250الص ادر في 21من ص فر 6( 1378
سبتمبر )1958بمثابة قانون الجنسية المغربية كما وقع تغييره وتتميمه823؛
-األشخاص الذين صدر في حقهم قرار عزل من مسؤولية انتدابية أصبح نهائي ا بمقتض ى حكم مكتس ب
لقوة الش يء المقض ي ب ه ،في حال ة الطعن في الق رار الم ذكور ،أو بس بب انص رام أج ل الطعن في ق رار
العزل دون الطعن فيه؛
-األشخاص الذين اختل فيهم نهائيا شرط أو أكثر من الشروط المطلوبة ليكونوا ناخبين؛
-األشخاص الذين يزاولون بالفعل الوظائف المبينة بعده أو ال ذين انته وا من مزاولته ا من ذ أق ل
من سنة في التاريخ المحدد لالقتراع:
-القضاة؛
-المدراء المركزيون لوزارة الداخلية والوالة والعمال وكذا الكتاب العامون للعماالت أو األقاليم
أو عماالت المقاطع ات والباش وات ورؤس اء دواوين ال والة والعم ال ورؤس اء ال دوائر الحض رية
ورؤساء الدوائر والقواد والخلفاء والشيوخ والمقدمون؛
399
-مفتشو المالية والداخلية؛
-المحتسبون؛
-األشخاص الذين أسندت إليهم مهمة أو انتداب ،ولو كان مؤقتا كيفما كانت تسميتها أو م داهما،
بعوض أو بدون عوض ،والذين يعملون بتلك الص فة ،في خدم ة اإلدارة أو الجماع ات الترابي ة أو
المؤسسات العمومية أو في خدمة مرفق عم ومي كيفم ا ك انت طبيعت ه ،وال ذين رخص لهم بحم ل
السالح أثناء أداء مهامهم.
-األشخاص المحكوم عليهم بمقتضى حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به بعقوبة حبس نافذة أو
عقوبة حبس مع إيقاف التنفيذ ،كيفم ا ك انت م دتهما ،من أج ل أح د األفع ال المنص وص عليه ا في
المواد من 65إلى 68من هذا القانون التنظيمي مع مراعاة أحكام المادة 69منه.
يرفع مانع األهلية المشار إليه في البند 2أعاله بعد انصرام مدة انتدابية كاملة ابت داء من الت اريخ ال ذي
يصير فيه قرار العزل نهائيا .كم ا يرف ع م انع األهلي ة المش ار إلي ه في البن د 3أعاله ،م ا لم يتعل ق األم ر
بجناية ،عن المحكوم عليهم بالحبس بمرور 10سنوات من تاريخ قضاء العقوبة أو تقادمه ا أو من الت اريخ
الذي أصبح فيه الحكم نهائيا إذا تعلق األمر بعقوبة موقوفة التنفيذ.
ال توقف طلبات إعادة النظر أو المراجعة ترتيب اآلثار على األحكام المكتسبة لقوة الشيء المقض ي ب ه
التي يترتب عليها فقدان األهلية االنتخابية ،ال يترتب على العفو الخاص رفع مانع األهلية االنتخابية.824
-يجب أن تودع التصريحات بالترشيح من طرف كل مترشح أو وكيل كل الئح ة بمق ر الس لطة
المكلفة بتلقي الترشيحات ،وال تقبل الترشيحات الموجهة بواسطة البريد أو بأي وسيلة أخرى.
-تقدم التصريحات الفردية بالترشيح أو لوائح الترشيح في ثالث نسخ ويجب أن تحمل:
400
اسم المترشح أو أسماء المترشحين الشخصية والعائلي ة وجنس هم وت اريخ ومك ان والدتهم -
وعناوينهم ومهنهم والدائرة االنتخابية التي قيدوا بها وتلك المترشح فيها وانتماءاتهم السياس ية عن د
االقتضاء؛
بيان تسمية الالئحة واسم وكيلها في حالة االقتراع بالالئح ة وك ذا ت رتيب المترش حين في -
الالئحة؛
شهادة القيد في اللوائح االنتخابية العامة بعد تاريخ آخر حص ر له ا بص فة نهائي ة ،مس لمة -
من طرف السلطة اإلدارية المحلية المختصة ،أو نسخة من القرار القضائي القائم مقامها.
يجب أن ترفق لوائح الترشيح أو التصريحات الفردية بالترشيح بنسخة من بطاقة السوابق لكل مترش ح
مسلمة من طرف المديري ة العام ة لألمن الوط ني من ذ أق ل من ثالث ة أش هر أو بنس خة من الس جل الع دلي
مسلمة منذ أقل من ثالثة أشهر .كما يجب أن ترفق لوائح الترشيح أو التصريحات الفردية بالترشيح المقدمة
من طرف المترشحين ذوي انتماء سياسي بتزكية مسلمة لهذه الغاية من ل دن الجه از المختص في الح زب
السياسي أو تحالف األحزاب السياسية الذي تتقدم باسمه الالئحة أو المترشح.825
إذا تعلق األمر بمترشح مقيم خارج تراب المملكة ،وجب عليه اإلدالء ،عالوة على الوثائق المشار إليها
أعاله ،بنسخة من السجل العدلي أو ما يعادلها مسلمة منذ أقل من ثالثة أشهر من لدن الجهة المختص ة ببل د
اإلقامة.
-تمنع الترش يحات المتع ددة .وإذا رش ح نفس ه في أك ثر من دائ رة انتخابي ة واح دة أو أك ثر من
الئحة واحدة ،فإنه ال يجوز اإلعالن عن انتخاب ه في أي دائ رة من ه ذه ال دوائر أو الئح ة من ه ذه
اللوائح ،وفي كلتا الحالتين يعتبر انتخابه باطال.
-ال تقبل الترشيحات المودعة خالفا ألحكام هذا القانون التنظيمي أو المقدمة من طرف مترش ح
أو مترشحين غير مؤهلين قانونا لالنتخاب.
-ال تقبل لوائح الترشيح التي تتضمن أسماء أشخاص ينتمون ألكثر من ح زب سياس ي واح د أو
تتضمن في نفس اآلن ترش يحات مقدم ة بتزكي ة من ح زب سياس ي وترش يحات ألش خاص ب دون
انتماء سياسي.
-825تم تغيير وتتميم الفقرة الثالثة من املادة 7أعاله ،بمقتضى املادة األولى من القانون التنظيمي رقم 34.15الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.90
بتاريخ 29من رمضان 16( 1436يوليو )2015؛ الجريدة الرسمية عدد 6380بتاريخ 6شوال 23( 1436يوليو ،)2015الصفحة.6713 :
401
المبحث الثاني :الحق في تأسيس التنظيمات السياسية والمدنية
تشكل التنظيمات السياس ية والمدني ة أح د أهم مع ايير الممارس ة الديمقراطي ة ،حيث تس اهم في تنظيم
وتأطير الم واطين سياس ا وتم ثيلهم في مختل ف المج الس والهياك ل والمؤسس ات المتتخب ة ،وهك ذا ق امت
األح زاب السياس ية في مختل ف مراح ل اإلص الحات السياس ية أدوارا هام ة في نق ل مط الب المواط نين
المؤسس ات التقريري ة ،كم ا تع بر األح زاب السياس ية عن الحري ة السياس ية داخ ل الدول ة وعن الح ق في
اإلختالف في اآلراء والتصورات والمواقف السياسية لمختلف التيارات والجماعات السياسية المشاركة في
العملية اإلنتخابية.
وإن كانت بعض الدولة ليست بها أح زاب سياس يا ،نظ را لطبيعته ا اإلجتماعي ة والقبلي ة كم ا ه و س ائد
أغلب دول الخليج ،إال أن ذلك لم يمنع من وجود مشاركة سياسية وإنتخابات وممارس ة ديمقراطي ة تمثيلي ة
في المجالس البرلمانية والبلدية.
وفي هذا اإلطار ،سيتم تقسيم هذا المبحث إلى مطل بين إث نين ،يتعل ق المطلب األول ب الحق في تأس يس
األحزاب السياسية ،ويرتبط المطلب الثاني المطلب الثاني :بالحق في تأسيس الجمعيات .
تتع ّدد التنظيم ات السياس يّة والمدني ة في ك ل بل د من بل دان الع الم ،وفي ال دول العربيّ ة أض حت
التنظيمات السياسيّة والمدنية تقوم ب أدوار مهم ة في نق ل مط الب المواط نين ومس اهمتهم في ت دبير الش أن
العام ،ورغم أن العديد من الباحثين في العلوم السياسيّة يرون أن الشعوب العربية ال زالت غير متفاعلة مع
النشاط الحزبي والمدني بالدرجة المطلوبة ،إال أن وعي المواطنين بمفهوم األح زاب السياس يّة وجمعي ات
المجتمع المدني ودورها في رسم السياس ات العام ة لل دول ،س وف ي ؤدي إلى مش اركة أك بر في األنش طة
الحزبية التي تالءم فكر كل مواطن ،وال ينحصر مفهوم التنظيمات السياسيّة والمدنية الحديث ة في التعري ف
األكاديم ّي ،ولكن يشمل كاّل ً من الرؤية والهدف لتلك التنظيمات بشكل عام والغاية من إنشائها في األس اس.
ويشمل مفهوم التنظيمات السياسية كال من األح زاب السياس ية (الف رع األول) ،وك ذلك الجمعي ات (الف رع
الثاني).
402
سنتناول في هذا الفرع مسألة تأسيس األحزاب السياسية في كل من سلطنة عم ان والمغ رب ،وذل ك من
خالل تحديد مفهومها وشروط تأسيسها ووظائفها،
تعتبر سلطنة عمان من ضمن دول الخليج المبنية على نظام سياسي خ اص ومختل ف على خالف
باقي الدول العربية األخرى ال تي له ا تجرب ة رائ دة في الممارس ة الديمقراطي ة والحزبي ة،وإذا ك انت دول
الخليج ق د ع رفت محط ات في اإلص الح السياس ي واإلجتم اعي ،إال أن ه ذا اإلص الح م ازال لم يؤس س
لفضاء سياسي يعترف فيه ب دور لألح زاب السياس ية ال تي تع د الغ ائب األب رز في الحي اة السياس ية ل دول
الخليج (بإستتناء الكويت).
وتعد دولة األمارات العربية المتحدة من أوائل دول الخليج ال تي تمكنت من ص ياغة دس تور م ؤقت
سنة 1971الذي تحول إلى دستور دائم سنة ،1996وبوجب ه ذا تأس س المجلس الوط ني اإلتح ادي ع ام
1971الذي يتألف من 40عضوا يتم تعيينهم (وليس إنتخابهم) قبل حكام اإلمارات السبع لمدة سنتي.
وبخصوص الطبيعة التنظيمي ة في اإلم ارات العربي ة المتح دة ،ف إن تك وين الجمعي ات ا أهلي ة يخض ع
لموافقة الحكومة ،حيث إن كل الجمعيات الخاصة يجب أن تحصل على ترخيص من السلطات المحلية م ع
وجود بعض التسهيالت فيما يتعلق بتطبيق هذا الشرط في بعض اإلمارات.
أما بالنسبة للحياة الحزبية ،فإن األح زاب السياس ية محض ورة في اإلم ارات العربي ة المتح دة .وتظه ر
جمي ع التط ورات في ه ذه الدول ة أن ه من الص عب الح ديث عن وج ود تط ور ديمق راطي خالل الس نوات
األخيرة.
ونفس األمر لدولة البحرين التي لها دستور منذ ،1971غير تأسيس مجلس الش ورى لم يتم إال في س نة
1992المتألف من 40عضوا يتم بدوره إختيارهم بالتعيين وليس باإلنتخاب ،وق د ع رفت دول ة البح رين
إصالحات سياسية كان من شأنها الترخيص إلحدى عشرة جمعية سياسية جديدة سنة ،2001مع إس تمرار
إعتبار تأسيس األحزاب السياسية أمر غير قانوني.826
وبالنسبة للمملكة العربية السعودية فقد ظلت منذ تأسيسها حتى عام 1992من دون قانون أساس ي ،وفي
نفس الس نة أج از المل ك فه د الق انون األساس ي ال ذي يح دد طبيع ة النظ ام السياس ي وتركيب ة مؤسس اته
وصالحياتها .ويشكل مجلس الشورى أهم المؤسسات المس اهمة لممارس ة الحكم في المملك ة ،وه و مجلس
826
Mich ael herb « democratization in the arab world ? Emirsa and parliaments in the gulf » journal of
democracy, vol 13, N 4 « october 2002 » paje 14.
403
غ ير منتخب ،حيث يعين أعض ائه التس عين لوالي ة م دتها أرب ع س نوات من دون أن يتمت ع ه ذا المجلس
بالسلطة التشريعية الحقيقية.
وعلى العموم يمكن إعتبار المملك ة العربي ة الس عودية من ال دول المغلق ة سياس يا ،ذل ك ألن األح زاب
السياسية محضورة داخل المملكة ،حيث ال توجد حركات معارضة داخ ل اللمملك ة ،وإنم ا هن اك حرك تين
سياسيتين معارضتين بارزتين تنشطان خارج المملكة.
وقد حاولت حكومة المملكة العربيىة السعودية في ظل المطالب ات باإلص الح بتحس ين وض ع الحري ات
السياس ية من خالل إج راء أول إنتخاب ات بلدي ة في ت اريخ البالد على مس توى المحافظ ات ال تي ف از فيه ا
أصحاب التوجه اإلسالمي بأغلبية المقاعد البلدية.827
أما بخصوص سلطنة عمان ،فقد صدر قانون أساسي سنة 1996بمرس وم س لطاني ،نص على تأس يس
برلمان من مجلسين؛ أح دهما معين من الس لطان ،ويتك ون من 48عض وا يس مى مجلس الدول ة ،واألخ ر
منتخبا يسمى مجلس الشورى يبلغ عدد ألأعضائه 82عضوا لوالية مدتها تسع سنوات .وقد أج ريت أول
إنتخاب ات لمجلس الش ورى س نة 2000تم خالله ا تخفيض س ن الن اخبين إلى 21س نة بع د أن ك ان الس ن
األدنى للذين يحق لهم التصويت محدد في 30سنة مع منح حق التصويت العام للرجال والنساء.
وبالنسبة لطبيعة الحزبية في سلطنة عمان ،فعلى الرغم من أن المادتين 32و 33من القانون األساسي
لس لطة عم ان لس نة 1996تض منت ح ق تأس يس الجمعي ات األهلي ة وح ق اإلجتم اع ،إال أن األح زاب
السياسية محضورة كما هو الشأن بالنسبة لباقي دول الخليج.
إن غياب النظام الحزبي في دول الخليج تفرضه الطبيعة اإلجتماعي ة والقبلي ة لمجتمعاته ا ،حيث تظ ل
القبيل ة ذات الحض ور اإلجتم اعي والسياس ي الق وي تغطي الوظ ائف واألدوار ال تي تق وم به ا األح زاب
السياسية في التجارب التي تعتمد على النظام الحزبي.
فغياب األحزاب السياسية ال ينكر وال ينفي وجود إنتخابات تمثيلية في المؤسس ات والمج الس المنتخب ة
كمجالس الشورى والمجالس البلدية ،حيث أن توزيع المقاعد التمثيلية في مجلس الشورى والبل ديات تس هر
عليه القبائل من خالل إجراء عمليات إنتخابي ة تت وزع فيه ا المقاع د على حس ب ق وة ومكان ة وحجم ت أثير
النفود اإلجتماعي والسياسي للقبلية في الدولة.
رغم أن هذا التمثيل والحضور القوي للقبيلة واألدوار التي تتوالها على المستوى السياسي والتمثيلي ال
يلغي وجود نقاش مفتوح وممكن حول إمكانية خلق أحزاب سياسية قادرة على نقل هذه البلدان من التمثيلي ة
القبلية إلى التمثيلية الحزبية ،حيث هن اك بعض التي ارات ال تي ت رهن اإلص الح السياس ي بوج ود أح زاب
عدنان محمد الهياجنة ": :هل الديمقراطية مستقبل في دول الخليج العربي" ،مجلة العلوم السياسية ،الجامعة الهاشمية ،الصفحة 20إلى .23 827
404
سياسية فاعلة في الحياة السياسية ،في حين هناك تيار آخر يبقى هو األق وى ي رفض فك رة النم ط الح زبي،
لكونه سؤدي إلى تح والت جدري ة في الطبيع ة اإلجتماعي ة القبلي ة س يديب اإلنتم اءات القبلي ة ال تي تعت بر
828
ركيزة أسياسية إلستقرار الدولة وإستمرارها.
إن األصل في تأسيس األحزاب السياس ية وحس ب ه ذه الم ادة ه و الحري ة ال تي ال يح دها إال الدس تور
والقانون المنظم لهذه الحرية أال وهو قانون األحزاب الذي ينظم شروط التأسيس وكذا االنضمام ألي حزب
سياسي كما يحدد التزامات ه ذا الح زب و الحق وق ال تي يتمت ع به ا في إط ار من الرقاب ة الش فافة من قب ل
السلطات المختصة وتحث إشراف القضاء وذلك كله من أجل وضع تنظيم سياس ي يتج ه نح و التن افس في
طرح برامج حكومية واقعية ،ويفرز نخبة مؤهلة وبرامج ملموسة ومحددة األهداف والوسائل ،وأن يتكامل
مع المنظمات والمجتمع المدني وأن يقوم بأدوار منها تعزيز سلطة الدولة وتوفير مناخ الثقة في المؤسسات
وكذا أحزاب تنبثق عنها أقطاب قوية متمايزة في رؤاها الواض حة وترس م خارط ة سياس ية واض حة ت تيح
وفق نتائج االقتراع إناطة المسؤولية الحكومية بأغلبية برلمانية منسجمة في برامجها وقطبيها على أن تقوم
األقلية بدور المعارضة البرلمانية البناءة .إن قانون األحزاب بهذا المع نى ج اء ليك رس مب دأ الديمقراطي ة
الحقة التي لن تكون ممكنة إال بوجود أحزاب سياسية قوية قائمة على أس س ديمقراطي ة مس تمدة ش رعيتها
القانونية من مشروعيتها الديمقراطية محترمة للدستور باعتب اره أعلى وثيق ة قانوني ة في الدول ة ،والق انون
باعتباره أسمى تعبير عن إرادة األم ة واإلط ار الش رعي والق انوني للقي ام ب أي نش اط سياس ي ه ادف إلى
تنشيط الحقل السياسي العام .وسنتطرق في ما يلي إلى شروط تأسيس األحزاب السياس ية (الفق رة األولى)،
ومسطرة التأسيس وش روط االنض مام (الفق رة الثاني ة) ،كم ا أن هن اك مجموع ة من الموان ع تقي د تأس يس
األحزاب السياسية (الفقرة الثالثة).
لما كان تأهي ل البالد وديمقراطيته ا يحت اج إلى تأهي ل األح زاب ،ف إن ق انون األح زاب السياس ية ج اء
ليكرس ه ذه الدمقرط ة على مس توى التأس يس من جه ة حيث وض ع مقتض يات متعلق ة بمس طرة تأس يس
األحزاب السياسية وأخرى مرتبطة بشروط االنضمام إلى حزب سياسي ،كما جاء القانون بمقتضيات تحدد
التزامات الحزب وواجباته ،وفي المقابل ،الحقوق التي يتمتع بها هذا األخير ،ذلك أن هذه المقتضيات تضع
Jeremy jones ind nicholas ridout « democratic development in oman » middle east journal. Vol 59. N 3 828
.« summer 2005. Paje 25
405
المب ادئ األولي ة لقي ام األح زاب السياس ية على أس س ديمقراطي ة محترم ة ب ذلك الدس تور والق انون وك ذا
مقدسات المملك ة المغربي ة حيث أث ارت الم ادة الرابع ة من الق انون نقاش ا واس عا نظ را لطبيعته ا "إبط ال
التأس يس" ولتناقض ها م ع مقتض يات الدس تور .علم ا أن الفق رة األولى ال تث ير أي إش كال ج وهري على
اعتبار أن األمر يتعلق باحترام ثوابت األمة ،وقد نصت المادة الرابع ة على م ا يلي" :يعت بر ب اطال وع ديم
المفعول كل تأسيس لحزب سياسي يرتكز على دافع أو غاية مخالفة ألحكام الدس تور أو الق وانين أو يه دف
إلى المس بالدين اإلسالمي أو بالنظام الملكي أو بالوحدة الترابية للمملكة".
رغم ذلك ،فإن هذه المادة تثير بعض المالحظات منها ما يلي:
إبطال التأسيس" بمعنى إبطال الحزب واعتباره عديم المفعول بع د التأس يس ألن ه ال وج ود أساس ا -1
لحزب قبل ذلك يمكن إبطاله ،إذ ال يمكن إبطال العدم وهي مسألة بالغة األهمية ألنه ليس من السهل وض ع
حد لنشاط حزب ربما يكون قد عرف انتشارا واسعا.
ينص هذا القانون في المادة( 829)8على وضع ملف يتضمن وثائق كث يرة من بينه ا ثالث ة نس خ من -2
مشروع النظام األساسي ،وال يمكن لوزارة الداخلية أن تسلم للحزب التصريح بالتأس يس إال بع د االطالع،
والتأكد من مطابقة محتويات الملف لشروط وإجراءات التأسيس تبعا ألحكام هذا الق انون ،ومن بينه ا م دى
احترام مقتضيات المادة الرابعة ،فإذا تبين أن النظام األساسي للحزب ال يحترم هذه المقتضيات ،كأن ينص
على عدم احترام أسس البالد أو دستورها ،فطبيعي أن وزارة الداخلية لن تس لم التص ريح بالتأس يس وليس
اإلبطال.
- 829تنص املادة الثامنة على" يودع األعضاء املؤسسون لحزب سياسي ملفا لدى وزارة الداخـلية مقابل وصل مؤرخ ومختوم يسلم
فورا ،يتضمن ما يلي:
أ .تصريح بتأسيس الحزب يحمل التوقيعات املصادق عليها لثالثة أعضاء مؤسسين ويبين فيه:
-األسماء الشخصية والعائلية ملوقعي التصريح وجنسياتهم وتواريـخ ومحالت والدتهم ومهنهم وعناوينهم.
-مشروع تسمية الحزب ومقره باملغرب ورمزه.
ب .ثالثة نظائر من مشروع النظام األساسي ومشروع البرنامج.
ج .التزام مكتوب ،في شكل تصريحـات فردية لـ 300عضو مؤسس على األقل ،بعقد املؤتمر التأسيسي للحزب داخل اآلجال املشار
إليها فـي املادة 11بعده.
يجب أن يكون كل تصريح فردي حـامال لتوقيع املعني باألمر وأن يتضمن اسمه الشخصي والعـائلي وجـنسيته وتاريخ ومحل والدته
ومهنت ه وعنوان ه وأن يرف ق بنس خة من بطاق ة التعري ف الوطني ة وبش هادة التس جيل في الل وائح االنتخابي ة العام ة .يجب أن يك ون
األعضاء املشار إليـهم في البند 3أعاله موزعين بحسب مقرات إقامتهم الفعلية على نصف عدد جـهات اململكة على األقل شرط أال يقل
عددهم في كل جـهة عن %5من العدد األدنى لألعضاء املؤسسين املطلوب قانونا".
406
يالحظ أن فيها نوع من الحشو ،فالقول بإبطال تأسيس الحزب السياس ي إذا ك ان يرتك ز على داف ع -3
أو غاية مخالفة للدستور والقوانين تكفي ،أم ا التأكي د على اح ترام المقدس ات الثالث فه و من ب اب
تحصيل الحاصل مادام دستور المملكة يقرها ،بل إن األصل هو احترام مقتض يات الدس تور ح تى
ولو لم يشر القانون إلى ذلك.
لكن اإلشكال الذي يطرح هو سوء التأويل الذي قد يط ال بعض المف اهيم عن د مطالب ة بعض األح زاب
ببعض التغييرات أو تعديل الدستور مثال ،كالمطالبة بنظ ام الملكي ة البرلماني ة كم ا ه و الش أن بالنس بة
للنظام البريطاني .
هنا ال جدال في الملكية لكن المطالب ة تنص ب على التغي ير إلى نظ ام الملكي ة البرلماني ة ،وفيم ا يخص
الوحدة الترابي ة مثال ،ه ل تعت بر المطالب ة ب الحكم ال ذاتي الموس ع لألق اليم الص حراوية مس ا بالوح دة
الترابية أو المطالبة بفصل الشأن الديني عن الش أن السياس ي وغيره ا من األمثل ة ال تي ق د تث ير س وء
ل. التأوي
أما الفقرة الثانية من المادة الرابعة التي تقول:
"يعتبر باطال وعديم المفعول كل تأسيس لحزب سياسي يرتكز على أساس ديني أو لغوي أو ع رقي أو
جهوي أو يقوم بكيفية عامة على أساس تمييزي أو مخالف لحق وق اإلنس ان" ه ذه الفق رة حمال ة أوج ه
وتفصح عن تناقض بين ،يتمثل في اآلتي :
التركيز على أساس ديني :هل يريد القانون فرض االتجاه العلماني على األحزاب؟ والح ال أن دس تور
المملكة يقر بأن اإلسالم هو دين المملكة وأن المملكة المغربية دولة إسالمية وتض من لك ل ف رد حري ة
ممارسة شؤونه الدينية ،هل المطالبة بنظ ام الزك اة ع وض الض رائب و المك وس ي ؤول إلى التأس يس
على أساس ديني؟ أو مطالبة حزب سياسي بمنع بيع الخمر والقمار وهي من المحرمات ت ؤول ك ذلك؟
واإلسالم كدين الدولة يحرم الخمر والقمار ،فالنص جاء عاما وغامضا وصياغته تفتح باب التأويالت،
وحتى إن لم تنص أنظمة األحزاب السياسية على هذا األساس ،فإن أشغالها ومطالبه ا ق د تنطل ق من ه،
لكون الدين أهم رافد ثقافي يرتكز عليه الفرد ،بل ما المانع إذا نصت في أنظمتها على ذل ك تماش يا م ع
مقتضيات الدستور ،كما جاء ببعض القوانين العربية.
أما في ما يخص االرتكاز على أساس جهوي ،يالحظ أن هذا يتن اقض م ع التقس يم ال ذي عرفت ه البالد
إلى جه ات وإلى اإلرادة الملكي ة في إقام ة حكم ذاتي بالمن اطق الجنوبي ة للمملك ة اعتراف ا له ا
بخصوصيتها .
407
الفقرة الثانية :مسطرة التأسيس وشروط االنضمام
- 830يجب على األعضاء املؤسسين واملسيرين لحزب سياسي أن يكونوا بالغين من العمر 23سنة شمسية كاملة على األقل ،ومسجلين في اللوائح
االنتخابية العامة.
-831تنص املادة التاس عة على "إذا ك انت ش روط أو إج راءات تأس يس الح زب غ ير مطابق ة ألحك ام ه ذا الق انون ،ف إن وزي ر الداخلي ة يطلب من
املحكمة اإلدارية بالرباط رفض تصريح تأسيس الحزب داخل أجل ستين يوما يبتدئ من تاريخ إيداع ملف تأسيس الحزب املشار إليه في املادة 8
أعاله .تبث املحكم ة اإلداري ة في الطلب املش ار إلي ه في الفق رة األولى أعاله داخ ل أج ل 30يوم ا من ت اريخ إيداع ه بكتاب ة ض بطها .وفي حال ة الطعن
باستئناف ،تبت املحكمة املختصة في األمر داخل أجل أقصاه 60يوما .إن تقديم طلب رفض التأسيس إلى املحكمة اإلدارية بالرباط يعد موقفا
ملسطرة تأسيس الحزب".
- 832تنص املادة العاش رة على "في حـالة مطابق ة ش روط وإجـراءات تأس يس الح زب ألحكـام ه ذا الق انون ،يوج ه وزي ر الداخلي ة إش عارا ب ذلك
برسالة مضمونة الوصول إلى األعضاء املؤسسين املشار إليهم في املادة ( 8البند ) 1من هذا القانون داخل أجل الستين يوما املوالية لتاريخ إيداع
امللف".
-تنص املادة 11على " يصبح تصريح تأسيس الحزب غير ذي موضوع في حالة عدم انعقاد املؤتمر التأسيسي للحـزب داخل أجل سنة على 833
أبعد تقدير يبتدئ من تاريخ اإلشعار املشار إليه في املادة 10من هذا القانون أو من تاريخ الحكم النهائي الذي يقضي بأن شروط وشكليات تأسيس
الحزب مطابقة ألحكام هذا القانون"،
-834تنص املادة "12يجب أن يكون عقد املؤتمر التأسيسي للحزب موضوع تصريح يودع لدى السلطة اإلدارية املحلية التابع لدائرة نفوذها مكان
االجتماع ،وذلك قبل انعقاد هذا املؤتمر باثنتين وسبعين ساعة على األقل .يجب أن يكون هذا التصريح موقعا من طرف عضوين مؤسسين على
األقل من بين األعضاء املشار إليهم في املادة ة ( 8البند )1وأن يبين فيه تاريخ وساعة ومكان االجتماع".
-835تنص املادة " 13يعتبر اجتماع املؤتمر التأسيسي صحيحا إذا حضره 500مؤتمر على األقل من بينهم ثالثة أرباع األعضاء املؤسسين على األقل
املشار إليهم في املادة ( 8البند )3من هذا القانون موزعين بحـسب مقرات إقامتهم الفعلية على نصف عدد جهات اململكة على األقل شرط أال يقل
408
الذي يجب إيداع ه ل دى وزارة الداخلي ة (الم ادة ،836)14وعن م تى يعت بر الح زب مؤسس ا بص فة قانوني ة
(المادة ،837)15وعن حقوق الحزب المؤسس بكيفية قانونية (المادة 838)16وعن التصريح بالتغيير الذي ق د
يلح ق رم ز الح زب ونظام ه ال داخلي وبرنامج ه (الم ادة 839)17وعن التغي ير ال ذي ق د يلح ق المس يرين
واألجه زة والعن وان (الم ادة،840)18وعن التص ريح بإح داث تنظيم ات حزبي ة على المس توى الجه وي
واإلقليمي والمحلي(الم ادة ،841)19وعن تش كيل االتح ادات والفي دراليات بين األح زاب (الم ادة،842)20
ويالحظ بالنسبة لهذا الباب مايلي:
ع دد هم في ك ل جه ة عن %5من ه ذا الع دد .تض من ش روط ص حة انعق اد املؤتمر التأسيس ي في محض ر .يص ادق املؤتمر التأسيس ي على النظ ام
األساسي للحزب وبرنامجه ،وينتخب األجهزة املسيرة للحزب".
836
-تنص املادة "14عند اختتام املؤتمر التأسيسي ،يتولى وكيل ينتدبه املؤتمر لهذا الغرض إيداع ملف لدى وزارة الداخلية ،مقابل وصل مؤرخ
ومختوم يسلم فورا ،يتضمن محضر املؤتمر مرفقا بالئحة تتضمن أسماء 500مؤتمر على األقل تتوفر فيـهم الشروط املنصوص عليها في الفقرة
األولى من املادة 13أعاله وتوقيعاتهم وأرقام بطائق تعريفهم الوطنية وبالئحة أعضاء األجهزة املسيرة للحـزب وكذا بثالثة نظائر لكل من النظام
األساس ي والبرن امج كم ا ص ادق عليهم ا املؤتمر .يتعين على الح زب السياس ي وض ع نظام ه ال داخلي واملص ادقة علي ه خالل الس تة أش هر املوالي ة
لتأسيسه القانوني املبين فـي املادة 15بعده .يتم إيداع ثالثة نظائر من النظام الداخلي للحزب بوزارة الداخلية مقابل وصل داخل أجل خمسة
عشر يوما من تاريخ املصادقة عليه من طرف الجهاز املختص بموجب النظام األساسي للحزب".
-تنص املادة " 15يعتبر الحزب مؤسسا بصفـة قانونية بعد انصرام أجل 30يوما تبتدئ من تاريخ إيداع امللف املشار إليه في الفقرة األولى 837
من املادة 14أعاله ،ما عدا إذا طلب وزير الداخـليـة من املحكـمة اإلدارية بالرباط داخل نفس األجل وطبق الشروط املحددة في املادة 53من هذا
القانون ،إبطال تأسيس الحزب .يعتبر تقديم طلب اإلبطال إلى املحكمة اإلدارية بالرباط موقفا لكـل نشاط للحزب".
838
-تنص املادة "16مكن لك ل ح زب مؤس س بص فة قانوني ة أن ي ترافع أم ام املحـاكم وأن يقت ني بع وض ويمتل ك ويتص رف في -:م وارده
املالية -.األمالك املنقولة والعقارية الضرورية ملمارسة نشاط الحـزب وتحقيق أهدافه".
-839تنص املادة " 17يجب التص ريح بك ل تغي ير يط رأ على تس مية الحـزب أو على نظام ه األساس ي أو برنامج ه طب ق نفس الش روط والش كليات
املطلوبة لتأسيسه أول مرة"
- 840تنص املادة " 18يجب أن يبلغ إلى وزارة الداخـلية مقابل وصل كل تغيير يطرأ على رمز الحزب أو أجـهزته املسيرة أو نظامه الداخـلي وكذا كل
تغيير يهم مقر الحـزب داخل أجل خمسة عشر يوما يبتدئ من تاريخ وقوع هذا التغيير"
- 841تنص املادة "19كل إحداث لتنظـيمات الحـزب عـلى املستوى الجـهوي أو اإلقليمي أو املحلي يجـب أن يكون موضوع تصريح يودع بمقـر السلطة
اإلدارية املحلية املختصة مقابل وصل داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ هذا اإلحداث .يقدم التصريح من طرف من ينتدبه الحـزب لهذه
الغاية ويجب أن يتضمن األسماء الشخصية والعائلية ملسيري هذه التنظيمات وتاريخ ومحل والدتهم ومهنتهم وسكناهم وأن يكـون مرفقا بنسخ
مص ادق عليه ا لبط ائق تع ريفهم الوطني ة .يجب التص ريح بك ل تغي ير يط رأ على التنظيم ات الجـهوية أو اإلقليمي ة أو املحلي ة للح زب طب ق نفس
الشكليات".
842
-تنص املادة " 20يتعين على ك ل حـزب سياس ي أن يت وفر على برن امج مكت وب ونظ ام أساس ي مكت وب ونظ ام داخلي مكت وب .يـحـدد بـرنـامج الحـزب ،على
الخصوص ،األسس واألهداف التي يتبناها الحزب في احترام لدستور اململكة وملقتضيات هذا القانون .يحدد النظام األساسي ،على الخصوص ،القواعد املتعلقة
بتس يير الح زب وتنظيـمه اإلداري واملالي وفق ا ألحك ام ه ذا الق انون .يح دد النظ ام ال داخلي ،على الخص وص ،كيفي ات تس يير ك ل جه از من أجه زة الح زب وك ذا
409
إن من بين الشروط التي يجب توفرها في المؤسسين والمسيرين للحزب أن يكونوا مسجلين في الل وائح
االنتخابية العامة (المادة 843)7األمر يعتبر مسا بحرية الرأي المرتبطة بحق التس جيل أو ع دم التس جيل في
اللوائح االنتخابية العامة.
كل من يطلع على القانون 36.04844يالحظ كثرة الشكليات واإلجراءات المطلوب ة عن د تأس يس ح زب
سياسي ،والتي قد تمس حقا هاما من الحقوق السياسية ،أال وهو حق التنظيم .كم ا يالح ظ الحض ور الق وي
لوزارة الداخلية في تأسيس األحزاب السياسية ،فباإلضافة إلى السلطة التقديرية الواس عة الممنوح ة ل وزير
الداخلية في شأن تأسيس األحزاب السياسية ،سواء قبل أو بعد المؤتمر التأسيسي ،فإن وزير الداخلية يمكن ه
أن يطلب من رئيس المحكمة اإلدارية بالرباط بصفته قاض للمستعجالت أن يأمر بتوقيف الح زب وإغالق
مقاره مؤقتا متى لوحظ إخالال ألنشطة الحزب بالنظام العام ،كما أن وزير الداخلية إذا الح ظ ع دم اح ترام
الشكليات المنصوص عليها في قانون األحزاب السياسية يمكنه مطالب ة األجه زة المس يرة للح زب بتس وية
الوضعية ،وفي حالة عدم االستجابة داخل أجل شهر يطلب وزير الداخلية من القضاء توقيف الحزب.
مما الشك فيه ،أن ه دف المش رع المغ ربي من خالل الق انون 36.04إلى ض بط المش هد الح زبي ،ولم
يكتف في ذلك بتحديد وظائف على المقاس لألحزاب السياسية ،وإنما أض اف مجموع ة من القي ود الش كلية
والعددية ،بل وأحيانا قيودا تصورية .فقد نصت المادة 4على أنه "يعتبر باطال وعديم المفعول كل تأســيس
لحزب سياسي يرتكز على دافع أو غاية مخالفة ألحكام الدستور أو القــوانين أو يهــدف إلى المس بالــدين
اإلسالمي أو بالنظام الملكي أو بالوحدة الترابية للمملكة" .يعتبر أيضا باطال وع ديم المفع ول ك ل تأس يس
لحزب سياسي يرتكز على أساس دي ني أو لغ وي أو ع رقي أو جه وي ،أو يق وم بكيفي ة عام ة على أس اس
تمي يزي أو مخ الف لحق وق اإلنس ان” .وق د أث ارت ه ذه الم ادة نقاش ا واس عا ،فباإلض افة إلى المالحظ ة
المرتبطة بفقرتها األولى والمتمثلة في السقوط في نوع من الحشو ،الذي قد يتيح المجال لت أويالت خاطئ ة،
إذ كان يمكن الوقوف فقط عند مخالفة الدستور أو القوانين ،ألن تج ريم المس بال دين اإلس المي أو بالنظ ام
- 843تنص املادة " 7يجب على األعضاء املؤسسين واملسيرين لحزب سياسي أن يكونوا بالغين من العمر 23سنة شمسية كاملة على األقل ،ومسجلين في اللوائح
االنتخابية العامة".
-844ظهير شريف رقم 1.06.18صادر في 15من محرم 14( 1427فبراير )2006بتنفيذ القانون رقم 36.04 املتعلق باألحزاب السياسية ،منشور في الجريدة
الرسمية عدد 5397بتاريخ 20/02/2006الصفحة.466 :
410
الملكي أو بالوحدة الترابية هو متضمن في الدستور والقوانين ،هناك مالحظ ة ثاني ة تتعل ق بعب ارة "يرتكــز
على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي" ،فما المقصود باالرتكاز على أساس لغ وي أو ع رقي أو
جهوي؟
خاصة إذا علمنا أن المغرب يتميز بالتنوع ،وهو تنوع يفرض دعم الجهوية الموسعة ،مما ي تيح إمكاني ة
تأسيس أحزاب جهوية تماشيا مع توجه الدول المتقدمة في ترسيخ فكرة األح زاب الجهوي ة باعتباره ا أح د
المساهمين في التنمية الجهوية ،التي هي أساس التنمية الوطنية .وما المقصود باالرتكاز على أساس ديني؟
والحال أن الدستور يقر ب أن اإلس الم ه و دين الدول ة ،فه ل المطالب ة بنظ ام الزك اة ع وض الض رائب
والمكوس ،أو المطالبة بمنع بيع الخمور ،أو إغالق دور القمار ،وهي من المحرم ات ،يمكن أن ت ؤول إلى
التأسيس على أساس ديني؟
هذا عن القيود التصورية أما القيود الشكلية والعددية فهي كثيرة .على س بيل المث ال ال الحص ر ،نص ت
الم ادة 7من الق انون 36.04على أن األعض اء المؤسس ين والمس يرين لح زب سياس ي يجب أن يكون وا
ب الغين من العم ر 23س نة شمس ية كامل ة ،ومس جلين في الل وائح االنتخابي ة .ويمكن تس جيل مالحظ تين
بخصوص هذه المادة.
أوالهما :أن المشرع اعتمد سن الترشيح لالنتخابات لتأسيس أحزاب سياس ية ،عكس دول أخ رى ال تي
اعتمدت سن التصويت ،أو اعتمدت س ن أق ل من 23س نة ،كم ا ه و الح ال في األردن مثال ،حيث تم -في
سنة -2007تخفيض السن الالزم للعضو المؤسس من 25إلى 21سنة ،وللعضو المنتسب للحزب من 21
إلى 18سنة .فتحديد سن المؤسسين في 23سنة فما فوق ال ينسجم من جهة مع س ن الرش د الق انوني ال ذي
هو 18سنة ،ومن جهة أخرى م ع الم ادة 22من الق انون 36.04ال تي جعلت من الض روري النص على
نسبة الش باب ال واجب إش راكهم في األجه زة المس يرة للح زب .وث اني مالحظ ة تتعل ق بض رورة تس جيل
المؤسسين في اللوائح االنتخابية ،فإذا كان ذلك شرطا مقبوال إلى حد ما بالنسبة لألعضاء المؤسس ين ،فإن ه
ليس من الضروري أن يثبت ذلك العضو المؤسس بشهادة تسلم له من اإلدارة ،كما نص على ذلك القانون،
العتبارين اثنين ،أولهما :أنه من المفترض في اإلدارة المغربي ة مواكب ة التط ور التكنول وجي ال ذي يجع ل
أمر التأكد من التسجيل في اللوائح االنتخابية يتم في بضعة دقائق ،وثانيهما :ما يمكن أن يُس ببه تلك ؤ بعض
اإلداريين في منح تلك الشهادة من حرمان لبعض المواطنين من المساهمة في تأسيس أحزاب سياسية.
ونص ت الم ادة 8على أن من الوث ائق المطلوب ة لتأس يس ح زب سياس ي ال تزام مكت وب ،في ش كل
تصريحات فردية لـ 300عضو مؤسس على األقل ،بعقد المؤتمر التأسيسي للحزب داخ ل أج ل س نة على
أبعد تقدير تبتدئ من تاريخ اإلشعار ،أو من تاريخ الحكم النهائي الذي يقضي بأن شروط وشكليات تأس يس
411
الحزب مطابقة للقانون ،ويجب على األعضاء الثالثمائة أن يكونوا موزعين بحسب مقرات إقامتهم الفعلي ة
على نصف عدد جهات المملكة على األق ل ش رط أال يق ل ع ددهم في ك ل جه ة عن %5من الع دد األدنى
لألعضاء المؤسسين المطلوب قانونا .كما نصت المادة 12على أن المؤتمر التأسيسي ال يكون صحيحا إال
أذا حضره 500مؤتمر على األقل من بينهم ثالثة أرباع األعضاء المؤسسين على األقل ،ويجب أن يك ون
المؤتمرون الخمسمائة موزعين بحسب مقرات إقامتهم الفعلية على نصف عدد جهات المملك ة على األق ل،
شرط أال يقل عددهم في كل جهة عن %5من هذا العدد.
ويفهم مما نصت عليه المادة 8و 12محاولة منح الجدية المطلوبة لتأسيس األحزاب السياس ية ،ووض ع
حد لتلك الظاهرة المتمثلة في ظهور أحزاب جديدة عند كل انتخابات دون االستناد إلى مقومات معقولة.
لقد وضع القانون العديد من التقييدات القانوني ة ،لتأس يس األح زاب الجدي دة ح دت بش كل كب ير بحري ة
التنظيم ،ويستحيل معها تأسيس ح زب حقيقي وف ق الش روط القانوني ة ال تي تض منها المش روع ،كاش تراط
تق ديم تص ريح مكت وب يحم ل توقيع ات مص ادق عليه ا ل 300عض و مؤس س على األق ل ،وأن يل تزم
الموقعون بمقتضى هذا التصريح بعقد مؤتمر التأسيس للحزب داخل أج ل س نة على أبع د تق دير ابت داء من
تاريخ نشر مس تخرج طلب تأس يس الح زب بالجري دة الرس مية ،وأن يك ون ه ؤالء م وزعين على نص ف
جهات المملكة على األقل شرط أال يقل عدد األعضاء المؤسسين في كل جهة عن 5في المائة من مجم وع
عدد األعضاء المؤسسين المطلوب قانونا (المادة )8وال يعتبر اجتماع المؤتمر صحيحا إال إذا حضره 500
مؤتمر على األقل (المادة.)13
ومن خالل قراءة متأنية لهذه األرقام يتبين بأنها شروط تعجيزية ،ألنه يصعب توفير هذا الكم الهائل من
المؤسسين وجمع تصريحاتهم من نصف جهات المملكة ،وأن ال يقل عدد األعضاء المؤسسين في كل جه ة
عن 5في المائة ،هذا إضافة إلى بقية الشروط الشبه مستحيلة كاشتراط تسجيلهم في اللوائح االنتخابية .
هذا إضافة إلى كثرة الشكليات واإلجراءات المعقدة ووفرة اآلجال والم دد ،س واء تعل ق األم ر بتأس يس
ح زب سياس ي أو اتح اد األح زاب السياس ية أو ان دماجها ،ناهي ك عن حض ور الس لطة التنفيذي ة بق وة في
شخص وزارة الداخلية إضافة وإلى إمكانية حل الحزب بموجب مرس وم (الم ادة ،)57ب ل إن ه ذا الق انون
يضع هندسة لتسيير األحزاب السياسية من خالل المواد من 20إلى 27التي تنص بصفة الوجوب على ما
يجب أن تتضمنه األنظمة األساس ية له ذه األح زاب ،وه و ن وع من المس باس تقالليتها في تس يير ش ؤونها
الداخلية ،كوجوب النص على نسبة النساء والشباب في األجهزة المسيرة للح زب مثال ،ومن ه ذا المنطل ق
فإن تأسيس حزب سياسي وفق هذا القانون أصبح مسألة عسيرة وتعرف ترخيصين:
412
الترخيص األول :وتنص عليه المادتان التاسعة والعاشرة ،ففيما يخص المادة التاسعة تعطي فيه الس لطة
التقديرية لوزير الداخلية الستنتاج مدى مطابقة شروط وإجراءات تأسيس الحزب ألحكام هذا القانون .وهذا
قرار أولي ،فإذا لم يكن كذلك فإنه يطلب من المحكم ة اإلداري ة بالرب اط ب رفض تص ريح التأس يس ،وه ذا
قرار قضائي ثاني .
أما المادة العاشرة ،فتعطي الحق لوزير الداخلي ة في توجي ه إش عار لم ت بين الم ادة محت واه ،لكن ه ربم ا
يتعلق بتصريح التأسيس.
من خالل المادتين يتبين حضور وزير الداخلية في أخذ ق رار التص ريح بالتأس يس أو االلتج اء للقض اء
اإلداري ب رفض ه ذا التص ريح.بمع نى أن هن اك مرحل ة أولى لل ترخيص ،وت أتي المرحل ة الثاني ة ،أو
الترخيص الثاني
والمالحظ أن هذا التصريح هو نوع من الترخيص بالتأسيس ،لكن األمر ال يقف عند هذا الح د،
ألن ذلك مرتبط بانعقاد المؤتمر التأسيسي للحزب داخل أجل سنة على أبعد تقدير (المادة .)11بع د
عقد المؤتمر الذي يخضع إلجراءات تنتهي بوض ع مل ف ل دى وزارة الداخلي ة مقاب ل وص ل ،إلى
غيرها من اإلجراءات ،حينها يمكن القول بأن الحزب أصبح مؤسس ا بص فة قانوني ة بع د انص رام
أج ل 30يوم ا تبت دئ من ت اريخ إي داع المل ف ،إذا لم يق دم وزي ر الداخلي ة إلى المحكم ة اإلداري ة
بالرباط طلب بإبطال التأسيس ،وهي سلطة تقديرية خولها المشرع لوزير الداخلية الذي بي ده الح ل
والعقد في تأسيس األحزاب السياسية ،إما بتأسيسها أو إحالتها على القضاء اإلداري بالرب اط بطلب
رفض تصريح التأسيس أو إبطاله وهذان الطلبان يوقفان التنفيذ.
فهل هذا التعقيد وضع للحد من تناسل األحزاب السياسية لألحزاب؟ أم لتأهيله ا للقي ام بواجبه ا؟
وتجدر اإلشارة إلى أن بعض األشخاص يحضر عليهم االنخراط في األح زاب السياس ية وه ذا م ا
رفضته جمعية حقوق اإلنسان في م ذكرتها ح ول ق انون األح زاب ،حيث أنه ا عارض ت حرم ان
قانون 36-04عددا من الفئ ات من االنخ راط في األح زاب السياس ية واعتبرت ه ب ذلك قانون ا غ ير
ديمقراطي وال يخدم تطوير الحياة السياسية لكونه نص وفي مادته السادس ة على أن ه " ال يمكن أن
ينخرط في الحزب السياسي:
-القض اة وقض اة المجلس األعلى للحس ابات وقض اة المج الس الجهوي ة للحس ابات وحك ام
الجماعات والمقاطعات ونوابهم.
413
-رجال السلطة وأعوان السلطة.
-األشخاص اآلخرون المشار إليهم أعاله الذين ال يستفيدون من الح ق النق ابي عمال بالمرس وم
رقم 2-57-1465الصادر في 15رجب 5( 1377أكتوبر )1958في ش أن ممارس ة الم وظفين
الحق النقابي ،كما وقع تغييره بالمرسوم الملكي رقم 010-66بتاريخ 27جمادى الثاني ة 86-139
( 12أكتوبر .)1966
أضــحت الجمعيــات تقــوم بــأدوار رئيســية لتعزيــز عالقــة المــواطن بالشــأن العــام ،من خالل إشــراك
المواطــنين في رســم وتفعيــل السياســات العامــة ،كمــا أصــبحت الجمعيــات تســاهم في تــأطير المواطــنين
وتكوينهمـ في المجـاالت الـتي تهتم بهـا ،وهـو مـا جعـل المـواطن يتفاعـل مـع مبـادرات المجتمـع المـدني
الهادفة إلى إشراك المواطن في تدبير الشأن العام.
ولإلجابة على هذا المطلب سيتم تقسيمه إلى عنصرين إثنين ،يتعرض العنصر األول للح ق في تأس يس
الجمعيات في سلطنة عمان ،ويتناول العنصر الثاني الحق في تأسيس الجمعيات في المغرب.
نظمت المادة 33من النظام األساســي لســلطنة عمــان حــق تأســيس الجمعيــات ،إال أنهــا اشــترطت أن
يكون تأسيسها على "أسس وطـنية وألهداف مشروعة وبـوسائل سلمية وبما ال يتعـارض مــع نصــوص
وأهـداف النظـام األساسي" ،ووفقًا لإلجراءات التي يبينها القانون.845
ويحظر النظام األساسي إنشـاء جمعيات يكون نشاطهـا "معاديًا لنظـام المجتمـع أو سريًــا أو ذا طـابع
عسكـــري" ،وهي فقــرة تمــيز بهــا الدســتور العمــاني عن بــاقي التشــريعات في دول الخليج .والجــدير
بالمالحظــة أن عمــان هي الدولــة الخليجيــة الوحيــدة الــتي نصــت في الدســتور على عــدم جــواز تشــكيل
-845مرسوم سـلطاني رقــم 96/101بإصدار النظام األساسي للدولة.
414
جمعيات "ذات طابع عسكري" ،وقد يكون مر ّد ذلـك الــنزاع المســلح الــذي دار بين الحكومـةـ وبين قــوى
سياســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــية في مطلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبعينيات.
وفي تــاريخ الســلطنة ،صــدر قانونــان لتنظيم عمــل المجتمــع المــدني ،األول عــام ،1972والثــاني ،وهــو
الساري المفعول حاليًا ،عام .2000846وينطلق القانون في المادة الرابعة بتحديد مجاالت عمل الجمعيات
في خمسة مجاالت هي رعايــة األيتـام ،رعايـة الطفولــة واألمومـة ،الخـدمات النسـائية ،رعايــة المسـنين
ورعاية "المعوقين" والفئات الخاصة .ومنح القانون الــوزير المختص صــالحية إضــافة مجــاالت أخــرى
شريطة موافقة مجلس الوزراء .ويمنع القانون الجمعية من أن تنشط في أكثر من مجال.
وبذلك يكون القانون قد قيّد حق تأسيس الجمعيات وفقًا لمـا تــراه الســلطة اإلداريــة من نشــاطات يجب
أن تعمل فيها تلك المؤسســات ،وهــو حــق مطلــق كمــا ورد في نص القــانون .كمــا يحظــر على الجمعيــات
"االشــتغال بالسياســة أو تكــوين األحــزاب أو التــدخل في األمــور الدينيــة ،وعليهــا أن تنــأى عن التكتالت
القبلية والفئوية".
وتتسع قائمة المحظورات ،كمـا توردهـا المـادة الخامسـة ،لتشـمل عـدم ممارسـة أي نشـاط غـير تلـك
الواردة في النظام األساسي للجمعية ،وعدم االنتساب أو االشتراك في هيئــة خــارج الســلطة ،أو إيفــاد أو
استقبال وفود من الخارج إال بموافقة الوزير ،كما ال يجوز لهــا إقامـة الحفالت العامـة أو المهرجانــات أو
المحاضرات إال بعد الحصول على ترخيص .وبطبيعة الحال ال يجوز لها تحويل أموال إال عن طريق هيئة
رسمية هي الهيئة العمانية لألعمال الخيرية.
وقــد أجــاز القــانون ،بمــوجب تعــديل عــام ،2001لمجلس الــوزراء ،بعــد عــرض الــوزير المختص،
الموافقة على تأسيس جمعية من دون أن تنطبق عليها الشروط المذكورة .والقانون العماني ال يمــيز بين
المواطن والمقيم ،إذ يُجيز لكليهمـا تأسـيس الجمعيـات ،شـرط بلـوغ سـن الثامنـة عشـرة ،من خالل طلب
صا ،مرفقًا بالعديد من المتطلبات ،لعل أهمها شهادة من "الجهات المختصــة"
تأسيس يقدمه أربعون شخ ً
بعدم االعتراض على أي من المؤسسين .و كلمة "الجهات المختصة" في عمومها غير واضـحة المعـالم
وال تحدد ماهية الجهة التي تُطلب منها الشهادة ،علما ً بأن القانون القديم قــد نص بشــكل واضــح على أن
تلك الشهادة تصدر من قبل وزارة الداخلية.
ويعتبر هذا الشرط ،إضافة إلى المتطلبات األخرى ،عائقًا إضــافيًا على تأســيس الجمعيــات ،كمــا يُــترك
للجهــة اإلداريــة المســؤولة عن إصــدار شــهادة عــدم الممانعــة على المؤسســين ،ولنفــترض أنهــا وزارة
الداخلية في هذه الحالة ،حرية التقرير بمدى صالحية أو عدم صالحية هذا المؤسس أو ذاك ،من دون أن
يحدد القانون آلية واضحة للتظلم من هذا الرفض في حال حصوله.
415
وتضيف المادة 11من القانون على صالحية السلطة اإلدارية في تقييد حق التأسيس ،حينمــا منحتهــا
حق رفض تأسيس الجمعية في حال "عدم حاجة المجتمع لخدماتها ،أو لوجود جمعية أخرى تســد حاجــة
المجتمع ،أو لتعارض تأسيسـها مـع أمن الدولـة أو مصـلحتها" ،ولم تكتـف بـذلك ،بـل أضـافت "أو أليـة
أسباب أخرى تقدرها الوزارة".
وهذه المادة تنسف القانون من أساساته .فإطالق يد الجهة اإلدارية بهــذه الصــورة يُعتــبر إلغــا ًء لحــق
المؤسسين في تأسيس الجمعيــات الــتي تلــبي احتياجــاتهم .فمؤسســات المجتمــع المــدني تنشــأ لتعــبر عن
خصوصـا أن التظلم من قــرارات الـرفض ال
ً إحتياجات المؤسسين الــتي يقــدرونها هم ال الجهــة اإلداريــة،
يُنظر من جهة مستقلة ،كالقضاء على سبيل المثال ،بــل من قبــل الــوزير نفســه الــذي أصــدر قــرار رفض
التأسيس ،وال ُمعقب على رأيه ،إذ يُعد قراره في الر ّد على التظلم نهائيًا.
وبهدف "ضبط" عمــل الجمعيــات ،تنتــدب الــوزارة المعنيــة مــوظفين لهم صــفة الضــبط القضــائي في
مراقبــة أعمــال الجمعيــة واإلطالع على دفاترهــا وحســاباتها ومحاضــرها بهــدف "التحقــق من اإللــتزام
بالنظام األساسي والقوانين".
وحتى الحقوق التي منحها القانون للجمعية العمومية بحل الجمعية أو دمجهــا ،فإنهــا ال تكــون ســارية
المفعولـ إال بقرار من الوزير المختص .كما تُلزم الجمعية بإرسال نسخة من محاضر الجمعيات العموميــة
ومجــالس اإلدارة إلى الــوزارة ،ولألخــيرة أن تنتــدب من تــراه لحضــور إجتمــاع مجلس اإلدارة لمناقشــة
موضوع ترى الوزارة "مصلحة" في مناقشته مع مجلس اإلدارة.
ويجــوز للــوزير أن يعيّن مجلس إدارة مؤقتًــا للجمعيــة لمــدة ال تزيــد على ســنتين إذا قــام المجلس
بمخالفات من دون أن يعدّلها بعد توجيــه إنــذار إليــه ،أو إذا لم ينعقــد لمــدة عـامين من دون ســبب توافــق
عليه الوزارة ،أو إذا أصبح عدد أعضائه غير كاف إلنعقاده .كما يحق له دمج جمعية أو أكثر إذا مــا رأى
بأن الــدمج "كفيــل بتحقيــق الجمعيــات األغــراض الــتي أنشــئت من أجلهــا" ،من دون أن يــوفر ضــمانات
ألعضاء الجمعيات تمكنهم من الطعن في القرار.
وكحال بقية القوانين في دول المجلس ،يحق للوزير أن يحل الجمعية إذا رأى أنها "إرتكبت مخالفــات
جسيمة للقانون أو خالفت النظام العام واآلداب" .ويحظر القانون على من تثبت مسؤوليتهم من أعضــاء
مجلس إدارة الجمعية عن المخالفات التي أدت إلى صــدور قــرار إداري بحلهــا ،من الترشــح لعضــوية أي
جمعية أخرى لمدة 5سنوات.
416
يعد الحق في تكوين الجمعيات من الحقوق الممتازة التي تنافح كل دول العالم ألجل ترسيخها $وتمتيعها$
بمزيد من القداسة ،حتى تنسجم مع الحالة الطبيعية التي تجعل من اإلنسان ح$$را في اختيارات$$ه وتجمعات$$ه،
دون قي$$ود أو ش$$روط $.وق$د $ع$$رف ه$$ذا الح$$ق مس$$ارا $متذب$$ذبا في تش$$كله ،يرج$$ع باألس$$اس إلى اص$$طدام
ال$$دعوات الرامي$$ة إلى تم$$تيع األف$$راد $بالحري$$ة واالس$$تقاللية في تأس$$يس اإلط$$ارات المجتمعي$$ة ،ب$$اإلرادة
التسلطية لألنظمة والحكام ،الذين ال استعداد لهم للتنازل عن بعض من استبدادهم وقبضتهم $الحديدي$$ة على
المجتمعات ،خوفا من تنامي أدوار مجتمعي$ة أخ$رى ،ق$د تن$افس س$لطتهم $وهيمنتهم .ف$راكمت المجتمع$ات
تجارب عدة من التدافع الحقوقي والمطلبي دوليا ومحليا ،إلى أن غ$$دا ه$$ذا الح$$ق الي$$وم ،مؤش$$را $ومعي$$ارا$
يقاس به مدى احترام الدول لحقوق اإلنسان من عدمه.
ليكن واضحا أن حرية الفرد وقدرته على تجسيد $اختياراته وتحقيق أهدافه بش$كل تعاق$دي م$ع آخ$رين،
عند تأسيسهم $لجمعية ما ،بدون أي تدخل كابح لحريتهم ،من ط$$رف أجه$$زة الدول$$ة وممثليه$$ا ،ه$$و ح$$ق ال
مكرمة.
ويشمل ه$$ذا الح$$ق إض$$افة إلى حري$$ة تأس$$يس الجمعي$$ات ،حري$$ة االنض$$مام $إليه$$ا أو االنس$$حاب منه$$ا،
وحرية تبني أهداف معينة ووسائل خاصة لتحقيقها .فالحق $في تكوين الجمعيات ،يتجاوز $المفهوم المختزل
في كلمة “التأسيس” ،وكأنه إجراء قانوني $فقط ،إلى حري$$ة أوس$$ع ،تض$$من للمجموع$$ة المؤسس$$ة حقه$$ا في
تشكيل جمعيتها حسب اقتناعه$$ا وأه$دافها $واختياراته$$ا .فيمكن اعتب$$ار أي تأس$يس لجمعي$ة م$ا ،م$ع ت$دخل
للسلطة في شكل الجمعية أو في طبيعة أهدافها أو وسائلها أو شكل اشتغالها ،مس$$ا به$$ذا الح$$ق ال$$ذي يغ$$دو
صبا $ومنت َقصا ،بفعل انتف$$اء ش$$رط $الحري$$ة في ج$$انب من الج$$وانب المتعلق$$ة بتك$$وين الجمعي$$ات .وه$$و
مغت َ
لألسف ،واقع ما عليه حال السلطات اإلدارية اليوم ،بل ومنذ عقود ،في شكل تعاملها مع مش$$اريع تأس$$يس
الجمعيات ببالدنا ،فتبيح لنفسها حق التدخل في ك$$ل ص$$غيرة وكب$$يرة تخص الجمعي$$ة في ط$$ور التأس$$يس،
متجاوزة بذلك اختصاصاتها $المتضمنة في القوانين التشريعية ،المنظمة لعملية التأس$$يس ب$$المغرب ،وال$$تي
تقتصر على ضرورة االستجابة لرغبات المؤسسين ،وتيسير عملية االلتقاء واالجتم$$اع ،تحري$$را إلرادتهم
وتحقيقا لرغبتهم.
وقد $نصادف $من بين فعاليات المجتمع المدني ،أشخاصا $أو مؤسسات ،قد تقر بضرورة تدخل السلطات
اإلدارية في عملية التأسيس بالمراقبة واالقتراح والتعديل في لوائح المؤسس$$ين وفي أه$$داف الجمعي$$ة ،إلى
غير ذلك من األمور $التي ال دخل للسلطات بها .وتحتج بدليل أن بعض التجارب قد يكون القبول بها وباال
على ال$$وطن ،أو أن أه$$داف المؤسس$$ين ال تنس$$جم م$$ع س$$ياق المرحل$$ة العمري$$ة للمجتم$$ع ،أو ال تس$$تجيب
الحتياجات السلطات أو النظام الحاكم… وقد تتطاول $أفه$امهم $إلى م$دى يعُّ $دون في$ه أن بعض المواط$نين
المغاربة إنما هم إض$$افة غ$$ير مرغ$$وب فيه$$ا ،وال تقب$$ل منهم مش$$اركة في ثناي$$ا المجتم$$ع ،وال تس$$مح لهم
417
بتأسيس الجمعيات أو االنخراط $فيها .وفي $الحقيق$$ة فم$$ا ق$$ولهم وتط$$اولهم ه$$ذا ،إال ق$$ول بالنياب$$ة عن إرادة
الدولة ،وخدمة مسبقة الدفع تبادل بها عطاء الدولة وكرمها $لها.
فلمثل هؤالء المطبلين لسياسات االنبطاح وألجلهم ،ولغاي$$ة ترس$$يخ مب$$ادئ وقيم $انس$$انية ،تتع$$الى ف$$وق
األنانيات الفردية والرغبات الزائفة والمصالح الشخصية ،وإن تدثرت بحجج مراوغ$$ة ،تم التأس$$يس لح$$ق
تكوين الجمعيات عقودا مضت ،من خالل عهود ومواثيق $دولية وإقليمية ،تعتبر األس$$اس الم$$رجعي لكاف$$ة
دول المعمور في تنزيل وتطبيق $مقتضيات هذا الحق .وق$$د أك$$دت جميعه$$ا على حري$$ة الف$$رد وأحقيت$$ه في
تأسيس جمعيات تعبر عن اهتمامه وتطلعاته ،دون موانع أو قي$$ود .فق$$د ج$$اء في اإلعالن الع$$المي لحق$$وق
اإلنس$$ان (1948م) في الم$$ادة ،20على أن لك$$ل ش$$خص الح$$ق في حري$$ة االش$$تراك في الجمعي$$ات
والجماعات السلمية) .وكذلك :ال يجوز $إرغام أحد على االنض$$مام إلى جمعي$$ة م$$ا) .ليتم بع$$د ذل$$ك التأكي$$د
على أحقية األفراد في تأسيس الجمعي$$ات من خالل العه$$د ال$$دولي الخ$$اص ب$$الحقوق المدني$$ة والسياس$$ية (
1966م) ،الذي ينص في المادة 22على أن لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين ،بما في
ذلك حق إنشاء النقابات واالنضمام $إليها من أجل حماية مصالحه) .ليتم ت$$دارك ه$$ذه اإلطالق$$ة في تأس$$يس
الجمعيات بشرط التقييد ،في حاالت تكون معها حرية الجمعية شرا وخطرا $على أمن الدولة واستقرارها$.
غير أن التقييد محصن بقاعدة الزمة ،بدونها ينتفي شرط التقييد .وهي الديمقراطية .فق$$د ج$$اء في نفس
المادة من العهد الدولي $الخاص بالحقوق $المدنية والسياس$$ية على أن$$ه ال يج$$وز أن يوض$$ع من القي$$ود على
ممارسة هذا الحق إال تل$$ك ال$$تي ينص عليه$$ا الق$$انون وتش$$كل $ت$$دابير $ض$$رورية ،في مجتم$$ع ديمق$$راطي،
لصيانة األمن الق$$ومي أو الس$$المة العام$$ة أو النظ$$ام الع$$ام أو حماي$$ة الص$$حة العام$$ة أو اآلداب العام$$ة أو
حماية حق$$وق اآلخ$رين وحري$اتهم .وال تح$ول ه$ذه الم$ادة دون إخض$اع أف$$راد الق$$وات المس$$لحة ورج$ال
الشرطة لقيود قانونية على ممارس$$ة ه$$ذا الح$$ق) .بمع$$نى أن روح الديمقراطي$$ة ال$$تي تس$$ري $في المجتم$$ع
بتفاصيله وتك$ون أص$ال في ص$لب المجتم$ع ،تخ$ول ل$ه بن$ا ًء على مقتض$يات ديمقراطي$ة ،أن يقنن حري$ة
تأسيس جمعيات ،في حاالت قد تك$$ون له$$ا تبع$$ات س$$لبية تج$$اه ال$$وطن أو النظ$$ام الع$$ام أو حق$$وق األف$$راد
بنفسها.
وعلى المس$$توى $اإلقليمي ،وانس$$جاما $م$$ع ال$$روح العام$$ة الس$$ائدة في منتص$$ف الق$$رن العش$$رين ،ال$$تي
عرفتها اإلنسانية المتوثبة ،والمتخم$$ة بج$$راح الح$$روب الدامي$$ة ،وبهيج$ان اإلمبريالي$ة الرأس$$مالية ،وال$$تي
أذعنت إلى حكم$$ة الح$وار بين ك$$ل س$كان المعم$$ور ،أعلن الع$الم عن حق$وق س$$امية في اإلعالن الع$$المي
لحقوق اإلنسان ،لتكون منارا لكل الدول التي تتلمس طريقها نحو الحرية والديمقراطية والكرامة اآلدمي$$ة.
فاستجابت $الدول العربية بدورها لنداء الحكمة ،وسعت إلى ترسيخ قيم الحرية والديمقراطية بدورها ،ول$$و
من باب الدهاء والمكر السياسي$.
418
لتتناسل بعد ذل$$ك مجموع$$ة من المواثي$$ق اإلقليمي$$ة والمحلي$$ة ،ال$$تي انخ$$رطت في إعالنه$$ا عن تأيي$$دها
الكلي لحق األفراد $في تكوين الجمعيات ،بل وال$$دفاع عن ه$$ذا الح$$ق بمقتض$$ى الق$$انون .وق$$د زكت ال$$دول
العربية بدورها هذا الحق وأكدت عليه علنا ،من خالل الميثاق الع$$ربي لحق$$وق اإلنس$$ان س$$نة (2004م)،
الذي جاء فيه على أن لكل مواطن الحق في:
-7ال يجوز تقييد ممارسة هذه الحقوق بأي قيود $غير القيود المفروضة طبق$ا ً للق$$انون وال$$تي تقتض$$يها
الضرورة في مجتمع يحترم الحريات وحقوق اإلنسان لصيانة األمن الوط$$ني أو النظ$$ام الع$$ام أو الس$$المة
العامة أو الصحة العامة أو اآلداب العامة أو لحماية حقوق الغير وحرياتهم.
وعلى نفس المن$$وال ،أص$$در المغ$$رب قانون$$ا للحري$$ات العام$$ة س$$نة ،1958يق$$ر بحري$$ة تأس$$يس
الجمعيات ،من خالل ظهير شريف $يضبط بموجبه حق تأسيس الجمعيات ،تم التأكيد من خالله على حرية
األفراد $في تأسيس جمعياتهم ،كم$$ا ج$$اء في الفص$$ل الث$$اني من الق$$انون على أن$$ه يج$$وز $تأس$$يس جمعي$$ات
األشخاص بكل حرية ودون سابق إذن بشرط أن تراعى في ذلك مقتض$$يات الفص$$ل ،)5ليك$$ون ب$$ذلك ق$$د
اشترط $ألجل التأسيس مجرد التصريح بذلك ،مما يجعله قانونا متقدما الحترام حق$وق اإلنس$ان في مرحل$ة
ما بعد االستعمار$.
كما جاء في دستور 1962م ،في الفصل التاسع ،أنه يضمن لكل المواط$$نين حري$$ة تأس$$يس الجمعي$$ات
وحرية االنخراط في أية منظمة نقابية وسياسية حسب اختيارهم) ،وال يمكن أن يوضع حد لممارس$$ة ه$$ذه
الحريات إال بمقتضى القانون) .ليختار المغرب الرسمي ،بذلك ،االنضمام $واالصطفاف إلى ج$$انب ال$$دول
الداعمة للحريات والمؤيدة لحقوق األفراد في اختياراتهم $وقناعاتهم.
غير أن إصدار ظهير الحريات العامة س$$نة 1958م قب$$ل إص$$دار دس$$تور1962 $م ،ال$$ذي يع$$د أس$$مى
قانون للبالد ،وم$$ا تال ه$ذه المرحل$ة من أح$$داث ووق$ائع ،ت$بين لن$$ا ب$الملموس $ني$ة المش$رع وغرض$$ه من
التسريع في إصدار قانون “ديمقراطي” يفسح المجال للناس لتأسيس جمعياتهم بكل حرية ودون قي$$ود قب$$ل
الدستور $.ففي وقت كان فيه الص$$راع السياس$$ي على أش$$ده بين الحرك$$ة الوطني$$ة ،والمتمثل$$ة باألس$$اس في
حزب االستقالل ،المنتشي بتاريخ المقاوم$$ة ،وبين القص$$ر الملكي ،ال$$ذي ع$$اود ف$$رض هيمنت$$ه بع$$د ت$$رنح
سهمه في فترة االستعمار ،استصدر هذا األخير ظهيرا $للحريات العامة ليس إيمانا بهذا الحق ،بل لغ$$رض
فسح المجال لتأسيس الجمعيات واألحزاب السياسية ،حتى يتم إضعاف األحزاب الوطنية المتواجدة آنذاك،
لكي ال تقوى على منافسته في مرحلة االستفتاء على الدستور المغربي سنة 1962م .ل$$ذلك وبع$$د ص$$دور$
419
قانون تأسيس الجمعيات بسنة واحدة ،عرف حزب االستقالل انشقاقا كبيرا سنة 1959م ،حيث خ$$رج من
صلبه حزب االتحاد الوطني للقوات الشعبية ،لتتوالى بعد ذلك االنش$قاقات إلى أن ص$ار $المش$$هد السياس$ي$
المغربي $على شاكلة ما نعيشه اليوم من تشرذم $وتفتت.
ومما يزكي تهافت القوانين المغربية التي صيغت ص$$ياغة محكم$$ة ،تعكس ظ$$اهرا متق$$دما من الحري$$ة
على عكس روحها ،هو واقع م$$ا يعيش$$ه المجتم$$ع المغ$$ربي من خن$$ق للحري$$ات ،ومن$$ع للحق$$وق ،وف$$رض
وصاية على الناس واختياراتهم $.فرغم التنصيص على حرية تأسيس الجمعيات واشتراط $اإلشعار كإجراء
إداري فقط ،دون شرط الحصول على الترخيص ،تبقى الممارسة الميداني$$ة معي$$ارا واختب$$ارا تؤك$$د عكس
ما تنص عليه القوانين .فقد عرفت الساحة الجمعوية بالمغرب مجموعة من الخروقات $القانونية من طرف
السلطات اإلدارية ،حيث تعمل أجهزة الدولة على منع أي تأسيس لجمعية قد ال تنسجم مع سياسات الدول$$ة
وخطها ،وتجتهد $السلطات اإلدارية في إبداع أشكال احترافية للمنع ،كالتهرب من تسليم ملفات التص$$ريح،
أو اإلطناب في طلب نسخ الوث$$ائق القانوني$ة الغ$ير مدرج$$ة في مس$طرة التأس$$يس ،أو ت$$رهيب المؤسس$$ين
ودفعهم إلى التنازل عن فكرة التأسيس… مما أفرغ قانون تكوين الجمعيات من فحواه ،وأفقده الروح التي
أزهقتها اإلرادة السياسية المستبدة للنظام بالمغرب.
وأخذا بعين االعتبار أن قانون تأس$$يس الجمعي$$ات المغ$$ربي يع$$د ح$$داثيا في بعض فص$$وله ،ويس$$تجيب
للمعايير $الدولية فيما يخص تأسيس الجمعيات ،لتنصيص$ه فق$ط على التص$ريح واإلخط$ار $عن$د التأس$يس،
يمكن القول بأن أهم معوق $يحول بين األفراد وبين ممارس$تهم الح$$ق الط$$بيعي في تأس$$يس واالنخ$راط في
الجمعيات ،هو إرادة النظام الح$$اكم ،من خالل مؤسس$$اته اإلداري$$ة الرس$$مية ،المخ$$ول له$$ا وح$$دها بتس$$ليم
ملفات التأسيس ،والتي تتفنن وتتقن فنون التماطل واإلنكار والتبرير ،وحيث يبقى المؤسس رهين مزاجي$$ة
موظفي اإلدارة ،الذين يتجاوزون القانون في تعاملهم ويعوضونه باالستجابة للتعليمات .فال يع$$دو الق$$انون
في ه$$ذه الحال$$ة أن يك$$ون إال ح$$برا على ورق ،ي$$زين ص$$ورة الدول$$ة في المحاف$$ل الدولي$$ة ،وال يخ$$دم إال
مصالح الحاكمين بالبالد.
إن المتتبع لمسار وتاريخ التعديالت القانونية الخاصة بالجمعيات في المغرب ،ولما وراء بنود القوانين
وللخلفيات المتحكمة في صياغتها ولما بين السطور $،يستشف $أن ق$$انون تأس$يس الجمعي$ات ب$المغرب ،م$ا
جاء إال ليكرس خيار الدولة ،وليخدم مصالحها وليحافظ على نهجها واس$$تراتيجيتها $في الحق$$ل الجمع$$وي،
ثم ج$$اء ليقط$$ع الطري$$ق على المعارض$$ة ،من خالل حص$$ار $ومن$$ع ك$$ل امت$$داد ط$$بيعي له$$ا في المجتم$$ع
وليحاصر كل إطار مجتمعي يظم عنصرا ينتمي إلى إحدى الهيئات المغضوب عليها من طرف المخزن،
بحيث يتم فسح مجال للمن$$اورة في الق$$انون ،من خالل ثغ$$رات قانوني$$ة تس$$مح للمخ$$زن بمع$$اودة ممارس$$ة
أس$$اليبه المعه$$ودة ،من من$$ع وحص$$ار $وإقص$$اء وتض$$ييق $على الجمعي$$ات ،دون أن يس$$جل على نفس$$ه أي
420
انتكاسة حقوقية أو تراجع في الحريات العامة ،ودون أن يضطر في الميدان إلى السماح للمعارضة بحقه$ا
في ممارسة العمل الجمعوي كما هو متعارف عليه.
كرس القانون الدولي حق حرية تأسيس الجمعيات من خالل المواثيق والمعاهدات الدولية التي ص ادقت
عليها مجموعة من الدول ،وخاص ة العه د ال دولي الخ اص ب الحقوق المدني ة والسياس ية ،واعتم د ع رض
للتوقي ع والتص ديق واالنض مام بم وجب ق رار الجمعي ة العام ة لألمم المتح دة س نة ،1966حيث ج اء في
"المادة "22أن لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخ رين وال يج وز أن يوض ع من القي ود على
ممارسة هذا الحق إال تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي ،لصيانة
األمن القومي ،أو السالمة العامة ،أو النظ ام الع ام ،أو حماي ة الص حة العام ة أو اآلداب العام ة ،أو حماي ة
حقوق اآلخرين وحرياتهم ،وال تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة ورجال الشرطة لقي ود
قانونية على ممارسة هذا الحق .
كما أن المادة 20من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الصادر س نة ،1948كرس ت أيض ا ه ذا الح ق،
حيث نصت على أن "لكل شخص الحق في حرية االشتراك في الجمعيات والجماع ات الس لمية وال يج وز
إرغام أحد على االنضمام إلى جمعية ما" ،كما تنص المادة /29الفقرة الثانية على أنه كل فرد " يخضع في
ممارسة حقوقه وحريات ه لتل ك القي ود ال تي يقرره ا الق انون فق ط " مالءم ة م ع هات ه المقتض يات الدولي ة
الضامنة لممارسة حق حرية تأسيس الجمعيات ،نجد أن كل دساتير المغرب تك رس هي األخ رى ممارس ة
هذا الحق.
كما أن المشرع الدستوري المغربي نحى على نفس المنوال من حيث تكريس ه لح ق تأس يس الجمعي ات
والتزام ه ب المواثيق والمعاه دات الدولي ة انطالق ا من ه ذه المعطي ات ،س نحاول أن ن ؤطر ه ذا من خالل
التطرق إلى النظام القانوني المتعلق بالجمعيات والتعرف على شروط تأسيسها ،باإلضافة إلى معالج ة ك ل
قيود وموانع التي يواجهها.
ونذكر في ما يلي شروط تأسيس الجمعيات بالمغرب (الفق رة األولى) ،والموان ع ال تي تح ول دون ذل ك
(الفقرة الثانية).
في التش ريع المغ ربي ومن خالل الفص ل 2من الظه ير التعل ق بتأس يس الجمعي ات ،يمكن تأس يس
جمعيات األشخاص بكل حرية ودون سابق إذن بشرط أن تراعي في ذلك مقتض يات الفص ل 5ال تي تح دد
لنا الش روط ال تي يجب توافره ا لتأس يس الجمعي ة وال تي تعت بر ض رورية لص حة قيامه ا ،حيث أن ه على
421
األشخاص الذين اتفقوا على تأس يس الجمعي ة أن يق دموا إلى الس لطات اإلداري ة المحلي ة تص ريحا .وال تي
يتواجد مقر الجمعية بدائرة نفوذها أو يقدم هذا التصريح بواسطة عون قضائي في مقابل أن تتس لم الجمعي ة
وصال مؤقتا مضمن فيه تاريخ تسلم السلطات اإلدارية التصريح بتأسيس الجمعية ،وتقوم السلطات المحلي ة
بإرسال التصريح ونسخا من الوثائق المرفقة مع ه إلى النياب ة العام ة بالمحكم ة االبتدائي ة المختص ة لتب ني
رأيها في الطلب عند االقتضاء ،وداخل أج ل ال يتع دى 60يوم ا يس لم إلى الجمعي ة وص ال نهائي ا ،وإذا تم
تجاوز هذا األج ل ولم يس لم للجمعي ة الوص ل النه ائي ج از له ا أن تم ارس أنش طتها وف ق األه داف ال تي
سطرتها في قانونها األساسي .
ويمضي صاحب الطلب تصريحه وكذا الوث ائق المض افة إلي ه ويش هد بص حتها وتف رض على ك ل من
القوانين األساسية والئحة األعضاء المكلفين بإدارة الجمعية أو تسيرها حقوق النشر الم ؤذاة بالنس بة للحجم
باستثناء نظيرين.
إذ نالح ظ أن المش رع المغ ربي اعتم د في تأس يس الجمعي ة على نظ ام التص ريح .وه و نظ ام محم ود
بخالف نظام الترخيص الذي يعتبر نظاما تسلطيا ال يتالءم مع طبيعة الح ق في تأس يس الجمعية ،847إال أن
المشرع المغربي يعتبر نظام الوصل قي دا ش كليا في ممارس ة ح ق تأس يس الجمعي ة ،وه و م ا ع بر عن ه
المقرر الخاص المعني بأوضاع المدافعين عن حقوق اإلنسان ،فمعظم البلدان تقتض ي أن تص در الحكوم ة
إيصاال باستالم اإلش عار وإص دار وثيق ة التس جيل ،ولكن الممارس ة العملي ة تظه ر في بعض الح االت أن
السلطات تتجاهل طلبات اإلشعار وال تصدر إيصاالت أو وثائق االستالم وبحس ب رأي المق رر الخ اص ،
- 847س$عيد ال$وردي" الح$ق في تأس$يس الجمعي$ات بين النص الق$انوني والممارس$ة العملي$ة" المجل$ة القانوني$ة االلكتروني$ة ع$دد 4ت$اريخ الزي$ارة
2019.01.02
422
فإنه يجب أن ال يكون التسجيل إجباري ا .ويجب الس ماح للجمعي ات ب أن تق وم وتض طلع بأنش طتها دون أن
تضطر للتسجيل ،ويرى المقرر الخاص أن القانون يجب أن يوضح وضع المنظمة في الف ترة م ا بين طلب
التسجيل والقرار النهائي وأنه ينبغي أن تكون هذه المنظمات ح رة في ب دء أنش طتها إلى أن يص در الق رار
النهائي.848
يعت بر المق رر الخ اص في الق وانين الخاص ة بالمنظم ات غ ير الحكومي ة ،وال تي تحت وي على ق وائم
باألنشطة المسموح بها وتلك المحظورة إشكالية إلى أبعد الحدود ،كما يؤكد بأن إمكانية حص ول المنظم ات
على التمويل وقدرتها على طلب التمويل وتلقيه واستخدامه ،بما في ذل ك من مص ادر أجنبي ة ،ه و عنص ر
أصيل في الحق في حري ة التجم ع وض مان حري ة عم ل منظم ات المجتم ع الم دني،849وبالت الي فالمش رع
المغربي نص أنه ال يمكن للجمعية بأن تمارس األنشطة المنصوص عليه ا في الفص ل 6إال بع د اس تكمال
اإلجراءات المنصوص عليها في الفصل 5وبالتالي ،فهذا قيد تعسفي اتجاه الجمعية وبالتالي م ا الغاي ة من
منع الجمعي ة من ممارس ة أنش طتها م ا بين الوص ل الم ؤقت والوص ل النه ائي ؟ولم اذا اس تعمل المش رع
المغربي وصلين بدل الوصل الواحد؟ ،كان ب األحرى أن يف رض وص ال واح دا ،ح تى تتمكن الجمعي ة من
فتح حساب بنكي خاصة في الحالة التي يتعذر توصل الجمعية بالوصل النهائي حيث أن المؤسسات البنكي ة
تطلبه ،وحتى يتم فتح حساب بنكي بعد مرور 60يوما باعتبارها المدة الفاص لة لقي ام الجمعي ة بأنش طتها،
فإنها في عالقاته ا م ع بعض القطاع ات الوزاري ة ال يمكن للجمعي ة أن تأخ ذ دعم ا إال بع د حص ولها على
الوصل النهائي ،وعليه فالوصل ليس واقعة منشئة للجمعية ،لكن غيابه يطرح عدة عراقيل تحول دون قي ام
الجمعية بنشاطها بشكل عادي.850
وبالتالي كان على المشرع المغربي أن يقوم بالتنصيص على رقم الحساب البنكي في التص ريح لض بط
األنشطة المنصوص عليها في الفصل 6من ظهير المؤسس للجمعيات ،لذلك فلماذا التعقيدات بدل التس هيل
والتبسيط في تأسيس الجمعية؟ على اعتبار أنها مبادرات تطوعية من جانب المواط نين .وح ق من الحق وق
والحريات األساسية المضمونة من خالل المواثيق الدولية وأيضا الدساتير.
تجدر بنا اإلشارة إلى البيانات اإللزامية ،إذ أن المشرع المغربي من خالل الفص ل 5من قانون ه فص ل
في البيان ات ال تي يجب أن يتض منها التص ريح خاص ة فيم ا يتعل ق بالهوي ة :اس م الشخص ي والع ائلي،
الجنسية ،السن ،تاريخ ومكان االزدياد ،مهنة ومحل سكنى أعضاء المكتب ،وبالت الي فه ذا المقتض ى ال ذي
نص عليه المشرع المغربي له أهمي ة خاص ة على مس توى التوص ل م ع األعض اء في ح االت النزع ات.
- 848تقري$$ر المق$$رر الخ$$اص المع$$ني بأوض$$اع الم$$دافعين عن حق$$وق اإلنس$$ان المق$$دم للجمعي$$ة العام$$ة 4غش$$ت 226/64/1 $ .2009الفق$$رات
55.59.60.66.70.79
- 849نفس تقرير المقرر الخاص السابق
- 850س$$عيد ال$$وردي"الح$$ق في تأس$$يس الجمعي$$ات $بين النص الق$$انوني والممارس$$ة العملي$$ة" المجل$$ة القانوني$$ة االلكتروني$$ة ع$$دد 4ت$$اريخ الزي$$ارة
2019.01.02
423
أيضا هذا المقتضى هو جد مهم خاصة بالنسبة لألشخاص غير المكلفين لألهلية إذ أنه ال تقييد في هذا الباب
فالمشرع المغربي لم يضمن هذا المقتضى في الظهير بل ترك المسألة في تحديد صحتها لقانون االلتزامات
والعق ود وه و م ا نج ده في منط وق الفص ل األول من الظه ير ،وعلي ه إذا رجعن ا إلى ق انون االلتزام ات
والعقود حين جاء في الفصل " 3األهلية المدنية للفرد تخضع لقانون أحواله الشخص ية وك ل ش خص أه ل
لإللزام وااللتزام ما لم يصرح قانون أحواله الشخصية أي مدونة األسرة بغ ير ذل ك" .851وعلي ه إذا رجعن ا
إلى مدونة األسرة والذي بهمنا في شقها هي أهلية األداء852وبالتالي يفهم من خالل منطوق الم ادة 208أن ه
يمكن للش خص ممارس ة حقوق ه الشخص ية والق انون يح دد ش روط اكتس اب األهلي ة لممارس ة الحق وق
الشخصية وبالتالي هل يمكن للصبي ولناقص األهلية أن يؤسس الجمعية وفق المقتضيات ال تي ج اءت به ا
مدونة األسرة .
-2السفيه
-3المعتوه
أما المادة 214تنص على أن الصغير المميز هو الذي أثم اثنتي عشرة سنة شمسية كاملة.
أما فيما يخص السفيه ،فقد جاءت المادة 215وعرفته بأنه المبذر الذي يصرف ماله فيم ا ال فائ دة في ه،
وفيما يعده العقالء عبثا .بشكل يضر به أو بأسرته.
أما المعتوه فقد نصت المادة 216بأن هو ذلك الشخص المصاب بإعاقة ذهني ة ال يس تطيع معه ا التحكم
في تفكيره وتصرفاته.
في حين تنص المادة 218أنه إذا بلغ القاصر السادسة عشرة من عمره .جاز ل ه أن يطلب من المحكم ة
ترشيده " ،ويمكن للنائب الشرعي أن يطلب من المحكمة ترشيد القاصر الذي بلغ السن الم ذكور أعاله ،إذا
أنس منه الرشد :وبالتالي في هاته الحال ة يكتس ب القاص ر بع د ترش يد األهلي ة الكامل ة لتأس يس الجمعي ات
وبالتالي فهل القاصر تص رفاته تع د ص حيحة ويمكن أن يتمت ع بحقوق ه بم ا فيه ا ح ق تأس يس الجمعي ات،
وبالتالي جاءت المادة 225تخضع تصرفات الص غير ومن بينه ا اتف اق تأس يس الجمعي ة لألحك ام التالي ة:
تكون نافذة إذا كانت نافعة له نفعا محضا تكون باطلة إذا كانت مضرة به – يتوق ف نفاده ا إذا ك انت دائ رة
- 851قانون االلتزامات والعقود ظهير 9رمضان 12( 1331أغسطس )1913صيغة محينة بتاريخ 19مارس 2015
-المادة 206من مدونة األسرة األهلية نوعان أهلية وجوب وأهلية األداء".
-المادة 207أهلية الوجوب هي صالحية الشخص الكتساب $الحقوق وتحمل الواجبات التي يحددها القانون وهي مالزمة به ط$ول حيات$ه وال يمكن
حرمانه منها.
- - 852المادة 208أهلية األداء هي صالحية الشخص لممارسة حقوقه الشخصية والمالية ونفاذ تصرفاته ويحدد القانون شروط اكتس$$ابها وأس$$باب
نقصانها أو انعدامها
424
بين النفع والضرر على إجازة نائبه الشرعي ،وبالتالي من خالل المادة 266يمكن للصغير المميز أن يتسلم
جزءا من أمواله إلدارتها بقصد االختبار .
وبهذا الخصوص يصدر اإلذن من الوالي أو بق رار من القاض ي المكل ف بش ؤون القاص رين بن اء على
طلب من الوصي أو المقدم أو الصغير المعني باألمر.
وبالتالي يمكن وفق القانون المغربي لناقص األهلية أن يؤسس الجمعية شريطة حص وله على اإلذن من
ولي أمره ،وليس هناك في القانون المغربي ما يمنع القاصرين من تأسيس الجمعية .أيضا هناك نقطة مهمة
بالنسبة آلليات التبليغ ،فالمشرع المغربي وجب وضع الملف التأسيسي يدويا أي بطريقة مباشرة وذل ك عن
طريق ممثل الجمعية أو أي عضو من المؤسسين حسب ما ينص عليه الق انون األساس ي للجمعي ة ومس ألة
التمثيلية لدى السلطات ،حتى ال يتالعب بمسألة الوصل بحجة الوثائق الغير المكتملة وما إلى غير ذل ك من
الممارسات والشطط في استعمال السلطة.
أيضا مسألة 60يوما لتسلم الوصل النهائي أو المدة الفاصلة العتبار الجمعية قانونية ،يعد معي ار اس تند
إليه المشرع المغربي واعتبره شرط يدخل ضمن القيود الغ ير الم بررة االس تعمال ،في حين أن الغاي ة من
60يوما ال تتماشى وتتناقض مع ما نصت عليه المواثيق الدولية .
يجب أن ال ننس ى أن هن اك مجموع ة من الش روط موزع ة في قانون ه ،حيث إذا رجعن ا إلى التش ريع
المغربي نجده من خالل الظهير المتعل ق بتأس يس الجمعي ات (فص ل )23ال يمن ع الجمعي ات ذات الط ابع
السياسي من تمويل الحمالت االنتخابية .
وما توصلنا إليه أن الجمعية شخص معنوي عليها واجبات وله ا حق وق ،وبالت الي من حقه ا أن تم ارس
أنشطة سياسية وتدعمها ألنها ترى فيها مصلحتها .هذا فيما يتعلق بالشروط والقيود التي استخلصناها ال تي
جاء بها المشرع المغربي والتي أغلبها تتالءم مع المواثيق والمعاه دات الدولي ة إال في المقتض ى المرتب ط
بمزاولة األنشطة بين الفترة الفاصلة للوصل المؤقت والوصل النهائي إذ منع المشرع المغربي من مزاول ة
هاته األنشطة.
اعتمد المشرع المغربي في نظام تأسيس الجمعيات على نظام التصريح وهو نظام محمود بخالف نظ ام
الترخيص الذي يعتبر نظاما تسلطيا ال يتالءم مع طبيعة الحق في تأسيس الجمعيات ،ونظام التصريح يعني
أن تقدم الجمعي ة مباش رة أو بواس طة مف وض قض ائي إلى الس لطة المحلي ة مل ف تأسيس ها وف ق الش روط
المذكورة أعاله ،تسلم عنه فورا وصال مختوما ومؤرخا في الحال ،ووصال نهائي ا داخ ل اج ل س تين يوم ا
425
على األكثر ،وإال جاز للجمعية أن تمارس نشاطها.853إن نظام التصريح في هذه الحالة يقتض ي من الناحي ة
القانونية أن يقوم المصرح بإشعار السلطة أو اإلدارة بنية تأسيس الجمعي ة وإخباره ا ليس إال دونم ا توق ف
نشاطه على قرار إيجابي أو سلبي صادر عن هذه األخيرة.854
هذا يعني أن الجمعية تصبح قائمة ال ذات بمج رد اس تيفاء ش كليات التص ريح ،وأن الوص ل الم ؤقت أو
النهائي ليس واقعة منشئة للجمعية لكن غيابه يطرح عدة موان ع وقي ود تح ول دون قي ام الجمعي ة بنش اطها
بشكل عادي.
من أهم الموانع التي تواجه تأس يس الجمعي ات نج د امتن اع الس لطات المحلي ة اإلداري ة عن تس لم مل ف
الجمعية بصفة نهائية ،وفي حالة تس لمه االمتن اع عن تس ليم الوص ل الم ؤقت أو النه ائي مم ا يش كل عقب ة
حقيقية تحد من فعالية وحرية العمل الجمعوي.
ومن أهم الس مات المم يزة لق انون تأس يس الجمعي ات نج د ارتكازه ا على مب دأ الحري ة في
التأسيس واعتماد نظام التصريح عند اإليداع ،وهو تق دم وتط ور ينس جم م ع منط ق األش ياء وم ع
مقتض يات حق وق اإلنس ان ،لكن البعض ي رى أن ع دم الت دقيق في الص ياغة القانوني ة للفص ول
والطبيعة المخزنية التسلطية لرجال السلطة وأجهزته ا أفرغ ا ه ذا المب دأ من محت واه وح واله إلى
نظام ترخيصي وقيدا مبدأ الحرية بحيث أصبح كل ذلك خاضعا لمزاج السلطة ولخصوصيات ك ل
مرحلة وحسب موقف كل راغب في ممارسة الحرية من السلطة وموقف السلطة منه.855
ومن خالل قراءة في جميع ما يتم تداوله في هذا الشأن يمكن القول بأن العراقيل التي تواج ه به ا حري ة
تأسيس الجمعيات في المغرب تنحصر في شكلين من التصرفات وهما:
امتناع السلطة اإلدارية المحلية المختصة عن تسلم الملف القانوني للجمعية؛ -1
امتناع السلطة اإلدارية المحلية المختصة عن تسليم الوصلين المؤقت والنهائي للجمعية؛ -2
ففي جميع هذه الحاالت نسجل تصرفا سلبيا من جانب اإلدارة يتجلى في االمتناع عن القيام بعمل منوط
بها بموجب القانون .غير أن األثر القانوني لهذا االمتناع يختلف حسب الحالة.
-1امتناع السلطة اإلدارية المحلية المختصة عن تسلم الملف القانوني للجمعية :
- 853خالد اإلدريسي":حرية تأسيس الجمعيات $بالمغرب في النص القانوني "مقال منشور في جريدة التجديد ليوم 2012 - 06 - 29
- 854انظر مقال منشور بالموقع االلكتروني :تحت عنوان "النظام القانوني للعمل الجمعوي في المغرب من التأسيس الى الحل" زيارة الموقع تمت
بتاريخ 18ينايرhttp://www.startimes.com/f.aspx?t=20459533 2019
- 855انظ$$ر عم$$ر أحرش$$ان "الحري$$ات العام$$ة في المغرب$$يين مب$$دأ التص$$ريح وواق$$ع ال$$ترخيص" مق$$ال منش$$ور على الموق$$ع االلك$$تروني
http://www.aljamaa.net/ar/document/2248.shtmlزيارة الموقع تمت بتاريخ 18يناير.2019
426
تحصل هذه الحالة غالبا لما يتعلق األمر بجمعية ذات أهداف غير مرغ وب فيه ا من ط رف الدول ة ،أو
عندما يكون مكتب الجمعية يضم من بين أعضائه أشخاص ا يتبن ون أفك ارا أو مب ادئ تتن افى م ع مقدس ات
الدولة .إذ غالبا م ا توج ه تعليم ات للم وظفين المكلفين بتس لم ملف ات الجمعي ات بع دم تس لم ه ذا الن وع من
الملفات .وفي هذه الحالة نجد المشرع المغربي قد مأل الفراغ وتدخل لينص في الفصل 5على أنه"يجب أن
تقــدم كــل جمعيــة تصــريحا إلى مقــر الســلطة اإلداريــة المحليــة الكــائن بــه مقــر الجمعيــة مباشــرة أو
بواسطة عون قضائي" 856حيث أنه في الحالة التي يمتن ع ممث ل الس لطة المحلي ة من تس لم مل ف الجمعي ة
تبقى اإلمكانية مفتوحة أمام المعني باألمر للجوء إلى تبليغ الملف عن طريق عون قضائي.857
إذ أن المفوض القضائي مؤهل للقيام بعملية إيداع ملف الجمعية أمام السلطة اإلدارية المحلية المختص ة
بناء على طلب من المعنيين باألمر ،ويقوم حسب الحالة بتحرير محضر تبليغ أو محضر امتناع عن التسلم
يتم الرجوع إليه عند االقتضاء .ويوفر في هذه الحال ة للط رف المع ني دليال على امتن اع اإلدارة من القي ام
بواجبها ويمكنه بناء على ذلك تقديم الطعن أمام الجهة القضائية المختص ة ،وذل ك على خالف الحال ة ال تي
يكون فيها الرفض شفويا حيث يصعب على الطاعن إثباته أمام القضاء خصوصا في حالة ع دم االع تراف
بذلك من طرف اإلدارة .ولإلشارة فإن غالبية المواطنين يلجئون في تطبيق هذه المس طرة إلى الس يد رئيس
المحكمة االبتدائية بص فته قاض يا للمس تعجالت للحص ول على أم ر قض ائي ب التبليغ في إط ار مقتض يات
الفصل 148من قانون المسطرة المدني ة المتعل ق ب األوامر المبني ة على طلب .والح ال أن الق انون المنظم
لمهنة المفوضين القضائيين يخولهم الحق في القيام بهذا اإلجراء دون الرج وع ل رئيس المحكم ة وفي ذل ك
امتياز لطالب إجراء التبليغ يتجلى في ربح الوقت واقتصاد النفقات .لكن رغم ذل ك فه ذا اإلج راء ال يخل و
اللجوء إليه من صعوبات مادية تثقل كاهل المواطنين بنفقات إضافية هم في واقع األم ر معف ون منه ا و ق د
تكون بداية لنفقات أخرى في حالة إحجام السلطة المحلي ة عن تس ليم الوص لين الم ؤقت والنه ائي وتفض يل
المتضرر اللجوء إلى القضاء.
-2امتناع السلطة اإلدارية المحلية المختصة عن تسليم الوصلين المؤقت والنهائي للجمعية:
- 856قد يفضل البعض توجيه ملف الجمعية إلى السلطة اإلدارية المحلية المختصة عن طريق البريد المضمون فهل تق$$وم ه$$ذه الوس$$يلة حج$$ة على
إيداع الملف؟ في اعتقادنا المتواضع فالبريد المضمون ليس وسيلة إليداع ملف الجمعي$$ة ل$$دى الس$$لطة المحلي$$ة المختص$$ة ،ألن الفص$$ل الخ$$امس من
القانون الخاص بتأسيس الجمعيات $نص على وسيلتين على سبيل الحصر ،ولم يش$$ير إلى إمكاني$$ة اس$$تعمال وس$$ائل أخ$$رى من جه$$ة ولك$$ون التبلي$$غ
بالبريد المضمون يتيح لإلدارة اإلمكانية للمجادلة في موضوع المراسلة الواردة بهذه الوسيلة ألنها تخص تبليغ الظرف وال يمكنها $إثبات محتواه.
- 857تنص المادة 15من الظهير الشريف رقم 1-06-23ص$$ادر في 15من مح$$رم 14( 1427ف$$براير )2006بتنفي$ذ $الق$$انون رقم81-03
بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين (الجريدة الرس$مية رقم 5400الص$ادرة ي$وم الخميس 2م$ارس .)2006على أن$ه "يختص المف$وض القض$ائي
بصفته هاته ،مع مراعاة الفقرة الرابعة من ه$ذه الم$ادة ،بالقي$ام بعملي$ات $التبلي$غ وب$إجراءات تنفي$ذ األوام$$ر واألحك$ام والق$رارات وك$ذا ك$$ل العق$$ود
والسندات التي لها قوة تنفيذية ،مع الرجوع إلى القضاء عند وجود أي صعوبة ،وذلك باستثناء $إجراءات التنفيذ المتعلقة بإفراغ المحالت والبيوع$$ات
العقارية وبيع السفن والطائرات واألصول التجارية.
-يتكلف المفوض القضائي بتسليم استدعاءات التقاضي ضمن الشروط المقررة في قانون المس$$طرة المدني$$ة وغيره$$ا من الق$$وانين الخاص$$ة ،وك$$ذا
استدعاءات الحضور المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية ،ويمكن له أن يق$$وم باس$$تيفاء المب$$الغ المحك$$وم به$$ا أو المس$$تحقة بمقتض$$ى س$$ند
تنفيذي وإن اقتضى الحال البيع بالمزاد العلني للمنقوالت المادية.
-يقوم المفوض القضائي بتبليغ اإلنذارات بطلب من المعني باألمر مباشرة ما لم ينص القانون على طريقة أخرى للتبليغ.
-ينتدب $المفوض القضائي من لدن القضاء للقي$ام بمعاين$ات $مادي$ة محض$ة مج$ردة من ك$ل رأي ،ويمكن ل$ه أيض$ا القي$ام بمعاين$ات $من نفس الن$وع
مباشرة بطلب ممن يعنيه األمر"
427
من خالل العدي د من الص حف والجرائ د اليومي ة والمواق ع االلكتروني ة معان اة بعض الجمعي ات ح ول
الحصول على وصل إيداع الجمعية سواء المؤقت أو النهائي .ويحص ل ذل ك لم ا يظه ر بع د إي داع المل ف
والقيام باألبحاث المخولة للسلطة المحلية المختصة بتسلم الملف بموجب الفصل الخامس كم ا تم تعديله،858
أن بعض أو كل أعضاء الجمعية لهم انتماءات سياسية أو دينية متطرفة أو اعتناقهم ألفكار من ش أنها المس
بمقدسات الدولة أو أن الجمعية تخفي وراء نشاطها المعلن أنشطة أخرى قد تحقق إضرارا بالمصالح العلي ا
للدولة .فتمتنع عن تسليم الجمعية المعنية الوصل المؤقت أو النهائي حسب الحالة مما يجعلها في وضع بين
المنزلتين ،فهي من الناحية القانونية قد تأسست بمج رد اس تيفاء الش كلية المتعلق ة بإي داع التص ريح مكتمال
طبقا لما نص عليه الفصل الخامس ويجب تمكينها من الوصل النهائي داخل أجل أقصاه ستون يوم ا ،وفي
حالة اإلخالل به ذا ال واجب تص بح الجمعي ة قائم ة ال ذات بص فة قانوني ة ويمكنه ا ممارس ة أنش طتها وفق ا
لألهداف المسطرة في قوانينها.
لكن من الناحي ة العملي ة فهي ال يمكنه ا ممارس ة أي نش اط بص فة قانوني ة ،حيث ال يمكنه ا اس تعمال
القاع ات العمومي ة في اجتماعاته ا ،وال يمكنه ا تنظيم المظ اهرات والم واكب واالستعراض ات ب الطرق
العمومي ة ،وال يمكنه ا فتح حس اب بنكي ل دى المؤسس ات المص رفية وال الحص ول على دعم من إح دى
المؤسسات أو المصالح التابعة للدولة ألنه عمليا يتطلب للقيام بكل ذلك تقديم الوصل النهائي للجمعي ة .وفي
غيابه فالجمعية تضل معطلة عن أداء مهامها بل أكثر من ذلك فق د يتع رض أعض اؤها للمض ايقات وربم ا
المتابعات القضائية بتهمة االنتماء لجمعية غير معترف بها على الرغم من أن هذه التهمة ال وج ود له ا في
القانون المغربي .إذن فالعديد من الجمعيات ال تي ال تت وفر على الوص ل النه ائي وتس تمر في العم ل ،ف إن
الوض ع الق انوني غ ير المؤك د يفق دها توازنه ا ،ويح د من أنش طتها ،ويخي ف بعض أعض ائها الح اليين
والمحتملين.859
لتجاوز ذلك نجد تقريرا صادرا عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" سنة 2009قد ق ام برص د مختل ف
الخروقات القانونية ودعا المغرب إلى وقف المناورات البيروقراطية المتفش ية ال تي تق وض حري ة تك وين
الجمعيات ،بما في ذلك االمتن اع عن تس جيل المنظم ات المدني ة في انته اك للق وانين المغربي ة .معت برا أن
"حري ة تك وين الجمعي ات نظ ام تص ريحي باالس م فق ط" ،وورد في التقري ر أيض ا أن الممثلين المحل يين
لوزارة الداخلية يرفض وينفي في كثير من األحيان قبول وثائق التس جيل عن دما تك ون أه داف أو أعض اء
مجموعة ما ال تروق للسلطات.860وفي نفس السياق أكدت سارة ليا ويتسن ،الم ديرة التنفيذي ة لقس م الش رق
- 858ح يث أضيفت إليه فقرة أخيرة تخول للسلطات العمومية التي تتلقى التصريح بتأسيس $الجمعيات إمكانية إجراء األبحاث والحصول على
البطاقة رقم 2من السجل العدلي للمعنيين باألمر.
- 859تقرير صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش سنة 2009حول حرية تكوين الجمعيات $بالمغرب.
- 860قالت سارة ليا ويتسن" :إن نسبة تكرار رفض إصدار وص$$ول اإلي$$داع من ط$$رف المس$$ؤولين المحل$$يين في جمي$$ع أنح$$اء البالد ي$$دل على أن
هؤالء المسؤولين على المستوى الوطني يتغاضون عن هذه الممارسة" ،وأضافت "إنهم بحاجة إلى تجسيد اإلرادة السياسية على المستوى الوط$$ني،
ومطالبة المسؤولين المحليين باالنصياع للقانون".
428
األوسط وشمال إفريقيا في "هيومن رايتس ووتش" أنه عندما يتعلق األم ر بحري ة تك وين الجمعي ات ،كم ا
هو الحال بالنسبة لعديد من قضايا حقوق اإلنسان األخرى ،يس ن المغ رب تش ريعات تقدمي ة ،ولكن اإلدارة
تفعل بعد ذلك ما يحلو لها".861
وبعدما كثر الحديث عن اتهام وزارة الداخلي ة بخ رق الق وانين المنظم ة لحري ة تأس يس الجمعي ات ،تم
طرح هذا األمر في جلسة لألسئلة الشفوية بالبرلمان حيث أكد وزير الداخلي ة في مع رض جواب ه عن ذل ك
أن التعديالت التي أدخلت على القانون أصبح معها الوصل مج رد تأكي د على وض ع المل ف بش كل كام ل،
باإلضافة إلى وجود عدة ضمانات منها العون القضائي وكذلك اللجوء إلى القضاء وحتى بعد م رور س تين
يوما ،فالجمعية تعتبر قانونية وعلى صعيد األرقام أشير إلى أن ه من ذ س نة 2010إلى اآلن تمت المص ادقة
على 2000جمعية منها 104فقط لم تتسلم الوص ل ،خاتم ا جواب ه أن الدس تور الجدي د لس نة 2011أص بح
يفرض مراجعة القانون المنظم بما ينسجم والتوجه الجديد للدولة.862
فكما سبقت اإلشارة فإنه ال يكفي وضع نظام قانوني متطور يتم تقويض دعائمه خالل الممارسة العملية
ألن االختبار الحقيقي لحكومة متنورة هو الطريقة التي تعامل بها الجمعيات والمنظمات األكثر إثارة للجدل
،وحيث إن اإلدارة م ا هي إال ط رف في العملي ة ويبقى للقض اء الح ق في مراقب ة أعماله ا وتص حيح
هفواتها .إال أن دائما يبقى اإلشكال المطروح حول دور القض اء المغ ربي في ض مان اح ترام ح ق تأس يس
الجمعيات؟
يحتل الحق في تولي الوظائف وضعا جوهريا في منظومة حقوق اإلنسان ،والحق في ت ولي المناص ب
يعد حقا مشتركا يجمع بين البع د اإلقتص ادي واالجتم اعي ،وق د األمم المتح دة وآللياته ا الدولي ة المعني ة
بحقوق اإلنسان أهمية بالغة لموضوع الحق في تولي الوظ ائف العام ة ،كم ا إعتبرت ه ض مان قوي ة لتفعي ل
الحق في المشاركة السياسية مع إقترانه بالحق في المساوة دون تمي يز بين الجنس ين في اإلس تفادة من ه ذا
الحق.
- 861يشمل التقريرأكثرمن 10دراسات حالة من الجمعيات $التي كانت الحكومة ق$د حرمته$ا من "وص$ل اإلي$داع" ك$إقرار بالتس$جيل ،مم$ا يعرق$ل
أنش$$طتها .وتش$$مل ه$$ذه جمعي$$ات $محارب$$ة الفس$$اد و أخ$$رى معني$$ة بتعزي$$ز حق$$وق خ$$ريجي الجامع$$ات الع$$اطلين عن العم$$ل ،واألم$$ازيغ (ال$$بربر)،
والصحراويين ،و مهاجري إفريقيا جنوب الصحراء .وتوجد هذه المجموع$$ات بالم$$دن في أنح$$اء البالد وبالص$$حراء المغربي$$ة .كم$$ا تق$$وض اإلدارة
مجموعات خيرية وتربوية كث$يرة $على م$$ا يب$دو ،ألن قياداته$$ا تض$م أعض$اء من جمعي$$ة الع$دل واإلحس$ان ،واح$دة من أنش$ط الحرك$$ات اإلس$$المية
بالمغرب.
862
ا لتصريح المنسوب للسيد وزير الداخلية قدمه خالل الجلسة المخصصة لألسئلة الشفوية بالبرلمان خالل جلسة يوم 7ماي 2012وهو منشور -
زيارة الموقع تمت :http://www.gpi.ma/Questions%20orales/Questions%20du%207%20-5-12.htmlبالموقع االلكتروني
بتاريخ 18يناير 2019
429
وفي ه ذا اإلط ار عملت التش ريعات الوطني ة خاص ة العماني ة والمغربي ة على تك ريس ه ذا الح ق في
دستورهما ومختلف قوانينهما الوطنية ،ووضعت لذلك شروطا وضوابط محدد نتناولها في هذا المبحث من
خالل مطلبين إثنين ،يتناول المطلب األول مفهوم وشروط تولي الوظائف العامة ،ويتعرض المطلب الثاني
لمبادئ المناصفة في تولي الوظائف العامة.
المطلب األول :مفهوم وشروط تولي الوظائف العامة في سلطنة عمان والمملكة المغربية.
نتناول في هذا المطلب مفهوم وشروط وإجراءات تولي المناصب والوظائف العامة في كل من س لطنة
عمان والمملكة المغربية ،وذلك من خالل إستقراء مختلف النصوص القانونية المتصلة بالموضوع.
تناول النظام األساسي لسلطنة عمان موضوع الحق في تولي الوظائف العامة في البند السابع من المادة
12منه ،حيث جاء البند على الشكل التالي:
"الوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها،ويستهدف موظفو الدول ة في أداء وظ ائفهم المص لحة
العام ة وخدم ة المجتم ع،والمواطن ون متس اوون في ت ولي الوظ ائف العام ة وفق ا للش روط ال تي يقرره ا
القانون".
ولعل المتمعن في مقتضيات المادة السالفة الذكر ،يلمس حرص المشرع الدستوري على ربط الوظ ائف
العامة بغاية تحقيق المصلحة العامة والخدم ة الوطني ة ،كم ا جع ل ت ولي ه ذه المناص ب على أس اس مب دأ
المساواة بين كافة المواطنين دون تمييز.
" المواطنون جميعهم سواسية أمام القانون ،وهم متساوون في الحق وق والواجب ات العام ة ،دون تمي يز
بينهم في ذل ك بس بب الجنس أو األص ل أو الل ون أو اللغ ة أو ال دين أو الم ذهب أو الم وطن أو المرك ز
اإلجتماعي".
وبإستقراء المادة المشار إليها أعاله ،يتن بين أن المش رع الدس توري العم اني ،إنطل ق من تك ريس مب دأ
المساواة أمام الق انون س واء بخص وص اإلس تفادة من الحق وق أو تحم ل الواجب ات واألعب اء العام ة ال تي
يفرضها القانون وف ق مقارب ة تالزم الحق وق بالواجب ات م ع حظ ر ك ل أش كال التمي يز ال واردة في الم ادة
موضوع التحليل.
430
وفي هذا أولى صاحب الجاللة الس لطان ق ابوس أهمي ة قص وى لمس ألة المس اواة في ت ولي الوظ ائف
العامة ،حيث قال مايلي" :لقد أكدنا دائما اهتمامنا المستمر بتنميــة المــوارد البشــرية وذكرنــا أنهــا تحظى
باألولوية القصوى في خططنا وبرامجنا فاإلنسان هو حجر الزاوية في كل بناء تنموي وهو قطب الــرحى
الذي تدور حولــه كــل أنــواع التنميــة إذ إن غايتهــا جميعــا هي إســعاده وتوفــير أســباب العيش الكــريم لــه
وضمان أمنه وسالمته ولمـا كــان الشـباب هم حاضــر األمـة ومسـتقبلها فقـد أولينــاهم مــا يسـتحقونه من
اهتمام ورعاية على مدار أعوام النهضة المباركــة حيث ســعت الحكومـةـ جاهــدة إلى إن تــوفر لهم فــرص
863
التعليم والتدريب والتأهيل والتوظيف".
وقد حدد قانون الخدمة المدنيىة الصادر بم وجب المرس وم الس لطاني رقم 120/ 2004الفئ ات المعني ة
وأنواع الوظائف وشروط توليها ،حيث نصت المادة رقم ( )1على مايلي" :تسري أحكام ه ذا الق انون على
الموظفين في الجهاز اإلداري للدولة فيما عدا الموظفين الذين تنظم ش ؤون ت وظيفهم مراس يم أو ق وانين أو
عقود خاصةفيما نصت عليه هذه المراسيم والقوانين والعقود الخاصة من أحكام".
أما المادة ( )4من ذات المرسوم فتناولت أنواع الوظائف على الشكل التالي:
" الوظائف إما دائمة أو مؤقت ة ،وتقس م الوظ ائف الدائم ة إلى مجموع ات نوعي ة طبق ا لنظ ام تص نيف
وترتيب الوظائف.
وتحدد الوظ ائف الدائم ة طبق ا لم ا ي رد بج داول الوظ ائف المعتم دة واإلعتم ادات المالي ة المق ررة في
الموازنة العامة حسب القوانين واللوائح التي تصدر في هذا الشأن.
أما الوظائف المؤقتة فهي األعمال المحدد لها فترة زمنية أو موسم معين وتنتهي بإنته اك تل ك الف ترة أو
الموسم أو بإنتهاءالعمل ذاته ،وتنشأ هذه الوظائف وتلغى بقرار من رئيس الوحدة طبقا العم ل وظروف ه في
حدود المبالغ المخصصة لذلك ،دون التقيد بالقواعد وإجراءات إنشاء الوظائف المؤقتة وشروط شغلها".
وتفصل المادة من ذات المرسوم في طرق ت ولي الوظ ائف العام ة ،حيث نص ت على م ا يلي " :يك ون
شغل الوظائف عن طريق التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب بمراعاة توافر الشروط ال واردة في بطاق ات
وصف الوظائف".
أم ا بخص وص ت ولي المناص ب والوظ ائف العام ة فق د وردت في الم ادة ( )12على الش كل الت الي" :
يشترط فيمن يعين في إحدى الوظائف الدائمة ما يأتي:
ـــ أن يكون عماني الجنسية بإستثناء من تقضي الحاجة تعيينهم من غير العمانيين؛
مـن خــطاب حـضـرة صاحـب اجلالل ـ ــة الـسلطان املعظم يف افتتاح الفرتة اخلامسة جمللس عمان لعام 2011م ،نص اخلطاب منشور يف موقع وزارة 863
431
ـــ أن يكون حسن السيرة والسلوك؛
ـــ أن ال يكون قدصدر ضده حكم نهائي بالسجن في جناية أو بعقوبة في جريمة مخل ة بالش رف
أو األمانة ،ما لم يكن قد رد إليه إعتباره ،ومع ذلك إذا كان الحكم علي ه ألول م رة م ع وق ف تنفي ذ
العقوبة يجوز التعيين إذا رأت لجنة شؤون الموظفين من ظروف الواقعة وأسباب الحكم أن ذلك ال
يتعارض مع مقتضيات الوظيفة وطبيعتها؛
ـــ أن ال يكون قد صدر ضده قرار بمعاقبت ه باإلحال ة إلى التقاع د أو الفص ل من الخدم ة م ا لم
يكن قد مضى على هذا القرار ثالث سنوات؛
ـــ أن يكون مستوفيا إشتراطات شغل الوظيفة المحددة ببطاقة وصفها ،ويج وز ل رئيس الوح دة
ـــ دون غيره ـــ اإلستثناء من شرط الحد األدنى للخ برة العملي ة م تى ك انت هن اك ن درة في ه ذه
الخ برة أو إذا ت وافرت ل دى المرش ح لش غل الوظيف ة خ برة علمي ة ن ادرة وذل ك وفق ا للقواع د
واإلجراءات التي يقررها المجلس؛
ـــ أال تقل سنه عن 18عاما وتثبت السن بشهادة الميالد أو بالبطاقة الشخصية؛
وهكذا فقد تناول المشرع العماني بصفة عام ة ك ل م ا يتص ل باإلس تفادة من الح ق في ت ولي الوظ ائف
العامة سواء من حيث تحديد مفهومها وأنواعها شورط الالزمة لتوليها والمبادئ الضامنة لها ،كما هو مبين
في النقتضيات السابقة مما يجعل التشريع العماني مواكبا للمعايير الدولية المقررة في المواثي ق والص كوك
ذات الصلة بحقوق اإلنسان عامة والحقوق السياسية خاصة.
تعتبر الوظيفة العمومية خدمة عامة يؤديها موظف عام لألفراد أو للدولة أو أح د فروعه ا أو مص الحها
العام ة في نط اق ق انوني معين يح دد عالقت ه بمن ي ؤدي لهم ه ذه الخدم ة وعالقتهم بهم منظم ا لحقوق ه
وواجباته ،وهناك من يقول ب أن الوظيف ة العمومي ة هي مجم وع األش خاص الطبيع يين والمعن ويين ال ذين
تتألف منهم ادارة الدولة المس يرة للمراف ق العام ة .ويخض ع ه ؤالء األش خاص للق انون اإلداري ولعالق ة
نظامي ة ،وبه ذه الص فة يتمتع ون بنظ ام ق انوني خ اص يختل ف عن ق انون الش غل المطب ق على العم ال
وبامتيازات وضمانات مهم ة نظ را لك ونهم يعمل ون لخدم ة المراف ق العمومي ة والص الح الع ام .ومن ه ذا
المنطلق فالموظفون يعملون في خدمة الدولة وهم رهن إشارتها .فهي ال تي تعينهم وت دفع لهم أج ورهم من
432
أجل تسيير وظيفة لإلدارة وإحسان أدائها .وباعتبار الدولة شخصا معنويا عاما ال تستطيع أن تقوم برسالتها
وال تؤدي دورها إال عن طريق شخص معنوي يقوم بالتعبير عن إرادتها ،هذا الشخص يتمثل في الشخص
الذي يجب أن يكون محل ثقة المتعاملين معه .وللوصول إلى هذه الغاية وتحقي ق نت ائج مرض ية يجب على
الدولة أن تهتم بفعالية االختيار لتطبيق قاعدة الرجل المناسب في المكان المناسب .في حين التس اؤل ال ذي
يطرح نفسه في هذا اإلطار وبإلحاح يتجلى في مفهوم الموظف العمومي وطرق تعيينه وشروط توظيفه.
وعرف القانون المغربي الموظف العمومي في الفصل الثاني من ق انون الوظيف ة العمومي ة بأن ه” :يع د
موظفا كل شخص يعين في وظيفة قارة ويرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسالك اإلدارة التابعة للدولة.
يتبين من خالل هذا التعريف أنه من الشروط األساسية العتبار الشخص موظفا عمومي ا ه و "الترس يم في
إحدى درجات السلم الخاص بأسالك اإلدارة التابعة للدولة" ،وبناء على ذلك ال نطلق صفة الموظ ف الع ام
طبقا للظهير رقم 008.58.1على:
فهم مرتبطون بعقد التزام ،ويخضعون ألحكام القانون الخاص-المتعاقدين م ع اإلدارة بم وجب عق د من
عقود القانون الخاص "كالمقاولين والمهندسين" ،حيث تتعاقد معهم اإلدارة لمدة محدودة
-رجال القضاء؛ -العسكريون التابعون للقوات المس لحة الملكي ة؛ -هيئ ة المتص رفين ب وزارة
الداخلية.
وهناك نوع ثالث من األشخاص يخضع ألحكام قانون الوظيفة العمومية بصفة أساسية ،وق د يعف ون من
بعض أحكامه بمقتضى قوانين أساسية خصوصية ،إذا كانت تلك األحكام ال تتفق وااللتزام ات الملق اة على
عاتق الهيئات والمصالح التي يعملون فيها .وهؤالء األشخاص كما جاء في نص الفق رة الثاني ة من الفص ل
الرابع هم:
-أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي؛ -الهيئات المكلفة بالتفتيش العام للمالية؛ رجال التعليم؛
أعوان الشرطة وإدارة السجون؛
رجال المطافئ؛ أعوان المصلحة بإدارة الجمارك والض رائب غ ير المباش رة والمفتش ون والمراقب ون
والحراس بالبحرية التجارية وضباط الموانئ وموظفو المنارات وموظفو المياه والغابات .
و تعد عالقة الموظ ف بالدول ة عالق ة تنظيمي ة ،ذل ك أن أحك ام الوظيف ة بم ا تتض منه من حق وق وم ا
تفرضه من واجبات مستمدة مباشرة من نصوص القوانين والمراس يم التطبيقي ة له ا .والموظ ف في مرك ز
تنظيمي ،وقرارات تعيينه ال تنشئ له مركزا ذاتيا خاصا ،فهذا المركز موجود بمقتضى القوانين والمراسيم
وسابق على قرارت التعيين .لذلك فان الوظيف ة لم تنش أ للموظ ف ب ل على العكس وج د الموظ ف للوظيف ة
433
نفسها ،فهو ملزم بما يطلبه هذا المركز الوظيفي ،وأي تصرف منه يتنافى م ع مص لحة ه ذا المرف ق الع ام
يعرضه للجزاء التأديبي .ولقد نص المش رع المغ ربي ص راحة على المرك ز التنظيمي للموظ ف الع ام في
ق انون الوظيف ة العمومي ة لس نة 1958في فص له الث الث "أن الموظ ف في حال ة قانوني ة ونظامي ة إزاء
اإلدارة ".وتترتب على االعتراف بالمركز التنظيمي للموظف النتائج التالية:
إن االلتحاق بالوظيفة يتم بقرار إداري ،تص دره اإلدارة بإرادته ا المنف ردة .كم ا أن ت رك -
الموظف أو رفضه ،حتى وإن كان التعديل يمس مركزه القانوني .غ ير أن التع ديل يجب أن يك ون
عاما ومجردا ال يخص موظفا بعينه ،كم ا يجب أن يتم التع ديل بقواع د تش ريعية من نفس درجته ا
مع مراعاة عدم المساس بالحقوق المكتسبة.
ويشترط لولوج الوظيفة العمومية مجموعة من الش روط في المترش حين الراغ بين في تولي ة الوظ ائف
العمومية ،هذه الشروط تضمن الحفاظ على مصلحة الدولة وعلى إبراز وظائفه ا من جه ة والح رص على
قيام الموظف بجميع األعباء وااللتزامات التي تتطلبها الوظيفة وهي:
الفقرة األولى :الشروط العامة
/ 1الجنـسـيـــة:
إن من بين أسباب انفص ام الرابط ة الوظيفي ة م ع ال دول فق دان الموظ ف لجنس يته .ل ذلك اتفقت أغلب
التشريعات والنظم الوظيفية على اعتبار التمتع بجنسية الدولة شرطا لشغل الوظ ائف العمومي ة .من خالل
مقتضيات الفصل 21من قانون الوظيفة العمومية يشترط على الراغب في الحصول على وظيفة أن يك ون
حامال لجنسية الدولة مم ا يجع ل األف راد متس اوين في ه ذا الح ق وه ذا الش رط ج اء في مقدم ة الش روط.
فالجنسية المغربية واستنادا إلى مقتضيات الظهير الشريف المؤرخ في 6شتنبر 1958بمثابة قانون الجنسية
في فصله 16على أن الشخص يكتسب الجنسية المغربية يتمتع ابت داء من ت اريخ اكتس ابها بجمي ع الحق وق
المتعلقة بالصفة المغربي ة م ع االحتف اظ ب القيود ال واردة على األهلي ة وال واردة في الفص ل 17من ق انون
الوظيفة العمومية .حيث أن األجنبي المتجنس يخضع طيلة خمس سنوات لقيود األهلي ة المتمثل ة أساس ا في
عدم إس ناد إلي ه وظيف ة عمومي ة أو نياب ة انتخابي ة كم ا ال يج وز أن يك ون ناخب ا .وتج در اإلش ارة إلى أن
اقتصار حق تولي الوظائف العمومية على المواطنين ال يمنع من االستعانة ببعض األجانب بصفة استثنائية
وفي حدود ضيقة عن طريق ما يسمى بالتوظيف التعاقدي
434
/2 .التمتع بالحقوق الوطنية والمروءة في التمتع بالحقوق الوطنية:
يقصد بها تلك الحقوق التي قررها الق انون للف رد ال بص فته كائن ا بش ريا وإنم ا باعتب اره مواطن ا ينتمي
بالروح والدم إلى إقليم تل ك الدول ة ال تي يمنح ه قانونه ا ه ذه الحق وق بغي ة تمكين ه من المس اهمة في إدارة
الشؤون العامة للبالد .شرط المروءة :هي شرط أساسي وتعني التزام الشخص بالسلوك الحس ن واألخالق
القويمة والمثل النبيلة وإقرار هذا الشرط يؤدي حتما إلى التأكد من أن المترشح لم يرتكب بالفعل عمال يخل
بواجباته نحو المجتمع وأنه فعال عضو صالح جدير بأن يؤتمن على مباشرة وظيفة عامة.
/3القــدرة البـدنـيـة:
تتف ق أنظم ة الوظيف ة العمومي ة في كاف ة ال دول على أن من بين الش روط الالزم ة لت ولي الوظ ائف
العمومية شرط يتعلق بلياقة الموظف من الناحية الصحية وسالمته من األم راض وله ذا الش رط م ا ي برره
فهو يضمن وجود موظفين غير مصابين بأمراض معدية أو عاه ات جس دية أو عقلي ة تعي ق أداءهم للعم ل
وتعطل مصالح الجمه ور بس بب غي ابهم المتك رر أو ال دائم نتيج ة لمرض هم أو تجعلهم عبء على الدول ة
باإلضافة إلى ما يمكن أن يتسببوا به من نقل أمراضهم إلى زمالئهم األصحاء.
435
وبخصوص طرق التعيين في الوظائف العام ة فق د أق رت نظم الوظيف ة العمومي ة ع دة ط رق الختي ار
الموظفين وفيما يلي نتعرض ألهم طرق اختيار الموظفين العموميين.
يعد مبدأ المس اواة في ت ولي الوظ ائف العام ة من أك ثر المب ادئ أهمي ة من الناحي ة العملي ة في المج ال
الوظيفي كونه يعد السور االول لضمان تمتع جمي ع المواط نين بحقهم في الحص ول على الوظ ائف العام ة
على قدم المساواة وفقا لمعايير الجدارة وتكافؤ الفرص ،إلى جانب ذلك فإن تمتع الموظف ،بوصفه مواطن ا
كسواه من المواط نين ،في حريت ه في التعب ير عن ال رأي ينبغي أن ال يش كل س ببا لمنع ه من ني ل حق ه في
التوظف أو الحصول على حقوقه أثناء حياته الوظيفية ،لذلك يتعين أن يكون هنالك توازن حقيقي بين الحق
في تولي الوظائف العامة وحرية التعبير عن الرأي من خالل إيج اد ض مانات قانوني ة تكف ل تطبيق ا س ليما
وواقعيا لمبدأ المساواة في ت ولي الوظ ائف العام ة بعي دا عن التمي يز على أس اس المحاصص ة الطائفي ة أو
436
الحزبية أو الدينية .بناء على ما سبق كان لزاما علينا تحديد مفهوم المناصفة (الف رع األول) ،ودراس ة ه ذا
المفهوم بين المعارضة والتأييد (الفرع الثاني).
يسعى المسوقون لمبدأ المناصفة أن له تحقيق تطلعات وآم ال الم دافعين عن حق وق الم رأة ،فبواس طته
سيتم تحقيق المساواة الفعلية على أرض الواق ع بين الم رأة والرج ل ،ويع زز تك افؤ الف رص بين الجنس ين
حتى يتسنى للمرأة المشاركة الحقيقية في الحياة العامة وفي ولوج مراك ز الق رار وتقل د المناص ب القيادي ة
العليا لتساهم بدورها إلى جانب الرجل في اتخاذ القرارات وخاصة تلك الخاصة بحقوقها وحياتها.
ويمكن تعريف المناصفة بين الجنسين على أنها المساواة العددية والحضور والتمثي ل المتس اوي للنس اء
والرجال في جميع مراكز اتخاذ القرار بالمؤسسات سواء على مستوى القطاع العام أو القط اع الخ اص أو
السياسي ،وقد عملت من أجل دعم مشاركة النساء على قدم المساواة م ع الرج ل في كاف ة مس تويات اتخ اذ
القرار السياسي واالقتصادي واالجتماعي.
كما تعد أيضا التمثيل المتساوي للنساء والرجال على مستوى الكم ،في جميع المجاالت وفي الولوج إلى
هيئ ات ص نع الق رار في القط اع العم ومي والمه ني والسياس ي .وتش كل المناص فة ال تي تق دم على أنه ا
االعتراف بالالمساواة المبنية اجتماعيا على أساس السياسات الرامية بين الرجل والم رأة في هيئ ات ص نع
القرار العمومي والسياسي ،864وفي مجال الشغل والتربية وغيره ا .كم ا ته دف المناص فة إلى األخ ذ بعين
االعتبار أشكال التمييز الفعلية ض د الم رأة في حين يتجلى س بب وجوده ا في ض رورة اللج وء إلى آلي ات
مؤسساتية ملزمة لمواجهة هذا التمييز.
أما على مستوى الدولي ،ال يوجد تعريف للمناصفة في المواثيق الدولية ،بل نجدها تتحدث عن الت دابير
واإلجراءات التي يجب على الدول األطراف اتخاذها من أجل تحقيق المساواة بين الجنس ين .وهن اك تعه د
في مؤتمر بكين 1995بين الدول حيث نجد إعالن بكين ينص على اتخاذ مجموعة من التدابير التي ترتبط
ترجمتها عمليا بمفهوم المناصفة ،وهي التدابير الكفيلة بوص ول الم رأة على ق دم المس اواة م ع الرج ل إلى
هياكل السلطة وإلى مراكز صنع القرار والمشاركة الكاملة فيها .وأيضا االل تزام بإع ادة الت وازن في نس بة
الرجال والنساء في الهيئات و اللجن الحكومية ،865وكذا في اإلدارات العمومي ة وفي القض اء ،والس يما من
خالل وض ع أه داف مح ددة وتط بيق ت دابير ت روم تحقي ق زي ادة ملموس ة في ع دد النس اء في المناص ب
العمومية بغرض الوصول الى تمثيل متساو في كل المناصب الحكومية واإلدارات العمومي ة وع بر اتخ اذ
تدابير إيجابية ،إذ تعتبر آليات األمم المتحدة واألجهزة المسؤولة عن النهوض بأوض اع الم رأة أن التس يير
- 864أمينة لمريني الوهابي وربيعة الناصري" ،في أفق إحداث الهيئ$$ة المكلف$$ة بالمناص$$فة ومكافح$$ة جمي$$ع اش$$كال التمي$$يز" $،منش$$ورات المجلس الوط$$ني
لحقوق االنسان ،سلسلة الدراسات ،نونبر ،2011الصفحة.11:
- 865أمينة لمريني الوهابي ،نفس المرجع ،الصفحة.14-13:
437
الشفاف و المسؤول والديمقراطي لقضايا المجتمع يستدعي مشاركة متساوية للنساء والرج ال في مناص ب
اتخاذ القرار.866
وب الرجوع الى دس اتير وق وانين بعض ال دول نج د أن القلي ل من ال دول هي من تبنت التنص يص على
مفهوم المناص فة في دس اتيرها وقوانينه ا ،إذ نج د المغ رب ال ذي نص في دس تور 2011على المناص فة،
وسأعود لمناقشة هذا التنصيص المغربي بشكل منفرد بعد أن أشير الى الدول التي تبنت المناصفة.867
ففرنسا مثال ،نجدها قد نصت ص راحة على مب دأ المناص فة في ق انون االنتخاب ات ،2001وفي ق انون
االنتخابات البرلمانية المحلية واإلقليمية سنة .2002ونجد أن تطبيق مبدأ المناصفة بفرنسا عرف مجموع ة
من الصعوبات والعوائق ،حيث لم تتجمع الدولة في مأسسته قانونيا رغم التنصيص علي ه في الدس تور ،إال
بعد التعديل الدستوري األخير .ذلك أن فرنسا حاولت إصدار ق انون يه دف إلى إق رار نظ ام الحص ص في
االنتخاب ات المحلي ة ولم يس مح ب ذلك المجلس الدس توري ال ذي اعت بر أن التمي يز االيج ابي مخ الف لمب دأ
المساواة أمام القانون الذي يض منه الدس تور .كم ا أث ارت المطالب ة بتنزي ل مب دأ المناص فة على المس توى
الدستوري والقانوني بفرنسا الكثير من الجدل والمعارضة خصوصا في صفوف الحركات النسوية ،ونذكر
هنا مقال ل"إليزابيت بــادنتير" بجري دة لومون د ال تي س جلت خالل ه اعتراض ها وص رحت ب " :وأخ يرا
يضاف الى اعتراض ي كمواطن ة وش عوري باإلهان ة كمناض لة نس ائية ش عور عمي ق باإلهان ة ،فه ل نحن
معاقات إلى هذه الدرجة ،حتى يتم فرضنا عن طريق اإلكراه الدستوري -الكوطا ."-
وتونس بدورها سنت قرار يك رس مب دأ المناص فة بين الرج ل والم رأة في القائم ات االنتخابي ة العام ة
بالمجلس الوطني التأسيسي.
والبرتغ ال س نة 1998تبنت الحكوم ة ق انون يه دف إلى ض مان تك افؤ أفض ل للف رص بين الرج ال
والنساء ،والذي نص على مبدأ الكوطا على مستوى لوائح الترشيح لالنتخابات والذي تم رفضه من ط رف
مجلس النواب .كما أن إيطاليا دفعت بعدم دستورية قانونين صدرا س نة ،1993والل ذان ك ان ينص ان على
تخصيص حصص للمرأة في لوائح الترشيح ،وقد أقرت المحكمة الدس تورية بع دم دس تورية أحك ام ه ذين
القانونين لكونهما يتعارضان مع مبدأ المساواة بين الجنسين .وتطبيق المناصفة في المجال السياس ي ع رف
جدال ونقاشا بين رافض ومؤيد في الدول التي حاولت تطبيقها.
- 866أمير فرج يوسف ،األحكام الدولية المعاصرة في العنف والتمييز ضد المرأة ،مركز االسكندرية للكتاب ،2009 ،الصفحة.7:
- 867فاطمة الزهراء بابا أحمد" ،مبدأ المناصفة التأسيس الدستوري ورهانات التنزيل" ،مجلة مسالك ،ع$$دد م$$زدوج، 2013 $،23،24:النج$$اح الجدي$$دة،
المغرب،الصفحة.65:
438
الفرع الثاني :المناصفة بين التأييد والتعارض:
– فمعارض و المناص فة يق دمون مب دأ الكوني ة ك دليل أساس ي حيث أن المص لحة العام ة تتع ارض م ع
المصلحة الفئوية ،وحيث أن التمييز اإليج ابي ق د يه دد المس اواة بين جمي ع المواط نين .وانطالق ا من ه ذا
المنظور وبما أن معيار األهلية في القانون يسري على الجميع بنفس الطريقة ،فإن الم واطن أو المرش ح ال
يمكن تمييزه على أساس خصائص معينة تتعلق بالجنس أو الثقافة أو الدين ،فمن شأن ك ل تم ايز أن يكس ر
وحدة جمهور الناخبين ،ويمكن أن يقود إلى مطالب ترفعها فئة معينة من المجتمع وقد ي ؤدي الى الطائفي ة.
باإلضافة إلى ذلك فإن إقامة نظام الكوطا أو المناصفة يمكن أن يشكك في كفاءة المستفيدين منه.
ونجد أن القوة ال تي يمتلكه ا حض ور مجموع ة من المب ادئ دس توريا كالمس اواة واالس تحقاق والكف اءة
والديمقراطية والمواطنة يؤسس مناعة ومقاومة مؤسساتية ومبدئية ضد تطبيق المناصفة ،فيقع االع تراض
على تطبيق هذا المفهوم في إطار المنطق الدستوري من حيث عدم إمكانية األخ ذ بمقتض ى من مقتض يات
الدس تور بمع زل عن ب اقي المقتض يات ،وفي إط ار اعتب ار أن المنط ق الق انوني الس ليم ي رفض تن اقض
مضامين الدستور ألن أجزاء الدستور يجب أن تفهم في تناغم وبما ينسجم مع جميع مقتضياته.
أما الحجج التي يدلي بها مناصرو تطبيق المناصفة فيمكن إجمالها في ما يلي:
كون المناصفة هي تدبير تصحيح للمجتمع على أساس اإلنصاف والعدل ،حيث أنه ا تعي د االعتب ار الى
مبدأ المساواة بين الجنسين على أرض الواقع ،علم ا أن ه ذا المب دأ يكرس ه الق انون وذل ك من خالل تفعي ل
تدابير تفضيلية لفائدة النساء .واستنادا على الحقيقة التي تفيد بأن الجنس قد يش كل العنص ر الوحي د ال ذي ال
يمكن أن ينفصل عن الشخص نفسه ،والذي ال يمكن أن ننسبه لفئة اجتماعي ة ،ف إن تحدي د الق انون لش روط
ولوج الرجال والنساء على ق دم المس اواة إلى الوظ ائف االنتخابي ة ال يمكن أن يق ارن بالطائفي ة أو سياس ة
التدبير االيجابي األمريكي ة ،وذل ك ألن النس اء ال يش كلن ال فئ ة وال أقلي ة .إن إقام ة المناص فة بين الرج ل
والمرأة ال يمكن أن تكون مبررا إذن لمطالب فئات أخرى من المجتمع.
439
كما أن المناصفة تزيل التفاوت واالختالل الواقعي الذي تكرسه اآلليات البنيوي ة والثقافي ة واالجتماعي ة
واالقتصادية التي تسبب تهميش للمرأة ،كما أنها فرصة تتيح للمرأة التواجد في صلب المبادرات الوازنة.
أما بخصوص التعارض مع مبدأ الدس تور فهن اك العدي د من ال دول اتخ ذت ت دابير وإج راءات التمي يز
االيجابي لصالح النساء بشكل قانوني ودون تسجيل أي تعارض مع مضامين الدستور.
كما نجد أن هن اك ج دال ح ول المناص فة والكوط ا ،فهن اك من يراه ا بأنه ا بمثاب ة نظ ام الكوط ا هدف ه
مكافحة التمييز وزعزعة الالمساواة الهيكلية ،ومن هذا المنطلق فهو نظام ا تمييزي ا ،في حين أن هن اك من
يذكر أن المطالبة بالمناصفة هي من أجل المساواة في الوض ع وليس من أج ل تمثي ل أقلي ة كم ا ه و األم ر
بالنسبة لنظام الكوطا.
ومهما كان االختالف حول التسميات وتطبيق مبدأ المناصفة بين مؤيد ومعارض فهي تبقى وسيلة وآلية
تهدف الى تصحيح الواقع الذي نجد فيه الرجل هو المهيمن على أغلب المناصب والمراك ز ،بالمقاب ل نج د
أغلب النساء مازلن يعشن التهميش واألمية ونماذج من المعان اة وخاص ة بالع الم الق روي ،فالمناص فة ه و
إجراء المؤقت لتش جيع وتحف يز للم رأة من أج ل االنخ راط في عجل ة التنمي ة والبن اء إلى حين استئناس ها
بالعمل السياسي وبناء الثقة بينها وبين المجتمع من كونها قادرة على البذل والعط اء في ه ذا المي دان ال ذي
بقي حكرا على الرجل.
أما بخصوص الكفاءة فهي تكتسب من خالل الممارسة والتجرب ة ،وال ب أس في البداي ة أن يك ون هن اك
نوعا من تقديم يد المساعدة للنساء إلى حين تمكنهن من الخبرة .ومن جهة أخرى ف الواقع يثبت وب الملموس
أن العديد من النساء برعن وابتكرن في القيام بمهامهن خير قيام في كافة المجالت التي وجدن فيها.
كما تبقى الحجة األساسية في عملية شرعنة مبدأ المناصفة هو بع دها ال ذي ي روم مكافح ة التمي يز ض د
الم رأة ،ه ذا اله دف ال ذي تش دد علي ه المنظم ات الدولي ة وتط الب ال دول األط راف على تفعي ل الت دابير
التفضيلية أو التمييز اإليجابي لصالح فئة معينة قصد تصحيح وضع هذه الفئة التي كانت ضحية التمييز في
الماضي أو الحاضر .وهذا يتماشى كذلك مع اإلعالن الع المي لحق وق االنس ان ال ذي ينص على أن الن اس
يولدون جميعا أحرارا ومتساويين في الكرامة والحقوق ،وأن لكل شخص الح ق في المطالب ة بك ل الحق وق
والحريات المذكورة في اإلعالن دون تمييز من أي ن وع ك ان ،وخصوص ا م ا ارتب ط ب الجنس .ف اإلعالن
وكذلك االتفاقات األخرى الخاصة بحقوق اإلنسان كلها تلزم الدول بضمان التساوي بين الرجل والمرأة في
ممارس ة كاف ة الحق وق االقتص ادية واالجتماعي ة والثقافي ة والسياس ية ،وبم ا أن المغ رب من ال دول ال تي
صادقت على ه ذه االتفاقي ات فق د نص في الدس تور األخ ير على إح داث هيئ ة المناص فة ومكافح ة جمي ع
440
أشكال التمييز ألن اإليفاء بالتزاماته المتمثلة في تحقيق المساواة بين الجنس ين تحت اج الى ت دخل مؤسس اتي
وإرادة صارمة قصد بلوغ الهدف.
هنــاك مجموعــة من المرجعيــات منهــا االســالمية( ،)1وكــذلك المرجعيــة الدســتورية ( )2ثم هنــاك
التشريعات الوطنية ( )3وكذلك المواثيق الدولية (.)4
-1المرجعية االسالمية:
إن المتتبع ألحكام الدين اإلسالمي يجد اإلسالم بعقائده وتشريعاته قد أولى عناية خاصة بالمرأة ،وذل ك
لما تستحقه من الحرمة والتعظيم والتثمين ،فالمرأة هي األم والزوجة والبنت والجدة …هي نصف المجتمع
يجب أن تص ان حقوقه ا ،وت اريخ اإلس الم يظه ر ب الملموس أن الم رأة ك انت توج د في جمي ع المج االت
واألماكن وتقوم بكل الوظائف المرتبطة بالحياة ،وحققت وظائفه ا بالش كل ال ذي يالئم العص ر ال ذي تنتمي
إليه.
ولم يقتصر دور المرأة على الوظيفة البيولوجية من حمل أو إنجاب ورضاعة بل قامت بالوظ ائف كله ا
االقتصادية واالجتماعية والثقافية والسياسية والدينية والتربوية والمدنية ،وم ا ع رف عن الم رأة المغربي ة
أنها تنازلت عن دينها وقيمها ،حيث ك ان يض رب به ا المث ل في الص الح واإلص الح وفي المحافظ ة على
توجهات الدين االسالمي واحترام مقدساته والذود عنه في كل المحافل.
المغ رب باعتب اره بل دا إس الميا نج ده ق د نص في ديباج ة دس توره على أن " المملك ة المغربي ة دول ة
إسالمية …..كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوئ الدين االسالمي مكانة الصدارة فيها "..وكذا في الفص ل
الثالث من الدستور جاء فيه " اإلسالم دين الدولة ،والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية"
لهذا مما يجعل أن كل القوانين ال تي س يتم إص دارها يجب أن ال تتع ارض م ع المرجعي ة اإلس المية و م ع
الهوية المغربية ،فهذا هو القاس م المش ترك بين المغارب ة ال ذي ال يمكنهم الس ماح بالمس اس ب ه .فمن غ ير
الممكن استصدار أو المصادقة على اتفاقية تتعارض مع مرجعية المغاربة اإلس المية ال تي يجب أن يك ون
االجتهاد في ظلها و تحت غطائها ،من هنا فالساهرون على مأسسة هيئة المناصفة ومكافح ة جمي ع أش كال
التمييز يجب أن يأخذوا باالعتبار هذا األمر.
قد حفظ اإلسالم للمرأة على حقوقها مند الوالدة حتى الممات ،وقررها في تشريعاته ال تي ال يمل ك أح د
الخبرة فيها قال تعالى " :وما كان لمؤمن وال مؤمنة إذا قض ى هللا ورس وله أم را أن يك ون لهم الخ برة من
أمرهم… ".و تشريع اإلسالم لهذه الحقوق فيه تنويه لقيمة المرأة في المجتم ع ودوره ا الب ارز في الحي اة،
441
فلها مكانة عظيمة في التشريع الرباني الذي ال يأتيه الباطل من بين يدي ه وال من خلف ه .وق د أخ ذت الم رأة
هذه المكانة الرفيعة لما لها من دور مهم وبارز في حياتنا وفي بناء األمم واألجيال ،سواء كانت أما أو أختا
أو زوجة أو ابنة أو غير ذلك…فالمرأة مكرمة باعتبارها إنسان كرمه ا الخ الق ولم يظلمه ا وه و أعلم بم ا
يناسبها من حقوق وواجبات قال تعالى ":أال يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" .
إن التعامل مع قضية المرأة من عدل وإنصاف تعامل معها اإلسالم بنظرة تكاملي ة ،فال ينظ ر إليه ا من
جانب الحقوق فحسب بل من ناحية الواجبات كذلك.
كما يجب أن يكون المنطلق عند الذين سيشرعون لهذه الهيئ ة أن ع دل هللا مطل ق وليس في ش رعه ظلم
لبشر أو ألي أحد من خلقه ،وهللا ال يوزن حكم ه بم وازين البش ر ،ب ل المقي اس اإللهي ه و ال ذي ينبغي أن
تقاس به أفعال العباد .وما جاء في الق رآن والس نة من نص وص تظه ر عل و المكان ة ال تي أواله ا اإلس الم
للمرأة وأنه ال يوجد تشريع سابق وال الحق كرم المرأة كما كرمها التش ريع الرب اني ،فم يزان عم ل العم ل
هي الشريعة اإلسالمية التي ال يملك أحدا الحق في أن يحلل حراما أو أن يحرم حالال.
-2الدستور:
أولى الدستور المغربي عناية خاصة لحقوق المرأة كما هو متعارف عليه ا عالمي ا م ع حظ ر ومكافح ة
ك ل أش كال التمي يز حيث أوجب على الس لطات العمومي ة وض ع سياس ات تهتم ب المرأة ،وكفيل ة بتحقي ق
المساواة بين الجنسين ،حيث يؤكد الفصل السادس من الدس تور على ض رورة تفعي ل مب دأ المس اواة فنص
على ما يلي ":القانون هو أسمى تعبير عن إرادة األم ة ،والجمي ع أشخاص ا ذات يين واعتب اريين ،بم ا فيهم
السلطات العمومية ،متساوون أمامه ،وملزمون باالمتثال له.
تعمل السلطات العمومية على توف ير الظ روف ال تي تمكن من تعميم الط ابع الفعلي لحري ة المواطن ات
والمواطنين ،والمساواة بينهم ،ومن مشاركتهم في الحياة السياسة االقتصادية والثقافية واالجتماعية…. ".
في حين يعتبر المغرب من الدول القالئل التي نص ت ص راحة على مب دأ المناص فة في دس تور 2011
باإلضافة الى مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص ،حيث جاء في الفصل التاسع عشر من الدستور على ما يلي" :
يتمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحري ات المدني ة والسياس ية واالقتص ادية واالجتماعي ة
والثقافية والبيئية الواردة في هذا الباب من الدستور ،وفي مقتضياته األخرى وكذا في االتفاقيات والمواثي ق
الدولية كما صادق عليها المغرب ،وكل ذلك في نطاق أحك ام الدس تور وث وابت المملك ة وقوانينه ا ،تس عى
الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز".
كما جاء في الديباجة أن المملكة المغربية تؤكد وتلتزم على ":حظر ومكافحة كل أشكال التمييز بس بب
الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو االنتم اء االجتم اعي أو الجه وي أو اللغ ة أو اإلعاق ة أو أي وض ع
442
شخصي مهما كان ".وهذا يتماشى مع التزامات المغرب مع المنتظم الدولي.
وبخصوص االختصاصات الموكولة لهذه الهيئة فالدستور ،قد تطرق لها في الم ادة 164وال تي نص ت
على ما يلي " :تسهر الهي أة المكلف ة بالمناص فة ومحارب ة جمي ع أش كال التمي يز المحدث ة بم وجب الفص ل
التاسع عشر من هذا الدستور ،بصفة خاصة على احترام الحقوق والحريات المنصوص عليه ا في الفص ل
المذكور ،مع مراعاة االختصاصات المسندة للمجلس الوطني لحقوق االنسان.".
وهذا يتماش ى ك ذلك م ع رأي المجلس االقتص ادي واالجتم اعي ح ول النه وض بالمس اواة بين النس اء
والرجال في الحياة االقتصادية واالجتماعية والثقافية والسياسية الذي يحمل عن وان " تحقي ق المس اواة بين
النس اء والرج ال مس ؤولية الجمي ع تص ورات وتوص يات معياري ة ومؤسس اتية" حيث يالح ظ أن اآللي ة
المؤسساتية للنهوض بأوضاع المرأة محدودة جدا من حيث ص الحياتها ،وموقعه ا وموارده ا ،مم ا يع وق
بروزها ،وقدراتها على أن تدفع وتحرك ،أو تتبع بطريق ة فعال ة سياس ية وب رامج من ش أنها تحقي ق المب دأ
الدستوري الخاص بالمساواة بين النساء والرج ال وتحري ك ه ذه السياس ات ومتابع ة فعالياته ا .واعت بر أن
مراجعة اآللية الوطنية ضرورة ملحة ،وأن إحداث هيئة المناصفة ومكافح ة ك ل أش كال التمي يز ال تي نص
عليها الدستور ،تمثل تاريخية يتعين على كل األطراف المعنية أن تساهم في إنجاحها.
فالدستور المغربي أولى أهمية بالغة لمبدأ المساواة بين الرجل والم رأة ،حيث حم ل الدول ة الس هر على
ضمان تكافؤ الفرص للجميع وضمان الحماية القانونية واالجتماعية واالقتصادية والبيئية لجميع الفئات.
-3التشريعات الوطنية:
بالرجوع إلى التشريعات الوطنية نجد أن المغرب قطع أشواطا كبيرة فيما يتعلق بحقوق المرأة وإرس اء
مبدأ المساواة.
بداية ،جاءت مدونة األسرة بمقتض يات وص ياغة جدي دة تح ترم كرام ة وإنس انية الم رأة ،وأك دت على
المسؤولية المشتركة للزوجين لضمان بناء أسرة مغربية مس تقرة تس اوي بين الجنس ين ،كم ا يض من لهم ا
حقهما اإلنساني والق انوني س واء الرج ل أو الم رأة .وق د تم تع ديلها من منطل ق تش اركي ع رف مش اركة
مختلف الهيئات بفعالية ودينامية كبيرين في االقتراح ،وكانت ثمار نقاش عاشه المجتمع كله بمختل ف فئات ه
كاد أن يتحول النقاش إلى انزالقات بين تي ارات المجتم ع تي ار محاف ظ ي دافع عن تش بته بالهوي ة المغربي ة
والموروث ومرجعيته اإلسالمية مع االنفتاح على المجتمع االنساني واالستفادة منه ،واألخ ذ م ا ال يخ الف
الشريعة االسالمية وهوية المغاربة الدينية والوطنية ،وتيار حداثي يريد تبني المرجعي ة " الكوني ة " كامل ة
دون تجزئ لقناعات أفراده أن حقوق اإلنسان هي كونية وال تتجزأ ،مما أفضى الى مسيرتين واحدة بال دار
443
البيضاء قادها هذا األخير وأخرى بالرباط قادته ا الحرك ات اليس ارية ،األم ر ال ذي عج ل بالت دخل الملكي
الذي شكل لجنة عملت على إعداد مدونة األسرة التي تمت بداية العمل بها سنة .2003
كما أن هناك العديد من القوانين التي تم تعديلها والتي تناشد بالمناصفة مثل:
الق انون الجن ائي 8682004في الم ادة 1-431ال تي تنص على م ا يلي ":يك ون تمي يزا ك ل تفرق ة بين
األشخاص والطبيعيين ،األشخاص المعنويين ،بسبب األصل الوط ني ،أو األص ل االجتم اعي أو الل ون أو
الجنس أو الوضعية األسرية أو الحالة الص حية أو اإلعاق ة أو ال رأي السياس ي أو االنتم اء النق ابي أو ع دم
االنتماء الحقيقي أو المفترض لعرق أو ألمة أو لساللة أو لدين " .
وقد أدرج مفهوم التمييز اإليجابي من خالل تحديد القانون للحاالت التي ال يعاقب فيها التمييز" .
ومدونة الشغل بدورها في مادتها التاسعة تنص على م ا يلي ":يمن ع ك ل تمي يز بين األج راء من حيث
الساللة أو اللون أو الجنس أو اإلعاقة أو الحالة الزوجية أو العقيدة أو الرأي السياسي أو االنتماء النق ابي أو
األصل الوطني أو األصل االجتماعي ،يكون من شأنه خرق أو تحريف مبدأ تكافؤ الفرص أو عدم المعاملة
بالمثل في مجال التشغيل أو تعاطي مهنته ،السيما في ما يتعلق بالتأجير وإدارة الش غل وتوزيع ه والتك وين
المهني واألجر والترقية واالستفادة من االمتيازات االجتماعية والتدابير التأديبية والفصل في الشغل .
قانون الصحافة 2003يعاقب في مادته 39مك رر على التح ريض على التمي يز أو العن ف حيث ينص
على أن ":كل من استعمل إحدى الوس ائل المبين ة في الفص ل ،38للتح ريض على التمي يز العنص ري أو
الكراهية أو العنف ضد شخص أو أشخاص اعتبارا لجنسهم أو ألص لهم أو لل ونهم أو النتم ائهم الع رقي أو
الديني أو تساند جرائم الحرب ضد االنسانية يعاقب بحبس تتراوح مدته بين شهر وسنة واحدة وبغرامة بين
3000و 30000درهم ،أو بإحدى هاتين العقوبتين.
حماية حقوق المرأة كانت محل اهتمام المجتمع الدولي سواء على المس توى الع المي أو اإلقليمي ،فك ان
من الطبيعي إذن أن تعمل المنظمات الدولية على إيجاد مواثيق واتفاقيات دولية قصد حماي ة حق وق الم رأة
ب دءا من اإلعالن الع المي لحق وق االنس ان ،والعه د ال دولي المتعل ق ب الحقوق االقتص ادية واالجتماعي ة
والثقافية ،والعهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية الص ادرة س نة 1979م ،وص وال إلى االتفاقي ة
868
القانون رقم 03-2المعدل والمتمم للقانون الجنائي الصادر بموجب الظهير رقم 2007-03-1بتاريخ 11يونيو 2003في الجريدة الرسمية الصادرة -
.بتاريخ 16يناير 2004
444
الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام ،1979والبروتوكول االختياري الملحق به ا لع ام
1999م ،هذه االتفاقية التي تعتبر الركيزة لحقوق المرأة.
إن اإلعالن الع المي لحق وق اإلنس ان ينص في مادت ه 16على المس اواة بين الرج ل والم رأة ،كم ا أن
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة( سيداو )1978التزمت الدول الموقعة عليه ا بم ا فيه ا
المغرب بالعمل على تحقيق المساواة بين الجنسين ومحاربة كافة أشكال التمييز كاإلتجار بالمرأة واستغالل
بغاء المرأة ،والقضاء على التمييز في الحي اة السياس ية .حيث تكف ل للم رأة الح ق في التص ويت في جمي ع
االنتخابات واالستفتاءات العامة ،واألهلية لالنتخابات التي ينتخب أعض اؤها ب االقتراع الع ام ،ومش اركتها
في صياغة وتنفيذ سياسة الحكومة ،وتمثيل الحكومة على المستوى الدولي واالشتراك في أعمال المنظمات
كما تضمن لها المساواة في الميادين االجتماعية واالقتصادية والثقافية…
نجد دستور 2001كرس قضية تعهد التزام المغ رب م ا تقتض يه المواثي ق الدولي ة من مب ادئ وحق وق
وواجبات ،وأكد على تشبثه بحقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها عالميا .كما ال تزم المغ رب في تص دير
الدستور الذي يعتبر جزءا ال يتجزأ من الدستور ب:
– حماية حقوق اإلنسان والقانون الدولي اإلنساني والنهوض بهما واإلس هام في تطويره ا ،م ع
مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق ،وعدم قبليتها للتجزئة.
– حظر مكافحة كل أشكال التمي يز بس بب الجنس أو الل ون أو المعتق د أو المعتق د أو الثقاف ة أو
االنتماء االجتماعي أو الجهوي ،أو اللغة أو اإلعاقة أو أي وضع تشخيصي مهما كان.
– جعل االتفاقيات الدولي ة ،كم ا ص ادق عليه ا المغ رب ،وفي نط اق أحك ام الدس تور وق وانين
المملكة ،وهويتها الوطنية ،تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية ،والعم ل على مالءم ة ه ذه
التشريعات مع ما تتطلبه تلك المصادقة.
يظهر أن هناك التزام ا قانوني ا على ال دول األط راف في االتفاقي ات الدولي ة الخاص ة بحق وق اإلنس ان
بضرورة تعديل تشريعاتها الوطنية بما يتفق مع أحكام هذه االتفاقي ات الدولي ة .إن ه ذا االل تزام يرج ع إلى
نظرية سمو القانون الدولي العام على القانون الداخلي أو الوطني ،ول ذا ي رى أن ه في حال ة ت راخي ال دول
األطراف عن القيام بهذه االجراءات التشريعية أو في حالة عدم القيام بها أصال تقوم المسؤولية الدولي ة في
حقها ،ويجب على األمم المتحدة والمجتمع الدولي إجبارها على القيام بذلك بالوسائل القانونية المتاحة.
ورغم أن االتفاقيات الدولية المعنية بحقوق اإلنسان قد أشارت إلى ضرورة قيام ال دول األط راف ب دمج
هذه الحقوق في تشريعاتها الوطنية كض مانة لحماي ة ه ذه الحق وق ،إال أنه ا أج ازت له ذه ال دول في بعض
الحاالت الضرورية تقييد هذه الحقوق لصالح األمن العام والنظام العام في هذه الدول .
445
ولهذا نصت المادة الرابعة من العهد الدولي المتعلق بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية على م ا
يلي ":يحق للدول األطراف في االتفاقية في مجال التمتع بالحقوق التي تؤمنها تماشيا مع االتفاقي ة الحالي ة،
أن تخضع هذه الحقوق للقيود المقررة في القانون فقط وإلى الم دى ال ذي يتماش ى م ع طبيع ة ه ذه الحق وق
فقط".
ومن جهة أخرى نجد في الدستور المغربي بأن المملكة المغربية دولة إسالمية كما أن الهوي ة المغربي ة
تتم يز بتب ويء ال دين اإلس المي مكان ة الص دارة فيه ا ،مم ا ي بين ب أن أي م ادة في أي اتفاقي ة في حال ة
معارضتها للدين االسالمي فهي غير سارية المفعول.
وفي اتفاقية حقوق الطفل جاء في المادة الثانية على أن ":تحترم الدول األطراف الحقوق الموضحة في
هذه االتفاقي ة ،وتض منها لك ل طف ل يخض ع لواليته ا ،دون أي ن وع من أن واع التمي يز ،بغض النظ ر عن
عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه أو ل ونهم أو جنس هم أو لغتهم أو دينهم أو رأيهم السياس ي
أو غيره أو أصلها القومي أو اإلثني أو االجتماعي أو ثروتهم أو عجزهم أو مولدهم أو أي وضع آخر".
كما تنص االتفاقية على أن تتخذ الدول األطراف جميع التدابير المناسبة لتكفل للطفل الحماي ة من جمي ع
أشكال التمييز أو العقاب القائمة على أساس مركز والدي الطف ل أو األوص ياء الق انونيين علي ه أو أعض اء
األسرة أو أنشطتهم أو آرائهم المعبر أو معتقداتهم .وفي تعليقه ا الع ام ح ول الت دابير العام ة لتفعي ل اتفاقي ة
حقوق الطفل شددت لجنة حقوق الطفل على مفهوم الفاعلية في مجال حقوق الطفل ،بم ا في ذل ك الح ق في
عدم التمييز وفي هذا اإلطار أولت اللجنة اهتماما خاصا لمشكلة التمي يز ض د الفتي ات وخاص ة في مبادئه ا
التوجيهية للدول األطراف حول إعداد تقاريرها المتعلقة بتفعيل االتفاقية ،وهكذا تطلب اللجنة بشكل صريح
تفسيرات عن واقع الفتيات والوسائل المستخدمة بشكل فعلي لمكافحة التمييز ضدهن.
وكذلك نجد االتفاقية الدولية لحقوق األشخاص ذوي اإلعاقة في مادتها الثالثة جاء فيه ا أنه ا تس تند على
عشرة مبادئ عامة ،بما في ذلك المساواة بين الرجل والمرأة:
– احترام كرامة األشخاص المتأص لة واس تقاللهم ال ذاتي بم ا في ذل ك حري ة تقري ر خي اراتهم
بأنفسهم واستقالليتهم.
– عدم التمييز.
– احترام الفوارق وقبول األشخاص ذوي اإلعاقة كجزء من النوع البشري والطبيعة البشرية.
– تكافؤ الفرص.
446
– سهولة الولوج.
وفي سنة 1993أعاد الم ؤتمر الع المي األول ح ول حق وق اإلنس ان في فيين ا التأكي د بق وة في اإلعالن
وبرنامج العمل المتعلق به على أن " حقوق اإلنسان للمرأة والطفلة تشكل جزءا من حقوق اإلنسان العالمية
ال ينفصل وال يقبل التصرف وال التجزئة ،وأن مشاركة المرأة مشاركة كاملة وعلى قدم المساواة في الحياة
السياسية والمدنية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية على الصعيد الوط ني واإلقليمي وال دولي واستئص ال
جميع أشكال التمييز على أساس الجنس ..
عند تطلعنا على إعالن بيكن لعام 1995نجد أن المؤتمر الدولي دعا في إعالن ه (ا ل ذي اعتمدت ه 189
دولة في المؤتمر العالمي الرابع حول المرأة سنة ،)1995الحكومات إلى اتخاذ مجموعة من التدابير نذكر
منها:
– إنشاء مؤسسات وطنية مستقلة لحماية حق وق اإلنس ان والنه وض به ا ،بم ا في ذل ك الحق وق
اإلنسانية للمرأة .
– إعطاء األولوية لتعزيز وحماية ممارسة المرأة والرجل لجميع الحق وق والحري ات األساس ية
ممارسة كاملة وعلى قدم المساواة..
– توفير ضمانات دستورية أو إصدار التشريع المالئم لمنع التمييز على أس اس الجنس بالنس بة
الى جميع النساء والفتيات.
– اتخاذ التدابير الكفيلة لوصول المرأة على قدم المساواة مع الرجل إلى هياكل السلطة ومراكز
صنع القرار والمشاركة الكاملة فيها.
447
مبدأ المساواة في تقلد الوظائف العامة مظهر من مظ اهر المس اواة بين األف راد في الحق وق والواجب ات
العامة ،وهو يرجع من ناحية أصوله التاريخية إلى الثورة الفرنس ية ،إذ أش ارت الم ادة السادس ة من إعالن
حقوق المواطن لعام 1789على أن جميع المواطنين متساوون في االلتحاق بالوظ ائف العام ة ،وال فض ل
ألحدهم إال بقدر ما يتمتع به من قدرات ومواهب.
ويقصد بالمساواة في التوظف أال يكون هناك تمييز بين المواطنين في تقل د وظ ائف الدول ة ،لكن ه ذه
المساواة ال تكون إال بعد توفر كل ما تتطلبه القوانين من شروط وم ؤهالت لت ولي الوظ ائف العام ة ،إذ أن
أكثر الدول تشترط في قوانينها شروطا ومؤهالت خاصة للراغ بين في التع يين ،منه ا م ا يتعل ق بالجنس ية
وأخر بالحالة الصحية فضال عن الشهادات العلمية والدراسية.
والمساواة في التوظ ف ي راد به ا المس اواة الفعلي ة ال المس اواة المطلق ة ،إذ أن المش رع يمل ك بس لطته
التقديرية لمقتضيات الصالح العام وضع شروط موضوعية تتحدد بها المراكز القانوني ة ال تي يتس اوى به ا
االفراد أمام القانون بحيث إذا ت وافرت ه ذه الش روط في طائف ة من االف راد وجب المس اواة بينهم ،لتماث ل
مراكزهم القانونية وإن اختلفت هذه المراكز بأن ت وافرت في بعض هم من دون االخ ر انتفى من اط التس وية
بينهم ،وبذلك فإنه ال يعد إخالال بمبدأ المساواة في تولي الوظائف العامة أن يشغل فرد معين وظيفة ،محددة
ومعينة دون آخر تقدم لشغلها إذا توافرت في االول الش رو ط القانوني ة المطلوب ة لش غل ه ذه الوظيف ة .ولم
تتوفر في الشخص الثاني الذي تقدم لشغل الوظيفة.
ويخضع التحاق المواطنين بالوظائف العامة إلى مقتضيات ضمان تنفيذ مهام المرافق العامة ومتطلب ات
المصلحة العامة ،وهو م ا يفس ر وج ود ش روط عدي دة لت ولي الوظ ائف العام ة ،ترتب ط أساس ا بجمل ة من
المواصفات المطلوبة في المرشحين وإخضاعهم بعدئذ إلى مبدأ عام ذي قوة دستورية ،وهو مب دأ المس اواة
في تولي لوظائف العامة إلى جانب الشروط التنظيمية المح ددة أص ال ب القوانين المنظم ة للوظيف ة العام ة،
فالمساواة مبدأ يلزم السلطة اإلدارية بضمان احترامه والسهر على تفادي ممارس ة تمي يز غ ير موض وعي
بين المرشحين ،بمعنى اإللتزام بعدم إخضاع عملية انتماء السياسي او اآلراء الفلسفية أو المعتقدات الديني ة
أو الجنس ،فهي ممارسات ومعايير منبوذة وال تليق بكرامة الوظيفة العامة.
يحظى مبدأ المساواة بأهمية بالغة في النظم القانونية الحديثة إذ يعد من أهم ضمانات حقوق االنس ان في
الوقت الحاضر ،ويجد هذا المبدأ صداه الواسع في مجال الوظيفة العامة إذ أضحى الحق في تولي الوظائف
العامة مباحا للجميع دون تمييز بسبب تباين اآلراء السياسية أو االنتم اءات الحزبي ة او اختالف األص ل أو
448
المعتقد أو الدين ،وعليه سوف نعرض بشكل موجز لألساس ين ال دولي والوط ني لمب دأ المس اواة في ت ولي
الوظائف العامة وعلى النحو االتي:
أولت االتفاقي ات والمواثي ق الدولي ة أهمي ة متم يزة في التأكي د على مب دأ المس اواة في ت ولي الوظ ائف
العام ة ،إذ تض من االعالن الع المي لحق وق االنس ان الص ادر عن الجمعي ة العمومي ة لألمم المتح دة لع ام
1948في الفقرة الثانية من المادة الحادية والعشرين على أن" لكل شخص نفس الحق ال ذي لغ يره في تقل د
الوظائف العامة في البالد" ،أما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدني ة والسياس ية والص ادر عن الجمعي ة
العمومية لألمم المتحدة عام ،1977فقد نصت الفقرة الثالث ة من الم ادة الخامس ة والعش رون من ه على أن
"لكل مواطن دون وجوه التمييز أن تتاح له ،على ق دم المس اواة عموم ا م ع س واه ،فرص ة تقل د الوظ ائف
العامة في بلده".
حيث أق رت أغلب المواثي ق الدولي ة واإلعالن ات العالمي ة لحق وق اإلنس ان ح ق الف رد بالتس اوي م ع
اآلخ رين في ت ولي الوظ ائف العام ة في بل ده .869حيث سنقتص ر على م ا ج اء في ميث اق األمم المتح دة
واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لع ام ،1948والعه د ال دولي الخ اص ب الحقوق المدني ة والسياس ية لع ام
،1966واالعالن الفرنسي لحقوق اإلنسان والمواطن لعام .1789
يعود األصل التاريخي لهذا المبدأ إلى الثورة الفرنسية حيث نصت الم ادة السادس ة من اإلعالن على أن
"جميع المواطنين متساوون في االلتحاق بالوظ ائف العام ة .وال فض ل ألح دهم إال بق در م ا يتمت ع ب ه من
قدرات ومواهب".
ومنذ ذلك الوقت أصبح من المبادئ الدستورية التي تحرص دول العالم على أن تضمنه دساتيرها.
نص صراحة على حق كل إنسان في التمتع بجميع الحق وق الم ذكورة في ه ومنه ا ح ق ت ولي الوظ ائف
العام ة .فق د نص ت الم ادة 21من اإلعالن في فقرته ا الثاني ة على م ا يلي" :لك ل ش خص بالتس اوي م ع
اآلخرين حق تقلد الوظائف العامة في بلده".
869
.هاني سليمان الطعيمات" :حقوق اإلنسان وحريات األساسية" الطبعة األولى ،إصدار ،2006دار النشر ،الصفحة 222:وما بعدها -
449
كما أقرت هذا الحق المادة السادسة من إعالن األمم المتحدة الخاص بالقضاء على جميع أشكال التمي يز
العنصري بقوله ا" :ال يقب ل أي تمي يز بس بب الع رق أو ال دين ...في تمت ع أي ش خص ب الحقوق السياس ية
وحقوق المواطنة في بلده ...ولكل شخص حق تولي الوظائف العامة في بلده على قدم المساواة.870
أكدت المادة 25من العهد على حق كل مواطن في تقلد الوظائف العامة في بلده بالتساوي م ع اآلخ رين
بقولها" :يكون ألي مواطن دون أي وجه من وجوه التمييز المذكورة في المادة الثانية الحق وق التالي ة ال تي
يجب أن تتاح له فرصة التمتع بها دون قيود غير مقبولة".
أن تتاح له على قدم المساواة عموما مع سواه فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده"
وتم التأكيد على ه ذا المب دأ في ال دورة التاس عة عش رة لمجلس حق وق اﻹنس ان المنعق دة في 29ش تنبر
،2011حيث تناولت الفقرة "ج " من المادة 25حق المواطنين والف رص المتاح ة لهم لتقل د المناص ب في
الخدمة العامة على قدم المساواة ،وينص هذا الحكم على جواز فرض قيود أوس ع من القي ود المع ترف به ا
في التصويت والترشح لالنتخابات وفرض القيود المعقولة المعترف بها فيما يتعلق ب الحقوق السياس ية ،في
حين أن ف رص تقل د الوظ ائف العام ة ال تكف ل إال على ق دم المس اواة وبالت الي ليس ثم ة م ا يمن ع ال دول
األطراف من وضع شروط لتقلد الوظائف العامة من قبيل تحديد الحد االدنى للسن أو المستوى الدراسي أو
معايير االستقامة أو أي مؤهالت خاصة.
وتزداد االهمي ة القانوني ة له ذه المب ادئ في ال دول الديمقراطي ة إذ تت أتى ه ذه األهمي ة من كونه ا تمث ل
توجيهات قانونية عامة للدول تساعدها في تب ني م ا ج اء فيه ا عن طري ق مص ادقة ال دول فيم ا بينه ا على
االتفاقيات التي تتضمنها هذه المبادئ بما يولد الزام ق انوني على ع اتق ه ذه ال دول فض ال أن أغلب ال دول
المعاصرة ضمنت دساتيرها وكذلك تشريعاتها الداخلية ما تضمنته هذه المواثيق من مبادئ.
870
إعالن األمم المتحدة الخاص بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري الصادر بتاريخ ،1963 -11-20عبد الكريم عوض خليفة- ،
القانون الدولي لحقوق اإلنسان ،الطبعة ،2009الدار الجامعية الجديدة ،اإلسكندرية ،الصفحة ،49:وإسحاق إبراهيم منصور "نظريتا القانون
والحق ،د ،م،ج ،المطبعة ،)2005( 8الصفحة284:
450
خاتمة القسم األول:
إن إنخراط كل من سلطة عمان والمملك ة المغربي ة في مسلس ل اإلص الحات السياس ية ش مل موض وع
تقوية حقوق اإلنسان أوال من خالل المصادقة على اإلتفاقي ات والمواثي ق الدولي ة المعني ة بحق وق اإلنس ان
وجعلها من ضمن النظام القانوني للدولة ،وثانيا بوضع ترسانة قانونية وطنية تعزز الحماية الش املة لكاف ة
حقوق اإلنسان ومنها الحقوق السياسية.
وإذا ك ان دس تور البل دين ق د وض ع اللبن ات األولى والمركزي ة لحق وق اإلنس ان األساس ية ،وض منها
بتنصيص دستوري صريح ،فإن الق وانين التنظيمي ة والعادي ة تكفلت بتبس يط وتفص يل اإلج راءات الكفيل ة
بتسهيل ممارسة الحقوق والحري ات في ظ ل نظ ام سياس ي وق انوني منفتح وم رن يق وم على فك رة س يادة
القانون ودولة القانون في إطار اإلصالح المتدرج.
كم ا س اهمت المؤسس ات الدس تورية المعني ة بحماي ة حق وق اإلنس ان ،س واء البرلم ان أو الحكوم ة أو
المجالس الوطنية لحقوق اإلنس ان في توف ير الظ روف المناس بة لض مان ممارس ة فعلي ة وحقيقي ة ومتاح ة
وممكنة للحقوق والحريات س واء منه ا السياس ية أو غيره ا .ك ل ذل ك ش كل تراكم ا غني ا بالنس بة للمملك ة
المغربية وسلطنة الشيء الذي من شأنه أن يعزز تفعيل الحقوق المنصوص عليها دستوريا وتشريعيا .
451
القسم الثاني:
452
القسم الثاني :ضمانات وآليات ممارسة الحقوق السياسي في البلدين
تعد الحقوق السياسية من السلطات التي تقررها ف روع الق$$انون الع$$ام للش خص باعتب اره منتم إلى وطن
معين (مواطن) ،والتي يستطيع بواس طتها أن يباش ر أعم اال معين ة يش ترك به ا في إدارة ش ؤون المجتم ع
كحق االنتخاب وحق الترشيح وحق تولي الوظائف العامة وهاته الحقوق تقابلها واجب ات وهي ح ق الدول ة
على المواطن الخدمة الوطنية والدفاع والحماية .
الهدف من هذه الحقوق السياسية هو حماية المصلحة أو المصالح السياسية للدولة .لكن الس ؤال
المطروح في هذا السياق حول الضمانات و اآلليات القضائية و غير القضائية لممارس ة الحق وق السياس ية
بالمغرب و السلطنة العمانية.
نتناول في هذا الفصل مختلف الضمانات واآلليات المؤسساتية المعنية بممارسة حقوق اإلنسان ،ونقصد
بالضمانات واآلليات المؤسس اتية تل ك المؤسس ات المنص وص عليه ا في الدس تور والق وانين ال تي تت ولى
السهر على تتبع ومراقبة مدى إلتزام الدولة بتوفير الحماية الالزمة للمارس ة الفعلي ة للحق وق السياس ية في
كل من سلطة عمان والمملكة المغربية.
453
تعتبر مبادئ بلفراد بمثاب ة الوثيق ة الدولي ة المرجعي ة الناظم ة للعالق ة بين البرلم ان والمؤسس ات
الوطنية لحقوق اإلنسان التي اعتمدها مجلس حقوق اإلنسان التابع لألمم المتحدة سنة .2012
وتفعيال لهذه المبادئ ،وقع المجلس الوطني لحق وق اإلنس ان ب المغرب م ع ك ل من مجلس الن واب
ومجلس المستشارين سنة 2014م ذكرتي تف اهم اله دف منه ا ه و تعزي ز المقارب ة المرتك زة على حق وق
اإلنسان في عمل المؤسس ة البرلماني ة في مج االت التش ريع ومراقب ة العم ل الحك ومي وتق ييم السياس ات
العمومية والدبلوماسية البرلمانية.
في هذا اإلطار أصدر المجلس الوطني لحقوق اإلنسان 14أربع ة عش رة رأي ا استش اريا يعم ع دة
مشاريع قوانين بناء على طلب في مجلس البرلمان ،ستة مشاريع قوانين بطلب من مجلس الن واب والب اقي
من الغرفة الثانية.
وفي سياق المساهمة في النق اش العم ومي وتعزي ز البن اء ال ديموقراطي من خالل تعزي ز الح وار
المجتمعي التعددي عمل المجلس على نشر سبعة مذكرات قدمها إلى المؤسسة التشريعية.
إضافة إلى ذلك ،وطبقا للمادة 160من الدستور ،871قدم المجلس الوط ني لحق وق اإلنس ان تقري را
عن حالة حقوق اإلنسان أم ام غرف تي البرلم ان في جلس ة عام ة ي وم 16يوني و ،2016غطى من خالله ا
الفترة الممتدة من مارس 2011إلى غاية يونيو .2014
من خالل ما سبق ،فالبرلمان كمؤسسة تشريعية له دور فعال في حماية الحقوق السياسية (مطلب ث اني)
مثل ه مث ل قرين ة (مجلس الش ورى) بس لطنة عم ان وال ذي ل ه نفس المهم ة في حماي ة وض مان الحق وق
السياسية(المطلب الثاني).
المطلب األول :دور مجلس الشورى في حماية الحقوق السياسية بسلطنة عمان
تكون مجلس الشورى من ممثلين لواليات الس لطنة يج ري انتخ ابهم حيث تق وم ك ل والي ة بانتخ اب
اثنين من مرشحيها اذا كان عدد سكانها ثالثين ألف نس مة ف أكثر .كم ا تق وم ك ل والي ة بانتخ اب واح د من
مرشحيها اذا كان عدد س كانها اق ل من ثالثين أل ف نس مة وذل ك وف ق خط وات ومراح ل ح ددتها الالئح ة
التنظيمية النتخابات مجلس الشورى .ويعلن وزير الداخلية نتائج االنتخابات ويكون ممن حصلوا على أكبر
عدد من األصوات ممثلين لوالياتهم في المجلس كما يصدر تصنيف الوالي ات وفق ا لع دد س كانها بي ان من
وزير الداخلية بالتنسيق مع الجهات المعنية وفقا لما جاء في المرسوم السلطاني رقم .25/2000
-871الفصل 160من الدستور المغربي لسنة ".2011على المؤسسات والهيئات $المشار إليها في الفصول 161إلى 170من هذا الدس$تور تق$$ديم
تقرير عن أعمالها ،مرة واحدة في السنة على األقل الذي يكون موضوع مناقشة من قبل البرلمان".
454
ويشترط في عضو مجلس الشورى أن يكون عماني الجنسية بص فة أص لية طبق ا للق انون وال يق ل
سنه عن ثالثين سنة ميالدية وان يك ون من ذوي المكان ة والس معة الحس نة في الوالي ة وأال يك ون ق د حكم
عليه بعقوبة جناية أو في جريمة مخل ة بالش رف أو األمان ة م الم يكن ق د رد إلي ه اعتب اره وأن يك ون على
مستوى مقب ول من الثقاف ة وأن تك ون لدي ه خ برة عملي ة مناس بة .وال يج وز الجم ع بين عض وية المجلس
وعض وية مجلس الدول ة أو الوظ ائف العام ة .ويص در بتع يين رئيس المجلس مرس وم س لطاني ولمجلس
الشورى مكتب يتكون من رئيس المجلس ونائبيه وستة من أعض اء المجلس .ويق وم المكتب بوظ ائف ع دة
من أبرزها تحديد مواعيد بدء دورات المجلس وجدول أعمالها والنظر فيم ا يص ل المجلس من رس ائل من
المواطنين والمسئولين وغير ذلك من المهام إلى جانب مباشرة أعمال المجلس بين دورات االنعقاد
ه ذا و يتك ون مجلس الش ورى العم اني من 84عض وا ينتخب ون م رة ك ل أربع ة أع وام،
وهو استشاري تقتصر صالحياته -وفقا لنظامه األساسي -على إب داء ال رأي والمناقش ة ورف ع التوص يات،
ورئيسه يتم تعيينه بمرسوم سلطاني.
وال يمل ك المجلس س لطة الرقاب ة الش عبية الق ادرة على الت أثير أو التغي ير في الق رارات السياس ية
والخيارات اإلستراتيجية المتعلقة بشؤون األمن والدفاع والسياسة الخارجية.
وقد أنشئ مجلس الشورى العماني في عام 1991ليكون بديال عن مجلس استش اري ك ان موج ودا
منذ .1981 ويضم المجلس ممثلي واليات سلطنة عم ان ال ذين ينتخب ون من قب ل المواط نين العم انيين في
انتخابات عامة تجرى كل أربعة أعوام وللمرأة فيها حق االنتخاب والترشح.
ويتك ون مجلس الش ورى العم اني من ممثلين لوالي ات الس لطنة ينتخب ون بع د أن تق وم ك ل والي ة
بانتخاب اثنين من مرشحيها إذا كان عدد سكانها 30 ألف نسمة فأكثر ،أو انتخاب مرشح واحد إذا كان عدد
سكانها أقل من 30 ألف نسمة ،وذلك وفق خطوات ومراحل حددتها الالئحة التنظيمية النتخابات المجلس.
ويعلن وزير الداخلي ة نت ائج االنتخاب ات ويك ون من حص لوا على أك بر ع دد من األص وات ممثلين
لوالياتهم في المجلس ،كما يصدر تصنيف الواليات وفقا لعدد سكانها في بيان من وزير الداخلي ة بالتنس يق
مع الجهات المعنية ،وفقا لما جاء في المرسوم السلطاني رقم 25لعام .2000
كما يحق للمواطنين العمانيين رجاال ونساء الترشح لعضوية مجلس الشورى بشروط من أهمها:
455
أن يكون من ذوي المكانة والسمعة الحسنة في الوالية
أال يكون قد حكم عليه بعقوب ة جنائي ة أو في جريم ة مخل ة بالش رف أو األمان ة ،م ا لم يكن ق د رد إلي ه
اعتباره.
أن يكون على مستوى مقبول من الثقافة ولديه خبرة عملية مناسبة.
كم ا أن م دة عض وية مجلس الش ورى العم اني أرب ع س نوات قابل ة للتجدي د إذا نجح العض و في
االنتخاب ات التالي ة للمجلس ،وال يج وز الجم ع بين عض وية مجلس الش ورى وعض وية مجلس الدول ة أو
الوظائف العامة.
أم ا رئيس مجلس الش ورى فيعين بمرس وم س لطاني ،ول رئيس المجلس نائب ان يتم انتخابهم ا من بين
أعضاء المجلس ،كما يتم انتخاب أعضاء مكتب مجلس الشورى.
هذا وللمجلس ع دد من اللج ان الدائم ة هي اللجن ة القانوني ة ،واللجن ة االقتص ادية ،ولجن ة الش ؤون
الصحية واالجتماعية ،ولجنة التربية والتعليم والثقافة ،ولجنة الخدمات وتنمية المجتمعات المحلي ة ،كم ا تم
تشكيل لجنة خاصة تعنى ببرامج تشغيل القوى العاملة الوطنية ،ولجنة خاصة أخرى تعنى بقطاع الس ياحة.
وتنتهي اللجان الخاصة بانتهاء المهمة التي شكلت من أجلها.
ومن الصالحيات المخولة لمجلس الشورى العماني استشارية غير ملزمة ،وهي في مجملها ال تخرج
عن إبداء الرأي والمناقشة ورفع توصيات .ويقوم المجلس بالوظائف التالية وفقا لنظامه األساسي:
مراجع ة مش روعات الق وانين قب ل اتخ اذ إج راءات إص دارها وذل ك فيم ا ع دا الق وانين ال تي تقتض ي
المصلحة العامة رفعها مباشرة إلى السلطان .ويق دم مجلس الش ورى توص ياته بش أن مش روعات الق وانين
المحالة إليه إلى مجلس الوزراء.
تقديم م ا ي راه مناس با في مج ال تط وير الق وانين االقتص ادية واالجتماعي ة الناف ذ في الس لطنة .ويحي ل
المجلس مشروعات القوانين التي يتولى مراجعتها وما يراه مناسبا من تع ديالت على الق وانين االقتص ادية
واالجتماعية النافذة مشفوعة بتوصياته إلى مجلس الوزراء.
يشارك مجلس الشورى في إعداد مشروعات خط ط التنمي ة الخمس ية ،س واء من خالل مش اركة رئيس
المجلس في اللجنة العليا الرئيسية التي تضع الخطوط العامة لخط ة التنمي ة ،أو من خالل مناقش ة مش روع
الخطة في المجلس قبل إصدارها .ويش ارك وزي ر االقتص اد الوط ني ن ائب رئيس مجلس الش ؤون المالي ة
456
وموارد الطاقة المشرف على وزارة المالي ة وك ذلك األمين الع ام ل وزارة المالي ة المناقش ة ال تي يق وم به ا
مجلس الشورى لمشروع خطة التنمية الخمسية ،وذلك قبل إصدار المرسوم الخاص.
تع رض الحكوم ة مش روع الموازن ة العام ة للدول ة على مجلس الش ورى ،ويق وم المجلس بدراس ته
ومناقشته في ضوء تقرير اللجنة االقتصادية للمجلس ويحضر جلسة المناقشة عادة وزير االقتصاد الوطني
للرد على استفسارات األعضاء أو إليضاح ما قد تطرحه المناقشة من جوانب.
إبداء الرأي في الموضوعات التي يحيلها السلطان أو مجلس الوزراء إلى المجلس لدراس تها ،ورف ع م ا
يراه المجلس من توصيات إلى السلطان أو إلى مجلس الوزراء حسب الجهة التي ورد منها الموض وع إلى
المجلس .كما يرفع رئيس مجلس الشورى تقريرا سنويا إلى السلطان بنتائج أعمال المجلس كل عام.
تلقي تقارير سنوية من وزراء الخدمات عن منجزات وخطط وزاراتهم .ويجوز للمجلس عند االقتض اء
دعوة أي منهم لتقديم بيان أمام المجلس حول خطط الوزارة وما تم إنجازه في مجال أو مجاالت ذات ص لة
بها لمناقشتها وتبادل الرأي حولها.
مناقشة القضايا أو الموضوعات التي قد تحظى باهتم ام واس ع من قب ل المواط نين في ظ روف معين ة،
مثل موضوع ارتفاع أس عار بعض الس لع ،واألخط اء الطبي ة ،ورس وم إع ادة توص يل التي ار الكهرب ائي،
والص رف الص حي ،وذل ك على س بيل المث ال .كم ا يتلقى المجلس طلب ات ومقترح ات المواط نين ح ول
المسائل العامة ويحرص على بحثها والنظر فيها من خالل لج ان ومكتب المجلس .وتت ولى األمان ه العام ة
للمجلس إخطار المواطنين بما تم بشأنها.
المش اركة في الجه ود الرامي ة إلى المحافظ ة على البيئ ة وحمايته ا من أض رار التل وث .ومناقش ة
الموضوعات ذات الصلة بذلك.
تعزيز دور وعالقات مجلس الشورى مع مجالس وبرلمانات الدول األخرى وم ع االتح ادات البرلماني ة
العربية واإلسالمية والدولية.
ويمارس مجلس الشورى العماني صالحياته واختصاصاته المشار إليه ا من خالل آلي ات عم ل متع ددة
تنظمها وتحددها الالئحة الداخلية للمجلس ،وهي:
األسئلة ،تع ني االس تعالم عن ني ة الحكوم ة ،أو عن واقع ة معين ة للتحق ق منه ا وذل ك في أي ش أن من
الشؤون الداخلة في اختصاص المجلس.
457
الرغبات ،إذ يحق للمجلس أن يبدي رغبات للحكوم ة في األم ور المتعلق ة بالخ دمات والمراف ق العام ة
وسبل تطويرها وتحسين أدائها أو فيما يواجهه القطاع االقتصادي من معوقات إذا اقتضت المصلحة العامة
ذلك.
طلبات المناقشة ،يتمكن من خاللها المجلس من إبداء الرأي على وجه السرعة في الموضوعات العام ة
التي تدخل في اختصاصه وإجراء المناقشات مع الوزراء المختصين بشأنها تمهيدا للوصول إلى توص يات
محددة حولها إذا تطلب األمر ذلك ورفعها إلى السلطان.
البيانات والتقارير الوزارية ،إذ يتلقى المجلس تقارير سنوية من وزراء الخدمات عن منج زات وخط ط
وزاراتهم .ويج وز للمجلس عن د االقتض اء دع وة أي منهم لتق ديم بي ان ح ول بعض األم ور المتعلق ة
باختصاصات وزارته لمناقشتها وتبادل الرأي فيها
يتمتع مجلس الشورى العماني والذي أنشئ في عام ،1991ليحل محل المجلس االستشاري للدولة الذي
استمر من عام 1981حتى عام ،1991بالشخص ية االعتباري ة ،واالس تقالل الم الي ،وال ذي ك ان وج وده
استشاريًا قبل األحداث االحتجاجية التي شهدتها عم ان خالل ع ام ،2011وال تي أدت إلى إعالن الس لطان
قابوس بن سعيد صالحيات جديدة للمجلس بناء على المرسوم السلطاني رقم 99/2011والصادر في شهر
أكتوبر من العام نفسه.
ومنحت التع ديالت الجدي دة على النظ ام األساس ي للدول ة مجلس الش ورى الح ق في اق تراح الق وانين
وتعديلها والذي نص عليه في المادة ( )58مكررا ( :)35على أن “تحال مشروعـات القوانيـن التي تعدهــا
الحكومة إلى مجلـس عمان إلقرارها أو تعديلها ثم رفعها مباشرة إلى السلطان إلص دارها ،وأن ه فـي ح ال
إجراء تعديالت من قبل مجلس عمان على مشروع القانون يكون للس لطان رده إلى المجلس إلع ادة النظ ر
فـي تلك التعديالت ثم رفعه ثانية إلى السلطان”.
ووذكرت المادة ( )58مكررا ( )36أن “لمجلس عمان اقتراح مشروعات قوانين وإحالتها إلى الحكومة
لدراستها ثم إعادتها إلى المجلس ،وتتبع بشأن إقرارها أو تعديلها وإص دارها ذات اإلج راءات المنص وص
عليها فـي المادة ( )58مكررا ( ،”)35وهو ما يعني أن المشرع األول في عمان هو الس لطان فق ط .وج اء
في التعديالت التي أقرت في عام 2011أن سلطان عمان يمكنه إصدار مراسيم س لطانية له ا ق وة الق انون
فيما بين أدوار انعقاد مجلس عمان وخـالل فترة حل مجلـس الشورى وتوقف جلس ات مجلس الدول ة ،وفقً ا
المادة ( )58مكررًا (.)39
وأوضحت المادة ( )58مكررًا ( )40أنه “تحال مشروعات خطط التنمية والميزانية السنوية للدول ة من
مجلس الوزراء إلى مجلس الشورى لمناقشتها وإبداء توص ياته بش أنها خالل ش هر على األك ثر من ت اريخ
458
اإلحالة إليه ثم إحالتها إلى مجلس الدولة لمناقش تها وإب داء توص ياته بش أنها خالل خمس ة عش ر يوم ا على
األكثر من تاريخ اإلحالة إليه ،وعلى رئيس مجلس الدولة إعادتها إلى مجلس ال وزراء مش فوعة بتوص يات
المجلسين ،وعلى مجلس الوزراء إخطار المجلسين بما لم يتم األخذ به من توصياتهما فـي ه ذا الش أن م ع
ذكر األس باب” ،م ا يش ير إلى أن مقترح ات وتع ديالت مجلس ي عم ان “الش ورى والدول ة” غ ير ملزم ة
للسلطان قابوس ،ومجلس الوزراء.
وبشأن السلطة الرقابية الممنوحة للدول ة في التش ريعات ،فنص ت الم ادة ( )58مك ررا ( :)43على أن ه
“يجـوز بنـاء على طلب موقـع من خمسـة عشــر عضـوا على األقـل من أعضـاء مجلس الش ورى
استجواب أي من وزراء الخدمات فـي األمور المتعلقة بتجاوز صالحياتهـم بالمخالفـة للقانـون ،ومناقشـة
ذلك من قبل المجلـس ورفـع نتيجـة ما يتوصل إليه فـي هذا الشأن إلى جاللة السلطان” ،بدون تحديد ماهي ة
الوزارات الخدمية.
أداء المجلس يواجه مجلس الشورى العماني انتقادات منذ منحه التعديالت التي أقرها الس لطان ق ابوس،
في ع ام ،2011حيث لم يس َع المجلس على م دار الع امين األول يين في أعق اب التع ديل من تق ديم أي
مقترح ات جدي دة بق وانين ،إض افة إلى أن المجلس لم يقم باس تخدام حق ه التش ريعي في اس تجواب أي من
المسؤولين في الوزارات الخدمية.
من جانب ه ،ق ال ناش ط اإلن ترنت العم اني “بن ماج د” ،في تص ريحات خاص ة لـ”م واطن” ،إن فك رة
المجالس التشريعية في دول المنطقة وبالذات في عمان بعيدة كل البعد عن الممارسات الص حية والمنطقي ة
التي يفترض أن تكون عليها مجالس الشعب .وأضاف الناشط المع ارض“ :المجلس في عم ان يع د تجرب ة
مبتورة وناقصة ألن صناع القرار ال يريدون لها إال أن تكون مجالس شرفية لإلشارة لوجودها في المحافل
الدولية فقط ،لكي ال يقال عن الحكومة دكتاتورية ومستبدة وغيرها من األقوال التي تص ح في ه ذا الج انب
رغم وجود المجلس” .وأردف ” :في فترة من الفترات بعد 2011تف اءلت بمجلس ش ورى أك ثر ق وة ليس
لنظامه وآليات عمله بل لوجود وجوه جديرة بالثقة لكن ماذا ح دث بع دها أودع البعض الس جن وتم تك ييف
قوانين إليداعهم السجن وآخرين منعوا من الترشح للفترات القادمة”.
واستطرد“ :ما تفعله السلطة و تمارسه من تضليل وسلك للطرقات المبهم ة والكي د لألعض اء الف اعلين
وغياب التوعية الحقيقية لصميم عمل المجالس النيابية وتكبيل أدواتها يعكس الصورة ال تي تري دها الس لطة
مجلس مدجن وإن انتخبه الشعب” .وت ابع بن ماج د“ :ال أس تطيع في عم ان تس ميته مجلس يمث ل الش عب،
فآلية عمله أقرب لمجلس عالقات ومصالح بين أعضاء الحكومة و األعضاء ال ذين يف ترض بهم أن يمثل وا
459
الشعب وهم ال يمثلون إال جيوبهم وأرصدتهم البنكية” .وشدد ،على أنه ال يوج د ت أثير فعلي للمجلس ،وأن ه
ال يوجد أثر رقابي أو تغيير جذري أحدثه المجلس ،مردفا“ :ب العكس المجلس أص بح يت وازى م ع الس لطة
وال يتقاطع ،وأصبح المجلس ال يخدم المواطن ،بل يزيد من بؤسه و انكساره ويوصل رسالة أن ك ل ش يء
في يد السلطة حتى وإن منح األعض اء رفاهي ة ق راءة الق وانين قب ل الجمي ع ،فال يس تطيع العاق ل تس ميتها
صالحيات رقابية مثلما تدعي السلطة التنفيذية”.
وأكمل“ :تستطيع في عمان تتبع أكثر من حالة بدأت كعضو في مجلس الشورى وانتهى به األمر مالك ا ً
لشركة مقاوالت أو خدمات ترتبط بمشاريع الحكومة وإن تنحى عن العم ل في المجلس تج ده ق ام بت وريث
الكرسي البنه أو ابن أخيه وهناك عائلة في إحدى الواليات تناوب على الكرس ي أخ وان وقب ل أن يتفرغ وا
لشركتهم التي أصبحت تستفيد من المناقصات الحكومية وتركوا الكرسي البن أحدهم ليمثل الشعب م دفوعا
بأصوات القبيلة وشراء أصوات المساكين” .وأوض ح“ :أعض اء المجلس ض ربت لهم الع برة في أش جعهم
حين أودع السجن ،وأجرأهم حين أصبح صوته مس موعا ً من ع من الترش ح ألس باب لم يعلمه ا أح د حينه ا،
وتمت مخالفة لوائح المجلس و قوانينه حين منع العضو من الترشح لتج د مش هداً من أص وات الصراص ير
فقط يعلو ردة فعل القانونيين في البلد”.
من جانبه ،قال الناشط العماني خلفان البدواوي ،مقيم في لندن ،إن الحديث عن مجلس الشورى العم اني
يتطلب التط رق إلى نقط تين ،األولى أن تجرب ة مجلس الش ورى في النظ ام الس لطاني مس تمدة من تجرب ة
تاريخية إسالمية لنظام اإلمامة اإلباضي في عمان والذي كان يعمل به تحت اسم مختلف وه و مجلس أه ل
الحل والعقد (المختار من أرستقراطيين وتكنوقراط في المجتمع ليختاروا من بينهم حسب آلي ة متف ق عليه ا
بينهم اإلم ام ويكون وا أيض ا ممثلين للموافق ة على تعيين ات اإلم ام لل والة والقض اة والق وانين) ،والثقاف ة
اإلسالمية للخلفاء المس لمين بع د رس ول اإلس الم محم د بن عبدهللا وهي الش ورى ولكن ليس ت ديمقراطي ة
حقيقية”.
وأكمل في تصريحات خاصة لـ”م واطن”“ :الش ورى في اللغ ة العربي ة تع ني أخ ذ أراء اآلخ رين في
موضوع ما لتحقيق مصلحة معينة وبالتالي نفهم من المعنى أنه ال يوج د فع ل أو ص يغة تش ير إلى وج وب
السمع وإنما يعتمد على (مزاج) مدى ودرجة تقبله للمشورة واألخذ بها من عدمه” .وأضاف“ :اآلن عن دما
نرب ط النقط تين بمجلس الش ورى العُم اني فكم ا نعلم حس ب الوث ائق المس ربة في ويكيليكس والوث ائق
البريطانية أن سبب إنشاء المجلس االستشاري عام ١٩٨١أتى بعد ضغط أمريكي وبريط اني على ق ابوس
ليعطي مزيدا من الحريات السياسية لشعبه وتغييره في ١٩٩١كان لنفس سبب إنشائه”.
وأردف“ :ألن شكل وفكر النظام السلطاني الحالي يقوم على فكر مس تبد خ الص ،ويق وم على شخص ية
فرد واحد فكان من المناسب إيجاد فكرة خالي ة المض مون (تجم ل ص ورة النظ ام الخارجي ة وتتالعب م ع
460
المفردات والمفاهيم) تتناسب مع الفكر التقليدي للشعب ال ذي أساس ا يتحكم ب أدوات فك ره” .وش دد على أن
مجلس الش ورى ه و مجلس ص وري فق ط هدف ه تلمي ع ص ورة النظ ام في الخ ارج وإغن اء بعض الش يوخ
واألعيان (ذوو الدور الصغير في النظ ام) مقاب ل تعزي ز فك رة ال والء والطاع ة العمي اء للنظ ام الس لطاني
وتدوير بعض األصوات المعارضة المجتمعية لت دجينها وإذا لم ينجح يتم ط ردهم من المجلس ،مؤك دا أن ه
يجب حل المجلس ألنه يعتبر خسارة للجهد البشري والمال العام.
وقال نائب إدارة موق ع “س بلة عم ان” عب د هللا الرب اش ،إن ه يف ترض أن تك ون األعم ال واإلنج ازات
والخطط والحقائق الواقعية تجاه مناقشة ومحاورة ومتابعة شؤون العامة ،يتم طرحه ا ع بر وس ائل اإلعالم
لمعرفة اإلنجازات واألعمال واالهتمامات بما فيه الخطط أيضًا ،متاب ًع ا“ :لكن خ ابت الظن ون م ع األس ف
الشديد”.
وتشهد جلسات المجلس غياب عدد كبير من النواب ،حيث شهدت م ؤخرًا جلس ة مش تركة بين مجلس ي
الشورى والدولة لمناقشة مواد محل تباين بين المجلسين ،غياب ع دد كب ير من أعض اء المجلس ،وبحس ب
وسائل إعالم عُمانية نقلت عن مصادر مطلعة ،فقد وصل ع دد الغي اب عن الجلس ة المش تركة 33عض ًوا
من المجلسين بينهم 22عض ًوا من مجلس الشورى و 11عض ًوا من مجلس الدولة ،وسط انتقادات حادة من
رواد مواقع التواصل االجتماعي.
اإلصالح االقتصادي وتعاني دولة عمان من أزم ة اقتص ادية بع د انخف اض أس عار النف ط من ذ النص ف
الثاني من عام ،2014أسفرت عن ارتفاع نسبة الدين العام إلى أك ثر من %50من الن اتج المحلي ،فض اًل
عن ارتفاع نسبة البطالة بنسبة - %17.5وفقًا لتقارير محلية.
وبشأن أزمة البطالة أوصى مجلس الشورى العماني في تقرير ألمانته العامة حول الدراسات ال تي ك ان
قد أجراها خالل فترته السابعة والمتعلقة بالشباب وتنمي ة الم وارد البش رية بتنفي ذ برن امج وط ني للتش غيل
يتضمن اإلعالن عن عدد المس جلين حاليً ا من ال ذين تنطب ق عليهم “ش روط ومع ايير الب احث عن عم ل”
وتقديم حزمة من الحوافز لتشجيع العمانيين على االلتحاق بشركات ومؤسسات القطاع الخاص.
وطالب المجلس بإعادة النظر في االستراتيجية التنموية “عُمان ”2020المعمول به ا حاليً ا ،ال تي ك ان
قد تم اعتمادها في منتصف تسعينيات القرن الماضي في ظل أوض اع اقتص ادية واجتماعي ة مغ ايرة تما ًم ا
لما هو سائد اآلن ،والتركيز على التنمية اإلقليمية الشاملة والمتوازنة من خالل التوزيع العادل للمشروعات
التنموية ،فضاًل عن تحقيق نمو اقتص ادي مرتب ط بالتنمي ة البش رية المس تدامة .واق ترح الن ائب في مجلس
الشورى العُماني الن ابي بن العب د ج داد -خالل جلس ة مناقش ة بي ان الق وى العامل ة بحض ور وزي ر الق وى
461
العاملة عبد هللا البك ري -منح تس هيالت وامتي ازات للش ركات ال تي تع يين الوظ ائف العلي ا من العم انيين،
مؤكدًا أن “الوضع الحالي بحاجة إلى تدخل كبير ،في تعيين تلك الوظائف وتغيير السياسات”.
وقدم عدد من أعضاء مجلس الشورى لوزير القوى العاملة مقترح قانون إلحالل العمانيين محل العمالة
الوافدة التي تحتل الوظ ائف الخمس العلي ا في القط اع الخ اص ،وس ط انتق ادات ح ادة من قب ل المؤسس ات
الدولية ومنظمات المجتمع المدني .وفي 20يونيو ،2018أق ر مجلس الش ورى في س لطنة عم ان ،ق انون
الضريبة االنتقائية على مجموعة من الس لع ال تي تس بب أض رارًا على ص حة اإلنس ان ،وق ال المجلس في
تغريدة له عبر موقع التدوينات المصغرة “تويتر” ،إنه أقر قانون الضريبة االنتقائية ،وأحال المش روع إلى
مجلس الدول ة للمص ادقة علي ه ،ح تى يص بح ناف ًذا .وتبقى ت دخالت مجلس الش ورى العم اني في الش أن
االقتصادي عب ارة عن إص دار توص يات أو مقترح ات إلى الجه ات الحكومي ة في الدول ة ،وس ط دع وات
متداخلة يط الب بعض ها بمنح المجلس المنتخب من الش عب العم اني ص الحيات أوس ع ليك ون ق ادرًا على
إحداث تغيير جذري في السياسة االقتصادية للدولة ،ومطالبات بمعرفة الحدود المقربة.
أكد أعضاء مجلس الشورى ضرورة أن تكون رؤية عمان 2040قابلة للتطبيق على أرض الواق ع بم ا
يتناسب مع المؤشرات والمعطيات الحالية مستفس رين عن م دى ت وفر اإلمكان ات لتحقي ق أه داف الرؤي ة،
حيث أقيمت جلس ة لمناقش ة مح اور الرؤي ة المس تقبلية الثالث (اإلنس ان والمجتم ع واالقتص اد والتنمي ة
والحوكمة واألداء المؤسسي).
وخالل اللق اء دارت نقاش ات موس عة ح ول ع دد من الموض وعات ذات العالق ة بإع داد رؤي ة عم ان
،٢٠٤٠وتوجهاته ا وأه دافها االس تراتيجية ،وق د ترك زت معظم الم داخالت على آلي ة اختي ار المح اور
األساسية للرؤية والمؤشرات ال تي ب نيت عليه ا ،وتفعي ل المش اركة المجتمعي ة في بن اء وإع داد وتص حيح
مسار الرؤية .وأش ار أعض اء مجلس الش ورى إلى ض رورة األخ ذ ببعض التح ديات الحالي ة أثن اء إع داد
الرؤي ة المس تقبلية 2040أبرزه ا اإلش كاالت المتعلق ة بالتره ل اإلداري ،من وهين إلى ض رورة أن ينعم
462
المواطن العم اني بالرف اه وتحس ين مس توى المعيش ة وتط وير التعليم ومخرجات ه لتك ون أب رز مرتك زات
التنمي ة خالل المرحل ة القادم ة .وأش اروا إلى أهمي ة تحقي ق مب دأ العدال ة في توزي ع متطلب ات التنمي ة في
مختلف محافظات السلطنة.
الشأن الثقافي وفي الشأن الثقافي ،يقف مجلس الشورى مكب ل الي ديين ،حيث إن وزارة ال تراث والثقاف ة
العمانية ال تقدم تقريرها إلى المجلس مثل باقي ال وزارات الخدمي ة ،وف ق التع ديالت ال تي أقره ا الس لطان
قابوس.
وقال الص حافي العم اني على بن راش د المط اعني ،في مقال ه بموق ع “الش بيبة”“ :االهتم ام ب الجوانب
التاريخية والتراثية الموثقة لتاريخ بالدنا يعد ه ًما وطنيًا يتعين أن يشارك الجميع في تفعيل ه حكوم ةً وش عبًا
وعبر مجلس الشورى باعتباره يمثل المواطنين ،إال أن وزارة التراث والثقافة ال تق دم بياناته ا أم ام مجلس
الشورى” ،متسائاًل “ :هل هناك مسوغات حدت بتصنيف هذه الجهة بأنها سيادية كغيرها من الجه ات ال تي
أعفاها النظام من تقديم بياناتها أمام مجلس الشورى”؟.
وأضاف“ :إذا كان تم تصنيف وزارة التراث والثقافة بأنها سيادية فإن هذه الخطوة ليس له ا م ا يبرره ا
واقعيً ا وعمليً ا ،فاختصاص ات ال وزارة ومه ام عمله ا تتمث ل في الحف اظ على ال تراث والعناي ة ب الجوانب
التاريخية وإدارة المتاحف ورعاية الثقافة والقالع والحصون وغيرها من المجاالت المعروفة للجميع ،لكن
هل هذه الجوانب فيها م ا يجب حظ ره عن المث ول أم ام مجلس الش ورى مثلم ا يس ن على بقي ة ال وزارات
الخدمية.
ونوه إلى أن إدراج وزارة التراث والثقافة ضمن الجهات التي تدلي ببياناته ا أم ام أعض اء الش ورى ل ه
مكاسب جمة ،منها“ :مناقشة كيف يمكن الحفاظ على التراث العماني ،والجه ود المبذول ة وم ا يمكن القي ام
ب ه” ،وأش ار إلى وج ود تع اون بين ال وزارة والمجلس في ج وانب معين ة ،كاستض افة وكالء ال وزارة في
تدارس بعض األطر والقوانين والدراسات.
ما بعد قابوس وفي ظل ضبابية المشهد بشأن “عمان ما بعد قابوس” يمنح القانون العماني دورًا لمجلس
الش ورى في عملي ة الس لطان الجدي د للبالد ،حيث ع دل الس لطان ق ابوس في أكت وبر الع ام ،2011آلي ات
الخالفة بحيث يش ارك في اختي ار خليفت ه رئيس مجلس الدول ة ومجلس الش ورى ورئيس المحكم ة العلي ا،
ووفقًا للدستور الذي أقر العام ،1996يجب على السلطان تسمية خليفته من ساللة بوس عيد في رس الة تبقى
مغلقة على أن تفتح أمام مجلس العائلة.
463
وتنص المادة الخامسة على أن نظام الحكم سلطاني وراثي في الذكور من ذري ة الس يد ت ركي بن س عيد
بن سلطان ،ويُشترط فيمن يختار لوالية الحكم من بـينهم أن يكون مسل ًما رشيدًا عاقالً وابنًا ش رعيًا ألب وين
عمانيين مسلمين ،وتعالج المادة السادسة حالة شغور الحكم عن طريق تكليف مجلس العائلة الحاكمة (عائلة
السعيد) خالل ثالثة أيام من شغور منصب السلطان ،بتحديد من تنقل إليه والية الحكم.
وأوضحت المادة أنه إذا لم يتفق مجلس العائلة الحاكم ة على اختي ار س لطان للبالد ،يعه د به ذه المهم ة
لمجلس الدفاع ،الذي يقوم بالتعاون مع رئيس مجلس الشورى “المنتخب” ورئيس مجلس الدولة “المعيّن”،
بتثبيت من أشار به السلطان في رسالته إلى مجلس العائلة ،عل ًما بأن السلطان قابوس أعلن في عام ،1997
أنه كتب وص يته ال تي ّ
رش ح فيه ا اس مين ب ترتيب تن ازلي ،ووض عها في مغلفين مخت ومين ووزعهم ا في
منطقتين مختلفتين.
ويرى الكاتب العماني أحمد المخيني أن ما يتطلع إليه العمانيون في أي سلطان جديد هو أن يك ون ش ابًا
يتصرف كأنه أب ال يسعى الكتساب االحترام فحسب بل يعمل على تلبية احتياجات الشعب ،مشيرًا إلى أنه
على السلطان القادم توزيع الصالحيات والسلطات المتمرك زة حالي ا في ي د “الس لطان ق ابوس” ،وتش جيع
المؤسسات القضائية والتشريعية والرقابية لتقوم بعملها دون تدخالت.
وأضاف في حوار سابق لـ”مواطن” أنه يجب توسيع المشاركة الحقيقي ة للش عب في ص ناعة الق رارات
الوطنية ،من خالل تف ويض ق در أك بر من الص الحيات التخطيطي ة والتنفيذي ة للمج الس البلدي ة ،وتش جيع
تأسيس بيوت خبرة متخصصة ،ونق ل مه ام اإلش راف على المهن إلى نقاب ات متخصص ة ،وتمكين مجلس
الشورى من محاسبة الحكومة فعليًا.
وبرر الدكتور صالح المسكري الخب ير في الق انون الدس توري ،ع دم اس تخدام المجلس ص الحياته ،في
تصريحات صحافية ،بأن االختصاصات الممنوحة لمجلس عمان ال تزال محل تجربة ويغلب عليها الح ذر
الشديد ،مضيفًا“ :نرجو أن تتمكن من عبور هذه المرحلة والوصول إلى الهدف المنشود وإلى اختصاصات
حقيقية كاملة ترسّخ لدولة المؤسسات وتشارك الحكومة في أعمالها وتحاسبها على إخفاقه ا وعلى األخط اء
التي قد تقع فيها”.
464
وأشار الناشط العماني “بن ماجد” إلى أن جه ل الجم اهير بالممارس ات الص حيحة لعملي ة االنتخ اب و
األدوات المبتورة التي يحوزها المجلس خلقت صف فساد ال يمت لروح مجالس الشعوب ،منوها إلى أنه ال
يوج د مجلس للش عب في عُم ان ح تى يتم الح ديث عن دوره ألن الت دقيق و التمحيص وال ذهاب الس تقراء
أدواره التي يفترض بها أن تخدم الشعب.
وعن الحل ول ال تي يمكن أن ت ؤدي إلى تط وير أداء مجلس الش ورى ،ق ال“ :عن دما تفص ل الس لطات
وتثقف الجماهير بما لها وما عليها ويم ارس المثق ف دوره األخالقي وتح دد ص الحيات المجلس -المبهم ة
حالياً -أستطيع التحدث عن الصالحيات ومدى تأثيرها حينها ،ما ع دا ذل ك ال أس تطيع الض حك على عقلي
وتسمية مجلس العالقات والمصالح بمجلس شورى شعبي يمثل المواطن”.
وي رى الناش ط العم اني خلف ان الب دواوي ،إن إعط اء ص الحيات جدي دة لمجلس عم ان تع ني ن زع
ص الحيات من الس لطان ق ابوس ،متابع ا“ :ق ابوس وه و م ريض حالي ا لم يتن ازل عن منص ب واح د من
مناصبه العديدة ،لن يرضى بذلك تماما والواقع يشير إلى أن الدولة ومؤسساتها وقوانينه ا تتج ه إلى وض ع
قاتم وأكثر حلكة وظالما وتم تعزيز الموض وع بتع ديالت قانوني ة قمعي ة على المس توى البس يط للحري ات
الموج ودة ،وحس ب تق ارير منظم ات حق وق اإلنس ان ف إن عم ان دول ة غ ير ح رة” .وأردف“ :الوث ائق
البريطانية ذكرت أن قابوس مع ارض ج دا ألي حري ات سياس ية ومدني ة من ح ق اإلنس ان وم ؤمن بتحكم
وتصرف الدولة بشكل كامل عن قرارات وفكر اإلنسان العُماني ،وعائلة ق ابوس من ذ بداي ة حكمه ا تحتق ر
اإلنسان العُماني واألدلة اتضحت في كتاب الثورة الموسمية لعبدالرزاق التكريتي”.
وأشار إلى أن الصالحيات التشريعية والرقابية التي منحها السلطان قابوس في عام ،2011لم ي َر له ا أي فاعلي ة ألن ه تم
التالعب بالمفردات و”هذا هو اله دف من إنش اء المجلس باألس اس” ،مس تطردا“ :فِي عم ان العق ل الجمعي ي رى أن هن اك
مشاكل اجتماعي ة واقتص ادية تتف اقم ب دون ح ل وفِي بعض األحي ان مجلس الش ورى ال يمكن ه الح ديث عنه ا ول و باإلش ارة
فبالتالي فقدت الثقة واتجه الناس للفضاء االجتماعي مجددا للتعبير عن غضبهم واستيائهم من الوضع المتردي” ،مش ددا على
ضرورة إحداث تغيير كامل في الحكم العماني ،في ظل تفاقم األوضاع.
يعد مجلس الشورى بسلطنة عمان بمثابة الهيئة التشريعية المنتخبة من قبل الشعب ،إذ يتمتع بالشخصية
االعتبارية واالستقالل المالي واإلداري ويمثل أحد أقطاب مجلس عمان الذي يضطلع بصالحيات تشريعية
ورقابية وفقا لما بينه النظام األساسي للدولة .بما يخدم الصالح العام للمواطنات والمواطنين بسلطنة عم ان،
وبدعم تطوير مسيرة الشورى في البالد كما أنه يعزز مشاركة المجتمع في صنع القرار ويساهم في تحقيق
التنمية الشاملة .872وحسب المرسوم السلطاني السامي رقم 101-1996فإن مجلس الشورى بسلطنة عمان
يتمتع باألدوار اآلتية:
- 872يتكون مجلس الشورى العماني من أعضاء يمثلون جميع واليات السلطنة ،وينتخبون باالقتراع السري المباش$$ر ويتح$$دد ع$$دد أعض$$ائه بحيث$
يمثل كل والية عضوا واحدا إذا كان عدد سكان الوالية ال يتجاوز ثالثين ألفا نسمة عند فتح باب الترشيح وعضوان متى تجاوز عدد س$$كان الوالي$$ة
هذا الحد في ذات التاريخ ،وتكون فترة المجلس أربع سنوات ميالدية وينتخب $المجلس من بين أعضائه رئيسا له ونائبين للرئيس يمثل فترته.
465
إحالة مشاريع القوانين التي تعدها الحكوم ة إلى المجلس إلقراره ا أو تع ديلها وإص دارها
بذات إجراءات مشاريع القوانين؛
لمجلس الشورى العماني صالحية اقتراح مشاريع قوانين وإحالتها إلى الحكومة لدراس تها
ثم إعادتها لمجلس الشورى؛
لمجلس الشورى كذلك إمكانية دراسة مشروعات خطط التنمية والميزانية الس نوية للدول ة
من مجلس الوزراء إلى مجلس الشورى لمناقشتها وإبداء توصياته بشأنها خالل ش هر على األك ثر
من تاريخ اإلحالة إليه ،ثم إحالتها إلى مجلس الدولة لمناقشتها وإبداء توصياته بشأنها خالل خمس ة
عش ر يوم ا على األك ثر من ت اريخ اإلحال ة إلي ه ،وعلى رئيس مجلس الدول ة إعادته ا إلى مجلس
الوزراء مشفوعة بتوصيات المجلسين؛
له إمكانية دراس ة مش روعات االتفاقي ات االقتص ادية واالجتماعي ة ال تي تع تزم الحكوم ة
إبرامها أو االنضمام إليها إلى مجلس الشورى إلبداء آرائه وع رض م ا يتوص ل إلي ه بش أنها على
مجلس الوزراء التخاذ ما يراه مناسبا؛
كما له إمكانية دراسة التقرير السنوي لجهاز الرقابة المالية واإلدارة المالية للدولة؛
لمجلس الشورى و بناءا على طلب موقع من خمسة عشر عض وا على األق ل من أعض اء
مجلس الشورى استجواب أي من وزراء الدولة في األمور المتعلقة بتجاوز صالحياتهم والمخالف ة
للقانون ومناقشته ذلك من قبل المجلس ورفع نتيجة ما يتوصل إليه في هذا الشأن إلى السلطات؛
له صالحية دراسة التقارير السنوية المحال ة من وزراء الخ دمات المتعلق ة بمراح ل تنفي ذ
المش اريع الخاص ة ب وزاراتهم وللمجلس إمكاني ة دع وة أي منهم لتق ديم بي ان عن بعض األم ور
الداخلة في اختصاصات وزاراته ومناقشته فيها.
انطالقا من هذه المهام واالختصاص ات الموكول ة لمجلس الش ورى بس لطنة عم ان ،فه ذا األخ ير وفي
مجال حماية حقوق اإلنسان يقوم بدراسة التشريعات والقوانين الوطنية النافذة ومالئمتها مع مبادئ وقواع د
االتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان المصادق عليها في السلطنة ،كم ا ل ه مهم ة اق تراح
التعديالت الالزمة لذلك وفق الدستور العماني.
إن مجلس الش ورى العم اني يم ارس ه ذه الص الحيات وي ؤدي أعمال ه وف ق مجموع ة من القواع د
واإلجراءات المنصوص عليها قانونا.
فعلى مستوى التشريع يشمل إقرار أو تع ديل مش اريع الق وانين المحال ة من مجلس ال وزراء إلى مجلس
الش ورى كم ا ل ه إمكاني ة اق تراح مش روعات ق وانين وإحالته ا إلى مجلس الدول ة ومن ثم إلى الحكوم ة
لدراستها ثم إعادتها إلى المجلس في شكل مشاريع قوانين.
466
ومن بين القوانين التي أصدرها مجلس الشورى ذات الصلة بممارسة الحقوق السياسية ،يمكن اإلش ارة
إلى أهمها ،ومنها:
ينظم المرسوم المشار إليه ،مهن ة الص حافة والطباع ة والنش ر وفق ا للش روط واألوض اع المبين ة في ه،
وجعل وزارة اإلعالم وصية على تنظيم مهنة المطبوعات الصحفية التي تصدرها الوزارات أو المؤسسات
العامة أو الهيئات العامة في ما يتصل بنشاطها.
ويقصد بالمطبوعات وفق هذا الق انون ك ل الكتاب ات أو الرس ومات أو الص ور الفتوغرافي ة من وس ائل
النسخ أو النقل متى نقلت بأي وسيلة كانت ،وأص بحت ب ذلك قابل ة للت داول ويس تثنى من ذل ك ك ل مطب وع
شخصي أو مطبوع يتعلق بالنشاط التج اري ال يش كل مض مونه مخالف ة ألحك ام ه ذا الق انون أو غ يره من
القوانين األخرى.
وحدد الفصل الثاني من ذات القانون في المادة الرابعة منه الش روط الالزم ة في إنش اء المطبع ة ،حيث
على ك ل من ي رغب في إنش اء مطبع ة أن يتق دم بطلب ال ترخيص ل ه ب ذلك إلى وزارة اإلعالم متض منا
البيان ات الالزم ة ال تي تح ددها الالئح ة التنفيذي ة له ذا الق انون .وتل تزم وزارة اإلعالم ب البت في طلب
الترخيص المشار إليه خالل ثالثة أشهر من تاريخ تقديمه .ويعت بر ع دم ال رد في الموع د الم ذكور رفض ا
للطلب (المادة ،)5ولمن رفض طلبه بالترخيص بفتح مطبعة أن يتظلم من ذلك للجن ة المطبوع ات والنش ر
المنصوص عليها في هذا القانون خالل 15عشر يوما من ت اريخ إبالغ ه ب رفض طلب ه أو إنقض اء موع د
الرد المشار إليه في المادة .5
وتنص المادة 13على موانع الطبع حيث ال يجوز للطباع طبع مطبوع من ع تداول ه ،كم ا اليج وز طب ع
مطبوع دوري غير مرخص أو تقرر إلغاء ترخيصه أو تعديله أو وقفه عن الصدور .وك ل مخالف ة ألحك ام
الم واد الس ابقة يع اقب مرتكبه ا ب الحبس م دة ال تتج اوز س نة أو بغرام ة ال تتج اوز 500لاير عم اني أو
بالعقوبتين معا مع جواز غلق المطبعة مؤقتا أو نهائيا.
أما بخصوص المسائل المحضور نشرها فقد وردت بالتفصيل في الفصل الراب ع في الم واد من 25إلى
36ومنها أنه اليجوز نشر ما من شأنه النيل من شخص جاللة السلطان أو أفراد األسرة المالك ة تلميح ا أو
تص ريحا بالكلم ة أو بالص ورة ،وال يج وز التح ريض ض د نظ ام الحكم في الس لطنة أو اإلس اءة إلي ه أو
اإلضرار بالنظام العام أو الدعوة إلى إعتناق أو ترويج ما يتعارض مع مبادئ الدين اإلسالمي الحنيف.
467
كما يحضر نشر ك ل من ش أنه المس اس بس اللمة الدول ة أو أمنه ا ال داخلي أو الخ ارجي وك ل م ايتعلق
باألجهزة العسكرية واألمنية وأنظمتها .
يتناول ه ذا الق انون الحق وق والواجب ات المق ررة لألج انب وفق ا لمب دأ المعامل ة بالمث ل وإعتب ارات
المجامل ة الدولي ة ،وش روط منح ج وازات الس فر ،والض وابط ال تي يس مح فيه ا باإلقام ة على األراض ي
العماني ة ،واألف راد المس تثنون من ه ذه الض وابط كرؤس اء ال دول األجنبي ة وأعض اء أس رهم وحاش ياتهم
ورؤس اء وأعض اء البعث ات الديبلوماس ية القنص لية األجنبي ة والهيئ ات الدولي ة المعتم دون ل دى الس لطنة
والملحقون اإلداريون والفنيون وعائالتهم ،ومواطنو دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ،والسائحون
والطالب والرياضيون لدى قدومهم أو سفرهم ضمن وفود أو فرق منظمة.
ويجوز للسلطة المختصة أن تمنح األجنبي الذي اليحمل جواز سفر أو وثيقة س فر إج ازة م رور للس فر
للخارج إذا كان هذا األجنبي الجئا أو مجهول الجنس ية ،كم ا يج وز له ا أن تمنح األجن بي ال ذي فق د وثيق ة
سفره أو أصبحت هذه الوثيقة غير صالحة ألي سبب إجازة مرور إذا لم يكن للدولة التي ينتمي إليه ا ممث ل
في السلطنة.
ويكون منح حق اللجوز السياسي أو اإلقامة ألسباب سياس ية ب أمر س لطاني،ويعطى األجن بي في ه ذه
الحالة بطاقة خاصة تدون فيها جميع التفاصيل المتعلقة بهويته ،وال يجوز لمن منح حق اللجوء السياسي أن
يقوم بأي نشاط سياسي طيلة إقامته في سلطنة عمان .ويجوز العدول عن منح األجنبي حق اللجوء السياسي
وإبعاده من السلطة كما يجوز في أي وقت تقييد حق اللجوء السياسي بشروط جديدة متى إقتضت الظ روف
ذلك .وإذا تقرر إبعاد الالجئ السياسي فاليجوز ترحيله إلى دولة يخشى فليها على حياته أو حريته.
-تنص المادة 59من النظام األساسي للدولة على أن "سيادة الق انون أس اس الحكم في الدول ة ،وش رف
القضاء ونزاهة القضاة وعدلهم ضمان للحقوق والحريات" كما تنص المادة 61من ه على أن ه "ال س لطان
على القضاة في قضائهم لغير القانون .وهم غير قابلين للعزل إال في الح االت ال تي يح ددها الق انون .وال
يجوز ألية جهة التدخل في القضايا أو في شؤون العدالة .ويعت بر مث ل ه ذا الت دخل جريم ة يع اقب عليه ا
القانون .ويحدد القانون الشروط الواجب توافرها فيمن يتولى القض اء ،وش روط وإج راءات تع يين القض اة
ونقلهم وترقيتهم والضمانات المقررة لهم وأحوال عدم قابليتهم للعزل وغير ذلك من األحكام الخاصة بهم".
468
ينص هذا القانون على اإلج راءات والش روط ال تي يقتض يها اإلعالن عن حال ة الط وارئ ،حيث تنص
المادة 1منه على أنه يجوز إعالن حالة الطوارئ متى تعرض األمن أو النظام العام في السلطنة أو منطق ة
منها للخطر سواء كان ذلك بسبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد أو تن ذر بوقوعه ا أو ح دوث إض طرابات
أو ظواهر إجرامية في الداخل أو كوارث عامة أو إنتشار وباء أو آفة تهدد كيان المجتمع أو سالمة الدولة.
وفي هذا اإلطار تنص الم ادة 2من ذات الق انون على أن يك ون إعالن حال ة الط وارئ وإنتهائه ا ب أمر
سلطاني تي تشملهايتضمن ما يأتي :ـــــ بي ان الحال ة ال تي أعلنت بس ببها ،وتحدي د المنطق ة ال تي تش ملها،
وتاريخ بدئ سريانها.
وتحيل المادة 3إلى مجلس األمن الوطني برفع التوصيات بإعالن حالة الطوارئ أو إنهائها وتقييم مدى
الحاجة إلستمرار العمل بها من عدمه ،ويمارس المجلس في هذه الحالة المنصوص عليها في الم ادة 6من
النظام األساسي للدولة جميع الصالحيات المنصوص عليها في هذا القانون.
وتمنح الم ادة 4لمجلس األمن الوط ني ص الحية األم ر بإتخ اذ أي من الت دابير واإلج راءات الالزم ة
لحماية األمن والنظام العام وله على وجه الخصوص ما يلي :
ـــ وضع قيود على حرية األش خاص في اإلجتم اع أو اإلنتق ال واإلقام ة والم رور في أم اكن أو
أوث ات معين ة ،والقبض على المش تبه بهم أو الخط يرين على األمن والنظ ام الع ام وإعتق الهم
والترخيص بتفتيش األشخاص واألماكن ووسائل النقل دون التقيد بأحكام قانون اإلجراءات الجزائية
أو أي قانون آخر.
ـــ الرقاب ة على س ائر أن واع المراس الت وكاف ة وس ائل اإلعالم المس موعة والمق روءة منه ا
والمرئية ودور العرض المختلفة وما في حكمها وشبكات وسائط المعلومات واإلتص االت ومنعه ا
وضبطها ومصادرتها....
ويج وز للمقب وض عليهم أو المعتقلين في ج رائم أمن الدول ة وف ق الم ادة 10التظلم من أم ر القبض أو
اإلعتقال إلى المحكمة المختصة وللمحكمة أثناء نظر الدعوى أن تصدر قرارا باإلفراج الم ؤقت عن المتهم
وال يكون قرارها نافذا إال بعد التصديق عليه من جاللة السلطان أو من يفوضه.
ويج وز لمن فرض ت الحراس ة على أموال ه أن يتظلم من أم ر ف رض الحراس ة أو يتظلم من إج راءات
تنفيذه بطلب معفى من الرسوم إلى المحكمة المختصة ،ويجب أن تختصم في ه الجه ة اإلداري ة ال تي تت ولى
تنفيذ األمر الصادر بفرض الحراسة.
5مرسوم سلطاني رقم 91 - 99بإصدار قانون إنشاءمحكمة القضاء اإلداري وإصدار قانونها
469
ك ّ
أن وجود الرقابة القضائية على أعمال الجهات اإلدارية في دولة ما يعد من الض مانات األساس ية الش ّ
لحماية حقوق وحريات األفراد ،وتأكيدا لمبدأ المشروعية أو سيادة القانون بالبالد ال ذييحتم خض وع جمي ع
مؤسسات الدولة واألفراد على حد سواء لحكم القانون.
وقد أرسى النظام األساسي للدول ة الص ادر بالمرس وم الس لطاني رقم 101/96دع ائم القض اء اإلداري
بالسلطنة ليكون رقيبا على مشروعية تصرفات اإلدارة وضمانا لتط بيق مب دأ س يادة الق انون ،فبداي ةأقرت
المادة ( )25من ذلك النظام أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ،ثم أكدت المادة ( )59على أن "
سيادة القانون أساس الحكم في الدولة " ،وانتهت المادة ( )67إلى إنشاء جه ة قض ائية تختص بالفص ل في
الخصومات اإلدارية إما بواسطة دائرة أو محكمة خاصة ي بين الق انون نظامه ا وكيفي ة ممارس تها للقض اء
اإلداري " ،وهو ما تُوج بإنشاء محكمة القضاء اإلداري وإصدار قانونها بالمرسوم السلطاني رقم 91/99
،كجهة قضائية مستقلة تختص بالفصل في الخصومات اإلدارية ال تي ح ددها قانونه ا ،والمتعلق ة بش ؤون
الموظفين العموميين ،والقرارات اإلدارية ،ودعاوى التعويض والعقود اإلدارية ،وغيرها من المسائل.
وهكذا فإن إنشاء محكمة متخصصة للقضاء اإلداري في السلطنة يعني أن المشرع العمانيقد رجح األخذ
بنظام القضاء المستقل عن القضاء العادي وهو ما يعرف بالنظام القضائي المزدوج ،فأنش أ ه ذه المحكم ة
إيمانا منه بأهمية إيجاد قضاة متخصصين ملمين بأعمال اإلدارة ويتفهمون ظروفه ا ومطالبه ا ويحرص ون
في الوقت ذاته على حماية الحقوق والحريات الفردية في مواجهة اإلدارة ،فيس تطيعون ب ذلك التوفي ق بين
المصلحة العامة وما يجب لتحقيقها من تمتع الجه ات اإلداري ة بق در من االس تقالل وحري ة في التق دير من
أجل حسن سير المرافق العامة بانتظ ام واط راد ،وبين المص لحة الخاص ة لألف راد ال تي تس توجب توف ير
الحماية القضائية لهم من أي تصرفات قد تصدر مخالفة للقانون ت ؤدي إلى المس اس بحق وقهم وحري اتهم ،
فضال عن أن وجود القضاء اإلداري المتخصص سمح بإنشاء قانون إداري يحكم نشاط اإلدارة في عالقتها
باألفراد ،وذلك عن طريق النظر في الخصومات اإلدارية وفقا ً لمبادئ القانون اإلداري التي تتفق وطبيع ة
هذه الخصومات وتختلف عن قواعد ومبادئ القوانين واألنظمة التي وضعت لتحكم العالق ات الخاص ة بين
األفراد والتي يطبقها القضاء العادي ،مما يتيح له ؤالء القض اة فرص ة ابت داع الحل ول المناس بة للعالق ات
القانونية التي تنشا بين جهات اإلدارة واألفراد األمر الذي يؤدي في النهاية إلى مساعدة اإلدارةعلى إرساء
مبدأ المشروعية والتعرف على الحلول السليمة التي يتعين عليها إتباعها عند اتخاذ قراراتها أو تصرفاتها.
كما راعى المشرع أن استقالل القضاء اإلداري عن القضاء العادي يكف ل الس رعة في اإلج راءات مم ا
ينعكس أثره على سرعة الفصل في الخص ومات اإلداري ة ،األم ر ال ذي ي ؤدي إلى ض مان حماي ة حق وق
األفراد في الوقت المناسب ويقتضيها حسن سير المرافق العامة بانتظام واطراد.
470
وبتتبع تطور الرقابة القضائية على أعم ال اإلدارة بالس لطنة نج د أن القض اء اإلداري فيه ا يع د قض ا ًء
حديثا مقارنة بالدول األخرى التي لها باع طويل في هذا المجال ،إذ لم يتم إنشاء ه ذا القض اء وتنظيم ه إال
بموجب قانون محكمة القضاء اإلداري الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ، 91/99والذي عُمل ب ه اعتب ارا
من 1/12/2000م ،فضال عن ذلك لم يكن القضاء قبل إنشاء هذه المحكمة مختصا منذ البداية بالفص ل في
الخصومات اإلدارية باستثناء العقود اإلدارية التي تبرمها الوحدات الحكومية مع الشركات المختلفة ،حيث
كانت المحكمة التجارية (سابقا) تختص بنظر المنازعات الناشئة عن تلك العق ود ،أم ا الق رارات اإلداري ة
فقد كانت قبل تاريخ العمل بقانون المحكمة محصنة من الرقابة القضائية ،وإن ك ان لبعض ه ذه الق رارات
إجراءات معينة للتظلم منها نصت عليها القوانين واللوائح المختلفة.
ومن جهة أخرى ،وعلى مستوى الرقابة يتولى مجلس الش ورى العم اني في أداء وممارس ة ص الحيات
الرقابة بمجموعة من الوسائل واألدوات و اآلليات البرلمانية ،في هذا اإلط ار يض م مجلس الش ورى حالي ا
من 85عضوا يمثلون واليات السلطنة و ينتخبون مرة كل أربعة أعوام تبتدأ من تاريخ أول اجتماع له يلي
افتتاح جاللة السلطان لمجلس عمان لفترته الجديدة.
و عن تمثيله للواليات يتكون مجلس الشورى العماني من ممثليه لواليات السلطنة ينتخبون بعد أن تق وم
كل والية بانتخاب اثنين من مرشحيها إذا كان عدد س كانها يتج اوز ثالثين أل ف نس مة من ت اريخ فتح ب اب
الترشيح أو انتخاب مرشح واحد إذا كان ع دد س كانها ال يتج اوز ثالثين أل ف نس مة ،وذل ك وفق ا خط وات
ومراحل حددتها الالئحة التنظيمية النتخاب المجالس.
وتتولى لجنة عليا تتمتع باالستقاللية والحي اد برئاس ة أح د ن واب رئيس المحكم ة العلي ا اإلش راف على
انتخابات مجلس الشورى والفصل في الطعون االنتخابي ة ،وي بين الق انون طريق ة تش كيلها واختصاص اتها
ونظام عملها .ويعلن وزير الداخلي ة نت ائج االنتخاب ات ويك ون من حص لوا على أك بر ع دد من األص وات
ممثلين لوالياته في المجلس ،كما يصدر تض ييق الوالي ات وفق ا لع دد س كانها في بي ان من وزي ر الداخلي ة
وبالتنسيق مع الجهات المعنية وفقا لما جاء في المرسوم السلطاني رقم 25لعام .2000
وعن الترشيح لعضوية مجلس الشورى بسلطنة عمان يحق للمواطنين العمانيين رجاال ونس اء الترش يح
بشروط أهمها:
أن يكون المرشح عماني الجنسية بصفة أهلية طبق ا للق انون ،وأال تق ل س نه قب ل فتح ب اب
الترش يح عن ثالثين س نة ميالدي ة ،وأال يق ل مس تواه التعملي عن ثالثين س نة ميالدي ة ،وأال يق ل
مستواه العلمي عن دبل وم التعليم الع ام (الثانوي ة العام ة) ،وأال يك ون ق د س بق الحكم علي ه نهائي ا
471
بعقوبة جناية أو في جريمة مخل ة بالش رف أو األمان ة ول و رد إلي ه اعتب اره ،وأن يك ون مقي دا في
السجل االنتخابي؛
يشترط في المرشح لعضوية مجلس الشورى بسلطنة عمان كذلك أال يكون منتسبا إلى أي
جهة أمنية أو عسكرية وأال يكون محكوما علي ه بحكم قض ائي ،وأال يك ون مص ابا بم رض عقلي،
ويجوز لمن انتهت فترة عضويته الترشح ثانية لعضوية المجلس.
ه ذا و ينتخب رئيس مجلس الش ورى من بين أعض اء المجلس ب االقتراع الس ري المباش ر وباألغلبي ة
المطلقة ،ولرئيس المجلس نائب ان يتم انتخابهم ا من بين أعض اء المجلس ،كم ا يتم انتخ اب أعض اء مكتب
مجلس الش ورى .وال يج وز إس قاط العض وية عن عض و مجلس الش ورى إال إذا فق د أح د الش روط ال تي
انتخب على أساسها أو أقل بواجبات عضويته أو فقد الثقة واالعتب ار وتس قط العض وية بق رار من المجلس
بأغلبية ثلثي أعضائه.
أوال :دراسة التشريعات والقوانين الوطنية النافذة ومالئمتها مع مب ادئ وقواع د االتفاقي ات والمعاه دات
الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان المصادق عليها في السلطة العمانية ،وكذا اقتراح التع ديالت الالزم ة ل ذلك
وفقا للدستور العماني.
ثانيا :دراسة كل ما يح ال إلى اللجن ة من موض وعات أخ رى ي رى المجلس أو رئيس المجلس إحالته ا
إليها ورفع تقاريرها إلى المجلس بشأنها.
ثالثا :تقديم الرأي إلى اللجان المختصة األخرى فيما يتعلق بحقوق اإلنسان.
472
رابعا :متابعة التوصيات والقرارات المحالة من الشعبة البرلمانية التي تصدر عن المؤتمرات البرلمانية
ذات العالقة بحقوق اإلنسان
مجلس النواب ،يضم 395عضوا ينتخبون مباشرة لوالية مدتها خمس سنوات.
مجلس المستشــارين ،يض م 120عض وا ،ينتخب بطريق ة غ ير مباش رة من ممثلي الجماع ات
المحلية ،والمنتخبين في الغرف المهنية ،وممثلي المأجورين؛ ينتخب أعضاؤه لمدة ست سنوات.
أعض اء البرلم ان يس تمدون ني ابتهم من األم ة ،وحقهم في التص ويت ح ق شخص ي ال يمكن تفويض ه،
ويتمتعون بالحصانة البرلمانية.
دورات البرلمان
يعقد البرلمان جلساته أثن اء دورتين في الس نة ،وي رأس المل ك افتت اح ال دورةاألولى ،ال تي تبت دئ ي وم
الجمعة الثانية من شهر أكتوبر ،وتُفتتح الدورة الثانية يوم الجمعة الثانية من شهر أبريل.
إذا استمرت جلسات البرلمان أربعة أشهر على األقل في كل دورة ،جاز ختم الدورة بمرسوم.
يمكن جم ع البرلم ان في دورة اس تثنائية ،إم ا بمرس وم ،أو بطلب من ثلث أعض اء مجلس الن واب ،أو
بأغلبية أعضاء مجلس المستشارين.
تعقد دورة البرلمان االستثنائية على أساس جدول أعمال مح دد ،وعن دما تتم المناقش ة في القض ايا ال تي
يتضمنها جدول األعمال ،تُختم الدورة بمرسوم .
473
جلسات مجلسي البرلمان عمومية ،وينشر محضر مناقشات الجلسات العامة برمته في الجريدة الرسمية
للبرلمان.
لكل من المجلسين أن يعقد اجتماعات سرية ،بطلب من رئيس الحكومة ،أو بطلب من ثلث أعضائه.
جلسات لجان البرلمان سرية ،ويحدد النظام الداخلي لمجلسي البرلم ان الح االت والض وابط ال تي يمكن
أن تنعقد فيها اللجان بصفة علنية؛
يعقد البرلمان جلسات مشتركة بمجلسيه ،وعلى وجه الخصوص ،في الحاالت التالية :
افتتاح المل ك لل دورة التش ريعية في الجمع ة الثاني ة من ش هر أكت وبر ،واالس تماع إلى الخطب
كما يمكن لرئيس الحكومة أن يطلب من رئيسي مجلسي النواب والمستشارين عق د اجتماع ات مش تركة
للبرلمان ،لالستماع إلى بيانات تتعلق بقضايا تكتسي طابعا وطنيا هاما.
تنعقد االجتماعات المش تركة برئاس ة رئيس مجلس الن واب ،ويح دد النظ ام ال داخلي للمجلس ين كيفي ات
وضوابط انعقادها .
عالوة على الجلسات المشتركة ،يمكن للجان الدائمة للبرلمان ،أن تعق د اجتماع ات مش تركة لالس تماع
إلى بيان ات تتعل ق بقض ايا تكتس ي طابع ا وطني ا هام ا ،وذل ك وف ق ض وابط يح ددها النظام ان ال داخليان
للمجلسين .
يضع كل من المجلسين نظامه الداخلي ويقره بالتصويت ،إال أنه ال يجوز العم ل ب ه إال بع د أن تص رح
المحكمة الدستورية بمطابقته ألحكام هذا الدستور.
سلط البرلمان
يصوت البرلم ان على الق وانين ،وي راقب عم ل الحكوم ة ،ويقيم السياس ات العمومي ة (الفص ل 70من
الدستور) .
474
فيما يخص الجانب التشريعي يحدد الدستور مجال القانون حيث يقتسم رئيس الحكوم ة وأعض اء
البرلمان المب ادرة التش ريعية ،وفي حال ة ال نزاع بينهم ا يتم اللج وء إلى المحكم ة الدس تورية .ول رئيس
الحكومة وألعضاء البرلمان على السواء حق التقدم باقتراح القوانين.
تودع مشاريع القوانين الحكومية باألسبقية لدى مكتب مجلس الن واب م ا ع دا تل ك المتعلق ة بالجماع ات
الترابي ة والتنمي ة الجهوي ة والقض ايا اإلجتماعي ة ال تي توض ع ب دورها باألس بقية ل دى مكتب مجلس
المستشارين .ويخصص يوم واحد على األقل في الشهر لدراسة مقترحات القوانين ،ومن بينها تلك المقدم ة
من طرف المعارضة.
وتحال مشاريع ومقترحات القوانين على اللجان المعنية بالمجلس قصد مناقشتها والمصادقة عليه ا .بع د
ذلك تتم دراستها والتص ويت عليه ا في الجلس ات العام ة ليتم إحالته ا على مجلس المستش ارين .وفي ح ال
وجود اختالف بين الصيغة التي صادق عليه ا ك ل من المجلس ين يع ود لمجلس الن واب التص ويت النه ائي
على النص الذي تم البث فيه.
وفيما يخص الجانب الرقابي يمكن للجان الدائمة المعنية بمجلسي البرلمان أن تطلب االس تماع
إلى مس ؤولي اإلدارات والمؤسس ات والمق اوالت العمومي ة ،بحض ور ال وزراء المعن يين،
تحت مسؤوليتهم.
كما يمكن للمجلسين أن يشكال لجانا مؤقتة لتقصي الحقائق تقوم بإيداع تقارير حول الوق ائع ال تي أقيمت
ألجلها لمناقشتها خالل جلسات عامة والبث فيها ،كما يمكن عند االقتضاء إحالة هذه التق ارير على القض اء
من طرف رئيس المجلس المعني.
تخصص بمجلسي البرلمان جلسة عمومي ة أس بوعية لألس ئلة الش فهية وأجوب ة الحكوم ة عليه ا ،وتق دم
األجوبة على األسئلة المتعلق ة بالسياس ة العام ة من قب ل رئيس الحكوم ة ،وتخص ص له ذه األس ئلة جلس ة
واحدة كل شهر .وتسمح األسئلة الكتابية للنواب بمتابعة القضايا ذات الطابع المحلي.
يعرض رئيس الحكومة أمام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل الحكوم ة ،وتخص ص جلس ة س نوية من
قبل البرلمان لمناقشة السياسات العمومية وتقييمها.
وفي ظل الدستور الجدي د فق د أص بحت مجموع ة من المؤسس ات والهيئ ات الدس تورية ملزم ة بتق ديم
تقرير عن أعمالها مرة واحدة في السنة على األقل ،والذي يكون موضوع مناقشة من قبل البرلمان.
475
مصطلح "البرلمان "parlementمشتق من الكلمة الفرنسية " "parlerأي "تكلم" وبالتالي ف إن ال دور
األصلي للبرلمان هو مناقشة القضايا التي تواجه المجتمع ،وتحديد القواعد التي يعيش بها المواطنين.
وفقا للدستور المغربي (المادة ،)70البرلمان مسؤول أيضا عن "[ممارس ة] الس لطة التش ريعية" ،مم ا
يعني أنه يسن القوانين باإلضافة إلى "التص ويت على تط بيق الق وانين" ،ينص الدس تور على أن البرلم ان
"يراقب عمل الحكومة ويقيم السياسات العمومية ".بعبارة أخرى ،البرلمان هو تقييم أثر السياسات المعتمدة
من طرف الحكومة و وزاراتها ،و تقييم أدائهن في تنفيذ هذه السياسات.
البرلمانات لديها عدد من الق وى ال تي يمكن أن ت ؤثر بش كل مباش ر على حي اة المواط نين .وهن ا بعض
الطرق التي يمكن للنائب(ة) أن ت/يمثلك عن طريقها:
تع ديل الق وانين قب ل دخوله ا ح يز التنفي ذ .في المغ رب ،تق ترح الحكوم ة معظم الق وانين ،ولكن يك ون
للبرلمان فرصة تعديلها .هل توافق على قانون السير؟ قد يكون لممثلك فرصة لتعديل هذا القانون في المرة
القادمة التي يتم فيها مراجعته.
الموافقة على القوانين قبل دخولها حيز التنفيذ .إال إذا صدر مرسوم من قبل الملك ،يجب أن يتم االتف اق
على جميع القوانين من قب ل البرلم ان .ه ذا يع ني أن ممثل ك في البرلم ان لدي ه فرص ة للتص ويت على أي
قانون تتم مناقشته .هل أنت مهتم بش أن مش روع ق انون التعليم ال ذي ق رأت عن ه في الص حف؟ يمكن ك ان
تطلب من ممثلك كيف يعتزم التصويت لهذا القانون وبالتالي إسماع صوتك.
مساءلة الوزارات حول الكيفي ة ال تي يتم به ا تنفي ذ السياس ات .ممثل ك لدي ه الق درة على ط رح األس ئلة
الش فوية على ال وزراء ك ل ي وم أربع اء خالل ال دورة التش ريعية (وعلى رئيس الحكوم ة م رة واح دة في
الشهر) .يمكن له أن يطرح أيضا أسئلة كتابي ة في أي وقت من الس نة .يمكن لألس ئلة الش فوية والكتابي ة أن
تكون وسيلة فعالة لمعرفة المزيد عن الكيفية ال تي يتم به ا تنفي ذ الق وانين والتأك د من أن الحكوم ة تس تخدم
األموال العامة بمسؤولية .هل تتساءل لماذا يفتقر مستش فى منطقت ك لألدوي ة الكافي ة؟ يمكن ك ان تطلب من
ممثلك استفسار وزارة الصحة حول هذا الموضوع.
تشكيل لجنة تحقيق .مثال االحتجاجات التي شهدتها س يدي إف ني و االض طرابات ال تي وقعت في مدين ة
العيون؟ فالبرلمان لديه صالحية تشكيل لجان تحقيق لمعالجة أي قضية ليست قيد التحقيق الجنائي .إذا كنت
تعرف قضية تحتاج الى التحقيق ،يمكنك اعالم ممثلك بها.
رفع الوعي حول قضية تواج ه ال دائرة االنتخابي ة .هن اك العدي د من القض ايا ال تي ال يمكن أن يعالجه ا
النواب بص فتهم أعض اء في البرلم ان .الن واب ال يمكنهم إص الح اإلن ارة أو تبلي ط الش ارع -ه ذه وظيف ة
476
البلديات المحلية .مع ذل ك ،عن دما يث ير م واطن قض ية تهم الش أن الع ام ،يمكن للن ائب أن يس تخدم موقع ه
للمساعدة في رفع الوعي حول تل ك القض ية .للعدي د من الن واب عالق ات م ع وس ائل اإلعالم والمس ؤولين
المحليين ،كما لهم القدرة على تشجيع النقاش أو ايجاد حل لقضية معينة باستخدام هذه القنوات.
اإلدالء بملتمس الرقاب ة أو رفض الثق ة للحكوم ة .يمكن له ذا أن يح دث مثال لم ا تك ون مردودي ة أو
نشاطات قسم وزاري أو حتى الحكومة محل تساؤل.
أين يمكنني ايجاد المزيد من المعلومات حول صالحيات البرلمان و أدوار النواب؟
يخضع دور مجلس النواب في النظام السياسي المغربي وكيفية ممارس ة الن واب لص الحياتهم للدس تور
والنظام الداخلي لمجلس النواب .من بين المواد الدستورية ذات الصلة بصالحيات البرلمان مايلي:
يعد االحتفال بالذكرى الخمسينية إلحداث البرلمان المغربي فرصة مواتية لتقييم الدور الذي يضطلع ب ه
البرلمان في صناعة التشريع والوقوف عند مساهمته في ترسيخ و حماي ة حق وق اإلنس ان ومقارب ة الس بل
والصيغ التشريعية القادرة على تحويل إشارات ومضامين التحول الديموقراطي بالمغرب ،نحو دولة الحق
والمؤسسات بواسطة قوانين وطنية تتفاعل مع طموحات جميع المكونات السياسية والحقوقية بالمغرب.
477
أوال :الضمانات الدستورية لحماية الحقوق األساسية والحريات العامة
إن مكان ة منظوم ة حق وق اإلنس ان في النس ق السياس ي المغ ربي المعاص ر دفعت بالدول ة إلى تعزي ز
ضمانات احترام حقوق اإلنسان من خالل الدستور الجديد .ذلك أن تعهد المغرب بحقوق اإلنس ان كم ا هي
متعارف عليها عالميا يؤكد اعترافا ص ريحا بالتزاماته ا باالتفاقي ات والمعاه دات الدولي ة المتعلق ة بحماي ة
حقوق اإلنسان ،وبأنها تشكل جزءا ال يتجزأ من التشريع المغربي .لذلك فترسيخ حماية حق وق اإلنس ان في
تصدير الدستور لسنة 2011873هو بمثابة إعالن عن إدراج حماية حقوق اإلنسان ضمن الثوابت األساس ية
التي يقوم عليها النظام السياسي المغ ربي .كم ا ه و الش أن بالنس بة لل دعامات األخ رى كاإلس الم والملكي ة
الدستورية والوحدة الترابية.
فاإلقرار بالتشبث بحماية حقوق اإلنسان كما هي متعارف عليه ا في ديباج ة الدس تور م ا ه و إال تعب ير
حقيقي عن اإلرادة السياسية للدولة في توطيد اح ترام الحق وق والحري ات للم واطن .ه ذا و تمث ل مرجعي ة
الدستور في حد ذاتها دعامة أساسية لحماية حقوق اإلنسان على المستوى الوطني ،كما شكلت تعبيرا قوي ا
عن الطابع العالمي والبعد الكوني لحق وق اإلنس ان ألن الدول ة تتعه د وتض ع على عاتقه ا التزام ات دولي ة
مرتبطة بضمان االحترام العالمي لحقوق اإلنسان واالعتراف بالكائن البش ري كمح ور للحق وق المتس اوية
اللصيقة بالكرامة اإلنسانية.
في اإلطار يالح ظ اتس اع دائ رة الحق وق األساس ية والحري ات العام ة المعني ة بالحماي ة الدس تورية في
،ال ذي أورد 11فص ال 874
الوثيقة الدستورية ل 2011التي تتضمن 21فصال مقارنة م ع دس تور 1996
كما نص الدستور المغربي الحالي على ضمانات جديدة لحماية حقوق اإلنسان منها:
المساواة في الحقوق إذ يتمت ع الرج ل والم رأة على ق دم المس اواة من الحق وق والحري ات
السياسية ،المدنية ،االجتماعية ،الثقافية ،البيئية وغيرها875؛
الح ق في الس المة الشخص ية وذل ك من خالل منح ك ل ف رد الح ق في س المة شخص ه
وأقربائه876؛
عدم التمييز في الحقوق وذلك من خالل مكافحة كل أش كال التمي يز بس بب الجنس والل ون
أو المعتقد أو الثقافة أو االنتماء االجتماعي أو الجه وي أو اللغ ة أو اإلعاق ة أو أي وض ع شخص ي
مهما كان؛
- 873ظهير شريف رقم 1.11.91صادر في 27شعبان 29( 1423يوليوز )2011بتنفيذ نص الدستور ،الجريدة الرسمية ع$$دد 5964مك$$رر
الصادرة بتاريخ 28شعبان 1432الصفحة3600 :
- 874ظه$$ير ش$$ريف رقم 1.96.157الص$$ادر في 23من جم$$ادى األولى 7( 1417أكت$$وبر )1996بتنفي$ذ $نص الدس$$تور المراج$$ع ،الجري$$دة
الرسمية عدد 4420بتاريخ 26من جمادى األولى 10( 1417أكتوبر )1996الصفحة2281 :
- 875انظر الفصل 20من الدستور لسنة 2011
876
راجع الفصل 21من الدستور لسنة - 2011
478
الحق في الحياة وهو أول الحقوق لكل إنسان إذ يحمي القانون هذا الحق؛
الحق في عدم التعرض للتعذيب أو المعاملة القاسية أو اإلنسانية أو المهنية فال يجوز ألحد
أن يعامل الغير تحت أي ذريعة معاملة قاسية أو ال إنسانية أو مهنية؛
الحق في المساواة أمام القانون إذ يعد الق انون ه و أس مى تعب ير عن إرادة األم ة والجمي ع
أشخاصا ذاتيين واعتبارين بما فيهم السلطات العمومية متساوون أمامه وملزمون باالمتثال له؛
الحق في عدم الخضوع لالعتقال التعسفي وهنا ال يجوز إلق اء القبض على أي ش خص أو
اعتقاله أو المتابعة أو إدانت ه إال في الح االت وطبق ا لإلج راءات ال تي ينص عليه ا الق انون وم تى
أخطر الجرائم وتعرض مقترفيها ألقسى العقوبات؛
الحياة الخاصة وحرمة المنازل وسرية المراسالت فلك ل ش خص الح ق في حماي ة حيات ه
الخاصة ،وال تنتهك حرمة المنازل وال يمكن القيام بأي تفتيش إال وفق الشروط واإلج راءات ال تي
ينص عليها القانون وال تنتهك سرية االتصاالت الشخصية كيفما كان شكلها؛
الح ق في الحص وص على المعلوم ة ،إذ للمواطن ات والمواط نين ح ق الحص ول على
المعلومات الموج ودة في ح وزة اإلدارة العمومي ة والمؤسس ات المنتخب ة والهيئ ات المكلف ة بمه ام
المرفق العام.
هذا و ينص الدستور الجديد على االع تراف باألمازيغي ة والحس انية والرواف د اإلفريقي ة
واألندلسية والعبري ة والمتوس طية وعلى حماي ة الحق وق الفئوي ة الس يما حق وق النس اء واألمه ات
واألطفال واألشخاص المسنين وذوي االحتياجات الخاصة.
ثانيا :تنزيل الوثيقة الدستورية وتكريس سمو المواثيق الدولية على التشريعات الوطني
إن المغرب يأخذ مرجعية تعامله وسلوكه في مجال حماية وتعزيز حقوق اإلنس ان من المواثي ق الدولي ة
التي التزمت باحترام وتطبيق مقتضياتها كماهي متعارف عليها عالميا في تصدير الدستور .ومن تم فإدماج
المعايير الدولي ة لحق وق اإلنس ان في التش ريع الوط ني ومالئم ة الق انون ال داخلي لقواع د الق انون ال دولي
يتناسب مع تعهد المغرب بااللتزام باحترام حقوق اإلنسان حتى ال تسقط في مسألة التعارض بين مقتضيات
قانونية دولية وأخرى وطنية في مجال حماية الحقوق المتأصلة للمواطنين المغاربة.
ويندرج في إطار التعهد بحماية حق وق اإلنس ان في الوثيق ة الدس تورية الحالي ة ،قي ام الحكوم ة الحالي ة
بتنزيل المقتضيات الدستورية في مجموعة من التشريعات الوطني ة ال تي تأخ ذ بمرجعي ة المع ايير الدولي ة
للحريات العامة والحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية ،وتفعي ل دور القض اء كس لطة مس تقلة
تضمن العدالة االجتماعية وتعزيز ودعم حقوق اإلنسان وحمايتها من تعسفات اإلدارة.
479
إن كونية حقوق اإلنسان الواردة في تصدير الدستور هي فكرة يرتبط إنجازها بوضع تش ريعات وطني ة
لحماية هذه الحقوق وإنشاء آليات قانونية ومؤسساتية لتنفيذها ،بل تمت شروط أساس ية تق وم على ض رورة
خلق وعي مجتمعي بحقوق اإلنسان وهذا يتأتى بوجود مؤسسة تشريعية فعالة تضمن تعزيز حماي ة حق وق
اإلنسان وعدم المساس بها.
ومن جهة أخرى فإن تفعيل البرلم ان المغ ربي للمب دأ الدس توري المتعل ق بس مو المع ايير الدولي ة على
التشريع الوطني هو الخطوة الرئيس ية لترس يخ فك رة كوني ة حق وق اإلنس ان،ل ذا فتنمي ة القيم والس لوكيات
المتعلقة بحماية حقوق اإلنسان يجب أن تدفع المؤسسة التشريعية إلى تحمل مس ؤولية ض مان ه ذه الحق وق
المنصوص عليها في االتفاقيات الدولي ة ال تي ص ادقت عليه ا المملك ة المغربي ة ،وال ذي سيفض ي في ذات
الوقت إلى تحويل االعتراف بمبدأ كونية الحقوق األساسية والحريات العامة إلى واقع عملي بإرساء دع ائم
الحماية التشريعية لحقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها عالميا كونيا ،فضمان كونية حقوق اإلنسان يق وم
أساسا على المؤسسة البرلمانية التي تعم ل على وض ع ق وانين تتالءم م ع المع ايير الدولي ة وترص د تنفي ذ
مقتضياتها والتحقيق في انتهاكات حقوق اإلنسان في مجال اختصاصها.
إن الهدف من وضع معايير دولية لتطبيق حقوق اإلنسان هو تأصيل فكرة كونية حقوق اإلنسان وتجاوز
قيود السيادة الوطنية ،إذ تتعهد الدول أمام المجتمع الدولي ،من خالل مصادقتها على مجموعة من المواثيق
الدولية على تعزيز واحترام مبادئ حقوق اإلنسان واالمتثال للمع ايير الدولي ة لتحقي ق المس توى المطل وب
إنجازه في مجال الحريات العامة والحق وق األساس ية للك ائن البش ري .ومن جه ة أخ رى فوض ع المع ايير
الدولية في مجال حقوق اإلنسان ليس المقصود منه هو فرض القواعد الدولي ة على الدول ة ،فتتم إس اءة فهم
أولوية القانون الدولي على الوطني ،إن األمر ال يرتبط بمساس النظام الداخلي وإنما ه و تعب ير عن تناس ق
في الممارسة القانونية للدولة.
هذا و يعد الحديث عن الخصوصية فيم ا يخص تع ارض الق انون ال دولي والق انون ال داخلي في مس ألة
حقوق اإلنسان مسألة مخالفة للصواب ألنهما أصال ال يوجدان في نفس المرتب ة ،وال يتمتع ان بنفس القيم ة
حتى يتعارضان وإنما العالقة التي ترتب ط بينهم ا هي عالق ة الخض وع ال تي تحكم التش ريع الوط ني تج اه
المعايير الدولية لحقوق اإلنسان وهذا هو السبب الذي جعل القاعدة الدولية ،قاعدة آمرة ال يج وز نقص ها أو
تعديلها إال بقاعدة لها نفس القيمة القانونية ما دامت هي األصل في التدرج.
480
بعد وقوفنا على دور المؤسسة التشريعية بالمغرب في حماية الحقوق السياسية ،وكذا ال دور ال ذي لعب ه
مجلس الشورى بسلطنة عمان في النهوض ب الحقوق السياس ية فال ب د من الح ديث والترك يز على األهمي ة
والدور للمؤسسات الوطنية في هذا المجال.
في القض ايا المتعلق ة بال دفاع عن حق وق اإلنس ان والحري ات وحمايته ا ،وبض مان ممارس تها الكامل ة
والنهوض بها وبصيانة وكرامة حقوق وحريات المواطنات والمواطنين أفرادا وجماعات ،وذلك في نط اق
الحرص التام على احترام المرجعيات الوطنية والكونية في هذا المج ال(.المطلب الث اني) ،في مقاب ل ذل ك
تسعى اللجنة الوطنية العمانية لحقوق اإلنسان منذ تأسيها إلى العمل بكل جهد نحو تحقيق الرؤية الص حيحة
وتوجي ه الرس الة الواض حة لحق وق اإلنس ان ،وذل ك لم يكن ليتحق ق ل وال تض افر جه ود
أعض اء اللجن ة والمنتس بين إليه ا من أطره ا المدرب ة على العم ل الحق وقي ك ل في اختصاص ه (المطلب
األول).
لق د حرص ت حكوم ة س لطنة عم ان تحت القي ادة الحكيم ة لص احب الجالل ة الس لطان ق ابوس بن
سعيد حفظه هللا منذ انطالق ة النهض ة العماني ة ع ام 1970م والى الي وم على تحس ين أوض اع مواطنيه ا،
وتطوير النظام بما يتوافق مع تحقيق مصالحهم وصون حقوقهم ،وتحقي ق رؤاه ا في توف ير حي اة كريم ة
وتحقيق مبدأ العدالة والمساواة ، ففي خطابه بمناسبة العيد الوطني الثالث في 18/11/1973م أش ار إلي "
إن المواطن العماني هو المقصود بحق العيش الكريم على تراب أرض ه راف ع ال رأس موف ور الكرام ة في
ظل العدالة اإلجتماعية المنبثقة من التعاليم اإلسالمية السمحاء " .وتعد القضايا المتعلقة بحقوق اإلنسان من
أهم القضايا المطروحة على مستوى الحوار العالمي ,ويع نى به ا الع الم بأس ره :ألنه ا تمس كي ان ش عوبه
المختلفة ,لذا أخذت األمم المتحدة على عاتقها إرساء بنود المعاهدات واإلتفاقيات الدولية التي تحقق أهداف
ترسيخ مبادئ حقوق اإلنس ان وحريات ه األساس ية ,وتفعيله ا على المس تويين ال داخلي والخ ارجي في دول
العالم المختلفة .ومن أهم الوس ائل ال تي تحق ق به ا األمم المتح دة تل ك الرؤي ة هي دع وة ال دول الى إنش اء
المؤسسات الوطنية المعنية بحقوق اإلنسان لتكون رافدا لتجارب ال دول في تفعي ل بن ود اإلتفاقي ات الدولي ة
لحقوق اإلنسان وفق منهجيات حكوماتها ، وتشجيع التع اون بينه ا ، وتنظيم ملتقي ات يتم من خالله ا تب ادل
الخبرات والتجارب والعمل المشترك .ومن ثمرات تلك الجهود في السلطنة إنش اء اللجن ة العماني ة لحق وق
اإلنسان لتكون آلي ة لتحقي ق ذل ك اإلهتم ام بحق وق اإلنس ان العم اني والمقيمين على أرض الس لطنة .حيث
أنش أت اللجن ة بم وجب المرس وم الس لطاني رقم 124اع ام 2008م ، وح دد المرس وم أحك ام اللجن ة
وإختصاص اتها ، وآلي ة تش كيلها وهيكله ا .وح ددت الم ادة األولى من المرس وم الس لطاني رقم 10لع ام
481
2010م أعض اء اللجن ة ،وتمثيله ا لمختل ف المؤسس ات الحكومي ة وغ ير الحكومي ة وش رائح المجتم ع
المختلف ة .وبن اء على ذل ك تتك ون اللجن ة من أربع ة عش ر عض وا يمثل ون :مجلس الدول ة ،مجلس
الشورى ،غرفة تجارة وصناعة عمان ،اإلتحاد العام لعمال سلطنة عمان ،عضو من الع املين في مج ال
الق انون ،ثاللث ة أعض اء من الجمعي ات األهلي ة ، وممثلين عن وزارة الخارجي ة والداخلي ة والتنمي ة
اإلجتماعية والعدل والقوى العاملة والخدم ة المدني ة .وج اءت الم ادة الس ابعة من المرس وم الس لطاني رقم
124لعام 2008محددة الختصاصات اللجنة وهي اآلتي:
متابعة حماية حقوق اإلنسان وحرياته في السلطنة وفقا للنظام األساسي للدول ة ،والمواثي ق واالتفاقي ات
الدولية.
رصد ما قد تثيره الحكومات األجنبية والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومي ة من مالحظ ات في
مجال حقوق اإلنسان في السلطنة والتنسيق مع الجهات المعنية للتحقق منها والرد عليها.
تقديم المشورة للجهات المعنية في الدولة في المسائل المتعلقة بحقوق اإلنس ان وحريات ه والمس اهمة في
إعداد التقارير التي تتناول هذه المواضيع.
رصد أية مخالفات أو تجاوزات متعلقة بحقوق اإلنسان في الدولة والمساعدة في تسويتها وحلها.
اق تراح خط ة س نوية تتض من الت دابير الوطني ة الالزم ة لنش ر ثقاف ة حق وق اإلنس ان ،ورفعه ا لمجلس
الوزراء لالعتماد ،ومن ثم التنسيق مع جهات االختصاص لضمان حسن تنفيذها.
و أخيراً هي تعمل كجسر بين الحكومة و المجتمع بما في ذلك مؤسسات المجتمع المدنيمن كلم ة جالل ة
السلطان ق ابوس بن س عيد المعظم في إفتت اح الف ترة الخامس ة لمجلس عم ان لع ام 2011م وذل ك بحص ن
الشموخ بوالية منح بمحافظة الداخلية ’’ .لقد أكدنا دائما اهتمامنا المستمر بتنمية الموارد البش رية وذكرن ا
أنها تحظى باألولوية القصوى في خططنا وبرامجنا فاإلنسان هو حج ر الزاوي ة في ك ل بن اء تنم وي وه و
قطب الرحى الذي ت دور حول ه ك ل أن واع التنمي ة إذ إن غايته ا جميع ا هي إس عاده وتوف ير أس باب العيش
الكريم له وضمان أمنه وسالمته
ته دف اللجن ة الوطني ة العماني ة لحق وق اإلنس ان إلى إنش اء منظوم ة حكومي ة ومجتمعي ة مبني ة على
المساواة وتطبيق القانون والعدالة بين أفراد المجتم ع وف ق م ا ج اء في النظ ام األساس ي للدول ة والق وانين
والتشريعات في السلطنة واالتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وقعتها السلطنة.
482
وعلي ه تس عى اللجن ة إلى المش اركة في األنش طة المختلف ة ال تي تق ام في أوس اط المجتم ع الم دني
والتنسيق مع الجهات الحكومية وغير الحكومية المختلف ة في مختل ف المج االت إذ تكمن المهم ة الرئيس ية
للجنة في حماية حقوق اإلنسان في السلطنة من خالل بناء جسر التواصل بين المجتمع المدني والحكومة.
المطلب الثاني :دور المجلس الوطني لحقوق اإلنسان المغربي في حماية الحقوق السياسية
المجلس الوطني لحقوق اإلنس ان في المغ رب يعتم د باألس اس على المؤسس ات الوطني ة التابع ة للجن ة
التنسيق الدولية ( ،)ICCأي في االمتثال الكامل لمبادئ ب اريس (المع ايير الدولي ة ال تي اعتم دتها الجمعي$ة
العامة لألمم المتحدة في عام 1993 في إطار عم ل المؤسس ات الوطني ة لحق وق اإلنس ان على نط اق واس ع
باعتبارها مصدر الشرعية والمصداقية) .أما وظيف ة المؤسس ة فهي رس م تق ارير س نوية عن حال ة حق وق
اإلنسان أو إصدار التقارير الخاصة برصد أماكن الحرمان من الحرية ،كم ا تعم ل على معالج ة الش كاوى
والتحقي ق في انتهاك ات حق وق اإلنس ان ،باإلض افة إلى المش ورة بش أن مواءم ة التش ريعات الوطني ة م ع
االتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان كما تجري دراسات وقضايا الفتاوى وم ذكرات بش أن المس ائل المتص لة
بحقوق اإلنسان وما إلى ذلك.
يتضمن المجلس 13من اللجان اإلقليمية لحق وق اإلنس ان وال تي أنش ئت به دف رص د أوض اع حق وق
اإلنسان في مناطق مختلفة من المغرب .هذه اللجان يمكن أن تتلقى وتعالج الشكاوى كما من شأنها التحقي ق
في انتهاكات حق وق اإلنس ان .ه ذا باإلض افة إلى تنفي ذ ب رامج ومش اريع المجلس من أج ل تعزي ز حق وق
اإلنسان ،بالتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين.
للمجلس الوطني لحقوق اإلنسان أيضا مهمة تعزيز القانون اإلنساني ال دولي ،حيث يس اهم في الت دريب
والتوعية وتطوير التعاون والشراكات مع اللجنة الدولية للصليب األحمر وجمي ع الهيئ ات المعني ة من قب ل
القانون اإلنساني الدولي.
يمكن للمجلس الوطني لحقوق اإلنس ان في المغ رب أيض ا متابع ة تنفي ذ االتفاقي ات الدولي ة ال تي يك ون
المغرب طرفا فيها وتوصيات هيئات المعاهدات.
483
يعد المجلس الوطني لحقوق اإلنس ان بمثاب ة مؤسس ة دس تورية وطني ة لحق وق اإلنس ان ،تت ولى حماي ة
الحقوق والحريات والنهوض به ا وتتب ع م دى اح ترام حق وق اإلنس ان ورص د أوض اعها على الص عيدين
الوط ني والجه وي في نط اق الدس تور ووفق ا لاللتزام ات الدولي ة للمملك ة المغربي ة في مج ال الحق وق
والحريات وانسجاما مع قواعد باريس الناظمة للمؤسسات الوطنية لحقوق اإلنسان.877
وقد شكل ظهير فاتح مارس 878 2011المتعلق بإحداث هذه المؤسسة ،بما يس تند علي ه من أس باب وم ا
يفيد يه من مرجعي ات وم ا يتض منه من مقتض يات وم ا يوكل ه إلى المجلس من مه ام وص الحيات محط ة
تشريعية هامة وفي ذات الوقت مكسبا حقيقيا لقضية حقوق اإلنسان في كافة أبعادها في بالدنا.
وانطالقا من ذلك يمكن التساؤل عن دور المجلس الوطني المغربي في حماية حقوق اإلنسان؟
يم ارس المجلس الوط ني لحق وق اإلنس ان ب المغرب أدوارا واختصاص ات في ك ل القض ايا العام ة
والخاصة ،المتصلة والمرتبطة بحماية واحترام حقوق اإلنسان والنهوض به ا ض مانا لحري ات المواطن ات
والمواطنين سواء أفرادا أو جماعات.
ألج ل ذل ك يس هر المجلس الوط ني على رص د وتتب ع ومراقب ة جمي ع أوض اع حق وق اإلنس ان على
الصعيدين الوطني والجهوي ،وقد أكدت المادة الرابع ة من الفص ل األول من الب اب األول من ظه ير ف اتح
مارس ،2011على أن المجلس الوطني يقوم برص د انتهاك ات حق وق اإلنس ان ب المغرب وعلى إث ر ذل ك
يجوز للمجلس إجراء كل التحقيقات والتحريات الالزمة بشأنها كما توفرت لديه معلومات مؤك دة وموث وق
منها حول حصول هذه االنتهاكات مهما كانت طبيعتها أو مصدرها.
وفي هذا اإلطار ينجز المجلس تقارير تتضمن خالصات ونتائج الرصد أو التحقيق ات والتحري ات ال تي
قام بها ويتولى رفعها إلى الجهة المختصة مشفوعة بتوصياته لمقاربة ومناقشة االنتهاكات الم ذكورة وعن د
االقتضاء يخبر األطراف المعنية بالتوصيات االزمة.
ومن المهام التي يقوم بها المجلس الوط ني لحماي ة حق وق اإلنس ان أن ه ينظ ر في جمي ع ح االت خ رق
حقوق اإلنسان ،إما بمبادرة منه أو بناءا على ش كاية ممن يع نيهم األمر .879وفي ه ذه الحال ة يتلقى المجلس
الشكايات ذات الصلة وذلك بعد دراستها ومعالجته ا وتتب ع مس ارها وتق ديم توص يات بش أنها إلى الجه ات
المختصة.880
- 877المجلس الوطني لحقوق اإلنسان "منشورات المجلس الوطني لحقوق اإلنسان" مطبعة المعارف الجديدة – الرباط ،2012 -الصفحة5 :
- 878ظه$$ير ش$$ريف رقم 1.11.19الص$$ادر في 25من ربي$$ع األول ،1432ف$$اتح م$$ارس 2011بإح$$داث المجلس الوط$$ني لحق$$وق اإلنس$$ان،
الجريدة الرسمية عدد 5922بتاريخ 27ربيع األول 3( 1432مارس .)2011
- 879انظر الم$$ادة 4والم$ادة 5من ظه$$ير الش$ريف رقم 1.11.19الص$ادر في 25ربي$ع األول 1432بش$أن إح$$داث المجلس الوط$$ني لحق$وق
اإلنسان.
- 880تجدر اإلشارة إلى أنه في الحالة التي يتبين للمجلس أن الشكاية المعروضة عليه تدخل في اختصاص المؤسس$$ة المكلف$$ة بتنمي$$ة التواص$$ل بين
المواطن واإلدارة ،يقوم بإحالة الشكاية على المؤسسة المذكورة ويخبر المشتكين المعنيين $بذلك.
484
وفي حالة ما إذا تبين للمجلس أن الشكاية المعروضة عليه تدخل في اختصاص المؤسسة المكلفة بتنمي ة
التواصل بين الم واطن واإلدارة ،يق وم بإحال ة الش كاية على المؤسس ة الم ذكورة يخ بر المش تكين المع نين
بذلك.
ويجوز للهيأة في إطار ممارستها لمهامه ا وأدواره ا أن ت دعو كلم ا اقتض ى األم ر ،ذل ك أن األط راف
المتدخل ة في ك ل ش خص من ش أن ش هادته أن تق دم معطي ات تفي د الهي أة من أج ل االس تمتاع إليهم قص د
استكمال المعلومات والمعطيات حول الشكايات المقدمة له ،أو بمناسبة تعديها التلقائي.
وتؤكد الفقرة الثانية من المادة السادية من ظهير فاتح مارس 2011على أن المجلس يج وز ل ه و بطلب
من اإلدارات والمؤسسات المعنية أن تقدم له تق ارير خاص ة أو بيان ات أو معلوم ات ح ول الش كايات ال تي
يتولى النظر فيها.881
وتبعا ل ذلك ،وبم وجب ظه ير ف اتح م ارس 2011المح دث ل ه توس عت اختصاص ات المجلس الوط ني
لحقوق اإلنسان في مجال الحماية ،إذ باتت والية المجلس الوطني تمتاز مقارنة مع اختصاصاته في السابق
إذ أض حت للمجلس جمل ة من االختصاص ات الجدي دة في مج ال حماي ة الحري ات الفردي ة والجماعي ة
للمواطنات والمواطنين السيما من خالل النص على التدخل االستباقي وك ذا إرس اء االختص اص الجه وي
عبر إحداث 13لجنة جهوية لحماية حقوق اإلنسان عبر تراب المملكة.
وتجدر اإلش ارة إلى المش رع المغ ربي عم ل على تع ديل مقتض يات الظه ير المح دث للمجلس ،وذل ك
بمقتض ى الظه ير الش ريف رقم 1,18,17بت اريخ 22ف براير 2018القاض ي بتنفي ذ الق انون رقم 76,15
المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق اإلنسان.
وفي هذا اإلطار يمارس المجلس الوطني لحقوق اإلنسان مهام الرصد وتدبير الشكايات (الفقرة األولى)
كما له مهمة الوساطة والتحري (فقرة ثانية) مع إعداد التقارير (فقرة ثالثة)
تتمث ل أهم مه ام المجلس الوط ني لحماي ة حق وق اإلنس ان في مراقب ة ورص د أوض اعها س واء على
المستوى الجهوي أو الوطني ،وفي ه ذا اإلط ار تت وفر ك ل لجن ة من اللج ان الس الفة ال ذكر على مص لحة
لحماية حق وق اإلنس ان تض طلع بتتب ع حال ة حق وق اإلنس ان بالجه ة وك ذا معالج ة الش كايات ال واردة من
المواطنين.
- 881المجلس الوطني لحقوق اإلنسان الظهير والنظام الداخلي "منشورات المجلس الوطني لحقوق اإلنسان" ،مطيع$$ة المع$$ارف الجدي$$دة –الرب$$اط-
،2012الصفحة13 :
485
كما يقوم المجلس الوطني في إط ار ممارس ته لمهام ه في مج ال حماي ة حق وق اإلنس ان بزي ارة أم اكن
االعتقال والمؤسسات السجنية ومراقبة أحوال السجناء ومعاملته ،وفي ه ذا اإلط ار توص لت المؤسس ة من
سنة 2011سنة 2017ب 62.627شكاية 9416منه ا واردة من الس جون أو ذات عالق ة به ا بم ا يع ادل
س نويا 1800ش كاية س واء من ل دن الس جناء أو أف راد من أس رهم ( 1.5من الش كايات تتعل ق بادع اءات
التع رض للتع ذيب) كم ا يق وم المجلس ولجان ه بزي ادة الس جون س نويا بمع دل 300زي ارة خالل الس نة
الواحدة.882
وفي مجال حماية حقوق األش خاص في أم اكن س لب الحري ات ،ق ام المجلس الوط ني لحق وق اإلنس ان
بإصدار 4تقارير موض وعاتية به دف تحس ين أوض اع األش خاص في أم اكن س لب حري ة ورفعه ا إلى
السلطات المختصة:
الصحة العقلية وحقوق اإلنسان ،الحاجة الملحة إلى سياسة جديدة؛
أزمة السجون مسؤولية مشتركة 100توصية من أجل حماية حقوق السجناء؛
األطفال في مراكز الحماية طفولة في خطر ...من أجل سياسة مندمجة لحماية الطفل؛
أنشطة الطب الشرعي بالمغرب :الحاجة إلى إصالح شامل.
هي مهام مسندة للمجلس الوطني لحقوق اإلنسان بموجب المادة التاسعة من ظهير 11مارس ،إذ يج وز
للمجلس في إطار المهام المسندة إليه ،وبتنسيق م ع الس لطات العمومي ة المعني ة والمؤسس ة المكلف ة بتنمي ة
التواصل بين المواطن واإلدارة والجمعيات العامل ة في مج ال حق وق اإلنس ان ،أن يت دخل بكيفي ة اس تباقية
وعاجلة ،كلما تعلق األمر بحالة من حاالت التوتر التي قد تفضي إلى انتهاك حق من حقوق اإلنسان بص فة
فردية أو جماعية ،وذلك ببذل كل المساعي الالزم ة وس بل الوس اطة والتوفي ق ال تي يراه ا مناس بة بقص د
الحيلولة دون وقوع االنتهاك المذكور.
وفيما يعلق بتدبير الشكايات ،فالمجلس الوطني لحقوق اإلنسان يتلقى وينظ ر في ح االت انته اك حق وق
اإلنسان ،كما يقوم المجلس في إطار متابعة م آل الش كايات المعروض ة علي ه ،بإخب ار المش تكين المعن يين
وتوجيههم وإرشادهم واتخاذ كل التدابير الالزمة من أجل مساعدتهم في حدود اختصاصه.
ألجل ذلك أكدت المادة 5من ظهير مارس 2011على أن المجلس ينظر في جميع حاالت خرق حقوق
اإلنسان إما بمبادرة منه أو بناءا على شكاية ممن يعنيهم األمر ،إذ المجلس يتلقى الشكايات ويقوم بدراس تها
ومعالجتها وتتبع مسارها ليقوم بعد ذلك بتقديم توصيات حولها إلى الجهات المختصة.
882
المجلس الوطني لحقوق اإلنسان "منجزات $المجلس الوطني لحقوق اإلنسان "2017-2011الصفحة - 4 :
486
وفي الحالة التي تبين للمجلس أن الشكاية المعروضة عليه تدخل في اختصاص المؤسسة المكلفة بتنمي ة
التواصل بين الم واطن واإلدارة يق وم بإحال ة الش كاية إلى المؤسس ة الم ذكورة ويخ بر المش تكين المعن يين
بذلك.883
أن تكون مكتوبة ،وإذا تعذر ذلك يمكن للمش تكي أو من يمثل ه أن يق دمها ش فويا وفي ه ذه
الحالة ينبغي تدوينها وتسجيلها من لدن المص الح المختص ة ب المجلس وتس ليم نس خة منه ا للمع ني
باألمر؛
أن تكون موقعة من لدن المشتكي شخصيا أو من ينيبه عنه ألجل ذلك؛
أن تكون مدعمة بالوثائق والحجج إذا كانت متوفرة لدى المشتكي؛
أن تتضمن الشكاية عند االقتضاء توضيحات للمساعي التي قام بها المش تكي ل دى جه ات
أخرى.
وتنص المادة 55من النظام الداخلي للمجلس أن المصالح المختصة بالمجلس تسلم للمش تكي أو
لمن يمثله وصال مسطرة دراسة الشكاية.
أن يطلب من المشتكي أو من يمثله وكذا من السلطات المعنية تمكينه من جميع المعطي ات
التي يرى أنها ضرورية؛
فحص مجموع الحجج والوثائق والمعطيات المسلمة له مع شكاية مقدمة له وتمحيصها؛
883
للمزيد انظر المادة الخامسة من الظهير الشريف رقم 1.11.19الصادر في 25من ربيع األول ( 1432فاتح مارس )2011بإحداث -
.المجلس الوطني لحقوق اإلنسان
884
راجع المادة السادسة من الظهير أعاله -
487
دعوى المشتكي أو ممثله ،وممثل السلطات المعنية للمشاركة في جلسة استماع إم ا بش كل
مشترك أو على انفراد ويتم استدعاء األطراف المذكورة 7أيام قبل التاريخ المحدد لالستماع.
وتحدث في إطار هذه المسطرة لجنة خاصة مكلف باالستماع لألطراف المعني ة إذ تتش كل ه ذه
اللجنة التي يرأسها رئيس المجلس أو من يمثله على الشكل التالي:
الفقرة الثانية :دور المجلس الوطني لحقوق اإلنسان في مجال إعداد التقارير والممارسة القضائية.
في هذا السياق يبدي المجلس الوطني رأيه في ك ل قض ية ت دخل في مج ال اختصاص ه يعرض ها علي ه
جاللة الملك ،كما يرفع اقتراحات وتقارير خاصة وموضوعاتية لجاللة المل ك في ك ل م ا يس هم في حماي ة
حق وق اإلنس ان وال دفاع عنه ا على نح و أفضل ،885وعموم ا نص ت الم ادة 13و 14و 15من الظه ير
المنظم له الصادر في سنة .2011
ويرفع المجلس لجاللة المل ك تقري را س نويا عن حال ة حق وق اإلنس ان وحص يلة أنش طة وأف اق عمل ه،
وينش ر بالجري دة الرس مية كم ا يت ولى رئيس المجلس إطالع ال رأي الع ام والمنظم ات والهيئ ات الوطني ة
والدولية المعنية بحقوق اإلنسان على مضامين هذا التقرير.
وفي م ا يخص ت دخل المجلس في مج ال الممارس ة االتفاقي ة يس اهم المجلس بتنس يق م ع الس لطات
المختص ة في إعم ال اآللي ات المنص وص عليه ا في االتفاقي ات الدولي ة المتعلق ة بحق وق اإلنس ان
والبروتوكوالت اإلضافية التي صادق عليها المغرب أو انضم إليها.
- 885المادة " : 13يتولى المجلس بحث ودراسة مالئمة النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل مع المعاه$$دات الدولي$$ة المتعلق$$ة بحق$$وق$
اإلنسان وبالقانون الدولي اإلنساني التي صادقت عليها المملك$$ة أو انض$$مت إليه$$ا وك$$ذا في ض$$وء المالحظ$$ات الختامي$$ة والتوص$$يات الص$$ادرة عن
أجهزة المعاهدات األممية الخاصة بالتقارير المقدمة من لدن الحكومة.
-يقترح $المجلس كل توصية يراها مناسبة في هذا الشأن ،ويرفعها إلى السلطات الحكومية المختصة".
المادة " : 14ساهم المجلس كلما اقتضت الضرورة لذلك في إعداد التقارير التي تقدمها الحكومة لألجهزة المعاهدات والمؤسسات الدولية واإلقليمي$$ة
األحرى المختصة ،طبقا لاللتزامات والتعهدات الدولية.
488
في هذا اإلطار ،نظم المجلس الوطني لحقوق اإلنسان سنة 2013ورشة دولية الخبراء لتبادل التج ارب
حول األلية الوطنية لحماية والنهوض بحقوق األش خاص ذوي اإلعاق ة وتفعي ل االتفاقي ة الدولي ة بمش اركة
31خبيرا يمثلون المؤسسات الوطنية لحقوق اإلنسان على الصعيد الدولي من أكاديميين وجمعي ات وطني ة
ودولية عاملة في مجال حماية حقوق اإلنسان.
كما نظم المجلس بشراكة مع منظمة إعاقة دولية ورشة لتبادل التجارب مع المؤسسة الدنماركية لحقوق
اإلنسان ح ول األلي ة الوطني ة لحماي ة حق وق األش خاص في وض عية إعاق ة في ين اير .2017ه ذا و أع د
المجلس في إطار برنامج التوأمة المؤسساتية مع االتحاد األوربي اإلطار المرجعي لآللي ة الوطني ة لحماي ة
حقوق األشخاص في وضعية إعاقة.
وقد ق ام المجلس بإص دار آراء استش ارية وتق ارير موض وعاتية به دف بحماي ة حق وق األش خاص في
وض عية إعاق ة والنه وض به ا بن اء على طلب إب داء ال رأي االستش اري الموج ه من ل دن رئيس مجلس
المستشارين بخصوص مشروع قانون إط ار رقم 97.13المتعل ق بحماي ة حق وق األش خاص في وض عية
إعاقة والنهوض بها ،أعد المجلس رأيا استشاريا حول مشروع القانون.
-كما حرص المجلس على أن تشمل آراؤه االستشارية ض مان حق وق األش خاص في وض عية
إعاقة إعماال للمقاربة الدامجة التي من شأنها أن تجعل اإلعاقة تحتل مكانة محوري ة في السياس ات
العمومية الوطنية والجهوية والمحلية تماشيا مع صيرورة البناء الديموقراطي المرتك ز على أس س
المشاركة الكاملة والتعددية وتكافؤ الفرص والعدالة االجتماعية.
كم ا ح رص المجلس على إع داد تقري ر موض وعاتي ح ول الح ق في العم ل والعمال ة لألش خاص في
وضعية إعاقة مع القي ام دراس ة ميداني ة ح ول الح ق في التنق ل تهم وض عية الولوجي ات في الفض اء الع ام
بالمغرب .وكذا القيام بدراسة موضوعاتية ح ول حق وق األش خاص في وض عية إعاق ة باألق اليم الجنوبي ة
التشخيص المؤسساتي والتنظيمي.
وعلى المستوى الدولي ساهم المجلس بانتظام في التفاعل مع اللجنة األممية المعني ة بحق وق األش خاص
بحقوق األشخاص ذوي اإلعاقة وذلك في إطار تقديم التقرير األولي للمغرب ح ول وض عية إعم ال حق وق
األشخاص في وضعية إعاقة بموجب تصديقه على االتفاقية الدولية.
وخصص المجلس مشاركته ضمن فعاليتها المعرض الدولي للنشر والكتاب بال دار البيض اء في دورت ه
)2016( 22لموض وع اإلعاق ة وذل ك في إط ار تق ديم األولي للمغ رب ح ول وض عية إعم ال حق وق
األشخاص في وضعية إعاقة بموجب تصديقه على االتفاقية الدولية.
489
وخصص المجلس مشاركته أيضا ضمن فعاليات المعرض ال دولي للنش ر والكت اب بال دار البيض اء في
دورته )2016( 22لموضوع اإلعاقة وحق وق اإلنس ان وال تي تم يزت بتنظيم أك ثر من 36ن دوة وطني ة
ودولية وتكريم مجموعة من الشخصيات الوطنية والدولية التي ساهمت في تعزيز حقوق ه ذه الفئ ة وتق ديم
قراءات في مجموعة من اإلصدارات المتعلقة بموضوع اإلعاق ة كم ا نظم المجلس األي ام الس ينمائية ح ول
اإلعاقة وحقوق اإلنسان وخصصت فقرة لعرض كبسوالت من إنتاج تالمذة المؤسسات التعليمية ب المغرب
والخارج.
و في س ياق آخ ر ،أك د المجلس من خالل التوص يات ال واردة في تقري ره ح ول مالحظ ة االنتخاب ات
الجماعية والتشريعية األخيرة ،على ضرورة:
-تق ديم المس اعدة من وس ائل اتص ال مالئم ة وميس رة في إط ار الت دابير التيس يرية لتس جيل
األشخاص في وضعية إعاقة.
-تحسين مقروئية وإمكانية تتبع أوراق التصويت ،نظام قراءة أوراق التصويت بالنسبة للمكف وفين
وضعاف البصر.
-األخ ذ بعين االعتب ار تن وع المقارب ات وبالخص وص األش خاص ذوي اإلعاق ة في إط ار تنظيم
الدورات التكوينية في مجال مالحظة االنتخابات.
-تقوي ة ق درات أعض اء مك اتب التص ويت وتحسيس هم ألخ ذ بعين االعتب ار حق وق وحاجي ات
األشخاص ذوي اإلعاقة.
-ضرورة تناس ب مك اتب التص ويت وص ناديق االق تراع ومس احة المع زل وطاول ة المع زل م ع
احتياجات األشخاص في وضعية إعاقة (الولوجية العامة ألشخاص ذوي إعاقة مثل لغة اإلشارة.)..
-اعتماد جمعتين محليتين وتح الف وط ني ألزي د من 300جمعي ة موزع ة على ال تراب الوط ني
بمجموع 306مالحظ ومالحظة موزعة على التراب الوطني.
كما عملت اللجان الجهوي ة للمجلس على تش جيع المب ادرات المحلي ة والجهوي ة ،للجمعي ات العامل ة في
ميدان اإلعاقة في مجال التحسيس والترافع حول المشاركة السياسية لألشخاص ذوي اإلعاق ة وتق ديم كاف ة
وسائل ال دعم له ا ،وق د اس تفاد 306مش ارك يمثل ون 3منظم ات عامل ة في مج ال اإلعاق ة من ال دورات
التكوينية لمالحظة االنتخابات التشريعية لس نة 2016فض ال عن دورة تدريبي ة ح ول الق اموس االنتخ ابي
بلغة اإلشارة لفائدة 35جمعية ،وتحالف جمعوي عامل في مجال إعاقة الصمم.
490
منذ تأسيسه ،دأب المجلس على جعل موضوع المس اواة ومناهض ة التمي يز المب ني على الجنس ض من
أولوياته حيث أنجز المجلس دراسة حول التجارب الدولي ة لمأسس ة مكافح ة التمي يز في أف ق إح داث هيئ ة
المناص فة ومكافح ة كاف ة أش كال التمي يز ،كم ا أص در المجلس س نة ،2015تقري ره الموض وعاتي ح ول
"وضعية المساواة وحقوق اإلنسان بالمغرب :صون وإعمال غايات وأهداف الدستور" ويق دم ه ذا التقري ر
تحليال لواقع حقوق المرأة والمساواة بالمغرب ،عشر سنوات بعد إصالح مدونة األسرة وأربع سنوات بع د
دستور 2011و 20سنة بعد اعتماد إعالن ومنهاج عمل بيجين.
كما أصدر المجلس سنة 2016رأيا بخصوص مشروع ق انون رقم 103.13المتعل ق بمحارب ة العن ف
ض د النس اء ،بن اء على طلب إب داء رأي موج ه إلي ه من ل دن رئيس مجلس الن واب وتهم توص يات رأي
المجلس بشكل خاص اعتبار العنف القاتم على أساس الجنس شكال من أشكال التمييز م ع اإلعم ال بمفه وم
العناية الواجبة كمفهوم يشمل مقتضيات تتعلق بالوقاية من العنف والتحقيق في مختلف حاالته وزج ر ه ذه
الح االت وج بر أض رار ض حايا العن ف ،كم ا تهم تل ك التوص يات انس جام اإلط ار الق انوني والسياس ات
العمومي ة المتعلق ة بمكافح ة العن ف ض د النس اء باإلض افة إلى تيس ير س بل االنص اف القض ائية أو غ ير
القضائية للنساء ضحايا العنف.
منذ إحداثه كمؤسسة وطني ة رك ز المجلس على إعط اء األولوي ة لموض وع حق وق اإلنس ان واألعم ال
التجارية ضمن محاور اشتغاله االستراتيجية نظرا لما يشكله من أهمية بالغة في تعزيز الحقوق االقتصادية
واالجتماعي ة .وق د همت ه ذه المقارب ة أساس ا تعزي ز الج انب الحم ائي المتعل ق بس بل انتص اف ض حايا
االنتهاكات المرتبطة باألعمال التجارية انطالقا من الشكايات والتظلمات الواردة عليه.
كم ا ق ام المجلس ب أدوار الوس اطة في مجموع ة من ح االت االحتق ان االجتم اعي في محي ط المن اطق
المنجمية ( إيميضار و خريبكة) أو تلك المتعلقة بنزاعات ناتجة عن توقيف أنشطة مجموعة من المق اوالت
أو باألضرار البيئية .هذا باإلضافة إلى الدور لعبه المجلس في التفاعل مع طلب مقاولتين متعددتي الجنسية
(كوسموس وطوط ال) عن طري ق توجيههم ا في الج انب المتعل ق بت دبير أث ر أنش طتهم في مج ال حق وق
اإلنسان بالمغرب وخاصة باألقاليم الجنوبية للمملكة.
وفي ه ذا الس ياق ،أح دث المجلس على مس توى لجان ه الجهوي ة المتواج دة بمحي ط المن اطق المنجمي ة
وبالمناطق الصناعية وباألقاليم الجنوبية مجموعة عمل موضوعاتية في مج ال األعم ال التجاري ة وحق وق
اإلنسان.
491
وفيما يخص الجانب المتعل ق باألبح اث الميداني ة والتق ارير الموض وعاتية يش تغل المجلس على إع داد
مجموعة من الدراسات واألبحاث الميدانية تهم مالئمة القوانين والسياسات بالمغرب مع الحق وق األساس ية
للعمل ،وضعية العامالت في الضيعات الزراعية بالمغرب والحريات النقابية.
وعلى المس توى ال دولي س اهم المجلس كحلق ة وص ل حقيقي ة بين المس توى ال دولي والوط ني لتتب ع
توصيات مجلس حقوق اإلنسان ورصد إعمالها بشكل فاعل في تعزيز الحوار المتعدد األطراف لمجموع ة
عمل األمم المتحدة حول الشركات العابرة للقارات وتعزي ز دور المؤسس ات الوطني ة لحق وق اإلنس ان في
المج ال حيث ي ترأس المجلس من ذ غش ت 2015مجموع ة العم ل المعني ة بالمقاول ة وحق وق اإلنس ان في
التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق اإلنسان.
يعد القضاء دعامة أساسية لرقي المجتمع وتطروه ،وسعيا وراء تحقيق هذه األهداف تسعى الدول ة إلى
صيانته وإحاطته بمجموعة من الضوابط من أجل بلوغ طموحات المتقاضين.
492
لذلك فالديموقراطية الحقة التي تقوم عليه ا الدول ة الحديث ة الي وم ،ال يمكن أن تتحق ق إال بوج ود عدال ة
مستقلة تسري على سائر فئات المجتمع ،886وفي ظل هذا النسق تعد اإلدارة واحدة من المكون ات األساس ية
للمجتمع ،والتي تضطلع بمهام شتى لخدمة الصالح العام ،غير أن مكونات هذه العالقة غالب ا م ا تنتج عنه ا
منازعات نتيجة سلب الحقوق من طرف اإلدارة في عالقتها م ع المواط نين ،إذ ك ان من األج در أن تك ون
هناك جهة قضائية يلجئ إليها لفض هذه النزاعات حتى يأخ ذ ك ل ذي ح ق حق ه في إط ار اح ترام الق انون
وقواعد العدالة.887
وبخضوع اإلدارة إلى رقابة قضائية فعالة من طرف القضاء اإلداري يض من اح ترام حق وق وحري ات
األفراد من خالل الرقابة على أعمال اإلدارة وض مان مش روعية تص رفاتها وه و م ا يع زز مكان ة الدول ة
واحترامها من ط رف المواط نين العتب ار القض اء ه و وج ه الدول ة والمغ رب وس لطنة عم ان من ال دول
العربية التي سارت في مجال االنتقال الديموقراطي سعيا كل منهما إلى تبني هذا الن وع من القض اء خدم ة
للمجال القضائي ومساهمة في إقرار الصرح الديموقراطي الذي خططا إليه.888
إن إحداث المحاكم اإلدارية في البلدين موضوع دراسة لم يأت بمحض الص دفة ،إذ ج اء نتيج ة لتط ور
ملحوظ في قطاع العدالة بل صاحبه تطور عام داخل القطرين أدى بالشعور العميق بض رورة ت دعيم دول ة
الحق والقانون عن طريق الحد من تعسفات السلطات اإلداري ة والعم ل على اح ترام فعلي لحق وق اإلنس ان
انطالقا من ضبط تعامل هذه السلطات م ع المواط نين والح د من مظ اهر التج اوزات ال تي تم تس جيلها في
889
كثير من المناسبات.
انطالقا من ذلك ،فالمس ألة القض ائية الض امنة للحق وق والحري ات ب المغرب وس لطنة عم ان تتجلى في
الحديث ،والوقوف على دور القضاء الدستوري في حماية الحقوق السياسية (المبحث األول) ،كما ال تفوت
الفرصة دون الوقوف على أهمية القضاء اإلداري بالبلدين في حماية الحقوق السياسية(.المبحث الثاني).
- 886عبد القادر باينة "تطبيقات القضاء اإلداري بالمغرب" ،دار توبقال للنشر ،الدار البيض$$اء ،سلس$$لة توص$$يل المعرف$$ة ،الطبع$$ة األولى،1988،
الصفحة45:
- 887سرحان بن سليمان بن حميد الريسي" تطور القضاء اإلداري في المغري وسلطنة عمان وإشكالية عدم تنفيذ $األحكام القضائية" ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون العام ،وحدة االقتصاد والت$$دبير ،جامع$$ة عب$$د المال$$ك الس$$عدي ،كلي$$ة العل$$و القانوني$$ة واالقتص$$ادية واالجتماعي$$ة طنج$$ة ،الس$$نة
الجامعية ،2015-2014الصفحة1:
- 888حسن العضو "تطور القضاء اإلداري بالمغرب -الحكمة اإلدارية -بالدار البيضاء نموذجا" مجلة المحاكم المغربية ،عدد ماي ،يونيو ،2000
الصفحة34:
- 889عبد القادر باينة "القضاء اإلداري -األسس العامة والتطور التاريخي" ،دار توبقال للنشر ،ال$$دار البيض$$اء ،سلس$$لة توص$$يل المعرف$$ة ،الطبع$$ة
األولى ،1988،الصفحة49:
493
إن الحديث عن دور القضاء الدستوري بين المغرب والسلطنة العمانية يستوجب الوقوف على المحكم ة
العليا العلمانية يستوجب الوقوف على المحكمة العليا العلمانية (المطلب الث اني) وك ذا المحكم ة الدس تورية
بالمغرب (المطلب األول).
يعود تاريخ القضاء الدستوري بالمملكة المغربية إلى أولى سنوات االستقالل وذلك عندما نص الدستور
1962على تأسيس غرفة دستورية بالمجلس األعلى باعتباره أعلى هيئة قضائية في التنظيم القضائي.
وفي سنة 1992سيعرف القضاء الدستوري بالمغرب استقالال أكبر بموجب المراجعة الدس تورية ال تي
نصت على إحداث مجلس دستوري ،باعتباره مؤسسة مستقلة ذات صالحيات أوسع تتماش ى م ع المخط ط
اإلصالحي الذي وضعه المغرب في بداية التسعينات والهادف إلى تعزي ز دول ة الق انون ،وترس يخ مب ادئ
حقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها عالميا ودوليا.
وقد أصدر المجلس الدستوري خالل عشرين سنة من وجوده ( ) 2016 -1994ما يناهز 1019قرارا
األمر الذي يدل على استمرارية عمل هذه المؤسسة وعلى ثقة المؤسسات والهيئ ات السياس ية واألف راد في
قضائها.
وفي نطاق اإلصالحات الدستورية الواسعة والعميقة التي أقرتها المملكة ،بموجب الدستور الص ادر في
29يوليوز 2011المتمثلة بالخصوص في توقيع الحقوق والحريات العامة وترس يخ المؤسس ات واآللي ات
الكفيلة بمواصلة بناء دولة ديموقراطية حديثة ،تم إحداث محكمة دس تورية تح ل مح ل المجلس الدس توري
تتمتع بصالحيات أوسع وتكون بالخصوص مفتوحة لألشخاص للدفاع عن الحق وق والحري ات المض مونة
لهم دستوريا.
وتت ألف المحكم ة الدس تورية ب المغرب من اث ني عش ر عض وا يعين المل ك نص ف أعض ائها من بينهم
عضو يقترحه األمين العام للمجلس العلمي األعلى ،890وينتخب الستة الباقون من طرف البرلمان منا ص فة
بين مجلس النواب والمستشارين بأغلبية ثلثي األعض اء ال ذين يت ألف منهم ك ل مجلس ويعين المل ك رئيس
المحكمة الدستورية من بين أعضائها.891
- 890للمزيد راجع الفصول 134 -132 -131-130 -129من الباب الثامن من دستور .2011
- 891ظه$$ير ش$$ريف رقم 1.14.139ص$$ادر في 16ش$$وال 13( 1435أغس$$طس )2014بتنفي $ذ $الق$$انون التنظيمي $رقم 066.13المتعل$$ق
بالمحكمة الدستورية ،الجريدة الرسمية عدد 8 ،6288ذو القعدة 4 ،1435شتنبر ،2014الصفحة. 6661:
494
تمتد العضوية بالمحكمة الدستورية تسع سنوات غير قابلة للتجديد مع تحديد ثلث ك ل فئ ة من أعض ائها
عند تتم كل ثالث سنوات ،وهنا يختار أعضاء المحكمة من بين الشخصيات المت وفرة على تك وين حق وقي
عمال وعلى كفاءة قضائية أو فقهية أو إدارية والمشهود لهم بالتجرد والنزاهة والذين مارسوا مهمتهم م دة
تفوق خمس عشر سنة .وباإلضافة إلى حاالت التنافي المتع ارف عليه ا ال يج وز الجم ع بين العض وية في
المحكمة وممارسة أي مهنة حرة.
تختص المحكمة الدستورية في مراقبة الدستورية التي تعد أهم اختصاص تمارس ه المحكم ة الدس تورية
ويتعلق األمر هنا بالتأك د من مطابق ة النص وص التش ريعية واألنظم ة الداخلي ة لمجلس ي البرلم ان وبعض
المؤسسات الدستورية وكذا االلتزامات الدولية للدستور ،وهذه المراقبة قد تكون قبلية أو الحقة..
و بالرجوع إلى تأليف هذه المحكمة فقد خص الدستور الباب الث امن للح ديث عنه ا انطالق ا من الفص ل
130إلى الفصل ،134من اثني عشر عضوا ،يعينون لمدة تسع سنوات غير قابلة للتجدي د ،س تة أعض اء
يعينهم الملك ،من بينهم عضو يقترحه األمين الع ام للمجلس العلمي األعلى ،وس تة أعض اء ينتخب نص فهم
من قب ل مجلس الن واب ،وينتخب النص ف اآلخ ر من قب ل مجلس المستش ارين من بين المترش حين ال ذين
يقدمهم مكتب كل مجلس ،وذلك بعد التصويت باالقتراع السري وبأغلبية ثلثي األعضاء ال ذين يت ألف منهم
كل مجلس.
وإذا تعذر على المجلس ين أو على أح دهما انتخ اب ه ؤالء األعض اء ،داخ ل األج ل الق انوني للتجدي د،
تمارس المحكمة اختصاصاتها ،وتصدر قراراتها ،وفق نصاب ال يحتسب فيه األعض اء ال ذين لم يق ع بع د
انتخابهم .ويتم كل ثالث سنوات تجديد ثلث كل فئة من أعضاء المحكمة الدستورية.
ويعين الملك رئيس المحكمة الدستورية من بين األعضاء الذين تت ألف منهم .ويخت ار أعض اء المحكم ة
الدستورية من بين الشخصيات المتوفرة على تكوين عال في مجال القانون ،وعلى كفاءة قض ائية أو فقهي ة
أو إدارية،والذين مارسوا مهنتهم لمدة تفوق خمس عشرة سنة ،والمشهود لهم بالتجرد والنزاهة.
ويحدد قانون تنظيمي قواعد تنظيم المحكمة الدستورية وسيرها واإلجراءات المتبع ة أمامه ا ،ووض عية
أعضائها .كما يحدد القانون التنظيمي المهام التي ال يجوز الجمع بينها وبين عضوية المحكم ة الدس تورية،
خاصة ما يتعلق منها بالمهن الحرة ،وطريقة إجراء التجديدين األولين لثلث أعض ائها ،وكيفي ات تع يين من
يحل محل أعضائها ،الذين استحال عليهم القيام بمهامهم ،أو استقالوا أو توفوا أثناء مدة عضويتهم.
495
وتم ارس المحكم ة الدس تورية االختصاص ات المس ندة إليه ا بفص ول الدس تور ،وبأحك ام الق وانين
التنظيمية ،وتبت باإلضافة إلى ذلك في ص حة انتخ اب أعض اء البرلم ان وعملي ات االس تفتاء .وتح ال إلى
المحكمة الدستورية القوانين التنظيمية قبل إصدار األمر بتنفيذها ،واألنظمة الداخلية لكل من مجلس النواب
ومجلس المستشارين قبل الشروع في تطبيقها لتبت في مطابقتها للدستور.
ويمكن للمل ك ،وك ذا لك ل من رئيس الحكوم ة ،ورئيس مجلس الن واب ،ورئيس مجلس المستش ارين،
وخمس أعضاء مجلس الن واب ،وأربعين عض وا من أعض اء مجلس المستش ارين ،أن يحيل وا الق وانين أو
االتفاقيات الدولية ،قبل إصدار األمر بتنفيذها ،أو قبل المصادقة عليه ا ،إلى المحكم ة الدس تورية ،لتبت في
مطابقتها للدستور.
وتبت المحكمة الدستورية في الح االت المنص وص عليه ا في الفق رتين الثاني ة والثالث ة من هذاالفص ل،
داخل أجل شهر من تاريخ اإلحالة .غير أن هذا األجل يخفض في حال ة االس تعجال إلى ثماني ة أي ام ،بطلب
من الحكومة .وتؤدي اإلحالة إلى المحكمة الدستورية في هذه الحاالت ،إلى وقف سريان أجل إصدار األمر
بالتنفيذ.
من تاريخ انقضاء أجل تقديم الطعون إليها.غير أن للمحكمة الحق في تجاوز ه ذا األج ل بم وجب ق رار
معلل ،إذا استوجب ذلك عدد الطعون المرفوعة إليها ،أو استلزم ذلك الطعن المقدم إليها.
وتختص المحكمة الدستورية ب النظر في ك ل دف ع متعل ق بع دم دس تورية ق انون ،أث ير أثن اء النظ ر في
قضية ،وذلك إذا دفع أحد األطراف بأن القانون ،الذي سيطبق في النزاع ،يمس ب الحقوق وبالحري ات ال تي
يضمنها الدستور فتقوم بذلك بمراقبتين :
وقد تكون هذه المراقبة إلزامية فيما يخص القوانين التنظيمية ،التي تح ال إلى المحكم ة الدس تورية بع د
مصادقة البرلمان عليها وقبل إص دار الظه ير بتنفي ذها ،كم ا تك ون إلزامي ة فيم ا يتعل ق األنظم ة الداخلي ة
لبعض المؤسس ات الدس تورية ،إذ تح ال األنظم ة الداخلي ة لك ل من مجلس الن واب ومجلس المستش ارين
والمجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي والمجالس المنظمة بقانون تنظيمي إلى المحكمة الدس تورية قب ل
الشروع في تطبيقها.
وتك ون المراقب ة اختياري ة فيم ا يخص الق وانين ويمكن أن تح ال من ل دن المل ك أو رئيس الحكوم ة أو
رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين أو خمس أعض اء المجلس األول أو أربعين عض وا من
المجلس الثاني قبل دخولها حيز التنفيذ.
496
كما تكون المراقبة القبلية اختيارية فيما يتعلق بااللتزامات الدولية إذ تختص المحكم ة الدس تورية ب البث
في مطابقتها لاللتزامات الدولية للدستور ،وإذ ما صرحت بأن التزاما دوليا يتض من بن دا مخ الف للدس تور
فإنه ال يمكن المصادقة عليها.
وهنا تشمل المراقبة الالحقة نظر المحكمة في كل دف ع متعل ق بع دم دس تورية ق انون إذا م ا أث ير أثن اء
النظر في دعوى قائمة أمام القضاء ودفع أحد األطراف بأن القانون الذي سيطبق في النزاع يمس ب الحقوق
والحريات التي يضمنها الدستور.
كما تشمل المراقبة الالحقة البث في كل ملتمس حكومي يرمي إلى تغيير النصوص التشريعية من حيث
الش كل بمرس وم إذا ك ان مض مونها ي دخل في مج ال من مج االت ال تي تم ارس فيه ا الس لطة التنظيمي ة
اختصاصها.
ومن اختصاص المحكمة الدستورية بالمغرب أيضا ،مراقبة صحة إجراءات مراجع ة الدس تور وإعالن
نتيجتها ،كما تقوم بمراقبة صحة االنتخابات البرلمانية وعمليات االس تفتاء .وهن ا تبت المحكم ة الدس تورية
في الطعون المتعلقة بانتخاب أعضاء البرلمان كما لها أن تقضي إما بعدم قبول عرائض الطعن أو برفضها
أو ببطالن االنتخابات جزئيا أو كليا مع إمكان تصحيح نتائجها.
وللمحكمة الدستورية مهمة البث في النزاعات والخالفات الحاصلة بين البرلمان والحكومة وذلك بطلب
من أحد رئيسي مجلسي البرلمان أو من رئيس الحكومة إذا دفعت الحكومة بعدم قبول كل مق ترح أو تع ديل
ترى أنه ال يدخل في مجال القانون.
كما يحق لها أن تبث في الخالف الذي ق د يق ع بش أن تط بيق أحك ام الق انون التنظيمي المتعل ق بطريق ة
تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق ،خاصة إذا كان ذلك الخالف يحول دون السير العادي لألعمال إحدى
اللجان.
وللمحكمة الدستورية مهام استش ارية إذا م ا ع زم المل ك حال ة االس تثناء 892أو ح ل مجلس البرلم ان أو
أحدهما أو عرض مشروع مراجعة بعض أحكام الدستور على البرلمان.
تتربع المحكمة العليا قمة الهرم القضائي في السلطنة ،وقد أنشئت طبقا لقانون السلطة القضائية الص ادر
بالمرس وم الس لطاني رقم ( )99/90وتعديالت ه ،وهي محكم ة واح دة مقره ا مس قط .وتتجلى مهمته ا في
- 892الفصل 59من دستور " : 2011إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة أو وقع من األحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسس$$ات الدس$$تورية،
أمكن للملك أن يعلن حالة االستثناء $بظهير $بعد استشارة بظهير كل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس المحكمة الدستورية"..
497
مراقبة مدى سالمة تطبيق المحاكم للشريعة والقوانين ومتابعة صحة اإلجراءات والقرارات القضائية ،كم ا
أنها تسهم في تطوير التشريعات الوطنية.
وتتشكل المحكمة العليا من رئيس وعدد كاف من نواب الرئيس والقضاة ،وتتألف من دوائر للفصل في
الطعون التي ترفع إليها ،ويرأس كل دائ رة رئيس المحكم ة أو أح د نواب ه أو أق دم القض اة به ا ،وتص در
األحك ام به ا من خمس ة قض اة ،وفق ا ً للم ادة ( )139من ق انون اإلج راءات المدني ة والتجاري ة الص ادر
بالمرسوم السلطاني رقم (.)2002/29
وتختص المحكمة العليا في نظر الطعون المرفوعة أمامها على األحكام الصادرة عن محاكم االس تئناف
إذا كان الحكم المطعون فيه مبنيا على مخالفة القانون أو خطأ فب تطبيقه أو تأويل ه ،أو إذا وق ع بطالن في
الحكم أو بطالن في اإلجراءات أثر في الحكم .كما تختص وفقا للم ادة ( )240من الق انون ذات ه ب النظر في
الطعون المرفوعة في أي حكم انتهائي أيا كانت المحكم ة ال تي أص درته فص ل في ن زاع على خالف حكم
آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة األمر المقضي.
كما تختص وفق ا للم ادة ( )241من الق انون ب النظر في الطع ون ال تي يرفعه ا الم دعى الع ام لمص لحة
القانون في األحكام االنتهائية أيا كانت المحكمة التي أصدرتها إذا كان الحكم مبني ا على مخالف ة الق انون أو
خطأ في تطبيقه أو تأويله في األح وال ال تي يج يز الق انون للخص وم الطعن فيه ا أو ف وت الخص وم ميع اد
الطعن بها أو تنازلوا عنه.
ووفقًا لقانون السلطة القضائية ،تشكل بالمحكمة العلي ا هيئ ة (ذات تش كيل خ اص) تختص بالفص ل في
حاالت التنازع الس لبي أو اإليج ابي على االختص اص بين المح اكم في القض اء الع ادي ومحكم ة القض اء
اإلداري وغيره ا من المح اكم ،كم ا تختص ه ذه الهيئ ة بالفص ل في المنازع ات المتعلق ة بم دى تط ابق
القوانين والالوائح مع النظام األساسي للدولة وعدم مخالفتها ألحكامه.
وتأكيدا على مكانة المحكمة العليا في قمة الهرم القض ائي تم في 2016/5/25م افتت اح مب نى المحكم ة
العلي ا الجدي د ومب نى المجلس األعلى للقض اء ،ويتم يز المب نى الجدي د بط ابع معم اري جم ع بين اإلرث
المعماري العُماني والزخارف اإلسالمية ،إلى جانب ملكات العمارة المعاصرة.
محاكم االستئناف
تختص محاكم االستئناف (وهي محاكم الدرج ة الثاني ة) ب النظر في الطع ون ال تي ترف ع عن األحك ام -
الجائز استئنافها قانونا ً -الصادرة من المحاكم االبتدائية باعتباره ا من مح اكم الدرج ة األولى ،وال يج وز
عرض المنازعات أمام محكمة االستئناف ألول مرة ،ألن االستئناف هو طري ق من ط رق الطعن العادي ة
498
الغاية منه إصالح الخطأ الذي قد يحص ل في أحك ام المح اكم االبتدائي ة وذل ك بع رض ال نزاع أم ام قض اة
آخرين غير قضاة الدرجة األولى ..
وقد أنشئت محاكم االستئناف وفقا للمراس يم الس لطانية الس امية وتت ألف ك ل منه ا من رئيس وع دد من
القضاة ،وتتشكل بها دوائ ر حس ب الحاج ة ،وي رأس ال دائرة رئيس المحكم ة أو أق دم القض اة به ا ،ويتم
إصدار األحكام من قبل ثالثة من القضاة
وكان المرسوم السلطاني رقم ( )2001/14قد أشار إلى إنشاء )6( محاكم استئناف في مس قط وص حار
ونزوى وصاللة وعبري وإبراء ،إال أنه ومع التوسع العم راني وزي ادة الكثاف ة الس كانية ،فق د ارتف ع ع دد
مح اكم االس تئناف ليص ل إلى ( )13محكم ة اس تئناف ،بواق ع محكم ة اس تئناف في ك ل محافظ ة
باستثناء محافظة مسقط التي يوجد بها محكمتان هما السيب ومسقط.
المحاكم االبتدائية
المحاكم االبتدائية هي محاكم الدرجة األولى حيث يعرض النزاع أمامه ا ألول م رة ،وتت ألف من ق اض
فرد أو من ثالثة قضاة (دائرة ثالثية) ،وقد بين قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم الس لطاني رقم (
)90وتعديالته في مادته السادسة طريقة تشكيل هذه المحاكم ،وتتألف كل منها من رئيس وع دد ك اف من
القضاة.
ويبلغ ع دد المح اكم االبتدائي ة ( )44محكم ة ابتدائي ة موزع ة في جمي ع أنح اء الس لطنة .وتختص ه ذه
المحاكم بالفصل في الدعاوى العمومية والدعاوى المدنية والتجارية وطلبات التحكيم ،ودع اوى األح وال
الشخصية ،والدعاوى العمالية والضريبية واإليجارية ،وغيرها التي ترفع إليها طبقًا للقانون.
يتميز القضاء العُماني بأنه قض اء دين اميكي متط ور ،يح رص دائ ًم ا على دراس ة احتياج ات المجتم ع،
ومواكبة التطورات التي يشهدها في مختلف الجوانب ،وذلك بهدف بن اء نظ ام قض ائي متط ور يس هل في ه
على المتقاضين الوصول إلى العدالة.
وانطالقًا من ذلك ومواكبة النضمام السلطنة إلى اتفاقية األمم المتحدة لمكافح ة الفس اد وذل ك بالمرس وم
الس لطاني رقم ( ،)2013/64أنش أ مجلس الش ؤون اإلداري ة للقض اء في الع ام القض ائي (
2016/2015م) ،دائرة متخصصة باألموال العامة بمحكمة مسقط االبتدائية حملت اسم (محكم ة األم وال
العامة) ،حيث تختص هذه الدائرة بالنظر في الدعاوى المتعلق ة بالرش اوى واس تغالل الم ال الع ام وإس اءة
استعمال الوظيفة ،وجريمة اإلهمال بالواجبات الوظيفية ،وكل م ا يخص التع دي على الم ال الع ام بطريق ة
غير مشروعة.
499
وتهدف الدائرة إلى مكافحة الفس اد الم الي واإلداري بش تى ص وره ومظ اهره وأس اليبه ،وتعزي ز مب دأ
النزاهة والشفافية .كما ته دف ه ذه ال دائرة إلى تس ريع عملي ة البت في قض ايا األم وال العام ة ،باعتباره ا
قضايا حساسة مؤثرة ليس على ج ذب االس تثمارات الخارجي ة فحس ب ،وإنم ا يمت د تأثيره ا المباش ر على
مستوى النمو والشفافية والتنافسية ،والتي تقوم بدور مهم في أي تصنيف اقتصادي تنموي عالمي.
ترسي ًخا لدولة المؤسسات والقانون التي أرسى دعائمها عاهل البالد حض رة ص احب الجالل ة السAAلطان
قابوس بن سعيد المعزم -حفظه هللا ورعاه-رئيس المجلس األعلى للقضاء ،وتأكيدًا لما نصت علي ه الم ادة
( )67من النظام األساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ( )96/101من أن الق انون ينظم الفص ل
في الخصومات اإلدارية بواسطة دائرة أو محكمة خاصة.
وإيمانًا من المشرع بأهمية وجود قضاء متخصص للنظر في المنازعات اإلدارية ،فق د أنش أت محكم ة
القض اء اإلداري بم وجب المرس وم الس لطاني رقم ( ، )99/91لتك ون حص نًا مني ًع ا لمب دأ المش روعية ،
وسيادة حكم القانون ،وصون حقوق وحري ات األف راد ،وذل ك بإخض اع س ائر التص رفات الص ادرة عن
وح دات الجه از اإلداري للدول ة لرقاب ة المحكم ة للتحق ق من تط بيق أحك ام الق انون والل وائح والق رارات
المختلفة المنظمة لعمل هذه الجهات ،ومراعاة الصالح العام ال ذي يجب أن يك ون ه دف الجه ات اإلداري ة
في عملها وتحقيقها أهدافها التي أنشأت من أجلها ،وضرورة سير كافة المرافق العام ة في الدول ة بانتظ ام
واضطراد نحو تقديم الخدمات األساسية المطلوبة للمواطنين في الدولة .
وتعمل محكمة القضاء اإلداري جنبًا إلى جنب مع القضاء العادي الذي يختص بنظ ر الخص ومات ال تي
تقع بين األفراد واألش خاص االعتباري ة الخاص ة كمنظوم ة قض ائية متكامل ة ،إذ ي ؤدي ك ل منهم ا دوره
المنوط به على النحو المحدد الختصاصه.
وشهدت محكمة القضاء اإلداري منذ العمل بقانونها في 2000 / 12 / 1م زي ادة مض طردة في ع دد
الدعاوي المنظورة أمامها ك ًما ونوعًا ،وال سيما بعد صدور المرس وم الس لطاني رقم ( )2009 / 3ال ذي
يتضمن التوسع في اختصاصات المحكمة بعد أن كانت اختصاصاتها محدودة ،وأصبحت المحكمة تختص
بنظر الدعاوى التي يقدمها الموظفون العموميون في سائر شؤونهم الوظيفية بمراجع ة الق رارات اإلداري ة
النهائية المتعلقة بسائر شؤونهم الوظيفية ،وهو األمر الذي ولد لدى الموظف العام الشعور باألمن الوظيفي
،وانعكس إيجابًا على الوظيف ة العام ة ،فض ال عن اختصاص ها بنظ ر ال دعاوى ال تي يق دمها ذوو الش أن
بمراجع ة الق رارات اإلداري ة النهائي ة ،والق رارات النهائي ة الص ادرة عن لج ان إداري ة ذات اختص اص
قضائي.
500
وقد واكبت المحكمة الزيادة المتنامية في عدد الدعاوى نتيجة التنمية الش املة ال تي تش هدها الس لطنة في
مختلف المج االت من خالل س رعة البت في ال دعاوى المنظ ورة أمامه ا ؛ نظ رًا لم ا تمت از ب ه المنازع ة
اإلدارية من ضرورة التصدى بالفصل فيها على وجه السرعة ،وحتى ال تكون تلك المنازعات عقب ة أم ام
الجهات اإلدارية في ممارسة اختصاصاتها المق ررة قانونً ا ،كم ا أن ض رورة س ير المراف ق العام ة ال تي
ت ديرها ه ذه الجه ات يقتض ىي المس ارعة في البت في المنازع ة اإلداري ة على نح و ال يخ ل ب إجراءات
التقاضي المقررة قانونًا ،وصوالً إلى تحقيق الغاي ة المنش ودة من خالل نحقي ق العدال ة الن اجزة ،وه و م ا
دأبت عليه المحكمة منذ إنشائها .
وتقوم محكمة القضاء اإلداري بمتابعة تنفي ذ األحك ام الص ادرة عنه ا ،ويمت از تنفي ذ األحك ام اإلداري ة
الصادرة عن المحكمة بالسرعة والبساطة في اإلجراءات ،األمر الذي أدى إلى التقليل من إشكاليات التنفيذ
في األحكام اإلدارية ،فضال عن مبادرة الجهات اإلدارية لتنفيذ األحكام اإلداري ة الص ادرة في مواجهته ا ؛
إيمانًا منها ب؟أن المحكمة خ ير معين له ا في تط بيق أحك ام الق انون ،واإلل تزام بمب دأ المش روعية ،بم ا
مؤداه العمل بمنهج التكاملية في العمل بين المحكمة من جهة والجهات اإلدارية الخاضعة لرقابتها القضائية
من جهة أخرى ،األمر الذي يؤدي إلى سيادة حكم القانون ،وااللتزام بمبدأ المشروعية التي تع د المحكم ة
حصنه الحصين.
وتسهم محكمة القضاء الغداري من خالل الفص ل في منازع ات العق ود اإلداري ة ال تي تبرمه ا مختل ف
وحدات الجهاز اإلداري للدولة في المحافظة على حقوق والتزامات طرفي العق ود المبرم ة بش أن المراف ق
العامة ،والعمل على الموازنة بين ما يتمتع ب ه ك ل ط رف من حق وق ،وم ا ي ترتب علي ه من التزام ات ،
ودون اإلضرار بالمصلحة العامة التي يسعى العقد اإلداري إلى تحقيقها ،إذ أن اختصاص محكمة القض اء
اإلداري بنظر منازعات العقود اإلدارية هو اختصاص ش اكل لم ا يتف رع عن ه ذه العق ود من منازع ات ،
األمر الذي يسهم في إيجاد بيئة استثمار آمنة يس ودها االطمئن ان على حق وق ك ل ط رف من أط راف ه ذه
العقود ،ويسهم كذلك في دفع مسيرة عجلة التنمية نحو األمام والتقدم من خالل جلب مختل ف االس تثمارات
االقتص ادية للدول ة ،الخارجي ة منه ا والداخلي ة ،كم ا تس اهم المحكم ة من خالل الفص ل في المنازع ات
اإلدارية التي تقيمها الجهات اإلدارية في اس ترداد م ا تم ص رفه ب دون وج ه ح ق ،األم ر ال ذي يس هم في
المحافظة على األموال العامة للدولة.
واستكمااًل للرعاية السامية لجاللة السلطان المعظم -حفظه هللا ورعاه -للمحكمة ،فقد تم افتتاح المب نى
الرئيس ي للمحكم ة الك ائن بحي العرف ان بمرتفع ات المط ار في والي ة بوش ر ،وال ذي أنش ئ بمواص فات
عصرية تليق بمكانة المحكمة ودورها ضمن المنظومة القضائية في السلطنة.
501
تمثل المحكمة العليا بسلطنة عمان الهرم القضائي ،وقد أنشئت طبقا لقانون الس لطة القض ائية الص ادر
بالمرسوم السلطاني رقم ( )99-90وتعديالته وهي محكمة واحدة مقرها يوجد بمسقط.
تتشكل المحكمة العليا العمانية من رئيس وعدد من النواب المساعدين للرئيس ،كما تضم قضاة وتص در
األحكام بها من خمسة قضاة وفقا للمادة 139من قانون اإلجراءات المدني ة والتجاري ة الص ادر بالمرس وم
السلطاني رقم 29/2002
وتختص المحكم ة العلي ا ب النظر في الطع ون المرفوع ة أمامه ا على األحك ام الص ادرة عن مح اكم
االستئناف في الحاالت التالية:
إذا كان الحكم المطعون فيه مبنيا على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله
إذا وقع بطالن في الحكم أو بطالن في اإلجراءات أثر في الحكم .
كما تختص المحكمة العليا العلمانية وفقا للمادة 240بالنظر في أي حكم نهائي أيا ك انت المحكم ة ال تي
أص درته ،وحس ب الم ادة 241من ذات الق انون فالمحكم ة تختص ب النظر في الطع ون المرفوع ة وال تي
يرفعها المدعي العام لمصلحة القانون في األحكام اإلنتهائية أيا كانت المحكمة التي أصدرتها إذا كان الحكم
مبنيا على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله في األحوال التي يجيز القانون للخص وم الطعن فيه ا
أو فوت الخصوم ميعاد الطعن بها أو تنازلوا عنه.
ووفقا لقانون السلطة القضائية ،تشكل بالمحكم ة العلي ا هيئ ة (ذات تش كيل خ اص) تختص بالفص ل في
حاالت التنازع السلبي أو اإليج ابي على االختص اص بين المح اكم في القض اء الع ادي ومحكم ة القض اء
اإلداري وغيرها من المحاكم ،كما تختص هذه الهيئة بالفصل في المنازعات المتعلقة بمدى تطابق القوانين
واللوائح مع النظام األساسي للدولة وعدم مخالفتها ألحكامه.
هذا ،و تقوم المحكمة العليا العلمانية برقابة صحة تطبيق القانون وتوحيد تفس يره في ك ل المح اكم ال تي
تضمها السلطة العمانية ،وتضم دوائ ر لنظ ر الم واد الجزائري ة ودوائ ر للنظ ر الم واد المدني ة والتجاري ة
واألحوال الشخصية.
تجدر اإلشارة إلى أن المحكمة العليا تضم ادعاء عام مستقل يسمى باالدعاء الع ام بالمحكم ة العلي ا ،وال
تنظر الدعاوى بصفة مبدئية إال في حالة مراقبة دستورية القانون والمسائل المتعلقة بشؤون القضاة ،وإنما
تنظر الطعون التي توجه إلى توجه األحكام اإلنتهائية.
وللخصوم أن يطعنوا أمام المحكمة العليا في األحكام الصادرة من محاكم االستئناف في األحوال األتية.
إذا كان الحكم المطعون فيه مبنيا على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله.
502
إذا وقع بطالن في الحكم أو بطالن في اإلجراءات أثر في الحكم.
للخصوم أن يطعنوا أمام المحكمة العليا في أي حكم انتهائي أيا كانت المحكمة التي أصدرته.
يرفع الطعن بص حيفة ت ودع أمان ة س ر المحكم ة العلي ا ويوقعه ا مح ام مقب ول أمامه ا ،ويجب أن
تشمل الصحيفة على أسماء الخصوم وقبائلهم ألقابهم وصفاتهم وموطن ا ك ل منهم على بي ان األس باب ال تي
بني عليها الطعن وطلبات الطاعن ،فإذا لم يحصل الطعن على الوجه األكمل كان باطل.
نظرا ألهمي ة القض اء بص فة عام ة والقض اء اإلداري بص فة خاص ة في حماي ة حق وق اإلنس ان ،فإنن ا
سنتناول هذا المبحث من خالل مناقش ة مب دأ إس تقاللية القض اء بإعتب اره ض مانة متين ة وهام ة في رعاي ة
وحماية حقوق اإلنسان من كل اإلنتهاك ات والمض ايقات والتقيي دات ال تي ق د تطاله ا(المطلب األول) ،كم ا
سنتطرق إلى دور القضاء اإلداري في حماية الحقوق السياس ية س واء من خالل إلغ اء الق رارات اإلداري ة
الماسة بحقوق اإلنسان أو التي تتضمن شططا في إستعمال السلطة(.المطلب الثاني).
لقد عرفت سلطنة عمان تغيرات كبرى مست جوانب عدة من مرتكزات الحياة العامة سواء من الج انب
االقتصادي أو االجتماعي أو الثقافي ،بل وحتى الجانب القانوني على اعتبار هذا األخير مجاال فعاال ض من
البنية السياسية للدولة ،الغاية منه ضمان استقرار السير العادي لكل المؤسسات ومراقبتها وتحقيق الت وازن
بين كل هذه المكونات إلقرار قاعدة من الديمقراطية والعدالة خدمة لتطلعات المواطن العماني.893
في نفس اإلطار حرص عاهل بالد سلطنة عمان على إعطاء االولوية للقضاء ودفع به نحو االس تقاللية
عن السلطات التنفيذية وذلك بإصدار مرسوم سلطاني يعيد النظر في تش كيلة ومه ام جه از المجلس األعلى
للقضاء إضافة إلى ذل ك تم إص دار مرس وم آخ ر ينظم ش ؤون القض اء وك ل ذل ك به دف تحقي ق ن وع من
االستقاللية للجهاز.
- 893سرحان بن سليمان بن حميد الريسي"،تطور $القضاء اإلداري في المغرب وسلطنة عمان وإشكالية عدم تنفيذ األحكام القضائية" ،مرجع س$$ابق
ذكره.الصفحة.118:
503
بيد أن المغ رب ب دوره ك ان ل ه الس بق في إدراج العدي د من المس تجدات في مج ال إص الح المنظوم ة
القض ائية خصوص ا م ع الدس تور وال ذي رد االعتب ار للمجلس األعلى للس لطة القض ائية 894ال من ناحي ة
التكوين أو المهام ،وذلك العتبار هذا األخير من مقومات الدولة الحديثة وعلى ضوء كل ما تق دم س نتطرق
إلى إبراز هذه التغيرات وتحديدا في الشق المتعلق بالقضاء االداري ،وعليه سندرس استقاللية القضاء على
أن نبرز فعالية هذا اإلصالح على مستوى القضاء االداري.
ال يمكن التحدث عن االستقاللية دون تجسيد ذل ك على أرض الواق ع وال يك ون ذل ك إال بجع ل القض اء
سلطة مستقلة عن السلطة التنفيذية والتشريعية ويتم أوال على المستوى القانوني ،إذ ال ب د من إيج اد ص يغة
قانونية واضحة تجسد هذه االس تقاللية ،وانس جاما م ع ذل ك ب ادر المش رع العم اني إلى إص دار ق انون في
صيغة جديدة حمل رقم ،09.2012يعد اإلطار القانوني للمجلس األعلى للسلطة القضائية ضمن الكثير من
المستجدات الحديثة التي صبت في اتجاه اس تقاللية ه ذه المؤسس ة على مس توى التبعي ة كم ا ج اء بتركيب ة
جديدة تؤكد فلسفة االستقاللية عن السلطة التنفيذي ة .وال ننس ى رغب ة المش رع العم اني في ال دفع بالقض اء
االداري نحو االستقاللية وجعله في مستوى تطلعات المواطن العماني.
تعد العدالة عماد سلطة الدولة وأساس الديمقراطية التي تحمي الحقوق والحريات و تضمن سمو القانون
وتوطيد دولة الحق.
وتبعا لذلك فإن العنصر الذي يتحكم في ه الثق ة ال تي يوليه ا المواطن ون والش ركاء األج انب لنظ ام حكم
معين ويس اهم بش كل فعلي في التنمي ة االقتص ادية والعدال ة االجتماعي ة ه و اإلحس اس ب األمن واالعتق اد
الراسخ بأن القانون يطبق على الجميع.895
في هذا االتجاه يع د الدس تور األداة الوحي دة ال تي تس طر المب ادئ الك برى ال تي تق وم عليه ا الدول ة إذ
يخصص أبوابا محددة إلبراز الص الحيات التنظيمي ة لك ل جه از ،ض من الجه از القض ائي ألف راد النظ ام
األساسي للدولة في سلطنة عمان896بابا خاصا للقضاء،
- 894الفصل 107من الباب السابع من دستور " 2011السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية ،المل$ك ه$و الس$تقالل
السلطة القضائية".
- 895عمر بنحساين :التنظيم القضائي المغربي ،مطبعة طوب بريس ،الرباط 2008 ،الصفحة:
- 896النظام األساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني تحت رقم (.)96/101
504
وكانت جهات التقاضي العادي الموجودة آنذاك مكون ة من قض اء ش رعي يتب ع ل وزارة الع دل وقض اء
تجاري يشرف على محكمته وزير الع دل أو ج زائي يش رف علي ه مستش ار الدول ة للش ؤون الجزائي ة ،إذ
اعتبر ذلك بمثابة النواة األولى لمؤسسة القضاء في وضعها الجديد ،ووفقا للنظام األساسي للدولة .الذي يعد
نقلة نوعية وأساسية في البناء التنظيمي للمجتمع العماني كان للقضاء النصيب األوف ر من ه كم ا ثم إص دار
قانون السلطة القضائية ،حيث توحد بموجب ه ه ذا القض اء و ارتس مت وحدت ه وتأك د اس تقالليته وق د ع نى
المشرع العماني بالسلطة القضائية إذ أفرد لها بابا ضمن النظام األساسي للدولة " الس لطة القض ائية ومب دأ
سيادة القانون 897140حيث رسم فيه مالمح و إطار نظام الس لطة القض ائية و ح رص على تقري ر و تأكي د
مبدأ سيادة القانون.
و حرص هذا النظام على إحاطة هذا المبدأ بضمانات تحقيق حمايته واحترامه وتأكيد العمل به صراحة
على أنه "له سلطة على القضاة في قضائهم لغير القانون .وأنه ال يجوز ألي جهة التدخل في القضايا أو في
ش ؤون العدال ة إذ أن الغ رض من القض اء إقام ة الع دل بين الن اس وال يتحق ق ذل ك إال بنزاه ة القض اة
واستقالليتهم في قضائهم".898
ومن أجل بلورة هذا التوجه ثم إنشاء المجلس األعلى للقضاء الذي يع د أعلى س لطة مركزي ة في اله رم
القضائي يختص برسم السياسة العامة للقضاء ،وبكفالة استقالله ومتابعة تطويره.
أما عمل المحاكم فهو مرتبط بوزارة العدل ولعل أصح دلي ل على ذل ك ه و الم ادة الثالث ة من المرس وم
السلطاني رقم 99/93التي تبرز بأن اإلشراف على المحاكم و على حسن تسيير العمل بها من ص الحيات
المجلس األعلى للقضاء الذي يترأسه فعليا.
إال أن المشرع العماني خطى خطوة جبارة "انعرج كليا عن النسق ال ذي ك ان يتبن اه في تبعي ة المح اكم
لوزارة العدل وعمل على تبني توجه جديد يترجم الرغبة األكيدة لعاه ل البالد في استش راف رؤي ة جدي دة
الستقاللية القضاء ولعل أدل شيء على ذلك إص دار المرس وم الس لطاني 60/2012المتعل ق بتنظيم إدارة
شؤون القض اء ،إذ تط رق في الم ادة الثاني ة من المرس وم على أن ه "تنق ل تبعي ة المح اكم واإلدارة العام ة
للتفتيش القضائي واإلدارة العامة للمح اكم وموظفيه ا واالعتم ادات المالي ة المق ررة له ا من ط رف وزارة
الع دل إلى مجلس الش ؤون اإلداري ة المنص وص علي ه في ق انون الس لطة القض ائية وذل ك دون المس اس
باألوضاع الوظيفية للموظفين المذكورين ويك ون ل رئيس المجلس االختصاص ات والص الحيات المعق ودة
لوزير العدل بموجب القوانين والمراسيم الس لطانية الناف ذة على أص ول وحق وق وس جالت وم وظفي تل ك
الجهات.899
505
وأم ام وض وح ه ذه الم ادة يت بين أن القض اء في س لطنة عم ان عم ل على مأسس ة قاع دة متين ة من
االستقاللية عن جهاز السلطة التنفيذية وقد عزز ذل ك بإص دار مرس وم آخ ر جدي د ينس جم وه ذا التوجي ه،
وذلك بإصدار مرسوم سلطاني 143/09/2012900بشأن المجلس األعلى للقضاء والذي انساق كليا مع ه ذا
التوجيه.
وفي سياق آخر عمل دس تور المملك ة المغربي ة ب دوره عم ل على تجس يد اس تقالل القض اء من خالل،
الدساتير السابقة خصوصا دستور 1996إال أنه على مستوى الممارسة أبان عن كثير من الت داخل م ا بين
السلطة التنفيذية والقضائية ،الشيء الذي رفع سقف المطالب باإلصالح وهو ما تضح جليا في ك ل الخطب
الملكية بداية من خطاب 15دجن بر 1999م رورا بخط اب الع رش لس نة 2000وك ذا خط اب 29ين اير
2003وصوال إلى خطاب 20غشت 2009ثم الخطاب الملكي بمناس بة افتت اح ال دورة التش ريعية ي وم 8
أكت وبر 2010والخط اب الملكي ل " 9م ارس 2011ال ذي أعلن من خالل ه جالل ة المل ك عن رغب ة
المغرب في تبني إصالح دستوري يعتمد في األساس على جمل القضاء سلطة مستقلة ،وقد ك ان ل ذلك إث ر
كبير عندما ثم وضع دستور جديد 9012011/144إذ تضمن في الفصول 107و 108بصيغة صريحة ب أن
السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التنفيذية ،كما انتقل هذا التحول بدوره نح و المجلس األعلى للقض اء ،
إذ تم تغي ير تس ميته إلى المجلس األعلى للس لطة القض ائية كم ا حف ل بتغي ير ك ذلك على مس توى تركيبت ه
وصالحيته ،إال أن اإلشكال الكب ير ال ذي الزال يعاني ه القض اء المغ ربي ه و تبعي ة المح اكم على مس توى
التدبير المالي واإلداري لوزارة العدل والحريات وهذا األمر يجسد بشكل غ ير مباش ر التبعي ة ال تي تالزم
القضاء (وزارة العدل والحريات) ،ثم إن الدستور بدوره الزال يضم إخالال كبيرا بهذه االستقاللية وهو م ا
تضمنه الفصل 110إذ ينص في الفقرة الثانية على أن قضاة النيابة العامة يجب عليهم االلتزام بالتعليم ات
الكتابية الصادرة عن السلطة التي يتبعون لها ،فكما هو معروف أن وزير الع دل يع د رئيس النياب ة العام ة
فكي ف يمكن له ؤالء القض اة ممارس ة مه امهم في ج و من االس تقاللية ،علم ا أن رئيس هم ينتمي للس لطة
التنفيذية فأين يتجلى هذا االستقالل بإعطاء المحاكم هالة كبرى من االستقاللية بعيدا عن تبعية وزارة العدل
من أي جانب سواء المادي المعنوي إسوة بما اتبعه المشرع العماني ،لكون أن خطة استقالل القضاء تبتدئ
بالدرج ة اّألولى بتفري ق الهياك ل وه ذا م ا أكدت ه العدي د من الم ذكرات والتق ارير ال تي رفعته ا األح زاب
والجمعيات ولعل أولها ما حددته مذكرة جمعية عدالة حينما اقترحته ضرورة مراجع ة تنظيم اختصاص ات
وزارة العدل بشكل يخول دون أي تدخل أو تأثير للجهاز اإلداري في مجرى العدالة وسير المحاكمات.902
الفقرة األولى :على مستوى التركيبة الجديدة للمجلس األعلى للقضاء العماني:
- 900المرسوم السلطاني .91/2012
-901الدستور المغربي المصادق عليه باالقتراع العام يوم 1يوليوز 2011المنشور بالجريدة الرس$$مية بت$$اريخ 17يولي$$وز 2011ع$$دد 5952
مكرر.
506
لقد ح دد المرس وم الس لطاني رقم 99/93الخ اص بإنش اء المجلس األعلى للقض اء903تركيب ة المجلس،
فاستنادا إلى المادة األولى يتشكل المجلس برئاسة جاللة السلطان وعضوية كل من :
ـــ وعند غياب أحد األعضاء من شاغلي الوظائف القضائية المش ار إليه ا أو وج ود م انع لدي ه
يحل محله من يليه في الجهة التي يمثلها.
وهن ا يب دو أن ت دخل الس لطة التنفيذي ة في ه ذه البني ة واض ح باعتب ار أن وزي ر الع دل ينتمي إلى ه ذه
األخيرة وبالتالي ينعكس سلبا هذا التمازج على االستقاللية بشكل عام نظرا لكون الممارس الفعلي للرئاس ة
هو النائب األول أي وزير العدل وليس جاللة السلطان ،وفي ذلك تداخل لما هو قضائي بما هو تنفيذي ،إال
أن هذا التداخل دفع بجاللة السلطان إلى إصدار قانون جديد يتعلق بالمجلس األعلى للقضاء في 29ف براير
سنة 2012جاء بمتغيرات مهمة لعل أبرزها هو إبعاد وزير العدل والمفتش العام للش رطة والجم ارك عن
عضوية المجلس باعتبارهما يمثالن السلطة التنفيذية ،وأصبح من يقوم مقامهما هو رئيس المحكمة العليا.
وفي ذلك تجسيد للتوجه الذي رغبت فيه السلطنة على مستوى إقرار قاعدة مثبتة من االس تقاللية للجس م
القضائي حيث ينهض كجهاز قائم الذات يرصع مجال االستقاللية ويحمي كل المكتسبات الديمقراطية ال تي
حققتها السلطنة ،و ب العودة إلى المغ رب فق د تض من الدس تور الجدي د في الش ق المتعل ق ب المجلس األعلى
للقضاء مجموعة من المستجدات لعل أبرزها التأليف باإلضافة إلى الرئاسة المخولة لجاللة الملك عه د إلى
الرئيس األول لمحكمة النقض (المجلس األعلى سابقا) بمهمة نائب الرئيس بدال عن وزير العدل الذي ك ان
يقوم بهذه المهمة في المجلس األعلى للقضاء قبل تعديل الدستور الجديد ثم ين وب عن ه الوكي ل الع ام للمل ك
لدى محكمة النقض إذ أن تش كيلة المجلس الس ابقة ك انت ت برز بش كل واض ح ت دخل الس لطة التنفيذي ة في
السلطة القضائية .إال أن المطالب التي رفعت إبان مرحلة إعداد الدستور كانت تصب في منح نى واح د أال
- 903صدر هذا المرسوم سنة 1999في شهر نونبر.
507
وه و ض رورة إع ادة النظ ر في تش كيلة المجلس األعلى للس لطة القض ائية إذ أجم ع على أن مهم ة ن ائب
الرئيس البد من أن تسند إلى شخصية تنتمي إلى المجال القضائي وهي شخص ية س امية معروف ة بكفاءته ا
الفكرية ونزاهتها المشهود بها وأحكامها ومواقفها في تحقيق العدالة وحسن تدبيرها.
ويتولى هذا النائب نيابة عن صاحب الجاللة تدبير وإدارة السلطة القضائية وه و ال ذي ي ترأس المجلس
األعلى
للقضاء نيابة عن الملك ،904إال أن هذه الشخص ية غالب ا م ا ك ان يش ار إليه ا في ش خص ال رئيس األول
للمجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) 905بيد أن بعض األحزاب طالبت بأن تكون ه ذه الشخص ية (ح زب
االتحاد االشتراكي) خارج المجال القضائي :
و عموما فقد ثم اإلجماع على ضرورة جعل القضاء سلطة مستقلة عن السلطة التنفيذية وإعطائه ا كاف ة
الضمانات الكاملة لتفعيل هذه االستقاللية ،وما تشكل المجلس األعلى للسلطة القضائية بالمغرب إال م دخل
لتكريس روح االستقاللية بعدما ثم إبعاد أي تبعية للس لطة التنفيذي ة ال تي ك انت مجس دة في ش خص وزي ر
العدل وهذا هو ما تبن اه المش رع العم اني عن دما أص در المرس وم الس الف ال ذكر لكي يعم ل على إعط اء
القضاء ذلك التقدير المستحق تحقيقا للمصلحة العامة وتماشيا مع كل الش عارات ال تي رفعت إب ان المرحل ة
ودعما إلى سلطة مستقلة تعزز كل هذه األبعاد والتصورات على أرض الواقع.
يجم ع الكث ير على أن االرتق اء بالقض اء إلى س لطة مس تقلة ال يس تقيم إال بجع ل القض اء اإلداري في
استقالل كلي عن القضاء المادي وهذا االستقالل يتجسد بالكثير من المظاهر ،فأول م ا يمكن أن نش ير إلي ه
هو إحداث مجلس الدولة الذي يكرس االستقاللية بوض وح وتجلي لكن في أف ق الوص ول إلى ه ذا الوض ع
عمل المشروع العماني على تأهيل القضاء اإلداري للعب هذا الدور ،وذلك بجعل القضاء اإلداري مستقال
عن دي وان البالط الس لطاني إال أن ه رغم ذل ك فالزال ه ذا القض اء في تبعي ة للمجلس األعلى للش ؤون
اإلدارية.
لقد جاء القضاء اإلداري كضمانة أساسية لحماي ة الحق وق والحري ات نظ را لم ا يتمت ع ب ه من اس تقالل
وحياد تام يجعل بمنأى عن ت دخل الدول ة في ش ؤونه ومرتك زا على مب دأ المش روعية ال ذي يحتم خض وع
جميع سلطات الدولة العامة مثله ا في ذل ك مث ل األف راد ألحك ام الق انون ومن ه ذا المنطل ق ص در النظ ام
األساسي للدول ة بالمرس وم الس لطاني رقم ( )96/101ليؤك د توج ه الدول ة نح و إرس اء مب دأ المش روعية
وتكريس سيادة القانون بالبالد مع التأكيد على وجود رقابة قضائية على أعمال اإلدارة تضمن تحقي ق ذل ك
- 904مقترحات حزب االستقالل في الشق المتعلق بجهاز القضاء وإرادة ضمن كتاب تعزيز حول العدالة بالمغرب.
- 905مقترحات أحزاب العدالة والتنمية والطليعة االشتراكي والتقدم االشتراكي.
508
المبدأ فبعد أن نصت المادة 25من النظام األساس ي للدول ة 149على أن للقاض ي ح ق مض مون ومكف ول
للناس كافة تم أشارت المادة 67إلى أنه " ينظم القانون الفصل في الخصومات اإلدارية بواس طة دائ رة أو
محكمة خاصة بين القانون نظامها وكيفية ممارستها للقضاء اإلداري وهو ما ت وج بإنش اء محكم ة القض اء
اإلداري906بالمرسوم السلطاني رقم ( )99/91الذي تضمن المادة الثانية من المرسوم على أنه ق د " :يك ون
وزير البالط الس لطاني ه و ال وزير المختص بالنس بة إلى المحكم ة " ،فمن خالل ه ذا يتض ح أن المح اكم
اإلدارية بسلطنة عمان جعلت من وزير ديوان البالط السلطاني هو من يختص بهذه المح اكم ففي ظ ل ه ذا
الوضع ال يمكن الجهر بالقول على أن المحاكم اإلداري ة (القض اء اإلداري) تع رف اس تقاللية عن الس لطة
التنفيذي ة إذا أن ه ذا الت دخل ال يك رس االس تقاللية وه و م ا دف ع بالمش رع العم اني إلى تب ني اس تراتيجية
واضحة المعالم تجع ل من القض اء اإلداري م ؤهال لس لك خي ار االس تقاللية عن القض اء الع ادي ويك رس
االزدواجية.
إذا أن إحداث هذه المحكمة هو جزء من خطة العمل ،إال أن هذا التداخل ال يواف ق والتوج ه ال ذي يجب
أن يتم االعتماد عليه وهو فعال ما تأتي بإصدار المش رع العم اني لمرس وم جديد 907يعم ل قطيع ة م ع ه ذا
التداخل ويفيد محكمة القضاء اإلداري عن ديوان البالط السلطاني وهو يدل على نية السلطنة " في ض مان
استقاللية القضاء وتنزيل تلك الشعارات إلى أرض الواقع وفق نص تشريعي واض ح الدالل ة ،كم ا أن ه ذا
التعديل يواكب التوجهات الكبرى التي شرعت السلطنة فيما بينها من أج ل بل وغ مقاص ي وأه داف الدول ة
الحديثة وكذلك لالستجابة للمتطلبات الراهنة " المتمثلة في التحوالت الكبيرة التي عرفها المجتم ع العم اني
على كافة األصعدة ،وبالتالي التماشي مع شعار " دولة الحق" في حرص ها على تعزي ز مكتس بات الش عب
العماني في الحقوق والواجبات.
أما بالنسبة للقضاء اإلداري في المغرب فهو تابع لوزارة العدل المغربية (العتبار أن المح اكم اإلداري ة
ومحاكم االستئناف اإلدارية) يخضعون في تدبيرهم المالي واإلداري لإلدارة المركزي ة وهي وزارة الع دل
والحريات كما أن رئيس المحكمة اإلدارية من جانب مهامه اإلدارية وليس القضائية يعتبر مرؤوسا لرئيسه
وهو وزير العدل من الجانب اإلداري ،وعن هذا التوجه الذي سلكه المشرع العماني في اس تقاللية المح اكم
اإلدارية عن البالط السلطاني فه و توج ه محم ود ك ان على المش رع المغ ربي أن يعم ل على تجس يد ه ذه
االس تقاللية بجع ل المح اكم اإلداري ة وح دات خاص ة تتمت ع باالس تقالل الم الي واإلداري عن اإلدارة
المركزية ،من أجل بلوغ االستقاللية المنشودة.
906
.انظر الصفحة ............ www 126 :موقع وزارة الشؤون القانونية -
907
.مرسوم سلطاني رقم 10/2012صادر في 29فبراير - 2012
509
الفقرة الثانية :تبعية القضاء اإلداري للمجلس األعلى للشؤون اإلدارية
استنادا إلى المادة 28من المرسوم السلطاني رقم 91/99الخاص بإنشاء محكمة القضاء اإلداري " نشأ
بالمحكمة مجلس للشؤون اإلدارية برئاس ة ال وزير المختص وعض وية رئيس المحكم ة ونائب ه واث نين من
المستشارين وعند غياب الوزير المختص أو وجود مانع لديه يحل محله رئيس المحكمة ،وعند غياب أح د
أعضاء المجلس أو وجود مانع لديه يحل محله األقدم من أعض اء الجمعي ة العام ة للمحكم ة ،بحيث ال يق ل
تشكيله عند خمسة. " .....
ومن خالل ما تبين في هذه المادة أنه بداخل محكمة القضاء اإلداري تتواجد هيئة تسمى مجلس الش ؤون
اإلداري ة مكون ة من وزي ر الع دل ورئيس المحكم ة اإلداري ة ون ائب ال رئيس واث نين من أق دم مستش ارين
بالمحكمة وينوب عن الرئيس في حالة غياب رئيس المحكمة ،وعند غياب أح د األعض اء ين وب عن ه أق دم
عضو في الجمعية العامة للمحكمة.
ومن اختصاصات هذا المجلس حسب نص المرسوم النظر في تعيين أعضاء المحكمة وتحديد أق دميتهم
وترقياتهم ونقلهم و تأديبهم خ ارج المحكم ة وإع ارتهم وتظلم اتهم وبس ائر ش ؤونهم الوظيفي ة على الوج ه
المنصوص عليه في هذا القانون ،غير أن القضاء اإلداري المغربي وتحديدا المحاكم اإلدارية جعلت تبعية
القضاة وعزلهم وتأديبهم يخضعون لسلطات المجلس األعلى للسلطة القضائية على عكس ما ه و ك ائن في
محكم ة القض اء اإلداري لس لطنة عم ان ،كم ا نص ت نفس الم ادة أن المجلس يجتم ع ب دعوة من ال وزير
المختص (وزير العدل) أو من يحل محله (رئيس محكمة القضاء اإلداري).
هذا وتكون جميع مداوالت المجلس س رية وتص در قرارات ه بأغلبي ة األعض اء ،كم ا أن رئيس محكم ة
القضاء اإلداري يقدم لرئيس المجلس تقريرا سنويا متضمنا م ا أظهرت ه األحك ام من نقص في التش ريعات
القادمة أو غموض فيها ،أو مجاورة أي جهة لسلطتها ،ويرف ع رئيس المجلس التقري ر إلى جالل ة الس لطان
ووفق ما يتجلى من هذا االختبار الذي تبناه المشرع العماني ة فإن ه ال يخ دم أي اس تقاللية للقض اء اإلداري
رغم كل المبادرات التي أعقبت هذا المرسوم والهادفة إلى ترس يخ مب دأ اس تقاللية القض اء ،إذ أن إخض اع
القضاة في نقلهم وعزلهم وترقيتيهم لسلطات وزير العدل ال يخدم بتاتا استقاللية القضاء ،إذ ك ان ب األحرى
أن يخضعوا للمجلس األعلى للقضاء كما هو الحال بالمغرب ضمانا لالس تقاللية في أداء عملهم ومه امهم،
إذ أن مؤسسة المجلس األعلى للقضاء هي موج ودة ض من البني ة القانوني ة في س لطنة عم ان إذ ك ان على
المشرع أن يطهر هذه الترسانة بصالحيات عدة أهمها النظر في وضعية القضاة.
510
إذا كانت البداية األولى للرقابة القضائية على أعمال اإلدارة بالسلطنة تتمث ل في إنش اء محكم ة القض اء
اإلداري ،إال أنه ال يمكننا القول إن الجهات اإلدارية كانت بمنأى على أي رقابة قبل إنشاء هذه المحكم ة إذ
أن الواقع يؤكد وجوده عدة أنواع من الرقابة حرصت الحكومة على األخذ بها منذ البداية للنهضة المبارك ة
وإن كانت فعاليتها محدودة
نوعا م ا بالمقارن ة بالقض اء إال أنه ا غالب ا م ا تحق ق الض مانات المطلوب ة ،وبالت الي ال يمكن تص حيح
األوضاع وتحقيق الضمانات األساسية لحماية تلك الحقوق والحري ات إال باس تخدام رقاب ة فعال ة تتمث ل في
الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة ،فهي أفضل أنواع الرقابة وأكملها ،إذ بغ ير ه ذه الرقاب ة القض ائية ال
يعدو القانون أن يكون س وى قواع د نظري ة ال يوج د من يحق ق له ا االح ترام ال واجب والص فة اإللزامي ة
اآلمرة.
يعد األساس الدستوري للقضاء اإلداري في السلطنة – بعد الشريعة اإلسالمية – المادة ( )67من النظام
األساسي التي تنص بأن " :ينظم القانون الفصل في الخصومات اإلدارية بواسطة دائرة أو محكم ة خاص ة
يبين القانون نظامها ،وكيفية ممارستها للقضاء اإلداري".
فالتنظيم القضائي خالل الف ترة من 1970م وح تى 1999م ،يتك ون من ع دة جه ات أس ند له ا المش رع
النظر في بعض المنازعات ،ولذلك تعددت جهات القض اء ،وتب اينت الجه ات المش رفة عليه ا ،مم ا أظه ر
العديد من المشاكل ،أقل ما يمكن أن توصف به هو عدم وجود تنظيم قضائي واضح في السلطنة ،وبالت الي
خلق هذا الوضع اختالف القواعد القانونية الحاكمة لالختصاص والفصل في الخصومات.
وبعد صدور النظام االساسي للدولة الذي عهد بتنظيم ذلك القانون ،وال ذي تنص الم ادة ( )62من ه على
أن " :يرتب القانون المحاكم على اختالف أنوعها ،ودرجاتها ،ويبين وظائفها ،واختصاصاتها" مفرداً مواد
خاص ة لتنظيم االدع اء الع ام ،والفص ل في الخص ومات اإلداري ة ،وأس لوب البت في الخالف على
االختصاص بين جه ات القض اء وفي تن ازع األحك ام ،والجه ة المعني ة بإب داء ال رأي الق انوني لل وزارات
والجهات الحكومي ة االخ رى ،وص ياغة مش روعات القـوانين والل وائح والق رارات ومراجعته ا ،والجه ة
المعنية بالفصل في المنازعات المتعلقة بمدى تطابق القوانين واللوائح م ع النظ ام األساس ي للدول ة ،وع دم
مخالفتها إلحكامه.
مما يعني أن إعادة تنظيم القضاء على أسس حديث ة ب ات مطلب ا ً ملح ا ً على الس لطات المختص ة ،وذل ك
خالل م دة س نتين ،وعلى الق ائمين على تنفي ذ النظ ام األساس ي تب نى أي من النظ امين القض ائيين ،النظ ام
511
الموحد ،وذلك من خالل إنشاء قضاء عادي ،واالكتفاء بدائرة تختص بالنظر في المنازعات اإلدارية ضمن
منظومة القض اء الع ادي ،وه و م ا يمكن تحقيق ه من خالل الم ادة( )67من النظ ام األساس ي ال تي عه دت
بتنظيم الفصل في الخصومات اإلدارية من قبل دائرة أو محكمة خاصة ،أو األخذ بنظ ام القض اء الم زدوج
الذي يتطلب قيام جهة قضاء إداري مستقلة بجانب القضاء العادي ،األم ر ال ذ أجازت ه الم ادة( )67المش ار
إليها.
وانطالقا من المبدأ الذي عملت السلطنة على اعتناقه خالل مرحل ة البن اء والتط وير والقاض ي باإلف ادة
من كل جديد ،مع المحافظة على الثوابت والمكتسبات التي تحققت ،فقد تمت إعادة تنظيم القضاء على نح و
حديث ومتكامل ،وذلك بإيجاد نوعين من القض اء أح دهما قض اء ع ادي ،تمثل ه مح اكم الس لطة القض ائية،
وآخر قضاء إداري تمثله محكمة القضاء اإلداري وذلك باإلضافة إلى قضاء خاص يتمثل في محكم ة أمن
الدولة ،والمحاكم العسكرية في ظل قانون الشرطة رقم (.)35/90
وبإصدار قانون الس لطة القض ائية بالمرس وم الس لطاني رقم ( )90/99ال ذي ينص في الم ادة ( )4من ه
على أن " :يص در بإنش اء ك ل من محكم ة القض اء اإلداري وإص دار قانونه ا مرس وم س لطاني" ،حس م
المشرع العماني موقفه من ازدواجية القضاء ،بإنشاء محكم ة خاص ة بنظ ر الخص ومات اإلداري ة بج انب
محاكم السلطة القضائية ،التي حدد اختصاصها بالحكم في ال دعاوى المدني ة والتجاري ة ،وطلب ات التحكيم،
ودعاوى األحوال الشخصية ،والدعاوى العمومية والعمالي ة والض ريبية واإليجاري ة ،وغيره ا ال تي ترف ع
إليها طبقا ً للقانون.
صدر المرسوم السلطاني رقم ( )91/99بإنشاء محكمة القضاء اإلداري وإصدار قانونها وذلك بج انب
القضاء العادي ،واشتمل القانون على تنظيم ،وتشكيل المحكم ة ،وبي ان اختصاص اتها ،وذل ك بإنش اء هيئ ة
مستقلة للفصل في الخصومات اإلدارية تسمى (محكمة القضاء اإلداري) ،وتكون تبعيتها اإلداري ة والمالي ة
لوزير ديوان البالط السلطاني ،كما نظم اإلجراءات ال تي تتب ع أمامه ا ،واألحك ام الخاص ة بنظ ام أعض اء
المحكمة ،وفيما يتصل باالختصاص ،فقد حصرت المادة ( )6من ق انون المحكم ة اختصاص ها ب النظر في
الدعاوى المحددة في البنود من ( 1وحتى )8منها ،في حين أخرجت من اختصاص المحكمة وفق ا للم ادة (
)7من ذات القانون النظر في اعمال السيادة ،والمراسيم ،واالوامر السامية.
وبمطالع ة ق انون محكم ة القض اء اإلداري وعلى األخص الم ادة ( )6من ه ،نج د أن اختصاص ات
المحكمة مقصورة على االختصاص القضائي فحسب ،وبالتالي يخرج عن اختصاصها كل ما يتعلق بإب داء
512
الرأي القانوني ،وإعداد ومراجعة التش ريعات والعق ود ،وي دخل في اختص اص وزارة الش ؤون القانوني ة،
وفقا للمرسوم رقم ( )14/94المنظم الختصاصات الوزارة.
تش كل ال دائرة االبتدائي ة برئاس ة مستش ار ،وعض وية اث نين من المستش ارين االول أو المستش ارين
المساعدين ،كما أجاز القانون أن يك وون أح د األعض اء بوظيف ة ق اض ،وفي ع ام 2009م اص بح تش كيل
الدائرة برئاسة مستشار وعضوية اثنين من اعضاء المحكمة.
وتختص الدائرة اإلبتدائية بنظر كافة الخصومات اإلداري ة المح ددة في الم ادة ( )6من ق انون المحكم ة
سواء تعلقت الدعوى بطلب إلغاء قرار إداري أو التعويض عنه.
بمع ني أن ال دعاوى المتعلق ة بالخص ومات اإلداري ة تنظ ر على درجي تين :األولى من قب ل ال دائرة
االبتدائية ،والثانية من قبل الدائرة االستئنافية.
وألهمية الدعاوى التي تعرض على الدائرة االبتدائية رف ع المش رع تش كيل ال دائرة إلى ثالث ة أعض اء،
وتطلب أن يكون الرئيس بدرجة مستشار ،وهو بخالف ما عليه الحال بالنسبة إلى تشكيل الدوائر االبتدائي ة
في ظل قانون السلطة القضائية المشار إليه الذي قرر في المادة ( )6منه على تشكيل ك ل دائ رة من دوائ ر
المحكمة اإلبتدائية من قاض واحد ،ومن ثالثة قضاة في الدعاوى النوعية والقيمية التي يحدها القانون.
ولقد بدأت محكمة القضاء اإلداري في أول عهدها ب دائرة ابتدائي ة واح دة في مق ر المحكم ة ،بمحافظ ة
مسقط ،ومن ثم تم إنشاء ثالث دوائر ابتدائية متعاقبة في مسقط ،ودائرة ابتدائية أخ رى في محافظ ة ظف ار،
وبعدها دائرة أخرى في محافظة ش مال الباطن ة ،ومن الم أمول فتح دوائ ر أخ رى للمحكم ة في محافظ ات
ومناطق السلطنة األخرى ،تحقيقا لدعوة النظام األساسي للدولة بأهمية تقريب القضاء من المتقاضين.
513
تشكل الدائرة االستئنافية برئاسة رئيس المحكمة أو نائبه وعضوية أربعة من المستش ارين ممن أمض وا
في هذه الوظيفة سنتين على األقل ،كما اجاز القانون أن يرأس الدائرة االستئنافية عند الحاجة األق دم فاألق د
من أعضائها ،وفي عام 2009م أصبح تشكيل الدائرة اإلستئنافية برئاسة رئيس المحكمة أو نائبه وعضوية
أربعة من المستشارين.
وحيث إن التقاضي وفقا لقانون محكمة القضاء اإلداري على درج تين ،ف إن ال دائرة االس تئنافية ،وذل ك
وفقا ألحكام المادة( )20من قانون المحكمة التي ميزت بين نوعين من األحكام هي:
-1األحك ام الص ادرة في ال دعاوى المنص وص عليه ا في البن ود ( )5 ،4 ،3 ،2من الم ادة
السادسة ،وكذلك األحكام الصادرة وفقا للفق رة الثاني ة من الم ادة ( )8من الق انون ،فه ده األحك ام
قابلة لالستئناف.
-2األحك ام الص ادرة في ال دعاوى األخ رى (بتحدي د المس تحقات) ،فيش ترط لقب ول طلب
االستئناف فيها زيادة قيمة الدعوى على خمسة آالف لاير.
بيد أنه وألهمية الدعاوى االستئنافية التي تدخل في اختصاصات الدائرة ،فقد رفع المش رع تش كليها إلى
خمسة أعض اء برئاس ة رئيس المحكم ة أو ن ائب رئيس المحكم ة ،وه و تش كيل يختل ف عم ا علي ه الح ال
بالنسبة إلى المحاكم االستئنافية في القضاء العادي ،التي تشكل من رئيس ،وعدد ( )2من األعضاء ،وبدأت
المحكمة بدائرة استئنافية واحدة،
تتخذ من محافظة مسقط مقراً لها ،ومن ثم تم إضافة دائرة ثانية في ذات المق ر ،إال أن ص ياغة الم ادة (
)5من قانون المحكمة يجيز إنشاء دائرة استئنافية خارج محافظ ة مس قط بم وجب مرس وم س لطاني ،بن اء
على توصية المجلس األعلى للقضاء.
جاء اختصاص المحكمة في بداية نشأتها على سبيل الحصر في البنود اآلتية:
الدعاوى الخاصة بالرواتب والمعاشات والمكافآت وما في حكمها المس تحقة للم وظفين العموم يين -1
أو لورثتهم.
الدعاوى التي يقدمها الموظفون العموميون بمراجعة القرارات اإلدارية النهائية الصادرة بإحالتهم -2
514
الدعاوى التي يقدمها ذوو الشأن بمراجعة القرارات اإلدارية النهائية. -4
ال دعاوى ال تي يق دمها ذوو الش أن بمراجع ة الق رارات النهائي ة الص ادرة من لج ان إداري ة ذات -5
اختصاص قضائي ،وذلك فيما عدا الق رارات الص ادرة من اللجن ة المنص وص عليه ا في الم ادة ( )15من
قانون تنظيم الجنسية العمانية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم . 3/83
دعاوى التعويض عن القرارات المنصوص عليها في البنود السابقة ،سواء رفعت بصفة أصلية أو -6
تبعية.
الدعاوى المتعلقة بالعقود اإلدارية. -7
المسائل األخرى التي تنص القوانين على اختصاص المحكمة بها . -8
وفي ع ام 2009ص در المرس وم الس لطاني رقم( )3/2009بتع ديل اختصاص اتها لتختص المحكم ة -
دون غيرها -بالفصل في الخصومات اإلدارية ومنها اآلتي:
-1الدعاوى التي يقدمها الموظفون العموميون بمراجع ة الق رارات اإلداري ة النهائي ة المتعلق ة
بسائر شؤونهم الوظيفية.
-3الدعاوى التي يقدمها ذوو الشأن بمراجعة القرارات النهائية الصادرة من لجان إداري ة ذات
اختصاص قضائي.
-4الدعاوى الخاص ة ب الرواتب والمعاش ات والمكاف آت وم ا في حكمه ا المس تحقة للم وظفين
العموميين أو لورثتهم.
-5دعاوى التعويض المتعلقة بالخصومات اإلدارية ،سواء رفعت بصفة أصلية أو تبعية.
-6ال دعاوى المتعلق ة ب العقود اإلداري ة ،وذل ك دون إخالل بحكم الم ادة (6مك ررا ) من ه ذا
القانون.
515
ال دعاوى الخاص ة بأعم ال الوح دات األمني ة والعس كرية ع دا م ا يتعل ق منه ا بق رارات -2
متصلة بأداء خدمات عامة لذوي الشأن المتعاملين معها.
الدعاوى المتعلقة بالجنسية والشؤون القبلية. -3
وتج در اإلش ارة إلى أن المش رع راعى اس تقالل القض اء اإلداري بالس لطنة ،بم ا يكف ل الس رعة في
اإلجراءات ،مما ينعكس أثره على سرعة الفصل في الخصومات اإلدارية مما يعد ض مانة أساس ية لحماي ة
حقوق األفراد وحياتهم وفي نفس الوقت يقتضيها حسن سير وانتظام المرافق العامة.
لذلك ،جاء إنشاء محكمة القض اء اإلداري كجه ة قض ائية مس تقلة لتك ون رقيب ا على مش روعية أعم ال
الجهات اإلدارية ،وضمانة أساسية لتحقيق سيادة القانون بالبالد ،لتختص بالفصل في الخصومات اإلدارية،
األمر الذي يعد نقلة حضارية هامة في التنظيم القضائي بالسلطنة وترسيخا لدولة المؤسسات والقانون.
لعب القض اء اإلداري ب المغرب من ذ إنش اء المح اكم اإلداري ة س نة 1990دورا ج د مهم في تعزي ز
المنظوم ة القض ائية المغربي ة وض مان حماي ة قض ائية واس عة للحق وق والحري ات ض د ك ل اإلنتهاك ات
والتجاوزات التي قد تصدر عن اإلدارة بواسطة ق رارات إداري ة يك ون من ش أنها المس بحق وق وحري ات
األفراد والجماعات.
شكل إحداث المحاكم اإلدارية بالفعل محطة هامة في تاريخ إصالح النظ ام القض ائي المغ ربي ،الس يما
وأن ذلك يندرج ضمن سياق توطيد دعائم دولة الحق والقانون وتوفير الضمانات القض ائية الكفيل ة بحماي ة
حقوق وحريات األفراد ،وإذا كانت هذه المحاكم تقوم بدور إيجابي كما ي برز ذل ك الواق ع العملي من خالل
حصيلة أدائها في ترسيخ مبدأ المشروعية وتكريس العديد من المبادئ األساس ية في الق انون اإلداري ،ف إن
ذلك لن يبلغ مداه إال إذا أحيطت هذه األجهزة المتخصصة في المادة اإلدارية بالعناية الفائقة التي تستحقها.
ينص الفصل األول من قانون 41-90المحدث للمحاكم اإلدارية بالمغرب على ان إحداث تل ك المح اكم
وتعيين دوائر نفوذها الترابي واختصاصاتها يتم بمقتضى مرسوم.
516
وتتكون المحكمة اإلدارية من رئيس وعدة قضاة وكتابة الضبط ،ويجوز تقسيم المحكمة إلى عدة أقس ام
بحسب أنواع القضايا المعروض ة عليه ا ويعين رئيس المحكم ة من بين قض اة المحكم ة اإلداري ة مفوض ا
ملكيا أو مفوضين ملكيين لدفاع عن الحق والقانون باقتراح من الجمعية العمومية لمدة سنتين.908
وتسري على قض اة المح اكم اإلداري ة أحك ام الظه ير الش ريف المعت بر بمثاب ة ق انون رقم 467.74.1
الصادر في 26من شوال 11( 1394نونبر )1974بتحديد النظام األساسي للقض اة م ع مراع اة األحك ام
الخاصة الواردة فيه.
إن ما يمكن تسجيله بخصوص تنظيم المح اكم اإلداري ة ،ه و أن القض اء أص بح اجتماعيا 909حيث تعق د
المحاكم اإلدارية جلساتها وتصدر أحكامها عالنية وهي مرتبكة من ثالثة هذه الشكلية في حد ذاته ا ض مانة
على كل وجه في اتخاذ القرارات المناسبة من طرف القض اة ،واس تثناء ف إن المش رع أعطى االختص اص
لرئيس المحكم ة أو من ين وب عن ه بص فته قاض يا للمس تعجالت واألوام ر القض ائية ب النظر في الطلب ات
الوقتية والتحفظية.910
وتتضمن المحاكم اإلدارية مؤسسة جديدة وهي مؤسسة المفوض الملكي للدفاع عن القانون والح ق وق د
أخذ المشرع المغربي هذا التقليد عن مؤسسة مفوض الحكومة لدى المحاكم اإلدارية بفرنسا.
ورغم وح دة النظ ام المطب ق على القض اة بمن فيهم المح اكم اإلداري ة ف إن تمت خصوص يات ترتب ط
بطبيعة المهام الموكولة بالقضاة اإلداريين ،تجعلهم يتم يزون عن قض اة القض اء الع ادي وه ذا م ا يط رح
تس اءل إلى أي ح د يجس د تخص ص المح اكم اإلداري ة في الم ادة اإلداري ة تط ورا وإص الحا نح و إق رار
ازدواجية القضاء على الطراز الفرنسي؟.
كما أن الطابع المستقل لمؤسس ة المف وض الملكي لل دفاع عن الح ق والق انون في دراس ات الملف ات ،ال
يحيل إلى الجهة قضائية مستقلة على اعتبار أن هذا المفوض هو في حد ذاته قاضي يمكنه أن يصبح ضمن
هيئة الحكم وإن كان بصفته مفوضا ال يشارك إصدار األحكام.911
أما فيما يخص محكمة القضاء اإلداري بالس لطنة ،فهي هيئ ة قض ائية تختص بالفص ل في الخص ومات
اإلدارية ،بالمرسوم السلطاني رقم 91-99الص ادر بت اريخ 13ش عبان 1420المواف ق 21نون بر 199م،
وبدأ العمل بقانونها اعتبارا من 1ديسمبر 2000م عمال بحكم المادة 5من المرسوم الصادر.
517
ووزير البالط السلطاني هو الوزير المختص بالنسبة للمحكمة ،حيث يوجد مقرها في العاص مة مس قط،
ويجوز بمرسوم سلطاني إنشاء دوائر ابتدائية أو استئنافية خارج محافظة مسقطة ،وتضم محكم ة مس قطة
دائرتين ابتدائيتين ودائرة استئنافية ،حيث تتألف المحكمة من دائرة ابتدائية أو أك ثر تش كل ك ل دائ رة منه ا
برئاسة مستشار وعضوية اثنين من المستشارين المساعدين األول ،أو المستشارين المس اعدين ويج وز أن
يكون أن يكون أحد األعضاء بوظيفة قاض دائرة استئنافية تشكل برئاسة المحكمة أو نائبه وعضوية أربعة
من المستشارين ممن أمضوا في هذه الوظيفة سنتين على األقل ،ويجوز أن يترأس الدائرة عن د االقتض اء
األقدم من أعضائها.
يجوز بمرسوم س لطاني بن اء على توص ية المجلس األعلى للقض اء إنش اء دوائ ر ابتدائي ة أو اس تئنافية
خارج محافظة مسقطة ،ويحدد المرسوم مقر ونطاق اختصاص كل منها ،ويجوز أن تعقد جلس اتها في أي
مكان أخر داخل نطاق اختصاصها وذلك بقرار من الوزير المختص بناء على طلب رئيس المحكمة.
وتتش كل المحكم ة القض اء اإلداري بس لطنة من رئيس ون ائب ال رئيس وع دد من المستش ارين،
والمستش ارين المس اعدين األول ،والمستش ارين المس اعدين والقض اة ،وبالمحكم ة ع دد ك اف من القض اة
المساعدين.
وتتألف المحكمة من دوائر ابتدائية استئنافية أو أكثر ،ويكون مقره ا محافظ ة مس تقلة ويج وز بمرس وم
سلطاني بناء على توصية المجلس األعلى للقضاة ،إنشاء دوائر ابتدائي ة اس تئنافية خ ارج محافظ ة مس قط،
ويحدد المرسوم مقر ونطاق اختص اص ك ل منه ا وله ا أن تعق د جلس اتها في أي مك ان أح ر داخ ل نط اق
اختصاصها وذلك بقرار من رئيس المحكمة.
تشكل الدائرة االستئنافية برئاسة مستشار وعضوية أربعة المستشارين ،ويجوز أن يرأس الدائرة -عن د
االقتضاء -األقدم فاألقدم من أعضائها.
518
وتتولى أمانة سر المحكمة 912عرض ملف الطعن خالل ي ومين من ت اريخ ص دور ق رار اإلحال ة ،على
رئيس الهيئة ليعين جلسة لنظر الطعن ،وتبلغ إلى الخصوم استدعاء بتاريخ الجلسة قبل حلول ه بعش رة أي ام
على األقل
تم إنش اء المح اكم اإلداري ة بمقتض ى الق انون رقم 41.90الص ادر بتنفي ذه الظه ير الش ريف رقم
1.91.225بتاريخ 10شتنبر 1993المحين مؤخرا بت اريخ 26أكت وبر ،2011و ق د حلت ه ذه المح اكم
محل المحاكم اإلبتدائي ة في القض ايا ذات الص بغة اإلداري ة،و ذل ك على ال رغم من أن بعض اإلرهاص ات
األولية لإلختصاص اإلداري ظهرت في قانون اإللتزامات والعقود كالفص ل 79من ه مثال ال ذي نص على
مسؤولية الدولة عن األخطار المصلحية لمستخدميها (، )3
هذا وتنص المادة الثانية من القانون المحدث للمحاكم اإلدارية على أن المحكمة اإلدارية تتكون من :
وعن إختصاصات المحاكم اإلدارية فالمقصود باالختص اص هن ا ص الحية المحكم ة للبث في ال دعوى
المعروضة عليها ،و يتم التمييز عادة في اإلختصاص بين اإلختصاص النوعي ،و اإلختص اص المحلي أو
المكاني ،فاإلختصاص النوعي يعني الذي يمنح للمحكمة إمكانية النظر في قضية معينة إس تنادا إلى نوعه ا
(مدني ة،جنائي ة،جنحي ة،قض ايا األس رة،تجاري ة،)...أم ا اإلختص اص المحلي فه و ال ذي يعطي للمحكم ة
صالحية الفصل في الدعوى بناء على أساس جغرافي تحقيقا لمبدأ تقريب القضاء من المواطنين
يتوزع إختصاص المحاكم اإلدارية إلى نوعين ،إختصاص نوعي وإختصاص محلي.
تختص المح اكم اإلداري ة نوعي ا حس ب الم ادة ، 8م ع مراع اة الم ادتين 9و 11من الق انون المح دث
للمح اكم اإلداري ة ب البت ابت دائيا في طلب ات إلغ اء ق رارات الس لطات اإلداري ة بس بب تج اوز الس لطة،ــ
النزاعات المتعلقة بالعقود اإلدارية،
ــ دعوي التعويض عن األضرار التي تسببها أعمال و نشاطات أشخاص القانون العام،م ا ع دا
األض رار ال تي تس ببها في الطري ق الع ام مركب ات أي ك ان نوعه ا يملكه ا ش خص من أش خاص
الق انون الع ام،ــ النزاع ات الناش ئة عن تط بيق النص وص التش ريعية و التنظيمي ة المتعلق ة
912
.أمانة سر :هي ما يصطلح عليها في المغرب بكتابة الضبط بالمحكمة اإلدارية -
519
بالمعاشات،و منح الوفاة المستحقة للعاملين في مراف ق الدول ة و الجماع ات المحلي ة و المؤسس ات
العام ة و م وظفي إدارة مجلس الن واب،ــ تط بيق النص وص التش ريعية و التنظيمي ة المتعلق ة
باإلنتخاب ات و الض رائب و ن زع الملكي ة ألج ل المنفع ة العام ة،ــ النزاع ات المتعلق ة بالوض عية
الفردية للموظفين و العاملين في مرافق الدولة و الجماعات المحلية و المؤسسات العامة
و بالنسبة للمحكمة اإلدارية بالرباط فقد أوكل لها المشرع باإلضافة إلى اإلختص ات العام ة الس الفة
الذكر حق النظر في النزاعات المتعلق ة بالوض عية الفردي ة لألش خاص المعي نين بظه ير ش ريف أو
مرسوم
تنص المادة 10من ق انون المح اكم اإلداري ة على أن ه تطب ق قواع د اإلختص اص المحلي المنص وص
عليها في الفصل 27و ما يليه إلى الفصل 30من قانون المسطرة المدنية أمام المحاكم اإلدارية ما لم ينص
على خالف ذلك قانون أو نصوص خاصة
و إستثناء من هذه القاعدة ترفع طلبات اإللغاء بسبب تجاوز الس لطة إلى المحكم ة اإلداري ة ال تي يوج د
موطن اإللغاء داخل دائرة إختصاصها أو التي صدر القرار بدائرة إختصاصها،كم ا أن الم ادة 11من ذات
القانون نص على أنه " تختص محكمة الرباط اإلدارية في النزاعات المتعلقة بالوضعية الفردية لألشخاص
المعينين بظهير شريف أو مرسوم،و بالنزاعات الراجعة إلى اختصاص المحاكم اإلدارية التي تنش أ خ ارج
دوائر إختصاص جميع هذه المحاكم "
وعن اإلجراءات المسطرية أمام المحاكم اإلدارية نجد أن المس طرة المدني ة تع د القاع دة األساس ية في
رفع الدعاوى في القضايا اإلدارية بمقتض ى الم ادة 7من الق انون المح دث للمح اكم اإلداري ة وال تي تنص
على أنه " :تطبق أمام المحاكم اإلدارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص ق انون على
خالف ذلك".
ولما كانت للقضايا اإلدارية خصوصيات تميزه ا عن غيره ا التص الها بالق انون اإلداري ال ذي يه دف
باألساس إلى تحقيق المصلحة العامة وضمان حسن سير اإلدارة فإن قانون إح داث المح اكم اإلداري ة ق رر
مجموعة من اإلجراءات الشكلية التي يلزم احترامها في الدعاوى اإلدارية.
أما اإلجراءات المتعلقة بمقال الدعوى فلق د اش ترط المش رع أن تك ون المس طرة كتابي ة أم ام المح اكم
اإلداري ة ،حيث تنص الم ادة 3من ق انون 90ـ 41على أن القض ايا ترف ع إلى المحكم ة اإلداري ة بمق ال
مكتوب يوقعه محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين ب المغرب ،ولق د ارت أى المش رع من خالل
520
هذا الشرط تكريس حق وق ال دفاع ،ذل ك أن مواجه ة اإلدارة أم ام القض اء يس تلزم معرف ة ش املة للق وانين
والضوابط اإلدارية ،وهذا بالضبط لن يتأتى للمواطن العادي إال بمؤازرة المحامي وإال ضاع حق ه بمج رد
اإلخالل بأبسط اإلجراءات الشكلية.
والعريضة المرفوعة أمام المحكمة اإلدارية يلزم أن تتضمن مجموعة من البيانات والمعلومات المتعلقة
باألطراف سواء تعلق األمر بالشخص العمومي أو الشخص الط بيعي كالص فة واألس ماء العائلي ة والمهن ة
والموطن ومحل اإلقامة ،إال جانب هذا البد من أن تتضمن العريضة موضوع الدعوى والوس ائل والوق ائع
وترفق بالمستندات التي ينوي الم دعي اس تعمالها .كم ا يرف ق بالمق ال االفتت احي لل دعوى بع دد من النس خ
يساوي عدد الخصوم عند تعددهم ،وعند إيداع العريضة بكتابة ضبط المحكمة اإلدارية ،يسلم كاتب الضبط
وصال بذلك يتكون من نسخة منها يوضع عليها الختم وتاريخ اإليداع.
وبعد تسجيل الدعوى يحال مل ف القض ية من ط رف رئيس المحكم ة اإلداري ة إلى ق اض مق رر ،وإلى
المفوض الملكي للدفاع عن القانون ومهمة القاضي المقرر هي القيام باإلجراءات األولية حيث يصدر أمرا
بالتبليغ ويعين تاريخ النظر في القض ية وإش عار األط راف إلى وج وب تق ديم الم ذكرات والمس تندات قب ل
الجلسة.وإذا كانت القضية غير ج اهزة للحكم يمكن إرج اع المل ف إلى القاض ي المق رر ليتخ ذ اإلج راءات
الضرورية.
أما اإلجراءات المتعلق ة بجلس ات المحكم ة اإلداري ة نج د أن تعق د المح اكم اإلداري ة جلس اتها وتص در
أحكامه ا عالني ة ،وهي متركب ة من ثالث قض اة يس اعدهم ك اتب الض بط ،ويت ولى رئاس ة الجلس ة رئيس
المحكمة اإلدارية أو قاض معين من لدن الجمعية العامة السنوية لقضاة المحكمة اإلدارية.
وحضور المف وض الملكي ض روري في الجلس ات ،رغم كون ه ال يش ارك في م داوالت إص دار الحكم
ويعت بر مب دأ عالني ة الجلس ات من المب ادئ المعم ول به ا في معظم األنظم ة القض ائية وبمقتض اها تك ون
اإلجراءات التي تقوم بها المحكمة قبل إصدار الحكم عالنية وللقاضي من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أحد
األطراف أن يأمر بجعلها سرية حفاظا على النظ ام أو مراع اة لآلداب واألخالق الحمي دة ( الفص الن ،43
339من قانون المسطرة المدنية.
و شفوية الجلس ات مكمل ة لعالني ة الجلس ات ،وال يق ع فيه ا االكتف اء بالمناقش ة الش فوية ب ل يجب تق ديم
وتبادل المذكرات بين األطراف حتى يتسنى توثيق مختلف الوقائع ،وذلك لكون معيار الحضور في رح اب
المح اكم اإلداري ة ال يتطلب الحض ور في الجلس ة بق در م ا يتطلب اإلدالء بالوث ائق المكتوب ة ،فالمس طرة
المتبع ة كم ا س بقت اإلش ارة هي مس طرة كتابي ة يكفي فيه ا وض ع م ذكرات كتابي ة لص دور حكم
حضوري.وعن دما تنتهي المحكم ة من دراس ة القض ية وتص ل إلى نتيج ة ،فالب د من تالوة منط وق الحكم
521
شفويا في جلسة علنية في حالة لم تكن الجلسة سرية .وبعد النطق بالحكم ال تستطيع المحكمة ال تراجع عن ه
أو تعديله أو تغييره.وال ينبغي أن يشمل الحكم ما لم يطلب به الخصوم ،إعماال لقاع دة القاض ي ال يمكن أن
يحكم بأكثر مما يطلب منه.ويقع أصل الحكم من طرف الرئيس والقاضي المقرر وكتاب ة الض بط ،وتص در
األحكام وتنفذ باسم جاللة الملك و طبقا للقانون.
وعن اإلجراءات المتعلقة ب الطعن باإلس تئناف ،يتم اس تئناف األحك ام الص ادرة عن المح اكم اإلداري ة
داخل أجل 30يوما من تاريخ تبليغ الحكم و فق مقتض يات الم واد من 134الى 141من ق انون المس طرة
المدنية،وتخضع لنفس اآلجال األوام ر الص ادرة عن رؤس ائها،و يق دم مق ال اإلس تئناف إلى كتاب ة الض بط
بالمحكمة اإلدارية بواسطة مقال مكتوب يوقع ه مح ام،و ينبغى أن يرف ق المق ال م ع مس تنداته داخ ل أج ل
أقصاه 15يوما من تاريخ ايداعه بكتابة الضبط
وعن محاكـم اإلستئناف اإلداريــــــــة فقد تم إحداث محاكم اإلستئناف اإلداري ة بم وجب ق انون 80.03
الص ادر بت اريخ 14ف براير ،2006المحين بت اريخ 26أكت وبر ، 2011وحس ب الم ادة 02من الق انون
المذكور فمحاكم اإلستئناف اإلدارية تتألف من :
يجوز تقسم محكمة اإلستئناف اإلدارية الى عدة غرف حسب أن واع القض ايا المعروض ة عليه ا,و يعين
الرئيس األول لمحكمة اإلستئناف اإلدارية من بين المستشارين مفوضا ملكيا،أو أكثر لل دفاع عن الق انون و
الحق باقتراح من الجمعية العمومية لمدة سنتين قابلة للتجديد.
و تعقد هذه المح اكم جلس اتها و تص در قراراته ا ,و هي متركب ة من ثالث ة مستش ارين من بينهم رئيس
يساعدهم كاتب الضبط .اما عن المفوض الملكي للدفاع عن القانون و الحق فان حضوره ض روريا لالدالء
باراءه مكتوبة م ع امكاني ة توض يحها ش فويا لهيئ ة الحكم بكام ل االس تقالل س واء فيم ا يتعل ق بالوق ائع او
القواعد القانونية المطبقة عليها ,و ذلك بالنسبة لكل قضية على حدة بالجلسة العامة.
و يح ق الط راف ال دعوى الحص ول على نس خة من مس تنتجات المف وض الملكي.وتظ ل لهيئ ة الحكم
صالحية االستعانة برءيه تبعا لقناعته بما يدلي به من مواق ف واقتراح ات.و تالفي ا ألي ت اثير مباش ر من ه
على هيئة الحكم ,فان القانون لم يخوله صالحية المشاركة في مداوالت المحكمة.
ومن إختصاص محاكم اإلستئناف اإلدارية وبالرجوع إلى مقتضيات القانون المنظم لمح اكم اإلس تئناف
اإلدارية (المادتين 5و ) 6نجد أن األخيرة مختصة بالنظر في إستئناف أحكام المحاكم اإلداري ة و ك ذا في
522
أوامر رؤسائها.و بهذا يكون المشرع قد سلك نفس النهج المعتمد في المادة المدني ة ال تي تنظ ر ب دورها في
اإلستئنافات المرفوعة ضد األحكام الصادرة عن محاكم الموضوع أو محاكم أول درجة .
أحدثت مح اكم االس تئناف اإلداري ة بمقتض ى الظه ير الش ريف رقم 1.06.07الم ؤرخ في 14ف براير
2006المنشور بالجري دة الرس مية ع دد 5398بت اريخ 23ف براير ،2006بتنفي ذ الق انون رقم 80.03و
بذلك يصل بناء القضاء اإلداري إلى مرحلة مهم ة من مراحل ه في انتظ ار إكم ال ص رحه بإح داث مجلس
الدولة المغربي كمحكمة عليا منفصلة ومستقلة عن محكمة النقض ،أي المجلس األعلى.913
جاء هذا القانون في إطار السعي وراء تكملة صيانة حقوق األط راف في مواجه ة الدول ة والمؤسس ات
التابعة لها ،وجعل مسطرة التقاضي في المنازعات اإلدارية على درج تي وخض وع الق رارات االس تئنافية
اإلدارية لمراقبة المجلس األعلى عندما يطعن بالنقض في تلك القرارات.914
وبهذا فقد نص المرسوم المتعل ق بتحدي د المح اكم االس تئنافية اإلداري ة رقم 187.206الم ؤرخ في 24
يونيو 2006المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5447بتاريخ 14غش ت 2006بإح داث مح اكم االس تئنافية
اإلدارية والتي بل غ ع ددها محكم تين اثن تين األولى مقره ا الرب اط وتغطي ش مال المملك ة والثاني ة مقره ا
مراكش وتغطي جنوبها.
وتنظم الجمعية العامة لمحاكم االستئناف اإلدارية كيفية العمل داخل هذه المحاكم (المادة )2حيث تتك ون
من مستشاري هذه المحاكم ومن مفوضين ملكيين للدفاع عن القانون والحق والع املين به ا حض ور رئيس
كتابة الضبط ،وتعقد اجتماعها في الخمسة عشر يوما األولى من شهر ديسمبر وتحدد عدد الغرف وتكوينها
وأيام وساعات الجلسات وتوزيع القضايا بين مختلف الغ رف ،كم ا تت ولى اق تراح تع يين مف وض ملكي أو
أكثر ويجوز لها عند الحاجة عقد اجتماعات أخرى إذا اعتبر الرئيس األول للمحكمة ذلك مفيدا (المادة.)3
وللعلم ،فإن القانون المحدث لمحاكم االستئناف اإلدارية يشمل إحدى وعشرين مادة موزعة على س بعة
أبواب تناولت هده المواد إحداث هذه المحاكم وتركيبها واختصاصاتها المساعدة القض ائية وش روط منحه ا
من طرف رئيس المحكمة آجال االستئناف اآلثار المترتبة على استئناف الحكم الص ادر بوق ف تنفي ذ ق رار
إداري ،الطعن بالنقض في القرارات الصادرة عن المحاكم وأجاله .باإلضافة إلى األحكام مختلف ة من حيث
اإلبقاء كمرحلة انتقالية على اختصاص الغرف ة اإلداري ة ب المجلس كجه ة اس تئنافية بال دعاوى المعروض ة
عليها قبل دخول هذه المحاكم حيز التنفي ذ ،وأيض ا تنفي ذ الق رارات الص ادرة عن ه ذه المح اكم من ط رق
المحاكم اإلدارية التي أصدرت الحكم ثم أحكام ختامية نسخت المواد 48 ،47 ،46 ،45من قانون إحداث
-يوسف وهابي" :المسطرة أمام محاكم االستئناف اإلدارية وأفاق إحداث مجلس الدولة المغربي" $مجلة الملف ،عدد ،9الصفحة48: 913
-عبد الواحد بن مسعود" :المحاكم اإلدارية االستئنافية" ،جريدة العلم ،عدد ،20590الصفحة6: 914
523
المحاكم اإلدارية رقم 90-41هذه المواد التي كانت تتعلق بمسطرة استئناف أحك ام المح اكم اإلداري ة أم ام
الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى.915
524
كذلك عندما نص المشرع اإلداري "أن المفوض الملكي يعين لمدة سنتين قابلة للتجديد" لم يوضح ما إذا
كان ذلك التجديد لمرة واح دة أو ع دة م رات.ويحب ذ التجدي د لع دة م رات ،ح تى يكتس ب المف وض الملكي
المعين خبرة وتجربة واسعتين ويتمرس على الدفاع عن القانون والحق في مختلف القضايا اإلدارية.919
وبالرغم من أن القانون المحدث للمحاكم اإلدارية ،والقانون المحدث لمحاكم االستئناف اإلدارية ينص ان
على حق األطراف في الحص ول على نس خة من مس تنتجات المف وض الملكي ،ف إن المحكم ة قلم ا أعطت
األطراف هذا الحق ،بل إن رئاسة المحاكم تمنع الدفاع من حق التعقيب على مرافعة المفوض الملكي.920
كما أن المفوض الملكي ال يمثل أحدا في المنازعة اإلدارية ال األطراف وال اإلدارة وال يعتبر طرف ا في
الدعوى سواء أصليا أو منضما ،همه الوحيد الدفاع عن الحق والقانون بغية تحقي ق مب دأ الش رعية وس يادة
القانون يعمل باسمه الخاص يتكلم طبقا لضميره بمنأى عن كل تدخل أو توديه ،ويعرض بكل استقالل على
هيئة الحكم رأيه القانونية المسبب حول ظروف الواقع والقواعد القانونية الواجبة للتطبيق.921
ويالحظ أن ه ذا الت أليف ال ذي خص ب ه المش رع مح اكم االس تئناف اإلداري ة يخ الف من جه ة ،م ا تم
التنصيص عليه بالنسبة لتأليف محاكم االستئناف العادية (غير المصنفة) حيث ورد في الفصل 6من قانون
التنظيم القضائي للمملكة بأن هذه المحاكم "تتألف من رئيس أول وقضاة "...ومن جهة أخ رى فإن ه يط ابق
تأليف محاكم االستئناف الع ادي ال تي تتم يز بك ون رؤس اء غرفه ا في الدرج ة األولى ال تي تع ادل درج ة
مستشار بالمجلس المذكور ،وهذا يؤك د على أن المش رع أراد أن يك ون مس توى قض اة مح اكم االس تئناف
اإلدارية على درجة كبيرة من الكفاءة والتجربة والممارسة الميدانية.
-شكليات االستئناف :تتميز المسطرة أمام محاكم االستئناف اإلدارية بما يلي:
- 919عبد الواحد بن مسعود "المحاكم اإلدارية االستئناف" جريدة العلم ،عدد /2090ة ،الصفحة 6:بتصرف
- 920عبد الواحد مسعود ،مرجع سابق
- 921محمد قصري" :نظام المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق بالمحاكم اإلدارية" ،مجلة القضاء والقانون ،عدد ،151الصفحة151:
525
المسطرة الكتابية :يجب أن يقدم االستئناف بواسطة مقال مكتوب تتضمن فيه أسباب االستئناف
والمستندات المؤيدة له.
إلزامية المحامي :تعت بر نياب ة المح امي إجباري ة أم ام المح اكم االس تئناف اإلداري ة وتع رض
مقاالت االستئناف التي ال يوقعها محام وال يوقعها محام وال يتبناها فيما بعد غير مقبول ة ش كال م ا
عدا االستئناف المقدمة من طرف الدولة واإلدارات العمومية.
-اإلعفــاء من الرســوم القضــائية :يعت بر ه ذا المقتض ى ه و األهم على اإلطالق إذ أن إق رار
مجانية المسطرة أمام محاكم االستئناف اإلدارية وال يعني أن هذا سيساهم في تراكم القض ايا خالل
المرحلة االستئنافية إذ ال يعتقد أن حكما إداريا سيسلم من الطعن باالستئناف أما مجاني ة االس تئناف
التي تضجع على ممارسة الطعون المتسمة أحيانا بعد الجدية.
-انعقاد الجلسات :تنعق د جلس ات مح اكم االس تئناف اإلداري ة بهيئ ة قض ائية متكون ة من ثالث ة
مستش ارين يرأس ها أح دهم ويحض ر الجلس ة ك اتب ض بط ومف وض ملكي وتك ون مس تنتجات
األط راف وم ذكراتهم مكتوب ة ويمكنهم اإلدالء بمالحظ ات ش فوية لتوض يحها وتعق د الجلس ات
وتصدر القرارات بصفة عالنية.
أما فيما يتعلق بالبيانات التي يجب أن يتضمنها المقال االستئنافي ،فباستقراء الم ادة 15من الق انون رقم
03.-80المحدث لمحاكم االستئناف إلدارية يتضح بأن القواع د المس طرية المنص وص عليه ا في الق انون
المسطرة المدنية وفي القانون رقم 90-41هي الواجبة التطبيق أمام تلك المحاكم -م ا لم ينص ق انون على
خالف ذلك -وهذا يؤكد على أن البيانات التي يجب أن يتضمنها المق ال االس تئناف أم ا محكم ة االس تئناف
اإلدارية هي نفسها المنصوص عليها في الفصل 142من ق.م.م والتي من بينها "م وطن أو مح ل إلقام ة
كل من المستأنف أو المستأنف عليه".922
وهناك مالحظة أساسية ،البد من إثرائها وهي أن المشرع أعطى الخيار في ه ذا الفص ل للمس تأنف في
أن يبين في مقاله االستئنافي إما الموطن الحقيقي لألطراف (المستأنف والمستأنف علي ه) وإم ا م وطنهم أو
موطن أحدهم المختار بحيث أنه قد ال يذكر المدعى موطنه الحقيقي في المق ال االفتت احي ل دعوى ،ويكتفي
بالقول أنه يجعل محل المخابرة معه بمكتب محاميه الذي رفع الدعوى باسمه ،فيك ون الم دعى علي ه حينئ ذ
عند الطعن باالستئناف في الحكم الذي صدر ضده مضطرا إلى تضمين الم وطن المخت ار للمس تأنف علي ه
"المدعى في المرحلة االبتدائية" في المقال االستئنافي وهو مكتب محامي ه ويك ون المق ال من ه ذه الناحي ة
مستوفيا للشرط الشكلي المنصوص عليه في الفصل 142المذكور ،مادامت البيانات المطلوبة ال واردة في ه
قد تم تضمينها به.
922
.نفس المرجع ،الصفحة- 47:
526
لكن اإلشكال القانوني سيطرح بحدة عند تقديم نفس المستأنف لعريضة الطعن ب النقض ذل ك أن الفص ل
355من قانون المسطرة المدنية يوجب اإلشارة في مقال الطعن من ضمن البيانات األساس ية إلى الم وطن
الحقيقي لألطراف تحت طائلة عدم القبول ،بحيث أن حق الخيار ال ذي ك ان للمس تأنف عن د تقديم ه المق ال
االستئنافي وهو بيان إما الموطن الحقيقي أو المختار لألطراف ،أص بح ال يت وفر علي ه ط الب النقض عن د
تقديمه للعريضة أمام المجلس األعلى ،ويكون مآل طلب النقض الذي تقدم ب ه نفس الط رف المس تأنف ه و
عدم القبول ذا لم يشير فيه إلى الم وطن الحقيقي المطل وب في النقض على ال رغم من أن ه ال يتوق ف علي ه
م ادام ه ذا األخ ير لم يش ر إلي ه المق ال االفتت احي بص فته الط رف الم دعي وإنم ا أش ار فق ط إلى موطن ه
المختار.923
وق د ص درت ع دة ق رارات مت واترة عن الغرف ة اإلداري ة ب المجلس األعلى قض ت فيه ا بع دم القب ول
االستئناف لعدم بيان المستأنف للموطن الحقيقي للمستأنف عليه استنادا إلى الفصل 355من ق.م.م.924
وبما أن الغرفة اإلداري ة ب المجلس األعلى أص بحت بع د إح داث مح اكم االس تئناف اإلداري ة تنظ ر في
طلبات الطعن بالنقض الموجهة ضد قرارات النهائية الص ادرة عن ه ذه المح اكم ،فإنه ا ستواص ل تط بيق
نفس المقتضى المنصوص عليها في الفصل 355من ق انون المس طرة المدني ة وفي ذل ك إجح اف بحق وق
ط الب النقض إذ لمج رد أن ه ال يت وفر على الم واطن الحقيقي للمطل وب في النقض ال ذي ه و الم دعي في
األصل الذي اكتفى عن قصد أو عن غير قصد بذكر موطنه المختار في مقاله االفتتاحي دون بي ان موطن ه
الحقيقي مادام الفصل 32وكذا الفصل 142من نفس القانون يسمحان له بذلك.925
ومن أجل إيجاد حل نهائي ناجح وبسيط لهذه اإلشكالية القانونية ال تي ك انت س بب في ض ياع عدي د من
الحقوق -كما سبق الذكر -يقترح إدخال تعديل على الفصل 355من قانون المسطرة المدنية وذل ك بح ذف
وجوب بيان الموطن الحقيقي لألطراف في مقال الطعن بالنقض ،واالكتفاء فيه ضمن البيانات بذكر موطن
أو محل إقامتهم وذلك حتى تكون مقتضيات هذا الفصل منسجمة مع كل من الفص ل 32المتعل ق بالبيان ات
التي يجب أن يتضمنها المقال االفتتاحي للدعوى ،وك ذا م ع الفص ل 142المتعل ق بالبيان ات ال تي يجب أن
يتضمنها المقال االستئنافي.
923
.نفس المرجع ،الصفحة- 48:
924
منها القرار عدد 291الصادر بتاريخ 05-04-2006في الملف رقم 3667-4-2-2003وكذا القرار عدد 15الصادر بتاريخ - -2006
18-01في الملف رقم 1896-4-3-2004
925
مصطفى التراب :مرجع سابق ،الصفحة- 47:
527
لعل كل دارس للقضاء اإلداري في الوطن العربي يدرك أن ظهور ه ذا القض اء ج اء نتيج ة التح والت
االجتماعية واالقتصادية ،وما يرتب عن ذلك من تط ور على مس توى االقتص ادية الوطني ة ،باإلض افة إلى
التغيرات الدولية وما اقتضته من إشاعة جو من الحرية والديموقراطية في كل بل دان الع الم ،وم ا المغ رب
وعمان إال نموذجا من تلك الدول التي سعت إلى مواكبة هذا التطور والتي عملت على إنشاء قضاء إداري
فاعل وفق إطار قانوني جديد أسوة بمجموعة من البلدان والسيما فرنسا مه د القض اء اإلداري ل ذا أض حى
القضاء اإلداري في هذين البلدين عرضة للكثير من االنتقادات كلها تهدف إلى إب راز آفاق ه بش كل متط ور
ومنسجم يتماشى مع هذا التجول الذي عرفته.
العنصر األول :القضاء اإلداري المغربي والعلماني على مستوى األجهزة والمسطرة.
ال يمكن الحديث عن القضاء اإلداري في المغرب بدون الحديث عن اإلطار القانوني المنظم ل ه (ق انون
إح داث المح اكم اإلداري ة) ( )41-90وق انون إح داث مح اكم االس تئناف اإلداري ة ( ،)30-80إذ يش كالن
هؤالء باإلضافة إلى قانون المسطرة المدنية والتنظيم القض ائي البني ة القانوني ة للقض اء اإلداري ،وب النظر
إلى هذه الترسانة القانونية يستوجب أن تكون أكثر تطورا وتحديثا مع التق دم الحاص ل في القض اء اإلداري
خصوصا بفرنسا ومصر وه ذا اإلش كال بك ل تجليات ه ه و نفس ه ال ذي نج ده في القض اء اإلداري العم اني
باعتباره قضاء حديث بدا إلى الوجود منذ سنة ،1999وراكم اجتهادات مهمة في هذا الصدد ،إال أن هن اك
بعض اإلخالالت التي تحد من فعاليتهما المطلوبة ،خصوصا في الجانب المتعلق بأجهزة التقاضي ومط رة
التقاضي إذ على ضوء ذل ك س نحاول إدراج ج وانب الخل ل من خالل ه ذا المبحث ثم تحليل ه حص يلة أداء
عمل هذا الجهاز من خالل اإلحصائيات.
يحدد التنظيم القض ائي المغ ربي أجه زة التقاض ي في المغ رب وبي ان الهياك ل المعتم دة في ك ل جه از
قض ائي إذ أن التقس يم الهيكلي له ذا الجه از والمتك ون من القض اء اإلداري والقض اء اإلداري والقض اء
العادي 'المدني) ستتبعه إجراءات أخرى مسطرية تحدد آليات اشتغال هذه الهياكل واإلجراءات المتبع ة في
قيام عمل كل جهاز من أجل خلق نوع من االنسجام بين كل هذه المكونات وهذه التركيبة هي نفس ها ال تي
يتكون منها جه از القض اء اإلداري في س لطنة عم ان ،إذ أن ق انون الس لطة القض ائية يح دد ه ذه الهياك ل
المكونة للقضاء اإلداري ،وباإلضافة إلى قانون محكمة القضاء اإلداري وقانون االدعاء الع ام ،فمن خالل
كل هذا سنحاول العم ل على إب راز اآلف اق المس تقبلية من أج ل تج اوز ه ذه االختالالت ال تي أب انت عنه ا
528
الممارسة العملية للقضاء اإلداري وتحدي دا في الش ق المتعل ق ب األجهزة المكون ة الهيك ل القض ائي ،وذل ك
بإعطاء رؤى واضحة تكرس مبدأ االزدواجية وإعطاء القضاء اإلداري حيزا مس تقال عن القض اء الع ادي
على غرار التجارب المقارنة والرائدة في مجال القضاء اإلداري بغية تحقي ق ن وع من االس تقاللية وك ذلك
في الجانب المتعلق بالمسطرة إذ أضحى األمر يتطلب وضع مسطرة إدارية خاصة بالقضاء اإلداري ،ومن
أجل احاطة بالموضوع سنتولى دراسة الجاني المرتبط باألجهزة على ان نتطرق لمسطرة التقاضي.
يعد المغرب من الدول العربي ة ال تي س عت إلى تط وير جهازه ا القض ائي بش كل يس تجيب للمتطلب ات
الحيوية للمواطنين بالنظر إلى اإلكراهات التي بدأت تطفو إلى الس طح نتيج ة األخ ذ بمب دأ القض اء الواح د
وهو الشيء نفسه الذي دفع المشرع العماني إلى إحداث جهة قضائية ثانية من أجل بلورة ازدواجية القضاء
بغية تحقيق الفعالية والتخصص خدمة للصالح العام ،بيد أن تكريس هذه االزدواجية بدورها تعتريها الكثير
من النقائص تجع ل مس ألة تط وير االزدواجي ة وال دفع نح و تكريس ها حقيق ة على أن األرض الواق ع بكب
تجلياتها حتى ال تنهض مجرد شعار ال يرقي إلى التطبيق األمثل في افق تحقيق ازدواجية كاملة ومنس جمة
تلبي متطلبات التحول الكبير الذي عرفه كل من المجتمع المغربي والعم اني ،ونح و إح داث مجلس الدول ة
ويجعل هذه االزدواجية كاملة ومتناسقة.
يمكن الق ول أت القض اء اإلداري أض حى ض رورة حتمي ة في خدم ة المجتم ع ،إن ك ان العدي د من
المواطنين يجه ل ه ذه الخ دمات لكونه ا ال تهتم بالقض اء الجنحي والجن ائي ،ب ل تنص ب على قض ايا ذات
صبغة اجتماعية محضة ،926والحقيقة أن ما يتعرض له القضاء اإلداري من األهمية بما كان فبع د الح رب
العالمية الثانية شهدت عالقة الدولة بالفرد ظاهرة تتمثل في ك ون اإلدارة أص بحت أك ثر ارتباط ا ب األفراد
وأكثر اقترابا منهم بعدما تخلفت عن الدور التقليدي أو م ا يع رف بالوظ ائف الس يادية المتمثل ة في الحف اظ
على النظام العام.
كما نجد أن سلطات واختصاصات اإلدارة قد توسعت في جميع المجاالت االقتصادية واالجتماعية ممن
انجم عنه في الكثير من األوقات التعسف في استعمالها في اتخاذ بعض القرارات سواء كانت ه ذه األخ يرة
926
الجياللي أمزيد" :مباحث $في مستجدات القضاء اإلداري" ،منشورات المجلة المغربية لإلدارة والتنمية ،الطبعة األولى- 2003،
529
خاطئة أو ألسباب أخرى .927وفي خضم هذا الجدل نشأ م ا يس مى القض اء اإلداري وانتش ر في العدي د من
الدول ومنها المغرب التي كانت تأخذ بمبدأ القضاء الموحد.
إلى غاي ة ص دور ق انون 41.90القاض ي بإنش اء المح اكم اإلداري ة وال تي متعه ا المش رع المغ ربي
باستقاللية كبيرة في ممارسة مهامها من أجل خلق ضمانة واستقرار لدى كل المتقاضين وإشاعة ثقافة دولة
القانون لكون أن األم ر المؤك د ال ذي يجب أن يض عه القض اء اإلداري المغ ربي ه و أن الف رد يحت اج إلى
حماية أكثر من اإلدارة ،إذ أن صدور هذا القانون جاء كقيمة مضافة في تحديث وتدعيم الترس انة القانوني ة
التي تسعى إلى تثبيت اختيار المجتمع المغربي للديموقراطية والحداثة بش كل ال رجع ة فيه ،928إذ أص بحت
هذه المحاكم لها والية عامة بدل المحاكم االبتدائية تنظر في جميع قض ايا إلغ اء األحك ام اإلداري ة وقض ايا
التعويض مع استثناءات خاصة للمجلس األعلى والمحكمة اإلدارية بالرباط ،929إذ تستمر هذا اإلنجاز بعمل
هذه المحاكم إلى غاية ص دور ق انون رقم ،93003-08إذ س بقه الخط اب الملكي بت اريخ 15دجن بر 1999
931الذي أكد على إنشاء محاكم استئناف إدارية كدرجة ثانية للتقاضي وتتمة للبن اء ال ديموقراطي و"تفعيال"
لالتجاه نحو تأسيس قضاء إداري متخصص مستقل ومتكامل باعتباره من الركائز التي تق وم عليه ا الدول ة
الحديث ة وأح د أهم المقوم ات العدال ة بص فة عام ة وتحدي دا العدال ة اإلداري ة ،فه ذه األخ يرة تقتض ي منح
المتقاض ين ك ل الض مانات وك ل الف رص وكمختل ف الوس ائل ال تي تمكنهم من الحص ول على حقوق ه في
مواجهة اإلدارة ،إذ ان إحداث درجة ثانية من درجة التقاض ي ل دى المح اكم اإلداري ة ج اء ليس د الف راغ
الذي كان حاصال عن عدم إمكانية المتقاضين الطعن بالنقض في الدعاوى اإلدارية.
لقد كانت لهذه الطفرة النوعية الت يعرفها القضاء المغ ربي ردودا كب يرة ل دى ك ل األوس اط القض ائية
والقانونية التي كانت ملحة في طلبه ا بش أن إح داث ه ذا القض اء وه ذه الفئ ة هي نفس ها من ت زعمت ه ذه
المطالب لدى سلطنة عم ان ال تي س عت ب دورها ونتيج ة للتط ورات ال تي عرفه ا القض اء داخ ل الس لطنة
والتحوالت االجتماعية واالقتصادية إلى بلورة فكرة ازدواجية القض اء إلى حقيق ة راس خة بإص دار ق انون
محكمة القضاء اإلداري بموجب مرسوم سلطاني ،932إذ تنص الم ادة األولى من ه على أن ه "تنش أ بمقتض ى
933
هذا المرسوم هيئة قضائية مستقلة للفصل في الخصومات اإلدارية تسمى محكمة القضاء اإلداري"...
- 927عبد القادر مساعد" :القضاء اإلداري المغربي ضمانة للحقوق والحريات" ،أطروحة لنيل دكتوراه في القانون العام ،كلية الحقوق أكدال ،السنة
الجامعية.1998-1999 :
- 928مليكة الصروخ" :القانون اإلداري المغربي" ،الطبعة السادسة ،نشر وتوزيع الشركة المغربية لتوزيع الكتاب.
" - 929دور القاضي اإلداري في تكريس المشروعية في ميدان المنازعات اإلدارية" ،األستاذ محمد بوغالب ،مقال منشور بسلسلة القض$$اء اإلداري
والمنازعات االنتخابية ،العدد 4لسنة .2004
- 930صدر هذا القانون في 14فبراير 2006بالظهير الشريف رقم 1.06.07
- 931نص الخطاب الملكي موجود موقعwww.map.ma :
-932مرسوم سلطاني رقم 91-99
- 933المادة األولى من الفصل األول من قانون محكمة القضاء اإلداري العماني.
530
واستنادا إلى هذا القانون تكون السلطنة بدورها قد عمدت إلى ترسيخ مبدأ ازدواجية القضاء بشكل فعلي
وحقيقي يترجم التط ور الحاص ل على مس توى أجه زة الس لطة القض ائية ونزح ه إلى إقام ة قواع د قض اء
متخصص يلبي متطلبات المواطن ويحميه ممن تعسف اإلدارة.
إذ أن هذه المحكمة تتوفر على دائرتين الدائرة االبتدائية التي تصدر األحكام 'الدرج ة األولى من درج ة
التقاض ي) ثم ال دائرة االس تئنافية ال تي ترف ع إليه ا الطع ون في األحك ام الص ادرة عن ال دائرة االبتدائي ة،
وجدير بالذكر أن هدا القانون المحدث لمحكمة القضاء اإلداري لم يتجه نفس التوجه الذي عمد إليه المشرع
المغربي الذي حاول الت درج في بل ورة االزدواجي ة ،إذ ت ولى إنش اء محكم ة أولى درج ة في ه ذا الج انب
بموجب قانون إحداث المحاكم اإلدارية على ان الطعون كانت ترفع إلى الغرف ة اإلداري ة ب المجلس األعلى
إال أن إحداث محكمة االستئناف اإلدارية ،بيد أن المشرع العماني أخذ على كاهله ضم ه ذين ال درجتين في
قانون واحد (قانون محكمة القضاء اإلدارية).
لكن السؤال الذي يطرح حول تجسيد ه ذه االزدواجي ة علم ا ب أن ك ل الق رارات الص ادرة عن المح اكم
االس تئنافية يتم الط اعن فيه ا أم ام الغرف ة اإلداري ة بمحكم ة النقض في المغ رب كم ا أن هن اك العدي د من
النواقص التي نحد من تكرس هذه االزدواجية.
ولعل اإلجابة ع عن هذا السؤال كفيلة بإعطاء إجاب ات عن الكيفي ة ال تي تفع ل به ا ه ذه األجه زة ح تى
يمكننا القول أن المغرب حقق فعال ازدواجية على مستوى القض اء اإلق رار قض اء إداري مس تقل كلي ا عن
القضاء العادي.
فمالحظة بسيطة لهذه األجهزة نستشف أ ن المش رع مل زم في المغ رب بتأس يس كي ان مس تقل للقض اء
اإلداري يجعله في استقالل كلي عن القضاء العادي على غرار ما هو معمول به في الدول الرائ دة في ه ذا
النوع من القضاء خصوصا فرنسا ،وذلك على مستويات.
المستوى األول :تكوين القضاة فبالرجوع إلى قانون التنظيم القضائي المغربي نجد بأن المباراة الخاصة
ب الملحقين القض ائيين تفتح في وج ه الطلب ة الح املين لإلدارة في الق انون الخ اص م ع العلم ب أن التك وين
الخاص بهؤالء الطلبة ال يستجيب لحاجيات المهمة (قاض إلداري) نظرا لك ون التك وين ك ان منص با على
كل مل هو داخل في فلك القضاء الع ادي ،غ ذ ك ان ب األحرى فتح المب اراة في وج ه الطلب ة المج ازين في
القانون العام نظرا لإللمام بمواضيع القضاء اإلداري ،934أضف إلى ذلك التكوين في المعهد العالي للقض اء
الذي ال يلبي حاجيات هذه االزدواجية إذ أن فتح معاهدة خاصة بتكوين القضاة وفي مجال المحاكم اإلدارية
واعتماد مباراة خاصة بهم سيساهم بدوره في دينامية هذه االزدواجية.
531
المستوى الثاني :التجهيزات والمعدات ،إذ أن عدد المحاكم اإلدارية واالستئنافية اإلداري ة قلي ل ب النظر
إلى النمو والتطور الذي عرفه المغرب وهذا ال ينس جم واالختي ارات المتمثل ة في الجهوي ة الموس عة ال ذي
وق ع علي ه المغ رب إذ الب د من استحض ار ه ذه المتغ يرات لبل ورة قض اء إداري مس تقل يك رس مب دأ
االزدواجية وذلك برفع عدد هذه المحاكم وتكثيف الموارد البشرية بداخلها.
المستوى الثالث :إحداث مجلس الدولة :فكما هو معلوم أتن مبدأ االزدواجية لم يكن أن بتحقي ق اس تقالل
كلي عن القضاء العادي بعيدا عن أي تداخل يجع ل حقيق ة االزدواجي ة مج رد ش عار ال ينهض على أرض
الواقع فأكيد أن التجربة التي التجئ إليها المشرع المغربي بإحداث قضاء محاكم إلدارية ،إذ أعقبه بإح داث
محاكم اس تئناف إداري ة فك ر بن اء يتج ه نح و االزدواجي ة الحقيقي ة باس تعمال منهج الت درج ،لكن التط ور
الحاصل على مستوى البنية المجتمعية ،وكذا التطور الحاصل في الدول التي لجنت إلى هذه االستراتيجية.
يدعو المغرب إلى اإلسراع بتكريس هذه االزدواجية بإحداث مجلس الدولة ،لكن اإلشكال ال ذي يط رح
في غياب هذا الجهاز هو مسألة التن ازع؟ ،إذ أن اس تقاللية القض اء الع ادي عن القض اء اإلداري يل وح في
األفق ب ورود بعض المنازع ات فيم ا يخص االختص اص ،ففي حال ة تن ازع محكم ة إلداري ة م ع محكم ة
استئناف إدارية لمن سيعود أمر الحسم في هذا التنازع؟ 935فاإلجابة عن هذا السؤال يقتضي منا ال دفع نح و
إنشاء محكمة خاصة بالتنازع ،ألن األمر حاليا إذا ترك للمجلس األعلى للخوض في هذه النزاعات ال يعني
أن المشكل غير قائم لكون أن هذا اإلجراء ال يس اعد على إقام ة قض اء إداري مس تقل باعتب ار أن المجلس
األعلى هو طرف مشترك ما بين القض اء الع ادي والقض اء اإلداري ،إذ الب د من إح داث محكم ة التن ازع
تحقيقا للحياد وإبراز لدور العدالة الحقيقية.
وهذا هو نفسه الش يء ال ذي ينبغي أن يس ير علي ه المش رع العم اني إذ أن مب دأ االزدواجي ة أخ ذه على
عاتقه بإنشاء محكمة إلدارية متخصصة ثم أعقب ه بمحكم ة تن ازع االختص اص واألحك ام الص ادرة 936من
أجل تجاوز االختالالت الممكن الوقوع فيها في حالة التنازع والتي تؤثر على هذه االزدواجية.
لكن إحقاق االزدواجية لن يتم ذلك إال بإنش اء (محكم ة النقض) مجلس الدول ة على غ رار فرنس ا ح تى
يمكن القول بوجود استقالل وازدواجية وهذا ما سنتناوله في الفقرة الثانية.
-أصدر قانون هيئة تنازع االختصاص واألحكام الصادرة بموجب المرسوم السلطاني رقم .2008.88 936
532
أوال :استحداث مؤسسة مجلس الدولة
لقد كان الخطاب الملكي يوم 15دجنبر 1999بمناسبة افتت اح دورة المجلس األعلى للقض اء ال ذي أك د
فيه جاللة الملك محمد السادس على إنشاء محاكم استئنافية إداري ة كدرج ة ثاني ة للتقاض ي على أن يؤس س
مستقبال مجلس الدولة يعلو هزم القضاء اإلداري.
إذ يعتبر محطة تاريخية في إرساء وترسيخ مبادئ العدالة اإلدارية في إطار أحكام ومبادئ المش روعية
ال تي يجب أن تحكم نش اط وتص رفات اإلدارة المغربي ة ،كم ا أن ه يوض ح بجالء سياس ة وفلس فة المملك ة
المغربية فيما يتعلق بتنظيمها القضائي اإلداري والتي تهدف إلى تأسيس قض اء إداري متخص ص متناس ق
ومتكامل وقائم على ثلث درجات للتقاضي ،وعلى رأسها مجلس الدولة 937غ ير أن ه ذا المجلس ظه ر أول
مرة في فرنسا وذلك بعد الثورة الفرنسية سنة 1789أما قبل الثورة فلم تكن توجد فرنس ا إال مح اكم عادي ة
تفصل في المنازعات التي تنشأ بين األفراد (لقد أشرنا إلى ذلك في الفصل األول).
أما بالنسبة للمنازعات التي قد تنشأ بين الدولة واألفراد ،فقد كان موك وال به ا إلى مح اكم أخ رى يطل ق
عليها (البرلمانات القضائية) ،لكن بعد اندالع الث ورة الفرنس ية ألغيت ه ذه البرلمان ات وأعلن عن مرحل ة
وتكام ل الس لطة اإلداري ة القض ائية l’administration jugeومرحل ة القض اء اإلداري المحج وز la
justiceثم مرحل ة القض اء اإلداري المف وض la justice administrative retenue
administrative déléguéeوفي هذه المرحلة بالضبط تم تأسيس كيان مستقل للقضاء اإلداري يش مل
المحاكم اإلدارية وعلى رأسها مجلس الدولة وقضاء عادي على رأسه محكمة النقض.938
وعلى ضوء هذا التطور الذي حصل في مس ار القض اء اإلداري الفرنس ي ال ذي يعت بر رائ دا في ه ذا
المجال ،ذلك بالنظر إلى األمد الزمني الكبير الذي قطعه في العمل وف ق ه ذا المن وال ،والتوافق ات ال تي تم
الوصول إليها نتيجة تحقيق االزدواجية المطلوبة في عمل الجهاز القضائي من أجل القيام بدوره المطل وب
والحقيقي في حماية مصالح األفراد داخل المجتمع ،وكذلك لتأسيس هالة من االتزان المطلوب على مستوى
مناهج العمل واألنساق المتخذة المتسمة بالتجرد واالستقاللية الكلية.
عموما كما يبدو من خالل االنفت اح على تجرب ة إح داث مجلس الدول ة في فرنس ا وال ذي قط ع أش واطا
مهمة في إنشائه وكذلك في العمل به ،أضحى األمر اآلن يشكل نوعا من التخوف على مس ار اإلص الحات
القضائية التي توجت بإحداث محاكم االستئناف اإلدارية بموجب قانون ،939 80.03بالمغرب نظ را لغي اب
قطب تكاملي يجسد إرادة الخطاب الملكي 1999والذي رسم في ه مع الم ه ذا االس تقالل عن طري ق العم ل
- 937ثورية العيوني" :تنظيم القضاء اإلداري المغربي على ضوء قانون محاكم االستئناف اإلداري رقم ،"80.03مرجع سابق.
- 938مليكة الصروخ" :القانون اإلداري" ،مرجع سابق.
- 939ظهير شريف رقم 06.07الصادر في 14محرم ،2006الجريدة الرسمية عدد 5393بتاريخ 24محرم .1427
533
نح و إرس اء مؤسس ة مجلس الدول ة ح تى نتمكن من الق ول بوج ود اس تقالل القض اء الع ادي عن القض اء
اإلداري.
لكن التساؤل الذي يطرح ماهي الصعوبات التي تعيق إنشاء مجلس الدولة المغربي؟ هل ه ذه المعيق ات
ذات طابع مادي أم ذات طابع قانوني؟
بيد أن اإلجابة عن هذا التساؤل رهينة ببحث مجموع ة من األنم اط األخ رى من القض اء اإلداري ل دى
بعض الدول العربية وتحديدا سلطنة عمان ال تي ب دورها الزالت تع اني من غي اب مجلس الدول ة (محكم ة
النقض) كجهاز قضائي مهمته استقبال الطعون المرفوعة ضد األحكام االستئنافية اإلداري ة من جه ة ومن
جهة أخرى تأدي ة ال دور الحقيقي المنبعث من فلس فة إحداث ه ،أال وه و تجس يد ازدواجي ة القض اء اإلداري
والرقي بمؤسسة القضاء كجهاز مستقل ومنس جم ومتكام ل إذ أن ص دور ق انون إح داث المح اكم اإلداري ة
(محكمة القضاء اإلداري) ،940والمشكلة من دائرتين استئنافية وابتدائية لم يعقبه تتويج هذا اإلنجاز بتأس يس
محكمة النقض على غرار فرنسا ومصر.
إال أن المطلب الملحاح والذي يشكل تح ديا كب يرا للخ روج من ه ذه الثغ رات على مس توى إنش اء ه ذا
الجهاز وتفعيله بمقتضى من المشرع السرعة في إخراج اإلطار الق انوني له ذه المؤسس ة من أج ل مواكب ة
التطور الحاصل في مجال القضاء اإلداري ثم فتح نقاش عمومي وإشراك كل الف اعلين في فض اء القض اء
اإلداري.
لكن من األجدى أن يكون تشكيل مجلس الدولة في المغرب وعمان على نفس الش اكلة المعم ول به ا في
فرنس ا ،بحيث أن التش كيلة تتك ون من أعض اء مجلس الدول ة ،وهم المستش ارين والن واب والمن دوبين من
الدرجة األولى ومندوبين من الدرجة الثانية (أي قض اة) ،ويض اف إليهم ع دد من األش خاص ذوي الكف اءة
المشهود بها في ن واحي النش اط إلداري والعلمي وهن ا نتح دث عن فئ ة األس اتذة الق انونيين المتخصص ين
وكذلك الموظفين السامين في المج ال اإلداري ،وك ذلك المح امون المتم رين إذ يعين ون ه ؤالء لم دة أرب ع
سنوات قابلة للتجديد لمدة ع امين أخ رين ،ويطل ق عليهم مستش ارين من الخ ارج ويتجلى دورهم في تق ديم
االستشارات الالزمة للمجلس.
كما البد من توفر داخ ل المجلس مفوض ين ملك يين ه ذا بالنس بة للمغ رب وال ذين يعه د إليهم مهم ة إع داد
القضايا وإبداء الرأي القانوني قبل عرضها على المجلس.
أقسام مجلس الدولة ،يتوفر هذا المجلس على قسم قضائي وقسم الفت وى والتش ريع ،بالنس بة له ذا القس م
األخ ير فيتجلى دوره في م د المجلس بآرائ ه وفت اوى قانوني ة زي ادة على المس اهمة في إع داد التش ريعات
534
والقوانين وصياغتها بالنسبة الختصاصات مجلس الدولة ،تكمن هذه االختصاصات في تطبيق الرقابة على
أعمال اإلدارة يكون إما لمحكم ة أول وآخ ر درج ة أو محكم ة اس تئناف أو كمحكم ة نقض بحس ب طبيع ة
المنازعة موضوع الرقابة القضائية.
" بالنسبة للرقابة القضائية كمحكة أول وأخر درجة؛ يكون ضد المراسيم التنظيمية والفردية.
الدعاوى المرفوعة ضد قرارات إدارية يمتد نطاقها إلى خارج حدود اختصاص المحاكم اإلدارية؛ -
الطعون الموجه ة ض د الق رارات التنظيمي ة الص ادرة عن ال وزراء وك ذا ض د األحك ام اإلداري ة -
الصادرة عنهم في الحاالت التي تلزم فيها االستشارة اإلجبارية لمجلس الدولة؛
المنازعات اإلدارية التي تنشأ في مناطق ال تدخل في اختصاص المحاكم اإلدارية؛ -
الطعون الموجهة ضد األحكام اإلدارية الصادرة عن مجالس الوطنية للنقابات المهنية؛ -
بالنسبة لرقابة مجلس الدولة باعتباره محكمة استئنافية؛ يمارس هذه المهمة في إطار الطعون ض د -
أحكام المحاكم اإلدارية والتي ال يجوز الطعن فيها عن طريق االستئناف أمام محاكم االستئناف اإلدارية؛
بالنسبة للرقابة مجلس الدولة باعتب اره محكم ة النقض؛ يم ارس مجلس الدول ة ه ذه المهم ة وذل ك -
بالرقابة على أعمال اإلدارة بصفته محكمة النقض ضد األحكام التي تصدر عن محاكم أولى درجة ومحاكم
االستئناف اإلدارية وذلك في مج االت معين ة (المجلس األعلى للتعليم والمجلس االقتص ادي )...م الم ينص
القانون على خالف ذلك".
فكما يب دو أن ه ذه الص بغة هي ال تي يجب األخ ذ به ا لبل ورة فك رة إح داث مجلس الدول ة في المغ رب
وعمان التي تعاني هذه األخيرة من غي اب كلي إلمكاني ة تق ديم الطع ون أم ام ال دائرة االس تثنائية للمحكم ة
اإلدارية إذ أن هذه األحكام ال يحق الطعن فيها النعدام الغرفة اإلدارية بالمحكمة العليا مما يشكل ذل ك حيف ا
واضحا في حق المتقاضين فباس تثناء إمكاني ة تق ديم ملتمس إلى رئيس المحكم ة اإلداري ة في حال ة ظه ور
عناصر جديدة ال توجد إلى إمكانية أخرى إطالقا عكس ما هو متبع في المغرب حاليا.
فقد انتظر القضاء اإلداري المغربي أكثر من أح د عش ر س نة دون أي مس تجد ي ذكر على مس توى أي
تشريعي يلوح ببروز فكرة نشوء مجلس الدولة وه و نفس ه األم ر ال ذي الزال يعاني ه القض اء اإلداري في
سلطنة عمان ،فبإحداث هذا الجهاز في السلطنة والمغرب أصبح أمرا ضروريا وملحا لما له من أهمية في
الطعون اإلدارية ولضمان اس تقالليته عن الجه ات القض ائية األخ رى وإللم ام درج ات التقاض ي اإلداري
535
بتوفر مختلف محاكمها ح تى يتس نى وض ع هيكل ة قض ائية متين ة في المي دان اإلداري تحقيق ا لالزدواجي ة
المنشودة قضائيا وقانونيا.941
لعل أي قانون موضوعي يتوقف في تفعيله على قانون إجرائي من أجل القيام بدوره على الطريقة ال تي
افق لها من أجل إعداده وق انون إح داث المح اكم اإلداري ة 41-90وك ذا ق انون إح داث مح اكم االس تئناف
اإلدارية 80.03بدورهما يستندان في مضامينها على قانون المسطرة المدنية ،وذل ك ألج رأة ه ذا الق انون
وبلورته في إطار قضائي (القضاء اإلداري).
وهو نفسه النم ط المتخ ذ في س لطنة عم ان إذ أن ق انون المحكم ة اإلداري ة بفع ل باالس تناد إلى ق انون
إجرائي عام شأنه شأن القانون المتخذ في المغ رب إال أن الفق ه الح ديث س ار في اتج اه ض رورة اس تقالل
القضاء اإلداري عن القض اء الع ادي بش كل كلي وعلى المس تويات ،ب دايتا بإح داث مس اطر إدارة خاص ة
بالقضاء اإلداري وذلك خدمة للصالح العام ومن أجل تقريب القضاء من المتقاضين.
لقد أخذ المغرب بمب دأ القض اء اإلداري المتخص ص بش كل ش به مس تقل عن القض اء الع ادي لكن على
مستوى المساطر المعتمدة الزالت المح اكم اإلداري ة ومح اكم االس تئناف اإلداري ة تأخ ذ بق انون المس طرة
المدنية كقانون إجرائي ،لكن هذا ال ينفي وج ود م واد (نص وص) خاص ة بالقض ايا اإلداري ة داخ ل ق انون
المسطرة المدنية مثل الفصول (.942)...367-366-362-361-360-355-306
وهذا ما أكدته المادة السابعة من قانون المحكمة اإلدارية على ان القواع د المق ررة في ق انون المس طرة
المدني ة تطب ق أم ام المح اكم اإلداري ة م الم ينص ق انون خ اص على خالف ذل ك ،مم ا يع ني أن المش رع
المغربي إن كان قد أشار إلى بعض اإلجراءات األخرى المنصوص عليها في المسطرة المدني ة خصوص ا
تلك التي ال تتعارض ومسطرة التقاضي اإلدارية ،943سواء تلك المتعلق ة بعق د الجلس ات والنط ق باألحك ام
وإج راءات التحقي ق أو المتعلق ة بط رق الطعن ومس طرته وآجال ه وتنفي ذ األحك ام مخالف ا ل ذلك بعض
التشريعات األخرى.
وكما هو وارد بالنسبة القضاء اإلداري المغربي الذي اعتمد هذا النسق اإلجرائي ،944فإن س لطنة عم ان
بدورها حاولت من خالل مشروعها على تضمين مجموعة من اإلجراءات المسطرية في الق انون (محكم ة
القضاء اإلداري) ،بيد أن هذا التضمين ال يعني اللجوء إلى القانون اإلج رائي الع ام لس د بعض الخص اص
-مليكة الصروخ" :القانون اإلداري" ،مرجع سابق. 941
-عبد الكريم الطالب" "الشرح العلمي لقانون المسطرة المدنية" ،مطبوعات المعرفة ،مراكش ،الطبعة الثانية ،أكتوبر .2003 942
-دليل محاكم االستئناف اإلدارية والمحاكم اإلدارية ،منشورات وزارة العدل ،مطبعة الزهراء ،سال ،توزيع دار القلم.2009، 943
-محمد محجوبي" :الوجيز في القضاء اإلداري بعد إحداث المحاكم اإلدارية" ،الطبعة األولى ،مطبعة دار القلم.2002، 944
536
في حالة عدم وجود نص خاص ضمن قانون محكمة القضاء اإلداري وعن ه ذه اإلج راءات المعتم دة في
القضاء اإلداري المغربي فإنها تعتبر نفسها المتخذة في القضاء العادي إال من بعض الجوانب.
فبالنسبة للدعوى بصفة عامة فإنها تستوجب توكيل محامي على خالف القضاء العادي ال ذي ال يش ترط
هذا التوكيل في المراحل األولى من التقاض ي ،إذ تنص الم ادة الثالث ة من ق انون 90.41على ذل ك إض افة
إلى هذا الشرط فإن المسطرة تعتبر كتابية أمام المحكمة اإلدارية ،إذ أن كل القضايا المرفوع ة المعروض ة
على هذه المحاكم ترفع بمقال مكتوب كما تع رض ك ل الم ذكرات الجوابي ة والتعقبي ة بش كل مكت وب طبق ا
لمقتضيات الفص ول 336-239من ق انون المس طرة المدني ة المح ال عليه ا بمقتض ى الم ادة 4من ق انون
المح اكم اإلداري ة وه ذه المق االت ت ودع بكتاب ة ض بط المحكم ة اإلداري ة وف ق مجموع ة من البيان ات
المنصوص عليها في الفص ل 32من ق انون المس طرة المدني ة وال تي تحي ل عليه ا الم ادة 23من الق انون
المحدث للمحاكم اإلدارية إذ تعلق هذه البيان ات بأس ماء األط راف والمهن ة والص فة والمح ل م ع ض رورة
اإلرفاق بالمستندات المعتمد عليها.945
وعن دعوى اإللغاء فإن أجلها محدد في 60يوما من تاريخ نشر أو تبليغ القرار المطلوب إلغاؤه باألمر
أو من تاريخ العلم اليقيني به.
فباس تثناء دع وى اإللغ اء فتخض ع ك ل ال دعاوى ألداء الرس وم القض ائية م ع إمكاني ة طلب المس اعدة
القضائية بالنسبة للعاجز عن أداء الرسوم القضائية وأداء أتعاب الدفاع.
وعلى نفس المنوال تط رق المش رع المغ ربي في الق انون 80.03المحدث ة بموجب ه مح اكم االس تئناف
إداري ة إلى مس طرة خاص ة باس تئناف األحك ام الص ادرة عن المح اكم اإلداري ة وش كليات إحال ة المل ف
وبمالحظة تلك المقتضيات العامة التي تنظم اس تئناف األحك ام الص ادرة عن المح اكم االبتدائي ة في ق انون
المسطرة المدنية نجدها هي نفسها م ع مس تجد يتعل ق باآلج ل ال ذي توج ه خالل ه المحكم ة اإلداري ة مق ال
االستئناف ومستنداته إلى كتابة الض بط بمحكم ة االس تئناف اإلداري ة ،وعلى ض وء ه ذه اإلج راءات يبقى
األجل المقدم داخله الطعن محدد في 30يوما من تاريخ التبلي غ الحكم ،إذ يعت بر ه ذا األج ل س قوطا ي ؤدي
تجاوزه إلى عدم قبول الطعن االستئناف وهو من النظام الع ام يجب على المحكم ة أن تث يره تلقائي ا ،إال أن
هناك استثنائيتين ق انونيتين تح دد فيهم ا األج ل ،أي يتم وق ف األج ل وال يمكن مواص لة احتس ابه إال بع د
سلوك مسطرة خاصة ويتعلق األمر بوفاة أحد األطراف ،أي وف اة الط رف ال ذاتي في ال نزاع بع د ص دور
الحكم اإلداري ،ف إن آج ال االس تئناف يتوق ف لص الح ورثت ه ولمواص لته من جدي د تعين تبلي غ الحكم من
الجديد إلى الورثة ثم االستثناء الثاني يتعلق بتغيير أهلي ة أح د األط راف ،946فعن ه ذه اإلج راءات الس الف
945
.دليل محاكم اإلستئناف اإلدارية والمحاكم اإلدارية ،مرجع سابق -
- 946دليل محاكم االستئناف اإلدارية والمحاكم اإلدارية ،مرجع سابق.
537
ذكرها يبقى ما يميز المسطرة أمام المح اكم اإلداري ة حس ب الم ادة 7من ق انون إح داث المح اكم اإلداري ة
90.41وك ذا الم واد 15و 16من الق انون المح دث للمح اكم اإلداري ة تتخ ذ ثالث ة أن واع من المم يزات،
فبغض النظ ر عن كونه ا كتابي ة في جمي ع أن واع ال دعاوى ،فهي تحقيقي ة ك ذلك باإلض افة إلى كونه ا
حضورية.947
إال أن هذا األسلوب بال يعمل ب ه في ال دول ال تي تنهج نظ ام القض اء اإلداري المتخص ص كفرنس ا ،إذ
عمل المشرع الفرنسي على صياغة قانون اإلجراءات اإلدارية بشكل أكثر اس تقاللية عن ق انون المس طرة
المدنية ويطبقها في مجاله في الحالة التي ال يوجد نصا منظما في قانون المس طرة اإلداري ة ،وذل ك بش رط
عدم تعارضه مع المقتضيات اإلدارية.
أما بالنسبة للدول التي تتهيج نظام القضاء الموحد ف إن الق انون اإلداري والق انون الم دني يش تركان في
أحكام قانون المسطرة المدنية نظرا لوحدة القضاء ،كما هو الش أن في األردن والع راق ...إلخ ،إذا ال ينبغي
أن يحتوي قانون مسطرتها (أو إجراءاتها) المدنية على نصوص خاصة ببعض القضايا اإلدارية.948
إال أن واقع الحال أضحى اآلن يلح بشكل كبير على المش رع المغ ربي إلى تب ني نفس النهج ال ذي س ار
عليه المشرع الفرنسي ،وذلك بإيج اد ق انون المس طرة اإلداري ة مس تقل عن ق انون المس طرة المدني ة على
أساس أن يظل هذا األخير المرجع العام في الحالة التي ال يوج د بش أنها نص تنظيمي في ق انون المس طرة
اإلداري ة وه و نفس التوج ه ال ذي ينبغي أن يرع اه المش رع العم اني من أج ل بل ورة فك رة االزدواجي ة
واستقالل القضاء العادي عن القضاء اإلداري حتى يتسنى القول أن هناك تط روا حاص ال يواف ق تطلع ات
النمو الحاصل على كل األصعدة وخصوصا الجانب القضائي.
منذ استقالل المغرب وإلى غاية 1994كان النظام القضائي المغربي يأخذ بنظام القض اء الموح د وبع د
إحداث المحاكم اإلداري ة أح دث تغي يرا كب يرا بع دما ثم إس ناد له ذه األخ يرة مهم ة النظ ر في المنازع ات
اإلدارية وترتب على ذلك أن أصبحت المحاكم اإلدارية هي المختصة في إلغاء األحك ام اإلداري ة المخالف ة
للق انون أو المش وبة بعيب المش روعية ،وك ذلك تختص ب التعويض عن األض رار ال تي تنجم عن أخط اء
اإلدارة المرفقية أو المصلحية ،...وقد كان إلحداث هذه المحاكم هدف كبير وغاية مثلى في تقريب القض اء
من المواطنين ،949تعزز ذل ك بإح داث مح اكم اس تئناف إداري ة ،حيث أص بحت هي المختص ة ب النظر في
اس تئناف أحك ام المح اكم اإلداري ة وأوام ر رؤس ائها ماع دا إذا ك انت هن اك كمقتض يات قانوني ة مخالف ة،
وبالتالي أضحى القض اء المغ ربي يتس ع ت دريجيا بمختل ف مراح ل التقاض ي بش أن المنازع ات اإلداري ة،
-محمد محجوبي" :القانون القضائي الخاص" ،طبعة أولى ،مطبعة دار القلم2005 ، 947
-محمد بن طلحة الدكالي" :المحاكم اإلدارية بالمغرب" $،الطبعة األولى ،سنة .1997 949
538
وبالعودة إلى القضاء داخل سلطنة عمان ،فكما هو معلوم أن ت اريخ إح داث محكم ة القض اء اإلداري ك ان
بتاريخ 21نونبر ،1999وهو التاريخ الذي دخلت فيه السلطنة إلى مرحلة تحويل النظ ر في القض ايا ذات
الطابع اإلداري عن القضاء العادي نحو القضاء اإلداري باعتباره قضاء متخصصا وقد ك ان ه ذا اإلنج از
يندرج في إطار فلس فة تق ريب القض اء من المتقاض ين وحرص ا على ص يانة ثق ة المواط نين في مؤسس ة
القضاء باعتبارها راعية مصالح المواط نين وك ذلك حرص ا على مص الح المواط نين من ج راء نزاع اتهم
ذات الصبغة اإلدارية والتي تعرض على القضاء.
إال أن هذه الفلسفة كانت لها العديد من التوجهات فبعد صدور قانون إحداث المح اكم اإلداري ة ب المغرب
90.41تم إنش اء س بعة مح اكم إداري ة ،وهي الرب اط ،ال دار البيض اء ،ف اس ،مكن اس ،وج دة ،م راكش،
أكادير.950
وعن محاكم االستئناف اإلدارية التي أحدثت بموجب قانون 80.03فقد أنش ئت محكم تين هم ا :محكم ة
االستئناف اإلدارية بالرباط ومحكمة االستئناف اإلدارية لمراكش ،إذ أن كل محكمة استئناف إداري ة تنظ ر
في الطع ون المرفوع ة أمامه ا من قب ل المح اكم االبتدائي ة اإلداري ة الواقع ة في دائرته ا فمثال المحكم ة
اإلدارية االستئنافية للرباط تنظر في الطع ون المرفوع ة أمامه ا من قب ل المحكم ة اإلداري ة لوج دة وف اس
ومكناس والدار البيض اء بينم ا المحكم ة اإلداري ة لم راكش تنظ ر في الطع ون المرفوع ة إليه ا من ة قب ل
المحاكم اإلدارية بكب من مراكش وأكادير ،951فب النظر إلى توزي ع ه ذه المح اكم نج دها ق د اتخ ذت منحى
انتشاري داخل الرفعة الجغرافية للملكة ،لكن ال تلبي حاجيات التطور واالنفتاح التي تسير علي ه الدول ة في
برامجها السياسية ،فكما يبدو أن الجهة الشمالية والتي تضم جهة طنجة تطوان ،وكذلك جهة الحسيمة تازة
ال تتوفر على أي محكمة إدارية إذا كان باألحرى أن تتوفر هناك محكمة إدارية تساير توجه ات بالجهوي ة
الموسعة كمشروع مجتمعي سار عليه المغرب وهو نفس المشكل ال ذي يع تري ه ذا الب اب من زاوي ة قلت
المحاكم اإلدارية ،إذ أن بلورة فكرة تقريب القضاء من المواطنين هي مسألة مثالية وفعلية ،لكن ال يتم ذلك
إال في نسق متكامل يتماشى والنمو الحاصل على المستوى الديموغرافي ،وكذلك االقتصادي ،وهو الش يء
الذي يؤثر بشكل كبير على مستوى أخر فقل ة ع دد مح اكم االس تئناف اإلداري ة وبع دها الكب ير عن الم دن
المتواجدة بها محاكم استئناف إدارية ،وبالنسبة لهذا المشكل يظل ي رخي بظالل ه ك ذلك على س لطنة عم ان
لكونها نهجت مبدأ القضاء اإلداري بدائرتيه االبتدائية واالستئنافية بمقتضى قانون واحد وهو قانون إح داث
محكم ة القض اء اإلداري إال أن توزي ع المح اكم ترك ز في 3م دن ك برى وهم ص اللة ومس قط وص حار
ونقصد هنا المحاكم اإلدارية االبتدائية بيد أن االس تئنافات توج ه إلى محكم ة مس قط ،إال أن م ا يع اب على
هذا التوزيع كونه ال يوازي عدد المحافظات الموجودة بالسلطنة.
539
حيث عمد المشرع العماني إلى وضع حل مؤقت لتجاوز هذا اإلشكال وفتح المجال أمام المتقاض ين من
أجل وضع استئنافهم في األحكام االبتدائي ة الص ادرة عن المح اكم اإلداري ة بنفس المحكم ة ال تي أص درت
الحكم االبتدائي على أن تقوم هذه األخيرة بإحالة هذه االستئنافات إلى المحكمة اإلدارية بالعاصمة اإلداري ة
صاحبة االختصاص للبث في تلك االستئنافات إذ ينبع هذا اإلجراء من فلسفة خدمة القضاء للمواطن وجعله
في موضع قرب.
هذا فضال عن الرسوم القضائية التي تعوق مبدأ تق ريب القض اء من المتقاض ين ،إذ أن ه ذا المش كل ال
يعاني منه إطالقا المواطن العماني نظرا لرمزية هذه األخ يرة خالف ا لم ا ه و حاص ل في المغ رب .فهن اك
مجموعة من االنتقادات وجهت في هذا اإلطار ،حيث عبر المجلس الوطني لنقابة المح امين بالرب اط ال ذي
طالب في دورته االستثنائية المنعقدة بالرباط بتفعيل مجانية التقاضي وإلغاء كافة الرسوم القض ائية لتحقي ق
مبدأ المساواة بين المواطنين في الول وج إلى العدال ة وتحقي ق المحاكم ة العادلة ،952باإلض افة إلى م ا ذك ر
يطرح مشكل المساعدة القضائية مشكال كبيرا ويعزى ذلك إلى عدة اعتبارات فاإلطار الق انوني ق ديم يع ود
لسنة ( ،)1966وبالتالي ال يواكب التط ورات االقتص ادية واالجتماعي ة ثم محدودي ة فئ ة المس تفيدين منه ا
وصعوبة الشروط المطلوبة للحصول عليها ،وهو زيادت ا على غلب ة نظ رة المراقب ة واإلج راءات الش كلية
على الوظيفة االجتماعية والقانونية ،باإلضافة إلى التحكيمية ال تي تطب ع منحه ا ،ثم البطء الن اتج عن ع دم
انتظام اجتماعات المكاتب المكلفة بها وطول مسطرة البحث من طرف اإلدارات المعنية به ا ،ه ذا دون أن
ننسى ضعف األتعاب المقدمة في إطار المساعدة القضائية للدفاع المعين بحكم القانون مقارنة مع المجه ود
المبذول .غير أن اإلشكال ال يتخذ نفس الهالة في سلطنة عم ان إذ أن يُس ر اإلج راءات اإلداري ة لالس تفادة
منها (تقديم طلب معلل إلى رئيس المحكمة اإلدارية يتولى اإلجابة عليه داخل أجل يومين) ال يطرح إشكال
في هذا الموضوع.
- 952انعقد هذا المؤتمر $بالرباط بتاريخ 26يونيو 2010منشور في جريدة العلم 30 ،يونيو .2010
540
خاتمة القسم الثاني:
جاء القضاء اإلداري بكل من سلطنة عمان والمملكة المغربية ،نتيج ة لمجموع ة من العوام ل الداخلي ة
المرتبط ة ببني ة الواق ع السياس ي واالقتص ادي واالجتم اعي في إط ار انفت اح النظ ام السياس ي المغ ربي
والعماني على حقوق اإلنسان وضمان الحريات العامة ودولة الحق والقانون.953
وفي المغرب ،جاء إحداث المحاكم اإلدارية ألول م رة كتت ويج لإلص الحات الس ابقة ،وذل ك م ا جس ده
الخطاب الملكي لسنة 1990من خالل تدعيم دول ة الح ق والق انون عن طري ق احترام ه لحق وق اإلنس ان،
وهو ما يتحقق بإرساء قواعد دولة ديموقراطية عصرية تقوم على إرساء المؤسسات كركيزة لدولة القانون
وتحقيق هذا المبتغى ال يتأتى إال بموجب رقابة قضائية فعالة على السلطات اإلدارية.954
ومن أجل بلورة الخطاب الملكي ل 8ماي ،1990إلى واقع ملم وس تم إص دار الق انون رقم 41955-90
المحدث للمحاكم اإلدارية ،إذ شكل هذا الحدث نقل ة نوعي ة في ت اريخ القض اء المغ ربي والقض اء اإلداري
على وجه التحديد العتباره فسح المجال لبروز القضاء المتخصص ب النظر في المنازع ات اإلداري ة س واء
ما تعلق منها بقضاء سواء ما تعلق منها بقضاء اإللغاء أو القضاء الشامل.
وعن س لطنة عم ان ال يتم إنش اء ه ذا القض اء وتنظيم ه إال بص دور ق انون محكم ة القض اء اإلداري
بالمرسوم السلطاني رقم 91-99والذي دخل حيز التنفي ذ ابت داء من ف اتح ف براير ،2000فاختص ت هات ه
المحكمة بمراجعة مش روعين بعض أعم ال الجه از اإلداري للدول ة ،ونص من خالل الم ادة 6من ق انون
91-99على جملة من االختصاصات التي تدخل في إطار الخصومات اإلدارية ودعاوى التعويض.956
كما أن المغرب ومن أجل تثمين دور القضاء وسعيا لضمان قض اء متخص ص أح دث مح اكم اس تئناف
إدارية بمقتضى الظهير الشريف رقم 07.06.1بتنفيذ القانون رقم ،95708.03ويع د ه ذا اإلص الح خط وة
مهم ة في مج ال تعزي ز المؤسس ات القض ائية ب المغرب كخط وة نوعي ة في بني ات ه رم القض اء اإلداري
المغربي ،حيث سبق أن أعلن الخطاب الملكي لسنة 1999عن إنش اء ه ذه المح اكم ،وذل ك في أف ق إنش اء
EL BEKNINI ABDERRAHMAN « la réforme de la justice administrative, revue moraine d’économie et de droit - 953
.compose, spéciale collègue tribunaux administratifs et état de droit n°21,1994
- 954مقتطف من الخطاب الملكي 8مايو "،1990وإذا أردنا حقيقة أن نبني دولة القانون ،علينا ك$$ذلك أن نأخ$$ذ بعين االعتب$$ار حق$$وق المواط$$نين
بالنسبة للسلط واإلدارة والدولة.
- 955ظهير شريف رقم 1.91.225صادر في ربيع األول 10( 1414ش$تنبر )1993بتنفي$ذ $الق$انون رقم 41.90المح$دث بم$وجب المح$اكم
اإلدارية ،الجريدة الرسمية عدد 4227بتاريخ 03نونبر ،1993الصفحة.2168:
- 956سرحان سليمان بن حميد الريسي " تطور القضاء اإلداري في المغرب وسلطنة عمان إشكالية ع$$دم تنفي$$ذ األحك$$ام القض$$ائية " مرج$$ع س$$ابق،
الصفحة3:
- 957ظهير شريف رقم 1.06.07صادر في 15من مح$$رم 14 $،1427ف$$براير ،2006بتنفي$ذ $الق$$انون رقم 80.03المحدث$$ة بموجب$$ه مح$$اكم
االستئناف اإلدارية.
541
مجلس دولة يعلو هرم القضاء اإلداري ،كما ه و ح ال مجلس الدول ة الفرنس ي وذل ك تتويج ا لإلص الحات
السابقة.
وقد ساهم القضاء اإلداري في كل من البلدين بإنت اج نرس انة من المب ادئ واإلجته ادات القض ائية ال تي
عززت الحماية القضائية للحقوق والحريات وسيجتها بعدة معايير وضمانات ،كما ساهمت في ضبط عم ل
اإلدارة ولجم تصرفاتها من كل تعسف أو خرق قانوني يكون من شأنه إنتهاك حقوق اإلنسان والمس بها.
542
خاتمة عامة:
في ختام الدراسة خلصينا إلى أن األمم المتحدة عملت طيلة حياتها العملية منذ التأسيس سنة 1945على
توطيد ودعم ثقافة حقوق االنسان وحمايتها بكل الوس ائل الممكن ة وخلقت ل ذلك ع دة آلي ات دولي ة متنوع ة
ومختلفة تعمل من خالله ا على مراقب ة م دى اح ترام كاف ة ال دول للحق وق والحري ات ال واردة في الق انون
الدولي لحقوق االنسان.
كما سعت اآلليات الدولية المعنية بحقوق االنسان إلى بلورة ضمانات ومع ايير كفيل ة بض مان االح ترام
األمثل لحقوق االنسان على الصعيد الدولي ،كما عملت كل المنظمات الحكومية التابعة لألمم المتح دة على
توفير كل الوسائل واإلجراءات التي يمكن من خاللها لألفراد اللجوء إليه ا قص د التش كي واالحتج اج ض د
كل انتهاك أو مس لحقوق االنسان قد يأتي من الدول أو األفراد.
وفي مقابل ذلك سعت الدول العربية ومن ض منها س لطة عم ان والمملك ة المغربي ة على االنض مام إلى
األمم المتحدة ومؤسساتها التابعة لها وهياكلها ،وعملت على التص ديق على مختل ف االتفاقي ات والص كوك
الدولية ذات الصلة بحقوق االنسان عامة والحقوق السياس ية خاص ة ،كم ا وض عت ال دولتان مجموع ة من
الض مانات واإلج راءات ال تي من ش أنها توف ير وتس هيل الممارس ة الس هلة والفعلي ة للحق وق والحري ات
543
والول وج إليه ا والتش كي في حال ة وج ود ح االت من االنته اك او المس ال ذي ق د يط ال حق وق االف راد
والجماعات.
وقد خلقت الدراسة إلى العديد من النتائج التي يمكن حصرها في النقاط التالية:
-2القانون الدولي لحقوق االنس ان ه و ف رع جدي د من ف روع الق انون ال دولي ،له ذا يه دف إلى حماي ة
حقوق االنسان الفردية والجماعية في زمن السلم وزمن النزاعات المسلحة ،ووضع آليات حمايتها.
وقد ارتب ط الخ ط الن اظم لتط وره بجمل ة من االتجاه ات الهام ة وهي :جدلي ة االنتق ال من الوط ني إلى
الدولي والع المي ،واالعالن عن االل تزام ،واالنتق ال من الع ام إلى الخ اص ،كم ا أس هم في تط وره أربع ة
عوامل وهي :نطور مرك ز الف رد في الق انون ال دولي ،ونط ور مفه وم س يادة الدول ة في الق انون ال دولي،
وتنامي دور المنظمات غير الحكومية ،وتشكيل المحكمة الجنائية الدولية.
وفي المقابل من ذلك يواجه القانون ع دو عوام ل تس عى لكبح تط وره وهي :تس ييس الق انون ،والنظ ام
الدولي الجديد والحرب على اإلرهاب.
-3تتسم اآلليات الرقابية المعتمدة لدى األمم المتح دة بالض عف والهشاش ة ،ك ون توص ياتها وقراراته ا
غير ملزمة ،ويقتصر دورها على اآلثار األدبية ،هذا عدا عن عدم امتالكها ألية س لطة تنفيذي ة تمكنه ا من
ترجمة قراراتها وتوصياتها على أرض الواقع ،حيث يحتكر مجلس االمن ه ذا االختص اص باإلض افة إلى
عجزها عن التصدي للقرارات واإلجراءات العقابية غير المشروعة؟.
-4يتولى األمم المتحدة المسؤولية األولى عن قمع انتهاك ات حق وق االنس ان ال تي تش كل تهدي دا للس لم
واالمن الدوليين.
-5يعتبر المجلس االقتصادي واالجتم اعي أح د أهم األجه زة الرئيس ية المتخصص ة في مج ال حق وق
االنسان ،ويمتلك مجموعة من آليات الرقابة واالشراف على حقوق االنسان ،ولكن اآلليات التي س تند إليه ا
رغم أنها قوية وفاعلة إال أنها مازالت تعاني من بعض القصور والضعف في توفير الحماية اللزمة لحق وق
االنس ان ،وقم ع االنتهاك ات ال تي تتع رض له ا ،حيث يقتص ر دوره على تق ديم االقتراح ات والتوص يات
للجمعية العامة ،وال يصدر عنه سوى اقتراحات غير ملزمة .وخير مثال على ذلك االنتهاك ات ال تي تط ال
544
حقوق االنسان في كل من فلسطين واليمن وس وريا ونيانم ار وغيره ا من ال دول ال تي تنته ك فيه ا حق وق
االنسان يوميا دون تدخل من االمم المتحدة وأجهزتها.
-6عملت كل من سلطة عمان والمملكة المغربية على االنضمام إلى كتلة الدول ال تي اعتم دت الق انون
الدولي لحقوق االنسان ،وجعلت من نظامها السياس ي نظام ا منفتح ا وديمقراطي ات في إط ار الت وازن بين
سيادة القانون و حرية االفراد والجماعات.
-7وضعت سلطة عمان كل اإلمكان ات والوس ائل ال تي تس مح ب التطبيق الفعلي لحق وق االنس ان عام ة
والحقوق السياسية خاصة وذلك من خالل توفير ظ روف وش روط المش اركة السياس ية وت ولي المناص ب
العامة والمشاركة في تدبير الشأن العام ؟.
-8تعت بر المملك ة المغربي ة أح دى ال دول الرائ دة في مج ال الممارس ة الديمقراطي ة واح ترام حق وق
االنسان ،ولعبت هيئة االنصاف والمصالحة دورا فعاال في تسطير المبادئ السامية الحترام حقوق االنس ان
على الصعيد الوطني ،كما ساهم القضاء من خالل ضمان استقالليته وتط بيق الق انون في توطي د االح ترام
األمثل لحقوق االنسان.
-9رغم كل الخطوات التي قامت بها كل من سلطة عمان والمملكة المغربي ة في مج ال ف رض اح ترام
حقوق االنسان فإن الطريق مازال طويال بالنظر إلى بعض الممارسات واالنتهاكات التي تم ارس من حين
إلى آخر والتي تشكل نقطة سوداء في مسار االنتقال الديمقراطي الذي يعيشه البلدان.
545
546
النتائج والتوصيات:
547
قائمة المراجع:
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
..
أوال :الكتب العربية
د .أحمد أبو الوفا ،الحماية الدولية لحقوق اإلنساسن في إطار منظمة األمم المتحدة والوكاالت -1
المتخصصة ،الطبعة األولى ،دار النهضة العربية القاهرة.2000 ،
د .أحمد الصياد اليونسكو رؤية للقرن الواحد والعشرون ،دار الفارابي ،بيروت.1999 ، -2
د .أحمد فتحي سرور ،اشكالية ثقافة حقوق اإلنسان ،مجلس الشعب المصري ،مركز البحوث -3
البرلمانية ،فبراير .2009
د.أماني غازي جرار ،االتجاهات الفكرية لحقوق اإلنسان وحرياته األساسية ،دار وائل للنشر -4
والتوزيع ،عمان .2009
548
د بطاهر بو جالل ،دليل آليات المنظومة األممية لحقوق اإلنسان المعهد العربي لحقوق اإلنسان، -5
تونس.2004 ،
بهي الدين حسن ،الحماية اإلقليمية لحقوق اإلنسان في العالم العربي ،في أحمد شوقي بنيوب -6
وآخرون ،دور جامعة الدول العربية في حماية حقوق اإلنسان ،مركز القاهرة لدراسات حقوق
اإلنسان ،القاهرة.2007 ،
بوجمعة غشير ،آليات األمم المتحدة لحماية حقوق اإلنسان والرقابة على تنفيذ االتفاقيات الدولية، -7
الدليل العربي حقوق اإلنسان والتنمية ،المنظمة العربية لحقوق اإلنسان ،دون سنة طباعة.
الحبيب الحمدني وحفيظة شقير ،حقوق اإلنسان بين االعتراف الدولي وتحفظات الدول العربية، -8
مركز القاهرية لدراسات حقوق اإلنسان ،القاهرة.2008 ،
العمل مع المفوضية األمم المتحدة السامية لحقوق اإلنسان ،دليل المنظمات غير الحكومية في تقديم -9
الشكاو ،جنيف ،دون سنة طباعة.
د .الشافعي محمد بشير ،قانون حقوق اإلنسان ،مصادره وتطبيقاته الوطنية والدولية ،الطبعة -10
الرابعة ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية.2007 ،
د حسن نافعة ،العرب واليونسكو ،عالم المعرفة ( ،)135الكويت.1989 ، -11
د.حسن نافعة ،األمم المتحدة في نصف قرن ،المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب ،الكويت -12
.1995
د .حسين المحمدي بوادي ،حقوق اإلنسان بين مطرقة اإلرهاب وسندان الغرب ،دار الفكر -13
الجامعي ،اإلسكندرية .2006
د .خيري أحمد الكباش ،الحماية الجنائية لحقوق اإلنسان 'دراسة مقارنة" في ضوء أحكام الشريعة -14
اإلسالمية والمبادئ الدستورية والمواثيق الدولية ،منشأة المعارف ،االسكندرية.2008 ،
دليل التدريب على رصد حقوق اإلنسان ،مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان ،جنيف .2001 -15
دليل التدريب المهنيين في مجال حقوق اإلنسان ،مكتب األمم المتحدة السامي لحقوق اإلنسان -16
جنيف.1999 ،
دليل حقوق اإلنسان في إقامة العدالة ،المفوضة السامية لحقوق اإلنسان بالتعاون ع رابطة -17
المحامين الدولية :جليل بشأن حقوق اإلنسان خاص بالقضاة والمدعين العامين والمحامين،
نيوبورك وجنيف.2004 ،
549
د .سعيد فهيم خليل ،الحماية الدولية لحثوث اإلنسام في الظروف االستثنائية ،امديست.1998 ، -18
د .سهيلحسين الفتالوي ،حقوق اإلنسان ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان.2007 ، -19
د طارق عزت رخا ،قانون حقوق اإلنسان بين النظرية والتطبيق في الفكر الوضعي والشريعة، -20
دار النهضة العربية ،القاهرة .2006
طارق زيادة األسس التاريخية والفلسفية لحقوق اإلنسان ،في سليم الغماني وأخرون ،حقوق -21
اإلنسان مفاهيمها وأسسها ،منشورات المعهد العربي لحقوق اإلنسان ،تونس2003 ،
د .عبد الكريم علوان ،المنظمات الدولية ،مكتب دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان .1997 -22
د .عبد الكريم علوان ،حقوق اإلنسان ،مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان1997 ، -23
د .عبد الواحد محمد الفار ،قانون حقوق اإلنسان في الفكر الوضعي والشريعة اإلسالمية ،دار -24
النهضة العربية ،القاهرة.1991 ،
د عبد اهلل علي أبو سلطان ،دور القانون الدولي الجنائي في حماية حقوق اإلنسان ،دار -25
دحلة ،عمان وبغداد.2008 ،
د .عبد الحسن شعبان ،مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان ،مركز القاهرة -26
لدراسات حقوق اإلنسان ،القاهرة.2006 ،
د .عبد الرحمن أبو النصر ،اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين لعام 1949وتطبيقاتها في -27
األراضي الفلسطينية المحتلة ،مطابع الهيئة الخيرية ،غزة.2000،
د .عبد الرحمن أبو النصر ،محاضرات في قانون التنظيم الدولي ،دون دار طباعة ،غزة 1996 -28
د .عبد الرحمن أبو النصر قانون حقوق اإلنسان والقانون الدولي اإلنساني ،مكتبة القدس ،غزة، -29
.2002
د .عبد العزيز محمد سرحان ،مقدمة لدراسات ضمانات حقوق اإلنسان ،دراسة مقارنة في القانون -30
الدولي والشريعة اإلسالمية ،جامعية عين شمس ،القاهرة.1988 ،
عصام الدين محمد حسن ،التقارير الحكومية وتقارير الظل ،مصر ...والهيئات التعاهدية لحقوق -31
اإلنسان ،مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسام2008 ،
د .عقبان مبروك محاضرات في مادة حقوق اإلنسان ،جامعية باتنة الجزائر.2005 ، -32
عالء قاعود ،القانون الدولي لحقوق اإلنسان والتزامات اليمن ،ملتقى المرأة للدراسات والتدريب، -33
تعز ،دون سنة طباعة.
550
عالء قاعود ،الحقوق االقتصادية واالجتماعية واثقافية ،مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان، -34
.2006
د .علي صادق أبو هيف ،القانون الدولي العام ،منشأة المعارف ،االسكندرية.1993 ، -35
د علي محمد الدباس والنائب العام على عليان أبو زيد ،حقوق اإلنسان وحرياته ودور شرعية -36
اإلجراءات الشرطية في تعزيزها ،دراسة تحليلية لتحقيق التوازن بين حقوق اإلنسان وحرياتهه
وامن المجتمع تشريعا وفقها وقضاء ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان.2009 ،
عمر رحال ،الدور السياسي لألمم المتحدة في ظل النظام الجديد مركز إعالم حقوق اإلنسان -37
والمشاركة الديمقراطية " شمس" رام اهلل.2007 ،
د عمر صدوق ،محاضرات في القانون الدولي العام ،ديوان المطبوعات الجامعية ،بن عنكون، -38
الجزائر .1995
د .عيسى بيرم ،الحريات العامة وحقوق اإلنسان بين النص والواقع ،بيروت ،دار النهل اللبناني -39
للطباعة والنشر ،ط1998 ،1
د .غازي صابريني ،الوجيز في مبادئ القانون الدولي العام ،دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان، -40
.2007
د .فتحي الوحيدي أصول الفكر السياسي ،دار المقداد للطباعة ،غزة.1991 ، -41
د .فتحي الوحيدي حقوق اإلنسان والقانون الدولي اإلنساني "دراسة مقارنة" ،مطابع مؤسسة البحر -42
والهيئة الخيرية ،غزه.1998 ،
د .كامل السعيد وأخرون ،مبادئ القانون وحقوق اإلنسان ،منشورات جامعة القدس المفتوحة، -43
عمان2008 .
د .مازن ليلو راضي و د حيدر ابراهيم عبد الهادي ،المدخل لدراسة حقوق اإلنسان ،دار قنديل، -44
األردن.2006 ،
د .محمد أمين الميداني ،دراسات في الحماية اإلقليمية لحقوق اإلنسان ،الطبعة األولى ،مركز -45
المعلومات والتأهيل لحقوق اإلنسان ،اليمن.2006 ،
د .محمد السيد الدقاق ،التنظيم الدولي االسكندرية ،الدار الجامعية ،االسكندرية ،بدون تاريخ -46
طباعة.
551
د .محمد السيد سعيد ،مقدمة لفهم منظمة حقوق اإلنسان ،مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان، -47
القاهرة .1997
د .محمد خليل الموسى ،سلطات مجلس األمن في ضوء نظرية القوااعد الدولية اآلمرة"،بحث -48
محكم" منشور في مجلة الشريعة والقانون ،العدد ( )47محرم -1430يناير .2009
د .محمد سامي عبد الحميد ،التنظيم الدولي ،منشأة المعارف ،االسكندرية.2000 ، -49
د .محمد سامي عبد الحميد ،ود .مصطفى سالمة حسين ،القانون الدولي العام ،الدار الجامعي -50
اإلسكندرية1998 ،
د .محمد سعيد محمد الطيب ،ضمانات حقوق اإلنسان وآليات الحماية في الميثاق العربي لحقوق -51
اإلنسان" ،أحمد شوقي بنيوب وآخرون ،دور جامعة الدول العربية في حماية حقوق اإلنسان،
مركز القاهرة لدراسات حقوق االنسان ،مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان ،القاهرة.2007 ،
د وائال عالم ،الوثائق اإلتفاقية العربية البينية ذات الصلة بحقوق اإلنسان ،األمانة العامة ،الجماعة -52
العربية.2005 ،
552
فرانسواز هامبسون ،العالقة بين القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان من منظور الهيئات -5
التعاهدية لحقوق اإلنسان ،مجلة اللجنة الدولية للصليب األحمر الدولي جنيف ،العدد (،)871
سبتمبر/أيلول.2008 ،
ليا ليفين ،حقوق اإلنسان أسئلة وأجوبة ،ترجمة أيمن كمال السباعي ،الشبكة العربية لمعلومات -6
حقوق اإلنسان ،دون سنة طباعة.
مصطلحات القانون الدولي لحقوق اإلنسان ،ترجمة أيمن كمال السباعي ،الشبكة العربية -7
لمعلومات حقوق اإلنسان ،دون سنة طباعة.
مانفريد نوواك ،دليل البرلمانيين العرب إلى حقوق اإلنسان ،مفوضية األمم السامية لحقوق -8
اإلنسان واالتحاد البرلماني العالمي.2005،
هوغنز كالوس ،كيف ترفع الشكاوى ضد انتهاكات حقوق اإلنسان ،دليل األفراد والمنظمات غير -9
الحكومية ،مكتب اليونسكو ،عمان.2003 ،
553
خليفة بوزبره ،دور المنظمات غير الحكومية لحقوق اإلنسان حسب أعضاء المجلس الشعبي -5
الوطني" ،رسالة ماجستير" ،كلية العلوم اإلنسانية ،جامعة الجزائر2006 ،
زيدان لوناس ،الضمانات القضائية لحقوق اإلنسان في وقت السلم "رسالة ماجستير" كلية الحقوق، -6
جامعة مولود معمري تيزي وزو ،المغرب.2010 ،
د.سلوان رشيد السنجاري ،القانون الدولي لحقوق اإلنسان والدساتير العربية" ،رسالة دكتوراة"، -7
جامعة الموصل ،العراق.2005 ،
شهاب طالب الزوبعي ،الحماية الدولية واإلقليمية لحقوق اإلنسان في ضوء التغيرات الدولية، -8
"رسالة ماجستير" األكادمية العربية بالدنمارك.2008 ،
عبد اهلل راشد سعيد النيادي ،أثر المتغيرات الدولية واإلقليمية على حقوق اإلنسان والمجتمع -9
المدني في إطار جامعة الدول العربية " ،2007-1990رسالة ماجستير" كلية العلوم اإلنسانية
جامعة الشرق األوسط للدراسات العليا.
فريد حسن محمد الزبيدي ،القانون الدولي بين القوة وتوازن المصالح" ،رسالة دكتوراه"؟، -10
األكاديمية العربية بالدينمارك.2008 ،
مولود أحمد مصلح ،القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان ،رسالة ماجستير"، -11
األكاديمية العربية المفتوحة بالدينمارك2008 ،
القاضية وهيبة لو صادق ،آليات مراقبة حقوق اإلنسان ،المدرسة العليا للقضاء ،مذكرة تخرج -12
لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ،الجزائر .2008
554
اتفاقية حقوق الطفل .1989 -9
االتفاقية الدولية لحماية العمال المهاجرين وأسرهم .1999 -10
اتفاقية األشخاص ذوي اإلعاقة .2006 -11
االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان .1950 -12
االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان 1969 -13
الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان 1981 -14
الميثاق العربي لحقوق اإلنسان 2004 -15
دستور منظمة العمل الدولية. -16
الميثاق التأسيسي لليونسكو 1945 -17
اتفاقية مكافحة التمييز في مجال التعليم 1960 -18
بروتوكول اليونسكو بإنشاء لجنة التوفيق والمساعي الحميدة .1962 -19
البروتوكول األول المحلق بالعهد بالعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية .1966 -20
البروتوكول المحلق باتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة .1999 -21
البروتوكول المحلق باتفاقية حقوق ذوي اإلعاقة .2010 -22
البروتوكول االختياري المحلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية .2009 -23
البروتوكول الخاص بإنشاء المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان .1997 -24
النظام األساسي للمحكمة األمريكية لحقوق االنسان المقرب في العام .1980 -25
الالئحة الداخلية للجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسان ،المعتمدة من مجلس الجامعة العربية على -26
المستوى الوزاري بتاريخ .5/09/2007
قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة الخاص بتشكيل مجلس حقوق األنسان رقم 60/251المؤرخ -27
في 15مارس .2005
قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة الخاص بإنشاء المفوضية السامية لحقوق اإلنسان 48/141 -28
المؤرخ في ديسمبر .1993
555
آلية مكافحة التعذيب ،صحيفة الوقائع ،العدد ( ،)4جنيف ،دون سنة طباعة .1993 -1
د .ابراهيم علي بدوي الشيخ ،عشرة أعوام في حياة اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان -2
والشعوب :تقييم ونظرة مستقبلية ،المجلة العربية لحقوق اإلنسان ،العدد الخامس ،تونس،
جنيف .1998
أماني محمد إمبابي ،المنظمات الدولية التابعة لألمم المتحدة مجلة الدبلوماسي ،مجلة صادرة -3
عن معهد الدراسات الدبلوماسية التابع لوزارة الخارجية السعودة ،السعودية ،العدد (،)28
مايو .2006
إجراءات الشكوى ،صحيفة الوقائع رقم ( ،)7المفوضية السامية لحقوق اإلنسان ،جنيف ،دون -4
سنة طباعة.
المرأة العاملة في تشريعات العمل العربية ،تقرير لجنة أوضاع المرأة العربية باالمانة العامة -5
التحاد المحاميين في المؤتمر السابع عشر ،مجلة الحق العدد (1و ،)2اتحاد المحامين العرب
.1995
حسين عبد العاطي األسرج ،آليات إعمال حقوق اإلنسان االقتصادية في الدول العربية ،مجلة -6
الباحث ،دورية أكاديمية محكمة ،سنوية تصدر عن كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم
التسيير ،جامعة ثاصدي مرباح ورقله ،الجزائر ،العدد السادس.2008 ،
حفيظة شقير ،المحكمة اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب ،المجلة العربية لحقوق اإلنسان، -7
العدد الخامس ،تونس جانفي .1998
د .رشيد حمد العنزي ،حقوق اإلنسان في ظل االنتهازية الدولية "بحث محكم بعنوان" ،مجلة -8
الشريعة والقانون ،جامعة اإلمارات العربية ،العدد (1431 ،)41ه2010 -م
د .رمزي حوحو ،الحماية الجنائية الدولية لحقوق اإلنسان" ،بحث محكم منشور" في مجلة -9
المفكر ،جامعة محمد خضير بسكره ،الجزائر العدد الخامس ،مارس .2010
زديك الطاهر والعربي رزق اهلل بن مهدي ،العولمة ومبدأ تفويض السيادة "بحق محكم" -10
منشور في مجلة الباحث ،كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التيسير ،جماعة
قاصدي مرباح ورقلة بالجزائر ،العدد ( )2لعام .2003
سليم اللغماني ،مفهوم حقوق اإلنسان نشأته وتطوره ،المجلة العربية لحقوق اإلنسان، -11
المعهد العربي لحقوق اإلنسان ،تونس العدد (.1994 ،)1
556
سبعة عشر سؤاال بتكرر طرحها بشأن المقررين الخاصين لألمم المتحدة ،صحيفة الوقائع -12
رقم ( ،)27المفوضية السامية لحقوق اإلنسان.2001 ،
د.صالح بن عبد اهلل الراجحي ،العولمة االقتصادية وعولمة السياسة" ،بحث محكم" منشور -13
في مجلة الدراسات الدولية ،معهد الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية السعودية ،العدد
( )24ذو القعدة ،1430أكتوبر .2009
د .عبد اهلل الحبيب عمار ،العالقة بين القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان ،بحث -14
محكم" منشور في مجلة دراسات قانونية ،كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم
التسيير ،جامعة قاصدي مرباح ورقلة ،الجزائر العدد األول1992 ،
هيثم مناع ،مترتبات السياسة األمريكية في حقوق اإلنسان على األوضاع العربية ،المجلة -15
العربية لحقوق اإلنسان ،تونس ،العدد العاشر ،جوان .2004
يوسف بو القمح ،شروط تقديم الشكاوى أمام القضاء الدولي االفريقي لحقوق اإلنسان -16
"بحث محكم" مجلة الباحث االجتماعي" مجلة محكمة صادرة عن كلية العلوم االقتصادية
والتجارية بجامعة قاصدي مرباح ورقلة بالجزائر ،العدد التاسع ،جوان.2009 ،
د.أحمد بو األصباغ ،التطورات الجديدة في القانون الدولي المتعلق بالمنظمات الدولية -1
http://www.4shared.com/get/3um9Hsbi واألفراد ص .404
أحمد جاد منصور ،ضمانات حقوق اإلنسان دوليا ووطنيا وإ جراءات وزارة الداخلية لضمان -2
http://www.4shared.com/get/_hltJIKN احترام حقوق المواطنين وحرياتهم األساسية.
د أحمد الرشيدي ،آليات الحماية الدولية لحقوق اإلنسان :نظام التقارير والشكاوى كمثال. -3
/http://www.4shared.com/document/7o1Py7y0
557
القاضي أشرف رفيق نصر اهلل ،محاضرات في القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان، -4
http://www.4shared.com/get/IV-G69bz 2009
د .أمل يازجي ،المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان ،منشور على موقع الموسوعة العربية، -5
http://www.arab-ency.com/index.php?module=pnEncyclopedia&fun=display_term&id=161632&m=1
د .اسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي ،معجم مصطلحات حقوق اإلنسان ،كتاب منشور على -6
موقعwww.kotobarabia.com
اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان ،منشور على موقع المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان -7
http://www.crin.org/resources/infodetail.asp?id=20417#2
المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان ،منشور على موقع المحكمة اإلفريقية لحقوق اإلنسان، -10
http://www.african-court.org/ar/court/faq
د.توفيق بوعشبة ،الميثاق العربي لحقوق اإلنسان يدخل حيز النفاذ اليوم، -13
http://www.lejuriste.montadalhilal.com/t1180-topic
جان س بكتيه ،القانون الدولي اإلنساني تطوره ومبادؤه ،منشور على موقع ديوان الفتوى -14
والتشريع ،2009 ،وعلى الرابط ص9
/http://www.4shared.com/get/216533012/a7a4a9d2
جولييتا روسي ،النظام األمريكي لحماية حقوق اإلنسان والحقوق االقتصادية واالجتماعية -15
http://hrlibrary.umn.edu/arab/M30.pdf و الثقافية
http://hrlibrary.umn.edu/arab/a003- د.جورج جبور ،الميثاق العربي لحقوق اإلنسان -16
2.html
د .خليل عبد المقصود $عبد الحميد ،الخدمة االجتماعية وحقوق اإلنسان ،كتاب منشور $على -17
www.cotobarabia.com الموقع
558
د.رغد صالح الهدلة ،حقوق اإلنسان ...إشكالية المفهوم والتطور التاريخي ،جريدة االتحاد، -18
www.alitthad.com مقال منشور $على الموقع
دافئة غراتفول واسكندر $الديك ،مراجعة :عبده جميل المخالفي ،المحكمة األوروبية لحقوق -19
اإلنسان :شكاوى متراكمة وثقل سياسي لألحكام الصادرة عنها "مقال منشور $بتاريخ
،18/2/2010منشور $على الموقع،
http://www.dw-world.de/dw/article/0,,5261869,00.html
www.eastlaws.com سامي جابر البلتاجي ،المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان،ص6 -20
سعيد شهاب ،حقوق اإلنسان من المفوضية إلى المجلس ،مقال منشور على جريدة القدس -21
http://www.mokarabat.com/m1036.htm العربي ،على الموقع،
د .سالم عبد هللا كانيسكاني ،المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان "قلعة حقوق اإلنسان -22
?http://www.alitthad.com/paper.php وضمير أوروبا $الحي éمقال منشور على الموقع:
name=New&file=article&sid=51836
عبد الحسين شعبان ،الميثاق العربي لحقوق اإلنسان :السؤال والمآل ،الحوار المتمدن ،العدد: -23
http://ahewae.org/debat/show.art.asp?aid=129630 2235
عبد القادر أنيس ،قراءة في الميثاق $العربي $لحقوق اإلنسان ،الحوار المتمدن ،العدد : -24
12/12/2009-2856منشور على الموقع:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid
د .عبد الواحد الناصر ،الوجه الجديد لمشكلة القانون الدولي :استالب مجلس األمن لسلطة -25
التشريع العالمي www.4shared.com/get/3EwT101d/html
د.على يوسف $الشكري ،إصالح مجلس األمن بين الواقع والتحديات ،ص7 -26
www.padfactory.com
فيليكس موركا ،النظام األفريقي $لحماية حقوق اإلنسان والحقوق االقتصادية واالجتماعية -27
http://www1.umn.edu/umanrts/arab/M28.pdf والثقافية،
د .كريم نعمة أهمية ودور $الشركات متعددة الدنسيات في النظام $االقتصادي $العالمي الجديد، -28
قسم العالقات الدولية االقتصادية – كلية التجارة -جامعة فيليكو $ترنفو – بلغاريا$
/http://www.4shared.com/get/247384867/44557547
/http://www.4shared.com/geterpfsy8c ليلى حالوة السيادة ،جدلية الدولة والعولمة، -29
مارتن دورم وكالوس ديمان ،المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان – ملجأ العدالة -30
األخيردفاعا عن حقوق اإلنسان في أوروبا ،مقال منشور $بتاريخ 23/02/2009على
الموقعhttp://www.dw-world.de/dw/article/0,,4050724,00.html ،
المحامي محمد جمعة عيد ،المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان" ،مقال منشور $على الموقع، -31
http://kalema.a7larab.net/t55-topic
559
د .معمر رتيب محمد عبد الحافظ ،اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسان، -32
http://www.un.org/ar/ecosoc/2005/about.html
د .هايل نصر في الحماية الدولية لحقوق اإلنسان مقالة منشورة بتاريخ ،31/12/2010 -33
http://hailnasser.elaphblog.com/posts.aspx?U=72529 منشور $على الموقع
محكمة حقوق اإلنسان والشعوب $األفريقية تصدر $أول حكم لها ضد دولة: -34
http://wwwhrw.org/ar/news/2011/03/30-2
كيف نشأت المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان؟ منشور $على موقع $المحكمة األفريقية لحقوق -35
http://www.african-court.org/ar/court/faq اإلنسان
اتفاقية إزالة كافة أشكال التمييز على جميع أشكال التمييز ضد المرأة .1979
اتفاقية األشخاص ذوي اإلعاقة .2006
االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان 1969
االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان .1950
االتفاقية الدولية لحماية العمال المهاجرين وأسرهم .1999
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري .1965
اتفاقية حقوق الطفل .1989
اتفاقية قينا لعام .1969
اتفاقية مكافحة $التمييز في مجال التعليم 1960
اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من صروب المعاملة القاسية أو الال إنسانية أو المهينة 1984
اإلجراءات الخاصة التي يضطلع بها مجلس حقوق
اإلنسانhttp://www2.ohchr.org/arabic/chr/special/index.htm .
إجراءات الشكوى ،صحيفة الوقائع رقم ( ،)7المفوضية السامية لحقوق اإلنسان ،جنيف ،دون سنة طباعة.
أحمد جاد منصور ،ضمانات حقوق اإلنسان دوليا ووطنيا وإجراءات وزارة الداخلية لض$$مان اح$$ترام حق$$وق المواط$$نين وحري$$اتهم
األساسية.
http://www.4shared.com/get/_hltJIKN
إخالص بن عبيد ،آليات مجلس األمن في تنفيذ الق$انون ال$دولي اإلنس$ان ،رس$الة ماجس$تير" جامع$ة الح$اج لخض$ر ،باتن$ه الجزائ$ر،
.2009
560
اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان .1948
آلية مكافحة التعذيب ،صحيفة الوقائع ،العدد ( ،)4جنيف ،دون سنة طباعة .1993
أماني محمد إمبابي ،المنظمات $الدولية التابعة لألمم المتحدة مجلة الدبلوماسي ،مجلة صادرة عن معهد الدراس$$ات الدبلوماس$$ية $الت$$ابع
لوزارة الخارجية السعودة ،السعودية ،العدد ( ،)28مايو .2006
أوال :الكتب العربية
أيت عبد المالك نادية ،الحماية الجنائية لحقوق اإلنسان في ذل التش$$ريع الوط$$ني والق$$انون ال$$دولي اإلتف$$اقي "رس$$الة ماجس$$تير" كلي$$ة
الحقوق ،جامعة سعد دحلب بالبليدة ،الجزائر.2005 ،
إيمار وإيلي وإريالبيرالتا ،التعذيب في الق$$انون ال$$دولي ،ترجم$$ة موس$$ى ع$$دوان وش$$ريف الس$$يد على ،جمعي$$ة الوقاي$$ة من التع$$ذيب
ومركز العدالة والقانون الدولي ،القاهرة.2009 ،
البروتوكول االختياري المحلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية .2009
البروتوكول األول المحلق بالعهد بالعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية .1966
البروتوكول الخاص بإنشاء المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان .1997
البروتوكول المحلق باتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة .1999
البروتوكول المحلق باتفاقية حقوق ذوي اإلعاقة .2010
بروتوكول اليونسكو بإنشاء لجنة التوفيق والمساعي الحميدة .1962
بندر بن تركي عبد الحميدي العتيبي ،دور المحكمة $الجنائية الدولية الدائمة في حماية حقوق اإلنسان "رسالة ماجستير" ،جامعة نايف
للعلوم األمنية ،السعودية.2008' ،
بهي الدين حسن ،الحماية اإلقليمية لحقوق اإلنسان في العالم العربي ،في أحمد شوقي بنيوب وآخرون ،دور جامعة الدول العربية في
حماية حقوق اإلنسان ،مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان ،القاهرة.2007 ،
بوجمعة غشير ،آليات األمم المتحدة لحماية حقوق اإلنس$ان والرقاب$ة على تنفي$ذ االتفاقي$ات الدولي$ة ،ال$دليل الع$ربي حق$وق اإلنس$ان
والتنمية ،المنظمة العربية لحقوق اإلنسان ،دون سنة طباعة.
تقديم الشكاوى ألليات األمم المتحدة
http://www.crin.org/resources/infodetail.asp?id=20312
جاك دونللي ،حقوق اإلنسان العالمية بين النظرية والتطبيق ،ترجمة مبارك على عثم$$ان ود .محم$$د ن$$ور فرح$$ات ،الق$$اهرة ،المكتب$$ة
األكادمية.1998 $،
جان س بكتيه ،القانون الدولي اإلنساني تطوره ومبادؤه ،منشور على موقع ديوان الفتوى والتشريع ،2009 ،وعلى الرابط ص9
/http://www.4shared.com/get/216533012/a7a4a9d2
جولييت$$$$$ا روس$$$$$ي ،النظ$$$$$ام األم$$$$$ريكي لحماي$$$$$ة حق$$$$$وق اإلنس$$$$$ان والحق$$$$$وق االقتص$$$$$ادية واالجتماعي$$$$$ة و الثقافي$$$$$ة
http://hrlibrary.umn.edu/arab/M30.pdf
الحبيب الحمدني وحفيظة شقير ،حقوق اإلنسان بين االعتراف الدولي وتحفظ$$ات ال$$دول العربي$$ة ،مرك$$ز القاهري$$ة لدراس$$ات حق$$وق
اإلنسان ،القاهرة.2008 ،
561
حسين عبد العاطي األسرج ،آليات إعمال حقوق اإلنس$$ان االقتص$$ادية في ال$$دول العربي$ة ،مجل$$ة الب$$احث ،دوري$ة أكاديمي$ة محكم$ة$،
سنوية تصدر عن كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير ،جامعة ثاصدي مرباح ورقله ،الجزائ$$ر ،الع$$دد الس$$ادس،
.2008
حشماوي محمد ،االتجاهات الجديدة للتجارة الدولية في ظل العولمة ،الجزائر "رسالة دكتوراه" ،جامعة $الجزائر.2006 ،
حفيظة شقير ،المحكمة $اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب ،المجلة العربية لحقوق اإلنسان ،العدد الخامس ،تونس جانفي .1998
562
د .خيري أحمد الكباش ،الحماية الجنائية لحقوق اإلنسان 'دراسة مقارنة" في ضوء أحكام الش$$ريعة اإلس$$المية والمب$$ادئ الدس$$تورية
والمواثيق الدولية ،منشأة المعارف ،االسكندرية.2008 ،
د .رشيد حمد العنزي ،حقوق اإلنسان في ظل االنتهازية الدولية "بحث محكم $بعن$وان" ،مجل$ة الش$ريعة والق$انون ،جامع$ة اإلم$ارات
العربية ،العدد (1431 ،)41ه2010 -م
د .رمزي حوحو ،الحماية الجنائية الدولية لحقوق اإلنسان" ،بحث محكم منشور" في مجلة المفك$$ر ،جامع$$ة محم$$د خض$$ير بس$$كره،
الجزائر العدد الخامس $،مارس .2010
د .سعيد فهيم خليل ،الحماية الدولية لحثوث اإلنسام في الظروف االستثنائية ،امديست.1998 ،
د .سالم عبد هللا كانيسكاني ،المحكمة $األوروبية لحقوق اإلنسان "قلع$$ة حق$$وق اإلنس$$ان وض$$مير أوروب$$ا الحي éمق$$ال منش$$ور
على الموقعhttp://www.alitthad.com/paper.php?name=New&file=article&sid=51836 :
د .سهيلحسينالفتالوي ،حقوق اإلنسان ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان.2007 ،
د .عبد الحسن شعبان ،م$دخل إلى الق$$انون ال$$دولي اإلنس$$اني وحق$وق اإلنس$$ان ،مرك$ز الق$$اهرة لدراس$$ات حق$وق اإلنس$ان ،الق$اهرة،
.2006
د .عبد الرحمن أبو النصر قانون حقوق اإلنسان والقانون الدولي اإلنساني ،مكتبة القدس ،غزة.2002 ،
د .عبد الرحمن أبو النصر ،اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين لعام 1949وتطبيقاتها في األراض$ي الفلس$طينية المحتل$ة ،مط$ابع
الهيئة الخيرية ،غزة.2000،
د .عبد الرحمن أبو النصر ،محاضرات في قانون التنظيم الدولي ،دون دار طباعة ،غزة 1996
د .عبد العزيز محمد سرحان ،مقدمة لدراسات ضمانات حق$وق اإلنس$ان ،دراس$$ة مقارن$ة في الق$انون ال$دولي والش$ريعة اإلس$المية،
جامعية عين شمس ،القاهرة.1988 ،
د .عبد الكريم علوان ،المنظمات الدولية ،مكتب دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان .1997
د .عبد الكريم علوان ،حقوق اإلنسان ،مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان1997 ،
د .عبد هللا الحبيب عمار ،العالقة بين القانون الدولي اإلنساني وحق$$وق اإلنس$$ان ،بحث محكم" منش$$ور في مجل$$ة دراس$$ات قانوني$$ة،
كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير ،جامعة $قاصدي مرباح ورقلة ،الجزائر العدد األول1992 ،
د .عب$$$$د الواح$$$$د الناص$$$$ر ،الوج$$$$ه الجدي$$$$د لمش$$$$كلة الق$$$$انون ال$$$$دولي :اس$$$$تالب مجلس األمن لس$$$$لطة التش$$$$ريع الع$$$$المي
www.4shared.com/get/3EwT101d/html
د .عبد الواحد محمد الفار ،قانون حقوق اإلنسان في الفكر الوضعي والشريعة اإلسالمية ،دار النهضة العربية ،القاهرة.1991 ،
د .عقبان مبروك محاضرات في مادة حقوق اإلنسان ،جامعية $باتنة الجزائر.2005 ،
د .علي صادق أبو هيف ،القانون الدولي العام ،منشأة المعارف ،االسكندرية.1993 ،
د .عيسى بيرم ،الحريات العامة $وحقوق اإلنسان بين النص والواقع ،بيروت ،دار النهل اللبناني للطباعة والنشر ،ط1998 ،1
د .غازي صابريني ،الوجيز في مبادئ القانون الدولي العام ،دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان.2007 ،
د .فتحي الوحيدي أصول الفكر السياسي ،دار المقداد للطباعة ،غزة.1991 ،
د .فتحي الوحيدي حقوق اإلنسان والقانون الدولي اإلنساني "دراسة مقارنة" ،مطابع مؤسسة البحر والهيئةالخيرية ،غزه.1998 ،
د .كامل السعيد وأخرون ،مبادئ القانون وحقوق اإلنسان ،منشورات جامعة $القدس المفتوحة ،عمان2008 .
د .كريم نعمة أهمية ودور الشركات متعددة الدنسيات في النظام االقتصادي العالمي الجديد ،قسم العالقات $الدولية االقتصادية – كلية
التجارة -جامعة فيليكوترنفو– بلغاريا /http://www.4shared.com/get/247384867/44557547
د .مازن ليلو راضي و د حيدر ابراهيم عبد الهادي ،المدخل لدراسة حقوق اإلنسان ،دار قنديل ،األردن.2006 ،
د .محمد السيد الدقاق ،التنظيم الدولي االسكندرية ،الدار الجامعية $،االسكندرية ،بدون تاريخ طباعة.
563
د .محمد السيد سعيد ،مقدمة لفهم منظمة حقوق اإلنسان ،مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان ،القاهرة .1997
د .محمد أمين الميداني ،دراسات في الحماية اإلقليمية لحقوق اإلنسان ،الطبعة األولى ،مركز المعلومات والتأهي$$ل لحق$$وق اإلنس$$ان،
اليمن.2006 ،
د .محمد خليل الموسى ،سلطات مجلس األمن في ض$$وء نظري$$ة القوااع$$د الدولي$$ة اآلم$$رة"،بحث محكم" منش$$ور في مجل$$ة الش$$ريعة
والقانون ،العدد ( )47محرم -1430يناير .2009
د .محمد سامي عبد الحميد ،التنظيم الدولي ،منشأة المعارف ،االسكندرية.2000 ،
د .محمد سامي عبد الحميد ،ود .مصطفى سالمة حسين ،القانون الدولي العام ،الدار الجامعي اإلسكندرية1998 ،
د .محمد سعيد محمد الطيب ،ضمانات $حقوق اإلنس$ان وآلي$ات الحماي$ة في الميث$اق الع$ربي لحق$وق اإلنس$ان" ،أحم$د ش$وقي ب$نيوب
وآخرون ،دور جامعة ال$$دول العربي$$ة في حماي$$ة حق$$وق اإلنس$$ان ،مرك$$ز الق$$اهرة لدراس$$ات حق$$وق االنس$$ان ،مرك$$ز الق$$اهرة
لدراسات حقوق اإلنسان ،القاهرة.2007 ،
د .معمر رتيب محمد عبد الحافظ ،اللجنة العربية الدائمة لحقوق
اإلنسانhttp://www.un.org/ar/ecosoc/2005/about.html ،
د .هاي$$$$ل نص$$$$ر في الحماي$$$$ة الدولي$$$$ة لحق$$$$وق اإلنس$$$$ان مقال$$$$ة منش$$$$ورة بت$$$$اريخ ،31/12/2010منش$$$$ور على الموقع
http://hailnasser.elaphblog.com/posts.aspx?U=72529
د.أحم$$$$د ب$$$$و األص$$$$باغ ،التط$$$$ورات الجدي$$$$دة في الق$$$$انون ال$$$$دولي المتعل$$$$ق بالمنظم$$$$ات الدولي$$$$ة واألف$$$$راد ص .404
http://www.4shared.com/get/3um9Hsbi
د.أماني غازي جرار ،االتجاهات الفكرية لحقوق اإلنسان وحرياته األساسية ،دار وائل للنشر والتوزيع ،عمان .2009
د.توفيقبوعشبة ،الميثاق العربي لحقوق اإلنسان يدخل حيز النفاذ اليوم،
http://www.lejuriste.montadalhilal.com/t1180-topic
د.جورج جبور ،الميثاق العربي لحقوق اإلنسان http://hrlibrary.umn.edu/arab/a003-2.html
د.حسن نافعة ،األمم المتحدة في نصف قرن ،المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب ،الكويت .1995
د.رغ$$د ص$$الح الهدل$$ة ،حق$$وق اإلنس$$ان ...إش$$كالية المفه$$وم والتط$$ور الت$$اريخي ،جري$$دة االتح$$اد ،مق$$ال منش$$ور على الموق$$ع
www.alitthad.com
د.سلوان رشيد السنجاري ،القانون الدولي لحقوق اإلنسان والدساتير العربية" ،رسالة دكتوراة" ،جامعة $الموصل ،العراق.2005 ،
د.صالح بن عبد هللا ال$$راجحي ،العولم$$ة االقتص$$ادية وعولم$$ة السياس$$ة" $،بحث محكم" $منش$$ور في مجل$$ة الدراس$$ات الدولي$$ة ،معه$$د
الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية السعودية ،العدد ( )24ذو القعدة ،1430أكتوبر .2009
د.على يوسف الشكري ،إصالح مجلس األمن بين الواقع والتحديات ،صwww.padfactory.com 7
دافئة غراتفول واسكندر الديك ،مراجعة :عبده جميل المخالفي ،المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان :شكاوى متراكم$$ة وثق$$ل سياس$$ي
لألحكام الصادرة عنها "مقال منشور بتاريخ ،18/2/2010منشور على الموقع،
http://www.dw-world.de/dw/article/0,,5261869,00.html
دستور منظمة العمل الدولية.
دليل التدريب المهنيين في مجال حقوق اإلنسان ،مكتب األمم المتحدة السامي لحقوق اإلنسان جنيف.1999 ،
دليل التدريب على رصد حقوق اإلنسان ،مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان ،جنيف .2001
دليل حقوق اإلنسان في إقامة العدالة ،المفوضة السامية لحق$$وق اإلنس$$ان بالتع$$اون ع رابط$$ة المح$$امين الدولي$$ة :جلي$$ل بش$$أن حق$$وق
اإلنسان خاص بالقضاة والمدعين العامين والمحامين ،نيوبورك وجنيف.2004 ،
رابعا :االتفاقات والصكوك والقرارات الدولية
564
رني$$$$$$$ه ج$$$$$$$ان دب$$$$$$$وي ،عالمي$$$$$$$ة حق$$$$$$$وق اإلنس$$$$$$$ان ،ترجم$$$$$$$ات في الحماي$$$$$$$ة الدولي$$$$$$$ة لحق$$$$$$$وق اإلنس$$$$$$$ان،
ترجمة د .محمد أمين الميداني ،مركز الممعلومات والتأهيل لحقوق اإلنسان ،تعز ،الطبعة الثالثة.2005 ،
زديك الطاهر والعربي رزق هللا بن مهدي ،العولمة ومب$$دأ تف$$ويض الس$$يادة "بح$$ق محكم" منش$$ور في مجل$$ة الب$$احث ،كلي$$ة العل$$وم
االقتصادية والتجارية وعلوم التيسير ،جماعة قاصدي مرباح ورقلة بالجزائر ،العدد ( )2لعام .2003
زيدان لوناس ،الضمانات القضائية لحقوق اإلنسان في وقت الس$لم "رس$الة ماجس$تير" كلي$ة الحق$وق ،جامع$ة مول$ود معم$ري ت$يزي
وزو ،المغرب.2010 ،
565
العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية .1966
فرانسوازهامبسون ،العالقة بين القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان من منظور الهيئات التعاهدية لحقوق اإلنسان ،مجلة اللجنة
الدولية للصليب األحمر الدولي جنيف ،العدد ( ،)871سبتمبر/أيلول.2008 ،
فريد حسن محمد الزبيدي ،القانون الدولي بين القوة وتوازن المصالح" ،رسالة دكتوراه"؟ ،األكاديمية العربية بالدينمارك.2008 ،
فيليكس$$$$$$موركا ،النظ$$$$$$ام األف$$$$$$ريقي لحماي$$$$$$ة حق$$$$$$وق اإلنس$$$$$$ان والحق$$$$$$وق االقتص$$$$$$ادية واالجتماعي$$$$$$ة والثقافي$$$$$$ة،
http://www1.umn.edu/umanrts/arab/M28.pdf
القاض$$$$$$ي أش$$$$$$رف رفي$$$$$$ق نص$$$$$$ر هللا ،محاض$$$$$$رات في الق$$$$$$انون ال$$$$$$دولي اإلنس$$$$$$اني وحق$$$$$$وق اإلنس$$$$$$ان2009 ،
http://www.4shared.com/get/IV-G69bz
القاضية وهيبة لو صادق ،آليات مراقبة حقوق اإلنسان ،المدرسة العليا للقضاء ،مذكرة تخرج لنيل إج$$ازة المدرس$$ة العلي$$ا للقض$$اء،
الجزائر .2008
قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة الخاص بإنشاء المفوضية السامية لحقوق اإلنسان 48/141المؤرخ في ديسمبر .1993
قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة الخاص بتشكيل مجلس حقوق األنسان رقم 60/251المؤرخ في 15مارس .2005
كيف نشأت المحكمة األفريقي$ة لحق$وق اإلنس$ان؟ منش$ور على موق$ع المحكم$ة $األفريقي$ة لحق$وق اإلنس$ان http://www.african-
court.org/ar/court/faq
الالئح$$ة الداخلي$$ة للجن$$ة العربي$$ة الدائم$$ة لحق$$وق اإلنس$$ان ،المعتم$$دة من مجلس الجامع $ة $العربي$$ة على المس$$توى ال$$وزاري بت$$اريخ
.5/09/2007
اللجن$$$$$$$$ة األفريقي$$$$$$$$ة لحق$$$$$$$$وق اإلنس$$$$$$$$ان ،منش$$$$$$$$ور على موق$$$$$$$$ع المحكم$$$$$$$$ة $األفريقي$$$$$$$$ة لحق$$$$$$$$وق اإلنس$$$$$$$$ان
http://www.crin.org/resources/infodetail.asp?id=20417#2
ليا ليفين ،حقوق اإلنسان أسئلة وأجوبة ،ترجمة أيمن كمال السباعي ،الشبكة العربية لمعلومات حقوق اإلنسان ،دون سنة طباعة.
ليلى حالوة السيادة ،جدلية الدولةوالعولمة،
/http://www.4shared.com/geterpfsy8c
مارتن دورم وكالوس ديمان ،المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان – ملجأ العدالة األخيردفاعا عن حقوق اإلنس$$ان في أوروب$$ا ،مق$$ال
منشور بتاريخ 23/02/2009على الموقعhttp://www.dw-world.de/dw/article/0,,4050724,00.html ،
مانفريدنوواك ،دليل البرلمانيين العرب إلى حقوق اإلنس$$ان ،مفوض$$ية األمم الس$$امية $لحق$$وق اإلنس$$ان واالتح$$اد البرلم$$اني الع$$المي،
.2005
المحامي محمد جمعة عيد ،المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان" ،مق$$ال منش$$ور على الموق$$عhttp://kalema.a7larab.net/t55- ،
topic
المحكم$$$$$$$ة $األفريقي$$$$$$$ة لحق$$$$$$$وق اإلنس$$$$$$$ان ،منش$$$$$$$ور على موق$$$$$$$ع المحكم$$$$$$$ة $اإلفريقي$$$$$$$ة لحق$$$$$$$وق اإلنس$$$$$$$ان،
http://www.african-court.org/ar/court/faq
محكمة $حقوق اإلنسان والشعوب األفريقية تصدر أول حكم لها ضد دولةhttp://wwwhrw.org/ar/news/2011/03/30-2 :
المرأة العاملة في تشريعات العمل العربية ،تقرير لجنة أوضاع المرأة العربية باالمانة العامة التح$$اد المح$$اميين في الم$$ؤتمر الس$$ابع
عشر ،مجلة الحق العدد (1و ،)2اتحاد المحامين العرب .1995
مصطلحات القانون الدولي لحقوق اإلنس$ان ،ترجم$ة أيمن كم$ال الس$باعي ،الش$بكة العربي$ة لمعلوم$ات حق$وق اإلنس$ان ،دون س$نة
طباعة.
مولود أحمد مصلح ،الق$انون ال$دولي اإلنس$اني والق$انون ال$دولي لحق$وق اإلنس$ان ،رس$الة ماجس$تير" ،األكاديمي$ة العربي$ة المفتوح$ة
بالدينمارك2008 ،
الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان 1981
566
الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان
http://www.almizanmag.com/modules/news/article.php?storyid=9
ميثاق األمم المتحدة لعام .1945
الميثاق التأسيسي لليونسكو 1945
الميثاق العربي لحقوق اإلنسان 2004
النظام األساسي للمحكمة $األمريكية لحقوق االنسان المقرب في العام .1980
هوغنز كالوس ،كيف ترفع الشكاوى ض$$د انتهاك$$ات حق$$وق اإلنس$$ان ،دلي$$ل األف$$راد والمنظم$$ات $غ$$ير الحكومي$$ة ،مكتب اليونس$$كو،
عمان.2003 ،
هيثم مناع ،مترتبات السياسة األمريكية في حقوق اإلنسان على األوضاع العربية ،المجل$$ة العربي$$ة لحق$$وق اإلنس$$ان ،ت$$ونس ،الع$$دد
العاشر ،جوان .2004
يوسف بو القمح ،شروط تقديم الشكاوى أمام القضاء الدولي االفريقي لحقوق اإلنسان "بحث محكم" مجلة الباحث االجتماعي" مجلة
محكمة صادرة عن كلية العلوم االقتصادية والتجارية بجامعة قاصدي مرباح ورقلة بالجزائر ،العدد التاسع ،جوان.2009 ،
اليونسكو في سطور https://ar.unesco.org/about-us/introducing-unesco
فهرس المحتويات
567
خطة البحث .Erreur ! Signet non défini...............................................................................................
الباب األول :اإلطار الدولي العام للحقوق السياسية وآليات حمايتها.Erreur ! Signet non défini...................................$
الباب األول :اإلطار الدولي العام للحقوق السياسية وآليات حمايتها.Erreur ! Signet non défini...................................$
القسم األول :المدخل التاريخي والمفاهيمي للحقوق السياسية .Erreur ! Signet non défini...........................................
الفصل األول :مراحل نشأة الحقوق السياسية وتطورها .Erreur ! Signet non défini................................................
المطلب األول :الحقوق السياسية عند اإلغريق .Erreur ! Signet non défini..........................................................
المطلب الثاني :الحقوق السياسية عند الرومان .Erreur ! Signet non défini.........................................................
المبحث الثاني :نشأة الحقوق السياسية في العصور الوسطى وما بعدها .Erreur ! Signet non défini...............................
المطلب األول :الحقوق السياسية في المنظور الغربي .Erreur ! Signet non défini..................................................
الفرع األول :مفهوم الحقوق السياسية في الفكر الغربي.Erreur ! Signet non défini.................
الفرع الثاني :تالزم الحقوق السياسية بالنظم السياسية في المنظور الغربيErreur ! Signet non......
.défini
العنصر األول :مدى تأثر الحقوق السياسية بالنظم السياسية .Erreur ! Signet non défini............................................
العنصر الثاني :دور الحقوق السياسية في خلق النظام الديمقراطي .Erreur ! Signet non défini....................................
المطلب الثاني :الحقوق السياسية في الحضارة اإلسالمية .Erreur ! Signet non défini..............................................
568
الفرع األول :مفهوم الحقوق السياسية في اإلسالم .Erreur ! Signet non défini........................
العنصر األول :حق اإلنتخاب والترشيح .Erreur ! Signet non défini.................................................................
العنصر الثاني :حق تولي الوظائف العامة في الدولة .Erreur ! Signet non défini...................................................
الفرع الثاني :الضمانات والمبادئ العامة لممارسة الحقوق السياسية في اإلسالمErreur ! Signet non
.défini
العنصر األول :الضمانات الديمقراطية .Erreur ! Signet non défini..................................................................
569
العنصر الرابع :حرية الرأي والتعبير 28.....................................................................................................
الفقرة الثانية :حرية الرأي والتعبير من خالل القانون الدولي والمقارن 32..................................................................
الفقرة الثالثة :جواز وضابط تقييد حرية التجمع وتأسيس الجمعيات 39......................................................................
العنصر الثاني :الحق في المشاركة $في إدارة الشؤون العامة للدولة 40.....................................................................
الفقرة الثانية :حقوق ال يشملها جواز التقييد والتعطيل بنا ًء على حالة الظروف اإلستثنائية 68.............................................
ثانيا ً :حظر المساس بحق كل إنسان في حرية الفكر والوجدان والدين77.................................................................. .
القسم الثاني :اإلطار المرجعي الدولي للحقوق السياسية وآليات حمايتها 78.................................................................
القسم الثاني :اإلطار المرجعي الدولي للحقوق السياسية وآليات حمايتها 79.................................................................
الفصل األول :الحقوق السياسية من خالل القانون الدولي لحقوق اإلنسان 80...............................................................
570
الفقرة األولى :في أسباب وظروف اعتماد اإلعالن 82.......................................................................................
الفرع الثاني :العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية وبروتوكوله اإلختياري92.....................
العنصر األول :العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية 92.......................................................................
الفقرة الثالثة :الحقوق والحريات الواردة بالعهد ولم ترد باإلعالن 97.......................................................................
الفرع الثالث :طبيعة اإللتزامات القانونية الناتجة عن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية98. .
العنصر الثاني :إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة بإختصار ب"السيداو /كوبنهاغن"111..................
المطلب األول :الحقوق السياسية في القانونين األوروبي واألمريكي لحقوق اإلنسان 114.................................................
الفقرة األولى :الحقوق محل الحماية وضوابط التمتع بها وقيود ممارستها116............................................................. $
571
أوالً الحقوق محل الحماية 116................................................................................................................
العنصر الثاني :اإلتفاقية األمريكية األخرى الخاصة لحماية حقوق اإلنسان 128...........................................................
المطلب الثاني :الحقوق السياسية في القانونين الدوليين األفريقي والعربي لحقوق اإلنسان 129...........................................
الفقرة الثانية :الحقوق محل الحماية في الميثاق العربي لحقوق اإلنسان 145................................................................
572
أوالً :فئة الحقوق الفردية 145.................................................................................................................
العنصر الثالث :دور المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي في حماية حقوق اإلنسان 158.....................................................
الفقرة األولى :إختصاصات المجلس اإلقتصادي وإلجتماعي في حماية حقوق اإلنسان 159...............................................
الفقرة الثانية :آليات عمل المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي في حماية حقوق اإلنسان 160.................................................
573
رابعا ً :التوصيات 161.........................................................................................................................
574
ثانيا ً :التسوية 190.............................................................................................................................
575
الفقرة األولى :اختصاصات اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسان 214.....................................................................
الباب الثاني :حماية الحقوق السياسية في سلطنة عمان والمملكة المغربية 222.............................................................
الباب الثاني :حماية الحقوق السياسية في سلطنة عمان والمملكة المغربية 223.............................................................
تمهيد223..................................................................................................................................... .
المطلب األول :ضمانات الحقوق السياسية في القوانين التشريعية بسلطة عمان 272......................................................
576
أوال :المساواة في الولوج إلى االنتدابيات االنتخابية285................................................................................... :
العنصر الثالث :االقتراع العام وسيلة ضرورية لضمان حق االنتخاب من خالل تعبيره عن سيادة الشعب 290..........................
ثالثا :من خالل حياد اإلدارة في العملية االنتخابية :تنظيم التصويت من قبل هيئة محايدة 291.............................................
رابعا :الضمانات على مستوى رقابة عملية اإلعالن عن النتائج االنتخابية292........................................................... .
العنصر الرابع :الدفع بعدم دستورية القوانين ضمانة للحقوق السياسية293............................................................... :
المبحث األول :الحق في المشاركة السياسية وتأسيس التنظيمات السياسية والمدنية في البلدين 305......................................
577
الفقرة الثانية :األعضاء المعينون 310........................................................................................................
الفقرة الثانية :مقتضيات عامة من القانون التنظيمي رقم 14ـ 113المتعلق بالجماعات322........................................... :
الفقرة الثالثة :قانون تنظيمي رقم 59.11يتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية 323........................................
578
الفقرة األولى :شروط تأسيس الجمعيات بالمغرب 346......................................................................................
المطلب األول :مفهوم وشروط تولي الوظائف العامة في سلطنة عمان والمملكة المغربية355.......................................... .
المطلب الثاني :الحق في المناصفة كضمانة لتولي المناصب والوظائف العامة361....................................................... $
الفقرة الثانية :األسس المرجعية لهيئة المناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز366....................................................... :
المطلب األول :دور مجلس الشورى في حماية الحقوق السياسية بسلطنة عمان 379......................................................
ثانيا :تنزيل الوثيقة الدستورية وتكريس سمو المواثيق الدولية على التشريعات الوطني 404..............................................
المطلب األول :دور اللجنة الوطنية العمانية في حماية الحقوق السياسية 406..............................................................
المطلب الثاني :دور المجلس الوطني لحقوق اإلنسان المغربي في حماية الحقوق السياسية 408.......................................
الفقرة األولى :دور المجلس الوطني في مجال الرصد وتدبير الشكايات410............................................................... $
579
الفقرة الثانية :دور المجلس الوطني لحقوق اإلنسان في مجال إعداد التقارير والممارسة $القضائية411...................................
الفقرة األولى :على مستوى التركيبة الجديدة للمجلس األعلى للقضاء العماني411....................................................... :
الفقرة الثانية :تبعية القضاء اإلداري للمجلس األعلى للشؤون اإلدارية 411................................................................
الفرع األول :دور القضاء اإلداري العماني في حماية الحقوق السياسية 411.....................................
العنصر األول :محكمة $القضاء اإلداري في سلطنة عمان 411..............................................................................
580
ثانيا :اإلجراءات المتبعة أمام محاكم االستئناف اإلدارية 411...............................................................................
المطلب الثالث :آفاق القضاء اإلداري بالمملكة المغربية وسلطنة عمان411.............................................................. .
العنصر األول :القضاء اإلداري المغربي والعلماني على مستوى األجهزة والمسطرة411............................................... .
الموضوع .......................................................................................................................................
..................................................................................................................................................
..................................................................................................................................................
..................................................................................................................................................
..................................................................................................................................................
..................................................................................................................................................
..................................................................................................................................................
..................................................................................................................................................
.........................................................................................................................................الصفحة
1 اهداء
2 شكر وتقدير
581
..................................................................................................................................................
..................................................................................................................................................
582
583