You are on page 1of 583

‫إهداء‬

‫‪1‬‬
‫إهــــــــــــــــداء‬

‫( (وقل رب إرحمهما كما ربيان صغيرا))‬

‫الى روح أمي الطاهرة التي إنتقلت الى جوار ربها وأنا طالب علم‬

‫الى والدي الذي قدم شبابه تضحية في تربيتنا‬

‫***‬

‫‪2‬‬
‫شكر وتقدير‬

‫في حياة اإلنسان أشخاص لهم دور خفي في رفع معنوياته والدفع به نحو اإلمام ‪ ،‬لهم في حياتي‬
‫بصمات اليمكن أنساها‪ ،‬لهم في القلب كل اإلحترام والتقدير والعرفان‬

‫األستاذ الدكتور‪ /‬محمد العمراني ابو خبزة‬

‫عميد كلية الحقوق ــ تطوان‬

‫اللواء الركن بحري (م)‪ /‬سالم بن عبدهللا بن راشد العلوي‬

‫قائد البحرية السلطانية العمانية سابقا ً‬

‫األستاذ الدكتور‪ /‬موالي هشام اإلدريسي‬

‫جامعة محمد الخامس ــ الرباط‬

‫فضيلة الشيخ‪ /‬محسن السيد ابراهيم‬

‫لكم مني خالث الدعوات سائالً هللا عز وجل ان يجعل ذلك في ميزان حسناتكم‬

‫‪3‬‬
‫المقدمة‬
‫لقد أحيط موضوع حقوق اإلنسان بنـوع من المزايـدات الفكريـة والسياسـية والفلسـفية عـبر عنـاوين‬
‫ومســميات‪ ،‬ونعــود تختلــف من زمن آلخــر ومن مكــان آلخــر‪ ،‬ومن دائــرة فكريــة الى أخــرى‪ .‬وكمــا هــو‬
‫معروف بأن مفهوم حقوق اإلنسان ليس مفهوما ً جامداً‪ ،‬بل مفهومــا مرنـا ً يعــرف حركيــة دائمــة وتطــوراً‬
‫متواصال‪ .‬لذلك لم يعد محصــوراً بــالحقوق والحريــات التقليديــة كمــا نظــرت لهــا الثــورة الفرنســية‪ ،‬وكــذا‬
‫ً‬
‫المواثيق الدولية بل إمتد األمر الى نطاقات نوعية‪ ،‬إما أنها بسبب شروط الظرفية الحالية سواء الوطنيــة‬
‫أو الدولية أو بسبب خروجها من نطاق الدين واألخالق والتقاليــد "(بإعتبــار الخلــط بين هــذين المجــالين‬
‫هو من مخلفات العصور الوسطى‪ ،‬حيث إنعدام اإلختصاص العلمي على المستوى الفكرى‪ ،‬وعدم التحديد‬
‫الــدقيق لوظــائف الدولــة قــد يفضــي الى نــوع من الطغيــان واإلســتبداد) أو دخولهــا في اإلطــار القــانوني‬
‫الحقوقي الوضعي"‪.‬‬

‫ان المسئولية األولى في حماية وتعزيز حقوق اإلنسان‪ ،‬ومنها الحقوق السياسية في المقام األول تقع‬
‫على كل دولة وفق ما إلتزمت بـه بإنضـمامها إلى العهـود والمواثيـق الدوليـة الخاصـة بحقـوق اإلنسـان‪.‬‬
‫كذلك من المسلم به‪ ،‬أن توعيـة الفــرد وتبصـيره بحقــوق اإلنســان وحرياتـه وحقــوق وحريــات غـيره في‬
‫المجتمع‪ ،‬التي يتعين عليه احترامها هو مســاهمة الزمــة لنشــر ثقافــة حقــوق اإلنســان لتكــون أقــدر على‬
‫المساهمة في خدمة قضايا حقوق اإلنسان على المستوى المحلى واإلقليمي والدولي‪.‬‬

‫لقد شهد العالم بعد الحرب العالمية الثانية نشاطا ً دوليـا ً مكثفـا لضـمان الحقـوق األساسـية لإلنسـان‪،‬‬
‫حيث تعــد حقــوق اإلنســان حجــر الزاويــة في إقامــة المجتمــع المتحضــر الحــر‪ ،‬واحــترام حقــوق اإلنســان‬

‫‪4‬‬
‫ورعايتهــا هــو عمــاد الحكم العــادل في المجتمعــات الحديثــة والســبيل الوحيــد لخلــق العــالم الحــر اآلمن‬
‫والمستقر‪.‬‬

‫وقد إعتمدت الجمعية العامة لألمم المتحدة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بمــوجب‬
‫قراراهــا (‪ )2200‬الصـار عـام ‪1966‬م‪ ،‬وأقرتــه بأغلبيــة األصـوات ــ ‪ 106‬صـوت ـــ ويســعى إلى تعـويم‬
‫وحماية الحقوق التاريخية المدنية والسياسية الــتي هي أســاس األمن ورخــاء اإلنســان أينمــا وجــد‪ ،‬دون‬
‫تفرقة بين الرجال والنساء في هذا الصدد‪.‬‬

‫وإنطالقا ً من الهدف المتصور‪ ،‬فسنعرض مفاهيم هذه النصــوص‪ ،‬وذلــك إسترشــاداً بمــا توصــلت إليــه‬
‫اللجنــة المعنية(‪ )1‬بــالحقوق المدنيــة والسياســية عــبر الســنوات الــتي إنقضــت منــذ بدايــة أعمالهــا‪ ،‬ومــا‬
‫إستخلصته من معايير وآليات محددة الزمـة لضـمان إعمـال حمايـة وتعزيـز هـذه الحقـوق والحريـات في‬
‫الواقع العملي‪ ،‬وذلك من خالل الحوار المستمر بين الدول األعضاء في العهد الدولي وفق ما نصــر عليــه‬
‫العهد(‪ .)2‬ومن المعــروف من أن حقــوق اإلنســان تشــكل وحــدة كاملــة التقبــل التجزئــة‪ ،‬ممــا يعــني تــداخل‬
‫وتكامل العهد نصوص العهد الدولي‪.‬‬

‫وبطبيعة الحال فحقوق اإلنسان‪ ،‬حقوق عامة في مجملها تكمن من بينها الحقــوق السياســية‪ .‬ويقصــد‬
‫بــالحقوق السياســية الحقــوق الــتي تثبت لألفــراد بإعتبــارهم أفــراداً منتســبين لجماعــة معينــة (الدولــة)‪،‬‬
‫وتهدف إلى تمكين األفراد من المشاركة في تولي الشؤون السياسية لهذه الدولــة ويــدخل في هــذا النــوع‬
‫من الحقوق حق الترشح في المجالس البلدية والبرلمانية وحق االنتخاب وحق تولي الوظائف العامة‪.‬‬

‫فكفالة حماية حق معين بذاته اليقتصــر بالضــرورة على مــادة بعينهــا من العهــد الــدولي بــل كثــيراً مــا‬
‫تقتضي حماية ذات الحق أو أحــد أوجهــه الــتي اليكتمــل إال بهــا‪ ،‬اإلســتناد إلى اكــثر من مــادة كلمــا دعت‬
‫الضرورة لذلك عند تناولنا تباعا ً للحقوق المدنية والسياسية التي يحميها العهد الدولي‪.‬‬

‫ولم يقتصر األمر على الحماية الدولية لحقوق اإلنسان فالعديـد من المصــادر الوطنيــة لهـا أهميـة في‬
‫ترسيخ الكثير من مبادئ حقــوق اإلنســان وحرياتـه ولالهتمـام المتزايـد لدســاتير العــالم بحقـوق اإلنسـان‬
‫بإعتبار الدستور هو القانون األعلى في الدولة والمعبر عن أرادة الشعب‪ ،‬مثاالً على ذلــك‪ ،‬إعالن حقــوق‬
‫اإلنسان والمواطن الفرنسي ‪ 26‬أغســطس ‪1789‬م والدســاتير واإلعالنــات الفرنســية الــتي تلتــه كــإعالن‬
‫حقوق اإلنسان والمواطن سنة ‪1793‬م‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫)(‪.‬تقارير اللجنة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية عن اجتماعاتها المتعاقبة والمرفوعة للجمعية العامة لألمم المتحدة‬
‫‪2‬‬
‫‪، May 12Rev6/‬ــ التعليقات‪ $‬العامة للجنة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية على مواد العهد الدولي ‪m‬العخد الدولي للحقوق المدنية والسياسي‬
‫)(‪1 /GEN/ HR 1/ 2003 .‬‬

‫‪5‬‬
‫وإذا كان الدين اإلسالمي قد كــرم اإلنســان منــذ قــرون‪ ،‬فــإن هــذا ـــ التوجــه ينم عن مرجعيــة وقاعــدة‬
‫قانونية شرعية لمفهوم حقوق اإلنسان ـ الذي ظهر في منتصف القرن السابع عشر كمفهوم حــديث‪ ،‬لكن‬
‫جذوره التاريخية تمتد الى القرون الوسطى في نطاق دراسات "الالهــوت" إذ إنتشــر هــذا المفهــومـ لــدى‬
‫فالسفة التاريخ الذين ارجعوا إنتصار وإنتشار حقوق اإلنسان للمبادئ المسيحية‪ ،‬غــير أن هــذا الــرأي لم‬
‫يصمد أمام الوقائع التاريخيــة والحقــائق العلميــة‪ ،‬بإعتبــار أن حقــوق اإلنســان وليــد الحضــارة اإلنســانية‬
‫ومفاهيم قواعد العدل واإلنصاف "القانون الطــبيعي‪ ،‬الثــورات‪ ،‬اإلنتفاضــات‪ ،‬الكتب الســماوية" كــل ذلــك‬
‫ساهم في بروز المفهومـ الحديث لحقوق اإلنسان وحرياته األساسية‪ ،‬ولم يتخذ هذا المفهومـ شكالً واضحا ً‬
‫إال في القرن الثامن عشر إذ جاءت الحقوق والحريات األساسية تدريجيا ً لدى دول أوروبا الغربية‪ ،‬بحيث‬
‫أصبحت حركة حقوق اإلنسان جزءاً من الحركة السياسية الديمقراطيــة‪ ،‬ممـا أدى الى تطــور وتقـدم هــذه‬
‫الدول‪ ،‬لكن اإلنشغاالت السياسية واأليديولوجية والمشــاكل اإلقتصــادية في البلــدان الناميــة كــان لهــا أثــر‬
‫واضح على غياب التنمية الشاملة والديمقراطية‪ ،‬وبالتالي أدى ذلك الى غيابا ً وضعف الحمايــة القانونيــة‬
‫إلحترام حقوق اإلنسان التي تعتبر حجر الزاوية في تشكيل المجتمعات الديمقراطية‪.‬‬

‫وهكــــذا وبعــــد أن ثبت أن نجــــاح الــــدول في تحقيــــق التنميــــة ودمقرطة(‪ ،)3‬نظمهــــا السياســــية‬
‫بالتركيزواإلهتمام باإلنسان وبحقوقه‪ ،‬فإن األمر بات من الضــروري العمــل على حمايــة قانونيــة لحقــوق‬
‫اإلنسان وحرياتــه األساســية ســواء عن طريـق التشــريع القــانوني "الدســتوري" أو البنــاء المؤسســاتي‬
‫بإعتبار ذلك رهان التنمية والديمقراطية‪ ،‬فال تنمية بدون حماية لحقوق اإلنسان نظراً للعالقة الجدلية بين‬
‫الفكر الديمقراطي وحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫وإذا ما تم إلقاء نظرة على الواقع العربي فإن الباحثين األكاديميين أثبتوا أن هناك مفارقات كبيرة بين‬
‫النصوص التي تؤطر مجال حماية حقوق اإلنسان وبين واقع ممارستها ‪ ،‬إذ تظل أســئلة جوهريــة غائبــة‬
‫أو مغيبة من دائرة النقاش إما بسبب مظلة الخصوصية المحلية‪ ،‬وإما بسبب بعض المشاكل الراسخة في‬
‫طبيعة البنيات الثقافية السياسية واإلجتماعية لهذه المجتمعات‪ ،‬ولم تكن سلطنة عمان في منأى عن ذلك‬
‫الغياب أو التغيب إال أننا سنالحظ بأنها قد قطعت شوطا ً في مجال تكــريس ثقافــة حقــوق اإلنســان والعمــل‬
‫على حمايتها‪.‬‬

‫فإن حقوق اإلنســان كمــا تم اإلشــارة الى ذكــره ليســت بجامــدة وإنمــا مرنــة متطــورة‪ ،‬لــذا فـإن هنــاك‬
‫مجاالت واسعةـ لم يشملها بعد نفس التأطير الدستوري‪ ،‬فمنذ انطالق عهد النهضة المباركة العمانية عــام‬
‫‪1970‬م بتولي جاللة السلطان قابوس بن سعيد المعظمـ سلطان عمان مقاليد الحكم ظل هدف بنــاء الدولــة‬
‫‪3‬‬
‫()الديمقرطة‪ :‬أي تلك اإلجراءات التي تتخذها الدول والمجتمع ات لالنتق ال من نم وذج الحكم الف ردي إلى نم وذج من نم اذج الديمقراطي ة‪ .‬وه و‬
‫مفهوم يشير إلى إعادة توزيع مقدرات القوة السياسية بين الدولة والشعب‪ ،‬على حس اب تن اقص س لطة الدول ة‪ ،‬وإع ادة التوزي ع العقالني للس لطة‬
‫داخل الدولة ( راجع‪ :‬الغيالني (خالد حمد)‪ ،‬مشروعية السلطة والتطور المؤسس ات السياس ية في النظ ام السياس ي العم اني‪ ،‬أطروح ة دكت وراه‪،‬‬
‫(غير منشورة) جامعة عبدالمالك السعدي‪ ،‬طنجة ‪2014‬م‬

‫‪6‬‬
‫العصرية وإقامة دولة المؤسسـات هـو أحـد المحـاور األساسـية الـتي إرتكـزت عليهـا وتـدور في نطاقهـا‬
‫جهــود التنميــة ومواكبــة حركــة المجتمــع العمــاني وتطورحقوقــه السياســية واإلقتصــادية واإلجتماعيــة‬
‫ومشاركته في بناء مؤسسات الدولة التنفيذية والبرلمانية والقضائية‪.‬‬

‫وقبل هذا العهد لم تكن التشريعات القانونية المنظمة للدولة تـرقى الى دسـاتير بـالمعنى الــدقيق‪.‬وإنمــا‬
‫كانت غطاء قانونيا ً يحمي تصرفات القابضين على السلطة‪ ،‬إلى أن جاء النظام األساســي للدولــة الصــادر‬
‫بالمرسوم السلطاني رقم ‪101/1996‬م بتاريخ ‪6/11/1996‬م‪ ،‬الذي انطلقت به سلطنة عمان نحو اآلفـاق‬
‫لتحقق المزيد من التقدم القانوني واإلستقرار المؤسساتي والمشاركة الفاعلة ألفراد المجتمع العماني في‬
‫البناء وترسيخ الحقوق وحمايتها‬
‫‪.‬‬

‫ويمثل النظام األساسي للدولة اإلطار القانوني الذي يتحــرك المجتمــع في نطاقــه وتســتمد منــه أجهــزة‬
‫الدولة المختلفة أسس عملهــا ودورهــا‪ ،‬وتحتكم إليــه كــذلك ومن ثم فإنــه لم يكن مصــادفة أن يصــدر هـذا‬
‫النظام بعد نحو ربع قرن من العمل والجهد الشاق ليقنن الكثير مما اســتقرت عليــه حركــة المجتمــع خالل‬
‫تلك السنوات من ناحية وليتجاوب مع تطلعات المواطنين ومتطلباتهم الحقوقية من ناحية ثانية‪.‬‬

‫لقد أقر النظام األساسي للدولة حقوق األفراد العامة المتصــلة بــأحوالهم المعنويــة وحرمــة مســاكنهم‪،‬‬
‫وحقوقهمـ السياسية وحمايتها فنظم عمــل الســلطات الحاميــة الــرئيس لحقــوق اإلنســان‪ .‬فالضــمانات تبــدأ‬
‫بــاإلعتراف بوجــود الحقــوق والحريــات‪ ،‬ومختلــف اآلليــات والميكانزمــات المنصــوص عليهــا في النظــام‬
‫األساسي للدولة حماية لممارسة فعلية لحقوق اإلنسان المعترف بها‪.‬‬

‫إن معالجة النظام األساسي العماني لموضــوع حقــوق اإلنســان وحمايتهــا التختلــف كثــيراً عن غالبيــة‬
‫الدساتير التي تبدأ بإقرار مجموعة من الحقــوق ضــمن بنــود متعــددة‪ ،‬واإلعــتراف بهــا لم يكن مطلقـا ً بــل‬
‫محــدداً واختالف مجــال الحقــوق حســب التوجهــات‪ ،‬وهــذا النظــام األساســي هــو الــذي يحمي الحقــوق‬
‫والحريات‪ ،‬فيضفي الشرعية على ممارسة الســلطات ويكفــل الحمايــة القانونيــة‪ ،‬ورقابــة عمــل الســلطات‬
‫العامة في مجتمع تسوده الشرعية‪ ،‬ويتحقق فيه تفتح اإلنسان بكل أبعاده‪.‬‬

‫ولم يكن الدستور المغربي بعيداً عن ذلك‪ ،‬فقد سبق النظام األساسي لســلطنة عمــان بســنوات‪ ،‬ومــرت‬
‫عليه مراحل تعديالً كان آخرها عام ‪2011‬م‪ ،‬حيث حظ ّي هذا الدستور بتعديالً واسعة جداً‪ ،‬وبارك الشــعب‬
‫المغربي على إدخال تلك التعديالً‪ ،‬ولعل أهم ما يمكن ذكره في هذا المقام‪ ،‬التعددية الحزبية وإدخــال اللغــة‬
‫األمازيغريــة لغــة رســمية بجــانب اللغــة العربيــة واإلنفتــاح الكبــير في مجــاالت حريــة الــرأي والتعبــير‬
‫والمشاركة السياسية العامة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫تظهــر أهميــة اإلعــتراف بــالحقوق والحريــات بمــوجب أحكــام دســتورية في إثبــات وجودهــا وتحديــد‬
‫مضــامينها ‪ ،‬وكــذلك تمكين المواطــنين من المطالبــة بهــا من ناحيــة أولى‪ ،‬والقصــد من تــدوين حقــوق‬
‫اإلنسان في الدستور نفسه يرجع الى ما يتمتع به الدستور من أعلى أو أسمى القوانين في الدولــة‪ ،‬لــذلك‬
‫فإن تدوين الحقوق فيه هو إضفاء مزيد من اإلحــترام عليهــا عالوة على أنــه يجعــل من تلــك الحقــوق في‬
‫حالة عدم الثبات نتيجة للتغييرات التي يمكن أن تطرأ على القوانين العادية بخالف مــا تتضــمنه الدســاتير‬
‫من شروط خاصة‪ ،‬لذا فهي تكرس الحقوق لإلنسان المعترف بها في متنه وإنشاء آلية مراقبة تعد حامية‬
‫لهذه الحقوق‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ :‬تشكل السلطة القضائية حامي الحقــوق والحريــات بإمتيــاز‪ ،‬وعلى هــذا‬
‫يعتبر موضوع حقوق اإلنسان مؤشراً حاســما ً في البرهنــة على حصــول تغيــير فعلي في سياســية الدولــة‬
‫وممارستها‪ ،‬ودليل على قيام دولــة الحــق والقــانون‪ ،‬وهكــذا بــرزت قضــية حقــوق اإلنســان في الســنوات‬
‫األخيرة وأصبحت تحظى بأهمية قصوى داخليا ً وخارجياً‪.‬‬

‫أهمية البحث‬
‫تعميقا ً لتدارس حقوق اإلنسان في الــدول الناميــة‪ ،‬تــبرز أهميــة الموضــوع في كونــه يرتبــط بالحمايــة‬
‫القانونية لحقوق اإلنسان في النظام األساسي لسلطنة عمان‪ ،‬والمــواطن العمــاني هــو المحــور األساســي‬
‫لهذه الحماية‪ .‬وتعد التجربــة العمانيــة في مجــال حقــوق اإلنســان مواكبــة لعهــد النهضــة المجيــدة لجاللــة‬
‫الســلطان المعظمـ فإنهــا ستسترشــد بتجــارب الــدول األخــرى ولعلــه من يمكن الطــالع أن تكــون المملكــة‬
‫المغريبــة الشــقيقة للســلطنة هي أقــرب مــا تكــون من حيث التقــارب السياســي والفكــري بين القيــادتين‬
‫الرشيدتين‪.‬‬

‫كما أن هذا الموضــوع يعــد من أهم مواضــيع الســاعة خصوصـا ً أن األهتمــام بقضــايا حقــوق اإلنســان‬
‫ومدى احترامها أعطيت لها األولوية من قبل المجتمـع الـدولي الـذي أصـبح يعـير إهتمامـا ً لمـدى احـترام‬
‫الدول للقانون والمبادئ الحقوقية‪ ،‬وهذا ما دفع بالقيادة السياسية العمانية والمغربيــة الى إعطــاء أهميــة‬
‫قصوى لإلنسان العماني والمغربي‪ ،‬والتشبت بمبادئ حقوق اإلنسان كما هو متعــارف عليــه عالمي ـا ً ممــا‬
‫فتح الباب أمام عدة تحوالت شملت ما هو قانوني وما هو مؤسساتي‪ ،‬فدخلت سلطنة عُمان مرحلة جديدة‬
‫تمثلت في استكمال دولة الحق والقانون واإلنفتاح نحـو العـالم الخـارجي‪ ،‬وهـذا مـا يمكن أن يالحـظ على‬
‫مستوى التطور القــانوني المتمثــل في اإلدمــاج المعيــاري لإلتفاقيـات الدوليــة الخاصــة بحقــوق اإلنســان‪،‬‬
‫والعمل على مالئمة التشريع الوطني لها‪ .‬وقيام المملكــة المغربيــة بــإجراء تعــديالً واشــعة على الدســتور‬
‫المغــربي‪ ،‬كــل هــذا يصــب في إتجــاه تقويــة الحمايــة القانونيــة لحقــوق اإلنســان الــتي أطرهــا النظــامين‬
‫القانونيين في البلدين‪ ،‬إضافة الى اإلتفاقيات الدولية ذات الصلة بالمجال الحقوقي‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫أهداف البحث‬
‫تهدف هذه الدراسة الى البحث والتنقيب والشرح في المبادئ الحقوقية السياسية التي تضمنها النظام‬
‫األساسي لســلطنة عمــان‪ ،‬ومــا كفلــه النظــام من حقــوق والــتي نظمتهــا وشــرعتها األعــراف والمواثيــق‬
‫الدولية‪ ،‬وطرح آراء وأفكــار البــاحث من خالل تعمقــه في هــذه الدراســة‪ ،‬وكــذا مقارنــة النظــام األساســي‬
‫لسلطنة عمان مع الدستور التشريعي للمملكة المغربية‪ ،‬وذلك من خالل التشــريعات والحقــوق السياســية‬
‫والمدنية بين الدستورين‪ ،‬والمتمثلة في العديد من الحقوق كحــق اإلنتخــاب والترشــيح والترشــح والحــق‬
‫المشاركة السياسية في صنع القرار والمساهمة الفعليه في وضع التشريعات وسن القوانين‪ .‬كما أن هــذه‬
‫الدراسة تهدف أيضا ً الى العديد من األهداف التي نوجزها في اآلتي‪:‬ـ‬

‫أــ التعرف على مختلــف النصــوص القانونيــة الــتي تســعى لحمايــة حقــوق اإلنســان المــؤطرة‬
‫دستورياً‪.‬‬
‫ب ــ ابراز مختلف المفاهيم التي تناولت حقوق اإلنسان‪ ،‬مع تناول المراحل الــتي قطعهــا هــذا‬
‫المفهوم‪ ،‬والتنقيب عن الجذور التاريخية لنشأة حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫جـ ــ عرض النظريات التي تصدت لحقوق اإلنسان‪ ،‬فحقوق اإلنسان وإن كانت ترتبط بظهــور‬
‫الثورة الفرنسية وأسهاماتها إال أنها سباقة لذلك فهي مرتبطة بنشاة اإلنسان أساساً‪.‬‬
‫د ـــ التعــرف على نطــاق الحمايــة القانونيــة الــتي يوفرهــا النظــام األساســي العمــاني لحقــوق‬
‫اإلنسان وما هي المحددات‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫أهمية مبررات إختيار دراسة الموضوع‬

‫يأتي إهتمام الباحث بالموضوع نتيجــة لألهميــة الــتي يحظى بهــا موضــوع حقــوق اإلنســان والحمايــة‬
‫القانونية لهذه الحقوق‪ ،‬لذا فأن هناك اهتمام ذاتي للباحث‪ ،‬هــذا من جــانب ومن جــانب آخــر فــإن المكتبــة‬
‫العمانية وكذا المكتبية المغربية قليالً ما تزخران بمثــل هــذه الموضــوعات‪ .‬لــذا فــإن هــذه الدراســة مفيــدة‬
‫للدارسين والمهتمين بموضوع حمايــة حقــوق اإلنســان في الدســاتير والتجربــة العمانيــة تحديــداً‪ ،‬وبــذلك‬
‫ستشكل هذه الدراسة مرجعا ً مهما ً للراغبين في إستقاء العلم والمعرفة‪.‬‬

‫إشكالية البحث‬
‫اإلشكالية التي نحن بصدد دراستها يطرح سؤاال رئيسيا وتساؤالت فرعية جوهرية‪ ،‬فالسؤال الرئيس‬
‫ما هي أسس الحقوق السياسية وكيف أصلها المشرعين في الدســتور المغــربي والدســتور العمــاني ومــا‬
‫هي آفاقهــا المســتقبلية في اســتقرار النظم السياســي وتطورهــا؟ وســوف تختــبر الدراســة مجموعــة من‬
‫الفرضيات لتأكيد العمق التاريخي لمبدأ الحقوق السياسية‪:‬‬

‫ــ الفكر الحقوق فكراً أزليا هو وليد البشرية منذ أن أعتمدت بقضايا العمل الجماعي‪.‬‬
‫ــ المــوروث الفكــري لإلنســان أســاس لتأصــيل الفكــر الحقــوقي لإلنســان‪ ،‬وأصــلها المشــرع‬
‫القانوني لمزيد من االستقرار األساسي للنظم السياسية‪.‬‬
‫ــ المبدأ الحقوقي الذي كرسه المشرع العماني يقوم على أساس المــورث اإلســالمي متماشــيا ً‬
‫مــع متطلبــات العهــد الــدولي لحقــوق اإلنســان‪ ،‬إال أن يحتــاج مزيــداً من التأصــيل القــانوني‬
‫والمؤسسي‪.‬‬

‫منهجية البحث‬

‫مما الشك فيه ثمة مناهج كثيرة يســتخدمها البــاحثون في مجــاالت العلــوم اإلنســانية واإلجتماعيــة‪ ،‬إذ‬
‫يتوقف إختيار المنهج على الباحث نفسه‪ ،‬وطبيعة بحثه واإلمكانيات المتــوفرة‪ ،‬في الواقــع أن الموضــوع‬
‫متشعب ويطرق العديد من العناصر لذا اليمكن اإلعتماد على منهج بذاته‪ ،‬وإنما هناك ما يســمى بالتكامــل‬

‫‪10‬‬
‫المنهجي‪ ،‬أي يمكن اســتخدام المنهج التــاريخي‪ ،‬والوصــفي‪ ،‬والتحليلي‪ ،‬والمقــارن‪ ،‬وذلــك للوصــول إلى‬
‫دراسة موضوعية وأكثر شمولية‪ ،‬ولكن في الوقت ذاته سأعتمد كثيراً على المنهجين التحليل والمقــارن‪،‬‬
‫خاصة وأن المنهج التحليلي يشمل كافــة المنــاهج األخــرى بإإلســتثناء المنهج التــاريخي‪ .‬كمــا أن المنهج‬
‫التحليلي يعتمد أيضا ً على تفسير الوضــع القــائم وتحديــد الظــروف والعالقــات الموجــودة بين المتغــيرات‪،‬‬
‫والمنهج المقارن من تحليل ما تضمنته دساتير الــدول وخاصــة الدســتور الملكي المغــربي بالمقارنــة مــع‬
‫النظام األساسي لسلطنة عمان من قواعد وأحكام ومبادئ ‪ ،‬فضالً عن اإلشارة إلى ما هو متبع في بعض‬
‫النظم القضائية المقارة ـــ الدوليــة والوطنيــة ـــ كلمــا اســتدعى المقــام ذكــر ذلــك‪ .‬وســنحاول ايضـا ً األخــذ‬
‫بالمنهج الوصفي من خالل وصف العهد الــدولي للحقــوق المدنيــة والسياســية والــبروتوكول اإلختيــاري‪،‬‬
‫وذلك برصد اهم الحقوق والحريات التي تضمنها العهد‪ ،‬باإلضافة الى أسلوب تحيليل المضــمون للتعــرف‬
‫على القيمة القانونية التي تضمنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪.‬‬

‫خطة البحث‬

‫إنطالقا ً من أهمية الموضوع وتحقيقاًـ ألهدافه ـ ســيتم تقســيم هــذه الدراســة إلى بــابيّن ‪ ،‬وفي كــل بــاب‬
‫قسمين ‪ ،‬بخالف المقدمة والخاتمة التي ستتضمن خالصة نتائج البحث والتوصيات التي توصــلنا إليهــا ‪،‬‬
‫والنتائج التي أثمرت من جراء دراسة هذه الموضوع والتي نأمل أن ترقى لتكون محل دراسة والنظر في‬
‫مدى إمكانية تطبيقها‪ ،‬مع وضع األمر محل الدراسة في ميزان التقدير ‪ ،‬وبيان الممــيزات والعيــوب فيــه‪،‬‬
‫وأن تعم الفائدة في الرسالة لتكون عونا ً للباحثين والمهتمين والمتقاضين في مجــال الحقــوق السياســية‪،‬‬
‫حيث يتناول الباب األول‪ :‬اإلطار الدولي العام للحقــوق السياســية وآليــات حمايتهــا‪ ،‬فيمــا ســيتناول البــاب‬
‫الثاني‪ :‬حماية الحقوق السياسية في سلطنة عمان والمملكة المغربية‪ ،‬وبعض مجاالت ممارســة الحقــوق‬
‫السياسية بالسلطنة والتعرف على تحديات ممارسة الحقوق السياسية وذلك بالمقارنة مع المعمولـ به في‬
‫المملكة المغربية‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫الباب األول ‪:‬‬

‫اإلطار الدولي العام للحقوق السياسية وآليات حمايتها‬

‫‪12‬‬
‫الباب األول ‪:‬‬

‫اإلطار الدولي العام للحقوق السياسية وآليات حمايتها‬


‫ليس ثمة من ينكر اإلهتمام الدولي الكبير في الوقت الحاضر بمجال حقوق اإلنسان‪ ،‬فمنذ ما بعد نهاية‬
‫الحرب العالميــة الثانيــة وإنشــاء منظمــة األمم المتحــدة ســنة ‪1945‬م‪ ،‬إهتم العــالم بأســره بمجــال حقــوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬ألن ما خلفته الحرب العالمية الثانيــة من ويالت وكــوارث على البشــرية جعلت التفكــير من قبــل‬
‫زعماء الدولة الحليفة مع نهاية الحرب في مستقبل البشرية أمراً سياســيا ً ضــروريا ً من أجــل منــع تكــرار‬
‫هذه الكوارث والمآسي مرة ثانية‪ ،‬فأخذوا يعقدون اإلجتماعات للبحث في مستقبل المجتمع الدولي‪.‬‬

‫ونتيجة لهذه اإلجتماعات فقد تقرر إنشاء هيئة األمم المتحدة عــام ‪1945‬م‪ ،‬من أجــل فض المنازعــات‬
‫والمحافظة على األمن والسلم الدوليين‪ ،‬وقد أكد ميثاقها العــام الــذي تم تأسيســها بموجبــه على ضــرورة‬
‫احــترام حقــوق اإلنســان وحرياتــه األساســية بإعتبارهــا الضــمانة األساســية للحفــاظ على األمن والســلم‬
‫الدوليين‪.‬‬

‫وتعزيزاً لهذه الحقوق كان البد من إثباتهــا في وثقــة عالميــة وافقت عليهــا الــدول األعضــاء في هيئــة‬
‫األمم المتحدة في ‪ 10‬ديسمبر ‪1948‬م‪ ،‬وسيّمت هذه الوثيقة "بــاإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان" وقــد‬
‫اتبع هذا اإلعالن بوصفه وثيقة مهمــة ذات صــفة معنونــة بثالثــة صــكوك تضــفي عليهــا القــوة القانونيــة‬
‫وتلزم الدول األعضاء بضرورة إحترامها وهي‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫اإلتفاقية الدولية بشأن الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية‪ ،‬عام ‪1966‬م‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫اإلتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬عام ‪1966‬م‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫البروتوكول اإلختياري المتعلــق بهــا وفقـا ً لمــا ورد في تقريــر المنظمــة العربيــة لحقــوق‬ ‫‪.3‬‬
‫اإلنسان‪ ،‬عام ‪2007‬م‪.‬‬

‫وتكسب هذه الصكوك أهميتها من كونها ملزمة للدول التي صدّقت عليها بــاإلعتراف بحقــوق‬
‫اإلنسان الواردة فيها وقد صدّقت أغلبية الدول العربيــة على هــاتين اإلتفــاقيتين‪ ،‬واعــترفت بهــذه‬
‫الحقوق وكرستها في دساتيرها بإعتبارها حقوقا ً أساسية‪.‬‬

‫*ولكن ثمة السؤال يطرح نفسه إلى أي مدى يتوافق مفهوم حقوق اإلنسان في الدســاتير العربيــة مــع‬
‫مفهومه في المواثيق الدولية؟‪.‬‬

‫يذهب الكثـير من الفقهـاء والقـانون الـدولي إال أن هنـاك الكثـير من الصـعوبات الـتي تواجـه الحقـوق‬
‫والحريــات العامــة في البالد العربيــة على المســتوى الــداخلي‪ ،‬والــتي تزيــد من أزمــة تطبيقهــا وتعــرض‬
‫وجودها لإلنهيار ويرجعون ذلك الى عدة أسباب منها‪:‬‬

‫أســباب تقنيــة‪ .‬حيث أدى التطــور العلمي الى بــروز وســائل تــؤثر ســلبا ً على الحقــوق‬ ‫‪.1‬‬
‫والحريات العامة‪ ،‬وخاصة في ميدان اإلعالم واإلتصاالت ألن الدول في النظام الشمولي تحتكــر‬
‫لبعضها وسائل اإلعالم سوا ًء كانت مجموعـة أو مرئيـة أو مكتوبـة‪ ،‬وتوجـه من خاللهـا الـرأي‬
‫العام بالطريقة التي تستطيع أن تكرس صورتها كحامية للحريات ومدافعة عن القيم واألخالق‪.‬‬
‫أسباب إجتماعية‪ .‬أن القول بأن حرية الفرد تتوقــف عن حريــة األخــرين‪ ،‬إنمــا يعــبر عن‬ ‫‪.2‬‬
‫حالة تصادمية ناجمة عن طبيعة الحياة اإلجتماعية التي تكشف عن مظــاهر متعــددة ذات صــفة‬
‫فريدة أو إرغامية‪ ،‬فكثافة العالقات اإلجتماعيــة وردود الفعــل المعاديــة من جــانب األقليــة تجــاه‬
‫سلوك األغلبية المسيطرة البد أن تؤدي الى اإلضرار بالحقوق والحريات الشخصية والعامة‪.‬‬
‫أســباب إقتصــادية‪ .‬فاألنظمــة الموجهــة وتحت ســتار المحافظــة على الــثروات العامــة‬ ‫‪.3‬‬
‫أصبحت تمارس تــأثيراً مباشــراًعلى الســلوك اإلقتصــادي الفــردي والجمــاعي‪ .‬كمــا أن األنظمــة‬
‫الليبرالية القائمة على سياسة المنافســة وحريــة المبــادره الفــرده أو قعت قســما ً كبــيراً من اليــد‬
‫العاملة المنتجة تحت وطأة اإلستغالل الرأس مالي‪.‬‬
‫أسباب سياسية‪ .‬ان الطبيعة التســلطية والتقييــد بــه للنظم السياســة تضــعها في مواجهــة‬ ‫‪.4‬‬
‫حادة مع الحريات العامة ووسائل القمع واإلكراه التي تملكها السلطة‪ ،‬ولعل األفراد والجماعات‬
‫يتحملون قسطا ً كبير من المسؤولية التي تجعل السلطة إستبدادية في سلوكها الى حــد بعيــد‪ .‬إن‬
‫من الصعب إقامة عالقــات متوازنـة بين الفــرد والسـلطة في ميــدان الحقــوق والحرياتــة العامـة‬

‫‪14‬‬
‫بسبب التناقض بين الرغبات الشخصية الموجودة لدى الفرد والتي تدفعه دائما ً الى التطلــع الى‬
‫أقصــى حــد من الحريــة وبين الســلطة الــتي تــرى في مراقبتهــا المســتمرة لمختلــف النشــاطات‬
‫اإلجتماعية الضمانة الوحيدة إلستمرارها‪.‬‬

‫*الصعوبات التي تعاني منها الحقوق والحريات على المستوى العالمي‬

‫من المالحظ أن التطور العام الذي طرأ على المجتمع الدولي في مختلف الميادين العمليــة والسياســية‬
‫واإلقتصادية والفكرية واالجتماعية أدى الى بروز حقائق جديدة على مستوى سلوك األنظمــة السياســية‬
‫فتقارب الحدود الجغرافية وإنهيار الحواجز الثقافية والفكرية وتحول المشـاكل الكـبرى الـتي يعـاني منهـا‬
‫بلد ما في مختلف المجاالت جعل األمور تخرج عن الحــدود الوطنيــة لتصــب في قلب اإلهتمامــات الدوليــة‬
‫وبشكل مباشر قضية حقوق اإلنسان على المستوى العالمي‪.‬‬

‫فسياسية التميـيز العنصـري والـديني وعـدم المسـاواة بين الرجـل والمـرأة وقضـية اسـتغالل األطفـال‬
‫بصورة بشعة والسيما على المستوى الجسدي وحرية المعتقد السياسي والحق بمقاومة اشــكال الطغيــان‬
‫أصبحت كلها محور اهتمامات الرأي العام في مختلف أقطار العالم‪ ،‬فلم يعد بمقدور أية دولة بسبب ضغط‬
‫الرأي العام تـبرير اإلنتهاكـات الـتي ترتكبهـا في مجـال حقـوق اإلنسـان بـل؛ على العكس من ذلـك أصـبح‬
‫اإلتجاه السائد لدى الدول التي تعاني من مشاكل مماثلة إظهار صورة إيجابية تكرس تعاطيهــا مــع قضــايا‬
‫حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫ولهــذا فــإن دراســة حقــوق اإلنســان واإلحاطــة بهــا إحاطــة علميــة شــاملة تســتوجب منــا األخــذ بعين‬
‫اإلعتبار‪ ،‬هذه اإلعتبارات والتجاذبات التي تجعل من موضوع حقوق اإلنسان من أكــثر المواضــيع تعقيــداًـ‬
‫وصعوبة‪ ،‬نظراً لتعدد مداخيل الدراسة ذات األبعاد المختلفة والمتنوعة‪.‬‬

‫ومن الثابت أن حقوق اإلنسان نتــاج تــاريخي‪ ،‬وهي بهــذه الصــفة ينبغي أن يكــون مواكبــة للتطــورات‬
‫التاريخية‪ ،‬وأن تتطور معها وأن تعكس صورة حقيقيـةـ لمختلــف أوضــاعها(‪ .)4‬وهــذا مــا يؤكــد أن جــوهر‬
‫حقوق اإلنسان في حالة تطور دائم ومستمر وليس براكــد أو ســاكن‪ ،‬كمــا أن حقــوق اإلنســان لصــيقة بــه‬
‫فضـل‬
‫ألنها من الحقوق الطبيعية‪ ،‬وهي تعني قيامه بممارسة مختلف اإلنشطة ألن هللا سبحانه وتعالى قــد ّ‬
‫اإلنسان وكرمه على سائر مخلوقاته‪ ،‬ومن الطبيعي جداً أن يميّزه في ممارسته لجميع حقوقه الحياتيه‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن تناولنا لدراسة حقوق اإلنسان عامة والحقوق السياسية خاصة‪ ،‬يســتلزم منــا األخــذ بعين‬
‫اإلعتبار كل هذه الجوانب والمداخيل‪ ،‬لتكون دراستنا ذات جدوى علمية‪ ،‬وإضافة نوعية في مجــال الحــق‬
‫المعرفي‪ ،‬وهو ما يقتضي اإلحاطة أوالً بالجانب التاريخي الذي يعتبر مهما ً لمعرفة سيرورة تطور األفكار‬

‫‪4‬‬
‫‪.‬الدكتورحافظ علوان الدليمي‪ ،‬حقوق اإلنسان ‪ ،‬مكتبة دار السنهوري‪ ،‬بيروت ‪ ،2018 ،‬ص ‪( ) 17‬‬

‫‪15‬‬
‫ذات الصلة بحقوق اإلنسان في بعض الحضارات‪ ،‬التي كان لها تأثير كبير على اإلنسانية جمعــاء‪ ،‬ســوا ًء‬
‫على مســتوى الفكــر أو على مســتوى التشــريع‪ ،‬وثاني ـا ً بالجــانب المفــاهيمي لحقــوق اإلنســان‪ ،‬حيث أن‬
‫التعاطي مع حقوق اإلنسـان ليس تعاطيـا ً سـهالً أو ممكنـاً؛ بـل يعتـبر من أصـعب المجـاالت الفكريـة كمـا‬
‫سبقت اإلشارة إلى ذلك‪ ،‬ولهذا فإن الجانب المفاهيمي سيفيدنا في تلمس وضــبط المصــطلحات والمفــاهيم‬
‫حــتى ال نبقى في ســياق مغالطــات قانونيـة أو تطبيقيـة معيّنــه‪ ،‬وثالثـا ً بالجـانب القــانوني الــدولي لحقـوق‬
‫اإلنسان الذي أصبح يحتل مكانة هامة في القــانون الــدولي العــام‪ ،‬و ُمحــدثا ً لنفســه مجــاالً قانونيـا ً مســتقالً‬
‫وغنيّنا ً ومتطوراً ‪ ،‬وهو الز ٌم في دراستنا‪ ،‬ألن التعــاطي مــع حقـوق اإلنسـان يبقى مســيطر عليــه ومتحكم‬
‫فيـه الجـانب القــانوني اإلتفــاقي أكـثر من أي جــانب آخـر‪ ،‬وبالتـالي فـإن هــذا الجـانب أو المــدخل ســيغني‬
‫دراستنا ويعطيها نجاعة وجدوى علمية نظريا ً وممارسة‪.‬‬

‫سم هذا الباب على قسمين هما‪:‬‬


‫وفي هذا الصدد فإننا سنق ّ‬

‫القسم األول‪ :‬المدخل التاريخي والمفاهيمي للحقوق السياسية‬

‫القسم الثاني‪ :‬اإلطار المرجعي الدولي للحقوق السياسية وآليات حمايتها‬

‫القسم األول‪:‬‬

‫المدخل التاريخي والمفاهيمي للحقوق السياسية‬


‫‪16‬‬
‫القسم األول‪:‬‬

‫المدخل التاريخي والمفاهيمي للحقوق السياسية‬


‫إن تناول موضوع حماية حقوق اإلنسان والحقــوق السياســية خاصــة على المســتوى الــدولي أو على‬
‫المستويات اإلقليمية أو الوطنية‪ ،‬لن يكون ناجعا ً إال من خالل بيان أمرين أساسيين‪ ،‬وهما‪:‬‬

‫األمر األول‪ :‬مفهوم الحقوق‪ ،‬تلك الفكرة التي ترسخت بفعل نضـاالت كثـيرة ومتعــددة ‪ ،‬وبــذل‬
‫في سبيلها الغالي والنفيس‪.‬‬

‫األمر الثاني‪ :‬القــانون الطــبيعي‪ ،‬بإعتبــار أن القــانون الطــبيعي هــو أصــل الحقــوق والحريــات‬
‫جميعاً‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬مفهومـ الحقوق‪.‬‬

‫فالحق لغة‪ :‬هو الشئ الثابت الذي الشك فيه أو هو النصــيب الـواجب ســواء للفـرد أو للجماعــة ‪ ،‬كمــا‬
‫يعرف الحق عند بعض اللغويين بأنه الملك والمال أو األمر الموجود الثابت (‪.)5‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ .‬د‪ .‬هيفي أمجد حسين‪ ،‬الحماية الدولية لحقوق اإلنسان "التحديات والمعالجات"‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪،2017 ،‬ص‪( ) 17‬‬

‫‪17‬‬
‫وفي تعريف أخر بأنها "عبارة عن مجموعة من الثوابت المقررة لإلنســان في جميــع مجــاالت حياتــه‬
‫بموجب الشرع والقانون"(‪.)6‬‬

‫أما من الناحية اإلصطالحية‪ :‬فقد درج الفقه القــانوني الوضــعي والقــانون األوروبي على التميــيز بين‬
‫إتجاهات أو مذاهب ثالثة‪ ،‬فيما يتعلق بتعريف الحق وهي‪:‬‬

‫اإلتجاه األول‪ :‬أو ما يطلق عليه المذهب الشخصــي‪ ،‬ويــذهب أنصــاره الى تعريــف الحــق بأنــه‬
‫"قدره أو سلطة إدارية يخولها القانون شخصا ً معينا ً ويرسم حدودها"‪ .‬وهذه اإلدارة هي‪ :‬معيار‬
‫وجود الحـق وجـوهره ‪ ،‬حيث أن الحـق وفقـا ً لـرأي أصـحاب هــذا اإلتجـاه إنمـا هـو صـفة تلحـق‬
‫بالشخص فيصبح بها قادراً على القيام بأعمال معيّنة تحقق له في الغالب مصلحة يريدها‪.‬‬

‫وقد أخذ بعض القانونيين على هذا التعريف للحق تعارضه مــع المنطــق فالثــابت لــديهم أن القــدرة أو‬
‫اإلدارة التي ينهض عليها التعريف المذكور التعدو إال أن تكون نتيجة لوجود الحق واإلقــرار بــه وليســت‬
‫جوهره‪ ،‬وهذا باإلضافة أن الواقع يعرف حــاالت خاصــة تثبت فيهــا لبعض األفــراد حقــوق معيّنــة دون أن‬
‫تكون لهم إرادة‪.‬‬

‫اإلتجاه الثاني‪ :‬المذهب الموضوعي‪ ،‬والذي ينسب أساسا ً الى الفقيه األلماني إهرنج‪ ،‬ويــذهب‬
‫أنصاره الى تعريف الحق بأنه "مصلحة يحميها القانون"‪ ،‬وهذه المصلحة قد تكون مادية كحــق‬
‫الملكية‪ ،‬وقــد تكــون معنويــة كــالحقوق الشخصــية ومنهــا الحــق في الحريــة‪ ،‬والحــق في ســالمة‬
‫البــدن‪ ،‬والحــق في المحافظــة على شــرف اإلنســان وإعتبــاره‪ ،‬كمــا أن هــذه المصــلحة شخصــية‬
‫بالنســبة لعمــوم النــاس حــتى ولــو انعــدمت اإلرادة أو تعطلت لــدى البعض منهم‪ .‬ووفق ـا ً للمعــنى‬
‫السابق فإن إصطالح الحق إنما يقوم على عنصريين رئيسيين‪:‬‬

‫العنصر األول‪ :‬موضوعي أو جوهري‪ ،‬ويتمثل في المصلحة التي تتجسد في الفائدة أو الميزة‬
‫أو المكسب الذي يحصل عليه صاحب الحق‪.‬‬

‫العنصــرالثاني‪ :‬شــكلي‪ ،‬ويتمثـل في الحمايــة القانونيــة الــتي تكفـل من خالل التشــريعات الـتي‬
‫ينظمها إنجاز هذه المصحلة‪ .‬وتعد هذه الحماية في نظر أنصــار هــذا اإلتجــاه ضــرورية‪ ،‬حيث أن‬
‫تقريــر هــذه المصــلحة ليس كافيـا ً في حــد ذاتــه‪ ،‬وإنمــا يتعين وجــود غطــاء مناســب من الحمايــة‬
‫يضمن حقيقها وتأخذ هذه الحماية صور عدة أبرزها صورة الدعوى أو الحق في التقاضي‪.‬‬

‫ونالحظ‪ :‬أن اإلنتقاد الذي وجه الى المذهب الموضوعي من تعريف الحق قد بني على مقولة أساســية‬
‫مؤداها أن العنصرين اللذين يقوم عليها هذا التعريف يتعدى النظر إليها بوصفهما جوهر الحق وأساسه‪،‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ .‬د‪ .‬هيفي أمجد حسين‪ ،‬الحماية الدولية لحقوق اإلنسان "التحديات والمعالجات"‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪،2017 ،‬ص‪( ) 17‬‬

‫‪18‬‬
‫وبيان ذلك أن العنصر األول من هذين العنصرين وهو ما وصف بأنه العنصر الجــوهري ليس من جــوهر‬
‫الحق في شيء وإنما هو الهــدف منــه‪ ،‬وبالتــالي فهــو أمــر خــارج عنــه‪ ،‬وكــذلك الحــال بالنســبة للعنصــر‬
‫الشكلي المتمثل في الحماية القانونية‪ ،‬فهذه الحماية التصلح ألن تكون جوهراً للحــق‪ ،‬وإنمــا هي التعــدوا‬
‫إال أن تكون مجرد وسيلة يقررها القانون لحماية شئ موجود هو الحق‪.‬‬

‫اإلتجــاه الثــالث‪ :‬فهــو الجمــع بين المــذهب الشخصــي والمــذهب الموضــوعي‪ ،‬ولــذلك ع ـ ّرف‬
‫أصحاب هذا اإلتجاه الحرية بعدة تعريفات منها‪:‬‬

‫التعريف األول‪ :‬الحق هو سـلطة لإلرادة اإلنسـانية معـترف بهـا ومحيـة من القـانون ومحلهـا‬
‫مال أو مصلحة‪.‬‬

‫التعريف الثاني‪ :‬الحق سلطة مقصودها خدمة مصلحة إجتماعية‪.‬‬

‫التعريف الثــالث‪ :‬الحــق هــو المــال أو المصــلحة المحيــة عن طريــق اإلعــتراف بقــدره إلرادة‬
‫صحبها‪.‬‬

‫والواقع أن هذا التباين في الفقة القانوني األوروبي فيما يتعلــق بتعريــف الحــق قــد انعكس أيضـا ً على‬
‫الفقه العربي‪ ،‬حيث نجد أنفسنا أمام تعريفات عدة أبرزها ما ذهب إليه البض أن الحق‪ :‬الصلة التي تربــط‬
‫بين طــريفين‪ ،‬وتقــوم على مصــلحة مشــروعة‪ .‬وقــد انتقــد هــذا التعريــف أيضـا ً من حيث قصــوره وعــدم‬
‫إشتماله على الحقوق كافة‪ ،‬حيث أنه ينطبق عل طائفـة من الحقـوق‪ ،‬وهي الحــق الشخصـية‪ ،‬كمـا يوجـد‬
‫كثير من التعريفات وكلها متأثرة بالمذهبين الشخصي والموضوعي‪.‬‬

‫رأينا في الموضوع‬

‫أما نحن فإننا نميل الى التعامل مع اصطالح حقــوق اإلنســان والحريــات األساســية بوصــفه اصــطالحا ً‬
‫يشير بصفة عامة الى مجموعة اإلحتياجات او المطالب التي يلزم توافرها بالنسبة الى عمـوم األشـخاص‬
‫في أي مجتمع دون أي تمييز بينهم في هــذا الخصــوص ســواء إلعتبــارات الجنس أو النــوع أو اللــون أو‬
‫العقيدة أو اإلنتماء الوطني أو ألي اعتبار أخر‪.‬‬

‫كما أننا نرى أن هذه الحقوق والحريات وإن كانت ذات طابع وطني أو داخلي أساسـا ً إال أن لهــا صــفة‬
‫الطابع الدولي بإعتبار أن الدولة صـاحبة هـذه الحقــوق عضــو في األسـرة الدولــة‪ ،‬كمـا أن هـذه الحقـوق‬
‫توصف بأصالتها أو بعدم إمكان التنازل عنها وإن جاز للسطة المختصة وضع ضوابط تصحيحية لها‪ .‬أما‬
‫الحقوق الساسية فإنها تعني أمرين‪:‬‬

‫‪19‬‬
‫األول ‪ :‬حق كل إنسان في إبداء رأيه في تسيير األمور العامة وتحديد موقفــه منهــا‪ ،‬وذلــك في‬
‫مختلف القضايا التي تدخل في إطار السياسة وشؤونها على صعيد الوطن وضمن حدود األمه‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬حق كل إنسان على والية الوظائف أصغرها وأكبرها ما دام اهالً لذلك‪ ،‬فرئيس الدولــة‬
‫وكل من دونه من الوزراء والمدراء والموظفين هم أشخاص تختارهم األمة واليفرضــون عليهــا‬
‫لمــا تتوســم فيهم من صــالح إلدارة األعمــال الــتي تســند إليهم وتعطيهم نظــير ذلــك أجــر يكفــل‬
‫معيشتهمـ وأوالدهم‪.‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬القانون الطبيعي‬

‫ذهب معظم المفكــرين والفالســفةـ الى اعتبــار القــانون الطــبيعي مصــدراً أساســيا ً للحقــوق والحريــات‬
‫ووصفه بعضهم بأنه جزء من القانون اإللهي ولكن الفقيه القانوني الهولندي "هوغوغروشيوس" الذي‬
‫عاش بين عام "‪ 1583‬ــ ‪ "1645‬فصل بين القانون الطبيعي والقانون اإللهي‪.‬‬

‫حيث جعل األول مصدراً أساسيا ً للقوانين الدنيوية والــتي أرتــأى أنهــا تقــوم على المنطــق والعقالنيــة‪،‬‬
‫وانتهى غروشيوس الى تعريف القانون لطبيعي أنه "مجموعة القواعد القانونيــة اآلمــرة الــتي يفرضــها‬
‫المنطق السليم والتي نجد أساسها في األخالق أو الضرورات األخالقية"‪.‬‬

‫وهو بــذلك مهــد األرض لمن جـاء بعـده من المفكـرين وفقهــاء القـانون والفالسـفة للنظـر الى حقــوق‬
‫اإلنسان وشرعيتها بإعتبارها حقوقا ً طبيعية‪ ،‬وقد استخدمت الدول الغربيــة مبــادئ هــذه النظريــة للتــدخل‬
‫ضد الدول العثمانية في اليونان عــام ‪1827‬م وفي بلغاريــا ‪1876‬م ‪ ،‬وكــان ذلــك مؤشــراً إلعتمــاد الدولــة‬
‫لحقوق اإلنسان بمفهوم ذلك الوقت سنداً للنضال ضد اإلستبداد السياسي‪.‬‬

‫أسس القانون الطبيعي‬

‫تعددت أسس حقوق اإلنسان وتنوعت تاريخيـاً‪ ،‬إذ أنهــا فلســفية ودينيــة وسياســية واقتصــادية ‪ ،‬وقــد‬
‫إزداد مفهوم حقوق اإلنسان على مر األجيال‪ ،‬وتعود الجــذور األولى لفكــرة حقــوق اإلنســان الى أثينــا في‬
‫القرن الخامس قبل الميالد‪ ،‬حيث وضع وطور الفكر اليوناني مفهــوم الحقــوق الطبيعيــة والــتي بموجبهــا‬
‫يملك الفرد حقوقا ً نحو سلطة الدولة‪.‬‬

‫فأكد سقراط القيمة العليا لهذه الحريات التي ندعوها اليــوم حريــة الفكــر والتعبــير‪ ،‬كمــا شــدد أرســطو‬
‫أفكار الحرية والمساواة كأساس للديمقراطية‪.‬‬

‫كما بين شرشرون في كتابه التشريع نسبة القـوانين البشـرية وضــرورة إيجــاد مصــدرها األصــلي في‬
‫اإلنســان وفي شــعوره بالعــدل‪ ،‬وفي ضــوء هــذا القــانون اعتــبر أن كــل النــاس متســاوون في الحقــوق‬

‫‪20‬‬
‫والواجبات‪ ،‬إذ أنهم جميعا ً يملكون عقالً ومتساوون بالتركيب النفسي وفي نظــرتهم المشــتركة الى أمــور‬
‫الخير والشر‪ .‬وقد أكد شيرشرون أن هذا القــانون هــو القــانون األعلى في كــل العصــور قبــل أن يكتب أي‬
‫قانون وقبل أن تؤسس أي دولة‪.‬‬

‫ثم ظهرت الديانة المسيحية التي أحدث ثورة هائلـة في العـالم كمـا يقـول "جـان مـاري بـوك" مؤلـف‬
‫كتاب "حقوق اإلنسان األبعاد الوطنية والدولية" وفي العصور الوسطى أغنى مفكرون أوروبيون مفهوم‬
‫القانون الطبيعي وطوره وفي مقدمتهم هو غوغروشــيوس الــذي اعتــبر زعيم مدرســة القــانون الطــبيعي‬
‫وقانون الشعوب‪ ،‬فقد أكد في كتابــه "قــانون الحــرب والســلم" أن عالقــات الدولــة يجب أن ينظمهــا على‬
‫أساس المساواة‪ ،‬منوها ً بأن الحياة في المجتمع ضرورة ال غنى عنها لإلنسان وأن القانون هو ما يعتبره‬
‫العقل القويمـ موافقا ً لطبيعة اإلنسان اإلجتماعية‪ ،‬ويمكن بيان أسس القانون الطبيعي فيما يلي‪:‬‬

‫إن مبادئ هذ القانون المطابقة للعقل القويم والعدل هي مبادئ ثابته وخالدة التتغيربتغيّر‬ ‫‪.1‬‬
‫الزمان والتختلف بإختالف المكان‪.‬‬
‫ينبثق القــانون الطــبيعي من طبيعــة اإلنســان وعقلــه ويســبق في وجــوده كــل القــوانين‬ ‫‪.2‬‬
‫الوضعية‪ ،‬وهو أســمى منهــا ‪ ،‬وهــذا يســتدعي وجــود مجموعــة من الحقــوق الطبيعيــة لألفــراد‬
‫مالزمة للطبيعة البشرية‪ ،‬فهي ثابته لدى اإلنسان وهو في حالته الطبيعية البشرية أي قبل قيام‬
‫الدولة‪.‬‬

‫والتــزال نظريــة الحــق الطــبيعي تحافــظ على أهميتهــا األساســية بــالرغم من مــرور مــا يقــارب ألفين‬
‫وخمسمائة عام على ظهورها‪ ،‬وقد أثرت في أفكار الفالسفة من أمثـال‪ :‬فولتـير ‪ ،‬وجـان جـاك ريسـو ‪ ،‬و‬
‫ديدرو ‪ ،‬وغيرهم ‪ ،‬كما شكلت أساس اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والمواطن وإعالن اإلستقالل الــذي‬
‫أصدرته الواليات الثالثة عشر األمريكية في الرابع من تموز ‪1776‬م ‪ ،‬ولكن يبقى التساؤل قائماً‪:‬‬

‫كيف يمكن حماية هذه الحقوق الطبيعية لإلنسان؟‬

‫ان المكانة القانونية التي حققها موضوع حقوق اإلنسان اليوم‪ ،‬واألهمية التي بلغها على المســتويات‬
‫الدولية واإلقليمية والوطنية‪ ،‬والحيّز المتنامي الذي تشتغله في وعي ووجدان الفــرد كإنسـان وكمــواطن‪،‬‬
‫لم تكن لتتحقق لوال أن مهد لها وأرسى أساسها اإلطار التاريخي لها‪ ،‬والمتمثل في مجموعة المرجعيــات‬
‫الفكرية والفلسفية والمبادرات التشريعية لألنظمة القانونية التاريخية في مجــال تكــريس حقــوق اإلنســان‬
‫والــدفاع عنهــا وجعلهــا منبــع اإلســتقرار وتثــبيت النظــام الــديمقراطي في العهــود القديمــة أو الوســطى‪،‬‬
‫وخاصة منها في البلدان األوروبية التي شهدت عصور النهضة واألنوار والثورة السياسية والدينية‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإنه البد لنا من تسليط الضوء على المنطلقات التاريخية للفكــر الحقــوقي اإلنســاني‪ ،‬وهــو مــا‬
‫جعلنا نحيط بالجانب التاريخي لحقوق اإلنسان عامــة والحقــوق السياســية خاصــة‪ ،‬وهي إحاطــة نعتبرهــا‬
‫ذات أهمية في الكشف عن مسار التطور الفكري والمرجعي والتشريعي‪ ،‬الذي طال مجال حقوق اإلنســان‬
‫عبر التاريخ اإلنسان في كل الحضارات اإلنسانية‪.‬‬

‫ومن جانب آخر‪ ،‬فــإن اإلحاطــة الشــاملة بالحقــل المعــرفي لحقــوق اإلنســان يقتضــي منــا أيضـا ً تنــاول‬
‫الجانب المفاهيمي لحقوق اإلنسان والحقوق السياســية‪ ،‬خاصــة إذا أعتقــدنا أشــد اإلعتقــاد‪ ،‬بــأن صــعوبة‬
‫الحقــل المعــرفي لحقــوق اإلنســان تجــد أساســها في اإلختالف والتبــاين في مفاهيمهــا داخــل المرجعيــات‬
‫الفكرية المختلفــة‪ ،‬ويشــتد هـذا التبــاين واإلختالف إلى حــد التصــارع واإلصــطدام أحيانـاً‪ ،‬إذا مــا تــداخلت‬
‫الجوانب الدينية مع الجوانب القانونية‪ ،‬وأيضا ً بين الجــانب النظــري الصــرفي لحقــوق اإلنســان والجــانب‬
‫الممارساتي والتطبيقي لها على أرض الواقع مع اإلختالف في التطبيق من دولة إلى أخرى ومن مجتمــع‬
‫إلى آخر‪ ،‬رغم إعتماد نفس النصوص القانونية ذات الصلة بحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس فإن خطة الدراسة في هذا القسم تسير على فصلين أساسين وهما‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬مراحل نشأة الحقوق السياسية وتطورها‬

‫الفصل الثاني‪ :‬ماهيّة الحقوق السياسية ومعايير شروط ممارستها‬

‫الفصل األول ‪:‬‬

‫مراحل نشأة الحقوق السياسية وتطورها‬


‫لم تعرف العصور القديمــة الــتي ســبقت ميالد الســيد المســيح عليــه الســالم فكــرة الحقــوق والحريــات‬
‫واخضاع الحاكم لقواعد العدل أو وضع قيود على ســلطانه ســقفا ً للظلم واإلضــطهاد واإلســتبداد‪ ،‬بــل كــان‬
‫الحاكم يتمتع بسلطات مطلقة الحدود لها دون أن يردعه رادع‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ومن هنا عانت البشرية على إمتــداد عصــورها المختلفــة ألوانـا ً من الضــعف والمــرارة بســبب هــؤالء‬
‫الملوك الطواغيت وسالطين الجور الذين سحقت إرادة الناس غدراً وهدروا كرامتهم وصــادروا حريــاتهم‬
‫وحقوقهم‪.‬ـ وكثيراً ما اقترن الصــراع الــذي خاضــته أمم المعمــورة من أجــل العــدل والحريــة بصــبغة الــدم‬
‫وثمن التضحيات الحسام‪ ،‬حيث انتهى بمآسي قتل وتشرد من أجلهــا اآللــف من بــني البشــر‪ ،‬ورغم تميّــز‬
‫العصر اإلغريقي بتطور المعرفة وأنظمة الحكم‪ ،‬فقد تميّزت هــذه المرحلــة بوجــود فالســفة عظــام أمثــال‪:‬‬
‫سقراط وأرســطو وافالطــون ومن بعـدهم‪ ،‬غــير أن هــذه الفـترة الزمنيـة كـانت قاصـرة عن إدراك حقــوق‬
‫اإلنسان وحمايتها‪.‬‬

‫وبعد ظهور المسيحية تم وضــع النــواة األولى لمبــدأ خضــوع الدولــة للقــانون عنــدما دعت الى حريــة‬
‫الدين والعقيدة وميّزت بين وصــف الفــرد كإنســان ووصــفه كمــواطن‪ ،‬وبــذلك نــزعت الفــرد من الجماعــة‬
‫وجعلت له وجوداً مستقالً بخالف ما كان عليه الحال في العصور القديمة‪.‬‬

‫وإذا كانت المسيحية قد تحدثت عن ما هلل وما لقصير‪ ،‬إال أنها لم تبين ما هو هلل وما هو لقصير‪ ،‬غــير‬
‫أنها سعت الى حرية العقيدة ‪.‬‬

‫أما خارج نطاق الدين فقد ظل الخضوع للحاكم وسلطانه كما كــان دون حــدود‪ ،‬ولــذلك عاشــت أوروبــا‬
‫في العصــور الوســطى في ظــل ســلطان مطلــق ال مكــان للفــرد فيــه وال قيمــة لرأيــة وال إعــتراف بحقوقــه‬
‫وحريته‪.‬‬

‫وبالرغم من كل التطور الحاصل نحو الديمقراطية في دولتي المدينة لكل من اســبارطة وأثينــا ‪ ،‬إال أن‬
‫الديمقراطية كانت ديمقراطية شــكلية إقتصـرت على ممارســة ســلطة الحكمـ من قبــل المواطــنين األحــرار‪،‬‬
‫وبالتالي كان للحكام التدخل في أخص شؤون األفراد وسلبهم أموالهم وحرياتهم إذا أرادوا دون أن يكـون‬
‫لألفراد الحق في اإلحتجاج بحقوق مكتسبه أو حريات مقدرسة‪.‬‬

‫أما العصــر الرومــاني فقــد حصــل نوع ـا ً ملموس ـا ً من التطــور في النظــام القــانوني المــدني الخــاص‬
‫بالمعامالت بين األفراد‪ ،‬إال أن هذا التطور بقي في حدود مجــال القــانون دون اإلرتقــاء بحريــات اإلنســان‬
‫وحقوقــه عمــا هي عليــه‪ .‬كمــا أن الرومــان لم يقــروا لألفــراد إمتالك األراضــي واإلمتيــازات والعوائــد‬
‫اإلقتصادية المترتبة عليها إذ لم تكن هذه التجاوزات أو الجرائم تخضع لطائلة القانون‪.‬‬

‫ولبيان مراحل نشأة الحقوق السياسية ومراحل تطورها عبر التاريخ فإنــه يحتم علينــا أن نتنــاول هــذا‬
‫الموضوع في مبحثين‪ ،‬األول نتناول فيه مراحل تطور حقوق اإلنســان في العهــود القديمــة والمتمثلــة في‬
‫كل من الحاضرة اإلغريقية والحضارة الرومانية‪ ،‬أمــا المبحث الثــاني فإننــا ســنتناول فيــه مراحــل حقــوق‬

‫‪23‬‬
‫اإلنسان في العصور الوسطى المتمثلة في كل من الحضارة اإلسالمية والحضارة األوروبيــة‪ ،‬ولهــذا فــإن‬
‫خطة البحث تسير على النحو التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬نشأة الحقوق السياسية في العصور القديمة‬

‫المبحث الثاني‪ :‬نشأة الحقوق السياسية في العصور الوسطى‬

‫‪24‬‬
‫المبحث األول‪:‬‬

‫نشأة الحقوق السياسية في العصور القديمة‬

‫تقتضي دراسة حقوق اإلنسان البحث عن الجذور التاريخية لها في المجتمعات والحضارات الســابقة‪،‬‬
‫حيث يتبين لنا أن اإلهتمام بحقوق اإلنسان ليس وليد فــترة زمنيــة بعينهــا أو حضــارة بمفردهــا ؛ بــل هــو‬
‫إهتمام إنساني قديم‪ ،‬قد تختلف مناحي اإلهتمام ومجاالته ومقداره‪ ،‬ولكن يبقى في النهاية إهتمام إنســاني‬
‫يشكل تراثـا ً إنســانيا ً مشــتركا ً لم يعــد خاصـا ً بحضــارة دون غيرهــا‪ .‬وبالتــالي فــإن حقــوق اإلنســان عامــة‬
‫والحقوق السياسية خاصة قد شــكلت دومـا ً نقطــة الخالف والصــراع داخــل الطبقــات الحاكمــة وخارجهــا‪،‬‬
‫وهو إجتهاد من أجل البحث عن الديمقراطية والعدل عبر التاريخ اإلنساني‪.‬‬

‫فقد كــان التــاريخ اإلنســاني عــبر تسلســله الزمــني محطــة للعديــد من الحضــارات‪ ،‬محكومــة بظــروف‬
‫ومتطلبات وجودها وديموميتها‪ ،‬وكان لكل منها خصوصــية ذاتيــة تــركت بصــماتها على مختلــف نــواحي‬
‫الحياة‪ ،‬ومنها اإلنسان وحقوقه قبوالً ورفضاً‪ ،‬وسلبا ً وإيجابا ً(‪.)7‬‬

‫ورغبة منا في التأص يل الت اريخي لهات ه الحق وق السياس ية على اعتب ار أنه ا م رت بمحط ات عدي دة‬
‫سنحاول أن نعرض لها بنوع من التفصيل‪ ،‬وذلك من خالل مطلب أول س يكون متمح ورا ح ول الحق وق‬
‫السياسية في الحضارة االغريقية باعتبارها محطة تاريخية في هذا المجال على أن نتن اول في مطلب ث اني‬
‫تاريخ هذه الحقوق عند الرومان‬

‫‪ ) ( 7‬د‪ .‬حافظ علون الدليمي‪ ،‬حقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.24‬‬

‫‪25‬‬
‫المطلب األول‪:‬‬

‫الحقوق السياسية عند اإلغريق‬

‫في الواقع إن الفكر السياسي يجد منبعه الحقيقيـ في بالد اإلغريق‪ ،‬حيث ظهرت أصول علم السياسية‬
‫على ألسنة فالسفتهم ومفكريهمـ ــ ولذا كان آلراء الفالسفة اإلغريق ومذاهبهم السياسية أكبر األثــر على‬
‫الفكر األوروبي فيما بعد‪ ،‬فقد أستقى منها نظرياته وأسس عليها مذاهبه وإتجاهاته‪ ،‬حتى يمكن القول أن‬
‫(‪.)8‬‬
‫اإلغريق هم مؤسسوا علم السياسية‬

‫ولبيان كيفية ممارسة المواطنين لحقوقهم السياسية في المدن اليونانيــة القديمــة ســنأخذ مدينــة أثينــا‬
‫مثاالً‪ ،‬ألنها صاحبة الدستور الديمقراطي‪ ،‬وقد كان نظامها السياسي يقوم على األسس اآلتية(‪:)9‬ـ‬

‫‪ .1‬الجمعية العمومية‪:‬‬

‫وتضم جميع المواطنين الذكور البالغين من العمر عشرين عاما ً فأكثر‪.‬‬

‫‪ .2‬المجلس النيابي‪:‬‬

‫ويتكــون من خمســمائة عضــو يتم إختيــارهم عن طريــق اإلنتخــاب الشــعبي خاصــة في المــدن‬
‫الديمقراطية‪ ،‬كما هو الحال في مدينة أثينا‪.‬‬

‫‪ .3‬المحاكم الشعبية‪:‬‬

‫ويتم إختيار أعضائها لمدة قصيرة بطريقة تجمع بين اإلنتخــاب والقرعــة من بين المواطــنين البــالغين‬
‫من العمر ثالثنين عاما ً ــ وكانت هذه المحاكم تعد الجهاز الحقيقيـ للرقابــة الشــعبية‪ ،‬فلم يكن إختصاصــها‬

‫‪ ) ( 8‬الدكتور ثروت بدوي‪ ،‬أصول الفكر السياسي والنظريات والمذاهب السياسية الكبرى‪ ،‬دار النهضة العربية للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪،2011 ،‬‬
‫ص ‪.39‬‬
‫‪9‬‬
‫‪( ) GERGE SAPIN, A: history of political theory, 1994,p19.‬‬

‫‪26‬‬
‫مقصــوراً على الفصــل في المنازعــات‪ ،‬بــل تختص أيض ـا ً بــالبحث في شــرعية القــوانين واإلشــراف على‬
‫شؤون الموظفين ومحاسبتهم ومراجعة الحسابات واألموال العامة(‪.)10‬‬

‫وقد تميّز النظام السياسي عند اإلغريق القدماء في مدينة أثينا باآلتي‪:‬‬

‫‪ .1‬أن دولــة المدينــة تهــدف إلى إقامــة حيــاة إجتماعيــة يســودها اإلنســجام والمســاواة بين‬
‫أفرادها‪ ،‬بحيث يكون لكل منهم الحق في اإلشتراك في تسيير أمور الجماعة‪ ،‬إشتراكا ً فعليـا ً ‪ ،‬كـل‬
‫حسب قدرته وكفاءته‪ ،‬دون تمييز بسبب الثروة أو الوضع اإلجتماعي‪.‬‬

‫‪ .2‬كما قامت فلســفتهم السياســية على أن الســيادة في المدينــة للقــانون وليســت للحــاكم‪ ،‬وأن‬
‫على األفراد إحترام القانون ولو أضر بهم‪.‬‬

‫‪ .3‬التأكيــد على حريــة المواطــنين‪ ،‬وتعــني حريتــه في إبــداء الــرأي وفي المشــاركة في إدارة‬
‫الشؤون العامة‪ ،‬حسب قدرته وكفائته‪ ،‬وليس حسب مركزه اإلجتماعي أو المالي‪ ،‬وهــذه الحريــة‬
‫تتطلب ضرورة إحترام القانون ما دام القانون يساوي بين الجميع‪.‬‬

‫‪ .4‬كانت الديمقراطية في نظرهم هي حكومة األغلبية‪ ،‬بمعنى أن إدارة الشــؤون العامــة يجب‬
‫أن تكون في يد أكبر عدد من المواطنين‪ .‬وقد أدى ذلك إلى عدم التميـيز بين حـاكم ومحكــوم‪ ،‬ألن‬
‫كل شخص سيكون حاكما ً وسيكون محكوما ً كل حسب دوره في إدارة الشؤون العامة(‪.)11‬‬

‫وإنطالقا ً من مفهوم الحرية في الديمقراطية األثنينة‪ ،‬كان المواطن في أثينا يتمتــع بحقوقــه السياســية‬
‫المتمثلة في العضوية في جمعية الشـعب‪ ،‬وحـق تـولي المناصـب العامـة بـدون أي تميـيز بسـبب المركـز‬
‫اإلجتماعي أو الثروة‪ .‬وذلك عالوة على تمتع المواطن األثيني بحرية التفكير وحرية إبداء الرأي(‪.)12‬‬

‫وهناك مبدأ أساسي يسيطر على كل الحقوق والحريات المعترف بهــا لألثينــيين‪ ،‬هــذا المبــدأ هــو مبــدأ‬
‫المساواة‪ ،‬فالحرية تتطلب المساواة بمعنى(‪:)13‬‬

‫‪ .1‬المساواة أمام القانون‪I`isonomie :‬‬

‫‪ .2‬المساواة في الحق إلبداء الرأي وحرية التعبير‪I`isegori :‬‬

‫‪ .3‬المساواة في الحقوق السياســية (أي المســاواة في حــق التصــويت والترشــيح في المجــالس‪،‬‬


‫المساواة في تولي الوظائف العامة)‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫‪ .‬الدكتور ثروت بدوي ‪ ،‬أصول الفكر السياسي والنظريات والمذاهب السياسية الكبرى ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪( ) 45‬‬
‫‪ ) ( 11‬راجع في هذا المعنى‪M – prelot, cours de droit constitutional compare, p66 :‬‬
‫‪ ) ( 12‬الدكتور ثروت بدوي‪ ،‬أصول الفكر السياسي والنظريات والمذاهب السياسية الكبرى‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫‪13‬‬
‫‪( ) J.ELLULE:histoire des idees politiques,p107 ets.‬‬

‫‪27‬‬
‫والتتحق الحريــة والمســاواة إال بــإعالء كلمــة القــانون‪ ،‬فالخضــوع للقــانون أم ـ ٌر ضــروري لتحقيــق‬
‫الديمقراطية(‪.)14‬‬

‫والحرية عنـد قـدماء اإلغريـق لم تكن تعــني حريـة الفــرد‪ ،‬وإنمـا حريــة المــواطن بوصــفه عضــواً في‬
‫المجتمع‪ ،‬بحيث تسمح له بــأن يســاهم في الحيــاة العامــة للمدينــة‪ .‬فالحريــة بهــذا المعــنى ترتبــط بوظيفــة‬
‫إجتماعية أو وظيفــة سياسـية تتحصــل في عضــوية المدينــة‪ ،‬بحيث تسـمح لـه بــأن يباشـر هــذه الوظيفـة‬
‫بوصفة منتظمة ودائمة(‪.)15‬‬

‫وعلى ضوء ما تقدم تعني الحرية ــ عند قدماء اإلغريق ــ مســاهمة الشــعب أو إشــتراكه في الشــؤون‬
‫العامة للمدينة أيا ً كانت النتائج التي تترتب على هذه المساهمة للمواطن كفــرد ـــ ويتميّــز نظــام الحكم في‬
‫دولــة مدينــة أثينــا بمبــدأ المســاواة‪ ،‬والمقصــود بالمســاواة عنــد قــدماء اإلغريــق هــو مســاواة المــواطن‬
‫بالمواطن في الحياة المدنية والسياسية‪ ،‬وبذلك إقتصر تطــبيق هــذا المبــدأ على المواطــنين دون األجــانب‬
‫واألرقاء‪ ،‬وقد تأكد تطبيق ذلك المبدأ في تولي الوظائف العامة والقضاء‪ .‬كما تميّــز نظــام الحكم في دولــة‬
‫مدينة أثينا أيضا ً بمبدأ الشرعية أو مبدأ سيادة القانون‪ ،‬ويقصد بذلك المبدأ أن الحــاكم يضــع من القواعــد‬
‫ما يسمح له بتنظيم الشؤون العامة‪ ،‬على أن هذا القواعد ــ متى وضعت ــ تقيّد كالً من الحاكم والمحكــومـ‬
‫على حد سواء ــ وبــذلك فقــد بــرزت دعامتــان هامتــان لحمايــة حــق المواطــنين في المشــاركة في الحيــاة‬
‫السياســية‪ ،‬وقــام عليهمــا النظــام السياســي الــديمقراطي لدولــة مدينــة أثينــا‪ ،‬وهمــا الحريــة واحــترام‬
‫القانون(‪.)16‬‬

‫وفي سبيل حماية الحقوق السياسية في دولة مدينة أثينا‪ ،‬وإقامة النظام بها على أســاس الديمقراطيــة‬
‫الحقة‪ ،‬كان البد لكل مواطن مهما كان فقيراً أن يهيأ له الوقت لممارســة حقوقــه السياســية‪ ،‬فتقــرر أجــراً‬
‫لذلك منذ عهـد "بـركليس" وقـد كــانت هـذه األجــور في البدايـة مقصـورة على أعضـاء المجلس النيـابي‬
‫والقضاة ‪ ،‬وإبتداءاً من القرن الرابع عشر قبل الميالد خصص أجراً للمواطنين الــذين يحضــرون جلســات‬
‫الجمعية‪ ،‬ثم تم قصر الجدر بعد ذلك على أوائل الحاضرين من العدد القانوني‪ ،‬وذلــك لتشــجيع المواطــنين‬
‫على المسارعة في حضور الجلسات والمشاركة الحقيقيةـ في إدارة الشؤون العامة(‪.)17‬‬

‫وأما عن أسلوب تولي الوظائف العامة‪ ،‬فقد كان مزيجا ً بين اإلنتخاب واإلقتراح‪ ،‬فقد كــانت كــل وحــدة‬
‫تنتخب عدداً من المرشحين‪ ،‬ثم يختار بالقرعة من بينهم من يتــولى الوظيف ـةـ العامة(‪ ،)18‬واليجــوز إعــادة‬

‫‪ ) ( 14‬يعبر ‪ J.ELLULE :‬عن ذلك بقول‪c`est la loi assure la de`mocratie, car c`est elle qui fait citoyens libres et “ :‬‬
‫‪.e`gaux”. Histoire des ide`es‬‬
‫‪.chrvalier: Principes de public `950,p95 ) ( 15‬‬
‫‪. EORJE SABINE, A:history of political theory, 1949,p.p.18-19 ) ( 16‬‬
‫‪ ) (17‬أ‪ .‬جونز ‪ ،‬الديمقراطية األثينية‪ ،‬ترجمة‪ :‬الدكتور عبدالمحسن الخشاب‪ ،‬الهيئة العامة للكتاب ‪ ،‬مصر ‪ ،1976 ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪ ) (18‬جورج سباين ‪ ،‬تطور الفكر السياسي ‪ ،‬مراجعة وتقديم د‪ .‬عثمان خليل عثمان‪2015 ،‬م‪ ،‬مصر‪ ،‬ص ‪.7‬‬

‫‪28‬‬
‫اختيار الذين وقع عليهم اإلختيار مـرة ثانيـة‪ ،‬وعلّـة ذلـك إفسـاح الطريـق للمواطـنين اآلخـرين في تـولي‬
‫الوظائف العامة(‪.)19‬‬

‫ولقد كانت دولة مدينة أثينا بال ريب أعظم المدن اإلغريقية شأنا ً وأبعــدها شــهرةً وأغناهــا فكــرة‪ ،‬فقــد‬
‫كانت عنوانا ً على أفضل نموذج للدستور الديمقراطي‪ ،‬خاصة في عهــد صــولون الــذي أكــد على ضــرورة‬
‫ممارسة الحقوق السياسية ممارسة حقيقية‪ ،‬أنه كان يرى أن عـدم اإلهتمـام بالشـؤون العامـة يـؤدي إلى‬
‫خراب الدولة‪ ،‬ولذلك قرر صولون أن الذين يقفون على احياد في أوقات الفتن حقهم كمواطــنين‪ ،‬ولنــا أن‬
‫نتأمل ذلك ونقارنه بالمزايا التي يــذكرها الشــراح المحــدثون للديمقراطيــة المباشــرة‪ ،‬ونصــف المباشــرة‪،‬‬
‫ونظام اإلستفتاء‪ ،‬وتوقيـع العقــاب على من يتخلـف عن واجب اإلنتخــاب ومن أقــوال صــولون أيضـا ً حين‬
‫سأله سائل‪ :‬متى تكـون الدوليـة ثابتـة البنيـان؟ فأجـاب‪ :‬حين يطيـع المحكومـون الحكـام‪ ،‬ويطيـع الحكـام‬
‫القانون‪ ،‬وهذا ما نترجمه اآلن بمبدأ سيادة القانون(‪.)20‬‬

‫وتعتبر الحضارة اليونانية من أقدم الحضارات في الغرب‪ ،‬وقد ظهرت القوانين عنــد اليونــان في وقت‬
‫الحــق لظهورهــا في المجتمعــات الشــرقية‪ ،‬ولقــد صــدرت في بالد اإلغريــق عــدة قــوانين‪ ،‬إال أن قــانون‬
‫صولون الذي صدر عام ‪ 594‬ق‪.‬م كان أشــهرها على اإلطالق ‪ ،‬فقــد جــاءت نصــوص مجموعــة القــانون‬
‫معلنه إذابة الفوارق بين الطبقات اإلجتماعيــة‪ ،‬وجــاءت القــوانين واحــدة بالنســبة للجميــع‪ ،‬وقــد أفســحت‬
‫المجــال بالنســبة للعامــة لإلشــتراك في مناصــب الحكومــة في البالد‪ ،‬وتولــوا من ثم أهم مناصــب الدولــة‪،‬‬
‫واشتركوا في السلطة التشريعية عن طريق مجلس الشعب‪ ،‬مما ساعد على تدعيم النظام الديمقراطي في‬
‫أثينا(‪ ،)21‬وبذلك فبعد أن كان نظام الحكمـ في دولة أثينا يقوم على أساس الديمقراطية المباشرة‪ ،‬فقد تطور‬
‫ذلك النظام خاصــة في فــترة العهــد الــذهبي لهــذه المدينــة‪ ،‬واتخــذ مظهــر الديمقراطيــة غـير المباشــرة أو‬
‫الديمقراطية عن طريق ممثليه في المجلس النيابي(‪.)22‬‬

‫وجدت بعض مظاهر الديمقراطية والمشاركة الجماهيريــة في الحكم‪ ،‬لكنهــا مشــاركة لم تـرق إلى تلــك‬
‫التي جاءت بها النظرية‪ .‬خاصة وأن الرقيق في مفهوم النظرية يعتبر شيئا ً ال كيان لــه‪ ،‬فهــو محــروم من‬
‫ممارســة الحقــوق السياســية‪ .‬ومن ثم كــان المتمتعــون بــالحقوق السياســية يمثلــون قلــة‪ ،‬بينمــا التتمتــع‬
‫القاعدة العريضة بهذه الحقوق‪ ،‬وهو ما يضعف من قيمة األثر الذي تركته النظرية‪ ،‬ليس على المســتوى‬
‫الخارجي فحسب؛ بل على المستوى المحلي‪.‬‬

‫وهكذا فإنه على قدر ما احتوت النظرية السياسـية اليونانيـة من أفكـار ذات مغـزى في هيكـل النظريـة‬
‫السياسية‪ ،‬فإنها لم ترق إلى البعد اإلنساني بمفهومه الشامل الذي يعبر عن الضمير اإلنساني في إتجاهه‬
‫‪ ) (19‬د‪ .‬فؤاد العطار‪ ،‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار النهضه العربية للنشر‪ ،‬مصر‪1974،‬م‪ ،‬مصر‪ ،‬ص ‪27‬‬
‫‪ ) ( 20‬د‪ .‬القطب محمد طبليه‪ ،‬اإلسالم وحقوق اإلنسان ‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الفكر العربي ‪ ،‬مصر ‪1984 ،‬م‪ ،‬ص ‪.180‬‬
‫‪ ) (21‬د‪ .‬محمد السقا‪ ،‬فلسفة وتاريخ النظم اإلجتماعية والقانونية‪ ،‬دار النهضة العربية‪1975 ،‬م‪ ،‬مصر ‪ ،‬ص ‪ 137‬ــ ‪.139‬‬
‫‪ ) (22‬د‪ .‬فؤاد العطار ‪ ،‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 49‬ــ ‪. 56‬‬

‫‪29‬‬
‫األسمى نحو تحرير اإلرادة اإلنسانية من مظــالم الحكـامـ والطبقـة العليــا وتوسـيع دائـرة التمتـع بــالحقوق‬
‫السياسية‪.‬‬

‫بعد التطرق الى الحقوق السياس ية في الحض ارة االغريقي ة س نحاول في مطلب ث اني أن نتن اول ماهي ة‬
‫هاته الحقوق واهتمام الحضارة الرومانية بها وكدا مختلف المراحل التي قطعته ا لتك وين رص يد حق وقي‬
‫سياسي‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬‬

‫الحقوق السياسية عند الرومان‬

‫الريب في أن النظريــات والمــذاهب السياســية عنــد الرومــان ـــ إذا مــا قــورنت بتلــك الــتي كــانت عنــد‬
‫اإلغريق ــ لبدت لنا أنها محدودة القيمة‪ ،‬ألنه لم يكن للرومان فلسفة سياسية أصيلة(‪ .)23‬وأساس ذلــك أن‬
‫طبيعة الحوادث التي مرت بهم جعلتهم يولون اهتمامهم صوب توســيع اإلمبراطوريــة الرومانيــة‪ ،‬وعمــل‬
‫كل ما من شأنه أن يبرز عظمة روما ويرفع من شــأنها أمــام العــالم القــديم‪ ،‬ولــذلك كــان طبيعيـا ً أن يتجــه‬
‫الرومان أساسا ً صوب تكوين رجال الدولة والجيش والقانون والخطباء‪ .‬أمــا في مجــال الفكــر السياســي‪،‬‬
‫فقد اقتصر الرومــان على نقــل الــتراث اإلغــريقي وتطــويره بمــا يتفــق وخدمــة أغــراض إمــبراطوريتهم ‪،‬‬
‫وبذلك إتجه تفكير روما السياسي صوب الجانب العملي دون الجانب النظري (‪.)24‬‬

‫سد هذا اإلهتمام‬


‫وإذا كانت هناك سمة إنفردت بها الحضارة الرومانية‪ ،‬فهي إهتمامها بالقانون‪ ،‬فقد ج ّ‬
‫"شيشرون" بقوله‪" :‬إننا إذا لم نستطع تحقيق المساواة للمواطنين ألنها مستحيلة في الثورة والمواهب‬
‫النظرية ‪ ،‬فال أمل من أن تكون الحقوق القانونية للمواطنين في المجهورية الواحدة متساوية"(‪.)25‬‬

‫وقد قــام نظــام الحكم في رومــا على أســس ثالث‪ ،‬تتمثــل في وجــود رئيس دولــة‪ ،‬ومجلس للشــيوخ‪،‬‬
‫ومجالس شعبية‪ ،‬بيد أن مباشرة هذه الهيئات لسلطاتها اختلفت قوتهــا وضــعفها تباعـا ً إلختالف العصــور‬
‫الــتي مــرت بهــا‪ .‬فقــد امتــد تــاريخ رومــا القديمــة إلى عــدة قــرون‪ ،‬وســادتها نظ ٌم مختلفــة من ملكيــة إلى‬
‫جمهورية إلى إمبراطوريــة‪ ،‬أمـا عن العهــد الملكي فإنــه لم يكن لمجلس الشــيوخ إال ســلطات استشـارية‪،‬‬
‫ومع ذلك فإن هذا المجلس وكذلك مجــالس الوحــدات القبليــة لم تكن تشــكل إال من األشــراف وحــدهم (أي‬
‫‪23‬‬
‫‪.‬د‪ .‬مصطفى الخشاب‪ ،‬النظريات والمذاهب السياسية ‪ ،1985 ،‬مصر ‪ ،‬ص ‪( ) 103‬‬
‫‪24‬‬
‫‪( )Re`Lot: Cours de droit constitutionnel compare,op,sit, p 179.‬‬
‫‪ ) (25‬د‪ .‬حافظ علوان الدليمي‪ ،‬حقوق اإلنسان ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.31‬‬

‫‪30‬‬
‫السادة بحكمـ المولد)‪ .‬وفي عهد الجمهوريــة لم تخــرج الســلطة ـــ في الغــالب والواقــع ـــ من تلــك األيــدي‬
‫القليلة‪ ،‬أيدي بعض األسر القوية‪ ،‬ويوم أن صار للجمعيات العامة بعض الشأن أخذ األثرياء وحــدهم دون‬
‫الفقراء ــ طريقهم إلى موقع السلطة والمناصب العليا والوظــائف العامــة‪ ،‬وثــأر للمــال وشــراء األصــوات‬
‫عند اإلقتراع‪ ،‬ثم صار للتبعيات القوية القول الفصل ‪ ،‬حـتى في شـؤون التشـريع ‪ ،‬وكـانت هـذه الفوضـى‬
‫هي النذير بنهاية الجمهورية ــ وفي بداية عهد اإلمبراطوريــة صــار "مجلس الشــيوخ" اســما ً على غــير‬
‫مسمى‪ ،‬ثم انتهى األمر إلى الحكم المطلق فحسب؛ بل إلى اإلستبداد أيضاً‪ .‬وبذلك فإن الرومــان لم يعرفــوا‬
‫ديمقراطية حكم الشعب التي سبقهم إليها اإلغريق(‪.)26‬‬

‫ففي العصر الملكي‪:‬‬

‫قام النظام السياسي في روما على هيئات ثالث تتمثل في‪:‬‬

‫‪ .1‬الملك‪:‬‬

‫وكان على رأس المدينة‪ ،‬يتولى فيها السلطة مدى الحياة ‪ ،‬وكان يتم إختياره عن طريق سلفه‪ ،‬فإذا لم‬
‫يتم هذا اإلختيار فإن التعــيين يقــوم بــه عضــو من الشــيوخ يســمى وســيط الملــك ‪ ،‬يقــوم مجلس الشــيوخ‬
‫بإنتخابه لهذه المهمة‪.‬‬

‫‪ .2‬مجلس الشيوخ‪:‬‬

‫يتكون هذا المجلس من رؤساء العشائر‪ ،‬وكان لمجلس الشيوخ الصفة اإلستشارية‪ ،‬حينما يرجع إليــه‬
‫الملك في األمور الهامة دون أن يكــون الملـك ملزمـا ً بإتبـاع رأيــه‪ .‬كمـا كـان لمجلس الشـيوخ اختصـاص‬
‫التصديق على قراراته‪ .‬هذا باإلضافة إلى مهمة إنتخاب وسيط الملك الذي يتــولى اختيــار الملــك في حالــة‬
‫عدم تعيين الملك خلفا ً له‪.‬‬

‫‪ .3‬مجلس الشعب‪:‬‬

‫ويتكون من السكان األحرار القادرين على حمل السالح‪ ،‬وقــد اقتصــرت عضــوية مجلس الشــعب على‬
‫طبقة األشراف‪ ،‬ولم يكن يدخلها العامة الذين كــانوا في حمايــة الملــك‪ ،‬كمــا لم يكن يــدخلها العامــة الــذين‬
‫كانوا في حماية الملك‪ ،‬كما لم يكن يدخلها النزالء الالجئون‪.‬‬

‫‪ .4‬المجلس المئوية‪:‬‬

‫‪ ) (26‬د‪ .‬القطب محمد طبلية‪ ،‬اإلسالم وحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 201‬ــ ‪.202‬‬

‫‪31‬‬
‫وهي أيضا ً مجالس شعبية‪ ،‬ولكنها تختلف عن المجالس السابقة‪ ،‬لكون المجالس المئوية تضم طبقتي‬
‫األشــراف والعامــة على عكس المجــالس الشــعبية الســابقة‪ ،‬كمــا أن المجــالس المئويــة كــانت تتمتــع‬
‫بصالحيات تشريعية أوسع من المجالس الشعبية‪ ،‬إال أن الـدور التشـريعي للمجــالس المئويـة لم يـبرز إال‬
‫في العصر الجمهوري‪.‬‬

‫وفي العصــر الجمهــوري حــدث تغيــير كبــير في كافــة المجــاالت السياســية والفكريــة واإلجتماعيــة‬
‫واإلقتصادية والقانونية‪ ،‬وذلك على أثر توسع الدولة الرومانية‪ .‬فمن الناحية السياســية حــل محــل الملــك‬
‫في إدارة شؤون الدولة حاكمان ينتخبها مجلس الشعب لمدة سنة وهما القنصالن‪ .‬وبسبب اتســاع الدولــة‬
‫الرومانيــة فقــد اســتعان القنصــالن ببعض المــوظفين لمســاعدتهما في إدارة شــؤون الدولــة‪ ،‬وقــد أصــبح‬
‫هــؤالء الموظفــون حكامـا ً يتم انتخــابهم بواســطة المجــالس الشــعبية ‪ ،‬وهــؤالء الحكــام الجــدد هم‪ :‬حــاكم‬
‫اإلحصاء‪ ،‬الحاكم المحقق‪ ،‬حاكم األسواق‪ ،‬الحاكم(‪.)27‬‬

‫وهــذا باإلضــافة إلى اســتمرار مجلس الشــيوخ والــذي زادت اختصاصــاته من ناحيــة الواقــع‪ ،‬بحيث‬
‫أصبحت له اليــد العليــا في إدارة شــؤون رومــا‪ .‬وقــد أصــبح للطبقــة العامــة حــق التمتــع بعضــوية مجلس‬
‫الشيوخ بعد أن سمح لهم بتولي مناصب الحكم‪ ،‬كما كان لمجلس الشيوخ حق إبداء الرأي حــول مشــاريع‬
‫القــوانين الــتي تعــرض على مجــالس الشــعب‪ ،‬وكــذلك تــولي إدارة شــؤون البالد في مجــالس السياســة‬
‫الخارجية وبالنظر في موازنة الدولة وطريقة صرف األموال‪.‬‬

‫أما عن مجالس الشعب فقد تنوعت في العصـر الجمهـوري الى مجـالس الشـعب الثالثينيـة‪ ،‬ومجـالس‬
‫القابل‪ ،‬ومجالس الوحدات المئوية الجديدة‪ ،‬ومجالس العامة‪.‬‬

‫وقد كان المجتمع الروماني في العصر الجمهوري يتكون من طبقتين ما‪:‬‬

‫طبقة األشراف والطبقة العامة‪ ،‬وقد كان لطبقة األشراف وحــدها حــق تــولي المناصــب العامــة‪ ،‬وحــق‬
‫اإلقتراع على مشروعات القوانين‪ ،‬دون الطبقة العامة‪ ،‬الذين حرمــوا من التمتــع بحقــوق القــانون العــام‪.‬‬
‫لذلك تميّز هذا العصر بنزاع قام بين الطبقتين نتيجة مطالبة طبقة العامة بمساواتها بطبقة األشراف‪ .‬وقــد‬
‫سميّا بحاكم ّي العامة‪ ،‬وكان لهما حــق‬
‫ترتب على ذلك قبول األشراف أن يكون للعامة حاكمان في المدنية ُ‬
‫اإلعتراض على قرارات القناصل ومجلس الشيوخ والمجــالس الشــعبية‪ ،‬وذلــك حمايـةً للمصــالح العامــة‪.‬‬
‫وبذلك حصلت طبقــة العامــة على مسـاواتها بطبقـة األشـراف بشـكل تــدريجي‪ ،‬ففي سـنة‪ 471‬ق‪.‬م صـدر‬
‫قانون بيبليا (‪ )PUBLIA‬الذي قرر إنشاء مجالس خاصــة بالعامــة تصــدر قــرارات تشــريعية بنــا ًء على‬
‫إقـــتراح حكـــام العامـــة‪ ،‬وســـميّت بمجـــالس العامـــة‪ ،‬وفي ســـنة ‪ 467‬ق‪.‬م صـــدرت قـــوانين ليســـنيا (‬
‫‪ )LICINIAE‬التي أنشئت وظيفت ّي البربتور المدني وحاكم األسواق‪ ،‬وأعطي للعامة حــق تــولي هــذين‬
‫‪JAMES HENRY BREASTED: Survey of the ancient world U.S.A, 1991, p.285 ) ( 27‬‬

‫‪32‬‬
‫المنصبين‪ ،‬كما أوجب أن يكون أحد القنصــلين من العامــة‪ ،‬ثم أبــاح للعامــة حــق تــولي المناصــب الدينيــة‬
‫العليا‪.‬‬

‫وفي عام ‪ 464‬ق‪.‬م طالب العامة بتشكيل لجنة لوضع مجموعة من القوانين تقضــي بتقريــر المســاواة‬
‫الكاملة بينهم وبين األشـراف‪ ،‬وقـد كـان نتيجـة ذلـك صـدور قـانون األلـواح األثـنى عشـر‪ ،‬وقـد تضـمنت‬
‫األلواح الخمسة األخيرة منه تنظيم الجرائم‪ ،‬وقد ميّز القــانون الرومــاني بين الجــرائم الخاصــة والجــرائم‬
‫العامة‪ ،‬فقرر محاكمة مرتكبو الجرائم العامة أمام حاكم خاص يمكن التظلم من األحكامـ التي يصدرها أمام‬
‫مجلس الشعب(‪ .)28‬ويمنح العامة كل هذه الحقوق‪ ،‬فقد تمت المساواة بينهم وبين األشراف(‪.)29‬‬

‫وقد جاءت ظروف وضع قانون األلواح األثنى عشر في رومــا مشــابهةً إلى حــد كبــير بــالظروف الــتي‬
‫صدر فيها قانون صولون في بالد اإلغريق‪ ،‬فقــد ذهب المؤرخــون القــدامى إلى أن وضــع قــانون األلــواح‬
‫األثنى عشر جاء نتيجة لحركــة العامــة في ســبيل تقريــر المســاواة بينهم وبين األشــراف في رومــا الــذين‬
‫تبؤوا مكانة عليا في المجتمع الروماني‪ ،‬وتمتعــواـ بكافــة الحقــوق واإلمتيــازات الطبقيــة‪ .‬ويؤكــد المــؤرخ‬
‫الروماني "تبت ليف" ذلك بقوله" إن الغرض من وضع قانون األلواح األثنى عشر هو تحقيق المساواة‬
‫في الحقوق بين األشراف العامة‪.‬‬

‫ولم تكن تطــورات النظــام السياســي في دولــة رومــا القديمــة من فــراغ‪ ،‬فقــد أســهمـ سيشــرون‪ :‬أبــرز‬
‫المفكرين الرومان إسهاما ً عظيما ً في بناء النظرية السياسية الرومانية‪ ،‬بأن وضع أساس نظرية متكاملة‬
‫المعالم تناولت المواطن والقانون والسلطة‪.‬‬

‫فبالنسبة للمواطن‪ :‬فقد خولــه الحــق في إدارة شــؤون الحكم‪ ،‬وفــق قواعــد العــدل والحــق والمســاواة‪.‬‬
‫ومن مقتضى هذا أن يشارك المواطنــون في الحيــاة السياســية وأن يتقــدموا بأفكــارهم واقتراحــاتهم الــتي‬
‫يرونها جديرة بتحقيق العدالة والتقدم‪ ،‬وأن يتم ذلك بإضــطراد واســتمرار‪ ،‬وبغــير ذلــك ال تســتطيع األمــة‬
‫تحقيق ماتنشده من الفضيلة والعدالة‪ .‬فهو بهذا النظر ينوه إلى أهمية ممارســة المــواطن حقــه‪ ،‬وينــأ بــه‬
‫عن العزلــة السياســية‪ ،‬ويلــزم الحكومــة باإلســتجابة لــذلك ‪ ،‬وعــدم التــبرع بــه ألنــه المــواطن بفعلــه هــذا‬
‫يستجيب لداعي الحق والقانون(‪.)30‬‬

‫أما جانب القانون‪ :‬فقد رأى شيشرون أن القانون الطبيعي المتسم بصــفة الخلــق والعدالــة هــو األصــل‬
‫العام‪ ،‬ومن ثم فإن كل القوانين والقواعد يجب أن تصدر في نطاقة وال تخالفه‪ ،‬وان يكون القــانون ملزمـا ً‬
‫للحكومة وسلطانها‪ ،‬كما يكون ملزما ً للمحكومين على الجانب اآلخر‪ ،‬وبذلك فقد أكد مبدأ سيادة القانون‪.‬‬

‫‪ ) (28‬د‪ .‬علي محد جعفر ‪ ،‬تاريخ القوانين ومراحل التشريع اإلسالمي ‪ ،‬مطبعة المؤسسة الجامعية‪ ،‬بيروت‪،‬الطبعة الثانية‪1989 ،‬م‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪ROBINSON (W.S): A short history of Rome , New yourk,1903,62 ) ( 29‬‬
‫‪ ) (30‬د‪ .‬محمد الشحات الجندي ‪ ،‬معالم النظام السياسي في اإلسالم مقارنة بالنظم الوضعية‪،‬دار الفك‪$$‬ر الع‪$$‬ربي‪ ،‬الق‪$$‬اهرة‪ ،‬الطبع‪$$‬ة األولى‪،1986 ،‬‬
‫ص ‪.98‬‬

‫‪33‬‬
‫وبالنسبة لجــانب الســلطة‪ :‬فالسلطة عنــد شيشــرون مصــدرها الشــعب(‪ .)31‬فهي بالتــالي ســلطة مقيّــدة‬
‫وليســت مطلقــة‪ ،‬تخضــع إلرادة الجمــاهير‪ ،‬ويقــع على عــاتق أولي الــرأي منهم واجبـا ً قويـا ً يحتم أداؤه‪،‬‬
‫وبذلك فأن إلتزام السلطة يكون إلتزاما ً مزدوجا ً يتمثل في اإلرادة الناطقة لجماهير الشعب‪ ،‬وإرادة صامته‬
‫نابعه من نص القانون‪ ،‬وبذلك تكون الحكومة شرعية ودستورية في نفس الوقت‪.‬‬

‫وقد تأسست النظرية السياسية للرومان على مساهمة الشعب في شــؤون الحكم‪ ،‬وأن الحــاكم يجب أن‬
‫يستمد سلطاته من الشعب‪ ،‬ضمانا ً لعدم اإلنحراف بالسـلطة‪ ،‬وإلتزامـا ً بأحكـام القــانون‪ ،‬وعلى الشـعب أن‬
‫يبادر إلى هذه المشاركة وأال يبقى بمعز ٍل عن المشاركة في إدارة مقاليــد الحكم في بالده ألن لــه مصــلحة‬
‫في ذلك‪ ،‬تلك المصلحة هي سمة العموم واإلشتراك‪ ،‬وتتطلب القيام بها من جــانب كـل األفـراد‪ ،‬ومن أجـل‬
‫القيام بها يجب أن يحصل الشعب بعض الضمانات الــتي تكفــل لــه اختيــار حكامــه‪ ،‬ومــراجعتهم‪ ،‬وهــو مــا‬
‫أمكن إقــراره في القــانون الرومــاني‪ ،‬وذلــك أن تقــدر أبعــاد ذلــك اذا علمت أن الســلطة السياســية لم تكن‬
‫تتصف بالشرعية إال أذا كانت ترتكز على إرادة الشعب‪ ،‬وقد نص على تأكيد هــذه الحقيقــة جســتينيان في‬
‫موسوعته‪ ،‬وأكدها (أولبيان)بقوله‪ " :‬أن إلرادة اإلمبراطور قوة القانون ألن الشــعب تنــازل لــه‪ ،‬ووضــع‬
‫في يده جميع قوته واختصاصاته(‪.)32‬‬

‫كما شهدت العصور الوسطى بعض اإلتجاهات الفكرية الحديثة التي كانت تــدعو الى تحريـر الفــرد من‬
‫القيود المفروضة وإعطائه نوعا ً من اإلســتقالل والحمايــة‪ ،‬وتــدعو الى تقريــر بعض الحريــات السياســية‬
‫وضرورة تقييد سلطات الملوك المطلقة‪ ،‬وكان ذلك نتيجة الصراع الذي قام بين الكنيســة واإلمبراطوريــة‬
‫وتعد فكرة الحقوق الطبيعية لألفراد من مدنية وسياسية(‪.)33‬‬

‫وبالرغم مما قبل من إشادة بالنظريــة السياســية لــدى الرومــان‪ ،‬إال أن هــذه النظريــة قــد أنطــوت على‬
‫بعض السلبيات التي أثرت على نطاق دائرة التمتع بالحقوق السياسية والمتمثلة في قصر حــق المواطنــة‬
‫أي أصحاب الحق في المشاركة السياسية على الرومانيين وحــدهم‪ ،‬دون الكم الهائــل من أفــراد الشــعوب‬
‫التي كانت خاضعة للحكم الروماني‪ ،‬وهو ما يــبين مــدى الظلم الــذي وقــع على هــؤالء األفــراد لحرمــانهم‬
‫دون مبرر من التمتع بحقوقهم السياسية‪.‬‬

‫بعد أن تطرقن ا الى مختل ف المراح ل ال تي ش هدتها الحق وق السياس ية في الحض ارة االفريقية بمختل ف‬
‫اتجاهاته ا الفكري ة ونظرياته ا السياس ية س نحاول أن نس لط الض وء على نش أتها في العص ور الوس طى‬
‫باعتبارها مرحلة ساهمت في تطور هذا المفهوم ‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫‪.‬د‪ .‬فؤاد العطار‪ ،‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪( ) 71‬‬
‫‪ ) (32‬انظر تعليق‪ :‬د‪ .‬فاروق سعد‪ ،‬على كتاب األمير‪ ،‬بيروت ‪ ،‬سنة ‪ 1402‬هـ الموافق ‪1982‬م ‪ ،‬ص ‪.230‬‬
‫‪ ) (33‬أ‪.‬د‪ .‬جابر ابراهيم الرواي‪ ،‬حقوق اإلنسان وحريات‪$‬ه األساس‪$$‬ية في الق‪$‬انون ال‪$‬دولي والش‪$‬ريعة اإلس‪$$‬المية‪ ،‬دار وائ‪$$‬ل للنش‪$‬ر‪ ،‬األردن ‪ ،‬الطبع‪$‬ة‬
‫الثانية‪ ،2010 ،‬ص ‪ ( . 4‬أنظر‪ :‬الدكتور‪ /‬عدنان حمود الجليل ‪ ،‬نظرية الحقوق والحريات العام‪$$‬ة في تطبيقاته‪$$‬ا المعاص‪$$‬رة‪ ،‬الق‪$$‬اهرة‪1974 ،‬م ــ‬
‫‪1975‬م ‪ ،‬ص ‪ 16‬وما بعدها)‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬‬

‫نشأة الحقوق السياسية في العصور الوسطى وما بعدها‬

‫إذا ما رجعنا الى بدايات العصور الوسطى‪ ،‬والمراحل الـتي تعـاقبت عليـه‪ ،‬نجـد أنـه قـد مورسـت‬
‫فيها موانع التقييد لكل أنواع حقوق اإلنسان‪ ،‬ولكل المكونات دور يمــارس‪ ،‬فهنــاك الكنســيه‪ ،‬واإلقطــاع ‪،‬‬
‫والمؤسســة الملكيــة‪ ،‬ولكــل واحــدة من تلــك المؤسســات ســلوك في موضــوع حقــوق اإلنســان وحرياتــه‬
‫األساسية والخضوع لتطبيق القوانين والتشريعات‪.‬‬

‫فقد أخذت شعوب أوروبا فكرة الخضوع للحاكم خاصة عندما أصبغت عليه الكنيسة صفة القداســة‪ .‬ثم‬
‫جاءت مرحلة افقطاع‪ ،‬والتي تعددت فيها القيوم على حريــة الفــرد لتخلــق ثالث طبقـا ً في المجتمــاع وهي‬
‫طبقــة اإلشــراف‪ ،‬ورجــال الــدين وعامــة الشــعب‪ .‬وبالتــالي كــانت الســلطة بين الملــك والكنســية وأمــراء‬
‫اإلقطاع‪ .‬لتتوالى بعد ذلك مرحلة المؤسسة الملكية وفيهــا أن ملـوك أوروبـا خضـعوا لعمليــة إبـتزاز دائم‬
‫من قبل الكنيسة واإلقطاع وعجزهم أمام تلك العملية اإلبتزازية‪ .‬مما كان له أثر على عامة الشعب بأن تم‬
‫ممارسة جميع أنواع المنع والتقييد لمكافحة الحقوق والحريات‪.‬‬

‫وبالتالي فإننا نقصد في هـذا المبحث بالعصـور الوســطى عصـر األنـوار والنهضـة الــذيّن عرفــا ثـورة‬
‫فكرية على مستوى القيم واألفكار السياسية والممارسات الديمقراطية الجديدة وهــو مــا يشــكل الحضــارة‬

‫‪35‬‬
‫الغربية‪ ،‬وكذا عصر اإلسالم‪ ،‬وما ساهمت به الحضارة اإلسالمية من أفكار في مجال الحريــات والحقــوق‬
‫السياسية‪ ،‬وعلى مستوى السلطة السياسية واإلحكامـ السلطانية‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬‬

‫الحقوق السياسية في المنظور الغربي‬

‫تنشأ األفكار من تجارب البشــر‪ ،‬ومن وقــائع حيــاتهم وتــأمالتهم ومشــاعرهم الوجدانيــة‪ ،‬والــتي يعــبر‬
‫عنها إصطالحا ً بالمفـاهيم‪ ،‬ومن أمثلـة هـذه المفـاهيم الـتي إنبثقت من الحيـاة اإلجتماعيـة لإلنسـان فكـرة‬
‫"الحق" أو مفهومه‪ .‬فقد كانت هذه الفكرة ثمرة تجـارب طويلـة في حيـاة اإلنسـان‪ ،‬وذلـك ألن البشـر هم‬
‫من يسعون لتوفير حاجاتهم من الغذاء الكافي‪ ،‬والمأوى المأمون‪ ،‬والــدفاع عن النفس‪ ،‬ولــذلك تعارضــت‬
‫إرادتهم فيما بينهم‪ ،‬وتصادمت مصالحهم‪ ،‬حول موارد الغذاء ‪ ،‬والماء ‪ ،‬واألرض‪ ،‬وغيرها من المطــالب‬
‫الضرورية‪ ،‬فخاضوا حروبا ً مريرة في المرحلة البدائية‪ ،‬ثم أدركوا أنه البد من وضــع نظــام معيّن يضــمن‬
‫التعايش بينهم‪.‬‬

‫ولكن فكرة التعايش هذه‪ ،‬وما يجسدها من نظام أو قواعد يجب احترامهــا ‪ ،‬لم تتبلــور إال بعــد عصــور‬
‫من الصراعات الدموية الرهيبة‪ .‬ومن خاللها إنبثق مفهوم (العدل) بين المتنــازعين‪ ،‬بنــا ًء على إقتنــاعهم‬
‫بما لكل واحد منهم من حقوق‪ ،‬وما عليه من واجبــات تجــاه غــيره‪ ،‬وبــذلك يفســر الفيلســوف اإلجتمــاعي‬
‫ظهور فكرة الحق‪ ،‬وظهور القانون الذي يحميه‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم الحقوق السياسية في الفكر الغربي‬

‫‪36‬‬
‫ومن الخطأ الجسيم في تاريخ األفكار أن يقتصــر البــاحث‪ ،‬في نشــوء مفهــوم الحقــوق السياســية على‬
‫التراث الغــربي األوروبي وحــده‪ ،‬وكأنــه مصــدر كــل إنجــاز فكــري أو حضــاري ‪ ،‬فــالغرب وإن كــان يأخــذ‬
‫بمقاليد الحضارة اإلنسانية اليوم‪ ،‬فإنه لم يكن قبل قرون خلت‪ ،‬سـوى عـالم متخلــف‪ ،‬بالنســبة لحضــارات‬
‫سابقة كالحضارة اإلسالمية‪ ،‬التي سادت الشرق اإلسالمي‪ ،‬والتي اقتبست بدورها الكثير من أفكارهــا من‬
‫حضارات شرقية قديمة‪ ،‬كالحضارات الفارسية والهندية والمصرية وغيرها‪.‬‬

‫ومما الشك فيه أن األديـان السـماوية أقـرت الكثـير من الحقـوق الطبيعيـة لإلنسـان‪ ،‬إعبتـاراً لكرامتـه‬
‫ومسؤوليته‪ .‬وجعلت من هذه الحقوق ‪ ،‬ليس فقد قيما ً منشودة في حياته‪ ،‬وإنما واجبات وفضائل أخالقية‬
‫يتعيّن اإللتزام بها‪ ،‬وليس من قبيل المبالغة في هذا الصدد لقول بأن الحضارة اإلســالمية كــانت رائــدة في‬
‫ترسيح مفهوم "الحق" بمعناه اإلجتماعي ‪ ،‬وهذا ماسيتم توضيحه في أحد مباحث هذا الكتــاب ‪ ،‬ونكتفي‬
‫اآلن بالتحدث عن منشأ فكرة الحق في تاريخ أوروبا‪.‬‬

‫ويرى أحد الباحثين المتخصصين في "القــانون" أن أول تعريــف للحــق بمعنــاه القــانوني الحــديث في‬
‫أوروبا بوصفه سلطة يحميها القانون للشــخص‪ ،‬على مــال أو منفعــة‪ ،‬قــد ظهــر في خضــم التعــارض بين‬
‫النظرية والعمل واألخراق المسيحية‪ ،‬والرغبة في التوفيق بين تعاليمها في الزهد وجواز تملــك الرهبــان‬
‫الفرنسيســكان لألمــوال‪ ،‬الــتي راكمتهــا الكنيســة بين أيــديهم‪ ،‬أو عــدم جــواز ذلــك‪ ،‬حيث نشــأ نــوع من‬
‫التعــارض بين العقيــدة المثاليــة عنــدهم في الحفــاظ على أمــوال الكنيســة‪ ،‬وبين التطــبيق الــذي يقتضــي‬
‫التصرف في تلك األموال ‪ ،‬واحتدم النقاش بينه وبين "البابويه"‪.‬‬

‫وفي خضم تلك اإلختالف تبنى أحدهم فكرة "الحق" ‪ ،‬التي التعني مــايكون من نصــيب الشــخص على‬
‫سبيل العدل‪ ،‬وإنما تعني بالحق السلطة التي للشخص على مال‪ ،‬وهذه السلطة هي الــتي يمنحهــا القــانون‬
‫الوضعي‪ .‬ويمكن حمايتها باللجوء الى القضاء‪ .‬وفي ضوء هذا التصور تم حل التعارض‪ ،‬بتقرير الســماح‬
‫للرهبان الفرانسيسكان بإستعمال األموال التي منحتها لهم السماء‪ ،‬دون أن تخولهم السلطة الدينيــة حــق‬
‫إمتالكها(‪.)34‬‬

‫ويذكر مؤرخو التطور الحقوق في أوروبا أنه منذ بداية القرن الثالث عشر الميالدي ظهر العهد األكبر‬
‫‪ MAGA CARTA‬سنة ‪1215‬م في إنجلترا ضد تجاوزات الملك في فرض الضرائب على المواطنين‬
‫وسوء تــدبيرها‪ ،‬ثم ظهــرت عريضــة قــدمها نــواب البرلمــان اإلنجلــيزي كوثيقــة دســتورية حــول حريــات‬
‫المواطــنين ســنة ‪1628‬م ‪ ،‬ثم ظهــرت وثيقــة ‪ HABEAS CORPUS‬ســنة ‪1688‬م‪ .‬وتتعلــق بحــق‬
‫المواطن في أال يسجن أو يحجز أو تمس حريته إال بحكم قضائي‪ ،‬وبذلك تعد انجلــترا رائــدة في التشــريع‬
‫لحقوق اإلنسان في أوروبا‪.‬‬

‫‪ ) (34‬أنظر‪ :‬محمد حسين منصور‪ ،‬نظرة الحق ‪ ،‬مطبعة منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،2000 ،‬ص ‪.28‬‬

‫‪37‬‬
‫ان القول بأن القرن الثامن عشر في أوروبا يعد قـرن التطـور الحاسـم في الفكـر بقـدر مـا كـان القـرن‬
‫العظيمـ لتحقيق التحوالت السياسية الكبرى هو قول صحيح مع مالحظة أن األمــرين كانــا مــترابطين معــا‪.‬‬
‫فإذا كان التطور العلمي هو الــذي دعى النــاس يــرون أفكــارهم عن واقعهم السياســي واإلجتمــاعي‪ ،‬وعن‬
‫عالقة الحاكمين بالمحكومين‪.‬‬

‫ومن المعلوم أن الفكر الوضعي في اوروبا قد أبعد المرجعية الدينية في صياغة الحقوق‬
‫اإلنسانية‪ ،‬وذلك بقصد تجاوز نفوذ الكنسية التي كــانت تمــارس ســلطتها المطلقــة على حيــاة المجتعمــات‬
‫الغربية‪ .‬معتبراً أن ما قامت به الكنسية‪ ،‬إنما كــان ســلطة مزعومــة هلل ‪ ،‬تمارســها بأســمه‪ .‬واليخفى على‬
‫المالحظ في هذا الصدد أن القـائمين على شـؤون الـدين من األحبـار والرهبـان قـد اسـتعملوه إيـديولوجيا ً‬
‫لتبرير اإلستبداد في الحكم والتمييز بين البشر‪.‬‬

‫ومن ثم أبعد الفكر األوروبي الحديث الدين عن الحياة المدنية والسياسية‪ ،‬وفصل بين الدين والدولــة‪،‬‬
‫منطلقا ً من كون الحقوق اإلنسانية إذا كانت قد تبلورت بصــورة موضــوعية في التــاريخ الحــديث‪ ،‬كثمــرة‬
‫من ثمـرات الثـورة على الظلم واإلسـتبداد فإنهـا لكي تحافـظ على وجودهـا فإنـه يتعيّن التحـرر من الفكـر‬
‫الديني الغيبي‪ ،‬الذي قد يبرر اصحابه سلوك السلطة المطلقـة‪ .‬ولـذلك تبـنى بعض المثقفين من المسـلمين‬
‫هذه الرؤية الوضعية لحقوق اإلنسان‪ ،‬بل دعوا إلى فصل الدين عن الدولة كما فعل الغرب‪.‬‬

‫وربما جاز القول أن المفكرين والفالسفةـ أخذوا يبحثون في (فيزياء السياسة)‪ ،‬ألنهم أدركوا بشكل أو‬
‫بآخر أنه كما تخضع الطبيعــة للقــوانين الطبيعيـة عن السياســة اإلجتماعيــة تخضــع هي األخــرى لقــوانين‬
‫يجب اكتشافها‪.‬‬

‫وفي هذا القرن ظهرت كتب كان لها األثر البعيد في تطوير الفكــر السياســي واإلجتمــاعي في أوروبــا‪،‬‬
‫مثل كتاب (العقد اإلجتماعي) لجان جاك روسو ‪( J.J. ROUSSEAU‬تــوفى عــام ‪1778‬م) ‪ ،‬و (روح‬
‫القوانين) لمونتسيكيو ‪( BARON DE MONTESQUUIEU‬توفى ‪1755‬م) و (فلسفة التاريخ)‬
‫لفولتير ‪( VOLTAIRE‬توفى ‪1778‬م)‪ ،‬و (مبادئ فلســفة التــاريخ) جيوفــانكو ‪GIOVANVICO‬‬
‫(توفى ‪1744‬م)‪.‬‬

‫وفي نفس القرن الذي شهد انتقال الفكر األوروبي من الفلسفة الميتافيزيقية إلى العلوم التجريبية قــام‬
‫أحد كبار فالسفة أوروبا‪ ،‬وهو إيمانويــل كــانت ‪( IMMANUEL KANT‬تــوفى عــام ‪1804‬م) بنقــل‬
‫مفهومـ "الحق" من معناه الميتافيزيقي إلى معناه القانوني‪ ،‬في مجال السياسة والقانون‪ .‬وقدم تصــورات‬
‫جديدة بالنسبة لعصره‪ ،‬عملت على اإلعالء من شأن حقوق اإلنسان في الحرية والكرامة(‪.)35‬‬

‫‪ ) (35‬انظر بحث‪ ،‬إشكالية العالقة بين االخالق وفلسفة الحق‪ ،‬الرباط‪ ،‬منشورات كلية اآلداب ‪ ،‬ص ‪.207‬‬

‫‪38‬‬
‫والجديد الالفت للنظر في تصور الفليسوف األلماني هو حديثــه عن القواعــد والمبــادئ الــتي منشــأنها‬
‫وضع دستور عالمي لتنظيم العالقة بين الشعوب‪ ،‬والتخفيف من وحدة العدوانية لــدى البشــر‪ ،‬وهي نفس‬
‫األفكار الــتي أثمـرت بعــد مـرور قـرنين من قيـام هيئــة األمم المتحـدة‪ ،‬وإصـدار اإلعالن العــالمي لحقـوق‬
‫اإلنسان(‪.)36‬‬

‫ض سياســي‬
‫نعم‪ ،‬لم تتبلور فكرة "الحــق" في الفكــر الغــربي إال بعــد أطــوار تاريخيــة متعاقبــة‪ ،‬ومخــا ٍ‬
‫وإجتمــاعي عــنيف‪ ،‬ونقــاش فلســفي وقــانوني متعــدد اآلراء‪ .‬وبالنســبة لهــذا األخــير عــرفت فكــرة الحــق‬
‫إتجاهين رئيسين‪ :‬أولهما اإلتجاه الوضعي الذي أنكر فكرة وجــود الحــق كمعــنى مطلــق‪ ،‬أي وجــدود حــق‬
‫طبيعي لإلنسان يمارسة في كل الظروف‪ .‬إذ الحق في نظــر هــذا اإلتجــاه اليمكن تصــوره إال داخــل عالقــة‬
‫اجتماعية‪ ،‬في مجتمع توجد فيه سلطه ــ أي قانون ــ تفرضه سلطنة حاكمه‪ ،‬قادرة على تخويــل مصــلحة‬
‫أو منفعة بأسم القانون ألشخاص‪ ،‬بحيث يصـبح مـا نسـيمه حقـا ً لهـؤالء واجبـا ً يتعين القيـام بـه من لـدن‬
‫األخرين‪ ،‬أو يتعين احترامه على األقل‪ .‬فـالحق ‪ ،‬قبــل كــل شــيء‪ ،‬هــو واجب يفرضــه القــانون‪ ،‬والقــانون‬
‫معناه الوظيفي هـو تخويـل األفـراد أو بعضـهم أو مصـالح معينـة ‪ ،‬ومن ثم فـإن الحـديث عن حـق مجـرد‬
‫بغض النظر عن المجتمع أو عن القانون‪ ،‬أمر غير صحيح‪ ،‬أو مجرد تصور افتراضي‪.‬‬

‫ومن القائلين بهذا الرأي الفقيه الفرنســي ديجي ‪( DUUIT Leon‬تــوفى عــام ‪1928‬م) الــذي أنكــر‬
‫فكرة الحق‪ ،‬بإعتبارها تقوم على سلطة إرادية‪ ،‬وهذا يستتبع في رأيــه أن يكــون إلرادة الغلبــة على إرادة‬
‫أخرى‪ ،‬وهذا ما يخالف الواقع‪ ،‬ألن اإلرادات كلها متساوية‪ .‬وبناء عليه فالحق ليس سوى مركــز قــانوني‬
‫يخوله القانون لشخص دون غيره‪ .‬وكان غرض هذا الفقيــه مهاجمــة اإلتجــاه األخــر الــذي ينتصــر للحــق‬
‫الفردي أو الطـبيعي‪ ،‬والـذي يعتـبر أساسـا ً القـانون‪ .‬وكـان يقـول أن التسـليم يوجـود الحـق مطلقـا ً معنـاه‬
‫التسليم بقدرة صاحبه وإرادته التي تسمو على كل إرادة مخالفة(‪.)37‬‬

‫وثــاني اإلتجــاهين يقــول‪ :‬بوجــود الحــق كمــيزة يختص بهــا اإلنســان من حيث هــو إنســان‪ .‬وأن على‬
‫اآلخرين اإلقرار بها واحترامها‪ ،‬بغض النظر عن وجود القانون الذي يحميهــا أو عــدم وجــوده‪ ،‬وهــو مــا‬
‫يسمى عندهم الحقـوق الشخصـية‪ ،‬الـتي توجـد بوجـود اإلنسـان ‪ ،‬كحـق الحيـاة وحـق الحريـة‪ .‬وفي هـذا‬
‫السياق يقول الفقيه الفرنسي دابــان ‪ DABIN‬إن من الحــق مــايكون ســابقا ً للقــانون؛ أي ينشــأ قبلــه‪،‬‬
‫ويفرض عليه‪ ،‬وهذه هي فكرة الحق الطبيعي الذي يذكره أغلب الفقهاء المعاصرون(‪.)38‬‬

‫والواقع أن المذهب الوضعي‪ ،‬الذي سبق ذكره‪ ،‬يقوم على تصور خاطئ لفكرة الحق لم يقل بهــا أحــد‪.‬‬
‫فال يعني الحق إمتيازاً وال علواً إلرادة على أخرى‪ .‬بل أن القانون هو الذي يقـرر المكنـة لصـاحب الحـق‪،‬‬

‫‪ ) (36‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.23-22‬‬


‫‪ ) (37‬محمد حسين منصور ‪ ،‬المدخل الى القانون ( نظرة الحق) ‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر ‪ ،‬مصر ‪ ،1995 ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪ ) (38‬ادريس العلوي العبدالوي‪ ،‬المدخل لدراسة القانون‪ ،‬الرباط‪ ،1975 ،‬الجزء‪ 2‬ص ‪.27‬‬

‫‪39‬‬
‫إنطالقا ً من واقعة قانونية معينة‪ .‬فالدائن مثالً يطالب بدينه من المدين إســتناداً إلى العقــد‪ ،‬أو العهــد الــذي‬
‫يربطه بالمدين‪ .‬والمتضرر يطالب المسؤول عن الضرر بــالتعويض‪ ،‬إســتناداً إلى الخطــأ الــذي إرتكبــه أو‬
‫تحمله تجاه من وقع عليه الخطأ‪ .‬وإذا كان أنصار هذا المذهب الذي ينكر فكرة الحق يحلون محلهــا فكــرة‬
‫المركز القانوني‪ ،‬فـإن هـذا المفهـومـ ليس سـوى تعبـير لفظي يتضـمن نفس معـنى فكـرة الحـق‪ ،‬فاإلنكـار‬
‫يتعلــق عنــدهم باللفــظ ال بالمضــمون‪ .‬ومن ثم يعــد المركــز القــانوني اإليجــابي بمثابــة الحــق الــذي يخــول‬
‫صاحبه سلطة محددة‪ ،‬أو اإلستئثار بقيمة معينة طبقا ً للقانون(‪.)39‬‬

‫وقد إزداد مفهوم الحق أو الحقوق وضوحا ً في خضم اإلنتفاضــات الشــعبية في أوروبــا وأمريكــا‪ ،‬ضــد‬
‫مختلف أشــكال اإلســتبداد السياســي‪ ،‬والحرمــان اإلجتمــاعي‪ ،‬واإلنتهاكــات لكرامــة اإلنســان‪ .‬وكــانت تلــك‬
‫اإلنتفاضات تتطلع الى عهد جديــد ‪ ،‬يحـترم فيـه أصـحاب الســلطة كرامــة اإلنســان في مجتمعـاتهم‪ ،‬وذلـك‬
‫بتحديد حقوق المواطن الذي يحكمون بأسمه‪.‬‬

‫وكان أحد النصوص التمهيدية لحقــوق اإلنســان نص سياســياً‪ ،‬يتمثــل في "وثيقــة الحقــوق" ‪BILL‬‬
‫‪ " OF RIGHTS‬التي قدمها البرلمان البريطاني سنة ‪1689‬م‪ ،‬وتتعلق بتنظيم الملكية البرلمانية في‬
‫عهد الملك الجديد‪ ،‬نائب الملك الهولندي وليام الثالث‪ ،‬الذي تولى العرش البريطاني خلفا ً لجيمس الثــاني‪.‬‬
‫وقد جعلت هذه "الوثيقة" سلطة القانون فوق سلطة الملك‪ ،‬الذي لم يعد حاكما ً يســتمد ســلطته من الحــق‬
‫اإللهي‪ ،‬كما كان يقال أو يعتقد قبل ذلك‪ .‬وقد أقامت هذه الوثيقة حقــوق الشــعب األساســية وحرياتــه فــوق‬
‫ســـلطة الملـــك‪ .‬كمـــا كـــانت ثـــاني وثيقـــة لحقـــوق اإلنســـان أيضـــا سياســـية‪ ،‬وهي"إعالن فرجينيـــا"‬
‫‪ DECLARATION OF VIRGINIA‬الـــذي صـــدر في يوليـــو ‪1776‬م من طـــرف اهـــالي‬
‫المستعمرات البريطانية في أمريكا‪ ،‬والتي كانت تسعى الى تحرير نفسها من الحكمـ البريطاني‪.‬‬

‫وقد أدى ذلك اإلعالن الى إندالع حرب اإلستقالل ( ‪ 1776‬ــ ‪ ،)1781‬وتأسيس دولة الواليات المتحدة‬
‫األمريكية‪ .‬وقد نصت هذه الوثيقة على قائمة الحريــات األساســية للمــواطن‪ ،‬وعلى الفصــل بين الســلطات‬
‫الثالث‪ ،‬التشريعية‪ ،‬والتنفيذية‪ ،‬والقضائية‪ ،‬كما نصــت على حريــة اإلنتخابــات لمن يمثلــون الشــعب‪ .‬وفي‬
‫‪ 26‬أغسطس ‪ 1789‬صادقت الجمعية التأسيسية الفرنسية على إعالن حقوق اإلنســان والمــواطن‪ ،‬الــذي‬
‫كــان توطنــه لدســتور ‪1971‬م بفرنســا‪ .‬وقــد عــبر هــذا اإلعالن عن الحقــوق الطبيعيــة الثابتــة والمقدســة‬
‫لإلنســان‪ ،‬وأدان خروقــات حقــوق اإلنســان بإعتبارهــا الســبب الوحيــد في مصــائب المجتمعــات وفســاد‬
‫الحكومات‪.‬‬

‫وقد تال ذلك إعالنان آخران ‪ ،‬كان أولهما مدخالً للدستور الفرنسي الجديد يونيــو ‪1793‬م والــذي ركــز‬
‫على الحريــات‪ ،‬وعلى جــواز قتــل الطاغيــة‪ ،‬ورفض العبوديــة‪ .‬وقــد حــدد البيــان اآلخــر الــذي أعلن في‬

‫‪ ) (39‬انظر‪ :‬محمد حسين منصور‪ ،‬المدخل الى القانون (نظرية الحق)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 24‬ــ ‪. 25‬‬

‫‪40‬‬
‫أغسطس ‪ 1795‬واجبات وحقوق اإلنسان في المجتمع (الحريــة‪ ،‬األمن ‪ ،‬الملكيــة)‪ ،‬كمــا ســبقت اســتبدال‬
‫عبارة "يولد الناس أحراراً ويتمتعون بنفس الحقوق" ‪ ،‬بعبارة " أن الناس سواسية أمام القانون"‪.‬‬

‫إن هذه المواثيق واإلعالنات حول حقــوق اإلنســان‪ ،‬كــانت تتــوخى بشــكل واضــح حمايــة الفــرد داحــل‬
‫المجتمع األوروبي‪ ،‬ضد أي سلطة استبدادية‪ .‬فبينما جاء اإلعالن األمريكي ليؤكد على حريـة واسـتقاللية‬
‫اإلنسان عملت اإلعالنات الفرنسية على وضع نظام سوسيو ــ سياسي ‪ ،‬يقف في وجه أي سلطة مطلقة‪،‬‬
‫ويســاهم في جلب الرفاهيــة للجميــع‪ .‬وكــانت كــل هــذه اإلعالنــات تــدافع عن الحقــوق السياســية للنــاس‪،‬‬
‫بصفتهم مواطنين يسعون لتأسيس الديمقراطية وصنعها‪.‬‬

‫وال يفوتنا أن نشير بعد إيراد هــذه المعطيــات التاريخيــة إلى أن الحــق أو الحقــوق المتحــدث عنهــا في‬
‫اإلتفاقيات والمواثيق إنما أخذت توهجها في ضمائر الناس بقدر ما كانوا يعيشونه من مظــالم وانتهاكــات‬
‫لقيم العدالة والمساواة والكرامة اإلنسانية‪ .‬فالتعبير بهذه القوة األدنبية عن الحقوق ظل يعكس تطلعــاتهم‬
‫الواقع أفضل‪ ،‬مثلما يؤكد ذلك واقع المجتمعات اإلنسانية المعاصرة‪ ،‬والسيما منها شعوب آسيا وافريقيا‪.‬‬

‫وهكذا كان حدثا ً عظيماً‪ ،‬بحق أن وافقت الجمعية التأسيسـية لهيئـة األمم المتحـدة في منتصـف القـرن‬
‫العشرين على اجتماع إرادة المنتظم الدولي حول اإلعالن عن الحقوق األساســية لإلنســان في ‪ 25‬يونيــو‬
‫‪1945‬م‪ .‬وقد واصلت لجنة األمم المتحدة الخاصة بحقوق اإلنسان العمل على إيجاد عهــد أو ميثــاق دولي‬
‫في الموضوع‪ ،‬فحضرت اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان مع ديباجته‪ .‬وقد نــوقش هــذا اإلعالن‪ ،‬ثم عــدل‬
‫من طرف الجمعيــة العامــة الــتي صــادقت عليــه في ‪ 10‬ديســمبر ‪1948‬م ‪ .‬ثم صــدر بعــده العهــد الــدولي‬
‫والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بتاريـخ ‪/ 16‬ـ ‪/ 12‬ـ ‪1966‬م ‪ ،‬وهي تفصيل لما ورد‬
‫في اإلعالن العالمي‪ .‬ثم صدرت إعالنات أخرى حول منع جميع أشكال التمييز العنصرئ(‪.)40‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تالزم الحقوق السياسية بالنظم السياسية في المنظور الغربي‬

‫ان المطالبة بالحقوق السياسية للمواطنين والمناداة بسيادة الشعب دون الملوك‪ ،‬وبضرورة الحــد من‬
‫السلطان المطلق للحاكم‪ ،‬لم يكن ذلك كله إال بقصد تقريرالحقــوق والحريــات الفرديــة‪ ،‬ومنــع الســلطة من‬
‫اإلعتاداء عليها أو المساس بها وتنظيم الضمانات الكفيلة بتمتع األفراد بتلك الحقوق في حرية ومســاواة‬
‫تامة‪ .‬أي أن الدعوة الى الديمقراطية وسيادة الشعب قــد أقــترنت بالــدعوة الى تقريــر الحقــوق والحريــات‬
‫السياسية للفرد(‪.)41‬‬

‫العنصر األول‪ :‬مدى تأثر الحقوق السياسية بالنظم السياسية‬

‫‪40‬‬
‫‪.‬محمود شريف بسيوني‪ $،‬انظر المجلد األول من كتاب‪ :‬حقوق اإلنسان حول الوثائق العلمية واإلقليمية ‪ ،‬مطبعة دار النهضة‪2015 ،‬م‪ ،‬مصر ) (‬
‫‪41‬‬
‫‪ .‬الدتور ثروت بدوي ‪ ،‬النظم السياسية ‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪1975 ،‬م ‪ ،‬ص ‪( ) 403‬‬

‫‪41‬‬
‫إن السلطة السياسية كظاهرة تاريخية قد اتخذت ــ فكراً وتطبيقا ً ــ عدداً من األشكال‪ ،‬وخضعت لجملــة‬
‫من الصيغ هي التي جرى على أساسها التميّز في مجال النظمة السياســية بين النظمــة الفرديــة والنظمــة‬
‫األرستقراطية واألنظمة الديمقراطية‪.‬‬

‫واألساس الذي تصدر عنـه هـذه التقسـيمات هـو أن كـل صـياغة لسـلطة االمـة ليسـت في الحقيقـةـ إال‬
‫الشكل الذي تلبسه القوة السياسية الغالبة في المجتمع‪ ،‬أي أن القوة السياسية ــ ظاهرة كانت أم باطنــة ــ‬
‫هي صاحبة الســيادة أي صــاحبة الصــوت األعلى‪ ،‬واإلرادة األقــوى والنهائيــة في تســيير الجماعــة‪ ،‬وفي‬
‫ممارسة قدرة التقرير النهائية فيها ــ فإذا كانت هذه القوة السياسية العلبا فــرداً كــان النظــام فرديـا ً ‪ ،‬وإذا‬
‫كانت فئة أو طائقه كان النظام أرستقراطي‪ ،‬أما إذا كان كل الشعب أو أغلبه‪ ،‬كان النظام ديمقراطيا ً ــ ـ كــل‬
‫ذلك تحكمه وتسيّره موازين القوى العاملة في المجتمع‪ ،‬بغض النظر عمــا يمكن أن تقــرره النصــوص أو‬
‫الوثائق الرسمية المعلنة‪.‬‬

‫ولذلك فــأن قضــية الســيادة‪ ،‬ومن بعــدها قضــية األنظمــة السياســية وتكييفهــا هي في األســاس قضــية‬
‫واقع ‪ ،‬قضية قوى سياسية عاملــة ومتحركــة فعالً على أرض هــذا الواقــع‪ ،‬بــأكثر منهــا قضــية قــانون أو‬
‫قضية رسمية‪.‬‬

‫وبغض النظر عن هذا كله يلزم أن تقرر أن كالً من النظامين الفردي أو األرستقراطي‪ ،‬حتى ولو إلتزم‬
‫كالهما قوالً وعمالً بمبدأ سيادة القانون‪ ،‬وهو أم ٌر تتوافر أسباب كثرة للشك فيه‪ ،‬اليمكن إال أن يكــون في‬
‫نهاية المطاف نظاما ً لسلطة سياسية غــير مكتملــة الشــرعية‪ ،‬ألنــه طالمــا كــانت القــوة السياســية الغالبــة‬
‫وصاحبة السيادة الفعلية في كليهما فرد أو فئة أو طبقة فان مـؤدى ذلــك بإختصــار أن السـلطة السياسـية‬
‫تفتقد صلتها باإلرادة الجماعية العامة ‪ ،‬مما يعنى أنهــا تمثــل بصــدق ضــمير الجماعــة‪ ،‬والتعتمــد بالتــالي‬
‫على عنصر الرضا العام بها ‪ ،‬بإعتبار أن هذا الرضا العام هو القول الفصل في كل سلطة شرعية‪.‬‬

‫ومن ثم فال يكن غريبا ً ــ على كل مراحل التاريخ ــ أن تكون الدولــة في ظــل ســيادة الفــرد أو الفئــة أو‬
‫الطبقة ‪ ،‬مجرد مؤسسة خاصة مملوكة لحكامها ‪ ،‬وداخلة في حوزتهم فعالً وقانونا ً ‪ ،‬هي ومن عليها وما‬
‫عليها كأحد العناصر المكونة لــذمتهم الماليــة‪ ،‬بحيث تجــرى في شــأنها كــل التصــرفات كالهبــة والوصــية‬
‫والميراث ممـا يجـري على الملكيـة العقاريـة الخاصـة ـــ وقـد كـان ذلـك مـا يملكـه اإلمـبراطور في رومـا‬
‫القديمة‪ ،‬وهو مايميّز النظام الملكي في إنجلترا وفي فرنسا قبل الثــورة الديمقراطيــة الحديثــة ـــ وهــو مــا‬
‫يميّز أيضا ً من غير شك كل نظم حكومات األقلية عسكرية كــانت أو دينيــة أو إقتصــادية بأنهــا في النهايــة‬
‫دكتاتوريات األقلية تملك الدولة وتتصرف فيها بإعتبارها دومنيا ً خاصة ــ بغير إرتباط بــاإلرادة العامــة أو‬
‫التفات إلى الضمير الجماعي أصالً ــ هكذا كانت حكومة األرســتقراطية العســكرية في عهــد اإلمبرطوريــة‬
‫الرومانية‪ ،‬وقبلها كانت حكومة األرستقراطية الدينية أو ما يسمى بحكومة الكهنة في بعض فترات تطور‬

‫‪42‬‬
‫اإلمبراطورية الفرعونيـة في مصـر القديمـة‪ .‬وبـه تتصـف أيضـا ً كـل األنظمـة السياسـية المعاصـرة الـتي‬
‫تســتمد وجودهــا وترســم مســارها من واقــع فــرض ســيطرة الطبقــة وتســلط الحــزب الواحــد‪ .‬كمــا أن‬
‫البيروقراطيات والتكنوقراطيات الحديثة‪ ،‬ليست إال صــوراً جديــدة لهــذا النــوع من حكومــات األقليــة غــير‬
‫المشروعة(‪.)42‬‬

‫وتستهدف السلطة الحاكمة في كل جماعة سياسية تحقيق وضع إجتماعي معيّن تحدده القــوى الغالبــة‬
‫في الجماعة‪ ،‬وتمليه السياســية الســائدة فيهــا ـــ وبالمقارنــة بين األنظمــة السياســية المختلفــة نجــد أنهــا‬
‫تتوزع بين إتجاهات ثالثة‪:‬‬

‫اإلتجــاه األول‪ :‬إمــا أن يكــون الفــرد غايــة النظــام ويتمتــع فيــه بإمتيــازات وحقــوق تجعــل من‬
‫السلطة مجرد حارس لهذه اإلمتيازات ومؤكدة لتلك الحقوق ‪ ،‬وهذا هو مــا يســمى (نظم المــذهب‬
‫الفردي)‪.‬‬

‫اإلتجاه الثاني‪ :‬يكون الفرد في خدمة الجماعة ‪ ،‬تتحدد حقوقه وحرياته بما يكفل تحقيــق أكــبر‬
‫قدر من المنفعةـ للجماعة‪ ،‬بحيث يصبح الفرد مجرد أداة في يد السلطة تحقق بــه أغراضــها وهي‬
‫تلك ( النظم اإلشتراكية)‪.‬‬

‫اإلتجاه الثالث‪ :‬قد يكون الفرد أداة ــ ليس في خدمة الجماعة ــ ولكن في خدمــة الحــاكم الــذي‬
‫يستحوذ على السلطة ‪ ،‬وهذه هي ( النظم الديكتاتورية )‪.‬‬

‫وتحدد المركز الذي يشغله الفرد في الجماعــة‪ ،‬ومعرفــة مــا اذا كــانت القواعــد القانونيــة الــتي تســنها‬
‫السلطة تستهدف مصالحة ذاتية بطريق مباشر أو بطريق غير مباشــر ‪ ،‬أو إذا كــانت تلــك القواعــد تتفيــأ‬
‫مصــلحة أعلى من مصــلحة الفــرد ـــ ســواء اتصــلت هــذه المصــلحة بالحــاكم أو بالدولــة أو بالجماعــة أو‬
‫بالشعب أو بقومية أو بجنس معيّن ــ كل ذلـك يكـون دون شـك حجـر الزاويـة في بنـاء النظـام السياسـي‪،‬‬
‫وبعد الفيصل الرئيسي في التمييز بين األنظمة السياسية المختلفة‪.‬‬

‫فتعيين المكان الذي يحتله الفــرد في الجماعــة يتضــمن في نفس الــوقت تحديــداً لألهــداف واألغــراض‬
‫التي يستهدفها التشريع والنظام القانوني في الدولة‪ ،‬كما يكشف عن نوع العالقات التي تقوم بين السلطة‬
‫العامة واألفراد الخاضعين لها‪ .‬وبين مدى ما تتمتع به تلك السلطة من إمتيازات وحقوق‪ ،‬ونطــاق القيــود‬
‫التي ترد على هذه اإلمتيازات والحقوق(‪.)43‬‬

‫‪42‬‬
‫د‪ .‬طعيمة الجرف‪ ،‬نظرية الدولة والمبادئ العامة لألنظمة السياسية ونظم الحكم(دراسة مقارنة)‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ، 1978 ،‬ص ) (‬
‫‪286.‬‬
‫‪ ) (43‬د‪.‬ثروت بدوي ‪ ،‬النظم السياسية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪401‬‬

‫‪43‬‬
‫فإذا لم يكن الفرد غاية في ذاته‪ ،‬وكان مجرد وسـيلة لتحقيـق مصـلحة الجماعـة أو الشـعب‪ ،‬فـإن ذلـك‬
‫يعني أن النظام قد ضحى بالفرد من اجل الجماعة ـــ وينتج عن ذلـك أن يتخـذ التشـريع طابعـا ً جماعيـا ً أو‬
‫غير فردي‪ ،‬مما يــؤدي إلى أن تهــدر‪ ،‬أو تتحــدد على األقــل الحقــوق والحريــات الفرديــة بإســم الجماعــة‪،‬‬
‫وتحقيقا ً ألهدافها وغالبا ً ما تكون األقلية ضحية هذه الفكرة‪ ،‬فتحرم من الحقوق والحريات األساسية‪.‬‬

‫أما إذا أعتبر الفرد غاية النظام القانوني للدولة‪ ،‬فـإن النظــام يكــون حقيقــة قـد هيـأ للفـرد مكانــة عليـا‬
‫وصان حقوقه وحرياته األساسية‪ ،‬ولكنه في نفس الوقت قد أدخل في كيان الجماعة عنصــر تفكــك وهــدم‬
‫يهدد تضامنها وتماسكها ‪ ،‬وينذر بإنهيار وحدتها(‪.)44‬‬

‫وبــذلك يكــون الفــرد غايــة في ذاتــه ال مجــرد وســيلة لتحقيــق أغــراض الجماعــة أو أغــراض الحــاكم‪،‬‬
‫ويسمى النظام فرديا ً‪ ،‬وتصبح الحقوق والحريات الفردية دعامة أساسية من دعائمه‪ ،‬بحيث يتركز نشــاط‬
‫السلطة فيما يستهدف تأكيـد تلـك الحقـوق وحمايتهـا‪ ،‬ويمتنـع عليهـا بالتـالي كـل تقييـد لتلـك الحقـوق أو‬
‫اإلعتداء عليها إال بالقدر الضروري لحماية حقوق الجميــع‪ ،‬أي بالقــدر الالزم فقــط لتمكين جميــع األفــراد‬
‫من التمتع بحقوقهم األساسية في حرية وأمن ودون أن يعتدوا على بعضــهم‪ ،‬لــذلك قــام اإلرتبــاط الوثيــق‬
‫بين نظرية الحقوق والحريات الفردية وبين ظهور المــذهب الفــردي‪ .‬ففكــرة الحقــوق والحريــات الفرديــة‬
‫كانت ثمرة جهود المفكرين والفالسفة منذ القــرن الســادس عشــر ـــ فقــام بهــا فالســفة العقــد اإلجتمــاعي‬
‫ودعاة القانون الطبيعي ــ ثم نودي بها عالية إبان الثورتين األمريكية والفرنسية(‪.)45‬‬

‫وبنا ًء على ما تقدم ــ فقد ظل اإلرتباط قائما ً بين الديمقراطيــة وبين المــذهب الفــردي بمــا يتضــمنه من‬
‫حقوق وحريات فردية لصيقة باإلنسان ومستمدة من طبيعته البشرية‪ ،‬وبالتالي ال يمكن النزول عنها‪ ،‬أو‬
‫المساس بها ؛ بل إن دعاة المذهب الفردي ال يتصورون إمكان قيام نظام ديمقراطي دون تقريــر الحقــوق‬
‫والحريات الفردية وخاصة الحقوق السياسية وجعلها في مأمن من كل إعتداء أو تقييد من جانب الســلطة‬
‫الحاكمة‪ .‬فهم يربطون بين الحقوق والحريات الفردية‪ ،‬ويجعلون من األولى وسيلة لخدمة الثانيــة‪ ،‬بحيث‬
‫يكــون من الالزم التضــحية بــالحقوق السياســية كلمــا تعارضــت مــع الحقــوق الفرديــة‪ .‬فتقريــر الحقــوق‬
‫السياسية ألفراد الشعب ليس هدفا ً في ذاته بقــدر مــا هــو وســيلة لتمكين األفــراد من الــدفاع عن حقــوقهم‬
‫وحرياتهم الفردية كلما تعرضت للتقييد أو اإلعتداء(‪.)46‬‬

‫ومن هذا كله‪ ،‬تبقى الديمقراطية في النهاية هي الصياغة الوحيدة للسلطة السياسية الشرعية‪ .‬وتنفرد‬
‫الديقمراطية بهذه الميزة لسبب بسيط ‪ ،‬هو أن الديمقراطية لغة‪ ،‬وفكراً هي النظام السياســي الــذي يعتمــد‬
‫على حكمـ الشعب‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫‪( ) BURDEAUG: Manuel de droit public, paris,1948,p12.‬‬
‫‪ ) (45‬د‪.‬ثروت بدوي ‪ ،‬النظم السياسية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 402‬ــ ‪, 403‬‬
‫‪.CLAUDE – ALBERT CO;;IARD: libertes publiques,ed precis dailoz, paris, 1959,pp30, 37 ) ( 46‬‬

‫‪44‬‬
‫وبعبــارة أخــرى هي النظــام الــذي يجعــل اإلرادة العامــة الجماعيــة القــوة السياســية الغالبــة صــاحبة‬
‫السيادة ‪ ،‬وهو ما يحــل مشــكل التنــاقض بين الحريــة والســلطة من ناحيــة‪ ،‬وبين الســلطة والخضــوع من‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬وذلك ألنها تجعل المحكومـ حاكما ً في ذات الوقت(‪.)47‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬دور الحقوق السياسية في خلق النظام الديمقراطي‬

‫إن كل حقوق اإلنسان المدنية والسياسية‪ ،‬يمكن تلخيصــها في كلمــة واحــدة هي الحريــة‪ ،‬هــذه الكلمــة‬
‫تكون صيغة الديمقراطية األكثر سهولة واألكثر إكتماالً(‪.)48‬‬

‫لــذلك تكــون الديمقراطيــة إذن في الشــكل السياســي الوحيــد المالئم للحرية(‪ .)49‬ومن هنــا فقــد إرتبطت‬
‫الديمقراطية بالحرية برباط ال إنفصام فيه(‪ .)50‬فالحرية اليمكن أن تتحقق إال في ظــل النظــام الــديمقراطي‪،‬‬
‫بحيث يمكن القول بأنه ال حرية دون ديمقراطية وال ديمقراطية دون حرية‪.‬‬

‫وإذا كانت الديمقراطية تعني الحرية‪ ،‬فإنها تعني كذلك مشاركة الشــعب في ممارســة الســلطة من أجــل‬
‫تحقيق هدف الحرية‪ ،‬ذلك أن السيادة الشعبية ال تعلن لذاتها‪ ،‬وإنمــا لمــا تــؤدي إليــه من تحقيــق الحريــة‪،‬‬
‫وضمان مشاركة الشعب في ممارسة السلطة(‪.)51‬‬

‫فالديمقراطية في حقيقتها كمذهب سياسي فــردي يهــدف إلى تقريــر ممارســة الشــعب شــؤون الســلطة‬
‫السياســية‪ ،‬وأفــراد الشــعب يتمتعــون بحقــوقهم السياســية على أســاس فــرديتهم‪ ،‬أي يمارســون شــؤون‬
‫السلطة بصفتهم أفراد ال على أساس إنتسابهم لجماعة معينة أو طبقــة من الطبقــات ـــ ويطلــق على هــذه‬
‫الديمقراطية أحيانا ً الليبرالية أي التحررية‪ ،‬وذلك على أساس قيامها على فكرة الحرية وعـدم التـدخل من‬
‫جانب الدولة في النشاط اإلقتصادي الــذي يمارســه األفــراد‪ ،‬بحيث تقتصــر وظــائف الدولــة على المســائل‬
‫التقليدية‪ ،‬وهذه الليبرالية أو التحريرية ليســت ســوى مجموعــة من األفكــار تــدور حــول الســلطة والفــرد‬
‫وتهدف إلى تحرير الفرد من كل القيود‪ ،‬وعموما ً فــإن الديمقراطيــة الليبراليــة تقــوم على فرديــة اإلنســان‬
‫المجردة وتعتــبر الفــرد بحقوقــه مبــدأ أساســياً‪ .‬ولــذا تتقــرر المســاواة بين كــل أفــراد الشــعب في الحقــوق‬
‫السياسية‪ ،‬وعدم التفرقة بينهم عند مباشرة هذه الحقوق(‪.)52‬‬

‫وترمي الديمقراطية إلى تحقيق الحرية السياسية بالذات‪ ،‬بمعنى أن الشعب يحكم نفسه بنفسه أو على‬
‫األقل يختار حاكمه‪ .‬إال أن الحرية السياسية وهي ما تعنيه الديمقراطية التقليدية ال تــؤدي بالضــرورة الى‬

‫‪ ) (47‬د‪ .‬طعيمة الجرف ‪ ،‬نظرية الدولة والمبادئ العامة لألنظمة السياسية ونظم الحكم (دراسة مقارنة) مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪287‬‬
‫‪.ETIENNE VACHEROT: la democratie, 1860, p35 ) ( 48‬‬
‫‪.ETIENNE VACHEROT: la democratie, 1860,op,cit, p44 ) ( 49‬‬
‫‪.BURDEAU.G:al democratie,1960,p15 ) ( 50‬‬
‫‪ ) (51‬د‪ .‬انور ارسالن ‪ ،‬الحقوق والحريات العامة في عالم متغير‪ ، $‬دار النهضة العربية ‪ ،‬مصر ‪1993 ،‬م‪ ،‬ص ‪. 101‬‬
‫‪ ) (52‬د‪.‬محمد أنس قاسم جعفر‪ ،‬التنظيم المحلي والديمقراطيات (دراسة مقارنة) مطبعة اخوان مورافتلي‪ ،‬القاهرة ‪1982 ،‬م‪ ،‬ص ‪50‬ــ‪.51‬‬

‫‪45‬‬
‫الحرية نفسها ‪ ،‬ولكن مع إنتشار التعليم والثقافة تتوافق غالبا ً الحرية السياسية‪ ،‬مــع الحريــة‪ ،‬بمعــنى أن‬
‫الحرية السياسية تؤدي عادة الى الحرية نفسها إن عاجالً أو آجالً(‪.)53‬‬

‫وتقرر الديقراطيــة المســاواة القانونيــة بين األفــراد‪ ،‬بمعــنى أن جميــع األفــراد في النظــام الــديمقراطي‬
‫متســاوون أمــام القــانون ويتمتعــون بــالحقوق السياســية على قــدم المســاواة‪ ،‬ولقــد أعلنت ذلــك الثــورة‬
‫الفرنسية فجاء في وثيقة حقوق اإلنسان الصادرة سنة ‪1989‬م‪ ،‬أن األفراد يولدون أحراراً متساوين أمام‬
‫القانون‪ ،‬ومن ثم فقد كانت المساواة القانونيـة الـتي تعمـل الديمقراطيـة على إقرارهـا هي نتيجـة طبيعيـة‬
‫إلعتبار هذه األخيرة مذهبا ً فرديا ً ‪ ،‬إذ ما دام أن األفراد يشتركون في شؤون الحكم بصفتهم أفراداً‪ ،‬فال بد‬
‫أن يكون إشتراك هؤالء األفراد على سبيل المساواة دون تميــيز بينهم بســبب األصــل أو الجنس أو اللغــة‬
‫أو الدين أو اإلنتماء إلى جماعة أو طبقة معينة(‪.)54‬‬

‫والحق أن الدراسة التاريخية للوقائع تؤدي إلى تأييد القول بأن الديمقراطية التقليدية بعيدة في األصل‬
‫أن تسعى لتحقيق المساواة المادية بين األفراد‪ ،‬ذلك أن الجهاد من أجل الديمقراطية كان جهـاد يقصــد بــه‬
‫الوصول الى الحرية السياسية أي يقصد به أن يشترك الشعب في السلطة التشريعية والتنفيذيــة‪ ،‬على أن‬
‫يكون هذا اإلشتراك على وجه التساوي فيما بينهم ‪ ،‬أمـا المسـاواة الماديـة واإلقتصـادية فلم تـرمي إليهــا‬
‫الديمقراطية األصلية‪ ،‬ولقد الحظ األستاذ "كلسن" كمــا الحــظ العالمــة "ديجي" أن المســاواة الماديــة أو‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬يمكن أن تتحق سواء في الحكم الديمقراطي أو الدكتاتوري‪ ،‬بل هي أقرب وأسهل تحقيقـا ً من‬
‫الحكومات األوتوقراطية منها الديمقراطية(‪.)55‬‬

‫ونتيجة إلعتبار أن الديمقراطية ترمي الى المساواة السياسية وليست اإلقتصــادية‪ ،‬فقــد اتضــح أن من‬
‫خصائصها نظــام سياســي وليس نظامـا ً إجتماعيـا ً وال بنـا ًء إقتصـادياً‪ .‬ويقصــد بكــون الديمقراطيــة نظامـا ً‬
‫سياسيا ً أن كل شيء يتم في الدولـة بواسـطة الشـعب على األقـل برضـائه‪ ،‬بمعـنى أن الدولـة تسـود فيهـا‬
‫إرادة الشعب أو غالبية أفراد الشعب‪.‬‬

‫والحق هـــو المـــدلول الحقيقي والعملي للديمقراطيـــة‪ ،‬وبهـــذا تتميّـــز الديمقراطيـــة السياســـية عن‬
‫الديمقراطية اإلجتماعية‪ ،‬إذ أن هذه األخيرة ترمي الى أن الشعب يجب أن يحظى بالمنافع المادية‪ ،‬أو كما‬
‫يقول األلمان الديمقراطية اإلجتماعيــة هي الزبــد والخــبز‪ ،‬وهــذا بعكس الديمقراطيــة السياســية الــتي هي‬
‫مسألة العقل والقلب ــ ولقد قال األستاذ الدكتور مصطفى كامل في تعريــف الديمقراطيــة أن الجهــود تبــذل‬
‫اليـوم من أجـل إدخـال بعض مظـاهر الديمقراطيـة اإلجتماعيـة في الديمقراطيـة األصـلية‪ ،‬وقـال أيضـا ً أن‬

‫‪ ) (53‬د‪ .‬مصطفى كامل ‪ ،‬شرح القانون الدس‪$$‬توري (المب‪$$‬ادئ العام‪$$‬ة والدس‪$$‬تور المص‪$$‬ري ) دار الكت‪$$‬اب الع‪$$‬ربي‪1952 ،‬م الق‪$$‬اهره‪ ،‬ص ‪ 103‬ــ‬
‫‪.104‬‬
‫‪ ) (54‬د‪ .‬ابراهيم عبدالعزيز شيحا‪ ،‬مبادئ األنظمة السياسية (الدولة والحكومات)‪ ، $‬الدار الجامعية للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪1982 ،‬م‪ ،‬ص ‪ 152‬ـ‬
‫‪.153‬‬
‫‪ ) (55‬د‪ .‬مصطفى كامل ‪ ،‬شرح القانون الدستوري ( المبادئ العامة والدستور المصري‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 109‬‬

‫‪46‬‬
‫تجرية بلوم في فرنسا و روزفيلت في الواليات المتحدة األمريكية وحكومة العمــال الحاليــة في بريطانيــا‪،‬‬
‫مــاهي إال محــاوالت في هــذا الســبيل‪ ،‬ولكن يجب مالحظــة أن هــذه الجهــود يقصــد بهــا اإلبقــاء على‬
‫الديمقراطية األصلية وتقويتها ال القضاء عليها‪ ،‬وبهذه الجهود تصــبح الديمقراطيــة األصــلية وهي نظــام‬
‫سياسي يرمى الى تحقيق الحرية والمساواة السياسية بين األفراد بإشتراكهمـ في حكومة بالدهم نظاما ً له‬
‫صبغة اجتماعية ومادية (‪.)56‬‬

‫كما أن الديمقراطية األصلية هي حكومة األحزاب‪ ،‬فأيا ً كان الشكل الذي يأخذ الحكم الــديمقراطي فهــو‬
‫يفترض دائما ً قيام األحزاب السياسية بما يترتب على هــذا من نتــائج‪ ،‬ويقــول في هــذا كلســن‪ " :‬أنــه من‬
‫الوهم أو النفاق القول بأن الديمقراطية يمكن أن توجد بدون األحزاب ‪ ،‬وذلك أنه ممــا ال يحتــاج الى بيــان‬
‫أن الفرد وهو منفرد ال يكون له أي نفوذ حقيقي في تكوين اإلردة العامة‪ ،‬فالديمقراطية هي والشك دولــة‬
‫األحزاب"(‪.)57‬‬

‫وعلى األســاس المتقــدم‪ ،‬فقــد كــان للمبــدأ الــديمقراطي الفضــل األكــبر في تقريــر الحقــوق والحريــات‬
‫األساسية لألفراد وفي مقــدمتها الحقــوق السياســية‪ ،‬إذ إقــترنت الــدعوة للديمقراطيــة بــالحث على تقريــر‬
‫الحقوق والحريات الفردية‪.‬‬

‫وقام إرتباط وثيق بين ظهور المـذهب الفـردي والـذي تتخـذ الديمقراطيـة التقليديـة فلسـفة لهـا‪ ،‬وبين‬
‫ظهور نظرية الحقوق والحريات األساسية(‪ .)58‬إال أنه اختلفت النظم السياســية من دولـة الى أخــرى‪ ،‬فـأن‬
‫نظام الحكم الديمقراطي كان هو دائما ً أرجح تلك النظم‪ ،‬وله الصدارة عليهـا ‪ ،‬فهـو معقـد آمــال الشـعوب‪،‬‬
‫وهدفها الــذي ســهر من أجلــه المفكــرون والفالســفة‪ ،‬حــتى أصــبحت الديمقراطيــة شــعاراً للجميــع حكامـا ً‬
‫ومحكومين‪ ،‬وصارت الحكومات المحتلفة تعلق الفتة الديمقراطية‪ ،‬وتعلن في برامجهــا أنهــا تســير حثيثـا ً‬
‫نحو تطبيق مبادئها‪.‬‬

‫والسبب الذي جعل النظام الديمقراطي يتبوأ هــذه المكانــة ســواء بالنســبة للحكــام أو المحكــومين على‬
‫السواء‪ ،‬ما تحتويه مبادئ الديمقراطيـة من كفالـة للحـق وصـونا ً للحريـات األساسـية وتحقيـق المسـاواة‬
‫والعدالة اإلجتماعية بين أفراد الشعب‪ ،‬فالمبادئ الديمقراطية تجعل السيادة للشعب وحــده والحكمـ لغالبيــة‬
‫أإلراده‪ ،‬فهم أصحاب السلطة السياسية في الدولة‪ ،‬والسيادة لهم ال لغيرهم‪ ،‬بيدهم زمامها‪ ،‬وهم اآلخذون‬
‫بناصيتها‪.‬‬

‫‪ ) (56‬د‪ .‬مصطفى كامل ‪ ،‬شرح القانون الدستوري ( المبادئ العامة والدستور المصري) مرجع سابق‪ ،‬ص ‪111‬ــ ‪.112‬‬
‫‪.H-KELSEM: la democratie,sa nature et sa valeur, p18 ) ( 57‬‬
‫‪ ) (58‬د‪ .‬عصام احمد عطية و د‪ .‬محمد رفعت عبدالدوهاب‪ ،‬النظم السياسية‪ ،‬دار الطباعة الحديث‪1984 ،‬م ‪ ،‬القاهره‪ ،‬ط ‪ ، 2‬ص ‪.91‬‬

‫‪47‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬‬

‫الحقوق السياسية في الحضارة اإلسالمية‬

‫ال ندعي في البداية أن الشـريعة اإلسـالمية تضـمنت منظومــة الحقـوق السياسـية المحـددة في قواعــد‬
‫واضــحة في إطــار مــا يجب أن تقــوم بــه الدولــة اإلســالمية تجــاه مواطنيهــا‪ ،‬وإنمــا المقصــود بــالعنوان‬
‫"الحقوق السياسية" هو إبراز ما تنطوي عليــه بعض النصــوص في القــرآن والســنة من مبــادئ عامــة‪،‬‬
‫يمكن قراءتها قراءة إجتهادية‪ ،‬بحيث تدل على وجود نقــاط التقــاطع بين اإلســالم واألنظمــة الديمقراطيــة‬
‫الحديثــة‪ ،‬في مجــال الحقــوق السياســية‪ ،‬والعــبرة في هــذا الســياق بالمقاصــد والمعــاني ال بالمصــطلحات‬
‫والمباني‪.‬‬

‫وقد سبقت اإلشارة‪ ،‬أكثر من مرة الى مغزى ترابط الحقوق بالواجبات في اإلسالم‪ ،‬وأن هــذه الحقــوق‬
‫تعد من التكاليف التي يخاطب بـه ضـمير المسـلم في نطـاق مسـؤوليته الشخصـية‪ ،‬ويخـاطب بهـا ضـمير‬

‫‪48‬‬
‫المجتمع المسلم في نطاق مسؤوليته الجماعيــة‪ ،‬وتخــاطب بهــا الســلطة القــائم في المجتمــع ‪ ،‬أي الدولــة‬
‫اإلسالمية مهما كان نوع نظامها السياسي‪.‬‬

‫وخير دليل على ذلك هو تاريخ الدولة اإلسالمية في عهد الخلفاء الراشدين‪ ،‬وفترات من عهود الــدول‬
‫اإلســالمية المتتابعــة‪ ،‬ومــا راكمتــه هــذه الــدول من تجــارب‪ ،‬وأبدعتــه من مؤسســات‪ ،‬عملت في حــدود‬
‫اجتهادها وإكراهاتها على تجسيد حقوق المسلم في مجتمعه‪.‬‬

‫وعندما نقول اإلجتهاد ‪ ،‬فإننا نتجاوز منطوق النصوص القرآنية والحديثيــة الى مــا تحملــه من دالالت‬
‫ضمنية‪ ،‬بل ونتجاوز عدم ورود النص الى آفاق إعمال الفكر التشريعي بإعتمــاد دليــل اإلجتمــاع وتحــري‬
‫المصالح‪ ،‬ودرء المفاسد واإلستحسان وسد الذرائع والعرف‪ ،‬وغيرهــا من آليــات اإلجتهـاد المقـررة عنــد‬
‫علماء األصول‪.‬‬

‫ومن ثم فـإن الحــديث عن الحقـوق السياســية لإلنسـان في ظــل إنتمائــه للدولـة اإلســالمية يظــل رؤيـة‬
‫اجتهادية ‪ ،‬مقيّدة بظروفها وطورها الحضاري‪ .‬وإذا كان هناك تفاوت بين ما حققته الحضــارة اإلســالمية‬
‫وما بلغته الحضارة الغربية في المجال الحقوقي فإن مقاصد الشريعة اإلسالمية وقيمهــا في تنظيم الحيــاة‬
‫اإلنسانية والحث على كرامة اإلنسان التمنع من اإلقتباس من غيرها‪ ،‬واألخذ باألفضــل في مجــال التنظيم‬
‫اإلجتماعي والسياسي‪ ،‬بل إن مبادئ الشريعة تظــل منبعـا ً ثريـا ً لكــل قيّم التقــدم والعدالــة واإلنصــاف‪ ،‬وال‬
‫يجوز تجميدها بتعطيل اإلجتهاد في تطورها‪.‬‬

‫وفي هذا السياق نستحضر كلمة الفقيه الكبير اإلمام إبن القيّم التي سبق إيرادها وهي‪ " :‬ان الشريعة‬
‫مبناها وأساسها على الحكمة ومصالح العباد في المعاش والمعاد‪ ،‬وهي عدل كلها ورحمة كلها ومصــالح‬
‫كلها وحكمة كلها ‪ ،‬فكل مسألة خرجت عن العــدل الى الجــور‪ ،‬وعن الرحمــة الى ضــدها‪ ،‬وعن المصــلحة‬
‫الى المسفدة‪ ،‬وعن الحكمة الى العبث‪ ،‬فهي ليست من الشريعة‪ ،‬وإن أدخلت فيها بالتأويل(‪.)59‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم الحقوق السياسية في اإلسالم‬

‫أن فهموم الحقوق والحريــات الفرديــة بصــفة عامــة في النظــام اإلســالمي قوامــه أن اآلدمــيين جميعـا ً‬
‫مكرمون من قبل الخالق سبحانه وتعالى‪:‬‬

‫"ولقد كرمنا بنىي آدم وحملناهم في البر والبحــر ورزقنــاهم من الطبيــات‪ ،‬وفضــلناهم على كثــير ممن‬
‫خلقنا تفضيال"(‪ .)60‬وهم جميعا ً حكاما ً ومحكومين مخلوقون لعبادة هللا سبحانه وتعالى‪" :‬وما خلقت الجن‬
‫واإلنس إال ليعبدون"(‪ .)61‬والعبادة تعني الخضوع لسلطان هللا المطلق‪ ،‬وتعريف شؤون الفرد أو الجماعة‬

‫‪59‬‬
‫‪ .‬انظر "اعالم الموقعين" ‪ ،‬م س ‪ ،‬ج‪ ، 3‬ص ‪( ) 5‬‬
‫‪60‬‬
‫‪.‬سورة اإلسراء ‪ ،‬اآلية ‪( ) 70‬‬
‫‪61‬‬
‫‪ .‬سورة الذاريات‪ ،‬اآلية ‪( ) 56‬‬

‫‪49‬‬
‫على حسب ما فصل سبحانه في شرعه‪ ،‬فالحقوق والحريــات الفرديــة أو الجماعيــة في النظــام اإلســالمي‬
‫أساسها العقيدة‪ ،‬ونظامها الشريعة‪ ،‬وهي منح إلهية من الخالق سبحانه وتعالى الذي كرم الجنس وفضله‬
‫على كثير ممن خلق تفضيال‪.‬‬

‫وبهذا وحد اإلسالم الغاية بالنسبة لكل من الفرد والدولـة‪ ،‬فهي عبـادة هللا والخضــوع لســلطانه بتنفيـذ‬
‫شرعه في الحقوق والحريات قاطبة‪ ،‬ومن ثم ال نجد في النظــام اإلســالمي عــدوانا ً على حــق مهمــا كــانت‬
‫طبيعته‪ ،‬فحقوق األفراد وحرياتهم محميــة‪ ،‬ولكن ليس على حســاب الجماعــة‪ ،‬وكــذلك العكس‪ ،‬ولكن مــع‬
‫عدم اإلستبداد أو الطغيان الذي يؤدي الى وأد مصالح األفراد(‪.)62‬‬

‫وإذا كانت الحقوق السياسية عند رجال القانون هي التي يكتسبها الشخص بإعتباره عضــواً في هيئــة‬
‫سياسية ــ مثل الحق في انتخاب الحــاكم وانتخــاب الممثلين في المجــالس النيابيــة‪ ،‬والحــق في الترشــيح‪،‬‬
‫والحق في إبداء الرأي في اإلســتفتاء والحــق في تــولي الوظــائف العامــة في الدولــة‪ ،‬والحــق في مراقبــة‬
‫الحاكم وسلطات الحكم ومحاسبتهم على أعمــالهم‪ .‬فــإن الشــريعة اإلســالمية قـررت كــل هــذه الحقــوق في‬
‫أصل هام جامع هو الشــورى‪ ،‬وذلــك لقولــه تعــالى‪" :‬والــذين إســتجابوا لــربهم وأقــاموا الصــالة وأمــرهم‬
‫شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون"(‪.)63‬‬

‫فقد وصف جماعة المؤمنين ــ وكل فرد مسلم ــ بــأن أمــرهم شــورى بينهم‪ ،‬أي اليــبرمون أي أمــر إال‬
‫بإتفــاقهم‪ ،‬فال ينُ ّ‬
‫ص ـب عليهم حــاكم إال بمــوافقتهم ورضــاهم‪ ،‬وال تمثلهم هيئــة إال بإختيــارهم‪ ،‬والفرصــة‬
‫متاحة والطريق مفتوح لكل فرد في الجماعة أما أ‪ ،‬يكون حاكما ً أو نائباً‪ ،‬إذا أستوفى الشروط وكان كف ًء‬
‫رقيب ومسؤول عن مصلحة الجماعة‪ ،‬وحسن تدبيرها‪ ،‬ولــه الحــق في تقــويم اإلعوجــاج إن‬
‫ٌ‬ ‫لذلك‪ ،‬والكل‬
‫وجد بالوسيلة المشروعة في إطار التضمامن و التناصح‪.‬‬

‫وبــالرغم من أن الحقــوق السياســية لم تتبلــور بمســمياتها القانونيــة إال حــديثاً‪ ،‬فــأن فقهــاء الشــريعة‬
‫اإلسالمية قد أشاروا إلى مضامينها ومرادفاتها على النحو التالي‪:‬‬

‫العنصر األول‪ :‬حق اإلنتخاب والترشيح‬

‫لم يقتصر العلماء المسلمون في البحث عن األمور الشرعية الدينية‪ ،‬بل أيضا ً أهتمــوا بــأمور الســلطة‬
‫والحرية والعدل والشورى‪ .‬وشكلت األحكــام الســلطانية للمــاوردي وغــيره كــأبن خلــدون والغــزالي وإبن‬
‫ُرشد ‪ ،‬والنقاشات التي دارت حول من له حق السلطة والخالفــة ومــاهي حــدودها وتوليهــا‪ ،‬إهتمــام عــدة‬
‫فقهاء وعلماء اإلســالم عربـا ً وعجمـاً‪ .‬وهكــذا فقــد تنــاول هــؤالء العلمــاء إمكانيــة تــولي الســلطة وأمــور‬
‫المسلمين والحكمـ وإمكانية اإلنتخاب والترشح كما سنبيّنه الحقاً‪.‬‬
‫‪ ) (62‬د‪ .‬محمد اسماعيل فرحات ‪ ،‬المبادئ العامة في النظام السياسي اإلسالمي (دراسة مقارنة بالنظم المعاصرة ) ‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مص‪$$‬ر ‪،‬‬
‫‪1991‬م ‪ ،‬ص ‪ 48‬ــ ‪. 49‬‬
‫‪ ) (63‬سورة الشورى ‪ ،‬اآلية ‪.38‬‬

‫‪50‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬حق اإلنتخاب‬

‫ماهو اإلنتخاب‪ :‬هي العملية الرسمية إلختيار شخص لتولي منصب رسـمي أو قبـول أو رفض اقـتراح‬
‫سياسي بواسطة التصويت‪ ،‬وتتبع اإلنتخابات في الديمقراطيات الحديث لملء المقاعد في البرلمـان ممثـل‬
‫السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية مثل رئيس الدولة أو رئيس الحكومة أو الحكم المحلي أو الســلطة‬
‫القضائية‪.‬‬

‫وترجع األصول التاريخية للعمليــة اإلنتخابيــة الى أن الشــعوب دأبت منــذ آالف الســنين الى إيجــاد نظم‬
‫يمقراطية تحفظ لهم حقوقهم وتصون كرامتهم من ظلم الحكام وللوصول الى تلــك الديمقراطيــة فإنــه البــد‬
‫من مشاركة الشــعوب والتعبــير عن إرادتهــا بحريــة ودون إكــراه‪ ،‬وقــد أعتــبر أن اإلنتخــاب هــو الدعامــة‬
‫األساسية للعمل الديمقراطي‪.‬‬

‫ولم تكن الدول األوروربية هي مهد للديمقراطية بل؛ عرفتها غيرها من المجتمعات عبر قرون غــابره‬
‫من الزمن‪ .‬ففي المجتمع البدائي ظهرت الديمقراطية من خالل الجماعات الصغيرة المكونة للمــدجتمعات‬
‫البدائية‪ ،‬حيث كانت هذه الجماعات تتمتع بنصــيب وافــر من الحريــة‪ ،‬حيث لم يكن فيهــا منصــب الرئاســة‬
‫خاضعا ً للوراثــة بــل فتح المجــال لمن تتــوافر فيــه صــفات شخصــية مميّــزة من حكمــة ومهــارة وشــجاعة‬
‫وإدراك باألعراف والتقاليد‪.‬‬

‫ولم يكن لمنصب الرئاسة في هذه الجماعات أدنى إمتيازات لمن يتبوأه بل كان لزامـا ً على الــرئيس أن‬
‫يقوم بإستشارة كبار السن من الذكور من قومه‪ .‬وكان إستمراره في منصب كرئيس متوقفا ً على مدى ما‬
‫يتمتع به من قوة ولباقة وحسن تقدير لألمور‪ ،‬فإذا فقد هذه األشياء فقد منصب‪.‬‬

‫أما المجتمع القبلي؛ فإن الديمقراطية كانت تتواجــد فيــه بشــكل ملحــوظ‪ ،‬حيث أن أوجــه التشــابه بينــه‬
‫وبين المجتمــع البــدائي حاضــرة في أوضــاعه السياســية‪ ،‬وخاصــة في القبائــل الــتي واجــد فيهــا ســلطة‬
‫سياسية‪ ،‬حيث يخضع اختيار الــرئيس فيهــا الى نظــام اإلنتخــاب الحــر بواســطة أفــراد القبيلــة‪ ،‬حيث كــان‬
‫الرئيس بعـد ذلـك ملزمـا ً بعـرض القضــايا الـتي تتعلــق بشـؤون القبيلـة على رؤسـاء الجماعـات المحليــة‬
‫المكونــة لهــا‪ ،‬فقــد كــان يجتمعــون في هيئــة مجلس يطلــق عليــه مجلس قيــادة القبيلــة لمناقشــة القضــايا‬
‫المطروحة سوا ًء كانت على الصعيد الــداخلي أو الخــارجي‪ ،‬فـالقرار المنفــرد الــذي يصــدره الــرئيس دون‬
‫إستشارة أعضاء المجلس ال يكون له سند من الحجية وإنما كان عليه األخذ بآراء أغلبية األعضاء‪.‬‬

‫كما جرى العرف أيضا ً على ضرورة أن يقدم الرئيس الجديد فور توليه مهام منصــبه تعهــداً أمــام هــذا‬
‫المجلس بإحترامه والمحافظة علي على قوانين القبيلة وتقاليدها‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫وتتواجد الديمقراطيــة أيضــا ً في مجتمعــات المــدن الشــرقية القديمــة‪ ،‬حيث يــذهب بعض البــاحثين‬
‫والمؤرخين الى أن مجتمعات المدن الشرقية القديمة وخاصة في مصر وبالد مــا بين النهــرين قــد عـرفت‬
‫أنماطا ً من الحكمـ الديمقراطي يتفاوت في درجته ومداه من مجتمع آلخرعلى حسب الظروف الخاصة بكــل‬
‫مجتمع‪.‬‬

‫ويؤكد الباحثون على أن مدن مصر القديمة قبــل دمجهــا في إطــار الدولــة الموحــدة قــد عــرفت أنظمــة‬
‫للحكم ذات صبغة ديمقراطيـة تقـوم على أسـاس توزيـع السـلطة بين الحـاكم وبين مجلس الشـيوخ وكـان‬
‫أعضائها بين مجلس الشيوخ من كبــار الســن والعشــائر ولم يكن الحــاكم ليــبرم أمــراً دون الحصــول على‬
‫موافقة هذا المجلس ولم تكن السلطات السياسية في بادئ األمر تمـارس من قبـل كافـة الشـعب بـل كـانت‬
‫محصورة على فئة قليلة سميت باألشراف‪ ،‬إال أنه مع نمو الحركـة التجاريـة في هـذه المـدن ظهـرت فئـة‬
‫من العوامـ نالت قسطا ً من الثراء عرفت بالطبقة المتوسطة إستطاعت بمرور الزمن أن تقوى تفوذها وأن‬
‫تشارك في السلطة كل ذلك أدى الى وجود قناعة لدى أهالي تلــك المـدن بضـرورة إســناد مهـام الحكم الى‬
‫هيئات منتخبه من قبل أفراد الشعب‪.‬‬

‫وقد شهدت بالد ما بين النهرين وجود ديمقراطية أكثر نظاما ً نيجة إلتساع رقعتها وتجزئة مدنها‪ ،‬وقد‬
‫عرفت نظام حكم أقرب الى الحكم الجمهوري‪ ،‬وكانت تتمركز السلطة السياسية في هذه المدن في مجلس‬
‫شعبي أعضائه مؤلفون من كافــة المواطــنين الــذكور األحــرار‪ ،‬ويعقــد المجلس اجتماعــه بصــورة يوميــة‬
‫يشرف عليها الشيوخ من كبار السن وقياداتهم‪ ،‬وقد أطلق البعض على الديمقراطية القائمــة بتلــك المــدن‬
‫الديمقراطية البدائية إال أن هذه الديمقراطية كـان يعيبهـا البطئ من إتخـاذ القـرار األمـر الـذي كـان ينـذر‬
‫يعواقب وخيمة‪.‬‬

‫أما لو انتقلنا الى المدن األغريقية لو جدنا أناه تعتبر مهد لألنظمة الديمقراطية الحديث من حيث الفكر‬
‫والتنظيم السليم والتطبيق‪ ،‬والتي جعلت من أثينا نموذجا ً مثالياً‪.‬‬

‫وإذا بحثنا عن أصل كلمة الديمقراطية (‪ )Democracy‬لوجدنا اغريقيا ً بحسب األصــل‪ ،‬حيث يتكــون‬
‫من مقطعين هما (‪ )Demos‬وتعني الشعب‪ )Kartes( ،‬وتعني الســلطة‪ ،‬ويتضــح من هــذه المقطعين أن‬
‫الديمقراطية عند اإلغريق تعني سلطة الشــعب او مشــاركته في الحكم أو هي حكم الشــعب نفســه بنفســه‪،‬‬
‫وقد استطاع اإلغريق أن يخرجو الديمقراطية من نطاقها الضيق الى والواقــع العملي في القـرن الســادس‬
‫قبل الميالد‪ ،‬ومن خالل قانون صولون‪.‬‬

‫وعندما جاء اإلسالم‪ ،‬حمل للعلم مبادئ ساميه خالــده في مختلــف جــوانب الحيــاة‪ ،‬وقــد حظي الجــانب‬
‫السياسي بنصيب وافر من هذه المبادئ ومن أبرزها مبــدأ الشــورى بإعتبــاره واحــداً من أســمى المبــادئ‬

‫‪52‬‬
‫التي يبنى عليها نظام الحكم في اإلسالم‪ ،‬حيث نزلت بإسمه سورة في القرآن الكريم‪ ،‬كما كان النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم وصحابته الكرام القدورة الحسـنة في اتبـاع هـذا المنهج الربـاني‪ ،‬وقـد قـرر اإلسـالم حـق‬
‫المشاركة في الحياة السياسية لكل فرد من أفــراد األمــة‪ .‬فمن حــق كــل فــرد أن يعلم بمــا يجــري في حيــاة‬
‫األمة‪ ،‬وعليه أن يسهم فيها بقدر ما تتيح له مواهبه وقدراته‪.‬‬

‫إن اإلســالم قــد أرســى دعــائم الحكمـ على أســاس من الشــورى والحريــة السياســية لجميــع المســلمين‬
‫وجعلها قاعدة من القواعد التي يرتكز عليها‪ ،‬حيث يقول هللا عــز وجــل في القــرآن الكــريم "وشــارهم في‬
‫األمر"‪ .‬وفي ذلك يقول عبدهللا بن عباس رضي هللا عنه‪ ،‬لما نزلت هذه اآليــة قــال النــبي صــلى هللا عليــه‬
‫وسلم‪ :‬أن هللا ورسوله لغنيّــان عنهــا ولكن جعلهــا رحمــة ألمــتي فمن إستشــار منهم لم يعــدم رشــده ومن‬
‫تركها لم يعدم غيّا‪.‬‬

‫ومن األدلــة أيض ـا ً على ذلــك قولــه تعــالي‪" :‬ولتكن منكم أمــة يــدعون الى الخــير ويــأمرن بــالمروف‬
‫وينهون عن المنكر وألئك هم المفلحون"(‪.)64‬‬

‫حيث فســر على أنــه يجب على األمــة اإلســالمية أن تقيم هيئــة يتم اختيــار أعضــائها من بين أفــراد‬
‫المجتمع اإلسالمي ليلقي على عاتقهم مهام إدارة شؤون المجتمع نيابة عن األمة‪.‬‬

‫ونأخذ في هذا الجانب رأي الشيخ محمد عبده‪ .‬حيث يقول أن األمـر الـوارد في هـذه اآليـة يعـد بمثابـة‬
‫تكليف على األمة بإنتخاب هيئة تقوم بما فرضته اآلية الكريمة‪ ،‬ويرى فضيلته أن إقامة هــذه الهيئــة يعــد‬
‫من قبيل الواجب العيني الذي يوجب تكليف كل شــخص قــادر عليــه وإال أثم تاركــه ‪ ،‬ومن ثم يعــترف هــذا‬
‫النص للجماعة أو الهيئة التي تنوب عن األمة في تيسير شؤونها بأن تصدر أوامر ملزمة لبقيــة أعضــاء‬
‫األمة وفي ذلك إجازة للحكم النيابي في اإلسالم‪.‬‬

‫أما األدلة من السنة النبوية المطهـرة‪ ،‬تؤكـد على وجـود التمثيـل النيـابي فيهـا‪ ،‬ويمكن ذلـك من خالل‬
‫بيان مايلي‪:‬‬

‫‪ .1‬قوله صلى هللا عليه وسلم حينماسئل عن األمور التي لم يرد بشأنها نص قطعي في الكتاب‬
‫أو السنة فقال‪ " :‬أجمعوا له العالمين فأجعلوه شورى ببينكم"‪ ،‬ومعنى ذلك أن الرسول صلى هللا‬
‫عليه وسلم قد أقر نيابة العلماء عن األمة في إدارة شؤون الحكم‪.‬‬

‫‪ .2‬قوله صلى هللا عليه وسلم لألنصار الذين قاموا بمبايعته في العقبة أخرجوا ال ّي أثنى عشر‬
‫رجالً منكم يكونوا كفالء عن قومهم"‪.‬‬

‫‪ ) (64‬سورة آل عمران ‪ ،‬اآلية ‪. 104‬‬

‫‪53‬‬
‫وهو األمر الذي يستدل منه على أن الرسول صلى هللا عليه وسلم أقر التمثيل النيابي والتمثيل النسبي‬
‫وذلك حينما أوجب إخراج ثالثة لتمثيل الخزرج وتسعمة لتمثيل األوس ‪ ،‬وهو األمر الذي كان مراعيا ً فيه‬
‫نسبة اإلثنين من السكان‪.‬‬

‫أما اإلدلة من اإلجتماع ‪ ،‬فقد أجمع فقهاء المسلمين على ضرورة اللجــوء في إســناد الســلطة الى ولي‬
‫األمر عن طريق البيعة التي تتم بواسطة أهل الحل والعقد الذين ينوبون عن األمة في هذه المبايعــة‪ ،‬كمــا‬
‫يجوز لهؤالء الممثلين أن ينيب بعضهم بعضا ً لمبايعة شخص مــا ليتــولى أمــرهم‪ ،‬وهــذا يعــني أن إختيــار‬
‫هذا الشخص البد وأن يقع على عاتق األمة ذاتها وليس ثمة بديل عنــه هـذا اإلختيـار إال باإلنتخــاب الـذي‬
‫اتخذ بشكل البيعة في ذلك الوقت‪ .‬فهو عند الفقهاء حق اإلختيار ‪ ،‬وهذا اإلنتخاب قد يكون مباشراً‪ ،‬ونجــد‬
‫له سنداً في قول اإلمــام الــرازي‪" :‬إذا وقعت واقعــة إجتمعــوا وتشــاروا فـأثنى هللا عليهم‪ ،‬أي ال ينفــردون‬
‫برأي بل ما لم يجتمعوا عليه ليعزمون عليه(‪.)65‬‬

‫ويقول بن قدامة المقدســي صــاحب المغـن ّى‪" :‬من إتفـق المسـلمون على إمامتـه وبيعتـه ثبتت إمامتـه‬
‫ووجبت معونته‪ ،‬وكل هذا يستند على مبدأ الشورى الذي جــاء بصــيغة عامــة شــملت جميــع المســلمين ــ‬
‫وأيضا ً على مبدأ مسؤولية الجماعة عن تنفيذ إدارة شؤونها وفق أحكام الشرع‪ .‬فهذه المسؤولية تقتضي‬
‫أن يكون السلطان من حق الجماعة نفسها لتستعين به على ما هو مسؤوالً عنه وهو تنفيذ أحكامـ الشــرع‬
‫وإدارة شؤونها وفق األحكام‪.‬‬

‫واإلنتخاب غير المباشر نجد له سنداً في قول إبن خلدون في مقدمته‪" :‬وإذا تقرر أن هــذا المنصــب ــ‬
‫أي اإلمامة والخالفة ـــ واجب باإلجمـاع فهــو من فـروض الكفايــة وراجـع إلى إختيــار أهـل الحــل والعقــد‬
‫فيتعيّن عليهم نصبه ويجب على الخلق طاعته"‪.‬‬

‫ويقول الماوردي في كتاب األحكام السلطانية‪" :‬واألمانة تنعقد بوجهين إحــداهما بإختيــاره أهــل الحــل‬
‫والعقد‪ ،‬والثاني بعهد اإلمام من قبله ــ والسوابق التاريخية تؤيد هذا ــ فقــد تم إختيــار الخلفــاء الراشــدين‬
‫من قبل طائفة األمة اإلسالمية‪ ،‬وهم أهل المدينة او أهل الحــل والعقــد‪ ،‬ولم ينتخبهم جميــع المســلمين في‬
‫جميع المدن اإلسالمية(‪.)66‬‬

‫رأينا في الموضــوع‪ .‬يتضــح ممــا ســبق أن هنــاك تشــابه كبــير بين البيعــة في النظــام اإلســالمي وبين‬
‫اإلنتخاب في النظام الحديث‪ ،‬حيث نرى أن أهل الحل والعقـد في اإلسـالم كــانوا منتخــبين إنتخابـا ً ضـمنياً‪،‬‬
‫وذلك حينما سمح النبي صلى هللا عليه وسلم لزعماء القبائل أن يمثلوا جماعتهم القبيلية‪ ،‬حيث كان يغلب‬
‫على المجتمع من ذلك الوقت الطابع القبلي‪.‬‬

‫‪ ) (65‬ابومحمد ابن عبدهللا ابن قدامة‪ ،‬المغني‪،‬ج‪ ،8‬مكتبة الجمهورية العربية ومكتبة الكليات األزهرية بمصر‪ ،‬بدون سنة طبع‪ ،‬ص ‪.106‬‬
‫‪ ) (66‬ابو الحسن الماوردي‪ ،‬األحكام السلطانية والواليات الدينية‪ ،‬مكتبة مصطفى الحلبي‪ ،‬القاهرة‪ ،1966 ،‬ص ‪.6‬‬

‫‪54‬‬
‫ولقد جاء اإلسالم بقواعد كلية وليست تفصيلية إتخذها أساسـا ً لنظــام الحكم‪ ،‬فلم يلــزم الرعيــة باألخــذ‬
‫بنظام معين او يحدد طريقة معينة إلختيار الحكام‪ ،‬وإنما تــرك لألمــة الحريــة في إتبــاع مــا يــروق لهم من‬
‫أساليب تكون موائمة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية حق الترشح‬

‫فقد اختلفت آراء الفقهاء حول هذا الحق بين مــانع ومجــيز‪ ،‬والمــانعون يســتندوا الى أدلــة في القــرآن‬
‫الكريم والسنة النبوية الشريفة ‪ ،‬منها قوله تعالى‪:‬‬

‫"فال تزكوا أنفسكمـ هو أعلم بمن إتقى"(‪ .)67‬والداللة من هذه اآلية الكريمة لدى الممــانعون بــأن اآليــة‬
‫هي من تختار ال من يزكى ويقدم نفسه‬

‫وما راوه عبــدالرحمن بن ســمرة رضــى هللا عنــه قــال‪ :‬قــال رســول هللا صــلى هللا عليــه وســلم‪ " :‬يــا‬
‫عبدالرحمن ال تسأل اإلمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مســألة أعنت‬
‫عليها"‪ .‬وما رواه أبو موسى األشعري رضي هللا عنه قال‪" :‬دخلت على النبي صلى هللا عليــه وســلم أنــا‬
‫ورجالن من بني عمي ‪ ،‬فقال أحد الرجلين‪ :‬يا رسول هللا أمرنا على بعض ما والك هللا عــز وجــل‪ ،‬وقــال‬
‫آلخر مثل ذلك‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليــه وســلم‪ :‬أنــا وهللا ال نــول ّي هـذا العمــل أحــداً ســأله وال أحــداً‬
‫حرص عليه"(‪.)68‬‬

‫في حين نجد أن األكثرية يجيزون حق الترشيح وال يوافقون اإلتجاه السابق‪ ،‬ألن اآليــة محمولــة على‬
‫التزكية الدينية وحدها‪ .‬والممننع في األحاديث مقصود بها النهي عن التهافت والتكالب على السلطة‪ ،‬كما‬
‫أنهم أيدوا وجهة نظرهم بعدة أدلة‪ ،‬منها ما جاء في القرآن الكريم على لسان سيدنا يوسف عليــه الســالم‬
‫لعزيز مصر في قوله تعالى‪" :‬قال اجعلني على خزائن األرض إني حفيظٌ عليم"(‪.)69‬‬

‫وما جاء على لسان سيدنا ســليمان عليــه الســالم‪" :‬وهب لي ملكـا ً ال ينغي ألحـ ٍد من بعــدي"(‪ .)70‬وأن‬
‫رســول هللا صــلى هللا عليــه وســلم ‪ :‬لم ينــه أبــا ذر من طلب الواليــة‪ ،‬ففي الحــديث المشــهور عن أبي ذر‬
‫رضي هللا عنه قال‪" :‬قلت يا رسول هللا أال تستعملني‪ ،‬فقــال‪ :‬فضــرب على منكــب ّي ‪ ،‬ثم قــال‪ " :‬يــا أبــا ذر‬
‫إنك ضعيف وأنها أمانة وأنها يوم القيامة خزي وندامة إال من أخذها بحقها وأدى الــذي عليهــا"‪ .‬وأيضـا ً‬
‫ما أخرجه أبو داود عن أبي هريرة أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قــال‪" :‬في طلب قضــاء المســلمين‬
‫حتى ناله ثم غلب عدله جوره فله الجنة‪ ،‬ومن غلب جوره عدله فله النار"‪ ،‬كمــا أن العبــاس وابن عمــر‬

‫‪ ) (67‬سورة النجم ‪ ،‬اآلية ‪.32‬‬


‫‪ ) (68‬روي الح‪$$‬ديثين البخ‪$$‬اري‪ ،‬كت‪$$‬اب اإلحك‪$$‬ام في أص‪$$‬ول األحك‪$$‬ام‪ ،‬لإلم‪$$‬ام علي بن محم‪$$‬د األم‪$$‬دي‪ ،‬ج‪ ،9‬تص‪$$‬وير دار الكتب العلمي‪$$‬ة‪ ،‬ب‪$$‬يروت ‪،‬‬
‫‪1983‬م‪ ،‬ص‪ 79‬ــ ‪80‬‬
‫‪ ) (69‬سورة يوسف ‪ ،‬اآليه ‪.55‬‬
‫‪ ) (70‬سورة ص ‪ ،‬االية ‪.35‬‬

‫‪55‬‬
‫تمنيا اإلمارة في إحــدى معــارك خيــبر ‪ ،‬وعلي رضــي هللا عنــه طلب الخالفــة تلميحـا ً وتصــريحا ً فلم يحتج‬
‫عليه أحد بهذه األحاديث التي قال بها المانعون(‪.)71‬‬

‫وهذا اإلختالف بين العلماء لــه داللــة واضــحة في أن الشــريعة اإلســالمية لم تهمــل حــق الترشــيح بــل‬
‫أعطته من العناية ما يستحقه‪ ،‬والشك أن رأي الجمهور أو األكثرية له وجاهته‪ ،‬ألن األدلــة إذا تعارضــت‬
‫سقط اإلستدالل بها وعاد األمر الى طبيعته وهو اإلباحــة ـــ فال واجب وال محظــور ـــ فمن يجــد في نفســه‬
‫كفاءة وكان قد أستوفى الشروط المتطلبة في الحــاكم أو في عضــو مجلس الشــورى أو أي من المجــالس‬
‫النيابية‪ ،‬فله أن يرشح نفسه ما دام يبغي المصلحة العامة ويبتعد عن التكاليف ويتجنب اإلفتتات على من‬
‫هو أولى منه‪ ،‬ويؤيد ما أتجه إليه رأي الجمهور‪.‬‬

‫وفي هــذا الصــدد قــول المــاوردي في األمانــة‪" :‬ليس طلب اإلمامــة مكروه ـا ً فقــد تنــازع فيهــا أهــل‬
‫الشورى"‪ ،‬فما رد عنها طالب وال منع منها راغب‪ ،‬وأختالف الفقهاء فيها يقطع به تنازعهما مع تكــافؤ‬
‫أحوالها ‪ ،‬فقالت طائفة يقرع بينهما ويقدم من قرع بينهما‪ .‬وقولــه في القضــاء‪ " :‬إن كــان طلب القاضــي‬
‫لحاجته الى رزق المســتحق في بيت المـال كــان طلبـه مباحـا ً ‪ ،‬وإن كـان طلب القاضــي لحاجتــه الى رزق‬
‫القضاء المستحق في بيت المال كان طلبه مباحاً‪ ،‬وان كان لرغبة في إقامة الحق وخوفه أن يتعــرض لــه‬
‫غير مستحق كان طلبه مسـتجباً‪ ،‬فـإن قصـد بطلبـه المباهـاة والمنزلـة فقـد اختلـف في كالراهيـة ذلـك في‬
‫اإلتفاق على جوازه(‪.)72‬‬

‫وبذلك فقد أكد أكبر فيلسوف في السلف الصالح من علماء المسلمين مقــرراً بصــريح العبــارة أن طلب‬
‫اإلمامة والقضاء ليس فيه أدنى شك وال غبار عليه وهمــا أعلى منصــبين في الدولــة ‪ ،‬فمن بــاب أولى أن‬
‫يكون الطلب في غيرهما أولى وأحق‪ ،‬بل أنه يصرح بجواز الطلب حتى ولو كان طمعا ً في مال أو جاه ‪.‬‬

‫ان الحقوق السياسية في اإلسالم ــ كأي نوع آخر من الحقوق ــ وظائف اجتماعية يغلب عليها عنصر‬
‫التكليف والمشؤولية اإليجابية‪ ،‬وذلك ألنهــا كغيرهــا من وســائل موجبــه لخدمــة اإلمــام الــذي يهيمن على‬
‫الجماعة‪ ،‬ولذلك تسمى واجبات ال حقوق‪.‬‬

‫وهذه الواجبات أو الحقوق تختلف اختالفا ً كبيراً عن الحقوق السياسية في القانون الحديث‪ .‬فــالحقوق‬
‫السياســية في النظم الحديثــة ال تعــدوا أن تكــون مســاهمة في أغلبيــة معينــة أي كصــوت من األصــوات‬
‫ويخضع فيها لقرار تصدره األغلبية‪ ،‬وهذا هو الشأن بالنسبة لحق اإلنتخاب‪ ،‬فالفرد يدلي بصوته كعضــو‬
‫أو رقم في هيئة الناخبين‪ ،‬وكذلك بالنسبة إلشتراكه في المجــالس واللجــان والتشــكيالت المختلفــة اليزيــد‬
‫دوره على أن يكون صوتا ً في قرار جماعي‪.‬‬
‫‪ ) (71‬د‪ .‬عبدالحميد اسماعيل األنصاري‪ ،‬الشورى وأثرها في الديمقراطية (دراسة مقارنة) الطبعة الثانية‪ ،‬المكتب العصرية‪ ،‬بيروت‪ ،1980 ،‬ص‬
‫‪487‬‬
‫‪ ) (72‬ابو الحسن الماوردي ‪ ،‬األحكام السلطانية (المحقق أحمد مبارك البغدادي ) مكتبة دار ابن قتيبه ‪ ،‬الكويت‪ ، 1989 ،‬ص ‪.74 ، 7‬‬

‫‪56‬‬
‫والســبب في ذلــك؛ أن النظم العصــرية تســتند الى اإلدارة العامــة أو الجماعــة ولم يعتــد المشــرعون‬
‫الوضعيّون لطريقة لتكوينها سوى اإلنتخاب العام‪ .‬ويسهل جداً في هــذه الظــروف أن يتســلط ذوي النفــوذ‬
‫على بطانتهم ‪ ،‬كما أن عضو المنظمة يخضع ــ حتما ً ــ للعناصر الموجهــة في كــل تشــكيل من التشــكيالت‬
‫التي يساهم فيها‪ .‬ففي اإلنتخابات العامة ال يكون صوت الناخب حراً تماماً‪ ،‬ألنــه إذا كــان منضــما ً لحــزب‬
‫من األحزاب ــ كما هو مفروض في البالد الليبرالية ـــ أو مقيّــداً كعضــو في التنظيم الشــعبي العــام ‪ ،‬فإنــه‬
‫يتقيّد في أداء صوته بإتجاهات المسيطرين على الحزب‪.‬‬

‫أو التنظيم الذي ينتمي إليه والذين يضعون برامجهم التي تختلف من وقت آلخر حسب الظروف‪،‬‬
‫وإال كان نشازاً شارداً ال ينتمي إلى إتجـاه عـام محـدد‪ ،‬فهـو كـالغريب في الحيـاة السياسـية‪ ،‬وهـو أمـ ًر ال‬
‫يتيسر في التنظيمات السياسية‪.‬‬

‫كذلك الحال في عضـوية المجـالس الشـعبية واللجـان‪ ،‬فال يتـأتى أن يكـون العضـو ممثالً لنفسـه فقـط‬
‫نسيج وحده في آراءه ‪ ،‬بل البد أن يساير إتجاها ً عاما ً محدداً من اإلتجاهات الســائدة‪ .‬وعنــد ذلــك البــد أن‬
‫يخضع للدراسة الموجهة لحزب أو تنظيم معيّن ــ وهي الغالب ــ تكون لفرد واحد أو لعدد قابل من األفراد‬
‫والتكون له بعد ذلك أي وسائل إيجابية أخرى يمارس بها حقوقا ً فوق ذلك‪.‬‬

‫أما النظام اإلسالمي فيستطيع الفرد العادي أن يستقل تماما ً بنفسه وكيانــه ألنــه ينتمي إلى حــزب هللا ‪،‬‬
‫واليشترط تبعيته ألحد في ممارسته لنشاطه السياسي‪.‬‬

‫وذلك بسبب أن الفرد في اٍإل سالم مخاطب خطابا ً مباشراً من الشراع بتكليفه برعاية الصالح العام‪ ،‬كما‬
‫أن السياسة العامة والمبــادئ العليــا ظــاهرةً بــذاتها ومحــددة التتغــير وال تحتــاج لعمــل تــوجيهي آخــر من‬
‫المهيمنين على حزب أو تنظيم‪ ،‬والرأي العام ثابت على هذه السياسة‪ .‬ومن ثم فإن الفــرد يتلقى تعليماتــه‬
‫وتوجيهاته في هذا النظام من هللا‪ ،‬أي من النظام نفســه‪ ،‬وليس من المســيطرين عليــه‪ ،‬وصــوته في ذلــك‬
‫مساوي لصوت أعلى درجات القيادة في المجتمع‪ .‬فالفرد ال يكون أبــداً نشــازاً أو شــارداً مــا دام يعــبر عن‬
‫المقاصــد الشــرعي‪ ،‬فــالحق واحــد يجمــع األمــة واليكــون شــاذاً‪ ،‬حيث ال نص إال إذا خــالف الجماعــة في‬
‫اجتهادها‪ ،‬وهذا هو سبب أصالة الحرية والمساواة في اإلسالم‪.‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬حق تولي الوظائف العامة في الدولة‬

‫والمقصود بذلك هو المساواة أمام الوظــائف العامــة‪ ،‬ويعــني هــذا المبــدأ عنــد القــانونيين أن يتســاوى‬
‫جميع المواطنين في تولي الوظــائف العامــة‪ ،‬وأن يعــاملوا نفس المعاملــة من حيث المــؤهالت والشــروط‬

‫‪57‬‬
‫المطلوبــة قانونـا ً لكــل وظيفــة‪ ،‬ومن حيث المزايــا والحقــوق والواجبــات والمرتبــات والمكافــآت المحــددة‬
‫لها(‪.)73‬‬

‫أما في اإلسالم فقد ساوى بين الجميع في حق تولي الوظائف العامة‪ ،‬فال يقبل المحاباة‪ ،‬وال يقر تمييز‬
‫فئة على فئه أو طائفة على أخرى‪ ،‬فيتساوى الجميع في حق تولي الوظائف العامة وفق ـا ً للعلم والكفــاءة‪،‬‬
‫وليس بحسب النسب أو القدرة أو القرابة أو أي سبب آخر غير موضوعي‪ ،‬وبذلك فالمقصــود بالمســاواة‬
‫أمام الوظائف العامة هو‪" :‬أال تتميّز فئــة من المواطــنين على غيرهــا في تقلــد الوظــائف العامــة"‪ ،‬وهي‬
‫مساواة مشروطة بتوافر الشروط القانونية الالزمة لذلك(‪.)74‬‬

‫فاألصل في تـولي الوظـائف العامـة هـو الكفـاءة والمقـدرة‪ ،‬أي الصـالحية لتـولي الوظيفـة مـع تـوافر‬
‫الشروط القانونية‪ ،‬وذلك إعماالً لقول الرسول صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬

‫"من استعمل رجالً في مسألة وهو يعلم بوجود من هو أفضل منه فقد خان هللا ورسوله والمؤمنين"‪.‬‬
‫وهو ما جعل اإلمام إبن تيمية الى القول بأن‪" :‬من قلّد رجالً لرشوة أو لمنفعة أو صــدقة أو لموافقتــه في‬
‫بلد أو مذنب أو طريقة أو جنس أو يبعده عن آهليته للوظيفة لعداوة بينما أو لحق في نفسه يعد خائنــا ً هلل‬
‫ولرسوله"(‪.)75‬‬

‫والوظائف العامة في النظام اإلسالمي قليلة جداً في األصل‪ ،‬ألن الكيان الفردي هو الذي باشــر الحيــاة‬
‫العامة مستعمالً حقوقه كوظائف إجتماعية لتحقق الصالح العام‪ ،‬ولما كانت الوظــائف العامــة في اإلســالم‬
‫شديدة ودقيقة‪ ،‬كما أن الفرد اليتمتع في اإلسالم بحق مطلق في المساواة العامة في تولي هذه الوظائف‪.‬‬

‫بالرغم من أن كثيراً من وظائف األمة في العصر الحــديث يصــل إليهــا مجموعــة من المنــافقين ســواء‬
‫بالمحابــاة او المجاملــة أو الرشــوة‪ ،‬دون أن يكونــوا أهالً لتــولي هــذه الوظــائف ـــ فــأن األمــر في النظــام‬
‫اإلسالمي جد مختلف بإعتباره نظاما ً مذهبيا ً ال يتأتى إسناد الوظائف العامة فيه إال ألهل العقيدة‪ ،‬فال تسند‬
‫أمور الناس فيه لممغوص بالنفاق أو لفاسق ‪ ،‬بل تسند لثقة وإطمئنان ــ‪ ،‬وقد حذرنا رسول هللا صــلى هللا‬
‫عليه وسلم في هذا الصدد بقوله" "إذا ضيعت األمانة فإنتظر الســاعة‪ ،‬قيــل‪ :‬وكيــف إضــاعتها؟ قــال‪ :‬إذا‬
‫وسد األمر ــ أي سند األمر ــ إلى غير أهله فإنتظر الساعة"(‪.)76‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الضمانات والمبادئ العامة لممارسة الحقوق السياسية في اإلسالم‬

‫‪ ) (73‬د‪ .‬ثروت بدوي‪ ،‬النظم السياسية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.440‬‬


‫‪ ) (74‬د‪ .‬عدنان خليل عثمان‪ ،‬الديمقراطية اإلسالمية‪ ،‬المكتب الفني للنشر ‪ ،‬القاهرة‪1985 ،‬م‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ ) (75‬ابن تيمية ‪ ،‬السياسة الشرعية في اصالح الراعي والرعية‪ ،‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية السعودية‪ ،‬دار علوم القران‪،‬دمشق‪1418 ،‬هـ‬
‫‪ ،‬ص‪. 4‬‬
‫‪76‬‬
‫‪ .‬ابن تيمية ‪ ،‬السياسة الشرعية في اصالح الراعي والرعية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪( ) 4‬‬

‫‪58‬‬
‫لقد كــان لإلســالم أثــره في الحضــارة المعاصــرة وفضــله على البشــرية في بنــاء الكثــير من األفكــار‬
‫الديمقراطيــة واإلشــتراكية‪ ،‬وســبقه في إرســاء أســس الحريــة قبــل أن تعرفهــا أو تفكــر فيهــا الشــعوب‬
‫األوروبية بمئات السنين‪ .‬وقد جاء اإلســالم في الميــدان الدســتوري (أو ميــدان شــؤون الحكم) بضــمانات‬
‫ومبــادئ عامــة هي‪ :‬الشــورى‪ ،‬العدالــة‪ ،‬المســاواة ‪ ،‬الحريــة‪ ،‬ومســؤولية الحــاكم‪ ،‬ويمكن بيــان ذلــك في‬
‫عنصرين‪:‬‬

‫العنصر األول‪ :‬الضمانات الديمقراطية‬

‫مثّل مؤلف األحكام السلطانية للماوردي محاولة فكرية من منظور إسالمي لمفهوم الســلطة السياســية‬
‫الشــرعية وأدبياتهــا وحــدوها وشــروطها‪ .‬وهي بــذلك تتقــارب من حيث التنزيــل والتوصــيف والتأويــل‬
‫لمحاوالت المفكرين األغريق عن الديمقراطية وشروطها‪.‬‬

‫وإذا كان الفكر السياسي اإلسالمي يأخذ بمصطلح " الشورى" فإنه يتقارب إلى حــد بعيــد مــع مفهــوم‬
‫الديمقراطية عند الفكر الغربي‪ .‬وقــد حــاول الفكــر اإلســالمي السياســي وضــع األدبيــات والضــمانات الــتي‬
‫تكــون ســببا ً للحكم الرشــيد والعــادل من خالل إعتمــاد مبــدأ الشــورى ومبــدأ العدالــة الــذي يلقى في الفكــر‬
‫اإلسالمي أهمية بالغة ضمانا ً للحقوق الشرعية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مبدأ الشورى‬

‫صن المسلمين جميعا ً على الشورى في كل أمر يحز بهم‪ ،‬ممــا هـو في مجـال المشـاورة‪،‬‬
‫إن اإلسالم ح ّ‬
‫وألزم اإلسالم رئيس الدولة بمبدأ الشورى‪ ،‬يعتمد عليه في تصريف أمــور الدولــة‪ ،‬واليحيــد عنــه‪ ،‬وممــا‬
‫هو جدير بالمالحظة في هذا الصدد‪ ،‬أن اإلسالم قرر هذا المبدأ في فترة كان العالم فيها غارقا ً في ديــاجير‬
‫الجهالة واإلستبداد السياسي الذي يتسم بطغيان القوى وجور الحكام‪ ،‬فقد كان الناس أبان ذلــك يعتــبرون‬
‫حكامهم آلهة أو أنصاف آله ‪ ،‬أو أنهم على األقل كانوا ينظــرون الى أعمــالهم على أنهــا مقدســة ال يجــوز‬
‫نقدها أو الخروج عنها‪ ،‬فلم يكن من حق الشعوب أن تشارك بالنقد في إبداء الــرأي في حكم نفســها‪ ،‬هــذا‬
‫باإلضافة الى نظرة اإلحتقار واإلزدراء التي كان ينظر بها الحكامـ الى شعوبهمـ(‪.)77‬‬

‫فقد جاءت الشريعة اإلسالمية من يوم نزولها بنظرية تقييد سلطة الحــاكم‪ ،‬فكــانت أول شــريعة ذقيّــدت‬
‫ســلطة الحكــام‪ ،‬وحــرمتهم حريــة التصــرف ‪ ،‬وألــزمتهم أن يحكومــواـ في حــدود معينــة‪ ،‬ليس لهم ان‬
‫يتجاوزوها وجعلتهم مسؤولين عن عدوانهمـ وأخطائهم(‪.)78‬‬

‫‪ ) (77‬د‪ .‬عبدالكريم عثمان ‪ ،‬النظام السياس‪$$‬ي في اإلس‪$$‬الم‪ ،‬الطبع‪$$‬ة األولى‪ ،‬دار اإلرش‪$$‬اد‪ ،‬ب‪$$‬يروت‪ ،1986 ، $‬ص ‪ ،29‬وايض‪$‬اً‪ :‬األس‪$$‬تاذ عب‪$$‬دالقادر‬
‫عوده‪ ،‬التشريع الجنائي اإلسالمي مقارن‪$‬ا ً بالق‪$$‬انون الوض‪$$‬عي‪ ،‬الطبع‪$$‬ة األولى‪ ،‬مطبع‪$$‬ة دار الك‪$$‬اتب الع‪$$‬ربي‪ ،‬ب‪$$‬يروت‪ 1368 ،‬هـ ـ ‪ 1949‬م ‪ ،‬ص‬
‫‪. 41‬‬
‫‪ ) (78‬أ‪ .‬عبدالقادر عوده‪ ،‬التشريع الجنائي اإلسالمي مقارنا ً بالقانون الوضعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪41‬ــ ‪. 42‬‬

‫‪59‬‬
‫فاإلسالم إذن له فضل السبق في تقرير هذا المبدأ العظيم من مبــادئ نظــام الحكم‪ ،‬بحيث مهــد الطريــق‬
‫أمام اإلنسانية كلها منذ القرن السابع الميالدي بأن تسير على هذا الدرب‪ ،‬وتسلك الطريق المأمونة الــتي‬
‫تحول دون طغيان الحكام أو إستبداد الشعوب‪.‬‬

‫فالشورى الزمةٌ من لوازم المجتمع اإلسالمي وسمة من ســماته وهي دعامــة من الــدعائم الــتي يقــوم‬
‫عليها نظام الحكمـ فيه(‪ .)79‬وإعمال مبدأ الشورى يقتضي قبــل أن يقــوم ولي األمــر على أي عمــل أو إنفــاذ‬
‫أي تصريف معتبر في حق األمة اإلسالمية‪ ،‬أن يستشيرهم فيما هــو مقــدم عليــه تنفيــذاً للنص الــوارد في‬
‫القرآن الكريم‪" :‬وشاورهم في األمــر" ‪ ،‬ودليـل إهتمـام النظــام اإلسـالمي بهــذا المبــدأ ورفعـه الى درجــة‬
‫سامية أنه‪ :‬إعتبر أن الشورى دعامة من دعائم اإليمان وصفة من الصفات المميّزة للمسـلمين سـوى هللا‬
‫بينها وبين الصالة واإلنفاق في قوله تعالى‪" :‬والذين إستجابوا لــربهم وأقــاموا الصــالة وأمــرهم شــورى‬
‫بينهم ومما رزقنهم ينفقون"(‪ ، )80‬فجعل اإلستجابة هلل نتائج بين لنا أبرزها وهي إقامة الصالة والشورى‬
‫واإلنفاق‪.‬‬

‫فطبيعة نظام الحكمـ الذي يقره اإلسالم أن يكون نظاما ً شورياً‪ ،‬فالشورى تعتبر بمثابة حجر الزاوية في‬
‫بناء الدولة اإلسالمية وتؤكدها اآليتان اللتان ورد فيها النص صريحا ً على وجــوب إتبــاع مبــدأ الشــورى‪،‬‬
‫ففي اآلية األولى‪:‬‬

‫يقول هللا تعالى‪" :‬فبما رحمة من هللا لنت لهم‪ ،‬ولو كنت فضا غليــظ القلب النفضــوا من حولــك فــأعف‬
‫عنهم وأستعفر لهم وشاورهم في األمر فإذا عزمت فتوكل على هللا إن هللا يحب المتوكلين"(‪.)81‬‬

‫وفي اآلية الثانية‪ ،‬قوله تعالى‪" :‬والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصالة وأمرهم شــورى بينهم وممــا‬
‫رزقناهم ينفقون"(‪.)82‬‬

‫ومن ثم اعتبرت الشورى من المسائل التوفيقية الــتي تعتــبر مبــدأ أساســيا ً في الحكم اإلســالمي ألنهــا‬
‫نثري الفكر اإلسالمي بإعمال العقل واإلجتهاد فيما يتعلق بأمور الدنيا ما لم يتعارض مع أحكامـ هللا تعالى‬
‫وأقوال وأفعال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫وقد تأكدت حجية مبدأ الشورى بإعتباره من أهم المبادئ الدستورية‪ ،‬التي يقوم عليها نظام الحكمـ في‬
‫اإلسالم بأدلة قاطعة في القرآن الكريم والسنة‪ ،‬فقد تأكدت تلك الحجية في القرآن الكريم في قولــه تعــالى‪:‬‬
‫"وأمرهم شورى بينهم"‪ .‬وقوله تعالى مخاطبا ً الرسول‪" :‬وشاورهم في األمر"(‪.)83‬‬

‫‪ ) (79‬د‪.‬طعيمة الجرف‪ ،‬مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة للقانون‪ ،‬مكتبة القاهرة الحديثة‪ ،‬مصر‪ ،1963 ،‬ص ‪ .116‬وأيضا‪ :‬د‪ .‬مصطفى‬
‫ابو زيد فهمي‪ ،‬فن الحكم في اإلسالم ‪ ،‬المكتب المصر الحديث ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1982 ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ ) (80‬سورة آالشورى‪ ،‬اآلية ‪. 38‬‬
‫‪ ) (81‬سورة آل عمران ‪ ،‬اآلية ‪. 159‬‬
‫‪ ) (82‬سورة آالشورى‪ ،‬اآلية ‪. 38‬‬
‫‪ ) (83‬سورة آالشورى‪ ،‬اآلية ‪ ، 38‬وسورة آل عمران ‪ ،‬اآلية ‪.159‬‬

‫‪60‬‬
‫كما تأكدت تلك الحجية أيضا ً في السنة النبوية‪ :‬فيمــا روى عن الرســول صــلى هللا عليــه وســلم قولــه‪:‬‬
‫"ما ندم من إستشار‪ ،‬والخاب من إستخار"(‪ .)84‬وما روى عن أبي هريرة رضــي هللا عنــه أنــه قـــال‪" :‬لم‬
‫يكن أحـد أكثر مشورة ألصحاب من رسـول هللا(‪.)85‬‬

‫وبذلك فقد أجمع العلماء على تأكيد أن الشورى تعد واجبا ً مفروضا ً على الحكــام‪ ،‬وفــق مقدمــة علمــاء‬
‫هذا العصر في مصر ممن يرون هذا الرأي القائل‪( :‬بأن الشورى تعد واجبا ً مفروضاً) اإلمام الشيخ محمد‬
‫عبدهللا‪ ،‬واألستاذ الكبير خالف(‪.)86‬‬

‫فالشورى على هذا النحو أصل من أصول الحياة السياسية في النظام اإلســالمي فهي أوســع مــدى من‬
‫دائرة الحكم‪ ،‬أما طريقة الشورى فلم يحدد لها نظاما ً خاصا ً وتطبيقهــا مــتروك لظــروف الزمــان والمكــان‪.‬‬
‫لهذا تجد القرآن الكريم يأمر بضرورة مبدأ الشورى‪ ،‬وترك لنا هللا تعالى حرية اإلختيار لهذا المبدأ حســب‬
‫مقتضيات الظروف واألحوال‪ ،‬حتى ال يشق على المسلمين بنظام دين واحد‪ ،‬ولكن القرآن الكريم حدد من‬
‫تجب مشاروتهم بأولي األمر كقوله تعــالى‪" :‬أطيعــوا هللا والرســول وأولي األمــر منكم‪ ،‬فــإن تنــازعتم في‬
‫شيء فردوه الى هللا والرسول إن كنتم تؤمنون باهلل واليوم اآلخر ذلك خير وأحسن تأويال(‪.)87‬‬

‫وكقوله تعالى ‪" :‬وإذا جاءهم أم ٌر من األمن أو الخوف أذاعــوا بــه ولــو ردوه الى الرســول والى أولي‬
‫األمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم"(‪.)88‬‬

‫وقوله تعالى‪" :‬فسألوا أهل الذكر إن كنتم التعلمون"(‪.)89‬‬

‫ومن هذه اآليات البينات نــرى أن الشــورى أمـ ٌر واجب بين المســلمين‪ ،‬ألنهــا تفتح بــااب اإلجتهــاد في‬
‫نطاق الشريعة اإلسالمية ما لم يرد فيها نص‪.‬‬

‫وال نكــاد نجــد نظامـا ً من أنظمــة الحكم المعاصــر‪ ،‬إال وهــو يزهــو بمشــاركة الشــعب في شــؤون الحكمـ‬
‫والسياسة وبأن السلطة مســتوياتها تســتوحي قراراتهــا‪ ،‬وتســتهدف من أعمالهــا خــير الشــعب والــوطن‪،‬‬
‫وأن نظامها ديمقراطي‪ ،‬ولم يكن البعض من أنصار إقحام المصــطلحات الحديثــة على اإلســالم‪ ،‬ال لشــيء‬
‫إال ألن اإلسالم له ذاتيته المتميّزة‪ ،‬وأن هذه الذاتية قائمة قبل وجود الديمقراطيــة أو غيرهــا من المبــادئ‬
‫والقواعد ‪ ،‬ولكنهم في نفس الوقت يعرضون لمقابل هذه المبادئ في إطار النظام اإلسالمي‪ .‬فهــل للشــعب‬
‫المسلم دور في تقريرنظام حكمه؟ (‪.)90‬‬
‫‪ ) (84‬راجع تفسير القرطبي ( المسمى‪ :‬الجامع ألحكام القرآن)‪ ،‬ج‪ ، 4‬دار الكتب المصرية‪ ،‬سنة ‪1356‬هـ ـ ‪ ،1937‬ص ‪.251‬‬
‫‪ ) (85‬حديث شريف‪ ،‬رواه الترمذي‪ ،‬نقالً عن كتاب "حقيقة اإلسالم وأصول الحكم" ‪ ،‬لألستاذ المفتي الشيخ محمد بخيث المطيعي‪ ،‬طبع‪$$‬ة ‪1344‬ــ‬
‫‪1925‬م‪ ،‬ص ‪.267‬‬
‫‪ ) (86‬يراجع بحث األستاذ الشيخ جالل ‪ ،‬السلطات الثالث في اإلسالم‪ ،‬منشور بمجلة القانون واإلقتصاد ‪ ،‬ع‪$‬دد م‪$‬ارس ‪ ،1936‬ص ‪.460‬أيض‪$$‬ا‪:‬‬
‫األستاذ عبدالقادر عوده‪ ،‬في كتابه "اإلسالم وأوضاعنا السياسية‪ ،‬طبعة سنة ‪ ،1951‬ص ‪. 146 ،،145‬‬
‫‪ ) (87‬سورة النساء ‪ ،‬اآلية ‪. 59‬‬
‫‪ ) (88‬سورة النساء ‪ ،‬اآلية ‪. 83‬‬
‫‪ ) (89‬سورة الحل ‪ ،‬اآلية ‪. 43‬‬
‫‪ ) (90‬د‪.‬محمد الشحات الجندي‪ ،‬معالم النظام السياسي في اإلسالم مقارنا ً بالنظم الوضعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪64‬‬

‫‪61‬‬
‫إن بعض اإلجابة على هذا السؤوال تتضح لنا إذا علم المــرء أن هللا تعــالى قــد أمــر الرســول صــلى هللا‬
‫عليه وسلم بمشاورة أصحابه والتعرف على آرائهم وتقليب النظر فيها‪ ،‬ثم الوصول الى قراره مســتوحيا ً‬
‫هذه اآلراء مبتغيـا ً وجــه المصــلحة اإلســالمية‪ ،‬فـإذا علم المــرء هــذا أدرك أن مشـاركة الشــعب في تـدبير‬
‫شؤونه أم ٌر مقرر في النظام اإلسالمي‪.‬‬

‫وأما القول بأن هناك أمراً يقرر الشــورى‪ ،‬فــاألمر واضــح في قولــه تعــالى‪" :‬فمبــا رحمــة من هللا لنت‬
‫لهم‪ ،‬ولو كنت فضا ً غليظ القلب ألنفضوا من حولك فــأعف عنهم وأســتغفر لهم وشــاورهم في األمــر فــإذا‬
‫عزمت فتوكل على هللا إن هللا يحب المتوكلين"‪.‬‬

‫وقد جاء النص بصيغة األمر‪ ،‬داللةً على وجوب التشــاور في األمــور الدنيويــة العامــة‪ ،‬وأن الشــورى‬
‫واجبة في حق الحاكم واألمة على السواء‪ ،‬في قولــه تعــالى‪" :‬والــذين اســتجابوا لـربهم وأقــاموا الصــالة‬
‫وأمرهم شورى بينهم"‪ .‬واآلية الكريمة بعمومها دليل على أن الشورى من خصــال المنهج السياســي في‬
‫اإلسالم‪ ،‬وتمتد لتشمل عموم أمر المسلمين‪ ،‬وعموم المسلمين في جموعهم‪ ،‬وبذلك فإن الشورى تشــمل‬
‫تبادل الرأي والتفاوض حول كافة المسائل السياسية وغير السياسية من األمور الدنيوية‪ .‬ويعني ذلــك أن‬
‫الشورى في اإلسالم أعم من الديمقراطية بمعناها التقليدي‪.‬‬

‫وبنا ًء على ما تقدم يتبين أن المشاركة في صناعة القرار السياسي‪ ،‬وبيان نظام الحكم‪ ،‬منوط بالحــاكم‬
‫واألمة على السواء‪ ،‬الحاكم بإعتباره القائم على رأس األمة‪ ،‬المكلف بحفظ الدين وسياسة الدنيا‪ ،‬واألمــة‬
‫بإعتبارها صاحبة الحق والتي تبغي المصلحة من ذلك في أمر دينهــا ودنياهــا‪ ،‬وليس يضــر بعــد ذلــك في‬
‫نظر اإلسالم أن تكون هنــاك مؤسســات تنشــأ لهــذا الغــرض‪ ،‬وال أن تنظم طريقــة بلــوغ هــذا الهــدف‪ ،‬ألن‬
‫المنهج في اإلسالم يبني على الجوهر والحقيقة ‪ ،‬وليس على الشكل والظاهر‪.‬‬

‫وبذلك تتضح حتمية الشورى كأحد الضمانات الهامة للنظام السياسي اإلسالمي‪ .‬فقد حلفت النصــوص‬
‫اإلسالمية على ما سلف بيانه بالعديد من البراهين التي تؤكــد أهميــة الشــورى‪ ،‬وعظم دورهــا في الحيــاة‬
‫السياسية اإلسالمية‪ ،‬إذ أنها تبغي التعرف على رأي األمة في إدارة شـؤون الدولــة‪ ،‬عن طريـق مشــاركة‬
‫الجماعة اإلسالمية في الوصول الى ما يحقق صالح األمة في الدين والدنيا‪ .‬ووســيلة ذلــك أن يســاهم كــل‬
‫مسلم في بناء مجتمعه‪ ،‬واقتراح ما يراه من حلـول في هــذا الشـأن وعليــه أن يتقـدم بمـا يــراه من بيـدهم‬
‫مقاليد األمور إلتخاذ ما يرونه مناسبا ً من ذلك‪.‬‬

‫ولكي نتعرف على قيمة هذه المشاركة‪ ،‬وخطورة هذا اإلسهام‪ ،‬فــإن اإلســالم قــد إعتــبر أن مــا يجتمــع‬
‫عليه المسلمون هو الصواب‪ ،‬ويجب تنزيهه عن الخطأ وذلك ما يعبر عنه الرسول صلى هللا عليــه وســلم‬
‫بقوله‪" :‬ال تجتمع أمتي على ضاللة"‬

‫‪62‬‬
‫وإذا دققنا النظر في تاريخ اإلسالم وجدنا أن الرسول صلى هللا عليــه وســلم كــان أحــرض النــاس على‬
‫الشورى وتداول الرأأي بين المسلمين مع أنه بمقتضى الوحي الذي ينطق بــه عن ربــه لم يكن في حاجــة‬
‫الى مشاورتهم‪ ،‬ولكنه وجه أصحابه إليها وأشعرهم بأهميتها وأرسى لهم طريقتها‪ ،‬ليقتدوا بهــا من بعــده‬
‫ولتكون احدى الواجبات في نظام اإلسالم السياسي‪.‬‬

‫إن مقتضى ذلك أن يشارك المجتمع المسلم في صناعة القرار السياسي ألمتــه‪ ،‬وتبــدأ هــذه المشــاركة‬
‫من لحظة اختيار الحاكم‪ ،‬وتمتد لتشمل كل ما يعــني لهم من شــؤون السياســة ومعضــالتها ممــا ليس فيــه‬
‫نص أو سابقة سياسية إسالمية واإلخالل بذلك من جانب المســلم يجعلــه مقصــراً عن أداء واجبــه الــديني‬
‫المنــوط بــه‪ ،‬فليس من المســلمين من لم يهتم بــأمرهم‪ ،‬وهــذا من شــأنه تربيــة الفــرد المســلم على أمــل‬
‫الشراكة البنا ّءة في شؤون مجتمعه‪ ،‬وعلى تعميق الشعور لديه بكيانه في هذا المجتمع واإلرتقــاء بفكــره‬
‫ووعيه دائما ً للقيام بدوره في مجتمع اإلسالم(‪ .)91‬ولمـا كـانت األمـة اإلسـالمي ال تسـتطيع جميعهـا القيـام‬
‫بهذه الغاية فقد تعيّن أن تختار منها جماعة تنــوب عنهــا‪ ،‬وقــد نص القــرآن الكــريم على وجــوب ذلــك في‬
‫قوله تعالى‪:‬‬

‫"ولتكن منكم أمـــةٌ يـــدعون الى الخـــير ويـــأمرون بـــالمعروف وينهـــون عن المنكـــر وأولئـــك هم‬
‫المفلحون"(‪ .)92‬ولقد تضمن هذا النص تكليفـا ً لألمـة اإلسـالمية بإختيـار جماعـة منهـا تتـولى على سـبيل‬
‫التخصص إدارة شؤونها العامة‪ ،‬وقد عرفت هذه الجماعة بأهل الحل والعقد في عصر الخفاء الراشدين‪.‬‬

‫ولما لم يكن لهذه الجماعة قيمة حقيقية ما لم تعط قراراتهــا الــتي تصــدر عنهــا صــفة اإللــزام‪ ،‬ومــا لم‬
‫يتقرر واجب الطاعة لها من جانب الرعية‪ ،‬لذلك فقد نص القرآن الكرينم على تقرير ذلك في قوله تعالى‪:‬‬

‫"يا أيها الذين آمنوا أطيعوا هللا وأطيعــوا الرســول وإولي األمــر منكم"(‪ ،)93‬فقــد نصــت اآليــة الكريمــة‬
‫على وجوب طاعة ولي األمر ‪ ،‬ومنهم أهل الحق والعقد‪ ،‬وهم يماثلون أعضاء المجلس النيــابي المســمى‬
‫"بالبرلمان" في العصر الحديث‪.‬‬

‫ولما كان نظام اإلنتخاب هو الوسيلة العصرية إلختيار أعضاء المجــالس النيابيــة عــل اختالفأنواعهــا‪،‬‬
‫وأهمها في هذا الصدد المجلس النيابي المســمى "البرلمــان" والــذي يجمــع نخبــة من أبنــاء األمــة الــذي‬
‫ينتخب لمباشرة الوظيفة التشريعية والرقابة على الحكومــة‪ .‬وهنــا نجــد صــلة بين الشــورى الــتي تختص‬
‫لذلك أهل الرأي وبين نظام اإلنتخاب الذي يأتي بنخبة من أبناء األمة ليتولوا بعض مهام الحكم‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫‪ .‬د‪ .‬محمد الشحات ‪ ،‬الجندي ‪ ،‬معالم النظام السياسي في اإلسالم مقارنا ً بالنظم الوضيعة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ :‬ص ‪( ) 75‬‬
‫‪92‬‬
‫‪ .‬سورة آل عمران ‪ ،‬اآلية ‪( ) 104‬‬
‫‪93‬‬
‫‪ .‬سورة النساء ‪ ،‬اآلية ‪( ) 59‬‬

‫‪63‬‬
‫وهنا يثور التساؤل عما إذا كان نظام الشورى يتضــمن األخـذ بنظـام اإلنتخـاب أم أنــه اليتضــمن ذلـك؟‬
‫ويوجد إتجاهان في هذا الصدد‪ :‬إال أن الرأي الراجح يقول‪:‬‬

‫"بأن الشورى تستوعب نظام اإلنتخاب" ‪ ،‬ومن أصحاب هــذا اإلتجــاه األســتاذ أبــو األعلى المــودودي‬
‫الذي يرى‪ :‬أن حق اإلنتخاب يستوعبه نظام الشورى‪ ،‬وأن يتقرر لكل أفراد األمة اإلسالمية(‪.)94‬‬

‫فاآلية الكريمة التي تنص على الشورى وكذلك اآليات التي تقرر األمر بــالمعروف والنهي عن المنكــر‬
‫مثل قوله تعالى‪" :‬كنتم خــير أمــة للنــاس تــأمرون بــالمعروف وتنهــون عن المنكــر"‪ .‬ومن هنــا يمكن أن‬
‫نســتخلص أن مبــدأ الشــورى يــترتب عليــه األخــذ بنظــام المعــروف في النظم الديمقراطيــة الغربيــة‪ ،‬ألن‬
‫اإلنتخاب غايته األمر بــالم عـروف والنهي عن المنكــر والخطــاب الــوارد في اآليـات الــتي تتضــمن األمــر‬
‫باملعروف والنهي عن المنكر هو خطــاب عــام موجــه الى األمــة كلهــا‪ ،‬وعليــه فــأن الشــورى تكــون لكــل‬
‫األفراد من أبناء األمة المسلمة‪ ،‬كما أن األمر بالمعروف والنهي عن المنكـر تختص بـه األمـة أيضـا ً بكـل‬
‫أفرادها‪.‬‬

‫وهناك من يواكب هذا اإلتجــاه أيضـا ً ولكنــه يــرى أن الشــورى تتضــمن األخــذ بنظــام اإلنتخــاب المقيّــد‬
‫وحده‪ ،‬أي الذي يجعل ممارسة حق اإلنتخاب مقيداً بشروط معيّنة مالية أو ثقافيــة وليس لجميــع األفــراد‪،‬‬
‫ولم يكن في هذا الرأي إخالل بمبدأ المساواة‪ ،‬فإسناد األمر في األمة ــ كما يقولون ــ الى النخبة الممتــازة‬
‫من أبنهائها الينافي مبدأ المساواة بل يتفق مع تعريفها ــ كما قال بعض الفالفسة عنها ــ ـ المســاواة‪ :‬هي‬
‫إال تضع على قدم المساواة شيئن غير متساويين(‪.)95‬‬

‫فمسألة اإلنتخاب ليست دينية محضة حتى يكون اإلجتهاد ممتنع ـا ً بشــأنها ‪ ،‬بــل هي مســألة إجتماعيــة‬
‫وسياسية يمكن األخذ بها في واقع المسلمين دون أن يكون هناك مخالفين للدين(‪.)96‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مبدأ العدالة‬

‫فالعدالة هي نظام كل شيء ‪ ،‬فإذا أقيم أمر الــدنيا بالعــدل قــامت‪ ،‬وأن لم يكن لصــاحبها في اآلخــرة من‬
‫خالق‪ ،‬ومتى لم تقم بالعدل لم تقم ‪ ،‬وإن كان لصاحبها من اإليمان ما يخـزي في اآلخــرى(‪ .)97‬ولــذلك كــان‬
‫تأكيد هللا سبحانه وتعالى على مبدأ العدالة في قوله تعالى‪:‬‬

‫‪94‬‬
‫‪ .‬د‪ .‬عبدالحميد متولي ‪ ،‬أزمة األنظمة الديمقراطية ‪ ،‬دار المعارف ‪ ،‬القاهرة‪ ،1964 ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬ص ‪( ) 29‬‬
‫‪ ) (95‬د‪ .‬عاصم أحمد عجيله والدكتور محمد رفعت عبدالوهاب‪ ،‬النظم السياسية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،1980 ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬ص ‪. 183‬‬
‫‪ ) (96‬د‪ .‬عاصم أحمد عجيله والدكتور محمد رفعت عبدالوهاب‪ ،‬النظم السياسية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،1980 ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬ص ‪.185‬‬
‫وايضا‪ :‬عبدالحميد متولي‪ ،‬أزمة الفكر السياسي اإلسالمي في العصر الحديث‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬منشأة‪ $‬المعارف باألسكندرية‪ ،1985 ،‬ص ‪344‬‬
‫‪ ) (97‬ابن تيمة ‪ ،‬في كتابة األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬دار الكتاب الجديد‪ ، 1976،‬ص ‪. 43‬‬

‫‪64‬‬
‫"وإذا حكمتم بين النــاس أن تحكمــو بالعــدل"(‪ .)98‬وقولــه تعــالى‪ " :‬إن هللا يــأمر بالعــدل"(‪ .)99‬وقولــه‬
‫تعالى‪ :‬واليجرمنكم شنآن قوم على أال تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى"(‪.)100‬‬

‫ويقول الرسول صلى هللا عليــه وســلم‪" :‬أال وأن أحبكمـ ال ّي من أخــذ مــني حقـا ً أن كــان لــه ‪ ،‬او فلقيت‬
‫ربي وأنا طيّب النفس"‪ .‬وهذا الحديث يؤكد عمق اإلمتثال ألداء واجب العدالة‪.‬‬

‫وبإرساء مبدأ العدالة يستقيم حال األمة‪ ،‬وينصرف كل من الحاكم والمحكومـ الى المشاركة في تحقيــق‬
‫مهام األمور العامة‪ ،‬ويترك الشعب مغالبــة الحــاكم أو الخــروج عليــه‪ ،‬ألن كــل كــل واحــد منهمــا محاســب‬
‫بالشريعة‪.‬‬

‫وللعدالة في اإلسالم أهمية بالغة بإعتبارها مبدأ من المبادئ التي يقوم عليها الحكم فيه‪ .‬وهو ما أكده‬
‫القرآن الكريم والسنة النبوية‪ .‬ومن أهم مظاهر العدالة فيما يجمع عليه علماء الفقه اإلســالمي‪ ،‬أن يقــوم‬
‫اإلمـام (أو الحـاكم) بتوليـه المهـام أو المناصـب أصـلح األفـراد للقيـام بأعبائهـا‪ ،‬وهومـا أكـده اإلمـام ابن‬
‫تيمية ‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬

‫"يجب على ولي األمر أن يولي كل عمل من أعمال المســملين أصــلح من يجــده لــذلك العمــل"‪ ،‬وذلــك‬
‫مصدقا ً لقول النبي صلى هللا عله وسلم‪ :‬من ولي من أمر المســلمين شــيئا ً فــولى رجالً وهــو يجــد من هــو‬
‫أصلح للمسلمين منه فقد خان هللا ورسوله"(‪.)101‬‬

‫كما أكدت وثيقة المدينــة في نصوصــها على تقريــر مبــدأ العدالــة بإعتبــاره من المبــادئ األساســية في‬
‫الحياة السياسية اإلسالمية‪ ،‬بل أنه من المبادئ التي ال يصــلح بــدونها أي نظــام سياســي في أي بلــد كــان‬
‫وأيا ً كان المذهب الذي ينطلق منه ويقوم على أساسه(‪.)102‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬ضمانات الحقوق والحريات‬

‫إذا كــان اإلســالم أهتم بنــوع الحقــوق والحريــات السياســية الــتي يمكن التمتــع بهــا وفــق اإلجرائــات‬
‫الشرعية فإنه أيضا ً أهتم بالضمانات التي تعمل على حماية ممارسة هــذه الحقــوق والحريــات‪ ،‬والمتمثلــة‬
‫في مجموعة من المبادئ التي جعلها الفقه اإلسالمي واإلجتهاد الديني ضمانا ً للعدل والــتي بــدونها تكــون‬
‫حقوق الرعية والناس معرضة لإلنتهاك والظلم والتعسف‪ ،‬وهي على النحو التالي‪-:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مبدأ المساوة‬

‫‪ ) (98‬سورة النساء ‪ ،‬االية ‪. 85‬‬


‫‪ ) (99‬سورة النحل ‪ ،‬اآلية ‪. 90‬‬
‫‪ ) (100‬سورة المائدة ‪ ،‬اآلية ‪. 8‬‬
‫‪101‬‬
‫‪.‬اإلمام ابن تيمية ‪ ،‬الساسة الشرعية في اصالح الرعية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪( ) 6‬‬
‫‪102‬‬
‫‪ .‬الدكتور فؤاد عبدالمنمعم أحمد‪ ،‬أصول الحكم في اإلسالم ‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬مصر‪1991 ،‬م ‪( ) 97 ،‬‬

‫‪65‬‬
‫يعتبر مبدأ المساواة في مقدمة المبــادئ المنصــلة بنظــام الحكم والــتي قررهــا اإلســالم‪ ،‬ويــذهب بعض‬
‫الباحثين الى أن اإلسالم حيث قرر هذا المبدأ ‪ ،‬قد جاء بمبدأ جديد‪ ،‬وكان ذلــك أســبق ـــ في هــذا المقــام ــ‬
‫مما هو معروف عن التشريعات في العصر الحديث(‪.)103‬‬

‫ويعد مبدأ المساواة من المبادئ التي جاء بها اإلسالم إستناداً الى ما ورد في القرآن الكريم واألحاديث‬
‫النوبية الشريفة‪ .‬ومن اآليات القرآنية التي نصت على تأكيد مبدأ المساواة قوله تعالى‪" :‬إنمــا المؤمنــون‬
‫إخوة"(‪.)104‬‬

‫وقوله تعالى‪" :‬يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا ً وقبائل لتعارفوا ‪ ،‬إن أكرمكم‬
‫عند هللا أتقاكم"(‪.)105‬‬

‫ومن األحاديث النبوية التي تذكر في تقرير مبدأ المساواة قول الرسول صلى هللا عليــه وســلم‪ ،‬في‬
‫آخر خطبة له ( المعروفة بخطبة الوداع )‪:‬ـ‬

‫"ليس لعربي على عجمي ‪ ،‬وال لعجمي على عـربي ـــ وال أحمـر على أبيض‪ ،‬وال أبيض على‬
‫أحمر فضل إال بالتقوى"‪ ،‬وقول عليه السالم‪" :‬من أذى ذميا ً فأنا خصمه يوم القيامة"(‪.)106‬‬

‫ويفهم مما تقدم أن اإلسالم ــ فيما يرى علماء الشريعة ــ يقرر المساواة بصورها المختلفة المعروفــة‬
‫في الفقه الدستوري الحديث‪ :‬مساواة أمام القانون‪ ،‬مساواة أمام القضاء‪ ،‬مساواة في الحقــوق السياســية‬
‫( وهي تشمل‪ :‬حـق اإلنتخــاب وحـق الترشــح لرئاســة الدولــة والهيئـات النيابيـة‪ ،‬وحـق إبـداء الــرأي في‬
‫اإلستفتاءات وحق تولي الوظائف العامة)(‪.)107‬‬

‫وقد قررت وثيقة المدينة في عــدد من نصوصــها مبــدأ المســاواة بإعتبــاره من المبــادئ األساســية في‬
‫الحياة السياسية اإلسالمية‪ ،‬فال يصلح بدونه أي نظام سياسي(‪ ،)108‬وقد كان من أهم مظاهر المســاواة في‬
‫اإلسالم في تولي الوظــائف العامــة والــتي كــانت تتم على أســاس من الجــدارة ‪ ،‬وال يخــل بهــذه المســاواة‬
‫اشتراك الذكورة أو األنوثة في بعض الواليات تبعا ً لما تتحق به المصلحة والكفاءة كالواليــات العامــة من‬
‫رئاسة الدولة والوزارة والقضاء وكافة الوظائف العامة في الدولة‪.‬‬

‫أما بخصــوص المســاواة بين الرجــل والمــرأة في اإلســالم ‪ ،‬فإننــا نجــده يمنح المــرأة حقوقـا ً إنســانية‬
‫وشرعية ومدنية ويسند إليها أموراً وتبعــات هامــة في حيــاة المجتمــع‪ ،‬رافعـا ً بــذلك من شــأنها ومكانتهــا‬

‫‪ .‬األستاذ عبدالقادر عوده ‪ ،‬التشريع الجنائي اإلسالمي مقارنا ً بالقانون الوضعي‪ ،‬دار الكاتب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬بدون سنة طبع ‪ ،‬ص ‪( ) 27‬‬
‫‪103‬‬

‫‪ ) (104‬سورة الحجرات ‪ ،‬اآلية ‪. 10‬‬


‫‪ ) (105‬سورة الحجرات ‪ ،‬اآلية ‪13‬‬
‫‪ ) (106‬اخرجه أحمد ورواه البخاري في الحجج‪.‬‬
‫‪ ) (107‬د‪ .‬عبدالحميد متولي ‪ ،‬مبادئ الحكم في اإلس‪$$‬الم م‪$$‬ع المقارن‪$$‬ة بالمب‪$$‬ادئ الدس‪$$‬تورية الحديث‪$$‬ة ‪ ،‬منش‪$$‬أة المع‪$$‬ارف ‪ ،‬اإلس‪$$‬كندرية‪ ،1977 ،‬ص‬
‫‪.388‬‬
‫‪ ) (108‬د‪ .‬فؤاد عبدالمنعم أحمد ‪ ،‬اصول نظام الحكم في اإلسالم ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 97‬‬

‫‪66‬‬
‫مستبدالً بذلها عـزاً ‪ ،‬وبعبوديتهــا كرامـة وحريـة‪ ،‬مسـاويا ً بينهــا وبين أخيهـا الرجـل في اإلنســانية وفي‬
‫الحقوق‪ ،‬ومن أبرزالحقوق التي أعطاها اإلسالم للمرأة الحقوق السياسية‪.‬‬

‫وقد كانت مشكلة مساواة المرأة بالرجل في الحقوق السياسية من أهم المشاكل التي كثيراً ما أثيرت ‪،‬‬
‫وقليالً ما بحثت من كافة جوانبها حـتى أثـيرت ‪ ،‬فلقـد كـانت في مصـر موضـع بحث الكثـيرين من علمـاء‬
‫الشــريعة ورجــال الــدين‪ ،‬كمــا عكــف على بحثهــا أســاتذة القــانون‪ ،‬وعلمــاء اإلجتمــاع‪ ،‬والمصــلحون‪،‬‬
‫والساسة‪ ،‬وكان لكل طائفة وجهة نظر خاصة‪ .‬ولكن ما هــو موقــف علمــاء الشــريعة اإلســالمية من هــذه‬
‫المشكلة؟‪.‬‬

‫لقد اختلف علماء الشريعة اإلسالمية حـول هـذه المشـكلة‪ ،‬فثمـة رأي ذهب الى القـول بـان اإلسـالم ال‬
‫يعترف بالحقوق السياسية للمرأة‪ ،‬وال تتساوى بالرجل في هذا المجــال‪ ،‬ورأي آخــر ذهب الى أن اإلســالم‬
‫يقــر ويعــترف بــالحقوق السياســية للمــرأة بإســتثناء رئاســة الدولــة‪ ،‬بينمــا ذهب رأي ثــالث الى أن هــذه‬
‫المشكلة ليست مشكلة دينية أو قانونية إنما هي مشكلة إجتماعيــة سياســية‪ ،‬وبالتــالي فــإن هــذه المســألة‬
‫يجب أن تترك للظروف اإلجتماعية والسياسية واإلقتصادية لكل دولة‪.‬‬

‫إال أن الرأي الراجح هو الذي يقرر بأن اإلسالم ال يحرم المرأة حقوقها السياســية‪ ،‬بــل أنــه يؤكــد على‬
‫ضرورة تمتع المرأة بالحقوق السياسية كاملة‪ ،‬ويقول أصاحب هذا الرأي الغـالب‪ ،‬أن القاعـدة العامـة في‬
‫الشريعة اإلسالمية هي مساواة المرأة بالرجــل في الحقــوق والواجبــات‪ ،‬اللهم مــا أســتثنى بنص صــريح‪،‬‬
‫فكل حق لها على الرجل يقابله واجب عليها إزاءه ‪ ،‬وكل حق له عليها يقابلــه واجب عليــه إزاءهــا‪ .‬ومن‬
‫ثم فإن اإلسالم يؤكد مساواة المرأة بالرجل في جميــع الحقــوق بمــا في ذلــك الحقــوق السياســية‪ ،‬ويســتند‬
‫أصحاب هذا الرأي الراجح الى كثير من األدلة التي تؤكد ذلك في القرآن الكريم وفي السنة النبوية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬األدلة التي يستندون إليها في القرآن الكريم‪.‬‬

‫ويستند أصحاب هذا الرأي الى النصوص القرآنية مثل قوله تعالى‪" :‬والمؤمنون والمؤمنــات بعضــهم‬
‫أوليــاء بعض يــأمرون بــالمعروف وينهــون عن المنكــر ويقيمــون الصــالة ويؤتــون الزكــاة ويطيعــون هللا‬
‫ورسوله أولئك سيرحمهم هللا إن هللا عزيز حكيم(‪.)109‬‬

‫فهذه اآلية تدل على أن المرأة كالرجل‪ ،‬كل منهم يشارك في سياسة المجتمــع وإدارة شــؤونه‪ .‬فـالمرأة‬
‫كالرجل لها حق الوالية العامة "بعضهم أولياء بعض" ولها الحق كالرجل في أن تأمر بالمعروف وتنهى‬
‫عن المنكر‪ ،‬وأما أعمال السلطة العامة كذلك األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ .‬وقد يتم ذلــك بالتشــريع‬
‫واإلجتهاد في معرفة األحكام‪ ،‬أو المشاركة في القضاء والفصل في المنازعات‪ ،‬أو التنفيذ واإلجبار‪.‬‬

‫‪ ) (109‬سورة التوبة ‪ ،‬االية ‪. 71 ،‬‬

‫‪67‬‬
‫وقوله تعالى‪" :‬يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا ً وقبائــل لتعــارفوا إن أكــرمكم‬
‫عند هللا أتقاكم"(‪.)110‬‬

‫وقوله تعالى‪" :‬يا أيها الناس أتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجهــا وبث منهمــا‬
‫رجاالً كثيراً ونساء" (‪ .)111‬وقوله تعالى‪" :‬ولقد كرمنا بــني آدم وحملنهــا في الــبر والبحــر ورزقنــاهم من‬
‫الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيال"(‪ ،)112‬ولم يقل المولى عز وجــل ولقــد كرمنــا الرجــال أو‬
‫الذكور‪ ،‬فالتكريم هنا وارد للجنسين‪.‬‬

‫وقوله تعالى‪" :‬ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف"(‪ .)113‬وهو تأكيد رباني للحقوق والواجبات‪.‬‬

‫هذه اآليات الكريمة توضح بجالء تكريم اإلسالم للمرأة ومساواتها بالرجــل وإثبــات كمــال إنســانيتها ‪،‬‬
‫وما يترتب على ذلك من تقرير كافة الحقوق لها‪ .‬كما أن هذه اآليات كما يقول أصحاب هذا الرأي تتضمن‬
‫مبدأين‪:‬‬

‫ــ المبدأ األول‪:‬‬

‫وهو مبدأ الوالية بين المؤمنين والمؤمنات بعضهم وبعض‪ ،‬وهي والية تشمل األخوة والصــداقة‬
‫والتعاون على الخير‪.‬‬

‫ــ أما المبدأ الثاني‪:‬‬

‫فهو األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬وهو واجب يشمل كما يقولون كل ضروب اإلصالح في‬
‫كل نـواحي الحيـاة‪ ،‬ومنهـا اإلشـتغال بالحيـاة السياسـية‪ ،‬والمـرأة في ذلـك كالرجـل كمـا جـاء في اآليـات‬
‫الكريمة(‪.)114‬‬

‫وقوله تعالى‪" :‬قالت يا أيها المأل افتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون‪ ،‬قالوا نحن‬
‫(‪.)115‬‬
‫أولوا قوة وأولوا بأس شديد‪ ،‬واألمر إليك فأنظري ماذا تأمرين"‬

‫‪ ) (110‬سورة الحجرات ‪ ،‬اآلية ‪. 13‬‬


‫‪ ) (111‬سورة النساء ‪ ،‬اآلية ‪.1‬‬
‫‪ ) (112‬سورة اإلسراء‪ ،‬اآلية ‪.70‬‬
‫‪ ) (113‬سورة البقرة ‪ ،‬اآلية ‪.288‬‬
‫‪ ) (114‬وفي مقدمة أصحاب هذا الرأي ‪ :‬األستاذ البهي الخولي ‪ ،‬واألستاذ مصطفى السباعي ‪ ،‬واألستاذ عبدالقادر عوده‪.‬‬
‫‪ ) (115‬سورة النمل ‪ ،‬اآليتين ‪.33 ، 32‬‬

‫‪68‬‬
‫وقوله تعالى‪" :‬يا أيهــا النــبي إذا جــاءك المؤمنــات يبايعنــك على أن ال يشــركن باهلل شــيئا ً وال يســرقن‬
‫واليــزنين وال يقتلن أوالدهن ال يــأتين ببهتــان يفتريّنــة بين أيــديهن وأرجلهن وال يعصــينك في معــروف‬
‫فبايُعهن"(‪.)116‬‬

‫وبذلك يتبين أن المرأة تستطيع أن تبدي الرأي السليم وتشارك في العمل السياسي‪ ،‬وتمــارس أعبــاءه‬
‫وخير دليل على ذلك ما أمر هللا به رسوله من قبول بيعتها(‪.)117‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬األدلة التي يستند إليها في السنة النبوية‬

‫ويستند أصحاب هذا الرأي الى أن النبي صلى هللا عليه وسلم قد بايع وفــد األنصــار في العقبــة الثانيــة‬
‫وكان من بينهم إمرأتان‪ .‬وهذا يدل على إمكانية مشاركة المرأة في الحقوق السياسية المختلفة‪ ،‬ألن هــذه‬
‫البيعة تعد بمثابة عمل سياسي بمعنى الكلمة‪ ،‬كمــا أجــاز الرســول صــلى هللا عليــه وســلم للمــرأة أن تمثــل‬
‫المسلمين وتتحدث نيابة عنهم وتعطي األمان الملزم بأسمهم‪ .‬وقد قبل الرسول صلى هللا عليه وسلم أمان‬
‫أم هاني ألحد الكفار يوم فتح مكة ‪ ،‬وقال لها‪ :‬لقد أجرنا من أجارت أم هاني(‪.)118‬‬

‫وبذلك فأن مسألة الحقوق السياسية للمرأة أم ٌر مقرر في اإلســالم‪ ،‬وإذا كــانت مســألة (إمامــة المــرأة)‬
‫أن رئاستها للدولة اإلسـالمية موضـع خالف طويـل فـإن تمتعهـا بممارسـة بقيّـة الحقـوق السياسـية أمـر‬
‫جائز‪ ،‬بل أنه يدخل في باب الواجب الكفائي‪ ،‬ألنه من األمر بالمعروف والنهي عن المنكر(‪.)119‬‬

‫ويــرى اإلســتاذ الــدكتور محمــد أنس قاســم جعفــر أن المـرأة في اإلســالم لهــا الحــق في مباشــرة كافــة‬
‫الحقوق السياسية أسوة بالرجل‪ ،‬ألن اإلســالم ســاوى بينهمــا ومن ثم فـأن من حــق المشــاركة في الحيــاة‬
‫السياســية مطلق ـا ً ولهــا الحــق في تــولي الوظــائف العامــة والسياســية شــريطة أن تلــتزم بكافــة األحكــامـ‬
‫الشرعية اإلسالمية‪ ،‬وذلك ألنه اليوجد نص صريح يحول بينها وبين ممارسة هذه الحقوق(‪.)120‬‬

‫فاإلسالم ال يحرم على المرأة من حق اإلنتخاب‪ ،‬فاإلنتخاب كما يقول ًأصحاب هــذا الــرأي‪ ،‬هــو اختيــار‬
‫األمة لوكالء ينوبون عنها في التشريع ومراقبة الحكومة‪ ،‬فعمليــة اإلنتخــاب في عمليــة توكيــل‪ ،‬والمــرأة‬
‫في اإلسالم ليست كما يقولـون ممنوعـه من أن توكــل إنســان بالـدفاع عن حقوقهـا والتعبـير عن إرادتهــا‬
‫كمواطنةـ في المجتمع‪.‬‬

‫‪ ) (116‬سورة الممتحنة ‪ ،‬اآلية ‪. 12‬‬


‫ً‬
‫‪ ) (117‬فضيلة اإلمام الشيخ محمود شلوت ‪ ،‬القرآن والمرأة ‪ ،1963 ،‬ص ‪ ، .87‬وأيضا "الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد‪ ،‬مبدأ المساواة في اإلسالم ‪،‬‬
‫(بحث من الناحية الدستورية مع المقارنة بالديمقراطية الغربية والنظام الشرعي)‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة اإلسكندرية ‪ ،1972 ،‬ص‬
‫‪.199‬‬
‫‪ ) (118‬فضيلة األستاذ الدكتور زكريا البري‪ ،‬حق المرأة في الواليات العام‪$‬ة وفي اإلنتخاب‪$‬ات‪ $،‬بحث منش‪$‬ور بمجل‪$‬ة الع‪$‬ربي الكويتي‪$‬ة‪ ،‬الع‪$‬دد ‪،144‬‬
‫نوفمبر‪ ،1970‬ص ‪.35‬‬
‫‪ ) (119‬د‪.‬عبدالحميد اسماعيل اإلنصاري‪ ،‬الشورى وأثرها في الديمقراطية (دراسة مقارنة) ‪ ،‬دار الفكر العربي مصر‪ 1998،‬ص ‪.32‬‬
‫‪ ) (120‬د‪ .‬محمد أنس قاسم جعفر‪ ،‬الحقوق السياسية للمرأة في اإلسالم والفكر والتشريع المعاصر‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1986 ،‬ص ‪.71‬‬

‫‪69‬‬
‫وكذلك ال تحرم مبادئ اإلسالم على المرأة أن تكون مشروعة‪ ،‬وأن تقــوم بمراقبــة الســلطة التنفيذيــة‪،‬‬
‫بمعنى أن اإلسالم ال يحرم عليها أن تكون عضواً بالبرلمان‪ .‬ويؤكد األستاذ الدكتور مصطفى السباعي ذك‬
‫بقوله‪:‬‬

‫"أما التشريع فليس في اإلسالم ما يمنع أن تكون المرأة مشروعة لن التشريع يحتــاج قبــل كــل شــيء‬
‫الى العلم ‪ ،‬مع معرفــة حاجــات المجتمــع وضــروراته الــتي البــد منهــا‪ ،‬واإلســالم يعطي حــق العلم للرجــل‬
‫وللمرأة على السواء‪ ،‬وفي تاريخنا كثيراً من العالمات في الحديث والفقه واألدب وغير ذلك‪.‬‬

‫وأما مراقبة السلطة التنفيذية فإنه ال يخلوه من أن يكون أمـراً بـالمعروف نهيـا ً عن المنكــر‪ ،‬والرجـل‬
‫والمرأة في ذلك سواء في نظر اإلسالم‪ ،‬حيث يقول هللا تعالى‪" :‬والمؤمنــون والمؤمنــات بعضــهم أوليــاء‬
‫بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" (‪.)121‬‬

‫وبذلك نجد أن اإلسالم اليحول دون توجيه المرأة إهتمامها ناحية العمل على إصالح أداة الحكمـ بالنقــد‬
‫والتوجيه وإقتراح سن القوانين‪ ،‬وهو ما يطلق عليه (اإلشتغال بالسياسة)‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مبدأ حرية الرأي‬

‫في سياق موضوع حقـوق اإلنسـان‪ ،‬يعـد تحديـد مفهـوم "الحريـة" أمـراً ضـروريا ً وذلـك بـالنظر الى‬
‫اإلســتعمال المتعــدد لهــذه الكلمــة في الموضــوعات الفلســفية واألخليــة والحقوقيــة‪ ،‬إذ لكــل موضــوع من‬
‫الموضــوعات ســالفة الــذكر منظــوره الخــاص الال معــنى "الحريــة"‪ .‬فمن الخطــأ اســتعماله في المجــال‬
‫الحقوقي بمفهومه "العامي" ‪ ،‬أو البحث عن وجوده في الـتراث اإلســالمي بمعنـاه المطلـق أو الفلسـفي‪.‬‬
‫كما يظهر في العصور الحديثة‪.‬‬

‫والمالحظة األولى أن القرآن والسنة النبوية ال يتضمن أي منهما إيراد كلمــة (الحريــة)‪ .‬ألن المفهــوم‬
‫المجرد لهذه الكلمة لم يكن قد تبلــور في الفكــر اإلنســاني بعــد‪ .‬وذلــك ألن أي قيمــة من القيم األخالقيــة أو‬
‫الفكريــة التوجــد كمفهــومـ مجــرد أو كلي في مجــال الفكــر إال بعــد أن تنشــأ في مجــال الممارســة والحيــاة‬
‫العملية‪ .‬وهذا ما يتمثل في إنبثاق مفهوم الحرية بعد مخاض إجتماعي وسياسي كبــير‪ ،‬وتطــور حضــاري‬
‫ملموس في العصور الحديثة‪ .‬ولهذه الكلمة نظائر كثيرة في اللغة العربية من إرتباطهــا بالتطورالتــاريخي‬
‫لألفكار‪.‬‬

‫لقد خــاطبت الــدعوة اإلســالمية النــاس في عصــر الــنزول (الربــع األول من القــرن الســابع الميالدي)‬
‫إنطالقا ً من الواقع الذي يعيشونه‪ ،‬وما كان يسوده من قيم جاهلية‪ ،‬وذلك بقصد تغيير هذا الواقع‪ ،‬وإعادة‬
‫بناءه على قيم جديدة‪ .‬ولكي يتم هذا التغيير في المجال اإلجتماعي كان البد من البداية ممــا يعيشــونه من‬

‫‪ ) (121‬د‪ .‬مصطفى السباعي‪ ،‬المرأة بين الفقه والقانون ‪ ،‬المكتبة العصرية بحلب‪ ،‬سوريا‪ ،1962 ،‬ص ‪.156 ، 155‬‬

‫‪70‬‬
‫وقائع ومعتقدات؛ أي من تحرير العقولـ والنفوس من هيمنة الوثنية‪ ،‬وما تقوم عليه من تقاليد إجتماعيــة‬
‫وأخالقية‪.‬‬

‫ومن الخضوع للسلطة القبلية التي كـانت تحمي هـذه الوثنيـة‪ ،‬وذلـك بـالرجوع الى توحيـد هللا وحـده‪،‬‬
‫الذي خلق اإلنسان وكرمه وسخر له الطبيعة من حوله‪ ،‬ولم يجعل ألحد من النـاس مـيزة على غـيره‪ ،‬من‬
‫حيث اآلدمية أو اإلنسانية فالبشر كلهم سواسية كأسنان المشط‪ .‬وهذا ما قرره اإلسالم وأكده النــبي عليــه‬
‫الصالة والسالم في كثير من أحاديثه‪ .‬فهذه الدعوة التحريرية الشاملة لإلنسان كانت تنطــوي على أعمــق‬
‫معاني الحرية‪ ،‬ولكنها لم تكن قد بلــورت هــذه الحريــة في مفهــومـ مجــرد‪ ،‬وإنمــا دعت إلى ممارســتها في‬
‫الواقع عن طريق رفع القيود واألغالل وأنظمــة القهــر واإلســتبداد‪ .‬ذلــك أن اإليمــان باهلل وحــده بإعتبــاره‬
‫مصدر الخلق والرزق والهداية يحرر اإلنسان من كل تبعية للمخلوق‪ ،‬ومن الخوف منه‪ ،‬ومن الطمــع في‬
‫نواله؛ بل يحرره من ضيق الحياة المحكومة بالتقاليد والسلطة الجائرة‪.‬‬

‫وقد عبر عن هذا التحرر أحد المسلمين األولين من الصــحابة‪ ،‬وهــو ربعي بن عــامر‪ ،‬وكــان من قــادة‬
‫جيش المسلمين في حرب القادسية مع الفــرس‪ .‬فعنــدما دخــل هــذا الصــحابي على قائــد الجيش الفارســي‬
‫رستم‪ ،‬سأله األخير‪ :‬ما الذي جاء بكم إلينا؟ فقال له ربعي بن عامر‪ :‬إن هللا إبتعثنا وجــاء بنــا لنخــرج من‬
‫شــاء من عبــادة العبــاد الى عبــادة هللا‪ .‬ومن ضــيق الــدنيا الى ســعتها ‪ ،‬ومن جــور األديــان الى عدالــة‬
‫اإلسالم(‪.)122‬‬

‫والشك في أن ما عبّر عنه هذا الصاحبي كان شعوراً مشتركا ً لدى عامة المسلمين‪ ،‬الذي تحرر بفضل‬
‫اإلسالم من كل أشكال القهــر‪ ،‬والخضــوع للســلطة الجــائرة‪ ،‬والوثنيــة الضــالة‪ .‬وبــذلك أوجــد اإلســالم في‬
‫الجماعة األولى من المسـلمين شـعوراً قويـا ً بـالتحرر ونمطـا ً غـير مسـبوق من الشـجاعة النـادرة‪ ،‬وحب‬
‫اإلستشهاد في سبيل الحق‪ ،‬والشعور العميق بالمسؤولية في تغيير أوضاع الحياة من حولهم‪.‬‬

‫لقد كفل النظام اإلسالمي حرية التعبير عن الرأي دائما ً بسبب قيامــه على قاعــدة الشــورى الــتي تمثــل‬
‫أهم مبادئ نظام الحكمـ في اإلسالم على نحــو مــا ســلف بيانــه‪ ،‬ففي الشــورى بطبيعــة الحــال إبــداء للــرأي‬
‫بمطلق الحريـة‪ ،‬فالنظـام اإلسـالمي دائمـا ً يحث أتباعـه على األمـر بـالمعروف والنهي عن المنكـر‪ ،‬وهـذا‬
‫يستلزم بالضرورة تمتع الفرد بحرية إبداء رأيه في هذا الصدد ولم يقتصر األمر على ذلك ؛ بــل إننــا نجــد‬
‫أن اإلسالم قــد جعــل إبــداء الــرأي واجب على الفــرد الحــق لــه فحســب‪ ،‬والنصــوص القرآنيــة واألحــاديث‬
‫النبوية كثيرة وشهيرة في هذا الجانب‪ ،‬وحسبنا أن نذكر من تلك اآليــات قولــه تعــالى‪" :‬ولتكن منكم أمــة‬
‫يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر"(‪.)123‬‬

‫‪ ) (122‬أنظر الطبري‪ ،‬تاريخ األمة والملوك‪ ،‬طبعة بيروت‪ $،‬دار سويدان‪ ،1967 ،‬ج‪ ، 3‬ص ‪.250‬‬
‫‪ ) ( 123‬سورة آل عمران ‪ ،‬اآلية ‪104‬‬

‫‪71‬‬
‫ع الى ســـبيل ربـــك بالحكمـــة والموعظـــة الحســـنة وجـــادهلم بـــالتي هي‬
‫وقوله تعـــالى‪" :‬أد ُ‬
‫أحسن"(‪.)124‬‬

‫ونذكر أيضا ً من األحاديث النبوية الشريفة قوله صلى هللا عليه وســلم‪" :‬أفضــل الجهــاد كلمــة‬
‫حق عند سلطان جائر"(‪.)125‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬ي‬

‫ماهية الحقوق السياسية ومعايير وشروط ممارستها‬


‫بعد اإلحاطة الشاملة من خالل الفصل األول باإلطار التـاريخي للحقـوق السياسـية‪ ،‬الـذي يعتـبر الزمـا ً‬
‫لمعرفة مكانة الحقوق السياسية في حقل الفكــر اإلنســاني عــبر التــاريخ ‪ ،‬فإنــه يتــوجب علينــا التمعن في‬
‫معرفة الحقوق السياسية‪ ،‬والتي تعد أحد فروع حقوق اإلنســان والــذي تنــدرج تحتــه العديــد من الحقــوق‬
‫العامة التي تمس حيــاة اإلنســان المباشــرة وغــير المباشــرة‪ ،‬حيث تضــمنت الحقــوق السياســية عــدد من‬
‫الحقــوق الــتي تهم كيــان الدولــة واإلنســان مع ـا ً ‪ ،‬مثــل‪ :‬العدالــة اإلجتماعيــة وإجــراءات حــق التقاضــي‬

‫‪ ) (124‬سورة النحل ‪ ،‬اآلية ‪. 125‬‬


‫‪ ) (125‬رواه ‪ :‬ابو داود والترمذي وابن ماجه‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫والمشاركة السياسية في إدارة شؤون الحكم والحق في التعبــير عن الــرأي والتجمهــر وحــق اإلعــتراض‬
‫وجق التصويت باإلنتخابات وحق الترشيح‪.‬‬

‫وتعد الحقوق السياسية من الحقـوق الشحصـية الـتي يتمتـع بهـا كـل فـرد من أفـرد الدولـة‪ ،‬واليجـوز‬
‫حرمان أحد منها إال إستثناء(‪.)126‬‬

‫وفي ظل غياب تعريف محدد للحقوق السياسية في كــل النصــوص القانونيــة ســواء الدوليــة منهــا أو‬
‫الوطنية‪ ،‬فإننا نجد أنفسنا ملزمين بضرورة اإلحاطة بمعرفة الحقوق السياسية خاصة وأن كــل التعــاريف‬
‫الــتي أعطيت لهــا كــانت من خالل مســاهمة الفقـهـ ورجــال القــانون والحقوقيــون‪ ،‬وهي تعريــف ومفــاهيم‬
‫تختلــف من مدرســة الى أخــرى بــإختالف المرجعيــة اإلجتماعيــة والسياســية والفلســفية والقانونيــة لكــل‬
‫مدرسة او إتجاه‪ ،‬مما أدى الى اختالف في التعريف والتوصيف‪.‬‬

‫كما أن هذا اإلختالف من الجانب المفاهيمي يعكس ظالله على الجانب الممارســاتي والتطــبيقي‪ ،‬وهــو‬
‫ما يستلزم علينا اإلحاطــة بمعــايير ومبــادئ ممارســة الحقــوق السياســية‪ ،‬وهي المعــايير والمبــادئ الــتي‬
‫وضعهتا األمم المتحدة إعتقاداً منها أنه بدونها سيكون للقانون الدولي لحقوق اإلنسان ومفاهيمه تطبيقــا ً‬
‫وممارسة دولية معاكســه ومنحرفــة عن مقاصــد األمم المتحــدة والمجتمــع الــدولي الــذي ناضــل من أجــل‬
‫توحيد الجهود واألفكار والمرجعيات وكذا الممارسات‪.‬‬

‫فإن الفصل الثاني سينصب على تسليط الضوء على ماهية الحقوق السياسية من خالل تحديد تعريفها‬
‫وأنواعها وطرق ممارستها وحدودها وقيودها القانونية‪ .‬وعليه ســنتناول هــذا الفصــل من خالل مبحــثين‬
‫هما‪ :‬المبحث األول‪ :‬مفهوم الحقوق السياسية وأنواعها ‪،‬‬

‫والمبحث الثاني‪ :‬معايير ومبادئ ممارسة الحقوق الساسية‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫‪ .‬أ‪.‬د‪ .‬جابر ابراهيم الراوي‪ ،‬حقوق اإلنسان وحرياته األساسية في القانون الدولي والتشريعة اإلسالمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪( ) 176‬‬

‫‪73‬‬
‫المبحث األول‪:‬‬

‫مفهومـ الحقوق السياسية وأنواعها‬

‫ستكون مساهمتنا ذات قيمة نوعية في تعريف الحقوق السياســية اخــذين بعين اإلعتبــار كــل الجــوانب‬
‫التي تحيط بها ‪ ،‬خاصـة أن من ممـيزات حقـوق اإلنسـان عامـة أنهـا غـير قابلـة للتجزئـة‪ ،‬وبالتـالي فـإن‬
‫الحديث عن الحقوق السياسية ليست منفصله عن باقي الحقــوق األخــرى كمــا أن بــاقي الحقــوق األخــرى‬
‫غير منفصلة عن الحقوق السياسية فالبعض يكمل األخر‪ ،‬وعليه فإن دراستنا للحقــوق السياســية ســتتخذ‬
‫أسلوبين‪ :‬األول يتناول الحقوق السياسية في حـد ذاتهــا ‪ ،‬كمـا يحـددها القــانون الـدولي لحقــوق اإلنســان‬
‫والممارسة الدولية في هذا المجال منعزلة عن باقي الحقوق األخرى‪ ،‬واألســلوب الثــاني نعتمــد فيــه على‬
‫طبيعة هذه الحقوق وطرق ممارستها وقيودها‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫المطلب األول‪:‬‬

‫ماهية الحقوق السياسية‬

‫من الســائد القــول في أدبيــات حقــوق اإلنســان‪ ،‬أن الحقــوق السياســية هي تلــك الزمــرة من الحقــوق‬
‫والحريات التي تمارس لغاية سياسية‪ ،‬وهو ما عبر عنه الفقيــه الفرنســي ‪ Louis Favoreu‬بــالقول‪:‬‬
‫"الحقوق السياسية هي مجموعة الحقوق التي تسـمح للمواطـنين بالمشـاركة في اللعبـة السياسـية الـتي‬
‫تفهم بالمعنى الواسع للتعبير"(‪ . )127‬كما أن الحقوق السياسية هي ذلك التصنيف من الحقوق الذي يحمي‬
‫حريات األفراد من انتهاكات المجتمع أو الحكومــة وهــذه الحقــوق تؤكــد لألفــراد حريــاتهم بالمشــاركة في‬
‫المجتمع دون أي تمييز او تفرقة عنصرية‪.‬‬

‫وتعــني الحقــوق السياســية كــذلك‪ ،‬بأنهــا الحقــوق الــتي تثبت للشــخص بإعتبــاره عضــواً في جماعــة‬
‫سياسية معيّنة‪ ،‬والتي تبيح لألفراد المساهمة في تكوين اإلرادة الجماعية(‪.)128‬‬

‫ويقصد أيضا ً بالحقوق السياسية الحقوق التي تثبت لألفراد بإعتبارهم أفراداً منتسبين لجماعــة معينــة‬
‫(الدولة) ‪ ،‬وتهدف الى تمكين األفراد من المشاركة في تولي الشؤون السياسـية لهـذه الدولــة ويـدخل في‬
‫هذا النوع من الحقوق حق الترشح في المجالس البلدية والبرلمانية وحق اإلنتخاب وحق تولي الوظــائف‬
‫‪. Louis Favoresu: Droit des Libertes Fondamentales, 3eme Ed, Paris, Dallos, 2005, P:243 ) ( 127‬‬
‫‪ ) (128‬أ‪.‬د‪ .‬جابر ابراهيم الراوي‪ ،‬حقوق اإلنسان وحرياته األساسية في القانون الدولي والشريعة اإلسالمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.176‬‬

‫‪75‬‬
‫العامة‪ .‬وهذه الحقوق خاصة فقط بمواطني الدولة‪ ،‬فال يجوز لألجانب المشاركة في اإلنتخاب أو الترشــح‬
‫لمناصب سياسية‪.‬‬

‫إن الحقوق السياســية هي الــتي تتنــاول العالقــة بين الحــاكم والمحكــومـ وحــق الرعيــة في حكم نفســها‬
‫بنفسها(‪ ،)129‬كمــا يمكن إطالق مصــطلح الحقــوق السياســية على الحقــوق الــتي تثبت للشــخص بإعتبــاره‬
‫عضواً في جماعة سياسية معينة‪ ،‬تمكن من اإلسهام في إدارة شؤون هذه الجماعة‪ ،‬أو هي الحقوق التي‬
‫يكتسبها الشخص بإعتباره عضو في هيئة سياسية(‪ ،)130‬ويمكن تعريف الحقوق السياسية بأنهــا الحقــوق‬
‫التي تسمح للمواطنين بالمشاركة في ممارسة السلطة في الدولة(‪.)131‬‬

‫كما أن الحقوق السياســية هي جــوهر حقــوق اإلنســان في المجتمــع الــديمقراطي‪ .‬وهي تســتمد قوتهــا‬
‫الملزمة من القانون األساسي للدولة ونصوص القيمة الدستورية‪.‬‬

‫وتعني الحقوق السياسية‪ ،‬مجموع الحقوق المقررة للفرد بوصفة أحد األفراد المنتمين لهيئة سياســية‬
‫ويرتبط بهــا برابطــة الجنســية‪ ،‬أو بعبــارة أخــرى‪ :‬هي الحقــوق المقــررة للمــواطن دون األفــراد األجــانب‬
‫المقيمين على إقليم البلدة‪ .‬ولهذا يكون التمتع بهذه الحقوق والحريات مقتصراً على حملة جنسية الدولــة‬
‫فقط دون سواهم من المقيمين األجانب(‪.)132‬‬

‫ويالحظ أن الحقوق السياسية تغطي مجاالً شاسعا ً وتتداخل الى حد كبير مع بعض الحقوق المدنيــة قــد‬
‫تصل الى حد أن تعتدي في بعض األحيان على مجال الحقوق المدنية‪ .‬وحرية التعبــير وتكــوين الجمعيــات‬
‫من حيث المبدأ في مجال الحقوق المدنية‪ .‬ولكن يمكن للمرء أن يالحظ بشكل إستثنائي أن هــذه الحريــات‬
‫تقع في ميدان الحقوق السياسية‪ ،‬ال سيما عندما يمارسها مواطنواـ دولة ألغراض سياسية‪.‬‬

‫وبــذلك فهي تلــك الحقــوق الــتي تهــدف الى اشــراك الفــرد في حكم بالده‪ ،‬بإعطائــه الحــق في تكــوين‬
‫األحزاب السياسية أو الدخول في عضويتها‪ ،‬والحق في الترشح واإلنتخاب وإبداء الــرأي في اإلســتفتاء‪،‬‬
‫والحق في تولي الوظائف العامة في البالد(‪.)133‬‬

‫ان إقــرار الحقــوق السياســية ـــ وإن كــان الهــدف منهــا الى تمكين األفــراد من المســاهمة في شــؤون‬
‫بالدهم ــــ إال أن لهــذه الحقــوق ممــيزات خاصــة تجعلهــا تختلــف عن غيرهــا من الحقــوق ‪ ،‬وأهم هــذه‬
‫المميزات‪:‬‬
‫‪ ) (129‬حسني قمر‪ ،‬الحماية الجنائية للحقوق السياسية (دراسة مقارنة بين التشريعين الفرنسي والمصري) ‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪، 2006 ،‬‬
‫ص ‪.30‬‬
‫‪ ) (130‬ساجر ناصر حمد الجبوري‪ ،‬حقوق اإلنسان السياسية في اإلسالم والنظم العالمية‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ب‪$$‬يروت‪ ،2005 ،‬ص‬
‫‪.175‬‬
‫‪ ) (131‬زهير شكر‪ ،‬الوسيط في القانون الدستوري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬مصر‪1994 ،‬م ‪،‬‬
‫ص ‪. 145‬‬
‫‪ ) (132‬الدليل اإلرشادي حول العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية ‪ ،‬مركز تطوير‪ $‬المؤسسات األهلية الفلسطينية ‪ ،2015 ،‬ص ‪. 9‬‬
‫‪ ) (133‬حنان برامي ‪ ،‬إجتهاد القاضي في مجال الحقوق والحريات في ظل اإلتفاقيات الدولي‪$$‬ة‪ ،‬مجل‪$‬ة اإلجته‪$$‬اد القض‪$$‬ائي‪ ،‬جامع‪$‬ة بس‪$$‬كرة‪ ،‬الجزائ‪$$‬ر‬
‫العدد‪ ، 04‬مارس ‪2008‬م ‪ ،‬ص ‪. 132‬‬

‫‪76‬‬
‫ــ أنها ليست عامة لجميع الناس‪ ،‬بل تقتصر على المواطنين دون األجانب‪ ،‬ألن هــذه الحقــوق‬
‫تتعلق أساسا ً بإدارة شؤون الدولة ‪ ،‬فكان لزاما ً حجبها على األجانب‪.‬‬

‫ــ كما أنها ال تثبت لجميع الموطنين بل ال بد من توافر شــروط خاصــة ينص عليهــا القــانون ‪،‬‬
‫كالسن مثالً‪.‬‬

‫ومما ال شــك فيــه أنــه ال يمكن للمواطــنين التمتــع بالحريــات العامــة إال في ظــل الحقــوق والحريــات‬
‫السياسية ‪ ،‬كما أن هذه األخيرة ال يمكن أن تتحقق إال في ظل الحريات العامة ‪ ،‬وقد عبر عن هذا المعــني‬
‫الدكتور‪ /‬فاروق عبدالبر ‪ ،‬في كتابه (دور مجلس الدولة المصري في حماية الحقــوق والحريــات العامــة)‬
‫بقوله‪" :‬تتجه الحريات كلها لكي تتجمع حول البرلمان‪ ،‬فيجب تحقيق حرية الفكر والتعبير ألنهما أســاس‬
‫حــق اإلنتخــاب ‪ ،‬وهــذه األخــيرة هي أســاس حريــة البرلمــان‪ .‬وحريــة البرلمــان هي الضــمان للحريــات‬
‫األخرى"(‪.)134‬‬

‫وكذلك نجد أن اإلنتخاب يقضي حرية الرأي والصحافة وحرية إنشاء األحزاب السياســية الــتي تكــرس‬
‫من جهتها حرية الفكر واإلجتماع وتعدد اآلراء واإلتجاهات(‪.)135‬‬

‫إن كفالة الحقوق السياسية تمثل حجــر األسـاس أو نقطــة اإلرتكــاز إلمكـان ضــمان الممارســة الفعليــة‬
‫لكافـة الحقـوق والحريـات‪ ،‬فـالتالزم واضـح بين ممارسـة الحقـوق السياسـية والتمتـع بالحريـات العامـة‬
‫األخرى‪.‬‬

‫يتجب على الفــرد في المجتمــع ‪ ،‬حــتى يمكن للســطنة العامــة أن تــؤمن لــه التمتــع بحقوقــه وحرياتــه‬
‫السياســية‪ ،‬أن يكــون مواطنـا ً يتســم باإليجابيــة‪ ،‬من ناحيــة ضــرورة المشــاركة السياســية طبقـا ً للقواعــد‬
‫القانونية المقررة(‪.)136‬‬

‫‪ ) (134‬نقالً عن‪ :‬حسني قمر ‪ ،‬الحماية الجنائية للحقوق السياسية (دراسة مقارنه بين التشريعيين الفرنسي والمصري‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 18‬‬
‫‪B.O. OKERE, The Protection of human Rights in Africa and the African on Human and People’s Rights, A ) ( 135‬‬
‫‪.Comparative analasis with the European and American System, Human Rithts Quarterly, VI, 1984, P:66‬‬
‫‪ ) (136‬د‪ .‬محمد فايز حسين محمد‪ ،‬حقوق اإلنسان (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية ‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2016 ،‬ص ‪.47‬‬

‫‪77‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬‬

‫أنواع الحقوق السياسية‬

‫تبعا ً لما أشرنا إليه سابقا ً ‪ ،‬فإن إشــكالية تعريــف الحقــوق السياســية وتحديــد نطاقهــا وخصوصــيتها ‪،‬‬
‫تبقى من األمور األكثر تعقيداً على مستوى العلوم السياسية والقانونية فقها ً وتشريعاً‪.‬‬

‫فهناك من عرفها على أنها حــق الشــعب في المشــاركةفي الحيــاة السياســية في مجتمعهم‪ ،‬وهي تثبت‬
‫للشخص بإعتباره عضواً في جماعـة سياسـية معيّنـة والـتي تـتيح لألفـراد المسـاهمة في تكـوين اإلاريـة‬
‫الجماعية‪ ،‬وتشمل الحقوق حق اإلنتخاب وحق الترشيح واإلنتخــاب‪ ،‬وحــق إبــداء الــرأي في اإلنتخابــات‪،‬‬
‫وحق إبداء الرأي في اإلستفتاء‪ ،‬وحق تولي الوظائف العامة للدولة(‪.)137‬‬

‫وعلى هذا األساس فإن اإلتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية لم تولي أية إهتمام إلشكالية التعريف‪،‬‬
‫بل فقد حددت أنواع هذه الحقوق وشروط ممارستها ‪ ،‬وبالتالي فإن دراسة الحقــوق السياســية وأنواعهــا‬
‫تحتاج منا الى العمل على محاولة بناء معايير التمييز بين الحقوق السياسـية وتحديـد اإلطـار الــذي يليـق‬
‫بكل صنف منها‪ ،‬بناء على محددات معينة نعتبرها ذات أهميــة في عمليــة التميـيز‪ ،‬ورغم أننـا نــؤمن مـع‬
‫باقي وجهــات النظــر األخــرى بــأن الحقــوق السياســية تمثــل أهم حقــوق اإلنســان األساســية والطبيعيــة ‪،‬‬
‫وبالتالي فإن التداخل بين الحقوق السياسية والمدنية أحيانا ً يضــعنا أمــام تحــدي الفصــل والتميــيز بينهمــا‬
‫على إعتبار أن اإلعــتراف بــالحقوق المدنيــة وممارســتها يكــون في بعض األحيــان رهين قــرار سياســي‪،‬‬

‫‪ ) (137‬أ‪.‬د‪ .‬جابر ابراهيم الراوي‪ ،‬حقوق اإلنسان وحرياته األساسية في القانون الدولي والتشريعة اإلسالمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.178‬‬

‫‪78‬‬
‫وممارستها أيضا ً تكون لغاية سياسية‪ ،‬وهـو مــا يجعـل الحقــوق المدنيــة ذات طبيعــة سياسـية مثــل بعض‬
‫الحقوق الفردية التي سوف ندرسها في المحور الخاص بالحقوق السياسية الفردية‪.‬‬

‫من هنا يمكن القول بأن الحقوق السياسية وفق ما جاء في الموسة الحرة (الويكيسيديا)‪ :‬هي سلطات‬
‫تقررهــا فــروع القــانون العــام للشــخص بإعتبــاره ينتمي الى وطن معيّن (مــواطن) ‪ ،‬والــتي يســتطيع‬
‫بواســطتها أن يابشــر أعمالً معيّنــة يشــترك بهــا في إدارة شــؤون المجتمــع‪ ،‬مثــل‪ :‬حــق اإلنتخــاب وحــق‬
‫الترشيح وحق تولي الوزظائف العامة‪ ،‬وهذه الحقوق تقابلهــا واجبــات‪ ،‬وهي حــق الدولــة على المــواطن‬
‫الخدمة الوطنية والدفاع والحماية(‪.)138‬‬

‫وبنا ًء عليه‪ ،‬فإن التمييز في الحقوق السياسية ينحصر على نوعين أساسيين هما‪ :‬الحقوق السياســية‬
‫الفردية‪ ،‬والحقوق السياسية الجماعية‪ ،‬وفق ما سندرسه بتفصيل في المحور التالي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الحقوق السياسية الفردية‬

‫نقصد بالحقوق السياسية الفردية تلك الزمرة من الحقوق السياسية التي يمكن للفرد ممارستها بصفة‬
‫فردية دون حاجة الى مشاركة اآلخرين فيها‪ ،‬فهي يمكن أن تمارس فرديا ً ‪ ،‬كما تمارس جماعياً‪.‬‬

‫ونميّز في الحقوق السياسية الفردية بين تلك الحقوق السياســية بطبيعتهــا والمرتبطــة بغايــة سياســية‬
‫تقررها الدولة في قوانينها السياسية‪ ،‬وبين الــتي تكــون رهينــة قـرار سياســي فتقــرر أو تمنــع بنـا ًء على‬
‫قرار سياسي للدولة‪ ،‬وهنا يمكن التداخل بين الحقوق المدنية والحقوق السياسية‪.‬‬

‫وتعــني الحقــوق المدنيــة مجمــوع الحقــوق اللصــيقة بشــخص اإلنســان أو الحقــوق األساســية لكرامــة‬
‫وكينونة اإلنسان ونماءه‪ ،‬وتطوره‪ ،‬أو بعبارة أخــرى‪ ،‬هي مجموعــة الحقــوق الــتي تضــمن للفــرد حياتــه‬
‫وأمنه على شخصه وماله وشرفه‪ .‬ولهــذا يجب أن يتمتــع بهــذه الحقــوق جميــع األفـراد المتواجــدين على‬
‫إقليم أي دولة كانت وبغض النظر عن جنسياتهم(‪.)139‬‬

‫فالحقوق المدنية هي تلك الحقوق التي تقرر للشــخص بإعتبــاره إنســان بغض النظــر عن القــوانين أو‬
‫القرارات السياسية‪ ،‬وهي ما تشــكل لب حقــوق اإلنســان الطبيعيــة واألساســية‪ ،‬غــير أنــه يمكن في بعض‬
‫الحاالت والظروف منع وتقييد تمتع اإلنسان بها بنا ًء على قرار سياسي ولغاية سياســية تهــدفها الدولــه‪،‬‬
‫سواء في حالة السلم أو الحــرب‪ ،‬وهــو مـا سنســلط عليـه الضــوء في هـذا النـوع من الحقــوق السياســية‬
‫الفردية‪ ،‬ومنها على سبيل المثال الحق في الحياة والوجود والبقاء‪.‬‬

‫‪ ) (138‬د‪ .‬عباس فاضل الدليمي‪ ،‬الموسوعة الميسرة في حقوق اإلنسان (الحق‪$$‬وق المدني‪$$‬ة والسياس‪$$‬ية)‪ ،‬الج‪$$‬زء األول‪ ،‬دار ص‪$$‬فاء للنش‪$$‬ر والتوزي‪$$‬ع‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪ ،‬األردن‪2017 ،‬م‪ ،‬ص ‪. 79‬‬
‫‪ ) (139‬الدليل اإلرشادي الخاص بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ‪ ،‬مركز التطوير واألهلية الفلسطيني ‪2005 ،‬م ‪. 9 : 2 ،‬‬

‫‪79‬‬
‫العنصر األول‪ :‬الحق في الحياة والوجود والبقاء‬

‫إن أول مالحظـة قـد تبــدو للمطلــع والمختص في مجـال حقــوق اإلنسـان‪ ،‬أن القـانون الـدولي لحقــوق‬
‫اإلنسان ال يتكلم وال يشير من قريب أو بعيد لمفهوم الحق في الوجود والبقاء ‪ ،‬بل فقط للحق في الحياة‪.‬‬

‫وينص العهـد الـدولي الخـاص بـالحقوق المدنيـة والسياسـية على الحـق في الحيـاة في الفقـرة‪ 1‬من‬
‫المادة (‪ )6‬منه بالقول‪:‬‬

‫"الحق في الحياة حق مالزم لكل إنسان‪ .‬وعلى القـانون أن يحمي هـذا الحــق‪ .‬وال يجــوز حرمـان أحـد‬
‫من حياته تعسفاً"‪.‬‬

‫أما اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان فقــد نص على الحــق في الحيــاة في المــادة (‪ )3‬منــه‪" :‬لكــل فــرد‬
‫الحق في الحياة والحرية وفي األمان على حياته"‪.‬‬

‫كما أن كل إتفاقيات القوانين الدولية اإلقليمية سوا ًء األوروبية أو األمريكية أو العربية أو األفريقية أو‬
‫اإلسالمية؛ نصت على الحق في الحياة صراحةً ومنعت كــل إعتــداء أن مس بــه ســواء عن طريــق الحكم‬
‫باإلعدام أو بأية حالة أخرى‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الطبيعة السياسية للحق في الحياة‬

‫كثــيراً مــا يتعــرض الحــق في الحيــاة في العديــد من الــدول وألســباب سياســية إلى اإلنتهــاك‪ ،‬من خالل‬
‫أشكال مختلفة‪ ،‬مثــل‪ :‬التفجــيرات واإلغتيــاالت‪ .‬ويشــكل الخــوف الــدائم لألشــخاص من حصــول إغتيــاالت‬
‫إنتهاكا ً لحقوقهم في السالمة واألمن المنصوص عليها أيضا ً في الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية‬
‫والسياسية‪ .‬وتشكل األضرار الناجمة عن األلغام المضادة لألفراد أيضا ً نوع من أنواع إنتهاك حق الحيــاة‬
‫في الدول الــتي تعيش حالــة الحــرب‪ .‬ومن ناحيــة أخــرى تســتمر محــاكم بعض الــدول ‪ ،‬ولغايــة سياســية‪،‬‬
‫بإصدار أحكاما ً باإلعدام ‪ ،‬وحتى داخل نظام السجون يتم اإلبالغ عن وفاة سجناء (‪.)140‬‬

‫وهكذا فإن الدوافع السياسية تكون لها تأثيرات سلبية على المتمتع بالحق في الحياة واإلعتداء عليــه‪،‬‬
‫وفي هذا الصدد يلقي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والصـكوك الدوليـة األخـرى على‬
‫عاتق الدول عدداً من اإللتزامات اإليجابية على الرغم أن العهد الدولي يهتم ــ على ما يظهر من المــادة (‬
‫‪ )6‬ــ بالجانب اإليجـابي للحـق في الحيـاة ‪ ،‬المتمثـل في اإلمتنـاع عن اإلعتـداء عليـه تعسـفا ً ودون سـبب‬
‫قانوني‪ ،‬إال أن إجتهادات اللجنة المعنية بحقوق اإلنســان وغيرهــا من الهيئــات الرقابيــة التعاهديــة‪ ،‬ومن‬
‫خالل تفسيرها لمضمون الحق في الحياة ‪ ،‬تضع إلتزامات إيجابيــة على الــدول إحترامهــا‪ .‬إذ يــترتب على‬
‫الدول األطراف في اإلتفاقيــات عــدداً من اإللــتزامت اإليجابيــة ذات الصــلة بــالحق في الحيــاة ‪ ،‬وهي كلهــا‬

‫‪ ) (140‬عبدالواحد محمد الفار ‪ ،‬الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬مصر ‪2000 ،‬م ‪ ،‬ص ‪111‬ــ ‪. 112‬‬

‫‪80‬‬
‫تندرج ضمن إلتزام عام هو وجوب حماية الدول للحق في الحياة والحفــاظ عليــه وصــونه من أي مس أو‬
‫إعتداء أو سوء معاملة قد تؤدي الى اإلعتداء عليه بأي طريق أو وجه كان(‪.)141‬‬

‫وعليه فإن ما يتعلق بمضمون وطبيعة هذه اإللتزامات‪ ،‬يمكن إيضاحها على الشكل التالي‪:‬‬

‫ــ تتضمن اإلتفاقيات الدولية في مجال حقوق اإلنســان أحكامـا ً تقضــي بوجــوب قيــام الــدول األطــراف‬
‫بحماية الحق في الحياة قانونا ً ‪ ،‬وهـو نص فسـرته اللجنـة المعنيـة بحقـوق اإلنسـان وهيئـات المعاهـدات‬
‫األخرى بأنه (‪:)142‬‬

‫* يلقي على عــاتق الــدول إلــتزام بحمايــة الحــق في حيــاة كــل فــرد خاضــع لواليتهــا أو‬
‫إلختصاصها‪ ،‬فالدول ملزمة بسن تشريعات لمنع اإلعتداء على هذا الحق والمعاقبة عليه إن وقع‬
‫‪ ،‬وبحماية هذا الحق ضمن حدود واليتها‪.‬‬

‫* تلتزم الدول بحمايــة حيـاة األشــخاص مســلوبي الحريـة والمحتجـزين ‪ ،‬وقـد أقـرت اللجنــة‬
‫المعنيــة بحقــوق اإلنســان أن اإلختفــاء القســري أو الال إرادي لألفــراد يرجــع الى تقصــير الــدول‬
‫األطراف ذاتها بإتخاذ التدابير اإليجابية‪ ،‬وهذا ما يعد تقصيراً سياسيا ً للدولة في إتخاذ اإلجراءات‬
‫الالزمة لحماية الحق في الحياة ‪ ،‬وبالتــالي يصــبح الحــق في الحيــاة كمــا ســبق وأشــرنا إليــه من‬
‫الحقوق السياسية أو الحقوق المدنية ذات الطبيعة السياسية‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد ذهبت اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان إلى أن اختفاء أشخاص محتجــزين أو موقــوفين‬
‫من قبل السلطات العامة‪ ،‬هو بمثابة إعتداء على حقهمـ في الحياة‪ ،‬والحكمـ ذاتـه ينطبــق على حالــة الوفـاة‬
‫غــير المــبررة أو الخــير المفســرة تفســيراً معقــوالًـ ‪ ،‬للموقــوفين أو المحتجــزين أثنــاء فــترة التوقيــف أو‬
‫اإلحتجاز من قبل الجهات األمنية أوالعســكرية أو القضـائية داخـل الدولـة‪ ،‬وهــو مـا يجعــل القــرار حمايــة‬
‫الحق في اإلعتداء عليه سياسياً‪.‬‬

‫* تلتزم الدول األطراف في إتفاقيات حقوق اإلنسان بإتخــاذ اإلجــراءات الضــرورية الكافيــة ‪،‬‬
‫بغية منع تعرض حياة الخاضعين لواليتها الى الخطر‪ ،‬بسبب تقصيرها في نظم الرعايــة الصــحية‬
‫أو في نظم حمايـة الصـحة العامـة والبيئـة‪ ،‬فيتعيّن عليهـا إتخــاذ مــا تـراه مناسـبا ً وضــروريا ً من‬
‫اإلجراءات والتدابير الوقائية الهادفة لضمان حماية الصحة العامة وصحة السكان ومنــع التلــوث‬
‫البيئي‪ ،‬وتلـزم الــدول أيضـا ً بـإعالم األفــراد عن أيــة مخــاطر أو اضــرار بيئيـة‪ .‬ووضــحت اللجنــة‬

‫‪Fischer.D. Reporting Under the Convenant of Civil and Political roghts, the first live year of the Humain ) ( 141‬‬
‫‪.Rights Commette, The American Jornal of International law/Vol 122, 2013‬‬
‫‪ ) (142‬انظرأعمال اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان‪ ،‬التوصيات العامة‪ ،‬الكتب الصادرة عن اللجنة التابعة لألمم المتحدة‪،2002 ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪81‬‬
‫المعنيــة بحقــوق اإلنســان هــذه العالقــة الوطيــدة بين الحــق في الحيــاة والحــق في الرعايــة‬
‫الصحية(‪.)143‬‬

‫وبتأكيدها في تعليقها العام (‪ )6‬على الحق في الحياة يجب أن تفسر تفسيراً واسعا ً ‪ ،‬وطلبت من الدول‬
‫األطراف في العهد إتخاذ كافة التدابير الممكنة لرفع معدل حياة اإلنسان وتقليل وفيات األطفال (‪.)144‬‬

‫* باإلضافة الى اإللتزامات اإليجابية الموضوعية سابقة الذكر‪ ،‬تلتزم الدول بمــوجب القــانون‬
‫الدولي لحقوق اإلنسان ‪ ،‬بالتزام إيجابي إجرائي يتمثل في وجــوب القيــام بتحقيــق شــفاف وفعــال‬
‫عند وقوع إعتداء على الحياة والحرمان منها ‪ ،‬وتقع مسؤولية الدول في هذه الحالــة خاصــة في‬
‫حالة الحرب األهلية أو اال سلم والتي تمتنــع فيهــا الدولــة من القيــام بكافــة اإلجــراءات والتــدابير‬
‫التي تمنعه اإلعتــداء على الحــق في الحيــاة ‪ ،‬حيث يــترتب عن هــذا اإلمتنــاع مســؤولية سياســية‬
‫وقانونية للدولة‪ ،‬وهو ما يجعل الحق في الحياة في هذه الحالة حقا ً سياسيا ً خالصاً‪.‬‬

‫*ثمة إلــتزام إيجــابي آخــر يقـع على عـاتق الــدول األطــراف في إتفاقيــات حقـوق اإلنسـان يتعلــق‬
‫بــإحترام الحــق في الحيــاة وصــيانته‪ ،‬وهــو إلــتزام مســتمد من الصــلة بين الحــق في الحيــاة وبين تــأمين‬
‫الحاجيات األساسية‪ ،‬كالمأكل والملبس والمسكن وفرص الشغل والعمل الــتي تضــمن دخالً كريم ـاً‪ ،‬وهــذه‬
‫كلها مظاهر لحقوق اإلنسان اإلقتصادية واإلجتماعية(‪ ،)145‬فكل أهمال لها هو في حد ذاته أهمال للحق في‬
‫الحياة ومس به وإعتداء عليــه‪ ،‬وفي حــاالت كثــيرة يكــون هــذا األهمــال مقرونـا ً بأســباب سياســية يكــون‬
‫القصد منها أحيانا ً التصفية الجسدية والعرفية كما هـو الحـال في جريمـة اإلبـادة الجماعيـة الـتي تناولهـا‬
‫الحقاً‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬جريمة اإلبادة الجماعية والحق في الوجود‬

‫لم يكن مصطلح اإلبادة الجماعية معروفا ً قبل عام ‪1944‬م‪ ،‬وإن كــان كجــرم وفعــل موجــود في الواقــع‬
‫الدولي والوطني عبر قرون عانت منها البشرية في كل مكان وبأصناف شـتى‪ ،‬وهـو مصـطلح لـه مـدلول‬
‫خاص جداً‪ ،‬حيث يشير إلى تلك الجرائم من القتل الجمـاعي المرتكبــة بحــق مجموعـات معيّنــة من البشــر‬
‫بقصد تدمير وجودهم كلياً‪ .‬وهي بهذا تهدف تدمير األساسيات الضرورية لحياة مجموعة قوميــة‪ ،‬بهــدف‬
‫إبادتها وإنهاء وجودها(‪.)146‬‬

‫فاإلبادة الجماعية هي القتل المتعمد الجماعي لمجموعــة بشــرية كاملــة‪ ،‬تعــد من ضــمن الجــرائم ضــد‬
‫اإلنسانية‪ ،‬ووفقا ً للمادة ‪ 2‬من اإلتفاقية الخاصة بمنع اإلبادة الجماعيـة لسـنة ‪1944‬م‪ ،‬يمكن تعريفهـا من‬

‫‪ ) (143‬التعليق رقم ‪ 16‬للجنة المعنية بحقوق اإلنسان بتاريخ ‪1972‬م ‪ ،‬منشورات ووثائق أعمال اللجنة األمم المتحدة ‪ ،‬ص ‪. 42‬‬
‫‪ ) (144‬انظرأعمال اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان‪ ،‬التوصيات العامة‪ ،‬الكتب الصادرة عن اللجنة التابعة لألمم المتحدة‪2014 ،‬م‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪ ) (145‬أعمال اللجنة المعنية بحقوق‪ $‬اإلنسان ‪ /‬وثائق األمم المتحدة ص ‪ ، 46‬نفس المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ ) (146‬عبدالفتاح بيومي‪ $‬حجازي ‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية ‪ ،‬دار الفكر الجامعي ‪ ،‬مصر ‪2005 ،‬م ‪ ،‬ص ‪.36‬‬

‫‪82‬‬
‫خالل حصر عناصرها‪ ،‬وتنص هذه المادة على أن اإلبادة الجماعية تعني أيا ً من األفعــال التاليــة المرتكبــة‬
‫بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو أثنية أو عنصرية أو دينية بصفتها هذه‪:‬‬

‫* قتل أعضاء من الجماعة؛‬

‫* إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء الجماعة؛‬

‫* إخضاع الجماعة ‪ ،‬عمداً لظروف معيشية يراد بها تدميرها كليا ً أو جزئياً؛‬

‫* فرض تدابير تستهدف الحيلولة دون إنجاب األطفال داخل الجماعة؛‬

‫* نقل أطفال من الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى‪.‬‬

‫فمن خالل قراءة مضامين هذه المادة والحاالت الــتي أوردتهــا في تحديــد األفعــال الــتي تشــكل جريمــة‬
‫اإلبادة الجماعية ‪ ،‬نسجل المالحظات التالية(‪:)147‬‬

‫اإلبــادة الجماعيــة جريمــة ضــد اإلنســانية ‪ ،‬تهــدف التــدمير الكلي أو الجــزئي لفئــة أو‬ ‫‪.1‬‬
‫مجموعة بشرية أثنية او عرقية أو دينية إلنهاء ومحو وجودهــا من بين المجموعــات البشــرية‬
‫األخرى‪ .‬وهي بهذا تتضمن جريمة أخرى وهي الكراهية والتحريض عليها وما يرتبــط بهــا من‬
‫ممارسة للعنف والتعذيب الممنهج قصد إلحاق األذى البليغ والخطير بالمجموعة البشرية‪.‬‬
‫جريمة اإلبادة الجماعية تشكل عــدم إعــتراف مرتكبيهــا‪ ،‬ألفـراد وجماعــات المقــترف في‬ ‫‪.2‬‬
‫حقها هذا الفعل االجرامي ‪ ،‬بحقها في الحياة‪.‬‬
‫جريمة اإلبادة الجماعية تشكل أيضا ً عدم إعتراف بالحق في الكرامة اإلنســانية من خالل‬ ‫‪.3‬‬
‫ما تقوم به إخضاع جماعة عمداً وكرها ً وعنوةً‪ ،‬لظروف معيشية قاسية وغير إنسانية وحاطة‬
‫بالكرامة اإلنسانية‪.‬‬
‫تنقسم جريمة اإلبادة الجماعية من حيث نوع األفعال إلى نوعين‪:‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ــ نــوع يســتهدف كــل أفــراد الجماعــة البشــرية دون تميــيز‪ ،‬وبالتــالي فهــو تــدمير كلي‬
‫للجماعة ومحو وجودها فعليا ً وبأقصى سرعة ممكنة بما في ذلك األطفال والنساء الحوامل‬
‫والشــيوخ‪ .‬وهــذا مــا أقــره إعالن القــاهرة حــول حقــوق اإلنســان في اإلســالم بتــاريخ ‪5‬‬
‫أغسطس ‪1990‬م الذي نص في الفقــرة الثانيــة من المــادة الثانيــة منــه والــتي تتحــدث عن‬
‫الحق في الحياة‪ ،‬على‪" :‬يحرم اللجوء الى وسائل تفضي إلى إفناء الينبوع البشري"‪.‬‬
‫ــ نوع يستهدف بشكل موجه األطفالـ من خالل فعلين مختلفين‪:‬‬

‫‪ ) (147‬عبدالفتاح بيومي‪ $‬حجازي ‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪39‬ــ‪.41‬‬

‫‪83‬‬
‫أولهما ‪ :‬فرض تدابير تستهدف الحيلولة دون إنجابهم داخل الجماعة‪ ،‬بما في ذلك إبعــاد‬
‫األزواج عن بعضهم البعض بصفة خاصة والنساء عن الرجال بصفة عامة‪ ،‬وكذا إجهاض‬
‫النساء الحوامل وقتل األجنة التي في أرحامها‪.‬‬
‫وثانيها‪ :‬إبعاد األطفالـ عنوة وكرها عن ذويهم وأمهاتهمـ وأسرهم‪ ،‬إلى جماعــة أخــرى‪،‬‬
‫ممــا يشــكل إعتــداء على حقهم في الحيــاة والبقــاء‪ ،‬وذلــك بســبب حرمــانهم من الرعايــة‬
‫والحضــانة األســرية‪ ،‬ومــا قــد يتعرضــون لــه داخــل الجماعــة المنقــولين إليهــا من أفعــال‬
‫وتصرفات تهدد بقائهم كاإلهمال‪ ،‬وتعرضهم لكل صنوف المخاطر التي تهدد حياتهم‪.‬‬

‫يستنج مما سبق أن الحق في الحياة يصبح حقا ً سياسيا ً في حاالت وظروف معيّنة‪ ،‬حيث تتــداخل فيهــا‬
‫المدنية بالحقوق السياسية وأكثر من ذلــك أن الحقــوق السياســية تهيمن على الحقــوق المدنيــة‪ ،‬وتصــبح‬
‫معها ممارسة الحقوق المدنية األساسية رهينــة ومقرونــة بقــرار ألســباب سياســية‪ .‬وتمثــل لنــا التجــارب‬
‫الدولية في حاالت الحروب األهلية أو األضرابات أو في حالة الثورات نماذد حية واقعية لهذه الممارسات‬
‫التي يصبح فيها الحق في الحياة رهين قرار سياسي من الدولة وليس حقا ً طبيعا ً لإلنسان‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬عقوبة اإلعدام والحرمان من الحياة‬

‫يشكل الحق في الوجود والحياة والبقاء أسمى الحقوق إذ بدونه ال يمكن التمتع بأي حــق من الحقــوق‬
‫األخرى‪ ،‬وهو يعتبر وفقا ً للقانون الــدولي لحقــوق اإلنســان من الحقــوق األساســية‪ ،‬وعليــه اليجــوز معــه‬
‫الحكمـ باإلعــدام إال مــع احتياطــات تتعلــق بــالجرائم الخطــيرة وشــروط وإجــراءات ترتبــط بالضــمانات‬
‫الضرورية التي تتطلبها المحاكمة العادلة(‪.)148‬‬

‫وبنا ًء عليـه‪ ،‬نجـد أن الشـريعة اإلسـالمية والقـوانين الجنائيـة الوضـعية ذات المرجعيةاإلسـالمية هي‬
‫وحدها الــتي اعـترفت وأقـ ّرت الحـق في الوجـود والبقــاء كإمتـداد للحـق في الحيـاة وأوجهــه‪ .‬وهي بهـذا‬
‫ح ّرمت قتل اإلنسان في مرحلة األجنة‪ ،‬وج ّرمت اإلجهاض بإعتبــاره فعــل يهــدف إســقاط الجــنين من رحم‬
‫األم‪ ،‬وبالتالي فهو فعل قتل يدخل ضمن أفعال القتل بصفة عامة التي تجرمها القوانين الجنائية في العالم‪.‬‬
‫وسندها في ذلك هو أن اإلعتراف بالوجود اإلنساني ال يبدأ من الوالدة ‪ ،‬عكس مــا ذهبت إليــه اإلتفاقيــات‬
‫الدولية ذات الصلة بالقانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬بــل أن الوجــود اإلنســاني ســابق على الــوالدة‪ ،‬على‬
‫إعتبار أن اإلنسان ينمو أطواراً مختلفة داخل الرحم وخارجه‪ ،‬ومنها أطوار النمو في رحم األم‪.‬‬

‫‪ ) (148‬تقرير السيد بكر والي نداي المقرر الخاص بحاالت اإلعدام خارج نطاق القانون أو بإجراءات موجزة أو باإلعدام التعسفي عمالً بقرار لجنة‬
‫حقوق اإلنسان ‪2007‬م‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫ويالحظ أن اإلختالف بين المرجعيــة اإلســالمية والمرجعيــة الدوليــة في موضــوع الحــق في الوجــود‬
‫والحياة والبقاء‪ ،‬اليقف فقط عند مسألة اإلجهاض وجواز قتل الجنين أم ال؟ ‪ ،‬بل هو أكبر من ذلك ‪ ،‬حيث‬
‫يشمل اإلختالف حتى مرحلة ما بعد والدة اإلنسان‪.‬‬

‫فهذا المنطلق الفكر والمــرجعي لفهم الحــق في الحيــاة والوجــود وعــدم إباحــة الحــد منهمــا ألي ســبب‬
‫كان ‪ ،‬هو ما أقره إعالن القاهرة حول حقوق اإلنسان في اإلسالم الصادر في المــؤتمر اإلســالمي التاســع‬
‫عشر لوزراء الخارجية بتاريخ ‪ 5‬أغسطس ‪1990‬م ‪ ،‬والذي نص في المادة االتية منه أن‪:‬‬

‫أ‪ .‬الحياة هبة هللا وهي مكفولة لكل إنسان‪ ،‬وعلى األفـراد والمجتمعـات والـدول‪ ،‬حمايـة هـذا‬
‫الحق من كل إعتداء‪ ،‬واليجوز إزهاق روح دون مقتضى شرعي‪.‬‬

‫ب‪ .‬يحرم اللجوء إلى وسائل تقضي الى إفناء الينبوع البشري‪.‬‬

‫ج‪ .‬المحافظة على إستمرار الحياة البرية الى ما شاء هللا واجب شرعي‪.‬‬

‫د‪ .‬سالمة اإلنسان مصونة‪ ،‬واليجــوز اإلعتــداء عليهــا ‪ ،‬كمــا اليجــوز المســاس بهــا بــدون‬
‫مسوغ شرعي‪ ،‬وتكفلـ الدولة حماية ذلك‪.‬‬

‫فمن خالل استقراء هذه المادة الثانية من إعالن القاهرة يتضح جليـا ً أن واضــعي اإلتفاقيــة لم يــدرجوا‬
‫الحياة ضمن حقوق اإلنسان‪ ،‬بل إعتبروها هبة من هللا مكفولة لكل إنسان دون تمييز وال إســتثناء‪ ،‬وهــذا‬
‫ما يقتضي أنها ليست حقا ً يعطي لصاحبه حق التصرف فيه‪ ،‬بل ألزمت األفراد بالحفاظ عليها وعدم إتيــان‬
‫أي تصرف قد يؤدي الى إزهاق الروح إما زهاقا ً يمس حياتهم هُم بأنفسهم‪ ،‬أو إزهاقا ً يمس حق اآلخرين‬
‫في الحياة‪ ،‬كما منعت كل دولة من سن قوانين تقتضي إباحة إزهاق الروح أو إصدار أحكــام قضــائية تقــر‬
‫عقوبة القتل إال بنا ًء على مقتضى شرعي‪ .‬كما جعلت المحافظة على استمرار الحياة البشرية إلى ما شاء‬
‫هللا واجب شــرعي‪ ،‬يجب بمقتضــاه‪ ،‬على األفــراد والــدول حمايتهــا بكــل الوســائل والطــرق الممكنــة واال‬
‫يتخذان ما يكون من شأنه تضييق هذا الحق أو منعه أو القضاء عليه‪.‬‬

‫وهذا يختلف عنه في المرجعية الدولية‪ ،‬فالقانون الدولي لحقــوق اإلنســان‪ ،‬وان منــع عقوبــة اإلعــدام‬
‫إحتراما ً لمبدأ الحق في الحياة ‪ ،‬فإنه لم يجعل من عقوبة اإلعــداد مناقضــة لهــذا الحــق‪ ،‬بــل ســمح بــه في‬
‫حدود وجعله مقيّداً ببعض الشروط والضوابط‪ ،‬ويبدو ذلك جليا ً من خالل قراءة الفقــرة الثانيــة من المــادة‬
‫السادسة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي تقتضي مايلي‪:‬‬

‫(اليجوز في البلدان الــتي لم تلــغ عقوبــة اإلعــدام أن تحكم بهــذه العقوبــة إال جــزاء على أشــد الجــرائم‬
‫خطورة وفقا ً للتشريع النافذ وقت إرتكاب الجريمة وغير المخالفة ألحكام هذا العهد‪.)..‬‬

‫‪85‬‬
‫فإستقراء هذه الفقرة من المادة السادسة من اإلتفاقية‪ ،‬يتضح أن القانون الــدولي لحقــوق اإلنســان لم‬
‫يمنع نهائيا ً عقوبة اإلعدام ولم يحض الدول على إلغائها كليا ً ونهائياً‪ ،‬بل جعلها مباحة في بعض الجــرائم‬
‫التي يعتبرها أشد خطــورة‪ ،‬وهــو التفســير الــذي ذهبت اليــه لجنــة حقــوق اإلنســان في تعليقهــا على هــذه‬
‫المادة المتعلقة بالحق في الحياة‪ .‬وقد جاء في التعليق ما يلي‪:‬‬

‫(مع أنه يستنتج من المادة ‪ 6‬ــ‪ 2‬و ‪ 6‬ــ ‪) 6‬ـ أن الدول األطراف ليست ملزمـةً بإلغــاء عقوبــة اإلعــدام‬
‫إلغا ًء تامـا ً ‪ ،‬فإنهــا ملزمــة بالحــد من إســتخدامها ‪ ،‬السـيّما بإلغــاء الحكم بهــا إال في حالــة إرتكــاب "أشــد‬
‫الجرائم" لذلك ينبغي لها أن تفكر في إعادة النظر في قوانينها الجنائية في ضوء مــا ســبق‪ ،‬وهي ملزمــة‬
‫على أي حال بعصر تطبيق عقوبة اإلعدام على " أشد الجرام خطورة")‪.‬‬

‫وفسرت اللجنــة المعنيــة في مناســبة أخــرى‪ ،‬مــدلول عبــارة "أشــد الجــرائم خطــورة" على أنهــا تلــك‬
‫الجرائم المتعمدة التي تسفر عن نتائج مميتـة أو نتـائج أخـرى بالغـة الخطـورة‪ .‬وأعتـبر المقـرر الخـاص‬
‫المعني بحاالت اإلعــدام خــارج نطــاق القــانون أو بــإجراءات مــوجزة أو اإلعــدام التعســفي‪ ،‬أنــه ينبغي أن‬
‫تعتبر لفظ "المتعمدة" معادلة لسبق اإلصرار وينبغي أن تفهم على أنها نيّة القتل المتعمد(‪.)149‬‬

‫ويبــدو من خالل تفســير لجنــة حقــوق اإلنســان لمــدلول المــادة السادســة من العهــد الــدولي الخــاص‬
‫بــالحقوق المدنيــة والسياســية ومــدلول عبـارة "الجــرائم األشــد خطــورة"‪ ،‬أن اللجنــة تعتــبر أن القــانون‬
‫الدولي لحقوق اإلنسان لم يجعل من الحق في الحياة حقا ً مطلقا ً اليجوز تقييده ‪ ،‬بل أجاز للدول بنــا ًء على‬
‫قوانينها الجنائية وسلطتها التقديرية‪ ،‬أن تضع حداً لهذا الحق وتقييده في حاالت وأفعال جرميــة تعتبرهــا‬
‫ذات خطورة شديدة مع شرط إرتكابها بشكل متعمد‪.‬‬

‫كما أن القوانين الدوية اإلقليمية لحقوق اإلنسان ذهبت في نفس إتجاه القانون الدولي الكوني لحقــوق‬
‫اإلنسان ‪ ،‬واعتبرت أن تفنيذ عقوبة اإلعدام ليس ممنوعا ً قطعياً‪ ،‬بل هو جائز في حاالت محددة تقتضــيها‬
‫القــوانين الجنائيــة للــدول(‪ .)150‬وبالفعــل هــذا مــا جــاءت بــه اإلتفاقيــة األوربيــة لحمايــة حقــوق اإلنســان‬
‫والحريات األساسية ‪ ،‬حيث نصت في المادة الثانية منها المتلعقة بــالحق في الحيــاة والحالــة الــتي يجــوز‬
‫فيها وضع حد لها على أن‪ ( :‬القانون يحمي حق اإلنسان في الحياة‪ .‬واليجوز إعدام أي إنســان إال تنفيــذاً‬
‫لحكم قضائي بإدانته في جريمة يقتضي فيها القانون هذه العقوبــة) ‪ ،‬وبالتــالي فالقــانون الــدولي األوربي‬
‫لحقوق اإلنسان جعل حق الحياة حقا ً أساسيا ً غير أنه أجاز للدول األوروبية أن تضع حداً له بتنفيذ عقوبة‬
‫اإلعدام‪ ،‬على أن تكون هذه العقوبة مقرونة بشرطين أساسين هما‪:‬ـ‬

‫‪ ) (149‬المقرر الخاص المعني بحاالت اإلعدام خارج القانون او باإلجراءات موجزة أو باإلعدام التعسفي ‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ ) (150‬أحمد عبدالستار ‪ ،‬عقوبة اإلعدام في القانون الدولي (دراسة مقارنة) ‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر ‪2009‬م ‪ ،‬ص ‪.123‬‬

‫‪86‬‬
‫أوال ‪ :‬أن تكون عقوبة اإلعدام منصوص عليها في القانون الجنائي للدول األوروبية في حالــة‬
‫إرتكاب نوع معيّن من الجرائم‪.‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬أن تكون عقوبـة اإلعـدام نتيجـة حكم قضـائي صـادر عن محكمـة مختصـة تنفيـذاً لنص‬
‫قانوني يقتضي مثل هذه العقوبة‪.‬‬

‫كما أن اإلتفاقية األمريكية لحقوق إلنسان‪ ،‬نصت في المادة الرابعة منهــا على نفس المقتضــى والحكم‬
‫الذي جاءت به اإلتفاقية األوربية لحقوق اإلنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬حيث نصت‬
‫على أنه‪( :‬اليجوز في البلـدان الــتي لم تلـغ عقوبـة اإلعـدام أن توقـع هــذه العقوبـة إال على أشـد الجـرائم‬
‫خطــورة ‪ ،‬وبمــوجب حكم قضــائي نهــائي صــادر عن محكمــة متخصصــة ووفق ـا ً لقــانون ينص على تلــك‬
‫العقوبة‪ ،‬ويكون نافذاً قبل إرتكاب الجريمة)‪ .‬وبنــاء على المــادة الرابعــة الســالفة الــذكر يتــبيّن أن إصــدار‬
‫عقوبة اإلعدام في اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان مقرون بتوافر ثالث شروط‪ ،‬وهي(‪:)151‬‬

‫‪ .1‬أن يقترن بجرائم ذات خطــورة شــديدة‪ ،‬دون تحديــد معــايير ومـدلول لفـظ الجريمـة أشــد‬
‫خطورة‪.‬‬

‫‪ .2‬أن تكون عقوبة اإلعدام منصوص عليها بمقتضى قانون‪.‬‬

‫‪ .3‬أن يكون حكم اإلعدام نهائيا ً وصادراً عن محكمة مختصة تنفيذاً للقانون‪.‬‬

‫يستنتج مما سبق أن القانون الدولي لحقوق اإلنسان سوا ًء الكوني منــه أو اإلقليمي‪ ،‬وعلى عكس مــا‬
‫يروج له بأنها قوانين تعترف بالحق في الحياة غير القابل أي تقييد‪ ،‬وتمنع عقوبة اإلعدام وتشجع الدول‬
‫على إلغائها‪ ،‬ليس إال ترويجا ً لكالم زائف‪ ،‬وأن الذين يدافعون عن أحكام هذه اإلتفاقيــات ويعتــبرون أنهــا‬
‫تكرس الحق في الحيــاة وتجعلــه حقـا ً أساســيا ً من ضــمن حقــوق اإلنســان‪ ،‬لم يقــرؤا جيــداً مضــمون هــذه‬
‫اإلتفاقيات ولم يفهموا مضامينها‪ ،‬حيث اليوجد أي تأكد على إلغائها أو الدعوة الى ذلك‪.‬‬

‫كما ان هذه اإلتفاقيات هي األكثر تنصيصا ً وتحريا ً على تنفيذ عقوبة اإلعدام وجوازهــا‪ ،‬وبالتــالي فهي‬
‫التعترف بالحق في الحياة والتجعله حقا ً أساسيا ً أو مقدسا ً إال في حدود جــد ضــيقة‪ .‬ودليلنــا في ذلــك أنهــا‬
‫أوالً‪ :‬لم تح ّرض الدول على إلغاء عقوبة اإلعدام بإلغاء تماما ً وقاطعا ً إعترافا ً للحق في الحيــاة‪ ،‬مــا يشــكل‬
‫سنداً قانونيا ً دوليا ً قويا ً في إقرار عقوبة اإلعدام والحكمـ بها‪ .‬وثانياً‪ :‬أنها وسعت من حــاالت تنفيذ عقوبــة‬
‫اإلعدام بالتنصيص على أنه يمكن تنفيــذها في "الجــرائم األشــد خطــورة"‪ ،‬وهي عبــارة عامــة ومبهمــة‪،‬‬
‫تعطي للدول سلطة تقديرية واسعة في التنصيص على عقوبة اإلعدام وإقــرار مــا يـدخل ضـمن "الجـرائم‬
‫األشد خطورة" في قوانينها الجنائية‪ .‬وهي سلطة تقديرية ستوسع من حاالت "الجرائم األشــد حطــورة"‬

‫‪ ) (151‬أحمد عبدالستار ‪ ،‬عقوبة اإلعدام في القانون الدولي (دراسة مقارنة) ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.126‬‬

‫‪87‬‬
‫بناء على تقدير كل دولة‪ ،‬فما سيشكل جريمة خطــيرة في دولــة مــا قــد اليشــكل جريمــة خطــيرة في دولــة‬
‫أخرى‪ ،‬وهو ما سيجعل اإلختالف كثيراً بين الدول في تحديــد هــذه الجــائم في ظــل غيــاب واضــح لمعــايير‬
‫تحديد الجرائم األشد خطورة ومدلولها(‪.)152‬‬

‫وبالرجوع الى الشريعة اإلســالمية‪ ،‬نجــدها المرجعيــة الوحيــدة الــتي جعلت من الحــق في الحيــاة حقـا ً‬
‫مقدسا ً وربطته بالحق في الوجود األصلي لإلنسان‪ .‬وهي المرجعية الوحيــدة الــتي منعت اإلجهــاض منعـا ً‬
‫كليا ً وأق ّرت حماية خاصة لحق الجنين في الحياة‪ .‬كما أنهــا لم تجــر عقوبــة اإلعــدام أو القتــل إال في حالــة‬
‫واحدة ووحيدة فقط وأن تكون بمقتضى شرعي‪ ،‬ويتعلق األمر بجريمة القتــل في حــد ذاتهــا‪ ،‬على إعتبــار‬
‫أن الحق في الحياة حق مقدس فاليجوز‪ ،‬ألي سبب كان قتل النفس إال خطئ ـا ً أو كعقوبــة على قتــل ســابق‬
‫للنفس اإلنســانية(‪ .)153‬وبالتــالي فالشــريعة اإلســالمية لم تعــط لإلنســان الحــق في تقــدير وإجــازة عقوبــة‬
‫اإلعــدام أو القتــل‪ ،‬إال إذا كــان ذك عقوبــة على جريمــة واحــدة بمقتضــى شــرعي وهي قتــل النفس عمــداً‬
‫مصداقا ً لقوله تعالى في سورة المائدة اآلية (‪" )45‬وكتبنا عليهم فيهــا أن النفس بــالنفس والعين بــالعين‬
‫واألنف باألنف واألذن باألذن والسن بالسن والجرو قصاص"‪.‬‬

‫وبخصوص عالقة عقوبة اإلعدام بحق األطفال في الحياة‪ ،‬فقد أقتضت المواثيق الدولية السالفة الذكر‬
‫‪ ،‬أنه اليجوز الحكمـ باإلعدام في الدول التي لم تلغ هذه العقوبة في ثالت حاالت‪:‬‬

‫‪ .1‬األشخاص الذين لم يبلغوا سن الثامنة عشرة وقت إرتكاب الجريمة‪.‬‬

‫‪ .2‬الحوامل أو األمهات الحديثات الوالدة‪.‬‬

‫‪ .3‬األشخاص الذين ًأصبحوا فاقدين لقواهم العقلية‪.‬‬

‫وهو نفس اإلتجاه الذي ذهب إليه القانون الجنائي المغربي في المادة (‪ ،)154()404‬والذي جعل عقوبة‬
‫اإلعدام محددة بضوابط ومعايير تحكمها وهي‪:‬‬

‫ــ اليحكم باإلعدام وال بالسجن المؤبد على القاصرين دون سن ‪ 18‬سنة‪.‬‬

‫ــ اليمكن تفيذ عقوبة اإلعدام في حالة المرأة الحامل إال بعد سنتين من وضع حملها‪.‬‬

‫كما أن الهيئة العلمية المكلفة باإلفتاء المغربية أصدرت فتوى في مسألة جواز قتــل األطفــال في إطــار‬
‫ما يسمى بالموت الرحيم‪ ،‬أو القتل الرحيم في حالة مولود مريض مرضا ً ال يرجى برؤه ويقــود حتم ـا ً الى‬
‫الموت‪ ،‬وأقرت أنه اليجوز شرعا ً اإلقدام على التعجيــل بمــوت المــريض المتــألم‪ ،‬والميــؤوس من عالجــه‬
‫‪ ) (152‬احمد شحاته‪ ،‬حماية حقوق اإلنسان في القانون الدولي والوطني‪ ،‬دار ابن لقمان للنشر والتوزيع‪2014 ،‬م‪ ،‬مصر‪ ،‬ص ‪.241‬‬
‫‪ ) (153‬عبدالفتاح احمد الزهراني‪ ،‬حقوق اإلنسان في اإلسالم ‪ ،‬مطبعة القاهرة للنشر والتوزيع ‪ ،‬مصر ‪2015 ،‬م‪ ،‬ص ‪.213‬‬
‫‪ ) (154‬القانون رقم ‪ 15 / 73‬تغير وتتميم القانون الجنائي ‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 15 ،6491‬يوليو ‪2016‬م ‪ ،‬ص ‪5992‬‬

‫‪88‬‬
‫وشفائه‪ ،‬تحت ذريعة ما يسمى بالموت الرحيم‪ ،‬مهما طال به المــرض‪ ،‬وشــتد بــه األلم‪ ،‬ســوا ًء من تلقــاء‬
‫نفسه أو من الطبيب المشرف على مداواتــه‪ ،‬بقــدر مــا يبغي لكــل منهمــا ‪ ،‬ويتعين في حقــه عمــل مــا هــو‬
‫مطلــوب من وســائل العالج والتخفيــف من شــدة األلم مــا أمكن‪ ،‬على أن يفــوض األمــر بعــد ذلــك الى هللا‬
‫تعالى‪ ،‬ويترك بين يديه سبحانه‪ ،‬إذ ال يعلم المرء ما يخفيه له القــدر من شــفاء وطــول العمــر أو قصــره ‪،‬‬
‫وهلل في خلقه شــؤون‪ .‬وهــذا الحكمـ الشــرعي المســتفاد في المســألة من النصــوص الشــرعية ومقاصــدها‬
‫األساسية ‪ ،‬هو الرأي الوجيه والسديد(‪.)155‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬الحق في المساواة في القيمة اإلنسانية العامة‬

‫يعتــبر الحــق في المســاواة من الحقــوق المدنيــة األصــلية‪ ،‬والــتي تشــكل المــدخل األول للتمتــع بكافــة‬
‫الحقوق األخرى وخاصة منها الحقوق السياسية‪.‬‬

‫غير أن الحق في المســاواة يعــني أن يكــون لجميــع النــاس نفس القيمــة‪ ،‬وأن يعــاملوا بشــكل متكــافئ‬
‫بغض النظر مثالً عن اإلنتماء العرقي أو الجنسي أو اإلعاقة أو أي ألي سبب آخر(‪.)156‬‬

‫هذا المبدأ معناه هو ان الناس سواسية بحسب خلقهم األول وال مجال للمفاضلة بينهم إال على أســاس‬
‫إعتبارات الكفاءة وما يقدمه كل منهم من جهد مشروع نتج‪ ،‬وعلى هذا األساس فــإنن ال نجــافي الحقيقــة‬
‫إذا قلنا أن حقوق اإلنسان في اإلسالم إنما هي ذات طابع عالمي‪ ،‬وهي بذلك تكون قد سبقت األفكــار الــتي‬
‫بدأت تطرح مؤخراً عن عالمية هذه الحقوق‪.‬‬

‫وقد جاء التوكيد على الحق في المسـاواة في مواضـع كثـيرة من آيـات الكتـاب منهـا‪ ،‬قولـه تعـالى في‬
‫سورة الحجرات‪" :‬يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكمـ شعوبا ً وقبائـل لتعــارفوا إن أكــرمكم‬
‫عند هللا أتقاكمإن هللا علم خبير"‪.‬‬

‫وقوله تعالى في سورة المائدة‪" :‬يـا أيهـا الـذين آمنـو كونـو قـوامين هلل شـهداء بالقسـط واليجـرمنكم‬
‫شنئآن قوم على أال تعدلو إعدلوا هو أقرب للتقوى وأتقو هللا إن هللا خبير بما تعملون"‪.‬‬

‫كما ورد التأكيد على الحق في المساواة في القيمة اإلنســانية من خالل أحــاديث النــبي صـلى هللا عليــه‬
‫وسلم حيث قال‪ " :‬أيها الناس إن ربكم واح وان ابــاكم واحــد كلكم آلدم وآدم من تــراب ليس لعــربي على‬
‫أعجمي وال أعجمي على عــربي وال أحمــر على أبيض وال أبيض على أحمــر فضــل إال بــالتقوى أال هــل‬
‫بلغت؟ اللهم فأشهد أال فليبلغ الشاهد منكم الغائب"‪.‬‬

‫‪ ) (155‬فتاوي الهيئات العلمية المكلفة باإلفتاء ‪ ،‬منشورات المجلس العلمي األعلى‪ ،‬ص ‪.100‬‬
‫‪Bousyt. M: la distinction juridique, Centre des Droits civils et politiques et les droits econonmiques et ) ( 156‬‬
‫‪.sociaux culturelles Droits l’Homme, Paris, 1975, P: 95‬‬

‫‪89‬‬
‫والثابت أن الرسول الكريم صلى هللا عليه وســلم في رفضــه للعنصــرية والتميــيز بين البشــر لم يقــف‬
‫عند حد المستوى التنظيري وإنما طبق ذلك على المســتوى العملي‪ ،‬فقــد إســتعملـ عليــه الصــالة والســالم‬
‫لوظيفة األذان وهي من الوظائف الدينية المعتبرة عبداً حبشيا ً أســود هــو بالل بن ربــاح رضــي هللا عنــه‪،‬‬
‫كمــا كــان من بين صــحابته األجالء من هم منحــدرون من أعــراق مختلفــة كصــهيب الــرومي وســلمان‬
‫الفارسي‪.‬‬

‫والواقع أن المساواة في القيمة اإلنسانية العامة بين الناس جميعا ً في نظــر التشــريع اإلســالمي تبــدوا‬
‫جلية للغاية إذا ما قورنت بما كان عليه الحال واليــزال في ظــل الشــرائع والنظم القانونيــة الوضــعية على‬
‫إمتداد الزمان‪ ،‬ولعل من األمثلة على ذلك الحاالت الثالث اآلتية‪:‬‬

‫الحالة األولى‪ :‬حالة الهند القديمة والتي كــانت كتبهــا المقدمــة تفاضــل بين البراهمــيين أتبــاع‬
‫براهمــا وبين غــيرهم من األفــراد‪ ،‬حيث أن البراهميــيين وحــدهم الــذين يحــق لهم التمتــع بكافــة‬
‫الحقوق أمــا مــا عــداهم من المنبــوذين فليس لهم إال أن يكونــوا خــدما ً لغــيرهم‪ ،‬حيث أنهم رجس‬
‫ونجس فال يصــح لهم لمســهم وال مــؤاكلتهم وال مصــاهرتهم وال اإلرتبــاط بهم بــأي عالقــة غــير‬
‫عالقة السيد بالمسود‪.‬‬

‫الحالية الثانية‪ :‬حالة اليونايين األقدمين الذين كانوا يعتقدون أنهم وحــدهم شــعب هللا المختــار‪ ،‬وبــذلك‬
‫فهم يسمون على غيرهم من الشعوب األخــرى الــذين أطلقــواـ عليهم اســم الــبرابرة‪ .‬وواجب اليونــايين أن‬
‫يعملوا بمختلف الوسائل على أن يردوا هؤالء البرابره الى المنزلة الــتي خلقــوا لهــا ‪ ،‬وهي منزلــة الــرق‬
‫وإن حرب يشنها اليونايين لهذا الغرض إنما هي حرب مشروعة‪.‬‬

‫الحالة الثالثة‪ :‬حالة الرومان الذين كانت قــوانينهم ونظمهم اإلجتماعيــة تصــنف ســكان اإلمبراطوريــة‬
‫الى مجموعتين من البشــر لكــل منهــا قانوهــا الخــاص الــذي يحكمهــا الرومــان من جهــة ومــا عــداهم من‬
‫الشعوب األخرى‪ ،‬وهذه الشعوب خلقت بحسب القانون الروماني من فصيلة إنسانية وضعية وأنها خلقت‬
‫ليكون أفرادها رقيقا ً للرومان‪.‬‬

‫وقد ورد الحق في المساواة في العديد من اإلتفاقيات الدولية‪ ،‬ويضع اإلعالن العالمي لحقوق اإلنســان‬
‫مبدأ المساواة في مقدمــة إعالنــه‪ ،‬واعتــبر أن المســاواة هي أســاس الحريــة والعــدل والســالم والعــالمي‪،‬‬
‫بدونها يكون تهديــد الســلم واألمن الــدوليين متاحـا ً ‪ ،‬وهكــذا جــاء في ديباجــة اإلعالن مــا يلي‪ ( :‬بمــا أن‬
‫لجميــع أعضـاء البشـرية من كرامــة أصــلية فيهم‪ ،‬ومن حقـوق متسـاوية وثابتـه‪ ،‬يشـكل اســاس الحريـة‬
‫والعدل والسالم في العالم)‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫وهو نفس اإلعتبار الذي سار عليــه كــل من العهــدين الــدولين الالحقين على اإلعالن بــإقرار اإلرتبــاط‬
‫الالزم بين الحق في المساواة والسالم العالمي‪ ،‬كما أن القوانين الدولية واإلقليميــة إتخــذت نفس المســار‬
‫بــاإلعتراف بالقيمــة الســامية للحــق في المســاواة بين البشــر ‪ ،‬ولمــا لهــذا الحــق من آثــار إيجابيــة على‬
‫اإلنسانية‪.‬‬

‫لــذا فــإن عــدم المســاواة من أبــرز أســباب الثــورتين اللــتين شــهدهما العــالم‪ ،‬وهمــا الثــورة الفرنســية‬
‫واألمريكية‪ ،‬وهي مازالت سببا ً رئيسيا ً لكل الحركــات النضــالية واإلحتجاجــات اإلجتماعيــة الــتي يشــهدها‬
‫العالم‪ ،‬وخير دليل تجربة الربيع العربي‪ ،‬حيث كان أول شعار رفع من قبــل كــل حــاالت اإلحتجــاج العــربي‬
‫هو شعار المساواة ورفض كل أشكال التمييز‪.‬‬

‫كما أن النظام اإلشتراكي الماركسي قام في فلسفته على أساس مبــدأ المســاواة الــذي يعتــبره مــاركس‬
‫غائب ـا ً في الحيــاة اإلجتماعيــة والسياســية واإلقتصــادية‪ ،‬حيث التوجــد إال حــاالت ومظــاهر متعــددة من‬
‫الالمساواة واإلستعالل اإلجتماعي بين الطبقات اإلجتماعية‪ ،‬وعلى هذا األساس قامت الثــورة البولشــيفية‬
‫الروسية سنة ‪1917‬م‪ ،‬واعتبرت الثورة أن المساواة لن تقوم إال بناء على قرار سياسي جريء(‪.)157‬‬

‫وأقر ميثاق األمم المتحدة مبدأ حق المساواة بين جميع األمم والشعوب‪ ،‬وقد أشــارت ديباجــة الميثــاق‬
‫الى "ما للرجال والنساء واألمم كبيرها أو صغيرها من حقوق متساوية"‪ ،‬وكــذلك أدى عــدم التميــيز بين‬
‫الشعوب بسبب العرق أو الدين والجنس واللغة‪ ،‬وجــاء في المــادة األولى من الميثــاق أن من بين أهــداف‬
‫منظمة األمم المتحدة تعزيز احترام حقوق اإلنسان والحريات األساسية للناس جميعاً‪ ،‬وتلزم المادة ( ‪)55‬‬
‫من ميثاق األمم المتحدة بأن تشيع في العالم احترام حقوق اإلنسان والحريات األساســية للجميــع‪ ،‬ونفس‬
‫المعنى ورد في المادة (‪ ،)62‬التي تدعو المجلس اإلقتصادي واإلجماعي الى أن يعمل على تنفيذ مــا ورد‬
‫بالمادة (‪ )76‬من الميثاق التي تحث المجلس على تنفيذ نشر احترام حقوق اإلنسان والحريــات األساســية‬
‫للجميع دون التمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين أو التفريق بين الرجال والنساء‪.‬‬

‫كما أن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان جاءت مادته األولى لتحث على مبدأ المســاواة مثــل المســاواة‬
‫في اإلشتراك في إدارة الشــؤون العامــة والحــق في تقلــد الوظــائف العامــة والحــق في التصــويت‪ .‬وحظــر‬
‫اإلعالن التمييز على أسس تخالف ما ورد في الميثـاق ‪ ،‬وهكـذا ورد في المـادة الثانيـة أن " لكـل إنسـان‬
‫حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في اإلعالن‪ ،‬دون تمييز بسب العنصر أو اللون أو الجنس أو‬
‫اللغة أو الدين أو الرأي أو األصل الوطني أو اإلجتماعي أو الثروة أو الميالد أو أي وضع آخر "كمـا تقـر‬
‫المادة السابعة" أن الناس جميعا ً سواء أمام القانون وهم متساوون في حق التمتع بحماية القــانون‪ ،‬كمــا‬

‫‪157‬‬
‫‪( )Bousyt. M: Idem, P:39-41.‬‬

‫‪91‬‬
‫يتســاوون في حــق التمتــع بالحمايــة من أي تميــيز ينتهــك هــذا اإلعالن ومن أي تحــريض على مثــل هــذا‬
‫التمييز"‪.‬‬

‫أما المــادة ‪ 26‬من العهــد تكــرس الحــق في المســاواة أمــام القــانون وعــدم التميــيز "جميــع النــاس‬
‫متساوون أمام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق المساواة في التمتع بحماية" ‪ ،‬وينص العهد أيضـا ً‬
‫على أن "يحظر القانون في هذا المجال أي تمييز ويكفل لجميع اإلشخاص على السواء حمايــة فعالــة من‬
‫التمييز ألي سبب كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي وغيره"‪.‬‬

‫كما أن وثيقة حقوق اإلنسان في اإلسالم قد نصت على أن الناس سواســية أمــام الشــرع‪ ،‬يســتوي في‬
‫ذلك رئيس الدولة والفرد العادي‪ ،‬وحــق اإللتجــاء الى القضــاء مكفــولـ للجميــع ‪ ،‬امــا المــادة العاشــرة من‬
‫الوثيقة فقد أكدت على حق الجميع في التعليم وأن التعليم واجب على الدولة‪.‬‬

‫العنصر الثالث‪ :‬الحق في الحرية السياسية‬

‫يعتبر الحق في الحرية بصفة عامة من الحقوق األساسية‪ ،‬والطبيعية‪ ،‬وهــو حــق مــدني أصــلي‪ ،‬غــير‬
‫أنــه تكــون لــه طبيعــة سياســية في حــاالت عــدة خاصــة في ظــل األنظمــة غــير الديمقراطيــة والشــمولية‬
‫واإلستبدادية‪ ،‬حيث ان الحرية قد تكون منعدمة بسبب طبيعة النظام السياسي للدولة‪.‬‬

‫وإذا كانت ممارسـة الحريـة تكـون بشـكل طـبيعي في األنظمـة الديمقراطيـة دون قيـود إال مـا يقتضـيه‬
‫القانون من حدود لها قصد تنظيم المجتمع وأمنه وسـالمته‪ ،‬فإنهـا تكــون غـير طبيعيــة بــل أكـثر من ذلــك‬
‫تكون مهددة ومنعدمة في أنظمة ساسية ديكتاتورية وشمولية‪ ،‬حيث تصبح الحرية معاكسة ومخفية لهذه‬
‫األنظمة‪ ،‬وبالتالي فإنها تكون مقيّدة الى اكبر حد ممكن ما يجعل ممارستها شبه مستحيلة‪ ،‬وكل ممارســة‬
‫لها يكون خارج القانون الذي يقيّدها ويمنعها مما يسقط المطالبين بالحرية في المسؤولية الجنائية‪ ،‬وهو‬
‫ما تعان منــه الكثـير من المجتمعــات واألفـراد الــذين يتعرضـون لإلعتقــاالت والســجون وإنتهــاك حـريتهم‬
‫خارج القانون ويتعرضون لإلختفاء القصري والتعذيب والتصفية الجسدية‪.‬‬

‫وهكذا فبدل من أن تكون الحرية حقا ً طبيعيا ً مطلقاً‪ ،‬حيث يولــد النــاس أحــراراً‪ ،‬وأن تكــون ممارســتها‬
‫دون حاجة لتدخل الدولة إلقرارها‪ ،‬فإنها تصبح ممنوعة مقيّدة ال يتمتــع بهــا األفــراد إال بنــاء على قــرار‬
‫سياسي من الدولة غير الديمقراطية‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫ويمكن تقديم تعريف عام للحرية يشــمل جميــع أنـواع الحريـة الممكنــة‪ ،‬وهــو كمـا يلي‪" :‬الحريـة هي‬
‫غياب اإلكراه" ‪ ،‬وألخذ بعين اإلعتبار التعقيد في مجال تعريــف الحريــة والبرهنــة على وجودهــا أو عــدم‬
‫وجودهــا نستحضــر قولــة الفيلســوف ألن يقــول فيهــا‪" :‬إن تقــديم حجــة على وجــود الحريــة ســيقتل‬
‫الحرية"(‪.)158‬‬

‫ويسود اإلعتقـاد في الـدول اإلسـتبدادية على أن الحريـة السياسـية هي منبـع المشـاكل في المجتمـع ‪،‬‬
‫وأنها تهدد أمن الدولة والمجتمــع ألن األفــراد يفضــلون دائمـا ً الخــروج عن القــانون‪ ،‬وأن وجــود الدولــة‬
‫ضرورة سياسية‪ ،‬وهي بهدفها وســعيها الى التضــييق على الحريــات والحقــوق السياســية هــو في ســبيل‬
‫تنظيم المجتمع وحمايته من اإلضطرابات اإلجتماعية التي تهدد سالمته وأمنه‪ ،‬وعليه وإنطالق ـا ً من مبــدأ‬
‫الغاية تبرر الوسيلة‪ ،‬فإن لجوء الدولة الى هذا المنع والتضييق هو في صــالح األفــراد والمجتمــع‪ ،‬فغايــة‬
‫الدولة نبيلة‪ ،‬وبالتالي فعلى األفراد اإلمتثال للقانون ولضرورة التنظيم اإلجتماعي‪ ،‬والقبول بتقييد الحرية‬
‫السياسية‪ ،‬وأن ممارستها يكون على سبيل الحصر والمنع ال على سبيل التوسيع واإلباحة‪.‬‬

‫ففي كثير من الحاالت والممارسات‪ ،‬منعت الحرية السياسية بناء على مبرر أن المجتمع غير ناضــج‪،‬‬
‫وبالتالي فإن ضرورة األمن والنظام تفترضان اللجوء الى الضييق أكثر من اإلباحة للحرية‪.‬‬

‫وعليه فــإن اإلعتــداء على الحيــاة السياســية يظهــر بشــكل جل ّي‪ ،‬وفي أكــثر الممارســات الشــائعة في‬
‫جريمة اإلختفاء القسري‪ ،‬وهكذا فإن الحماية القانونيــة للحريــة السياســية تكمن أكــثر في إتفاقيــة حمايــة‬
‫جميع األشخاص من األختفاء القسري ‪ ،‬وهي اإلتفاقية التي تعــرف هــذه الجريــة وهــذا الفعـلـ في مادتهــا‬
‫الثانية‪" :‬يقصد بـــ"اإلختفــاء القســري"هــو اإلعتقــال أو اإلحتجــاز أو اإلختطــاف أو أي شــكل من أشــكال‬
‫الحرمان من الحرية‪ ،‬يتم على أيــدي مــوظفي الدولــة‪ ،‬أو أشــخاص أو مجموعــات من األفــراد يتصــرفون‬
‫بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها ‪ ،‬ويعقبهـ رفض اإلعــتراف بحرمــان الشــخص من حريتــه أو إخفــاء‬
‫مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده‪ ،‬مما يحرمه من حماية القانون"‪.‬‬

‫كما تنص المادة الخامســة من ذات اإلتفاقيــة على أن‪" :‬تشــكل ممارســة اإلختفــاء القســري العامــة أو‬
‫المنهجيــة جريمــة ضــد اإلنســانية ‪ ،‬كمــا تم تعريفهــا في القــانون الــدولي المطبــق وتســتتبع العــواقب‬
‫المنصوص عليها في ذلك القانون"‪.‬‬

‫العنصر الرابع‪ :‬حرية الرأي والتعبير‬

‫مما الشك فيه أن الحرية هي المقدرة المطلقة للسيطرة على الذات‪ ،‬وأن التعبــير عن الحريــة من‬
‫خالل الميدان الفلسفي والميدان السياسي يعيــدنا إلى األخـذ بمحـاوالت التعريفـات المتعـددة الـتي طــرحت‬

‫‪.Bousy. M: Idem: p:123) ( 158‬‬

‫‪93‬‬
‫للحرية‪ .‬فالبمعنى البسيط أن اإلنسان الحر هو ذلك الذي اليكون عبــدأ أو ســجينا ‪ ،‬والحريــة هنــا هي تلــك‬
‫الحالة التي يستطيع فيها اإلنسان القيام بما يريد‪ ،‬وليس بما يريد له اآلخرون‪ .‬وعلى هــذا األســاس يمكن‬
‫بينا هذا المبدأ من خالل المفهوم ومن خالل القانون الدولي المقارن‪.‬‬

‫الفقرةاألولى‪ :‬من خالل المفهومـ‬

‫تعتبر حرية الرأي والتعبير من األمور الحاسمة للديمقراطية وللتمتــع بــالحقوق األخــرى‪ .‬وهي إحــدى‬
‫مرتكزات الحرية الفكرية‪ ،‬ومظهر من مظاهر‪ .‬فــالرأي هــو مــرآة الفكــر ومن صــفته‪ ،‬ويمكن أن يبقى في‬
‫حدود الفكرة الداخلية‪ ،‬مثلما يمكن أن يصــل إلى مرحلــة التعبــير عن هــذه الفكــرة ‪ ،‬أي إظهارهــا بشــكلها‬
‫الخارجي (‪ .)159‬وتعتــبر أيضـا ً هــذه الحريــة أساسـا ً للكثــير من الحريــات‪ ،‬لــذلك تتطلب ممارســتها الفعليــة‬
‫نضوجا ً متبادالً بين السلطة واألفراد (‪.)160‬‬

‫وأن حريــة الــرأي هي روح الفكــر الــديمقراطي‪ ،‬ألنهــا صــوت مــا يجــول بخطــواطر الشــعب وطبقاتــه‬
‫المختلفه(‪ . )161‬فالتعبير عن حرية الرأي يمكن من خالله اإلفصاح عما يدور في خلجات النفس وما يعانيــة‬
‫المجتمع‪ ،‬وبالتالي فإن السلطة العامــة تعــرف رغبــات الشـعب ومتطلباتـه من حقــوق‪ .‬ويحتــل هــذا الحـق‬
‫مكانة مهمة في التشريع اإلسالمي‪ ،‬حيث شدد اإلسالم على وجوب أن يكون اإلنسان حراً في إبــداء رأيــه‬
‫والتعبير عن موقفه إزاء كل ما يتصل بشـؤون مجتمعـه وإزاء كـل مـا هـو حـق وعـدل‪ ،‬بـل إن الحـق في‬
‫الرأي والتعبير يتجاوز النطاق الضيق لمفهـوم الحـق الـذي يشـير الى كونـه مكنـة أو سـلطة لصـاحبه أن‬
‫يباشره أو يتنازل عنه لرقى الى مرتبة الواجب الـذي يلـزم الوفـاء بخ حــتى اليكـون هنـاك مجــال لألثم أو‬
‫المؤاخذة عند عدم إبداء الرأي‪.‬‬

‫وإذا رجعنا الى المصدرين الرئيسيين للشريعة اإلسالمية وهما القرآن والسنوة النبوية المطهرة فإننــا‬
‫نجد إشارات واضحة على لزومية الحق المذكور لكل إنســان من ذلــك مثالً قولــه الحــق ســبحانه وتعــالى‪:‬‬
‫"ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالعروف وينهون عن المنكر"‪.‬‬

‫فهذه اآلية الكريمة تحث بشجاعة وحرية على أبداء الرأي والتعبير وتأمر بحجز بــالوقوف الى جــانب‬
‫الحق ‪.‬‬

‫أما لو إنتقلنا الى السنة النبوية المطهرة لوجدنا أن النــبي صــلى هللا عليــه وســلم يــأمر كــل إنســان في‬
‫األمةأن يبدي رأيه بشجاعة ودون حوف متى ما كان هناك مقتضى لذلك‪ .‬ويدل على ذلك قول النبي صلى‬

‫‪ ) (159‬د‪ .‬عيسى بيرم ‪ ،‬حقوق اإلنسان والحريات العامة (مقارنة بين النص والواقع)‪ ،‬دار المنهل اللباني للدراس‪$$‬ات‪ ،‬ب‪$$‬يرت ‪2011 ،‬م‪ ،‬ص ‪409‬‬
‫(مقتبس من‪ :‬كتاب مدخل الى الحريات العامة وحقوق اإلنسان‪ ،‬د‪ .‬خضر خضر ‪ ،‬المؤسسة الحديث للكتاب ‪ ،‬طرابلس ‪ ، 2008 ،‬ص ‪.)12‬‬
‫‪ ) (160‬د‪ .‬عيسى بيرم ‪ ،‬حقوق اإلنسان والحريات العامة (مقارنة بين النص والواقع)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.410‬‬
‫‪ ) (161‬د‪ .‬عيسى بيرم ‪ ،‬حقوق اإلنسان والحريات العامة (مقارنة بين النصر والواقع)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.411‬‬

‫‪94‬‬
‫هللا عليه وسلم‪" :‬أفضل الجهاد قول الحق عند سلطان جائر"‪ .‬وقوله صــلى هللا عليــه وســلم‪ " :‬من رأى‬
‫منكم منكراً فليغيره بيده‪ ،‬فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يتسطع فبقلبه وذلك أضعف اإليمان‪.‬‬

‫كما روي عنه صلوات هللا وسالمه عليه أنه كــان يحث أصــحابه على المجــاهرة بــالحق قــائالً‪":‬اليكن‬
‫أحد إمعه‪ ،‬يقول أنا مع الناس إن أحسن النــاس أحســنت وإن أســاؤوا أســاءت ‪ ،‬ولكن وطنــوا أنفســكمـ إن‬
‫أحســن النــاس أن تحســنوا وإن أســاؤوا أن تجتنبــوا إســاءتهم"‪ .‬وتأسيس ـا ً على ذلــك فــإن حريــة الــرأي‬
‫والتعبير يجب أن تكون متحلية بأدب الحوار‪.‬‬

‫ولقد تم التأكيد بشكل خاص على أهميــة حريــة التعبــير من قبــل المحكمــة األمريكيــة لحقــوق اإلنســان‬
‫والتي أكدت على ما يلي‪:‬‬

‫وتعتبر حرية التعبير حجر الزاوية التي يبني عليها وجود المجتمع الديمقراطي وهي ال غنى عنها من‬
‫أجل تشـكيل الـرأي العـام‪ ،‬كمـا أنهـا تُعتـبر شـرطا ً مسـبقا ً لتطـور األحـزاب السياسـية والنقابـات العماليـة‬
‫والجمعيات العلمية والثقافية‪ ،‬وعموما ً كافة الجهات التي ترغب في التأثيرعلى الجمهور‪ ،‬كما أنهــا تمثــل‬
‫بإختصار الوسيلة التي تُمكن المجتمع عند ممارسة حقــه في التعبــير عن الــرأي في أن يكــون على وع ّي‬
‫كامل‪ ،‬وبالنتيجة فيمكن القــول أن المجتمــع الــذي اليكــون على وع ّي كامــل هــو مجتمــع اليتمتــع بالحريــة‬
‫الحقيقيةـ (‪.)162‬‬

‫وإذا لم يكن النــاس أحــراراً في قــول مــا يريــدون ونشــر المعلومــات والتعبــير عن آرائهم في القضــايا‬
‫السياسية والحصول على المعلومات واألفكار من مختلف المصادر عندئذ لن يتمكنوا من الصويت بشــكل‬
‫واع في في اإلنتخابــات أو المشــاركة في الحكم بــالطرف األخــرى(‪ .)163‬ويُعتــبر الحــق في حريــة التعبــير‬
‫وحريــة الحصــول على المعلومــات من الحقــوق األساســية في أي نظــام من أجــل حمايــة ودعم تمتــع‬
‫المواطنين بكافـة حقـوق اإلنسـان األخـرى سـواء الحقـوق المدنيـة أو السياسـية أو الحقـوق اإلقتصـادية‬
‫واإلجتماعية والثقافية‪.‬‬

‫ومن المهم اإلشــارة الى أن إنتهاكــات حقــوق اإلنســان تــزداد في منــاخ الســريّة‪ ،‬بينمــا تُســاعد حريــة‬
‫التعبــير في مكافحــة اإلنتهاكــات من خالل تمكين الصــحفيين وغــيرهم‪ ،‬وعلى األخص منظمــات المجتمــع‬
‫المــدني من التحقيــق واإلبالغ عن اإلنتهاكــات‪ ،‬ومن خالل جعــل مؤسســات الحكومــة خاضــعة لرقابــة‬
‫الجمهور‪ .‬كما أن لحرية التعبير كذلك أهمية أكبر كحق قائم بذاته‪ ،‬حيث ينبغي أن تُتاح لكل شخص حريــة‬

‫‪ ) (162‬اتش السكي‪ ،‬الحرية والدولة الحديث (‪ ،)1948‬منشورات كندا بريس‪ ،1949 ،‬ص ‪. 75‬‬
‫‪B.O.OKERE, The Protection of human Rights in Rights in Africa and the African charer on Human and ) ( 163‬‬
‫‪People’s Rights, A Comparative analysis with the European and American system, Human Rights Quarterly , VI,‬‬
‫‪.1984, p156‬‬

‫‪95‬‬
‫الحديث عمان يجول في تفكيره بحريـة في األمـور الـتي تهمـه وهـو أمـ ٌر محـوري من أجـل الحفـاظ على‬
‫الكرامة البشرية‪.‬‬

‫ال يمكن إعتبار الشخص الذي اليســتطيع الحــديث بحريــة عن أفكــاره أنــه شــخص ُحـ رفعالً ‪ .‬وفي هــذا‬
‫السياق فإن الحق في حريــة التعبــير يمتــد ليتجــاوز الســاحة السياســية‪ ،‬وهــو حــق لـه جــذور في وجــدان‬
‫الشــعب كحــق إجتمــاعي يُم ّكن األشــخاص من التواصــل والتفاعــل مــع بعضــهم البعض على مختلــف‬
‫المستويات من خالل قدرتهم على التعبير عن أنفسهمـ (‪.)164‬‬

‫وتؤدي حرية الحصول على المعلومات والتعبير عنها بكل أشكال التعبير الى تحقيق وظيفة إجتماعيــة‬
‫هامة وهي اإلعتراف بأن األفراد ليس من حقهم فقط الحديث‪ ،‬وإنما أيضا ً من حق المجتمع ككل أيض ـا ً أن‬
‫يستمع الى ما يقوله اآلخرون‪ .‬ونعني هنا أن حرية الحصول على المعلومات تشمل ضــمان التــدفق الحــر‬
‫للمعلومات واألفكار في المجتمع‪.‬‬

‫إن حماية حق الفرد في طلب المعلومات واإلطار القانوني لإلفصاح عن المعلومــات جميعهــا والتعبــير‬
‫عنها‪ ،‬تعتبر من األدوات الحيوية من أجل مكافحة الفساد‪ ،‬حيث يُمثل الفســاد السياســي أحــد أكــبر أعــداء‬
‫الديمقراطية(‪ .)165‬وفي نفس الــوقت فــإن حريــة التعبــير والحــق المرتبــط بــذلك وهــو حــق الحصــول على‬
‫المعلومات ليست حقوقا ً مطلقة‪ ،‬وإنما يمكن وضع قيود عليها في ظروف معينة محددة‪.‬‬

‫إن تضمين الحق في حرية التعبير وحرية الحصول على المعلومات في الدساتير هو مبدأ تعززه كذلك‬
‫المعايير الدولية واإلقليمية المتعلق بحقوق اإلنسان‪ .‬وتشير هنا بشكل خاص الى انظمــة حقــوق اإلنســان‬
‫األفريقية والعربية واألنظمة األوروبية واألمريكية لحماية حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫وسوف يسمح تبنّي حمايــة قانونيــة دســتورية لحريــة التعبــير والحصــول على المعلومــات في الــدول‬
‫التي ال تقر بعد هذا الحق‪ ،‬بأن تنضم الى المجتمع الدولي للدول التي أدرجت في دساتيرها حمايات للحــق‬
‫في حرية التعبير وحرية الحصـول على المعلومــات‪ .‬بينمــا يُعتـبر من الشــائع إدراج أحكـام تتعلــق بحريـة‬
‫التعبير في الدسايتر منذ التعديل األول للدستور األمريكي‪ ،‬إال أن تضـمين الدسـتور أحكامـا ً تتعلـق بحريـة‬
‫الملعومات الزالت ممارسة أقل شيوعا ً وممارسة‪.‬‬

‫ومع ذلك وحتى وقتنا الحاضر تبنّت أكثر من تسعين دولة أحكام دستورية أو قوانين أو لــوائح وطنيــة‬
‫تتعلق بحرية الحصول على المعلومات‪ .‬وباإلضافة الى ذلك فهنــاك عـدد متزايــد من الهيئــات المؤلفـة من‬

‫‪ ) (164‬منى ندلو‪ ،‬الدولة الديمقراطية في أفرقيا (تحديث بناء المؤسسات)‪ ،‬مجلة القانون األسود الوطني‪ ،1998 ،‬م ‪ 70‬ص ‪.88‬‬
‫‪.ARICALE 19- Free word Centre, 60 Farringdon Rid, London ECIR 3GA-www.article19.org ) ( 165‬‬

‫‪96‬‬
‫عدة حكومات مثل البنك الدولي(‪ ،)166‬وبنك التنمية األسيوي(‪ ،)167‬التي قامت كذلك بتبــني سياســات تتعلــق‬
‫بقضية الحصول على المعلومات‪.‬‬

‫وتشمل قائمة الدول التي تبنت قـوانين تتعلـق بحريـة المعلومـات دوالً عديـدة ومتنوعـة مثـل أنجـوال(‬
‫والسويد (‪ )169()1766‬وتشيلي(‪ .)2008‬كما تشمل القائمة دوالً في منطقــة الشــرق األوســط‬ ‫‪)2002‬‬
‫(‪)168‬‬

‫وشمال أفرقيا مثل األردن (‪ )2007‬وتونس (‪ )2011‬واليمن‪ .‬كما أن هناك مشاريع قوانين تتعلق بحريــة‬
‫الحصول على المعلومات في لبنان واألراضي الفلسطنينية والكويت والمغرب والبحرين‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حرية الرأي والتعبير من خالل القانون الدولي والمقارن‬

‫إن الحق في حريــة التعبــير وحريــة المعلومــات محم ّي من خالل العديــد من الوثــائق الدوليــة المتعلقــة‬
‫بحقوق اإلنسان والملزمة للدول‪ ،‬فقد كفلت المــادة (‪ )19‬من اإلعالن العـالمي لحقـوق اإلنســان الحــق في‬
‫حرية التعبير بالنص التالي‪:‬‬

‫"لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير‪ ،‬ويشمل هذا الحق حريـة إعتنـاق اآلراء دون أي تـدخل‪،‬‬
‫واستقاء األنباء واألفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية" (‪.)170‬‬

‫إذا كان اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ليس كقرار صادر عن الجمعيــة العامــة لألمم المتحــدة ملزمـا ً‬
‫للدول بشكل مباشر ‪ ،‬إال أن بعض أجزاء اإلعالن بما في ذلك المادة التاسعة عشــر منــه قــد إكتســبت قــوة‬
‫قانونية بإعتبارها قانون دولي عرفي‪ .‬ويعطي العهــد الــدولي للحقــوق المدنيــة والسياســية تفاصــيل أكــثر‬
‫ويوفر قوة قانونية للعديد من الحقوق المنصوص عليهــا في اإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان‪ .‬وبحلــول‬
‫‪ 20‬يوناير ‪2012‬م أصبح عدد الدول األطراف في العهد الدولي للحقــوق المدنيــة والسياســية ‪ 167‬دولــة‬
‫ملتزمــة بــإحترام أحكامــه وتنفيــذ إطــاره على المســتوى الوطــني‪ .‬وتضــمن المــادة ‪ 19‬من العهــد الــدولي‬
‫للحقوق المدنية والسياسية حرية التعبيرة وحرية المعلومات بالصياغة التالية‪:‬‬

‫‪1‬ـ لكل إنسان حق في إعتناق آراء دون مضايقة‪.‬‬

‫‪2‬ـ لكل إنسان حق في حرية التعبير‪ .‬ويشمل هذا الحق حريتــه في إلتمــاس مختلــف ضــروب‬
‫المعلومات واألفكار وتلقيها ونقلها الى آخرين دونما إعتبار للحدود ‪ ،‬سواء على شــكل مكتــوب‬
‫أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها‪.‬‬

‫‪ 166‬البنك الدولي ‪ ،‬سياسة اإلفصاح عن المعلومات‪www. Woridbank.org/external/defalt/WDS Content ) ( 2010 ،‬‬


‫‪Server/WDSP/IB/2010/06/03/000112742_20100603084843/Rende‬‬
‫‪ ) ( 167‬انظر سياسية اإلتصال العام لبنك التنمية األسيوي ‪ ،‬اإلفصاح عن المعلومات ‪،2005 ،‬‬
‫‪.http://www.adb.org/Documents/Policies/PCP/default.asp.p=disclos‬‬
‫‪ ) ( 168‬القانون رقم ‪ 20 – 285‬المتعلق بالحصول على المعلومات والمنشور في الجريدة الرسمية في ‪ 20‬أغسطس ‪2008‬م‪.‬‬
‫‪ ) ( 169‬تم تأسيس مبدأ وصول الجمهور الى المعلومات في السويد منذ صدور قانون حرية الصحافة في ‪1766‬م‪.‬‬
‫‪ ) ( 170‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬المادة التاسعة‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫‪3‬ـ ـ تســتتبع ممارســة الحقــوق المنصــوص عليهــا في الفقــرة ‪ 2‬من هــذه المــادة واجبــات‬
‫ومسوليات خاصة‪ .‬وعلى ذلـك يجـوز إخضـاعها لبعض القيـود ولكن شـريطة أن تكـون محـددة‬
‫بنص القانون وأن تكون ضرورية‪:‬‬

‫(أ) إلحترام حقوق األخرين أو سمعتهم‪.‬‬

‫(ب) لحماية األمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو اآلداب العامة‪.‬‬

‫باإلضافة الى ذلــك تحمي العديـد من المواثيـق الدوليـة األخــرى المتعلقــة بحقـوق اإلنســان كـالحق في‬
‫حرية التعبــير وحريــة المعلومــات‪ ،‬حيث تشــمل إتفاقيــة حقــوق األشــخاص ذوي اإلعاقــات ‪2006‬م (‪)27‬‬
‫والتي تمت المصادقة عليها من قبل ‪ 109‬دولة طرف‪ ،‬على أحكام تفصيلية تتعلق بحرية التعبــير وحريــة‬
‫المعلومات‪ ،‬كما تنص المادة ‪ 21‬من اإلتفاقية ذاتها على ما يلي‪:‬ـ‬

‫"تتخذ الدول األطراف جميع التدابير المناسبة التي نكفل ممارســة األشــخاص ذوي اإلعاقــة حقهم في‬
‫حرية التعبير والرأي ‪ ،‬بما في ذلك الحق في طلب معلومــات وأفكــار ‪ ،‬وتلقيهــا ‪ ،‬واإلفصــاح عنهــا ‪ ،‬على‬
‫قدم المساواة مع اآلخرين‪ ،‬وعن طريق جميــع وســائل اإلتصــال الــتي يختاروهــا بأنفســهمـ ‪ ،‬على النحــور‬
‫المع ّرف في المادة ‪ 2‬من هذه االتفاقية"‪ ،‬وبما في ذلك مايلي‪:‬ـ‬

‫(أ) تزويــد األشــخاص ذوي اإلعاقــة بالمعلومــات الموجهــة لعامــة النــاس بإســتعمال األشــكال‬
‫والتكنولوجيا السهلة المنال والمالئمة لمختلف أنواع اإلعاقة في الــوقت المناســب ودون تحميــل‬
‫األشخاص ذوي اإلعاقة تكلفة إضافية‪.‬‬

‫(ب) قبول وتسيير قيام األشخاص ذوي اإلعاقة في معاملتهم الرسمية بإستعمال لغـة اإلشـارة‬
‫وطريقة برايل وطرق اإلتصال المعزز البدلــة وجميــع وســائل وطــرق وأشــكال اإلتصــال األخــرى‬
‫سهلة المنال التي يختاروها بأنفسهم‪.‬‬

‫(ج) حث الكيانات الخاصة التي تقدم خدمات الى عامة الناس‪ ،‬بما في ذلــك عن طريــق شــبكة‬
‫اإلنـــترنت‪ ،‬على تقـــديم معلومـــات وخـــدمات لألشـــخاص ذوي اإلعاقـــة بأشـــكل ســـهلة المنـــال‬
‫واإلستعمال‪.‬ـ‬

‫(د) تشــجيع وســائل اإلعالم الجمــاهيري‪ ،‬بمــا في ذلــك مقــدموا المعلومــات عن طريــق شــبكة‬
‫اإلنترنت‪ ،‬على جعل خدماتها في متناول األشخاص ذوي اإلعاقة‪.‬‬

‫(هـ) اإلعتراف بلغات اإلشارة وتشجيع استخدامها‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫كما تتضمن المادة التاسعة من الميثاق األفريقي لحقــوق اإلنســان والشــعوب الحــق في حريــة التعبــير‬
‫بالصياغة التالية‪:‬‬

‫(أ) لكل فرد الحق في استعالم المعلومات‪.‬‬

‫(ب) لكل فرد الحق في التعبير عن آراءه ونشرها في حدود القانون‪.‬‬

‫كما يؤكد إعالن المبادئ حول حرية التعبير في أفريقيا ــ اإلعالن األفــريقي ـــ الــذي تم تبنيــه من‬
‫قبل اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب في عام ‪2002‬م في المادة الثانية منه على مايلي‪:‬ـ‬

‫(أ) اليجوز أن يتعرض أي شخص للتدخل التعسفي في حرية التبعير عن أفكاره‪.‬‬

‫(ب) ينبغي أن تكون أي قيود تفرض على حرية التعبير قيوداً منصوصا ً عليها بالقـانون‪ ،‬وأن‬
‫تستهدف تحقيق مصلحة مشروعة ‪ ،‬وأن تكون ضرورية في التمتع الديمقراطي‪.‬‬

‫وينص اإلعالن األفريقي في مادته الثانية عشر المتعلقة بحماية السمعة على ما يلي‪:‬ـ‬

‫(أ) ينبغي أن تضمن الدول أن تكون قوانينها المتعلقة بالتشهير متوافقة مع المعايير التالية‪:‬‬

‫*الينبغي أن يُعتــبر أي شــخص أنــه مســؤول عن بيانــات صــحيحة أو آراء أو بيانــات تتعلــق‬
‫بالشخصيات العامة والتي كان من المعقول طرحها في تلك الظروف‪.‬‬

‫*يتوجب على الشخصيات العامة أن تتساهل مع اإلنتقادات بشكل أكبر من غيرها‪.‬‬

‫*الينبغي أن تكون العقوبات صارمة الى درجة تثبط الحق في حرية التعبير‪.‬‬

‫(ب)الينبغي أن تؤدي قوانين الخصوصية الى تثبط نشر المعلومات التي تهم الجمهور‪.‬‬

‫وبشكل مشابه يُلزم اإلعالن األفـريقي في مادتـه الثالثــة عشـرة المتعلقـة بــاإلجراءات الجنائيـة الـدول‬
‫األعضاء بأن تراجع كافة القيود الجنائية على المحتويات من أجل ضمان أن تكون تلــك القيــود تســتهدف‬
‫تحقيق مصلحة مشروعة في المجتمع الديمقراطي‪ .‬كما يؤكد اإلعالن كلك على أن حريــة التبعــير الينبغي‬
‫أن تقيــد بمــررات النظــام العــام أو األمن الوطــني مــا لم يكن هنــاك خطــر حقيقي يتمثــل في إلحــاق ضــرر‬
‫بمصلحة مشروعة‪ ،‬وأن يكون هناك عالقة سببية وثيقة بين خطر الضرر وحرية التعيبر‪.‬‬

‫ويخلص الميثاق العربي لحقــوق افنســان الــذي تبنتــه من قبــل مجلس جامعــة الــدول العربيــة في عــام‬
‫‪2004‬م الى التأكيد على المبادئ المتضمنة في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والعهــد الــدولي للحقــوق‬
‫المدنية والسياسية‪ ،‬وكذلك العهد الدولي للحقوق اإلقتصاية واإلجتماعية والثقافية وميثاق األمم المتحــدة‬
‫وإعالن القاهرة لحقوق اإلنسان في اإلسالم‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫وبالرغم من أن الميثاق العربي ينص على حمايــات أقــل قــوة لبعض الحقــوق األساســية إال أن المــادة‬
‫الثانية والثالثين من الميثاق العربي المعدّل تحمي حرية العبير بالصياغة التالية‪:‬ـ‬

‫‪ .1‬يضمن هذا الميثاق الحق في اإلعالم وحريــة الــرأي والتعبــير ‪ ،‬وكــذلك الحــق في اســتقاء‬
‫األنباء واألفكار وتلقيها ونقلها الى اآلخرين بأي وسيلة ودونما إعتبار للحدود الجغرافية‪.‬‬

‫‪ .2‬تمـارس هـذه الحقـوق والحريــات في إطــار المقومـات األساسـية للمجتمـع وال تخضــع إال‬
‫للقيود التي يفرضها احترام حقوق األخرين أو سمعتهم أو حمايـة األمن الوطـني أو النظـام العـام‬
‫أو الصحة العامة أو اآلداب العامة‪.‬‬

‫وباإلضافة الى ذلك تحمي المادة ‪ 42‬الحق في البحث العلمي والفــني واألنشــطة اإلبداعيــة والحــق في‬
‫المشاركة في الحياة الثقافية‪ .‬من األهمية بمكان أن المادة ‪ 24‬تحمي اآلن الحـق في المشـاركة السياسـية‬
‫بما في ذلك حرية ممارسة النشــاط السياسـي وتشـكيل الجمعيــات واإلنضــمام إليهـا مــع اآلخـرين وحريـة‬
‫التجمع‪.‬‬

‫من الجدير بالمالحظة أنه حتى هذا النص الذي هو موضــوع جــدل يحمي بعبــارات صــريحة الحــق في‬
‫حرية التعبير وحرية المعلومات‪.‬‬

‫لقد تمكنت المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان على مدار السنوات من بناء فقها ً غنيا ً وتوجيهيــا ً تحت‬
‫المادة العاشرة من اإلتفاقية األوروربية لحق اإلنسان ‪ ،‬وقد أكدت المحكمة األوروبيــة على أهميــة حريــة‬
‫التعبير في مناسبات عدة مشيرة في أحدة األحكامـ الصادة عنها الى ما يلي‪:‬‬

‫"تُشكل حرية التعبير أحد األسس الجوهرية ألي مجتمع ‪ ،‬وأحد الشروط السياســية لتطــور ونمــو كــل‬
‫شخص في المجتمـع‪ .‬حسـب الفقـرة الثانيـة من المــادة ‪ 02‬ـ ‪ )10‬فـإن حريــة التعبــير التنطبـق فقــط على‬
‫المعلومات أو األفكار المالئمة أو التي تعتبر غير مؤذية أو غير هامة وإنمــا تنطبــق حريــة التعبــير كــذلك‬
‫على المعلومات واألفكار التي تؤذي أو تصدم أو تزعج الدولة أو أي قطاع من السكان على سبيل المثــال‬
‫المطالبة بالتعددية والتسامح واإلنفتاح العقلي التي بدونها لن يكون هناك مجتمع ديمقراطي"‪.‬‬

‫كما أكدت المحكمةـ األوربية كذلك بشكل مستمر على الدور البـارز للصـحافة في الدولـة الــتي تحكمهـا‬
‫سيادة القانون‪ .‬وتستحق وسائل اإلعالم في المجمل حمايــة خاصــة بســبب دورهــا في تشــكيل المعلومــات‬
‫واألفكــار العامــة حــول القضــايا الــتي تهم الشــان العــام ‪ ،‬فليس فقــط على الصــحافة مســؤولية نشــر تلــك‬
‫المعلومات واألفكار‪ ،‬وإنما من حق الجمهور كــذلك إســتالم تلــك المعلومــات واألفكــار‪ ،‬وبخالف ذلــك فــإن‬
‫الصحافة لن تكون قادرة على لعب دورها الحيوي الحيوي كجهة رقابية لمصلحة الشعب‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫وفي العام ‪ 2009‬أق ّرت المحكمة األوربية أنه عندما يكون لــدى لجهــات العامــة معلومــات تحتفــظ بهــا‬
‫وتلك المعلومات مطلوبة للنقاش العالم فإن رفض توفـير تلــك المعلومـات ألولئـك الراغـبين في الحصـول‬
‫عليها يعد إنتهــاك للحـق في حريــة التعبـير والمعلومـات والمحمي بمــوجب المــادة العاشـرة من اإلتفاقيــة‬
‫األوروبية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫كما تبنى المجلس األوروبي كــذلك إتفاقيــة الوصــول الى الوثــائق الرســمية في يونيــو ‪2009‬م ‪ ،‬وهي‬
‫أول معاهدة إقليمية تتعلق بالوصول الى الوثائق‪.‬‬

‫وفي إطار اإلتحاد األوروبي تحمي المادة الحادية عشر من الميثاق األوروبي للحقوق ‪ ،‬وهو الميثــاق‬
‫ذو األثر الملزم قانونا ً والمساوي لمعاهدات اإلتحاد األوروبي الحق في حرية التعبــير وحريــة المعلومــات‬
‫بالصياغة التالية‪:‬‬

‫"لكــل شــخص الحــق في حريــة التعبــير ‪ ،‬ويشــمل ذلــك الحــق حريــة إعتنــاق اآلراء وإســتقبال ونشــر‬
‫المعلومــات واألفكــار بــدون تــدخل من الســلطة العامــة وبغض النظــر عن الحــدود‪ .‬وينبغي احــترام حريــة‬
‫وتعددية وسائل اإلعالم"‪.‬‬

‫وفي األخير‪ ،‬تُشير األطروحات المذكورة آنفا ً والمتعلقـةـ بالقــانون الــدولي واإلقليمي لحقــوق اإلنســان‬
‫الى أن هنــاك ثــورة كبــيرة من المعاهــدات المتعلقــة بــالحق في حريــة التعبــير وحريــة المعلومــات وهي‬
‫المعاهدات التي تعتبر ملزمة للدول األعضاء فيها ‪ ،‬كما أن هناك عدد متزايد من "أشباه القــوانين" الــتي‬
‫التعتبر ملزمة رسيما ً إال أن لها قيمة من حيث اإلقناع‪ .‬إن أهم المعاهدات الدولية المتعلقــة بقضــية حريــة‬
‫التعبير لكافة الدول األخـرى هي المــادة ‪ 19‬من العهـد الـدولي للحقــوق المدنيــة والسياسـية والــتي تـوفر‬
‫غطــار الحــد الــدنى لألحكـام الــتي ينبغي أن يتم تضـمينها في الدسـاتير الوطنيـة للـدول فيمــا يتعلـق بهــذه‬
‫الحقوق‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحقوق السياسية الجماعية‬

‫الى جانب الحقوق السياسية الفردية التي يمكن لألفراد ممارستها بصفة فردية وإنفراديــة ‪ ،‬الــتي كنــا‬
‫بصدد دراستها وتناولها في المحور السابق‪ ،‬هناك أيضا ضمن الحقوق السياسية حقوق أخــرى جماعيــة‬
‫تعني أنها التمــارس إال في إطــار جمــاعي واليمكن ممارســتها بشــكل فــردي‪ ،‬وهي الــتي يعتبرهــا البعض‬
‫صــلب الحقــوق السياســية‪ ،‬هــذه الحقــوق تتمثــل في الحــق في تأســيس الجمعيــات واألحــزاب والنقابــات‪،‬‬
‫والحق في المشاركة في إدارة الشؤون العامة للدولة‪.‬‬

‫العنصر األول‪ :‬الحق في حرية اإلجتماع وتكوين الجمعيات‬

‫‪101‬‬
‫هناك أهمية خاصة للحــق في حريــة التجمــع الســلمي وفي تكــوين الجمعيــات للتمكين والتمتــع الكامــل‬
‫بالحقوق المدنية والسياسية واإلقتصــادية واإلجتماعيــة والثقافيــة‪ ،‬مــع بيــان جــواز وضــبط تقييــد حريــة‬
‫التجمع‪ .‬حيث أن هناك أهمية كبرى لوجود جمعيات وأطر تنظيمية تدافع وتطلب بــالحقوق وتقــوم بتقــديم‬
‫الخدمات‪ .‬كما أن الحق في حرية التجمع السلمي وفي تكوين الجمعيات يشكالن عنصــرين جــوهريين من‬
‫عناصر الديمقراطية بما يتيح لألفراد فرصا ً كبرى تمكنهم من التعبير عن آرائهم السياســية(‪ .)171‬وتنقســم‬
‫هذه الحرية الى قسيمن‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الحق في اإلجتماع السلمي‬

‫يعد الحق في حريــة اإلجتمــاع الســلمي من الحقــوق األساســية في المجتمعــات الديمقراطيــة‪ ،‬كمــا أنــه‬
‫ضروري في الحياة السياسية واإلجتماعية ألية دولة من الدول‪ ،‬وتعتمـد عليـه أيضـا ً األحـزاب السياسـية‬
‫بهدف تطبيق حق أخر هو الحق في اإلنتخاب‪.‬‬

‫ان حرية التجمع السلمي ركن أساسي من حرية الرأي والتعبير والتي تعتبر مقدمة لحقــوق اإلنســان‪،‬‬
‫فحريــة التجمــع الســلمي تعــني أن يتمكن األفــراد من اإلجتمــاع في األمــاكن العامــة ليعــبروا عن آرائهم‬
‫بالخطابة أو المناقشة أو بتبادل الرأي‪ .‬والحقيقــة أن حريــة التجمــع الســلمي أو حريــة اإلجتمــاع الســلمي‬
‫تعتبر من الحقوق المعنوية التي تؤثر بصفة مباشرة على الرأي العام‪.‬‬

‫فقد كفلت المواثيق الدولية المعنية بحقوق اإلنسان هــذا الحــق منــذ اإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان‬
‫الصادر من األمم المتحدة عام ‪1948‬م‪ ،‬والتي تعتبر مصدراً أسياسيا ً من مصادر التشريع الــذي ينص في‬
‫المادة (‪ ) 20‬منه بأنه "لكل شخص الحق في حرية اإلشتراك في اإلجتماعات السلمية"‪ .‬وبالتالي نجد أن‬
‫هذا النص يحتوي على مبدأ واحـد هـو الحريـة لكـل شـخص لإلشـتراك في اإلجتماعـات العامـة السـلمية‪.‬‬
‫والحقيقــة أن أغلبيــة الدســاتير العربيــة التنص بصــورة بماشــرة على حريــة المــواطن في اإلشــتراك في‬
‫اإلجتماعات السلمية‪ ،‬ولكنه يقر للمواطن الحق في اإلسهام في الحياة السياســية‪ ،‬وبــأن تكفــل الدولــة لــه‬
‫حرية إبداء الرأي بالقول في حدود القانون‪.‬‬

‫كما نصت المادة (‪ )21‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه "يجب اعتراف‬
‫الــدول بــالحق في التجمــع الســلمي وكفالتــه"‪ ،‬ونصــت المــادة (‪ )15‬من إتفاقيــة الحقــوق اإلقتصــادية‬
‫واإلجتماعية على أن تتعهد الدول األطراف في هذا العهد بإحترام الحرية التي الغنى عنها لسائر البشــر‪،‬‬
‫وكذلك أقر الميثاق األوروبي لحقوق اإلنسان في المادة الحاية عشر منه على حق أي مــواطن ــ ـ منفــرداً‬
‫أو مشــتركا ً في جماعــة ـــ في المجتمــع وعمــل التظــاهرات الســلمية وعلى الدولــة أن تحميهــا‪ ،‬ويجب أال‬

‫‪171‬‬
‫‪.‬حرية تأسيس الجمعيات‪ $‬والتجمع السلمي في القانون الدولي "تقرير‪ $‬لمنظمة العفو الدولية" ‪ ،‬تعزيز التربية في حقوق اإلنسان وبناء القدرات ) (‬

‫‪102‬‬
‫توضع أي قيود على ممارسة هذا الحق‪ ،‬ويجب على القانون المحلي أن يقنن حق التظاهر وفق ـا ً لمعــايير‬
‫األمن والسالمة العامة‪.‬‬

‫ونصت المــادة الرابعــة والعشــرين من الميثــاق العــربي لحقــوق اإلنســان على حــق التجمــع الســلمي‬
‫والتظاهر للمواطنين وحقهمـ في ممارسة أي نشاط سياسي سلمي‪.‬‬

‫كما نصــت المبــادئ األساســية لألمم المتحــدة بشــأن اســتخدامـ القــوة واألســلحة الناريــة من جــانب‬
‫الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين على أن عليهم قدر اإلمكان اللجوء إلى أساليب سلمية"‪.‬‬

‫ورغم أن نصــوص المواثيــق الــتي أقــرت هــذا الحــق وضــعت بعض القيــود على ممارســته لكنهــا في‬
‫النهاية رفضت تقويضه من مضمومنه بدعوى اإلستثناء المتعلق بحماية السالمة واألمن العام‪.‬‬

‫والمنطق يفرض أنــه اليجــوز وضــع القيــود على ممارســة الحــق في التجمــع الســلمي ألنــه الحــق في‬
‫التجمــع الســلمي أصــبح من آليــات التعبــير الحــر في مجمتــع ديمقــراطي أوفي مجتمــع في حالــة إنتقــال‬
‫ديمقراطي‪.‬‬

‫والتتعلق ممارسة هذا الحق‪ ،‬حسب قرارات اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان واللجنة األوروبية لحقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬بإجتماع سلمي لعدد محدد من المشاركين‪ ،‬بل يشمل هذا الحق أيضا ً تنظيم المظاهرات الســلمية‬
‫والــتي ال يمكن عــادة تحديــد عــدد المشــاركين فيهــا‪ .‬بــل وذهبت اللجنــة األوروبيــة ألبعــد من ذلــك‪ ،‬حيث‬
‫أوضحت ممارسة هذا الحق لتشمل أيضا ً المظاهرات الــتي ال يمكن أحيانـا ً الســيطرة عليهــا وحصــرها في‬
‫المجال السلمي‪.‬‬

‫وأضــحت المحكمــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان في ســياق آخــر‪ ،‬في المقابــل‪ ،‬بــأن الحــق في التجمــع‬
‫السلمي ال يمنع لدول من أخذ اإلجراءات اإلحتياطية بهدف أن تسير المظاهرات بشكل قانوني وسلمي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحق في تكوين وتأسيس الجمعيات واإلنخراط فيها‬

‫يسمح هذا الحق بتطبيق فعلي للحقوق الفردية‪ ،‬ويشــمل بالدرجــة األولى حــق تكــوين الجمعيــات الــتي‬
‫ليس لها هدف ربحي‪ ،‬وحق تأسيس النقابات واإلنتساب إليها‪.‬‬

‫ويقابل الحق في تكوين الجمعيات الحق في عدم تكوينها واإلنتساب إليهــا والــذي اليمكن أن يُعــد بحــد‬
‫ذاته عمالً إلزامياً‪.‬‬

‫يتصل الحق في حرية التجمع والتنظيم فيما يتعلق بمنظمات المجتمع المدني بمراحل مختلفة من حياة‬
‫المنظمات أو الجمعيات‪ ،‬وهي أساس القدرة على المنظمات واإلنظمام إليها‪ ،‬وقدرة المنظمات على العمل‬

‫‪103‬‬
‫دون تــدخل بشــؤونها ‪ ،‬بمــا في ذلــك عــدم التــدخل التعســفي مــع األعضــاء أو النشــطاء المــرتبطين بهــذه‬
‫المنظمــات وتعــرض حقــوقهم للتهديــد وقــدرة المنظمــات على جمــع األمــوالـ لتتمكن من العمــل والقيــام‬
‫بنشاطاتها وتنفيذ برامجهــا‪ ،‬والتحــرر من الحــل التعســفي أو أي شــكل آخــر من أشــكال التــدخل في عمــل‬
‫(‪.)172‬‬
‫المنظمات والجمعيات‬

‫وبشــكل عــام‪ ،‬هنــاك نظامــان يطبقــان على منظمــات المجتمــع المــدني الراغبــة في إكتســاب شخصــية‬
‫إعتبارية‪ ،‬وهي ما يعرف بنظام "اإلشعار" ونظام"التسجيل"‪ .‬وتعتمد العديد من بلــدان الشــرق األوســط‬
‫وشمال أفريقيا نظام "التسجيل" ‪ ،‬إال أنــه رغم إســتكمال العديــد من طلبــات الجمعيــات وموافقتهــا جميــع‬
‫شروط التسجيل فإنه كثيراً ما يتم رفض هذه الطلبات‪.‬‬

‫وفي بعض الحاالت يكون الرفض مبنيا ً على أسباب أمنية غير محددة من جهة إدارية وبدون إمكانيــة‬
‫استئناف القرار لدى جهـات قضــائية‪ .‬ومن المثـير للقلـق أن هـذه البلــدان تحظـر أنشـطة المنظمـات غـير‬
‫المسلجة أو من ينتمي لهذه المنظمات وتفرض أحيانا ً عقوبا ً شديدة في هــذه الحــاالت‪ .‬لــذلك فــإن نشــطاء‬
‫المجتمــع المــدني اليجــدون بــديالً أمــامهم ســوى العمــل بشــكل غــير قــانوني بحيث يعرضــون أنفســهم‬
‫ومؤسساتهم للخطر المستمر‪.‬‬

‫أما بالنسبة للبلدان التي تعتمد نظام "اإلشعار" فإنها غالبا ً ما تفرض قيوداً أخرى فمعظم هذه البلــدان‬
‫تقتضي أن تصدر حكوماتها أيصاالً بإستالم اإلشعار وإصدار وثيقة التسجيل‪.‬‬

‫ولكن الممارسة العملية تظهر في بعض الحاالت أن السلطات في بعض الدول تتجاهل طلبات اإلشــعار‬
‫وال تصدر إيصاالت أو وثائق اإلستالم‪ .‬ومثل ماهو متبــع فيمــا يتعلــق بإشــكالية التســجيل‪ ،‬فكثــيراً مــا يتم‬
‫حظر أنشطة المنظمات غير المسلجة أو من ينتمي لهذه المنظمات ويجرى فرض عقوبات شــديدة عليهــا‬
‫(‪.)173‬‬

‫وبحسب رأي المقرر الخاص المعني بأوضاع المدافعين عن حقــوق اإلنســان ‪ ،‬فإنــه يجب أن ال يكــون‬
‫التسجيل إجبارياً‪ ،‬ويجب السماح للجمعيات بأن تقوم وتضــطلع بأنشــطتها دون أن تضــطر للتســجيل‪ .‬أمــا‬
‫بالنسبة لألنظمة التي تتطلب التسجيل ‪ ،‬يرى المقرر الخاص أن القانون يجب أن يوضــح وضــع المنظمــة‬
‫في الفترة مابين تقديم طلب التسجيل والقرار النهائي البات فيه‪ ،‬وأنه ينبغي أن تكون هذه المنظمات حرة‬
‫في بدء أنشطتها الى أن يصدر القرار النهائي‪ .‬ويعتبر المقـرر الخـاص في القـوانين الخاصـة بالمنظمـات‬
‫غــير الحكوميــة والــتي تحتــوي على قــوائم باألنشــطة المســموح بهــا وتلــك المحظــورة إشــكلية الى أبعــد‬
‫الحدود‪ .‬كما ويجري التأكيــد بــأن إمكانيــة حصــول المنظمــات على التمويــل‪ ،‬وقــدرتها على طلب التمويــل‬

‫‪www.amnesty.org/24-11-2017) ( 172‬‬
‫‪ ) ( 173‬انظر تقرير منظمة العفو الدولية ‪ ،‬مرجع سابق (نفس الموقع السابق‪ ،‬ص ‪. 45‬‬

‫‪104‬‬
‫وتلقيه وإستخدامه‪ ،‬بما في ذلك من مصادر أجنبية‪ ،‬هو عنصر أصيل في الحق في حرية التجمع وضمان‬
‫حرية عمل منظمات المجتمع المدني (‪.)174‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬جواز وضابط تقييد حرية التجمع وتأسيس الجمعيات‬

‫ال يجعل القانون الدولي الحق في حرية التجمع حقا ً مطلقا ً ‪ .‬وتوضح المادة ‪ )2( 22‬من العهد الدولي‬
‫الخاص بــالحقوق المدنيــة والسياسـية أن القيــود المســموح بهــا يجب أن "ينص عليهــا القـانون وتشــكل‬
‫تــدابير ضـرورية‪ ،‬في مجتمـع ديمقــراطي‪ ،‬لصـيانة األمن القـومي أو الســالمة العامـة أو النظـام العـام او‬
‫حمايـة الصـحة العامـة أو اآلداب العامـة او حمايـة حقـوق األخـرين وحريـاتهم"‪ .‬وعليـه‪ ،‬فإنـه من غـير‬
‫المسموح فرض أي من القيود إال إذا تحققت هذه الشروط مجتمعة‪.‬‬

‫وتوضح اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان والمشرفة على تطبيق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية‬
‫والسياسية بأنه متى فُرضت أية قيود فعلى الدول أن تقدم الدليل على ضــرورتها ‪ ،‬كمــا يتعين فقــط إتخــاذ‬
‫تلك التدابير التي تكون متناسبة مع السعي الى تحقيق األهداف المشــروعة بغيـة ضـمان حمايــة الحقـوق‬
‫المنصوص عليها حماية مستمرة وفعالة‪ .‬وال يجوز في أي حــال فـرض القيــود أو التــذرع بهــا على نحــو‬
‫يضر بجوهر تلك الحقوق‪.‬‬

‫ولذلك ‪ ،‬وكما يوضــح المقــرر الخــاص المعــني بأوضــاع المــدافعين عن حقــوق اإلنســان‪ ،‬فــإن القيــود‬
‫المفروضة بموجب مراسيم حكومية أوامر إدارية بدون نصوص قانونية واضحة تعتــبر مخالفــة للقــانون‬
‫الدولي‪ ،‬حيث أنها ال تفي بشروط المشروعية والقانونية‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬ال يجوز إقرار قوانين تحــوي‬
‫بنــوداً غامضـة وفضفاضــة يمكن اســتغاللها أو إسـاءة تفســيرها بسـهولة‪ .‬كمـا أن شــر ط إتخـاذ التـدابير‬
‫الضرورية في مجتمع ديمقراطي يقتضي ضمان وجود عمل عدد من الجمعيات‪ ،‬بما فيها تلك الــتي تعمــل‬
‫سلميا ً لنشر أفكار قد تكون التتفق او تناقض رؤية الحكومةـ أو أغلبية السكان‪.‬‬

‫كذلك أن حظر تكوين الجمعيات ومحاكمة األفراد بسبب عضــويتهم في تلــك المنظمــات يجب أن يكــون‬
‫فقط ضرورية لتفادي خطراً حقيقيا ً وليس إفتراضيا ً فقط على األمن الوطني او النظام الديمقراطين ويجب‬
‫إثبات أن التدابير األقل تدخالً لم يكن كافيا ً لتحقيق ذلك الهدف(‪.)175‬‬

‫وال يزال التذرع بحماية األمن القومي أو النظام العام واللجوء الى قوانين مكافحة اإلرهاب والقــوانين‬
‫المماثلة أحد الوسائل الرئيسية التي تســتخدمها الحكومــات لقمــع الجمعيــات ونشــاطاتها‪ .‬ويــرى المقــرر‬
‫الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق اإلنسان والحريات خالل إجراءات مكافحة اإلرهاب أنه على الرغم‬
‫من السماح بإتخاذ تدابير في سياق مكافحة اإلرهــاب مثــل تجــريم اإلعــداد ألعمــال اإلرهــاب الــتي تخطــط‬

‫‪ ) (174‬تقرير المقرر الخاص المعني بأوضاع المدافعين عن حقوق اإلنسان المقدم للجمعية العامة لألمم المتحدة ‪ 4‬أغسطس ‪2009‬م‪.‬‬
‫‪ ) (175‬تقرير المقرر الخاص المعني بأوضاع المدافعين عن حقوق اإلنسان المقدم للجمعية العامة لألمم المتحدة ‪ 4 ،‬أغسطس ‪ ،2006‬الفقرة ‪.27‬‬

‫‪105‬‬
‫المجموعات إلرتكابها‪ ،‬وهذا بدوره يعني الحاجة إلتخاذ تدابير تتدخل في حريــة التجمــع الســلمي وحريــة‬
‫تكوين الجمعيات‪ ،‬إال أنه ينبغي أن ال تســيء الــدول اســتغالل الحاجــة الى مكافحــة اإلرهــاب بــاللجوء الي‬
‫تدابير تكـون مقيّـدة لحقـوق اإلنسـان بشـكل مفـرط وبـدون داع وبال إحـترام للمعـايير الدوليـة‪ .‬وفي رأي‬
‫المقرر الخاص فان ذلك يعني أن القيود يجب أن تجتاز اختبار الضرورة وأن تفي بمتطلبات التناسب(‪.)176‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬الحق في المشاركة في إدارة الشؤون العامة للدولة‬

‫تعد المشاركة السياسية في صنع القــرار السياســي واإلداري أســاس الديمقراطيــة‪ ،‬وتعــبر عن ســيادة‬
‫الشعب‪ ،‬ويرتبط مفهوم المشاركة على اإلعتراف بالحقوق المتساوية للجماعــات واألفــراد على الســواء‪،‬‬
‫وعلى اإلعتراف باآلخر وإعتباره متكافئا ً ومتساويا ً مع جميع نظرائه بصرف النظر عن الجنس أو الــدين‬
‫أو العرق أو النوع اإلجتماعي‪ ،‬كما أن المشاركة البد أن تساهم في استبعاد الصــراع وتحــل محلــه فكــرة‬
‫التعاون‪.‬‬

‫أما في المجال السياسي تعتبر المشاركة حجر الزاوية ‪ ،‬حيث أنها تساعد في التداول السلمي للســلطة‬
‫وفي إعادة تركيب نظم السلطة وإتاحة الفرصة للجماعات المختلفة للمشــاركة عــبر آليــات ديمقراطيــة ــ‬
‫أي ــ اإلنتخاب‪.‬‬

‫فالمشــاركة السياســية هي نشــاط سياســي يرمــز الى مســاهمة المواطــنين ودورهم في إطــار النظــام‬
‫السياسي‪ .‬وتبعا ً لتعريف صمونيل هنتغتون وجون نيلسون‪ ،‬فإن المشــاركة السياســية تعــني تحديــداً ذلــك‬
‫النشاط الذي يقوم به المواطنون العاديون بقصد التأثير في عملية صنع القرار الحكومي‪ ،‬سوا ًء أكان هذا‬
‫النشاط فرديا ً أم جماعياً‪ ،‬منظما ً أم عفويا ً ‪ ،‬متواصالً أم منقطعا ً ‪ ،‬سلميا ً أم عنيفا ً ‪ ،‬شرعيا ً أم غير شــرعي‬
‫‪ ،‬فعاالً أم غير فعال (‪.)177‬‬

‫وبــدوره يؤكــد بعض البــاحثين أن المشــاركة السياســية تتعلــق ببنيــة نظــام سياســي وآليــات عملياتيــة‬
‫مختلفة‪ ،‬حيث يكمن موقعها داخل النظام السياسي في المدخالت‪ ،‬سواء اكــانت لتقــديم المســاندة للســلطة‬
‫القائمة ام المعارضة‪ ،‬ولكنهــا تســتهدف تغيــير مخرجـات النظــام السياســي‪ ،‬بالصــورة الـتي تالئم مطــالب‬
‫األفراد والجماعات الذين يقدمون عليها (‪ .)178‬لكنه يشير في الوقت نفســه الى أن المشــاركة السياســية ال‬
‫تقــف في كثــير من األحيــان عنــد حــد مــدخالت النظــام السياســي‪ ،‬وإنمــا تتعــدى ذلــك الى مرحلــة تحويــل‬
‫المطالب‪ ،‬وخاصة إذا وجد أفراداً وجماعات قريبة من تكون المؤسسات ومن نطاق عمله (‪.)179‬‬

‫‪ ) (176‬نفس المرجع أعاله ‪ ،‬الفقرة ‪28‬ــ ‪. 29‬‬


‫‪ ) (177‬حسن علوان البيج ‪ ،‬المشاركة السياسية والعلمية السياسية‪ ،‬المستقبل العربي ‪ ،‬العدد ‪ ، 223‬سبتمبر ‪1997‬م‪ ،‬ص ‪64‬‬
‫‪ ) (178‬حسن علوان البيج ‪ ،‬المشاركة السياسية والعلمية السياسية‪ ،‬المستقبل العربي ‪ ،‬العدد ‪ ، 223‬سبتمبر ‪1997‬م‪ ،‬ص ‪64‬‬
‫‪ ) (179‬منعم المشاط‪ ،‬السياسة في العالم الثالث‪ :‬نظريات وقضايا ‪،‬مؤسسة العين للنشر والتوزيع‪ ،‬العين‪ ،1988 ،‬ص ‪.306‬‬

‫‪106‬‬
‫تؤدي حقوق المشاركة السياسية العامــة دوراً حاســما ً في تعزيــز الحكم الــديمقراطي وســيادة القــانون‬
‫واإلندماج اإلجتماعي والتنمية اإلقتصادية‪ ،‬وكذا في النهــوض بجميــع حقــوق اإلنســان‪ .‬ويمثــل الحــق في‬
‫المشــاركة المباشــرة وغــير المباشــرة في الحيــاة السياســية والعامــة عنصــراً مهم ـا ً في تمكين األفــراد‬
‫والجماعات وأحد العناصر الرئيسية للنهج القائم على حقوق اإلنسان الرامية الى القضــاء على التهميش‬
‫والتمييز‪ .‬وترتبط حقوق المشاركة إرتباطا ً وثيقا ً بحقوق اإلنسان األخرى‪ ،‬مثل الحق في التجمع الســلمي‬
‫وتكوين الجمعيات‪ ،‬وحرية التعبير والرأي‪ ،‬والحق في التعليم والحق في الحصول على المعلومات‪.‬‬

‫وتواجه المشاركة السياسية والعامة على قدم المساواة عراقيـل في سـياقات عديـدة‪ .‬وقـد تشـمل هـذه‬
‫العراقيل التمييز المباشر وغير المبشر على أسس مثل‪ :‬العرق أو اللون أو النسب أو الجنس أو اللغــة أو‬
‫الدين‪ ،‬أو الرأي السياسي أو غير السياســي‪ ،‬أو األصــل القــومي أو األثــني أو اإلجتمــاعي‪ ،‬أو الملكيــة أو‬
‫المولد أو اإلعاقة أو الجنسية‪ ،‬أو أي وضع أخر‪ .‬وحتى في حالــة عــدم وجــود تميــيز رســمي فيمــا يتعلــق‬
‫بالمشاركة السياسية أو العامة‪ ،‬فإن عـدم المسـاواة في الوصـول الى حقـوق اإلنسـان األخـرى قـد يعـوق‬
‫الممارسة الفعلية لحقوق المشاركة السياسية‪.‬‬

‫وأكدت الجمعية العامة لألمم المتحدة مجدداً ان "المشاركة السياسية في الشــأن السياســي تســتند الى‬
‫إرادة الشعوب المعبرة عنها بحرية في تحديد نظمها السياسية واإلقتصادية واإلجتماعيــة والثقافيــة والى‬
‫مشــاركتها الكاملــة في جميــع نــواحي حياتهــا"‪ ،‬كمــا جــاء من قبــل في الوثيقــة الختاميــة لمــؤتمر القمــة‬
‫العالمية في سبتمبر ‪2005‬م‪ .‬ففي ذلك المؤتمر ‪ ،‬جددت الحكومات إلتزاماتها بتأييد الديمقراطية وأعربت‬
‫عن ترحيبها بنشأ صـندوق الديمقراطيـة في األمم المتحـدة‪ .‬وتوجـه الغالبيـة العظمى من أمـوال صـندوق‬
‫األمم المتحــدة للديمقراطيــة الى منظمــات المجتمــع المــدني المحليــة لمشــروعات تقــوي صــوت المجتمــع‬
‫المدني وتعزز حقوق اإلنسان وتشجع على مشاركة جميع الفئات في العمليات الديمقراطية(‪.)180‬‬

‫لقد نشأت الديمقراطية بوصفها مسألة شاملة في نتائج مؤتمرات األمم المتحدة ومؤتمرات القمـة منـذ‬
‫التسعينات وفي األهداف اإلئمانية المتفــق عليهــا دوليـا ً الــتي إنبثقت عنهــا‪ ،‬بمــا فيهــا األهــداف اإلنمائيــة‬
‫لأللفية‪ .‬فقد تعهد زعماء العالم في إعالن األلفية بأن ال يدخروا وسعا ً لتعزيز الديمقراطية وتوطيد ســيادة‬
‫القانون واحترام حقوق اإلنسان والحريات األساسية‪ .‬وتؤكد الوثيقــة الختاميــة للمفاوضــات مــا بعــد عــام‬
‫‪2015‬م ‪" ،‬تحويل عالمنــا‪ :‬جــدول أعمــال ‪ 2030‬للتنميــة المســتدامة"‪ ،‬والــذي إعتمــدها رؤســاء الــدول‬
‫والحكومات في الفترة ‪ 25‬ــ ‪ 27‬من سـبتمبر ‪2015‬م‪ .‬هـذا اإللـتزام العـالمي وهـو" الديمقراطيـة والحكم‬
‫الرشيدة وسيادة القانون وكذلك بيئة تمكينية على الصعدين الوطني والدولي‪ ،‬ضــرورية لتحقيــق التنميــة‬
‫المستدامة‪.‬‬

‫‪ ) (180‬انظر قرارا الجمعية العامة رقم ‪ ، 2012 / 6972‬اصدارات ومنشورات ‪ ،‬ص ‪.223‬‬

‫‪107‬‬
‫وتقدم األمم المتحدة الدعم للمشاركة السياسـية للمــرأة‪ ،‬بمـا في ذلــك الجهـود المبذولـة لزيـادة حصــة‬
‫النساء اللواتي ينتخبن للمناصب‪ ،‬وبناء قدرة النسـاء كعضـواتـ في المجــالس التشـريعية بعـد إنتخـابهن‪.‬‬
‫وفي يوليو ‪2010‬م وكجزء من إصالح على نطاق المنظومة‪ ،‬أنشأت الجمعية العامة لألمم المتحدة هيئــة‬
‫األمم المتحــدة للمــرأة‪ ،‬والمكلفــة بتنســيق عمــل تعميم مراعــاة المنظــور الجنســائي في منظومــة األمم‬
‫المتحــدة‪ .‬وفي القيــام بــذلك‪ ،‬أخــذت الــدول األعضــاء بــاألمم المتحــدة خطــوة تاريخيــة في تســريع أهــداف‬
‫المنظمة بشان المساواة بين الجنسين‪.‬‬

‫تتأسس المشاركة كمفهوم عــرفي على اإلعــتراف بــالحقوق المتســاوية للجماعــات واألفــراد في إدارة‬
‫شؤونهم والتحكمـ بمصائرهم‪ ،‬وعلى القبول باآلخر وإعتباره كامل اآلهلية واإلنسانية بصــرف النظــر عن‬
‫الجنس أو الدين أو العرق أو اللون‪....‬الخ ‪ ،‬ويشمل مفهــوم المشــاركة السياســية مجمــل النشــاطات الــتي‬
‫تهدف التأثير على صـانعي القـرار السياسـي (كالسـلطة التشـريعية والتنفيذيـة واألحـزاب) وتـأتي أهميـة‬
‫المشاركة السياسية في هذه األشكال المختلفــة في مواقــع صــنع القــرار ومواقــع التــأثير في كونهــا تمكن‬
‫الناس من الحصول على حقوق ومصالحهم أو الدفاع عنها‪ ،‬األمر الذي يعطيهم في النهايــة قــدرة للتحكم‬
‫بأمور حياتهم والمساهمة في توجيه حياة المجتمع بشكل عام‪.‬‬

‫تحدد المادة الخامسة والعشرون من العهد الــدولي الخــاص بــالحقوق المدنيــة والسياســية والتزامــات‬
‫الدول األطراف فيما يتعلق بحــق الفــرد في أن يشــارك في إدارة الشــؤون العامــة وفي أن يَنتخب ويُنتخب‬
‫في إنتخابات دورية نزيهــة ‪ ،‬وأن تُتـاح لــه فرصـة تلقــد الوظــائف العامــة على قــدم المســاواة مــع الغـير‪.‬‬
‫والمادة ‪ 25‬يكملها التعليق العام التفسيري واإلجتهادات التي إعتمدتها اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫وتحتوي صكوك دولية أخــرى لحقــوق اإلنســان عــل أحكــام مماثلــة‪ .‬وتتضــمن هــذه الصــكوك اإلعالن‬
‫الدولي لحقوق اإلنسان (المادة‪ ،)21‬والعهد الدولي الخاص بالحقوق اإلقتصــادية واإلجتماعيــة والثقافيــة‬
‫(المادة‪ ،)8‬واإلتفاقيــة الدوليــة للقضــاء على جميــع أشــكل التميــيز العنصــري (المــادة ‪ 5‬ـــ ج)‪ ،‬وإتفاقيــة‬
‫القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (المادتين ‪ 7‬و ‪ ، ) 8‬وإتفاقيــة حقــوق الطفــل (المــادة‪)15‬ـ ‪،‬‬
‫وإتفاقيــة حقــوق األشــخاص ذوي اإلعاقــة (المــواد ‪ )3(4‬و ‪ 29‬و ‪ ،))3(33‬واإلتفاقيــة الدوليــة لحمايــة‬
‫حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم (المادتين ‪ 41‬و ‪ ،)42‬وإعالن حقوق األشــخاص المنتمين‬
‫الى أقليات قومية أو إثنية أو الى أقليات دينية ولغوية (المادة ‪2‬ــ‪ )2‬وإعالن األمم المتحــدة بشــأن حقــوق‬
‫الشــعوب األصــلية (المــادتين ‪5‬و ‪ ،)18‬وإعالن وبرنــامج عمــل ديربــان (المــادة ‪ ،)22‬وإعالن الحــق في‬
‫التنمية (المواد ‪1‬ــ‪ 1‬و‪ 2‬و‪8‬ــ‪ ،)2‬واإلعالن المتعلق بحق ومسؤولية األفراد والجماعات وهيئات المجتمع‬
‫في تعزيز وحماية حقوق اإلنسان والحريات األساســية المعــترف بهــا عالميـا ً ( المــادة‪ ،)8‬وعلى الصــعيد‬
‫اإلقليمي‪ ،‬تنص عدة صــكوك على حمايــة الحقــوق السياســية على قــدم المســاواة‪ ،‬بمــا فيهــا الــبروتوكول‬

‫‪108‬‬
‫األول لإلتفاقية األوروبية لحماية حقـوق اإلنسـان والحريـات األساسـية (المـادة‪ ،)3‬واإلتفاقيـة األمريكيـة‬
‫لحقوق اإلنسان (المادة‪ ،)23‬والميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب (المادة ‪.)13‬‬

‫وفي جمي ــع الـــديمقراطيات‪ ،‬يجب أن تقـــوم الس ــلطة على إرادة الشـــعب‪ .‬واإلنتخابـــات هي الوســـيلة‬
‫الرئيسية التي تعبر بها الناس عن إرادتهم وتشكيل حكومتهم‪،‬ـ وهي تؤكد من جديد سلطة سيادة القانون‪.‬‬

‫ليس إرادة الشعب في حكم نفسه هي القاعدة الوحيدة التي تعتمد عليها فلسفة اإلنتخابــات؛ بــل تنبثــق‬
‫اإلنتخابات أيضا ً من الحريات األساسية والحقوق السياسية والــتي أرســيت في القــانون الــدولي من خالل‬
‫اإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان عــام ‪1948‬م‪ ،‬ووافقت جميــع الــدول األعضــاء في األمم التحــدة على‬
‫أحكامه‪ .‬فالمادة ‪ 21‬من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان تنص‪:‬‬

‫(‪ )1‬لكل فرد الحق في اإلشتراك في إدارة الشؤون العامة لبالده إما مباشــرة وإمــا بواســطة‬
‫ممثلون يختارون إختيراً حراً‪.‬‬

‫(‪ )2‬لكل شخص نفس الحق الذي لغيره في تقلد الوظائف العامة في البالد‪.‬‬

‫(‪ )3‬إن إرادت الشعب هي مصدر سلطة الحكومة‪ ،‬ويعبّر عن هذه اإلرادة بإنتخابــات نزيهــة‬
‫دورية تجري على أساس اإلقتراع السري وعلى قدم المساواة بين الجميع أو حسب أي إجــراء‬
‫مماثل يضمن حرية التصويت‪.‬‬

‫كما نص اإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان على حريــات وحقــوق أخــرى يجــوز إعتبارهــا ذات صــلة‬
‫باإلنتخابــات‪ ،‬وهي‪ :‬حريــة الــرأي والتعبــير‪ ،‬حريــة اإلشــتراك في الجمعيــات والجماعــات الســلمية‪ ،‬حــق‬
‫اإلنضمام الى النقابات‪ ،‬حرية التنقل‪ ،‬حرية التمتع بكافة الحقوق والحريات من دون تمييز وحــق اللجــوء‬
‫الفعال الى القانون‪.‬‬

‫كما تؤمن معاهدات أخرى خاصة بحقوق اإلنسان معايير متصلة باإلنتخابــات والبيئــة المحيطــة بهــا ‪،‬‬
‫فكل من اإلتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري عام ‪1966‬م‪ ،‬وإتفاقية القضاء على‬
‫جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام ‪1979‬م‪ ،‬نؤمن قاعدة قانونية إضافية تحول دون تقييــد الحقــوق في‬
‫اإلنتخابات على أساس العرق‪ ،‬وتطالب بالمساواة في الحقوق اإلنتخابية بين الرجال والنساء‪ .‬أما إتفاقية‬
‫حقوق األشخاص ذوي اإلعاقة التي إعتمدتها األمم المتحدة عام ‪2006‬م‪ ،‬فإنها تطـالب الــدول واألطــراف‬
‫أن تكفل لألشخاص ذوي اإلعاقة إمكانية المشاركة بصــورة فعالــة وكاملــة في الحيــاة السياســية والعامــة‬
‫على قدم المساواة مع األخرين‪ ،‬بما في ذلك كفالة الحق والفرصــة لألشـخاص ذوي اإلعاقـة كي يصــوتوا‬
‫وينتخبوا‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫يستند المجتمع الدولي في تقديم المساعدة اإلنتخابية للدول الــتي تطلبهــا على المــادة (‪ /21‬ثالث ـاً) من‬
‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الذي ينص على أن "إرادة الشعب هي أساس سلطة الحكم‪ ،‬ويتوجب أن‬
‫تتجلي هذه اإلرادة من خالل إنتخابات نزيهة ودورية"(‪.)181‬‬

‫ففي منظـــور األمم المتحـــدة "تعـــد اإلنتخابـــات جـــزءاً من مكونـــات إنهـــاء اإلســـتعمار ولتحـــوالت‬
‫الديمقراطية‪ ،‬وتنفيذ إتفاقايت السالم في جميع أنحاء االمل‪ ،‬وتؤدي األمم المتحدة دوراً رئيسيا ً في توفــير‬
‫المساعدة الدولية لعمليات التغيير الهامة"(‪.)182‬‬

‫وتركز األمم المتحدة جهودها اإلنتخابية على تقديم المساعدة التقنيــة لمســاعدة الــدول األعضــاء على‬
‫بناء نظم إنتخابية وطنية مستدامة ذات مصــداقية‪ .‬وقــد طلب أكــثر من (‪ )100‬بلــد مســاعدة إنتخابيــة من‬
‫األمم المتحدة وتلقي هذه المساعدة منذ عام ‪1991‬م‪ ،‬عندما أيّدت الجمعية العامــة في قرارهــا ‪ /46‬ـ ‪137‬‬
‫عام ‪1991‬م‪ ،‬رأي األمين العام بضـرورة تعــيين منســق للمســاعدة اإلنتخابيـة لتقـديم المشـورة إليـه بِــأن‬
‫المســائل اإلنتخابيــة‪ ،‬وضــمان التماســك واإلتســاق في المســاعدة إلنتخابيــة الــتي تقــدمها األمم المتحــدة‪،‬‬
‫وأيّدت الجمعية العامة أيضا ً إنشاء وحدة صغيرة لدعم المنسق‪.‬‬

‫وتمارس إدارة الشؤون السياسية‪ ،‬من خالل شعبة المساعدة اإلنتخابية التابعة لها‪ ،‬مهاما ً رئيسية في‬
‫ضمان التماسك واإلتســاق داخــل مجموعــة واســعةـ من كيانــات األمم المتحــدة العاملــة لتوفــير المســاعدة‬
‫اإلنتخابية التي تقدمها األمم المتحدة في الميدان‪ ،‬وتعمل الشعبة على ما يلي‪:‬‬

‫ــ ضمان اإلتساق في معالجة الطلبات المقدمة من الدول األعضائ؛‬

‫ــ ضمان العناية في تنسيق ودراسـة طلبـات المسـاعدة اإلنتخابيـة وتوجيـه هـذه الطلبـات الى‬
‫المكتب أو البرنامج المالئم؛‬

‫ــ اإلستناد الى الخبرة المكتسبة من أجل بناء ذاكرة مؤسسية؛‬

‫وتأسيسا ً على هذا المفهوم‪ ،‬تعمل كثير من الــدول األعضــاء في األمم المتحــدة على تضــمين قوانينهــا‬
‫الوطنيــة للمواثيــق والقــرارات األساســية الصــادرة عن األمم المتحــدة‪ ،‬مثــل‪ :‬اإلعالن العــالمي لحقــوق‬
‫اإلنسان لسنة ‪1948‬م‪ ،‬والميثاق العالمي حول الحقـوق السياسـية للمـرأة لسـنة ‪1952‬م‪ .‬وبالتـالي يتعيّن‬
‫على القــوانين الوطنيــة في تلــك الحــاالت‪ ،‬وكــذا سياســيات وأنشــطة اإلدارة اإلنتخابيــة ‪ ،‬أن تأخــذ بعين‬
‫اإلعتبار ما تنص عليه تلك المواثيق فيما يتلعق بجوانب مختلفة مثل‪ :‬حق اإلقــتراع العــام دون أي تميــيز‬

‫‪ ) (181‬استراتيجية اإلنتخابات العامة في القانوني الدولي ‪The Arabic network for human right informations, 2014 ،‬‬
‫‪ ) (182‬وفي أيام إنهاء اإلستعمار‪ ،‬أشرفت األمم المتحدة وراقبت اإلستفتاءات‪ $‬الشعبية التي أدت الى تكوين دول مستقلة جديدة‪ ،‬واليوم ؛ تتركز جهود‬
‫المنظمة بإطراد على توفير المساعدة التقنية لمساعدة الدول األعضاء على بنء أنظمة إنتخابات‪ $‬وطنية مستدامة وذات مصداقية‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫كان‪ ،‬سرية وحرية التصويت‪ ،‬حق المرأة في اإلنتخاب والمشــاركة في الحكم‪ ،‬وحقــوق األقليــات اللغويــة‬
‫وغيرها‪.‬‬

‫لذلك ومع تطـور العمليــة اإلنتخابيــة وشــمولها القســم األكـبر من دول العــالم‪ ،‬أصـبحت الـدول الـتي ال‬
‫تجري فيها إنتخابات قليلــة جــداً وتشــكل خروجـا ً عن المــألوف‪ ،‬وأيضـا ً أصــبحت عمليــة مراقبــة العمليــة‬
‫اإلنتخابية من قبل المنظمات والمؤسسات الدولية واإلقليمية والمحلية جزءاً ال يتجزأ من صحة وشــفافية‬
‫العملية اإلنتخابيـة‪ ،‬لتـأتي تقـارير هـذه المؤسسـات مقياسـا ً لمـدى نزاهـة وشـفافية وديمقراطيـة العمليـة‬
‫اإلنتخابية أو عدمه في بلد ما(‪.)183‬‬

‫ولكن على الرغم من تأثيرات العملية اإلنتخابية في مجمل الحياة السياسية واإلجتماعية واإلقتصــادية‬
‫بالنسبة للدول التي تمارسها كوسيلة للوصول الى السلطة‪ ،‬تبقى فاعلية األنظمة اإلنتخابية رهن تقيد تلك‬
‫الــدول وإلتزامهــا بالمعــايير الدوليــة الــتي توصــل المجتمعــات الى التعبــير الحقيقي والصــادق عن إدارة‬
‫مجتمعية حرة تعكس رغبة الناخبين وتطلعاتهم‬

‫بعد التعرف على مفهوم الحق وق السياس ية وأنواعه ا المختلف ة س واء تعل ق االم ر بالش ريعة اإلس المية‬
‫باعتبارها ركيزة هاته الحقوق‪ ،‬أو من خالل القانون الدولي و المقارن الذي يجسد التنزيل الفعلي له ا الب د‬
‫من اإلحاطة بالمبادئ العامة الدستورية لممارسة هاته الحقوق وذلك تماشيا مع ما تقتضيه منهجية البحث ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪:‬‬

‫‪ ) (183‬بناء عليه‪ ،‬ترسخت مجموعة معايير دولية لمراقبة اإلنتخابات‪ $‬العامة ‪ ،‬ففي العام ‪ 2005‬شارك ما يقارب من عشرين منظمة حكومية وغير‬
‫حكومية دولية ‪ ،‬بالتعاون مع شعبة المساعدة اإلنتخابية لألمم المتحدة في وضع "إعالن مبادئ المراقبة الدولية لإلنتخابات ومدونة قواعد السلوك‬
‫للمراقبين الدوليين لإلنتخابات‪ " $‬متضمنا ً المعايير األساسية للمراقبة الدولية إلنتخابات ودور المراقب يوم اإلنتخاب من خالل مسودة السوك‪The ..‬‬
‫‪.Arabic network for human right information, 2014‬‬

‫‪111‬‬
‫المبادئ العامة الدستورية لممارسة الحقوق السياسية‬

‫ان ممارسة الحقوق بصـفة عامـة والحقـوق السياسـية خاصـة يقتضـي وجـود ضـمانات قانونيـة ذات‬
‫طبيعة دستورية وهي المتمثلة في معايير ومبـادئ دسـتورية الزمـة تكـون قـد أقرتهـا الدسـاير العالميـة‪،‬‬
‫وإتفاقيات حقوق اإلنسان واإلعالنات العالميــة ومنهـا على الخصـوص مبـدأ سـمو الدسـتور ومبــدأ دولــة‬
‫الحق والقانون‪.‬‬

‫ان نشأة الدساتير وصياغتها هي بحد ذاتها ضــمانة لإلنســان وحقوقــه‪ ،‬وصــورة الضــمان هي تتضــح‬
‫أكثر إذا عرفنا أن نشأة الدساتير تاريخا ً ماهي إال عمليــة صــياغة قانونيــة لفكــرة سياســية إســتطاعت في‬
‫صراعها مع األفكــار الخــرى أن تؤكــد إنتصــارها وأن تصــعد الى الســلطة وتعــرض إتجاهاتهــا وفلســفتها‬
‫بصيغة قواعد قانونية ملزمة‪ ،‬وتأسيسا ً على ذلك فغن نشأة الدستور تحمل مدلوالً سياسيا ً وتضمن قواعد‬
‫ذات طبيعة قانونية (‪.)184‬‬

‫وان الخالصة التي يمكن أن نستنتجها من نشأة الدسايتر هــو اإلنتقــال من نظــام الســيادة المطلقــة الى‬
‫نظام السيادة المقيّدة كان ذلك أفضل كفاح الشعوب في ســبيل تحقيــق حقوقهـا وحرياتهـا ‪ ،‬وكـانت حركـة‬
‫حقوقها هي الدافع لكفاحها الدستوري‪ ،‬وأصبحت هي المنشأ القانوني وأن الدستوري بات من الضمانات‬
‫األساسية لحقوقها وحرياتها‪ ،‬وما النص على الحق في طلب لدستور إال ألعطـاء تلـك الحقـوق اإلنسـانية‬
‫مكانة رفيعة وعالية بدرجة تتناسب مع كرامة اإلنسان‪.‬‬

‫وبنا ًء على ذلك فإن التأكيد على وجود الدستوري كأساس لضمان حقوق اإلنســان فألن الدســتور يقيم‬
‫نظاما ً في الدولة يؤسس الوجود القانوني للهيئات الحاكمة في الجماعة محدداً من يكون له حق التصرف‬
‫بإسم الدولة ومحدداً أيضا ً وسائل ممارسة السلطة‪ ،‬كمــا يــبين وســائل ممارســة الســلطة وطريقــة إختيــار‬
‫الحاكم وحدود سلطاه واختصاصاته ‪ ،‬ويمنحه الصفة الشــرعية‪ ،‬إذا فهــو أســمى من الحــاكم ‪ ،‬وهــذا بحــد‬
‫ذاته واحدة من الضمانات التي يقدمها الدستور‪ ،‬وعلى هذا تكون السلطة التي مصــدرها الدســتور مقيّــدة‬
‫بالضرورة كون الدستور يحيط بــه الهيئــات الحاكمــة بســياج قــانوني اليمكنهــا الخــروج عليــه وإال فقــدت‬
‫صفتها القانونية وفقدت صفاتها الشرعية واستمالت الى إجراءات غير قانونية(‪.)185‬‬

‫وعليه فوجود الدستور عني تقييد جميع السلطات المنشأة في الدولة‪ ،‬أي السلطة التشريعية والسلطة‬
‫التنفيذية والسـلطة القضـائية‪ ،‬ألن الدسـتور هـو الـذي أنشـأهاونظمها وبيّن إختصاصـاتها‪ ،‬فهي سـلطات‬

‫‪ ) (184‬د‪ .‬حافظ علوان الديلمي‪ ،‬الحماية الدستورية لحقوق اإلنسان (دراسة مقارنة )‪ ،‬د‪ .‬محمد عطيه فودة ‪ ،‬الحماية الدستورية لحقوق اإلنسان‬
‫دراسة مقارنة)‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.202‬‬
‫‪ ) (185‬د‪ .‬حافظ علوان الديلمي‪ ،‬الحماية الدستورية لحقوق اإلنسان (دراسة مقارنة )‪ ،‬د‪ .‬محمد عطيه فودة ‪ ،‬الحماية الدستورية لحقوق اإلنسان‬
‫دراسة مقارنة)‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.203‬‬

‫‪112‬‬
‫تابعة للسلطة التأسيسية‪ ،‬وهذه العناوين والمفردات الدسـتورية الــتي أوردناهــا‪ ،‬هي اشـتراطات قانونيــة‬
‫أولية أساسية وتأسيس لمجموعة قواعد قانونية تكون آليات لضمان حقوق اإلنسان واحترامها‪.‬‬

‫ومن هذا نســتدل على أن الدســتور هــو القــانون األعلى الــذي يحــدد القواعــد األساســية لشــكل الدولــة‬
‫ونظام الحكم فيها وينظم السلطات العامة‪ ،‬من حيث التكوين واإلختصــاص والعالقــات بين هــذه الســلطات‬
‫وحود كل سلطة والحقوق والواجبات األساسية لألفراد والجماعات ويضــع الضــمانات لهــا تجــاه الســلطة‬
‫والسلطات األخرى التي تكون غير مقيّدة بالدستور والمؤسسات‪ ،‬وهي ســلطة مطلقــة تملــك القــدرة على‬
‫إهدار حقوق اإلنسان وحرياته‪.‬‬

‫وعلى الرغم من إقرارنا بأهمية الدستور وضرورته فإن مجرد وجوده هو مسألة غــير كافيــة لضــمان‬
‫حقوق اإلنسان وحرياته ما لم يكن دستوراً مدونا ً ـ أي ـ مكتوباً‪ ،‬ومتضمنا ً لتلك الحقــوق والحريــات‪ .‬وأن‬
‫اإلصـرار على فكـرة الدسـتور المـد ّون ترجـع الى إعتبـاره وسـيله من الوسـائل الناجحـة لضـمان حقـوق‬
‫اإلنسان وحرياته‪ ،‬وذلك بتضمينه أحكاما ً واضحة ومحددة خاصة بتلك الحقوق سوا ًء كان ذلك في مقدمة‬
‫الدستور وبتخصيص فصل محد لها‪ ،‬ألن وجود دستور مدون يعني ضمانة لوجود حقوق مدونة‪.‬‬

‫إن فكرة تدوين الدسـتور وتضـمينه لحقـوق اإلنسـان وحرياتـه ترجـع الى نهايـة القـرن الثـامن عشـر‬
‫عندما بدأت الشعوب تطالب حكامها بإصدار وثائق دستورية تصان بهـا حقـوقهم وتقيّـد سـلطات الحكـام‪،‬‬
‫وكان من المحفز على ذلك ما جاء في إعالن حقوق اإلنسان والمواطن الفرنسي الصادر في عام ‪1789‬م‬
‫‪ ،‬حيث نصت المادة (‪ )16‬على أن "كل مجتمع ال تكون فيه الحقوق مصـونة وال يـؤمن بفصـل السـلطات‬
‫العامة بعضها عن بعض يعتبر مجتمعا ً بال دستور"‪.‬‬

‫ولعل من المفيد اإلشارة ونحن نتحدث عن الدساتير المدونة أن ال نتجاهل دور الدساتير غير المدونــة‬
‫وهي الدساتير العرفية في ضمان حقوق اإلنسان وحرياتهــا ويــأتي النمــوذج البريطــاني مثــاالً رائعـا ً على‬
‫ذلــك‪ ،‬فالبريطــانيون يعتقــد بــأن أي نظــام للحريــات والحقــوق اليمكن أن يســتمر إذا لم يكن غالبيــة أفــراد‬
‫المجتمع حريصة على الحفاظ عليه(‪.)186‬‬

‫ولكن أيضا ً أثبت التجارب أن مجرد النص على الحقوق والحريــات في دســتور الدولـة اليضــمن دائمـا ً‬
‫تمتع اإلنسان بهذه الحقوق والحريات‪ ،‬كما أن كيفية تطبيق الدستور التقل أهميـة عن نصـوص الدسـتور‬
‫ألن التطبيق الفاسد قد يذهب بأرقى الدساتير كما أن التطبيق الجيد قد يعطي على ما قــد يكــون بالدســتور‬
‫من شوائب ونقص وعيوب‪.‬‬

‫‪ ) (186‬د‪ .‬حافظ علوان الديلمي‪ ،‬الحماية الدستورية لحقوق اإلنسان (دراسة مقارنة )‪ ،‬د‪ .‬محمد عطيه فودة ‪ ،‬الحماية الدستورية لحقوق اإلنسان‬
‫دراسة مقارنة)‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.204‬‬

‫‪113‬‬
‫المطلب األول‪:‬‬

‫معايير ومبادئ ممارسة الحقوق السياسية‬

‫وحيث أن الحقوق السياسية وفق القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬ال تكون فقط بالتنصيص عليهــا في‬
‫القانون الوطني للدولة‪ ،‬بل البد من وجود شروط ضرورية إلحترامهــا ومراعايتهــا ‪ ،‬حــتى يتســنى للفــرد‬
‫والجماعة ممارسة تلك الحقوق‪.‬‬

‫يجمع الفقــه القــانوني والنظم السياســية على أن موقــع الحريــات في البنــاء القــانوني يــأتي في قمــة‬
‫القواعــد القانونيــة أو في الدســتور‪ ،‬وقــد أدى هــذا الى ربــط الحقــوق والحريــات بالدســاتير‪ ،‬حيث تمثــل‬
‫الدسـاتير أرقى مـا وصـل إليـه الفكـر اإلنسـاني في تنظيم شـؤون الحيـاة وتحـرض الشـعوب على إحاطـة‬
‫دساتيرها بعديد من اإلجراءات التي تحميها من التغيير وتحقق لها فكرة الجمـود النسـبي أمالً في تحقيــق‬
‫الثبات واإلستقرار(‪.)187‬‬

‫ولما كانت حقوق اإلنسان أغلى القيم المرتبطة بشخصه فقد كان من المؤكد أن يكون مكانها الطــبيعي‬
‫صلب الدساتير‪ ،‬وهو ما درجت عليه النظم السياسية‪ ،‬سوا ًء في الديمقراطيات الغربية أو اإلشتراكية بل؛‬
‫ان هذه المكانة الرفيعــة للحريــات دفعت بعــدد من الــدول الديمقراطيــة الى إصــدارها في صــورة إعالنــات‬
‫دستورية‪ ،‬كاإلعالن الفرنسي ســنة ‪ ،1789‬وإعالن فالدليفيــا األمــريكي ســنة ‪1776‬م ‪ ،‬إنتهــا ًء بــاإلعالن‬
‫العــالمي لحقــوق اإلنســان الصــادر عن الجمعيــة العامــة لألمم المتحــدة ســنة ‪1948‬م‪ ،‬إذ بــه ترتفــع هــذه‬
‫الحريات الى مرتبة النصوص الدستورية الملزمة وتعد قيداً على ســلطة المشــرع العــادي‪ ،‬ويــذهب الفقـه‬
‫الى أن القانون هو األداة التشريعية الوحيدة التي تنظم الحقــوق والحريــات في حــدود اإلطــار الدســتوري‬
‫من غير أن تتعداه‪ ،‬وتكاد هذه القاعـدة تمثـل إتجاهـا ً معاصـراً في سـائر النظم السياسـية منـذ إن وضـعت‬
‫إعالنات الحقوق الفرنسية بذورها‪.‬‬

‫ومرد ذلك هو أن األصل أن الحقــوق والحريـات ال تجــوز أن ينظمهـا سـوى الدسـتور نفســه‪ ،‬غـير أن‬
‫اإلعتبارات القانونية والفنية تحول دون أن تتســع نصــوص الدســتور لتفضــيالت تنظيم الممارســة الحــره‬
‫لألنشطة الفردية‪ ،‬ولذلك يعهد الدستور للقانون بهذه المهمـة ومن أهم هـذه الحريـات الحقـوق السياسـية‬
‫واإلجتماعية‪.‬‬

‫ويذهب رأي في الفقه الغربي الى أن الحريات المنصوص عليها في الدساتير التزيد عن كونهــا وعــداً‬
‫دستوريا ً يتطلب تدخل المشرع العادي لوضعه موضع التنفيذ‪ ،‬وعلى المشروع أن يراعي في تدخل حدود‬
‫كل حرية ويؤيد هذا النظام في الفكر الغربي د‪ .‬نعيم عطيه في رسالته حول النظرية العامة للحريات‪.‬‬

‫‪ ) (187‬قمر قليح‪ ،‬حقوق اإلنسان بين الحماية الدولية والضمانات الدستورية‪ ،‬أطروحة دكتوراة‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪1998 ،‬م‪ ،‬ص‪.306‬‬

‫‪114‬‬
‫كما يذهب رأي أخر في الفقه الى أن القيود متى وردت بالنصوص الدســتورية فإنــه يتعين نـزوالً على‬
‫قوتها الملزمة تطبيعها ولو لم يصدر تشريع بها‪ ،‬غــير ان الــراجح فقهـا ً وقضــا ًء أن القيــود على الحريــة‬
‫التي ترد بنص دستوري ال تنفذ إال بصدور تشريع بها ‪ ،‬ذلك أن األصل في الديمقراطيــة هــو الحريــة وأن‬
‫القيد يرد عليها استثنا ًء على خالف األصل ومالم يتدخل المشرع بالتنظيم فــإن الحريــة تظــل هي األصــل‪،‬‬
‫بحيث اليجوز إعمال قيود لم يصدرها تشريع ألن النصوص ال تمنح الشعوب حقوقا ً بل‪ ،‬هي تكشف عنها‬
‫فقط‪ ،‬ويسلم الفقه بأن مجال تنظيم الحريات وقف على القانون‪ ،‬والقانون مايجب صدوره من شــكليه‪ ،‬مــا‬
‫يصاحبه من عالنية ومناقشة‪ ،‬فضالً عن عمومية قواعده وتجريدها بشكل أو في ضمان للحرية(‪.)188‬‬

‫أما العميد السنهوري‪ :‬فيرى إمكانية الركــون الى معيــار موضــوعي يضــفي على الحريــات مزيــداً من‬
‫الثبات واإلستقرار‪ ،‬إستناداً الى فكرة اإلنحراف بالسلطة المعمول بها في نطاق القرارات اإلداريــة‪ ،‬وذلــك‬
‫أن هناك حريات مطلقة المجال للتشريع في تقييـدها‪ ،‬وإال دفـع التشــريع بــاطالً مخالفتـه لنص دســتوري‪،‬‬
‫مثال حرية العقيدة‪ ،‬وأخرى يعهد الدستور للمشرع بتنظيمها بمقتضى ما يجــوز من ســلطة تقديريــة تكــاد‬
‫تستغرق العملية التشريعية(‪.)189‬‬

‫إذن المشرع عند عــدم إلزامــه بنص دســتوري محــدد للتــدخل في تنظيم حريــة مــا‪ ،‬فإنــه يملــك ســلطة‬
‫تقديرية للتدخل سوا ًء كانت هذه السلطة مطلقة أم مقيّدة‪ ،‬غير أن هــذه الســلطة بالفعــل ليســت مطلقــة بــل‬
‫هي سلطة مرتبطة بحدود المبادئ الدستورية‪ ،‬وحيث أن الحقوق السياسية وفق القانون الــدولي التكــون‬
‫فقط بالتنصيص عليها في القانون الوطني بل؛ البد من وجود شــروط ضــرورية إلحترامهــا ومراعاتهــا ‪،‬‬
‫حتى يتسى للفــرد والجماعــة ممارســة تلـك الحقــوق وذلــك بتطلب تبيان ه في فــرعين‪ ،‬األول‪ :‬مبــدأ ســمو‬
‫الوثيقة الدستورية‪ ،‬الثاني‪ :‬دولة الحق والقانون هي أيضا ً الضامن لممارسة الحقوق‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مبدأ سمو الوثيقة الدستورية‬

‫يقابل اصطالح "الدستور" في اللغة الغربيــة "‪ "Constitution‬الــذي يفيــد األســاس أو التنظيم أو‬
‫التكوين أو البناء‪ ،‬فهو يتضمن معنى النظام األساسي‪ ،‬كما يعــبر في ذات الــوقت عن طريقــة تكــوين هــذا‬
‫النظام والعناصر الــتي يقــوم عليهــا ووســائل ســيره‪ ،‬وتنظيمــه‪ ،‬ولهــذا فــأن الكلمــة تســتخدم للداللــة على‬
‫القواعد األساسية التي يقوم عليها كل تنظيم من التنظيمات‪ ،‬فالدستور بالمعنى اللغوي يوجد حيثما توجد‬
‫الجماعة المنظمة التي تخضع في وجودها وفي سيرها لقواعد محددة تتمثل في القانون الدستوري الــذي‬
‫قدمت له العديد من التعاريف‪.‬‬

‫‪ ) (188‬قمر قليح‪ ،‬حقوق اإلنسان بين الحماية الدولية والضمانات الدستورية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.308‬‬
‫‪ ) (189‬د‪ .‬السنهوري‪ ،‬مقال عن مخالفة التشريع الدستوري واإلنحراف في استعمال السلطة‪ ،‬مجلة الدولة‪ ،‬أنظر في ذلك‪ :‬قمر قليح‪ ،‬حقوق اإلنسان‬
‫بين الحماية الدولية والضمانات الدستورية ‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫ويعني مبدأ سمو الدستور‪ :‬جعله أسمى قانون في الدولة‪ ،‬بحيث ال يسمو عليه أي قانون أخر ويستند‬
‫هذا السمو للقواعد الدستورية الى مضمونها وما تحتوي عليــه من أحكــام وقواعــد موضــوعية وهــو مــا‬
‫يسمى بالسمو الموضوعي للدستور الذي يتحقق لجميع أنواع الدساتير منها وغير المدونة‪ ،‬المرنة منها‬
‫والصلبة‪ ،‬كما يستند سمو الدستور من ناحية أخرى الى الشكل الذي تضم فيه القواعد الدستورية‪ ،‬وذلــك‬
‫عندما يتطلب الدستور إجراءات مسطرية معينة سواء في وضعه أو في كيفية تعديلة وهذا ما يطلق علية‬
‫السمو الشكلي الذي ال يتحقــق إال للدســاتير المدونــة والصــلبة‪ ،‬فســمو الدســتور يتضــمن بعــدين أحــدهما‬
‫يكتسي طبعا ً شكليا ً واألخر يتخذ طابعا ً موضوعياً‪.‬‬

‫الســمو الشــكلي‪ :‬يرتبــط هــذا البعــد بــاإلجراءات الســطرية الــتي على ضــوئها يــأمر وضــع القواعــد‬
‫الدستورية ‪ ،‬وهذا األمر يتحقق في الدساتير المدونةوالصلبة‪ ،‬كما أن السـمو الشـكلي للدسـتور ينصـرف‬
‫الى جميع القواعد مـا دامت هـذه األخـيرة واردة في صـلب وثيقـة الدسـتور بغض النظـر عن مضـمونها‪،‬‬
‫وبالتالي ال تعتبر أي قاعدة قانونية قاعدة دستورية ما لم ترد وتنسجم مع الوثيقة الدســتورية ولــو كــانت‬
‫في موضوعها ومضمونها كذلك‪.‬‬

‫السمو الموضوعي‪ :‬يتحدد الســمو الموضــوعي للدســتور وفقـا ً لمضــمون وطبيعــة القاعــدة القانونيــة‬
‫وليس حسب اإلجراءات الشكلية المتبعة في خلقها أو تعديلها ‪ ،‬ويبرز الســمو الموضــوعي للدســتور من‬
‫خالل بعدين أساسيين‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬البعد السياسي‪ ،‬ويناط للدستور تبيان النظام القانون األساسي للدولــة فهــو يحــدد أوجــه‬
‫أنشطة الدولة مرتباطا ً بإديولوجية معيّنــة‪ ،‬حيث يرســم من خاللهــا اإلطــار السياســي اإلجتمــاعي‬
‫اإلقتصادي للدولة‪.‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬يبلور الدستور السلطات الحاكمة محــدداً اختصاصــاتها ووظائفهــا‪ ،‬حيث يحــدد مجــاالت‬
‫واختصاصات كل من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية(‪.)190‬‬

‫ال يمكن تصور دولة الحق والقانون بدون دستور‪ ،‬ذلك أن هذا األخير هو الذي يحدد البنيـة السياسـية‬
‫للدولة‪ ،‬وكيفية التداول على السلطة بل هو عادة ما يتضــمن إعالنــات حقوقيــة تقــوم على أســاس مبــادئ‬
‫فلســفية وأخالقيــة‪ ،‬وتقــدم ضــمانات حقوقيــة لألفــراد والجماعــات ممــا حــدا بــالبعض على اعتبــار تلــك‬
‫اإلعالنات بمثابة دساتير اجتماعية في صلب الستور السياســي تتمتـع بنفس القيمــة ولهـا نفس األهميـة‪،‬‬
‫ونظراً لطبيعة الضمانات الحقوقية التي يتضــمنها الدســتور‪ ،‬كــان من الالزم إعطــاءه طابعـا ً ســاميا ً بحيث‬
‫يعتبر هو األول واألسمى في الدولة يعلو على غــيره من القــوانين وال يجــوز تغيــيره‪ ،‬او تعديلــه إال وفــق‬
‫إجراءات خاصة ومعقدة في حالة ما إذا كان دستوراً صلباً‪.‬‬
‫‪ ) (190‬د‪ .‬محمد زين الدين ‪ ،‬القانون الدستوري والمؤسسات العامة ‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ ،‬المغرب ‪ ،2011 ،‬ص ‪.85 -84‬‬

‫‪116‬‬
‫وقد تولد عن ذلك مبدأ دستورية القوانين والذي يفرض مطابقة كل القواعد القانونية للدســتور وعــدم‬
‫مخالفتها له تحت طائلة اإللغاء والبطالن الشئ الذي تطلب معــه تنصــيص جهــاز خــاص في أغلب الــدول‬
‫الديمقراطية يسهر على دستورية القوانين من اجل الحيلولة دون خالفتها للدسـتور ‪ ،‬وتتم إحاطتـه عـادة‬
‫بكافة الضمانات التي تضمن له العمل بشكل مستقل عن جميع المؤسسات السياسية األخرى‪.‬‬

‫لقد خلق مبدأ سمو السدتور تراتبية قانونية تمنح الصالحية للقانون األعلى على القانون األدنى‪ ،‬وقــد‬
‫ترتب على ذلك مقتضيات يتمثل األول‪ :‬في عدم جواز إلغاء قاعدة دســتورية إال بقاعــدة دســتورية أخــرى‬
‫ويتجسد الثاني‪ :‬في عدم جواز تعارض قانون عادي مع قاعدة دستورية‪ ،‬إذن اليكفي وجــود دســتور لكي‬
‫نقــول بــأن هنــاك وجــود دولــة الحــق والقــانون‪ ،‬بــل البــد من وجــود جهــاز يســهر على احــترام الدســتور‬
‫وباألخص من طرف المؤسسات وهو ما يـبرر وجـود القضـاء الدسـتوري الـذي يسـهر على احـترام هـذا‬
‫الدستور الضامن لحقوق األفراد والجماعات‪ ،‬ويبقى شرط اإلستقاللية أساسيا ً في القضاء الدســتوري‪ ،‬إذ‬
‫بدونــه يكــون من الســهل التــأثير عليــه والتحكمـ في قراراتــه ‪ ،‬حيث قــد يصــبح خــرق الحقــوق مطابق ـا ً‬
‫للدستور(‪.)191‬‬

‫أما أهمية إعالنات الحقوق في صلب نص الدستور فمعناه أنها أصبحت من المبــادئ الدسـتورية الـتي‬
‫اليمكن خرقها على مختلف مستويات القانون أي الدولة تجد نفسها مقيّدة بنص الدستور بــإحترام وعــدم‬
‫خرق حرية الفرد وحقوقه "فهل ينص عليه الدستور من حقوق معناه عدم جواز تمتع األفـراد بهـا؟ ومـا‬
‫يعيشه القانون الدســتوري اليــوم وعلى وجــه التحديــد منــذ اتفاقيــة هلســنكي ســنة ‪1976‬م ‪ ،‬تــاريخ نفــاذ‬
‫العهدين الدوليين للحقــوق المدنيــة والسياســية‪ ،‬اإلقتصــادية‪ ،‬اإلجتماعيــة والثقافيــة‪ .‬واإلتفاقيــة طــرحت‬
‫فرض عقوبات على الدول التي التحترم حقوق اإلنسان ‪ ،‬الشيء الذي أطلق حمى تعـديالت دسـتورية في‬
‫مختلف دول العالم التي ضلت بمنأى عن هذه الثقافية السياسية الحديثــة خاصــة دول العــالم الثــالث‪ ،‬ممــا‬
‫نتج عنه مفارقة كبيرة تمثلت في توسع الحماية الدولية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫سواء على مســتوى هيئــة األمم المتحــدة أو على مســتوى المنظمــات اإلقليميــة وواقــع الحمايــة الــتي‬
‫توفرها دساتير دول العالم الثالث‪ ،‬وإذا قلنا الدستور فإنما نعـني بـه النظـام الـذاتي والقـانوني واألساسـي‬
‫الذي ينتظم به أمر األمــة والدولــة والنفــر والجماعــة والحــاكم والمحكــوم والــراعي والرعيــة فبالدســتور‬
‫تتقرر الحقوق والواجبات‪ ،‬ويعرف كل من الشعب والحكومةـ مــا لــه ومــا عليــه‪ ،‬وهــذا شــرط أساســي في‬
‫حياة كل مجتمع بشري وطيد الكيان‪ ،‬محكم النظام مستقيم السياسة موفور العزة(‪.)192‬‬

‫‪ ) (191‬إدريس برهون‪ ،‬إشكالية دولة الحق والقانون في المغرب‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الفرقان للنشر الحديث‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ابريل ‪ ،2002‬ص‬
‫‪.57-56‬‬
‫‪ ) (192‬علي حسني‪ ،‬القانون الدستوري وعلم السياسة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البضاء‪ ،1999 ،‬ص ‪18‬‬

‫‪117‬‬
‫إن إقرار الحريات العامة في أسمى قانون في الدولة يشكل في الوقت الحاضر ظاهرة عالميــة تكتســي‬
‫داللتها بالنظر لمتطلبات دولة القانون وتختلف في أشكالها ومضامينها من دولة الى أخرى‪ ،‬وهذا اإلقرار‬
‫بواســطة الدســتور ينبــع من اعتبــاره القــانون األســمى‪ ،‬وبهــذا فهــو بمثابــة األداة الفعالــة لضــمانها ضــد‬
‫تجاوزات السلطة التشريعية والتنفيذية ‪ ،‬كما يرتبط بمفهوم معيّن لدولة القانون‪ ،‬أنها الدولة الــتي تلــتزم‬
‫بحقوق اإلنسان األمر الذي يتطلب تضمينها في قوانين الدولة‪.‬‬

‫إننا هنا لسنا أمام دولة الحق بالمفهوم الشكلي‪ ،‬دولة الحق الــتي تخضــع لنظــام الحــق ويهيمن عليهــا‬
‫تــدرج القواعــد القانونيــة الــتي تضــمن احترامهــا بواســطة قضــاء مســتقل‪ ،‬ويجب أن تكــون مطابقــة مــع‬
‫الدســتور‪ ،‬بمــا فيهــا القــانون المص ـ ّوت عليــه من طــرف البرلمــان‪ ،‬بحيث ال يعــبر عن اإلرادة العامــة إال‬
‫بإحترام الدستور كل هذا يصــب في اإلتجــاه الــذي يفيــد بـأن الضــمانات المتعلـق بالحريـات العامــة ليسـت‬
‫نتيجة حتمية لدساتيرها ‪ ،‬فهي تكون لها قيمــة قانونيــة وفعليـة وحـتى تكتســي ســموها بالنســبة للقواعـد‬
‫القانونية األخرى التي توجد في مرتبة أدنى منها والمنبثقة عن السلطة والمؤسسة‪.‬‬

‫يجب اوالً أن يتم النص عليهــا في دســتور ‪ ،‬وذلــك أن الدســتور يفــرض على المشــروع وكــذا على‬
‫السلطة التنفيذية بقوة تختلف حسب المسطرة المنصوص عليها لتعديله ‪ ،‬ويجب ثانيا ً أن ينص الدســتور‬
‫بصفة صريحة على المراقبة القضائية ضد إنتهاكها‪ ،‬ويتعلق األمر هنا أساسا ً بمراقبة دستورية القوانين‬
‫وأن التنصيص عليها بصفة صريحة ال ضمنية يفيد بأن الدستور كعقد بين الحــاكمين ال يهتم فقــط بتنظيم‬
‫السلطات وتحديد العالقات بينها ‪ ،‬ولكن أيضا ً بضمان الحريات العامة لتشكل مكون ـا ً أساســيا ً من مكونــات‬
‫هذا العقد (‪.)193‬‬

‫القانون هو أسمى تعبير عن إرادة األمة‪ ،‬والجميع أشخاصا ً ذاتيين أو إعتبــاريين بمــا فيهم الســلطات‬
‫العمومية‪ ،‬متساوون أمامه وملزمون باإلمتثال له‪ .‬وتعمل السلطات العمومية على توفــير الظــروف الــتي‬
‫تمكن من تعميم الطــابع الفعلي لحريــة المواطنــات والمواطــنين‪ ،‬والمســاواة بينهم‪ ،‬ومن مشــاركتهم في‬
‫الحياة السياسية واإلقتصادية والثقافية واإلجتماعيـة‪ .‬كمـا تعتـبر دسـتورية القواعـد القانونيـة وتراتيبهـا‬
‫ووجوب نشرها ‪ ،‬مبادئ ملزمة‪ .‬وليس للقانون أثر رجعي (الفصل ‪ 6‬من الدستور)‪.‬‬

‫الفرع الثاني دولة الحق والقانون‬

‫‪ ) (193‬رقية مصدق‪ ،‬الحريات العامة وحقوق اإلنسان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬دنبر‪ ،1999 ،‬ص ‪75‬‬

‫‪118‬‬
‫ّ‬
‫الحق والق‪$$‬انون في ص‪$$‬يغة‬ ‫الحق والقانون‪ ،‬فإ ّنه يت ّم دمج مصطلحيّ‬
‫ّ‬ ‫عند التحدث عن دولة‬
‫بشكل أساسيّ إلى خلق دول‪ٍ $‬ة ذات مؤسّس‪ٍ $‬ة‬
‫ٍ‬ ‫الكالم‪ ،‬ونحن نعلم أنّ هذين المصطلحين يرمزان‬
‫ديمقراطيّة‪ .‬ليس بالضّرورة أن كل دول‪$$‬ة تطل‪$$‬ق على نفس‪$$‬ها ه‪$$‬اتين الص‪$$‬فتين هي دول‪$$‬ة ذات‬
‫مؤسّس ٍة ديمقراطيّة‪ ،‬ويرجع في تقييم ه‪$‬ذه الدول‪$‬ة إلى أص‪$$‬ل الحكم المتمث‪$$‬ل بالش‪$‬عب‪ ،‬وم‪$$‬دى‬
‫ّ‬
‫بالحق والقانون (الديمقراطيّة) في ظ ّل هذه الدولة‪.‬‬ ‫شعور المواطنين‬

‫بشكل واضح صورة الممارس‪$$‬ات من قب‪$$‬ل الق‪$$‬ائمين بتس‪$$‬يير أم‪$$‬وره؛‬


‫ٍ‬ ‫هذا ويعكس المجتمع‬
‫حيث إ ّن‪$$‬ه يعطين‪$$‬ا أنموذج ‪$‬ا ً واض‪$$‬حا ً عن ديمقراط ّي‪$$‬ة الدول‪$$‬ة وإمكان ّي‪$$‬ة وص‪$$‬فها بدول‪$$‬ة الح‪ّ $‬‬
‫‪$‬ق‬
‫والقانون‪ .‬يُعتبر المجتمع بكافة تناقض‪$$‬اته ه‪$$‬و المقيّم األساس‪$$‬يّ ألداء مؤسّس‪$$‬ات الدول‪$$‬ة‪ ،‬وه‪$$‬و‬
‫ال‪$$‬ذي يُم ّكن من ط‪$$‬رح أس‪$$‬ئل ٍة تقييم ّي‪$$‬ة ح‪$$‬ول أداء تل‪$$‬ك المؤسّس‪$$‬ات‪ ،‬وتعت‪$$‬بر اإلجاب‪$$‬ة عن تل‪$$‬ك‬
‫التساؤالت هي المرشد األساسيّ إلى المعيار الحقيقيّ الذي يت ّم تق‪$$‬ييم الدول‪$$‬ة من خالل‪$$‬ه‪ ،‬ومن‬
‫هنا ُتعرف أ ّنها دولة ّ‬
‫حق وقانون‪.‬‬

‫وفي كافة األحوال فإ ّنه ال يجوز التسليم ب‪$$‬أنّ الدول‪$$‬ة ذا ِ‬


‫ت المؤسّس‪$$‬ات هي التعب‪$$‬ير الحقيقيّ‬
‫‪$‬وع من التع‪$$‬تيم لتحقي‪$$‬ق م‪$$‬آرب‪ ،‬أو رغب‪$$‬ا ٍ‬
‫ت أخ‪$$‬رى‬ ‫عن الدور المن‪$$‬وّ ط به‪$$‬ا‪ ،‬فربّم‪$$‬ا ك‪$$‬انت كن‪ٍ $‬‬
‫خاص ‪$‬ة به‪$$‬ا‪ ،‬أو به‪$$‬دف الوص‪$$‬ول‪ $‬إلى مكس‪$$‬ب تس‪$$‬عى في الوص‪$$‬ول إلي‪$$‬ه انطالق ‪$‬ا ً من تش‪$$‬ييد‬
‫ّ‬
‫ٌ‬
‫عبث أكبر من االعتقاد بأنّ ك ّل ما‬ ‫مؤسّسا ٍ‬
‫ت مُعيّنة‪ .‬يقول شيشرون في هذا الصدد‪( $:‬ال يوجد‬
‫لتقص‪$$‬ي‬
‫ّ‬ ‫ُنظم بواسطة المؤسّسات أو قوانين الشعوب عادلٌ) من هنا تأتي الحاجة الدائمة‬‫هو م ّ‬
‫الحقائق واألخبار في أعماق أيّ دول ٍة تزعم بأ ّنها دولة ٍّ‬
‫حق وقانون‪.‬‬

‫ويختلف تعريف مفهوم دولة الحق والقانون من بل ٍد آلخر‪ ،‬لكن يمكن أن يتم إيجاد تعريف‬
‫لهذا المصطلح من خالل عد ٍد من النقاط تعمم التعريفات جميعها‪ ،‬وهي‪ :‬دولة الحق والقانون‬
‫هي عبارة عن دولة فيها حق وقانون يُسيّران المنتس‪$$‬بين إلى تل‪$$‬ك الدول‪$$‬ة‪ ،‬من خالل مراع‪$$‬اة‬
‫ع‪$$‬د ٍد من المب‪$$‬ادئ القائم‪$$‬ة على ض‪$$‬رورة اح‪$$‬ترام الحريّ‪$$‬ات الشخص‪$$‬يّة‪ ،‬من خالل ض‪$$‬مان‬
‫الحريّات الفرديّة والتشبث بالقيم اإلنسانيّة‪ .‬ضرورة احترام القوانين التي ت ّم وض‪$$‬عها لتس‪$$‬يير‬
‫األف‪$$‬راد والجماع‪$$‬ات‪ ،‬به‪$$‬دف تمكينهم من العيش وف‪$$‬ق نهج يس‪$$‬وده الع‪$$‬دل الجم‪$$‬اعي‪ ،‬إض‪ً $‬‬
‫‪$‬افة‬ ‫ٍ‬
‫لحم‪$$‬ايتهم في حال‪$$‬ة وق‪$$‬وع أيّ ظ‪$$‬ر ٍ‬
‫ف ق‪$$‬د يلح‪$$‬ق األذى بهم أو بإنس‪$$‬انيتهم دون النظ‪$$‬ر إلى‬

‫‪119‬‬
‫‪$‬ق والق‪$$‬انون‪ ،‬إض‪ً $‬‬
‫‪$‬افة لتحدي‪$$‬د‬ ‫األيدولوجيّة‪ .‬تطبيق مبدأ فص‪$$‬ل الس‪$$‬لطة للعم‪$$‬ل بمقتض‪$$‬يات الح‪ّ $‬‬
‫مُهمّة وماهية كل سلطة على حدة‪ ،‬حتى ال تتحوّ ل ممارسة تلك السلطات إلى فوض‪$$‬ى وعلي‪$$‬ه‬
‫فإذا ك‪$$‬ان الق‪$$‬انون ي‪$‬أتي اقتض‪$‬اء ال ابت‪$$‬داء‪ ،‬ال ب‪$$‬أس أن نف‪$$‬رش فرش‪$‬ا مبس‪$$‬طا الئح‪$‬ة الحق‪$‬وق‬
‫األساس‪$$‬ية ال‪$$‬تي ينبغي أن يتمت‪$$‬ع به‪$$‬ا المجتم‪$$‬ع‪ ،‬وعلى أساس‪$$‬ها ينبغي أن تص‪$$‬اغ الق‪$$‬وانين‬
‫والمساطر تجسيدا لها وتيسيرا لسريانها‪ ،‬ويمكن إجمال أهم هذه الحقوق األساسية في التالي‪:‬‬

‫‪ .1‬حق المجتمع في تقرير نوع ومضمون تعاقده مع من يحكمه ويسير شأنه العام‪،‬‬

‫‪ .2‬ح‪$$‬ق المجتم‪$$‬ع في تقري‪$$‬ر االختي‪$$‬ارات السياس‪$$‬ية واالقتص‪$$‬ادية والثقافي‪$$‬ة واالجتماعي‪$$‬ة‬


‫للدولة‪ ،‬عبر مؤسسات تمثيلية له مسؤولة وشفافة ومشكلة بنزاهة وحرية‪،‬‬

‫‪ .3‬حق المجتمع في اختيار من يسير شأنه العام‪،‬‬

‫‪ .4‬حق المجتمع في تقويم ومراقبة ومحاسبة من يسير شأنه العام‪،‬‬

‫‪ .5‬ح‪$$‬ق المجتم‪$$‬ع في تنظيم نفس‪$$‬ه والتعب‪$$‬ير على اختيارات‪$$‬ه المتنوع‪$$‬ة تن‪$$‬وع تش‪$$‬كيالته‬
‫ومكوناته‪،‬‬

‫‪ .6‬حق المجتمع في حماية نفسه ضد كل إرادة للتعسف والشطط السلطوي واالستبداد‪،‬‬

‫‪ .7‬حق المجتمع في صون الكرامة اإلنس‪$‬انية لك‪$‬ل أف‪$‬راده‪ ،‬بمختل‪$‬ف تجلياته‪$‬ا االقتص‪$‬ادية‬
‫والثقافي‪$$‬ة واالجتماعي‪$$‬ة‪ ،‬من ش‪$$‬غل وعيش ك‪$$‬ريم‪ ،‬وق‪$$‬درة ش‪$$‬رائية ت‪$$‬وفر الكف‪$$‬اف‪ ،‬وتط‪$$‬بيب‬
‫مجاني ‪ ،‬وتعليم مجاني‪ ،‬وسكن‪$،...‬‬

‫‪ .8‬حق المجتمع في صون الحرمة االجتماعية لمنازل ومساكن أفراده‪،‬‬

‫‪ .9‬حق المجتمع في صون الملكية الفردية والمنافسة االقتصادية الشريفة والحرة والشفافة‬
‫و المسؤولة لكل أفراده (بما ال يضر مصلحة المجتمع ككل وفئاته)‪،‬‬

‫و إذا دولة القانون التي ينبغي أن تكون مالذ طم‪$$‬وح المجتم‪$‬ع‪ ،‬هي الدول‪$‬ة الض‪$$‬امنة له‪$‬ذه‬
‫الحقوق‪ ،‬العاملة على إصدار قوانين بما يضمن سريان هذه الحقوق‪،‬‬

‫بهذا المع‪$$‬نى ال يمكن أن نتص‪$$‬ور "قض‪$$‬اء" في دول‪$$‬ة الح‪$$‬ق والق‪$$‬انون غ‪$$‬ير مس‪$$‬تقل‪ ،‬أو ال‬
‫يحمي المجتمع من الظلم والتعسف والشطط في استعمال السلطة‪،‬‬
‫‪120‬‬
‫وال يمكن أن نتصور "قانونا للصحافة" في دولة الحق والقانون يكب‪$$‬ل حري‪$$‬ة التعب‪$$‬ير ول‪$$‬و‬
‫تحت أية دعاوى أو تبريرات قانونية‪،‬‬

‫وال يمكن أن نتص‪$$‬ور "قانون‪$$‬ا لألح‪$$‬زاب السياس‪$$‬ية" في دول‪$$‬ة الح‪$$‬ق والق‪$$‬انون يعرق‪$$‬ل‬
‫التأسيس‪ ،‬وتوظف فيه الثغرات لصالح المنع أو اإلنكار‪،‬‬

‫و ال يمكن أن نتص‪$$‬ور "قانون‪$$‬ا لإلره‪$$‬اب" في دول‪$$‬ة الح‪$$‬ق والق‪$$‬انون ال يص‪$$‬ون كرام‪$$‬ة‬


‫الم‪$$‬واطن وحرم‪$$‬ة منزل‪$$‬ه‪ ،‬بت‪$$‬برير المداهم‪$$‬ة المنزلي‪$$‬ة دون إذن مس‪$$‬بق من ص‪$$‬احب الم‪$$‬نزل‬
‫(المشتبه فيه) مثال وفي أوقات حرجة‪،‬‬

‫وال يمكن أن نتصور "قانونا جنائيا" في دولة الحق والقانون ال يحمي المتهم‪ ،‬وال يض‪$$‬من‬
‫له مجريات تحقيق ومحاكمة عادلتين بدءا من مقتضيات مسطرة البحث التمهيدي‪$...‬‬

‫دولة التنزيل السليم للقانون الذي يضمن سريان الحقوق‬

‫وكما أن دولة الحق والقانون ينبغي عليها إصدار قوانين بما يضمن سريان ه‪$‬ذه الحق‪$‬وق‪،‬‬
‫فهي كذلك الساهرة على تطبيق هذه القوانين بما يضمن سريان تنزيله‪$$‬ا‪ ،‬بش‪$$‬كل يحف‪$$‬ظ أيض‪$$‬ا‬
‫هذه الحقوق األساس‪$$‬ية ال‪$$‬تي ذكرن‪$$‬ا من قب‪$$‬ل من التبدي‪$$‬د والعبثي‪$$‬ة‪ ،‬وبه‪$$‬ذا المع‪$$‬نى ال يمكن أن‬
‫نتصور تنزيال لقوانين تخرق فيها قواعدها ومساطرها لصالح اتهام مجاني تداس فيه كرام‪$$‬ة‬
‫مواطن بريء قبل أن تثبت إدانت‪$$‬ه‪ ،‬والتش‪$$‬هير ب‪$$‬ه قب‪$$‬ل أن يق‪$$‬ول القض‪$$‬اء كلمت‪$$‬ه في‪$$‬ه إذا ك‪$$‬ان‬
‫متهم‪$$‬ا‪ ،‬وال يمكن أن نتص‪$$‬ور ت‪$$‬نزيال له‪$$‬ذه الق‪$$‬وانين ي‪$$‬ؤول فهمه‪$$‬ا وش‪$$‬رحها لص‪$$‬الح ت‪$$‬برير‬
‫التعسف‪ ،‬أو لصالح منع حق في التعبير أو التنظيم‪ ،‬أو لصالح تبرير التدخالت العنيفة ب‪$‬القوة‬
‫لتفريق مظاهرة يحتج أصحابها لضمان حقهم في العيش الكريم‪ ،‬فالقانون هنا وتطبيقه يك‪$$‬ون‬
‫مح‪$$‬ط موازن‪$$‬ة بين تنزي‪$$‬ل بن‪$$‬وده حرفي‪$$‬ا أو بش‪$$‬كل ت‪$$‬أويلي وبين اس‪$$‬تدعاء خلفي‪$$‬ات إص‪$$‬داره‪،‬‬
‫باعتباره كما قلنا من قبل "قانونا لضمان س‪$$‬ريان الحق‪$$‬وق"‪ ،‬والموازن‪$$‬ة في تق‪$$‬ديرنا ينبغي أن‬
‫تكون راجحة لصالح ضمان سريان هذه الحق‪$$‬وق‪ ،‬وإال ت‪$$‬اه الق‪$$‬انون عن مقص‪$$‬ده وتم‪$$‬رد عن‬
‫أسباب والدته‪.‬‬

‫الحق سيد القانون‬

‫‪121‬‬
‫إن الق‪$$‬انون في دول‪$$‬ة الح‪$$‬ق والق‪$$‬انون‪ ،‬ينبغي أن يك‪$$‬ون خادم‪$$‬ا للح‪$$‬ق ال أن يك‪$$‬ون الح‪$$‬ق‬
‫خادمه‪ ،‬أن يكون خاضعا للحق ال أن يكون الحق خاضعا له‪ ،‬أن يكون مسيدا بالحق ال س‪$$‬يدا‬
‫عليه‪ ،‬هذا هو معنى القانون في دولة الحق والقانون‪ ،‬و من يريد أن يكرس غير هذا المع‪$$‬نى‬
‫فهو بذلك ال يعمل إال على تكييف كل مفاهيم االستبداد والظلم والتض‪$$‬ييق على الحري‪$$‬ات م‪$$‬ع‬
‫واقع الحال‪ ،‬حتى يضمن لها االستمرارية في الحياة‪ ،‬وبالتالي إعط‪$$‬اء عم‪$$‬ر إض‪$$‬افي لمجم‪$$‬ل‬
‫المآسي االجتماعية للمجتمع‪...‬‬

‫إن دول‪$$‬ة الح‪$$‬ق والق‪$$‬انون ليس‪$$‬ت هي فق‪$$‬ط ال‪$$‬تي تت‪$$‬وفر على دس‪$$‬تور وعلى حكوم‪$$‬ة وعلى‬
‫برلم‪$$‬ان وعلى جه‪$$‬از قض‪$$‬ائي‪ ،‬وليس‪$$‬ت فق‪$$‬ط ال‪$$‬تي تت‪$$‬وفر على ترس‪$$‬انة هائل‪$$‬ة من الق‪$$‬وانين‪،‬‬
‫وليست فقط هي التي تدار فيها االنتخابات‪ ،‬إن دول‪$$‬ة الح‪$$‬ق والق‪$$‬انون هي مض‪$$‬امين قب‪$$‬ل ك‪$$‬ل‬
‫هذا‪ ،‬ومضامينها كلها ينبغي أن تكون منسجمة مع مبرر وجودها‪ ،‬ال‪$$‬ذي ه‪$$‬و ض‪$$‬مان حق‪$$‬وق‬
‫المجتم‪$$‬ع وفئات‪$$‬ه وأف‪$$‬راده وجماعات‪$$‬ه‪ ،‬ح‪$$‬تى تك‪$$‬ون بح‪$$‬ق دول‪$$‬ة المجتم‪$$‬ع المع‪$$‬برة عن نبض‪$$‬ه‬
‫وإرادته واختياراته‪...‬‬

‫تعتبر دولة الحق والقانون الضامن لممارسة الحقوق‪ ،‬حيث يكون همهــا منصــبا ً بكاملــه على شــخص‬
‫اإلنسان‪ ،‬الذي يصبح هم الغاية وليس الوسيلة في مخططات الدولة فكل سياسية تكون غايتهــا المحافظــة‬
‫على اإلنسان‪ ،‬وإســعاده وعنـدما ال تحمي الدولــة كرامــة اإلنســان وحقـه في ممارســة حقوقـه فهي تعـني‬
‫شيء أخر غير دولة الحق والقانون‪.‬‬

‫فاإلنسان هو جوهر الدولة وليس المقصود بذلك تضييق الخناق عليه وإعتباره مصدر للخطر‪ ،‬وجعــل‬
‫الهاجس األمني مهيمنا ً على كل العالقات التي تربط الدولة به‪ ،‬وإنما هي موجودة لجعله يرقى بإنســانيته‬
‫ويعيض في جو من الهدوء مع غيره‪ ،‬أمنا ً على حقوقه وعارفا ً بالضمانات الــتي تمنح لــه من اجــل ذلــك‪،‬‬
‫مما يجعل السمة األساسية للسلوك المتداول بين األفراد هي اإليمــان بحــق اإلختالف والتمتــع بالحريــات‪،‬‬
‫دون أي تــأثير على العالقــة بــاألخر ‪ ،‬ويــؤدي ذلــك الى خلــق نــوع من التراضــي في المجتمــع حــول قيم‬
‫يعتبرها الجميع مقدسـة وأساسـية للمجتمـع‪ ،‬ممـا يقلـل الى حـد بعيـد من الهـوة الموجـودة بين المجتمـع‬
‫المدني والدولة‪ ،‬إال في القيّم‪ ،‬ففي هذه الحالة تكون مشــتركة ويـؤمن خاللهــا كـل طـرف بأهميـة الطـرف‬
‫األخر واليفكر بأي شكل من األشكال في القضاء عليه‪ .‬أن نظريــة الحقــوق الفرديــة مســتمدة في الحقيقــة‬

‫‪122‬‬
‫من فكرة العقد اإلجتماعي‪ ،‬وتتلخص في كــون األفـراد قبــل نشـأة "الجماعــة السياسـية" المنظمــة كـانوا‬
‫يتمتعون بمجموعة من الحقوق والحريات وجدت بوجودهم‪.‬‬

‫والجماعة السياسية المنظمة إنما نشأت لتقوم بحماية هذه الحقوق والحريات الفردية‪ ،‬وال أحد يجادل‬
‫في كـون فكـرة حقـوق األفـراد تنحــدر من القـانون الطــبيعي‪ ،‬ولم تنفصـل عنهــا إال بظهــور نظريـة العقــد‬
‫اإلجتماعي التي ال يتخلى فيها الفرد إال عن الجزء الذي يستلزم قيام الجماعة السياسية المنظمة‪ ،‬وهنــاك‬
‫ثالث اطروحات في مجال نظرية الحقوق الفردية‪:‬ـ‬

‫األولى‪ :‬هي تلك المستمدة من فكر "جون لولك القائمة عل أهميـة وأولويـة الحقـوق الفرديــة‬
‫في مواجهة سيادة الدولة‪ ،‬مما يعطي لألفراد الحق في عصيان الســلطة ومقاومتهــا عنــدما تمس‬
‫هذه الحقوق ‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬هي تلك التي تعطي األولوية لســيادة الدولــة في واجهــة حقــوق الفــرد‪ ،‬والــتي مهــدت‬
‫إلستبداد السلطة‪ ،‬ويتزعم هذا التيار ‪ ،‬كالً من‪" :‬كانط " و"هيجل"‪.‬‬

‫الثالثة‪ :‬وهي الـــتي يتزعمهـــا الفرنســـي "‪ ، "EISMAIN‬حيث عمـــل على التوفيـــق بين‬
‫النظريتين ‪ ،‬نفيا ً العصيان وناصحا ً بالتغيير عن طريق تعبئــة الــرأي العــام‪ ،‬أمــا في المغــرب فــأن‬
‫حماية الحقوق والحريات تعود الى الملك (الفصل ‪ 19‬من دستور ‪1996‬م)‪( .‬الفصــل ‪ 41‬ــ ‪ 42‬ــ‬
‫‪ 59‬ــ ‪ 55‬من دستور ‪2011‬م)‪.‬‬

‫ويمكن إعتبار هذه الفصول أهم مجسد للخصوصيات التي تميّـز النظـام السياسـي المغـربي عن غـيره‬
‫من األنظمة األخرى ‪.‬‬

‫لقد تطــورت مســألة الحقــوق الفرديــة‪ ،‬وأصــبحت ذات أبعــاد إجتماعيــة لتلقي على الدولــة بإلتزامــات‬
‫متعددة ‪ ،‬ذلك أنها لم تعد مطالبة بإحترام الحقوق الفردية‪ ،‬وعدم المساس بهــا ‪ ،‬بــل أصــبحت تقــع عليهــا‬
‫إلتزامات وأعباء قصد تمكين المواطنين وتسهيل تمتعهم بهذه الحقوق وتجنب وضع العراقيل التي تعيــق‬
‫ممارستها‪ ،‬فلم تعد الدولة مطالبة بموثوق سلبي إزاء هذه الحقوق ‪ ،‬بل أصبحت عليها ممارسة الســلوك‬
‫إيجابي لإلستفادة من هذه الحقوق ‪.‬‬

‫إن الدولة أصبحت ملزمة بإيجاد صيغة لحل معادلــة الحريــة والمسـاواة بحيث أن الكــل عمـل من أجــل‬
‫تحقيق الثانية كحق فردي اليجب أن يمس في عمق المبدأ األول أي حرية‪.‬‬

‫تعكس طبيعة العالقة بين الدولة والمجتمع نوعية الدولــة‪ ،‬هــل هي دولــة حــق وقــانون فعالً؟ أم دولــة‬
‫توفر فقط على قوالب شكلية دون أن تكون الممارسة فيها ممارسة دولة حق وقانون؟‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫لقد سبقت اإلشارة الى أن دولة الحــق والقــانون هي إفــراز للتــاريخ نتجت عن سلســة من التراكمــات‬
‫التي تولدت عن الصيرورة التي ستتحول الى عالقة وثيقة بينهمــا بعــد صــراعات كثــيرة ‪ ،‬حيث سيصــبح‬
‫هناك تقاسيم لنفس القيم الهادفة إليها ولم يتم ذلــك إال بعــد أن أصــبحت الحيــاة السياســية مجــاالً للتعاقــد‪،‬‬
‫فأصبح مركز كل العالقات هو المتمع وتغيّرت األفكار التي كانت تجعل من الدولة قطب الرحى الذي يــدور‬
‫حول الكل بما في ذلك المجتمع ‪ ،‬وهي رؤية كان من العسير أن تتحقق معها دولة الحق والقانون‪.‬‬

‫إن اإلتفــاق حــول نفس القيم السياســية واإلجتماعيــة والثقافيــة وتقاســم المبــادئ الكــبر هي أمــور من‬
‫شأنها أن تسهل والدة دولة الحق والقانون‪ ،‬حيث يشعر الناس بإنسجام تام بينهم وبين الدولــة‪ ،‬إذ يكــون‬
‫لمفهوم المواطنة معنى واحد وهو المعنى الحقــوقي‪ ،‬ممــا يجعــل النــاس مــرتبطين بشــكل وثيــق بالدولــة‪،‬‬
‫وتختفي بذلك األفكار المتطرفة التي تهــدد المجتمــع بعــدم اإلســتقرار والــتي يكــون عــادة ســببها المباشــر‬
‫الشعور بالظلم وإنعدامـ الحقوق‪.‬‬

‫إن دولة الحق والقانون ال يمكن إقرارها بالعنف‪ ،‬كما اليمكن أن تخلــق في إطــار تطــور يــؤمن بــأن ال‬
‫حقوق لإلنسان‪ ،‬بل هي نتيجة للتراضيوالتعاقد منأجل تحقيق الصالح العام للمجتمع‪ ،‬ويبقى مــر تحقيقهــا‬
‫عسيراً في غياب مجتمع مدني حقيقي وفاعل‪ ،‬بعكس التفاعل الموجود داخل المجتمع بشــكل جــدلي‪ ،‬كمــا‬
‫اليمكن تصور وجــود المجتمــع المــدني‪ ،‬دون وجــود هــامش من الحريــة‪ ،‬ألن العالقــة بينهمــا هي عالقــة‬
‫وجودية‪ ،‬كلما أتسع هامش الحرية إال وزادهم المجتمع المدني وعبر ذاته بمختلف الوسائل‪ ،‬وقام بــدوره‬
‫كما يجب‪ ،‬فالحرية كانت دائما ً وثيقة اإلتصال بالحياة الديمقراطية‪ ،‬حيث يتمكن من خالل ذلــك كــل إنســان‬
‫"محكوما ً وحاكماً‪ ..‬سيداً ومسوداً‪ ،‬أن يحقق بالتالي الحرية على أساس المساواة للجميع"(‪.)194‬‬

‫إن ضمان وحماية الحريات والحقوق بصفة عامة قد أصبح يرتبط إرتباطا ً وثيقا ً بمبــادئ الديمقراطيــة‬
‫وإقامة نظام عادل‪ ،‬فمن الصعب أن نعتبر أن نظامـا ً مـا بأنــه نظامـا ً ديمقراطيـا ً إذا لم يكن يحمي ويضــمن‬
‫حريات المواطنين وحقوقهم من مختلف الشرائح واألجناس‪ ،‬ومن ثم أصبحت الدولة التي تحترام حقــوق‬
‫األفراد والجماعات وتلتزم بتطبيق القانون توصف بدولة الحق والقانون‪.‬‬

‫ومن أجل تطبيق سيادة القانون ناضل الفرع السياسي والقــانوني الحــديث لتحقيــق فكــرة دولــة الحــق‬
‫والقــانون‪ ،‬وبالتــالي تقييــد ســلطة الدولــة ‪ ،‬بحيث أن القيــود الرســمية على ســلطة الدولــة التعســفيةـ في‬
‫تدخالتها في جميع مجاالت الحياة تستمد أساسا ً من القــانون الدســتوري واإلداري‪ ،‬فهاتــان المجموعتــان‬
‫من القوانين تضمنان إتساق جميع التشريعات مع الدستور والقانون‪.‬‬

‫فدولة القــانون إذن هي مجموعـة من النصــوص القانونيــة الــتي تضـمن حقــوق األفـراد والجماعـات‪،‬‬
‫لكنهـا تبقى مرموقـة بتطـبيق هـذه القـوانين واحـترام هـذه الحقـوق بحيث أن حمايـة الحقـوق والحريـات‬
‫‪194‬‬
‫إدريس برهون ‪ ،‬إشكالية دولة الحق والقانون في المغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪( ) 60‬‬

‫‪124‬‬
‫األساسية للفرد يجب أن يكفلها الدستور‪ ،‬وبالتالي اليمكن للسلطة التشريعية أن تصدر قانونا ً قد يمس أو‬
‫يضع عقبة في سبيل مباشرة جميع الحقوق الــتي يكفلهــا الدســتور وتشــمل هــذه الحمايــة جميــع أصــناف‬
‫الحريات والحقوق الطبيعية والمدنية والسياسية واإلقتصادية واإلجتماعية(‪.)195‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬ة‬

‫الشروط القانونية لممارسة الحقوق السياسية وموانعها‬

‫بعد حديثنا عن المعايير الدولة لممارسة حقوق اإلنسان عامة والحقــوق السياســية خاصــة‪ ،‬والقائمــة‬
‫على ضرورة تعزيز هذه الممارسة وتقويتها بمبادئ سامية ال بــد منهــا‪ ،‬والمتمثلــة في مبــدأ دولــة الحــق‬
‫والقانون ومبدأ سمو السدتور‪ ،‬فإننا نطرح ســؤاالً مركزيـا ً وهــو‪ :‬هــل ممارســة الحقــوق والحريــات هي‬
‫ممارسة مطلقة أم أنها مشروطة؟ وهل من موانع قانونية أمام ممارسة الحقوق السياسية؟‪.‬‬

‫هذا ما ســنتناوله في هـذا المحـور من خالل توضـيح الشــروط القانونيــة للمارسـة الحقــوق السياسـية‬
‫(الفرع األول) وموانع مماسة الحقوق السياسية (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الشروط القانونية للمارسة الحقوق السياسية‬

‫مما ال شك فيه أن ممارسة الحقوق والحريات بدون ضوابط تؤدي الى فوضى غير خالقة‪ ،‬وإذا رجعنا‬
‫الى اإلتفاقيات الدولية التي ساهمت في تكوين قواعد قانونيــة دوليــة شــكلت مــا يســمى بالقــانون الــدولي‬
‫لحقوق اإلنسان نجد أنها تؤكد على هذه الضوابط وتعطيها شرعية قانونية دولية ووطنية‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫‪ .‬عمر العسري‪ ،‬القانون العام والمؤسسات السياسية بالمغرب‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار أبي رقراق ‪ ،‬الرباط ‪ ،2001 ،‬ص ‪( ) 155‬‬

‫‪125‬‬
‫ومن أجل تفادي وضمان فرض قيود ال مبرر لها أو ذات طابع تعسفي‪ ،‬عمل القــانون الــدولي لحقــوق‬
‫اإلنسان على إرساء نظام قانوني خاص بالقيود الواردة على حقوق اإلنسان في الظروف العاديــة‪ ،‬تبلــور‬
‫في النصــوص المقيّــدة لحقــوق اإلنســان الــواردة في العهــد الــدولي للحقــوق المدنيــة والســياية ‪ ،‬بهــدف‬
‫تكريس مشروعية تقييد حقوق اإلنسان عبر التشريع الوطني‪.‬‬

‫فما هي المبادئ الناظمة لهذا التقييد؟‬

‫إن عدداً من الحقوق الـواردة في الجـزء الثـالث ينص صـراحة على أنهـا تخضـع لقيـود أو تحديـدات‪،‬‬
‫ويكون ذلك عموما ً عندما ينص القانون على ذلك‪ ،‬وتكون القيود أو التحديات ضرورية ألغراض محددة‪.‬‬
‫فالمواد ‪ 22 ، 21 ،19 ، 18 ، 17‬و‪ 25‬تجيز صراحة شكالً ما من أشكال التقييد أو التحديد‪ .‬وإذا اختارت‬
‫الدولة الطرف تحديد أو تقييد أحد هذه الحقوق ضــمن الحــدود المنصــوص عليهــا‪ ،‬يكــون هــذا جــائزاً وال‬
‫يكــون بمثابــة انتهــاك للحــق المعــني‪ .‬كمــا أن حقوقــا ً أخــرى ‪ ،‬وال ســيما تلــك الــتي تحمي من األفعــال‬
‫"التعسفية" من جانب الدولة‪ ،‬تعترف ضمنا ً بجواز قيام الدولة بإتخاذ تدابير معقولة معينة‪.‬‬

‫بيد أنه ينبغي التأكيد على أن التقييدات المسموح بها ليست على أي حـال واسـعة النطـاق وال سـخية‪،‬‬
‫ومن المؤكد انها ال تجيز للدولة الطرف أن تفــرغ بصــورة فعليــة حقـا ً مــا من معنــاه العملي‪ .‬ويقــع عبء‬
‫التبرير في مثل هذه الحالة على عاتق الدولــة الطــرف لكي تــبرهن‪ ،‬بمــا في ذلــك للجنــة‪ ،‬على ان التقييــد‬
‫المعني يفي بمعايير المشروعية والضرورة والمعقولية والقصـد المشـروع‪ .‬واليجـوز بحـال من األحـوال‬
‫تقييد أو تحديد بعض الحقوق‪ ،‬مهما كانت خطورة الظروف الماثلة‪ .‬وفي حاالت أخرى‪ ،‬فــإن الحــق الــذي‬
‫يطالب به شخص ما قد يتعيّن موازنته بحيث يطالب به شخص أخر‪ .‬وعلى ســبيل المثــال‪ :‬فقــد يكــون من‬
‫الضروري ‪ ،‬إتساقا ً مع حق الطفل في التمتع بتدابير الحماية الضرورية بموجب المادة ‪ ، 24‬القيــام بنقــل‬
‫الطفل من بيئة منزل تحدث فيها تجاوزات‪ ،‬حتى وإن كان مثل هذا الفصل عن األسرة قــد يبــدو متعارض ـا ً‬
‫مع حقوق الوالدين‪ ،‬بموجب المادة ‪ 23‬في حماية األسرة‪.‬‬

‫والطريقة األخرى الــتي يجــوز بهــا تقييــد الحقــوق هي إبــداء التحفظــات‪ .‬والتحفــظ هــو إعالن رســمي‬
‫تودعه الدولة الطرف وقت صيرورتها طرفا ً في المعاهدة يفيد انها تمتنع عن تطبيق حكم ما أو أكثر‪ ،‬إمــا‬
‫كليا ً أو جزئيا ً في قضائها‪ .‬وعلى عكس المعاهدات األخرى فإن العهد يلتزم الصمت بشأن أثر التحفظــات‪.‬‬
‫إذ يجوز تسجيل تحفظ ما ‪ ،‬رهنا ً بمراعاة القاعدة العامــة للقــانون الــدولي‪ ،‬كمــا أعــرب عنهــا في اتفاقيــة‬
‫فيينا لقانون المعهدات بأنه ال يجوز أن يكون هذا التحفظ متعارضـا ً مــع هــدف المعاهــدة والغــرض منهــا‪.‬‬
‫والمؤشر التقليدي لبيان ما إذا كان التحفظ مقبوالً أم ال هو رد فعـل الـدول األطـراف األخـرى الـتي يجـوز‬
‫لها تقديم اعتراضات على تحفظ أودعته دولة طرف أخرى‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫وللجنة نفسها‪ ،‬بوصفها الهيئة المكلفة برصد تنفيذ العهد‪ ،‬هي التي تولت سلطة البت في مــدى اتفــاق‬
‫تحفظ ما مع هدف العهد والغرض منه وهي قد اعربت عن آرائها بشأن هــذه المســألة فيمــا يتعلــق بعــدة‬
‫دول أطراف‪ .‬فإذا تبين للجنة أن التحفظ متعارض معها فإنها "تقطع" هذ التحفظ وتطبق اإللــتزام الكامــل‬
‫المعني على الدولة الطرف‪ .‬وفي حين أن إمكانية إيداع التحفظات قد تشجع الدول على أن تصبح اطراف‬
‫في المعاهدة عندما قد ال يكون لديها اإلستعداد لتحمل كامل مدى اإللــتزام المســتمد منهــا‪ ،‬فـإن التحفظــات‬
‫كثيراً ما تعتبر إختياراً رديئا ً على مستوى السياسات من حيث أنهــا تحــرم أشخاصـا ً معيــنين من حقــوقهم‬
‫ألسباب قد ال تكون واضحة لدول األطراف األخرى أو قد تكون صحيحة فقط لبعض الوقت‪ .‬ولهذا الســبب‬
‫فإن اللجنة تشجع بإستمرار الــدول األطــراف على إعــادة النظــر في التحفظــات الــتي تكــون قــد اودعتهــا‪،‬‬
‫بقصد سحبها‪ .‬ولإلطالع على المزيد من التفاصيل بشأن نهج اللجنة إزاء هذه المسائل(‪.)196‬‬

‫وجوابا ً على السؤال السابق الذي طرحناه أعاله‪ ،‬نجــد أن اإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان ينص في‬
‫مادته ‪ 29‬ــ ‪ 2‬على أنه "اليخضع أي فرد في ممارسة حقوقــه وحرياتــه إال للقيــود الــتي قررهــا القــانون‬
‫مستهدفا ً منها حصراً ظن اإلعتراف الواجب بحقوق وحريـات األخـرين وإحترامهـا ‪ ،‬والوفـاء بالعـدل من‬
‫مقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاء الجميع في المجتمع الديمقراطي"‪.‬‬

‫كما أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسـية قـد نص في مادتـه ‪/12‬ـ ‪ 3‬الخاصـة بحريـة‬
‫التنقل وحرية إختيار مكان اإلقامة على أنه "اليجوز تقييد الحقوق المــذكورة أعاله بأيــة قيــود غــير تلــك‬
‫التي ينص عليها القانون والضرورية لحماية األمن القومي أو النظــام العــام او الصــحة العامــة أو اآلداب‬
‫العامة أو حقوق األخرين وحرياتهم"‪.‬‬

‫وقد وردت الضوابط أيضا ً بالمادة ( ‪ ) 14‬الخاصة بالمساواة أمام القضاء‪ ،‬والمادة (‪ 18‬ــ ‪ )3‬المتعلقة‬
‫بحريــة الفكــر والوجــدان والــدين‪ ،‬والمــادة (‪/ 19‬ـ ‪ )3‬الخاصــة بحريــة التعبــير‪ ،‬والمــادة (‪ ) 21‬الخاصــة‬
‫بــالتجمع الســملي‪ ،‬والمــادة (‪/22‬ـ ‪ )2‬المتعلقــة بحريــة تكــوين الجمعيــات والنقابــات ‪ ،‬وهي نفس القيــود‬
‫الواردة في إتفاقية حقوق الطفل في المواد (‪. ) 2 / 23 ، 3 / 14 ، 2 / 25‬‬

‫أما العهد الدولي الخاص بالحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية فقد نصت على هذه الضوابط في‬
‫المادة (‪/ 1‬ـ ‪ 8‬ــ ج ) حيث تقول‪" :‬اليجوز اخضاع ممارسة هذا الحق تكوين النقابــات واإلنضــمام إليهــا‬
‫ألية قيود غير تلك الــتي ينص عليهــا القــانون‪ ،‬وتشــكل تــدابير ضــرورية في مجتمــع ديمقــراطي لصــيانة‬
‫األمن القومي‪ ،‬أو النظام العام‪ ،‬أو لحماية حقوق األخرين وحرياتهم"‪ .‬وأضافة في نفس المادة أن "حــق‬
‫اإلضراب مضمون شريطة ممارسته وفقا ً لقوانين البلد المعني"‪.‬‬

‫‪ ) (196‬انظر التعليق العام رقم ‪ 24‬الصادر بالمسائل المتعلقة بالتحفظات ( ‪.( CCPR/C/Rev.1/Add. 69‬‬

‫‪127‬‬
‫أما اإلعالن الصادر بشأن القضاء على جميــع أشــكال التعصــب والتميــيز القــائمين على أســاس الــدين‬
‫والمعتقدـ ‪ ،‬والذي نشرته الجمعيه العامة لألمم المتحدة في ‪/ 11/ 25‬ـ ‪1981‬م ‪ ،‬نص على انه "اليجوز‬
‫إخضاع حرية المرأ في إظهار دينه ومعتقداتهـ إال لما قد يفرضه القانون من حدود تكون ضرورية لحماية‬
‫األمن العام‪ ،‬أو الصحة العامة‪ ،‬أو األخالق العامة‪ ،‬أو حقوق األخرين وحرياتهم األساسية"‪.‬‬

‫ومن خالل قراءة هذه الموادة السابقة في إتفاقيات حقوق اإلنسان يتبين أنها قد أقر مشروعية القيــود‬
‫الــتي يمكن أن تفــرض على ممارســة حقــوق اإلنســان‪ ،‬ممــا يؤكــد أن ممارســة الحقــوق والحريــات ليس‬
‫بممارسة فوضوية أو عشوائية أو إرتجالية؛ بل هي مقيّدة ومضبوطة ومقننة بشروط ضـرورية البـد من‬
‫توفرها لتمكين األفراد من ممارسة الحقوق والحريات‪.‬‬

‫غير أن أشكالية فرض القيود القانونية لممارسة الحقوق والحريات ليست عملية متاحة بشكل مطلــق‬
‫أيضا ً ‪ ،‬بحيث إذا كان القــانون الوطــني‪ ،‬من خالل هــذه المــادة يمكن فــرض قيــود على ممارســة الحقــوق‬
‫والحريات‪ ،‬فإنه ملزم بـإحترام ومراعـاة غايـات وأهـداف حـددها سـلفا ً اإلعالن‪ ،‬المتمثلـة في المـادة (‪)4‬‬
‫ضوابط للقيود‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ .1‬أن تكون القيود بنا ًء على قانون‪:‬‬

‫يقتضي هذا المبدأ ‪ ،‬أن التقيّد يجب أن يكون منصوصا ً عليــه في القــانون‪ ،‬فيتم تعطيــل أو تقييــد طبق ـا ً‬
‫للقانون‪ ،‬فالقاعدة هي التعطيل أو تقييد إال بنص‪ .‬والقانون المقصود ‪ ،‬القانون بمعناه الواسع الذي يشمل‬
‫التشريع واألعراف وحتى السوابق القضائية‪ ،‬وقــد اكــد العهــد الــدولي للحقــوق المدنيــة والسياســية على‬
‫جوهرية هذا المبدأ‪ ،‬حين أشـارت الفقـرة الثانيـة من المـادة (‪ )5‬والفقـرة األولى من المـادة (‪ )9‬والفقـرة‬
‫األولى من المادة (‪ )14‬على ضرورة إلزام المشرع الوطــني بأحكــام القــانون الوطــني عنــد التقيّــد لبعض‬
‫الحقوق‪ ،‬أو اإلستناد الى القانون في حالة توقف أو إعتقال أي فرد تعسفاً‪.‬‬

‫والقانون الجدير باإلعتبار في هذا الشأن‪ ،‬كما أكـدت على ذلـك المحكمـة األوروبيـة لحقـوق اإلنسـان‪،‬‬
‫اليتمثل في صدور قانون وطـني يحتـوي تقييـد لحقـوق اإلنسـان؛ بـل القـانون الـذي تتحـد مواصـفاته في‬
‫صورة أن يكون ((معلوما ً ومعرفا ً وأن يكون مصاغا ً بشكل دقيق بما فيـه الكفايـة‪ ،‬ليسـمع المخـاطبين أن‬
‫ينزلوا على مقتضاه))‪.‬‬

‫حتى يكون التقييد بموجب القانون الوطني مشرعاً‪ ،‬عليه أن يستند على أحد المبررات الــتي إعتبرهــا‬
‫القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرتكز مشروعية التقييد‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫وهذه المبررات كما وردت في النصوص المقيّدة الخاصة بالعهد الـدولي للحقـوق المدنيــة والسياسـية‬
‫ضمن المواد"‪، 9‬ـ ‪ 21، 19، 18، 12‬و‪ ، 22‬هي المبررات الخاصة ببناء مجتمع ديمقراطي أو حماية‬
‫األمن الوطــني أو الصــحة أو الســالمة العامــة أو النظــام العــام أو األخالق العامــة أو حقــوق وحريــات‬
‫األخــرين‪ ،‬أوتقييــد اليســتند على هــذه المســوغات‪ ،‬يخــالف أســاس شــرعية التقييــد كمــا هي مصــطرة في‬
‫القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ .‬وهي ما سنتناوله في الشروط الالحقة أسفله‪.‬‬

‫‪ .2‬أن يكون للقيود غاية إجتماعية‪:‬‬

‫ويقتضي هذا أن تقيّد حقوق األفراد ضــرورة إحــترام ومراعــاة حقــوق وحريــات األخــرين‪ ،‬أي حقــوق‬
‫وحريات المجتمع‪ ،‬بمعنى أن حرية كل فرد تنهي بممارسة األخرين لحرياتهم‪ ،‬وهو ما يقتضي من الدولة‬
‫عند فرض قيود على حقوق وحريات األفراد أن تكون هذه الحقوق من تستهدف بالضرورة فسح المجــال‬
‫للجميع لممارسة حقوقهم وحرياتهم‪ ،‬أي ان يكون هدف القيد أو المنع هو غاية إجتماعيــة في حــد ذاتهــا‬
‫وليس غاية سياسية‪.‬‬

‫‪ . 3‬أن تكون القيود غاية العدل‪:‬‬

‫ويقتضي هذا القيّد أن تحرص الدولــة في قانونهــا الوطــني‪ ،‬عنــد فــرض قيــود على ممارســة الحقــوق‬
‫والحريات‪ ،‬أن تكون الغاية من ذلك هي تحقيق ومراعاة إستهداف العدالة في الدولة‪ ،‬بمعــنى أن شــرعية‬
‫القيود تتحدد بغاية مثلى وضرورية وهي توفير وتحقيق العدل بين الناس وفي المجتمع‪ ،‬وليس أن تكون‬
‫شــرعية القيــود مطيّــة للظلم وإنتهــاك للحقــوق‪ ،‬فالحريــات والتعســف على حقــوق النــاس والشــطط في‬
‫ممارسة السلطة ‪ ،‬بل أن تكون ضرورة هذه القيود تستلزمها غاية نشر العدالة بين المجتمع ‪.‬‬

‫‪ .4‬أن تكون القيود لفرض النظام العام والصحة العامة‪:‬‬

‫تبدو فكرة النظام العام متصلة إتصاالً مباشراً بــالمجتمع وأفــراده‪ ،‬فهي مســتمدة من مجمــوع القواعــد‬
‫المعبّرة عن القيّم واألسس الكامنة بالضمير الجمعي للمجتمع‪ ،‬إنطالقا ً من الوضع القيمي السلطوي الذي‬
‫يدين بهما‪ .‬والفكرة في ذلك تقوم بدور مزدوج ‪ ،‬فمن ناحية تقوم فكرة النظام العام بترجمة هــذه األســس‬
‫واألصول‪ ،‬سوا ًء الدينية أم المجتمعيــة أم السياســية أم اإلقتصــادية‪ ،‬بصــورة قواعــد قانونيــة ذات طبيعــة‬
‫مخصوصة من حيث إلزامها أي أن لها قوة إلزام تفوق قوة إلزام القواعد القانونيــة العاديــة‪ .‬ومن ناحيــة‬
‫أخرى تقوم بحماية تلك األسس مما قد ينالها من تهديد سواء أكان داخليا ً على يد الســلطة أم األفــراد ‪ ،‬أم‬
‫خارجيا ً في صورة إعتداء من قانون أجنبي أخر عليها‪ .‬فكيف تظل هذه الفكرة أبداً منفذاً رئيسيا ً تجد منــه‬
‫السلطة العمومية والتيارات اإلجتماعية واألخالقيــة ســبلها الى النظــام القــانوني لتبث فيــه مــا يعــوزه من‬
‫عناصر الجد والحياة؟‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫ونظراً لتلك المرونة والنسبة الشديتين اللتين تتميّــز بهمــا ‪ ،‬تمتــع الفكــرة بقــدرة هائلــة على مجــارات‬
‫التحوالت اإلجتماعية والسياسية واإليديولوجية والفلسفية والدينية واألخالقية‪ ،‬التي تمــر بهــا الجماعــة‪،‬‬
‫أخــذة مجموعــة من القواعــد القانونيــة لمواكبــة هــذه التغيّــرات على نحــو متحــرك ف ّعــال‪ ،‬يحمي النظــام‬
‫القانوني من خطر مجاوزة المجتمع له‪ ،‬حتى ال يختلف عنه فيعجــز عن تلبيــة متطلباتــه‪ ،‬وحــتى اليســبقه‬
‫فيوقع األفراد في الحرج وتقرير قواعد ال عمل لها في المجتمع‪.‬‬

‫ثمة حقيقة أخرى‪ ،‬تجلت إزائهـا مهمـة إضـافية أوكلت لفكـرة النظـام العـام‪ ،‬وهي تأسـيس مشـروعية‬
‫القواعد القانونية‪ ،‬وهو ما يمكن التعبير عنه بمســتوى "المشــروعية العليــا" لبعض القواعــد القانونيــة‪.‬‬
‫وهي المشروعية التي تعد أساسا ً لتبرير مقدار ما تتمتع له هذه القواعد القانونية من مكنات الضغط على‬
‫اإلدارة والحد من سلطانها‪ ،‬وبما يمنحها مصــداقية عامــة فــوق عاديــة‪ ،‬تســتلزمها خصوصــيات طبائعهــا‬
‫التكلفية الجزائية‪.‬‬

‫وتفصيل ذلك‪ ،‬أن القاعدة القانونية ــ أيا ً كان مصدر شرعيتها ــ تجد في القبــول الجمعي العــام‪ ،‬الســند‬
‫األساس في البقاء والفاعلية‪ ،‬فثمت من القواعد القانونية ما يكون ذا نشأة صحيحة من الناحية الشرعية‬
‫ومع ذلك سرعان ما يصيبها الذبول واإلنزواء‪ ،‬لعدم مصادفتها القبــول الجمعي الــذي هــو مكنــون خلفيــة‬
‫الشرعية وقوة الدفع لكل قاعدة قانونية تروم دوام فاعليتها‪.‬‬

‫إن المكانة التي تبوئتها فكرة النظام العام كان لها إنعكاساتها على الفقه القـانوني كلـه‪ ،‬الـذي مـا فـتئ‬
‫أن تلقفها ببالغ اإلهتمام‪ ،‬محاوالً سبر غورها‪ ،‬إلستظهار أوصافها ومعالمها توصالً لوضع تعريف محــدد‬
‫لها‪ ،‬األمر الذي تصاعد بتصاعد الدور الذي غدت فكرة النظام العام تؤديه في فروع القانون كافــة‪ ،‬إذ مــا‬
‫قدم فيه‪ ،‬ناهيك عن تلــك الفــروع القانونيــة الــتي‬
‫من فرع من شجرة القانون إال وكان للنظام العام موطئ ٍ‬
‫خطت فيها الفكرة لذاتها كيانا ً مستقال‪.‬‬

‫**فقه القانون الخاص‪:‬‬

‫يقترب مفهومـ فكرة النظام العام في القانون الخاص إلى كونها‪" :‬مجموعة األسس الــتي يقــوم عليهــا‬
‫بنيان المجتمع وكيانه المادي بحيث اليتصور قيام هذا البيان أو الكيان وأستمراره عند تخلفها"‪ .‬وأيضاً‪:‬‬
‫"كل ما يرتبط بمصلحة عامة تمس النظام األعلى للمجتمــع‪ ،‬ســوا ًء كــانت هــذه المصــلحة سياســية (مثــل‬
‫أغلب روابــط القــانون العــام) أو إجتماعيــة (مثــل القــوانين الجنائيــة ومــا يتلعــق بتكــوين األســرة وحالــة‬
‫األشخاص المدنية واألهلية) أو إقتصادية (كالقواعد التي تنص على حماية الملكية والقواعد الــتي تــدعل‬
‫التنافس حراً أمـام الجميـع) أو خلقيـة ( وهي الـتي يعـب ّر عنهـا بقواعـد اآلداب)"‪ .‬وهكـذا يتبلـور مفهـوم‬
‫النظام العام لدى فقه القانون الخاص إنحصاراً بهذا النطاق‪ ،‬بإعتباره‪" :‬مجموعة المبادئ الرئيسية التي‬

‫‪130‬‬
‫تعبّر أساس القانون في الدولة"‪ ،‬أي "مجموعـة األسـس والمصـالح الجوهريـة الـتي يقـوم عليهـا كيـان‬
‫الجماعة‪ ،‬سوا ًء أكانت ُأ ُ‬
‫سسا ً سياسية أو إقتصادية أو إجتماعية أو خلقية"‪.‬‬

‫والخالصة أن فكرة النظام العام عند فقه القــانون الخــاص التخــرج عن كونهــا‪ُ ،‬أســس الجماعــة الــتي‬
‫ينبني عليها كيانها‪ ،‬وما يوفره وجود هذه األسس من تحقيق لصوالحها الكلية العليا‪.‬‬

‫** فقه القانون العام‪:‬‬

‫يأتي فقه القانون العام غير بعيد عما إنتهى إليه نظيره في القانون الخاص‪ ،‬ولعل قدر التباين بينهمــا‪،‬‬
‫يرد الى المفارقة بين طبيعة أصول وكليات كال القانونين‪ .‬لقد ذهب غالب فقه القـانون العــام الى أن فكـرة‬
‫النظام العام هي الضابط المعياري لسلطان الضــبط اإلداري الــذي تملكــه الدولــة‪ ،‬إذ ثمــة عناصــر تقليديــة‬
‫للنظام العام تحتل نطاق المحافظة على أمن العام والصحة العامة والســكينة العامــة‪ ،‬وهي الــتي إعتبرهــا‬
‫الفقه متصلة بحماية أسس الحياة اإلجتماعية‪ .‬وهذا المفهمـومـ هـو مــا أصـطلح عليــه الفقـه بأنــه "فكــرة‬
‫النظام العام بمعناها الضيق"‪ .‬ومن ثم ففي أحوال التهديد الذي قد يحيــق بالنظــام العــام داخــل الدولــة‪ ،‬أو‬
‫أحوالـ إثارة اإلضطراب في األمن أو الصحة أو السكينة‪ ،‬يكون للدولة ســلطة التــدخل بــإجراءات ضــبطية‬
‫تمكنها من إعادة حال الهدوء واإلستقرار اإلجتماعي الى سالف عهده‪.‬‬

‫على أن هناك ثمة إتجاه فقهي حديث يرى التوسعة في مفهوم فكرة النظام العــام لــدى القــانون العــام‪،‬‬
‫وعــدم قصـره على مــدلول الثالثي القليـدي سـالف اإلشــارة‪ ،‬إلى إمتــداد ســلطان الدولـة الضــبطي ليطـور‬
‫أنشطة سياسية وإقتصادية وخلقية‪.‬‬

‫فالنظام العام هو تعبير عن (روح النظام القانوني لجماعة ما ويمثــل خطــة عامــة لتنظيم المجتمــع وال‬
‫يقتصر على ميدان واحد أو ميادين خاصة من ميادين التنظيم القانوني وإنما يتغلغل فيهـا كلهـا)‪ .‬وعليـه‪،‬‬
‫فلم تعد حمايــة األمن والصــحة والســكينة عناصــر مفهــوم فكــرة النظــام حصــراً ‪ ،‬إذ ثمــة عناصــر أخــرى‬
‫أضحت من النظــام العــام كحمايــة الصــالح المــالي للدولــة بمكافحــة التهــرب الضــريبي‪ ،‬وفـرض التســعير‬
‫الجبري للسلع أو الخدمات‪ ،‬وكحماية الثروى الطبيعية للدولة وآثارها التاريخية‪.‬‬

‫وعليه فقد تبلور لفكرة النظام العام هدف قصدي‪ ،‬قد يكون متميّزاً عن سابقيه في شــأن حفــظ اإلتــزان‬
‫القسري للمجتمع وتجفيف منـابع إهــتزاز هياكــل اإلئتالف الجمعي فيــه‪ ،‬وذلــك بتهــئيب الســلطان اإلرادي‬
‫المنفلت وتنظيم اإلستعمال الحقوقي على النحو المحقــق لإلنضــباط اإلجتمــاعي الالزم لحصــول التضــامن‬
‫الجمعي‪ ،‬الذي يعد بذاته أولوية ضرورية لحماية الجماعة بل الدولة ذاتها‪ .‬وقــد ادى هــذا الفقي ((هــنري‬

‫‪131‬‬
‫مايسون)) الى تشــييد بنائــه المعــرفي لمفهــوم فكــرة النظــام العــام‪ ،‬على أصــل من فكــرة حمايــة الحقــوق‬
‫وتحديدها(‪.)197‬‬

‫إن لفكرة النظام العام دور مزدوج بإعتبار أن تحديد الحقوق ليس بأقــل أهميــة من ضــمان مباشــرتها‪.‬‬
‫وهو اإلتجاه الذي خطه الفقيه ( بيليت ‪ ( PILLET‬عند طرحه لتصوره المعــرفي لمفهــوم فكــرة النظــام‬
‫العام‪ ،‬بإعتباره النظام الموجود داخل الدولة الذي تنتظم بــه مختلــف القــوى اإلجتماعيــة‪ ،‬فــيرى كــل فــرد‬
‫حقوقه األساسية وقد احترمت‪ .‬فليس ثمة حقوق أو حريـات مطلقــة‪ ،‬وإنمــا هي باألســاس محـدودة دومـا ً‬
‫معلقة في مشروعيتها على استعمالها اإلجتماعي وإستخدامهاـ في نطاق النظام المجتمعي‪.‬‬

‫وبطبيعة الحال فإن الحقوق وجدت حتى يسطيع الفرد أن يمارسها داخل مجتمعــه‪ ،‬فهــو اليمكن لــه أن‬
‫يعيش بمعزل عن المجتمع ‪ ،‬بل يتوجب عليه أن يكون فعاالً ومساهما ً ومتعــاون مــع الجميــع وذلــك حــتى‬
‫يحقق أغراضه اإلجتماعية‪.‬‬

‫وبهذا يمكن استظهار توظيف أخر لفكرة النظام العام‪ ،‬وهو ضمان إنتظام الحقوق الفردية واإلتجاهات‬
‫اإلرادية‪ ،‬في أدائها لواجبها اإلجتماعي المعضد للتضامن اإلئتالفي للمجتمع أفراداً وجماعات‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الموانع القانونية لممارسة الحقوق السياسية‬

‫إن حقوق اإلنسان المكرسة بموجب اإلتفاقيات الدوليــة والدسـاتير الوطنيــة‪ ،‬التمــارس برمتهـا بشــكل‬
‫مطلق‪ ،‬بــل هي قابلــة للتنفيــذ في الظــروف العاديــة‪ ،‬حيث أقــر العهــدان الــدوليان‪ ،‬هــذا النــوع من التقييــد‬
‫لممارسة حقوق اإلنسان‪ ،‬فتضمنها نصوصـا ً أجـازة لكـل دولـة بمـوجب قانونهـا الوطـني تقييـد الحريـات‬
‫والحقوق المضمنة بقوانينها‪.‬‬

‫ومسألة تقييــد حقــوق اإلنســان وتعطيلهـا مرتبطـة بـالظروف اإلسـتثنائية‪ ،‬حيث إنـه تحت طائلـة هـذه‬
‫الظروف التي قد تواجه الدولة‪ ،‬ويستحيل عليها مواجهتها بالوسائل القانونية العادية‪ ،‬يسمح لهــا بإتخــاذ‬
‫إجراءات مقيّدة ومعطلة لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫وحتى ال تتحول هذه الظروف الى ذريعة‪ ،‬تستعمل من قبل الدولة بكــل حريــة فتقــرر بمفردهـا حيثيــات‬
‫وكيفية ممارستها‪ ،‬تدخل القانون الدولي لحقوق اإلنسان ووضع ضوابطها‪ ،‬ويمثل العهد الدولي للحقــوق‬
‫المدنية والسياسية من خالل مادته الرابعة األداة الدولية النموذجية بخصــوص ضــمان هــذا الحــق لفائــدة‬
‫الدول‪.‬‬
‫‪ ) (197‬علي ابراهيم ‪ ،‬الحقوق والواجبات في عالم متغ ّير‪( $‬المبادئ الكبرى والنظام الدولي الجديد) ‪ ،‬دار النهضة العربي‪ ،‬مصر‪ ،1988 ،‬ص ‪.98‬‬

‫‪132‬‬
‫بيد أنه ينبغي التأكيد على أن التقييدات المسوح بهـا ليســت على أي حـال واســعة النطـاق وال سـخية‪،‬‬
‫ومن المؤكد أنها ال تجيز للدولة الطــرف أن تُفــرغ بصــورة فعليــة حقـا ً مــا من معنــاه العلمي‪ .‬ويقــع عــبئ‬
‫التبرير في مثل هذه الحالة على عاتق الدولــة الطــرف لكي تــبرهن‪ ،‬بمــا في ذلــك للجنــة‪ ،‬على أن التقييــد‬
‫المعني يفي بمعايير أو تحديد بعض الحقوق‪ ،‬مهما كانت خطورة الظروف المماثلــة‪ .‬وفي حــاالت أخــرى‬
‫فإن الحق الذي يطالبه شخص ما قد يتعيّن موازنته بحق يطالب به شخص أخر‪ .‬فعلى ســبيل المثــال‪ :‬فقــد‬
‫يكون من الضروري إتساقا ً مع حق الطفــل في التمتــع بتــداير الحمايــة الضــرورية بمــوجب المــادة ‪، 24‬‬
‫القيام بنقل الطفل من بيئة منزله تحدث فيها تجاوزات‪ ،‬حتى وإن كان مثل هذا الفصل عن األسرة قد يبدو‬
‫متعارضا ً مع حق الوالدين بموجب المادة ‪ 23‬في حماية األسرة‪.‬‬

‫الفقــرة األولى‪ :‬جــواز تقييــد وتعطيــل ممارســة حقــوق اإلنســان بنــاء على حالــة الطــوارئ والظــرف‬
‫اإلستثنائية‬

‫ضمن هذا اإلطار العام الذي تقرر فيه قواعد القــانون الــدولي لحقــوق اإلنســان‪ ،‬حــق الــدول في تقييــد‬
‫حقوق اإلنسان في الظروف العادية‪ ،‬ومن اسـتعباد وتعطيـل إلتزاماتـه القانونيـة الخاصـة بحمايـة حقـوق‬
‫اإلنسان على الصعيد الداخلي‪ ،‬خالل الظروف اإلسثنائية‪.‬‬

‫وقد جاء بيان إجازة تقييد وتعطيل ممارسة حقوق اإلنسان وحرياته في المــادة (‪ )4‬من العهـد الـدولي‬
‫الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تقتضي أنه "في حاالت الطوارئ اإلستثنائية الــتي تهــدد حيــاة‬
‫األمة‪ ،‬والمعلن قيامهــا رســيماً‪ ،‬يجــوز للــدول األطــراف في هــذا العهــد أن تتخــذ في أضــيق الحــدود الــتي‬
‫تتطلبها األوضاع ‪ ،‬تدابير ال تتقيد باإللتزامات المترتبية عليها بمقتضى هـذا العهــد‪ ،‬شــريطة عــدم منافــاة‬
‫هذه التدابير باإللتزامات األخرى المترتبــة عليهــا بمقتضــى القــانون الــدولي وعــدم إنطوائهــا على تميــيز‬
‫يكون مبرره الوحيد هو العرف أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين او األصل اإلجتماعي"‪.‬‬

‫يتبيّن من خالل قراءة المادة (‪ )4‬من العهــد الــدولي المــذكور‪ ،‬أن الشــرط الموضــوعي الــرئيس الــذي‬
‫يجوز من خالله إستبعاد ممارسة حقوق اإلنسان‪ ،‬يتمثل في وجود حاالت الطوارئ اإلستثنائية التي تهدد‬
‫حياة األمة‪ ،‬لكن مع مالحظة أن نص هذه المادة لم يعــرف صــراحة حالــة الخطــر العــام الــذي يهــدد حيــاة‬
‫األمة‪ ،‬أو لم ينتج تعريفا ً دقيقا ً لمفهوم حالة الطوارئ في إطار القانون الدولي اإلتفاقي لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫غير أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية قد وضح مضمون وشــروط ومعــايير تقييــد‬
‫ممارسة حقوق اإلنسان وإستبعادها بنا ًء على حالة الطــوارئ ‪ ،‬وهي "الحالــة الــتي تنشــأ نتيجــة لظــرف‬
‫غير طبيعي يعصف بالدولة‪ ،‬كالحرب أو العصيان المسلح ‪ ،‬أو وقوع كارثة طبيعية كالزالزل‪ ،‬أو فيضان‪،‬‬
‫أو غيرها من األحوالـ التي قد تهدد مصير وبقاء الدولة أو حياة الشعب‪ .‬وعلى هذا األساس‪ ،‬إذا ما قامت‬

‫‪133‬‬
‫حالة الضرورة يحق للدولة الطرف أن تعطّل عدداً من الحقوق التي يقتضي الوضع الناشئ عن الطوارئ‬
‫تعطيلها"(‪.)198‬‬

‫وقد عمل الفقه الــدولي للســعي الى تحديــد المقصــود بفكــرة الطــوارئ الدوليــة‪ ،‬وفي خضــم محاوالتــه‬
‫الهادفة الى حصر الحاالت التي يمكن أن تندرج ضمن مفهوم حالة اإلستثناء إنقسم الى ثالث مواقف‪:‬‬

‫ــ الموقف األول‪ :‬حصر مفهوم حالة الطوارئ في االزمات السياسـية الخطـيرة سـواء إتخـذت‬
‫شكل حرب أو نزاع مسلح ــ دولي أو غير دولي ــ أو حالــة اإلسـتقرار الـداخلي‪ .‬كـذلك الكــوارث‬
‫الطبيعية‪ ،‬كالزالزل أو البراكين أو الفيضانات أو غيرها‪.‬‬

‫ــ فيمـا ذهب الموقـف الثـاني‪ :‬الى أن حالـة الطـوارئ هي حالـة الخطـر الـذي يهـدد األمـة في‬
‫كليتهما ‪ ،‬وليس فقط مجموعات معينة‪ ،‬وقد تتخذ لهــا شــكل كحالــة الحــرب الفعليــة أو اإلســتعدادـ‬
‫لحرب متوقـع حــدوثها‪ .‬أو وجــود إرهـاب أو تخــريب داخلي أو الخــوف من وقوعــه‪ .‬كــذلك حالــة‬
‫الخطر المرتبة عن اإلنهيار المحتمل لإلقتصاد‪.‬‬

‫ــ وأنتهى الموقف الثالث‪ :‬إلى أن حالة الطوارئ المعتــد بهــا حســب الفقــرة األولى من المــادة (‪ )4‬من‬
‫العهد الدولي‪ ،‬هي التي يكون فيها الخطر العام دائما ً لكل األمة ‪ ،‬وليس فقط لجــزء من إقليم الدولــة‪ ،‬وأن‬
‫ال يكون بالضرورة مهــدداً حياتهــا بالفنــاء التــام‪ ،‬وإنمــا أن تــؤدي الى إنهيــار النظــام أو اإلتصــال لدرجــة‬
‫يستحيل معها استمرار الحياة‪.‬‬

‫وأمام اختالف هذه المواقف ليس ثمة‪ ،‬شك في أن حالــة الحــرب تمثــل عمليـا ً النمــوذج األمثــل للخطــر‬
‫العام اإلستثنائي المهدد لحياة األمة الذي تتحدث عنه المادة الرابعة من العهد الدولي‪ ،‬وإن عــدم اإلشــارة‬
‫إليها صراحة في العهد‪ ،‬يرجع الى كون النص على الحرب في صلب إتفاقية دولية أعـدت في إطـار هيئــة‬
‫األمم‪ ،‬أمراً غير مقبول ومناسب‪ ،‬ويندرج كذلك في الحرب حالة التهديد بالحرب‪.‬‬

‫أمام منظور القضاء الدولي لحالة الطوارئ‪ ،‬السيما موقف المحكمة األوروبية لحقــوق اإلنســان الــذي‬
‫يعد الى جانب موقف اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان بمثابة المرجع في تحديــد مفهــومـ الطــوارئ‪ ،‬فهــو‬
‫يرى أن مفهوم الظروف اإلسثنائية بمعنى الخطر العام الذي يهدد حياة األمة الخاص بالمحكمة األوروبية‬
‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬وكما تبلور في قضية لولس (‪" )LAWLES‬هو حالة أزمة أو خطر إستثنائي محدق‬
‫يؤثر على مجموع السكان ويشكل تهديداً للحياة المنظمة"‪.‬‬

‫وبالنسبة للجنة األوروبية لحقوق اإلنسان‪ ،‬قــامت على تــدقيق مفهــوم حالــة اإلســتثناء من خالل‬
‫حصر عناصرها في‪:‬‬

‫‪ ) (198‬الدليل اإلرشادي حول العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 4‬‬

‫‪134‬‬
‫*وجود أزمة أو موقف إستثنائي خطير‪ ،‬حال أو وشيك الوقوع‪.‬‬

‫*تأثيره على جميع السكان‪.‬‬

‫* تهديده استمرار الحياة العادية‪ ،‬وإيقاعها المنتظم داخل المجتمع الذي يتكون منه الدولة‪.‬‬

‫* عــدم تمكن مواجتهــا من خالل اإلجــراءات والقيــود العاديــة الــتي تجيزهــا اإلتفاقيــة بهــدف‬
‫الحفاظ على النظام العام والصحة العامة والسالمة العامة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حقوق ال يشملها جواز التقييد والتعطيل بنا ًء على حالة الظروف اإلستثنائية‬

‫إذا كان القانون الدولي لحقوق اإلنسان قد أجـاز للـدول األطـراف ـــ في حالـة الضـرورة والطـوارئ ــ‬
‫تجاوز بعض اإللتزامات الناشئة عن العهد‪ ،‬من خالل تقييدها وتعطيلهــا ممارســة بعض الحقــوق‪ ،‬إال أنــه‬
‫قيّد الدول بإخراجه لطائفة من الحقوق والحريات من دائرة هذا التعطيل والتقييد‪ .‬ولعل أهم الحقوق الــتي‬
‫أخرجها العهد من دائرة التقييد والتعطيل هي‪:‬‬

‫إن التغ‪$$‬يرات ال‪$$‬تي تعرفه‪$$‬ا الق‪$$‬وانين ج‪$$‬اءت نتيج‪$$‬ة للتح‪$$‬والت العميق‪$$‬ة ال‪$$‬تي عرفه‪$$‬ا‬ ‫أول‬
‫المجتمع المغربي‪ ،‬وأيضا بالنظر إلى االلتزام‪$$‬ات الدولي‪$$‬ة وإص‪$$‬رار المواط‪$$‬نين أنفس‪$$‬هم على‬
‫التخلص من المنظومة التشريعية التقليدية المحافظة‪ ،‬التي طبعت ج‪$$‬ل الق‪$$‬وانين الج‪$$‬اري به‪$$‬ا‬
‫العمل‪ ،‬والتي تعود في معظمه‪$‬ا إم‪$‬ا إلى ف‪$‬ترة الحماي‪$‬ة الفرنس‪$‬ية‪ ،‬أو إلى ف‪$‬ترة الس‪$‬تينات من‬
‫القرن الماضي‪$.‬‬

‫ففترة التسعينات من القرن الماضي‪ ،‬كان لها الفضل الكبير في اإلسراع بهذه التح‪$$‬والت‪،‬‬
‫حيث تنامت بشكل مُلفت المطالب الحقوقية والسياس‪$$‬ية باإلص‪$$‬الح‪ ،‬ويكفي هن‪$$‬ا االطالع على‬
‫األدبيات المتراكم‪$$‬ة للجمعي‪$$‬ات الحقوقي‪$$‬ة ولألح‪$$‬زاب السياس‪$$‬ية‪ ،‬لتل‪$$‬ك الف‪$$‬ترة‪ ،‬وال‪$$‬تي ت‪$$‬وجت‬
‫بتوصيات هيأة اإلنصاف والمصالحة‪ ،‬وفتحت صفحة جديدة في تعاطي الدول‪$$‬ة بش‪$$‬كل جدي‪$$‬د‬
‫مع قضايا حقوق اإلنسان‪ ،‬إن على المستوى التشريعي أو المؤسس‪$$‬اتي‪ .‬وأض‪$$‬اف أن‪$$‬ه عالق‪$$‬ة‬
‫بموضوع الحق في الحياة‪ ،‬فقد فتح نقاش واسع‪ ،‬ح‪$$‬ول عقوب‪$$‬ة اإلع‪$$‬دام وجريم‪$$‬ة اإلجه‪$$‬اض‪،‬‬

‫‪135‬‬
‫بين مختلف الفاعلين والمهتمين على مستوى مختلف ال‪$$‬دوائر‪ ،‬خاص‪$$‬ة بع‪$$‬د ‪ ،2011‬إذ تمت‬
‫دسترة الحق في الحياة وأعلنت ديباجة الدستور‪ ،‬باعتب‪$$‬ار المب‪$$‬ادئ الكوني‪$$‬ة لحق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان‪،‬‬
‫مرجعا يسمو حتى على القوانين الداخلية وُأسندت للقضاء مهمة حماية هذه الحقوق بع‪$$‬دما تم‬
‫االرتقاء ب‪$‬ه لرتب‪$‬ة س‪$$‬لطة دس‪$$‬تورية‪ ،‬رغب‪$‬ة في االنخ‪$$‬راط في مجتم‪$$‬ع دولي‪ ،‬أص‪$$‬بح اح‪$‬ترام‬
‫حق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان في‪$$‬ه معي‪$$‬ارا ب‪$$‬الغ األهمي‪$$‬ة في تص‪$$‬نيف ال‪$$‬دول‪ ،‬و في ان‪$$‬دماجها في المنتظم‬
‫اُألممي‪.‬‬
‫‪ 99‬دولة ألغت اإلعدام الحق في الحياة‪ ،‬أصبح أول ح‪$$‬ق يجب أن تض‪$$‬منه ال‪$$‬دول لمواطنيه‪$$‬ا‬
‫حتى في حالة الحرب‪ ،‬فأصبح أمرا مفروض‪$$‬ا مراجع‪$$‬ة ك‪$$‬ل التش‪$$‬ريعات به‪$$‬دف ض‪$$‬مان ه‪$$‬ذا‬
‫الحق‪ ،‬لذلك فال غرابة في أن نجد أن ما يفوق ‪ 99‬دولة ألغت عقوبة اإلع‪$$‬دام من تش‪$$‬ريعاتها‬
‫بشكل كلي بما فيها فرنسا‪ ،‬المصدر التشريعي للمغرب‪ ،‬وتركيا والسنغال باعتبارهما دولتين‬
‫إسالميتين‪ ،‬بينما اقتصرت دول أخرى وعددها يفوق الس‪$$‬بع‪ ،‬على إلغ‪$$‬اء عقوب‪$$‬ة اإلع‪$$‬دام في‬
‫الج‪$$‬رائم العادي‪$$‬ة‪ ،‬لتص‪$$‬بح مح‪$$‬دودة في ج‪$$‬رائم قليل‪$$‬ة‪ ،‬نظ‪$$‬را لخطورته‪$$‬ا كالبرازي‪$$‬ل والش‪$$‬يلي‬
‫وكازاخستان والبيرو‪.‬‬

‫في مقابل ذلك‪ ،‬اختارت ‪ 58‬دول‪$$‬ة اإلبق‪$$‬اء على العقوب‪$$‬ة في تش‪$$‬ريعاتها‪ ،‬دون اعتم‪$$‬اد معي‪$$‬ار‬
‫الخط‪$$‬ورة‪ ،‬م‪$$‬ع تنفي‪$$‬ذ ه‪$$‬ذه العقوب‪$$‬ة كلم‪$$‬ا نط‪$$‬ق به‪$$‬ا القض‪$$‬اء‪ ،‬خاص‪$$‬ة في ظ‪$$‬ل ظ‪$$‬روف ع‪$$‬دم‬
‫االستقرار ال‪$‬تي تش‪$‬هدها ه‪$‬ذه ال‪$‬دول‪ ،‬كمص‪$‬ر والس‪$‬عودية والع‪$‬راق والص‪$‬ومال واليمن‪ ،‬م‪$‬ع‬
‫اإلشارة هنا إلى أن الواليات المتحدة األمريكية واليابان والصين‪ $‬وإيران‪ ،‬كلها دول ما ت‪$$‬زال‬
‫متمسكة بعقوبة اإلعدام تشريعا وممارسة‪.‬‬

‫‪ 35‬دولة توقفت عن تنفيذه بين هذه ال‪$‬دول وتل‪$‬ك‪ ،‬انخ‪$‬رط المغ‪$‬رب ض‪$‬من الئح‪$‬ة ‪ 35‬دول‪$‬ة‬
‫ت‪$$‬وقفت عن تنفي‪$$‬ذ عقوب‪$$‬ة اإلع‪$$‬دام‪ ،‬رغم أنه‪$$‬ا لم تتمكن بع‪$$‬د من ش‪$$‬طب ه‪$$‬ذه العقوب‪$$‬ة من‬
‫تشريعاتها الجنائية‪ ،‬حيث يالحظ أن آخر تنفيذ لإلعدام بالمغرب يعود إلى ‪ ،1993‬فيما ك‪$$‬ان‬
‫يعرف بقضية «الكوميسير ثابت»‪.‬‬

‫ورغم أن توصيات هيأة اإلنصاف والمصالحة كانت واضحة‪ ،‬في ضرورة اإللغاء التدريجي‬
‫لعقوبة اإلعدام‪ ،‬إال أنه يبدو أن هذا المطلب واجهته مقاومة من االتجاه المحاف‪$$‬ظ داخ‪$$‬ل اآلل‪$$‬ة‬

‫‪136‬‬
‫التشريعية بالمغرب‪ ،‬حيث لم يتم االلتفات إليه إال ضمن الح‪$$‬وار الوط‪$$‬ني إلص‪$$‬الح منظوم‪$$‬ة‬
‫العدالة‪ ،‬والذي توج بميثاق لم ينل نصيبا من االهتمام ضمن مسودة مشروع القانون الجن‪$$‬ائي‬
‫الحالي‪ ،‬والذي وإن قلص من عدد حاالت اإلعدام من ‪ 31‬حالة إلى ‪ 8‬حاالت‪ ،‬فإنه بالمقاب‪$$‬ل‬
‫أحدث ‪ 3‬حاالت جديدة لإلعدام‪ ،‬ما يؤكد على أن المش‪$‬رع الجن‪$‬ائي المغ‪$‬ربي لم يس‪$‬تطع بع‪$‬د‬
‫التأقلم م‪$‬ع األج‪$‬واء التش‪$$‬ريعية الحديث‪$‬ة‪ ،‬رغم التزامات‪$‬ه الدولي‪$$‬ة ورغم أن تنفي‪$‬ذ العقوب‪$‬ة‪ ،‬ق‪$‬د‬
‫أوقف منذ ‪ ،1993‬ورغم تسجيل نوع من التروي القضائي في النطق بهذه العقوبة‪ ،‬وأخ‪$$‬يرا‬
‫رغم تكرار مبادرات العفو الملكي لفائدة المحكوم عليهم باإلعدام‪.‬‬

‫اإلجهاض والحق في الحياة الحق في الحياة غير مرتب‪$$‬ط فق‪$$‬ط بالعقوب‪$$‬ات‪ ،‬وإنم‪$$‬ا يمت‪$$‬د ك‪$$‬ذلك‬
‫لجريمة اإلجهاض‪ ،‬فإذا كان البعض يصف اإلعدام بأن‪$$‬ه قت‪$$‬ل باس‪$$‬م الق‪$$‬انون ال‪$$‬ذي يس‪$$‬مح ب‪$$‬ه‬
‫ويكسبه شرعيته‪ ،‬فإن هن‪$$‬اك قتال من ن‪$$‬وع آخ‪$$‬ر يم‪$$‬ارس في إط‪$$‬ار اإلجه‪$$‬اض ال‪$$‬ذي يجرم‪$$‬ه‬
‫المشرع الجن‪$$‬ائي‪ ،‬ألن‪$$‬ه اعت‪$$‬داء على الح‪$$‬ق في الحي‪$$‬اة بالنس‪$$‬بة إلى الج‪$$‬نين ال‪$$‬ذي يع‪$$‬ترف ل‪$$‬ه‬
‫القانون بشخصيته ويقر له حقوقا أهمها الحق في اإلرث الذي لن يتحقق إال بضمان حق‪$$‬ة في‬
‫الحي‪$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$‬اة أوال‪.‬‬
‫وبين اإلجهاض واإلعدام‪ ،‬تكمن مفارقة غير مقبولة بين لمواقف الفرقاء من حق الحياة‪ ،‬ففي‬
‫الوقت الذي يتشبث فيه المحافظون باإلبقاء على جريمة اإلجهاض دفاعا عن الحق في الحياة‬
‫بالنسبة إلى الجنين‪ ،‬يتشدد هؤالء في الوقت نفسه في تش‪$$‬بثهم باإلع‪$$‬دام‪ ،‬متج‪$$‬اهلين الح‪$$‬ق في‬
‫الحياة نفسه‪ .‬وفي االتجاه اآلخر‪ ،‬تتعالى أصوات الحقوقيين مطالبة بإلغاء عقوبة اإلع‪$$‬دام من‬
‫منطلق الدفاع عن الحق في الحياة حقا دستوريا غير قابل ألي تأويل‪ ،‬كما نجد أغلبية ه‪$$‬ؤالء‬
‫تطالب برفع التجريم عن اإلجهاض‪ ،‬متجاهلة هي األخرى الح‪$$‬ق في الحي‪$$‬اة‪ ،‬أول ح‪$$‬ق يجب‬
‫أن يضمن لإلنسان وهو اليزال جنينا في بطن أمه‪.‬‬

‫‪ 24‬طفال متخلى عنهم يومياهذه المفارقات‪ ،‬تفرض على المشرع معالجة اإلشكال في إط‪$$‬ار‬
‫شمولي‪ ،‬يض‪$$‬ع نص‪$$‬ب عيني‪$$‬ه الواق‪$$‬ع المجتمعي ال‪$$‬ذي يؤك‪$$‬د أن نس‪$$‬بة اللج‪$$‬وء إلى اإلجه‪$$‬اض‬
‫السري بالمغرب تتراوح بين ‪ 800‬حالة و‪ 1000‬حالة يومي‪$$‬ا‪ ،‬خاص‪$$‬ة للتخلص من ح‪$$‬االت‬
‫الحمل خ‪$$‬ارج مؤسس‪$$‬ة ال‪$$‬زواج‪ ،‬مم‪$$‬ا يس‪$$‬توجب فتح مل‪$$‬ف األمه‪$$‬ات العازب‪$$‬ات بك‪$$‬ل ج‪$$‬رأة و‬

‫‪137‬‬
‫مسؤولية‪ ،‬لتنظيم وضعيتهن بشكل قانوني ينسجم على األقل مع التطورات األخ‪$‬يرة للتش‪$‬ريع‬
‫المغربي في مجال األحوال الشخصية‪ ،‬و كذلك بشكل يمكن من حل معض‪$$‬لة ظ‪$$‬اهرة أطف‪$$‬ال‬
‫الشوارع واألطفال المتخلى عنهم والذين يصل عددهم ألربعة وعشرين طفال يوميا‪.‬‬

‫إن الحق في الحياة هو مبدأ أخالقي يستند على االعتقاد بأن لإلنسان الحق في العيش‬
‫وعدم التعرض للقتل من قبل إنسان آخر‪ .‬ينشأ مفهوم الحق في الحياة خالل المناقشات ح‪$$‬ول‬
‫قضايا عقوبة اإلعدام والحرب واإلجهاض والقت‪$$‬ل ال‪$$‬رحيم والقت‪$$‬ل الم‪$$‬برر ورعاي‪$$‬ة الحي‪$$‬وان‬
‫والرعاية الصحية العامة‪ .‬قد يختلف العدي‪$$‬د من األف‪$$‬راد ال‪$‬ذين يملك‪$$‬ون وجه‪$‬ات نظ‪$‬ر مؤي‪$‬دة‬
‫لحق الحياة على المجاالت التي ينطبق عليها هذا المبدأ‪ ،‬مثل القضايا المدرجة ساب ًقا‪.‬‬

‫ولم يكن هناك قبول عام خالل التاريخ البش‪$‬ري لمفه‪$‬وم الح‪$‬ق في الحي‪$‬اة ال‪$‬ذي يجب أن‬
‫يكون فطري لجميع البشر بداًل من منحه كامتياز من قبل الذين يملك‪$$‬ون الس‪$$‬لطة االجتماعي‪$$‬ة‬
‫والسياسية‪ .‬كان تط‪$$‬ور مفه‪$$‬وم حق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان بش‪$$‬كل ع‪$$‬ام يح‪$$‬دث ببطء في من‪$$‬اطق متع‪$$‬ددة‬
‫وبطرق مختلفة ولم يستثنى الحق في الحياة من هذا التطور‪ ،‬وش‪$$‬هدت األلفي‪$$‬ة الماض‪$$‬ية على‬
‫وجه الخصوص مجموعة كب‪$$‬يرة من الق‪$$‬وانين الوطني‪$$‬ة أو الدولي‪$$‬ة م‪$$‬ع وث‪$$‬ائق قانوني‪$$‬ة (مث‪$$‬ل‬
‫الوثيقة العظمى واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان) تدون المُثل العليا ضمن مبادئ محددة‪.‬‬

‫ويستخدم مصطلح (الحق في الحياة) خالل مناقشة موضوع اإلجهاض من قبل أولئك‬
‫الذين يرغبون في إنهاء ممارسة اإلجهاض أو على األقل خفض عددها‪ ،‬وتم تق‪$$‬ديم مص‪$$‬طلح‬
‫الحق في الحياة في موضوع الحمل من قبل البابا بيوس الثاني عش‪$$‬ر خالل الرس‪$$‬الة البابوي‪$$‬ة‬
‫عام ‪1951‬‬

‫طلب المؤتمر الوطني لألساقفة الكاثولي‪$$‬ك (‪ )NCCB‬في ع‪$$‬ام ‪ 1966‬من األب جيمس‬
‫ماكهو بدء مراقبة حركات التوعية ضد اإلجهاض داخل الوالي‪$$‬ات المتح‪$$‬دة‪ .‬تم تموي‪$$‬ل لجن‪$$‬ة‬
‫الحق في الحياة (‪ )NRLC‬الوطنية في ع‪$$‬ام ‪ 1967‬لتنس‪$$‬يق حمالته‪$$‬ا الحكومي‪$$‬ة تحت رعاي‪$$‬ة‬
‫المؤتمر الوطني لألساقفة الكاثوليك‪ .‬اقترح قادة مينيس‪$$‬وتا من أج‪$$‬ل التوج‪$$‬ه إلى حرك‪$$‬ة غ‪$$‬ير‬
‫طائفية على نطاق أوسع نموذجا تنظيميا يلغي االشراف المباش‪$‬ر للم‪$‬ؤتمر الوط‪$‬ني لألس‪$‬اقفة‬
‫‪$‬ترح م‪$$‬دير لجن‪$$‬ة الح‪$$‬ق في الحي‪$$‬اة جيمس م‪$$‬اكهو‬
‫الكاثوليك على لجن‪$$‬ة الح‪$$‬ق في الحي‪$$‬اة‪ .‬واق‪َ $‬‬
‫‪138‬‬
‫ومساعده التنفيذي مايكل تايلور بحلول أوائل عام ‪ 1973‬خطة مختلفة لتسهيل تح‪$$‬رك لجن‪$$‬ة‬
‫الحق في الحياة لنيل استقاللها عن الكنيسة الكاثوليكية الرومانية‪.‬‬

‫يقول المناهضون لإلجهاض بأن لدى جنين االنسان منذ لحظ‪$$‬ة الحم‪$$‬ل نفس الح‪$$‬ق االساس‪$$‬ي‬
‫في الحي‪$‬اة ال‪$‬ذي يملك‪$$‬ه البش‪$$‬ر بع‪$‬د والدتهم‪ .‬على ال‪$$‬رغم من أن المؤي‪$$‬دين لح‪$‬ق اإلنس‪$‬ان في‬
‫الحياة يؤيدون حق النس‪$$‬اء في االس‪$$‬تقاللية الجس‪$$‬دية‪ ،‬إال أنهم يرفض‪$$‬ون فك‪$$‬رة أن ه‪$$‬ذا الح‪$$‬ق‬
‫يم ّك ن المرأة من انتهاك الحق في الحياة قبل الوالدة بقتل الجنين‪ .‬بشكل عام يعتقد مؤيدو حق‬
‫االنسان في الحياة أن اإلجهاض فعل غير مقبول أخالقيًا‬

‫ويُستخدم مصطلح (حق االختيار) ضمن مناقشات موضوع اإلجهاض من قب‪$$‬ل أنص‪$$‬ار‬
‫حقوق اإلجهاض‪ .‬يزع ُم العديد من المدافعين عن حقوق الناس في اإلجه‪$$‬اض أن البش‪$$‬ر قب‪$$‬ل‬
‫ً‬
‫أشخاص ‪$‬ا بش‪$$‬ريين وليس ل‪$$‬ديهم نفس الح‪$$‬ق األساس‪$$‬ي في الحي‪$$‬اة كأش‪$$‬خاص‬ ‫ال‪$$‬والدة ليس‪$$‬وا‬
‫ناضجين‪ .‬وهناك حجة أخرى تتعلق بحقوق اإلجهاض تقول أنَّ موضوع تمتع جنين االنسان‬
‫قب‪$‬ل ال‪$‬والدة بح‪$‬ق الحي‪$‬اة أو ع‪$‬دم تمتع‪$‬ه ب‪$‬ذلك ه‪$‬و موض‪$‬وع غ‪$‬ير مهم ألن ح‪$‬ق الم‪$‬رأة في‬
‫الس‪$$‬المة الجس‪$$‬دية يتج‪$$‬اوز أي حق‪$$‬وق ق‪$$‬د يمتلكه‪$$‬ا الج‪$$‬نين‪ .‬ق‪$$‬د يتب‪$$‬نى الم‪$$‬دافعون عن (ح‪$$‬ق‬
‫االختيار) إحدى الفكرتين أو كالهما‬

‫وبش‪$$‬كل ع‪$$‬ام أولئ‪$$‬ك ال‪$$‬ذين يعت‪$$‬برون أنفس‪$$‬هم من المؤي‪$$‬دين لح‪$$‬ق االختي‪$$‬ار هم دع‪$$‬اة‬
‫لإلجه‪$$‬اض الق‪$$‬انوني‪ .‬في ال‪$$‬وقت نفس‪$$‬ه يق‪$$‬ول بعض الم‪$$‬دافعين عن اإلجه‪$$‬اض الق‪$$‬انوني أنهم‬
‫ببساطة ال يعرفون بدقة متى تبدأ حياة الجنين خالل الحمل‪ .‬وقد تبنى الس‪$$‬ناتور ب‪$‬اراك أوباما‬
‫هذا الرأي في انتخابات عام ‪ .2008‬ومع ذلك فقد ق‪$$‬ال بعض علم‪$$‬اء األحي‪$$‬اء أن خص‪$$‬ائص‬
‫الحياة تظهر منذ المستوى الخلوي‪ .‬وقد ذكر مناصرون آخرون لحق اإلجهاض أنهم يملكون‬
‫بعض وجهات النظر الشخصية ضد اإلجه‪$$‬اض لكنهم ال يري‪$$‬دون وض‪$$‬ع ه‪$$‬ذه المعتق‪$$‬دات في‬
‫القانون‪ ،‬وقد تبنى السناتور الكاثوليكي جو بايدن هذا الرأي في انتخابات عام ‪.2008‬‬

‫قام حاكم والية إلينوي بروس راونر في شهر أيل‪$$‬ول ع‪$$‬ام ‪ 2017‬بتوقي‪$$‬ع مش‪$$‬روع ق‪$$‬انون (‬
‫أنفقن‬
‫َ‬ ‫‪ )HB40‬لزيادة عمليات اإلجهاض المدعومة ماليًا من دافعي الضرائب‪ $‬للنس‪$$‬اء الل‪$$‬واتي‪$‬‬
‫الت‪$$‬أمين الط‪$$‬بي أو الت‪$$‬أمين الص‪$$‬حي لم‪$$‬وظفي الدول‪$$‬ة على الرعاي‪$$‬ة الص‪$$‬حية لهنّ ‪ .‬وق‪$$‬د تمت‬
‫‪139‬‬
‫تغطية عمليات اإلجهاض ماليًا من قبل في حاالت االغتص‪$$‬اب وعالق‪$$‬ات المح‪$$‬ارم أو عن‪$$‬دما‬
‫يوجد تهديد لصحة األم وحياتها‪ .‬وس َّع الق‪$$‬انون نط‪$$‬اق تغطي‪$$‬ة الت‪$$‬أمين الط‪$$‬بي ليش‪$$‬مل ح‪$$‬االت‬
‫أكثر من تلك الحاالت المحدودة‪ .‬وقدرت لجنة الحق في الحياة في والي‪$$‬ة إلين‪$$‬وي أن الق‪$$‬انون‬
‫الجديد س‪$‬يؤدي إلى نح‪$‬و ‪ 12000‬عملي‪$‬ة إجه‪$‬اض إض‪$‬افية ك‪$‬ل ع‪$‬ام بتكلف‪$‬ة تزي‪$‬د على ‪21‬‬
‫مليون دوالر أمريكي‪ .‬استندوا في اس‪$$‬تنتاج أرق‪$$‬امهم على أرق‪$$‬ام الت‪$$‬أمين الط‪$$‬بي بع‪$$‬د أواخ‪$$‬ر‬
‫سبعينات القرن العش‪$$‬رين‪ ،‬حيث ك‪$$‬انت تج‪$$‬ري حينه‪$$‬ا عملي‪$$‬ات اإلجه‪$$‬اض في والي‪$$‬ة إلين‪$$‬وي‬
‫بشكل غير ممول من برنامج التأمين الطبي‪.‬‬

‫هذا و يقول بعض علماء األخالقي‪$$‬ات في الفلس‪$$‬فة النفعية ب‪$$‬أن (الح‪$$‬ق في الحي‪$$‬اة) يعتم‪$$‬د‬
‫على ظروف أخرى غير مجرد أن ينتمي الشخص للجنس البشري‪ .‬ويُعت‪$$‬بر الفيلس‪$$‬وف بي‪$$‬تر‬
‫سينغر من أبرز مؤيدي هذه الحج‪$$‬ة‪ .‬يعتم‪$$‬د الح‪$$‬ق في الحي‪$$‬اة بالنس‪$$‬بة إلى س‪$$‬ينغر على ق‪$$‬درة‬
‫الفرد للتخطيط وتوقع مستقبله‪ .‬ويشمل هذا المفهوم الحيوانات غير البشرية مثل القرود العليا‬
‫والرض‪$‬ع يفتق‪$$‬رون إلى ذل‪$$‬ك فه‪$$‬و يق‪$$‬ول أنَّ اإلجه‪$$‬اض وقت‪$$‬ل‬
‫ّ‬ ‫األخرى‪ ،‬ولكن بم‪$$‬ا أن األج ّن‪$$‬ة‬
‫األطفال دون ألم والقت‪$$‬ل ال‪$$‬رحيم يمكن أن تك‪$$‬ون أفع‪$$‬ال م‪$$‬بررة (ولكنه‪$$‬ا ليس‪$$‬ت إلزامي‪$$‬ة) في‬
‫بعض الظروف الخاصة‪ ،‬على سبيل المثال في حالة رضيع معاق ستكون حيات‪$$‬ه معان‪$$‬اة‪ ]،‬أو‬
‫إذا كان والداه غير راغبين في بتربيته وال يرغب أحد في تبنيه‪ .‬وقد قال علم‪$$‬اء األخالقي‪$$‬ات‬
‫البيولوجية المختصون بدراسة حقوق المعاقين والعجّ ز أن نظرية س‪$$‬ينغر تعتم‪$$‬د على مف‪$$‬اهيم‬
‫نظرية التمييز ضد المعاقين‪.‬‬

‫ويزعم معارضو عقوب‪$‬ة اإلع‪$$‬دام أنه‪$‬ا انته‪$‬اك للح‪$‬ق في الحي‪$$‬اة‪ ،‬في حين يق‪$$‬ول مؤي‪$$‬دو‬
‫العقوب‪$$‬ة أنه‪$$‬ا ليس‪$$‬ت انتها ًك‪$$‬ا للح‪$$‬ق في الحي‪$$‬اة ألن تط‪$$‬بيق الح‪$$‬ق في الحي‪$$‬اة يجب أن يتم م‪$$‬ع‬
‫مراعاة العدالة‪ .‬ويعتقد المعارضون أن عقوبة اإلعدام هي أسوأ انتهاك لحق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان ألن‬
‫الحق في الحياة هو األهم‪ ،‬وتنتهك عقوبة اإلعدام هذا الح‪$$‬ق دون ض‪$$‬رورة وتس‪$$‬بب التع‪$$‬ذيب‬
‫النفسي للمدان‪ .‬يعارض نشطاء حقوق اإلنسان عقوبة اإلعدام واص‪$$‬فين إياه‪$$‬ا بأنه‪$$‬ا «عقوب‪$$‬ة‬
‫قاسية وال إنسانية ومهينة»‪ .‬وتعتبر منظمة العفو الدولية أنها «إنكار كامل لحقوق اإلنسان»‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫تبنت الجمعي‪$$$‬ة العام‪$$$‬ة لألمم المتح‪$$$‬دة في أع‪$$$‬وام ‪ 2007‬و ‪ 2008‬و ‪ 2010‬و ‪ 2012‬و‬
‫‪ 2014‬و ‪ 2016‬قرارات غير ملزم‪$$‬ة ت‪$$‬دعو إلى وق‪$$‬ف تنفي‪$$‬ذ أحك‪$$‬ام اإلع‪$$‬دام على مس‪$$‬توى‬
‫العالم‪ ،‬بهدف إلغائها في نهاية المطاف‪.‬‬

‫وأنشأت المعايير الدولية لحقوق اإلنسان الخاص‪$$‬ة بتط‪$$‬بيق الق‪$$‬انون نظا ًم‪$$‬ا ينص على أنَّ‬
‫القانون الدولي لحقوق اإلنسان إلزامي على جميع الجه‪$$‬ات الفاعل‪$$‬ة التابع‪$$‬ة للدول‪$$‬ة‪ ،‬وأنَّ ه‪$$‬ذه‬
‫الجهات الفاعلة التابعة للدولة يجب أن تكون على علم بالمعايير الدولية لحق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان وأن‬
‫تكون قادرة على تطبيقها‪ .‬إن الحق في الحي‪$$‬اة ه‪$$‬و ح‪$$‬ق غ‪$$‬ير قاب‪$$‬ل للمس‪$$‬اومة يتمت‪$$‬ع ب‪$$‬ه ك‪$$‬ل‬
‫إنسان على كوكب األرض‪ ،‬ومع ذلك توج‪$$‬د ح‪$$‬االت معين‪$$‬ة يُطلب فيه‪$$‬ا من الجه‪$$‬ات الفاعل‪$$‬ة‬
‫اتخاذ إجراءات عنيفة مما قد يؤدي إلى قتل الم‪$$‬دنيين على أي‪$$‬دي الم‪$$‬وظفين المكلفين بتط‪$$‬بيق‬
‫القانون‪.‬‬

‫ويتم تحديد حاالت خاصة ج ًدا من قبل المعايير الدولية لحقوق اإلنسان الخاص‪$$‬ة بتط‪$‬بيق‬
‫القانون تسمح بالقتل وتلتزم بها أجهزة تطبيق الق‪$$‬انون بعناي‪$$‬ة‪ .‬إن اتخ‪$$‬اذ أي إج‪$$‬راء قات‪$$‬ل من‬
‫قبل الموظفين المكلفين بتطبيق القانون يجب أن يأتي بعد مجموعة معينة من القواعد التي تم‬
‫تحديدها في قس‪$$‬م (اس‪$$‬تخدام الق‪$$‬وة) من كت‪$$‬اب حق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان للش‪$$‬رطة‪ .‬إنَّ المب‪$$‬دأ األساس‪$$‬ي‬
‫للكتاب الذي يخص استخدام القوة المميتة هو أنه ينبغي استخدام جميع الوسائل األخرى ذات‬
‫الطبيعة غير العنيفة اواًل ‪ ،‬ثم يليها استخدام القوة بطريقة مناسبة‪ .‬ويمكن ان يش‪$$‬ير االس‪$$‬تخدام‬
‫المناس‪$$‬ب للق‪$$‬وة في بعض الظ‪$$‬روف إلى اس‪$$‬تخدام الق‪$$‬وة المميت‪$$‬ة إذا اعتق‪$$‬د أح‪$$‬د الم‪$$‬وظفين‬
‫المكلفين بتطبيق القانون أنَّ إنهاء حياة شخص واحد قد يؤدي إلى الحفاظ على حياته أو حياة‬
‫زمالئه أو حياة المدنيين‪ ،‬تم ذك‪$$‬ر ذل‪$$‬ك في قس‪$$‬م بعن‪$$‬وان (الظ‪$$‬روف المس‪$$‬موح فيه‪$$‬ا اس‪$$‬تخدام‬
‫األسلحة النارية) في كت‪$$‬اب الش‪$$‬رطة‪ ،‬كم‪$$‬ا يوض‪$$‬ح الكت‪$$‬اب ً‬
‫ايض‪$‬ا في قس‪$$‬م (المس‪$$‬اءلة بس‪$$‬بب‬
‫استخدام القوة واألسلحة النارية) أن هناك معايير قاسية للمساءلة مطبقة للحفاظ على النزاه‪$$‬ة‬
‫داخل وكاالت تطبيق القانون في الدولة فيما يتعلق بحقهم في استخدام القوة المميتة‬

‫وقد حددت المؤسسات الدولية متى وأين قد يكون لدى موظفي تط‪$$‬بيق الق‪$$‬انون امكاني‪$$‬ة‬
‫استخدام القوة المميتة‪ .‬تملك الرابطة الدولية لرؤساء الش‪$$‬رطة (سياس‪$$‬ات نموذجي‪$$‬ة) تتض‪$$‬من‬

‫‪141‬‬
‫مجموع‪$$‬ة متنوع‪$$‬ة من المعلوم‪$$‬ات من بعض المص‪$$‬ادر الرائ‪$$‬دة وال‪$$‬تي تش‪$$‬كل بعض أفض‪$$‬ل‬
‫األفك‪$‬ار المتاح‪$‬ة في ه‪$‬ذا المج‪$‬ال‪ .‬تنصُّ إح‪$‬دى ه‪$‬ذه السياس‪$‬ات النموذجي‪$‬ة على أن عناص‪$‬ر‬
‫تطبيق القانون سوف يس‪$$‬تخدمون ق‪$$‬وة ض‪$$‬رورية بش‪$$‬كل معق‪$$‬ول من أج‪$$‬ل الوص‪$$‬ول بتسلس‪$$‬ل‬
‫االحداث إلى نهاية فعالة مع االخذ بعين االعتبار سالمة زمالءه وغيرهم من الم‪$$‬دنيين‪ .‬يمنح‬
‫الموظفون المكلف‪$‬ون بتط‪$‬بيق الق‪$‬انون الح‪$‬ق في اس‪$‬تخدام الط‪$‬رق ال‪$‬تي تواف‪$‬ق عليه‪$‬ا اإلدارة‬
‫لتحقي‪$$$‬ق نت‪$$$‬ائج آمن‪$$$‬ة لألح‪$$$‬داث ويتم منحهم ً‬
‫أيض‪$$$‬ا الق‪$$$‬درة على اس‪$$$‬تخدام بعض المع‪$$$‬دات‬
‫المخصصة لحل المشاكل التي قد تحدث حيث يُطلب منهم حماية أنفس‪$$‬هم أو حماي‪$$‬ة اآلخ‪$$‬رين‬
‫من األذى ومن أج‪$$‬ل الس‪$$‬يطرة على األف‪$$‬راد المق‪$$‬اومين أو إلنه‪$$‬اء الح‪$$‬وادث غ‪$$‬ير القانوني‪$$‬ة‬
‫بأمان‪ .‬ال يوجد ما يشير إلى (ما هو ضروري بشكل معقول) ولكن تمت اإلشارة إلى طريقة‬
‫الرجل العقالني لتحديد كيفية التعامل مع االحداث‪ .‬قد تم تس‪$$‬ليط الض‪$‬وء على ذل‪$$‬ك من خالل‬
‫بعض األح‪$$‬داث مث‪$$‬ل مقت‪$$‬ل مايك‪$$‬ل ب‪$$‬راون من قب‪$$‬ل دارين ويلس‪$$‬ون في فيرغس‪$$‬ون بوالي‪$$‬ة‬
‫ميسوري مما أدى إلى حالة من الفوضى العامة‪ ،‬وتبين أنَّ هناك ارتبا ًكا يحيط بقسم اس‪$$‬تخدام‬
‫األسلحة الناري‪$$‬ة ال‪$$‬ذي يح‪$$‬دد العملي‪$$‬ة ال‪$$‬تي يُس‪$$‬مح خالله‪$$‬ا ل‪$$‬وكالء تط‪$$‬بيق الق‪$$‬انون باس‪$$‬تخدام‬
‫األسلحة النارية‪ .‬يجب على وكيل تطبيق القانون اإلعالن عن هويته وإعطاء تح‪$$‬ذير واض‪$$‬ح‬
‫ووقت كا ٍ‬
‫ف لالستجابة بشرط أال يؤدي ذلك الوقت إلى حدوث ضرر للوكيل أو ألحد زمالئه‬
‫أو للمدنيين قبل استخدام القوة المميتة بحسب بنود القانون الدولي‪$.‬‬

‫في حين أن كتاب حقوق اإلنسان للشرطة يحدد الظروف األكاديمية التي قد يستخدم فيها‬
‫عناصر تطبيق القانون القوة المميتة ف‪$$‬إن االح‪$$‬داث ال‪$$‬تي ق‪$$‬امت فيه‪$$‬ا الش‪$$‬رطة بعملي‪$$‬ات قت‪$$‬ل‬
‫كانت قريبة ج ًدا من الشروط المذكورة‪ $.‬يق‪$‬ول روزنفيل‪$‬د أن هن‪$‬اك الكث‪$‬ير من الكتاب‪$‬ات ال‪$‬تي‬
‫تعطي سببًا لالعتقاد بأن الظروف االجتماعية لها دور أي ً‬
‫ضا في كيفية حدوث عملي‪$$‬ات القت‪$$‬ل‬
‫خالل تنفيذ القانون‪ .‬ويذكر روزنفيلد أن العديد من الدراسات التي ُأجريت تربط بين استخدام‬
‫وكالء تطبيق القانون القوة المميتة مع معدل جرائم العنف ضمن المنطقة وحجم السكان غير‬
‫التوص‪$‬ل إلى وص‪$$‬ف‬
‫ُّ‬ ‫األص‪$$‬ليين والموق‪$$‬ف االجتم‪$$‬اعي واالقتص‪$$‬ادي للمجتم‪$$‬ع‪ .‬من الص‪$$‬عب‬
‫شامل لكيفية حدوث عمليات القتل على أيدي الشرطة في ظل االختالفات الشاسعة في الحالة‬
‫االجتماعية بين كل دولة وأخرى‪.‬‬
‫‪142‬‬
‫هذا ويناقش بيري بعض الظواهر في الواليات المتحدة األمريكية والتي أصبحت متوترة‬
‫للغاية ومنتشرة على نطاق واسع في أواخر عام ‪ 2014‬وهي استخدام القوة المميتة من قب‪$$‬ل‬
‫ضباط الشرطة البيض ضد الرجال الم‪$$‬دنيين الس‪$$‬ود غ‪$$‬ير المس‪$$‬لحين‪ .‬ال يوج‪$$‬د نص ق‪$$‬انوني‬
‫يمنح وكالء تطبيق الق‪$$‬انون الق‪$$‬درة على اس‪$$‬تخدام الق‪$$‬وة المميت‪$$‬ة على حس‪$$‬ب جنس الش‪$$‬خص‬
‫الذي يتعاملون معه‪ ،‬يوجد فقط نص قانوني يسمح لهم باستعمال القوة المميت‪$‬ة إذا ك‪$‬ان هن‪$‬اك‬
‫خوف معقول على حياتهم أو حياة اآلخرين‪ .‬ومع ذلك أظهر تحلي‪$$‬ل ع‪$$‬ام للبيان‪$$‬ات الفيدرالي‪$$‬ة‬
‫حول موضوع إطالق النار بش‪$$‬كل مميت من قب‪$$‬ل الش‪$$‬رطة بين ع‪$$‬امي ‪ 2010‬و ‪ 2012‬أن‬
‫المدنيين الذكور ذوي البشرة السوداء كانوا أك‪$$‬ثر عرض‪$$‬ة للقت‪$$‬ل بنس‪$$‬بة ‪ 21‬ض‪$$‬عف على ي‪$$‬د‬
‫الشرطة من الشباب الذكور البيض‪ .‬سبّب اس‪$$‬تخدام الق‪$$‬وة المميت‪$$‬ة من وكالء تط‪$$‬بيق الق‪$$‬انون‬
‫في الواليات المتحدة شعورً ا واسع االنتشار بين المواط‪$$‬نين األمريك‪$$‬يين ب‪$$‬أنهم غ‪$$‬ير محم‪$$‬يين‬
‫من قبل الشرطة‪ .‬لقد وجد نظام العدالة في أغلب المواقف أن الوكالء تصرفوا ض‪$$‬من ح‪$$‬دود‬
‫القانون ألن تصرفات األشخاص الذين ُأطلقت عليهم النار كانت مثيرة للش‪$‬كوك بش‪$$‬كل ك‪$$‬اف‬
‫ليخاف موظف الشرطة على حيات‪$$‬ه أو حي‪$$‬اة زمالئ‪$$‬ه أو الم‪$$‬دنيين‪ ].‬حق‪$$‬ق كوبول‪$$‬و في ق‪$$‬انون‬
‫والية كونيتيكت وقال أنَّ استخدام القوة المميتة يجب أن يُتبع بتقرير يحدد ما إذا ك‪$$‬انت الق‪$$‬وة‬
‫المميتة ضرورية لتطبيق القانون بشكل مناسب للظروف التي جرت‪ .‬كما ذكر كوبولو أنه ال‬
‫يجب القيام برد فعل قاتل إال إذا كان هناك اعتقاد معقول بأن األحداث ال‪$$‬تي تج‪$$‬ري يمكن أن‬
‫تؤدي في الواقع إلى خطر الموت أو األذى الجسدي الخطير‬

‫اً‪ .‬الحق في الحياة أو حرمان الفرد من حياته تعسفاً‪.‬‬

‫أ‪ .‬إذا ال يجوز في البلدان التي لم تلــغ عقوبــة اإلعــدام‪ ،‬أن يحكمـ بهــذه العقوبــة إال جــزا ًء على‬
‫أشــد الجــرائم خطــورة ‪ ،‬وفقـا ً لتشــريع النفــاذ وقت إرتكــاب الجريمــة‪ ،‬كمــا ال يجــوز تطــبيق هــذه‬
‫العقوبةـ إال بمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة‪.‬‬

‫ب‪ .‬اليجوز الحكمـ بعقوب اإلعدام على جرائم إرتكبها أشخاص دون الثامنــة عشــر من العمــر‪،‬‬
‫والتنفيذ هذه العقوبة بالحوامل‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫ج‪ .‬اليجوز إخضاع أحد للتعذيب‪ ،‬وال للمعاملة أو العقوبة القاســية أو الالإنســانية‪ ،‬أو الحاطّــة‬
‫بالكرامة‪ ،‬وعلى وجه الخصوص‪ ،‬اليجوز إجراء أية تجربة طبية أو عملية على أحد دون رضــاه‬
‫الحر‪.‬‬

‫د‪ .‬اليجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بإلتزام تعاقدي‪.‬‬

‫هـ‪ .‬اليجوز إنكار الشخصية القانونية للفرد‪.‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬حظر المساس بحق كل إنسان في حرية الفكر والوجدان والدين‪.‬‬

‫ويشمل ذلك حريته في إعتناق أي دين أو معتقد يختاره ‪ ،‬وحريته في إظهــار دينــه أو معتقــده‬
‫بالتعبّد‪ ،‬وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم بمفرده‪ ،‬أو مع جماعة امام المأل او على حده‪.‬‬

‫فبعد أن خصصنا بالتحليل والدراسة في القس م األول للمراح ل التاريخي ة للحق وق السياس ية ب دأ من إب راز‬
‫مفهومه ا وك دا مراح ل نش أتها س واء تعل ق االم ر بالعص ور القديم ة و الوس طى إض افة الى الحض ارة‬
‫اإلسالمية ‪ ،‬مرورا بضمانات ومبادئ ممارسة هاته الحقوق وصوال الى الشروط القانونية لممارستها وكدا‬
‫موانعه ا‪ ،‬س نحاول في قس م ث اني التط رق الى االط ار الم رجعي ال ذي خص ه المنتظم ال دولي للحق وق‬
‫السياسية وكدا مختلف االليات التي كرسها لحمايتها ‪.‬‬

‫القسم الثاني‪:‬‬

‫اإلطار المرجعي الدولي للحقوق السياسية وآليات حمايتها‬


‫‪144‬‬
‫القسم الثاني‪:‬‬

‫اإلطار المرجعي الدولي للحقوق السياسية وآليات حمايتها‬

‫إن تناول موضوع حمايـة حقـوق اإلنسـان عامـة والحقـوق السياسـية خاصـة‪ ،‬سـوا ًء على المسـتوى‬
‫الدولي أو المســتويات اإلقليميــة أو الوطنيــة‪ ،‬لن يكــون ناجعـا ً إال من خالل العــروج الى اإلطــار القــانوني‬
‫المرجعي لهذه الحقــوق‪ ،‬والــتي ترســحت بفعــل نضــاالت متعــددة ومتنوعــة ومن عـدة جــوانب ومن عــدة‬
‫فاعلين دوليين ووطنيين‪.‬‬

‫فالمكانة التي حققها موضوع حقـوق اإلنسـان اليــوم‪ ،‬واألهميــة الــتي بغلهـا على المسـتويات الدوليــة‬
‫واإلقليمية والوطنية‪ ،‬والحيّز المتنامي الذي تشتغله في وعي ووجدان الفــرد كإنســان وكمــواطن‪ ،‬لم تكن‬
‫لتتحقــق لــوال أن مهــد لهــا وأرســى أساســها اإلطــار المــرجعي لهــا والمتمثــل في مجموعــة اإلتفاقيــات‬
‫والمعاهدات الدولية التي باتت تشكل ما يعرف "بالقانون الدولي لحقوق اإلنسان" ‪ ،‬وهــو القــانون الــذي‬
‫نود تسليط الضوء عليه في القسم الثــاني من هـذا البحث‪ ،‬سـوا ًء من حيث تنـاول كــل اإلتفاقيــات الدوليـة‬
‫التي تدخل في زمرة ما يسمى "بالشرعية الدولية لحقــوق اإلنســان" ‪ ،‬او من حيث مضــمونها‪ ،‬وخاصــة‬

‫‪145‬‬
‫مجموعة الحقوق السياسية التي شكلت أهم الحقوق التي أهتم بها المجتمع الدولي خالل الخمسين ســنه‬
‫األخيرة‪ .‬وفي هذا القسم سيتم تناول هذا الموضووع من خالل فصلين‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬الحقوق السياسية من خالل القانون الدولي لحقوق اإلنسان‬

‫الفصل الثاني‪ :‬اآلليات الدولية للحماية القانونية للحقوق السياسية‬

‫الفصل األول‪:‬‬

‫الحقوق السياسية من خالل القانون الدولي لحقوق اإلنسان‬

‫إن اهتمامنــا بمنظمومــة القــانون الــدولي لحقــوق اإلنســان لن يتــأتى دون دراســتها في ظــل الواقــع‬
‫الممارساتي لها والمتمثل في مجموعة الوسائل واآلليات التي وضعت ورصدت ألجل تكريس حماية هــذه‬
‫الحقوق‪ .‬وقد أكد المجتمع الدولي في عدد من المرات أهمية تعزيز تفعيل هــذه الحقــوق والمبــادئ ضــمن‬
‫مـا أصـطلح على تسـميته "التعـاون الـدولي في مجـال حقـوق اإلنسـان" بإعتبـاره من أهم مقاصـد األمم‬
‫المتحدة‪ ،‬وأن حمايتها وتعزيزها تعد المســؤولية األولى الملقــاة على عـاتق الحكومــات‪ ،‬مـع التأكيــد على‬
‫عالميتها وترابطها وعدم قابلتها للتجزية ‪ ،‬وفقا ً لما تم التأكيد عليه في إعالن عمل فيينا للمؤتمر الــدولي‬
‫لحقوق اإلنسان لعام ‪1993‬م ‪ ،‬وهو اإلعالن الذي يُعد وثيقة مرجعية للعمل الحقوقي حول العالم‪ ،‬وهو ما‬

‫‪146‬‬
‫ساهم في قيام نظام مؤسسي لحماية حقوق اإلنسان في إطار األمم المتحدة ‪ ،‬ويتمثــل في منظمــة اآلليــات‬
‫التي رسختها األمم المتحدة قصد تعزيز الحماية الشاملة لممارسة حقيقية وفعلية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫فحقــوق اإلنســان والحريــات األساســية تمثــل رمــزاً للتطــور واإلرتقــاء‪ ،‬وعالمــة من عالمــات التقــدم‬
‫والتحضر‪ ،‬ولهذا فقد وجدت لها مكان في الوثائق الدستورية والتشريعات المعاصرة (‪.)199‬‬

‫ولقد أشرنا سابقا ً الى أن دراسة حقوق اإلنسان عامــة والحقــوق السياســية خاصــة‪ ،‬يســتلزم منــا اوالً‬
‫اإلحاطة بالمنظمة المرجعية لهذه الحقوق بكــل أصــنافها وأنواعهــا‪ ،‬وهــو مــا نســميه "بالمحــل القــانوني‬
‫والتشريعي لهذه الحقوق"‪.‬‬

‫وعليــه؛ فإنــه ال أحــد يشــك اليــوم في المنزلــة القانونيــة الرفيعــة الــتي حققتهــا منظمــة اإلتفاقيــات‬
‫والمعاهدات الدولية بإعتبارها األداءت العالمية األولى الــتي تكــرس التفكــير المعاصــر لحقــوق اإلنســان‪،‬‬
‫والخطوة الراسخة نحو تدويل عالمية هذه الحقوق الى درجــة وصــفها البعض على أنهــا تمثــل "القــانون‬
‫الدولي الكوني لحقوق اإلنسان"‪ ،‬وذلك في إطار أهــداف ومقاصــد األمم المتحــدة الــتي ســعت جاهــدة الى‬
‫إقناع المجتمع الدولي بضرورة تبني هذه الشرعة الدولية واحترامهــا وتكريســها على مســتوى القــوانين‬
‫الوطنية لكافة الدول‪.‬‬

‫والى جانب هذا القانون الدولي الكوني لحقوق اإلنسان‪ ،‬فقد نشأت على هامشه قوانين دولية إقليميــة‬
‫تخص بعض اإلتحادات واألقاليم القارية التي إستطاعت أن تضع لنفسها منظمة قانونيــة دوليــة للتشــريع‬
‫في مجال حقوق اإلنسان ووضع اآلليات لحمايتها‪ ،‬فمنها ما نجح ومنهــا مــا أخفــق ‪ ،‬االم ر ال ذي يجعلن ا‬
‫نخص يشيء من التفصيل االطار القانوني الدولي الكوني وكذا أهم ما جاءت ب ه الش رعة الدولي ة في ه ذا‬
‫المجال‪(.‬اإلعالن العالمي لحقوق االنسان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسة)‬

‫المبحث األول‪:‬‬

‫اإلطار القانوني الدولي الكوني‬

‫تندرج الحقوق السياسية من حيث التشريع لها وتكريسها ووضع إطارها القــانوني المــرجعي‪ ،‬ضــمن‬
‫مجموعة حقوق اإلنسان كافة التي تجد سندها ومشروعيتها في كتلة اإلتفاقيات والمعاهدات الدولية التي‬

‫‪ ) (199‬د‪ .‬مليكه النعيمي‪ $‬و د‪ .‬مساعد عبدالقادر ‪ ،‬الناصر في حقوق اإلنسان والحريات األساسية‪ ،‬دار سليكي أخوين‪ ،‬طنجه‪/‬المغرب‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،2015 ،‬ص ‪. 11‬‬

‫‪147‬‬
‫رصدت في مجال حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬وذلك إنطالقـا ً من إيمــان راســخ يتمثــل في عــدم قابليــة الحقــوق‬
‫والحريات للتجزئة‪.‬‬

‫ولقد ناضــلت فعاليــات المجتمــع المــدني الدوليــة طيلــة ســنوات من أجــل أن يتحمــل المجتمــع الــدولي‬
‫مسؤوليته في المساهمة في وضع إطار قانوني مرجعي عــالمي لحقــوق اإلنســان تهتــدي بــه المجتمعــات‬
‫والدول في سبيل احترامها لحقوق اإلنسان وحمايتها والعمل على بلورة المبادئ والقواعــد والممارســات‬
‫الفضلى في هذا المجال‪.‬‬

‫وثمة إتفاق عام على أن المصادر الكونية أو العالمية لحقوق اإلنســان تشــكل أســاس القــانون الــدولي‬
‫لحقوق اإلنسان‪ .‬وكفلت اإلعالنات والوثائق العالمية واإلقليمية المعنية بحقوق اإلنسان وحرياته الحقوق‬
‫السياسية لإلنسان (‪ .)200‬وبهذا يشكل اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان بإعتباره أول إعالن في هذا المجال‬
‫‪ ،‬مصدر إلهام لمجموعـة ضـخمة من معاهـدات حقـوق اإلنسـان ذات اإلـزام القـانوني‪ ،‬وكـذلك لموضـوع‬
‫تطوير حقوق اإلنسان على الصعيد العــالمي بأســره‪ .‬وهــو اليــزال قبسـا ً يهتــدي بــه الجميــع‪ ،‬ســوا ًء عنــد‬
‫التصدي للمظالم‪ ،‬أم في المجتمعات التي تعاني من القمع‪ ،‬أو عنــد بــذل تلــك الجهــود الراميــة الى تحقيــق‬
‫التمتع العالمي بحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬‬

‫الشرعية الدولية للحقوق السياسية‬

‫إن من أهم مــا جــاء بــه اإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان الى جــانب التنصــيص على مجموعــة من‬
‫الحقوق والحريات األساسية ‪ ،‬تنصيصه على مجموعــة من المبــادئ الســامية في مجــال حقــوق اإلنســان‬
‫‪ ) (200‬د‪ .‬سحر محمد نجيب‪ ،‬التنظيم الدستوري لضمانات حقوق اإلنسان وحرياته‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مصر‪ ،2011 ،‬ص ‪. 63‬‬

‫‪148‬‬
‫التي ستصبح المنبر للتشريع في مجال حقوق اإلنسان سوا ًء على المستوى الدولي أو الوطــني‪ ،‬والغايــة‬
‫التي من أجلها وعلى ضوئها يمكن التوسع في هذا المجال عن طريق إعتماد إتفاقيات ومعاهــدات أخــرى‬
‫ذات الصلة منها العهدين الدوليين وباقي اإلتفاقيات األخرى سواء الموضوعاتية أو الفئوية أو اإلقليمية‪.‬‬
‫وقد كان من أبرز هذه المبادئ مبدأ عالمية حقوق اإلنسان‪ ،‬ومبــدأ عــدم قابليــة الحقــوق للتجزئــة‪ ،‬ومبــدأ‬
‫تعزيز سيادة حقوق اإلنسان بمقابل مبــدأ الســيادة الوطنيــة الــذي كــان ســائداً في مرحلــة مــا قبــل اإلعالن‬
‫العالمي‪ ،‬وما تاله‪ ،‬وهو ما يشكل الشرعة الدولية لحقوق اإلنسان الــتي تســتمد منهــا الحقــوق السياســية‬
‫مرجعيتها القانونية‪ ،‬االم ر ال ذي س نعالج من خالل ه أهم م ا تض منه اإلعالن‪ ،‬أس باب ظه وره‪ ،‬مميزات ه‪،‬‬
‫القيمة القانونية التي جاء بها ‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‬

‫مثّل اإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان اإلعــتراف الــدولي األول ألهميــة حقــوق اإلنســان في القــانون‬
‫الدولي‪ .‬فنهاية الحرب العالميـة الثانيـة ومـا خلفتهـا من دمـار إنسـاني وبيـئي‪ ،‬دفـع بـالمنظم الـدولي الى‬
‫ضرورة جعل موضوع حقوق اإلنسان موضوعا ً دوليا ً راهنيا ً وملزما ً للجميع‪.‬‬

‫العنصر األول‪ :‬أسباب ظهور اإلعالن ومضمونه‬

‫يشكل اليوم اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان مناسبة لجعل العالم لتفت لموضوع كان يعتبر من الترف‬
‫الفكري‪ ،‬وفرصة لدفع الدول الى جعل قيم حقوق اإلنسان قيما ً مشتركة أساسها تقاس درجة تحضر األمم‬
‫والمجتمعات‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬في أسباب وظروف اعتماد اإلعالن‬

‫أن من أهم اإليجابيــات الــتي طبعت منتصــف القــرن العشــرين‪ ،‬بعــد األحــداث الداميــة والكارثيــة الــتي‬
‫خلفتها الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وضـع اإلعالن العـالمي لحقـوق اإلنســان لســنة ‪1948‬م ‪ ،‬الـذي كـانت لــه‬
‫بصــمات مشــرفة في تــاريخ اإلنســانية الحــديث‪ ،‬والــذي ســاهم بشــكل كبــير في إعــادة اإلعتبــار لإلنســان‬
‫واإلهتمام به من جانب الحقوق والحريات التي يجب أن يتمتع بهــا ويمارسـها قصـد نشــر السـالم واألمن‬
‫واإلستقرار والعدل والكرامة في العالم سواء بين الدول أو بين الشعوب‪.‬‬

‫وفي هــذا اإلطــار‪ ،‬يعلن ميثــاق األمم المتحــدة عــام ‪1945‬م أن أحــد مقاصــد األمم المتحــدة هــو تعزيــز‬
‫وتشجيع احترام حقوق اإلنسان و الحريات اإلساســية للجميــع‪ .‬وقــد أضــفى على هــذه الــدعوة أول تعبــير‬
‫عملي بإصدار اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان من جانب الجمعية العامة لألمم المتحدة في عــام ‪1948‬م‪.‬‬
‫وكان هذا اإلعالن العالمي‪ ،‬الذي اعتمد في ضوء خلفية تتمثل في فظائع الحرب العالمية الثانية‪ ،‬هــو أول‬

‫‪149‬‬
‫محاولة من جانب جميع الدول لإلتفاق‪ ،‬في وثيقة احدة‪ ،‬على سرد شامل لحقوق الشــخص البشــري‪ .‬ولم‬
‫يكن اإلعالن ‪ ،‬كما يوحي إسمه بذلك قد فكر فيه كمعاهدة بل باألحرى كإعالن ألبســط الحقــوق والحريــات‬
‫األساسية ويحمل القوة األدبيــة إلتفــاق عــالمي‪ .‬وهكــذا وصــف القصــد منــه على أنــه يحــدد المثــل األعلى‬
‫المشترك الذي ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب وكافة األمم(‪.)201‬‬

‫ففي خضم مداوالت مؤتمر سان فرانسيسكو لعـام ‪1945‬م ‪ ،‬الـذي عقـد لوضــع ميثـاق األمم المتحـدة‪،‬‬
‫عرض إقتراح بصوغ "إعالن بشأن حقوق اإلنسان األساسية"‪ ،‬إال ان هذا اإلقتراح لم يؤخذ بــه إلعتقــاد‬
‫المؤتمرين أنه بحاجة الى دراســة متأنيــة ووافيــة وهــو مــا لم يكن متيّسـراً آنــذاك‪ .‬لكن هــذا لم يحــل دون‬
‫تضمين ميثاق األمم المتحدة بعض العبارات العامـة الـتي تعكس اإلهتمـام بشـأن حقـوق اإلنسـان كقضـية‬
‫عصــرية‪ .‬وهكــذا تتحــدث مــادة الميثــاق األولى صــراحة عن "تعزيـز احــترام حقــوق اإلنســان والحريــات‬
‫األساسية جميعا ً والتشجيع على ذلك دون تمييز بسبب الجنس او اللغــة أو الــدين وال تفريــق بين الرجــال‬
‫والنساء"‪.‬‬

‫أنفضـت الجلســة الختاميــة لمــؤتمر ســان فرانسيســكو حــتى أوصــت اللجنــة التحضــيرية لألمم‬
‫ّ‬ ‫وما أن‬
‫المتحدة بأن ينشئ المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي في دورته األولى لجنة لتعزيــز حقــوق اإلنســان على‬
‫النحو المتوخ ّى في المادة ‪ 86‬من الميثاق‪ .‬وعمالً بهذه التوصية‪ ،‬أنشأ المجلس لجنة حقــوق اإلنســان في‬
‫العام ‪1946‬م أي قبل تبنّي اإلعالن العالمي بسنتين‪ .‬ومنذ ذلــك الحين شــرعت اللجنــة بالعمــل على إعــداد‬
‫شرعة دولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬فتش ّكلت لهذه الغاية لجنــة رســمية للصــياغة تتــألف من ثمــان دول روع ّي‬
‫في إختيارها التوزيع الجغرافي‪ :‬هل ستكون على شكل إعالن يحــدد المبــادئ أو المعــايير العامــة لحقــوق‬
‫اإلنسان؟ أو على شكل إتفاقية تعرف حقوقا ً محدّدة وتعطي التقيّد بها صفة اإللزامية؟(‪.)202‬‬

‫تمت في البداية تشكيل لجنة دولية لصياغة بنود اإلعالن سميّت بلجنـة حقـوق اإلنسـان الــتي اجتمعت‬
‫ألول مـرة ســنة ‪1947‬م‪ ،‬وتكــون من ثمانيــة عشـر عضــواً يمثلــون شــتى الخلفيــات السياســية والثقافيــة‬
‫والدينيــة‪ .‬وضــمت اللجنــة شخصــيات عالميــة معروفــة بنضــالها في مجــال حقــوق اإلنســان‪ ،‬من ضــمنها‬
‫إليــانور روزفلت أرملــة الـرئيس األمـريكي فـرانكلين روزفلت الـتي تــولّت رئاسـة لجنـة صــياغة اإلعالن‬
‫العالمي لحقوق اإلنسان‪ .‬واشترك معها رونيه كاسين من فرنسا المعروف بنضاله المستميت بالدفاع عن‬
‫حقوق اإلنسان ونشــر الســالم‪ ،‬الــذي وضـع المشــروع الــدولى لإلعالن‪ ،‬ومقــرر اللجنــة شــارل مالــك من‬
‫لبنان‪ ،‬ونائب رئيسية اللجنة بونغ شونغ شانغ من الصين‪ ،‬وجون همفري من كندا‪ ،‬بصــفته مــدير شــعبة‬
‫األمم المتحدة لحقوق اإلنسان‪ ،‬الذي أعد مخطط اإلعالن ‪ .‬وقد كانت مساهمة السيدة إليانور روزفلت جــد‬

‫‪ ) (201‬وثائق األمم المتحدة‪ :‬حقوق اإلنسان‪ ،‬الحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان‪ ،‬صحيفة الوقائع رقم ‪( 15‬التنقيح ‪) 1‬‬
‫‪.iii ;GE / 2007 . 04 – 43669 161204 171204‬‬
‫‪ ) ( 202‬د‪ .‬وائل عالم‪ ،‬اإلتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬مصر ‪1999 ،‬م ‪ ،‬ص ‪. 13‬‬

‫‪150‬‬
‫إيجابية وحماسية خالل رئاستها للجنة وإدارتها وإشرافها على النقاشات المحتدمة التي عرفتها اللجنــة‪،‬‬
‫فكانت بمثابة القوة الدافعة وراء وضع اإلعالن(‪.)203‬‬

‫لقد رأت اللجنة أن تكــرس من جهودهــا في المرحلــة األولى من عملهــا إلعــداد إعالن دولي لــه صــفة‬
‫برنامج غير ملزم‪ ،‬على أن يعقب ذلك إتفاقية أو أكثر تتضمن التزامات قانونيــة واضــحة وتــدابير محــددة‬
‫لحماية حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس‪ ،‬قدمت لجنة الصياغة الى لجنة حقوق إلنسان مشروعين باإلقتراحين‪ ،‬وفي العــام‬
‫‪1947‬م أطلقت اللجنة على ما تم إعداده من وثــائق تحت اســم "الشــرعية الدوليــة لحقــوق اإلنســان" ثم‬
‫شــكلت ثالث مجموعــات عمــل‪ :‬األولى تعــني بــاإلعالن والثانيــة بالعهــد والثالثــة بالتنفيــذ‪ .‬وفي النهايــة‪،‬‬
‫اعتمدت اللجنة في اجتماعهــا في صــيف ‪1948‬م مشــروع اإلعالن إذ لم يكن لـديها الــوقت الكـافي للنظـر‬
‫فيمـــا أعدتـــه مجموعـــتي العهـــد والتنفيـــذ‪ .‬أحـــالت اللجنـــة مشـــروع اإلعالن الى المجلس اإلقتصـــادي‬
‫واإلجتمــاعي الــذي قدمــه الى الجمعيــة العامــة لألمم المتحــدة في إجتماعهــا المنعقــد في بــاريس في ‪10‬‬
‫ديسمبر ‪1948‬م(‪.)204‬‬

‫وقد تبنّت الجمعيــة العامــة هــذا اإلعالن عنــدما كــان عــدد أعضــائها آنــذاك اليتجــاوز (‪ )58‬عضــواً‬
‫ومعظمهمـ من الدول الغربية‪ ،‬وقد صدر بأغلبية (‪ )48‬صوتاً‪ ،‬من بينهم أربعــة دول هي‪ :‬مصــر‪ ،‬العــراق‪،‬‬
‫سوريا ولبنان‪ ،‬وإمتناع ثماني دول عن التصويت منها‪ :‬اإلتحاد السوفياتي‪ ،‬روسيا البيضاء‪ ،‬يوغسالفيا‪،‬‬
‫بولندا‪ ،‬الصين‪ ،‬السعودية وجنوب أفريقيا‪ ،‬وغياب دولتان‪.‬‬

‫وقد شــكلت الــدول الشــيوعية أغلبيــة الــدول الممتنعــة عن التصــويت‪ .‬وإرتكــزت في مواقفهــا على أن‬
‫اإلعالن لم يقم بمعالجة واجبات الفرد نحــو المجتمــع‪ ،‬وأنــه رجح كفــة الحريــات الرأســمالية‪ ،‬إضــافة الى‬
‫عدم تطرق اإلعالن الى الوسائل التي ينبغي على الدول إتخاذها بغيــة إعمــال هــذه الحقــوق‪ .‬وقــد انتقــدت‬
‫الدول الشوعية موقف الدول الغربية لرفضها إدانة ظاهرة الفاشية بصراحة في اإلعالن‪ ،‬بحجة إســتحالة‬
‫وضع تعريف جامع مانع لهــذه الظــاهرة الــتي كــانت وراء إنــدالع الحــرب العالميــة الثانيــة‪ .‬وتعكس هــذه‬
‫التبريرات خشية هذه الدول من تدخل األمم المتحدة في شؤونها الداخلية بحجة حقوق اإلنسان(‪.)205‬‬

‫ويجد التأكيد أن المكانة المرموقة التي بلغتها قضــية حقــوق اإلنســان اليــوم على المســتويات الدوليــة‬
‫واإلقليمية والوطنية‪ ،‬والحيّز المتنامي الذي تشــغله في وعي ووجــدان الفــرد كإنســان وكمــواطن‪ ،‬لم تكن‬
‫لتتحقق لوال أن م ّهد لها وأرسى أساسها اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪ ) (203‬د‪ .‬احمد الرشيدي ‪ ،‬حقوق اإلنسان (دراسة في النظرية والتطبيق)‪ ، $‬مكتبة الشروق الدولية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2003 ،‬ص ‪. 103‬‬
‫‪ ) (204‬د‪ .‬احمد الرشيدي‪ ،‬حقوق اإلنسان (دراسة في النظرية والتطبيق)‪ $،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 104‬‬
‫‪ ) (205‬د‪ .‬حسن نافعة‪ ،‬األمم المتحدة في نصف قرن (دراسة في التنظيم الدولي منذ ‪ ، 1945‬مجلة عالم المعرفة ‪ ،‬الكويت‪ ،1995، $‬عدد‪، 202‬‬
‫ص ‪210‬‬

‫‪151‬‬
‫فعلى قاعدة اإلعالن‪ ،‬شهدت الفترة التي أعقبته العديد من التطــورات في ميــدان حقــوق اإلنســان أدّت‬
‫فيمـا أدّت إليـه الى تقـنين متزايـد للحقـوق والحريـات والمبـادئ الـتي دشـنها اإلعالن‪ ،‬والى تبلـور نظـام‬
‫وآليات لتعريف وتعزيز حماية حقوق اإلنسان على المستوى التعاقدي بين الدول عبر المعاهــدات أو على‬
‫مستوى األمم المتحدة وأجهزتها المتخصصة عبر القرارات واإلعالن‪ ،‬وما تنطوي عليه من ثقـل قـانوني‬
‫معنوي وخلقي ومساعدات إجرائية فنية وإدارية وبرنامجيّة‪.‬‬

‫فما من أحد يشك اليوم في المنزلــة القانونيــة الرفيعــة الــتي حققهــا اإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان‬
‫بإعتباره األداة العالميــة األولى الـتي تعكس التفكــير المعاصــر لحقـوق اإلنسـان والخطــوة الراسـخة نحــو‬
‫تدويل وعالمية هذه الحقوق الى درجة وصفه البعضه على أنه يمثل "مغناكرتا" العالم بأسره(‪. )206‬‬

‫لقد شكل اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان أول وثيقة حقوقية يتم التوافق عليها عالميـا ً لتؤســس الحلم‬
‫عــالمي بعصــر جديــد تحــترم فيــه الحقــوق‪ ،‬وتكــون هي المرجــع الــذي تســتند إيــه أفعــال الــدول واألفــراد‬
‫والمجموعات‪.‬‬

‫وقد كانت بدايات اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الــذي تم إعتمــاده مجســدة في ميثــاق األمم المتحــدة‬
‫لسنة ‪1945‬م‪ ،‬حيث تم إقرار أربع حريات بذات الميثاق تتمثل بحرية العبير‪ ،‬حرية التجمــع ‪ ،‬التحــرر من‬
‫الخوف‪ ،‬والتحرر من الحاجة‪ .‬ويلعب هذا الميثــاق دوراً هامـا ً في الحفــاظ على حقــوق اإلنســان واإليمــان‬
‫بها‪ ،‬وألزمت األمم المتحدة جميع الدول األعضاء على احــترام هــذه الحقــوق المقــررة وتطبيقهــا دون أي‬
‫تفرقة أو تمييز بين األفراد‪.‬‬

‫لقد اطلق هذا اإلعالن مراحل شاقة من العمل لكل نشطاء حقوق اإلنسان والمنظمات المعنية‪ ،‬من اجل‬
‫تحويل روح اإلعالن الى آليات عمل ووسائل إجرائية تضمن تنفيذ الحقــوق الــتي توافــق عليهــا المجتمــع‬
‫الدولي في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬وهو ما انعكس في آالف المؤتمرات واللقاءات حول العــالم‪،‬‬
‫وعشرات اإلتفاقيــات الــتي وجــدت طريقهــا الى النــور منــذ ذلــك التــاريخ ‪ ،‬لتعكس كــل واحــدة منهــا روح‬
‫ومضمون مواد اإلعالن (‪.)207‬‬

‫وبعد هذا الحدث التاريخي‪ ،‬طلبت الجمعية العامة من البلدان األعضاء كافـة أن تـدعو لنص اإلعالن و‬
‫"أن تعمل على نشره وتوزيعه وقراءتــه وشــرحه‪ ،‬والسـيّما في المــدارس والمعاهــد التعليميــة األخــرى‪،‬‬
‫دون أي تمييز بسبب المركز السياسي للبلدان أو األقاليم‪.‬‬

‫وثمة إتفــاق عــام على أن اإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان يشــكل أســاس القــانون الــدولي لحقــوق‬
‫اإلنسان‪ .‬وكان مصدر إلهام لمجموعة ضخمة من معاهدات حقوق اإلنسان الدولية ذات اإللزام القــانوني‪،‬‬

‫‪ ) (206‬احمد الرشيدي‪ ،‬حقوق اإلنسان (دراسة في النظرية والتطبيق)‪ $،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 37‬‬
‫‪ ) (207‬د‪ .‬حسن نافعة‪ ،‬األمم المتحدة في نصف قرن (دراسة في التنظيم الدولي منذ ‪ ، 1945‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 22‬‬

‫‪152‬‬
‫وكذلك لموضوع تطوير حقوق اإلنسان على صعيد العالم بأسره‪ .‬وهو ال يــزال قبسـا ً يهتــدي بــه الجميــع‪،‬‬
‫سوا ًء عند التصدي للمظالم‪ ،‬أم في المجتمعات التي تعاني من القمع‪ ،‬او عنـد بــذلك ذلـك الجهــود الراميــة‬
‫الى تحقيق التمتع العالمي بحقوق اإلنسان(‪.)208‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مضمون اإلعالن ومبادئه‬

‫يتألف اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان من مقدمة (ديباجة) وثالثين مادة‪ ،‬كرس فيهــا مبــدأ المســاواة‬
‫والحقوق والحريات األساسية والسالمة البدنية‪.‬‬

‫ذكرت في المقدمة (الديباجة) األسباب الــتي دفعت الــدول األعضــاء إلصــدار مثــل هــذا اإلعالن‪ ،‬وذلــك‬
‫باإلشارة الى أن اإلعتراف بالكرامة المتأصلة بين جميع أعضاء األســرة البشــرية وبحقــوقهمـ المتســاوية‬
‫والثابتة هو أساس الحرية والعدل والسالم في العالم‪ ،‬و "أن تناسي هــذه الحقــوق وإزدراؤهــا قــد أفضــيا‬
‫الى أعمال همجيــة آذت الضــمير اإلنســاني" ‪ ،‬وانــه البــد ان يتــولى القــانون حمايــة حقــوق اإلنســان لكي‬
‫اليضطر المرء‪ ،‬آخر األمر الى التمرد على اإلستبداد والظلم‪ .‬كما أن الجمعية العامة تنادي كل فرد وهيئــة‬
‫في المجتمع الى تعزيز احترام هذه الحقوق والحريات عن طريق التعليم والتربية وإتخاذ إجراءات قومية‬
‫وعالمية لضمان اإلعتراف بها ومراعاتها بين الدول األعضاء ذاتها والشعوب الخاضة لسلطاتها‪.‬‬

‫وبالنظر الى مضمون الحقوق والحريات المذكورة باإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬فقــد قــام البعض‬
‫الى تقسيمها الى جزأين أساسيين‪ :‬جزء خاص بالحقوق المدنية والسياسية التقليدية‪ ،‬وجزء أخر متعلــق‬
‫بالحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية غير أننــا نــرى تقســيمها الى خمس فئــات من الحقــوق والحريــات على‬
‫الشكل التالي‪:‬‬

‫الفئة األولى‪ ،‬وتخص الحقــوق الشخصــية‪ :‬الــتي تتضــمن الحــق في الحيــاة‪ ،‬والحريــة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫والكرامة‪ ،‬والمساواة أمام القــانون‪ ،‬وتحــريم الــرق والتعــذيب واإلضــطهاد‪ ،‬الــتي نصــت عليهــا‬
‫المواد من الفئة (‪ 3‬الى ‪.)13‬‬
‫الفئة الثانيــة‪ ،‬وتتعلــق بــالحقوق اإلجتماعيــة‪ :‬الــتي تشــمل الحقــوق العائــدة لألفــراد في‬ ‫‪‬‬
‫عالقتهم مع الدولة كحق الجنســية‪ ،‬وحــق الــزواج‪ ،‬وحــق الملكيــة‪ ،‬وحــق اللجــوء الــذي نصــت‬
‫عليها المواد (‪ 14‬ــ ‪.)17‬‬
‫الفئة الثالثة‪ ،‬وتخص الحريات العامــة والسياســية‪ :‬المتمثلــة بحريــة المعتقــد‪ ،‬والتعبــير‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫واإلنتخاب‪ ،‬وتكوين الجمعيات‪ ،‬والحق في تقلد الوظائف العامة‪ ،‬واإلشــتراك في إدارة الشــؤون‬
‫العامة التي نصت عليها المواد (‪ 21‬ــ ‪.)18‬‬

‫‪ ) (208‬محمد شريف بسيوني‪ ،‬الوثائق الدولية المعنية بحقوق اإلنسان ‪ ،‬المجلد األول ـ الوثائق الدولية‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬مصر‪ 2003 ،‬ص ‪. 88‬‬

‫‪153‬‬
‫الفئة الرابعة‪ ،‬وتتعلق بالحقوق اإلقتصــادية والثقافيــة‪ :‬كــالحق في الضــمان اإلجتمــاعي‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫والحــق في العمــل والحمايــة من البطالــة‪ ،‬والحــق في الراحــة‪ ،‬والحريــات النقابيــة والثقافيــة‪،‬‬
‫والحق في مستوى معيشــي كــاف للمحافظــة على صــحة ورفاهيــة اإلنســان‪ ،‬وحقــه في التعليم‪،‬‬
‫والتمتــع بنظــام اجتمــاعي دولي تتحقــق بمقتضــاه الحقــوق والحريــات المنصــوص عليهــا في‬
‫اإلعالن تحققا ً كامالً‪.‬‬
‫وأخيراً الفئة الخامسة‪ ،‬وتتعلق بالواجبــات‪ :‬الــتي تقــع على عــاتق الفــرد حيــال المجتمــع‬ ‫‪‬‬
‫والدولة‪ ،‬والتي نصت عليها المواد (‪ 30‬ــ ‪.)22‬‬

‫فهذه الحقوق والحريات تتصل إتصاالً وثيقا ً بالركائز األساسية للكرامــة اإلنســانية بصــرف النظــر عن‬
‫منظومة القيم التي يرتبط بها الفرد‪ ،‬كما صيغت بصورة عامة بشكل تسمح للدول مهمــا كــانت ثقافتهــا أو‬
‫مرجعيتها أن تقرها وتتقبلها وتكرسها على مستوى قوانينها الداخلية‪.‬‬

‫غــير أن من أهم مــا جــاء بــه اإلعالن‪ ،‬الى جــانب التنصــيص على مجموعــة من الحقــوق والحريــات‬
‫األساسية‪ ،‬تنصيصه على مجموعة من المبادئ السامية في مجال حقوق اإلنســان الــتي ستصــبح المنهج‬
‫المنير للتشريع في مجال حقوق اإلنسان سواء على المستوى الدولي أو الوطني‪ ،‬والغاية التي من أجلها‬
‫وعلى ضوئها يمكن التوسع في هذا المجال عن طريق إعتماد إتفاقيات ومعاهدات أخرى ذات الصلة‪ .‬وقد‬
‫كان من أبرز هذه المبادئ مبدأ عالمية حقوق اإلنسان‪ ،‬ومبدأ عدم قابلية الحقوق للتجزئة‪ ،‬ومبــدأ تعزيــز‬
‫سيادة حقوق اإلنسان بمقابل مبدأ السيادة الوطنية الذي كــان ســائداً في مرحلــة مــا قبــل اإلعالن العــالمي‬
‫وما تاله‪.‬‬

‫إن المبادئ األساسية لحقوق اإلنسان‪ ،‬التي وردت ألول مرة في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬من‬
‫قبيل العالمية والترابط وعدم التجزئة والمساواة والبعد عن التعمييم الى جانب شمول حقوق اإلنســان في‬
‫وقت واحد لكل من الحقوق واإللتزامات المتصلة بأصحاب الحقـوق والمســؤولين‪ ،‬قـد تكــررت في العديـد‬
‫من إتفاقيات وإعالنات وقرارات حقوق اإلنسان الدولية‪ ،‬شكلّت األسس المرجعية والمبادئ السامية التي‬
‫يجب على أساسها وفي ضوئها التشريع لحقوق اإلنسان على الصعيد الــدولي والوطــني وتكــريس قيمهــا‬
‫(‪.)209‬‬

‫وقد أكد المجتمع الدولي في عدد من المرات على أهمية تعزيز تفعيل هذه المبـادئ ضـمن مـا أصـطلح‬
‫على تسميته "التعاون الدولي في مجال حقــوق اإلنســان" بإعتبــاره من أهم مقاصــد األمم المتحــدة‪ ،‬وأن‬
‫حقوق اإلنسان والحريات األساسية هي حقوق يكتسـبها جميـع البشــر بـالوالدة‪ ،‬وأن حمايتهــا وتعزيزهـا‬
‫هما المسؤولية األولى الملقاة على عاتق الحكومات‪ ،‬مع التأكيد على عالميتهـا وترابطهـا وعـدم قابليتهـا‬
‫‪ ) (209‬وائل عالم ‪ ،‬اإلتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.124‬‬

‫‪154‬‬
‫للتجزئة‪ ،‬وفقا ً لما تم التأكيد عليه في إعالن عمـل فينـا للمــؤتمر الـدولي لحقــوق اإلنسـان لعـام ‪1993‬م ‪،‬‬
‫وهو اإلعالن الذي يُعد وثيقة مرجعية للعمل الحقوقي حول العالم(‪.)210‬‬

‫وقد ترافق العمل التشريعي الذي قامت به المنظمات الدولية والمحلية من أجل تفعيــل حقـوق اإلنسـان‬
‫مع جهود مكثفــة حــول العــالم لنشــر ثقافــة حقــوق اإلنســان‪ ،‬وتعزيــز هــذه القيم والمبــادئ لــدى اإلنســان‬
‫العادي‪ ،‬من اجل بناء منظومة متكاملة تساعد في إستدامة الحقوق وتفاعلها‪.‬‬

‫وأهمية هذا اإلعالن ال تأتي من المبادئ التي تضمنها فحسب؛ بل تتبع كذلك من أن الــذي أصــدره هي‬
‫الحكومات‪ ،‬وبالتالي فإن تلك الوثيقة وضعت المسؤولية المطلقة عن إنتهاكات حقوق اإلنسان على عاتق‬
‫الحكومات والدول‪ ،‬وهكذا سقطت المفاهيم العامة لحقوق اإلنسان المرتكزة على مفاهيم خيرية وإنســانية‬
‫عامة‪ ،‬وحولتها الى مفاهيم قانونية تتحدد بموجبها المسؤولية اإلنسانية للدولة تجاه مواطنيها‪.‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬مميّزات اإلعالن وقيمته القانونية‬

‫ال تنحصر قيمة اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان فقط في مجموعة المبادئ والحقــوق الــتي يتضــمنها‪،‬‬
‫بل أن قيمته تكاد تفوق بكثير مضمونه‪ ،‬حيث أنه يعتبر أول إعالن عالمي في هذا المجال الذي فتح الباب‬
‫للتفكير في التشريع في ميدان حقوق اإلنسان‪ .‬وبالتالي فــإن قيمتــه الرئيســية والجوهريــة والســامية هي‬
‫إعتماده من قبل منظمة أمميــة عالميــة شــكلّت مرحلــة جديــدة في النظــام الــدولي وتقــنين العــرف الــدولي‬
‫وإلزام الدول بضــرورة اإلهتمــام بــالفرد والجماعــات واإللــتزام بخلـق التوافــق بين فكــرة الســلطة وفكــرة‬
‫الحرية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مميّزات اإلعالن‬

‫يمكن القول أن اإلعالن جاء لتحديد وتفسير عبارات حقــوق اإلنســان المشــمولة في الميثــاق ليعطيهــا‬
‫دفعة هامة الى األمــام‪ .‬وأهميــة اإلعالن ووزنــه القــانوني واألخالقي ال يأتيــان فقــط من كونــه أول وثيقــة‬
‫عالمية لحقوق اإلنسان أو من حقيقة التصويت عليه دون إعتراض‪ ،‬بل من اإلستهداء بــه في الممارســة‬
‫والمواقف التي تجد تعبيراتها في عدة مجاالت‪ ،‬وكذا من خالل تمتعه بمجموعة من الميزات من بينها‪:‬‬

‫‪ .1‬قبول اإلعالن من كافة الــدول الــتي أنضــمت الى األمم المتحــدة بعــد تبنّيــه ولم تشــارك في‬
‫دشـن‬
‫إعداده‪ ،‬حيث لم تبد أي مالحظة نقديّة عليه أو على قــرار الجمعيــة العامــة رقم ‪ 217‬الــذي ّ‬
‫اإلعالن‪ .‬بــل وأكــثر من ذلــك أكــدت الــدول بمجملهــا أهميــة اإلعالن في تصــريحاتها ومواقفهــا‬
‫وأعتمدته عشرات الدول كمصدر إلهام ونقطة إرتكاز لدساتيرها وقوانيها‪.‬‬

‫‪ ) (210‬عبدالعزيز محمد سرحان‪ ،‬اإلطار القانوني لحقوق اإلنسان‪ ،‬جامعة عين شمس ‪ ،‬مصر ‪1980 ،‬م‪ ،‬ص ‪. 124‬‬

‫‪155‬‬
‫‪ .2‬اإلبتعاد عن القضايا المثيرة للجدل؛ إذ جـاء اإلعالن قاصـراً على الموضـوعات والمسـائل‬
‫التي كانت محل توافق بين الدول‪ ،‬واإلبتعاد عن معالجة الموضــوعات والمســائل المثــيرة للجــدل‬
‫والخالف‪ .‬فمن المســائل الــتي اعتـبرت عمليــة وضـع اإلعالن هي صــياغة نص يعــالج الحــق في‬
‫اإلضــراب والــذي أنتهى األمــر بواضــعي اإلعالن الى عــدم النص عليــه‪ ،‬وذلــك إرضــا ًء للــدول‬
‫الشيوعية‪.‬‬

‫‪ .3‬التأكيــد على اإلعالن في العديــد من قــرارات الجمعيــة العامــة‪ ،‬ففي الســبعين ســنة الــتي‬
‫أعقبت اإلعالن صدرت آالف القرارات التي تشير بطريقة أو بأخرى الى اإلعالن‪ ،‬وكان بعضها‬
‫مصاغا ً بلغة إلزامية وينشئ مباشرة أو غير مباشرة مبــادئ قــانوني دولي‪ ،‬كمــا هــو الحــال في‬
‫القرار بشأن إعالن منح اإلستقالل للبلدان والشعوب المســتعمرة (القــرار ‪ / 1514‬د ‪، 15‬ـ ‪14‬‬
‫ديسمبر ‪ ،) 1960‬وإعالن األمم المتحدة للقضاء على جميع أشــكال التميــيز العنصــري (القــرار‬
‫‪ 20 ، 18 – 6 / 1904‬نوفمبر ‪ .) 1963‬والمهم في هذين القرارين وغيرها أنها تضع اإلعالن‬
‫العالمي وميثاق األمم المتحدة على قدم المساواة ‪ ،‬علما ً بأن الميثاق هو بمثابة إتفاقية من نوع‬
‫خــاص لهــا صــفة اإللــزام ‪ ،‬وأن هــذين القــرارين على ســبيل المثــال حظيــا بموافقــة الــدول ولم‬
‫تعترض عليهما أي دولة‪.‬‬

‫‪ .4‬قيام نظام مؤسسي لحماية حقوق اإلنسان في إطار األمم المتحدة‪ ،‬واإلقــرار العــالمي بــأن‬
‫اإلعالن هو الذي دشن في إطار األمم المتحدة هــذا النظــام الــذي أصــبح بموجبــه من أعمــدة هــذا‬
‫النظام الذي يضم أهم عناصر مــا يســمى بالشــرعة الدوليــة لحقــوق اإلنســان (العهــدان الــدوليان‬
‫والــبروتوكوالن اإلختياريــان للعهــد الــدولي الخــاص بــالحقوق المدنيــة والسياســية‪ ،‬وعشــرات‬
‫اإلتفاقيات المتعلقة بمختلف حقوق اإلنسان واآلليات والمؤسسات الخاصة بمراقبة إنتهاكها(‪.)211‬‬

‫‪ .5‬على المسـتوى اإلقليمي تظهــر بوضـوح بصــمات اإلعالن العــالمي في اإلجســام اإلقليميـة‬
‫التعاقديــة الثالث لحمايــة حقــوق اإلنســان‪ :‬اإلتفاقيــه األوروبيــة لحقــوق اإلنســان لعــام ‪،1950‬‬
‫اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان لعام ‪ ،1969‬والميثــاق األفــريقي لحقــوق اإلنســان والشــعوب‬
‫لعام ‪1981‬م ‪ .‬لقد أبرزت هذه األجسام في ديباجة كل منها األهميــة القصــوى لإلعالن واعتبرتــه‬
‫أساس ما تضمنته من نصوص حقوق إنسانية‪ ،‬كما تناولت بنودها‪ ،‬وبلغة مشابهة الى حــد كبــير‬
‫وببعض التفصيل أحيانا ً ‪ ،‬الحقوق والحريات الواردة في اإلعالن(‪.)212‬‬

‫‪ ) (211‬احمد ابو الوفاء ‪ ،‬الحماية الدولية لحقوق اإلنسان في إطار منظمة األمم المتحدة والوكاالت‪ $‬المتخصصة ‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ ،‬مصر‪ ، 2000 ،‬ص ‪. 42‬‬
‫‪ ) (212‬احمد ابو الوفاء‪ ،‬الحماية الدولية لحقوق اإلنسان في إطار منظمة األمم المتحدة والوكاالت‪ $‬المتخصصة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.44‬‬

‫‪156‬‬
‫‪ .6‬التأكيد على اإلعالن في المؤتمرات والمحافل الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬وقد برز هذا بشكل‬
‫خاص في اإلعالن الصادر عن المؤتمر العالمي لحقوق اإلنسان الــذي عقــد في طهــران في مــايو‬
‫‪1968‬م إلســتعراض التقــدم الــذي تم تحقيقــه خالل األعــوام العشــرين األولى الــتي أنقضــت على‬
‫اعتماد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنســان ولصــياغة برنــامج المســتقبل‪ ،‬فقــد حث المــؤتمر جميــع‬
‫المجســـدة في اإلعالن العـــالمي لحقـــوق‬
‫ّ‬ ‫الشـــعوب والحكومـــات على "الـــوالء الكلي للمبـــادئ‬
‫اإلنســان"‪ .‬ومثــل هــذه األهميــة جــرى التأكيــد عليهــا في اإلعالن الصــادر عن المــؤتمر العــالمي‬
‫لحقوق اإلنسـان الــذي عقــد في فيينـا في ابريـل ‪1993‬م‪ ،‬واألســاس الــذي اتخذتــه األمم المتحــدة‬
‫إلحراز التقدم في وضع المعايير على النحو الوارد في الصكوك الدولية القائمة لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪ .7‬اإلسترشاد باإلعالن من قبل محكمة العدل الدولية عند نظرها في عــدد من القضــايا الــتي‬
‫انطــوت على ممارســات غــير قانونيــة وإنتهاكــات لحقــوق اإلنســان‪ ،‬كمــا هــو الحــال في قضــية‬
‫إحتجــاز الرهــائن األمريكــيين في طهــران عــام ‪1979‬م‪ ،‬فقــد جــاء في البنــد ‪ 19‬من حكمهــا أن‬
‫"حرمان الناس من حريتهم واخضاعهم لكوابح مادية في ظروف قاسية هو بحد ذاته اليتوافق‬
‫مــع مبــادئ ميثــاق األمم المتحــدة والمبــادئ األساســية المعلنــة في اإلعالن العــالمي لحقــوق‬
‫اإلنسان(‪.)213‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬القيمة القانونية لإلعالن‬

‫احتلّت وثيقة اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان مكانة هامة في نصوص القانوني الدولي‪ ،‬وخاصــة بعــد‬
‫أن أتحدت فيما بعد مع وثيقتي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الــدولي الخــاص‬
‫بالحقوق اإلقتصادية واإلجتماعيــة والثقافيــة‪ ،‬وشـ ّكلت بمجملهــا مــا يســمى بالئحــة الحقــوق الدولية(‪،)214‬‬
‫وأستمدت هذه الالئحة قوتها القانونية ومتانتها من القانون الدولي العــام لحقــوق اإلنســان‪ ،‬الــذي ًأصــبح‬
‫يشكل حقا ً قانونيا ً دوليا ً جديداً يتمتع بإستقاللية تامة عن القانون الدولي العام الى جانب القــانون الــدولي‬
‫اإلنساني‪.‬‬

‫ويعد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان من أكثر اإلعالنات الصــادرة عن األمم المتحــدة شــهرة وأهميــة‬
‫فهو من أكثرها إثارة للجــدل والنقــاش لمــا يتمتـع بـه من قيمـة قانونيــة‪ ،‬رغم تبــاين اآلراء حولـه‪ .‬إال أن‬
‫المتفق عليه صدوره في شكل توصية عن الجمعية العامة لألمم المتحـدة‪ ،‬ولم يصـدر في صـورة معاهـدة‬
‫دولية محددة بإلتزامات واضحة تقيّد الدول األعضاء في األمم المتحدة أو شعوب العالم التي أتفقت عليه‪،‬‬
‫لذلك نرى أن عدداً من اإلتجاهات حول قيمته القانونية‪ ،‬من بينها‪:‬‬
‫‪213‬‬
‫‪( ) Amnesty International “Protecting Humain Rights, International procedures and how use them, Series‬‬
‫‪L.A.C, on the humain rights committee. London 1987.‬‬
‫‪ ) (214‬احمد ابو الوفاء‪ ،‬الحماية الدولية لحقوق اإلنسان في إطار منظمة األمم المتحدة والوكاالت‪ $‬المتخصة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.51‬‬

‫‪157‬‬
‫*الفريق األول من الفقهاء(‪ :)215‬يجرده من أية قيمة قانونية بإعتبــاره مجموعــة من المبــادئ‬
‫العامة التي صدرت على شكل توصية من أكبر عدد من الــدول‪ ،‬وبالتــالي ال يتمتــع بقــوة قانونيــة‬
‫ملزمة‪ ،‬فهو عبارة عن وثيقة ذات سمة كونية صادرة عن الجمعية العامة لألمم المتحدة توصــي‬
‫شعوب العالم بإحترامها‪.‬‬

‫هذا اإلتجاه يتوافق مع ما نادى به اإلتحاد السوفياتي في وقته‪ ،‬واعتبر أن اإلعالن العالمي يعد مخالفا ً‬
‫لمبدأ سيادة الدول وخرقا ً للحكم الوارد في الفقرة السابعة من المادة الثانية من ميثاق األمم المتحدة الــتي‬
‫تخرج من اختصاص األمم المتحدة المسائل التي تدخل في صميم الشؤون الداخلية للدول‪.‬‬

‫لــذا فــإن اإلعالن وفــق هــذا الفريــق‪ ،‬اليتصــف بأيــة صــفة إلزاميــة واليأخــذ صــفة المعاهــدة المحــدة‬
‫بإلتزامات قانونية واضحة‪ ،‬مقارنة مع ميثاق األمم المتحدة الــذي هــو من قبيــل المعاهــدة الشــارعة الــتي‬
‫تفرض على األطراف المتعاقدة اإللتزام بنصوصها‪ ،‬وتحتم تفوقها وسموها على قواعـد القــانون الوطــني‬
‫ألية دول متعاقدة‪ ،‬بما في ذلك القواعد الدستورية‪.‬‬

‫فهذه الصفة غير اإللزامية لإلعالن جعلت من الصعب جداً إجبار الــدول على التقيّــد بنصوصــه‪ ،‬مثلمــا‬
‫حرمت منظمة األمم المتحدة من حق اإلشراف على تطبيق بنوده تطبيقا ً كامالً‪.‬‬

‫غير أن القول بالصفة غـير الملزمـة لإلعالن ال يعـني إنكـاراً ألهميتـه‪ ،‬فهـو يمثـل مركـزاً مرموقـا ً في‬
‫تاريخ تطور الحريات العامة عبر األجيـال‪ .‬وهـو أول وثيقـة عالميــة تتضـافر حولهـا وفيهــا إرادات معظم‬
‫دول العالم بغية تحقيق كرامة اإلنسان أينما كان‪.‬‬

‫*ذهب الفريق الثاني(‪ :)216‬الى أن اإلعالن يتضمن تفسيراً رسيما ً أو تحــديثا ً لمضــمون حقــوق‬
‫اإلنسان والحريات التي أشارت إليها نصوص ميثاق األمم المتحدة وباألخص ما جاء في المادة (‬
‫‪ )56‬منه‪ .‬وهذا ما يجعلنا نعترف بأن لإلعالن القيمة القانونية ذاتها التي للميثاق‪ .‬فبمــوجب هــذه‬
‫المادة‪" ،‬يتعهد أعضاء األمم المتحدة بأن يقوموا منفردين أو مجتمعين بما يجب عليهم من عمل‬
‫بالتعاون مع الهيئة إلدراك المقاصد المنصوص عليها في المادة (‪ ،)55‬والتي من أهمها احــترام‬
‫حقــوق اإلنســان وحرياتــه األساســية للجميــع‪ .‬ولقــد عــزز اإلعالن من عمــل األمم المتحــدة عــبر‬
‫الصفة القانونية للمبادئ الــتي إحتــوى عليــه‪ ،‬كمــا ســاعد على بلورتهــا وتحديــدها ودخولهــا في‬
‫هيكل القواعد الدولية الملزمة‪ .‬كما تظهر العديد من المناقشات التي تدور في الجمعية العامــة أن‬
‫مصطلحات حقوق اإلنسان تستخدم كما لو كانت قانونا ً قائما ً بالفعل‪.‬‬

‫‪ ) (215‬عبدالرحيم الكاشف‪ ،‬الرقابة الدولية على تطبيق‪ $‬العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬مصر‪2003 ،‬م‪ ،‬ص ‪62‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ ) (216‬عبدالرحيم الكاشف‪ ،‬الرقابة الدولية على تطبيق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،2003 ،‬ص ‪. 63‬‬

‫‪158‬‬
‫*أما الفريـق الثـالث(‪ :)217‬وهـو الـرأي األرجح الـذي أخـذ بـه الفقـه الحـديث والـذي يعتـبر أن‬
‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان أصـبح ينظـر إليـه كجـزء اليتجـزأ من القـانون الـدولي العـرفي‪،‬‬
‫وإعتياد الدول على إعتمــاد مــا ورد فيــه من قواعــد‪ ،‬جعلــه كجــزء من القــانون الــدولي العــرفي‪،‬‬
‫وبالتالي فهي قواعد ملزمة‪ .‬كما نجـد أن محكمـة النقض الفرنسـية قـد أسـتندت في عـام ‪1972‬م‬
‫الى اإلعالن العالمي لحقــوق اإلنســان‪ ،‬وعلى إعتبــار أن المبــادئ الــتي تضــمنها قــد تحــولت مــع‬
‫الزمن الى قواعد عرفيه‪.‬‬

‫أما بالنسبة للقضاء الدولي‪ ،‬فإن موقــف محكمــة العــدل الدوليــة بهــذا الخصــوص لم يكن واضــحا ً كمــا‬
‫يجب ‪ ،‬وإن كانت أستندت إليه في بعض األحكام واآلراء اإلستشارية‪.‬‬

‫وهكذا فإن القوة القانونية لإلعالن قد تزايدت الى الحد الذي يمكن القول بأنه يجعل عدم تنفيذه تهديداً‬
‫للسلم‪ ،‬ومبرراً للتدخل من مجلس األمن لتنفيذ تدابير األمن الجماعي‪ ،‬ســواء التــدابير العســكرية أو غــير‬
‫العسكرية‪.‬‬

‫وبإختصار‪ ،‬أن المكانة القانونية والخلقية المتيّزة لإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان هي أمـر مسـل ًم بـه‬
‫هذه األيام حتى ولو من الناحية النظرية‪ ،‬وإذا كان ثمة جدل يدور حول اإلعالن فهو ال يدور حول مكانتــه‬
‫وأهميته القانونية واألخالقية والسياسية وإنما حول طبيعة وسيا ق هذه المكانه‪ ،‬و باإلضافة الى اإلعالن‬
‫العالمي لحقوق االنسان نجد العهد الدولي الخ اص بــالحقوق السياســية والمدنيــة وبروتوكولــه اإلختيــاري‬
‫كوثيقة سياسية كرست الحقوق السياسية بامتياز وهو ما سنحاول ابرازه من خالل الفرع الثاني ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية وبروتوكوله اإلختياري‬

‫بطبيعة الحال فإن العهد الدولي الخــاص بــالحقوق المدنيــة والسياســية يشــكل أهميــة قصــوى كوثيقـةـ‬
‫أسياسية وســامية في القــانون الــدولي لحقــوق اإلنســان‪ .‬وهــو بــذلك يعتــبر من ضــمن الوثــائق الرســمية‬
‫للشرعية الدولية في مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬الــتي وضــعت اللبنـات األولى والمبــادئ الجوهريــة والقواعــد‬
‫الدنيا في مجال حماية واحترام حقوق اإلنسان العالمية‪.‬‬

‫العنصر األول ‪ :‬العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية‬

‫ش ّكل العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فرصة ثانية لتأكيد القيمــة القانونيــة لإلعالن العــالمي‬
‫لحقوق اإلنسان والقيمة المعنوية والمعيارية للحقوق السياسية والمدنية واعتبارها حقوقا ً ملزمــة للــدول‬
‫والحكومات‪.‬‬

‫‪ ) (217‬عبدالرحيم الكاشف‪ ،‬الرقابة الدولية على تطبيق‪ $‬العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.65‬‬

‫‪159‬‬
‫فقد نصــت المــادة األولى من العهــد "أن لجميــع الشــعوب كافــة حــق تقريــر المصــير بنفســها‪ .‬وهي‬
‫بمقتضــى هــذا الحــق حــرة في تقريــر مركزهــا السياســي‪ ،‬وحــرة في الســعي لتحقيــق نمائهــا اإلقتصــادي‬
‫واإلجتماعي والثقافي(‪.)218‬‬

‫وتجلّت هذه اإللزامية في جعــل العهــد مكمالً قانونيـا ً لإلعالن ‪ ،‬حيث عملت األمم المتحــدة على توزيــع‬
‫مضمون اإلعالن على عهدين مختلفين حسب طبيعة نوعية الحقو المقررة في كل عهــد‪ .‬وهكــذا خصــص‬
‫هذا العهد للحقوق المدنية والسياسية نظراً لمــا لهــا من ترابــط وتالزم فيمــا بينهــا ‪ ،‬وتميّزهــا عن الحقــو‬
‫اإلقصتادية واإلجتماعية والثقافية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أسباب إعتماد العهد‬

‫إذا كان اإلعان العالمي لحقوق اإلنسان قد صــدر إســتجابة إلهتمــام العــالم بهــذه الحقــوق‪ ،‬وإذا كــانت‬
‫القناعة بأن ما ورد في ميثاق األمم المتحدة لم يكن كافياً‪ ،‬فصدر اإلعالن تالفيـا ً لنقص الميثـاق إال أنـه لم‬
‫يكن ملبيا ً لحاجيات وتطلبعات البشرية‪ ،‬حيث كان بمثابة األساس وليس كل البنــاء ولم يكن منــذ صــدورة‬
‫وحتى عام ‪1966‬م سوى نص ذو بعد فلسفي ــ أخالقي أكثر منه قانوني رغم إتصافه بــالعموم والــدوامـ ‪،‬‬
‫بإعتباره يفقد آلية عقابيه تطال األراف التي تنتهك الحقوق والحريات المعلنة فيه‪.‬‬

‫وإلضفاء قوة قانونية على المبادئ الــتي جــاءت في اإلعالن‪ ،‬إتجهت جهــود األمم المتحــدة الى مهمــة‬
‫أخرى وهي إصدار شرعية جديدة لحقــوق افنســان‪ ،‬ذلــك عنــدما طلبت الجمعيــة العامــة من لجنــة حقــوق‬
‫اإلنسان بأن يعقب هذا اإلعالن إعداد مشــروع ميثــاق أو معاهــدة دوليــة تتضــمن احكامـا ً لتعزيــز حمايــة‬
‫حقوق اإلنسان‪ ،‬ويحدد بصـورة مفصـلة وملزمـة الحـدود الـتي يجب على الـدول أن تتقيّـد بهـا في مجـال‬
‫تطبيق الحقوق والحريات‪ ،‬كذلك أن تتضمن نوعا ً من اإلشراف والرقابــة الدوليــة على تطــبيق اإلتفاقيــات‬
‫التي أطلق عليها تسمية عهود(‪.)219‬‬

‫وبنا ًء عليه شرعت لجنة حقــوق اإلنســان بإعــداد عهــد دولي خــاص بحقــوق اإلنســان متضــمنا ً لكافــة‬
‫مجــاالت وأنــواع الحقــوق والحريــات‪ ،‬ســواء الحقــوق المدنيــة أو السياســية أو الحقــوق اإلقتصــادية أو‬
‫افجتماعية أو الثقافية‪ ،‬والتي واصلت جهودها على مدى ست سنوات إلعداد هــذا المشــروع حيث انتهت‬
‫منه سنة ‪1954‬م‪.‬‬

‫ونظراً إلختالف طبيعة هذه الحقوق تقرر صياغة عهدين‪ ،‬األول يعــالج الحقــوق المدنيــة والسياســية‪،‬‬
‫والثاني يعالج الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية والبروتوكول اإلختيــاري وفــرغت لجنــة حقــوق‬
‫اإلنسان من إعداد مشروعي العهديّن في دورتها التاسعة والعاشـرة المنعقـدين في سـنة ‪1966‬م‪ ،‬وبـذلك‬
‫‪ ) (218‬العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في ‪ 16‬ديسمبر ‪1966‬م‪( ،‬أنظر‪ :‬د‪ .‬أحمدالرشيدي‪ ،‬حقوق اإلنسان (دراسة في النظرية‬
‫والتطبيق )‪ ،‬مكتبة الشروق‪ ،‬الكبعة األولى‪ ،‬القاهرة‪ ،2005 ،‬ص ‪.432‬‬
‫‪ ) (219‬احمد الرشيدي ‪ ،‬حقوق اإلنسان (دراسة في النظرية والتطبيق)‪ $،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪66‬‬

‫‪160‬‬
‫تكون لجنة حقوق اإلنســان اســتغرقت حـوالي ‪ 18‬سـنة في إعــداد نص العهـدين‪ ،‬مــا يعـبر عن الصـعوبة‬
‫الكبيرة التي واجهتها اللجنــة أثنــاء المناقشــات في الوصــول الى وجهــات نظــر متقاربــة حــول مقتضــيات‬
‫العهدين‪.‬‬

‫وبإقرار هذين العهدين فقد تحولت الحقوق والحريات التي وردت النص عليها في اإلعالن العــالمي‬
‫الى إلتزامات قانونية مصدرها القانون الدولي اإلتفاقي‪ .‬وبذلك انتهى الجدال حول القيمــة القانونيــة لهــذه‬
‫الحقوق والحريات‪.‬‬

‫فالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عبارة عن معاهــدة دوليــة ملزمــة تـرتب إلتزامــات‬
‫قانونيــة على عــاتق الــدول الطــراف فيهــا‪ ،‬كمــا انهــا أنشــأت الى جــانب العهــد الــدولي الخــاص بــالحقوق‬
‫اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية‪ ،‬نظاما ً للرقابة لضمان تطبيق الحقوق والحريــات الــواردة فيهــا‪ ،‬وهــو‬
‫يهدف الى توفير مختلف الضمانات لحماية حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫ويشار الى أن هناك عدة أسباب ساهمت في إنجــاح العمليــة التوفيقيــة لــدى صــياغة وإقــرار العهــدين‬
‫ومنها(‪:)220‬‬

‫‪ .1‬إزدياد خبرة األمم المتحدة في مجال حقوق اإلنسان عامة‪ ،‬وخبرة لجنة حقــوق اإلنســان‬
‫خاصة فيما يخص تدبير الخالفات والنقاشات والعمل على تسليط الضوء على المتفق عليه بين‬
‫األطراف وترك الجوانب الخالفية‪.‬‬

‫‪ .2‬بروز نماذج ناجحة على مستوى الوكاالت الدولية المتخصصــة كمنظمــة العمــل الدوليــة‬
‫التي لها تجربة طويلة في إعــداد اإلتفاقيــات الدوليــة ذات الصــلحة بمجــال الحقــوق اإلقتصــادية‬
‫واإلجتماعية‪ ،‬وأخرى إقليمية تتمثل في المساهمة التوفيقية لمجلس أوروبا‪.‬‬

‫‪ .3‬توفر مناخ دولي مالئم تمثل في شـقيّن‪ :‬يتمثــل األول في انفــراج العالقــات بين الــدولتين‬
‫العظيمتين وما بتعه من تيار كل معسكر‪ ،‬واألخر هو الدوراآلخذ في اإلزدياد لدول العالم الثــالث‬
‫في األمم المتنحدة‪ ،‬إذ لم ينعكس هذا الدور المكتزايد في األغلبية العددية فقـط‪ ،‬وإنمــا أيضـا ً في‬
‫قدرة وفود دول العـالم الثـالث في األمم المتحـدة على ابتـداع الحلـو التوفيقيـه الـتي ال تأخـذ في‬
‫اإلعتبار وجهات نظر الغرب والشرق فحسب؛ بل أيضا ً مصلحة دول العالم الثالث‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مضمون العهد‬

‫‪220‬‬
‫‪( ) Fiche d’information N 10, Les Droits de l’enfant , Compagne mondiale pour les Droits de l’Homme,‬‬
‫‪Nations Unies 1990. , -Alsonn. M”The hiarchy if sources of international law, 47 Britishe Yearbook of‬‬
‫‪international law Revue, 1980 , p89 .‬‬

‫‪161‬‬
‫يتــألف العهــد من مقدمــة وثالث وخمســين مــادة (‪ )53‬موزعــة على ســنة أجــزاء‪ ،‬كــررت المقدمــة‬
‫والجــزءان األول والثــاني من هــذا العهــد مــا ورد حرفيــا ً في العهــد الخــاص بــالحقوق اإلقتصــادية‬
‫واإلجتماعية والثقافية‪ ،‬أما بقية األجزاء من الثالث الى السادس عالجت بالتفصيل حقوق اإلنسان المدنية‬
‫والسياسية‪ ،‬وهو ما سنتناوله كما يلي‪:‬‬

‫يتضمن الجزءآن األول والثــاني أحكامـا ً إطاريــة عامــة‪ ،‬ومجموعــة هامــة ممــا يمكن أن يوصــف على‬
‫أفضل نحو بأنه أحكام ذات طبيعــة إطاريــة أو هيكليــة‪ .‬فالمــادة (‪ )1‬الــتي تشــكل الجــزء األول‪ ،‬تكفــل حــق‬
‫تقرير المصير‪ ،‬ويختلف هذا الحق عن حقوق العهد األخرى من حيث أنه حق يُكفل صراحة "للشــعوب"‬
‫ال "لألفراد"‪ .‬كذلك فإنه الحق الوحيد المشــترك بين العهــدين‪ ،‬بــالنظر الى أن نص المــادة (‪ )1‬من العهــد‬
‫الدولي الخاص بالحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية مطابق لنفس مقتضيات المادة (‪ )1‬من العهــد‬
‫الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ .‬وفي حين أن الحدود التي تكتنــف حــق تقريــر المصــير على‬
‫وجه الدقـة‪ ،‬بمـوجب القـانون الـدولي‪ ،‬مـازالت في حالــة سـيولة فإنــه يمكن بكـل أمــان افـتراض أن أحـد‬
‫الشروط المسبقة للتعبير عن حق تقرير المصير من جانب شعب ما تعبيراً كامالً وصادقا ً هو تمتع أفــراده‬
‫تمتعا ً كامالً بالحقوق الواردة في العهد‪.‬‬

‫ويضم الجزء الثــاني المــواد (‪ 2‬الى ‪ ،) 5‬فالمــادة (‪ )2‬هي أحــد األركــان الجوهريــة للعهــد‪ .‬فهي تنص‬
‫على تعهد كل دولــة طــرف في العهــد بــإحترام الحقــوق المعــترف بهــا فيــه وبكفالــة هــذه الحقــوق لجميــع‬
‫األشخاص المشمولين بواليتها‪ .‬وهـذه الحقـوق‪ ،‬مـع بعض اإلسـتثناءات مثـل الحـق في التصـويت‪ ،‬تمتـد‬
‫ليس فقط الى مواطني الدولة ولكن أيضا ً الى جميع األشــخاص الموجــودين في إقليمهــا يــوجب احترامهـا‬
‫دون تمييز‪ .‬وينبغي‪ ،‬إذا لزم ذلك‪ ،‬سن التشريعات لكفالة هذه الحقوق على النحـو المناسـب‪ .‬ومن األمـور‬
‫الحاســمة األهميــة أن الــدول األطــراف مطالبــة بتوفــير ســبل إنصــاف لألشــخاص الــذين أنتُهكت حقــوقهم‬
‫المنصوص عليها في العهد‪ .‬وقد فسرت اللجنة‪ ،‬في فقههــا القــانوني‪ ،‬هــذا الحــق على أنــه يتطلب وجــود‬
‫محفل لإلستماع الى أي إدعاء بحدوث إنتهاك لحق من الحقــوق المنصــوص عليهــا في العهــد إذا تأســس‬
‫اإلدعاء على أسس جيّدة تكفي لجعله قابالً للنقاش بموجب العهد‪.‬‬

‫أما الجزء الثالث أي المواد ( ‪ 27‬ــ ‪ ) 6‬فهي في واقــع الحــال حقــوق معــترف بهــا ومصــونة بمــوجب‬
‫دســاتير وقــوانين الــدول الديمقراطريــة‪ ،‬وهــو أهم جــزء في العهــد‪ ،‬ويحــدد حقــوق اإلنســان المدنيــة‬
‫والسياسية‪ ،‬مثل‪ :‬الحـق في الحيـاة‪ ،‬الـذي يجب على القـانون حمايتـه‪ ،‬واليجـوز حرمـان أحـد من حياتـه‬
‫تعسفاً‪ ،‬وال يجوز الحكم بعقوبة اإلعداد إال في أشد الجـرائم خطـورة‪ ،‬كمـا ال يجـوز الحكمـ بـه على من هم‬
‫دون ‪ 18‬سنه‪ ،‬وال تنفذ بالحوامل‪ ،‬وعدم الخضوع للتعذيب‪ ،‬وعدم توقيف أحــد وإعتقالــه تعســفاً‪ ،‬وحريــة‬
‫التنقل واختيار مكان اإلقامة‪ ،‬والحــق في عــدم إبعــاد األجنــبي بشــكل تعســفي‪ ،‬والحــق في المســاواة أمــام‬

‫‪162‬‬
‫القانون دون تمييز ومبدأ ال جريمة وال عقوبة إال بنص في القانون‪ ،‬وحق كل إنســان في أن يُعــترف بــه‬
‫كشخص أمام القانون‪ ،‬وحرمة الحياة الخاص‪ ،‬وحرية الفكر والضــمير والــدين‪ ،‬وحريــة التعبــير‪ ،‬والحــق‬
‫في التجمع السلمي وفي إنشاء الجمعيات والنقابات واإلنضمام إليها‪.‬‬

‫كما يؤكد العهد على خطورة الرق وحرم اإلسـترقاق وتجـارة الرقيـق‪ ،‬واإلسـتبعاد والعمـل اإلجبـاري‪،‬‬
‫وعدم جواز حبس أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بإلتزامات تعاقدية‪.‬‬

‫وأهم ما جاء في العهد بخصوص موضوعنا‪ ،‬مجموعة من الحقــوق السياســية مثــل‪ :‬حــق المواطــنين‬
‫في المشــاركة في الترشــيح واإلنتخــاب وتــولي الوظــائف العامــة‪ ،‬وأهتم بمبــدأ الحــق في المســاواة أمــام‬
‫القانون والمساواة بين المواطنين‪ ،‬والمساواة بين الجنسين‪ ،‬وعدم التميــيز بين األفــراد بســبب اللــون أو‬
‫الجنس أو الدين أو اللغة أو الفكر السياسي‪ ،‬وعدم رجعية القوانين الجزائية‪ ،‬وإلزام األعضــاء في العهــد‬
‫بأن تحظر قانونيا ً أي دعاية للحــرب أو أي دعايــة للكراهيــة القوميــة أو العنصــرية أو الدينيــة‪ ،‬أو تشــكل‬
‫تحريضا ً على التمييز أو العداوةـ أو العنف(‪.)221‬‬

‫أما الجزء الرابع من العهد فيتضمن المواد من (‪ 28‬الى ‪ ، ) 45‬الذي وضع اآلليات التي تضمن إلتزام‬
‫الدول الطراف في العهد‪ ،‬ونصت المواد على إنشاء لجنة تسمى لجنة حقــوق اإلنســان الــتي تحــولت منــذ‬
‫عام ‪2008‬م الى مجلس حقوق اإلنسان‪ ،‬كما بين كفية تشكيلها ووظائفها وطريقة عملها‪ ،‬واألهداف التي‬
‫تقوم من أجلها‪.‬‬

‫أما الجزء الخامس من العهد فيشــمل المــواد (‪ 46‬ــ ‪ ) 47‬اللتــان تحظــران تفســير أي حكم أونص من‬
‫نصوص العهد لشكل يعطل نصوص ميثاق األمم المتحدة ودساتير الوكاالت المتخصصة فيهــا الــتي تحــدد‬
‫المسؤوليات الخاصة ألجهزة األمم المتحدة المختلفة‪ ،‬والوكــاالت المتخصصــة فيمــا يتعلــق بــاألمور الــتي‬
‫يعالجها العهد‪ ،‬أو ما يمكن تفسيره بأنه تعطيل للحق المتأصل لجميع الشعوب‪ ،‬والمتمثــل في حــق تقريــر‬
‫مصريها والتمتع بثرواتها ومواردها الطبيعية واإلنتفاع بها كلها وبحرية‪.‬‬

‫أما بخصوص الجزء السادس األخير الذي يشمل المواد من (‪ 48‬ــ ‪ ) 53‬فيتناول كيفية اإلنضــمام الى‬
‫العهد والتصديق عليه ‪ ،‬وتنفيذ وسريانه‪.‬‬

‫ومن المالحظ أن هذا العهد‪ ،‬يعكس اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬ولم يتضمن بعض الحقوق الــتي‬
‫ورد النص عليها في اإلعالن كحق اللجوء لكل فرد إذا تعرض لإلضطهاد أن يهرب الى بلــد أخــر (المــادة‬
‫‪ 14‬من اإلعالن)‪ ،‬والحق في الملكية (المادة ‪ 17‬من اإلعالن)‪ .‬ورغم ذلــك فقــد أشــتمل العهــد على قائمــة‬
‫من الحقوق الواردة في اإلعالن العالمي التي جاءت أكثر وضوحا ً ودقة‪.‬‬

‫‪. http:// www.un.org/depts/dh1/resquide/spechr.htmp4 ) ( 221‬‬

‫‪163‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬الحقوق والحريات الواردة بالعهد ولم ترد باإلعالن‬

‫تجــدر اإلشــارة الى أن العهــد قــد نص على حقــوق جديــدة لم يــرد النص عليهــا في اإلعالن ‪ ،‬وهي‬
‫كالتالي(‪:)222‬‬

‫‪ .1‬حق الشعوب في تقرير مصيرها‪ ،‬والتصرف بحرية في ثرواتها وهــذا الحــق أساسـا ً ضــد‬
‫إغتصاب ثروات الدول الضعيفة وهذا المادة تمثل ال ُمثٌــل العليــا‪ ،‬لنصــها على الكثــير من حقــوق‬
‫اإلنسان التي لم ينص عليها سواء ميثاق األمم المتحدة أو اإلعالن العالمي لحقــوق اإلنســان (م‬
‫‪ 12‬من العهد)‪.‬‬

‫‪ .2‬تحــريم حرمــات األقليــات اإلثنيــة‪ ،‬والدينيــة‪ ،‬واللغويــة من حقهــا الواضــح كحــق التمتــع‬
‫بثقافتها ‪ ،‬والمجاهرة بدينها‪ ،‬وإقامة شعائرها‪ ،‬واستعمال لغتهــا باإلشــتراك مــع أبنــاء جماعهــا‬
‫األخرين (م ‪.)27‬‬

‫‪ .3‬عدم سجن أي إنسان عاجز عن الوفاء بالتام تعاقدي (م ‪.)11‬‬

‫‪ .4‬حق األشخاص الذين يحرمون من حرياتهم بأن يـاملوا معاملــة إنســانية وبمــا يتفـق مــع‬
‫كرامتهم اإلنسانية (م‪.)10‬‬

‫‪ .5‬حق كل طفل في أن تكون له جنسية‪ ،‬وحقه على أسرته والمجتمع والدول بإتخاذ تــدابير‬
‫الحماية التي يتطلبها كونه قاصراً (م‪.)24‬‬

‫‪ .6‬عدم جواز إبعاد األجنبي إال وفقا ً للقانون (م‪.)13‬‬

‫‪ .7‬إلزام الدول األعضاء في العهد بأ‪ ،‬تحظر قانونا ً أيّة دعاية للحرب أو أيّة دعاية للكراهية‬
‫والقومية أو العنصرية أو الدينية‪ ،‬أو تشكل تحريضا ً على التمييز أو العداوة أو العنف (م‪.)20‬‬

‫وأخيراً البد من اإلشارة الى أن الحقوق الواردة في هذا العهد هي حقوق تقليدية قديمــة‪ ،‬وهي حقــوق‬
‫سلبية يتطلب إعمالها أساسا ً عدم تدخل الدولة في منعهــا‪ ،‬ويمكن تطبيقهــا في الحــال بصــرف النظــر عن‬
‫الوضع اإلقتصادي للدولة‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬مالحظات حول مضمون العهد‬

‫إضافة الى ذلك كله يمكن اإلشارة الى بعض المالحظات التي تؤخذ على هذا العهد‪ ،‬وهي(‪: )223‬‬

‫‪Franceso Caportorti “Etude des droits des penes appurtenant aux minorites ethniques, religieuses et ) ( 222‬‬
‫‪linguistiques”, Series d’etudes5, Rapporteur special de la sous-commission de la lute contre les minorites.‬‬
‫‪. .New York 1991‬‬
‫‪223‬‬
‫‪( ) Erica Irene A. Liberte de l’individu endroit: analyse de l’article 29 de la declaration universelle des droits‬‬
‫‪de l’Homme. Serie d’etudes 3 New York DACS.‬‬

‫‪164‬‬
‫‪ .1‬أشار العهد الى نوعين من الحقوق والحريــات‪ ،‬حيث يتكلم مــرة عن الحقــوق والحريــات‬
‫المعترف بها‪ ،‬ومرة أخرى عن الحقوق والحريات األساسية‪ ،‬دون أن يوضح ما هو الفــرق بين‬
‫النوعين‪.‬‬

‫‪ .2‬أعتبر العهد أن ما ورد فيه من الحقوق والحريات األساســية الحــد األدنى الــذي يجب أن‬
‫يتمتع بها اإلنسان‪ ،‬وهذا يعني أن للدول أن تمنح من الحقوق والحريات ما يزيد ويوفق ما ورد‬
‫بالعهد‪ ،‬ولكن ليس لها الحق في التقليل منها‪.‬‬

‫‪ .3‬أجاز العهد للدول األعضاء طبقا ً لمقتضيات المادة (‪ )4‬بأنه توجد ثمة أوضاع إســتثنائية‬
‫تؤثر على الدولة الطرف قــد تجعــل من الصــعب أو من المســتحيل‪ ،‬من الناحيــة العمليــة ضــمان‬
‫بعض الحقــوق لفــترة زمنيــة مؤقتــة‪ .‬ولــذلك تنص المــادة (‪ )4‬بوضــوح على الحــدود الض ـيّقة‬
‫المسموح بها بخصوص تعليق حقوق معيّنة أو عــدم التقيّــد بهــا‪ ،‬من أجــل إقفــال الطريــق أمــام‬
‫إحتمال حدوث أي تجاوزات‪ .‬والشرط األساسي هنا هــو أنــه يجب وجــود حالــة طــوارئ عامــة‪،‬‬
‫معلنة رسميّا ً ‪ ،‬تتهدد حياة األمة‪ .‬غير أنه تستطيع اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان أن تسأل؛ بــل‬
‫هي تسأل فعالً ‪ ،‬في الحاالت المناسبة‪ ،‬عمــان إذا كــان هــذا الشــرط األساســي قــد أســتوفى عنــد‬
‫إتخاذ دولة ما قراراً بعدم التقيد بإلتزاماتها بموجب العهد‪ .‬وحتى إذا كانت هذه الحالــة موجــودة‬
‫فعالً‪ ،‬فيجب أن يكــون إتخــاذ مثــل هـذه التــدابير في "أشــيق الحــدود الــتي تتطلبهــا مقتضــيات"‬
‫األزمة المعنية‪.‬‬

‫وتجد اإلشارة الى عدم وجود آلية لتنفيذ أحكام هذا العهد‪ ،‬وغياب العقوبــات إضــافة الى الطبيعــة غــير‬
‫التنفيذية ألحكامه‪ ،‬وقابلية معظمها للتعليق أثنــاء حالــة الطــوارئ‪ ،‬أدت كلهــا الى الحــد من فعاليــة أحكــام‬
‫العهد على الرغم من أنه يشكل أداة قانونية ملزمة للدول األطراف‪.‬‬

‫الفــرع الثــالث‪ :‬طبيعــة اإللتزامــات القانونيــة الناتجــة عن العهــد الــدولي الخــاص بــالحقوق المدنيــة‬
‫والسياسية‬

‫تعتبر الحقوق المدنية والسياسية حقوقـا ً سـلبية يتطلب إعمالهــا أسـاس إمتنــاع الـدول عن التــدخل أو‬
‫اإلعتراض عن تمتع األفـراد بهـا وممارسـتهم لهـا‪ .‬لـذا فـإن اإللتزامـات الناشـية عن العهـد هي إلـتزامت‬
‫بتحقيق غاية بصرف النظر عن الوضع اإلقتصادي أو المادي أو اإلجتماعي للدولة‪.‬‬

‫وهذا يبدو واضحا للعيان في نص المادة (‪ /2‬ف ‪ ) 2‬من العهد التي تنص على أنه‪" :‬تتعهد كــل دولــة‬
‫طرف في هذا العهد‪ ،‬اذا كانت تدابيرها التشريعية او غير التشريعية القائمة ال تكفل فعالً إعمــال الحقــوق‬

‫‪165‬‬
‫المعترف بها في هذا العهد‪ ،‬بأن تتخذ طبقا ً إلجراءاتها الدستورية وألحكام هذا العهد‪ ،‬ما يكــون ضــروريا ً‬
‫لهذا األعمال من تدابير تشريعية أو غير تشريعية"‪.‬‬

‫ومن الواضح ان هــذا النص بخالف نص المــادة (‪ / 2‬ف ‪ )1‬من العهــد الخــاص بــالحقوق اإلقتصــادية‬
‫واإلجتماعيــة والثقافيــة‪ ،‬الــذي يــرتب على عــاتق الــدول إلتزامــات فوريــة‪ .‬وهي إلتزامــات ســلبية تتحــق‬
‫بإحترام الحقوق المحمية بموجب هذا العهد وباإلمتناع عن التدخل في التمتع بهــا‪ ،‬وذلــك بتــأمين احــترام‬
‫وكفالــة هــذه النتيجــة ســواء في الحــال من جــانب الــدول األطــراف أو من جــانب الغــير وإتخــاذ التــدابير‬
‫الضرورية لبلوغ هذه النتيجة سواء باإلمتناع عن التدخل أم بالقيام بعمل متى كان ضورريا ً لبلوغها‪.‬‬

‫ولكن المقولة السائدة في أدبيــات القــانون الــدولي لحقــوق اإلنســان الــتي تجعــل من الحقــوق المدنيــة‬
‫والسياسية المعترف بها في العهد حقوقا ً سلبية ال يبـدو ومن ظـاهر النص السـابق أو واضـعي العهـد قـد‬
‫أخذوا بها كلية‪ ،‬فالنص السابق يشير ضمنا ً من خالل عبارة "تأمين الحقوق المقررة" الى إلــتزام الــدول‬
‫بالقيام بالتدابير الالزمة والكفيلة بعدم اإلفتتاء على الحقوق المعترف بها من قبل أطراف ثالثة(‪.)224‬‬

‫فإلتزامات الــدول الناشــئة عن العهــد هي إلتزامــات ســلبية بــإحترام الحقــوق المحميــة وباإلقتنــاع عن‬
‫التدخل في التمتع بها‪ ،‬وإلتزامات إيجابية بتأمين احترام هذه الحقوق من جانب الغير‪ .‬وقد أشــرت اللجنــة‬
‫المعنية بحقـوق اإلنسـان في التعليـق العـام رقم (‪ )3‬لسـنة ‪1981‬م الخـاص بتنفيـذ العهـد على المسـتوى‬
‫الوطني الى هذه الفكرة فقالت‪" :‬من الضروري لفت إنتباه الدول األطراف الى ان اإللتزام بمقتضى العهد‬
‫اليقتصر على احترام حقوق اإلنسـان‪ ،‬بـل أن الـدول األطـراف قـد تعهـدت كـذلك بـأن تضـمن التمتـع بهـذ‬
‫الحقوق لجميع األفراد الموجودين ضمن واليتها‪.‬‬

‫وأن هذا الجانب يتطلب أنشطة محددة من قبل الدول األطراف لتمكين األفــراد من التمتــع بحقــوق(‪.)225‬‬
‫وقد أحالت تأكيد وجهة نظرها على المادة (‪ )3‬من العهد التي تناولها التعليق العام رقم ‪ 4‬لسنة ‪1981‬م ‪.‬‬
‫ففي هذا التعليق أوضحت اللجنة "أن المادة (‪ )3‬من العهد شأنها في ذلك شأن الماتين (‪ )1/ 2‬و (‪، )26‬‬
‫من حيث أنها تعالج المساواة ومنع التمييز لعدة أسباب‪ ،‬تتطلب أيضا ً ليس فقط تدابير للحماية بــل تتطلب‬
‫إتخاذ تدابير للحماية بل تتطلب إتخاذ تدابير إيجابية بقصد ضمان التمتع اإليجابي بهذه الحقوق"(‪.)226‬‬

‫ومن المالحظ أن الفقرة الثالثة من المادة الثانية من العهد ذاته ضمنت أيضا ً ما يمكن تأويله على أنــه‬
‫تطبيق لفكرة اإللتزامات اإليجابية في إطار الحقوق المدنية والسياســية (‪ .)227‬فهي تلــزم الــدول األطــراف‬

‫‪Dominic Mc Goldrick, The human Rights Committee, its role the development of the International ) ( 224‬‬
‫‪.covenant on civil and political rights, University Press, 1994, 271‬‬
‫‪.Un doc. HTI/GEN/Rev. 5para 1, p125 ) ( 225‬‬
‫‪Ibid , p 126 ) ( 226‬‬
‫‪ ) ( 227‬محمد خليل الموسى‪ ،‬اإللتزامات الناشئة عن اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،2000 ،‬ص ‪.155‬‬

‫‪166‬‬
‫في العهد بأن "تكفل توفــير ســبيل فعــال لتظلم ألي شــخص انتهكت حقوقــه أو حرياتــه المعــترف بهــا في‬
‫العهد حتى ولو صدر اإلنتهاك عن أشخاص يتصرفون بصفتهم الرسيمة"‪.‬‬

‫فالدول الطراف في العهد ‪ ،‬على ما يوحى به ظاهر النص صراحة‪ ،‬ليست ملزمة باإلمتنــاع عن إتيــان‬
‫أفعال من شانها أن تخرق الحقوق المعترف بها فقط‪ ،‬ولكنها ملزمة أيضا ً بعــدد من اإللتزامــات اإليجابيــة‬
‫المنصوص عليها في العهد أو المالزمة ألحكام العهــد والحقــوق المعــترف بهــا والــتي يتصــور إحترامهــا‬
‫دون قيام الدول بها (‪.)228‬‬

‫ويضاف الى ذلك أن النص السابق يأخذ أيضا ً بالتطبيق األفقي ألحكامه‪ ،‬وهــو أم ـ ًر جل ّي ومســتفاد من‬
‫عبارة " حتى لو صــدر اإلنتهــاك عن أشــخاص يتصـرفون بصـفتهم الرســيمة‪ ، "...‬والــتي تفيـد بمفهـومـ‬
‫المخالفة أن اإلنتهاك قد يصدر من أشخاص ال صفة رسمية لهم أو من أشخاص القانون الخاص‪.‬‬

‫ومن الواضح أنه لم يرد في العهد ما يفيد وجوب إعمال الحقــوق المقــررة فيــه "خالل وقت معقــول"‬
‫كما ذهبت إلى ذلك بعض الدول‪ .‬ولكن هذه الصورة إللتزام الدول األطراف في هــذا العهــد ليســت مطلقــة‪.‬‬
‫لذا لم تستبعد فكرة اإللتزامات التدريجية أو البرنامجية نهائياً‪ .‬فكما أن الخط الفاصل بين الحقوق المدنيــة‬
‫والسياسية من جهة والحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية من جهة أخرى ليس صارما ً تماماً‪.‬‬

‫فهناك أحكام مشتركة بيهما ومساحة تختلط بها هذه الحقوق‪ ،‬كذلك يكون الحــال بين التطــبيق الحــالي‬
‫أو الفـــوري للحقـــوق المدنيـــة والسياســـية والتطـــبيق التـــدريجي أو البرنـــامجي لحقـــوق اإلقتصـــادية‬
‫واإلجتماعية والثقافية فإنها ليست أمراً صارما ً واليتوجب أن ينظر إليها بمنظار جامد‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة الى أن هنـاك حقوقـا ً مدنيـة وسياســية من الصــعب إعمالهـا من الحــال بســبب الوضـع‬
‫اإلقتصادي للدولة‪ ،‬ومن أمثله ذلك حق كل طفل في إجراءات الحماية التي يســتوجبها مركــزه كقاصــر (م‬
‫‪ /24‬ف ‪ )1‬ومعاملة السجناء معاملة تستهدف إصالحهم وتأهيلهم(‪.)229‬‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬تعطيل أو تقييد الحقوق المعترف بها في العهد‬

‫يتضــمن ميثــاق العهــد الــدولي الخــاص بــالحقوق المدنيــة والسياســية ببنــد تحلــل "‪Clause de‬‬
‫‪ "derogation‬ــ المادة ‪ 4‬ــ ‪ ،‬حيث درجة العادة على وصــفه بأنــه من األحكــام المحوريــة الــواردة في‬
‫العهد‪ ،‬فه يجيز للدول األطراف في العهد تعطيل أو وقف التمتع بالحقوق الواردة فيه في حاالت الطوارئ‬
‫اإلستثنائية التي تهدد حياة األمة‪ ،‬ولكنه يضــع عــدداً من الشــروط والضــوابط إلعالن حالــة الطــوارئ في‬
‫الدول األطراف‪ ،‬سواء من حيث دواعي أو مبررات إعالنها أم من حيث الحــدود الــتي ال تجــوز للــدول أن‬
‫تحيد عنها في ظل هذا الوضع‪.‬‬
‫‪.Dominic Mc Goldrick, Idem, p25 ) ( 228‬‬
‫‪.DENQUIN.J.M: Les droits politiques, Paris, Montchrestien, 1996, p 13 ) ( 229‬‬

‫‪167‬‬
‫إذ يشــترط لــذلك تــوافر بعض الشــروط الموضــوعية واإلجرائيــة‪ ،‬كــاإلعالن رســيما ً عن قيــام حالــة‬
‫الطوارئ اإلستثنائية‪ ،‬الذي يقتضي أن تكون تدابير المخالفة في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع‪ ،‬وأال‬
‫تتعارض مع اإللتزامات األخرى المقررة في القانون الدولي‪ ،‬وأال تنطوي على تمييز يكون مبرره الوحيد‬
‫هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو األصل اإلجتماعي‪.‬‬

‫كما تشترط المادة المذكورة على الدول األطــراف الــتي تســتخدم حقهــا في التعطيــل أو التقييــد أن تعلم‬
‫الــدول األطــراف األخــرى حــاالً ‪ ،‬عن طريــق األمين العــام لألمم المتحــدة باألحكــام والحقــوق الــتي جــرى‬
‫تعطيلها أو تقييدها وباألسباب التي دفعتها الى ذلك‪.‬‬

‫ويثار التساؤل حول الفارق بين التعطيــل والتقييــد‪ ،‬فــاألول يحمــل صــور التــدخل في التمتــع بــالحقوق‬
‫المعترف بها أكثر شدة ‪ ،‬بحيث قد يؤدي تدخل الدولــة المتخــذ صــيغة التعطيــل الى تحييــد الحكم القــانوني‬
‫الوارد في العهد والمتعلق بأحد الحقوق المعــترف بهــا ويســتبعده من التطــبيق كليـاً‪ .‬أمــا التقييــد‪ ،‬فإنــه ال‬
‫يمس وجود الحكم القانوني محل التقييد ‪ ،‬لكنه يضيق من نطاق تطبيقه أو من مداه ومضمونه (‪.)230‬‬

‫ولكن العهد ال يجعل الحكم القانوني المنصوص عليه في المادة الرابعــة منــه شــامالً للحقــوق جميعهــا‬
‫المعترف بها ‪ ،‬فهو يحظــر المســاس بســبعة حقــوق وال يــبيح تعطيلهــا أو الخــروج عليهــا أو تقييــدها في‬
‫األوقات جميعها سواء في زمن السلم أم في زمن الحرب‪ .‬وهذه الحقوق هي‪ :‬الحق في الحياة (المادة ‪)6‬‬
‫الحــق في عــدم الخضــوع للتعــذيب أو للمعاملــة أو العقوبـةـ القاســية أو الال إنســانية أو الحاطــة بالكرامــة‬
‫(المادة‪ ،)7‬الحق في عدم اإلسترقاق أو العبودية (المادة ‪ ،)8‬عدم جواز حبس اإلنسان لمجرد عجــزه عن‬
‫الوفاء بإلتزام تعاقدي (المادة‪ ،)11‬عدم جواز رجعية قوانين العقوبات أو فرض عقوبة أشد من تلك التي‬
‫كانت نافذة وقت إرتكاب الجريمة (المـادة ‪ ، )15‬الحـق في اإلعـتراف بالشخصــية القانونيــة (المـادة ‪)16‬‬
‫والحق في حرية الفكر والوجدان والدين (المادة ‪.)18‬‬

‫ومما تجدر اإلشارة إليه في هذا الخصــوص أن قائمــة الحقــوق غــير القابلــة للمســاس أو الــتي يمتنــع‬
‫تعطيلها أو تقييــدها تختلــف من إتفاقيــة دوليــة إلى أخــرى‪ ،‬ولكن الصــكوك اإلتفاقيــة العالميــة واإلقليميــة‬
‫المتعلقــة بحقــوق اإلنســان تتفــق فيمــا بينهــا على إعتبــار أربعــة منهــا بمثابــة "نــواة صــلبة" أو "نــواة‬
‫أساسية" لحقوق اإلنسـان‪ ،‬وهي ‪ :‬الحـق في الحيـاة ‪ ،‬الحـق في عـدم الخضـوع للتعـذيب ‪ ،‬تحـريم الـرق‬
‫والعبودية وعدم رجعية القوانين اإلجرائية (‪.)231‬‬

‫‪ ) (230‬محمد شريف بسيوني‪ $،‬حماية حقوق اإلنسان في إدارة العدالة "ملخص قواعد ومعايير‪ $‬األمم المتحدة"‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬مص‪$$‬ر‪1994 ،‬م ‪ ،‬ص‬
‫‪. 63‬‬

‫‪Alsonn.M, The hiarchy if sources of international law, 47 Britishe Yearbook of international law Revue, ) ( 231‬‬
‫‪. 1980, p121‬‬

‫‪168‬‬
‫لقد تنبهت اللجنة المعنيــة بحقــوق اإلنسـان الى المشـاكل الــتي تثيرهـا المــادة الرابعـة من العهـد في‬
‫تعليقها العام رقم (‪ ) 5‬لسنة ‪1981‬م المتعلــق بالمــادة ذاتهــا فأوضــحت أنــه عنــدما تقــوم حالــة الطــوارئ‬
‫عامة تهدد حياة األمة ويعلن عنها رسمياً‪ ،‬يحق للدولة الطرف المعنية أن تعطل عدداً من الحقوق بالقــدر‬
‫الالزم لمواجهة حالة الطوارئ‪.‬‬

‫واليحق لهذه الدولة البتـة أن تعطـل عـدداً من الحقـوق المحـددة بعينهـا‪ .‬فاللجنـة تشـير هنـا الى مبـدأ‬
‫التناسب بين حالة الطوارئ وتعطيل الحقوق القابلة للمساس‪ .‬وقد أضافت اللجنة الى الصعوباتوالمشــاكلـ‬
‫التي تحيط بتطبيق المادة المذكورة مشكلة عدم وضوح اإلعالن الرسمي عن قيام حالة الطوارئ في عدد‬
‫من الدول التي لجأت إلى "بند التحلل" المذكور‪ ،‬وإلى عــدم احــترام عــدد من الــدول للقيــد الخــاص بعــدم‬
‫تعطيل الحقوق التي يحظر العهد تعطيلها (‪. )232‬‬

‫إضافة الى الحكم الوارد في المادة (‪ )4‬من العهد الذي يجيز تعطيل عدد من الحقوق المعترف بهــا في‬
‫أوقات الطوارئ ‪ ،‬فإن الحقوق والحريــات المنصــوص عليهــا في العهــد ليســت مطلقــة حــتى في األوقــات‬
‫العادية‪ ،‬إذ يجيز العهد للدول األطراف بشروط محددة وضــع قيــود على الحقــوق المعــترف بهــا‪ .‬وتهــدف‬
‫هذه القيود الى تحقيق نوع من التوازن بين حقوق الفرد وحقوق الجماعة ومصالحها المشتركة‪.‬‬

‫فإذا كـانت الحقـوق المدنيـة والسياسـية ذات طـابع فـردي في األسـاس ‪ ،‬ذلـك ال يعـني إهـدار مصـالح‬
‫الجماعة وحقوقهمـ لحسـاب حقـوق الفـرد وحرياتـه‪ ،‬فكالهمـا يتـآزران معـا ً لتحقيـق الصـالح العـام داخـل‬
‫الدولة ‪ ،‬وتختلف األحكام المتعلقة بــالقيود من حــق الى حــق آخــر‪ .‬ففي بعض الحقــوق المعــترف بهــا في‬
‫العهد يوجب األخــر األخــير أن تكـون القيـود غـير تعسـفية‪ ،‬وهـذا هـو الوضــع بالنســبة للحـق في الحيـاة‬
‫الواردة في المادة (‪ )6‬من العهد التي تنص على أنه "اليجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً"‪.‬‬

‫فالحماية المقررة بمقتضى هــذا النص ات أهميــة بالغــة ‪ ،‬ويتــوجب على الــدول األطــراف منــه أعمــال‬
‫القتل التعسفي التي قد ترتكبها قوات األمن التابعة لها ‪ ،‬وليس فقط مجرد حرمان اإلنسان من حياتــه عن‬
‫طريق األعمال اإلجرامية‪.‬‬

‫وقد أوضحت اللجنة المعنية في هــذا الصــدد في تعليقهــا العــام رقم (‪ )6‬لســنة ‪1982‬م المتعلــق بهــذه‬
‫المــادة أن القــوانين الداخليــة النافــذة على أقــاليم الــدول األطــراف ينبغي أن "تضــط وتقيّــد بشــكل صــارم‬
‫الظروف التي يمكن فيها للسلطات حرمان أي شخص من حياته"‪.‬‬

‫ومن التطبيقات التي أوردتها اللجنة المعنية على عدم جواز حرمان اإلنسان من حياته تعسفا ً الحد من‬
‫إستخدامـ عقوبة اإلعدام وقصرها على "أشد الجرائم خطورة"‪ ،‬واليجــوز للــدول األطــراف تأويــل عبــارة‬

‫‪. DENQUIN.J.M.Les droits politiques, Paris, Montchrestien, 1996, p29 ) ( 232‬‬

‫‪169‬‬
‫"أشد الجرائم خطورة" بصورة واسعة‪ .‬فينبغي أخذها بمعناها الضيق ‪ ،‬وهــو أن عقوبــة اإلدام يجب أن‬
‫تكون إجراء "إستثنائيا ً جداً (‪.)233‬‬

‫وقد ورد حكم مماثل بالنسبة للقيود على حق الفرد في الحرية وفي األمان على شخصــه‪ ،‬إذ أوضــحت‬
‫المادة (‪ )9‬بأنه "اليجوز توقيفه واعتقاله تعسفاً"‪ .‬فإذا استخدم الحبس اإلحتياطي ألسباب تتعلق بــاألمن‬
‫العام ‪ ،‬فالبد أن يخضع ذلـك لشـروط صـارمة‪ ،‬بحيث اليكـون تعسـفيا ً وأن يقـوم على أسـس ينص عليهـا‬
‫القانون ليس أقلهــا‪ :‬إعالم الموقـوف بأســباب توقيفــه وتوفــير المراقبــة القضـائية لإلحتجـاز والحـق في‬
‫التعويض في حالة التوقيف غير القانوني‪.‬‬

‫واألمر ذاته موجود في المادة (‪ )12‬من العهــد الــتي تنص على جــواز "حرمــان أحــد تعســفا ً من حــق‬
‫الدخول الى بلده" ‪ ،‬والمادة (‪ )17‬التي التجيز "تعـريض أي شـخص على نحـو تعسـفي أو غـير قـانوني‬
‫لتدخلفي خصوصايته أو شؤون أسرته أو بيته أو مراسالته"‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى ‪ ،‬إنتهج العهد بالنسـبة للحقـوق والحريـات األخـرى أسـلوبا ً مختلفـا ً ‪ ،‬إذ اكتفى بعـدم‬
‫جوازخضوعها ألي قيّد سوى تلك التي ينص عليها القانون‪ ،‬والضرورية لحماية األمن الوطني أو النظام‬
‫العام أو الصحة العامة أو األخالق أو حقوق وحريات األخرين‪.‬‬

‫ومن الحقوق التي تنطبــق عليهــا هــذه الحالــة‪ :‬الحــق في حريــة التنقــل وحريــة إختيــار مكــان اإلقامــة‬
‫(المادة ‪ ، )12‬الحق في حرية افكر والواجدان والدين (المادة ‪ .)18‬وقد أوضحت اللجنة المعنيــة بحقــوق‬
‫اإلنسان في تعليقها العام رقم ‪ 22‬لسنة ‪1993‬م بشأن المــادة (‪ )18‬من العهــد أنــه يجب على الــدول لــدى‬
‫تفسير نطاق أحكامـ القيود الجائزة على هذا الحق ‪ ،‬والمنصوص عليها في المادة (‪/ 18‬ـ ‪ ، )3‬أن تنطلـق‬
‫من ضرورة حماية الحقـوق المكفولـةـ في العهــدوأن التطبقهـا على نحــو يبطـل مفعـولـ الحقـوق المقـررة‬
‫بمقتضى المادة (‪.)18‬‬

‫والحظت اللجنة أنه يجب تفسير الفقرة (‪ )3‬من المادة (‪ )18‬بشكل دقيق ومحدد‪ :‬فاليجوز فرض قيود‬
‫ألسباب غير محددة فيها ‪ ،‬حتى لــو كــان مســموحا ً بهــا كقيــود على حقــوق أخــرى في العهــد‪ ،‬مثــل األمن‬
‫القومي ‪ .‬واليسمح بتطبيقها إال ألغراض التي وضــعت من أجلهــا ‪ ،‬كمــا يجب أن ترتبــط مباشــرة بالغايــة‬
‫المحددة التي إليها ‪ ،‬وأن تكون متناسبة معها‪ .‬واليجوز فرض هــذه القيــود ألســباب تمييزيــة أو تطبيقهــا‬
‫بصورة تمييز (‪.)234‬‬

‫ومن هذه الحقوق أيضاًالحق في التجمع السلمي (المادة ‪ )21‬والحق في تكوين الجمعيات (المادة ‪22‬‬
‫)‪ .‬ويالحظ بــأن قيــود "األمن الوطــني أو النظــام العــام أو األخالق "غامضــة ومبهمــة وتحتمــل أكــثر من‬

‫‪. DENQUIN.J.M.Les droits politiques.op cit, Paris, Montchrestien, 1996, 89) ( 233‬‬
‫‪. DENQUIN.J.M.Les droits politiques. Op cit, Paris, Montchrestien, 1996, p93) ( 234‬‬

‫‪170‬‬
‫تفسير ‪ ،‬وقد يتسع تطبيق هذه القيود أو يضيق بحسب النظام اإلجتماعي والثقافي واإلعتقادي السائد في‬
‫الدولة ‪ ،‬وقد أدركت اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان هذه الحقيقة‪ ،‬فأشارت في تعليقات عامة عديــدة منهــا‬
‫التعليــق العــام رقم (‪ )22‬لســنة ‪1993‬م بشــأن المــادة (‪ .)18‬وإلى أن مفهــوم األخالق يســتمد من تقاليــد‬
‫إجتماعية ومن مفــاهيم فلســفية ودينيــة عديــدة ‪ ،‬ممــا يعــني أن القيــود المفروضــة على الحــق في حريــة‬
‫المجاهرة بالدين أو المعتقد بغرض حمايــة األخالق يجب أن تســتند الى مبــادئ ومفــاهيم "غــير مســتمدة‬
‫حصراً ن تقليد واحد"‪.‬‬

‫وتحظر المادة (‪/ 5‬ـ ‪ )1‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية إهــدار أي من الحقــوق‬
‫أو الحريات المعترف بها في العهد أو فرض قيود عليهــا أوســع من تلــك المنصــوص عليهــا فيــه‪ .‬وتبقى‬
‫السلطة الممنوحة للدول في مجال تعطيل أو تطبيق أو تقييد الحقوق المحمية خاضــعة بطبيعــة الحــال الى‬
‫رقابة األجهزة الدولية المعنية بمراقبة احترام الدول لحقوق اإلنسان ‪،‬وعلى رأسها اللجنة المعنية (‪.)235‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬البروتوكولـ اإلختياري األول بالحقوق السياسية والمدنية‬

‫يشكل البروتوكول اإلختياري األول الخاص بــالحقوق المدنيـة والسياسـية مرحلـة أخــرى من مراحـل‬
‫تطور اإلهتمام الدولي بحقوق اإلنسان عامــة والحقــوق المدنيــة والسياســية خاصــة‪ ،‬حيث أن الممارســة‬
‫العملية للحقوق والحريـات السياسـية والتطـبيق الـدولي لمضـمون العهـد عـرفت تعـثرات وإنتهاكـات في‬
‫مختلــف الــدول ‪ ،‬ممــا فــرض على األمم المتحــدة أن تلجــأ الى ضــمانة جــد قويــة تتمثــل في منح األفــراد‬
‫والجماعات آليــة جديــدة لضــمان تمتعهم بــالحقوق المدنيــة والسياســية ‪ ،‬وهــو المتمثــل في منح األفــراد‬
‫والجملعال الحق في التقدم بشكايات الى مجلس حقوق اإلنســان في شــأن كــل إعتــداء أو إنتهــاك للحقــوق‬
‫المدنية والسياسية المقررة سواء في اإلعالن أو في العهد‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬حيثيات وأسباب إعتماد البروتوكول اإلختياري األول‬

‫من أجل تعزيز منظومة حقوق اإلنسان وتقويتها وتكريس حمايتها والدفاع عنها‪ ،‬دأبت األمم المتحــدة‬
‫على وضع بعض اآلليات الكفيلة بتحقيق هذه الحماية وجعل الدول ملزمــة بــإحترام مقتضــيات اإلتفاقيــات‬
‫الدولية الخاصة بحقوق اإلنسان‪ ،‬ليس فقط من الجانب األدبي أو األخالقي ولكن أيضا ً من الجانب المادي‬
‫والعملي والممارساتي‪.‬‬

‫وفي هــذا اإلطــار عملت الجمعيــة العامــة على إعتمــاد الــبروتوكول اإلختيــاري األول المحلــق بالعهــد‬
‫الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وهو البرتوكول الذي يضع ويؤسس آللية الشكايات الفرديــة‬

‫‪Dobbert.J.P, The specialized agencies and the protection of Humain riths ,29 International and coparative ) ( 235‬‬
‫‪.Law, Quartely 1980, p:45-46‬‬

‫‪171‬‬
‫التي يمكن لألفراد تقديمها في حالة تعرضهم إلنتهاكات حقوق اإلنسان األساسية من قبل الدولة‪ ،‬وهو ما‬
‫يعني أن الدول أصبحت معرضة للمراقبة الدولية في مجال إحترامها وحمايتها لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫وعليه فقــد أعتمــد الــبروتوكول اإلختيــاري األول الملحــق بالعهــد الــدولي الخــاص بــالحقوق المدنيــة‬
‫والسياسية وعرض للتوقيع والتصديق واإلنضمام إليه بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحــدة رقم (‬
‫‪ 2200‬ألف‪ /‬د ‪ ) 21‬المــؤرخ في ‪ 16‬ديســمبر ‪1966‬م ‪ ،‬ودخــل حيّــز التنفيــذ بتــاريخ ‪ 23‬مــارس ‪1976‬م‬
‫وفقا ً ألحكام المادة (‪ )9‬منه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مضمون البروتوكول اإلختياري األول‬

‫يشتمل هذا البروتوكول على مقدمة تتناول القصد من إعتماد البروتوكول وأهدافــه وروحــه والمتمثــل‬
‫باألساس في تمكين اللجنة المعنيــة بحقــوق اإلنسـان المنشــأة بمقتضـى الجـزء الرابــع من العهـد الــدولي‬
‫الخاص بالحقوق المدنية والسياسـية من القيـام وفقـا ً ألحكـام هـذا الـبروتوكول‪ ،‬بإسـتالم ونظــر الرسـائل‬
‫المقدمة من األفراد الذين يدعون أنهم ضحايا أي أنتهاك ألي حق من الحقوق المقررة في العهد‪ ،‬و أربــع‬
‫عشر مادة موزعة على أربعة أجزاء تتنــاول حقــوق األفــراد وحقــوق الــدول وصــالحيات اللجنــة المعنيــة‬
‫بحقوق اإلنسان ‪ ،‬وشروط ومسطرة تقديم الشكايات والبالغات ‪ ،‬وذلك على الشكل التالي‪:‬‬

‫الجزء األول‪ .‬ويتضمن المادة (‪ )2‬التي تنص صراحة على حــق األفــراد الــذين يــدعون أن أي‬
‫حق من حقوقهم المذكورة في العهد قد انتهكت ‪ ،‬والذي يكونون قد استنفدوا جميــع طــرق التظلم‬
‫المحلية المتاحة‪ ،‬بتقديم رسالة كتابية الى اللجنة للنظر فيها‪.‬‬

‫الجــزء الثــاني‪ .‬ويتنــاول حقــوق وواجبــات الــدول إزاء مقتضــيات الــبروتوكول‪ ،‬فمن حيث‬
‫الواجبات فإن الدول األطراف في العهد ‪ ،‬تلتزم بمقتضى المــادة (‪ )1‬من الــبروتوكول بــاإلعتراف‬
‫بإختصاص اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان بإستالم ونظر الرسائل المقدمة من األفــراد الــداخلين‬
‫في والية الدولة الطرف والذين يدعون أنهم ضحايا أي انتهاك من جانبهــا ألي حــق من الحقــوق‬
‫المقــررة في العهــد‪ .‬غــير أنــه اليجــوز للجنــة إســتالم أيــة رســالة أو شــكاية من أي فــرد تتعلــق‬
‫بإنتهاكات حقوق اإلنسان قد تمارسها دولة ليست طرفا ً في هذا البروتوكول‪ ،‬وإن كانت طرفا ً في‬
‫العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪.‬‬

‫كما يجب على كل دولة طرف في هذا البروتوكول ‪ ،‬بعــد توصــلها برســالة من اللجنــة تتضــمن شــكاية‬
‫بإنتهاك لحقوق اإلنسان ‪ ،‬أن تقوم في غضون ستة أشهر بموافاة اللجنة باإليضاحات أو البيانات الكتابية‬
‫الالزمة لجالء المسألة مع اإلشارة عند اإلقتضاء الى أيــة تــدابير لرفــع الظالمــة قــد تكــون إتخــذتها طبقـا ً‬
‫لمقتضيات المادة (‪.)4‬‬

‫‪172‬‬
‫أما بخصوص حقوق الدولة المقررة بمقتضى هذا البروتوكول‪ ،‬فتتمثل أوالً في حقها في توصــلها من‬
‫اللجنة بالرسالة التي تتضمن شكاية األفراد بشأن إدعائهم إنتهاكا ً للحقــوق األساســية المنصــوص عليهــا‬
‫في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيــة والسياســية (المــادة ‪ ، )4‬وتوصــلها أيضـا ً بالنتيجــة أو الــرأي‬
‫الذي قــد تتوصــل إليــه اللجنــة في حالــة قيامهــا بتحقيــق في موضــوع الشــكاية طبقـا ً للمــادة (‪ )5‬من ذات‬
‫البروتوكول‪.‬‬

‫كما يحــق أليــة دولــة توقيــع الــبروتوكول أو المصــادقة عليــه أو اإلنضــمام إليــه أذا مــا هي وقعت أو‬
‫صادقت أو إنضمت الى العهد طبقا ً لمقتضيات المادة الثامنه من هذا البروتوكول‪.‬ـ‬

‫كما يحق أليـة دولــة طـرف في هـذا الــبروتوكول‪ ،‬طبقـا ً ألحكــام المـادة (‪ )11‬أن تقـترح تعــديالً عليـه‬
‫تودعه لدى األمين العام لألمم المتحدة‪ .‬وعلى اثر ذلك يقوم األمين العــام بــإبالغ الــدول األطــراف في هــذا‬
‫البروتوكول بأية تعديالت مقترحة‪ ،‬طالبا ً إليها إعالمه عمــا إذا كــانت تحبــذ عقــد مــؤتمر للــدول األطــراف‬
‫للنظر في تلك المقترحات والتصويت عليها‪ .‬فإذا حبذ عقد المؤتمر ثلث الدول األطــراف على األقــل عقــده‬
‫األمين العام برعاية األمم المتحدة‪ ،‬وأي تعديل تعتمــده أغلبيــة الــدول األطــراف الحاضــرة والمقترعــة في‬
‫المؤتمر يعرض على الجمعية العامة لألمم المتحدة إلقراره‪.‬‬

‫ويبدأ نفاذ التعديالت متى أقرتها الجمعية العامة لألمم المتحدة وقبلتها أغلبية ثلثي الدول األطراف في‬
‫هذا البروتوكول‪ ،‬وفقا ً لإلجراءات الدستورية لدى كل منها(‪ . )236‬ومتى بدأ نفاذ التعــديالت‪ ،‬تصــبح ملزمــة‬
‫للدول األطراف التي قبلتها‪ ،‬بينما تظل الدول األطراف األخــرى ملزمــة بأحكــام الــبروتوكول وبــأي تعــديل‬
‫سابق تكون قد قبلته‪.‬‬

‫كما يحــق أليــة دولــة طــرف أن تنســحب من هــذا الــبروتوكول في أي حين بإشــعار خطي توجهــه الى‬
‫األمين العــام لألمم المتحــدة‪ .‬ويصــبح اإلنســحاب نافــذاً بعــد ثالثــة أشــهر من تــاريخ اســتالم األمين العــام‬
‫لإلشعار‪.‬‬

‫وال يخل اإلنسحاب بإستمرار إنطباق أحكام هذا الـبروتوكول على أيـة رسـالة مقدمـة بمقتضـى المـادة‬
‫الثانية من الــبروتوكولـ قبــل تــاريخ نفــاذ اإلنســحاب‪ ،‬بمعــنى أن اإلنســحاب ال يســري أثــره على الرســائل‬
‫والشكايات التي تتوصل بها اللجنة من األفراد عن تعرضهم إلنتهاكات الدولـة لحقــوق اإلنســان قبـل طلب‬
‫الدولة اإلنسحاب من هذا البرتوكول (المادة ‪.)12‬‬

‫الجــزء الثــالث‪ .‬ويتعلــق بصــالحيات اللجنــة المعنيــة بحقــوق اإلنســان‪ ،‬وتشــتمل على تلقي‬
‫البالغات والرســائل المتضــمنة لشــكايات األفــراد الــذين يــدعون أنهم قــد تعرضــوا إلنتهــاك ألحــد‬

‫‪Alsonn.M,The hiasrchy if sources of international law, 47 Britishe Yearbook of international law Revue , ) ( 236‬‬
‫‪.1980, p65‬‬

‫‪173‬‬
‫حقوقهم األساسية المنصــوص عليهــا في العهــد الــدولي الخــاص بــالحقوق المدنيــة والسياســية‪،‬‬
‫وتقــوم اللجنــة بــالنظر في الرســائل الــتي تتلقاهــا بمــوجب هــذا الــبروتوكولـ في ضــوء جميــع‬
‫المعلومات الكتابية المتوفرة لديها من الفرد المعــني ومن قبــل الــدول الطــرف المعنيــة باألنتهــاك‬
‫(المادة ‪.)5‬‬

‫تنظر اللجنة في الرسائل المنصوص عليها في هذا البروتوكول في اجتماعات مغلقــة‪ .‬وتقــومـ بإرســال‬
‫الرأي الذي إنتهت إليه الى الدولة الطرف والى الفرد صاحب الرسالة أو الشكاية (المادة ‪.)5‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬معايير قبول بحث البالغات حول اإلنتهاكات‬

‫طبقا ً لمقتضيات المواد من (‪ 2‬الى ‪ )5‬من البروتوكول‪ ،‬يكون البالغ المتصل بإنتهاك لحقوق اإلنسان‬
‫والحريات األساسية مقبوالً شريطة إستيفائه ما يلي‪:‬ـ‬

‫ــ أن يكون البالغ أو الرسالة المتضمنة للشكاية مكتوباً؛‬

‫ــ إذا لم تكن لــه دوافــع سياســية واضــحة وكــان موضــوعه متفقـا ً مــع ميثــاق األمم المتحــدة‬
‫واإلعالن العالمي لحقوق اإلنســان والصــكوك األخــرى واجبــة التطــبيق في مجــال قــانون حقــوق‬
‫اإلنسان؛‬

‫ــ إذا كــان يتضــمن وصــفا ً وقائعيـا ً لإلنتهاكــات المزعومــة ‪ ،‬بمــا في ذلــك الحقــوق المزعــوم‬
‫إنتهاكها؛‬

‫ــ إذا كانت اللغة المستخدمة فيه غير مســيئة‪ .‬إال أنــه يجــوز النظــر في بالغ ال يســتجيب لهــذا‬
‫الشرط إذا أستوفى معايير المقبولية األخرى بعد حذف العبارات المسيئة؛‬

‫ــ إذا كان صـادراً عن شـخص أو مجموعـة أشـخاص يـدّعون أنهم ضـحايا إلنتهاكـات حقـوق‬
‫اإلنسان والحريــات األساســية أو عن شــخص أو مجموعــة أشــخاص‪ ،‬بمن فيهم المنظمــات غــير‬
‫الحكومية‪ ،‬يتصرفون بحســن نيـة وفقـا ً لمبـادئ حقـوق اإلنسـان‪ ،‬وال يســتندون الى مواقـف ذات‬
‫دوافع سياسية مخالفة ألحكام ميثـاق األمم المتحـدة ويـدعون أن لهم علمـا ً مباشـراً وموثوقـا ً بـه‬
‫بهذه اإلنتهاكات‪ .‬على أنه اليجوز عدم قبــول البالغــات المؤيّــدة بأدلــة موثــوق بهــا لمجــرد كــون‬
‫أصحابها يعلمون بوقوع اإلنتهاكات علما ً غير مباشر ‪ ،‬شريطة أن تكون هذه البالغات مشــفوعة‬
‫بأدلة واضحة(‪)237‬؛‬

‫ــ إذا كان ال يستند حصراً الى تقارير نشرتها وسائط اإلعالم؛‬

‫‪237‬‬
‫‪( )DENQUIN.J.M, Les droits politiques, Paris , Montchrestien, 1996,p73 .‬‬

‫‪174‬‬
‫ــ إذا كان ال يشير الى حالة يبدو أنها تكشف عن نمط ثــابت من اإلنتهاكــات الجســيمة لحقــوق‬
‫اإلنسان المؤيدة بأدلة موثوق بها ويجــري تناولهــا في إطــار أحــد اإلجــراءات الخاصــة أو إحــدى‬
‫هيئات المعاهدات أو غير ذلك من إجراءات الشكاوي التابعة لألمم المتحدة أو إجراءات الشكاوي‬
‫اإلقليمية المماثلة في ميدان حقوق اإلنسان؛‬

‫ــ إذا أستنفذت سبل اإلنتصاف المحلية‪ ،‬ما لم يتبّن أن هذه السبل غير فعالة أو تستغرق زمنــا ً‬
‫يتجاوز حدود المعقول‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬‬

‫اإلتفاقيات الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة‬

‫عندما يتعلق األمر بحقوق المرأة‪ ،‬يفترض أن الرجل والمرأة متطابقان تماما ً في وجود حقوق خاصــة‬
‫للمرأة‪ .‬ومع ذلك نجد أن مفهوم حقوق اإلنسان يبقى غامض جداً ‪ ،‬ولكن أيضا ً أمر رائع تاريخيا ً وثقافية‪.‬‬
‫ففي معرض الحديث عن الحقوق المحـددة للمـرأة‪ ،‬نعــرض اإلختالفـات الطبيعيــة داخــل الجنس البشـري‪.‬‬
‫والغرض من هذه الماحظة هو القول لماذا خصوصية المرأة يمكن أن توجد؟ وهــل هـذه الخصوصــية هي‬
‫مؤسسة للحقوق؟ وهل يمكن لخصوصية المـرأة أن تمنح حقوقـاً؟ وإلى جــانب الخصوصـية البيولوجيــة‪،‬‬
‫هل هناك معايير أخرى يمكن أن تبرر حقوقا ً محددة للمرأة ؟(‪.)238‬‬

‫ويظهر تصور دور اإلنسان حسـب الجنس في عـدة مجـاالت على أنـه بنـاء إجتمـاعي ينقلــه كثــير من‬
‫القوالب النمطية الجنسانية‪ .‬وباتالي ‪ ،‬يجب تحليل الحقوق المحددة على أنها بناء‪ ،‬من أجل تفكيــك رؤيــة‬
‫األمس للحقوق المحددة المتعلقة بالجوانب البيولوجية والصرفية والجسدية‪ .‬غير أن المالحظ بخصــوص‬
‫الحقوق السياسية أنها التعرف تمييزاً بين الرجل والمرأة بسببالجنس أو لخصوصية المرأة‪ ،‬ألن الحقوق‬
‫السياســية لهــا طبيعــة خاصــة ونطــاق ممارســة متشــابه بين الرجــل والمــرأة يتمثــل في تــولي المناصــب‬
‫السياسية والترشح لإلنتخابات والتمثيل السياسي للمجتمع وحريــة التعبــير‪ .‬ولكن تحليــل حقــوق المــرأة‬
‫من زاوية البنية اإلجتماعية واإلقتصادية والثقافية يصبح ضرورة‪.‬‬

‫وعنــدما نتحــدث عن المصــادر الكونيــة المتعلقــة بــالحقوق السياســية‪ ،‬البــد أن نشــير الى مجموعــة‬
‫اإلتفاقيات التي وضــعتها األمم المتحــدة لصــالح تمكين المــرأة من حقوقهــا السياســية‪ ،‬وهي إتفاقيــات مــا‬
‫كانت لتصاغ وتعتمد من قبل المنتظم الدولي لوال األوضاع المزرية التي كانت تعــاني منهــا المــرأة والــتي‬
‫كانت سببا ً وعائقا ً أمام ممارستها وتمتيعها بحقوقها عامة والحقوق السياسية خاصة‪.‬‬
‫‪ODITTE Michee Wandji Njinkoue: Existe-t-il des droits specifiques aux femmes. These de Doctorat. ) ( 238‬‬
‫‪.Grenoble, 2017‬‬

‫‪175‬‬
‫لهذا كان لزاما ً على المهتمين بحقوق اإلنسان أن يالحظوا اإلقصاء والتهميش الذي كانت تعــاني منــه‬
‫المرأة في جميع دول العالم إال في بعض اإلستثناءات التي مع ذلك لم تمكن المــرأة من ممارســة الحقــوق‬
‫والحريات األساسية المنصوص عليها في الشرعة الدولية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫وعليه إرتأى المجتمع الدولي الحقوقي أن يبادر الى رفع الحيف عن المرأة ومعاناتها‪ ،‬قصــد ولوجهــا‬
‫الى ممارســة الحقــوق والحريــات األساســية مثلهــا مثــل الرجــال وعلى قــدم المســاواة‪ ،‬ومراجعــة بعض‬
‫المفاهيم واآلليات التي كانت سببا ً وعائقا ً أمام تمكين المرأة من ذلك‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد إعتمدت األمم المتحدة ثالث وثائق دولية تشكل ُمــدخالً قانونيـا ً وإجرائيـا ً قصــد تمــتيع‬
‫المرأة بحقوقها عامة والحقوق السياسية خاصة وهي(‪:)239‬‬

‫ــ إعالن القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام ‪1967‬م‪.‬‬

‫ــ إتفاقيــة القضــاء على جميــع أشــكال التميــيز ضــد المــرأة المعروفــة بإختصــار ب"الســيداو‪/‬‬
‫كوبنهاغن"‪.‬‬

‫ــ اإلتفاقية بشأن الحقوق السياسية للمرأة لسنة ‪1952‬م‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬إتفاقيات القضاء على جميع أشكال التميييز ضد المرأة‬

‫كما سبقت اإلشارة إليه أن منظومة اإلتفاقيات الدولية التي تهم المرأة سواء بخصوص تمتعهــا بمبــدأ‬
‫المساواة مقارنـة بالرجـل أو بخصــوص تمتيعهـا وتمكينهـا من كافـة الحقــوق األخـرى على أسـاس مبـدأ‬
‫المساواة سواء منها حقوق اإلنسان عامــة أو الحقــوق السياســية خاصــة تــوزعت على نــوعين من هــذه‬
‫اإلتفاقيات‪ ،‬وهي‪ :‬إتفاقيات تهم القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وإتفاقية الحقــوق السياســية‬
‫خاصة بالمرأة‪ ،‬وهذا ما سنتناوله في هذا المطلب‪.‬‬

‫العنصر األول‪ :‬إعالن القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة‬

‫بالرغم من أن شرعة حقوق اإلنسان اعترفت بشــكل واضــح وصــريح وعلــني بالمســاواة بين الرجــال‬
‫والنساء‪ ،‬ومع أن الحركة العالمية نادت بالمساواة بين الجنسين إال أن العمــل الفعلي بقي بعيــداً عن ذلــك‬
‫وكأن حقوق اإلنسان هي للرجال فقط‪ ،‬وليست للنساء‪ ،‬باإلضافة الى أن المفهوم التقليدي للمساواة يظــل‬

‫‪ODITTE Michee Wandji Njinkoue: Existe-t-il des droits specifiques aux femmes. These de Doctorat. ) ( 239‬‬
‫‪.Grenoble, 2017‬‬

‫‪176‬‬
‫يكرس التفاوت بين أوضاع الرجال والنساء والتمييز ضــد النســاء بــدالً من القضــاء عليــه‪ ،‬ألن المعاملــة‬
‫المتساوية في أوضاع غير متساوية تدين الظلم والتغيره‪.‬‬

‫وقد ظهرت كافة الدرسات واألبحاث والمؤشرات أن وجود التمييز ضد النساء يشكل العائق األساســي‬
‫لتحقيــق المســاواة بين الجنســين ‪ ،‬ويجب العمــل على هــدم هــوة الالمســاواة بين الجنســين المتأتيــة من‬
‫التمييز ضد النساء لتحقيق المساواة بين الجنســين‪ .‬لــذلك فــإن الحركــة النســائية على صــعيد العــالم ومن‬
‫ضمنها اللجنة المعنية بمركز المرأة التابعة لألمم المتحدة‪ ،‬طالبت ونادت بإلغاء جميع أشكال التمييز ضــد‬
‫النســاء لكي تتمكن من التمتــع بالمســاواة في الحقــوق ومن أجــل تحقيــق المســاواة التامــة بين الجنســين‬
‫وتفعليها‪ ،‬ألن مجرد " إنسانية المرأة" لم تكف لتضمن للنساء حقوقهن‪ .‬وفي هذا الصدد بــدأ البحث عن‬
‫إتفاقية دولية للمرأة التي شكل هذا اإلعالن الخطوة األولى لتشريعها‪.‬‬

‫ومن هنا جاء صـدور إعالن القضــاء على التميــيز ضــد المـرأة ‪ ،‬وقــد إعتمدتـه الجمعيــة العامـة لألمم‬
‫المتحــدة ونشــرته بمــوجب قرارهــا رقم‪ / 2263 :‬د ـ ‪ 22‬بتــاريخ ‪ 7‬نوفمــبر ‪1967‬م‪ ،‬أعــربت فــه األمم‬
‫المتحــدة عن قلقهــا في اســتمرار وجــود قــدر كبــير من التميــيز ضــد المــرأة‪ ،‬رغم ميثــاق األمم المتحــدة‬
‫واإلعهالن العالمي لحقوق اإلنسان والعهدين الدوليين الخاصين بحقوق اإلنسان وغــير ذلــك من صــكوك‬
‫األمم المتحدة والوكاالت المتخصصة‪ ،‬ورغم التقدم المحرز في ميدان المســاواة في الحقــوق‪ ،‬وهي تــرى‬
‫أن التمييز ضد المرأة يتنافى مع كرامة اإلنسان وخير األسرة والمجتمع ‪ ،‬ويحول دون إشــتراك المــرأة ‪،‬‬
‫على قدم المساواة مع الرجــل ‪،‬في حيــاة بلــدهما السياســية واإلجتماعيــة واإلقتصــادية والثقافيــة‪ ،‬ويمثــل‬
‫عقبة تعترض اإلنماء التام لطاقات المرأة على خدمة بلدها وخدمة اإلنســانية‪ ،‬وبــذلك أيض ـا ً تضــع نصــب‬
‫عينيها أهمية إسهام المرأة في الحياة اإلجتماعية والسياسية واإلقتصادية والثقافيــة (‪ .)240‬والــدور الــذي‬
‫تلعبه داخل األسرة والسيما في تربيــة األوالد وذلــك من خالل إيمانهــا بــأن إســهام النســاء والرجــال على‬
‫السواء ‪ ،‬بإعتباره أقصى إسهام ممكن في جميع الميادين ‪ ،‬مطلب البـد منـه للتنميـة الكاملـة لكـل بلـد في‬
‫جميع الميادين‪ ،‬ولخير العالم ولقضية السلم(‪:)241‬‬

‫وفي هذا الصدد نصت المادة األولى من ذات اإلعالن على أهميــة بــأن تتخــذ الــدول التــدابير المناســبة‬
‫الــتي تكفــل للمــرأة مســاواتها مــع الرجــل دون تميــيز في الحقــوق‪ ،‬وأن تكفــل هــذه الحقــوق عن طريــق‬
‫التشريع‪ ،‬ومن هنا نجد صراحة أن المادة نادت بمساواتها في الحقوق السياسية التالية‪:‬ـ‬

‫‪ODITTE Michee Wandji Njinkoue: Existe-t-il des droits specifiques aux femmes. These de Doctorat. ) ( 240‬‬
‫‪.Grenoble, 2017‬‬
‫‪Alsonn.M, The hiarchy if sources of international law,47 Britishe Yearbook of international law ) ( 241‬‬
‫‪>Revue,1980,p 78‬‬

‫‪177‬‬
‫ــ حقها في التوصيت في جميع اإلنتخابات‪ ،‬وفي ترشيح نفسها لجميــع الهيئــات المنبثقــة عن‬
‫اإلنتخابات العامة‪.‬‬

‫ــ حقها في التصويت في جميع اإلستفتاءات العامة‪.‬‬

‫ــ حقها في تقلد المناصب العامة ومباشرة جميع الوظائف العامة‪.‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة بإختصار ب"الســيداو‪/‬‬
‫كوبنهاغن"‪.‬‬

‫بعد إعتماد الجمعية العمة لألمم المتحدة إعالن القضاء على التمييز ضد المرأة لســنة ‪1976‬م ‪ ،‬بــدأت‬
‫لجنة مركز المرأة في األمم المتحـدة منـذ ‪1972‬م إسـتطالع رأي الـدول األعضـاء حـول شـكل ومضـمون‬
‫صك دولي بشأن حقوق المرأة‪ .‬وفي العام التالي بدأ فريق عمــل عيّنــه المجلس اإلقتصــادي واإلجتمــاعي‬
‫في اإلعداد لمثل هذه اإلتفاقية‪ .‬وفي العام ‪1974‬م بدأت اللجنة المعنية في مركز المــرأة بصــياغة إتفاقيــة‬
‫بشأن القضاء على التمييز ضد المرأة ‪ ،‬وظلت تعمل لسنوات الى أن أنهت إعداد اإلتفاقية الــتي إعتمـدتها‬
‫الجمعية العامة لألمم المتحدة في العام ‪1979‬م ودخلت حيّز التنفيذ في العام ‪1981‬م‪.‬‬

‫وتُعتبر إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ثمــرة ثالثين عامـا ً من الجهــود واألعمــال‬
‫التي قام بها مركز المرأة في األمم المتحدة لتحسينم أوضاع المرأة ولنشر حقوقها‪.‬‬

‫وتأتي أهمية هذه اإلتفاقية من كونها وضــعت قضــايا المــرأة ضــمن أهــداف األمم المتحــدة وفي قائمــة‬
‫أولوياتها ‪ ،‬فأصبحت جزءاً من القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬ومن كونها أكدت على العنصر اإلنســاني‬
‫في حقوق المرأة وتنـاولت التميـيز موضــوعا ً محـدداً ‪ ،‬وعالجتــه بعمــق وبشـمولية بهـدف إحـداث تغيـير‬
‫حقيقي في أوضاع المرأة‪ ،‬ووضعت الحلول واإلجراءات الواجب إتخاذها من قبل الدول األطراف للقضــاء‬
‫على التمييز ضد المرأة في كافة الميادين‪ ،‬وهو ما لم تنص عليه اإلتفاقيات التي ســبقتها الــتي كــانت كــل‬
‫واحدة منها تعالج جانبا ً محدداً من قضايا المرأة‪.‬‬

‫وتتألف إتفاقيــة "ســيداو" من ديباجــة وثالثين (‪ )30‬مــادة‪ ،‬تنبثــق من اإليمــان بــأن القــانون الــدولي‬
‫والوطني هو أداءة فعالة لتحقيق العدالة اإلجحتماعية واإلقتصــادية ‪ ،‬كمــا وبــأن المســاواة بين الجنســين‬
‫تتصل الى حد كبير بالمساواة أمام القانون‪ .‬وتعتبر الموادة من (‪1‬ــ ‪ )16‬قواعــد أساســية لإلتفاقيــة ألنهــا‬
‫وضعت منهاجا ً كامالً لكفية القضاء على التميــيز ضــد المــرأة على كافــة األصــعدة‪ ،‬بحيث يمكن إعتبارهــا‬
‫جوهر اإلتفاقية ومؤنها‪ ،‬ألنها تضع الشروط والتــدابير الــواجب على الــدول األطــراف إعتباعهــا لتحقيــق‬
‫المساواة بين النساء والرجال‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫ومن أهم ما جاءت به اإلتفاقية وضع تعريف واضح ودقيق لمفهوم ومصطلح التميـيز‪ ،‬وهكــذا جـاءت‬
‫المادة (‪ )1‬من اإلتفاقية لتعطي تعريفا ً شامالً للتمييز ينطبق على نصوص اإلتفاقية جميعها ‪ ،‬حيث يشــمل‬
‫التمييز ضد النساء "كل تفرقـة أو إختالف في المعاملـة‪ ،‬أو إسـتبعاد ‪ ،‬أو تقييـد يتم على أسـاس الجنس‪،‬‬
‫ويكون من آثاره أو أغراضه النيل من اإلعتراف للمرأة على قدم المساواة مع الرجل بالحقوق اإلنسانية‪،‬‬
‫أو التــأثير على تمتعهــا بــالحقوق السياســية واإلقتصــادية واإلجتماعيــة والثقافيــة والمدنيــة وأيــة حقــوق‬
‫أخرى‪ ،‬أو يكون من شأنه أن يمنع النساء من ممارســة الحقــوق والحريــات واألساســية بغض النظــر في‬
‫الحالة الزوجية"‪.‬‬

‫وبرأينا ‪ ،‬تعتبر هذه المادة حجر األساس لكل القضايات المتعلقة بـالتمييز القـانوني أو الـواقعي الــذي‬
‫يمكن القياس عليه للقضاء على كافة أشكال التمييز ‪ ،‬ألن مجرد التصديق على اإلتفاقية ولو كــانت هنــاك‬
‫تحفظات من قبل الدولة الموقعة على اإلتفاقية على مواد أخرى‪ ،‬فــإن هــذه المــادة تكفي للعمــل في ســبيل‬
‫تحقيق المساواة ه‪ ،‬بإعتبارها تمثل جـوهر اإلتفاقيــة وأساسـها القانونيــة‪ ،‬وتلـزم اإلتفاقيــة الــدول بإتخــاذ‬
‫خطوات ملموسة للقضاء على التمييز ضد المرأة‪.‬‬

‫ووفقا ً للمادة (‪ )2‬منها ‪ ،‬نلزم اإلتفاقية الــدول األطــراف‪ ،‬ليس فقــط بإدانــه جميــع أشــكال التميــيز ضــد‬
‫المرأة‪ ،‬بل وإتخاذ اإلجراءات المختلفة للقضاء عليه من خالل القيام بما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬تجسيداً مبدأ المساواة في الدساتير الوطنية والتشريعات كافــة‪ ،‬وكفالــة التحقيــق العملي‬
‫لذلك‪.‬‬

‫‪ .2‬إتخاذ التدابير التشريعية وغير التشريعية لحظر كل تمييز ضد المرأة‪.‬‬

‫‪ .3‬إقرار حماية قانونية ضد التمييز عن طريق المحاكم الوطنية المختصة بتقديم الشكاوي‪.‬‬

‫‪ .4‬إلتزام السلطات العامة في الدول المصادقة باإلمتناع عن القيــام بالممارســات الــتي فيهــا‬
‫تمييز ضد النساء‪.‬‬

‫‪ .5‬إلغاء القوانين واألعراف والممارسات التي تشكل تمييزاً ضد المرأة‪.‬‬

‫‪ .6‬إلغاء جميع أحكامـ قوانين العقوبات الوطنية التي تشكل تمييزاً ضد المرأة‪.‬‬

‫وفي سبيل الدفع أكـثر بإعتمـاد هـذه الحقـوق‪ ،‬نصـت اإلتفاقيـة على ضـرورة إتخـاذ الـدول إلجـراءات‬
‫وتدابير خاصة ومؤقته لمكافحة التمييز‪ ،‬حيث يحق للدول تبنّي تدابير خاصة مؤقته للتعجيــل بالمســاواة‪،‬‬
‫وهذا وفقا ً للمادة (‪ ، )4‬وهو ما يعــرف بــالتمييز اإليجــابي ألنــه أحيانـا ً حــتى إذا منحــدث المــرأة مســاواة‬
‫قانونية ودستورية فإن ذلك اليضمن تلقائيا ً أنها ستعامل في الواقع معاملة متســاوية (مســاواة واقعيــة) ‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫لــذلك تســتخدم الـدول تـدابير مؤقتـه الى أن تتحقــق المســاواة الفعليــة‪ ،‬كالمسـاواة في تكــافؤ الفـرص في‬
‫التعليم واإلقتصاد والسياسة والعمالة‪ .‬وبمجرد بلــوغ الهــدف في المســاواة في المعاملــة وتكــافؤ الفــرص‬
‫تصير التدابير غير الزمة ويجب إيقافها‪.‬‬

‫غير أن أهم ما جاء في اإلتفاقية‪ ،‬بخصوص موضوع الحقوق السياسية‪ ،‬ما نصت عليه لمادتــان (‪7‬و‬
‫‪ ) 8‬في شأن المساواة في الحياة السياسية والعامة على الصعيد الوطني والدولي‪ ،‬بحيث يجب على الدول‬
‫القضــاء على التميــيز ضــد المــرأة في الحيــاة السياســية والعامــة للبلــد‪ ،‬من خالل إعطائهــا الحقــوق في‬
‫التصويت واإلنتخاب والترشيح وشغل المناصب والمشاركة في األحزاب السياسية والمنظمات والنقابــات‬
‫على قدم المساواة مع الرجل‪ .‬كما وينبغي منح النساء فرصا ً متساوية لتمثيل حكومــاتهن والمشــاركة في‬
‫أعمال المنظمات الدولية كاألمم المتحدة وغيرها ‪ ،‬وكذلك المنظمات اإلقليمية كمنظمة الجامعة العربية‪.‬‬

‫كما تطالب اإلتفاقية الدول األطراف بأن تمنح المرأة حقا ً مساويا ً لحق الرجل في إكتســاب الجنســية أو‬
‫تغييرهــا أو اإلحتفــاظ بهــا‪ ،‬حيث ال تطــالب بتغيــير جنســيتها بســبب الـزواج من أجنــبي أو تفــرض عليهــا‬
‫جنسية الزوج ‪ ،‬وإعطاء المرأة نفس حقوق الرجل فيما يتعلق بجنسية اوالدهما‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إتفاقية الحقوق السياسية للمرأة‬

‫إعتمدت هذه اإلتفاقية وعرضت للتوقيع والتصديق بموجب قرار الجمعيــة العامــة لألمم المتحــدة تحت‬
‫رقم (‪ /640‬د ‪ )7‬بتاريخ ‪ 6‬ديسمبر ‪1952‬م ‪ ،‬وتتــألف من مقدمــة وإحــدى عشــر مــادة تشــتمل على ثالث‬
‫مواد رئيسية تنص على الحقوق السياسية للمرأة التي يجب على كافـة الـدول األطـراف أن تتخـذ بشـأنها‬
‫إجراءات تشريعية وغير تشريعية قصد تمكين المرأة من ممارسة حقوقها السياسية‪.‬‬

‫وهكذا ذكرت المقدمة باألهداف والمقاصد النبيلة من وراء إعتماد هذه اإلتفاقية التي تتجلى في رغبــة‬
‫األطراف المتعاقدة في إعمال مبدأ تساوي الرجال والنساء في الحقوق الواردة في ميثــاق األمم المتحــدة‪،‬‬
‫وإعترافا ً منها بأن لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده‪ ،‬ســوا ًء بصــورة مباشــرة أو‬
‫بواســطة ممثلين يختــارون بحريــة ‪ ،‬والحــق في أن تتــاح لــه على قــدم المســاواة مــع ســواه فرصــة تقلــد‬
‫المناصب العامة في بلده ‪ ،‬ورغبة منها في جعل الرجال والنساء يتساوون في التمتع بالحقوق السياســية‬
‫وفي ممارستها ‪ ،‬طبقا ً ألحكام ميثاق األمم المتحدة واإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان‪ ،‬وقــد قــررت عقــد‬
‫إتفاقية على هذا القصد‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد ‪ ،‬تناولت المادة (‪ )1‬حق النساء في التصويت في جميع اإلنتخابات‪ ،‬بشــروط تســاوي‬
‫بينهن وبين الرجال دون أي تمييز‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫أما المادة (‪ )2‬فقد نصت على أهلية النساء في أن ينتخبن لجميع الهيئــات المنتخبــة بــاإلقتراع العــام ‪،‬‬
‫المنشأة بمقتضى التشريع الوطني ‪ ،‬بشروط تساوي بينهن وبين الرجال دون أي تمييز‪.‬‬

‫كما أن المادة (‪ )3‬نصت على أهلية النساء في تقلد المناصب العامة وممارسة جميع الوظائف العامــة‬
‫المنشأة بمقتضى التشريع الوطني ‪ ،‬بشروط تساوي بينهن وبين الرجال دون أي تمييز‪.‬‬

‫ولم يقتصر االمر عند هذا الحد من الدراسة بل نجد أن ص دى الحق وق السياس ية وتنظيمه ا ق د خص ته‬
‫بالدراسة القوانين الدولية اإلقليمية عن طريق التكتالت اإلقليمية باعتماد قوانين دات طابع سياسي‬

‫المبحث الثاني‪:‬‬

‫الحقوق السياسية في القوانين الدولية اإلقليمية لحقوق اإلنسان‬

‫نحاول من خالل هذا المبحث أهمية إبراز اإلهتمام الدولي بحقوق اإلنسان وأنــه لم يقتصــر فقــط على‬
‫الطابع الدولي العالمي تحت غطاء األمم المتحدة وحدها من خالل اإلتفاقيات الدولية ذات الطابع الكــوني‪،‬‬
‫بل أيضا ً أن حقوق اإلنسان عرفت إهتماما ً من زاوية أخرى وهي الزاوية الدولية اإلقليمية عــبر التكتالت‬
‫اإلقليمية الدوليــة ذات الطــابع الجغــرافي القــاري‪ ،‬حيث أن هــذه التكتالت اإلقليميــة الدوليــة إهتمت أيضـا ً‬
‫بحقوق اإلنسان من خالل إبرام إتفاقيات وإعالنات دولية لحقوق اإلنسان ذات طابع إقليمية تخــاطب فقــط‬
‫الدول المنضوية تحت هذا التكتل اإلقليمي كما هــو الشــأن بكــل من اإلتحــاد األوروبي واإلتحــاد األمــريكي‬
‫واإلتحاد العربي واإلتحاد األفريي واإلسالمي التي إرتأينا تسليط الضوء عليها نظراً لضرورتها وأهميتها‬
‫‪ ،‬ولما تمثله من إغناء لمنظومة حقوق اإلنسان على مستوى تنوع الحقوق والحريات المنصوص عليها‬
‫في إتفاقياتهــا‪ ،‬وكــذلك على مســتوى اإلختالف الموجــود بينهــا في مضــامينها وآليــات حمايــة الحقــوق‬
‫والحريات ‪ ،‬وسنقتصر على دراسة الحقوق السياسية التي تظمنته ا الق وانين االوربي ة و االمريكي ة وك ذا‬
‫التزاماتها في هذا المجال ‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫المطلب األول‪:‬‬

‫الحقوق السياسية في القانونين األوروبي واألمريكي لحقوق اإلنسان‬

‫تعززت منظومة حقوق اإلنسان الى التنصيص عليهــا في القــانون الــدولي الكــوني لحقــوق اإلنســان ‪،‬‬
‫بإعتماد قوانين دولية إقليمية لحقوق اإلنسان ذات أهمية سواء على مستوى إطارها السياســي أو ســواء‬
‫على مستوى المضمون ‪ ،‬فقد سعت أوروبا جاهدة الى سن القوانين المنظمة للحقوق السياسية ‪ ،‬وكذلك‬
‫الحال بالنسبة للواليات األمريكية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الحقوق السياسية في القانون الدولي األروبي‬

‫منذ إنشاء مجلس أوروبا ســنة ‪1949‬م ‪ ،‬والــذي يعتــبر إتحــاداً ســليما ً يضــم الــدول الديمقراطيــة الــتي‬
‫أعلنت إيمانها بسـيادة القـانون وإلتزامهـا بـالقيم الروحيـة واألخالقيـة الـتي تعتـبر الـتراث المشـترك بين‬
‫الشعوب‪.‬‬

‫فهذا المجلس جاء إستجابة للحركة التي تنادي بالوحدة األوروبية بعد الحرب‪ ،‬وكان الهدف الرئيســي‬
‫هو تحقيق وحدة أكبر بين أعضاءه عن طريق إبرام اإلتفاقيات والبدء في تحقيق هدف مشترك في جميــع‬

‫‪182‬‬
‫المجاالت ما عدا المجال العسكري ‪ ،‬وكان إحــترام ســيادة القــانون وحمايــة حقــوق اإلنســان من الشــروط‬
‫األساســية للحصــول على العضــوية في مجلس أوروبــا ‪ ،‬حيث تعتــبر هيئــات المجلس أن حمايــة الفــرد‬
‫وحرياته من المتطلبات األولية إلقامــة الديمقراطيــة‪ ،‬وقــد صــدر في نطــاق مجلس أوروبــا عــدة إتفاقيــات‬
‫أوروبية لحقوق اإلنسان ‪ ،‬أهمها اإلتفاقية األوروبيــة لحقــوق اإلنســان لســنة ‪1950‬م‪ ،‬والــتي تعتــبر أول‬
‫إتفاقية عامة لحقوق اإلنسان ‪ ،‬ولهذا فقد تأثرت بها باقي اإلتفاقيات اإلقليميــة األخــرى لحقــوق اإلنســان‪،‬‬
‫ونظــراً ألهميتهــا وأهميــة الميثــاق اإلجتمــاعي األوروبي لســنة ‪1961‬م ‪ ،‬فإننــا نعــرض لهمــا بشــيء من‬
‫التفصيل‪ ،‬ثم نحلل تباعا ً باقي اإلتفاقيات األوروبية الخاصة على الشكل اآلتي في العنصرين التاليين‪:‬‬

‫العنصر األول‪ :‬اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان‬

‫ُمنذ أن جرى التوقيع على اإلتفاقية في روما في ‪ 4‬نوفمبر ‪1950‬م‪ ،‬والتي هي إتفاقيــة حمايــة حقــوق‬
‫اإلنسان والحريات األساسية والمعروفة باإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان والتي دخلت حيّز التنفيذ في‬
‫‪ 3‬سبتمنبر سنه ‪1953‬م ‪ ،‬وعلى خالف باقي اإلتفاقيات الدولية المتعلقة بحقــوق اإلنســان والــتي التــدخل‬
‫حيّز التنفيذ إال بعد إنقضاء مدة طويلة نسبيا ً على التوقيع عليها أو إعتمادها ‪ ،‬دخلت اإلتفاقية األوروبيــة‬
‫السالفة الذكر حيّز التنفيذ في أقل من ثالث سنوات من التوقيع عليها ‪ ،‬وذلــك في أعقــاب تصــديق عشــرة‬
‫دول أوروبية عليها‪.‬‬

‫وقد إستكملت أحكام اإلتفاقية بثالثة عشر بروتوكوالً إضافيا ً يوسع بعضها من دائرة الحقوق المحميــة‬
‫(‪ ،)242‬ويعدل بعضها األخر عدداً من أحكامها (‪ ،)243‬بينما يقر أحد هذه البروتوكوالت (البروتوكول الثــاني)‬
‫للمحكمة سلطات محدودة إلعطاء آراء إستشارية‪.‬‬

‫وقد انقضـتا الـبروتوكوالت اإلضـافية جميعهـا بإسـتثناء تلـك الـتي توسـع من نطـاق وقائمـة الحقـوق‬
‫المحمية المعترف بها لحظة دخول البروتوكول الحادي عشر حيّز التنفيذ بتــاريخ ‪/1/11‬ـ ‪1998‬م ‪ ،‬وهــو‬
‫الــبروتوكول الــذي أدخــل تعــديالت جذريــة على آليــة اإلتفاقيــة ‪ ،‬أهمهــا إلغــاء اللجنــة األوروبيــة لحقــوق‬
‫اإلنسان ‪ ،‬وإنشاء محكمة أوروبية دائمة لحقوق اإلنسان ذات والية جبرية‪.‬‬

‫الجدير بالذكر أنه قد تم تعديل تلــك اإلتفاقيــة أكــثر من مــرة ‪ ،‬وهــذه مــيزة يتســم بهــا المنظم األوروبي‬
‫بصفة عامة‪ ،‬حيث يعكس ذلك أنه نظام دائم التطور تبعا ً لتطور األحداث‪.‬‬

‫وتوصف اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنصسان بأنها دستور للقــارة األوروبيــة واألســاس لنظــام عــام‬
‫أوروبي في مجال حقوق اإلنسان والحريات األساسية (‪ ،)244‬فمع التطورات التي شهدتها أوروبا الشرقية‬
‫‪ ) (242‬د‪ .‬محمد يوسف علون و د‪.‬محمد خليل الموسى ‪ ،‬القانون الدولي لحقوق اإلنسان "المصادر ووسائل الرقابة"‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار الثقافة‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬عمّان‪2005 ،‬م‪ ،‬ص ‪. 161‬‬
‫‪ ) (243‬نفس المرجع أعاله‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪F.Sudre, Existe-t-il un ordre public europeen, in P. TARENIER (ED), Quelle Europe pour les droits, ) ( 244‬‬
‫‪.Bruxelles, Bruylant, 1996, p 44‬‬

‫‪183‬‬
‫والوسطى لم تعد قضية حقوق اإلنسان والحريات األساية قضية خاصــة بأوروبــا الغربيــة أو الوســطى أو‬
‫الشرقية ‪ ،‬بل أصبحت قضية أوروبــا الموســعة والــتي تعتــبر اإلتفاقيــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان حجــر‬
‫أساس الوحدة األوروبية‪.‬‬

‫وتتكــون اإلتفاقيــة في وضــعها الحــالي من مقدمــة و ‪ 59‬مــادة وتوجــد عــدة بروتوكــوالت مضــافة‬
‫لإلتفاقية(‪ .)245‬وقــد نقلت جميــع الحقــوق والحريــات محــل الحمايــة باإلتفاقيــة األوروبيــة أصـالً من قائمــة‬
‫الحقوق المدنية والسياسية لتلك الواردة في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫ومن هنا سنتناول بالدرس والتحليل الحقوق والحريات التي تحميها اإلتفاقية والبروتوكوالت الملحقة‬
‫بها وضوابط التمتع بها ‪ ،‬وذلك على الشكل التالي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الحقوق محل الحماية وضوابط التمتع بها وقيود ممارستها‬

‫يتضح تماما ً من قراءة ديباجة اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنســان أن األســاس الــذي يقــوم عليــه هــو‬
‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ‪ ،‬وذلك فإن الحقوق الــتي وردت في اإلتفاقيــة هي في األصــل من طائفــة‬
‫الحقوق الكالسيكية‪ ،‬أي من طائفة الحقوق الفردية المقرة للفرد بذاته وبصفته تلك‪ .‬وقــد وردت الحقــوق‬
‫المحمية أو المعترف بها في األساس في اإلتفاقية ذاتها وفي البروتوكوالت الملحقة بها‪.‬‬

‫أوالً الحقوق محل الحماية‬

‫لقد نصت اإلتفاقية األوروربية لحقوق اإلنسان على عــدة حقــوق وهي كالتالـــي‪ :‬فمن جــانب الحقــوق‬
‫والحريــات الفرديــة نصــت على الحــق في الحيــاة‪ ،‬منــع التعــذيب والعقوبــات والمعــامالت الإلنســانية أو‬
‫المهنية‪ ،‬منع الرق واإلستعباد‪ ،‬الحق في الحرية واألمن ‪ ،‬الحق في المعاملة العادلــة ‪ ،‬الحــق في إحــترام‬
‫الحياة الخاصة‪ ،‬أما من جانب الحقوق والحريت السياسية فقد نصت على حرية الفكر ولضمير والعقيــدة‪،‬‬
‫ويشمل هذا الحق حرية تغيير الدين أو المعتقد‪ ،‬وريـة التعبــير‪ ،‬ويشـمل هـذا الحــق حريـة الــرأي وحريــة‬
‫تلقي المعلومات‪ ،‬ثم هناك حرية المشاركة في اإلجتماعات السلمية وحرية تكوين الجمعيات‪ ،‬ويشمل هــذا‬
‫الحق حرية إنشاء النقابات ثم حرية الزواج وتكوين األسرة‪.‬‬

‫وخالفا ً لإلعالن العالمي الذي شكل أساس اإلتفاقية‪ ،‬فإن هذه األخــيرة تعــد صــكا ً إتفاقيـا ً ملزمـا ً للــدول‬
‫األطراف‪ ،‬وخالفا ً كذلك لإلعالن‪ ،‬تقتصر اإلتفاقية على الحقوق المدنية والسياسية لحقوق فردية مستمدة‬
‫من نظريــة الحقــوق الطبيعيــة‪ ،‬وهي التتضــمن نصوص ـا ً ذات صــلة بــالحقوق اإلقتصــادية واإلجتماعيــة‬
‫والثقافية‪ ،‬وإذ كان هناك ثمة تداخل بين بعض الحقــوق المقــررة في اإلتفاقيــة وبين الحقــوق اإلقتصــادية‬

‫‪ ) ( 245‬أد‪ .‬ابراهيم العناني ‪ ،‬دراسة حول اإلتفاقية األوروبية لحماية حقوق اإلنسان‪ ،‬دار العلم للماليين ‪ ،‬بيروت‪1989 ، $‬م ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬ص‬
‫‪. 361‬‬

‫‪184‬‬
‫واإلجتماعية والثقافية مثل الحق في الملكية والحق في التربية وعدم الخضوع للعمل الجبري والحـق في‬
‫احترام الحياة الخاصة والعائلية وحرية التجمع‪.‬‬

‫لقد جاءت اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان مخلصة للمفاهيم الغربية الليبرالية عن حقوق اإلنسان‪،‬‬
‫ولكن هذا اليعني البتة أنها أهملت الحقوق األخرى‪ ،‬فقد قامت أجهــزة الرقابــة المعنيــة باإلتفاقيــة بتوســع‬
‫نطاق الحقوق المعترف بها من خالل تفسيرها تفسيراً نشطا ً أو غائيا ً جعل الخطوط الفاصلة بين الحقــوق‬
‫المدنية والسياسية وبين الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية غير متداخلة(‪.)246‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬ضوابط التمتع بالحقوق والحريات في اإلتفاقية األوروبية‬

‫حرصت اإلتفاقية بموجب المادة (‪ )15‬منها على إتخاذ ضوابط للتحلل من اإللتزامات الــواردة بهــا في‬
‫وقت الحرب أو الطوارئ العامة األخرى التي تهدد حياة األمة‪ ،‬فهنا يجوز ألي طرف سام متعاقد أن يتخذ‬
‫تدابير تخالف إلتزاماتــه الموضــحة باإلتفاقيــة‪ ،‬وذلكــل لموازنــة وإيجــاد نقطــة إلتقــاء بين مصــلحة الفــرد‬
‫ومصلحة المجتمع ويكون ذلك في أضيق الحدود التي تحتمها مقتضيات الحال‪ ،‬وبشرط أال تتعارض هــذه‬
‫التدابير مع إلتزاماته األخرى ألي إطار القانون الدولي‪.‬‬

‫والحقوق المعترف بها في اإلتفاقيــة‪ ،‬كمــا ســبق ذكرهــا‪ ،‬وفي البروتوكوالتهــا اإلضــافية‪ ،‬كمــا ســنرى‬
‫الحقا ً ‪ ،‬مكفولة بمقتضى المادة األولى من اإلتفاقية لكـل إنسـان يخضــع لواليـة الـدول األطـراف‪ ،‬فحمايــة‬
‫هذه الحقوق وكفالتها وتأمين إحترامها ليس رهينـا ً بجنســية الشــخص أو بمواطنتــه األوروريــة‪ ،‬ولكنهــا‬
‫تثبت لكل شخص خاضع لسلطان أية دولة من الدول األطــراف مهمــا كــانت جنســيته أو جــدوره وأصــوله‬
‫القومية أو األثنية ‪ ،‬فال جذور وال أصول يعتد بها لغايات التمتع بالحماية المقررة‪ ،‬بل هي حمايــة مقــررة‬
‫لصالح أي إنسان سواء كان أوروبيا ً أو غير ذلك‪ ،‬كما تنطبــق أحكــامـ هــذه اإلتفاقيــة على أقــاليم مــا وراء‬
‫البحار شريطة صدور اإلعالن الخاص المنصوص عليه في اإلتفاقية(‪. )247‬‬

‫كما أوضحت المحكمةـ األوروبية لحقوق اإلنسان بأن اإلتفاقية تنطبق على األقاليم التي تحتلهــا إحــدى‬
‫الدول األطراف كما هو الحال بالنســبة للوجــود الــتركي في قــبرص‪ ،‬ولكــل دولــة من الــدول األطــراف في‬
‫اإلتفاقيــة مطالبــة دولــة أخــرى طــرفٌ فيهــا بــإحترام الحقــوق الــواردة فيهــا‪ ،‬ســواء أكــان ذلــك لمصــلحة‬
‫مواطنيها أم غيرهم كما تلزم الدول األطراف في اإلتفاقية بإحترام هذه اإلتفاقيــة وبروتوكوالتهــا بالنســبة‬
‫لمواطنيها الحاملين لجنسيتها الموجودين خارج أقاليمها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬القيود المتعلقة بتعليق الدول األطراف إللتزاماتها‬


‫‪ ) ( 246‬أنظر في الشأن حكم المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان الصادر سنة ‪1979‬م في قض‪$$‬ية ‪ AIREY‬ض‪$$‬د إيرلن‪$$‬دا ‪AIREY V. IRELAND :‬‬
‫‪(1979) 2 EHRR, 305‬‬
‫‪ ) ( 247‬ورد هذا الشرط في المادة (‪ )56‬من النص الجديد المعدل لإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان ‪ ،‬وقد استخدمته ك‪$$‬ل من هولن‪$$‬دا ال‪$$‬تي أعلنت‬
‫عن موافقتها على تطبيق اإلتفاقية في جزر األنتيل الهولندية ‪ ،‬والمملكة المتحدة التي أعلنت تطبيقها‪ $‬أيضا ً على أكثر من عشرين إقليما ً من أق‪$$‬اليم م‪$$‬ا‬
‫وراء البحار ‪ ،‬ولكن هذا النص لم يعد مهما ً اآلن ‪ ،‬خاصة بعد قضية اإلستعمار ‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫تضمنت اإلتفاقية األوروربية لحقوق اإلنسان عدداً من المبادئ العامــة الــتي تحكم القيــود المقــررة أو‬
‫المرخص بها للتعطيل أو للتقييد بوجه عام‪.‬‬

‫وقد ساهمت المحكمة األوروية لحقوق اإلنسان في تطويرهــا وتوضــيح مضــامينها ‪ ،‬وهــذي المبــادئ‬
‫هي‪:‬‬

‫ــ مبدأ الشرعية ‪ ،‬ويعني في هذا المجال أن القيد يجب أن يكون منصوص ـا ً عليــه في القــانون‬
‫أو يجب أن يتم التعطيل أو التقييد طبقا ً للقانون‪ ،‬فال تعطيل أو تقييد إال بنص وال يقصــد بالقــانون‬
‫هنا معناه الضيق بل‬
‫(‪. )248‬‬
‫معناه الواسع الذي يقتصر فقط على التشريع‬

‫ـــ مشروعية الغرض‪ ،‬فحتى يكون تعليق الدول األطراف إللتزاماتها بالنسبة للحقوق القابلــة‬
‫للمساس وللحقوق الموصـوفة مشـروعا ً ‪ ،‬يجب أن تتـوخى هـذه الـدول تحقيـق غايـة أو غـرض‬
‫مشروع من ذك ‪ ،‬فإن لم تتوافر مثل هذا الغرض‪ ،‬تعــذر القــول بوجــود مــبرر يســمح فعالً بتقييــد‬
‫الحقوق المحمية أو تعطيلها(‪.)249‬‬

‫ــ مبــدأ التناســب‪ ،‬ويمكن القــول بــأن هــذا المبــدأ‪ ،‬هــو من المبــادئ الــتي طورتهــا المحكمــة‬
‫األوروبية لحقوق اإلنسان بمناسبة ممارستها لوظيفتها المنوطة بهــا‪ .‬وتقــوم فكــرة التناســب في‬
‫مجال تقييد أو تعطيل الحقوق المحميــة على أســاس التــوازن العــادل بين متطلبــات أو مقتضــيات‬
‫الصالح العام وبين مقتضيات حقوق األفراد(‪.)250‬‬

‫أما فيما يتعلق بالحقوق القابلة للمساس‪ ،‬فإن المحكمة كشفت بوضوح عن مضمون مبدأ التناسب في‬
‫أحكامها الصادرة عنها ‪ ،‬فقد أوضحت أن فحص قانونيــة تقييـد أو تعطيــل أحـد هـذه الحقـوق أو أكـثر يتم‬
‫خالل مستويات ثالثه‪ :‬مدى استجابة التقييــد أو التعطيــل لحاجةاجتماعيــة ماســة ‪ ،‬مالئمــة التقييــد لهــدف‬
‫مشروع من األهداف المذكورة في اإلتفاقية لهــذه الغايــة ‪ ،‬وكفايــة األساســب المعطــاة من قبــل الســلطات‬
‫الوطنية لتبرير تدخل كهذا (‪.)251‬‬

‫وقبل أن نســتعرض القيــود والمخالفــات على ممارســة الحقــوق والحريــات األساســية في اإلتفاقيــة‬
‫األوروبية لحقوق اإلنسان‪ ،‬يجب أن نشير الى مجموعة من هذه الحقوق والحريات التي التقبل أي تقييــد‬
‫أوو مخالفة‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ٌ ) (248‬أقرت المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان بأن اإلعتراف والسوابق القضائية تصلح أساسا ً لتقيي‪$$‬د أو لتعطي‪$$‬ل الحق‪$$‬وق المحمي‪$‬ة في اإلتفاقي‪$‬ة ‪،‬‬
‫أنظر في هذا السياق حكم المحمة‪ECHER , Suday Times, V.UK (1979-1980),2 EHRR,245 :‬‬
‫‪. ECTHR, KOPP. V. SWEDEN (1999) , 27 EHRR,91,PARA 55 and 64 ) ( 249‬‬
‫‪. ECTHR, Soering, V.UK (1989) EHRR, 439,PARA 89 ) ( 250‬‬
‫‪. ECTHR, Sunday times, op, cit, para 50 ) ( 251‬‬

‫‪186‬‬
‫ــ الحق في الحياة ( المادة ‪.)2‬‬

‫ــ منع التعذيب والعقوبات أو المعامالت غير اإلنسانية أو المهنية (المادة ‪.)3‬‬

‫ــ منع العبودية واإلسترقاق (الفقرة األولى من المادة ‪.)4‬‬

‫ــ ال عقوبة من دون قانون (المادة ‪.) 7‬‬

‫ويجب أن نميّــز من ناحيــة‪ ،‬بين القيــود والمخالفــات على الحقــوق والحريــات الــتي تنص عليهــا هــذه‬
‫اإلتفاقية األوروربية‪ ،‬وبين التحفظات التي تقـدمها الـدول األطـراف في هـذه اإلتفاقيـة‪ ،‬من ناحيـة ثانيـة‪،‬‬
‫حيث تخضع هذه التحفظات لقواعد محددة ومعروفة في القانون الدولي‪.‬‬

‫كما ال يمكن من جهة ‪ ،‬اللجوء الى إستخدام القيـود والمخالفـات على الحقـوق والحريـات الـتي نصـت‬
‫عليها اإلتفاقية األوروبية بشكل تسعفي‪ ،‬وهو ما أوضحته المــادة (‪ )17‬من هــذه اإلتفاقيــة تحت عنــوان‪:‬‬
‫منــع التعســف في اســتعمال الحــق حيث نصــت على مــا يلي‪" :‬اليجــوز تأويــل أي حكم من أحكــام هــذه‬
‫اإلتفاقية على أنها تخول أية دولة أو جماعة أو فرد حق القيام بنشاط أو عمل يهــدف الى إهــدار الحقــوق‬
‫والحريات المقررة في هذه اإلتفاقية‪ ،‬أو فرض قيود على هذه الحقوق والحريات أكثر من تلك التي نصت‬
‫عليها اإلتفاقية"‪.‬‬

‫يوجد هناك إذن مجموعة من القيود المفروضة على الحقـوق والحريـات الـتي نصـت عليهـا اإلتفاقيـة‬
‫األوروبيــة (أوالً) ‪ ،‬وش روط فــرض هــذه القيــود (ثانيـاً) ‪ ،‬وبينت هــذه اإلتفاقيــة أيضـا ً من هم األشــخاص‬
‫المعنيين بهذه القيود (ثالثاً) ‪ ،‬وتطرقت أخيراً الى مخالفة هذه الحققو والحريات (رابعاً)‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬أنواع القيود المفروضة على الحقوق والحريات السياسية‬

‫هناك مجموعة من الدوافع التي تجــيز فــرض القيــود على الحقــوق والحريــات المنصــوص عليهــا في‬
‫اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان ‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫األمن الوطني‬ ‫‪‬‬


‫األمن العام‬ ‫‪‬‬
‫النظام العام‬ ‫‪‬‬
‫الصحة العامة‬ ‫‪‬‬
‫األخالق العامة‬ ‫‪‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬شروط فرض القيود على الحقوق والحريات السياسية‬

‫‪187‬‬
‫واليكفي‪ ،‬من جهة ثانية‪ ،‬تحديد الدوافع التي تجيز فــرض القيــود على الحقــوق والحريــات ‪ ،‬بــل يجب‬
‫أيضا ً فرضها تبعا ً لشروط محددة ‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫أ‪ .‬إجراءات نص عليها القانون‬

‫لقد تبين من إجتهادات المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان بأن اإلجراءات التي تتخذ لفرض مثــل‬
‫هذه القيود يجب أن ينص عليها "القــانون" ‪ ،‬بمعــنى أنــه بإمكــان أي مــواطن مراجعــة هــذا القــانون‬
‫واإلطالع عليه‪ ،‬وأن يكون مضــمون هـذا القــانون واضــحا ً بشــكل يســمح للمواطــنين بمعرفــة مــا لهم‬
‫وعليهم(‪.)252‬‬

‫إجراءات ضرورية في مجتمع ديمقراطي‬ ‫ب‪.‬‬

‫ويجب أيض ـا ً أن تكــون اإلجــراءات المتخــذة بقصــد تقييــد الحقــوق والحريــات "ضــرورية" في‬
‫"مجتمع ديمقراطي"‪ .‬بمعنى آخر‪ ،‬أن تأخذ إجــراءات التقييــد هــذه بشــكل يتناســب مــع الهــدف الــذي‬
‫تسعى اإلتفاقية األوروربية لتحقيقه‪ ،‬أال وهو حماية حقوق اإلنسان وحرياته األساسية‪ ،‬لــنرى بعــدها‬
‫فيما إذا كـانت بالفعـل ضـرورية أم ال؟‪ .‬كمـا حـددت عناصـره إجتهـادات المحكمـة األوروبيـة لحقـوق‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫ثالثا ً ‪ :‬األشخاص المعنيين بالقيود المفروضة على الحقوق والحريات‬

‫يتضح من مراجعة كــل من المــادتين ( ‪ 1‬و ‪ ) 14‬من اإلتفاقيــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان‪ ،‬بأنــه‬
‫التتضمن بشكل عام‪ ،‬أية قيود مفروضة على أشخاص معيــنين‪ .‬ولكن توجــد‪ ،‬في المقابــل‪ ،‬مجموعــة‬
‫من القيود التي تعد من القيود الشخصية التي نصت عليها اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان‪ ،‬وهي‬
‫تتمثل في‪:‬‬

‫القيود على النشاط السياسي لألجانب‬ ‫أ‪.‬‬

‫تنص المادة (‪ )16‬من اإلتفاقية األوروبية على ما يلي‪" :‬اليجوز إعتبــار أحكــام المــواد ‪، 10‬‬
‫‪ 11‬و ‪ 14‬على أنهــا تمنــع األطــراف الســامية المتعاقــدة من فــرض قيــود على النشــاط الســياي‬
‫لألجــانب"‪ .‬وتتعلــق المــادة (‪ )10‬بحريــة التعبــير‪ ،‬والمــادة (‪ )11‬بحريــة اإلجتمــاع وتكــوين‬
‫الجمعيات‪ ،‬والمادة (‪ )14‬بمنع التمييز ــ وقد سبق أن تطرقنا بالتفضيل لهذه المواد ــ (‪.)253‬‬

‫ب ‪.‬القيود المفروضة على أفراد القوات المسلحة أو الشرطة‪،‬أو إدارة الدولة‬

‫‪. ) (252‬سرحان عبدالعزيز ‪ ،‬اإلتفاقية األوروبية لحماية حقوق اإلنسان والحريات األساسية والقواعد المكملة لها طبقا ً للمبادئ العامة للقانون‬
‫الدولي ‪ ،‬دار النهضة المصرية ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬بدون تاريخ ‪ ،‬ص ‪. 54‬‬
‫‪ ) (253‬سرحان عبدالعزيز ‪ ،‬اإلتفاقية األوروبية لحماي‪$$‬ة حق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان والحري‪$$‬ات األساس‪$$‬ية والقواع‪$‬د المكمل‪$$‬ة له‪$$‬ا طبق‪$‬ا ً للمب‪$$‬ادئ العام‪$$‬ة للق‪$$‬انون‬
‫الدولي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 54‬‬

‫‪188‬‬
‫أوضحت الفقرة الثانية من المادة الحادية عشر من اإلتفاقية األوروبية بأنه لألطراف السامية‬
‫المتعاقــدة أن تفــرض قيــوداً على ممارســة أفــراد القــوات المســلحة أو الشــرطة أو إدارة الدولــة‬
‫للحقوق المنصوص عليهــا في الفقــرة األولى من المــادة الحاديــة عشــر أي حريــة المشــاركة في‬
‫اإلجتماعات السلمية‪ ،‬وحرية تكوين الجمعيات‪ ،‬وحرية إنشاء النقابات واإلنضمام إليها‪.‬‬

‫ويجب أخيراً‪ ،‬وبمقتضى ما نصت عليــه المــادة (‪ )18‬من اإلتفاقيــة األوروبيــة‪ ،‬أال يتم تطــبيق‬
‫القيــود على الحقــوق والحريــات المنصــوص عليهــا في هــذه اإلتفاقيــة إال لتحقيــق الهــدف الــذي‬
‫وضعت من أجله‪ ،‬ويتم ذلك تحت إشراف المحكمة األوروربية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫رابعا ً‪ :‬مخالفة الحقوق والحريات‬

‫أوضحت المادة الخامسة عشر من اإلتفاقية األروروبية لحقوق اإلنســان‪ ،‬وعنوانهــا ‪" :‬الخــروج عن‬
‫اإلتفاقيــة في حــاالت الطــوارئ" الحــاالت الــتي يجــوز فيهــا مخالفــة مــا تضــمنته من حقوقــو وحريــات‪،‬‬
‫ومضمون هذه المخالفة وشروطها‪ ،‬حيث نصت على ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬في حالة الحرب أو أي خطر عام آخر يهدد حياة األمة ‪ ،‬يجوز ألي طــرف متعاقــد ســام أن‬
‫يتخذ تدابير خارجة عن اإللتزامــات المنصــوص عليهــا في هــذه اإلتفاقيــة‪ ،‬وفي أضــيق الحــدود‬
‫التي يتطلبها الوضع وبشرطة أال تتنــاقض هــذه التــدابير مــع بقيــة اإللتزامــات القائمــة بمــوجب‬
‫القانون الدولي‪.‬‬

‫‪ .2‬ال تجيز األحكامـ الســابقة أي مخالفــة أو الخــارج عن المــادة الثانيــة‪ ،‬إال في حالــة الوفــاة‬
‫الناتجة عن أعمال حربية مشروعة‪ ،‬وال عن المواد (‪ 3‬و ‪ ) 4‬الفقرة ‪ 1‬و ‪.) 7‬‬

‫‪ .3‬يُخطر أي طرف متعاقد سام يمارس حق المخالفة‪ ،‬األمين العام لمجلس أوروبا بالتدابير‬
‫المتخذة والدوافع التي دعت إليها‪ .‬ويجب عليه أيضا ً إبالغ األمين العام لمجلس أوروبــا بتــاريخ‬
‫وقف سريان هذه التدابير ‪ ،‬ومن ثم تطبيق احكامـ اإلتفاقية تطبيقا ً كامالً‪.‬‬

‫* حاالت مخالفة الحقوق والحريات‬

‫يتضح من مراجعـة الفقـرة األولى من المـادة الخامسـة عشـر من اإلتفاقيـة األوروربيـة‪ ،‬بـأن‬
‫الحاالت التي تجيز مخالفة الحقوق والحريات التي نصت عليها هي‪ :‬حالة الحرب أو الخطر العام‬
‫الذي يهدد حياة األمة‪.‬‬

‫* شروط مخالفة الحقوق والحريات‬

‫‪189‬‬
‫لقد أوضــحت أيض ـا ً الفقــرة األولى من المــادة (‪ )15‬من اإلتفاقيــة األوروبيــة شــروط مخالفــة‬
‫الحقوق والحريات التي نصت عليها‪ ،‬وهي (‪:)254‬‬

‫يجب أن تتم هذه المخالفة في أشيق الحدود التي يتطلبها الوضع‬ ‫أ‪.‬‬

‫فال يجــوز للــدول األطــراف في اإلتفاقيــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان أن تخــالف الحقــوق‬
‫والحريات المنصوص عليهــا شــكل عــام‪ ،‬بــل يجب أن يتم ذلــك في أضــيق الحــدود الــتي يتطلبهــا‬
‫الوضع الذي سمح بمثل هذه المخالفة كالخطر الذي يهدد حياة األمة‪ .‬وتقوم المحكمــة األوروبيــة‬
‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬ومن خالل ما يصلها من قضايا‪ ،‬بالتحقق من هذا الشــرط ‪ ،‬فالمخالفــة تتم تحت‬
‫رقابتها‪ ،‬وهو ما نستخلصه من مختلف إجتهاداتها‪.‬‬

‫يجب أن التتناقض التدابير التي تتخذ مع بقية اإللتزامات المنبثقة عن القانون الدولي‬ ‫ب‪.‬‬

‫فما حددته اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان من حقوق وحريات اليجوز المساس بحــد ذاتــه ‪ ،‬وهــو‬
‫يعد الحد الدنى من اإللتزامات التي يجب أن تخضع لها الدول األطراف في هذه اإلتفاقية‪.‬‬

‫بمعنى أخر‪ ،‬ما تنص عليه اإلتفاقيات الدولية األخرى والتي تحمل حقوق اإلنســان مثــل العهــد الــدولي‬
‫الخــاص بــالحقوق المدنيــة والسياســية لعــام ‪1966‬م‪ ،‬واإلتفاقيــات الخاصــة بالقــانون الــدولي اإلنســاني‬
‫كإتفاقيات جنيف لعام ‪1949‬م‪ ،‬والملحقات المضــافات إليهــا لعــام ‪1977‬م ‪ ،‬يجب أن تؤخــذ بعين اإلعتبــار‬
‫من قبل هذه الدول بحيث اليجوز لها أن تقوم بمخالفة الحقوق والحريات المنصوص عليها في اإلتتفاقيــة‬
‫األوروبية بشكل يناقض ما نصت عليه مختلف هذه اإلتفاقيات الدولية‪.‬‬

‫ج‪ .‬يجب أن ال تؤثر المخالفات على "النواة األساسية" لحقوق اإلنسان‬

‫المقصود هنــا بــالنواة األساســية هي الحقــوق والحريــات الــتي عرضــنا لهــا في بدايــة هــذا المطلب ــ‬
‫المطلب الثاني ــ ‪ ،‬ونعني بها‪ :‬الحق في الحاية (المادة ‪ ،)2‬ومنع التعذيب والعقوقبات أو المعامالت غــير‬
‫اإلنسانية أو المهنية (المادة ‪ ،) 3‬ومنع العبودية واإلسترقاق (الفقــرة األولى من المــادة ‪ ، ) 4‬وأخــيراً ال‬
‫عقوبة من دون قانون (المادة ‪.)7‬‬

‫د‪ .‬المساس بالحقوق والحريات‬

‫واليجوز المساس بهذه الحقوق والحريات والضمانات في أي حــال من األحــوال‪ ،‬وال اإلعتــداء عليهــا‬
‫بأي شكل من األشــكال‪ ،‬ومهمــا تعرضــت حيــاة األمــة للكــوارث أو األمن للتهديــد أو النظــام للخظــر ‪ ،‬فال‬

‫‪ ) ( 254‬محمد أمين الميداني ‪ ،‬الحماية الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬منشورات المركز العربي‪ ،‬ستراسبورغ‪ ،2018 ،‬ص ‪.86‬‬

‫‪190‬‬
‫يجوز ذلك اإلعتداء على الحياة‪ ،‬أو ممارسة التعذيب‪ ،‬أو إسترقاق أو إخضاع أحد للعبوديــة‪ ،‬أو محاكمتــه‬
‫بدون نص قانوني‪ .‬ومن هنا جاء تسمية هذه الحقوق بإســم "النــواة األساســية" لحقــوق اإلنســان‪ ،‬حيث‬
‫تتوسع إتفاقيات دولية أو إقليمية في تضمين هذه النـواة مجموعــة من الحقـوق والحريــات تزيــد وتنقص‬
‫حسب ما تضمنته من مواد وفقرات (‪.)255‬‬

‫هـ ‪ .‬اإلخطار عن المخالفات‬

‫ويجب أن نضيف أخيراً بأن كل طرف في اإلتفاقية األوروبية‪ ،‬والذي يقوم بمخالفة الحقوق والحريات‬
‫التي تحميها هذه األخيرة‪ ،‬وحسب مــا نصــت عليــه الفقــرة (‪ )3‬من المــادة (‪ ،)25‬عليــه أن يخطــر األمين‬
‫العام لمجلس أوربا باألسباب التي دعت لمخالفــة هـذه الحقــوق والحريــات واإلجــراءات المتخــذة في هـذا‬
‫الخصوص‪ ،‬هذا من جهة‪ .‬ويجب عليه من جهة ثانية‪ ،‬إعالم األمين العام بتـاريخ توقـف هـذه اإلجـراءات‬
‫وعودة األمور الى مجراها الطبيعي‪ ،‬ومن ثم تطبيق أحكام اإلتفاقية بشكل كامل(‪.)256‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬اإلتفاقية األوروربة الخاصة‬

‫باإلضافة الى اإلتفاقيتين العامتين السابقتين‪ ،‬فإنه توجد عدة إتفاقيات خاصة تهدف الى حماية حقــوق‬
‫معينة وهذه اإلتفاقيات األوروبية الخاصة هي‪:‬‬

‫‪ .1‬إتفاقية حماية األفراد‪ ،‬فيما يتعلق بالمعالجة التلقائية للبيانات الشخصية‪ ،‬والتي أعتمدت‬
‫في ‪ 28‬يناير ‪1981‬م‪ ،‬دخلت حيّز التنفيذ في فاتح أكتوبر ‪1985‬م‪.‬‬

‫‪ .2‬اإلتفاقية األوروبيــة لمنــع التعــذيب والمعاملــة الالإنســانية أو المهنيــة أو العقــاب‪ ،‬والــتي‬


‫أعتمــــدت في ‪ 26‬نوفمــــبر ‪1987‬م‪ ،‬والــــتي دخلت حيّــــز النفــــاذ في فــــاتح فــــبراير ‪1989‬م‬
‫وبروتوكوالتها اآلتية‪:‬‬

‫* البروتوكول رقم (‪ )1‬إلتفاقية منع التعذيب والمعاملة أو العقوبةـ ألال إنسانية والمعنية لسنة‬
‫‪1993‬م‪ ،‬المتلعق باإلنضمام لإلتفاقية من قبل دولة غير عضو في مجال أوروبا‪.‬‬

‫‪Alsonn. M ,The hiarchy if sources of international law, 47 Britishe Yearbook of international law Revue, ) ( 255‬‬
‫‪. 1980, p 123‬‬
‫‪ ) (256‬مراجع كال من‪:‬‬
‫ـ محمد أمين الميداني‪ ،‬الحماية الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫ــ عبدهللا خير الدين‪ ،‬اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان ودورها في تفسير وحماية الحقوق والحريات األساسية لألفراد والجماعات‪ ،‬الهيئة المصرية‬
‫العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة ‪1991 ،‬م‪ ،‬ص ‪. 106‬‬

‫‪191‬‬
‫* البروتوكول رقم (‪ )2‬إلتفاقية منــع التعــذيب والمعاملــة أو العقوبـةـ الال إلنســانية والمهنيــة‬
‫لسنة ‪1993‬م‪ ،‬والمتعلق بالسماح ألعضاء لجنة منع التعــذيب من أن ينتخبــوا مــرتين ولكن ليس‬
‫لمدة أكثر من ست سنوات‪.‬‬

‫‪ .3‬اإلتفاق األوربي حول إنتفاء المسؤولية عن الالجئين‪ ،‬والذي تم إعتماده في ‪ 16‬أكتوبر‬


‫‪1980‬م‪ ،‬ودخل حيّز التنفيذ في فاتح نوفمبر ‪1980‬م‪.‬‬

‫‪ .4‬إتفاقية حول مشاركة األجانب في الحياة العامــة على المســتوى المحلــق لســنة ‪1992‬م‪،‬‬
‫والتي دخلت حيّز التنفيذ في فاتح من مايو ‪1996‬م‪.‬‬

‫‪ .5‬اإلتفاقية األوروبية للوضع القانوني للعمال المهــاجرين‪ ،‬والــتي أعتمــدت في ‪ 24‬نوفمــبر‬


‫‪1977‬م‪ ،‬ودخلت حيّز التنفيذ في الفاتح من مايو ‪1983‬م‪.‬‬

‫‪ .6‬إتفاقية حماية األقليات القومية‪ ،‬والتي أعتمدت في الفاتح من نوفمبر‬


‫‪1995‬م ‪ ،‬ودخلت حيّز النفاذ في الفاتح من فبراير ‪1998‬م‪.‬‬

‫‪ .7‬الميثاق األوروبي للغات اإلقليمية ولغات األقليــة‪ ،‬والــذي أعتمــد في ‪ 5‬نوفمــبر ‪1992‬م‪،‬‬
‫ودخل حيّز التنفيذ في فاتح مارس ‪1998‬م‪.‬‬

‫‪ .8‬اإلتفــاق األوروبي إللغــاء تأشــيرات المهــاجرين‪ ،‬والــذي أعتمــد في ‪ 20‬ابريــل ‪1959‬م‪،‬‬


‫ودخل حيّز التنفيذ في ‪ 4‬سبتمبر ‪1960‬م‪.‬‬

‫‪ .9‬اإلتفاقيــة األوروبيــة للوضــع القانونيلألطفــال المولــودين خــارج نطــاق الزوجيــة‪ ،‬والــتي‬


‫أعتمدت في ‪ 15‬أكتوبر ‪1975‬م ودخلت حيّز التنفييذ في ‪ 11‬أغسطس ‪1978‬م‪.‬‬

‫‪ .10‬البروتوكول الملحق بالتقنين األوروبي لألمن اإلجتماعي ‪ ،‬والذي أعتمد في ‪ 16‬ابريــل‬


‫‪1964‬م ‪ ،‬ودخل حيّز النفاذ في ‪ 17‬مارس ‪1968‬م‪.‬‬

‫‪ .11‬اإلتفاقية األوروربية لألمن اإلجتماعي ‪ ،‬والتي أعتمدت في ‪ 14‬ديسمبر ‪ 1972‬م ‪،‬‬


‫ودخلت حيّز النفاذ في الفاتح من مارس ‪1974‬م‪.‬‬

‫‪ .12‬الإلتفاق التكميلي لتطبيق اإلتفاقية األوروربية لألمن اإلجتماعي ‪ ،‬والذي أعتمد في ‪14‬‬
‫ديسمبر ‪1972‬م ‪ ،‬ودخل حيّز النفاذ في فاتح ديسمبر ‪1977‬م‪.‬‬

‫‪ .13‬الميثاق اإلجتماعي األوروبي (المعــدل)‪ ،‬لســنة ‪1996‬م‪ ،‬ودخــل حيّــز النفــاذ في ‪ 7‬ينــاير‬
‫‪1999‬م‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫كما سبقت اإلشارة وبعد أن تطرقنا الى الحق وق السياس ية في الق انون ال دولي االوربي وال ذي‬
‫يبدو أنه قد نص على مجوعة من الضمانات الدولية في ه ذا المج ال س نحاول في الف رع الث اني‬
‫ابراز معالم الحقوق السياسية في القانون الدولي األمريكي لحقوق االنسان‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحقوق السياسية في القانون الدولي األمريكي لحقوق اإلنسان‬

‫خالفا ً للنظام األوروبي لحماية حقوق اإلنسان‪ ،‬ال تملك الدول األمريكية ســوى منظمــة إقليميــة واحــدة‬
‫رئيســية‪ ،‬وهي بالنتيجــة صــاحبة الــدور األكــثر أهميــة ومركزيــة في مجــال حمايــة حقــوق اإلنســان على‬
‫مستوى الدول األمريكية‪ ،‬فالنظام األمريكي أو نظام الـدول األمريكيـة لحمايـة حقـوق اإلنسـان مرتبـط في‬
‫األسـاس بمنظمـة الـدول األمريكيـة الـتي أنشـأت سـنة ‪1948‬م‪ ،‬وتتـألف المنظمـة اآلن من (‪ )35‬دولـة ‪،‬‬
‫ويستند نشاطها الخاص بحماية حقوق اإلنسان على دعامتين هما‪ :‬ميثاق منظمة الدول األمريكية ذاتهــا‪،‬‬
‫واإلتفاقية األمريكية لحماية حقوق اإلنســان والــتي صــادقت عليهــا الى حــد اآلن من الــدول األعضــاء في‬
‫المنظمة (‪ )25‬دولة‪ ،‬ويضاف الى هذين الصكين اإلعالن األمريكي لحقوق اإلنسان وواجباته الذي جــرى‬
‫إعتماده في مــؤتمر بوغاتــا ســنة ‪1948‬م‪ ،‬أي في المــؤتمر ذاتــه الــذي أعتمــد فيــه ميثــاق منظمــة الــدول‬
‫األمريكيــة ‪ ،‬كمــا طــورت الــدول األمريكيــة نظامهــا المتعلــق بحمايــة اإلنســان من خالل إبــرام عــدد من‬
‫اإلتفاقيات الدولية األخرى في هذا المجال مؤكدة بذلك اهتمامها المتزايد بهاته الحقوق‪.‬‬

‫العنصر األول‪ :‬اإلتفاقية األمريكية لحماية حقوق اإلنسان (ميثاق سان خوسيه )‬

‫لقد نص ميثـاق الــدول األمريكيــة على أن من أحــد المبــادئ الــتي تســير عليهــا المنظمــة وتلــتزم بهــا‬
‫األعضاء هو "إحترام الحقوق األساسية للفرد بدون تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو العقيد أو النوع"‬
‫‪ .‬كمــا نص الميثـاق أيضـا ً على أن " كـل دولـة لهـا الحـق في أن تنمي بحريـة وبصــفة طبيعيـة ‪ ،‬حياتهـا‬
‫الثقافيــة والسياســية واإلقتصــادية‪ ،‬وفي هــذه التنميــة الحــرة يجب على الدولــة أن تحــترم حقــوق الفــرد‬
‫ومبادئ األخالق العالمية(‪.)257‬‬

‫وكان من أهم األسس الرئيسية لهذه المنظمة اإلقليمية هو األخذ بمبدأ عدم التدخل(‪ .)258‬وبما أن لهــذه‬
‫النصوص صــفة اإللــزام لجميــع الــدول األعضــاء في المنظمــة‪ ،‬فهي تضــع إلتزامـا ً على الــدول األعضــاء‬
‫بإحترام حقوق األفراد‪.‬‬

‫‪ ) (257‬ميثاق‪ $‬منظمة الدول األمريكية (المادتين‪.)16 ، 3 :‬‬


‫‪D. T Fox, Doctrinal Development in the America: from Non-intervention to collective Support for Human ) ( 258‬‬
‫‪. Rights, New Tork University , Journal of International Law and Politics,Vol, n 1, April 1986, p48‬‬

‫‪193‬‬
‫وتجد المالحظة في هذا الصدد‪ ،‬أن الميثاق لم يحدد على وجه اليقين ما هو المقصود بحقوق األفراد ‪،‬‬
‫إال أنه صدر عن المؤتمر الــذي أقــر ميثــاق المنظمــة "اإلعالن األمــريكي لحقــوق وواجبــات اإلنســان" ‪،‬‬
‫والذي يحدد بوضوح هذه الحقوق‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫منذ صدور اإلعالن األمريكي لحقوق وواجبات اإلنسان في ‪ 2‬مايو ‪1948‬م‪ ،‬من قبل المــؤتمر الــدولي‬
‫التاســع للــدول األمريكيــة‪ ،‬وجــد أنــه يتضــمن نطاق ـا ً واســعا ً من الحقــوق والواجبــات (مدنيــة وسياســية‬
‫وإقتصــادية وإجتماعيـة وثقافيـة)‪ ،‬ويهـدف الى أن حمايـة البشــر ليس فقــط في حـاالت معيّنــه‪ ،‬كمــا كـان‬
‫موجوداً في السالف‪ ،‬ولكن في كل الحاالت وفي كل نــواحي النشــاط اإلنســاني‪ ،‬ومن ثم فقــد نص اإلعالن‬
‫على الحقوق التالية‪ " :‬الحق في الحياة‪ ،‬والحرية‪ ،‬وأمن الشخص‪ ،‬والمساواة أمام القــانون‪ ،‬والحــق في‬
‫اإلقامة والتنقل‪ ،‬وفي المحاكمة العادلة‪ ،‬والحماية من القبض التعسفي‪ ،‬والحـق في الجنســية والشخصــية‬
‫القانونيــة‪ ،‬واللجــوء‪ ،‬وحريــة الــدين والتعبــير واإلجتمــاع وتكــوين الجمعيــات‪ ،‬والحــق في التصــويت‬
‫والمشــاركة في الحكم‪ ،‬والحــق في الشــكوى للســطة المختصــة‪ ،‬والحــق في تكــوين أســرة‪ ،‬والحــق في‬
‫الخصوصية‪ ،‬والملكية والصحة والتعليم والثقافة‪ ،‬والعمل وأوقات الراغ واألمن اإلجتماعي"‪.‬‬

‫أما الواجبات فتشمل واجبات األفراد تجاه المجتمع وتجاه األطفال واألباء وفي تلقي الشــخص التعليم‪،‬‬
‫وأن يدلي بصوته‪ ،‬وأن يطيع القانون‪ ،‬وأن يخــدم الجماعــة واألمــة‪ ،‬وأن يــدفع الضــرائب وأن يعمــل وأن‬
‫يحترم الرفاهية واألمن االجماعي واإلجتمــاعي‪ ،‬وأن يمتنــع عن النشــاطات السياســية المحظــورة في أي‬
‫دولة أجنبية‪.‬‬

‫وفي البداية تم أقرار اإلعالن على أنه إعالن صادر عن مؤتمر غــير ملــزم‪ ،‬أي ال أثــر لــه من الناحيــة‬
‫القانونية‪ ،‬ثم وبأسلوب متدرج تغيّر الوضع القانوني لإلعالن األمريكي وأصبح ينظر إليه على أنه تفسير‬
‫المعتمــد للحقــوق األساســية للفــرد‪ ،‬كمــا وردت في ميثــاق المنظمة(‪ ، )259‬وبهــذا اإلطــار أقــر المحكمــة‬
‫األمريكية لحقوق اإلنسان برأي إستشاري لها أنه "بالنسبة للدول األعضاء في منظمــة الــدول األمريكيــة‬
‫فإن اإلعالن هو النص الذي يعرف حقوق اإلنســان المشــار إليهــا في الميثــاق‪ ،‬أي أن اإلعالن يكــون هــو‬
‫مصدر اإللتزامات الدولية المتعلقة بالمنظمة"‪.‬‬

‫لقد أصدرت منظمــة الــدول األمريكيــة اإلتفاقيــة األمريكيــة لحقــوق اإلنســان في ســان خوســيه في ‪22‬‬
‫نوفمبر ‪1969‬م‪ ،‬وقد دخلت حيّز التنفيذ في ‪ 18‬يوليــو ‪1978‬م‪ ،‬بعكس ميثــاق المنظمــة الــذي يعــد ملزمـا ً‬
‫لكل الدجول األعضاء‪ ،‬فإن اإلتفاقية ملزمة فقط للدول األطراف فيه‪.‬‬

‫‪ ) ( 259‬المادة (‪ )51‬من ميثاق منظمة الدول األمريكية‬

‫‪194‬‬
‫وتســتمد اإلتفاقيــة العديــد من أحكامهــا من اإلعالن األمــريكي لحقــوق اإلنســان وواجباتــه‪ ،‬فضـالً عن‬
‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والعهدين الدوليين لحقوق اإلنسان لسنة ‪1966‬م (‪.)260‬‬

‫ولتحليل مضمون هذه اإلتفاقية واإلستثناءات الواردة فيها‪ ،‬البد من الوقوف على مضــامين اإلتفاقيــة‪،‬‬
‫من خالل الفقرة األولى‪ .‬وإمكانية التحلل من بعض أحكامها‪ ،‬في فقرة ثانية ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مضامين اإلتفاقية‬

‫تتضمن اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان‪ ،‬وعلى غرار اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنســان‪ ،‬مقدمــة‬
‫توضح بان حقوق اإلنسان األساسية مردها الى الصفات المييزة للشخصــية اإلنســانية‪ ،‬فهي التسـتمد من‬
‫كون الشــخص مواطنـا ً والتســتمدج البتــة الى الجنســية‪ ،‬وقــد أكــدت ديباجــة اإلتفاقيــة كــذلك على الطــابع‬
‫اإلحتيــاطي أو الفــرعي للحمايــة المقــررة بمقتضــاها‪ ،‬فاإلتفاقيــة "تــدعم أو تكمــل الحمايــة الــتي توفرهــا‬
‫القواين الداخلية للدول األمريكية "‪ .‬ويعالج الباب األول من اإلتفاقية واجبات الــدول األطــراف والحقــوق‬
‫المحمية (‪.)261‬‬

‫ونستطيع القول أن اإلتفاقية قد إعترفت بجهة الحقوق المدنية والسياسية ذات الحقوقو المعـترف بهـا‬
‫في اإلتفاقيات العالمية واإلقليمية األخرى‪ ،‬ولكنها من جهة أخرى اعترفت بعدد من الحقوق الــتي لم يــرد‬
‫لها ذكر في اتفاقية األوروربية لحقوق اإلنســان والــبروتوكوالت الملحقــة بهــا من بينهــا‪ :‬الحــق في عــدم‬
‫الخضوع للرقابة المسبقة على حرية الفكــر والتعبــير (المــادة ‪ ، )13‬الحــق في التصــحيح والــرد لكــل من‬
‫تأذى جراء أوقوال أو أفكار غير دقيقة أو جارحة نشرتها على الجمهور وســيلة إتصــال ينظمهــا القــانون‬
‫مستخدما ً وسيلة اإلتصال ذاتها وبالشروط التي يحددها القانون (المادة ‪ ،)14‬وحق المساواة بين األطفال‬
‫الذين يولدين ضــمن نطــاق الزوجيــة واألطفــال الــذين يولــدون خــارج الزوجيــة (المــادة ‪ ،)17‬كمــا أقــرت‬
‫اإلتفاقية الحق في جنسية ما ‪ ،‬وبحــق الفــرد في جنســية الدولــة الــتي يولــد فيهــا أذا لم يكن لــه الحــق في‬
‫جنسية أخرى (المادة ‪.)20‬‬

‫وتغفل اإلتفاقية ‪ ،‬خالفا ً للعهــد الــدولي الخــاص في الحقــوق المدنيــة والسياســية‪ ،‬اإلشــارة إلى حقــوق‬
‫الشعوب في تقرير المصير وإلى حقوق األقليات‪ ،‬وقد أقرت الجمعية العامة لمنظمة الدول األمريكية ســنة‬
‫‪1989‬م إتفاقيــة خاصــة بحقــوق الشــعوب األصــليين‪ .‬أمــام بالنســبة للحقــوق اإلقتصــادية واإلجتماعيــة‬
‫والثقافية‪ ،‬فإنها توجب على الدول األطراف فيها إتخاذ التدابير التي تؤمن هذه الحقوق تدريجيا ً ‪ ،‬ولكنهــا‬
‫التحدد هذه الحقــوق‪ ،‬وإنمــا تحيــل هـذا الخصــوص إلى ميثــاق منظمــة الــدول األمريكيــة المعـدّل بمــوجب‬
‫بروتوكول بيونيس آيرس (المادة ‪.)26‬‬
‫‪ ) (260‬انظر نص اإلتفاقية في ‪International Legal Materials (ILM) Vol 9, 1970 , p99‬‬
‫‪ ) (261‬تناولت اإلتفاقية في الباب الثاني منها‪ $‬وسائل الحماية‪ ،‬حيث يتضمن الباب المذكور األحكام الخاصة باللجنة الدولية لحقوق اإلنسان ومحكمة‬
‫الدول األمريكية لحقوق اإلنسان‪ ،‬وهما الهيئتان اللتان عهدت إليهما اإلتفاقية بتشجيع‪ $‬وحماية حقوق اإلنسان على صعيد القارة األمريكية‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫وتقر اإلتفاقية بالعالقة القائمة بين حقــوق اإلنســان وواجباتــه‪ ،‬ولهــذا تؤكــد المــادة (‪ )32‬على أن كــل‬
‫شخص مسؤول إتجاه أسرته ومجتمعه والبشرية جمعاء‪ ،‬وأن حقوق كـل شـخص في مجتمـع ديمقـراطي‬
‫مقيّدة بحقوق األخرين‪ ،‬وباألمن الجماعي وبالمتطلبات المصلحة العامة‪.‬‬

‫وتتضمن اإلتفاقية شرطا ً إصطالح على تسميته بالبند اإلتحادي أو الفيدرالي‪ ،‬وبموجبـه يسـمح للـدول‬
‫اإلتحادية التي تصبح طرفا ً في اإلتفاقية أن تقصر إلتزامها على األحكــامـ الــتي تــدخل موضــوعاتها ضــمن‬
‫صــالحياتها التشــريعية والقضــائية (المــادة ‪ )28‬وقــد وضــع هــذا الشــرط بضــغط من الواليــات المتحــدة‬
‫األمريكية التي أوضحت في حينها أن مشاركتها في اإلتفاقية رهينٌ بإدراج نص كهذا في اإلتفاقية (‪.)262‬‬

‫وكخالصة فالمالحظــة المهمــة فيمــا يخص الحقــوق المحميــة‪ ،‬فــإن اإلتفاقيــة األمريكيــة كاإلتفاقيــة‬
‫األوروبيــة‪ ،‬كرســت نفســها لحمايــة الحقــوق المدنيــة والسياســية‪ ،‬فلم تتعــرض للحقــوق اإلقتصــادية‬
‫واإلجتماعية والثقافية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إمكانية التحلل من بعض أحكام اإلتفاقية‬

‫تُجيز اإلتفاقيــة لحقــوق اإلنســان‪ ،‬وعلى شــاكلة اإلتفاقيــات الدوليــة األخــرى لحقــوق اإلنســان‪ ،‬للــدول‬
‫األطراف في أوقات الحرب أو الخطر العام أو غيرها من الحاالت الطارئــة الــتي تهــدد إســتقالل الدولــة أو‬
‫أمنها أو ســالمة أراضــيها‪ ،‬أن تتخــذ إجــراءات تحــد من إلتزاماتهــا بمــوجب اإلتفاقيــة‪ ،‬ولكن فقــط بالقــدر‬
‫وخالل المدة اللذين تقتضيهما ضرورات الوضع الطارئ‪.‬‬

‫وعلى كل دولة قامت بهذا التحلل أن تعلم فوراً سائر الدول األطراف عن طريــق األمين العــام لمنظمــة‬
‫الدول األمريكية باألحكام التي علقت تطبيقها وأسباب ذلك التعليق والتاريخ المحدد إلنتهاءه (‪.)263‬‬

‫ولكن حق اإلسـتثناء اليشـمل هنـا مجموعـة كبـيرة من الحقـوق يتجـاوز عـددها الحقـوق الـتي يمتنـع‬
‫التحلــل منهــا بمــوجب اإلتفقايــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان والعهــد الــدولي الخــاص بــالحقوق المدنيــة‬
‫والسياسية‪ ،‬كما اليجوز تعليق الضمانات القضائية الالزمة لحمايــة هــذه الحقــوق والــتي تشــمكل كــل من‬
‫الحق في الشخصية القانونية (المادة‪ ،)3‬الحق في الحياة (المادة ‪ ،)4‬والحق في عــدم الخضــوع للتعــذيب‬
‫أو المعاملة لالإنسانية (المادة ‪ ،)5‬التحرر من العبودية (المــادة‪ ،)6‬مبــدأ عــدم رجعيــة القوانيــة الجزائيــة‬
‫(المادة ‪ ،)9‬حرية الضمير والدين (المادة ‪ ،)12‬الحقــوق العائليــة (المـادة ‪ ،)17‬الحــق في اإلســم (المــادة‬
‫‪ ،)18‬حقوق الطفل على عائلته ومجتمعه ودولته (المادة ‪.)19‬‬

‫‪. Dobbert. J.P: op- cite, p 141-142 ) ( 262‬‬


‫‪D.T Foe, Doctrinal Development in the America: From Non-intervention to collective Support for Human ) (263‬‬
‫‪Rithts, New Yourk University, Journal of International Law Politics, Vol 2, n 1, April 1986, p 81‬‬

‫‪196‬‬
‫وباإلضافة الى االتفاقية االمريكية لحقوق االنسان هناك اتفاقيات أخرى خاص ة ب إقرار حماي ة خاص ة‬
‫لهاته الحقوق وهو ما سنتطرق إليه في العنصر الثاني من هذه الدراسة‪.‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬اإلتفاقية األمريكية األخرى الخاصة لحماية حقوق اإلنسان‬

‫إن النظام األمريكي المعاصر لحماية اإلنسان ليس مقصــوراً على اإلتفاقيـة األمريكيـة والـبروتوكولين‬
‫الملحقين بهــا‪ ،‬بــل تبــني عــدداً من اإلتفاقيــات األخــرى تحمى الحقــوق اإلنســانية ألشــخاص معيــنين وفي‬
‫حاالت معيّنة والتي سوف نوضحها في الفقرات التالية ‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إتفاقية منع التعذيب والمعاقب عليه‬

‫فتحت هذه اإلتفاقية للتوقيع سنة ‪1985‬م ‪ ،‬ودخلت حيّز التفيذ في ‪ 28‬فبراير ‪1987‬م‪ ،‬وتقوم اإلتفاقية‬
‫بتعريــف التعــذيب وتحــدد مســؤولية األفـراد الــذين يقومــون بــإقتراف هـذه الجريمــة‪ ،‬وتقتضــي اإلتفاقيــة‬
‫بوجـوب قيـام الـدول بتـدريب ضـباط الشـرطة والمـوظفين العمومـيين اآلخـرين السـمؤولين عن حراسـة‬
‫الشــخاص بصــفة مؤقتــه أو المحــرومين من حــريتهم بصــفة نهائيــة من أجــل تحــريم إســتخدامـ التعــذيب‬
‫والقضاء ليه عند اإلستجواب أو اإلعتقال أوإلقاء القبض‪.‬‬

‫وتضمن الدول بموجب اإلتفاقية لكل شخص يــدعي بأنــه كــان ضــحية للتعــذيب داخــل نطــاق ســلطتهما‬
‫القضائية الحق في نظر حالته بشكل عادل‪ ،‬وأجازت اإلتفاقية لهذا الشخص بعد إستنفاذ كــل طــرق الطعن‬
‫المحلية ‪ ،‬أن يلجأ الى المحاكم الدولية التي تعترف الدولة التي وقع التعذيب ضمن واليتها بإختصاصها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلتفاقية بشان اإلختفاء القسري لألشخاص‬

‫تبنت الجمعية العامة لمنظمة الدول األمريكية هذه اإلتفاقية سنة ‪1994‬م‪ ،‬ودخلت حيّز التنفيــذ في ‪28‬‬
‫مارس ‪1996‬م‪ ،‬وأشارت اإلتفاقية الى أن اإلختفاء القسري لألشخاص يمثل إهانة للضمير وجريمــة ضــد‬
‫كرامة اإلنسان‪ ،‬وأنه يتعارض مع مبادئ ميثاق منظمة الدول األمريكية وأهدافه‪.‬‬

‫إن توصيف اإلختفاق القسري لألشخاص في اإلتفاقية بأنه جريمة ضد اإلنســانية يتفــق تمام ـا ً مــع مــا‬
‫ورد في المـادة (‪ / 7‬ط) من النظــام األساسـي للمحكمــة الجنائيـة الدوليــة لســنة ‪1998‬م‪ ،‬حيث عـد كـذلك‬
‫جريمة ضد اإلنسانية ‪ ،‬ولقد تم تعريف اإلختفاء القسري في المادة الثانية من اإلتفاقية بأنه‪:‬‬

‫"فعل حرمــان شــخص أو أشــخاص من حريتـه أو حـريتهم‪ ،‬أيـا ً مــا كـانت‪ ،‬يرتكبـه موظفـو الدولــة أو‬
‫أشــخاص الــذين يعملــون بتفــويض أو تأييــد أو موافقــة الدولــه‪ .‬ويتبــع ذلــك إنعــدامـ المعلومــات أو رفض‬
‫اإلعتراف بذلك الحرمان من الحرية‪ ،‬أو رفض إعطاء المعلومات عن مكان ذلك الشخص‪ ،‬ومن تم إعاقــة‬
‫لجوئه الى الوسائل القانونية واجبة التطبيق‪ ،‬واألمان اإلجرائية"‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫وقد تعهدت الدول األطــراف في اإلتفاقيــة بــأن التمــارس أو تــبيح اإلختفــاء القســري لألشــخاص حــتى‬
‫حاالت الطوارئ ‪ ،‬وتعهد كذلك بإتخاذ اإلجراءات التشريعية الهادفة الى تجريم اإلختفاء القسـري وفـرض‬
‫العقوبات المتناسبة مع خطورته الشديدة‪.‬‬

‫لم يقتصر االمر فقط على منظومة االتفاقيات الدولية ال تي خصص ت ح يزا مهم ا من الدراس ة للحق وق‬
‫االقتصادية بل نجد أن االمر كان محل نقاش مستفيض من قبل القانونين االفريقي والعربي لحقوق االنس ان‬
‫وهو االمر الذي يجعلنا نلقي نظرة عليه من خالل المطلب الموالي‪.‬‬

‫‪198‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬‬

‫الحقوق السياسية في القانونين الدوليين األفريقي والعربي لحقوق اإلنسان‬

‫الى جــانب تســليط الضــوء على منظومــة اإلتفاقيــات الدوليــة اإلقليميــة في كــل من اإلتحــاد األوروبي‬
‫واإلتحاد األمريكي‪ ،‬نود أيضا ً إبراز من جهة أخرى فلسفة وقيم حقوق اإلنسان عامة والحقوق السياسية‬
‫خاصة المتضمنة بكل من القانون الــدولي اإلقليمي اإلفــريقي (الف رع االول )‪ ،‬والقــانون الــدولي اإلقليمي‬
‫العربي (الفرع الثاني )‬

‫الفرع األول‪ :‬الحقوق السياسية في القانون الدولي األفريقي‬

‫تعرضت القــارة اإلفريقيــة عــبر تاريخهــا لمآســي وويالت قــل نظيرهــا في التــاريخ‪ ،‬فكــانت مرتعــا ً‬
‫لإلستعمال بأشد وأقصى صوره‪ ،‬وكانت محجا ً للدول اإلستعمارية والشعوب البيضاء بغيـة الحصـول على‬
‫الرقيق والثروات‪.‬‬

‫ولهــذا يعتــبر ســجل هــذه القــارة في مجــال حقــوق اإلنســان واحــداً من أســوأ الســجالت على الصــعيد‬
‫العالمي‪ ،‬إن لم يكن األسوأ على اإلطالق‪ ،‬وذلك بســبب اإلنتهاكــات الواســعة لحقــوق اإلنســان‪ ،‬كمــا أنهــا‬
‫عانت من نظم دكتاتورية طاغية وباطشة‪ ،‬ولقد أنكرت الدول اإلستعمارية أبسط حقوق اإلنسان وحرياتــه‬
‫األساسية على مواطني القارة األفريقية‪ ،‬على الرغم من أن اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان تجيز لكل‬
‫دولة أوروبية طرف فيها عنــد التصــديق أو في أي وقت الحــق‪ ،‬أن تعلن بإخطــار يوجــه الى األمين العــام‬
‫للمجلس األوروربي إنطباق أحكامها على األقليم التي تتولى الدولة المذكورة مباشرة عالقاتها الدولية‪.‬‬

‫ويستشف من ذلــك‪ ،‬أن الــدول األوروبيــة كــانت تنطلــق من أن اإلتفاقيــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان‬
‫التنطبق آليا أو تلقائيا على الدول اإلفريقيــة الخاضــعة حينــذاك إلســتعمارها وســلطانها‪ ،‬فهي كــانت تأخــذ‬
‫بمفهومـ مزدوج وإنتقائي لحقوق اإلنسان رغم تأكيدها على عالمية هذه الحقوق‪.‬‬

‫العنصر األول‪ :‬الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان‬

‫فعلى المستوى السياسي مثلت اإلتفاقيـات الدوليــة اإلقليميـة إختالف الموجـود بين الشــعوب المنتميــة‬
‫منطقة جغرافية إقليمية دولية معيّنة‪ ،‬كما شكلت نوعا ً من الخصوصية للــدول المنضــمة إليهــا ‪ ،‬أمــا على‬
‫المستوى المضمون‪ ،‬فقد شكلت اإلتفاقايت الدولية اإلقليمية غناء وثراء على مستوى الحقوق والحريات‬

‫‪199‬‬
‫المقررة فيها وإختالفا ً تشريعيا ً حسب منظور الحكومات والمجتمعــات الــتي صــادقت على هــذا النــوع من‬
‫اإلتفاقيات‪ ،‬فكان الميثاق اإلفريقي بمثابة الطوق الذي يضمن للشعوب اإلفريقي حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬نشأة ميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان‬

‫بعد إستقاللها‪ ،‬أعطت الدول اإلفريقية قضايا األمن والتنميــة األولويــة على حقــوق اإلنســان وحرياتــه‬
‫األساسية‪ ،‬إال أن ميثاق منظمة الوحدة اإلفريقية‪ ،‬الــذي وقــع في أديس أبابــا في ‪ 25‬مــايو ‪1963‬م‪ ،‬جــاء‬
‫مؤكداً على المبادئ التي تضمنها كالً من ميثاق األمم المتحدة واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫ويمكن القــول بــأن ظهــور فكــرة حقــوق واإلنســان والشــعوب في أفريقيــا مــا هي إال إنعكــاس طــبيعي‬
‫للتقالية اإلفريقية في مجال حقوق اإلنسان ‪ ،‬والتي لم تعبر عنها مواثيــق القــانون الــدولي العــام ‪ ،‬ولــذلك‬
‫أصبحت هناك حاجة إلبتكار صــبغة مناســبة لتعــبر عن المثــل والتقاليــة اإلفريقية(‪ ،)264‬الــتي تتناســب مــع‬
‫تاريخ المجتمع اإلفريقي وظروفه الخاصة من اإلستعمار الذي التزال آثاره تقبــع في القــارة‪ ،‬ومن تخلــف‬
‫إقتصادي‪ ،‬ومن ناحية أخــرى يـرى البعض بــأن كثــيراً من الــدول اإلفريقيــة اليمكن أن توافــق على صــيغ‬
‫متطور ألساليب حقوق اإلنسان‪ ،‬وان ميثاق افريقيا تتبع فيه اآلليات التي تتناسب مع التقاليــة واألعــراف‬
‫اإلفريقية‪ ،‬وقد ينج أكثر من غيره في إصباغ الحماية على تلك الحقوق‪ ،‬إال أن إلفريقيا مفاهيم خاصة بها‬
‫في مجال حقوق اإلنسان تعبر عنها في ميثاق حقوق خاص بها (‪.)265‬‬

‫ويمكن الحقــوق بـأن التطــورات الــتي أدت الى إقامــة تنظيمــات إقليميــة في أوروبــا وأمريكــا كــان لهـا‬
‫إنعكاسها على القارة اإلفريقيــة‪ ،‬حيث عقــدت الــدول اإلفريقيــة بين ســنتي ‪1985‬م و ‪1962‬م سلســلة من‬
‫المؤتمرات قبل إنعقاد مــؤتمر (الجــوس) ســنة ‪1962‬م‪ ،‬والــذي تمخض عنــه إقــتراح عمــل تنظيم إلدامــة‬
‫التعــاون الفــني واإلقتصــادي‪ ،‬وقــد إقــترحت ليبيريــا عمــل إتفاقيــات إضــافية ذات طــابع سياســي تخللتهــا‬
‫إجتماعات سنوية لوزراء الخارجية‪ ،‬وتعيين أمين عام دائم‪.‬‬

‫والجدير بالذكر أن كثير من المنظمات الدولية تستند على نص اإلعالن العالمي لحقوق اإلنســان (‪.)266‬‬
‫وتتضمن مبادئه المساواة في السيادة بين جميع الدول األطراف مع النص على عدم التــدخل‪ ،‬طبق ـا ً لنص‬

‫‪ ) (264‬انظر على سبيل المثال‪:‬د‪ .‬علي سليمان فضل هللا‪ ،‬حقوق اإلنسان‪ ،‬المجلد الثاني‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪1989 $،‬م ‪ ،‬ص ‪.382‬‬
‫‪Rembe,N.S,African and Regional Protection of Human Right, Cooperation Centre, Inyernational ) ( 265‬‬
‫‪Commission of Jurists, Numan and People Rights in Africa and the African Charter, Genva, 1986,Gittelmen‬‬
‫‪Richard “the African charter on Human Rights”, 1982, p667‬‬
‫‪ ) ( 266‬د‪ .‬وائل أحمد عالم‪ ،‬اإلتفاقية الدولية لحقوق اإلنسان ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.133‬‬

‫‪200‬‬
‫المادة (‪/ 2‬ـ ‪ ) 7‬من ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬في أمورها الداخلية مع اإلهتمــام بتحريــر األراضــي اإلفريقيــة‬
‫التي التزال تحت اإلستعمار وإتباع سياسة عدم اإلنحياز وفتح باب العضوية أليــة دولــة إفريقيــة مســتقلة‬
‫ذات سيادة (المادة ‪ )4‬من الميثاق‪.‬‬

‫ويعد الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب حجر الزاوية في حماية حقوق اإلنسان في إفريقيا‪،‬‬
‫وقــد تم التوقيــع عليــه في ‪ 26‬يونيــو ‪1981‬م‪ ،‬والــذي تتطلب تصــديق أغلب الــدول األعضــاء باإلتحــاد‬
‫اإلفريقي‪ ،‬ودخل حيّز التنفيذ في شهر أكتوبر ‪1986‬م‪ ،‬وقد صادقت عليه خمس وثالثون دولة (‪.)267‬‬

‫وتعد إتفاقيــة دوليــة ملزمــة قانونــا ً (‪ .)268‬حيث تنص المــادة األولى منــه على أن "تعــترف الــدول‬
‫األعضاء في اإلتحاد اإلفــريقي األطــراف في هــذا الميثــاق بــالحقوق والواجبــات والحريــات الــواردة فيــه‪،‬‬
‫وتتعهد بإتخاذ اإلجراءات التشريعية وغيرها من أجل تطبيقها"‪.‬‬

‫وطبقا ً لهذا النص‪ ،‬يجب على الدول األطراف في الميثــاق إتخــاذ إجــراءات تشــريعية وغيرهــا الكفيلــة‬
‫بتنفيذ الميثاق‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يجب على الدول األطراففي الميثاق اإللتزام بما يلي‪:‬‬

‫ــ النهــوض بــالحقوق والحريــات الــواردة في الميثــاق وضــمان إحترامهــا عن طريــق التعليم‬
‫والتربية واإلعالم‪ ،‬وإتخاذ التدابير التي من شــأنها أن تضــمن فهم هــذه الحريــات والحقــوق ومــا‬
‫يقابلها من إلتزامات وواجبات (‪.)269‬‬

‫ــ ضمان إستقالل المحاكم وإتاحــة إنشــاء وتحســين اآلليــات الوطنيــة المعنيــة بحمايــة حقــوق‬
‫اإلنسان والشعوب(‪.)270‬‬

‫ــ حظر إستخدام أراضيها كقواعد تنطلق منها األنشــطة التجريبيــة واإلرهابيــة الموجهــة ضــد‬
‫شعب أي دولة أخرى طرف في الميثاق (‪.)271‬‬

‫ــ تقديم تقرير كـل عـامين حـول التـدابير التشـريعية األخـرى الـتي تم إتخاذهـا بهـدف تحقيـق‬
‫الحقوق والحريات المنصوص عليها في الميثاق (‪.)272‬‬

‫ويتألف الميثاق من مقدمة وثمان وستين مادة‪ ،‬ويختلف الميثــاق اإلفــريقي عن اإلتفاقيــات األوروبيــة‬
‫واألمريكية لحقوق اإلنسان في أكثر من مسألة‪ :‬فهو يولي عناية خاصة بحقــوق الشــعوب‪ ،‬كمــا ال يكتفي‬
‫بالمنــاداة بــالحقوق؛ بــل يهتم كــذلك بالواجبــات‪ ،‬فهــو اليكــرس فقــط حقــوق األفــراد وإنمــا أيضـا ً حقــوق‬
‫الشعوب‪ ،‬وهو أيضا ً ال يولي عنايـة بـالحقوق المدنيـة والسياسـية فقـط‪ ،‬بـل؛ حـتى بـالحقوق اإلقتصـادية‬
‫‪ ) (267‬نفس المرجع أعاله‪ ،‬ص ‪.134‬‬
‫‪ ) (268‬المادة األولى من الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب‪.‬‬
‫‪ ) (269‬المادة ‪ 25‬من الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب‪.‬‬
‫‪ ) (270‬المادة ‪ 26‬من الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب‪.‬‬
‫‪ ) (271‬المادة ‪ 23‬من الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب‪.‬‬
‫‪ ) (272‬المادة ‪ 62‬من الميثاق اإلفريي لحقوق اإلنسان والشعوب‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫واإلجتماعية والثقافيـة أيضـاً‪ ،‬كمـا أن صـياغته تسـمح للـدول األطـراف بوضـع قيـود واسـعة على تنفيـذ‬
‫الحقوق المنصوص عليها‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى المادة األولى من الميثاق نجد أن األطراف تتفــق على اإلعــتراف بــالحقوق والواجبــات‬
‫والحريات التي تشمله لتبقى اإلجراءات التشريعية لوضــعها موضــع التنفيــذ‪ ،‬وقــد تطلب ذلــك النص على‬
‫عدم التميّز‪ ،‬وكذلك قائمة بالمواد المتعددة المالمح وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫يغطي الميثاق الحقوق الثقافية واإلجتماعية واإلقتصادية والسياسية والمدنية‪ ،‬وهذا ما يميّزه عن كالً‬
‫من ا إلتفاقيتين األوروبية واألمريكية‪ ،‬ويعكس األهمية التي توليها الدول اإلفريقية لهذه القضايا‪.‬‬

‫يتضح من عنــوان الميثــاق أن نصوصــه التقتصــر على حقــوق اإلنســان‪ ،‬بمعــنى حقــوق األفــراد من‬
‫الجنسين‪ ،‬ولكنها تمتد الى حقـوق الشـعوب أو الحقـوق العامـة‪ ،‬وحقـوق الجيـل الثـالث كمـا يطلـق عليـه‬
‫أحياناً‪.‬‬

‫يتضمن الميثاق النصوص التي تعبّر عن فكرة الحقوق العامة أو الجنس البشري الذي يمكنــه تحقيــق‬
‫قدراته كاملة عنما يكون عضواً في مجوعة‪ ،‬وحين يرتبط ذلك بفكرة الحقوق العامة‪ ،‬فغن من نتائجــه أن‬
‫الشخص له واجبات وحقوق في جميع المجتمع‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحقوق محل الحماية في الميثاق األفريقي‬

‫تشير مقدمة الميثاق الى فضائل التقاليد التاريخية اإلفريقيــة وقيم الحضــارة اإلفريقيــة الــتي ينبغي أن‬
‫تنبع منها وتتسم بها أفكار الدول اإلفريقية حول مفهوم حقوق اإلنسان والشعوب‪ .‬كمــا أن الطريقــة الــتي‬
‫صيغت بها الحقوق والواجبات تعكس المكانة المهمة التي توليها الدول اإلفريقية لمسألة التضامن‪.‬‬

‫وتولي المقدمة كذلك عنايتها بالحق في التنمية‪ ،‬إذ تعرب عن إقتناع الدول األعضاء في المنظمة بأنه‬
‫أصبح من الضروري كفالة إهتمام خــاص للحــق في التنميــة‪ ،‬وبــأن الحقــوق المدنيــة والسياســية اليمكن‬
‫فصلها عن الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية سوا ًء في مفوهمها أو في عالميتها‪ ،‬وبــأن الوفــاء‬
‫بالطائفة الثانية من الحقوق هو الذي يكفل التمتع بالطائفة األولى (‪.)273‬‬

‫أما بخصــوص الحقــوق المدنيــة والسياســية للفــرد المنصــوص عليهــا في الميثــاق اإلفــريقي لحقــوق‬
‫اإلنســان والشــعوب‪ ،‬فقــد ورد التنصــيص عليهــا في المــواد من (‪ )3‬الى المــادة (‪ )16‬من الميثــاق‪ ،‬حيث‬
‫تضمنت الحقوق والحريات اآلتية‪:‬‬

‫‪.Emmanuel Cardain, les Conventions Afrainnes des droits de l’Homme, Ed, LGDJ 2011, p 65-66 ) ( 273‬‬

‫‪202‬‬
‫الحق في المساواة وعدم التمييز‪ ،‬الحق في الحياة والســالمة البدنيــة‪ ،‬الحــق في الشخصــية القانونيــة‬
‫مع حظر كافة أشــكال اإلسـتغالل واإلمتهـان واإلسـتعباد والتعــذيب‪ ،‬الحــق في الحريــة واألمن الشخصــي‪،‬‬
‫الحق في التقاضي‪ ،‬قرينة البراءة المفترضة وعدم رجعية القــوانين الجزائيــة‪ ،‬حريــة العقيــدة‪ ،‬الحــق في‬
‫حرية التعبير عن الرأي والحصول على المعلومات‪ ،‬الحق في تكوين الجمعيات واإلنضمام إليهــا‪ ،‬والحــق‬
‫في اإلجتماع ‪ ،‬حرية التنقف‪ ،‬الحق في اللجوء وفي عدم جواز طرد األجنبي الذي دخل بصفة قانونية الى‬
‫أراضي دولة ما طرف إال بموجب قرار مطابق للقانون‪ ،‬وفي عدم جواز اإلبعاد الجماعي لألجانب والحــق‬
‫في المشاركة في إدارة الشؤون العامة والحق في الملكية‪.‬‬

‫وبالرغم من أن القائمـة السـابقة تحمـل تشـابها ً واضــحا ً لإلتفاقيـات اإلقليميــة األخـرى‪ ،‬وكـذلك العهــد‬
‫الدولي للحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬وهذا بطبيعة الحال ليس بالصدفة‪ ،‬إال أنه من الخطأ القول بأن تناول‬
‫ومعالجة تلك الحقوق في الميثاق اإلفـريقي يعــد مطابقـا ً للوثــائق الســابقة‪ ،‬فعنــد إجــراء مقابنــة تفصــيلية‬
‫يمكن القول بموجود مالحظتين عامتين‪ ،‬إحداهما توصي بمنح الميثاق واألخر بتنفيذه (‪.)274‬‬

‫فمن الواضح أن قائمة الحقوق المدنية والسياسية تتضمن جميع أنواع الحقوق التي تغطيها اإلتفاقيــة‬
‫األوروبية ما عدا "الحق في الزواج" وبعض الحقوق التي أضافها البروتوكول الثــاني "الحــق في إدارة‬
‫الشؤون العامة للبالد وحق الملكية وحق المشاركة في الحكومــة" ‪ ،‬والــتي التــزال في حاجــة لإلعــتراف‬
‫بها على الرغم من أن بعض الحقـوق غـير الموجـودة تنص عليهـا إتفاقيـات أخـرى‪ ،‬ومن ثم فـإن تنـاول‬
‫اإلتفاقية األفريقية للحقوق المدنية والسياسية ال حدود له‪.‬‬

‫ويتمثل النقد في أنه بالمقارنــة بين تعريــف الحقــوق في الميثــاق اإلفــريقي والنصــوص المشــابهة في‬
‫المواثيق األخرى‪ ،‬يتضح أن الميثاق اإلفريقي قد صيغ بطريقة من شأنها إيجاد صــعوبات وتتمثــل إحــدى‬
‫المشاكل في أن الحقوق المعنية في الكثير من القضايا تعرف بطريقة غــير مناســب‪ .‬فمثالُ في المــادة (‪)4‬‬
‫والتي تتضمن إحترام حياة الشخص ثم تضيف بأنه ليس ألحــد أن يحــرم إجباريـا ً من هــذا الحــق‪ ،‬وكــذلك‬
‫المــادة (‪ )6‬من الميثــاق تتضــمن الحــق في الحريةالشخصــية واألمن‪ ،‬وتقــرر بأنــه ليس ألحــد أن يعتقــل‬
‫إجباريا ً ويحتجز‪ .‬والسؤالـ الذي يتبــادر الى الــذهن والــذي لم يقــدم الميثــاق إجابــة عنــه مـاذا تعــني كلمــة‬
‫"إجباريا ً ‪ :‬في هذه النصوص؟‪.‬‬

‫هــذا باإلضــافة الى وجــود صــعوبة أخــرى وهي أن الميثــاق يســمح بتعــيين الحقــوق المكفولــة إال أنــه‬
‫ينطوي على عبارات بليغة وغالبا ً ما تضعف النص األصلي‪ ،‬لذلك تشترط المـادة(‪/ 6‬ـ ‪ ) 2‬أن "لكـل فـرد‬

‫‪B.O. OKERE,The Protection of human Rights Africa and the African charter on Human and People’s Rights, ) ( 274‬‬
‫‪.A Comparative analysis with the European and American system, Human Rights Quarterly, VI, 1984, p141‬‬

‫‪203‬‬
‫الحق في التعبير عن رأية ونشره بمقتضى أحكام القانون" بينما المادة (‪ )8‬تقرر بأن لكل فــرد الحــق في‬
‫التعبير عن رأيه يشريطة أن يلتزم بالقانون‪.‬‬

‫ويمقارنة تلك الكلمات الوصفية بمثيالتها في اإلتفاقيات اإلقليمية األخرى‪ ،‬فإننا نالحظ تناقضا ً واضحا ً‬
‫‪ ،‬ففي حين تسمح اإلتفاقيات األخرى بتعديل الحقوق فقط في ظــروف ص معينــة‪ ،‬فــإن الميثــاق اإلفــريقي‬
‫يعرف الحق بالرجوع الى القانون الوطني‪ ،‬لذلك فإن الحماية التي يقدمها الميثاق اإلفــريقي في نصوصــه‬
‫هي ضرب من الخيال الى أن تبدأ اللجنة في تطبيق نصوصه وتفســيرها بــالتطبيق لنص المــادة (‪ )60‬من‬
‫الميثاق اإلفريقي‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬الواجبات المقررة في الميثاق اإلفريقي‬

‫التملك القارة اإلفريقية مفهوما ً لحقوق اإلنسان مطابقا ً لــذلك المســتقر في الفكــر اإلوروبي‪ .‬فــالمفهوم‬
‫األوروبي لحقوق اإلنسان المستند في األسـاس على فكـرة منح الفــرد حقوقـا ً في مواجهــة المجموعـة أو‬
‫السلطة السياسية ليس له وجــود في الثقافــة اإلريقيــة القليديــة‪ ،‬حيث يــذوب الفــرد في الجماعــة‪ ،‬فــالحق‬
‫يظهــر من خالل المجموعــة ويمــارس عبرهــا وفي إطــاره (‪ .)275‬ويــترتب على هــذا البعــد أو المفهــوم‬
‫اإلجتماعي للحق وجود حقوق للفرد وواجبــات ملقــاة على كاهلــه‪ ،‬فــالتمتع بــالحقوق والحريــات يتضــمن‬
‫إنجاز واجبات على كل شخص‪ .‬وبمعنى آخر فــإن للحقــوق وللحريــات حســب المفهــوم اإلفــريقي لحقــوق‬
‫اإلنسان طابعا ً وظيفيا ً أو تكليفيا ً ‪ ،‬فهو يرتب على عاتق الفرد تكاليف لصالح الجماعة (‪.)276‬‬

‫تأسيسا ً على الفكــرة الســابقة‪ ،‬يغــدو طبيعيـا ً ومفهومـا ً أن يتضــمن الميثــاق اإلفــريقي خالفـا ً للصــكوك‬
‫الدولية واإلقليمية بإستثناء اإلعالن األمــريكي لحقــوق اإلنســان وواجباتــه‪ ،‬واجبــات محــددة على األفــراد‬
‫نحو أسرهم ومجتماعتهم ودولهم ونحو المجتمع الدولي‪ .‬وهي تتلخص في ممارســة الحقــوق والحريــات‬
‫القررة في الميثاق بصورة التضر بحقوق األخــرين وبــاألمن الجمــاعي‪ ،‬وبــاألخالق وبالمصــلحة العامــة‪،‬‬
‫واجب المحافظــة على إنســجام وتطــور األســرة والعمــل من أجــل تماســكها واحترامهــا‪ ،‬واجب إحــترام‬
‫الوالدين في كل وقت وإطعامهمـاـ ومســاعدتهما عنــد الحاجــة‪ ،‬خدمــة المجتمــع الوطــني بتوظيــف قدراتــه‬
‫البدنية والذهنيه لهذه الغاية‪ ،‬واجب عدم تعــريض أمن الدولــة الــتي هــو من رعايــا أو من المقيمين فيهــا‬
‫للخطر‪ ،‬المحافظة على التضامن اإلجتماعي والوطني وعلى اإلستقالل الوطــني والعمــل بأقصــى القــدرات‬
‫واإلمكانيات‪ ،‬دفع الشرائب‪ ،‬المحافظة على القيم الثقافية اإلفريقية اإليجابية وتقويتها بروح من التسامح‬

‫‪F.Sudre,Existe-il un ordre public europeen in P. Tarernier,(Ed), Quelle Europe pour les droits, Bruxelles, ) ( 275‬‬
‫‪. 1996,OP.Cit, p103‬‬
‫‪ ) (276‬يقترب‪ $‬هذا المفهوم لحقوق اإلنسان وحرياته من التصور اإلسالمي للحق عموماً‪ ،‬ولحقوق اإلنسان على وجه التحديد‪ ،‬وهو مفهوم تناوله‬
‫د‪.‬فتحي الدريني تناوالً عميقا ً في عدد من أعماله أهمها "الحق ومدى سلطات الدولة في تقييده‪ $،‬بيرة مؤسسة الرسالة‪1997 ،‬م‪.‬‬

‫‪204‬‬
‫والحوار والتشاور‪ ،‬اإلسهام بصــفة عامــة في اإلرتقــاء بســالمة أخالقيــات المجتمــع واإلســهامـ في تنميــة‬
‫الوحدة اإلفريقية وتحقيقها‪.‬‬

‫ومن المتوقع أن تستغل الدول هذه الواجبات لتعمد الى فرض قيود الحدود لها على الحقــوق المقــررة‬
‫في الميثاق‪ .‬فالواجبات المشار إليها واسعة جداً ‪ ،‬مما قد تؤدي في الواقع الى تدمير الحقوق المقررة في‬
‫الميثاق‪ .‬فنص المادة ‪ )029‬من الميثاق‪ ،‬على ســبيل المثــال‪ ،‬يقضــى في فقرتــه الرابعــة بوجــوب الحفــاظ‬
‫على التضامن اإلجتمــاعي والوطــني وتقويتــه خاصــة عنــدما يكــون عرضــة للخطــر‪ ،‬قــد يفســر أو يطبــق‬
‫بصورة تعطل ممارســة الحقــوق الــواردة في الميثــاق بحجــة وجــود تهديــد يعـ ّرض التضــامن اإلجتمــاعي‬
‫للخطر‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬تفسير المواد األساسية في الميثاق اإلفريقي‬

‫إن المواد األساسية للميثاق اإلفــريقي تشــتمل على فقــرات "ترفيهيــة زائــدة" تســمح للدولــة أن تقيّــد‬
‫الحقوق الى الحد الذي يســمح بــه القــانون الــداخل(‪ ، )277‬ومن الواضــح أن هــذه المعــايير الهاميــة للغايــة‬
‫التضع أي قيود خارجية على سلوك الدول رغم أن هذا هو هدف مواثيق حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫والمادة السادسة الخاصة "بالحق في الحرية" هي خير مثال على ذلك‪ ،‬فهي تنص على أن "لكل فرد‬
‫الحق في حريته وأمنه الشخصي‪ ،‬واليجـوز حرمـان أي شـخص من حريتـه إال لألسـباب والشـروط الـتي‬
‫وضعها القانون من قبل" ‪ ،‬أو العبارة المشابهة مثل "داخــل القــانون" (المــادة ‪ )9‬أو شــريطة أن يلــتزم‬
‫بالقانون (المادة ‪.)10‬‬

‫فمن المسلم به أن النص الذي يتعلق بحماية الفرد ‪ ،‬ولكن اليفعل ذلك إال بالقدر الذي يحظى بالحمايــة‬
‫به في ظل القانون الوطني ليس له قيمة كبيرة‪ ،‬خاصة في الحاالت التي اليقدم فيها القانون الوطني ســبل‬
‫اإلنصاف الفعالة لإلنتهاكات‪.‬‬

‫فإذا سلمنا مثالً بأن الميثاق يهدف الى تقديم حقوق دولية أساسية ذات طابع خاص بها‪ ،‬فإن المشــكلة‬
‫تصبح هنا مشكلة تعريف الحدود غير المعروفة حاليا ً لفقرات "الترفيهية الزائدة"‪.‬‬

‫إن الميثاق اإلفريقي هو وثيقة سياسية فعالة‪ ،‬وهو أيضا ً وثيقة قانونية‪ ،‬حيث تعطي المادة (‪) 3 / 45‬‬
‫اللجنة الصــالحية بتفســير الميثــاق‪ ،‬كمــا "تســتقي اللجنــة إلهامهــا من القــانون الــدولي لحقــوق اإلنســان‬
‫والشعوب‪ ،‬بصفة خاصة‪ ،‬ومن نصوص الوثائق اإلفريقية المختلفة الخاصــة بحقـوق اإلنســان والشـعوب‬
‫وميثاق األمم المتحدة وميثاق اإلتحاد اإلفريقي‪ ،‬واإلعالن العــالمي لحقـوق اإلنسـان والصـكوك والوثـائق‬
‫األخرى التي أصدرتها الدول اإلفريقية في مجال حقوق اإلنسان والشعوب‪ ،‬وكــذلك من نصــوص الوثــائق‬

‫‪ ) ( 277‬الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب‪ ، $‬المادة ‪. 60‬‬

‫‪205‬‬
‫المختلفة الــتي صــدرت في إطــار الوكــاالت المتخصصــة الــتي تنتمي لعضــويتها الــدول األطــراف في هــذا‬
‫الميثاق(‪.)278‬‬

‫وإذا كانت بعض نصوص المواد األساسية للمثاق تفتقر الى الوضوح الكافي كي تكون محددة تمام ـا ً ‪،‬‬
‫فإن من المعقولـ أن تتجه الى غيرها من المعايير األكثر دقة التي لها نفس قوةاإللزام على الدول‪.‬‬

‫وبنــا ًء على مبــدأ القــانون الــدولي المعــروف بإســم " ‪( )279(" acte sunt servanda‬اإللــتزام‬
‫بالمواثيق والمعاهدات الدولية )‪ ،‬فإن اإلتفاقيات تكون ملزمة للدول التي تدخل فيهـا ‪ ،‬فعلى ســبيل المثــال‬
‫إذا كــانت إحــدى الــدول األطــراف في الميثــاق اإلفــريقي هي طــرف في العهــد الــدولي للحقــوق السياســية‬
‫والمدنية‪ ،‬فإن المشتكي يستشهد بمواد القانون الواردة بالعهد ‪ ،‬وكـذلك أيضـا ً بنص الميثــاق‪ ،‬ونجــد بـأن‬
‫"الحق في الحرية" الوارد بالعهد يقدم إجراءات للحماية أكثر تفصيالً من المادتين (‪ 6‬و ‪ )7‬من الميثــاق‬
‫على النحو التالي‪:‬‬

‫لكل شــخص الحــق في حريتــه وأمن شخصــه‪ ،‬واليجــوز تعــريض أي شــخص للتوقيــف أو اإلعتقــال‬
‫العشوائي‪ ،‬واليحرم أي شخص للتوقيف أو اإلعتقال العشوائي‪ ،‬واليحــرم أي شــخص من حريتــه إال على‬
‫األسس التي تتفق مع اإلجراءات التي نص عليها القانون‪.‬‬

‫يتم إعالم أي شخص يتم إحتجازه‪ ،‬عن أسباب هذا اإلحتجاز‪ ،‬كمــا يوجــه بإبالغــه عن التهم الموجهــة‬
‫ضده‪.‬‬

‫يتم اإلسراع بمثول أي شخص أوقف أو تم إحتجازه بتهمة جنايــة أمــام إحــدى القضــاة أو المســؤولين‬
‫الذين منحهم القانون سلطة ممارسة اإلختصاص القضائي‪ ،‬ويكون من حقه المحاكمــة خالل فــترة زمنيــة‬
‫معقــول أو أن يتم إطالق ســراحه فــوراً‪ ،‬وليســت قاعــدة عامــة أن يتم إحتجــاز األشــخاص المنتظــرين‬
‫للمحاكمة في المعتقــل‪ ،‬ولكن يجــوز إطالق ســراحهم بضــمانات حــتى يحضــروا المحاكمــة في أي مرحلــة‬
‫أخرى من مراحل اإلجراءات القضائية‪ ،‬ولتنفيذ الحكم إذا تطلبت األمور ذلك‪.‬‬

‫من حق أي شــخص ســلبت حريتــه باإليقــاف أو اإلحتجــاز أن يتخــذ اإلجــراءات القضــائية أمــام إحــدى‬
‫المحاكم حتى تقرر هذه المحكمة على وجه السرعة مدى قانونية إحتجــازه‪ ،‬أو أن تــأمر بــإطالق ســراحه‬
‫على الفور إذا كان اإلحتجاز غير قانوني‪ .‬أي شخص وقع ضحية إيقاف أو إحتجاز غير قانوني لــه الحــق‬
‫في التعويض العادل‪.‬‬

‫‪ ) (278‬المادة (‪ )9‬من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية‪.‬‬


‫‪ ) (279‬د‪ .‬الشافعي محمد بشير‪ ،‬القانون الدولي العام في السلم والحرب‪ ،‬مكتبة الجالء الجديدة ‪ ،‬المنصورة ‪ ،‬الطبعة السابعة ‪1999 ،‬ـ ‪ ،2000‬ص‬
‫‪. 49‬‬

‫‪206‬‬
‫إن نص المادة (‪ )9‬من العهد قد ينعكس على تفســير المــادتين ‪، 6‬ـ ‪ 7‬من الميثــاق‪ ،‬وبهــذا يقــدم قيــداً‬
‫موضعيا ً على نشاط الدولة أكبر بعض الشيء من هـذا الــوارد في الصــياغة اإلفريقيــة بإســتثناء األســباب‬
‫والشروط التي وضعها القانون من قبل ‪ ،‬ويجب أن يطبق هذا التأثير بالمثل على الــدول اإلفريقيــة ســواء‬
‫كانت بنفسها طرفا ً في العهد الدولي أم ال ‪ ،‬وإال فسوف تضطر اللجنة إلى إيجاد معيار واحــد في الحــاالت‬
‫التي تكونف يها الدولة الموجهة إليها اإلهتمام طرفا ً في العهد (والذي يتم تفسير الميثــاق اإلفــريقي فيــه‬
‫على إعتبار إتفاقه مع العهد الدولي قدر المستطاع)‪ ،‬وإيجاد معيار آخــر إذا كــانت الدولــة موضــع اإلتهــام‬
‫ليست طرفا ً في العهد الدولي‪ ،‬وفي هذه الحالة يمكن إعتبار أن العهد ليس له تأثير على تفسير الميثاق‪.‬‬

‫وعلى كــل األحــوالـ يبــدو أن اإلشــارة إلى النصــوص ذات الصــلة والفقــه التشــريعي لصــكوك حقــوق‬
‫اإلنسان الدولية األخرى قد ساعد في تفسير اللجنة للميثاق فيما ورد في المادة (‪.) 3 / 45‬‬

‫وهناك مجال آخر يمكن أن يقوم فيه العهــد الــدولي للحقــوق السياســية والمدنيــة بــدور المكمــل لســبل‬
‫الحماية في الميثاق اإلفريقي ‪ ،‬وهو حالة إلغاء أو تقليل لضمانات خالل أوقــات الطــوارئ‪ ،‬إذ أن الميثــاق‬
‫اإلفــريقي الينطــوي على أي نص من شــأنه الســماح بإلغــاء أو تقييــد الحقــوق‪ ،‬ومن ناحيــة أخــرى‪ ،‬فــإن‬
‫الفقــرات "الترفيهيــة" في العهديــد من المــواد تبــدو أنهــا تســمح بإلغــاء الحقــوق فعليـا ً من خالل وضــع‬
‫التشريعات الوطنية(‪.)280‬‬

‫وفي تفسير هذه القيود التشريعية يمكن للجنة اإلفريقية أن تشــير الى نص العهــد الــدولي الــذي يحــدد‬
‫األوضاع التي يوجد فيها إعالن رسمي "لحالة الطوارئ العامة التي تهــدد حيــاة األمــة" (‪ .)281‬والطبيعــة‬
‫الملزمة لحرية الضمير غير القابلة لإلنتقاص في ظل العهد الدولي‪ ،‬على ســبيل المثــال‪ :‬هي أكــثر حمايــة‬
‫من المادة (‪ )8‬من الميثاق التي تسمح بالقيود على حماية الضمير والدين تبعا ً للقانون والنظام(‪.)282‬‬

‫وفي ظل الطبيعة األولوية للمالحظات الواردة في هذا المطلب يتبقى لنا بحث األثر الذي ســوف تتمتــع‬
‫به مواثيق حقوق اإلنسان األخرى على الدور التفسيري الفعلي للجنة‪ .‬إال أن توجيهات الميثــاق تقضــي‬
‫بــأن تســتقي اللجنــة إلهامهــا من اإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان وغــيره من مواثيــق حقــوق اإلنســان‬
‫الدولــةي األخــرى‪ ،‬وإرتباطهـا بـاإللتزام العــام من الــدول باإلنصــياع لتزاماتهـا الدوليـة بمــا يتح الفرصـة‬
‫األكيدة للجنة للنظر في مصادرها وتفسير مواد الميثاق األفـريقي الـتي يمكن أن تكـون غـير واضـحة من‬
‫الوهلة األولى‪.‬‬

‫وفي مجال حماية اإلنسان يعكس الميثاق أفضـلية الوسـاطة والتوفيـق واإلصـالح والرضـى الجمـاعي‬
‫المتبادل في مقابل إجراءات المواجهة والعداء‪ ،‬وتظــل اإلجــراءات المتخــذة بمــوجب الميثــاق وديــة حــتى‬
‫‪ ) (280‬د‪ .‬الشافعي محمد بشير‪ ،‬القانون الدولي العام في السلم والحرب‪ ،‬نفس المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 56‬‬
‫‪ ) (281‬نفس المرجع السابق أعاله ‪ ،‬ص ‪. 59‬‬
‫‪ ) (282‬نفس المرجع السابق أعاله ‪ ،‬ص ‪. 60‬‬

‫‪207‬‬
‫تقرر جمعية رؤوساء الدول والحكومات التابعة لإلتحاد اإلفريقي "في إجتماعها الذي يعقد سنوياً" غــير‬
‫ذلك‪ ،‬وعادة ما تكون قرارات الجمعية باإلجماع ‪ ،‬وفي مجال حيوي وهام كمجــال حقــوق اإلنســان اليمكن‬
‫لعقل أن يتوقع أن تتخلى الجمعية عن أسلوبها الجماعي أو حتى أن تقدم توصيات عامة الى الدول إال في‬
‫ظروف إستثنائية‪.‬‬

‫وإجماالً ‪ ،‬فإن النجاح األكبر للميثاق سوف يعتمد على الـدول اإلفريقيـة نفسـها‪ ،‬واليملـك الفـرد إال أن‬
‫يأمل أن تكون هذه الدولة‪ ،‬كما جاء في ديباجة الميثاق‪ ،‬على يقين وقتنا من واجباتها في تعزيــز وحمايــة‬
‫حقوق وحريات الشعوب واإلنسان‪ ،‬باإلضافة الى االتفاقيات السابقة ال ذكر نج د أن العناي ة بحماي ة حق وق‬
‫االنسان كانت محل نظر من قبل اتفاقيات أخرى هدفها األساس ي توف ير حماي ة قص وى لحق وق االنس ان‬
‫وهو االمر الذي حاولنا بيانه من خالل المحور التالي ‪:‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬اإلتفاقية اإلفريقية األخرى لحماية حقوق اإلنسان‬

‫إال جانب الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب‪ ،‬هناك عــدد من افتفاقيــات اإلفريقيــة الــتي تعــنى‬
‫بجوانب محددة مرتبطــة بحقــوق اإلنســان وحرياتــه األساســية‪ ،‬ومن أهمهــا اإلتفاقيــات الناظمــة لجــوانب‬
‫معيّنة لمشاكل الالجئين في إفريقيا‪ ،‬الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان ورفاهية الطفل‪ ،‬ثم برتوكول بشــأن‬
‫حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪ .1‬فبالنسبة لإلتفاقية األولى‪ ،‬فقد تم إعتمادهــا من قبــل مــؤتمر رؤوســاء الــدول والحكومــات‬
‫التابعــة لمنظمــة الوحــدة اإلفريقيــة في أديس أبابــا ســنة ‪1969‬م ‪ ،‬ودخلت حيّــز التنفيــذ ف ‪20‬‬
‫يونيو ‪1974‬م‪،‬وقد جاء إعتماد اإلتفاقية رداً على ظاهرة النزوح واللجــوء الــتي كــانت متفاقمــة‬
‫وشائعة في القارة اإلفريقية بسبب ممارسات اإلستبدادية التي كانت تميّز نظم الحكم في القارة‪.‬‬
‫وتعكس أحكام هــذه اإلتفاقيــة المختلفــة فلســفة ومبــادئ إتفاقيــة األمم المتحــدة الخاصــة بوضــع‬
‫الالجئ لسنة ‪1951‬م‪ .‬وقد أكدت المادة (‪ / 8‬ـ ‪ ) 2‬من اإلتفاقية على هذه الحقيقةـ بإشــارتها إلى‬
‫أن اإلتفاقية اإلفريقية هي اإلتفاقية اإلقليمية الفعالة في أفريقا والمتممة إلتفاقيــة األمم المتحــدة‬
‫‪1951‬م ‪ ،‬بشان وضع الالجئ‪ ،‬وقــد نصــت اإلتفاقيــة على "منح اللجــوء الى االجــئين هــو فعــل‬
‫سلمي إنساني‪ ،‬واليجب أن تعتبر أي دولة عضو على أنه فعل معاد" (المادة ‪.) 2 / 2‬‬

‫ولم تلزم اإلتفاقية الدول األطــراف بإســتقبال الالجــئين وتــأمين الملجــأ اآلمن لهم‪ ،‬فمنح اللجــوء وفقـا ً‬
‫لنص المادة (‪/ 2‬ـ ‪ )1‬هو أمر إختياري وليس إجبارياً‪ .‬وقد أكدت اإلتفاقية أيضا ً على التعــاون بين الــدول‬
‫األعضاء وبين مكتب األمم المتحدة للمفوضية السامية لالجئين المادة (‪.) 1/ 8‬‬

‫‪208‬‬
‫‪ .2‬أما اإلتفاقية الثانية‪ ،‬والتي هي الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان ورفاهية الطفــل‪ ،‬فقــد‬
‫دخل هذا الميثاق حيّز التنفيذ في ‪ 29‬نوفمبر ‪1999‬م‪ ،‬وهو يستلهم األحكامـ والمفاهيم والمبادئ‬
‫الواردة في إتفاقية حقوق الطفل لسنة ‪1989‬م‪ .‬ولقد أقــر الميثــاق بــأن وضــع األطفــالـ األفارقــة‬
‫خطير بسبب العواملـ الفريدة لظروفهم اإلجتماعية واإلقتصادية والثقافية‪ ،‬والظــروف التقليديــة‬
‫واإلنماية السائدة في القارة‪ ،‬والكوارث الطبيعية ‪ ،‬النزاعــات المســلحة ‪ ،‬واإلســتغالل والجــوع‪،‬‬
‫وبسبب عدم النضج البدني والعقلي للطفل‪ ،‬مما يجعل هذه الطائفة من األفراد بحاجـة لضـمانات‬
‫ورعاية خاصة‪.‬‬

‫ولقد حددت اإلتفاقية مفهومـ الطفل بأنه كل إنسان لم يبلغ الثامنــة عشــر عمـاً‪ ،‬وجعلت مصــالح الطفــل‬
‫المثلى في المكانــة األولى في كافــة األفعــال ذات الصــلة بالطفــل‪ ،‬الــتي يتعهــد بهــا شــخص أو جهــة مــا‪.‬‬
‫وإنسجاما ً مع الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب ‪ ،‬أكد الميثاق اإلريقي لحقوق الطفــل ورفاهيتــه‬
‫على أن لكل طفل مسـؤوليات نحـو أسـرته ومجتمعـه ودولتـه والجماعـات األخـرى المعـترف بهـا قانونـا ً‬
‫والمجتمع الـدولي‪ .‬وتشــعمل هـذه الواجبـات‪ :‬إحـترام والديــه ومن هم أكــبر منزلــة منـه وكبـار الســن في‬
‫األوقات جميعها ومساعدتهم في حالة الحاجة‪ ،‬خدمة مجتمعة المحلي وحفظ وتقوية التضامن اإلجتماعي‬
‫والقومي والقيم الثقافية اإلفريقية وتقوية وإستقالل وكرامة بالده(‪.)283‬‬

‫وتضمن الميثاق كذلك في المادة (‪ )22‬منه نصـا ً يقضـي بإنشـاء لجنـة خـبراء إفريقيـة بشـأن حقـوق‬
‫ورفاهية الطفل وهي تكون من إحدى عشر خبيراً من ذوي المكانة األخالقية العالية واإلستقامةـ والنزاهة‬
‫والتخصص في مسائل حقوق ورفاهية الطفل‪ .‬وإجتمعت اللجنة ألول مــرة في ســنة ‪2002‬م‪ ،‬وهي تتمتـع‬
‫بصالحيات واسعة لتشيجع وحمايــة الحقــوق المعــترف بهــا في الميثاقــة‪ ،‬وخالفـا ً للجنــة حقــوق اإلنســان‬
‫التابعة لألمم المتحدة‪ ،‬تتمتع اللجنة اإلفريقية لحقوق ورفاهية الطفل بصالحية إســتقبال وتلقي إلتماســات‬
‫وتبليغات فردية يجري التعامل معها بسرية تامة (‪ .)284‬هذا وتنشــر التقـارير الـتي تصــدرها اللجنـة بشـأن‬
‫هــذه التبليغــات على نطــاق واســع في أراضــي الــدول األطــراف في الميثــاق وتكــون متاحــة للعمــوم أو‬
‫للجمهور‪.‬‬

‫واإلتفاقية الثالثة تهتم برتوكول بشأن حقوق النساء‪ ،‬وقد إعتمدته اللجنــة اإلفريقيــة لحقــوق اإلنســان‬
‫كمشــروع بروتوكــول بشــأن حقــوق النســاء‪ ،‬وقــد أحيــل في حينــه لمنظمــة الوحــدة اإلفريقيــة لمناقشــته‬
‫وإقراره‪ ،‬ويهدف المشروع في الواقع الى تكريس مبادئ مؤتمر بكين وخطــة العمــل الي تبناهــا المــؤتمر‬
‫المذكور بشأن حقوق المرأة‪ .‬وإذا ما أقر اإلتحاد اإلفريقي‪ ،‬الذي حل محل منظمة الوحدة‪ ،‬هــذا المشــروع‬

‫‪ ) (283‬د‪ .‬محمد يوسف علوان‪ ،‬ود‪ .‬محمد خليل الموسى‪ ،‬القانون الدولي لحقوق اإلنسان ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 221‬‬
‫‪ ) (284‬د‪ .‬محمد يوسف علوان‪ ،‬ود‪ .‬محمد خليل الموسى‪ ،‬القانون الدولي لحقوق اإلنسان ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 222‬‬

‫‪209‬‬
‫قإنه سيخضع لرقابة أجهزة وهيئات حقوق اإلنسان الموجودة‪ ،‬فهو اليتضمن إنشاء جهاز مســتقل معــني‬
‫بتنفيذه واإلشراف على تطبيقه‪.‬‬

‫بعد أن خصصنا بالبحث و الدراسة الحق وق السياس ية في الق انون ال دولي االف ريقي من خالل الميث اق‬
‫االفريقي ‪ ،‬نشأته وكذا الحقوق محل الحماية ‪ ،‬باإلض افة الى الواجب ات المق ررة في الميث اق س نحاول في‬
‫فرع ثاني أن نتناول الحقوق السياسية في القانون الدولي العربي لحقوق االنس ان باعتب اره تض من حماي ة‬
‫خاصة لهاته للحقوق ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحقوق السياسية في القانون الدولي العربي لحقوق اإلنسان‬

‫أما بالنسبة للقانون الدولي العــربي لحقــوق اإلنســان وبــاألخص في الحقــوق السياســية ‪،‬فقــد صــدرت‬
‫العديد من اإلتفاقيات الدولية بين الدول العربية‪ ،‬وكانت هذه اإلتفاقيات تهدف بالدرجة األولى الى تحقيــق‬
‫التضامن العرب في المجـاالت المختلفـة‪ ،‬ومـا تضــمنته هـذه اإلتفاقيـات هـو تقريـر عـدة حقــوق متنوعــة‬
‫لإلنســان في البالد العربيــة‪ ،‬وســوف نعــرض في هــذا الفــرع ألهم هــذه اإلتفاقيــات والــبروتوكوالت على‬
‫الشكل اآلتي في العناصر التالية‪:‬‬

‫العنصر األول‪ :‬بروتوكول اإلسكندرية‬

‫لقد صدر بروتوكول اإلسكندرية في ‪ 7‬أكتوبر ‪1944‬م ‪ ،‬وتضمن الدعوة الى أحد الحقــوق اإلجتماعيــة‬
‫الهامـــة‪ ،‬وهـــو الحـــق في الســـلم‪ ،‬من خالل رفض اإلحتالل وتأييـــد الحقـــوق المشـــروعة للشـــعوب في‬
‫اإلستقالل‪ ،‬كما تضــمن أيضـا ً قــراراً خاصـا ً بفلســطين جــاء فيــه "أن فلســطين ركن مهم من أركــان البالد‬
‫العربيــة‪ ،‬وأن حقــوق العــرب اليمكن المســاس بهــا من غــير إضــرار بالســلم واإلســتقرار في العــالم‬
‫العربي(‪.)285‬‬

‫كما أن التعهدات التي إرتبطت بها بريطانيا بوقف الهجرة اليهودية والمحافظة على األر اضي العربية‬
‫والوصول إلى إستقالل فلسطين هي من حقوق العرب الثابته التي تكــون المبــادرة الى تنفيــذ خطــوة نحــو‬
‫الهدف المطلوب وإستتباب السلم وتحقيق اإلستقرار‪.‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬الميثاق العربي لحقوق اإلنسان ومضامينه‬

‫‪ ) (285‬د‪ .‬وائل عالم ‪ ،‬اإلتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪162‬‬

‫‪210‬‬
‫في ظل إهتمام جامعة الدول العربية بـالنص على حقـوق اإلنسـان في المعاهـدات الـتي أصـدرتها وفي‬
‫إنشــائها للجنــة الدائمــة لحقــوق اإلنســان‪ ،‬إال أن الحاجــة لوجــود معاهــدة أو ميثــاق ملــزم شــامل لحقــوق‬
‫اإلنسان ظلت مستمرة ومن هنا بدأت جهود الجامعة العربية إلصدار ميثاق عربي لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫لقد سبق ظهور هذا الميثاق‪ ،‬والذي وافق عليه مجلس جامعة الـدول العربيـة سـنة ‪1994‬م‪ ،‬عـدد من‬
‫المبادرات والمحاوالت التي كانت تسعى إال إخراج هذا الميثــاق إلى حيّـز الوجــود‪ ،‬وســوف نحــاول إلقــاء‬
‫الضوء على تلك المبادرات األربع على التوالي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬المبــادرة األولى والــتي بــدأت مــع فكــرة وضــع هــذا الميثــاق ســنة ‪1969‬م‪ ،‬حيث قــام‬
‫مجلس الجامعة بإصدار القرار رقم (‪ )2486‬بتــاريخ ‪ 16‬مــارس ‪1969‬م‪ ،‬والقاضــي بالموافقــة‬
‫على إعالن قــرارات المــؤتمر العــربي لحقــوق اإلنســان (بــيروت ــ ديســمبر ‪1968‬م)(‪ )286‬الــتي‬
‫تتضمن دعوة األمانة العامة لجامعة الدول العربية الى إتخاذ اإلجراءات إلنعقاد اللجنــة العربيــة‬
‫لمتابعة تنفيذ هذه القرارات‪ ،‬ودون الدخول في تفصيالت تلك اإلجـراءات‪ ،‬فـإن الــذي حـدث هـو‬
‫أن مجلس جامعة الدول العربية قد شكل في سبتمبر ‪1970‬م‪ ،‬لجنة من الخبراء إلعداد مشروع‬
‫اإلعالن (‪ ،)287‬وطلب أن يتم ذلــك من خالل ســتة أشــهر كحــد أقصــى لإلنتهــاء من المشــروع‬
‫وإحالته للدول األعضاء‪ ،‬وبالفعــل إجتمعت هــذه اللجنــة في األمانــة العامــة للجامعــة في الفــترة‬
‫مكن ابريل حتى يوليو ‪1971‬م‪ ،‬وانتهت اللجنة الملكلفة بوضــع المشــروع في يوليــو من نفس‬
‫السنة‪ ،‬وقامت األمانة العمة بتعميم المشـروع على الـدول األعضاءــ وقـد ردت دول قليلـة على‬
‫المشروع وسلمت تعليقاتها‪ ،‬بينما لم ترد دول أخرى(‪ ،)288‬إال أن المادة األخيرة منه قــد أفســدت‬
‫كل ما جاء وتضمنه اإلعالن من حقــوق‪ ،‬حيث أعطت الحكومــات العربيــة الحــق في التحلــل من‬
‫كل الحقوق التي أوردها اإلعالن‪ ،‬وذلك أثناء حاالت الطوارئ بدون ضوابط أو معايير‪ ،‬وانتهى‬
‫هذا المشروع عند هذا الحد ولم يظهر الى حيّز الوجود(‪.)289‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬المبادة الثانية ‪ ،‬فقد كانت سنة ‪1981‬م ‪ ،‬عنــدما عهــدت األمانــة العامــة لجامعــة الــدول‬
‫العربية لمجموعة من الخبراء في القانون الدولي العام بمهمة إعداد المشروع‪ ،‬وبالفعــل قــامت‬
‫اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنســان بإعــداد مشــروع الميثــاق العــربي من خالل دورتين لهــا‬
‫إنعقدتا في شهر مايو ويونيو سنة ‪1982‬م‪.‬‬

‫‪ ) (286‬د‪ .‬وائل عالم ‪ ،‬اإلتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 177‬‬
‫‪ ) (287‬قرار مجلس جامعة الدول العربية رقم ‪. 3 / 2668‬‬
‫‪ ) (288‬مما تجدر اإلشارة إليه بأن هذا اإلقتراح ك‪$‬ان مق‪$‬دما ً من جمعي‪$‬ة حق‪$‬وق اإلنس‪$‬ان ب‪$‬العراق س‪$‬نة ‪1970‬م‪ ،‬الى اللجن‪$‬ة اإلقليمي‪$‬ة الدائم‪$‬ة لحق‪$‬و‬
‫اإلنسان والخاص بإصدار إعالن عربي لحقوق اإلنسان تمهيداً إلبرام إتفاقية عربية وإنش‪$$‬اء محكم‪$$‬ة عربي‪$$‬ة لحق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان‪(.‬أنظ‪$$‬ر‪ :‬د‪ .‬أحم‪$$‬د ج‪$$‬اد‬
‫منصور ‪ ،‬حقوق اإلنسان في ضوء المواثيق الدولية واإلقليمية ‪ ،‬مطبعة كلة الشرطة ‪ ،‬مصر ‪2004 ،‬م‪ ،‬ص ‪.)103‬‬
‫‪ ) (289‬أحمد شريف بسيوني‪ ،‬حقوق اإلنسان في ضوء اإلتفاقيات العربية لحقوق اإلنسان‪،‬دار النهضة العربية‪،‬مصر‪2002 ،‬م ‪ ،‬ص ‪.76‬‬

‫‪211‬‬
‫وفي ‪ 31‬مارس ‪1983‬م ‪ ،‬أصدر مجلس الجامعة قراراً بإحالــة المشــروع الى الــدول األعضــاء إلبــداء‬
‫مالحظتهــا على المشــروع‪ .‬وقــد أدخلت اللجنــة بعض التعــديالت على الــدول إال أنــه تم تأجيــل البت في‬
‫المشروع ‪ ،‬ريثما تنتهي منظمة المؤتمر اإلسالمي من دراسة المشروع بنــا ًء على مالحظــات على بعض‬
‫حقوق اإلنسان في اإلسالم‪.‬‬

‫وفي سنة ‪1994‬م ‪ ،‬قامت لجنة خاصة بإعادة النظر في المشروع مسترشدة بــإعالن القــاهرة لحقــوق‬
‫اإلنسان في اإلسالم الصـادر عن منظمــة المــؤتمر اإلسـالمي سـنة ‪1990‬م‪ ،‬وأعـادت صــياغته في ضــوء‬
‫مالحظات ومقترحات الدول األعضاء‪.‬‬

‫وفي ‪ 15‬سبتمبر ‪1994‬م‪ ،‬صادق مجلس الجامعة على الميثاق العربي لحقــوق اإلنســان(‪ )290‬بإســتثناء‬
‫سبع دول عربية‪ ،‬وقرر المجلس تخويل األمين العام مهمة دعوة الدول العربيــة للتوقيــع والتصــديق على‬
‫الميثـاق العـربي لحقـوق اإلنسـان‪ ،‬ويعتـبر هـذا القـرار خطـوة جـادة لإللتحـاق بـركب المنظمـات الدوليـة‬
‫واإلقليمية التي سبقت الجماعة في مجال حقــوق اإلنســان‪ ،‬ويتكــون الميثــاق الــذي أعــد في إطــار جامعــة‬
‫الدول العربية على التفصيل الذي ألمحنا إليه من ديباجة وثالث وأربعين مادة موزعة على أربعة أقســام‪،‬‬
‫حيث تنص المادة (‪ / 42‬ب) منه على أن "يدخل هذا الميثــاق حيّـز النفــاذ بعــد شــهرين من تــاريخ إيــداع‬
‫الويثقة للتصديق أو اإلنضمام السبعة لدى األمانة العامة لجامعة الدول العربية"‪.‬‬

‫وبنا ًء على ذلك ‪ ،‬فهذا الميثاق ليس لــه أيــة صــفة تنفيذيــة حــتى اآلن وذلــك لعــدم التصــديق عليــه من‬
‫جانب السبع الدول العربية ‪ ،‬هي‪ :‬عمان‪ ،‬قطر‪ ،‬السودان ‪ ،‬الكويت‪ ،‬السعودية(‪.)291‬‬

‫ثالثا ً‪ :‬المبادرة الثالثة‪ ،‬وهي المبادة التي هيئ فيها مشــروع ميثــاق حقــوق اإلنســان والشــعب‬
‫في الــوطن العربيــة ســنة ‪1986‬م‪ ،‬وكــان بنــا ًء على دعــوة المعهــد الــدولي للدرســات العليــا في‬
‫العلوم الجنائية المنعقدة في مدينة ســيراكوزا بإيطاليــا في الفــترة من (‪ 5‬الى ‪ 12‬ديســمبر ســنة‬
‫‪1986‬م) المسمى بمؤتمر الخبراء العربي وذلك للنظر في وضع مشروع ميثاق حقوق اإلنسان‬

‫‪ ) (290‬قرار مجلس جماعة الدول العربية رقم (‪ )5437‬في الدورة ‪ ، 102‬المنعقدة بتاريخ ‪15/9/1994‬م‪ ،‬وقد أبدت بعض الدول تحفظاتها على‬
‫الميثاق ‪ ،‬كالسودان ‪ ،‬ودول الخليج العربي‪ ،‬على النحول التالي‪:‬‬
‫ــ اإلمارات العرية المتحدة‪ ،‬ترى أن الميثاق العربي لحقوق اإلنسان يجب أن يتماشى في روحه ومراميه مع إعالن القاهرة لحقوق اإلنسان في‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫ــ دولة البحرين ‪ ،‬ترى تأجيل بحث هذا المضووع لحين البت في مشروع اإلعالن العربي لحقوق اإلنسان من قبل وزراء العدل العرب‪ ،‬ونفس‬
‫الموقف عند دولة الكويت‪.‬‬
‫ــ سلطنة عمان تتحفظ على الميثاق العربي لحقوق اإلنسان وال توافق عليه‪.‬‬
‫ــ دولة قطر تتحفظ على البنود التي ترى أنها تتعرض مع ما نصت عليه الشريعة اإلسالمية وروح إعالن القاهرة‪ ،‬كما تتحفظ على حكم المادتين (‬
‫‪ 14‬و ‪ ) 29‬لتعارضها مع التشريعات المعمول بها في دولة قطر‪.‬‬
‫ــ السعودية صادقت على إعالن القاهرة لحقوق اإلنسان في اإلسالم الذي كان حصيلة جهود علماء وخبراء في العالمين العربي واإلسالمي ‪ ،‬ولذلك‬
‫إلتزمت به وترى أنه تضمن حريات اإلنسان األساسية‪.‬‬
‫‪ ) (291‬أنظر أحمد يوسف البرعي‪ ،‬التصور العربي تجاه مواثيق‪ $‬حقوق اإلنسان‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪ ،1989 ، 96‬ص ‪.70‬‬

‫‪212‬‬
‫والشعب في الوطن العربي سنة‪1986‬م‪ ،‬حيث حضر المؤتمر عدد من الخبراء العرب‪ ،‬من أهــل‬
‫الذكر والقانون‪ ،‬من إحدى عشر دولة عربية(‪.)292‬‬

‫وقد كــان أمــام المــؤتمر العديــد من الوثــائق الدوليــة لحقــوق اإلنســان في مقــدمتها مشــروع الميثــاق‬
‫المصري لحقوق اإلنسان الذي تم إعـداده في إطـار جامعـة الـدول العربيـة‪ ،‬وكـذا العهـد الـدولي للحقـوق‬
‫المدنية والسياسية‪ ،‬والعهد الدولي للحقوق اإلجتماعية واإلقتصادية والثقافية‪ ،‬وكافة اإلتفاقيات وإلعالن‬
‫العالميــة لحقــوق اإلنســان‪ ،‬واإلتفاقيــات اإلقليميــة لحقــوق اإلنســان وفي مقــدمتها اإلتفــاقيتين األوروبيــة‬
‫واألمريكيــة والميثــاق اإلفــريقي لحقــوق اإلنســان والشــعوب‪ ،‬والبيــان العــالمي عن حقــوق اإلنســان في‬
‫اإلسالم‪ ،‬وإعالن (دكا) الصادر عن منظمة المؤتمر اإلسالمي(‪.)293‬‬

‫وقد خلص المؤتمر في نهاية جلساته الى إصدار مشروع ميثاق حقــوق اإلنســان والشــعب في الــوطن‬
‫العربي الذي يتكون من ديباجة وخمس وستين مادة‪ ،‬موزعة على أربعة أبواب‪ ،‬والتي أرسلت نســخا ً من‬
‫ذلك المشروع الى الدول العربية والجامعة العربية على أمل أن تتبنى الدول العربيــة هــذا الميثــاق‪ ،‬إال أن‬
‫ذلك لم يتحقق حتى االن‪ ،‬ومن ثم فإن هذا المشروع ليست له صفة اإللزام بسبب أنه لم يؤخذ به (‪.)294‬‬

‫رابعا ً‪ :‬المبادرة الرابعة‪ ،‬لقد سبق أن ذكرنــا أن مجلس جامعــة الــدول العربيــة قــد إعتمــد في‬
‫‪ 15‬سبتمبر ‪1997‬م‪ ،‬بقــرار مجلس الجامعــة رقم (‪ )5427‬إال أنــه لم يتحقــق‪ ،‬وباإلضــالع على‬
‫نصــوص مــواد هــذا المشــروع يتــبين أنــه عبــارة عن (‪ )43‬مــادة‪ ،‬حيث قــامت اللجنــة العربيــة‬
‫لحقوق اإلنســان بجامعــة الــدول العربيــة بتــاريخ ‪ 29‬مــارس ‪2004‬م‪ ،‬بتجديــد الــدعوة إلعتمــاد‬
‫الميثاقة العربي‪ ،‬والذي يتكون أيضا ً من (‪ )43‬مادة (‪ ،)295‬وهو نفس المشروع السابق الــذي لم‬
‫يتم التصــديق عليــه‪ ،‬وقــد ذكــرت اللجنــة بــأن هــذا المشــروع ينــاظر اإلتفــاقيتين األوروبيــة‬
‫واألمريكية لحقوق اإلنسان‪ ،‬وقد أكدت ذلك من خالل إشتراكها مع المفوضــية الســامية لحقــوق‬
‫اإلنسان لألمم المتحدة‪ ،‬وقــد أفــاد أحــد المقــررين باللجنــة بــأن هــذا الميثــاق الجديــد يعــد وثيقــة‬
‫إقليمية والذي لم يدخل حيّز التنفيـذ بعـد إصـداره منـذ (‪ )21‬سـنه‪ ،‬وهـو يتضـمن مجموعـة من‬
‫الحقوق والمبادئ اللصيقة باإلنســان والحريــات العامـة‪ ،‬وقــد فـرق هــذا المشـروع الجديــد بين‬
‫الحقوق الفردية لإلنسان‪ ،‬وهو ما سنحاول تبيانه في الفقرة األولى ثم نص ثاني ـا ً على الحقــوق‬
‫الجماعية للشعب‪ ،‬وسنعرض للحقوق محل الحماية لهذا المشروع الجديد في الفقرة الثانية ‪.‬‬

‫‪ ) (292‬هذه الدول هي‪ :‬المغرب‪ ،‬فلسطين‪ ،‬تونس‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السودان‪ ،‬سوريا‪ ،‬األردن‪ ،‬السعودية‪ ،‬ليبيا‪ ،‬لبنان ومصر)‪.‬‬
‫‪ ) (293‬إعالن "دكا" كان محاولة أولى من جانب منظمة المؤتمر اإلسالمي في مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬وقد صدر فيما بعد إعالن القاهرة حول حقوق‬
‫اإلنسان سنة ‪1990‬م‪.‬‬
‫‪ ) (294‬أنظر نص مشروع‪ $‬ميثاق‪ $‬حقوق اإلنسان والشعب في الوطن العربي ‪ ،‬ص (‪ 300‬ــ ‪ ،)312‬كما أصدر المعهد الدولي للدراس‪$$‬ات العلي‪$$‬ا في‬
‫العلوم الجنائية مشروع إتفاقية عربية لمنع التعذيب والماملة الالإنسانية أو المهينة‪.‬‬
‫‪ ) (295‬بخصوص الموادة (‪ ،) 43‬أنظر الشبكة الدولية للمعلومات على موقع جامعة مينوسوتا‪ ،‬مكتب حقوق اإلنسان على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪www.umn.edu/human.rts‬‬

‫‪213‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مبادئ ومضامين الميثاق العربي لحقوق اإلنسان‬

‫تؤكد ديباجة الميثاق على خصوصية حقوق اإلنسان في الوطن العــربي‪ ،‬فهــو مهــد الــديانات ومــوطن‬
‫الحضارات التي أكدت على حق اإلنسان في حياة كريمة على أســس من الحريــة والعــدل والســالم ‪ ،‬كيــف‬
‫ال؟! ‪ ،‬وقد أعز هللا منذ بدء الخليفة اإلنسان وأكد كرامته‪ ،‬وتشير الديباجة أيضا ً ال المبادئ الخالدة للــدين‬
‫بين البشر‪ ،‬وأكدت كذلك الديباجة على حق الشعوب في تقرير مصييرها وعلى السـيادة الدائمـة للشـعوب‬
‫على مواردها الطبيعية‪.‬‬

‫ولم تغفــل الديباجــة اإلشــارة الى ســيادة القــانون وإلى أن احــترام حقــوق اإلنســان هــو معيــار أصــالة‬
‫المجتمع‪ .‬وأدانت الديباجة العنصرية والصهيونية اللتين تشكالن إنتهاكـا ً لحقــوق اإلنســان وتهــديا ً للســلم‬
‫واألمن الــدوليين‪ ،‬وقــد أبــرزت بوضــوح أهميــة مبــادئ ميثــاق األمم المتحــدةوافعالن العــالمي لحقــوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬وأحكامـ العهدين الدوليين لحقوق اإلنسان وإعالن القاهرة حول حقوق اإلنسان في اإلسالم‪.‬‬

‫ومن الملفت للنظر هنا‪ ،‬أن ديباجة الميثاق تؤكد على أحكــام العهــدين الــدوليين لحقــوق اإلنســان على‬
‫الرغم عن عدم تصــديق عـدد البــأس بــه من الدولــة العربيــة عليهــا‪ ،‬فالــدول العربيــة الــتي صــادقت على‬
‫العهدين هي (‪ )14‬دولة‪ ،‬كما أنها تؤكد على مبادئ اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬وعلى الـرغم أيضـا ً‬
‫من الموقف المتحفظ لبعض الدول العربية من أحكام هذا اإلعالن‪.‬‬

‫أما التأكيد على القيم اإلسالمي‪ ،‬فيبد أنه كان بقصــد إرضــاء اإلتجاهــات المحافظــة في العــالم العــربي‪،‬‬
‫بينما جاء التأكيد على اإلعالن العالمي والعهدين الدوليين لحقوق اإلنســان إرضـاء وإسـتمالة لإلتجاهــات‬
‫الحديثة والتقدمية وإستجابة لضغط دولي واسع‪.‬‬

‫وجاءت الديباجة متضمنه أفكــاراً ال صــلة لهــا في الواقــع بحقــوق اإلنســان مثــل دور العــرب في نشــر‬
‫مراكز العلم بين الشرق والغرب وإيمان الوطن العربي بوحدته‪ ،‬ولعل اإلشارة الى أفكار كهذه تفســر على‬
‫أنها تعبـير عن رغبـة العـرب في التأكيـد على دورهم األممي والحضـاري‪ .‬ولكن أفكـاراً كهـذه في الواقـع‬
‫التقدم والتؤخر شيئا ً على صعيد الحماية القانونية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحقوق محل الحماية في الميثاق العربي لحقوق اإلنسان‬

‫إجماالت يمكن القــول بــأن الميثــاق العــربي لحقــوق اإلنســان والشــعب قــد فــرق بين الحقــوق الفرديــة‬
‫والجماعية‪ ،‬فقد نص أوالً على الحقوق الفردية لإلنسان‪ ،‬ثم نص ثاني ـا ً على الحقــوق الجماعيــة للشــعب‪،‬‬
‫وهذه الحقوق يمكن تقسيمها الى ثالثة فئات‪ ،‬فئة الحقوق الفردية‪ ،‬فئة الحقوق الجماعيــة ثم فئــة حقـوق‬
‫التضامن‪ ،‬وهي كالآلتي‪:‬‬

‫‪214‬‬
‫أوالً‪ :‬فئة الحقوق الفردية‬

‫يؤكد الميثــاق العــربي عــل مبــدأ المســاواة وعــدم التميــيز ‪ ،‬فقــد إحتــوت مقدمتــه على عبــارات مثــل‬
‫"المساواة والتسامح بين البشر" و "تكافؤ الفرص"‪ .‬وجــاءت المــادة الثالثــة من الميثــاق المعــدل أكــثر‬
‫وضــوحا ً في هــذا الشــأن‪ ،‬فهي مثلهــا مثــل المــادة الثانيــة في العهــدين تؤكــد على مبــدأ المســاواة وعــدم‬
‫التمييز‪ ،‬ولكنها فضالً عن المبدأ العام توجب أيضا ً كفالة تساوي الرجال والنساء على غرار المادة الثالثة‬
‫من العهدين‪ ،‬عليه فقد جاءت صياغة المادة الثالثة من الميثاق بالصيغة اآلتية‪:‬‬

‫"تتعهد كل دولة طرف في هذا الميثاق بأن تكفل لكــل شــخص خاضــع لواليتهــا حــق التمتــع بــالحقوق‬
‫والحريات المنصوص عليها في هذا الميثاق‪ ،‬دون تمييز بسبب العرق أو اللون‪ ،‬أو الجنس‪ ،‬أو اللغة‪ ،‬أو‬
‫المعتقد الديني أو الرأي أو الفكــر‪ ،‬أو األصــل الوطــني‪ ،‬أو اإلجتمــاعي‪ ،‬أو الــثروة‪ ،‬أو الميالاد أو اإلعاقــة‬
‫البدنية أو العقلية"(المادة ‪.) 1 / 3‬‬

‫واســتطردت المــادة المــذكورة في فقرتهــا الثالثــة في هــذا األمــر‪ ،‬فأشــارت الى أن‪" :‬الرجــل والمــرأة‬
‫متساويين في الكرامة اإلنســانية والحقــوق والواجبــات‪ ،‬في ظــل التميــيز اإليجــابي الــذي أثرتــه الشــريعة‬
‫اإلسالمية والشرائع السماوية األخرى والتشريعات والمواثيق النافذة لصالح المرأة‪.‬‬

‫وتتعهد تبعا ً لذلك كل دولة طرف بإتخاذ كافة التدابير الالزمة لتأمين تكافؤ الفرص والمســاواة الفعليــة‬
‫بين النساء والرجال في التمتع بجميع الحقوق الواردة في هذا الميثاق"‪.‬‬

‫فالميثاق يؤكد على مبدأ تساوي الرجال والنساء في الحقوق المحمية بموجبه ولكنه مع ذلــك يتضــمن‬
‫صياغات تفضي الى تناقش يصعب فهمه أو تفسيره على نحو يؤدي معنى محدداً ودقيق ـاً‪ .‬فهــو من جهــة‬
‫يؤكد على المساواة بين الرجال والنساء‪ ،‬إال أنه من جهة أخرى يشير الى فكرة "التمييز اإليجابي"‪.‬‬

‫وهي فكرة تستبعد المســاواة القانونيــة التامــة بين الرجــال والنســاء والتتفــق مــع الفكــرة الســائدة في‬
‫اإلتفاقيات الدولية المتعلق بحقوق المــرأة الــتي تجعـل من التميـيز اإليجــابي" أمـراً مؤقتـا ً لحين التوصـل‬
‫تدريجيا ً الى المساواة التامة بين الرجال والنساء(‪.)296‬‬

‫وعلى خالف العهــد الــدولي الخــاص بــالحقوق المدنيــة والسياســية‪ ،‬وكمــا هــو متوقــع‪ ،‬جــاء الميثــاق‬
‫العــربي لحقــوق اإلنســان خالي ـا ً من النص على تســاوي حقــوق الزوجيــة ووجباتهــا خالل قيــام الــزواج‬
‫وإنحالله‪ .‬ولقد نصت المادة (‪ ) 1 / 32‬من الميثاق على أن "للرجل والمرأة إبتداء من بلوغ سن الزواج‬
‫حق الزواج وتأسيس أسرة وفق شروط وأركان الزواج‪ ،‬وال ينعقد الزواج إال برضا الطرفين رضـا ً كــامالً‬

‫‪ ) (296‬تنص المادة (‪ )4/1‬من إتفاقية القضاء على جميعه أشكال التمييز ضد المرأة لسنة ‪1979‬م‪ ،‬على‪" :‬ال يعتبر‪ $‬إتخ‪$$‬اذ ال‪$$‬دول األط‪$$‬راف ت‪$$‬دابير‬
‫خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييزاً بالمعنى الذي تأخذ به هذه اإلتفاقية‪ ،‬ولكنه يجب أال يس‪$‬تتبع على أي نح‪$$‬و‬
‫اإلبقاء على معايير متكافئة أو منفصلة‪ .‬كما يجب وقف العمل بهذه التدابير متى تحققق‪ $‬أهداف التكافؤ في الغرض والمعاملة‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫ال إكراه فيه‪ ،‬وينظم التشريع النافذ حقوق وواجبات الرجل والمرأة عند إنعقاد الزواج وخالل قيامه ولدى‬
‫إنحالله"‪.‬‬

‫والواقع أن الحديث قد يطول في موضوع المساواة بين المرأة والرجل في الــوطن العــربي‪ ،‬فغــير أنــه‬
‫الينكر أن بعض األقطار العربية قد قطعت أشواطا ً اليستهان بها في إتجاه تحقيق المساواة بين الجنسين‪،‬‬
‫وهذا على الرغم من ندرة الدولة العربية الــتي أصــبحت أطــرافً في اإلتفاقيــات الدوليــة الخاصــة بــالمرأة‬
‫(‪.)297‬‬

‫ويؤكد الميثــاق في المــادة الخامســة منــه على حــق كــل فــرد في الحيــاة وعلى أنــه حــق مالزم لكــل‬
‫األشخاص واليجوز حرمان أحد منــه تعســفاً‪ ،‬وهــو يخصــص مــادتين لعقوبــة اإلعــدام (المــادة ‪ 6‬و ‪ 7‬من‬
‫النص المعدل)‪ ،‬فهـو يـوجب عـدم الحكم فيهـا إال في الجنايـات بالغـة الخطـورة ولكنـه اليسـتثني الجـرائم‬
‫السياسية من هذه العقوبة‪.‬‬

‫واليجوز الحكم باإلعدام على األطفال الـذين تقـل أعمـارهم عن (‪ )18‬سـنه أو على إمـرأة حامـل حـتى‬
‫تضع حملها أو في أن مرضعة إال بعد إنقضاء عامين من تاريخ الوالدة‪ ،‬وفي كــل األحــوال تغلب مصــلحة‬
‫الرضــيع‪ .‬وقــد أجـاز الميثــاق لكــل محكــوم بعقــوب اإلعـدام طلب العفـوـ أو إســتبدالها بعقوبــة أخـف‪ .‬ومن‬
‫المالحظ أن الميثاق لم يمنع إعدام من هم أقل (‪ )18‬سنه بصورة مطلقة‪ ،‬فقــد أجــازت المــادة (‪ )7/1‬منــه‬
‫ذلك في الحالة التي تنص التشريعات النافذة وقت إرتكاب الجريمة على جواز إيقاع عقوبة اإلعــدام بحــق‬
‫من هم أقل من (‪ )18‬سنه‪ .‬وهي بذلك تخالف أحكام القانون الدولي التي تفرض حظراً مطلقـا ً على الحكم‬
‫باإلعدام على األطفال في األحوالـ جميعها(‪ .)298‬فــالحكم الصــادر في الميثــاق في هــذا الصــدد "اليتعــارض‬
‫فحسب مع إلتزامات الدول بمقتضى القانون الــدولي‪ ،‬وإنمــا يســير عكس التيــار العــالمي الــذي ينحــو الى‬
‫حظر إستخدامـ عقوبة إلعدام ضد األطفال المدانين"(‪.)299‬‬

‫ووفقا ً للمادة (‪ )1/ 8‬من الميثاق‪" ،‬يحظر تعذيب أي شخص بدنيا ً أو نفسيا ً أو معاملته معاملة قاسية‬
‫أو مهينة أو حاطة بالكرامة أو غير إنســانية"‪ .‬ومن الواضــح أن هــذا النص ال يتضــمن إشــارة‪ ،‬كمــا هــو‬
‫الحال بالنسبة للصكوك الدوليــة المختلفــة‪ ،‬الى العقوبــة القاســية أو الالإنســانية أو الحاطــة بالكرامة(‪.)300‬‬
‫ولعل مرد ذلك تطيق بعض الدول العربية للعقوبات الجسدية‪.‬‬

‫‪ ) (297‬من أهم هذه اإلتفاقيات‪ :‬اإلتفاقية الدولية بشأن الحقوق السياسية للمرأة لسنة ‪1952‬م‪ ،‬اإلتفاقية الدولية بش‪$$‬أن جنس‪$$‬ية الم‪$$‬رأة المتزوج‪$$‬ة لس‪$$‬نة‬
‫‪1975‬م ‪ ،‬وإتفاقية القضاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة لسنة ‪1979‬م‪.‬‬
‫‪ ) (298‬أنظر نص المادة (‪ )5 $/6‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬والمادة (‪ )1 $/ 37‬من إتفاقية حقوق الطفل‪ ،‬علما ً أن الدول‬
‫العربية جميعها‪ $‬مصادقة على إتفاقية حقوق الطفل دون أية تحفظات على المادة (‪ )1 $/ 37‬من اإلتفاقية ‪ ،‬كما أن الدول العربية األطراف في العهد‬
‫المذكور لم تبد أي تحفظ على المادة (‪ )5 / 6‬أيضاً‪.‬‬
‫‪ ) (299‬منظمة العفو الدولية‪" :‬إعادة صياغة الميثاق العربي لحقوق اإلنسان‪ :‬بناء مستقبل‪ $‬أفضل" الوثيقة‪MDE1/002 /2004,p5 :‬‬
‫‪ ) (300‬أنظر للمقارنة نص المادة األولى من إتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ض‪$‬روب المعامل‪$‬ة أو العقوب‪$$‬ات القاس‪$$‬ية أو الالإنس‪$$‬انية أو المهين‪$‬ة‪،‬‬
‫والمادة (‪ )7‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪.‬‬

‫‪216‬‬
‫وكما يبــدو واضــحا ً أن النص المــذكور لم يقض بحظــر تســليم إو إعــادة األشــخاص قســريا ً الى دول‬
‫سيواجهون إنتهاكات جسيمة وخطيرة لحقوق اإلنســان‪ ،‬بمــا فيهــا التعــرض للتعــذيب‪ .‬وهــذا المبــدأ الــذي‬
‫يفتقد الميثاق العربي نصا ً يؤكده ويكرسه هو في الواقع من القانون الدولي العرفي الذي تلتزم بــه الــدول‬
‫كافة سواء أكانت أطرافـا ً في معاهــدة دوليــة تحميــه أم ال‪ .‬وشــأنه شــأن العهــد الــدولي الخــاص بــالحقوق‬
‫المدنية والسياسية بحيث اليجيز بالميثاق إجراء تجارب طبية أو علمية على أي إنسان دون رضاه الحــر‬
‫وإدراكه الكامل للمضاعفات التي قد تنجم عنها‪.‬‬

‫وبعد ذلــك يحظــر الميثــاق الــرق واإلتجــار واإلســترقاق والعبوديــة باإلشــخاص‪ ،‬كمــا يحظــر الميثــاق‬
‫السخرة إو اإلتجار باألشخاص من أجــل الــدعارة أو اإلســتغالل الجنســي أو إســتغالل دعــارة الغــير أو أي‬
‫شكل آخر أو إستغالل األطفال في النزاعات المسـلحة‪ .‬وبعـد ذلـك يؤكـد الميثـاق على الحـق في المسـاواة‬
‫أمام القانةن وأمام القضاء‪ .‬وهو يرتب على الدولة األطراف في الميثاق إلتزاما ً بضمان استقالل القضاء‪،‬‬
‫وحق التقاضي لكل شخص خاضع لواليتها‪.‬‬

‫وفي مجــال الحقــوق المتصــلة بالتقاضــي‪ ،‬تنــاول الميثــاق الحــق في محاكمــة عادلــة وحــدد ضــمانات‬
‫المحاكمــة العادلــة والشــروط الــواجب توافرهــا فيهــا‪ .‬ويالحــظ في هــذا الصــدد أن نص المــادة (‪ )13‬من‬
‫الميثاق بالمتلعق بالحق في محاكمة عادلة يتضمن في فقرته الثانية قيــداً يجــيز للــدول األطــراف أن تعقــد‬
‫المحاكمات بصورة غير علنية في الحاالت اإلستثنائية التي تقضــي "مصــلحة العدالــة في مجتمــع يحــترم‬
‫الحريات وحققو اإلنسان" في إجرائات سرية‪.‬‬

‫إن المــادة المــذكورة تتفــق من حيث المبــدأ مــع القــانون الــدولي بتأكيــدها على أن األصــل هــو علنيــة‬
‫المحاكمات ‪ ،‬ولكنها تختلف بصورة واضحة مع ما ورد في المادة (‪/ 14‬ـ ‪ )1‬من العهــد الــدولي الخــاص‬
‫بالحقوق المدنية والسياسية في أن هذه األخيرة تقضي بأنه يجوز منع الجمهــور والصــحافة من حضــور‬
‫المحاكمة "لدواعي اآلداب العامة أو النظام العام أو األمن الوطني في مجتمع ديمقراطي"‪.‬‬

‫وعلنية الجلســات كمــا هــو معــروف‪ ،‬تعــد أهم الوســائل الوقائيــة الضــامنه لحقــوق الفــرد ولمصــلحة‬
‫المجتمع‪ .‬فالمادة (‪ )13/2‬من الميثاق تتضمن قيداً قد يفســر تفســيراً واســعا ً يفضــي الى إهــدار الحــق في‬
‫محاكمة عادلة والى حرمان الفرد من ضمانة الدفاع األساسية‪ .‬فاألصل كفالة الحق في محاكمة عادلــة إال‬
‫في حاالت ضيقة جداً‪ ،‬هي التي نصت عليها المادة (‪/ 4‬ـ ‪ )1‬من العهد الدولي الخــاص بـالحقوق المدنيـة‬
‫والسياسية‪.‬‬

‫كما تناول الميثاق الى جانب الحقوق المذكورة أعاله ‪ ،‬حقوقا ً أخــرى هي‪ :‬الحــق في الحريــة واألمــان‬
‫وعدم جواز القبض على اإلنســان أو حجــزه أو تفتيشــه أو إعتقالــه دون ســند قــانوني‪ ،‬وعلى وجــوب أن‬

‫‪217‬‬
‫يقدم الموقـوف أو المتعقـل بتهمـة جزائيـة للقضـاء دون إبطـاء أو تـأخير‪ ،‬تطـبيق مبـدأ شـرعية الجـرائم‬
‫والعقوبات وقرينة البراءة المفترضة‪ ،‬محاكمة الطفل الذي تعلقت به تهمة أمــام محــاكم خاصــة باألحــداث‬
‫وحقه في معاملة تصون كرامته وتتفق مع سنه‪ ،‬عدم حبس إنسان ثبت إعسـاره عن الوفـاء بـدين أو أي‬
‫إلتزام مدن ‪ ،‬الحق في التعويض للمتهم الــذي تثبتت برائتــه‪ ،‬الحــق في معاملــة المحــرومين من حــريتهم‬
‫معاملـة إنسـانية‪ ،‬وفصـل المتهمين عن المـدانين‪ ،‬الحـق في حرمـة الحيـاة الخـاص والعائليـة‪ ،‬الحـق في‬
‫الشخصية القانونية‪ ،‬الحــق في التظلم لكــل شــخص تنتهــك حقوقــه المعــترف بهــا في الميثــاق‪ ،‬الحــق في‬
‫المشــاركة بــالحكم وإدارة الشــؤون العامــة‪ ،‬حريــة اإلجتمــاع والتجمــع الســلمي‪ ،‬الحــق في حريــة التنقــل‬
‫وإختيار مكان اإلقامــة‪ ،‬عــدم جــواز إبعــاد األجــانب عن بلــد اإلقامــة‪ ،‬الحــق في الجنســية‪ ،‬الحــق في طلب‬
‫اللجوء السياسي وعدم جواز تسليم المجرمين السياسيين(‪ .)301‬الحق في حريــة الفكــر والــدين‪ ،‬الحــق في‬
‫الملكية والحق في حرية الرأي والتعبير واإلعالم‪.‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬فئة الحقوق الجماعية‬

‫لقد أورد الميثاق العربي لحقوق اإلنسان جملة من الحقــوق الجماعيــة‪ ،‬وهي كمــا بــات مســتقراً اآلن‪،‬‬
‫الحقوق التي يكون شخصها أو المنتفع بها األفـراد‪ ،‬ولكن التمتـع بهـا وممارسـتها اليكـون متاحـا ً لهم إال‬
‫من خالل جماعة ما أو داخل وسط جماعي معيّن‪ .‬ومن الحقوق الجماعية التي نص عليها الميثــاق الحــق‬
‫في "حرية تكوين الجمعيات مع اآلخرين واإلنضمام إليها" (المادة ‪/ 23‬ـ ‪ 5‬من النص الم ّعدل للميثــاق)‪.‬‬
‫وقد تكرر النص على هذا الحق ولكن بشأن الجمعيات والنقابات المهنيــة في المــادة (‪ ) 1/ 34‬من النص‬
‫المعدل للميثاق‪ ،‬حيث قضى هذا النص بأن كل شخص يجب أن يتمتع بالحق في حريــة تكــوين الجمعيــات‬
‫والنقابات المهنية وانضمام إليها‪ ،‬وحرية ممارسة العمل النقابي من أجل حماية مصالحة‪.‬‬

‫كما كف ــل نص الم ــادة (‪/34‬ــ ‪ )3‬من الميث ــاق المع ــدل الح ــق في اإلض ــراب في الح ــدود الـــتي ينص‬
‫عليهاالتشريع النافذ‪ .‬ومعروف أنه الى جانب بعض الدول العربية التي تعترف بالتعددية النقابية وتحــترم‬
‫الحق في اإلضراب‪ ،‬هناك دول عربية التعرف سوى نقابـة واحــدة وتنظيم ضـيق للحــق في وقــف العمـل‪،‬‬
‫ودول التسمح بتاتا ً بالتنظيم المهني والنقابي والتجيز اإلضراب‪.‬‬

‫وفيما يتعلــق باألقليــات‪ ،‬جــاء الميثــاق المعــدل في المــادة (‪ )25‬منــه التأكيــد على عــدم جــواز حرمــان‬
‫األشخاص المنتمين لألقليات من التمتع بثقافاتها وإستخدامـ لغتها وممارسة تعاليم دينهــا‪ ،‬وينظم القــانون‬
‫التمتع بهذه الحقوق‪.‬‬

‫‪ ) (301‬في الواقع إعتراف الميثاق العربي لحقوق اإلنسان في المادة ( ‪ )27‬منه بالحق في طلب اللجوء السياسي الى بلد آخر هربا ً من اإلضطهاد هو‬
‫أمر على درجة كبيرة من األهمية ‪ ،‬ولكن األهم منه اإلعتراف لطالبي اللجوء بالحق في الملجأ‪.‬‬

‫‪218‬‬
‫ويالحظ بــأن هــذا النص يســتلهم نص المــادة (‪ )27‬من العهــد الــدولي الخــاص بــالحقوق المدنيــة‬
‫والسياسية‪ .‬فهو يؤكد على الحقوق ذاتها الواردة في هذا النص األخــير‪ ،‬ولكن نص المــادة (‪ )25‬يختلــف‬
‫عن نص المادة (‪ )27‬من العهد المذكور في أنه لم يحــدد فئــات األقليــات الــتي ينتفــع المنتمــون إليهــا من‬
‫الحقوق المعترف بها‪ ،‬فالمادة (‪ )27‬تشير الى األقليات األثنية واللغوية والدينية وهو ما لم تفعلــه المــادة‬
‫(‪ )24‬من الميثــاق‪ ،‬وهي بــذلك أكــثر ســعة ورحابــة من نص المــادة (‪ )27‬من العهــد المــذكور‪ ،‬حيث أن‬
‫نطقها الشخصي يتسع ليشمل األشــخاص المنتمين لألقليــات جميعهــا مهمــا كــانت طبيعتهــا أو صــفتها أو‬
‫خصائصها‪.‬‬

‫والواقع أن غالبية األقطار العربيــة تتجاهــل مطالبــات األقليــات بــاإلعتراف لهمــا بــالحقوق الجماعيــة‪،‬‬
‫والثقافية (خاصة في مجــال اللغــة) والسياســية (التمثيــل والحكم الــذاتي والمشــاركة في الشــؤون العامــة‬
‫للدولة)‪.‬‬

‫ولم تقتصر الحقوق الجماعية المعترف بها في الميثاق على الحقوق المدنيــة والسياســية‪ ،‬فقــد تنــاول‬
‫الميثاق حقوقا ً إقتصادية وإجتماعية وثقافية منها الحق في العمل‪ ،‬وقــد وصــفه الميثــاق في المــادة (‪)34‬‬
‫من الميثاق الم ّعدل بأنه حق طبيعي لكل مواطن‪ ،‬وهــو وصــف لم يــرد بصــدد هــذا الــق في العهــد الــدولي‬
‫الخاص بالحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية أو غيره من صكوك حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫وقد أكد الميثاق على حرية إختيار العمل وتكافؤ الفرص والمساواة في العمل وعدم التمييز ألي ســبب‬
‫كان‪ ،‬وأشار الميثاق الى الحق بشروط عمل عادلــة ومرضــية‪ ،‬والى الحصــول على أجــر مناســب لتغطيــة‬
‫مطالب الحياة للعامل وألسرته‪ ،‬والحق في تحديد ساعات العمل والراحة واإلجازات المدفوعة األجر‪ .‬كمــا‬
‫ألزم الميثاق الدول األطراف بوجوب توفير الحمايــة الضــرورية للعمــال الوافــدين إليهـا طبقـا ً للتشـريعات‬
‫النافذة‪.‬‬

‫ومن الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافيــة األخــرى الــتي وردت في الميثــاق الحــق في مســتوى‬
‫معيشي كاف للشخص وألسرته يوفر له الرفاهية والعيش الكريم من غذاء ومسكن وخدمات‪ ،‬والحــق في‬
‫التمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقليــة‪ ،‬وتوفـير الحيـاة الكريمـة لــذوي اإلعاقـات النفســية أو‬
‫الجسدية‪ ،‬والحق في التعليم ومحو األمية والحق في المشاركة في الحياة الثقافية والتمتع بفوائد العلم‪.‬‬

‫باإلضافة الى مختلف االتفاقيات التي خصها المنتظم الدولي للحق وق السياس ية لم يق ف االم ر عن د ه ذا‬
‫الحد بل نجده قرر مجموعة من االليات الدولية لترسيخ الحماية القانونية لهاته الحقوق باعتب اره أفــرز في‬
‫سياق تطوره شبكة واسعة ومتنوعة من اآلليات الرامية لحمايــة حقــوق اإلنســان‪ ،‬االم ر ال ذي س نحاول‬
‫ابرازه من خالل الفصل الثاني تحت عنوان االليات الدولية للحماية القانونية للحقوق السياسية ‪.‬‬

‫‪219‬‬
220
‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫اآلليات الدولية للحماية القانونية للحقوق السياسية‬

‫مما الشك فيه أن توصل المجتمــع الــدولي إلتفاقيـات دوليـة ملزمــة في مجــال حقــوق اإلنســان‪ ،‬يعتــبر‬
‫الخطوة األولى في مجال حمايتها‪ .‬لكنها خطوة غـير كافيـة‪ ،‬كــون دوره يقتصـر على اإلعــتراف واإلقـرار‬
‫بالحقوق فقط‪ .‬األمر الذي تطلب إتخاذ خطوات أخرى لتعزيــز حمايــة حقــوق اإلنســان ومن أبرزهــا إتخــاذ‬
‫إجراءات ووسائل لحماية هذه الحقوق‪.‬‬

‫فالنص على الحقوق دون توفير آليــات الحمايــة لهــا‪ ،‬يفقــدها مضــمونها ويضــعف فــرص التمتــع بهــا‬
‫ويبقيها حبراً على ورق‪ ،‬وتأسيسـا ً على ذلــك إنتقــل المجتمــع الــدولي الى خطــوة هامــة لألمــام في مجــال‬
‫الحماية "عندما قام بإيجاد الوسائل واآلليات القانونية والسياسية واإلقتصادية التي تضمن حماية حقوق‬
‫اإلنسان" (‪.)302‬‬

‫ومن الجدير ذكره أن القانون الدولي التقليدي كمان يفتقد للوســائل واإلجــراءات الكافيــة للرقابــة على‬
‫إلتزام الـدول باإلتفاقيـات الدوليـة‪ .‬ومن أهم ممــيزات القـانون الــدولي المعاصـر أنــه "إســتحداث اآلليـات‬
‫لحماية حقوق اإلنسان ومواجهة اإلنتهاكات المختلفة التي تقع عليها"(‪.)303‬‬

‫وتتجلى هذه الميزة بشكل ساطع في القانون الــدولي لحقــوق اإلنســان‪ ،‬الــذي أفــرز في ســياق تطــوره‬
‫شبكة واسعة ومتنوعة من اآلليات الرامية لحماية حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫ويقصد بمفهوم اآلليات"مجموعــة اإلجــراءات اإلشــرافية والرقابيــة الــتي تتخــذها المنظمــات الدوليــة‬
‫لمضان تنفيذ الدول األطــراف لإلتفاقيــات الدوليــة لحقــوق اإلنســان(‪ .)304‬أو مجمــوع اإلجــراءات المقــررة‬
‫داخليا ً أو دوليا ً لضمان إحترام الحقوق والحريــات(‪ .)305‬ومن هنــا سيتض من هــذا الفصــل مبحــثين‪ ،‬األول‪:‬‬
‫يتطرق الى اآلليات الدولية التابعة لألمم المتحــدة ‪ ،‬في حين أن المبحث الث اني س يتناول اآلليــات الدوليــة‬
‫اإلقليمية‪.‬‬

‫‪ ) (302‬د‪ .‬نظام عساف‪ ،‬مدخل الى حقوق اإلنسان في الوثائق الدولية واإلقليمية واألردنية‪ ،‬المكتبة الوطنية‪ ،‬األردن‪ ،1999 ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ ) (303‬نزار أيوب ‪،‬القانون الدولي اإلنساني والقانوني الدولي لحقوق اإلنسان ‪ ،‬الهيئة الفلسطينية المتقلة لحقوق المواطن‪ ،‬رام هللا‪ ،2003 ،‬ص‬
‫‪44‬و ‪.45‬‬
‫‪ ) (304‬شهاب طالب الزوبعي‪ ،‬الحماية الدولية واإلقليمية لحقوق اإلنسان في ضوء التغيرات الدولية‪ ،‬رسالة ماجسير‪ ،‬اإلكاديمية العربية بالدنمارك‪،‬‬
‫الدنمارك‪2008 ،‬م‪.‬‬
‫‪ ) (305‬د‪ .‬عمر صدوق‪ ،‬محاضرات في القانون الدولي العام ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬بن عنكون‪ ،‬الجزائر‪1995 ،‬م‪.‬‬

‫‪221‬‬
‫المبحث األول‪:‬‬

‫اآلليات الدولية التابعة لألمم المتحدة‬

‫تلعب األجهزة الرئيسية لألمم المتحدة دوراً هاما ً في اإلشراف والرقابة على تنفيــذ اإلتفاقيــات الدوليــة‬
‫بوجه عام‪ ،‬واإلتفاقيات المتلعق بالقانون الدولي لحقوق اإلنسان بوجه خاص‪.‬‬

‫وتستخدم لهذا الغرض وسائل وآليات متعددة ومتنوعــة‪ ،‬واألجهــزة الرئيســية هي تلــك األجهــزة الــتي‬
‫نص عليها ميثاق األمم المتحدة باإلسم(‪ .)306‬وتعرف بهيئات ألجهزة المنبثقــة عن الميثــاق(‪ .)307‬وتتفــاوت‬
‫اآلليات من جهاز الى آخر‪ ،‬وفقا ً إلختصاصات كل جهاز في ميثاق األمم المتحــدة‪ ،‬وللمشــاهدة والتجــارب‬
‫الحسية‪ ،‬وللتطورات التي شهدتها العالقات الدولية‪.‬‬

‫كما يالحــظ أن دور بعض األجهــزة الرئيســية في مجــال حقــوق اإلنســان قــد شــهد تراجع ـا ً واضــحا ً ‪،‬‬
‫وخاصة مجلس الوصاية‪ ،‬الذي لعب في السابق دوراً واضحا ً في مساعة الشعوب على تقريــر مصــيرها‪،‬‬
‫ويعود السبب وراء هذا التراجع لحصول غالبية الدول الخاضعة للوصاية على الحق في تقريــر المصــير‪.‬‬
‫وفي المقابل ذلك تزايد دور بعض األجهزة الرئيسية األخرى في مجال حقوق اإلنسان‪ .‬وهذا ينطبــق على‬
‫الجمعية العامة ومجلس األمن والمجلس اإلقتصادي اإلجتمــاعي‪ ،‬حيث يتزايــد دورهمــا في مجــال حقــوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬وإستخدام العديد من اآلليات للقيام بهذا الدور منها االليات الرئيسية التي اعتمدتها األمم المتحدة‬
‫والتي ستكون موضوع دراسة في المطلب األول‪.‬‬

‫‪ ) ( 306‬جاء في المادة (‪ )7/ 1‬من الميثاق تنشأ الهيئات اآلتية فروعا ً رئيسية لألمم المتحدة‪ :‬الجمعية العامة‪ ،‬مجلس األمن‪ ،‬المجلس اإلقتصادي‬
‫واإلجتماعي‪ ،‬مجلس الوصاية‪ ،‬محكمة العدل الدولية‪ ،‬األمانة العامة‪.‬‬
‫‪ ) ( 307‬بوجمعه غشير ‪ ،‬آليات األمم المتحدة لحمية حقوق اإلنسان والرقابة على تنفيذ اإلتفاقيات الدولية‪ ،‬الدليل العربي لحقوق واإلنسان والتمنية‪،‬‬
‫المنظمة العربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬دون سنة طباعه‪ ،‬ص ‪.3‬‬

‫‪222‬‬
‫المطلب األول‪:‬‬

‫اآلليات الرئيسية لألمم المتحدة‬

‫شكل موضوع حقوق اإلنسان‪ ،‬عن إنشاء منظمة األمم المتحدة‪ ،‬موضوعا ً رئيسيا ً ضــمن إهتماماتهــا‬
‫ومجال عملها تطبيقا ً لما هــو موثــق ومقــرر بميثاقهــا‪ ،‬ولهــذا ســارعت منــذ إنشــائها الى إصــدار اإلعالن‬
‫العالمي لحقوق اإلنسان العهدين الدوليين‪ ،‬غير أن المنظمة تبين لها أن تحقيق الحماية لحقــوق اإلنســان‬
‫وتكريس ممارستها‪ ،‬اليمكن إنجـازة دون اإلسـتعانة بمؤسسـات وهيئـات وآليـات تضـطلع بـدور الحمايـة‬
‫والمراقبة الدولية لهذا الموضوع‪ .‬وعليــه فقــد عملت الهيئــات الرســمية لألمم المتحــدة على ترســيخ هـذا‬
‫الحماية وضمانها لكل الوسائل القانونية واإلجرائية التي يمنحها لها ميثاق المنظمة من خالل ‪ :‬الجمعيــة‬
‫العامة‪ ،‬ومجلس األمن والمجلس اإلقتصادي واإلجتماعي‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الجمعية العامة‬

‫تلعب الجمعية العامة لألمم المتحدة دوراً هاما ً ومفصليا ً في حمايــة حقــوق اإلنســان‪ ،‬وطبيعيــة األدوار‬
‫المتعددة التي تقــوم بهــا في هــذا المجــال‪ ،‬يجعلهــا أكــثر هيئــات األمم المتحــدة الرئيســية فعالية من خالل‬
‫االختصاص ات المس ندة إليه ا االم ر ال ذي يس تدعي وبش ئ من التفص يل تبيانه ا من خالل العنص ر‬
‫األول‪،‬على أن نتناول في العنصر الثاني االليات التي اعتمدتها الجمعية لحماية هاته الحقوق ‪.‬‬

‫العنصر األول‪ :‬إختصاصات الجمعية العامة في حماية حقوق اإلنسان‬

‫تعتبر الجمعية العامة أكثر األجهزة الرئيسية لألمم المتتحــدة إهتمامـا ً ومتابعــة لهــذا الموضــوع‪ ،‬حيث‬
‫تبذل مجهودات واضحة ومتواصلة في تأطيرها وتوضيحها وتفصيلها وتطويرها‪.‬‬

‫ولقد أكدت المادة (‪ )13‬من ميثاق األمم المتحدة على دور الجمعية العامة في "إنماء التعــاون الــدولي‬
‫في الميادين اإلقتصادية والتعليمية والصحية واإلعانة على تحقيق حقــوق اإلنســان والحريــات األساســية‬
‫كافة‪ ،‬بال تمييز بينهم في الجنس أو اللغة أو الدين والتفريق بين الرجال والنساء"‪ .‬ومــا جــاء في المــادة‬
‫السابقة يمثل مسؤولية مباشرة على الجمعية العامة بموجب الميثاق عن تعزيــز إحــترام حقــوق اإلنســان‬
‫وحرياته األساسية(‪.")308‬‬

‫‪ ) (308‬القاضية وهيبه لو صادق‪ ،‬آليات مراقبة حقوق اإلنسان‪ ،‬المدرسة العليا للقضاء‪ ،‬مذكرة تخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ، 2008‬ص‪. 4‬‬

‫‪223‬‬
‫كما أن دور الجمعية العامة الـرئيس في مجـال حفـظ السـلم واألمن الـدوليين‪ ،‬مرتبـط بشـطل عضـوي‬
‫بــدورها في حمايــة حقــوق اإلنســان‪ .‬فمن الــدروس المســتقاة بعــد الحــرب العالميــة الثانيــة أن المســاعي‬
‫الرامية الى حفظ السلم واألمن الدوليين ستكون متعثرة وصعبة المنال‪ ،‬ما لم تكن مقرونة بإحترام حقوق‬
‫اإلنسان‪ .‬وبمعنى آخر فإن حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬من أهم عوامل الـدفع لتحقيــق الســلم واألمن الـدوليين‪.‬‬
‫فالجمعية العامة لها وظيفة هامة في بنيان الصرح الدولي‪ ،‬من أهم ما تستند إليه لتحقيــق ذلــك "اإلعانــة‬
‫على تحقيق حقوق اإلنسان والحريات األساسية للناس كافة دون تمييز"(‪ .)309‬مع اإلشــارة أن دورهــا في‬
‫مجال حفظ السلم واألمن الدوليين يرد عليه قيود حـال مباشـرة من مجـالس األمن لهـذا الـدور‪ ،‬ففي هـذه‬
‫الحالــة " ليس لهــا أن تقــدم أيــة توصــية في شــأن هــذا الــنزاع أو الموقــف‪ ،‬إال إذا طلب مجلس األمن‬
‫ذلك"(‪.)310‬‬

‫باإلضافة لذلك‪ ،‬للجمعية العامة والية فيما يتعلق بالقانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬فهي الجهــة الــتي‬
‫تقوم بإعتماد المبادئ واإلعالن والمعايير والصكوك الدوليــة المتعلقــة بحقــوق اإلنســان‪ ،‬وتعرضــها على‬
‫الدول للتوقيع والمصادقة عليها‪ .‬فهي وبحق "أكثر أجهــزة األمم المتحــدة الــتي تتبــنى المواثيــق الدوليــة‬
‫الخاصة بحقوق اإلنسان(‪.")311‬‬

‫إن ما تم عرضــه في الفصــل األول من إعالنــات وإتفاقيــات دوليــة في مجــال القــانون الــدولي لحقــوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬يعود الفضل به للجمعية العامة‪ ،‬فهي تقوم بدور السلطات التشريعية العالمية في سن اإلتفاقيات‬
‫الرامية لحقوق اإلنسان‪ ،‬فالدور الريادي والطليعي للجمعية العامــة في تنظيم اإلتفاقــايت الراميــة لحقــوق‬
‫اإلنسان اليخضع للنقد أو التشكيك‪ .‬فبفضل الجمعية العامة تبلور وتطور القانون الدولي اإلتفاقي لحقــوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬والشك في كونها المنتج األول والرئيس لإلتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫ومن الجير ذكــره‪ ،‬أن دور الجمعيــة العامــة‪ ،‬اليقتصــر على تحديــد المعــايير الدوليــة لحقــوق اإلنســان‬
‫وتأطيرها في إتفاقيات دولية ملزمة‪ ،‬بل تعتمد أيضا ً مجموعة من اآلليـات لإلشــراف والرقابــة عليـه على‬
‫احترام هذه اإلتفاقيات‪ ،‬معتمدة بذلك على األقسام واللجان الفرعية المحيطة بها‪.‬‬

‫ويعتبر إختصاصها في هذا المجال‪ ،‬محل نقد وتشكيك لــدة العديــد من البــاحثين والمختصــين ‪ ،‬وهنــاك‬
‫اختالف واضح ما بين دور وفعالية الجمعية العامة في تنظيم اإلتفاقيات الدولية المتعلقة بالقانون الــدولي‬
‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬وما بين فعالية آليات عملها في الرقابة واإلشــراف لحمايــة الحقــوق المنصــوص عليهــا‬
‫في هذه اإلتفاقيات‪ ،‬وهذا ما سنتناوله في العنصر القادم‪.‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬آليات الجمعية العامة في حماية حقوق اإلنسان‬


‫‪ ) (309‬عبدالرحمن ابو النصر‪ ،‬محاضرات في التنظيم الدولي‪ ،‬غزة‪ ،1996 ،‬ص ‪. 91‬‬
‫‪ ) (310‬عبدالكريم علوان‪ ،‬المنظمات الدولية‪ ،‬مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمّان‪1997 ،‬م‪ ،‬ص ‪. 98‬‬
‫‪ ) (311‬أحمد ابو الوفا‪ ،‬الحماية الدولية لحقوق اإلنسان في إطار منظمة األمم المتحدة والوكاالت المتخصصة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 39‬‬

‫‪224‬‬
‫تعتمد الجمعية العامة مجموعة من اآلليات الرامية لحماية حقوق اإلنسان‪ ،‬ومن أهمها التالي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬المناقشه‬

‫تناقش الجمعية العامة في كل دورة "الحالة الواقعية لحقوق اإلنسان في كثير من الــدول‪ ،‬وتعتمــد مــا‬
‫يناظر ذلك من قرارات"(‪ .)312‬وغالبا ً ما تستند نقاشات الجمعية العامة لحالة حقوق اإلنسان على التقارير‬
‫التي "يعرضها عليها المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي وغيره من أجهزة المنظمة" (‪ )313‬والــتي تتضــمن‬
‫تقييما ً لدى إحترام الدول إللتزاماتها التعاقدية المنصوص عليها في اإلتفاقيات‪ ،‬ثم تصدر توصياتها للدول‬
‫األعضاء‪ ،‬أو تطلب من مجلس األمن التــدخل بعمــل تنفيــذي‪ ،‬أو تكلــف األمين العــام القيــام بــدور في هــذا‬
‫الشأن‪.‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬النظر في إنتهاكات حقوق اإلنسان‬

‫تنظر الجمعية العامة في إنتهاكات حقوق اإلنسان‪ ،‬بعدها ينظرها المجلس اإلقتصادي واإلجتمــاعي أو‬
‫إحدى أجهزة األمم المتحدة أو األمين العام لألمم المتحدة‪ .‬وينصب النقاش في هـذه الحالـة على اإلنتهـات‬
‫المرتكبة في دولة محددة‪ ،‬ثم تقوم الجمعية العامة بإتخــاذ التوصــيات الالزمــة بشــأنها‪ ،‬في إطــار التوجــه‬
‫لقمع اإلنتهاكات‪.‬‬

‫من التوصيات أو القرارات التي تتخذها الجمعية العامة لقمع اإلنتهاكات‪ ،‬القيام بإرسال بعثــات تقصــي‬
‫الحقائق للوقوف عن كثب على هذه اإلنتهاكات ومطالبــة الدولــة المعنيــة بوقــف اإلعتــداءات على حقــوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬أما إذا تطلب األمــر إتخـاذ إجـراءات تنفيذيــة‪" ،‬لهـا أن تطلب من مجلس األمن إتخــاذ إجــراءات‬
‫تنفيذاً لفرض إحترام حقوق اإلنسان(‪.")314‬‬

‫ثالثا ً‪ :‬إتخاذ القرارات‬

‫تتخذ الجمعية العامة قرارات هدفها حث الدول على إحترام حقوق اإلنســان ونشــرها وترويجهـا‪ ،‬ومن‬
‫األمثلــة على ذلـك "القــرار رقم ‪/ 49‬ـ ‪ 184‬الــذي إتخذتــه بجلســتها المؤرخــة في ‪ 23‬ديســمبر ‪1994‬م ‪،‬‬
‫والقاضــي بــأن تخصــص العشــر ســنوات الــتي تلت إتخــاذ القــرار من ‪ 1‬ينــاير ‪1995‬م الى ‪ 31‬ديســمبر‬
‫‪2004‬م لتعليم حقوق اإلنسان(‪.)315‬‬

‫رابعا ً‪ :‬التوصيات‬

‫‪ ) (312‬مانفرد نوواك‪ ،‬دليل البرلمانيين العرب الى حقوق اإلنسان‪ ،‬مفوضية األمم السامية لحقوق اإلنسان واإلتحاد البرلماني العالمي‪2005 ،‬م‪.‬‬
‫‪ ) (313‬نخبة من أساتذة القانون ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 335‬‬
‫‪ ) (314‬شهاب طالب الزوبعي‪ ،‬الحماية الدولية واإلقليمية لحقوق اإلنسان في ضوء التغيّرات الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 145‬‬
‫‪ ) (315‬د‪ .‬نظام عساف ‪ ،‬مدخل الى حقوق اإلنسان في الوثائق الدولية واإلقليمية واألردنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 11‬‬

‫‪225‬‬
‫تصدر الجمعية العامة العديد من التوصيات الخاصة بحماية حقوق اإلنسان ‪ ،‬علمـا ً بانهـا غـير ملزمـة‬
‫إال أن جزا ًء من الفقهـ يرى أنه "قلما تخالف الدول هذه التوصيات(‪.")316‬‬

‫خامسا‪ :‬إنشاء آليات الرقابة الدولية‪.‬‬

‫من األدوار الهامة التي تقـوم بهـا الجمعيـة العامـة في مجـال اآلليـات "إنشـاء آليـات الرقابـة الدوليـة‬
‫حسبما تنص عليها اإلتفاقيات الدولية (‪ .)317‬فكما هو معروف تتضمن اإلتفاقيات الدولية لحقــوق اإلنســان‬
‫آليات محددة لضمان إحترام الدول األطراف لهذه اإلتفاقيــات‪ ،‬فكــل إتفاقيــة دوليــة لحقــوق اإلنســان لجنــة‬
‫مناظرة لها‪ ،‬تتولى مهمة الرقابة والمتابعة مع الدول األطراف‪ .‬ويقع ضمن إختصاصات الجمعيــة العامــة‬
‫تشكيل هذه اللجان‪ ،‬وتوفير مقومات العمل الالزمة لها ‪ ،‬والنظر في تقاريرها وتوصياتها‪.‬‬

‫كما تقوم الجمعية العامة بإنشاء هيئات دولية لها والية عامة في مجال الرقابة على حقــوق اإلنســان‪،‬‬
‫ومن األمثلة على ذلك قرارهــا بتشــكيل المفوضــية الســامية لحقــوق اإلنســان في عــام ‪1993‬م‪ ،‬وقرارهــا‬
‫بإنشاء مجلس حقوق اإلنسان في عام ‪2006‬م‪.‬‬

‫سادسا ً‪ :‬متابعة المؤتمرات الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان‬

‫تعتبر المؤتمرات الدولية لحقوق اإلنسان من المحطات الهامة في تقييم حالة حقوق اإلنسان‪ ،‬وتطوير‬
‫المعايير لمتلعقة بها وتفعيل آلياتها‪ ،‬وتتولى الجمعية العامة متابعة هـذه المــؤتمرات(‪ ،)318‬وذلــك من حيث‬
‫اإلعداد والتحصير لها ومتابعة مخرجاتها‪.‬‬

‫وكثيراً ما يخرج عن المؤتمرات توصيات هامة‪ ،‬لجهة تطوير معايير حقوق اإلنسان وإستحداث آليات‬
‫جديدة للرقابة على حقوق اإلنسان‪ ،‬ومن األمثلة العامــة في هــذا المجــال‪ ،‬إســتحداث المفوضــية الســامية‬
‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬بناء ً على توصية من مؤتمر فينا لحقوق اإلنسان في العام ‪1993‬م‪ ،‬حيث جرى ترجمــة‬
‫التوصية بعد أشهر بسيطة من إنتهاء أعمال المؤتمر‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬آلية مجلس األمن في حماية حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫يضطلع مجلس األمن ضمن أختصاصات ومهامه دوراً هاما ً ومحوريا ً في مجال حماية حقوق اإلنسان‬
‫‪ ،‬وهــذا مــا ســنتعرض إليــه في هــذا الفــرع من خالل ثالثــة عناصــر ‪ ،‬حيث نتنــاول في العنصــر األول‬

‫‪ ) (316‬نخبة من أساتذة الجامعات‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 335‬‬


‫‪ ) (317‬د‪ .‬طارق عزت رخا‪ ،‬قانون حقوق اإلنسان بين النظرية والتطبيق‪ $‬في الفكر الوضعي والشريعي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،2006 ،‬‬
‫ص ‪. 177 ،176‬‬
‫‪ ) (318‬شهاب طالب الزوبعي‪ ،‬الحماية الدولية واإلقليمية لحقوق اإلنسان في ضوء التغيرات الدولية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 149‬‬

‫‪226‬‬
‫إختصاصات مجلس األمن في حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬ونخصص العنصــر الثــاني آلليــات مجلس األمن في‬
‫حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬أما العنصــر الثـالث فإننـا سـنتطرق فيـه الى تقــييم آليـات مجلس األمن في حمايـة‬
‫حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫العنصر األول‪ :‬إختصاصات مجلس األمن في حماية حقوق اإلنسان‬

‫يعتبر مجلس األمن بمثابة السلطة التنفيذية لألمم المتحدة‪ ،‬ويتولى مهمة حفظ األمن والسلم الــدوليين‬
‫وفقا ً للمادة الرابعة والعشــرون من ميثــاق األمم المتحــدة‪ ،‬فهــو "صــاحب اإلختصــاص األصــيل في حفــظ‬
‫الســلم واألمن الــدوليين(‪ .)319‬وتتمثــل إختصاصــات مجلس األمن بوجــه عــام في مجــال حقــوق اإلنســان‪،‬‬
‫كالتالي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬المحافظة على األمن والسلم الدوليين‪.‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬مشاركة الجمعية العامة بإنتخاب قضاة محكمة العدل الدولية‪.‬‬

‫ثالثا ً‪ :‬التدخل لقمع أية إنتهاكات لحقوق اإلنسان تمس بالسلم واألمن الدوليين‪.‬‬

‫وتتسم القواعد المنظمة لحفظ السلم واألمن الدوليين بالعلو والســمو عن غيرهــا من القواعــد‪ ،‬وخــير‬
‫تطبيق لعلوية قواعد حفظ السلم واألمن‪ ،‬ما ورد في أحكامـ الفصل الســابع من الميثــاق(‪ ،)320‬والــذي خـ ّول‬
‫مجلس األمن إتخاذ إجراءات رادعة لحماية السلم واألمن الدوليين‪ ،‬وقد تصــل الصــالحيات لمجلس األمن‬
‫وفقا ً لهذا الفصل حد إستخدام القوة العسكرية‪.‬‬

‫ومن زاوية أخرى تطلب الحفاظ على السلم واألمن الدوليين إجراءات غير إعتيادية وسلطات واســعة‬
‫ورادعة لمجلس األمن لضمان ترجمتها عملياً‪ ،‬وقمع أية ممارسات تهدد السلم واألمن الدوليين‪.‬‬

‫وباإلضافة لذلك‪ ،‬ترتب على سمو وعلو القواعد المتلعقة بحفظ السلم واألمن الدوليين تخويــل مجلس‬
‫األمن سلطة إصدار القرارات الملزمة‪ ،‬فهي مقابل قرارات التتعدى كونها توصيات غير ملزمــة تصــدرها‬
‫الجمعية العامة(‪.")321‬‬

‫ومن أهم العوامل المعززة إللزامية قرارات مجلس األمن‪ ،‬تعهد أعضاء األمم المتحــدة بقبــول قــرارات‬
‫مجلس األمن وتنفيذها وفقا ً للمادة (‪ )25‬من ميثاق األمم المتحدة‪.‬‬

‫‪ ) (319‬د‪ .‬محمد سامي عبدالحميد‪ ،‬التنظيم الدولي‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪2000 ،‬م‪ ،‬ص ‪. 165‬‬
‫‪ ) (320‬د‪ .‬مصطفى أحمد فؤاد ‪ ،‬أصول القانون الدولي العام‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2004 ،‬ص ‪. 6‬‬
‫‪ ) (321‬عمر رحال ‪ ،‬الدور السياسي لألمم المتحدة في ظل النظام العالمي الجديد ‪ ،‬مركز إعالم حقوق اإلنسان والمشارة الديمقراطية "شمس"‪ ،‬رام‬
‫هللا‪ ،2007 ،‬ص ‪. 59‬‬

‫‪227‬‬
‫كما ينطبــق العلــو على قــرارات مجلس األمن المتعلقــة بحقــوق اإلنســان خاصــة وأن دوره في مجــال‬
‫حمايــة حقــوق اإلنســان يرتبــط بــدوره بالحفــاظ على الســلم واألمن الــدوليين‪ .‬فتــدخالت مجلس األمن في‬
‫حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬محصورة في حالة حصول انتهاكات تهدد السلم واألمن الدوليين‪.‬‬

‫وتأسيسا ً على ذلك‪ ،‬يتدخل مجلس األمن في حاالت اإلنتهاكات لحقوق اإلنسان "التي يعتبر أنها تشكل‬
‫تهديــداً للســالم في العــالم‪ ،‬ولــه في هــذه الحالــة أن "يتخــذ تــدابير قمعيــة أو قســرية ضــد المســؤولين‬
‫عنها(‪.")322‬‬

‫فإذا كانت الجمعية العامة هي المسؤول عن األول عن حماية حقــوق اإلنســان‪ ،‬فــإن مجلس األمن هــو‬
‫المسؤول األول عن قمع إنتهاكات حقوق اإلنسان التي تشكل تهديا ً للسلم واألمن الدوليين‪.‬‬

‫ومن الواضـــح أن حجم اإلختصاصـــات الـــتي يمتلكهـــا مجلس األمن والطـــابع اإللـــزامي لقراراتـــه‪،‬‬
‫واإلجراءات الواسعة التي يمتلكها بموجب الفصل السادس والســابع من ميثــاق األمم المتحــدة‪ ،‬تــوفر لــه‬
‫األساس القانوني لقمع اإلنتهاكات التي تتعرض لها حقوق اإلنسان حال توظيفه دون تحيّز أو تسييس‪.‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬آليات مجلس األمن في حماية حقوق اإلنسان‬

‫يمتلك مجلس األمن العديد من اآلليات الفعالة لحماية حقوق اإلنسان‪ ،‬في مجال إختصاصـه في الـدفاع‬
‫عن السلم واألمن الدوليين‪ ،‬وتمتاز هذه اآلليات بــالتنوع والفعاليــة في حــال إســتخدامه لهــا‪ ،‬وذلــك وفقـا ً‬
‫للتوضيح التالي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬إصدار القرارات‬

‫خ ّول ميثاق األمم المتحدة مجلس األمن "ســلطة إتخــاذ قــرارات ملزمــة يمكن تنفيــذها جــبراً(‪ .)323‬ومــا‬
‫يكسب هذه القرارات أهميـة وقـوة تعهـد الـدول األعضـاء بمـوجب الميثـاق "بقبـول قـارات مجلس األمن‬
‫وتنفيذها(‪ .)324‬ولعل من أهم القرارات التي إتخاذها مجلس األمن في مجال حمايــة أحكــامـ القــانون الــدولي‬
‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬التالي‪:‬‬

‫ــ إصدار القرار قم (‪ )808‬بتاريخ ‪ 22‬فبراير ‪1994‬م القاضــي بتشــكيل محكمــة جنايــة دوليــة‬
‫لمحاكمة المتهمين باإلنتهاكات الخطيرة لحقوق اإلنسان في يوغسالفيا سابقا ً(‪.)325‬‬

‫‪ ) ( 322‬القاضية وهيبه لو صادق‪ ،‬آليات مراقبة حقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 6‬‬
‫‪ ) (323‬د‪ .‬غازي حسن صابريني‪ ،‬الوجيز في مبادئ القانون الدولي العام‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمّان‪ ،2007 ،‬ص ‪. 17‬‬
‫‪ ) (324‬المادة (‪ )25‬من ميثاق األمم المتحدة‪.‬‬
‫‪ ) (325‬مجموعة قرارات مجلس األمن‪ ،‬سنة ‪1994‬م ن أنظر ‪:www.un.org./conseil.securte/add-6CCP.AE12‬‬

‫‪228‬‬
‫ــ إلصــدار القــرار رقم (‪ )955‬بتــاريخ ‪ 8‬نوفمــبر ‪1994‬م‪ ،‬القاضــي بتشــك محكمــة جنائيــة‬
‫لمحاكمة المتهمين بإرتكاب اإلبادة الجماعية في راوندا‪.‬‬

‫ــ إصدار القرار رقم (‪ )1456‬لعام ‪2003‬م‪ ،‬والـذي طـالب الـدول بـأن تحـرص على أن تكـون‬
‫تدابير محكمة اإلرهاب ممتثلة لكافــة إلتزاماتهــا بمــوجب القــانون‪ ،‬وأن تتخــذ تلــك التــدابير وفقـا ً‬
‫للقــانون الــدولي‪ ،‬وبخاصــة القــانون الــدولي لحقــوق اإلنســان والالجــئين والقــانون الــدولي‬
‫اإلنسان(‪.)326‬‬

‫ــ قــرار مجلس األمن رقم( ‪ /1325‬ـ ‪ )2000‬والــذي ينص على ضــرورة إتخــاذ عــدة تــدابير‬
‫وإجراءات منها‪ :‬إشراك النساء في جميع آليات تنفيذ إتفاقات السالم‪ ،‬مراعاة إلحتياجات النســاء‬
‫بعد إنتهاء الصراع‪ ،‬إتخاذ التــدابير إلحــترام حقــوق النســاء في حــاالت الصــراع المســلح‪ ،‬التقيّــد‬
‫بإتفاقية جنيف الخاصة بحماية المــدنيين‪ ،‬زيـادة إشــراك النسـاء في جميـع مســتويات القـرار في‬
‫عمليات حل الصراع واحالم السالم‪ ،‬وإشراك النساء في تمثيل بلدانهن في البعثات الدبلوماسية)‬
‫(‪.)327‬‬

‫ــ قــرار مجلس األمن رقم (‪ ، )5636‬والــذي حث الــدول األعضــاء على ضــمان زيــادة تمثيــل‬
‫المرأة على جميع مستويات صنع القرار في المؤسسـات واآلليـات الوطنيـة واإلقليميـة والدوليـة‬
‫لمنع الصراعات وإدارتها وتسويتها‪.‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬العقوبات اإلقتصادية‬

‫تعتبر العقوبات اإلقتصادية من أهم األساليب التي يتخذها مجلس األمن في مواجهة الدول التي ترتكب‬
‫إنتهاكــات ألحكــام القــانون الــدولي اإلنســاني‪ ،‬والقــانون الــدولي لحقــوق اإلنســان‪ .‬وقــد تأخــذ العقوبــات‬
‫اإلقتصادية شكالً محدداً وقصير األمد‪ ،‬وأحيانا ً تأخذ "شكالً شامالً وطويل األمـد‪ ،‬كمـا هـو الحـال بالنسـبة‬
‫للعراق وليبيا وإيران وسوريا(‪ .)328‬وتعتبر العقوبات اإلقتصــادية ســالحا ً ذو حــدين‪ ،‬كــون نتائجهــا التقــف‬
‫عند حد الضغط على الحكام‪ ،‬بــل يعـاني منهــا شـعوب الــدول المفروضــة عليهـا العقوبــات‪ ،‬وغالبـا ً تكــون‬
‫سلبياتها أكثر من إيجابياتها‪.‬‬

‫ثالثا ً‪ :‬التدخل اإلنساني‪.‬‬

‫‪ ) (326‬مجموعة قرارات مجلس األمن ‪ ،‬سنة ‪ ، 2003‬أنظر‪www.un.org/conseil.securite/Add-27CC3 :‬‬


‫‪ ) (327‬مجموعة قرارات مجلس األمن ‪ ،‬سنة ‪ ، 2003‬أنظر‪:‬‬
‫‪ ) (328‬إخالص بن عبيد‪ ،‬آليات مجلس األمن في تنفيذ‪ $‬القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنه‪ ،‬الجزائر‪ ،2009 ،‬ص‬
‫‪.6‬‬

‫‪229‬‬
‫تهدف هذه اآللية الى تقديم المساعدة والعون للشعوب التي تتعرض إلنتهاكـات‪ .‬ومن ضـمن تطبيقـات‬
‫التدخل اإلنساني‪ ،‬تقديم المواد الغذائية والخدمات الصحية‪ .‬ومن الجدير بالــذكر أن التــدخل اإلنســان يقــدم‬
‫مساعدات لضحايا حقوق اإلنسان‪ ،‬واليشمل قمع اإلنتهاكات نفسها‪.‬‬

‫رابعا ً‪ :‬التدخل العسكري‪.‬‬

‫من إختصاصــات مجلس األمن إتخــاذ إجــراءات عســكرية لقمــع إنتهاكــات القــانون الــدولي اإلنســاني‪،‬‬
‫والقانون الدولي لحقوق اإلنســان‪ ،‬وذلــك في حــال تعــذر األســاليب والطــرق األخــرى‪ ،‬مســتنداً بــذلك على‬
‫الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬ويعتبر هذا اإلجراء أشد وأصعب وأخطر اآلليــات‪ ،‬الــتي يمتلكهــا‬
‫مجلس األمن‪ ،‬خاصة في ظل اإلستخدامـ المغلوط لها‪.‬‬

‫خامسا ً‪ :‬تشكيل محاكم خاصة‬

‫يختص مجلس األمن بتشــكيل محــاكم خاصــة لمجــرمي الحــروب ومنتهكي حقــوق اإلنســان‪ ،‬وينــدرج‬
‫ضــمن هــذا اإلختصــاص قيامــه بتشــكيل المحــاكم الخاصــة لمحاكمــة مجــرمي الحــرب في كــل من راونــدا‬
‫ويوغسالفيا‪.‬‬

‫إن إستخدامـ مجلس األمن لألليات السابقة‪ ،‬يخضع لسلطته التقديرية‪ ،‬واليضبطه أيــة معــايير واضــحة‬
‫ومحددة‪ ،‬مما يفتح المجال للتســييس واإلزدواجيــة في المعــايير‪ ،‬وتوظيــف هــذا التــدخل لخدمــة أغــراض‬
‫سياسية‪.‬‬

‫العنصر الثالث‪ :‬دور المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي في حماية حقوق اإلنسان‬

‫يُعتــبر المجلس اإلقتصــادي واإلجتمــاعي من األجهــزة الرئيســية الســت لألمم المتحــدة‪ ،‬وفق ـا ً للمــادة‬
‫السابعة من ميثاق األمم المتحدة‪ .‬لكنه من الناحية العملية يمارس مهامه في مجال حقــوق اإلنســان تحت‬
‫إشراف الجمعية العامة‪ ،‬ولكن هــذا اليعــني فقــدان الجهــاز إلســتقالله المتمتــع بــه فيمــا يتعلــق بالوظــائف‬
‫المسندة له(‪.)329‬‬

‫وفي هــذا المقــام نعــرض إلختصاصــات المجلس اإلقتصــادي واإلجتمــاعي في حمايــة حقــوق اإلنســان‬
‫وآلياته وتقييم هذه اآلليات‪ ،‬وذلك في ثالث فقرات على النحو التالي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إختصاصات المجلس اإلقتصادي وإلجتماعي في حماية حقوق اإلنسان‬

‫‪ ) (329‬د‪ .‬مصطفى أحمد فؤاد‪ ،‬أصول القانون الدولي العام‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2004،‬ص ‪. 249‬‬

‫‪230‬‬
‫يتكــون المجلس اإلقتصــادي واإلجتمــاعي من (‪ )54‬عضــواً ‪ ،‬ويتم إنتخــابهم من الجمعيــة العموميــة‬
‫بأغلبيــة الثلــثين(‪ .)330‬ويحــق للــدول غــير األعضــاء اإلشــتراك في مداوالتــه‪ ،‬دون حــق التصــويت على‬
‫القرارات(‪.)331‬‬

‫ويتولى المجلس اإلقتصــادي واإلجتمــاعي وفقـا ً للمــادة (‪ )62‬من ميثــاق األمم المتحــدة مجموعــة من‬
‫اإلختصاصات المتعلقة بحقوق اإلنسان ‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫*إعداد الدراسات والتوصيات بشأن القضايا اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية والصحية‪.‬‬

‫*تقديم التوصيات إلشاعة حقوق االنسان وإشاعة الحقوق السياسية‪.‬‬

‫*تجهيز مشاريع اإلتفاقيات وعرضها على الجمعية العامة‪.‬‬

‫*الدعوة الى عقد المؤتمرات في المجاالت التي تقع ضمن إهتمامه‪.‬‬

‫كما يقوم المجلس بتنسيق أنشطة الوكاالت المتخصصة والمتعددة ‪ ،‬والتي يبلغ عدده (‪ ، )14‬و (‪)10‬‬
‫لجــان فنيــة ‪ ،‬و (‪ )5‬لجــان إقليميــة‪ .‬ونتيجــة لــدوره الواســع والمتخصصــص في مجــال حقــوق اإلنســان‬
‫يستحوذ على النصيب األكبر من مــوارد األمم المتحــدة ‪ ،‬فحجم مســؤولياته تســتحتوذ على أكــثر من (‪70‬‬
‫‪ )%‬من الموارد البشرية والمالية لمنظومة األمم المتحدة بكاملها (‪.)332‬‬

‫باإلضــافة لمــا ســبق‪ ،‬يقــوم المجلس بتقــديم التوصــيات الى الهيئــات الفرعيــة لألمم المتحــدة‪ ،‬والى‬
‫المنظمات الحكومية وغــير الحكوميــة‪ .‬ومن النتــائج المترتبــة على دوره التنســيقي والمتشــعب مــع كافــة‬
‫الجهات سوا ًء الوكاالت الدولية المتخصصة أو المنظمات غير الحكومية‪ ،‬أنه بــات يمثــل بوابــة التواصــل‬
‫والتنسيق بين األمم المتحدة وكافة المنظمات العاملة في مجال حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫كمــا يقــوم المجلس بإعــداد مشــاريع اإلتفاقيــات الدوليــة لحقــوق اإلنســان الــتي تعــرض على الجميــة‬
‫العمومية وإصدار التوصيات في هذا الشــأن‪ ،‬وإســتحداث آليــات وأســاليب فعالــة وســريعة لمقاومــة هــذه‬
‫الممارسات(‪.)333‬‬

‫وتعزيزاً للتشييك والتنسيق ما بين األمم المتحدة من ناحية والمنظمات األهلية من ناحية أخرى‪ ،‬يمنح‬
‫لبعض المنظمات بشروط معينـة الصـفة اإلستشـارية‪ ،‬مـا يمكنهـا من حضـور اإلجتماعـات وإبـداء رأيهـا‬
‫وتقيم توصياتها وإقتراحاتها‪ .‬باإلضافة لذلك ‪ ،‬فقد قام المجلس بتشكيل بعض اللجان المختصة في مجــال‬
‫حقوق اإلنسان‪ ،‬وإتخذا العديد من القرارات التي تندرج في إطار اآلليات الهادفة لحماية حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ ) (330‬المادة (‪ )2/ 18‬من ميثاق األمم المتحدة‬
‫‪ ) (331‬د‪ .‬عبدالكريم علوان ‪ ،‬المنظمات الدولية‪ ،‬مرجع سابق ‪. 121 ،‬‬
‫‪ ) (332‬أماني محمد امبابي‪ ،‬المنظمات الدولية التابعة لألمم المتحدة‪ ،‬مجلة صادرة عن معهد الدراسات الدبلوماسية التابع لوزارة الخارجية السعودية‬
‫‪ ،‬العددد (‪ ، )28‬مايو ‪ ، 2006‬ص ‪. 15‬‬
‫‪ ) (333‬د‪.‬طارق عزت رخاء‪ ،‬قانون حقوق اإلنسان بين النظرية والتطبيق في الفكر الوضعي والشريعة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 178‬‬

‫‪231‬‬
‫وفي شأن اإلتفاقيـات الدوليــة لحقـوق اإلنسـان‪ ،‬يعتــبر المجلس السـاعد األمين للجمعيــة العامـة لألمم‬
‫المتحدة في تنظيم وإعداد اإلتفاقيات الدوليــة لحقــوق اإلنســان‪ ،‬حيث يقــوم بإعــدادها ثم تقــر في الجمعيــة‬
‫العــام بعــد ذلــك‪ ،‬فغالبيــة اإلعالنــات واإلتفاقيــات الدوليــة لحقــوق اإلنســان يتــولى المجلس اإلقتصــادي‬
‫واإلجتماعي التحضير واإلعداد لها‪ .‬كما اعتمد على‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات عمل المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي في حماية حقوق اإلنسان‬

‫يمتلك المجلس مجموعى من آليات الرقابة واإلشراف على حقوق اإلنسان‪ ،‬وفقا ً للتوضيح التالي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬بحث التقارير‬

‫يقوم المجلس بدراسة وبحث التقارير المقدمة من مجلس حقوق اإلنسان‪ ،‬واللجان التعاقدية‪ ،‬واللجان‬
‫الفرعية‪ ،‬وأصحاب الواليات القطرية والموضوعية‪ ،‬وتقــديم التوصــيات بشــأنها للجمعيــة العامــة‪ ،‬والــتي‬
‫تعتمد الى حد كبير جداً على تقييماته وتوصياته‪.‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬إنشاء اللجان المتخصصة‬

‫يقع في إطار صالحيات المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي تشكيل األهزة الفرعية‪ ،‬وفقا ً للمــادة (‪ 68‬من‬
‫الميثاق‪ ،‬وفي هذا افطار قام بإنشاء لجنة حقوق اإلنسان الــتي أسـهمت بشــكل فاعـل في صـياغة اإلعالن‬
‫والعهــدين‪ .‬وقــد تم حــل لجنــة حقــوق اإلنســان ليحــل مكانهــا مجلس حقــوق اإلنســان‪.‬كمــا وأنــه مراعــاة‬
‫لخصوصية ووضعية المرأة ‪ُ ،‬أنشــأ في العــام ‪1964‬م لجنــة المــرأة لتقــوم بإعــداد توصــيات وتقــارير الى‬
‫المجلس بشأن تعزيز حقوق المرأة في كافة الميادين(‪.)334‬‬

‫وفي هذا الشأن فقد ساهم المجلس طوال عمله في مجال حقوق اإلنســان في خلــق عــدة لجــان خاصــة‬
‫وآليات مســتقلة وفــرق خــبراء متخصصــون في مجــال حمايــة وتكــريس الممارســة الصــحيحة والفضــلى‬
‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬من خالل ما تقتضيه أحكام القانون الدولي اإلنسان‪.‬‬

‫ثالثا ً‪ :‬إتخاذ القرارات‬

‫من أهم القرارات التي أصدرها المجلس اإلقتصــاديواإلجتماعي "قراريــه الشــهرين رقمي (‪ )728‬و (‬
‫‪ )1325‬في ‪ 30‬يوليو ‪1959‬م ‪ ،‬وقد مهــد هـذا القــرار للجنـة حقـوق اإلنسـان المنحلــة إلتخــاذ العديـد من‬
‫اإلجراءات الخاصة لحماية حقوق اإلنسان‪ .‬ومنـذ العـام ‪1979‬م تم إنشـاء آليــات لبحث حـاالت قطريـة أو‬

‫‪ ) (334‬د‪ .‬الشافعي محمد بشير‪،‬القانون الدولي العام في السلم والحرب‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ .52‬و نزار أيوب‪ ،‬القانون الدولي اإلنساني والقانون‬
‫الدولي العام‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 42‬‬

‫‪232‬‬
‫موضوعاتية محددة من منظور حقوق اإلنسان(‪ .)335‬ثم إتخذ المجلس االقــرار رقم (‪ )1503‬في ‪ 27‬مــايو‬
‫‪1970‬م‪ ،‬الــذي يخــول المنظمــات الحكوميــة والهيئــات واألفــراد المهتمين بحقــوق اإلنســان أن يرســلوا‬
‫شكاوي الى سكرتير عــام األمم الماتحــدة عن اإلنتهاكــات الجســمية لحقــوق اإلنســان في مكــان مــا (‪،)336‬‬
‫والذي يعتبر أقدم آلية للشكوى في منظمة األمم المتحدة(‪.)337‬‬

‫كما إستفاد من هذا القرار مركز المرأة بجنيف‪ ،‬حيث يستقبل شكاوي تتعلق بإنتهاكات نمطية ومنظمة‬
‫ضد النساء‪ ،‬وتمتاز إجراءات القرار (‪ )235‬بأنها تدرس في جلسات علنية‪.‬‬

‫وتعتبر شروط قبول اإلدعاء مرنة واليشترط إستنفاذ طرق الطعن الداخلية‪ ،‬وعادة ما تتســم إجــراءات‬
‫الق ــرار (‪ )1235‬بالط ــابع العل ــني‪ ،‬في حين أن إج ــراءات الق ــرار (‪ )1503‬تتم بش ــكل س ــري(‪ .)338‬ومن‬
‫القرارات الهامــة الــتي إتخــذها المجلس‪ ،‬إســتحداث آليــات للرقابــة على العهــد الــدولي الخــاص بـالحقوق‬
‫اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية‪ ،‬طن اإلتفاقية لم تنص على تشكيل لجنة تتولى الرقابة عليها‪ ،‬وفــوض‬
‫المجلس بالقيام بهذا الدور‪ .‬وبسبب الصعاب التي واجهت هذه اآللية‪ ،‬قام في العام ‪1985‬م بتحويلهــا الى‬
‫لجنة بنفس شروط لجنة الحقوق السياسية والمدنية(‪.)339‬‬

‫رابعا ً‪ :‬التوصيات‬

‫يقــوم المجلس بإصــدار توصــيات الى الــدول والوكــاالت المتخصصــة‪،‬تتضــمن إتخــاذ التــدابير الكفيلــة‬
‫بتحقيق التعاون في المجاالت اإلقتصادية واإلجتماعية واإلنســانية‪ .‬ومن أبــرز مهامــه الــتي يضــطلع بهــا‬
‫تقديم توصيات فيما يختص إشاعة إحترام حقوق اإلنسان والحريــات األساســية‪ ،‬ولكنهــا في الــوقت ذاتــه‬
‫التتمتع بأي قوة إلزامية‪.‬‬

‫خامسا ً‪ :‬عقد المؤتمرات الدولية‬

‫للمجلس اإلقتصادي واإلجتماعي أن يدعو لعقد مؤتمرات دولية بشأن مسائل متعلق بحقوق اإلنســان‪،‬‬
‫بما يسهم في تحقيق دوره في هذا المجال‪ ،‬وغالبا ً ما تسهم المؤتمرات في التوصل إلقتراحات وتوصيات‬
‫في تطوير المعايير الدولية لحقوق اإلنسان واآلليات الكفيلة بحمايتها‪.‬‬

‫‪ ) (335‬سبعة عشر سؤاالً يتكرر طرحها بشأن المقررين الخاصين لألمم المتحدة ‪ ،‬صحيفة الوقائع رقم (‪ ،)27‬المفوضية السامية لحقوق اإلنسان‪،‬‬
‫‪2001‬م‪ ،‬ص ‪. 1‬‬
‫‪ ) (336‬د‪ .‬عبدهللا علي عبو سلطان‪ ،‬دور القانون الجنائي في حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬دار دجله ‪ ،‬عمان وبغدادا‪ ، 2008،‬ص ‪ 17‬و ‪.18‬‬
‫‪ ) (337‬إجراءات الشكوى‪ ،‬صحيفة الوقائع رقم (‪ )7‬المفوضية السامية لحقوق اإلنسان ‪ ،‬جنيف ‪ ،‬بدون سنة طباعه‪ ،‬ص ‪. 26‬‬
‫‪ ) (338‬د‪ .‬عمر صدوق ‪ ،‬محاضرات في القانون ادولي العام‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬بن عنكون‪ ،‬الجزائر‪ ،1995 ،‬ص ‪. 159‬‬
‫‪ ) (339‬أ‪ .‬د‪ .‬عبدهللا علي عبو سلطان ‪ ،‬دور القانون الدولي الجنائي في حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪233‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬‬

‫اآلليات الفرعية لألمم المتحدة‬

‫لم تكتفي األمم المتحــدة بــدورة األجهــزة الرئيســية الســت‪ ،‬الــتي نص عليهــا الميثــاق لحمايــة حقــوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬والتي أشرنا إليها سابقا ً ‪ ،‬بل قامت بإنشاء أجهزة أخرى بهدف تعزيــز حمايــة حقــوق اإلنســان‪،‬‬
‫وذلك وفقا ً ألحكام الميثاق الذي نص على "أن ينشأ وفقا ً ألحكام هذا الميثاق ما يرى ضرورة إنشاءه من‬
‫فرع ثانوية أخرى(‪.")340‬‬

‫وعادة ما يتم تشكيل اإلجهزة الفرعية العاملة في مجال حقوق اإلنســان بمــوجب قــرارات صــادرة عن‬
‫الجمعية العومية لألمم المتحدة‪ .‬وتتميّز األجهزة غير الرئيسية ببنيتها الخاصــة وشخصــيتها اإلعتباريــة‬
‫المستقلة عن األجسام الرئيسية‪ ،‬حيث يتكفل قــرار تشــكيلها الصــادر عن الجمعيــة العامــة بتحديــد بنيتهــا‬
‫وصالحياتها وإختصاصاتها وطبيعة عالقتها مع األجهزة الرئيسية‪.‬‬
‫‪ ) (340‬المادة السابعة الفقرة الثانية من ميثاق األمم المتحدة‪.‬‬

‫‪234‬‬
‫ومن الجدير ذكره‪ ،‬أن إستقاللية األجهزة غــير الرئيســية لــه طــابع نســبي‪ ،‬خاصــة وأن هــذه األجهــزة‬
‫تمارس دورها اإلشرافي والرقابي‪ ،‬تحت مسؤولية ومرجعية أحــد األجهــزة الرئيســية‪ .‬ومــا يــبرر طبيعــة‬
‫هــذه العالقــة المرجعيــة‪ ،‬هي أن األجهــزة غــير الرئيســية بمثابــة أجهــزة فرعيــة واحــد أدوات األجهــزة‬
‫الرئيسية في حماية حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫فمن المالحظ أن مجلس حقوق اإلنسان يتبع للجمعية العامة لألمم المتحـدة‪ ،‬فيمـا المفوضـية السـامية‬
‫لحقــوق اإلنســان‪ ،‬تتبــع لألمين العــام لألمم المتحــدة‪ ،‬ولكن كالهمــا يقــدم تقــاريره للمجلس اإلقتصــادي‬
‫واإلجتماعي وللجمعية العامة‪ ،‬فهي إستقاللية في إطار التنسيق والتكامل في األدوار ‪ ،‬وبما يعـزز حمايـة‬
‫حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫بالرغم من وجــود العديــد من الجهــزة الفرعيــة ذات الصــلة بحقــوق اإلنســان‪ ،‬إال أن تركيزنــا في هــذا‬
‫المطلب ‪ ،‬يقتصر على مجلس حقوق اإلنسان والمفوضية السامية لحقوق اإلنسان بوصفها األكثر أهميــة‬
‫وفاعليه في مجال القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬وفي هذا المجـال نتعـرض من ألهم األجهـزة الفرعيـة‬
‫لألمم المتحــدة في فــرعين على الشــكل التــالي‪ ،‬حيث نتنــاول اآلليــات الكــبرى في الفــرع األول‪ ،‬واآلليــات‬
‫الصغرى في الفرع الثاني‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اآلليات الكبرى‬

‫تتضــمن اآلليــات الفرعيــة الكــبرى التابعــة لألمم المتحــدة نــوعين من المؤسســات وهمــا‪ :‬المفوضــية‬
‫الســامية لحقــوق اإلنســان الــتي تم إحــداثها بنــا ًء على توصــيات مــؤتمر فينــا لحقــوق اإلنســان في العــام‬
‫‪1993‬م‪ ،‬ومجلس حقوق اإلنسان الذي يتولى المتابعــة واإلشــراف والتنســيق بين كافــة الــدول في مجــال‬
‫إحترامهــا لحقــوق اإلنســان كمــا هــو متعــارف عليهــا علميـا ً في اإلتفاقيــات الدوليــة والتوصــيات الدوليــة‬
‫المقررة في هذا المجال‪.‬‬

‫العنصر األول‪ :‬المفوضية السامية لحقوق اإلنسان‬

‫أقــرت الجمعيــة العامــة لألمم المتحــدة‪ ،‬إنشــاء منصــب المفــوض الســامي لحقــوق اإلنســان‪ ،‬في العــام‬
‫‪1993‬م(‪ .)341‬وقد جاء إستحداث هذا المنصب بنا ًء على توصــيات مــؤتمر فينــا لحقــوق اإلنســان في العــام‬
‫‪1993‬م‪ ،‬أي أن الجمعية العامة ترجمت توصية مؤتمر فينا عمليا ً في نفس العام وبعد أشهر محــدودة من‬
‫إنتهاء أعمال المؤتمر‪.‬‬

‫‪ ) (341‬قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم ‪ 141 /48‬المؤرخ في ديسمبر ‪1993‬م‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫كما جاء إستحداث هذا المنصب في إطار برنامج أصــالح األمم المتحــدة(‪ .)342‬وتعزيــز آليــات اإلشــراف‬
‫والرقابة لحماية حقــوق اإلنســان‪ .‬ويجــري إختيــار المفــوض الســامي لحقــوق اإلنســان عــبر التعــيين من‬
‫األمين العام لألم المتحدة‪ ،‬وبموافقة الجمعية العومية‪ ،‬ويتم تعيينه لمدة أربع سنوات قابلة للتجديــدة مــرة‬
‫واحدة‪.‬‬

‫أما من حيث متابعتهــا فهــو يمــارس مهامــه تحت مرجعيــة مســؤولية األمين العــام حيث يخضــع في‬
‫مزاولة صالحياتها ومهامه لمسائلة األمين العام لألمم المتحدة(‪.)343‬‬

‫إن عمل المفوض السامي لحقــوق اإلنســان ‪ ،‬تحت إشــراف ورقابــة األمين العــام‪ ،‬اليحــول دون تنظيم‬
‫عالقاتــه مــع الهيئــات واألجســام الهامــة العاملــة في مجــال حقــوق اإلنســان‪ ،‬وبوجــه خــاص المجلس‬
‫اإلقتصادي واإلجتماعي ومجلس حقوق اإلنسان‪ ،‬حيث يقدم لهما تقارير سنوية‪ ،‬هــذا عــدى عن التعــاون‬
‫والتنسيق المتواصل معهما‪.‬‬

‫باإلضافة الى ضلك‪ ،‬يتعاون المفــوض الســامي وبعالقــة مباشــرة مــع الهيئــات التعاقديــة المنبثقــة عن‬
‫اإلتفاقيــات الدوليــة لحقــوق اإلنســان‪ ،‬ومــع اإلجــراءات الخاصــة الــتي يشــرف على والياتهــا المقــرون‬
‫الخاصون وأفرقة العمل‪ ،‬وبمعنى أخر إن المفوض السامي لحقوق اإلنسان يســهم بشــكل فاعــل بالتعــاون‬
‫والتنسيق مع كافة اآلليات لحقوق اإلنسان‪ .‬كما أنه على تواصل وتعاون مع المنظمات الدولية الحكوميــة‬
‫وغير الحكومية‪.‬‬

‫وتقضتي دراسة هذا الموضوع تقسيم هذه العنصر الى ثالث فقرات‪ ،‬الفقرة األولى‪ :‬إختصاصــات‬
‫المفوضية السامية لحقوق اإلنسان‪ ،‬والفقرة الثانية‪ :‬تتناول آليات المفوضــية الســامية لحقــوق اإلنســان‪،‬‬
‫فيما الفقرة الثالثة تتطرق الى تقييم آليات المفوضية السامية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إختصاصات المفوضية السامية لحقوق اإلنسان‬

‫كــان الهــدف الطمــوح إلنشــاء المفوضــية الســامية لحقــوق اإلنســان "قيــادة الحركــة الدوليــة لحقــوق‬
‫اإلنســان"(‪ ،)344‬خاصــة في ظــل تعــدد وتنــوع اآلليــات الدوليــة لحمايــة حقــوق اإلنســان‪ ،‬والحاجــة لضــبط‬
‫سياقها‪ ،‬وتنسيق مجهوداتها‪ .‬وقد إنعكس هذا الطمــوح على دور وصــالحيات المفــوض الســامي لحقــوق‬
‫اإلنسان بإعتباره مسؤول األمم المتحدة الرئيس في مجال حقوق اإلنسان(‪.)345‬‬

‫بوجمعه غشير ‪ ،‬آليات األمم المتحدة لحماية حقوق اإلنسان والرقابة على تنفيذ اإلتفاقيات الدولية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 233‬‬ ‫‪) (342‬‬
‫ليا ليفين ‪ ،‬حقوق اإلنسان أسئلة وأجوبة‪ ،‬ترجمة‪ :‬عالء شلبي ونزهه جيوسي إدريسي‪ ،‬اليونيسكو‪ ،‬باريس‪ ، 12009 ،‬ص ‪.92‬‬ ‫‪) (343‬‬
‫العمل مع المفوضية السامية لحقوق اإلنسان ‪ ،‬مرجع ‪ ،‬ص ‪. 1‬‬ ‫‪) (344‬‬
‫ليا ليفين ‪ ،‬حقوق اإلنسان أسئلة وأجوبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 90‬‬ ‫‪) (345‬‬

‫‪236‬‬
‫كما أن الطموح وجد ترجمانه في والية المفــوض الســامي‪ ،‬حيث تمتــاز بأنهــا واليــة واســعة النطــاق‪.‬‬
‫وتشمل تعزيز وحماية حقوق اإلنسان المدنية والثقافية واإلقتصادية والسياســية واإلجتماعيــة في جميــع‬
‫أنحاء العالم(‪.)346‬‬

‫وقد تم ترجمة المسؤوليات والصالحيات الواسعة للمفوض السامي لحقوق اإلنسان في قرار الجمعيــة‬
‫العامة المنشئ لها سالف الذكر‪ ،‬حيث تحددت والية المفوض السامي بالمهام والصالحيات التالية‪:‬‬

‫ــ تعزيز وحماية تمتع الناس جميعا ً تمتعا ً فعليا ً بجميع الحقوق المدنية والسياسة واإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية والثقافية‪.‬‬

‫ــ تنفيذ المهمات التي توكلها إليه الهيئات المتخصصــة في منظومــة األمم المتحــدة في ميــدان‬
‫حقوق اإلنسان‪ ،‬وتقديم التوصيات إليها بغية تحسين وتعزيز حقوق اإلنسان وحمايتها‪.‬‬

‫ــ تعزيز وحماية أعمال الحق في التنمية وزياة الــدعم المقــدم لهــذا الغــرض من الهيئــات ذات‬
‫الصلة في منظومة األمم المتحدة‪.‬‬

‫ــ توفير الخدمات اإلستشارية والمساعدة التقنية والمالية ‪ ،‬عن طريق مركز حقوق اإلنســان‬
‫التابع لألمانــة العامــة‪ ،‬وغـيره من المؤسسـات المختصـة‪ ،‬بنــا ًء على طلب الـدول المعنيـة وعنـد‬
‫اإلقتضاء للمنظمات اإلقليمية لحقوق اإلنسان بهدف دعم اإلجراءات والبرامج المضــطلع بهــا في‬
‫ميدان حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫ــ تنسيق برامج األمم المتحدة التثقيفية واإلعالمية ذات الصلة في ميدان حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫ــ أداء دور نشط في إزالـة العقبـات الراهنـة والتصـدي للتحـديات الماثلـة أمـام األعمـال التـام‬
‫لجميع حقوق اإلنسان‪ ،‬وفي الحيلولة دون إســتمرار إنتهاكــات حقــوق اإلنســان في جميــع أنحــاء‬
‫العالم‪.‬‬

‫ــ إجراء حوار مع جميع الحكومات تنفيذاً لآلليه بغية تأمين اإلحترام لجميع حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫ــ زيادة التعاون الدولي من أجل تعزيز جميع حقوق اإلنسان وحمايتها‪.‬‬

‫ــ تنييق األنشطة الرامية الى تعزيز حقوق اإلنسان وحمايتها في جميــع انحــاء منظومــة األمم‬
‫المتحدة‪.‬‬

‫ــ ترشيد أجهزة األمم المتحدة في ميدان حقوق اإلنسان وتكييفها وتوقيتها وتبســيطها بهــدف‬
‫تحسين كفائتها وفعاليتها‪.‬‬

‫‪ ) (346‬سبعة عشر سؤاالً بتكرر طرحها بشأن المقررين الخاصين لألمم المتحدة ‪ ،‬مرجع سباق ‪. 20 ،‬‬

‫‪237‬‬
‫ــ اإلشراف عموما ً على مركز حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫ومن الجدير ذكره انــه في العـام ‪1997‬م ‪ ،‬تم دمج مركـز حقــوق اإلنســان ووظيفـةـ المفـوض السـامي‬
‫لحقوق اإلنسان في مكتب واحد يسمى مكتب المفوض السامي لحقوق اإلنســان‪ ،‬ويتخــذ من جــنيف مقــراً‬
‫له(‪ .)347‬وبموجب هــذال التعــديل‪ ،‬أصــبح مكتب المفــوض الســامي يســتقبل الشــكاوي المتعلقــة بإنتهاكــات‬
‫حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫باإلضافة الى ذلك‪ ،‬يقدم المفوض الســامي لحقــوق اإلنســان المشــورة لألمين العــام لألمم المتحــدة في‬
‫مجال حقوق اإلنسان ‪ ،‬بما يمتلكه من خبرة مميّوة في هذا المجال‪ ،‬هذا عدا عن كونه يعتبر "برتبة وكيل‬
‫لإلمين العام"(‪.)348‬‬

‫كما تتولى المفوضية السامية تسهيل مهمة عمــل الخــبراء وتوفــير الــدعم ألفرقــة العمل(‪ .)349‬فبــالرغم‬
‫من تبعيتها بالمعنى اإلداري لمجلس حقوق اإلنسان‪ ،‬إال أن المفوض الســامي لحقــوق اإلنســان يقــدم لهم‬
‫الدعم والترتيبات الالزمة إلنجاح عملهم‪.‬‬

‫يتضح من خالل األدوار والصالحيات للمفوض السامي لحقو اإلنسان سالفة الذكر‪ ،‬أن طبيعــة الواليــة‬
‫الواسعةـ له تعطيه حرية إتخاذ مبادرات لتعزيز حقوق اإلنسان ومواجهة اإلنتهاكات أينما حدثت(‪.)350‬‬

‫كما يقوم المفوض السامي لحقوق اإلنســان بلعب دور هـام وبــارز في نشـر المعــايير الدوليــة لحقــوق‬
‫اإلنسان وآليات حمايتها‪ ،‬والــترويج لهــا على مســتوى الحكومــات والمنظمــات العاملــة في مجــال حقــوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬وكذا رفدها بالخدمات اإلستشارية والمساعدة التقنية والمالية‪ ،‬التي تمكنها من القيــام بمهامهــا‬
‫ووظائفها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات المفوضية السامية لحقوق اإلنسان‬

‫تستند المفوضية السامية لحقوق اإلنسان لتحقيق األدوار المناطة بهــا على العديــد من اآلليــات‪ ،‬وفقـا ً‬
‫للتوضيح التالي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬التنسيق‬

‫‪ ) (347‬د‪ .‬طاهر جالل ‪ ،‬دليل اآلليات المنظومة األممية لحقوق اإلنسان‪ ،‬المعهد العربي لحقوق اإلنسان‪ ،‬تونس‪2004 ، $‬م‪.‬‬
‫‪ ) (348‬مانفرد نوواك ‪ ،‬دليل البرلمانيين العرب الى حقوق اإلنسان‪ ،‬مفوضية األمم السامية لحقوق اإلنسان واإلتحاد البرلماني العالمي‪،2005 ،‬‬
‫ص ‪.39‬‬
‫‪ ) (349‬سبعة عشر سؤاالً يتكرر طرحها بشأن المقررين الخاصين لألمم المتحدة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪1‬‬
‫‪ ) (350‬العمل مع المفوضية السامية لحقوق اإلنسان ‪ ،‬ص ‪. 15‬‬

‫‪238‬‬
‫هناك العديـد من األجهـزة واللجـان العاملــة في مجـال اإلشــراف والرقابـة على حقـوق اإلنسـان‪ ،‬ومن‬
‫الصعوبة بمكان أن تحقق أهدافها وتكاملها دون تنظيم عالقة تنسيقية ومنتظمة بينها‪ .‬وباإلستناد لذلك تم‬
‫إســتحداث المفوضــية الســامية للتنســيق بين أجهــزة األمم المتحــدة العاملــة في وجــال حقــوق اإلنســان‪،‬‬
‫ولضمان تمتع الجميع بالحقوق السياسية والمدنية واإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية (‪.)351‬‬

‫ان وظيفة المفــوض الســامي لحقــوق اإلنســان ذات طبيعــة هامــة على مســتوى أجهــزة األمم المتحــدة‬
‫المعنيــة بحقــوق اإلنســان‪ ،‬حيث يقــوم بتنســيق عملهــا لتجنب اإلزدواج‪ ،‬حيث يقــوم مكتبــه في جــنيف‬
‫بسكرتارية كل اللجان التعاقدية‪ ،‬بإستثناء لجنة القضاء على التمييز ضد المــرأة الــتي يقــوم بســكرتاريتها‬
‫قسم ترقية المرأة بنيويورك(‪.)352‬‬

‫ومن أهم األدوار التنسيقية التي تقوم بها المفوضــية الســامية لحقــوق اإلنســان‪ ،‬العمــل كأمانــة عامــة‬
‫لجميــع هيئــات حقــوق اإلنســان‪ ،‬وكأمانــة عامــة لمجلس حقــوق اإلنســان(‪ ،)353‬حيث يســهم هــذا الــدور‬
‫التنسيقي في تعزيز التكامل بين اآلليات الدولية المتعدة في مجال حماية حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬الحوار مع الدول‬

‫تدخل المفوضية الساميو لحقوق اإلنسان في حــوار مــع كافــة الــدول‪ ،‬والهــدف من وراء هــذا الحــوار‬
‫العمل على بناء كاقات وطنيــة في مجــال حقــوق اإلنســان وتعزيــز اإلحــترام لحقــوق اإلنســان(‪ .)354‬ويقــدم‬
‫مكتب المفوض السامي لهذه الغاية الخدمات اإلستشارية والتقنيــة للــدول‪ .‬تســتند هــذه اآلليــة على إقنــاع‬
‫الدول بإحترام المعايير الدولية لحقوق اإلنسان وإدماجها في تشريعاتها وسياساتها‪ ،‬وتحقيقا ً لهذه الغايــة‬
‫يقوم المفوض بزيارة قطرية‪ ،‬ويلتقي خاللها مع كبار المسؤولين في الدول لنقاش حالــة حقــوق اإلنســان‬
‫وسبل إحترامها‪ .‬وعادة ما تــولي الحكومــات إهتمامـا ً واضــحا ً بزيــارات المفــوض الســامي‪ ،‬خاصــة وأنــه‬
‫يعتبر من كبار الموظفين في األمم المتحدة‪.‬‬

‫ثالثا ً‪ :‬التعاون مع المنظمات غير الحكومية‬

‫باإلضافة لتقديم المفوضية السامية لحقوق اإلنسان خدماتها وإسنادها للحكومات‪ ،‬فإنها تقدم خدماتها‬
‫للمنظمات غير الحكوميةـ أيضاً‪ ،‬وعلى وجه التحديد في مجال تقديم الخدمات اإلستشارية والدعم التقــني‪.‬‬
‫هذا عدا عن رفدها باألبحاث والدراسات والتدريب في مجــال حقـوق اإلنسـان‪ .‬وتتمـيز عالقــة المفوضـية‬
‫بالمنظمات غير الحكوميةـ بالمرونة واليسر في شروط التعاون معها‪ ،‬حيث ال تشترط المفوضــية حصــول‬

‫دليل تدريب المهنيين في مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬مكتب‪ $‬األمم المتحدة السامي لحقوق اإلنسان ‪ ،‬جنيف ‪1999 ،‬م ‪ ،‬ص ‪. 25‬‬ ‫‪) (351‬‬
‫بوجمعه غشر ‪ ،‬آليات األمم المتحدة لحماية حقوق اإلنسان والرقابة على تنفيذ اإلتفاقيات الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.245‬‬ ‫‪) (352‬‬
‫العمل مع مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 1‬‬ ‫‪) (353‬‬
‫مانفريد نوواك ‪ ،‬دليل البرلمانيين العرب الى حقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 39‬‬ ‫‪) (354‬‬

‫‪239‬‬
‫المنظمـــة غـــير الحكومـــة على مركـــز إستشـــاري من المجلس اإلقتصـــادي واإلجتمـــاعي للعمـــل مـــع‬
‫المفوضية(‪ .)355‬ربما يكون ذلك أحد األسباب الهامة في إتســاع شــبكة عالقــات المفوضــية مــع المنظمــات‬
‫غير الحكومية‪.‬‬

‫رابعا ً‪ :‬إنشاء مكاتب إقليمية‬

‫اليقتصر عمل المفوضية على المســتوى الــدولي ‪ ،‬فعــدا ذلــك تقــوم بالعمــل على المســتوى اإلقليميــة‪،‬‬
‫وتحقيقا ً لهذه الغاية تنشأ المفوضية العيد من المكتب اإلقليمية‪ ،‬وذلك بهدف كفالة تنفيذ وإعمال المعــايير‬
‫الدوليــة لحقــوق اإلنســان تــدريجيا ً على الصــعيد القطــري ســواء من الناحيــة القانونيــة أو الممارســة‬
‫العملية(‪ ،)356‬لـــذلك عيّن مكتب المفـــوض الســـامي ممثلين إقليمـــيين من األقـــاليم الجغرافيـــة المختلفـــة‬
‫للمســاعدة في جهــود التعــاون التقــني(‪ .)357‬ومن الجــدير ذكــره أن المفوضــية الســامية لحقــوق اإلنســان‪،‬‬
‫إفتتحت مكتبا ً إقليميـا ً في منـاطق السـلطة الوطنيـة بهـدف تقـديم العـون واإلسـناد لهـا‪ ،‬وللمنظمـات غـير‬
‫الحكومية‪.‬‬

‫ومن خالل ما سبق يتضح إتســاع نطــاق عمــل المفوضــية على المســتوى اإلقليمي ليشــمل الحكومــات‬
‫والمنظمات اإلقليمية والوطنية‪ ،‬لجهة تقديم الخدمات اإلستشارية والتقنية في مجال حقــوق اإلنســان لهــا‬
‫جميعا ً(‪.)358‬‬

‫خامسا ً‪ :‬إستقبال الشكاوي‬

‫كانت الشكاوي المتعلقة إلنتهاكات حقوق اإلنسان‪ ،‬تح ّول من األمين العــام الى مركــز حقــوق اإلنســان‬
‫بجــنيف‪ ،‬ولكن بعــد إدمــاج مركــز حقــوق اإلنســان بالمفوضــية الســامية لحقــوق اإلنســان‪ ،‬أصــبح يتلقى‬
‫الشكاوي المتعلقة بإنتهاكات حقوق اإلنسان ‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬اللجان التعاقدية أو التعاهدية‬

‫العمل مع مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسا‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 1‬‬ ‫‪) (355‬‬
‫ما نفريد نوواك ‪ ،‬دليل البرلمانيين العرب الى حقوق اإلنسان ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 40‬‬ ‫‪) (356‬‬
‫ليا ليفين ‪ ،‬حقوق اإلنسان أسئلة وأجوابة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪93‬‬ ‫‪) (357‬‬
‫شهاب طالب الزوبعي ‪ ،‬الحماية الدولية واإلقليمية لحقوق اإلنسان في ضوء التغيرات الدولية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 169‬‬ ‫‪) (358‬‬

‫‪240‬‬
‫تلعب الهيئات التعاقدية أو التعاهدية دوراً هاما ً في مجــال اإلشــراف والرقابــة على اإلتفاقيــات الدوليــة‬
‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬والتي يقصد بها "األجهــزة أو اللجــان الــتي تشــكلت بمــوجب إتفاقيــة دوليــة‪ .‬وأعتمــدت‬
‫آليات محددة لحماية الحقوق التي ترعاها اإلتفاقية‪ ،‬وتبيان مدى التقدم المحرز لضمان تلك الحقوق(‪.)359‬‬

‫ويتضج من التعريف أن هذه اللجـان تسـتند من حيث التشـكيل‪ ،‬الى نصـوص اإلتفاقيـة المنشـأة لهـا ‪،‬‬
‫ومن حيث الوظيفــة تقــوم باإلشــراف والرقابــة على مــدى إلــتزام الــدول األطــراف بــالحقوق الــواردة في‬
‫اإلتفاقية‪ .‬كما تعتبر كل لجنة جهاز رقابة على كيفية تطبيق اإلتفاقية التي نشأة في إطارهــا (‪ ،)360‬وجميــع‬
‫الهيئــات التعاقديــة تم إنشــائها بمــوجب اإلتفاقيــات المنــاظرة لهــا‪ ،‬مــا عــدى لجنــة الحقــوق اإلقتصــادية‬
‫واإلجتماعية والثقافية‪ ،‬فهي اللجنة الوحيدة التي لم ينص إنشائها في المعاهدات الصلة(‪ .)361‬واإلتفاقيــات‬
‫التي لها لجان مناظرة هي‪:‬‬

‫‪ .1‬إتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز العنصري‪ .‬وتشكل بموجبهــا لجنــة للقضــاء على‬
‫التمييز العنصري‪ ،‬وتتكون اللجنة من (‪ )18‬خبير‪ ،‬ومدة واليتهم أربع سنوات‪ ،‬وفق ـا ً للمــادة (‪)8‬‬
‫من اإلتفاقية‪.‬‬

‫‪ .2‬العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية‪ .‬بمقتضاه أنشأت اللجنة المعنية لحقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬وتتكون اللجنة من (‪ )18‬خبير‪ ،‬وفقا ً للمادة (‪ ،)28‬ويتم إنتخابهم ألربع سنوات‪.‬‬

‫‪ .3‬العهد الدولي الخاص بالحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية‪ .‬يناظرها اللجنة المعنية‬
‫بالحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية‪ ،‬وال تعتبر هــذه اللجنــة تطبيق ـا ً لنص خــاص بالعهــد‪،‬‬
‫لكن جاء إنشائها بقرار المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي عام ‪1985‬م‪ .‬وتتــألف اللجنــة من (‪)18‬‬
‫عضو‪ ،‬يتم إنتخابهم من دول األطراف من ذوي المناقب الخلقية الرفيعة‪ ،‬واإلختصاص في مجال‬
‫حقوق اإلنسان‪ ،‬ويعملون فيها بصفتهم الشخصية(‪ .)362‬ويتم إنتخابهم لمدة أربع سنوات(‪.)363‬‬

‫‪ .4‬إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "ســيداو"‪ .‬بمقتضــاها تشــكلت لجنــة‬
‫القضاء عل التمييز ضد المــرأة‪ .‬ويبلــغ قــوام اللجنــة من (‪ )18‬عضــو‪ ،‬عنــدا بــدأ نفــاذ اإلتفاقيــة‪،‬‬
‫ويرتفع العدد الى (‪ )23‬عضو بعدم إنضمام الدولــة الخامســة وثالثين‪ ،‬من ذوي المكانــة الرفيعــة‬

‫‪ ) (359‬عصام الدين محمد حسن‪ ،‬التقارير الحكومية وتقارير الظل والهيئات التعاهدية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان‪،‬‬
‫‪2008‬م‪ ،‬ص ‪. 15‬‬
‫‪ ) (360‬د‪ .‬اسماعيل عبدالفتاح عبدالكافي ‪ ،‬معجم مصطلحات حقوق اإلنسان‪ ،‬كتاب منشور على الموقع‪:‬‬
‫‪ ، www.kotobarabia.com‬ص ‪. 386‬‬
‫‪ ) (361‬عالء قاعود ‪ ،‬الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية ‪ ،‬مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان‪2002 ،‬م ‪ ،‬ص ‪. 22‬‬
‫‪ ) (362‬المادة (‪ )28‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية‪.‬‬
‫‪ ) (363‬المادة (‪ )32‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫والكفاءة العالية في الميدان الذي تنطبق عليه اإلتفاقية‪ ،‬ويعملون بصفتهم الشخصــية (‪ .)364‬ويتم‬
‫إنتخاب أعضاء اللجنة لمدة أربع سنوات‪.‬‬

‫‪ .5‬إتفاقية مناهضــة التعــذيب وغــيره ضــروب العاملــة أو العقوبـةـ القاســية أو الالإنســانية أو‬
‫المهنية‪ .‬وتشكلت لجنة لمناهضــة التعــذيب بمــوجب اإلتفاقيــة‪ ،‬وتتكــون من عشــر أعضــاء‪ ،‬ويتم‬
‫إنتخابهم من الدول األطراف مرة كل سنتين‪ ،‬ويعملون بصفتهم الشخصية(‪.)365‬‬

‫‪ .6‬إتفاقية حقوق الطفل‪ .‬وقد نصت على تشـكيل لجنـة المعنيـة بحقـوق الطفـل ‪ ،‬وتتكـون من‬
‫عشر أعضاء يتم إنتخابهم من الدول األطراف لمدة أربع سنوات(‪.)366‬‬

‫‪ .7‬اإلتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأسرهم‪ ،‬يناظرها لجنــة حقــوق العامــل‬
‫المهاجرين‪ .‬وتتكون من (‪ )12‬خبير عنــد بــدأ نفــاذ اإلتفاقيــة‪ ،‬ويرفــع العــدد الى (‪ )18‬خبــير بعــد‬
‫إنضمام الدولة الستين‪ .‬ومدة والية اللجنة أربع سنوات‪ ،‬وفقا ً للمادة (‪.)34‬‬

‫‪ .8‬إتفاقية حقوق األطفال ذوي اإلعاقة‪ .‬تشكلت بموجبها اللجنــة المعنيــة بحقــوق األشــخاص‬
‫ذوي اإلعاقة‪ ،‬وتتكون من (‪ )12‬خبير عند بدأ نفاذ اإلتفاقية‪ ،‬ويزداد قوام اللجنة ب ‪ 6‬خبراء بعد‬
‫إنضمام أو تصديق الدولة الستين على اإلتفاقية‪ ،‬ومدة والية اللجنة أربع سنوات‪ ،‬حسب المادة (‬
‫‪ )34‬من اإلتفاقية‪.‬‬

‫بالرغم من أوجه الشبه الكبير بين هذه اللجان‪ ،‬إال أن صــالحيتها وأســاليب عملهــا التتماثــل كليـا ً(‪،)367‬‬
‫وثمــة إختصاصــات وآليــات مشــتركة للجــان التعاهديــة وهي‪ :‬تلقي وبحث التقــارير المقدمــة من الــدول‬
‫األطــراف‪ .‬إصــدار مبــادئ توجيهيــة‪ .‬إصــدار تعليقــات عامــة‪ .‬إصــدار تقريــر ســنوي عن نتــائج أعمالهــا‬
‫وتوصياتها يقدم للجمعية العامة لألمم المتحدة(‪ ،)368‬وفي المقابــل تتفــرد بعض اللجنــة لبعض الصــالحيات‬
‫واآلليات الخاصة بها‪ ،‬ونستعرض هنا آليات اللجان التعاقدية وهي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬آلية تقديم التقارير‪.‬‬

‫يعتبر تقديم التقارير من اآلليات المشتركة لكافة اللجان التعاقديــة‪ ،‬حيث تنص جميــع اإلتفاقيــات الــتي‬
‫يناظرها لجان تعاقدية على تقديم التقارير لها من الدول األطراف في اإلتفاقية‪.‬‬

‫وبهدف تسهيل وتوحيد التقارير المقدمة من الدول األطراف‪ ،‬تقوم كل لجنة بإصدار توجيهــات العامــة‬
‫أو المبادئ التوجيهية‪ ،‬التي تساعد الدول في إعداد التقارير المطلوبة منها بموجب أي إتفاقية أو معاهدة‬
‫‪ ) (364‬المادة (‪ )17‬من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز‪ $‬ضد المرأة‪.‬‬
‫‪ ) (365‬المادة (‪ ) 71‬من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو الال إنسانية أو المهينة‪.‬‬
‫‪ ) (366‬المادة (‪ )43‬من اتفاقية حقوق الطفل ‪.‬‬
‫‪ ) (367‬د‪ .‬علي محمد الدباس والنائب العام علي عليان ابو زيد‪،‬حقوق اإلنسان وحرياته ودور شرعية اإلجراءات الشرطية في تعزيزها (دراسة‬
‫تحليلية لتحقيق التوازن بين حقوق اإلنسان وحرياته وأمن المجتمع‪ $‬تشريعا ً وفقها ً وقضاء‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع ‪،‬عمّان‪ ،2009 ،‬ص ‪. 254‬‬
‫‪ ) (368‬عصام الدين محمد حسن‪ ،‬التقارير الحكومية وتقارير الظل والهيئات التعامدية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 17‬و ‪. 18‬‬

‫‪242‬‬
‫(‪ .)369‬كما انها تـوفر إطـاراً موحـداً‪ ،‬حيث تسـتطيع الـدول أن تقـدم تقاريرهـا من خاللـه‪ ،‬وتسـتطيع لجـان‬
‫حقوق اإلنسان بدورها أن تعمل في حدوده(‪.)370‬‬

‫وتتضمن المبادئ التوجيهية التي تصدرها اللجان‪ ،‬شكل ومحتــوى التقــارير األوليــة والدوريــة للــدول‬
‫األطراف أمام اللجان التعاقدية واإلجراءات المتخذه‪ ،‬أو التقدم الحرز فيما يتعلق بالحقوق المعترف بها‪.‬‬

‫لقد تبين للجان التعاقدية من خالل التجربة عـدم وجـود فهم مشـترك لـدى مقـدمي التقـارير من الـدول‬
‫األطراف‪ ،‬حول دالالت نصوص اإلتفاقية وبعض المصطلحات الــتي تتضــمنها‪ ،‬وفي إطــار المســعى لعالج‬
‫ذلك‪ ،‬إتبعت هـذه اللجـان آليـة التعليقـات العامـة‪ ،‬في محاولـة للتوضـيح المـراد بأحكـام اإلتفاقيـة وتحديـد‬
‫اإللتزامــات الواقعــة على عــاتق الــدول بشــكل عملي ومحــدد بعيــداً عن الصــياغات العامــة الــتي تضــعها‬
‫اإلتفاقيات(‪ . )371‬فالتعليقات العامة‪ ،‬تفتسر أحكام اإلتفاقيات ومحتوى الحقوق التي تتضمنها كما أنها تمثــل‬
‫مساهمة فعالة ووسيلة حاسمة األهمية إليجاد دفعة وفهم مشترك لمواد اإلتفاقية وتطبيقها‪ ،‬وعنــد إعــداد‬
‫التقارير(‪ .)372‬وتصــنف التعليقــات العامــة من حيث القيمــة القانونيــة‪ ،‬بمثابــة تفســير شــبه القضــائيألحكام‬
‫اإلتفاقية(‪ . )373‬وبالرغم مما يصدر عن اللجان التعاقدية من مبادئ توجيهية وتعليقات عامة‪ ،‬تساعد الدول‬
‫على فهم إلتزاماتها‪ ،‬وشكل ومحتوى التقــارير المطلــوب تقــديمها للجـان التعاقديــة‪ ،‬إال أنـه توجـد خشـية‬
‫واقعية‪ ،‬بعدم موضوعية الدول في تقديم تقاريرها‪ ،‬مما يتطلب فتح المجال والفرصــة للمنظمــات الوطنيـة‬
‫والوكاالت المتخصصة لتقديم تقارير موازية للتقارير الحكومية وصوالً للحقيقة‪.‬‬

‫‪ .1‬تقارير المقدمة من الدول األطراف‪.‬‬

‫تقــوم الــدول األطــراف بتقــديم تقــارير عن التــدابير الــتي إتخــذتها ألعمــال الحقــوق الــتي تضــمنتها‬
‫اإلتفاقيات‪ ،‬وعن التقدم المحرز في التمتع بهذه الحقوق للجنة المختصة‪.‬‬

‫وتعتبر تقديم التقارير ‪ ،‬إلتزاما ً يقع على عاتق الدولة وليس إختياريا ً لها(‪ .)374‬فهــو اإلجــراء اإللــزامي‬
‫المشترك بين جميع معاهدات حقوق اإلنسان(‪ .)375‬فالدول ملزمة بتقديم نوعين من التقارير وهما‪:‬‬

‫النوع األول‪ :‬التقرير األولي أو التمهيدي‬

‫‪ ) (369‬عصام الدين محمد حسن‪ ،‬التقارير الحكومية وتقارير الظل والهيئات التعامدية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 17‬‬
‫‪ ) (370‬د‪ .‬علي محمد الدباس ‪ ،‬والنائب العام علي عليان ابو زيد ‪ ،‬حقوق اإلنسان وحرياته ودور شرعية اإلجراءات الشرطية في تعزيزها (دراسة‬
‫تحليلية لتحقيق التوازن بين حقوق اإلنسان وحرياته وأمن المجتمع‪ $‬تشريعا ً وفقها ً وقضاء‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 258‬‬
‫‪ ) (371‬مجموعة التعليقات العامة المتعلقة بالعهد الدولي للحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية‪،‬مركز الميزان‪ ،‬غزه‪2001 ،‬م‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫‪ ) (372‬د‪ .‬طاهر بوجالل ‪ ،‬دليل آليات المنظومة األممية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 44‬‬
‫‪ ) (373‬د‪ .‬سعيد فهيم خليل‪ ،‬الحماية الدولية لحقوق اإلنسان في الظروف اإلستثنائية‪ ،‬إمديست ‪1998 ،‬م ‪ ،‬ص ‪. 398‬‬
‫‪ ) (374‬د‪ .‬عبدالعزيز محمد سرحان‪ ،‬مقدمة لدراسات ضمانات حقوق اإلنسان (دراسة مقارنة في القانون الدولي والشريعة اإلسالمية)‪ ،‬جامعة عين‬
‫شمس‪ ،‬القاهرة‪ ،1988 ،‬ص ‪126‬‬
‫‪ ) (375‬مانفريد نوواك‪ ،‬دليل البرلمانيين العربي الى حقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 28‬‬

‫‪243‬‬
‫هو التقرير الذي تلتزم الدولة الطرف بتقدميه بعد إنضمامها لإلتفاقية‪ ،‬خالل مـدة محـددة تنص عليهـا‬
‫اإلتفاقيــة‪ ،‬وقــد تكــون في بعض اإلتفاقيــات خالل ســنة من نفــاذ اإلتفاقيــة مثــل‪ :‬العهــد الــدولي الخــاص‬
‫بالحقوق السياسية والمدنيــة (المــادة ‪ ،)40‬والعهــد الــدولي الخاصــة بــالحقوق اإلقتصــادية واإلجتماعيــة‬
‫والثقافيــة‪( ،‬المــادة ‪ ،)17‬وإتفاقيــة مناهضــة التميــيز العنصــري‪( ،‬المــادة ‪ )9‬وإتفاقيــة مناهضــة التعــذيب‬
‫(المادة ‪ .)19‬وفي إتفاقيات أخرى ترفع التقارير اإلبتدائية خالل سنتين مثل‪ :‬ثقافة حمايــة حقــوق العمــال‬
‫المهاجرين وأسرهم‪ ،‬إتفاقية حقوق الطفل‪.‬‬

‫النوع الثاني‪ :‬التقارير الدورية‬

‫هي التقارير التي تقدمها الدول في فترة محددة وبشكل دوري‪ ،‬وتختلف المدة الالزمة لتقديم التقــارير‬
‫الدورية من إتفاقيــة ألخــرى‪ ،‬حيث تقــدم وفقـا ً لبعض اإلتفاقيــات مــرة كــل أربــع ســنوات‪ ،‬وخــير ذلــك من‬
‫التقارير التي تطلبها اللجنــة (‪ .)376‬وفي إتفاقيــات أخــرى مــرة كــل خمس ســنوات (‪ .)377‬أمــا العهــد الــدولي‬
‫للحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية‪ ،‬فقد نص على أن تقدم التقارير الدولية وفقا ً لبرنــامج تضــعها‬
‫األجهــزة الرقابة(‪ .)378‬لكن المجلس اإلقتصــادي واإلجتمــاعي وفق ـا ً للقــرار ‪ /4‬ـ ‪1988‬م حــدد فــترة تقــديم‬
‫التقارير الدورية من كل خمس سنوات(‪ .)379‬اما إتفاقية مناهضة التميــيز العنصــري‪ ،‬فقــد تفــردت بــالفترة‬
‫الزمنية للتقرير الدوري‪ ،‬حيث تلزم الدول األطـراف‪ ،‬بتقـديم تقاريرهـا الدوريــة كـل سـنتين‪ ،‬وفقـا ً للمــادة‬
‫التاسعة من اإلتفاقية‪ ،‬ويتم النظر ومناقشة التقارير وفق اآللية التالية‪:‬‬

‫أ‪ .‬مناقشة التقارير‬

‫تعتــبر التقــارير عبــارة عن‪ :‬كشــف حســاب الدولــة الطــرف أمــام اللجنــة لحســن تنفيــذها ألحكــام‬
‫اإلتفاقية(‪ .)380‬وهي وسيلة يتم بمقتضاها تقييم حالة تنفيذ إلتزامات حقوق اإلنسان(‪ .)381‬كمـا تعتـبر إحـدى‬
‫دالالت على إلتزام الدول األطراف بالوفاء بتعهداتها التعاقدية‪.‬‬

‫‪ ) (376‬المادة (‪ ) 19‬اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب العاملة أو العقوبة القاسية او الال إنسانية أو المهنية‪ ،‬المادة (‪ )18‬من اتفاقية‬
‫القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ‪ ،‬والمادة (‪ )35‬من اتفاقية حماية حقوق العمال المهاجرين وأسرهم \‪ ،‬والمادة (‪ )19‬من اتفاقية‬
‫مناهضة التعذيب‪.‬‬
‫‪ ) (377‬المادة (‪ )44‬من اتفاقية حقوق الطفل ‪.‬‬
‫‪ ) (378‬المادة (‪ )17‬الفقرة (‪ 19‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫‪ ) (379‬عالء قاعود‪ ،‬الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 23‬‬
‫‪ ) (380‬د‪ .‬عبدهللا علي عبدو سلطان‪ ،‬دور القانون الدولي الجنائي في حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 24‬‬
‫‪ ) (381‬د‪ .‬محمد سامي عبدالحميد ومصطفى سالمة حسين‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬الدار الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1998 ،‬ص ‪. 267‬‬

‫‪244‬‬
‫وتتم مناقشة التقارير وفقا ً للتالي‪:‬‬

‫ــ يُدعى ممثل الدولة الطرف الى عرض التقارير بإبـداء تعليقـات إسـتهاللية مـوجزة‪ ،‬وتقـديم‬
‫أي ردود كتابية على قائمة المسائل التي يضعها الفريق العامل السابق للدورة‪.‬‬

‫ــ تنظر اللجنة في التقرير في التقرير عل أساسا كل مجموعة من المــواد‪ ،‬آخــذة في اإلعتبــار‬
‫بشكل خاص الردود المقدمة من الدولة المعنية والمتعلقةـ بقائمــة المســائل الــتي أعــدتها اللجنــة‪.‬‬
‫وعادة ما يقوم الرئيس دعوة أعضاء الجنــة الى توجيــه األســئلة وإبــداء المالحظــات والتعلقيــات‬
‫بصدد كل مسألة من المسائل‪.‬‬

‫ــ يدعو رئيس اللجنة ممثلي الدولة الطرف ال الــرد فــوراً على المســائل الــتي التتطلب مزيــداً‬
‫من التفكير أو البحث‪ ،‬أما األسئلة األخرى التي تبقى بغـير ردود عليهـا ‪ ،‬فيتم تناولهـا في جلسـة‬
‫الحقة أو عند اإلقتضاء‪.‬‬

‫ــ يجــوز دعــوة ممثلي الوكــاالت المتخصصــة وغيرهــا من الهيئــات الدوليــة ذات الصــلة الى‬
‫المساهمة في أية مرحلة من مراحل الحوار‪.‬‬

‫ب‪ .‬المالحظات الختامية‬

‫هي عبارة عن قرار اللجنة فيما يتعلق بوضعية تطبيق اإلتفاقية في املة الطرف وإســتنتاجات‬
‫وتوصيات اللجنة(‪ .)382‬وتتضمن عادة األمور لرئيسية التي هي موضع نقــاش‪ ،‬وكــذا المقترحــات‬
‫والتوصيات للحكومة المعنية بشأن طرق تطبيق العهد على نحو أفضل(‪.)383‬‬

‫ج‪ .‬إعداد تقرير اللجنة‬

‫بعد دراسـة التقـارير الموازيـة وإبـداء اللجنـة إقتراحاتهـا وتوصـياتتها‪ ،‬تعـد اللجنـة تقريرهـا‬
‫وتدرج بـه كـل المقترحـات التوصـيات العامـة مشـفوعة بتعليقـات الـدول األطـراف والخـبراء إن‬
‫وجدت(‪ .)384‬فكــل لجنــة تصــدر تقريــراً ســنويا ً عن نتــائج أعمالهــا وتوصــياتها يقــدم الى الجمعيــة‬
‫العامة المتحدة بواسطة األمين العام لألمم المتحدة‪.‬‬

‫‪ .2‬التقارير الموانة‬

‫قد تقوم الدول بتقديم معلومات وإحصائات غير دقيقــة في التقــارير المقدمــة للجــان التعاقديــة‬
‫المختصــة‪ ،‬وذلـك بهــدف إقنـاع اللجنــة بأنهـا تتخــذ اإلجــراءات الالزمـة لتنفيــذ اإلتفاقيـة والتقيـد‬

‫‪ ) (382‬د‪ .‬طاهر بو جالل ‪ ،‬دليل آليات المنظومة األممية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 28‬‬
‫‪ ) (383‬ليا ليفين ‪ ،‬حقوق اإلنسان أسئلة وأجوبة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 28‬‬
‫‪ ) (384‬الحبيب الحمدني وحفيظة شقير‪ ،‬حقوق اإلنسان بين اإلعتراف الدولي وتحفظات‪ $‬الدول العربية‪ ،‬مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،2008 ،‬ص ‪.79‬‬

‫‪245‬‬
‫بأحكامها‪ .‬فالتقــارير المقدمــة من الــدول األطــراف التعكس بدقــة حالــة حقــوق اإلنســان في البلــد‬
‫المعني‪ ،‬والتحــدد المعيقــات والعقبـات الــتي تعـترض تنفيـذ اإلتفاقيـة أو اإلنتهاكــات الــتي إرتكبت‬
‫ألحكامها‪ .‬وعادة ما تحاول الدول إثبات أنها تنفذ افتفاقيات الدوليــة لحقــوق اإلنســان بحســن نيــة‬
‫حفاظا ً على صورتها أمام الرأي العام‪ ،‬وخشية توجيه مالحظات لها من اللجنة‪.‬‬

‫ولمحاولة الوصــل للحقيقــة‪ ،‬تعتمــد اللجنــة على التقــارير والمعلومــات الــتي تمتلكهــا المنظمــات غــير‬
‫الحكومية‪ ،‬حيث يحق للمنظمات غير الحكوميةـ أن تقدم تعليقــات ومعلومــات إضــتفية عن التقريــر قب ان‬
‫يجري فحصه من اللجة(‪ .)385‬إن التقرير الذي تقدمــه المنظمــات غــير الحكوميــة للجــان المختصــة يســمى‬
‫أيضا ً تقريراً موازيا ً أو تقرير ظل(‪ .)386‬فهو مواز للتقرير المقدم من الدولــة‪ ،‬ويســاعد اللجنــة الى جــوازر‬
‫التقرير المقدم من الدولة في التوصل الى الحقيقة‪.‬‬

‫وقد يكون التقرير المقدم من المنظمات الحكومية‪ ،‬تقريراً مستقالً‪،‬او مالحظــات على التقريــر المقدمــة‬
‫من الدولــة‪ ،‬وهــذا يتطلب إطالع المنظمــات غــير الحكوميـةـ على التقريــر المقــدم من الدولــة‪ ،‬لتتمكن من‬
‫إبداء مالحظاتها عليه‪ ،‬ومن ثم تزويد اللجنة به‪.‬‬

‫ومن المهم أن تقدم المالحظات والتقارير من المنمات ير الحكومية قبل أن تقوم اللجنة بفحص التقــير‬
‫من الدولة المعنية مع الدولة المعنية ذاتها‪ .‬خاصة وأن تقارير الظل تساعد أعضــاء الهيئــة التعاقديــة في‬
‫التوصـــل الى إســـتنتاجات أكـــثر دقـــة وأكـــثر موضـــوعية‪ ،‬تجـــاه هـــذه القضـــية أو تجـــاه المشـــكالت‬
‫واإلنتهاكات(‪ ،)387‬فكلمــا زاد تــدفق المعلومــات لــدى اللجنــة‪ ،‬إزدادت قــدرتها على القيــام بــدورها الرقــابي‬
‫واإلشرافي بدقة وشمولية‪.‬‬

‫إن العمل بآلية التقارير الموازية‪ ،‬يحمـل الـدول على تحـري الدقـة والموضـوعية عنـد قيامهـا بإعـداد‬
‫التقارير الدولية للجنة ‪ ،‬خاصة في ظل معرفتها وشعورها بأن هناك جهات أخرى تقدم تقارير موازية‪.‬‬

‫باإلضافة لحــق المنظمــات غــير الحكوميــة في تقــديم تقــارير موازيــة‪ ،‬يحــق لهــا أيضـا ً أن تشــارك في‬
‫إجتمعات فرق العمل التابعة للجنة‪ ،‬والــتي تعقـد قبـل كــل حاسـة بهدفــة تحضـير األئلــة الـتي تســاعد على‬
‫توجيه وفحص التقارير(‪.)388‬‬

‫ومن الطــبيعي أن يســاهم حضــور المنظمــات غــير الحكوميــة في اإلجتماعــات التحضــرية في إغنــاء‬
‫معلومات اللجنة عبر إسهامها في فحص التقريــر المقــدم من الدولــة من ناحيــة‪ ،‬والتحضــير لألســئلة من‬
‫نحيـة أخـرى‪ ،‬ويـترتب على ذلـك أيضـا ً حضـور رأي وصـوت ومالحظـات المنظمـات غـير الحكوميـة في‬

‫ليفا ليفين‪ ،‬حقوق اإلنسان أسئلة وأجوبه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 28‬‬ ‫‪) (385‬‬
‫بوجمعه غشير‪ ،‬آليات األمم المتحدة لحماية حقوق اإلنسان والرقابة على تنفيذ اإلتفاقيات الدولية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 130‬‬ ‫‪) (386‬‬
‫عصام الدين محمد حسن ‪ ،‬التقارير الحكومية وتقارير الظل والهيئات التعامدية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق ‪. 32 ،‬‬ ‫‪) (387‬‬
‫ليفا ليفين‪ ،‬حقوق اإلنسان أسئلة وأجوبه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 28‬‬ ‫‪) (388‬‬

‫‪246‬‬
‫اإلجتماع الرسمي الذي تعقده اللجنة الحقا ً مع الدولــة مقدمــة التقريــر‪ ،‬خاصــة بعــد أن تمكنت اللجنــة من‬
‫ســماع رأي المنظمــات غــير الحكوميــة ‪ ،‬عــبر التقــارير الموازيــة المقدمــة منهــا ‪ ،‬وعــبر مشــاركتها في‬
‫اإلجتماعات التحضيرية‪.‬‬

‫وهناك آليـات أكـثر فعاليـة لبعض اللجـان التعاقديـة في مجـال مشـاركة المنظمـات غـير الحكوميـة في‬
‫نقــاش التقــارير المقدمــة من الدولــة وإبــداء المالحظــات عليهــا‪ ،‬حيث تســمح لجنــة الحقــوق السياســية‬
‫والمدنية ولجنة الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافة ولجنة حقوق الطفل للمنظمات غــير الحكوميــة‬
‫بالحديث أمام اللجنــة في جلســات خاصة(‪ .)389‬وهــذه الجلســات الخاصــة تفتح المجــال لمنظمــات المجتمــع‬
‫المدني بمناقشة الدولة بشكل مباشر حول التقرير المقدم منها وإبداء المالحظات عليها‪.‬‬

‫من الجدير ذكره أن اللجان التعاقدية التكتفي بالتقارير الموازية المقدمة من منظمات المجتمع المــدني‬
‫الوطنية‪ ،‬بل تفتح المجال واسعا ً للوكــاالت المتخصصــة أيضـا ً لتقــديم مــا لــديها من معلومــات حــول حالــة‬
‫حقوق اإلنسان في الدولة التي قدمت تقريرهــا‪ ،‬الســيما وأن الوكــاالت المتخصصــة تمتلــك قاعــدة بيانــات‬
‫ومعلومات هامه فيما يتعلق في مجاالت عملها ‪.‬‬

‫إن المعلومات الواردة من قبــل الوكــاالت المتخصصــة كمنظــة العمــل الدوليــة وبرنــامج األمم المتحــدة‬
‫اإلنمائي ومنظمة األمم المتحدة للتربيــة والثقافــة والعلــوم (اليونيســكو) ومنظمــة األمم المتحــدة للطفولــة‬
‫(اليونيسيف) تساعد اللجان التعاقديـة في فحص تقـارير وإبـداء المالحظـات عليهـا بطريقـة موضـوعيه‪،‬‬
‫فالتقارير والمالحظات مقدمة من الوكاالت المتخصصة الى جانب المعلومات المقدمة من قبــل المنظمــات‬
‫غير الحكومية ‪ ،‬سواء كانت شفهية أو في شكل تقارير تساعد اللجان التعاقدية على الوقــوف على حالــة‬
‫حقوق اإلنسان عن كثب في البلد المعني وتمكنها من فحص مصداقية وموضوعية التقــارير المقدمــة من‬
‫الدول ‪.‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬آلية تقديم الشكاوي‬

‫أخذت العديد من اإلتفاقيات أو البروتوكوالت المكملة بآلية الشكاوى في حاالت عـدم التقييـد بأحكامهـا‬
‫وبعض اإلتفاقيات أخذت بنظام الشكاوي ما بين الدول والبعض اآلخر عززت هذه اآلليــة بتلقي الشــكاوي‬
‫المقدمة من األفراد‪ ،‬وتعتبر آلية الشكاوي "نظام قانوني مبني على الرضا"(‪ .)390‬والرضــا المقصــود هــو‬
‫الرضا من الدول األطراف خاصة أن تفعيل آلية الشكاوي لدى الــدول األطــراف يحتــاج في بعض الحــاالت‬
‫إلى إعالن صريح من قبل الدولة الطرف بقبول إختصــاص اللجنــة التعاقديــة في النظــر بالشــكاوي ســواء‬
‫المقدمة من الدول أو األفراد‪.‬‬
‫‪ ) (389‬مانفريد نوواك ‪ ،‬دليل البرلمانيين العرب الى حقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 29‬‬
‫‪ ) (390‬د‪ .‬علي محمد الدباس‪ ،‬و د‪.‬علي عليان ابو زيد ‪ ،‬حقوق اإلنسان وحرياته ودور شرعية اإلجراءات الشرطية في تعزيزها (دراسة تحليلية‬
‫لتحقيق التوازن بين حقوق اإلنسان وحرياته وأمن المجتمع تشريعاً‪ $‬وفقها ً وقضاء‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 75‬‬

‫‪247‬‬
‫وفي حاالت أخرى يتطلب إعمال هذه اآلليــة إنضــمام الدولــة الطــرف للــبروتوكول الملحــق باإلتفاقيــة‪.‬‬
‫السيما وأن التنظيم القانوني للشكاويإما يجد مرجعياته في اإلتفاقية أو في البروتوكول الملحق بها‪.‬‬

‫وتحظى آليــة الشــكاوي بإهتمــام واضــح من المنظمــات المحليــة والدوليــة العاملــة في مجــال حقــوق‬
‫اإلنسان بإعتبارها أحـد اآلليـات الـتي أسـهمت في الحـد من سـيادة الدولـة‪ ،‬في ظـل تسـليم الـدول بتقـديم‬
‫شكاوي ضدها للجان التعاقدية من الدول األخرى أو من مواطنيها‪ ،‬وما يعنيــه ذلــك من جعــل الفــرد يقــف‬
‫في مواجهة دولته على وجه المساواة‪.‬‬

‫وآلية الشكاوي اليعتبر نقضيا ً آللية التقارير بل هو "نظــام مكمــل لنظــام التقــارير وليس بــديالً عنــه"‬
‫(‪ .)391‬ومع ذلك ثمة فرق جوهري ما بين آلية تقديم التقارير وآلية تلقي الشــكاوي رغم العالقــة التكامليــة‬
‫والعضوية بينها‪.‬‬

‫فتقديم التقارير ‪ ،‬نظام إلزامي لكل دولة طرف في اإلتفاقية‪ ،‬وإعماله اليتطلب أية إجــرءات أخــرى من‬
‫الدولة‪ ،‬حيث تصبح الدولة ملزمة به بعد انضامها لإلتفاقية‪ .‬أما آليــة الشـكاوي تســتند أساسـها القـانوني‬
‫على الرضا من الدول األطراف‪ ،‬ويتطلب إعماله لدى الدولة الطرف إجراءات مكملة لإلنضمام لإلتفاقيــة‪.‬‬
‫ويشمل آلية تقديم الشكاوي نــوعين من الشــكاوي وهمــا األول‪ :‬الشــكاوي المقدمــة من الــدول‪ ،‬والثــاني‪:‬‬
‫الشكاوي المقدمة من األفراد‪.‬‬

‫وللتعــرف على نظــام الشــكاوي‪ ،‬ســوف نعــرض في الفــرع األول للشــكاوي المقدمــة من الــدول‪ ،‬وفي‬
‫الفرعه الثاني للشكاوي المقدمة من األفراد‪ ،‬وفي الفرع الثالث‪ :‬تقييم نظام الشكاوي‪.‬‬

‫‪ .1‬الشكاوي المقدمة من الدول‬

‫تعتبر آلية تقـديم الشـكاوي من دولـة ضـد دولـة أخـرى حـال عـدم الوفـاء بإلتزاماتهـا التعاقديـة‪ ،‬أحـد‬
‫اآلليات المنصوص عليها في بعض اإلتفاقيات‪ ،‬دون سواها وتسمى هذه الشكاوي بالبالغات‪ .‬لذا التعتــبر‬
‫آلية الشكاوي من اآلليات المشتركة لكافة اإلتفاقيات‪ ،‬وهذه أحد جوانب اإلختالف بينهــا وبين آليــة تقــديم‬
‫التقارير‪ ،‬فجميع اإلتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان تنص على آلية تقديم التقارير للجان التعاقدية وبشكل‬
‫إلزامي بمجرد اإلنضمام إلى اإلتفاقية‪ ،‬ودون حاجــة إلى إجــرءات أخــرى‪ ،‬فيمــا آليــة تقــديم الشــكاوي من‬
‫الدول تختص بها بعض اللجان فقط دون سواها‪.‬‬

‫‪ ) (391‬د‪ .‬عمر صدوق‪ ،‬محاضرات في القانون الدولي العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 158‬‬

‫‪248‬‬
‫إن اللجان التعاقدية التي يحق لها النظر في الشكاوي المقدمة من الدول هي‪ :‬اللجنــة المعنيــة بحقــوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬لجنة مناهضة التعذيب‪ ،‬لجنة القضاء على التمييز العنصــري‪ ،‬لجنــة حمايــة العمــال المهــاجرين‬
‫وأسرهم(‪.)392‬‬

‫ويشترط في هذه اآللية أن تكــون الدولــة الشــاكية والمشــتكى عليهــا أطرافـا ً في اإلتفاقيــة‪ ،‬وأن تكــون‬
‫الدولة المشتكى عليها لم تقدم بالوفاء باإللتزامات التي رتبتها اإلتفاقية‪.‬‬

‫وتستند هذه اآللية الى مفهوم يقول "بأن كل دولة طرف لها مصلحة قانونية بموجب القانون الــدولي‬
‫في وفاء كل دولة طرف أخرى باإللتزامات(‪.)393‬‬

‫كما أن إختصاص اللجنة في تلقي الشكاوي هو إختصاص إختياري يحق للدولة أن تقبلــه او ترفضــه‪،‬‬
‫وال يتم إعمالــه بمجــرد إنضــمام الدولــة لال إتفاقيــة‪ ،‬بــل باإلضــافة الى ذلــك يجب أن يصــدر عنهــا إعالنـا ً‬
‫صريحا ً بقبول إختصاص اللجنة المعنية بإستالم ونظر البالغات‪ .‬وعليه اليجوز للجان إســتالم الشــكاوي‪،‬‬
‫إال إذا صدر عن الدولة إعالن صريح بإختصاص اللجنة (‪ .)394‬وكون الدول غــير ملزمــة بشــكل ميكــانيكي‬
‫بهذه اآللية‪ ،‬واليجوز إجبارها أو الضغط عليها لقبوله‪ ،‬يتسم هذا النظام في الرضاء التام للدولة‪.‬‬

‫فأعمال هذه اآللية يتطلب أن يصدر هــذه اإلعالن الصــريح من الــدول األطــراف "ال إذا قبلت الــدولتين‬
‫ممارسة اللجنة االختصاص"(‪ .)395‬ومن الجدير ذكره‪ ،‬نظام الشــكاوى في اتفاقيــة مناهضــة القضــاء على‬
‫كافة أشكال التمييز العنصري‪ ،‬ال يحتاج إلى إعالن صريح ومسبق باختصــاص اللجنــة‪ ،‬فبموجبهــا يعتــبر‬
‫"هذا االختصاص إجباري(‪.")396‬‬

‫أما من الناحية اإلجرائية‪ ،‬فإن الشكاوى المقدمة للجان‪ ،‬تمر بعدة مراحل "تبدأ باالتصاالت بين الدول‬
‫ثم اإلجراءات أمام اللجنة المعنية أمام لجنة خاصة بالتوفيق"(‪.)397‬‬

‫و يتم دراسة البالغات على النحو التالي(‪:)398‬‬

‫يجوز ألي دولة طرف أن تلفت نظر دولة طــرف أخــرى من خالل رســالة‪ ،‬بأنهــا ال تقــوم‬ ‫‪.1‬‬
‫بتنفيذ االتفاقية‪.‬‬

‫‪ ) (392‬انظر بخصوص اعتراف الدول بإختصاص اللجان التعاقدية بتسلم بالغات تنطوي على إدعاء عدم التزام دولة طرف باإلتفاقية التالية‪ :‬المادة‬
‫(‪ )41‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية ‪ ،‬والمادة (‪ )11‬من اتفاقية مناهضة التمييز ‪ ،‬والمادة (‪ )21 .1‬من اتفاقية مناهضة‬
‫التعذيب‪ ،‬والمادة (‪ )76‬من اإلتفاقية الدولية لحماية العمال المهاجرين وأسرهم‪.‬‬
‫‪ ) (393‬مانفريد نووراك ‪ ،‬دليل البرلمانيين العرب الى حقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 29‬‬
‫‪ ) (394‬د‪ .‬علي محمد الدباس والمدعي العام علي عليان ابو زيد‪ ،‬حقوق اإلنسان وحرياته ودور شرعية اإلجراءات الشرطية في تعزيزها (دراسة‬
‫تحليلية لتحقيق التوازن بين حقوق اإلنسان وحرياته وأمن المجتمع‪ $‬تشريعا ً وفقها ً وقضاء ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.271‬‬
‫‪ ) (395‬شهاب طالب الزوبعي‪ ،‬الحماية الدولية واإلقليمية لحقوق اإلنسان في ضوء المتغيرات الدولية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 180‬‬
‫‪ ) (396‬لمزيد من المعلومات أنظر‪ :‬د‪ .‬طاهر بوجالل ‪ ،‬دليل آليات المنظومة الممية لحقوق اإلنسان ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 47‬و‪.48‬‬
‫‪ ) (397‬شهاب طالب الزوبعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ ) (398‬لمزيد من المعلومات ‪ ،‬أنظر د‪ .‬طاهر بوجالل ‪ ،‬دليل آليات المنظومة األممية لحقوق اإلنسان ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 47‬و ‪. 48‬‬

‫‪249‬‬
‫على الدولة المشكو ضدها أن ترد في غضون ثالثــة أشــهر‪ ،‬مــا تم اتخــاذه من إجــراءات‬ ‫‪.2‬‬
‫ووسائل لمعالجة ما ورد بالرسالة‪.‬‬
‫إذا لم تتوصــل الــدولتان لتســوية يحــق ألي منهمــا‪ ،‬أن تحيــل الموضــوع إلى اللجنــة‬ ‫‪.3‬‬
‫المختصة‪ ،‬في غضون ستة أشهر من تاريخ استالم الدولة للبالغ األول‪.‬‬
‫تعقد اللجنــة جلســات ســرية لبحث الموضــوع‪ ،‬بعــد تأكــدها من اســتنفاذ طــرق التظلم‬ ‫‪.4‬‬
‫الداخلية‪.‬‬
‫تعرض اللجنة مساعيها على الدولتين للتوصل لتسوية ودية‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫قدم اللجنة تقريراً في غضــون عــام تــاريخ اســتالمها للمســألة‪ ،‬وفي حــال عــدم التوصــل‬ ‫‪.6‬‬
‫لتسوية‪ ،‬يتضمن تقريرها بيانا موجزاً بالوقائع و مضمون الحل الـودي‪ ،‬أمـا إذا لم يتم التوصـل‬
‫لهــذا الحــل‪ ،‬فيتضــمن التقريــر عرضـا ً مــوجزاً للوقــائع‪ ،‬و المــذكرات الخطيــة والشــفوية‪ ،‬الــتي‬
‫قدمتها الدولتان‪.‬‬
‫تقوم اللجنة في حال موافقة الدولتين‪ ،‬بتعيين هيئة توفيق‪ ،‬وتتكون من خمســة أعضــاء‪،‬‬ ‫‪.7‬‬
‫وعلى لجنة التوفيق‪ ،‬في مدة ال تتجاوز عام تقديم تقريرلرئيس اللجنة‪.‬‬
‫يتضــمن التقريــر عرض ـا ً للوقــائع وللحــل الــودي‪ ،‬و في حــال عــدم التوصــل لحــل ودي‪،‬‬ ‫‪.8‬‬
‫يتضمن عرضا ً موجزاً للوقائع‪ ،‬وما تستلمه اللجنــة من مــذكرات خطيــة و محاضــر للمالحظــات‬
‫الشفوية من الدولتين‪.‬‬

‫‪.2‬الشكاوى المقدمة من األفراد‬

‫يحق لألفراد تقديم شكاوى للجـان التعاهديــة‪ ،‬إمــا بنص بعض االتفاقيــات الدوليـة لحقــوق االنســان أو‬
‫خالل بروتوكول ملحق بها‪ ،‬ضد دولتهم(‪ .)399‬ومن الجدير بالذكر أن اتفاقيــة حقــوق الطفــل لم تاخــذ حــتى‬
‫تاريخه بآلية الشكاوى الفردية‪ ،‬سواء كان ذلك في االتفاقية نفسها‪ ،‬أو في البروتوكوالت الملحقة بها‪ ،‬ما‬
‫يعتبر أحد النواقص الهامة في آليات حمايــة الحقــوق الــواردة في االتفاقيــة‪ .‬كمــا أن الحقــوق االقتصــادية‬
‫واالجتماعية والثقافية "يقتصر اإلشراف على تطبيق االتفاقية بتلقي التقارير‪ ،‬التي تلتزم الدول االطراف‬
‫في هــذه االتفاقيــة بتقــديمها إلى األمين العــام لألمم المتحــدة‪ ،‬و الــذي يحيلهــا إلى المجلس اإلقتصــادي‬

‫‪ ) (399‬اإلتفاقيات والبروتوكوالت‪ $‬التي تأخذبآلية الشكاوى الفردية‪ :‬اتفاقية مناهضة التمييز‪ $‬العنصري وفقا ً للمادة (‪ ، )14‬اتفاقية مناهضة التعذيب‬
‫وفقا ً للمادة (‪ ،)22‬واإلتفاقية الدولية لحماية العمال المهاجرين وأسرهم وفقا ً للمادة (‪ ، )77‬والبروتوكول األول الملحق بالعهد الدولي الخاص‬
‫بالحقوق السياسية والمدنية وفقا ً للمادة (‪ ،)1‬والبروتوكول الملحق بإتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز‪ $‬ضد المرأة وفقا ً للماتين (‪1‬و ‪، )2‬‬
‫والبروتوكول الملحق بإتفاقية حقوق ذوي اإلعاقة وفقا ً للمادة (‪ . )1‬والمادة (‪ )1‬من البروتوكول‪ $‬الخاص بالعهد الدولي الخاص بالحقوق اإلقتصادي‬
‫واإلجتماعية والثقافية‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫واإلجتماعي(‪ ." )400‬لقد كان العهد يعاني من غياب آلية الشكاوى للدول واألفراد معاً‪ ،‬و لكن تم عالج هذه‬
‫الثغرة بالبروتوكول األول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق اإلقتصادية و اإلجتماعية(‪. )401‬‬

‫لقد باتت جميع اللجان‪ ،‬تمتلك الصالحية بتسلم الشكاوى الفردية‪ ،‬من أكثر نظم حماية حقوق اإلنســان‬
‫أهمية و فعالية‪ ،‬ألنها توفر لألفراد آلية لمساءلة دولتهم أمام األجهزة الدولية المختصــة‪ ،‬بغيــة الحصــول‬
‫على الحماية الدولية المناسبة(‪.)402‬‬

‫ويتطلب إعمال هذه اآللية قبول الدولة المعنية‪،‬إختصــاص اللجنــة بتلقي الشــكاوى‪ ،‬إمــا بــإعالن قبــول‬
‫المادة التي تنص على هذه اآللية في اإلتفاقية‪ ،‬أو باإلنضمام لبروتوكول شكاوى ملحق باإلتفاقية(‪ .)403‬لــذا‬
‫يعتبر هذه اآللية إختيارية وقائمــة على رضــا الــدول األطــراف كونهــا يتطلب إتجــاه إرادة الدولــة المعنيــة‬
‫برضا تام لقبول إختصاص اللجنة بتلقي الشكاوى‪ .‬وتمر الشكاوى الفردية بــأربع مراحــل وفقـا ً للتوضــيح‬
‫التالي(‪: )404‬‬

‫المرحلة األولى‪ :‬تقديم الشكوى‬

‫تقدم الشكاوى من األفراد إلى أمانة اللجنة التعاقدية المختصة عن طريق المفوضــية الســامية لحقــوق‬
‫اإلنسان بجنيف‪ ،‬ثم تقوم اللجنة بإرسال الشكوى للدولة المعنية للتعليق عليها خالل شهرين‪.‬‬

‫المرحلة الثانية‪ :‬النظر في قبول الشكوىـ‬

‫تعرض الشكوى على فريق عمل مكــون من خمســة أعضــاء منتخــبين من اللجنــة‪ ،‬ولفريــق العمــل أن‬
‫يطلب من مقدم الشــكوى أو الدولــة المعنيــة أيــة معلومــات أو مالحظــات خطيــة إضــافية‪ ،‬تتعلــق بــالقبول‬
‫الشكلي للشكوى‪ .‬ويشترط لقبول الشـكوى شـكالً أن تكـون الشـكوى معلومـة المصـدر وموقعـة‪ ،‬وتتعلـق‬
‫بإنتهاك حق من الحقوق المنصوص عليها في اإلتفاقية‪ ،‬وأن تكون كتابيا ً من الضــحية أو أحــد أقاربــه أو‬
‫أشخاص يأذن لهم المشتكي صراحة‪ .‬أن يكون المشــتكي في واليــة دولــة طــرف في اإلتفاقيــة ‪ ،‬وأســتنفذ‬
‫طرق الطعن الداخلية‪ ،‬وأن التكون الشكوىـ نفسها منظورة أمام هيئة أخرى من هيئات التحقيق الـدولي ‪.‬‬
‫أما الدولة المشتكى عليها فيشترط أن تكون اعترفت بإختصاص اللجنة وأن يكون اإلنتهاك وقع بعد نفــاذ‬
‫اإلتفاقية للدولة المعنية‪.‬‬

‫‪ ) (400‬د‪ .‬علي محمد الدباس والمدعي العام علي عليان ابو زيد‪ ،‬حقوق اإلنسان وحرياته ودور شرعية اإلجراءات الشرطية في تعزيزها (دراسة‬
‫تحليلية لتحقيق التوازن بين حقوق اإلنسان وحرياته وأمن المجتمع‪ $‬تشريعا ً وفقها ً وقضاء ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 74‬‬
‫‪ ) (401‬اعتمد البروتوكول اإلختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية في ‪ 10‬ديسمبر ‪2008‬م‪،‬وعرض‬
‫للتوقيع والتصديق واإلنضمام في ‪ 24‬سبتمبر‪2009 $‬م‪.‬‬
‫‪ ) (402‬د‪ .‬سعيد فهيم خليل‪ ،‬الحماية الدولية لحقوق اإلنسان في الظروف اإلستثنائية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 402‬‬
‫‪ ) (403‬تقديم الشكاوى آلليات األمم المتحدة ‪ ،‬ص ‪http//www.crin.org/resources/ingodetail.asp?id=20312 ، 1‬‬
‫‪ ) (404‬انظر لهذا الخصوص‪ :‬د‪ .‬طاهر بوجالل ‪ ،‬دليل آليات المنظومة األممية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 48‬و ‪. 49‬‬

‫‪251‬‬
‫المرحلة الثالث‪ :‬تحديد الوقائع‬

‫يتم النظر في الشكوى على أساس الوقائع الموضوعية‪ ،‬وتبدأ هذه المرحلة بمطالبة الدولة بتفسيرات‬
‫وتوضيحات حول الشكوى‪ ،‬وما إذا كانت قد إتخذت إجراءات لتسويتها‪ .‬وتمنح الدولة المعنيــة مــدة ســتة‬
‫أشهر لتقديم وثائقها حول الشكوى‪ ،‬وتتاح الفرصة للمشتكي إلبداء رأيه وتعليقاته على ما قدمتــه الدولــة‬
‫المعنية‪.‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬مجلس حقوق اإلنسان‬

‫تشكل مجلس حقوق اإلنسان بموجب قرار الجمعيـة العامـة لألمم المتحـدة رقم (‪/ 60‬ـ ‪ )251‬الصـادر‬
‫بتاريخ ‪ 15‬مارس ‪2006‬م‪ ،‬ويتخذ المجلس من جنيف مقــراً لــه‪ .‬لقــد تم تأســيس مجلس حقــوق اإلنســان‬
‫ليشكل بديالً عن لجنة حقوق اإلنسان المشكلة في العــام ‪1946‬م‪ ،‬من المجلس اإلقتصــادي واإلجتمــاعي‪،‬‬
‫وذلك بسبب فشل اللجنة وضعف دورهــا من ناحيــة أولى‪ ،‬وإتباعهــا سياســة المكيــالين من ناحيــة ثانيــة‪،‬‬
‫والمساعي الرامية الى إصالح األمم المتحدة من ناحية ثالثة‪.‬‬

‫لقد صــوتت (‪ )170‬دولــة لصــالح القــرار من مجمــوع (‪ )191‬دولــة‪ ،‬بينمــا عارضــته أربــع دول هي‪:‬‬
‫أمريكــا‪ ،‬اســرائيل‪ ،‬جــزر المارشــال وبــاالو‪ .‬وأمتنعت ثالث دول أخــرى عن التصــويت هي" ايــران ‪،‬‬
‫وبيالروسيا وفنزويال(‪.)405‬‬

‫ويمتاز مجلس حقوق اإلنسان عن لجنـة حقـوق اإلنسـان بتبعيتـه مباشـرة للجمعيـة العامـة‪ .‬بإعتبـاره‬
‫هيئة فرعية تابعة لها(‪ . )406‬في حين كانت اللجنة تتبع للمجلس اإلقتصادي واإلجتماعي‪ ،‬مما يعطيه منزلة‬
‫رفعية تتناسب مع أهمية الوظيفية الموكلة به‪ .‬كمــا أن تبعيتــه للجمعيــة العامــة ســاهم في تجــاوز مشــكلة‬
‫اإلرتبــاط بـالمجلس اإلقتصــادي واإلجتمـاعي الـتي طالمـا عــانت منهــا اللجنــة سـابقاً‪ ،‬حيث كــان المجلس‬
‫اإلقتصادي واإلجتماعي يقوم بدور الوسيط بين المنحلة والجمعيةـ العامة‪.‬‬

‫يتكــون مجلس حقــوق اإلنســان من (‪ )47‬عضــواً يتم إنتخــابهم من الجمعيــة العامــة باألغلبيــة عــبر‬
‫اإلقتراع السري من أغلبية أعضاء الجمعية لمدة ثالث سنوات‪ ،‬واليجوز إعــادة إنتخــابهم لشــغل واليــتين‬
‫متتاليتين‪ .‬ويستند توزيع المقاعد على التوزيع الجغرافي العادل‪ ،‬بواقــع (‪ )13‬للــدول اإلفريقيــة‪ ،‬و (‪)13‬‬

‫‪ ) (405‬مولود احمد مصلح‪ ،‬القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬األكاديمية العربية المفتوحة‪،‬الدنمارك‪،‬‬
‫‪ ، 2008‬ص ‪. 120‬‬
‫‪ ) (406‬بندر بن تركي بن الحميدي العتيبي ‪ ،‬دور المحكمة لجنائية الدولية الدائمةفي حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة نايف للعلوم‬
‫األمنية‪ ،‬السعودية‪ ،2008 ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 83‬‬

‫‪252‬‬
‫للــدول اآلســيوية‪ )6( ،‬دول أوروبــا الشــرقية‪ )8( ،‬دول أمريكــا الالتينيــة ومنطقــة الكــاريبي‪ ،‬و (‪ )7‬دول‬
‫غرب أوروبا (‪.)407‬‬

‫ويقتضي البحث في هذا الموضوع تقسيم هــذا العنصــر الى ثالث فقــرات‪ ،‬تتنــاول األولى إختصاصــات‬
‫مجلس حقوق اإلنسان‪ ،‬والثانية خصص آلليـات المجلس ‪ ،‬والثالثـة تعــرض لتقــييم آليـات مجلس حقــوق‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إختصاصات مجلس حقوق اإلنسان‬

‫يتمتع مجلس حقوق اإلنسان بواليــة واســعةـ النطــاق في مجــال حقــوق اإلنســان‪ ،‬وقــد إنعكس التوجــه‬
‫لعالج ما وقعت فيه لجنة حقوق اإلنسان من ثغــرات على إختصصــات المجلس‪ ،‬فهــو "الهيئــة الحكوميــة‬
‫الدولية الرئيسية في األمم المتحدة التي تضطلع بالمسؤولية عن حقوق اإلنسان(‪.)408‬‬

‫أما من حيث مرجعية المجلس‪ ،‬فإنه يتبع للجمعية العامة مباشرة بإعتباره هيئة فرعية تابعة لها ‪ ،‬مــا‬
‫يعطيه منولة رفية تتناسب مع أهمية الوظيفة الموكلة إليه(‪.)409‬‬

‫والتنحصر إختاصات وصالحيات المجلس على حماية حقوق اإلنسان في حاالت السلم فقط‪ ،‬بل واليته‬
‫العامة تعطيه الحق في التدخل أيضا ً لحماية حقوق اإلنســان في حــاالت النزاعــات المســلحة‪ .‬وقــد مــارس‬
‫مجلس حقــوق اإلنســان اختصاصــا في مجــال القــانون الــدولي اإلنســاني‪ ،‬عنــدما قــام الجيش الصــهيوني‬
‫بعدوانه على قطاع غزة ‪ ،‬حيث قام بتشكيل لجنة تحقيق دولية برئاسة القاضي غولدستون للتحقيــق في‬
‫الجرائم التي أرتكبت بحق أبناء الشعب الفلسطيني‪.‬‬

‫وقد تناول قرار الجمعية العامــة لألمم المتحــدة المتعلــق بتشــكيل مجلس حقــوق اإلنســان إختصاصــات‬
‫المجلس (‪ ،)410‬وذلك وفقا ً للتوضيح التالي‪:‬‬

‫تناط بالمجلس مسؤولية تعزيـز اإللـتزام العـالمي لحقــوق اإلنســان والحريـات األساســية للجميــع دون‬
‫تمييز من أي نوع وبطريقة عادلة ومنصفة‪ ،‬وفقا ً للبند رقم (‪ )2‬من قرارا الجمعية العامــة لألمم المتحــدة‬
‫المتعلق بتشكيل المجلس‪.‬‬

‫‪ ) (407‬البند السابع من قرارا الجمعية العام لألمم المتحدة رقم ‪ 251 / 60‬المؤرخ في ‪ 15‬مارس ‪2006‬م‪.‬‬
‫‪ ) (408‬العمل مع مفوضية المم المتحدة السامية لحقوق اإلنسان‪ ،‬دليل المنظمات غير الحكومية في تقديم الشكاوى‪ ،‬جنيف‪ ،‬دون سنه طباعة‪ ،‬ص‬
‫‪.5‬‬
‫‪ ) (409‬مولود أحمد مصلح‪ ،‬القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 120‬‬
‫‪ ) (410‬قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم ‪ 251/ 60‬المؤرخ في ‪ 15‬مارس ‪2006‬م‪.‬‬

‫‪253‬‬
‫يقــوم المجلس بمعالجــة إنتهاكــات حقــوق اإلنســان بمــا فيهــا اإلنتهــاك الجســيمة والمهمجيــة‪ ،‬وتقــديم‬
‫توصيات بشـأنها‪ .‬كمـا ينبغي أن يقـوم المجلس بتعزيـز التنسـيق الفعـال بشـأن حقـوق اإلنسـان‪ ،‬وتعميم‬
‫مراعاتها داخل منظومة األمم المتحدة ‪ ،‬وفقا ً للبند رقم (‪.)3‬‬

‫وتضمنت الفقرة (‪ )5‬من قرارا الجمعية العامة جملة من اإلختصاصات التي توجب قيام المجلس بها ‪،‬‬
‫وهي‪:‬‬

‫* النهــوض بــالتثقيف والتعليم في مجــال حقــوق اإلنســان‪ ،‬فض ـالً عن الخــدمات اإلستشــارية‬
‫والمساعدة التقنية وبناء القدرات بالتشاور مع الدول األعضاء المعنية وبموافقتها‪.‬‬

‫* اإلضــطالع بــدور منتــدى للحــوار بشــأن القضــايا الموضــوعاتية المتعلقــة بجميــع حقــوق‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫* تقــديم توصــيات الى الجمعيــة العامــة لمواصــلة تطــوير القــانون الــدولي في مجــال حقــوق‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫* تشــجيع الــدول األعضــاء على تنفيــذ كامــل اإللتزامــات الــتي تعهــدت بهــا في مجــال حقــوق‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫* إجراء استعراض دوري شامل يستند الى معلومات موضوعية وموثوق بها لمدى وفاء كل‬
‫دولة بإلتزامات وتعهداتها في مجال حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫* اإلضطالع بدور ومسؤوليات لجنة حقوق اإلنسان فيما يتصل بعمل مفوضية األمم المتحدة‪.‬‬

‫* العمــل بتعــاون وثيــق في مجــال حقــوق اإلنســان مــع الحكومــات والمنظمــات اإلقليميــة‬
‫والمؤسسات الوطنية لحقوق اإلنسان والمجتمع المدني‪.‬‬

‫*تقديم توصيات تتعلق بتعزيز وحماية حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫*تقديم تقرير سنوي الى الجمعية العامة‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق باألدوار والمهام واإلجراءات التي كــانت تقــوم بهــا لجنــة حقــوق اإلنســان‪ ،‬فقــد انتقلت‬
‫للمجلس "جميع الواليات واآلليات والوظــائف والمســؤوليات الــتي كــانت بيــد اللجنــة من قبــل"(‪ .)411‬مــع‬
‫اعطاء صالحية للمجلس بإعادة النظر في كل ما ورثه عن اللجنة بهدف تحسينها وتطويرها‪.‬‬

‫ولقد انعكست هذه المهــام الواســعةـ والمتعــددة لمجلس حقــوق اإلنســان على طبيعــة اجتماعــات‪ ،‬حيث‬
‫يجتمع طــوال العــام‪ ،‬ويعقــد مــا اليقــل عن ثالث دورات في الســنة‪ ،‬منهــا دورة رئيســية التقــل مــدتها عن‬

‫‪ ) (411‬عالء قاعود‪ ،‬القانون الدولي لحقوق اإلنسان والتزامات اليمن‪ ،‬ملتقى المرأة للدراسات والتدريب‪ ،‬تعز‪ ،‬بدون سنة طباعه‪،‬ص ‪15‬‬

‫‪254‬‬
‫عشرة أسابيع‪ ،‬ويجوز له عقـد دورات إســتثنائية عنـد اإلقتصــاء‪ ،‬بنـا ًء على طلب أحــد أعضــاء المجلس‪.‬‬
‫ومنعا ً لسياسة المكيالين التي ميّزت عمل لجنة حقوق اإلنسان المنحلة‪ ،‬وتحقيقا ً للمســاواة مــا بين الــدول‬
‫في نظر سجلها في مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬يقوم المجلس باإلستعراض الشــامل لحالــة حقــوق اإلنســان في‬
‫جميع الــدول‪ ،‬دون إســتثناء على أن ينجــز المجلس هــذا اإلســتعراض في غضــون عــام واحــد من إنعقــاد‬
‫دورته األولى(‪.)412‬‬

‫ومن المميّزات اإليجابية لبنية المجلس‪ ،‬أن عضوية أي بلــد بــه قــد يتم تعليقهــا بغالبيــة ثلــثي أعضــاء‬
‫المجلس في حال قيامها بإرتكاب جسيم ومنهجي(‪ .)413‬وقد ترجم المجلس ذلك عمليا ً بإتخاذ قراره بتعليــق‬
‫عضوية ليبيا رداً على إنتهاكات نظام القذافي لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات مجلس حقوق اإلنسان‬

‫يعتمد مجلس حقوق اإلنسان على اآلليات الــتي كـانت تضـطلع بهـا لجنــة حقــوق اإلنســان سـابقاً‪ ،‬مـع‬
‫إدخال تعديالت عليها‪ ،‬هذا عدا عما استحدثه من آليات‪ ،‬وفقا ً للتوضيح التالي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬اإلجراءات الخاصة‬

‫اإلجراءات الخاصة هي‪ :‬اإلصطالح العام الذي أطلق على اآلليات التي وضعهتها لجنة حقوق اإلنسان‬
‫في إطــار الترجمــة العمليــة لقــرار المجلس اإلقتصــادي واإلجتمــاعي رقم (‪ )1235‬الصــادر في ‪ 6‬يونيــو‬
‫‪1976‬م ‪ ،‬والـتي يضـطلع بهـا حاليـا ً مجلس حقـوق اإلنسـان‪ .‬وهـذه اآلليـات لم ينص عليهـا ميثـاق األمم‬
‫المتحـدة أو أي إتفاقيـة أخـرى من اإلتفاقيـات الدوليـة لحقـوق اإلنسـان‪ ،‬بـل تعتـبر من إبـداعات المجلس‬
‫اإلقتصادي واإلجتماعي ولجنة حقوق اإلنسان المنحلة‪.‬‬

‫وتستهدف هذه اآللية معالجة أوضاع قطرية محددة أو مســائل موضــوعاتية في كافــة أرجــاء العــالم ‪،‬‬
‫ورصدها وتقديم المشورة بشانها وتقديم تقرير علني عنها(‪ ،)414‬وتعتمــد اإلجــراءات الخاصــة على نــوين‬
‫من المقررين الخاصين حســب البلــد وحســب الموضــوع‪ .‬والواليــة الخاصــة حســب البلــد تســمى "واليــة‬
‫قطرية" ‪ ،‬وتتعلق بوضع حقوق اإلنسان واإلنتهاكـات لهـا في بلـد محـدد أمـا حسـب الموضـوع‪ ،‬فتسـمى‬
‫"والية موضوعاتية" (المقرر الخاص بحماية حرية الرأي والتعبير ــ المقرر الخـاص بحمايـة الحـق في‬
‫‪ ) (412‬بندر بن تركي بن الحميدي العتيبي‪ ،‬دور المحكمة الجنائية الدولية الدائمة في حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 84‬‬
‫‪ ) (413‬ليا ليفين‪ ،‬حقوق اإلنسان اسئلة وأجوبه‪ ،‬ترجمة عالء شلبي ونزهة ادريسي ‪ ،‬اليونسكو‪ ،2009 $،‬باريس‪ ،2009 ،‬ص ‪. 77‬‬
‫‪ ) (414‬العمل مع المفوضية السامية لحقوق اإلنسان ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 68‬‬

‫‪255‬‬
‫التجمع السلمي وتأسيس الجمعية ـ المقرر الخاص بحماية الحقوق األساسية)‪ ،‬تتلعق بإنتهــاك محــدد في‬
‫جميع أنحاء العالم ‪ ،‬وحاليا ً يوجد (‪ )29‬والية موضوعاتية و (‪ )9‬والية قطرية (‪( )415‬المقررين الخاصــين‬
‫بشان بعض البلدان)‪ .‬وفي بعض الحاالت ال تستند الوالية لخبير واحد‪ ،‬بل لفريق خبراء الــذي يتــألف من‬
‫خمسة أفراد‪ ،‬بواقع عضو عن كل مجموعة من المجموعات اإلقليمية‪ ،‬كما هــو الخحــال بالنســبة للفريــق‬
‫المعني بحاالت اإلختفاء القسري‪ ،‬والفري المعني باإلحتجاز العسفي(‪.)416‬‬

‫وتقوم الواليات القطرية والموضوعايته بإستعراض ما توصلت اليه خالل عملها بشــكل ســنوي‪ ،‬فيمــا‬
‫بين الوالية المضوعاتية كل ثالث سنوات‪.‬‬

‫ان اإلســتقاللية الــتي يتمتــع بهــا المكلفــون بواليــات خاصــة هــو أمــر حاســم حــتى يتمكنــوا من القيــام‬
‫بوظـائفهمـ بحاديـة وموضـوعية‪ ،‬ونظـراً لتعـدد الواليـات والحاجـة للتنسـيق بينهـا ‪ ،‬تم اإلتفـاق في العـام‬
‫‪ 2005‬م على تأسيس لجنة تنسيق تكون مهمتها الرئيسية " تنسيق العمل بين أصحاب الواليات‪ ،‬والعمل‬
‫كجســر بينهم وبين المفــوض الســامي لحقــوق اإلنســان(‪ .")417‬ومن الجــدير ذكــره أن المنظمــات غــير‬
‫الحكومية الدولية واإلقليمية والوطنية ‪ ،‬تقدم دعما ً هائالً لنظام اإلجراءات الخاصة(‪.)418‬‬

‫ومنذ حزيران‪ /‬يونيو ‪2006‬م ‪ ،‬يشارك مجلس حقوق اإلنسان في عملية بناء المؤسسات الــتي تشــمل‬
‫استعراض نظام اإلجراءات الخاصة‪ ،‬حيث أبقى عليها وعمل على تطويرعها‪.‬‬

‫وفي ‪ 18‬يونيو ‪2007‬م ‪ ،‬مع اختتام دورته الخامسة ‪ ،‬اعتمد القرار (‪/ 5‬ـ ‪ )1‬بعنوان"بناء مؤسسات‬
‫مجلس حق ــوق اإلنس ــان في األمم المتح ــدة" ال ــذي يتض ــمن أحكامــا ً بش ــأن اختي ــار المكلفين بواليـــات‬
‫واستعراض لجميع واليات اإلجراءات الخاصة ‪ ،‬وفي يونيو ‪2007‬م اعتمد المجلس أيضا ً القرار (‪)2/ 5‬‬
‫ويتضمن قواعد السلوك ألصحاب واليات اإلجراءات الخاصة‪ .‬ويقدم المقرر الخاص وفريق العمل تقارير‬
‫سنوية عن األعمال التي يقومون بها ومالحظاتهم الى لجنة حقوق اإلنسان(‪ ،)419‬أما حاليا ً فتقدم التقــارير‬
‫لمجلس حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫ويعتبر من أهم اآلليات التي يضطلع بها أصحاب واليات اإلجراءات الخاصة‪ ،‬بــأن يتم اصــدار نــداءات‬
‫عاجلة ‪ ،‬والقيام بزيارات قطرية ووضع معايير(‪.)420‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬تلقي الشكاوى‬

‫‪ ) (415‬اإلجراءات الخاصة التي يضطلع بها مجلس حقوق اإلنسان ‪htt//www2.ohchr.org/Arabic/bodies/cgr/special.index.htm ،‬‬
‫‪ ) (416‬سبعة عشر سؤاالً يتكرر طرحها بشأن المقرر الخاصين لألمم المتحدة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 1‬‬
‫‪ ) (417‬اإلجراءات الخاصة التي يضطلع بها مجلس حقوق اإلنسان ‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ ) (418‬سبة عشر سؤاالً يتكرر طرحها بشأن المقررين الخاصين لألمم المتحدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 13‬‬
‫‪ ) (419‬مولود أحمد مصلح ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 31‬‬
‫‪ ) (420‬مانفريد نوواك ‪ ،‬دليل البرلمانيين العرب الى حقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 38‬‬

‫‪256‬‬
‫تأسس إجــراء تقــديم شــكاوى مجلس حقــوق اإلنســان بــالقرار رقم (‪/1‬ــ ‪ )5‬الصــادر في ‪ 18‬يونيــو‬
‫‪2007‬م‪ ،‬بعنوان "مجلس حقوق اإلنسان‪ :‬البناء المؤسسـي"‪ ،‬ليحـل محـل اإلجـراء (‪ )1053‬في التبليـغ‬
‫عن األنماط الثابتة إلنتهاكات حقوق اإلنسان والحريــاتت األساســية الــتي تحــدث في أي جــزء من العــالم‪،‬‬
‫حيث تبنى ملس حقوق اإلنسان بموجب القرار (‪/ 1‬ـ ‪ )5‬في يونيــو ‪2007‬م‪ ،‬إجــراءات جديــدة للشــكاوى‬
‫التي تأسست على هدف اصالح اإلجراء رقم (‪ ،)1503‬كما يشترط لقبــول الشــكوى أن تكــون مبنيــة على‬
‫حقائق وبينات واستنفاذ طرق التظلم الداخلي‪.‬‬

‫ويضم إجراء شكاوي مجلس حقوق اإلنسان فــريقي عمــل‪ :‬فريــق العمــل المعنيــة بالبالغــات‪ ،‬وفريــق‬
‫العمل المعني بــالمواقف‪ .‬ويتوليــان النظــر في الشــكاوي‪ ،‬ولفت نظــر المجلس ألنمــاط اإلنتهاكــات الثابتــة‬
‫لحقوق اإلنسان والحريات الساســية‪ ،‬حيث يقــوم رئيس الفريــق المعــني بالمراســالت مــع األمانــة العامــة‬
‫بإستبعاد البالغـات مجهولـة المصـدر أو الـتي ليس لهـا أسـاس من الصـحة‪ ،‬إسـتناداً الى معـايير القبـول‬
‫المحددة‪ ،‬وبعدها يتم إحالة البالغات المقبولة في الفحص األولى الى الدولة المعنية للحصــول على ردهــا‬
‫بشأن إدعاءات اإلنتهاكات‪.‬‬

‫أما فريق العمل المعني بالمواقف ينظر في البالغات المحالة إليـه من فريـق العمـل المعـني بالبالغـات‬
‫وردود الدولة وتوصيات فريق العمل المعــني بالبالغــات‪ ،‬وكــذلك موقــف المجلس من المســألة(‪ .)421‬ومن‬
‫الشروط التي تتطلبها آلية الشكاوى‪ ،‬إستنفاذ طرق التظلم الداخلي‪.‬‬

‫ثالثا ً‪ :‬آلية المراجعةـ الدورية الشاملة‬

‫لقد أتاح تأسيس مجلس حقوق اإلنسان الــدخول في عصـر المراجعــة الدوريــة الشــاملة لســجل الــدول‬
‫والتزامها بمعايير حقوق اإلنسان‪ ،‬وفتح صفحة جديدة في مجال الدفاع عن حقوق اإلنسان من خالل آلية‬
‫ذات أكثر فعالية بتتبع التزامات الدول في مجال وضع سياسات عمومية حقوقيــة‪ ،‬ويمكن أن نصــف هــذه‬
‫اآللية أنها كما قلنا تساهم في مراقبة السياسة العمومية للدول في مجال حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫لقد ســاهمت هــذه اآلليــة في إلــزام الــدول الراغبــة في الحصــوص على عضــوية الملجس بفتح ســجل‬
‫حقوق اإلنسان‪ ،‬مما سوف يفتح ويتعرض للفحص الدوري للتأكــد من التزامهــا بالمعــايير الدولية(‪ .)422‬إذ‬
‫يتعيّن أن تخضع الــدول األعضــاء دون إســتثناء بصــفة دورة لهــذه المراجعـةـ الــتي تســتند الى معلومــات‬
‫موضوعية لمدى وفاء كل من الدول األعضاء بإلتزاماتها وتعهداتها في مجال حقوق اإلنســان (الفقــرة ‪5‬‬
‫هـ) (‪.)15‬‬

‫‪ ) (421‬تقديم الشكاوى آلليات األمم المتحدة‪ ،‬ص ‪http/www.crin.org/resources/infodetail.asp ?id=20312 ، 7‬‬


‫‪ ) (422‬سعيد شهاب‪ ،‬حقوق اإلنسان من المفوضية الى المجلس‪ ،‬مقال منشور على جريدة القدس العربي‪ ،‬على الموقع‪:‬‬
‫‪http//www.mokarabat.com/m 1036.htm‬‬

‫‪257‬‬
‫وتكمل آلي ــة المراجع ــة الش ــاملة عم ــل الهيئ ــات المنش ــأة بم ــوجب معاه ــدات‪ ،‬والتك ــرر عليها(‪.)423‬‬
‫ويستعرض بشكل دوري وشامل وموثق مدى وفاء كل الدول األعضــاء بإلتزاماتهــا وتعهــداتها في مجــال‬
‫حقوق اإلنسان على نحو من المساواة والعدالة(‪.)424‬‬

‫رابعا ً‪ :‬لجان تحقيق وتقصي الحقائق‬

‫يقوم المجلس في حاالت تعرض حقوق اإلنسان إلنتهاكات في بلــد بإرســال لجــان لتقصــي الحقــائق أو‬
‫التحقيق في هذه االنتهكات‪ ،‬ومن أبرز القرارات التي اتخذها المجلس في هذا اإلطار‪ ،‬تشكيل لجنة تحقيق‬
‫في جريمــة جيش اإلحتالل اإلســرائيلي على عائلــة العثامنــة من بيت حــانون في العــام ‪2006‬م ‪ ،‬ولجنــة‬
‫تحقيق لإلنتهاكات التي ارتكبتها دول اإلحتالل اإلسرائيلي في عدوانها على قطاع غزة في العام ‪2008‬م‪،‬‬
‫والتي يمخض عنهــا تقريــر دولدســتون(‪ .)425‬مــع اإلشــارة بــأن دولــة اإلحتالل رفضـت التعــاون مــع هـذه‬
‫اللجان‪ ،‬ومع ما صدر عنها من قرارات‪.‬‬

‫‪ ) (423‬بندر بن تركي بن الحميدي العتيبي ‪ ،‬دور المحكمة الجنائية الدولية الدائمة في حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 84‬‬
‫‪ ) (424‬د‪ .‬مازن ليلو راضي‪ ،‬ود‪ .‬حيدر ادهم عبدالهادي‪ ،‬المدخل لدراسة حقوق اإلنسان‪ ،‬دار قنديل‪ ،‬األردن‪ ، 2006 ،‬ص ‪. 117‬‬
‫‪ ) (425‬تقديم الشكاوى آلليات األمم المتحدة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 7‬‬

‫‪258‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬‬

‫آليات الحماية اإلقليمية لحقوق اإلنسان‬

‫لم يمنع ميثاق األمم المتحدة من تشكيل منظمات إقليميـة‪ ،‬حيث نصـت المـادة الثانيـة والخمسـين منـه‬
‫على التالي‪ ":‬ليس في هذا الميثاق مــا يحــول دون قيــام تنظيمــات أو وكــاالت إقليميــة تعــالج أمــور حفــظ‬
‫الســالم واألمن الــدوليين‪ ،‬مــا دامت نشــاطاتها متالئمــة مــع مقاصــد األمم المتحــدة ومبادئهــا"‪ .‬والتعتــبر‬
‫المنظمات اإلقليمية بديالً عن األمم المتحدة‪ ،‬بل تلعب دوراً مكمالً ومسانداً لها‪.‬‬

‫وتجد المنظم ــات الدولي ــة اإلقليميـــة م ــبرر وجوده ــا من مجموعـــة القواســـم المشـــتركة السياســـية‬
‫واإلقتصادية والثقافية والنفسية للدول المشكلة لها ‪ ،‬والى جــوار اإلهتمامــات المتعــددة لهــذه المنظمــات‪،‬‬
‫حظيت حقوق اإلنسان بإهتمام كبير على المستوى اإلقليمي(‪ .)426‬وذلــك بهــدف اإلســتجابة للثقافــات الــتي‬
‫تتميّز بها المجموعات الثقافية عن طريق إضافة تميزها عن الوثائق الدولية‪ .‬فقد كــانت اإلنطالقــة الــولى‬
‫لهذا اإلهتمام من القارة األوروبية‪ ،‬وكان مجلس أوروبا هو الرائــد والطليعي في هــذا المجــال‪ ،‬وســرعان‬
‫ما انتشر هذا اإلهتمام للقارة اإلمريكية واإلفريقية والوطن العربي أخيراً‪.‬‬

‫تلعب اآلليات اإلقليمية لحقوق اإلنسان المندرجة ضمن ما نسميه القانون الــدولي اإلقليمي دوراً هام ـا ً‬
‫في حماية حقوق اإلنسـان‪ ،‬اليقـل عن دور اآلليــات الدوليـة التابعــة لألمم المتحــدة‪ ،‬بــل أنهـا سـبقتها بمـا‬
‫اعتمدته آليات فعاله تســهر على حســن تطــبيق نصوصــها‪ ،‬وتضــمن حمايــة فعالــة لحقــوق اإلنســان(‪.)427‬‬

‫‪ ) (426‬ياسر حسن كلزي‪ ،‬حقوق اإلنسان في مواجهة سلطة الضبط الجنائي "دراسة مقارنة" ‪ ،‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫السعودية‪ ، 2007 ،‬ص ‪. 13‬‬
‫‪ ) (427‬محمد امين الميداني‪ ،‬دراسات في الحماية اإلقليمية لحقوق اإلنسان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مركز المعلومات والتأهيل لحقوق اإلنسان‪ ،‬اليمن ‪،‬‬
‫‪ ،2006‬ص ‪. 61‬‬

‫‪259‬‬
‫ويرى أحد الباحثين أن إتجاهات التشريع الدولي اإلقليمي كانت األســبق تاريخيـا ً واألكــثر شــموالً لحقــوق‬
‫اإلنسان(‪.)428‬‬

‫يقتضي الحديث في هذا الموضوع الى تقسيم هذا المبحث الى مطلــبين األول‪ :‬نســتعرض فيــه اآلليــات‬
‫األوروبيــة واألمريكيــة ‪ ،‬وفي المطلب الثــاني‪ :‬نعــرض الى آليــات الحمايــة اإلفريقيــة والعربيــة لحقــوق‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬‬

‫اآلليات األوروبية واألمريكية لحماية حقوق اإلنسان‬

‫قبل أن نتظـــرق الى اآلليـــات األورروبيـــة واألمريكيـــة‪ ،‬يتـــوجب علينـــا أن نشـــير الى أن اإلتفاقيـــة‬
‫األوروربية وقعت في ‪ 4‬نوفمبر سنة ‪ 1950‬في مدينة روفا‪ ،‬من قبل الدول األعضاء في مجلس أوروبا ‪،‬‬
‫ودخلت حيّز التنفيذ في ‪ 3‬سبتمبر ‪1953‬م‪ .‬أما اإلتفاقية األمريكيـة لحقـوق اإلنسـان فقـد عقـدت في سـان‬
‫خوســيه في ‪ 3‬نوفمــبر ‪1969‬م‪ ،‬ودخلت حيّــز النفــاذ في ‪ 18‬يوليــو ‪1987‬م‪ .‬وعليــه فإننــا سنقس ـمـ هــذا‬
‫المطلب الى فرعين األول منه‪ :‬يتطرق الى آليات الحمايــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان‪ ،‬وفي الثــاني‪ :‬الى‬
‫آليات الحماية األمريكية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫العنصر األول‪ :‬اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان‬

‫كانت اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان أحد اآلليات الهامة لتنفيذ اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنســان‪،‬‬
‫وقد استمر عمل اللجنة األوروبية قائما ً حتى ‪1988‬م(‪ .)429‬إال أن هذه اللجنــة ألغيت بمــوجب الــبروتوكول‬
‫رقم (‪ )11‬الملحــق باإلتفاقيــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان‪ ،‬وأحيلت اختصاصــات اللجنــة الى المحكمــة‬
‫األوروبية لحقوق اإلنسان‪ .‬ورغم حـل اللجنـة‪ ،‬إال أن تناولهـا ينطـوي على قيمـة تاريخيـة‪ ،‬كمـا يسـم في‬
‫تعميق المقارنة بين دورها ودور اللجنة األمريكية واإلفريقية والعربية لحقوق اإلنسان‪ .‬وبالتــالي ســوف‬

‫‪ ) (428‬د‪ .‬عبدالعزيز محمد سرحان‪ ،‬اإلطار القانوني لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 5‬‬
‫‪ ) (429‬محمد شريف بسيوني‪ ،‬الوثائق الدولية المعنية بحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 51‬‬

‫‪260‬‬
‫ن تعرض للجنة األوروبية لحقوق اإلنسان في ثالث فقرات‪ ،‬تتناول األولى قوام واختصاصات اللجنة‪ ،‬وفي‬
‫الثاني‪ :‬آليات عمل اللجنة على أن نتناول في فقرة ثالثة تقييم عمل اللجنة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اختصاصات اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان‬

‫تشكلت اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان بموجب نص المادة (‪ / 19‬أ) من اإلتفاقية‪ ،‬وهذا مــا يميّزهــا‬
‫عن غيرها من اللجان اإلقليمية‪ ،‬التي تشكلت غالبيتها بموجب قرارات من المنظمات اإلقليمية‪.‬‬

‫وحول مهام واختصاصات اللجنة‪ ،‬فيمكن تلخيصها "مراقبة تطــبيق أحكــام اإلتفاقيــة وتلقي الشــكاوى‬
‫من أي شخص أو هيئة غير حكومية بصدد تجاوزات أو مخالفات تقع على حقوق اإلنسان(‪ ،)430‬هــذا عــدا‬
‫عن اختصاصاتها بالنظر في المخالفات المقدمة من األطراف المتعاقدة ضد أي دولة طـرف في اإلتفاقيـة‪،‬‬
‫وبعتد اختصاصها بنظر الطعون إلزاميا ً للدول الطرف طبقا ً للمادة (‪ )24‬من اإلتفاقية‪.‬‬

‫أما آليــات اختيارأعضــاء اللجنــة‪ ،‬فتتم عــبر اإلنتخابــات بمعرفــة لجنــة الــوزراء باإلغلبيــة المطلقــة‬
‫لألصــوات من قائمــة أســماء بعــدها مكتب الجمعيــة اإلستشــارية لمجلس أوروبــا‪ ،‬ولكــل دولــة طــرق في‬
‫الجمعية اإلستشارية أن تقدم ثالثة مرشحين‪ ،‬منهم أثنان على األقل من جنســيتها وتتبــع ذات اإلجــراءات‬
‫كلما أمكن تطبيقها إلكمال عــدد اللجنــة في حالــة إنضــمام الــدول الخــرى للمعاهــدة ولشــغل المراكــز الــتي‬
‫تخلو ‪ ،‬وفقا ً للمادة (‪ )21‬من اإلتفاقية‪.‬‬

‫فيما يتعلق بالوالية الزمنية لعضوية اللجنة‪ ،‬فقد حددتها اإلتفاقية بفترة ست سنوات‪ ،‬مع جواز تجديــد‬
‫انتخابه مرة أخرى(‪ .)431‬ويستمر أعضاء اللجنة مزاولة مهام عملهم حتى يتم انتخاب غــيرهم(‪ .)432‬ومن‬
‫الجدير ذكره أن أعضاء اللجنة المنتخبين يقومون بممارسة مهام بصفتهم الشخصية‪ ،‬وفقـا ً للمــادة (‪)23‬‬
‫من اإلتفاقية‪ ،‬بمعنى أنهم اليمثلون دولهم في مهام عملهم ويقتضي دورهم الدفاع عن احترام نصــوص‬
‫اإلتفاقية وأن اليعمل لصالح دولته أو أن يتحيّز لها‪ ،‬رغم أنهــا قــامت بترشــيحه لعضــوية اللجنــة‪ ،‬وعليــه‬
‫فإنهم اليمثلون دولهم بل جميع دول المجلس األوروبي(‪.)433‬‬

‫لقد كانت اللجنة اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان‪ ،‬قبل حلها أو إلغائها بموجب البروتوكول رقم (‪)11‬‬
‫‪ ،‬وإحالــة كافــة مهامهــا وصــالحياتها للمحكمــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان هي الجهــة الرقابيــة األولى‬
‫والمباشرة على مدى تقيد الــدول األطــراف بأحكــام اإلتفاقيــة‪ .‬كمــا أنهــا كــانت تلعب دوراً هامـا ً في النظــر‬
‫بالشكوى المقدمة لها ضد أي من الدول األطراف في اإلتفاقية‪ ،‬حال اإلدعــاء بإرتكابهــا إنتهاكــات ألحكــام‬

‫‪ ) (430‬د‪.‬عيسى بيرم‪ ،‬حقوق اإلنسان والحريات العامة مقارنة بين النص والواقع‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار المنهل اللبناني للطباعة والنشر ‪ ،‬ط ‪1998 ،1‬م‪،‬‬
‫ص ‪.206‬‬
‫‪ ) (431‬المادة (‪ 22‬ــ أ) من اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ ) (432‬أ د‪ .‬محمد سليم محمد غزوي‪ ،‬الوجيز في أثر اإلتجاهات السياسية المعاصرة على حقوق اإلنسان‪ ،‬كلية الحقوق بالجامعة األردنية‪ ،‬عمّان ‪،‬‬
‫‪1985‬م ‪ ،‬ص ‪. 72‬‬
‫‪ ) (433‬د‪ .‬عبدالكريم علوان‪ ،‬حقوق اإلنسان المنظمات‪ $‬الدولية‪ ،‬مكتب‪ $‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمّان‪ ،1997 ،‬ص ‪.102‬‬

‫‪261‬‬
‫اإلتفاقية‪ .‬وتتخذ القرارات في اللجنة بأغلبية األعضاء الحاضرين الـذين أدلـوا بأصـواتهم‪ ،‬وفقـا ً للمـادة (‬
‫‪ )34‬من اإلتفاقية‪ ،‬وتعقد إجتماعاتها بشكل سري حسب المادة (‪ )33‬من اإلتفاقية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫تمارس اللجنة دورها اإلشراف والرقابي حول إحترام الدول الطــراف ألحكــام اإلتفاقيــة باإلســتناد على‬
‫اآلليات التاية‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬تلقي الشكوى‪.‬ـ‬

‫كانت اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان تتلقى نوعين من الشكوى ‪ ،‬هما‪:‬‬

‫النــوع األول‪ :‬الشــكاوى المقدمــة من الــدول‪ .‬حيث تتلقى اللجنــة الشــكوى المقدمــة من الــدول‬
‫األطراف‪ ،‬عبر السكرتير العام لمجلس أوروبا عن أيــة مخالفــات يرتكبهــا أي طــرف متعاقــد ضــد‬
‫أحكــام اإلتفاقيــة وذلــك وفقـا ً للمــادة (‪ .)24‬وتنظــر اللجنــة هــذا النــوع من الشــكوى‪ ،‬دون حاجــة‬
‫لتصريح خاص بقبول اختصاصها‪ ،‬إختصاص اللجنة ينعقد بنظر الشــكاوى ضــد أي دولــة طــرف‬
‫بمجرد توقيعها على اإلتفاقية(‪.)434‬‬

‫النوع الثاني‪ :‬الشكاوى المقدمة من األفــراد والمنظمــات غــير الحكوميــة‪ .‬كــانت اللجنــة تنظــر‬
‫الشكاوى التي يقدمها األفراد والمنظمات غــير الحكوميــة أو مجموعــة من األفــراد‪ ،‬يــدعو بــانهم‬
‫ضحايا ً إنتهاكات للحقوق الواردة في اإلتفاقية من األطراف السامية المتعاقدة‪ ،‬وهي تمثل المهمة‬
‫الرئيسية للجنة(‪.)435‬‬

‫من الشروط المطلوبة في هذا النوع من الشكاوى‪ ،‬أن تكون الدولــة الــتي قــدمت ضــدها الشــكوى‪ ،‬قــد‬
‫أعلنت اعترافها بإختصاص اللجنة بتلقي الشكاوى(‪ .)436‬هذه إحــدى جــوانب اإلختالف بين آليــة الشــكاوى‬
‫المقدمة منم الدول‪ ،‬والشكاوى المقدمة من األفراد‪ ،‬حيث ال يكفي لنظــر اللجنــة الشــكاوى الفرديــة توقيــع‬
‫الدولــة على اإلتفاقيــة بــل البــد من تصــريح الدولــة المشــكو ضــدها بإختصــاص اللجنــة بهــذا النــوع من‬
‫الشكاوى‪.‬‬

‫من الميزات اإليجباية لهذه اآللية‪ ،‬أن الحق في التقدم الشكوىـ اليقتصــر على رعايــا الــدول األعضــاء‬
‫فقط بل يحق لألجانب الذي اليحملون جنسبة الدول األعضاء(‪.)437‬‬

‫‪ ) (434‬د‪ .‬عبدالكريم علوان‪ ،‬حقوق اإلنسان المنظمات‪ $‬الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 153‬‬
‫‪ ) (435‬ج‪$$‬اك دونللي‪ ،‬حق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان العالمي‪$$‬ة بين النظري‪$$‬ة والتط‪$$‬بيق‪ ،‬ترجم‪$$‬ة‪ :‬مب‪$$‬ارك على عثم‪$$‬ان و د‪ .‬محم‪$$‬د ن‪$$‬ور فرح‪$$‬ان‪ ،‬الق‪$$‬اهرة‪ ،‬المكتب‪$$‬ة‬
‫األكاديمية‪ ،‬ص ‪. 253‬‬
‫‪ ) (436‬المادة (‪ )25‬من اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان ‪.‬‬
‫‪ ) (437‬د‪ .‬كامل السعيد وآخرون‪ ،‬مبادئ القانون وحقوق اإلنسان‪ ،‬منشورات جامعة القدس المفتوحة‪ ،‬عمّان‪ ،2008 ،‬ص ‪. 190‬‬

‫‪262‬‬
‫كما اشترطت المادة (‪ )25‬من اإلتفاقية لبدء عمل نظر اللجنــة في الشــكوى أن يســتنفذ الشــاكي طــرق‬
‫اإلنتصاف الداخلية ‪ ،‬وخالل سنة أشهر من تاريخ القرار النهائي لتخذ بالداخل‪.‬‬

‫فمن مميّــزات نظــام الشــكوى المقدمــة من األفــراد والمنظمــات غــير الحكوميــة‪ ،‬مشــاركة المنظم في‬
‫المراحل المختلفة في الدعوى(‪.)438‬‬

‫هذا وقد حددت اإلتفاقية في المادة (‪ )27‬الحاالت الــتي اليجــوز فيهــا نظــر الشــكوى من قبــل اللجنــة‪،‬‬
‫وهي‪:‬‬

‫أ‪ .‬إذا كانت الشكوى مجهولة‪.‬‬

‫ب‪ .‬إذا كــانت اللجنــة قــد فحصــت شــكوى مطابقــة لهــا مادي ـا ً من قبــل‪ ،‬أو ســبق تقــديمها في‬
‫إجراءات تحقيق دولية أخرى أو تسوية‪.‬‬

‫ج‪ .‬أو كانت ال تنطوي على وقائع جديدة‪.‬‬

‫د‪ .‬تــرفض اللجنــة نظــر أي شــكوى تقــدم لهــا وفقـا ً للمــادة (‪ )25‬إذا ثبت أنهــا تخــالف أحكــامـ‬
‫المعاهدة الحالية‪ ،‬والتستند بياناتها الى أساس أو تنطوي على تعسف في استخدام حق الشكوى‪.‬ـ‬

‫هـ‪ .‬ترفض اللجنة أي شكوى ترد إليها إذا تبيّنت انها غير مقبولة طبقا ً للمادة (‪ ، )26‬أي عدم‬
‫استفادة طرق النظام الداخلي‪.‬‬

‫أما بخصوص إجراءات فحص الشكوى من اللجنة‪ ،‬فهي تقوم بفحصها مع ممثلي األطــراف‪ ،‬ولهــا أن‬
‫تجري تحقيقا ً حول الشكوى‪ ،‬وتلتزم الدول األطراف لتقديم التسهيالت الالزمـة مـع تبـادل وجهـات النظـر‬
‫مع اللجنة (‪.)439‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬التسوية‬

‫تضع اللجنة نفسها في خدمة األطراف المعنية‪ ،‬بهدف الوصول الى تسوية وديــة على أســاس احــترام‬
‫حقوق اإلنسان حسبما تقررها اإلتفاقية‪ ،‬وفقا ً للمادة (‪/28‬ب)‪ ،‬فقد كانت اللجنة تقوم بالتوفيق بين األفراد‬
‫والحكومةـ المعنية ‪ ،‬حيث يستطبع صاحب الحق في هذا الحالة أن يحصل على تعويض(‪.)440‬‬

‫وفي حال تصلها الى تسوية ودية ‪ ،‬تعد تقريراً يرسل الى الــدول المعنيــة ولجنــة الــوزارءا وكـذلك الى‬
‫السكرتير العام لمجلس أوروبا للنشر‪ ،‬هــذا التقريــر يقتصــر على بيــان موجــوز للوقــائع والحــال الــذي تم‬
‫التوصل اليه وفقا ً للمادة (‪ ، )30‬أما في حالة عـدم نجتح التسـوية‪ ،‬تقـدم اللجنـة تقريـراً مشـفوعا ً برأيهـا‬
‫‪ ) (438‬د‪ .‬احسن بو األصباع ‪ ،‬التطورات الجديدة في القانون الدولي المتعلق بالمنظمات الدولية واألفراد‪،‬‬
‫الموقع‪ ، http://www.4shard.com/get/3um9HSbi/html :‬ص ‪. 442‬‬
‫‪ ) (439‬المادة ‪ / 028‬أ) من اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ ) (440‬د‪ .‬محمد شريف بسيوني‪ ،‬الوثائق الدولية المعنية بحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 50‬و‪.51‬‬

‫‪263‬‬
‫فيما إذا كـانت الوقـائع تنـبئ عن مخالفـة لإلتفاقيـة وتحيـل التقريـر الى لجنـة الـوزراء‪ ،‬مـع جـواز إبـداء‬
‫اقتراحات التي تراها مناسبة‪ ،‬حسب المادة (‪ )31‬من اإلتفاقية‪.‬‬

‫وإذا قبلت اللجنة الشكوى وفشـلت في التوفيـق والتســوية‪ ،‬تسـتطيع أي دولــة أخـرى من الــدول الــتي‬
‫صدقت على اإلتفاقية أن تتبنى القضية وتقاضي الدولة المشكو عليهــا أمــام المحكمــة األوروبيــة لحقــوق‬
‫اإلنسان(‪ .)441‬أما إذا لم تقم لجنــة الــوزارءا بإحالــة الموضــوع الى المحكمــة خالل ثالثــة أشــهر من إحالــة‬
‫التقرير‪ ،‬لهـا أن تصـدر قـرار بأغلبيـة ثلـثي أصـحاب حـق حضـور هـذه اللجنـة‪ ،‬فيمـا كـان هنـاك انتهـاك‬
‫للمعاهدة‪.‬‬

‫إذا كان قرارا اللجنة إيجابيا‪ ،‬تحدد فيه مهلة بتعيين على األطراف السامية المتعاقــدة أن تتخــذ خاللهــا‬
‫التــدابير المطلوبــة في القــرار‪ ،‬وإذا لم تتخــذ الــدول تــدابير مرضــية خالل المهلــة‪ ،‬تصــدر لجنــة الــوزراء‬
‫قرارها بأغلبية الثلثين وتنشر التقرير وتتعاهد األطراف بأن تلتزم بأي قــرار تتخــذه لجنــة الــوزراء وفق ـا ً‬
‫للمادة (‪.)32‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬التقييم‪.‬‬

‫من خالل العرض السابق يتضح أن اللجنة تحاول تسوية النزاعات بالطرق الوديــة‪ ،‬وإذا لم توفــق في‬
‫ذلك تقدم تقريرها الى لجنة الوزارء بالدول المعنية‪ ،‬وفي حال التوصل الى تسوية فــان الضــحية يحصــل‬
‫على تعويض‪.‬‬

‫ومن المالحظ أنه وفي ظل وجود اللجنة األوروبية لحقـوق اإلنسـان كـانت صـالحية التوجـه للمحكمـة‬
‫األوروبية بيدها ويد الدول األطراف فقط ‪ ،‬وما كان يحق لألفراد التوجه للمحكمة مباشرة‪.‬‬

‫الجــدير بالــذكر فقــد طــرأت تعــديال جذريــة وحاســمة على آليــات الحمايــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان‬
‫بموجب البروتوكولـ الحادي عشر ‪ ،‬ومن أبرز هذه التعديالت "إلغاء اللجنــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان‬
‫واختصاصات ونشاطها(‪ .)442‬وأصبحت المحكمةـ وحدها صاحبة اإلختصاص في حسم المنازعات‪ ،‬بعــد ان‬
‫اصبحت محكمكة دائمة يحق ألي شخص تقديم إلتماس إليها مباشرة(‪.)443‬‬

‫‪ ) (441‬د‪ .‬محمد شريف بسيوني‪ ،‬الوثائق الدولية المعنية بحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪ ) (442‬د‪ .‬محمد امين الميداني‪ ،‬الحماية الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 82‬‬
‫‪ ) (443‬د‪ .‬سالم عبدهللا كانيسكاني‪ ،‬المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان "قلعة حقوق اإلنسان وضمير أوروبا الحيّ "‪ ،‬مقال منشور على الموقع‪:‬‬
‫‪http//www.alitted.com/paper.php?name=news&file=artilesid=51836‬‬

‫‪264‬‬
‫العنصر الثاني‪ :‬المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان‬

‫نصت اإلتفاقيــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان على تشـكيل محكمــة أوروبيـة لحقــوق اإلنســان‪ ،‬لضــمان‬
‫احترام اإللتزامات التي تعهــدت بهــا الــدول‪ ،‬وفقـا ً للمــادة (‪ /19‬ب) وتتخــذ المحكمــة من لوكســمبورغ في‬
‫فرنسا مقراً لها‪.‬‬

‫تتكون المحكمة من عدد من القضاة يساوي عدد أعضاء مجلس أوروبا‪ ،‬واليجوز أن تضــم األعضــاء‬
‫قاضيين من جنسة واحدة حسب المادة (‪ )38‬من اإلتفاقية(‪ .)444‬فعدد قضاة المحكمة مساو لعدد األعضــاء‬
‫في المجلس األوروبي (‪ .)445‬ما يجعل قوامها يتأثر بالزيادة أو النقصان‪ ،‬حسـب عــدد الـدول األعضـاء في‬
‫المجلس‪ ،‬كما يالحظ أن تمثيل الدول في هيئــة المحكمــة‪ ،‬يقــوم على أســاس المســاواة بينهــا‪ .‬وقــد نظمت‬
‫المادة (‪ )39‬من اإلتفاقية طريقــة اختيــار القضــاة‪ ،‬بحيث يتم انتخــابهم من الجمعيــة اإلستشــارية بأغلبيــة‬
‫األصوات من قائمة األسماء المحددة بمعرفة مجلس أوروبا‪ ،‬ولكل دولة عضوان تســمي ثالثــة مرشــحين‬
‫منهم أثنان على األقل من جنسيتها‪.‬‬

‫ويجب أن يكون المرشــحون ممن يتمتعــون بصــفات أخالقيــة ســامية‪ ،‬وحــائزين للمــؤهالت المطلوبــة‬
‫لشغل وظيفة قضائية عليا‪ ،‬أو مستشارين ذوي كفاءؤات معترف بها‪ .‬ويتم انتخاب القضــاة بالنســبة لكــل‬
‫طرف متعاقد بأغلبية األصوات من قائمة من ثالثــة مرشــحين‪ ،‬يعيّنهم الطــرف المتعاقد(‪ .)446‬وبــالرغم من‬
‫أن اقبضــاة يتم ترشــحيهم من دولهم ‪ ،‬إال أنهم حــال فــوزهم يمثلــون أفســهم ويزاولــون مهــام بصــفتهم‬
‫الشخصية‪.‬‬

‫ـل منهــا‬
‫تتكون المحكمة من أربعة أقسام ‪ ،‬ويتكون كل قسم من سبعة أعضاء‪ ،‬و أربع غــرف مكــون كـ ٍ‬
‫من سبعة قضاة ‪ ،‬وغرفة كبرى مكونة من سبعة عشر قاضياً‪ ،‬وتجتمع المحكمة في لجان مكــون‬
‫كــل منهــا ثالثــة قضــاة ‪ ،‬وفقــا ً للمــادة (‪ )27‬من اإلتفاقيــة‪ .‬وس نحاول في الفق رة األولى تبي ان‬
‫اختصاصاتها وفي فقرة ثانية محاولة إبراز اليات عملها ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اختصاصات المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان‬

‫أما حــول اختصاصــاتها‪ ،‬ســابقا ً كــانت تتلخص في تفســير أحكــام اإلتفاقيــة والــبروتوكوالت الملحقــة‪،‬‬
‫والنظر في القضايا المرفوعة من قبل اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان ومن الدول األعضاء(‪.)447‬‬

‫‪ ) (444‬أ‪.‬د جابر ابراهيم الراوي‪ ،‬حقوق اإلنسان وحرياته األساسية في القانون الدولي والشريعة اإلسالمية‪ ،‬مرجع سابق ‪. 149 ،‬‬
‫‪ ) (445‬د‪ .‬عيسر بيرم‪ ،‬حقوق اإلنسان والحريات العامة بين النص والواقع‪ ،‬مرجع سابق ‪. 149 ،‬‬
‫‪ ) (446‬د‪ .‬نشأت عثمان الهاللي‪ ،‬حقوق اإلنسان ودور المنظمات‪ $‬الدولية في حمايتها ‪ ،‬مجلة قضايا ‪ ،‬المركز الدولي للدراسات المستقبلية‬
‫واإلستراتيجية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬العدد ‪ ،2005 ،3‬ص ‪. 44‬‬
‫‪ ) (447‬د‪ .‬عيسى بيرم‪ ،‬حقوق اإلنسان والحريات العامة مقارنة بين النص والواقع‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.206‬‬

‫‪265‬‬
‫فوفق النظام القديم لم يكن مسموح لألفراد حتى عام ‪1998‬م‪ ،‬تقديم شكواهم مباشــرة أمــام المحكمــة‪،‬‬
‫بل البد من اللجوء الى المحكمة األوروبية أوالً(‪ .)448‬فقد وجهت العديد من اإلنتقادات للصالحية المحدودة‬
‫الممنوحة للمحكمة وفقا ً للنظام السابق‪ ،‬األمر الذي مهــد إلحــداث تعــديالت جذريــة على النظــام األوروبي‬
‫لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫وتشــمل اختصاصــات المكمــة اإلتفاقيــة والنظــر في الشــكاوي ســواء المقدمــة من الــدول أو الشــكاوى‬
‫الفردية‪ .‬كما شملت التعديالت تحويل اختصاص المحكمة من اختصاص اختياري الى اختصاص إلــزامي‪،‬‬
‫بموجب البروتوكول رقم (‪ ،)11‬األمر الذي تطلب تعديل نظام المحكمة الذي كان معمول به منذ ‪1995‬م ‪.‬‬
‫وترتب على هذه التعديثالت‪ ،‬توسيع المهام واإلختصاصت الجديــدة للمحكمــة من ناحيــة ‪ ،‬وتوفــير آليــات‬
‫أكثر فعالية ودينامكية في حماية حقوق اإلنسان من ناحية أخرى‪ ،‬باإلضـافة الى تسـهيل إجـراءات لجـوء‬
‫الضحايا الى المحكمة للحصول على العدالة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان‬

‫مع التحديثات على النظام األوروبي لحقوق اإلنسان‪ ،‬باتت المحكمــة األوروبيــة الهيئــة الوحيــدة الــتي‬
‫ستهر على حسن تطبيق أحكام اإلتفاقية من الدول األطراف(‪ .)449‬ومن اآلليــات الــتي تســتخدمها المحكمــة‬
‫التالي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬الدور اإلستشاري‬

‫أعطى البروتوكول الناني الملحق باإلفاتقاية األوروربية لحقوق اإلنسان للمحكمة ســلطة إعطــاء آراء‬
‫إستشارية‪ ،‬حيث يجوز لها بنا ًء على طلب اللجنة الوزارة‪ ،‬إعطاء آراء استشارية حول المسائل المتعلقــة‬
‫بتفسير اإلتفاقيــة أو البروتوكوليــة الملحــق بهــا‪ ،‬ويقــدم الـرأي اإلستشــاري للمحكمــة من لجنــة الــوزراء‬
‫بأغلبية األصوات في اللجنة(‪.)450‬‬

‫تقوم المحكمة بإخطار لجنة الوزراء بهذه اآلراء اإلستشارية(‪ ،)451‬وينحصر دور المحكمة اإلستشاري‬
‫في تقديم المعلومات حول مــا يعــرض عليهــا من لجنــة الــوزراء‪ ،‬والتقــوم بالمبــادرة بالتفســير من تلقــاء‬
‫نفسها‪ ،‬فقد جاء في المــادة (‪ )47‬من إتفاقيــة حمايــة حقــوق اإلنســان والحريــات اإلساســية الموقعــة في‬
‫روما في ‪ 4‬نوفمبر ‪1950‬م‪ ،‬بأنه يجوز للممحكمة اصدار فتــوى في مســائل قانونيــة بنــاء على طلب من‬
‫‪ ) (448‬د‪ .‬أمل يازجي‪ ،‬المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان‪ ،‬منشور على موقع الموسوعة العربية‪:‬‬
‫‪http://www.arab-ency.com/index.php?module=pnEncy clopedia&fune=display_term&id=161632&m=1‬‬
‫‪ ) (449‬د‪ .‬محمد امين الميداني‪ ،‬الحماية الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 252‬‬
‫‪ ) (450‬سونيال ابيسيكيرا وأخرون ‪ ،‬المطالبة بالحقوق مطالبة بالعدالة‪ ،‬دليل خاص بالمدافعات عن حقوق اإلنسان من منطقة آسيا والمحيط الهادي‬
‫الخاص بالمرأة والقانون والتنمية ‪ ،2007 ،‬ص ‪. 115‬‬
‫‪ ) (451‬د‪ .‬نشأت عثمان الهاللي‪ ،‬حقوق اإلنسان ودور المنظمات الدولية في حمايتها‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 44‬‬

‫‪266‬‬
‫لجنة الوزراء‪ .‬كما تمتاز اآلراء اإلستشــارية للمحكمــة بعــدم اإللــزام من الناحيــة القانونية(‪ ،)452‬ولكن مـع‬
‫ذلك‪ ،‬تتمتع بوزن أدبي كبير ومن الصعب تجاهلها(‪.)453‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬الدور القضائي‬

‫تلعب المحكمة األوروبية لحقوق افنسان دوراً قضــائيا هام ـاً‪ ،‬في النظــر والبت في الشــكاوي المقدمــة‬
‫من الدول واألفراد‪ .‬فقد أســهم الــبروتوكول رقم (‪ )11‬الملحــق باإلتفاقيــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان في‬
‫مادته (‪ )34‬في تسيير طرق الطعن بالنسبة لألشخاص والمجموعات والهيئــات في أوروبــا بفتح المجــال‬
‫أمامهم للتوجيه بشكواهمـ للمحكمة وقبولها للنظر في تلك الشكاوي ‪ ،‬وحدد معايير لقبول تلك الطلبات‪.‬‬

‫ومن أهم التطورات على النظام األوروبي في مجال حماية حقوق افنسان "إلغــاء الطبيعــة اإلختياريــة‬
‫لقبول الدول األعضاء اختصاص المحكمة‪ ،‬وكذلك قبول اللجوء من طرف األفراد الى تلك المحكمة(‪.)454‬‬

‫يشترط لقبول الشكاوى من المحكمة انسـتنفاد جميـع سـبل اإلنصـاف المحليـة ‪ ،‬خالل سـتة أشـهر من‬
‫تــاريخ صــدور الحكم من أعلى محكمــة محكليــة ‪ ،‬وذلــك طبق ـا ً لنص الفقــرة األولى من المــادة الخامســة‬
‫وثالثون من البروتوكول رقم ‪ 11‬الملحق باإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫وينتهي نظر المحكمة في الدعاوى بإصــدار قــرارات بشــأنها‪ ،‬وهي قــرارات نهائيــة وإلزاميــة‪ ،‬وغــير‬
‫قابلة لإلستئناف(‪ .)455‬وهذا ما يميّز الطبيعــة القانونيــة للقــرارات القضــائية الصــادرة عن المحكمــة‪ ،‬الــتي‬
‫تتســم باإللزاميــة والنهائيــة‪ ،‬عن اآلراء اإلستشــارية الــتي تتوصــل لهــا المحكمــة حــول تفســير المعاهــدة‬
‫والبروتوكوالت المحلقة بها‪ ،‬حيث تقتصر قيمتها على البعد األدبي فقط ‪ ،‬وتقوم المحكمة بتالوة كافة األ؛‬
‫كام القضائية‪ ،‬حيث يقوم رئيس المحكمة بتالوته علنا ً(‪.)456‬‬

‫تشير لغة األرقام الى أن المحكمة تتلقى سنويا ً ثالثون ألف شكوى حول إنتهاكات حقوق اإلنسان(‪.)457‬‬
‫فقد أصدرت المحكمة (‪ )837‬حكما ً منذ نشــاتها وحــتى عــام ‪1998‬م‪ .‬ونطقت بحكمهــا رقم (‪)10‬اآلف في‬
‫سبتمبر‪ /‬أيلول من عام ‪2008‬م‪ ،‬ووصل عدد الشكاوى المقدمة لتلك المحكمة حتى اآلن الى (‪ )100‬الــف‬
‫شكوى(‪.)458‬‬

‫‪ ) (452‬د‪ .‬هاني سليمان الطعيمات‪ ،‬حقوق اإلنسان وحرياته األساسية‪ ،‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪ ،‬عمّان‪ ،2001 ،‬ص ‪. 296‬‬
‫‪ ) (453‬د‪ .‬عبدالكريم علوان‪ ،‬حقوق اإلنسان والحريات العامة مقارنة بين النص والواقع‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 162‬‬
‫‪ ) (454‬القاضية‪ .‬وهيبه لو صادق‪ ،‬آليات مراقبة حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 34‬‬
‫‪ ) (455‬د‪ .‬عمر صدوق‪ ، ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .142‬ود‪.‬عبدالكريم علوان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 123‬‬
‫‪ ) (456‬د‪ .‬سامي جابر البلتاجي ‪ ،‬المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان‪ ،‬ص ‪. 2‬‬
‫الموقع‪www.eastaws.om :‬‬
‫‪ ) (457‬دافئة غرنقفول واسكندر الديك‪ ،‬مراجعة‪ :‬عبده جميل المخالفي‪ ،‬المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان‪ :‬شكاوى متراكمة وثقل سياسي لألحكام‬
‫الصادرة عنها "مقال منشر بتاريخ ‪ ،2010 /18/2‬الموقع‪:‬‬
‫‪http://www.dw-world.de/dw/articla/0,,5261869,00.html‬‬
‫‪ ) (458‬مارتن دورم وكالوس ديمان‪ ،‬المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان ــ ملجأ العدالة األخير دفاعا ً عن حقوق اإلنسان في أوروبا ‪ ،‬مقال منشور‬
‫بتاريخ ‪ 23/2/2009‬على الموقع‪:‬‬
‫‪.http://www.dw-world.de/dw/article/0,,4050724,00.html‬‬

‫‪267‬‬
‫مما سبق يدلل اإلقبال بتقديم الشكاوى للمحكمة‪ ،‬وتوسع اختصاصاتها‪ ،‬وسهولة اإلجراءات المطلوبة‬
‫للجوء لها‪ ،‬بعد التعديالت التي أحدثها البروتوكول الحادي عشر‪ ،‬خاصة وأن المحكمة باتت تشكل اآلليــة‬
‫الوحيدة للرقابة واإلشراف على تنفيذ أحكام اإلتفاقية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬التسوية والتوفيق‬

‫وفقا ً للــبروتوكول رقم (‪ )11‬الملحــق باإلتفاقيــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان للمحكمــة حــق النظــر في‬
‫الشكوى والقيام بإجراءات التوفيق بين الفرد والدولة المدعى عليها(‪ ،)459‬وقــد كــان هــذا الــدور تقــوم بــه‬
‫اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان قبل حلها‪ ،‬وباتت المحكمة هي التي تقوم بهذا الدور بعد التعديل‪ ،‬وتأتي‬
‫آلية التوصل لتسوية بين أطراف النزاع في المرتبة األولى لتنفيذ اإلتفاقيات بين الدول األطراف(‪ ،)460‬فقــد‬
‫أكدت المادة (‪ )39‬من البروتوكول في حال تم التوصل الى تســوية وديــة تقــوم المحكمـة بشــطب القضــية‬
‫من قائمة القضايا المنظورة أمامها‪.‬‬

‫وفي حالة عــدم إمكانيــة التوفيــق ترفــع الــدعوى تلقائيـا ً الى المحكمــة‪ ،‬مــع عــدم اشــتراط تبــني دولــة‬
‫للدعوى كما كان في السالف‪ .‬أما إذا تم التوصــل لتســوية‪ ،‬اليتم صــدور حكم معلـل من المحكمــة‪ ،‬فـالحكم‬
‫المعلل تصدره المحكمة في حال فشل التسوية والتوفيق‪.‬‬

‫رابعا ً‪ :‬التعويض‬

‫اليقتصر دور المحكمة على البت في وجود إنتهاك ألحكام اإلتفاقية من عدمه فقط‪ ،‬بـل الى جـوار ذلـك‬
‫لها ‪ ،‬ان تقرير منح التعــويض للطــرف المضــار إذا رأت محالً لــذلك(‪ .)461‬خاصــة وأنــه يــترتب عــادة على‬
‫اإلنتهاكات إلحاق الضرر بالضحية‪ ،‬ما يتطلب جبر الضرر بالتعويض‪.‬‬

‫أما من حيث متابعة تنفيذ قرارات المحكمة‪ ،‬فإن لجنة الــوزراء تتــولى مهمــة تنفيــذ األحكــام الصــادرة‬
‫عن المحكمة‪ ،‬حيث يرسل لها قرار المحكمة لتقوم باإلشراف على تنفيذ(‪.)462‬‬

‫وفيما يخص التزام الدول األطراف بقرارات المحكمة‪ ،‬فيوجد إلتزام واحــترام عاليــا بأحكامها(‪ ،)463‬مــا‬
‫يدلل على احترام الدول اإلوروبية لقــرارات المحكمــة األوروبيــة‪ ،‬بغض النظــر عن وجــود ســلطة جبريــة‬
‫تفرض تنفيذ األحكام‪.‬ـ وبالتالي فإن اإللتزام بقرارات المحكمــة وتنفيــذها من قبــل الــدول األوروبيــة يعكس‬
‫الوفاء الواضح إللتزاماتها التعاقدية‪ ،‬واحترامها الحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ ) (459‬د‪ .‬محمود شريف بسيوني‪ $،‬الوثائق الدولة المعنية بحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 51‬‬
‫‪ ) (460‬د‪ .‬محمد ا مين الميداني‪ ،‬دراسات في الحماية اإلقليمية لحقوق اإلنسان ‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مركز المعلومات والتأهيل لحقوق اإلنسان‪ ،‬اليمن‪،‬‬
‫‪ ،2006‬ص ‪. 228‬‬
‫‪ ) (461‬د‪ .‬سامي جابر البلتاجي‪ ،‬المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان‪ www/eastlaws/com ،‬ص ‪. 2‬‬
‫‪ ) (462‬نخبة من استاذة القانون‪ ،‬حقوق اإلنسان ـ أنوعه‪$$‬ا وط‪$‬رق حمايته‪$‬ا‪ $‬في القواني‪$$‬ني المحلي‪$‬ة والدولي‪$$‬ة‪ ،‬المكتب الع‪$‬ربي الح‪$‬ديث‪ ،‬اإلس‪$$‬كندرية‪،‬‬
‫‪ ،2005‬ص ‪ . 342‬و د‪.‬عمر صدوق ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ .142‬و د‪.‬نشأت عثمان الهاللي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪ .44‬و د‪.‬محمد غروري ‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪. 74‬‬
‫‪ ) (463‬د‪ .‬محمود شريف بسيوني‪ $،‬الوثائق الدولية المعنية بحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 51‬‬

‫‪268‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬آليات الحماية األمريكية لحقوق اإلنسان‬

‫تأسست منظمة الدول األمريكية في العــام ‪1948‬م‪ ،‬وهي من أقــدم المنظمــات اإلقلميــة‪ ،‬وتتــألف من (‬
‫‪ )53‬دولة(‪ .)464‬وأولت المنظمــة اإلهتمــام بحقــوق اإلنســان‪ ،‬وتــرجمت هــذا اإلهتمــام بإ‘تمــاد اإلتفاقيــة‬
‫األمريكية لحقوق اإلنسان في سان خوزيه عاصمة كوستاريكا في ‪ 3‬نوفمبر ‪1969‬م‪ ،‬ودخلت حيّز النفــاذ‬
‫في ‪ 18‬يوليو ‪1978‬م‪ ،‬وتمثل اإلتفاقية المرجعية القانونية لحماية حقوق اإلنســان في القــارة األمريكيــة‪،‬‬
‫حيث كـــان لإلتفاقيـــة األوروبيـــة لحقـــوق اإلنســـان أثارهـــا الكبـــيرة على الفكـــر القـــانوني في القاريـــة‬
‫األمريكية(‪ ،)465‬وهي شــبيهة باإلتفقايــة األوروربيــة لحقــوق اإلنســان وبمــا تحتويــه من حقــوق سياســية‬
‫ومدنيــة مكثفة(‪ .)466‬كمــا يوجــد تشــابه بينهــا وبين اإلتفاقيــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان‪ ،‬قبــل التعــديالت‬
‫األخيرة التي شاهدتها اآلليات األوروبية‪ ،‬وبصفة خاصة بالنسبة لألجرة الــتي أنشــأتها اإلتفاقيــة لضــمان‬
‫تطبيق نصوصها(‪ .)467‬فقــد أحتــوت اإلتفاقيــة في مضــمونها على (‪ )82‬مــادة أكــدت في مقــدمتها على أن‬
‫تحترم الدول الموقعة على اإلتفاقية على حماية الحرية الشخصية‪ ،‬وتحقيق العدالــة اإلجتماعيــة واحــترام‬
‫حقوق اإلنسان والمساواة أمام القانون‪.‬‬

‫كذلك أنشأت افتفاقية أجهزة حمايــة لللنظــر في القضــايا المتعلقــة بتنفيــذ تعهــدات الــدول األطــراف في‬
‫اإلتفاقية‪ ،‬وهي‪ :‬اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان‪ ،‬والمحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان(‪.)468‬‬

‫العنصر األول‪ :‬اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان‬

‫سنتناول في هذا العنصر اللجنـة األوروبيـة لحقـوق اإلنسـان في ثالثـة فقـرات‪ ،‬تعـالج الفقـرة األولى‪:‬‬
‫اختصاصات اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان‪ ،‬والفقرة الثانية‪ :‬آليات اللجنة األمريكيــة لحقــوق اإلنســان‪،‬‬
‫والفقرة الثالث‪ :‬تقييم آليات اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اختصاصات اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان‬

‫تشكلت اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان بقرار من وزارء الشــؤون الخارجيــة في اإلجتمــاع الخــامس‬
‫في العام ‪1959‬م في سنتاجو بتشيلي(‪ .)469‬ومن المالحظ أن تشكيل اللجنة سبق تاريخيا ً اعتمــاد االتفاقيــة‬
‫األمريكية لحقوق اإلنسان بقرابة عشــر ســنوات‪ .‬أمــا منظمــة الــدول األمريكيــة شــكلت اللجنــة بإعتبارهــا‬
‫جهازاً دائما ً من أجهزتها الرئيسية‪ ،‬وتشكيلها يعد ترجمة لما ورد في ميثاق المنظمة األمريكية‪ .‬فقد نص‬

‫‪ ) (464‬ليا ليفين ‪ ،‬حقوق اإلنسان أسئلة وأجوبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 120‬‬
‫‪ ) (465‬د‪ .‬محمد سليم محمد غزوي‪ ،‬الوجيز في أثر اإلتجاهات المعاصرة على حقوق اإلنسان‪ ،‬كلية الحقوق بالجامعة األردنية‪ ،1985 ،‬ص ‪ 74‬و‬
‫‪. 75‬‬
‫‪ ) (466‬د‪ .‬كامل السعيد وآخرون ‪ ،‬مبادئ القانون وحقوق اإلنسان‪ ،‬منشورات جامعة القدس المتفوحة ‪ ،‬عمان‪ ،2008 ،‬ص ‪. 191‬‬
‫‪ ) (467‬د‪ .‬عبدالواحد محمد الفار‪ ،‬حقوق اإلنسان في الفكر الوضعي والشريعة اإلسالمية‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة‪ ،1991 ،‬ص ‪ ،71‬و د‪.‬‬
‫محمود شريف بسيوني‪ ،‬الوثائق الدولية المعنية بحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪180‬‬
‫‪ ) (468‬د‪ .‬عيسى بيرم‪ ،‬حقوق اإلنسان والحريات العامة مقارنة بين النص والواقع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 208‬‬
‫‪ ) (469‬طالب شهاب الزوبعي‪ ،‬الحماية الدولية واإلقليمية في ضوء التغيرات الدولية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 114‬‬

‫‪269‬‬
‫ميثــاق المنظمــة على أن تكــون هنــا لجنــة مشــتركة لحقــوق اإلنســان مهمتهــا الرئيســية تشــجيع مراعــاة‬
‫وحماية حقوق اإلنسان‪ ،‬والعمل كهيئة إستشارية للمنظمة في هذا المسائل(‪.)470‬‬

‫ثم جاءت اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان لتعــاود النص والتأكــد عليهــا ‪ ،‬وعلى دورهــا بــالنظر في‬
‫القضايا المتعلقة بتنفيذ األطراف لإلتفاقية الى جوار المحكمــة األوروبيــة لحقــوق اإلنســان(‪ .)471‬ومن هنــا‬
‫تعتبر اللجنة إحدى أهم هيئات المنظمة‪ ،‬هذا باإلضافة لكونها هيئة من هيئات اإلتفاقية األمريكية لحقــوق‬
‫اإلنسان‪ .‬وتتخذ اللجنة من واشطن دي سي مقراً لها‪ ،‬مع جواز عقد اجتماعها في إقليم أي دولة أمريكية‬
‫عندما تقرر ذلك باألغلبية المطلقة لألصوات وبموافقة أو بناء على دعوة من الحكومةـ المعنية(‪.)472‬‬

‫تتكون اللجنـة من ســبعة أعضــاء‪ ،‬يتمتعــون بصــفات خلقيـة عاليــة ومشـهود لهم بالكفــاءة في ميـدان‬
‫حقوق اإلنسان(‪ .)473‬وهذا يعني أن عدد اللجنة ثابت بصرف النظــر عن عــدد الــدول األمريكيــة ‪ ،‬حيث يتم‬
‫اتخابهم من قبل الجمعية العامة للمنظمة بصفتهم الشخصية من قائمة بأســماء المرشــحين المقترحــة من‬
‫حكومات الدول األعضاء‪ .‬لكل حكومه أن ترشح ثالثـة أشـخاص كحـد أقصـى ‪ ،‬يكونـون من مواطنيهـا او‬
‫من دول أخرى اعضاء في المنظمــة‪ ،‬ويجب أن يكــون أحــد مرشــحي الدولــة على األقــل من دول أخــرى‪،‬‬
‫وذلــك وفقـا ً للمــادة (‪ .)36‬كمــا حــدد اإلتفاقيــة الواليــة الزمنيــة ألعضــاء اللجنــة بــأربع ســنوات‪ ،‬ويجــوز‬
‫انتخابهم مرة أخرى ‪،‬إضافة إلى أن االتفاقي ة ح ددت االختصاص ات المس ندة والممنوح ة للجن ة من خالل‬
‫الفقرة األولى من هذه الدراسة‪ ،‬ثم في فقرة ثانية تطرقت إلى اليات عمل هذه اللجنة‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اختصاصات اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان‬

‫أما من حيث الـــدور واإلختصاصـــات تمثـــل اللجنـــة األمريكيـــة لحقـــوق اإلنســـان "القلب اإلجـــرائي‬
‫للنظام"(‪ .)474‬وتعتبر الوظيفةـ األساسية للجنة تعزيز احترام حقوق اإلنسان والدفاع عنها‪ ،‬وتولت المادة‬
‫(‪ )41‬من اإلتفاقية تحديد تفصيلها على النحو التالي‪:‬‬

‫أ‪ .‬أن تنمي الوعي بحقوق اإلنسان لدى شعوب القارة األمريكية‪.‬‬

‫ب‪ .‬أن تتقدم بتوصيات إلتخاذ إجراءات تدريجية لمصلحة حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫ج‪ .‬إعداد الدرسات والتقارير التي تراها مناسبة ألداء مهامها‪.‬‬

‫د‪ .‬أن تطلب الى الــدول األعضــاء تزويــدها بمعلومــات عن اإلجــراءات الــتي اتخــذتها بمســائل‬
‫حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪ ) (470‬المادة (‪ )106‬من ميثاق منظمة تادول األمريكية المبرم في بوجوتا‪ $‬في ‪ 30‬ابريل ‪ ،1948‬وبدأ العمل به في‪13/12/1951‬م‪.‬‬
‫‪ ) (471‬المادة (‪ )33‬من اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ ) (472‬المادة (‪ )16‬من النظام األساسي للجنة األمريكية لحقوق اإلنسان المقر في العام ‪1980‬م‪.‬‬
‫‪ ) (473‬المادة (‪ )34‬من اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ ) (474‬جاك دونللي‪ ،‬حقوق اإلنسان العالمية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 259‬‬

‫‪270‬‬
‫هـ‪ .‬إجابة عن استيضاحات الدول عبر األمانة العامة للمنظمة‪ ،‬حول مســائل حقــوق اإلنســان‪،‬‬
‫وتزويد الدول بخدمات استشارية‪.‬‬

‫و‪ .‬إتخاذ العمل المناسب بشأن العراض والتبليغات‪.‬‬

‫ز‪ .‬رفع تقرير سنوي الى الجمعية العامة لمنظمة الدول األمريكية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان‬

‫تمارس اللجنة األمريكية اختصاصاتها في اإلشراف والرقابة على أحكــام اإلتفاقيــة‪ ،‬من خالل اآلليــات‬
‫التالي ذكرها‪:‬‬

‫‪ .1‬استقبال الشكاوى من الدول‬

‫تستقبل اللجنة الشكاوى من الدول بشكل مباشر‪ ،‬بخالف ما هو معمول به في اللجنــة األوروبيــة الــتي‬
‫كانت التسقبل الشكاوى بشكل مباشر‪ ،‬بل كانت ترفع الشكاوى الى األمين العام لمجلس أوروبــا‪ ،‬وبــدوره‬
‫يحولها للجنة‪.‬‬

‫وقد اشترطت اإلتفاقية في الشـكاوى المقدمـة من الـدول وفقـا ً للمـادة (‪/ 45‬ـ ‪ )2‬أن تكـون الدولـة قـد‬
‫أصدرت إعالن بإعترافها بإختصاص اللجنة(‪.)475‬‬

‫‪ .2‬شكاوى األفراد‬

‫تم تكليف اللجنة بنظر الشكاوي الفرديــة في عــام ‪1966‬م‪ ،‬وبالتــالي هي‪ :‬أول هيئــة دوليــة تنظــر في‬
‫الشكاوي الفردية بدون وجود معاهدة خاصة بحقوق اإلنسان تعترف بإختصاصها(‪.)476‬‬

‫ثم جاءت اإلتفاقية لتؤكد هذه اآللية‪ ،‬فقد نصت اإلتفاقية على أنه يحق لكل فرد أو جماعة أو أية هيئــة‬
‫غير معترف بها ال قانونا ً في دولة أو أكثر من الدول األعضاء تتضمن شجبا ً أو شكاوى ضــد خــرق لهــذه‬
‫اإلتفاقية من دولة طرف(‪ .)477‬ويستطيع الفرد أن يتقدم بشكواه مباشرة للجنــة‪ ،‬وهــذا النجــد لــه نظــير في‬
‫أي إتفاقية دولة أخرى لحماية حقوق اإلنسان(‪ .)478‬كمــا أن ممارســة حــق التقــدم بشــكوى ضــد أي دولــة‬
‫يشترط أن تكون الدولة قد وقعت على اإلنضام لإلتفاقية دون الحاجة لتصريحها أو اعترافهــا بإختصــاص‬

‫‪ ) (475‬جاء في المادة (‪ )45‬من اإلتفاقية‪ :‬أن التبليغات المقدمة عمالً بهذه المادة التقبل‪ $‬والتدريس‪ $‬إال إذا قدمتها دولة طرف كانت قد أعلنت أنها‬
‫تعترف بإختصاص اللجنة المذكور أعاله ‪ ،‬والتقبل اللجنة أي تبليغ ضد أي دولة طرف لم تصدر ذلك اإلعالن‪.‬‬
‫‪ ) (476‬جوليا روسي‪ ،‬النظام األمريكي لحماية حقوق اإلنسان والحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية‪،‬‬
‫‪ http;//www1.umn.edu/humanrtc/arab/M30.pdf‬ص ‪. 560‬‬
‫‪ ) (477‬المادة (‪ )44‬من اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان‬
‫‪ ) (478‬القاضية وهبه لو صادق‪ ،‬آليات مراقبة حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 37‬‬

‫‪271‬‬
‫اللجنة بنظر الشكوى‪ ،‬ولهذا تعتبر هذه اآللية أكثر تطوراً وتقدما ً عن باقي اآلليات الــتي جــاءت مصــاحبة‬
‫لإلتفاقيات الدولية اإلقليمية األخرى‪.‬‬

‫الجــدير ذكــره‪ ،‬أن نطــاق اختصــاص اللجنــة أوســع من اختصــاص اللجنــة األوروبيــة من حيث نطــاق‬
‫انطباقها ‪ ،‬حيث كان يقتصر اختصاص اللجنة األوروبية على الدول األطراف فقط‪ ،‬أمــا اللجنــة األمريكيــة‬
‫يتجاوز اختصاصــها الــدول المنظمــة الى اإلتفاقيــة األمريكيــة والــتي لم تنظم الى اإلتفاقية(‪ .)479‬كمــا تقــوم‬
‫اللجنة بتحويل شكاوي األفراد الذين يعتقدون أن حقوقهم أنتهكت الى المحكمـةـ األمريكيــة ‪ ،‬خاصــة وأنــه‬
‫اليجــوز لإلفــراد التوجــه للمحكمــة مباشــرة‪ ،‬بــل يجب عليهم أن يحيلــوا قضــاياهم أوالً الى اللجنة(‪.)480‬‬
‫ولتسهيل تقدم الشكوى قامت اللجنة بإعداد اســتمارة مبســطة التتطلب معاونــة محــام‪ ،‬دون اإلخالل بحــق‬
‫الشكي في توكيل محام(‪.)481‬‬

‫‪ .3‬التسوية والتوفيق‬

‫جاء في المادة (‪/ 48‬و) من اإلتفاقية تضــع اللجنــة نفســها تحت تصــرف الفرقــاء بهــدف التوصــل الى‬
‫تسوية ودية للقضية على أساس احترام حقوق اإلنسان المعترف بها في هذه اإلتفاقية‪.‬‬

‫‪ .4‬التحقيق‬

‫لقد نصت المادة (‪ /48‬د) على أنه يمكن للجنة أن تجري تحقيقا ً إذا رأت ذلك ضــروريا ً ومستصــوبا ً ‪،‬‬
‫من أجل فعالية إجراء التحقيق تطلب اللجنة كل التسهيالت الضرورية فتوفرها لها الدولة المعنية‪.‬‬

‫‪ .5‬الدول غير األطراف‬

‫تمت صــالحيات وإختصاصــات اللجنــة للــدول األعضــاء في المنظمــة األمريكيــة‪ ،‬وليســت أطــرافً في‬
‫اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان في اإلتفاقية‪ ،‬وفقا ً للمادة (‪.)20‬‬

‫أ‪ .‬لفت اإلنتباه الى مراقبة حقوق اإلنسان المشــار إليهـا في المـواد (‪،)1‬ـ (‪،)2‬ـ (‪،)3‬ـ (‪،)4‬ـ (‬
‫‪،)18‬ـ (‪ )25‬و (‪ )26‬من اإلعالن األمريكي لحقوق وواجبات اإلنسان‪ ،‬فحص التبليغــات المقدمــة‬
‫وأي معلومات أخرى متاحة‪ ،‬ومخاطبـة حكومـة أي دولـة عضــو وليسـت طرفـا ً في اإلتفاقيـة من‬
‫اجل الحصول على المعلومات التي ترى أنها تتعلــق بهــذه اإلتفاقيــة ‪ ،‬وعمــل التوصــيات بشــأنها‬
‫عنما ترى ذلك مناسباً‪.‬‬
‫‪ ) (479‬د‪ .‬نظام عساف ‪ ،‬مدخل الى حقوق اإلنسان في الوثائق الدولية واإلقليمية واألردنية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 187‬‬
‫‪ ) (480‬سونيال ابيسيكيرا وآخرون‪ ،‬المطالبة بالحقوق مطالبة بالعدالة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.112‬‬
‫‪ ) (481‬جولييتا‪ $‬روسي‪ ،‬النظام األمريكي‪ $‬لحماية حقوق اإلنسان والحقوق اإلقتصادية والثقافية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.561‬‬

‫‪272‬‬
‫ب ‪ .‬التحقق كشرط مسبق لمباشرة الصالحيات الممنوحة بموجب الفقرة (ب) أعاله‪.‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬المحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان‬

‫لقد نصت اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان على تشكيل المحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان‪ ،‬ونظمت‬
‫اإلتفاقيــة األحكــام الخاصــة بالمحكمــة من المــواد (‪ 54‬ــ ‪ ،)69‬وتم إنشــاء المحكمــة األمريكيــة لحقــوق‬
‫اإلنسان عام ‪1979‬م‪ ،‬ومقرها في سن جوسيه بكوســتريكا‪ .‬كمــا يجــوز للمحكمــة أن تنعقــد في أي دولــة‬
‫عضو بمنظمة الدول األمريكية‪ ،‬عندما ترى أغلبية أضــعاء المحكمــة ذلــك‪ ،‬وبموافقــة مســبقة من الدولــة‬
‫المعنية(‪ ،)482‬وقد تم إعتماد النظام األساسي للمحكمة في سنة ‪1980‬م‪.‬‬

‫وفي هذا العنصر سنتعرض للمحكمــة األمريكيــة لحقــوق اإلنســان في ثالث فقــرات‪ ،‬حيث تتنــاول‬
‫الفقرة األولى‪ :‬قــوام واختصاصــات المحكمــة األمريكيــة لحقــوق اإلنســان‪ ،‬فيمــا تتعــرض الفقــرة الثانيــة‪:‬‬
‫آلليات المحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان‪ ،‬والفقرة الثالثة‪ :‬لتقييم آليات المحكمة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إختصاصات المحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان‬

‫تتكون المحكمة من سبعة قضاة ‪ ،‬من مواطني الدول األعضاء‪ ،‬ويتم نتخابهم بشكل فردي بين القضاة‬
‫ذوي المكانة األخالقية العاليـة وذوي اإلختصـاص المعـترف بـه في مجـال حقـوق اإلنسـان‪ ،‬واليجـوز أن‬
‫يكون أثنان من القضاة من مواطني نفس الدولة‪ ،‬وذلك وفقـا ً للمــادة (‪ )4‬من النظــام األساســي للمحكمــة‪.‬‬
‫ويتم ويتم إنتخاب القضاة من الدول األطراف في اإلتفاقية‪ ،‬من بين قائمة السماء الذين ترشحهم الــدول‪،‬‬
‫ويجوز لكل دولة أن ترشح ثالثة أشخاص من مواطنيها أو من مواطني ولة أخــرى عضــو في اإلتفاقيــة‪،‬‬
‫على أن يكون واحد منهم على األقل مواطنا ً لدولة أخرى يخالف الدولــة المرشــحة ‪ ،‬حســب المــادة (‪.)7‬‬
‫ويتم إجراء عملية اإلنتخابات باإلقتراع السري‪.‬‬

‫ومن الواضح ان المحكمة تمثل هيئــة قضــائية مســتقلة‪ ،‬فرضــها تطــبيق وتفســير اإلتفاقيــة األمريكيــة‬
‫لحقوق اإلنسان(‪ .)483‬كما تقوم المحكمة بإنتخاب رئيسا ً ونائبـا ً للـرئيس من بين أعضــائها‪ ،‬ويعمالن لمــدة‬
‫سنتين‪ ،‬ويجوز إعادة إنتخابهم لمرة واحدة(‪.)484‬‬

‫‪ ) (482‬المادة (‪ )52‬من اإلتفاقية لحقوق اإلنسان‪ ،‬والمادة (‪ )1/ 3‬من النظام األساسي للمحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان لعام ‪.1980‬‬
‫‪ ) (483‬نخبة من أساتذة القانون‪ ،‬حقوق اإلنسان ــ أنواعها وطرق حمايتها في القوانين المحلية والدولية‪ ،‬مرجع سبق‪ ،‬ص ‪. 349‬‬
‫‪ ) (484‬المادة (‪ )1 /12‬من النظام األساسي للمحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪273‬‬
‫أما من حيث مهامها ودورها في مجال حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬فهي تمثــل اآلليــة الثانيــة في اإلشــراف‬
‫والرقابة على اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان‪ ،‬الى جوار اللجنــة األمريكيــة ســالفة الــذكر‪ ،‬وللمحكمــة‬
‫وظيفتان أساسيتان وهما‪ :‬استشارية وقضائية(‪.)485‬‬

‫وحول اختصاصها القضائي‪ ،‬تنظر في القضايا المرفوعة لهــا من الــدول األعضــاء واللجنــة المريكيــة‬
‫لحقوق اإلنسانز أما بخصوص اختصاصها اإلستشاري‪ ،‬فيشمل تفسير أحكام اإلتفاقية األمريكيــة لحقــوق‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫تصدر المحكمة في القضايا المنظور أمامها قرارات ملزمة(‪ .)486‬وهي أيضا ً نهائية وغير قابلة للطعن‪،‬‬
‫وفقا ً للمادة (‪ )67‬من اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫في حال عدم اإللتزم من الدولة المعنيــة‪ ،‬فإنــه طبقـا ً للممــادة (‪ )25‬من اإلتفاقيــة األمريكيــة‪ ،‬يتم إبالغ‬
‫منظمة الـدول األمريكيـة عن الـدول الـتي لم تلـتزم‪ ،‬ويمكن للجمعيـة العامـة مناقشـة الموضـوع‪ ،‬وإتخـاذ‬
‫الخطوات واإلجراءات السياسية المالئمة لحمل الدول على اإللتزام‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات المحكمة األمريكية في حماية حقوق اإلنسان‬

‫تعتمد المحكمة األمريكية في القيام بدورها الرقابي واإلشرافي في مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬على اآلليات‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬الشكاوى المقدمة من الدول‬

‫تختص المحكمة بنظر الــدعاوى المرفوعــة أمامهــا من قبــل الــدول األطــراف واللجنــة فقــط‪ ،‬والينعقــد‬
‫اختصاص المحكمةـ للنظر في الشكاوى ضد أي دولة بمجرد توقيعها على اإلتفاقية‪.‬‬

‫كما يشترط الى جوار التوقيع‪ ،‬اإلعالن من قبل الدول باإلختصــاص الملزمــة للمحكمــة‪ ،‬وفقـا ً للمــادة (‬
‫‪ )62‬من اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان‪ .‬فإختصاص المحكمة القضائي إختياري للدول‪ ،‬فــإذا لم تعلن‬
‫الدولة عن قبولها إلختصاص المحكمة‪ ،‬فلن يكون لها ذلك اإلختصاص(‪.)487‬‬

‫‪ .2‬الشكاوى المقدمة من األفراد‬


‫‪ ) (485‬سونيال ابيسيكيرا وأخرون‪ ،‬المطالبة بالحقوق مطالبة بالعدالة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ، .112‬وشهاب طالب الزوبعي‪ ،‬الحماية الدولية واإلقليمية‬
‫لحقوق اإلنسان في ضوء التغيرات الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 126‬‬
‫‪ ) (486‬جاك دونللي‪ ،‬حقوق اإلنسان العالمية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 256‬‬
‫‪ ) (487‬القاضية وهيبه لو صاق‪ ،‬آليات مراقبة حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 39‬‬

‫‪274‬‬
‫ليس لألفراد التوجه مباشرة للمحكمــة‪ ،‬بــل ترفــع قضــاياهم عــبر اللجنــة األمريكيــة لحقــوق اإلنســان‪،‬‬
‫فالمحكمــة تمثــل مالذاً أخــيراً‪ ،‬اليتم اللجــوء إليهــا إال بعــد أن تخفــق اللجنــة في تســوية القضــية بطريقــة‬
‫ودية(‪.)488‬‬

‫وفي حال تحقق المحكمةـ من وقوع إنتهاكات ســواء قــدمت الشــكوى من أحــد الــدول األعضــاء أو من‬
‫اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان‪ ،‬تحكمـ بإعادة الوضع الى مــا كــان عليــه‪ ،‬وذلــك بإصــالح الضــرر ودفــع‬
‫تعويض عادل للمضرور(‪.)489‬‬

‫‪ .3‬اإلختصاص اإلستشاري‬

‫جاء في نص المادة (‪ )24‬يمكن للدول األعضاء في المنظمة إستشارة المحكمة بشأن تفسير اإلتفاقيــة‬
‫أو أية معاهات أخرى تتعلق بحماية حقوق اإلنسان في الدول األمريكية‪ ،‬وبنا ًء على ذلك للمحكمة إصــدار‬
‫آراء إستشراية بنا ًءا على طلب الدول األعضاء(‪.)490‬‬

‫فالدور اإلستشـاري للمحكمـة األمريكيـة‪ ،‬أوسـع من دور المحكمـةـ األوروبيـة‪ ،‬كونـه يشـمل اإلتفاقيـة‬
‫األمريكية‪ ،‬وأية معلومات أخرى تتعلق بحقوق اإلنسان ‪ ،‬في حين ينحصر دور المحكمة األوروبية بإبداء‬
‫الرأي حول تفسير اإلتفاقية األوروبة والبروتوكوالت الملحقة بها‪ .‬كما تزود المحكمة أي دولة عضــو في‬
‫منظمــة الــدول األمريكيــة ـــ بنــا ًءا على طلبهــا ـــ بــآراء حــول مــدى إنســجام قوانينهــا الداخليــة مــع تلــك‬
‫المعاهدات(‪.)491‬‬

‫ان اآلراء اإلستشارية للمحكمة غير ملزمة‪ ،‬وهذا أحد جوانب اإلختالف بينها وبين األحكامـ القضائية‪،‬‬
‫إال أن مطالبة الدول آلراء إستشارية حول مدى إنسجام قوانينها الداخليــة مــع اإلتفاقيــة األمريكيــة لحق ـ ٌو‬
‫اإلنسان‪ ،‬يعطي الفرصـة للمحكمـة لممارسـة نوعـا ً من الرقابـة الدوليـة على التشـريعات الداخليـة للـدول‬
‫األعضاء في اإلتفاقية(‪ . )492‬كما أن اآلراء اإلستشارية للمحكمة تسهم في تطوير متجانس لحقوق اإلنسان‬
‫في األنظمة الداخلية للدول األعضاء(‪.)493‬‬

‫‪ .4‬التعويض‬

‫اليقتصر دور المحكمــة عنــد نظرهــا الشــكوى على الحكم بوجــود إنتهــاك لحقــوق اإلنســان من عدمــه‬
‫وحسب‪ ،‬بل أسست للحق في تلقي التعويضات أيضاً‪ ،‬فلهــا أن تحكم بوجــوب إصــالح اإلجــراء أو الوضــع‬
‫‪ ) (488‬سونيال ابيسيكيرا وأخرون‪ ،‬المطالبة بالحقوق المطالبة بالعدالة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 115‬‬
‫‪ ) (489‬نخبة من أساتذة القانون‪ ،‬حقوق اإلنسان ــ أنواعها وطرق حمايتها في القوانين المحلية والدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 350‬‬
‫‪ ) (490‬جاك دونللي‪ ،‬حقوق اإلنسان العالمية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 259‬‬
‫‪ ) (491‬د‪ .‬محمد شريف بسيوني‪ ،‬الوثائق الدولية المعنية بحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 187‬‬
‫‪ ) (492‬د‪ .‬عمر صدوق‪ ،‬محاضرات في القانون الدولي العام‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 147‬‬
‫‪ ) (493‬د‪.‬هاني سليمان الطعيمات‪ ، $‬حقوق اإلنسان وحرياته األساسية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 399‬‬

‫‪275‬‬
‫الذي شكل إنتهاكا ً لهــذه الحقــوق ودفــع تعــويض عــادل للمتضــرر(‪ .)494‬واليقتصــر الحــق في التعويضــات‬
‫المالية مقابل األشرار المادية والمعنوية‪ ،‬وإنما يشمل كذلك الحق في إجراء الدولــة للتحقيــق والمحاكمــة‬
‫ومعاقبة المسؤولين عن اإلنهاك(‪.)495‬‬

‫رابعا ً‪ :‬التدابير المؤقته‬

‫في الحــاالت ذات الخطــورة واإللحــاح الشــديدين ‪ ،‬وحين يكــون ضــرورويا ً تجنب إصــابة األشــخاص‬
‫بضرر اليمكن إصالحه‪ ،‬من الصعوبة بمكان اإلنتظار لحين صدور قرار المحمة‪ ،‬وذلك خشـية إطالـة مــدة‬
‫اإلنتهاكات الخطرة على الضحية‪ ،‬وبهدف توفير الحماية العاجلة للضحايا‪ ،‬ووفقا ً للمادة (‪ )2 /63‬أعطيت‬
‫الصالحية للمحكمة بأن تتخذ التدابير المؤقتة التي تراها مالئمة في القضايا التي هي قيد النظر‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬‬

‫آليات الحماية اإلفريقية والعربية لحقوق اإلنسان‬

‫ينقسم هذا المطلب الى فرعين ‪ ،‬األول منه يتناول آليات الحماية األفريقية لحقوق اإلنســان‪ ،‬في حين‬
‫أن الفرع الثاني منه يتطرق إلى آليات الحماية العربية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬آأليات الحماية اإلفريقية لحقوق اإلنسان‬

‫‪ ) (494‬المادة (‪ )63‬من اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان‪.‬‬


‫‪ ) (495‬لييا ليفين ‪ ،‬حقوق اإلنسان أسئلة وأجوبه‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 122‬‬

‫‪276‬‬
‫تم توقيــع ميثــاق منظمــة الــدول اإلفريقيــة في العاصــمة اإلثيوبيــة أديس أبابــا في العــام ‪.)496(1963‬‬
‫وبموجبه أكدت الدول المنظمة إليه على إلتزامها بالمبادئ الــتي جــاء في مضــمون ميثــاق األمم المتحــدة‬
‫واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والشعوب‪ ،‬رغم تأكيد ميثاق الدول اإلفريقيــة على حقــوق اإلنســان‪ ،‬إال‬
‫أن هذا لم يكن كافيا ً وتطلب الى إتخاذ خطوات أخرى وذلك لتأطير حقــوق اإلنســان وحمايتهــا في القــارة‬
‫األفريقية‪ .‬لكن هذه الخطوات تأخرت كثيراً ‪ ،‬وربما يعود ذلك لطبيعة الظروف الــتي مــرت بهــا القــارة من‬
‫ناحية‪ ،‬وتمسك األنظمة في هذه الدول بمفهوم السيادة التقليدي من ناحية أخــرى‪ ،‬وبحلــول عــام ‪2009‬م‬
‫صادق على الميثاق كافة دول اإلتحاد اإلفريقي(‪.)497‬‬

‫يمتاز الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان بالتركيز على الحقــوق الجماعيــة أو حقــوق الشــعوب مقارنــة‬
‫باإلتفاقيات األخرى اإلقليمية‪ ،‬والتي عالجها الميثــاق في المــواد من (‪ 19‬ــ ‪ ، )24‬عــدا عن تركــيزه على‬
‫الحقوق‪ ،‬التي تضمنها اإلعالن والعهدين‪.‬‬

‫بموجب الميثاق تشكلت اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان كأحد اآلليات للرقابة واإلشــراف على تطــبيق‬
‫الميثاق‪ ،‬وفي تطور الحق تبنت دول اإلتحــاد اإلفــريقي الــبروتوكول الملحــق بالميثــاق في العــام ‪1998‬م‪،‬‬
‫والخاص بإنشاء المحكمة اإلفريقية لحقوق اإلنسـان والــتي مثلت اآلليـة الثانيــة لإلشــراف والرقابـة على‬
‫اإلتفاقية‪.‬‬

‫العنصر األول‪ :‬اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان‬

‫ســنتناول اللجنــة اإلفريقيــة لحقــوق اإلنســان والشــعوب في ثالث فقــرات‪ ،‬تســتعترض الفقــرة األولى‬
‫إلختصاصات اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب‪ ،‬والفقرة الثانية آلليات اللجنة اإلفريقية لحقــوق‬
‫اإلنسان والشعوب‪ ،‬أما الفقرة الثالثة لتقييم آليات اللجنة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إختصاصات اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب‬

‫‪ ) (496‬في العام ‪2000‬م تم اعتماد المرسوم الدستوري لإلتحاد األفريقي في سرت ‪1999‬م ‪ ،‬وقد دخل هذا المرسوم حيّز النفاد في ‪ 26‬مايو‬
‫‪2001‬م ‪ ،‬معلنا ً إنشاء اإلتحاد األفريقي الذي حل محل منظمة الوحدة األفريقية‪.‬‬
‫‪ ) (497‬ليا ليفين‪ ،‬حقوق اإلنسان ــ أسئلة وأجوبه‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 117‬‬

‫‪277‬‬
‫لقد تشكلت اللجنة اإلفريقية لحقوق افنسان والشــعوب بمــوجب المــادة (‪ )30‬من الميثــاق(‪ .)498‬وتتخــذ‬
‫اللجنة من بنجول في غامبيا مقراً لها‪ .‬تعقد جلستان ســنويتان‪ ،‬ليس في مقرهــا وحســب ‪ ،‬فلهــا أيضـا ً أن‬
‫تعقد اجمتاعاتها في أي دولة إفريقية أخرى‪ ،‬حتى يصبح عمل اللجنة معروفا ً على نطاق واسع(‪.)499‬‬

‫تتكون اللجنة من غحدى عشر عضواً يتم إختيارهم من بين الشخصــيات اإلفرييــة الــتي تتحلى بــأعلى‬
‫قدر من اإلحترام ومشهود لها بسمو األخالق والنزاهة والحيدة‪ ،‬وتتمع بالكفاءة في مجال حقوق اإلنسان‬
‫والشعوب مع ضــرورة اإلهتمــام بإشــتراك األشــخاص ذوي الخــبرة في مجــال القــانون‪ ،‬ويــزاول أعضــاء‬
‫اللجنة مهامهم بصفتهم الشخصية‪ ،‬وفقا ً للمادة (‪ )31‬من الميثاق‪.‬‬

‫يتم إنتخاب أعضاء اللجنة من مؤتمر رؤساء الدول والحكومات عن طريــق اإلقــتراع الســري من بين‬
‫قائمة مرشحين من قبل الدول األطراف في هذا الميثاق عن ترشح أكــثر من شخصــين‪ ،‬وينبغي أن يكــون‬
‫المرشحون من رعايا الدول األطراف في هذا الميثاق‪ .‬حينما تتقدم إحدى الدول بمرشحين أثــنين يجب أن‬
‫يكون أحدهما من غير مواطنيها حسب المادة (‪ ،)34‬ويتولى األمين العام لإلتحــاد اإلفــريقي‪ ،‬تعــيين أمين‬
‫اللجنة وطاقم من العاملين لتمكينها من القيام بمهامها(‪.)500‬‬

‫وتبلغ الوالية الزمنية ألعضاء اللجنة ست سنوات قابلــة للتجديــد وفقـا ً للمــادة (‪ ،)37‬مــع عــدم جــواز‬
‫وجود عضوين في اللجنة من دولة واحدة‪.‬‬

‫أما من حيث إختصاصات اللجنة وصالحياتها‪ ،‬فقبل إنشاء المحكمة اإلفريقية لحقوق اإلنسان‪ ،‬أسندت‬
‫للجنة حماية الحقوق المدرجــة في الميثــاق حصــريا(‪ .)501‬ومن هــذا المنطلــق كــانت اللجنــة ســابقا ً بمثابــة‬
‫"الجهاز األساسي والوحيد إلنقاذ الميثاق اإلفــريقي لحقــوق اإلنســان"(‪ .)502‬وقــد تــولت المــادة (‪ )45‬من‬
‫الميثاق‪ ،‬بتحديد مهام واختصاصات اللجنة بالتالي‪:‬‬

‫‪ .1‬النهوض بحقوق اإلنسان والشعوب‬

‫أ‪ .‬تجميع الوثائق وإجراءات الدراسـات والبحـوث حـول المشـاكل اإلفريقيـة في مجـال حقـوق‬
‫اإلنسان والشعوب وتنظيم الندوات والحلقات الدراسية والمـؤتمرات ونشـر المعلومــات وتشــجيع‬
‫المؤسسات الوطنية والشعوب وتقديم المشورة ورفع التوصيات الى الحكومات عند الضرورة‪.‬‬

‫‪ ) (498‬جاء في المادة (‪ ) 30‬من الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان‪ :‬تنشأ في إطار منظمة الوحدة األفريقية لجنة أفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب‬
‫يشار إليها فيما يلي باسم "اللجنة " وذلك من اجل النهوض بحقوق اإلنسان والشعوب في ألشعوب في أفريقيا وحمايتها‪.‬‬
‫‪ ) (499‬ليا ليفين‪ ،‬حقوق اإلنسان ـ أسئلة وأجوبه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 118‬‬
‫‪ ) (500‬فيليسموركا‪ $،‬النظام األفريقي لحماية حقوق اإلنسان والحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية‪:‬‬
‫‪http://www1/umn/edu/humanrts/arab/M28.pdf‬‬
‫‪ ) (501‬سونيال ابيسيكيرا واخرون ‪ ،‬المطالبة بالحقوق مطالبة بالعدالة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬س ‪. 113‬‬
‫‪ ) (502‬د‪ .‬مصطفى عبدالغفار‪ ،‬ضمانات حقوق اإلنسان على المستوى اإلقليمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 62‬‬

‫‪278‬‬
‫ب‪ .‬صياغة ووضع المبادئ والقواعد التي تهدف الى حل المشاكل القانونية المتعلقــة بــالتمتع‬
‫بحقوق اإلنسان والشعوب والحريات األساسية لكي تكون أساسا ً لســن النصـوص التشــريعية من‬
‫قبل الحكومات اإلفريقية‪.‬‬

‫ج‪ .‬التعاون مـع ســائر المؤسســات اإلفريقيــة أو الدوليــة المعنيــة بــالنهوض بحقــوق اإلنســان‬
‫والشعوب وحمايتها‪.‬‬

‫‪ .2‬ضمان حماية حقوق اإلنسان والشعوب طبقا ً للشروط الواردة في هذا الميثاق‪.‬‬

‫تفسير كافة األحكامـ الواردة في هذا الميثاق‪ ،‬بنا ًء على طلب دولة طــرف أو إحــدى مؤسســات‬
‫منظمة الوحدة اإلفريقية أو منظمة تعترف بها منظمة الوحدة اإلفريقية‪.‬‬

‫‪ .3‬القيام بأي مهام أخرى قد يوكلها إليها مؤتمر رؤساء الدول والحكومةـ‬

‫تشرف اللجنة على نظام التحقيقــات والتقــارير الدوريــة للنشــاط في ميــدان حقــوق اإلنســان ‪،‬‬
‫ودراسة التقارير الدولية للدول(‪.)503‬‬

‫وقد أكســبت الفقــرة الرابعــة من المــادة الخامســة واألربعــون ســالفة الــذكر‪ ،‬المرونــة والســعة لمهــام‬
‫اللجنة ‪ ،‬حيث يمتلك مؤتمر رؤساء الدول األعضاء‪ ،‬بتوسيع مهام اللجنة‪ ،‬عــبر مــا يتخــذخ من قــرارات‪،‬‬
‫تتضمن تكليفات لها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب‬

‫تقوم اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب‪ ،‬بدورها الرقــابي واإلشــرافي على الميثــاق اإلفــريقي‬
‫لحقوق اإلنسان ‪ ،‬وذلك عبر اآلليات التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬تلقي ودراسة التقارير من الدول‬

‫تتلقى اللجنة التقارير من الــدول األعضــاء‪ ،‬وتقــوم بدراســاتها في اجتماعاتهــا الدوريــة‪ ،‬حيث تجتمــع‬
‫مرتين سنويا ً لمدة خمسة عشر يــوم خالل ابريــل‪ ،‬مــايو‪ ،‬أكتــوبر ونوفمــبر (‪ .)504‬رغم أن الميثــاق الينص‬

‫‪ ) (503‬خليفه بوزبره‪ ،‬دور المنظمات‪ $‬غير الحكومية لحقوق اإلنسان حسب أعضاء المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية العلوم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2006 ،‬ص ‪. 62‬‬
‫‪ ) (504‬ميثاق اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪279‬‬
‫على إجــراء صــريح في دراســة التقــارير من اللجنــة‪ ،‬إال أنهــا من الناحيــة الواعيــة قــامت بدراســة هــذه‬
‫التقارير في جلسات عامة(‪.)505‬‬

‫من حيث إلتزام الدول بتقديم التقارير للجنة‪ ،‬فالتجربة تؤكد على محدودية وهامشية هذا الــتزام‪ ،‬حيث‬
‫لم تتقدم أقلية من الدول بتقاير للجنة(‪ ،)506‬بينما الكثير من الدول األطراف الزالت ماضية في عـدم الوفـاء‬
‫بإلتزاماتها برفع التقارير للجنة(‪.)507‬‬

‫‪ . 2‬الشكاوى المقدمة من الدول‬

‫لكل دولة طرف في الميثاق لفت نظر دولة اخرى كتابياً‪ ،‬حــال إنتهاكهــا ألحكــام الميثــاق‪ ،‬وتوجــه ذات‬
‫الرســالة لألمين العــام لإلتحــاد اإلفــريقي ورئيس اللجنــة اإلفريقيــة لحقــوق اإلنســان‪ .‬وعلى الدولــة الــتي‬
‫وجهت لها الرسالة أن تقدم توضيحات حول اإلدعاء‪ ،‬خالل مدة التتجاوز ثالثة أشهر من تاريخ استالمها‬
‫الرسالة‪.‬‬

‫إذا لم يتم تسوية القضية بين الطرفين عن طريق مفاوضات أو اي إجراء أخر‪ ،‬يحــق لكــل من الــدولتين‬
‫عرض هذه القضية على اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان‪ ،‬بإبالغ رئيسها وإخطار الدولة األخــرى المعنيــة‬
‫واألمين العام(‪ .)508‬ومن المالحظ أن عرض الشــكوى على اللجنــة اإلفريقيــة من الدولــة المدعيــة والمــدعى‬
‫عليها يتم في حال فشل وصولها لتسوية ثنائية‪.‬‬

‫‪ .3‬الشكاوى المقدمة من األفراد والمنظمات غير الحكومية‬

‫للجنة أن تنظر في الشكاوى التي يتقدم بها األفراد والمنظمات غير الحكومية‪ ،‬واليشــترط أن تقــوم بهــا‬
‫الضحايا(‪ .)509‬ونشـير في هـذا الســياق الى أن شــروط قبـول الشـكوى المقدمــة من الــدول أســهل بكثـير من‬
‫الشروط المقدمة من األفراد‪ ،‬حيث جاء في المادة (‪ )50‬من الميثاق على أنه "اليجوز للجنة النظــر في أي‬
‫موضوع يعرض عليهــا إال بعــد التأكــد من اســتنفاذ وســائل اإلنصــاف الداخليــة إن وجــدت مــا لم يتضــح أن‬
‫إجراءات النظر فيها قد طالت لمدة غير معقولة"‪ .‬حيث إكتفى الميثــاق بشــرط واحــد فقــط بالنســبة للــدول‪،‬‬
‫يمثل في استنفاذ وسائل اإلنصاف الداخلية‪ ،‬واإلستثناء الوحيد على شرط استنفاذ وسائل النظــام الــداخلي‪،‬‬
‫‪ ) (505‬دليل حقوق اإلنسان في مجال اقامة العدالة ‪ ،‬ص ‪. 71‬‬
‫‪ ) (506‬د‪ .‬ابراهيم علي بدوي الشيخ‪ ،‬عشرة اعوام في حياة اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب‪" $‬تقييم ونظرة مستقبلية"‪ ،‬المجلة العربية‬
‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬العدد الخامس ‪ ،‬تونس‪ $‬جانفي‪1998 ،‬م ‪ ،‬ص ‪. 37‬‬
‫‪ ) (507‬فيلكس موركا‪ ،‬النظام األفريقي لحماية حقوق اإلنسان والحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية‪ ،‬الموقع‪:‬‬
‫‪http://www1.umn.edu/humanrts/M28.pdf‬‬
‫‪ ) (508‬د‪ .‬محمود شريف بسيوني‪ $،‬الوثائق الدولية المعنية بحقوق اإلنسان ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪376‬و ‪. 377‬‬
‫‪ ) (509‬محمد كمال رزاق باره‪ ،‬اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب بين مهام الترفيه وواجب الحماية‪ ،‬المجلة العربية لحقوق اإلنسان ‪ ،‬العدد‬
‫الخامس ‪ ،‬تونس‪ ،‬جانفي ‪ ،1998‬ص ‪. 41‬‬

‫‪280‬‬
‫يتمثل في طول إجراءات وسائل اإلنصاف‪ ،‬بينما اشــترط شــروطا ً عديــدة بالنســبة لألفــراد والمظمــات غــير‬
‫الحكومية التي منحت صفة للمراقب لدى اللجنة(‪.)510‬‬

‫أما الشكاوى المقدمة من األفراد والمنظمات غــير الحكوميــة‪ ،‬الــتي نظمتهــا المــادة (‪ )56‬من الميثــاق‬
‫وجاء بها "تنظر اللجنة في المراســالت الــواردة المنصــوص عليهــا في المــادة (‪ )55‬والمتعلقـةـ بحقــوق‬
‫اإلنسان والشعوب إذا استوفت وبالضرورة الشروط التالية‪:‬‬

‫ــ أن تحمل اسم مرسلها حتى ولو طلب الى اللجنة عدم ذكر اسمه‪.‬‬

‫ــ أن تكون متماشية مع ميثاق منظمة الوحدة األفريقية أو مع هذا الميثاق‪.‬‬

‫ــ أن التتضمن ألفاضا ً نابيــة أو مســيئة الى الدولــة المعنيــة أو مؤسســاتها أو منظمــة الوحــدة‬
‫األفريقية‪.‬‬

‫ــ أال تقتصر على تجميع األنباء التي تبثها وسائل اإلعالم الجماهيرية‪.‬‬

‫ــ أن تأتي بعد استنفاد وسائل اإلنصاف الداخلية إن وجــدت مــا لم يتضــح للجنــة أن إجــراءات‬
‫وسائل إنصاف هذه قد طرأت بصورية غير عادية‪.‬‬

‫ــ أن تقدم اللجنة خالل فترة زمنية معقولة من تاريخ اســتنفاد وســائل اإلنصــاف الداخليــة من‬
‫التاريخ الذي حددته اللجنة لبدء النظر في الموضوع‪.‬‬

‫ــ أال تتعلق بحاالت تمت تسويتها طبقا ً لمبادئ ميثــاق األمم المتحــدة وميثــاق منظمــة الوحــدة‬
‫األفريقية وأحكامـ هذا الميثاق‪.‬‬

‫تقبل الشكاوى من اللجنة باللغات األربع ( اإلنجليزية‪ ،‬الفنرسية‪ ،‬البرتغاليــة والعربيــة)‪ ،‬وهي‬
‫اللغات المستخدمة في القارة األفريقية‪.‬‬

‫‪ .4‬المهام الميدانية‬

‫في بعض الحاالت تقوم اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسـان بأعمـال ميدانيـة‪ ،‬عنـد تلقيهـا شـكاوى حـول‬
‫الوضــعية الخطــيرة لحقــوق اإلنســان في بلــد مــا ال تكفي بمــا يصــل لهــا من تقــارير وبالغــات بخصــوص‬
‫اإلنتهاكات ألحكام الميثاق‪ .‬ومارست اللجنة هـذه اآلليـة عمليـا ً ‪ ،‬حيث قـامت بإيفــاد بعثـات في مهمــة الى‬
‫موريتانيا والسنغال والسودان في العام ‪1996‬م‪ ،‬وفي العام ‪1997‬م قامت بإيفاد بعثة الى نيجيريا(‪.)511‬‬

‫‪ .5‬التدابير المؤقته‬

‫‪ ) (510‬يوسف بو القمح‪ ،‬شروط تقديم الشكاوي أمام القضاء األفريقي لحقوق اإلنسان "بحث محكم"‪ ،‬مجلة الباحث اإلجتماعي ‪ ،‬مجلسة محكمة‬
‫صادرة عن كلية العلوم اإلقتصادية والتجارية بجامعة قاصدي مرباح ورقله ‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد التاسع‪ ، 2009 ،‬ص ‪. 252‬‬
‫‪ ) (511‬محمد كمال رزاق باره‪ ،‬اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب مهامالترفيه وواجب الحماية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 46‬‬

‫‪281‬‬
‫للجنة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب أن تطلب من أي دولة إتخاذ تدابير محددة في حاالت التأكــد‬
‫من حدوث ضرر فـوري للضــحية أو الضـحايا‪ .‬وتكمن أهميـة اآلليــة في التــدخل السـريع والعاجـل لوقـف‬
‫اإلنتهاكات‪ ،‬وعــدم انتظــار نتــائج الفحص والتــدقيق والتحقيــق في الشــكاوى المقدمــة لهــا من التطبيقــات‬
‫العملية لهذه االلية من قبل اللجنة‪ ،‬مطالبتها للحكومة النيجيرية وقف إعدام الناشط كين صارو ويو (‪.)512‬‬

‫‪ .6‬اصدار دورية‬

‫من ضمن المهــام الــتي أوكلت للجنــة النهـوض بحقـوق اإلنسـان والشــعوب‪ ،‬إصـدار "دوريـة خاصــة‬
‫بها"(‪ . )513‬والتي تعتبر من اآلليات الخاصة في نشر ثقافة حقوق اإلنسان‪ ،‬والترويج للجنة واألدوار الــتي‬
‫تقوم بها‪.‬‬

‫‪ .7‬تعيين مقررين خاصين وفريق عمل‬

‫طورت اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان من آليات عملها في حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬ومن آليات عملها‬
‫في حمايــة الحقــوق الــواردة في الميثــاق والتصــدي لإلنتهاكــات الــتي تتعــرض لهــا‪ ،‬ومن اآلليــات الــتي‬
‫استخدمتها لهذه الغاية‪ ،‬تعيين مقررين خاصة وأفرقة عمل‪.‬‬

‫لقد عيّنت اللجنة األفريقيــة مقــررين خاصــين حــول اإلعــدام خــارج نطــاق القضــاء‪ ،‬وحقــوق المــراة ‪،‬‬
‫وحرية التعبــير ‪ ،‬والنــازحين‪ ،‬كمــا شــكلت أفرقــة عمــل في الموضــوعات‪ :‬الســكان األصــليين‪ ،‬والحقــوق‬
‫اإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬وعقوبة اإلعدام(‪ .)514‬وقد استفادت في هذا المجال من اآلليات الدولية‪.‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان‬

‫تشــكلت اللجنــة األفريقيــة لحقــوق اإلنســان‪ ،‬كأحــد اآلليــات للرقابــة واإلشــراف الجديــدة على تطــبيق‬
‫الميثاق‪ ،‬حيث لم ينص الميثاق على إنشاء جهاز قضائي للنظر في إنتهاكات حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫لقد كانت اللجنة األفريقية هي اآللية الوحيدة لإلشراف والرقابة على اإلتفاقية‪ ،‬وقــد أســهمت الثغــرات‬
‫والنواقص التي إعــترت عمــل اللجنــة من ناحيــة‪ ،‬والســعي لتعزيــز أحكــامـ الميثــاق من ناحيــة أخــرى الى‬
‫التفكير والعمل من أجل السير بالنظام األفريقي لحماية حقوق اإلنسان‪ ،‬خطوة نوعية لألمام‪ ،‬عبر تشــكيل‬
‫المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫لقد تبنت دول اإلتحــاد األفــريقي الــبروتوكول الملحــق بالميثــاق األفــريقي لحقــوق اإلنســان في العمــام‬
‫‪1998‬م ‪ ،‬والخــاص بإنشــاء المحكمــة األفرقيــة لحقــوق اإلنســان‪ ،‬حيث نص الــبروتوكول على أن تنشــأ‬

‫‪ ) (512‬ميثاق اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان‪.‬‬


‫‪ ) (513‬د‪ .‬ابراهيم علي بدوي الشيخ ‪ ،‬عشرة أعوام في حياة اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب "تقييم ونظرة مستقبلية"‪ $،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‬
‫‪. 35‬‬
‫‪ ) (514‬ليا ليفين‪ ،‬حقوق اإلنسان ـ أسئلة وأجوبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 119‬‬

‫‪282‬‬
‫محكمة أفرقية لحقوق اإلنسان والشــعوب (المحكمــة) يحكم اختصاصــها ومهمتهــا هــذا الــبروتوكول(‪.)515‬‬
‫وقد دخل حيّز النفاذ في العام ‪2004‬م‪ ،‬وفي العام ‪2006‬م تم تأســيس المحكمــة كآليــة ثانيــة للرقابــة على‬
‫اإلتفاقية‪.‬‬

‫وقد جاء تشكيل المحكمة بمثابة قفزة نوعية لنظــام أفـريقي ضــامن لحقــوق اإلنســان(‪ .)516‬وتعتــبر هي‬
‫األحدث عهداً بين الهيئات القضائية اإلقليمية لحقوق اإلنسان(‪ .)517‬كما أســهم تشــكيل المحكمــة في تكامــل‬
‫النظام األفريقي لحقــوق اإلنســان‪ ،‬حيث كــان النظــام قبــل تشــكيلها يتســم بالقصــور في ظــل إســتناده على‬
‫اللجنــة األفريقيــة فقــط‪ .‬وهنــا يتضــح بــأن المحكمــة التشــكل بــديالً عن اللجنــة بل ج اءت لتكم ل مهام‬
‫اللجنة(‪ ،)518‬كما تضمن البروتوكول الختصاصات المحكمة االفريقية لحقوق االنسان في الفقرة الموالي ة ‪.‬‬
‫وتضمن في فقرة ثانية الليات اشتغالها‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إختصاصات المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان‬

‫تتكون المحكمة من (‪ )11‬قاضيا ً ‪ ،‬يتم إنتخابهم لمدة ست سنوات‪ ،‬مع جواز إنتخابهم مرة أخرى لمرة‬
‫واحدة فقط‪ ،‬وفقا ً للمادة (‪ )14‬من البروتوكول‪.‬ـ‬

‫وقد تميّز برتوكول تشكيل المحكمة بمراعات النوع اإلجتماعي لدى تشكيل هيئة المحكمة‪ ،‬حيث نصت‬
‫المــادة (‪ / 13‬ـ ‪ )3‬على التــالي‪" :‬يعطى اإلعتبــار الكــافي للتمثيــل المالئم من حيث الجنس أثنــاء عمليــة‬
‫اإلنتخاب" ‪ ،‬وقد تقاطع تشكيل المحكمة األفريقية من حيث مراعات التمثيل على أســاس الجنس‪ ،‬مــع مــا‬
‫جاء في المادة (‪ )14‬من النظام الداخلي للمحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫أما مهام واختصاصات المحكمة‪ ،‬فقــد جــاءت موزعــة على أكــثر من مــادة من الــبروتوكول‪ ،‬ومن أهم‬
‫الوظائف التي تقوم بها المحكمة العامة للمحكمة وظيفتان "أحدهما قضــائية واألخــرى استشــارية"(‪.)519‬‬
‫وبمراجعة نصوص البروتوكول‪ ،‬يتبين أن أهم اإلختصاصات للمحكمة مايلي‪:‬‬

‫تعزيز وحماية حقوق وحريات وواجبات اإلنسان والشعوب‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫‪ ) (515‬المادة األولى من البروتوكل الملحق بالميثاق األفريقي والخاص بإنشاء المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ ) (516‬د‪ .‬محمد بشير مصمودي‪ ،‬المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب "طموح‪ $‬ومحدودية"‪ ،‬مجلة الفكر‪ ،‬مجلية علمية محكمة‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد خضير بسكره‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬مارس ‪ ،2010‬ص ‪. 41‬‬
‫‪ ) (517‬سونيا ابيسيكيرا واخرون‪ ،‬المطالبة بالحقوق مطالبة بالعدالة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪114‬‬
‫‪ ) (518‬حفيظة شقير‪ ،‬المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب‪ ،‬المجلة العربية لحقوق اإلنسان ‪ ،‬العدد الخامس ‪ ،‬تونس‪ ، $‬جانفي ‪1991‬م‪ ،‬ص‬
‫‪. 51‬‬
‫‪ ) (519‬محمد بشير مصمودي‪ ،‬المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب "طموح ومحدودية"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 43‬‬

‫‪283‬‬
‫تمثــل رســالة المحكمــة في إتمــام ودعم مهــام اللجنــة في تعزيــز وحمايــة حقــوق وحريــات وواجبــات‬
‫اإلنســان والشــعوب في الــدول األعضــاء في اإلتحــاد األفــريقي"(‪ .)520‬وقــد جــاء في المــادة الثانيــة من‬
‫البروتوكول‪ :‬تتمم المحكمة التكليف الوقائي للجنة األفريقية لحقوق اإلنســان والشــعوب ( اللجنــة ) الــذي‬
‫كلفهــا بــه الميثــاق األفــريقي لحقــوق اإلنســان والشــعوب (الميثــاق) هنــا يكمن التقــاطع الواضــح بين‬
‫اختصاصات المحكمةـ واللجنة في هذا المجال‪.‬‬

‫‪ .2‬الدور التفسيري‪ .‬للمحكمة النظر في كافة القضايا والنزاعات المقدمــة لهــا‪ ،‬والــتي تتعلــق‬
‫بتفسير وتطبيق هذا البروتوكول وأي اتفاقية أفريقية أخرى‪ ،‬تتعلق بحقوق اإلنســان‪ ،‬وفي‬
‫حالة النزاع يكون للمحكمة إختصــاص تســوية المســألة بقــرار من المحكمــة‪ ،‬وفقـا ً للمــادة‬
‫الثالثة من البروتوكول‪.‬‬

‫ووفقا ً للمادة الرابعة من البروتوكول‪ ،‬للمحكمة أن تبـدي رأيهـا اإلستشــاري بنـا ًء على طلب أي دولـة‬
‫عضو في منظمة الوحدة األفريقيــة‪ ،‬أو أي من هيئاتهــا‪ ،‬أو منظمــة أفريقيــة تعــترف بهــا منظمــة الوحــدة‬
‫األفريقية‪ ،‬ويجوز للمحكمة أن تعطي رأيها بشأن أي مسألة قانونية تتعلق بالميثاق‪ ،‬أو أي وثيقة أفرقيــة‬
‫تتعلق بحقوق اإلنسان‪ ،‬كما أجازت ذات المادة ‪،‬لكل قاض الحق في تسليم رأي منفصل أو معراض للرأي‬
‫اإلستشاري الذي تقدمه اللجنة‪.‬‬

‫من المالحظ أن إختصاص المحكمة‪ ،‬فيما يتعلق بالتفســير موســع‪ ،‬حيث يعطي حــق المطالبــة بــه لكــل‬
‫دولة عضو أو هيئة أو منظمــة أفريقيــة معــترف بهــا‪ ،‬كمــا يشــمل اختصاصــها التفســيري كــل اإلتفاقيــات‬
‫المتعلقة بحقوق اإلنسان‪ ،‬وهذا اإلختصاص الموســع في دور المحكمــة التفســيري مســتوحى من نمــوذج‬
‫المحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان ‪ ،‬بينما يقتصر دور المحكمة األوروبية بالقضايا والمنازعات المتعلقة‬
‫باإلتفاقية وبروتوكوالتها فقط(‪.)521‬‬

‫ويشترط لنظر المحكمة في طلب تفسير مقدم لها ‪ ،‬أن اليكون موضع الرأي عليها على عالقة بمسألة‬
‫يجري بحثها من قبل اللجنة(‪.)522‬‬

‫‪ .3‬الدور القضــائي‪ .‬فيمــا يتعلــق بالوظيفيــة القضــائية‪ ،‬فـإن حــق التقــدم لهــا بالشــكاوى‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫"ينحصر في لجنة الدول األطراف فقط"(‪ .)523‬وهذا يمثل قيد وأوضــح على توجـه األفـراد‬
‫للمحكمة ‪ ،‬حيث اليجوز لهم التوجه لها مباشرة ‪ ،‬إال في حاالت إستثنائية فقط‪.‬‬

‫‪ ) (520‬كيف نشأت المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان‪ ،‬منشور على موقع المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان‪http://www.african- :‬‬
‫‪court.org/ar/court/faq‬‬
‫‪ ) (521‬د‪ .‬محمد بشير مصمودي‪ ،‬المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب "طموح‪ $‬ومحدودية"‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 43‬‬
‫‪ ) (522‬كيف نشأت المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ ) (523‬د‪ .‬طارق عزت رخاء ‪ ،‬قانون حقوق اإلنسان بين النظرية والتطبيق‪ $‬في الفكر الوضعي والشريعة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 233‬‬

‫‪284‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان‬

‫تتولى المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان مزاولـة مهام عملها ‪ ،‬باإلستناد لآلليات التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬النظر في الشكاوى المقدمة من الدول‬

‫حددت المادة الخامسة من البروتوكول الخاص بتشكيل المحكمة‪ ،‬الجهات التي يحق لهـا تقـديم قضـايا‬
‫للمحكمة باللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان ‪ ،‬والدولة الطرف التي رفعت شكوى الى اللجنة‪ ،‬والدولة التي‬
‫وقعت ضدها شكوى للمحكمة‪ .‬وقد أكتفى الميثاق بإستخدام شرط واحد بالنسبة للدولة‪ ،‬يتمثل في استنفاد‬
‫وســائل اإلنصــاف الداخلية(‪ .)524‬ويتــوجب على مقــدم الشــكوىـ بإقامــة الــدليل على اســتنفاد تلــك الوســائل‬
‫وبتقديم المعلومات التي تؤكد ذلك‪.‬‬

‫كما يجب على الدولــة المشــتكى عليهــا ‪ ،‬إذا ادعكس ذلــك أن تثبت بــأن هنــاك وســائل انصــاف لم يتم‬
‫استنفاذها فعالً(‪.)525‬‬

‫‪ .2‬النظر في الشكاوى المقدمة من األفراد‪.‬‬

‫اًألصل أال يتقدم األفـراد بشـكاواهم للمحكمـة مباشـرة‪ ،‬ولكن للمحكمـة اختصـاص اسـتثنائي ‪،‬‬
‫حيث يجوز لها ــ ألسباب إستثنائية ــ أن تسمح لألفراد والمنظمات غــير الحكوميــة ومجموعــات‬
‫من األفراد ‪ ،‬برفع القضايا أمام المحكمة‪ ،‬وذلــك وفقـا ً للمــادة السادســة من الــبروتوكول الخــاص‬
‫بإنشـــاء المحكمـــة‪ .‬هـــذا اإلختصـــاص اإلســـتثنائي مشـــروط "بقبـــول الدولـــة صـــراحة لهـــذا‬
‫اإلختصاص"(‪.)526‬‬

‫كما أن المحكمــة في مجــال نظرهــا للشــكوى تخضــع لقيــد آخــر‪ ،‬فهي اليمكن أن تنظــر الى‬
‫الشكوى التي تم دراستها من قبل اللجنة‪.‬‬

‫‪ .3‬تقصي الحقائق‬

‫بعد نظر المحكمة فيما رفعه كافة األطراف بخصوص الشكوى ‪ ،‬لهــا أن تنشــئ لجنــة لتقصــي‬
‫الحقائق‪ ،‬وعلى الدول المعنية المساعدة في توفير المعالجة الفعالة للققضــية‪ ،‬وفقـا ً للمــادة (‪/23‬‬
‫‪ )1‬من البروتوكول‪.‬ـ‬

‫‪ .4‬التسوية‬

‫‪ ) (524‬المادة (‪ )50‬من الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان ‪.‬‬


‫‪ ) (525‬يوسف بو القمح ‪ ،‬شروط تقديم الشكاوي أمام القضاء الدولي األفريقي لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 253‬‬
‫‪ ) (526‬زيدان لوناس‪ ،‬الضمانات القضائية لحقوق اإلنسان في وقت السلم‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 114‬‬

‫‪285‬‬
‫يعتــبر القيــام بالتســوية بين أطــراف الــنزاع من اإلختصاصــات المشــتركة للجنــة وللمحكمــة‪،‬‬
‫وكانت التسوية سابقا ً تتم من اللجنة‪ ،‬وينتج عنها تسوية "ودية وليست قضائية"(‪.)527‬‬

‫بعد تشــكيل المحكمــة‪ ،‬تم تفعيــل آليــة التســوية عــبر تشــجيعها إلبــرام التســويات للقضــايا‬
‫المعروضة عليها وفقا ً ألحكام الميثاق‪ ،‬ومن أهم القيود التي تــرد على التســوية الوديــة للــنزاع ‪،‬‬
‫هو عدم اإلخالل بنصوص الميثاق(‪.)528‬‬

‫‪ .5‬التعويض‬

‫حال تأكد المحكمة وجــود إنتهــاك‪،‬لهــا أن تــأمر بإتخــاذ اإلجــراء المناســب لمعالجــة اإلنتهــاك‪،‬‬
‫والحكمـ بدفع تعويض عادل للمتضرر‪.‬‬

‫‪ .6‬التدابير المؤقتة‬

‫للمحكمة إتخـاذ التـدابير أو اإلجـراءات المؤقتـه ‪ ،‬لتجنب الضـرر الـذي يقـع على األشـخاص‪،‬‬
‫وتتخذ المحكمة هذه لتدابير في حــاالت الخطــورة الشــديدة والطــوارئ الضــرورية‪ ،‬وذلــك حســب‬
‫المادة (‪ ) 3/ 24‬من البروتوكول‪.‬‬

‫أما حول آلية صدور ألحكام من المحكمة‪ ،‬فإنها تصــدر في تســعين يومـا ً بعــد اإلنتهــاء من مــداولتها ‪،‬‬
‫ويتلى القرار علنا ً في المحكمة ‪ ،‬متضمنا ً الحيثيات‪.‬‬

‫كما أن األحكام تصدر باألغلبية‪ ،‬وإذا لم يمثل حكم المحكمةـ الرأي الجمــاعي للقضــاة ‪ ،‬يكــون من حــق‬
‫أي قاض أن يسلم رأيا ً منفصالً أو معارضا ً(‪.)529‬‬

‫إن قرارات المحكمة نهائية وغير قابلة للطعن‪ ،‬ومع ذلـك يمكن لطـرف في قضـية مـا التقـدم بإلتمـاس‬
‫إلعــادة النظــر في الحكمـ في ضــوء أدلــة جديــدة لم تكن معلومــة لــه في وقت صــدور الحكم‪ ،‬على أن يتم‬
‫استالم هذا اإللتماس في غضون ستة أشهر من معرفـة الطـرف المعـني باألدلـة الجديـدة المكتشـفة‪ ،‬كمـا‬
‫يجوز للمحكمة أيضـا ً تفســير قراراتهــا بــذاتها(‪ .)530‬أمــا تنفيــذ األحكــامـ فقــد أســند لمــؤتمر رؤســاء الــدول‬
‫والحكومات‪.‬‬

‫‪ ) (527‬د‪ .‬عمر صدوق ‪ ،‬محاضرات في القانون الدولي العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 150‬‬
‫‪ ) (528‬القاضية وهيبه لوصادق ‪ ،‬آليات مراقبة حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 45‬‬
‫‪ ) (529‬كيف نشأت المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ ) (530‬وفقا ً للمادة (‪ ) 25‬من بروتوكول تشكيل المحكمة‪.‬‬

‫‪286‬‬
‫من الجدير ذكره‪ ،‬أنه يوجد في النظام األفريقي لحماية حقوق اإلنسان محكمة العدل األفريقيــة‪ ،‬والـتي‬
‫تشكلت بموجب المادة الخامسة من الميثاق التأسيسي لإلتحاد األفريقي في العام ‪2001‬م‪ .‬وفي ‪ 11‬يوليو‬
‫‪2003‬م‪ ،‬تبنت دول اإلتحاد األفريقي بروتوكــول تشــكيل محكمــة العــدل ‪ ،‬وفي العــام ‪2008‬م قــرر مــؤتمر‬
‫اإلتحــاد األفــريقي المنعقــد في شــرم الشــيخ ‪ ،‬دمج المحكمــة األفريقيــة لحقــوق اإلنســان ومحكمــة العــدل‬
‫األفريقيــة في محكمــة واحــدة بإســم "المحكمــة األفريقيــة للعــدل وحقــوق اإلنســان" وقــد أقــر المــؤتمر‬
‫البروتوكول الخاص بالمحكمة ونظامها الخــاص في وثيقــة واحــدة ‪ ،‬ولكن هــذا الــدمج لم يتم من الناحيــة‬
‫العملية(‪.)531‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬آليات الحماية العربية لحقوق اإلنسان‬

‫تأسست جامعة الدول العربية في العام ‪1945‬م ‪ ،‬وهي أقدم منظمة إقليمية‪ ،‬ولكنهــا تــأخرت كثــيراً في‬
‫تأطير وتنظيم حقوق اإلنسان‪ ،‬ولم تكن حقوق اإلنسان مدرجة في أهدافها وإهتماماتها ‪ ،‬حيث أن ميثاقها‬
‫التي تأسست بموجبه جاء خاليا ً من أي ذكر لحقوق اإلنسان وحرياته األساسية(‪.)532‬‬

‫واســتجابة لــدعوة األمم المتحــدة‪ ،‬قــامت الجامعــة العربيــة ‪ ،‬بشــتكيل اللجنــة العربيــة الدائمــة لحقــوق‬
‫اإلنســان‪ ،‬كإحــدى اللجــان الفنيــة المحيطــة بهــا‪ ،‬ثم اتجهت المســاعي للتوصــل إلتفاقيــة عربيــة لحقــوق‬
‫اإلنسان‪ .‬وقد صــدر الميثــاق العــربي لحقــوق اإلنســان بقــرار من مجلس الجامعــة رقم (‪ )5427‬في العــام‬
‫‪1997‬م‪ ،‬إال أن الدول تحفظت عليه‪ ،‬ولم يدخل حيّز النفاذ‪.‬‬

‫وتوصلت المجهودات لتطوير الميثاق‪ ،‬وبعد شد وجذب ومخاض طويل‪ ،‬صدر الميثاق العربي لحقــوق‬
‫اإلنسان عن القمة العربية في تونس بتاريخ ‪ 23‬مـايو ‪2004‬م‪ ،‬ولم يمـر من دون اعتراضـات وتحفظـات‬
‫ومعاناة ‪ ،‬حيث كان ينام ويستيقظ ‪ ،‬حتى تم إبرامه بصيغته الجديدة في العام ‪2004‬م(‪.)533‬‬

‫ودخل الميثاق حيّز النفاذ بتاريخ ‪ 15‬مارس ‪2008‬م بعد أن صادقت سبع دول‪ ،‬وذلك وفقا ً لمادة (‪/49‬‬
‫‪ )2‬من الميثاق‪ .‬والدول العربية التي بتصديقها دخل الميثاق حيّز التنفيــذ هي‪ :‬األردن ‪ ،‬لبنــان‪ ،‬البحــرين‪،‬‬

‫‪ ) (531‬انظر بهذا الخصوص‪ :‬زيدان لوناس‪ ،‬الضمانات القضائية لحقوق اإلنسان في وقت السلم‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 117‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ ) (532‬د‪ .‬عبدالكريم علوان ‪ ،‬حقوق اإلنسان ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 127‬‬
‫‪ ) (533‬عبدالحسين شعبان‪ ،‬الميثاق العربي لحقوق اإلنسان‪ :‬السؤال والمال ‪ ،‬الحوار المتمدن ‪ ،‬العدد‪.3/2008/ 22 -3529‬‬
‫‪Htttp://www.ahwar.org/debat/show art.asp?aid=12630‬‬

‫‪287‬‬
‫سوريا ‪ ،‬فلسطين ‪ ،‬ليبيا‪ ،‬واإلمارات العربية المتحدة(‪ .)534‬فقد كــانت الدولــة الســابعة الــتي أودعت وثيقــة‬
‫تصديقها على الميثاق هي دولة اإلمارات بتاريخ ‪ 15‬يناير ‪2008‬م(‪.)535‬‬

‫وقد جاء الميثاق هزيالً وضبابيا ً من حيث آليات حمايته‪ ،‬حيث قفز عن اللجنة العربية الدائمــة لحقــوق‬
‫اإلنسان ‪ ،‬وسنعجالها في العنصر األول‪ ،‬فيما العنصر الثاني سيتطرق للجنة حقوق اإلنسان العربية‪ ،‬مــع‬
‫اإلشارة الى عدم توصل الجامعة الى إنشاء محكمة عربية لحقوق اإلنسان بسبب عدم اإلتفــاق بين جميــع‬
‫الدول حول الموضوع‪ ،‬ونظراً للحساسيات السياسية التي تثيرها مثــل هــذه الهيئــات على مســتوى العمــل‬
‫والتنسيق واتخاذ القرارات واألحكامـ القضائية‪.‬‬

‫العنصر األول‪ :‬اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسان‬

‫التعتبر اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسان من آليــات الميثــاق العــربي لحقــوق اإلنســان‪ ،‬وهي من‬
‫اللجــان الفنيــة للجامعــة العربيــة‪ ،‬وتعتــبر ذراعهــا الــرئيس في مجــال حقــوق اإلنســان ل ذلك س نحاول في‬
‫معرض حديثنا عن اللجنة العربية الدائمة لحقوق االنسان الى تبيان اختصاصاتها في الفقرة األولى على أن‬
‫نتطرق في فقرة ثانية لالليات التي تعتمدها اللجنة لحماية حقوق االنسان ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اختصاصات اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسان‬

‫تم إنشاء اللجنة العربية الدائمة لحقــوق اإلنسـان بمقتضـى قـرار جامعـة الــدول العربيــة رقم (‪)2443‬‬
‫بتاريخ ‪1968‬م كلجنة فنية محيطة بالجامعة العربية‪ ،‬فهي ال تعتــبر من اللجــان اإلتفاقيــة‪ ،‬كــون تشــكيلها‬
‫سبق كثيراً صدور الميثاق العربي لحقوق اإلنسان‪ ،‬وهي لجنة حكومية‪ ،‬وما تزال معنا حتى اليوم(‪.)536‬‬

‫وبدأت فكرة إنشاء اللجنة بإستناد إلقتراح مقــدم من األمم المتحــدة لألمانــة العامــة في العــام ‪1967‬م‪،‬‬
‫وأستجاب مجلس جامعة الدول العربية لإلقتراح‪ ،‬لذا فإن تشكيل اللجنة‪ ،‬جاء "نتيجــة التعــاون المشــترك‬
‫بين منظمة األمم المتحدة وجامعة الدول العربية"(‪ .)537‬ما يعني أنهام جاءت بناء على اقتراح دولي‪.‬‬

‫‪ ) (534‬عبدالقادر انيس‪ ،‬قراءة في الميثاق العربي لحقوق اإلنسان‪ ،‬الحوار المتمدن ‪ ،‬العدد ‪ 2856‬ــ ‪ ، 2009 /12/12‬منشور على الموقع‪:‬‬
‫‪tttp://www.ahwar.org/debat/show art.asp?aid‬‬
‫‪ ) (535‬د‪ .‬توفيق بوعشبه‪ ،‬الميثاق العربي لحقوق اإلنسان يدخل حيّز النفاذ اليوم‪ ،‬الموقع‪http://leguriste.montadaihilal.com/t1180- :‬‬
‫‪topic‬‬
‫‪ ) (536‬د‪ .‬جورج جبور‪ ،‬الميثاق العربي لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ ) (537‬د‪ .‬وائل عالم‪ ،‬وثائق اإلتفاقية العربية البينية ذات الصلة بحقوق اإلنسان‪ ،‬األمانة العامة‪ ،‬الجامعة العربية‪ ،2005،‬ص ‪.38‬‬

‫‪288‬‬
‫وقد اتخذت اللجنة في صيغة لجنة دائمة لدى الجامعة العربية وذات صــيغة حكومية(‪ .)538‬وهي تتكــون‬
‫من ممثلي الدول األعضاء في الجامعة‪ ،‬على أن تراعى هذه الـدول أن يكـون ممثلـون من المختصـين في‬
‫حقوق اإلنسان‪ ،‬وعلى الدول األعضاء أن تبلغ األمين العام بأسماء ممثليها في اللجنة(‪.)539‬‬

‫كما تتخذ اللجنة العربية من مقر األمانة العامة لجامعة الدول العرية بالقاهرة مقراً لها‪ ،‬وتعقــد اللجنــة‬
‫اجتماعاتها في هذا المقر تطبيقا ً للفقــرة األولى من المــادة الرابعــة من النظــام‪.‬ويجــوز لهــا وبعــد موافقــة‬
‫األمين العام للجامعة ‪ ،‬أن تعقد اجتماعاتهــا في أي بلــد عــربي أخــر‪ ،‬إذ اقتضــت ضــرورة العمــل ذلك(‪.)540‬‬
‫وتخضع في مجال تنظيم عالقاتها الداخلية‪ ،‬وعالقتها مــع الجامعــة العربيــة للجــان الفنية(‪ .)541‬ومن حيث‬
‫اختصاصاتها فهي اللجنة المسؤولة عن حقوق اإلنسان في الجامعة (‪.)542‬‬

‫وتعتبر وفقا ً للمادة الثالثة من نظامهــا الــداخلي جهــاز الجامعــة المختص بمســائل حقــوق اإلنســان في‬
‫الوطن العربي‪ ،‬تحت إشراف مجلس الوزارء على المستوى الوزاري‪ .‬ومن اختصاصاتها ما يلي‪:‬‬

‫رفع قواعد التعاون ومداه بين الدول العربية في مجال حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫اعداد تصور للموقف العربي تجاه قضايا حقوق اإلنسان المطروحة إقليميا ً ودولياً‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫اعداد مشروعات اإلتفاقيات ذات الصــلة بحمايــة حقــوق اإلنســان وعرضــها على مجلس‬ ‫‪.3‬‬
‫الجامعة على المستوى الوزاري‪.‬‬
‫دراسة اإلتفاقيات العربية‪ ،‬التي قد تكون لها امتدادات في مجال حقوق‬ ‫‪.4‬‬
‫التعاون مع الهيئات والمنظمات الدولية واإلقليمية ذات الصلحة بحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫تشجميع العمل على تطوير وتعزيز واحترام وحماية حقوق اإلنسان في الوطن العربي‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫متابعة تنفيذ التوصيات والمواثيق واإلتفاقيات العربية ذات الصلة بحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫‪.7‬‬
‫تشجيع نشر ثقافة حقوق اإلنسان في الوطن العربيز‬ ‫‪.8‬‬
‫المشــاركة في النــدوات والمــؤتمرات العربيــة واإلقليميــة والدوليــة ذات الصــلة بحقــوق‬ ‫‪.9‬‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫اإلســتعانة بــالخبراء إلجــراء الدرســات والبحــوث المتعلقــة بحقــوق اإلنســان في الــدول‬ ‫‪.10‬‬
‫العربية‪.‬‬

‫‪ ) (538‬نزيهة بوذيب‪ ،‬الميثاق العربي لحقوق افنسان "قراءة قانونية نقدية"‪ ،‬مجلة قضايا‪ ،‬المركز للدراسات المستقبلية واإلستراتيجية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬العدد‬
‫الثالث‪ ،2005 ،‬ص ‪. 84‬‬
‫‪ ) (539‬المادة الثانية من الالئحة الداخلية للجنة العربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬المعتمدة من مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري بتاريخ‬
‫‪5/9/2007‬م‪.‬‬
‫‪ ) (540‬د‪ .‬معمر رتيب محمد عبدالحافظ‪ ،‬اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسان‪http://www.4shared.com/get/3b80gP7p/.html ،‬‬
‫‪ ) (541‬د‪ .‬معمر رتيب‪ $‬محمد عبدالحافظ‪ ،‬مرجع سابق أعاله‪ ،‬ص ‪. 8‬‬
‫‪ ) (542‬د‪ .‬وائل عالم ‪ ،‬وثائق اإلتفاقية العربية البينية ذات الصلة بحقوق‪ $‬اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.38‬‬

‫‪289‬‬
‫تنسيق المواقف العربية تجاه قضايا حقوق اإلنســان في المــؤتمرات والمحافــل اإلقليميــة‬ ‫‪.11‬‬
‫والدولية‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بمشروعات اإلتفقايات الدولية‪.‬‬
‫اعداد تصور في مجال التدريب للكفاءات في هذا المجال‪.‬‬ ‫‪.12‬‬
‫دراسة ما يحيله مجلس الجامعة أو األمانة العامة أو احــدى الــدول األعضــاء الى اللجنــة‬ ‫‪.13‬‬
‫من موضوعات تتصل بحقوق اإلنسان وتقديم توصيات في هذا المجال‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات اللجنة العرية الدائمة لحقوق اإلنسان‬

‫التمتلك اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسان آليات واضحة ومحـددة المعـالم‪ ،‬خاصـة وانهــا التعتــبر‬
‫من اللجان التعاقدية‪ ،‬ومارست مهامها لمدة طويلة دون الئحة أو نظام يضبط عملها‪ .‬هذا عدا عن تطرق‬
‫الميثاق العربي لحقوق اإلنسان لها‪ ،‬ما يجعل الحديث عن آليات عملها ينطــوي على صــعوبة‪ .‬وباإلمكــان‬
‫تلمس اآلليات التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬إبداء الرأي في مشاريع اتفاقيات حقوق اإلنسان‬

‫تحال للجنة جميع مشــاريع اإلتفاقيــات المتعلقــة بحقــوق اإلنســان قبــل إقرارهــا‪ ،‬والهــدف من‬
‫وراء ذلك التأكد من مدى موائمة هذه المشاريع مع حقوق اإلنسان(‪.)543‬‬

‫وهذه اآللية مستمدة من مكانتها في الجامعة العرية كلجنة فنيــة متخصصــة في مجــال حقــوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬هذا عدا عن الوالية العامة التي تتمتع بها في هذا الحقل‪.‬‬

‫‪ .2‬اإلسهام في تأطير حقوق اإلنسان‬

‫تتولى اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسان‪ ،‬مهمة تأطير حقـوق اإلنسـان في جامعـة الـدول‬
‫العربية‪ ،‬كمقدمــة لوضــعها في اتفاقيــة تكتســب صــفة اإللــزام‪ ،‬وذلــك في إطــار ســعيها وتوجههــا‬
‫لوضع معايير وحقوق اإلنسان في الجامعة‪.‬‬

‫ومن أهم ما قامت به اللجنة العرية الدائمـة لحقـوق اإلنسـان حـتى اآلن هـو تحضــيرها لصـك‬
‫الميثــاق العــربي لحقــوق اإلنســان‪ ،‬الــذي اعتمــده مجلس جامعــة الــدول العربيــة في ‪ 14‬ســبتمبر‬
‫‪1994‬م(‪ .)544‬وقد واجه هــذا المشــروع بــالرفض من الحكومــات‪ ،‬ولم توقــع عليــه أي من الــدول‬
‫العربية‪ .‬هذا وقد واصلت اللجنة مساعيها لتطــوير المشــروع ‪ ،‬وصــوالً للميثــاق المقــر في العــام‬
‫‪2004‬م بتونس‪.‬‬

‫‪ ) (543‬د‪ .‬وائل عالم‪ ،‬وثائق اإلتفاقية العربية البينية ذات الصلة بحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪ ) (544‬د‪ .‬معمر رتيب محمد عبدالحافظ‪ ،‬اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسان ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 6‬‬

‫‪290‬‬
‫‪ .3‬التنديد بإنتهاكات دولة اإلحتالل‬

‫لعبت اللجنة دوراً واضحا ً في فضح وتعرية انتهاكات دولة اإلحتالل ضــد الشــعب الفلســطيني‪.‬‬
‫وذلك عبر تنبيه الرأي العام العالمي ومختلف وسائل اإلعالم الى خطــورة هــذه اإلنتهاكــات‪ ،‬حيث‬
‫يرى البعض أن "غالبية جهدها وعملها‪ ،‬اتجه التنديد باإلنتهاكات اإلسرائيلية لحقــوق اإلنســان‪،‬‬
‫وفي مقابل ذلك صمتت تماما ً عن إنتهاكات الحكومات العربية لحقوق اإلنسان(‪.)545‬‬

‫ومن المالحــظ أن هــذه اآلليــة‪ ،‬تنطــوي على بعــد إيجــابي من حيث رصــد إنتهاكــات دولــة اإلحتالل‬
‫وفضحها وتعريتها على المستوى الدولي‪ .‬وفيما لــو وظفت هــذه اآلليــة من قبــل الجامعــة العربيــة بشــكل‬
‫إيجابي وفعال‪ ،‬سيكون لها مردودات إيجابية في كنس اإلحتالل من ناحية ‪ ،‬والبناء عليهــا لمحاكمــة قــادة‬
‫اإلحتالل على هذه اإلنتهاكات من ناحية ثانية‪.‬‬

‫ومن الجــدير بالــذكر‪ ،‬ان قيــام اللجنــة بفضــح انتهاكــات دولــة اإلحتالل‪ ،‬اليتعــارض وال ينفي إلتزامهــا‬
‫وواجباتها في فضح انتهاكات النظمة العرية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪ .4‬التعاون مع المنظمات غير الحكومية‬

‫كان للمنظمات غير الحكوميةـ الدور الهام والفعال في الدعوة إلعتمــاد وثيقــة عربيــة قانونيــة‬
‫تحمي حقوق اإلنسان(‪ .)546‬حيث قامت بتنظيم العديد من المؤتمرات لهــذا الغــرض‪ ،‬هــذا عــدا عن‬
‫مساهماتها في التقدم بالعديد من اإلقتراحات الهادفة لتأطير حقوق اإلنسان‪ ،‬والضغط على الدول‬
‫إلدماجها في الميثاق ‪ .‬كما كان لها دور هام في دعم وإسناد جهود اللجنة للتوصل لميثاق عــربي‬
‫لحقوق اإلنسان يكتسب اإللزام القانوني‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬وقد حرصت اللجنة الدائمة على تنظيم عالقة متقدمة مع المنظمات غــير الحكوميــة‪ ،‬خاصــة مــع‬
‫تلك التي تتمتع بصفة مراقب‪ .‬كما تميّزت عالقة اللجنة الدائمة مــع المنظمــات غــير الحكوميــة‪ ،‬عن كافــة‬
‫اللجان الدائمة األخرى المحيطة بالجامعة العربية ‪ ،‬كونها اول لجنة دائمة في الجامعة‪ ،‬تسمح للمنظمــات‬
‫غير الحكومية بحضور اجتماعاتها بصفة مراقب‪.‬‬

‫‪ ) (545‬بهي الدين حسن ‪ ،‬الحماية اإلقليمية لحقوق اإلنسان في العالم العربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 43‬‬
‫‪ ) (546‬د‪ .‬محمد أمين الميداني‪ ،‬دراسات في الحماية اإلقليمية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 111‬‬

‫‪291‬‬
‫ويالحظ أن آليات عملها متواضعةـ للغاية بالمقارنة مع دور اللجان اإلقليمية األخرى‪ ،‬كما يالحــظ انهــا‬
‫ال تملك أي آليات للتــدخل بهــدف حمايـة حقـوق اإلنسـان العــربي‪ .‬وآليـات عملهــا تصـب في جهـة تعزيـز‬
‫وتاطير حقوق اإلنسان‪ ،‬دون إمتالكها من الحماية‪ .‬ولعل هناك عدة أسباب وراء هامشية دورها‪.‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬لجنة حقوق اإلنسان العربية‬

‫تشكلت لجنة حقوق اإلنسان العربية بموجب الفقرة األولى من المادة الخامسة واألربعين من الميثــاق‬
‫العــربي لحقــوق اإلنســان‪ ،‬لــذا تعتــبر من آليــات التعاقديــة‪ ،‬كونهــا تشــكلت بمــوجب الميثــاق‪ ،‬وهي تمثــل‬
‫"الجانب التنفيذي من الميثاق في اإلطار العربي"(‪.)547‬‬

‫وتناول دور لجنة حقوق اإلنســان يقتضــي تقســم هـذا العنصــر الى ثالثــة فقــرات‪ ،‬نتعــرض في الفقــرة‬
‫األولى الى قوام واختصاصــات لجنــة حقــوق اإلنســان العربيــة‪ ،‬وفي الفقــرة الثانيــة آلليــات لجنــة حقــوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬وأما الفقرة الثالثة لتقييم آليات لجنة حقوق اإلنسان العربية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اختصاصات لجنة حقوق اإلنسان العربية‬

‫تتكون اللجنة من سبعة أعضاء تنتخبهم الدول األطـراف في الميثــاق بـاإلقتراع الســري‪ ،‬من مواطــني‬
‫الدول الطراف في الميثاق‪ .‬ويشترط في المرشحين لعضوية اللجنة أن يكونوا من ذوي الخــبرة والكفــاءة‬
‫العالية في مجال عملها‪.‬‬

‫ويمارس اعضاء اللجنة مهام بصفتهم الشخصــية وبكــل تجــرد ونزاهــة‪ ،‬وقــد حظــر الميثــاق أن تضــم‬
‫اللجنة أكثر من شخص واحد من مواطني الدولة الطرف‪.‬‬

‫وينتخب أعضاء اللجنة لمــدة أربــع ســنوات‪ ،‬على أن تنتهي واليــة ثالثــة من األعضــاء المنتخــبين في‬
‫اإلنتخاب األول بعد عامين‪ ،‬ويحددون عن طريقة القرعة‪ ،‬ويجوز انتخابهم مرة واحدة فقــط‪ .‬كمــا يــراعى‬
‫مبدأ التداول‪ ،‬وحظر الميثاق أن تضم اللجنة أكثر من شخص واحد من مواطــني الــدول األطــراف‪ ،‬وتعقــد‬
‫اللجنة اجتماعها األول بدعوة من المين العام‪ ،‬وتنتخب خاللــه رئيسـا ً للجنــة لمــدة عــامين قابلــة للتجديــد‬
‫لمرة واحدة (‪.)548‬‬

‫ولكون أعضاء اللجنة يتم اختيارهم باإلنتخابات من قائمة المرشـحين تقـدمها الـدول‪ ،‬واليتم تحديـدهم‬
‫أو اختيارهم بالتعيين‪ ،‬تعتبر اللجنة جهاز مستقل عن الدول األطراف(‪.)549‬‬

‫‪ ) (547‬د‪ .‬جورج جبور ‪ ،‬الميثاق العربي لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪ ) (548‬حول قوام اللجنة أنظر المادة (‪ )45‬من الميثاق العربي لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ ) (549‬د‪ .‬وائل عالم ‪ ،‬وثائق‪ $‬اإلتفاقية العربية البينية ذات الصلة بحقوق اإلنسان‪ ،‬األمانة العامة‪ ،‬الجامعة العربية‪ ،2005،‬ص‪.39‬‬

‫‪292‬‬
‫ويكتسب العاملون بها صفة خبراء‪ ،‬ويزاولون مهام بعديا ً عن تأثير دولهم‪ ،‬حيث يمثلون لدى مزاولة‬
‫مهامهم جميع الدول األطراف في الميثــاق‪ ،‬وليس دولهم الــتي قــامت بترشــيحهم‪ .‬ومن الواضــح أن آليــة‬
‫اختيار أعضائها تتقــاطع مــع اآلليــات األمريكيــة واألفريقيــة المتبعــة في اختيــار أعضــاء اللجــان‪ .‬كمــا أن‬
‫طريقة اختيار أعضاء اللجنة‪ ،‬يجعلها متميّزة ومختلفة عن آليــة اختيــار أعضــاء اللجنــة العربيــة الدائمــة‬
‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬والتي يتم اختيار أعضاها من قبل دولهم‪ ،‬ما يجعلها لجنة سياسية ‪ ،‬يصعب معها القدرة‬
‫على مزاولة مهامها بإستقاللية‪.‬‬

‫وتعد اللجنة اجتماعاتهــا في مقــر األمانــة العامــة لجامعــة الــدول العربيــة بالقــاهرة‪ ،‬ويجــوز لهــا عقــد‬
‫اجتماعاتها في أي بلد طرف في هذا الميثاق بنا ًء على دعوة منه‪.‬‬

‫وتتعهد الدول األطراف بأن تضمن ألعضاء اللجنة الحصانات الالزمة والضــرورية لحمــايتهم ضــد أي‬
‫شكل من أشــكال المضــايقات أو الضــغوط المعنويــة او الماديــة أو أي تبعــات قضــائية بســبب مــواقفهم أو‬
‫تصريحاتهم في إطار قيامهم بمهامهم كأعضاء في اللجنة(‪ .)550‬كما تتــولى جامعــة الــدولي العربيــة توفــير‬
‫المقومات المالية الالزمة لعمل اللجنة‪.‬‬

‫ويرى البعض أن مبدأ تشكيل اللجنة يعد أمراً إيجــابي في حــد ذاتــه‪ ،‬خاصــة وأن اللجنــة تشــكل اآلليــة‬
‫الوحيـــدة واليتميـــة‪ ،‬الـــتي نص عليهـــا الميثـــاق‪ ،‬للرقابـــة واإلشـــراف على أحكامـــه‪ ،‬إال أن صـــالحيات‬
‫واختصاصات اللجنة جاءت ضبابية وضعيفة للغاية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات لجنة حقوق اإلنسان العربية‬

‫لم يترك الميثــاق العــربي لحقــوق اإلنســان مجــاالت واســعة للجنــة من حيث اإلختصاصــات واآلليــات‪،‬‬
‫وحصر آليات رقابتها وإشرافها على تلقي التقارير من الدول األطراف‪ ،‬وهي تتشابه في ممارستها لهــذه‬
‫اآلليــة مــع غالبيــة اللجــان التعاقيــدة الدوليــة واإلقليميــة‪ ،‬خاصــة وأن آليــة تقــديم التقــارير من اآلليــات‬
‫المشتركة لكافة اللجان‪ ،‬ولكن ما يميّز هـذه اآلليـة بالنســبة للجنـة حقــوق اإلنسـان العربيــة "أنهـا اآلليــة‬
‫الوحيدة المتاحة للرقابة على أعمال الميثاق"(‪.)551‬‬

‫لقد ألزم الميثاق الدول األطراف بتقديم تقارير بشأن التدابير التي إتخذتها إلعمال الحقــوق والحريــات‬
‫المنصوص عليها في هذا الميثاق‪ ،‬وبيان التقدم المحرز لتمتع بهــا‪ ،‬ويتــولى األمين العــام لجامعــة الــدول‬
‫العربية بعد تسلمه التقارير إحالتها الى اللجنة للنظـر فيهـا وتقــدم الـدول األطـراف نـوعين من التقـارين‪،‬‬

‫‪ ) (550‬المادة (‪ )47‬من الميثاق العربي لحقوق اإلنسان‪.‬‬


‫‪ ) (551‬د‪ .‬محمد سعيد محمد الطيب‪ ،‬ضمانات حقوق اإلنسان وآليات الحماية في الميثاق العربي لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.193‬‬

‫‪293‬‬
‫التقرير األول يقدم الى اللجنة خالل سنة من تاريخ دخول الميثاق حيّز التنفيذ بالنســبة لكــل دولــة طــرف‪،‬‬
‫ومن ثم تقدم تقريراً دوريا ً كل ثالثة أعوام‪.‬‬

‫كما يجوز للجنة أن تطلب من الدول األطراف معلومات إضافية ذات صلة بتنفيذ الميثاق‪ ،‬إما من حيث‬
‫تعاطي اللجنة مع التقارير بعد تسلمها ‪ ،‬فإنها تقوم بدراستها‪ ،‬بحضور من يمثل الدولة المعمنية لمناقشة‬
‫التقرير ‪ ،‬وأخيراً تبدى اللجنة مالحظاتها وتقدم التوصيات الواجب إتخاذها طبقا ً ألهداف الميثاق‪.‬‬

‫كما تحيل اللجنة تقريراً سنويا ً يتضمن مالحظاتها وتوصــياتها الى مجلس الجامعــة عن طريــق األمين‬
‫العام(‪ .)552‬وتعمل اللجنة على إصدار تقاريرها ومالحظاتها الختامية تبعا ً لذلك مع السعي الى نشــرها على‬
‫نطاق واسع بإعتبارها وثائق علنية بمقتضى الميثاق(‪.)553‬‬

‫فهذه اآللية اليتيمة التي تمتلكها اللجنة‪ ،‬تنتهي بإصدار مالحظات وتوصيات الى مجلس جامعة الــدول‬
‫العربية والتكتسب أية صفة إلزامية‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬تقييم لجنة حقوق اإلنسان العربية‬

‫لقد جاء الميثاق في ثالث وخمسون مادة‪ ،‬ومن المســتغرب والمســتهجن أن أي من مــواده لم تتطــرق‬
‫لمهام واختصاصـات اللجنــة‪ ،‬مـا يعتــبر ثغـرة واضــحة في الميثــاق‪ .‬فاللجنـة التمتلـك أي من الصــالحيات‬
‫الجدية والهامة للقيام بدورها الرقابي واإلشرافي على امتثال الدول ألحكام الميثــاق‪ ،‬إال دارســة التقــارير‬
‫المقدمة من الدول األطراف‪ ،‬حيث تقوم اللجنة بمهمتها من خالل دراستها لتقارير الدول(‪.)554‬‬

‫ومن المستعجلـ أن صالحياتها في دراسة التقارير‪ ،‬لم تفرض لها مادة خاصة في الميثاق ‪ ،‬بــل جــرى‬
‫إدماجها في ذات المادة التي تتعهد بها الدول بتقديم تقارير بِشان التــدابير الــتي تتخــذها إلعمــال الحقــوق‬
‫والحريات المنصوص عليها في الميثاق(‪.)555‬‬

‫وإذا كان الميثاق العربي قد أخذ بما استقرت عليه األنظمة اإلقليمية في تشــكيل لجـان خــبراء مســتقله‬
‫عن الدول األطراف‪ ،‬إال انه جاء بعيداً عن األنظمة اإلقلميــة األخــرىمن حيث الصــالحية واألدوار الرقابيــة‬
‫واإلشرافية للجنة‪.‬‬

‫‪ ) (552‬حول آلية التعاطي مع التقارير‪ ،‬أنظر‪ :‬المادة (‪ )48‬من الميثاق العربي لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ ) (553‬د‪ .‬توفيق بوعشبة‪ ،‬الميثاق العربي لحقوق اإلنسان يدخل حيّز النفاذ اليوم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ ) (554‬د‪ .‬وائل عالم‪ ،‬وثائق اإلتفاقية العربية البينية ذات الصلة بحقوق اإلنسان‪ ،‬األمانة العامة‪ ،‬الجامعة العربية‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪ ) (555‬المادة (‪ )1 / 48‬من الميثاق العربي لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪294‬‬
‫خالصة القسم األول‬
‫بعد دراستنا المفصلة لموضوع حماية حقوق اإلنســان عامــة‪ ،‬والحقــوق السياســية خاصــة‪ ،‬من خالل‬
‫القسم األول الذي تناولنا فيه بالتحليل والتفصيل عبر فصلين متكــاملين‪ ،‬تطرقنــا في الفصــل األول منهمــا‬
‫الى المرجعية القانونية للحقوق السياسية‪ ،‬والفصل الثــاني لإلطــار المفــاهيمي للحقــوق السياســية وآليــة‬
‫حمايتها‪ .‬وبعد كل ذلك فقد خلصت الدراسة الى العديد من النتائج والتي يمكن حصرها في النطاق التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬حقوق اإلنســان هي مجموعــة المبــادئ والمعــايير المكتوبــة وغــير المكتبــة المتأصــلة في‬
‫الكرامة اإلنسانية‪ ،‬والمؤسسة على الحرية والمساواة لألفراد والجماعــات دون تميــيز‪ ،‬وواجبــة‬
‫اإلحترام في زمن السلم وزمن النزاعات المسلحة‪ .‬ورغم انها قديمة قدم اإلنسان‪ ،‬إال أن تأطيرها‬
‫قانونا ً على المستوى الدولي بدأ بعد الحرب العالمية الثانية‪.‬‬

‫‪ .2‬القانون الدولي لحقوق اإلنســان هــو فــرع جديــد من فــروع القــانون الــدولي‪ ،‬ويهــدف الى‬
‫حماية حقوق اإلنسان الفرديــة والجماعيــة في زمن الســلم والنزاعــات المســلحة‪ ،‬ووضــع آليــات‬
‫الحماية لها‪.‬‬

‫وقد ارتبــط الخــط النــاظم لتطــوره بجملــة من اإلتجاهــات الهامــة‪ ،‬وهي‪ :‬جدليــة اإلنتقــال من‬
‫الوطــني الى الــدولي‪ ،‬اإلعالن عن اإللــتزام من العــام الى الخــاص‪ .‬كمــا أســهم في تطــوره أربعــة‬
‫عوامل وهي‪ :‬تطور مركز الفرد في القانون الــدولي‪ ،‬وتطــور مفهــوم ســيادة الدولــة في القــانون‬
‫الدولي‪ ،‬وتنتمي دور المنظمات غير الحكومية‪ ،‬وتشكيل المحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬

‫وفي المقابل من ذلك يواجه القانون الدولي لحقوق اإلنسان عدة عوامل تســعى لكبح تطــوره‪،‬‬
‫هي‪ :‬تســييس القــانون‪ ،‬وصــراعات وتجاذبــات النظــام العــالمي الجديــد‪ ،‬واســتراتيجيات الحــرب‬
‫واإلرهاب‪.‬‬

‫‪ .3‬حظيت حقوق اإلنسان بإهتمام كبير على المستوى اإلقليمي‪ ،‬وكان اإلنطالقــة األولى لهــذا‬
‫اإلهتمام من القارة األوروبية ‪ ،‬وكــان مجلس أوروبــا هــو الرائــد في هــذا المجــال‪ ،‬وســرعان مــا‬
‫أنتشر هذا اإلهتمام للقارة األمريكية واألفريقية والوطن العربي أخيراً‪.‬‬

‫ولعبت اإلتفاقيات اإلقليمية لحقوق اإلنسان دوراً هاما ً في حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬حيث ســبقت‬
‫اإلتفاقايت الدولية في إعتماد آليات فعالة تسهر على حسن تطبيق نصوصها‪.‬‬

‫‪295‬‬
‫‪ .4‬وتتسم آليات الرقابـة والحمايـة لحقـوق اإلنسـان المعتمـد لـدى الجمعيـة العامـة بالضـعف‬
‫والهشاشة‪ ،‬كون توصياتها وقراراتها غير ملزمة ويقتصر دورهــا على األثــار األدبيــة‪ .‬هـذا عـدا‬
‫عن عــدم إمتالكهــا أليــة ســلطات تنفيذيــة تمكنهــا من ترجمــة قراراتهــا وتوصــياتها على أرض‬
‫الواقـــع‪ ،‬حيث يحتكـــر مجلس األمن ه ــذا اإلختصـــاص ‪ ،‬باإلضـــافة الى عجزهـــا عن التصـــويت‬
‫للقرارات واإلجراءات العقابية غير المشروعة‪ ،‬التي يتخــذها مجس األمن وفقـا ً للفصــل الســابع‪،‬‬
‫حيث يترتب على هذه القرارات انتهاكات بحقوق الشعوب‪.‬‬

‫‪ .5‬التميّز في التطبيقات والممارسات بين الدول‪ ،‬واعتماد سياسة الكيل بمكيالين‪.‬‬

‫‪ .6‬التســبب في اإلنتهاكــات والواســعة لحقــوق اإلنســان عــبر ساســة العقوبــات اإلقتصــادية‬


‫والتدخل السكري ــ تحت ذريعة محاربة اإلرهاب ــ والتي تخفي ورائها مصالح سايسية‪.‬‬

‫‪ .7‬تقوم اللجان التعاقدية أو التعامدية التي تشكلت بموجب اإلتفاقية الدولية لحقــوق اإلنســان‬
‫بدور رقابي وإشرافي على هذه اإلتفاقيات‪ ،‬وهي‪ :‬لجنة القضاء على التمييز العنصري ــ ـ اللجنــة‬
‫المعنية بحقوق اإلنسان ــ اللجنــة المعنيــة بــالحقوق اإلقتصــادية واإلجتمــاعي والثقافيــة ـــ لجنــة‬
‫القضاء على التمييز ضد المرأة ــ لجنة مناهضة التعذيب ــ الجنة المعنية بحقوق الطفــل ـــ لجنــة‬
‫حقوق العمال المهاجرين ــ اللجنة المعنية بحقوق األشخاص ذوي اإلعاقة‪.‬‬

‫‪ .8‬زيادة وتوسيع اإلهتمام بالتوعية بآليات الحماية الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬عبر إدماجها في‬
‫مناهج التعليم والبرامج اإلعالمية‪.‬‬

‫‪ .9‬تفعيل اآلليات الدولية واإلقليمية للقــانون الــدولي لحقــوق اإلنســان في مواجهــة إنتهاكــات‬
‫اإلحتالل‪.‬‬

‫‪296‬‬
‫الباب الثاني‪:‬‬

‫حماية الحقوق السياسية في سلطنة عمان والمملكة المغربية‬

‫‪297‬‬
‫الباب الثاني‪:‬‬

‫حماية الحقوق السياسية في سلطنة عمان والمملكة المغربية‬

‫تمهيد‪.‬‬

‫لقــد أثبتت التجربــة اإلنســانية أن المجتمــع الــذي ينشــد التقــدم والتمــدن والحضــارة يحتــاج الى بنيــة‬
‫سياســية ومدنيــة تشــكل الديمقراطيــة واحــترام الحقــوق والحريــات األساســية للمواطــنين‪ ،‬وتعــد اللبنــة‬
‫األساسية وحجر الزاورية في أساسها السليم‪ ،‬وكــل إعاقــة للديمقراطيــة ولحقــوق اإلنســان تكــرس للظلم‬
‫واإلستبداد‪ .‬كما أنها تعزز أركان الجمود والتخلف وضــعف اللحمــة الوطنيــة واستشــراء الفســاد في بنيــة‬
‫الدولة‪.‬‬

‫فاألساس السليم للبناء الديمقراطي هو الحرية‪ ،‬فإذا فقدت الحريــة تفقــد الديمقراطيــة معناهــا الحقيقي‬
‫السليم‪ ،‬وتتحول الى أداة قمع تعيق طاقات المجتمع(‪.)556‬‬

‫وقد نتج عن سقوط جدار برلين وإنهيار النظام الشيوعي إنتشار الفكر الديمقراطي وحقــوق اإلنســان‪،‬‬
‫حيث عرف هذا المـد العالمي إنتشاراً واسعا ً أصاب دول أوربا الشريقية‪ ،‬وتحقيق الرخاء اإلقتصادي مــع‬
‫ما نتج عنه من تنمية مستدامة‪ ،‬لن أهم مـا يميّـز دولـة القـانون هـو الحـد من السـلطة‪ .‬وتشـكل مرجعيـة‬
‫حقوق اإلنسان المظهراألول له‪ ،‬فدولة القانون تتضمن مفهوما ً للعالقات بين األفــراد والــدول ممــا يخلــق‬
‫إمكانية معارضة السلطة المبنية على القانون والحد من السلطة ناتج عن الرابط العضــوي الموجــود بين‬
‫الدولة واألمة (‪.)557‬‬

‫‪ ) (556‬احمد بلحاج السندن ‪ ،‬بعض مقومات‪ $‬دعم القانون والنهضوص بحقوق اإلنسان "رهانات وتحديات"‪ $،‬ص‪26‬‬
‫‪ ) (557‬محمد معتصم ‪ ،‬وقائع مناظرة القانون والممارسة في المغرب ‪ ،‬المجلة المغربية للقانون واإلقتصاد والتنمية‪ ،‬العدد ‪1993 ،31‬م‪ ،‬ص ‪.42‬‬

‫‪298‬‬
‫وبإعتبار كالً من سلطنة عمان والمغرب ينتميان الى دول العالم الثالث فإنها قد تأثرا بطريقــة مباشــرة‬
‫أو غير مباشرة من هذا المـد الديمقراطي والحقوقي‪ ،‬حيث صاحب ذلــك موجــة على المســتوى الــداخلي‪،‬‬
‫ظهرت بشكل واضح خالل حرب الخليج الثانية‪ ،‬تطالب بالديمقراطية وحقــوق اإلنســان‪ ،‬مثلتهــا األحــزاب‬
‫السياسية والمنظمات غير الحكومية المهتمة بالدفاع عن حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫ولقــد رافقت هــذه المطــالب إعالن الســلطة السياســية في كال البلــدين عن رغبتهــا في مواكبــة هــذه‬
‫التحوالت‪ ،‬وذلك عن طريق إعادة هيكلة الدولــة على المســتوى المؤسســاتي والقــانوني‪ ،‬وعلى أثــر ذلــك‬
‫قامت السـلطة في كال الــدولتين بإدخـال مجموعــة من التعــديالت على مجموعــة من القـوانين‪ ،‬وأيضـا ً تم‬
‫تأسيس مجموعة من المؤسسات الحقوقية الجديدة إعتباراً منها على أن هذه التدابير تعمــل على ترســيخ‬
‫وتدعيم الحقوق المدنية والسيايسية بسلطنة عمان والمغرب‪.‬‬

‫وإنطالقا ً مما سبق‪ ،‬سنحاول في هذا الباب التعرف على الضمانات القانونية للحقو السياسية‪ ،‬وآليــات‬
‫ممارسة الحقوق السياسية‪ ،‬مع بيان المقارنة في كال الدولتين‪ ،‬وذلــك أننــا نقســم هــذا البــاب الى قســمين‬
‫أساسيين وهما‪:‬‬

‫القسم األول‪ :‬الضمانات القانونية للحقوق السياسية‬

‫القسم الثاني‪ :‬ضمانات وآليات ممارسة الحقوق السياسية‬

‫‪299‬‬
‫القسم األول‪:‬‬

‫الضمانات القانونية للحقوق السياسية‬

‫‪300‬‬
‫القسم األول‪:‬‬

‫الضمانات القانونية للحقوق السياسية‬

‫ان حقوق اإلنسان هي الحقوق األصــلية في طبيعتهــا والــتي اليســتطيع اإلنســان العيش بــدونها‪ ،‬وهي‬
‫حقوق تولد مع اإلنسان وتتميّــز بانهــا واحــد في أي مكــان من المعمــوره‪ ،‬ويجب على الجميــع احترامهــا‬
‫وحمايتها على إعتبار أنها ليست من النظام العام العــام ‪ ،‬وانهــا ليســت وليــدة نظــام قــانوني واحــد‪ ،‬ولقــد‬
‫قطعت البشرية في تاريخها الطويل شوطا ً مهما ً في سبيل القاء على المظالم وأنــواع القهــر‪ ،‬رغب ـةً منهــا‬
‫في تعزيز حقوق اإلنسان وحمايتها(‪.)558‬‬

‫ولقد أصبحت حفوق اإلنسان اليوم جزء ال يتجزأ من دسادتير أغلب الدول‪ ،‬وكرست كل القوانين التي‬
‫أصدرها المجتمع الدولي الدعوة الصريحة بضرورة حماية حقوق اإلنسان وكرامته بما يضــمن صــيانتها‬
‫وعدم إنتهاكها‪ ،‬وهو ما يعتبر أحد أهم إنجازات البشــرية في هــذا المجــال والــتي بقيت تناضــل من أجلهــا‬
‫آالف السنين‪ ،‬وبذلت من أجل ذلك كل غال ونفيس‪ ،‬بل وحتى األرواح من أجل تغيير واقــع الظلم والجــور‬
‫الى واقع العدل والحق والحرية الى أن أصبح هذا الموضوع يشكل عصــب علم من اهم العلــوم وهــو علم‬
‫القانون والسياسة‪ ،‬وحظي بإهتمام كبير من قبل المفكرين والحقوقيين والفاعلين في مجــال الحريــات من‬
‫أجل إثراءه وتوضيح جميع اآلليات والضمانات التي وضعت خصيصا ً في مجال حماة حقوق اإلنسان(‪.)559‬‬
‫‪ ) (558‬خالد اإلدريسمي‪ ،‬حماية الحقوق المدنية والسياسية بين القانون واإلجتهاد القضائي‪ ،‬اطروحة لنيل الدكتوراة‪ ،‬جامعة عبدالمالك السعدي‪،‬‬
‫طنجه‪ ،‬بدون سنة طبع‪ ،‬ص ‪.2 ،1‬‬
‫‪ ) (559‬عصام ربابعه‪ ،‬المرشد للحقوق المدنية والسياية ‪ ،‬منشورات عدالة حقوق اإلنسان‪ ،‬األرد‪ ،2005 ،‬ص ‪.256‬‬

‫‪301‬‬
‫وتحتــل حقــوق اإلنســان مكانــة بــارزة في الــديانات الســماوية‪ ،‬وكــذا اإلهتمامــات الفكريــة والفلســفية‬
‫ومساهمة جميــع الحضـارات اإلنســانية في تأصـيل الحريــة والكرامــة‪ ،‬لهــذا نجـد أن الشـريعة اإلسـالمية‬
‫تناولت حقوق اإلنسان في تأصيل الحرية والكرامة على أنها تستمد شرعيتها من أحكامـ الدين اإلسالمي‪،‬‬
‫وتقوم على سلطان العقلـ وكرامة اإلنسان‪ ،‬وترسيخ مبدأ المســاواة والمنزلــة الــتي فضــلت اإلنســان على‬
‫جميع المخلوقات والتي خولته خالفة هللا في األرض‪.‬‬

‫وأهـــل القـــانون في الشـــريعة اإلســـالمية هـــو الحكم بمـــا أنـــزل هللا‪ ،‬وتأســـيس العالقـــة بين الحـــاكم‬
‫والمحكومين على أساس الشورى‪ ،‬وأن حدود هللا هي الفاصل بين الحقوق والواجبات التي تروم احــترام‬
‫أعراض النس وحياتهم وأموالهم وحرمة بيوتهم وشؤون الخاصة(‪.)560‬‬

‫ولقد سار مفهومـ حقوق اإلنسان من المفاهيم والمصطلحات الشائعة اإلستخدام في األدبيات السياسية‬
‫الحديثة وفي الخطاب السياسي المعاصر بشكل عام‪ ،‬وإن كانت العديد من الكتابات الــتي أســتخدمت هــذام‬
‫المفهومـ لم تهتم بتأصيله بل أصبح لشدة شيوعه يستعمل بــدون تمحيص وكانــه ال مجــال لمراجعتــه‪ ،‬لــذا‬
‫كان من المهم قراءة المفهومـ في أصوله الغربية ومقارنته بوضع اإلنسان وحقوق وواجباته في اإلسالم‪.‬‬

‫ولمفهومـ اإلسالم قبوالً على المسـتوى األكـاديمي والمسـتوى السياسـي الـدولي على حـد سـواء‪ ،‬فقـد‬
‫حاولت العديد من األدبيات العربية إضفاء الصبغة اإلســالمية على المفهــوم‪ ،‬فــبرزت كتابــات تتحــدث عن‬
‫حقوق اإلنسان في اإلسالم واحتفظتـ بنفس مفردات الميثاق العــالمي لحقــوق اإلنســان الصــادر عن األمم‬
‫المتحدة‪ ،‬وهو ما يجعل اإلطار الغربي للمفهوم هو المرجعية(‪.)561‬‬

‫وللوصول الى التأصيل الجيد للموضوع كان البد من بيان الضمانات الدستورية والتشــريعية للحقــوق‬
‫السياســية ســوا ًء على المســتوى الــدولي أو على مســتوى القــانون الــداخلي‪ .‬وســوف نقتصــر على بيــان‬
‫الضمانات للحقوق السياسية في القانون الداخلي في كل من المملكة المغربية وســلطنة عمــان‪ ،‬مــع بيــان‬
‫الممارسة الفعلية للحقوق والحريات في البلدين‪ ،‬والتي سنوردها في فصلين‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬الضمانات الدستورية والتشريعية للحقوق السياسية‬

‫الفصل الثاني‪ :‬الممارسة الفعلية للحقوق السياسية في البلدين‬

‫‪ ) (560‬يوسف البحيري‪ ،‬حقوق اإلنسان "المعايير الدولية وآلية الرقابة"‪ ،‬مطبة وراقه الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2012 ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ ) (561‬يوسف البحريري‪ ،‬حقوق اإلنسان في النظام الدولي‪ ،‬المطعبة الوطنية ‪ ،‬مراكش‪2003 ،‬م‪ ،‬ص‪.12‬‬

‫‪302‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الضمانات الدستورية والتشريعية للحقوق السياسية‬

‫تعد الحقوق السياسية من أهم مواضيع حقوق االنسان على الصعيد الوطني واإلقليمي والدولي‪ ،‬فهي‬
‫تشكل الجيل األول لموضوع حقوق االنسان‪ .562‬ألنها تمثل الحقوق اللصيقة بشخصية الف رد ال تي ال يمكن‬
‫التنازل عليها‪ .‬وفي نفس الوقت هي حقوق سلبية ال يشترط من الدولة سوى االعتراف بها‪ .‬عكس الحقوق‬
‫ال تي يش ترط من الدول ة‬ ‫‪563‬‬
‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية التي صنفت على أنها حق وق الجي ل الث اني‬
‫التدخل من أجل تجسيدها‪.‬‬

‫ويعتبر العهد الدولي للحقوق السياسية أشمل وثيقة حقوقية دولية تق ر وتض من جي ل الحق وق السياس ية‪،‬‬
‫كما أنها تضع آلية لمراقبة مدى تطبيق الدول واحترامها اللتزاماتها على مستوى احترام الحقوق السياس ية‪.‬‬
‫‪564‬‬

‫‪562‬‬
‫‪-‬‬‫يه الفئة التقليدية األوىل من فئات حقوق الانسان و يه تتكون من نوعني من احلقوق‪ ،‬حقوق مدنية و يقص د هبا تكل احلق وق ال يت تثبت للف رد‪،‬‬
‫مالزمة هل ولصيقة بطبيعته البرشية وال متايز بني الافراد يف هذه احلقوق‪ ،‬ال جيوز الترصف فهيا ال تسقط وال تكتسب ابلتقادم وال تنتقل ابلوفاة اكحلق يف‬
‫احلي اة‪ ،‬حرض التع ذيب‪ ،‬احلق يف احلري ة و الامن ‪ ....‬وحق وق سياس ية و يه تكل احلق وق ال يت تثبت لإل نس ان كون ه رشياك يف جممتع سيايس و ت دعى‬
‫‪.‬ابحلقوق ادلستورية وتمتثل يف حرية التعبري والتجمع‪ ،‬حق الانتخاب والرتحش‪ ،‬حق تقدل الوظائف العامة‬
‫‪563‬‬
‫يتضمن اجليل الثاين احلقوق الاقتصادية والاجامتعية والثقافية اليت ختّول صاحهبا احلق يف اقتض اء خدم ة أساس ية من ادلوةل‪ ،‬وتف رض علهيا الزتام ات‬
‫إجيابّيا‪ ،‬حيث ميكن لأل فراد المتتع هبا‪ .‬وتضّ مهنا اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان يف املواد ‪ 22‬إىل ‪ 27‬إىل أن صدر العه د ادلويل اخلاص ابحلقوق الاقتص ادية‬
‫‪.‬والاجامتعية والثقافية يف ‪ 61‬ديسمرب ‪ 6611‬اذلي يؤكد هذا النوع من احلقوق‬
‫‪564‬‬
‫‪.‬محمد سعدي‪ :‬حقوق الانسان األسس‪ ،‬املفاهمي واملؤسسات‪ ،‬مطبعة آنفو‪ -‬برانت‪ ،12 ،‬شارع القادسية‪ -‬الليدو‪ -‬فاس‪ ،‬الصفحة‪152 :‬‬

‫‪303‬‬
‫ويقصد بالضمانات الدستورية والتشريعية للحقوق السياسية تلك الضمانات المقررة دس توريا وقانوني ا‬
‫التي كرس ها المش رع بُغي ة حماي ة حق وق االنس ان بص فة عام ة‪ ،‬والحق وق السياس ية بص فة خاص ة من‬
‫التعسف واالضطهاد الدي قد يلحقها سواء من طرف الدولة أو االفراد‪.‬‬

‫ونظرا ألهمية الحقوق السياسية في حي اة الف رد والمجتم ع س عت الدس اتير العربي ة؛ خاص ة الدس تور‬
‫المغربي وسلطنة عمان عن ما جرى عليه الوضع بالنسبة ألن واع الض مانات‪ ،‬حيث لج أت إلى تض مينها‬
‫في الدساتير وتشريعاتها العادية والتنظيمية وسن ضمانات وآليات لحماية وتجسيد الحقوق السياسية تمام ا‬
‫كما ه و متع ارف علي ه في النظم السياس ية الديمقراطي ة‪ .‬وه و موض وع ه ذا الفص ل حيث س يتناول في‬
‫المبحث األول الحقوق السياسية في دس اتير البل دين وض مانات حمايته ا‪ ،‬وفي المبحث الث اني الض مانات‬
‫التشريعية للحقوق السياسية في كال البلدين‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الحقوق السياسية في دساتير البلدين‪.‬‬

‫تمثل الحقوق السياسية على المستوى التاريخي الجيل األول لحقوق االنسان‪ ،‬تمت صياغة مبادئه ا في‬
‫القرنين السابع عشر والثامن عش ر‪ ،‬وته دف ه ده الحق وق إلى ال دفاع عن الحري ات الفردي ة ض د س لطة‬
‫‪565‬‬
‫الدولة‪ ،‬لهدا تسمى بحقوق الحريات‪.‬‬

‫وتشكل الحقوق السياسية جزءا ال يتجزأ من الحقوق األساس ية لإلنس ان‪ ،‬والحق وق السياس ية هي تل ك‬
‫الحقوق المرتبطة بالمجال العام والتي خوله ا الق انون لك ل م واطن للمش اركة في تس يير الش ؤون العام ة‬
‫والتأثير على مراكز القرار‪.‬‬

‫ونظرا ألهمي ة الحق وق السياس ية في حي اة الف رد والمجتم ع‪ ،‬ح اول المش رع المغ ربي والعم اني إلى‬
‫تضمينها في الدساتير وباقي النصوص التشريعية‪.‬‬

‫وتبعا لذلك سيتعرض المطلب األول للحقوق السياس ية في النظ ام األساس ي لس لطة عم ان ويخص ص‬
‫المطلب الثاني للحقوق السياسية في الدستور المغربي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الحقوق السياسية في النظام األساسي لسلطة عمان‪.‬‬

‫‪565‬‬
‫‪ ،12‬شارع القادسية‪ -‬الليدو‪ -‬فاس‪ ،‬ص ‪- 152‬‬ ‫‪.‬محمد سعدي‪ :‬حقوق الانسان األسس‪ ،‬املفاهمي واملؤسسات‪ ،‬مطبعة آنفو‪ -‬برانت‪،‬‬

‫‪304‬‬
‫الحق وق السياس ية لإلنس ان تض منتها االتفاقي ات الدولي ة واالعالن ات والمعاه دات الدولي ة‪ ،‬كم ا‬
‫تضمنتها التشريعات العمانية‪ ،‬ومن بين التعاريف المقدمة للحقوق السياسية هي التي تتن اول "العالق ة بين‬
‫الحاكم والمحكوم وحق الرعية في حكم نفسها بنفسها"‪ 566،‬كم ا يمكن إطالق مص طلح الحق وق السياس ية‬
‫على الحقوق التي تثبت للشخص باعتباره عضوا في جماعة سياسية معين ة‪ ،‬تمكن ه من االس هام في إدارة‬
‫ش ؤون ه ذه الجماع ة‪ ،‬أو هي الحق وق ال تي يكتس بها الش خص باعتب اره عض وا في هيئ ة سياس ية‬
‫معينة‪567،‬ويمكن تعريف الحقوق السياسية بأنها تلك الحقوق التي تسمح للمواطنين بالمشاركة في ممارس ة‬
‫‪568‬‬
‫السلطة في الدولة‪.‬‬

‫وقد رعت الصكوك الدولية واإلقليمية والوطنية لحقوق االنس ان الحق وق السياس ية‪ ،‬وي أتي في مقدم ة‬
‫تل ك الرعاي ة العالمي ة اإلعالن الع المي لحق وق االنس ان‪ ،‬وال ذي س تأتي نص وص م واده من خالل م ا‬
‫سنعرضه من تلك الحقوق‪ .‬كم ا نص ت أغلب دول مجلس التع اون الخليجي في دس اتيرها على جمل ة من‬
‫الحقوق السياسية‪ ،‬بما فيها النظام األساسي لسلطنة عمان‪ ،569‬ومن جملة تلك الحقوق ما يأتي‪:‬‬

‫الحق في المساواة‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫يعد مبدأ المساواة من المبادئ التقليدية وقب ل أن يك ون من المب ادئ الحقوقي ة األساس ية في التش ريع‬
‫العماني هو مبدأ أصيل من أصول وأحك ام الش ريعة اإلس المية‪ ،‬حيث ورد ض من ع دة نص وص قرآني ة‬
‫وأحاديث نبوية منها‪ :‬قول هللا تعالى‪ " :‬يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذك ر وأن ثى وجعلن اكم ش عوبا وقبائ ل‬
‫فالتقوى حسب اآلية الكريمة هي أساس التك افؤ‬ ‫‪570‬‬
‫لتعارفوا إن أكرمكم عند هللا أتقاكم إن هللا عليم خبير‪".‬‬
‫بين العباد وال معيار نسبي غير ذلك‪ 571،‬لذلك كان من الطبيعي أن يعمد المشرع العماني إلى االرتق اء ب ه‬
‫والتنصيص علي ه في النظ ام األساس ي‪ ،‬ج اعال من ه الض مانة األساس ية واالل تزام الق انوني في ممارس ة‬
‫الحقوق السياسية بين جميع األفراد دون تمييز بينهم بسبب ال دين أو الل ون أو الجنس أو الع رق أو اللغ ة‪،‬‬
‫حينما تتوفر فيهم الشروط القانونية‪.‬‬

‫كما تعتمد جل األنظمة السياسية للدول هذا المبدأ‪ ،‬كما أخذ به اإلعالن العالمي لحقوق االنس ان وجعل ه‬
‫متصدرا مواده المعنية بالحقوق والواجبات التي تنظم العالقة بين الفرد والدولة في المجال الحق وقي‪ ،‬فق د‬
‫نصت المادة األولى منه على أنه‪ " :‬يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحق وق"‪ ،‬وتبعته ا‬
‫‪566‬‬
‫‪.‬حسىن مقر‪ :‬امحلاية اجلنائية حلقوق السياسية دراسة مقارنة بني الترشيعني الفرنيس واملرصي‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مرص‪ ،2006 ،‬الصفحة‪- 03 :‬‬
‫‪567‬‬
‫لوايف سعيد‪ :‬امحلاية ادلستورية للحقوق السياسية يف اجلزائر‪ ،‬أطروحة لنيل شهاد املاسرت يف احلقوق ختصص قانون دستوري‪ ،‬جامعة محمد خيرض ‪-‬‬
‫‪ –.‬بسكرة‪ ،‬لكية احلقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة اجلامعية ‪ ،2010 -2009‬الصفحة‪7 :‬‬
‫‪568‬‬
‫‪.‬زهري شكر‪ :‬الوسيط يف القانون ادلستوري‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬املؤسسة اجلامعية لدلراسات والنرش والتوزيع‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،1994 ،‬الصفحة‪- 145 :‬‬
‫‪569‬‬
‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية بسلطنة عامن‪ ،‬النظام األسايس لدلوةل الصادر ابملرسوم السلطاين رمق ‪1417 ،96/101‬ه‪1992/‬م ‪-‬‬
‫‪570‬‬
‫‪.‬سورة احلجرات‪ ،‬اآلية ‪- 13‬‬
‫‪571‬‬
‫‪.‬محمد بن سيف بن دومي الشعييل‪ ،‬احلقوق اإلنسانية حمو القوانني العامنية‪ ،‬اللجنة العامنية حلقوق الانسان‪ ،‬دون ذكر املطبعة والسنة‪ ،‬الصفحة‪- 52 :‬‬

‫‪305‬‬
‫المادة السابعة من نفس اإلعالن بالقول‪" :‬الناس جميعا سواء أمام الق انون‪ ،‬وهم يتس اوون في ح ق التمت ع‬
‫بحماية القانون دونما تمييز‪ ،‬كما يتساوون في حق التمتع بالحماية من أي تمي يز ينته ك ه ذا اإلعالن ومن‬
‫‪572‬‬
‫أي تحريض على مثل هذا التمييز‪".‬‬

‫ولعل المتمعن في النظام األساسي للدولة في س لطة عم ان‪ ،‬يج د أن ه نظم الحق وق والواجب ات تنظيم ا‬
‫شامال وواض حا‪ ،‬بحيث أرس ى مب دأ المس اواة بين الجمي ع أم ام األنظم ة والق وانين الس ارية في مختل ف‬
‫المناحي والمجاالت‪ .‬كما أقر النظام األساسي للدولة في المادة السابعة عشر ‪ 17‬من الباب الثالث الموسوم‬
‫بالحقوق والواجبات العامة على هذا المبدأ‪ ،‬حيث نصت على أن المواطنون جميعهم سواسية أمام القانون‪،‬‬
‫وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة‪ ،‬وال تمييز بينهم بسبب الجنس‪ ،‬أو األصل أو الل ون أو اللغ ة‬
‫أو الدين أو المذهب أو الموطن أو المركز االجتماعي‪.573‬‬

‫وتبع ا ل ذلك ال يجب التمي يز بين المواطن ات والمواط نين من أج ل ممارس ة حق وقهم السياس ية المكفول ة‬
‫قانونيا‪ ،‬وال تفريق في المعاملة بين مواطن وأخر أو فئة وأخرى بدون مبررات شرعية‪ ،‬حيث تعد هذه المادة‬
‫من المرتكزات األساسية التي يقوم عليها النظام األساسي في السلطنة‪.‬‬

‫حق الترشح واالنتخاب‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫إن الديمقراطية تقوم على أساس تحقيق الحرية السياسية‪ ،‬وهي في تعريفها الواسع يقصد بها حكم الشعب‬
‫نفسه بنفسه حسب التعريف االغ ريقي ال ذي يع د الن واة األولى لفك رة الديمقراطي ة‪ ،‬وال يت أتى ذل ك إال عن‬
‫طريق آلية االنتخاب والترشح لالنتخابات‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬تعتبر هذه األخيرة مصدر وسند شرعية السلطة‪574،‬وهي الوسيلة الديمقراطي ة الختي ار‬
‫الحكام‪ .‬فبعد أن كان الحاكم من قبل واحدا من معطيات الطبيعة مثل األرض والجو والمرض وعلى اإلنسان‬
‫‪575‬‬
‫أن يتقبلها حسب األستاذ دوفرجيه‪.‬‬

‫كما يوجد ارتباط وثيق بين المبدأ الديمقراطي والترشح واالنتخاب كوس يلة إلس ناد الس لطة حس ب الفقي ه‬
‫ثروت بدوي‪ ،‬بمعنى أنه ال قيام للديمقراطية ما لم يكن االنتخاب وس يلة الختي ار الحك ام‪ ،‬وبق در التوس ع في‬

‫‪.‬محمد بن سيف بن دومي الشعييل‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬الصفحة‪- 53 :‬‬


‫‪572‬‬

‫‪573‬‬
‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية بسلطنة عامن‪ ،‬النظام األسايس لدلوةل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪- 10 :‬‬
‫‪574‬‬
‫للتفصيل أكرث انظر‪ :‬رشاد أمحد حيىي الرصاص‪ :‬النظام الانتخايب يف امجلهورية المينية دراسة مقارنة‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة ادلكتوراه‪ ،‬لكية احلقوق عني مشس السنة ‪-‬‬
‫‪.‬اجلامعية ‪ ،1996 -1995‬الصفحة‪40 :‬‬
‫‪.‬أمحد رسالن‪ :‬النظم السياسية والقانون ادلستوري‪ ،‬دار الهنضة العربية سنة ‪ ،1997‬الصفحة‪- . 194 :‬‬
‫‪575‬‬
‫‪.‬نقال عن محمد فرغيل محمد عيل‪ :‬نظم وإ جراءات انتخاب أعضاء اجملالس احمللية يف ضوء القضاء والفقه‪ ،‬دراسة تأصيلية وتطبيقية‪ ،‬دار الهنضة العربية ‪ ،1998‬الصفحة‪- 58 :‬‬

‫‪306‬‬
‫تقرير حق االنتخاب وتعميق تطبيقه في تشكيل السلطات المختلفة في الدولة بقدر ما يكون النظام ديمقراطي ا‪.‬‬
‫‪576‬‬

‫ونظرا ألهمية هذه الحقوق فقد أقرها اإلسالم الحنيف قب ل الق وانين الوض عية‪ ،‬ومم ا ي دل على ذل ك ع دة‬
‫نصوص شرعية تأكد تطبيقها بتقنينها الواقعي في مواد التشريعات القانونية المختلفة‪ .‬ويقول سبحانه وتع الى‬
‫في س ورة الش ورى‪" :‬وال ذين اس تجابوا ل ربهم وأق اموا الص الة وأم رهم ش ورى بينهم ومم ا رزقن اهم‬
‫ينفقون"‪ .577‬وسيرة النبي عليه أفضل الصالة والسالم وأصحابه حافلة بتقرير حق الترشح واالنتخاب حس ب‬
‫األصلح واألجدر إلدارة وتولي شؤون العباد بما تكون فيه مصلحة العباد‪ ،‬ومن ذل ك تطبيق ه ص لى هللا علي ه‬
‫وسلم ذلك في أسرى غزوة أحد واختيار موق ع غ زوة ب در‪ ،‬وأخ د س يدنا أبي بك ر – رض ي هللا عن ه ب رأي‬
‫‪578‬‬
‫الصحابة في جمع القرآن في مصحف واحد بعد وفاته صلى هللا عليه وسلم خوفا على ضياعه‪.‬‬

‫كم ا كفلت المواثي ق العالمي ة واإلقليمي ة لحق وق االنس ان ح ق الترش ح واالنتخ اب وكرس ته دس اتير‬
‫وتشريعات العديد من الدول كأحد الحقوق السياسية ال تي يتمت ع به ا المواطن ات والمواط نين؛ ومنه ا النظ ام‬
‫األساسي لسلطنة عمان تحت القيادة الحكيمة لصاحب السلطان قابوس بن سعيد‪.‬‬

‫حيث كانت سياسة الدولة العمانية في ظل القيادة الحكيمة حافلة باآلخذ بحق الديمقراطي ة ومب دأ الش ورى‬
‫المس تمد من الش ريعة اإلس المية‪ ،‬ومم ا أدل على ذل ك م ا نص ت علي ه ص راحة الم ادة التاس عة من النظ ام‬
‫األساسي للدولة العمانية حيث نصت على أن يقوم الحكم في السلطنة على أساس العدل والشورى والمساواة‪.‬‬
‫‪579‬‬
‫وللمواطنين وفقا لهذا النظام األساسي والشروط التي يبينها القانون حق المشاركة في الشؤون العامة‪.‬‬

‫باإلض افة إلى إح داث مجلس عم ان المتض من مجلس الش ورى‪ -‬المنتخب أعض ائه من قب ل الش عب‪-‬‬
‫ومجلس الدولة‪ -‬المعين أعضائه من قبل الحكومة‪ 580،-‬كما أشار إلى ذلك الباب الخامس ) مجلس عمان( في‬
‫المادة ‪ 58‬من النظام األساسي للدولة حيث جاء فيها‪ :‬يتكون مجلس عمان من‪:‬‬

‫مجلس الشورى ومجلس الدولة‪:581‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪.‬ثروت بدوي‪ :‬النظم السياسية‪ ،‬دار الهنضة العربية طبعة ‪ ،199‬الصفحة‪- 210 :‬‬
‫‪576‬‬

‫‪577‬‬
‫‪.‬سورة الشورى‪ ،‬اآلية ‪- 38‬‬
‫‪578‬‬
‫‪.‬نقال عن محمد بن سيف بن دومي الشعييل‪ :‬احلقوق اإلنسانية حمو القوانني العامنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪- 55 :‬‬
‫‪579‬‬
‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬املادة ‪ 9‬من النظام األسايس لدلوةل‪ ،‬مرجع سابق ‪-‬‬
‫‪580‬‬
‫‪.‬محمد بن سيف بن دومي الشعييل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪- 55 :‬‬
‫‪581‬‬
‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬النظام األسايس لدلوةل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪- 23 :‬‬

‫‪307‬‬
‫يقوم هذان المجلسان بدور مهيكل في المجال التشريعي‪ ،‬من خالل المراجعات وتعديل القوانين المختلفة‬
‫والمشاركة الفعلية في القضايا المتعلقة بتدبير الشأن العام‪ ،‬حيث نص على ما يقومان به من مه ام في النظ ام‬
‫األساسي المواد اآلتية‪:‬‬

‫تحال مشروعات القوانين التي تعدها الحكومة إلى مجلس عمان إلقراره ا أو تع ديلها‪ ،‬ثم رفعه ا مباش رة‬
‫إلى جاللة السلطان إلصدارها‪.‬‬

‫وفي حال إجراء تع ديالت من قب ل مجلس عم ان على مش روع الق انون يك ون لجالل ة الس لطان رده إلى‬
‫‪582‬‬
‫المجلس إلعادة النظر في تلك التعديالت ثم رفعه إلى جاللة السلطان‪.‬‬

‫لمجلس عمان اقتراح مشروعات قوانين وإحالتها إلى الحكوم ة لدراس تها ثم إعادته ا إلى المجلس‪ ،‬وتتب ع‬
‫‪583‬‬
‫بشأن إقرارها أو تعديلها وإصدارها ذات اإلجراءات المنصوص عليها في المادة )‪ )58‬مكررا )‪( 35‬؛‬

‫تحال مشروعات الق وانين من مجلس ال وزراء إلى مجلس الش ورى ال ذي يجب علي ه البت في المش روع‬
‫بإقراره أو تعديله خالل أشهر على األكثر من تاريخ اإلحالة إليه‪ ،‬ثم إحالته إلى مجلس الدولة الذي يجب عليه‬
‫البت بإقراره أو تعديله خالل خمسة وأربعين يوما على األكثر من تاريخ اإلحالة إليه‪ ،‬فإذا اختل ف المجلس ان‬
‫بشأن المشروع اجتمعا في جلسة مشتركة برئاسة رئيس مجلس الدولة وبدعوة من ه لمناقش ة أوج ه االختالف‬
‫بين المجلسين‪ ،‬ثم التصويت على المشروع في ذات الجلسة‪ ،‬وتصدر القرارات باألغلبية المطلق ة لألعض اء‬
‫الحاضرين‪ ،‬وفي جميع األحوال على رئيس مجلس الدولة رفع المشروع إلى جاللة السلطان مشفوعا ب رأي‬
‫‪584‬‬
‫المجلسين؛‬
‫تحال مشروعات القوانين التي لها صفة االس تعجال من مجلس ال وزراء إلى مجلس الش ورى ال ذي يجب‬
‫عليه البت في المشروع بإقراره أو تعديله خالل شهر على األكثر من تاريخ اإلحالة إليه ثم إحالته إلى مجلس‬
‫الدولة الذي يجب عليه البت فيه بإقراره أو تعديله خالل خمس ة عش ر يوم ا على األك ثر من ت اريخ اإلحال ة‪،‬‬
‫‪585‬‬
‫وعلى رئيس مجلس الدولة رفعه إلى جاللة السلطان مشفوعا برأي المجلسين‪.‬‬
‫لجاللة السلطان إصدار مراسيم سلطانية لها قوة القانون فيها بين دورات انعقاد مجلس عمان وخالل ف ترة‬
‫‪586‬‬
‫حل مجلس الشورى وتوقف جلسات مجلس الدولة‪.‬‬

‫‪582‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬املادة )‪ )58‬مكررا )‪ (35‬من النظام األسايس لدلوةل‪ ،‬مرجع سابق‬
‫‪583‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬املادة )‪ )58‬مكررا )‪ )36‬من النظام األسايس لدلوةل‪ ،‬مرجع سابق‬
‫‪584‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬املادة )‪ )58‬مكررا )‪ )37‬من النظام األسايس لدلوةل‪ ،‬مرجع سابق‬
‫‪585‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬املادة )‪ )58‬مكررا )‪ )38‬من النظام األسايس لدلوةل‪ ،‬مرجع سابق‬
‫‪586‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬املادة )‪ )58‬مكررا )‪ )39‬من النظام األسايس لدلوةل‪ ،‬مرجع سابق‬

‫‪308‬‬
‫تح ال مش روعات خط ط التنمي ة والميزاني ة الس نوية للدول ة من مجلس ال وزراء إلى مجلس الش ورى‬
‫لمناقشتها وإبداء توصياتها بشأنها خالل شهر على األكثر من تاريخ اإلحالة إليه‪ ،‬ثم إحالتها إلى مجلس الدولة‬
‫لمناقشتها وإبداء توصياته بشأنها خالل خمسة عشر يوم ا على األك ثر من ت اريخ اإلحال ة إلي ه‪ ،‬وعلى رئيس‬
‫مجلس الدول ة إعادته ا إلى مجلس ال وزراء مش فوعة بتوص يات المجلس ين وعلى مجلس ال وزراء إخط ار‬
‫‪587‬‬
‫المجلسين بما لم يتم األخذ به من توصياتهما في الشأن مع ذكر األسباب‪.‬‬
‫تحال مشروعات االتفاقيات االقتصادية واالجتماعية التي تعتزم الحكوم ة إبرامه ا أو االنض مام إليه ا إلى‬
‫مجلس الشورى‪ ،‬إلب داء مالحظات ه وع رض م ا يتوص ل إلي ه بش أنها على مجلس ال وزراء التخ اذ م ا ي راه‬
‫‪588‬‬
‫مناسبا‪.‬‬
‫على جهاز الرقابة المالية واإلدارية للدولة إرسال نسخة من تقريره الس نوي إلى ك ل من مجلس الش ورى‬
‫‪589‬‬
‫ومجلس الدولة‪.‬‬
‫يجوز بناء على طلب موقع من خمسة عشر عضوا على األقل من أعضاء مجلس الشورى اس تجواب أي‬
‫من وزراء الخدمات في األمور المتعلقة بتجاوز صالحياتهم بالمخالفة للقانون‪ ،‬ومناقشة ذلك من قبل المجلس‬
‫‪590‬‬
‫ورفع نتيجة ما يتوصل إليه في هذا الشأن إلى جاللة السلطان‪.‬‬
‫على وزراء الخ دمات مواف اة مجلس الش ورى بتقري ر س نوي عن مراح ل تنفي ذ المش اريع الخاص ة‬
‫بوزاراتهم‪ ،‬وللمجلس دع وة أي منهم لتق ديم بي ان عن األم ور الداخل ة في اختصاص ات وزارت ه ومناقش ته‬
‫‪591‬‬
‫فيها‪.‬‬
‫يستشف من المهام و االختصاصات المشار إليها أعاله والممنوحة لمجلسي الشورى والدولة‪ ،‬أنها تشكل‬
‫أدوات قانونية لمراقبة عمل الوزراء‪ ،‬غير أنه يتعين تقوية اإلختصاصات الرقابية للمجلسين في أفق إرساء‬
‫العم ل ال ديمقراطي وفق ا للمفه وم العص ري‪ ،‬ولم ا يعكس س عي الس لطنة إلى تفعي ل مش اركة المواطن ات‬
‫والمواطنين في صناعة القرار العمومي‪ ،‬بشكل غير مباشر عن طريق ممثليهم الدين انتخبوهم‪.‬‬
‫وبما أن حق الترشح واالنتخاب من الحقوق السياسية التي يتمتع بها كل فرد من أفراد المجتمع‪ ،‬ف إن م ا‬
‫يميز هذه الحقوق عن غيرها من الحقوق والحريات‪ ،‬تتمثل في أحقية الحصول عليها مرتب ط بس لوك الف رد‬
‫وامتثاله للق انون واحترام ه‪ ،‬حيث ع د ق انون الج زاء العم اني‪ 592‬الحرم ان من ه ذه الحق وق من العقوب ات‬

‫‪587‬‬
‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬املادة )‪ )58‬مكررا )‪ )40‬من النظام األسايس لدلوةل‪ ،‬مرجع سابق ‪-‬‬
‫‪588‬‬
‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬املادة )‪ )58‬مكررا )‪ )41‬من النظام األسايس لدلوةل‪ ،‬مرجع سابق ‪-‬‬
‫‪589‬‬
‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬املادة )‪ )58‬مكررا )‪ )42‬من النظام األسايس لدلوةل‪ ،‬مرجع سابق ‪-‬‬
‫‪590‬‬
‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬املادة )‪ )58‬مكررا )‪ )43‬من النظام األسايس لدلوةل‪ ،‬مرجع سابق ‪-‬‬
‫‪591‬‬
‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬املادة )‪ )58‬مكررا )‪ )44‬من النظام األسايس لدلوةل‪ ،‬مرجع سابق ‪-‬‬
‫‪592‬‬
‫وزارة الشؤون القانونية بسلطنة عامن‪ ،‬قانون اجلزاء العامين‪ ،‬الصادر ابملرسوم السلطاين رمق‪ ،7/74‬منشور يف اجلريدة الرمسية رمق ‪- ،25‬‬
‫‪1/4/1974.‬‬

‫‪309‬‬
‫الفرعية أو اإلضافية التي قد تحول دون ممارستها على مرتكبي الج رائم وف ق أوض اع معين ة‪ ،‬حيث يحكم‬
‫بالحرمان من الحقوق السياسية السالفة الذكر وفق ما يأتي‪:‬‬
‫الحرمان من الحقوق المدنية‪ ،‬للمحكوم عليه بعقوبة السجن المؤبد اإلرهابية يح رم من ممارس ة حقوق ه‬
‫مدى الحياة‪.‬‬

‫أما المحكوم عليه بعقوبة السجن المؤقت إرهابي ة ك انت أم تأديبي ة‪ ،‬فيح رم من ممارس ة حقوق ه المدني ة‬
‫طوال تنفيذ مدة عقوبته ومن ثم طوال فترة موازية لمدة العقوب ة المنف ذة على أن ال تق ل عن ثالث س نوات‪،‬‬
‫‪593‬‬
‫إال إذا استعاد اعتباره بعد التنفيذ وفقا ألحكام القانون؛‬

‫وفي تحديده للحقوق التي يحرم منها المحكوم عليه بمقتضى المادة السالفة الذكر‪ ،‬فقد حددها في ما يلي‪:‬‬

‫الحق في تولي الوظائف الحكومية؛‬ ‫‪.1‬‬


‫الحق في تولي الوظائف الطائفية والنقابية؛‬ ‫‪.2‬‬
‫‪594‬‬
‫حق االنتخاب‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫وبخص وص الح ق في االنتخ اب‪ ،‬فق د اش ترط المش رع العم اني كب اقي ال دول مجموع ة من الش روط‬
‫لممارسة هذا الحق من خالل الالئحة التنظيمية النتخابات أعضاء مجلس الشورى ‪ 595‬على أنه‪ :‬لكل عماني‬
‫الحق في انتخاب أعضاء مجلس الشورى إذا توافرت فيه الشروط التالية‪:‬‬

‫أن يكون قد أكم ل واح دا وعش رين عام ا ميالدي ا في الي وم األول من ش هر ين اير من س نة‬ ‫‪.1‬‬
‫االنتخاب؛‬
‫أن يكون مقيدا في السجل االنتخابي؛‬ ‫‪.2‬‬
‫أن يثبت مقره االنتخابي في بيانات بطاقته الشخصية‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫يتضح من هذه الشروط‪ ،‬أن المشرع العماني لم يجعل حق االنتخاب حصرا للمواطنين العمانيين فقط بل‬
‫يسمح حتى لألجانب المتجنسين‪ ،‬عكس بعض المتخصص ين ال دين ي ذهبون إلى الق ول ب أن ح ق االنتخ اب‬
‫يقتصر بديهيا على الوطنيين وحدهم‪ ،‬ويح رم من ذل ك األج انب‪ ،‬ف الوطني المرتب ط ببل ده ال ذي يعيش في ه‬
‫ارتباطا وثيقا‪ ،‬يجعله حريصا على مصلحته ومعنيا بأموره‪ ،‬هو من تجوز له المشاركة في اختيار الحك ام‪،‬‬
‫كما يجوز له تولي السلطة العامة في الدولة‪.596‬‬
‫‪593‬‬
‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية بسلطنة عامن‪ ،‬املادة ‪ 50‬من قانون اجلزاء العامين‪ ،‬مرجع سابق ‪- 213‬‬
‫‪594‬‬
‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية بسلطنة عامن‪ ،‬املادة ‪ 51‬من قانون اجلزاء العامين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪- 213 :‬‬
‫‪595‬‬
‫وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬املادة ‪ 2‬من الالحئة التنظميية النتخاابت أعضاء جملس الشورى‪ ،‬منشور ابملوقع الرمسي لوزارة الشؤون القانونية لسلطنة ‪-‬‬
‫‪).‬أخر دخول للموقع ‪ 1‬فرباير ‪ http://www.mola.gov.om/Minidecision.aspx?page=54 (2019‬عامن‬
‫‪596‬‬
‫تلجأ بعض ادلول إىل المتيزي بني الوطين األصيل والوطين ابلتجنس‪ ،‬فال تعرتف ابحلقوق السياسية لأل خري إال بعد ميض فرتة عىل جتنسه مدة ‪- 5‬‬
‫سنوات أو ‪ 10‬سنوات إىل حني ما يثبت والءه وتعلقه بوطنه اجلديد‪ ،‬بيامن تسوي دول أخرى بني الوطنيني األصليني والوطنيني ابلتجنس‪ ،‬ومن الفقهاء‬

‫‪310‬‬
‫وإلى جانب هذا الشرط‪ ،‬نجد شرط السن‪ ،‬ومن الطبيعي اشتراط سن معين ة لتقري ر ح ق االنتخ اب ألن ه‬
‫يشكل ضمانة واجبة وأساسية الفتراض النضج والخبرة لممارسة الحقوق السياسية‪ .‬وفي سلطنة عمان م يز‬
‫المشرع بين الس ن الم دني المح دد في ثماني ة عش ر ‪ 18‬س نة‪ ،‬والس ن السياس ي المح دد الالئح ة التنظيمي ة‬
‫النتخابات مجلس الشورى في واحد وعش ين ‪ 21‬س نة‪ ،‬وذل ك باعتب ار ه دا الس ن يس تطيع في ه الن اخب أن‬
‫يرجح المصلحة العامة وأن يكون اختياره بعي دا عن ت أثيرات المترش حين‪ ،‬إال أن ه ذا االتج اه ال يتف ق م ع‬
‫النهج الذي يطالب بتخفيض سن الناخب إلى ثمانية عشر سنة وذلك بهدف توسيع قاع دة المش اركة الش عبية‬
‫‪597‬‬
‫والذي تتبناه العديد من الدول‪.‬‬

‫ويبدوا أن مبررات المشرع العماني في بداية تطبيق نظام االنتخاب برفع السن إلى واح د وعش رين ‪21‬‬
‫سنة نظرا لحداثة التجربة الديمقراطية وضعف الوعي السياس ي‪ ،‬ف إن تخفيض الس ن إلى الثامن ة عش ر ‪18‬‬
‫‪598‬‬
‫سنة أضحى أمرا بالغ األهمية لعدة مبررات‪:‬‬

‫تخفيض السن سيساهم في زيادة قاعدة هيئة الناخبين مما سيتيح المجال أم ام اك بر ع دد من‬ ‫‪.1‬‬
‫أفراد المجتمع للمشاركة في الشؤون العامة؛‬
‫إن مشاركة أكبر عدد من الشباب يخلق نوعا من التوازن مع الفئات األخرى ب المجتمع كم ا‬ ‫‪.2‬‬
‫أن الناخب في هذا السن أصبح أكثر إدراكا ووعيا بالعمل السياسي عن الماضي؛‬
‫من األجدر أن يكون الس ن الم دني مس اويا م ع س ن الرش د السياس ي‪ ،‬باعتب ار أن تص رف‬ ‫‪.3‬‬
‫الشخص بمفرده في حقه المدني يمثل خطورة واهمية من تصرفه في الحق السياسي مع األمة؛‬
‫قلة ع دد الن اخبين في بعض الوالي ات‪ ،‬ومث ال على ذل ك والي ة الس نينة‪ ،‬حيث حص ل أح د‬ ‫‪.4‬‬
‫ممثليها على ‪ 99‬صوتا في انتخابات ‪.2011‬‬

‫كما اشترط المشرع العماني لممارس ة ح ق االنتخ اب‪ ،‬القي د في الس جل االنتخ ابي طبق ا ألحك ام الم ادة‬
‫الثانية من الالئحة التنظيمي ة النتخاب ات مجلس الش ورى المش ار إليه ا س ابقا‪ ،‬وتحكم ه ذا الش رط ض وابط‬
‫محددة أهمها حماية حق االنتخاب من التالعب من استعماله وهو ما سيتم توضيحه من خالل اآلتي‪:‬‬

‫المقر االنتخابي‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫من يعتقد خبطورة هده املساواة‪ ،‬ألنه من الالزم قبل الاعرتاف ابحلقوق السياسية البد من قضاء فرتة اختبار قبل تقرير حق الانتخاب‪ ،‬للتفصيل أكرث‬
‫أنظر‪ :‬أمحد اخلطيب‪ ،‬الوسيط يف النظم السياسية والقانون ادلستوري‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬إصدار ‪ ،‬دار الثقافة للنرش والتوزيع‪ ،‬عامن‪ ،‬األردن‪،2009،‬‬
‫‪.‬الصفحة‪245 :‬‬
‫‪597‬‬
‫عيل بن سامل بن راشد القلهايت‪ :‬حق الانتخاب يف سلطنة عامن‪ ،‬أطروحة لنيل ادلكتوراه يف القانون العام‪ ،‬لكية العلوم القانونية والاقتصادية ‪-‬‬
‫‪.‬والاجامتعية طنجة‪ ،‬السنة اجلامعية ‪ ،2013 -2012‬الصفحة‪157 :‬‬
‫‪598‬‬
‫‪.‬عيل بن سامل بن راشد القلهايت‪ :‬حق الانتخاب يف سلطنة عامن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة‪ 157 :‬وما يلهيا ‪-‬‬

‫‪311‬‬
‫عرفت المادة األولى من الالئحة التنظيمية المقر االنتخابي بأنه‪ :‬الوالية التي يحق للناخب االدالء فيه ا‬
‫‪599‬‬
‫بصوته وفقا ألحكام هدذه الالئحة‪.‬‬

‫كما اشترطت المادة السادسة من نفس الالئح ة للقي د في الس جل االنتخ ابي‪ ،‬أن يك ون الن اخب من أبن اء‬
‫الوالية أو من المقيمين فيها‪ ،‬على أن يعتمد مكان اإلقام ة بالنس بة للمقيمين في الوالي ة على أس اس العن وان‬
‫الم دون في البطاق ة الشخص ية‪ ،‬وإال يعتم د على البيان ات المدون ة في س جل األح وال المدني ة‪ ،‬وللزوج ة‬
‫‪600‬‬
‫العمانية الحق في القيد في المقر االنتخابي المسجل فيه زوجها‪.‬‬

‫أسماء وبيانات الناخبين‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫ينبغي أن تكون أسماء وبيانات الناخبين المقيدة في السجل االنتخابي صحيحة ودقيقة‪ ،‬إذ بموجبه ا وعلى‬
‫أساسها يتم إقرار حق الناخب أو منعه من المشاركة في عملية التصويت‪ .‬فال يج وز أن يتم القي د ب أي ح ال‬
‫من األحوال من لم يبلغ الحادية والعشرين من العمر في األول من يناير من السنة االنتخابية‪ ،‬كم ا ال يج وز‬
‫قيد أي مواطن في والية أخرى غير مقر إقامته‪ ،‬لذلك فقد نصت المادة السادس ة من الالئح ة الس الفة ال ذكر‬
‫على أنه‪ :‬تقيد في السجل االنتخابي أسماء الناخبين وبياناتهم االنتخابية خالل الف ترة ال تي تح ددها ال وزارة‪،‬‬
‫على أن تتضمن بيانات كل ناخب اسمه كامال‪ ،‬وت اريخ ميالده ورقم ه الم دني من واق ع البطاق ة الشخص ية‬
‫ومقره االنتخابي ورقمه االنتخابي‪ ،‬وللوزارة أن تعتمد الرقم المدني كرقم انتخابي‪.‬‬

‫انطالقا من المقتضيات القانوني ة الس الفة ال ذكر‪ ،‬ف إن البيان ات ال تي تقي د في الس جل االنتخ ابي له ا من‬
‫األهمية بمكان في الحفاظ على حق الناخب‪ ،‬لذلك فإنه يتطلب من المشرع الحرص على سد الثغ رات ال تي‬
‫قد تكلف الناخب من حرمانه من ح ق االنتخ اب‪ ،‬كم ا أنه ا تتطلب من الجه ات المتخصص ة الدق ة في أخ د‬
‫‪601‬‬
‫البيانات‪.‬‬

‫كما يرى أحد الباحثين‪ ،‬أنه من األفيد قيد االسم الرباعي مع إدراج القبيلة لكثرة تش ابه األس ماء وتع ددها‬
‫في القبيل ة الواح دة وفي ب اقي الوالي ات أيضا‪ ،602‬وذل ك تفادي ا للطعن في القي د وك ذلك لض مان نزاه ة‬
‫االنتخابات‪.‬‬

‫نقل القيد‪:‬‬ ‫‪.3‬‬

‫كما أتاحت المادة السابعة من الالئحة التنظيمية النتخابات مجلس الشورى‪ ،‬إمكانية تغي ير التس جيل لك ل‬
‫من يرغب في نقل قيده إلى مقر إقامته الجديدة‪ ،‬حيث أك دت على أن ه‪ :‬يج وز لك ل ن اخب أن ينق ل قي ده في‬
‫‪599‬‬
‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬املادة األوىل من الالحئة التنظميية النتخاابت أعضاء جملس الشورى‪ ،‬مرجع سابق ‪-‬‬
‫‪600‬‬
‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬املادة السادسة من الالحئة التنظميية النتخاابت أعضاء جملس الشورى ‪-‬‬
‫‪601‬‬
‫‪.‬عيل بن سامل بن راشد القلهايت‪ ،‬حق الانتخاب يف سلطنة عامن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفجة‪- 163 :‬‬
‫‪602‬‬
‫‪.‬عيل بن سامل بن راشد القلهايت‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬الصفحة‪- 163 :‬‬

‫‪312‬‬
‫السجل االنتخابي من مقر انتخابي في والية إلى مقر انتخابي في والي ة أخ رى بطلب خطي يق دم إلى لجن ة‬
‫االنتخابات بالوالية الراغب نقل قيده إليها إذا ثبت أنه من أبناء تلك الوالية أو من المقيمين فيها وذل ك خالل‬
‫الفترة المحددة‪ ،‬وثبت لجنة االنتخابات في طلب نقل القيد خالل خمسة عش ر يوم ا من ت اريخ تقديم ه‪ ،‬على‬
‫أن تقوم بإخطار لجنة االنتخابات بالوالية المنقول منها القيد والدائرة المعنية بالسجل االنتخابي خالل خمسة‬
‫‪603‬‬
‫أيام من تاريخ البت في الطلب وتعدل القوائم على هذا األساس‪.‬‬

‫وما يعاب على نقل القيد هو تبني المشرع العم اني لش رط تق ديم طلب خطي يق دم إلى لجن ة االنتخاب ات‬
‫بالوالية الراغب نقل قيده إليها‪ ،‬حيث كان من األولى أن تكون عملية النقل بشكل الكتروني‪ ،‬كما هو معمول‬
‫به في العديد من الدول ومنها المغرب‪ ،‬تبسيطا للمس اطر وتش جيعا على المش اركة السياس ية وأيض ا تفادي ا‬
‫لتنقل المواطنين وما يترافق من إهدار الوقت والجهد والمال‪.‬‬

‫كما يتضح أن المشرع حدد مدة لنق ل القي د‪ ،‬ولم يتم النص عليه ا في الالئح ة ل ذا ك ان من األولى ان يتم‬
‫‪604‬‬
‫النص على المدة في الالئحة كما أن نقل القيد يمكن أن يحدد قبل ستة اشهر من بدء باب الترشيح‪.‬‬

‫كما تتنبغي اإلشارة في هذا السياق‪ ،‬إلى أن المشرع أورد نصا في الم ادة الثاني ة من الالئح ة التنظيمي ة‬
‫على أن لكل عماني الحق في انتخاب أعض اء مجلس الش ورى إذا ت وفر في ه الش رط اآلتي‪ :‬أن يثبت مق ره‬
‫‪605‬‬
‫االنتخابي في بيانات بطاقته الشخصية‪.‬‬

‫ويعتبر الباحث علي بن سالم بن راشد القلهاني أن هذا الشرط وإن كان المقصد منه هو تثبيت هذا الحق‪،‬‬
‫إال أنه أصبح مانعا من موانع ممارسة حق االنتخاب‪ ،‬كما أنه ليس له مسوغ من القانون وال يتفق مع قاع دة‬
‫توس يع المش اركة الش عبية‪ ،‬ومن تم ة فإن ه من األولى ع دم االتي ان ب ه‪ ،‬ناهي ك النص علي ه في الالئح ة‬
‫‪606‬‬
‫االنتخابية‪ .‬ويمكن أن يراعي عند إعداد قانون االنتخابات اآلتي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أن يحدد موطن االنتخاب وفقا لما يلي‪:‬‬

‫المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة؛‬ ‫‪‬‬


‫المكان الذي فيه محل عمله الرئيسي؛‬ ‫‪‬‬
‫المكان الذي فيه مقر عائلته ولو لم يكن مقيما فيه؛ أن يتم تسجيل االسم رباعيا مع القبيلة؛‬ ‫‪‬‬
‫أن يتم القيد في السجل االنتخابي تلقائيا دون حاجة إلى طلب من الناخب‪ ،‬وذل ك عن طري ق‬ ‫‪‬‬
‫القيد في السجل المدني لكل من بلغ واحد وعشرين سنة ‪.21‬‬

‫‪603‬‬
‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬املادة السابعة من الالحئة التنظميية النتخاابت أعضاء جملس الشورى ‪-‬‬
‫‪604‬‬
‫‪.‬عيل بن سامل بن راشد القلهايت‪ :‬حق الانتخاب يف سلطنة عامن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة‪- 164 :‬‬
‫‪605‬‬
‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬املادة الثانية من الالحئة التنظميية النتخاابت أعضاء جملس الشورى ‪-‬‬
‫‪606‬‬
‫‪.‬عيل بن سامل بن راشد القلهايت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة‪ 164 :‬وما يلهيا ‪-‬‬

‫‪313‬‬
‫ثانيا‪ :‬أن يتم مراجعة القيد في السجل االنتخابي مطلع كل عام وذلك وفقا لما يلي‪:‬‬

‫تسجيل أسماء الناخبين الذين سقطت أسمائهم سهوا أو لم تقيد في السجل ألي سبب كان؛‬ ‫‪‬‬
‫تسجيل األسماء الذين بلغوا السن القانوني لالنتخاب؛‬ ‫‪‬‬
‫إلغاء أسماء المتوفين؛‬ ‫‪‬‬
‫حذف أسماء الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية تتجاوز فترة الترشيحات‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ثالثا‪ :‬أن تكون فترة نقل القيد قب ل س تة أش هر من فتح ب اب الترش يحات وذل ك لتجنب النق ل به دف دعم‬
‫مرشح على آخر ولنتجنب اإلشكاليات التي حصلت في االنتخابات الماضية وإحاطة العملية االنتخابية ق درا‬
‫كبيرا من النزاهة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬أن يتم الغاء الشرط الثالث من المادة الثانية والذي ينص على أن يثبت الناخب مقره االنتخابي في‬
‫بيانات بطاقته الشخصية‪.‬‬

‫أما بخصوص الفئات المحرومة من حق االنتخاب‪ 607‬يمكن إجمالها في المصاب بمرض عقلي أثن اء‬
‫مدة الحجر عليه‪،608‬العسكريون‪،609‬المحرمون بأحكام قضائية‪ ،610‬والمحب وس احتياطيا‪611‬والمس جون تنفي ذا‬
‫لحكم قضائي‪.612‬‬

‫ويعزى من حرمان المشرع العماني للسجناء من ممارسة حق االنتخاب‪ ،‬تماشيا مع م ا تق ره العدي د من‬
‫تشريعات الدول‪ ،‬وأيضا كعقوبة على األفعال المشينة التي يرتكبه ا األش خاص وع دم امتث الهم واح ترامهم‬
‫القانون‪ ،‬وأيضا لما تتطلبه العملية االنتخابية من نزاهة‪.‬‬

‫حق المشاركة في الشؤون العامة‪:‬‬ ‫ت‪-‬‬

‫لقد أشارت المادة التاسعة من النظام األساسي لس لطة عم ان‪ ،‬بالتنص يص ص راحة على ذل ك من خالل‬
‫التأكي د على أن للمواط نين وفق ا له ذا النظ ام األساس ي والش روط واألوض اع ال تي يبينه ا الق انون – ح ق‬
‫‪613‬‬
‫المشاركة في الشؤون العامة‪.‬‬
‫‪607‬‬
‫‪.‬للتفصيل أكرث أنظر‪ :‬عيل بن سامل بن راشد القلهايت‪ :‬حق الانتخاب يف سلطنة عامن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة‪- 176 -165 :‬‬
‫‪608‬‬
‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬املادة الرابعة والثالثون من الالحئة التنفيذية لقانون اجملالس البدلية ‪-‬‬
‫‪609‬‬
‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬املادة الرابعة من الالحئة التنظميية النتخاابت أعضاء جملس الشورى ‪-‬‬
‫‪610‬‬
‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬املادة اخلامسة من الالحئة التنظميية النتخاابت أعضاء جملس الشورى ‪-‬‬
‫‪611‬‬
‫تنص املادة ‪ 50‬من قانون اجلزاء العامين عىل أن‪ :‬لك حمكوم عليه بعقوبة السجن املؤبد اإلرهابية حيرم من ممارسة حقوق ه م دى احلي اة‪ ،‬أم ا احملك وم ‪-‬‬
‫عليه بعقوبة السجن املؤقت إرهابية اكنت أم تأديبية‪ ،‬فيحرم من ممارسة حقوقه املدنية طوال تنفيذه م دة عقوبت ه ومن مث ط وال ف رتة موازي ة ملدة العقوب ة‬
‫املنفذة عىل أن ال تقل عن ثالث سنوات‪ ،‬إال ادا استعاد اعتباره بعد التنفيذ وفقا ألحاكم هدا الق انون‪ ،‬ال حيرم احملك وم علي ه بعقوب ة تقديري ة من حقوق ه‬
‫‪.‬املدنية‬
‫‪612‬‬
‫‪.‬املادة ‪ 50‬من القانون اجلزايئ العامين ‪-‬‬
‫‪613‬‬
‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬املادة التاسعة من النظام األسايس لدلوةل ‪-‬‬

‫‪314‬‬
‫كما أشارت ذلك كل من الم ادة العاش رة المتعلق ة بالمب ادئ األساس ية والم ادة الثاني ة عش ر ذات الص لة‬
‫بالمبادئ االجتماعية من الباب الثاني المعنون بالمبادئ الموجهة لسياسة الدول ة في النظ ام األساس ي للدول ة‬
‫على الحق في التكاثف والتعاون في بناء المجتمع وحماية مصالحه‪ ،‬وعلى تكافؤ الفرص بين الجميع‪ ،‬وذلك‬
‫كاآلتي‪:‬‬

‫إرساء أسس صالحة لترسيخ دعائم شورى صحيحة نابعة من تراث الوطن وقيمة وشريعته‬ ‫‪‬‬
‫اإلسالمية‪ ،‬معتزة بتاريخه‪ ،‬آخذة بالمفيد من أساليب العصر وأدواته‪.‬‬
‫إقامة نظام إداري س ليم يكف ل الع دل والطمأنين ة والمس اواة للمواط نين‪ ،‬ويض من االح ترام‬ ‫‪‬‬
‫للنظ ام الع ام ورعاي ة المص الح العلي ا لل وطن من النظ ام األساس ي للدول ة على ح ق المش اركة في‬
‫الشؤون العامة في الوطن‪.‬‬
‫‪614‬‬
‫العدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين العمانيين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وتتم هذه المشاركة بصور شتى حسب الباحث كمال رحيم‪ ،‬منها المشاركة من خالل مجلس الشورى أو‬
‫في اختيار أعضائه‪ ،‬ومن خالل تولي الوظائف العامة العليا منها والدنيا السياسية منه ا أو اإلداري ة وك ذلك‬
‫‪615‬‬
‫من خالل ممارسة مهام السلطة القضائية‪.‬‬

‫وغير ما ذكر من أنواع المشاركة في الشؤون العامة في المجتمع‪ ،‬فإن من صوره ك ذلك‪ :‬المش اركة في‬
‫الندوات والمؤتمرات وحلقات العمل وورشها التي تتناول قضايا ساخنة تالمس مصالح الواق ع في المجتم ع‬
‫‪616‬‬
‫وتستهدف تلبية حاجياته بما يكفل لهم العيش الكريم واألمن‪،‬‬

‫حق مخاطبة المؤسسات الرسمية‪:‬‬ ‫ث‪-‬‬

‫إن النظام األساسي لسلطنة عمان قد ضمن هذا الحق ومشروعيته‪ ،‬حيث نص على أنه‪ :‬للمواطنين الحق‬
‫في مخاطب ة الس لطات العام ة فيم ا ين وبهم من أم ور شخص ية أو فيم ا ل ه ص لة بالش ؤون العام ة بالكيفي ة‬
‫‪617‬‬
‫والشروط التي يعنيها القانون‪.‬‬

‫ويستشف من ه ذه الم ادة أن ك ل مس ؤول مهم ا ك انت وظيفت ه اإلداري ة أو غيره ا وأينم ا ك ان موقع ه‬
‫الوظيفي في الدولة في أي قطاع كان عام أو خاص إنما جعل في موقع ه ألج ل تق ديم الخ دمات للمواط نين‬
‫والمقيمين على أرض عمان‪ ،‬وألجل ذلك أباح التشريع العماني لكل مقيم أو مواطن أن يقدم م ا يحتاج ه من‬
‫أمور‪ ،‬أو تعوزه من ش ؤون‪ ،‬أن يتق دم بخط اب رس مي حس ب الكيفي ات المتبع ة ع ادة ونظام ا إلى ه ؤالء‬
‫‪614‬‬
‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬أنظر املواد ‪10‬و ‪ 12‬من النظام األسايس لدلوةل ‪-‬‬
‫‪615‬‬ ‫أ‬
‫كامل صالح رحمي‪ ،‬املبادئ العامة للنظام األسايس ونظام احلمك‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬اكدميية السلطان قابوس لعلوم الرشطة‪ ،‬رشطة عامن السلطانية‪- ،‬‬
‫‪ ،2006.‬الصفحة‪ 58 :‬وما يلهيا‬
‫‪616‬‬
‫‪.‬محمد بن سيف بن دومي الشعييل‪ :‬احلقوق اإلنسانية حمو القوانني العامنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪- 59 :‬‬
‫‪617‬‬
‫‪.‬وزارة الشؤون القانونية‪ ،‬املادة الرابعة والثالثون من النظام األسايس لدلوةل ‪-‬‬

‫‪315‬‬
‫المسؤولين ومخاطبتهم والشرح لهم بما يطمح في الحصول عليه‪ ،‬وبالمقابل على هؤالء المختصين ك ل في‬
‫مج ال اختصاص ه وحس ب ص الحياته أن يس تجيب لمخاطب ات المواط نين‪ ،‬بم ا يت اح من حق وق لألف راد‬
‫وتوفيرها لهم‪ ،‬بكل شفافية وبمنتهى الدقة واألمانة‪ ،‬فالوظيف ة قب ل أن تك ون تش ريفا هي تكلي ف وأمان ة في‬
‫‪618‬‬
‫المقام األول‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد ش دد س لطان عم ان غ ير م ا م رة وع بر أك ثر من من بر على أهمي ة تيس ير مع امالت‬


‫المواطنات والمواطنين‪ ،‬وعدم استغالل النفود والوظيفة للمصالح الشخصية وتحقيق المكاسب الذاتي ة‪ ،‬ومن‬
‫ذلك ما أكده في خطابه السنوي ‪ 2008‬عند افتتاح مجلس عم ان ب القول‪" :‬ونحن إذ نش يد ب األداء الحك ومي‬
‫خالل الحقبة المنصرمة‪ ،‬فإننا نؤكد في الوقت ذاته على ضرورة مراجعة الجهاز اإلداري للدول ة لسياس اته‬
‫وأنظمته بم ا يض من اتب اع أفض ل األس اليب وانج ع الوس ائل ال تي ت ؤدي إلى تس هيل اإلج راءات وتيس ير‬
‫المعامالت وسرعة اتخاد القرارات الكفيلة بتحقيق مصالح المواطنين وغيرهم من المقيمين ال دين يس همون‬
‫في خدمة عمان والمساعدة على بناءه ا‪ .‬وتج در اإلش ارة هن ا إلى إن ه لم ا ك ان األداء الحك ومي يعتم د في‬
‫إرساء وترسيخ قواعد التنمية المستدامة على القائمين به والمشرفين عليه فإن في ذل ك دالل ة واض حة على‬
‫مدى المسؤولية الجسيمة المنوطة بالموظفين الذين يديرون عجلة العم ل في مختل ف القطاع ات الحكومي ة‪،‬‬
‫فإن هم أدوا واجباتهم بأمانة وبروح من المسؤولية بعيدا عن المصالح الشخصية سعدوا وسعدت البالد‪ ،‬أم ا‬
‫إذا انحرفوا عن النهج القويم واعتبروا الوظيفة فرص ة لتحقي ق المكاس ب الذاتي ة‪ ،‬وس لما للنف ود والس لطة‪،‬‬
‫وتقاعسوا عن أداء الخدمة كما يجب وبك ل إخالص وأمان ة ف إنهم يكون ون ب ذلك ق د وقع وا في المحظ ور‪،‬‬
‫والبد عندئذ من محاسبتهم واتخاد اإلجراءات القانونية المناسبة ل ردعهم‪ ،‬وفق ا لمب ادئ الع دل ال ذي أرس ينا‬
‫عليه دعائم الحكم‪ ،‬والتي تقتضي منا عدم السماح ألي كان بالتطاول على النظام والقانون أو الت أثير بش كل‬
‫غير مشروع على منافع الناس التي كفلتها الدولة‪ ،‬ومصالح المجتمع التي ض منها الش رع واي دتها األنظم ة‬
‫‪619‬‬
‫والقوانين‪".‬‬

‫‪.‬محمد بن سيف بن دومي الشعييل‪ :‬احلقوق اإلنسانية حمو القوانني العامنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪- 59 :‬‬
‫‪618‬‬

‫‪619‬‬
‫‪.‬اترخي الاطالع ‪ 04‬يناير ‪، www.gabos-oman.com 2019‬اخلطاب السنوي للسلطان قابوس برمس سنة ‪ ،2008‬منشور ابملوقع الالكرتوين ‪-‬‬

‫‪316‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحقوق السياسية في الدستور المغربي‪.‬‬

‫تحتل الحقوق السياسية موقع جوهري ضمن الئحة الحقوق والحري ات األساس ية المنص وص عليه ا في‬
‫الدستور المغربي لسنة ‪ 620 .2011‬وللتذكير؛ فقد سبق للمغرب أن صادق مند أزيد من أربعة عقود ونصف‬
‫على العهد ال دولي الخ اص ب الحقوق المدني ة والسياس ية‪ ،‬وق دم تق ارير دوري ة إلى اللجن ة المعني ة بحق وق‬
‫االنسان ومجلس حقوق اإلنسان حول تنفيذه اللتزاماته الدولية‪ ،‬وتلقى سواء من خ براء اللجن ة أو في إط ار‬
‫الحوار التفاعلي جملة من المالحظات واالنتقادات والتوصيات‪. 621‬‬

‫وكسائر دساتير العالم‪ ،‬تولت الوثيقة الدستورية المغربية لــ يوليوز ‪ ، 2011‬وضع المبادئ الكبرى في‬
‫ش كل إعالن للحق وق والحري ات تارك ة للنص وص القانوني ة األخ رى )ق وانين تنظيمي ة‪ ،‬ق وانين عادي ة‪،‬‬
‫مراسيم‪(..‬مهمة تفصيل كيفيات ممارسة هده الحقوق‪ .622‬حيث هناك شبه اجماع على أن الوثيق ة الدس تورية‬
‫‪623‬‬
‫تعتبر وثيقة مهيكلة في مجال االعتراف بحقوق وحريات االنسان مقارنة بالدساتير المقارنة‪،‬‬

‫حيث تبنت المملكة المغربية دستورا يُكرس حقوق االنسان كما هي متعارف عليها كما نص على مجمل‬
‫حقوق االنسان الواردة في اإلعالن العالمي لحقوق االنسان‪ ،‬باإلضافة الى تكريس س مو االتفاقي ات الدولي ة‬
‫كما صادق عليها المغرب على التشريعات الوطنية والتنصيص على العمل على مالئمة هذه التشريعات مع‬
‫‪624‬‬
‫مقتضياتها‪.‬‬

‫‪620‬‬
‫صدر ابجلريدة الرمسية عدد ‪ 5964‬مكرر‪ 30/‬يوليوز ‪ ،2011‬الظهري الرشيف رمق ‪ 1.11.91‬الصادر بتارخي ‪ 29‬يوليوز ‪ 2011‬بشان تنفيد نص ادلستور‪ ،‬يف ضوء قرارا ‪-‬‬
‫‪.‬اجمللس ادلستوري رمق ‪ 815.2011‬الصادر يف ‪ 14‬يوليوز ‪ ،2011‬املعلن عن نتاجئ الاستفتاء يف شأن مرشوع ادلستور ادلي اجري يوم امجلعة فاحت يوليوز ‪2011‬‬
‫‪621‬‬
‫األمم املتحدة‪ ،‬امجلعية العامة‪ ،‬جملس حقوق الانسان‪ ،‬ادلورة احلادية والعرشون‪ ،‬تقرير الفريق العامل املعين ابالستعراض ادلوري الشامل‪ ،‬املغرب ‪-‬‬
‫‪ 6.‬يوليو ‪2012‬‬
‫‪.‬محيد اربيعي‪ :‬حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية‪ ،‬منشورات مؤسسة عالل الفايس الطبعة األوىل ‪ .2016‬الصفحة‪- 172 :‬‬
‫‪622‬‬

‫‪623‬‬
‫محمد املساوي‪ :‬حقوق الانسان يف ادلساتري العربية اجلديدة وسؤال دوةل احلق والقانون‪ -‬املغرب – تونس ومرص منوذجا‪ ،‬املركز ادلميقراطي‪-‬‬
‫‪.‬لدلراسات الاسرتاتيجية والسياسية والاقتصادية‪ ،‬برلني‪ -‬أملانيا‪ ،2018/‬الصفحة‪26 :‬‬
‫‪624‬‬
‫اجمللس الوط ين حلق وق الانس ان‪ :‬حق وق الانس ان كام يكرس ها ادلس تور املغ ريب اجلدي د‪ ،‬منش ور ابملوقع الرمسي للمجلس‪-‬‬
‫‪.‬اترخي الاطالع ‪ 04‬يناير ‪https://www.cndh.ma/ar/bulletin-d-information/hqwq-lnsn-km-ykrsh-ldstwr-lmgrby-ljdyd 2019‬‬

‫‪317‬‬
‫ويظهر ذلك عبر األحكام الدستورية‪ ،‬وبالضبط في بابه الثاني‪ 625‬أهم الحقوق والحريات األساس ية ال تي‬
‫كرستها الوثيقة الدستورية الواردة في الباب الثاني المعنون بالحريات والحقوق األساسية وهي أحكام بارزة‬
‫تظهر في النص محددة بين الحقوق المدنية والسياسية والحقوق االقتصادية واالجتماعية والبيئية والثقافية‪.‬‬

‫وقبل ذلك تض منت ديباج ة الدس تور‪ 626‬فق رات حامل ة لمع اني س امية جس دتها الفص ول المتض منة في‬
‫الدستور على شكل قواعد دستورية ومبادئ أساسية ‪،‬حيث كرس المشرع الدستوري في ه ده الديباج ة على‬
‫حماية حق وق االنس ان م ع مراع اة طابعه ا الك وني وع دم قابليته ا للتج زيء‪ ،‬والتأكي د على أن بن اء دول ة‬
‫ديمقراطية يسودها الحق والقانون‪ ،‬دولة يتم فيها إرساء دعائم مجتم ع متض امن يتمت ع في ه الجمي ع ب األمن‬
‫والحرية والكرامة اإلنسانية وتكافؤ الفرص والعدالة االجتماعية‪ ،‬ومقومات العيش الكريم في نط اق التالزم‬
‫بين حقوق وواجبات المواطنة‪ ،‬كما تم إعادة التأكيد على التزام المغرب في هدا التصدير بحماية منظومتي‬
‫حقوق االنسان والقانون الدولي اإلنساني والنهوض بهما واالسهام في تطويرها مع مراعاة الطابع الك وني‬
‫لتلك الحقوق وعدم قابليتها للتجزيء‪.‬‬

‫وفي ما يلي الحقوق السياسية التي يكفلها الدستور المغربي مرتبة كما جاء به ا اإلعالن الع المي لحق وق‬
‫االنسان والتي تضمنها الفصل ‪ 30‬وتتمثل في ما يلي‪:‬‬

‫مبدأ المساواة بين الجنسين في ممارسة الحقوق السياسية‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫يعد مبدأ المساواة من المبادئ التقليدية التي تقوم عليها حقوق االنسان‪ ،‬ل ذلك ك ان من الط بيعي أن يعم د‬
‫المشرع الدستوري المغربي إلى االرتقاء به إلى درجة دستورية‪ ,‬جاعال منه الض مانة األساس ية واالل تزام‬
‫القانوني ممارسة الحقوق السياسية على أساس المساواة بين جميع األفراد دون تمييز بينهم بسبب ال دين أو‬
‫اللون أو الجنس أو العرق أو اللغة‪ ,‬حينما تتوفر فيهم الشروط القانونية‪ .‬وينبث ق ه ذا المب دأ من المب دأ الع ام‬
‫للمساواة التي ن ادت ب ه األدي ان الس ماوية وبالخص وص الش ريعة اإلس المية ونص ت علي ه بيان ات حق وق‬
‫اإلنسان األمريكية سنة ‪ 1976‬والفرنسية سنة ‪ 1789‬وأعلنت عنه دس اتير ج ل ال دول‪ .‬كم ا نص على ه ذا‬
‫المبدأ اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ال ذي وافقت علي ه الجمعي ة العام ة لألمم المتح دة س نة ‪ ،1948‬وق د‬
‫جعله الدستور المغربي من المبادئ األساسية لحقوق االنسان ومنها الحقوق السياسية‪.‬‬

‫‪625‬‬
‫ابب "احلقوق واحلرايت األساسية" يضم سبعة عرش فصال مقسم مابني مبادئ عامة (من الفصل ‪ )160 -154‬ومؤسسات وهيئات حامي ة احلق وق‬
‫‪-‬‬
‫‪.‬واحلرايت واحلاكمة اجليدة والتمنية البرشية واملستدامة وادلميقراطية التشاركية (الفصل ‪)170 -161‬‬
‫‪626‬‬
‫إن تصدير ادلستور املغريب لسنة ‪ ،2011‬ادلي ميثل ديباجته‪ ،‬أعفى الفقهاء من النقاش القدمي‪ -‬اجلديد حول الطبيعة القانونية والالزامية لهدا ‪-‬‬
‫‪:‬التصدير‪ ،‬بتأكيده عىل انه يشلك جزء ال يتجزئ من ادلستور‪ ،‬للتفصيل أكرث أنظر‬
‫الرشيف تيشيت‪ :‬احلقوق واحلرايت األساسية يف ظل دستور ‪ ،2011‬جمةل مساكل يف الفكر والسياسة والاقتصاد‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة ادلار ‪-‬‬
‫‪.‬البيضاء ‪ ،2016‬العدد ‪ ،40/39‬الصفحة‪53 :‬‬
‫محمد املساوي‪ :‬حقوق الانسان يف ادلساتري العربية اجلديدة وسؤال دوةل احلق والقانون‪ -‬املغرب – تونس ومرص منوذجا‪ ،‬املركز ادلميقراطي لدلراسات ‪-‬‬
‫‪.‬الاسرتاتيجية والسياسية والاقتصادية‪ ،‬برلني‪-‬أملانيا‪ ،2018/‬الصفحة‪28 :‬‬

‫‪318‬‬
‫وهذا الحق يعتبر حسب تعبير أحد الباحثين من األركان األساسية للديمقراطية‪،627‬لهذا س ارعت مختل ف‬
‫األنظمة الدستورية والتشريعية في تبنيه ومنها المملكة المغربية‪ ،‬ذلك أن الحقوق والحري ات العام ة ترتك ز‬
‫على مبدأ المساواة‪ ،‬فال تمييز بين االفراد في التمتع بهذه الحق وق والحري ات‪ ،‬ال بس بب الجنس وال األص ل‬
‫أو اللغ ة أو ال دين أو العقي دة والفك ر‪ ،‬ح تى قي ل أن المس اواة هي روح الديمقراطي ة‪ ،‬ب دونها ينه ار مع نى‬
‫للحرية‪.628‬‬

‫وقبل الخوض في تجليات ومظاهر مبدأ المساواة في ممارسة الحقوق السياسية‪ ،‬الب د من اث ارة المفه وم‬
‫العام لهذا المبدأ ثم التطرق لتجليات ومظاهر هذا المبدأ‪.‬‬

‫فالمفهوم العام لمبدأ المساواة ينظ ر إلي ه من الوجه ة االجتماعي ة‪ ،‬كم ا يمكن أن ينظ ر الي ه من الوجه ة‬
‫المدنية‪ 629‬والسياسية‪،‬‬

‫فالمساواة من الوجهة االجتماعية حسب تقسيم علماء االجتماع نوعين‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫مساواة هدفها رفع درجات الطبقات رفع درجات الطبقات الدنيا من التمتع لجعله ا في مس توى الطبق ات‬
‫العليا التي تتمتع بالرفاهية والكرامة؛‬

‫أما النوع الثاني من المساواة فيعمل فيه على إلغ اء ك ل الف وارق والتفاوت ات بين األف راد‪ ،‬وحش رهم في‬
‫أدنى الطبقات‪ ،‬أخذا بالمث ل القائ ل " إذا لم تس تطع أن تس وي الن اس في اإلعط اء فس وهم في المن ع" وه و‬
‫‪630‬‬
‫أسهل‪.‬‬

‫أما المساواة المدنية فلها تطبيقات خمسة على مستوى الوثيقة الدستورية لـــ ‪ 29‬يوليوز ‪ 2011‬تتمثل في‬
‫ما يلي‪:‬‬

‫المساواة أمام القانون‪631‬؛‬ ‫‪‬‬


‫المساواة أمام القضاء‪632‬؛‬ ‫‪‬‬
‫المساواة في تولي الوظائف والمناصب العامة‪633‬؛‬ ‫‪‬‬
‫‪ - 627‬صاحل دجال‪ :‬حامية احلرايت ودوةل القانون‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة ادلكتوراه يف القانون العام‪ ،‬جامعة اجلزائر‪ -1-‬لكية احلقوق‪ ،‬السنة اجلامعية‬
‫‪ ،2010 -2009‬الصفحة‪.215 :‬‬
‫‪ ripert، le regimedemocratique et le droit civile moderne،2ed، paris،p83-628‬نقال عن صالح دجال‪ :‬مرجع سابق ص ‪.215‬‬
‫‪ -629‬صاحل دجال‪ :‬حماية الحريات العامة ودولة القانون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.217 :‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة‪ 216 :‬وما يليها‪.‬‬ ‫‪ -630‬صاحل دجال‪،‬‬
‫‪ -631‬ينص الفصل ‪ 6‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪ 2011‬في فقرته األولى‪ ":‬على أن القانون هو أسمى تعبير‪ $‬عن إرادة االمة‪ .‬والجميع‪،‬‬
‫أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين بما فيهم السلطات العمومية‪ ،‬متساوون أمامه‪ ،‬وملزمون باالمتثال له "‪.‬‬
‫‪ -632‬لقد جاء دستور ‪ 2011‬بمبدأ الفصل بين السلط واستقالل السلطة القضائية‪ ،‬لضمان تهيئة المناخ المناسب للممارسة الديمقراطية وأيضا‬
‫لضمان الحقوق والحريات األساسية المنصوص عليها دستوريا‪ ،‬حيث أكد على استقاللية السلطة القضائية من خالل الفصل ‪ ،107‬إلى جانب ذلك‬
‫اكدت الفصول ‪ 107‬و‪ 108‬المتعلقة بحقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة‪ ،‬بأن يتولى القاضي بحماية حقوق األشخاص والجماعات وحرياتهم‬
‫وأمنهم القضائي‪ ،‬وتطبيق‪ $‬القانون‪ .‬والحق في التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون‪.‬‬
‫‪ -633‬ينص الفصل ‪ 31‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪ 2011‬على ان تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماع‪$$‬ات الترابي‪$$‬ة‪ ،‬على تعبئ‪$‬ة ك‪$$‬ل‬
‫الوسائل المتاحة‪ ،‬لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين‪ ،‬على قدم المساواة‪ ،‬من الحق في ولوج الوظائف العمومية حسب االستحقاق‪.‬‬

‫‪319‬‬
‫المساواة في االنتفاع والولوج إلى المرافق العامة‪634‬؛‬ ‫‪‬‬
‫المساواة في تحمل األعباء العامة‪.635‬‬ ‫‪‬‬
‫المس اواة في الحق وق والحري ات المدني ة والسياس ية واالقتص ادية واالجتماعي ة والثقافي ة‬ ‫‪‬‬
‫والبيئية‪636‬؛‬

‫هذه األنواع من المساواة وتطبيقاتها خاصة المساواة في ممارسة الحقوق السياسية هو ج وهر موض وع‬
‫هذا الشق‪ ،‬حيث تعتبر من المبادئ التي تضمنتها الوثائق الدولية لحقوق االنسان التي صادق عليها المغرب‬
‫كما أشرنا إليها سابقا‪ ،‬كما تعتبر من المبادئ الدستورية الحديثة ال تي تنفي التمي يز بين األف راد على أس اس‬
‫األصل أو الجنس أو الدين أو اللغة أو الرأي أو العقيدة أو المركز االجتم اعي أو أي ش رط أو ظ رف آخ ر‬
‫شخصي أو اجتماعي‪ ،‬سواء في اكتساب الحقوق وممارسة الحريات أو تحمل االلتزامات وأدائها‪.‬‬

‫وإذا كانت ه ذه المقتض يات ثابت ة في دس اتير المملك ة المغربي ة الس ابقة عن دس تور ‪ 2011‬ومحترم ة‬
‫عموما في الممارسة العملية‪ ،‬فإن أهم مس تجد أدرج ه المش رع الدس توري في النص الجدي د ه و تنصيص ه‬
‫على أن الق انون يت ولى س ن مقتض يات من ش أنها تش جيع تك افؤ الف رص بين النس اء والرج ال في ول وج‬
‫الوظ ائف‪ 637‬االنتخابي ة‪ .‬ه ذه اإلض افة النوعي ة وغ ير المس بوقة حس ب تعب ير األس تاذ حمي د اربيعي تج د‬
‫تفسيرها المنطقي في التهميش الذي القته المرأة لعدة عقود في الميدان السياسي واالقصاء من مراكز اتخاد‬
‫القرار‪ 638.‬فرغم أن المغرب أنضم إلى اتفاقية الحقوق السياسية ال تي أقرته ا الجمعي ة العام ة لألمم المتح دة‬
‫بموجب قرارها رقم ‪ 640‬المؤرخ في ‪ 20‬دجن بر ‪ 1952‬وال تي دخلت ح يز التط بيق ي وم ‪ 7‬يولي و ‪1954‬‬
‫وفقا لمقتضيات الفصل ‪ ،71‬فإن حضور المرأة في العمل السياسي ظل باهتا ومش اركتها في الحي اة العام ة‬
‫دون المس توى المطل وب‪ .‬لق د ج اءت االتفاقي ة لتنص على تط بيق مب دأ المس اواة في الحق وق بين الرج ال‬
‫والنساء الوارد في وثيقة هيأة األمم المتحدة‪ .‬فالدول األطراف تعترف "‪ ‬بأن لكل شخص ح ق المش اركة في‬
‫إدارة الشؤون العامة لبلده‪ ،‬س واء بص ورة مباش رة أو بواس طة ممثلين يخت ارون في حري ة‪ ،‬والح ق في أن‬

‫‪ -634‬ينص الفصل ‪ 154‬من دستور المملكة المغربي‪$‬ة في فقرت‪$$‬ه االولى على أن يتم تنظيم المراف‪$$‬ق العمومي‪$$‬ة على أس‪$$‬اس المس‪$$‬اواة بين المواطن‪$$‬ات‬
‫والمواطنين في الولوج اليها‪ ،‬واالنصاف في تغطية التراب الوطني‪ ،‬واالستمرارية في أداء الخدمات‪.‬‬
‫‪ -635‬ينص الفصل ‪ 39‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪ 2011‬على الجميع ان يتحمل‪ ،‬كل على قدر استطاعته‪ ،‬التكاليف العمومية‪ ،‬التي للق‪$$‬انون‬
‫وحده إحداثها وتوزيعها‪ $،‬وفق اإلجراءات المنصوص عليها في هدا الدستور‪.‬‬
‫‪ -636‬ينص الفصل ‪19‬من دستور اململكة املغربية يف فقرته الاوىل عىل ان يمتتع الرجل واملرأة‪ ،‬عىل قدم املس اواة‪ ،‬ابحلقوق واحلرايت املدني ة والسياس ية‬
‫والاقتصادية والاجامتعية والثقافية والبيئي ة‪ ،‬ال واردة يف ه دا الب اب من ادلس تور‪ ،‬ويف مقتض ياته األخ رى‪ ،‬وك دا يف االتفاقي ات واملواثي ق ادلولي ة‪ ،‬كام‬
‫صادق علهيا املغرب‪ ،‬ولك ذكل يف نطاق احاكم ادلستور وثوابت اململكة وقوانيهنا‪.‬‬
‫لتنظ‬
‫‪ - 637‬إذا اكن األصل هو احلف اظ عىل وح دة املص طلح‪ ،‬فان ه من الرضوري اعامتد املص طلح الق انوين‪ ،‬كام ه و وارد مثال يف الق انون ا ميي رمق ‪27.11‬‬
‫املتعلق مبجلس النواب‪ ،‬حيث يتحدث عن "مسؤولية انتدايب‪" ،" ‬الانتداب"‪» ،‬راجع يف هدا الشأن ظهري رشيف رمق ‪ 1.11.165‬صادر يف ‪ 16‬من دي‬
‫القعدة ‪ 14) 1432‬أكتوبر ‪ (2011‬بتنفيذ القانون التنظميي رمق ‪ 27.11‬املتعلق مبجلس النواب‪ ،‬اجلريدة الرمسية عدد‪ ،5987 :‬صادرة بتارخي ‪ 19‬دي القعدة‬
‫‪ 17) 1432‬أكتوبر ‪.(2011‬‬
‫‪ - 638‬محيد اربيعي‪ :‬حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية‪ ،‬منش ورات مؤسس ة عالل الفايس الطبع ة األوىل ‪ .2016‬الص فحة‪ 183 :‬وم ا‬
‫يلهيا‪.‬‬

‫‪320‬‬
‫تتاح له على قدم المساواة مع سواه فرص ة تقل د المناص ب العام ة في بل ده"‪ .‬كم ا يح دوها األم ل في جع ل‬
‫الرجال والنساء يتساوون في التمتع بالحقوق السياس ية وفي ممارس تها‪ ،‬طبق ا ألحك ام ميث اق األمم المتح دة‬
‫واالعالن الع المي لحق وق االنس ان‪ .‬وترجم ة له ده الرغب ة‪ ،‬فإن ه يك ون للنس اء ح ق التص ويت في جمي ع‬
‫االنتخابات‪ ،‬بشروط تساوي بينهن وبين الرجال‪ ،‬دون أي تمييز (المادة األولى (‪ .‬كم ا يمكن لهن أن ينتخبن‬
‫لجميع الهيئات المنتخبة باالقتراع العام المباشر‪ ،‬المنشأة بمقتضى التشريع العامة وممارسة جميع الوظ ائف‬
‫‪640‬‬
‫العامة عمال بمقتضيات القانون الوطني )المادة ‪639،(3‬دون أن نستثني المناصب العليا‪.‬‬

‫باإلضافة إلى مناهضة ك ل أش كال التمي يز ض د الم رأة‪ ،‬بغي ة تحقي ق المس اواة بين الجنس ين في جمي ع‬
‫مناحي الحياة‪ ،‬يكثف المشرع من مجهوداته إلخراج المرأة من وضعية التهميش والهشاشة والتبعي ة‪ ،‬ويق ر‬
‫مجموعة من السياسات واالستراتيجيات في صالح المرأة من أجل النهوض بحقوقها السياسية‪ .‬هكذا‪ ،‬ت دخل‬
‫المشرع من أجل النهوض بدور المرأة وتمكينها من الوسائل التي تضمن لها المشاركة الحقيقية والفعالة في‬
‫‪641‬‬
‫اتخاد القرار السياسي‪.‬‬

‫وتنزيال لمقتضيات الفصل ‪ 19‬من الدستور ذات الصلة بتشجيع تكافؤ الف رص بين النس اء والرج ال في‬
‫تقلد المسؤوليات السياسية‪ ،‬تم تكريس العديد من الضمانات القانونية بخصوص تعزيز ه ذا الح ق س نتطرق‬
‫إليها الحقا في المبحث الثاني‪.‬‬

‫الحق في المشاركة السياسية‪ :‬حق المشاركة في تسيير الشؤون العامة‪.‬‬

‫إن حق االنتخاب وإبداء الرأي باالستفتاء وحق تقديم العرائض والملتمسات تعد األساس الذي يقوم علي ه‬
‫مشاركة المواطن ات والمواط نين في إدارة الش ؤون العام ة في الدول ة س واء بش كل غ ير مباش ر من خالل‬
‫االنتخ اب أو االق تراع أو بش كل مباش ر من خالل االس تفتاء )أوال (‪ ،‬أو عن طري ق آلي ات الديمقراطي ة‬
‫التشاركية )ثانيا(‪،‬المتاحة للمواطنات والمواطنين‪.‬‬

‫أوال‪ :‬حق االنتخاب وإبداء الرأي باالستفتاء‪.‬‬


‫‪ - 639‬محيد اربيعي‪ :‬حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية‪ ،‬منشورات مؤسسة عالل الفايس الطبعة األوىل ‪ .2016‬الصفجة‪.184 :‬‬
‫‪ - 640‬صدر القانون التنظميي اخلاص ابلتعيني يف مناصب املسؤولية مع نصوصه التطبيقية‪ :‬ظه ري رشيف رمق ‪ 1.12.20‬ص ادر يف ‪ 17‬يولي و ‪ 2012‬بتنفي ذ‬
‫القانون التنظميي رمق ‪ 02.12‬املتعلق ابلتعيني يف املناصب العلي ا تطبيق ا ألحاكم الفص لني ‪ 49‬و‪ 92‬من ادلس تور‪ /‬اجلري دة الرمسية‪ ،‬ع دد ‪ 6066‬بت ارخي ‪19‬‬
‫يوليو ‪،2012‬‬
‫لتنظ‬ ‫أ‬
‫‪ -‬مرسوم رمق ‪ 2.12.412‬صادر يف ‪ 11‬كتوبر ‪ 2012‬بتطبيق احاكم املادتني ‪ 4‬و‪ 5‬من القانون ا ميي رمق ‪ 02.12‬فامي يتعلق مبسطرة التعيني يف املناصب‬
‫العليا اليت يمت التداول يف شأن التعيني فهيا يف جملس احلكومة‪ ،‬اجلريدة الرمسية عدد ‪ 6091‬بتارخي ‪ 15‬أكتوبر ‪2012‬؛‬
‫‪ -‬ق رار لل وزير املنت دب دلى رئيس احلكوم ة امللكف إبص الح اإلدارة والوظيف ة العمومي ة رمق ‪ 3448.12‬ص ادر يف ‪ 12‬أكت وبر ‪ 2012‬بتحدي د املطب وع‬
‫المنوذيج املوحد املنصوص عليه يف املادة ‪ 3‬من املرسوم رمق ‪ 2.12.412‬الصادر يف ‪ 11‬أكت وبر ‪ 2012‬بتط بيق احاكم املادتني ‪ 4‬و ‪ 5‬من الق انون التنظميي‬
‫رمق ‪ 02.12‬فامي يتعلق مبسطرة التعيني يف املناصب العليا اليت يمت الت داول يف ش أن التع يني فهيا يف جملس احلكوم ة‪ ،‬جري دة رمسية‪ ،‬ع دد ‪ 6091‬بت ارخي ‪2‬‬
‫يونيو ‪.2012‬‬
‫‪ - 641‬محيد اربيعي‪ :‬حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية‪ ،‬منشورات مؤسسة عالل الفايس الطبعة األوىل ‪ .2016‬الصفحة‪.185 :‬‬

‫‪321‬‬
‫تعتبر االنتخابات في الدول الديمقراطية حجر األساس ال ذي يق وم علي ه البن اء ال ديمقراطي برمت ه‪ ،‬ففي‬
‫هذه الدول يستمد الحكام مشروعيتهم منه ا فق ط‪ ،‬وهي ب ذلك أداة التعب ير عن الس يادة الش عبية إذ بواس طتها‬
‫يختار األفراد نوابهم في صنع القرار السياسي‪ ،‬ويمكن معاقبتهم في أول مناس بة انتخابي ة الحق ة ع بر نفس‬
‫‪642‬‬
‫الوسيلة وذلك بحرمانهم من أصواتهن ومنحها لمنافسيهم‪.‬‬

‫فاالنتخاب عملية سياسية يعبر بواس طتها المواطن ات والمواط نين عن رأيهم في األش خاص المرش حين‬
‫‪646‬‬
‫لت ولي مه ام أو وظ ائف مح ددة في الدولة‪ ،643‬كمنص ب رئيس الحكومة‪ ،644‬أو ن ائب‪ 645‬أو مستش ار‬
‫برلم اني‪ ،‬أو رئيس أو عض و في مج الس الجماع ات الترابية‪ ،647‬ويك ون ه دا التعب ير ب القبول وتزكي ة‬
‫المترشح أو برفضه‪ ،‬واختيار غيره أو برفضه كلية للمترشحين‪ ،‬وبذلك يعد االنتخاب طريق ة غ ير مباش رة‬
‫لممارسة المواطن في إدارة الشأن العام الوطني أو الترابي باختيار من يمثلونه أو ينوبون عنه في ذلك‪.‬‬

‫وفيما يلي رسم بياني يوضح الهيئات المنتخبة خاصة على المستوى الوطني‬

‫‪ - 642‬بولكويرات أمنية‪ :‬معاجلة احلرايت العامة يف ادلساتري املغاربية اجلزائر‪ -‬املغرب‪ -‬تونس‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة املاسرت‪ ،‬جامعة اجلزائر‪ I‬لكية احلقوق بن‬
‫يوسف بن خدة‪ ،‬الصفحة‪.100 :‬‬
‫‪- 643‬صاحل دجال‪ :‬حامية احلرايت ودوةل القانون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.309 :‬‬
‫‪ - 644‬يمت تعيني رئيس احلكومة بناء عىل الفصل ‪ 47‬يف فقرته األوىل ادلي ينص عىل أن » يعني املكل رئيس احلكومة من احلزب السيايس ادلي تصدر‬
‫انتخاابت أعضاء جملس النواب‪ ،‬وعىل أساس نتاجئها»‪.‬‬
‫‪ - 645‬ينص الفصل ‪ 62‬عىل أنه ينتخب أعضاء جملس النواب ابالقرتاع العام املبارش ملدة مخس سنوات»‪ ،‬وعددمه ‪ 395‬انئب برملاين‪.‬‬
‫‪ - 646‬يتكون جملس املستشارين حسب الفصل ‪63‬من ادلستور من ‪ 90‬عضوا عىل األقل و‪ 120‬عىل األكرث‪ ،‬ينتخب ون ابالقرتاع الع ام غ ري املبارش‪ ،‬ملدة‬
‫ست سنوات‪ ،‬عىل أساس التوزيع التايل‪:‬‬
‫‪ -‬ثالثة اخامس األعضاء ميثلون امجلاع ات الرتابي ة‪ ،‬يتوزع ون بني هجات اململك ة ابلتناس ب م ع ع دد س اكهنا‪ ،‬وم ع مراع اة الانص اف بني اجله ات‪ .‬ينتخب‬
‫اجمللس اجلهوي عىل مستوى لك هجة‪ ،‬من بني أعضائه‪ ،‬الثلث اخملصص للجهة من هدا العدد‪ ،‬وينتخب الثلثان املتبقيان من قبل هيئ ة انخب ة تتك ون عىل‬
‫مستوى اجلهة‪ ،‬من أعضاء اجملالس امجلاعية وجمالس العامالت والاقالمي‪،‬‬
‫أل‬
‫‪-‬مخسان من الاعضاء تنخهبم يف لك هجة‪ ،‬هيئ ات انخب ة تت ألف من املنتخ بني يف لغ رف املهني ة‪ ،‬ويف املنظم ة املهني ة للمش غلني ا ك رث متثيلي ة‪ ،‬وأعض اء‬
‫تنتخهبم عىل الصعيد الوطين‪ ،‬هيئة انخبة مكونة من ممثيل املأجورين‪.‬‬
‫‪ - 647‬ينص الفصل ‪ 135‬من دستور املغرب يف فقرته الثالثة عىل أن » تنتخب جمالس اجلهات وامجلاعات ابالقرتاع العام املبارش»‪.‬‬

‫‪322‬‬
‫المصدر‪ :‬إعداد شخصي‬

‫وفي المغرب أقرت جميع دساتيرها السابقة حق االنتخاب ض من الفص ل الث اني‪ ،648‬لكن المالح ظ ع دم‬
‫ذكر مص طلح االنتخ اب بص فة ص ريحة‪ ،‬إنم ا يمكن استخالص ها من خالل عب ارة وبص فة غ بر مباش رة‬
‫بواسطة المؤسسات الدستورية‪ .‬خالفا لدستور ‪ 2011‬الذي جاء بعب ارات أك ثر دالل ة وتفص يال‪ ،‬حيث نص‬
‫‪649‬‬
‫على هذا الحق ضمن الباب األول المعنون بـــ األحكام العامة كما أضاف فقرة جديدة إلى الفص ل الث اني‬
‫والتي تنص على أن تختار األمة ممثليها في المؤسسات المنتخب ة ب االقتراع الح ر والنزي ه والمنتظم ونص‬
‫في الفص ل الح ادي عشر‪ 650‬على أن االنتخاب ات الح رة والنزيه ة والش فافة هي أس اس مش روعية التمثي ل‬
‫الديمقراطي‪ ،‬ونالحظ من خالل الفصل الثالثين‪ 651‬أنه اعتبر حق التصويت ح ق شخص ي وواجب وط ني‪،‬‬
‫إال أنه اشترط بلوغ سن الرشد القانونية‪ ،‬والتمتع بالحقوق المدنية والسياسية‪.‬‬

‫كما أنه متع األجانب المقيمين بالمغرب من المشاركة في االنتخابات المحلية‪ ،‬بمقتضى القانون أو تطبيقا‬
‫التفاقيات دولية أو ممارسات المعاملة بالمثل‪.‬‬

‫كما متع المغارب ة المقيمين في الخ ارج بحق وق المواطن ة كامل ة بم ا فيه ا ح ق التص ويت والترش ح في‬
‫االنتخابات بمقتضى الفصل السابع عشر‪.652‬‬

‫‪648‬‬
‫أنظر يف ذكل الفصل الثاين من ادلساتري املغربية السابقة‪ »،‬السيادة لأل مة متارسها مبارشة ابالستفتاء‪ ،‬وبصفة غري مبارشة بواسطة املؤسسات ‪-‬‬
‫‪.‬ادلستورية‬
‫‪649‬‬
‫أنظر الفصل ‪-‬‬
‫‪650‬‬
‫‪.‬أنظر الفصل ‪ 11‬من ادلستور املغريب لسنة ‪- ». 2011‬‬
‫‪651‬‬
‫‪.‬أنظر الفصل ‪ 30‬من ادلستور املغريب لسنة ‪- ». 2011‬‬
‫‪ .» - 652‬أنظر الفصل ‪ 17‬من ادلستور املغريب لسنة ‪.2011‬‬

‫‪323‬‬
‫وتطبيق ا ألحك ام الفص ل ‪ 135‬الس الف ال ذكر ال ذي ينص على انتخ اب مج الس الجه ات والجماع ات‬
‫باالقتراع العام المباش ر‪ ،‬تم إص دار الق انون التنظيمي المتعل ق بانتخ اب أعض اء ه ذه المج الس‪ 653،‬تفعيال‬
‫للفصل ‪ 146‬الذي نص في فقرته األولى على ضرورة إصدار قانون تنظيمي لتحديد شروط تدبير الجه ات‬
‫والجماعات الترابية لشؤونها بكيفية ديمقراطية‪ ،‬وعدد أعضاء مجالسها‪ ،‬والقواعد المتعلقة بأهلية الترش يح‪،‬‬
‫وحاالت التنافي‪ ،‬وحاالت منع الجمع بين االنتدابات‪ ،‬وكذا النظام االنتخ ابي‪ ،‬وأحك ام تمثيلي ة النس اء داخ ل‬
‫المجالس المذكورة‪.‬‬

‫وفيما يلي أهم مستجدات هذا القانون التنظيمي‪:‬‬

‫"انتخاب أعضاء مجــالس الجهــات بــاالقتراع العــام المباشــر عن طريــق االقــتراع بالالئحــة وبالتمثيــل‬
‫النسبي على أساس قاعدة أكبر بقية ودون استعمال طريقة مزج األصوات والتصويت التفاضلي‪.‬‬

‫غ ير أن االنتخ اب يباش ر ب االقتراع الف ردي باألغلبي ة النس بية في دورة واح دة‪ ،‬إذا ك ان األم ر يتعل ق‬
‫‪654‬‬
‫بانتخاب عضو واحد في إطار دائرة انتخابية واحدة"‪.‬‬

‫فيم ا يخص أعض اء مج الس العم االت واألق اليم‪ ،‬فينتخب أعض ائها من ط رف هيئ ة ناخب ة تت ألف من‬
‫أعضاء مجالس الجماعات التابعة للعمالة أو اإلقليم المعني عن طريق االقتراع بالالئح ة وبالتمثي ل النس بي‬
‫على أساس قاعدة أكبر بقية‪.‬‬

‫غ ير أن االنتخ اب يباش ر ب االقتراع الف ردي باألغلبي ة النس بية في دورة واح دة إذا ك ان األم ر يتعل ق‬
‫‪655‬‬
‫بانتخاب عضو واحد‪.‬‬

‫"وينتخب أعض اء مج الس الجماع ات ال تي ال يف وق ع دد س كانها ‪ 35.000‬نس مة ب االقتراع الف ردي‬


‫باألغلبية النسبية في دورة واحدة‪.‬‬

‫يجرى انتخاب أعضاء مج الس الجماع ات ال تي يف وق ع دد س كانها ‪ 35.000‬نس مة وأعض اء مج الس‬


‫المقاطعات عن طريق االقتراع بالالئح ة في دورة واح دة وبالتمثي ل النس بي على أس اس قاع دة أك بر بقي ة‬
‫‪656‬‬
‫ودون استعمال طريقة مزج األصوات والتصويت التفاضلي‪".‬‬
‫‪657‬‬
‫"ويشترط في من يترشح لالنتخابات أن يكون ناخبا ومتمتعا بحقوقه المدنية والسياسية‪".‬‬

‫‪- 653‬ظهري رشيف رمق ‪ 173.11.1‬ص ادر يف ‪ 24‬من ذي احلج ة ‪ 21( 1432‬نون رب ‪ )2011‬بتنفي ذ الق انون التنظميي رمق ‪ 59.11‬املتعل ق ابنتخ اب أعض اء‬
‫جمالس امجلاعات الرتابية‪ ,‬منشور ابجلريدة الرمسية عدد ‪ 5997‬مكرر‪ 25 -‬ذو احلجة ‪ 2( 1432‬نونرب ‪.)2011‬‬
‫‪- 654‬املادة ‪ 78‬من القانون التنظميي املتعلق ابنتخاب أعضاء جمالس امجلاعات الرتابية‪.‬‬
‫‪ - 655‬املادة ‪ 102‬من القانون التنظميي أعاله‪.‬‬
‫‪ - 656‬املادة ‪ 130‬من القانون التنظميي أعاله‪.‬‬
‫‪ - 657‬املادة ‪ 4‬من القانون التنظميي أعاله‪.‬‬

‫‪324‬‬
‫ومن أجل تحسين التمثيلية النسائية في االنتخابات وتعزيز مشاركتها السياس ية ‪ ,‬تم التنص يص على أن‬
‫يحدد بم وجب مرس وم ب اقتراح من وزي ر الداخلي ة ع دد األعض اء ال واجب انتخ ابهم في مجلس ك ل جه ة‬
‫وتوزيع عدد المقاعد على العماالت واألقاليم وعماالت المقاطعات المكونة لكل جهة‪  ‬من خالل م ا يلي أن‪ ‬‬
‫‪ « :‬يمثل عدد مقاعد الدائرة االنتخابية المخصص ة للنس اء في ك ل عمال ة أو إقليم أو عمال ة مقاطع ات على‬
‫‪658‬‬
‫األقل ثلث عدد المقاعد المخصصة للعمالة أو اإلقليم أو عمالة المقاطعات المعنية برسم مجلس الجهة"‪.‬‬

‫تخصيص دائرتين انتخابيتين للنساء‪ ,‬على صعيد كل عمالة أو إقليم أو عمالة مقاطعات‪ ,‬وال يح ول ذل ك‬
‫‪659‬‬
‫دون حقهن في الترشح في الدائرة االنتخابية األخرى‪.‬‬

‫إمكانية تق ديم الترش يحات النتخاب ات أعض اء مج الس الجه ات ومج الس العم االت واألق اليم ومج الس‬
‫الجماعات والمقاطعات من طرف المغاربة المقيمين خارج تراب المملكة وفق الكيفي ات والش روط وداخ ل‬
‫اآلجال المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي‬

‫غير أنه ال يؤهل للترشح كل مغربي ة أو مغ ربي مقيم بالخ ارج يت ولى مس ؤولية حكومي ة أو انتدابي ة أو‬
‫‪660‬‬
‫عمومية ببلد اإلقامة‪.‬‬

‫كما يجوز للمغاربة المقيمين بالخارج المقيدين في اللوائح االنتخابية العامة أن يصوتوا في االقتراع عن‬
‫طريق الوكالة ‪ ,‬حيث يقوم الوكي ل بالتص ويت نياب ة المع ني ب األمر وف ق الكيفي ات المنص وص عليه ا في‬
‫‪661‬‬
‫القانون التنظيمي ‪ ,‬وال يجوز له أي الوكيل أن يكون وكيال ألكثر من ناخب واحد خارج تراب المملكة‪.‬‬

‫وتفعيال لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل الثاني‪ 662‬والفص ل الح ادي عش ر ‪663‬من الدس تور فق د س ن‬
‫المشرع في القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابي ة إج راءات زجري ة هام ة‬
‫تفعيلها على أرض الواقع من شأنها تخليق الحياة االنتخابية والحد من الظواهر الالأخالقية ( من مثل التأثير‬
‫على التصويت‪ ،‬الترهيب ‪ ،‬تقديم هدايا أو هبات أو تبرعات نقدية أو عينية ‪ ،‬تقديم وعود بالوظائف‪ ،‬انته اك‬
‫عمليات االقتراع ‪ ،‬انته اك س رية التص ويت ‪ ،‬إتالف أوراق التص ويت ‪ )...‬ال تي تطب ع العملي ة االنتخابي ة‬
‫‪ - 658‬املادة ‪ 77‬من القانون التنظمي املذكور أعاله‪.‬‬
‫‪ - 659‬املادة ‪ 76‬من القانون التنظميي املذكور‪.‬‬
‫‪ - 660‬الفقرة األوىل من املادة ‪ 5‬من القانون التنظميي املذكور أعاله‪.‬‬
‫‪- 661‬أنظر املادة ‪ 12‬من القانون التنظميي املذكور‪.‬‬
‫‪ - 662‬تنص هذه الفقرة عىل أن ‪ " :‬ختتار األمة ممثلهيا يف املؤسسات املنتخبة ابالقرتاع احلر والزنيه واملنتظم"‪.‬‬
‫‪ - 663‬ينص هذا الفصل عىل أن «الانتخاابت احلرة والزنهية والشفافة يه أساس مرشوعية المتثيل ادلميقراطي‪.‬‬
‫السلطات العمومية ملزمة ابحلياد التام إزاء املرتحشني ‪ ,‬وبعدم المتيزي بيهنم‪.‬‬
‫حيدد القانون القواعد اليت تضمن الاس تفادة‪ ,‬عىل حنو منص ف‪ ,‬من وس ائل الاعالم العمومي ة‪ ,‬واملامرس ة الاكمةل للحرايت واحلق وق الاساس ية‪ ,‬املرتبط ة‬
‫ابمحلالت الانتخابية‪ ,‬وبعمليات التصويت‪ ,‬وتسهر السلطات اخملتصة بتنظمي الانتخاابت عىل تطبيقها‪.‬‬
‫حيدد القانون رشوط وكيفيات املالحظة املستقةل واحملايدة لالنتخاابت‪ ,‬طبقا للمعايري املتعارف علهيا دوليا‪.‬‬
‫لك خشص خالف املقتضيات والقواعد املتعلقة بزناهة وصدق وشفافية العمليات الانتخابية‪ ،‬يعاقب عىل ذكل مبقتىض القانون‪...‬‬

‫‪325‬‬
‫خاص ة الجماعي ة وذل ك لحس ن س يرها وس المة إرادة الن اخبين من خالل ت رتيب‪ :‬الغرام ات ‪،664‬‬
‫الحبس‪،665‬التجريد من ممارسة الحقوق السياسية‪..666‬‬

‫أما بخصوص االستفتاء فهو شكل مباشر إلشراك المواطنات والمواط نين في إدارة الش ؤون العام ة في‬
‫األنظمة الديمقراطية‪ 667،‬وذلك من خالل طلب رايهم حول موضوع معين قد يكون في شكل وثيق ة سياس ية‬
‫أو دستورية تعرضها الدولة‪ -‬رئيس الدولة غالبا‪ -‬على الش عب إلب داء رأي ه حوله ا ب القبول أو ال رفض‪.668‬‬
‫حيث يعرض الموضوع المستفتى حوله على الناخبين ألخد أصواتهم ب )ال( أو)نعم( أو بكلمة)موافق( أو‬
‫غير )موافق(‪.‬‬

‫وبالنسبة للدستور المغ ربي‪ ،‬فوفق ا لمقتض يات الفص ل الث اني من الدس تور الح الي‪ ،‬ف إن االس تفتاء أداة‬
‫مباشرة لممارسة األمة سيادتها‪ ،‬كما يمكن ممارسة هده السيادة بصفة غير مباش رة عن طري ق المؤسس ات‬
‫الدستورية‪.‬‬

‫وبخصوص المراجعة الدستورية فإن الفصل ‪ 669 172‬ق د نص في فقرت ه الثاني ة أن للمل ك أن يع رض‬
‫مباشرة على االستفتاء‪ ،‬المشروع الدي اتخذ المبادرة بشأنه‪.‬‬

‫كما أكد الفصل ‪ 174‬من الدستور المغربي على أن مراجع ة الدس تور ال تك ون نهائي ة إال بع د إقراره ا‬
‫‪670‬‬
‫باالستفتاء‪.‬‬

‫ويعزى من هذه المقتضيات أن أهم المواضيع التي يتم طرحها على االس تفتاء له ا ص لة بتع ديل الوثيق ة‬
‫الدستورية‪ ،‬وال تكون المراجعة نهائية إال بعد إقراره ا باالس تفتاء وموافق ة المواطن ات والمواط نين علي ه‪.‬‬
‫لكن دون أن تتناول المراجعة المكتسبات في مجال الحريات والحقوق األساسية المنص وص عليه ا في ه ذا‬
‫الدستور‪ 671 .‬وه ذا الفص ل يش كل ض مانة دس تورية هام ة في مج ال حماي ة الحق وق والحري ات األساس ية‬
‫بالمغرب خاصة الحقوق السياسية لما تكتسيه من أهمية‪.‬‬
‫‪ - 664‬انظر املواد‪ 46-45-44-43-42:‬ن القانون التنظميي املذكور أعاله‪.‬‬
‫‪- 665‬انظر املواد‪ 70-69-68-67-66-65-63-62-61-60-59-58-57-56-55-54-51-50-49-48-47 :‬من القانون التنظميي املذكور أعاله‪.‬‬
‫‪ - 666‬أنظر املادة ‪ 69‬و‪ 71‬من القانون التنظميي املذكور أعاله‪.‬‬
‫‪ - 667‬صاحل دجال‪ ،‬حامية احلرايت ودوةل القانون‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة ادلكتوراه يف القانون العام‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.310‬‬
‫‪ - 668‬غالبا ما يمت الاستفتاء حول موضوع حساس واسرتاتيجي لدلوةل ميس مبارشة براكئزها ومقوماهتا‪ ،‬اكالستفتاء حول التعديل ادلستوري كام وقع يف‬
‫تعديل الوثيقة ادلستورية املغربية لسنة ‪.2011‬‬
‫‪ - 669‬ينص الفصل ‪ 172‬من دستور اململكة عىل أن للمكل ول رئيس احلكوم ة وجمللس الن واب وجمللس املستش ارين‪ ،‬ح ق اختاد املب ادرة قص د مراجع ة‬
‫ادلستور‪.‬‬
‫للمكل ان يعرض مبارشة عىل الاستفتاء‪ ،‬املرشوع ادلي اختذ املبادرة بشأنه‪.‬‬
‫‪ - 670‬ينص الفصل ‪ 174‬من دستور اململكة عىل أن تعرض مشاريع ومقرتحات مراجعة ادلستور‪ ،‬مبقتىض ظهري‪ ،‬عىل الشعب قصد الاستفتاء‪.‬‬
‫تكون املراجعة هنائية بعد إقرارها ابالستفتاء‪.‬‬
‫‪ - 671‬ينص الفصل ‪ 175‬من دستور اململكة عىل أنه ال ميكن أن تتناول املراجعة الاحاكم املتعلق ة ابدلين اإلس اليم‪ ،‬وابلنظ ام املليك لدلوةل‪ ،‬وابختياره ا‬
‫ادلميقراطي لأل مة‪ ،‬وابملكتسبات يف جمال احلرايت واحلقوق السياسية املنصوص علهيا يف هدا ادلستور‪.‬‬

‫‪326‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحق في تقديم العرائض‪ 672‬والملتمسات‪ 673‬في مجال التشريع‪:‬‬

‫ألول مرة في التاريخ الدستوري المغربي كرست الوثيق ة الدس تورية ل ‪ 29‬يولي وز ‪ ، 2011‬في مج ال‬
‫المشاركة السياسية في تدبير األن العام الوطني والمحلي‪ ،‬العدي د من الفص ول الم ؤطرة لحق وق المش اركة‬
‫المواطنة لدى كافة الهيئات المنتخبة سواء على المس توى الوط ني أو ال ترابي‪ ،‬من أج ل النه وض بالعملي ة‬
‫التنموية على جميع المس تويات ‪ ،‬ففي الفق رة األولى من تص دير الدس تور المغ ربي تم النص على أن " إن‬
‫المملكة المغربية‪ ،‬وفاء الختيارها الذي ال رجع ة في ه‪ ،‬في بن اء دول ة ديمقراطي ة يس ودها الح ق والق انون‪،‬‬
‫تواصل بعزم مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة‪ ،‬مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجي دة‪،‬‬
‫وإرساء دعائم مجتمع متضامن‪ ،‬يتمتع فيه الجميع باألمن والحري ة والكرام ة والمس اواة‪ ،‬وتك افؤ الف رص‪،‬‬
‫والعدالة االجتماعية‪ ،‬ومقومات العيش الكريم‪ ،‬في نطاق التالزم بين حقوق وواجبات المواطنة"‪.‬‬

‫كما أن الفصل األول والمتعلق بطبيعة نظام الحكم وبمقومات النظام الدستوري المغربي ينص في فقرته‬
‫الثانية على أن " يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط‪ ،‬وتوازنها وتعاونها‪ ،‬والديمقراطية‬
‫المواطنة والتشاركية‪ ،‬وعلى مبادئ الحكامة الجيدة‪ ،‬وربط المسؤولية بالمحاسبة"‪.‬‬

‫وفي ذات السياق ألزم الفصل ‪ 139‬من الدستور على أن " تضع مجالس الجه ات‪ ،‬والجماع ات الترابي ة‬
‫األخرى‪ ،‬آليات تشاركية للحوار والتشاور‪ ،‬لتيسير مساهمة المواطن ات والمواط نين والجمعي ات في إع داد‬
‫برامج التنمية وتتبعها‪.‬‬

‫يُمكن للمواطنات والمواطنين والجمعي ات تق ديم ع رائض‪ ،‬اله دف منه ا مطالب ة المجلس ب إدراج نقط ة‬
‫تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله"‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬حق الترشح لالنتخابات‪:‬‬

‫من أهم الحقوق السياسية حق االنتخاب وحق الترشح ويمكن اعتباراهما المرآة الكاشفة عن مدى ما‬
‫وصلت إليه الدول من تقدم في مجال التجربة الديمقراطية‪ ،‬و ال يكفى للق‪$$‬ول بوج‪$$‬ود‪ $‬ه‪$$‬ذه الحق‪$$‬وق مج‪$$‬رد‬

‫‪ - 672‬للتفصيل أكرث‪:‬‬
‫‪ -‬القانون التنظميي رمق ‪ 44.14‬بتحديد رشوط وكيفيات تقدمي العرائض إىل السلطات العمومية؛‬
‫‪ -‬ظهري رشيف رمق ‪ 1.15.83‬صادر يف ‪ 7‬يوليو ‪ 2015‬بتنفيذ القانون التنظميي رمق ‪ 111.14‬املتعلق ابجلهات؛‬
‫‪ -‬ظهري رشيف رمق ‪ 1.15.84‬صادر يف ‪ 7‬يوليو ‪ 2015‬بتنفيذ القانون التنظميي رمق ‪ 112.14‬املتعلق ابلعامالت واألقالمي؛‬
‫‪ -‬ظهري رشيف رمق ‪ 1.15.85‬صادر يف ‪ 7‬يوليو ‪ 2015‬بتنفيذ القانون التنظميي رمق ‪ 113.14‬املتعلق ابمجلاعات؛‬
‫‪ -‬محمد رضا مقتدر‪ ،‬احلق يف تقدمي العرائض بني التجربة املغربية والتجارب ادلولية‪ ،‬مطبعة مشس برينت – الرابط – السنة ‪.2018‬‬
‫‪673‬‬

‫‪327‬‬
‫النص عليها في الدساتير وإنما يجب أن تكون هذه القوانين يمكن تطبيقها في الواق‪$$‬ع العملى ح‪$$‬تى نض‪$$‬من‬
‫مشاركة أكبر عدد ممكن فى الحياة السياسية‪.‬‬

‫فالمشاركة السياسية ذات تأثير على الفرد وعلى السياسة العامة للدول‪$$‬ة‪ ،‬فبالنس‪$$‬بة للف‪$$‬رد فهي تنمى‬
‫إحساسه بذاته وثقل وزن‪$$‬ه ووعي‪$$‬ه السياس‪$$‬ي في المجتم‪$$‬ع ال‪$$‬ذي يعيش في‪$$‬ه‪ ،‬وت‪$$‬ربى‪ $‬وتنمى انتمائ‪$$‬ه لوطن‪$$‬ه‬
‫وتحمله لمسئولياته تجاه مجتمعه‪ .‬وعلى مستوى‪ $‬السياسة العام‪$$‬ة تعكس رغب‪$$‬ات المواط‪$$‬نين في االش‪$$‬تراك‬
‫في توجيه دفة الحكم في البالد وصنع‪ $‬القرار السياسي وتقرير‪ $‬المصير تحقيقا ً للديمقراطية‪.‬‬

‫و يقتضي حق الترشح وجود‪ $‬بعض الشروط حتى يس‪$$‬تطيع الم‪$$‬واطن اس‪$$‬تخدامه وترش‪$$‬يح نفس‪$$‬ه في‬
‫االنتخابات سواء الترشح النتخابات الرئاسة أو لمجلس الشعب و يعد ه‪$$‬ذا الح‪$$‬ق إح‪$$‬دى وس‪$$‬ائل المش‪$‬اركة‬
‫في الحياة السياسية للمواطن‪.‬‬

‫و من أهم الش‪$$‬روط ال‪$$‬واجب توافره ‪$‬ا‪ $‬و ق‪$$‬د أجمعت عليه‪$$‬ا معظم دس‪$$‬اتير‪ $‬الع‪$$‬الم ش‪$$‬رطى‪ $‬الس‪$$‬ن و‬
‫الجنسية فض‪$‬ال عن وج‪$‬ود ع‪$‬دد من الض‪$‬مانات تكف‪$‬ل حس‪$‬ن ممارس‪$‬ة ه‪$‬ذا الح‪$‬ق فى إط‪$‬ار من الحري‪$‬ة و‬
‫الديمقراطية ‪.‬‬

‫و من المسلم به أن جميع المواطنون أمام القانون سواء ال تمييز بينهم فى الحقوق و الواجب‪$$‬ات و ال‬
‫مجال للحرمان أو التمييز‪ $‬بينهم فى ممارسة ح‪$$‬ق الترش‪$$‬ح على أس‪$$‬اس الجنس أو ال‪$$‬دين أو العقي‪$$‬دة و بن‪$$‬اء‬
‫على ذلك ال يمكن تمييز المرأة على الرجل فيما يتعلق بحق الترش‪$$‬ح للرئاس‪$$‬ة و إنم‪$$‬ا ه‪$$‬و بحس‪$$‬ب األص‪$$‬ل‬
‫حق مكفول لجميع المواطنين بمجرد توافر الشروط‪ $‬التى يتطلبها القانون فيهم‪. $‬‬

‫و هناك بعض الدول التى كفلت حق المساواة لمواطنيها و سمحت للمرأة فيها بممارسة حقه‪$$‬ا فى‬
‫الترشح ألنتخابات الرئاسة و كان المجتمع على درجة من الثقافة و الوعى بمكانة الم‪$‬رأة و ال‪$‬دور الفاع‪$‬ل‬
‫التى تستطيع ممارسته و بالت‪$$‬الى تم نج‪$$‬اح الم‪$$‬رأة فى س‪$$‬باق‪ $‬الرئاس‪$$‬ة و من ه‪$$‬ذه ال‪$$‬دول ال‪$$‬تى نجحت فيه‪$$‬ا‬
‫المرأة حديثا فى سباق الرئاسة البرازيل و األرجنتين‪.‬‬

‫ففى البرازيل عام ‪ 2010‬ف‪$$‬ازت ديلم‪$$‬ا روس‪$$‬يف‪ $‬بمنص‪$$‬ب رئيس‪$$‬ة الجمهوري‪$$‬ة و تع‪$$‬د أول إم‪$$‬رأة‬
‫برازيلية تحتل منصب رئاسة الجمهورية فى خامس أكبر دولة فى العالم من حيث المساحة و عدد السكان‬
‫و نجحت فى إثبات أن المرأة قادرة على تقلد أعلى منصب فى الدولة‪.‬‬

‫و دعمه‪$$‬ا بق‪$$‬وة ال‪$$‬رئيس الس‪$$‬ابق ل‪$$‬وال دى س‪$$‬يلفا فى االنتخاب‪$$‬ات الرئاس‪$$‬ية و أعلن أنه‪$$‬ا مرش‪$$‬حته‬
‫لمنصب رئيس الجمهورية‬

‫و تتمتع ديلما روسيف بحياة سياسية حافلة فقد بدأت المشاركة فى الحياة السياسية منذ سن السادسة‬
‫عشرة حيث انضمت إلى حركة طالبية مناهضة للدكتاتورية فى البرازيل و تعرضت لعقوبة السجن لم‪$$‬دة‬

‫‪328‬‬
‫ثالث سنوات نتيجة النضال ضد السياسية القمعية للدولة ‪ ،‬و بع‪$$‬د إنته‪$$‬اء حقب‪$$‬ة الدكتاتوري‪$$‬ة العس‪$$‬كرية فى‬
‫البرازيل كانت روسيف أحد مؤسسى الحزب ال‪$$‬ديمقراطى العم‪$$‬الى ‪ ،‬ثم أنض‪$$‬مت لح‪$$‬زب العم‪$$‬ال ‪ ،‬و بين‬
‫عامى ‪ 1995 $: 1991‬شغلت روسيف منصب وزيرة الطاقة فى الحكومة المحلية لوالي‪$$‬ة "ري‪$$‬و جران‪$$‬د‬
‫دو سول" ‪ ،‬و شغلت منصب وزيرة للطاقة مرة أخرى و لكن فى حكومة الرئيس الس‪$$‬ابق ل‪$$‬وال دى س‪$$‬يلفا‬
‫فى عام ‪ ، 2002‬و فى عام ‪ 2005‬شغلت منصب رئيسة الحكومة ‪.‬‬

‫و تعت‪$$‬بر ديلم‪$$‬ا روس‪$$‬يف أهم شخص‪$$‬ية سياس‪$$‬ية فى البرازي‪$$‬ل و تلقب ب‪$$‬المرأة الحديدي‪$$‬ة ذات‬
‫الشخصية الفوالذي‪$$‬ة و ق‪$$‬د ن‪$$‬الت فى م‪$$‬ارس ‪ 2014‬بج‪$$‬ائزة "الم‪$$‬رأة الرائ‪$$‬دة" و هى ت‪$$‬ؤمن بالمس‪$$‬اواة بين‬
‫الجنسين و تناصر حقوق المرأة و ترى ان هذا الق‪$‬رن ه‪$‬و بال ش‪$‬ك الق‪$‬رن الخ‪$‬اص بالنس‪$‬اء و تعم‪$‬ل على‬
‫النهوض بمكانة المرأة البرازيلية و تمكينها فى جميع المجاالت و تعمل على النهوض بمستوى‪ $‬العيش فى‬
‫البالد و خاصة بالنسبة إلى الفقراء لدرجة أنها لقبت "أم الفقراء"‬

‫‪ ‬و تميزت بقوة شخصيتها‪ $‬و جرأتها فى إدارة شئون البالد و كانت نموذج مش‪$‬رف‪ $‬و ن‪$‬اجح للم‪$‬رأة فى‬
‫هذا المنصب لمدة ف‪$‬ترة واليته‪$‬ا‪ $‬و ق‪$‬د ت‪$‬رتب على دوره‪$‬ا الفاع‪$‬ل زي‪$‬ادة وعى الش‪$‬عب ال‪$‬برازيلى و تقبل‪$‬ه‬
‫للمرأة فى منصب رئاسة الجمهورية و أنعكس ذلك على االنتخابات ال‪$$‬تى تج‪$$‬رى‪ $‬فى البرازي‪$$‬ل األن حيث‬
‫التنافس محتدم بين إمرأتان ‪ -‬ديلما روسيف لقترة والية ثانية و مارينا سيلفا ‪-‬‬

‫و قد فازت ديلما روسيف فى الدورة األولى التى ج‪$$‬رت فى الخ‪$$‬امس من أكت‪$$‬وبر بنس‪$$‬بة ‪41.59‬‬
‫‪ ، %‬و سواء فازت روسيف‪ $‬أو مارينا سيلفا فذلك يعد إنتصار لحقوق المرأة السياسية‪.‬‬

‫و أيضا نجحت المرأة فى إثبات قدرتها على تذليل الصعاب و التحول إلى شخصية قيادي‪$$‬ة و الوص‪$$‬ول‪$‬‬
‫إلى رئاسة الجمهورية فى بلد به الكثير من األزمات مثل األرجنتين فقد نجحت كريستينا فرنان‪$$‬ديز رئيس‪$$‬ة‬
‫األرجنتين فى الخروج ببالدها من عنق الزجاجة لدولة لها وزنها عالميا‪.‬‬

‫وتعد كريستينا‪ $‬فرنانديز‪ $‬أول رئيسة جمهورية لألرجنتين و قد بدأت العمل فى الحياة السياسية من‪$$‬ذ‬
‫وقت مبك‪$$‬ر أيض‪$$‬ا ففى ع‪$$‬ام ‪ 1970‬أنخ‪$$‬رطت فى حرك‪$$‬ة الش‪$$‬باب الب‪$$‬يرونى ثم فى ع‪$$‬ام ‪ 1989‬انتخبت‬
‫كعضو‪ $‬فى المجلس التشريعى االقليمى فى مقاطعة سانتا كروز‪ $‬و قد أعي‪$$‬د إنتخابه‪$‬ا‪ $‬فى ه‪$$‬ذا المنص‪$$‬ب فى‬
‫عام ‪ ، 1993‬و بحلول عام ‪ 1995‬تم انتخابها لتمثيل والية سانتا كروز‪ $‬فى مجلس الشيوخ االرجنتينى ‪،‬‬
‫و انتخبت فى ع‪$$‬ام ‪ 1997‬كعض‪$‬و‪ $‬بمجلس الن‪$$‬واب ‪ ،‬و فى ع‪$$‬ام ‪ 2001‬تم انتخابه‪$$‬ا م‪$$‬رة أخ‪$$‬رى عض‪$$‬وا‬
‫بمجلس الشيوخ ‪.‬‬

‫‪329‬‬
‫و فى عام ‪ 2007‬فازت فرنانديز‪ $‬بمنص‪$$‬ب رئيس الجمهوري‪$$‬ة ألول م‪$$‬رة فى ت‪$$‬اريخ األرجن‪$$‬تين و‬
‫جدير بالذكر أن إيزابيل مارتينيز دى بيرون لم تكن رئيسة لدولة األرجنتين و إنم‪$$‬ا ت‪$$‬ولت مه‪$$‬ام المنص‪$$‬ب‬
‫بعد وفاة زوجها‪ $‬خوان بيرون‪.‬‬

‫و استطاعت فرنانديز‪ $‬القيام بنهضة إقتصادية و إجتماعية و مواجهة العديد من األزمات فى بداية‬
‫حكمها و نجحت فى تقليل نسب البطالة بشكل ملحوظ‪ $‬و أرتفع الناتج القومى فى األرجنتين و ق‪$$‬د س‪$$‬اهمت‬
‫هذه االصالحات الجدية فى التاكيد على قدرة المرأة لت‪$$‬ولى أعلى المناص‪$$‬ب و حس‪$$‬ن إدارته‪$$‬ا و أدى ذل‪$$‬ك‬
‫إلى إعادة إنتخابها مرة أخرى فى عام ‪ 2011‬بنسبة ‪.%54‬‬

‫هذا و يعد حق التصويت‪ $‬في االنتخابات أو حق االنتخاب هو «قيام الفرد باختيار‪ $‬أح‪$$‬د المرش‪$$‬حين‬
‫لتمثيله في الهيئات المنتخبة التي تت‪$$‬ولى إع‪$$‬داد الق‪$$‬وانين أو في بعض مناص‪$$‬ب اتخ‪$$‬اذ الق‪$$‬رارات»‪ .‬ويمكن‬
‫تعريف‪ $‬االنتخابات أيضا ً بأنها «تل‪$$‬ك العملي‪$$‬ة ال‪$$‬تي يق‪$$‬وم المواطن‪$$‬ون بواس‪$$‬طتها‪ ،‬وبش‪$$‬كل دوري‪ ،‬باختي‪$$‬ار‬
‫ممثليهم لتسلّم مناصب السلطة التشريعية أو التنفيذية أو المؤسـسات المحليـة»‪.‬‬

‫ليس ك‪$$‬ل انتخ‪$$‬اب ه‪$$‬و ج‪$$‬وهر النظ‪$$‬ام ال‪$$‬ديموقراطي‪ $،‬ب‪$$‬ل هن‪$$‬اك مم‪$$‬يزات أو خص‪$$‬ائص كي توص‪$$‬ف‬
‫االنتخابات بأنها انتخابات الديموقراطيّة‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫يحق لكل مواطن أن َينتخِب وأن ي َ‬


‫ُنتخب‪ .‬وأن تك‪$$‬ون االنتخاب‪$$‬ات‬ ‫أن تكون االنتخابات عامة‪ ،‬بمعنى أنه ّ‬
‫متساوية‪ ،‬بمعنى أن لكل ناخب صوتا ً واحداً‪ .‬وأن تكون االنتخابات دورية‪ ،‬بمعنى أنها تتكرر بع‪$$‬د م‪$$‬رور‪$‬‬
‫مدة معينة من الزمن‪ ،‬وهذه المدة منصوص عليها في القانون‪.‬‬

‫وأن تكون سرية‪ ،‬بمعنى أن هن‪$‬اك وس‪$‬ائل‪ $‬ته‪$‬دف إلى ض‪$‬مان س‪$‬رية االنتخ‪$‬اب‪ ،‬بحيث ال تك‪$‬ون هن‪$‬اك‬
‫إمكاني‪$$‬ة لممارس‪$$‬ة ض‪$$‬غط غ‪$$‬ير الئ‪$$‬ق وغ‪$$‬ير ع‪$‬ادل على الن‪$$‬اخب وإقناع‪$$‬ه بالتص‪$$‬ويت لمرش‪$$‬ح معين ع‪$‬بر‬
‫استخدام‪ $‬وسائل‪ $‬غير الئقة ومرفوضة‪.‬‬

‫وأن تكون نزيهة وعادلة‪ ،‬بمعنى أنها تجري وفق قواعد م ّتفق عليها وفق‪ $‬قوانين الدولة‪.‬‬

‫في الواقع هناك اختالف حول ماهية الطبيعة القانونية لالنتخاب‪ ،‬حيث إن هناك ثالثة اتجاهات‪ :‬يذهب‬
‫االتجاه األول إلى أن االنتخاب حق شخصي يتمتع به كل مواطن‪ ،‬ويثبت هذا الح‪$$‬ق لك‪$$‬ل ف‪$$‬رد على أرض‬
‫الدولة على أساس المساواة بين المواطنين‪ ،‬باعتباره من الحقوق الطبيعية التي ال يجوز‪ $‬حرمان أحد منها‪.‬‬
‫ويترتب‪ $‬على كون االنتخاب حقا ً شخصيا ً ع‪$$‬دم ج‪$$‬واز تقيي‪$$‬د ه‪$$‬ذا الح‪$$‬ق بش‪$$‬روط معين‪$$‬ة تح‪$$‬د من اس‪$$‬تعمال‬
‫األفراد‪ $‬له‪ ،‬أي أن االقتراع‪ $‬يجب أن يكون عاماً‪ ،‬ولألفراد كام‪$$‬ل الحري‪$$‬ة في اس‪$$‬تعمال ه‪$$‬ذا الح‪$$‬ق أو ع‪$$‬دم‬
‫استعماله‪ ،‬من دون جبر أو إلزام‪.‬‬

‫‪330‬‬
‫ويذهب االتجاه الثاني إلى أن االنتخاب وظيفة‪ ،‬وه‪$$‬و ليس حق‪$‬ا ً شخص‪$$‬ياً‪ ،‬وإنم‪$$‬ا مج‪$$‬رد وظيف‪$$‬ة يؤديه‪$$‬ا‬
‫المواطن نتيجة النتمائه إلى األم‪$$‬ة ص‪$$‬احبة الس‪$$‬يادة‪ .‬وي‪$$‬ترتب على ك‪$$‬ون االنتخ‪$$‬اب وظيف‪$$‬ة أال تعطى ه‪$$‬ذه‬
‫الوظيفة إال لألجدر واألكثر‪ $‬كفاءة‪ ،‬فينحص‪$‬ر‪ $‬ذل‪$$‬ك في فئ‪$$‬ات قليل‪$$‬ة من الن‪$$‬اس‪ .‬ففي عه‪$$‬د الث‪$$‬ورة الفرنس‪$$‬ية‬
‫حظيت هذه النظري‪$$‬ة بقب‪$$‬ول كب‪$$‬ير‪ ،‬حيث أي‪$‬دتها الجمعي‪$‬ة التأسيس‪$$‬ية س‪$‬نة ‪ ،1791‬وض‪$$‬منتها‪ $‬في الدس‪$$‬تور‪$‬‬
‫الصادر‪ $‬في العام نفسه‪ ،‬وكذلك في نظام االنتخاب الذي تم إقراره حينذاك‪.‬‬

‫بينما يذهب االتجاه الثالث إلى أن االنتخاب س‪$$‬لطة قانوني‪$$‬ة وليس حق‪$‬ا ً أو وظيف‪$$‬ة‪ ،‬وإنم‪$$‬ا ه‪$$‬و س‪$$‬لطة أو‬
‫مُكنة قانونية تعطى للن‪$‬اخبين لتحقي‪$‬ق المص‪$‬لحة العام‪$‬ة‪ ،‬وليس لمص‪$‬لحة شخص‪$‬ية‪ ،‬وذل‪$‬ك على أس‪$‬اس أن‬
‫القانون هو الذي يتولى تحديد مضمون هذه السلطة وشروط اس‪$$‬تعمالها بالنس‪$$‬بة الى جمي‪$$‬ع المواط‪$$‬نين من‬
‫دون تفرقة‪.‬‬

‫مهما كان االختالف الفقهي في الطبيعة القانونية لالنتخاب‪ ،‬فإن التصويت في االنتخاب‪$$‬ات أو االنتخ‪$$‬اب‬
‫وسيلة مهمة وأساسية يمكن لألفراد من خاللها التأثير في الق‪$$‬رارات الحكومي‪$$‬ة‪ ،‬حيث تع‪$$‬د االنتخاب‪$$‬ات من‬
‫منظور‪ $‬سياسي من أهم الممارسات السياسية في الدول الديموقراطية‪ ،‬فهي وسيلة حض‪$$‬ارية لنق‪$$‬ل الس‪$$‬لطة‬
‫بطريقة سلمية من شخص إلى آخر‪ ،‬أو من مجموعة إلى ُأخرى‪ .‬وقد تستعين بها الدول غير الديموقراطية‬
‫إلضفاء الشرعية على سلطة الحكام المستبدين‪.‬‬

‫كما تعد االنتخابات من منظور حقوق اإلنسان من أهم الركائز‪ $‬األساسية لحق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان‪ ،‬فهي وس‪$$‬يلة‬
‫قانونية تضمن مش‪$$‬اركة المواط‪$$‬نين في ادارة الش‪$$‬ؤون العام‪$$‬ة لبل‪$$‬دانهم‪ .‬وق‪$$‬د نص عليه‪$$‬ا اإلعالن الع‪$$‬المي‬
‫لحقوق اإلنسان ‪ ،1948‬في المادة ‪ 21‬على أنه «لك‪$$‬ل ش‪$$‬خص ح‪$$‬ق المش‪$$‬اركة في ادارة الش‪$$‬ؤون العام‪$$‬ة‬
‫لبلده‪ ،‬إما مباشرة أو بواسطة ممثلين يختارون بحري‪$$‬ة‪ .‬وإن إرادة الش‪$$‬عب هي من‪$$‬اط س‪$$‬لطة الحكم‪ ،‬ويجب‬
‫أن تتجلى هذه اإلرادة من خالل انتخابات نزيهة تج‪$$‬ري دوري‪$‬اً‪ $‬ب‪$$‬االقتراع‪ $‬الع‪$$‬ام‪ ،‬وعلى ق‪$$‬دم‪ $‬المس‪$$‬اواة بين‬
‫الناخبين‪ ،‬وبالتصويت الس‪$$‬ري أو ب‪$$‬إجراء مك‪$$‬افئ من حيث ض‪$‬مان حري‪$‬ة التص‪$$‬ويت»‪ .‬وق‪$‬د ج‪$$‬رى تأكي‪$‬د‬
‫أهمية إجراء انتخابات دورية ونزيهة في العديد من الصكوك الدولية واإلقليمي‪$$‬ة‪ ،‬كالعه‪$$‬د ال‪$$‬دولي‪ $‬الخ‪$$‬اص‬
‫ب‪$$‬الحقوق المدني‪$$‬ة والسياس‪$$‬ية‪ ،‬واالتفاقي‪$$‬ة األوروبي‪$$‬ة لحق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان‪ ،‬وميث‪$$‬اق‪ $‬منظم‪$$‬ة ال‪$$‬دول األميركي‪$$‬ة‪،‬‬
‫والميثاق‪ $‬األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب‪.‬‬

‫وعلى رغم اإلقرار الدولي بالحق في التصويت كأحد الحقوق األساسية السياسية لإلنس‪$$‬ان‪ ،‬إال أن ه‪$$‬ذا‬
‫اإلقرار‪ $‬ما زال ناقصاً‪ $‬في ما يخص الماليين من األفراد‪ $‬في العالم‪ ،‬إذ ان هن‪$$‬اك مجموع‪$$‬ات محروم‪$$‬ة من‬
‫التمتع به‪$$‬ذا الح‪$$‬ق‪ ،‬كغ‪$$‬ير المواط‪$$‬نين وص‪$$‬غار‪ $‬الس‪$$‬ن وبعض األقلي‪$$‬ات ومق‪$$‬ترفي‪ $‬بعض الج‪$$‬رائم واألف‪$$‬راد‬
‫المشردين والجماع‪$$‬ات المش‪$$‬ردة داخلي‪$‬اً‪ ،‬فض‪$‬الً عن أف‪$$‬راد وجماع‪$$‬ات أخ‪$$‬رى من المح‪$$‬رومين من التمت‪$$‬ع‬
‫ب‪$$‬الحق في التص‪$$‬ويت ألس‪$‬باب مختلف‪$‬ة‪ ،‬بم‪$‬ا في ذل‪$‬ك الفق‪$‬ر واألمي‪$‬ة واالض‪$‬طهاد والخ‪$$‬وف وع‪$$‬دم س‪$$‬المة‬

‫‪331‬‬
‫إجراءات العملية االنتخابية‪ .‬ناهيك عن نظرة بعض البلدان الى أصل االنتخابات‪ ،‬وع‪$$‬دم اعترافه‪$‬ا‪ $‬ب‪$$‬الحق‬
‫في االنتخابات‪.‬‬

‫وهناك بلدان‪ ،‬على رغم إقرارها باالنتخابات‪ ،‬اال أنها تضع قيوداً‪ $‬عليها بحيث تكون نتائجها محس‪$$‬ومة‬
‫سلفاً‪.‬‬

‫مع هذا‪ ،‬ومهما كانت النواقص والثغرات والعيوب‪ $‬في الممارسة االنتخابي‪$$‬ة‪ ،‬ف‪$$‬إن وجوده‪$$‬ا أفض‪$$‬ل من‬
‫غيابها أو عدم االعتراف بها‪ ،‬فعلى رغم محاوالت التس‪$‬ويف واالحت‪$‬واء‪ $‬بالت‪$‬أثير‪ $‬في النت‪$$‬ائج ف‪$‬إن التط‪$‬ور‪$‬‬
‫الموضوعي‪ $‬البعيد المدى والتراكم‪ $‬الذي سيحص‪$$‬ل ال يخل‪$$‬و من فائ‪$$‬دة وإن ك‪$$‬انت مح‪$$‬دودة وفي حاج‪$$‬ة الى‬
‫تطوير‪ $‬وتعميق ومراقبة وشفافية طبقا ً للمعايير الدولية‪ ،‬ألن اعتم‪$$‬اد المع‪$$‬ايير الدولي‪$$‬ة لالنتخاب‪$$‬ات س‪$$‬يكون‬
‫المدخل الصحيح لمجتمعات تطمح إلى الديموقراطية‪.‬‬

‫ومما تقدم يتضح أن العملية االنتخابية هي توكيل من الناخب للمرشح لينوب عنه في ممارسة الوالي‪$$‬ة‪،‬‬
‫وهي ضرورة سياسية واجتماعي‪$‬ة ال غ‪$‬نى عنه‪$‬ا في النظم الديموقراطي‪$‬ة أو تل‪$‬ك ال‪$‬تي تس‪$‬عى إلى تحقي‪$‬ق‬
‫حكومة الشعب وسيادته‪ ،‬وأن التطبيقات االنتخابية وإن كانت تتفاوت من بلد إلى آخ‪$‬ر فإنه‪$‬ا تجرب‪$‬ة مفي‪$‬دة‬
‫في كل األحوال‪ ،‬وهي تحقق مجموعة من المكاسب أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬تمكين المواطنين من التعبير عن آرائهم واختيار البدائل المناسبة‪.‬‬

‫‪ -‬تمنح األفكار والمعتقدات المختلفة فرصا ً لكسب التأييد‪.‬‬

‫‪ -‬تجعل الممثلين المنتخبين يخضعون للمحاسبة والمساءلة‪.‬‬

‫‪ -‬تؤدي إلى الطمأنينة في المجتمع‪ ،‬وتعزز‪ $‬شعور‪ $‬المواطن بالكرامة‪.‬‬

‫‪ -‬تم ّكن النظام السياسي من معرفة توجهات الرأي العام‪.‬‬

‫يتكام ل ح ق الترش ح لالنتخاب ات م ع ب اقي الحق وق السياس ية األخ رى المنص وص عليه ا في الوثيق ة‬
‫الدستورية كحق انشاء األحزاب السياسية وحرية االنتخاب والتص ويت‪ ،‬فح ق المواطن ات والمواط نين في‬
‫المشاركة السياسية ال يكون عن طري ق االنتخ اب والتص ويت فق ط‪ ،‬ب ل لهم الح ق في أن يتق دموا للترش ح‬
‫لالنتخابات بكل حرية وبدون قيد‪ ،‬غير تلك المح ددة قانون ا‪ ،‬كاس تكماله لجمي ع ش روط الترش ح وعلى ق دم‬
‫المساواة مع غيره من المترشحين‪.‬‬

‫وفي التجربة المغربية أكد الفصل ‪ 30‬على أحقية كل مواطن تتوافر فيه الشروط القانوني ة ومنه ا ش رط‬
‫بلوغ سن الرشد القانونية‪ ،‬والتمتع بالحقوق السياسية والمدنية‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬الحق في تأسيس األحزاب السياسية واالنخراط بها‪:‬‬

‫‪332‬‬
‫تتنوع التشكيالت السياس‪$‬ية في المغ‪$‬رب وتت‪$‬وزع‪ $‬الخريط‪$‬ة إلى أل‪$‬وان وأح‪$‬زاب بعض‪$‬ها‪ $‬ق‪$‬ديم‪ $‬عاص‪$‬ر‬
‫استقالل البالد وبعضها‪ $‬جديد تولد عن تطورات سياسية أو أفرزته عوامل اجتماعية أو انش‪$$‬قاقات حزبي‪$$‬ة‪.‬‬
‫ومن أبرز تشكيالت الطيف السياسي المغربي‪:‬‬
‫الكتلة الديمقراطية‬

‫كتلة الوفاق‬

‫أحزاب الوسط‬

‫األحزاب اإلسالمية‬

‫أحزاب يسارية‬

‫أحزاب أخرى‬

‫أحزاب جديدة‬

‫األحزاب المغربية واالنشقاقات الداخلية‬

‫األحزاب المغربية واالنصهار‬

‫تغير في األسماء‬

‫الكتلة الديمقراطية‬

‫تضم خمسة أحزاب جمعتها المعارضة في وقت سابق‪ ،‬وتشكل في الوقت الراهن الحكومة وأكبر‪ $‬ع‪$‬دد‬
‫من النواب في البرلمان (‪ 102‬من أصل ‪ 325‬نائبا)‪ .‬وأحزاب الكتلة هي‪:‬‬

‫االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية‬ ‫‪.1‬‬

‫وهو حزب اشتراكي تأس‪$$‬س ع‪$$‬ام ‪ ،1975‬وق‪$‬د‪ $‬انفص‪$$‬لت الجماع‪$$‬ة المؤسس‪$$‬ة ل‪$$‬ه عن االتح‪$$‬اد الوط‪$$‬ني‪$‬‬
‫للق‪$$‬وات الش‪$$‬عبية (ال‪$$‬ذي انش‪$$‬ق قب‪$$‬ل ذل‪$$‬ك عن ح‪$$‬زب االس‪$$‬تقالل)‪ .‬ظ‪$$‬ل االتح‪$$‬اد االش‪$$‬تراكي‪ $‬قطب رحى‬
‫المعارضة في المغرب لمدة طويلة‪ ،‬بل أصبح القوة السياسية المغربية األولى م‪$$‬ع بداي‪$$‬ة التس‪$$‬عينيات‪ .‬وق‪$‬د‪$‬‬
‫كان فوزه في االنتخابات التشريعية يوم ‪ 14‬نوفمبر‪/‬تشرين الثاني ‪ 1997‬بنس‪$‬بة ‪ %13.9‬من األص‪$‬وات‬
‫(أي ‪ 57‬من مجموع‪ $‬مقاعد مجلس النواب المغربي) س‪$$‬ببا في تع‪$$‬يين المل‪$$‬ك للك‪$$‬اتب الع‪$$‬ام للح‪$$‬زب رئيس‪$‬ا‪$‬‬
‫للوزراء منذ ‪ 5‬فبراير‪/‬شباط ‪.1998‬‬

‫حزب االستقالل‬ ‫‪.2‬‬

‫حزب وطني‪ $‬محافظ‪ $‬من أقدم‪ $‬األحزاب المغربية‪ ،‬يش‪$$‬كل امت‪$$‬دادا لحرك‪$$‬ة التحري‪$$‬ر‪ ،‬ش‪$$‬ارك‪ $‬الح‪$$‬زب في‬
‫حكومات متعاقبة في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات‪ ،‬ثم دخل تح‪$$‬الف أح‪$$‬زاب المعارض‪$$‬ة إلى ج‪$$‬انب‬

‫‪333‬‬
‫االتحاد االشتراكي‪ $‬للقوات الشعبية‪ .‬أصبح في االنتخابات التشريعية التي ج‪$$‬رت ي‪$$‬وم ‪ 14‬نوفم‪$$‬بر‪/‬تش‪$$‬رين‬
‫الثاني ‪ 1997‬ثاني أكبر حزب سياسي‪ $‬مغربي بحصوله على نس‪$$‬بة ‪ %13.2‬من األص‪$$‬وات (أي ‪ 32‬من‬
‫مجموع مقاعد مجلس النواب المغربي)‪ .‬دخ‪$$‬ل الح‪$$‬زب حكوم‪$$‬ة عب‪$$‬د ال‪$$‬رحمن اليوس‪$$‬في في ف‪$$‬براير‪/‬ش‪$$‬باط‬
‫‪ ،1998‬ومنذ ذلك العام أصبح رئيسه عباس الفاسي خلفا لمحمد بوسته مما أعطى الحزب دم‪$$‬ا ش‪$$‬بابيا ق‪$$‬د‬
‫يجدد من هياكله‪ .‬ترأسه عالل الفاسي حتى وفاته عام ‪ 1972‬ثم ترأسه محمد بوسته حتى ‪ 1998‬ليصبح‬
‫عباس الفاسي بعد ذلك التاريخ رئيسه الحالي‪.‬‬

‫حزب التقدم واالشتراكية‬ ‫‪.3‬‬

‫حزب يساري تم االعتراف به يوم ‪ 23‬أغسطس‪/‬آب ‪ ،1974‬وهو وريث الحزب الشيوعي المغ‪$$‬ربي‪$‬‬
‫الذي أسس عام ‪ .1943‬قاد علي يعته منذ ‪ 1946‬الحزب حتى وفات‪$$‬ه المفاجئ‪$$‬ة ع‪$$‬ام ‪ 1997‬ليص‪$$‬بح‬
‫إسماعيل العلوي رئيسه (تنازع إسماعيل العلوي والخياري التهامي زعامة الح‪$$‬زب فحس‪$$‬مت لص‪$$‬الح‬
‫العلوي‪ ،‬فأسس الخياري جبهة القوى الديمقراطية عام ‪ .)1997‬ومنذ عام ‪ 1995‬تخلى حزب التق‪$$‬دم‬
‫واالشتراكية عن النهج الشيوعي‪ ،‬وق‪$$‬د حص‪$$‬ل في انتخاب‪$$‬ات ‪ 14‬نوفم‪$$‬بر‪/‬تش‪$$‬رين الث‪$$‬اني ‪ 1997‬على‬
‫تسعة من مقاعد مجلس الن‪$$‬واب المغ‪$$‬ربي (ك‪$$‬ان ه‪$$‬ذا الح‪$$‬زب أص‪$$‬ال الح‪$$‬زب الش‪$$‬يوعي المغ‪$$‬ربي‪ $‬من‪$$‬ذ‬
‫‪ 1943‬ثم سمي حزب التحرر واالشتراكية عام ‪ 1969‬ثم حزب التقدم واالشتراكية عام ‪.)1974‬‬

‫منظمة العمل الديمقراطي الشعبي‬ ‫‪.4‬‬

‫حزب يساري‪ $‬صغير‪ $‬أسسه محمد بن سعيد آيت يدر عام ‪ ،1983‬وه‪$$‬و في األص‪$$‬ل امت‪$$‬داد لـ "حرك‪$$‬ة‬
‫‪ 23‬مارس" (ذات التوجه الماركسي اللينيني)‪ .‬وقد حصلت المنظم‪$$‬ة على ‪ %8‬من األص‪$$‬وات أي أربع‪$$‬ة‬
‫من مقاعد مجلس النواب المغربي‪ $‬يوم ‪ 14‬نوفمبر‪/‬تشرين الثاني ‪ .1997‬ومع أن المنظمة تس‪$$‬اند حكوم‪$$‬ة‬
‫اليوسفي فإنها غير ممثلة في الجهاز التنفيذي‪ .‬ورئيسها‪ $‬هو محمد بن سعيد (عرفت المنظم‪$$‬ة في منتص‪$$‬ف‬
‫التسعينيات انقساما جذريا بين تيارين داخليين أح‪$‬دهما بزعام‪$‬ة محم‪$$‬د بن س‪$$‬عيد ال‪$‬ذي ظ‪$‬ل محتفظ‪$$‬ا باس‪$‬م‬
‫المنظمة والثاني بزعامة عيسى الورديغي‪ $‬الذي أسس عام ‪ 1996‬الحزب االش‪$$‬تراكي‪ $‬ال‪$$‬ديمقراطي)‪ .‬وق‪$‬د‪$‬‬
‫اتح‪$$‬دت المنظم‪$$‬ة في منتص‪$$‬ف يولي‪$$‬و‪/‬تم‪$$‬وز‪ 2002 $‬م‪$$‬ع ثالث‪$$‬ة أح‪$$‬زاب يس‪$$‬ارية هي الحرك‪$$‬ة من أج‪$$‬ل‬
‫الديمقراطية والديمقراطيون المستقلون والفعاليات اليسارية المستقلة‪ ،‬مشكلة م‪$$‬ا أص‪$‬بح يع‪$‬رف بـ "ح‪$‬زب‬
‫اليسار االشتراكي‪ $‬الموحد"‪.‬‬

‫االتحاد الوطني للقوات الشعبية‬ ‫‪.5‬‬

‫‪334‬‬
‫هو حزب صغير غ‪$‬ير ممث‪$$‬ل في مجلس الن‪$$‬واب‪ ،‬انش‪$$‬ق في بداي‪$$‬ة تأسيس‪$$‬ه عن ح‪$$‬زب االس‪$$‬تقالل س‪$$‬نة‬
‫‪ .1959‬أسسه المهدي بن بركة وعبد الرحيم بوعبيد ومحمد بصري‪ .‬وقد تأثر بانفصال جناح‪$$‬ه اليس‪$$‬اري‬
‫الذي أسس االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية سنة ‪.1974‬‬

‫الوفاق‬

‫ويضم‪ $‬األحزاب التالية‪:‬‬

‫الحركة الشعبية‬ ‫‪.1‬‬

‫حزب قديم حصل على االعتراف القانوني في فبراير‪ $/‬شباط ‪ ،1959‬وقد أسسه المحجوبي‪ $‬أحرض‪$$‬ان‬
‫وعبد الكريم الخطيب قبل أن يختلفا عام ‪ 1966‬فانقسمت الحركة على نفسها حيث احتفظ أحرضان باس‪$$‬م‬
‫الحزب وخرج الخطيب‪ .‬وفي أكتوبر‪/‬تشرين األول ‪ 1986‬انعقد المؤتمر‪ $‬االس‪$$‬تثنائي‪ $‬للح‪$$‬زب ال‪$$‬ذي أق‪$$‬ال‬
‫المحجوبي‪ $‬أحرضان ليصبح محمد العنصر‪ $‬رئيس الحركة الشعبية‪.‬‬

‫االتحاد الدستوري‬ ‫‪.2‬‬

‫ح‪$$‬زب يمي‪$$‬ني أسس‪$$‬ه رئيس ال‪$$‬وزراء الس‪$$‬ابق المعطي بوعبي‪$$‬د بإيع‪$$‬از من القص‪$$‬ر س‪$$‬نة ‪ 1983‬أثن‪$$‬اء‬
‫التحض‪$$‬ير النتخاب‪$$‬ات ‪ ،1984‬وق ‪$‬د‪ $‬ترأس‪$$‬ه بع‪$$‬د ذل‪$$‬ك جالل الس‪$$‬عيد‪ ،‬ثم ترأس‪$$‬ه عب‪$$‬د اللطي‪$$‬ف الس‪$$‬ماللي‬
‫وأصبحت رئاسته دورية ويرأسه اآلن محمد عبيد‪.‬‬

‫الحزب الوطني الديمقراطي‬ ‫‪.3‬‬

‫تأسس في يولي‪$$‬و‪/‬تم‪$$‬وز‪ 1981 $‬بزعام‪$$‬ة محم‪$$‬د أرس‪$$‬الن الجدي‪$$‬دي في انش‪$$‬قاق عرف‪$$‬ه التجم‪$$‬ع الوط‪$$‬ني‬
‫لألحرار‪ .‬وقد اعتم‪$‬د علي‪$‬ه القص‪$‬ر أثن‪$‬اء تولي‪$‬ه رئاس‪$‬ة الحكوم‪$‬ة لس‪$‬نتين ب‪$‬دءا من نوفم‪$‬بر‪/‬تش‪$$‬رين الث‪$‬اني‬
‫‪ .1981‬حصل على عش‪$‬رة من مقاع‪$‬د مجلس الن‪$‬واب في انتخاب‪$‬ات ‪ 14‬نوفم‪$‬بر‪/‬تش‪$‬رين الث‪$‬اني ‪.1997‬‬
‫ومنذ وفاة أرسالن الجديدي أصبح عبد الحميد قادري‪ $‬على رأس الحزب‪.‬‬

‫الحركة الديمقراطية االجتماعية‬ ‫‪.4‬‬

‫حزب يميني أسس في ربيع ‪ 1997‬برئاسة محمود عرشان في انش‪$$‬قاق عن الحرك‪$$‬ة الوطني‪$$‬ة الش‪$$‬عبية‬
‫برئاسة المحجوبي أحرضان‪ ،‬وحصل على ‪ 32‬مقعدا في انتخاب‪$$‬ات ‪ 14‬نوفم‪$$‬بر‪/‬تش‪$$‬رين الث‪$$‬اني‬
‫‪.1997‬‬

‫أحزاب الوسط‬

‫تضم األحزاب التالية‪:‬‬

‫‪335‬‬
‫التجمع الوطني لألحرار‬ ‫‪.1‬‬

‫أسسه أحمد عص‪$‬مان رئيس ال‪$‬وزراء الس‪$‬ابق وص‪$‬هر‪ $‬المل‪$‬ك الحس‪$‬ن الث‪$‬اني في أكت‪$‬وبر‪/‬تش‪$‬رين األول‬
‫‪ ،1978‬وهو حزب يمين الوسط موال للقصر ويمثل البرجوازية الصناعية والتجارية وقد اس‪$$‬تقطب تل‪$$‬ك‬
‫الطبقة حيث إن ‪ 15‬من أعضاء مكتبه السياسي البالغ ‪ 25‬رجال أعمال‪ .‬تألف عند تأسيس‪$$‬ه من مجموع‪$$‬ة‬
‫من النواب أفرزتها انتخابات عامي ‪ 1976‬و‪ 1977‬وكانت تشكل أغلبية البرلمان يومها وقد بلغت ‪141‬‬
‫نائب‪$$‬ا‪ .‬حص‪$$‬ل في انتخاب‪$$‬ات نوفم‪$$‬بر‪/‬تش‪$$‬رين الث‪$$‬اني ‪ 1997‬على نس‪$$‬بة ‪ %8‬أي (‪ 46‬من مقاع‪$$‬د مجلس‬
‫النواب) وهي أكبر نسبة حصل عليها حزب في هذه االنتخابات‪ .‬شارك التجمع في حكومة التناوب (ال‪$$‬تي‬
‫تجمع بين أحزاب الكتلة وأحزاب الوسط) برئاسة السيد اليوسفي‪.‬‬

‫الحركة الوطنية الشعبية‬ ‫‪.2‬‬

‫أسس‪$$$‬ها المحج‪$$$‬وبي أحرض‪$$$‬ان ع‪$$$‬ام ‪ 1991‬بع‪$$$‬دما تمت إقالت‪$$$‬ه من زعام‪$$$‬ة الحرك‪$$$‬ة الش‪$$$‬عبية في‬
‫أكت‪$$‬وبر‪/‬تش‪$$‬رين األول ‪ ،1986‬وتمث‪$$‬ل ‪ %10‬من األص‪$$‬وات في انتخاب‪$$‬ات ‪ 14‬نوفم‪$$‬بر‪/‬تش‪$$‬رين الث‪$$‬اني‬
‫‪( 1997‬أي ‪ 40‬مقعدا من مقاعد مجلس النواب)‪ .‬شاركت الحركة الوطني‪$$‬ة الش‪$$‬عبية في حكوم‪$$‬ة التن‪$$‬اوب‬
‫(التي تجمع بين أحزاب الكتلة وأحزاب الوسط) برئاسة السيد اليوسفي‪.‬‬

‫األحزاب اإلسالمية‬

‫نذكرها كالتالي‪:‬‬

‫حزب العدالة والتنمية‬ ‫‪.1‬‬

‫وكان يعرف سابقا بالحركة الشعبية الدستورية الديمقراطي‪$‬ة س‪$‬ابقا وه‪$‬و ح‪$‬زب إس‪$‬المي معت‪$‬دل يطل‪$‬ق‬
‫عليه المراقبون "إسالميو‪ $‬القصر"‪ ،‬ذلك أن أعضاء من "حركة اإلصالح والتجديد" ‪-‬وهي حركة إس‪$$‬المية‬
‫مغربية‪ -‬قرروا االلتحاق بالحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية بع‪$$‬دما فش‪$$‬لوا في م‪$$‬ايو‪/‬أي‪$$‬ار ‪ 1992‬في‬
‫تأسيس "حزب التجديد الوطني" ذي التوجه اإلس‪$$‬المي‪ .‬وق‪$$‬د س‪$$‬مح ال‪$$‬دكتور عب‪$$‬د الك‪$$‬ريم الخطيب الك‪$$‬اتب‬
‫العام للحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية لمجموعة من "اإلصالح والتجدي‪$$‬د" بالعم‪$$‬ل في إط‪$$‬ار حزب‪$$‬ه‬
‫المذكور‪ $‬شريطة دخولهم‪ $‬كأفراد وليس كتنظيم‪ .‬ومع دخول تلك الجماع‪$$‬ة في الحرك‪$$‬ة الش‪$$‬عبية الدس‪$$‬تورية‬
‫الديمقراطية جرت محاوالت لتغيير اسمها حتى تعبر عن الوضع الجديد‪ ،‬وفي نهاي‪$$‬ة ع‪$$‬ام ‪ 1998‬أص‪$$‬بح‬
‫اسم هذه التشكيلة السياسية "حزب العدالة والتنمية"‪ .‬ال يشارك‪ $‬حزب العدالة والتنمية في حكوم‪$$‬ة التن‪$$‬اوب‬
‫وإن كان يسمي نفسه "معارضة ناصحة" لحكومة اليوسفي‪.‬‬

‫جماعة العدل واإلحسان‬ ‫‪.2‬‬

‫‪336‬‬
‫يتزعمها الشيخ عب‪$$‬د الس‪$$‬الم ياس‪$$‬ين‪ ،‬وهي أهم تنظيم إس‪$$‬المي غ‪$$‬ير مع‪$$‬ترف‪ $‬ب‪$$‬ه قانوني‪$$‬ا‪ $.‬ويع‪$$‬د فتح هللا‬
‫أرسالن الناطق الرسمي باسم هذه الجماعة‪ .‬وتقاطع جماعة العدل واإلحسان انتخابات ‪ 27‬س‪$‬بتمبر‪/‬أيل‪$$‬ول‪$‬‬
‫‪.2002‬‬

‫أحزاب يسارية‬

‫وهي ثالثة أحزاب ‪:‬‬

‫جبهة القوى الديمقراطية‬ ‫‪.1‬‬

‫تأسست في نطاق انشقاق عرفه حزب التقدم واالشتراكية بعد وفاة زعيمه التاريخي‪ $‬علي يعته‪ .‬ويعتبر‪$‬‬
‫المراقبون الجبهة حزبا تق‪$$‬دميا يس‪$$‬اريا يمت‪$$‬از على المس‪$$‬توى‪ $‬التنظيمي‪ $‬بتقليص ص‪$$‬الحيات وف‪$$‬ترة انت‪$$‬داب‬
‫الكاتب العام للجبهة ومساعديه‪ .‬وقد ش‪$$‬كل الح‪$$‬زب مجموع‪$$‬تين برلم‪$$‬انيتين قب‪$$‬ل انتخاب‪$$‬ات نوفم‪$$‬بر‪/‬تش‪$$‬رين‬
‫الثاني ‪ .1997‬والكاتب العام للجبهة هو التهامي الخياري‪.‬‬

‫حزب الطليعة الديمقراطية واالجتماعية‬ ‫‪.2‬‬

‫انشق هذا الحزب عن االتحاد االشتراكي‪ $‬للقوات الشعبية عام ‪ 1991‬مشكال حزبا من أقص‪$‬ى‪ $‬اليس‪$$‬ار‪،‬‬
‫وقد‪ $‬نادى بمقاطعة االنتخابات يوم ‪ 14‬نوفمبر‪/‬ى‪ $‬تشرين الث‪$$‬اني ‪ 1997‬مم‪$$‬ا أدى لس‪$$‬جن بعض أعض‪$$‬ائه‪.‬‬
‫ويمثل الحزب المعارضة الراديكالية للنظام ويرأسه أحمد بن جلون‪.‬‬

‫النهج الديمقراطي‬ ‫‪.3‬‬

‫وهو اتجاه سياسي يساري متشدد يت‪$$‬ابع طري‪$$‬ق المنظم‪$$‬ة المغربي‪$$‬ة القديم‪$$‬ة "إلى األم‪$$‬ام"‪ ،‬وهي حرك‪$$‬ة‬
‫"ماوية" انشقت من حزب التقدم واالشتراكية منذ ‪ .1970‬والمنسق العام هو عبد هللا الحريف‪.‬‬

‫أحزاب أخرى‬

‫هذه األحزاب هي ‪:‬‬

‫حزب العمل‬ ‫‪.1‬‬

‫أسسه عام ‪ 1974‬عبد الرحمن عبد هللا الصنهاجي‪ ،‬وظل رئيسه حتى وفات‪$$‬ه ع‪$$‬ام ‪ .1986‬ش‪$$‬ارك في‬
‫جميع االستحقاقات االنتخابية‪ ،‬وقد عرف خالف‪$$‬ات داخلي‪$$‬ة من بينه‪$$‬ا محاول‪$$‬ة إبع‪$$‬اد رئيس‪$$‬ه الح‪$$‬الي محم‪$$‬د‬
‫اإلدريسي‪ $‬عام ‪ .1996‬ومنذ مؤتمره الثالث المنعقد بت‪$$‬اريخ ‪ 18‬ين‪$$‬اير‪/‬ك‪$$‬انون الث‪$$‬اني ‪ 1998‬واإلدريس‪$$‬ي‬
‫رئيس للحزب‪.‬‬

‫أحزاب جديدة‬

‫‪337‬‬
‫وهي ‪ 10‬أحزاب نذكرها كالتالي‪:‬‬

‫حزب القوات المواطنة‬ ‫‪.1‬‬

‫حزب يمي‪$‬ني نخب‪$‬وي أسس‪$‬ته بعض أوس‪$‬اط رج‪$‬ال األعم‪$‬ال في نوفم‪$‬بر‪/‬تش‪$‬رين الث‪$‬اني ‪ 2001‬وعلى‬
‫رأسه عبد الرحيم الحجوجي‪ $‬المشهور بخطاباته‪ ،‬ويقارنه المراقبون‪ $‬ببرلس‪$$‬كوني في إيطالي‪$$‬ا‪ ،‬حيث يمكن‪$$‬ه‬
‫عن طريق‪ $‬أسلوبه الخطابي الجديد والبسيط‪ $‬أن ينافس اليسار المغربي‪.‬‬

‫اتحاد الحريات‬ ‫‪.2‬‬

‫حزب ناشئ أسسه علي بلحاج في مارس‪/‬آذار ‪.2002‬‬

‫حزب اإلصالح والتنمية‬ ‫‪.3‬‬

‫أسسه عبد الرحمن الكوهن عام ‪ 2001‬في إطار انشقاق عرفه التجمع الوطني‪ $‬لألحرار‪ .‬وك‪$$‬ان إنش‪$$‬اء‬
‫الحزب نوعا من رفض سلطات أحمد عصمان على الحزب الوطني‪ $‬لألحرار‪.‬‬

‫حزب المؤتمر الوطني االتحادي‬ ‫‪.4‬‬

‫تأسس في أكت‪$$‬وبر‪/‬تش‪$$‬رين األول ‪ 2001‬في انش‪$$‬قاق عن االتح‪$$‬اد االش‪$$‬تراكي‪ $‬للق‪$$‬وات الش‪$$‬عبية‪ ،‬بع‪$$‬دما‬
‫حصل تنافر بين أمينه العام عب‪$$‬د ال‪$$‬رحمن اليوس‪$$‬في واألمين الع‪$$‬ام للكنفدرالي‪$$‬ة الديمقراطي‪$$‬ة للش‪$$‬غل محم‪$$‬د‬
‫نوبير‪ $‬األموي (تعتبر الكنفدرالية أهم تشكيلة نقابية في المغرب وهي في األصل جناح االتحاد االش‪$$‬تراكي‪$‬‬
‫للقوات الشعبية النقابي)‪ .‬وقد أسس هذا الحزب بعض النقابيين المنسحبين من االتحاد االش‪$$‬تراكي‪ ،‬وأمين‪$$‬ه‬
‫العام هو عبد المجيد بوزوبع‪$.‬‬

‫االتحاد الديمقراطي‬ ‫‪.5‬‬

‫نشأ في إطار انشقاق الحركة الوطنية الشعبية التي يرأسها‪ $‬أحرضان عام ‪ .2001‬أسسه النائب بوعزة‬
‫يكن‪.‬‬

‫المبادرة الوطنية للتنمية‬ ‫‪.6‬‬

‫تأسست في إطار انشقاق الحركة الوطنية الشعبية في ‪ 30‬مارس‪/‬آذار‪ 2002 $‬ويرأسها محمد بنحمو‪.‬‬

‫حزب العهد‬ ‫‪.7‬‬

‫‪338‬‬
‫أسسه في نهاية مارس‪/‬آذار‪ 2002 $‬المستاؤون من الحركة الشعبية التي يرأسها محم‪$$‬د العنص ‪$‬ر‪ $‬ومن‬
‫الحركة الوطنية الشعبية التي يرأسها أحرضان‪ ،‬وال‪$$‬ذين لم يعجبهم االتح‪$$‬اد ال‪$$‬ديمقراطي ال‪$$‬ذي يرأس‪$$‬ه‬
‫بوعزة يكن‪ .‬ويرأس الحزب النقابي والنائب السابق نجيب الوزاني‪.‬‬

‫الحزب المغربي الليبرالي‬ ‫‪.8‬‬

‫تأسس في مارس‪/‬آذار ‪ 2002‬برئاسة محمد زيان‪ ،‬وهو حزب يب‪$$‬دو من خطاب‪$$‬ه أن‪$$‬ه لي‪$$‬برالي التوج‪$$‬ه‪.‬‬
‫تنحصر‪ $‬شعبيته في الريف بالشمال المغربي وخاصة في الحسيمة والناضور‪ $.‬وقد انشق عنه بعيد تأسيس‪$$‬ه‬
‫محمد علوه مؤسسا‪ $‬الحزب الليبرالي التصحيحي‪$.‬‬

‫حزب التجديد واإلنصاف‬ ‫‪.9‬‬

‫أسسه شاكر أشبهار يوم الثالث من أبريل‪/‬نيسان ‪ 2002‬في الفترة نفسها ال‪$$‬تي تأسس‪$$‬ت فيه‪$$‬ا األح‪$$‬زاب‬
‫المذكورة آنفا‪ ،‬وهو ريفي كمحمد مزيان ومحمد علوه‪.‬‬

‫حزب البيئة والتنمية‬ ‫‪.10‬‬

‫ويرأسه السيد أحمد العلمي وزير‪ $‬سابق للصحة‪ ،‬ويمثل حزب "الخضر" في المشهد السياسية المغ‪$$‬ربي‬
‫تأسس في إبريل‪/‬نيسان ‪ 2002‬في انشقاق عن الحزب الوطني‪ $‬الديموقراطي‪.‬‬

‫األحزاب المغربية واالنشقاقات الداخلية‬

‫تولدت أحزاب مغربية كثيرة من أحزاب ق‪$$‬امت نتيج‪$$‬ة خالف‪$$‬ات في التوجه‪$$‬ات السياس‪$$‬ية والفكري‪$$‬ة بين‬
‫األعضاء المتنافسين أحيانا‪ ،‬أو نتيجة ضغوط خارجي‪$$‬ة من القص‪$$‬ر أو من وزارة الداخلي‪$$‬ة أحيان‪$$‬ا أخ‪$$‬رى‪،‬‬
‫وفي‪ $‬بعض الحاالت نتيجة طموح شخصي‪ .‬ومن أمثلة االنشقاق واالنشطار‪ $‬الحزبي في المغرب‪:‬‬

‫تأسيس االتحاد الوطني للقوات الشعبية عام ‪ 1959‬نتيجة انقسام عرفه حزب االس‪$$‬تقالل (أسس‪$$‬ت‬ ‫‪.1‬‬
‫هذا الحزب مجموعة من بينها عبد هللا إبراهيم وعبد الرحيم‪ $‬بوعبيد والمحجوب‪ $‬بن صديق‪.)..‬‬

‫تأسيس الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية عام ‪ 1967‬نتيجة انقسام عرفت‪$$‬ه الحرك‪$$‬ة الش‪$‬عبية‬ ‫‪.2‬‬
‫(أسس هذه الحركة الدكتور عبد الكريم الخطيب)‪.‬‬

‫تأس‪$‬يس منظم‪$‬ة "‪ 23‬م‪$‬ارس" ع‪$‬ام ‪ 1970‬نتيج‪$‬ة انش‪$‬قاق عن االتح‪$‬اد الوط‪$‬ني‪ $‬للق‪$‬وات الش‪$‬عبية‬ ‫‪.3‬‬
‫(أسس هذه المنظمة محمد بن سعيد آيت يدر)‪.‬‬

‫تأسيس منظمة "إلى األم‪$‬ام" ع‪$‬ام ‪ 1970‬منش‪$‬قة عن ح‪$‬زب التق‪$‬دم واالش‪$‬تراكية بوص‪$‬فها توجه‪$‬ا‪$‬‬ ‫‪.4‬‬
‫شيوعيا "ماويا"‪.‬‬

‫‪339‬‬
‫تأسيس االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية عام ‪ 1972‬نتيجة انقسام عرفه االتحاد الوطني للقوات‬ ‫‪.5‬‬
‫الشعبية (أسسه عبد الرحيم بوعبيد ومجموعة معه)‪.‬‬

‫تأسيس الحزب الوطني‪ $‬ال‪$‬ديمقراطي ع‪$‬ام ‪ 1981‬نتيج‪$‬ة انقس‪$‬ام داخ‪$‬ل التجم‪$‬ع الوط‪$‬ني لألح‪$‬رار‬ ‫‪.6‬‬
‫(أسسه محمد أرسالن الجديدي)‪.‬‬

‫تأس‪$$‬يس ح‪$$‬زب الطليع‪$$‬ة ال‪$$‬ديمقراطي االجتم‪$$‬اعي ع‪$$‬ام ‪ 1989‬منفص‪$$‬ال عن االتح‪$$‬اد االش‪$$‬تراكي‬ ‫‪.7‬‬
‫للقوات الشعبية (أسسه أحمد بن جلون)‪.‬‬

‫تأسيس الحركة الوطني‪$$‬ة الش‪$$‬عبية ع‪$$‬ام ‪ 1991‬بع‪$$‬د ط‪$$‬رد مؤسس‪$$‬ها‪ $‬أحرض‪$$‬ان من األمان‪$$‬ة العام‪$$‬ة‬ ‫‪.8‬‬
‫للحركة الشعبية (أسسها المحجوبي‪ $‬أحرضان)‪.‬‬

‫تأسيس الحزب االشتراكي‪ $‬الديمقراطي عام ‪ 1996‬نتيجة انقسام داخل منظمة العمل ال‪$$‬ديمقراطي‪$‬‬ ‫‪.9‬‬
‫الشعبي (أسسه عيسى الورديغي)‪.‬‬

‫تأسيس الحركة الديمقراطية الشعبية عام ‪ 1997‬نتيجة انقسام داخل الحركة الوطنية الشعبية التي‬ ‫‪.10‬‬
‫لم يمض على تأسيس أحرضان لها أكثر من أربع سنوات (أسسها محمود عرشان)‪.‬‬

‫تأسيس جبهة القوى الديمقراطية عام ‪ 1997‬نتيجة انقسام داخ‪$$‬ل ح‪$$‬زب التق‪$$‬دم واالش‪$$‬تراكية على‬ ‫‪.11‬‬
‫من يخلف علي يعته بعد وفاته (أسسها التهامي الخياري)‪.‬‬

‫تأسيس حزب األصالة والتنمية عام ‪ 2001‬في انشقاق عن التجمع الوطني لألحرار (أسس‪$$‬ه عب‪$$‬د‬ ‫‪.12‬‬
‫الرحمن الكوهن)‪.‬‬

‫تأسيس حزب المؤتمر‪ $‬الوطني االتحادي عام ‪ 2001‬في انشقاق عن االتح‪$$‬اد االش‪$$‬تراكي‪ $‬للق‪$$‬وات‬ ‫‪.13‬‬
‫الشعبية (أسسه نوبير‪ $‬األموي وعبد المجيد بوزوبع ومجموعة من النقابيين)‪.‬‬

‫تأسيس االتحاد الديمقراطي عام ‪ 2001‬في إطار انشقاق الحركة الوطنية الشعبية (أسس‪$$‬ه الن‪$$‬ائب‬ ‫‪.14‬‬
‫بوعزة يكن)‪.‬‬

‫تأس‪$$‬يس "المب‪$$‬ادرة الوطني‪$$‬ة للتنمي‪$$‬ة" ع‪$$‬ام ‪ 2002‬في إط‪$$‬ار انش‪$$‬قاق الحرك‪$$‬ة الوطني‪$$‬ة الش‪$$‬عبية‬ ‫‪.15‬‬
‫(ويرأسها‪ $‬محمد بنحمو)‪.‬‬

‫تأسيس حزب العهد نهاية مارس‪/‬آذار ‪ 2002‬في انشقاق عن الحركة الش‪$$‬عبية والحرك‪$$‬ة الوطني‪$$‬ة‬ ‫‪.16‬‬
‫الشعبية واالتحاد الديمقراطي (يرأسه نجيب الوزاني)‪.‬‬

‫تأس‪$$$‬يس ح‪$$$‬زب البيئ‪$$$‬ة والتنمي‪$$$‬ة في إبري‪$$$‬ل‪/‬نيس‪$$$‬ان ‪ 2002‬في انش‪$$$‬قاق عن الح‪$$$‬زب الوط‪$$$‬ني‪$‬‬ ‫‪.17‬‬
‫الديموقراطي (يرأسه السيد أحمد العلمي)‪.‬‬

‫‪340‬‬
‫مالحظة‬
‫ت‪$$‬أتي الحرك‪$$‬ة الش‪$$‬عبية على رأس التنظيم‪$$‬ات السياس‪$$‬ية األك‪$$‬ثر عرض‪$$‬ة لالنش‪$$‬طار‪ ،‬فل‪$$‬دينا اآلن الح‪$$‬زب‬
‫األصلي (الحركة الشعبية) ويتزعمها محمد العنصر‪ .‬وهنالك حزب العدالة والتنمي‪$$‬ة وه‪$$‬و تط‪$$‬ور‪ $‬للحرك‪$$‬ة‬
‫الشعبية الدستورية الديمقراطية وزعيم‪$‬ه ال‪$‬دكتور عب‪$‬د الك‪$‬ريم الخطيب وهي االنش‪$‬قاق األول‪ .‬كم‪$‬ا توج‪$‬د‬
‫الحركة الش‪$$‬عبية الوطني‪$$‬ة وزعيمه‪$‬ا‪ $‬المحج‪$$‬وبي‪ $‬أحرض‪$$‬ان ال‪$$‬زعيم الت‪$$‬اريخي للحرك‪$$‬ة الش‪$$‬عبية‪ ،‬والحرك‪$$‬ة‬
‫الديمقراطية الش‪$‬عبية بزعام‪$‬ة محم‪$‬ود عرش‪$‬ان‪ .‬وهن‪$‬اك أيض‪$‬ا االتح‪$‬اد ال‪$‬ديمقراطي برئاس‪$‬ة ب‪$‬وعزة يكن‪،‬‬
‫والمبادرة الوطنية للتنمية برئاسة محم‪$‬د بنحم‪$‬و‪ ،‬وح‪$$‬زب العه‪$‬د برئاس‪$‬ة نجيب ال‪$‬وزاني‪ $،‬فكله‪$$‬ا تش‪$‬كيالت‬
‫تناسلت من معطف الحركة الشعبية‪.‬‬

‫األحزاب المغربية واالنصهار‬

‫كما شهدت األحزاب المغربية انشطارات‪ $‬وانقسامات‪ $‬كثيرة‪ ،‬فقد عرفت بشكل أقل بعض االنص‪$$‬هارات‬
‫والتوحد‪$:‬‬

‫تش‪$$‬كل "ح‪AA‬زب اليس‪AA‬ار االش‪AA‬تراكي الموحد" في منتص‪$$‬ف يولي‪$$‬و‪/‬تم‪$$‬وز ‪ ,2002‬بانص‪$$‬هار‪ $‬أربع‪$$‬ة‬ ‫‪‬‬

‫تيارات يسارية هي‪ :‬منظمة العم‪$$‬ل ال‪$$‬ديمقراطي‪ $‬الش‪$$‬عبي والحرك‪$$‬ة من أج‪$$‬ل الديمقراطي‪$$‬ة وال‪$$‬ديمقراطيون‬
‫المستقلون والفعاليات اليسارية المستقلة‪.‬‬

‫نشأ "حزب العدالة والتنمية" من دخ‪$‬ول بعض أعض‪$‬اء جماع‪$‬ة "حرك‪$‬ة اإلص‪$‬الح والتجدي‪$‬د" في‬ ‫‪‬‬

‫الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية بع‪$$‬دما فش‪$$‬لوا في م‪$$‬ايو‪/‬أي‪$$‬ار ‪ 1992‬في تأس‪$$‬يس ح‪$$‬زب ذي توج‪$$‬ه‬
‫إسالمي‪.‬‬

‫تغير في األسماء‬

‫تحول الحزب الشيوعي المغربي إلى اسم حزب التحرر واالشتراكية ثم حزب التقدم واالشتراكية‬ ‫‪‬‬

‫وهو اسمه الحالي‪.‬‬

‫أصبحت حركة "‪ 23‬مارس" تعرف باسم منظمة العمل الديمقراطي‪ $‬الش‪$$‬عبي بع‪$$‬د االع‪$$‬تراف به‪$$‬ا‬ ‫‪‬‬

‫في مايو‪/‬أيار‪.1983 $‬‬

‫تبدل اسم الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية ليصبح حزب العدالة والتنمية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الحزب السياس‪$$‬ي ه‪$‬و تنظيم سياس‪$$‬ي دائم‪ ،‬يتمت‪$$‬ع بالشخص‪$$‬ية االعتباري‪$$‬ة‪ ،‬يؤس‪$$‬س‪ ،‬طبق‪$$‬ا للق‪$‬انون‪،‬‬
‫بمقتض‪$$‬ى اتف‪$$‬اق بين أش‪$$‬خاص ذات‪$$‬يين‪ ،‬يتمتع‪$$‬ون بحق‪$$‬وقهم المدني‪$$‬ة والسياس‪$$‬ية‪ ،‬يتقاس‪$$‬مون نفس المب‪$$‬ادئ‪،‬‬
‫ويسعون‪ $‬إلى تحقيق نفس األهداف‪.‬‬

‫‪341‬‬
‫ويعمل الحزب السياسي‪ ،‬طبقا ألحكام الفصل ‪ 7‬من الدستور‪ ،‬على تأطير المواطنات والمواط‪$$‬نين‬
‫وتكوينهم السياسي‪ $‬وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية وفي‪ $‬تدبير الشأن العام‪.‬‬

‫كما يساهم في التعبير عن إرادة الناخبين ويشارك في ممارسة السلطة‪ ،‬على أساس التعددية والتناوب‪،‬‬
‫بالوسائل‪ $‬الديمقراطية‪ ،‬وفي نطاق المؤسسات‪ $‬الدستورية‪.‬‬

‫تؤسس األحزاب السياسية وتمارس أنش‪$$‬طتها بك‪$‬ل حري‪$‬ة وف‪$$‬ق الدس‪$$‬تور وطبق‪$$‬ا ألحك‪$‬ام الق‪$‬انون‪.‬‬
‫ويعتبر‪ $‬باطال كل تأسيس لحزب سياسي يرتكز على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جه‪$$‬وي‪ ،‬أو بص‪$$‬فة‬
‫عامة على أي أساس من التمييز أو المخالفة لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫ويعتبر‪ $‬أيضا ب‪$$‬اطال ك‪$$‬ل تأس‪$$‬يس لح‪$$‬زب سياس‪$$‬ي يه‪$$‬دف إلى المس‪$$‬اس بال‪$$‬دين اإلس‪$$‬المي أو بالنظ‪$$‬ام‬
‫الملكي أو المبادئ الدستورية أو األسس الديمقراطية أو الوحدة الوطنية أو الترابية للمملكة‪.‬‬

‫ويجب على األعض‪$$‬اء المؤسس‪$$‬ين والمس‪$$‬يرين لح‪$$‬زب سياس ‪$‬ي‪ $‬أن يكون‪$$‬وا ذوي جنس‪$$‬ية مغربي‪$$‬ة‪،‬‬
‫بالغين من العمر ‪ 18‬س‪$$‬نة شمس‪$$‬ية كامل‪$$‬ة على األق‪$$‬ل‪ ،‬ومس‪$$‬جلين في الل‪$$‬وائح االنتخابي‪$$‬ة العام‪$$‬ة ومتمتعين‬
‫بحقوقهم‪ $‬المدنية والسياسية‪.‬‬

‫كم‪$$‬ا يجب على األعض‪$$‬اء المؤسس‪$$‬ين والمس‪$$‬يرين أن يكون‪$$‬وا ح‪$$‬املين للجنس‪$$‬ية المغربي‪$$‬ة وغ‪$$‬ير‬
‫متحملين ألية مسؤولية سياسية في دولة أخرى قد يحملون جنسيتها‪.‬‬

‫ويودع األعضاء المؤسسون لحزب سياسي‪ ،‬مباش‪$$‬رة أو عن طري‪$$‬ق مف‪$$‬وض قض‪$$‬ائي‪ ،‬ملف‪$$‬ا ل‪$$‬دى‬
‫السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية‪ ،‬مقابل وصل مؤرخ ومختوم يسلم فورا‪ ،‬ويتضمن ما يلي‪:‬‬

‫تصريح بتأسيس الحزب يحمل التوقيعات المصادق‪ $‬عليها لثالثة أعضاء مؤسسين‪ ،‬يبين فيه‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫األسماء الشخصية والعائلية لموقعي‪ $‬التصريح وتواريخ ومحالت والدتهم‪ $‬ومهنهم وعناوينهم؛‪$‬‬ ‫‪-‬‬

‫مشروع‪ $‬تسمية الحزب ومقره المركزي بالمغرب ورمزه؛‬ ‫‪-‬‬

‫ثالثة نظائر من مشروع‪ $‬النظام األساسي للحزب ومشروع برنامجه؛‬ ‫‪.2‬‬

‫التزامات مكتوبة‪ ،‬في شكل تصريحات‪ $‬فردية ل ‪ 300‬عضو مؤس‪$$‬س على األق‪$$‬ل‪ ،‬بعق‪$$‬د الم‪$$‬ؤتمر‪$‬‬ ‫‪.3‬‬
‫التأسيسي‪ $‬للحزب داخل األجل المشار‪ $‬إليه في المادة ‪ 9‬بعده‪.‬‬

‫ويجب أن يكون كل تص‪$$‬ريح ف‪$$‬ردي ح‪$$‬امال لتوقي‪$$‬ع المع‪$$‬ني ب‪$$‬األمر مص‪$$‬ادقا‪ $‬علي‪$$‬ه‪ ،‬وأن يتض‪$$‬من‬
‫اسميه الشخصي‪ $‬والعائلي وجنسيته وتاريخ ومحل والدته ومهنته وعنوانه‪ ،‬وأن يرفق‪ $‬بنس‪$$‬خة من البطاق‪$$‬ة‬
‫الوطنية للتعريف وبشهادة التسجيل في اللوائح االنتخابية العامة‪.‬‬

‫‪342‬‬
‫كما يجب أن يكون ‪ ،‬موزعين بحسب مقرات إقامتهم الفعلية على ثلثي عدد جه‪$$‬ات المملك‪$$‬ة على‬
‫األقل‪ ،‬شرط‪ $‬أال يقل عددهم في كل جهة عن ‪ 5‬في المائة من العدد األدنى لألعضاء المؤسسين المطل‪$$‬وب‬
‫قانونا‪$.‬‬

‫كما توجه السلطة الحكومية المكلف‪$$‬ة بالداخلي‪$$‬ة نس‪$$‬خة من مل‪$$‬ف تأس‪$$‬يس الح‪$$‬زب إلى النياب‪$$‬ة العام‪$$‬ة‬
‫بالمحكمة االبتدائية بالرباط‪ ،‬وذلك في أجل ثمان وأربعين ساعة من تاريخ إيداعه لديها‪.‬‬

‫ينشر بالجريدة الرسمية مستخرج من ملف التصريح بتأسيس الح‪$$‬زب‪ ،‬بمب‪$$‬ادرة من الس‪$$‬لطة الحكومي‪$$‬ة‬
‫المكلفة بالداخلية‪.‬‬

‫وإذا كانت شروط أو إجراءات تأسيس الح‪$‬زب غ‪$‬ير مطابق‪$‬ة ألحك‪$‬ام ه‪$‬ذا الق‪$‬انون التنظيمي‪ ،‬ف‪$‬إن‬
‫السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية تق‪$$‬دم طلب‪$$‬ا أم‪$$‬ام المحكم‪$$‬ة اإلداري‪$$‬ة بالرب‪$$‬اط‪ $‬من أج‪$$‬ل رفض التص‪$$‬ريح‬
‫بتأسيس الحزب داخل أجل ستين يوما‪ ،‬يبتدئ من تاريخ إيداع ملف تأسيس الحزب‪.‬‬

‫تبت المحكمة اإلدارية وجوبا‪ $‬في الطلب ‪ ،‬داخل أجل خمسة عشر يوما من ت‪$$‬اريخ إيداع‪$$‬ه بكتاب‪$$‬ة‬
‫ضبطها‪ $.‬وفي حالة الطعن باالستئناف‪ ،‬تبت المحكمة المختصة وجوبا في األمر‪ ،‬داخل أجل خمسة عش‪$$‬ر‬
‫يوما من تاريخ إحالة الملف عليها‪.‬‬

‫وفي حالة مطابقة شروط وإجراءات تأسيس الحزب ألحكام هذا القانون التنظيمي‪ ،‬توجه الس‪$$‬لطة‬
‫الحكومية المكلفة بالداخلية إشعارا ب‪$‬ذلك‪ ،‬بواس‪$$‬طة رس‪$‬الة مض‪$‬مونة الوص‪$‬ول‪ $‬م‪$‬ع إش‪$$‬عار بالتوص‪$‬ل‪ ،‬إلى‬
‫األعضاء المؤسسين ‪ ،‬داخل أجل ثالثين يوما الموالية لتاريخ إيداع الملف‪.‬‬

‫في نفس اإلطار يجب أن ينعقد المؤتمر التأسيسي‪ $‬للحزب المصرح بمطابقة تأسيسه للقانون داخ‪$$‬ل‬
‫أجل سنة على أبعد تقدير‪ ،‬يبتدئ من تاريخ أو من تاريخ الحكم النهائي الذي يقضي بأن شروط‪ $‬وش‪$$‬كليات‬
‫تأسيس الحزب مطابقة ألحكام هذا القانون التنظيمي‪.‬‬

‫هذا ويصبح التصريح بتأسيس الحزب غير ذي موضوع في حالة عدم اح‪$$‬ترام األج‪$$‬ل المش‪$$‬ار إلي‪$$‬ه‬
‫في الفقرة األولى من هذه المادة‪.‬‬

‫ويجب أن يكون تاريخ وساعة ومكان عقد المؤتمر‪ $‬التأسيسي‪ $‬للحزب موضوع تصريح ي‪$$‬ودع‬
‫لدى السلطة اإلدارية المحلية التابع لدائرة نفوذها مكان االجتماع‪ ،‬مقابل وصل مؤرخ ومختوم‪ $‬يسلم فورا‪،‬‬
‫وذلك قبل انعقاد هذا المؤتمر‪ $‬باثنتين وسبعين ساعة على األقل‪.‬‬

‫‪343‬‬
‫حق تأس يس األح زاب السياس ية واالنتس اب إليه ا‪ ،‬من الحق وق األساس ية المنص وص عليه ا في جمي ع‬
‫الدس اتير الس ابقة ب دءا من دس تور ‪ 1962‬إلى غاي ة دس تور ‪ ، 2011‬إض افة الى التنص يص عليه ا في‬
‫نصوص تشريعية خاصة‪ ،‬حيث ينص الفصل السابع في فقرته الثاني ة على أن تؤس س األح زاب وتم ارس‬
‫أنشطتها بحرية‪ ،‬مع تقييد ممارسة نشاطها في نطاق اح ترام الدس تور والق انون‪ ،‬كم ا نص على دوره ا في‬
‫الفقرة األولى بالتنصيص على أن تعمل على ت أطير المواطن ات والمواط نين وتك وينهم السياس ي‪ ،‬وتعزي ز‬
‫انخراطهم في الحياة الوطنية‪ ،‬وفي تدبير الشأن العام‪ ،‬وتس اهم في التعب ير عن إرادة الن اخبين‪ ،‬والمش اركة‬
‫في ممارس ة الس لطة‪ ،‬على أس اس التعددي ة والتن اوب‪ ،‬بالوس ائل الديمقراطي ة‪ ،‬وفي نط اق المؤسس ات‬
‫‪674‬‬
‫الدستورية‪ .‬كما تم االرتقاء بعملية تنظيم األحزاب السياسية إلى قانون تنظيمي بدل قانون عادي‪.‬‬

‫إضافة الى منع حل األحزاب السياسية إال بمقتضى مقرر قضائي‪.675‬‬

‫لينظم عملي ة واج راءات تأس يس‬ ‫‪676‬‬


‫وفي س نة ‪ 2011‬ص در الق انون التنظيمي لألح زاب السياس ية‬
‫األح زاب السياس ية واالنخ راط فيه ا ‪،‬وممارس ة أنش طتها ومب ادئ تنظيمه ا وتس ييرها‪ ،‬وكاف ة الش روط‬
‫واإلج راءات المرتبط ة به ا‪ ،‬حيث نص الق انون التنظيمي الس الف ال دكر بخص وص تأس يس األح زاب‬
‫السياسية في المادة الخامسة منه على أن ه يجب على األعض اء المؤسس ين والمس يرين لح زب سياس ي أن‬
‫يكون وا دو جنس ية مغربي ة‪ ،‬ب الغين من العم ر ‪ 18‬س نة ش مية كامل ة على األق ل‪ ،‬ومس جلين في الل وائح‬
‫االنتخابية العامة ومتمتعين بحقوقهم المدنية والسياسية‪.‬‬

‫كما اشترط الق انون التنظيمي نفس ه على األعض اء المؤسس ين والمس يرين أن يكون وا ح املين للجنس ية‬
‫‪677‬‬
‫المغربية وغير متحملين آلية مسؤولية سياسية في دولة أخرى قد يحملون جنسيتها‪.‬‬

‫أم ا بخص وص ح ق المواطن ات والمواط نين في االنخ راط في األح زاب السياس ية فق د نص في مادت ه‬
‫التاسعة عشر بشكل واضح وصريح بحرية االنخراط شرط بلوغ السن القانوني ة المتمثل ة في الثامن ة عش ر‬
‫‪678‬‬
‫شمسية كاملة في أي حزب سياسي مؤسس بصفة قانونية‪.‬‬

‫وفيما يلي الجدول التالي نبين قائمة األحزاب السياسية الموجودة في المغرب‪:‬‬

‫‪674‬‬
‫نرص ادلين الزييدي‪ ،‬حرية تأسيس األحزاب السياسية ابدلول املغاربية‪ ،‬اترخي النرش ‪ 14‬غشت ‪ ،2012‬املوقع الالكرتوين ‪-‬‬
‫‪.‬اترخي الاطالع ‪ 28‬دجنرب ‪:www.marocdroit.com 2018‬‬
‫‪675‬‬
‫‪: www.maroc.ma/ar/content‬البوابة الوطنية‪ ،‬قامئة األحزاب السياسية يف املغرب‪ ،‬منشورة ابملوقع الالكرتوين ‪-‬‬
‫‪676‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪1.11.166‬صادر في ‪ 22‬أكت‪$‬وبر ‪ ،2011‬بتنفي‪$‬ذ الق‪$‬انون التنظيمي رقم ‪ 29.11‬المتمم والمع‪$‬دل بالق‪$‬انون التنظيمي رقم ‪-‬‬
‫‪ 33.15.‬المتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪5989‬‬
‫‪ - 677‬انظر في ذلك المادة ‪ 5‬من القانون التنظيمي السالف الدكر‪.‬‬
‫‪ - 678‬أنظر يف ذكل املادة ‪ 19‬من القانون التنظميي السالف ادلكر‪.‬‬

‫‪344‬‬
‫الحزب السياسي‬

‫حزب العدالة والتنمية‬ ‫‪)1‬‬

‫حزب االستقالل‬ ‫‪)2‬‬

‫التجمع الوطني لألحرار‬ ‫‪)3‬‬

‫حزب االصالة والمعاصرة‬ ‫‪)4‬‬

‫االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية‬ ‫‪)5‬‬

‫االتحاد الدستوري‬ ‫‪)6‬‬

‫حزب التقدم واالشتراكية‬ ‫‪)7‬‬

‫الحركة الديمقراطية االجتماعية‬ ‫‪)8‬‬

‫حزب التجديد واإلنصاف‬ ‫‪)9‬‬

‫حزب البيئة والتنمية المستدامة‬ ‫‪)10‬‬

‫حزب العهد الديمقراطي‬ ‫‪)11‬‬

‫حزب اليسار األخضر‬ ‫‪)12‬‬

‫حزب الحرية والعدالة االجتماعية‪ ‬‬ ‫‪)13‬‬

‫جبهة القوى الديمقراطية‬ ‫‪)14‬‬

‫حزب العمل‬ ‫‪)15‬‬

‫حزب الوحدة والديمقراطية‬ ‫‪)16‬‬

‫الحزب االشتراكي الموحد‬ ‫‪)17‬‬

‫حزب الطليعة الديمقراطي االشتراكي‬ ‫‪)18‬‬

‫‪345‬‬
‫حزب الوسط االجتماعي‪ ‬‬ ‫‪)19‬‬

‫المؤتمر الوطني اإلتحادي‬ ‫‪)20‬‬

‫حزب القوات المواطنة‬ ‫‪)21‬‬

‫حزب اإلصالح والتنمية‬ ‫‪)22‬‬

‫الحزب المغربي اللبيرالي‬ ‫‪)23‬‬

‫حزب النهضة والفضيلة‪ ‬‬ ‫‪)24‬‬

‫حزب النهضة‪ ‬‬ ‫‪)25‬‬

‫حزب األمل‪ ‬‬ ‫‪)26‬‬

‫االتحاد المغربي للديمقراطية‬ ‫‪)27‬‬

‫حزب المجتمع الديمقراطي‪ ‬‬ ‫‪)28‬‬

‫النهج الديمقراطي‪ ‬‬ ‫‪)29‬‬

‫االتحاد الوطني للقوات الشعبية ‪ ‬‬ ‫‪)30‬‬

‫حزب الشورى واالستقالل‬ ‫‪)31‬‬

‫حزب الديمقراطيين الجدد‬ ‫‪)32‬‬

‫‪679‬‬
‫المصدر‪ :‬إعداد شخصي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الضمانات التشريعية للحقوق السياسية‬

‫‪ - 679‬ابالستناد عىل موقع البوابة الوطنية ‪http://www.maroc.ma/ar/content/%D9%84%D8%A7%D8%A6%D8%AD‬‬


‫‪%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AD%D8%B2%D8%A7%D8%A8-‬‬
‫‪.%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9‬‬

‫‪346‬‬
‫إن الممارسة الفعلية للحقوق والحريات بصفة عامة والحق وق السياس ية بص فة خاص ة من قب ل األف راد‬
‫والجماعات ال تتحقق بمجرد النص عليها‪ ،‬ذلك أن تقريرها على مستوى الدساتير والنصوص التشريعية أيا‬
‫كان شكلها يمكن أن يظل حبرا على ورق ما لم تتوفر الضمانات التي تسمح بالتمتع بها‪.‬‬

‫وتتمثل الضمانات التشريعية للحقوق السياسية في كال البل دين من خالل التك ريس الدس توري والق وانين‬
‫االنتخابية المتمم ة له ا والمجس دة له ده الض مانات الدس تورية‪ .‬وبم ا أن المج ال هن ا ال يتس ع للح ديث عن‬
‫مختلف الضمانات‪ ،‬والتطرق فقط للضمانات التشريعية‪ ،‬ارتأينا تقس يم المبحث الث اني الى مطل بين‪ ،‬نتن اول‬
‫في المطلب األول الض مانات التش ريعية في س لطنة عم ان وفي المطلب الث اني الض مانات القانوني ة في‬
‫المغرب‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ضمانات الحقوق السياسية في القوانين التشريعية بسلطة عمان‬

‫تعتبر عملية إقرار الحقوق السياسية من أولويات إرساء العم ل ال ديمقراطي في أي دول ة في الع الم‪ ،‬إال‬
‫أن ه ذا اإلق رار بحاج ة إلى توف ير ض مانات عدي دة تحميه ا من االعت داء س واء من قب ل الحكوم ات أو‬
‫‪680‬‬
‫المترشحين أنفسهم ليتم ممارسته دون أي اعتداء أو ضغط‪.‬‬

‫وعليه سنحاول التطرق ألهم الضمانات التي تضمنتها القوانين التشريعية في سلطنة عمان‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ضمانات حق االنتخاب والترشح ‪.‬‬

‫يمكن إجمال الضمانات التشريعية للحق في االنتخاب والترشح من خالل ما يلي‪:‬‬

‫‪ - 680‬عيل بن سامل بن راشد القلهايت‪ ،‬حق الانتخاب يف سلطنة عامن‪ ،‬املرجع السابق ص ‪.208‬‬

‫‪347‬‬
‫عمومية التصويت‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫فنجاح العملية االنتخابية تقاس في أي دولة بمدى توفره من ضمانات في دساتيرها تتيح ألكبر قدر‬
‫من المواطنين في عملية االقتراع‪ .‬ونظرا لما يمثله عمومية االقتراع من أهمية في نظر الش عوب فق د كفلت‬
‫معظم الدس اتير على تض مينه ومن أمثل ة ذل ك الدس تور األم ريكي وااليط الي ‪ ،681‬ولكي تتحق ق عمومي ة‬
‫االقتراع يجب أن توفر النصوص القانونية الضمانات التالية‪:‬‬

‫المساواة في التصويت‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫حيث تقتضي عمومية التصويت إلى المس اواة بين الن اخبين في ع دد األص وات دون النظ ر إلى مرك ز‬
‫الشخص االجتماعي أو إلى مستواه العلمي أو إلى حالته االجتماعية متزوج أم أعزب أو إلى جنس ه دك ر أو‬
‫أنثى أو إلى مركزه المالي غني أو فقير‪ ،‬بل الجميع متساوين في عدد األصوات‪ .‬وكم ا يع بر بعض الكت اب‬
‫‪682‬‬
‫بأن األصوات تعد وال توزن‪.‬‬

‫والجدير بالدكر أنه ال ينبغي أن يفهم من أن المساواة هو إطالق االق تراع لك ل المواط نين‪ ،‬ولكن مع نى‬
‫ذل ك ه و المس اواة بين من تنطب ق عليهم الش روط المنظم ة لممارس ة ح ق االنتخ اب‪ .‬ومب دأ المس اواة في‬
‫االقتراع يقضي بوجوب أن يكون لكل ناخب صوتا واح دا يتم االدالء ب ه في دائ رة واح دة حس ب ال دكتور‬
‫محمد أنس قاسم جعفر‪ 683 .‬ويتضمن كذلك بضرورة أن تمنح المرأة الح ق في االق تراع على ق دم المس اواة‬
‫‪684‬‬
‫مع الرجل حسب مقام الدكتور صالح الدين فوزي‪.‬‬

‫وبالنسبة لسلطنة عمان فقد عرفت تدرجا في إقرار المساواة ألسباب تتعل ق بثقاف ة المجتم ع وع دم تقبل ه‬
‫للديمقراطي ة م رة واح دة‪ ،‬ولق د ك ان جالل ة الس لطان ق ابوس المعظم ح ريص على الس ير نح و العم ل‬
‫الديمقراطي‪ ،‬إال انه ارتأى أن يتواكب هدا العمل مع مسيرة التنمية واالنفتاح المدروس بما يتواف ق ومب ادئ‬
‫الشريعة وتقاليد وعادات المجتمع‪ .‬فب دأ بمش اركة بعض فئ ات المواط نين في اختي ار أعض اء المجلس في‬
‫فترات ه األولى والثاني ة‪ ،‬إال أن الح ال تغ ير م ع بداي ة الف ترة الثالث ة حين ت زامنت م ع ص دور المرس وم‬
‫السلطاني رقم ‪ 97/86‬بإنشاء مجلس عمان حين س مح للم رأة بالمش اركة في عملي ة التص ويت األول ألول‬
‫مرة بالسلطنة في حدود محافظة مسقط‪ .‬وذلك لتحفظ المجتمع على قبول المرأة في العمل السياسي‪ 685 .‬وفي‬
‫الفترة الخامسة اقر حق االنتخاب للمرأة بالسلطنة وشاركت في عملية التص ويت في جمي ع أنح اء الس لطنة‬

‫‪ - 681‬عيل بن سامل بن راشد القلهايت‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.210‬‬


‫‪ - 682‬عيل بن سامل بن راشد القلهايت‪ ،‬حق الانتخاب يف سلطنة عامن‪ ،‬املرجع السابق ص ‪.210‬‬
‫‪ - 683‬د‪ .‬محمد أنس جعفر‪ :‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة ‪ ،1999‬ص ‪.183‬‬
‫‪ - 684‬د‪ .‬صالح الدين فوزي‪ :‬النظم السياسية وتطبيقاتها‪ $‬المعاصرة‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة ‪ ،1999‬ص ‪ 286‬و‪.287‬‬
‫‪ - 685‬عيل بن سامل بن راشد القلهايت ‪ ،‬املرجع السابق ص ‪.212‬‬

‫‪348‬‬
‫وبذلك تخطو خطوات جريئة في سبيل تعميم حق االنتخاب متجاوزة كل القيود ومساوية بين الرجل والمرأة‬
‫‪686‬‬
‫في عملية االقتراع‪.‬‬

‫سرية التصويت‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫يشكل التصويت السري أحد الضمانات الهامة في البنيان الديمقراطي باعتب اره ي وفر للن اخب ق درا من‬
‫الحرية في اإلدالء بصوته دون أية ضغوط قد تمارس عليه من قبل المترش حين أو من األح زاب السياس ية‬
‫‪687‬‬
‫خاصة في المجتمعات التي ال زالت الديمقراطية تحبو إليها ببطء شديد‪.‬‬

‫إال أن العديد من الفقهاء يروا الميل إلى التصويت العلني فقد " ك ان مونتس كيه وس تيوارت مي ل ي رون‬
‫في االقتراع العلني ضمانا للديمقراطية وقرينة على أهلية الناخب لتحمل المسؤولية وفرصة سانحة إلظهار‬
‫شجاعته في إب داء رأي ه علن ا وص راحة‪ ."688‬كم ا يتم ل ه في ذات ال وقت فرص ة االسترش اد ب أراء ص فوة‬
‫المجتمع من نبالء وغيرهم‪ ".689‬ويبدو أن هذه الرؤية قد كتب لها التط بيق خالل العه ود األولى من الث ورة‬
‫الفرنسية حيث أمن به روبسير"‪ .690‬وكذا األمر بالنسبة أللمانيا حيث حبذه بسمارك وكان مطبق ا في ألماني ا‬
‫في الفترة من عام ‪ 1871‬إلى عام ‪.6911919‬‬

‫وبالرغم من اآلراء الداعية إلى إق رار عالني ة االق تراع إال أن العم ل ب ه‪ ،‬واج ه الكث ير من الص عوبات‬
‫والمساوئ مما حدى بغالية التشريعات إلى إق رار س رية التص ويت‪ ،‬لم ا يمثل ه من ض مانة لحري ة الن اخب‬
‫لإلدالء بصوته بكل ثقة واطمئنان وتنأى به عن الضغوطات التي قد تمارس علي ه وتبع ده عن المج امالت‪،‬‬
‫بل تجنبه أيضا المشاكل الناجمة الناجمة عن رفض االدالء بصوته لش خص م ا‪ ،‬أم ا االق تراع العل ني فه و‬
‫‪692‬‬
‫مالذا للرشاوى والمجامالت ويخلق الكثير من المشاكل‪.‬‬

‫‪ - 686‬عيل بن سامل بن راشد القلهايت‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.212‬‬


‫‪ - 687‬عيل بن سامل بن راشد القلهايت‪ ،‬املرجع السابق ص ‪.213‬‬
‫‪ - 688‬د‪ .‬إسماعيل الغزال‪ ،‬القانون الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،1987‬ص ‪.392‬‬
‫‪ - 689‬د‪ .‬عاصم أحمد عجيلة‪ ،‬د محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬النظم السياسية‪ ،‬دار النهضة العربية العربية القاهرة ‪ ،1992‬ص‪.248‬‬
‫‪ 690‬عيل بن سامل بن راشد القلهايت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.214‬‬
‫‪ - 691‬د‪ .‬عاصم أحمد عجيلة‪ ،‬د محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬النظم السياسية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.248‬‬
‫‪ - 692‬عيل بن سامل بن راشد القلهايت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 213‬و‪214‬‬

‫‪349‬‬
‫ومن أجل ضمان الحق في االقتراع حرص المشرع العماني على أن يكون االقتراع ع ام وس ريا وذل ك‬
‫حينم ا نص في الم ادة ‪ 58‬من النظ ام السياس ي للدول ة على أن‪ " :‬يك ون انتخ اب أعض اء مجلس الش ورى‬
‫باالقتراع العام السري المباشر على النحو الذي يبينه قانون االنتخاب‪.‬‬

‫ويعزى من نفس أحك ام الم ادة على أن المش رع أتب ع نظ ام االق تراع الس ري المباش ر مم ا يعكس على‬
‫حرص المؤسس الدستوري والتشريعي على أن يحيط عملية االقتراع بالعديد من الض مانات ت وفر للن اخب‬
‫قدرا من الطمأنينة وتبعده عن الضغوطات التي تمارس عليه من قبل المرشحين أو من أهله أو من قبيلته‪.‬‬

‫حياد لجان االنتخابات ضمانة لحق االنتخاب والترشح‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫ولضمان سرية عملية االقتراع أحاطها المشرع بمجموعة منى اإلجراءات والتدابير‪ ،‬حيث نصت المادة‬
‫‪ 69325‬بإنشاء ثالث لجان فرعية أوكل إليها العديد من االختصاصات على أن تتولى اللجان الفرعي ة المه ام‬
‫التالية‪:‬‬

‫لجنة التنظيم ‪694‬وتختص بما يلي‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫العمل على تجهيز وتنظيم مراكز االنتخاب؛‬ ‫‪‬‬
‫التأكد من هوية الناخب من خالل بطاقته الشخصية؛‬ ‫‪‬‬
‫تنظيم دخول وخروج الناخبين من وإلى مراكز االنتخاب وقاعات التصويت وحف ظ وض بط‬ ‫‪.14‬‬
‫األمن فيها‪.‬‬

‫‪695‬‬
‫لجنة التصويت‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫والتي أوكلت إليها االشراف المباشر على عملية التصويت والمحافظة على سريتها ونزاهته ا وذل ك من‬
‫خالل االختصاصات التالية‪:‬‬

‫التأك د من خل و ص ناديق التص ويت من أي ة أوراق أو اس تمارات‪ ،‬وذل ك بفتحه ا بحض ور‬ ‫‪‬‬
‫رئيس لجنة الفرز أو من يفوضه كتابيا من بين أعض اء اللجن ة وأم ام الحاض رين من الن اخبين ومن‬
‫المرشحين أو من يمثلهم قانونا ثم إغالقها وذلك قب ل ال وقت المح دد لب دئ التص ويت‪ ،‬على أن يثبت‬
‫ذل ك بم وجب محض ر يوق ع من قب ل رئيس ي لجن ة الف رز والتص ويت أو من ين وب عنهم ا من بين‬
‫أعضاء اللجتين بموجب تفويض كتابي وذلك بعد موافقة رئيس لجنة االنتخابات‪.‬‬

‫‪- 693‬المادة ‪ 25‬من الالئحة التنظيمية النتخابات مجلس الشورى‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ - 694‬أنظر الفقرة األولى من المادة ‪ 25‬من الالئحة التنظيمية النتخابات مجلس الشورى‪.‬‬
‫‪ - 695‬أنظر الفقرة الثانية من المادة ‪ 25‬من الالئحة التنظيمية النتخابات مجلس الشورى‪.‬‬

‫‪350‬‬
‫وقد أكد المشرع العماني في أحكام المادة ‪ 25‬من الالئحة التنظيمي ة النتخاب ات مجلس الش ورى على أن‬
‫ض رورة التأك د من خل و ص ناديق التص ويت من أي ة أوراق ولم يكتفي ب ذلك ب ل أوجب أن يتم فتح تل ك‬
‫الصناديق بحضور رئيس لجنة الفرز أو من يفوضه كتابيا ثم إغالقها‪ ،‬على أن يثبت ذل ك بم وجب محض ر‬
‫يوقع من قبل رئيس لجنتي الفرز والتصويت‪.‬‬

‫تسليم الناخب االستمارة الخاصة بالتصويت بعد التأكد من تث بيت مق ره االنتخ ابي ومطابق ة‬ ‫‪‬‬
‫بياناته االنتخابية من واقع البطاقة الشخصية‪.‬‬
‫مساعدة الناخب غير الملم ب القراءة والكتاب ة أو ألي س بب أخ ر يمنع ه من االدالء بص وته‬ ‫‪‬‬
‫كتابة‪ ،‬وذلك بأن يقوم أحد أعض اء لجن ة التص ويت بوض ع إش ارة في الخان ة المخصص ة ل ذلك في‬
‫استمارة التصويت على أن يتلو عضو أخر في مكان مناسب االس م ال دي اخت اره الن اخب ثم يس لمه‬
‫االستمارة ليضعها في صندوق التصويت‪.‬‬
‫حيث راعى المشرع الناخب األمي الدي ال يعرف القراءة والكتابة أو أي مانع أخ ر يح ول دون إمكاني ة‬
‫دون االدالء بصوته‪ ،‬بأن كلف أحد أعضاء اللجن ة بالقي ام عن ه في التأش ير على المرش ح ال دي ي رغب في‬
‫االدالء بصوته له‪ .‬وحتى يضفي قدرا من النزاهة والسرية كلف عضوا أخر في أن يتلو إسم المرش ح ال دي‬
‫اختاره وفي مكان مناسب أي بعيدا عن سماع الناخبين أو أعضاء اللجنة‪ ،‬ولهدا داللة واضحة على ح رص‬
‫المشرع العماني في إضفاء سرية ونزاهة تامة لعملية االقتراع‪ .‬ومع ذلك كان جديرا بالمشرع أن يفرد نصا‬
‫خاصا لفاقدي البصر ودوي اإلعاقة مراعاة ألحوالهم الصحية وحتى يشعروا بأنهم جزء من المجتمع‪.‬‬
‫مراقبة وضبط عملية وضع استمارات التصويت في صناديق التصويت‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إحكام غلق صندوق التصويت وذلك بختمه بالشمع األحمر في الوقت المحدد النتهاء عملي ة‬ ‫‪‬‬
‫التصويت مباشرة أو باي وسيلة تعتمدها اللجنة الرئيسية‪.‬‬
‫تسليم صناديق االقتراع إلى رئيس لجنة الفرز‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويعزى من هذه الضمانات التي أقرها المشرع العماني من خالل األخذ بنظام االقتراع الس ري وإح داث‬
‫اللجان المشرفة على العملية االنتخابية بما يتماشى أوال مع تطور النظم الديمقراطية‪ ،‬وليج د الن اخب حري ة‬
‫أكبر في اختيار مرشحه وبقناعة تامة‪ ،‬ولينئ به عن المجامالت والضغوطات التي قد تمارس عليه من قبل‬
‫المرشحين أو غير ذلك ثانيا‪ ،‬وثالثا تفاديا من أي تالعب قد يحصل في عملية االقتراع ضمانا وحماية الحق‬
‫في نزاهة العملية االنتخابية‪ .‬خصوصا وأن عمان دولة ال تتواجد به ا أح زاب بالمص طلح المتع ارف علي ه‬
‫ولكن توجد بها تكتالت قبلية شبيهة باألحزاب‪ 696‬تمثل وسيلة ضغط على الن اخب خاص ة إدا ك ان المرش ح‬
‫من أبناء قبيلته‪.‬‬

‫‪ - 696‬عيل بن سامل بن راشد القلهايت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.217‬‬

‫‪351‬‬
‫شخصية التصويت‪:‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫من الضمانات ال تي أقره ا أيض ا المش رع العم اني شخص ية التص ويت من خالل قي ام الن اخب بنفس ه‬
‫باإلدالء بصوته وذلك إلبعاد عملية االقتراع من أي شبهة‪ ،‬فال يجوز التصويت باإلنابة أو المراسلة‪.‬‬
‫حيث نص المشرع صراحة على شخصية حق االنتخاب وعلى عدم جواز التوكيل أو االنابة فيه وذلك‬
‫بنص المادة ‪ 3‬من الالئحة التنظيمية النتخاب ات مجلس الش ورى وال تي تنص على أن‪ :‬ح ق االنتخ اب ح ق‬
‫شخصي يستعمل لمرة واحدة في االنتخاب الواحد وال يجوز اإلنابة أو التوكي ل في ه‪ ،‬وال يج وز للن اخب أن‬
‫يدلي بصوته في غير الوالية المقيد في القائمة النهائية لناخبيها‪.‬‬
‫ويهدف المشرع من جعل حق االنتخاب حقا شخصيا مع من ع االناب ة أو الوكال ة في ه‪ ،‬بغي ة تك ريس قيم‬
‫ومبادئ النزاه ة والحي اد‪ ،‬ولتفعي ل ه ذه المب ادئ المتط ورة بم ا ي دعم نزاه ة عملي ة االق تراع‪ ،‬ولممارس ة‬
‫الشخص ذاته حق التصويت يوم االق تراع‪ ،‬فق د نص المش رع على ض رورة تق ديم بطاق ة الن اخب في ي وم‬
‫االقتراع للتأكد من هويته‪.‬‬
‫‪:697‬‬
‫رقابة القضاء على العملية االنتخابية‬ ‫ث‪-‬‬
‫نظرا لما تتعرض له العملية االنتخابية من مظاهر الفساد االنتخابي من رشوة ومحاباة وتدليس وغيرها‬
‫من المظاهر التي تتنافى مع أخالقيات الممارسة الديمقراطية والسياس ية‪ ،‬وبه دف تعزي ز الثق ة في العملي ة‬
‫السياس ية عم ل المش رع العم اني على إس ناد االش راف الكام ل للعملي ة االنتخابي ة للهيئ ات القض ائية في‬
‫المراحل التالية‪:‬‬

‫مرحلة القيد في الجداول االنتخابية‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫من خالل إمكانية االعتراض لكل دي مصلحة على األسماء الواردة في القوائم األولية للن اخبين‪ 698‬ل دى‬
‫لجنة االنتخابات المعنية خالل خمسة أيام من تاريخ إعالن هده القوائم مبين ا األس باب ال تي اس تند إليه ا في‬
‫اعتراض ه والمس تندات المؤي دة ل ه ويس لم إيص اال ب ذلك‪ .‬وتنظ ر لجن ة االنتخاب ات في أي اع تراض على‬
‫األسماء الواردة في القوائم األولية للناخبين وتصدر ق رارا نهائي ا غ ير قاب ل للطعن ب أي طريق ة من ط رق‬
‫الطعن خالل خمسة عشر يوما من تاريخ قفل االعتراض‪ ،‬ويعلن في ذات المكان المشار اليه وترسل نسخة‬
‫من تلك القرارات إلى اللجنة الرئيس ية خالل ثالث ة أي ام من ت اريخ ص دورها وعلى وزارة الداخلي ة تع ديل‬
‫القوائم األولية للناخبين وفقا لتلك القرارات باعتبارها الوزارة المعنية بمهمة القيد في السجل االنتخابي بن اء‬
‫على أحكام المادة ‪ 8‬من الالئحة التنظيمية النتخابات مجلس الشورى‪.‬‬
‫مرحلة الترشيح‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ - 697‬للتفصيل أكثر انظر في ذلك‪ :‬عيل بن سامل بن راشد القلهايت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحات من ‪ 234‬إلى‪.268‬‬
‫‪- 698‬المادة ‪ 16‬من الالئحة التنظيمية النتخابات مجلس الشورى‪ ،‬ص ‪.17‬‬

‫‪352‬‬
‫لم ا له ا من أهمي ة ه ده المرحل ة باعتباره ا تفتح الطري ق أم ام المترش حين ال دين س يمثلون األم ة في‬
‫المجالس التشريعية‪ ،‬فقد درج المشرع العماني إلى وضع شروط الترشح والنص عليها في النظام األساس ي‬
‫‪699‬‬
‫للدولة في المادة ‪ 57‬مكرر‪.‬‬
‫كما تضمنت الالئحة التنظيمي ة النتخاب ات مجلس الش ورى في الم ادة ‪ 13‬على أن‪ :‬يق دم طلب الترش يح‬
‫وفق ا للنم وذج المع د ل ذلك من ط الب الترش ح أو من ين وب عن ه قانون ا إلى وإلى الوالي ة ال تي ي رغب في‬
‫الترشح عنها أو من يحدده الوزير الستالم الطلب خالل الفترة التي يحددها البيان ال دي يص در من ال وزير‬
‫في هدا الشأن‪ ،‬وترسل تلك الطلبات إلى الوزارة للتحقق من بيان ات ط البي الترش ح‪ ،‬وذل ك بع د التثبت من‬
‫اكتمال السندات التي ترفق بالطلب‪ ،‬على أن تعاد هده الطلبات إلى لجنة االنتخابات‪.‬‬
‫وبخصوص لجنة االنتخابات التي هي لج ان إداري ة وتض م في عض ويتها عض و من الس لطة القض ائية‬
‫فهي تق وم حس ب أحك ام الم ادة ‪ 14‬من الالئح ة التنظيمي ة النتخاب ات مجلس الش ورى بفحص طلب ات‬
‫المترش حين ال واردة من ال وزارة وإع داد كش ف بأس مائهم مش فوعا برأيه ا‪ ،‬ترفع ه إلى اللجن ة الرئيس ية‬
‫لمراجعتها واعتمادها‪.‬‬
‫وبالنظر لتركيبة لجنة االنتخابات الموكول اليها استالم طلبات الترشيح فهي تعت بر لجن ة إداري ة كم ا أن‬
‫المشرع أسند إليها النظر في االعتراضات المقدمة على القوائم األولية للمترشحين وكان من األولى ان تقدم‬
‫االعتراضات إلى لجنة الفصل في التظلمات والطعون االنتخابية مباشرة والتي يجب ان يك ون تش كيلها من‬
‫الهيئات القضائية وأعضاء االدع اء الع ام وتص در ه ده اللجن ة قراراه ا خالل عش رة أي ام‪ ،‬على أن يك ون‬
‫‪700‬‬
‫قراراها في مرتبة حكم ابتدائي يمكن الطعن عليه أمام الدائرة االستئنافية أمام القضاء اإلداري‪.‬‬
‫مرحلة التصويت‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫إن عملية التصويت هي نتيجة حصاد للمراحل السابقة للعملية االنتخابية فكلما كان تطبيق مبدأ االشراف‬
‫القضائي حاضرا في المراحل الس ابقة ج اءت عملي ة التص ويت ص ادقة ومع برة عن أراء هيئ ة الن اخبين‪،‬‬
‫‪701‬‬
‫وكلما كان غائبا في المراحل السابقة فإنها تكن قاصرة عن التعبير عن أراء الناخبين وتفقد مصداقيتها‪.‬‬
‫ونظرا ألهمية هده المرحلة وحساسيتها فقد اهتم المشرع العماني بها ونص على أن ‪ :‬يج ري التص ويت‬
‫في يوم واحد لجميع واليات السلطنة‪ ،‬ويجوز لل وزير أن يعين يوم ا خاص ا للتص ويت في والي ة معين ة إذا‬
‫اقتض ت س المة التص ويت والمص لحة العام ة ذل ك‪ 702 .‬كم ا نص ت الالئح ة التنظيمي ة النتخاب ات مجلس‬
‫الشورى على أن ‪ :‬يبدأ التصويت في اليوم المح دد لالنتخ اب من الس اعة الس ابعة ص باحا وينتهي في تم ام‬
‫الساعة السابعة من مساء اليوم ذاته‪ ،‬ولرئيس اللجنة الرئيسية تمديد الوقت إلى الساعة التاسعة مس اء بق رار‬

‫‪- 699‬أنظر المادة ‪ 57‬مكرر من النظام األساسي للدولة‪.‬‬


‫‪ - 700‬عيل بن سامل بن راشد القلهايت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.246‬‬
‫‪ - 701‬عيل بن سامل بن راشد القلهايت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.250‬‬
‫‪ - 702‬أنظر المادة ‪ 26‬من الالئحة التنظيمية النتخابات‪ $‬مجلس الشورى‪.‬‬

‫‪353‬‬
‫مسبب‪ 703 .‬وقد حددت الالئحة ذاتها على أنه يتم التصويت بموجب استمارة التصويت وفق ا للنم اذج المع دة‬
‫‪704‬‬
‫لذلك وفي مراكز التصويت‪.‬‬
‫وعليه يمكن القول أن تحديد المشرع العماني لهذه االليات من تحديد ليوم واحد للتصويت وتحدي د الم دة‬
‫الزمنية‪ ،‬لما تشكله هده المرحلة من العملية االنتخابية من األهمية قصد ضبط عملية تنظيم سير االنتخاب ات‬
‫بما يتماشى مع مبادئ الشفافية والحياد وتعزيز الثقة في هيئة الناخبين‪.‬‬

‫مرحلة الفرز وإعالن النتائج‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫تعتبر مرحلة الفرز وإعالن النتائج هي المرحل ة األخ يرة من مراح ل العملي ة االنتخابي ة ل ذلك فق د‬
‫أولتها القوانين االنتخابية اهتماما خاصا واحاطها المش رع بالعدي د من الض وابط واآللي ات الكفيل ة بض مان‬
‫‪705‬‬
‫نزاهتها‪ ،‬باعتبارها تمثل المحصلة النهائية لمجموع هيئة الناخبين‪.‬‬
‫ونظ را ألهمي ة ه ده المرحل ة فق د أوك ل المش رع مهم ة اإلش راف على العملي ة إلى لجن ة الف رز في‬
‫االنتخابات وهي اللجنة الوحيدة من بين اللجان التي يترأسها قاضي ويشرف عليها وقد أس ند إليه ا المش رع‬
‫مهم ة الفص ل في ص حة اس تمارات التص ويت حيث تت ولى لجن ة الف رز بن اء على الم ادة ‪ 31‬من الالئح ة‬
‫التنظيمية النتخابات مجلس الشورى الفصل في صحة استمارات التصويت وتكون االستمارة باطل ة في أي‬
‫حالة من الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫إذا كانت غير مرقمة؛‬ ‫‪‬‬
‫إذا تضمنت اختيار أكثر من مرشح واحد أو مرشح منس حب او مرش ح مت وفي‪ ،‬او إدا ك ان‬ ‫‪‬‬
‫التصويت معلقا على شرط؛‬
‫إذا تضمنت إسما أو أسماء من غير قائمة المرشحين النهائيين؛‬ ‫‪‬‬
‫إذا تعدر قراءة اسم المرشح ما لم تدل عليه القرائن؛‬ ‫‪‬‬
‫إذا كانت تحمل أي عالمة تشير إلى شخصية الناخب أو تدل عليه؛‬ ‫‪‬‬
‫إذا تعدر تحديد المرشح الدي تم اختياره‪ ،‬ما لم تدل عليه القرائن‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫كما تعتبر االستمارة باطلة إذا كانت غير مختوم ة أو موقع ة من قب ل أح د أعض اء لجن ة التص ويت في‬
‫حالة ما إذا تم اعتماد أسلوب التصويت اليدوي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الطعون االنتخابية أمام القضاء‪.‬‬

‫‪ - 703‬أنظر المادة ‪ 27‬من الالئحة التنظيمية النتخابات‪ $‬مجلس الشورى‪.‬‬


‫‪ - 704‬أنظر المادة ‪ 28‬من الالئحة التنظيمية النتخابات‪ $‬مجلس الشورى‪.‬‬
‫‪ - 705‬عيل بن سامل بن راشد القلهايت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.252‬‬

‫‪354‬‬
‫تش كل الطع ون االنتخابي ة أم ام القض اء أهم ض مانة لتص ويب أي انح راف ق د يحص ل أثن اء العملي ة‬
‫االنتخابية سواء كان ذلك في إجراءاتها أو في نتائجها‪ 706،‬فقد تحدث منازعات ق د تمس س المة اإلج راءات‬
‫في القيد في الجداول االنتخابية وعدم التوفر ش روط الترش ح‪ ،‬أو ق د يش وب عملي ة التص ويت ش ائبة ك ان‬
‫يصوت أحد الناخبين الدين ال يحق له التصويت بأن يعترضه مانع ق انوني‪ ،‬او انتح ال شخص ية الغ ير ك ل‬
‫ذلك يتيح القانون الطعن في مثل هده الممارسات الالأخالقية التي تتنافى مع أخالقيات الممارس ة السياس ية‬
‫النبيلة وبهدف تعزيز نزاهة العملية االنتخابية‪.‬‬
‫كما قد تثار المنازعات االنتخابية قبل عملية االقتراع كمنازعات القيد في الجداول االنتخابية ومنازعات‬
‫الترشح‪ ،‬ومنها ما قد يثار بعد الفرز وإعالن النتائج‪.‬‬
‫لذلك حرص المش رع العم اني الح ق في الطعن على النح و ال دي ي ؤدي في نهاي ة المط اف إلى ص حة‬
‫الطعن وتصحيح ما تم الطعن بشأنه أو ببطالن الطعن وإقرار صحة المطعون بشأنه‪.‬‬
‫الطعون في القيد بالجداول االنتخابية‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫حرصت معظم الدساتير والقوانين االنتخابية على أهمية القيد في الجداول االنتخابية واعتبرت عدم القيد‬
‫مانعا من ممارسة حق االنتخاب يحول دون إمكانية التمتع بهدأ الحق‪.‬‬
‫وبالنسبة لسلطنة عمان فقد أسند المش رع مهم ة إع داد ق وائم الن اخبين في الس جل االنتخ ابي إلى وزارة‬
‫الداخلية حيث نص على‪ :‬تعد الوزارة قوائم الناخبين لجميع الواليات تتضمن أسماء الناخبين لكل والية من‬
‫واقع السجل االنتخابي وترسلها للجان االنتخابات إلعالنها في مكان بارز في مكتب الوالي فور وصولها‪.‬‬
‫ويج وز لك ل ذي مص لحة االع تراض على األس ماء ال واردة في الق وائم األولي ة للن اخبين ل دى لجن ة‬
‫االنتخاب ات المعني ة خالل خمس ة أي ام من ت اريخ إعالن ه ده الق وائم مبين ا األس باب ال تي اس تند إليه ا في‬
‫اعتراض ه والمس تندات المؤي دة ل ه ويس لم إيص اال ب ذلك‪ .‬وتنظ ر لجن ة االنتخاب ات في أي اع تراض على‬
‫األسماء الواردة في القوائم األولية للناخبين وتصدر قرارا نهائيا غير قابل للطعن فيه بأي طريق من ط رق‬
‫الطعن خالل خمسة عشر يوما من تاريخ قفل باب االعتراض‪ ،‬ويعلن في ذات المكان المش ار إلي ه وترس ل‬
‫نسخة من تلك القرارات إلى اللجن ة الرئيس ية خالل ثالث ة أي ام من ت اريخ ص دورها وعلى ال وزارة تع ديل‬
‫القوائم األولية للناخبين وفقا لتلك القرارات بنص المادة ‪ 8‬من الالئحة التنظيمية النتخابات مجلس الش ورى‪.‬‬
‫‪707‬‬

‫وإذا كان المشرع أوك ل مهم ة إع داد ق وائم أس ماء الن اخبين إلى وزارة الداخلي ة إال أن ه أج از لك ل ذي‬
‫مصلحة االعتراض على األسماء ال واردة في الق وائم إلى لجن ة االنتخاب ات بالوالي ة خالل خمس ة أي ام من‬

‫‪ - 706‬عيل بن سامل بن راشد القلهايت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪254‬‬


‫‪ - 707‬أنظر المادة ‪ 8‬من الالئحة التنظيمية النتخابات مجلس الشورى‪.‬‬

‫‪355‬‬
‫تاريخ إعالن القوائم وهي لجنة إدارية‪ ،‬كم ا اعت بر قراره ا نهائي ا غ ير قاب ل للطعن ب أي ط رق من ط رق‬
‫‪708‬‬
‫الطعن‪.‬‬
‫وكان يمكن للمشرع حينما أس ند مهم ة إع داد ق وائم الن اخبين إلى وزارة الداخلي ة وه و يعلم أنه ا جه ة‬
‫إدارية أن يوكل مهمة االعتراض على األسماء إلى جهة قض ائية وليس إلى لجن ة االنتخاب ات ال تي هي في‬
‫ذات الوقت لجنة تش كلت من أعض اء إداريين كم ا أن المش رع قط ع على الن اخب حق ه في االع تراض أو‬
‫الطعن على قرار اللجنة باعتبار أن قرارها نهائي ا وه دا ال يتف ق م ع الح ق المكف ول للم واطن في درج ات‬
‫التقاضي‪ .‬لذا فإنه من المناسب أن يتم االعتراض على قوائم أسماء الناخبين أمام لجنة الفصل في التظلم ات‬
‫والطعون االنتخابية ويجوز الطعن على قراراها أمام الدائرة االستئنافية بمحكمة القضاء اإلداري وفي ه ده‬
‫‪709‬‬
‫الحالة يعتبر قراراها نهائيا مما يوفر بذلك ضمانة قضائية لحق الناخب في القيد بالجداول االنتخابية‪.‬‬
‫الطعون المتعلقة بالترشح‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫يمث ل الطعن بالترش ح ض مانة مهم ة لحماي ة الحق وق السياس ية لم ا تش كل ه ذه المرحل ة أهمي ة كب يرة‬
‫باعتبارها تحدد األعضاء الدين سيتم انتخ ابهم س واء في مجلس الش ورى أو المج الس البلدي ة‪ ،‬ل ذلك أح اط‬
‫المشرع العماني هده المرحلة بعناية فائقة حفظا لحقوق المترشحين من جهة ولحماية الهيئ ات المنتخب ة من‬
‫الوصول إلى سدتها من أي شخص ال تتوافر فيه شروط الترشح من جهة ثانية‪.‬‬
‫حيث أولت القوانين االنتخابية جانبا مهما من االهتم ام وفتحت ب اب الطعن لك ل دي مص لحة بن اء على‬
‫أحكام المادة ‪ 17‬من الالئحة التنظيمية النتخابات مجلس الشورى أن تصدر لجنة االنتخابات قراراها بش أن‬
‫االعتراضات على األسماء الواردة في القوائم خالل أسبوع من ت اريخ قف ل ب اب االع تراض‪ ،‬ف إدا ق ررت‬
‫الموافقة على طلب المعترض يبلغ كل من المعترض والمعترض عليه خطيا بذلك وتعدل القائمة بناء عليه‪،‬‬
‫مع إخطار اللجنة الرئيسية بذلك‪ ،‬أما إذا كان قرارها بالرفض فيجب أن يكون مسببا ويبلغ المعترض خطي ا‬
‫ب الرفض وبإمكاني ة رف ع تظلم ه إلى اللجن ة الرئيس ية‪ ،‬ويتم إعالن ق رارات لج ان االنتخاب ات بش أن‬
‫االعتراضات في ذات المكان الذي أعلنت فيه قوائم المرشحين األولية‪.‬‬
‫وبخصوص ض مانة الطعن فق د نص ت الم ادة ‪ 18‬من نفس الالئح ة الس الفة ال ذكر أن ه يج وز لك ل ذي‬
‫مصلحة أن يتظلم إلى اللجنة الرئيسية من قرار لجنة االنتخابات وذل ك خالل خمس ة أي ام من إعالن القائم ة‬
‫األولية للمرشحين بعد تعديلها‪ .‬كما أتاح المشرع إمكانية تقديم الطلب إلى لجنة االنتخابات اختصارا للوقت‪.‬‬
‫وقد منح المشرع للجنة الفص ل في التظلم ات والطع ون االنتخابي ة اختص اص الفص ل في التظلم ات ال تي‬
‫تحال إليها من اللجنة الرئيسية بناء على أحكام المادة ‪ ،19‬على أن تصدر قراراها خالل خمسة عش ر يوم ا‬

‫‪ - 708‬أنظر المادة ‪ 8‬من الالئحة التنظيمية النتخابات مجلس الشورى‪.‬‬


‫‪ - 709‬عيل بن سامل بن راشد القلهايت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.259‬‬

‫‪356‬‬
‫من تاريخ استالم التظلم ويعتبر قراراها نهائيا غير قابل للطعن في ه ب أي طريق ة من ط رق الطعن‪ ،‬وتع دل‬
‫القوائم على هذا األساس‪،‬‬
‫انطالقا مما سبق يالحظ أن المشرع العماني أسند مهمة إعداد ق وائم األس ماء ل وزارة الداخلي ة ثم أس ند‬
‫للجن ة االنتخاب ات فحص طلب ات الترش يح وإب داء ال رأي ثم منح لجن ة االنتخاب ات ص الحية البت في‬
‫االعتراض ات المقدم ة على األس ماء ويمكن التظلم على ق رار اللجن ة أم ام لجن ة الفص ل في التظلم ات‬
‫والطعون واعتبار قرارها نهائيا‪.‬‬

‫الطعون المتعلقة بالفرز‪:‬‬ ‫ت‪-‬‬


‫تعتبر عملية الفرز المرحلة التي قد تعرف تالعبات‪ ،‬وباعتبارها المرحلة األخيرة من العملية االنتخابي ة‬
‫فقد أحاطها المشرع بمجموعة من اإلجراءات القانونية ضمانا لنزاه ة العملي ة االنتخابي ة من أي تالعب أو‬
‫تزوير‪.‬‬
‫حيث حدد عملية الفرز مباشرة بعد انته اء عملي ة االق تراع وال تي ح ددها المش رع في الس اعة الس ابعة‬
‫مساء‪ 710،‬حينها تغلق كافة الصناديق االنتخابية وتس لم إلى لج ان الف رز ال تي تب دأ مهمته ا من وقت اس تالم‬
‫الصناديق‪ ،‬ونظرا ألهمية هده اللجنة فقد جعل المشرع رئيسها أحد القضاة ‪711‬أو عضو إدع اء ع ام بخالف‬
‫لجان التنظيم والتصويت الذي جعل رئاستها بيد الهيئات اإلدارية‪.‬‬
‫وبخصوص المهام الموكولة للجنة الفرز فقد نص ت عليه ا الم ادة ‪ 24‬من الالئح ة التنظيمي ة النتخاب ات‬
‫مجلس الش ورى على أن تت ولى لجن ة الف رز فتح ص ناديق التص ويت ف ور وص ولها مكتمل ة من مراك ز‬
‫االنتخاب وذلك أمام لجنة االنتخابات والحاضرين من المرش حين أو ممثليهم قانون ا وإع داد محض ر ب ذلك‪.‬‬
‫وحصر عدد استمارات التصويت الموجودة في كل صندوق‪ ،‬وف رز أص وات الن اخبين وذل ك بقراءته ا من‬
‫قبل عض وين على األق ل‪ ،‬ويتم تفريغه ا في كش وف من نس ختين يوق ع عليه ا من قب ل رئيس اللجن ة وأح د‬
‫األعضاء‪ ،‬اعتماد استمارة التص ويت من قب ل عض و لجن ة الف رز‪ ،‬البت في ص حة اس تمارات التص ويت‪،‬‬
‫حصر عدد األصوات التي حصل عليها كل مترشح وإعداد ملف لكل منهم بهده األصوات‪ ،‬وإعداد محض ر‬
‫تفصيلي يتناول كافة الخطوات التي قامت بها اللجنة على أن يثبت فيه ما تبين لها من مالحظات ورفعه إلى‬
‫لجنة االنتخابات‪712 .‬كما نص ت نفس الالئح ة التنظيمي ة علىمجموع ة منالعقوب ات‪ 713‬المنص وص عليه ا في‬
‫الفص ل الس ابع علىالمترش حين ال ذين يخ الفون الق انون منه ا الحبس لم دة ال ت زي د علىس تة أش هر أو‬
‫‪ - 710‬أنظر في ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 27‬من الالئحة التنظيمية النتخابات مجلس الشورى‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 36‬من الالئحة التنفيذية لقانون المجالس البلدية‪.‬‬
‫‪ - 711‬أنظر الفقرة الثانية من المادة ‪ 24‬من الالئحة التنظيمية النتخابات مجلس الشورى‪.‬‬
‫‪712‬‬
‫‪.‬أنظر الفقرة الثالثة من المادة ‪ 24‬من الالئحة التنظيمية النتخابات مجلس الشورى ‪-‬‬
‫‪713‬‬
‫‪.‬أنظر المادة ‪ 36‬من الالئحة التنظيمية النتخابات‪ $‬مجلس الشورى ‪-‬‬

‫‪357‬‬
‫بغرامة ال تقل على الف لاير عماني وال تزيد على ثالثة أالف لاير عماني أو بالعقوبتين مع ا لك ل من ارتكب أي‬
‫من األفعال االتية‪:‬‬
‫انتحال شخصية الغير بقصد التصويت في االنتخابات او القيام بالتصويت أكثر مرة؛‬ ‫‪‬‬
‫ال دخول ب القوة إلى القاع ات للتأش ير على س ير التص ويت أو التع رض بس وء ألي من‬ ‫‪‬‬
‫المسؤولين عن إجرائه؛‬
‫حمل سالح ناري في أماكن االنتخابات؛‬ ‫‪‬‬
‫االستيالء على أي صندوق تصويت قبل او بعد الفرز أو محاولة ذلك؛‬ ‫‪‬‬
‫إتبان أي فعل من شأنه التأثير على سير االنتخابات‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إال أن ما يعاب على نظام العقوبات ما نصت علي ه الم ادة ‪ 37‬من نفس الالئح ة ال تي نص ت على أن ه‬
‫تسقط جميع الجرائم المنصوص عليها في المادة ‪ 36‬المشار إليه ا أعاله بع د م رور س تة أش هر من ت اريخ‬
‫إعالن النتائج النهائية لالنتخابات‪ 714 .‬لما تشكل ه ده الم ادة من تش جيع على الفس اد السياس ي لتس اهلها في‬
‫مث ل الج رائم الم ذكورة أعاله‪ .‬وخصوص ا وأن إثب ات بعض الخروق ات وص عبا لم ا يس لكون بعض‬
‫المترشحين طرقا ملتوية للحصول على أصوات الناخبين بطرق تتن افى م ع أخالقي ات الممارس ة السياس ية‬
‫النبيلة‪ ،‬بل ويقتضي مضاعفة جهود كل الفاعلين خاصة الجهات المختصة بمراقبة العملية االنتخابية‪.‬‬
‫حيث تشكل هده االختصاصات وأيضا العقوبات ض مانة مهم ة في حماي ة حق وق المترش حين من جه ة‬
‫والحق في نزاهة االنتخاب ات باعتباره ا ح ق مكف ول بم وجب النظ ام األساس ي للدول ة وبم وجب الق وانين‬
‫المؤطرة للعملية االنتخابية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬ضمانات الحقوق السياسية في المنظومة التشريعية بالمغرب‬

‫إن الدستور بحكم طبيعته كأسمى تشريع وضعي في البالد‪ ،‬يتض من المب ادئ العام ة ال تي تحكم الدول ة‬
‫ويترك مجال تفاصيلها للقانون‪ ،‬ولهدا السبب أحيلت الكثير من أحكام الوثيقة الدستورية بخصوص الحق وق‬
‫السياسية إلى القانون‪ ،‬بل أن جل الضمانات التي وردت بخصوص هده الحقوق الزمتها إحالة إلى القانون‪.‬‬

‫بناء عليه س نحاول من خالل ه دا المطلب التط رق لكفال ة الق وانين التنظيمي ة للحق وق السياس ية الف رع‬
‫األول‪ ،‬ثم القوانين العادية الفرع الثاني احتراما للتراتبية وتدرج القوانين‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬ضمانات الحقوق السياسية في القوانين التنظيمية‬


‫‪714‬‬
‫‪.‬أنظر المادة ‪ 37‬من الالئحة التنظيمية النتخابات‪ $‬مجلس الشورى ‪-‬‬

‫‪358‬‬
‫إذا كانت قواعد الوثيقة الدستورية تحتل أعلى مرتب ة من حيث ت درج الق وانين‪ ،‬ف إن الق وانين التنظيمي ة‬
‫تأتي في المرتبة الثانية بعد القواعد الدستورية وقبل القوانين العادي ة‪ ،‬كونه ا تحت ل مرتب ة وس طى ورابط ة‬
‫بين القواعد الدستورية والقانون التشريعي بل هي مكملة للدستور وجزء من المنظومة القانوني ة الدس تورية‬
‫رغم عدم وجودها في نفس الوثيقة‪ ،‬ذلك أنه يالح ظ أن ج ل الدس اتير الحديث ة ع ادة م ا تكتفي ب النص على‬
‫كليات األمور وعمومياتها بينم ا تحي ل بالنس بة للتفاص يل والجزئي ات المرتبط ة بنظ ام الحكم والمؤسس ات‬
‫‪715‬‬
‫السياسية على قوانين تنظيمية مكملة ألحكام الدستور الدي يحيل نفسه عليها‪.‬‬

‫وسنتطرق في هذا الفرع عن أهم القوانين التنظيمية الضامنة لمجموعة من الحقوق السياسية وفق اآلتي‪:‬‬

‫العنصر األول‪ :‬ضمانات حرية تأسيس األحزاب السياسية واالنخراط فيها‪:‬‬

‫يعتبر ح ق تأس يس األح زاب السياس ية واالنتس اب إليه ا‪ ،‬من الحق وق األساس ية المنص وص عليه ا في‬
‫دستور ‪ ، 2011‬حيث نص الفص ل الس ابع في فقرت ه الثاني ة على أن تؤس س األح زاب وتم ارس أنش طتها‬
‫بحرية‪ ،‬مع تقييد ممارسة نشاطها في نطاق احترام الدستور والقانون‪،‬‬
‫‪716‬‬
‫وتنزيال ألحكام الوثيقة الدستورية بخصوص هذا الحق‪ ،‬صدر الق انون التنظيمي لألح زاب السياس ية‬
‫لينظم عملية واجراءات تأسيس األحزاب السياسية واالنخ راط فيه ا‪ ،‬وممارس ة أنش طتها ومب ادئ تنظيمه ا‬
‫وتسييرها‪ ،‬وكافة الشروط واإلجراءات المرتبطة بها‪ ،‬حيث نص القانون التنظيمي السالف الذكر في مادت ه‬
‫الثالثة على أن تؤسس األحزاب وتم ارس أنش طتها بحري ة‪ ،‬في نط اق اح ترام الدس تور والق انون‪ ،‬ويعت بر‬
‫باطال كل تأسيس لحزب سياسي يرتكز على أساس دي ني أو لغ وي أو ع رقي أو جه وي‪ ،‬أو بص فة عام ة‬
‫على أي أساس من التمييز او المخالفة لحقوق االنسان‪.‬‬

‫ووعيا من المشرع بضرورة حظر التمييز كضمانة لحماية الحقوق السياسية‪ ،‬نص على أنه يعتبر باطال‬
‫كل تأسيس لحزب سياسي يهدف إلى المساس بالدين اإلسالمي أو بالنظ ام الملكي أو المب ادئ الدس تورية أو‬
‫األسس الديمقراطية أو الوحدة الوطنية أو الترابية للملكة ‪.717‬‬

‫كما نص في المادة الخامسة منه على أنه يجب على األعضاء المؤسسين والمسيرين لح زب سياس ي أن‬
‫يكون وا دو جنس ية مغربي ة‪ ،‬ب الغين من العم ر ‪ 18‬س نة ش مية كامل ة على األق ل‪ ،‬ومس جلين في الل وائح‬
‫االنتخابية العامة ومتمتعين بحقوقهم المدنية والسياسية‪.‬‬

‫‪ - 715‬عبد النيب كياس‪ :‬توزيع السلطات يف النظام ادلستوري املغريب عىل ضوء دستور ‪ ،1996‬أطروحة لنيل ادلكتوراه يف الق انون الع ام‪ ،‬لكي ة العل وم‬
‫القانونية والاقتصادية والاجامتعية أكدال‪ ،‬الرابط‪ ،‬ص ‪.253‬‬
‫‪ - 716‬ظهير شريف رقم ‪1.11.166‬صادر في ‪ 22‬أكت‪$$‬وبر ‪ ،2011‬بتنفي‪$‬ذ‪ $‬الق‪$$‬انون التنظيمي رقم ‪ 29.11‬المتمم والمع‪$$‬دل بالق‪$$‬انون التنظيمي رقم‬
‫‪ 33.15‬المتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪.5989‬‬
‫‪ - 717‬انظر في ذلك المادة ‪ 4‬من القانون التنظيمي السالف الدكر‪.‬‬

‫‪359‬‬
‫كما اشترط الق انون التنظيمي نفس ه على األعض اء المؤسس ين والمس يرين أن يكون وا ح املين للجنس ية‬
‫‪718‬‬
‫المغربية وغير متحملين آلية مسؤولية سياسية في دولة أخرى قد يحملون جنسيتها‪.‬‬

‫أم ا بخص وص ح ق المواطن ات والمواط نين في االنخ راط في األح زاب السياس ية فق د نص في مادت ه‬
‫التاسعة عشر بشكل واضح وصريح بحرية االنخراط شرط بلوغ السن القانوني ة المتمثل ة في الثامن ة عش ر‬
‫شمسية كاملة في أي حزب سياسي مؤسس بصفة قانونية‪.‬‬

‫انطالقا مما سبق يمكن القول أن القانون التنظيمي لألح زاب السياس ية يش كل ض مانة أساس ية لممارس ة‬
‫حق تأسيس األحزاب السياسة واالنتساب اليه ا ش ريطة االل تزام بمجموع ة من الض وابط المش ار إليه ا في‬
‫الوثيقة الدستورية وفي القانون التنظيمي المتعلق باألحزاب السياسية‪.‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬ضمانات الحق في المساواة في الحقوق السياسية وتجلياتها‬

‫هناك مجموعة من التجليــات الــتي تعكس ضــمان الحــق في المســاواة في التمتــع بــالحقوق السياســية لعــل‬
‫أهمها المساواة في الولــوج إلى االنتــدابيات االنتخابيــة(أوال)‪ ،‬ثم المســاواة في التصــويت (ثانيــا)‪ ،‬دون أن‬
‫نغفل المساواة بين المرشحين (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المساواة في الولوج إلى االنتدابيات االنتخابية‪:‬‬

‫بغية تحقيق المساواة بين الجنسين في جميع مناحي الحياة‪ ،‬يكثف المشرع من مجهوداته إلخ راج الم رأة‬
‫من وضعية التهميش والهشاشة والتبعية‪ ،‬ويقر مجموع ة من السياس ات واالس تراتيجيات في ص الح الم رأة‬
‫من أجل النهوض بحقوقها السياس ية‪ .‬هك ذا‪ ،‬ت دخل المش رع من أج ل النه وض ب دور الم رأة وتمكينه ا من‬
‫‪719‬‬
‫الوسائل التي تضمن لها المشاركة الحقيقية والفعالة في اتخاد القرار السياسي‪.‬‬

‫وتنزيال لمقتضيات الفصل ‪ 19‬من الدستور ذات الصلة بتشجيع تكافؤ الف رص بين النس اء والرج ال في‬
‫تقلد المسؤوليات السياسية‪ ،‬تم إحداث دائرة انتخابية وطنية على صعيد تراب المملكة ينتخب في نطاقها ‪90‬‬
‫عض وا من األعض اء ال ‪ 3 95‬ال دين يت ألف منهم مجلس الن واب ‪ .720‬لق د اعت بر قض اة المجلس‬
‫الدستوري )المحكمة الدستورية حاليا( أنه "‪ ‬ليس من ص الحيات المجلس الدس توري التعقيب على الس لطة‬
‫التقديري ة للمش رع في اختي ار نوعي ة الت دابير التش ريعية ال تي يرتض يها س بيال لبل وغ أه داف مق ررة في‬

‫‪ - 718‬انظر في ذلك المادة ‪ 5‬من القانون التنظيمي السالف الدكر‪.‬‬


‫‪ - 719‬د‪ .‬محيد اربيعي‪ :‬حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.185‬‬
‫‪ - 720‬ظهري رشيف رمق ‪ 1.11.165‬صادر يف ‪ 14‬أكتوبر ‪ 2011‬بتنفيذ القانون التنظميي رمق ‪ 27.11‬املتعلق مبجلس الن واب‪ ،‬اجلري دة الرمسية‪ ،‬ع دد‪5987‬‬
‫بتارخي ‪ 17‬أكتوبر ‪ .2011‬نقال عن أمحد بوز‪ ،‬المتثيلية النس ائية بني امحلاي ة القانوني ة واجهتادات القض اء ادلس توري‪ ،‬ب دائل للق انون والاقتص اد‪ ،‬ع دد ‪،2‬‬
‫يونيو ‪ ،2015‬ص ‪.47-35‬‬

‫‪360‬‬
‫الدستور‪ ،‬طالما أن ذلك ال يخالف أحك ام ه دا األخ ير" ‪ ،‬وأن إح داث دائ رة انتخابي ة وطني ة ي روم تحقي ق‬
‫أهداف خاصة مكملة لتلك التي ترمي إليها الدوائر المحلية تتمثل في النهوض بتمثيلي ة متوازن ة للمواطن ات‬
‫والمواطنين‪ ،‬مما يقتضي سن تدابير تكون‪ ،‬في طبيعته ا وش روطها واألث ر المت وخى منه ا‪ ،‬كفيل ة بتحقي ق‬
‫األهداف الدستورية التي منها تستمد أصال مبرر وجودها‪ ،‬وأن ال تتجاوز في ذل ك ح دود الض رورة‪ ،‬عمال‬
‫بمبدأ تطابق القواعد القانونية المتخذة مع الهدف المتوخى منه‪ ." ‬وحرص المشرع على تمثيل كاف ة جه ات‬
‫المملكة في الدائرة االنتخابية الوطنية وعلى إقرار مبدأ التداول على المقاعد المخصص ة له ا وعلى توس يع‬
‫التمثيلية السياسية فيها‪ ،‬تماشيا مع ما تقتضيه الضرورة‪ ،‬وبناء علي ه‪ " ،‬يك ون ق د وف ر وبالق در المطل وب‪،‬‬
‫الشروط التي تجعل إحداث هده الدائرة الوطنية مستجيبا لألهداف الدستورية التي تبرر وجوده ا‪.» ‬وتوق ف‬
‫المجلس الدس توري عن د الش ق الخ اص بعض وية النس اء في مجلس الن واب‪ ،‬حيث خص ص لهن المش رع‬
‫ضمن الدائرة الوطنية ستون (‪ )60‬مقع دا دون إخض اعهن لح د الس ن‪ ،‬وب ذلك يك ون ق د «‪ ‬س ن مقتض يات‬
‫قانونية ترمي بغض النظر عن مداها الى تمتيع المترشحات اإلناث بأحك ام خاص ة من ش أنها تحقي ق غاي ة‬
‫دستورية تتمثل في اتاحة فرص حقيقية للنساء لتولي المس ؤولية االنتخابي ة‪ ،‬تطبيق ا ألحك ام الفص ل ‪ 19‬من‬
‫‪721‬‬
‫الدستور"‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فتخويل النساء وضعا خاص ا بواس طة ه ذه ال دائرة االنتخابي ة الوطني ة ال يح ول دس توريا دون‬
‫استعمال نفس الوسيلة لتحف يز فئ ة أخ رى طالم ا أن ذل ك يتم من أج ل إدراك ه دف آخ ر مق رر ب دوره في‬
‫الدستور‪».722 ‬‬

‫باإلض افة إلى الق انون التنظيمي المتعل ق بمجلس الن واب‪ ،‬ك رس الق انون التنظيمي المتعل ق بمجلس‬
‫في مادته ‪ 24‬في فقرتها التاسعة على إج راءات تمييزي ة لفائ دة النس اء حيث أوجبت تق ديم‬ ‫‪723‬‬
‫المستشارين‬
‫لوائح ترشيح يتناوب فيه ا الجنس ان اس تلهاما لمض مون الفص ل ‪ 19‬والفص ل ‪ 30‬من الدس تور المغ ربي"‪.‬‬
‫يجب أال تتضمن كل الئحة من لوائح الترشيح اسمين متتابعين لمترش حين اث نين من نفس الجنس"‪ .‬واعت بر‬
‫المجلس الدستوري )المحكمة الدستورية(‪ 724‬أن هذا القيد غير من اف ألحك ام الدس تور‪ ،‬وإنم ا ج اء تطبيق ا‬
‫وتعزيزا لمقتضياتها‪ " :‬وحيث إنه‪ ،‬إذا كان إلزام المش رع لألح زاب السياس ية والمترش حين عموم ا بتق ديم‬
‫لوائح الترشيح على الوجه المذكور من ش أنه أن يقي د حري ة ه ذه الهيئ ات والمجموع ات في تك وين ل وائح‬
‫ترشيحاتها وترتيب المترشحين فيها بغض النظر عن جنسهم‪ ،‬فإن هذا االلزام‪ ،‬فضال عن كونه جاء إعم اال‬

‫‪ -721‬د‪ .‬محيد اربيعي‪ :‬حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية‪ ،‬منشورات مؤسسة عالل الفايس الطبعة األوىل ‪ .2016‬ص ‪.238‬‬
‫‪ -722‬د‪ .‬محيد اربيعي‪ :‬حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية‪ ،‬نفس املرجع‪ .‬الصفحة‪.239 :‬‬
‫‪ -723‬ظه‪$$‬ير ش‪$$‬ريف رقم ‪ 1.11.172‬ص‪$$‬ادر في ‪ 21‬نون‪$$‬بر ‪ 2011‬بتنفي‪$‬ذ‪ $‬الق‪$$‬انون التنظيمي رقم ‪ 28.11‬المتعل‪$$‬ق بمجلس المستش‪$$‬ارين‪ ،‬الجري‪$$‬دة‬
‫الرسمية‪ ،‬عدد ‪.5997‬‬
‫‪ -724‬المحكمة الدستورية‪ ،‬قرار رقم ‪ 820.11‬صادر في ‪ 18‬نونبر ‪ ،2011‬جريدة رسمية عدد ‪ ،5997‬نقال عن د‪ .‬محيد اربيعي‪ :‬حق وق الانس ان‬
‫يف املغرب بني الكونية واخلصوصية‪ ،‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.239‬‬

‫‪361‬‬
‫لمبادئ أخرى يضمنها الدستور نفسه‪ ،‬الس يما تل ك ال واردة في الفص لين ‪ 19‬و ‪ 30‬المش ار اليهم ا س ابقا‪،‬‬
‫يبقى منسجما مع الدور المخ ول لألح زاب السياس ية دس توريا باعتباره ا أداة لتعزي ز انخ راط المواطن ات‬
‫والمواط نين في الحي اة السياس ية والمش اركة في ممارس ة الس لطة‪ ،‬مم ا ي برر تق ديم ل وائح ترش يح ت تيح‬
‫المشاركة المتوازنة والفعلية للجنسين معا في الحياة العامة‪.725‬‬

‫كما تضمن القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعض اء مج الس الجماع ات الترابية‪ 726‬م واد ذات طبيع ة‬
‫تمييزية لصالح النساء بهدف التشجيع والرفع من مس توى تمثيلي ة الم رأة في االس تحقاقات على المس تويين‬
‫الجهوي والمحلي‪ ،‬من ذلك إحداث دائرتين انتخ ابيتين على ص عيد ك ل عمال ة أو إقليم أو عمال ة مقاطع ات‬
‫تخصص إحداهما للنساء‪ ،‬على أن ال يقل عدد المقاعد المخصصة لهن ثلث المقاع د المخصص ة للعمال ة أو‬
‫اإلقليم او عمالة المقاطعات المعنية برسم مجلس الجهة‪ ،‬وفق مقتضيات المادة ‪ 77‬من نفس القانون )الم ادة‬
‫‪.(76‬‬

‫واعتبر المجلس الدستوري في قراره رقم ‪ 821.11‬الصادر بتاريخ ‪ 19‬نونبر ‪ 2011‬أنه "يعود للمشرع‬
‫اختيار نوعية األحكام التي يرتئيه ا مالئم ة لتحس ين تمثيلي ة النس اء في مج الس الجماع ات الترابي ة‪ ،‬وهي‬
‫أحكام يقتصر دور المجلس الدستوري بشأنها على مراقب ة م دى مطابقته ا للدس تور"‪ ،‬م ع التأكي د في نفس‬
‫القرار على أن " تكون هذه التدابير القانونية‪ ،‬التي تمليها دواع مرحلية ومؤقته ترمي باألساس الى االرتقاء‬
‫بتمثيلية النساء بالمجالس الجهوي ة‪ ،‬محدودي ة في ال زمن يتوق ف العم ل به ا بمج رد تحقي ق األه داف ال تي‬
‫بررت اللجوء إليها"‪.‬‬

‫وبغية تحسين المشاركة السياسية للنساء ‪ ،‬للمشرع أن يلجأ إلى أي وسيلة مباشرة أو غير مباشرة تفضي‬
‫إلى تحسينها مستلهما ومستحضرا في ذلك نص وروح الدس تور‪ 727،‬وفي ه ذا الس ياق‪ ،‬اعت برت المحكم ة‬
‫الدس تورية أن المقتض يات المتعلق ة بت أليف مج الس العم االت واألق اليم و إن ك انت خالي ة من أي أحك ام‬
‫تشريعية ترمي إلى تحسين تمثيلية النساء داخلها كما تدعو إلى ذلك أحكام الفصل ‪ 146‬من الدستور‪ ،728‬فإن‬
‫الدوائر االنتخابية اإلضافية المتعلقة بانتخ اب أعض اء مج الس الجماع ات والمقاطع ات ال واردة في الم واد‬
‫‪102‬و ‪ 103‬و ‪ 104‬من هذا القانون التنظيمي‪ ،‬تض من للنس اء تمثيلي ة معين ة في مج الس الجماع ات ال تي‬
‫تنبثق منها مجالس العماالت واألقاليم ويكون المشرع بذلك قد آثر طريق ة غ ير مباش رة في تحس ين تمثيلي ة‬

‫‪- 725‬د‪ .‬محيد اربيعي‪ :‬حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية‪ ،‬منشورات مؤسسة عالل الفايس الطبعة األوىل ‪ .2016‬ص ‪.239‬‬
‫‪ -726‬ظه ري رشيف رمق ‪ 1.11.173‬ص ادر يف ‪ 18‬نون رب ‪ ،2011‬بتنفي ذ الق انون التنظميي رمق ‪ 59.11‬املتعل ق ابنتخ اب أعض اء جمالس امجلاع ات الرتابي ة‪،‬‬
‫اجلريدة الرمسية‪ ،‬عدد ‪.5997‬‬
‫‪ -727‬د‪ .‬محيد اربيعي‪ :‬حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية‪ ،‬منشورات مؤسسة عالل الفايس الطبعة األوىل ‪ .2016‬ص ‪.240‬‬
‫‪- 728‬ينص الفصل ‪ 146‬من دستور اململكة املغربية يف فقرته األوىل عىل أن حيدد بقانون تنظميي بصفة خاص ة‪ ،‬رشوط ت دبري اجله ات وامجلاع ات الرتابي ة‬
‫لشؤوهنا بكيفية دميقراطية‪ ،‬وعدد أعضاء جمالسها‪ ،‬والقواعد املتعلقة بأهلية الرتش يح‪ ،‬وح االت التن ايف‪ ،‬وح االت من ع امجلع بني الانت داابت‪ ،‬وك دا النظ ام‬
‫الانتخايب‪ ،‬وأحاكم حتسني متثيلية النساء داخل اجملالس املذكورة‪.‬‬

‫‪362‬‬
‫النساء في هده المجالس‪ ،‬مما يجعل مقتضيات هده الم واد ليس فيه ا م ا يخ الف الدس تور‪ ،‬أم ا الم ادة ‪143‬‬
‫المتعلق ة بال دوائر االنتخابية‪ 729‬اإلض افية‪ ،‬فتع د حس ب الب احث حمي د اربيعي‪ 730‬نموذج ا حي ا للت دابير‬
‫التحفيزية التي يلجأ المشرع في سياق استراتيجيته الرامية الى النهوض بأوضاع الم رأة سياس يا واش راكها‬
‫الفعلي في اتخاد القرار السياسي واالهتمام بالشأن العام‪ .‬فه ذه الم ادة ح تى وإن لم تكن تنص ص راحة على‬
‫إسناد هذه المقاعد للنساء‪ ،‬فإن المجلس الدس توري اعت بر‪ ،‬اس تنادا الى التق ارير ال تي تن اولت مناقش ة ه ذه‬
‫المادة‪ ،‬انصرف نية المشرع إلى حصرها على فئة النساء دون غيرها مرتبا على ذلك مجموعة من النت ائج‬
‫القانونية‪" :‬وحيث أنه‪ ،‬لئن كان المشرع لم ينص صراحة على تخصيص هذه الدوائر اإلضافية للنساء‪ ،‬فق د‬
‫تبين للمجلس الدس توري من االطالع على تقري ر لجن ة الداخلي ة والالمركزي ة والبني ات األساس ية لمجلس‬
‫الن واب وك دا تقري ر لجن ة الع دل والتش ريع وحق وق االنس ان بمجلس المستش ارين المتض منتين لألش غال‬
‫التحضيرية للقانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعض اء مج الس الجماع ات الترابي ة‪ ،‬أن ال دوائر اإلض افية‬
‫ستخص ص للنس اء‪ ،‬األم ر ال ذي يك ون مع ه المش رع‪ ،‬وإن لم ي ذكر ص راحة في أحك ام الب اب الس ادس‬
‫المخصص للدوائر االنتخابية اإلضافية‪ ،‬قد راعى ما ينص عليه الفصل ‪ 146‬من الدستور من كون الق انون‬
‫التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مج الس الجماع ات الترابي ة يح دد أحك ام تحس ين تمثيلي ة النس اء داخ ل‬
‫مج الس الجماع ات الم ذكورة‪ ،‬وم ع مراع اة ه دا التفس ير بش ان تخص يص ال دوائر االنتخابي ة اإلض افية‬
‫للنساء‪ ‬وحدهن‪ ،‬ولو دعا األمر إلى إبقائها شاغرة عمال بأحكام المادة ‪ 149‬من ه ذا الق انون التنظيمي‪ ،‬ف إن‬
‫أحكام المادة ‪ 143‬المذكورة وما يليها إلى غاية المادة ‪ 149‬المرتبطة بها ليس فيها ما يخالف الدستور‪."731‬‬

‫وبغية الرف ع من حض ور الم رأة في المس ؤوليات السياس ية‪ ،‬عم ل المش رع على تع ديل وتتميم ونس خ‬
‫بعض النصوص وسن ت دابير جدي دة أك ثر نجاع ة وفعالي ة‪ ،‬ومنه ا الق انون التنظيمي رقم ‪ 34.15‬الم ؤرخ‬
‫بتاريخ ‪ 16‬يوليو ‪.7322015‬‬

‫‪ - 729‬تنص المادة ‪ 143‬على أنه‪ :‬زيادة على الدوائر االنتخابية المنص‪$$‬وص عليه‪$$‬ا في الم‪$$‬ادة ‪ 129‬من ه‪$$‬ذا الق‪$$‬انون التنظيمي‪ ،‬تح‪$$‬دث على ص‪$$‬عيد‬
‫مجموع‪ $‬النفوذ الترابي لكل جماعة أو مقاطعة حسب الحالة دائرة انتخابية تسمية "دائرة انتخابية إضافية"‪ .‬ويحدد عدد المقاعد المخصصة له‪$$‬ا طبق‪$$‬ا‬
‫ألحكام المادة ‪ 144‬بعده‪.‬‬
‫يجري االنتخاب برسم الدائرة االنتخابية اإلضافية في كل جماعة أو مقاطعة حسب الحالة عن طري‪$‬ق االق‪$$‬تراع بالالئح‪$$‬ة في دورة واح‪$‬دة وبالتمثي‪$$‬ل‬
‫النسبي على أساس قاعدة أكبر بقية ودون استعمال طريقة مزج األصوات والتصويت التفضيلي‪ ،‬وفق‪$$‬ا لألحك‪$$‬ام المق‪$$‬ررة في الج‪$$‬زء الث‪$$‬الث من ه‪$$‬ذا‬
‫القانون التنظيمي‪ $‬مع مراعاة أحكام هذا الباب‪.‬‬
‫‪ 730‬د‪ .‬محيد اربيعي‪ :‬حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية‪ ،‬منشورات مؤسسة عالل الفايس الطبعة األوىل ‪ .2016‬ص ‪.240‬‬
‫‪ 731‬نقال عن د‪ .‬محيد اربيعي‪ :‬حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.241‬‬
‫‪ - 732‬من تع ديالت الق انون التنظميي املادة ‪ 76‬حيث أص بحت تنص عىل إح داث دائ رة انتخابي ة عىل ص عيد النف ود ال رتايب للك عامةل أو إقلمي أو عامةل‬
‫مقاطعات دائرة انتخابية واحدة‪ ،‬خيصص للنساء يف لك دائرة انتخابية ثلث املقاعد عىل األق ل‪ ،‬انظ ر الظه ري الرشيف رمق ‪ 1.15.90‬الص ادر يف ‪ 16‬يولي و‬
‫‪ 2015‬بتنفي ذ الق انون التنظميي رمق ‪ 34.15‬القايض بتغي ري ومتمي الق انون التنظميي رمق ‪ 59.11‬املتعل ق ابنتخ اب أعض اء جمالس امجلاع ات الرتابي ة‪ ،‬اجلري دة‬
‫الرمسية‪ ،‬عدد ‪.6380‬‬

‫‪363‬‬
‫ودائما في إطار دعم قدرات النساء التمثيلية‪ ، 733‬من خالل اتخاد المغ رب إلج راءات التمي يز اإليج ابي‬
‫لفائدة المرأة‪ ،‬ال يفوتنا التطرق للمبادرة الحكومية بمراجعة مدونة االنتخاب ات ع بر اح داث ص ندوق ال دعم‬
‫لتشجيع تمثيلية النساء بمناسبة االنتخابات العامة الجماعية والتشريعية‪.734‬‬

‫ثانيا‪ :‬المساواة في التصويت‪:‬‬

‫حيث أتاح المشرع المغربي الحق في التص ويت لك ل المواطن ات والمواط نين ال ذين تت وفر فيهم ش رط‬
‫التص ويت في االنتخاب ات على ق دم المس اواة دون التمي يز بينهم على أس اس الجنس أو ال دين أو الحال ة‬
‫االجتماعية‪...‬‬

‫ثالثا‪ :‬المساواة بين المترشحين‪:‬‬

‫من بين الضمانات ال تي أقره ا المش رع المغ ربي بخص وص المب دأ الدس توري القاض ي بالمس اواة في‬
‫الحقوق السياسية‪ ،‬المساواة بين المترشحين تحقيقا للعدالة االنتخابي ة خاص ة خالل الدعاي ة االنتخابي ة حيث‬
‫حدد بداية الحملة االنتخابية المخصصة في الساعة األولى من اليوم الثالث عشر الذي يسبق تاريخ االقتراع‬
‫وتنتهي في الس اعة الثاني ة عش ر ليال من الي وم الس ابق لالق تراع‪ .‬كم ا تعق د االجتماع ات االنتخابي ة وف ق‬
‫‪735‬‬
‫الشروط المحددة في التشريع الجاري به العمل في شأن التجمعات العمومية‪.‬‬

‫كما نص المشرع المغربي على ضرورة تعيين السلطات اإلدارية المحلية األم اكن الخاص ة ال تي تعل ق‬
‫بها اإلعالنات االنتخابية‪ ،‬ولكي يحقق المساواة في الحمل ة االنتخابي ة بين المترش حين أك د على تخص يص‬
‫مساحات متساوية للمرشحين أو اللوائح االنتخابي ة‪ 736 .‬وذل ك للتعب ير عن أرائهم وبث ب رامجهم االنتخابي ة‬
‫بطريق ة مش روعة ومتس اوية دون تمي يز‪ ،‬وذل ك بمنح االذن أو ال ترخيص من الس لطات العمومي ة بتنظيم‬
‫المسيرات والمهرجانات الخطابية‪.‬‬

‫العنصر الثالث‪ :‬االقــتراع العــام وســيلة ضــرورية لضــمان حــق االنتخــاب من خالل تعبــيره عن ســيادة‬
‫الشعب‬

‫ال يمكن لالنتخابات أن تكون ديمقراطية من دون احترام حقوق االنسان‪ ،‬خاصة م ا يتعل ق منه ا بحري ة‬
‫التصويت والترشح‪ ،‬وأقر الدستور المغ ربي ح ق التص ويت من خالل التنص يص ص راحة على االق تراع‬

‫‪ 733‬د‪ .‬محيد اربيعي‪ :‬حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.247‬‬
‫‪- 734‬الظه ري الرشيف رمق ‪ 1.08.150‬الص ادر يف ‪ 30‬ديس مرب ‪ 2008‬بتنفي ذ الق انون رمق ‪ 36.08‬القايض بتغي ري وتمتمي الق انون رمق ‪ 9.97‬املتعل ق مبدون ة‬
‫الانتخاابت‪ ،‬اجلريدة الرمسية‪ ،‬عدد ‪.5696‬‬
‫لتنظ‬ ‫أ‬
‫‪ - 735‬املادة ‪ 31‬من الظه ري الرشيف رمق ‪ 1.11.165‬ص ادر يف ‪ 14‬كت وبر ‪ 2011‬بتنفي ذ الق انون ا ميي رمق ‪ 27.11‬املتعل ق مبجلس الن واب‪ ،‬اجلري دة‬
‫الرمسية‪ ،‬عدد‪ 5987‬بتارخي ‪ 17‬أكتوبر ‪.2011‬‬
‫‪ - 736‬املادة ‪ 32‬من الظه ري الرشيف رمق ‪ 1.11.165‬ص ادر يف ‪ 14‬أكت وبر ‪ 2011‬بتنفي ذ الق انون التنظميي رمق ‪ 27.11‬املتعل ق مبجلس الن واب‪ ،‬اجلري دة‬
‫الرمسية‪ ،‬عدد‪ 5987‬بتارخي ‪ 17‬أكتوبر ‪.2011‬‬

‫‪364‬‬
‫العام المباشر وهو االقتراع الذي يقوم بواسطته الناخبون بانتخاب نوابهم بصفة مباش رة‪ ،‬ويعت بر االنتخ اب‬
‫المباش ر أق رب الى الديمقراطي ة حيث تظه ر في ه إرادة الش عب بص فة مباش رة في اختي ار ممثليهم‪ .‬إال أن‬
‫االق تراع غ ير المباش ر م ازال معم وال ب ه كم ا ه و الح ال للغرف ة الثاني ة للبرلم ان المغ ربي –مجلس‬
‫المستشارين‪ -‬حيث يجري اختيارهم من قبل ن اخبين هم ب دورهم منتخب ون‪ ،‬ونفس الش يء بالنس بة للمجلس‬
‫اإلقليمي بخصوص انتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية‪.‬‬

‫ولض مان ح ق التص ويت والترش ح كرس ت الق وانين التنظيمي ة المتعلق ة بمجلس الن واب ومجلس‬
‫المستشارين والقانون التنظيمي بإنتخاب أعضاء مجالس الجماع ات الترابي ة ع دة ض مانات الغ رض منه ا‬
‫جعل ممارسة هده الحقوق تتم في نطاق احترام المبادئ التي تنبني عليها دول ة الح ق والق انون ال تي تحمي‬
‫الحريات وحقوق االنسان وتح ترم إرادة الش عب من خالل تنظيم انتخاب ات ح رة وبص فة دوري ة تمكن من‬
‫التعبير بصفة وفية وصادقة عن اختياراته لممثليه في كنف احترام مبدأ المساواة بين الناخبين والمترش حين‬
‫والشفافية وتجنب كل ما من شأنه أن ينال من نزاهة العملية االنتخابية‪.‬‬

‫وهكذا فضمان حق التصويت أو االنتخاب والترشح يرتكز على عدة مبادئ أساسية كحرية الناخب أثناء‬
‫ممارسته لحقه والمساواة بين المترشحين والناخبين وتنظيم االنتخابات بصفة دوري ة ونزيه ة وفتح إمكاني ة‬
‫الطعن في كل م ا يتعل ق ب إجراءات تنظيم العملي ة االنتخابي ة وخاص ة اإلعالن عن نتائجه ا أم ام األجه زة‬
‫المكلفة بمراقبتها وتحرص مختلف األنظمة االنتخابية اليوم في تحدي دها ألس اليب الرقاب ة على االنتخاب ات‬
‫أن تكون منسجمة مع هذه المبادئ المرتبطة بحق االنتخاب والتي تنبني عليه ا ال دول الديمقراطي ة وتس تمد‬
‫منها مشروعيتها وذلك من خالل حرصها على أن تت وفر في أعض اء أجه زة الرقاب ة على االنتخاب ات ك ل‬
‫الشروط المتعلقة بالحياد والكفاءة والنزاهة وأن تتم ممارستهم لصالحيتهم في ظ روف تف رض اح ترام ك ل‬
‫الضمانات المترتبة عن حق االنتخاب‪ .‬وسنفصل في هذة المسألة على النحو التالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الضمانات على مستوى رقابة عملية الترشح لالنتخابات‬

‫وبخص وص ح ق الترش يح فق د نص ك ل من الق انون التنظيمي لمجلس الن واب‪ 737‬والق انون التنظيمي‬
‫المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية‪ 738‬على أنه يترشح لالنتخابات شريطة أن يكون ناخب ا‬
‫ومتمتعا بحقوقه المدنية والسياس ية وتتمث ل ض مانات ه دا الح ق من خالل ح ق ك ل مترش ح االطالع على‬
‫‪739‬‬
‫محاضر مكتب التصويت في مقر السلطة اإلدارية المحلية أو مقر العمالة أو اإلقليم أو عمالة المقاطعات‬
‫‪ - 737‬انظر في ذلك المادة ‪ 21‬من القانون التنظيمي‪ 59.11‬المتعلق بانتخاب‪ $‬أعضاء مجالس الجماعات الترابية‪.‬‬
‫‪ - 738‬انظر في ذلك المادة ‪ 04‬من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب‪.‬‬
‫‪ - 739‬انظر في ذلك المادة ‪ 86‬من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب‪.‬‬

‫‪365‬‬
‫وبخصوص القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء الجماعات الترابية فقد نصت المادة ‪ 25‬منه على أن‬
‫تسلم إلى ممثل كل مترشح أو الئحة نسخة من محاضر الخاصة باالنتخاب على مس توى ال دائرة االنتخابي ة‬
‫المعنية ويوقع عليها ويوقع عليها‪ ،‬حسب الحال ة‪ ،‬ريس وأعض اء مكتب التص ويت أو المكتب المرك زي أو‬
‫‪740‬‬
‫الئحة اإلحصاء ‪.‬‬
‫‪741‬‬
‫ثانيا‪ :‬ضمان حق االنتخاب من خالل حرية الناخب في تشكيل إرادته‪.‬‬

‫نص المش رع المغ ربي في الق انون التنظيمي المتعل ق‬ ‫‪742‬‬


‫لض مان حري ة الن اخب في تش كيل إرادته‬
‫بالغرفة األولى والتي يتم انتخابها بش كل مباش ر –مجلس الن واب‪ -‬ص راحة على أن الح ق في التص ويت‬
‫يعتبر حق شخصي وواجب ووط ني‪ ،743‬ومن أج ل تمكين الن اخبين من اإلدالء بص وتهم عم ل على تنظيم‬
‫العمليات االنتخابية من خالل اشعار الن اخب بأم اكن وورق ة التص ويت‪ ،‬حيث يح اط الن اخب علم ا حس ب‬
‫أحكام المادة ‪ 70‬من الق انون التنظيمي الس الف ال ذكر بمكتب التص ويت ال ذي سيص وت فيه‪ ،744‬وبواس طة‬
‫اشعار مكتوب يتضمن اسميه الشخصي والعائلي وأسماء أبويه‪ ،‬بمكتب التصويت‪ ،‬ويتم التصويت بواس طة‬
‫ورقة فريدة تتضمن جميع البيانات ال تي تس اعد الن اخب على التع رف على ل وائح الترش يح والمترش حين‬
‫المعروضين على اختياره‪745 .‬ويحدد شكل ورقة التصويت الفريدة ومضمونها‪ ،‬يتخذ بمرس وم ب اقتراح من‬
‫وزير الداخلية بحسب أحكام ننفس المادة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬من خالل حياد اإلدارة في العملية االنتخابية‪ :‬تنظيم التصويت من قبل هيئة محايدة‬

‫وفيما يتعلق برؤساء وأعضاء مكاتب التصويت فيتم تعيينهم من قبل العامل قبل ‪ 48‬ساعة على األقل قبل‬
‫تاريخ االقتراع‪ ،‬من بين الموظفين أو األعوان باإلدارة العمومية أو الجماعات الترابية او من بين مس تخدمي‬
‫المؤسسات والمقاوالت العمومية أو الناخبين غير المترشحين الدين يحسنون الق راءة والكتاب ة‪ ،‬وتت وفر فيهم‬
‫‪746‬‬
‫شروط النزاهة والحياد‪.‬‬

‫وبخصوص عمليات التصويت ومساطرها فيكون س ريا حس ب أحك ام الم ادة ‪ 75‬من الق انون التنظيمي‬
‫السالف الذكر‪ ،‬كمظهر من مظاهر حرية التصويت وأيضا تبعد الناخب عن كل الضغوط ال تي ق د تنتج عن‬
‫تعرف االخرين على اختياره‪ ،‬وهي الزمة في كل مراحل المس طرة وخاص ة أثن اء االق تراع نفس ه وخالل‬

‫‪ - 740‬انظر في ذلك المواد ‪23‬و ‪ 76‬من القانون التنظيمي‪ 59.11 $‬المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية‪.‬‬
‫‪ - 741‬اللجنة االوربية للديمقراطية‪ ،‬مدونة حسن السلوك في مجال االنتخابات‪$‬‬
‫‪ - 742‬مدونة حسن السلوك في مجال االنتخابات اللجنة االوربية للديمقراطية‬
‫‪ - 743‬انظر في ذلك المادة ‪ 71‬من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب‪.‬‬
‫‪ - 744‬انظر في ذلك المادة ‪ 70‬من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب‪.‬‬
‫‪ - 745‬انظر في ذلك المادة ‪ 71‬من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب‪.‬‬
‫‪ - 746‬للتفصيل أكثر انظر في ذلك المادة ‪ 74‬من القانون التنظيمي‪ $‬المتعلق بمجلس النواب‪.‬‬

‫‪366‬‬
‫فرز األصوات‪ 747 .‬ويتم داخل معزل‪ ،748‬ويجب على الناخبين أال يهتموا في مك اتب التص ويت إال ب اإلدالء‬
‫بأصواتهم‪ ،‬وال يجوز لهم اثارة أي جدال ونقاش كيفما كان نوعه‪.‬‬

‫كما يقوم رئيس مكتب التصويت بإحص اء أوراق التص ويت المس لمة ل ه قب ل اإلعالن عن الش روع في‬
‫االق تراع‪ .‬وذل ك أم ام الن اخبين الحاض رين ‪ 749‬أن الص ندوق ال يحت وي على أي ورق ة ثم يس ده بقفلين أو‬
‫‪750‬‬
‫مغالقين متباينين ـ يحتفظ بأحد مفتاحيهما‪ ،‬ويسلم اآلخر إلى عضو مكتب التصويت األكبر سنا‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬الضمانات على مستوى رقابة عملية اإلعالن عن النتائج االنتخابية‪.‬‬

‫ولضمان الحق في نزاهة العملية االنتخابي ة ف إن هن اك مح ددان رئيس يان يتعين اس تعمالهما للحكم على‬
‫ص حة التص ويت هم ا‪ :‬ع دد الن اخبين المش اركين في التص ويت‪ ،‬م ع مقارنت ه بع دد أوراق التص ويت‬
‫الموض وعة في ص ندوق االق تراع‪ .‬وذل ك حس ب أحك ام الم ادة ‪ 77‬من الق انون التنظيمي لمجلس الن واب‬
‫والمادة ‪ 21‬من القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية‪.‬‬

‫خامسا‪:‬رقابة القضاء على العملية االنتخابية‪ /‬الطعن أمام القضاء‪.‬‬

‫حتى ال تبقى قواعد القانون االنتخ ابي ح برا على ورق‪ ، 751‬ومن أج ل حماي ة ح ق االنتخ اب والترش ح‬
‫باعتبارهما من األرك ان األساس ية لدول ة الق انون وأداة لمش اركة الم واطن في الش ؤون العام ة للدول ة عن‬
‫طريق الترشح أو اختيار من ينوب عنهم‪ .‬ولكي يكون هدا االختيار حقيقيا يجب أن يكون حرا ونزيها‪.‬‬

‫ووعيا من المش رع بأهمي ة ه ده اآللي ة وفاعليته ا داخ ل المنظوم ة الديمقراطي ة أحاطه ا بمجموع ة من‬
‫الضمانات التشريعية وأسند مهمة النظر في المنازعات التي تطولها إلى مؤسسة القضاء باعتبارها مؤسس ة‬
‫محايدة‪ ،‬مستقلة وكفيلة بضمان حماية أسرع وأكثر فاعلية لحقوق المواط نين‪ ،‬فلك ل دي مص لحة الح ق في‬
‫اللجوء إلى القضاء‪ 752‬سواء للطعن في رفض الترشيحات أو في صحة العملية االنتخابية‪.‬‬

‫حيث يجوز لكل مترشح حسب القانون التنظيمي المتعلق بمجلس الن واب رفض التص ريح بترش يحه أن‬
‫يرف ع ق رار رفض الق رار إلى المحكم ة االبتدائي ة التابع ة له ا ال دائرة االنتخابي ة‪ .‬كم ا يج وز للمترش حين‬
‫المطعون في انتخابهم المشار اليها في الم ادة‪ 88‬يتم رف ع دع وى الطعن بالمحكم ة االبتدائي ة بالرب اط فيم ا‬
‫‪753‬‬
‫يخص الترشيحات التي رفضها كاتبة اللجنة الوطنية لإلحصاء‪.‬‬

‫‪ - 747‬اللجنة االوربية للديمقراطية‪ ،‬مدونة حسن السلوك في مجال االنتخابات‪ $،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ - 748‬انظر في ذلك المادة ‪ 75‬من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب‪.‬‬
‫‪ - 749‬الناخبين الحاضرين يمثلون األحزاب السياسية المشاركة في االنتخابات بصفتهم مراقبين للعملية االنتخابية من االقتراع حتى الفرز‪.‬‬
‫‪ - 750‬انظر في ذلك المادة ‪ 76‬من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب‪.‬‬
‫‪ - 751‬مدونة حسن السلوك في مجال االنتخابات اللجنة االوربية للديمقراطية ص ‪.37‬‬
‫‪ - 752‬د‪ .‬ادريس جردان‪ ،‬عفاف كوثر‪ :‬مفهوم‪ $‬الحياد في أحكام القاضي االنتخابي‪ ،‬المجلة المغربية للسياسات العمومي‪$$‬ة‪ ،‬الع‪$$‬دد ‪ 23‬ص‪$$‬يف ‪،2017‬‬
‫ص‪.103‬‬
‫‪ - 753‬المادة ‪ 87‬من القانون التنظيمي‪ $‬المتعلق بمجلس النواب‪.‬‬

‫‪367‬‬
‫وبالنسبة للمنازعات المتعلقة بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابي ة فلك ل مترش ح رفض ترش يحه‬
‫ان يطعن في قرار الرفض امام المحكمة اإلداري ة ال تي يش مل نط اق اختصاص ها ال دائرة االنتخابي ة ال تي‬
‫ترشح فيها‪ .‬ويسجل الطعن مجانا وتبت فيه المحكمة اإلدارية ابت دائيا وانتهائي ا خالل األج ل المح دد حس ب‬
‫‪754‬‬
‫الحالة ابتداء من تاريخ إيداعه بكتابة ضبطها‪،‬‬

‫أم ا بالنس بة للطع ون المتعلق ة بالعملي ات االنتخابي ة فيمكن الطعن في الق رارات الص ادرة عن مك اتب‬
‫التصويت والمكاتب المركزية ولجان اإلحصاء فيما يتعلق بالعمليات االنتخابية واحصاء األصوات وإعالن‬
‫نتائج االقتراع وذلك طبقا لألحكام المقررة في هدا القانون التنظيمي‪ .‬كم ا يج وز للمترش حين حس ب أحك ام‬
‫المادة ‪ 27‬من نفس القانون التنظيمي المطعون في انتخابهم االطالع على محاضر العمليات االنتخابية واخد‬
‫نسخ منها حسب الحال ة بمق ر ال دائرة االنتخابي ة أو الجماع ة او العمال ة او اإلقليم خالل ثماني ة أي ام‪ ،‬أثن اء‬
‫أوقات العمل الرسمية ابتداء من تاريخ تبليغهم عريضة الطعن‪ 755 .‬وذلك وفق عريض ة كتابية‪ 756‬للبث فيه ا‬
‫‪757‬‬
‫من قبل المحكمة اإلدارية‪.‬‬

‫ومن ه ذا المنطل ق يك ون الطعن االنتخ ابي أنج ع طريق ة لحماي ة االس تحقاقات االنتخابي ة بمختل ف‬
‫‪758‬‬
‫أشكالها‪،‬‬

‫العنصر الرابع‪ :‬الدفع بعدم دستورية القوانين ضمانة للحقوق السياسية‪:‬‬

‫إن إلزام المشرع باحترام الحقوق والحريات العامة يفترض وجود الي ات ت دفع بع دم دس تورية الق وانين‬
‫كنوع من الي ات الرقاب ة‪ ،‬فال مع نى للنص على الحق وق السياس ية مثال في ص لب الوثيق ة الدس تورية دون‬
‫وجود ضمانات تح ول دون تعس ف البرلم ان في عمل ه التش ريعي‪ ،‬ألن ه ده الض مانات ته دف إلى وض ع‬
‫قواعد إيجابية ملزمة يلتزم بها المشرع العادي وبالتالي ال يح ق ل ه إق رار ق انون يمكن ان ينته ك أو يش كل‬
‫‪759‬‬
‫حواجز لممارسة الحقوق والحريات المكفولة في الدستور‪.‬‬

‫وإذا كانت السمة البارزة أللية الدفع بعدم دستورية القوانين تكمن في حماية الحقوق والحريات األساسية‬
‫التي كفله ا الدس تور من تعس ف المش رع‪ ،‬فغنه ا ت رمي بش كل ع ام إلى خض وع الق وانين العادي ة ألحك ام‬
‫الدستور‪ ،‬كما ترمي إلى حماية النظام الديمقراطي وتحقيق االستقرار وحسم النزاعات‪.760..‬‬

‫‪ - 754‬انظر في ذلك المادة ‪ 26‬من القانون التنظيمي ‪ 59.11‬المتعلق بانتخاب‪ $‬أعضاء مجالس الجماعات الترابية‪.‬‬
‫‪ - 755‬انظر في ذلك المادة‪ 27‬من القانون التنظيمي ‪ 59.11‬المتعلق بانتخاب‪ $‬أعضاء مجالس الجماعات الترابية‪.‬‬
‫‪ - 756‬انظر في ذلك المادة ‪ 29‬من القانون التنظيمي ‪ 59.11‬المتعلق بانتخاب‪ $‬أعضاء مجالس الجماعات الترابية‪.‬‬
‫‪ - 757‬انظر في ذلك المواد ‪ 30‬و‪ 31‬من القانون التنظيمي‪ 59.11 $‬المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية‪.‬‬
‫‪ - 758‬د‪ .‬ادريس جردان‪ ،‬عفاف كوثر‪ :‬مفهوم‪ $‬الحياد في أحكام القاضي االنتخابي المجلة المغربي‪$$‬ة للسياس‪$$‬ات العمومي‪$$‬ة‪ ،‬الع‪$$‬دد ‪ 23‬ص‪$$‬يف ‪،2017‬‬
‫ص‪.103‬‬
‫‪ - 759‬لوافي سعيد‪ ،‬الحماية الدستورية للحقوق السياسية في الجزائر‪ ،‬مدكرة مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص قانون دستوري‪،‬‬
‫جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬الموسم الجامعي ‪ 2009/2010‬ص ‪.101‬‬
‫‪ - 760‬لوافي سعيد‪ ،‬الحماية الدستورية للحقوق السياسية في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.102‬‬

‫‪368‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ضمانات الحقوق السياسية في القوانين العادية‪.‬‬

‫عمل المشرع المغربي على تعزيز الممارسة الفعلية لحقوق اإلنسان عامة والحقوق السياسية خاصة من‬
‫خالل إصدار مجموع ة من التش ريعات الم ؤطرة والمنظم ة لممارس ة ه ذه الحق وق طيل ة ثالث عق ود من‬
‫الحياة السياسية المغربية‪.‬‬

‫وتتميز الترسانة التشريعية المغربية ذات الصلة بالحقوق السياسية ب التنوع والتع دد‪ ،‬حيث ش ملت تنظيم‬
‫العدي د من الحق وق السياس ية المنص وص عليه ا في الدس تور‪ ،‬س واء منه ا الحق وق الجماعي ة أو الحق وق‬
‫الفردية‪ ،‬ويمكن في هذا الصدد أن ندرس ض مانات الح ق في الترش ح (العنص ر األول)‪ ،‬وك ذلك الح ق في‬
‫التص ويت (العنص ر الث اني)‪ ،‬وح ق الم رأة في االنتخ اب (العنص ر الث الث)‪ ،‬م ع ض مان نزاه ة العملي ة‬
‫االنتخابية (العنصر الرابع)‪.‬‬

‫العنصر األول‪ :‬ضمانات الحق في الترشح‬

‫نظم المشرع المغربي حق اإلنتخاب والترشح وإجراءاتها من خالل ترسانة قانونية متكاملة؛ منها القانون‬
‫التنظيمي رقم ‪ 11.59‬المتعلق بإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية‪،‬والقانون رقم ‪ 57.11‬المتعل ق‬
‫باللوائح اإلنتخابية العامة وعملي ة اإلس تفتاء وإس تعمال وس ائل اإلتص ال الس معي البص ري العمومي ة خالل‬
‫الحملة االنتخابية واالستفتائية‪:‬‬

‫وتعد مدونة اإلنتخابات من أهم القوانين العادية المنظمة للعميات االنتخابية وإجراءاتها التي تندرج ضمن‬
‫اإلصالحات ال تي ج اء به ا اإلص الح الدس توري لس نة ‪ 1996‬وتع ززت بدس تور ‪ ،2011‬وذل ك إس تكماال‬
‫للمسلسل الديمقراطي ومواصلة بناء دولة القانون والمؤسسات‪.‬‬

‫وتهدف مدونة اإلنتخابات أساسا إلى وض ع منظوم ة قانوني ة موح دة وعص رية وس هلة المن ال تتض من‬
‫التش ريع اإلنتخ ابي الج اري ب ه العم ل‪ ،‬كم ا تطمح ه ذه المدون ة إلى توزي ع عقالني للمس ؤولية في مي دان‬
‫اإلنتخابات بين الدولة واألطراف المعنية تحت المراقبة الدائمة للقضاء‪.‬‬

‫وبخصوص ممارسة الحق في الترشح نج د الق انون التنظيمي رقم ‪ 11.59‬المتعل ق بإنتخ اب أعض اء‬
‫مج الس الجماع ات الترابي ة ال ذي نظم ش روط الترش ح وح دد موانع ه‪ ،‬حيث ورد في الم ادة ‪ 4‬من ذات‬
‫الق انون التنظيمي م ا يلي‪" :‬يش ترط في من يترش ح لالنتخاب ات أن يك ون ناخب ا ومتمتع ا بحقوق ه المدني ة‬
‫والسياسية"‪.‬‬

‫‪369‬‬
‫وعم ل المش رع من خالل الم ادة ‪ 5‬من ذات الق انون التنظيمي على توض يح كيفي ة ترش ح المغارب ة‬
‫المقيمين خارج التراب الوطني‪ ،‬كما أنه حدد موانع ترشح هذه الفئة‪ ،‬حيث جاء في المادة المادة ‪ 5‬ما يلي‪:‬‬

‫"يمكن للمغاربة المقيمين خارج تراب المملكة أن يقدموا ترشيحاتهم النتخابات أعضاء مجالس الجه ات‬
‫ومجالس العم االت واألق اليم ومج الس الجماع ات والمقاطع ات وف ق الكيفي ات والش روط وداخ ل اآلج ال‬
‫المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي‪.‬‬

‫غير أنه ال يؤهل للترشح كل مغربية أو مغ ربي مقيم بالخ ارج يت ولى مس ؤولية حكومي ة أو انتدابي ة أو‬
‫عمومية ببلد اإلقامة"‪.‬‬

‫وفي ذات السياق‪ ،‬تكلفت المادة ‪ 6‬من القانون التنظيمي المش ار إلي ه س ابقا بموان ع الترش يح المتعلق ة‬
‫‪761‬‬
‫بالمغاربة المقيمين داخل المغرب‪.‬‬

‫‪761‬‬
‫نصت المادة ‪ 6‬على ما يلي ‪ " :‬ال يؤهل للترشح‪:‬‬
‫المتجنسون بالجنسية المغربية خالل الخمس سنوات التالية لحصولهم عليها ما لم يرفع عنهم هذا القيد وفق الش روط المق ررة في‬ ‫‪.1‬‬
‫الفصل ‪ 17‬من الظهير الشريف رقم ‪ 1.58.250‬الص ادر في ‪ 21‬من ص فر ‪ 6( 1378‬س بتمبر ‪ )1958‬بمثاب ة ق انون الجنس ية‬
‫المغربية كما وقع تغييره وتتميمه؛‬
‫األشخاص الذين صدر في حقهم قرار عزل من مسؤولية انتدابية أصبح نهائيا بمقتضى حكم مكتس ب لق وة الش يء المقض ي ب ه‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫في حالة الطعن في القرار المذكور‪ ،‬أو بسبب انصرام أجل الطعن في قرار العزل دون الطعن فيه؛‬
‫األشخاص الذين اختل فيهم نهائيا شرط أو أكثر من الشروط المطلوبة ليكونوا ناخبين؛‬ ‫‪.3‬‬
‫األش خاص ال ذين يزاول ون بالفع ل الوظ ائف المبين ة بع ده أو ال ذين انته وا من مزاولته ا من ذ أق ل من س نة في الت اريخ المح دد‬ ‫‪.4‬‬
‫لالقتراع‪:‬‬
‫القضاة؛‬ ‫‪-‬‬
‫قضاة المجلس األعلى للحسابات وقضاة المجالس الجهوية للحسابات؛‬ ‫‪-‬‬
‫الم دراء المركزي ون ل وزارة الداخلي ة وال والة والعم ال وك ذا الكت اب الع امون للعم االت أو األق اليم أو عم االت‬ ‫‪-‬‬
‫المقاطعات والباشوات ورؤساء دواوين الوالة والعمال ورؤساء الدوائر الحضرية ورؤساء الدوائر والقواد والخلف اء‬
‫والشيوخ والمقدمون؛‬
‫مفتشو المالية والداخلية؛‬ ‫‪-‬‬
‫الخازن العام للمملكة والخزان الجهويون؛‬ ‫‪-‬‬
‫المحتسبون؛‬ ‫‪-‬‬
‫أفراد القوات المسلحة الملكية وأعوان القوة العمومية؛‬ ‫‪-‬‬
‫األشخاص الذين أسندت إليهم مهمة أو انت داب‪ ،‬ول و ك ان مؤقت ا كيفم ا ك انت تس ميتها أو م داهما‪ ،‬بع وض أو ب دون‬ ‫‪-‬‬
‫عوض‪ ،‬والذين يعملون بتلك الصفة‪ ،‬في خدمة اإلدارة أو الجماع ات الترابي ة أو المؤسس ات العمومي ة أو في خدم ة‬
‫مرفق عمومي كيفما كانت طبيعته‪ ،‬والذين رخص لهم بحمل السالح أثناء أداء مهامهم‪.‬‬
‫‪ .5‬األشخاص المحكوم عليهم بمقتضى حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به بعقوبة حبس نافذة أو عقوبة حبس مع إيقاف التنفيذ‪ ،‬كيفما كانت مدتهما‪ ،‬من‬
‫أجل أحد األفعال المنصوص عليها في المواد من ‪ 65‬إلى ‪ 68‬من هذا القانون التنظيمي مع مراعاة أحكام المادة ‪ 69‬منه‪.‬‬
‫يرفع مانع األهلية المشار إليه في البند ‪ 2‬أعاله بعد انصرام مدة انتدابية كاملة ابتداء من التاريخ الذي يصير فيه قرار الع زل نهائي ا‪ .‬كم ا يرف ع م انع‬
‫األهلية المشار إليه في البند ‪ 3‬أعاله‪ ،‬ما لم يتعلق األمر بجناية‪ ،‬عن المحكوم عليهم بالحبس بمرور ‪ 10‬سنوات من تاريخ قضاء العقوبة أو تقادمه ا أو‬
‫من التاريخ الذي أصبح فيه الحكم نهائيا إذا تعلق األمر بعقوبة موقوفة التنفيذ‪.‬‬
‫ال توقف طلبات إعادة النظر أو المراجعة ترتيب اآلثار على األحكام المكتسبة لقوة الشيء المقضي به التي يترتب عليها فقدان األهلية االنتخابية‪.‬‬

‫ال يترتب على العفو الخاص رفع مانع األهلية االنتخابية‪.‬‬


‫‪370‬‬
‫العنصر الثاني‪ :‬ضمانات الحق في التصويت‬

‫ترتبط ضمانات الحق في التصويت بما يمكن تسميته بشخصية التصويت من خالل قيام الن اخب بنفس ه‬
‫باإلدالء بصوته‪ ،‬وذلك إلبعاد عملية التصويت من أي شبهة‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 62‬من مدون ة االنتخاب ات‬
‫على ضرورة تقديم الناخب بطاقته التعريفية أو دفتره العائلي وبطاقته االنتخابي ة أو الق رار القض ائي الق ائم‬
‫مقامها‪ ،‬يعلن الكاتب بصوت مسموع االسم الكامل والرقم الترتيبي للناخب الدي يأخذ بنفسه ورقة تص ويت‬
‫‪762‬‬
‫واحدة من فوق طاولة معدة لهدا الغرض‪.‬‬

‫ويالحظ من خالل أحكام المادة السالفة الدكر أن المشرع المغربي لم يكتفي ببطاقة التعريف الوطنية ب ل‬
‫أضاف بطاقة الناخب للتأكد من توفر الناخب من ش روط ح ق االق تراع‪ ،‬وأيض ا جع ل ح ق االنتخ اب حق ا‬
‫شخصيا ال يجوز االنابة أو التوكيل فيه‪ ،‬بهدف توفير ضمانات قوي ة لتعزي ز قيم ومب ادئ الش فافية والحي اد‬
‫ومما يدعم نزاهة العملية االنتخابية‪.‬‬

‫وبخصوص الضمانات التي كفلها المشرع المغ ربي بخص وص ح ق الترش ح‪ ،‬منه ا مب دأ المس اواة بين‬
‫المترشحين‪ ،‬حيث نصت مدونة االنتخابات على تحديد أماكن خاصة لوضع التصريحات بالترشيح وتع يين‬
‫أماكن خاصة بها‪ ،‬ولكي يحقق مبدأ المساواة بين المواطنات والمواطنين المترش حين في الحمل ة االنتخابي ة‬
‫اكد على تخصيص مساحات متساوية للمترشحين أو اللوائح المترشحين‪ ،‬وذلك حينما حددت المادة ‪ 50‬ب أن‬
‫تقوم السلطة اإلدارية المحلية في ك ل جماع ة ابت داء من ت اريخ انته اء أج ل وض ع التص ريحات بالترش يح‬
‫‪763‬‬
‫بتعيين أماكن خاصة تعلق بها اإلعالنات االنتخابية‪.‬‬

‫كما نص على أن تخصص في كل من هده األماكن مساحات متساوية للمترشحين أو اللوائح المرش حين‬
‫بحيث يجب أال يتعدى عدد ه ده األم اكن عن مك انين بص رف النظ ر عن األم اكن المعين ة بج انب مك اتب‬
‫التصويت وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫في الجماعات الحضرية أو القروية التي تضم ‪ 2.500‬ناخب أو أقل‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫في غيرها من الجماعات الحض رية أو القروي ة أو مقاطع ات الجماع ات م ع زي ادة المك ان‬ ‫‪-2‬‬
‫واحد عن كل ‪ 3.000‬ناخب أو جزء يتجاوز ‪ 2.000‬ناخب في الجماعات الحضرية أو القروي ة أو‬
‫المقاطعات الموجود بها أكثر من ‪ 5.000‬ناخب‪.‬‬

‫وسعيا من المشرع إلى تحقيق المساواة بين المترشحين قنن عدد اإلعالنات لكل مرش ح وك ذلك المس احة‬
‫المخصصة لالخبار بانعقاد االجتماعات وذلك حتى ال يفتح المجال أمام أصحاب األموال الذين ل ديهم الق درة‬
‫على إنفاق األموال لحمالتهم االنتخابية ويحكم الحملة االنتخابية من التالعب‪ ،‬وذلك طبق ا ألحك ام الم ادة ‪51‬‬

‫‪ - 762‬انظر في ذلك المادة ‪ 62‬من مدونة االنتخابات‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ - 763‬انظر في ذلك المادة ‪ 50‬من مدونة االنتخابات‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪371‬‬
‫حيث نص على أنه‪ :‬ال يجوز ألي مرشح أو وكيل كل الئحة أن يضع في األماكن المشار إليها في الم ادة ‪50‬‬
‫أعاله‪:‬‬

‫أكثر من إعالنين انتخابيين يجب أن ال يتجاوز حجمهما ‪ 80‬على ‪ 120‬سنتيمترا؛‬ ‫‪-1‬‬


‫أكثر من إعالنيين حجمهما ‪ 25‬على ‪ 50‬سنتيمترا لإلخبار بانعق اد االجتماع ات االنتخابي ة‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ويجب أال يتض من ه دان اإلعالن ات إال ت اريخ االجتم اع ومكان ه وأس ماء ال دين س يخطبون في ه‬
‫وأسماء المرشحين‪.‬‬
‫‪764‬‬
‫يحضر تعليق إعالنات انتخابية خارج األماكن المعنية‪ ،‬ولو كانت في شكل ملصقات مدعومة‪.‬‬

‫ويعزى من هذه األحكام القانونية أن المشرع واعي بأهمية مبدأ المساواة في الحقوق السياسية لذلك كرس‬
‫مقتضيات تعكس ضمانات دقيقة خاصة خالل الحمالت االنتخابية للحد من التالعبات التي ق د يس لكها بعض‬
‫المرشحين‪.‬‬

‫ومن أجل ضمان الحق في االنتخاب والترش ح ح رص المش رع المغ ربي على أن يك ون االق تراع ع ام‬
‫وسريا وذلك حينما نص في المادة ‪ 60‬من مدونة االنتخابات على أنه‪ " :‬يكون التصويت سريا ويشارك فيه‬
‫الناخبون في االقتراع مباشرة وداخ ل مع زل بوض ع عالم ة في المك ان المخص ص لالئح ة المرش حين أو‬
‫للمرشح الدي يريدون التصويت لفائدته في ورقة التصويت الفريدة الحاملة لطابع السلطة اإلدارية المحلي ة‪.‬‬
‫ويجب على الناخبين أال يهتموا في مكاتب التصويت إال باإلدالء بأصواتهم وال يجوز لهم إثارة مجادالت أو‬
‫‪765‬‬
‫نقاش كيفما كان نوعه‪.‬‬

‫ويستش ف من أحك ام الم ادة ‪ 60‬من مدون ة االنتخاب ات على أن المش رع أتب ع نظ ام ااٌل ق تراع الس ري‬
‫المباشر مم ا يعكس على ح رص المش رع الدس توري والق انوني المغ ربي على أن يحي ط عملي ة االق تراع‬
‫بالعديد من الضمانات توفر للناخب قدرا من الطمأنينة وتبعده عن الضغوطات ال تي تم ارس علي ه من قب ل‬
‫المرشحين أو من أي جهة كيفما كانت‪.‬‬

‫العنصر الثالث‪ :‬ضمان حق المرأة في اإلنتخاب‬

‫وعيا من المشرع المغربي بحتمية مناهضة جميع اشكال التمييز ضد المرأة‪ ،‬عم د المش رع المغ ربي إلى‬
‫إدخال عدة إصالحات جوهرية على بعض النصوص القانونية حتى تتالءم مع االلتزامات الدولي ة للمغ رب‪.‬‬
‫فالقانون الجنائي مثال تم تتميمه بقانون جديد‪ 766‬يجرم التمي يز في جمي ع ص وره‪ ،‬ف الفقرة األولى من الفص ل‬
‫‪ - 764‬انظر في ذلك المادة ‪ 51‬من مدونة االنتخابات وفق آخر التعديالت‪.‬‬
‫‪ - 765‬انظر في ذل‪$‬ك الم‪$‬ادة ‪ 61‬من مدون‪$‬ة االنتخاب‪$$‬ات‪ ،‬ظه‪$$‬ير ش‪$$‬ريف رقم ‪ 1.08.150‬ص‪$‬ادر في ‪ 2‬مح‪$$‬رم ‪ 30 1430‬ديس‪$$‬مبر ‪ 2008‬بتنفي‪$‬ذ‪$‬‬
‫القانون رقم ‪ 36.08‬القاضي بتغيير القانون رقم ‪ 9.97‬المتعلق بمدونة االنتخابات‪ ،‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد ‪ 5696‬بتاريخ ‪ 4‬محرم ‪ 1430‬فاتح يناير‪$‬‬
‫‪.2009‬‬
‫‪ - 766‬ظه‪$‬ير ش‪$‬ريف رقم ‪ 1.03.207‬ص‪$‬ادر في ‪ 16‬من رمض‪$‬ان ‪11 1424‬نون‪$‬بر ‪ 2003‬بتنفي‪$‬ذ‪ $‬الق‪$‬انون رقم ‪ 24.03‬المتعل‪$‬ق بتغي‪$$‬ير وتتميم‪$‬‬
‫مجموعة القانون الجنائي‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 5175‬بتاريخ ‪ 12‬دو القعدة ‪ 5 1424‬يناير ‪ ،2004‬ص ‪.121‬‬

‫‪372‬‬
‫‪ 431‬تعرف التمييز كما يلي‪" :‬تكون تمييزا كل تفرق ة بين األش خاص الطبيع يين بس بب األص ل الوط ني او‬
‫األصل االجتماعي أو اللون أو الجنس او الوضعية العائلية أو الحالة الصحية أو اإلعاق ة أو ال رأي السياس ي‬
‫أو االنتماء النقابي أو بسبب االنتماء أو عدم االنتماء الحقيقي أو المفترض لعرق أو ألم ة أو لس اللة أو ل دين‬
‫معين"‪ .‬ورتب المشرع عقوبات في حق مرتك بي أي ن وع من أن واع التمي يز‪" :‬يع اقب على التمي يز كم ا تم‬
‫تعريفه في الفصل ‪ 431.1‬أعاله بالحبس من شهر إلى سنتين وبالغرام ة من أل ف وم ائتين أى خمس ين أل ف‬
‫درهم إذا تمثل فيما يلي‪ :‬االمتن اع عن تق ديم منفع ة أو عن أداء خدم ة‪ ،‬عرقل ة الممارس ة العادي ة ألي نش اط‬
‫اقتصادي‪ ،‬رفض تشغيل شخص أو معاقبته أو فصله من العمل‪ ،‬ربط تق ديم منفع ة أو أداء خدم ة او ع رض‬
‫عمل بشرط مبني على أحد العناصر الواردة في الفصل ‪ 431.1‬أعاله‪ .‬وفي مجال الحقوق السياس ية‪ ،‬اعت بر‬
‫‪767‬‬
‫المشرع المغربي أن تأسيس أي حزب سياسي على أساس من التمييز أو المخالفة لحقوق االنسان باطال ‪.‬‬

‫باإلض افة إلى مناهض ة ك ل أش كال التمي يز‪ ،‬ال يفوتن ا الت ذكير بالمب ادرة الحكومي ة بمراجع ة مدون ة‬
‫االنتخابات والهادف ة إلى دعم ق درات النس اء التمثيلي ة ع بر إح داث ص ندوق ال دعم لتش جيع تمثيلي ة النس اء‬
‫بمناسبة االنتخابات العامة الجماعية والتشريعية‪ 768 .‬وقد صدر ق رار تنظيمي ي بين ش روط وكيفي ات تط بيق‬
‫المادة ‪ 288‬المكررة من مدونة االنتخابات‪ .‬فمرس وم ‪ 7‬أكت وبر ‪ 2013‬نص على أن" يم ول ص ندوق ال دعم‬
‫لتشجيع تمثيلية النساء باعتمادات تخصص لهدا الغرض في إطار القانون المالي للسنة المالية"‪ ،‬ويعين وزير‬
‫الداخلية آمرا بصرفها‪ .‬ويسند إلى نفس الوزير‪ ،‬باقتراح من لجنة تسمى اللجنة المكلفة بتفعيل صندوق ال دعم‬
‫المخصص لتشجيع تمثيلية النساء‪ ،‬يحدد تأليفه ا وكيفي ات س يرها بمق رر ل رئيس الحكوم ة‪ 769،‬مهم ة وض ع‬
‫البرامج الهادفة إلى تقوية قدرات النساء التمثيلية واألنش طة المتعلق ة به ا والممول ة كلي ا أو جزئي ا في إط ار‬
‫صندوق الدعم‪ .‬باإلضافة إلى تدخل السلطات العمومية بإجراءات تمييزية وعملي ة به دف الرف ع من التمثي ل‬
‫السياس ي للم رأة ودعم ق دراتها‪ ،‬واص لت الحكوم ة مس اعيها إلعم ال مض مون الفص ل ‪ 19‬من الدس تور‬
‫المغ ربي‪ .‬وفي ه ذا اإلط ار‪ ،‬تم إح داث ل دى رئيس الحكوم ة لجن ة وزاري ة لتتب ع وتنفي ذ الخط ة الحكومي ة‬
‫للمس اواة " إك رام "في اف ق المناص فة ‪ 770 .2016-2012‬منب ين المه ام المس ندة له ده اللجن ة‪ ،‬اق تراح‬
‫التدابير التشريعية والتنظيمي ة ال واجباتخاده ا لتط بيق مض امينالخط ة المتعلق ة ب إقرار مب دأيالمس اواة‬
‫و المناصفة طبقا ألحكام الدستور وال سما الفصل ‪ 19‬منه‪ ،‬وكذا القيام ب أعم ال التق ييم المس تمر لم ا ت م‬
‫‪771‬‬
‫ت حقيقه وإعداد ت قرير سنوي حول المنجزاتالمذكورة‪.‬‬
‫‪ - 767‬المادة ‪ 4‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 29.11‬المتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬سبق ذكره‪.‬‬
‫‪ - 768‬ظهير شريف رقم ‪ 1.08.150‬ص‪$$‬ادر في ‪ 2‬مح‪$$‬رم ‪ 30 1430‬ديس‪$$‬مبر ‪ 2008‬بتنفي‪$$‬ذ الق‪$$‬انون رقم ‪ 36.08‬القاض‪$$‬ي بتغي‪$$‬ير‪ $‬الق‪$$‬انون رقم‬
‫‪ 9.97‬المتعلق بمدونة االنتخابات‪ $،‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد ‪ 5696‬بتاريخ ‪ 4‬محرم ‪ 1430‬فاتح يناير‪.2009 $‬‬
‫‪ - 769‬مقرر لرئيس الحكومة رقم ‪ 3.04.14‬صادر في ‪ 28‬ربيع اآلخر ‪ 28 1435‬فبراير ‪ 2014‬يتعلق باللجن‪$$‬ة المكلف‪$$‬ة بتفعي‪$‬ل‪ $‬ص‪$$‬ندوق ال‪$$‬دعم‬
‫المخصص لتشجيع تمثيلية النساء‪ ،‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد ‪ 6238‬بتاريخ ‪ 11‬جمادى األولى جمادى األولى ‪ 13 1435‬مارس ‪ ،2014‬ص‪3142 ،‬‬
‫‪ /‬نقال عن د‪ .‬حميد اربيعي‪ :‬حقوق االنسان في المغرب بين الكونية والخصوصية‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.247‬‬
‫‪770‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 2.13.495‬صادر في ‪ 25‬من شعبان ‪ 4 1434‬يوليو ‪ 2013‬بإحداث اللجنة الوزارية للخطة الحكومية للمساواة إكرام في افق ‪-‬‬
‫‪.‬المناصفة ‪ ،2016-2012‬جردية رسمية‪ ،‬عدد ‪ 6176‬بتاريخ ‪ 30‬رمضان ‪ 14348‬غشت ‪2013‬‬
‫‪771‬‬
‫‪.‬للتفصيل أكثر انظر د‪ .‬محيد اربيعي‪ :‬حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪- 247،252‬‬

‫‪373‬‬
‫العنصر الرابع‪ :‬ضمانات نزاهة العملية اإلنتخابية‬

‫نظرا لما تتعرض له العملية االنتخابية من مظاهر الفساد وممارسات الأخالقية والتي قد تخ رج به ا عن‬
‫مسارها الصحيح‪ ،‬فإن الواقع يحتم إسناد العملية االنتخابية إلى سلطة تضمن الحي اد والنزاه ة وتع زز ق درا‬
‫من الثقة للهيئة الناخبة وللمترش حين‪ ،‬وذل ك من خالل رقاب ة القض اء على مراح ل العملي ة االنتخابي ة على‬
‫النحو التالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الطعون المتعلقة بالترشيحات‪:‬‬

‫حيث نص المشرع المغربي في المادة ‪ 68‬من مدونة االنتخابات على أن الفصل في النزاعات المتعلق ة‬
‫بإيداع الترشيحات وفق االحكام وفق األحكام اآلتية مع مراعاة األحكام األخرى المحددة في هدا القانون‪.‬‬

‫لكل مرشح رفض ترشيحه أن يطعن في قرار الرفض خالل أج ل ي ومين يبت دئ من ت اريخ تبليغ ه إي اه‬
‫أمام المحكمة اإلدارية التي يشمل نطاق اختصاصها الدائرة االنتخابية التي ترشح فيها صاحب الطعن‪.‬‬

‫يسجل الطعن مجانا وتبت فيه المحكمة اإلدارية ابتدائيا وانتهائيا خالل األجل المحدد حسب الحالة ابتداء‬
‫من ت اريخ إيداع ه بكتاب ة ض بطها‪ ،‬وتبل غ حكمه ا ف ورا إلى المع ني ب األمر وإلى الس لطة المكلف ة بتلقي‬
‫الترشيحات التي حكمت المحكمة بقبولها وتعلنها للناخبين وفق اإلجراءات المقررة في المادة ‪ 47‬من مدونة‬
‫االنتخابات‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الطعون المتعلقة بالعمليات االنتخابية‪:‬‬

‫تشكل الطعون المتعلقة بالعمليات االنتخابية الضمانة الحقيقي ة لتص ويب أي ممارس ات غ ير قانوني ة ق د‬
‫تحصل أثناء العمليات االنتخابية‪ ،‬لذلك نص المشرع المغربي على مجموعة من الضمانات س واء الطع ون‬
‫في القيد بالجداول االنتخابية أو الطعون المتعلقة بالفرز‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الطعون في القيد بالجداول االنتخابية‪:‬‬

‫‪374‬‬
‫حيث حرص المش رع المغ ربي على أهمي ة القي د في الج داول االنتخابي ة وأعت بر ع د القي د مانع ا من‬
‫ممارسة حق االنتخاب يحول دون إمكانية التمتع بهذا الحق‪.‬‬

‫وعليه فقد أس ند مهم ة إع داد الج داول االنتخابي ة إلى لجن ة إداري ة‪ ،‬إال أن ه ب النظر إلى الم ادة ‪ 14‬ف إن‬
‫المشرع اعطى الحق لكل شخص يعنيه األمر أن يقيم خالل أجل سبعة أيام تبتدئ من اليوم الم والي النته اء‬
‫األجل المحدد‪ ،‬دعوى طعن في قرارات لجن ة الفص ل‪ ،‬ويخ ول أيض ا نفس الح ق للعام ل أو الخليف ة األول‬
‫‪772‬‬
‫للعامل أو الباشا أو القائد‪.‬‬

‫وب العودة ألحك ام الم ادة ‪ 37‬من مدون ة االنتخاب ات يق دم الطعن في الق رارات المنص وص عليه ا في‬
‫‪ ،27،25،14‬من هذا القانون إلى المحكمة اإلدارية المختصة بواسطة تصريح يدلي ب ه لكتاب ة الض بط به ا‬
‫ويسلم عنه كاتب الضبط وصال‪ ،‬وتبت المحكمة في القضية دون مصاريف أو إجراءات بعد استدعاء يوجه‬
‫إلى األطراف المعنية ب األمر قب ل الت اريخ المح دد للنظ ر في الطعن بثالث ة أي ام‪ .‬ويجب أن ال يبع د ت اريخ‬
‫الجلسة األخيرة للمحكمة اإلدارية بأكثر من ‪ 40‬يوما عن تاريخ الج دول التع ديلي‪ .‬ويبل غ الحكم كتاب ة ف ور‬
‫صدوره إلى األطراف المعنية وإلى رئيس اللجنة اإلدارية‪.‬‬

‫ويالحظ من خالل هذه األحكام أن المشرع المغربي أسند ح ق الطعن لك ل من المع ني ب األمر ولرج ال‬
‫الس لطة الممثلين في ك ل من العام ل والباش ا والقائ د‪ ،‬حيث ك ان من األولى ان يكتفي بأحقي ة الطعن لك ل‬
‫شخص يعنيه األمر تجنبا للشطط في استعمل السلطة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الطعون المتعلقة بالفرز‪:‬‬

‫حرص المشرع المغربي على إحاطة عملية الفرز بالنصوص القانونية الكفيلة بالحفاظ على سالمتها من‬
‫أي تالعب أو تزوير قد يحدث‪.‬‬

‫وتتخذ جريمة اختالس أوراق التصويت إحدى الص ورتين‪ ،‬فهي إم ا أن ت رتكب من ط رف ش خص ل ه‬
‫صفة انتخابية حددها القانون فتكون من جرائم الصفة‪ ،‬وهدا ما نصت عليه المادة ‪ 88‬من مدونة االنتخابات‬
‫بشأن االختالس الذي يرتكب من طرف كل شخص مكل ف في عملي ات االق تراع بتلقي األوراق المص وت‬
‫بها وإحصائها وفرزها‪ ،‬وهذا يشمل بطبيعة الحال رئيس وأعضاء مكتب التصويت والفاحصين المس اعدين‬
‫‪773‬‬
‫في الفرز واالحصاء في حالة االستعانة بهم‪.‬‬

‫‪ - 772‬انظر في ذلك المادة ‪ 14‬من مدونة االنتخابات‪.‬‬


‫‪ - 773‬انظر في ذلك المادة ‪ 88‬من مدونة االنتخابات وفق آخر التعديالت‬

‫‪375‬‬
‫أما في الصور الثانية لجريمة اختالس أوراق التصويت فهي التي يقع فيها ارتك اب الجريم ة من ط رف‬
‫أي شخص دون اش تراط أن يك ون مكلف ا بمهم ة انتخابي ة‪ ،‬وهي ال تي أش ارت اليه ا الم ادة ‪ 96‬من مدون ة‬
‫‪774‬‬
‫االنتخابات بخصوص أخد أوراق التصويت‪.‬‬

‫وفي الصورتين معا ال تتحقق الجريمة عن د – يوس ف وه ابي‪ -‬إال إذا ك انت ورق ة التص ويت متض منة‬
‫لالختيار االنتخابي‪ ،‬أي يجب أن تكون حاملة لعالمة التص ويت أم ا إذا ك انت ورق ة التص ويت فارغ ة ولم‬
‫‪775‬‬
‫تستعمل بعد من طرف الناخبين فإن الجريمة ال تتحقق‪.‬‬

‫كما تتحقق أيضا الجريمة االنتخابية بإضافة أوراق زائدة عن األوراق المصوت بها‪ ،‬ش ريطة أن تك ون‬
‫األوراق المضافة بها عالمات تصويت‪ ،‬أما إذا كانت األوراق المض افة ليس ت به ا عالم ات تص ويت ف إن‬
‫هده األوراق ال تكون لها قيمة وبالتالي ال تشكل أي تأثير على نتيجة االنتخابات وقد أشارت إلى ذلك المادة‬
‫‪ 88‬من مدونة االنتخابات‪.‬‬

‫كما ج رمت المدون ة ق راءة غ ير االس م في ورق ة التص ويت‪ ،‬فبمج رد عملي ات الف رز وتوزي ع أوراق‬
‫التصويت على مجموعة من الطاوالت يأخذ أحد الفاحصين أوراق التصويت ورقة ويفتحه ا ويس لمها غ ير‬
‫مطوي ة إلى ف احص آخ ر يق رأ بص وت ع الي اس م وكي ل الالئح ة أو اس م المرش ح ال دي وض عت عالم ة‬
‫التصويت في المكان المخصص له‪ .‬كما اعت بر إب دال أوراق التص ويت ب أخرى او اتالفه ا جريم ة يع اقب‬
‫عليه بالحبس من ستة إلى سنتين وبغرامة من ‪ 10000‬إلى ‪ 20000‬درهم وذلك طبقا ألحكام الم ادة ‪ 96‬من‬
‫مدونة االنتخابات‪ 776 .‬إذ اعتبرها المشرع من األفعال التي تؤدي الى انتهاك الحق في نزاهة وحي اد العملي ة‬
‫االنتخابي ة‪ ،‬ل ذلك ح رص المش رع المغ ربي على حمايته ا ووض ع المقتض يات القانوني ة المالئم ة لص ون‬
‫العملية االنتخابية من االنحراف والتزوير‪.‬‬

‫كما أت اح المش رع المغ ربي الطعن في الق رارات الص ادرة عن مك اتب التص ويت ومك اتب التص ويت‬
‫المركزية ولجان اإلحصاء التابعة للجماعات الحضرية أو المقاطع ات ولج ان اإلحص اء أو التحق ق التابع ة‬
‫للعماالت أو األقاليم واللجان الجهوية لإلحصاء فيما يتعلق بالعمليات االنتخابية وإحصاء األصوات وإعالن‬
‫نتائج االقتراع وذلك طبقا لألحكام المقررة في هدا القانون‪.‬‬

‫يج وز للمرش حين المطع ون في انتخ ابهم طبق ا ألحك ام ه دا الق انون االطالع على محاض ر العملي ات‬
‫االنتخابية واخد نسخ منها حسب الحالة بمقر الدائرة االنتخابي ة أو الجماع ة أو العمال ة أو اإلقليم التابع ة ل ه‬

‫‪ - 774‬انظر في ذلك المادة ‪ 96‬من مدونة االنتخابات وفق آخر التعديالت‬


‫‪ - 775‬للتفصيل أكثر أنظر‪ :‬د‪ .‬يوسف وهابي‪ ،‬الجرائم االنتخابية في التشريع المغربي‪ ،‬دراس‪$$‬ة مقارن‪$$‬ة بأنظم‪$$‬ة انتخابي‪$$‬ة جنائي‪$$‬ة غربي‪$$‬ة‪ ،‬ص ‪-189‬‬
‫‪.190‬‬
‫‪ - 776‬انظر في ذلك المادة ‪ 96‬من مدونة االنتخابات‪.‬‬

‫‪376‬‬
‫الدائرة االنتخابية أو العمالة أو اإلقليم مركز الجهة داخل أجل ثمانية أيام يبت دئ من ت اريخ تبلغهم بعريض ة‬
‫‪777‬‬
‫الطعن‪.‬‬

‫ويقدم الطعن‪ 778‬كل من له مصلحة في ذلك وعامل العمالة أو اإلقليم أو خليفته األول أو الباش ا أو رئيس‬
‫‪779‬‬
‫الدائرة أو القائد الدين تقع الدائرة االنتخابية في نطاق اختصاصاتهم‪.‬‬

‫ويالحظ أيضا أن المشرع المغربي لم يكتفي بأحقية الطعن في القرارات الصادرة عن مكاتب التص ويت‬
‫فقط لمن يعنيهم األمر بل خول أيض ا نفس الح ق لرج ال الس لطة المش ار إليهم أعاله‪ ،‬وك ان من األولى ان‬
‫يكتفي فقط بأحقية الطعن لكل شخص يعنيه األمر‪.‬‬

‫قبل الخوض في الضمانات التشريعية في المغرب لحماية الحق وق السياس ية‪ ،‬ف إن البحث في موض وع‬
‫ضمانات حماية حقوق االنسان يستند أساسا عن مدى مراع اة الوثيق ة الدس تورية له ده الحماي ة‪ ،‬والمتمعن‬
‫في هده األخيرة‪ ،‬يجد أن المشرع الدستوري المغربي ق د ك رس مب دأين أساس ين من أج ل تحقي ق حماي ة‬
‫فعلية لحقوق االنسان المغربي وحرياته األساسية أولهما‪ :‬مبدأ سيادة القانون‪ ،‬حيث نص الفصل السادس من‬
‫الدستور المغربي لفاتح يوليوز ‪ 2011‬في فقرته األولى والثانية على أن‪ :‬القانون هو أسمى تعبير عن إرادة‬
‫األمة‪ ،‬والجميع‪ ،‬أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين‪ ،‬بم ا فيهم الس لطات العمومي ة‪ ،‬متس اوون أمام ه‪ ،‬وملزم ون‬
‫باالمتثال له‪.‬‬

‫تعمل السلطات العمومي ة على توف ير الظ روف ال تي تمكن من تعميم الط ابع الفعلي لحري ة المواطن ات‬
‫والمواطنين‪ ،‬والمساواة بينهم‪ ،‬ومن مشاركتهم في الحياة السياسية واالقتصادية والثقافية واالجتماعية‪.‬‬

‫إد بمقتضى هدا الفصل الدستوري يتم إلزام جمي ع أف راد المجتم ع وس لطات الدول ة على ح د الس واء‬
‫باحترام القانون كأساس لمشروعية األعمال والتصرفات‪ ،‬وال يعني احترام مبدأ سيادة القانون في مض مونه‬
‫ال مجرد االلتزام بأحكامه‪ ،‬فالقانون يجب أن يكفل لألف راد حق وقهم وحري اتهم لم ا تعني ه ه ده الكفال ة من‬
‫‪780‬‬
‫تسليم بجوهر سيادة القانون‪.‬‬

‫وثاني هده المبادئ اإلقرار الدستوري بالمبدأ الديمقراطي‪ ،‬وفي هدا الصدد جاء في ديباج ة الدس تور أن‬
‫المملكة المغربية‪ ،‬وفاء الختياراتها الدي ال رجعة فيه‪ ،‬في بن اء دول ة ديمقراطي ة يس ودها الح ق والق انون‪،‬‬
‫تواصل إقامة مؤسسات دولة حديثة‪ ،‬مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة‪ ،‬وإرساء دعائم مجتمع‬

‫‪ - 777‬انظر في ذلك المادة ‪ 69‬من مدونة االنتخابات وفق آخر التعديالت‬


‫‪ - 778‬انظر في ذلك المادة ‪ 69‬من مدونة االنتخابات وفق آخر التعديالت‬
‫‪ - 779‬يقدم الطعن حسب المادة ‪71‬من مدونة االنتخابات بعريضة كتابية في ظرف ثمانية ايم كامل‪$$‬ة تبت‪$$‬دئ من ي‪$$‬وم إي‪$$‬داع المحض‪$$‬ر ال‪$$‬دي يتض‪$$‬من‬
‫إعالن نتائج االقتراع‪ ،‬ويكون غير مقبول إدا قدم خارج هدا األجل‪.‬‬
‫تودع عريضة الطعن بكتابة ضبط المحكمة االدارية المختصة وتس‪$‬جل فيه‪$‬ا مجان‪$‬ا‪ ،‬ويجب ان تتض‪$‬من أس‪$‬باب الطعن المطل‪$‬وب من المحكم‪$‬ة البت‬
‫فيها‪.‬‬
‫‪ - 780‬محمد بن محمدوا‪ ،‬امحلاية ادلستورية يف بدلان املغرب العريب‪ ،‬جمةل رواق عريب‪ ،‬العدد ‪ ،45‬ص ‪ 68‬وما يلهيا‪.‬‬

‫‪377‬‬
‫متضامن‪ ،‬يتمتع فيه الجميع باألمن والحري ة والكرام ة والمس اواة‪ ،‬وتك افؤ الف رص‪ ،‬والعدال ة االجتماعي ة‪،‬‬
‫ومقومات العيش الكريم‪ ،‬في نطاق التالزم بين حقوق وواجبات المواطنة‪.‬‬

‫كما نص الفصل األول من الدستور الدي يحدد طبيعة نظام الحكم في المغرب في فقرت ه األولى على أن‬
‫نظام الحكم بالمغرب‪ ،‬نظام ملكية دستورية‪ ،‬ديمقراطية برلمانية واجتماعية‪.‬‬

‫وفي الفقرة الثالثة من نفس الفصل جعل المشرع الدستوري من االختي ار ال ديمقراطي أح د أهم الث وابت‬
‫الجامعة التي تستند األمة في حياتها العامة‪.‬‬

‫واستنادا للمبادئ األساسية المنصوص عليها في الوثيق ة الدس تورية المغربي ة‪ ،‬يمكن الق ول أن المش رع‬
‫الدستوري قد ربط بين الديمقراطية وحقوق االنسان‪ ،‬وهدا الربط نابع في أساسه حسب الب احث محم د بن‬
‫محمدوا من واقع العالقة القوية بين الديمقراطية ومبدأ سيادة القانون‪ ،‬الدي يتجلى في حماية حق وق األف راد‬
‫‪781‬‬
‫وحرياتهم‪.‬‬

‫وإذا كان الدستور بحكم طبيعته كأسمى تشريع وض عي في البالد‪ ،‬يتض من المب ادئ العام ة ال تي تحكم‬
‫الدولة ويترك تفاصيلها للقانون‪ ،‬ولهدا السبب أحيلت الكثير من أحكام الوثيقة الدستورية بخصوص الحق وق‬
‫السياسية إلى القانون‪ ،‬بل أن جل الضمانات التي وردت بخصوص هده الحقوق الزمتها إحالة إلى القانون‪.‬‬

‫أوال‪ :‬حق البرلمان الدستوري في التشريع للحقوق السياسية‪.‬‬

‫بم وجب الوثيق ة الدس تورية لف اتح يولي وز ‪ 2011‬يق وم البرلم ان بثالث وظ ائف أساس ية تكمن في‬
‫التشريع والمراقبة‪ ،‬إلى جانب تقييم السياسيات العمومية‪ 782،‬حيث يعت بر البرلم ان كس لطة تش ريعية ف اعال‬
‫أساسيا في مجال حماية الحقوق السياسية‪ ،‬وتتجلى هده الحماية من خالل ممارسة السلطة التشريعية‪.‬‬

‫وبما أن التش ريع في مج ال الحق وق والحري ات األساس ية من اختص اص البرلم ان بم وجب مقتض يات‬
‫الفصل ‪ 71‬من الدستور‪ ،‬حيث ينص هدا األخير على أن يختص القانون بالتشريع في الميادين التالية‪:‬‬

‫الحقوق والحريات األساسية المنصوص عليها في التصدير وفي فصول أخرى من الدستور‪.‬‬

‫وتنزيال للمقتضيات الدس تورية دات الص لة ب الحقوق السياس ية ال تي جع ل المش رع تنظيمه ا وحمايته ا‬
‫قانونيا‪ ،‬فإن أهم الضمانات التي جاءت بها القوانين العادية المغربية يتقدمها القانون الجنائي المغربي‪،‬‬

‫‪ - 781‬محمد بن محمدوا‪ ،‬امحلاية ادلستورية يف بدلان املغرب العريب‪،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪70‬وما يلهيا‪.‬‬
‫‪ - 782‬أنظر الفصل ‪ 70‬من دستور اململكة املغربية‪.‬‬

‫‪378‬‬
‫كم ا أن المقارب ة الحديث ة للحق وق والحري ات تؤك د أهمي ة ض ماناتها‪ ،‬فال يكفي االع تراف ب الحقوق‬
‫والحريات وإعالنها بقدر ما يتعين تفعيلها‪ ،‬وتستمد هده المقارب ة أص ولها من فك رة الفقي ه األلم اني ‪Hans‬‬
‫‪783‬‬
‫‪ Kelsen‬الدي أكد بان أهمية الحرية تتبع من ضمان ممارستها ‪.‬‬

‫كخالصة أولية في هذا الشق‪ ،‬وإذا كانت دستورية الحقوق السياسية تكتس ي أهمي ة بالغ ة‪ ،‬ألنه ا تمنحه ا‬
‫مناعة وحماية بحكم علوية الدستور على سائر القوانين‪ ،‬ف إن تنظيم العدي د منه ا حس ب الوثيق ة الدس تورية‬
‫لفاتح يوليوز ‪ 2011‬تقرر قانونيا‪ ،‬وقبل الخوض في الضمانات التش ريعية للحق وق السياس ية في المغ رب‪،‬‬
‫البد من اإلشارة إلى أن مسؤولية حماية ه ده الحق وق تق ع في المق ام األول على ع اتق رئيس الدول ة ال دي‬
‫خصه الدستور بجملة من االختصاصات والص الحيات على الش كل الت الي‪ :‬المل ك رئيس الدول ة‪ ،‬وممثله ا‬
‫األسمى‪ ،‬ورمز وحدة األمة‪ ،‬وضامن دوام الدولة واستمرارها‪ ،‬والحكم األسمى بين مؤسساتها‪ ،‬يس هر على‬
‫احترام الدستور‪ ،‬وحسن سير المؤسسات الدستورية‪ ،‬وعلى صيانة االختيار الديمقراطي‪ ،‬وحقوق وحريات‬
‫المواطنين والمواطنات والجماعات‪ ،‬وعلى احترام التعهدات الدولية للملكة‪ .‬الملك هو ضامن استقالل البالد‬
‫وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة‪ .784‬وبناء على هده المقتضيات التي يقابلها الفصل ‪ 19‬في الدس اتير‬
‫السابقة‪ ،‬اتخذ الملك العديد من المبادرات واإلجراءات تروم تعزي ز منظوم ة حق وق االنس ان‪ .‬ويعت بر اح د‬
‫الباحثين ان السياسات و التصورات وبلورة االستراتيجيات في مجال الحق وق والحري ات يك ون مص درها‬
‫‪785‬‬
‫األساسي رئيس الدولة‪.‬‬

‫الحماية القانونية للحقوق والحريات خاص ة السياس ية منه ا‪ ،‬بإقراره ا دس توريا وتنظيمه ا قانوني ا‪ ،‬يع د‬
‫ضمانة أساسية الحترامها‪ ،‬فإن الحماية الفعلي ة ال تتحق ق إال بتمكين االف راد من الض مانات األساس ية ال تي‬
‫‪786‬‬
‫تضمن ممارستهم لكافة حقوقهم وحرياتهم في وجه كل تقييد او انتهاك غير مشروع قد يطالها‪.‬‬

‫‪783‬‬
‫‪ ،2002‬ص ‪- 45‬‬‫‪.‬احلجيوي جنيب‪ ،‬أساس التأويل ادلستوري يف املغرب‪ ،‬اجملةل املغربية للغدارة احمللية والتمنية‪ ،‬عدد‪،42‬‬
‫‪784‬‬
‫الفصل ‪ 42‬من دستور اململكة املغربية ‪-‬‬
‫‪785‬‬
‫‪.‬للتفصيل أكرث انظر‪ :‬محيد اربيعي‪ ،‬حقوق الانسان يف املغرب بني الكونية واخلصوصية‪ ،‬مرجع سابق ص ‪ 197‬وما يلهيا ‪-‬‬
‫‪786‬‬
‫‪.‬الرشيف تيشيت‪ :‬احلقوق واحلرايت األساسية يف ظل دستور ‪،2011‬جمةل مساكل يف الفكر والسياسة والاقتصاد‪ ،‬العدد‪ ، 39/40‬ص ‪- 60‬‬

‫‪379‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الممارسة الفعلية للحقوق السياسية في البلدين‬

‫إن الحديث عن الضمانات القانونية للحق وق السياس ية اليتحق ق إال من خالل التك ريس الفعلي لممارس ة‬
‫هذه الحقوق على المستوى العملي‪ ،‬وذلك بتمكين الجميع أفرادا وجماعات من الولوج إلى هذه الحقوق عبر‬
‫شروط واضحة وسهلة وممكنة‪،‬‬

‫ل ذلك تب نى المش رع مقارن ة مرن ة وديمقراطي ة في تمكين األف راد والجماع ات من الممارس ة الفعلي ة‬
‫للحقوق السياسية‪ ،‬سواء منه ا الح ق في المش اركة السياس ية أو تأس يس األح زاب والجمعي ات أو ممارس ة‬
‫حرية التعبير أو التجمع السلمي وغيرها من الحقوق التي سيتم مناقشتها في هذا الفصل‪.‬‬

‫وعلي ه‪ ،‬س يتم توزي ع ه ذا الفص ل إلى مبح ثين إث نين‪ ،‬يتع رض المبحث األول للح ق في المش اركة‬
‫السياسية وتأسيس تنظيمات سياسية ومدنية في البلدين‪ ،‬ويتناول المبحث الث اني الح ق في ت ولي المناص ب‬
‫والوظائف العامة وضماناته‪.‬‬

‫‪380‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الحق في المشاركة السياسية وتأسيس التنظيمات السياسية والمدنية في البلدين‬

‫تش كل المش اركة السياس ية وتأس يس التنظيم ات السياس ية والمدني ة أح د أهم الحق وق السياس ية‬
‫المنصوص عليها في المواثيق الدولية والقوانين الوطنية‪ ،‬وعلى أساسها تقاس درجة الديمقراطي ة والحري ة‬
‫السياسية في األنظم ة السياس ية‪ ،‬وتعتم دها األمم المتح دة كمعي ار ج دي وفع ال عن د إع داد تقري ر التنمي ة‬
‫البشرية أو عند إعداد تقا رير ذات الصلة بحقوق اإلنسان التي تعدها المنظمات الحكومية وغير الحكومية‪.‬‬

‫وتتضمن المشاركة السياسية وتأسيس التنظيمات السياسية والمدنية المس اهمة الرس مية وغ ير الرس مية‬
‫لألفراد والجماعات في كل أنشطة المجتمع السياسية واالقتصادية واالجتماعية به دف المش اركة في ت دبير‬
‫الشأن العام وتحقيق المصلحة العامة‪.‬‬

‫لذلك سيتم تحلي ل ه ذا المبحث المعن ون ب الحق في المش اركة السياس ية وتأس يس التنظيم ات السياس ية‬
‫والمدنية في البلدين من خالل مطلبين إثنين‪ ،‬يتعرض المطلب األول للحق في المشاركة السياسية في عمان‬
‫والمغرب‪ ،‬ويتناول المطلب الثاني للحق في تأسيس التنظيمات السياسية والمدنية في البلدين‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الحق في المشاركة السياسية في البلدين‬

‫يتناول هذا المطلب الحق في المشاركة السياسية في كل من المغ رب وس لطنة عم ان من خالل ف رعين‬
‫إثنين‪ ،‬يتعرض الفرع األول للحق في المشاركة السياسية في سلطنة عمان‪ ،‬ويهتم الفرع الث اني بالمش اركة‬
‫السياسية بالمملكة المغربية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الحق في المشاركة السياسية في سلطنة عمان‬

‫يعتبر العدي د من الب احثين ب أن س لطنة عم ان تع د من أوائ ل دول الخليج ال تي عاش ت تجرب ة‬
‫ديمقراطية‪ ،‬من خالل إقام ة دول ة تق وم على أس اس اإلنتخ اب س واء في مجلس الش ورى أو في المج الس‬

‫‪381‬‬
‫البلدية‪ ،‬وهذا ما جعل سلطة عم ان ت ركم تجرب ة هام ة في مج ال المش اركة السياس ية ال تي تس مح لجمي ع‬
‫المواطين بالمساهمة في تدبير الشأن العام المحلي والوطني‪.‬‬

‫وفي ه ذا المنحى‪ ،‬س يتم تقس يم ه ذا الف رع إلى عنص رين‪ ،‬يهم العنص ر األول المش اركة في مجلس‬
‫الشورى‪ ،‬ويتعلق العنصر الثاني بالمشاركة في المجالس البلدية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المشاركة في مجلس الشورى‬

‫كم ا ه و معل وم أن مجلس الش ورى ه و المجلس المنتخب ال ذي يض م بين جنبات ه أعض اء وث ق فيهم‬
‫الناخبون وانتخب وهم ليمثل وهم ويكون وا ص وتا لهم‪ ،‬وله ذا ف إن المجلس المنتخب غالب ا م ا يتس م أعض اؤه‬
‫بالحماس الزائد‪ ،‬والرغبة لإلبقاء على حبال الود مع الناخبين‪.‬‬
‫‪787‬‬
‫إذ يتألف مجلس الشورى من أعضاء منتخبين انتخابا عاما وس ريا ومباش را‪ ،‬وفق ا لق انون االنتخ اب‬
‫الذي يحدد نظام االنتخاب وشروطه والعملية االنتخابي ة باإلض افة إلى الج رائم ال تي يكن أن تلح ق بعملي ة‬
‫االنتخاب‪ .‬سنخص بالذكر هيئة الناخبين ثم العملية االنتخابية ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬هيئة الناخبين‬

‫الناخبون هم عماد الديموقراطية فال ديموقراطية دون مشاركة الشعب في الش ؤون العام ة ال تي تعت بر‬
‫االنتخاب مظهرا من مظاهر ممارستها‪.‬‬

‫وتحديد عدد الناخبون أو الجسم االنتخابي في بلد معين يتوقف على اتجاه وفلس فة التش ريعات فيه ا فيم ا‬
‫إذا كانت تأخذ بنظام االنتخاب (االقتراع) العام أو المقيد‪.‬‬

‫فاالنتخاب يكوم عاما إذا لم يحرم المواطن من ممارسة االنتخاب بس بب جهل ه أو فق ره أو ع دم انتمائ ه‬
‫إلى طبقة معينه‪ ،‬فعدم اشتراط توافر مستوى معين من التعليم أو نص اب م الي معين أو االنتم اء إلى طبق ة‬
‫سياسية أو اجتماعية معينة تتيح وتوسع دائرة الناخبين‪ ،‬ومع ذلك فإن اش تراط بعض الش روط التنظيمي ة ال‬
‫تتعارض مع مبدأ االنتخاب العام منها الجنسية والسن والقيد في السجل االنتخابي‪.‬‬
‫‪،788‬‬
‫ويكون االنتخاب مقيدا إذا اشترط القانون في الناخب توافر شروط خاصة ك التعليم أو الق درة المالية‬
‫أو االنتماء إلى طبقة معينة حتى يتمكن من مباشرة حق االنتخاب‪.‬‬

‫‪ - 787‬المادتان ‪ 58‬مكررا ‪ 58.8‬مكررا ‪ 9‬من النظام األساسي للدولة‪.‬‬


‫‪- 788‬علي سبيل المثال ك‪$$‬ان يف‪$$‬رض على الن‪$$‬اخب في بريطاني‪$‬ا‪ $‬بم‪$$‬وجب‪ $‬ق‪$‬انون ‪ 1832‬عش‪$$‬ر جنيه‪$$‬ات اس‪$$‬ترلينيه وك‪$$‬ان ع‪$$‬دد الن‪$$‬اخبين ال يتج‪$$‬اوز‬
‫‪ 800.00‬ألف ناخب‪ ،‬وفي فرنسا اشترط دستور ‪1791‬م على الناخب لمباشرة حق االنتخاب أن ي‪$$‬دفع ض‪$$‬ريبة تع‪$$‬ادل دخل‪$$‬ه لم‪$$‬دة ثالث‪$$‬ة أي‪$$‬ام وفي‬
‫أمريكا كانت بعض الواليات األمريكية تشترط نصاب مالي وبعضها مستوى تعليمي معين دخله لمدة ثالثة أيام وفي أمريكا ك‪$$‬انت بعض الوالي‪$$‬ات‪$‬‬
‫األمريكية تشترط نصاب مالي وبعضها مستوى تعليمي معين ليسمح بممارسة االنتخاب حتى صدور القانون الفيدرالي لالنتخاب س‪$‬نة ‪ 1965‬ال‪$‬ذي‬
‫ألغي ك القيود المفروضة على حق االنتخاب‪.‬‬

‫‪382‬‬
‫فاشتراط أحد تلك الشروط أو حتى ما هو قريب منها مما يترتب عليه تقييد حق االنتخاب‪ ،‬يع د خروج ا‬
‫على مب دأ االنتخ اب الع ام‪ ،‬ويك ون أم ام نظ ام انتخ ابي مقي د يجع ل من نظ ام االنتخ اب نظام ا مقص ورا‬
‫ومحصورا على طبقة معينة‪ ،‬ناهيك عما يخلقه من تمييز وتفتيت للمجتمع ينعكس سلبا على تماسك الوح دة‬
‫الوطنية للدولة‪ ،‬لذلك تأخذ غالبية الدول في الوقت الحاضر بمبدأ االنتخاب العام‪.789‬‬

‫وفيما يتعلق بسلطنة عمان فإن أول انتخابات نظمت فيها كانت عام ‪1991‬م‪ ،‬ولكنها اقتصرت على عدد‬
‫محدود ولم تشارك فيها المراءة منذ البداية‪ ،‬تطورت بعد ذلك لتشهد االنتخابات التي أج ريت ع ام ‪2002‬م‪،‬‬
‫بدء تطبيق نظام االنتخاب العام والسماح للمرأة بأن تكون ناخبة ومنتخبة حيث بلغ عدد الن اخبين ‪261133‬‬
‫ناخب‪ ،‬ارتفع في الفترة السابعة ‪2011‬م إلى ‪ 518101‬ناخب‪.790‬‬

‫ويستند نظام االنتخاب العام في الوقت الحالي إلى المادة ‪ 58‬مكررا ‪ 9‬من النظام األساس ي للدول ة ال تي‬
‫تنص على أن "يكون انتخاب أعضاء مجلس الش ورى ب االقتراع الع ام الس ري المباش ر على النح و ال ذي‬
‫يبينه قانون االنتخاب" ثم جاء قانون االنتخابات الصادر بالرسوم السلطاني رقم (‪58/2013‬م) ليكمل حلق ة‬
‫التشريعات المنظمة لالنتخابات‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الشروط الواجب توفرها في الناخب‬

‫اشترط قانون انتخابات أعضاء مجلس الشورى التمتع بحق االنتخ اب ت وافر بعض الش روط التنظيمي ة‬
‫في الناخب وهي‪:‬‬

‫‪-1‬الجنســية‪ :‬يش ترط أن يك ون الن اخب عم اني الجنس ية وه ذا أم ر ط بيعي وتحتم ه مص لحة‬
‫الوطن‪ ،‬إذ ال يقبل عقال وال منطقا أن يسمح لألجنبي المتواجد في البالد بصفة عارضه وال تربط ه‬
‫بها رابطة االنتماء والوالء أن يمارس االنتخاب حاله كحال الوطني وهذا الشرط معمول به في كل‬
‫قوانين االنتخاب في العالم‪.‬‬

‫‪.- 789‬تأخذ غالبية الدول العربية بمبدأ االنتخاب‪ $‬العام‬


‫‪ - 790‬صدرت أول الئحة تنظيمية لالنتخابات‪ $‬عام ‪ 1997‬بقرار وزير الداخلية رقم (‪123/1997‬م) استعيض عنها بالئحة أخرى ص‪$$‬درت بق‪$$‬رار‬
‫وزير الداخلية رقم (‪52/2000‬م)‪ ،‬الدكتور شهاب بن أحمد بن علي الجابري‪ :‬شرح قانون انتخابات‪ $‬أعضاء مجلس الشورى العماني‪ ،‬دار النهض‪$$‬ة‬
‫العربية‪ ،‬الصفحة‪.12 :‬‬

‫‪383‬‬
‫ويالحظ أن المشرع العماني لم يذهب كما فعلت بعض التشريعات‪ 791‬باشتراط مض ي ف ترة زمني ة على‬
‫المتجنس لكي يسمح له بممارسة حق االنتخاب بل أعطاه هذا الحق بمجرد حصوله على الجنسية العمانية‪.‬‬

‫‪-2‬السن‪ :‬لكي يسمح للمواطن بمباشرة حق االنتخاب البد وأن يكون ق د أتم س نا معين ة‪ ،‬حيث‬
‫يعتبر بلوغه هذا السن قرينة على إدراكه وإلمامه للحياة السياسية‪ ،‬والمسؤولية الملقاة على عاتق ة‬
‫‪.792‬‬
‫عندما يذهب إلى صناديق االقتراع‬

‫ويطلق على هذا السن (سن الرشد السياسي) الذي يختلف في بعض التشريعات عن سن الرشد الم دني‪،‬‬
‫إما بزيادة سن الرشد المدني‪ ،793‬وإما بتخفيضه‪ 794‬بحسب الفلسفة وظروف كل بلد على حدة‪.‬‬

‫وسن االنتخاب بحسب الم ادة ‪ 23‬من ق انون انتخاب ات أعض اء مجلس الش ورى ه و ‪ 21‬عام ا ميالدي ا‬
‫ويجب أن يكون الناخب قد أكملها في اليوم األول من شهر يناير من السنة التي تجري فيها االنتخابات‪.‬‬

‫‪-3‬القيد في الســجل االنتخــابي‪ :‬يشترط لممارس ة ح ق االنتخ اب أن يك ون الن اخب مقي دا في‬
‫السجل االنتخابي فدون هذا القيد ال يمكنه مباشرة حق االنتخاب‪.795‬‬

‫والسجل االنتخابي هو عبارة عن كشف يدرج فيه أسماء األشخاص الذين تتوافر فيهم الشروط المطلوبة‬
‫للتمتع بحق االنتخاب‪ ،‬ويعد حجة قاطعة وقت االنتخاب وعلى ض وئه يتم إع داد الق وائم االنتخابي ة األولي ة‬
‫للناخبين في كل والية من واليات السلطنة‪.796‬‬

‫وقد نظم قانون انتخابات أعضاء مجلس الشورى الس جل االنتخ ابي في الفص ل الث الث (الم واد من ‪23‬‬
‫إلى ‪ )33‬من حيث إعداده والبينات الالزم تضمينها في ه إج راءات نق ل القي د وكيفي ة إع داد ق وائم الن اخبين‬
‫وإجراءات االعتراض والطعن عليها‪.‬‬

‫وحرصت وزارة الداخلية بصفتها الجهة المعنية بالعملية االنتخابية برمتها على إنشاء السجل االنتخ ابي‬
‫منذ انتخابات الف ترة الخامس ة ال تي ج رت في ع ام ‪2002‬م‪ ،797‬وهي تعم ل على مراجعت ه وتنقيت ه بص فة‬
‫مستمرة حتى يكون بحق أصدق تعبير عن رأي الشعب‪.‬‬

‫‪ - 791‬من التشريعات التي اشترطت مضي فترة زمنية على الشخص المتجنس للممارسة حق االنتخاب‪ ،‬الق‪$$‬انون الكوي‪$$‬تي حيث اش‪$$‬ترطت الم‪$$‬ادة ‪6‬‬
‫من قانون الجنسية الصادر بالمرسوم رقم (‪ 15/1959‬م)‪ ،‬مضي عشرين سنة وهي مدة طويلة ومبالغ فيها إذا ماقورنت بتشريعات دول أخرى‪.‬‬
‫‪ - 792‬من الدول العربية التي ساورت بين سن الرشد السياسي والمدني األردن وهو إتمام ‪ 18‬سنة‪.‬‬
‫‪ - 793‬من الدول العربية التي رفعت سن الرشد المدني لبنان والكويت‪ $‬حيث حددت األولى ب ‪ 21‬سنة فيما الثانية ب ‪ 18‬سنة‪.‬‬
‫‪ - 794‬على سبيل المثال سوريا حددت المادة ‪ 59‬من الدستور سن االنتخاب ‪ 18‬سنة كذلك الحال في مصر‪.‬‬
‫‪ - 795‬من البيانات التي يتضمنها السجل االنتخابي اسم الناخب كامال من واقع السجل المدني‪ ،‬وتاريخ ومحل ميالده‪ ،‬ومقر االنتخاب ورقمه الم‪$$‬دني‬
‫(المادة ‪ )25‬من قانون انتخابات أعضاء مجلس الشورى‪.‬‬
‫‪ - 796‬على الرغم من أن قانون االنتخاب‪$$‬ات لم يتع‪$$‬رض لمص‪$$‬طلح ال‪$$‬دوائر االنتخابي‪$‬ة‪ ،‬إال أن‪$‬ه يمكن اعتب‪$‬ار ك‪$$‬ل والي‪$‬ة من والي‪$$‬ات الس‪$‬لطنة دائ‪$‬رة‬
‫انتخابية‪.‬‬
‫‪- 797‬الدكتور شهاب بن أحمد بن علي الجابري‪ :‬شرح قانون انتخابات أعضاء مجلس الشورى العماني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪90:‬‬

‫‪384‬‬
‫بقى أن ننوه كما نوهنا سابقا‪ ،798‬أن القيد في السجل االنتخابي ال يعد شرطا منشئا لحق االنتخاب بل ه و‬
‫قرينة إلثبات توافر هذا الحق‪ ،‬وبمع نى أخ ر ف إن القي د في الس جل االنتخ ابي عم ل إق راري كاش ف لح ق‬
‫االنتخاب وليس عمل إنشائي لهذا الحق‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المشاركة في المجالس البلدية‬

‫على الرغم من أن النظام األساسي للدولة لم يتطرق لموضوع اإلدارة المحلية‪ ،‬وال إلى التقسيم اإلداري‬
‫للسلطنة‪ ،‬إال أنه كرس بحق في المادة التاسعة مبدأ المشاركة الشعبية حيث نصت على أن "يق وم الحكم في‬
‫السلطنة على أساس العدل والشورى والمساواة وللمواطنين وفقا لهذا النظام األساسي والشروط واألوضاع‬
‫التي يبينها القانون حق المشاركة في الشؤون العامة‪".‬‬

‫وفي إطار تعداد المبادئ الموجهة لسياسة الدولة جاء ضمن هذه المبادئ في الفقرة في الفقرة الثالث ة من‬
‫المادة العاشرة "إقامة نظام إداري سليم يكفل العدل والطمأنينة والمساواة للمواطنين ويضمن احترام للنظ ام‬
‫العام ورعاية المصالح العليا للوطن"‪.‬‬

‫وتأكيدا لحق المشاركة الش عبية في الش ؤون العام ة في س بيل ت دعيم الوح دة الوطني ة وتحقي ق التكام ل‬
‫الوطني‪ ،‬إضافة غلى رغبة الحكومة في سرعة اإلنجاز وتبس يط اإلج راءات‪ ،‬ومراع اة الظ روف المحلي ة‬
‫الخاصة بكل محافظة صدر في السادس والعشرين من أكتوبر عام ‪ 2011‬قانون المج الس البلدي ة بم وجب‬
‫المرسوم السلطاني رقم (‪ )2011.116‬ثم ص درت الالئح ة التنفيذي ة للق انون بم وجب ق رار وزي ر دي وان‬
‫البالط السلطاني رقم (‪.)2012/15‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الشكل العام للمجالس البلدية‬

‫قضت المادة الرابعة من قانون المج الس البلدي ة بإنش اء مجلس البل دي في ك ل محافظ ة من محافظ ات‬
‫السلطنة يكون مقره في الوالية التي يقع بها مركز المحافظ ة‪ .‬وي رأس المحاف ظ المجلس البل دي للمحافظ ة‬
‫باستثناء مجلسي البلدي لمحافظتي مسقط وظفار حيث يتولى رئاس ة ه ذين المجلس ين ك ل من رئيس بلدي ة‬
‫مسقط ورئيس بلدية ظفار‪.799‬‬

‫يتكون ك ل مجلس بل دي من فئ تين من األعض اء الفئ ة األولى أعض اء ب التعيين والفئ ة الثاني ة أعض اء‬
‫باالنتخاب‪.‬‬

‫‪ - 798‬الدكتور سالم بن سلمان الشكيلي‪ :‬شرح المبادئ العامة في القانون الدستوري والنظام األساسي العماني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.128:‬‬
‫‪ - 799‬المادة ‪ 5‬من قانون المجالس البلدية‬

‫‪385‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬األعضاء المعينون‬

‫أ‪-‬أعضاء معينون بقوة القانون يمثلون بعض ال وزارات والوح دات الحكومي ة الخدمي ة بواق ع‬
‫ممثل واحد عن‪:‬‬

‫‪-‬وزارة البلديات اإلقليمية وموارد المياه أو بلدية مسقط أو بلدية ظفار بحسب األحوال‪800‬؛‬

‫‪ -‬وزارة التربية والتعليم؛‬

‫‪ -‬وزارة السكنى‪،‬‬

‫‪ -‬وزارة الصحة؛‬

‫‪-‬وزارة السياحة؛‬

‫‪-‬وزارة البيئة والشؤون المناخية؛‬

‫‪-‬وزارة التنمية االجتماعية؛‬

‫‪-‬شرطة عمان السلطانية؛‬

‫‪-‬بلدية صحار بالنسبة لمحافظة شمال الباطنة‪.801‬‬

‫ب‪-‬عضوان من أهل المشورة والرأي يتم اختيارهما من أبناء المحافظة ويصدر بتعيينهما قرار‬
‫من وزي ر دي وان البالط الس لطاني بالنس بة للمجلس البل دي لمحافظ ة مس قط‪ ،‬ومن وزي ر الدول ة‬
‫ومحافظة ظفار بالنس بة للمجلس البل دي لمحافظ ة ظف ار ومن وزي ر الداخلي ة لبقي ة المج الس في‬
‫المحافظات األخرى‪.802‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬األعضاء المنتخبون‬

‫تتمث ل ك ل والي ة من والي ات المحافظ ة في المجلس البل دي بع دد من األعض اء يختل ف من والي ة إلى‬
‫أخرى بحسب الكثافة السكانية للوالية‪ .‬فالوالية التي ال يزيد عدد سكانها من العم انيين على ‪ 30000‬ثالثين‬
‫ألف نسمة تنتخب عضوين من أبنائها‪ .‬أما الوالية التي يزيد عدد سكانها من العم انيين على ‪ 30000‬ثالثين‬

‫‪ - 800‬في جانب خدمات البلديات تستقل بلدية مسقط عن تبعية وزارة البلديات اإلقليمية وموارد المياه حيث تتب‪$$‬ع بلدي‪$$‬ة مس‪$$‬قط وزي‪$$‬ر دي‪$$‬وان البالط‬
‫السلطاني‪ ،‬كما تستقل بلدية ظفار وتتبع وزير الدولة ومحافظ ظفار‪.‬‬
‫‪ - 801‬تستقل بلدية صحار بوضع قانوني وتتبع وزارة ديوان البالط السلطاني‬
‫‪ - 802‬المادة ‪ 6‬من قانون المجالس البلدية‬

‫‪386‬‬
‫ألف نسمة فتنتخب أربعة أعضاء‪ .‬فيما تنتخب الوالية ال تي يزي د ع دد س كانها من العم انيين ‪ 60000‬على‬
‫ستين ألف نسمة ستة أعضاء‪.‬‬

‫ويص در بس مية جمي ع األعض اء ق رار من وزي ر ال ديوان البالط الس لطاني بالنس بة للمجلس البل دي‬
‫لمحافظة مسقط‪ .‬ومن وزير الدول ة ومحاف ظ ظف ار بالنس بة للمجلس البل دي لمحافظ ة ظف ار‪ ،‬ومن وزي ر‬
‫الداخلية لباقي المحافظات‪.803‬‬

‫وفي الواقع فإن الجمع بين أسلوب االنتخاب والتعيين في تش كيل المج الس البلدي ة من اآللي ات المألوف ة‬
‫وه و يحق ق محم دة األس لوبين‪ ،‬ولكن لعل ه من المناس ب أن يت دخل المش رع الق انوني إليج اد آلي ة تح دث‬
‫الت وازن بين األعض اء المنتخ بين واألعض اء المعن يين في المحافظ ات ذات الكثاف ة الس كانية القليل ة وهي‬
‫محافظات مسندم والبريمي والوسطى‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬شروط الترشح لعضوية المجلس البلدي‬

‫حددت الم ادة ‪ 8‬من ق انون المج الس البلدي ة الش روط ال واجب توافره ا فيمن يترش ح لعض وية أي ا من‬
‫المجالس البلدية وهي‪:‬‬

‫‪-‬أن يكون عماني الجنسية؛‬

‫‪-‬أن يكون سنه ‪ 30‬سنة ميالدية على األقل؛‬

‫‪-‬أن يكون من ذوي المكانة والسمعة الحسنة في الوالية وأال يكون قد حكم عليه بعقوبة جناية أو‬
‫في جريمة مخلة بالشرف أو األمانة ما لم يكن قد رد إليه اعتباره؛‬

‫‪-‬أن يكون على مستوى مقبول من الثقافة وأن تكون لديه خبرة عملية مناسبة؛‬

‫‪-‬أن يكون مقيدا في السجل انتخابي بالوالية التي يرشح عنها؛‬

‫‪-‬أال يكون عض وا في مجلس ي الدول ة أو الش ورى أو موظف ا بإح دى وح دات الجه از اإلداري‬
‫للدولة‪.‬‬

‫الفقرة الخامسة‪ :‬مدة العضوية‬

‫‪ - 803‬المادة ‪ 7‬من قانون المجالس البلدية‬

‫‪387‬‬
‫فترة العضوية في المجلس البلدي أربع سنوات ميالدية يجوز تجدي دها لف ترات أخ رى‪ 804‬ويقس م رئيس‬
‫المجلس واألعضاء قبل مباشرتهم أعمالهم اليمين المنصوص عليه في المادة العاش رة من ق انون المج الس‬
‫البلدية‪.‬‬

‫وإذا خال مك ان أح د أعض اء المجلس من المنتخ بين قب ل انته اء ف ترة المجلس بس نة كامل ة ح ل محل ه‬
‫الحاصل على أكثر األصوات من المترشحين‪ ،‬وفي حالة عدم وجود مرشح يحل محله اتخ ذت اإلج راءات‬
‫الالزمة النتخاب عضو جديد من ذات الوالية وبالنسبة للعضو المعين باالختيار اتبعت نفس اإلجراءات في‬
‫تعيين سلفه‪.805‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المشاركة السياسية في المغرب‬

‫يعد المغرب أول الدول العربية واإلفريقية التي تبنت إصالحات ديمقراطية بع د اإلس تقالل‪ ،‬حيث ش كل‬
‫دستور ‪ 1962‬تأسيسا لهذا اإلصالح القائم على تسيير إستفادة المواطنين من الحقوق السياس ية ذات الص لة‬
‫بالمشاركة اإلنتخابية‪ ،‬وتكرس ذلك من خالل اإلصالحات الدستورية المتعاقبة خاص ة دس اتير التس عينات‬
‫التي ضخت نفسا جديدا على هذه الحقوق‪.‬‬

‫وفي ذات التوج ه‪ ،‬ع زز دس تور ‪ 2011‬ض مانات وآلي ات اإلس تفادة من الحق وق المتعلق ة بالمش اركة‬
‫السياسية‪ ،‬عبر تجويد المؤسسات التمثيلية وتدعيم صالحياتها وتوسيع التمثيلية داخلها‪.‬‬

‫وبناء على ماتقدم‪ ،‬سيتم تقسيم هذا الفرع إلى عنصرين إث نين‪ ،‬يتع رض العنص ر األول إلى المش اركة‬
‫في المجالس البرلمانية‪ ،‬ويعالج العنصر الثاني للمشاركة في المجالس الترابية‪.‬‬

‫العنصر األول‪ :‬المشاركة في المجالس البرلمانية‬

‫يعتبر البرلمان من الناحية النظرية‪ ،‬الجهة المختصة بإنتاج القوانين باإلض افة إلى وظيفت ه الرقابي ة من‬
‫خالل األدوات واألس اليب ال تي أناطه ا المش رع الدس توري به ذه المؤسس ة‪ ،‬ذل ك أن ه باس تثناء بعض‬
‫االختصاص ات ال تي أس ندها الدس تور ص راحة إلى المل ك أو الحكوم ة‪ ،‬ف إن جمي ع الق وانين تص در عن‬
‫البرلمان‪.‬‬

‫‪804‬‬
‫المادة ‪ 22‬من قانون المجالس البلدية ‪-‬‬
‫‪805‬‬
‫المادة ‪ 22‬من قانون المجالس البلدية ‪-‬‬

‫‪388‬‬
‫وقد حدد دستور ‪ 2011‬آليات اشتغال البرلمان واختصاصاته بشكل أكثر وضوحا من الدساتير السابقة‪،‬‬
‫حيث نص في فصله ‪70‬على أن البرلمان يمارس السلطة التشريعية‪ ،‬وح دد مج ال الق انون في الفص ل ‪71‬‬
‫من دستور ‪ ،2011‬باإلضافة إلى مجاالت أخرى منصوص عليها في فصول أخرى من الدستور‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مجلس النواب‬

‫يجب أن نمــيز هنــا بين مرحلــتين‪ ،‬أوالهمــا مرحلــة مــا قبــل ‪( 2011‬أوال)‪ ،‬ثم مســتجدات الوثيقــة‬
‫الدستورية لسنة ‪ 2011‬بخصوص مجلس النواب وتشكيلته وهيكلته واختصاصاته (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مجلس النواب في ظل الدساتير السابقة على دستور ‪2011‬‬

‫لم تعرف مؤسسة البرلم ان في ظ ل الدس اتير المغربي ة الس ابقة على الدس تور الح الي تم اثال من حيث‬
‫طريقة تكوين البرلمان‪ ،‬كما ألن عدد أعضائه لم يبق جامدا بل ش هد تغ يرا وفق ا لتغ ير الق وانين التنظيمي ة‬
‫المحددة لعدد النواب وطريقة انتخابهم وشروط القابلية لالنتخاب وحاالت التنافي‪.‬‬

‫تشكلت مؤسسة البرلمان في ظل دستور ‪806 1962‬من مجلسين‪ ،‬مجلس الن واب ومجلس المستش ارين‪،‬‬
‫حيث كان ينتخب مجلس النواب باالقتراع العام المباشر (االقتراع العام األح ادي النس بي في دورة واح دة)‬
‫لمدة أربع سنوات ويتحدد عدد أعضائه في ‪ 144‬عضوا‪.‬‬

‫قد تغيرت وضعية البرلمان على مستوى الش كل في ظ ل دس تور ‪ 1970‬حيث اس تبدل نظ ام المجلس ين‬
‫بنظام المجلس الواحد‪ ،‬وبذلك أضحى البرلمان يتألف من مجلس أحادي أطلق عليه اس م "مجلس الن واب"‪،‬‬
‫وكان مجلس النواب يتألف أنداك من أعضاء منتخبين ب االقتراع الع ام المباش ر ومن أعض اء منتخ بين من‬
‫ل دن جماع ة ناخب ة تت ألف من مستش اري المج الس الحض رية والقروي ة ومن أعض اء منتخ بين من ل دن‬
‫جماعات ناخبة تشتمل على المنتخبين بالغرف المهنية وعلى ممثلي المأجورين‪ .‬وبناء على الفص ل ‪ 43‬من‬
‫الدس تور ‪ 1970‬ص در ق انون تنظيمي ينص في فص له األول على أن مجلس الن واب يتك ون من ‪240‬‬
‫عضوا‪ ،‬ينتخب ‪ 40‬منهم بواسطة االقتراع المباشر و ‪ 40‬ينتخبون من بين ممثلي الجماعات المحلي ة و ‪60‬‬
‫ينتخبون من أعضاء الغرف الفالحية (‪ 24‬عضوا) أعضاء ومن بين ممثلي المأجورين (عضو واحد فقط)‪.‬‬
‫ويتبين من خالل ذلك أن مجلس النواب كان يتألف من فئتين من األعضاء‪.‬‬

‫الفئة األولى وعددها ‪ 90‬عضوا كانوا ينتخبون باالقتراع العام المباشر‪.‬‬

‫الفئة الثانية مكونة من ‪ 150‬عضوا ينتخبون باالقتراع غير المباشر‪.‬‬

‫‪ - 806‬قبل إحداث البرلمان في ظل دستور ‪ 14‬دجنبر ‪ ،1962‬عرف المغرب تجربة انتقالية قصيرة تجلت في إحداث المجلس الوطني اإلستش‪$$‬اري‬
‫( ‪ 12‬نونبر ‪ 23 -1956‬ماي ‪.)1959‬‬

‫‪389‬‬
‫ويالحظ أن عدد أعضاء النواب الذين ينتخبون ب االقتراع الع ام المباش ر ق د انخفض من دس تور ‪1962‬‬
‫إلى ‪ 1972‬من ‪ 144‬عض وا إلى ‪ 40‬عض و‪ ،‬وق د أدى ه ذا التوج ه إلى إض عاف التمثي ل الش عبي لمجلس‬
‫النواب وأضحى انتخاب ثلثي أعضائه باالقتراع العام غير المباشر‪.‬‬

‫بعد التعديل الدستوري لسنة ‪ ،1972‬أصبح تأليف البرلمان من مجلس واحد (مجلس النواب) يضم فئتين‬
‫من األعضاء‪ :‬فئة مكونة من ثلثي األعضاء وتنتخب باالقتراع الع ام المباش ر وفئ ة ثاني ة مش كلة من ثل ثي‬
‫أعضاء مجلس النواب وتنتخب باالقتراع العام غير المباشر من قبل هيئة ناخبة تتألف من أعضاء المجالس‬
‫الحضرية والقروية ومن لدن هيئة ناخبة تتألف من المنتخبين بالغرف المهنية وممثلي الم أجورين (الفص ل‬
‫‪ 43‬من دستور ‪ .)1972‬وقد صدر قانون تنظيمي بتاريخ ‪ 9‬ماي ‪ 1977‬لتحديد أعض اء مجلس الن واب في‬
‫‪ 264‬عضوا‪ ،‬وبعد اس ترجاع المغ رب إلقليم ه الص حراوي وادي ال ذهب أض يفت ثالث ة مقاع د بمقتض ى‬
‫الق انون التنظيمي رقم ‪ 79.16‬بت اريخ ‪ 8‬نون بر ‪ ،1979‬حيث أص بح ع دد أعض اء مجلس الن واب ‪267‬‬
‫عضوا‪ ،‬واستجابة من المشرع لمطلب إلشراك العمال المغارب ة بالخ ارج وض مان تم ثيلهم‪ ،‬ص در ق انون‬
‫تنظيمي رقم ‪ 83.28‬بتاريخ ‪ 28‬يناير ‪ 1984‬إلضافة مقتضيات جديدة‪ .‬وهكذا أصبح يتألف مجلس الن واب‬
‫من ‪ 306‬أعضاء من بينهم ينتخبون باالقتراع العام المباشر و‪ 60‬تنتخبهم هيئة متألف ة من أعض اء مج الس‬
‫الجماعات الحضرية والقروية و ‪ 32‬تنتخبهم هيئات تتألف من أعضاء الغرف الفالحي ة والغ رف التجاري ة‬
‫والصناعة وغرف الصناعة التقليدية و ‪ 10‬أعضاء تنتخبهم متألفة من ممثلي المأجورين‪.‬‬

‫واستنادا على ما تقدم‪ ،‬يالحظ ارتفاع عدد النواب المنتخبين باالقتراع العام المباشر من ‪ 90‬عض وا إلى‬
‫‪ ( 204‬من دستور ‪ 1970‬إلى دس تور ‪ )1972‬وع ودة المش رع إلى توس يع م دة الوالي ة التش ريعية من ‪4‬‬
‫سنوات إلى ‪ 6‬سنوات من خالل التعديل الدستوري الذي تم إجراؤه بتاريخ ‪ 30‬ماي ‪.1970‬‬

‫أما الدستور المعدل لسنة ‪ ،1992‬فقد تضمن مقتضيات جديدة تهم إعادة ترتيب وظائف وكيفي ة انتخ اب‬
‫البرلمان‪ .‬إذ أصبح تأليف مجلس النواب من فئ تين‪ :‬فئ ة تتش كل من ثل ثي أعض اء مجلس الن واب ينتخب ون‬
‫باالقتراع العام المباشر وعددها ‪ 222‬عضوا؛ وتنتخب باالقتراع الع ام غ ير المباش ر من ل دن هيئ ة ناخب ة‬
‫مشكلة من أعضاء المجالس الحض رية والقروي ة‪ ،‬ومن ل دن هيئ ة ناخب ة تت ألف من المنتخ بين في الغ رف‬
‫المهنية‪ ،‬وممثلي المأجورين (الفق رة األولى من الفص ل ‪ 43‬من دس تور ‪ )1992‬وع دد أعض اء ه ده الفئ ة‬
‫‪ 111‬عضوا‪ .‬ويالحظ بهذا الصدد أن عدد مجلس النواب المنتخبين عن طريق االق تراع الع ام المباش ر ق د‬
‫ارتفع من ‪ 204‬عضوا إلى ‪ ( 222‬من دستور ‪ 1972‬إلى دس تور ‪ )1992‬كم ا أن المش رع ق د حاف ظ على‬
‫مدة االنتداب التشريعي والمحددة في ست سنوات‪.‬‬

‫‪390‬‬
‫ارتبطت اإلصالحات التي جاء به ا ه ذا التع ديل الدس توري لس نة ‪ 1992‬على وج ه الخص وص ببني ة‬
‫البرلمان وسلطاته‪ ،807‬وتتحدد أبرز مالمح هذا اإلصالح الدستوري بالعودة إلى تبني نظام المجلس ين ال ذي‬
‫ك ان س ائدا في ظ ل دس تور ‪ ،1962‬رغم أن ه ذه التجرب ة اختلفت عن نظ ام المجلس ين في ظ ل دس تور‬
‫‪ ،1992‬كم ا تم تخفيض والي ة الن واب إلى ‪ 5‬س نوات ورف ع ع دد أعض اء المجلس إلى ثالثمائ ة وخمس ة‬
‫عش رين عض وا( ‪ .)325‬يب دو أن المش رع حاف ظ على نفس النهج المق رر من ذ دس تور ‪ ،1962‬وذل ك أن‬
‫انتخاب أعضاء الغرفة األولى يتم من قبل أفراد الشعب بصفة مباشرة عن طريق التص ويت الع ام المباش ر‬
‫وبأسلوب االقتراع الفردي باألغلبية النسبية في دورة واحدة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مجلس النواب في دستور ‪.2011‬‬

‫شكل الحسم الدستوري إلشكالية مصدر الس لطة في الوثيق ة الدس تورية ل ‪ 29‬يولي وز ‪ ،2011‬منطلق ا‬
‫أساس يا ناظم ا للهندس ة الدس تورية الجدي دة‪ ،‬حيث تم إق رار الس يادة لألم ة تمارس ها مباش رة عن طري ق‬
‫االستفتاء‪ ،‬وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها مع ربط التمثيل باالقتراع الحر والنزيه والمنظم‪ ،‬وه ذا م ا‬
‫يقود إلى جعل البرلمان سيد ميدانه فيما يخص وظيفة التمثي ل السياس ي لألم ة‪ ،‬خاص ة م ع إع ادة تعري ف‬
‫وظيفة الملك كممثل أسمى للدولة‪ .808‬ونذكر في ما يلي أهم مستجدات هيكلة وتنظيم مجلس النواب في ظ ل‬
‫الوثيقة الدستورية الحالية‪:‬‬

‫أ‪ :‬تشكيل مجلس النواب‬

‫ينص الفصل ‪ 62‬من دستور ‪ 2011‬على أن أعضاء مجلس الن واب ينتخب ون ب االقتراع الع ام المباش ر‬
‫لم دة خمس س نوات‪ ،‬وتنتهي عض ويتهم عن د افتت اح دورة أكت وبر من الس نة الخامس ة ال تي تلي انتخ اب‬
‫المجلس‪ .‬وقد أحال المش رع الدس توري في الفق رة الثاني ة من الفص ل ‪ 62‬من الدس تور إلى ق انون تنظيمي‬
‫يبين عدد أعضاء مجلس النواب‪ ،‬ونظام انتخ ابهم ومب ادئ التقس يم االنتخ ابي وش روط القابلي ة لالنتخ اب‪،‬‬
‫وحاالت التنافي‪ ،‬وقواعد الحد من الجمع بين اإلنتدابات‪ ،‬ونظام المنازعات االنتخابية‪ .‬كم ا أح اط المش رع‬
‫الدستوري المسلسل االنتخابي بض مانات تتجلى في دس ترة المالحظ ة االنتخابي ة من خالل التنص يص في‬
‫الفصل ‪ 11‬من دستور ‪ 2011‬على أن االنتخابات الحرة والنزيهة والش فافة هي أس اس مش روعية التمثي ل‬
‫ال ديموقراطي‪ .‬ولتفعي ل ه ذه المقتض يات ص درت بع د االس تفتاء الدس توري للف اتح من يولي وز ‪،2011‬‬
‫مجموعة من القوانين المنظمة لالنتخابات التشريعية أهمها‪:‬‬

‫‪-‬القانون التنظيمي لمجلس النواب رقم ‪ 27.00‬بتاريخ ‪ 14‬أكتوبر ‪.2011‬‬

‫‪807‬‬
‫عمر بندور‪ :‬النظام السياسي المغربي‪ ،‬سلسلة القانون العام‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2002‬الصفحة‪- 138 :‬‬
‫‪808‬‬
‫حسن طارق‪ :‬السياسات العمومية في الدستور المغربي الجديد‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية ( ‪-‬‬
‫‪ ،)92.‬الطبعة األولى ‪ ،2012‬الصفحة‪21 :‬‬

‫‪391‬‬
‫‪-‬القانون التنظيمي المتعلق باألحزاب السياسية رقم ‪ 29.11‬بتاريخ ‪ 22‬أكتوبر ‪.2011‬‬

‫‪-‬القانون المتعلق بتحديد شروط وكيفيات المالحظة المستقلة والمحاي دة لالنتخاب ات رقم ‪11.30‬‬
‫بتاريخ ‪ 29‬شتنبر ‪.2011‬‬

‫وتضمن القانون التنظيمي رقم ‪ 28.11‬المتعلق بمجلس النواب العديد من المستجدات لعل أهمها توسيع‬
‫دائرة المشاركة السياس ية وذل ك بخفض س ن الترش ح لعض وية مجلس الن واب من ‪ 23‬س نة إلى ‪ 18‬س نة‪،‬‬
‫ورفع عدد أعضاء مجلس النواب من ‪ 325‬عضوا إلى ‪ 395‬عضوا منهم ‪ 90‬عضوا ينتخبون برسم الدائرة‬
‫االنتخابية الوطنية‪ ،809‬وفتح المجال للمغارب ة المقيمين بالخ ارج للتص ويت في االق تراع المتعل ق بانتخ اب‬
‫أعض اء مجلس الن واب عن طري ق الوكال ة‪ ،‬وتش ديد ح االت التن افي لتش مل ص فة عض و في المحكم ة‬
‫الدستورية والمجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ورئاسة مجلس جهة ورئاسة أك ثر من رئاس ة واح دة‬
‫لغرفة مهنية أو مجلس جماعة ترابية وصفة عضو في الحكومة وك ل مهم ة عمومي ة انتخابي ة في مص الح‬
‫الدولة أو الجماع ات الترابي ة أو المؤسس ات العمومي ة‪ .‬كم ا تم تح ريم الترح ال السياس ي ص راحة‪ ،‬تحت‬
‫طائلة تجريد أي نائب تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه في االنتخابات التش ريعية من عض وية‬
‫مجلس النواب‪ ،‬وهو ما أكده القانون التنظيمي المتعلق باألحزاب السياسية والنظام ال داخلي لمجلس الن واب‬
‫لسنة‪.‬‬

‫ويمكن استخالص مجموعة من المالحظات بناء على المستجدات ال تي ج اء به ا دس تور ‪ 2011‬في م ا‬


‫يتصل بتأليف البرلمان‪ ،‬وتتعل ق المالحظ ة األولى بالج دل ال ذي أثارت ه انتخاب ات ‪ 25‬نون بر ‪ 2011‬حيث‬
‫هناك من اعتبر بأن الفصل ‪ 51‬من الدستور الجدي د ه و الم دخل لت برير االنتخاب ات الس ابقة ألوانها‪ 810‬في‬
‫حين ترى القراءة ثانية أن األساس الدستوري لهذه االنتخابات يتح دد في الفص ل ‪ 176‬من دس تور ‪201811‬‬
‫‪ ،1‬كما برزت قراءة ثالثة تعتبر أن انتخابات ‪ 25‬نونبر ‪ 2011‬ال ترتك ز على أي أس اس ق انوني ومخالف ة‬
‫لمقتضيات الدستور‪.812‬‬

‫تتعلق المالحظة الثانية بالسرعة التي نوقش ت به ا المش اريع القانوني ة الخاص ة باالنتخاب ات التش ريعية‬
‫(مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب ومشروع القانون التنظيمي المتعلق باألحزاب السياس ية‬
‫وبمشروع القانون المتعلق بالمالحظة االنتخابية)‪ .‬كما لوح ظ أيض ا ض عف مس اهمة اقتراح ات األح زاب‬
‫السياسية وهيئات المجتمع المدني‪ ،‬بل حتى النقاش ال ذي واكب خ روج ه ذه الق وانين داخ ل البرلم ان ك ان‬
‫محتشما حيث حضر ما يقل عن ربع أعضاء مجلس النواب في جلسات التصويت‪.‬‬
‫‪ - 809‬فتح المشرع المجال للشباب‪ ،‬حيث أضحت الالئحة الوطنية تشتمل باإلضافة إلى ‪ 60‬مقعدا للنساء ‪ 30‬مقعدا للشباب‪.‬‬
‫‪ - 810‬عبد القادر باينة‪ :‬اللجوء إلى الفصل ‪ 51‬الذي يمكن الملك من حل مجلس النواب‪ ،‬جريدة االتحاد االشتراكي‪ 20(،‬و ‪ 21‬غشت ‪.)2011‬‬
‫‪ - 811‬عبد العزيز المغاري‪ :‬مالحظات حول تحديد تاريخ انتخابات أعضاء مجلس النواب‪ ،‬جريدة االتحاد االشتراكي‪ 24 ،‬غشت ‪.2011‬‬
‫‪ - 812‬انظر المذكرة التي قدمها عبد الرحمان بن عمرو نيابة عن حزب الطليعة الديموقراطي االشتراكي أمام الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض‪ ،‬ضد‬
‫رئيس الحكومة ووزير الداخلية بتاريخ ‪ 3‬نون‪$$‬بر ‪ ،2011‬قص‪$$‬د إلغ‪$$‬اء المرس‪$$‬وم رقم ‪ 2.11.604‬الص‪$$‬ادر في ‪ 19‬أكت‪$$‬وبر ‪ ،2011‬وال‪$$‬ذي يح‪$$‬دد‬
‫بموجبه تاريخ انتخاب أعضاء مجلس النواب‪.‬‬

‫‪392‬‬
‫ويالحظ أخيرا أن قرارات المجلس الدستوري أثارت نقاش ات كث يرة‪ ،‬خاص ة الق رار رقم ‪817/2011‬‬
‫بت اريخ ‪ 13‬أكت وبر ‪ ،2011‬المتعل ق ب البث في م دى مطابق ة الق انون التنظيمي رقم ‪ 27.11813‬الخ اص‬
‫بمجلس النواب للدستور والنقاش حول مدى دستورية انتخاب ‪ 90‬عضوا ضمن الالئحة الوطنية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التأطير الدستوري لمكتب مجلس النواب‬

‫تتشكل هياك ل مجلس الن واب من المكتب الم ؤقت باعتب اره مؤسس ة انتقالية‪ 814‬ومكتب مجلس الن واب‪،‬‬
‫(لجنة مراقبة صرف ميزانية المجلس)‪ ،‬الفرق والمجموعات النيابية‪ ،‬اللجان الدائمة‪ ،‬وندوة الرؤساء‪.‬‬

‫تنص الفقرة األولى من الفص ل ‪ 62‬من دس تور ‪ 2011‬على أن رئيس مجلس الن واب وأعض اء المكتب‬
‫ورؤساء اللجان الدائمة ومكاتبها ينتخبون في مستهل الفترة النيابية‪ ،‬ثم في س نتها الثالث ة عن د دورة أبري ل‪،‬‬
‫لما تبقى من الفترة المذكورة‪.‬‬

‫واشترط المشرع الدستوري في نفس الفقرة األخيرة من الفصل األخ يرة من الفص ل المش ار إلي ه أعاله‬
‫انتخاب أعضاء المكتب وفق مسطرة التمثيل النسبي لكل فريق‪.‬‬

‫لقد حافظ النظام الداخلي لسنة ‪ 2013‬على نفس تركيبة مكتب مجلس الن واب المح ددة من خالل النظ ام‬
‫الداخلي لسنة ‪.2004‬‬

‫ولعل المستجد الذي جاء به هذا النظام الداخلي يتعلق بتأليف مكتب مجلس النواب‪ ،‬يتحدد من خالل فتح‬
‫المجال أمام فرق المعارضة لتقدم مرشحيها لمنصب محاسب واحد أو أمين واحد‪.815‬‬

‫باإلض افة إلى مس تجد آخ ر يتمث ل في انتخ اب رئيس مجلس الن واب وهج ر قاع دة "تع ادل األص وات‬
‫يكرس المرشح األكبر سنا فائزا"‪.‬‬

‫بيد أن النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة ‪ 2013‬حافظ على نفس المسطرة التي حددها النظام ال داخلي‬
‫لمجلس النواب لسنة ‪ 2004‬فيما يتعل ق بانتخ اب رئيس مجلس الن واب‪ ،‬حيث ينتخب رئيس مجلس الن واب‬
‫في مستهل الفترة النيابية‪ ،‬ثم في سنتها الثالثة عند دورة أبريل لم ا تبقى من الف ترة الم ذكورة‪ ،‬حيث ينتخب‬
‫ال رئيس عن طري ق االق تراع الس ري باألغلبي ة المطلق ة لألعض اء ال ذين يتك ون منهم المجلس في ال دور‬

‫‪ - 813‬القانون التنظيمي رقم ‪ 27.11‬المتعلق بمجلس النواب‪ ،‬الصادر بتاريخ ‪ 14‬أكت‪$‬وبر ‪ ،2011‬المغ‪$$‬ير والمتمم بالق‪$$‬انون التنظيمي‪ $‬رقم ‪20.16‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 10‬أغس‪$$‬طس ‪ ،2016‬الجري‪$$‬دة الرس‪$$‬مية ع‪$‬دد ‪ 5987‬في ‪ 17‬أكت‪$$‬وبر‪ 2011‬الص‪$$‬فحة‪ 5053 :‬والع‪$$‬دد ‪ 6490‬في ‪ 11‬أغس‪$$‬طس‬
‫‪ ،2016‬الصفحة ‪5853‬‬
‫‪ - 814‬للمزيد من التفاصيل حول اإلشكاليات الدستورية المرتبطة بالقانون التنظيمي‪ $‬رقم ‪ 27.11‬المتعلق بمجلس النواب‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪ -‬حسن طارق‪ :‬السياسات العمومية في الدستور المغربي الجديد‪ ،‬م‪،‬س‪ ،‬الصفحة‪.108 :‬‬
‫‪ -‬مصطفى قلوش‪ :‬النص الدستوري غير السليم وتأويل المجلس الدستوري غير القويم‪ ،‬مقال منشور على الجري‪$$‬دة اإللكتروني‪$$‬ة هيس‪$$‬بريس‪ ،‬بت‪$$‬اريخ‬
‫الخميس ‪ 29‬مارس ‪.2012‬‬
‫‪ -‬أحمد حض‪$$‬راني‪ :‬القاض‪$$‬ي الدس‪$$‬توري حكم سياس‪$$‬ي إلى حين تنص‪$$‬ب المحكم‪$$‬ة الدس‪$$‬تورية‪ ،‬جري‪$$‬دة ال‪$$‬وطن اآلن‪ 5 ،‬أبري‪$$‬ل ‪ ،2012‬الع‪$$‬دد ‪،468‬‬
‫الصفحة‪ 22 :‬و ‪23‬‬
‫‪ - 815‬يستمر‪ $‬المجلس الدستوري القائم حاليا في ممارسة صالحياته‪ ،‬إلى أن يتم تنصيب المحكمة الدستورية المنصوص عليها في الدستور‪' ،‬الفصل‬
‫‪ 177‬من دستور ‪.)2011‬‬

‫‪393‬‬
‫األول‪ ،‬وباألغلبية النسبية في الدور الثاني‪ .‬غير أن النظ ام ال داخلي لمجلس الن واب لس نة ‪ 2013‬أق ر عن د‬
‫تع ادل األص وات المرش ح األص غر س نا ف ائزا‪ ،‬ويتم اللج وء إلى القرع ة لإلعالن عن الف ائز إذا حص ل‬
‫التساوي في السن‪ ،‬وإذا كان المرشح واحدا فباألغلبية النسبية في دورة واحدة‪.‬‬

‫ويالحظ أن المشرع انتقل في الحالة التي يتعادل فيها المترشحون لمنصب رئاس ة مكتب مجلس الن واب‬
‫من ترجيح المرشح األكبر سنا إلى تغليب كفة المرشح األصغر سنا‪ ،‬ويثور السؤال حول روح هذا التع ديل‬
‫ومقاصد المشرع من هذا التحول‪.‬‬

‫رغم التميز الذي حظي به مجلس النواب‪ ،‬إال أنه يبقى أيضا لمجلس المستش ارين دوره الفع ال‪ .‬ويتجلى‬
‫ذلك من خالل الخطب الملكية والدعامة القانونية كتتويج قانوني وفعلي للمطالب اإلصالحية الكتلوية وذل ك‬
‫عبر دسترة غرفة المستشارين‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مجلس المستشارين‬

‫يتكون مجلس المستشارين من ‪ 90‬عضوا على األق ل و ‪ 120‬عض وا وه و الح د األقص ى المنص وص‬
‫عليه في الفصل ‪ 63‬من الدستور‪ ،‬وينتخبون على صعيد جه ات المملك ة من ط رف هيئ ات ناخب ة جهوي ة‬
‫تمثل الجماعات الترابية ‪ 72‬عض وا‪ ،‬والغ رف المهني ة ‪ 24‬عض وا والمنظم ات المهني ة للمش غلين األك ثر‬
‫تمثيلية ‪ 12‬عضوا‪ ،‬و‪ 12‬عضوا عن هيئة ممثلي المأجورين ينتخبون على الصعيد الوطني‪.‬‬

‫أما النظام االنتخابي‪ ،‬فيعتمد على أسلوب االق تراع المعم ول ب ه حالي ا والمتمث ل في االق تراع بالالئح ة‬
‫وبالتمثيل النسبي على أساس قاعدة أكبر بقية ودون استعمال طريقة مزج األصوات والتصويت التفاضلي‪،‬‬
‫وتخصص المقاعد للمرشحين عن كل الئحة حسب الترتيب التم ثيلي‪ .‬غ ير أن االنتخ اب يباش ر ب االقتراع‬
‫الفردي وباألغلبية النسبية في دورة واحدة إذا تعلق األم ر بانتخ اب مستش ار واح د في إلط ار هيئ ة ناخب ة‬
‫معينة‪.‬‬

‫ولقد بين القانون التنظيمي بشأن مجلس المستش ارين رقم ‪ 28816-11‬ع دد أعض اء مجلس المستش ارين‬
‫ونظام انتخابهم وعدد األعضاء الذين تنتخبهم كل هيئة ناخبة وتوزيع المقاعد على مختل ف جه ات المملك ة‬
‫وشروط القابلية لالنتخاب وحاالت التنافي وطريقة إجراء القرعة‪ ،‬وتنظيم المنازعات االنتخابية‪.‬‬

‫ينتخب األعضاء الذين يمثلون المنظمات المهنية للمشغلين األكثر تمثيلية‪ ،‬على المس توى الجه وي‪ ،‬من‬
‫قبل هيئة ناخبة تتألف من المنتخبين في المنظمات المذكورة‪.‬‬

‫‪ - 816‬القانون التنظيمي رقم ‪ 28.11‬المتعلق بمجلس المستشارين‪ ،‬الصادر األم‪$$‬ر بتنفي‪$$‬ذه‪ $‬بم‪$$‬وجب الظه‪$$‬ير الش‪$$‬ريف رقم ‪ 1.11.172‬بت‪$$‬اريخ ‪21‬‬
‫نوفمبر ‪ .2011‬كما وقع تغي‪$‬يره وتتميم‪$‬ه بالق‪$‬انون التنظيمي رقم ‪ 32.15‬الص‪$‬ادر بت‪$‬اريخ ‪ 16‬يولي‪$‬وز ‪ ،2015‬المنش‪$‬ور بالجري‪$‬دة الرس‪$‬مية ع‪$‬دد‬
‫‪ 6380‬بتاريخ ‪ 23‬يوليوز‪ ،2015‬الصفحة ‪6708‬‬

‫‪394‬‬
‫يقصد في مدلول هذا القانون التنظيمي بالمنظمة المهنية للمشغلين الذين يزاول ون نش اطهم في الجه ة أو‬
‫الجه ات المعني ة في واح د أو أك ثر من قطاع ات الفالح ة أو الص يد البح ري أو الص ناعة أو التج ارة أو‬
‫الصناعة التقليدية أو الخدمات‪ ،‬تستجيب للمعايير التالية‪:‬‬

‫أن تؤسس بصفة قانونية وأن تشتغل طبقا للمبادئ الديموقراطية وألنظمتها األساسية‬

‫ان يكون مقرها بالجهة أو بإحدى الجهات المعنية أو تتوفر على تمثيلية بها‪ ،‬طبقا ألنظمتها األساسية‪.‬‬

‫يجب أن يؤخذ بعين االعتبار لتحديد المنظم ة المهني ة للمش غلين األك ثر تمثيلي ة‪ ،‬ع دد مناص ب الش غل‬
‫المصرح بها والتي توفرها انشطة منخرطي المنظمة وكذا ال رقم اإلجم الي للمع امالت ال ذي حقق ه ه ؤالء‬
‫المنخرطون على مستوى الجهة أو الجهات المعنية برسم السنة المحاسباتية التي تسبق االقتراع‪.‬‬

‫تحدد بمرسوم يتخذ باقتراح من وزير الداخلية الئحة المنظم ات المهني ة للمش غلين األك ثر تمثيلي ة على‬
‫المستوى الجهوي‪.‬‬

‫تتألف الهيئة الناخب ة للمنظم ات المهني ة للمش غلين من أعض اء ينتخب ون وف ق األنظم ة األساس ية له ذه‬
‫المنظم ات‪ .‬وي بين المرس وم المش ار إلي ه أعاله كيفي ة تحدي د ع دد الن اخبين ال ذين يؤلف ون الهيئ ة الناخب ة‬
‫المذكورة‪ ،‬من بين منخرطي كل منظم ة ال ذين يزاول ون بالجه ة أو الجه ات المعني ة من ذ أك ثر ن س نتين‪،‬‬
‫حسب عدد األجراء المصرح بهم من قبل هؤالء المنخرطين‪.‬‬

‫أصبح أعضاء مجلس المستشارين بموجب الفصل ‪ 63‬من دستور ‪ 2011‬ينتخب ون ب االقتراع العم غ ير‬
‫المباشر‪ ،‬لمدة ست سنوات‪ ،‬بع د أن ك انوا في الدس تور الس ابق ينتخب ون لم دة تس ع س نوات‪ ،‬ويتج دد ثلث‬
‫المجلس كل ثالث سنوات‪ ،‬وتعين بالقرعة المقاعد التي تكون محل التجديدين األول والثاني‪.‬‬

‫وبمعنى ذلك‪ ،‬أن الفترة التشريعية لمجلس المستشارين لم تب ق مفتوح ة بس بب التجدي د ال ذي ك ان يمس‬
‫ثلث أعضاء المجلس كل ثالث سنوات‪ ،‬بل أصبحت محددة في ست سنوات وهي نفسها المدة ال تي ينتخب‬
‫لها أعضاؤه‪ ،‬وذلك بعد أن كانت مفتوحة وكانت مدة انتخاب أعضائه محددة في تسع سنوات‪.‬‬

‫وفي مقابل ذلك‪ ،‬عمد المشرع الدستوري إلى إبقاء الوض ع كم ا ك ان علي ه في نط اق الدس تور الس ابق‬
‫بالنسبة لمجلس النواب على مستوى مدة والية االنتداب وطبيعتها؛ ب دليل أن الفق رة األولى من الفص ل ‪62‬‬
‫من الدستور الحالي تتطابق تمام التطابق مع الفقرة من الفصل ‪ 37‬من الدس تور الس ابق؛ إذ هم ا مع ا نص ا‬
‫على "ينتخب أعضاء مجلس النواب ب االقتراع الع ام المباش ر لم دة خمس س نوات وتنتهي عض ويتهم عن د‬
‫افتتاح دورة أكتوبر من السنة الخامسة التي تلي انتخاب المجلس"‪.‬‬

‫‪395‬‬
‫وقد كان مجلس المستشارين‪ ،‬بموجب الوالية المفتوحة التي كانت له في نطاق الدس تور الس ابق‪ ،‬يمث ل‬
‫العنصر الثالث من المعادلة وكان عنوانا على االستقرار والدوام‪ .‬أما مجلس الن واب‪ ،‬فك ان بس بب الوالي ة‬
‫المغلقة يمثل العنصر المتغير في المعادلة؛ وألجل ذلك‪ ،‬عمد المش رع الدس توري إلى إلغ اء فك رة التجدي د‬
‫الجزئي لمجلس المستشارين‪ ،‬وآل األمر واستقر إلى فك رة التجدي د الكلي ال ذي يق ع م رة واح دة ك ل س ت‬
‫سنوات‪.‬‬

‫إذ إن انتقال مجلس المستشارين من نظام الوالية المفتوحة إلى الوالية المغلقة ‪ ،‬كم ا ه و الح ال بالنس بة‬
‫لمجلس النواب‪ ،‬كما أن تخفيض مدة انتخاب أعضاء مجلس المستشارين من تسع إلى ست سنوات‪ ،‬وهو ما‬
‫يجعله ا تق ترب كث يرة من خمس س نوات ال تي ينتخب له ا أعض اء مجلس الن واب‪ ،‬ي دل على أن المش رع‬
‫الدستوري قصد إزالة عنصر التفوق الذي كان يتميز به مجلس المستشارين عن مجلس النواب؛ أو تقليصه‬
‫إلى أقصى حد ممكن؛ حتى ال يفضل مجلس المستشارين مجلس النواب‪.‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬المشاركة في المجالس الترابية بالمغرب‬

‫لقد جاء الدستور الجديد بمجموعة من المقتضيات التي تهم الجماعــات الترابيــة (الجماعــات المحليــة‬
‫سابقا) وسنرى ذلك في (الفقرة األولى)‪ ،‬وأهم هــذه المســتجدات التنصــيص على إصــدار قــانون تنظيمي‬
‫للجماعات (الفقرة الثانيــة)‪ ،‬وقــانون تنظيمي آخــر يتعلــق بانتخــاب أعضــاء مجــالس الجماعــات الترابيــة‬
‫(الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مقتضيات عامة من دستور ‪ 2011‬حول الجماعات الترابية‪.‬‬

‫أصبحت تسمى‪  ‬الجماعات "الترابية" بدل الجماعات "المحلي ة" ويتض ح ذل ك من خالل الفق رة االولى‬
‫من الفص ل ‪ 135‬من الدس تور ال تي تنص على أن "الجماعــات الترابيــة للمملكــة هي الجهــات والعمــاالت‬
‫واالقــاليم والجماعــات‪" ‬و بمقتض ى الفق رة الرابع ة من الفص ل االول من الدس تور ال تي تنص على أن "‬
‫التنظيم الــترابي للمملكــة تنظيم المركــزي يقــوم على الجهويــة المتقدمة" تم االع تراف ك ذلك للجماع ات‬
‫المحلية بالكينونة الترابية‪ ،‬وهذا التغيير الذي حصل بنص دستوري ليس مجرد تغيير شكلي او ترف لغوي‬
‫بل يؤشر في العمق على تغير في مصدر مشروعية الشأن المحلي وعالقة هذا االخير بسلطة الدولة‪. ‬‬

‫من جهة أخرى أصبح تدبير شؤون الجماعة يرتكز على العديد من المبادئ الدستورية على رأسها مب دأ‬
‫التدبير الحر ومبدأ التضامن والتعاون بين الجماعات وبينه ا وبين الجماع ات الترابي ة االخ رى‪ ،‬باإلض افة‬
‫إلى الديمقراطية التشاركية و إلى الحكامة الجيدة واقتران المسؤولية بالمحاسبة وغيرها من المبادئ ‪ ،‬ولق د‬

‫‪396‬‬
‫نص ت الفق رة الثاني ة من الفص ل ‪ 135‬من الدس تور على أن "الجماعــات الترابيــة أشــخاص اعتباريــة‬
‫خاضعة للقانون العام تسير شــؤونها بكيفيــة ديمقراطية" أم ا‪  ‬الفص ل ‪  136‬فينص على "يرتكــز التنظيم‬
‫الجهوي والترابي على مبادئ التدبير الحر وعلى التضامن والتعاون ويــؤمن مشــاركة الســكان المعنــيين‬
‫في تدبير شؤونهم والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة"‪.‬‬

‫بن اءا على مب دأ الت دبير الح ر‪ ،‬تتمت ع الجماع ات بكام ل الص الحية والحري ة في ت دبير ش ؤونها بك ل‬
‫ديموقراطي ة م ع المس اءلة وفي تحدي د وبل ورة اختياراته ا وص ياغة برامجه ا في ح دود م ا يس مح ب ه‬
‫القانون ‪،‬كما تمتلك الجماعة سلطة اتخ اذ الق رارات المناس بة المتعلق ة به ذه الش ؤون وس لطة تنفي ذها ‪ ‬مم ا‬
‫سيجعلها تتحرر أكثر وبشكل تدريجي من الوصاية بمفهومها الضيق والتقليدي التي كانت في السابق تعطل‬
‫وتعرقل عمل الهيات المنتخبة المحلية ‪.‬‬

‫ويتضمن التدبير الحر مفاهيم عديدة ينبغي ‪ ‬أخذها بعين االعتبار كمفهوم الجماعات المب ادرة ‪ ،‬ومفه وم‬
‫التنافسية والتسويق الترابي والتدبير باألهداف وبل ورة الحكام ة الجي دة‪ ،‬ومن ش أن اح ترام ه ذا المب دأ ‪ ‬أن‬
‫يساهم في تعزيز استكمال البناء المؤسساتي لالمركزية ويعمل على ترسيخ الديمقراطية المحلية ‪.‬‬

‫باإلض افة إلى اعتم اد مب دأ التفري ع كأس اس في إس ناد االختصاص ات للجماع ات وال تي تت وزع بين‬
‫اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة بينها وبين الدولة وأخرى منقولة إليه ا من ط رف ه ذه األخ يرة‬
‫مع اعتماد مبدأي التدرج في الزمان‪ ،‬والتمايز في المجال عند ممارس ة االختصاص ات المنقول ة؛ أم ا مب دأ‬
‫التعاون والتضامن بين الجماع ات فيه دف إلى تقوي ة روح المواطن ة وإرس اء الفعالي ة والج ودة والنجاع ة‬
‫والتناسق واالنسجام في الفعل العمومي المحلي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مقتضيات عامة من‪  ‬القانون التنظيمي‪ ‬رقم ‪14‬ـ‪  113‬المتعلق بالجماعات‪:‬‬

‫إذا كان انتخاب أعضاء المجالس الجماعية قد ارتبط منذ التجارب األولى ‪ ‬بنمط االقتراع العام المباشر‪،‬‬
‫ف إن اختي ار ال رئيس وأجه زة المكتب أص بح وألول م رة وف ق الق انون التنظيمي الح الي يتم عن طري ق‬
‫التصويت العلني حرصا من المشرع على ضمان ‪ ‬الشفافية والمزي د من تخلي ق الحي اة الحزبي ة والسياس ية‬
‫وض مان ق در من انس جام االغلبي ة داخ ل المجلس ونظ را لل دور المهم ‪ ‬الموك ول لل رئيس والص الحيات‬
‫المخولة له وال تي تقتض ي تواج ده ال دائم والمس تمر ب القرب من الس كان يمن ع الق انون انتخ اب األعض اء‬
‫المقيمين خارج الوطن كرؤساء أو نواب للرئيس‪. ‬‬

‫‪397‬‬
‫يعترف القانون له ذه الجماع ات أيض ا بالشخص ية المعنوي ة واالس تقالل االداري والم الي‪ ،‬إال أن مب دأ‬
‫االستقاللية وإن كان يمثل روح الالمركزية في بع ده االداري ف ان تكريس ه في الممارس ة العملي ة يقتض ي‬
‫توفير الموارد المالية والبشرية ( منتخبين ـ موظفين ) والتقني ة الض رورية‪  ‬لحس ن س ير ه ذه الجماع ات‪،‬‬
‫زيادة على ما سبق تتوفر ‪ ‬الجماعات الترابية‪  ‬في مجال اختصاصاتها وداخل دائرتها الترابية‬

‫على سلطة تنظيمية لممارسة صالحياتها وذلك حسب ما ينص عليه الفصل ‪ 140‬من الدس تور‪  ‬والم ادة‬
‫‪ 95‬من الق انون التنظيمي للجماع ات وذل ك بغي ة الس ماح له ا باتخ اذ الق رارات والقي ام ب اإلجراءات ال تي‬
‫يتطلبها سير المرافق العمومية بكيفية منتظمة وقصد الحفاظ على النظام العام‪. ‬‬

‫ومن شأن هذه الضمانات االساسية أن تدفع المجالس المنتخبة عبر أجهزتها إلى االنخراط بكل جد وثق ة‬
‫في تنزيل االختصاصات المخولة له ا وبل ورة اختياراته ا وبرامجه ا حس ب م ا تقتض يه متطلب ات الس اكنة‬
‫وحسب ما تتوفر عليه من‪  ‬إمكانات‪. ‬‬

‫و تتكون أجه زة المجلس حس ب الم ادة ‪ 7‬من الق انون التنظيمي المتعل ق بالجماع ات من مكتب (رئيس‬
‫ونواب للرئيس ) ومن لجان دائم ة ومن ك اتب المجلس ون ائب ل ه ومن ف رق بالنس بة للمج الس الخاض عة‬
‫لنظ ام المقاطع ات وق د أس ند الق انون لمختل ف ه ذه االجه زة مجموع ة من االختصاص ات والص الحيات‬
‫والمهام‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬قانون تنظيمي رقم ‪ 59.11817‬يتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية‬

‫ينتخب لم دة س ت س نوات أعض اء مج الس الجه ات وأعض اء مج الس العم االت واألق اليم وأعض اء‬
‫المجالس الجماعية وأعضاء مجالس المقاطعات‪.818‬‬

‫إذ تنتهي مدة عضوية المنتخبين في انتخابات جزئية أو تكميلية عند انتهاء عضوية األعضاء المنتخ بين‬
‫في االنتخابات العامة‪.‬‬

‫ويسري نفس المقتضى على األعضاء الذين يدعون لملء المقاعد الشاغرة عن طريق التعويض‪.819‬‬

‫‪ - 817‬الق انون التنظيمي رقم ‪ 59.11‬املتعل ق بانتخ اب أعض اء مج الس الجماع ات الترابي ة كم ا تم تعديله الق انون التنظيمي رقم ‪ 34.15‬الص ادر‬
‫بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.15.90‬بتاريخ ‪ 29‬رمضان ‪ 16( 1436‬يوليو ‪)2015‬؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 6380‬بتاريخ ‪ 6‬شوال ‪ 23( 1436‬يوليو‬
‫‪ )2015‬الصفحة‪.6713 :‬‬
‫‪ - 818‬المادة ‪ 2‬من قانون التنظيمي رقم ‪ 59.11‬املتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية‪.‬‬
‫‪ - 819‬الفقرة الثانية من المادة ‪ 2‬من نفس القانون‬

‫‪398‬‬
‫كما يحدد بمرسوم تاريخ االقتراع والمدة التي تق دم خالله ا الترش يحات وت اريخ ب دء الحمل ة االنتخابي ة‬
‫ونهايتها‪ .‬وينشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية‪.820‬‬

‫يشترط في من يترشح لالنتخابات أن يكون ناخبا ومتمتع ا بحقوق ه المدني ة والسياس ية ‪821‬في حين يمكن‬
‫للمغاربة المقيمين خارج تراب المملكة أن يقدموا ترشيحاتهم النتخابات أعضاء مج الس الجه ات ومج الس‬
‫العماالت واألقاليم ومجالس الجماعات والمقاطعات وف ق الكيفي ات والش روط وداخ ل اآلج ال المنص وص‬
‫عليه ا في ه ذا الق انون التنظيمي‪.‬غ ير أن ه ال يؤه ل للترش ح ك ل مغربي ة أو مغ ربي مقيم بالخ ارج يت ولى‬
‫مسؤولية حكومية أو انتدابية أو عمومية ببلد اإلقامة‪.822‬‬

‫كما أنه ال يؤهل للترشح‪:‬‬

‫‪-‬المتجنسون بالجنسية المغربية خالل الخمس سنوات التالية لحصولهم عليها ما لم يرفع عنهم ه ذا القي د‬
‫وفق الشروط‬

‫المق ررة في الفص ل ‪ 17‬من الظه ير الش ريف رقم ‪ 1.58.250‬الص ادر في ‪ 21‬من ص فر ‪6( 1378‬‬
‫سبتمبر ‪ )1958‬بمثابة قانون الجنسية المغربية كما وقع تغييره وتتميمه‪823‬؛‬

‫‪-‬األشخاص الذين صدر في حقهم قرار عزل من مسؤولية انتدابية أصبح نهائي ا بمقتض ى حكم مكتس ب‬
‫لقوة الش يء المقض ي ب ه‪ ،‬في حال ة الطعن في الق رار الم ذكور‪ ،‬أو بس بب انص رام أج ل الطعن في ق رار‬
‫العزل دون الطعن فيه؛‬

‫‪-‬األشخاص الذين اختل فيهم نهائيا شرط أو أكثر من الشروط المطلوبة ليكونوا ناخبين؛‬

‫‪-‬األشخاص الذين يزاولون بالفعل الوظائف المبينة بعده أو ال ذين انته وا من مزاولته ا من ذ أق ل‬
‫من سنة في التاريخ المحدد لالقتراع‪:‬‬

‫‪-‬القضاة؛‬

‫‪-‬قضاة المجلس األعلى للحسابات وقضاة المجالس الجهوية للحسابات؛‬

‫‪-‬المدراء المركزيون لوزارة الداخلية والوالة والعمال وكذا الكتاب العامون للعماالت أو األقاليم‬
‫أو عماالت المقاطع ات والباش وات ورؤس اء دواوين ال والة والعم ال ورؤس اء ال دوائر الحض رية‬
‫ورؤساء الدوائر والقواد والخلفاء والشيوخ والمقدمون؛‬

‫‪ - 820‬المادة ‪ 3‬من نفس القانون التنظيمي‬


‫‪ - 821‬المادة ‪ 4‬من نفس القانون التنظيمي‬
‫‪ - 822‬المادة ‪ 5‬من نفس القانون التنظيمي‬
‫‪ -823‬الظه ير الش ريف رقم ‪ 1.58.250‬بس ن ق انون الجنس ية املغربي ة؛ الجري دة الرس مية ع دد ‪ 2395‬بت اريخ ‪ 4‬ربي ع األول ‪ 19) 1378‬ش تنبر ‪ ،(1958‬الص فحة‪:‬‬
‫‪2190‬؛ كما تم تغييره وتتميمه‪.‬‬

‫‪399‬‬
‫‪-‬مفتشو المالية والداخلية؛‬

‫‪-‬الخازن العام للمملكة والخزان الجهويون؛‬

‫‪-‬المحتسبون؛‬

‫‪-‬أفراد القوات المسلحة الملكية وأعوان القوة العمومية؛‬

‫‪-‬األشخاص الذين أسندت إليهم مهمة أو انتداب‪ ،‬ولو كان مؤقتا كيفما كانت تسميتها أو م داهما‪،‬‬
‫بعوض أو بدون عوض‪ ،‬والذين يعملون بتلك الص فة‪ ،‬في خدم ة اإلدارة أو الجماع ات الترابي ة أو‬
‫المؤسسات العمومية أو في خدمة مرفق عم ومي كيفم ا ك انت طبيعت ه‪ ،‬وال ذين رخص لهم بحم ل‬
‫السالح أثناء أداء مهامهم‪.‬‬

‫‪-‬األشخاص المحكوم عليهم بمقتضى حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به بعقوبة حبس نافذة أو‬
‫عقوبة حبس مع إيقاف التنفيذ‪ ،‬كيفم ا ك انت م دتهما‪ ،‬من أج ل أح د األفع ال المنص وص عليه ا في‬
‫المواد من ‪ 65‬إلى ‪ 68‬من هذا القانون التنظيمي مع مراعاة أحكام المادة ‪ 69‬منه‪.‬‬

‫يرفع مانع األهلية المشار إليه في البند ‪ 2‬أعاله بعد انصرام مدة انتدابية كاملة ابت داء من الت اريخ ال ذي‬
‫يصير فيه قرار العزل نهائيا‪ .‬كم ا يرف ع م انع األهلي ة المش ار إلي ه في البن د ‪ 3‬أعاله‪ ،‬م ا لم يتعل ق األم ر‬
‫بجناية‪ ،‬عن المحكوم عليهم بالحبس بمرور ‪ 10‬سنوات من تاريخ قضاء العقوبة أو تقادمه ا أو من الت اريخ‬
‫الذي أصبح فيه الحكم نهائيا إذا تعلق األمر بعقوبة موقوفة التنفيذ‪.‬‬

‫ال توقف طلبات إعادة النظر أو المراجعة ترتيب اآلثار على األحكام المكتسبة لقوة الشيء المقض ي ب ه‬
‫التي يترتب عليها فقدان األهلية االنتخابية‪ ،‬ال يترتب على العفو الخاص رفع مانع األهلية االنتخابية‪.824‬‬

‫أما فيما يخص إيداع التصريحات بالترشيح‪:‬‬

‫‪-‬يجب أن تودع التصريحات بالترشيح من طرف كل مترشح أو وكيل كل الئح ة بمق ر الس لطة‬
‫المكلفة بتلقي الترشيحات‪ ،‬وال تقبل الترشيحات الموجهة بواسطة البريد أو بأي وسيلة أخرى‪.‬‬

‫‪-‬تقدم التصريحات الفردية بالترشيح أو لوائح الترشيح في ثالث نسخ ويجب أن تحمل‪:‬‬

‫إمضاءات المترشحين مصادقا عليها؛‬ ‫‪-‬‬

‫‪ - 824‬المادة ‪ 6‬من نفس القانون التنظيمي‬

‫‪400‬‬
‫اسم المترشح أو أسماء المترشحين الشخصية والعائلي ة وجنس هم وت اريخ ومك ان والدتهم‬ ‫‪-‬‬
‫وعناوينهم ومهنهم والدائرة االنتخابية التي قيدوا بها وتلك المترشح فيها وانتماءاتهم السياس ية عن د‬
‫االقتضاء؛‬

‫صورة المترشح أو صور المترشحين الشخصية؛‬ ‫‪-‬‬

‫بيان تسمية الالئحة واسم وكيلها في حالة االقتراع بالالئح ة وك ذا ت رتيب المترش حين في‬ ‫‪-‬‬
‫الالئحة؛‬

‫شهادة القيد في اللوائح االنتخابية العامة بعد تاريخ آخر حص ر له ا بص فة نهائي ة‪ ،‬مس لمة‬ ‫‪-‬‬
‫من طرف السلطة اإلدارية المحلية المختصة‪ ،‬أو نسخة من القرار القضائي القائم مقامها‪.‬‬

‫يجب أن ترفق لوائح الترشيح أو التصريحات الفردية بالترشيح بنسخة من بطاقة السوابق لكل مترش ح‬
‫مسلمة من طرف المديري ة العام ة لألمن الوط ني من ذ أق ل من ثالث ة أش هر أو بنس خة من الس جل الع دلي‬
‫مسلمة منذ أقل من ثالثة أشهر‪ .‬كما يجب أن ترفق لوائح الترشيح أو التصريحات الفردية بالترشيح المقدمة‬
‫من طرف المترشحين ذوي انتماء سياسي بتزكية مسلمة لهذه الغاية من ل دن الجه از المختص في الح زب‬
‫السياسي أو تحالف األحزاب السياسية الذي تتقدم باسمه الالئحة أو المترشح‪.825‬‬

‫إذا تعلق األمر بمترشح مقيم خارج تراب المملكة‪ ،‬وجب عليه اإلدالء‪ ،‬عالوة على الوثائق المشار إليها‬
‫أعاله‪ ،‬بنسخة من السجل العدلي أو ما يعادلها مسلمة منذ أقل من ثالثة أشهر من لدن الجهة المختص ة ببل د‬
‫اإلقامة‪.‬‬

‫أما فيما يخص مرحلة تسجيل الترشيحات ورفضها فتتجلي في‪:‬‬

‫‪-‬تمنع الترش يحات المتع ددة‪ .‬وإذا رش ح نفس ه في أك ثر من دائ رة انتخابي ة واح دة أو أك ثر من‬
‫الئحة واحدة‪ ،‬فإنه ال يجوز اإلعالن عن انتخاب ه في أي دائ رة من ه ذه ال دوائر أو الئح ة من ه ذه‬
‫اللوائح‪ ،‬وفي كلتا الحالتين يعتبر انتخابه باطال‪.‬‬

‫‪-‬ال تقبل الترشيحات المودعة خالفا ألحكام هذا القانون التنظيمي أو المقدمة من طرف مترش ح‬
‫أو مترشحين غير مؤهلين قانونا لالنتخاب‪.‬‬

‫‪-‬ال تقبل لوائح الترشيح التي تتضمن أسماء أشخاص ينتمون ألكثر من ح زب سياس ي واح د أو‬
‫تتضمن في نفس اآلن ترش يحات مقدم ة بتزكي ة من ح زب سياس ي وترش يحات ألش خاص ب دون‬
‫انتماء سياسي‪.‬‬

‫‪ -825‬تم تغيير وتتميم الفقرة الثالثة من املادة ‪ 7‬أعاله‪ ،‬بمقتضى املادة األولى من القانون التنظيمي رقم ‪ 34.15‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪1.15.90‬‬
‫بتاريخ ‪ 29‬من رمضان ‪ 16( 1436‬يوليو ‪)2015‬؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 6380‬بتاريخ ‪ 6‬شوال ‪ 23( 1436‬يوليو ‪ ،)2015‬الصفحة‪.6713 :‬‬

‫‪401‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الحق في تأسيس التنظيمات السياسية والمدنية‬

‫تشكل التنظيمات السياس ية والمدني ة أح د أهم مع ايير الممارس ة الديمقراطي ة‪ ،‬حيث تس اهم في تنظيم‬
‫وتأطير الم واطين سياس ا وتم ثيلهم في مختل ف المج الس والهياك ل والمؤسس ات المتتخب ة ‪ ،‬وهك ذا ق امت‬
‫األح زاب السياس ية في مختل ف مراح ل اإلص الحات السياس ية أدوارا هام ة في نق ل مط الب المواط نين‬
‫المؤسس ات التقريري ة‪ ،‬كم ا تع بر األح زاب السياس ية عن الحري ة السياس ية داخ ل الدول ة وعن الح ق في‬
‫اإلختالف في اآلراء والتصورات والمواقف السياسية لمختلف التيارات والجماعات السياسية المشاركة في‬
‫العملية اإلنتخابية‪.‬‬

‫وإن كانت بعض الدولة ليست بها أح زاب سياس يا‪ ،‬نظ را لطبيعته ا اإلجتماعي ة والقبلي ة كم ا ه و س ائد‬
‫أغلب دول الخليج‪ ،‬إال أن ذلك لم يمنع من وجود مشاركة سياسية وإنتخابات وممارس ة ديمقراطي ة تمثيلي ة‬
‫في المجالس البرلمانية والبلدية‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬سيتم تقسيم هذا المبحث إلى مطل بين إث نين‪ ،‬يتعل ق المطلب األول ب الحق في تأس يس‬
‫األحزاب السياسية ‪ ،‬ويرتبط المطلب الثاني المطلب الثاني‪ :‬بالحق في تأسيس الجمعيات ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحق في تأسيس التنظيمات السياسية والمدنية بالبلدين‬

‫تتع ّدد التنظيم ات السياس يّة والمدني ة في ك ل بل د من بل دان الع الم ‪ ،‬وفي ال دول العربيّ ة أض حت‬
‫التنظيمات السياسيّة والمدنية تقوم ب أدوار مهم ة في نق ل مط الب المواط نين ومس اهمتهم في ت دبير الش أن‬
‫العام‪ ،‬ورغم أن العديد من الباحثين في العلوم السياسيّة يرون أن الشعوب العربية ال زالت غير متفاعلة مع‬
‫النشاط الحزبي والمدني بالدرجة المطلوبة‪ ،‬إال أن وعي المواطنين بمفهوم األح زاب السياس يّة وجمعي ات‬
‫المجتمع المدني ودورها في رسم السياس ات العام ة لل دول ‪،‬س وف ي ؤدي إلى مش اركة أك بر في األنش طة‬
‫الحزبية التي تالءم فكر كل مواطن‪ ،‬وال ينحصر مفهوم التنظيمات السياسيّة والمدنية الحديث ة في التعري ف‬
‫األكاديم ّي‪ ،‬ولكن يشمل كاّل ً من الرؤية والهدف لتلك التنظيمات بشكل عام والغاية من إنشائها في األس اس‪.‬‬
‫ويشمل مفهوم التنظيمات السياسية كال من األح زاب السياس ية (الف رع األول)‪ ،‬وك ذلك الجمعي ات (الف رع‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الحق في تأسيس األحزاب السياسية في البلدين‬

‫‪402‬‬
‫سنتناول في هذا الفرع مسألة تأسيس األحزاب السياسية في كل من سلطنة عم ان والمغ رب‪ ،‬وذل ك من‬
‫خالل تحديد مفهومها وشروط تأسيسها ووظائفها‪،‬‬

‫العنصر األول‪ :‬الحاجة إلى تبني النظام الحزبي بسلطة عمان‬

‫تعتبر سلطنة عمان من ضمن دول الخليج المبنية على نظام سياسي خ اص ومختل ف على خالف‬
‫باقي الدول العربية األخرى ال تي له ا تجرب ة رائ دة في الممارس ة الديمقراطي ة والحزبي ة‪،‬وإذا ك انت دول‬
‫الخليج ق د ع رفت محط ات في اإلص الح السياس ي واإلجتم اعي‪ ،‬إال أن ه ذا اإلص الح م ازال لم يؤس س‬
‫لفضاء سياسي يعترف فيه ب دور لألح زاب السياس ية ال تي تع د الغ ائب األب رز في الحي اة السياس ية ل دول‬
‫الخليج (بإستتناء الكويت)‪.‬‬

‫وتعد دولة األمارات العربية المتحدة من أوائل دول الخليج ال تي تمكنت من ص ياغة دس تور م ؤقت‬
‫سنة ‪ 1971‬الذي تحول إلى دستور دائم سنة ‪ ،1996‬وبوجب ه ذا تأس س المجلس الوط ني اإلتح ادي ع ام‬
‫‪ 1971‬الذي يتألف من ‪ 40‬عضوا يتم تعيينهم (وليس إنتخابهم) قبل حكام اإلمارات السبع لمدة سنتي‪.‬‬

‫وبخصوص الطبيعة التنظيمي ة في اإلم ارات العربي ة المتح دة‪ ،‬ف إن تك وين الجمعي ات ا أهلي ة يخض ع‬
‫لموافقة الحكومة‪ ،‬حيث إن كل الجمعيات الخاصة يجب أن تحصل على ترخيص من السلطات المحلية م ع‬
‫وجود بعض التسهيالت فيما يتعلق بتطبيق هذا الشرط في بعض اإلمارات‪.‬‬

‫أما بالنسبة للحياة الحزبية‪ ،‬فإن األح زاب السياس ية محض ورة في اإلم ارات العربي ة المتح دة‪ .‬وتظه ر‬
‫جمي ع التط ورات في ه ذه الدول ة أن ه من الص عب الح ديث عن وج ود تط ور ديمق راطي خالل الس نوات‬
‫األخيرة‪.‬‬

‫ونفس األمر لدولة البحرين التي لها دستور منذ ‪ ،1971‬غير تأسيس مجلس الش ورى لم يتم إال في س نة‬
‫‪ 1992‬المتألف من ‪ 40‬عضوا يتم بدوره إختيارهم بالتعيين وليس باإلنتخاب‪ ،‬وق د ع رفت دول ة البح رين‬
‫إصالحات سياسية كان من شأنها الترخيص إلحدى عشرة جمعية سياسية جديدة سنة ‪ ،2001‬مع إس تمرار‬
‫إعتبار تأسيس األحزاب السياسية أمر غير قانوني‪.826‬‬

‫وبالنسبة للمملكة العربية السعودية فقد ظلت منذ تأسيسها حتى عام ‪ 1992‬من دون قانون أساس ي‪ ،‬وفي‬
‫نفس الس نة أج از المل ك فه د الق انون األساس ي ال ذي يح دد طبيع ة النظ ام السياس ي وتركيب ة مؤسس اته‬
‫وصالحياتها‪ .‬ويشكل مجلس الشورى أهم المؤسسات المس اهمة لممارس ة الحكم في المملك ة‪ ،‬وه و مجلس‬

‫‪826‬‬
‫‪Mich ael herb « democratization in the arab world ? Emirsa and parliaments in the gulf » journal of‬‬
‫‪democracy, vol 13, N 4 « october 2002 » paje 14.‬‬

‫‪403‬‬
‫غ ير منتخب‪ ،‬حيث يعين أعض ائه التس عين لوالي ة م دتها أرب ع س نوات من دون أن يتمت ع ه ذا المجلس‬
‫بالسلطة التشريعية الحقيقية‪.‬‬

‫وعلى العموم يمكن إعتبار المملك ة العربي ة الس عودية من ال دول المغلق ة سياس يا‪ ،‬ذل ك ألن األح زاب‬
‫السياسية محضورة داخل المملكة‪ ،‬حيث ال توجد حركات معارضة داخ ل اللمملك ة‪ ،‬وإنم ا هن اك حرك تين‬
‫سياسيتين معارضتين بارزتين تنشطان خارج المملكة‪.‬‬

‫وقد حاولت حكومة المملكة العربيىة السعودية في ظل المطالب ات باإلص الح بتحس ين وض ع الحري ات‬
‫السياس ية من خالل إج راء أول إنتخاب ات بلدي ة في ت اريخ البالد على مس توى المحافظ ات ال تي ف از فيه ا‬
‫أصحاب التوجه اإلسالمي بأغلبية المقاعد البلدية‪.827‬‬

‫أما بخصوص سلطنة عمان‪ ،‬فقد صدر قانون أساسي سنة ‪ 1996‬بمرس وم س لطاني‪ ،‬نص على تأس يس‬
‫برلمان من مجلسين؛ أح دهما معين من الس لطان‪ ،‬ويتك ون من ‪ 48‬عض وا يس مى مجلس الدول ة‪ ،‬واألخ ر‬
‫منتخبا يسمى مجلس الشورى يبلغ عدد ألأعضائه ‪ 82‬عضوا لوالية مدتها تسع سنوات‪ .‬وقد أج ريت أول‬
‫إنتخاب ات لمجلس الش ورى س نة ‪ 2000‬تم خالله ا تخفيض س ن الن اخبين إلى ‪ 21‬س نة بع د أن ك ان الس ن‬
‫األدنى للذين يحق لهم التصويت محدد في ‪ 30‬سنة مع منح حق التصويت العام للرجال والنساء‪.‬‬

‫وبالنسبة لطبيعة الحزبية في سلطنة عمان‪ ،‬فعلى الرغم من أن المادتين ‪ 32‬و ‪ 33‬من القانون األساسي‬
‫لس لطة عم ان لس نة ‪ 1996‬تض منت ح ق تأس يس الجمعي ات األهلي ة وح ق اإلجتم اع ‪ ،‬إال أن األح زاب‬
‫السياسية محضورة كما هو الشأن بالنسبة لباقي دول الخليج‪.‬‬

‫إن غياب النظام الحزبي في دول الخليج تفرضه الطبيعة اإلجتماعي ة والقبلي ة لمجتمعاته ا‪ ،‬حيث تظ ل‬
‫القبيل ة ذات الحض ور اإلجتم اعي والسياس ي الق وي تغطي الوظ ائف واألدوار ال تي تق وم به ا األح زاب‬
‫السياسية في التجارب التي تعتمد على النظام الحزبي‪.‬‬

‫فغياب األحزاب السياسية ال ينكر وال ينفي وجود إنتخابات تمثيلية في المؤسس ات والمج الس المنتخب ة‬
‫كمجالس الشورى والمجالس البلدية‪ ،‬حيث أن توزيع المقاعد التمثيلية في مجلس الشورى والبل ديات تس هر‬
‫عليه القبائل من خالل إجراء عمليات إنتخابي ة تت وزع فيه ا المقاع د على حس ب ق وة ومكان ة وحجم ت أثير‬
‫النفود اإلجتماعي والسياسي للقبلية في الدولة‪.‬‬

‫رغم أن هذا التمثيل والحضور القوي للقبيلة واألدوار التي تتوالها على المستوى السياسي والتمثيلي ال‬
‫يلغي وجود نقاش مفتوح وممكن حول إمكانية خلق أحزاب سياسية قادرة على نقل هذه البلدان من التمثيلي ة‬
‫القبلية إلى التمثيلية الحزبية‪ ،‬حيث هن اك بعض التي ارات ال تي ت رهن اإلص الح السياس ي بوج ود أح زاب‬

‫عدنان محمد الهياجنة‪ ": :‬هل الديمقراطية مستقبل في دول الخليج العربي"‪ ،‬مجلة العلوم السياسية‪ ،‬الجامعة الهاشمية‪ ،‬الصفحة ‪ 20‬إلى ‪.23‬‬ ‫‪827‬‬

‫‪404‬‬
‫سياسية فاعلة في الحياة السياسية‪ ،‬في حين هناك تيار آخر يبقى هو األق وى ي رفض فك رة النم ط الح زبي‪،‬‬
‫لكونه سؤدي إلى تح والت جدري ة في الطبيع ة اإلجتماعي ة القبلي ة س يديب اإلنتم اءات القبلي ة ال تي تعت بر‬
‫‪828‬‬
‫ركيزة أسياسية إلستقرار الدولة وإستمرارها‪.‬‬

‫العنصر الثاني ‪ :‬تأسيس األحزاب السياسية بالمغرب‬

‫إن األصل في تأسيس األحزاب السياس ية وحس ب ه ذه الم ادة ه و الحري ة ال تي ال يح دها إال الدس تور‬
‫والقانون المنظم لهذه الحرية أال وهو قانون األحزاب الذي ينظم شروط التأسيس وكذا االنضمام ألي حزب‬
‫سياسي كما يحدد التزامات ه ذا الح زب و الحق وق ال تي يتمت ع به ا في إط ار من الرقاب ة الش فافة من قب ل‬
‫السلطات المختصة وتحث إشراف القضاء وذلك كله من أجل وضع تنظيم سياس ي يتج ه نح و التن افس في‬
‫طرح برامج حكومية واقعية‪ ،‬ويفرز نخبة مؤهلة وبرامج ملموسة ومحددة األهداف والوسائل‪ ،‬وأن يتكامل‬
‫مع المنظمات والمجتمع المدني وأن يقوم بأدوار منها تعزيز سلطة الدولة وتوفير مناخ الثقة في المؤسسات‬
‫وكذا أحزاب تنبثق عنها أقطاب قوية متمايزة في رؤاها الواض حة وترس م خارط ة سياس ية واض حة ت تيح‬
‫وفق نتائج االقتراع إناطة المسؤولية الحكومية بأغلبية برلمانية منسجمة في برامجها وقطبيها على أن تقوم‬
‫األقلية بدور المعارضة البرلمانية البناءة ‪ .‬إن قانون األحزاب بهذا المع نى ج اء ليك رس مب دأ الديمقراطي ة‬
‫الحقة التي لن تكون ممكنة إال بوجود أحزاب سياسية قوية قائمة على أس س ديمقراطي ة مس تمدة ش رعيتها‬
‫القانونية من مشروعيتها الديمقراطية محترمة للدستور باعتب اره أعلى وثيق ة قانوني ة في الدول ة‪ ،‬والق انون‬
‫باعتباره أسمى تعبير عن إرادة األم ة واإلط ار الش رعي والق انوني للقي ام ب أي نش اط سياس ي ه ادف إلى‬
‫تنشيط الحقل السياسي العام‪ .‬وسنتطرق في ما يلي إلى شروط تأسيس األحزاب السياس ية (الفق رة األولى)‪،‬‬
‫ومسطرة التأسيس وش روط االنض مام (الفق رة الثاني ة)‪ ،‬كم ا أن هن اك مجموع ة من الموان ع تقي د تأس يس‬
‫األحزاب السياسية (الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬شروط تأسيس األحزاب السياسية‬

‫لما كان تأهي ل البالد وديمقراطيته ا يحت اج إلى تأهي ل األح زاب‪ ،‬ف إن ق انون األح زاب السياس ية ج اء‬
‫ليكرس ه ذه الدمقرط ة على مس توى التأس يس من جه ة حيث وض ع مقتض يات متعلق ة بمس طرة تأس يس‬
‫األحزاب السياسية وأخرى مرتبطة بشروط االنضمام إلى حزب سياسي‪ ،‬كما جاء القانون بمقتضيات تحدد‬
‫التزامات الحزب وواجباته‪ ،‬وفي المقابل‪ ،‬الحقوق التي يتمتع بها هذا األخير‪ ،‬ذلك أن هذه المقتضيات تضع‬

‫‪Jeremy jones ind nicholas ridout « democratic development in oman » middle east journal. Vol 59. N 3 828‬‬
‫‪.« summer 2005. Paje 25‬‬

‫‪405‬‬
‫المب ادئ األولي ة لقي ام األح زاب السياس ية على أس س ديمقراطي ة محترم ة ب ذلك الدس تور والق انون وك ذا‬
‫مقدسات المملك ة المغربي ة حيث أث ارت الم ادة الرابع ة من الق انون نقاش ا واس عا نظ را لطبيعته ا "إبط ال‬
‫التأس يس" ولتناقض ها م ع مقتض يات الدس تور ‪ .‬علم ا أن الفق رة األولى ال تث ير أي إش كال ج وهري على‬
‫اعتبار أن األمر يتعلق باحترام ثوابت األمة‪ ،‬وقد نصت المادة الرابع ة على م ا يلي‪" :‬يعت بر ب اطال وع ديم‬
‫المفعول كل تأسيس لحزب سياسي يرتكز على دافع أو غاية مخالفة ألحكام الدس تور أو الق وانين أو يه دف‬
‫إلى المس بالدين اإلسالمي أو بالنظام الملكي أو بالوحدة الترابية للمملكة"‪.‬‬

‫رغم ذلك‪ ،‬فإن هذه المادة تثير بعض المالحظات منها ما يلي‪:‬‬

‫إبطال التأسيس" بمعنى إبطال الحزب واعتباره عديم المفعول بع د التأس يس ألن ه ال وج ود أساس ا‬ ‫‪-1‬‬
‫لحزب قبل ذلك يمكن إبطاله‪ ،‬إذ ال يمكن إبطال العدم وهي مسألة بالغة األهمية ألنه ليس من السهل وض ع‬
‫حد لنشاط حزب ربما يكون قد عرف انتشارا واسعا‪.‬‬
‫ينص هذا القانون في المادة(‪ 829)8‬على وضع ملف يتضمن وثائق كث يرة من بينه ا ثالث ة نس خ من‬ ‫‪-2‬‬
‫مشروع النظام األساسي‪ ،‬وال يمكن لوزارة الداخلية أن تسلم للحزب التصريح بالتأس يس إال بع د االطالع‪،‬‬
‫والتأكد من مطابقة محتويات الملف لشروط وإجراءات التأسيس تبعا ألحكام هذا الق انون‪ ،‬ومن بينه ا م دى‬
‫احترام مقتضيات المادة الرابعة‪ ،‬فإذا تبين أن النظام األساسي للحزب ال يحترم هذه المقتضيات‪ ،‬كأن ينص‬
‫على عدم احترام أسس البالد أو دستورها‪ ،‬فطبيعي أن وزارة الداخلية لن تس لم التص ريح بالتأس يس وليس‬
‫اإلبطال‪.‬‬

‫‪ - 829‬تنص املادة الثامنة على" يودع األعضاء املؤسسون لحزب سياسي ملفا لدى وزارة الداخـلية مقابل وصل مؤرخ ومختوم يسلم‬
‫فورا‪ ،‬يتضمن ما يلي‪:‬‬

‫أ‪ .‬تصريح بتأسيس الحزب يحمل التوقيعات املصادق عليها لثالثة أعضاء مؤسسين ويبين فيه‪:‬‬
‫‪  -‬األسماء الشخصية والعائلية ملوقعي التصريح وجنسياتهم وتواريـخ ومحالت والدتهم ومهنهم وعناوينهم‪.‬‬
‫‪ -‬مشروع تسمية الحزب ومقره باملغرب ورمزه‪.‬‬
‫ب‪  .‬ثالثة نظائر من مشروع النظام األساسي ومشروع البرنامج‪.‬‬
‫ج‪ .‬التزام مكتوب‪ ،‬في شكل تصريحـات فردية لـ ‪ 300‬عضو مؤسس على األقل‪ ،‬بعقد املؤتمر التأسيسي للحزب داخل اآلجال املشار‬
‫إليها فـي املادة ‪ 11‬بعده‪.‬‬
‫‪ ‬يجب أن يكون كل تصريح فردي حـامال لتوقيع املعني باألمر وأن يتضمن اسمه الشخصي والعـائلي وجـنسيته وتاريخ ومحل والدته‬
‫ومهنت ه وعنوان ه وأن يرف ق بنس خة من بطاق ة التعري ف الوطني ة وبش هادة التس جيل في الل وائح االنتخابي ة العام ة‪ .‬يجب أن يك ون‬
‫األعضاء املشار إليـهم في البند ‪ 3‬أعاله موزعين بحسب مقرات إقامتهم الفعلية على نصف عدد جـهات اململكة على األقل شرط أال يقل‬
‫عددهم في كل جـهة عن ‪ %5‬من العدد األدنى لألعضاء املؤسسين املطلوب قانونا‪".‬‬

‫‪406‬‬
‫يالحظ أن فيها نوع من الحشو‪ ،‬فالقول بإبطال تأسيس الحزب السياس ي إذا ك ان يرتك ز على داف ع‬ ‫‪-3‬‬
‫أو غاية مخالفة للدستور والقوانين تكفي‪ ،‬أم ا التأكي د على اح ترام المقدس ات الثالث فه و من ب اب‬
‫تحصيل الحاصل مادام دستور المملكة يقرها‪ ،‬بل إن األصل هو احترام مقتض يات الدس تور ح تى‬
‫ولو لم يشر القانون إلى ذلك‪.‬‬

‫لكن اإلشكال الذي يطرح هو سوء التأويل الذي قد يط ال بعض المف اهيم عن د مطالب ة بعض األح زاب‬
‫ببعض التغييرات أو تعديل الدستور مثال‪ ،‬كالمطالبة بنظ ام الملكي ة البرلماني ة كم ا ه و الش أن بالنس بة‬
‫للنظام البريطاني ‪.‬‬

‫هنا ال جدال في الملكية لكن المطالب ة تنص ب على التغي ير إلى نظ ام الملكي ة البرلماني ة‪ ،‬وفيم ا يخص‬
‫الوحدة الترابي ة مثال‪ ،‬ه ل تعت بر المطالب ة ب الحكم ال ذاتي الموس ع لألق اليم الص حراوية مس ا بالوح دة‬
‫الترابية أو المطالبة بفصل الشأن الديني عن الش أن السياس ي وغيره ا من األمثل ة ال تي ق د تث ير س وء‬
‫ل‪.‬‬ ‫التأوي‬
‫أما الفقرة الثانية من المادة الرابعة التي تقول‪:‬‬

‫"يعتبر باطال وعديم المفعول كل تأسيس لحزب سياسي يرتكز على أساس ديني أو لغوي أو ع رقي أو‬
‫جهوي أو يقوم بكيفية عامة على أساس تمييزي أو مخالف لحق وق اإلنس ان" ه ذه الفق رة حمال ة أوج ه‬
‫وتفصح عن تناقض بين‪ ،‬يتمثل في اآلتي‪ :‬‬

‫التركيز على أساس ديني‪ :‬هل يريد القانون فرض االتجاه العلماني على األحزاب؟ والح ال أن دس تور‬
‫المملكة يقر بأن اإلسالم هو دين المملكة وأن المملكة المغربية دولة إسالمية وتض من لك ل ف رد حري ة‬
‫ممارسة شؤونه الدينية‪ ،‬هل المطالبة بنظ ام الزك اة ع وض الض رائب و المك وس ي ؤول إلى التأس يس‬
‫على أساس ديني؟ أو مطالبة حزب سياسي بمنع بيع الخمر والقمار وهي من المحرمات ت ؤول ك ذلك؟‬
‫واإلسالم كدين الدولة يحرم الخمر والقمار‪ ،‬فالنص جاء عاما وغامضا وصياغته تفتح باب التأويالت‪،‬‬
‫وحتى إن لم تنص أنظمة األحزاب السياسية على هذا األساس‪ ،‬فإن أشغالها ومطالبه ا ق د تنطل ق من ه‪،‬‬
‫لكون الدين أهم رافد ثقافي يرتكز عليه الفرد‪ ،‬بل ما المانع إذا نصت في أنظمتها على ذل ك تماش يا م ع‬
‫مقتضيات الدستور‪ ،‬كما جاء ببعض القوانين العربية‪.‬‬

‫أما في ما يخص االرتكاز على أساس جهوي‪ ،‬يالحظ أن هذا يتن اقض م ع التقس يم ال ذي عرفت ه البالد‬
‫إلى جه ات وإلى اإلرادة الملكي ة في إقام ة حكم ذاتي بالمن اطق الجنوبي ة للمملك ة اعتراف ا له ا‬
‫بخصوصيتها ‪.‬‬

‫‪407‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مسطرة التأسيس وشروط االنضمام‬

‫إذا ك ان الح زب من الوس ائل أو األدوات األساس ية ال تي تض من ممارس ة الديمقراطي ة وك ذا ممارس ة‬


‫الحرية السياسية فإن تقنينه ووضعه في إطاره القانوني يمكن أن يض من فعالي ة ه ذه الممارس ة‪ ،‬والعتب ار‬
‫تأسيس الجمعيات واألحزاب السياسية وضع عدة مقتضيات تؤطر تأس يس األح زاب السياس ية وك ذا تح دد‬
‫الطريقة الواجب إتباعها لممارسة هذا الحق الدستوري‪ ،‬حيث نجد أنه ق د خص ص باب ا بكامل ه لمقتض يات‬
‫التأسيس والمسطرة المتبعة في ذلك إضافة إلى شروط االنضمام إلى الح زب السياس ي من قب ل الراغ بين‪.‬‬
‫ويشتمل هذا الباب على المواد من ‪ 7‬إلى ‪ :20‬وتتضمن هذه المواد الحديث عن الشروط التي يجب توفره ا‬
‫في األعض اء المؤسس ين والمس يرين (الم ادة‪ 830)7‬وعن محتوي ات مل ف طلب التأس يس (الم ادة ‪ )8‬وعن‬
‫المطالبة الصادرة عن السلطة بتسوية ملف التأسيس المقدم لها وعن رفضها للتأس يس (الم ادة ‪ ،831)9‬وعن‬
‫نشر مستخرج لطلب التأسيس في الجريدة الرسمية في حالة توفر مل ف طلب التأس يس على كاف ة الش روط‬
‫القانونية (الم ادة‪ 832)10‬وعن م ا ي ترتب على ع دم انعق اد الم ؤتمر التأسيس ي داخ ل س نة من ت اريخ نش ر‬
‫المستخرج (المادة‪ 833)11‬وعن التصريح بعقد المؤتمر التأسيسي وأجل هذا التصريح (الم ادة‪ ،834)12‬وعن‬
‫عدد المؤتمرين المؤسسين ومهام الم ؤتمر(الم ادة‪ 835)13‬وعن اختت ام الم ؤتمر ومحتوي ات مل ف الم ؤتمر‬

‫‪ - 830‬يجب على األعضاء املؤسسين واملسيرين لحزب سياسي أن يكونوا بالغين من العمر ‪ 23‬سنة شمسية كاملة على األقل‪ ،‬ومسجلين في اللوائح‬
‫االنتخابية العامة‪.‬‬

‫‪-831‬تنص املادة التاس عة على "إذا ك انت ش روط أو إج راءات تأس يس الح زب غ ير مطابق ة ألحك ام ه ذا الق انون‪ ،‬ف إن وزي ر الداخلي ة يطلب من‬
‫املحكمة اإلدارية بالرباط رفض تصريح تأسيس الحزب داخل أجل ستين يوما يبتدئ من تاريخ إيداع ملف تأسيس الحزب املشار إليه في املادة ‪8‬‬
‫أعاله‪ .‬تبث املحكم ة اإلداري ة في الطلب املش ار إلي ه في الفق رة األولى أعاله داخ ل أج ل ‪ 30‬يوم ا من ت اريخ إيداع ه بكتاب ة ض بطها‪ .‬وفي حال ة الطعن‬
‫باستئناف‪ ،‬تبت املحكمة املختصة في األمر داخل أجل أقصاه ‪ 60‬يوما‪ .‬إن تقديم طلب رفض التأسيس إلى املحكمة اإلدارية بالرباط يعد موقفا‬
‫ملسطرة تأسيس الحزب"‪.‬‬

‫‪ - 832‬تنص املادة العاش رة على "في حـالة مطابق ة ش روط وإجـراءات تأس يس الح زب ألحكـام ه ذا الق انون‪ ،‬يوج ه وزي ر الداخلي ة إش عارا ب ذلك‬
‫برسالة مضمونة الوصول إلى األعضاء املؤسسين املشار إليهم في املادة ‪( 8‬البند ‪ ) 1‬من هذا القانون داخل أجل الستين يوما املوالية لتاريخ إيداع‬
‫امللف"‪.‬‬

‫‪ -‬تنص املادة ‪ 11‬على " يصبح تصريح تأسيس الحزب غير ذي موضوع في حالة عدم انعقاد املؤتمر التأسيسي للحـزب داخل أجل سنة على‬ ‫‪833‬‬

‫أبعد تقدير يبتدئ من تاريخ اإلشعار املشار إليه في املادة ‪ 10‬من هذا القانون أو من تاريخ الحكم النهائي الذي يقضي بأن شروط وشكليات تأسيس‬
‫الحزب مطابقة ألحكام هذا القانون‪"،‬‬

‫‪ -834‬تنص املادة ‪ "12‬يجب أن يكون عقد املؤتمر التأسيسي للحزب موضوع تصريح يودع لدى السلطة اإلدارية املحلية التابع لدائرة نفوذها مكان‬
‫االجتماع‪ ،‬وذلك قبل انعقاد هذا املؤتمر باثنتين وسبعين ساعة على األقل‪ .‬يجب أن يكون هذا التصريح موقعا من طرف عضوين مؤسسين على‬
‫األقل من بين األعضاء املشار إليهم في املادة ة ‪( 8‬البند ‪ )1‬وأن يبين فيه تاريخ وساعة ومكان االجتماع‪".‬‬

‫‪ -835‬تنص املادة ‪" 13‬يعتبر اجتماع املؤتمر التأسيسي صحيحا إذا حضره ‪ 500‬مؤتمر على األقل من بينهم ثالثة أرباع األعضاء املؤسسين على األقل‬
‫املشار إليهم في املادة ‪( 8‬البند ‪ )3‬من هذا القانون موزعين بحـسب مقرات إقامتهم الفعلية على نصف عدد جهات اململكة على األقل شرط أال يقل‬

‫‪408‬‬
‫الذي يجب إيداع ه ل دى وزارة الداخلي ة (الم ادة‪ ،836)14‬وعن م تى يعت بر الح زب مؤسس ا بص فة قانوني ة‬
‫(المادة‪ ،837)15‬وعن حقوق الحزب المؤسس بكيفية قانونية (المادة‪ 838)16‬وعن التصريح بالتغيير الذي ق د‬
‫يلح ق رم ز الح زب ونظام ه ال داخلي وبرنامج ه (الم ادة‪ 839)17‬وعن التغي ير ال ذي ق د يلح ق المس يرين‬
‫واألجه زة والعن وان (الم ادة‪،840)18‬وعن التص ريح بإح داث تنظيم ات حزبي ة على المس توى الجه وي‬
‫واإلقليمي والمحلي(الم ادة‪ ،841)19‬وعن تش كيل االتح ادات والفي دراليات بين األح زاب (الم ادة‪،842)20‬‬
‫ويالحظ بالنسبة لهذا الباب مايلي‪:‬‬

‫ع دد هم في ك ل جه ة عن ‪ %5‬من ه ذا الع دد‪ .‬تض من ش روط ص حة انعق اد املؤتمر التأسيس ي في محض ر‪ .‬يص ادق املؤتمر التأسيس ي على النظ ام‬
‫األساسي للحزب وبرنامجه‪ ،‬وينتخب األجهزة املسيرة للحزب‪".‬‬

‫‪836‬‬
‫‪ -‬تنص املادة ‪ "14‬عند اختتام املؤتمر التأسيسي‪ ،‬يتولى وكيل ينتدبه املؤتمر لهذا الغرض إيداع ملف لدى وزارة الداخلية‪ ،‬مقابل وصل مؤرخ‬
‫ومختوم يسلم فورا‪ ،‬يتضمن محضر املؤتمر مرفقا بالئحة تتضمن أسماء ‪ 500‬مؤتمر على األقل تتوفر فيـهم الشروط املنصوص عليها في الفقرة‬
‫األولى من املادة ‪ 13‬أعاله وتوقيعاتهم وأرقام بطائق تعريفهم الوطنية وبالئحة أعضاء األجهزة املسيرة للحـزب وكذا بثالثة نظائر لكل من النظام‬
‫األساس ي والبرن امج كم ا ص ادق عليهم ا املؤتمر‪ .‬يتعين على الح زب السياس ي وض ع نظام ه ال داخلي واملص ادقة علي ه خالل الس تة أش هر املوالي ة‬
‫لتأسيسه القانوني املبين فـي املادة ‪ 15‬بعده‪ .‬يتم إيداع ثالثة نظائر من النظام الداخلي للحزب بوزارة الداخلية مقابل وصل داخل أجل خمسة‬
‫عشر يوما من تاريخ املصادقة عليه من طرف الجهاز املختص بموجب النظام األساسي للحزب‪".‬‬

‫‪ -‬تنص املادة ‪" 15‬يعتبر الحزب مؤسسا بصفـة قانونية بعد انصرام أجل ‪ 30‬يوما تبتدئ من تاريخ إيداع امللف املشار إليه في الفقرة األولى‬ ‫‪837‬‬

‫من املادة ‪ 14‬أعاله‪ ،‬ما عدا إذا طلب وزير الداخـليـة من املحكـمة اإلدارية بالرباط داخل نفس األجل وطبق الشروط املحددة في املادة ‪ 53‬من هذا‬
‫القانون‪ ،‬إبطال تأسيس الحزب‪ .‬يعتبر تقديم طلب اإلبطال إلى املحكمة اإلدارية بالرباط موقفا لكـل نشاط للحزب‪".‬‬

‫‪838‬‬
‫‪ -‬تنص املادة ‪ "16‬مكن لك ل ح زب مؤس س بص فة قانوني ة أن ي ترافع أم ام املحـاكم وأن يقت ني بع وض ويمتل ك ويتص رف في‪  -:‬م وارده‬
‫املالية‪  -.‬األمالك املنقولة والعقارية الضرورية ملمارسة نشاط الحـزب وتحقيق أهدافه‪".‬‬

‫‪-839‬تنص املادة ‪ " 17‬يجب التص ريح بك ل تغي ير يط رأ على تس مية الحـزب أو على نظام ه األساس ي أو برنامج ه طب ق نفس الش روط والش كليات‬
‫املطلوبة لتأسيسه أول مرة"‬

‫‪ - 840‬تنص املادة ‪ " 18‬يجب أن يبلغ إلى وزارة الداخـلية مقابل وصل كل تغيير يطرأ على رمز الحزب أو أجـهزته املسيرة أو نظامه الداخـلي وكذا كل‬
‫تغيير يهم مقر الحـزب داخل أجل خمسة عشر يوما يبتدئ من تاريخ وقوع هذا التغيير"‬

‫‪- 841‬تنص املادة ‪ "19‬كل إحداث لتنظـيمات الحـزب عـلى املستوى الجـهوي أو اإلقليمي أو املحلي يجـب أن يكون موضوع تصريح يودع بمقـر السلطة‬
‫اإلدارية املحلية املختصة مقابل وصل داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ هذا اإلحداث‪ .‬يقدم التصريح من طرف من ينتدبه الحـزب لهذه‬
‫الغاية ويجب أن يتضمن األسماء الشخصية والعائلية ملسيري هذه التنظيمات وتاريخ ومحل والدتهم ومهنتهم وسكناهم وأن يكـون مرفقا بنسخ‬
‫مص ادق عليه ا لبط ائق تع ريفهم الوطني ة‪ .‬يجب التص ريح بك ل تغي ير يط رأ على التنظيم ات الجـهوية أو اإلقليمي ة أو املحلي ة للح زب طب ق نفس‬
‫الشكليات"‪.‬‬

‫‪842‬‬
‫‪-‬تنص املادة ‪ " 20‬يتعين على ك ل حـزب سياس ي أن يت وفر على برن امج مكت وب ونظ ام أساس ي مكت وب ونظ ام داخلي مكت وب‪ .‬يـحـدد بـرنـامج الحـزب‪ ،‬على‬
‫الخصوص‪ ،‬األسس واألهداف التي يتبناها الحزب في احترام لدستور اململكة وملقتضيات هذا القانون‪ .‬يحدد النظام األساسي‪ ،‬على الخصوص‪ ،‬القواعد املتعلقة‬
‫بتس يير الح زب وتنظيـمه اإلداري واملالي وفق ا ألحك ام ه ذا الق انون‪ .‬يح دد النظ ام ال داخلي‪ ،‬على الخص وص‪ ،‬كيفي ات تس يير ك ل جه از من أجه زة الح زب وك ذا‬

‫‪409‬‬
‫إن من بين الشروط التي يجب توفرها في المؤسسين والمسيرين للحزب أن يكونوا مسجلين في الل وائح‬
‫االنتخابية العامة (المادة‪ 843)7‬األمر يعتبر مسا بحرية الرأي المرتبطة بحق التس جيل أو ع دم التس جيل في‬
‫اللوائح االنتخابية العامة‪. ‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬موانع وقيود تأسيس األحزاب السياسية‬

‫كل من يطلع على القانون ‪ 36.04844‬يالحظ كثرة الشكليات واإلجراءات المطلوب ة عن د تأس يس ح زب‬
‫سياسي‪ ،‬والتي قد تمس حقا هاما من الحقوق السياسية‪ ،‬أال وهو حق التنظيم‪ .‬كم ا يالح ظ الحض ور الق وي‬
‫لوزارة الداخلية في تأسيس األحزاب السياسية‪ ،‬فباإلضافة إلى السلطة التقديرية الواس عة الممنوح ة ل وزير‬
‫الداخلية في شأن تأسيس األحزاب السياسية‪ ،‬سواء قبل أو بعد المؤتمر التأسيسي‪ ،‬فإن وزير الداخلية يمكن ه‬
‫أن يطلب من رئيس المحكمة اإلدارية بالرباط بصفته قاض للمستعجالت أن يأمر بتوقيف الح زب وإغالق‬
‫مقاره مؤقتا متى لوحظ إخالال ألنشطة الحزب بالنظام العام‪ ،‬كما أن وزير الداخلية إذا الح ظ ع دم اح ترام‬
‫الشكليات المنصوص عليها في قانون األحزاب السياسية يمكنه مطالب ة األجه زة المس يرة للح زب بتس وية‬
‫الوضعية‪ ،‬وفي حالة عدم االستجابة داخل أجل شهر يطلب وزير الداخلية من القضاء توقيف الحزب‪.‬‬

‫مما الشك فيه‪ ،‬أن ه دف المش رع المغ ربي من خالل الق انون‪ 36.04‬إلى ض بط المش هد الح زبي‪ ،‬ولم‬
‫يكتف في ذلك بتحديد وظائف على المقاس لألحزاب السياسية‪ ،‬وإنما أض اف مجموع ة من القي ود الش كلية‬
‫والعددية‪ ،‬بل وأحيانا قيودا تصورية‪ .‬فقد نصت المادة ‪ 4‬على أنه "يعتبر باطال وعديم المفعول كل تأســيس‬
‫لحزب سياسي يرتكز على دافع أو غاية مخالفة ألحكام الدستور أو القــوانين أو يهــدف إلى المس بالــدين‬
‫اإلسالمي أو بالنظام الملكي أو بالوحدة الترابية للمملكة"‪ .‬يعتبر أيضا باطال وع ديم المفع ول ك ل تأس يس‬
‫لحزب سياسي يرتكز على أساس دي ني أو لغ وي أو ع رقي أو جه وي‪ ،‬أو يق وم بكيفي ة عام ة على أس اس‬
‫تمي يزي أو مخ الف لحق وق اإلنس ان”‪ .‬وق د أث ارت ه ذه الم ادة نقاش ا واس عا‪ ،‬فباإلض افة إلى المالحظ ة‬
‫المرتبطة بفقرتها األولى والمتمثلة في السقوط في نوع من الحشو‪ ،‬الذي قد يتيح المجال لت أويالت خاطئ ة‪،‬‬
‫إذ كان يمكن الوقوف فقط عند مخالفة الدستور أو القوانين‪ ،‬ألن تج ريم المس بال دين اإلس المي أو بالنظ ام‬

‫شروط وشكليات اجتماع هذه األجهزة‪".‬‬

‫‪- 843‬تنص املادة ‪ " 7‬يجب على األعضاء املؤسسين واملسيرين لحزب سياسي أن يكونوا بالغين من العمر ‪ 23‬سنة شمسية كاملة على األقل‪ ،‬ومسجلين في اللوائح‬
‫االنتخابية العامة‪".‬‬

‫‪ -844‬ظهير شريف رقم ‪ 1.06.18‬صادر في ‪ 15‬من محرم ‪ 14( 1427‬فبراير ‪)2006‬بتنفيذ القانون رقم‪  36.04 ‬املتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬منشور في الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 5397‬بتاريخ ‪ 20/02/2006‬الصفحة‪.466 : ‬‬

‫‪410‬‬
‫الملكي أو بالوحدة الترابية هو متضمن في الدستور والقوانين‪ ،‬هناك مالحظ ة ثاني ة تتعل ق بعب ارة "يرتكــز‬
‫على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي"‪ ،‬فما المقصود باالرتكاز على أساس لغ وي أو ع رقي أو‬
‫جهوي؟‬

‫خاصة إذا علمنا أن المغرب يتميز بالتنوع‪ ،‬وهو تنوع يفرض دعم الجهوية الموسعة‪ ،‬مما ي تيح إمكاني ة‬
‫تأسيس أحزاب جهوية تماشيا مع توجه الدول المتقدمة في ترسيخ فكرة األح زاب الجهوي ة باعتباره ا أح د‬
‫المساهمين في التنمية الجهوية‪ ،‬التي هي أساس التنمية الوطنية‪ .‬وما المقصود باالرتكاز على أساس ديني؟‬

‫والحال أن الدستور يقر ب أن اإلس الم ه و دين الدول ة‪ ،‬فه ل المطالب ة بنظ ام الزك اة ع وض الض رائب‬
‫والمكوس‪ ،‬أو المطالبة بمنع بيع الخمور‪ ،‬أو إغالق دور القمار‪ ،‬وهي من المحرم ات‪ ،‬يمكن أن ت ؤول إلى‬
‫التأسيس على أساس ديني؟‬

‫هذا عن القيود التصورية أما القيود الشكلية والعددية فهي كثيرة‪ .‬على س بيل المث ال ال الحص ر‪ ،‬نص ت‬
‫الم ادة ‪ 7‬من الق انون ‪ 36.04‬على أن األعض اء المؤسس ين والمس يرين لح زب سياس ي يجب أن يكون وا‬
‫ب الغين من العم ر ‪ 23‬س نة شمس ية كامل ة‪ ،‬ومس جلين في الل وائح االنتخابي ة‪ .‬ويمكن تس جيل مالحظ تين‬
‫بخصوص هذه المادة‪.‬‬

‫أوالهما‪ :‬أن المشرع اعتمد سن الترشيح لالنتخابات لتأسيس أحزاب سياس ية‪ ،‬عكس دول أخ رى ال تي‬
‫اعتمدت سن التصويت‪ ،‬أو اعتمدت س ن أق ل من ‪ 23‬س نة‪ ،‬كم ا ه و الح ال في األردن مثال‪ ،‬حيث تم‪ -‬في‬
‫سنة ‪ -2007‬تخفيض السن الالزم للعضو المؤسس من ‪ 25‬إلى ‪ 21‬سنة‪ ،‬وللعضو المنتسب للحزب من ‪21‬‬
‫إلى ‪ 18‬سنة‪ .‬فتحديد سن المؤسسين في ‪ 23‬سنة فما فوق ال ينسجم من جهة مع س ن الرش د الق انوني ال ذي‬
‫هو ‪ 18‬سنة‪ ،‬ومن جهة أخرى م ع الم ادة ‪ 22‬من الق انون ‪ 36.04‬ال تي جعلت من الض روري النص على‬
‫نسبة الش باب ال واجب إش راكهم في األجه زة المس يرة للح زب‪ .‬وث اني مالحظ ة تتعل ق بض رورة تس جيل‬
‫المؤسسين في اللوائح االنتخابية‪ ،‬فإذا كان ذلك شرطا مقبوال إلى حد ما بالنسبة لألعضاء المؤسس ين‪ ،‬فإن ه‬
‫ليس من الضروري أن يثبت ذلك العضو المؤسس بشهادة تسلم له من اإلدارة‪ ،‬كما نص على ذلك القانون‪،‬‬
‫العتبارين اثنين‪ ،‬أولهما‪ :‬أنه من المفترض في اإلدارة المغربي ة مواكب ة التط ور التكنول وجي ال ذي يجع ل‬
‫أمر التأكد من التسجيل في اللوائح االنتخابية يتم في بضعة دقائق‪ ،‬وثانيهما‪ :‬ما يمكن أن يُس ببه تلك ؤ بعض‬
‫اإلداريين في منح تلك الشهادة من حرمان لبعض المواطنين من المساهمة في تأسيس أحزاب سياسية‪.‬‬

‫ونص ت الم ادة ‪ 8‬على أن من الوث ائق المطلوب ة لتأس يس ح زب سياس ي ال تزام مكت وب‪ ،‬في ش كل‬
‫تصريحات فردية لـ ‪ 300‬عضو مؤسس على األقل‪ ،‬بعقد المؤتمر التأسيسي للحزب داخ ل أج ل س نة على‬
‫أبعد تقدير تبتدئ من تاريخ اإلشعار‪ ،‬أو من تاريخ الحكم النهائي الذي يقضي بأن شروط وشكليات تأس يس‬

‫‪411‬‬
‫الحزب مطابقة للقانون‪ ،‬ويجب على األعضاء الثالثمائة أن يكونوا موزعين بحسب مقرات إقامتهم الفعلي ة‬
‫على نصف عدد جهات المملكة على األق ل ش رط أال يق ل ع ددهم في ك ل جه ة عن ‪ %5‬من الع دد األدنى‬
‫لألعضاء المؤسسين المطلوب قانونا‪ .‬كما نصت المادة ‪ 12‬على أن المؤتمر التأسيسي ال يكون صحيحا إال‬
‫أذا حضره ‪ 500‬مؤتمر على األقل من بينهم ثالثة أرباع األعضاء المؤسسين على األقل‪ ،‬ويجب أن يك ون‬
‫المؤتمرون الخمسمائة موزعين بحسب مقرات إقامتهم الفعلية على نصف عدد جهات المملك ة على األق ل‪،‬‬
‫شرط أال يقل عددهم في كل جهة عن ‪ %5‬من هذا العدد‪.‬‬

‫ويفهم مما نصت عليه المادة ‪ 8‬و‪ 12‬محاولة منح الجدية المطلوبة لتأسيس األحزاب السياس ية‪ ،‬ووض ع‬
‫حد لتلك الظاهرة المتمثلة في ظهور أحزاب جديدة عند كل انتخابات دون االستناد إلى مقومات معقولة‪.‬‬

‫لقد وضع القانون العديد من التقييدات القانوني ة‪ ،‬لتأس يس األح زاب الجدي دة ح دت بش كل كب ير بحري ة‬
‫التنظيم‪ ،‬ويستحيل معها تأسيس ح زب حقيقي وف ق الش روط القانوني ة ال تي تض منها المش روع‪ ،‬كاش تراط‬
‫تق ديم تص ريح مكت وب يحم ل توقيع ات مص ادق عليه ا ل ‪ 300‬عض و مؤس س على األق ل‪ ،‬وأن يل تزم‬
‫الموقعون بمقتضى هذا التصريح بعقد مؤتمر التأسيس للحزب داخل أج ل س نة على أبع د تق دير ابت داء من‬
‫تاريخ نشر مس تخرج طلب تأس يس الح زب بالجري دة الرس مية‪ ،‬وأن يك ون ه ؤالء م وزعين على نص ف‬
‫جهات المملكة على األقل شرط أال يقل عدد األعضاء المؤسسين في كل جهة عن ‪ 5‬في المائة من مجم وع‬
‫عدد األعضاء المؤسسين المطلوب قانونا (المادة‪ )8‬وال يعتبر اجتماع المؤتمر صحيحا إال إذا حضره ‪500‬‬
‫مؤتمر على األقل (المادة‪.)13‬‬

‫ومن خالل قراءة متأنية لهذه األرقام يتبين بأنها شروط تعجيزية‪ ،‬ألنه يصعب توفير هذا الكم الهائل من‬
‫المؤسسين وجمع تصريحاتهم من نصف جهات المملكة‪ ،‬وأن ال يقل عدد األعضاء المؤسسين في كل جه ة‬
‫عن ‪ 5‬في المائة‪ ،‬هذا إضافة إلى بقية الشروط الشبه مستحيلة كاشتراط تسجيلهم في اللوائح االنتخابية ‪.‬‬

‫هذا إضافة إلى كثرة الشكليات واإلجراءات المعقدة ووفرة اآلجال والم دد ‪،‬س واء تعل ق األم ر بتأس يس‬
‫ح زب سياس ي أو اتح اد األح زاب السياس ية أو ان دماجها‪ ،‬ناهي ك عن حض ور الس لطة التنفيذي ة بق وة في‬
‫شخص وزارة الداخلية إضافة وإلى إمكانية حل الحزب بموجب مرس وم (الم ادة‪ ،)57‬ب ل إن ه ذا الق انون‬
‫يضع هندسة لتسيير األحزاب السياسية من خالل المواد من ‪ 20‬إلى ‪ 27‬التي تنص بصفة الوجوب على ما‬
‫يجب أن تتضمنه األنظمة األساس ية له ذه األح زاب‪ ،‬وه و ن وع من المس باس تقالليتها في تس يير ش ؤونها‬
‫الداخلية‪ ،‬كوجوب النص على نسبة النساء والشباب في األجهزة المسيرة للح زب مثال‪ ،‬ومن ه ذا المنطل ق‬
‫فإن تأسيس حزب سياسي وفق هذا القانون أصبح مسألة عسيرة وتعرف ترخيصين‪:‬‬

‫‪412‬‬
‫الترخيص األول‪ :‬وتنص عليه المادتان التاسعة والعاشرة‪ ،‬ففيما يخص المادة التاسعة تعطي فيه الس لطة‬
‫التقديرية لوزير الداخلية الستنتاج مدى مطابقة شروط وإجراءات تأسيس الحزب ألحكام هذا القانون‪ .‬وهذا‬
‫قرار أولي‪ ،‬فإذا لم يكن كذلك فإنه يطلب من المحكم ة اإلداري ة بالرب اط ب رفض تص ريح التأس يس‪ ،‬وه ذا‬
‫قرار قضائي ثاني‪ .‬‬

‫أما المادة العاشرة‪ ،‬فتعطي الحق لوزير الداخلي ة في توجي ه إش عار لم ت بين الم ادة محت واه‪ ،‬لكن ه ربم ا‬
‫يتعلق بتصريح التأسيس‪.‬‬

‫من خالل المادتين يتبين حضور وزير الداخلية في أخذ ق رار التص ريح بالتأس يس أو االلتج اء للقض اء‬
‫اإلداري ب رفض ه ذا التص ريح‪.‬بمع نى أن هن اك مرحل ة أولى لل ترخيص‪ ،‬وت أتي المرحل ة الثاني ة‪ ،‬أو‬
‫الترخيص الثاني‬

‫‪ ‬الترخيص الثاني‪ :‬وتنص عليه المواد ‪.11،12،13،14،15‬‬

‫والمالحظ أن هذا التصريح هو نوع من الترخيص بالتأسيس‪ ،‬لكن األمر ال يقف عند هذا الح د‪،‬‬
‫ألن ذلك مرتبط بانعقاد المؤتمر التأسيسي للحزب داخل أجل سنة على أبعد تقدير (المادة‪ .)11‬بع د‬
‫عقد المؤتمر الذي يخضع إلجراءات تنتهي بوض ع مل ف ل دى وزارة الداخلي ة مقاب ل وص ل‪ ،‬إلى‬
‫غيرها من اإلجراءات‪ ،‬حينها يمكن القول بأن الحزب أصبح مؤسس ا بص فة قانوني ة بع د انص رام‬
‫أج ل ‪ 30‬يوم ا تبت دئ من ت اريخ إي داع المل ف‪ ،‬إذا لم يق دم وزي ر الداخلي ة إلى المحكم ة اإلداري ة‬
‫بالرباط طلب بإبطال التأسيس‪ ،‬وهي سلطة تقديرية خولها المشرع لوزير الداخلية الذي بي ده الح ل‬
‫والعقد في تأسيس األحزاب السياسية‪ ،‬إما بتأسيسها أو إحالتها على القضاء اإلداري بالرب اط بطلب‬
‫رفض تصريح التأسيس أو إبطاله وهذان الطلبان يوقفان التنفيذ‪.‬‬

‫فهل هذا التعقيد وضع للحد من تناسل األحزاب السياسية لألحزاب؟ أم لتأهيله ا للقي ام بواجبه ا؟‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن بعض األشخاص يحضر عليهم االنخراط في األح زاب السياس ية وه ذا م ا‬
‫رفضته جمعية حقوق اإلنسان في م ذكرتها ح ول ق انون األح زاب‪ ،‬حيث أنه ا عارض ت حرم ان‬
‫قانون‪ 36-04‬عددا من الفئ ات من االنخ راط في األح زاب السياس ية واعتبرت ه ب ذلك قانون ا غ ير‬
‫ديمقراطي وال يخدم تطوير الحياة السياسية لكونه نص وفي مادته السادس ة على أن ه " ال يمكن أن‬
‫ينخرط في الحزب السياسي‪:‬‬

‫‪ -‬العسكريون العاملون في جميع الرتب ومأمورو القوة العمومية‬

‫‪ -‬القض اة وقض اة المجلس األعلى للحس ابات وقض اة المج الس الجهوي ة للحس ابات وحك ام‬
‫الجماعات والمقاطعات ونوابهم‪.‬‬

‫‪413‬‬
‫‪ -‬رجال السلطة وأعوان السلطة‪.‬‬

‫‪ -‬األشخاص اآلخرون المشار إليهم أعاله الذين ال يستفيدون من الح ق النق ابي عمال بالمرس وم‬
‫رقم ‪ 2-57-1465‬الصادر في ‪ 15‬رجب ‪ 5( 1377‬أكتوبر ‪ )1958‬في ش أن ممارس ة الم وظفين‬
‫الحق النقابي‪ ،‬كما وقع تغييره بالمرسوم الملكي رقم ‪ 010-66‬بتاريخ ‪ 27‬جمادى الثاني ة ‪86-139‬‬
‫(‪ 12‬أكتوبر ‪.)1966‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحق في تأسيس الجمعيات في البلدين‬

‫أضــحت الجمعيــات تقــوم بــأدوار رئيســية لتعزيــز عالقــة المــواطن بالشــأن العــام‪ ،‬من خالل إشــراك‬
‫المواطــنين في رســم وتفعيــل السياســات العامــة‪ ،‬كمــا أصــبحت الجمعيــات تســاهم في تــأطير المواطــنين‬
‫وتكوينهمـ في المجـاالت الـتي تهتم بهـا‪ ،‬وهـو مـا جعـل المـواطن يتفاعـل مـع مبـادرات المجتمـع المـدني‬
‫الهادفة إلى إشراك المواطن في تدبير الشأن العام‪.‬‬

‫ولإلجابة على هذا المطلب سيتم تقسيمه إلى عنصرين إثنين‪ ،‬يتعرض العنصر األول للح ق في تأس يس‬
‫الجمعيات في سلطنة عمان‪ ،‬ويتناول العنصر الثاني الحق في تأسيس الجمعيات في المغرب‪.‬‬

‫العنصر األول‪ :‬الحق في تأسيس الجمعيات في سلطنة عمان‬

‫نظمت المادة ‪ 33‬من النظام األساســي لســلطنة عمــان حــق تأســيس الجمعيــات‪ ،‬إال أنهــا اشــترطت أن‬
‫يكون تأسيسها على "أسس وطـنية وألهداف مشروعة وبـوسائل سلمية وبما ال يتعـارض مــع نصــوص‬
‫وأهـداف النظـام األساسي"‪ ،‬ووفقًا لإلجراءات التي يبينها القانون‪.845‬‬

‫ويحظر النظام األساسي إنشـاء جمعيات يكون نشاطهـا "معاديًا لنظـام المجتمـع أو سريًــا أو ذا طـابع‬
‫عسكـــري"‪ ،‬وهي فقــرة تمــيز بهــا الدســتور العمــاني عن بــاقي التشــريعات في دول الخليج‪ .‬والجــدير‬
‫بالمالحظــة أن عمــان هي الدولــة الخليجيــة الوحيــدة الــتي نصــت في الدســتور على عــدم جــواز تشــكيل‬
‫‪ -845‬مرسوم سـلطاني رقــم ‪ 96/101‬بإصدار النظام األساسي للدولة‪.‬‬

‫‪414‬‬
‫جمعيات "ذات طابع عسكري"‪ ،‬وقد يكون مر ّد ذلـك الــنزاع المســلح الــذي دار بين الحكومـةـ وبين قــوى‬
‫سياســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــية في مطلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبعينيات‪.‬‬
‫وفي تــاريخ الســلطنة‪ ،‬صــدر قانونــان لتنظيم عمــل المجتمــع المــدني‪ ،‬األول عــام ‪ ،1972‬والثــاني‪ ،‬وهــو‬
‫الساري المفعول حاليًا‪ ،‬عام ‪ .2000846‬وينطلق القانون في المادة الرابعة بتحديد مجاالت عمل الجمعيات‬
‫في خمسة مجاالت هي رعايــة األيتـام‪ ،‬رعايـة الطفولــة واألمومـة‪ ،‬الخـدمات النسـائية‪ ،‬رعايــة المسـنين‬
‫ورعاية "المعوقين" والفئات الخاصة‪ .‬ومنح القانون الــوزير المختص صــالحية إضــافة مجــاالت أخــرى‬
‫شريطة موافقة مجلس الوزراء‪ .‬ويمنع القانون الجمعية من أن تنشط في أكثر من مجال‪.‬‬

‫وبذلك يكون القانون قد قيّد حق تأسيس الجمعيات وفقًا لمـا تــراه الســلطة اإلداريــة من نشــاطات يجب‬
‫أن تعمل فيها تلك المؤسســات‪ ،‬وهــو حــق مطلــق كمــا ورد في نص القــانون‪ .‬كمــا يحظــر على الجمعيــات‬
‫"االشــتغال بالسياســة أو تكــوين األحــزاب أو التــدخل في األمــور الدينيــة‪ ،‬وعليهــا أن تنــأى عن التكتالت‬
‫القبلية والفئوية‪".‬‬

‫وتتسع قائمة المحظورات‪ ،‬كمـا توردهـا المـادة الخامسـة‪ ،‬لتشـمل عـدم ممارسـة أي نشـاط غـير تلـك‬
‫الواردة في النظام األساسي للجمعية‪ ،‬وعدم االنتساب أو االشتراك في هيئــة خــارج الســلطة‪ ،‬أو إيفــاد أو‬
‫استقبال وفود من الخارج إال بموافقة الوزير‪ ،‬كما ال يجوز لهــا إقامـة الحفالت العامـة أو المهرجانــات أو‬
‫المحاضرات إال بعد الحصول على ترخيص‪ .‬وبطبيعة الحال ال يجوز لها تحويل أموال إال عن طريق هيئة‬
‫رسمية هي الهيئة العمانية لألعمال الخيرية‪.‬‬

‫وقــد أجــاز القــانون‪ ،‬بمــوجب تعــديل عــام ‪ ،2001‬لمجلس الــوزراء‪ ،‬بعــد عــرض الــوزير المختص‪،‬‬
‫الموافقة على تأسيس جمعية من دون أن تنطبق عليها الشروط المذكورة‪ .‬والقانون العماني ال يمــيز بين‬
‫المواطن والمقيم‪ ،‬إذ يُجيز لكليهمـا تأسـيس الجمعيـات‪ ،‬شـرط بلـوغ سـن الثامنـة عشـرة‪ ،‬من خالل طلب‬
‫صا‪ ،‬مرفقًا بالعديد من المتطلبات‪ ،‬لعل أهمها شهادة من "الجهات المختصــة"‬
‫تأسيس يقدمه أربعون شخ ً‬
‫بعدم االعتراض على أي من المؤسسين‪ .‬و كلمة "الجهات المختصة" في عمومها غير واضـحة المعـالم‬
‫وال تحدد ماهية الجهة التي تُطلب منها الشهادة‪ ،‬علما ً بأن القانون القديم قــد نص بشــكل واضــح على أن‬
‫تلك الشهادة تصدر من قبل وزارة الداخلية‪.‬‬

‫ويعتبر هذا الشرط‪ ،‬إضافة إلى المتطلبات األخرى‪ ،‬عائقًا إضــافيًا على تأســيس الجمعيــات‪ ،‬كمــا يُــترك‬
‫للجهــة اإلداريــة المســؤولة عن إصــدار شــهادة عــدم الممانعــة على المؤسســين‪ ،‬ولنفــترض أنهــا وزارة‬
‫الداخلية في هذه الحالة‪ ،‬حرية التقرير بمدى صالحية أو عدم صالحية هذا المؤسس أو ذاك‪ ،‬من دون أن‬
‫يحدد القانون آلية واضحة للتظلم من هذا الرفض في حال حصوله‪.‬‬

‫‪http://www.fiu.gov.om/files/Arabic/qm/qm.pdf< :‬‬ ‫‪ - 846‬قانون الجمعيات األهلية‬

‫‪415‬‬
‫وتضيف المادة ‪ 11‬من القانون على صالحية السلطة اإلدارية في تقييد حق التأسيس‪ ،‬حينمــا منحتهــا‬
‫حق رفض تأسيس الجمعية في حال "عدم حاجة المجتمع لخدماتها‪ ،‬أو لوجود جمعية أخرى تســد حاجــة‬
‫المجتمع‪ ،‬أو لتعارض تأسيسـها مـع أمن الدولـة أو مصـلحتها"‪ ،‬ولم تكتـف بـذلك‪ ،‬بـل أضـافت "أو أليـة‬
‫أسباب أخرى تقدرها الوزارة‪".‬‬

‫وهذه المادة تنسف القانون من أساساته‪ .‬فإطالق يد الجهة اإلدارية بهــذه الصــورة يُعتــبر إلغــا ًء لحــق‬
‫المؤسسين في تأسيس الجمعيــات الــتي تلــبي احتياجــاتهم‪ .‬فمؤسســات المجتمــع المــدني تنشــأ لتعــبر عن‬
‫خصوصـا أن التظلم من قــرارات الـرفض ال‬
‫ً‬ ‫إحتياجات المؤسسين الــتي يقــدرونها هم ال الجهــة اإلداريــة‪،‬‬
‫يُنظر من جهة مستقلة‪ ،‬كالقضاء على سبيل المثال‪ ،‬بــل من قبــل الــوزير نفســه الــذي أصــدر قــرار رفض‬
‫التأسيس‪ ،‬وال ُمعقب على رأيه‪ ،‬إذ يُعد قراره في الر ّد على التظلم نهائيًا‪.‬‬

‫وبهدف "ضبط" عمــل الجمعيــات‪ ،‬تنتــدب الــوزارة المعنيــة مــوظفين لهم صــفة الضــبط القضــائي في‬
‫مراقبــة أعمــال الجمعيــة واإلطالع على دفاترهــا وحســاباتها ومحاضــرها بهــدف "التحقــق من اإللــتزام‬
‫بالنظام األساسي والقوانين‪".‬‬

‫وحتى الحقوق التي منحها القانون للجمعية العمومية بحل الجمعية أو دمجهــا‪ ،‬فإنهــا ال تكــون ســارية‬
‫المفعولـ إال بقرار من الوزير المختص‪ .‬كما تُلزم الجمعية بإرسال نسخة من محاضر الجمعيات العموميــة‬
‫ومجــالس اإلدارة إلى الــوزارة‪ ،‬ولألخــيرة أن تنتــدب من تــراه لحضــور إجتمــاع مجلس اإلدارة لمناقشــة‬
‫موضوع ترى الوزارة "مصلحة" في مناقشته مع مجلس اإلدارة‪.‬‬

‫ويجــوز للــوزير أن يعيّن مجلس إدارة مؤقتًــا للجمعيــة لمــدة ال تزيــد على ســنتين إذا قــام المجلس‬
‫بمخالفات من دون أن يعدّلها بعد توجيــه إنــذار إليــه‪ ،‬أو إذا لم ينعقــد لمــدة عـامين من دون ســبب توافــق‬
‫عليه الوزارة‪ ،‬أو إذا أصبح عدد أعضائه غير كاف إلنعقاده‪ .‬كما يحق له دمج جمعية أو أكثر إذا مــا رأى‬
‫بأن الــدمج "كفيــل بتحقيــق الجمعيــات األغــراض الــتي أنشــئت من أجلهــا"‪ ،‬من دون أن يــوفر ضــمانات‬
‫ألعضاء الجمعيات تمكنهم من الطعن في القرار‪.‬‬

‫وكحال بقية القوانين في دول المجلس‪ ،‬يحق للوزير أن يحل الجمعية إذا رأى أنها "إرتكبت مخالفــات‬
‫جسيمة للقانون أو خالفت النظام العام واآلداب"‪ .‬ويحظر القانون على من تثبت مسؤوليتهم من أعضــاء‬
‫مجلس إدارة الجمعية عن المخالفات التي أدت إلى صــدور قــرار إداري بحلهــا‪ ،‬من الترشــح لعضــوية أي‬
‫جمعية أخرى لمدة ‪ 5‬سنوات‪.‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬الحق في تأسيس الجمعيات بالمغرب‬

‫‪416‬‬
‫يعد الحق في تكوين الجمعيات من الحقوق الممتازة التي تنافح كل دول العالم ألجل ترسيخها‪ $‬وتمتيعها‪$‬‬
‫بمزيد من القداسة‪ ،‬حتى تنسجم مع الحالة الطبيعية التي تجعل من اإلنسان ح‪$$‬را في اختيارات‪$$‬ه وتجمعات‪$$‬ه‪،‬‬
‫دون قي‪$$‬ود أو ش‪$$‬روط‪ $.‬وق‪$‬د‪ $‬ع‪$$‬رف ه‪$$‬ذا الح‪$$‬ق مس‪$$‬ارا‪ $‬متذب‪$$‬ذبا في تش‪$$‬كله‪ ،‬يرج‪$$‬ع باألس‪$$‬اس إلى اص‪$$‬طدام‬
‫ال‪$$‬دعوات الرامي‪$$‬ة إلى تم‪$$‬تيع األف‪$$‬راد‪ $‬بالحري‪$$‬ة واالس‪$$‬تقاللية في تأس‪$$‬يس اإلط‪$$‬ارات المجتمعي‪$$‬ة‪ ،‬ب‪$$‬اإلرادة‬
‫التسلطية لألنظمة والحكام‪ ،‬الذين ال استعداد لهم للتنازل عن بعض من استبدادهم وقبضتهم‪ $‬الحديدي‪$$‬ة على‬
‫المجتمعات‪ ،‬خوفا من تنامي أدوار مجتمعي‪$‬ة أخ‪$‬رى‪ ،‬ق‪$‬د تن‪$‬افس س‪$‬لطتهم‪ $‬وهيمنتهم‪ .‬ف‪$‬راكمت المجتمع‪$‬ات‬
‫تجارب عدة من التدافع الحقوقي والمطلبي دوليا ومحليا‪ ،‬إلى أن غ‪$$‬دا ه‪$$‬ذا الح‪$$‬ق الي‪$$‬وم‪ ،‬مؤش‪$$‬را‪ $‬ومعي‪$$‬ارا‪$‬‬
‫يقاس به مدى احترام الدول لحقوق اإلنسان من عدمه‪.‬‬

‫ليكن واضحا أن حرية الفرد وقدرته على تجسيد‪ $‬اختياراته وتحقيق أهدافه بش‪$‬كل تعاق‪$‬دي م‪$‬ع آخ‪$‬رين‪،‬‬
‫عند تأسيسهم‪ $‬لجمعية ما‪ ،‬بدون أي تدخل كابح لحريتهم‪ ،‬من ط‪$$‬رف أجه‪$$‬زة الدول‪$$‬ة وممثليه‪$$‬ا‪ ،‬ه‪$$‬و ح‪$$‬ق ال‬
‫مكرمة‪.‬‬

‫ويشمل ه‪$$‬ذا الح‪$$‬ق إض‪$$‬افة إلى حري‪$$‬ة تأس‪$$‬يس الجمعي‪$$‬ات‪ ،‬حري‪$$‬ة االنض‪$$‬مام‪ $‬إليه‪$$‬ا أو االنس‪$$‬حاب منه‪$$‬ا‪،‬‬
‫وحرية تبني أهداف معينة ووسائل خاصة لتحقيقها‪ .‬فالحق‪ $‬في تكوين الجمعيات‪ ،‬يتجاوز‪ $‬المفهوم المختزل‬
‫في كلمة “التأسيس”‪ ،‬وكأنه إجراء قانوني‪ $‬فقط‪ ،‬إلى حري‪$$‬ة أوس‪$$‬ع‪ ،‬تض‪$$‬من للمجموع‪$$‬ة المؤسس‪$$‬ة حقه‪$$‬ا في‬
‫تشكيل جمعيتها حسب اقتناعه‪$$‬ا وأه‪$‬دافها‪ $‬واختياراته‪$$‬ا‪ .‬فيمكن اعتب‪$$‬ار أي تأس‪$‬يس لجمعي‪$‬ة م‪$‬ا‪ ،‬م‪$‬ع ت‪$‬دخل‬
‫للسلطة في شكل الجمعية أو في طبيعة أهدافها أو وسائلها أو شكل اشتغالها‪ ،‬مس‪$$‬ا به‪$$‬ذا الح‪$$‬ق ال‪$$‬ذي يغ‪$$‬دو‬
‫صبا‪ $‬ومنت َقصا‪ ،‬بفعل انتف‪$$‬اء ش‪$$‬رط‪ $‬الحري‪$$‬ة في ج‪$$‬انب من الج‪$$‬وانب المتعلق‪$$‬ة بتك‪$$‬وين الجمعي‪$$‬ات‪ .‬وه‪$$‬و‬
‫مغت َ‬
‫لألسف‪ ،‬واقع ما عليه حال السلطات اإلدارية اليوم‪ ،‬بل ومنذ عقود‪ ،‬في شكل تعاملها مع مش‪$$‬اريع تأس‪$$‬يس‬
‫الجمعيات ببالدنا‪ ،‬فتبيح لنفسها حق التدخل في ك‪$$‬ل ص‪$$‬غيرة وكب‪$$‬يرة تخص الجمعي‪$$‬ة في ط‪$$‬ور التأس‪$$‬يس‪،‬‬
‫متجاوزة بذلك اختصاصاتها‪ $‬المتضمنة في القوانين التشريعية‪ ،‬المنظمة لعملية التأس‪$$‬يس ب‪$$‬المغرب‪ ،‬وال‪$$‬تي‬
‫تقتصر على ضرورة االستجابة لرغبات المؤسسين‪ ،‬وتيسير عملية االلتقاء واالجتم‪$$‬اع‪ ،‬تحري‪$$‬را إلرادتهم‬
‫وتحقيقا لرغبتهم‪.‬‬

‫وقد‪ $‬نصادف‪ $‬من بين فعاليات المجتمع المدني‪ ،‬أشخاصا‪ $‬أو مؤسسات‪ ،‬قد تقر بضرورة تدخل السلطات‬
‫اإلدارية في عملية التأسيس بالمراقبة واالقتراح والتعديل في لوائح المؤسس‪$$‬ين وفي أه‪$$‬داف الجمعي‪$$‬ة‪ ،‬إلى‬
‫غير ذلك من األمور‪ $‬التي ال دخل للسلطات بها‪ .‬وتحتج بدليل أن بعض التجارب قد يكون القبول بها وباال‬
‫على ال‪$$‬وطن‪ ،‬أو أن أه‪$$‬داف المؤسس‪$$‬ين ال تنس‪$$‬جم م‪$$‬ع س‪$$‬ياق المرحل‪$$‬ة العمري‪$$‬ة للمجتم‪$$‬ع‪ ،‬أو ال تس‪$$‬تجيب‬
‫الحتياجات السلطات أو النظام الحاكم… وقد تتطاول‪ $‬أفه‪$‬امهم‪ $‬إلى م‪$‬دى يع‪ُّ $‬دون في‪$‬ه أن بعض المواط‪$‬نين‬
‫المغاربة إنما هم إض‪$$‬افة غ‪$$‬ير مرغ‪$$‬وب فيه‪$$‬ا‪ ،‬وال تقب‪$$‬ل منهم مش‪$$‬اركة في ثناي‪$$‬ا المجتم‪$$‬ع‪ ،‬وال تس‪$$‬مح لهم‬

‫‪417‬‬
‫بتأسيس الجمعيات أو االنخراط‪ $‬فيها‪ .‬وفي‪ $‬الحقيق‪$$‬ة فم‪$$‬ا ق‪$$‬ولهم وتط‪$$‬اولهم ه‪$$‬ذا‪ ،‬إال ق‪$$‬ول بالنياب‪$$‬ة عن إرادة‬
‫الدولة‪ ،‬وخدمة مسبقة الدفع تبادل بها عطاء الدولة وكرمها‪ $‬لها‪.‬‬

‫فلمثل هؤالء المطبلين لسياسات االنبطاح وألجلهم‪ ،‬ولغاي‪$$‬ة ترس‪$$‬يخ مب‪$$‬ادئ وقيم‪ $‬انس‪$$‬انية‪ ،‬تتع‪$$‬الى ف‪$$‬وق‬
‫األنانيات الفردية والرغبات الزائفة والمصالح الشخصية‪ ،‬وإن تدثرت بحجج مراوغ‪$$‬ة‪ ،‬تم التأس‪$$‬يس لح‪$$‬ق‬
‫تكوين الجمعيات عقودا مضت‪ ،‬من خالل عهود ومواثيق‪ $‬دولية وإقليمية‪ ،‬تعتبر األس‪$$‬اس الم‪$$‬رجعي لكاف‪$$‬ة‬
‫دول المعمور في تنزيل وتطبيق‪ $‬مقتضيات هذا الحق‪ .‬وق‪$$‬د أك‪$$‬دت جميعه‪$$‬ا على حري‪$$‬ة الف‪$$‬رد وأحقيت‪$$‬ه في‬
‫تأسيس جمعيات تعبر عن اهتمامه وتطلعاته‪ ،‬دون موانع أو قي‪$$‬ود‪ .‬فق‪$$‬د ج‪$$‬اء في اإلعالن الع‪$$‬المي لحق‪$$‬وق‬
‫اإلنس‪$$‬ان (‪1948‬م) في الم‪$$‬ادة ‪ ،20‬على أن لك‪$$‬ل ش‪$$‬خص الح‪$$‬ق في حري‪$$‬ة االش‪$$‬تراك في الجمعي‪$$‬ات‬
‫والجماعات السلمية)‪ .‬وكذلك‪ :‬ال يجوز‪ $‬إرغام أحد على االنض‪$$‬مام إلى جمعي‪$$‬ة م‪$$‬ا)‪ .‬ليتم بع‪$$‬د ذل‪$$‬ك التأكي‪$$‬د‬
‫على أحقية األفراد في تأسيس الجمعي‪$$‬ات من خالل العه‪$$‬د ال‪$$‬دولي الخ‪$$‬اص ب‪$$‬الحقوق المدني‪$$‬ة والسياس‪$$‬ية (‬
‫‪1966‬م)‪ ،‬الذي ينص في المادة ‪ 22‬على أن لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين‪ ،‬بما في‬
‫ذلك حق إنشاء النقابات واالنضمام‪ $‬إليها من أجل حماية مصالحه)‪ .‬ليتم ت‪$$‬دارك ه‪$$‬ذه اإلطالق‪$$‬ة في تأس‪$$‬يس‬
‫الجمعيات بشرط التقييد‪ ،‬في حاالت تكون معها حرية الجمعية شرا وخطرا‪ $‬على أمن الدولة واستقرارها‪$.‬‬

‫غير أن التقييد محصن بقاعدة الزمة‪ ،‬بدونها ينتفي شرط التقييد‪ .‬وهي الديمقراطية‪ .‬فق‪$$‬د ج‪$$‬اء في نفس‬
‫المادة من العهد الدولي‪ $‬الخاص بالحقوق‪ $‬المدنية والسياس‪$$‬ية على أن‪$$‬ه ال يج‪$$‬وز أن يوض‪$$‬ع من القي‪$$‬ود على‬
‫ممارسة هذا الحق إال تل‪$$‬ك ال‪$$‬تي ينص عليه‪$$‬ا الق‪$$‬انون وتش‪$$‬كل‪ $‬ت‪$$‬دابير‪ $‬ض‪$$‬رورية‪ ،‬في مجتم‪$$‬ع ديمق‪$$‬راطي‪،‬‬
‫لصيانة األمن الق‪$$‬ومي أو الس‪$$‬المة العام‪$$‬ة أو النظ‪$$‬ام الع‪$$‬ام أو حماي‪$$‬ة الص‪$$‬حة العام‪$$‬ة أو اآلداب العام‪$$‬ة أو‬
‫حماية حق‪$$‬وق اآلخ‪$‬رين وحري‪$‬اتهم‪ .‬وال تح‪$‬ول ه‪$‬ذه الم‪$‬ادة دون إخض‪$‬اع أف‪$$‬راد الق‪$$‬وات المس‪$$‬لحة ورج‪$‬ال‬
‫الشرطة لقيود قانونية على ممارس‪$$‬ة ه‪$$‬ذا الح‪$$‬ق)‪ .‬بمع‪$$‬نى أن روح الديمقراطي‪$$‬ة ال‪$$‬تي تس‪$$‬ري‪ $‬في المجتم‪$$‬ع‬
‫بتفاصيله وتك‪$‬ون أص‪$‬ال في ص‪$‬لب المجتم‪$‬ع‪ ،‬تخ‪$‬ول ل‪$‬ه بن‪$‬ا ًء على مقتض‪$‬يات ديمقراطي‪$‬ة‪ ،‬أن يقنن حري‪$‬ة‬
‫تأسيس جمعيات‪ ،‬في حاالت قد تك‪$$‬ون له‪$$‬ا تبع‪$$‬ات س‪$$‬لبية تج‪$$‬اه ال‪$$‬وطن أو النظ‪$$‬ام الع‪$$‬ام أو حق‪$$‬وق األف‪$$‬راد‬
‫بنفسها‪.‬‬

‫وعلى المس‪$$‬توى‪ $‬اإلقليمي‪ ،‬وانس‪$$‬جاما‪ $‬م‪$$‬ع ال‪$$‬روح العام‪$$‬ة الس‪$$‬ائدة في منتص‪$$‬ف الق‪$$‬رن العش‪$$‬رين‪ ،‬ال‪$$‬تي‬
‫عرفتها اإلنسانية المتوثبة‪ ،‬والمتخم‪$$‬ة بج‪$$‬راح الح‪$$‬روب الدامي‪$$‬ة‪ ،‬وبهيج‪$‬ان اإلمبريالي‪$‬ة الرأس‪$$‬مالية‪ ،‬وال‪$$‬تي‬
‫أذعنت إلى حكم‪$$‬ة الح‪$‬وار بين ك‪$$‬ل س‪$‬كان المعم‪$$‬ور‪ ،‬أعلن الع‪$‬الم عن حق‪$‬وق س‪$$‬امية في اإلعالن الع‪$$‬المي‬
‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬لتكون منارا لكل الدول التي تتلمس طريقها نحو الحرية والديمقراطية والكرامة اآلدمي‪$$‬ة‪.‬‬
‫فاستجابت‪ $‬الدول العربية بدورها لنداء الحكمة‪ ،‬وسعت إلى ترسيخ قيم الحرية والديمقراطية بدورها‪ ،‬ول‪$$‬و‬
‫من باب الدهاء والمكر السياسي‪$.‬‬

‫‪418‬‬
‫لتتناسل بعد ذل‪$$‬ك مجموع‪$$‬ة من المواثي‪$$‬ق اإلقليمي‪$$‬ة والمحلي‪$$‬ة‪ ،‬ال‪$$‬تي انخ‪$$‬رطت في إعالنه‪$$‬ا عن تأيي‪$$‬دها‬
‫الكلي لحق األفراد‪ $‬في تكوين الجمعيات‪ ،‬بل وال‪$$‬دفاع عن ه‪$$‬ذا الح‪$$‬ق بمقتض‪$$‬ى الق‪$$‬انون‪ .‬وق‪$$‬د زكت ال‪$$‬دول‬
‫العربية بدورها هذا الحق وأكدت عليه علنا‪ ،‬من خالل الميثاق الع‪$$‬ربي لحق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان س‪$$‬نة (‪2004‬م)‪،‬‬
‫الذي جاء فيه على أن لكل مواطن الحق في‪:‬‬

‫‪ -5‬حرية تكوين الجمعيات مع اآلخرين واالنضمام‪ $‬إليها‪.‬‬

‫‪ -6‬حرية االجتماع وحرية التجمع بصورة سلمية‪.‬‬

‫‪ -7‬ال يجوز تقييد ممارسة هذه الحقوق بأي قيود‪ $‬غير القيود المفروضة طبق‪$‬ا ً للق‪$$‬انون وال‪$$‬تي تقتض‪$$‬يها‬
‫الضرورة في مجتمع يحترم الحريات وحقوق اإلنسان لصيانة األمن الوط‪$$‬ني أو النظ‪$$‬ام الع‪$$‬ام أو الس‪$$‬المة‬
‫العامة أو الصحة العامة أو اآلداب العامة أو لحماية حقوق الغير وحرياتهم‪.‬‬

‫وعلى نفس المن‪$$‬وال‪ ،‬أص‪$$‬در المغ‪$$‬رب قانون‪$$‬ا للحري‪$$‬ات العام‪$$‬ة س‪$$‬نة ‪ ،1958‬يق‪$$‬ر بحري‪$$‬ة تأس‪$$‬يس‬
‫الجمعيات‪ ،‬من خالل ظهير شريف‪ $‬يضبط بموجبه حق تأسيس الجمعيات‪ ،‬تم التأكيد من خالله على حرية‬
‫األفراد‪ $‬في تأسيس جمعياتهم‪ ،‬كم‪$$‬ا ج‪$$‬اء في الفص‪$$‬ل الث‪$$‬اني من الق‪$$‬انون على أن‪$$‬ه يج‪$$‬وز‪ $‬تأس‪$$‬يس جمعي‪$$‬ات‬
‫األشخاص بكل حرية ودون سابق إذن بشرط أن تراعى في ذلك مقتض‪$$‬يات الفص‪$$‬ل ‪ ،)5‬ليك‪$$‬ون ب‪$$‬ذلك ق‪$$‬د‬
‫اشترط‪ $‬ألجل التأسيس مجرد التصريح بذلك‪ ،‬مما يجعله قانونا متقدما الحترام حق‪$‬وق اإلنس‪$‬ان في مرحل‪$‬ة‬
‫ما بعد االستعمار‪$.‬‬

‫كما جاء في دستور ‪1962‬م‪ ،‬في الفصل التاسع‪ ،‬أنه يضمن لكل المواط‪$$‬نين حري‪$$‬ة تأس‪$$‬يس الجمعي‪$$‬ات‬
‫وحرية االنخراط في أية منظمة نقابية وسياسية حسب اختيارهم)‪ ،‬وال يمكن أن يوضع حد لممارس‪$$‬ة ه‪$$‬ذه‬
‫الحريات إال بمقتضى القانون)‪ .‬ليختار المغرب الرسمي‪ ،‬بذلك‪ ،‬االنضمام‪ $‬واالصطفاف إلى ج‪$$‬انب ال‪$$‬دول‬
‫الداعمة للحريات والمؤيدة لحقوق األفراد في اختياراتهم‪ $‬وقناعاتهم‪.‬‬

‫غير أن إصدار ظهير الحريات العامة س‪$$‬نة ‪1958‬م قب‪$$‬ل إص‪$$‬دار دس‪$$‬تور‪1962 $‬م‪ ،‬ال‪$$‬ذي يع‪$$‬د أس‪$$‬مى‬
‫قانون للبالد‪ ،‬وم‪$$‬ا تال ه‪$‬ذه المرحل‪$‬ة من أح‪$$‬داث ووق‪$‬ائع‪ ،‬ت‪$‬بين لن‪$$‬ا ب‪$‬الملموس‪ $‬ني‪$‬ة المش‪$‬رع وغرض‪$$‬ه من‬
‫التسريع في إصدار قانون “ديمقراطي” يفسح المجال للناس لتأسيس جمعياتهم بكل حرية ودون قي‪$$‬ود قب‪$$‬ل‬
‫الدستور‪ $.‬ففي وقت كان فيه الص‪$$‬راع السياس‪$$‬ي على أش‪$$‬ده بين الحرك‪$$‬ة الوطني‪$$‬ة‪ ،‬والمتمثل‪$$‬ة باألس‪$$‬اس في‬
‫حزب االستقالل‪ ،‬المنتشي بتاريخ المقاوم‪$$‬ة‪ ،‬وبين القص‪$$‬ر الملكي‪ ،‬ال‪$$‬ذي ع‪$$‬اود ف‪$$‬رض هيمنت‪$$‬ه بع‪$$‬د ت‪$$‬رنح‬
‫سهمه في فترة االستعمار‪ ،‬استصدر هذا األخير ظهيرا‪ $‬للحريات العامة ليس إيمانا بهذا الحق‪ ،‬بل لغ‪$$‬رض‬
‫فسح المجال لتأسيس الجمعيات واألحزاب السياسية‪ ،‬حتى يتم إضعاف األحزاب الوطنية المتواجدة آنذاك‪،‬‬
‫لكي ال تقوى على منافسته في مرحلة االستفتاء على الدستور المغربي سنة ‪1962‬م‪ .‬ل‪$$‬ذلك وبع‪$$‬د ص‪$$‬دور‪$‬‬

‫‪419‬‬
‫قانون تأسيس الجمعيات بسنة واحدة‪ ،‬عرف حزب االستقالل انشقاقا كبيرا سنة ‪1959‬م‪ ،‬حيث خ‪$$‬رج من‬
‫صلبه حزب االتحاد الوطني للقوات الشعبية‪ ،‬لتتوالى بعد ذلك االنش‪$‬قاقات إلى أن ص‪$‬ار‪ $‬المش‪$$‬هد السياس‪$‬ي‪$‬‬
‫المغربي‪ $‬على شاكلة ما نعيشه اليوم من تشرذم‪ $‬وتفتت‪.‬‬

‫ومما يزكي تهافت القوانين المغربية التي صيغت ص‪$$‬ياغة محكم‪$$‬ة‪ ،‬تعكس ظ‪$$‬اهرا متق‪$$‬دما من الحري‪$$‬ة‬
‫على عكس روحها‪ ،‬هو واقع م‪$$‬ا يعيش‪$$‬ه المجتم‪$$‬ع المغ‪$$‬ربي من خن‪$$‬ق للحري‪$$‬ات‪ ،‬ومن‪$$‬ع للحق‪$$‬وق‪ ،‬وف‪$$‬رض‬
‫وصاية على الناس واختياراتهم‪ $.‬فرغم التنصيص على حرية تأسيس الجمعيات واشتراط‪ $‬اإلشعار كإجراء‬
‫إداري فقط‪ ،‬دون شرط الحصول على الترخيص‪ ،‬تبقى الممارسة الميداني‪$$‬ة معي‪$$‬ارا واختب‪$$‬ارا تؤك‪$$‬د عكس‬
‫ما تنص عليه القوانين‪ .‬فقد عرفت الساحة الجمعوية بالمغرب مجموعة من الخروقات‪ $‬القانونية من طرف‬
‫السلطات اإلدارية‪ ،‬حيث تعمل أجهزة الدولة على منع أي تأسيس لجمعية قد ال تنسجم مع سياسات الدول‪$$‬ة‬
‫وخطها‪ ،‬وتجتهد‪ $‬السلطات اإلدارية في إبداع أشكال احترافية للمنع‪ ،‬كالتهرب من تسليم ملفات التص‪$$‬ريح‪،‬‬
‫أو اإلطناب في طلب نسخ الوث‪$$‬ائق القانوني‪$‬ة الغ‪$‬ير مدرج‪$$‬ة في مس‪$‬طرة التأس‪$$‬يس‪ ،‬أو ت‪$$‬رهيب المؤسس‪$$‬ين‬
‫ودفعهم إلى التنازل عن فكرة التأسيس… مما أفرغ قانون تكوين الجمعيات من فحواه‪ ،‬وأفقده الروح التي‬
‫أزهقتها اإلرادة السياسية المستبدة للنظام بالمغرب‪.‬‬

‫وأخذا بعين االعتبار أن قانون تأس‪$$‬يس الجمعي‪$$‬ات المغ‪$$‬ربي يع‪$$‬د ح‪$$‬داثيا في بعض فص‪$$‬وله‪ ،‬ويس‪$$‬تجيب‬
‫للمعايير‪ $‬الدولية فيما يخص تأسيس الجمعيات‪ ،‬لتنصيص‪$‬ه فق‪$‬ط على التص‪$‬ريح واإلخط‪$‬ار‪ $‬عن‪$‬د التأس‪$‬يس‪،‬‬
‫يمكن القول بأن أهم معوق‪ $‬يحول بين األفراد وبين ممارس‪$‬تهم الح‪$$‬ق الط‪$$‬بيعي في تأس‪$$‬يس واالنخ‪$‬راط في‬
‫الجمعيات‪ ،‬هو إرادة النظام الح‪$$‬اكم‪ ،‬من خالل مؤسس‪$$‬اته اإلداري‪$$‬ة الرس‪$$‬مية‪ ،‬المخ‪$$‬ول له‪$$‬ا وح‪$$‬دها بتس‪$$‬ليم‬
‫ملفات التأسيس‪ ،‬والتي تتفنن وتتقن فنون التماطل واإلنكار والتبرير‪ ،‬وحيث يبقى المؤسس رهين مزاجي‪$$‬ة‬
‫موظفي اإلدارة‪ ،‬الذين يتجاوزون القانون في تعاملهم ويعوضونه باالستجابة للتعليمات‪ .‬فال يع‪$$‬دو الق‪$$‬انون‬
‫في ه‪$$‬ذه الحال‪$$‬ة أن يك‪$$‬ون إال ح‪$$‬برا على ورق‪ ،‬ي‪$$‬زين ص‪$$‬ورة الدول‪$$‬ة في المحاف‪$$‬ل الدولي‪$$‬ة‪ ،‬وال يخ‪$$‬دم إال‬
‫مصالح الحاكمين بالبالد‪.‬‬

‫إن المتتبع لمسار وتاريخ التعديالت القانونية الخاصة بالجمعيات في المغرب‪ ،‬ولما وراء بنود القوانين‬
‫وللخلفيات المتحكمة في صياغتها ولما بين السطور‪ $،‬يستشف‪ $‬أن ق‪$$‬انون تأس‪$‬يس الجمعي‪$‬ات ب‪$‬المغرب‪ ،‬م‪$‬ا‬
‫جاء إال ليكرس خيار الدولة‪ ،‬وليخدم مصالحها وليحافظ على نهجها واس‪$$‬تراتيجيتها‪ $‬في الحق‪$$‬ل الجمع‪$$‬وي‪،‬‬
‫ثم ج‪$$‬اء ليقط‪$$‬ع الطري‪$$‬ق على المعارض‪$$‬ة‪ ،‬من خالل حص‪$$‬ار‪ $‬ومن‪$$‬ع ك‪$$‬ل امت‪$$‬داد ط‪$$‬بيعي له‪$$‬ا في المجتم‪$$‬ع‬
‫وليحاصر كل إطار مجتمعي يظم عنصرا ينتمي إلى إحدى الهيئات المغضوب عليها من طرف المخزن‪،‬‬
‫بحيث يتم فسح مجال للمن‪$$‬اورة في الق‪$$‬انون‪ ،‬من خالل ثغ‪$$‬رات قانوني‪$$‬ة تس‪$$‬مح للمخ‪$$‬زن بمع‪$$‬اودة ممارس‪$$‬ة‬
‫أس‪$$‬اليبه المعه‪$$‬ودة‪ ،‬من من‪$$‬ع وحص‪$$‬ار‪ $‬وإقص‪$$‬اء وتض‪$$‬ييق‪ $‬على الجمعي‪$$‬ات‪ ،‬دون أن يس‪$$‬جل على نفس‪$$‬ه أي‬

‫‪420‬‬
‫انتكاسة حقوقية أو تراجع في الحريات العامة‪ ،‬ودون أن يضطر في الميدان إلى السماح للمعارضة بحقه‪$‬ا‬
‫في ممارسة العمل الجمعوي كما هو متعارف عليه‪.‬‬

‫كرس القانون الدولي حق حرية تأسيس الجمعيات من خالل المواثيق والمعاهدات الدولية التي ص ادقت‬
‫عليها مجموعة من الدول‪ ،‬وخاص ة العه د ال دولي الخ اص ب الحقوق المدني ة والسياس ية‪ ،‬واعتم د ع رض‬
‫للتوقي ع والتص ديق واالنض مام بم وجب ق رار الجمعي ة العام ة لألمم المتح دة س نة ‪ ،1966‬حيث ج اء في‬
‫"المادة ‪ "22‬أن لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخ رين وال يج وز أن يوض ع من القي ود على‬
‫ممارسة هذا الحق إال تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي‪ ،‬لصيانة‬
‫األمن القومي‪ ،‬أو السالمة العامة‪ ،‬أو النظ ام الع ام‪ ،‬أو حماي ة الص حة العام ة أو اآلداب العام ة‪ ،‬أو حماي ة‬
‫حقوق اآلخرين وحرياتهم‪ ،‬وال تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة ورجال الشرطة لقي ود‬
‫قانونية على ممارسة هذا الحق ‪.‬‬

‫كما أن المادة ‪ 20‬من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الصادر س نة ‪ ،1948‬كرس ت أيض ا ه ذا الح ق‪،‬‬
‫حيث نصت على أن "لكل شخص الحق في حرية االشتراك في الجمعيات والجماع ات الس لمية وال يج وز‬
‫إرغام أحد على االنضمام إلى جمعية ما"‪ ،‬كما تنص المادة ‪/29‬الفقرة الثانية على أنه كل فرد " يخضع في‬
‫ممارسة حقوقه وحريات ه لتل ك القي ود ال تي يقرره ا الق انون فق ط " مالءم ة م ع هات ه المقتض يات الدولي ة‬
‫الضامنة لممارسة حق حرية تأسيس الجمعيات‪ ،‬نجد أن كل دساتير المغرب تك رس هي األخ رى ممارس ة‬
‫هذا الحق‪.‬‬

‫كما أن المشرع الدستوري المغربي نحى على نفس المنوال من حيث تكريس ه لح ق تأس يس الجمعي ات‬
‫والتزام ه ب المواثيق والمعاه دات الدولي ة انطالق ا من ه ذه المعطي ات‪ ،‬س نحاول أن ن ؤطر ه ذا من خالل‬
‫التطرق إلى النظام القانوني المتعلق بالجمعيات والتعرف على شروط تأسيسها‪ ،‬باإلضافة إلى معالج ة ك ل‬
‫قيود وموانع التي يواجهها‪.‬‬

‫ونذكر في ما يلي شروط تأسيس الجمعيات بالمغرب (الفق رة األولى)‪ ،‬والموان ع ال تي تح ول دون ذل ك‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬شروط تأسيس الجمعيات بالمغرب‬

‫في التش ريع المغ ربي ومن خالل الفص ل ‪ 2‬من الظه ير التعل ق بتأس يس الجمعي ات‪ ،‬يمكن تأس يس‬
‫جمعيات األشخاص بكل حرية ودون سابق إذن بشرط أن تراعي في ذلك مقتض يات الفص ل ‪ 5‬ال تي تح دد‬
‫لنا الش روط ال تي يجب توافره ا لتأس يس الجمعي ة وال تي تعت بر ض رورية لص حة قيامه ا‪ ،‬حيث أن ه على‬

‫‪421‬‬
‫األشخاص الذين اتفقوا على تأس يس الجمعي ة أن يق دموا إلى الس لطات اإلداري ة المحلي ة تص ريحا‪ .‬وال تي‬
‫يتواجد مقر الجمعية بدائرة نفوذها أو يقدم هذا التصريح بواسطة عون قضائي في مقابل أن تتس لم الجمعي ة‬
‫وصال مؤقتا مضمن فيه تاريخ تسلم السلطات اإلدارية التصريح بتأسيس الجمعية‪ ،‬وتقوم السلطات المحلي ة‬
‫بإرسال التصريح ونسخا من الوثائق المرفقة مع ه إلى النياب ة العام ة بالمحكم ة االبتدائي ة المختص ة لتب ني‬
‫رأيها في الطلب عند االقتضاء‪ ،‬وداخل أج ل ال يتع دى ‪ 60‬يوم ا يس لم إلى الجمعي ة وص ال نهائي ا‪ ،‬وإذا تم‬
‫تجاوز هذا األج ل ولم يس لم للجمعي ة الوص ل النه ائي ج از له ا أن تم ارس أنش طتها وف ق األه داف ال تي‬
‫سطرتها في قانونها األساسي ‪.‬‬

‫في حين يتضمن التصريح ما يلي ‪:‬‬

‫اسم الجمعية وأهدافها‬ ‫‪‬‬


‫الئحة باألسماء الشخصية والعائلية وجنسية وسن وتاريخ ومك ان االزدي اد ومهن ة ومح ل‬ ‫‪‬‬
‫سكنى أعضاء المكتب المسير‬
‫الصفة التي يمثلون بها الجمعية تحت أي اسم كان‬ ‫‪‬‬
‫صورا من بطائقهم الوطنية أو بطائق اإلقامة بالنسبة لألج انب ونس خا من بط ائق الس جل‬ ‫‪‬‬
‫العدلي ‪.‬‬
‫مقر الجمعية‬ ‫‪‬‬
‫عدد ومقارما أحدثته الجمعية من فروع ومؤسسات تابعة لها أو منفصلة عنه ا تعم ل تحت‬ ‫‪‬‬
‫إدارتها أو تربطها بها عالقات مستمرة وترمي إلى القيام بعمل مشترك‪.‬‬

‫ويمضي صاحب الطلب تصريحه وكذا الوث ائق المض افة إلي ه ويش هد بص حتها وتف رض على ك ل من‬
‫القوانين األساسية والئحة األعضاء المكلفين بإدارة الجمعية أو تسيرها حقوق النشر الم ؤذاة بالنس بة للحجم‬
‫باستثناء نظيرين‪.‬‬

‫إذ نالح ظ أن المش رع المغ ربي اعتم د في تأس يس الجمعي ة على نظ ام التص ريح‪ .‬وه و نظ ام محم ود‬
‫بخالف نظام الترخيص الذي يعتبر نظاما تسلطيا ال يتالءم مع طبيعة الح ق في تأس يس الجمعية‪ ،847‬إال أن‬
‫المشرع المغربي يعتبر نظام الوصل قي دا ش كليا في ممارس ة ح ق تأس يس الجمعي ة ‪،‬وه و م ا ع بر عن ه‬
‫المقرر الخاص المعني بأوضاع المدافعين عن حقوق اإلنسان‪ ،‬فمعظم البلدان تقتض ي أن تص در الحكوم ة‬
‫إيصاال باستالم اإلش عار وإص دار وثيق ة التس جيل‪ ،‬ولكن الممارس ة العملي ة تظه ر في بعض الح االت أن‬
‫السلطات تتجاهل طلبات اإلشعار وال تصدر إيصاالت أو وثائق االستالم وبحس ب رأي المق رر الخ اص ‪،‬‬

‫‪ - 847‬س‪$‬عيد ال‪$‬وردي" الح‪$‬ق في تأس‪$‬يس الجمعي‪$‬ات بين النص الق‪$‬انوني والممارس‪$‬ة العملي‪$‬ة" المجل‪$‬ة القانوني‪$‬ة االلكتروني‪$‬ة ع‪$‬دد ‪ 4‬ت‪$‬اريخ الزي‪$‬ارة‬
‫‪2019.01.02‬‬

‫‪422‬‬
‫فإنه يجب أن ال يكون التسجيل إجباري ا‪ .‬ويجب الس ماح للجمعي ات ب أن تق وم وتض طلع بأنش طتها دون أن‬
‫تضطر للتسجيل‪ ،‬ويرى المقرر الخاص أن القانون يجب أن يوضح وضع المنظمة في الف ترة م ا بين طلب‬
‫التسجيل والقرار النهائي وأنه ينبغي أن تكون هذه المنظمات ح رة في ب دء أنش طتها إلى أن يص در الق رار‬
‫النهائي‪.848‬‬

‫يعت بر المق رر الخ اص في الق وانين الخاص ة بالمنظم ات غ ير الحكومي ة‪ ،‬وال تي تحت وي على ق وائم‬
‫باألنشطة المسموح بها وتلك المحظورة إشكالية إلى أبعد الحدود‪ ،‬كما يؤكد بأن إمكانية حص ول المنظم ات‬
‫على التمويل وقدرتها على طلب التمويل وتلقيه واستخدامه‪ ،‬بما في ذل ك من مص ادر أجنبي ة‪ ،‬ه و عنص ر‬
‫أصيل في الحق في حري ة التجم ع وض مان حري ة عم ل منظم ات المجتم ع الم دني‪،849‬وبالت الي فالمش رع‬
‫المغربي نص أنه ال يمكن للجمعية بأن تمارس األنشطة المنصوص عليه ا في الفص ل ‪ 6‬إال بع د اس تكمال‬
‫اإلجراءات المنصوص عليها في الفصل ‪ 5‬وبالتالي ‪،‬فهذا قيد تعسفي اتجاه الجمعية وبالتالي م ا الغاي ة من‬
‫منع الجمعي ة من ممارس ة أنش طتها م ا بين الوص ل الم ؤقت والوص ل النه ائي ؟ولم اذا اس تعمل المش رع‬
‫المغربي وصلين بدل الوصل الواحد؟‪ ،‬كان ب األحرى أن يف رض وص ال واح دا‪ ،‬ح تى تتمكن الجمعي ة من‬
‫فتح حساب بنكي خاصة في الحالة التي يتعذر توصل الجمعية بالوصل النهائي حيث أن المؤسسات البنكي ة‬
‫تطلبه‪ ،‬وحتى يتم فتح حساب بنكي بعد مرور ‪ 60‬يوما باعتبارها المدة الفاص لة لقي ام الجمعي ة بأنش طتها‪،‬‬
‫فإنها في عالقاته ا م ع بعض القطاع ات الوزاري ة ال يمكن للجمعي ة أن تأخ ذ دعم ا إال بع د حص ولها على‬
‫الوصل النهائي‪ ،‬وعليه فالوصل ليس واقعة منشئة للجمعية‪ ،‬لكن غيابه يطرح عدة عراقيل تحول دون قي ام‬
‫الجمعية بنشاطها بشكل عادي‪.850‬‬

‫وبالتالي كان على المشرع المغربي أن يقوم بالتنصيص على رقم الحساب البنكي في التص ريح لض بط‬
‫األنشطة المنصوص عليها في الفصل ‪ 6‬من ظهير المؤسس للجمعيات‪ ،‬لذلك فلماذا التعقيدات بدل التس هيل‬
‫والتبسيط في تأسيس الجمعية؟ على اعتبار أنها مبادرات تطوعية من جانب المواط نين‪ .‬وح ق من الحق وق‬
‫والحريات األساسية المضمونة من خالل المواثيق الدولية وأيضا الدساتير‪.‬‬

‫تجدر بنا اإلشارة إلى البيانات اإللزامية ‪ ،‬إذ أن المشرع المغربي من خالل الفص ل ‪ 5‬من قانون ه فص ل‬
‫في البيان ات ال تي يجب أن يتض منها التص ريح خاص ة فيم ا يتعل ق بالهوي ة ‪ :‬اس م الشخص ي والع ائلي‪،‬‬
‫الجنسية‪ ،‬السن‪ ،‬تاريخ ومكان االزدياد‪ ،‬مهنة ومحل سكنى أعضاء المكتب‪ ،‬وبالت الي فه ذا المقتض ى ال ذي‬
‫نص عليه المشرع المغربي له أهمي ة خاص ة على مس توى التوص ل م ع األعض اء في ح االت النزع ات‪.‬‬

‫‪ - 848‬تقري‪$$‬ر المق‪$$‬رر الخ‪$$‬اص المع‪$$‬ني بأوض‪$$‬اع الم‪$$‬دافعين عن حق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان المق‪$$‬دم للجمعي‪$$‬ة العام‪$$‬ة ‪ 4‬غش‪$$‬ت ‪ 226/64/1 $ .2009‬الفق‪$$‬رات‬
‫‪55.59.60.66.70.79‬‬
‫‪ - 849‬نفس تقرير المقرر الخاص السابق‬
‫‪ - 850‬س‪$$‬عيد ال‪$$‬وردي"الح‪$$‬ق في تأس‪$$‬يس الجمعي‪$$‬ات‪ $‬بين النص الق‪$$‬انوني والممارس‪$$‬ة العملي‪$$‬ة" المجل‪$$‬ة القانوني‪$$‬ة االلكتروني‪$$‬ة ع‪$$‬دد ‪ 4‬ت‪$$‬اريخ الزي‪$$‬ارة‬
‫‪2019.01.02‬‬

‫‪423‬‬
‫أيضا هذا المقتضى هو جد مهم خاصة بالنسبة لألشخاص غير المكلفين لألهلية إذ أنه ال تقييد في هذا الباب‬
‫فالمشرع المغربي لم يضمن هذا المقتضى في الظهير بل ترك المسألة في تحديد صحتها لقانون االلتزامات‬
‫والعق ود وه و م ا نج ده في منط وق الفص ل األول من الظه ير‪ ،‬وعلي ه إذا رجعن ا إلى ق انون االلتزام ات‬
‫والعقود حين جاء في الفصل ‪ " 3‬األهلية المدنية للفرد تخضع لقانون أحواله الشخص ية وك ل ش خص أه ل‬
‫لإللزام وااللتزام ما لم يصرح قانون أحواله الشخصية أي مدونة األسرة بغ ير ذل ك"‪ .851‬وعلي ه إذا رجعن ا‬
‫إلى مدونة األسرة والذي بهمنا في شقها هي أهلية األداء‪852‬وبالتالي يفهم من خالل منطوق الم ادة ‪ 208‬أن ه‬
‫يمكن للش خص ممارس ة حقوق ه الشخص ية والق انون يح دد ش روط اكتس اب األهلي ة لممارس ة الحق وق‬
‫الشخصية وبالتالي هل يمكن للصبي ولناقص األهلية أن يؤسس الجمعية وفق المقتضيات ال تي ج اءت به ا‬
‫مدونة األسرة ‪.‬‬

‫حسب المادة ‪ 213‬من مدونة األسرة يعتبر ناقص أهلية األداء‬

‫‪ -1‬الصغير الذي بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد‬

‫‪-2‬السفيه‬

‫‪-3‬المعتوه‬

‫أما المادة ‪ 214‬تنص على أن الصغير المميز هو الذي أثم اثنتي عشرة سنة شمسية كاملة‪.‬‬

‫أما فيما يخص السفيه‪ ،‬فقد جاءت المادة ‪ 215‬وعرفته بأنه المبذر الذي يصرف ماله فيم ا ال فائ دة في ه‪،‬‬
‫وفيما يعده العقالء عبثا‪ .‬بشكل يضر به أو بأسرته‪.‬‬

‫أما المعتوه فقد نصت المادة ‪ 216‬بأن هو ذلك الشخص المصاب بإعاقة ذهني ة ال يس تطيع معه ا التحكم‬
‫في تفكيره وتصرفاته‪.‬‬

‫في حين تنص المادة ‪ 218‬أنه إذا بلغ القاصر السادسة عشرة من عمره‪ .‬جاز ل ه أن يطلب من المحكم ة‬
‫ترشيده "‪ ،‬ويمكن للنائب الشرعي أن يطلب من المحكمة ترشيد القاصر الذي بلغ السن الم ذكور أعاله‪ ،‬إذا‬
‫أنس منه الرشد‪ :‬وبالتالي في هاته الحال ة يكتس ب القاص ر بع د ترش يد األهلي ة الكامل ة لتأس يس الجمعي ات‬
‫وبالتالي فهل القاصر تص رفاته تع د ص حيحة ويمكن أن يتمت ع بحقوق ه بم ا فيه ا ح ق تأس يس الجمعي ات‪،‬‬
‫وبالتالي جاءت المادة ‪ 225‬تخضع تصرفات الص غير ومن بينه ا اتف اق تأس يس الجمعي ة لألحك ام التالي ة‪:‬‬
‫تكون نافذة إذا كانت نافعة له نفعا محضا تكون باطلة إذا كانت مضرة به – يتوق ف نفاده ا إذا ك انت دائ رة‬
‫‪ - 851‬قانون االلتزامات والعقود ظهير ‪ 9‬رمضان ‪ 12( 1331‬أغسطس ‪ )1913‬صيغة محينة بتاريخ ‪ 19‬مارس ‪2015‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 206‬من مدونة األسرة األهلية نوعان أهلية وجوب وأهلية األداء"‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 207‬أهلية الوجوب هي صالحية الشخص الكتساب‪ $‬الحقوق وتحمل الواجبات التي يحددها القانون وهي مالزمة به ط‪$‬ول حيات‪$‬ه وال يمكن‬
‫حرمانه منها‪.‬‬
‫‪ - - 852‬المادة ‪ 208‬أهلية األداء هي صالحية الشخص لممارسة حقوقه الشخصية والمالية ونفاذ تصرفاته ويحدد القانون شروط اكتس‪$$‬ابها وأس‪$$‬باب‬
‫نقصانها أو انعدامها‬

‫‪424‬‬
‫بين النفع والضرر على إجازة نائبه الشرعي‪ ،‬وبالتالي من خالل المادة ‪266‬يمكن للصغير المميز أن يتسلم‬
‫جزءا من أمواله إلدارتها بقصد االختبار ‪.‬‬

‫وبهذا الخصوص يصدر اإلذن من الوالي أو بق رار من القاض ي المكل ف بش ؤون القاص رين بن اء على‬
‫طلب من الوصي أو المقدم أو الصغير المعني باألمر‪.‬‬

‫وبالتالي يمكن وفق القانون المغربي لناقص األهلية أن يؤسس الجمعية شريطة حص وله على اإلذن من‬
‫ولي أمره‪ ،‬وليس هناك في القانون المغربي ما يمنع القاصرين من تأسيس الجمعية‪ .‬أيضا هناك نقطة مهمة‬
‫بالنسبة آلليات التبليغ‪ ،‬فالمشرع المغربي وجب وضع الملف التأسيسي يدويا أي بطريقة مباشرة وذل ك عن‬
‫طريق ممثل الجمعية أو أي عضو من المؤسسين حسب ما ينص عليه الق انون األساس ي للجمعي ة ومس ألة‬
‫التمثيلية لدى السلطات‪ ،‬حتى ال يتالعب بمسألة الوصل بحجة الوثائق الغير المكتملة وما إلى غير ذل ك من‬
‫الممارسات والشطط في استعمال السلطة‪.‬‬

‫أيضا مسألة ‪ 60‬يوما لتسلم الوصل النهائي أو المدة الفاصلة العتبار الجمعية قانونية‪ ،‬يعد معي ار اس تند‬
‫إليه المشرع المغربي واعتبره شرط يدخل ضمن القيود الغ ير الم بررة االس تعمال‪ ،‬في حين أن الغاي ة من‬
‫‪ 60‬يوما ال تتماشى وتتناقض مع ما نصت عليه المواثيق الدولية ‪.‬‬

‫يجب أن ال ننس ى أن هن اك مجموع ة من الش روط موزع ة في قانون ه‪ ،‬حيث إذا رجعن ا إلى التش ريع‬
‫المغربي نجده من خالل الظهير المتعل ق بتأس يس الجمعي ات (فص ل ‪ )23‬ال يمن ع الجمعي ات ذات الط ابع‬
‫السياسي من تمويل الحمالت االنتخابية ‪.‬‬

‫وما توصلنا إليه أن الجمعية شخص معنوي عليها واجبات وله ا حق وق‪ ،‬وبالت الي من حقه ا أن تم ارس‬
‫أنشطة سياسية وتدعمها ألنها ترى فيها مصلحتها‪ .‬هذا فيما يتعلق بالشروط والقيود التي استخلصناها ال تي‬
‫جاء بها المشرع المغربي والتي أغلبها تتالءم مع المواثيق والمعاه دات الدولي ة إال في المقتض ى المرتب ط‬
‫بمزاولة األنشطة بين الفترة الفاصلة للوصل المؤقت والوصل النهائي إذ منع المشرع المغربي من مزاول ة‬
‫هاته األنشطة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬قيود وموانع تأسيس الجمعيات بالمغرب‬

‫اعتمد المشرع المغربي في نظام تأسيس الجمعيات على نظام التصريح وهو نظام محمود بخالف نظ ام‬
‫الترخيص الذي يعتبر نظاما تسلطيا ال يتالءم مع طبيعة الحق في تأسيس الجمعيات‪ ،‬ونظام التصريح يعني‬
‫أن تقدم الجمعي ة مباش رة أو بواس طة مف وض قض ائي إلى الس لطة المحلي ة مل ف تأسيس ها وف ق الش روط‬
‫المذكورة أعاله‪ ،‬تسلم عنه فورا وصال مختوما ومؤرخا في الحال‪ ،‬ووصال نهائي ا داخ ل اج ل س تين يوم ا‬

‫‪425‬‬
‫على األكثر‪ ،‬وإال جاز للجمعية أن تمارس نشاطها‪.853‬إن نظام التصريح في هذه الحالة يقتض ي من الناحي ة‬
‫القانونية أن يقوم المصرح بإشعار السلطة أو اإلدارة بنية تأسيس الجمعي ة وإخباره ا ليس إال دونم ا توق ف‬
‫نشاطه على قرار إيجابي أو سلبي صادر عن هذه األخيرة‪.854‬‬

‫هذا يعني أن الجمعية تصبح قائمة ال ذات بمج رد اس تيفاء ش كليات التص ريح ‪،‬وأن الوص ل الم ؤقت أو‬
‫النهائي ليس واقعة منشئة للجمعية لكن غيابه يطرح عدة موان ع وقي ود تح ول دون قي ام الجمعي ة بنش اطها‬
‫بشكل عادي‪.‬‬

‫من أهم الموانع التي تواجه تأس يس الجمعي ات نج د امتن اع الس لطات المحلي ة اإلداري ة عن تس لم مل ف‬
‫الجمعية بصفة نهائية‪ ،‬وفي حالة تس لمه االمتن اع عن تس ليم الوص ل الم ؤقت أو النه ائي مم ا يش كل عقب ة‬
‫حقيقية تحد من فعالية وحرية العمل الجمعوي‪.‬‬

‫ومن أهم الس مات المم يزة لق انون تأس يس الجمعي ات نج د ارتكازه ا على مب دأ الحري ة في‬
‫التأسيس واعتماد نظام التصريح عند اإليداع‪ ،‬وهو تق دم وتط ور ينس جم م ع منط ق األش ياء وم ع‬
‫مقتض يات حق وق اإلنس ان‪ ،‬لكن البعض ي رى أن ع دم الت دقيق في الص ياغة القانوني ة للفص ول‬
‫والطبيعة المخزنية التسلطية لرجال السلطة وأجهزته ا أفرغ ا ه ذا المب دأ من محت واه وح واله إلى‬
‫نظام ترخيصي وقيدا مبدأ الحرية بحيث أصبح كل ذلك خاضعا لمزاج السلطة ولخصوصيات ك ل‬
‫مرحلة وحسب موقف كل راغب في ممارسة الحرية من السلطة وموقف السلطة منه‪.855‬‬

‫ومن خالل قراءة في جميع ما يتم تداوله في هذا الشأن يمكن القول بأن العراقيل التي تواج ه به ا حري ة‬
‫تأسيس الجمعيات في المغرب تنحصر في شكلين من التصرفات وهما‪:‬‬

‫امتناع السلطة اإلدارية المحلية المختصة عن تسلم الملف القانوني للجمعية؛‬ ‫‪-1‬‬
‫امتناع السلطة اإلدارية المحلية المختصة عن تسليم الوصلين المؤقت والنهائي للجمعية؛‬ ‫‪-2‬‬

‫ففي جميع هذه الحاالت نسجل تصرفا ‪ ‬سلبيا من جانب اإلدارة يتجلى في االمتناع عن القيام بعمل منوط‬
‫بها بموجب القانون‪ .‬غير أن األثر القانوني لهذا االمتناع يختلف حسب الحالة‪.‬‬

‫‪-1‬امتناع السلطة اإلدارية المحلية المختصة عن تسلم الملف القانوني للجمعية‪  :‬‬
‫‪ - 853‬خالد اإلدريسي‪":‬حرية تأسيس الجمعيات‪ $‬بالمغرب في النص القانوني "مقال منشور في جريدة التجديد ليوم ‪2012 - 06 - 29‬‬
‫‪ - 854‬انظر مقال منشور بالموقع االلكتروني‪ :‬تحت عنوان "النظام القانوني للعمل الجمعوي في المغرب من التأسيس الى الحل" زيارة الموقع تمت‬
‫بتاريخ ‪18‬يناير‪http://www.startimes.com/f.aspx?t=20459533 2019‬‬
‫‪ - 855‬انظ‪$$‬ر عم‪$$‬ر أحرش‪$$‬ان "الحري‪$$‬ات العام‪$$‬ة في المغرب‪$$‬يين مب‪$$‬دأ التص‪$$‬ريح وواق‪$$‬ع ال‪$$‬ترخيص" مق‪$$‬ال منش‪$$‬ور على الموق‪$$‬ع االلك‪$$‬تروني‬
‫‪ http://www.aljamaa.net/ar/document/2248.shtml‬زيارة الموقع تمت بتاريخ ‪ 18‬يناير‪.2019‬‬

‫‪426‬‬
‫تحصل هذه الحالة غالبا لما يتعلق األمر بجمعية ذات أهداف غير مرغ وب فيه ا من ط رف الدول ة‪ ،‬أو‬
‫عندما يكون مكتب الجمعية يضم من بين أعضائه أشخاص ا يتبن ون أفك ارا أو مب ادئ تتن افى م ع مقدس ات‬
‫الدولة‪ .‬إذ غالبا م ا توج ه تعليم ات للم وظفين المكلفين بتس لم ملف ات الجمعي ات بع دم تس لم ه ذا الن وع من‬
‫الملفات‪ .‬وفي هذه الحالة نجد المشرع المغربي قد مأل الفراغ وتدخل لينص في الفصل ‪ 5‬على أنه"يجب أن‬
‫تقــدم كــل جمعيــة تصــريحا إلى مقــر الســلطة اإلداريــة المحليــة الكــائن بــه مقــر الجمعيــة ‪ ‬مباشــرة‪ ‬أو‬
‫بواسطة‪ ‬عون قضائي"‪ 856‬حيث أنه في الحالة التي يمتن ع ممث ل الس لطة المحلي ة من تس لم مل ف الجمعي ة‬
‫تبقى اإلمكانية مفتوحة أمام المعني باألمر للجوء إلى تبليغ الملف عن طريق عون قضائي‪.857‬‬

‫إذ أن المفوض القضائي مؤهل للقيام بعملية إيداع ملف الجمعية أمام السلطة اإلدارية المحلية المختص ة‬
‫بناء على طلب من المعنيين باألمر‪ ،‬ويقوم حسب الحالة بتحرير محضر تبليغ أو محضر امتناع عن التسلم‬
‫يتم الرجوع إليه عند االقتضاء‪ .‬ويوفر في هذه الحال ة للط رف المع ني دليال على امتن اع اإلدارة من القي ام‬
‫بواجبها ويمكنه بناء على ذلك تقديم الطعن أمام الجهة القضائية المختص ة‪ ،‬وذل ك على خالف الحال ة ال تي‬
‫يكون فيها الرفض شفويا حيث يصعب على الطاعن إثباته أمام القضاء خصوصا في حالة ع دم االع تراف‬
‫بذلك من طرف اإلدارة‪ .‬ولإلشارة فإن غالبية المواطنين يلجئون في تطبيق هذه المس طرة إلى الس يد رئيس‬
‫المحكمة االبتدائية بص فته قاض يا للمس تعجالت للحص ول على أم ر قض ائي ب التبليغ في إط ار مقتض يات‬
‫الفصل ‪ 148‬من قانون المسطرة المدني ة المتعل ق ب األوامر المبني ة على طلب‪ .‬والح ال أن الق انون المنظم‬
‫لمهنة المفوضين القضائيين يخولهم الحق في القيام بهذا اإلجراء دون الرج وع ل رئيس المحكم ة وفي ذل ك‬
‫امتياز لطالب إجراء التبليغ ‪ ‬يتجلى في ربح الوقت واقتصاد النفقات‪ .‬لكن رغم ذل ك فه ذا اإلج راء ال يخل و‬
‫اللجوء إليه من صعوبات مادية تثقل كاهل المواطنين بنفقات إضافية هم في واقع األم ر معف ون منه ا و ق د‬
‫تكون بداية لنفقات أخرى في حالة إحجام السلطة المحلي ة عن تس ليم الوص لين الم ؤقت والنه ائي وتفض يل‬
‫المتضرر اللجوء إلى القضاء‪.‬‬

‫‪ -2‬امتناع السلطة اإلدارية المحلية المختصة عن تسليم الوصلين المؤقت والنهائي للجمعية‪:‬‬
‫‪ - 856‬قد يفضل البعض توجيه ملف الجمعية إلى السلطة اإلدارية المحلية المختصة عن طريق البريد المضمون فهل تق‪$$‬وم ه‪$$‬ذه الوس‪$$‬يلة حج‪$$‬ة على‬
‫إيداع الملف؟ في اعتقادنا المتواضع فالبريد المضمون ليس وسيلة إليداع ملف الجمعي‪$$‬ة ل‪$$‬دى الس‪$$‬لطة المحلي‪$$‬ة المختص‪$$‬ة‪ ،‬ألن الفص‪$$‬ل الخ‪$$‬امس من‬
‫القانون الخاص بتأسيس الجمعيات‪ $‬نص على وسيلتين على سبيل الحصر‪ ،‬ولم يش‪$$‬ير إلى إمكاني‪$$‬ة اس‪$$‬تعمال وس‪$$‬ائل أخ‪$$‬رى من جه‪$$‬ة ولك‪$$‬ون التبلي‪$$‬غ‬
‫بالبريد المضمون يتيح لإلدارة اإلمكانية للمجادلة في موضوع المراسلة الواردة بهذه الوسيلة ألنها تخص تبليغ الظرف وال يمكنها‪ $‬إثبات محتواه‪.‬‬
‫‪ - 857‬تنص المادة ‪ 15‬من الظهير الشريف رقم ‪ 1-06-23‬ص‪$$‬ادر في ‪ 15‬من مح‪$$‬رم ‪ 14( 1427‬ف‪$$‬براير ‪ )2006‬بتنفي‪$‬ذ‪ $‬الق‪$$‬انون رقم‪81-03‬‬
‫بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين (الجريدة الرس‪$‬مية رقم ‪ 5400‬الص‪$‬ادرة ي‪$‬وم الخميس ‪ 2‬م‪$‬ارس ‪ .)2006‬على أن‪$‬ه "يختص المف‪$‬وض القض‪$‬ائي‬
‫بصفته هاته‪ ،‬مع مراعاة الفقرة الرابعة من ه‪$‬ذه الم‪$‬ادة‪ ،‬بالقي‪$‬ام بعملي‪$‬ات‪ $‬التبلي‪$‬غ وب‪$‬إجراءات تنفي‪$‬ذ األوام‪$$‬ر واألحك‪$‬ام والق‪$‬رارات وك‪$‬ذا ك‪$$‬ل العق‪$$‬ود‬
‫والسندات التي لها قوة تنفيذية‪ ،‬مع الرجوع إلى القضاء عند وجود أي صعوبة‪ ،‬وذلك باستثناء‪ $‬إجراءات التنفيذ المتعلقة بإفراغ المحالت والبيوع‪$$‬ات‬
‫العقارية وبيع السفن والطائرات واألصول التجارية‪.‬‬
‫‪ -‬يتكلف المفوض القضائي بتسليم استدعاءات التقاضي ضمن الشروط المقررة في قانون المس‪$$‬طرة المدني‪$$‬ة وغيره‪$$‬ا من الق‪$$‬وانين الخاص‪$$‬ة ‪ ،‬وك‪$$‬ذا‬
‫استدعاءات الحضور المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية ‪،‬ويمكن له أن يق‪$$‬وم باس‪$$‬تيفاء المب‪$$‬الغ المحك‪$$‬وم به‪$$‬ا أو المس‪$$‬تحقة بمقتض‪$$‬ى س‪$$‬ند‬
‫تنفيذي وإن اقتضى الحال البيع بالمزاد العلني للمنقوالت المادية‪.‬‬
‫‪ -‬يقوم المفوض القضائي بتبليغ اإلنذارات بطلب من المعني باألمر مباشرة ما لم ينص القانون على طريقة أخرى للتبليغ‪.‬‬
‫‪ -‬ينتدب‪ $‬المفوض القضائي من لدن القضاء للقي‪$‬ام بمعاين‪$‬ات‪ $‬مادي‪$‬ة محض‪$‬ة مج‪$‬ردة من ك‪$‬ل رأي‪ ،‬ويمكن ل‪$‬ه أيض‪$‬ا القي‪$‬ام بمعاين‪$‬ات‪ $‬من نفس الن‪$‬وع‬
‫مباشرة بطلب ممن يعنيه األمر"‬

‫‪427‬‬
‫من خالل العدي د من الص حف والجرائ د اليومي ة والمواق ع االلكتروني ة معان اة بعض الجمعي ات ح ول‬
‫الحصول على وصل إيداع الجمعية سواء المؤقت أو النهائي‪ .‬ويحص ل ذل ك لم ا يظه ر بع د إي داع المل ف‬
‫والقيام باألبحاث المخولة للسلطة المحلية المختصة بتسلم الملف بموجب الفصل الخامس كم ا تم تعديله‪،858‬‬
‫أن بعض أو كل أعضاء الجمعية لهم انتماءات سياسية أو دينية متطرفة أو اعتناقهم ألفكار من ش أنها المس‬
‫بمقدسات الدولة أو أن الجمعية تخفي وراء نشاطها المعلن أنشطة أخرى قد تحقق إضرارا بالمصالح العلي ا‬
‫للدولة‪ .‬فتمتنع عن تسليم الجمعية المعنية الوصل المؤقت أو النهائي حسب الحالة مما يجعلها في وضع بين‬
‫المنزلتين‪ ،‬فهي من الناحية القانونية قد تأسست بمج رد اس تيفاء الش كلية المتعلق ة بإي داع التص ريح مكتمال‬
‫طبقا لما نص عليه الفصل الخامس ويجب تمكينها من الوصل النهائي داخل أجل أقصاه ستون يوم ا ‪ ،‬وفي‬
‫حالة اإلخالل به ذا ال واجب تص بح الجمعي ة قائم ة ال ذات بص فة قانوني ة ويمكنه ا ممارس ة أنش طتها وفق ا‬
‫لألهداف المسطرة في قوانينها‪.‬‬

‫لكن من الناحي ة العملي ة فهي ال يمكنه ا ممارس ة أي نش اط بص فة قانوني ة ‪ ،‬حيث ال يمكنه ا اس تعمال‬
‫القاع ات العمومي ة في اجتماعاته ا‪ ،‬وال يمكنه ا تنظيم المظ اهرات والم واكب واالستعراض ات ب الطرق‬
‫العمومي ة ‪ ،‬وال يمكنه ا فتح حس اب بنكي ل دى المؤسس ات المص رفية وال الحص ول على دعم من إح دى‬
‫المؤسسات أو المصالح التابعة للدولة ألنه عمليا يتطلب للقيام بكل ذلك تقديم الوصل النهائي للجمعي ة‪ .‬وفي‬
‫غيابه فالجمعية تضل معطلة عن أداء مهامها بل أكثر من ذلك فق د يتع رض أعض اؤها للمض ايقات وربم ا‬
‫المتابعات القضائية بتهمة االنتماء لجمعية غير معترف بها على الرغم من أن هذه التهمة ال وج ود له ا في‬
‫القانون المغربي‪ .‬إذن فالعديد من الجمعيات ال تي ال تت وفر على الوص ل النه ائي وتس تمر في العم ل‪ ،‬ف إن‬
‫الوض ع الق انوني غ ير المؤك د يفق دها توازنه ا‪ ،‬ويح د من أنش طتها‪ ،‬ويخي ف بعض أعض ائها الح اليين‬
‫والمحتملين‪.859‬‬

‫لتجاوز ذلك نجد تقريرا صادرا عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" سنة ‪ 2009‬قد ق ام برص د مختل ف‬
‫الخروقات القانونية ودعا المغرب إلى وقف المناورات البيروقراطية المتفش ية ال تي تق وض حري ة تك وين‬
‫الجمعيات‪ ،‬بما في ذلك االمتن اع عن تس جيل المنظم ات المدني ة في انته اك للق وانين المغربي ة‪ .‬معت برا أن‬
‫"حري ة تك وين الجمعي ات نظ ام تص ريحي باالس م فق ط"‪ ،‬وورد في التقري ر أيض ا أن الممثلين المحل يين‬
‫لوزارة الداخلية يرفض وينفي في كثير من األحيان قبول وثائق التس جيل عن دما تك ون أه داف أو أعض اء‬
‫مجموعة ما ال تروق للسلطات‪.860‬وفي نفس السياق أكدت سارة ليا ويتسن‪ ،‬الم ديرة التنفيذي ة لقس م الش رق‬

‫‪ - 858‬ح يث أضيفت إليه فقرة أخيرة تخول للسلطات العمومية التي تتلقى التصريح بتأسيس‪ $‬الجمعيات إمكانية إجراء األبحاث والحصول على‬
‫البطاقة رقم ‪ 2‬من السجل العدلي للمعنيين باألمر‪.‬‬
‫‪ - 859‬تقرير صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش سنة ‪ 2009‬حول حرية تكوين الجمعيات‪ $‬بالمغرب‪.‬‬
‫‪ - 860‬قالت سارة ليا ويتسن‪" :‬إن نسبة تكرار رفض إصدار وص‪$$‬ول اإلي‪$$‬داع من ط‪$$‬رف المس‪$$‬ؤولين المحل‪$$‬يين في جمي‪$$‬ع أنح‪$$‬اء البالد ي‪$$‬دل على أن‬
‫هؤالء المسؤولين على المستوى الوطني يتغاضون عن هذه الممارسة"‪ ،‬وأضافت "إنهم بحاجة إلى تجسيد اإلرادة السياسية على المستوى الوط‪$$‬ني‪،‬‬
‫ومطالبة المسؤولين المحليين باالنصياع للقانون"‪.‬‬

‫‪428‬‬
‫األوسط وشمال إفريقيا في "هيومن رايتس ووتش" أنه عندما يتعلق األم ر بحري ة تك وين الجمعي ات‪ ،‬كم ا‬
‫هو الحال بالنسبة لعديد من قضايا حقوق اإلنسان األخرى‪ ،‬يس ن المغ رب تش ريعات تقدمي ة‪ ،‬ولكن اإلدارة‬
‫تفعل بعد ذلك ما يحلو لها"‪.861‬‬

‫وبعدما كثر الحديث عن اتهام وزارة الداخلي ة بخ رق الق وانين المنظم ة لحري ة تأس يس الجمعي ات ‪ ،‬تم‬
‫طرح هذا األمر في جلسة لألسئلة الشفوية بالبرلمان حيث أكد وزير الداخلي ة في مع رض جواب ه عن ذل ك‬
‫أن التعديالت التي أدخلت على القانون أصبح معها الوصل مج رد تأكي د على وض ع المل ف بش كل كام ل‪،‬‬
‫باإلضافة إلى وجود عدة ضمانات منها العون القضائي وكذلك اللجوء إلى القضاء وحتى بعد م رور س تين‬
‫يوما‪ ،‬فالجمعية تعتبر قانونية وعلى صعيد األرقام أشير إلى أن ه من ذ س نة ‪ 2010‬إلى اآلن تمت المص ادقة‬
‫على‪ 2000‬جمعية منها ‪104‬فقط لم تتسلم الوص ل‪ ،‬خاتم ا جواب ه أن الدس تور الجدي د لس نة ‪ 2011‬أص بح‬
‫يفرض مراجعة القانون المنظم بما ينسجم والتوجه الجديد للدولة‪.862‬‬

‫فكما سبقت اإلشارة فإنه ال يكفي وضع نظام قانوني متطور يتم تقويض دعائمه خالل الممارسة العملية‬
‫ألن االختبار الحقيقي لحكومة متنورة هو الطريقة التي تعامل بها الجمعيات والمنظمات األكثر إثارة للجدل‬
‫‪ ،‬وحيث إن اإلدارة م ا هي إال ط رف في العملي ة ويبقى للقض اء الح ق في مراقب ة أعماله ا وتص حيح‬
‫هفواتها ‪.‬إال أن دائما يبقى اإلشكال المطروح حول دور القض اء المغ ربي في ض مان اح ترام ح ق تأس يس‬
‫الجمعيات؟‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الحق في تولي المناصب والوظائف العامة وضماناته‬

‫يحتل الحق في تولي الوظائف وضعا جوهريا في منظومة حقوق اإلنسان‪ ،‬والحق في ت ولي المناص ب‬
‫يعد حقا مشتركا يجمع بين البع د اإلقتص ادي واالجتم اعي‪ ،‬وق د األمم المتح دة وآللياته ا الدولي ة المعني ة‬
‫بحقوق اإلنسان أهمية بالغة لموضوع الحق في تولي الوظ ائف العام ة‪ ،‬كم ا إعتبرت ه ض مان قوي ة لتفعي ل‬
‫الحق في المشاركة السياسية مع إقترانه بالحق في المساوة دون تمي يز بين الجنس ين في اإلس تفادة من ه ذا‬
‫الحق‪.‬‬

‫‪ - 861‬يشمل التقريرأكثرمن ‪ 10‬دراسات حالة من الجمعيات‪ $‬التي كانت الحكومة ق‪$‬د حرمته‪$‬ا من "وص‪$‬ل اإلي‪$‬داع" ك‪$‬إقرار بالتس‪$‬جيل‪ ،‬مم‪$‬ا يعرق‪$‬ل‬
‫أنش‪$$‬طتها‪ .‬وتش‪$$‬مل ه‪$$‬ذه جمعي‪$$‬ات‪ $‬محارب‪$$‬ة الفس‪$$‬اد و أخ‪$$‬رى معني‪$$‬ة بتعزي‪$$‬ز حق‪$$‬وق خ‪$$‬ريجي الجامع‪$$‬ات الع‪$$‬اطلين عن العم‪$$‬ل‪ ،‬واألم‪$$‬ازيغ (ال‪$$‬بربر)‪،‬‬
‫والصحراويين‪ ،‬و مهاجري إفريقيا جنوب الصحراء‪ .‬وتوجد هذه المجموع‪$$‬ات بالم‪$$‬دن في أنح‪$$‬اء البالد وبالص‪$$‬حراء المغربي‪$$‬ة‪ .‬كم‪$$‬ا تق‪$$‬وض اإلدارة‬
‫مجموعات خيرية وتربوية كث‪$‬يرة‪ $‬على م‪$$‬ا يب‪$‬دو‪ ،‬ألن قياداته‪$$‬ا تض‪$‬م أعض‪$‬اء من جمعي‪$$‬ة الع‪$‬دل واإلحس‪$‬ان‪ ،‬واح‪$‬دة من أنش‪$‬ط الحرك‪$$‬ات اإلس‪$$‬المية‬
‫بالمغرب‪.‬‬
‫‪862‬‬
‫ا لتصريح المنسوب للسيد وزير الداخلية قدمه خالل الجلسة المخصصة لألسئلة الشفوية بالبرلمان خالل جلسة يوم ‪ 7‬ماي ‪ 2012‬وهو منشور ‪-‬‬
‫زيارة الموقع تمت ‪ :http://www.gpi.ma/Questions%20orales/Questions%20du%207%20-5-12.html‬بالموقع االلكتروني‬
‫بتاريخ ‪18‬يناير ‪2019‬‬

‫‪429‬‬
‫وفي ه ذا اإلط ار عملت التش ريعات الوطني ة خاص ة العماني ة والمغربي ة على تك ريس ه ذا الح ق في‬
‫دستورهما ومختلف قوانينهما الوطنية‪ ،‬ووضعت لذلك شروطا وضوابط محدد نتناولها في هذا المبحث من‬
‫خالل مطلبين إثنين‪ ،‬يتناول المطلب األول مفهوم وشروط تولي الوظائف العامة‪ ،‬ويتعرض المطلب الثاني‬
‫لمبادئ المناصفة في تولي الوظائف العامة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم وشروط تولي الوظائف العامة في سلطنة عمان والمملكة المغربية‪.‬‬

‫نتناول في هذا المطلب مفهوم وشروط وإجراءات تولي المناصب والوظائف العامة في كل من س لطنة‬
‫عمان والمملكة المغربية‪ ،‬وذلك من خالل إستقراء مختلف النصوص القانونية المتصلة بالموضوع‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الحق في تولي المناصب العامة في سلطنة عمان‬

‫تناول النظام األساسي لسلطنة عمان موضوع الحق في تولي الوظائف العامة في البند السابع من المادة‬
‫‪ 12‬منه‪ ،‬حيث جاء البند على الشكل التالي‪:‬‬

‫"الوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها‪،‬ويستهدف موظفو الدول ة في أداء وظ ائفهم المص لحة‬
‫العام ة وخدم ة المجتم ع‪،‬والمواطن ون متس اوون في ت ولي الوظ ائف العام ة وفق ا للش روط ال تي يقرره ا‬
‫القانون"‪.‬‬

‫ولعل المتمعن في مقتضيات المادة السالفة الذكر‪ ،‬يلمس حرص المشرع الدستوري على ربط الوظ ائف‬
‫العامة بغاية تحقيق المصلحة العامة والخدم ة الوطني ة‪ ،‬كم ا جع ل ت ولي ه ذه المناص ب على أس اس مب دأ‬
‫المساواة بين كافة المواطنين دون تمييز‪.‬‬

‫كما تقر المادة ‪ 17‬من ذات النظام األساسي مايلي‪:‬‬

‫" المواطنون جميعهم سواسية أمام القانون‪ ،‬وهم متساوون في الحق وق والواجب ات العام ة‪ ،‬دون تمي يز‬
‫بينهم في ذل ك بس بب الجنس أو األص ل أو الل ون أو اللغ ة أو ال دين أو الم ذهب أو الم وطن أو المرك ز‬
‫اإلجتماعي‪".‬‬

‫وبإستقراء المادة المشار إليها أعاله‪ ،‬يتن بين أن المش رع الدس توري العم اني‪ ،‬إنطل ق من تك ريس مب دأ‬
‫المساواة أمام الق انون س واء بخص وص اإلس تفادة من الحق وق أو تحم ل الواجب ات واألعب اء العام ة ال تي‬
‫يفرضها القانون وف ق مقارب ة تالزم الحق وق بالواجب ات م ع حظ ر ك ل أش كال التمي يز ال واردة في الم ادة‬
‫موضوع التحليل‪.‬‬

‫‪430‬‬
‫وفي هذا أولى صاحب الجاللة الس لطان ق ابوس أهمي ة قص وى لمس ألة المس اواة في ت ولي الوظ ائف‬
‫العامة‪ ،‬حيث قال مايلي‪" :‬لقد أكدنا دائما اهتمامنا المستمر بتنميــة المــوارد البشــرية وذكرنــا أنهــا تحظى‬
‫باألولوية القصوى في خططنا وبرامجنا فاإلنسان هو حجر الزاوية في كل بناء تنموي وهو قطب الــرحى‬
‫الذي تدور حولــه كــل أنــواع التنميــة إذ إن غايتهــا جميعــا هي إســعاده وتوفــير أســباب العيش الكــريم لــه‬
‫وضمان أمنه وسالمته ولمـا كــان الشـباب هم حاضــر األمـة ومسـتقبلها فقـد أولينــاهم مــا يسـتحقونه من‬
‫اهتمام ورعاية على مدار أعوام النهضة المباركــة حيث ســعت الحكومـةـ جاهــدة إلى إن تــوفر لهم فــرص‬
‫‪863‬‬
‫التعليم والتدريب والتأهيل والتوظيف"‪.‬‬

‫وقد حدد قانون الخدمة المدنيىة الصادر بم وجب المرس وم الس لطاني رقم ‪ 120/ 2004‬الفئ ات المعني ة‬
‫وأنواع الوظائف وشروط توليها‪ ،‬حيث نصت المادة رقم (‪ )1‬على مايلي‪" :‬تسري أحكام ه ذا الق انون على‬
‫الموظفين في الجهاز اإلداري للدولة فيما عدا الموظفين الذين تنظم ش ؤون ت وظيفهم مراس يم أو ق وانين أو‬
‫عقود خاصةفيما نصت عليه هذه المراسيم والقوانين والعقود الخاصة من أحكام"‪.‬‬

‫أما المادة (‪ )4‬من ذات المرسوم فتناولت أنواع الوظائف على الشكل التالي‪:‬‬

‫" الوظائف إما دائمة أو مؤقت ة‪ ،‬وتقس م الوظ ائف الدائم ة إلى مجموع ات نوعي ة طبق ا لنظ ام تص نيف‬
‫وترتيب الوظائف‪.‬‬

‫وتحدد الوظ ائف الدائم ة طبق ا لم ا ي رد بج داول الوظ ائف المعتم دة واإلعتم ادات المالي ة المق ررة في‬
‫الموازنة العامة حسب القوانين واللوائح التي تصدر في هذا الشأن‪.‬‬

‫أما الوظائف المؤقتة فهي األعمال المحدد لها فترة زمنية أو موسم معين وتنتهي بإنته اك تل ك الف ترة أو‬
‫الموسم أو بإنتهاءالعمل ذاته‪ ،‬وتنشأ هذه الوظائف وتلغى بقرار من رئيس الوحدة طبقا العم ل وظروف ه في‬
‫حدود المبالغ المخصصة لذلك‪ ،‬دون التقيد بالقواعد وإجراءات إنشاء الوظائف المؤقتة وشروط شغلها"‪.‬‬

‫وتفصل المادة من ذات المرسوم في طرق ت ولي الوظ ائف العام ة‪ ،‬حيث نص ت على م ا يلي‪ " :‬يك ون‬
‫شغل الوظائف عن طريق التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب بمراعاة توافر الشروط ال واردة في بطاق ات‬
‫وصف الوظائف"‪.‬‬

‫أم ا بخص وص ت ولي المناص ب والوظ ائف العام ة فق د وردت في الم ادة (‪ )12‬على الش كل الت الي‪" :‬‬
‫يشترط فيمن يعين في إحدى الوظائف الدائمة ما يأتي‪:‬‬

‫ـــ أن يكون عماني الجنسية بإستثناء من تقضي الحاجة تعيينهم من غير العمانيين؛‬

‫مـن خــطاب حـضـرة صاحـب اجلالل ـ ــة‪ ‬الـسلطان املعظم يف افتتاح الفرتة اخلامسة جمللس عمان لعام ‪2011‬م‪ ،‬نص اخلطاب منشور يف موقع وزارة‬ ‫‪863‬‬

‫‪( #/http://portal.mocs.gov.om‬آخر دخول للموقع يوم ‪ 1‬فبراير ‪.)2019‬‬ ‫اخلدمة املدنية‪،‬‬

‫‪431‬‬
‫ـــ أن يكون حسن السيرة والسلوك؛‬

‫ـــ أن ال يكون قدصدر ضده حكم نهائي بالسجن في جناية أو بعقوبة في جريمة مخل ة بالش رف‬
‫أو األمانة‪ ،‬ما لم يكن قد رد إليه إعتباره‪ ،‬ومع ذلك إذا كان الحكم علي ه ألول م رة م ع وق ف تنفي ذ‬
‫العقوبة يجوز التعيين إذا رأت لجنة شؤون الموظفين من ظروف الواقعة وأسباب الحكم أن ذلك ال‬
‫يتعارض مع مقتضيات الوظيفة وطبيعتها؛‬

‫ـــ أن ال يكون قد صدر ضده قرار بمعاقبت ه باإلحال ة إلى التقاع د أو الفص ل من الخدم ة م ا لم‬
‫يكن قد مضى على هذا القرار ثالث سنوات؛‬

‫ـــ أن يكون مستوفيا إشتراطات شغل الوظيفة المحددة ببطاقة وصفها‪ ،‬ويج وز ل رئيس الوح دة‬
‫ـــ دون غيره ـــ اإلستثناء من شرط الحد األدنى للخ برة العملي ة م تى ك انت هن اك ن درة في ه ذه‬
‫الخ برة أو إذا ت وافرت ل دى المرش ح لش غل الوظيف ة خ برة علمي ة ن ادرة وذل ك وفق ا للقواع د‬
‫واإلجراءات التي يقررها المجلس؛‬

‫ـــ أال تقل سنه عن ‪ 18‬عاما وتثبت السن بشهادة الميالد أو بالبطاقة الشخصية؛‬

‫ـــ أن يجتاز اإلمتحان المقرر لشغل الوظيفة؛‬

‫ـــ أن يكون الئقا طبيا للخدمة"‪.‬‬

‫وهكذا فقد تناول المشرع العماني بصفة عام ة ك ل م ا يتص ل باإلس تفادة من الح ق في ت ولي الوظ ائف‬
‫العامة سواء من حيث تحديد مفهومها وأنواعها شورط الالزمة لتوليها والمبادئ الضامنة لها‪ ،‬كما هو مبين‬
‫في النقتضيات السابقة مما يجعل التشريع العماني مواكبا للمعايير الدولية المقررة في المواثي ق والص كوك‬
‫ذات الصلة بحقوق اإلنسان عامة والحقوق السياسية خاصة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحق في تولي المناصب والوظائف العامة بالمغرب‬

‫تعتبر الوظيفة العمومية خدمة عامة يؤديها موظف عام لألفراد أو للدولة أو أح د فروعه ا أو مص الحها‬
‫العام ة في نط اق ق انوني معين يح دد عالقت ه بمن ي ؤدي لهم ه ذه الخدم ة وعالقتهم بهم منظم ا لحقوق ه‬
‫وواجباته ‪ ،‬وهناك من يقول ب أن الوظيف ة العمومي ة هي مجم وع األش خاص الطبيع يين والمعن ويين ال ذين‬
‫تتألف منهم ادارة الدولة المس يرة للمراف ق العام ة ‪ .‬ويخض ع ه ؤالء األش خاص للق انون اإلداري ولعالق ة‬
‫نظامي ة‪ ،‬وبه ذه الص فة يتمتع ون بنظ ام ق انوني خ اص يختل ف عن ق انون الش غل المطب ق على العم ال‬
‫وبامتيازات وضمانات مهم ة نظ را لك ونهم يعمل ون لخدم ة المراف ق العمومي ة والص الح الع ام‪ .‬ومن ه ذا‬
‫المنطلق فالموظفون يعملون في خدمة الدولة وهم رهن إشارتها‪ .‬فهي ال تي تعينهم وت دفع لهم أج ورهم من‬

‫‪432‬‬
‫أجل تسيير وظيفة لإلدارة وإحسان أدائها‪ .‬وباعتبار الدولة شخصا معنويا عاما ال تستطيع أن تقوم برسالتها‬
‫وال تؤدي دورها إال عن طريق شخص معنوي يقوم بالتعبير عن إرادتها‪ ،‬هذا الشخص يتمثل في الشخص‬
‫الذي يجب أن يكون محل ثقة المتعاملين معه‪ .‬وللوصول إلى هذه الغاية وتحقي ق نت ائج مرض ية يجب على‬
‫الدولة أن تهتم بفعالية االختيار لتطبيق قاعدة الرجل المناسب في المكان المناسب ‪ .‬في حين التس اؤل ال ذي‬
‫يطرح نفسه في هذا اإلطار وبإلحاح يتجلى في مفهوم الموظف العمومي وطرق تعيينه وشروط توظيفه‪.‬‬

‫وعرف القانون المغربي الموظف العمومي في الفصل الثاني من ق انون الوظيف ة العمومي ة بأن ه‪” :‬يع د‬
‫موظفا كل شخص يعين في وظيفة قارة ويرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسالك اإلدارة التابعة للدولة‪.‬‬
‫يتبين من خالل هذا التعريف أنه من الشروط األساسية العتبار الشخص موظفا عمومي ا ه و "الترس يم في‬
‫إحدى درجات السلم الخاص بأسالك اإلدارة التابعة للدولة"‪ ،‬وبناء على ذلك ال نطلق صفة الموظ ف الع ام‬
‫طبقا للظهير رقم ‪ 008.58.1‬على‪:‬‬

‫‪ -‬األعوان العموميين ؛ ‪ -‬العمال المؤقتين؛ ‪ -‬العمال باليومية؛‬

‫فهم مرتبطون بعقد التزام‪ ،‬ويخضعون ألحكام القانون الخاص‪-‬المتعاقدين م ع اإلدارة بم وجب عق د من‬
‫عقود القانون الخاص "كالمقاولين والمهندسين"‪ ،‬حيث تتعاقد معهم اإلدارة لمدة محدودة‬

‫‪ -‬رجال القضاء؛ ‪ -‬العسكريون التابعون للقوات المس لحة الملكي ة؛ ‪ -‬هيئ ة المتص رفين ب وزارة‬
‫الداخلية‪.‬‬

‫وهناك نوع ثالث من األشخاص يخضع ألحكام قانون الوظيفة العمومية بصفة أساسية‪ ،‬وق د يعف ون من‬
‫بعض أحكامه بمقتضى قوانين أساسية خصوصية‪ ،‬إذا كانت تلك األحكام ال تتفق وااللتزام ات الملق اة على‬
‫عاتق الهيئات والمصالح التي يعملون فيها‪ .‬وهؤالء األشخاص كما جاء في نص الفق رة الثاني ة من الفص ل‬
‫الرابع هم‪:‬‬

‫‪ -‬أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي؛ ‪ -‬الهيئات المكلفة بالتفتيش العام للمالية؛ رجال التعليم؛‬
‫أعوان الشرطة وإدارة السجون؛‬

‫رجال المطافئ؛ أعوان المصلحة بإدارة الجمارك والض رائب غ ير المباش رة والمفتش ون والمراقب ون‬
‫والحراس بالبحرية التجارية وضباط الموانئ وموظفو المنارات وموظفو المياه والغابات ‪.‬‬

‫و تعد عالقة الموظ ف بالدول ة عالق ة تنظيمي ة‪ ،‬ذل ك أن أحك ام الوظيف ة بم ا تتض منه من حق وق وم ا‬
‫تفرضه من واجبات مستمدة مباشرة من نصوص القوانين والمراس يم التطبيقي ة له ا‪ .‬والموظ ف في مرك ز‬
‫تنظيمي‪ ،‬وقرارات تعيينه ال تنشئ له مركزا ذاتيا خاصا‪ ،‬فهذا المركز موجود بمقتضى القوانين والمراسيم‬
‫وسابق على قرارت التعيين‪ .‬لذلك فان الوظيف ة لم تنش أ للموظ ف ب ل على العكس وج د الموظ ف للوظيف ة‬

‫‪433‬‬
‫نفسها‪ ،‬فهو ملزم بما يطلبه هذا المركز الوظيفي‪ ،‬وأي تصرف منه يتنافى م ع مص لحة ه ذا المرف ق الع ام‬
‫يعرضه للجزاء التأديبي‪ .‬ولقد نص المش رع المغ ربي ص راحة على المرك ز التنظيمي للموظ ف الع ام في‬
‫ق انون الوظيف ة العمومي ة لس نة‪ 1958‬في فص له الث الث "أن الموظ ف في حال ة قانوني ة ونظامي ة إزاء‬
‫اإلدارة‪ ".‬وتترتب على االعتراف بالمركز التنظيمي للموظف النتائج التالية‪:‬‬

‫إن االلتحاق بالوظيفة يتم بقرار إداري‪ ،‬تص دره اإلدارة بإرادته ا المنف ردة‪ .‬كم ا أن ت رك‬ ‫‪-‬‬

‫الوظيفة تتم كذلك بقرار إداري‪.‬‬


‫أن الموظ ف يخض ع لقواع د عام ة مع دة س الفا‪ ،‬ليس ل ه أي دخ ل في وض عها أو تحدي د‬ ‫‪-‬‬

‫مضمونها‪ ،‬وهي تسري على كافة الموظفين في نفس الفئة‪.‬‬


‫يظ ل للس لطة العام ة ح ق تع ديل قواع د الوظيف ة العمومي ة‪ .‬وذل ك دون انتظ ار موافق ة‬ ‫‪-‬‬

‫الموظف أو رفضه‪ ،‬حتى وإن كان التعديل يمس مركزه القانوني‪ .‬غ ير أن التع ديل يجب أن يك ون‬
‫عاما ومجردا ال يخص موظفا بعينه‪ ،‬كم ا يجب أن يتم التع ديل بقواع د تش ريعية من نفس درجته ا‬
‫مع مراعاة عدم المساس بالحقوق المكتسبة‪.‬‬
‫ويشترط لولوج الوظيفة العمومية مجموعة من الش روط في المترش حين الراغ بين في تولي ة الوظ ائف‬
‫العمومية‪ ،‬هذه الشروط تضمن الحفاظ على مصلحة الدولة وعلى إبراز وظائفه ا من جه ة والح رص على‬
‫قيام الموظف بجميع األعباء وااللتزامات التي تتطلبها الوظيفة وهي‪:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الشروط العامة‬
‫‪/ 1‬الجنـسـيـــة‪:‬‬
‫إن من بين أسباب انفص ام الرابط ة الوظيفي ة م ع ال دول فق دان الموظ ف لجنس يته‪ .‬ل ذلك اتفقت أغلب‬
‫التشريعات والنظم الوظيفية على اعتبار التمتع بجنسية الدولة شرطا لشغل الوظ ائف العمومي ة ‪ .‬من خالل‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 21‬من قانون الوظيفة العمومية يشترط على الراغب في الحصول على وظيفة أن يك ون‬
‫حامال لجنسية الدولة مم ا يجع ل األف راد متس اوين في ه ذا الح ق وه ذا الش رط ج اء في مقدم ة الش روط‪.‬‬
‫فالجنسية المغربية واستنادا إلى مقتضيات الظهير الشريف المؤرخ في ‪6‬شتنبر‪ 1958‬بمثابة قانون الجنسية‬
‫في فصله ‪ 16‬على أن الشخص يكتسب الجنسية المغربية يتمتع ابت داء من ت اريخ اكتس ابها بجمي ع الحق وق‬
‫المتعلقة بالصفة المغربي ة م ع االحتف اظ ب القيود ال واردة على األهلي ة وال واردة في الفص ل ‪ 17‬من ق انون‬
‫الوظيفة العمومية‪ .‬حيث أن األجنبي المتجنس يخضع طيلة خمس سنوات لقيود األهلي ة المتمثل ة أساس ا في‬
‫عدم إس ناد إلي ه وظيف ة عمومي ة أو نياب ة انتخابي ة كم ا ال يج وز أن يك ون ناخب ا‪ .‬وتج در اإلش ارة إلى أن‬
‫اقتصار حق تولي الوظائف العمومية على المواطنين ال يمنع من االستعانة ببعض األجانب بصفة استثنائية‬
‫وفي حدود ضيقة عن طريق ما يسمى بالتوظيف التعاقدي‬

‫‪434‬‬
‫‪/2 .‬التمتع بالحقوق الوطنية والمروءة في التمتع بالحقوق الوطنية‪:‬‬
‫يقصد بها تلك الحقوق التي قررها الق انون للف رد ال بص فته كائن ا بش ريا وإنم ا باعتب اره مواطن ا ينتمي‬
‫بالروح والدم إلى إقليم تل ك الدول ة ال تي يمنح ه قانونه ا ه ذه الحق وق بغي ة تمكين ه من المس اهمة في إدارة‬
‫الشؤون العامة للبالد ‪ .‬شرط المروءة‪ :‬هي شرط أساسي وتعني التزام الشخص بالسلوك الحس ن واألخالق‬
‫القويمة والمثل النبيلة وإقرار هذا الشرط يؤدي حتما إلى التأكد من أن المترشح لم يرتكب بالفعل عمال يخل‬
‫بواجباته نحو المجتمع وأنه فعال عضو صالح جدير بأن يؤتمن على مباشرة وظيفة عامة‪.‬‬
‫‪ /3‬القــدرة البـدنـيـة‪:‬‬
‫تتف ق أنظم ة الوظيف ة العمومي ة في كاف ة ال دول على أن من بين الش روط الالزم ة لت ولي الوظ ائف‬
‫العمومية شرط يتعلق بلياقة الموظف من الناحية الصحية وسالمته من األم راض وله ذا الش رط م ا ي برره‬
‫فهو يضمن وجود موظفين غير مصابين بأمراض معدية أو عاه ات جس دية أو عقلي ة تعي ق أداءهم للعم ل‬
‫وتعطل مصالح الجمه ور بس بب غي ابهم المتك رر أو ال دائم نتيج ة لمرض هم أو تجعلهم عبء على الدول ة‬
‫باإلضافة إلى ما يمكن أن يتسببوا به من نقل أمراضهم إلى زمالئهم األصحاء‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الشروط الخاصة‪:‬‬


‫إلى جانب الشروط العامة لولوج الوظائف العمومية هناك شروط خاصة تتمثل في‪:‬‬
‫‪/1‬الســــــن‪:‬‬
‫إن جل األنظمة الوظيفية تشترط سن معينة لولوج الوظ ائف العمومي ة‪ ،‬وبالنس بة للمغ رب ف إن الس ن‬
‫المطلوبة لولوج الوظيفة العمومية أال يكون أقل من ‪ 18‬سنة‪ ،‬هذا السن يزيد ويختلف حسب أهمية الوظيف ة‬
‫وما يترتب عليها من مسؤوليات أم ا الح د األقص ى فق د ح دده المش رع في ‪ 40‬س نة ويمكن تمدي دها لم دة‬
‫تعادل مدة الخدمات المدنية السابقة الصحيحة أو القابلة للتصحيح من أجل التقاع د من غ ير أن يتج اوز ‪45‬‬
‫سنة‪ ،‬وال يعفى من شرط السن إال أولئك الذين ورد بشأنهم نص قانوني يقضي بذلك اإلعف اء مث ل م ا ج اء‬
‫في المرسوم الصادر بتاريخ ‪21‬أبري ل ‪. 1993‬حيث يقض ي بإعف اء الم وظفين من ش رط الس ن المطل وب‬
‫قانونيا لتوظيفهم في إطار جديد من أطر الدولة‪.‬‬
‫‪/2‬شرط المستوى التعليمي‪:‬‬
‫يع د المؤه ل الدراس ي أو التعليمي المطل وب ت وفره في الف رد ال راغب في الحص ول على وظيف ة من‬
‫الشروط األساسية في االختيار أيضا وتفرضه أغلب أنظمة الوظيفة العمومية في العالم‪ .‬تجدر اإلش ارة إلى‬
‫أن هناك شروطا أخرى ال تحول دون تولي الوظائف العمومية‪ ،‬مث ل الش روط المتعلق ة ب الميول السياس ي‬
‫والنقابي للموظف أو الشروط المتعلقة بالفكر والعقيدة‪.‬‬

‫‪435‬‬
‫وبخصوص طرق التعيين في الوظائف العام ة فق د أق رت نظم الوظيف ة العمومي ة ع دة ط رق الختي ار‬
‫الموظفين وفيما يلي نتعرض ألهم طرق اختيار الموظفين العموميين‪.‬‬

‫أوال‪ :‬حرية اإلدارة المطلقة في االختيار‬


‫يقصد بهذه الطريقة ترك الحرية المطلقة لإلدارة في اختيار الموظـفين دون التقي د بأي ة قاعــدة مح ددة‬
‫أو االعتــماد على أي معيـار معيــن‪ .‬وال شـك أن هذه الطـــريقـة ال تصلـح إال للمناصب السـياسية العـليا‬
‫التــي تعتمد على الثقة الشخصية للقادة وضرورة اختيارهم لألشخاص القادرين على التعاون معهم‬
‫ثانيا‪ :‬التعيين عن طريق المباراة‬
‫تعتبر هذه الطريقة هي الطريقة األساسية المتبعة في معظم البالد في الوقت الحاضر‪ ،‬حيث تعلن الدولة‬
‫–بوسائل اإلعالم المقررة قانونا‪ -‬عن حاجتها لشغل الوظائف الخالية ببعض إداراتها ومص الحها‪ .‬يتض من‬
‫اإلعالن مواصفات الوظائف الخالية وشروط التأهيل المختلف ة المطل وب توفره ا في من يتق دم لش غل ك ل‬
‫وظيفة مع تحديد مهلة معينة لتقديم الطلبات مرفقا بها المستندات الدالة على استيفاء شروط ش غل الوظيف ة‪.‬‬
‫وتعد طريقة امتحانات المسابقة أو المباريات من الطرق الشائعة في تعيين الموظفين في المغ رب‪ ،‬إذ تأخ ذ‬
‫به ا معظم مج االت التوظي ف‪ ،‬وينظمه ا المرس وم الملكي رقم ‪ 401/67‬بت اريخ ‪ 13‬ربي ع األول‬
‫‪ (1387‬يونيو ‪)1967‬بسن نظام عام للمباريات واالمتحانات لولوج أس الك ومناص ب اإلدارات العمومي ة‪.‬‬
‫و كذا ما جاءت به بعض األنظمة القانونية الخاصة‪ ،‬مثل نظام التعليم العالي بشأن اختيار رؤس اء وعم داء‬
‫ومديري مؤسسات التعليم العالي‪ .‬وتعتبر هذه الطريقة من أفضل ط رق اختي ار الم وظفين الج دد وأكثره ا‬
‫حي ادا وعدال ة‪ ,‬وذل ك بش رط أن ت راعي الدق ة والنزاه ة والموض وعية في تل ك االمتحان ات‪ ،‬وأن تت ولى‬
‫وضعها واإلشراف عليها لجان محايدة من خارج الجهة التي سيتم فيها التعيين ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحق في المناصفة كضمانة لتولي المناصب والوظائف العامة‬

‫يعد مبدأ المس اواة في ت ولي الوظ ائف العام ة من أك ثر المب ادئ أهمي ة من الناحي ة العملي ة في المج ال‬
‫الوظيفي كونه يعد السور االول لضمان تمتع جمي ع المواط نين بحقهم في الحص ول على الوظ ائف العام ة‬
‫على قدم المساواة وفقا لمعايير الجدارة وتكافؤ الفرص‪ ،‬إلى جانب ذلك فإن تمتع الموظف‪ ،‬بوصفه مواطن ا‬
‫كسواه من المواط نين ‪،‬في حريت ه في التعب ير عن ال رأي ينبغي أن ال يش كل س ببا لمنع ه من ني ل حق ه في‬
‫التوظف أو الحصول على حقوقه أثناء حياته الوظيفية‪ ،‬لذلك يتعين أن يكون هنالك توازن حقيقي بين الحق‬
‫في تولي الوظائف العامة وحرية التعبير عن الرأي من خالل إيج اد ض مانات قانوني ة تكف ل تطبيق ا س ليما‬
‫وواقعيا لمبدأ المساواة في ت ولي الوظ ائف العام ة بعي دا عن التمي يز على أس اس المحاصص ة الطائفي ة أو‬

‫‪436‬‬
‫الحزبية أو الدينية‪ .‬بناء على ما سبق كان لزاما علينا تحديد مفهوم المناصفة (الف رع األول)‪ ،‬ودراس ة ه ذا‬
‫المفهوم بين المعارضة والتأييد (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬في مفهوم المناصفة‬

‫يسعى المسوقون لمبدأ المناصفة أن له تحقيق تطلعات وآم ال الم دافعين عن حق وق الم رأة‪ ،‬فبواس طته‬
‫سيتم تحقيق المساواة الفعلية على أرض الواق ع بين الم رأة والرج ل‪ ،‬ويع زز تك افؤ الف رص بين الجنس ين‬
‫حتى يتسنى للمرأة المشاركة الحقيقية في الحياة العامة وفي ولوج مراك ز الق رار وتقل د المناص ب القيادي ة‬
‫العليا لتساهم بدورها إلى جانب الرجل في اتخاذ القرارات وخاصة تلك الخاصة بحقوقها وحياتها‪.‬‬

‫ويمكن تعريف المناصفة بين الجنسين على أنها المساواة العددية والحضور والتمثي ل المتس اوي للنس اء‬
‫والرجال في جميع مراكز اتخاذ القرار بالمؤسسات سواء على مستوى القطاع العام أو القط اع الخ اص أو‬
‫السياسي‪ ،‬وقد عملت من أجل دعم مشاركة النساء على قدم المساواة م ع الرج ل في كاف ة مس تويات اتخ اذ‬
‫القرار السياسي واالقتصادي واالجتماعي‪.‬‬

‫كما تعد أيضا التمثيل المتساوي للنساء والرجال على مستوى الكم‪ ،‬في جميع المجاالت وفي الولوج إلى‬
‫هيئ ات ص نع الق رار في القط اع العم ومي والمه ني والسياس ي‪ .‬وتش كل المناص فة ال تي تق دم على أنه ا‬
‫االعتراف بالالمساواة المبنية اجتماعيا على أساس السياسات الرامية بين الرجل والم رأة في هيئ ات ص نع‬
‫القرار العمومي والسياسي‪ ،864‬وفي مجال الشغل والتربية وغيره ا‪ .‬كم ا ته دف المناص فة إلى األخ ذ بعين‬
‫االعتبار أشكال التمييز الفعلية ض د الم رأة في حين يتجلى س بب وجوده ا في ض رورة اللج وء إلى آلي ات‬
‫مؤسساتية ملزمة لمواجهة هذا التمييز‪.‬‬

‫أما على مستوى الدولي‪ ،‬ال يوجد تعريف للمناصفة في المواثيق الدولية‪ ،‬بل نجدها تتحدث عن الت دابير‬
‫واإلجراءات التي يجب على الدول األطراف اتخاذها من أجل تحقيق المساواة بين الجنس ين‪ .‬وهن اك تعه د‬
‫في مؤتمر بكين ‪ 1995‬بين الدول حيث نجد إعالن بكين ينص على اتخاذ مجموعة من التدابير التي ترتبط‬
‫ترجمتها عمليا بمفهوم المناصفة‪ ،‬وهي التدابير الكفيلة بوص ول الم رأة على ق دم المس اواة م ع الرج ل إلى‬
‫هياكل السلطة وإلى مراكز صنع القرار والمشاركة الكاملة فيها‪ .‬وأيضا االل تزام بإع ادة الت وازن في نس بة‬
‫الرجال والنساء في الهيئات و اللجن الحكومية‪ ،865‬وكذا في اإلدارات العمومي ة وفي القض اء‪ ،‬والس يما من‬
‫خالل وض ع أه داف مح ددة وتط بيق ت دابير ت روم تحقي ق زي ادة ملموس ة في ع دد النس اء في المناص ب‬
‫العمومية بغرض الوصول الى تمثيل متساو في كل المناصب الحكومية واإلدارات العمومي ة وع بر اتخ اذ‬
‫تدابير إيجابية‪ ،‬إذ تعتبر آليات األمم المتحدة واألجهزة المسؤولة عن النهوض بأوض اع الم رأة أن التس يير‬
‫‪ - 864‬أمينة لمريني الوهابي وربيعة الناصري‪" ،‬في أفق إحداث الهيئ‪$$‬ة المكلف‪$$‬ة بالمناص‪$$‬فة ومكافح‪$$‬ة جمي‪$$‬ع اش‪$$‬كال التمي‪$$‬يز"‪ $،‬منش‪$$‬ورات المجلس الوط‪$$‬ني‬
‫لحقوق االنسان‪ ،‬سلسلة الدراسات‪ ،‬نونبر‪ ،2011‬الصفحة‪.11:‬‬
‫‪ - 865‬أمينة لمريني الوهابي ‪،‬نفس المرجع‪ ،‬الصفحة‪.14-13:‬‬

‫‪437‬‬
‫الشفاف و المسؤول والديمقراطي لقضايا المجتمع يستدعي مشاركة متساوية للنساء والرج ال في مناص ب‬
‫اتخاذ القرار‪.866‬‬

‫وب الرجوع الى دس اتير وق وانين بعض ال دول نج د أن القلي ل من ال دول هي من تبنت التنص يص على‬
‫مفهوم المناص فة في دس اتيرها وقوانينه ا‪ ،‬إذ نج د المغ رب ال ذي نص في دس تور ‪ 2011‬على المناص فة‪،‬‬
‫وسأعود لمناقشة هذا التنصيص المغربي بشكل منفرد بعد أن أشير الى الدول التي تبنت المناصفة‪.867‬‬

‫ففرنسا مثال‪ ،‬نجدها قد نصت ص راحة على مب دأ المناص فة في ق انون االنتخاب ات ‪ ،2001‬وفي ق انون‬
‫االنتخابات البرلمانية المحلية واإلقليمية سنة‪ .2002‬ونجد أن تطبيق مبدأ المناصفة بفرنسا عرف مجموع ة‬
‫من الصعوبات والعوائق‪ ،‬حيث لم تتجمع الدولة في مأسسته قانونيا رغم التنصيص علي ه في الدس تور‪ ،‬إال‬
‫بعد التعديل الدستوري األخير‪ .‬ذلك أن فرنسا حاولت إصدار ق انون يه دف إلى إق رار نظ ام الحص ص في‬
‫االنتخاب ات المحلي ة ولم يس مح ب ذلك المجلس الدس توري ال ذي اعت بر أن التمي يز االيج ابي مخ الف لمب دأ‬
‫المساواة أمام القانون الذي يض منه الدس تور‪ .‬كم ا أث ارت المطالب ة بتنزي ل مب دأ المناص فة على المس توى‬
‫الدستوري والقانوني بفرنسا الكثير من الجدل والمعارضة خصوصا في صفوف الحركات النسوية‪ ،‬ونذكر‬
‫هنا مقال ل"إليزابيت بــادنتير" بجري دة لومون د ال تي س جلت خالل ه اعتراض ها وص رحت ب ‪ " :‬وأخ يرا‬
‫يضاف الى اعتراض ي كمواطن ة وش عوري باإلهان ة كمناض لة نس ائية ش عور عمي ق باإلهان ة‪ ،‬فه ل نحن‬
‫معاقات إلى هذه الدرجة‪ ،‬حتى يتم فرضنا عن طريق اإلكراه الدستوري‪ -‬الكوطا ‪."-‬‬

‫وتونس بدورها سنت قرار يك رس مب دأ المناص فة بين الرج ل والم رأة في القائم ات االنتخابي ة العام ة‬
‫بالمجلس الوطني التأسيسي‪.‬‬

‫والبرتغ ال س نة ‪ 1998‬تبنت الحكوم ة ق انون يه دف إلى ض مان تك افؤ أفض ل للف رص بين الرج ال‬
‫والنساء‪ ،‬والذي نص على مبدأ الكوطا على مستوى لوائح الترشيح لالنتخابات والذي تم رفضه من ط رف‬
‫مجلس النواب‪ .‬كما أن إيطاليا دفعت بعدم دستورية قانونين صدرا س نة ‪ ،1993‬والل ذان ك ان ينص ان على‬
‫تخصيص حصص للمرأة في لوائح الترشيح‪ ،‬وقد أقرت المحكمة الدس تورية بع دم دس تورية أحك ام ه ذين‬
‫القانونين لكونهما يتعارضان مع مبدأ المساواة بين الجنسين‪ .‬وتطبيق المناصفة في المجال السياس ي ع رف‬
‫جدال ونقاشا بين رافض ومؤيد في الدول التي حاولت تطبيقها‪.‬‬

‫‪ - 866‬أمير فرج يوسف‪ ،‬األحكام الدولية المعاصرة في العنف والتمييز ضد المرأة‪ ،‬مركز االسكندرية للكتاب‪ ،2009 ،‬الصفحة‪.7:‬‬
‫‪ - 867‬فاطمة الزهراء بابا أحمد‪" ،‬مبدأ المناصفة التأسيس الدستوري ورهانات التنزيل"‪ ،‬مجلة مسالك‪ ،‬ع‪$$‬دد م‪$$‬زدوج‪، 2013 $،23،24:‬النج‪$$‬اح الجدي‪$$‬دة‪،‬‬
‫المغرب‪،‬الصفحة‪.65:‬‬

‫‪438‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المناصفة بين التأييد والتعارض‪:‬‬

‫– فمعارض و المناص فة يق دمون مب دأ الكوني ة ك دليل أساس ي حيث أن المص لحة العام ة تتع ارض م ع‬
‫المصلحة الفئوية‪ ،‬وحيث أن التمييز اإليج ابي ق د يه دد المس اواة بين جمي ع المواط نين‪ .‬وانطالق ا من ه ذا‬
‫المنظور وبما أن معيار األهلية في القانون يسري على الجميع بنفس الطريقة‪ ،‬فإن الم واطن أو المرش ح ال‬
‫يمكن تمييزه على أساس خصائص معينة تتعلق بالجنس أو الثقافة أو الدين‪ ،‬فمن شأن ك ل تم ايز أن يكس ر‬
‫وحدة جمهور الناخبين‪ ،‬ويمكن أن يقود إلى مطالب ترفعها فئة معينة من المجتمع وقد ي ؤدي الى الطائفي ة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك فإن إقامة نظام الكوطا أو المناصفة يمكن أن يشكك في كفاءة المستفيدين منه‪.‬‬

‫فالمعارضون يفسرون أن المناصفة تتعارض مع مفه وم المواطن ة في إط ار النظ ام ال ديمقراطي‪ ،‬ومن‬


‫حيث مسها بمبدأ المساواة‪ .‬وتطبيقها يعتبر انتهاكا لمبدأ االستحقاق الكفاءة‪ .‬ذل ك أن وج ود الم رأة بالفض اء‬
‫العام يسجل باعتبارها مواطنة لها كامل الحقوق وعليها كامل الواجبات وليس باعتباره ا أن ثى‪ .‬كم ا تعت بر‬
‫المناصفة آلية تمس بمبدأ تكافؤ الفرص الدستوري وفيه تمييز بين المواطنين‪.‬‬

‫ونجد أن القوة ال تي يمتلكه ا حض ور مجموع ة من المب ادئ دس توريا كالمس اواة واالس تحقاق والكف اءة‬
‫والديمقراطية والمواطنة يؤسس مناعة ومقاومة مؤسساتية ومبدئية ضد تطبيق المناصفة‪ ،‬فيقع االع تراض‬
‫على تطبيق هذا المفهوم في إطار المنطق الدستوري من حيث عدم إمكانية األخ ذ بمقتض ى من مقتض يات‬
‫الدس تور بمع زل عن ب اقي المقتض يات‪ ،‬وفي إط ار اعتب ار أن المنط ق الق انوني الس ليم ي رفض تن اقض‬
‫مضامين الدستور ألن أجزاء الدستور يجب أن تفهم في تناغم وبما ينسجم مع جميع مقتضياته‪.‬‬

‫أما الحجج التي يدلي بها مناصرو تطبيق المناصفة فيمكن إجمالها في ما يلي‪:‬‬

‫كون المناصفة هي تدبير تصحيح للمجتمع على أساس اإلنصاف والعدل‪ ،‬حيث أنه ا تعي د االعتب ار الى‬
‫مبدأ المساواة بين الجنسين على أرض الواقع‪ ،‬علم ا أن ه ذا المب دأ يكرس ه الق انون وذل ك من خالل تفعي ل‬
‫تدابير تفضيلية لفائدة النساء‪ .‬واستنادا على الحقيقة التي تفيد بأن الجنس قد يش كل العنص ر الوحي د ال ذي ال‬
‫يمكن أن ينفصل عن الشخص نفسه‪ ،‬والذي ال يمكن أن ننسبه لفئة اجتماعي ة‪ ،‬ف إن تحدي د الق انون لش روط‬
‫ولوج الرجال والنساء على ق دم المس اواة إلى الوظ ائف االنتخابي ة ال يمكن أن يق ارن بالطائفي ة أو سياس ة‬
‫التدبير االيجابي األمريكي ة‪ ،‬وذل ك ألن النس اء ال يش كلن ال فئ ة وال أقلي ة‪ .‬إن إقام ة المناص فة بين الرج ل‬
‫والمرأة ال يمكن أن تكون مبررا إذن لمطالب فئات أخرى من المجتمع‪.‬‬

‫‪439‬‬
‫كما أن المناصفة تزيل التفاوت واالختالل الواقعي الذي تكرسه اآلليات البنيوي ة والثقافي ة واالجتماعي ة‬
‫واالقتصادية التي تسبب تهميش للمرأة‪ ،‬كما أنها فرصة تتيح للمرأة التواجد في صلب المبادرات الوازنة‪.‬‬

‫أما بخصوص التعارض مع مبدأ الدس تور فهن اك العدي د من ال دول اتخ ذت ت دابير وإج راءات التمي يز‬
‫االيجابي لصالح النساء بشكل قانوني ودون تسجيل أي تعارض مع مضامين الدستور‪.‬‬

‫كما نجد أن هن اك ج دال ح ول المناص فة والكوط ا‪ ،‬فهن اك من يراه ا بأنه ا بمثاب ة نظ ام الكوط ا هدف ه‬
‫مكافحة التمييز وزعزعة الالمساواة الهيكلية‪ ،‬ومن هذا المنطلق فهو نظام ا تمييزي ا‪ ،‬في حين أن هن اك من‬
‫يذكر أن المطالبة بالمناصفة هي من أجل المساواة في الوض ع وليس من أج ل تمثي ل أقلي ة كم ا ه و األم ر‬
‫بالنسبة لنظام الكوطا‪.‬‬

‫ومهما كان االختالف حول التسميات وتطبيق مبدأ المناصفة بين مؤيد ومعارض فهي تبقى وسيلة وآلية‬
‫تهدف الى تصحيح الواقع الذي نجد فيه الرجل هو المهيمن على أغلب المناصب والمراك ز‪ ،‬بالمقاب ل نج د‬
‫أغلب النساء مازلن يعشن التهميش واألمية ونماذج من المعان اة وخاص ة بالع الم الق روي‪ ،‬فالمناص فة ه و‬
‫إجراء المؤقت لتش جيع وتحف يز للم رأة من أج ل االنخ راط في عجل ة التنمي ة والبن اء إلى حين استئناس ها‬
‫بالعمل السياسي وبناء الثقة بينها وبين المجتمع من كونها قادرة على البذل والعط اء في ه ذا المي دان ال ذي‬
‫بقي حكرا على الرجل‪.‬‬

‫أما بخصوص الكفاءة فهي تكتسب من خالل الممارسة والتجرب ة‪ ،‬وال ب أس في البداي ة أن يك ون هن اك‬
‫نوعا من تقديم يد المساعدة للنساء إلى حين تمكنهن من الخبرة‪ .‬ومن جهة أخرى ف الواقع يثبت وب الملموس‬
‫أن العديد من النساء برعن وابتكرن في القيام بمهامهن خير قيام في كافة المجالت التي وجدن فيها‪.‬‬

‫كما تبقى الحجة األساسية في عملية شرعنة مبدأ المناصفة هو بع دها ال ذي ي روم مكافح ة التمي يز ض د‬
‫الم رأة‪ ،‬ه ذا اله دف ال ذي تش دد علي ه المنظم ات الدولي ة وتط الب ال دول األط راف على تفعي ل الت دابير‬
‫التفضيلية أو التمييز اإليجابي لصالح فئة معينة قصد تصحيح وضع هذه الفئة التي كانت ضحية التمييز في‬
‫الماضي أو الحاضر‪ .‬وهذا يتماشى كذلك مع اإلعالن الع المي لحق وق االنس ان ال ذي ينص على أن الن اس‬
‫يولدون جميعا أحرارا ومتساويين في الكرامة والحقوق‪ ،‬وأن لكل شخص الح ق في المطالب ة بك ل الحق وق‬
‫والحريات المذكورة في اإلعالن دون تمييز من أي ن وع ك ان‪ ،‬وخصوص ا م ا ارتب ط ب الجنس‪ .‬ف اإلعالن‬
‫وكذلك االتفاقات األخرى الخاصة بحقوق اإلنسان كلها تلزم الدول بضمان التساوي بين الرجل والمرأة في‬
‫ممارس ة كاف ة الحق وق االقتص ادية واالجتماعي ة والثقافي ة والسياس ية‪ ،‬وبم ا أن المغ رب من ال دول ال تي‬
‫صادقت على ه ذه االتفاقي ات فق د نص في الدس تور األخ ير على إح داث هيئ ة المناص فة ومكافح ة جمي ع‬

‫‪440‬‬
‫أشكال التمييز ألن اإليفاء بالتزاماته المتمثلة في تحقيق المساواة بين الجنس ين تحت اج الى ت دخل مؤسس اتي‬
‫وإرادة صارمة قصد بلوغ الهدف‪.‬‬

‫أوال‪ :‬األسس المرجعية لهيئة المناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز‪:‬‬

‫هنــاك مجموعــة من المرجعيــات منهــا االســالمية(‪ ،)1‬وكــذلك المرجعيــة الدســتورية (‪ )2‬ثم هنــاك‬
‫التشريعات الوطنية (‪ )3‬وكذلك المواثيق الدولية (‪.)4‬‬

‫‪ -1‬المرجعية االسالمية‪:‬‬

‫إن المتتبع ألحكام الدين اإلسالمي يجد اإلسالم بعقائده وتشريعاته قد أولى عناية خاصة بالمرأة ‪ ،‬وذل ك‬
‫لما تستحقه من الحرمة والتعظيم والتثمين‪ ،‬فالمرأة هي األم والزوجة والبنت والجدة …هي نصف المجتمع‬
‫يجب أن تص ان حقوقه ا‪ ،‬وت اريخ اإلس الم يظه ر ب الملموس أن الم رأة ك انت توج د في جمي ع المج االت‬
‫واألماكن وتقوم بكل الوظائف المرتبطة بالحياة‪ ،‬وحققت وظائفه ا بالش كل ال ذي يالئم العص ر ال ذي تنتمي‬
‫إليه‪.‬‬

‫ولم يقتصر دور المرأة على الوظيفة البيولوجية من حمل أو إنجاب ورضاعة بل قامت بالوظ ائف كله ا‬
‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية والسياسية والدينية والتربوية والمدنية‪ ،‬وم ا ع رف عن الم رأة المغربي ة‬
‫أنها تنازلت عن دينها وقيمها‪ ،‬حيث ك ان يض رب به ا المث ل في الص الح واإلص الح وفي المحافظ ة على‬
‫توجهات الدين االسالمي واحترام مقدساته والذود عنه في كل المحافل‪.‬‬

‫المغ رب باعتب اره بل دا إس الميا نج ده ق د نص في ديباج ة دس توره على أن " المملك ة المغربي ة دول ة‬
‫إسالمية …‪..‬كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوئ الدين االسالمي مكانة الصدارة فيها ‪ "..‬وكذا في الفص ل‬
‫الثالث من الدستور جاء فيه " اإلسالم دين الدولة‪ ،‬والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية"‬
‫لهذا مما يجعل أن كل القوانين ال تي س يتم إص دارها يجب أن ال تتع ارض م ع المرجعي ة اإلس المية و م ع‬
‫الهوية المغربية‪ ،‬فهذا هو القاس م المش ترك بين المغارب ة ال ذي ال يمكنهم الس ماح بالمس اس ب ه‪ .‬فمن غ ير‬
‫الممكن استصدار أو المصادقة على اتفاقية تتعارض مع مرجعية المغاربة اإلس المية ال تي يجب أن يك ون‬
‫االجتهاد في ظلها و تحت غطائها‪ ،‬من هنا فالساهرون على مأسسة هيئة المناصفة ومكافح ة جمي ع أش كال‬
‫التمييز يجب أن يأخذوا باالعتبار هذا األمر‪.‬‬

‫قد حفظ اإلسالم للمرأة على حقوقها مند الوالدة حتى الممات‪ ،‬وقررها في تشريعاته ال تي ال يمل ك أح د‬
‫الخبرة فيها قال تعالى‪ " :‬وما كان لمؤمن وال مؤمنة إذا قض ى هللا ورس وله أم را أن يك ون لهم الخ برة من‬
‫أمرهم…‪ ".‬و تشريع اإلسالم لهذه الحقوق فيه تنويه لقيمة المرأة في المجتم ع ودوره ا الب ارز في الحي اة‪،‬‬

‫‪441‬‬
‫فلها مكانة عظيمة في التشريع الرباني الذي ال يأتيه الباطل من بين يدي ه وال من خلف ه‪ .‬وق د أخ ذت الم رأة‬
‫هذه المكانة الرفيعة لما لها من دور مهم وبارز في حياتنا وفي بناء األمم واألجيال‪ ،‬سواء كانت أما أو أختا‬
‫أو زوجة أو ابنة أو غير ذلك…فالمرأة مكرمة باعتبارها إنسان كرمه ا الخ الق ولم يظلمه ا وه و أعلم بم ا‬
‫يناسبها من حقوق وواجبات قال تعالى ‪ ":‬أال يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" ‪.‬‬

‫إن التعامل مع قضية المرأة من عدل وإنصاف تعامل معها اإلسالم بنظرة تكاملي ة‪ ،‬فال ينظ ر إليه ا من‬
‫جانب الحقوق فحسب بل من ناحية الواجبات كذلك‪.‬‬

‫كما يجب أن يكون المنطلق عند الذين سيشرعون لهذه الهيئ ة أن ع دل هللا مطل ق وليس في ش رعه ظلم‬
‫لبشر أو ألي أحد من خلقه‪ ،‬وهللا ال يوزن حكم ه بم وازين البش ر‪ ،‬ب ل المقي اس اإللهي ه و ال ذي ينبغي أن‬
‫تقاس به أفعال العباد‪ .‬وما جاء في الق رآن والس نة من نص وص تظه ر عل و المكان ة ال تي أواله ا اإلس الم‬
‫للمرأة وأنه ال يوجد تشريع سابق وال الحق كرم المرأة كما كرمها التش ريع الرب اني‪ ،‬فم يزان عم ل العم ل‬
‫هي الشريعة اإلسالمية التي ال يملك أحدا الحق في أن يحلل حراما أو أن يحرم حالال‪.‬‬

‫‪-2‬الدستور‪:‬‬

‫أولى الدستور المغربي عناية خاصة لحقوق المرأة كما هو متعارف عليه ا عالمي ا م ع حظ ر ومكافح ة‬
‫ك ل أش كال التمي يز حيث أوجب على الس لطات العمومي ة وض ع سياس ات تهتم ب المرأة‪ ،‬وكفيل ة بتحقي ق‬
‫المساواة بين الجنسين‪ ،‬حيث يؤكد الفصل السادس من الدس تور على ض رورة تفعي ل مب دأ المس اواة فنص‬
‫على ما يلي ‪ ":‬القانون هو أسمى تعبير عن إرادة األم ة‪ ،‬والجمي ع أشخاص ا ذات يين واعتب اريين‪ ،‬بم ا فيهم‬
‫السلطات العمومية‪ ،‬متساوون أمامه‪ ،‬وملزمون باالمتثال له‪.‬‬

‫تعمل السلطات العمومية على توف ير الظ روف ال تي تمكن من تعميم الط ابع الفعلي لحري ة المواطن ات‬
‫والمواطنين‪ ،‬والمساواة بينهم‪ ،‬ومن مشاركتهم في الحياة السياسة االقتصادية والثقافية واالجتماعية…‪. ".‬‬

‫في حين يعتبر المغرب من الدول القالئل التي نص ت ص راحة على مب دأ المناص فة في دس تور ‪2011‬‬
‫باإلضافة الى مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص‪ ،‬حيث جاء في الفصل التاسع عشر من الدستور على ما يلي‪" :‬‬
‫يتمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحري ات المدني ة والسياس ية واالقتص ادية واالجتماعي ة‬
‫والثقافية والبيئية الواردة في هذا الباب من الدستور‪ ،‬وفي مقتضياته األخرى وكذا في االتفاقيات والمواثي ق‬
‫الدولية كما صادق عليها المغرب‪ ،‬وكل ذلك في نطاق أحك ام الدس تور وث وابت المملك ة وقوانينه ا‪ ،‬تس عى‬
‫الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز‪".‬‬

‫كما جاء في الديباجة أن المملكة المغربية تؤكد وتلتزم على ‪ ":‬حظر ومكافحة كل أشكال التمييز بس بب‬
‫الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو االنتم اء االجتم اعي أو الجه وي أو اللغ ة أو اإلعاق ة أو أي وض ع‬

‫‪442‬‬
‫شخصي مهما كان ‪ ".‬وهذا يتماشى مع التزامات المغرب مع المنتظم الدولي‪.‬‬

‫وبخصوص االختصاصات الموكولة لهذه الهيئة فالدستور‪ ،‬قد تطرق لها في الم ادة ‪ 164‬وال تي نص ت‬
‫على ما يلي‪ " :‬تسهر الهي أة المكلف ة بالمناص فة ومحارب ة جمي ع أش كال التمي يز المحدث ة بم وجب الفص ل‬
‫التاسع عشر من هذا الدستور‪ ،‬بصفة خاصة على احترام الحقوق والحريات المنصوص عليه ا في الفص ل‬
‫المذكور‪ ،‬مع مراعاة االختصاصات المسندة للمجلس الوطني لحقوق االنسان‪.".‬‬

‫وهذا يتماش ى ك ذلك م ع رأي المجلس االقتص ادي واالجتم اعي ح ول النه وض بالمس اواة بين النس اء‬
‫والرجال في الحياة االقتصادية واالجتماعية والثقافية والسياسية الذي يحمل عن وان " تحقي ق المس اواة بين‬
‫النس اء والرج ال مس ؤولية الجمي ع تص ورات وتوص يات معياري ة ومؤسس اتية" حيث يالح ظ أن اآللي ة‬
‫المؤسساتية للنهوض بأوضاع المرأة محدودة جدا من حيث ص الحياتها‪ ،‬وموقعه ا وموارده ا‪ ،‬مم ا يع وق‬
‫بروزها‪ ،‬وقدراتها على أن تدفع وتحرك‪ ،‬أو تتبع بطريق ة فعال ة سياس ية وب رامج من ش أنها تحقي ق المب دأ‬
‫الدستوري الخاص بالمساواة بين النساء والرج ال وتحري ك ه ذه السياس ات ومتابع ة فعالياته ا‪ .‬واعت بر أن‬
‫مراجعة اآللية الوطنية ضرورة ملحة‪ ،‬وأن إحداث هيئة المناصفة ومكافح ة ك ل أش كال التمي يز ال تي نص‬
‫عليها الدستور‪ ،‬تمثل تاريخية يتعين على كل األطراف المعنية أن تساهم في إنجاحها‪.‬‬

‫فالدستور المغربي أولى أهمية بالغة لمبدأ المساواة بين الرجل والم رأة‪ ،‬حيث حم ل الدول ة الس هر على‬
‫ضمان تكافؤ الفرص للجميع وضمان الحماية القانونية واالجتماعية واالقتصادية والبيئية لجميع الفئات‪.‬‬

‫‪-3‬التشريعات الوطنية‪:‬‬

‫بالرجوع إلى التشريعات الوطنية نجد أن المغرب قطع أشواطا كبيرة فيما يتعلق بحقوق المرأة وإرس اء‬
‫مبدأ المساواة‪.‬‬

‫بداية‪ ،‬جاءت مدونة األسرة بمقتض يات وص ياغة جدي دة تح ترم كرام ة وإنس انية الم رأة‪ ،‬وأك دت على‬
‫المسؤولية المشتركة للزوجين لضمان بناء أسرة مغربية مس تقرة تس اوي بين الجنس ين‪ ،‬كم ا يض من لهم ا‬
‫حقهما اإلنساني والق انوني س واء الرج ل أو الم رأة‪ .‬وق د تم تع ديلها من منطل ق تش اركي ع رف مش اركة‬
‫مختلف الهيئات بفعالية ودينامية كبيرين في االقتراح‪ ،‬وكانت ثمار نقاش عاشه المجتمع كله بمختل ف فئات ه‬
‫كاد أن يتحول النقاش إلى انزالقات بين تي ارات المجتم ع تي ار محاف ظ ي دافع عن تش بته بالهوي ة المغربي ة‬
‫والموروث ومرجعيته اإلسالمية مع االنفتاح على المجتمع االنساني واالستفادة منه‪ ،‬واألخ ذ م ا ال يخ الف‬
‫الشريعة االسالمية وهوية المغاربة الدينية والوطنية‪ ،‬وتيار حداثي يريد تبني المرجعي ة " الكوني ة " كامل ة‬
‫دون تجزئ لقناعات أفراده أن حقوق اإلنسان هي كونية وال تتجزأ‪ ،‬مما أفضى الى مسيرتين واحدة بال دار‬

‫‪443‬‬
‫البيضاء قادها هذا األخير وأخرى بالرباط قادته ا الحرك ات اليس ارية‪ ،‬األم ر ال ذي عج ل بالت دخل الملكي‬
‫الذي شكل لجنة عملت على إعداد مدونة األسرة التي تمت بداية العمل بها سنة ‪.2003‬‬

‫كما أن هناك العديد من القوانين التي تم تعديلها والتي تناشد بالمناصفة مثل‪:‬‬

‫الق انون الجن ائي ‪ 8682004‬في الم ادة ‪ 1-431‬ال تي تنص على م ا يلي‪ ":‬يك ون تمي يزا ك ل تفرق ة بين‬
‫األشخاص والطبيعيين‪ ،‬األشخاص المعنويين‪ ،‬بسبب األصل الوط ني‪ ،‬أو األص ل االجتم اعي أو الل ون أو‬
‫الجنس أو الوضعية األسرية أو الحالة الص حية أو اإلعاق ة أو ال رأي السياس ي أو االنتم اء النق ابي أو ع دم‬
‫االنتماء الحقيقي أو المفترض لعرق أو ألمة أو لساللة أو لدين " ‪.‬‬

‫وقد أدرج مفهوم التمييز اإليجابي من خالل تحديد القانون للحاالت التي ال يعاقب فيها التمييز" ‪.‬‬

‫ومدونة الشغل بدورها في مادتها التاسعة تنص على م ا يلي ‪ ":‬يمن ع ك ل تمي يز بين األج راء من حيث‬
‫الساللة أو اللون أو الجنس أو اإلعاقة أو الحالة الزوجية أو العقيدة أو الرأي السياسي أو االنتماء النق ابي أو‬
‫األصل الوطني أو األصل االجتماعي‪ ،‬يكون من شأنه خرق أو تحريف مبدأ تكافؤ الفرص أو عدم المعاملة‬
‫بالمثل في مجال التشغيل أو تعاطي مهنته‪ ،‬السيما في ما يتعلق بالتأجير وإدارة الش غل وتوزيع ه والتك وين‬
‫المهني واألجر والترقية واالستفادة من االمتيازات االجتماعية والتدابير التأديبية والفصل في الشغل ‪.‬‬

‫قانون الصحافة ‪ 2003‬يعاقب في مادته ‪ 39‬مك رر على التح ريض على التمي يز أو العن ف حيث ينص‬
‫على أن ‪ ":‬كل من استعمل إحدى الوس ائل المبين ة في الفص ل ‪ ،38‬للتح ريض على التمي يز العنص ري أو‬
‫الكراهية أو العنف ضد شخص أو أشخاص اعتبارا لجنسهم أو ألص لهم أو لل ونهم أو النتم ائهم الع رقي أو‬
‫الديني أو تساند جرائم الحرب ضد االنسانية يعاقب بحبس تتراوح مدته بين شهر وسنة واحدة وبغرامة بين‬
‫‪3000‬و ‪ 30000‬درهم‪ ،‬أو بإحدى هاتين العقوبتين‪.‬‬

‫‪ -4‬المواثيق الدولية ‪:‬‬

‫حماية حقوق المرأة كانت محل اهتمام المجتمع الدولي سواء على المس توى الع المي أو اإلقليمي‪ ،‬فك ان‬
‫من الطبيعي إذن أن تعمل المنظمات الدولية على إيجاد مواثيق واتفاقيات دولية قصد حماي ة حق وق الم رأة‬
‫ب دءا من اإلعالن الع المي لحق وق االنس ان‪ ،‬والعه د ال دولي المتعل ق ب الحقوق االقتص ادية واالجتماعي ة‬
‫والثقافية‪ ،‬والعهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية الص ادرة س نة ‪1979‬م‪ ،‬وص وال إلى االتفاقي ة‬

‫‪868‬‬
‫القانون رقم ‪ 03-2‬المعدل والمتمم للقانون الجنائي الصادر بموجب الظهير رقم‪ 2007-03-1‬بتاريخ ‪11‬يونيو ‪ 2003‬في الجريدة الرسمية الصادرة ‪-‬‬
‫‪.‬بتاريخ ‪ 16‬يناير ‪2004‬‬

‫‪444‬‬
‫الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام ‪ ،1979‬والبروتوكول االختياري الملحق به ا لع ام‬
‫‪1999‬م‪ ،‬هذه االتفاقية التي تعتبر الركيزة لحقوق المرأة‪.‬‬

‫إن اإلعالن الع المي لحق وق اإلنس ان ينص في مادت ه ‪ 16‬على المس اواة بين الرج ل والم رأة‪ ،‬كم ا أن‬
‫اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة( سيداو ‪ )1978‬التزمت الدول الموقعة عليه ا بم ا فيه ا‬
‫المغرب بالعمل على تحقيق المساواة بين الجنسين ومحاربة كافة أشكال التمييز كاإلتجار بالمرأة واستغالل‬
‫بغاء المرأة‪ ،‬والقضاء على التمييز في الحي اة السياس ية‪ .‬حيث تكف ل للم رأة الح ق في التص ويت في جمي ع‬
‫االنتخابات واالستفتاءات العامة‪ ،‬واألهلية لالنتخابات التي ينتخب أعض اؤها ب االقتراع الع ام‪ ،‬ومش اركتها‬
‫في صياغة وتنفيذ سياسة الحكومة‪ ،‬وتمثيل الحكومة على المستوى الدولي واالشتراك في أعمال المنظمات‬
‫كما تضمن لها المساواة في الميادين االجتماعية واالقتصادية والثقافية…‬

‫نجد دستور ‪ 2001‬كرس قضية تعهد التزام المغ رب م ا تقتض يه المواثي ق الدولي ة من مب ادئ وحق وق‬
‫وواجبات‪ ،‬وأكد على تشبثه بحقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها عالميا‪ .‬كما ال تزم المغ رب في تص دير‬
‫الدستور الذي يعتبر جزءا ال يتجزأ من الدستور ب‪:‬‬

‫– حماية حقوق اإلنسان والقانون الدولي اإلنساني والنهوض بهما واإلس هام في تطويره ا‪ ،‬م ع‬
‫مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق‪ ،‬وعدم قبليتها للتجزئة‪.‬‬

‫– حظر مكافحة كل أشكال التمي يز بس بب الجنس أو الل ون أو المعتق د أو المعتق د أو الثقاف ة أو‬
‫االنتماء االجتماعي أو الجهوي‪ ،‬أو اللغة أو اإلعاقة أو أي وضع تشخيصي مهما كان‪.‬‬

‫– جعل االتفاقيات الدولي ة‪ ،‬كم ا ص ادق عليه ا المغ رب‪ ،‬وفي نط اق أحك ام الدس تور وق وانين‬
‫المملكة‪ ،‬وهويتها الوطنية‪ ،‬تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية‪ ،‬والعم ل على مالءم ة ه ذه‬
‫التشريعات مع ما تتطلبه تلك المصادقة‪.‬‬

‫يظهر أن هناك التزام ا قانوني ا على ال دول األط راف في االتفاقي ات الدولي ة الخاص ة بحق وق اإلنس ان‬
‫بضرورة تعديل تشريعاتها الوطنية بما يتفق مع أحكام هذه االتفاقي ات الدولي ة‪ .‬إن ه ذا االل تزام يرج ع إلى‬
‫نظرية سمو القانون الدولي العام على القانون الداخلي أو الوطني‪ ،‬ول ذا ي رى أن ه في حال ة ت راخي ال دول‬
‫األطراف عن القيام بهذه االجراءات التشريعية أو في حالة عدم القيام بها أصال تقوم المسؤولية الدولي ة في‬
‫حقها‪ ،‬ويجب على األمم المتحدة والمجتمع الدولي إجبارها على القيام بذلك بالوسائل القانونية المتاحة‪.‬‬

‫ورغم أن االتفاقيات الدولية المعنية بحقوق اإلنسان قد أشارت إلى ضرورة قيام ال دول األط راف ب دمج‬
‫هذه الحقوق في تشريعاتها الوطنية كض مانة لحماي ة ه ذه الحق وق‪ ،‬إال أنه ا أج ازت له ذه ال دول في بعض‬
‫الحاالت الضرورية تقييد هذه الحقوق لصالح األمن العام والنظام العام في هذه الدول ‪.‬‬

‫‪445‬‬
‫ولهذا نصت المادة الرابعة من العهد الدولي المتعلق بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية على م ا‬
‫يلي‪ ":‬يحق للدول األطراف في االتفاقية في مجال التمتع بالحقوق التي تؤمنها تماشيا مع االتفاقي ة الحالي ة‪،‬‬
‫أن تخضع هذه الحقوق للقيود المقررة في القانون فقط وإلى الم دى ال ذي يتماش ى م ع طبيع ة ه ذه الحق وق‬
‫فقط‪".‬‬

‫ومن جهة أخرى نجد في الدستور المغربي بأن المملكة المغربية دولة إسالمية كما أن الهوي ة المغربي ة‬
‫تتم يز بتب ويء ال دين اإلس المي مكان ة الص دارة فيه ا‪ ،‬مم ا ي بين ب أن أي م ادة في أي اتفاقي ة في حال ة‬
‫معارضتها للدين االسالمي فهي غير سارية المفعول‪.‬‬

‫وفي اتفاقية حقوق الطفل جاء في المادة الثانية على أن ‪ ":‬تحترم الدول األطراف الحقوق الموضحة في‬
‫هذه االتفاقي ة‪ ،‬وتض منها لك ل طف ل يخض ع لواليته ا‪ ،‬دون أي ن وع من أن واع التمي يز‪ ،‬بغض النظ ر عن‬
‫عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه أو ل ونهم أو جنس هم أو لغتهم أو دينهم أو رأيهم السياس ي‬
‫أو غيره أو أصلها القومي أو اإلثني أو االجتماعي أو ثروتهم أو عجزهم أو مولدهم أو أي وضع آخر‪".‬‬

‫كما تنص االتفاقية على أن تتخذ الدول األطراف جميع التدابير المناسبة لتكفل للطفل الحماي ة من جمي ع‬
‫أشكال التمييز أو العقاب القائمة على أساس مركز والدي الطف ل أو األوص ياء الق انونيين علي ه أو أعض اء‬
‫األسرة أو أنشطتهم أو آرائهم المعبر أو معتقداتهم‪ .‬وفي تعليقه ا الع ام ح ول الت دابير العام ة لتفعي ل اتفاقي ة‬
‫حقوق الطفل شددت لجنة حقوق الطفل على مفهوم الفاعلية في مجال حقوق الطفل‪ ،‬بم ا في ذل ك الح ق في‬
‫عدم التمييز وفي هذا اإلطار أولت اللجنة اهتماما خاصا لمشكلة التمي يز ض د الفتي ات وخاص ة في مبادئه ا‬
‫التوجيهية للدول األطراف حول إعداد تقاريرها المتعلقة بتفعيل االتفاقية‪ ،‬وهكذا تطلب اللجنة بشكل صريح‬
‫تفسيرات عن واقع الفتيات والوسائل المستخدمة بشكل فعلي لمكافحة التمييز ضدهن‪.‬‬

‫وكذلك نجد االتفاقية الدولية لحقوق األشخاص ذوي اإلعاقة في مادتها الثالثة جاء فيه ا أنه ا تس تند على‬
‫عشرة مبادئ عامة‪ ،‬بما في ذلك المساواة بين الرجل والمرأة‪:‬‬

‫– احترام كرامة األشخاص المتأص لة واس تقاللهم ال ذاتي بم ا في ذل ك حري ة تقري ر خي اراتهم‬
‫بأنفسهم واستقالليتهم‪.‬‬

‫– عدم التمييز‪.‬‬

‫– المشاركة واالندماج بصورة كاملة وفعالة في المجتمع‪.‬‬

‫– احترام الفوارق وقبول األشخاص ذوي اإلعاقة كجزء من النوع البشري والطبيعة البشرية‪.‬‬

‫– تكافؤ الفرص‪.‬‬

‫‪446‬‬
‫– سهولة الولوج‪.‬‬

‫– المساواة بين الرجل والمرأة‪.‬‬

‫– احترام تطوير قدرات األطفال ذوي اإلعاقة ‪.‬‬

‫– احترام حق األطفال ذوي اإلعاقة في الحفاظ على هويتهم‪.‬‬

‫وفي سنة ‪ 1993‬أعاد الم ؤتمر الع المي األول ح ول حق وق اإلنس ان في فيين ا التأكي د بق وة في اإلعالن‬
‫وبرنامج العمل المتعلق به على أن " حقوق اإلنسان للمرأة والطفلة تشكل جزءا من حقوق اإلنسان العالمية‬
‫ال ينفصل وال يقبل التصرف وال التجزئة‪ ،‬وأن مشاركة المرأة مشاركة كاملة وعلى قدم المساواة في الحياة‬
‫السياسية والمدنية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية على الصعيد الوط ني واإلقليمي وال دولي واستئص ال‬
‫جميع أشكال التمييز على أساس الجنس ‪..‬‬

‫عند تطلعنا على إعالن بيكن لعام ‪ 1995‬نجد أن المؤتمر الدولي دعا في إعالن ه (ا ل ذي اعتمدت ه ‪189‬‬
‫دولة في المؤتمر العالمي الرابع حول المرأة سنة ‪ ،)1995‬الحكومات إلى اتخاذ مجموعة من التدابير نذكر‬
‫منها‪:‬‬

‫– تعزيز الحقوق األساسية للمرأة وحمايتها‪.‬‬

‫– إنشاء مؤسسات وطنية مستقلة لحماية حق وق اإلنس ان والنه وض به ا‪ ،‬بم ا في ذل ك الحق وق‬
‫اإلنسانية للمرأة ‪.‬‬

‫– إعطاء األولوية لتعزيز وحماية ممارسة المرأة والرجل لجميع الحق وق والحري ات األساس ية‬
‫ممارسة كاملة وعلى قدم المساواة‪..‬‬

‫– توفير ضمانات دستورية أو إصدار التشريع المالئم لمنع التمييز على أس اس الجنس بالنس بة‬
‫الى جميع النساء والفتيات‪.‬‬

‫– اتخاذ التدابير الكفيلة لوصول المرأة على قدم المساواة مع الرجل إلى هياكل السلطة ومراكز‬
‫صنع القرار والمشاركة الكاملة فيها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مفهوم مبدأ المناصفة في تولي الوظائف العامة‬

‫‪447‬‬
‫مبدأ المساواة في تقلد الوظائف العامة مظهر من مظ اهر المس اواة بين األف راد في الحق وق والواجب ات‬
‫العامة‪ ،‬وهو يرجع من ناحية أصوله التاريخية إلى الثورة الفرنس ية‪ ،‬إذ أش ارت الم ادة السادس ة من إعالن‬
‫حقوق المواطن لعام ‪ 1789‬على أن جميع المواطنين متساوون في االلتحاق بالوظ ائف العام ة‪ ،‬وال فض ل‬
‫ألحدهم إال بقدر ما يتمتع به من قدرات ومواهب‪.‬‬

‫ويقصد بالمساواة في التوظف أال يكون هناك تمييز بين المواطنين في تقل د وظ ائف الدول ة‪ ،‬لكن ه ذه‬
‫المساواة ال تكون إال بعد توفر كل ما تتطلبه القوانين من شروط وم ؤهالت لت ولي الوظ ائف العام ة‪ ،‬إذ أن‬
‫أكثر الدول تشترط في قوانينها شروطا ومؤهالت خاصة للراغ بين في التع يين‪ ،‬منه ا م ا يتعل ق بالجنس ية‬
‫وأخر بالحالة الصحية فضال عن الشهادات العلمية والدراسية‪.‬‬

‫والمساواة في التوظ ف ي راد به ا المس اواة الفعلي ة ال المس اواة المطلق ة‪ ،‬إذ أن المش رع يمل ك بس لطته‬
‫التقديرية لمقتضيات الصالح العام وضع شروط موضوعية تتحدد بها المراكز القانوني ة ال تي يتس اوى به ا‬
‫االفراد أمام القانون بحيث إذا ت وافرت ه ذه الش روط في طائف ة من االف راد وجب المس اواة بينهم‪ ،‬لتماث ل‬
‫مراكزهم القانونية وإن اختلفت هذه المراكز بأن ت وافرت في بعض هم من دون االخ ر انتفى من اط التس وية‬
‫بينهم‪ ،‬وبذلك فإنه ال يعد إخالال بمبدأ المساواة في تولي الوظائف العامة أن يشغل فرد معين وظيفة‪ ،‬محددة‬
‫ومعينة دون آخر تقدم لشغلها إذا توافرت في االول الش رو ط القانوني ة المطلوب ة لش غل ه ذه الوظيف ة‪ .‬ولم‬
‫تتوفر في الشخص الثاني الذي تقدم لشغل الوظيفة‪.‬‬

‫ويخضع التحاق المواطنين بالوظائف العامة إلى مقتضيات ضمان تنفيذ مهام المرافق العامة ومتطلب ات‬
‫المصلحة العامة‪ ،‬وهو م ا يفس ر وج ود ش روط عدي دة لت ولي الوظ ائف العام ة‪ ،‬ترتب ط أساس ا بجمل ة من‬
‫المواصفات المطلوبة في المرشحين وإخضاعهم بعدئذ إلى مبدأ عام ذي قوة دستورية‪ ،‬وهو مب دأ المس اواة‬
‫في تولي لوظائف العامة إلى جانب الشروط التنظيمية المح ددة أص ال ب القوانين المنظم ة للوظيف ة العام ة‪،‬‬
‫فالمساواة مبدأ يلزم السلطة اإلدارية بضمان احترامه والسهر على تفادي ممارس ة تمي يز غ ير موض وعي‬
‫بين المرشحين‪ ،‬بمعنى اإللتزام بعدم إخضاع عملية انتماء السياسي او اآلراء الفلسفية أو المعتقدات الديني ة‬
‫أو الجنس‪ ،‬فهي ممارسات ومعايير منبوذة وال تليق بكرامة الوظيفة العامة‪.‬‬

‫أ‪ :‬االساس القانوني لمبدأ المناصفة في تولي الوظائف العامة‬

‫يحظى مبدأ المساواة بأهمية بالغة في النظم القانونية الحديثة إذ يعد من أهم ضمانات حقوق االنس ان في‬
‫الوقت الحاضر‪ ،‬ويجد هذا المبدأ صداه الواسع في مجال الوظيفة العامة إذ أضحى الحق في تولي الوظائف‬
‫العامة مباحا للجميع دون تمييز بسبب تباين اآلراء السياسية أو االنتم اءات الحزبي ة او اختالف األص ل أو‬

‫‪448‬‬
‫المعتقد أو الدين‪ ،‬وعليه سوف نعرض بشكل موجز لألساس ين ال دولي والوط ني لمب دأ المس اواة في ت ولي‬
‫الوظائف العامة وعلى النحو االتي‪:‬‬

‫ب ‪ :‬االساس الدولي لمبدأ المساواة في تولي الوظائف العامة‬

‫أولت االتفاقي ات والمواثي ق الدولي ة أهمي ة متم يزة في التأكي د على مب دأ المس اواة في ت ولي الوظ ائف‬
‫العام ة‪ ،‬إذ تض من االعالن الع المي لحق وق االنس ان الص ادر عن الجمعي ة العمومي ة لألمم المتح دة لع ام‬
‫‪ 1948‬في الفقرة الثانية من المادة الحادية والعشرين على أن" لكل شخص نفس الحق ال ذي لغ يره في تقل د‬
‫الوظائف العامة في البالد"‪ ،‬أما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدني ة والسياس ية والص ادر عن الجمعي ة‬
‫العمومية لألمم المتحدة عام ‪ ،1977‬فقد نصت الفقرة الثالث ة من الم ادة الخامس ة والعش رون من ه على أن‬
‫"لكل مواطن دون وجوه التمييز أن تتاح له‪ ،‬على ق دم المس اواة عموم ا م ع س واه‪ ،‬فرص ة تقل د الوظ ائف‬
‫العامة في بلده"‪.‬‬

‫حيث أق رت أغلب المواثي ق الدولي ة واإلعالن ات العالمي ة لحق وق اإلنس ان ح ق الف رد بالتس اوي م ع‬
‫اآلخ رين في ت ولي الوظ ائف العام ة في بل ده‪ .869‬حيث سنقتص ر على م ا ج اء في ميث اق األمم المتح دة‬
‫واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لع ام ‪ ،1948‬والعه د ال دولي الخ اص ب الحقوق المدني ة والسياس ية لع ام‬
‫‪ ،1966‬واالعالن الفرنسي لحقوق اإلنسان والمواطن لعام ‪.1789‬‬

‫إعالن حقوق اإلنسان والمواطن ‪1789‬‬

‫يعود األصل التاريخي لهذا المبدأ إلى الثورة الفرنسية حيث نصت الم ادة السادس ة من اإلعالن على أن‬
‫"جميع المواطنين متساوون في االلتحاق بالوظ ائف العام ة‪ .‬وال فض ل ألح دهم إال بق در م ا يتمت ع ب ه من‬
‫قدرات ومواهب‪".‬‬

‫ومنذ ذلك الوقت أصبح من المبادئ الدستورية التي تحرص دول العالم على أن تضمنه دساتيرها‪.‬‬

‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‬

‫نص صراحة على حق كل إنسان في التمتع بجميع الحق وق الم ذكورة في ه ومنه ا ح ق ت ولي الوظ ائف‬
‫العام ة‪ .‬فق د نص ت الم ادة ‪ 21‬من اإلعالن في فقرته ا الثاني ة على م ا يلي‪" :‬لك ل ش خص بالتس اوي م ع‬
‫اآلخرين حق تقلد الوظائف العامة في بلده"‪.‬‬

‫‪869‬‬
‫‪.‬هاني سليمان الطعيمات‪" :‬حقوق اإلنسان وحريات األساسية" الطبعة األولى‪ ،‬إصدار ‪ ،2006‬دار النشر‪ ،‬الصفحة‪ 222:‬وما بعدها ‪-‬‬

‫‪449‬‬
‫كما أقرت هذا الحق المادة السادسة من إعالن األمم المتحدة الخاص بالقضاء على جميع أشكال التمي يز‬
‫العنصري بقوله ا‪" :‬ال يقب ل أي تمي يز بس بب الع رق أو ال دين‪ ...‬في تمت ع أي ش خص ب الحقوق السياس ية‬
‫وحقوق المواطنة في بلده‪ ...‬ولكل شخص حق تولي الوظائف العامة في بلده على قدم المساواة‪.870‬‬

‫العهد الدولي الخاص بالخصوص السياسية والمدنية ‪1966 – 11 -16‬‬

‫أكدت المادة ‪ 25‬من العهد على حق كل مواطن في تقلد الوظائف العامة في بلده بالتساوي م ع اآلخ رين‬
‫بقولها‪" :‬يكون ألي مواطن دون أي وجه من وجوه التمييز المذكورة في المادة الثانية الحق وق التالي ة ال تي‬
‫يجب أن تتاح له فرصة التمتع بها دون قيود غير مقبولة‪".‬‬

‫أن تتاح له على قدم المساواة عموما مع سواه فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده"‬

‫وتم التأكيد على ه ذا المب دأ في ال دورة التاس عة عش رة لمجلس حق وق اﻹنس ان المنعق دة في‪ 29‬ش تنبر‬
‫‪ ،2011‬حيث تناولت الفقرة "ج " من المادة ‪ 25‬حق المواطنين والف رص المتاح ة لهم لتقل د المناص ب في‬
‫الخدمة العامة على قدم المساواة‪ ،‬وينص هذا الحكم على جواز فرض قيود أوس ع من القي ود المع ترف به ا‬
‫في التصويت والترشح لالنتخابات وفرض القيود المعقولة المعترف بها فيما يتعلق ب الحقوق السياس ية‪ ،‬في‬
‫حين أن ف رص تقل د الوظ ائف العام ة ال تكف ل إال على ق دم المس اواة وبالت الي ليس ثم ة م ا يمن ع ال دول‬
‫األطراف من وضع شروط لتقلد الوظائف العامة من قبيل تحديد الحد االدنى للسن أو المستوى الدراسي أو‬
‫معايير االستقامة أو أي مؤهالت خاصة‪.‬‬

‫وتزداد االهمي ة القانوني ة له ذه المب ادئ في ال دول الديمقراطي ة إذ تت أتى ه ذه األهمي ة من كونه ا تمث ل‬
‫توجيهات قانونية عامة للدول تساعدها في تب ني م ا ج اء فيه ا عن طري ق مص ادقة ال دول فيم ا بينه ا على‬
‫االتفاقيات التي تتضمنها هذه المبادئ بما يولد الزام ق انوني على ع اتق ه ذه ال دول فض ال أن أغلب ال دول‬
‫المعاصرة ضمنت دساتيرها وكذلك تشريعاتها الداخلية ما تضمنته هذه المواثيق من مبادئ‪.‬‬

‫‪870‬‬
‫إعالن األمم المتحدة الخاص بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري الصادر بتاريخ ‪ ،1963 -11-20‬عبد الكريم عوض خليفة‪- ،‬‬
‫القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬الطبعة‪ ،2009‬الدار الجامعية الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الصفحة‪ ،49:‬وإسحاق إبراهيم منصور "نظريتا القانون‬
‫والحق‪ ،‬د‪ ،‬م‪،‬ج‪ ،‬المطبعة ‪ ،)2005( 8‬الصفحة‪284:‬‬

‫‪450‬‬
‫خاتمة القسم األول‪:‬‬

‫إن إنخراط كل من سلطة عمان والمملك ة المغربي ة في مسلس ل اإلص الحات السياس ية ش مل موض وع‬
‫تقوية حقوق اإلنسان أوال من خالل المصادقة على اإلتفاقي ات والمواثي ق الدولي ة المعني ة بحق وق اإلنس ان‬
‫وجعلها من ضمن النظام القانوني للدولة‪ ،‬وثانيا بوضع ترسانة قانونية وطنية تعزز الحماية الش املة لكاف ة‬
‫حقوق اإلنسان ومنها الحقوق السياسية‪.‬‬

‫وإذا ك ان دس تور البل دين ق د وض ع اللبن ات األولى والمركزي ة لحق وق اإلنس ان األساس ية‪ ،‬وض منها‬
‫بتنصيص دستوري صريح‪ ،‬فإن الق وانين التنظيمي ة والعادي ة تكفلت بتبس يط وتفص يل اإلج راءات الكفيل ة‬
‫بتسهيل ممارسة الحقوق والحري ات في ظ ل نظ ام سياس ي وق انوني منفتح وم رن يق وم على فك رة س يادة‬
‫القانون ودولة القانون في إطار اإلصالح المتدرج‪.‬‬

‫كم ا س اهمت المؤسس ات الدس تورية المعني ة بحماي ة حق وق اإلنس ان‪ ،‬س واء البرلم ان أو الحكوم ة أو‬
‫المجالس الوطنية لحقوق اإلنس ان في توف ير الظ روف المناس بة لض مان ممارس ة فعلي ة وحقيقي ة ومتاح ة‬
‫وممكنة للحقوق والحريات س واء منه ا السياس ية أو غيره ا‪ .‬ك ل ذل ك ش كل تراكم ا غني ا بالنس بة للمملك ة‬
‫المغربية وسلطنة الشيء الذي من شأنه أن يعزز تفعيل الحقوق المنصوص عليها دستوريا وتشريعيا ‪.‬‬

‫‪451‬‬
‫القسم الثاني‪:‬‬

‫ضمانات وآليات ممارسة الحقوق السياسي في البلدين‬

‫‪452‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬ضمانات وآليات ممارسة الحقوق السياسي في البلدين‬

‫تعد الحقوق السياسية من السلطات التي تقررها ف روع الق‪$$‬انون الع‪$$‬ام للش خص باعتب اره منتم إلى وطن‬
‫معين (مواطن)‪ ،‬والتي يستطيع بواس طتها أن يباش ر أعم اال معين ة يش ترك به ا في إدارة ش ؤون المجتم ع‬
‫كحق االنتخاب وحق الترشيح وحق تولي الوظائف العامة وهاته الحقوق تقابلها واجب ات وهي ح ق الدول ة‬
‫على المواطن الخدمة الوطنية والدفاع والحماية ‪.‬‬

‫الهدف من هذه الحقوق السياسية هو حماية المصلحة أو المصالح السياسية للدولة‪ .‬لكن الس ؤال‬
‫المطروح في هذا السياق حول الضمانات و اآلليات القضائية و غير القضائية لممارس ة الحق وق السياس ية‬
‫بالمغرب و السلطنة العمانية‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬الضمانات واآلليات المؤسساتية‬

‫نتناول في هذا الفصل مختلف الضمانات واآلليات المؤسساتية المعنية بممارسة حقوق اإلنسان‪ ،‬ونقصد‬
‫بالضمانات واآلليات المؤسس اتية تل ك المؤسس ات المنص وص عليه ا في الدس تور والق وانين ال تي تت ولى‬
‫السهر على تتبع ومراقبة مدى إلتزام الدولة بتوفير الحماية الالزمة للمارس ة الفعلي ة للحق وق السياس ية في‬
‫كل من سلطة عمان والمملكة المغربية‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬دور البرلمان في حماية الحقوق السياسية‬

‫‪453‬‬
‫تعتبر مبادئ بلفراد بمثاب ة الوثيق ة الدولي ة المرجعي ة الناظم ة للعالق ة بين البرلم ان والمؤسس ات‬
‫الوطنية لحقوق اإلنسان التي اعتمدها مجلس حقوق اإلنسان التابع لألمم المتحدة سنة ‪.2012‬‬

‫وتفعيال لهذه المبادئ‪ ،‬وقع المجلس الوطني لحق وق اإلنس ان ب المغرب م ع ك ل من مجلس الن واب‬
‫ومجلس المستشارين سنة ‪ 2014‬م ذكرتي تف اهم اله دف منه ا ه و تعزي ز المقارب ة المرتك زة على حق وق‬
‫اإلنسان في عمل المؤسس ة البرلماني ة في مج االت التش ريع ومراقب ة العم ل الحك ومي وتق ييم السياس ات‬
‫العمومية والدبلوماسية البرلمانية‪.‬‬

‫في هذا اإلطار أصدر المجلس الوطني لحقوق اإلنسان‪ 14‬أربع ة عش رة رأي ا استش اريا يعم ع دة‬
‫مشاريع قوانين بناء على طلب في مجلس البرلمان‪ ،‬ستة مشاريع قوانين بطلب من مجلس الن واب والب اقي‬
‫من الغرفة الثانية‪.‬‬

‫وفي سياق المساهمة في النق اش العم ومي وتعزي ز البن اء ال ديموقراطي من خالل تعزي ز الح وار‬
‫المجتمعي التعددي عمل المجلس على نشر سبعة مذكرات قدمها إلى المؤسسة التشريعية‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬وطبقا للمادة ‪ 160‬من الدستور‪ ،871‬قدم المجلس الوط ني لحق وق اإلنس ان تقري را‬
‫عن حالة حقوق اإلنسان أم ام غرف تي البرلم ان في جلس ة عام ة ي وم ‪ 16‬يوني و ‪ ،2016‬غطى من خالله ا‬
‫الفترة الممتدة من مارس ‪ 2011‬إلى غاية يونيو ‪.2014‬‬

‫من خالل ما سبق‪ ،‬فالبرلمان كمؤسسة تشريعية له دور فعال في حماية الحقوق السياسية (مطلب ث اني)‬
‫مثل ه مث ل قرين ة (مجلس الش ورى) بس لطنة عم ان وال ذي ل ه نفس المهم ة في حماي ة وض مان الحق وق‬
‫السياسية(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬دور مجلس الشورى في حماية الحقوق السياسية بسلطنة عمان‬

‫تكون مجلس الشورى من ممثلين لواليات الس لطنة يج ري انتخ ابهم حيث تق وم ك ل والي ة بانتخ اب‬
‫اثنين من مرشحيها اذا كان عدد سكانها ثالثين ألف نس مة ف أكثر‪ .‬كم ا تق وم ك ل والي ة بانتخ اب واح د من‬
‫مرشحيها اذا كان عدد س كانها اق ل من ثالثين أل ف نس مة وذل ك وف ق خط وات ومراح ل ح ددتها الالئح ة‬
‫التنظيمية النتخابات مجلس الشورى‪ .‬ويعلن وزير الداخلية نتائج االنتخابات ويكون ممن حصلوا على أكبر‬
‫عدد من األصوات ممثلين لوالياتهم في المجلس كما يصدر تصنيف الوالي ات وفق ا لع دد س كانها بي ان من‬
‫وزير الداخلية بالتنسيق مع الجهات المعنية وفقا لما جاء في المرسوم السلطاني رقم ‪.25/2000‬‬

‫‪ -871‬الفصل ‪ 160‬من الدستور المغربي لسنة ‪ ".2011‬على المؤسسات والهيئات‪ $‬المشار إليها في الفصول ‪ 161‬إلى ‪ 170‬من هذا الدس‪$‬تور تق‪$$‬ديم‬
‫تقرير عن أعمالها‪ ،‬مرة واحدة في السنة على األقل الذي يكون موضوع مناقشة من قبل البرلمان"‪.‬‬

‫‪454‬‬
‫ويشترط في عضو مجلس الشورى أن يكون عماني الجنسية بص فة أص لية طبق ا للق انون وال يق ل‬
‫سنه عن ثالثين سنة ميالدية وان يك ون من ذوي المكان ة والس معة الحس نة في الوالي ة وأال يك ون ق د حكم‬
‫عليه بعقوبة جناية أو في جريمة مخل ة بالش رف أو األمان ة م الم يكن ق د رد إلي ه اعتب اره وأن يك ون على‬
‫مستوى مقب ول من الثقاف ة وأن تك ون لدي ه خ برة عملي ة مناس بة‪ .‬وال يج وز الجم ع بين عض وية المجلس‬
‫وعض وية مجلس الدول ة أو الوظ ائف العام ة‪ .‬ويص در بتع يين رئيس المجلس مرس وم س لطاني ولمجلس‬
‫الشورى مكتب يتكون من رئيس المجلس ونائبيه وستة من أعض اء المجلس‪ .‬ويق وم المكتب بوظ ائف ع دة‬
‫من أبرزها تحديد مواعيد بدء دورات المجلس وجدول أعمالها والنظر فيم ا يص ل المجلس من رس ائل من‬
‫المواطنين والمسئولين وغير ذلك من المهام إلى جانب مباشرة أعمال المجلس بين دورات االنعقاد‬

‫ه ذا و يتك ون مجلس الش ورى العم اني من ‪ 84‬عض وا ينتخب ون م رة ك ل أربع ة أع وام‪،‬‬
‫وهو‪ ‬استشاري تقتصر صالحياته ‪-‬وفقا لنظامه األساسي‪ -‬على إب داء ال رأي والمناقش ة ورف ع التوص يات‪،‬‬
‫ورئيسه يتم تعيينه بمرسوم سلطاني‪.‬‬

‫وال يمل ك المجلس س لطة الرقاب ة الش عبية الق ادرة على الت أثير أو التغي ير في‪ ‬الق رارات السياس ية‬
‫والخيارات اإلستراتيجية المتعلقة بشؤون األمن والدفاع والسياسة الخارجية‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫وقد أنشئ مجلس الشورى العماني في عام ‪ 1991‬ليكون بديال عن مجلس استش اري ك ان موج ودا‬
‫منذ‪ .1981 ‬ويضم المجلس ممثلي واليات سلطنة عم ان ال ذين‪ ‬ينتخب ون‪ ‬من قب ل المواط نين العم انيين في‬
‫انتخابات عامة تجرى كل أربعة أعوام‪ ‬وللمرأة فيها حق االنتخاب والترشح‪.‬‬

‫ويتك ون مجلس الش ورى العم اني من ممثلين لوالي ات الس لطنة ينتخب ون بع د أن تق وم ك ل والي ة‬
‫بانتخاب اثنين من مرشحيها إذا كان عدد سكانها‪ 30 ‬ألف نسمة فأكثر‪ ،‬أو انتخاب مرشح واحد‪ ‬إذا كان عدد‬
‫سكانها أقل من‪ 30 ‬ألف نسمة‪ ،‬وذلك وفق خطوات ومراحل حددتها الالئحة التنظيمية النتخابات المجلس‪.‬‬

‫ويعلن وزير الداخلي ة نت ائج االنتخاب ات ويك ون من حص لوا على أك بر ع دد من األص وات ممثلين‬
‫لوالياتهم في المجلس‪ ،‬كما يصدر تصنيف الواليات وفقا لعدد سكانها في بيان من وزير الداخلي ة بالتنس يق‬
‫مع الجهات المعنية‪ ،‬وفقا لما جاء في المرسوم السلطاني رقم ‪ 25‬لعام ‪.2000‬‬

‫كما يحق للمواطنين العمانيين رجاال ونساء الترشح لعضوية مجلس الشورى بشروط من أهمها‪:‬‬

‫أن يكون المرشح عماني الجنسية بصفة أصيلة طبقا للقانون‬

‫أال يقل سنه عن ‪ 30‬سنة ميالدية‬

‫‪455‬‬
‫أن يكون من ذوي المكانة والسمعة الحسنة في الوالية‬

‫أال يكون قد حكم عليه بعقوب ة جنائي ة أو في جريم ة مخل ة بالش رف أو األمان ة‪ ،‬م ا لم يكن ق د رد إلي ه‬
‫اعتباره‪.‬‬

‫أن يكون على مستوى مقبول من الثقافة ولديه خبرة عملية مناسبة‪.‬‬

‫كم ا أن م دة عض وية مجلس الش ورى العم اني‪ ‬أرب ع س نوات قابل ة للتجدي د إذا نجح العض و في‬
‫االنتخاب ات التالي ة للمجلس‪ ،‬وال يج وز الجم ع بين عض وية مجلس الش ورى وعض وية مجلس الدول ة أو‬
‫الوظائف العامة‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫أم ا‪ ‬رئيس مجلس الش ورى فيعين بمرس وم س لطاني‪ ،‬ول رئيس المجلس‪ ‬نائب ان يتم انتخابهم ا من بين‬
‫أعضاء المجلس‪ ،‬كما يتم انتخاب أعضاء مكتب مجلس الشورى‪.‬‬

‫هذا وللمجلس ع دد من اللج ان الدائم ة هي اللجن ة القانوني ة‪ ،‬واللجن ة االقتص ادية‪ ،‬ولجن ة الش ؤون‬
‫الصحية واالجتماعية‪ ،‬ولجنة التربية والتعليم والثقافة‪ ،‬ولجنة الخدمات وتنمية المجتمعات المحلي ة‪ ،‬كم ا تم‬
‫تشكيل لجنة خاصة تعنى ببرامج تشغيل القوى العاملة الوطنية‪ ،‬ولجنة خاصة أخرى تعنى بقطاع الس ياحة‪.‬‬
‫وتنتهي اللجان الخاصة بانتهاء المهمة التي شكلت من أجلها‪.‬‬

‫‪  ‬ومن الصالحيات المخولة لمجلس الشورى العماني استشارية غير ملزمة‪ ،‬وهي في مجملها ال تخرج‬
‫عن إبداء الرأي والمناقشة ورفع توصيات‪ .‬ويقوم المجلس بالوظائف التالية وفقا لنظامه األساسي‪:‬‬

‫مراجع ة مش روعات الق وانين قب ل اتخ اذ إج راءات إص دارها وذل ك فيم ا ع دا الق وانين ال تي تقتض ي‬
‫المصلحة العامة رفعها مباشرة إلى السلطان‪ .‬ويق دم مجلس الش ورى توص ياته‪ ‬بش أن مش روعات الق وانين‬
‫المحالة إليه إلى مجلس الوزراء‪.‬‬

‫تقديم م ا ي راه مناس با في مج ال تط وير الق وانين االقتص ادية واالجتماعي ة الناف ذ في الس لطنة‪ .‬ويحي ل‬
‫المجلس مشروعات القوانين التي يتولى مراجعتها وما يراه مناسبا من تع ديالت على الق وانين االقتص ادية‬
‫واالجتماعية النافذة مشفوعة بتوصياته إلى مجلس الوزراء‪.‬‬

‫يشارك مجلس الشورى في إعداد مشروعات خط ط التنمي ة الخمس ية‪ ،‬س واء من خالل مش اركة رئيس‬
‫المجلس في اللجنة العليا الرئيسية التي تضع الخطوط العامة لخط ة التنمي ة‪ ،‬أو من خالل مناقش ة مش روع‬
‫الخطة في المجلس قبل إصدارها‪ .‬ويش ارك وزي ر االقتص اد الوط ني ن ائب رئيس مجلس الش ؤون المالي ة‬

‫‪456‬‬
‫وموارد الطاقة المشرف على وزارة المالي ة وك ذلك األمين الع ام ل وزارة المالي ة المناقش ة ال تي يق وم به ا‬
‫مجلس الشورى لمشروع خطة التنمية الخمسية‪ ،‬وذلك قبل إصدار المرسوم الخاص‪.‬‬

‫تع رض الحكوم ة مش روع الموازن ة العام ة للدول ة على مجلس الش ورى‪ ،‬ويق وم المجلس بدراس ته‬
‫ومناقشته في ضوء تقرير اللجنة االقتصادية للمجلس ويحضر جلسة المناقشة عادة وزير االقتصاد الوطني‬
‫للرد على استفسارات األعضاء أو إليضاح ما قد تطرحه المناقشة من جوانب‪.‬‬

‫إبداء الرأي في الموضوعات التي يحيلها السلطان أو مجلس الوزراء إلى المجلس لدراس تها‪ ،‬ورف ع م ا‬
‫يراه المجلس من توصيات إلى‪ ‬السلطان‪ ‬أو إلى مجلس الوزراء حسب الجهة التي ورد منها الموض وع إلى‬
‫المجلس‪ .‬كما يرفع رئيس مجلس الشورى تقريرا سنويا إلى‪ ‬السلطان‪ ‬بنتائج أعمال المجلس كل عام‪.‬‬

‫تلقي‪ ‬تقارير سنوية من وزراء الخدمات عن منجزات وخطط وزاراتهم‪ .‬ويجوز للمجلس عند االقتض اء‬
‫دعوة أي منهم لتقديم بيان أمام المجلس حول خطط الوزارة وما تم إنجازه في مجال أو مجاالت ذات ص لة‬
‫بها لمناقشتها وتبادل الرأي حولها‪.‬‬

‫متابعة تنفيذ خطط التنمية الخمسية‪.‬‬

‫مناقشة‪ ‬القضايا أو الموضوعات التي قد تحظى باهتم ام واس ع من قب ل المواط نين في ظ روف معين ة‪،‬‬
‫مثل موضوع ارتفاع أس عار بعض الس لع‪ ،‬واألخط اء الطبي ة‪ ،‬ورس وم إع ادة توص يل التي ار الكهرب ائي‪،‬‬
‫والص رف الص حي‪ ،‬وذل ك على س بيل المث ال‪ .‬كم ا يتلقى المجلس طلب ات ومقترح ات المواط نين ح ول‬
‫المسائل العامة ويحرص على بحثها والنظر فيها من خالل لج ان ومكتب المجلس‪ .‬وتت ولى األمان ه العام ة‬
‫للمجلس إخطار المواطنين بما تم بشأنها‪.‬‬

‫المش اركة في الجه ود الرامي ة إلى المحافظ ة على البيئ ة وحمايته ا من أض رار التل وث‪ .‬ومناقش ة‬
‫الموضوعات ذات الصلة بذلك‪.‬‬

‫تعزيز دور وعالقات مجلس الشورى مع مجالس وبرلمانات الدول األخرى‪ ‬وم ع االتح ادات البرلماني ة‬
‫العربية واإلسالمية والدولية‪.‬‬

‫ويمارس مجلس الشورى العماني صالحياته واختصاصاته المشار إليه ا من خالل آلي ات عم ل متع ددة‬
‫تنظمها وتحددها الالئحة الداخلية للمجلس‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫األسئلة‪ ،‬تع ني االس تعالم عن ني ة الحكوم ة‪ ،‬أو عن واقع ة معين ة للتحق ق منه ا وذل ك في أي ش أن من‬
‫الشؤون الداخلة في اختصاص المجلس‪.‬‬

‫‪457‬‬
‫الرغبات‪ ،‬إذ يحق للمجلس أن يبدي رغبات للحكوم ة في األم ور المتعلق ة بالخ دمات والمراف ق العام ة‬
‫وسبل تطويرها وتحسين أدائها أو فيما يواجهه القطاع االقتصادي من معوقات إذا اقتضت المصلحة العامة‬
‫ذلك‪.‬‬

‫طلبات المناقشة‪ ،‬يتمكن من خاللها المجلس من إبداء الرأي على وجه السرعة في الموضوعات العام ة‬
‫التي تدخل في اختصاصه وإجراء المناقشات مع الوزراء المختصين بشأنها تمهيدا للوصول إلى توص يات‬
‫محددة حولها إذا تطلب األمر ذلك ورفعها إلى السلطان‪.‬‬

‫البيانات والتقارير الوزارية‪ ،‬إذ يتلقى المجلس تقارير سنوية من وزراء الخدمات عن منج زات وخط ط‬
‫وزاراتهم‪ .‬ويج وز للمجلس عن د االقتض اء دع وة أي منهم لتق ديم بي ان ح ول بعض األم ور المتعلق ة‬
‫باختصاصات وزارته لمناقشتها وتبادل الرأي فيها‬

‫يتمتع مجلس الشورى العماني والذي أنشئ في عام ‪ ،1991‬ليحل محل المجلس االستشاري للدولة الذي‬
‫استمر من عام ‪ 1981‬حتى عام ‪ ،1991‬بالشخص ية االعتباري ة‪ ،‬واالس تقالل الم الي‪ ،‬وال ذي ك ان وج وده‬
‫استشاريًا قبل األحداث االحتجاجية التي شهدتها عم ان خالل ع ام ‪ ،2011‬وال تي أدت إلى إعالن الس لطان‬
‫قابوس بن سعيد صالحيات جديدة للمجلس بناء على المرسوم السلطاني رقم ‪ 99/2011‬والصادر في شهر‬
‫أكتوبر من العام نفسه‪.‬‬

‫ومنحت التع ديالت الجدي دة على النظ ام األساس ي للدول ة مجلس الش ورى الح ق في اق تراح الق وانين‬
‫وتعديلها والذي نص عليه في المادة (‪ )58‬مكررا (‪ :)35‬على أن “تحال مشروعـات القوانيـن التي تعدهــا‬
‫الحكومة إلى مجلـس عمان إلقرارها أو تعديلها ثم رفعها مباشرة إلى السلطان إلص دارها‪ ،‬وأن ه فـي ح ال‬
‫إجراء تعديالت من قبل مجلس عمان على مشروع القانون يكون للس لطان رده إلى المجلس إلع ادة النظ ر‬
‫فـي تلك التعديالت ثم رفعه ثانية إلى السلطان”‪.‬‬

‫ووذكرت المادة (‪ )58‬مكررا (‪ )36‬أن “لمجلس عمان اقتراح مشروعات قوانين وإحالتها إلى الحكومة‬
‫لدراستها ثم إعادتها إلى المجلس‪ ،‬وتتبع بشأن إقرارها أو تعديلها وإص دارها ذات اإلج راءات المنص وص‬
‫عليها فـي المادة (‪ )58‬مكررا (‪ ،”)35‬وهو ما يعني أن المشرع األول في عمان هو الس لطان فق ط‪ .‬وج اء‬
‫في التعديالت التي أقرت في عام ‪ 2011‬أن سلطان عمان يمكنه إصدار مراسيم س لطانية له ا ق وة الق انون‬
‫فيما بين أدوار انعقاد مجلس عمان وخـالل فترة حل مجلـس الشورى وتوقف جلس ات مجلس الدول ة‪ ،‬وفقً ا‬
‫المادة (‪ )58‬مكررًا (‪.)39‬‬

‫وأوضحت المادة (‪ )58‬مكررًا (‪ )40‬أنه “تحال مشروعات خطط التنمية والميزانية السنوية للدول ة من‬
‫مجلس الوزراء إلى مجلس الشورى لمناقشتها وإبداء توص ياته بش أنها خالل ش هر على األك ثر من ت اريخ‬

‫‪458‬‬
‫اإلحالة إليه ثم إحالتها إلى مجلس الدولة لمناقش تها وإب داء توص ياته بش أنها خالل خمس ة عش ر يوم ا على‬
‫األكثر من تاريخ اإلحالة إليه‪ ،‬وعلى رئيس مجلس الدولة إعادتها إلى مجلس ال وزراء مش فوعة بتوص يات‬
‫المجلسين‪ ،‬وعلى مجلس الوزراء إخطار المجلسين بما لم يتم األخذ به من توصياتهما فـي ه ذا الش أن م ع‬
‫ذكر األس باب”‪ ،‬م ا يش ير إلى أن مقترح ات وتع ديالت مجلس ي عم ان “الش ورى والدول ة” غ ير ملزم ة‬
‫للسلطان قابوس‪ ،‬ومجلس الوزراء‪.‬‬

‫وبشأن السلطة الرقابية الممنوحة للدول ة في التش ريعات‪ ،‬فنص ت الم ادة (‪ )58‬مك ررا (‪ :)43‬على أن ه‬
‫“يجـوز بنـاء على طلب موقـع من خمسـة عشــر عضـوا على األقـل من أعضـاء مجلس الش ورى‬
‫استجواب أي من وزراء الخدمات فـي األمور المتعلقة بتجاوز صالحياتهـم بالمخالفـة للقانـون‪ ،‬ومناقشـة‬
‫ذلك من قبل المجلـس ورفـع نتيجـة ما يتوصل إليه فـي هذا الشأن إلى جاللة السلطان”‪ ،‬بدون تحديد ماهي ة‬
‫الوزارات الخدمية‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫أداء المجلس يواجه مجلس الشورى العماني انتقادات منذ منحه التعديالت التي أقرها الس لطان ق ابوس‪،‬‬
‫في ع ام ‪ ،2011‬حيث لم يس َع المجلس على م دار الع امين األول يين في أعق اب التع ديل من تق ديم أي‬
‫مقترح ات جدي دة بق وانين‪ ،‬إض افة إلى أن المجلس لم يقم باس تخدام حق ه التش ريعي في اس تجواب أي من‬
‫المسؤولين في الوزارات الخدمية‪.‬‬

‫من جانب ه‪ ،‬ق ال ناش ط اإلن ترنت العم اني “بن ماج د”‪ ،‬في تص ريحات خاص ة لـ”م واطن”‪ ،‬إن فك رة‬
‫المجالس التشريعية في دول المنطقة وبالذات في عمان بعيدة كل البعد عن الممارسات الص حية والمنطقي ة‬
‫التي يفترض أن تكون عليها مجالس الشعب‪ .‬وأضاف الناشط المع ارض‪“ :‬المجلس في عم ان يع د تجرب ة‬
‫مبتورة وناقصة ألن صناع القرار ال يريدون لها إال أن تكون مجالس شرفية لإلشارة لوجودها في المحافل‬
‫الدولية فقط‪ ،‬لكي ال يقال عن الحكومة دكتاتورية ومستبدة وغيرها من األقوال التي تص ح في ه ذا الج انب‬
‫رغم وجود المجلس”‪ .‬وأردف‪ ” :‬في فترة من الفترات بعد ‪ 2011‬تف اءلت بمجلس ش ورى أك ثر ق وة ليس‬
‫لنظامه وآليات عمله بل لوجود وجوه جديرة بالثقة لكن ماذا ح دث بع دها أودع البعض الس جن وتم تك ييف‬
‫قوانين إليداعهم السجن وآخرين منعوا من الترشح للفترات القادمة”‪.‬‬

‫واستطرد‪“ :‬ما تفعله السلطة و تمارسه من تضليل وسلك للطرقات المبهم ة والكي د لألعض اء الف اعلين‬
‫وغياب التوعية الحقيقية لصميم عمل المجالس النيابية وتكبيل أدواتها يعكس الصورة ال تي تري دها الس لطة‬
‫مجلس مدجن وإن انتخبه الشعب”‪ .‬وت ابع بن ماج د‪“ :‬ال أس تطيع في عم ان تس ميته مجلس يمث ل الش عب‪،‬‬
‫فآلية عمله أقرب لمجلس عالقات ومصالح بين أعضاء الحكومة و األعضاء ال ذين يف ترض بهم أن يمثل وا‬

‫‪459‬‬
‫الشعب وهم ال يمثلون إال جيوبهم وأرصدتهم البنكية”‪ .‬وشدد‪ ،‬على أنه ال يوج د ت أثير فعلي للمجلس‪ ،‬وأن ه‬
‫ال يوجد أثر رقابي أو تغيير جذري أحدثه المجلس‪ ،‬مردفا‪“ :‬ب العكس المجلس أص بح يت وازى م ع الس لطة‬
‫وال يتقاطع‪ ،‬وأصبح المجلس ال يخدم المواطن‪ ،‬بل يزيد من بؤسه و انكساره ويوصل رسالة أن ك ل ش يء‬
‫في يد السلطة حتى وإن منح األعض اء رفاهي ة ق راءة الق وانين قب ل الجمي ع‪ ،‬فال يس تطيع العاق ل تس ميتها‬
‫صالحيات رقابية مثلما تدعي السلطة التنفيذية”‪.‬‬
‫وأكمل‪“ :‬تستطيع في عمان تتبع أكثر من حالة بدأت كعضو في مجلس الشورى وانتهى به األمر مالك ا ً‬
‫لشركة مقاوالت أو خدمات ترتبط بمشاريع الحكومة وإن تنحى عن العم ل في المجلس تج ده ق ام بت وريث‬
‫الكرسي البنه أو ابن أخيه وهناك عائلة في إحدى الواليات تناوب على الكرس ي أخ وان وقب ل أن يتفرغ وا‬
‫لشركتهم التي أصبحت تستفيد من المناقصات الحكومية وتركوا الكرسي البن أحدهم ليمثل الشعب م دفوعا‬
‫بأصوات القبيلة وشراء أصوات المساكين”‪ .‬وأوض ح‪“ :‬أعض اء المجلس ض ربت لهم الع برة في أش جعهم‬
‫حين أودع السجن‪ ،‬وأجرأهم حين أصبح صوته مس موعا ً من ع من الترش ح ألس باب لم يعلمه ا أح د حينه ا‪،‬‬
‫وتمت مخالفة لوائح المجلس و قوانينه حين منع العضو من الترشح لتج د مش هداً من أص وات الصراص ير‬
‫فقط يعلو ردة فعل القانونيين في البلد”‪.‬‬

‫من جانبه‪ ،‬قال الناشط العماني خلفان البدواوي‪ ،‬مقيم في لندن‪ ،‬إن الحديث عن مجلس الشورى العم اني‬
‫يتطلب التط رق إلى نقط تين‪ ،‬األولى أن تجرب ة مجلس الش ورى في النظ ام الس لطاني مس تمدة من تجرب ة‬
‫تاريخية إسالمية لنظام اإلمامة اإلباضي في عمان والذي كان يعمل به تحت اسم مختلف وه و مجلس أه ل‬
‫الحل والعقد (المختار من أرستقراطيين وتكنوقراط في المجتمع ليختاروا من بينهم حسب آلي ة متف ق عليه ا‬
‫بينهم اإلم ام ويكون وا أيض ا ممثلين للموافق ة على تعيين ات اإلم ام لل والة والقض اة والق وانين)‪ ،‬والثقاف ة‬
‫اإلسالمية للخلفاء المس لمين بع د رس ول اإلس الم محم د بن عبدهللا وهي الش ورى ولكن ليس ت ديمقراطي ة‬
‫حقيقية”‪.‬‬

‫وأكمل في تصريحات خاصة لـ”م واطن”‪“ :‬الش ورى في اللغ ة العربي ة تع ني أخ ذ أراء اآلخ رين في‬
‫موضوع ما لتحقيق مصلحة معينة وبالتالي نفهم من المعنى أنه ال يوج د فع ل أو ص يغة تش ير إلى وج وب‬
‫السمع وإنما يعتمد على (مزاج) مدى ودرجة تقبله للمشورة واألخذ بها من عدمه”‪ .‬وأضاف‪“ :‬اآلن عن دما‬
‫نرب ط النقط تين بمجلس الش ورى العُم اني فكم ا نعلم حس ب الوث ائق المس ربة في ويكيليكس والوث ائق‬
‫البريطانية أن سبب إنشاء المجلس االستشاري عام ‪ ١٩٨١‬أتى بعد ضغط أمريكي وبريط اني على ق ابوس‬
‫ليعطي مزيدا من الحريات السياسية لشعبه وتغييره في ‪ ١٩٩١‬كان لنفس سبب إنشائه”‪.‬‬

‫وأردف‪“ :‬ألن شكل وفكر النظام السلطاني الحالي يقوم على فكر مس تبد خ الص‪ ،‬ويق وم على شخص ية‬
‫فرد واحد فكان من المناسب إيجاد فكرة خالي ة المض مون (تجم ل ص ورة النظ ام الخارجي ة وتتالعب م ع‬

‫‪460‬‬
‫المفردات والمفاهيم) تتناسب مع الفكر التقليدي للشعب ال ذي أساس ا يتحكم ب أدوات فك ره”‪ .‬وش دد على أن‬
‫مجلس الش ورى ه و مجلس ص وري فق ط هدف ه تلمي ع ص ورة النظ ام في الخ ارج وإغن اء بعض الش يوخ‬
‫واألعيان (ذوو الدور الصغير في النظ ام) مقاب ل تعزي ز فك رة ال والء والطاع ة العمي اء للنظ ام الس لطاني‬
‫وتدوير بعض األصوات المعارضة المجتمعية لت دجينها وإذا لم ينجح يتم ط ردهم من المجلس‪ ،‬مؤك دا أن ه‬
‫يجب حل المجلس ألنه يعتبر خسارة للجهد البشري والمال العام‪.‬‬

‫وقال نائب إدارة موق ع “س بلة عم ان” عب د هللا الرب اش‪ ،‬إن ه يف ترض أن تك ون األعم ال واإلنج ازات‬
‫والخطط والحقائق الواقعية تجاه مناقشة ومحاورة ومتابعة شؤون العامة‪ ،‬يتم طرحه ا ع بر وس ائل اإلعالم‬
‫لمعرفة اإلنجازات واألعمال واالهتمامات بما فيه الخطط أيضًا‪ ،‬متاب ًع ا‪“ :‬لكن خ ابت الظن ون م ع األس ف‬
‫الشديد”‪.‬‬

‫وتشهد جلسات المجلس غياب عدد كبير من النواب‪ ،‬حيث شهدت م ؤخرًا جلس ة مش تركة بين مجلس ي‬
‫الشورى والدولة لمناقشة مواد محل تباين بين المجلسين‪ ،‬غياب ع دد كب ير من أعض اء المجلس‪ ،‬وبحس ب‬
‫وسائل إعالم عُمانية نقلت عن مصادر مطلعة‪ ،‬فقد وصل ع دد الغي اب عن الجلس ة المش تركة ‪ 33‬عض ًوا‬
‫من المجلسين بينهم ‪ 22‬عض ًوا من مجلس الشورى و‪ 11‬عض ًوا من مجلس الدولة‪ ،‬وسط انتقادات حادة من‬
‫رواد مواقع التواصل االجتماعي‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫اإلصالح االقتصادي وتعاني دولة عمان من أزم ة اقتص ادية بع د انخف اض أس عار النف ط من ذ النص ف‬
‫الثاني من عام ‪ ،2014‬أسفرت عن ارتفاع نسبة الدين العام إلى أك ثر من ‪ %50‬من الن اتج المحلي‪ ،‬فض اًل‬
‫عن ارتفاع نسبة البطالة بنسبة ‪- %17.5‬وفقًا لتقارير محلية‪.‬‬

‫وبشأن أزمة البطالة أوصى مجلس الشورى العماني في تقرير ألمانته العامة حول الدراسات ال تي ك ان‬
‫قد أجراها خالل فترته السابعة والمتعلقة بالشباب وتنمي ة الم وارد البش رية بتنفي ذ برن امج وط ني للتش غيل‬
‫يتضمن اإلعالن عن عدد المس جلين حاليً ا من ال ذين تنطب ق عليهم “ش روط ومع ايير الب احث عن عم ل”‬
‫وتقديم حزمة من الحوافز لتشجيع العمانيين على االلتحاق بشركات ومؤسسات القطاع الخاص‪.‬‬

‫وطالب المجلس بإعادة النظر في االستراتيجية التنموية “عُمان ‪ ”2020‬المعمول به ا حاليً ا‪ ،‬ال تي ك ان‬
‫قد تم اعتمادها في منتصف تسعينيات القرن الماضي في ظل أوض اع اقتص ادية واجتماعي ة مغ ايرة تما ًم ا‬
‫لما هو سائد اآلن‪ ،‬والتركيز على التنمية اإلقليمية الشاملة والمتوازنة من خالل التوزيع العادل للمشروعات‬
‫التنموية‪ ،‬فضاًل عن تحقيق نمو اقتص ادي مرتب ط بالتنمي ة البش رية المس تدامة‪ .‬واق ترح الن ائب في مجلس‬
‫الشورى العُماني الن ابي بن العب د ج داد ‪-‬خالل جلس ة مناقش ة بي ان الق وى العامل ة بحض ور وزي ر الق وى‬

‫‪461‬‬
‫العاملة عبد هللا البك ري‪ -‬منح تس هيالت وامتي ازات للش ركات ال تي تع يين الوظ ائف العلي ا من العم انيين‪،‬‬
‫مؤكدًا أن “الوضع الحالي بحاجة إلى تدخل كبير‪ ،‬في تعيين تلك الوظائف وتغيير السياسات”‪.‬‬

‫وقدم عدد من أعضاء مجلس الشورى لوزير القوى العاملة مقترح قانون إلحالل العمانيين محل العمالة‬
‫الوافدة التي تحتل الوظ ائف الخمس العلي ا في القط اع الخ اص‪ ،‬وس ط انتق ادات ح ادة من قب ل المؤسس ات‬
‫الدولية ومنظمات المجتمع المدني‪ .‬وفي ‪ 20‬يونيو ‪ ،2018‬أق ر مجلس الش ورى في س لطنة عم ان‪ ،‬ق انون‬
‫الضريبة االنتقائية على مجموعة من الس لع ال تي تس بب أض رارًا على ص حة اإلنس ان‪ ،‬وق ال المجلس في‬
‫تغريدة له عبر موقع التدوينات المصغرة “تويتر”‪ ،‬إنه أقر قانون الضريبة االنتقائية‪ ،‬وأحال المش روع إلى‬
‫مجلس الدول ة للمص ادقة علي ه‪ ،‬ح تى يص بح ناف ًذا‪ .‬وتبقى ت دخالت مجلس الش ورى العم اني في الش أن‬
‫االقتصادي عب ارة عن إص دار توص يات أو مقترح ات إلى الجه ات الحكومي ة في الدول ة‪ ،‬وس ط دع وات‬
‫متداخلة يط الب بعض ها بمنح المجلس المنتخب من الش عب العم اني ص الحيات أوس ع ليك ون ق ادرًا على‬
‫إحداث تغيير جذري في السياسة االقتصادية للدولة‪ ،‬ومطالبات بمعرفة الحدود المقربة‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫رؤية ‪ ٢٠٤٠‬وبخص وص “رؤي ة عم ان ‪ ”2040‬وال تي أص در س لطان عم ان ق رارا بتش كيل اللجن ة‬


‫الرئيس ية للرؤي ة المس تقبلية “عُم ان ‪ ”2040‬برئاس ة هيثم بن ط ارق آل س عيد‪ ،‬والتقى أعض اء مجلس‬
‫الشورى العم اني في ‪ 23‬يوني و ‪ ،2018‬مكتب رؤي ة عُم ان ‪ 2040‬في لق اء نقاش ي‪ ،‬به دف اإلطالع على‬
‫سير عمل وإعداد رؤية عُمان ‪ ،2040‬ومناقشة التوجهات واألهداف اإلستراتيجية التي خرجت بها الرؤي ة‬
‫بعد سلس لة حلق ات العم ل‪ ،‬و ُملتقى المحافظ ات‪ ،‬وال تي ش اركت ش رائح المجتم ع المتنوّع ة في ص ياغتها‬
‫وبلورتها‪.‬‬

‫أكد أعضاء مجلس الشورى ضرورة أن تكون رؤية عمان ‪ 2040‬قابلة للتطبيق على أرض الواق ع بم ا‬
‫يتناسب مع المؤشرات والمعطيات الحالية مستفس رين عن م دى ت وفر اإلمكان ات لتحقي ق أه داف الرؤي ة‪،‬‬
‫حيث أقيمت جلس ة لمناقش ة مح اور الرؤي ة المس تقبلية الثالث (اإلنس ان والمجتم ع واالقتص اد والتنمي ة‬
‫والحوكمة واألداء المؤسسي)‪.‬‬

‫وخالل اللق اء دارت نقاش ات موس عة ح ول ع دد من الموض وعات ذات العالق ة بإع داد رؤي ة عم ان‬
‫‪ ،٢٠٤٠‬وتوجهاته ا وأه دافها االس تراتيجية‪ ،‬وق د ترك زت معظم الم داخالت على آلي ة اختي ار المح اور‬
‫األساسية للرؤية والمؤشرات ال تي ب نيت عليه ا‪ ،‬وتفعي ل المش اركة المجتمعي ة في بن اء وإع داد وتص حيح‬
‫مسار الرؤية‪ .‬وأش ار أعض اء مجلس الش ورى إلى ض رورة األخ ذ ببعض التح ديات الحالي ة أثن اء إع داد‬
‫الرؤي ة المس تقبلية ‪ 2040‬أبرزه ا اإلش كاالت المتعلق ة بالتره ل اإلداري‪ ،‬من وهين إلى ض رورة أن ينعم‬

‫‪462‬‬
‫المواطن العم اني بالرف اه وتحس ين مس توى المعيش ة وتط وير التعليم ومخرجات ه لتك ون أب رز مرتك زات‬
‫التنمي ة خالل المرحل ة القادم ة‪ .‬وأش اروا إلى أهمي ة تحقي ق مب دأ العدال ة في توزي ع متطلب ات التنمي ة في‬
‫مختلف محافظات السلطنة‪.‬‬

‫الشأن الثقافي وفي الشأن الثقافي‪ ،‬يقف مجلس الشورى مكب ل الي ديين‪ ،‬حيث إن وزارة ال تراث والثقاف ة‬
‫العمانية ال تقدم تقريرها إلى المجلس مثل باقي ال وزارات الخدمي ة‪ ،‬وف ق التع ديالت ال تي أقره ا الس لطان‬
‫قابوس‪.‬‬

‫وقال الص حافي العم اني على بن راش د المط اعني‪ ،‬في مقال ه بموق ع “الش بيبة”‪“ :‬االهتم ام ب الجوانب‬
‫التاريخية والتراثية الموثقة لتاريخ بالدنا يعد ه ًما وطنيًا يتعين أن يشارك الجميع في تفعيل ه حكوم ةً وش عبًا‬
‫وعبر مجلس الشورى باعتباره يمثل المواطنين‪ ،‬إال أن وزارة التراث والثقافة ال تق دم بياناته ا أم ام مجلس‬
‫الشورى”‪ ،‬متسائاًل ‪“ :‬هل هناك مسوغات حدت بتصنيف هذه الجهة بأنها سيادية كغيرها من الجه ات ال تي‬
‫أعفاها النظام من تقديم بياناتها أمام مجلس الشورى”؟‪.‬‬

‫وأضاف‪“ :‬إذا كان تم تصنيف وزارة التراث والثقافة بأنها سيادية فإن هذه الخطوة ليس له ا م ا يبرره ا‬
‫واقعيً ا وعمليً ا‪ ،‬فاختصاص ات ال وزارة ومه ام عمله ا تتمث ل في الحف اظ على ال تراث والعناي ة ب الجوانب‬
‫التاريخية وإدارة المتاحف ورعاية الثقافة والقالع والحصون وغيرها من المجاالت المعروفة للجميع‪ ،‬لكن‬
‫هل هذه الجوانب فيها م ا يجب حظ ره عن المث ول أم ام مجلس الش ورى مثلم ا يس ن على بقي ة ال وزارات‬
‫الخدمية‪.‬‬

‫ونوه إلى أن إدراج وزارة التراث والثقافة ضمن الجهات التي تدلي ببياناته ا أم ام أعض اء الش ورى ل ه‬
‫مكاسب جمة‪ ،‬منها‪“ :‬مناقشة كيف يمكن الحفاظ على التراث العماني‪ ،‬والجه ود المبذول ة وم ا يمكن القي ام‬
‫ب ه”‪ ،‬وأش ار إلى وج ود تع اون بين ال وزارة والمجلس في ج وانب معين ة‪ ،‬كاستض افة وكالء ال وزارة في‬
‫تدارس بعض األطر والقوانين والدراسات‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ما بعد قابوس وفي ظل ضبابية المشهد بشأن “عمان ما بعد قابوس” يمنح القانون العماني دورًا لمجلس‬
‫الش ورى في عملي ة الس لطان الجدي د للبالد‪ ،‬حيث ع دل الس لطان ق ابوس في أكت وبر الع ام ‪ ،2011‬آلي ات‬
‫الخالفة بحيث يش ارك في اختي ار خليفت ه رئيس مجلس الدول ة ومجلس الش ورى ورئيس المحكم ة العلي ا‪،‬‬
‫ووفقًا للدستور الذي أقر العام ‪ ،1996‬يجب على السلطان تسمية خليفته من ساللة بوس عيد في رس الة تبقى‬
‫مغلقة على أن تفتح أمام مجلس العائلة‪.‬‬

‫‪463‬‬
‫وتنص المادة الخامسة على أن نظام الحكم سلطاني وراثي في الذكور من ذري ة الس يد ت ركي بن س عيد‬
‫بن سلطان‪ ،‬ويُشترط فيمن يختار لوالية الحكم من بـينهم أن يكون مسل ًما رشيدًا عاقالً وابنًا ش رعيًا ألب وين‬
‫عمانيين مسلمين‪ ،‬وتعالج المادة السادسة حالة شغور الحكم عن طريق تكليف مجلس العائلة الحاكمة (عائلة‬
‫السعيد) خالل ثالثة أيام من شغور منصب السلطان‪ ،‬بتحديد من تنقل إليه والية الحكم‪.‬‬

‫وأوضحت المادة أنه إذا لم يتفق مجلس العائلة الحاكم ة على اختي ار س لطان للبالد‪ ،‬يعه د به ذه المهم ة‬
‫لمجلس الدفاع‪ ،‬الذي يقوم بالتعاون مع رئيس مجلس الشورى “المنتخب” ورئيس مجلس الدولة “المعيّن”‪،‬‬
‫بتثبيت من أشار به السلطان في رسالته إلى مجلس العائلة‪ ،‬عل ًما بأن السلطان قابوس أعلن في عام ‪،1997‬‬
‫أنه كتب وص يته ال تي ّ‬
‫رش ح فيه ا اس مين ب ترتيب تن ازلي‪ ،‬ووض عها في مغلفين مخت ومين ووزعهم ا في‬
‫منطقتين مختلفتين‪.‬‬

‫ويرى الكاتب العماني أحمد المخيني أن ما يتطلع إليه العمانيون في أي سلطان جديد هو أن يك ون ش ابًا‬
‫يتصرف كأنه أب ال يسعى الكتساب االحترام فحسب بل يعمل على تلبية احتياجات الشعب‪ ،‬مشيرًا إلى أنه‬
‫على السلطان القادم توزيع الصالحيات والسلطات المتمرك زة حالي ا في ي د “الس لطان ق ابوس”‪ ،‬وتش جيع‬
‫المؤسسات القضائية والتشريعية والرقابية لتقوم بعملها دون تدخالت‪.‬‬

‫وأضاف في حوار سابق لـ”مواطن” أنه يجب توسيع المشاركة الحقيقي ة للش عب في ص ناعة الق رارات‬
‫الوطنية‪ ،‬من خالل تف ويض ق در أك بر من الص الحيات التخطيطي ة والتنفيذي ة للمج الس البلدي ة‪ ،‬وتش جيع‬
‫تأسيس بيوت خبرة متخصصة‪ ،‬ونق ل مه ام اإلش راف على المهن إلى نقاب ات متخصص ة‪ ،‬وتمكين مجلس‬
‫الشورى من محاسبة الحكومة فعليًا‪.‬‬

‫حلول جذرية وأ ّكد عدد من الق انونيين ّ‬


‫أن الص الحيّات ال تي ض منها النظ ام األساس ي ألعض اء مجلس‬
‫الشورى يجب أن تستخدم بالصورة الصحيحة من أجل تلبية احتياجات المواطنين خاصة وأن الص الحيات‬
‫تتضمن استجواب وزراء الخدمات‪ ،‬وأن للمجلس اختصاصات تشريعية واضحة في المادة ‪ ٥٨‬مكرر (‪٣٥‬‬
‫– ‪ )٣٨‬من النظام األساسي للدولة‪ ،‬وأن هذه االختصاصات كافية للمرحل ة الحالي ة وهي بحاج ة إلى مزي د‬
‫من التفعيل من قبل “مجلس عمان” وإلى تنسيق أكثر مع الحكومة‪.‬‬

‫وبرر الدكتور صالح المسكري الخب ير في الق انون الدس توري‪ ،‬ع دم اس تخدام المجلس ص الحياته‪ ،‬في‬
‫تصريحات صحافية‪ ،‬بأن االختصاصات الممنوحة لمجلس عمان ال تزال محل تجربة ويغلب عليها الح ذر‬
‫الشديد‪ ،‬مضيفًا‪“ :‬نرجو أن تتمكن من عبور هذه المرحلة والوصول إلى الهدف المنشود وإلى اختصاصات‬
‫حقيقية كاملة ترسّخ لدولة المؤسسات وتشارك الحكومة في أعمالها وتحاسبها على إخفاقه ا وعلى األخط اء‬
‫التي قد تقع فيها”‪.‬‬

‫‪464‬‬
‫وأشار الناشط العماني “بن ماجد” إلى أن جه ل الجم اهير بالممارس ات الص حيحة لعملي ة االنتخ اب و‬
‫األدوات المبتورة التي يحوزها المجلس خلقت صف فساد ال يمت لروح مجالس الشعوب‪ ،‬منوها إلى أنه ال‬
‫يوج د مجلس للش عب في عُم ان ح تى يتم الح ديث عن دوره ألن الت دقيق و التمحيص وال ذهاب الس تقراء‬
‫أدواره التي يفترض بها أن تخدم الشعب‪.‬‬

‫وعن الحل ول ال تي يمكن أن ت ؤدي إلى تط وير أداء مجلس الش ورى‪ ،‬ق ال‪“ :‬عن دما تفص ل الس لطات‬
‫وتثقف الجماهير بما لها وما عليها ويم ارس المثق ف دوره األخالقي وتح دد ص الحيات المجلس ‪-‬المبهم ة‬
‫حالياً‪ -‬أستطيع التحدث عن الصالحيات ومدى تأثيرها حينها‪ ،‬ما ع دا ذل ك ال أس تطيع الض حك على عقلي‬
‫وتسمية مجلس العالقات والمصالح بمجلس شورى شعبي يمثل المواطن”‪.‬‬

‫وي رى الناش ط العم اني خلف ان الب دواوي‪ ،‬إن إعط اء ص الحيات جدي دة لمجلس عم ان تع ني ن زع‬
‫ص الحيات من الس لطان ق ابوس‪ ،‬متابع ا‪“ :‬ق ابوس وه و م ريض حالي ا لم يتن ازل عن منص ب واح د من‬
‫مناصبه العديدة‪ ،‬لن يرضى بذلك تماما والواقع يشير إلى أن الدولة ومؤسساتها وقوانينه ا تتج ه إلى وض ع‬
‫قاتم وأكثر حلكة وظالما وتم تعزيز الموض وع بتع ديالت قانوني ة قمعي ة على المس توى البس يط للحري ات‬
‫الموج ودة‪ ،‬وحس ب تق ارير منظم ات حق وق اإلنس ان ف إن عم ان دول ة غ ير ح رة”‪ .‬وأردف‪“ :‬الوث ائق‬
‫البريطانية ذكرت أن قابوس مع ارض ج دا ألي حري ات سياس ية ومدني ة من ح ق اإلنس ان وم ؤمن بتحكم‬
‫وتصرف الدولة بشكل كامل عن قرارات وفكر اإلنسان العُماني‪ ،‬وعائلة ق ابوس من ذ بداي ة حكمه ا تحتق ر‬
‫اإلنسان العُماني واألدلة اتضحت في كتاب الثورة الموسمية لعبدالرزاق التكريتي”‪.‬‬

‫وأشار إلى أن الصالحيات التشريعية والرقابية التي منحها السلطان قابوس في عام ‪ ،2011‬لم ي َر له ا أي فاعلي ة ألن ه تم‬
‫التالعب بالمفردات و”هذا هو اله دف من إنش اء المجلس باألس اس”‪ ،‬مس تطردا‪“ :‬فِي عم ان العق ل الجمعي ي رى أن هن اك‬
‫مشاكل اجتماعي ة واقتص ادية تتف اقم ب دون ح ل وفِي بعض األحي ان مجلس الش ورى ال يمكن ه الح ديث عنه ا ول و باإلش ارة‬
‫فبالتالي فقدت الثقة واتجه الناس للفضاء االجتماعي مجددا للتعبير عن غضبهم واستيائهم من الوضع المتردي”‪ ،‬مش ددا على‬
‫ضرورة إحداث تغيير كامل في الحكم العماني‪ ،‬في ظل تفاقم األوضاع‪.‬‬

‫يعد مجلس الشورى بسلطنة عمان بمثابة الهيئة التشريعية المنتخبة من قبل الشعب‪ ،‬إذ يتمتع بالشخصية‬
‫االعتبارية واالستقالل المالي واإلداري ويمثل أحد أقطاب مجلس عمان الذي يضطلع بصالحيات تشريعية‬
‫ورقابية وفقا لما بينه النظام األساسي للدولة‪ .‬بما يخدم الصالح العام للمواطنات والمواطنين بسلطنة عم ان‪،‬‬
‫وبدعم تطوير مسيرة الشورى في البالد كما أنه يعزز مشاركة المجتمع في صنع القرار ويساهم في تحقيق‬
‫التنمية الشاملة‪ .872‬وحسب المرسوم السلطاني السامي رقم ‪ 101-1996‬فإن مجلس الشورى بسلطنة عمان‬
‫يتمتع باألدوار اآلتية‪:‬‬
‫‪ - 872‬يتكون مجلس الشورى العماني من أعضاء يمثلون جميع واليات السلطنة‪ ،‬وينتخبون باالقتراع السري المباش‪$$‬ر ويتح‪$$‬دد ع‪$$‬دد أعض‪$$‬ائه بحيث‪$‬‬
‫يمثل كل والية عضوا واحدا إذا كان عدد سكان الوالية ال يتجاوز ثالثين ألفا نسمة عند فتح باب الترشيح وعضوان متى تجاوز عدد س‪$$‬كان الوالي‪$$‬ة‬
‫هذا الحد في ذات التاريخ‪ ،‬وتكون فترة المجلس أربع سنوات ميالدية وينتخب‪ $‬المجلس من بين أعضائه رئيسا له ونائبين للرئيس يمثل فترته‪.‬‬

‫‪465‬‬
‫إحالة مشاريع القوانين التي تعدها الحكوم ة إلى المجلس إلقراره ا أو تع ديلها وإص دارها‬ ‫‪‬‬
‫بذات إجراءات مشاريع القوانين؛‬
‫لمجلس الشورى العماني صالحية اقتراح مشاريع قوانين وإحالتها إلى الحكومة لدراس تها‬ ‫‪‬‬
‫ثم إعادتها لمجلس الشورى؛‬
‫لمجلس الشورى كذلك إمكانية دراسة مشروعات خطط التنمية والميزانية الس نوية للدول ة‬ ‫‪‬‬
‫من مجلس الوزراء إلى مجلس الشورى لمناقشتها وإبداء توصياته بشأنها خالل ش هر على األك ثر‬
‫من تاريخ اإلحالة إليه‪ ،‬ثم إحالتها إلى مجلس الدولة لمناقشتها وإبداء توصياته بشأنها خالل خمس ة‬
‫عش ر يوم ا على األك ثر من ت اريخ اإلحال ة إلي ه‪ ،‬وعلى رئيس مجلس الدول ة إعادته ا إلى مجلس‬
‫الوزراء مشفوعة بتوصيات المجلسين؛‬
‫له إمكانية دراس ة مش روعات االتفاقي ات االقتص ادية واالجتماعي ة ال تي تع تزم الحكوم ة‬ ‫‪‬‬
‫إبرامها أو االنضمام إليها إلى مجلس الشورى إلبداء آرائه وع رض م ا يتوص ل إلي ه بش أنها على‬
‫مجلس الوزراء التخاذ ما يراه مناسبا؛‬
‫كما له إمكانية دراسة التقرير السنوي لجهاز الرقابة المالية واإلدارة المالية للدولة؛‬ ‫‪‬‬
‫لمجلس الشورى و بناءا على طلب موقع من خمسة عشر عض وا على األق ل من أعض اء‬ ‫‪‬‬
‫مجلس الشورى استجواب أي من وزراء الدولة في األمور المتعلقة بتجاوز صالحياتهم والمخالف ة‬
‫للقانون ومناقشته ذلك من قبل المجلس ورفع نتيجة ما يتوصل إليه في هذا الشأن إلى السلطات؛‬
‫له صالحية دراسة التقارير السنوية المحال ة من وزراء الخ دمات المتعلق ة بمراح ل تنفي ذ‬ ‫‪‬‬
‫المش اريع الخاص ة ب وزاراتهم وللمجلس إمكاني ة دع وة أي منهم لتق ديم بي ان عن بعض األم ور‬
‫الداخلة في اختصاصات وزاراته ومناقشته فيها‪.‬‬

‫انطالقا من هذه المهام واالختصاص ات الموكول ة لمجلس الش ورى بس لطنة عم ان‪ ،‬فه ذا األخ ير وفي‬
‫مجال حماية حقوق اإلنسان يقوم بدراسة التشريعات والقوانين الوطنية النافذة ومالئمتها مع مبادئ وقواع د‬
‫االتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان المصادق عليها في السلطنة‪ ،‬كم ا ل ه مهم ة اق تراح‬
‫التعديالت الالزمة لذلك وفق الدستور العماني‪.‬‬

‫إن مجلس الش ورى العم اني يم ارس ه ذه الص الحيات وي ؤدي أعمال ه وف ق مجموع ة من القواع د‬
‫واإلجراءات المنصوص عليها قانونا‪.‬‬

‫فعلى مستوى التشريع يشمل إقرار أو تع ديل مش اريع الق وانين المحال ة من مجلس ال وزراء إلى مجلس‬
‫الش ورى كم ا ل ه إمكاني ة اق تراح مش روعات ق وانين وإحالته ا إلى مجلس الدول ة ومن ثم إلى الحكوم ة‬
‫لدراستها ثم إعادتها إلى المجلس في شكل مشاريع قوانين‪.‬‬

‫‪466‬‬
‫ومن بين القوانين التي أصدرها مجلس الشورى ذات الصلة بممارسة الحقوق السياسية‪ ،‬يمكن اإلش ارة‬
‫إلى أهمها‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪ 1‬مرسوم سلطاني رقم ‪ 84/49‬بإصدار قانون المطبوعات والنشر‪.‬‬

‫ينظم المرسوم المشار إليه‪ ،‬مهن ة الص حافة والطباع ة والنش ر وفق ا للش روط واألوض اع المبين ة في ه‪،‬‬
‫وجعل وزارة اإلعالم وصية على تنظيم مهنة المطبوعات الصحفية التي تصدرها الوزارات أو المؤسسات‬
‫العامة أو الهيئات العامة في ما يتصل بنشاطها‪.‬‬

‫ويقصد بالمطبوعات وفق هذا الق انون ك ل الكتاب ات أو الرس ومات أو الص ور الفتوغرافي ة من وس ائل‬
‫النسخ أو النقل متى نقلت بأي وسيلة كانت‪ ،‬وأص بحت ب ذلك قابل ة للت داول ويس تثنى من ذل ك ك ل مطب وع‬
‫شخصي أو مطبوع يتعلق بالنشاط التج اري ال يش كل مض مونه مخالف ة ألحك ام ه ذا الق انون أو غ يره من‬
‫القوانين األخرى‪.‬‬

‫وحدد الفصل الثاني من ذات القانون في المادة الرابعة منه الش روط الالزم ة في إنش اء المطبع ة‪ ،‬حيث‬
‫على ك ل من ي رغب في إنش اء مطبع ة أن يتق دم بطلب ال ترخيص ل ه ب ذلك إلى وزارة اإلعالم متض منا‬
‫البيان ات الالزم ة ال تي تح ددها الالئح ة التنفيذي ة له ذا الق انون‪ .‬وتل تزم وزارة اإلعالم ب البت في طلب‬
‫الترخيص المشار إليه خالل ثالثة أشهر من تاريخ تقديمه‪ .‬ويعت بر ع دم ال رد في الموع د الم ذكور رفض ا‬
‫للطلب (المادة ‪ ،)5‬ولمن رفض طلبه بالترخيص بفتح مطبعة أن يتظلم من ذلك للجن ة المطبوع ات والنش ر‬
‫المنصوص عليها في هذا القانون خالل ‪ 15‬عشر يوما من ت اريخ إبالغ ه ب رفض طلب ه أو إنقض اء موع د‬
‫الرد المشار إليه في المادة ‪.5‬‬

‫وتنص المادة ‪ 13‬على موانع الطبع حيث ال يجوز للطباع طبع مطبوع من ع تداول ه‪ ،‬كم ا اليج وز طب ع‬
‫مطبوع دوري غير مرخص أو تقرر إلغاء ترخيصه أو تعديله أو وقفه عن الصدور‪ .‬وك ل مخالف ة ألحك ام‬
‫الم واد الس ابقة يع اقب مرتكبه ا ب الحبس م دة ال تتج اوز س نة أو بغرام ة ال تتج اوز ‪ 500‬لاير عم اني أو‬
‫بالعقوبتين معا مع جواز غلق المطبعة مؤقتا أو نهائيا‪.‬‬

‫أما بخصوص المسائل المحضور نشرها فقد وردت بالتفصيل في الفصل الراب ع في الم واد من ‪ 25‬إلى‬
‫‪ 36‬ومنها أنه اليجوز نشر ما من شأنه النيل من شخص جاللة السلطان أو أفراد األسرة المالك ة تلميح ا أو‬
‫تص ريحا بالكلم ة أو بالص ورة‪ ،‬وال يج وز التح ريض ض د نظ ام الحكم في الس لطنة أو اإلس اءة إلي ه أو‬
‫اإلضرار بالنظام العام أو الدعوة إلى إعتناق أو ترويج ما يتعارض مع مبادئ الدين اإلسالمي الحنيف‪.‬‬

‫‪467‬‬
‫كما يحضر نشر ك ل من ش أنه المس اس بس اللمة الدول ة أو أمنه ا ال داخلي أو الخ ارجي وك ل م ايتعلق‬
‫باألجهزة العسكرية واألمنية وأنظمتها ‪.‬‬

‫‪ 2‬مرسوم سلطاني رقم ‪ 95 -16‬بإصدار قانون إقامة األجانب‪.‬‬

‫يتناول ه ذا الق انون الحق وق والواجب ات المق ررة لألج انب وفق ا لمب دأ المعامل ة بالمث ل وإعتب ارات‬
‫المجامل ة الدولي ة‪ ،‬وش روط منح ج وازات الس فر‪ ،‬والض وابط ال تي يس مح فيه ا باإلقام ة على األراض ي‬
‫العماني ة‪ ،‬واألف راد المس تثنون من ه ذه الض وابط كرؤس اء ال دول األجنبي ة وأعض اء أس رهم وحاش ياتهم‬
‫ورؤس اء وأعض اء البعث ات الديبلوماس ية القنص لية األجنبي ة والهيئ ات الدولي ة المعتم دون ل دى الس لطنة‬
‫والملحقون اإلداريون والفنيون وعائالتهم‪ ،‬ومواطنو دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية‪ ،‬والسائحون‬
‫والطالب والرياضيون لدى قدومهم أو سفرهم ضمن وفود أو فرق منظمة‪.‬‬

‫ويجوز للسلطة المختصة أن تمنح األجنبي الذي اليحمل جواز سفر أو وثيقة س فر إج ازة م رور للس فر‬
‫للخارج إذا كان هذا األجنبي الجئا أو مجهول الجنس ية‪ ،‬كم ا يج وز له ا أن تمنح األجن بي ال ذي فق د وثيق ة‬
‫سفره أو أصبحت هذه الوثيقة غير صالحة ألي سبب إجازة مرور إذا لم يكن للدولة التي ينتمي إليه ا ممث ل‬
‫في السلطنة‪.‬‬

‫ويكون منح حق اللجوز السياسي أو اإلقامة ألسباب سياس ية ب أمر س لطاني‪،‬ويعطى األجن بي في ه ذه‬
‫الحالة بطاقة خاصة تدون فيها جميع التفاصيل المتعلقة بهويته‪ ،‬وال يجوز لمن منح حق اللجوء السياسي أن‬
‫يقوم بأي نشاط سياسي طيلة إقامته في سلطنة عمان‪ .‬ويجوز العدول عن منح األجنبي حق اللجوء السياسي‬
‫وإبعاده من السلطة كما يجوز في أي وقت تقييد حق اللجوء السياسي بشروط جديدة متى إقتضت الظ روف‬
‫ذلك‪ .‬وإذا تقرر إبعاد الالجئ السياسي فاليجوز ترحيله إلى دولة يخشى فليها على حياته أو حريته‪.‬‬

‫‪3‬مرسوم سلطاني بإصدار قانون السلطة القضائية‪.‬‬

‫‪ -‬تنص المادة ‪ 59‬من النظام األساسي للدولة على أن "سيادة الق انون أس اس الحكم في الدول ة‪ ،‬وش رف‬
‫القضاء ونزاهة القضاة وعدلهم ضمان للحقوق والحريات" كما‪  ‬تنص المادة ‪ 61‬من ه على أن ه "ال س لطان‬
‫على القضاة في قضائهم لغير القانون‪ .‬وهم غير قابلين للعزل إال‪  ‬في الح االت ال تي يح ددها الق انون‪ .‬وال‪ ‬‬
‫يجوز ألية جهة التدخل في القضايا أو‪  ‬في شؤون العدالة‪ .‬ويعت بر مث ل ه ذا الت دخل جريم ة يع اقب عليه ا‬
‫القانون‪ .‬ويحدد القانون الشروط الواجب توافرها فيمن يتولى القض اء‪ ،‬وش روط وإج راءات تع يين القض اة‬
‫ونقلهم وترقيتهم والضمانات المقررة لهم وأحوال عدم قابليتهم للعزل وغير ذلك من األحكام الخاصة بهم"‪.‬‬

‫‪ 4‬مرسوم سلطاني رقم ‪ 75 - 2008‬بإصدار قانون حالة الطوارئ‬

‫‪468‬‬
‫ينص هذا القانون على اإلج راءات والش روط ال تي يقتض يها اإلعالن عن حال ة الط وارئ‪ ،‬حيث تنص‬
‫المادة ‪ 1‬منه على أنه يجوز إعالن حالة الطوارئ متى تعرض األمن أو النظام العام في السلطنة أو منطق ة‬
‫منها للخطر سواء كان ذلك بسبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد أو تن ذر بوقوعه ا أو ح دوث إض طرابات‬
‫أو ظواهر إجرامية في الداخل أو كوارث عامة أو إنتشار وباء أو آفة تهدد كيان المجتمع أو سالمة الدولة‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار تنص الم ادة ‪ 2‬من ذات الق انون على أن يك ون إعالن حال ة الط وارئ وإنتهائه ا ب أمر‬
‫سلطاني تي تشملهايتضمن ما يأتي‪ :‬ـــــ بي ان الحال ة ال تي أعلنت بس ببها‪ ،‬وتحدي د المنطق ة ال تي تش ملها‪،‬‬
‫وتاريخ بدئ سريانها‪.‬‬

‫وتحيل المادة ‪ 3‬إلى مجلس األمن الوطني برفع التوصيات بإعالن حالة الطوارئ أو إنهائها وتقييم مدى‬
‫الحاجة إلستمرار العمل بها من عدمه‪ ،‬ويمارس المجلس في هذه الحالة المنصوص عليها في الم ادة ‪ 6‬من‬
‫النظام األساسي للدولة جميع الصالحيات المنصوص عليها في هذا القانون‪.‬‬

‫وتمنح الم ادة ‪ 4‬لمجلس األمن الوط ني ص الحية األم ر بإتخ اذ أي من الت دابير واإلج راءات الالزم ة‬
‫لحماية األمن والنظام العام وله على وجه الخصوص ما يلي ‪:‬‬

‫ـــ وضع قيود على حرية األش خاص في اإلجتم اع أو اإلنتق ال واإلقام ة والم رور في أم اكن أو‬
‫أوث ات معين ة‪ ،‬والقبض على المش تبه بهم أو الخط يرين على األمن والنظ ام الع ام وإعتق الهم‬
‫والترخيص بتفتيش األشخاص واألماكن ووسائل النقل دون التقيد بأحكام قانون اإلجراءات الجزائية‬
‫أو أي قانون آخر‪.‬‬

‫ـــ الرقاب ة على س ائر أن واع المراس الت وكاف ة وس ائل اإلعالم المس موعة والمق روءة منه ا‬
‫والمرئية ودور العرض المختلفة وما في حكمها وشبكات وسائط المعلومات واإلتص االت ومنعه ا‬
‫وضبطها ومصادرتها‪....‬‬

‫ويج وز للمقب وض عليهم أو المعتقلين في ج رائم أمن الدول ة وف ق الم ادة ‪ 10‬التظلم من أم ر القبض أو‬
‫اإلعتقال إلى المحكمة المختصة وللمحكمة أثناء نظر الدعوى أن تصدر قرارا باإلفراج الم ؤقت عن المتهم‬
‫وال يكون قرارها نافذا إال بعد التصديق عليه من جاللة السلطان أو من يفوضه‪.‬‬

‫ويج وز لمن فرض ت الحراس ة على أموال ه أن يتظلم من أم ر ف رض الحراس ة أو يتظلم من إج راءات‬
‫تنفيذه بطلب معفى من الرسوم إلى المحكمة المختصة‪ ،‬ويجب أن تختصم في ه الجه ة اإلداري ة ال تي تت ولى‬
‫تنفيذ األمر الصادر بفرض الحراسة‪.‬‬

‫‪ 5‬مرسوم سلطاني رقم ‪ 91 - 99‬بإصدار قانون إنشاءمحكمة القضاء اإلداري وإصدار قانونها‬

‫‪469‬‬
‫ك ّ‬
‫أن وجود الرقابة القضائية على أعمال الجهات اإلدارية في دولة ما يعد من الض مانات األساس ية‬ ‫الش ّ‬
‫لحماية حقوق وحريات األفراد ‪ ،‬وتأكيدا لمبدأ المشروعية أو سيادة القانون بالبالد ال ذييحتم خض وع جمي ع‬
‫مؤسسات الدولة واألفراد على حد سواء لحكم القانون‪.‬‬

‫وقد أرسى النظام األساسي للدول ة الص ادر بالمرس وم الس لطاني رقم ‪ 101/96‬دع ائم القض اء اإلداري‬
‫بالسلطنة ليكون رقيبا على مشروعية تصرفات اإلدارة وضمانا لتط بيق مب دأ س يادة الق انون ‪ ،‬فبداي ةأقرت‬
‫المادة (‪ )25‬من ذلك النظام أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ‪ ،‬ثم أكدت المادة (‪ )59‬على أن "‬
‫سيادة القانون أساس الحكم في الدولة " ‪ ،‬وانتهت المادة (‪ )67‬إلى إنشاء جه ة قض ائية تختص بالفص ل في‬
‫الخصومات اإلدارية إما بواسطة دائرة أو محكمة خاصة ي بين الق انون نظامه ا وكيفي ة ممارس تها للقض اء‬
‫اإلداري " ‪ ،‬وهو ما تُوج بإنشاء محكمة القضاء اإلداري وإصدار قانونها بالمرسوم السلطاني رقم ‪91/99‬‬
‫‪ ،‬كجهة قضائية مستقلة تختص بالفصل في الخصومات اإلدارية ال تي ح ددها قانونه ا ‪ ،‬والمتعلق ة بش ؤون‬
‫الموظفين العموميين ‪ ،‬والقرارات اإلدارية ‪ ،‬ودعاوى التعويض والعقود اإلدارية ‪ ،‬وغيرها من المسائل‪.‬‬

‫وهكذا فإن إنشاء محكمة متخصصة للقضاء اإلداري في السلطنة يعني أن المشرع العمانيقد رجح األخذ‬
‫بنظام القضاء المستقل عن القضاء العادي وهو ما يعرف بالنظام القضائي المزدوج ‪ ،‬فأنش أ ه ذه المحكم ة‬
‫إيمانا منه بأهمية إيجاد قضاة متخصصين ملمين بأعمال اإلدارة ويتفهمون ظروفه ا ومطالبه ا ويحرص ون‬
‫في الوقت ذاته على حماية الحقوق والحريات الفردية في مواجهة اإلدارة ‪ ،‬فيس تطيعون ب ذلك التوفي ق بين‬
‫المصلحة العامة وما يجب لتحقيقها من تمتع الجه ات اإلداري ة بق در من االس تقالل وحري ة في التق دير من‬
‫أجل حسن سير المرافق العامة بانتظ ام واط راد ‪ ،‬وبين المص لحة الخاص ة لألف راد ال تي تس توجب توف ير‬
‫الحماية القضائية لهم من أي تصرفات قد تصدر مخالفة للقانون ت ؤدي إلى المس اس بحق وقهم وحري اتهم ‪،‬‬
‫فضال عن أن وجود القضاء اإلداري المتخصص سمح بإنشاء قانون إداري يحكم نشاط اإلدارة في عالقتها‬
‫باألفراد ‪ ،‬وذلك عن طريق النظر في الخصومات اإلدارية وفقا ً لمبادئ القانون اإلداري التي تتفق وطبيع ة‬
‫هذه الخصومات وتختلف عن قواعد ومبادئ القوانين واألنظمة التي وضعت لتحكم العالق ات الخاص ة بين‬
‫األفراد والتي يطبقها القضاء العادي ‪ ،‬مما يتيح له ؤالء القض اة فرص ة ابت داع الحل ول المناس بة للعالق ات‬
‫القانونية التي تنشا بين جهات اإلدارة واألفراد األمر الذي يؤدي في النهاية إلى مساعدة اإلدارةعلى إرساء‬
‫مبدأ المشروعية والتعرف على الحلول السليمة التي يتعين عليها إتباعها عند اتخاذ قراراتها أو تصرفاتها‪.‬‬

‫كما راعى المشرع أن استقالل القضاء اإلداري عن القضاء العادي يكف ل الس رعة في اإلج راءات مم ا‬
‫ينعكس أثره على سرعة الفصل في الخص ومات اإلداري ة ‪ ،‬األم ر ال ذي ي ؤدي إلى ض مان حماي ة حق وق‬
‫األفراد في الوقت المناسب ويقتضيها حسن سير المرافق العامة بانتظام واطراد‪.‬‬

‫‪470‬‬
‫وبتتبع تطور الرقابة القضائية على أعم ال اإلدارة بالس لطنة نج د أن القض اء اإلداري فيه ا يع د قض ا ًء‬
‫حديثا مقارنة بالدول األخرى التي لها باع طويل في هذا المجال ‪ ،‬إذ لم يتم إنشاء ه ذا القض اء وتنظيم ه إال‬
‫بموجب قانون محكمة القضاء اإلداري الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ‪ ، 91/99‬والذي عُمل ب ه اعتب ارا‬
‫من ‪1/12/2000‬م ‪ ،‬فضال عن ذلك لم يكن القضاء قبل إنشاء هذه المحكمة مختصا منذ البداية بالفص ل في‬
‫الخصومات اإلدارية باستثناء العقود اإلدارية التي تبرمها الوحدات الحكومية مع الشركات المختلفة ‪ ،‬حيث‬
‫كانت المحكمة التجارية (سابقا) تختص بنظر المنازعات الناشئة عن تلك العق ود ‪ ،‬أم ا الق رارات اإلداري ة‬
‫فقد كانت قبل تاريخ العمل بقانون المحكمة محصنة من الرقابة القضائية ‪ ،‬وإن ك ان لبعض ه ذه الق رارات‬
‫إجراءات معينة للتظلم منها نصت عليها القوانين واللوائح المختلفة‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬وعلى مستوى الرقابة يتولى مجلس الش ورى العم اني في أداء وممارس ة ص الحيات‬
‫الرقابة بمجموعة من الوسائل واألدوات و اآلليات البرلمانية‪ ،‬في هذا اإلط ار يض م مجلس الش ورى حالي ا‬
‫من ‪ 85‬عضوا يمثلون واليات السلطنة و ينتخبون مرة كل أربعة أعوام تبتدأ من تاريخ أول اجتماع له يلي‬
‫افتتاح جاللة السلطان لمجلس عمان لفترته الجديدة‪.‬‬

‫و عن تمثيله للواليات يتكون مجلس الشورى العماني من ممثليه لواليات السلطنة ينتخبون بعد أن تق وم‬
‫كل والية بانتخاب اثنين من مرشحيها إذا كان عدد س كانها يتج اوز ثالثين أل ف نس مة من ت اريخ فتح ب اب‬
‫الترشيح أو انتخاب مرشح واحد إذا كان ع دد س كانها ال يتج اوز ثالثين أل ف نس مة‪ ،‬وذل ك وفق ا خط وات‬
‫ومراحل حددتها الالئحة التنظيمية النتخاب المجالس‪.‬‬

‫وتتولى لجنة عليا تتمتع باالستقاللية والحي اد برئاس ة أح د ن واب رئيس المحكم ة العلي ا اإلش راف على‬
‫انتخابات مجلس الشورى والفصل في الطعون االنتخابي ة‪ ،‬وي بين الق انون طريق ة تش كيلها واختصاص اتها‬
‫ونظام عملها‪ .‬ويعلن وزير الداخلي ة نت ائج االنتخاب ات ويك ون من حص لوا على أك بر ع دد من األص وات‬
‫ممثلين لوالياته في المجلس‪ ،‬كما يصدر تض ييق الوالي ات وفق ا لع دد س كانها في بي ان من وزي ر الداخلي ة‬
‫وبالتنسيق مع الجهات المعنية وفقا لما جاء في المرسوم السلطاني رقم‪ 25‬لعام ‪.2000‬‬

‫وعن الترشيح لعضوية مجلس الشورى بسلطنة عمان يحق للمواطنين العمانيين رجاال ونس اء الترش يح‬
‫بشروط أهمها‪:‬‬

‫أن يكون المرشح عماني الجنسية بصفة أهلية طبق ا للق انون‪ ،‬وأال تق ل س نه قب ل فتح ب اب‬ ‫‪‬‬
‫الترش يح عن ثالثين س نة ميالدي ة‪ ،‬وأال يق ل مس تواه التعملي عن ثالثين س نة ميالدي ة‪ ،‬وأال يق ل‬
‫مستواه العلمي عن دبل وم التعليم الع ام (الثانوي ة العام ة) ‪ ،‬وأال يك ون ق د س بق الحكم علي ه نهائي ا‬

‫‪471‬‬
‫بعقوبة جناية أو في جريمة مخل ة بالش رف أو األمان ة ول و رد إلي ه اعتب اره‪ ،‬وأن يك ون مقي دا في‬
‫السجل االنتخابي؛‬
‫يشترط في المرشح لعضوية مجلس الشورى بسلطنة عمان كذلك أال يكون منتسبا إلى أي‬ ‫‪‬‬
‫جهة أمنية أو عسكرية وأال يكون محكوما علي ه بحكم قض ائي‪ ،‬وأال يك ون مص ابا بم رض عقلي‪،‬‬
‫ويجوز لمن انتهت فترة عضويته الترشح ثانية لعضوية المجلس‪.‬‬

‫ه ذا و ينتخب رئيس مجلس الش ورى من بين أعض اء المجلس ب االقتراع الس ري المباش ر وباألغلبي ة‬
‫المطلقة ‪ ،‬ولرئيس المجلس نائب ان يتم انتخابهم ا من بين أعض اء المجلس‪ ،‬كم ا يتم انتخ اب أعض اء مكتب‬
‫مجلس الش ورى‪ .‬وال يج وز إس قاط العض وية عن عض و مجلس الش ورى إال إذا فق د أح د الش روط ال تي‬
‫انتخب على أساسها أو أقل بواجبات عضويته أو فقد الثقة واالعتب ار وتس قط العض وية بق رار من المجلس‬
‫بأغلبية ثلثي أعضائه‪.‬‬

‫و لمجلس الشورى العديد من اللجان أهمها‪:‬‬

‫اللجنة التشريعية القانونية‪ .‬؛‬ ‫‪‬‬


‫لجنة الشباب والموارد البشرية؛‬ ‫‪‬‬
‫لجنة الخدمات والتنمية االجتماعية؛‬ ‫‪‬‬
‫اللجنة االقتصادية والمالية؛‬ ‫‪‬‬
‫لجنة الثقافة واإلعالم؛‬ ‫‪‬‬
‫لجنة األمن الغذائي والمائي؛‬ ‫‪‬‬
‫لجنة التربية والتعليم والبحث العلمي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وبالرجوع إلى لجنة حق وق اإلنس ان داخ ل مجلس الش ورى نج دها تختص بدراس ة المواض يع‬
‫التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬دراسة التشريعات والقوانين الوطنية النافذة ومالئمتها مع مب ادئ وقواع د االتفاقي ات والمعاه دات‬
‫الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان المصادق عليها في السلطة العمانية‪ ،‬وكذا اقتراح التع ديالت الالزم ة ل ذلك‬
‫وفقا للدستور العماني‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬دراسة كل ما يح ال إلى اللجن ة من موض وعات أخ رى ي رى المجلس أو رئيس المجلس إحالته ا‬
‫إليها ورفع تقاريرها إلى المجلس بشأنها‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تقديم الرأي إلى اللجان المختصة األخرى فيما يتعلق بحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪472‬‬
‫رابعا‪ :‬متابعة التوصيات والقرارات المحالة من الشعبة البرلمانية التي تصدر عن المؤتمرات البرلمانية‬
‫ذات العالقة بحقوق اإلنسان‬

‫خامسا‪ :‬تعزيز مجاالت التعاون مع اللجان البرلمانية المماثلة في الدول األخرى‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور البرلمان في حماية الحقوق السياسية بالمغرب‬

‫يتكون‪ ‬البرلمان‪( ‬الفصل ‪ 60‬من الدستور) من مجلسين‪: ‬‬

‫مجلس النواب‪ ،‬يضم ‪ 395‬عضوا ينتخبون مباشرة لوالية مدتها‪  ‬خمس سنوات‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫مجلس المستشــارين‪ ،‬يض م ‪ 120‬عض وا‪ ،‬ينتخب بطريق ة غ ير مباش رة من ممثلي الجماع ات‬ ‫‪‬‬

‫المحلية‪ ،‬والمنتخبين في الغرف المهنية‪ ،‬وممثلي المأجورين؛ ينتخب أعضاؤه لمدة ست سنوات‪.‬‬

‫أعض اء البرلم ان يس تمدون ني ابتهم من األم ة‪ ،‬وحقهم في التص ويت ح ق شخص ي ال يمكن تفويض ه‪،‬‬
‫ويتمتعون بالحصانة البرلمانية‪.‬‬

‫دورات البرلمان‬

‫‪ ‬يعقد البرلمان جلساته أثن اء دورتين في الس نة‪ ،‬وي رأس المل ك افتت اح ال دورةاألولى‪ ،‬ال تي تبت دئ ي وم‬
‫الجمعة الثانية من شهر أكتوبر‪ ،‬وتُفتتح الدورة الثانية يوم‪  ‬الجمعة الثانية من شهر أبريل‪.‬‬

‫‪ ‬إذا استمرت جلسات البرلمان أربعة أشهر على األقل في كل دورة‪ ،‬جاز ختم الدورة‪ ‬بمرسوم‪.‬‬

‫‪ ‬يمكن جم ع البرلم ان في دورة اس تثنائية‪ ،‬إم ا بمرس وم‪ ،‬أو بطلب من ثلث أعض اء مجلس‪ ‬الن واب‪ ،‬أو‬
‫بأغلبية أعضاء مجلس المستشارين‪.‬‬

‫تعقد دورة البرلمان االستثنائية على أساس جدول أعمال مح دد‪ ،‬وعن دما تتم المناقش ة في القض ايا ال تي‬
‫يتضمنها جدول األعمال‪ ،‬تُختم الدورة بمرسوم‪ .‬‬

‫‪473‬‬
‫جلسات مجلسي البرلمان عمومية‪ ،‬وينشر محضر مناقشات الجلسات العامة برمته في‪ ‬الجريدة الرسمية‬
‫للبرلمان‪.‬‬

‫لكل من المجلسين أن يعقد اجتماعات سرية‪ ،‬بطلب من رئيس الحكومة‪ ،‬أو بطلب من‪ ‬ثلث أعضائه‪.‬‬

‫جلسات لجان البرلمان سرية‪ ،‬ويحدد النظام الداخلي لمجلسي البرلم ان الح االت‪ ‬والض وابط ال تي يمكن‬
‫أن تنعقد فيها اللجان بصفة علنية؛‬

‫يعقد البرلمان جلسات مشتركة بمجلسيه‪ ،‬وعلى وجه الخصوص‪ ،‬في الحاالت التالية ‪:‬‬

‫افتتاح المل ك لل دورة التش ريعية في الجمع ة الثاني ة من ش هر أكت وبر‪ ،‬واالس تماع إلى الخطب‬ ‫‪‬‬

‫الملكية الموجهة للبرلمان؛‬

‫المصادقة على مراجعة الدستور وفق أحكام الفصل ‪174‬؛‬ ‫‪‬‬

‫االستماع إلى التصريحات‪ ،‬التي يقدمها رئيس الحكومة؛‬ ‫‪‬‬

‫عرض مشروع قانون المالية السنوي؛‬ ‫‪‬‬

‫االستماع إلى رؤساء الدول والحكومات األجنبية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫كما يمكن لرئيس الحكومة أن‪ ‬يطلب من رئيسي مجلسي النواب والمستشارين عق د اجتماع ات مش تركة‬
‫للبرلمان‪ ،‬لالستماع إلى بيانات تتعلق بقضايا تكتسي طابعا وطنيا هاما‪.‬‬

‫تنعقد االجتماعات المش تركة برئاس ة رئيس مجلس الن واب‪ ،‬ويح دد النظ ام ال داخلي‪ ‬للمجلس ين كيفي ات‬
‫وضوابط انعقادها‪ .‬‬

‫عالوة على الجلسات المشتركة‪ ،‬يمكن للجان الدائمة‪  ‬للبرلمان‪ ،‬أن تعق د اجتماع ات مش تركة لالس تماع‬
‫إلى بيان ات تتعل ق بقض ايا تكتس ي طابع ا‪ ‬وطني ا هام ا‪ ،‬وذل ك وف ق ض وابط يح ددها النظام ان ال داخليان‬
‫للمجلسين‪ .‬‬

‫يضع كل من المجلسين نظامه الداخلي ويقره بالتصويت‪ ،‬إال أنه ال يجوز العم ل ب ه‪ ‬إال بع د أن تص رح‬
‫المحكمة الدستورية بمطابقته ألحكام هذا الدستور‪.‬‬

‫سلط البرلمان‬

‫يمارس البرلمان المغربي السلطة التشريعية‪.‬‬

‫يصوت البرلم ان على الق وانين‪ ،‬وي راقب عم ل الحكوم ة‪ ،‬ويقيم السياس ات العمومي ة (الفص ل ‪ 70‬من‬
‫الدستور) ‪.‬‬

‫‪474‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪  ‬فيما يخص الجانب التشريعي يحدد الدستور مجال القانون حيث يقتسم رئيس الحكوم ة‪ ‬وأعض اء‬ ‫‪‬‬

‫البرلمان المب ادرة التش ريعية‪ ،‬وفي حال ة ال نزاع بينهم ا يتم اللج وء إلى المحكم ة‪ ‬الدس تورية‪ .‬ول رئيس‬
‫الحكومة وألعضاء البرلمان على السواء حق التقدم باقتراح القوانين‪.‬‬

‫تودع مشاريع القوانين الحكومية باألسبقية لدى مكتب مجلس الن واب م ا ع دا تل ك المتعلق ة‪ ‬بالجماع ات‬
‫الترابي ة والتنمي ة الجهوي ة والقض ايا اإلجتماعي ة ال تي توض ع ب دورها باألس بقية‪ ‬ل دى مكتب مجلس‬
‫المستشارين‪ .‬ويخصص يوم واحد على األقل في الشهر لدراسة مقترحات‪ ‬القوانين‪ ،‬ومن بينها تلك المقدم ة‬
‫من طرف المعارضة‪.‬‬

‫وتحال مشاريع ومقترحات القوانين على اللجان المعنية بالمجلس قصد مناقشتها والمصادقة‪ ‬عليه ا‪ .‬بع د‬
‫ذلك تتم دراستها والتص ويت عليه ا في الجلس ات العام ة ليتم إحالته ا على مجلس‪ ‬المستش ارين‪ .‬وفي ح ال‬
‫وجود اختالف بين الصيغة التي صادق عليه ا ك ل من المجلس ين يع ود‪ ‬لمجلس الن واب التص ويت النه ائي‬
‫على النص الذي تم البث فيه‪.‬‬

‫‪ ‬وفيما يخص الجانب الرقابي يمكن للجان الدائمة المعنية بمجلسي البرلمان أن تطلب االس تماع‬ ‫‪‬‬

‫إلى‪ ‬مس ؤولي اإلدارات والمؤسس ات والمق اوالت العمومي ة‪ ،‬بحض ور ال وزراء المعن يين‪،‬‬
‫تحت‪ ‬مسؤوليتهم‪.‬‬

‫كما يمكن للمجلسين أن يشكال لجانا مؤقتة لتقصي الحقائق تقوم بإيداع‪ ‬تقارير حول الوق ائع ال تي أقيمت‬
‫ألجلها لمناقشتها خالل جلسات عامة والبث فيها‪ ،‬كما يمكن‪ ‬عند االقتضاء إحالة هذه التق ارير على القض اء‬
‫من طرف رئيس المجلس المعني‪.‬‬

‫تخصص بمجلسي البرلمان جلسة عمومي ة أس بوعية لألس ئلة الش فهية وأجوب ة الحكوم ة عليه ا‪ ،‬وتق دم‬
‫األجوبة‪ ‬على األسئلة المتعلق ة بالسياس ة العام ة من قب ل رئيس الحكوم ة‪ ،‬وتخص ص له ذه األس ئلة‪ ‬جلس ة‬
‫واحدة كل شهر‪ .‬وتسمح األسئلة الكتابية للنواب بمتابعة القضايا ذات الطابع المحلي‪.‬‬

‫يعرض رئيس الحكومة أمام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل الحكوم ة‪ ،‬وتخص ص جلس ة‪ ‬س نوية من‬
‫قبل البرلمان لمناقشة السياسات العمومية وتقييمها‪.‬‬

‫‪ ‬وفي ظل الدستور الجدي د فق د أص بحت مجموع ة من المؤسس ات والهيئ ات الدس تورية ملزم ة‪ ‬بتق ديم‬
‫تقرير عن أعمالها مرة واحدة في السنة على األقل‪ ،‬والذي يكون موضوع مناقشة‪ ‬من قبل البرلمان‪.‬‬

‫‪475‬‬
‫مصطلح "البرلمان ‪ "parlement‬مشتق من الكلمة الفرنسية "‪ "parler‬أي "تكلم" وبالتالي ف إن ال دور‬
‫األصلي للبرلمان هو مناقشة القضايا التي تواجه المجتمع‪ ،‬وتحديد القواعد التي يعيش بها المواطنين‪.‬‬

‫وفقا للدستور المغربي (المادة ‪ ،)70‬البرلمان مسؤول أيضا عن "[ممارس ة] الس لطة التش ريعية"‪ ،‬مم ا‬
‫يعني أنه يسن القوانين باإلضافة إلى "التص ويت على تط بيق الق وانين"‪ ،‬ينص الدس تور على أن البرلم ان‬
‫"يراقب عمل الحكومة ويقيم السياسات العمومية‪ ".‬بعبارة أخرى‪ ،‬البرلمان هو تقييم أثر السياسات المعتمدة‬
‫من طرف الحكومة و وزاراتها‪ ،‬و تقييم أدائهن في تنفيذ هذه السياسات‪.‬‬

‫ماذا يمكن للنائب(ة) البرلماني(ة) عن منطقتي أن يقوم به ليمثلني؟‬

‫البرلمانات لديها عدد من الق وى ال تي يمكن أن ت ؤثر بش كل مباش ر على حي اة المواط نين‪ .‬وهن ا بعض‬
‫الطرق التي يمكن للنائب(ة) أن ت‪/‬يمثلك عن طريقها‪:‬‬

‫تع ديل الق وانين قب ل دخوله ا ح يز التنفي ذ‪ .‬في المغ رب‪ ،‬تق ترح الحكوم ة معظم الق وانين‪ ،‬ولكن يك ون‬
‫للبرلمان فرصة تعديلها‪ .‬هل توافق على قانون السير؟ قد يكون لممثلك فرصة لتعديل هذا القانون في المرة‬
‫القادمة التي يتم فيها مراجعته‪.‬‬

‫الموافقة على القوانين قبل دخولها حيز التنفيذ‪ .‬إال إذا صدر مرسوم من قبل الملك‪ ،‬يجب أن يتم االتف اق‬
‫على جميع القوانين من قب ل البرلم ان‪ .‬ه ذا يع ني أن ممثل ك في البرلم ان لدي ه فرص ة للتص ويت على أي‬
‫قانون تتم مناقشته‪ .‬هل أنت مهتم بش أن مش روع ق انون التعليم ال ذي ق رأت عن ه في الص حف؟ يمكن ك ان‬
‫تطلب من ممثلك كيف يعتزم التصويت لهذا القانون وبالتالي إسماع صوتك‪.‬‬

‫مساءلة الوزارات حول الكيفي ة ال تي يتم به ا تنفي ذ السياس ات‪ .‬ممثل ك لدي ه الق درة على ط رح األس ئلة‬
‫الش فوية على ال وزراء ك ل ي وم أربع اء خالل ال دورة التش ريعية (وعلى رئيس الحكوم ة م رة واح دة في‬
‫الشهر)‪ .‬يمكن له أن يطرح أيضا أسئلة كتابي ة في أي وقت من الس نة‪ .‬يمكن لألس ئلة الش فوية والكتابي ة أن‬
‫تكون وسيلة فعالة لمعرفة المزيد عن الكيفية ال تي يتم به ا تنفي ذ الق وانين والتأك د من أن الحكوم ة تس تخدم‬
‫األموال العامة بمسؤولية‪ .‬هل تتساءل لماذا يفتقر مستش فى منطقت ك لألدوي ة الكافي ة؟ يمكن ك ان تطلب من‬
‫ممثلك استفسار وزارة الصحة حول هذا الموضوع‪.‬‬

‫تشكيل لجنة تحقيق‪ .‬مثال االحتجاجات التي شهدتها س يدي إف ني و االض طرابات ال تي وقعت في مدين ة‬
‫العيون؟ فالبرلمان لديه صالحية تشكيل لجان تحقيق لمعالجة أي قضية ليست قيد التحقيق الجنائي‪ .‬إذا كنت‬
‫تعرف قضية تحتاج الى التحقيق‪ ،‬يمكنك اعالم ممثلك بها‪.‬‬

‫رفع الوعي حول قضية تواج ه ال دائرة االنتخابي ة‪ .‬هن اك العدي د من القض ايا ال تي ال يمكن أن يعالجه ا‬
‫النواب بص فتهم أعض اء في البرلم ان‪ .‬الن واب ال يمكنهم إص الح اإلن ارة أو تبلي ط الش ارع ‪ -‬ه ذه وظيف ة‬

‫‪476‬‬
‫البلديات المحلية‪ .‬مع ذل ك‪ ،‬عن دما يث ير م واطن قض ية تهم الش أن الع ام‪ ،‬يمكن للن ائب أن يس تخدم موقع ه‬
‫للمساعدة في رفع الوعي حول تل ك القض ية‪ .‬للعدي د من الن واب عالق ات م ع وس ائل اإلعالم والمس ؤولين‬
‫المحليين‪ ،‬كما لهم القدرة على تشجيع النقاش أو ايجاد حل لقضية معينة باستخدام هذه القنوات‪.‬‬

‫اإلدالء بملتمس الرقاب ة أو رفض الثق ة للحكوم ة‪ .‬يمكن له ذا أن يح دث مثال لم ا تك ون مردودي ة أو‬
‫نشاطات قسم وزاري أو حتى الحكومة محل تساؤل‪.‬‬

‫أين يمكنني ايجاد المزيد من المعلومات حول صالحيات البرلمان و أدوار النواب؟‬

‫يخضع دور مجلس النواب في النظام السياسي المغربي وكيفية ممارس ة الن واب لص الحياتهم للدس تور‬
‫والنظام الداخلي لمجلس النواب‪ .‬من بين المواد الدستورية ذات الصلة بصالحيات البرلمان مايلي‪:‬‬

‫الفصل ‪ :10‬حول حقوق المعارضة البرلمانية‬

‫الفصل ‪ :67‬حول إنشاء لجان التحقيق‬

‫الفصل ‪ :68‬حول شفافية االجتماعات العامة وجلسات اللجان‬

‫الفصل ‪ :70‬حول الصالحيات العامة للبرلمان‬

‫الفصل ‪ :71‬حول مجاالت و القضايا التي يمكن للبرلمان التركيز عليها‪.‬‬

‫الفصل ‪ :75‬حول البرلمان و قانون المالية‬

‫الفصل ‪ :78‬حول الحق في اقتراح تشريعات‬

‫الفصل ‪ :82‬حول الحق في وضع جدول األعمال‬

‫الفصل ‪ :83‬حول الحق في تعديل التشريعات‬

‫الفصل ‪ :100‬حول الحق في السؤال وتلقي الردود من الحكومة‬

‫الفصل ‪ :103‬حول التصويت على الثقة في الحكومة‬

‫الفصل ‪ :105‬حول ملتمس الرقابة‬

‫يعد االحتفال بالذكرى الخمسينية إلحداث البرلمان المغربي فرصة مواتية لتقييم الدور الذي يضطلع ب ه‬
‫البرلمان في صناعة التشريع والوقوف عند مساهمته في ترسيخ و حماي ة حق وق اإلنس ان ومقارب ة الس بل‬
‫والصيغ التشريعية القادرة على تحويل إشارات ومضامين التحول الديموقراطي بالمغرب‪ ،‬نحو دولة الحق‬
‫والمؤسسات بواسطة قوانين وطنية تتفاعل مع طموحات جميع المكونات السياسية والحقوقية بالمغرب‪.‬‬

‫‪477‬‬
‫أوال‪ :‬الضمانات الدستورية لحماية الحقوق األساسية والحريات العامة‬

‫إن مكان ة منظوم ة حق وق اإلنس ان في النس ق السياس ي المغ ربي المعاص ر دفعت بالدول ة إلى تعزي ز‬
‫ضمانات احترام حقوق اإلنسان من خالل الدستور الجديد‪ .‬ذلك أن تعهد المغرب بحقوق اإلنس ان كم ا هي‬
‫متعارف عليها عالميا يؤكد اعترافا ص ريحا بالتزاماته ا باالتفاقي ات والمعاه دات الدولي ة المتعلق ة بحماي ة‬
‫حقوق اإلنسان‪ ،‬وبأنها تشكل جزءا ال يتجزأ من التشريع المغربي‪ .‬لذلك فترسيخ حماية حق وق اإلنس ان في‬
‫تصدير الدستور لسنة ‪ 2011873‬هو بمثابة إعالن عن إدراج حماية حقوق اإلنسان ضمن الثوابت األساس ية‬
‫التي يقوم عليها النظام السياسي المغ ربي‪ .‬كم ا ه و الش أن بالنس بة لل دعامات األخ رى كاإلس الم والملكي ة‬
‫الدستورية والوحدة الترابية‪.‬‬

‫فاإلقرار بالتشبث بحماية حقوق اإلنسان كما هي متعارف عليه ا في ديباج ة الدس تور م ا ه و إال تعب ير‬
‫حقيقي عن اإلرادة السياسية للدولة في توطيد اح ترام الحق وق والحري ات للم واطن‪ .‬ه ذا و تمث ل مرجعي ة‬
‫الدستور في حد ذاتها دعامة أساسية لحماية حقوق اإلنسان على المستوى الوطني‪ ،‬كما شكلت تعبيرا قوي ا‬
‫عن الطابع العالمي والبعد الكوني لحق وق اإلنس ان ألن الدول ة تتعه د وتض ع على عاتقه ا التزام ات دولي ة‬
‫مرتبطة بضمان االحترام العالمي لحقوق اإلنسان واالعتراف بالكائن البش ري كمح ور للحق وق المتس اوية‬
‫اللصيقة بالكرامة اإلنسانية‪.‬‬

‫في اإلطار يالح ظ اتس اع دائ رة الحق وق األساس ية والحري ات العام ة المعني ة بالحماي ة الدس تورية في‬
‫‪ ،‬ال ذي أورد ‪ 11‬فص ال‬ ‫‪874‬‬
‫الوثيقة الدستورية ل‪ 2011‬التي تتضمن ‪ 21‬فصال مقارنة م ع دس تور ‪1996‬‬
‫كما نص الدستور المغربي الحالي على ضمانات جديدة لحماية حقوق اإلنسان منها‪:‬‬

‫المساواة في الحقوق إذ يتمت ع الرج ل والم رأة على ق دم المس اواة من الحق وق والحري ات‬ ‫‪‬‬
‫السياسية‪ ،‬المدنية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬الثقافية‪ ،‬البيئية وغيرها‪875‬؛‬
‫الح ق في الس المة الشخص ية وذل ك من خالل منح ك ل ف رد الح ق في س المة شخص ه‬ ‫‪‬‬
‫وأقربائه‪876‬؛‬
‫عدم التمييز في الحقوق وذلك من خالل مكافحة كل أش كال التمي يز بس بب الجنس والل ون‬ ‫‪‬‬
‫أو المعتقد أو الثقافة أو االنتماء االجتماعي أو الجه وي أو اللغ ة أو اإلعاق ة أو أي وض ع شخص ي‬
‫مهما كان؛‬

‫‪ - 873‬ظهير شريف رقم‪ 1.11.91‬صادر في ‪ 27‬شعبان ‪ 29( 1423‬يوليوز‪ )2011‬بتنفيذ نص الدستور‪ ،‬الجريدة الرسمية ع‪$$‬دد ‪ 5964‬مك‪$$‬رر‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ 28‬شعبان ‪ 1432‬الصفحة‪3600 :‬‬
‫‪ - 874‬ظه‪$$‬ير ش‪$$‬ريف رقم ‪ 1.96.157‬الص‪$$‬ادر في ‪ 23‬من جم‪$$‬ادى األولى ‪7( 1417‬أكت‪$$‬وبر ‪ )1996‬بتنفي‪$‬ذ‪ $‬نص الدس‪$$‬تور المراج‪$$‬ع‪ ،‬الجري‪$$‬دة‬
‫الرسمية عدد ‪ 4420‬بتاريخ ‪ 26‬من جمادى األولى ‪ 10( 1417‬أكتوبر ‪ )1996‬الصفحة‪2281 :‬‬
‫‪ - 875‬انظر الفصل ‪ 20‬من الدستور لسنة ‪2011‬‬
‫‪876‬‬
‫راجع الفصل ‪ 21‬من الدستور لسنة ‪- 2011‬‬

‫‪478‬‬
‫الحق في الحياة وهو أول الحقوق لكل إنسان إذ يحمي القانون هذا الحق؛‬ ‫‪‬‬
‫الحق في عدم التعرض للتعذيب أو المعاملة القاسية أو اإلنسانية أو المهنية فال يجوز ألحد‬ ‫‪‬‬
‫أن يعامل الغير تحت أي ذريعة معاملة قاسية أو ال إنسانية أو مهنية؛‬
‫الحق في المساواة أمام القانون إذ يعد الق انون ه و أس مى تعب ير عن إرادة األم ة والجمي ع‬ ‫‪‬‬
‫أشخاصا ذاتيين واعتبارين بما فيهم السلطات العمومية متساوون أمامه وملزمون باالمتثال له؛‬
‫الحق في عدم الخضوع لالعتقال التعسفي وهنا ال يجوز إلق اء القبض على أي ش خص أو‬ ‫‪‬‬
‫اعتقاله أو المتابعة أو إدانت ه إال في الح االت وطبق ا لإلج راءات ال تي ينص عليه ا الق انون وم تى‬
‫أخطر الجرائم وتعرض مقترفيها ألقسى العقوبات؛‬
‫الحياة الخاصة وحرمة المنازل وسرية المراسالت فلك ل ش خص الح ق في حماي ة حيات ه‬ ‫‪‬‬
‫الخاصة‪ ،‬وال تنتهك حرمة المنازل وال يمكن القيام بأي تفتيش إال وفق الشروط واإلج راءات ال تي‬
‫ينص عليها القانون وال تنتهك سرية االتصاالت الشخصية كيفما كان شكلها؛‬
‫الح ق في الحص وص على المعلوم ة‪ ،‬إذ للمواطن ات والمواط نين ح ق الحص ول على‬ ‫‪‬‬
‫المعلومات الموج ودة في ح وزة اإلدارة العمومي ة والمؤسس ات المنتخب ة والهيئ ات المكلف ة بمه ام‬
‫المرفق العام‪.‬‬

‫هذا و ينص الدستور الجديد على االع تراف باألمازيغي ة والحس انية والرواف د اإلفريقي ة‬
‫واألندلسية والعبري ة والمتوس طية وعلى حماي ة الحق وق الفئوي ة الس يما حق وق النس اء واألمه ات‬
‫واألطفال واألشخاص المسنين وذوي االحتياجات الخاصة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تنزيل الوثيقة الدستورية وتكريس سمو المواثيق الدولية على التشريعات الوطني‬

‫إن المغرب يأخذ مرجعية تعامله وسلوكه في مجال حماية وتعزيز حقوق اإلنس ان من المواثي ق الدولي ة‬
‫التي التزمت باحترام وتطبيق مقتضياتها كماهي متعارف عليها عالميا في تصدير الدستور‪ .‬ومن تم فإدماج‬
‫المعايير الدولي ة لحق وق اإلنس ان في التش ريع الوط ني ومالئم ة الق انون ال داخلي لقواع د الق انون ال دولي‬
‫يتناسب مع تعهد المغرب بااللتزام باحترام حقوق اإلنسان حتى ال تسقط في مسألة التعارض بين مقتضيات‬
‫قانونية دولية وأخرى وطنية في مجال حماية الحقوق المتأصلة للمواطنين المغاربة‪.‬‬

‫ويندرج في إطار التعهد بحماية حق وق اإلنس ان في الوثيق ة الدس تورية الحالي ة‪ ،‬قي ام الحكوم ة الحالي ة‬
‫بتنزيل المقتضيات الدستورية في مجموعة من التشريعات الوطني ة ال تي تأخ ذ بمرجعي ة المع ايير الدولي ة‬
‫للحريات العامة والحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية‪ ،‬وتفعي ل دور القض اء كس لطة مس تقلة‬
‫تضمن العدالة االجتماعية وتعزيز ودعم حقوق اإلنسان وحمايتها من تعسفات اإلدارة‪.‬‬

‫‪479‬‬
‫إن كونية حقوق اإلنسان الواردة في تصدير الدستور هي فكرة يرتبط إنجازها بوضع تش ريعات وطني ة‬
‫لحماية هذه الحقوق وإنشاء آليات قانونية ومؤسساتية لتنفيذها‪ ،‬بل تمت شروط أساس ية تق وم على ض رورة‬
‫خلق وعي مجتمعي بحقوق اإلنسان وهذا يتأتى بوجود مؤسسة تشريعية فعالة تضمن تعزيز حماي ة حق وق‬
‫اإلنسان وعدم المساس بها‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى فإن تفعيل البرلم ان المغ ربي للمب دأ الدس توري المتعل ق بس مو المع ايير الدولي ة على‬
‫التشريع الوطني هو الخطوة الرئيس ية لترس يخ فك رة كوني ة حق وق اإلنس ان‪،‬ل ذا فتنمي ة القيم والس لوكيات‬
‫المتعلقة بحماية حقوق اإلنسان يجب أن تدفع المؤسسة التشريعية إلى تحمل مس ؤولية ض مان ه ذه الحق وق‬
‫المنصوص عليها في االتفاقيات الدولي ة ال تي ص ادقت عليه ا المملك ة المغربي ة‪ ،‬وال ذي سيفض ي في ذات‬
‫الوقت إلى تحويل االعتراف بمبدأ كونية الحقوق األساسية والحريات العامة إلى واقع عملي بإرساء دع ائم‬
‫الحماية التشريعية لحقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها عالميا كونيا‪ ،‬فضمان كونية حقوق اإلنسان يق وم‬
‫أساسا على المؤسسة البرلمانية التي تعم ل على وض ع ق وانين تتالءم م ع المع ايير الدولي ة وترص د تنفي ذ‬
‫مقتضياتها والتحقيق في انتهاكات حقوق اإلنسان في مجال اختصاصها‪.‬‬

‫إن الهدف من وضع معايير دولية لتطبيق حقوق اإلنسان هو تأصيل فكرة كونية حقوق اإلنسان وتجاوز‬
‫قيود السيادة الوطنية‪ ،‬إذ تتعهد الدول أمام المجتمع الدولي‪ ،‬من خالل مصادقتها على مجموعة من المواثيق‬
‫الدولية على تعزيز واحترام مبادئ حقوق اإلنسان واالمتثال للمع ايير الدولي ة لتحقي ق المس توى المطل وب‬
‫إنجازه في مجال الحريات العامة والحق وق األساس ية للك ائن البش ري‪ .‬ومن جه ة أخ رى فوض ع المع ايير‬
‫الدولية في مجال حقوق اإلنسان ليس المقصود منه هو فرض القواعد الدولي ة على الدول ة‪ ،‬فتتم إس اءة فهم‬
‫أولوية القانون الدولي على الوطني‪ ،‬إن األمر ال يرتبط بمساس النظام الداخلي وإنما ه و تعب ير عن تناس ق‬
‫في الممارسة القانونية للدولة‪.‬‬

‫هذا و يعد الحديث عن الخصوصية فيم ا يخص تع ارض الق انون ال دولي والق انون ال داخلي في مس ألة‬
‫حقوق اإلنسان مسألة مخالفة للصواب ألنهما أصال ال يوجدان في نفس المرتب ة‪ ،‬وال يتمتع ان بنفس القيم ة‬
‫حتى يتعارضان وإنما العالقة التي ترتب ط بينهم ا هي عالق ة الخض وع ال تي تحكم التش ريع الوط ني تج اه‬
‫المعايير الدولية لحقوق اإلنسان وهذا هو السبب الذي جعل القاعدة الدولية‪ ،‬قاعدة آمرة ال يج وز نقص ها أو‬
‫تعديلها إال بقاعدة لها نفس القيمة القانونية ما دامت هي األصل في التدرج‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬دور المؤسسات الوطنية في حماية حقوق اإلنسان‬

‫‪480‬‬
‫بعد وقوفنا على دور المؤسسة التشريعية بالمغرب في حماية الحقوق السياسية‪ ،‬وكذا ال دور ال ذي لعب ه‬
‫مجلس الشورى بسلطنة عمان في النهوض ب الحقوق السياس ية فال ب د من الح ديث والترك يز على األهمي ة‬
‫والدور للمؤسسات الوطنية في هذا المجال‪.‬‬

‫في القض ايا المتعلق ة بال دفاع عن حق وق اإلنس ان والحري ات وحمايته ا‪ ،‬وبض مان ممارس تها الكامل ة‬
‫والنهوض بها وبصيانة وكرامة حقوق وحريات المواطنات والمواطنين أفرادا وجماعات‪ ،‬وذلك في نط اق‬
‫الحرص التام على احترام المرجعيات الوطنية والكونية في هذا المج ال‪(.‬المطلب الث اني)‪ ،‬في مقاب ل ذل ك‬
‫تسعى اللجنة الوطنية العمانية لحقوق اإلنسان منذ تأسيها إلى العمل بكل جهد نحو تحقيق الرؤية الص حيحة‬
‫وتوجي ه الرس الة الواض حة لحق وق اإلنس ان‪ ،‬وذل ك لم يكن ليتحق ق ل وال تض افر جه ود‬
‫أعض اء اللجن ة والمنتس بين إليه ا من أطره ا المدرب ة على العم ل الحق وقي ك ل في اختصاص ه (المطلب‬
‫األول)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬دور اللجنة الوطنية العمانية في حماية الحقوق السياسية‬

‫لق د حرص ت حكوم ة س لطنة عم ان تحت القي ادة الحكيم ة لص احب الجالل ة الس لطان ق ابوس بن‬
‫سعيد‪ ‬حفظه هللا منذ انطالق ة النهض ة العماني ة ع ام ‪1970‬م والى الي وم على تحس ين‪ ‬أوض اع مواطنيه ا‪، ‬‬
‫وتطوير النظام بما يتوافق‪  ‬مع تحقيق مصالحهم وصون‪ ‬حقوقهم ‪ ،‬وتحقي ق رؤاه ا في توف ير حي اة كريم ة‬
‫وتحقيق مبدأ العدالة والمساواة‪ ، ‬ففي خطابه بمناسبة العيد الوطني الثالث في ‪18/11/1973‬م ‪ ‬أش ار إلي "‬
‫إن المواطن العماني هو المقصود بحق العيش الكريم على تراب أرض ه راف ع ال رأس موف ور الكرام ة في‬
‫ظل العدالة اإلجتماعية المنبثقة من التعاليم اإلسالمية السمحاء "‪ .‬وتعد القضايا المتعلقة بحقوق اإلنسان من‬
‫أهم القضايا المطروحة على مستوى الحوار العالمي‪ ,‬ويع نى به ا الع الم بأس ره ‪ :‬ألنه ا تمس كي ان ش عوبه‬
‫المختلفة ‪ ,‬لذا أخذت األمم المتحدة على عاتقها إرساء بنود المعاهدات واإلتفاقيات الدولية التي تحقق أهداف‬
‫ترسيخ مبادئ حقوق اإلنس ان وحريات ه األساس ية‪ ,‬وتفعيله ا على المس تويين ال داخلي والخ ارجي في دول‬
‫العالم المختلفة‪ .‬ومن أهم الوس ائل ال تي تحق ق به ا األمم المتح دة تل ك الرؤي ة هي دع وة ال دول الى إنش اء‬
‫المؤسسات الوطنية المعنية بحقوق اإلنسان لتكون رافدا لتجارب ال دول في تفعي ل بن ود اإلتفاقي ات الدولي ة‬
‫لحقوق اإلنسان وفق منهجيات حكوماتها‪ ، ‬وتشجيع التع اون بينه ا‪ ، ‬وتنظيم ملتقي ات يتم من خالله ا تب ادل‬
‫الخبرات والتجارب والعمل المشترك‪ .‬ومن ثمرات تلك الجهود في السلطنة إنش اء اللجن ة العماني ة لحق وق‬
‫اإلنسان لتكون آلي ة لتحقي ق ذل ك اإلهتم ام بحق وق اإلنس ان العم اني والمقيمين على أرض الس لطنة‪ .‬حيث‬
‫أنش أت اللجن ة بم وجب المرس وم الس لطاني رقم ‪ 124‬اع ام ‪2008‬م‪ ، ‬وح دد المرس وم أحك ام اللجن ة‬
‫وإختصاص اتها‪ ، ‬وآلي ة تش كيلها وهيكله ا‪ .‬وح ددت الم ادة األولى من المرس وم الس لطاني رقم ‪ 10‬لع ام‬

‫‪481‬‬
‫‪2010‬م أعض اء اللجن ة ‪ ،‬وتمثيله ا لمختل ف المؤسس ات الحكومي ة وغ ير الحكومي ة وش رائح المجتم ع‬
‫المختلف ة‪ .‬وبن اء على ذل ك تتك ون اللجن ة من أربع ة عش ر عض وا يمثل ون ‪ :‬مجلس الدول ة ‪ ،‬مجلس‬
‫الشورى ‪ ،‬غرفة تجارة وصناعة عمان ‪ ،‬اإلتحاد العام لعمال سلطنة عمان ‪ ،‬عضو من الع املين في مج ال‬
‫الق انون ‪ ،‬ثاللث ة أعض اء من الجمعي ات األهلي ة‪ ، ‬وممثلين عن وزارة الخارجي ة والداخلي ة والتنمي ة‬
‫اإلجتماعية والعدل والقوى العاملة والخدم ة المدني ة‪ .‬وج اءت الم ادة الس ابعة من المرس وم الس لطاني رقم‬
‫‪ 124‬لعام ‪ 2008‬محددة الختصاصات اللجنة وهي اآلتي‪:‬‬

‫متابعة حماية حقوق اإلنسان وحرياته في السلطنة وفقا للنظام األساسي للدول ة ‪ ،‬والمواثي ق واالتفاقي ات‬
‫الدولية‪.‬‬

‫رصد ما قد تثيره الحكومات األجنبية والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومي ة من مالحظ ات في‬
‫مجال حقوق اإلنسان في السلطنة والتنسيق مع الجهات المعنية للتحقق منها والرد عليها‪.‬‬

‫تقديم المشورة للجهات المعنية في الدولة في المسائل المتعلقة بحقوق اإلنس ان وحريات ه والمس اهمة في‬
‫إعداد التقارير التي تتناول هذه المواضيع‪.‬‬

‫رصد أية مخالفات أو تجاوزات متعلقة بحقوق اإلنسان في الدولة والمساعدة في تسويتها وحلها‪.‬‬

‫اق تراح خط ة س نوية تتض من الت دابير الوطني ة الالزم ة لنش ر ثقاف ة حق وق اإلنس ان‪ ،‬ورفعه ا لمجلس‬
‫الوزراء لالعتماد‪ ،‬ومن ثم التنسيق مع جهات االختصاص لضمان حسن تنفيذها‪.‬‬

‫أية مهام أخرى تكلف بها اللجنة تتعلق باختصاصاتها‪.‬‬

‫و أخيراً هي تعمل كجسر بين الحكومة و المجتمع بما في ذلك مؤسسات المجتمع المدنيمن كلم ة جالل ة‬
‫السلطان ق ابوس بن س عيد المعظم‪  ‬في إفتت اح الف ترة الخامس ة لمجلس عم ان لع ام ‪2011‬م وذل ك بحص ن‬
‫الشموخ بوالية منح بمحافظة الداخلية ‪ ’’ .‬لقد أكدنا دائما اهتمامنا المستمر بتنمية الموارد البش رية وذكرن ا‬
‫أنها تحظى باألولوية القصوى في خططنا وبرامجنا فاإلنسان هو حج ر الزاوي ة في ك ل بن اء تنم وي وه و‬
‫قطب الرحى الذي ت دور حول ه ك ل أن واع التنمي ة إذ إن غايته ا جميع ا هي إس عاده وتوف ير أس باب العيش‬
‫الكريم له وضمان أمنه وسالمته‪ ‬‬

‫ته دف اللجن ة الوطني ة العماني ة لحق وق اإلنس ان إلى إنش اء منظوم ة حكومي ة ومجتمعي ة مبني ة على‬
‫المساواة وتطبيق القانون والعدالة بين أفراد المجتم ع وف ق م ا ج اء في النظ ام األساس ي للدول ة والق وانين‬
‫والتشريعات في السلطنة واالتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وقعتها السلطنة‪.‬‬

‫‪482‬‬
‫وعلي ه تس عى اللجن ة إلى المش اركة في األنش طة المختلف ة ال تي تق ام في أوس اط المجتم ع الم دني‬
‫والتنسيق مع الجهات الحكومية وغير الحكومية المختلف ة في مختل ف المج االت إذ تكمن المهم ة الرئيس ية‬
‫للجنة في حماية حقوق اإلنسان في السلطنة من خالل بناء جسر التواصل بين المجتمع المدني والحكومة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور المجلس الوطني لحقوق اإلنسان المغربي في حماية الحقوق السياسية‬

‫المجلس الوطني لحقوق اإلنسان‪ ‬هي‪ ‬مؤسسة‪ ‬وطنية لحماية‪ ‬حقوق اإلنسان‪ ‬والنه وض به ا‪ ،‬تأسس ت في‬


‫ع ام‪ 1990‬بوص فها المجلس االستش اري لحق وق اإلنس ان‪ ،‬بع د تأسيس ها تم تع ديل الق انون في‬
‫عام‪ 2001 ‬ليتفق مع مبادئ باريس‪ ،‬ومرة أخرى تم التعديل في سياساتها في ع ام ‪ ،2011‬بمنح المؤسس ة‬
‫المزي د من الص الحيات خاص ة في جعله ا أك ثر اس تقاللية كم ا تم منحه ا ص الحيات واس عة لحماي ة‬
‫وتعزيز‪ ‬حقوق اإلنسان في المغربوكذلك تعزيز المبادئ والقيم الديمقراطية‪.‬‬

‫المجلس الوطني لحقوق اإلنس ان في المغ رب يعتم د باألس اس على المؤسس ات الوطني ة التابع ة للجن ة‬
‫التنسيق الدولية (‪ ،)ICC‬أي في االمتثال الكامل لمبادئ ب اريس (المع ايير الدولي ة ال تي اعتم دتها‪ ‬الجمعي‪$‬ة‬
‫العامة لألمم المتحدة‪ ‬في عام‪ 1993 ‬في إطار عم ل المؤسس ات الوطني ة لحق وق اإلنس ان على نط اق واس ع‬
‫باعتبارها مصدر الشرعية والمصداقية)‪ .‬أما وظيف ة المؤسس ة فهي رس م تق ارير س نوية عن حال ة حق وق‬
‫اإلنسان أو إصدار التقارير الخاصة برصد أماكن الحرمان من‪ ‬الحرية‪ ،‬كم ا تعم ل على معالج ة الش كاوى‬
‫والتحقي ق في انتهاك ات حق وق اإلنس ان‪ ،‬باإلض افة إلى المش ورة بش أن مواءم ة التش ريعات الوطني ة م ع‬
‫االتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان كما تجري دراسات وقضايا الفتاوى وم ذكرات بش أن المس ائل المتص لة‬
‫بحقوق اإلنسان وما إلى ذلك‪.‬‬

‫يتضمن المجلس ‪ 13‬من اللجان اإلقليمية لحق وق اإلنس ان وال تي أنش ئت به دف رص د أوض اع حق وق‬
‫اإلنسان في مناطق مختلفة من المغرب‪ .‬هذه اللجان يمكن أن تتلقى وتعالج الشكاوى كما من شأنها التحقي ق‬
‫في انتهاكات حق وق اإلنس ان‪ .‬ه ذا باإلض افة إلى تنفي ذ ب رامج ومش اريع المجلس من أج ل تعزي ز حق وق‬
‫اإلنسان‪ ،‬بالتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين‪.‬‬

‫للمجلس الوطني لحقوق اإلنسان أيضا مهمة تعزيز القانون اإلنساني ال دولي‪ ،‬حيث يس اهم في الت دريب‬
‫والتوعية وتطوير التعاون والشراكات مع‪ ‬اللجنة الدولية للصليب األحمر‪ ‬وجمي ع الهيئ ات المعني ة من قب ل‬
‫القانون اإلنساني الدولي‪.‬‬

‫يمكن للمجلس الوطني لحقوق اإلنس ان في المغ رب أيض ا متابع ة تنفي ذ االتفاقي ات الدولي ة ال تي يك ون‬
‫المغرب طرفا فيها وتوصيات هيئات المعاهدات‪.‬‬

‫‪483‬‬
‫يعد المجلس الوطني لحقوق اإلنس ان بمثاب ة مؤسس ة دس تورية وطني ة لحق وق اإلنس ان‪ ،‬تت ولى حماي ة‬
‫الحقوق والحريات والنهوض به ا وتتب ع م دى اح ترام حق وق اإلنس ان ورص د أوض اعها على الص عيدين‬
‫الوط ني والجه وي في نط اق الدس تور ووفق ا لاللتزام ات الدولي ة للمملك ة المغربي ة في مج ال الحق وق‬
‫والحريات وانسجاما مع قواعد باريس الناظمة للمؤسسات الوطنية لحقوق اإلنسان‪.877‬‬

‫وقد شكل ظهير فاتح مارس ‪878 2011‬المتعلق بإحداث هذه المؤسسة‪ ،‬بما يس تند علي ه من أس باب وم ا‬
‫يفيد يه من مرجعي ات وم ا يتض منه من مقتض يات وم ا يوكل ه إلى المجلس من مه ام وص الحيات محط ة‬
‫تشريعية هامة وفي ذات الوقت مكسبا حقيقيا لقضية حقوق اإلنسان في كافة أبعادها في بالدنا‪.‬‬

‫وانطالقا من ذلك يمكن التساؤل عن دور المجلس الوطني المغربي في حماية حقوق اإلنسان؟‬

‫يم ارس المجلس الوط ني لحق وق اإلنس ان ب المغرب أدوارا واختصاص ات في ك ل القض ايا العام ة‬
‫والخاصة‪ ،‬المتصلة والمرتبطة بحماية واحترام حقوق اإلنسان والنهوض به ا ض مانا لحري ات المواطن ات‬
‫والمواطنين سواء أفرادا أو جماعات‪.‬‬

‫ألج ل ذل ك يس هر المجلس الوط ني على رص د وتتب ع ومراقب ة جمي ع أوض اع حق وق اإلنس ان على‬
‫الصعيدين الوطني والجهوي‪ ،‬وقد أكدت المادة الرابع ة من الفص ل األول من الب اب األول من ظه ير ف اتح‬
‫مارس ‪ ،2011‬على أن المجلس الوطني يقوم برص د انتهاك ات حق وق اإلنس ان ب المغرب وعلى إث ر ذل ك‬
‫يجوز للمجلس إجراء كل التحقيقات والتحريات الالزمة بشأنها كما توفرت لديه معلومات مؤك دة وموث وق‬
‫منها حول حصول هذه االنتهاكات مهما كانت طبيعتها أو مصدرها‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار ينجز المجلس تقارير تتضمن خالصات ونتائج الرصد أو التحقيق ات والتحري ات ال تي‬
‫قام بها ويتولى رفعها إلى الجهة المختصة مشفوعة بتوصياته لمقاربة ومناقشة االنتهاكات الم ذكورة وعن د‬
‫االقتضاء يخبر األطراف المعنية بالتوصيات االزمة‪.‬‬

‫ومن المهام التي يقوم بها المجلس الوط ني لحماي ة حق وق اإلنس ان أن ه ينظ ر في جمي ع ح االت خ رق‬
‫حقوق اإلنسان‪ ،‬إما بمبادرة منه أو بناءا على ش كاية ممن يع نيهم األمر‪ .879‬وفي ه ذه الحال ة يتلقى المجلس‬
‫الشكايات ذات الصلة وذلك بعد دراستها ومعالجته ا وتتب ع مس ارها وتق ديم توص يات بش أنها إلى الجه ات‬
‫المختصة‪.880‬‬

‫‪ - 877‬المجلس الوطني لحقوق اإلنسان "منشورات المجلس الوطني لحقوق اإلنسان" مطبعة المعارف الجديدة – الرباط ‪ ،2012 -‬الصفحة‪5 : ‬‬
‫‪ - 878‬ظه‪$$‬ير ش‪$$‬ريف رقم ‪ 1.11.19‬الص‪$$‬ادر في ‪ 25‬من ربي‪$$‬ع األول ‪ ،1432‬ف‪$$‬اتح م‪$$‬ارس ‪ 2011‬بإح‪$$‬داث المجلس الوط‪$$‬ني لحق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 5922‬بتاريخ ‪ 27‬ربيع األول ‪3( 1432‬مارس ‪.)2011‬‬
‫‪ - 879‬انظر الم‪$$‬ادة ‪ 4‬والم‪$‬ادة ‪ 5‬من ظه‪$$‬ير الش‪$‬ريف رقم ‪ 1.11.19‬الص‪$‬ادر في ‪ 25‬ربي‪$‬ع األول ‪ 1432‬بش‪$‬أن إح‪$$‬داث المجلس الوط‪$$‬ني لحق‪$‬وق‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫‪ - 880‬تجدر اإلشارة إلى أنه في الحالة التي يتبين للمجلس أن الشكاية المعروضة عليه تدخل في اختصاص المؤسس‪$$‬ة المكلف‪$$‬ة بتنمي‪$$‬ة التواص‪$$‬ل بين‬
‫المواطن واإلدارة‪ ،‬يقوم بإحالة الشكاية على المؤسسة المذكورة ويخبر المشتكين المعنيين‪ $‬بذلك‪.‬‬

‫‪484‬‬
‫وفي حالة ما إذا تبين للمجلس أن الشكاية المعروضة عليه تدخل في اختصاص المؤسسة المكلفة بتنمي ة‬
‫التواصل بين الم واطن واإلدارة‪ ،‬يق وم بإحال ة الش كاية على المؤسس ة الم ذكورة يخ بر المش تكين المع نين‬
‫بذلك‪.‬‬

‫ويجوز للهيأة في إطار ممارستها لمهامه ا وأدواره ا أن ت دعو كلم ا اقتض ى األم ر‪ ،‬ذل ك أن األط راف‬
‫المتدخل ة في ك ل ش خص من ش أن ش هادته أن تق دم معطي ات تفي د الهي أة من أج ل االس تمتاع إليهم قص د‬
‫استكمال المعلومات والمعطيات حول الشكايات المقدمة له‪ ،‬أو بمناسبة تعديها التلقائي‪.‬‬

‫وتؤكد الفقرة الثانية من المادة السادية من ظهير فاتح مارس ‪ 2011‬على أن المجلس يج وز ل ه و بطلب‬
‫من اإلدارات والمؤسسات المعنية أن تقدم له تق ارير خاص ة أو بيان ات أو معلوم ات ح ول الش كايات ال تي‬
‫يتولى النظر فيها‪.881‬‬

‫وتبعا ل ذلك‪ ،‬وبم وجب ظه ير ف اتح م ارس‪ 2011‬المح دث ل ه توس عت اختصاص ات المجلس الوط ني‬
‫لحقوق اإلنسان في مجال الحماية‪ ،‬إذ باتت والية المجلس الوطني تمتاز مقارنة مع اختصاصاته في السابق‬
‫إذ أض حت للمجلس جمل ة من االختصاص ات الجدي دة في مج ال حماي ة الحري ات الفردي ة والجماعي ة‬
‫للمواطنات والمواطنين السيما من خالل النص على التدخل االستباقي وك ذا إرس اء االختص اص الجه وي‬
‫عبر إحداث ‪ 13‬لجنة جهوية لحماية حقوق اإلنسان عبر تراب المملكة‪.‬‬

‫وتجدر اإلش ارة إلى المش رع المغ ربي عم ل على تع ديل مقتض يات الظه ير المح دث للمجلس‪ ،‬وذل ك‬
‫بمقتض ى الظه ير الش ريف رقم ‪ 1,18,17‬بت اريخ ‪ 22‬ف براير ‪ 2018‬القاض ي بتنفي ذ الق انون رقم ‪76,15‬‬
‫المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار يمارس المجلس الوطني لحقوق اإلنسان مهام الرصد وتدبير الشكايات (الفقرة األولى)‬
‫كما له مهمة الوساطة والتحري (فقرة ثانية) مع إعداد التقارير (فقرة ثالثة)‬

‫الفقرة األولى‪ :‬دور المجلس الوطني في مجال الرصد وتدبير الشكايات‬

‫تتمث ل أهم مه ام المجلس الوط ني لحماي ة حق وق اإلنس ان في مراقب ة ورص د أوض اعها س واء على‬
‫المستوى الجهوي أو الوطني‪ ،‬وفي ه ذا اإلط ار تت وفر ك ل لجن ة من اللج ان الس الفة ال ذكر على مص لحة‬
‫لحماية حق وق اإلنس ان تض طلع بتتب ع حال ة حق وق اإلنس ان بالجه ة وك ذا معالج ة الش كايات ال واردة من‬
‫المواطنين‪.‬‬

‫‪ - 881‬المجلس الوطني لحقوق اإلنسان الظهير والنظام الداخلي "منشورات المجلس الوطني لحقوق اإلنسان"‪ ،‬مطيع‪$$‬ة المع‪$$‬ارف الجدي‪$$‬دة –الرب‪$$‬اط‪-‬‬
‫‪ ،2012‬الصفحة‪13 :‬‬

‫‪485‬‬
‫كما يقوم المجلس الوطني في إط ار ممارس ته لمهام ه في مج ال حماي ة حق وق اإلنس ان بزي ارة أم اكن‬
‫االعتقال والمؤسسات السجنية ومراقبة أحوال السجناء ومعاملته‪ ،‬وفي ه ذا اإلط ار توص لت المؤسس ة من‬
‫سنة ‪ 2011‬سنة ‪ 2017‬ب‪ 62.627‬شكاية ‪ 9416‬منه ا واردة من الس جون أو ذات عالق ة به ا بم ا يع ادل‬
‫س نويا ‪ 1800‬ش كاية س واء من ل دن الس جناء أو أف راد من أس رهم (‪ 1.5‬من الش كايات تتعل ق بادع اءات‬
‫التع رض للتع ذيب) كم ا يق وم المجلس ولجان ه بزي ادة الس جون س نويا بمع دل ‪ 300‬زي ارة خالل الس نة‬
‫الواحدة‪.882‬‬

‫وفي مجال حماية حقوق األش خاص في أم اكن س لب الحري ات‪ ،‬ق ام المجلس الوط ني لحق وق اإلنس ان‬
‫بإصدار ‪ 4‬تقارير موض وعاتية به دف تحس ين أوض اع األش خاص في أم اكن س لب حري ة ورفعه ا إلى‬
‫السلطات المختصة‪:‬‬

‫الصحة العقلية وحقوق اإلنسان‪ ،‬الحاجة الملحة إلى سياسة جديدة؛‬ ‫‪‬‬
‫أزمة السجون مسؤولية مشتركة ‪100‬توصية من أجل حماية حقوق السجناء؛‬ ‫‪‬‬
‫األطفال في مراكز الحماية طفولة في خطر‪ ...‬من أجل سياسة مندمجة لحماية الطفل؛‬ ‫‪‬‬
‫أنشطة الطب الشرعي بالمغرب‪ :‬الحاجة إلى إصالح شامل‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫هي مهام مسندة للمجلس الوطني لحقوق اإلنسان بموجب المادة التاسعة من ظهير ‪ 11‬مارس‪ ،‬إذ يج وز‬
‫للمجلس في إطار المهام المسندة إليه‪ ،‬وبتنسيق م ع الس لطات العمومي ة المعني ة والمؤسس ة المكلف ة بتنمي ة‬
‫التواصل بين المواطن واإلدارة والجمعيات العامل ة في مج ال حق وق اإلنس ان‪ ،‬أن يت دخل بكيفي ة اس تباقية‬
‫وعاجلة‪ ،‬كلما تعلق األمر بحالة من حاالت التوتر التي قد تفضي إلى انتهاك حق من حقوق اإلنسان بص فة‬
‫فردية أو جماعية‪ ،‬وذلك ببذل كل المساعي الالزم ة وس بل الوس اطة والتوفي ق ال تي يراه ا مناس بة بقص د‬
‫الحيلولة دون وقوع االنتهاك المذكور‪.‬‬

‫وفيما يعلق بتدبير الشكايات‪ ،‬فالمجلس الوطني لحقوق اإلنسان يتلقى وينظ ر في ح االت انته اك حق وق‬
‫اإلنسان‪ ،‬كما يقوم المجلس في إطار متابعة م آل الش كايات المعروض ة علي ه‪ ،‬بإخب ار المش تكين المعن يين‬
‫وتوجيههم وإرشادهم واتخاذ كل التدابير الالزمة من أجل مساعدتهم في حدود اختصاصه‪.‬‬

‫ألجل ذلك أكدت المادة ‪ 5‬من ظهير مارس ‪ 2011‬على أن المجلس ينظر في جميع حاالت خرق حقوق‬
‫اإلنسان إما بمبادرة منه أو بناءا على شكاية ممن يعنيهم األمر‪ ،‬إذ المجلس يتلقى الشكايات ويقوم بدراس تها‬
‫ومعالجتها وتتبع مسارها ليقوم بعد ذلك بتقديم توصيات حولها إلى الجهات المختصة‪.‬‬

‫‪882‬‬
‫المجلس الوطني لحقوق اإلنسان "منجزات‪ $‬المجلس الوطني لحقوق اإلنسان‪ "2017-2011‬الصفحة ‪- 4 :‬‬

‫‪486‬‬
‫وفي الحالة التي تبين للمجلس أن الشكاية المعروضة عليه تدخل في اختصاص المؤسسة المكلفة بتنمي ة‬
‫التواصل بين الم واطن واإلدارة يق وم بإحال ة الش كاية إلى المؤسس ة الم ذكورة ويخ بر المش تكين المعن يين‬
‫بذلك‪.883‬‬

‫ويجوز للمجلس الوطني في إطار مهامه أن يدعو كل ش خص من ش أن ش هادته أن تق دم معطي ات تفي د‬


‫المجلس من أجل االستماع إليهم‪ ،‬قصد استكمال المعلومات والتحريات حول الشكاية المقدم ة‪ .‬وهن ا يج وز‬
‫للمؤسسة أن تطلب من اإلدارات والمؤسسات المعنية أن تقدم له تقارير خاصة وبيانات أو معلوم ات ح ول‬
‫الشكايات التي يتولى النظر فيها‪.884‬‬

‫ويشترط لقبول الشكايات‪:‬‬

‫أن تكون مكتوبة‪ ،‬وإذا تعذر ذلك يمكن للمش تكي أو من يمثل ه أن يق دمها ش فويا وفي ه ذه‬ ‫‪‬‬
‫الحالة ينبغي تدوينها وتسجيلها من لدن المص الح المختص ة ب المجلس وتس ليم نس خة منه ا للمع ني‬
‫باألمر؛‬
‫أن تكون موقعة من لدن المشتكي شخصيا أو من ينيبه عنه ألجل ذلك؛‬ ‫‪‬‬
‫أن تكون مدعمة بالوثائق والحجج إذا كانت متوفرة لدى المشتكي؛‬ ‫‪‬‬
‫أن تتضمن الشكاية عند االقتضاء توضيحات للمساعي التي قام بها المش تكي ل دى جه ات‬ ‫‪‬‬
‫أخرى‪.‬‬

‫وتنص المادة ‪ 55‬من النظام الداخلي للمجلس أن المصالح المختصة بالمجلس تسلم للمش تكي أو‬
‫لمن يمثله وصال مسطرة دراسة الشكاية‪.‬‬

‫اسم وهاتف والعنوان اإللكتروني للمكلف بدراسة الشكاية في المجلس؛‬ ‫‪‬‬


‫الص يغة ال تي تؤك د أن دراس ة الش كاية ال توق ف أو تنهي أج ال التق ادم أو المراجع ة‬ ‫‪‬‬
‫المنصوص عليها قانونا‪.‬‬

‫ويمكن للمجلس في إطار تتبع الشكايات المعروضة عليه‪:‬‬

‫أن يطلب من المشتكي أو من يمثله وكذا من السلطات المعنية تمكينه من جميع المعطي ات‬ ‫‪‬‬
‫التي يرى أنها ضرورية؛‬
‫فحص مجموع الحجج والوثائق والمعطيات المسلمة له مع شكاية مقدمة له وتمحيصها؛‬ ‫‪‬‬

‫‪883‬‬
‫للمزيد انظر المادة الخامسة من الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.19‬الصادر في ‪ 25‬من ربيع األول ‪( 1432‬فاتح مارس ‪ )2011‬بإحداث ‪-‬‬
‫‪.‬المجلس الوطني لحقوق اإلنسان‬
‫‪884‬‬
‫راجع المادة السادسة من الظهير أعاله ‪-‬‬

‫‪487‬‬
‫دعوى المشتكي أو ممثله‪ ،‬وممثل السلطات المعنية للمشاركة في جلسة استماع إم ا بش كل‬ ‫‪‬‬
‫مشترك أو على انفراد ويتم استدعاء األطراف المذكورة ‪ 7‬أيام قبل التاريخ المحدد لالستماع‪.‬‬

‫وتحدث في إطار هذه المسطرة لجنة خاصة مكلف باالستماع لألطراف المعني ة إذ تتش كل ه ذه‬
‫اللجنة التي يرأسها رئيس المجلس أو من يمثله على الشكل التالي‪:‬‬

‫األمين العام للمجلس؛‬ ‫‪‬‬


‫المسؤول عن البنية اإلدارية المكلفة بالحماية أو من يمثله؛‬ ‫‪‬‬
‫عضو من المجلس يعينه الرئيس يعد المسؤول عن البنية اإلدارية المكلفة بالحماي ة أو من‬ ‫‪‬‬
‫يمثله‪ ،‬في أجل ال يتجاوز ‪ 7‬أيام من تاريخ انعق اد جلس ة االس تماع ال تي تتض من التوص يات ال تي‬
‫ستعرض على الرئاسة واألمانة العامة للمجلس‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دور المجلس الوطني لحقوق اإلنسان في مجال إعداد التقارير والممارسة القضائية‪.‬‬

‫في هذا السياق يبدي المجلس الوطني رأيه في ك ل قض ية ت دخل في مج ال اختصاص ه يعرض ها علي ه‬
‫جاللة الملك‪ ،‬كما يرفع اقتراحات وتقارير خاصة وموضوعاتية لجاللة المل ك في ك ل م ا يس هم في حماي ة‬
‫حق وق اإلنس ان وال دفاع عنه ا على نح و أفضل‪ ،885‬وعموم ا نص ت الم ادة ‪ 13‬و ‪ 14‬و ‪ 15‬من الظه ير‬
‫المنظم له الصادر في سنة ‪.2011‬‬

‫ويرفع المجلس لجاللة المل ك تقري را س نويا عن حال ة حق وق اإلنس ان وحص يلة أنش طة وأف اق عمل ه‪،‬‬
‫وينش ر بالجري دة الرس مية كم ا يت ولى رئيس المجلس إطالع ال رأي الع ام والمنظم ات والهيئ ات الوطني ة‬
‫والدولية المعنية بحقوق اإلنسان على مضامين هذا التقرير‪.‬‬

‫فض ال عن ذل ك يق دم رئيس المجلس أم ام ك ل مجلس من مجلس ي البرلم ان في جلس ة عام ة‪ ،‬عرض ا‬


‫يتضمن ملخصا تركيبيا لمضامين التقرير بعد إحالته على رئيسيهما‪.‬‬

‫وفي م ا يخص ت دخل المجلس في مج ال الممارس ة االتفاقي ة يس اهم المجلس بتنس يق م ع الس لطات‬
‫المختص ة في إعم ال اآللي ات المنص وص عليه ا في االتفاقي ات الدولي ة المتعلق ة بحق وق اإلنس ان‬
‫والبروتوكوالت اإلضافية التي صادق عليها المغرب أو انضم إليها‪.‬‬

‫‪ - 885‬المادة ‪" : 13‬يتولى المجلس بحث ودراسة مالئمة النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل مع المعاه‪$$‬دات الدولي‪$$‬ة المتعلق‪$$‬ة بحق‪$$‬وق‪$‬‬
‫اإلنسان وبالقانون الدولي اإلنساني التي صادقت عليها المملك‪$$‬ة أو انض‪$$‬مت إليه‪$$‬ا وك‪$$‬ذا في ض‪$$‬وء المالحظ‪$$‬ات الختامي‪$$‬ة والتوص‪$$‬يات الص‪$$‬ادرة عن‬
‫أجهزة المعاهدات األممية الخاصة بالتقارير المقدمة من لدن الحكومة‪.‬‬
‫‪ -‬يقترح‪ $‬المجلس كل توصية يراها مناسبة في هذا الشأن‪ ،‬ويرفعها إلى السلطات الحكومية المختصة‪".‬‬
‫المادة ‪ " : 14‬ساهم المجلس كلما اقتضت الضرورة لذلك في إعداد التقارير التي تقدمها الحكومة لألجهزة المعاهدات والمؤسسات الدولية واإلقليمي‪$$‬ة‬
‫األحرى المختصة‪ ،‬طبقا لاللتزامات والتعهدات الدولية‪.‬‬

‫‪488‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬نظم المجلس الوطني لحقوق اإلنسان سنة ‪ 2013‬ورشة دولية الخبراء لتبادل التج ارب‬
‫حول األلية الوطنية لحماية والنهوض بحقوق األش خاص ذوي اإلعاق ة وتفعي ل االتفاقي ة الدولي ة بمش اركة‬
‫‪ 31‬خبيرا يمثلون المؤسسات الوطنية لحقوق اإلنسان على الصعيد الدولي من أكاديميين وجمعي ات وطني ة‬
‫ودولية عاملة في مجال حماية حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫كما نظم المجلس بشراكة مع منظمة إعاقة دولية ورشة لتبادل التجارب مع المؤسسة الدنماركية لحقوق‬
‫اإلنسان ح ول األلي ة الوطني ة لحماي ة حق وق األش خاص في وض عية إعاق ة في ين اير ‪ .2017‬ه ذا و أع د‬
‫المجلس في إطار برنامج التوأمة المؤسساتية مع االتحاد األوربي اإلطار المرجعي لآللي ة الوطني ة لحماي ة‬
‫حقوق األشخاص في وضعية إعاقة‪.‬‬

‫وقد ق ام المجلس بإص دار آراء استش ارية وتق ارير موض وعاتية به دف بحماي ة حق وق األش خاص في‬
‫وض عية إعاق ة والنه وض به ا بن اء على طلب إب داء ال رأي االستش اري الموج ه من ل دن رئيس مجلس‬
‫المستشارين بخصوص مشروع قانون إط ار رقم ‪ 97.13‬المتعل ق بحماي ة حق وق األش خاص في وض عية‬
‫إعاقة والنهوض بها‪ ،‬أعد المجلس رأيا استشاريا حول مشروع القانون‪.‬‬

‫‪ -‬كما حرص المجلس على أن تشمل آراؤه االستشارية ض مان حق وق األش خاص في وض عية‬
‫إعاقة إعماال للمقاربة الدامجة التي من شأنها أن تجعل اإلعاقة تحتل مكانة محوري ة في السياس ات‬
‫العمومية الوطنية والجهوية والمحلية تماشيا مع صيرورة البناء الديموقراطي المرتك ز على أس س‬
‫المشاركة الكاملة والتعددية وتكافؤ الفرص والعدالة االجتماعية‪.‬‬

‫كم ا ح رص المجلس على إع داد تقري ر موض وعاتي ح ول الح ق في العم ل والعمال ة لألش خاص في‬
‫وضعية إعاقة مع القي ام دراس ة ميداني ة ح ول الح ق في التنق ل تهم وض عية الولوجي ات في الفض اء الع ام‬
‫بالمغرب‪ .‬وكذا القيام بدراسة موضوعاتية ح ول حق وق األش خاص في وض عية إعاق ة باألق اليم الجنوبي ة‬
‫التشخيص المؤسساتي والتنظيمي‪.‬‬

‫وعلى المستوى الدولي ساهم المجلس بانتظام في التفاعل مع اللجنة األممية المعني ة بحق وق األش خاص‬
‫بحقوق األشخاص ذوي اإلعاقة وذلك في إطار تقديم التقرير األولي للمغرب ح ول وض عية إعم ال حق وق‬
‫األشخاص في وضعية إعاقة بموجب تصديقه على االتفاقية الدولية‪.‬‬

‫وخصص المجلس مشاركته ضمن فعاليتها المعرض الدولي للنشر والكتاب بال دار البيض اء في دورت ه‬
‫‪ )2016( 22‬لموض وع اإلعاق ة وذل ك في إط ار تق ديم األولي للمغ رب ح ول وض عية إعم ال حق وق‬
‫األشخاص في وضعية إعاقة بموجب تصديقه على االتفاقية الدولية‪.‬‬

‫‪489‬‬
‫وخصص المجلس مشاركته أيضا ضمن فعاليات المعرض ال دولي للنش ر والكت اب بال دار البيض اء في‬
‫دورته ‪ )2016( 22‬لموضوع اإلعاقة وحق وق اإلنس ان وال تي تم يزت بتنظيم أك ثر من ‪ 36‬ن دوة وطني ة‬
‫ودولية وتكريم مجموعة من الشخصيات الوطنية والدولية التي ساهمت في تعزيز حقوق ه ذه الفئ ة وتق ديم‬
‫قراءات في مجموعة من اإلصدارات المتعلقة بموضوع اإلعاق ة كم ا نظم المجلس األي ام الس ينمائية ح ول‬
‫اإلعاقة وحقوق اإلنسان وخصصت فقرة لعرض كبسوالت من إنتاج تالمذة المؤسسات التعليمية ب المغرب‬
‫والخارج‪.‬‬

‫و في س ياق آخ ر‪ ،‬أك د المجلس من خالل التوص يات ال واردة في تقري ره ح ول مالحظ ة االنتخاب ات‬
‫الجماعية والتشريعية األخيرة‪ ،‬على ضرورة‪:‬‬

‫‪ -‬تق ديم المس اعدة من وس ائل اتص ال مالئم ة وميس رة في إط ار الت دابير التيس يرية لتس جيل‬
‫األشخاص في وضعية إعاقة‪.‬‬

‫‪ -‬تحسين مقروئية وإمكانية تتبع أوراق التصويت‪ ،‬نظام قراءة أوراق التصويت بالنسبة للمكف وفين‬
‫وضعاف البصر‪.‬‬

‫‪ -‬األخ ذ بعين االعتب ار تن وع المقارب ات وبالخص وص األش خاص ذوي اإلعاق ة في إط ار تنظيم‬
‫الدورات التكوينية في مجال مالحظة االنتخابات‪.‬‬

‫‪ -‬تقوي ة ق درات أعض اء مك اتب التص ويت وتحسيس هم ألخ ذ بعين االعتب ار حق وق وحاجي ات‬
‫األشخاص ذوي اإلعاقة‪.‬‬

‫‪ -‬ضرورة تناس ب مك اتب التص ويت وص ناديق االق تراع ومس احة المع زل وطاول ة المع زل م ع‬
‫احتياجات األشخاص في وضعية إعاقة (الولوجية العامة ألشخاص ذوي إعاقة مثل لغة اإلشارة‪.)..‬‬

‫‪ -‬اعتماد جمعتين محليتين وتح الف وط ني ألزي د من ‪ 300‬جمعي ة موزع ة على ال تراب الوط ني‬
‫بمجموع ‪ 306‬مالحظ ومالحظة موزعة على التراب الوطني‪.‬‬

‫كما عملت اللجان الجهوي ة للمجلس على تش جيع المب ادرات المحلي ة والجهوي ة‪ ،‬للجمعي ات العامل ة في‬
‫ميدان اإلعاقة في مجال التحسيس والترافع حول المشاركة السياسية لألشخاص ذوي اإلعاق ة وتق ديم كاف ة‬
‫وسائل ال دعم له ا‪ ،‬وق د اس تفاد ‪ 306‬مش ارك يمثل ون ‪ 3‬منظم ات عامل ة في مج ال اإلعاق ة من ال دورات‬
‫التكوينية لمالحظة االنتخابات التشريعية لس نة ‪ 2016‬فض ال عن دورة تدريبي ة ح ول الق اموس االنتخ ابي‬
‫بلغة اإلشارة لفائدة ‪ 35‬جمعية‪ ،‬وتحالف جمعوي عامل في مجال إعاقة الصمم‪.‬‬

‫وفي مجال المناصفة والمساواة‪.‬‬

‫‪490‬‬
‫منذ تأسيسه‪ ،‬دأب المجلس على جعل موضوع المس اواة ومناهض ة التمي يز المب ني على الجنس ض من‬
‫أولوياته حيث أنجز المجلس دراسة حول التجارب الدولي ة لمأسس ة مكافح ة التمي يز في أف ق إح داث هيئ ة‬
‫المناص فة ومكافح ة كاف ة أش كال التمي يز‪ ،‬كم ا أص در المجلس س نة ‪ ،2015‬تقري ره الموض وعاتي ح ول‬
‫"وضعية المساواة وحقوق اإلنسان بالمغرب‪ :‬صون وإعمال غايات وأهداف الدستور" ويق دم ه ذا التقري ر‬
‫تحليال لواقع حقوق المرأة والمساواة بالمغرب‪ ،‬عشر سنوات بعد إصالح مدونة األسرة وأربع سنوات بع د‬
‫دستور ‪ 2011‬و ‪20‬سنة بعد اعتماد إعالن ومنهاج عمل بيجين‪.‬‬

‫كما أصدر المجلس سنة ‪ 2016‬رأيا بخصوص مشروع ق انون رقم ‪ 103.13‬المتعل ق بمحارب ة العن ف‬
‫ض د النس اء‪ ،‬بن اء على طلب إب داء رأي موج ه إلي ه من ل دن رئيس مجلس الن واب وتهم توص يات رأي‬
‫المجلس بشكل خاص اعتبار العنف القاتم على أساس الجنس شكال من أشكال التمييز م ع اإلعم ال بمفه وم‬
‫العناية الواجبة كمفهوم يشمل مقتضيات تتعلق بالوقاية من العنف والتحقيق في مختلف حاالته وزج ر ه ذه‬
‫الح االت وج بر أض رار ض حايا العن ف‪ ،‬كم ا تهم تل ك التوص يات انس جام اإلط ار الق انوني والسياس ات‬
‫العمومي ة المتعلق ة بمكافح ة العن ف ض د النس اء باإلض افة إلى تيس ير س بل االنص اف القض ائية أو غ ير‬
‫القضائية للنساء ضحايا العنف‪.‬‬

‫أما في مجال المقاولة وحقوق اإلنسان‬

‫منذ إحداثه كمؤسسة وطني ة رك ز المجلس على إعط اء األولوي ة لموض وع حق وق اإلنس ان واألعم ال‬
‫التجارية ضمن محاور اشتغاله االستراتيجية نظرا لما يشكله من أهمية بالغة في تعزيز الحقوق االقتصادية‬
‫واالجتماعي ة‪ .‬وق د همت ه ذه المقارب ة أساس ا تعزي ز الج انب الحم ائي المتعل ق بس بل انتص اف ض حايا‬
‫االنتهاكات المرتبطة باألعمال التجارية انطالقا من الشكايات والتظلمات الواردة عليه‪.‬‬

‫كم ا ق ام المجلس ب أدوار الوس اطة في مجموع ة من ح االت االحتق ان االجتم اعي في محي ط المن اطق‬
‫المنجمية ( إيميضار و خريبكة) أو تلك المتعلقة بنزاعات ناتجة عن توقيف أنشطة مجموعة من المق اوالت‬
‫أو باألضرار البيئية‪ .‬هذا باإلضافة إلى الدور لعبه المجلس في التفاعل مع طلب مقاولتين متعددتي الجنسية‬
‫(كوسموس وطوط ال) عن طري ق توجيههم ا في الج انب المتعل ق بت دبير أث ر أنش طتهم في مج ال حق وق‬
‫اإلنسان بالمغرب وخاصة باألقاليم الجنوبية للمملكة‪.‬‬

‫وفي ه ذا الس ياق‪ ،‬أح دث المجلس على مس توى لجان ه الجهوي ة المتواج دة بمحي ط المن اطق المنجمي ة‬
‫وبالمناطق الصناعية وباألقاليم الجنوبية مجموعة عمل موضوعاتية في مج ال األعم ال التجاري ة وحق وق‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫‪491‬‬
‫وفيما يخص الجانب المتعل ق باألبح اث الميداني ة والتق ارير الموض وعاتية يش تغل المجلس على إع داد‬
‫مجموعة من الدراسات واألبحاث الميدانية تهم مالئمة القوانين والسياسات بالمغرب مع الحق وق األساس ية‬
‫للعمل‪ ،‬وضعية العامالت في الضيعات الزراعية بالمغرب والحريات النقابية‪.‬‬

‫وعلى المس توى ال دولي س اهم المجلس كحلق ة وص ل حقيقي ة بين المس توى ال دولي والوط ني لتتب ع‬
‫توصيات مجلس حقوق اإلنسان ورصد إعمالها بشكل فاعل في تعزيز الحوار المتعدد األطراف لمجموع ة‬
‫عمل األمم المتحدة حول الشركات العابرة للقارات وتعزي ز دور المؤسس ات الوطني ة لحق وق اإلنس ان في‬
‫المج ال حيث ي ترأس المجلس من ذ غش ت ‪ 2015‬مجموع ة العم ل المعني ة بالمقاول ة وحق وق اإلنس ان في‬
‫التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬الضمانات القضائية لحماية حقوق السياسية‬

‫يعد القضاء دعامة أساسية لرقي المجتمع وتطروه‪ ،‬وسعيا وراء تحقيق هذه األهداف تسعى الدول ة إلى‬
‫صيانته وإحاطته بمجموعة من الضوابط من أجل بلوغ طموحات المتقاضين‪.‬‬

‫‪492‬‬
‫لذلك فالديموقراطية الحقة التي تقوم عليه ا الدول ة الحديث ة الي وم‪ ،‬ال يمكن أن تتحق ق إال بوج ود عدال ة‬
‫مستقلة تسري على سائر فئات المجتمع‪ ،886‬وفي ظل هذا النسق تعد اإلدارة واحدة من المكون ات األساس ية‬
‫للمجتمع‪ ،‬والتي تضطلع بمهام شتى لخدمة الصالح العام‪ ،‬غير أن مكونات هذه العالقة غالب ا م ا تنتج عنه ا‬
‫منازعات نتيجة سلب الحقوق من طرف اإلدارة في عالقتها م ع المواط نين‪ ،‬إذ ك ان من األج در أن تك ون‬
‫هناك جهة قضائية يلجئ إليها لفض هذه النزاعات حتى يأخ ذ ك ل ذي ح ق حق ه في إط ار اح ترام الق انون‬
‫وقواعد العدالة‪.887‬‬

‫وبخضوع اإلدارة إلى رقابة قضائية فعالة من طرف القضاء اإلداري يض من اح ترام حق وق وحري ات‬
‫األفراد من خالل الرقابة على أعمال اإلدارة وض مان مش روعية تص رفاتها وه و م ا يع زز مكان ة الدول ة‬
‫واحترامها من ط رف المواط نين العتب ار القض اء ه و وج ه الدول ة والمغ رب وس لطنة عم ان من ال دول‬
‫العربية التي سارت في مجال االنتقال الديموقراطي سعيا كل منهما إلى تبني هذا الن وع من القض اء خدم ة‬
‫للمجال القضائي ومساهمة في إقرار الصرح الديموقراطي الذي خططا إليه‪.888‬‬

‫إن إحداث المحاكم اإلدارية في البلدين موضوع دراسة لم يأت بمحض الص دفة‪ ،‬إذ ج اء نتيج ة لتط ور‬
‫ملحوظ في قطاع العدالة بل صاحبه تطور عام داخل القطرين أدى بالشعور العميق بض رورة ت دعيم دول ة‬
‫الحق والقانون عن طريق الحد من تعسفات السلطات اإلداري ة والعم ل على اح ترام فعلي لحق وق اإلنس ان‬
‫انطالقا من ضبط تعامل هذه السلطات م ع المواط نين والح د من مظ اهر التج اوزات ال تي تم تس جيلها في‬
‫‪889‬‬
‫كثير من المناسبات‪.‬‬

‫انطالقا من ذلك‪ ،‬فالمس ألة القض ائية الض امنة للحق وق والحري ات ب المغرب وس لطنة عم ان تتجلى في‬
‫الحديث‪ ،‬والوقوف على دور القضاء الدستوري في حماية الحقوق السياسية (المبحث األول)‪ ،‬كما ال تفوت‬
‫الفرصة دون الوقوف على أهمية القضاء اإلداري بالبلدين في حماية الحقوق السياسية‪(.‬المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬دور القضاء الدستوري في حماية الحقوق السياسية‬

‫‪ - 886‬عبد القادر باينة "تطبيقات القضاء اإلداري بالمغرب"‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬الدار البيض‪$$‬اء‪ ،‬سلس‪$$‬لة توص‪$$‬يل المعرف‪$$‬ة‪ ،‬الطبع‪$$‬ة األولى‪،1988،‬‬
‫الصفحة‪45:‬‬
‫‪ - 887‬سرحان بن سليمان بن حميد الريسي" تطور القضاء اإلداري في المغري وسلطنة عمان وإشكالية عدم تنفيذ‪ $‬األحكام القضائية"‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬وحدة االقتصاد والت‪$$‬دبير‪ ،‬جامع‪$$‬ة عب‪$$‬د المال‪$$‬ك الس‪$$‬عدي‪ ،‬كلي‪$$‬ة العل‪$$‬و القانوني‪$$‬ة واالقتص‪$$‬ادية واالجتماعي‪$$‬ة طنج‪$$‬ة‪ ،‬الس‪$$‬نة‬
‫الجامعية‪ ،2015-2014‬الصفحة‪1:‬‬
‫‪ - 888‬حسن العضو "تطور القضاء اإلداري بالمغرب ‪ -‬الحكمة اإلدارية‪ -‬بالدار البيضاء نموذجا" مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬عدد ماي‪ ،‬يونيو ‪،2000‬‬
‫الصفحة‪34:‬‬
‫‪ - 889‬عبد القادر باينة "القضاء اإلداري‪ -‬األسس العامة والتطور التاريخي"‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬ال‪$$‬دار البيض‪$$‬اء‪ ،‬سلس‪$$‬لة توص‪$$‬يل المعرف‪$$‬ة‪ ،‬الطبع‪$$‬ة‬
‫األولى‪ ،1988،‬الصفحة‪49:‬‬

‫‪493‬‬
‫إن الحديث عن دور القضاء الدستوري بين المغرب والسلطنة العمانية يستوجب الوقوف على المحكم ة‬
‫العليا العلمانية يستوجب الوقوف على المحكمة العليا العلمانية (المطلب الث اني) وك ذا المحكم ة الدس تورية‬
‫بالمغرب (المطلب األول)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المحكمة الدستورية المغربية‬

‫يعود تاريخ القضاء الدستوري بالمملكة المغربية إلى أولى سنوات االستقالل وذلك عندما نص الدستور‬
‫‪ 1962‬على تأسيس غرفة دستورية بالمجلس األعلى باعتباره أعلى هيئة قضائية في التنظيم القضائي‪.‬‬

‫وفي سنة ‪ 1992‬سيعرف القضاء الدستوري بالمغرب استقالال أكبر بموجب المراجعة الدس تورية ال تي‬
‫نصت على إحداث مجلس دستوري‪ ،‬باعتباره مؤسسة مستقلة ذات صالحيات أوسع تتماش ى م ع المخط ط‬
‫اإلصالحي الذي وضعه المغرب في بداية التسعينات والهادف إلى تعزي ز دول ة الق انون‪ ،‬وترس يخ مب ادئ‬
‫حقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها عالميا ودوليا‪.‬‬

‫وقد أصدر المجلس الدستوري خالل عشرين سنة من وجوده (‪ ) 2016 -1994‬ما يناهز ‪ 1019‬قرارا‬
‫األمر الذي يدل على استمرارية عمل هذه المؤسسة وعلى ثقة المؤسسات والهيئ ات السياس ية واألف راد في‬
‫قضائها‪.‬‬

‫وفي نطاق اإلصالحات الدستورية الواسعة والعميقة التي أقرتها المملكة‪ ،‬بموجب الدستور الص ادر في‬
‫‪ 29‬يوليوز ‪ 2011‬المتمثلة بالخصوص في توقيع الحقوق والحريات العامة وترس يخ المؤسس ات واآللي ات‬
‫الكفيلة بمواصلة بناء دولة ديموقراطية حديثة‪ ،‬تم إحداث محكمة دس تورية تح ل مح ل المجلس الدس توري‬
‫تتمتع بصالحيات أوسع وتكون بالخصوص مفتوحة لألشخاص للدفاع عن الحق وق والحري ات المض مونة‬
‫لهم دستوريا‪.‬‬

‫وتت ألف المحكم ة الدس تورية ب المغرب من اث ني عش ر عض وا يعين المل ك نص ف أعض ائها من بينهم‬
‫عضو يقترحه األمين العام للمجلس العلمي األعلى‪ ،890‬وينتخب الستة الباقون من طرف البرلمان منا ص فة‬
‫بين مجلس النواب والمستشارين بأغلبية ثلثي األعض اء ال ذين يت ألف منهم ك ل مجلس ويعين المل ك رئيس‬
‫المحكمة الدستورية من بين أعضائها‪.891‬‬

‫‪ - 890‬للمزيد راجع الفصول ‪ 134 -132 -131-130 -129‬من الباب الثامن من دستور ‪.2011‬‬
‫‪ - 891‬ظه‪$$‬ير ش‪$$‬ريف رقم ‪ 1.14.139‬ص‪$$‬ادر في ‪ 16‬ش‪$$‬وال ‪ 13( 1435‬أغس‪$$‬طس ‪ )2014‬بتنفي ‪$‬ذ‪ $‬الق‪$$‬انون التنظيمي‪ $‬رقم ‪ 066.13‬المتعل‪$$‬ق‬
‫بالمحكمة الدستورية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 8 ،6288‬ذو القعدة ‪ 4 ،1435‬شتنبر ‪ ،2014‬الصفحة‪. 6661:‬‬

‫‪494‬‬
‫تمتد العضوية بالمحكمة الدستورية تسع سنوات غير قابلة للتجديد مع تحديد ثلث ك ل فئ ة من أعض ائها‬
‫عند تتم كل ثالث سنوات‪ ،‬وهنا يختار أعضاء المحكمة من بين الشخصيات المت وفرة على تك وين حق وقي‬
‫عمال وعلى كفاءة قضائية أو فقهية أو إدارية والمشهود لهم بالتجرد والنزاهة والذين مارسوا مهمتهم م دة‬
‫تفوق خمس عشر سنة‪ .‬وباإلضافة إلى حاالت التنافي المتع ارف عليه ا ال يج وز الجم ع بين العض وية في‬
‫المحكمة وممارسة أي مهنة حرة‪.‬‬

‫تختص المحكمة الدستورية في مراقبة الدستورية التي تعد أهم اختصاص تمارس ه المحكم ة الدس تورية‬
‫ويتعلق األمر هنا بالتأك د من مطابق ة النص وص التش ريعية واألنظم ة الداخلي ة لمجلس ي البرلم ان وبعض‬
‫المؤسسات الدستورية وكذا االلتزامات الدولية للدستور‪ ،‬وهذه المراقبة قد تكون قبلية أو الحقة‪..‬‬

‫و بالرجوع إلى تأليف هذه المحكمة فقد خص الدستور الباب الث امن للح ديث عنه ا انطالق ا من الفص ل‬
‫‪ 130‬إلى الفصل ‪ ،134‬من اثني عشر عضوا‪ ،‬يعينون لمدة تسع سنوات غير قابلة للتجدي د‪ ،‬س تة أعض اء‬
‫يعينهم الملك‪ ،‬من بينهم عضو يقترحه األمين الع ام للمجلس العلمي األعلى‪ ،‬وس تة أعض اء ينتخب نص فهم‬
‫من قب ل مجلس الن واب‪ ،‬وينتخب النص ف اآلخ ر من قب ل مجلس المستش ارين من بين المترش حين ال ذين‬
‫يقدمهم مكتب كل مجلس‪ ،‬وذلك بعد التصويت باالقتراع السري وبأغلبية ثلثي األعضاء ال ذين يت ألف منهم‬
‫كل مجلس‪.‬‬

‫وإذا تعذر على المجلس ين أو على أح دهما انتخ اب ه ؤالء األعض اء‪ ،‬داخ ل األج ل الق انوني للتجدي د‪،‬‬
‫تمارس المحكمة اختصاصاتها‪ ،‬وتصدر قراراتها‪ ،‬وفق نصاب ال يحتسب فيه األعض اء ال ذين لم يق ع بع د‬
‫انتخابهم‪ .‬ويتم كل ثالث سنوات تجديد ثلث كل فئة من أعضاء المحكمة الدستورية‪.‬‬

‫ويعين الملك رئيس المحكمة الدستورية من بين األعضاء الذين تت ألف منهم‪ .‬ويخت ار أعض اء المحكم ة‬
‫الدستورية من بين الشخصيات المتوفرة على تكوين عال في مجال القانون‪ ،‬وعلى كفاءة قض ائية أو فقهي ة‬
‫أو إدارية‪،‬والذين مارسوا مهنتهم لمدة تفوق خمس عشرة سنة‪ ،‬والمشهود لهم بالتجرد والنزاهة‪.‬‬

‫ويحدد قانون تنظيمي قواعد تنظيم المحكمة الدستورية وسيرها واإلجراءات المتبع ة أمامه ا‪ ،‬ووض عية‬
‫أعضائها‪ .‬كما يحدد القانون التنظيمي المهام التي ال يجوز الجمع بينها وبين عضوية المحكم ة الدس تورية‪،‬‬
‫خاصة ما يتعلق منها بالمهن الحرة‪ ،‬وطريقة إجراء التجديدين األولين لثلث أعض ائها‪ ،‬وكيفي ات تع يين من‬
‫يحل محل أعضائها‪ ،‬الذين استحال عليهم القيام بمهامهم‪ ،‬أو استقالوا أو توفوا أثناء مدة عضويتهم‪.‬‬

‫‪495‬‬
‫وتم ارس المحكم ة الدس تورية االختصاص ات المس ندة إليه ا بفص ول الدس تور‪ ،‬وبأحك ام الق وانين‬
‫التنظيمية‪ ،‬وتبت باإلضافة إلى ذلك في ص حة انتخ اب أعض اء البرلم ان وعملي ات االس تفتاء‪ .‬وتح ال إلى‬
‫المحكمة الدستورية القوانين التنظيمية قبل إصدار األمر بتنفيذها‪ ،‬واألنظمة الداخلية لكل من مجلس النواب‬
‫ومجلس المستشارين قبل الشروع في تطبيقها لتبت في مطابقتها للدستور‪.‬‬

‫ويمكن للمل ك‪ ،‬وك ذا لك ل من رئيس الحكوم ة‪ ،‬ورئيس مجلس الن واب‪ ،‬ورئيس مجلس المستش ارين‪،‬‬
‫وخمس أعضاء مجلس الن واب‪ ،‬وأربعين عض وا من أعض اء مجلس المستش ارين‪ ،‬أن يحيل وا الق وانين أو‬
‫االتفاقيات الدولية‪ ،‬قبل إصدار األمر بتنفيذها‪ ،‬أو قبل المصادقة عليه ا‪ ،‬إلى المحكم ة الدس تورية‪ ،‬لتبت في‬
‫مطابقتها للدستور‪.‬‬

‫وتبت المحكمة الدستورية في الح االت المنص وص عليه ا في الفق رتين الثاني ة والثالث ة من هذاالفص ل‪،‬‬
‫داخل أجل شهر من تاريخ اإلحالة‪ .‬غير أن هذا األجل يخفض في حال ة االس تعجال إلى ثماني ة أي ام‪ ،‬بطلب‬
‫من الحكومة‪ .‬وتؤدي اإلحالة إلى المحكمة الدستورية في هذه الحاالت‪ ،‬إلى وقف سريان أجل إصدار األمر‬
‫بالتنفيذ‪.‬‬

‫من تاريخ انقضاء أجل تقديم الطعون إليها‪.‬غير أن للمحكمة الحق في تجاوز ه ذا األج ل بم وجب ق رار‬
‫معلل‪ ،‬إذا استوجب ذلك عدد الطعون المرفوعة إليها‪ ،‬أو استلزم ذلك الطعن المقدم إليها‪.‬‬

‫وتختص المحكمة الدستورية ب النظر في ك ل دف ع متعل ق بع دم دس تورية ق انون‪ ،‬أث ير أثن اء النظ ر في‬
‫قضية‪ ،‬وذلك إذا دفع أحد األطراف بأن القانون‪ ،‬الذي سيطبق في النزاع‪ ،‬يمس ب الحقوق وبالحري ات ال تي‬
‫يضمنها الدستور فتقوم بذلك بمراقبتين ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المراقبة القبلية‬

‫وقد تكون هذه المراقبة إلزامية فيما يخص القوانين التنظيمية‪ ،‬التي تح ال إلى المحكم ة الدس تورية بع د‬
‫مصادقة البرلمان عليها وقبل إص دار الظه ير بتنفي ذها‪ ،‬كم ا تك ون إلزامي ة فيم ا يتعل ق األنظم ة الداخلي ة‬
‫لبعض المؤسس ات الدس تورية‪ ،‬إذ تح ال األنظم ة الداخلي ة لك ل من مجلس الن واب ومجلس المستش ارين‬
‫والمجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي والمجالس المنظمة بقانون تنظيمي إلى المحكمة الدس تورية قب ل‬
‫الشروع في تطبيقها‪.‬‬

‫وتك ون المراقب ة اختياري ة فيم ا يخص الق وانين ويمكن أن تح ال من ل دن المل ك أو رئيس الحكوم ة أو‬
‫رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين أو خمس أعض اء المجلس األول أو أربعين عض وا من‬
‫المجلس الثاني قبل دخولها حيز التنفيذ‪.‬‬

‫‪496‬‬
‫كما تكون المراقبة القبلية اختيارية فيما يتعلق بااللتزامات الدولية إذ تختص المحكم ة الدس تورية ب البث‬
‫في مطابقتها لاللتزامات الدولية للدستور‪ ،‬وإذ ما صرحت بأن التزاما دوليا يتض من بن دا مخ الف للدس تور‬
‫فإنه ال يمكن المصادقة عليها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المراقبة الالحقة‬

‫وهنا تشمل المراقبة الالحقة نظر المحكمة في كل دف ع متعل ق بع دم دس تورية ق انون إذا م ا أث ير أثن اء‬
‫النظر في دعوى قائمة أمام القضاء ودفع أحد األطراف بأن القانون الذي سيطبق في النزاع يمس ب الحقوق‬
‫والحريات التي يضمنها الدستور‪.‬‬

‫كما تشمل المراقبة الالحقة البث في كل ملتمس حكومي يرمي إلى تغيير النصوص التشريعية من حيث‬
‫الش كل بمرس وم إذا ك ان مض مونها ي دخل في مج ال من مج االت ال تي تم ارس فيه ا الس لطة التنظيمي ة‬
‫اختصاصها‪.‬‬

‫ومن اختصاص المحكمة الدستورية بالمغرب أيضا‪ ،‬مراقبة صحة إجراءات مراجع ة الدس تور وإعالن‬
‫نتيجتها‪ ،‬كما تقوم بمراقبة صحة االنتخابات البرلمانية وعمليات االس تفتاء‪ .‬وهن ا تبت المحكم ة الدس تورية‬
‫في الطعون المتعلقة بانتخاب أعضاء البرلمان كما لها أن تقضي إما بعدم قبول عرائض الطعن أو برفضها‬
‫أو ببطالن االنتخابات جزئيا أو كليا مع إمكان تصحيح نتائجها‪.‬‬

‫وللمحكمة الدستورية مهمة البث في النزاعات والخالفات الحاصلة بين البرلمان والحكومة وذلك بطلب‬
‫من أحد رئيسي مجلسي البرلمان أو من رئيس الحكومة إذا دفعت الحكومة بعدم قبول كل مق ترح أو تع ديل‬
‫ترى أنه ال يدخل في مجال القانون‪.‬‬

‫كما يحق لها أن تبث في الخالف الذي ق د يق ع بش أن تط بيق أحك ام الق انون التنظيمي المتعل ق بطريق ة‬
‫تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق‪ ،‬خاصة إذا كان ذلك الخالف يحول دون السير العادي لألعمال إحدى‬
‫اللجان‪.‬‬

‫وللمحكمة الدستورية مهام استش ارية إذا م ا ع زم المل ك حال ة االس تثناء‪ 892‬أو ح ل مجلس البرلم ان أو‬
‫أحدهما أو عرض مشروع مراجعة بعض أحكام الدستور على البرلمان‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المحكمة العليا العمانية‬

‫تتربع المحكمة العليا قمة الهرم القضائي في السلطنة‪ ،‬وقد أنشئت طبقا لقانون السلطة القضائية الص ادر‬
‫بالمرس وم الس لطاني رقم (‪ )99/90‬وتعديالت ه ‪ ،‬وهي محكم ة واح دة مقره ا مس قط ‪ .‬وتتجلى مهمته ا في‬

‫‪ - 892‬الفصل ‪ 59‬من دستور ‪" : 2011‬إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة أو وقع من األحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسس‪$$‬ات الدس‪$$‬تورية‪،‬‬
‫أمكن للملك أن يعلن حالة االستثناء‪ $‬بظهير‪ $‬بعد استشارة بظهير كل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس المحكمة الدستورية‪"..‬‬

‫‪497‬‬
‫مراقبة مدى سالمة تطبيق المحاكم للشريعة والقوانين ومتابعة صحة اإلجراءات والقرارات القضائية‪ ،‬كم ا‬
‫أنها تسهم في تطوير التشريعات الوطنية‪.‬‬

‫وتتشكل المحكمة العليا من رئيس وعدد كاف من نواب الرئيس والقضاة ‪ ،‬وتتألف من دوائر للفصل في‬
‫الطعون التي ترفع إليها ‪ ،‬ويرأس كل دائ رة رئيس المحكم ة أو أح د نواب ه أو أق دم القض اة به ا ‪ ،‬وتص در‬
‫األحك ام به ا من خمس ة قض اة ‪ ،‬وفق ا ً للم ادة (‪ )139‬من ق انون اإلج راءات المدني ة والتجاري ة الص ادر‬
‫بالمرسوم السلطاني رقم (‪.)2002/29‬‬

‫وتختص المحكمة العليا في نظر الطعون المرفوعة أمامها على األحكام الصادرة عن محاكم االس تئناف‬
‫إذا كان الحكم المطعون فيه مبنيا على مخالفة القانون أو خطأ فب تطبيقه أو تأويل ه ‪ ،‬أو إذا وق ع بطالن في‬
‫الحكم أو بطالن في اإلجراءات أثر في الحكم‪ .‬كما تختص وفقا للم ادة (‪ )240‬من الق انون ذات ه ب النظر في‬
‫الطعون المرفوعة في أي حكم انتهائي أيا كانت المحكم ة ال تي أص درته فص ل في ن زاع على خالف حكم‬
‫آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة األمر المقضي‪.‬‬

‫كما تختص وفق ا للم ادة (‪ )241‬من الق انون ب النظر في الطع ون ال تي يرفعه ا الم دعى الع ام لمص لحة‬
‫القانون في األحكام االنتهائية أيا كانت المحكمة التي أصدرتها إذا كان الحكم مبني ا على مخالف ة الق انون أو‬
‫خطأ في تطبيقه أو تأويله في األح وال ال تي يج يز الق انون للخص وم الطعن فيه ا أو ف وت الخص وم ميع اد‬
‫الطعن بها أو تنازلوا عنه‪.‬‬

‫ووفقًا لقانون السلطة القضائية ‪ ،‬تشكل بالمحكمة العلي ا هيئ ة (ذات تش كيل خ اص) تختص بالفص ل في‬
‫حاالت التنازع الس لبي أو اإليج ابي على االختص اص بين المح اكم في القض اء الع ادي ومحكم ة القض اء‬
‫اإلداري وغيره ا من المح اكم ‪ ،‬كم ا تختص ه ذه الهيئ ة بالفص ل في المنازع ات المتعلق ة بم دى تط ابق‬
‫القوانين والالوائح مع النظام األساسي للدولة وعدم مخالفتها ألحكامه‪.‬‬

‫وتأكيدا على مكانة المحكمة العليا في قمة الهرم القض ائي تم في ‪ 2016/5/25‬م افتت اح مب نى المحكم ة‬
‫العلي ا الجدي د ومب نى المجلس األعلى للقض اء‪ ،‬ويتم يز المب نى الجدي د بط ابع معم اري جم ع بين اإلرث‬
‫المعماري العُماني والزخارف اإلسالمية‪ ،‬إلى جانب ملكات العمارة المعاصرة‪.‬‬

‫محاكم االستئناف‬

‫تختص محاكم االستئناف (وهي محاكم الدرج ة الثاني ة) ب النظر في الطع ون ال تي ترف ع عن األحك ام ‪-‬‬
‫الجائز استئنافها قانونا ً ‪ -‬الصادرة من المحاكم االبتدائية باعتباره ا من مح اكم الدرج ة األولى ‪ ،‬وال يج وز‬
‫عرض المنازعات أمام محكمة االستئناف ألول مرة ‪ ،‬ألن االستئناف هو طري ق من ط رق الطعن العادي ة‬

‫‪498‬‬
‫الغاية منه إصالح الخطأ الذي قد يحص ل في أحك ام المح اكم االبتدائي ة وذل ك بع رض ال نزاع أم ام قض اة‬
‫آخرين غير قضاة الدرجة األولى ‪..‬‬

‫وقد أنشئت محاكم االستئناف وفقا للمراس يم الس لطانية الس امية وتت ألف ك ل منه ا من رئيس وع دد من‬
‫القضاة ‪ ،‬وتتشكل بها دوائ ر حس ب الحاج ة ‪ ،‬وي رأس ال دائرة رئيس المحكم ة أو أق دم القض اة به ا ‪ ،‬ويتم‬
‫إصدار األحكام من قبل ثالثة من القضاة‬

‫وكان المرسوم السلطاني رقم (‪ )2001/14‬قد أشار إلى إنشاء‪ )6( ‬محاكم استئناف في مس قط وص حار‬
‫ونزوى وصاللة وعبري وإبراء‪ ،‬إال أنه ومع التوسع العم راني وزي ادة الكثاف ة الس كانية‪ ،‬فق د ارتف ع ع دد‬
‫مح اكم االس تئناف ليص ل إلى (‪ )13‬محكم ة اس تئناف‪ ،‬بواق ع محكم ة اس تئناف في ك ل محافظ ة‬
‫باستثناء‪ ‬محافظة مسقط‪ ‬التي يوجد بها محكمتان هما السيب ومسقط‪.‬‬

‫المحاكم االبتدائية‬

‫المحاكم االبتدائية هي محاكم الدرجة األولى حيث يعرض النزاع أمامه ا ألول م رة‪ ،‬وتت ألف من ق اض‬
‫فرد أو من ثالثة قضاة (دائرة ثالثية)‪  ،‬وقد بين قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم الس لطاني رقم (‬
‫‪ )90‬وتعديالته في مادته السادسة طريقة تشكيل هذه المحاكم ‪ ،‬وتتألف كل منها من رئيس وع دد ك اف من‬
‫القضاة‪.‬‬

‫ويبلغ ع دد المح اكم االبتدائي ة (‪ )44‬محكم ة ابتدائي ة موزع ة في جمي ع أنح اء الس لطنة‪ .‬وتختص ه ذه‬
‫المحاكم بالفصل‪  ‬في الدعاوى العمومية‪  ‬والدعاوى‪ ‬المدنية والتجارية وطلبات التحكيم‪ ،‬ودع اوى األح وال‬
‫الشخصية‪ ،‬والدعاوى العمالية والضريبية واإليجارية‪ ،‬وغيرها التي ترفع إليها طبقًا للقانون‪.‬‬

‫محكمة األموال العامة‬

‫يتميز القضاء العُماني بأنه قض اء دين اميكي متط ور‪ ،‬يح رص دائ ًم ا على دراس ة احتياج ات المجتم ع‪،‬‬
‫ومواكبة التطورات التي يشهدها في مختلف الجوانب‪ ،‬وذلك بهدف بن اء نظ ام قض ائي متط ور يس هل في ه‬
‫على المتقاضين الوصول إلى العدالة‪.‬‬

‫وانطالقًا من ذلك ومواكبة النضمام السلطنة إلى اتفاقية األمم المتحدة لمكافح ة الفس اد وذل ك بالمرس وم‬
‫الس لطاني رقم (‪ ،)2013/64‬أنش أ مجلس الش ؤون اإلداري ة للقض اء في الع ام القض ائي (‬
‫‪2016/2015‬م) ‪ ،‬دائرة متخصصة باألموال العامة بمحكمة مسقط االبتدائية حملت اسم (محكم ة األم وال‬
‫العامة)‪ ،‬حيث تختص هذه الدائرة بالنظر في الدعاوى المتعلق ة بالرش اوى واس تغالل الم ال الع ام وإس اءة‬
‫استعمال الوظيفة‪ ،‬وجريمة اإلهمال بالواجبات الوظيفية‪ ،‬وكل م ا يخص التع دي على الم ال الع ام بطريق ة‬
‫غير مشروعة‪.‬‬

‫‪499‬‬
‫وتهدف الدائرة إلى مكافحة الفس اد الم الي واإلداري بش تى ص وره ومظ اهره وأس اليبه‪ ،‬وتعزي ز مب دأ‬
‫النزاهة والشفافية‪ .‬كما ته دف ه ذه ال دائرة إلى تس ريع عملي ة البت في قض ايا األم وال العام ة‪ ،‬باعتباره ا‬
‫قضايا حساسة مؤثرة ليس على ج ذب االس تثمارات الخارجي ة فحس ب‪ ،‬وإنم ا يمت د تأثيره ا المباش ر على‬
‫مستوى النمو والشفافية والتنافسية‪ ،‬والتي تقوم بدور مهم في أي تصنيف اقتصادي تنموي عالمي‪.‬‬

‫محكمة القضاء اإلداري‬

‫ترسي ًخا لدولة المؤسسات والقانون التي أرسى دعائمها عاهل البالد حض رة ص احب الجالل ة‪ ‬الس‪AA‬لطان‬
‫قابوس‪ ‬بن سعيد المعزم ‪-‬حفظه هللا ورعاه‪-‬رئيس المجلس األعلى للقضاء ‪ ،‬وتأكيدًا لما نصت علي ه الم ادة‬
‫(‪ )67‬من النظام األساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (‪ )96/101‬من أن الق انون ينظم الفص ل‬
‫في الخصومات اإلدارية بواسطة دائرة أو محكمة خاصة‪.‬‬

‫وإيمانًا من المشرع بأهمية وجود قضاء متخصص للنظر في المنازعات اإلدارية ‪ ،‬فق د أنش أت محكم ة‬
‫القض اء اإلداري بم وجب المرس وم الس لطاني رقم (‪ ، )99/91‬لتك ون حص نًا مني ًع ا لمب دأ المش روعية ‪،‬‬
‫وسيادة حكم القانون ‪ ،‬وصون حقوق وحري ات األف راد ‪ ،‬وذل ك بإخض اع س ائر التص رفات الص ادرة عن‬
‫وح دات الجه از اإلداري للدول ة لرقاب ة المحكم ة للتحق ق من تط بيق أحك ام الق انون والل وائح والق رارات‬
‫المختلفة المنظمة لعمل هذه الجهات ‪ ،‬ومراعاة الصالح العام ال ذي يجب أن يك ون ه دف الجه ات اإلداري ة‬
‫في عملها وتحقيقها أهدافها التي أنشأت من أجلها ‪ ،‬وضرورة سير كافة المرافق العام ة في الدول ة بانتظ ام‬
‫واضطراد نحو تقديم الخدمات األساسية المطلوبة للمواطنين في الدولة ‪.‬‬

‫وتعمل محكمة القضاء اإلداري جنبًا إلى جنب مع القضاء العادي الذي يختص بنظ ر الخص ومات ال تي‬
‫تقع بين األفراد واألش خاص االعتباري ة الخاص ة كمنظوم ة قض ائية متكامل ة ‪ ،‬إذ ي ؤدي ك ل منهم ا دوره‬
‫المنوط به على النحو المحدد الختصاصه‪.‬‬

‫وشهدت محكمة القضاء اإلداري منذ العمل بقانونها في ‪2000 / 12 / 1‬م زي ادة مض طردة في ع دد‬
‫الدعاوي المنظورة أمامها ك ًما ونوعًا ‪ ،‬وال سيما بعد صدور المرس وم الس لطاني رقم (‪ )2009 / 3‬ال ذي‬
‫يتضمن التوسع في اختصاصات المحكمة بعد أن كانت اختصاصاتها محدودة ‪ ،‬وأصبحت المحكمة تختص‬
‫بنظر الدعاوى التي يقدمها الموظفون العموميون في سائر شؤونهم الوظيفية بمراجع ة الق رارات اإلداري ة‬
‫النهائية المتعلقة بسائر شؤونهم الوظيفية ‪ ،‬وهو األمر الذي ولد لدى الموظف العام الشعور باألمن الوظيفي‬
‫‪ ،‬وانعكس إيجابًا على الوظيف ة العام ة ‪ ،‬فض ال عن اختصاص ها بنظ ر ال دعاوى ال تي يق دمها ذوو الش أن‬
‫بمراجع ة الق رارات اإلداري ة النهائي ة ‪ ،‬والق رارات النهائي ة الص ادرة عن لج ان إداري ة ذات اختص اص‬
‫قضائي‪.‬‬

‫‪500‬‬
‫وقد واكبت المحكمة الزيادة المتنامية في عدد الدعاوى نتيجة التنمية الش املة ال تي تش هدها الس لطنة في‬
‫مختلف المج االت من خالل س رعة البت في ال دعاوى المنظ ورة أمامه ا ؛ نظ رًا لم ا تمت از ب ه المنازع ة‬
‫اإلدارية من ضرورة التصدى بالفصل فيها على وجه السرعة ‪ ،‬وحتى ال تكون تلك المنازعات عقب ة أم ام‬
‫الجهات اإلدارية في ممارسة اختصاصاتها المق ررة قانونً ا ‪ ،‬كم ا أن ض رورة س ير المراف ق العام ة ال تي‬
‫ت ديرها ه ذه الجه ات يقتض ىي المس ارعة في البت في المنازع ة اإلداري ة على نح و ال يخ ل ب إجراءات‬
‫التقاضي المقررة قانونًا‪ ،‬وصوالً إلى تحقيق الغاي ة المنش ودة من خالل نحقي ق العدال ة الن اجزة ‪ ،‬وه و م ا‬
‫دأبت عليه المحكمة منذ إنشائها ‪.‬‬

‫وتقوم محكمة القضاء اإلداري بمتابعة تنفي ذ األحك ام الص ادرة عنه ا ‪ ،‬ويمت از تنفي ذ األحك ام اإلداري ة‬
‫الصادرة عن المحكمة بالسرعة والبساطة في اإلجراءات ‪ ،‬األمر الذي أدى إلى التقليل من إشكاليات التنفيذ‬
‫في األحكام اإلدارية ‪ ،‬فضال عن مبادرة الجهات اإلدارية لتنفيذ األحكام اإلداري ة الص ادرة في مواجهته ا ؛‬
‫إيمانًا منها ب؟أن المحكمة خ ير معين له ا في تط بيق أحك ام الق انون ‪ ،‬واإلل تزام بمب دأ‪  ‬المش روعية ‪ ،‬بم ا‬
‫مؤداه العمل بمنهج التكاملية في العمل بين المحكمة من جهة والجهات اإلدارية الخاضعة لرقابتها القضائية‬
‫من جهة أخرى ‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى سيادة حكم القانون ‪ ،‬وااللتزام بمبدأ المشروعية التي تع د المحكم ة‬
‫حصنه الحصين‪.‬‬

‫وتسهم محكمة القضاء الغداري من خالل الفص ل في منازع ات العق ود اإلداري ة ال تي تبرمه ا مختل ف‬
‫وحدات الجهاز اإلداري للدولة في المحافظة على حقوق والتزامات طرفي العق ود المبرم ة بش أن المراف ق‬
‫العامة ‪ ،‬والعمل على الموازنة بين ما يتمتع ب ه ك ل ط رف من حق وق ‪ ،‬وم ا ي ترتب علي ه من التزام ات ‪،‬‬
‫ودون اإلضرار بالمصلحة العامة التي يسعى العقد اإلداري إلى تحقيقها ‪ ،‬إذ أن اختصاص محكمة القض اء‬
‫اإلداري بنظر منازعات العقود اإلدارية هو اختصاص ش اكل لم ا يتف رع عن ه ذه العق ود من منازع ات ‪،‬‬
‫األمر الذي يسهم في إيجاد بيئة استثمار آمنة يس ودها االطمئن ان على حق وق ك ل ط رف من أط راف ه ذه‬
‫العقود ‪ ،‬ويسهم كذلك في دفع مسيرة عجلة التنمية نحو األمام والتقدم من خالل جلب مختل ف االس تثمارات‬
‫االقتص ادية للدول ة ‪ ،‬الخارجي ة منه ا والداخلي ة ‪ ،‬كم ا تس اهم المحكم ة من خالل الفص ل في المنازع ات‬
‫اإلدارية التي تقيمها الجهات اإلدارية في اس ترداد م ا تم ص رفه ب دون وج ه ح ق ‪ ،‬األم ر ال ذي يس هم في‬
‫المحافظة على األموال العامة للدولة‪.‬‬

‫واستكمااًل للرعاية السامية لجاللة السلطان المعظم ‪ -‬حفظه هللا ورعاه ‪ -‬للمحكمة ‪ ،‬فقد تم افتتاح المب نى‬
‫الرئيس ي للمحكم ة الك ائن بحي العرف ان بمرتفع ات المط ار في والي ة بوش ر ‪ ،‬وال ذي أنش ئ بمواص فات‬
‫عصرية تليق بمكانة المحكمة ودورها ضمن المنظومة القضائية في السلطنة‪.‬‬

‫‪501‬‬
‫تمثل المحكمة العليا بسلطنة عمان الهرم القضائي‪ ،‬وقد أنشئت طبقا لقانون الس لطة القض ائية الص ادر‬
‫بالمرسوم السلطاني رقم (‪ )99-90‬وتعديالته وهي محكمة واحدة مقرها يوجد بمسقط‪.‬‬

‫تتشكل المحكمة العليا العمانية من رئيس وعدد من النواب المساعدين للرئيس‪ ،‬كما تضم قضاة وتص در‬
‫األحكام بها من خمسة قضاة وفقا للمادة ‪ 139‬من قانون اإلجراءات المدني ة والتجاري ة الص ادر بالمرس وم‬
‫السلطاني رقم ‪29/2002‬‬

‫وتختص المحكم ة العلي ا ب النظر في الطع ون المرفوع ة أمامه ا على األحك ام الص ادرة عن مح اكم‬
‫االستئناف في الحاالت التالية‪:‬‬

‫إذا كان الحكم المطعون فيه مبنيا على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله‬ ‫‪‬‬
‫إذا وقع بطالن في الحكم أو بطالن في اإلجراءات أثر في الحكم ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫كما تختص المحكمة العليا العلمانية وفقا للمادة ‪ 240‬بالنظر في أي حكم نهائي أيا ك انت المحكم ة ال تي‬
‫أص درته‪ ،‬وحس ب الم ادة ‪ 241‬من ذات الق انون فالمحكم ة تختص ب النظر في الطع ون المرفوع ة وال تي‬
‫يرفعها المدعي العام لمصلحة القانون في األحكام اإلنتهائية أيا كانت المحكمة التي أصدرتها إذا كان الحكم‬
‫مبنيا على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله في األحوال التي يجيز القانون للخص وم الطعن فيه ا‬
‫أو فوت الخصوم ميعاد الطعن بها أو تنازلوا عنه‪.‬‬

‫ووفقا لقانون السلطة القضائية‪ ،‬تشكل بالمحكم ة العلي ا هيئ ة (ذات تش كيل خ اص) تختص بالفص ل في‬
‫حاالت التنازع السلبي أو اإليج ابي على االختص اص بين المح اكم في القض اء الع ادي ومحكم ة القض اء‬
‫اإلداري وغيرها من المحاكم‪ ،‬كما تختص هذه الهيئة بالفصل في المنازعات المتعلقة بمدى تطابق القوانين‬
‫واللوائح مع النظام األساسي للدولة وعدم مخالفتها ألحكامه‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬و تقوم المحكمة العليا العلمانية برقابة صحة تطبيق القانون وتوحيد تفس يره في ك ل المح اكم ال تي‬
‫تضمها السلطة العمانية ‪ ،‬وتضم دوائ ر لنظ ر الم واد الجزائري ة ودوائ ر للنظ ر الم واد المدني ة والتجاري ة‬
‫واألحوال الشخصية‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن المحكمة العليا تضم ادعاء عام مستقل يسمى باالدعاء الع ام بالمحكم ة العلي ا‪ ،‬وال‬
‫تنظر الدعاوى بصفة مبدئية إال في حالة مراقبة دستورية القانون والمسائل المتعلقة بشؤون القضاة‪ ،‬وإنما‬
‫تنظر الطعون التي توجه إلى توجه األحكام اإلنتهائية‪.‬‬

‫وللخصوم أن يطعنوا أمام المحكمة العليا في األحكام الصادرة من محاكم االستئناف في األحوال األتية‪.‬‬

‫إذا كان الحكم المطعون فيه مبنيا على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪502‬‬
‫إذا وقع بطالن في الحكم أو بطالن في اإلجراءات أثر في الحكم‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫للخصوم أن يطعنوا أمام المحكمة العليا في أي حكم انتهائي أيا كانت المحكمة التي أصدرته‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يرفع الطعن بص حيفة ت ودع أمان ة س ر المحكم ة العلي ا ويوقعه ا مح ام مقب ول أمامه ا‪ ،‬ويجب أن‬ ‫‪‬‬
‫تشمل الصحيفة على أسماء الخصوم وقبائلهم ألقابهم وصفاتهم وموطن ا ك ل منهم على بي ان األس باب ال تي‬
‫بني عليها الطعن وطلبات الطاعن‪ ،‬فإذا لم يحصل الطعن على الوجه األكمل كان باطل‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬دور القضاء اإلداري في حماية الحقوق السياسية‬

‫نظرا ألهمي ة القض اء بص فة عام ة والقض اء اإلداري بص فة خاص ة في حماي ة حق وق اإلنس ان‪ ،‬فإنن ا‬
‫سنتناول هذا المبحث من خالل مناقش ة مب دأ إس تقاللية القض اء بإعتب اره ض مانة متين ة وهام ة في رعاي ة‬
‫وحماية حقوق اإلنسان من كل اإلنتهاك ات والمض ايقات والتقيي دات ال تي ق د تطاله ا(المطلب األول)‪ ،‬كم ا‬
‫سنتطرق إلى دور القضاء اإلداري في حماية الحقوق السياس ية س واء من خالل إلغ اء الق رارات اإلداري ة‬
‫الماسة بحقوق اإلنسان أو التي تتضمن شططا في إستعمال السلطة‪(.‬المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬إستقاللية القضاء ضمانة لحماية حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫لقد عرفت سلطنة عمان تغيرات كبرى مست جوانب عدة من مرتكزات الحياة العامة سواء من الج انب‬
‫االقتصادي أو االجتماعي أو الثقافي‪ ،‬بل وحتى الجانب القانوني على اعتبار هذا األخير مجاال فعاال ض من‬
‫البنية السياسية للدولة‪ ،‬الغاية منه ضمان استقرار السير العادي لكل المؤسسات ومراقبتها وتحقيق الت وازن‬
‫بين كل هذه المكونات إلقرار قاعدة من الديمقراطية والعدالة خدمة لتطلعات المواطن العماني‪.893‬‬

‫في نفس اإلطار حرص عاهل بالد سلطنة عمان على إعطاء االولوية للقضاء ودفع به نحو االس تقاللية‬
‫عن السلطات التنفيذية وذلك بإصدار مرسوم سلطاني يعيد النظر في تش كيلة ومه ام جه از المجلس األعلى‬
‫للقضاء إضافة إلى ذل ك تم إص دار مرس وم آخ ر ينظم ش ؤون القض اء وك ل ذل ك به دف تحقي ق ن وع من‬
‫االستقاللية للجهاز‪.‬‬

‫‪ - 893‬سرحان بن سليمان بن حميد الريسي‪"،‬تطور‪ $‬القضاء اإلداري في المغرب وسلطنة عمان وإشكالية عدم تنفيذ األحكام القضائية"‪ ،‬مرجع س‪$$‬ابق‬
‫ذكره‪.‬الصفحة‪.118:‬‬

‫‪503‬‬
‫بيد أن المغ رب ب دوره ك ان ل ه الس بق في إدراج العدي د من المس تجدات في مج ال إص الح المنظوم ة‬
‫القض ائية خصوص ا م ع الدس تور وال ذي رد االعتب ار للمجلس األعلى للس لطة القض ائية‪ 894‬ال من ناحي ة‬
‫التكوين أو المهام‪ ،‬وذلك العتبار هذا األخير من مقومات الدولة الحديثة وعلى ضوء كل ما تق دم س نتطرق‬
‫إلى إبراز هذه التغيرات وتحديدا في الشق المتعلق بالقضاء االداري‪ ،‬وعليه سندرس استقاللية القضاء على‬
‫أن نبرز فعالية هذا اإلصالح على مستوى القضاء االداري‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬دعم استقاللية القضاء‬

‫ال يمكن التحدث عن االستقاللية دون تجسيد ذل ك على أرض الواق ع وال يك ون ذل ك إال بجع ل القض اء‬
‫سلطة مستقلة عن السلطة التنفيذية والتشريعية ويتم أوال على المستوى القانوني‪ ،‬إذ ال ب د من إيج اد ص يغة‬
‫قانونية واضحة تجسد هذه االس تقاللية‪ ،‬وانس جاما م ع ذل ك ب ادر المش رع العم اني إلى إص دار ق انون في‬
‫صيغة جديدة حمل رقم ‪ ،09.2012‬يعد اإلطار القانوني للمجلس األعلى للسلطة القضائية ضمن الكثير من‬
‫المستجدات الحديثة التي صبت في اتجاه اس تقاللية ه ذه المؤسس ة على مس توى التبعي ة كم ا ج اء بتركيب ة‬
‫جديدة تؤكد فلسفة االستقاللية عن السلطة التنفيذي ة‪ .‬وال ننس ى رغب ة المش رع العم اني في ال دفع بالقض اء‬
‫االداري نحو االستقاللية وجعله في مستوى تطلعات المواطن العماني‪.‬‬

‫‪ ‬تعزيز دور المجلس األعلى للقضاء بسلطنة عمان‬

‫تعد العدالة عماد سلطة الدولة وأساس الديمقراطية التي تحمي الحقوق والحريات و تضمن سمو القانون‬
‫وتوطيد دولة الحق‪.‬‬

‫وتبعا لذلك فإن العنصر الذي يتحكم في ه الثق ة ال تي يوليه ا المواطن ون والش ركاء األج انب لنظ ام حكم‬
‫معين ويس اهم بش كل فعلي في التنمي ة االقتص ادية والعدال ة االجتماعي ة ه و اإلحس اس ب األمن واالعتق اد‬
‫الراسخ بأن القانون يطبق على الجميع‪.895‬‬

‫في هذا االتجاه يع د الدس تور األداة الوحي دة ال تي تس طر المب ادئ الك برى ال تي تق وم عليه ا الدول ة إذ‬
‫يخصص أبوابا محددة إلبراز الص الحيات التنظيمي ة لك ل جه از‪ ،‬ض من الجه از القض ائي ألف راد النظ ام‬
‫األساسي للدولة في سلطنة عمان‪896‬بابا خاصا للقضاء‪،‬‬

‫‪- 894‬الفصل ‪ 107‬من الباب السابع من دستور ‪" 2011‬السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية‪ ،‬المل‪$‬ك ه‪$‬و الس‪$‬تقالل‬
‫السلطة القضائية"‪.‬‬

‫‪ - 895‬عمر بنحساين‪ :‬التنظيم القضائي المغربي‪ ،‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ 2008 ،‬الصفحة‪:‬‬
‫‪ - 896‬النظام األساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني تحت رقم (‪.)96/101‬‬

‫‪504‬‬
‫وكانت جهات التقاضي العادي الموجودة آنذاك مكون ة من قض اء ش رعي يتب ع ل وزارة الع دل وقض اء‬
‫تجاري يشرف على محكمته وزير الع دل أو ج زائي يش رف علي ه مستش ار الدول ة للش ؤون الجزائي ة‪ ،‬إذ‬
‫اعتبر ذلك بمثابة النواة األولى لمؤسسة القضاء في وضعها الجديد‪ ،‬ووفقا للنظام األساسي للدولة‪ .‬الذي يعد‬
‫نقلة نوعية وأساسية في البناء التنظيمي للمجتمع العماني كان للقضاء النصيب األوف ر من ه كم ا ثم إص دار‬
‫قانون السلطة القضائية‪ ،‬حيث توحد بموجب ه ه ذا القض اء و ارتس مت وحدت ه وتأك د اس تقالليته وق د ع نى‬
‫المشرع العماني بالسلطة القضائية إذ أفرد لها بابا ضمن النظام األساسي للدولة " الس لطة القض ائية ومب دأ‬
‫سيادة القانون ‪897140‬حيث رسم فيه مالمح و إطار نظام الس لطة القض ائية و ح رص على تقري ر و تأكي د‬
‫مبدأ سيادة القانون‪.‬‬

‫و حرص هذا النظام على إحاطة هذا المبدأ بضمانات تحقيق حمايته واحترامه وتأكيد العمل به صراحة‬
‫على أنه "له سلطة على القضاة في قضائهم لغير القانون‪ .‬وأنه ال يجوز ألي جهة التدخل في القضايا أو في‬
‫ش ؤون العدال ة إذ أن الغ رض من القض اء إقام ة الع دل بين الن اس وال يتحق ق ذل ك إال بنزاه ة القض اة‬
‫واستقالليتهم في قضائهم"‪.898‬‬

‫ومن أجل بلورة هذا التوجه ثم إنشاء المجلس األعلى للقضاء الذي يع د أعلى س لطة مركزي ة في اله رم‬
‫القضائي يختص برسم السياسة العامة للقضاء‪ ،‬وبكفالة استقالله ومتابعة تطويره‪.‬‬

‫أما عمل المحاكم فهو مرتبط بوزارة العدل ولعل أصح دلي ل على ذل ك ه و الم ادة الثالث ة من المرس وم‬
‫السلطاني رقم ‪ 99/93‬التي تبرز بأن اإلشراف على المحاكم و على حسن تسيير العمل بها من ص الحيات‬
‫المجلس األعلى للقضاء الذي يترأسه فعليا‪.‬‬

‫إال أن المشرع العماني خطى خطوة جبارة "انعرج كليا عن النسق ال ذي ك ان يتبن اه في تبعي ة المح اكم‬
‫لوزارة العدل وعمل على تبني توجه جديد يترجم الرغبة األكيدة لعاه ل البالد في استش راف رؤي ة جدي دة‬
‫الستقاللية القضاء ولعل أدل شيء على ذلك إص دار المرس وم الس لطاني ‪ 60/2012‬المتعل ق بتنظيم إدارة‬
‫شؤون القض اء‪ ،‬إذ تط رق في الم ادة الثاني ة من المرس وم على أن ه "تنق ل تبعي ة المح اكم واإلدارة العام ة‬
‫للتفتيش القضائي واإلدارة العامة للمح اكم وموظفيه ا واالعتم ادات المالي ة المق ررة له ا من ط رف وزارة‬
‫الع دل إلى مجلس الش ؤون اإلداري ة المنص وص علي ه في ق انون الس لطة القض ائية وذل ك دون المس اس‬
‫باألوضاع الوظيفية للموظفين المذكورين ويك ون ل رئيس المجلس االختصاص ات والص الحيات المعق ودة‬
‫لوزير العدل بموجب القوانين والمراسيم الس لطانية الناف ذة على أص ول وحق وق وس جالت وم وظفي تل ك‬
‫الجهات‪.899‬‬

‫‪ - 897‬المرسوم السلطاني ‪.2012-31‬‬


‫‪ - 898‬فاروق الكيالني‪ :‬دور القضاء في تدعيم دولة القانون‪ ،‬إصدار وزارة العدل العمانية ‪.2003‬‬
‫‪ - 899‬مرسوم سلطاني خاص بتنظيم المجلس األعلى للقضاء عدد ‪.99/93‬‬

‫‪505‬‬
‫وأم ام وض وح ه ذه الم ادة يت بين أن القض اء في س لطنة عم ان عم ل على مأسس ة قاع دة متين ة من‬
‫االستقاللية عن جهاز السلطة التنفيذية وقد عزز ذل ك بإص دار مرس وم آخ ر جدي د ينس جم وه ذا التوجي ه‪،‬‬
‫وذلك بإصدار مرسوم سلطاني‪ 143/09/2012900‬بشأن المجلس األعلى للقضاء والذي انساق كليا مع ه ذا‬
‫التوجيه‪.‬‬

‫وفي سياق آخر عمل دس تور المملك ة المغربي ة ب دوره عم ل على تجس يد اس تقالل القض اء من خالل‪،‬‬
‫الدساتير السابقة خصوصا دستور ‪ 1996‬إال أنه على مستوى الممارسة أبان عن كثير من الت داخل م ا بين‬
‫السلطة التنفيذية والقضائية‪ ،‬الشيء الذي رفع سقف المطالب باإلصالح وهو ما تضح جليا في ك ل الخطب‬
‫الملكية بداية من خطاب ‪ 15‬دجن بر ‪ 1999‬م رورا بخط اب الع رش لس نة ‪ 2000‬وك ذا خط اب ‪ 29‬ين اير‬
‫‪ 2003‬وصوال إلى خطاب ‪ 20‬غشت ‪ 2009‬ثم الخطاب الملكي بمناس بة افتت اح ال دورة التش ريعية ي وم ‪8‬‬
‫أكت وبر ‪ 2010‬والخط اب الملكي ل " ‪ 9‬م ارس ‪ 2011‬ال ذي أعلن من خالل ه جالل ة المل ك عن رغب ة‬
‫المغرب في تبني إصالح دستوري يعتمد في األساس على جمل القضاء سلطة مستقلة‪ ،‬وقد ك ان ل ذلك إث ر‬
‫كبير عندما ثم وضع دستور جديد ‪ 9012011/144‬إذ تضمن في الفصول ‪ 107‬و‪ 108‬بصيغة صريحة ب أن‬
‫السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التنفيذية‪ ،‬كما انتقل هذا التحول بدوره نح و المجلس األعلى للقض اء ‪،‬‬
‫إذ تم تغي ير تس ميته إلى المجلس األعلى للس لطة القض ائية كم ا حف ل بتغي ير ك ذلك على مس توى تركيبت ه‬
‫وصالحيته‪ ،‬إال أن اإلشكال الكب ير ال ذي الزال يعاني ه القض اء المغ ربي ه و تبعي ة المح اكم على مس توى‬
‫التدبير المالي واإلداري لوزارة العدل والحريات وهذا األمر يجسد بشكل غ ير مباش ر التبعي ة ال تي تالزم‬
‫القضاء (وزارة العدل والحريات)‪ ،‬ثم إن الدستور بدوره الزال يضم إخالال كبيرا بهذه االستقاللية وهو م ا‬
‫تضمنه الفصل ‪ 110‬إذ ينص في الفقرة الثانية على أن قضاة النيابة العامة يجب عليهم االلتزام بالتعليم ات‬
‫الكتابية الصادرة عن السلطة التي يتبعون لها‪ ،‬فكما هو معروف أن وزير الع دل يع د رئيس النياب ة العام ة‬
‫فكي ف يمكن له ؤالء القض اة ممارس ة مه امهم في ج و من االس تقاللية‪ ،‬علم ا أن رئيس هم ينتمي للس لطة‬
‫التنفيذية فأين يتجلى هذا االستقالل بإعطاء المحاكم هالة كبرى من االستقاللية بعيدا عن تبعية وزارة العدل‬
‫من أي جانب سواء المادي المعنوي إسوة بما اتبعه المشرع العماني‪ ،‬لكون أن خطة استقالل القضاء تبتدئ‬
‫بالدرج ة اّألولى بتفري ق الهياك ل وه ذا م ا أكدت ه العدي د من الم ذكرات والتق ارير ال تي رفعته ا األح زاب‬
‫والجمعيات ولعل أولها ما حددته مذكرة جمعية عدالة حينما اقترحته ضرورة مراجع ة تنظيم اختصاص ات‬
‫وزارة العدل بشكل يخول دون أي تدخل أو تأثير للجهاز اإلداري في مجرى العدالة وسير المحاكمات‪.902‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬على مستوى التركيبة الجديدة للمجلس األعلى للقضاء العماني‪:‬‬
‫‪ - 900‬المرسوم السلطاني ‪.91/2012‬‬
‫‪ -901‬الدستور المغربي المصادق عليه باالقتراع العام يوم ‪ 1‬يوليوز ‪ 2011‬المنشور بالجريدة الرس‪$$‬مية بت‪$$‬اريخ ‪ 17‬يولي‪$$‬وز ‪2011‬ع‪$$‬دد ‪5952‬‬
‫مكرر‪.‬‬

‫‪ - 902‬تقرير حول العدالة بالمغرب صادر عن جمعية عدالة يونيو‪.2011 $‬‬

‫‪506‬‬
‫لقد ح دد المرس وم الس لطاني رقم ‪ 99/93‬الخ اص بإنش اء المجلس األعلى للقض اء‪903‬تركيب ة المجلس‪،‬‬
‫فاستنادا إلى المادة األولى يتشكل المجلس برئاسة جاللة السلطان وعضوية كل من ‪:‬‬

‫وزير العدل نائب أول للرئيس‬ ‫‪‬‬


‫المفتش العام للشرطة والجمارك نائب ثان‬ ‫‪‬‬
‫رئيس المحكمة العليا‬ ‫‪‬‬
‫رئيس محكمة القضاء اإلداري‬ ‫‪‬‬
‫المدعي العام‬ ‫‪‬‬
‫أقدم نائب رئيس بالمحكمة العليا‬ ‫‪‬‬
‫رئيس دائرة المحكمة القضاء اإلداري‬ ‫‪‬‬
‫أقدم رئيس محكمة االستئناف‬ ‫‪‬‬

‫ـــ وعند غياب أحد األعضاء من شاغلي الوظائف القضائية المش ار إليه ا أو وج ود م انع لدي ه‬
‫يحل محله من يليه في الجهة التي يمثلها‪.‬‬

‫وهن ا يب دو أن ت دخل الس لطة التنفيذي ة في ه ذه البني ة واض ح باعتب ار أن وزي ر الع دل ينتمي إلى ه ذه‬
‫األخيرة وبالتالي ينعكس سلبا هذا التمازج على االستقاللية بشكل عام نظرا لكون الممارس الفعلي للرئاس ة‬
‫هو النائب األول أي وزير العدل وليس جاللة السلطان‪ ،‬وفي ذلك تداخل لما هو قضائي بما هو تنفيذي‪ ،‬إال‬
‫أن هذا التداخل دفع بجاللة السلطان إلى إصدار قانون جديد يتعلق بالمجلس األعلى للقضاء في ‪ 29‬ف براير‬
‫سنة ‪ 2012‬جاء بمتغيرات مهمة لعل أبرزها هو إبعاد وزير العدل والمفتش العام للش رطة والجم ارك عن‬
‫عضوية المجلس باعتبارهما يمثالن السلطة التنفيذية ‪،‬وأصبح من يقوم مقامهما هو رئيس المحكمة العليا‪.‬‬

‫وفي ذلك تجسيد للتوجه الذي رغبت فيه السلطنة على مستوى إقرار قاعدة مثبتة من االس تقاللية للجس م‬
‫القضائي حيث ينهض كجهاز قائم الذات يرصع مجال االستقاللية ويحمي كل المكتسبات الديمقراطية ال تي‬
‫حققتها السلطنة‪ ،‬و ب العودة إلى المغ رب فق د تض من الدس تور الجدي د في الش ق المتعل ق ب المجلس األعلى‬
‫للقضاء مجموعة من المستجدات لعل أبرزها التأليف باإلضافة إلى الرئاسة المخولة لجاللة الملك عه د إلى‬
‫الرئيس األول لمحكمة النقض (المجلس األعلى سابقا) بمهمة نائب الرئيس بدال عن وزير العدل الذي ك ان‬
‫يقوم بهذه المهمة في المجلس األعلى للقضاء قبل تعديل الدستور الجديد ثم ين وب عن ه الوكي ل الع ام للمل ك‬
‫لدى محكمة النقض إذ أن تش كيلة المجلس الس ابقة ك انت ت برز بش كل واض ح ت دخل الس لطة التنفيذي ة في‬
‫السلطة القضائية‪ .‬إال أن المطالب التي رفعت إبان مرحلة إعداد الدستور كانت تصب في منح نى واح د أال‬
‫‪ - 903‬صدر هذا المرسوم سنة ‪ 1999‬في شهر نونبر‪.‬‬

‫‪507‬‬
‫وه و ض رورة إع ادة النظ ر في تش كيلة المجلس األعلى للس لطة القض ائية إذ أجم ع على أن مهم ة ن ائب‬
‫الرئيس البد من أن تسند إلى شخصية تنتمي إلى المجال القضائي وهي شخص ية س امية معروف ة بكفاءته ا‬
‫الفكرية ونزاهتها المشهود بها وأحكامها ومواقفها في تحقيق العدالة وحسن تدبيرها‪.‬‬

‫ويتولى هذا النائب نيابة عن صاحب الجاللة تدبير وإدارة السلطة القضائية وه و ال ذي ي ترأس المجلس‬
‫األعلى‬

‫للقضاء نيابة عن الملك‪ ،904‬إال أن هذه الشخص ية غالب ا م ا ك ان يش ار إليه ا في ش خص ال رئيس األول‬
‫للمجلس األعلى (محكمة النقض حاليا)‪ 905‬بيد أن بعض األحزاب طالبت بأن تكون ه ذه الشخص ية (ح زب‬
‫االتحاد االشتراكي) خارج المجال القضائي ‪:‬‬

‫و عموما فقد ثم اإلجماع على ضرورة جعل القضاء سلطة مستقلة عن السلطة التنفيذية وإعطائه ا كاف ة‬
‫الضمانات الكاملة لتفعيل هذه االستقاللية ‪ ،‬وما تشكل المجلس األعلى للسلطة القضائية بالمغرب إال م دخل‬
‫لتكريس روح االستقاللية بعدما ثم إبعاد أي تبعية للس لطة التنفيذي ة ال تي ك انت مجس دة في ش خص وزي ر‬
‫العدل وهذا هو ما تبن اه المش رع العم اني عن دما أص در المرس وم الس الف ال ذكر لكي يعم ل على إعط اء‬
‫القضاء ذلك التقدير المستحق تحقيقا للمصلحة العامة وتماشيا مع كل الش عارات ال تي رفعت إب ان المرحل ة‬
‫ودعما إلى سلطة مستقلة تعزز كل هذه األبعاد والتصورات على أرض الواقع‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الدفع بالقضاء اإلداري نحو االستقاللية‬

‫يجم ع الكث ير على أن االرتق اء بالقض اء إلى س لطة مس تقلة ال يس تقيم إال بجع ل القض اء اإلداري في‬
‫استقالل كلي عن القضاء المادي وهذا االستقالل يتجسد بالكثير من المظاهر‪ ،‬فأول م ا يمكن أن نش ير إلي ه‬
‫هو إحداث مجلس الدولة الذي يكرس االستقاللية بوض وح وتجلي لكن في أف ق الوص ول إلى ه ذا الوض ع‬
‫عمل المشروع العماني على تأهيل القضاء اإلداري للعب هذا الدور‪ ،‬وذلك بجعل القضاء اإلداري مستقال‬
‫عن دي وان البالط الس لطاني إال أن ه رغم ذل ك فالزال ه ذا القض اء في تبعي ة للمجلس األعلى للش ؤون‬
‫اإلدارية‪.‬‬

‫لقد جاء القضاء اإلداري كضمانة أساسية لحماي ة الحق وق والحري ات نظ را لم ا يتمت ع ب ه من اس تقالل‬
‫وحياد تام يجعل بمنأى عن ت دخل الدول ة في ش ؤونه ومرتك زا على مب دأ المش روعية ال ذي يحتم خض وع‬
‫جميع سلطات الدولة العامة مثله ا في ذل ك مث ل األف راد ألحك ام الق انون ومن ه ذا المنطل ق ص در النظ ام‬
‫األساسي للدول ة بالمرس وم الس لطاني رقم (‪ )96/101‬ليؤك د توج ه الدول ة نح و إرس اء مب دأ المش روعية‬
‫وتكريس سيادة القانون بالبالد مع التأكيد على وجود رقابة قضائية على أعمال اإلدارة تضمن تحقي ق ذل ك‬

‫‪ - 904‬مقترحات حزب االستقالل في الشق المتعلق بجهاز القضاء وإرادة ضمن كتاب تعزيز حول العدالة بالمغرب‪.‬‬
‫‪ - 905‬مقترحات أحزاب العدالة والتنمية والطليعة االشتراكي والتقدم االشتراكي‪.‬‬

‫‪508‬‬
‫المبدأ فبعد أن نصت المادة ‪ 25‬من النظام األساس ي للدول ة ‪ 149‬على أن للقاض ي ح ق مض مون ومكف ول‬
‫للناس كافة تم أشارت المادة ‪ 67‬إلى أنه " ينظم القانون الفصل في الخصومات اإلدارية بواس طة دائ رة أو‬
‫محكمة خاصة بين القانون نظامها وكيفية ممارستها للقضاء اإلداري وهو ما ت وج بإنش اء محكم ة القض اء‬
‫اإلداري‪906‬بالمرسوم السلطاني رقم (‪ )99/91‬الذي تضمن المادة الثانية من المرسوم على أنه ق د ‪" :‬يك ون‬
‫وزير البالط الس لطاني ه و ال وزير المختص بالنس بة إلى المحكم ة "‪ ،‬فمن خالل ه ذا يتض ح أن المح اكم‬
‫اإلدارية بسلطنة عمان جعلت من وزير ديوان البالط السلطاني هو من يختص بهذه المح اكم ففي ظ ل ه ذا‬
‫الوضع ال يمكن الجهر بالقول على أن المحاكم اإلداري ة (القض اء اإلداري) تع رف اس تقاللية عن الس لطة‬
‫التنفيذي ة إذا أن ه ذا الت دخل ال يك رس االس تقاللية وه و م ا دف ع بالمش رع العم اني إلى تب ني اس تراتيجية‬
‫واضحة المعالم تجع ل من القض اء اإلداري م ؤهال لس لك خي ار االس تقاللية عن القض اء الع ادي ويك رس‬
‫االزدواجية‪.‬‬

‫إذا أن إحداث هذه المحكمة هو جزء من خطة العمل‪ ،‬إال أن هذا التداخل ال يواف ق والتوج ه ال ذي يجب‬
‫أن يتم االعتماد عليه وهو فعال ما تأتي بإصدار المش رع العم اني لمرس وم جديد‪ 907‬يعم ل قطيع ة م ع ه ذا‬
‫التداخل ويفيد محكمة القضاء اإلداري عن ديوان البالط السلطاني وهو يدل على نية السلطنة " في ض مان‬
‫استقاللية القضاء وتنزيل تلك الشعارات إلى أرض الواقع وفق نص تشريعي واض ح الدالل ة‪ ،‬كم ا أن ه ذا‬
‫التعديل يواكب التوجهات الكبرى التي شرعت السلطنة فيما بينها من أج ل بل وغ مقاص ي وأه داف الدول ة‬
‫الحديثة وكذلك لالستجابة للمتطلبات الراهنة " المتمثلة في التحوالت الكبيرة التي عرفها المجتم ع العم اني‬
‫على كافة األصعدة‪ ،‬وبالتالي التماشي مع شعار " دولة الحق" في حرص ها على تعزي ز مكتس بات الش عب‬
‫العماني في الحقوق والواجبات‪.‬‬

‫أما بالنسبة للقضاء اإلداري في المغرب فهو تابع لوزارة العدل المغربية (العتبار أن المح اكم اإلداري ة‬
‫ومحاكم االستئناف اإلدارية) يخضعون في تدبيرهم المالي واإلداري لإلدارة المركزي ة وهي وزارة الع دل‬
‫والحريات كما أن رئيس المحكمة اإلدارية من جانب مهامه اإلدارية وليس القضائية يعتبر مرؤوسا لرئيسه‬
‫وهو وزير العدل من الجانب اإلداري‪ ،‬وعن هذا التوجه الذي سلكه المشرع العماني في اس تقاللية المح اكم‬
‫اإلدارية عن البالط السلطاني فه و توج ه محم ود ك ان على المش رع المغ ربي أن يعم ل على تجس يد ه ذه‬
‫االس تقاللية بجع ل المح اكم اإلداري ة وح دات خاص ة تتمت ع باالس تقالل الم الي واإلداري عن اإلدارة‬
‫المركزية‪ ،‬من أجل بلوغ االستقاللية المنشودة‪.‬‬

‫‪906‬‬
‫‪.‬انظر الصفحة‪ ............ www 126 :‬موقع وزارة الشؤون القانونية ‪-‬‬
‫‪907‬‬
‫‪.‬مرسوم سلطاني رقم ‪ 10/2012‬صادر في ‪ 29‬فبراير ‪- 2012‬‬

‫‪509‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تبعية القضاء اإلداري للمجلس األعلى للشؤون اإلدارية‬

‫استنادا إلى المادة ‪ 28‬من المرسوم السلطاني رقم ‪ 91/99‬الخاص بإنشاء محكمة القضاء اإلداري " نشأ‬
‫بالمحكمة مجلس للشؤون اإلدارية برئاس ة ال وزير المختص وعض وية رئيس المحكم ة ونائب ه واث نين من‬
‫المستشارين وعند غياب الوزير المختص أو وجود مانع لديه يحل محله رئيس المحكمة ‪ ،‬وعند غياب أح د‬
‫أعضاء المجلس أو وجود مانع لديه يحل محله األقدم من أعض اء الجمعي ة العام ة للمحكم ة‪ ،‬بحيث ال يق ل‬
‫تشكيله عند خمسة‪. " .....‬‬

‫ومن خالل ما تبين في هذه المادة أنه بداخل محكمة القضاء اإلداري تتواجد هيئة تسمى مجلس الش ؤون‬
‫اإلداري ة مكون ة من وزي ر الع دل ورئيس المحكم ة اإلداري ة ون ائب ال رئيس واث نين من أق دم مستش ارين‬
‫بالمحكمة وينوب عن الرئيس في حالة غياب رئيس المحكمة‪ ،‬وعند غياب أح د األعض اء ين وب عن ه أق دم‬
‫عضو في الجمعية العامة للمحكمة‪.‬‬

‫ومن اختصاصات هذا المجلس حسب نص المرسوم النظر في تعيين أعضاء المحكمة وتحديد أق دميتهم‬
‫وترقياتهم ونقلهم و تأديبهم خ ارج المحكم ة وإع ارتهم وتظلم اتهم وبس ائر ش ؤونهم الوظيفي ة على الوج ه‬
‫المنصوص عليه في هذا القانون ‪ ،‬غير أن القضاء اإلداري المغربي وتحديدا المحاكم اإلدارية جعلت تبعية‬
‫القضاة وعزلهم وتأديبهم يخضعون لسلطات المجلس األعلى للسلطة القضائية على عكس ما ه و ك ائن في‬
‫محكم ة القض اء اإلداري لس لطنة عم ان‪ ،‬كم ا نص ت نفس الم ادة أن المجلس يجتم ع ب دعوة من ال وزير‬
‫المختص (وزير العدل) أو من يحل محله (رئيس محكمة القضاء اإلداري)‪.‬‬

‫هذا وتكون جميع مداوالت المجلس س رية وتص در قرارات ه بأغلبي ة األعض اء‪ ،‬كم ا أن رئيس محكم ة‬
‫القضاء اإلداري يقدم لرئيس المجلس تقريرا سنويا متضمنا م ا أظهرت ه األحك ام من نقص في التش ريعات‬
‫القادمة أو غموض فيها‪ ،‬أو مجاورة أي جهة لسلطتها‪ ،‬ويرف ع رئيس المجلس التقري ر إلى جالل ة الس لطان‬
‫ووفق ما يتجلى من هذا االختبار الذي تبناه المشرع العماني ة فإن ه ال يخ دم أي اس تقاللية للقض اء اإلداري‬
‫رغم كل المبادرات التي أعقبت هذا المرسوم والهادفة إلى ترس يخ مب دأ اس تقاللية القض اء‪ ،‬إذ أن إخض اع‬
‫القضاة في نقلهم وعزلهم وترقيتيهم لسلطات وزير العدل ال يخدم بتاتا استقاللية القضاء‪ ،‬إذ ك ان ب األحرى‬
‫أن يخضعوا للمجلس األعلى للقضاء كما هو الحال بالمغرب ضمانا لالس تقاللية في أداء عملهم ومه امهم‪،‬‬
‫إذ أن مؤسسة المجلس األعلى للقضاء هي موج ودة ض من البني ة القانوني ة في س لطنة عم ان إذ ك ان على‬
‫المشرع أن يطهر هذه الترسانة بصالحيات عدة أهمها النظر في وضعية القضاة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور القضاء اإلداري في حماية الحقوق السياسية‬

‫‪510‬‬
‫إذا كانت البداية األولى للرقابة القضائية على أعمال اإلدارة بالسلطنة تتمث ل في إنش اء محكم ة القض اء‬
‫اإلداري‪ ،‬إال أنه ال يمكننا القول إن الجهات اإلدارية كانت بمنأى على أي رقابة قبل إنشاء هذه المحكم ة إذ‬
‫أن الواقع يؤكد وجوده عدة أنواع من الرقابة حرصت الحكومة على األخذ بها منذ البداية للنهضة المبارك ة‬
‫وإن كانت فعاليتها محدودة‬

‫نوعا م ا بالمقارن ة بالقض اء إال أنه ا غالب ا م ا تحق ق الض مانات المطلوب ة‪ ،‬وبالت الي ال يمكن تص حيح‬
‫األوضاع وتحقيق الضمانات األساسية لحماية تلك الحقوق والحري ات إال باس تخدام رقاب ة فعال ة تتمث ل في‬
‫الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة‪ ،‬فهي أفضل أنواع الرقابة وأكملها‪ ،‬إذ بغ ير ه ذه الرقاب ة القض ائية ال‬
‫يعدو القانون أن يكون س وى قواع د نظري ة ال يوج د من يحق ق له ا االح ترام ال واجب والص فة اإللزامي ة‬
‫اآلمرة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬دور القضاء اإلداري العماني في حماية الحقوق السياسية‬

‫يعد األساس الدستوري للقضاء اإلداري في السلطنة – بعد الشريعة اإلسالمية – المادة (‪ )67‬من النظام‬
‫األساسي التي تنص بأن‪ " :‬ينظم القانون الفصل في الخصومات اإلدارية بواسطة دائرة أو محكم ة خاص ة‬
‫يبين القانون نظامها‪ ،‬وكيفية ممارستها للقضاء اإلداري"‪.‬‬

‫فالتنظيم القضائي خالل الف ترة من ‪1970‬م وح تى ‪1999‬م‪ ،‬يتك ون من ع دة جه ات أس ند له ا المش رع‬
‫النظر في بعض المنازعات‪ ،‬ولذلك تعددت جهات القض اء‪ ،‬وتب اينت الجه ات المش رفة عليه ا‪ ،‬مم ا أظه ر‬
‫العديد من المشاكل‪ ،‬أقل ما يمكن أن توصف به هو عدم وجود تنظيم قضائي واضح في السلطنة‪ ،‬وبالت الي‬
‫خلق هذا الوضع اختالف القواعد القانونية الحاكمة لالختصاص والفصل في الخصومات‪.‬‬

‫وبعد صدور النظام االساسي للدولة الذي عهد بتنظيم ذلك القانون‪ ،‬وال ذي تنص الم ادة (‪ )62‬من ه على‬
‫أن‪ " :‬يرتب القانون المحاكم على اختالف أنوعها‪ ،‬ودرجاتها‪ ،‬ويبين وظائفها‪ ،‬واختصاصاتها" مفرداً مواد‬
‫خاص ة لتنظيم االدع اء الع ام‪ ،‬والفص ل في الخص ومات اإلداري ة‪ ،‬وأس لوب البت في الخالف على‬
‫االختصاص بين جه ات القض اء وفي تن ازع األحك ام‪ ،‬والجه ة المعني ة بإب داء ال رأي الق انوني لل وزارات‬
‫والجهات الحكومي ة االخ رى‪ ،‬وص ياغة مش روعات القـوانين والل وائح والق رارات ومراجعته ا‪ ،‬والجه ة‬
‫المعنية بالفصل في المنازعات المتعلقة بمدى تطابق القوانين واللوائح م ع النظ ام األساس ي للدول ة‪ ،‬وع دم‬
‫مخالفتها إلحكامه‪.‬‬

‫مما يعني أن إعادة تنظيم القضاء على أسس حديث ة ب ات مطلب ا ً ملح ا ً على الس لطات المختص ة‪ ،‬وذل ك‬
‫خالل م دة س نتين‪ ،‬وعلى الق ائمين على تنفي ذ النظ ام األساس ي تب نى أي من النظ امين القض ائيين‪ ،‬النظ ام‬

‫‪511‬‬
‫الموحد‪ ،‬وذلك من خالل إنشاء قضاء عادي‪ ،‬واالكتفاء بدائرة تختص بالنظر في المنازعات اإلدارية ضمن‬
‫منظومة القض اء الع ادي‪ ،‬وه و م ا يمكن تحقيق ه من خالل الم ادة(‪ )67‬من النظ ام األساس ي ال تي عه دت‬
‫بتنظيم الفصل في الخصومات اإلدارية من قبل دائرة أو محكمة خاصة‪ ،‬أو األخذ بنظ ام القض اء الم زدوج‬
‫الذي يتطلب قيام جهة قضاء إداري مستقلة بجانب القضاء العادي‪ ،‬األم ر ال ذ أجازت ه الم ادة(‪ )67‬المش ار‬
‫إليها‪.‬‬

‫وانطالقا من المبدأ الذي عملت السلطنة على اعتناقه خالل مرحل ة البن اء والتط وير والقاض ي باإلف ادة‬
‫من كل جديد‪ ،‬مع المحافظة على الثوابت والمكتسبات التي تحققت‪ ،‬فقد تمت إعادة تنظيم القضاء على نح و‬
‫حديث ومتكامل‪ ،‬وذلك بإيجاد نوعين من القض اء أح دهما قض اء ع ادي‪ ،‬تمثل ه مح اكم الس لطة القض ائية‪،‬‬
‫وآخر قضاء إداري تمثله محكمة القضاء اإلداري وذلك باإلضافة إلى قضاء خاص يتمثل في محكم ة أمن‬
‫الدولة‪ ،‬والمحاكم العسكرية في ظل قانون الشرطة رقم (‪.)35/90‬‬

‫وبإصدار قانون الس لطة القض ائية بالمرس وم الس لطاني رقم (‪ )90/99‬ال ذي ينص في الم ادة (‪ )4‬من ه‬
‫على أن‪ " :‬يص در بإنش اء ك ل من محكم ة القض اء اإلداري وإص دار قانونه ا مرس وم س لطاني"‪ ،‬حس م‬
‫المشرع العماني موقفه من ازدواجية القضاء‪ ،‬بإنشاء محكم ة خاص ة بنظ ر الخص ومات اإلداري ة بج انب‬
‫محاكم السلطة القضائية‪ ،‬التي حدد اختصاصها بالحكم في ال دعاوى المدني ة والتجاري ة‪ ،‬وطلب ات التحكيم‪،‬‬
‫ودعاوى األحوال الشخصية‪ ،‬والدعاوى العمومية والعمالي ة والض ريبية واإليجاري ة‪ ،‬وغيره ا ال تي ترف ع‬
‫إليها طبقا ً للقانون‪.‬‬

‫العنصر األول‪ :‬محكمة القضاء اإلداري في سلطنة عمان‬

‫صدر المرسوم السلطاني رقم ( ‪ )91/99‬بإنشاء محكمة القضاء اإلداري وإصدار قانونها وذلك بج انب‬
‫القضاء العادي‪ ،‬واشتمل القانون على تنظيم‪ ،‬وتشكيل المحكم ة‪ ،‬وبي ان اختصاص اتها‪ ،‬وذل ك بإنش اء هيئ ة‬
‫مستقلة للفصل في الخصومات اإلدارية تسمى (محكمة القضاء اإلداري)‪ ،‬وتكون تبعيتها اإلداري ة والمالي ة‬
‫لوزير ديوان البالط السلطاني‪ ،‬كما نظم اإلجراءات ال تي تتب ع أمامه ا‪ ،‬واألحك ام الخاص ة بنظ ام أعض اء‬
‫المحكمة‪ ،‬وفيما يتصل باالختصاص‪ ،‬فقد حصرت المادة (‪ )6‬من ق انون المحكم ة اختصاص ها ب النظر في‬
‫الدعاوى المحددة في البنود من (‪ 1‬وحتى ‪ )8‬منها‪ ،‬في حين أخرجت من اختصاص المحكمة وفق ا للم ادة (‬
‫‪ )7‬من ذات القانون النظر في اعمال السيادة‪ ،‬والمراسيم ‪ ،‬واالوامر السامية‪.‬‬

‫وبمطالع ة ق انون محكم ة القض اء اإلداري وعلى األخص الم ادة (‪ )6‬من ه‪ ،‬نج د أن اختصاص ات‬
‫المحكمة مقصورة على االختصاص القضائي فحسب‪ ،‬وبالتالي يخرج عن اختصاصها كل ما يتعلق بإب داء‬

‫‪512‬‬
‫الرأي القانوني‪ ،‬وإعداد ومراجعة التش ريعات والعق ود‪ ،‬وي دخل في اختص اص وزارة الش ؤون القانوني ة‪،‬‬
‫وفقا للمرسوم رقم (‪ )14/94‬المنظم الختصاصات الوزارة‪.‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬تشكيل وترتيب المحكمة‬


‫بينت المواد من (‪ )1‬وحتى (‪ )5‬من قانون المحكمة تشكيل وترتيب محكمة القض اء اإلداري‪ ،‬من رئيس‬
‫المحكمة‪ ،‬ونائب ال رئيس‪ ،‬وع دد ك اف من المستش ارين‪ ،‬والمستش ارين المس اعدين االول‪ ،‬والمستش ارين‬
‫المساعدين‪ ،‬والقضاة‪ ،‬والقضاة المساعدين‪ ،‬وتتألف المحكمة من دائرة ابتدائية أو أكثر‪ ،‬ودائرة استئنافية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الدائرة االبتدائية‬

‫تش كل ال دائرة االبتدائي ة برئاس ة مستش ار‪ ،‬وعض وية اث نين من المستش ارين االول أو المستش ارين‬
‫المساعدين‪ ،‬كما أجاز القانون أن يك وون أح د األعض اء بوظيف ة ق اض‪ ،‬وفي ع ام ‪2009‬م اص بح تش كيل‬
‫الدائرة برئاسة مستشار وعضوية اثنين من اعضاء المحكمة‪.‬‬

‫وتختص الدائرة اإلبتدائية بنظر كافة الخصومات اإلداري ة المح ددة في الم ادة (‪ )6‬من ق انون المحكم ة‬
‫سواء تعلقت الدعوى بطلب إلغاء قرار إداري أو التعويض عنه‪.‬‬

‫بمع ني أن ال دعاوى المتعلق ة بالخص ومات اإلداري ة تنظ ر على درجي تين‪ :‬األولى من قب ل ال دائرة‬
‫االبتدائية‪ ،‬والثانية من قبل الدائرة االستئنافية‪.‬‬

‫وألهمية الدعاوى التي تعرض على الدائرة االبتدائية رف ع المش رع تش كيل ال دائرة إلى ثالث ة أعض اء‪،‬‬
‫وتطلب أن يكون الرئيس بدرجة مستشار‪ ،‬وهو بخالف ما عليه الحال بالنسبة إلى تشكيل الدوائر االبتدائي ة‬
‫في ظل قانون السلطة القضائية المشار إليه الذي قرر في المادة (‪ )6‬منه على تشكيل ك ل دائ رة من دوائ ر‬
‫المحكمة اإلبتدائية من قاض واحد‪ ،‬ومن ثالثة قضاة في الدعاوى النوعية والقيمية التي يحدها القانون‪.‬‬

‫ولقد بدأت محكمة القضاء اإلداري في أول عهدها ب دائرة ابتدائي ة واح دة في مق ر المحكم ة‪ ،‬بمحافظ ة‬
‫مسقط‪ ،‬ومن ثم تم إنشاء ثالث دوائر ابتدائية متعاقبة في مسقط‪ ،‬ودائرة ابتدائية أخ رى في محافظ ة ظف ار‪،‬‬
‫وبعدها دائرة أخرى في محافظة ش مال الباطن ة‪ ،‬ومن الم أمول فتح دوائ ر أخ رى للمحكم ة في محافظ ات‬
‫ومناطق السلطنة األخرى‪ ،‬تحقيقا لدعوة النظام األساسي للدولة بأهمية تقريب القضاء من المتقاضين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الدائرة اإلستئنافية‬

‫‪513‬‬
‫تشكل الدائرة االستئنافية برئاسة رئيس المحكمة أو نائبه وعضوية أربعة من المستش ارين ممن أمض وا‬
‫في هذه الوظيفة سنتين على األقل‪ ،‬كما اجاز القانون أن يرأس الدائرة االستئنافية عند الحاجة األق دم فاألق د‬
‫من أعضائها‪ ،‬وفي عام ‪2009‬م أصبح تشكيل الدائرة اإلستئنافية برئاسة رئيس المحكمة أو نائبه وعضوية‬
‫أربعة من المستشارين‪.‬‬

‫وحيث إن التقاضي وفقا لقانون محكمة القضاء اإلداري على درج تين‪ ،‬ف إن ال دائرة االس تئنافية‪ ،‬وذل ك‬
‫وفقا ألحكام المادة(‪ )20‬من قانون المحكمة التي ميزت بين نوعين من األحكام هي‪:‬‬

‫‪-1‬األحك ام الص ادرة في ال دعاوى المنص وص عليه ا في البن ود (‪ )5 ،4 ،3 ،2‬من الم ادة‬
‫السادسة‪ ،‬وكذلك األحكام الصادرة وفقا للفق رة الثاني ة من الم ادة (‪ )8‬من الق انون‪ ،‬فه ده األحك ام‬
‫قابلة لالستئناف‪.‬‬

‫‪-2‬األحك ام الص ادرة في ال دعاوى األخ رى (بتحدي د المس تحقات)‪ ،‬فيش ترط لقب ول طلب‬
‫االستئناف فيها زيادة قيمة الدعوى على خمسة آالف لاير‪.‬‬

‫بيد أنه وألهمية الدعاوى االستئنافية التي تدخل في اختصاصات الدائرة‪ ،‬فقد رفع المش رع تش كليها إلى‬
‫خمسة أعض اء برئاس ة رئيس المحكم ة أو ن ائب رئيس المحكم ة‪ ،‬وه و تش كيل يختل ف عم ا علي ه الح ال‬
‫بالنسبة إلى المحاكم االستئنافية في القضاء العادي‪ ،‬التي تشكل من رئيس‪ ،‬وعدد (‪ )2‬من األعضاء‪ ،‬وبدأت‬
‫المحكمة بدائرة استئنافية واحدة‪،‬‬

‫تتخذ من محافظة مسقط مقراً لها‪ ،‬ومن ثم تم إضافة دائرة ثانية في ذات المق ر‪ ،‬إال أن ص ياغة الم ادة (‬
‫‪ )5‬من قانون المحكمة يجيز إنشاء دائرة استئنافية خارج محافظ ة مس قط بم وجب مرس وم س لطاني‪ ،‬بن اء‬
‫على توصية المجلس األعلى للقضاء‪.‬‬

‫العنصر الثالث‪ :‬اختصاصات المحكمة‬

‫جاء اختصاص المحكمة في بداية نشأتها على سبيل الحصر في البنود اآلتية‪:‬‬

‫الدعاوى الخاصة بالرواتب والمعاشات والمكافآت وما في حكمها المس تحقة للم وظفين العموم يين‬ ‫‪-1‬‬

‫أو لورثتهم‪.‬‬
‫الدعاوى التي يقدمها الموظفون العموميون بمراجعة القرارات اإلدارية النهائية الصادرة بإحالتهم‬ ‫‪-2‬‬

‫إلى التقاعد أو بفصلهم بغير الطريق التأديبي‪.‬‬


‫الدعاوى التي يقدمها الموظفون العموميون بمراجعة الجزاءات التأديبية الموقعة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫‪514‬‬
‫الدعاوى التي يقدمها ذوو الشأن بمراجعة القرارات اإلدارية النهائية‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫ال دعاوى ال تي يق دمها ذوو الش أن بمراجع ة الق رارات النهائي ة الص ادرة من لج ان إداري ة ذات‬ ‫‪-5‬‬

‫اختصاص قضائي‪ ،‬وذلك فيما عدا الق رارات الص ادرة من اللجن ة المنص وص عليه ا في الم ادة (‪ )15‬من‬
‫قانون تنظيم الجنسية العمانية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ‪. 3/83‬‬
‫دعاوى التعويض عن القرارات المنصوص عليها في البنود السابقة‪ ،‬سواء رفعت بصفة أصلية أو‬ ‫‪-6‬‬

‫تبعية‪.‬‬
‫الدعاوى المتعلقة بالعقود اإلدارية‪.‬‬ ‫‪-7‬‬

‫المسائل األخرى التي تنص القوانين على اختصاص المحكمة بها ‪.‬‬ ‫‪-8‬‬

‫وفي ع ام ‪ 2009‬ص در المرس وم الس لطاني رقم(‪ )3/2009‬بتع ديل اختصاص اتها لتختص المحكم ة ‪-‬‬
‫دون غيرها ‪ -‬بالفصل في الخصومات اإلدارية ومنها اآلتي‪:‬‬

‫‪-1‬الدعاوى التي يقدمها الموظفون العموميون بمراجع ة الق رارات اإلداري ة النهائي ة المتعلق ة‬
‫بسائر شؤونهم الوظيفية‪.‬‬

‫‪-2‬الدعاوى التي يقدمها ذوو الشأن بمراجعة القرارات اإلدارية النهائية‪.‬‬

‫‪-3‬الدعاوى التي يقدمها ذوو الشأن بمراجعة القرارات النهائية الصادرة من لجان إداري ة ذات‬
‫اختصاص قضائي‪.‬‬

‫‪-4‬الدعاوى الخاص ة ب الرواتب والمعاش ات والمكاف آت وم ا في حكمه ا المس تحقة للم وظفين‬
‫العموميين أو لورثتهم‪.‬‬

‫‪-5‬دعاوى التعويض المتعلقة بالخصومات اإلدارية‪ ،‬سواء رفعت بصفة أصلية أو تبعية‪.‬‬

‫‪-6‬ال دعاوى المتعلق ة ب العقود اإلداري ة‪ ،‬وذل ك دون إخالل بحكم الم ادة (‪6‬مك ررا ) من ه ذا‬
‫القانون‪.‬‬

‫‪-7‬المسائل األخرى التي تنص القوانين على اختصاص المحكمة بها‪.‬‬

‫في حين يخرج عن إختصاص المحكمة اآلتي‪:‬‬

‫الطلبات المتعلقة باعمال السيادة أو بالمراسيم أو الوامر السلطانية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪515‬‬
‫ال دعاوى الخاص ة بأعم ال الوح دات األمني ة والعس كرية ع دا م ا يتعل ق منه ا بق رارات‬ ‫‪-2‬‬
‫متصلة بأداء خدمات عامة لذوي الشأن المتعاملين معها‪.‬‬
‫الدعاوى المتعلقة بالجنسية والشؤون القبلية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫وتج در اإلش ارة إلى أن المش رع راعى اس تقالل القض اء اإلداري بالس لطنة‪ ،‬بم ا يكف ل الس رعة في‬
‫اإلجراءات‪ ،‬مما ينعكس أثره على سرعة الفصل في الخصومات اإلدارية مما يعد ض مانة أساس ية لحماي ة‬
‫حقوق األفراد وحياتهم وفي نفس الوقت يقتضيها حسن سير وانتظام المرافق العامة‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬جاء إنشاء محكمة القض اء اإلداري كجه ة قض ائية مس تقلة لتك ون رقيب ا على مش روعية أعم ال‬
‫الجهات اإلدارية‪ ،‬وضمانة أساسية لتحقيق سيادة القانون بالبالد‪ ،‬لتختص بالفصل في الخصومات اإلدارية‪،‬‬
‫األمر الذي يعد نقلة حضارية هامة في التنظيم القضائي بالسلطنة وترسيخا لدولة المؤسسات والقانون‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬دور القضاء اإلداري المغربي‬

‫لعب القض اء اإلداري ب المغرب من ذ إنش اء المح اكم اإلداري ة س نة ‪ 1990‬دورا ج د مهم في تعزي ز‬
‫المنظوم ة القض ائية المغربي ة وض مان حماي ة قض ائية واس عة للحق وق والحري ات ض د ك ل اإلنتهاك ات‬
‫والتجاوزات التي قد تصدر عن اإلدارة بواسطة ق رارات إداري ة يك ون من ش أنها المس بحق وق وحري ات‬
‫األفراد والجماعات‪.‬‬

‫العنصر األول‪ :‬تشكيل المحاكم اإلدارية‬

‫شكل إحداث المحاكم اإلدارية بالفعل محطة هامة في تاريخ إصالح النظ ام القض ائي المغ ربي‪ ،‬الس يما‬
‫وأن ذلك يندرج ضمن سياق توطيد دعائم دولة الحق والقانون وتوفير الضمانات القض ائية الكفيل ة بحماي ة‬
‫حقوق وحريات األفراد‪ ،‬وإذا كانت هذه المحاكم تقوم بدور إيجابي كما ي برز ذل ك الواق ع العملي من خالل‬
‫حصيلة أدائها في ترسيخ مبدأ المشروعية وتكريس العديد من المبادئ األساس ية في الق انون اإلداري‪ ،‬ف إن‬
‫ذلك لن يبلغ مداه إال إذا أحيطت هذه األجهزة المتخصصة في المادة اإلدارية بالعناية الفائقة التي تستحقها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تنظيم وتكوين المحاكم اإلدارية‬

‫ينص الفصل األول من قانون ‪ 41-90‬المحدث للمحاكم اإلدارية بالمغرب على ان إحداث تل ك المح اكم‬
‫وتعيين دوائر نفوذها الترابي واختصاصاتها يتم بمقتضى مرسوم‪.‬‬

‫‪516‬‬
‫وتتكون المحكمة اإلدارية من رئيس وعدة قضاة وكتابة الضبط‪ ،‬ويجوز تقسيم المحكمة إلى عدة أقس ام‬
‫بحسب أنواع القضايا المعروض ة عليه ا ويعين رئيس المحكم ة من بين قض اة المحكم ة اإلداري ة مفوض ا‬
‫ملكيا أو مفوضين ملكيين لدفاع عن الحق والقانون باقتراح من الجمعية العمومية لمدة سنتين‪.908‬‬

‫وتسري على قض اة المح اكم اإلداري ة أحك ام الظه ير الش ريف المعت بر بمثاب ة ق انون رقم ‪467.74.1‬‬
‫الصادر في ‪ 26‬من شوال ‪11( 1394‬نونبر ‪ )1974‬بتحديد النظام األساسي للقض اة م ع مراع اة األحك ام‬
‫الخاصة الواردة فيه‪.‬‬

‫إن ما يمكن تسجيله بخصوص تنظيم المح اكم اإلداري ة‪ ،‬ه و أن القض اء أص بح اجتماعيا‪ 909‬حيث تعق د‬
‫المحاكم اإلدارية جلساتها وتصدر أحكامها عالنية وهي مرتبكة من ثالثة هذه الشكلية في حد ذاته ا ض مانة‬
‫على كل وجه في اتخاذ القرارات المناسبة من طرف القض اة‪ ،‬واس تثناء ف إن المش رع أعطى االختص اص‬
‫لرئيس المحكم ة أو من ين وب عن ه بص فته قاض يا للمس تعجالت واألوام ر القض ائية ب النظر في الطلب ات‬
‫الوقتية والتحفظية‪.910‬‬

‫وتتضمن المحاكم اإلدارية مؤسسة جديدة وهي مؤسسة المفوض الملكي للدفاع عن القانون والح ق وق د‬
‫أخذ المشرع المغربي هذا التقليد عن مؤسسة مفوض الحكومة لدى المحاكم اإلدارية بفرنسا‪.‬‬

‫ورغم وح دة النظ ام المطب ق على القض اة بمن فيهم المح اكم اإلداري ة ف إن تمت خصوص يات ترتب ط‬
‫بطبيعة المهام الموكولة بالقضاة اإلداريين‪ ،‬تجعلهم يتم يزون عن قض اة القض اء الع ادي وه ذا م ا يط رح‬
‫تس اءل إلى أي ح د يجس د تخص ص المح اكم اإلداري ة في الم ادة اإلداري ة تط ورا وإص الحا نح و إق رار‬
‫ازدواجية القضاء على الطراز الفرنسي؟‪.‬‬

‫كما أن الطابع المستقل لمؤسس ة المف وض الملكي لل دفاع عن الح ق والق انون في دراس ات الملف ات‪ ،‬ال‬
‫يحيل إلى الجهة قضائية مستقلة على اعتبار أن هذا المفوض هو في حد ذاته قاضي يمكنه أن يصبح ضمن‬
‫هيئة الحكم وإن كان بصفته مفوضا ال يشارك إصدار األحكام‪.911‬‬

‫أما فيما يخص محكمة القضاء اإلداري بالس لطنة‪ ،‬فهي هيئ ة قض ائية تختص بالفص ل في الخص ومات‬
‫اإلدارية‪ ،‬بالمرسوم السلطاني رقم ‪ 91-99‬الص ادر بت اريخ ‪ 13‬ش عبان ‪ 1420‬المواف ق ‪ 21‬نون بر ‪199‬م‪،‬‬
‫وبدأ العمل بقانونها اعتبارا من ‪ 1‬ديسمبر ‪2000‬م عمال بحكم المادة ‪ 5‬من المرسوم الصادر‪.‬‬

‫‪ - 908‬المادة الثانية من قانون المحاكم اإلدارية‬


‫‪ - 909‬المادة الخامسة من قانون المحاكم اإلدارية‬
‫‪ - 910‬المادة ‪ 19‬من نفس القانون‬
‫‪ - 911‬حسن صحيب‪" :‬القضاء اإلداري المغربي" منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية الطبعة‬
‫األولى‪ ،2008 ،‬الصفحة‪414:‬‬

‫‪517‬‬
‫ووزير البالط السلطاني هو الوزير المختص بالنسبة للمحكمة‪ ،‬حيث يوجد مقرها في العاص مة مس قط‪،‬‬
‫ويجوز بمرسوم سلطاني إنشاء دوائر ابتدائية أو استئنافية خارج محافظة مسقطة‪ ،‬وتضم محكم ة مس قطة‬
‫دائرتين ابتدائيتين ودائرة استئنافية‪ ،‬حيث تتألف المحكمة من دائرة ابتدائية أو أك ثر تش كل ك ل دائ رة منه ا‬
‫برئاسة مستشار وعضوية اثنين من المستشارين المساعدين األول‪ ،‬أو المستشارين المس اعدين ويج وز أن‬
‫يكون أن يكون أحد األعضاء بوظيفة قاض دائرة استئنافية تشكل برئاسة المحكمة أو نائبه وعضوية أربعة‬
‫من المستشارين ممن أمضوا في هذه الوظيفة سنتين على األقل‪ ،‬ويجوز أن يترأس الدائرة عن د االقتض اء‬
‫األقدم من أعضائها‪.‬‬

‫يجوز بمرسوم س لطاني بن اء على توص ية المجلس األعلى للقض اء إنش اء دوائ ر ابتدائي ة أو اس تئنافية‬
‫خارج محافظة مسقطة‪ ،‬ويحدد المرسوم مقر ونطاق اختصاص كل منها‪ ،‬ويجوز أن تعقد جلس اتها في أي‬
‫مكان أخر داخل نطاق اختصاصها وذلك بقرار من الوزير المختص بناء على طلب رئيس المحكمة‪.‬‬

‫وتتش كل المحكم ة القض اء اإلداري بس لطنة من رئيس ون ائب ال رئيس وع دد من المستش ارين‪،‬‬
‫والمستش ارين المس اعدين األول‪ ،‬والمستش ارين المس اعدين والقض اة‪ ،‬وبالمحكم ة ع دد ك اف من القض اة‬
‫المساعدين‪.‬‬

‫وتتألف المحكمة من دوائر ابتدائية استئنافية أو أكثر‪ ،‬ويكون مقره ا محافظ ة مس تقلة ويج وز بمرس وم‬
‫سلطاني بناء على توصية المجلس األعلى للقضاة‪ ،‬إنشاء دوائر ابتدائي ة اس تئنافية خ ارج محافظ ة مس قط‪،‬‬
‫ويحدد المرسوم مقر ونطاق اختص اص ك ل منه ا وله ا أن تعق د جلس اتها في أي مك ان أح ر داخ ل نط اق‬
‫اختصاصها وذلك بقرار من رئيس المحكمة‪.‬‬

‫تشكل المحاكم اإلدارية برئاسة مستشار وعضوية اثنين من أعضاء المحكمة‬

‫تشكل الدائرة االستئنافية برئاسة مستشار وعضوية أربعة المستشارين‪ ،‬ويجوز أن يرأس الدائرة ‪ -‬عن د‬
‫االقتضاء‪ -‬األقدم فاألقدم من أعضائها‪.‬‬

‫وإذا تبين إلحدى الدوائر االستئنافية بالمحكم ة عن د نظ ر أح د طع ون أن ه ص در أو من إح دى ال دوائر‬


‫االستئنافية األخرى أحكام سابقة في موض وعات مماثل ة يخص بعض ها البعض‪ ،‬تعين عليه ا إحال ة الطعن‬
‫بقرار إلى هيئة تشكل برئاسة المحكمة وعضويها نائب المحكمة وسبعة من أقدم أعضاء الدوائر االستئنافية‬
‫وذلك للفصل فيه بحكم يصوت بأغلبية سبعة أعضاء على األقل‪.‬‬

‫‪518‬‬
‫وتتولى أمانة سر المحكمة‪ 912‬عرض ملف الطعن خالل ي ومين من ت اريخ ص دور ق رار اإلحال ة‪ ،‬على‬
‫رئيس الهيئة ليعين جلسة لنظر الطعن‪ ،‬وتبلغ إلى الخصوم استدعاء بتاريخ الجلسة قبل حلول ه بعش رة أي ام‬
‫على األقل‬

‫تم إنش اء المح اكم اإلداري ة بمقتض ى الق انون رقم ‪ 41.90‬الص ادر بتنفي ذه الظه ير الش ريف رقم‬
‫‪ 1.91.225‬بتاريخ ‪ 10‬شتنبر ‪ 1993‬المحين مؤخرا بت اريخ ‪ 26‬أكت وبر ‪ ،2011‬و ق د حلت ه ذه المح اكم‬
‫محل المحاكم اإلبتدائي ة في القض ايا ذات الص بغة اإلداري ة‪،‬و ذل ك على ال رغم من أن بعض اإلرهاص ات‬
‫األولية لإلختصاص اإلداري ظهرت في قانون اإللتزامات والعقود كالفص ل ‪ 79‬من ه مثال ال ذي نص على‬
‫مسؤولية الدولة عن األخطار المصلحية لمستخدميها (‪، )3‬‬

‫هذا وتنص المادة الثانية من القانون المحدث للمحاكم اإلدارية على أن المحكمة اإلدارية تتكون من ‪:‬‬

‫ــ رئيس و عدة قضاة‪،‬‬

‫ــ كتابة الضبط ‪.‬‬

‫وعن إختصاصات المحاكم اإلدارية فالمقصود باالختص اص هن ا ص الحية المحكم ة للبث في ال دعوى‬
‫المعروضة عليها‪ ،‬و يتم التمييز عادة في اإلختصاص بين اإلختصاص النوعي‪ ،‬و اإلختص اص المحلي أو‬
‫المكاني‪ ،‬فاإلختصاص النوعي يعني الذي يمنح للمحكمة إمكانية النظر في قضية معينة إس تنادا إلى نوعه ا‬
‫(مدني ة‪،‬جنائي ة‪،‬جنحي ة‪،‬قض ايا األس رة‪،‬تجاري ة‪،)...‬أم ا اإلختص اص المحلي فه و ال ذي يعطي للمحكم ة‬
‫صالحية الفصل في الدعوى بناء على أساس جغرافي تحقيقا لمبدأ تقريب القضاء من المواطنين‬

‫ثانيا‪ :‬إختصاص المحاكم اإلدارية بالمغرب‬

‫يتوزع إختصاص المحاكم اإلدارية إلى نوعين‪ ،‬إختصاص نوعي وإختصاص محلي‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلختصاص النوعي للمحاكم اإلدارية‬

‫تختص المح اكم اإلداري ة نوعي ا حس ب الم ادة ‪ ، 8‬م ع مراع اة الم ادتين ‪ 9‬و ‪11‬من الق انون المح دث‬
‫للمح اكم اإلداري ة ب البت ابت دائيا في طلب ات إلغ اء ق رارات الس لطات اإلداري ة بس بب تج اوز الس لطة‪،‬ــ‬
‫النزاعات المتعلقة بالعقود اإلدارية‪،‬‬

‫ــ دعوي التعويض عن األضرار التي تسببها أعمال و نشاطات أشخاص القانون العام‪،‬م ا ع دا‬
‫األض رار ال تي تس ببها في الطري ق الع ام مركب ات أي ك ان نوعه ا يملكه ا ش خص من أش خاص‬
‫الق انون الع ام‪،‬ــ النزاع ات الناش ئة عن تط بيق النص وص التش ريعية و التنظيمي ة المتعلق ة‬

‫‪912‬‬
‫‪.‬أمانة سر‪ :‬هي ما يصطلح عليها في المغرب بكتابة الضبط بالمحكمة اإلدارية ‪-‬‬

‫‪519‬‬
‫بالمعاشات‪،‬و منح الوفاة المستحقة للعاملين في مراف ق الدول ة و الجماع ات المحلي ة و المؤسس ات‬
‫العام ة و م وظفي إدارة مجلس الن واب‪،‬ــ تط بيق النص وص التش ريعية و التنظيمي ة المتعلق ة‬
‫باإلنتخاب ات و الض رائب و ن زع الملكي ة ألج ل المنفع ة العام ة‪،‬ــ النزاع ات المتعلق ة بالوض عية‬
‫الفردية للموظفين و العاملين في مرافق الدولة و الجماعات المحلية و المؤسسات العامة‬

‫و بالنسبة للمحكمة اإلدارية بالرباط فقد أوكل لها المشرع باإلضافة إلى اإلختص ات العام ة الس الفة‬
‫الذكر حق النظر في النزاعات المتعلق ة بالوض عية الفردي ة لألش خاص المعي نين بظه ير ش ريف أو‬
‫مرسوم‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلختصاص المحلي للمحاكم اإلدارية‬

‫تنص المادة ‪ 10‬من ق انون المح اكم اإلداري ة على أن ه تطب ق قواع د اإلختص اص المحلي المنص وص‬
‫عليها في الفصل ‪ 27‬و ما يليه إلى الفصل ‪ 30‬من قانون المسطرة المدنية أمام المحاكم اإلدارية ما لم ينص‬
‫على خالف ذلك قانون أو نصوص خاصة‬

‫و إستثناء من هذه القاعدة ترفع طلبات اإللغاء بسبب تجاوز الس لطة إلى المحكم ة اإلداري ة ال تي يوج د‬
‫موطن اإللغاء داخل دائرة إختصاصها أو التي صدر القرار بدائرة إختصاصها‪،‬كم ا أن الم ادة ‪ 11‬من ذات‬
‫القانون نص على أنه " تختص محكمة الرباط اإلدارية في النزاعات المتعلقة بالوضعية الفردية لألشخاص‬
‫المعينين بظهير شريف أو مرسوم‪،‬و بالنزاعات الراجعة إلى اختصاص المحاكم اإلدارية التي تنش أ خ ارج‬
‫دوائر إختصاص جميع هذه المحاكم "‬

‫وعن اإلجراءات المسطرية أمام المحاكم اإلدارية نجد أن المس طرة المدني ة تع د القاع دة األساس ية في‬
‫رفع الدعاوى في القضايا اإلدارية بمقتض ى الم ادة ‪ 7‬من الق انون المح دث للمح اكم اإلداري ة وال تي تنص‬
‫على أنه‪ " :‬تطبق أمام المحاكم اإلدارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص ق انون على‬
‫خالف ذلك"‪.‬‬

‫ولما كانت للقضايا اإلدارية خصوصيات تميزه ا عن غيره ا التص الها بالق انون اإلداري ال ذي يه دف‬
‫باألساس إلى تحقيق المصلحة العامة وضمان حسن سير اإلدارة فإن قانون إح داث المح اكم اإلداري ة ق رر‬
‫مجموعة من اإلجراءات الشكلية التي يلزم احترامها في الدعاوى اإلدارية‪.‬‬

‫أما اإلجراءات المتعلقة بمقال الدعوى فلق د اش ترط المش رع أن تك ون المس طرة كتابي ة أم ام المح اكم‬
‫اإلداري ة‪ ،‬حيث تنص الم ادة ‪ 3‬من ق انون ‪ 90‬ـ ‪ 41‬على أن القض ايا ترف ع إلى المحكم ة اإلداري ة بمق ال‬
‫مكتوب يوقعه محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين ب المغرب‪ ،‬ولق د ارت أى المش رع من خالل‬

‫‪520‬‬
‫هذا الشرط تكريس حق وق ال دفاع‪ ،‬ذل ك أن مواجه ة اإلدارة أم ام القض اء يس تلزم معرف ة ش املة للق وانين‬
‫والضوابط اإلدارية‪ ،‬وهذا بالضبط لن يتأتى للمواطن العادي إال بمؤازرة المحامي وإال ضاع حق ه بمج رد‬
‫اإلخالل بأبسط اإلجراءات الشكلية‪.‬‬

‫والعريضة المرفوعة أمام المحكمة اإلدارية يلزم أن تتضمن مجموعة من البيانات والمعلومات المتعلقة‬
‫باألطراف سواء تعلق األمر بالشخص العمومي أو الشخص الط بيعي كالص فة واألس ماء العائلي ة والمهن ة‬
‫والموطن ومحل اإلقامة‪ ،‬إال جانب هذا البد من أن تتضمن العريضة موضوع الدعوى والوس ائل والوق ائع‬
‫وترفق بالمستندات التي ينوي الم دعي اس تعمالها‪ .‬كم ا يرف ق بالمق ال االفتت احي لل دعوى بع دد من النس خ‬
‫يساوي عدد الخصوم عند تعددهم‪ ،‬وعند إيداع العريضة بكتابة ضبط المحكمة اإلدارية‪ ،‬يسلم كاتب الضبط‬
‫وصال بذلك يتكون من نسخة منها يوضع عليها الختم وتاريخ اإليداع‪.‬‬

‫وبعد تسجيل الدعوى يحال مل ف القض ية من ط رف رئيس المحكم ة اإلداري ة إلى ق اض مق رر‪ ،‬وإلى‬
‫المفوض الملكي للدفاع عن القانون ومهمة القاضي المقرر هي القيام باإلجراءات األولية حيث يصدر أمرا‬
‫بالتبليغ ويعين تاريخ النظر في القض ية وإش عار األط راف إلى وج وب تق ديم الم ذكرات والمس تندات قب ل‬
‫الجلسة‪.‬وإذا كانت القضية غير ج اهزة للحكم يمكن إرج اع المل ف إلى القاض ي المق رر ليتخ ذ اإلج راءات‬
‫الضرورية‪.‬‬

‫أما اإلجراءات المتعلق ة بجلس ات المحكم ة اإلداري ة نج د أن تعق د المح اكم اإلداري ة جلس اتها وتص در‬
‫أحكامه ا عالني ة‪ ،‬وهي متركب ة من ثالث قض اة يس اعدهم ك اتب الض بط‪ ،‬ويت ولى رئاس ة الجلس ة رئيس‬
‫المحكمة اإلدارية أو قاض معين من لدن الجمعية العامة السنوية لقضاة المحكمة اإلدارية‪.‬‬

‫وحضور المف وض الملكي ض روري في الجلس ات‪ ،‬رغم كون ه ال يش ارك في م داوالت إص دار الحكم‬
‫ويعت بر مب دأ عالني ة الجلس ات من المب ادئ المعم ول به ا في معظم األنظم ة القض ائية وبمقتض اها تك ون‬
‫اإلجراءات التي تقوم بها المحكمة قبل إصدار الحكم عالنية وللقاضي من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أحد‬
‫األطراف أن يأمر بجعلها سرية حفاظا على النظ ام أو مراع اة لآلداب واألخالق الحمي دة ( الفص الن ‪،43‬‬
‫‪ 339‬من قانون المسطرة المدنية‪.‬‬

‫و شفوية الجلس ات مكمل ة لعالني ة الجلس ات‪ ،‬وال يق ع فيه ا االكتف اء بالمناقش ة الش فوية ب ل يجب تق ديم‬
‫وتبادل المذكرات بين األطراف حتى يتسنى توثيق مختلف الوقائع‪ ،‬وذلك لكون معيار الحضور في رح اب‬
‫المح اكم اإلداري ة ال يتطلب الحض ور في الجلس ة بق در م ا يتطلب اإلدالء بالوث ائق المكتوب ة‪ ،‬فالمس طرة‬
‫المتبع ة كم ا س بقت اإلش ارة هي مس طرة كتابي ة يكفي فيه ا وض ع م ذكرات كتابي ة لص دور حكم‬
‫حضوري‪.‬وعن دما تنتهي المحكم ة من دراس ة القض ية وتص ل إلى نتيج ة‪ ،‬فالب د من تالوة منط وق الحكم‬

‫‪521‬‬
‫شفويا في جلسة علنية في حالة لم تكن الجلسة سرية‪ .‬وبعد النطق بالحكم ال تستطيع المحكمة ال تراجع عن ه‬
‫أو تعديله أو تغييره‪.‬وال ينبغي أن يشمل الحكم ما لم يطلب به الخصوم‪ ،‬إعماال لقاع دة القاض ي ال يمكن أن‬
‫يحكم بأكثر مما يطلب منه‪.‬ويقع أصل الحكم من طرف الرئيس والقاضي المقرر وكتاب ة الض بط‪ ،‬وتص در‬
‫األحكام وتنفذ باسم جاللة الملك و طبقا للقانون‪.‬‬

‫وعن اإلجراءات المتعلقة ب الطعن باإلس تئناف ‪ ،‬يتم اس تئناف األحك ام الص ادرة عن المح اكم اإلداري ة‬
‫داخل أجل ‪ 30‬يوما من تاريخ تبليغ الحكم و فق مقتض يات الم واد من ‪ 134‬الى ‪ 141‬من ق انون المس طرة‬
‫المدنية‪،‬وتخضع لنفس اآلجال األوام ر الص ادرة عن رؤس ائها‪،‬و يق دم مق ال اإلس تئناف إلى كتاب ة الض بط‬
‫بالمحكمة اإلدارية بواسطة مقال مكتوب يوقع ه مح ام‪،‬و ينبغى أن يرف ق المق ال م ع مس تنداته داخ ل أج ل‬
‫أقصاه ‪ 15‬يوما من تاريخ ايداعه بكتابة الضبط‬

‫وعن محاكـم اإلستئناف اإلداريــــــــة فقد تم إحداث محاكم اإلستئناف اإلداري ة بم وجب ق انون ‪80.03‬‬
‫الص ادر بت اريخ ‪ 14‬ف براير ‪ ،2006‬المحين بت اريخ ‪ 26‬أكت وبر ‪ ، 2011‬وحس ب الم ادة ‪ 02‬من الق انون‬
‫المذكور فمحاكم اإلستئناف اإلدارية تتألف من ‪:‬‬

‫ــ رئيس أول و رؤساء غرف و مستشارين‬

‫ــ كتابة الضبط‬

‫يجوز تقسم محكمة اإلستئناف اإلدارية الى عدة غرف حسب أن واع القض ايا المعروض ة عليه ا‪,‬و يعين‬
‫الرئيس األول لمحكمة اإلستئناف اإلدارية من بين المستشارين مفوضا ملكيا‪،‬أو أكثر لل دفاع عن الق انون و‬
‫الحق باقتراح من الجمعية العمومية لمدة سنتين قابلة للتجديد‪.‬‬

‫و تعقد هذه المح اكم جلس اتها و تص در قراراته ا‪ ,‬و هي متركب ة من ثالث ة مستش ارين من بينهم رئيس‬
‫يساعدهم كاتب الضبط‪ .‬اما عن المفوض الملكي للدفاع عن القانون و الحق فان حضوره ض روريا لالدالء‬
‫باراءه مكتوبة م ع امكاني ة توض يحها ش فويا لهيئ ة الحكم بكام ل االس تقالل س واء فيم ا يتعل ق بالوق ائع او‬
‫القواعد القانونية المطبقة عليها‪ ,‬و ذلك بالنسبة لكل قضية على حدة بالجلسة العامة‪.‬‬

‫و يح ق الط راف ال دعوى الحص ول على نس خة من مس تنتجات المف وض الملكي‪.‬وتظ ل لهيئ ة الحكم‬
‫صالحية االستعانة برءيه تبعا لقناعته بما يدلي به من مواق ف واقتراح ات‪.‬و تالفي ا ألي ت اثير مباش ر من ه‬
‫على هيئة الحكم‪ ,‬فان القانون لم يخوله صالحية المشاركة في مداوالت المحكمة‪.‬‬

‫ومن إختصاص محاكم اإلستئناف اإلدارية وبالرجوع إلى مقتضيات القانون المنظم لمح اكم اإلس تئناف‬
‫اإلدارية (المادتين ‪ 5‬و ‪ ) 6‬نجد أن األخيرة مختصة بالنظر في إستئناف أحكام المحاكم اإلداري ة و ك ذا في‬

‫‪522‬‬
‫أوامر رؤسائها‪.‬و بهذا يكون المشرع قد سلك نفس النهج المعتمد في المادة المدني ة ال تي تنظ ر ب دورها في‬
‫اإلستئنافات المرفوعة ضد األحكام الصادرة عن محاكم الموضوع أو محاكم أول درجة ‪.‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬اإلطار القانوني المنظم لمحاكم االستئناف اإلدارية‬

‫أحدثت مح اكم االس تئناف اإلداري ة بمقتض ى الظه ير الش ريف رقم ‪ 1.06.07‬الم ؤرخ في ‪ 14‬ف براير‬
‫‪ 2006‬المنشور بالجري دة الرس مية ع دد ‪ 5398‬بت اريخ ‪ 23‬ف براير ‪ ،2006‬بتنفي ذ الق انون رقم ‪ 80.03‬و‬
‫بذلك يصل بناء القضاء اإلداري إلى مرحلة مهم ة من مراحل ه في انتظ ار إكم ال ص رحه بإح داث مجلس‬
‫الدولة المغربي كمحكمة عليا منفصلة ومستقلة عن محكمة النقض‪ ،‬أي المجلس األعلى‪.913‬‬
‫جاء هذا القانون في إطار السعي وراء تكملة صيانة حقوق األط راف في مواجه ة الدول ة والمؤسس ات‬
‫التابعة لها‪ ،‬وجعل مسطرة التقاضي في المنازعات اإلدارية على درج تي وخض وع الق رارات االس تئنافية‬
‫اإلدارية لمراقبة المجلس األعلى عندما يطعن بالنقض في تلك القرارات‪.914‬‬
‫وبهذا فقد نص المرسوم المتعل ق بتحدي د المح اكم االس تئنافية اإلداري ة رقم ‪ 187.206‬الم ؤرخ في ‪24‬‬
‫يونيو ‪ 2006‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5447‬بتاريخ ‪ 14‬غش ت ‪ 2006‬بإح داث مح اكم االس تئنافية‬
‫اإلدارية والتي بل غ ع ددها محكم تين اثن تين األولى مقره ا الرب اط وتغطي ش مال المملك ة والثاني ة مقره ا‬
‫مراكش وتغطي جنوبها‪.‬‬
‫وتنظم الجمعية العامة لمحاكم االستئناف اإلدارية كيفية العمل داخل هذه المحاكم (المادة‪ )2‬حيث تتك ون‬
‫من مستشاري هذه المحاكم ومن مفوضين ملكيين للدفاع عن القانون والحق والع املين به ا حض ور رئيس‬
‫كتابة الضبط‪ ،‬وتعقد اجتماعها في الخمسة عشر يوما األولى من شهر ديسمبر وتحدد عدد الغرف وتكوينها‬
‫وأيام وساعات الجلسات وتوزيع القضايا بين مختلف الغ رف‪ ،‬كم ا تت ولى اق تراح تع يين مف وض ملكي أو‬
‫أكثر ويجوز لها عند الحاجة عقد اجتماعات أخرى إذا اعتبر الرئيس األول للمحكمة ذلك مفيدا (المادة‪.)3‬‬
‫وللعلم‪ ،‬فإن القانون المحدث لمحاكم االستئناف اإلدارية يشمل إحدى وعشرين مادة موزعة على س بعة‬
‫أبواب تناولت هده المواد إحداث هذه المحاكم وتركيبها واختصاصاتها المساعدة القض ائية وش روط منحه ا‬
‫من طرف رئيس المحكمة آجال االستئناف اآلثار المترتبة على استئناف الحكم الص ادر بوق ف تنفي ذ ق رار‬
‫إداري‪ ،‬الطعن بالنقض في القرارات الصادرة عن المحاكم وأجاله‪ .‬باإلضافة إلى األحكام مختلف ة من حيث‬
‫اإلبقاء كمرحلة انتقالية على اختصاص الغرف ة اإلداري ة ب المجلس كجه ة اس تئنافية بال دعاوى المعروض ة‬
‫عليها قبل دخول هذه المحاكم حيز التنفي ذ‪ ،‬وأيض ا تنفي ذ الق رارات الص ادرة عن ه ذه المح اكم من ط رق‬
‫المحاكم اإلدارية التي أصدرت الحكم ثم أحكام ختامية نسخت المواد ‪ 48 ،47 ،46 ،45‬من قانون إحداث‬
‫‪ -‬يوسف وهابي‪" :‬المسطرة أمام محاكم االستئناف اإلدارية وأفاق إحداث مجلس الدولة المغربي"‪ $‬مجلة الملف‪ ،‬عدد ‪ ،9‬الصفحة‪48:‬‬ ‫‪913‬‬

‫‪ -‬عبد الواحد بن مسعود‪" :‬المحاكم اإلدارية االستئنافية"‪ ،‬جريدة العلم‪ ،‬عدد ‪ ،20590‬الصفحة‪6:‬‬ ‫‪914‬‬

‫‪523‬‬
‫المحاكم اإلدارية رقم ‪ 90-41‬هذه المواد التي كانت تتعلق بمسطرة استئناف أحك ام المح اكم اإلداري ة أم ام‬
‫الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى‪.915‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تنظيم وتكوين محاكم االستئناف اإلدارية‬


‫تتكون محكمة االستئناف اإلدارية من‪ :‬رئيس أول ورؤساء غرف ومستشارين كتابة الض بط ومؤسس ة‬
‫المفوض الملكي‪.‬‬
‫ويالحظ أن تركيبة محاكم االستئناف اإلدارية جاءت على غ رار م ا ه و موج ود بالمح اكم اإلدارية‪،916‬‬
‫سواء من حيث التركيبة الرئاسية أو من حيث التركيبة الرئاسية أو من حيث مؤسسة المفوض الملكي‪ ،‬كم ا‬
‫يالحظ أن المشرع نص على قضاة محاكم االستئناف اإلدارية تسري عليهم أحكام الظه ير الش ريف بمثاب ة‬
‫قانون رقم ‪ 467-46‬الصادر في ‪ 1974-11-11‬بتحديد النظام األساسي لرج ال القض اء مم ا يع ني أن ه ال‬
‫يمكن تعيين قضاة بهذه المحاكم خارج سلطة رجال القضاة‪.‬ويجوز أن تقسم محكمة االستئناف اإلداري ة إلى‬
‫عدة غرف حسب أنواع القضايا المعروضة عليها‪.‬‬
‫ويالحظ بالنس بة له ذه الفق رة‪ ،‬أن المش رع لم ي بين الغ رف ال تي يمكن أن تقس م له ا مح اكم االس تئناف‬
‫اإلدارية‪ ،‬وربما قد ترك ذلك للسلطة التقديرية اإلدارية‪ ،‬حسب أنواع القضايا – لك ل محكم ة على ح دة‪،917‬‬
‫وبالنس بة للمف وض الملكي فإن ه يعين من ط رف ال رئيس األول لمحكم ة االس تئناف اإلداري ة من بين‬
‫المستشارين للدفاع عن القانون وعن الحق باقتراح من الجمعية العمومية لمدة سنتين قابلة للتجديد وقد يعين‬
‫مفوض ا واح دا أو أك ثر ويجب على المف وض الملكي أن يحض ر جمي ع الجلس ات ال تي تعق دها محكم ة‬
‫االستئناف اإلدارية للدفاع عن القانون وعن الحق‪.‬‬
‫ويدلى بخصوص ذلك بآرائه مكتوبة ويمكن له توضيحها شفهيا لهيئة المحكمة بكامل االس تقالل‪ ،‬س واء‬
‫فيما يتعلق بالوقائع أو القواعد القانوني ة المطبق ة عليه ا ويع بر عن ذل ك في ك ل قض ية على ح دة بالجلس ة‬
‫العامة‪ ،‬وال يشارك للدفاع عن القانون والحق في المداوالت (المادة ‪.)3‬‬
‫ويالحظ أن المف وض الملكي يعين من بين المستش ارين المص نفين إداري ا في الدرج ة الثاني ة وليس من‬
‫رؤساء الغرف المصنفين في درجة إداري ة ال تق ل عن الدرج ة األولى علم ا أن تجرب ة المح اكم اإلداري ة‬
‫اتجهت نح و تع يين المفوض ين الملك يين لل دفاع عن الق انون والح ق من مستش ارين من الدرج ة األولى‬
‫فباألحرى على صعيد محاكم االستئناف اإلداري ة‪ ،‬حيث يفض ل أال تق ل درج ة المف وض الملكي به ا على‬
‫درجة األولى ولذلك األمر كان من المستحسن تعديل عبارة المستشار الوارد في الفق رة األخ يرة من الم ادة‬
‫‪918‬‬
‫‪ 2‬بعبارة "أحد القضاة الذين تتكون منهم محكمة االستئناف اإلدارية"‪.‬‬
‫‪ - 915‬نفس المرجع‬
‫‪ - 916‬ثورية العيوني‪ $":‬تنظيم القضاء اإلداري المغربي على ضوء القانون محاكم االستئناف اإلدارية رقم ‪ "03-80‬مرجع سابق‪ :‬الصفحة‪51:‬‬
‫‪ - 917‬يوسف وهابي" المسطرة أمام المحاكم االستئناف‪ $‬اإلدارية‪ ،‬وأفاق إحداث مجلس الدولة المغربي" مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪51:‬‬
‫‪ - 918‬محمد األعرج" محاكم االستئناف اإلدارية" جريدة العلم‪ ،‬عدد ‪ 2077‬بتاريخ ‪ 21‬يوليوز ‪ ،2006‬الصفحة‪9:‬‬

‫‪524‬‬
‫كذلك عندما نص المشرع اإلداري "أن المفوض الملكي يعين لمدة سنتين قابلة للتجديد" لم يوضح ما إذا‬
‫كان ذلك التجديد لمرة واح دة أو ع دة م رات‪.‬ويحب ذ التجدي د لع دة م رات‪ ،‬ح تى يكتس ب المف وض الملكي‬
‫المعين خبرة وتجربة واسعتين ويتمرس على الدفاع عن القانون والحق في مختلف القضايا اإلدارية‪.919‬‬
‫وبالرغم من أن القانون المحدث للمحاكم اإلدارية‪ ،‬والقانون المحدث لمحاكم االستئناف اإلدارية ينص ان‬
‫على حق األطراف في الحص ول على نس خة من مس تنتجات المف وض الملكي‪ ،‬ف إن المحكم ة قلم ا أعطت‬
‫األطراف هذا الحق‪ ،‬بل إن رئاسة المحاكم تمنع الدفاع من حق التعقيب على مرافعة المفوض الملكي‪.920‬‬
‫كما أن المفوض الملكي ال يمثل أحدا في المنازعة اإلدارية ال األطراف وال اإلدارة وال يعتبر طرف ا في‬
‫الدعوى سواء أصليا أو منضما‪ ،‬همه الوحيد الدفاع عن الحق والقانون بغية تحقي ق مب دأ الش رعية وس يادة‬
‫القانون يعمل باسمه الخاص يتكلم طبقا لضميره بمنأى عن كل تدخل أو توديه‪ ،‬ويعرض بكل استقالل على‬
‫هيئة الحكم رأيه القانونية المسبب حول ظروف الواقع والقواعد القانونية الواجبة للتطبيق‪.921‬‬
‫ويالحظ أن ه ذا الت أليف ال ذي خص ب ه المش رع مح اكم االس تئناف اإلداري ة يخ الف من جه ة‪ ،‬م ا تم‬
‫التنصيص عليه بالنسبة لتأليف محاكم االستئناف العادية (غير المصنفة) حيث ورد في الفصل ‪ 6‬من قانون‬
‫التنظيم القضائي للمملكة بأن هذه المحاكم "تتألف من رئيس أول وقضاة‪ "...‬ومن جهة أخ رى فإن ه يط ابق‬
‫تأليف محاكم االستئناف الع ادي ال تي تتم يز بك ون رؤس اء غرفه ا في الدرج ة األولى ال تي تع ادل درج ة‬
‫مستشار بالمجلس المذكور‪ ،‬وهذا يؤك د على أن المش رع أراد أن يك ون مس توى قض اة مح اكم االس تئناف‬
‫اإلدارية على درجة كبيرة من الكفاءة والتجربة والممارسة الميدانية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلجراءات المتبعة أمام محاكم االستئناف اإلدارية‬


‫تشمل اإلجراءات المسطرية أمام محاكم االستئناف اإلدارية ما يلي‪:‬‬
‫‪-‬أجل االستئناف‪ :‬يحد أجل الطعن باالس تئناف في األحك ام الص ادرة عن المح اكم اإلداري ة في‬
‫ثالثين يوما كاملة من تاريخ تبليغ الحكم إلى المحكوم عليه‪ ،‬في حين يح دد أج ل اس تئناف األوام ر‬
‫الصادرة عن رؤساء المحاكم اإلدارية في خمسة عش ر يوم ا بالنس بة لألوام ر المبني ة على طلب‪،‬‬
‫وثمانية أيام بالنسبة ألوامر األداء‪.‬‬

‫‪-‬شكليات االستئناف‪ :‬تتميز المسطرة أمام محاكم االستئناف اإلدارية بما يلي‪:‬‬

‫‪- 919‬عبد الواحد بن مسعود "المحاكم اإلدارية االستئناف" جريدة العلم‪ ،‬عدد ‪/2090‬ة‪ ،‬الصفحة‪ 6:‬بتصرف‬
‫‪ - 920‬عبد الواحد مسعود‪ ،‬مرجع سابق‬
‫‪ - 921‬محمد قصري‪" :‬نظام المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق بالمحاكم اإلدارية"‪ ،‬مجلة القضاء والقانون‪ ،‬عدد ‪ ،151‬الصفحة‪151:‬‬

‫‪525‬‬
‫المسطرة الكتابية‪ :‬يجب أن يقدم االستئناف بواسطة مقال مكتوب تتضمن فيه أسباب االستئناف‬
‫والمستندات المؤيدة له‪.‬‬
‫إلزامية المحامي‪ :‬تعت بر نياب ة المح امي إجباري ة أم ام المح اكم االس تئناف اإلداري ة وتع رض‬
‫مقاالت االستئناف التي ال يوقعها محام وال يوقعها محام وال يتبناها فيما بعد غير مقبول ة ش كال م ا‬
‫عدا االستئناف المقدمة من طرف الدولة واإلدارات العمومية‪.‬‬
‫‪-‬اإلعفــاء من الرســوم القضــائية‪ :‬يعت بر ه ذا المقتض ى ه و األهم على اإلطالق إذ أن إق رار‬
‫مجانية المسطرة أمام محاكم االستئناف اإلدارية وال يعني أن هذا سيساهم في تراكم القض ايا خالل‬
‫المرحلة االستئنافية إذ ال يعتقد أن حكما إداريا سيسلم من الطعن باالستئناف أما مجاني ة االس تئناف‬
‫التي تضجع على ممارسة الطعون المتسمة أحيانا بعد الجدية‪.‬‬
‫‪-‬انعقاد الجلسات‪ :‬تنعق د جلس ات مح اكم االس تئناف اإلداري ة بهيئ ة قض ائية متكون ة من ثالث ة‬
‫مستش ارين يرأس ها أح دهم ويحض ر الجلس ة ك اتب ض بط ومف وض ملكي وتك ون مس تنتجات‬
‫األط راف وم ذكراتهم مكتوب ة ويمكنهم اإلدالء بمالحظ ات ش فوية لتوض يحها وتعق د الجلس ات‬
‫وتصدر القرارات بصفة عالنية‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بالبيانات التي يجب أن يتضمنها المقال االستئنافي‪ ،‬فباستقراء الم ادة ‪ 15‬من الق انون رقم‬
‫‪ 03.-80‬المحدث لمحاكم االستئناف إلدارية يتضح بأن القواع د المس طرية المنص وص عليه ا في الق انون‬
‫المسطرة المدنية وفي القانون رقم ‪ 90-41‬هي الواجبة التطبيق أمام تلك المحاكم ‪ -‬م ا لم ينص ق انون على‬
‫خالف ذلك‪ -‬وهذا يؤكد على أن البيانات التي يجب أن يتضمنها المق ال االس تئناف أم ا محكم ة االس تئناف‬
‫اإلدارية هي نفسها المنصوص عليها في الفصل ‪ 142‬من ق‪.‬م‪.‬م والتي من بينها "م وطن أو مح ل إلقام ة‬
‫كل من المستأنف أو المستأنف عليه"‪.922‬‬

‫وهناك مالحظة أساسية‪ ،‬البد من إثرائها وهي أن المشرع أعطى الخيار في ه ذا الفص ل للمس تأنف في‬
‫أن يبين في مقاله االستئنافي إما الموطن الحقيقي لألطراف (المستأنف والمستأنف علي ه) وإم ا م وطنهم أو‬
‫موطن أحدهم المختار بحيث أنه قد ال يذكر المدعى موطنه الحقيقي في المق ال االفتت احي ل دعوى‪ ،‬ويكتفي‬
‫بالقول أنه يجعل محل المخابرة معه بمكتب محاميه الذي رفع الدعوى باسمه‪ ،‬فيك ون الم دعى علي ه حينئ ذ‬
‫عند الطعن باالستئناف في الحكم الذي صدر ضده مضطرا إلى تضمين الم وطن المخت ار للمس تأنف علي ه‬
‫"المدعى في المرحلة االبتدائية" في المقال االستئنافي وهو مكتب محامي ه ويك ون المق ال من ه ذه الناحي ة‬
‫مستوفيا للشرط الشكلي المنصوص عليه في الفصل ‪ 142‬المذكور‪ ،‬مادامت البيانات المطلوبة ال واردة في ه‬
‫قد تم تضمينها به‪.‬‬
‫‪922‬‬
‫‪.‬نفس المرجع‪ ،‬الصفحة‪- 47:‬‬

‫‪526‬‬
‫لكن اإلشكال القانوني سيطرح بحدة عند تقديم نفس المستأنف لعريضة الطعن ب النقض ذل ك أن الفص ل‬
‫‪ 355‬من قانون المسطرة المدنية يوجب اإلشارة في مقال الطعن من ضمن البيانات األساس ية إلى الم وطن‬
‫الحقيقي لألطراف تحت طائلة عدم القبول‪ ،‬بحيث أن حق الخيار ال ذي ك ان للمس تأنف عن د تقديم ه المق ال‬
‫االستئنافي وهو بيان إما الموطن الحقيقي أو المختار لألطراف‪ ،‬أص بح ال يت وفر علي ه ط الب النقض عن د‬
‫تقديمه للعريضة أمام المجلس األعلى‪ ،‬ويكون مآل طلب النقض الذي تقدم ب ه نفس الط رف المس تأنف ه و‬
‫عدم القبول ذا لم يشير فيه إلى الم وطن الحقيقي المطل وب في النقض على ال رغم من أن ه ال يتوق ف علي ه‬
‫م ادام ه ذا األخ ير لم يش ر إلي ه المق ال االفتت احي بص فته الط رف الم دعي وإنم ا أش ار فق ط إلى موطن ه‬
‫المختار‪.923‬‬
‫وق د ص درت ع دة ق رارات مت واترة عن الغرف ة اإلداري ة ب المجلس األعلى قض ت فيه ا بع دم القب ول‬
‫االستئناف لعدم بيان المستأنف للموطن الحقيقي للمستأنف عليه استنادا إلى الفصل ‪ 355‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.924‬‬
‫وبما أن الغرفة اإلداري ة ب المجلس األعلى أص بحت بع د إح داث مح اكم االس تئناف اإلداري ة تنظ ر في‬
‫طلبات الطعن بالنقض الموجهة ضد قرارات النهائية الص ادرة عن ه ذه المح اكم‪ ،‬فإنه ا ستواص ل تط بيق‬
‫نفس المقتضى المنصوص عليها في الفصل ‪ 355‬من ق انون المس طرة المدني ة وفي ذل ك إجح اف بحق وق‬
‫ط الب النقض إذ لمج رد أن ه ال يت وفر على الم واطن الحقيقي للمطل وب في النقض ال ذي ه و الم دعي في‬
‫األصل الذي اكتفى عن قصد أو عن غير قصد بذكر موطنه المختار في مقاله االفتتاحي دون بي ان موطن ه‬
‫الحقيقي مادام الفصل ‪ 32‬وكذا الفصل ‪ 142‬من نفس القانون يسمحان له بذلك‪.925‬‬

‫ومن أجل إيجاد حل نهائي ناجح وبسيط لهذه اإلشكالية القانونية ال تي ك انت س بب في ض ياع عدي د من‬
‫الحقوق ‪ -‬كما سبق الذكر‪ -‬يقترح إدخال تعديل على الفصل ‪ 355‬من قانون المسطرة المدنية وذل ك بح ذف‬
‫وجوب بيان الموطن الحقيقي لألطراف في مقال الطعن بالنقض‪ ،‬واالكتفاء فيه ضمن البيانات بذكر موطن‬
‫أو محل إقامتهم وذلك حتى تكون مقتضيات هذا الفصل منسجمة مع كل من الفص ل ‪ 32‬المتعل ق بالبيان ات‬
‫التي يجب أن يتضمنها المقال االفتتاحي للدعوى‪ ،‬وك ذا م ع الفص ل ‪ 142‬المتعل ق بالبيان ات ال تي يجب أن‬
‫يتضمنها المقال االستئنافي‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬آفاق القضاء اإلداري بالمملكة المغربية وسلطنة عمان‪.‬‬

‫‪923‬‬
‫‪.‬نفس المرجع‪ ،‬الصفحة‪- 48:‬‬
‫‪924‬‬
‫منها القرار عدد ‪ 291‬الصادر بتاريخ ‪ 05-04-2006‬في الملف رقم ‪ 3667-4-2-2003‬وكذا القرار عدد ‪ 15‬الصادر بتاريخ ‪- -2006‬‬
‫‪ 18-01‬في الملف رقم ‪1896-4-3-2004‬‬
‫‪925‬‬
‫مصطفى التراب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪- 47:‬‬

‫‪527‬‬
‫لعل كل دارس للقضاء اإلداري في الوطن العربي يدرك أن ظهور ه ذا القض اء ج اء نتيج ة التح والت‬
‫االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬وما يرتب عن ذلك من تط ور على مس توى االقتص ادية الوطني ة‪ ،‬باإلض افة إلى‬
‫التغيرات الدولية وما اقتضته من إشاعة جو من الحرية والديموقراطية في كل بل دان الع الم‪ ،‬وم ا المغ رب‬
‫وعمان إال نموذجا من تلك الدول التي سعت إلى مواكبة هذا التطور والتي عملت على إنشاء قضاء إداري‬
‫فاعل وفق إطار قانوني جديد أسوة بمجموعة من البلدان والسيما فرنسا مه د القض اء اإلداري ل ذا أض حى‬
‫القضاء اإلداري في هذين البلدين عرضة للكثير من االنتقادات كلها تهدف إلى إب راز آفاق ه بش كل متط ور‬
‫ومنسجم يتماشى مع هذا التجول الذي عرفته‪.‬‬

‫العنصر األول‪ :‬القضاء اإلداري المغربي والعلماني على مستوى األجهزة والمسطرة‪.‬‬

‫ال يمكن الحديث عن القضاء اإلداري في المغرب بدون الحديث عن اإلطار القانوني المنظم ل ه (ق انون‬
‫إح داث المح اكم اإلداري ة) (‪ )41-90‬وق انون إح داث مح اكم االس تئناف اإلداري ة (‪ ،)30-80‬إذ يش كالن‬
‫هؤالء باإلضافة إلى قانون المسطرة المدنية والتنظيم القض ائي البني ة القانوني ة للقض اء اإلداري‪ ،‬وب النظر‬
‫إلى هذه الترسانة القانونية يستوجب أن تكون أكثر تطورا وتحديثا مع التق دم الحاص ل في القض اء اإلداري‬
‫خصوصا بفرنسا ومصر وه ذا اإلش كال بك ل تجليات ه ه و نفس ه ال ذي نج ده في القض اء اإلداري العم اني‬
‫باعتباره قضاء حديث بدا إلى الوجود منذ سنة ‪ ،1999‬وراكم اجتهادات مهمة في هذا الصدد‪ ،‬إال أن هن اك‬
‫بعض اإلخالالت التي تحد من فعاليتهما المطلوبة‪ ،‬خصوصا في الجانب المتعلق بأجهزة التقاضي ومط رة‬
‫التقاضي إذ على ضوء ذل ك س نحاول إدراج ج وانب الخل ل من خالل ه ذا المبحث ثم تحليل ه حص يلة أداء‬
‫عمل هذا الجهاز من خالل اإلحصائيات‪.‬‬

‫أوال‪ :‬على مستوى جهاز التقاضي ومسطرته‬

‫يحدد التنظيم القض ائي المغ ربي أجه زة التقاض ي في المغ رب وبي ان الهياك ل المعتم دة في ك ل جه از‬
‫قض ائي إذ أن التقس يم الهيكلي له ذا الجه از والمتك ون من القض اء اإلداري والقض اء اإلداري والقض اء‬
‫العادي 'المدني) ستتبعه إجراءات أخرى مسطرية تحدد آليات اشتغال هذه الهياكل واإلجراءات المتبع ة في‬
‫قيام عمل كل جهاز من أجل خلق نوع من االنسجام بين كل هذه المكونات وهذه التركيبة هي نفس ها ال تي‬
‫يتكون منها جه از القض اء اإلداري في س لطنة عم ان‪ ،‬إذ أن ق انون الس لطة القض ائية يح دد ه ذه الهياك ل‬
‫المكونة للقضاء اإلداري‪ ،‬وباإلضافة إلى قانون محكمة القضاء اإلداري وقانون االدعاء الع ام‪ ،‬فمن خالل‬
‫كل هذا سنحاول العم ل على إب راز اآلف اق المس تقبلية من أج ل تج اوز ه ذه االختالالت ال تي أب انت عنه ا‬

‫‪528‬‬
‫الممارسة العملية للقضاء اإلداري وتحدي دا في الش ق المتعل ق ب األجهزة المكون ة الهيك ل القض ائي‪ ،‬وذل ك‬
‫بإعطاء رؤى واضحة تكرس مبدأ االزدواجية وإعطاء القضاء اإلداري حيزا مس تقال عن القض اء الع ادي‬
‫على غرار التجارب المقارنة والرائدة في مجال القضاء اإلداري بغية تحقي ق ن وع من االس تقاللية وك ذلك‬
‫في الجانب المتعلق بالمسطرة إذ أضحى األمر يتطلب وضع مسطرة إدارية خاصة بالقضاء اإلداري‪ ،‬ومن‬
‫أجل احاطة بالموضوع سنتولى دراسة الجاني المرتبط باألجهزة على ان نتطرق لمسطرة التقاضي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬على مستوى األجهزة‬

‫يعد المغرب من الدول العربي ة ال تي س عت إلى تط وير جهازه ا القض ائي بش كل يس تجيب للمتطلب ات‬
‫الحيوية للمواطنين بالنظر إلى اإلكراهات التي بدأت تطفو إلى الس طح نتيج ة األخ ذ بمب دأ القض اء الواح د‬
‫وهو الشيء نفسه الذي دفع المشرع العماني إلى إحداث جهة قضائية ثانية من أجل بلورة ازدواجية القضاء‬
‫بغية تحقيق الفعالية والتخصص خدمة للصالح العام‪ ،‬بيد أن تكريس هذه االزدواجية بدورها تعتريها الكثير‬
‫من النقائص تجع ل مس ألة تط وير االزدواجي ة وال دفع نح و تكريس ها حقيق ة على أن األرض الواق ع بكب‬
‫تجلياتها حتى ال تنهض مجرد شعار ال يرقي إلى التطبيق األمثل في افق تحقيق ازدواجية كاملة ومنس جمة‬
‫تلبي متطلبات التحول الكبير الذي عرفه كل من المجتمع المغربي والعم اني‪ ،‬ونح و إح داث مجلس الدول ة‬
‫ويجعل هذه االزدواجية كاملة ومتناسقة‪.‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬تكريس مبدأ االزدواجية‪.‬‬

‫يمكن الق ول أت القض اء اإلداري أض حى ض رورة حتمي ة في خدم ة المجتم ع‪ ،‬إن ك ان العدي د من‬
‫المواطنين يجه ل ه ذه الخ دمات لكونه ا ال تهتم بالقض اء الجنحي والجن ائي‪ ،‬ب ل تنص ب على قض ايا ذات‬
‫صبغة اجتماعية محضة‪ ،926‬والحقيقة أن ما يتعرض له القضاء اإلداري من األهمية بما كان فبع د الح رب‬
‫العالمية الثانية شهدت عالقة الدولة بالفرد ظاهرة تتمثل في ك ون اإلدارة أص بحت أك ثر ارتباط ا ب األفراد‬
‫وأكثر اقترابا منهم بعدما تخلفت عن الدور التقليدي أو م ا يع رف بالوظ ائف الس يادية المتمثل ة في الحف اظ‬
‫على النظام العام‪.‬‬

‫كما نجد أن سلطات واختصاصات اإلدارة قد توسعت في جميع المجاالت االقتصادية واالجتماعية ممن‬
‫انجم عنه في الكثير من األوقات التعسف في استعمالها في اتخاذ بعض القرارات سواء كانت ه ذه األخ يرة‬

‫‪926‬‬
‫الجياللي أمزيد‪" :‬مباحث‪ $‬في مستجدات القضاء اإلداري"‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة والتنمية‪ ،‬الطبعة األولى‪- 2003،‬‬

‫‪529‬‬
‫خاطئة أو ألسباب أخرى‪ .927‬وفي خضم هذا الجدل نشأ م ا يس مى القض اء اإلداري وانتش ر في العدي د من‬
‫الدول ومنها المغرب التي كانت تأخذ بمبدأ القضاء الموحد‪.‬‬

‫إلى غاي ة ص دور ق انون ‪ 41.90‬القاض ي بإنش اء المح اكم اإلداري ة وال تي متعه ا المش رع المغ ربي‬
‫باستقاللية كبيرة في ممارسة مهامها من أجل خلق ضمانة واستقرار لدى كل المتقاضين وإشاعة ثقافة دولة‬
‫القانون لكون أن األم ر المؤك د ال ذي يجب أن يض عه القض اء اإلداري المغ ربي ه و أن الف رد يحت اج إلى‬
‫حماية أكثر من اإلدارة‪ ،‬إذ أن صدور هذا القانون جاء كقيمة مضافة في تحديث وتدعيم الترس انة القانوني ة‬
‫التي تسعى إلى تثبيت اختيار المجتمع المغربي للديموقراطية والحداثة بش كل ال رجع ة فيه‪ ،928‬إذ أص بحت‬
‫هذه المحاكم لها والية عامة بدل المحاكم االبتدائية تنظر في جميع قض ايا إلغ اء األحك ام اإلداري ة وقض ايا‬
‫التعويض مع استثناءات خاصة للمجلس األعلى والمحكمة اإلدارية بالرباط‪ ،929‬إذ تستمر هذا اإلنجاز بعمل‬
‫هذه المحاكم إلى غاية ص دور ق انون رقم ‪ ،93003-08‬إذ س بقه الخط اب الملكي بت اريخ ‪ 15‬دجن بر ‪1999‬‬
‫‪931‬الذي أكد على إنشاء محاكم استئناف إدارية كدرجة ثانية للتقاضي وتتمة للبن اء ال ديموقراطي و"تفعيال"‬
‫لالتجاه نحو تأسيس قضاء إداري متخصص مستقل ومتكامل باعتباره من الركائز التي تق وم عليه ا الدول ة‬
‫الحديث ة وأح د أهم المقوم ات العدال ة بص فة عام ة وتحدي دا العدال ة اإلداري ة‪ ،‬فه ذه األخ يرة تقتض ي منح‬
‫المتقاض ين ك ل الض مانات وك ل الف رص وكمختل ف الوس ائل ال تي تمكنهم من الحص ول على حقوق ه في‬
‫مواجهة اإلدارة‪ ،‬إذ ان إحداث درجة ثانية من درجة التقاض ي ل دى المح اكم اإلداري ة ج اء ليس د الف راغ‬
‫الذي كان حاصال عن عدم إمكانية المتقاضين الطعن بالنقض في الدعاوى اإلدارية‪.‬‬

‫لقد كانت لهذه الطفرة النوعية الت يعرفها القضاء المغ ربي ردودا كب يرة ل دى ك ل األوس اط القض ائية‬
‫والقانونية التي كانت ملحة في طلبه ا بش أن إح داث ه ذا القض اء وه ذه الفئ ة هي نفس ها من ت زعمت ه ذه‬
‫المطالب لدى سلطنة عم ان ال تي س عت ب دورها ونتيج ة للتط ورات ال تي عرفه ا القض اء داخ ل الس لطنة‬
‫والتحوالت االجتماعية واالقتصادية إلى بلورة فكرة ازدواجية القض اء إلى حقيق ة راس خة بإص دار ق انون‬
‫محكمة القضاء اإلداري بموجب مرسوم سلطاني‪ ،932‬إذ تنص الم ادة األولى من ه على أن ه "تنش أ بمقتض ى‬
‫‪933‬‬
‫هذا المرسوم هيئة قضائية مستقلة للفصل في الخصومات اإلدارية تسمى محكمة القضاء اإلداري‪"...‬‬

‫‪ - 927‬عبد القادر مساعد‪" :‬القضاء اإلداري المغربي ضمانة للحقوق والحريات"‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق أكدال‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية‪.1998-1999 :‬‬
‫‪ - 928‬مليكة الصروخ‪" :‬القانون اإلداري المغربي"‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،‬نشر وتوزيع الشركة المغربية لتوزيع الكتاب‪.‬‬
‫‪" - 929‬دور القاضي اإلداري في تكريس المشروعية في ميدان المنازعات اإلدارية"‪ ،‬األستاذ محمد بوغالب‪ ،‬مقال منشور بسلسلة القض‪$$‬اء اإلداري‬
‫والمنازعات االنتخابية‪ ،‬العدد ‪ 4‬لسنة ‪.2004‬‬
‫‪ - 930‬صدر هذا القانون في ‪ 14‬فبراير ‪ 2006‬بالظهير الشريف رقم ‪1.06.07‬‬
‫‪ - 931‬نص الخطاب الملكي موجود موقع‪www.map.ma :‬‬
‫‪-932‬مرسوم سلطاني رقم ‪91-99‬‬
‫‪ - 933‬المادة األولى من الفصل األول من قانون محكمة القضاء اإلداري العماني‪.‬‬

‫‪530‬‬
‫واستنادا إلى هذا القانون تكون السلطنة بدورها قد عمدت إلى ترسيخ مبدأ ازدواجية القضاء بشكل فعلي‬
‫وحقيقي يترجم التط ور الحاص ل على مس توى أجه زة الس لطة القض ائية ونزح ه إلى إقام ة قواع د قض اء‬
‫متخصص يلبي متطلبات المواطن ويحميه ممن تعسف اإلدارة‪.‬‬

‫إذ أن هذه المحكمة تتوفر على دائرتين الدائرة االبتدائية التي تصدر األحكام 'الدرج ة األولى من درج ة‬
‫التقاض ي) ثم ال دائرة االس تئنافية ال تي ترف ع إليه ا الطع ون في األحك ام الص ادرة عن ال دائرة االبتدائي ة‪،‬‬
‫وجدير بالذكر أن هدا القانون المحدث لمحكمة القضاء اإلداري لم يتجه نفس التوجه الذي عمد إليه المشرع‬
‫المغربي الذي حاول الت درج في بل ورة االزدواجي ة‪ ،‬إذ ت ولى إنش اء محكم ة أولى درج ة في ه ذا الج انب‬
‫بموجب قانون إحداث المحاكم اإلدارية على ان الطعون كانت ترفع إلى الغرف ة اإلداري ة ب المجلس األعلى‬
‫إال أن إحداث محكمة االستئناف اإلدارية‪ ،‬بيد أن المشرع العماني أخذ على كاهله ضم ه ذين ال درجتين في‬
‫قانون واحد (قانون محكمة القضاء اإلدارية)‪.‬‬

‫لكن السؤال الذي يطرح حول تجسيد ه ذه االزدواجي ة علم ا ب أن ك ل الق رارات الص ادرة عن المح اكم‬
‫االس تئنافية يتم الط اعن فيه ا أم ام الغرف ة اإلداري ة بمحكم ة النقض في المغ رب كم ا أن هن اك العدي د من‬
‫النواقص التي نحد من تكرس هذه االزدواجية‪.‬‬

‫ولعل اإلجابة ع عن هذا السؤال كفيلة بإعطاء إجاب ات عن الكيفي ة ال تي تفع ل به ا ه ذه األجه زة ح تى‬
‫يمكننا القول أن المغرب حقق فعال ازدواجية على مستوى القض اء اإلق رار قض اء إداري مس تقل كلي ا عن‬
‫القضاء العادي‪.‬‬

‫فمالحظة بسيطة لهذه األجهزة نستشف أ ن المش رع مل زم في المغ رب بتأس يس كي ان مس تقل للقض اء‬
‫اإلداري يجعله في استقالل كلي عن القضاء العادي على غرار ما هو معمول به في الدول الرائ دة في ه ذا‬
‫النوع من القضاء خصوصا فرنسا‪ ،‬وذلك على مستويات‪.‬‬

‫المستوى األول‪ :‬تكوين القضاة فبالرجوع إلى قانون التنظيم القضائي المغربي نجد بأن المباراة الخاصة‬
‫ب الملحقين القض ائيين تفتح في وج ه الطلب ة الح املين لإلدارة في الق انون الخ اص م ع العلم ب أن التك وين‬
‫الخاص بهؤالء الطلبة ال يستجيب لحاجيات المهمة (قاض إلداري) نظرا لك ون التك وين ك ان منص با على‬
‫كل مل هو داخل في فلك القضاء الع ادي‪ ،‬غ ذ ك ان ب األحرى فتح المب اراة في وج ه الطلب ة المج ازين في‬
‫القانون العام نظرا لإللمام بمواضيع القضاء اإلداري‪ ،934‬أضف إلى ذلك التكوين في المعهد العالي للقض اء‬
‫الذي ال يلبي حاجيات هذه االزدواجية إذ أن فتح معاهدة خاصة بتكوين القضاة وفي مجال المحاكم اإلدارية‬
‫واعتماد مباراة خاصة بهم سيساهم بدوره في دينامية هذه االزدواجية‪.‬‬

‫‪ -‬مليكة الصروخ‪" :‬القانون اإلداري"‪ ،‬مرجع سابق‬ ‫‪934‬‬

‫‪531‬‬
‫المستوى الثاني‪ :‬التجهيزات والمعدات ‪ ،‬إذ أن عدد المحاكم اإلدارية واالستئنافية اإلداري ة قلي ل ب النظر‬
‫إلى النمو والتطور الذي عرفه المغرب وهذا ال ينس جم واالختي ارات المتمثل ة في الجهوي ة الموس عة ال ذي‬
‫وق ع علي ه المغ رب إذ الب د من استحض ار ه ذه المتغ يرات لبل ورة قض اء إداري مس تقل يك رس مب دأ‬
‫االزدواجية وذلك برفع عدد هذه المحاكم وتكثيف الموارد البشرية بداخلها‪.‬‬

‫المستوى الثالث‪ :‬إحداث مجلس الدولة‪ :‬فكما هو معلوم أتن مبدأ االزدواجية لم يكن أن بتحقي ق اس تقالل‬
‫كلي عن القضاء العادي بعيدا عن أي تداخل يجع ل حقيق ة االزدواجي ة مج رد ش عار ال ينهض على أرض‬
‫الواقع فأكيد أن التجربة التي التجئ إليها المشرع المغربي بإحداث قضاء محاكم إلدارية‪ ،‬إذ أعقبه بإح داث‬
‫محاكم اس تئناف إداري ة فك ر بن اء يتج ه نح و االزدواجي ة الحقيقي ة باس تعمال منهج الت درج‪ ،‬لكن التط ور‬
‫الحاصل على مستوى البنية المجتمعية‪ ،‬وكذا التطور الحاصل في الدول التي لجنت إلى هذه االستراتيجية‪.‬‬

‫يدعو المغرب إلى اإلسراع بتكريس هذه االزدواجية بإحداث مجلس الدولة‪ ،‬لكن اإلشكال ال ذي يط رح‬
‫في غياب هذا الجهاز هو مسألة التن ازع؟‪ ،‬إذ أن اس تقاللية القض اء الع ادي عن القض اء اإلداري يل وح في‬
‫األفق ب ورود بعض المنازع ات فيم ا يخص االختص اص‪ ،‬ففي حال ة تن ازع محكم ة إلداري ة م ع محكم ة‬
‫استئناف إدارية لمن سيعود أمر الحسم في هذا التنازع؟‪ 935‬فاإلجابة عن هذا السؤال يقتضي منا ال دفع نح و‬
‫إنشاء محكمة خاصة بالتنازع‪ ،‬ألن األمر حاليا إذا ترك للمجلس األعلى للخوض في هذه النزاعات ال يعني‬
‫أن المشكل غير قائم لكون أن هذا اإلجراء ال يس اعد على إقام ة قض اء إداري مس تقل باعتب ار أن المجلس‬
‫األعلى هو طرف مشترك ما بين القض اء الع ادي والقض اء اإلداري‪ ،‬إذ الب د من إح داث محكم ة التن ازع‬
‫تحقيقا للحياد وإبراز لدور العدالة الحقيقية‪.‬‬

‫وهذا هو نفسه الش يء ال ذي ينبغي أن يس ير علي ه المش رع العم اني إذ أن مب دأ االزدواجي ة أخ ذه على‬
‫عاتقه بإنشاء محكمة إلدارية متخصصة ثم أعقب ه بمحكم ة تن ازع االختص اص واألحك ام الص ادرة‪ 936‬من‬
‫أجل تجاوز االختالالت الممكن الوقوع فيها في حالة التنازع والتي تؤثر على هذه االزدواجية‪.‬‬

‫لكن إحقاق االزدواجية لن يتم ذلك إال بإنش اء (محكم ة النقض) مجلس الدول ة على غ رار فرنس ا ح تى‬
‫يمكن القول بوجود استقالل وازدواجية وهذا ما سنتناوله في الفقرة الثانية‪.‬‬

‫‪ -‬مليكة الصروخ‪" :‬القانون اإلداري"‪ ،‬مرجع سابق‬ ‫‪935‬‬

‫‪ -‬أصدر قانون هيئة تنازع االختصاص واألحكام الصادرة بموجب المرسوم السلطاني رقم ‪.2008.88‬‬ ‫‪936‬‬

‫‪532‬‬
‫أوال‪ :‬استحداث مؤسسة مجلس الدولة‬

‫لقد كان الخطاب الملكي يوم ‪ 15‬دجنبر ‪ 1999‬بمناسبة افتت اح دورة المجلس األعلى للقض اء ال ذي أك د‬
‫فيه جاللة الملك محمد السادس على إنشاء محاكم استئنافية إداري ة كدرج ة ثاني ة للتقاض ي على أن يؤس س‬
‫مستقبال مجلس الدولة يعلو هزم القضاء اإلداري‪.‬‬

‫إذ يعتبر محطة تاريخية في إرساء وترسيخ مبادئ العدالة اإلدارية في إطار أحكام ومبادئ المش روعية‬
‫ال تي يجب أن تحكم نش اط وتص رفات اإلدارة المغربي ة‪ ،‬كم ا أن ه يوض ح بجالء سياس ة وفلس فة المملك ة‬
‫المغربية فيما يتعلق بتنظيمها القضائي اإلداري والتي تهدف إلى تأسيس قض اء إداري متخص ص متناس ق‬
‫ومتكامل وقائم على ثلث درجات للتقاضي‪ ،‬وعلى رأسها مجلس الدولة‪ 937‬غ ير أن ه ذا المجلس ظه ر أول‬
‫مرة في فرنسا وذلك بعد الثورة الفرنسية سنة ‪ 1789‬أما قبل الثورة فلم تكن توجد فرنس ا إال مح اكم عادي ة‬
‫تفصل في المنازعات التي تنشأ بين األفراد (لقد أشرنا إلى ذلك في الفصل األول)‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمنازعات التي قد تنشأ بين الدولة واألفراد‪ ،‬فقد كان موك وال به ا إلى مح اكم أخ رى يطل ق‬
‫عليها (البرلمانات القضائية)‪ ،‬لكن بعد اندالع الث ورة الفرنس ية ألغيت ه ذه البرلمان ات وأعلن عن مرحل ة‬
‫وتكام ل الس لطة اإلداري ة القض ائية ‪ l’administration juge‬ومرحل ة القض اء اإلداري المحج وز ‪la‬‬
‫‪ justice‬ثم مرحل ة القض اء اإلداري المف وض ‪la justice‬‬ ‫‪administrative retenue‬‬
‫‪ administrative déléguée‬وفي هذه المرحلة بالضبط تم تأسيس كيان مستقل للقضاء اإلداري يش مل‬
‫المحاكم اإلدارية وعلى رأسها مجلس الدولة وقضاء عادي على رأسه محكمة النقض‪.938‬‬

‫وعلى ضوء هذا التطور الذي حصل في مس ار القض اء اإلداري الفرنس ي ال ذي يعت بر رائ دا في ه ذا‬
‫المجال‪ ،‬ذلك بالنظر إلى األمد الزمني الكبير الذي قطعه في العمل وف ق ه ذا المن وال‪ ،‬والتوافق ات ال تي تم‬
‫الوصول إليها نتيجة تحقيق االزدواجية المطلوبة في عمل الجهاز القضائي من أجل القيام بدوره المطل وب‬
‫والحقيقي في حماية مصالح األفراد داخل المجتمع‪ ،‬وكذلك لتأسيس هالة من االتزان المطلوب على مستوى‬
‫مناهج العمل واألنساق المتخذة المتسمة بالتجرد واالستقاللية الكلية‪.‬‬

‫عموما كما يبدو من خالل االنفت اح على تجرب ة إح داث مجلس الدول ة في فرنس ا وال ذي قط ع أش واطا‬
‫مهمة في إنشائه وكذلك في العمل به‪ ،‬أضحى األمر اآلن يشكل نوعا من التخوف على مس ار اإلص الحات‬
‫القضائية التي توجت بإحداث محاكم االستئناف اإلدارية بموجب قانون ‪،939 80.03‬بالمغرب نظ را لغي اب‬
‫قطب تكاملي يجسد إرادة الخطاب الملكي ‪ 1999‬والذي رسم في ه مع الم ه ذا االس تقالل عن طري ق العم ل‬

‫‪ - 937‬ثورية العيوني‪" :‬تنظيم القضاء اإلداري المغربي على ضوء قانون محاكم االستئناف اإلداري رقم ‪ ،"80.03‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ - 938‬مليكة الصروخ‪" :‬القانون اإلداري"‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ - 939‬ظهير شريف رقم ‪ 06.07‬الصادر في ‪ 14‬محرم ‪ ،2006‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5393‬بتاريخ ‪ 24‬محرم ‪.1427‬‬

‫‪533‬‬
‫نح و إرس اء مؤسس ة مجلس الدول ة ح تى نتمكن من الق ول بوج ود اس تقالل القض اء الع ادي عن القض اء‬
‫اإلداري‪.‬‬

‫لكن التساؤل الذي يطرح ماهي الصعوبات التي تعيق إنشاء مجلس الدولة المغربي؟ هل ه ذه المعيق ات‬
‫ذات طابع مادي أم ذات طابع قانوني؟‬

‫بيد أن اإلجابة عن هذا التساؤل رهينة ببحث مجموع ة من األنم اط األخ رى من القض اء اإلداري ل دى‬
‫بعض الدول العربية وتحديدا سلطنة عمان ال تي ب دورها الزالت تع اني من غي اب مجلس الدول ة (محكم ة‬
‫النقض) كجهاز قضائي مهمته استقبال الطعون المرفوعة ضد األحكام االستئنافية اإلداري ة من جه ة ومن‬
‫جهة أخرى تأدي ة ال دور الحقيقي المنبعث من فلس فة إحداث ه‪ ،‬أال وه و تجس يد ازدواجي ة القض اء اإلداري‬
‫والرقي بمؤسسة القضاء كجهاز مستقل ومنس جم ومتكام ل إذ أن ص دور ق انون إح داث المح اكم اإلداري ة‬
‫(محكمة القضاء اإلداري)‪ ،940‬والمشكلة من دائرتين استئنافية وابتدائية لم يعقبه تتويج هذا اإلنجاز بتأس يس‬
‫محكمة النقض على غرار فرنسا ومصر‪.‬‬

‫إال أن المطلب الملحاح والذي يشكل تح ديا كب يرا للخ روج من ه ذه الثغ رات على مس توى إنش اء ه ذا‬
‫الجهاز وتفعيله بمقتضى من المشرع السرعة في إخراج اإلطار الق انوني له ذه المؤسس ة من أج ل مواكب ة‬
‫التطور الحاصل في مجال القضاء اإلداري ثم فتح نقاش عمومي وإشراك كل الف اعلين في فض اء القض اء‬
‫اإلداري‪.‬‬

‫لكن من األجدى أن يكون تشكيل مجلس الدولة في المغرب وعمان على نفس الش اكلة المعم ول به ا في‬
‫فرنس ا‪ ،‬بحيث أن التش كيلة تتك ون من أعض اء مجلس الدول ة‪ ،‬وهم المستش ارين والن واب والمن دوبين من‬
‫الدرجة األولى ومندوبين من الدرجة الثانية (أي قض اة)‪ ،‬ويض اف إليهم ع دد من األش خاص ذوي الكف اءة‬
‫المشهود بها في ن واحي النش اط إلداري والعلمي وهن ا نتح دث عن فئ ة األس اتذة الق انونيين المتخصص ين‬
‫وكذلك الموظفين السامين في المج ال اإلداري‪ ،‬وك ذلك المح امون المتم رين إذ يعين ون ه ؤالء لم دة أرب ع‬
‫سنوات قابلة للتجديد لمدة ع امين أخ رين‪ ،‬ويطل ق عليهم مستش ارين من الخ ارج ويتجلى دورهم في تق ديم‬
‫االستشارات الالزمة للمجلس‪.‬‬

‫كما البد من توفر داخ ل المجلس مفوض ين ملك يين ه ذا بالنس بة للمغ رب وال ذين يعه د إليهم مهم ة إع داد‬
‫القضايا وإبداء الرأي القانوني قبل عرضها على المجلس‪.‬‬

‫أقسام مجلس الدولة‪ ،‬يتوفر هذا المجلس على قسم قضائي وقسم الفت وى والتش ريع‪ ،‬بالنس بة له ذا القس م‬
‫األخ ير فيتجلى دوره في م د المجلس بآرائ ه وفت اوى قانوني ة زي ادة على المس اهمة في إع داد التش ريعات‬

‫‪ - 940‬مرسوم سلطاني رقم ‪ 99.91‬القاضي بإنشاء محكمة القضاء اإلداري‬

‫‪534‬‬
‫والقوانين وصياغتها بالنسبة الختصاصات مجلس الدولة‪ ،‬تكمن هذه االختصاصات في تطبيق الرقابة على‬
‫أعمال اإلدارة يكون إما لمحكم ة أول وآخ ر درج ة أو محكم ة اس تئناف أو كمحكم ة نقض بحس ب طبيع ة‬
‫المنازعة موضوع الرقابة القضائية‪.‬‬

‫" بالنسبة للرقابة القضائية كمحكة أول وأخر درجة؛ يكون ضد المراسيم التنظيمية والفردية‪.‬‬

‫والمنازعات الخاصة بالوضعية الفردية للموظفين المعنيين بظهير؛‬ ‫‪-‬‬

‫الدعاوى المرفوعة ضد قرارات إدارية يمتد نطاقها إلى خارج حدود اختصاص المحاكم اإلدارية؛‬ ‫‪-‬‬

‫الطعون الموجه ة ض د الق رارات التنظيمي ة الص ادرة عن ال وزراء وك ذا ض د األحك ام اإلداري ة‬ ‫‪-‬‬

‫الصادرة عنهم في الحاالت التي تلزم فيها االستشارة اإلجبارية لمجلس الدولة؛‬
‫المنازعات اإلدارية التي تنشأ في مناطق ال تدخل في اختصاص المحاكم اإلدارية؛‬ ‫‪-‬‬

‫الطعون الموجهة ضد األحكام اإلدارية الصادرة عن مجالس الوطنية للنقابات المهنية؛‬ ‫‪-‬‬

‫بالنسبة لرقابة مجلس الدولة باعتباره محكمة استئنافية؛ يمارس هذه المهمة في إطار الطعون ض د‬ ‫‪-‬‬

‫أحكام المحاكم اإلدارية والتي ال يجوز الطعن فيها عن طريق االستئناف أمام محاكم االستئناف اإلدارية؛‬
‫بالنسبة للرقابة مجلس الدولة باعتب اره محكم ة النقض؛ يم ارس مجلس الدول ة ه ذه المهم ة وذل ك‬ ‫‪-‬‬

‫بالرقابة على أعمال اإلدارة بصفته محكمة النقض ضد األحكام التي تصدر عن محاكم أولى درجة ومحاكم‬
‫االستئناف اإلدارية وذلك في مج االت معين ة (المجلس األعلى للتعليم والمجلس االقتص ادي‪ )...‬م الم ينص‬
‫القانون على خالف ذلك"‪.‬‬

‫فكما يب دو أن ه ذه الص بغة هي ال تي يجب األخ ذ به ا لبل ورة فك رة إح داث مجلس الدول ة في المغ رب‬
‫وعمان التي تعاني هذه األخيرة من غي اب كلي إلمكاني ة تق ديم الطع ون أم ام ال دائرة االس تثنائية للمحكم ة‬
‫اإلدارية إذ أن هذه األحكام ال يحق الطعن فيها النعدام الغرفة اإلدارية بالمحكمة العليا مما يشكل ذل ك حيف ا‬
‫واضحا في حق المتقاضين فباس تثناء إمكاني ة تق ديم ملتمس إلى رئيس المحكم ة اإلداري ة في حال ة ظه ور‬
‫عناصر جديدة ال توجد إلى إمكانية أخرى إطالقا عكس ما هو متبع في المغرب حاليا‪.‬‬

‫فقد انتظر القضاء اإلداري المغربي أكثر من أح د عش ر س نة دون أي مس تجد ي ذكر على مس توى أي‬
‫تشريعي يلوح ببروز فكرة نشوء مجلس الدولة وه و نفس ه األم ر ال ذي الزال يعاني ه القض اء اإلداري في‬
‫سلطنة عمان‪ ،‬فبإحداث هذا الجهاز في السلطنة والمغرب أصبح أمرا ضروريا وملحا لما له من أهمية في‬
‫الطعون اإلدارية ولضمان اس تقالليته عن الجه ات القض ائية األخ رى وإللم ام درج ات التقاض ي اإلداري‬

‫‪535‬‬
‫بتوفر مختلف محاكمها ح تى يتس نى وض ع هيكل ة قض ائية متين ة في المي دان اإلداري تحقيق ا لالزدواجي ة‬
‫المنشودة قضائيا وقانونيا‪.941‬‬

‫ثانيا‪ :‬على مستوى التقاضي‬

‫لعل أي قانون موضوعي يتوقف في تفعيله على قانون إجرائي من أجل القيام بدوره على الطريقة ال تي‬
‫افق لها من أجل إعداده وق انون إح داث المح اكم اإلداري ة ‪ 41-90‬وك ذا ق انون إح داث مح اكم االس تئناف‬
‫اإلدارية ‪ 80.03‬بدورهما يستندان في مضامينها على قانون المسطرة المدنية‪ ،‬وذل ك ألج رأة ه ذا الق انون‬
‫وبلورته في إطار قضائي (القضاء اإلداري)‪.‬‬

‫وهو نفسه النم ط المتخ ذ في س لطنة عم ان إذ أن ق انون المحكم ة اإلداري ة بفع ل باالس تناد إلى ق انون‬
‫إجرائي عام شأنه شأن القانون المتخذ في المغ رب إال أن الفق ه الح ديث س ار في اتج اه ض رورة اس تقالل‬
‫القضاء اإلداري عن القض اء الع ادي بش كل كلي وعلى المس تويات‪ ،‬ب دايتا بإح داث مس اطر إدارة خاص ة‬
‫بالقضاء اإلداري وذلك خدمة للصالح العام ومن أجل تقريب القضاء من المتقاضين‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬سن قواعد إجرائية خاصة بالقضاء اإلداري‬

‫لقد أخذ المغرب بمب دأ القض اء اإلداري المتخص ص بش كل ش به مس تقل عن القض اء الع ادي لكن على‬
‫مستوى المساطر المعتمدة الزالت المح اكم اإلداري ة ومح اكم االس تئناف اإلداري ة تأخ ذ بق انون المس طرة‬
‫المدنية كقانون إجرائي‪ ،‬لكن هذا ال ينفي وج ود م واد (نص وص) خاص ة بالقض ايا اإلداري ة داخ ل ق انون‬
‫المسطرة المدنية مثل الفصول (‪.942)...367-366-362-361-360-355-306‬‬

‫وهذا ما أكدته المادة السابعة من قانون المحكمة اإلدارية على ان القواع د المق ررة في ق انون المس طرة‬
‫المدني ة تطب ق أم ام المح اكم اإلداري ة م الم ينص ق انون خ اص على خالف ذل ك‪ ،‬مم ا يع ني أن المش رع‬
‫المغربي إن كان قد أشار إلى بعض اإلجراءات األخرى المنصوص عليها في المسطرة المدني ة خصوص ا‬
‫تلك التي ال تتعارض ومسطرة التقاضي اإلدارية‪ ،943‬سواء تلك المتعلق ة بعق د الجلس ات والنط ق باألحك ام‬
‫وإج راءات التحقي ق أو المتعلق ة بط رق الطعن ومس طرته وآجال ه وتنفي ذ األحك ام مخالف ا ل ذلك بعض‬
‫التشريعات األخرى‪.‬‬

‫وكما هو وارد بالنسبة القضاء اإلداري المغربي الذي اعتمد هذا النسق اإلجرائي‪ ،944‬فإن س لطنة عم ان‬
‫بدورها حاولت من خالل مشروعها على تضمين مجموعة من اإلجراءات المسطرية في الق انون (محكم ة‬
‫القضاء اإلداري)‪ ،‬بيد أن هذا التضمين ال يعني اللجوء إلى القانون اإلج رائي الع ام لس د بعض الخص اص‬
‫‪ -‬مليكة الصروخ‪" :‬القانون اإلداري"‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪941‬‬

‫‪ -‬عبد الكريم الطالب" "الشرح العلمي لقانون المسطرة المدنية"‪ ،‬مطبوعات المعرفة‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬أكتوبر ‪.2003‬‬ ‫‪942‬‬

‫‪ -‬دليل محاكم االستئناف اإلدارية والمحاكم اإلدارية‪ ،‬منشورات وزارة العدل‪ ،‬مطبعة الزهراء‪ ،‬سال‪ ،‬توزيع دار القلم‪.2009،‬‬ ‫‪943‬‬

‫‪ -‬محمد محجوبي‪" :‬الوجيز في القضاء اإلداري بعد إحداث المحاكم اإلدارية"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة دار القلم‪.2002،‬‬ ‫‪944‬‬

‫‪536‬‬
‫في حالة عدم وجود نص خاص ضمن قانون محكمة القضاء اإلداري وعن ه ذه اإلج راءات المعتم دة في‬
‫القضاء اإلداري المغربي فإنها تعتبر نفسها المتخذة في القضاء العادي إال من بعض الجوانب‪.‬‬

‫فبالنسبة للدعوى بصفة عامة فإنها تستوجب توكيل محامي على خالف القضاء العادي ال ذي ال يش ترط‬
‫هذا التوكيل في المراحل األولى من التقاض ي‪ ،‬إذ تنص الم ادة الثالث ة من ق انون ‪ 90.41‬على ذل ك إض افة‬
‫إلى هذا الشرط فإن المسطرة تعتبر كتابية أمام المحكمة اإلدارية‪ ،‬إذ أن كل القضايا المرفوع ة المعروض ة‬
‫على هذه المحاكم ترفع بمقال مكتوب كما تع رض ك ل الم ذكرات الجوابي ة والتعقبي ة بش كل مكت وب طبق ا‬
‫لمقتضيات الفص ول ‪ 336-239‬من ق انون المس طرة المدني ة المح ال عليه ا بمقتض ى الم ادة ‪ 4‬من ق انون‬
‫المح اكم اإلداري ة وه ذه المق االت ت ودع بكتاب ة ض بط المحكم ة اإلداري ة وف ق مجموع ة من البيان ات‬
‫المنصوص عليها في الفص ل ‪ 32‬من ق انون المس طرة المدني ة وال تي تحي ل عليه ا الم ادة ‪ 23‬من الق انون‬
‫المحدث للمحاكم اإلدارية إذ تعلق هذه البيان ات بأس ماء األط راف والمهن ة والص فة والمح ل م ع ض رورة‬
‫اإلرفاق بالمستندات المعتمد عليها‪.945‬‬

‫وعن دعوى اإللغاء فإن أجلها محدد في ‪ 60‬يوما من تاريخ نشر أو تبليغ القرار المطلوب إلغاؤه باألمر‬
‫أو من تاريخ العلم اليقيني به‪.‬‬

‫فباس تثناء دع وى اإللغ اء فتخض ع ك ل ال دعاوى ألداء الرس وم القض ائية م ع إمكاني ة طلب المس اعدة‬
‫القضائية بالنسبة للعاجز عن أداء الرسوم القضائية وأداء أتعاب الدفاع‪.‬‬

‫وعلى نفس المنوال تط رق المش رع المغ ربي في الق انون ‪ 80.03‬المحدث ة بموجب ه مح اكم االس تئناف‬
‫إداري ة إلى مس طرة خاص ة باس تئناف األحك ام الص ادرة عن المح اكم اإلداري ة وش كليات إحال ة المل ف‬
‫وبمالحظة تلك المقتضيات العامة التي تنظم اس تئناف األحك ام الص ادرة عن المح اكم االبتدائي ة في ق انون‬
‫المسطرة المدنية نجدها هي نفسها م ع مس تجد يتعل ق باآلج ل ال ذي توج ه خالل ه المحكم ة اإلداري ة مق ال‬
‫االستئناف ومستنداته إلى كتابة الض بط بمحكم ة االس تئناف اإلداري ة‪ ،‬وعلى ض وء ه ذه اإلج راءات يبقى‬
‫األجل المقدم داخله الطعن محدد في ‪ 30‬يوما من تاريخ التبلي غ الحكم‪ ،‬إذ يعت بر ه ذا األج ل س قوطا ي ؤدي‬
‫تجاوزه إلى عدم قبول الطعن االستئناف وهو من النظام الع ام يجب على المحكم ة أن تث يره تلقائي ا‪ ،‬إال أن‬
‫هناك استثنائيتين ق انونيتين تح دد فيهم ا األج ل‪ ،‬أي يتم وق ف األج ل وال يمكن مواص لة احتس ابه إال بع د‬
‫سلوك مسطرة خاصة ويتعلق األمر بوفاة أحد األطراف‪ ،‬أي وف اة الط رف ال ذاتي في ال نزاع بع د ص دور‬
‫الحكم اإلداري‪ ،‬ف إن آج ال االس تئناف يتوق ف لص الح ورثت ه ولمواص لته من جدي د تعين تبلي غ الحكم من‬
‫الجديد إلى الورثة ثم االستثناء الثاني يتعلق بتغيير أهلي ة أح د األط راف‪ ،946‬فعن ه ذه اإلج راءات الس الف‬

‫‪945‬‬
‫‪.‬دليل محاكم اإلستئناف اإلدارية والمحاكم اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق ‪-‬‬
‫‪ - 946‬دليل محاكم االستئناف اإلدارية والمحاكم اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪537‬‬
‫ذكرها يبقى ما يميز المسطرة أمام المح اكم اإلداري ة حس ب الم ادة ‪ 7‬من ق انون إح داث المح اكم اإلداري ة‬
‫‪ 90.41‬وك ذا الم واد ‪ 15‬و ‪ 16‬من الق انون المح دث للمح اكم اإلداري ة تتخ ذ ثالث ة أن واع من المم يزات‪،‬‬
‫فبغض النظ ر عن كونه ا كتابي ة في جمي ع أن واع ال دعاوى‪ ،‬فهي تحقيقي ة ك ذلك باإلض افة إلى كونه ا‬
‫حضورية‪.947‬‬

‫إال أن هذا األسلوب بال يعمل ب ه في ال دول ال تي تنهج نظ ام القض اء اإلداري المتخص ص كفرنس ا‪ ،‬إذ‬
‫عمل المشرع الفرنسي على صياغة قانون اإلجراءات اإلدارية بشكل أكثر اس تقاللية عن ق انون المس طرة‬
‫المدنية ويطبقها في مجاله في الحالة التي ال يوجد نصا منظما في قانون المس طرة اإلداري ة‪ ،‬وذل ك بش رط‬
‫عدم تعارضه مع المقتضيات اإلدارية‪.‬‬

‫أما بالنسبة للدول التي تتهيج نظام القضاء الموحد ف إن الق انون اإلداري والق انون الم دني يش تركان في‬
‫أحكام قانون المسطرة المدنية نظرا لوحدة القضاء‪ ،‬كما هو الش أن في األردن والع راق‪ ...‬إلخ‪ ،‬إذا ال ينبغي‬
‫أن يحتوي قانون مسطرتها (أو إجراءاتها) المدنية على نصوص خاصة ببعض القضايا اإلدارية‪.948‬‬

‫إال أن واقع الحال أضحى اآلن يلح بشكل كبير على المش رع المغ ربي إلى تب ني نفس النهج ال ذي س ار‬
‫عليه المشرع الفرنسي‪ ،‬وذلك بإيج اد ق انون المس طرة اإلداري ة مس تقل عن ق انون المس طرة المدني ة على‬
‫أساس أن يظل هذا األخير المرجع العام في الحالة التي ال يوج د بش أنها نص تنظيمي في ق انون المس طرة‬
‫اإلداري ة وه و نفس التوج ه ال ذي ينبغي أن يرع اه المش رع العم اني من أج ل بل ورة فك رة االزدواجي ة‬
‫واستقالل القضاء العادي عن القضاء اإلداري حتى يتسنى القول أن هناك تط روا حاص ال يواف ق تطلع ات‬
‫النمو الحاصل على كل األصعدة وخصوصا الجانب القضائي‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬تقريب القضاء من المتقاضين‬

‫منذ استقالل المغرب وإلى غاية ‪ 1994‬كان النظام القضائي المغربي يأخذ بنظام القض اء الموح د وبع د‬
‫إحداث المحاكم اإلداري ة أح دث تغي يرا كب يرا بع دما ثم إس ناد له ذه األخ يرة مهم ة النظ ر في المنازع ات‬
‫اإلدارية وترتب على ذلك أن أصبحت المحاكم اإلدارية هي المختصة في إلغاء األحك ام اإلداري ة المخالف ة‬
‫للق انون أو المش وبة بعيب المش روعية‪ ،‬وك ذلك تختص ب التعويض عن األض رار ال تي تنجم عن أخط اء‬
‫اإلدارة المرفقية أو المصلحية‪ ،...‬وقد كان إلحداث هذه المحاكم هدف كبير وغاية مثلى في تقريب القض اء‬
‫من المواطنين‪ ،949‬تعزز ذل ك بإح داث مح اكم اس تئناف إداري ة‪ ،‬حيث أص بحت هي المختص ة ب النظر في‬
‫اس تئناف أحك ام المح اكم اإلداري ة وأوام ر رؤس ائها ماع دا إذا ك انت هن اك كمقتض يات قانوني ة مخالف ة‪،‬‬
‫وبالتالي أضحى القض اء المغ ربي يتس ع ت دريجيا بمختل ف مراح ل التقاض ي بش أن المنازع ات اإلداري ة‪،‬‬
‫‪ -‬محمد محجوبي‪" :‬القانون القضائي الخاص"‪ ،‬طبعة أولى‪ ،‬مطبعة دار القلم‪2005 ،‬‬ ‫‪947‬‬

‫‪ -‬مليكة الصروخ‪" :‬القانون اإلداري"‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪948‬‬

‫‪ -‬محمد بن طلحة الدكالي‪" :‬المحاكم اإلدارية بالمغرب"‪ $،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.1997‬‬ ‫‪949‬‬

‫‪538‬‬
‫وبالعودة إلى القضاء داخل سلطنة عمان‪ ،‬فكما هو معلوم أن ت اريخ إح داث محكم ة القض اء اإلداري ك ان‬
‫بتاريخ ‪ 21‬نونبر ‪ ،1999‬وهو التاريخ الذي دخلت فيه السلطنة إلى مرحلة تحويل النظ ر في القض ايا ذات‬
‫الطابع اإلداري عن القضاء العادي نحو القضاء اإلداري باعتباره قضاء متخصصا وقد ك ان ه ذا اإلنج از‬
‫يندرج في إطار فلس فة تق ريب القض اء من المتقاض ين وحرص ا على ص يانة ثق ة المواط نين في مؤسس ة‬
‫القضاء باعتبارها راعية مصالح المواط نين وك ذلك حرص ا على مص الح المواط نين من ج راء نزاع اتهم‬
‫ذات الصبغة اإلدارية والتي تعرض على القضاء‪.‬‬

‫إال أن هذه الفلسفة كانت لها العديد من التوجهات فبعد صدور قانون إحداث المح اكم اإلداري ة ب المغرب‬
‫‪ 90.41‬تم إنش اء س بعة مح اكم إداري ة‪ ،‬وهي الرب اط‪ ،‬ال دار البيض اء‪ ،‬ف اس‪ ،‬مكن اس‪ ،‬وج دة‪ ،‬م راكش‪،‬‬
‫أكادير‪.950‬‬

‫وعن محاكم االستئناف اإلدارية التي أحدثت بموجب قانون ‪ 80.03‬فقد أنش ئت محكم تين هم ا‪ :‬محكم ة‬
‫االستئناف اإلدارية بالرباط ومحكمة االستئناف اإلدارية لمراكش‪ ،‬إذ أن كل محكمة استئناف إداري ة تنظ ر‬
‫في الطع ون المرفوع ة أمامه ا من قب ل المح اكم االبتدائي ة اإلداري ة الواقع ة في دائرته ا فمثال المحكم ة‬
‫اإلدارية االستئنافية للرباط تنظر في الطع ون المرفوع ة أمامه ا من قب ل المحكم ة اإلداري ة لوج دة وف اس‬
‫ومكناس والدار البيض اء بينم ا المحكم ة اإلداري ة لم راكش تنظ ر في الطع ون المرفوع ة إليه ا من ة قب ل‬
‫المحاكم اإلدارية بكب من مراكش وأكادير‪ ،951‬فب النظر إلى توزي ع ه ذه المح اكم نج دها ق د اتخ ذت منحى‬
‫انتشاري داخل الرفعة الجغرافية للملكة‪ ،‬لكن ال تلبي حاجيات التطور واالنفتاح التي تسير علي ه الدول ة في‬
‫برامجها السياسية ‪ ،‬فكما يبدو أن الجهة الشمالية والتي تضم جهة طنجة تطوان‪ ،‬وكذلك جهة الحسيمة تازة‬
‫ال تتوفر على أي محكمة إدارية إذا كان باألحرى أن تتوفر هناك محكمة إدارية تساير توجه ات بالجهوي ة‬
‫الموسعة كمشروع مجتمعي سار عليه المغرب وهو نفس المشكل ال ذي يع تري ه ذا الب اب من زاوي ة قلت‬
‫المحاكم اإلدارية‪ ،‬إذ أن بلورة فكرة تقريب القضاء من المواطنين هي مسألة مثالية وفعلية ‪ ،‬لكن ال يتم ذلك‬
‫إال في نسق متكامل يتماشى والنمو الحاصل على المستوى الديموغرافي‪ ،‬وكذلك االقتصادي‪ ،‬وهو الش يء‬
‫الذي يؤثر بشكل كبير على مستوى أخر فقل ة ع دد مح اكم االس تئناف اإلداري ة وبع دها الكب ير عن الم دن‬
‫المتواجدة بها محاكم استئناف إدارية‪ ،‬وبالنسبة لهذا المشكل يظل ي رخي بظالل ه ك ذلك على س لطنة عم ان‬
‫لكونها نهجت مبدأ القضاء اإلداري بدائرتيه االبتدائية واالستئنافية بمقتضى قانون واحد وهو قانون إح داث‬
‫محكم ة القض اء اإلداري إال أن توزي ع المح اكم ترك ز في ‪ 3‬م دن ك برى وهم ص اللة ومس قط وص حار‬
‫ونقصد هنا المحاكم اإلدارية االبتدائية بيد أن االس تئنافات توج ه إلى محكم ة مس قط‪ ،‬إال أن م ا يع اب على‬
‫هذا التوزيع كونه ال يوازي عدد المحافظات الموجودة بالسلطنة‪.‬‬

‫‪ - 950‬محمد بن حساين‪" :‬التنظيم القضائي المغربي"‪ $،‬مطبعة طوب برسي‪ ،‬الرباط‪.2008،‬‬


‫‪ - 951‬التنظيم القضائي المغربي الصادر بتاريخ ‪ 15‬يوليوز‪ ،1975‬صادر بالجريدة الرسمية‪ ،‬عدد‪ 3220:‬بتاريخ ‪ 17‬يوليوز ‪.1974‬‬

‫‪539‬‬
‫حيث عمد المشرع العماني إلى وضع حل مؤقت لتجاوز هذا اإلشكال وفتح المجال أمام المتقاض ين من‬
‫أجل وضع استئنافهم في األحكام االبتدائي ة الص ادرة عن المح اكم اإلداري ة بنفس المحكم ة ال تي أص درت‬
‫الحكم االبتدائي على أن تقوم هذه األخيرة بإحالة هذه االستئنافات إلى المحكمة اإلدارية بالعاصمة اإلداري ة‬
‫صاحبة االختصاص للبث في تلك االستئنافات إذ ينبع هذا اإلجراء من فلسفة خدمة القضاء للمواطن وجعله‬
‫في موضع قرب‪.‬‬

‫هذا فضال عن الرسوم القضائية التي تعوق مبدأ تق ريب القض اء من المتقاض ين‪ ،‬إذ أن ه ذا المش كل ال‬
‫يعاني منه إطالقا المواطن العماني نظرا لرمزية هذه األخ يرة خالف ا لم ا ه و حاص ل في المغ رب‪ .‬فهن اك‬
‫مجموعة من االنتقادات وجهت في هذا اإلطار‪ ،‬حيث عبر المجلس الوطني لنقابة المح امين بالرب اط ال ذي‬
‫طالب في دورته االستثنائية المنعقدة بالرباط بتفعيل مجانية التقاضي وإلغاء كافة الرسوم القض ائية لتحقي ق‬
‫مبدأ المساواة بين المواطنين في الول وج إلى العدال ة وتحقي ق المحاكم ة العادلة‪ ،952‬باإلض افة إلى م ا ذك ر‬
‫يطرح مشكل المساعدة القضائية مشكال كبيرا ويعزى ذلك إلى عدة اعتبارات فاإلطار الق انوني ق ديم يع ود‬
‫لسنة (‪ ،)1966‬وبالتالي ال يواكب التط ورات االقتص ادية واالجتماعي ة ثم محدودي ة فئ ة المس تفيدين منه ا‬
‫وصعوبة الشروط المطلوبة للحصول عليها‪ ،‬وهو زيادت ا على غلب ة نظ رة المراقب ة واإلج راءات الش كلية‬
‫على الوظيفة االجتماعية والقانونية‪ ،‬باإلضافة إلى التحكيمية ال تي تطب ع منحه ا‪ ،‬ثم البطء الن اتج عن ع دم‬
‫انتظام اجتماعات المكاتب المكلفة بها وطول مسطرة البحث من طرف اإلدارات المعنية به ا‪ ،‬ه ذا دون أن‬
‫ننسى ضعف األتعاب المقدمة في إطار المساعدة القضائية للدفاع المعين بحكم القانون مقارنة مع المجه ود‬
‫المبذول‪ .‬غير أن اإلشكال ال يتخذ نفس الهالة في سلطنة عم ان إذ أن يُس ر اإلج راءات اإلداري ة لالس تفادة‬
‫منها (تقديم طلب معلل إلى رئيس المحكمة اإلدارية يتولى اإلجابة عليه داخل أجل يومين) ال يطرح إشكال‬
‫في هذا الموضوع‪.‬‬

‫‪ - 952‬انعقد هذا المؤتمر‪ $‬بالرباط بتاريخ ‪ 26‬يونيو ‪ 2010‬منشور في جريدة العلم‪ 30 ،‬يونيو ‪.2010‬‬

‫‪540‬‬
‫خاتمة القسم الثاني‪:‬‬

‫جاء القضاء اإلداري بكل من سلطنة عمان والمملكة المغربية‪ ،‬نتيج ة لمجموع ة من العوام ل الداخلي ة‬
‫المرتبط ة ببني ة الواق ع السياس ي واالقتص ادي واالجتم اعي في إط ار انفت اح النظ ام السياس ي المغ ربي‬
‫والعماني على حقوق اإلنسان وضمان الحريات العامة ودولة الحق والقانون‪.953‬‬

‫وفي المغرب‪ ،‬جاء إحداث المحاكم اإلدارية ألول م رة كتت ويج لإلص الحات الس ابقة‪ ،‬وذل ك م ا جس ده‬
‫الخطاب الملكي لسنة ‪ 1990‬من خالل تدعيم دول ة الح ق والق انون عن طري ق احترام ه لحق وق اإلنس ان‪،‬‬
‫وهو ما يتحقق بإرساء قواعد دولة ديموقراطية عصرية تقوم على إرساء المؤسسات كركيزة لدولة القانون‬
‫وتحقيق هذا المبتغى ال يتأتى إال بموجب رقابة قضائية فعالة على السلطات اإلدارية‪.954‬‬

‫ومن أجل بلورة الخطاب الملكي ل ‪8‬ماي ‪ ،1990‬إلى واقع ملم وس تم إص دار الق انون رقم ‪41955-90‬‬
‫المحدث للمحاكم اإلدارية‪ ،‬إذ شكل هذا الحدث نقل ة نوعي ة في ت اريخ القض اء المغ ربي والقض اء اإلداري‬
‫على وجه التحديد العتباره فسح المجال لبروز القضاء المتخصص ب النظر في المنازع ات اإلداري ة س واء‬
‫ما تعلق منها بقضاء سواء ما تعلق منها بقضاء اإللغاء أو القضاء الشامل‪.‬‬

‫وعن س لطنة عم ان ال يتم إنش اء ه ذا القض اء وتنظيم ه إال بص دور ق انون محكم ة القض اء اإلداري‬
‫بالمرسوم السلطاني رقم ‪ 91-99‬والذي دخل حيز التنفي ذ ابت داء من ف اتح ف براير ‪ ،2000‬فاختص ت هات ه‬
‫المحكمة بمراجعة مش روعين بعض أعم ال الجه از اإلداري للدول ة‪ ،‬ونص من خالل الم ادة ‪ 6‬من ق انون‬
‫‪ 91-99‬على جملة من االختصاصات التي تدخل في إطار الخصومات اإلدارية ودعاوى التعويض‪.956‬‬

‫كما أن المغرب ومن أجل تثمين دور القضاء وسعيا لضمان قض اء متخص ص أح دث مح اكم اس تئناف‬
‫إدارية بمقتضى الظهير الشريف رقم ‪ 07.06.1‬بتنفيذ القانون رقم ‪ ،95708.03‬ويع د ه ذا اإلص الح خط وة‬
‫مهم ة في مج ال تعزي ز المؤسس ات القض ائية ب المغرب كخط وة نوعي ة في بني ات ه رم القض اء اإلداري‬
‫المغربي‪ ،‬حيث سبق أن أعلن الخطاب الملكي لسنة ‪ 1999‬عن إنش اء ه ذه المح اكم‪ ،‬وذل ك في أف ق إنش اء‬

‫‪EL BEKNINI ABDERRAHMAN « la réforme de la justice administrative, revue moraine d’économie et de droit - 953‬‬
‫‪.compose, spéciale collègue tribunaux administratifs et état de droit n°21,1994‬‬

‫‪ - 954‬مقتطف من الخطاب الملكي ‪ 8‬مايو ‪ "،1990‬وإذا أردنا حقيقة أن نبني دولة القانون‪ ،‬علينا ك‪$$‬ذلك أن نأخ‪$$‬ذ بعين االعتب‪$$‬ار حق‪$$‬وق المواط‪$$‬نين‬
‫بالنسبة للسلط واإلدارة والدولة‪.‬‬
‫‪ - 955‬ظهير شريف رقم ‪ 1.91.225‬صادر في ربيع األول ‪ 10( 1414‬ش‪$‬تنبر ‪ )1993‬بتنفي‪$‬ذ‪ $‬الق‪$‬انون رقم ‪ 41.90‬المح‪$‬دث بم‪$‬وجب المح‪$‬اكم‬
‫اإلدارية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 4227‬بتاريخ ‪ 03‬نونبر ‪ ،1993‬الصفحة‪.2168:‬‬
‫‪- 956‬سرحان سليمان بن حميد الريسي " تطور القضاء اإلداري في المغرب وسلطنة عمان إشكالية ع‪$$‬دم تنفي‪$$‬ذ األحك‪$$‬ام القض‪$$‬ائية " مرج‪$$‬ع س‪$$‬ابق‪،‬‬
‫الصفحة‪3:‬‬
‫‪ - 957‬ظهير شريف رقم ‪ 1.06.07‬صادر في ‪ 15‬من مح‪$$‬رم ‪14 $،1427‬ف‪$$‬براير ‪ ،2006‬بتنفي‪$‬ذ‪ $‬الق‪$$‬انون رقم ‪ 80.03‬المحدث‪$$‬ة بموجب‪$$‬ه مح‪$$‬اكم‬
‫االستئناف اإلدارية‪.‬‬

‫‪541‬‬
‫مجلس دولة يعلو هرم القضاء اإلداري‪ ،‬كما ه و ح ال مجلس الدول ة الفرنس ي وذل ك تتويج ا لإلص الحات‬
‫السابقة‪.‬‬

‫وقد ساهم القضاء اإلداري في كل من البلدين بإنت اج نرس انة من المب ادئ واإلجته ادات القض ائية ال تي‬
‫عززت الحماية القضائية للحقوق والحريات وسيجتها بعدة معايير وضمانات‪ ،‬كما ساهمت في ضبط عم ل‬
‫اإلدارة ولجم تصرفاتها من كل تعسف أو خرق قانوني يكون من شأنه إنتهاك حقوق اإلنسان والمس بها‪.‬‬

‫‪542‬‬
‫خاتمة عامة‪:‬‬
‫في ختام الدراسة خلصينا إلى أن األمم المتحدة عملت طيلة حياتها العملية منذ التأسيس سنة ‪ 1945‬على‬
‫توطيد ودعم ثقافة حقوق االنسان وحمايتها بكل الوس ائل الممكن ة وخلقت ل ذلك ع دة آلي ات دولي ة متنوع ة‬
‫ومختلفة تعمل من خالله ا على مراقب ة م دى اح ترام كاف ة ال دول للحق وق والحري ات ال واردة في الق انون‬
‫الدولي لحقوق االنسان‪.‬‬

‫كما سعت اآلليات الدولية المعنية بحقوق االنسان إلى بلورة ضمانات ومع ايير كفيل ة بض مان االح ترام‬
‫األمثل لحقوق االنسان على الصعيد الدولي‪ ،‬كما عملت كل المنظمات الحكومية التابعة لألمم المتح دة على‬
‫توفير كل الوسائل واإلجراءات التي يمكن من خاللها لألفراد اللجوء إليه ا قص د التش كي واالحتج اج ض د‬
‫كل انتهاك أو مس لحقوق االنسان قد يأتي من الدول أو األفراد‪.‬‬

‫وفي مقابل ذلك سعت الدول العربية ومن ض منها س لطة عم ان والمملك ة المغربي ة على االنض مام إلى‬
‫األمم المتحدة ومؤسساتها التابعة لها وهياكلها‪ ،‬وعملت على التص ديق على مختل ف االتفاقي ات والص كوك‬
‫الدولية ذات الصلة بحقوق االنسان عامة والحقوق السياس ية خاص ة‪ ،‬كم ا وض عت ال دولتان مجموع ة من‬
‫الض مانات واإلج راءات ال تي من ش أنها توف ير وتس هيل الممارس ة الس هلة والفعلي ة للحق وق والحري ات‬

‫‪543‬‬
‫والول وج إليه ا والتش كي في حال ة وج ود ح االت من االنته اك او المس ال ذي ق د يط ال حق وق االف راد‬
‫والجماعات‪.‬‬

‫وقد خلقت الدراسة إلى العديد من النتائج التي يمكن حصرها في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬حقوق االنسان هي مجموعة من المبادئ والمعايير المكتوبة وغ ير المكتوب ة المتأص لة في الكرام ة‬


‫اإلنسانية‪ ،‬والمؤسسة على الحرية والمساواة بين األفراد الجماعات دون تمييز‪ ،‬وواجب ة االح ترام في زمن‬
‫الحرب أو السلم‪ .‬ورغم أنها قيدمة قدم االنسان‪ ،‬إال أن تأطيرها قانونا على المستوى الدولي بدأ مع الح رب‬
‫العالية الثانية‪ ،‬وتمتاز هذه الحقوق بأنها متأصلة في الكرامة اإلنسانية وعالمي ة وش املة ومترابط ة ال تقب ل‬
‫التجزئة‪.‬‬

‫‪ -2‬القانون الدولي لحقوق االنس ان ه و ف رع جدي د من ف روع الق انون ال دولي‪ ،‬له ذا يه دف إلى حماي ة‬
‫حقوق االنسان الفردية والجماعية في زمن السلم وزمن النزاعات المسلحة‪ ،‬ووضع آليات حمايتها‪.‬‬

‫وقد ارتب ط الخ ط الن اظم لتط وره بجمل ة من االتجاه ات الهام ة وهي‪ :‬جدلي ة االنتق ال من الوط ني إلى‬
‫الدولي والع المي‪ ،‬واالعالن عن االل تزام‪ ،‬واالنتق ال من الع ام إلى الخ اص‪ ،‬كم ا أس هم في تط وره أربع ة‬
‫عوامل وهي‪ :‬نطور مرك ز الف رد في الق انون ال دولي‪ ،‬ونط ور مفه وم س يادة الدول ة في الق انون ال دولي‪،‬‬
‫وتنامي دور المنظمات غير الحكومية‪ ،‬وتشكيل المحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬

‫وفي المقابل من ذلك يواجه القانون ع دو عوام ل تس عى لكبح تط وره وهي‪ :‬تس ييس الق انون‪ ،‬والنظ ام‬
‫الدولي الجديد والحرب على اإلرهاب‪.‬‬

‫‪ -3‬تتسم اآلليات الرقابية المعتمدة لدى األمم المتح دة بالض عف والهشاش ة‪ ،‬ك ون توص ياتها وقراراته ا‬
‫غير ملزمة‪ ،‬ويقتصر دورها على اآلثار األدبية‪ ،‬هذا عدا عن عدم امتالكها ألية س لطة تنفيذي ة تمكنه ا من‬
‫ترجمة قراراتها وتوصياتها على أرض الواقع‪ ،‬حيث يحتكر مجلس االمن ه ذا االختص اص باإلض افة إلى‬
‫عجزها عن التصدي للقرارات واإلجراءات العقابية غير المشروعة؟‪.‬‬

‫‪ -4‬يتولى األمم المتحدة المسؤولية األولى عن قمع انتهاك ات حق وق االنس ان ال تي تش كل تهدي دا للس لم‬
‫واالمن الدوليين‪.‬‬

‫‪ -5‬يعتبر المجلس االقتصادي واالجتم اعي أح د أهم األجه زة الرئيس ية المتخصص ة في مج ال حق وق‬
‫االنسان‪ ،‬ويمتلك مجموعة من آليات الرقابة واالشراف على حقوق االنسان‪ ،‬ولكن اآلليات التي س تند إليه ا‬
‫رغم أنها قوية وفاعلة إال أنها مازالت تعاني من بعض القصور والضعف في توفير الحماية اللزمة لحق وق‬
‫االنس ان‪ ،‬وقم ع االنتهاك ات ال تي تتع رض له ا‪ ،‬حيث يقتص ر دوره على تق ديم االقتراح ات والتوص يات‬
‫للجمعية العامة‪ ،‬وال يصدر عنه سوى اقتراحات غير ملزمة‪ .‬وخير مثال على ذلك االنتهاك ات ال تي تط ال‬

‫‪544‬‬
‫حقوق االنسان في كل من فلسطين واليمن وس وريا ونيانم ار وغيره ا من ال دول ال تي تنته ك فيه ا حق وق‬
‫االنسان يوميا دون تدخل من االمم المتحدة وأجهزتها‪.‬‬

‫‪ -6‬عملت كل من سلطة عمان والمملكة المغربية على االنضمام إلى كتلة الدول ال تي اعتم دت الق انون‬
‫الدولي لحقوق االنسان‪ ،‬وجعلت من نظامها السياس ي نظام ا منفتح ا وديمقراطي ات في إط ار الت وازن بين‬
‫سيادة القانون و حرية االفراد والجماعات‪.‬‬

‫‪ -7‬وضعت سلطة عمان كل اإلمكان ات والوس ائل ال تي تس مح ب التطبيق الفعلي لحق وق االنس ان عام ة‬
‫والحقوق السياسية خاصة وذلك من خالل توفير ظ روف وش روط المش اركة السياس ية وت ولي المناص ب‬
‫العامة والمشاركة في تدبير الشأن العام ؟‪.‬‬

‫‪ -8‬تعت بر المملك ة المغربي ة أح دى ال دول الرائ دة في مج ال الممارس ة الديمقراطي ة واح ترام حق وق‬
‫االنسان‪ ،‬ولعبت هيئة االنصاف والمصالحة دورا فعاال في تسطير المبادئ السامية الحترام حقوق االنس ان‬
‫على الصعيد الوطني‪ ،‬كما ساهم القضاء من خالل ضمان استقالليته وتط بيق الق انون في توطي د االح ترام‬
‫األمثل لحقوق االنسان‪.‬‬

‫‪ -9‬رغم كل الخطوات التي قامت بها كل من سلطة عمان والمملكة المغربي ة في مج ال ف رض اح ترام‬
‫حقوق االنسان فإن الطريق مازال طويال بالنظر إلى بعض الممارسات واالنتهاكات التي تم ارس من حين‬
‫إلى آخر والتي تشكل نقطة سوداء في مسار االنتقال الديمقراطي الذي يعيشه البلدان‪.‬‬

‫خاتمة الدراسة ‪:‬‬

‫‪545‬‬
546
‫النتائج والتوصيات‪:‬‬

‫‪547‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬

‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫أوال‪ :‬الكتب العربية‬
‫د‪ .‬أحمد أبو الوفا‪ ،‬الحماية الدولية لحقوق اإلنساسن في إطار منظمة األمم المتحدة والوكاالت‬ ‫‪-1‬‬
‫المتخصصة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة‪.2000 ،‬‬
‫د‪ .‬أحمد الصياد اليونسكو رؤية للقرن الواحد والعشرون‪ ،‬دار الفارابي‪ ،‬بيروت‪.1999 ،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫د‪ .‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬اشكالية ثقافة حقوق اإلنسان‪ ،‬مجلس الشعب المصري‪ ،‬مركز البحوث‬ ‫‪-3‬‬
‫البرلمانية‪ ،‬فبراير ‪.2009‬‬
‫د‪.‬أماني غازي جرار‪ ،‬االتجاهات الفكرية لحقوق اإلنسان وحرياته األساسية‪ ،‬دار وائل للنشر‬ ‫‪-4‬‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان ‪.2009‬‬

‫‪548‬‬
‫د بطاهر بو جالل‪ ،‬دليل آليات المنظومة األممية لحقوق اإلنسان المعهد العربي لحقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫‪-5‬‬
‫تونس‪.2004 ،‬‬
‫بهي الدين حسن‪ ،‬الحماية اإلقليمية لحقوق اإلنسان في العالم العربي‪ ،‬في أحمد شوقي بنيوب‬ ‫‪-6‬‬
‫وآخرون‪ ،‬دور جامعة الدول العربية في حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬مركز القاهرة لدراسات حقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬القاهرة‪.2007 ،‬‬
‫بوجمعة غشير‪ ،‬آليات األمم المتحدة لحماية حقوق اإلنسان والرقابة على تنفيذ االتفاقيات الدولية‪،‬‬ ‫‪-7‬‬
‫الدليل العربي حقوق اإلنسان والتنمية‪ ،‬المنظمة العربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬دون سنة طباعة‪.‬‬
‫الحبيب الحمدني وحفيظة شقير‪ ،‬حقوق اإلنسان بين االعتراف الدولي وتحفظات الدول العربية‪،‬‬ ‫‪-8‬‬
‫مركز القاهرية لدراسات حقوق اإلنسان‪ ،‬القاهرة‪.2008 ،‬‬
‫العمل مع المفوضية األمم المتحدة السامية لحقوق اإلنسان‪ ،‬دليل المنظمات غير الحكومية في تقديم‬ ‫‪-9‬‬
‫الشكاو‪ ،‬جنيف ‪،‬دون سنة طباعة‪.‬‬
‫د‪ .‬الشافعي محمد بشير‪ ،‬قانون حقوق اإلنسان‪ ،‬مصادره وتطبيقاته الوطنية والدولية‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪-10‬‬
‫الرابعة‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.2007 ،‬‬
‫د حسن نافعة‪ ،‬العرب واليونسكو‪ ،‬عالم المعرفة (‪ ،)135‬الكويت‪.1989 ،‬‬ ‫‪-11‬‬
‫د‪.‬حسن نافعة‪ ،‬األمم المتحدة في نصف قرن‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت‬ ‫‪-12‬‬
‫‪.1995‬‬
‫د‪ .‬حسين المحمدي بوادي‪ ،‬حقوق اإلنسان بين مطرقة اإلرهاب وسندان الغرب‪ ،‬دار الفكر‬ ‫‪-13‬‬
‫الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية ‪.2006‬‬
‫د‪ .‬خيري أحمد الكباش‪ ،‬الحماية الجنائية لحقوق اإلنسان 'دراسة مقارنة" في ضوء أحكام الشريعة‬ ‫‪-14‬‬
‫اإلسالمية والمبادئ الدستورية والمواثيق الدولية‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬االسكندرية‪.2008 ،‬‬
‫دليل التدريب على رصد حقوق اإلنسان‪ ،‬مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان‪ ،‬جنيف ‪.2001‬‬ ‫‪-15‬‬
‫دليل التدريب المهنيين في مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬مكتب األمم المتحدة السامي لحقوق اإلنسان‬ ‫‪-16‬‬
‫جنيف‪.1999 ،‬‬
‫دليل حقوق اإلنسان في إقامة العدالة‪ ،‬المفوضة السامية لحقوق اإلنسان بالتعاون ع رابطة‬ ‫‪-17‬‬
‫المحامين الدولية‪ :‬جليل بشأن حقوق اإلنسان خاص بالقضاة والمدعين العامين والمحامين‪،‬‬
‫نيوبورك وجنيف‪.2004 ،‬‬

‫‪549‬‬
‫د‪ .‬سعيد فهيم خليل‪ ،‬الحماية الدولية لحثوث اإلنسام في الظروف االستثنائية‪ ،‬امديست‪.1998 ،‬‬ ‫‪-18‬‬
‫د‪ .‬سهيلحسين الفتالوي‪ ،‬حقوق اإلنسان‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2007 ،‬‬ ‫‪-19‬‬
‫د طارق عزت رخا‪ ،‬قانون حقوق اإلنسان بين النظرية والتطبيق في الفكر الوضعي والشريعة‪،‬‬ ‫‪-20‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪.2006‬‬
‫طارق زيادة األسس التاريخية والفلسفية لحقوق اإلنسان‪ ،‬في سليم الغماني وأخرون‪ ،‬حقوق‬ ‫‪-21‬‬
‫اإلنسان مفاهيمها وأسسها‪ ،‬منشورات المعهد العربي لحقوق اإلنسان‪ ،‬تونس‪2003 ،‬‬
‫د‪ .‬عبد الكريم علوان‪ ،‬المنظمات الدولية‪ ،‬مكتب دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ‪.1997‬‬ ‫‪-22‬‬
‫د‪ .‬عبد الكريم علوان‪ ،‬حقوق اإلنسان‪ ،‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪1997 ،‬‬ ‫‪-23‬‬
‫د‪ .‬عبد الواحد محمد الفار‪ ،‬قانون حقوق اإلنسان في الفكر الوضعي والشريعة اإلسالمية‪ ،‬دار‬ ‫‪-24‬‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1991 ،‬‬
‫د عبد اهلل علي أبو سلطان‪ ،‬دور القانون الدولي الجنائي في حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬دار‬ ‫‪-25‬‬
‫دحلة ‪،‬عمان وبغداد‪.2008 ،‬‬
‫د‪ .‬عبد الحسن شعبان‪ ،‬مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان‪ ،‬مركز القاهرة‬ ‫‪-26‬‬
‫لدراسات حقوق اإلنسان‪ ،‬القاهرة‪.2006 ،‬‬
‫د‪ .‬عبد الرحمن أبو النصر‪ ،‬اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين لعام ‪ 1949‬وتطبيقاتها في‬ ‫‪-27‬‬
‫األراضي الفلسطينية المحتلة‪ ،‬مطابع الهيئة الخيرية‪ ،‬غزة‪.2000،‬‬
‫د‪ .‬عبد الرحمن أبو النصر‪ ،‬محاضرات في قانون التنظيم الدولي‪ ،‬دون دار طباعة‪ ،‬غزة ‪1996‬‬ ‫‪-28‬‬
‫د‪ .‬عبد الرحمن أبو النصر قانون حقوق اإلنسان والقانون الدولي اإلنساني‪ ،‬مكتبة القدس‪ ،‬غزة‪،‬‬ ‫‪-29‬‬
‫‪.2002‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز محمد سرحان‪ ،‬مقدمة لدراسات ضمانات حقوق اإلنسان‪ ،‬دراسة مقارنة في القانون‬ ‫‪-30‬‬
‫الدولي والشريعة اإلسالمية‪ ،‬جامعية عين شمس‪ ،‬القاهرة‪.1988 ،‬‬
‫عصام الدين محمد حسن‪ ،‬التقارير الحكومية وتقارير الظل‪ ،‬مصر ‪ ...‬والهيئات التعاهدية لحقوق‬ ‫‪-31‬‬
‫اإلنسان‪ ،‬مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسام‪2008 ،‬‬
‫د‪ .‬عقبان مبروك محاضرات في مادة حقوق اإلنسان‪ ،‬جامعية باتنة الجزائر‪.2005 ،‬‬ ‫‪-32‬‬
‫عالء قاعود‪ ،‬القانون الدولي لحقوق اإلنسان والتزامات اليمن‪ ،‬ملتقى المرأة للدراسات والتدريب‪،‬‬ ‫‪-33‬‬
‫تعز‪ ،‬دون سنة طباعة‪.‬‬

‫‪550‬‬
‫عالء قاعود‪ ،‬الحقوق االقتصادية واالجتماعية واثقافية‪ ،‬مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫‪-34‬‬
‫‪.2006‬‬
‫د‪ .‬علي صادق أبو هيف‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬االسكندرية‪.1993 ،‬‬ ‫‪-35‬‬
‫د علي محمد الدباس والنائب العام على عليان أبو زيد‪ ،‬حقوق اإلنسان وحرياته ودور شرعية‬ ‫‪-36‬‬
‫اإلجراءات الشرطية في تعزيزها‪ ،‬دراسة تحليلية لتحقيق التوازن بين حقوق اإلنسان وحرياتهه‬
‫وامن المجتمع تشريعا وفقها وقضاء‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2009 ،‬‬
‫عمر رحال‪ ،‬الدور السياسي لألمم المتحدة في ظل النظام الجديد مركز إعالم حقوق اإلنسان‬ ‫‪-37‬‬
‫والمشاركة الديمقراطية " شمس" رام اهلل‪.2007 ،‬‬
‫د عمر صدوق‪ ،‬محاضرات في القانون الدولي العام‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬بن عنكون‪،‬‬ ‫‪-38‬‬
‫الجزائر ‪.1995‬‬
‫د‪ .‬عيسى بيرم‪ ،‬الحريات العامة وحقوق اإلنسان بين النص والواقع‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار النهل اللبناني‬ ‫‪-39‬‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬ط‪1998 ،1‬‬
‫د‪ .‬غازي صابريني‪ ،‬الوجيز في مبادئ القانون الدولي العام‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان‪،‬‬ ‫‪-40‬‬
‫‪.2007‬‬
‫د‪ .‬فتحي الوحيدي أصول الفكر السياسي‪ ،‬دار المقداد للطباعة‪ ،‬غزة‪.1991 ،‬‬ ‫‪-41‬‬
‫د‪ .‬فتحي الوحيدي حقوق اإلنسان والقانون الدولي اإلنساني "دراسة مقارنة"‪ ،‬مطابع مؤسسة البحر‬ ‫‪-42‬‬
‫والهيئة الخيرية‪ ،‬غزه‪.1998 ،‬‬
‫د‪ .‬كامل السعيد وأخرون‪ ،‬مبادئ القانون وحقوق اإلنسان‪ ،‬منشورات جامعة القدس المفتوحة‪،‬‬ ‫‪-43‬‬
‫عمان‪2008 .‬‬
‫د‪ .‬مازن ليلو راضي و د حيدر ابراهيم عبد الهادي‪ ،‬المدخل لدراسة حقوق اإلنسان‪ ،‬دار قنديل‪،‬‬ ‫‪-44‬‬
‫األردن‪.2006 ،‬‬
‫د‪ .‬محمد أمين الميداني‪ ،‬دراسات في الحماية اإلقليمية لحقوق اإلنسان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مركز‬ ‫‪-45‬‬
‫المعلومات والتأهيل لحقوق اإلنسان‪ ،‬اليمن‪.2006 ،‬‬
‫د‪ .‬محمد السيد الدقاق ‪،‬التنظيم الدولي االسكندرية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬بدون تاريخ‬ ‫‪-46‬‬
‫طباعة‪.‬‬

‫‪551‬‬
‫د‪ .‬محمد السيد سعيد‪ ،‬مقدمة لفهم منظمة حقوق اإلنسان‪ ،‬مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫‪-47‬‬
‫القاهرة ‪.1997‬‬
‫د‪ .‬محمد خليل الموسى‪ ،‬سلطات مجلس األمن في ضوء نظرية القوااعد الدولية اآلمرة‪"،‬بحث‬ ‫‪-48‬‬
‫محكم" منشور في مجلة الشريعة والقانون‪ ،‬العدد (‪ )47‬محرم ‪ -1430‬يناير ‪.2009‬‬
‫د‪ .‬محمد سامي عبد الحميد‪ ،‬التنظيم الدولي‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬االسكندرية‪.2000 ،‬‬ ‫‪-49‬‬
‫د‪ .‬محمد سامي عبد الحميد‪ ،‬ود‪ .‬مصطفى سالمة حسين‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬الدار الجامعي‬ ‫‪-50‬‬
‫اإلسكندرية‪1998 ،‬‬
‫د‪ .‬محمد سعيد محمد الطيب‪ ،‬ضمانات حقوق اإلنسان وآليات الحماية في الميثاق العربي لحقوق‬ ‫‪-51‬‬
‫اإلنسان‪" ،‬أحمد شوقي بنيوب وآخرون‪ ،‬دور جامعة الدول العربية في حماية حقوق اإلنسان‪،‬‬
‫مركز القاهرة لدراسات حقوق االنسان‪ ،‬مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان‪ ،‬القاهرة‪.2007 ،‬‬
‫د وائال عالم‪ ،‬الوثائق اإلتفاقية العربية البينية ذات الصلة بحقوق اإلنسان‪ ،‬األمانة العامة‪ ،‬الجماعة‬ ‫‪-52‬‬
‫العربية‪.2005 ،‬‬

‫ثانية‪ :‬المراجع األجنبية المترجمة للعربية‪:‬‬


‫إيمار وإ يلي وإ ريال بيرالتا‪ ،‬التعذيب في القانون الدولي‪ ،‬ترجمة موسى عدوان وشريف السيد‬ ‫‪-1‬‬
‫على‪ ،‬جمعية الوقاية من التعذيب ومركز العدالة والقانون الدولي‪ ،‬القاهرة‪.2009 ،‬‬
‫جاك دونللي‪ ،‬حقوق اإلنسان العالمية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬ترجمة مبارك على عثمان ود‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫محمد نور فرحات‪ ،‬القاهرة‪ ،‬المكتبة األكادمية‪.1998 ،‬‬
‫رنيه جان دبوي‪ ،‬عالمية حقوق اإلنسان‪ ،‬ترجمات في الحماية الدولية لحقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ترجمة د‪ .‬محمد أمين الميداني‪ ،‬مركز الممعلومات والتأهيل لحقوق اإلنسان‪ ،‬تعز‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،‬‬
‫‪.2005‬‬
‫سونيال أبيسيكيرا وأخرون‪ ،‬المطالبة بالحقوق مطالبة بالعدالة‪ :‬دليل خاص بالمدافعات عن حقوق‬ ‫‪-4‬‬
‫اإلنسان‪ ،‬مندى منطقة أسيا والمحيط الهادي الخاص بالمرأة والقانون والتنمية‪.2007 ،‬‬

‫‪552‬‬
‫فرانسواز هامبسون‪ ،‬العالقة بين القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان من منظور الهيئات‬ ‫‪-5‬‬
‫التعاهدية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مجلة اللجنة الدولية للصليب األحمر الدولي جنيف‪ ،‬العدد (‪،)871‬‬
‫سبتمبر‪/‬أيلول‪.2008 ،‬‬
‫ليا ليفين‪ ،‬حقوق اإلنسان أسئلة وأجوبة‪ ،‬ترجمة أيمن كمال السباعي‪ ،‬الشبكة العربية لمعلومات‬ ‫‪-6‬‬
‫حقوق اإلنسان‪ ،‬دون سنة طباعة‪.‬‬
‫مصطلحات القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬ترجمة أيمن كمال السباعي‪ ،‬الشبكة العربية‬ ‫‪-7‬‬
‫لمعلومات حقوق اإلنسان‪ ،‬دون سنة طباعة‪.‬‬
‫مانفريد نوواك‪ ،‬دليل البرلمانيين العرب إلى حقوق اإلنسان‪ ،‬مفوضية األمم السامية لحقوق‬ ‫‪-8‬‬
‫اإلنسان واالتحاد البرلماني العالمي‪.2005،‬‬
‫هوغنز كالوس‪ ،‬كيف ترفع الشكاوى ضد انتهاكات حقوق اإلنسان‪ ،‬دليل األفراد والمنظمات غير‬ ‫‪-9‬‬
‫الحكومية‪ ،‬مكتب اليونسكو‪ ،‬عمان‪.2003 ،‬‬

‫ثالثا‪ :‬الرسائل العلمية‬


‫إخالص بن عبيد‪ ،‬آليات مجلس األمن في تنفيذ القانون الدولي اإلنسان‪ ،‬رسالة ماجستير" جامعة‬ ‫‪-1‬‬
‫الحاج لخضر‪ ،‬باتنه الجزائر‪.2009 ،‬‬
‫أيت عبد المالك نادية‪ ،‬الحماية الجنائية لحقوق اإلنسان في ذل التشريع الوطني والقانون الدولي‬ ‫‪-2‬‬
‫اإلتفاقي "رسالة ماجستير" كلية الحقوق‪ ،‬جامعة سعد دحلب بالبليدة‪ ،‬الجزائر‪.2005 ،‬‬
‫بندر بن تركي عبد الحميدي العتيبي‪ ،‬دور المحكمة الجنائية الدولية الدائمة في حماية حقوق‬ ‫‪-3‬‬
‫اإلنسان "رسالة ماجستير"‪ ،‬جامعة نايف للعلوم األمنية‪ ،‬السعودية‪.2008' ،‬‬
‫حشماوي محمد‪ ،‬االتجاهات الجديدة للتجارة الدولية في ظل العولمة‪ ،‬الجزائر "رسالة دكتوراه"‪،‬‬ ‫‪-4‬‬
‫جامعة الجزائر‪.2006 ،‬‬

‫‪553‬‬
‫خليفة بوزبره‪ ،‬دور المنظمات غير الحكومية لحقوق اإلنسان حسب أعضاء المجلس الشعبي‬ ‫‪-5‬‬
‫الوطني‪" ،‬رسالة ماجستير"‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة الجزائر‪2006 ،‬‬
‫زيدان لوناس‪ ،‬الضمانات القضائية لحقوق اإلنسان في وقت السلم "رسالة ماجستير" كلية الحقوق‪،‬‬ ‫‪-6‬‬
‫جامعة مولود معمري تيزي وزو‪ ،‬المغرب‪.2010 ،‬‬
‫د‪.‬سلوان رشيد السنجاري‪ ،‬القانون الدولي لحقوق اإلنسان والدساتير العربية‪" ،‬رسالة دكتوراة"‪،‬‬ ‫‪-7‬‬
‫جامعة الموصل‪ ،‬العراق‪.2005 ،‬‬
‫شهاب طالب الزوبعي‪ ،‬الحماية الدولية واإلقليمية لحقوق اإلنسان في ضوء التغيرات الدولية‪،‬‬ ‫‪-8‬‬
‫"رسالة ماجستير" األكادمية العربية بالدنمارك‪.2008 ،‬‬
‫عبد اهلل راشد سعيد النيادي‪ ،‬أثر المتغيرات الدولية واإلقليمية على حقوق اإلنسان والمجتمع‬ ‫‪-9‬‬
‫المدني في إطار جامعة الدول العربية ‪" ،2007-1990‬رسالة ماجستير" كلية العلوم اإلنسانية‬
‫جامعة الشرق األوسط للدراسات العليا‪.‬‬
‫فريد حسن محمد الزبيدي‪ ،‬القانون الدولي بين القوة وتوازن المصالح‪" ،‬رسالة دكتوراه"؟‪،‬‬ ‫‪-10‬‬
‫األكاديمية العربية بالدينمارك‪.2008 ،‬‬
‫مولود أحمد مصلح‪ ،‬القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬رسالة ماجستير"‪،‬‬ ‫‪-11‬‬
‫األكاديمية العربية المفتوحة بالدينمارك‪2008 ،‬‬
‫القاضية وهيبة لو صادق ‪ ،‬آليات مراقبة حقوق اإلنسان‪ ،‬المدرسة العليا للقضاء‪ ،‬مذكرة تخرج‬ ‫‪-12‬‬
‫لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء‪ ،‬الجزائر ‪.2008‬‬

‫رابعا‪ :‬االتفاقات والصكوك والقرارات الدولية‬


‫ميثاق األمم المتحدة لعام ‪.1945‬‬ ‫‪-1‬‬
‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ‪.1948‬‬ ‫‪-2‬‬
‫اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ‪.1965‬‬ ‫‪-3‬‬
‫اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من صروب المعاملة القاسية أو الال إنسانية أو المهينة ‪1984‬‬ ‫‪-4‬‬
‫اتفاقية قينا لعام ‪.1969‬‬ ‫‪-5‬‬
‫العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية ‪.1966‬‬ ‫‪-6‬‬
‫العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية ‪.1966‬‬ ‫‪-7‬‬
‫اتفاقية إزالة كافة أشكال التمييز على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ‪.1979‬‬ ‫‪-8‬‬

‫‪554‬‬
‫اتفاقية حقوق الطفل ‪.1989‬‬ ‫‪-9‬‬
‫االتفاقية الدولية لحماية العمال المهاجرين وأسرهم ‪.1999‬‬ ‫‪-10‬‬
‫اتفاقية األشخاص ذوي اإلعاقة ‪.2006‬‬ ‫‪-11‬‬
‫االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان ‪.1950‬‬ ‫‪-12‬‬
‫االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان ‪1969‬‬ ‫‪-13‬‬
‫الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان ‪1981‬‬ ‫‪-14‬‬
‫الميثاق العربي لحقوق اإلنسان ‪2004‬‬ ‫‪-15‬‬
‫دستور منظمة العمل الدولية‪.‬‬ ‫‪-16‬‬
‫الميثاق التأسيسي لليونسكو ‪1945‬‬ ‫‪-17‬‬
‫اتفاقية مكافحة التمييز في مجال التعليم ‪1960‬‬ ‫‪-18‬‬
‫بروتوكول اليونسكو بإنشاء لجنة التوفيق والمساعي الحميدة ‪.1962‬‬ ‫‪-19‬‬
‫البروتوكول األول المحلق بالعهد بالعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية ‪.1966‬‬ ‫‪-20‬‬
‫البروتوكول المحلق باتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ‪.1999‬‬ ‫‪-21‬‬
‫البروتوكول المحلق باتفاقية حقوق ذوي اإلعاقة ‪.2010‬‬ ‫‪-22‬‬
‫البروتوكول االختياري المحلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية ‪.2009‬‬ ‫‪-23‬‬
‫البروتوكول الخاص بإنشاء المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان ‪.1997‬‬ ‫‪-24‬‬
‫النظام األساسي للمحكمة األمريكية لحقوق االنسان المقرب في العام ‪.1980‬‬ ‫‪-25‬‬
‫الالئحة الداخلية للجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسان‪ ،‬المعتمدة من مجلس الجامعة العربية على‬ ‫‪-26‬‬
‫المستوى الوزاري بتاريخ ‪.5/09/2007‬‬
‫قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة الخاص بتشكيل مجلس حقوق األنسان رقم ‪ 60/251‬المؤرخ‬ ‫‪-27‬‬
‫في ‪ 15‬مارس ‪.2005‬‬
‫قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة الخاص بإنشاء المفوضية السامية لحقوق اإلنسان ‪48/141‬‬ ‫‪-28‬‬
‫المؤرخ في ديسمبر ‪.1993‬‬

‫خامسا‪ :‬المجالت العلمية‬

‫‪555‬‬
‫آلية مكافحة التعذيب‪ ،‬صحيفة الوقائع‪ ،‬العدد (‪ ،)4‬جنيف‪ ،‬دون سنة طباعة ‪.1993‬‬ ‫‪-1‬‬
‫د‪ .‬ابراهيم علي بدوي الشيخ‪ ،‬عشرة أعوام في حياة اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان‬ ‫‪-2‬‬
‫والشعوب‪ :‬تقييم ونظرة مستقبلية‪ ،‬المجلة العربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬تونس‪،‬‬
‫جنيف ‪.1998‬‬
‫أماني محمد إمبابي‪ ،‬المنظمات الدولية التابعة لألمم المتحدة مجلة الدبلوماسي‪ ،‬مجلة صادرة‬ ‫‪-3‬‬
‫عن معهد الدراسات الدبلوماسية التابع لوزارة الخارجية السعودة‪ ،‬السعودية‪ ،‬العدد (‪،)28‬‬
‫مايو ‪.2006‬‬
‫إجراءات الشكوى‪ ،‬صحيفة الوقائع رقم (‪ ،)7‬المفوضية السامية لحقوق اإلنسان‪ ،‬جنيف‪ ،‬دون‬ ‫‪-4‬‬
‫سنة طباعة‪.‬‬
‫المرأة العاملة في تشريعات العمل العربية‪ ،‬تقرير لجنة أوضاع المرأة العربية باالمانة العامة‬ ‫‪-5‬‬
‫التحاد المحاميين في المؤتمر السابع عشر‪ ،‬مجلة الحق العدد (‪1‬و‪ ،)2‬اتحاد المحامين العرب‬
‫‪.1995‬‬
‫حسين عبد العاطي األسرج‪ ،‬آليات إعمال حقوق اإلنسان االقتصادية في الدول العربية‪ ،‬مجلة‬ ‫‪-6‬‬
‫الباحث‪ ،‬دورية أكاديمية محكمة‪ ،‬سنوية تصدر عن كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم‬
‫التسيير‪ ،‬جامعة ثاصدي مرباح ورقله‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد السادس‪.2008 ،‬‬
‫حفيظة شقير‪ ،‬المحكمة اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب‪ ،‬المجلة العربية لحقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫‪-7‬‬
‫العدد الخامس‪ ،‬تونس جانفي ‪.1998‬‬
‫د‪ .‬رشيد حمد العنزي‪ ،‬حقوق اإلنسان في ظل االنتهازية الدولية "بحث محكم بعنوان"‪ ،‬مجلة‬ ‫‪-8‬‬
‫الشريعة والقانون‪ ،‬جامعة اإلمارات العربية‪ ،‬العدد (‪1431 ،)41‬ه‪2010 -‬م‬
‫د‪ .‬رمزي حوحو‪ ،‬الحماية الجنائية الدولية لحقوق اإلنسان‪" ،‬بحث محكم منشور" في مجلة‬ ‫‪-9‬‬
‫المفكر‪ ،‬جامعة محمد خضير بسكره‪ ،‬الجزائر العدد الخامس‪ ،‬مارس ‪.2010‬‬
‫زديك الطاهر والعربي رزق اهلل بن مهدي‪ ،‬العولمة ومبدأ تفويض السيادة "بحق محكم"‬ ‫‪-10‬‬
‫منشور في مجلة الباحث‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التيسير‪ ،‬جماعة‬
‫قاصدي مرباح ورقلة بالجزائر‪ ،‬العدد (‪ )2‬لعام ‪.2003‬‬
‫سليم اللغماني‪ ،‬مفهوم حقوق اإلنسان نشأته وتطوره‪ ،‬المجلة العربية لحقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫‪-11‬‬
‫المعهد العربي لحقوق اإلنسان‪ ،‬تونس العدد (‪.1994 ،)1‬‬

‫‪556‬‬
‫سبعة عشر سؤاال بتكرر طرحها بشأن المقررين الخاصين لألمم المتحدة‪ ،‬صحيفة الوقائع‬ ‫‪-12‬‬
‫رقم (‪ ،)27‬المفوضية السامية لحقوق اإلنسان‪.2001 ،‬‬
‫د‪.‬صالح بن عبد اهلل الراجحي‪ ،‬العولمة االقتصادية وعولمة السياسة‪" ،‬بحث محكم" منشور‬ ‫‪-13‬‬
‫في مجلة الدراسات الدولية‪ ،‬معهد الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية السعودية‪ ،‬العدد‬
‫(‪ )24‬ذو القعدة ‪ ،1430‬أكتوبر ‪.2009‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل الحبيب عمار‪ ،‬العالقة بين القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان‪ ،‬بحث‬ ‫‪-14‬‬
‫محكم" منشور في مجلة دراسات قانونية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم‬
‫التسيير‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬الجزائر العدد األول‪1992 ،‬‬
‫هيثم مناع‪ ،‬مترتبات السياسة األمريكية في حقوق اإلنسان على األوضاع العربية‪ ،‬المجلة‬ ‫‪-15‬‬
‫العربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬تونس‪ ،‬العدد العاشر‪ ،‬جوان ‪.2004‬‬
‫يوسف بو القمح‪ ،‬شروط تقديم الشكاوى أمام القضاء الدولي االفريقي لحقوق اإلنسان‬ ‫‪-16‬‬
‫"بحث محكم" مجلة الباحث االجتماعي" مجلة محكمة صادرة عن كلية العلوم االقتصادية‬
‫والتجارية بجامعة قاصدي مرباح ورقلة بالجزائر‪ ،‬العدد التاسع‪ ،‬جوان‪.2009 ،‬‬

‫سادسا‪ :‬المواقع اإللكترونية‪:‬‬

‫د‪.‬أحمد بو األصباغ‪ ،‬التطورات الجديدة في القانون الدولي المتعلق بالمنظمات الدولية‬ ‫‪-1‬‬
‫‪http://www.4shared.com/get/3um9Hsbi‬‬ ‫واألفراد ص ‪.404‬‬
‫أحمد جاد منصور‪ ،‬ضمانات حقوق اإلنسان دوليا ووطنيا وإ جراءات وزارة الداخلية لضمان‬ ‫‪-2‬‬
‫‪http://www.4shared.com/get/_hltJIKN‬‬ ‫احترام حقوق المواطنين وحرياتهم األساسية‪.‬‬
‫د أحمد الرشيدي‪ ،‬آليات الحماية الدولية لحقوق اإلنسان‪ :‬نظام التقارير والشكاوى كمثال‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪/http://www.4shared.com/document/7o1Py7y0‬‬

‫‪557‬‬
‫القاضي أشرف رفيق نصر اهلل‪ ،‬محاضرات في القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪http://www.4shared.com/get/IV-G69bz‬‬ ‫‪2009‬‬
‫د‪ .‬أمل يازجي‪ ،‬المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان‪ ،‬منشور على موقع الموسوعة العربية‪،‬‬ ‫‪-5‬‬
‫‪http://www.arab-ency.com/index.php?module=pnEncyclopedia&fun=display_term&id=161632&m=1‬‬

‫د‪ .‬اسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي‪ ،‬معجم مصطلحات حقوق اإلنسان‪ ،‬كتاب منشور على‬ ‫‪-6‬‬
‫موقع‪www.kotobarabia.com‬‬
‫اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان‪ ،‬منشور على موقع المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان‬ ‫‪-7‬‬
‫‪http://www.crin.org/resources/infodetail.asp?id=20417#2‬‬

‫?‪http://www.almizanmag.com/modules/news/article.php‬‬ ‫الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان‬ ‫‪-8‬‬


‫‪storyid=9‬‬

‫اإلجراءات الخاصة التي يضطلع بها مجلس حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫‪-9‬‬


‫‪http://www2.ohchr.org/arabic/chr/special/index.htm‬‬

‫المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان‪ ،‬منشور على موقع المحكمة اإلفريقية لحقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫‪-10‬‬
‫‪http://www.african-court.org/ar/court/faq‬‬

‫‪https://ar.unesco.org/about-us/introducing-unesco‬‬ ‫اليونسكو في سطور‬ ‫‪-11‬‬


‫?‪http://www.crin.org/resources/infodetail.asp‬‬ ‫تقديم الشكاوى ألليات األمم المتحدة‬ ‫‪-12‬‬
‫‪id=20312‬‬

‫د‪.‬توفيق بوعشبة‪ ،‬الميثاق العربي لحقوق اإلنسان يدخل حيز النفاذ اليوم‪،‬‬ ‫‪-13‬‬
‫‪http://www.lejuriste.montadalhilal.com/t1180-topic‬‬

‫جان س بكتيه‪ ،‬القانون الدولي اإلنساني تطوره ومبادؤه‪ ،‬منشور على موقع ديوان الفتوى‬ ‫‪-14‬‬
‫والتشريع‪ ،2009 ،‬وعلى الرابط ص‪9‬‬
‫‪/http://www.4shared.com/get/216533012/a7a4a9d2‬‬

‫جولييتا روسي‪ ،‬النظام األمريكي لحماية حقوق اإلنسان والحقوق االقتصادية واالجتماعية‬ ‫‪-15‬‬
‫‪http://hrlibrary.umn.edu/arab/M30.pdf‬‬ ‫و الثقافية‬
‫‪http://hrlibrary.umn.edu/arab/a003-‬‬ ‫د‪.‬جورج جبور‪ ،‬الميثاق العربي لحقوق اإلنسان‬ ‫‪-16‬‬
‫‪2.html‬‬
‫د‪ .‬خليل عبد المقصود‪ $‬عبد الحميد‪ ،‬الخدمة االجتماعية وحقوق اإلنسان‪ ،‬كتاب منشور‪ $‬على‬ ‫‪-17‬‬
‫‪www.cotobarabia.com‬‬ ‫الموقع‬

‫‪558‬‬
‫د‪.‬رغد صالح الهدلة‪ ،‬حقوق اإلنسان‪ ...‬إشكالية المفهوم والتطور التاريخي‪ ،‬جريدة االتحاد‪،‬‬ ‫‪-18‬‬
‫‪www.alitthad.com‬‬ ‫مقال منشور‪ $‬على الموقع‬
‫دافئة غراتفول واسكندر‪ $‬الديك‪ ،‬مراجعة‪ :‬عبده جميل المخالفي‪ ،‬المحكمة األوروبية لحقوق‬ ‫‪-19‬‬
‫اإلنسان‪ :‬شكاوى متراكمة وثقل سياسي لألحكام الصادرة عنها "مقال منشور‪ $‬بتاريخ‬
‫‪ ،18/2/2010‬منشور‪ $‬على الموقع‪،‬‬
‫‪http://www.dw-world.de/dw/article/0,,5261869,00.html‬‬
‫‪www.eastlaws.com‬‬ ‫سامي جابر البلتاجي‪ ،‬المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان‪،‬ص‪6‬‬ ‫‪-20‬‬
‫سعيد شهاب‪ ،‬حقوق اإلنسان من المفوضية إلى المجلس‪ ،‬مقال منشور على جريدة القدس‬ ‫‪-21‬‬
‫‪http://www.mokarabat.com/m1036.htm‬‬ ‫العربي‪ ،‬على الموقع‪،‬‬
‫د‪ .‬سالم عبد هللا كانيسكاني‪ ،‬المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان "قلعة حقوق اإلنسان‬ ‫‪-22‬‬
‫?‪http://www.alitthad.com/paper.php‬‬ ‫وضمير أوروبا‪ $‬الحي‪ é‬مقال منشور على الموقع‪:‬‬
‫‪name=New&file=article&sid=51836‬‬
‫عبد الحسين شعبان‪ ،‬الميثاق العربي لحقوق اإلنسان‪ :‬السؤال والمآل‪ ،‬الحوار المتمدن‪ ،‬العدد‪:‬‬ ‫‪-23‬‬
‫‪http://ahewae.org/debat/show.art.asp?aid=129630‬‬ ‫‪2235‬‬
‫عبد القادر أنيس‪ ،‬قراءة في الميثاق‪ $‬العربي‪ $‬لحقوق اإلنسان‪ ،‬الحوار المتمدن‪ ،‬العدد ‪:‬‬ ‫‪-24‬‬
‫‪ 12/12/2009-2856‬منشور على الموقع‪:‬‬
‫‪http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid‬‬
‫د‪ .‬عبد الواحد الناصر‪ ،‬الوجه الجديد لمشكلة القانون الدولي‪ :‬استالب مجلس األمن لسلطة‬ ‫‪-25‬‬
‫التشريع العالمي ‪www.4shared.com/get/3EwT101d/html‬‬
‫د‪.‬على يوسف‪ $‬الشكري‪ ،‬إصالح مجلس األمن بين الواقع والتحديات‪ ،‬ص‪7‬‬ ‫‪-26‬‬
‫‪www.padfactory.com‬‬
‫فيليكس موركا‪ ،‬النظام األفريقي‪ $‬لحماية حقوق اإلنسان والحقوق االقتصادية واالجتماعية‬ ‫‪-27‬‬
‫‪http://www1.umn.edu/umanrts/arab/M28.pdf‬‬ ‫والثقافية‪،‬‬
‫د‪ .‬كريم نعمة أهمية ودور‪ $‬الشركات متعددة الدنسيات في النظام‪ $‬االقتصادي‪ $‬العالمي الجديد‪،‬‬ ‫‪-28‬‬
‫قسم العالقات الدولية االقتصادية – كلية التجارة‪ -‬جامعة فيليكو‪ $‬ترنفو – بلغاريا‪$‬‬
‫‪/http://www.4shared.com/get/247384867/44557547‬‬
‫‪/http://www.4shared.com/geterpfsy8c‬‬ ‫ليلى حالوة السيادة‪ ،‬جدلية الدولة والعولمة‪،‬‬ ‫‪-29‬‬
‫مارتن دورم وكالوس ديمان‪ ،‬المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان – ملجأ العدالة‬ ‫‪-30‬‬
‫األخيردفاعا عن حقوق اإلنسان في أوروبا‪ ،‬مقال منشور‪ $‬بتاريخ ‪ 23/02/2009‬على‬
‫الموقع‪http://www.dw-world.de/dw/article/0,,4050724,00.html ،‬‬
‫المحامي محمد جمعة عيد‪ ،‬المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان‪" ،‬مقال منشور‪ $‬على الموقع‪،‬‬ ‫‪-31‬‬
‫‪http://kalema.a7larab.net/t55-topic‬‬

‫‪559‬‬
‫د‪ .‬معمر رتيب محمد عبد الحافظ‪ ،‬اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫‪-32‬‬
‫‪http://www.un.org/ar/ecosoc/2005/about.html‬‬
‫د‪ .‬هايل نصر في الحماية الدولية لحقوق اإلنسان مقالة منشورة بتاريخ ‪،31/12/2010‬‬ ‫‪-33‬‬
‫‪http://hailnasser.elaphblog.com/posts.aspx?U=72529‬‬ ‫منشور‪ $‬على الموقع‬
‫محكمة حقوق اإلنسان والشعوب‪ $‬األفريقية تصدر‪ $‬أول حكم لها ضد دولة‪:‬‬ ‫‪-34‬‬
‫‪http://wwwhrw.org/ar/news/2011/03/30-2‬‬
‫كيف نشأت المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان؟ منشور‪ $‬على موقع‪ $‬المحكمة األفريقية لحقوق‬ ‫‪-35‬‬

‫‪http://www.african-court.org/ar/court/faq‬‬ ‫اإلنسان‬

‫اتفاقية إزالة كافة أشكال التمييز على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ‪.1979‬‬
‫اتفاقية األشخاص ذوي اإلعاقة ‪.2006‬‬
‫االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان ‪1969‬‬
‫االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان ‪.1950‬‬
‫االتفاقية الدولية لحماية العمال المهاجرين وأسرهم ‪.1999‬‬
‫اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ‪.1965‬‬
‫اتفاقية حقوق الطفل ‪.1989‬‬
‫اتفاقية قينا لعام ‪.1969‬‬
‫اتفاقية مكافحة‪ $‬التمييز في مجال التعليم ‪1960‬‬
‫اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من صروب المعاملة القاسية أو الال إنسانية أو المهينة ‪1984‬‬
‫اإلجراءات الخاصة التي يضطلع بها مجلس حقوق‬
‫اإلنسان‪http://www2.ohchr.org/arabic/chr/special/index.htm .‬‬

‫إجراءات الشكوى‪ ،‬صحيفة الوقائع رقم (‪ ،)7‬المفوضية السامية لحقوق اإلنسان‪ ،‬جنيف‪ ،‬دون سنة طباعة‪.‬‬
‫أحمد جاد منصور‪ ،‬ضمانات حقوق اإلنسان دوليا ووطنيا وإجراءات وزارة الداخلية لض‪$$‬مان اح‪$$‬ترام حق‪$$‬وق المواط‪$$‬نين وحري‪$$‬اتهم‬
‫األساسية‪.‬‬
‫‪http://www.4shared.com/get/_hltJIKN‬‬
‫إخالص بن عبيد‪ ،‬آليات مجلس األمن في تنفيذ الق‪$‬انون ال‪$‬دولي اإلنس‪$‬ان‪ ،‬رس‪$‬الة ماجس‪$‬تير" جامع‪$‬ة الح‪$‬اج لخض‪$‬ر‪ ،‬باتن‪$‬ه الجزائ‪$‬ر‪،‬‬
‫‪.2009‬‬

‫‪560‬‬
‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ‪.1948‬‬
‫آلية مكافحة التعذيب‪ ،‬صحيفة الوقائع‪ ،‬العدد (‪ ،)4‬جنيف‪ ،‬دون سنة طباعة ‪.1993‬‬
‫أماني محمد إمبابي‪ ،‬المنظمات‪ $‬الدولية التابعة لألمم المتحدة مجلة الدبلوماسي‪ ،‬مجلة صادرة عن معهد الدراس‪$$‬ات الدبلوماس‪$$‬ية‪ $‬الت‪$$‬ابع‬
‫لوزارة الخارجية السعودة‪ ،‬السعودية‪ ،‬العدد (‪ ،)28‬مايو ‪.2006‬‬
‫أوال‪ :‬الكتب العربية‬
‫أيت عبد المالك نادية‪ ،‬الحماية الجنائية لحقوق اإلنسان في ذل التش‪$$‬ريع الوط‪$$‬ني والق‪$$‬انون ال‪$$‬دولي اإلتف‪$$‬اقي "رس‪$$‬الة ماجس‪$$‬تير" كلي‪$$‬ة‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة سعد دحلب بالبليدة‪ ،‬الجزائر‪.2005 ،‬‬
‫إيمار وإيلي وإريالبيرالتا‪ ،‬التعذيب في الق‪$$‬انون ال‪$$‬دولي‪ ،‬ترجم‪$$‬ة موس‪$$‬ى ع‪$$‬دوان وش‪$$‬ريف الس‪$$‬يد على‪ ،‬جمعي‪$$‬ة الوقاي‪$$‬ة من التع‪$$‬ذيب‬
‫ومركز العدالة والقانون الدولي‪ ،‬القاهرة‪.2009 ،‬‬
‫البروتوكول االختياري المحلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية ‪.2009‬‬
‫البروتوكول األول المحلق بالعهد بالعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية ‪.1966‬‬
‫البروتوكول الخاص بإنشاء المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان ‪.1997‬‬
‫البروتوكول المحلق باتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ‪.1999‬‬
‫البروتوكول المحلق باتفاقية حقوق ذوي اإلعاقة ‪.2010‬‬
‫بروتوكول اليونسكو بإنشاء لجنة التوفيق والمساعي الحميدة ‪.1962‬‬
‫بندر بن تركي عبد الحميدي العتيبي‪ ،‬دور المحكمة‪ $‬الجنائية الدولية الدائمة في حماية حقوق اإلنسان "رسالة ماجستير"‪ ،‬جامعة نايف‬
‫للعلوم األمنية‪ ،‬السعودية‪.2008' ،‬‬
‫بهي الدين حسن‪ ،‬الحماية اإلقليمية لحقوق اإلنسان في العالم العربي‪ ،‬في أحمد شوقي بنيوب وآخرون‪ ،‬دور جامعة الدول العربية في‬
‫حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان‪ ،‬القاهرة‪.2007 ،‬‬
‫بوجمعة غشير‪ ،‬آليات األمم المتحدة لحماية حقوق اإلنس‪$‬ان والرقاب‪$‬ة على تنفي‪$‬ذ االتفاقي‪$‬ات الدولي‪$‬ة‪ ،‬ال‪$‬دليل الع‪$‬ربي حق‪$‬وق اإلنس‪$‬ان‬
‫والتنمية‪ ،‬المنظمة العربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬دون سنة طباعة‪.‬‬
‫تقديم الشكاوى ألليات األمم المتحدة‬
‫‪http://www.crin.org/resources/infodetail.asp?id=20312‬‬

‫ثالثا‪ :‬الرسائل العلمية‬


‫ثانية‪ :‬المراجع األجنبية المترجمة للعربية‪:‬‬

‫جاك دونللي‪ ،‬حقوق اإلنسان العالمية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬ترجمة مبارك على عثم‪$$‬ان ود‪ .‬محم‪$$‬د ن‪$$‬ور فرح‪$$‬ات‪ ،‬الق‪$$‬اهرة‪ ،‬المكتب‪$$‬ة‬
‫األكادمية‪.1998 $،‬‬
‫جان س بكتيه‪ ،‬القانون الدولي اإلنساني تطوره ومبادؤه‪ ،‬منشور على موقع ديوان الفتوى والتشريع‪ ،2009 ،‬وعلى الرابط ص‪9‬‬
‫‪/http://www.4shared.com/get/216533012/a7a4a9d2‬‬
‫جولييت‪$$$$$‬ا روس‪$$$$$‬ي‪ ،‬النظ‪$$$$$‬ام األم‪$$$$$‬ريكي لحماي‪$$$$$‬ة حق‪$$$$$‬وق اإلنس‪$$$$$‬ان والحق‪$$$$$‬وق االقتص‪$$$$$‬ادية واالجتماعي‪$$$$$‬ة و الثقافي‪$$$$$‬ة‬
‫‪http://hrlibrary.umn.edu/arab/M30.pdf‬‬
‫الحبيب الحمدني وحفيظة شقير‪ ،‬حقوق اإلنسان بين االعتراف الدولي وتحفظ‪$$‬ات ال‪$$‬دول العربي‪$$‬ة‪ ،‬مرك‪$$‬ز القاهري‪$$‬ة لدراس‪$$‬ات حق‪$$‬وق‬
‫اإلنسان‪ ،‬القاهرة‪.2008 ،‬‬

‫‪561‬‬
‫حسين عبد العاطي األسرج‪ ،‬آليات إعمال حقوق اإلنس‪$$‬ان االقتص‪$$‬ادية في ال‪$$‬دول العربي‪$‬ة‪ ،‬مجل‪$$‬ة الب‪$$‬احث‪ ،‬دوري‪$‬ة أكاديمي‪$‬ة محكم‪$‬ة‪$،‬‬
‫سنوية تصدر عن كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة ثاصدي مرباح ورقله‪ ،‬الجزائ‪$$‬ر‪ ،‬الع‪$$‬دد الس‪$$‬ادس‪،‬‬
‫‪.2008‬‬
‫حشماوي محمد‪ ،‬االتجاهات الجديدة للتجارة الدولية في ظل العولمة‪ ،‬الجزائر "رسالة دكتوراه"‪ ،‬جامعة‪ $‬الجزائر‪.2006 ،‬‬
‫حفيظة شقير‪ ،‬المحكمة‪ $‬اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب‪ ،‬المجلة العربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬تونس جانفي ‪.1998‬‬

‫خامسا‪ :‬المجالت العلمية‬


‫خليفة بوزبره‪ ،‬دور المنظمات غير الحكومية لحق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان حس‪$$‬ب أعض‪$$‬اء المجلس الش‪$$‬عبي الوط‪$$‬ني‪" ،‬رس‪$$‬الة ماجس‪$$‬تير"‪ ،‬كلي‪$$‬ة‬
‫العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة‪ $‬الجزائر‪2006 ،‬‬
‫د أحم‪$$$$$$$‬د الرش‪$$$$$$$‬يدي‪ ،‬آلي‪$$$$$$$‬ات الحماي‪$$$$$$$‬ة الدولي‪$$$$$$$‬ة لحق‪$$$$$$$‬وق اإلنس‪$$$$$$$‬ان‪ :‬نظ‪$$$$$$$‬ام التق‪$$$$$$$‬ارير والش‪$$$$$$$‬كاوى كمث‪$$$$$$$‬ال‪.‬‬
‫‪/http://www.4shared.com/document/7o1Py7y0‬‬
‫د بطاهر بو جالل‪ ،‬دليل آليات المنظومة األممية لحقوق اإلنسان المعهد العربي لحقوق اإلنسان‪ ،‬تونس‪.2004 ،‬‬
‫د حسن نافعة‪ ،‬العرب واليونسكو‪ ،‬عالم المعرفة (‪ ،)135‬الكويت‪.1989 ،‬‬
‫د طارق عزت رخا‪ ،‬ق‪$$‬انون حق‪$‬وق اإلنس‪$$‬ان بين النظري‪$$‬ة والتط‪$$‬بيق في الفك‪$$‬ر الوض‪$$‬عي والش‪$$‬ريعة‪ ،‬دار النهض‪$$‬ة العربي‪$$‬ة‪ ،‬الق‪$$‬اهرة‬
‫‪.2006‬‬
‫د عبد هللا علي أبو سلطان‪ ،‬دور القانون الدولي الجنائي في حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬دار دحلة ‪،‬عمان وبغداد‪.2008 ،‬‬
‫د علي محمد الدباس والنائب العام على عليان أبو زيد‪ ،‬حقوق اإلنسان وحريات‪$$‬ه ودور ش‪$$‬رعية اإلج‪$$‬راءات الش‪$$‬رطية في تعزيزه‪$$‬ا‪،‬‬
‫دراس‪$$‬ة تحليلي‪$$‬ة لتحقي‪$$‬ق الت‪$$‬وازن بين حق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان وحرياته‪$$‬ه وامن المجتم‪$$‬ع تش‪$$‬ريعا وفقه‪$$‬ا وقض‪$$‬اء‪ ،‬دار الثقاف‪$$‬ة للنش‪$$‬ر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2009 ،‬‬
‫د عمر صدوق‪ ،‬محاضرات في القانون الدولي العام‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬بن عنكون‪ ،‬الجزائر ‪.1995‬‬
‫د وائال عالم‪ ،‬الوثائق اإلتفاقية العربية البينية ذات الصلة بحقوق اإلنسان‪ ،‬األمانة العامة‪ $،‬الجماعة العربية‪.2005 ،‬‬
‫د‪ .‬ابراهيم علي بدوي الشيخ‪ ،‬عشرة أعوام في حياة اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب‪ :‬تقييم ونظرة مستقبلية‪ ،‬المجلة العربية‬
‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬العدد الخامس‪ $،‬تونس‪ ،‬جنيف ‪.1998‬‬
‫د‪ .‬أحمد أبو الوفا‪ ،‬الحماية الدولية لحقوق اإلنساسن في إط‪$‬ار منظم‪$‬ة األمم المتح‪$‬دة والوك‪$‬االت المتخصص‪$‬ة‪ ،‬الطبع‪$‬ة األولى‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية القاهرة‪.2000 ،‬‬
‫د‪ .‬أحمد الصياد اليونسكو رؤية للقرن الواحد والعشرون‪ ،‬دار الفارابي‪ ،‬بيروت‪.1999 ،‬‬
‫د‪ .‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬اشكاليةثقافة‪ $‬حقوق اإلنسان‪ ،‬مجلس الشعب المصري‪ ،‬مركز البحوث البرلمانية‪ ،‬فبراير ‪.2009‬‬
‫د‪ .‬اسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي‪ ،‬معجم مصطلحات‪ $‬حقوق اإلنسان‪ ،‬كتاب منشور على موقع‪www.kotobarabia.com‬‬
‫د‪ .‬الشافعي محمد بشير‪ ،‬قانون حقوق اإلنسان‪ ،‬مصادره وتطبيقاته الوطنية والدولية‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬منشأة المع‪$$‬ارف‪ ،‬اإلس‪$$‬كندرية‪،‬‬
‫‪.2007‬‬
‫د‪ .‬أم‪$$$$$$$‬ل ي‪$$$$$$$‬ازجي‪ ،‬المحكم‪$$$$$$$‬ة األوروبي‪$$$$$$$‬ة لحق‪$$$$$$$‬وق اإلنس‪$$$$$$$‬ان‪ ،‬منش‪$$$$$$$‬ور على موق‪$$$$$$$‬ع الموس‪$$$$$$$‬وعة العربي‪$$$$$$$‬ة‪،‬‬
‫?‪http://www.arab-ency.com/index.php‬‬
‫‪module=pnEncyclopedia&fun=display_term&id=161632&m=1‬‬
‫د‪ .‬حسين المحمدي بوادي‪ ،‬حقوق اإلنسان بين مطرقة اإلرهاب وسندان الغرب‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية ‪.2006‬‬
‫د‪ .‬خليل عبد المقصود عبد الحميد‪ ،‬الخدمة االجتماعية وحقوق اإلنسان‪ ،‬كتاب منشور على الموقع ‪www.cotobarabia.com‬‬

‫‪562‬‬
‫د‪ .‬خيري أحمد الكباش‪ ،‬الحماية الجنائية لحقوق اإلنسان 'دراسة مقارنة" في ضوء أحكام الش‪$$‬ريعة اإلس‪$$‬المية والمب‪$$‬ادئ الدس‪$$‬تورية‬
‫والمواثيق الدولية‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬االسكندرية‪.2008 ،‬‬
‫د‪ .‬رشيد حمد العنزي‪ ،‬حقوق اإلنسان في ظل االنتهازية الدولية "بحث محكم‪ $‬بعن‪$‬وان"‪ ،‬مجل‪$‬ة الش‪$‬ريعة والق‪$‬انون‪ ،‬جامع‪$‬ة اإلم‪$‬ارات‬
‫العربية‪ ،‬العدد (‪1431 ،)41‬ه‪2010 -‬م‬
‫د‪ .‬رمزي حوحو‪ ،‬الحماية الجنائية الدولية لحقوق اإلنسان‪" ،‬بحث محكم منشور" في مجلة المفك‪$$‬ر‪ ،‬جامع‪$$‬ة محم‪$$‬د خض‪$$‬ير بس‪$$‬كره‪،‬‬
‫الجزائر العدد الخامس‪ $،‬مارس ‪.2010‬‬
‫د‪ .‬سعيد فهيم خليل‪ ،‬الحماية الدولية لحثوث اإلنسام في الظروف االستثنائية‪ ،‬امديست‪.1998 ،‬‬
‫د‪ .‬سالم عبد هللا كانيسكاني‪ ،‬المحكمة‪ $‬األوروبية لحقوق اإلنسان "قلع‪$$‬ة حق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان وض‪$$‬مير أوروب‪$$‬ا الحي‪ é‬مق‪$$‬ال منش‪$$‬ور‬
‫على الموقع‪http://www.alitthad.com/paper.php?name=New&file=article&sid=51836 :‬‬
‫د‪ .‬سهيلحسينالفتالوي‪ ،‬حقوق اإلنسان‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2007 ،‬‬
‫د‪ .‬عبد الحسن شعبان‪ ،‬م‪$‬دخل إلى الق‪$$‬انون ال‪$$‬دولي اإلنس‪$$‬اني وحق‪$‬وق اإلنس‪$$‬ان‪ ،‬مرك‪$‬ز الق‪$$‬اهرة لدراس‪$$‬ات حق‪$‬وق اإلنس‪$‬ان‪ ،‬الق‪$‬اهرة‪،‬‬
‫‪.2006‬‬
‫د‪ .‬عبد الرحمن أبو النصر قانون حقوق اإلنسان والقانون الدولي اإلنساني‪ ،‬مكتبة القدس‪ ،‬غزة‪.2002 ،‬‬
‫د‪ .‬عبد الرحمن أبو النصر‪ ،‬اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين لعام ‪ 1949‬وتطبيقاتها في األراض‪$‬ي الفلس‪$‬طينية المحتل‪$‬ة‪ ،‬مط‪$‬ابع‬
‫الهيئة الخيرية‪ ،‬غزة‪.2000،‬‬
‫د‪ .‬عبد الرحمن أبو النصر‪ ،‬محاضرات في قانون التنظيم الدولي‪ ،‬دون دار طباعة‪ ،‬غزة ‪1996‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز محمد سرحان‪ ،‬مقدمة لدراسات ضمانات حق‪$‬وق اإلنس‪$‬ان‪ ،‬دراس‪$$‬ة مقارن‪$‬ة في الق‪$‬انون ال‪$‬دولي والش‪$‬ريعة اإلس‪$‬المية‪،‬‬
‫جامعية عين شمس‪ ،‬القاهرة‪.1988 ،‬‬
‫د‪ .‬عبد الكريم علوان‪ ،‬المنظمات الدولية‪ ،‬مكتب دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ‪.1997‬‬
‫د‪ .‬عبد الكريم علوان‪ ،‬حقوق اإلنسان‪ ،‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪1997 ،‬‬
‫د‪ .‬عبد هللا الحبيب عمار‪ ،‬العالقة بين القانون الدولي اإلنساني وحق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان‪ ،‬بحث محكم" منش‪$$‬ور في مجل‪$$‬ة دراس‪$$‬ات قانوني‪$$‬ة‪،‬‬
‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة‪ $‬قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬الجزائر العدد األول‪1992 ،‬‬
‫د‪ .‬عب‪$$$$‬د الواح‪$$$$‬د الناص‪$$$$‬ر‪ ،‬الوج‪$$$$‬ه الجدي‪$$$$‬د لمش‪$$$$‬كلة الق‪$$$$‬انون ال‪$$$$‬دولي‪ :‬اس‪$$$$‬تالب مجلس األمن لس‪$$$$‬لطة التش‪$$$$‬ريع الع‪$$$$‬المي‬
‫‪www.4shared.com/get/3EwT101d/html‬‬
‫د‪ .‬عبد الواحد محمد الفار‪ ،‬قانون حقوق اإلنسان في الفكر الوضعي والشريعة اإلسالمية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1991 ،‬‬
‫د‪ .‬عقبان مبروك محاضرات في مادة حقوق اإلنسان‪ ،‬جامعية‪ $‬باتنة الجزائر‪.2005 ،‬‬
‫د‪ .‬علي صادق أبو هيف‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬االسكندرية‪.1993 ،‬‬
‫د‪ .‬عيسى بيرم‪ ،‬الحريات العامة‪ $‬وحقوق اإلنسان بين النص والواقع‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار النهل اللبناني للطباعة والنشر‪ ،‬ط‪1998 ،1‬‬
‫د‪ .‬غازي صابريني‪ ،‬الوجيز في مبادئ القانون الدولي العام‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان‪.2007 ،‬‬
‫د‪ .‬فتحي الوحيدي أصول الفكر السياسي‪ ،‬دار المقداد للطباعة‪ ،‬غزة‪.1991 ،‬‬
‫د‪ .‬فتحي الوحيدي حقوق اإلنسان والقانون الدولي اإلنساني "دراسة مقارنة"‪ ،‬مطابع مؤسسة البحر والهيئةالخيرية‪ ،‬غزه‪.1998 ،‬‬
‫د‪ .‬كامل السعيد وأخرون‪ ،‬مبادئ القانون وحقوق اإلنسان‪ ،‬منشورات جامعة‪ $‬القدس المفتوحة‪ ،‬عمان‪2008 .‬‬
‫د‪ .‬كريم نعمة أهمية ودور الشركات متعددة الدنسيات في النظام االقتصادي العالمي الجديد‪ ،‬قسم العالقات‪ $‬الدولية االقتصادية – كلية‬
‫التجارة‪ -‬جامعة فيليكوترنفو– بلغاريا ‪/http://www.4shared.com/get/247384867/44557547‬‬
‫د‪ .‬مازن ليلو راضي و د حيدر ابراهيم عبد الهادي‪ ،‬المدخل لدراسة حقوق اإلنسان‪ ،‬دار قنديل‪ ،‬األردن‪.2006 ،‬‬
‫د‪ .‬محمد السيد الدقاق ‪،‬التنظيم الدولي االسكندرية‪ ،‬الدار الجامعية‪ $،‬االسكندرية‪ ،‬بدون تاريخ طباعة‪.‬‬

‫‪563‬‬
‫د‪ .‬محمد السيد سعيد‪ ،‬مقدمة لفهم منظمة حقوق اإلنسان‪ ،‬مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان‪ ،‬القاهرة ‪.1997‬‬
‫د‪ .‬محمد أمين الميداني‪ ،‬دراسات في الحماية اإلقليمية لحقوق اإلنسان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مركز المعلومات والتأهي‪$$‬ل لحق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان‪،‬‬
‫اليمن‪.2006 ،‬‬
‫د‪ .‬محمد خليل الموسى‪ ،‬سلطات مجلس األمن في ض‪$$‬وء نظري‪$$‬ة القوااع‪$$‬د الدولي‪$$‬ة اآلم‪$$‬رة‪"،‬بحث محكم" منش‪$$‬ور في مجل‪$$‬ة الش‪$$‬ريعة‬
‫والقانون‪ ،‬العدد (‪ )47‬محرم ‪ -1430‬يناير ‪.2009‬‬
‫د‪ .‬محمد سامي عبد الحميد‪ ،‬التنظيم الدولي‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬االسكندرية‪.2000 ،‬‬
‫د‪ .‬محمد سامي عبد الحميد‪ ،‬ود‪ .‬مصطفى سالمة حسين‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬الدار الجامعي اإلسكندرية‪1998 ،‬‬
‫د‪ .‬محمد سعيد محمد الطيب‪ ،‬ضمانات‪ $‬حقوق اإلنس‪$‬ان وآلي‪$‬ات الحماي‪$‬ة في الميث‪$‬اق الع‪$‬ربي لحق‪$‬وق اإلنس‪$‬ان‪" ،‬أحم‪$‬د ش‪$‬وقي ب‪$‬نيوب‬
‫وآخرون‪ ،‬دور جامعة ال‪$$‬دول العربي‪$$‬ة في حماي‪$$‬ة حق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان‪ ،‬مرك‪$$‬ز الق‪$$‬اهرة لدراس‪$$‬ات حق‪$$‬وق االنس‪$$‬ان‪ ،‬مرك‪$$‬ز الق‪$$‬اهرة‬
‫لدراسات حقوق اإلنسان‪ ،‬القاهرة‪.2007 ،‬‬
‫د‪ .‬معمر رتيب محمد عبد الحافظ‪ ،‬اللجنة العربية الدائمة لحقوق‬
‫اإلنسان‪http://www.un.org/ar/ecosoc/2005/about.html ،‬‬
‫د‪ .‬هاي‪$$$$‬ل نص‪$$$$‬ر في الحماي‪$$$$‬ة الدولي‪$$$$‬ة لحق‪$$$$‬وق اإلنس‪$$$$‬ان مقال‪$$$$‬ة منش‪$$$$‬ورة بت‪$$$$‬اريخ ‪ ،31/12/2010‬منش‪$$$$‬ور على الموقع‬
‫‪http://hailnasser.elaphblog.com/posts.aspx?U=72529‬‬
‫د‪.‬أحم‪$$$$‬د ب‪$$$$‬و األص‪$$$$‬باغ‪ ،‬التط‪$$$$‬ورات الجدي‪$$$$‬دة في الق‪$$$$‬انون ال‪$$$$‬دولي المتعل‪$$$$‬ق بالمنظم‪$$$$‬ات الدولي‪$$$$‬ة واألف‪$$$$‬راد ص ‪.404‬‬
‫‪http://www.4shared.com/get/3um9Hsbi‬‬
‫د‪.‬أماني غازي جرار‪ ،‬االتجاهات الفكرية لحقوق اإلنسان وحرياته األساسية‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ‪.2009‬‬
‫د‪.‬توفيقبوعشبة‪ ،‬الميثاق العربي لحقوق اإلنسان يدخل حيز النفاذ اليوم‪،‬‬
‫‪http://www.lejuriste.montadalhilal.com/t1180-topic‬‬
‫د‪.‬جورج جبور‪ ،‬الميثاق العربي لحقوق اإلنسان ‪http://hrlibrary.umn.edu/arab/a003-2.html‬‬
‫د‪.‬حسن نافعة‪ ،‬األمم المتحدة في نصف قرن‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت ‪.1995‬‬
‫د‪.‬رغ‪$$‬د ص‪$$‬الح الهدل‪$$‬ة‪ ،‬حق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان‪ ...‬إش‪$$‬كالية المفه‪$$‬وم والتط‪$$‬ور الت‪$$‬اريخي‪ ،‬جري‪$$‬دة االتح‪$$‬اد‪ ،‬مق‪$$‬ال منش‪$$‬ور على الموق‪$$‬ع‬
‫‪www.alitthad.com‬‬
‫د‪.‬سلوان رشيد السنجاري‪ ،‬القانون الدولي لحقوق اإلنسان والدساتير العربية‪" ،‬رسالة دكتوراة"‪ ،‬جامعة‪ $‬الموصل‪ ،‬العراق‪.2005 ،‬‬
‫د‪.‬صالح بن عبد هللا ال‪$$‬راجحي‪ ،‬العولم‪$$‬ة االقتص‪$$‬ادية وعولم‪$$‬ة السياس‪$$‬ة‪" $،‬بحث محكم"‪ $‬منش‪$$‬ور في مجل‪$$‬ة الدراس‪$$‬ات الدولي‪$$‬ة‪ ،‬معه‪$$‬د‬
‫الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية السعودية‪ ،‬العدد (‪ )24‬ذو القعدة ‪ ،1430‬أكتوبر ‪.2009‬‬
‫د‪.‬على يوسف الشكري‪ ،‬إصالح مجلس األمن بين الواقع والتحديات‪ ،‬ص‪www.padfactory.com 7‬‬
‫دافئة غراتفول واسكندر الديك‪ ،‬مراجعة‪ :‬عبده جميل المخالفي‪ ،‬المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان‪ :‬شكاوى متراكم‪$$‬ة وثق‪$$‬ل سياس‪$$‬ي‬
‫لألحكام الصادرة عنها "مقال منشور بتاريخ ‪ ،18/2/2010‬منشور على الموقع‪،‬‬
‫‪http://www.dw-world.de/dw/article/0,,5261869,00.html‬‬
‫دستور منظمة العمل الدولية‪.‬‬
‫دليل التدريب المهنيين في مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬مكتب األمم المتحدة السامي لحقوق اإلنسان جنيف‪.1999 ،‬‬
‫دليل التدريب على رصد حقوق اإلنسان‪ ،‬مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان‪ ،‬جنيف ‪.2001‬‬
‫دليل حقوق اإلنسان في إقامة العدالة‪ ،‬المفوضة السامية لحق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان بالتع‪$$‬اون ع رابط‪$$‬ة المح‪$$‬امين الدولي‪$$‬ة‪ :‬جلي‪$$‬ل بش‪$$‬أن حق‪$$‬وق‬
‫اإلنسان خاص بالقضاة والمدعين العامين والمحامين‪ ،‬نيوبورك وجنيف‪.2004 ،‬‬
‫رابعا‪ :‬االتفاقات والصكوك والقرارات الدولية‬

‫‪564‬‬
‫رني‪$$$$$$$‬ه ج‪$$$$$$$‬ان دب‪$$$$$$$‬وي‪ ،‬عالمي‪$$$$$$$‬ة حق‪$$$$$$$‬وق اإلنس‪$$$$$$$‬ان‪ ،‬ترجم‪$$$$$$$‬ات في الحماي‪$$$$$$$‬ة الدولي‪$$$$$$$‬ة لحق‪$$$$$$$‬وق اإلنس‪$$$$$$$‬ان‪،‬‬
‫ترجمة د‪ .‬محمد أمين الميداني‪ ،‬مركز الممعلومات والتأهيل لحقوق اإلنسان‪ ،‬تعز‪ ،‬الطبعة الثالثة‪.2005 ،‬‬
‫زديك الطاهر والعربي رزق هللا بن مهدي‪ ،‬العولمة ومب‪$$‬دأ تف‪$$‬ويض الس‪$$‬يادة "بح‪$$‬ق محكم" منش‪$$‬ور في مجل‪$$‬ة الب‪$$‬احث‪ ،‬كلي‪$$‬ة العل‪$$‬وم‬
‫االقتصادية والتجارية وعلوم التيسير‪ ،‬جماعة قاصدي مرباح ورقلة بالجزائر‪ ،‬العدد (‪ )2‬لعام ‪.2003‬‬
‫زيدان لوناس‪ ،‬الضمانات القضائية لحقوق اإلنسان في وقت الس‪$‬لم "رس‪$‬الة ماجس‪$‬تير" كلي‪$‬ة الحق‪$‬وق‪ ،‬جامع‪$‬ة مول‪$‬ود معم‪$‬ري ت‪$‬يزي‬
‫وزو‪ ،‬المغرب‪.2010 ،‬‬

‫سادسا‪ :‬المواقع اإللكترونية‪:‬‬


‫سامي جابر البلتاجي‪ ،‬المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان‪،‬ص‪6‬‬
‫‪www.eastlaws.com‬‬
‫سبعة عشر سؤاال بتكرر طرحها بشأن المقررين الخاص‪$$‬ين لألمم المتح‪$$‬دة‪ ،‬ص‪$$‬حيفة الوق‪$$‬ائع رقم (‪ ،)27‬المفوض‪$$‬ية الس‪$$‬امية لحق‪$$‬وق‬
‫اإلنسان‪.2001 ،‬‬
‫س‪$$$‬عيد ش‪$$$‬هاب‪ ،‬حق‪$$$‬وق اإلنس‪$$$‬ان من المفوض‪$$$‬ية إلى المجلس‪ ،‬مق‪$$$‬ال منش‪$$$‬ور على جري‪$$$‬دة الق‪$$$‬دس الع‪$$$‬ربي‪ ،‬على الموق‪$$$‬ع‪،‬‬
‫‪http://www.mokarabat.com/m1036.htm‬‬
‫سليم اللغماني‪ ،‬مفهوم حقوق اإلنسان نشأته وتطوره‪ ،‬المجلة العربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬المعهد العربي لحقوق اإلنسان‪ ،‬ت‪$$‬ونس الع‪$$‬دد (‬
‫‪.1994 ،)1‬‬
‫سونيالأبيسيكيرا وأخ‪$$‬رون‪ ،‬المطالب‪$$‬ة ب‪$$‬الحقوق مطالب‪$$‬ة بالعدال‪$$‬ة‪ :‬دلي‪$‬ل خ‪$$‬اص بالم‪$$‬دافعات عن حق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان‪ ،‬من‪$$‬دى منطق‪$$‬ة أس‪$$‬يا‬
‫والمحيط الهادي الخاص بالمرأة والقانون والتنمية‪.2007 ،‬‬
‫شهاب‪ $‬طالب الزوبعي‪ ،‬الحماية الدولية واإلقليمية لحقوق اإلنسان في ضوء التغيرات الدولية‪" ،‬رس‪$$‬الة ماجس‪$$‬تير" األكادمي‪$$‬ة العربي‪$$‬ة‬
‫بالدنمارك‪.2008 ،‬‬
‫طارق زيادة األسس التاريخية والفلسفية لحقوق اإلنسان‪ ،‬في سليم الغماني وأخرون‪ ،‬حق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان مفاهيمه‪$$‬ا وأسس‪$$‬ها‪ ،‬منش‪$$‬ورات‬
‫المعهد العربي لحقوق اإلنسان‪ ،‬تونس‪2003 ،‬‬
‫عب‪$$$$$‬د الحس‪$$$$$‬ين ش‪$$$$$‬عبان‪ ،‬الميث‪$$$$$‬اق الع‪$$$$$‬ربي لحق‪$$$$$‬وق اإلنس‪$$$$$‬ان‪ :‬الس‪$$$$$‬ؤال والم‪$$$$$‬آل‪ ،‬الح‪$$$$$‬وار المتم‪$$$$$‬دن‪ ،‬الع‪$$$$$‬دد‪2235 :‬‬
‫‪http://ahewae.org/debat/show.art.asp?aid=129630‬‬
‫عبد القادر أنيس‪ ،‬قراءة في الميثاق العربي لحقوق اإلنسان‪ ،‬الحوار المتمدن‪ ،‬العدد ‪ 12/12/2009-2856:‬منشور على الموقع‪:‬‬
‫‪http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid‬‬
‫عبد هللا راشد سعيد النيادي‪ ،‬أثر المتغيرات الدولية واإلقليمية على حقوق اإلنسان والمجتمع المدني في إطار جامعة الدول العربي‪$$‬ة‬
‫‪" ، 2007-1990‬رسالة ماجستير" كلية العلوم اإلنسانية جامعة الشرق األوسط للدراسات العليا‪.‬‬
‫عصام الدين محمد حسن‪ ،‬التقارير الحكومية وتقارير الظل‪ ،‬مصر ‪ ...‬والهيئات التعاهدية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مرك‪$$‬ز الق‪$$‬اهرة لدراس‪$$‬ات‪$‬‬
‫حقوق اإلنسام‪2008 ،‬‬
‫عالء قاعود‪ ،‬الحقوق االقتصادية واالجتماعية واثقافية‪ ،‬مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان‪.2006 ،‬‬
‫عالء قاعود‪ ،‬القانون الدولي لحقوق اإلنسان والتزامات اليمن‪ ،‬ملتقى المرأة للدراسات‪ $‬والتدريب‪ ،‬تعز‪ ،‬دون سنة طباعة‪.‬‬
‫عمر رحال‪ ،‬الدور السياسي لألمم المتحدة في ظل النظام الجديد مركز إعالم حقوق اإلنسان والمش‪$$‬اركة‪ $‬الديمقراطي‪$$‬ة " ش‪$$‬مس" رام‬
‫هللا‪.2007 ،‬‬
‫العمل مع المفوضية األمم المتح‪$‬دة الس‪$‬امية لحق‪$‬وق اإلنس‪$‬ان‪ ،‬دلي‪$‬ل المنظم‪$‬ات غ‪$‬ير الحكومي‪$‬ة في تق‪$‬ديم الش‪$‬كاو‪ ،‬ج‪$‬نيف ‪،‬دون س‪$‬نة‬
‫طباعة‪.‬‬
‫العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية ‪.1966‬‬

‫‪565‬‬
‫العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية ‪.1966‬‬
‫فرانسوازهامبسون‪ ،‬العالقة بين القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان من منظور الهيئات التعاهدية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مجلة اللجنة‬
‫الدولية للصليب األحمر الدولي جنيف‪ ،‬العدد (‪ ،)871‬سبتمبر‪/‬أيلول‪.2008 ،‬‬
‫فريد حسن محمد الزبيدي‪ ،‬القانون الدولي بين القوة وتوازن المصالح‪" ،‬رسالة دكتوراه"؟‪ ،‬األكاديمية العربية بالدينمارك‪.2008 ،‬‬
‫فيليكس‪$$$$$$‬موركا‪ ،‬النظ‪$$$$$$‬ام األف‪$$$$$$‬ريقي لحماي‪$$$$$$‬ة حق‪$$$$$$‬وق اإلنس‪$$$$$$‬ان والحق‪$$$$$$‬وق االقتص‪$$$$$$‬ادية واالجتماعي‪$$$$$$‬ة والثقافي‪$$$$$$‬ة‪،‬‬
‫‪http://www1.umn.edu/umanrts/arab/M28.pdf‬‬
‫القاض‪$$$$$$‬ي أش‪$$$$$$‬رف رفي‪$$$$$$‬ق نص‪$$$$$$‬ر هللا‪ ،‬محاض‪$$$$$$‬رات في الق‪$$$$$$‬انون ال‪$$$$$$‬دولي اإلنس‪$$$$$$‬اني وحق‪$$$$$$‬وق اإلنس‪$$$$$$‬ان‪2009 ،‬‬
‫‪http://www.4shared.com/get/IV-G69bz‬‬
‫القاضية وهيبة لو صادق ‪ ،‬آليات مراقبة حقوق اإلنسان‪ ،‬المدرسة العليا للقضاء‪ ،‬مذكرة تخرج لنيل إج‪$$‬ازة المدرس‪$$‬ة العلي‪$$‬ا للقض‪$$‬اء‪،‬‬
‫الجزائر ‪.2008‬‬
‫قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة الخاص بإنشاء المفوضية السامية لحقوق اإلنسان ‪ 48/141‬المؤرخ في ديسمبر ‪.1993‬‬
‫قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة الخاص بتشكيل مجلس حقوق األنسان رقم ‪ 60/251‬المؤرخ في ‪ 15‬مارس ‪.2005‬‬
‫كيف نشأت المحكمة األفريقي‪$‬ة لحق‪$‬وق اإلنس‪$‬ان؟ منش‪$‬ور على موق‪$‬ع المحكم‪$‬ة‪ $‬األفريقي‪$‬ة لحق‪$‬وق اإلنس‪$‬ان ‪http://www.african-‬‬
‫‪court.org/ar/court/faq‬‬
‫الالئح‪$$‬ة الداخلي‪$$‬ة للجن‪$$‬ة العربي‪$$‬ة الدائم‪$$‬ة لحق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان‪ ،‬المعتم‪$$‬دة من مجلس الجامع ‪$‬ة‪ $‬العربي‪$$‬ة على المس‪$$‬توى ال‪$$‬وزاري بت‪$$‬اريخ‬
‫‪.5/09/2007‬‬
‫اللجن‪$$$$$$$$‬ة األفريقي‪$$$$$$$$‬ة لحق‪$$$$$$$$‬وق اإلنس‪$$$$$$$$‬ان‪ ،‬منش‪$$$$$$$$‬ور على موق‪$$$$$$$$‬ع المحكم‪$$$$$$$$‬ة‪ $‬األفريقي‪$$$$$$$$‬ة لحق‪$$$$$$$$‬وق اإلنس‪$$$$$$$$‬ان‬
‫‪http://www.crin.org/resources/infodetail.asp?id=20417#2‬‬
‫ليا ليفين‪ ،‬حقوق اإلنسان أسئلة وأجوبة‪ ،‬ترجمة أيمن كمال السباعي‪ ،‬الشبكة العربية لمعلومات حقوق اإلنسان‪ ،‬دون سنة طباعة‪.‬‬
‫ليلى حالوة السيادة‪ ،‬جدلية الدولةوالعولمة‪،‬‬
‫‪/http://www.4shared.com/geterpfsy8c‬‬
‫مارتن دورم وكالوس ديمان‪ ،‬المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان – ملجأ العدالة األخيردفاعا عن حقوق اإلنس‪$$‬ان في أوروب‪$$‬ا‪ ،‬مق‪$$‬ال‬
‫منشور بتاريخ ‪ 23/02/2009‬على الموقع‪http://www.dw-world.de/dw/article/0,,4050724,00.html ،‬‬
‫مانفريدنوواك‪ ،‬دليل البرلمانيين العرب إلى حقوق اإلنس‪$$‬ان‪ ،‬مفوض‪$$‬ية األمم الس‪$$‬امية‪ $‬لحق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان واالتح‪$$‬اد البرلم‪$$‬اني الع‪$$‬المي‪،‬‬
‫‪.2005‬‬
‫المحامي محمد جمعة عيد‪ ،‬المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان‪" ،‬مق‪$$‬ال منش‪$$‬ور على الموق‪$$‬ع‪http://kalema.a7larab.net/t55- ،‬‬
‫‪topic‬‬
‫المحكم‪$$$$$$$‬ة‪ $‬األفريقي‪$$$$$$$‬ة لحق‪$$$$$$$‬وق اإلنس‪$$$$$$$‬ان‪ ،‬منش‪$$$$$$$‬ور على موق‪$$$$$$$‬ع المحكم‪$$$$$$$‬ة‪ $‬اإلفريقي‪$$$$$$$‬ة لحق‪$$$$$$$‬وق اإلنس‪$$$$$$$‬ان‪،‬‬
‫‪http://www.african-court.org/ar/court/faq‬‬
‫محكمة‪ $‬حقوق اإلنسان والشعوب األفريقية تصدر أول حكم لها ضد دولة‪http://wwwhrw.org/ar/news/2011/03/30-2 :‬‬
‫المرأة العاملة في تشريعات العمل العربية‪ ،‬تقرير لجنة أوضاع المرأة العربية باالمانة العامة التح‪$$‬اد المح‪$$‬اميين في الم‪$$‬ؤتمر الس‪$$‬ابع‬
‫عشر‪ ،‬مجلة الحق العدد (‪1‬و‪ ،)2‬اتحاد المحامين العرب ‪.1995‬‬
‫مصطلحات القانون الدولي لحقوق اإلنس‪$‬ان‪ ،‬ترجم‪$‬ة أيمن كم‪$‬ال الس‪$‬باعي‪ ،‬الش‪$‬بكة العربي‪$‬ة لمعلوم‪$‬ات حق‪$‬وق اإلنس‪$‬ان‪ ،‬دون س‪$‬نة‬
‫طباعة‪.‬‬
‫مولود أحمد مصلح‪ ،‬الق‪$‬انون ال‪$‬دولي اإلنس‪$‬اني والق‪$‬انون ال‪$‬دولي لحق‪$‬وق اإلنس‪$‬ان‪ ،‬رس‪$‬الة ماجس‪$‬تير"‪ ،‬األكاديمي‪$‬ة العربي‪$‬ة المفتوح‪$‬ة‬
‫بالدينمارك‪2008 ،‬‬
‫الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان ‪1981‬‬

‫‪566‬‬
‫الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان‬
‫‪http://www.almizanmag.com/modules/news/article.php?storyid=9‬‬
‫ميثاق األمم المتحدة لعام ‪.1945‬‬
‫الميثاق التأسيسي لليونسكو ‪1945‬‬
‫الميثاق العربي لحقوق اإلنسان ‪2004‬‬
‫النظام األساسي للمحكمة‪ $‬األمريكية لحقوق االنسان المقرب في العام ‪.1980‬‬
‫هوغنز كالوس‪ ،‬كيف ترفع الشكاوى ض‪$$‬د انتهاك‪$$‬ات حق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان‪ ،‬دلي‪$$‬ل األف‪$$‬راد والمنظم‪$$‬ات‪ $‬غ‪$$‬ير الحكومي‪$$‬ة‪ ،‬مكتب اليونس‪$$‬كو‪،‬‬
‫عمان‪.2003 ،‬‬
‫هيثم مناع‪ ،‬مترتبات السياسة األمريكية في حقوق اإلنسان على األوضاع العربية‪ ،‬المجل‪$$‬ة العربي‪$$‬ة لحق‪$$‬وق اإلنس‪$$‬ان‪ ،‬ت‪$$‬ونس‪ ،‬الع‪$$‬دد‬
‫العاشر‪ ،‬جوان ‪.2004‬‬
‫يوسف بو القمح‪ ،‬شروط تقديم الشكاوى أمام القضاء الدولي االفريقي لحقوق اإلنسان "بحث محكم" مجلة الباحث االجتماعي" مجلة‬
‫محكمة صادرة عن كلية العلوم االقتصادية والتجارية بجامعة قاصدي مرباح ورقلة بالجزائر‪ ،‬العدد التاسع‪ ،‬جوان‪.2009 ،‬‬
‫اليونسكو في سطور ‪https://ar.unesco.org/about-us/introducing-unesco‬‬

‫فهرس المحتويات‬

‫إهداء ‪.Erreur ! Signet non défini......................................................................................................‬‬

‫شكر وتقدير ‪.Erreur ! Signet non défini...............................................................................................‬‬

‫المقدمة ‪.Erreur ! Signet non défini....................................................................................................‬‬

‫أهمية البحث ‪.Erreur ! Signet non défini..............................................................................................‬‬

‫أهداف البحث ‪.Erreur ! Signet non défini.............................................................................................‬‬

‫إشكالية البحث ‪.Erreur ! Signet non défini............................................................................................‬‬

‫منهجية البحث ‪.Erreur ! Signet non défini............................................................................................‬‬

‫‪567‬‬
‫خطة البحث ‪.Erreur ! Signet non défini...............................................................................................‬‬

‫الباب األول ‪ :‬اإلطار الدولي العام للحقوق السياسية وآليات حمايتها‪.Erreur ! Signet non défini...................................$‬‬

‫الباب األول ‪ :‬اإلطار الدولي العام للحقوق السياسية وآليات حمايتها‪.Erreur ! Signet non défini...................................$‬‬

‫القسم األول‪ :‬المدخل التاريخي والمفاهيمي للحقوق السياسية ‪.Erreur ! Signet non défini...........................................‬‬

‫أوالً‪ :‬مفهوم الحقوق‪.Erreur ! Signet non défini..................................................................................... .‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬القانون الطبيعي ‪.Erreur ! Signet non défini....................................................................................‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬مراحل نشأة الحقوق السياسية وتطورها ‪.Erreur ! Signet non défini................................................‬‬

‫المبحث األول‪.Erreur ! Signet non défini............................................................................................ :‬‬

‫نشأة الحقوق السياسية في العصور القديمة ‪.Erreur ! Signet non défini..............................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الحقوق السياسية عند اإلغريق ‪.Erreur ! Signet non défini..........................................................‬‬

‫‪ .1‬الجمعية العمومية‪.Erreur ! Signet non défini.................................................................................... :‬‬

‫‪ .2‬المجلس النيابي‪.Erreur ! Signet non défini....................................................................................... :‬‬

‫‪ .3‬المحاكم الشعبية‪.Erreur ! Signet non défini...................................................................................... :‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الحقوق السياسية عند الرومان ‪.Erreur ! Signet non défini.........................................................‬‬

‫‪ .1‬الملك‪.Erreur ! Signet non défini................................................................................................. :‬‬

‫‪ .2‬مجلس الشيوخ‪.Erreur ! Signet non défini....................................................................................... :‬‬

‫‪ .3‬مجلس الشعب‪.Erreur ! Signet non défini........................................................................................ :‬‬

‫‪ .4‬المجلس المئوية‪.Erreur ! Signet non défini...................................................................................... :‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬نشأة الحقوق السياسية في العصور الوسطى وما بعدها ‪.Erreur ! Signet non défini...............................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الحقوق السياسية في المنظور الغربي ‪.Erreur ! Signet non défini..................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم الحقوق السياسية في الفكر الغربي‪.Erreur ! Signet non défini.................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تالزم الحقوق السياسية بالنظم السياسية في المنظور الغربي‪Erreur ! Signet non......‬‬
‫‪.défini‬‬
‫العنصر األول‪ :‬مدى تأثر الحقوق السياسية بالنظم السياسية ‪.Erreur ! Signet non défini............................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬دور الحقوق السياسية في خلق النظام الديمقراطي ‪.Erreur ! Signet non défini....................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحقوق السياسية في الحضارة اإلسالمية ‪.Erreur ! Signet non défini..............................................‬‬

‫‪568‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم الحقوق السياسية في اإلسالم ‪.Erreur ! Signet non défini........................‬‬
‫العنصر األول‪ :‬حق اإلنتخاب والترشيح ‪.Erreur ! Signet non défini.................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬حق اإلنتخاب ‪.Erreur ! Signet non défini.............................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية حق الترشح ‪.Erreur ! Signet non défini.................................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬حق تولي الوظائف العامة في الدولة ‪.Erreur ! Signet non défini...................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الضمانات والمبادئ العامة لممارسة الحقوق السياسية في اإلسالم‪Erreur ! Signet non‬‬
‫‪.défini‬‬
‫العنصر األول‪ :‬الضمانات الديمقراطية ‪.Erreur ! Signet non défini..................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مبدأ الشورى ‪.Erreur ! Signet non défini..............................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مبدأ العدالة ‪1....................................................................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬ضمانات الحقوق والحريات ‪2................................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مبدأ المساوة ‪2..................................................................................................................‬‬

‫أوال ‪ :‬األدلة التي يستندون إليها في القرآن الكريم‪4.......................................................................................... .‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬األدلة التي يستند إليها في السنة النبوية ‪6...............................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مبدأ حرية الرأي ‪7..............................................................................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪9................................................................................................................................ :‬‬

‫ماهية الحقوق السياسية ومعايير وشروط ممارستها ‪9........................................................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم الحقوق السياسية وأنواعها ‪10.........................................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ماهية الحقوق السياسية ‪11....................................................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع الحقوق السياسية ‪13....................................................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الحقوق السياسية الفردية‪14...............................................................................‬‬


‫العنصر األول‪ :‬الحق في الحياة والوجود والبقاء ‪14..........................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الطبيعة السياسية للحق في الحياة ‪15..........................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬جريمة اإلبادة الجماعية والحق في الوجود ‪17.................................................................................‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬عقوبة اإلعدام والحرمان من الحياة ‪19........................................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬الحق في المساواة في القيمة اإلنسانية العامة‪24............................................................................ $‬‬

‫العنصر الثالث‪ :‬الحق في الحرية السياسية ‪27................................................................................................‬‬

‫‪569‬‬
‫العنصر الرابع‪ :‬حرية الرأي والتعبير ‪28.....................................................................................................‬‬

‫الفقرةاألولى‪ :‬من خالل المفهوم ‪28............................................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حرية الرأي والتعبير من خالل القانون الدولي والمقارن ‪32..................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحقوق السياسية الجماعية‪36............................................................................‬‬


‫العنصر األول‪ :‬الحق في حرية اإلجتماع وتكوين الجمعيات ‪36.............................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الحق في اإلجتماع السلمي ‪36.................................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحق في تكوين وتأسيس الجمعيات واإلنخراط فيها ‪38.......................................................................‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬جواز وضابط تقييد حرية التجمع وتأسيس الجمعيات ‪39......................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬الحق في المشاركة‪ $‬في إدارة الشؤون العامة للدولة ‪40.....................................................................‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬المبادئ العامة الدستورية لممارسة الحقوق السياسية ‪45...................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬معايير ومبادئ ممارسة‪ $‬الحقوق السياسية ‪47................................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مبدأ سمو الوثيقة الدستورية‪49...........................................................................‬‬

‫الفرع الثاني دولة الحق والقانون‪52......................................................................................‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬الشروط القانونية لممارسة‪ $‬الحقوق السياسية وموانعها ‪59..................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الشروط القانونية للمارسة الحقوق السياسية‪59........................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الموانع القانونية لممارسة الحقوق السياسية‪66........................................................‬‬


‫الفقرة األولى‪ :‬جواز تقييد وتعطيل ممارسة‪ $‬حقوق اإلنسان بناء على حالة الطوارئ والظرف اإلستثنائية‪66.............................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حقوق ال يشملها جواز التقييد والتعطيل بنا ًء على حالة الظروف اإلستثنائية ‪68.............................................‬‬

‫أوالً ‪ .‬الحق في الحياة أو حرمان الفرد من حياته تعسفاً‪69.................................................................................. .‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬حظر المساس بحق كل إنسان في حرية الفكر والوجدان والدين‪77.................................................................. .‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬اإلطار المرجعي الدولي للحقوق السياسية وآليات حمايتها ‪78.................................................................‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬اإلطار المرجعي الدولي للحقوق السياسية وآليات حمايتها ‪79.................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬الحقوق السياسية من خالل القانون الدولي لحقوق اإلنسان ‪80...............................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلطار القانوني الدولي الكوني ‪81...........................................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الشرعية الدولية للحقوق السياسية ‪81........................................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪82......................................................................‬‬


‫العنصر األول‪ :‬أسباب ظهور اإلعالن ومضمونه ‪82........................................................................................‬‬

‫‪570‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬في أسباب وظروف اعتماد اإلعالن ‪82.......................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مضمون اإلعالن ومبادئه ‪86...................................................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬مميّزات اإلعالن وقيمته القانونية ‪88........................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مميّزات اإلعالن ‪88...........................................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬القيمة القانونية لإلعالن ‪90.....................................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية وبروتوكوله اإلختياري‪92.....................‬‬
‫العنصر األول ‪ :‬العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية ‪92.......................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أسباب إعتماد العهد ‪93.........................................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مضمون العهد ‪94...............................................................................................................‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬الحقوق والحريات الواردة بالعهد ولم ترد باإلعالن ‪97.......................................................................‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬مالحظات حول مضمون العهد ‪97............................................................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬طبيعة اإللتزامات القانونية الناتجة عن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪98. .‬‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬تعطيل أو تقييد الحقوق المعترف بها في العهد ‪100.................................................‬‬


‫العنصر الثاني‪ :‬البروتوكول اإلختياري األول بالحقوق السياسية والمدنية ‪104.............................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬حيثيات وأسباب إعتماد البروتوكول اإلختياري األول ‪104..................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مضمون البروتوكول اإلختياري األول ‪105...................................................................................‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬معايير قبول بحث البالغات حول اإلنتهاكات ‪107............................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اإلتفاقيات الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة ‪108...........................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬إتفاقيات القضاء على جميع أشكال التميييز ضد المرأة‪109.........................................‬‬


‫العنصر األول‪ :‬إعالن القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ‪109..................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة بإختصار ب"السيداو‪ /‬كوبنهاغن"‪111..................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إتفاقية الحقوق السياسية للمرأة‪113......................................................................‬‬


‫المبحث الثاني‪ :‬الحقوق السياسية في القوانين الدولية اإلقليمية لحقوق اإلنسان ‪114........................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الحقوق السياسية في القانونين األوروبي واألمريكي لحقوق اإلنسان ‪114.................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الحقوق السياسية في القانون الدولي األروبي ‪114....................................................‬‬


‫العنصر األول‪ :‬اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان ‪115.....................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الحقوق محل الحماية وضوابط التمتع بها وقيود ممارستها‪116............................................................. $‬‬

‫‪571‬‬
‫أوالً الحقوق محل الحماية ‪116................................................................................................................‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬ضوابط التمتع بالحقوق والحريات في اإلتفاقية األوروبية ‪117.......................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬القيود المتعلقة بتعليق الدول األطراف إللتزاماتها ‪118.......................................................................‬‬

‫أوالً ‪ :‬أنواع القيود المفروضة على الحقوق والحريات السياسية ‪119........................................................................‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬شروط فرض القيود على الحقوق والحريات السياسية ‪119...........................................................................‬‬

‫ثالثا ً ‪ :‬األشخاص المعنيين بالقيود المفروضة على الحقوق والحريات ‪120..................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬اإلتفاقية األوروربة الخاصة ‪123............................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحقوق السياسية في القانون الدولي األمريكي لحقوق اإلنسان‪124................................‬‬


‫العنصر األول‪ :‬اإلتفاقية األمريكية لحماية حقوق اإلنسان (ميثاق سان خوسيه ) ‪125......................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مضامين اإلتفاقية ‪126.........................................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إمكانية التحلل من بعض أحكام اإلتفاقية ‪128..................................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬اإلتفاقية األمريكية األخرى الخاصة لحماية حقوق اإلنسان ‪128...........................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إتفاقية منع التعذيب والمعاقب عليه ‪128......................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلتفاقية بشان اإلختفاء القسري لألشخاص ‪129..............................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحقوق السياسية في القانونين الدوليين األفريقي والعربي لحقوق اإلنسان ‪129...........................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الحقوق السياسية في القانون الدولي األفريقي‪130....................................................‬‬


‫العنصر األول‪ :‬الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان ‪130.......................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬نشأة ميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان ‪130.....................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحقوق محل الحماية في الميثاق األفريقي ‪133...............................................................................‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬الواجبات المقررة في الميثاق اإلفريقي ‪135...................................................................................‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬تفسير المواد األساسية في الميثاق اإلفريقي ‪136............................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬اإلتفاقية اإلفريقية األخرى لحماية حقوق اإلنسان ‪139.....................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحقوق السياسية في القانون الدولي العربي لحقوق اإلنسان‪140...................................‬‬


‫العنصر األول‪ :‬بروتوكول اإلسكندرية ‪140..................................................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬الميثاق العربي لحقوق اإلنسان ومضامينه ‪141.............................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مبادئ ومضامين الميثاق العربي لحقوق اإلنسان ‪144......................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحقوق محل الحماية في الميثاق العربي لحقوق اإلنسان ‪145................................................................‬‬

‫‪572‬‬
‫أوالً‪ :‬فئة الحقوق الفردية ‪145.................................................................................................................‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬فئة الحقوق الجماعية ‪148...............................................................................................................‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬اآلليات الدولية للحماية القانونية للحقوق السياسية ‪150.....................................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬اآلليات الدولية التابعة لألمم المتحدة ‪150....................................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اآلليات الرئيسية لألمم المتحدة ‪151..........................................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الجمعية العامة‪151.........................................................................................‬‬


‫العنصر األول‪ :‬إختصاصات الجمعية العامة‪ $‬في حماية حقوق اإلنسان ‪152................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬آليات الجمعية العامة في حماية حقوق اإلنسان ‪153........................................................................‬‬

‫أوالً‪ :‬المناقشه‪153............................................................................................................................. $‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬النظر في إنتهاكات‪ $‬حقوق اإلنسان ‪153................................................................................................‬‬

‫ثالثا ً‪ :‬إتخاذ القرارات ‪154.....................................................................................................................‬‬

‫رابعا ً‪ :‬التوصيات ‪154.........................................................................................................................‬‬

‫خامسا‪ :$‬إنشاء آليات الرقابة الدولية‪154..................................................................................................... .‬‬

‫سادساً‪ :$‬متابعة المؤتمرات الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان ‪154.............................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬آلية مجلس األمن في حماية حقوق اإلنسان‪155.......................................................‬‬


‫العنصر األول‪ :‬إختصاصات مجلس األمن في حماية حقوق اإلنسان ‪155..................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬آليات مجلس األمن في حماية حقوق اإلنسان ‪156..........................................................................‬‬

‫أوالً‪ :‬إصدار القرارات ‪157...................................................................................................................‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬العقوبات اإلقتصادية ‪157...............................................................................................................‬‬

‫ثالثا ً‪ :‬التدخل اإلنساني‪158................................................................................................................... .‬‬

‫رابعا ً‪ :‬التدخل العسكري‪158................................................................................................................. .‬‬

‫خامساً‪ :$‬تشكيل محاكم خاصة ‪158............................................................................................................‬‬

‫العنصر الثالث‪ :‬دور المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي في حماية حقوق اإلنسان ‪158.....................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إختصاصات المجلس اإلقتصادي وإلجتماعي في حماية حقوق اإلنسان ‪159...............................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات عمل المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي في حماية حقوق اإلنسان ‪160.................................................‬‬

‫أوالً‪ :‬بحث التقارير ‪160.......................................................................................................................‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬إنشاء اللجان المتخصصة ‪160..........................................................................................................‬‬

‫ثالثا ً‪ :‬إتخاذ القرارات ‪161.....................................................................................................................‬‬

‫‪573‬‬
‫رابعا ً‪ :‬التوصيات ‪161.........................................................................................................................‬‬

‫خامساً‪ :$‬عقد المؤتمرات الدولية ‪162..........................................................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اآلليات الفرعية لألمم المتحدة ‪162..........................................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اآلليات الكبرى‪163........................................................................................‬‬


‫العنصر األول‪ :‬المفوضية السامية لحقوق اإلنسان ‪163......................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إختصاصات المفوضية السامية لحقوق اإلنسان ‪164.........................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات المفوضية السامية لحقوق اإلنسان ‪166.................................................................................‬‬

‫أوالً‪ :‬التنسيق ‪166..............................................................................................................................‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬الحوار مع الدول ‪167...................................................................................................................‬‬

‫ثالثا ً‪ :‬التعاون مع المنظمات غير الحكومية ‪167..............................................................................................‬‬

‫رابعا ً‪ :‬إنشاء مكاتب إقليمية ‪167..............................................................................................................‬‬

‫خامساً‪ :$‬إستقبال الشكاوي ‪168.................................................................................................................‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬اللجان التعاقدية أو التعاهدية ‪168..............................................................................................‬‬

‫أوال‪ :‬آلية تقديم التقارير‪170................................................................................................................. .‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬آلية تقديم الشكاوي ‪175.................................................................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬مجلس حقوق اإلنسان ‪179...................................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إختصاصات مجلس حقوق اإلنسان ‪180......................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات مجلس حقوق اإلنسان ‪182..............................................................................................‬‬

‫أوالً‪ :‬اإلجراءات الخاصة ‪183................................................................................................................‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬تلقي الشكاوى ‪184......................................................................................................................‬‬

‫ثالثا ً‪ :‬آلية المراجعة الدورية الشاملة ‪185.....................................................................................................‬‬

‫رابعا ً‪ :‬لجان تحقيق وتقصي الحقائق ‪185.....................................................................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬آليات الحماية اإلقليمية لحقوق اإلنسان ‪186.................................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اآلليات األوروبية واألمريكية لحماية حقوق اإلنسان ‪186..................................................................‬‬

‫العنصر األول‪ :‬اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان ‪187.......................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اختصاصات اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان ‪187..........................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان‪188.................................................................................. .‬‬

‫أوالً‪ :‬تلقي الشكوى‪188...................................................................................................................... .‬‬

‫‪574‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬التسوية ‪190.............................................................................................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التقييم‪190...................................................................................................‬‬


‫العنصر الثاني‪ :‬المحكمة‪ $‬األوروبية لحقوق اإلنسان ‪191.....................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اختصاصات المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان ‪192.......................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان ‪192................................................................................‬‬

‫أوالً‪ :‬الدور اإلستشاري ‪193...................................................................................................................‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬الدور القضائي ‪193....................................................................................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬التسوية والتوفيق ‪194...................................................................................................................‬‬

‫رابعا ً‪ :‬التعويض ‪195..........................................................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬آليات الحماية األمريكية لحقوق اإلنسان‪195..........................................................‬‬


‫العنصر األول‪ :‬اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان ‪196........................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اختصاصات اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان ‪196..........................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اختصاصات اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان ‪197..........................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان ‪197...................................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬المحكمة‪ $‬األمريكية لحقوق اإلنسان ‪199.....................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إختصاصات المحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان ‪199........................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات المحكمة األمريكية في حماية حقوق اإلنسان ‪200......................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬آليات الحماية اإلفريقية والعربية لحقوق اإلنسان ‪202......................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬آأليات الحماية اإلفريقية لحقوق اإلنسان‪202..........................................................‬‬


‫العنصر األول‪ :‬اللجنة اإلفريية لحقوق اإلنسان ‪203.........................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إختصاصات اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب ‪203................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب ‪205.........................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬المحكمة‪ $‬األفريقية لحقوق اإلنسان ‪208......................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إختصاصات المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان ‪209.........................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات المحكمة األفريقية لحقوق اإلنسان ‪210.................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬آليات الحماية العربية لحقوق اإلنسان‪212.............................................................‬‬


‫العنصر األول‪ :‬اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسان ‪213..................................................................................‬‬

‫‪575‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬اختصاصات اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسان ‪214.....................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات اللجنة العرية الدائمة لحقوق اإلنسان ‪215...............................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬لجنة حقوق اإلنسان العربية ‪217............................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اختصاصات لجنة حقوق اإلنسان العربية ‪217...............................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات لجنة حقوق اإلنسان العربية ‪218........................................................................................‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬تقييم لجنة حقوق اإلنسان العربية ‪219.........................................................................................‬‬

‫خالصة القسم األول ‪220......................................................................................................................‬‬

‫الباب الثاني‪ :‬حماية الحقوق السياسية في سلطنة عمان والمملكة المغربية ‪222.............................................................‬‬

‫الباب الثاني‪ :‬حماية الحقوق السياسية في سلطنة عمان والمملكة المغربية ‪223.............................................................‬‬

‫تمهيد‪223..................................................................................................................................... .‬‬

‫القسم األول‪ :‬الضمانات‪ $‬القانونية للحقوق السياسية ‪225......................................................................................‬‬

‫القسم األول‪ :‬الضمانات‪ $‬القانونية للحقوق السياسية ‪226......................................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬الضمانات‪ $‬الدستورية والتشريعية للحقوق السياسية ‪228.....................................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الحقوق السياسية في دساتير البلدين‪229................................................................................... .‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الحقوق السياسية في النظام األساسي لسلطة عمان‪230................................................................... .‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحقوق السياسية في الدستور المغربي‪242................................................................................ .‬‬

‫أوال‪ :‬حق االنتخاب وإبداء الرأي باالستفتاء‪247............................................................................................ .‬‬

‫ثانيا‪ :‬الحق في تقديم العرائض والملتمسات‪ $‬في مجال التشريع‪252........................................................................ :‬‬

‫ثالثا‪ :‬حق الترشح لالنتخابات‪252........................................................................................................... :‬‬

‫رابعا ‪ :‬الحق في تأسيس األحزاب السياسية واالنخراط بها‪258............................................................................ :‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الضمانات التشريعية للحقوق السياسية ‪272.................................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ضمانات الحقوق السياسية في القوانين التشريعية بسلطة عمان ‪272......................................................‬‬

‫أوال‪ :‬ضمانات‪ $‬حق االنتخاب والترشح ‪273................................................................................................ .‬‬

‫ثانيا‪ :‬الطعون االنتخابية أمام القضاء‪280................................................................................................... .‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬ضمانات الحقوق السياسية في المنظومة التشريعية بالمغرب ‪283.........................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬ضمانات الحقوق السياسية في القوانين التنظيمية‪284................................................‬‬


‫العنصر األول‪ :‬ضمانات‪ $‬حرية تأسيس األحزاب السياسية واالنخراط فيها‪284........................................................... :‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬ضمانات الحق في المساواة في الحقوق السياسية وتجلياتها‪285.......................................................... :‬‬

‫‪576‬‬
‫أوال ‪ :‬المساواة في الولوج إلى االنتدابيات االنتخابية‪285................................................................................... :‬‬

‫ثانيا‪ :‬المساواة في التصويت‪289............................................................................................................ :‬‬

‫ثالثا‪ :‬المساواة بين المترشحين‪289.......................................................................................................... :‬‬

‫العنصر الثالث‪ :‬االقتراع العام وسيلة ضرورية لضمان حق االنتخاب من خالل تعبيره عن سيادة الشعب ‪290..........................‬‬

‫أوال ‪ :‬الضمانات على مستوى رقابة عملية الترشح لالنتخابات ‪290.........................................................................‬‬

‫ثانيا ‪ :‬ضمان حق االنتخاب من خالل حرية الناخب في تشكيل إرادته‪291................................................................ .‬‬

‫ثالثا ‪ :‬من خالل حياد اإلدارة في العملية االنتخابية‪ :‬تنظيم التصويت من قبل هيئة محايدة ‪291.............................................‬‬

‫رابعا ‪ :‬الضمانات على مستوى رقابة عملية اإلعالن عن النتائج االنتخابية‪292........................................................... .‬‬

‫خامسا‪:$‬رقابة القضاء على العملية االنتخابية‪ /‬الطعن أمام القضاء‪292..................................................................... .‬‬

‫العنصر الرابع‪ :‬الدفع بعدم دستورية القوانين ضمانة للحقوق السياسية‪293............................................................... :‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬ضمانات الحقوق السياسية في القوانين العادية‪294...................................................‬‬


‫العنصر األول‪ :‬ضمانات‪ $‬الحق في الترشح ‪294..............................................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬ضمانات الحق في التصويت ‪296...........................................................................................‬‬

‫العنصر الثالث‪ :‬ضمان حق المرأة في اإلنتخاب ‪298........................................................................................‬‬

‫العنصر الرابع‪ :‬ضمانات‪ $‬نزاهة العملية اإلنتخابية ‪299.....................................................................................‬‬

‫أوال‪ :‬الطعون المتعلقة بالترشيحات‪299..................................................................................................... :‬‬

‫ثانيا‪ :‬الطعون المتعلقة بالعمليات االنتخابية‪300............................................................................................. :‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الطعون في القيد بالجداول االنتخابية‪300................................................................................... :‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الطعون المتعلقة بالفرز‪301.................................................................................................. :‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬الممارسة الفعلية للحقوق السياسية في البلدين ‪305...........................................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الحق في المشاركة السياسية وتأسيس التنظيمات السياسية والمدنية في البلدين ‪305......................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الحق في المشاركة‪ $‬السياسية في البلدين ‪306...............................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الحق في المشاركة السياسية في سلطنة عمان‪306...................................................‬‬


‫أوال‪ :‬المشاركة في مجلس الشورى ‪306......................................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬هيئة الناخبين ‪307.............................................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الشروط الواجب توفرها في الناخب ‪308......................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬المشاركة في المجالس البلدية ‪309......................................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الشكل العام للمجالس البلدية ‪310..............................................................................................‬‬

‫‪577‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬األعضاء المعينون ‪310........................................................................................................‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬األعضاء المنتخبون ‪311.......................................................................................................‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬شروط الترشح لعضوية المجلس البلدي ‪312................................................................................‬‬

‫الفقرة الخامسة‪ :‬مدة العضوية ‪312............................................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المشاركة السياسية في المغرب‪312.....................................................................‬‬


‫العنصر األول‪ :‬المشاركة في المجالس البرلمانية ‪313.......................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مجلس النواب ‪313.............................................................................................................‬‬

‫أوال ‪ :‬مجلس النواب في ظل الدساتير السابقة على دستور ‪313..................................................................... 2011‬‬

‫ثانيا‪ :‬مجلس النواب في دستور ‪315................................................................................................ .2011‬‬

‫أوال‪ :‬تشكيل مجلس النواب ‪316...............................................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬التأطير الدستوري لمكتب مجلس النواب ‪317..........................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مجلس المستشارين ‪319........................................................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬المشاركة في المجالس الترابية بالمغرب ‪321..............................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مقتضيات عامة من دستور ‪ 2011‬حول الجماعات الترابية‪321.......................................................... .‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مقتضيات عامة من‪  ‬القانون التنظيمي‪ ‬رقم ‪14‬ـ‪  113‬المتعلق بالجماعات‪322........................................... :‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬قانون تنظيمي رقم ‪ 59.11‬يتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية ‪323........................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الحق في تأسيس التنظيمات السياسية والمدنية ‪326.........................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحق في تأسيس التنظيمات السياسية والمدنية بالبلدين ‪327................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الحق في تأسيس األحزاب السياسية في البلدين‪327..................................................‬‬


‫العنصر األول‪ :‬الحاجة إلى تبني النظام الحزبي بسلطة عمان ‪327..........................................................................‬‬

‫العنصر الثاني ‪ :‬تأسيس األحزاب السياسية بالمغرب ‪330...................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬شروط تأسيس األحزاب السياسية ‪330........................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مسطرة التأسيس وشروط االنضمام ‪332......................................................................................‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬موانع وقيود تأسيس األحزاب السياسية ‪334..................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحق في تأسيس الجمعيات في البلدين ‪339............................................................‬‬


‫العنصر األول‪ :‬الحق في تأسيس الجمعيات‪ $‬في سلطنة عمان ‪339..........................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬الحق في تأسيس الجمعيات بالمغرب ‪341...................................................................................‬‬

‫‪578‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬شروط تأسيس الجمعيات بالمغرب ‪346......................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬قيود وموانع تأسيس الجمعيات بالمغرب ‪350.................................................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الحق في تولي المناصب والوظائف العامة وضماناته ‪354.................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم وشروط تولي الوظائف العامة في سلطنة عمان والمملكة المغربية‪355.......................................... .‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الحق في تولي المناصب العامة في سلطنة عمان ‪355...............................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحق في تولي المناصب والوظائف العامة بالمغرب‪357..........................................‬‬


‫الفقرة الثانية‪ :‬الشروط الخاصة‪360......................................................................................................... :‬‬

‫أوال‪ :‬حرية اإلدارة المطلقة في االختيار ‪361.................................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬التعيين عن طريق المباراة ‪361.........................................................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحق في المناصفة كضمانة لتولي المناصب والوظائف العامة‪361....................................................... $‬‬

‫الفرع األول‪ :‬في مفهوم المناصفة ‪362..................................................................................‬‬


‫الفقرة األولى‪ :‬المناصفة بين التأييد والتعارض‪364......................................................................................... :‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األسس المرجعية لهيئة المناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز‪366....................................................... :‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬مفهوم مبدأ المناصفة في تولي الوظائف العامة ‪372..........................................................................‬‬

‫خاتمة القسم األول‪376....................................................................................................................... :‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬ضمانات‪ $‬وآليات ممارسة‪ $‬الحقوق السياسي في البلدين ‪377...................................................................‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬ضمانات وآليات ممارسة‪ $‬الحقوق السياسي في البلدين ‪378...................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬الضمانات‪ $‬واآلليات المؤسساتية ‪378..........................................................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬دور البرلمان في حماية الحقوق السياسية ‪378..............................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬دور مجلس الشورى في حماية الحقوق السياسية بسلطنة عمان ‪379......................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور البرلمان في حماية الحقوق السياسية بالمغرب ‪398...................................................................‬‬

‫أوال ‪ :‬الضمانات الدستورية لحماية الحقوق األساسية والحريات العامة ‪402................................................................‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تنزيل الوثيقة الدستورية وتكريس سمو المواثيق الدولية على التشريعات الوطني ‪404..............................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬دور المؤسسات‪ $‬الوطنية في حماية حقوق اإلنسان ‪405.....................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬دور اللجنة الوطنية العمانية في حماية الحقوق السياسية ‪406..............................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور المجلس الوطني لحقوق اإلنسان المغربي في حماية الحقوق السياسية ‪408.......................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬دور المجلس الوطني في مجال الرصد وتدبير الشكايات‪410............................................................... $‬‬

‫‪579‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬دور المجلس الوطني لحقوق اإلنسان في مجال إعداد التقارير والممارسة‪ $‬القضائية‪411...................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬الضمانات القضائية لحماية حقوق السياسية ‪411.............................................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬دور القضاء الدستوري في حماية الحقوق السياسية ‪411...................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المحكمة‪ $‬الدستورية المغربية ‪411............................................................................................‬‬

‫أوال‪ :‬المراقبة القبلية ‪411......................................................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬المراقبة الالحقة ‪411....................................................................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المحكمة العليا العمانية ‪411..................................................................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬دور القضاء اإلداري في حماية الحقوق السياسية ‪411......................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬إستقاللية القضاء ضمانة لحماية حقوق اإلنسان‪411....................................................................... .‬‬

‫أوال ‪ :‬دعم استقاللية القضاء ‪411.............................................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬على مستوى التركيبة الجديدة للمجلس األعلى للقضاء العماني‪411....................................................... :‬‬

‫أوال‪ :‬الدفع بالقضاء اإلداري نحو االستقاللية ‪411...........................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تبعية القضاء اإلداري للمجلس األعلى للشؤون اإلدارية ‪411................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور القضاء اإلداري في حماية الحقوق السياسية ‪411......................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬دور القضاء اإلداري العماني في حماية الحقوق السياسية ‪411.....................................‬‬
‫العنصر األول‪ :‬محكمة‪ $‬القضاء اإلداري في سلطنة عمان ‪411..............................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬تشكيل وترتيب المحكمة ‪411................................................................................................‬‬

‫أوال‪ :‬الدائرة االبتدائية ‪411....................................................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬الدائرة اإلستئنافية ‪411..................................................................................................................‬‬

‫العنصر الثالث‪ :‬اختصاصات المحكمة‪411.................................................................................................. $‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬دور القضاء اإلداري المغربي‪411......................................................................‬‬


‫العنصر األول‪ :‬تشكيل المحاكم اإلدارية ‪411................................................................................................‬‬

‫أوال‪ :‬تنظيم وتكوين المحاكم اإلدارية ‪411....................................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬إختصاص المحاكم اإلدارية بالمغرب ‪411.............................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلختصاص النوعي للمحاكم اإلدارية ‪411...................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلختصاص المحلي للمحاكم اإلدارية ‪411....................................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬اإلطار القانوني المنظم لمحاكم‪ $‬االستئناف اإلدارية ‪411....................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تنظيم وتكوين محاكم‪ $‬االستئناف اإلدارية ‪411................................................................................‬‬

‫‪580‬‬
‫ثانيا ‪ :‬اإلجراءات المتبعة أمام محاكم االستئناف اإلدارية ‪411...............................................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬آفاق القضاء اإلداري بالمملكة المغربية وسلطنة عمان‪411.............................................................. .‬‬

‫العنصر األول‪ :‬القضاء اإلداري المغربي والعلماني على مستوى األجهزة والمسطرة‪411............................................... .‬‬

‫أوال‪ :‬على مستوى جهاز التقاضي ومسطرته ‪411...........................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬على مستوى األجهزة ‪411..............................................................................................................‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬تكريس مبدأ االزدواجية‪411............................................................................................... .‬‬

‫أوال‪ :‬استحداث مؤسسة‪ $‬مجلس الدولة ‪411....................................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬على مستوى التقاضي ‪411..............................................................................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬سن قواعد إجرائية خاصة بالقضاء اإلداري ‪411......................................................................................‬‬

‫رابعا‪ :‬تقريب القضاء من المتقاضين ‪411....................................................................................................‬‬

‫خاتمة القسم الثاني‪411....................................................................................................................... :‬‬

‫قائمة المراجع‪411............................................................................................................................ :‬‬

‫فهرس المحتويات ‪411........................................................................................................................‬‬

‫الموضوع ‪.......................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................................‬‬
‫‪.........................................................................................................................................‬الصفحة‬

‫‪1‬‬ ‫اهداء‬
‫‪2‬‬ ‫شكر وتقدير‬
‫‍‬
‫‍‬
‫‍‬
‫‍‬
‫‍‬
‫‍‬
‫‍‬
‫‍‬
‫‍‬
‫‍‬
‫‍‬
‫‍‬

‫‪581‬‬















..................................................................................................................................................
..................................................................................................................................................

582
583

You might also like