You are on page 1of 52

‫‪Faculté des lettres et des langues‬‬

‫كمية اآلداب والمغات‬


‫قسم المّغة واألدب العربي‬
‫تخصص‪ :‬لسانيات عامة‬

‫االتساق واالنسجام في قصيذة‬


‫المطر األول لمحمىد درويش‬
‫مذ ّكرة مقدمة لنيل شيــــادة الميسانس‬

‫إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعداد الطالبتين‪:‬‬


‫‪ -‬مصطفى رافع‬ ‫‪ -‬سيميا تامورت‬
‫‪ -‬ياسمينة زردودي‬

‫السنت الجامعيت‪2018 /2017 :‬‬


‫شكــــــر وعـــــــــرفان‬
‫نرفع أسمى آيات الشكر واإلمتنان‬
‫إلى أستاذنا المشرف " مصطفى رافع " الذي بذل من الجيد الكثير رغم انشغاالتو‬
‫أن صدره كان أرحب من كل ىذا‪.‬‬ ‫العممية المختمفة‪ ،‬إال ّ‬
‫كما أشكر جميع أساتذة قسم المغة العربية وآدابيا بجامعة آكمي محند أولحاج‬
‫بالبويرة‪ ،‬دون أن أنسى الزمالء واألصدقاء واألخوات الذين أسيموا من قريب أو‬
‫بعيد في إخراج ىذا البحث عمى ىذا الشكل‬
‫الفضل فوق ىذا كمو يعود لخالقنا‪ ،‬فنسألو أن يتقبمو‪.‬‬
‫إىـــــــداء‬
‫إلى من جرع الكأس فارغا ليسقيني قطرة حب‬
‫إلى من كمّت أناممو ليقدم لنا لحظة سعادة‬
‫إلى من حصد األشواك عن دربي ليميد لي طريق العمم‬
‫إلى القمب الكبير (والدي العزيز)‬
‫إلى من أرضعتني الحب والحنان‬
‫إلى رمز الحب وبمسم الشفاء‬
‫إلى القب الناصع البياض‬
‫"والدتي رحمك اهلل"‬
‫إلى القموب الطاىرة والرقيقة‬
‫والنفوس البريئة (إخوتي)‬
‫إلى من أرى التفاؤل بعينيو والسعادة في ضحكتو‬
‫إلى شعمة الذكاء والنور‬
‫إلى الوجو المفعم بالبراءة‬
‫وبحبك أزىرت أيامي‪...‬‬
‫في نياية مشواري أريد أن أشكرك عمى مواقفك النبيمة‬
‫إلى من تطمعت لنجاحي بنظرات األمل (حبيبي رفيق)‬

‫سيميا‬
‫إىـــــــــــداء‬
‫إلى من كممو اهلل بالييبة والوقار ‪ ،‬إلى من عممني العطاء بدون انتظار‬
‫أن يمد في عمرك لترى ثما ار قد حان‬ ‫إلى من حمل اسمو بكل افتخار‪ .. .‬أرجو من اهلل ّ‬
‫قطافيا بعد طول انتظار وستبقي كمماتك نجوم اىتدى بيا اليوم وفي الغد والى األبد "والدي‬
‫العزيز محمد"‬
‫إلى مالكي في الحياة إلى معنى الحب والحنان والى بسمة الحياة وسر الوجود‪ ،‬إلى من كان‬
‫دعائيا سر نجاحي وحنانيا بمسم جراحي‪ ،‬إلى من عممتني وعانت الصعاب ألصل إلى ما‬
‫أنا فيو والى من عممتني الصمود ميما تبدلت الظروف إلى أغمى الحبايب‬
‫" أمي الحبيبة طاووس"‪.‬‬
‫إلى من كانوا ي ضيئون لي الطريق ويساندوني ويتنازلون عن حققوىم إلرضائي والعيش في‬
‫ىناء إخوتي‪ .‬أحبكم حبا لو مر عمى أرض قاحمة لتفجرت منيا ينابيع المحبة‪.‬‬
‫إلى من بين أكبر وعميين اعتمد إلى شمعات تنير ظممة حياتي إلى من بوجودىن اكتسب‬
‫قوة ومحبة ال حدود ليا‪ ،‬إلى من عرفت معين الحياة إلى أخواتي‪.‬‬
‫إلى القموب الطاىرة الرقيقة والنفوس البريئة إلى رياحين حياتي (سيام‪ ،‬فايز‪ ،‬ليديا‪ ،‬عبد‬
‫السالم)‬
‫والى قمب كبير وعقل ذكي وسمعني ذات يوم حين ضاقت بي الدنيا خطيبي "حسام"‬
‫وأىدى ثمرة جيدي ىذا إلى كل من عممني حرفا في ىذه الحياة وساعدني في الوصول إلى‬
‫ىذا المستوى واىداء خاص إلى أستاذي المشرف‪.‬‬

‫ياسمينة‬
‫مقدمة‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫النص بمقوالتيا وجيازىا المفاىيمي واإلجرائي في الدرس المساني‬
‫تشكل لسانيات ّ‬
‫الحديث تطور معرفيا ومنيجيا ميما في دراسة المغة‪ ،‬ولعل مقولتي االتساق واالنسجام‬
‫تمثالن في ترابطيما الموضوع الرئيسي ليذه المعرفة المتجسدة والتي تبحث في تماسك‬
‫الخطاب ونصية النص‪.‬‬
‫وما يدعم ىذا الرأي "محمد مفتاح" من خالل تعريفو لمنص والخطاب حيث يقول‪" :‬إن‬
‫النص عبارة عن وحدات لغوية طبيعية منضدة متسقة منسجمة ونعني بالتنضيد ما يضمن‬
‫النص والخطاب مثل‪" :‬أدوات العطف وغيرىا من الروابط‪ ،‬وبالتنسيق ما‬
‫العالقة بين أجزاء ّ‬
‫يحتوى أنواع العالئق بين الكممات المعجمية‪ ،‬وباالنسجام ما يكون من عالقة بين عالم‬
‫النص وعالم الواقع"‬
‫وقد تعددت الدراسات المسانية التي اىتمت بمفيومي االنسجام واالتساق ومعرفة‬
‫وسائل كل منيما‪ ،‬فالباحثون والداّرسون يعتمدون بشكل كبير عند تحميميم لمنصوص عمى‬
‫ىذين المعيارين‪ ،‬ونظ ار ألىميتيما ارتأينا البحث فييما‪ ،‬فجاء بحثنا معنونا بـ "االتساق‬
‫واال نسجام في قصيدة المطر األول لمحمود درويش" حيث ييدف إلى الوقوف عمى مفيوم‬
‫االتساق واالنسجام وبيان أىم آليات كل منيما‪ ،‬ومحاولة التعرف عمى مدى إسيام أدوات‬
‫النصي في تحقيق الترابط والتماسك والتالحم بين‬
‫االتساق وكذا أبرز آليات وأدوات االنسجام ّ‬
‫النص‪.‬‬
‫أجزاء ّ‬
‫النصي؟ وفيما تتمثل‬‫وعمى ىذا األساس طرحنا اإلشكال التالي‪ :‬ما معنى االتساق ّ‬
‫أىم آلياتو؟ وما مفيوم االنسجام وما ىي أىم معاييره؟ وأين تكمن مظاىر االتساق واالنسجام‬
‫ّ‬
‫في قصيدة محمد درويش؟‬
‫ونظ ار لطبيعة الموضوع وخصائصو فقد اعتمد البحث عمى المنيج الوصفي التحميمي‬
‫ألننا في دراسة تطبيقية يحاول البحث فيو اكتشاف مظاىر كل من االتساق واالنسجام‬
‫باعتبارىما مبدأين ميمين في تحقيق نصية النص‪.‬‬
‫وقد اشتمل البحث عمى فصمين تسبقيما مقدمة ومدخل وتعقبيما خاتمة وممحق وثبت‬
‫النص‪،‬‬
‫لممصادر والمراجع‪ ،‬حيث تضمن المدخل مبررات االنتقال من نحو الجممة إلى نحو ّ‬
‫األول فتم التطرق فيو‬
‫أما الفصل ّ‬‫وأىم المقوالت التي يتأسس عمييا الدرس المساني النصي‪ّ ،‬‬
‫إلى أىم معيار نصي ىو االتساق‪ ،‬وأبرز مظاىره التي أسيمت في الترابط الشكمي القصيدة‪،‬‬
‫وفييا نتعرض لإلحالة ودورىا في تحقيق االتساق‪ ،‬والحذف وكذا االستبدال والوصل دون أن‬
‫تكرر‪.‬‬
‫ننسى أىم ركيزتين في االتساق المعجمي ىما‪ :‬التضام وال ا‬
‫بينما الفصل الثاني عالج مفيوم االنسجام ومظاىره وىي المظاىر التي أسيمت في‬
‫الترابط الداللي لمقصيدة‪ ،‬وذكر أىم آليات االنسجام مبدأ االشتراك (المعرفة الخمفية‬
‫المتمقي)العالقات الداللية (اإلجمال والتفصيل العموم والخصوص‪ ،‬موضوع الخطاب‬
‫والتعريف ومبدأ التأويل المحمي‪ ،‬وفي األخير ختمت الدراسة بخاتمة تضمنت أىم النتائج‬
‫المتواصل إلييا خال ل ىذه الدراسة‪ ،‬أما المالحق فخصصنا الممحق األول لمقصيدة‪ ،‬والممحق‬
‫الثاني لمتعريف بالشاعر محمود درويش‪.‬‬
‫الدراسة عمى عدد من المصادر والمراجع‪،‬‬
‫ومن أجل أن يكتمل البحث فقد اعتمدت ّ‬
‫النص لمحمد خطابي‪ ،‬عمم لغة‬‫وذلك فيما يتصل بموضوع البحث‪ ،‬فكان منيا لسانيات ّ‬
‫النص لسعيد حسين بحيري‪ ، ،‬نحو النص ألحمد عفيفي‪ ،‬النص الخطاب واإلجراء لدى دي‬ ‫ّ‬
‫بوجراند‪ ،‬وغيرىا من المراجع التي استعنا بيا من أجل اإلحاطة بالموضوع‪.‬‬
‫وقد واجيتنا بعض الصعوبات كأي باحث في ىذا المجال منيا ضيق الوقت‪ ،‬وقمة‬
‫النص في جانبيا التطبيقي في مقاربة النصوص‪.‬‬
‫المصادر والمراجع المتعمقة بمسانيات ّ‬
‫وفي األخير ال يسعنا إال أن نشكر األستاذ المشرف مصطفى رافع والذي وجدناه في‬
‫كل مراحل البحث ناصحا ومرشدا فمم يبخل عمينا بنصائحو وتوجيياتو القيمة فمو منا فائق‬
‫الشكر والعرفان‪.‬‬
‫الفيـرس‬
‫شكر وعرفان‬
‫اإلىداءات‬
‫الفصل األول‪ :‬االتساق ومظاىره في قصيدة المطر األول لمحمود درويش‬
‫االتساق معيا ار نصيا ‪15.............................................................‬‬
‫مفيوم االتساق ‪15..................................................................‬‬
‫وسائل االتساق ومظاىره في قصيدة المطر األول لمحمود درويش‪16.................‬‬
‫اإلحالة‪16..........................................................................‬‬
‫اإلحالة المقامية ‪17..................................................................‬‬
‫النصية ‪20..................................................................‬‬
‫اإلحالة ّ‬
‫الحذف ‪23..........................................................................‬‬
‫االستبدال ‪24........................................................................‬‬
‫الوصل‪25................................................................... .......‬‬
‫االتساق المعجمي ‪26................................................................‬‬
‫التكرار ‪27..........................................................................‬‬
‫التضام‪28............................................................ ..............‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬االنسجام النصي وألياتو‬
‫مفيوم االنسجام ‪31.................................................................‬‬
‫موضوع الخطاب‪/‬البنية الكمية‪33...................................................‬‬
‫المعرفة الخمفية ‪37.................................................................‬‬
‫العالقات الداللية ‪38................................................................‬‬
‫مبدأ التغريض‪41...................................................................‬‬
‫مبدأ التأويل المحمي ‪43.............................................................‬‬
‫خاتمة ‪46.........................................................................‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫مدخل نظري‬
‫مفاىيم عامة في المسانيات‬
‫مدخل‪:‬‬

‫عدت "الشكل المّغوي المستقل‬


‫الدرس المّغوي منذ القديم عند حدود الجممة التي ّ‬
‫وقف ّ‬

‫غير متضمن‪ ،‬عن طريق أي تركيب نحوي في أي شكل لغوي أكبر"‪ ،‬حيث نجد فندريس‬

‫وىو من رواد المّسانيين الذين اعتبروا الجممة أكبر وحدة لغوية‪ ،‬ينظر إلييا "الصورة المّفظية"‬

‫عمى انيا عنصر الكالم األساسي‪ ،‬فب الجمل يتبادل المتكممان الحديث بينيما‪ ،‬وبالجمل‬

‫حصمنا لغتنا‪ ،‬وبالجمل نتكمم وبالجمل نفكر أيضا‪ ،‬كما أن الصورة المّفظية يمكن أن تكون‬

‫في غاية التعقيد ‪ ،‬والجممة تقبل بمرونتيا أداء أكثر العبارات تنوعا‪ ،‬فيي عنصر مطاط‬

‫وبعض الجمل تتكون من كممة واحدة "تعال" و"ال" و "أسفاه" كل واحدة من ىذه الكممات‬

‫تؤدي معنى كامال يكتفي بنفسو ‪.1‬‬

‫يميز "جون الينز" ما يسميو "الجممة النصية" والجممة النظامية‬


‫وفي ىذا المضمار ّ‬

‫المجرد‪ ،‬الذي يتولد لجميع الجمل الممكنة والمقبولة‬


‫ّ‬ ‫فالجمل النظامية عبارة عن شكل الجممة‬

‫في نحو لغة ما‪ ،‬وىي ال تقع مطمقا كنتاج لمسموك المّغوي المعتاد‪ ،‬كما أنو من الممكن‬

‫استعمال االشكال الممثمة لمجمل النظامية‪ ،‬في مناقشة وصفية لبنية المّغة ووظائفيا وتمك‬

‫األشكال الممثمة ىي التي تذكر عادة في الوصف النحوي لمّغات‪.‬‬

‫أما الجممة النصية فيي الجممة المنجزة فعال في المقام‪ ،‬وفي ىذا المقام تتوافر‬

‫وتتعدد الجمل في المقام الواحد وعمى‬


‫ّ‬ ‫مالبسات ال يمكن حصرىا‪ ،‬ويقوم عمييا الفيم واإلفيام‬

‫لسان شخص واحد‪.‬‬

‫‪ - 1‬زيمنج ى اريس‪ ،‬تحميل الخطاب‪ ،‬ص ‪.24‬‬


‫ولع ّل ىذا يحيمنا في النحو العربي‪ ،‬إلى ضرورة أن تكون الجممة ذات تركيب معين‬

‫وافادة مستقمة‪ ،‬يكتفي المتكمم والسامع بيا ومن خالل ىذا التقسيم لمجممة‪ ،‬نجد أن الجممة عند‬

‫جون الينز ىي الغاية الوحيدة الكبرى التي تسعى إلييا كل دراسة لغوية‪.‬‬

‫ربما ىذا ما جعل عمماء تحميل الخطاب منيم‪" ،‬براون" و"يول" "‪"yule" "brawn‬‬

‫يعتمدون النوع الثاني من الجمل في دراستيم‪ ،‬أي الجممة في إطارىا التداولي الموضوعة في‬

‫سياقيا التواصمي‪.‬‬

‫وفي تعريفيا في معجم المّسانيات عمى أنيا‪" :‬تشكل مجموعة من المكونات المغوية‬

‫وتعبر عن معنى مستقل ومفيد لو فائدة‬


‫ّ‬ ‫ترتيبا نحويا بحيث تكون وحدة كاممة في ذاتيا‪،‬‬

‫منظمة‪ ،‬وتشترك التعريفات السابقة في اعتبار الجممة الوحدة المّغوية األساسية المستقمة‬

‫بذاتيا‪ ،‬والتي ليست جزءا من وحدة أكبر‪ ،‬والتي يمكنيا الخضوع لمتحميل فيي الممثل‬

‫الشرعي لمغة ‪ .1‬وأن أصحاب ىذه التعريفات‪ ،‬وغيرىم من أنصار "النحو الجممي" يمزمون‬

‫الدرس المّساني بشرط وىو أن تكون الجممة ىي محور الدرس المّغوي باعتبارىا الوحدة‬

‫األساسية لمكالم"‪.‬‬

‫ويبين‬
‫الزمان وموضوعا لنحو الجممة الذي يدرس تعريفاتيا‪ّ ،‬‬
‫ولقد ظمت ردح ا من ّ‬

‫مكوناتيا ومختمف القوا عد التي تحكميا‪ ،‬وعمييا قامت النظريات النحوية واالتجاىات المسانية‬

‫المختمفة والمتعاقبة‪.‬‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ ،‬االتساق واالنسجام‪ ،‬ديوان "امضاءات أذن صاحبة الجاللة الطارق ثابت‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شيادة الماستر في‬
‫اآلداب‪ ،‬المغة العربية‪ ،‬نورة سوفي‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫يقول دي بوجراند‪" :‬من المتعمق أن ىذا التركيب األساسي (ويقصد بو الجممة) قد‬

‫أحاط بو الغموض والتباين‪ ،‬حتى في وقتنا الحاضر‪ ....‬ومازالت ىناك معايير مختمفة لجممية‬

‫الجممة دون االعتراف بصراحة بأنيا تعريفات نيائية‪ ،‬كونيا أساسا لتوحيد تبادل‬

‫موضوعيا" ‪.1‬‬

‫وفي نفس الوقت أي سنة ‪1952‬م نشر ىاريس زيمنج بحثا بعنوان "تحميل الخطاب"‬

‫حيث اىتم بتوزيع العناصر المّغوية في النصوص‪ ،‬والروابط بين النص وسياقو االجتماعي‬

‫وبيذا البحث حدثت النقمة من الجممة إلى النص‪ ،‬وبالتالي اعتبر "ىاريس" أىم الرواد الذين‬

‫اىتموا بمسانيات النص‪.‬‬

‫وقد أجمل دي بوجراند خصائص النص في قولو حيث قال‪" :‬أنو حدث تواصمي يمزم‬

‫لكونو نصا تتوفر لو سبعة معايير لمنصية مجتمعة ىي االتساق ‪ ،‬االنسجام‪ ،‬القصد‪ ،‬القبول‪،‬‬

‫اإلخبارية‪ ،‬اإلعالن‪ ،‬المقامية‪ ،‬والتناص" ‪.2‬‬

‫المكونة لمنص يحقق لمنص استم اررية من منظور لسانيات‬


‫ّ‬ ‫ان الترابط بين األجزاء‬

‫النص ‪،‬حيث تتجسد ىذه االستم اررية في ظاىره ‪،‬ويقصد بظاىر النص األحداث المغوية‬

‫المنطوقة‪ ،‬المسموعة‪ ،‬المكتوبة والمرئية في تعاقبيا الزمني‪ ،‬فينتظم بعضيا مع بعض تبعا‬

‫لممباني النحوية‪ ،‬ولكنيا ال تشكل نصا إال إذا ما تحقق من وسائل التماسك النصي ما يجعل‬

‫النص محافظا عمى كينونتو واستم ارريتو‪ ،‬واالتساق يعني العالقات أو األدوات الشكمية‬

‫‪ - 1‬محمد خطابي‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬مدخل إلى انسجام الخطاب‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫والداللية التي تسيم في الربط بين عناصر النص الداخمية من جية‪ ،‬وبين النص والبيئة‬

‫المحيطة من جية أخرى‪ ،‬وعميو فالسبك ييتم بالعالقات بين أجزاء الجممة‪ ،‬وأيضا بين‬

‫العالقات بين جمل النص وبين فق ارتو‪ ،‬بل بين النصوص المكونة لمكتاب‪ ،‬فاالتساق ييتم‬

‫بتعالق القضايا و ترابطيا ومنو تحدد النصية‪.‬‬

‫لقد عرف الدرس المساني تحوالت كبرى خالل فترة الستينات‪ ،‬وكان الدافع الكبير ليذه‬

‫التحوالت تساؤل عن حدوث البحث المّساني وانحصاره في الجممة‪ ،‬وتمثل محاولة ىاريس من‬

‫خالل مقالو "تحميل الخطاب" اولى المحاوالت الصريحة التي تكممت عن وحدة أكبر من‬

‫الجممة وسماىا دون تمييز تارة النص (‪ )Texte‬وتارة الخطاب (‪ )Discours‬وتارة القول‬

‫المتتابع (‪.)Emoncé suivi‬‬

‫واذا كان ىذا المقال يؤسس لمنيج تحميل الخطاب كما يصرح بذلك ىاريس منذ‬

‫البداية‪ ،‬فإن أىم ما فيو ىو مقدمتو‪ ،‬التي عرض فييا مجموعة من اإلشارات‪ ،‬التي تؤسس‬

‫ليذا التحميل الذي يروم الوصول إليو‪ ،‬وأول ىذه اإلشارات الكيفية التي بيا يتم القيام بتحميل‬

‫الخطاب يقول ىاريس في ىذا السياق‪" :‬يمكن أن نقوم بتحميل الخطاب‪ ،‬انطالقا من نوعين‬

‫من القضايا التي ىي مرتبطة ببعضيا أوليا ىو توسيع مجال المسانيات الوصفية‬

‫تمس العالقات‬
‫( ‪ ) Linguistique descriptive‬إلى خارج حدود الجممة الواحدة‪ ،‬والثانية ّ‬

‫بين الثقافة "والمغة" أي بين السموك المّغوي والسموك غير المّغوي ‪.1‬‬

‫‪ - 1‬زيمنج ىاريس‪ ،‬تحميل الخطاب‪ ،‬ص ‪.9‬‬


‫جعل النص مقدو ار عميو‪ ،‬من حيث التحميل‬
‫جاءت المناىج الجديدة ولم يأت معيا ما ي ّ‬

‫الشمولي‪ ،‬فإذا كان النص كال شامال فإن ج ّل الدراسات التطبيقية لم تصب منو إال أجزاء ال‬

‫تعبر عن فحوى الخطاب‪ ،‬ولذلك كان التفكير فيما ىو مماثل لمنص اإلبداعي من المناىج‬

‫الحداثية أمر أكثر من ضروري‪ ،‬وعمى ىذا األساس جاءت لسانيات النص‪ ،‬الخطاب القائمة‬

‫عمى عنصري التواصل والتماسك النصي جامعة بين المنياج النقدية الحديثة‪ ،‬عمى اعتبار‬

‫اشتراكيا في العنصر المساني وتكامميا بحيث تصيب الخطاب في كميتو ‪.1‬‬

‫إن كل من فان ديك (‪ )van-dijk‬وجيميان براون (‪ )J.Brown‬وجورج يول ( ‪G‬‬

‫‪ )yule‬وكريستيان بايمون ( ‪ )Christian Baylan‬ومحمد مفتاح ومحمد خطابي‪ ،‬كميم انتقموا‬

‫من الجممة إلى النص أو الخطاب‪ ،‬ومنيم من مارس التطبيق عمى نصوص وخطابات‬

‫متنوعة مقدما نموذجا تحميميا يراه مناسبا لقياس المفيوم الخطابي من حيث النصية‬

‫والتماسك ‪.2‬‬

‫ضدية‪ :‬فالجممة‬
‫واستنادا إلى ما سبق فإن النص والجممة يدخالن في إطار ثنائيات ّ‬

‫نعرفيا "بأنيا عبارة‬


‫وحدة نظرية نظامية واطارىا المّغة‪ ،‬وننطمق من قدرة لغوية ويمكن لنا أن ّ‬

‫عن فكرة تامة أو تتابع من عناصر القول ينتيي بسكتة" ‪.3‬‬

‫وأما النص فيو وحدة إجرائية استعمالية‪ ،‬إطارىا الكالم‪ ،‬وننطمق من إنجاز لغوي أو‬

‫قدرة تواصمية وىو أيضا‪" :‬الصيغة المنطوقة أو المكتوبة التي صدرت عن المتكمم أو المؤلف‬

‫‪ - 1‬لسانيات النص نحو منيج التحميل الخطاب الشعري‪ ،‬أحمد مداس‪ ،‬ص ‪5‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.7‬‬
‫الدرس النحوي‪ ،‬د أحمد عفيفي‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪ -‬نحو النّص‪ ،‬اتجاه جديد في ّ‬
‫‪3‬‬
‫في موقف ما‪ ،‬قاصدا داللة ما‪ ،‬وىذه الصيغة قد تكون لفظة أو إشارة أو جممة أو متتاليات‬

‫‪1‬‬
‫من الجمل المترابطة"‪.‬‬

‫باعتبار النص البنية المّغوية الكبرى التي تشكل محور الدراسة المسانية النصية فإن‬

‫كل االىتمام كان منصبا عمى دراستيا‪ ،‬حيث تولّى عمم نحو النص‪ ،‬البحث في البنية‬

‫الداخمية‪ ،‬وكذا الخارجية لمختمف النصوص‪ ،‬وكذا العالقة بين ىذه األبنية‪ ،‬وىذه الدراسة‬

‫لمنصوص ليست سوى دراسة مثبتة لنصية النصوص‪ ،‬حيث يرى دي بوجراند ( ‪Robert de‬‬

‫‪ ) Begugrande‬أن‪" :‬عمل أىم المسانيات النصية ىو دراسة مفيوم النصية‪ ،‬من حيث ىو‬

‫عامل "ناتج عن اإلجراءات االتصالية المتخذة من أجل استعمال النص" ‪.2‬‬

‫وىو يرى أن النصية ال تتحقق إال بمعايير ىي‪:‬‬

‫القصدية‪ :‬تتعمّق بالغاية من كتابة نص ما‪ ،‬فمكل نص غاية من وراء نظمو ويسعى‬

‫المتكمم لبموغيا‪.‬‬

‫تيم ال ّسامع والقارئ‪.‬‬


‫اإلعالمية‪ :‬ىي إشارة لممعمومات الواردة فيو‪ ،‬التي ّ‬

‫حدد من خالل ىذا‬


‫السياق‪ :‬بمعنى ارتباط نص بموقف ما‪ ،‬حيث أن معنى النص يت ّ‬
‫ّ‬

‫الموقف‪.‬‬

‫التّناص‪ :‬ىي العالقة بين نص ما‪ ،‬نصوص أخرى ذات صمة تم التعرف إلييا بخبرة سابقة ‪.3‬‬

‫النص متماسك ومنسجم من عدميا‪.‬‬


‫المقبولية‪ :‬تتعمق بردة فعل المتمقي وموقفو من كون ّ‬

‫‪ - 1‬التماسك النص في الحديث الشريف‪ ،‬د عبد العزيز فتح اهلل عبد الباري‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ - 2‬نص الخطاب االجراء‪ ،‬دي بوجراند‪ ،‬تر‪ :‬تمام حسان عالم الكتب‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،2007 ،2‬ص ‪.95‬‬
‫‪ - 3‬ينظر‪ ،‬المرجع نف سو ص ‪.104‬‬
‫وىذه المعايير جمعيا دي بوجراند ليشمل بيا النص في ذاتو‪ ،‬من خالل االتساق‬

‫واالنسجام‪ ،‬وما يخص المنتج من خالل القصدية‪ ،‬وما يخص القارئ والمتمقي ليذا النص‬

‫بالنص‪ ،‬ويتعمق االمر بمعيار‬


‫والمقبولية وما يتصل بالسياق المادي والثقافي المحيط ّ‬

‫اإلعالمية والموقفية والتناص ‪.1‬‬

‫فالنصية المتحققة من ىذه المعايير تجع ل النص متكامال مترابط األجزاء‪ ،‬وتقودنا إلى‬

‫مصطمح التماسك النصي‪ ،‬الذي جاء بظيور لسانيات النص وىذا المصطمح الذي يعني أن‬

‫النص مترابطا في أجزاءه‪ ،‬اختمف في نسبتو إلى خاصية االتساق فقط أو إلى‬
‫يكون ّ‬

‫الداللي معا‪.‬‬
‫االنسجام‪ ،‬أن يكون المصطمح داال عمى االتساق النصي واالنسجام ّ‬

‫فتماسك النص يحتاج إلى تماسك شكمي‪ ،‬والذي يظير عمى سطح النص والى تماسك‬

‫ذو طبيعة داللية‪ ،‬الذي تحققو خاصية االنسجام‪ ،‬وفي موضوعنا ىذا سنتعرض إلى‬

‫خاصيتين أو معيارين من بين المعايير النصية ىما‪:‬‬

‫االتساق‪ :‬حسب ‪ ":coter‬يبدو لنا االتساق ناتج عن العالقات الموجودة في االشكال‬

‫النصية‪ ،‬أما المعطيات غير المّسانية (مقامية‪ ،‬تداولية) فال تدخل في ذلك" ‪ .2‬وىو مجموعة‬

‫من اآلليات والوسائل التي تساعد في ارتباط السابق بالالحق‪.‬‬

‫النصي‪ ،‬لكنو بدل أن يكون عمى سطح المغة‬


‫ّ‬ ‫االنسجام‪ :‬االنسجام أداة من أدوات التماسك‬

‫نجده يوظف أدوات أخرى مرتبطة بالنواحي الداللية لمنص‪.‬‬

‫‪ - 1‬نحو النص‪ ،‬أحمد عفيفي‪ ،‬ص ‪.76‬‬


‫‪ - 2‬المصطمحات األساسية في لسانيات النص وتحميل الخطاب دراسة معجمية‪ ،‬نعمان بوقرة‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪ ،‬ط‪ ،2009 ،1‬ص ‪.81‬‬
‫قدميا جراند دراسمر أنيا‬
‫فيذه المعايير السبعة ىي التي تجعل من النص نصا‪ ،‬كما ّ‬

‫تحقق لو كمالو وأنموذجيتو‪ ،‬كما تمنحو الجواز لكي يمج الصدر ويستقر في الذىن‪ ،‬ولعميا‬

‫المعايير التي سولت لمباحثين ان يقترحوا نماذج نصية‪ ،‬نجدىا صو ار لمنص الكامل الذي‬

‫يجسد لنا االتصال المغوي مثل‪ :‬رابيمية ( ‪ )w.rabilie‬وجوليس (‪ )E.gulick‬والمّذان قدما‬

‫نموذجا ليذا االتصال ‪.1‬‬

‫‪ - 1‬سعيد حسن بحيري‪ ،‬عمم لغة النص‪ ،‬ص ‪.93‬‬


‫الفصل األول‬
‫االتساق ومظاىره في قصيدة‬

‫المطر األول لمحمود درويش‬


‫‪- 1‬االتساق معيارا نصيا‪:‬‬

‫يعتبر االتساق من أىم المعايير الديبوغراندية التي وضعيا ديبوغراند لمحكم عمى نصية‬

‫النص‪ ،‬فجعمو أول المعايير‪.‬‬

‫‪ 1- 1‬مفيوم االتساق‪:‬‬

‫النص‪ ،‬وما‬
‫يعتبر كل من ىاليداي ورقية حسن من أىم الباحثين األساسيين في دراسة‪ّ ،‬‬

‫النص متماسكا ومتاربطا شكميا ىو االتساق‪ ،‬ويعرفانو بأنو‪ ":‬مفيوم‬


‫أىم ما يجعل ّ‬
‫يشكمو‪ ،‬و ّ‬

‫داللي‪ ،‬فيو يحيل إلى العالقات المعنوية القائمة داخل النص وتحدده كنص" ‪ .1‬فالعالقات‬

‫النص مرتبطة بشكل وثيق باالتساق‪ ،‬وىي من أىم شروط االتساق‪،‬‬


‫المعنوية التي يحتوييا ّ‬

‫أي أنو يعالج قضية معينة أو موضوعا محددا" ‪.2‬‬

‫فاالتساق داللي معنوي بطبعو يسيم في ترابط وتالئم أجزاء النص وعمى الكاتب أن‬

‫يحدد تمك العال قات المعنوية ويجعميا قائمة في ّنصو‪ ،‬إذا أراد تحقيق االتساق‪.‬‬

‫االتساق ليس فقط وحدة داللية لفظية مما يحقق االستم اررية في الكالم ‪ ،3‬فتتحد الوحدة‬

‫الداللية المعنوية مع المفظة الشكمية ومنو تتوالى الجمل التي تحمل عالقات فيما بينيا مما‬

‫يشكل النّصية‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد خطابي‪ ،‬لسانيات نص‪ ،‬مدخل إلى انسجام الخطاب‪ ،‬طبعة ‪ ،2012 ،03‬ص ‪.15‬‬
‫‪ - 2‬ينظر‪ :‬عوض عباس اليدي‪ ،‬محمد داوود‪ ،‬محمد عمي أحمد‪ ،‬لسانيات النص ومعايير الخطاب الصحافي‪ ،‬مجمة العموم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬العدد األول‪ ،2017 ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪ - 3‬ينظر محمد خطابي‪ ،‬لسانيات النّص‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫وفي ىذا ا لصدد ويقول أحمد عفيفي في االتساق بأنو‪ ":‬معيار ييتم بظاىر النص‪،‬‬

‫ودراسة الوسائل التي تتحقق بيا خاصي ة االستمرار المفظي‪ ،‬وىو يترتب عمى إجراءات تبدو‬

‫ليا العناصر السطحية عمى صورة وقائع يؤدي بيا السابق إلى الالحق" ‪.1‬‬

‫يقصد عفيفي بأن االتساق يخدم الجانب المفظي‪ ،‬السطحي والشكمي ذلك عمى وسائل‬

‫ممموسة‪ ،‬وىذا ما سنتعرف عميو في العنصر الثاني وىو وسائل االتساق‪.‬‬

‫‪ 2- 2‬وسائل االتساق ومظاىره في قصيدة المطر األول لمحمود درويش‪:‬‬

‫لالتساق باعتباره معيا ار نصيا وسائل وآليات نحاول الوقوف عندىا خالل ىذا المبحث‬

‫ومحاولة رصد ورودىا في قصيدة المطر األول لمشاعر الفمسطيني محمود درويش‪.‬‬

‫‪ 1- 2- 2‬اإلحالة‪:‬‬

‫لعل من أىم وسائل االتساق التي تسيم في ترابط النص بشكل كبير اإلحالة‪ ،‬فيي‬

‫تخص عناصر‬

‫النص‪ ،‬وىذا ما يسمى بـ‬


‫تعود عمى عناصر أخرى مذكورة في أجزاء أخرى من ّ‬

‫‪ 2 Anaphoras‬فاإلحالة ال تخص األلفاظ والمفردات المستقمة عن بعضيا البعض بل تعمل‬

‫النص عن معناىا‬
‫عمى عدة ألفاظ مرتبطة فيما بينيا‪ ،‬كما تجبر القارئ عمى البحث في ّ‬

‫‪ - 1‬أحمد عفيفي‪ ،‬نحو النص‪ ،‬اتجاه جديد في الدرس‪ ،‬مكتبة زىراء الشرق‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪ ،2001 ،1‬ص ‪.14‬‬
‫‪ - 2‬األزىر الزناد ‪ ،‬نسيج النص‪ ،‬بحث فيما يكون فيو الممفوظ نصا‪ ،‬مركز الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1993 ،1‬ص‬
‫‪.118‬‬
‫وبذلك اتح اد الكممات من خالل ذلك المعنى‪ ،‬ومحاولة ربط السابق بالالحق من المفردات‪،‬‬

‫وذلك تمييدا لمولوج أو االنتقال إلى معمومات جديدة ‪.1‬‬

‫النص‪ ،‬فيي تربط أولو بآخره وتنقسم‬


‫فاإلحالة حمقة وصل بين أواصر مقطع ما من ّ‬

‫اإلحالة إلى نوعين أو قسمين رئيسيين وىذا ما سيوضحو المخطط التّالي‪:‬‬

‫اإلحالت‬

‫المقامية‬
‫النصية‬
‫ّ‬ ‫(إحالة إلى خارج‬
‫النص(‬
‫(إحالة إلى داخل ّ‬ ‫النص)‬
‫قبمية‬
‫بعدية‬
‫(إلى سابق)‬
‫(إلى الحق)‬

‫النوع الذي يوجو المخاطب إلى شيء أو‬


‫أ ‪ -‬اإلحالة المقامية‪ :‬ويقصد بيا الخارجية وىي ذلك ّ‬

‫النص باعتبارىا تربط المغة بسياق المقام ‪.2‬‬


‫شخص في العالم الخارجي‪ ،‬حيث تسيم في خمق ّ‬

‫النص وما ىو خارج‬


‫فيذا النوع من اإلحالة يحقق الترابط بين ما ىو موجود داخل ّ‬

‫النص أي العالم الخارجي‪ ،‬ففيم وتأويل العناصر اإلحالة يقتضي العودة والمجوء إلى خارج‬
‫ّ‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬مدخل إلى عمم النص ومجاالت تطبيقو‪ ،‬محمد األخضر صبحي‪ .‬ص‪.28‬‬
‫‪ - 2‬ينظر‪ :‬محمد خطابي‪ ،‬لسانيات ال نص‪ ،‬مذكرة لنيل شيادة الماستر في اآلداب والمغة العربية‪ ،‬ص ‪ ،15‬ص ‪.17‬‬
‫النص ويذىب كل من ىاليداي ورقية‬
‫النص أو اإلشارة إلى مسميات وأشخاص ليسوا في ّ‬

‫النص لكونيا تربط المغة بسياق المقام" ‪.1‬‬


‫حسن إلى‪ ":‬أن اإلحالة المقامية تسيم في خمق ّ‬

‫وىنا إشارة من ىذين الباحثين إلى أن اإلحالة المقامية متعمقة بما ىو موجود خارج‬

‫النص باعتبارىا تجعل المغة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمقام أو العالم‬


‫النص وتسيم في نشأة ّ‬
‫ّ‬

‫النص‪.‬‬
‫المحيط فيي تقع خارج حدود ّ‬

‫ولمتوضيح أكثر سنأخذ نماذج عن ىذا النوع من اإلحالة من قصيدة "المطر األول"‬

‫لمحمود درويش‪:‬‬

‫في رذاذ المطر الناعم‬

‫كانت شفتاىا‬

‫وردة تنمو عمى جمدي‬

‫وكانت مقمتاىا‬

‫أفقا يمتد من أمسي‪.‬‬

‫في ىذه األبيات الشعرية نجد إحالة مقامية في العبارات التالية (شفتاىا‪ ،‬جمدي‪،‬‬

‫مقمتاىا‪ ،‬أمسي)‪ ،‬والتي تتجسد من خالل ياء المتكمم التي تعود عمى الشاعر كونو غائبا‬

‫وليس حاض ار في القصيدة‪.‬‬

‫‪ - 1‬طارق ثابت‪ ،‬االتساق واالنسجام في ديوان " إفضاءات في أذن صاحبة الجاللة"‪ ،2016- 2015 ،‬ص ‪.13‬‬
‫وقد استعمل ضمير الغائب ليدل إحالة مقامية‪ ،‬بالرغم من أنو يحيل عادة إلى إحالة‬

‫نصية‪ ،‬وىذا ما سنوضحو في الجدول الموالي عن اإلحالة المقامية الموجودة في نص‬

‫القصيدة‪.‬‬

‫‪ .1‬ضمير المتكمم‪:‬‬

‫السطر‬
‫ّ‬ ‫نوعيا‬ ‫آداه اإلحالة‬ ‫المحال‬
‫عميو‬
‫‪06‬‬ ‫مقامية‬ ‫مستقبمي‬ ‫الشاعر‬
‫‪07‬‬ ‫مقامية‬ ‫لي‬ ‫الشاعر‬
‫‪12‬‬ ‫مقامية‬ ‫أبي‬ ‫الشاعر‬
‫‪21‬‬ ‫مقامية‬ ‫سألتني‬ ‫الشاعر‬
‫‪10‬‬ ‫مقامية‬ ‫أنا‬ ‫الشاعر‬
‫‪ .2‬ضمير المخاطب‪:‬‬

‫السطر‬
‫ّ‬ ‫نوعيا‬ ‫آداه اإلحالة‬ ‫المحال‬

‫عميو‬

‫‪19‬‬ ‫مقامية‬ ‫بابك‬ ‫فمسطين‬

‫‪ .3‬ضمير الغائب‪:‬‬

‫السطر‬
‫ّ‬ ‫نوعيا‬ ‫آداه اإلحالة‬ ‫المحال‬

‫عميو‬
‫‪09‬‬ ‫مقامية‬ ‫إلييا‬ ‫فمسطين‬

‫‪25‬‬ ‫مقامية‬ ‫تحمميا‬ ‫فمسطين‬

‫‪29‬‬ ‫مقامية‬ ‫ودعتيا‬ ‫فمسطين‬

‫‪31‬‬ ‫مقامية‬ ‫شفتاىا‬ ‫فمسطين‬

‫ب ‪-‬اإلحالة ال ّنصية ‪ :‬وتسمى اإلحالة الداخمية‪ ،‬وتستخدم لتدل عمى ذلك النوع الذي يحيل فيو‬

‫المخاطب عمى عنصر لغوي داخل النص ‪.1‬‬

‫عدة عن اصر لغوية تسيم في ترابط وتالحم‬


‫النص وتمثميا ّ‬
‫النصية تقع داخل ّ‬
‫فاإلحالة ّ‬

‫النوع من‬
‫الدارسون ليذا ّ‬
‫أكده ّ‬
‫أجزاء النص وترابط أواصر مقاطعو‪ ،‬وىذا ما ذىب إليو و ّ‬

‫اإلحالة‪.‬‬

‫النص يكون سابقا لو أو الحقا وعمى‬


‫فيي تشير إلى تعمق عنصر بعنصر آخر داخل ّ‬

‫ىذا تكون اإلحالة نوعين‪ ،‬إحالة قبمية واحالة بعدية‪.‬‬

‫وتعد ىذه اإلحالة أكثر استخداما يقول‬


‫‪ ‬اإلحالة القبمية‪ :‬ىي إحالة إلى سابق أو متقدم‪ّ ،‬‬

‫دي بوجراند ‪ ":‬وتأخر األلفاظ الكنائية عن مراجعيا أي ورودىا بعد األلفاظ المشتركة معيا‬

‫في اإلحالة أكثر احتماال من ورودىا متقدمة عمييا ‪.2‬‬

‫‪ - 1‬أ عبد الحميد بوترعة‪ ،‬مجمة األثر‪ ،‬اإلحالة النصية وأثرىا في تحقيق تماسك النص القرآني‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫‪- 2‬دي بوجراند‪ ،‬النص الخطاب واإلجراء‪ ،‬ص‪.283‬‬
‫فيذا النوع من اإلحالة يستمزم العودة إلى الوراء أي إلى العنصر المغوي المحال إليو‬

‫وىي األكثر شيوعا في النصوص‪.‬‬

‫‪ ‬اإلحالة البعدية‪ :‬وىي إحالة إلى عنصر الحق لم يذكر بعد بمعنى أن القارئ يبحث‬

‫عن اإلحالة فيما بعد الضمير‪ ،‬فاإلحالة البعدية تكون "عندما نحيل عنصر لغوي أو‬

‫عدة عناصر متأخرة عن عنصر‬


‫النص أو مكونات من ّ‬
‫مكون ما إلى عنصر آخر في ّ‬

‫اإلحالة" ‪.1‬‬

‫فاإلحالة البعدية تأتي بعد الضمائر والموصوالت دائما‪ ،‬وأدوات اإلشارة وغيرىا من‬

‫األدوات لمداللة عمى ما يحيل إلى ما بعدىا من عناصر لغوية تتمم المعنى المنشود والمراد‪.‬‬

‫أما عن أدوات اإلحالة فيي‪ :‬الضمائر وأسماء اإلشارة‪ ،‬ويمكن أيضا إضافة بعض‬
‫ّ‬

‫األدوات كالموصوالت وىناك من الباحثين من اقترح اإلحالة أفعال التفصيل‪ ،‬لكننا في ىذا‬

‫المجال سنتطرق فقط إلى التفصيل في البعض منيا كالضمائر وأسماء اإلشارة والموصوالت‬

‫النص وىي عمى نوعين‬


‫أ‪ .‬الضمائر ‪ :‬ىي من األدوات اليامة التي تحقق اتساق ّ‬

‫ضمائر تحيل إلى خارج النص وأخرى تحيل إلى داخمو‪.‬‬

‫لمنص‬
‫ب‪ .‬أسماء اإلشارة ‪ :‬ىي الوسيمة الثانية التي تساعد عمى تحقيق االتساق الداخمي ّ‬

‫وقد قسميا ىاليداي ورقية حسن حسب الظرفي إلى الزمان (اآلن‪ ،‬غدا‪ )...‬والمكان‬

‫‪ - 1‬زاىر بن مرىون الداودي‪ ،‬الترابط النّ صي بين الشعر والنثر‪ ،‬ص ‪.45- 44‬‬
‫(ىنا ‪ ،‬ىناك‪ )...‬أو االنتقاء (ىذا وىؤالء‪ ). ..‬أو حسب القرب (ىذا‪ ،‬وىذه‪ )...‬أو‬

‫البعد (ذاك‪ ،‬تمك‪.1 )...‬‬

‫ت‪ .‬االسم الموصول (الموصوالت) ‪ :‬ىو اسم يأتي إلزالة اإلبيام‪ ،‬الغموض فيو ال يفيد‬

‫بذاتو بل يحتاج إلى صمة تكون جممة حتى تفيد وتحقق المعنى المراد‪.‬‬

‫إن من أىم ما يخدم اإلحالة‪ ،‬الضمائر واألسماء الموصولة وتجسدت في القصيدة‬


‫ّ‬

‫بشكل ممحوظ عن غيرىا من الوسائل فيقول الشاعر‪:‬‬

‫كانت الحموة تعويضا عن القبر‬

‫ضم إلييا‬
‫الذي ّ‬

‫وىي إحالة قبمية استعمل فييا الشاعر االسم الموصول (الذي) ويعود عمى القبر‪ ،‬وىناك‬

‫إحاالت أخرى من نفس النوع تمثمت فيما يمي‪:‬‬

‫األىازيج التي تطمع من لحم أبي‪.‬‬

‫وىي أيضا إحالة قبمية باالسم الموصول (التي) تعود عمى العبارة التالية(األىازيج)‪.‬‬

‫وفي ىذا المقام سنتطرق إلى إحالة قبمية بالضمير والمتمثمة في السطرين المواليين‪:‬‬

‫سألتني عن مواعيد كتبناىا‬

‫وعن األرض التي تجمميا‬

‫‪ - 1‬محمد خطابي‪ ،‬لسانيات نص‪ ،‬ص ‪.19‬‬


‫في البيتين نالحظ أن ال ضمير المتصل (الياء) يعود إلى ما سبقو في عبارة‬

‫(مواعيد) وىي إحالة قبمية وكذلك عبارة (األرض)‪.‬‬

‫نصية ليا دور في اتساق النص وتماسك عناصره وشرطو في‬


‫ّ‬ ‫‪2- 2- 2‬الحذف‪ :‬ىو ظاىرة‬

‫المغة أن‪ ":‬ال يتم إالّ إذا كان الباقي في بناء الجممة بعد الحذف معنيا في الداللة‪ .‬كافيا في‬

‫أداء المعنى‪ ،‬وقد يحذف أحد العناصر ألن ىناك قرائن معنوية تومئ إليو‪ ،‬وتدل عميو ويكون‬

‫في حذفو معنى ال يوجد في ذكره" ‪.1‬‬

‫إن ما نستخمصو من ىذا القول أن الكالم المحذوف لو بقي في النص لشكل خمال عمى‬
‫ّ‬

‫النص متوازيا ومتماسكا ولو معنى‪ ،‬فالزيادات التي ال طائل من‬


‫مستواه لذلك حذف ليبقى ّ‬

‫النص‬
‫ورائيا تجعل النص معرضا لالنتقادات وكذا ىناك ما يدل عمى العنصر المحذوف في ّ‬

‫الداللة وينقسم الحذف إلى ثالثة أقسام‪:‬‬


‫وىو ّ‬

‫‪ ‬الحذف االسمي ‪ :‬وال يقع إال في األسماء المشتركة‪.‬‬

‫‪ ‬الحذف الفعمي‪ :‬وىو الذي ال يقع إالّ داخل المركب الفعمي‪.‬‬

‫‪ ‬الحذف الحرفي ‪ :‬ويكون العنصر المحذوف فيو حرف‪.‬‬

‫مالحظة ‪ :‬ال يتوفر عنصر الحذف في ىذه القصيدة لذلك يتعذر عمينا التطبيق‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد األخضر صبحي‪ ،‬مدخل إلى عمم النّص ومجاالت تطبيقو‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ 3- 2- 2‬االستبدال ‪ :‬وىو إحالل عنصر لغوي محل عنصر لغوي آخر وىو مظير من‬

‫النص وتماسكو‪ ،‬واالستبدال عممية نحوية تقوم بين الكممات والعبارات‪ ،‬وىو‬
‫مظاىر اتساق ّ‬

‫من مظاىر اتساق النصوص نظ ار لعالقتو القبمية بين عنصر متأخر وعنصر متقدم ‪.1‬‬

‫فيي عالقة تعويضية بين الكممات والعبارات وىو من أدوات ترابط النص والتحام أجزاءه فيو‬

‫عممية نصية تقع داخل النص‪.‬‬

‫وينقسم االستبدال إلى ثالثة أقسام‪ :‬واستبدال اسمي‪ ،‬استبدال فعمي‪ ،‬واستبدال قولي أو ما‬

‫يسمى باالستبدال العباري‪.‬‬

‫‪ ‬االستبدال االسمي ‪ :‬ىو استعمال ألفاظ مكان أسماء وردت في موضوع ما سبق‬

‫ذكرىا‪.‬‬

‫‪ ‬االستبدال الفعمي ‪ :‬فيو يحل فعل محل فعل آخر متقدم عميو ويمثمو في العربية مادة‬

‫(فعل) في صيغيا المختمفة‪.‬‬

‫‪ ‬االستبدال القولي (العباري)‪ :‬وفيو يتم استبدال عنصر لغوي محل عبارة داخل‬

‫النص شرط أن يتضمن العنصر المستبدل بو محتوى العبارة المستبدل منيا‬


‫ّ‬

‫مالحظة‪ :‬ال يتوفر عنصر االستبدال في ىذه القصيدة‪ ،‬ولذلك يتعذر عمينا التطبيق‪.‬‬

‫‪ - 1‬طارق ثابت‪ ،‬االتساق واالنسجام في ديوان " إفضاءات في أذن صاحبة الجاللة"‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شيادة الماستر في‬
‫اآلداب والمغة العربية‪ ،2016- 2015 ،‬نورة سوفي‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫النص نصا إالّ إذا كانت‬
‫‪ 4- 2- 2‬الوصل ‪ :‬يعتبر الوصل من أىم مظاىر االتساق وال يعتبر ّ‬

‫الربط ىو وصل" بين ىذه الجمل وىو‪ :‬تحديد لمطريقة التي‬


‫الجمل مترابطة فيما بينيا‪ ،‬وىذا ّ‬

‫يترابط بيا األفق مع السابق بشكل منتظم" ‪.1‬‬

‫فيو ليس اإلحالة‪ ،‬الحذف‪ ،‬االستبدال فيو يمثل لمجموعة من الروابط التي تسيم في‬

‫النص كال موحدا وتماسكا وىو أقسام وأنواع حيث نميز" الوصل اإلضافي والنسبي‬
‫جعل ّ‬

‫والعممي‪ ،‬والزمني‪.‬‬

‫‪ ‬الوصل اإلضافي‪ :‬يتم بواسطة األداتين "الواو" و" الفاء"‪.‬‬

‫‪ ‬الوصل العممي‪ :‬يتم بواسطة أ دوات مثل‪( :‬لكن) االستدراكية وغيرىا من التعابير‬

‫التي تؤدي معناىا مثل (غير‪ ،‬أن‪ ،‬بيد‪ ،‬إالّ‪ )...‬وىو يعني عكس ما ىو متوقع ‪.2‬‬

‫‪ ‬الوصل السببي ‪ :‬ىو الذي يمكننا من إدراك العالقة المنطقية بين جممتين وأكثر‪.‬‬

‫‪ ‬الوصل الزمني ‪ :‬يتجسد الوصل الزمني في‪ ":‬العالقة بين اطروحتين‪ ،‬جممتين‬

‫متتابعتين زمنيا" ‪.3‬‬

‫وفي تتبعنا ألدوات الوصل في ىذا الديوان نجدىا كاآلتي‪:‬‬

‫المكررة نوع الوصل‬


‫ّ‬ ‫عدد المرات‬ ‫أداة‬

‫‪- 1‬دي بوجراند‪ ،‬النص الخطاب واإلجراء‪ ،‬ص‪.23‬‬


‫‪2‬‬
‫النص‪ ،‬مجمة دراسات‪ ،‬المجمد ‪ ،40‬العدد‪ ،2013 ،‬ص ‪.61‬‬
‫‪ -‬عابد بوىادي‪ ،‬أثر النحو في تماسك ّ‬
‫‪ - 3‬طارق ثابت‪ ،‬االتساق واالنسجام في ديوان " إفضاءات في أذن صاحبة الجاللة"‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شيادة الماستر في‬
‫اآلداب والمغة العربية‪ ،2016- 2015 ،‬نورة سوفي‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫فييا‬ ‫الوصل‬

‫وصل نسبي‬ ‫‪ 06‬مرات‬ ‫الفاء‬

‫وصل‬ ‫‪ 09‬مرات‬ ‫الواو‬

‫إضافي‬ ‫‪ 03‬مرات‬ ‫إلى‬

‫‪/‬‬ ‫‪ 03‬مرات‬ ‫من‬

‫‪/‬‬ ‫‪ 04‬مرات‬ ‫الالم‬

‫‪/‬‬ ‫‪ 05‬مرات‬ ‫عن‬

‫‪/‬‬

‫فأغمبية الوصل في ىذه القصيدة كانت بحرفي العطف" الواو" و" الفاء" والحرف " إلى"‬

‫باإلضافة إلى وجود ادوات وأحرف اخرى ساعدت عمى الوصل وىي كاآلتي " من‪ ،‬الالّم‪،‬‬

‫عن"‪.‬‬

‫‪ - 2‬االتساق المعجمي‪ :lescical Coherion :‬ويقصد باالتساق المعجمي‪ ":‬العالقة‬

‫الجامعة بين كممتين أو أكثر داخل المتتابعات النصية" ويتحقق بين مجموعة من األلفاظ‪،‬‬

‫فيو يتفرع إلى التكرار والمصاحبة المغوية أو ما يسمى بالتضام‪.‬‬


‫النص‪ ،‬ويتمثل‬
‫أ‪ .‬التكرار ‪ :‬يمثل التكرار شكال من أشكال الترابط المعجمي عمى مستوى ّ‬

‫في تكرار المفظ أ و ما يرادفو في الجممة‪ ،‬وىذا ما ذكره ىاليداي ورقية حسن" أغسمي‬

‫النار" ‪.1‬‬
‫وانزعي نوى ست تفاحات لمطبخ‪ ،‬ضعي التفاحات في صحن يقاوم ّ‬

‫فالتكرار في ىذا القول قد تمثل وتجسد من خالل كممة " التفاحات" التي أسيمت في‬

‫ترابط القول‪.‬‬

‫والتكرار أربعة أقسام‪:‬‬

‫‪ .1‬التكرار التام‪ ،‬ىو التكرار لمعنصر دون تغيير فيو‪.‬‬

‫‪ .2‬التكرار الجزئي‪ :‬ىو تكرار المفظة مع تغيير في بنيتيا األصمية‪.‬‬

‫‪ .3‬تكرار المعنى والمفظ مختمف ‪ :‬ىو تكرار بإيراد مرادف أو شبو مرادف حيث يكون‬

‫المعنى واحد ولكن المفظ الذي يعبر عنو يختمف‪.‬‬

‫ففي الجدول التالي سنرى نماذج عن التكرار بأنواعو من القصيدة‪:‬‬

‫‪ - 1‬أحمد عفيفي‪ ،‬نحو النص‪ ،‬ص ‪.106‬‬


‫المكررة نوع الوصل‬
‫ّ‬ ‫عدد المرات‬ ‫الكممة‬

‫فييا‬ ‫المكررة‬

‫تكرار تام‬ ‫‪04‬‬ ‫كانت‬

‫تكرار تام‬ ‫‪02‬‬ ‫شفتاىا‬

‫تكرار تام‬ ‫‪02‬‬ ‫جمدي‬

‫تكرار تام‬ ‫‪02‬‬ ‫الحموة‬

‫تكرار المعنى والمفظ مختمف‬ ‫‪02‬‬ ‫المطر‬

‫تكرار المعنى والمفظ مختمف‬ ‫المطر األول ‪01‬‬

‫ب‪ .‬التضام‪ :‬أو ما يسمى بالمصاحبة المّغوية وىو وجود عناصر يكون أحدىما متضمن‬

‫في اآلخر ويعرفو محمد خطابي عمى أنو‪ ":‬توارد زوج من الكممات بالفعل وبالقوة نظ ار‬

‫إلى ارتباطيا بحكم عالقة من العالقات‪ ،‬والعالقة النسقية التي تحكم ىذا التزاوج في‬

‫خطاب ما‪ ،‬ىي عالقة التعارض والتضاد" ‪.1‬‬

‫فيذا النوع يجعل النص متالحما من خالل ذكر األزواج أو المترادفات وكذلك‬

‫النص‪.‬‬
‫المتعارضات من المفردات والمصطمحات الموجودة في ّ‬

‫‪ - 1‬محمد خطابي‪ ،‬لسانيات نص‪ ،‬مدخل إلى انسجام الخطاب‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫فورود التضام في النص أو الخطاب يساعد عمى تحقيق االتساق بشكل كبير وىذا من‬

‫خالل ما ورد في القصيدة حيث نجد التضام موجودا بشكل ممحوظ في‪:‬‬

‫أفقا يمتد من أمسي‬

‫إلى مستقبمي‪.‬‬

‫وكذلك في السطر العشرين من قصيدة محمود درويش " المطر األول" نالحظ تضاما‬

‫وتضادا‪.‬‬

‫كان لي في بابك الضائع‬

‫ليل ونيار‬

‫ففي ىذه األسطر نجد التضام فقط في العبارات" أمسي ومستقبمي" وكذلك "ليل ونيار"‪.‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫االنسجام النصي وآلياتو‬
‫مفيوم االنسجام‪:‬‬
‫يعتبر مبدأ االنسجام أىم المبادئ السبعة التي وضعيا دي بوجراند لمحكم عمى نصية‬
‫‪1‬‬
‫النص ويعرفو فان ديك عمى أنو‪ ":‬العالقة بين الجمل محددة باعتبار‪ ،‬التأويالت النسبية"‬
‫أي االنسجام يحتاج الى نوع الداللة وتحديدىا‪.‬‬
‫فاالنسجام ىو المعيار الذي اعتمدت عمييا المسانيات‪ ،‬النص في الحكم واالجزام‬
‫بنصية النص‪ ،‬وىذا الحكم يصدره المتمقي أو القارئ‪.‬‬
‫واالنسجام أداة من أدوات التماسك النصي وتعرفو الدكتورة‪ ":‬نوال الذلف" عمى أنو‬
‫"تأويل كل جممة مفردة بتأويل التي قبميا وبعدىا" ‪ ،2‬فاالنسجام حسب ىذا التعريف يعتمد عمى‬
‫تأويل وتفسير كل داللة لوحدىا‪ ،‬يوظف في ذلك أدوات لربط الحال السابقة بالالحقة أو‬
‫العكس‪ ،‬وىذا الربط يسميو فان ديك بالداللة النسبية‪ ":‬أي أننا ال نقول الجمل أو القضايا‬
‫بمعزل عن الجمل والقضايا السابقة" ‪.3‬‬
‫فكما يعتمد االتساق عمى اإلحالة لمربط بين الجمل من خالل أسماء اإلشارة‪،‬‬
‫الضمائر والموصوالت وغيرىا من األدوات‪ ،‬كذلك في الجمل القول ىو تحميل النص‪ ،‬وىذا‬
‫التدليل‪ ،‬يكون من قبل المتمقي أو مستمعا أو قارئا‪.‬‬
‫ويقوم القارئ بتحميل النص‪ ،‬الذي بين يديو وذلك من خالل ربطو بالمقام الذي قيل‬
‫فيو‪ ،‬ويؤول الموضوع الذي يعالجو‪.‬‬
‫فاالنسجام ىو عبارة عن عالقات متنوعة ومتداخمة في نفس الوقت بين عناصر‬
‫في تحميمو لمنص مفيوم‬ ‫)‪(Van Dijk‬‬ ‫الخطاب‪ /‬النص وأجزائو‪ ،‬وقد استخدم "فان ديك"‬
‫‪4‬‬
‫االنسجام"‪ ،‬يعني بو األبنية الداللية والمحورية الكبرى وىي أبنية عميقة تجريدية‪.‬‬
‫وبخالف ذلك أن "االتساق" يتمثل في "األبنية النحوية الصغرى وىي أبنية تظير إلى‬
‫سطح النص" ‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد خطابي‪ ،‬لسانيات‪ ،‬النص‪ ،‬مدخل إلى انسجام الخطاب‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪2‬‬
‫االتساق واالنسجام في ديوان إفضاءات في أذن صاحبة الجاللة الطارق ثابت‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شيادة الماستر في‬
‫األدب والمغة العربية‪ ،‬نورة سوفي ص ‪ .66‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪.‬‬
‫‪ 3‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪4‬‬
‫سعيد حسن بجيدي‪ ،‬عمم لغة النص‪ ،‬ص ‪.132‬‬
‫‪5‬‬
‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.132‬‬
‫ومن خ الل ىذين التعريفين نستنتج أن فان ديك قد استخدم مصطمحين لسانيين‬
‫معروفين لدى العالم " تشومسكي" ىما "البنية السطحية" و"البنية العميقة"وقد أكد فان ديك‬
‫‪1‬‬
‫عمى أن االنسجام يتطمب بالضرورة خطابا‪ ،‬حيث تناول الخطاب وفق المخطط التالي‪:‬‬

‫الخطاب‬

‫التداول‬ ‫الداللة‬

‫األفعال‬ ‫تداوليات‬ ‫السياقات‬ ‫البنيات الكمية‬ ‫االنسجام‬


‫الترابط‬
‫الكالمية‬ ‫الخطاب‬ ‫واألفعال‬ ‫ي‬
‫عد مصطمح ‪ Cohérence‬أحد المصطمحات التي‬
‫عرفت اختالفا وتباينا في أراء الدارسين حولو‪.‬‬
‫بصرف النظر عن ىذا التباين الحاصل بين الدارسين نقول أن االنسجام لو أىمية‬
‫خاصة في حقل عمم المغة النصي ومنو فإن االنسجام ىو‪ ":‬الطريقة التي يتم بيا ربط األفكار‬
‫داخل النص" ‪.2‬‬
‫أي أن االنسجام ىو الوسيمة الوحيدة لمربط بين عناصر النص وبين أفكاره وما يحتويو‪،‬‬
‫فاالنسجام يقوم برصد وسائل الترابط الداللي ويعمل عمى استم ارريتيا في عالم النص‪.‬‬
‫وال تكمن أىمية وسائل الترابط في كونيا تكفل وتضمن لمنص ترابط أجزائو ومقاطعو‬
‫فحسب‪ ،‬بل تيسر عمى القارئ والسامع متابعة الخطاب وفيمو‪ ،‬فالنص الذي تتخممو الفجوات‬
‫حتما يكون نصا مفككا من حيث الداللة والمعاني ويصعب عمى المتمقي فيمو وادراكو‪.‬‬
‫والروابط الداللية الموجودة في النص والتي تركز عمييا لسانيات النص تؤدي دو ار فعاال في‬
‫انسجام النص‪ ،‬ليذا تعددت عمميات االنسجام وآلياتو تبعا لتباين آراء عمماء النص في ىذا‬
‫المقام سنركز الى أىم وأبرز اآلليات المعروفة لدى العمماء النص وأبرزىا‪:‬‬
‫أ ‪-‬موضوع الخطاب‪/‬البنية الكمية‪:‬‬

‫‪ 1‬محمد خطابي‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬ص ‪.74‬‬


‫‪2‬‬
‫الطيب العزالي قواوة‪ ،‬مجمة المخبر‪ ،‬أبحاث في المغة واألدب الجزائري‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬االنسجام‬
‫النصي‪ ،‬وأدواتو‪2009 ،‬م‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫فمكل خطاب أو نص موضوع" يعالجو ويتطرق إلي و‪ ،‬والبنية الكمية ىي‪ ":‬أن يكون‬
‫لمخطاب جامع داللي وقضية موضوعية يتمحور النص حوليا‪ ،‬ويحاول تقديميا بأدوات‬
‫متعددة" ‪ ،1‬فموضوع الخطاب يسيم في عممية فيم وادراك مضمون النص فيذا األخير يدعم‬
‫بأدوات متعددة‪.‬‬
‫فالبنية الكمية العامة لمنص أو الفكرة األساسية التي تتمحور حول نص الخطاب وىذه‬
‫الفكرة ىي حوصمة الترابط الداللي لمجموع الجمل في النص‪ ،‬فالبنية الكمية ىي النتيجة التي‬
‫نستنتجيا من مضمون ممخص البنيات الصغرى الموجودة في النص فالمتكمم ينطمق من‬
‫الفكرة العامة ويجعميا موضوعا أساسيا لنصو ومن ثمة يعمل إلى توسيعيا وشرحيا لتسييل‬
‫عممية الفيم لممتمقي‪.‬‬
‫ويقصد بالبنية الكبرى تمك التي نستجمعيا من البنى النصية الصغرى‪ ،‬بواسطة‬
‫عمميات اختزالية مثل الحذف والبناء والتعميم‪.‬‬
‫إن أىم اإلجراءات الذىنية التي يوظفيا القارئ ألجل استنتاج البنية الكبرى‪ ،‬إجراءات‬
‫حذفيو‪ ،‬اختزالية‪ ... .‬والعناصر األكثر عرضة لمحذف ىي تمك التي ال يسترجعيا القارئ عند‬
‫تأسيسو لمبنية الكبرى‪.‬‬
‫فالبنية الكبرى ىي بنية سيميائ ية داللية لذلك ال تختمف من الناحية الشكمية عند البنية‬
‫الصغرى فيي تتكون أساسا من قضايا ومن ثم فإن مفيوم البنية الكبرى مفيوم نسبي فيو‬
‫‪2‬‬
‫يميز بنية ذات طبيعة عامة نسبيا بالنظر إلى أبنية خاصة إلى مستوى أدنى آخر"‬
‫ونجدىا قد تعددت في الديوان‪ ،‬فكل قصيدة حممت موضوعا ‪ ،‬فيذه القصيدة قد عبرت عن‬
‫الوطن أو باألحرى عن فمسطين بشكل خاص‪ ،‬ولمولوج إلى ىذه القصيدة ومعرفة مضمونيا‬
‫وما تحويو من معاني البد من البدء بالعنوان الذي يعد مفتاحا ألي نص‪.‬‬
‫وىذا ما سنراه من خالل التطبيق عمى القصيدة في المقطع األول من السطر األول إلى‬
‫السطر التاسع‪.‬‬
‫في رذاذ المطر الناعم‬

‫‪1‬‬
‫المرجع السابق نفسو‪ ،‬ص‪.64‬‬
‫‪2‬‬
‫نوال الذلف‪ ،‬االنسجام في القرآن الكريم‪ ،‬سورة النور نموذجا‪ ،‬أطروحة لنيل شيادة دكتوراه في األدب العربي‪،‬‬
‫‪2006‬م‪2007/‬م‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫كانت شفتاىا‬
‫وردة تنمو عمى جمدي‬
‫وكانت مقمتاىا‬
‫أفقا يمتد من أمسي‬
‫إلى مستقبمي‬
‫كانت الحموة تعويضا عن القبر‪.‬‬
‫ففي ىذا المقطع األول من القصيدة يمكن تحديد بنيتو من خالل تعبير الشاعر‬
‫ووصفو لحبو لوطنو وتعمقو الشديد بو‪ ،‬فكممتا "أمسي" و"مستقبمي" تمثالن الماضي والمستقبل‬
‫أو الحاضر فوطنو يمثل يجسد الماضي والحاضر‪.‬‬
‫أما المقطع الثاني فيمتد من السطر العاشر إلى السطر الثالث عشر حيث تطرق في‬
‫ىذه األسطر إلى وصف العذاب من خالل التعبير عنو بكممتي "نارا" و"آىا"‪.‬‬
‫وأنا جئت إلييا‬
‫من وميض المنجل‬
‫واألىازيج التي تطمع من لحم أبي‬
‫نا ار وآىا‬
‫ويمكن تحديد بنية ىذه المقاطع من خالل المواضيع التي تناوليا وىي‪ :‬حديثو عن‬
‫العذاب واأللم ووصفيما‪.‬‬
‫وبالنسبة إلى المقطع الثالث من القصيدة فإنو يبدأ من السطر الرابع عشر إلى غاية‬
‫السطر السادس والعشرين من القصيدة وفييا يتكمم الشاعر عن جمال وطنو ويتحدث عن‬
‫المواعيد التي كتبيا عمى دفتر من طين‪ ،‬أي ذىاب وزوال تمك الذكريات المسجمة فيو منذ‬
‫دخول االحتالل اإلسرائيمي‪.‬‬
‫كان لي في المطر األول‬
‫يا ذات العيون السود‬
‫بستان ودار‬
‫كان لي معطف صوف‬
‫وبذار‬
‫كان لي في بابك الضائع‬
‫ليل ونيار‬
‫سألتني عن مواعيد كتبناىا‪.‬‬
‫عمى دفتر طين‬
‫عن مناخ البمد النائي‬
‫وجسر النازحين‬
‫وعن األرض التي تحمميا‬
‫في حبة تين‬
‫وقد تحدث الشاعر محمود درويش في ىذا المقطع عن النازحين الفمسطينيين الذين‬
‫تشردوا بعد احتالل وطنيم ويذكر في ىذه األسطر التين نظ ار لتعمقو الشديد بخيرات بمده‪.‬‬
‫أما بالنسبة لممقطع ال اربع فيمتد من السطر السادس والعشرين إلى السطر األخير وفيو‬
‫يتحدث عن تحول حالة البمد الذي يعيش فيو (فمسطين) ورحيمو عن وطنو وآخر لقاء معو‬
‫كان في مدخل الميناء حسب قولو‪:‬‬
‫سألتني عن مرايا انكسرت‪.‬‬
‫‪....‬قبل سنين‬
‫عندما ودعتيا‬
‫في مدخل الميناء‬
‫كانت شفتاىا‪.‬‬
‫قبمة‬
‫تحفر في جمدي صميب الياسمين‬
‫فقد تحدث عن آخر لقاء وعن لحظة وداع في مدخل الميناء‪.‬‬
‫مالحظة‪ :‬وتجدر اإلشارة إلى أن ىذه القصيدة ىي قصيدة يتحدث فييا الشاعر عن‬
‫موز واشارات لمداللة عمى المرأة وليذا فقد صنفت ىذه القصيدة‬
‫وطنو(فمسطين) وقد استعمل ر ا‬
‫ضمن شعر الغزل‪.‬‬
‫المعرفة الخمفية‪ :‬المعرفة بالعالم‪(Connaissance de monde) :‬‬
‫إن من أىم القضايا التي تتعمق بقراءة النص األدبي من طرف القارئ "المعرفة‬
‫الخمفية" أو "المعرفة بالعالم" فما المقصود بيذين المصطمحين حين يواجو القارئ خطابا ما ال‬
‫يواجيو وىو خالي الوفاض‪ ،‬وانما يستعين بتجاربو السابقة‪ ،‬بمعنى أنو ال يواجيو خالي‬
‫ال ذىن‪ ،‬فمن المعموم أن قراءة النص تعتمد عمى ما تراكم لمقارئ من معارف سابقة تجمعت‬
‫ل ديو كقارئ متمرس قادر عمى االحتفاظ بالخطوط العريضة لمنصوص (التجارب) السابق لو‬
‫قراءتيا ومعالجتيا" ‪.1‬‬
‫ومن خالل ىذا التعريف يتبين لنا أن المعرفة الخمفية تتمثل في ذلك الكم اليائل من‬
‫المعمومات أو المعارف التي تجمعت وتراكمت لدى القارئ من قبل والتي ال يمكن إغفاليا‬
‫وتجاىميا عند قراءتو لمنص ما‪ ،‬ومن ىذا المنطمق يمكن القول إن المعرفة الخمفية تسيم‬
‫بشكل كبير في فيم النصوص وتأويميا‪.‬‬
‫فحسب كل من براون ويول فإن المعرفة التي نممكيا كمستعممين لمغة ليست إال جزءا‬
‫‪2‬‬
‫من معرفتنا االجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫ويقصد بالمعرفة الخمفية الثقافة المكتسبة لدى المتمقي أو القارئ وأدواتو المعرفية‪ ،‬وىذا‬
‫ما سنراه خالل التطبيق‪.‬‬
‫ىناك من النصوص ما يحمل نفس الموضوع لمشاعر ذاتو‪ ،‬فقصيدة المطر األول‬
‫لمحمود درويش ىو نوعيا الوطن(فمسطين)‪ ،‬فالقارئ ليذه القصيدة يتذكر معارفو ومعموماتو‬
‫عن ىذه القضية الفمسطينية‪ ،‬دواوين ىائمة تحمل أسمى معاني الحزن واألسى والحرقة لما‬
‫يعانيو الشعب الفمسطيني ومن أبرز ىذه القصائد نجد قصيدة سقط القناع التي مطمعيا‪:‬‬
‫حاصر حصارك ال مفر‬
‫حاصر حصارك ال مفر‬
‫سقطت ذراعك فالتقطيا‪.‬‬
‫واضرب عدوك ال مفر‬
‫فالقارئ ليذه القصيدة يدرك تماما ما يقصده محمود درويش من وراء ىذه األسطر‪،‬‬
‫ألنو يممك معرفة خمفية تؤىمو لفيم ما يحتويو ىذا النص الذي بين يديو إضافة إلى بعض‬

‫‪1‬‬
‫ينظر‪ ،‬محمد خطابي‪ ،‬لسانيات‪ ،‬النص‪ ،‬ص‪.61‬‬
‫‪ 2‬ينظر‪ ،‬محمد خطابي‪ ،‬لسانيات‪ ،‬النص‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫الشعراء الثوريين الذين كتبوا عن فمسطين وألّفوا قصائد تحمل نفس ما تحممو قصائد محمود‬
‫درويش من موضوع ومعنى‪.‬‬
‫فيذا كمو يمثل خمفية معرفية (أي معمومات مكتسبة قبال) تساعد القارئ عمى فيم محتوى‬
‫النص الذي يبين يديو‪.‬‬
‫)‪(Relations Sémantiques‬‬ ‫العالقات الداللية‪:‬‬
‫يعد المستوى الداللي من أىم وأبرز المستويات التي بيا يرتبط معيار االنسجام فيناك‬
‫مستويات أخرى يتعام ل الباحث معيا في ميدان "لسانيات النص" والمتمثمة في المستوى‬
‫النحوي المعجمي التداولي والبالغي وكميا تتعمق بالمستوى الداللي‪ ،‬تتمثل في موضوع‬
‫الخطاب والتغريض‪ ،‬ولذلك فإن القارئ يج د العديد من العالقات الداللية في انسجام النص‬
‫ومن أىميا‪ :‬عالقات العموم والخصوص‪/‬السبب والمسبب‪/‬المجمل والمفصل وىي عالقات‪:‬‬
‫" ال يكاد يخمو منيا نص يحقق شرطي اإلخبارية والثقافية مستيدفا تحقيق درجة معينة من‬
‫التواصل سالكا في ذلك بناء الالحق عمى السابق‪ ،‬بل ال يخمو منيا أي نص يعتمد عمى‬
‫الربط القوي بين اجزائو‪ ،‬بيد ان النص الشعري قد يوحي عدم الخضوع ليذه العالقات‪ ،‬ولكنو‬
‫م ا دام نصا تحكمو شروط اإلنتاج والتمقي فإنو ال يتخمى عن ىذه العالقات وانما الذي‬
‫يحصل ىو بروز عالقة دون أخرى" ‪.1‬‬
‫فيذه العالقات تسيم في تحقيق تماسك النص‪ ،‬فيذه العالقات تعمل عمى تنظيم‬
‫ترتيب األحداث داخل بنية النص‪ /‬الخطاب وتجمع بين أواصره فالنص أو الخطاب كل‬
‫موحد متجانس يخضع لترتيب وتنظيم معين مما يجعمو منسجما ومتماسكا‪.‬‬
‫وبذلك فإن ىذه العالقات الداللية تتعدد وتتنوع إذا كان النص متسقا‪ ،‬ومع ذلك فاني‬
‫سأىتم بالبحث والحديث عن عالقتين من ىذه الع القات وىما عالقات اإلجمال التفصيل‬
‫وعالقة العموم والخصوص‪.‬‬
‫‪ -‬اإلجمال التفصيل‪ :‬وتعد ىذه العالقة "إحدى العالقات الداللية التي يشغميا النص لضمان‬
‫إتصال المقاطع بعضيا عن طريق استمرار داللة معينة في المقاطع الالحقة" وتسير ىذه‬
‫العالقة في اتجاىين ىما‪:‬‬
‫إجمال ←تفصيل ‪ /‬تفصيل ←اجمال‪.‬‬

‫‪/ 1‬الطيب العزالي قواوة‪ ،‬مجلة المخبر‪ ،‬أبحاث في اللغة واألدب الجزائري ‪ -‬جامعة محمد خيضر ‪ -‬بسكرة – الجزائر‪ ،‬سنة ‪ 7117‬ص ‪44‬‬
‫وقد ركز العمماء عمييا لكونيا تضمن ات صال المقاطع النصية بعضيا البعض فيذه‬
‫العالقة الداللية ال تسير دوما في نفس االتجاه فيي تسير وفق اتجاىين كما أشرنا سابقا‪.‬‬
‫فيمكن ان يتقدم المفصل عمى المجمل أو العكس وذلك لتحقيق غاية معينة‪.‬‬
‫لقد أجمل الشاعر محمود درويش في قصيدتو " المطر األول " القول عند حديثو عن الوطن‬
‫حيث لم يشر اليو في قولو‪:‬‬
‫األىازيج التي تطمع من لحم ابي ‪.....‬‬
‫وكان لي في بابك الضائع‬
‫ليل ونيار‪.‬‬
‫سألتني عن مواعيد كتبناىا‬
‫عمى دفتر طين‪.‬‬
‫ثم ًٖتقل إلٓ التفصٗل فٕ حدٖثٍ عى الّطى فٕ قّلٍ‪:‬‬
‫عن مناخ البلذ النائي‬
‫وجسر النازحين‬
‫وعن األرض ̗ التي تحملها في حبت تين‪....‬‬
‫نى هَم ِهبزس العالقاث الداللٗت التٕ‬ ‫ب‪ /‬العمىم والخصىص‪ :‬تعد عال قت العهّ ِالصصّ‬
‫الشعزٖت ايطالقا نى كّو‬ ‫ِٖهكى تتبع َذٌ العالقت فٕ الًصّ‬ ‫تسُم فٕ ايسجا الًصّ‬
‫عًّاو القصٗدة ٖزد فٕ كثٗز نى األحٗاو بصٗغت "العهّ " فٕ حٗى ٖعد بقٗت الًص تصصٗصا‬
‫لٍ َِذا الزهٔ اتبعٍ نحهد خطابٕ ِفٍٗ هبدْ رهٍٖ‪ ،‬حٗث اعتبز هو عًّاو الًص ٖحتّٔ علٓ‬
‫عًاصز نزكشٖت ثم تقّ القصٗدة هِ الًص الشعزٔ بتصصٗص َذٌ العًاصز ففٕ َذٌ الحالت‬
‫‪1‬‬
‫ٖكّو القارئ هنا يّاة تًهّ ِتتًاسل عبز الًص "‬

‫وعند تطبيق ىذه العالقة عمى قصيدة "المطر األول" لمحمد درويش فانو يتم التوصل‬
‫الى النقط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬وصف الشاعر لوطنو من خالل المجوء إلى جماليات المرأة (شفتاىا‪ ،‬مقمتاىا‪)...‬‬
‫‪ -‬التعبير عن حزنو وشجنو من خالل قولو "كانت الحموة تعويضا عن القبر الذي ضم‬
‫إلييا وأنا جئت من وميض المنجل "‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ينظر‪ ،‬محمد خطابي‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬ص ‪.273.272‬‬
‫‪ -‬ظيور حزن وأسى الشاعر من خالل عبارتي "نارا‪ ...‬وآىا"‪.‬‬
‫‪ -‬ذكره لمنازحين الفمسطنيين عن مناخ البمد الثاني وحديثو عن أرضو بذكر حبة التين‬
‫باعتبار ىذا الشاعر متعمق جدا بالتين والزيتون‪.‬‬
‫ف في ىذه األسطر تحدث بشكل عام عن وطنو واستعمل إحاالت ورموز ال تفيم إال‬
‫من خالل التدقيق وىي (الحموة‪ ،‬شفتاىا‪ ،‬مقمتاىا‪.....‬إلخ) و في األسطر األخيرة من‬
‫القصيدة‪ ،‬خصص الحديث وبشكل مباشر عن الوطن دون المجوء إلى ىذه اإلحاالت‬
‫واإلشارات في عبارات (البمد النائي‪ ،‬جسر النازحين‪ ،‬مدخل الميناء)‪ ،‬وىنا انتقل الشاعر من‬
‫العموم إلى الخصوص‪.‬‬
‫مبدأ التغريض‪:‬‬
‫إن مفيوم التغريض يتعمق بالدرجة األولى بما يدور في الخطاب أو النص وأجزائو‬
‫وبين عنوان الخطاب أو نقطة بدايتو ‪ ،‬وبالتالي فإن الخطاب أو النص يمكن اعتباره مركز‬
‫‪1‬‬
‫جذب‪.‬‬
‫ويمكن اعتبار العنوان وسيمة قوية لمتغريض ومركز جذب‪ ،‬فحين نجد اسم شخص أو مكان‬
‫مغرضا في عنوان النص‪ /‬الخطاب‪ ،‬فإنو يتبادر الى أذىاننا ان ذلك الشخص ىو موضوع‬
‫النص‪.‬‬
‫"ف مفيوم التغريض ذو عالقة وثيقة مع موضوع الخطاب‪ ،‬ومع عنوان النص تتجمى‬
‫في كون األول تعبي ار ممكنا عن الموضوع" ‪ ،2‬ومن ىذا المفيوم يمكن أن نقول أن التغريض‬
‫لو عالقة وطيدة بعنوان النص وموضوع الخطاب فالعنوان ىو البوابة التي منيا ننفذ إلى‬
‫النص‪ ،‬فداللة العنوان ت شكل ركيزة أساسية في توجيو فيم القارئ أو المتمقي‪ ،‬وىو أيضا‬
‫عامل من عوامل بناء النصوص وانسجاميا‪.‬‬
‫ويعرفو "براون" عمى أنو "نقطة بداية قول ما" ‪ 3‬فيو االنطالقة األولى لمدخول إلى‬
‫النص والنفوذ إليو فالعنوان يولد لدى القارئ احتماالت كثيرة حول مضمون النص‪ ،‬والتغريض‬

‫‪ 1‬ينظر‪ ،‬محمد خطابي‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬ص ‪.59‬‬


‫‪2‬‬
‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.293‬‬
‫‪3‬الطيب العزالي قواوة‪ ،‬مجمة المخبر‪،‬أبحاث في المغة واألدب الجزائري‪،‬جامعة محمد خيضر‪،‬بسكرة‪ ،‬الجزائر‪،‬العدد ‪،08‬‬
‫‪2012‬م‪ ،‬ص‪.70‬‬
‫بمفيوم أعم ىو‪ ":‬كل قول‪ ،‬كل جممة‪ ،‬كل فقرة‪ ،‬كل حمقة‪ ،‬كل خطاب منظم حول عنصر‬
‫‪1‬‬
‫خاص يتخذ كنقطة بداية"‬
‫ومن خالل كل ىذه التعاريف التي قدميا الباحثون والدارسون ليذا المجال يمكن القول إن‬
‫العنوان من أىم األدوات المستعممة لمتغريض‪.‬‬
‫لقد تم التغريض في ىذه القصيدة بالعديد الوسائل أبرزىا‪:‬‬
‫العنوان‪ :‬إن ما يشد انتباه القارئ في ىذه القصيدة ىو عنوانيا" المطر األول" فيو مركز‬
‫جذب في النص‪ ،‬فيو رمز طبيعي اعتمده الشاعر محمود درويش باعتباره مكونا أساسيا‬
‫وليذا سنقف عنده لنرى كيف يشتغل إلى جانب بقية المكونات في بناء الصورة‪.‬‬
‫إن كممة "مطر" رمز طبيعي يبرز رؤية الشاعر الخاصة‪ ،‬اتجاه الوجود فالشاعر‬
‫يستمد رموزه من الطبيعة إذ يخمع عمييا من عواطفو‪ ،‬ويصبغ عمييا من ذاتو ما يجعميا تنفث‬
‫إشاعات وتموجات تضج باإليحاءات‪ ،‬فتصبح الكممات الشفافة قريبة إلى المعنى محممة‬
‫بالدالالت والمعاني‪.‬‬
‫فالشاعر في ىذه القصيدة ومن خالل عنوانيا نستنتج أنو ال ينظر إلى الطبيعة عمى‬
‫أنيا شكل مادي‪ ،‬وانما يراىا امتدادا لكيانو تتغذى من تجربتو‪.‬‬
‫فحين قراءتنا لمقصيدة نفيم أن محمود درويش قد تخطى فيمو لمرمز الطبيعي إلى‬
‫كممات ورموز يمكن أن نقول عنيا إنيا خرجت لتوىا من قاموس جديد ىو صانعو‪ ،‬وىي‬
‫عديدة ال حصر ليا‪.‬‬
‫ومن الرموز األثيرة لديو‪ :‬القبر‪ ،‬بستان‪ ،‬دار‪ ،‬طين‪ ،‬البمد‪ ،‬التين‪ ،‬الياسمين ‪ ...‬وقد‬
‫تكررت في نصوصو الشعرية حتى غدت أساسا لصور مييمنة شكمت صو ار رمزية‪.‬‬
‫ولما كان عدد الرموز المستخمصة من شعر درويش كبيرا‪ ،‬فقد اقتصدنا عمى الرمز المييمن‬
‫والبارز داخل المتن الشعري خاصة ذلك الرمز الذي أخصبتو تجاربو الحديثة كالمطر الناعم‪،‬‬
‫المطر األول‪.‬‬
‫مبدأ التأويل المحمي‪ :‬إن مصطمح التأويل من أبرز وأىم المصطمحات التي دار حوليا نقاش‬
‫وجدل كبير بين العمماء قديما في مختمف اتجاىاتيم ومذاىبيم‪.‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.41‬‬


‫و"يرى الباحثون أن التأويل في حقيقتو ليس لو عالقة بالنص األدبي وانما من المصطمحات‬
‫‪1‬‬
‫التي اقترن ظيورىا بالفمسفة"‬
‫إن التأويل المحمي يعتمد عمى معرفتنا السابقة لمنصوص المشابية لمنص الذي بين يدينا‪.‬‬
‫فحسب فان ديك‪" :‬فإن مبدأ التأويل المحمي يقوم عمى أول انطباع نظري أو شكمي يحممو‬
‫‪2‬‬
‫الناظر في النص"‬
‫ويذىب كل من براون ويول إلى أن مبدأ االنسجام ليس خاصية نصية تتمثل في تتابع الجمل‬
‫وترابط مقاطع وأجزاء النص‪ ،‬وانما ىو مجيود قارئ يحكمو مبدأ الفيم المحمي أو ما يسمى‬
‫بالتأويل المحمي‪.‬‬
‫فكل نص قابل لمفيم والتأويل ىو نص منسجم حسب محمد خطابي‪.‬‬
‫القارئ ىو العنصر األكثر فاعمية واألكثر إثارة لالىتمام‪ ،‬فيو يمعب دو ار مركزيا في تشكل‬
‫العمل األدبي وبمورتو والتأويل خاصية بنائية كامنة في العمل بنفس القدر الذي ىو ممارسة‬
‫منيجية خارجية‬
‫واستنادا إلى ىذه التعاريف يصل القارئ إلى أن التأويل يسيم في انسجام النصوص وذلك‬
‫من خالل التعمق في فيم بنية النص الداخمية‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫فمقد استعمل محمد خطابي مصطمح "التأويل المحمي" "‪ " L’interprétation local‬تبعا لما‬
‫جاء بو العالمان براون ويول فالتأويل المحمي يرتبط بالطاقة التأويمية لدى القارئ أو المتمقي‬
‫لمنص‪ /‬الخطاب‪.‬‬
‫ومن خالل تطبيقنا عمى القصيدة وتضييقنا ألفق التأويل نستنتج أن ىذه القصيدة تتمحور‬
‫حول نكبة فمسطين‪ ،‬فيذه القضية أثارت مشاعر وأحاسيس محمود درويش الذي ترك لنا تراثا‬
‫أدبيا خصبا‪.‬‬
‫ىي فمسطين‪ ،‬تاريخ طويل من النضال وارث خالد من البطوالت وسجل ناصع‪ ،‬فقصيدة‬
‫المطر األول تروي معاناة الفمسطينيين وأحزانيم النبيمة كما في قولو‪:‬‬
‫عن مناخ البمد النائي‬

‫‪ 1‬الطيب العزالي قواوة‪ ،‬مجلة المخبر‪ ،‬أبحاث في اللغة واألدب الجزائري‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،8‬سنة ‪ 7117‬ص ‪76‬‬
‫‪ 7‬ينظر‪ ،‬مفتاح بخوش‪ ،‬االنسجام في ديوان آيات من كتاب السهو‪ 7114 ،7117 ،‬ص ‪47‬‬
‫وجسر النازحين‬
‫فالقضية الفمسطينية تحولت إلى لحن يعزفو الشاعر بأنغام الحزن واألمل حيث يقول مخاطبا‬
‫معشوقتو فمسطين‪:‬‬
‫في رذاذ المطر الناعم‬
‫كانت شفتاىا‬
‫وردة تنمو عمى جمدي‬
‫وكانت مقمتاىا‬
‫أفقا يمتد من أمسي‬
‫إلى مستقبمي‬
‫يكثر في ىذه القصيدة تكرار المعشوقة فمسطين والحنين إلييا مما جعمو ميتما بالتفصيالت‬
‫التي تبعث في نفسو الحياة‪ ،‬وتبدد اليأس من الصدور‪ ،‬فمحمود درويش ودواوينو الصادقة‬
‫سند لفمسطين في محنتيا‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫وصمنا إلى نياية ىذا البحث‪ ،‬وقد ترسخت في أذىاننا فكرة بدأنا منيا وتتبعناىا في‬
‫ىذه ا لدراسة‪ ،‬لتنجمي أمام أعيننا أىميتيا وىي أن االتساق ضروري توافره أو وجوده في كل‬
‫نص باعتباره وحدة داللية لغوية كبرى متسقة في ذاتيا وعميو يكون دور القارئ تبيان‬
‫العالقات والوسائل التي أحدثت ىذا االتساق والترابط في ضوء التحميل النصي المعاصر‪.‬‬
‫ووجدنا االتساق مفيوما مفيدا لتحقيق ىذا النوع من التحميل باعتباره تحميال ييدف‬
‫بالدرجة األولى إلى الكشف عن الترابطات والعالقات الداخمية التي تبني النص وتشد بعضو‬
‫إلى بعض فاالتساق معيار أساسي تتحقق من خاللو نصية النص‪.‬‬
‫وفي إ ثبات مفيوم االتساق النصي ودوره في إقامة التحميل نكون قد تجاوزنا مستوى‬
‫أصغر ( الجممة) إلى مستوى أرحب ( النص ) باعتباره الوحدة المغوية الكبرى لمتحميل المغوي‬
‫من جية وممثال شرعيا لمغة من جية أخرى‪.‬‬
‫كما أثبتت الدراسة أن وسائل االتساق النصي ال تقتصر عمى اإلحالة والحذف‬
‫والوصل والتكرار‪ ،‬بل تتعداه إلى وسائل داللية‪ ،‬اقتصرت الدراسة عمى توضيح بعض‬
‫الوسائل منيا‪ :‬العالقات الداللية‪ ،‬وموضوع النص ‪ /‬الخطاب‪ ،‬الخمفية المعرفية ومبدأ التأويل‬
‫المحمي‪.‬‬
‫ومن ىنا أشرنا إلى دور المتمقي في عممية التحمي ل النصي‪ ،‬ألن المتمقي مبدع ثان‬
‫لمنص فيو من يضيف أبعادا جديدة لمنص بتحميمو‪ ،‬وفك شفراتو والحكم عمى انسجامو من‬
‫عدمو‪ ،‬وىو في ذلك خاضع لشروط أىميا إدراك لغة النص وعالقاتو وسياقو من جية‬
‫ومعرفتو الخمفية بعالم النص من جية أخرى‪.‬‬
‫كما نجد التكرار المعنوي والعالقات الداللية مثل‪ :‬اإلجمال والتفصيل‪ /‬العموم‬
‫والخصوص كوسائل ليا دور في تحقيق ترابط النص الداللي وليا وزنيا في التحميل النصي‪.‬‬
‫وما أضافت الدراسات النصية إلى ميمة ىذه الوسائل في التحميل النصي المعاصر‪،‬‬
‫وفق منظور لساني نصي من جية‪ ،‬وميمتيا في تحقيق الترابط والتالؤم بين أواخر‬
‫القصيدة‪/‬النص وبدايتو من جية ثانية‪.‬‬
‫نرجو أن نكون قد تمكنا من توضيح بعض أىداف ىذه الظاىرة المسانية النصية‬
‫ووسائميا ومدى تجمييا في نص " المطر األول" لمشاعر الفمسطيني محمود درويش كنص‬
‫متسق منسجم متالحم األجزاء‪ ،‬حيث سعت ىذه الدراسة إلى إماطة المثام عن اتساقو‬
‫وانسجامو بتوضيح العالقات التي خضع ليا والتي تحكمت في بنائو كوحدة داللية مترابطة‪.‬‬
‫وفي األخير‪ ،‬ال ندعي أن النتائج التي توصمنا إلييا في ىذا الموضوع نيائية‪ ،‬بل ال‬
‫تزال في حاجة إلى قارئ وباحث ناقد يستوفي ما تبقى من جوانبيا والتي لم نتمكن من‬
‫االىتداء إلييا في دراستنا ىذه‪.‬‬
‫قائمة المصادر‬
‫والمراجع‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫أوال‪ :‬الكتب‬
‫محمد خطابي‪ ،‬لسانيات نص‪ ،‬مدخل إلى انسجام الخطاب‪ ،‬طبعة ‪.2012 ،03‬‬ ‫‪.1‬‬

‫عوض عباس اليدي‪ ،‬محمد داوود‪ ،‬محمد عمي أحمد‪ ،‬لسانيات النص ومعايير‬ ‫‪.2‬‬

‫الخطاب الصحافي‪ ،‬مجمة العموم اإلنسانية‪ ،‬العدد األول‪.2017 ،‬‬


‫أحمد عفيفي‪ ،‬نحو النص‪ ،‬اتجاه جديد في الدرس‪ ،‬مكتبة زىراء الشرق‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪.3‬‬

‫‪.2001‬‬
‫األزىر الزناد ‪ ،‬نسيج النص‪ ،‬بحث فيما يكون فيو الممفوظ نصا‪ ،‬مركز الثقافي العربي‪،‬‬ ‫‪.4‬‬

‫بيروت‪ ،‬ط‪.1993 ،1‬‬


‫أ عبد الحميد بوترعة‪ ،‬مجمة األثر‪ ،‬اإلحالة النصية وأثرىا في تحقيق تماسك النص‬ ‫‪.5‬‬

‫القرآني‪.‬‬
‫دي بوجراند‪ ،‬النص الخطاب واإلج ارء‪.‬‬ ‫‪.6‬‬

‫النصي بين الشعر والنثر‪.‬‬


‫زاىر بن مرىون الداودي‪ ،‬الترابط ّ‬ ‫‪.7‬‬

‫النص ومجاالت تطبيقو‪.‬‬


‫محمد األخضر صبحي‪ ،‬مدخل إلى عمم ّ‬ ‫‪.8‬‬

‫النص‪ ،‬مجمة دراسات‪ ،‬المجمد ‪ ،40‬العدد‪،‬‬


‫عابد بوىادي‪ ،‬أثر النحو في تماسك ّ‬ ‫‪.9‬‬

‫‪.2013‬‬
‫‪ . 10‬الطيب العزالي قواوة‪ ،‬مجمة المخبر‪ ،‬أبحاث في المغة واألدب الجزائري‪ ،‬جامعة محمد‬
‫خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬االنسجام النصي‪ ،‬وأدواتو‪2009 ،‬م‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مذكرات‬
‫محمد خطابي‪ ،‬لسانيات النص‪ ،‬مذكرة لنيل شيادة الماستر في اآلداب والمغة العربية‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫طارق ثابت‪ ،‬االتساق واالنسجام في ديوان " إفضاءات في أذن صاحبة الجاللة"‪،‬‬ ‫‪.2‬‬

‫مذكرة مقدمة لنيل شيادة الماستر في اآلداب والمغة العربية‪ ،2016- 2015 ،‬نورة‬
‫سوفي‪.‬‬
‫نوال الذلف‪ ،‬االنسجام في القرآن الكريم‪ ،‬سورة النور نموذجا‪ ،‬أطروحة لنيل شيادة‬ ‫‪.3‬‬

‫دكتوراه في األدب العربي‪006 ،‬م‪2007/‬م‪.‬‬

You might also like