You are on page 1of 3

‫‪ -1‬المحاضرة األلول‬

‫مجال لولوظيفة فلسفة العلوم‬


‫يتفق الدارسون على أن مصطلح فلسفة العلوم أو االبستمولوجيا يرتبط بشكل أساسي بالنزعة الوضعية‪ ،‬وإن‬
‫كانت عالقة الفلسفة بالعلم قدمية‪ ،‬جندها خاصة يف النزعة التجريبية اإلجنليزية‪ ،‬اليت ميثلها بيكون‪ ،‬وجون لوك‪،‬‬
‫وهيوم‪.‬‬
‫عرف هذا النشاط‬
‫إال أنه يعتقد بأن املصطلح يعود إىل الفيلسوف والعامل االجتماعي أوغست كونت‪ ،‬والذي ّ‬
‫اجلديد يف قوله‪ ":‬إهنا الدراسة اخلاصة للمفاهيم العامة ملختلف العلوم من حيث أن هذه الدراسة خاضعة ملنهج‬
‫واحد‪ ،‬ومن حيث أهنا أجزاء خمتلفة ملبحث عام"‪.1‬‬
‫تعترب فلسفة العلوم فرعا أو مبحثا من مباحث الفلسفة‪ ،‬والعلم فيها هو املادة اخلام‪ ،‬أو املوضوع الذي خيضع‬
‫لبحث فلسفي‪ .‬ففلسفة العلم ليست ممارسة للعلم بل هي حديث فلسفي عن العلم‪ ،‬أي أهنا ال تقدم معارف‬
‫علمية‪ ،‬بل أهنا تتفلسف حول تلك املعارف‪ ،‬وحول املناهج اليت توصلت إليها‪ .‬فإذا ما فرغ رجال العلم من‬
‫حبوثهم وحتدثوا عن أمهيتها ومكانتها يف تاريخ العلم وأثرها املتوقع يف حياة اإلنسان‪.‬‬
‫من جماالت فلسفة العلوم‪ ،‬منها‪ :‬تاريخ العلم‪ ،‬الذي يتتبع تطور املشكالت العلمية وتطورها‪ ،‬وهناك‪ :‬سيكولوجية‬
‫العلم‪ ،‬اليت تبحث يف العمليات النفسية‪ ،‬العقلية منها واالنفعالية‪ ،‬اليت تتعلق بالكشف العلمي‪ ،‬ومن اجملاالت‬
‫كذلك‪ :‬سوسيولوجية العلم (علم االجتماع العلم)‪ ،‬الذي يدور حول التفسري االجتماعي لتطور نظريات العلم‪،‬‬
‫وانعكاساهتا على األمناط الثقافية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬والسياسية للمجتمع‪.‬‬
‫واملالحظ أن فلسفة العلم يف بالدنا تدرس ضمن مادة املنطق‪ ،‬وكأن فلسفة العلم جزء ال يتجزأ من دراسة املنطق‪،‬‬
‫وال مكان هلا خارج دروسه‪ .‬ال شك أن املنطق أداة مهمة للبحث يف فلسفة العلوم‪ ،‬لكنه ال يكفي وحده ملعاجلة‬
‫فلسفة العلم يف غياب اإلملام بعلوم الطبيعة واإلنسان‪ ،‬واالفتقار إىل منظور فلسفي شامل‪.‬‬
‫من هنا ميكن استنتاج عموما‪ ،‬أن فلسفة العلوم هي أحد فروع الفلسفة الذي يهتم بدراسة األسس الفلسفية‬
‫واالفرتاضات واملضامني املوجودة ضمن العلوم املختلفة‪ ،‬مبا فيها العلوم الطبيعية مثل‪ :‬الفيزياء‪ ،‬والكيمياء‪ ،‬البيولوجيا‬
‫وغريها من العلوم الصورية الرياضية واملنطق‪ .‬والعلوم اإلنسانية‪ .‬هبذا املفهوم تكون فلسفة العلوم وثيقة الصلة‬
‫باألبستمولوجيا واألنطولوجيا فهي تبحث عن أشياء مثل‪ :‬طبيعة وصحة املقوالت العلمية‪ ،‬طريقة إنتاج العلوم‬

‫‪ 1‬أوغست كونت‪ ،‬دروس يف الفلسفة الوضعية‬


‫والنظريات العلمية‪ ،‬طرق االستنتاج واالستدالل اليت تُستخدم يف فروع العلم كافة‪ ،‬وأخريا تضمينات هذه املقوالت‬
‫والطرق واملناهج العلمية على اجملتمع بأكمله وعلى اجملتمع العلمي خاصة‪.‬‬

‫يف نظر غوسدورف وظيفة البستيمولوجيا ينبغي أن تكون عبارة عن أداة الوعي الفلسفي أوال وقبل كل شيئ‪.2‬‬
‫‪ -‬مسائل فلسفة العلوم‪:‬‬
‫من املوضوعات اليت حتاول فلسفة العلوم مناقشتها جند منها مثال‪:‬‬
‫‪ -‬مسألة احلقيقة العلمية والعقالنية‪.‬‬
‫‪ -‬مسألة املناهج واألدوات املتبعة يف حتصيل املعرفة‪.‬‬
‫‪ -‬مسألة املوضوعية والذاتية والنسبية‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة العلوم الطبيعية بالعلوم اإلنسانية‪ ،‬من حيث املناهج والدقة العلمية‪ ،‬وغريها‪ ،‬أي دراسة العلم ضمن‬
‫عالقاته مع خمتلف القيم اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ -‬مسألة اللّغة العلمية وطرائق حتليلها‪ ،‬أي حتليل املنطقي للّغة العلمية‪.‬‬
‫‪ -‬تشييد فلسفة طبيعية انطالقا من نتائج العلم‪.‬‬
‫على العموم‪ ،‬فلسفة العلوم تدخل الدارس يف كثري من احلقول اليت هلا عالقة مباشرة أو غري مباشرة مع املوضوع‬
‫الذي يبحث فيه العلم‪ ،‬ويف هذا يقول جيلينز‪ ":‬إ‪ ،‬فلسفة العلم ليست –كما يبدو للوهلة األوىل‪ -‬حبثا ضئيل‬
‫الشأن‪ ،‬وال صاحبها باحثا معزوال يف "برج عاجي"‪ ،‬بل إن قضايا العلم كثريا ما متس جماالت‪ ،‬السياسة والدين‬
‫مسا مباشرا‪ ،‬وبالتايل فهي تبعث الروح وجتدد احليوية هلذه اجملاالت"‪ ،3‬لذلك جند الكثري من الدارسني يستعملون‬
‫مصطلح أبستمولوجيا بدل مصطلح فلسفة العلوم وهذا طلبا للدقة والتحديد‪.‬‬

‫‪2 Gusdorf.G, introduction aux sciences humaines : Essai critique sur leurs origines et leur‬‬
‫‪développement, Edition électronique, 1974, bibliothèque.uqac.ac, p7.‬‬
‫‪ 3‬حسني علي‪ ،‬مقدمة لكتاب دونالد جيليز‪ ،‬فلسفة العلم يف القرن العشرين‪ ،‬ترمجة‪ :‬حسني علي‪ ،‬دار التنوير‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ،2009‬ص ص ‪.21-20‬‬
:‫مراجع المحاضرة‬
‫ دروس يف الفلسفة الوضعية‬،‫ أوغست كونت‬1
2
Gusdorf.G, introduction aux sciences humaines : Essai critique sur leurs origines et leur
développement, Edition électronique, 1974, bibliothèque.uqac.ac, p7.
،1‫ ط‬،‫ لبنان‬،‫ دار التنوير‬،‫ حسني علي‬:‫ ترمجة‬،‫ فلسفة العلم يف القرن العشرين‬،‫ مقدمة لكتاب دونالد جيليز‬،‫ حسني علي‬3
.21-20 ‫ ص ص‬،2009

You might also like