You are on page 1of 18

‫املجلد الثامن‪ /‬الع ــدد‪( 01 :‬جوان‪ ،)2021‬ص ‪132 -115‬‬ ‫[‪]ISSN : 1659-2335[ ]EISSN : 6170-2600‬‬ ‫مجلـة تطوير‬

‫فلسفة املناهج بين الفهم وضرورة التوظيف‬


‫‪The Philosophy of methods, Between understanding and The necessity of use‬‬
‫الباحثة‪ :‬حنان برقرق‪1‬‬

‫كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية – قسنطينة (الجزائر)‪] hanane.beregrag@univ-constantine2.dz[-‬‬


‫املشرفة‪ :‬أ‪.‬د‪.‬فاطمي فتيحة‪2‬‬

‫كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية – قسنطينة (الجزائر)‪] fatiha.fatmi@univ-constantine2.dz[-‬‬

‫تاريخ النشر‪2021/06/30 :‬‬ ‫تاريخ القبول‪2021/05/30 :‬‬ ‫تاريخ االستالم‪2021/01/17 :‬‬

‫ملخص باللغة العربية‪:‬‬


‫شقت العلوم االجتماعية طريقها بانفصالها عن الفلسفة‪ ،‬مؤسسة بذلك صرح (علميتها)‪ ،‬متخذة‬
‫من املفاهيم‪ ،‬النظريات واملناهج دعامات لها‪ ،‬إال أن هذه االستقاللية كانت مؤقتة‪ ،‬إذ لم تلبث أن عادت‬
‫هذه العلوم من جديد إلى الفلسفة‪ ،‬حيث ينفذ الطرح الفلسفي من معابر اإلبستيمولوجيا‪،‬‬
‫وامليتودولودجيا‪.‬‬
‫إذا تتوخى هذه املقالة مساءلة واقع فلسفة املناهج في العلوم االجتماعية‪ ،‬ومدى توظيفها‪،‬‬
‫فاالشتغال حول املسائل االجتماعية باعتبارها علوما –نسبية‪/‬معيارية‪ -‬كان وال زال يحمل الرؤية والبعد‬
‫الفلسفي كما يذهب في ذلك فليب فرانك‪ ،‬دومينيك فينك‪ ،‬صالح قنصوة ويمنى طريف الخولي‪...‬وغيرهم‪.‬‬
‫فما املقصود بفلسفة املناهج؟ ما مدى استجابة العلوم االجتماعية للتأطير الفلسفي؟ وما هي‬
‫املكاسب العلمية املتوقعة من تسرب فلسفة املناهج إلى العلوم االجتماعية؟‪.‬‬
‫سنحاول طرح مقاربتنا حول هذا املوضوع وفق منظورين األول؛ تقديم مقدمات تعريفية ملا نعنيه‬
‫بفلسفة امل ناهج واملفاهيم املتاخمة لها‪ ،‬وفي مرحلة ثانية نشرح واقع فلسفة املناهج في العلوم االجتماعية‬
‫وضرورة توظيفها‪.‬‬

‫‪-1‬دكتور باحث‪ ،‬في الفلسفة (ابستيمولوجيا‪ :‬بيواتيقا) ‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية بتونس‪ ،‬جامعة تونس‪ ،‬مخبر الفلسفة الفيالب‪،‬‬
‫القيروان‪ ،‬تونس‪ ،‬البريد االلكتروني‪.]abdelwahebkattat@yahoo.fr[ :‬‬
‫‪-2‬دكتور باحث‪ ،‬في الفلسفة (ابستيمولوجيا‪ :‬بيواتيقا) ‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية بتونس‪ ،‬جامعة تونس‪ ،‬مخبر الفلسفة الفيالب‪،‬‬
‫القيروان‪ ،‬تونس‪ ،‬البريد االلكتروني‪.]abdelwahebkattat@yahoo.fr[ :‬‬
‫‪115‬‬
‫حنان برقرق‬

‫ فلسفة املناهج؛ العلوم االجتماعية؛ االبستيمولوجيا؛ علم اجتماع املعرفة؛ فلسفة‬:‫كلمات مفتاحية‬
.‫العلوم‬
Abstract:
Social sciences made their way through their separation from philosophy, and
establishing a (scientific) basis, by defining its concepts, theories and methods as their pillars.
However, this independence was temporary, and this sciences returned to philosophy,
where the philosophical vision through from the epistemological , And metodological
approach.
If this article we seeks to question the reality of philosophy of method in social
sciences, and the extent use, working on social sciences issues – which are relative /
normative one - was and still holds the vision and philosophical dimension goes in the case
of Philip Frank, Dominique Fink, Salah Qanswa and Yemna Tarif al-Kholi .. .And others.
What is the philosophy of the methods? does the social science response to
philosophical framing? What are the expected scientific gains from the use of philosophy of
methods in social sciences?
We will try to our approach on this subject according to two perspectives first; provide
an introductory introductions to what we mean by the philosophy of methods and concepts
adjacent to it, in a second phase explain the reality of the philosophy of methods in social
sciences and the need to employ them.
Keywords: Philosophy Of methods, Social Sciences, Epistemology, Sociology of knowledge,
Philosophy of Science.
:‫مقدمة‬
ّ
‫ كما تعتبر‬،‫والفعالة لتطوير املعارف والعلوم وحتى الفنون‬ ّ ‫ُتعد املناهج إحدى اإلجراءات‬
‫املهمة‬
‫ هذا ما حدا بالفالسفة‬،‫األرضية واملرتكز الذي يتوقف عليه االعتماد والقبول العلمي ألي فرع من الفروع‬
ُ ‫ وملا كانت‬.‫والعلماء على السواء إلى ابتكار مناهج عديدة ومتنوعة‬
،‫البنى العلمية آخذة في االتساع والتكوثر‬
ُ
‫ وتالحقها في املباحثة‬،‫فرض علينا هذا املنطق استحداث منهجيات جديدة تالئم طموحات هذه العلوم‬
.‫ فإن قيمة النتائج تتوقف على قيمة املناهج املستخدمة‬،‫ ومهما كان موضوع البحث‬،‫واالستقصاء‬
‫إن فلسفة املناهج أو(امليتودولوجيا) مجال في غاية األهمية ظهر ليكون الحلقة الواصلة بين‬
ُ ُ
‫العلوم واملناهج حيث تسا ِئل فلسفة املناهج الطرق والتقنيات واملنهجيات املوظفة عند معالجة املواضيع‬

116
‫فلسفة املناهج بين الفهم وضرورة التوظيف‬

‫العلمية‪ ،‬وتنتقد جوانب القصور فيها من خالل االستعانة بمبحث آخر هو االبستيمولوجيا‪ ،‬وملا كانت‬
‫فلسفة العلوم هي اإلطار الكلي الذي اندرجت تحت عباءته فلسفة املناهج‪ ،‬فإن هذا ُيلزمنا أن نقطع‬
‫تعاطينا البسيط الذي يعتبر الفلسفة كالم على كالم‪ ،‬أو ثرثرة عابرة‪ ،‬وال تتعلق وكما ذهب في ذلك‬
‫"ياسبرز" بتعليم ش يء يصبح بعد ذلك معروفا وإنما « تتعلق بإتباع مسيرة الفكر على أمل أن نصل إلى‬
‫ُ‬
‫الفهم‪ ،‬فال يكفي أن تحيط الفلسفة بنتائج التأمالت‪ ،‬بل مقارنتها بالطرائق التي أوصلتنا إليها» (الطاهر‬
‫وعزيز‪ ،1990 ،‬ص‪ )14.‬فالتلقين املجرد والقبول السلبي‪ ،‬من دون مساءلة وتفلسف يصبح مجرد اجترار‬
‫وتكرار‪.‬‬
‫إذا تأتي ُع ّدة امليتودولوجيا لتضع العلوم ومناهجها على محك النقد‪ ،‬فتبحث في الطرق‬
‫والتقنيات التي أفرزت النتائج بصورة ما‪ ،‬ولعل غياب الطرح االبستمولوجي وامليتودولوجي من على ساحة‬
‫العلوم االجتماعية زاد من تراجعها ونسبية قوانينها وضعف نتائجها مقارنة بالعلوم الطبيعية‪.‬‬
‫فما املقصود بالفلسفة‪ ،‬فلسفة املناهج‪ ،‬واالبستيمولوجيا؟ ما مدى استجابة العلوم االجتماعية‬
‫للتأطير الفلسفي؟ وما هي املكاسب العلمية املتوقعة من تسرب فلسفة املناهج إلى العلوم االجتماعية؟‬
‫سنحاول وعلى مدار هذه الورقة البحثية تقديم مقاربة ابستيمولوجية حول فلسفة املناهج‪،‬‬
‫وآفاق فهمنا لها على اعتبارها مبحث الزال ُيعاني االنفالت املصطلحي‪ ،‬وكذا ضرورة توظيفها لخدمة العلوم‬
‫االجتماعية‪ ،‬وقد اقترحنا أن نبتدئ مقاربتنا هذه؛ بضبط مفاهيمي ملا نعنيه بامليتودولوجيا‪،‬‬
‫االبستيمولوجيا وغيرها من املفاهيم‪ ،‬لننتقل بعد ذلك إلى تبيان واقع فلسفة املناهج في العلوم‬
‫ونعرج في النهاية إلى الدعوة إلى استخدام مبحث امليتودولوجيا في السياقات والدراسات‬ ‫االجتماعية‪ّ ،‬‬
‫االجتماعية إثر ًاء ومراجعة إبستيمية‪ ،‬وكذا لالستفادة من مكاسب امليتودولوجيا‪ ،‬وفق منهج تحليلي نقدي‪.‬‬
‫‪/1‬الفلسفة‪ ،‬واملنهج‪ ،‬وفلسفة املناهج مقاربات مفاهيمية‪:‬‬
‫ُ‬
‫تثير كلمة "فلسفة" متاهات فكرية وحيرة ما إن ُيتلفظ بها‪ ،‬فقد يتوجس منها اإلنسان العادي ألنه‬
‫يرى فيها نموذج التعقيد‪ ،‬وقد يتجنبها الطالب في بداياتهم ويعتبرونها ذلك املجال املعرفي الذي تكثر فيه‬
‫ّ‬
‫التصورات والرؤى‬ ‫الثرثرة واألقوال والتصورات‪ ،‬إال أن سبب غموضها في واقع األمر يرجع إلى اختالف‬
‫ّ‬
‫عند تعريفها‪ ،‬وعدم إجماع الفالسفة على تحديد ماهيتها منذ القديم وحتى اآلن‪ ،‬إذ أن كل تصور معطى‬
‫ينطلق من نسق الفيلسوف وتوجهه‪ ،‬هذا ما يجعل معالجته تتسم بالنظرة الجزئية‪ ،‬وكل تعريف ال ُيغطي‬
‫إال زاوية محددة‪.‬‬
‫إن الفلسفة‪ philosophie ‬في معناها العام كلمة التينية األصل‪ ،‬تتألف من مقطعين وهما‬
‫« ‪ ( Paul Foulquie , 1962, p.539) » (philos) ami (sophia) sagesse‬وتعنيان على التوالي ‪( :‬فيلوس)‬

‫‪‬‬
‫‪Ridiculum acri, La petite Enscyclopédie, ou dictionnaire des philosophes, Jean Gasbeck Imprimeur Libraire, P.149‬‬
‫‪117‬‬
‫حنان برقرق‬

‫محبة‪ /‬حب ‪ /‬صديق ‪ ،‬و(صوفيا) الحكمة‪ ،‬وبجمعهما نحصل على محبة أو حب أو صديق الحكمة‪ُ ،‬ويعد‬
‫ُ‬
‫"فيثاغورس"‪ ‬واضعها حيث قال مرة‪« :‬لست حكيما‪ ،‬فإن الحكمة ال تضاف لغير اآللهة‪ ،‬وما أنا إال‬
‫فيلسوف أي محب للحكمة» (يوسف كرم‪ ،2014 ،‬ص‪ ، )36.‬وقد ُنقلت إلى اللغة العربية في عهد املأمون‬
‫الذي « حلم أن أرسطو طلب منه نقل الكتب الفلسفية إلى العربية‪ ،‬فاتجه النقلة إلى الترجمة من‬
‫السريانية إلى العربية ثم من اليونانية إلى العربية مباشرة» (محمد علي أبو الريان‪ ،2015 ،‬ص‪)27.‬‬
‫فدخلت الفلسفة العالم اإلسالمي وتعربت‪.‬‬
‫َ‬
‫عرف أرسطو الفلسفة بكونها « علم املوجود من حيث هو موجود‪ ،‬وهي علم الشروط الق ْب ِل َية‬ ‫ّ‬
‫تصور "الكندي" حولها أنها « أعلى‬ ‫للوجود والحقيقة» (أندريه الالند‪ ،2001 ،‬ص‪ )982.‬في حين كان ّ‬
‫الصناعات اإلنسانية منزلة‪ ،‬وأشرفها مرتبة‪ ،‬حدها‪ " :‬علم األشياء بحقائقها بقدر طاقة اإلنسان‪ ،‬ألن غاية‬
‫الفيلسوف في علمه إصابة الحق وفي عمله العمل بالحق» (جالل الدين سعيد‪ ،2004 ،‬ص‪ )338.‬أما‬
‫بحسب الفيلسوف املنطقي "فتغنشتاين" «فالغاية من الفلسفة هي التوضيح املنطقي للفكر‪ .‬وليست‬
‫الفلسفة مذهبا وإنما هي نشاط‪ ،‬ليتمثل العمل الفلسفي في تقديم إيضاحات» (جالل الدين سعيد‪،‬‬
‫‪ ،2004‬ص‪ )343.‬إن املالحظ مما تقدم من هذه التعاريف‪ ،‬اختالف وتباين التصورات من مفهوم الفلسفة‬
‫الذي يحمل جوانب يصعب حصرها في رؤية ما‪ ،‬وبالرغم من أن هدفنا ليس تجميع تعاريف للفلسفة إال‬
‫ُ‬
‫أن املسعى هو تأكيد تلك االختالفات والفروقات التي تالحق كلمة فلسفة حينما نحاول اإلجابة عن سؤال‬
‫ما هي الفلسفة؟ وكما الحظنا ذلك‪ ،‬فإن كل فيلسوف ّ‬
‫يقدم صورة وإطار ينطلق من نسقه ومذهبه‪.‬‬
‫إن الحديث عن املنهج‪ ،‬عرف هو اآلخر فوض ى مزدوجة؛ على مستوى التسمية (االصطالح)‬
‫وكذا على مستوى التوظيف؛ تقول "مادلين غراويتز"‪« :‬ال نستطيع إال أن نندهش من الفوض ى التي ال‬
‫حدود لها في هذا امليدان» (مادلين غراويتز‪ ،1993 ،‬ص‪ )9.‬وتشير إلى املنهج؛ إن املشكلة في األساس بحسب‬
‫"غراويتز" متعلقة بمفاهيمنا املغلوطة عما نسميه منهج؛ وهذا ما جعلها تقترح ضوابط محددة ّميزت من‬
‫خاللها بين ثالثة مفاهيم‪ :‬املنهج‪ ،‬التقنية‪ ،‬املقاربة‪ ،‬تقول‪« :‬املنهج باملعنى الفلسفي‪ :‬يتكون من مجموع‬

‫ممرض‪ ،‬وفيلسوف‪( ،‬يعد بروتاغوراس في‬ ‫مشرع‪ ،‬ورجل نبيل (من الطبقة األوليغاركية)‪ّ ،‬‬ ‫‪ ‬بروتاغوراس (‪ 572‬ق‪.‬م)‪ ،‬عالم وطبيب و روحاني‪ّ ،‬‬
‫حقيقة األمر‪ :‬واضع ومخترع كلمة الفلسفة في حد ذاتها)‪ ،‬ويكون أبو العقالنية اليونانية أنظر‪pythagoras and his theorem, pannelli :‬‬
‫_‪pitagora inglese.doc, on: https://php.math.unifi.it/archimede/archimede/traduzioni-multilingue/pitagora/ pannelli‬‬
‫‪inglese. pdf , 14/09/2019, 17:11PM‬‬
‫‪ ‬املنهج‪ :‬في اللغة من النهج هو الطريق‪ ،‬واملنهاج الطريق الواضح‪ ،‬أما في اإلصطالح فقد كان أرسطو يرى في املنهج (أنه صناعة نظرية تعرفنا‬
‫الحد الصحيح الذي يسمى بالحقيقة حدا واي القياسات برهانا)‪ ،‬وعند فرانسيس بيكون تمت صياغة قواعد املنهج التجريبي في كتابه‬
‫األورغانون الجديد‪ ،‬وتمثلت عند رينيه ديكارت محاولة الكشف عن املنهج املؤدي إلى حسن السير بالعقل للوصول إلى الحقيقة‪ ،‬وجعل‬
‫وحدوه بأنه (فن التنظيم الصحيح لسلسلة من األفكار العديدة)‪ ،‬ويرى عبد الرحمن‬ ‫مناطقة بور رويال حيث جعلوه قسما ابعا من منطقهم ّ‬
‫ر‬
‫بدوي أن القرن السابع عشر يكون قد شهد بداية تكون املنهج االستداللي والتجريبي‪ .‬أنظر‪ :‬ستار جبر حمود االعرجي‪ ،‬مناهج املتكلمين في فهم‬
‫النص القرآني‪ ،‬سلسلة بيت الحكمة العراقي‪ ،‬العراق‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬ع‪ ،8‬ص‪23،22.‬‬
‫‪118‬‬
‫فلسفة املناهج بين الفهم وضرورة التوظيف‬

‫العمليات الفكرية التي يسعى اختصاص بها إلى بلوغ الحقائق التي يتابعها ويثبتها ويتحقق منها » (مادلين‬
‫تصور فلسفي مؤداه بلوغ حقيقة ما بإتباع‬ ‫غراويتز‪ ،1993 ،‬ص‪ )9.‬فاملنهج الفلسفي عبارة عن رؤية أو ّ‬
‫خطوات محددة‪.‬‬
‫أما التقنية أو «التقنيات ‪ les techniques‬فاللغة الدارجة تميل إلى استعمال املصطلحين‬
‫(منهج‪ /‬تقنية) دون تمييز‪ ،‬إال أن طبيعة البحث في العلوم عامة توجب استعمال طرائق إجرائية دقيقة‬
‫قابلة للتطبيق مالئمة لنوع املشكلة‪ ،‬وهذه هي التقنيات‪ ،‬كما أن التقنية مثل املنهج‪ ،‬جواب كيف؟ ولكنها‬
‫تأخذ مكانها على مستوى الواقعات أو املراحل العملية »(مادلين غراويتز‪ ،1993 ،‬ص‪ )10.‬فإذا كانت‬
‫وظيفة املنهج اإلجابة عن سؤال كيف نظريا فالتقنية تطرح نفس السؤال لكن في الجانب التطبيقي‬
‫(العملي)‪ ،‬لهذا تعتبر التقنية جزءا تابعا للمنهج لهذا يخلط بينهما‪.‬‬
‫وفيما يخص املقاربة ‪ Approche‬فقد عرفها "موريس أنجرس" كالتالي ‪( Approche « :‬التناول)‬
‫قد ُيقال عن باحث ما إن له تناوال ماركسيا مما يدل على أنه يستلهم من كارل ماركس وأتباعه الذين قاموا‬
‫من بعده بتطوير نظريته‪ ،‬والتناول ال يعني إتباع الباحث حرفيا للنظرية املسترشد بها‪ ،‬بل األصح أن نقول‬
‫أن يستقي منها أكثر مما يستقي من غيرها» (مورس أنجرس‪ ،2006 ،‬ص‪ )99.‬في حين اعتبرتها "مادلين‬
‫غراويتز" «خطوة فكرية‪ ،‬وموقف ينطوي على املرونة والحذر ويتطلب يقظة كبيرة للحدث» (مادلين‬
‫غراويتز‪ ،1993 ،‬ص‪ )10.‬ولهذا تتميز املقاربة بكونها مزيجا من املنهج (نظريا) والتقنية (عمليا) وهذا املزيج‬
‫يوظف لدراسة موضوعات معينة‪.‬‬

‫بعدما حددنا املقصود من الفلسفة‪ ،‬واملنهج واملفاهيم املتاخمة (القريبة ) منها‪ ،‬سنحاول تقديم‬
‫تعريف لفلسفة املناهج وال يتأتى هذا إال بالرجوع إلى مباحث الفلسفة؛ والتي « تنقسم إلى ثالثة مجاالت‬
‫رئيسية هي‪ :‬نظرية املعرفة‪ ،‬وامليتافيزيقا‪ ،‬وفلسفة العلوم» (محمود زيدان‪ ،1977،‬ص‪ )22،21.‬ونظرا‬
‫لتشعب كل مبحث من املباحث إلى مجاالت‪ ،‬سنلجأ إلى املخطط التالي للتوضيح أكثر‪:‬‬

‫‪119‬‬
‫حنان برقرق‬

‫تنقسم بذلك الفلسفة إلى ثالثة مباحث هي‪ :‬نظرية املعرفة والتي تستشكل إمكان املعرفة‪،‬‬
‫استحالتها‪ ،‬نظريات اإلدراك واليقين‪...‬أما مبحث امليتافيزيقا فيتناول بالسؤال مبادئ العالم (علل الوجود‪،‬‬
‫البرهان على الوجود‪ ،‬افتراض عالم معقول‪ ،‬الحرية‪ ،‬املعتقدات‪ ،‬العقل‪ ،‬الشعور‪ ،‬املعتقدات األساسية‬
‫الراسخة لدى اإلنسان؛ كقولنا لكل سبب ُمسبب‪ ،)...‬أما مبحث فلسفة العلوم فينقسم بتعدد واختالف‬
‫العلوم منها‪ :‬فلسفة الرياضيات‪ ،‬فلسفة العلوم الطبيعية فلسفة التاريخ‪ «...‬وتتناول فلسفة كل علم من‬
‫هذه العلوم مبحثين رئيسيين؛ مبحث املناهج أو امليتودولوجيا‪ ،‬ومبحث املشكالت الناشئة عن تطور تلك‬
‫العلوم‪ ،‬ويضم علم املناهج العامة دراسة القواعد العامة في أي بحث‪ ،‬أما املناهج الخاصة فهي دراسة‬
‫ملنهج البحث في كل من تلك العلوم» (محمود زيدان‪ ،1977،‬ص‪ ، )22،23.‬إذا إن فلسفة املناهج مبحث‬
‫ضمن مبحث أكبر هو فلسفة العلوم‪ ،‬أين تدرس مناهج العلوم وقواعدها ومواضيعها‪ ،‬حينها تصبح‬
‫الفلسفة فلسفة علمية‪ ،‬ويتحقق بذلك طموح الفيلسوف اإلنجليزي « "رسل" في أن تكون الفلسفة علمية‬
‫املنهج‪ ،‬بحيث تبتعد عما تعودته من تأمالت وخياالت ال تتفق مع الواقع» وتناقش مسائل وقضايا العلوم‪،‬‬
‫وتستشكلها فلسفيا وذلك من خالل منفذي امليتودولوجيا و اإلبستيمولوجيا‪.‬‬
‫وبذلك ينتفي الفرق بين الفلسفة والعلم‪ :‬في «أن كل علم يلتزم جانبا واحدا من الكون يختصه‬
‫بالبحث والدراسة‪ ،‬وال يكاد يمس الجوانب األخرى‪ ،‬والفلسفة في أنها تتخذ من الكون بأسره موضوعا‬
‫لدراستها» (زكي نجيب محمود‪ ،‬أحمد أمين‪ ،2018 ،‬ص‪ )15.‬وتصبح املقولة األساسية هي أن كل علم‬
‫ُيتفلسف فيه من منظور فلسفة العلوم‪ ،‬وأن كل فلسفة تنطوي على جانب علمي‪ ،‬وهنا تختفي الحواجز‬
‫واالنقسامات بين الفلسفة والعلم‪ ،‬ويصبحا معا شريكين في املعرفة اإلنسانية وقطبيها‪.‬‬
‫‪/2‬فلسفة املناهج واملفاهيم القريبة منها‪:‬‬
‫قدم املفكر والفيلسوف املغربي " محمد عابد الجابري"‬ ‫في كتابه "مدخل إلى فلسفة العلوم" ّ‬
‫الفروقات املائزة بين امليتودولوجيا وااليبستيمولوجيا‪ ،‬وفلسفة العلوم‪ ،‬واعتبر أن « نظرية املعرفة أعم من‬
‫االيبستيمولوجيا‪ ،‬واالبستيمولوجيا أعم وأعمق من امليتودولوجيا‪ ،‬وإذا كانت االيبستيمولوجيا تتناول‬
‫بالدرس والنقد مبادئ العلوم وفروضها ونتائجها لتحديد قيمتها وحصيلتها املوضوعية‪ ،‬فإن امليتودولوجيا‬
‫تقتصر في الغالب على دراسة املناهج العلمية دراسة وصفية تحليلية لبيان مراحل عملية الكشف العلمي‪،‬‬
‫وطبيعة العالقة التي تقوم بين الفكر والواقع» (محمد عابد الجابري‪ ،2002 ،‬ص‪ )23،22.‬إن‬
‫شوش‪ ،‬ولم يزل غير مضبوط بعد بحيث أن «اإلشكال‬ ‫االيبستيمولوجيا وبشهادة جل املفكرين مفهوم ُم ّ‬
‫هو اختالف حول معاني هذا املصطلح‪ ،‬فيفصل الفرنسيين بصفة عامة بين االبستيمولوجيا ونظرية‬
‫املعرفة‪ ،‬إذا ما استثنينا بياجي وبوجي ثم إن هناك من يلح على ضرورة البحث االبستيمولوجي في املناهج‬
‫العلمية وثمة من يرى عكس ذلك‪ ،‬أما األنجلوساكسون فهم يقصدون بمصطلح االبستيمولوجيا نظرية‬
‫املعرفة‪ ،‬وال يؤكدون على عالقة االبستيمولوجيا بتاريخ العلوم وعلم املناهج» (عبد القادر بشتة‪،1995 ،‬‬

‫‪120‬‬
‫فلسفة املناهج بين الفهم وضرورة التوظيف‬

‫ص‪ )6،5.‬لعل هذا الخلط بين حدود االبستيمولوجيا و علم املناهج ونظرية املعرفة خلق صعوبة تعريفها‬
‫وأوجد مشكلة تحديد مواضيعها‪ ،‬وكذا مالمحها‪ .‬والسؤال الواجب طرحه في خضم هذا السياق‪ ،‬ما موقع‬
‫امليتودولوجيا (علم املناهج) ضمن االبستيمولوجيا ونظرية املعرفة‪ ،‬وفلسفة العلوم؟ قد ُيفيدنا الرجوع‬
‫إلى املوسوعة الفلسفية "ألندريه الالند" في محاولة فهم وشرح املفاهيم الدائرة في فلك امليتودولوجيا‬
‫(أندريه الالند‪ ،2001 ،‬ص‪.)1455-357.‬‬

‫جدول يوضح الفرق بين االبستيمولوجيا‪ ،‬امليتودولوجيا‪ ،‬نظرية املعرفة‪ ،‬وفلسفة العلوم حسب "أندريه‬
‫الالند"‪.‬‬

‫فلسفة العلوم‬ ‫نظرية املعرفة‬ ‫امليتودولوجيا‬ ‫اإلبستيمولوجيا‬


‫‪Philosophie des‬‬ ‫‪Théorie de la‬‬ ‫‪Méthodologie‬‬ ‫‪Έpistémologie‬‬
‫‪sciences‬‬ ‫‪connaissance‬‬
‫تعبير متأخر قليال‪ ،‬أظن‬ ‫دراسة العالقة القائمة بين‬ ‫فرع من املنطق‪ ،‬موضوعه‬ ‫تدل على فلسفة العلوم‬
‫ُ‬
‫أن استعمل بادئ األمر‬ ‫الذات واملوضوع في فعل‬ ‫الدرس الالحق للمناهج‬ ‫وهي ليست فلسفة‬
‫ُ‬
‫بمعنى مجموعة دراسات‬ ‫املعرفة‪ ،‬تفض ي إلى تحديد‬ ‫والطرق ونحو أخص‬ ‫املناهج‪ ،‬هي الدرس‬
‫أو اعتبارات تمثل درجة‬ ‫قيمة العلم‪ُ « :‬يطلق اسم‬ ‫عادة‪ ،‬درس املناهج‬ ‫النقدي ملبادئ مختلف‬
‫رفيعة من العمومية‪ ،‬وترد‬ ‫نظرية املعرفة على‬ ‫العلمية‪.‬‬ ‫العلوم وفرضياتها ونتائجها‬
‫كل املعرفة البشرية إلى‬ ‫مجموعة تنظيرات هدفها‬ ‫الرامي إلى تحديد أصلها‬
‫عدد صغير من املبادئ‪.‬‬ ‫تحديد قيمة معارفنا‬ ‫املنطقي وقيمتها ومداها‬
‫شاع استعماله في فرنسا‬ ‫وحدودها»‪.‬‬ ‫املوضوعي ‪.‬‬
‫من خالل كتاب آمبير‬
‫(‪.)1838‬‬
‫إن امليتودولوجيا (علم املناهج)‪ ‬إذا فرع من فروع املنطق‪ ‬حسب ّ‬
‫تصور "الالند"‪ ،‬وهذا ما‬
‫يفض ي بنا إلى قسمة املنطق إلى «املنطق الصوري ‪ Formal Logic‬الذي يتم به اتفاق الفكر مع نفسه‪،‬‬

‫‪ ‬نظرية املعرفة‪ :‬يعتبر السوفسطائيون وأفالطون رواد البحث في نظرية املعرفة‪ ،‬كما اهتم الفالسفة املحدثين بنظرية املعرفة يتضح ذلك في‬
‫فلسفات ديكارت‪ ،‬ولوك وهيوم وكنط‪ ،‬كما اهتمت الفلسفة اإلنجليزية املعاصرة منذ القرن التاسع عشر حتى اليوم بنظرية املعرفة‪ ،‬ويتمثل‬
‫ذلك في الهيجيليين الجدد مثل توماس هل جرين‪ ،‬وبرادلي‪ ،‬وبوزانكيت‪ ،‬والفرنسيين أمثال مايرسون‪ ،‬برنشفيك‪ ،‬وباشالر‪.‬أنظر‪ :‬محمود زيدان‪،‬‬
‫نظرية املعرفة عند مفكري اإلسالم وفالسفة الغرب املعاصرين‪ ،‬مكتبة املتنبي‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬ط‪ ،2012 ،1‬ص‪8،7.‬‬
‫‪َ ‬عرف علم املناهج تطورا كبيرا نتيجة لتطور أنواع املناهج واستعماالتها وتزايد حركة البحث العلمي‪ ،‬إن ّأول من استعمل كلمة "علم املناهج"‬
‫أو املنهجية هو الفيلسوف األملاني كانط‪ ،‬وذلك عندما ّ‬
‫قسم املنطق إلى قسمين‪ :‬مذهب املبادئ‪ /‬علم املناهج‪ ،‬إذا علم املناهج هو الذي يبحث في‬
‫مناهج البحث العلمي والطرق العلمية التي يكتشفها ويستخدمها العلماء والباحثون للوصول إلى الحقيقة‪ .‬أنظر‪ :‬ماثيو جيدير‪ :‬منهجية‬
‫البحث‪ ،‬د‪.‬د‪ ،2015 ،‬ص‪ ،77‬متاح على الرابط التالي بصيغة )‪:(pdf‬‬
‫‪14:23 ،2019/9/18 https://drive.google.com/file/d/0B9x5L29xpeaaTlFrbW9kbnM4R0E/view‬‬
‫‪121‬‬
‫حنان برقرق‬

‫والذي يسمى أحيانا (املنطق املادي‪ ، Logique Formelle‬أو التطبيقي ‪ ، Log. Appliquée‬أو على نحو‬
‫أوسع مناهج العلوم ‪ Methodology‬وهو املنطق الذي يتم به اتفاق الفكر مع الواقع» (محمد ثابت‬
‫جزءا من املنطق‪ ،‬يجعلها بذلك تختلف عن‬ ‫ً‬ ‫الفندي‪ ،1972 ،‬ص‪ )23.‬إن جعل امليتودولوجيا‬
‫االبستيمولوجيا‪ ،‬غير أن تفسير "روبير بالنش ي" ملا أورده "الالند" في « أن التفريق الذي قام به الالند بين‬
‫االبستيمولوجيا وامليتودولوجيا يخص القرن التاسع عشر في فرنسا فحسب‪ ،‬ويضيف بالنش ي أنه ال يمكن‬
‫لالبستيمولوجيا أن تبحث في مبادئ العلوم وقيمتها ُوبعدها املوضوعي بدون التساؤل حول قيمة وطبيعة‬
‫املناهج املستعملة في كل ذلك‪ ،‬وهذا يعني ضرورة ربط تلك املبادئ وذلك البعد املوضوعي للعلوم باملناهج»‬
‫(عبد القادر بشتة‪ ،1995 ،‬ص‪ )58،57.‬إذا فامليتودولوجيا جوهر العلم‪ ،‬ويبقى مجالها بين أخذ و رد‪،‬‬
‫فهناك من يعتبرها متجذرة في قلب العمل االبستيمولوجي ومنهم يعتبرونها أكثر أهمية من املفاهيم‬
‫العلمية‪ ،‬وعلى هذا األساس يمكن التمييز بين رأيين نوضحهما في املخطط التالي (عبد القادر بشتة‪،1995 ،‬‬
‫ص‪:)60،59.‬‬

‫نصل إلى القول أن امليتودولوجيا هي مزيج من املواقف املعرفية (اإلبستيمية) ومناهج‬


‫االستقصاء والبحث‪ ،‬ومناهج البحث التي يمكن أن نسميها تقنيات‪ ،‬من خالل املمارسات التي تنقل‬
‫املتطلبات املعرفية الالزمة للحصول على نتائج يقينية لالبستيمولوجيا املختارة)‪,Joseph T. , 2008 , P.5‬‬
‫‪ ، )Tennis‬وبالتالي ترتبط امليتودولوجيا باالبستيمولوجيا وتقدم لها خدماتها املعرفية للوصول إلى الهدف‬
‫املطلوب‪.‬‬

‫‪ ‬املنطق‪ :‬في املنطق ندرس القواعد والتقنيات التي تسمح لنا بالتمييز بين التفكير الصحيح والخطأ‪ ،‬نظرا لوجود أنواع مختلفة من التفكير‪،‬‬
‫ّ‬
‫ونظرا إلمكانية تطوير مناهج عديدة لتقييم هذه األنواع‪ ،‬وبما أنه هناك وجهات نظر حول ما يشكل التفكير الصحيح‪ ،‬هناك العديد من‬
‫املقاربات املنطقية‪ .‬أنظر‪:‬‬
‫‪Matthew Knachel , Fundamental Methods of logic, University of Wisconsin Milwaukee, UWM Digital Commons ,‬‬
‫‪Philosophy Faculty Books, 2017 , p.1‬‬

‫‪122‬‬
‫فلسفة املناهج بين الفهم وضرورة التوظيف‬

‫ويرجع الفرق بين قولنا فلسفة املناهج (امليتودولوجيا) وبين املناهج الفلسفية؛ هو أن األولى‬
‫مبحث مباحث فلسفة العلوم أما املناهج الفلسفية هي تلك املناهج التي يوظفها الفيلسوف ملعالجة قضية‬
‫ما وقد يرتبط املنهج بمذهب الفيلسوف‪ ،‬وقد ال يرتبط به‪.‬‬
‫وفي تقسيم العلماء والفالسفة للميتودولوجيا‪ ،‬فإنها ‪-‬وكما حددنا ذلك سابقا‪ -‬تتناول بالبحث‬
‫املناهج العامة واملناهج الخاصة‪« ،‬ويضم علم املناهج العامة دراسة للقواعد العامة في أي بحث كقواعد‬
‫االستنباط واالستقراء‪ ،‬وهما جزء مما يتناوله علم املنطق‪ ،‬أما املناهج الخاصة فهي دراسة ملنهج البحث في‬
‫كل من تلك العلوم» (محمود زيدان‪ ،1977 ،‬ص‪ )22.‬ولعل أهم تلك املناهج الفلسفية‪« :‬املنهج الفرض ي‪،‬‬
‫ويسمى املنهج الجدلي‪ ،‬والتحليل‪ ،‬ويعد أفالطون أول من استخدمه‪،‬املنهج التمثيلي ويعتبر أرسطو أول من‬
‫استخدمه‪ ،‬منهج الشك واليقين الديكارتي‪ ،‬منهج الظواهر إلدموند هوسرل‪ ،‬منهج التحليل عند الكثير من‬
‫الفالسفة اإلنجليز مثل جورج مور‪ ،‬برتراند رسل » (محمود زيدان‪ ،1977 ،‬ص‪ )119-27.‬إذا ليس‬
‫للفلسفة منهج بعينه بل لها مناهج عديدة‪ ،‬تطورت وغيرت مالمحها بحسب القضايا املطروحة‪ ،‬على‬
‫اعتبار أن هذه املناهج –التي حددناها اآلن‪ -‬وحسب "كولنجوود" أصبحت ضارة ال نافعة‪ ،‬بل هي نفايات‬
‫ضرب بها عرض الحائط‬ ‫تطور الفلسفة يقول‪ « :‬املناهج القديمة قد ُ‬‫يجب التخلص منها ألنها هي من تعوق ّ‬
‫وأصبح كل فرد حرا في ابتكار منهج جديد وتلك هي األوضاع الطبيعية واملالئمة لعصر تتشكل فيه حركات‬
‫فلسفية جديدة » (ر‪.‬ج‪ .‬كولنجوود‪ ،2001 ،‬ص‪ )149.‬وبتطوير املناهج الفلسفية في كل مرة تتمكن‬
‫الفلسفة من الخروج من أزماتها‪ ،‬على اعتبار أن املنهج هو محرك الفكر وديناميكيته في تحقيق الغايات‬
‫التي نصبو إليها‪.‬‬
‫‪ /3‬األزمة املنهجية في العلوم االجتماعية والعودة إلى الفلسفة‪:‬‬
‫قال مرة عالم الطبيعيات (بيكون) «إن املعرفة قوة‪ ،‬ولكن أي معرفة يقصدها؟ إنها املعرفة التي‬
‫استمدت قوتها من توظيفها ملناهج البحث العلمي» (علي معمر عبد املؤمن‪ ،2008 ،‬ص‪ ، )7.‬فلم يعد‬
‫البحث عن املعرفة العلمية عملية عشوائية‪ ،‬بل أصبح مهمة تقوم وترتكز على عدة اعتبارات وضوابط‬
‫ولعل أهمها املنهج‪ ،‬لذا تحتل املناهج وفي كافة العلوم سواء (الطبيعية أو اإلنسانية) مكانة هامة لكونها‬
‫«الوسيلة التي تمكننا من الوصول عن طريقها إلى الحقيقة ومحاولة اختبارها للتأكد من صالحيتها في‬
‫مواقف أخرى وتعميمها لنصل إلى ما ُنطلق عليه اصطالحا نظرية» (جمال زكي السيد‪ ،1962 ،‬ص‪ )8.‬يرى‬
‫فبالرغم من وجود مناهج وعلى كثرتها لم‬‫جل الباحثين أن أزمة العلوم االجتماعية أزمة منهج باألساس‪ُّ ،‬‬
‫مرده إلى سعي هذه العلوم للحاق بركب‬‫تنتشل العلوم االجتماعية من النسبية ومن فخ الذاتية‪ ،‬ولعل هذا ّ‬
‫العلوم الطبيعية في صرامتها ودقتها وذلك بإتباع نفس املنهج التجريبي‪.‬‬
‫إن نزع الخصوصية العلمية عن الظواهر االجتماعية‪ ،‬لم يقدم حلوال لها‪ ،‬ولم يسهم في ّ‬
‫تطورها؛‬
‫إذ بالرغم من توظيف خطوات املنهج التجريبي (من مالحظة‪ ،‬صياغة الفروض‪ ،‬والتجريب)‪ ،‬إال أن النتائج‬

‫‪123‬‬
‫حنان برقرق‬

‫تعمقت الهوة بينها وبين العلوم الطبيعية أو التجريبية‪ ،‬وصرنا نتحدث عن‬ ‫كانت عكس التوقعات‪ ،‬حيث ّ‬
‫علوم كثيرة املناهج قليلة أو عديمة النتائج‪ ،‬وقد ترجع صعوبة تطبيق املنهج التجريبي على العلوم‬
‫االجتماعية « لتعقيد الظواهر االجتماعية ألن اإلنسان هو محورها‪ ،‬وعدم القدرة على استعمال الطريقة‬
‫املخبرية فال نستطيع وضع الظواهر االجتماعية تحت ظروف قابلة للضبط والرقابة كما في العلوم‬
‫الطبيعية‪ ،‬وفقدان التجانس في العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬إذ للظواهر شخصيتها املنفردة وغير‬
‫املتكررة‪ ،‬وصعوبة دراسة الظواهر االجتماعية واإلنسانية دراسة موضوعية بعيدة عن األهواء» (ديبولد‬
‫فان دالين‪ ،1997 ،‬ص‪. )80-76 .‬‬
‫هذه الصعوبات وغيرها حالت دون أن يكون للعلوم االجتماعية مستقبل مشرق مثل العلوم‬
‫الطبيعية‪ ،‬يقول زكي نجيب محمود في هذا الشأن‪« :‬إن الفرق بين العلوم اإلنسانية والعلوم الطبيعية هو‬
‫فرق في تعقد التفصيالت وكثرتها‪ ،‬مما يجعل مواقفها أعسر تناوال من املواقف الطبيعية األخرى‪ ،‬لكن ذلك‬
‫يجعل تطبيق املنهج على العلوم اإلنسانية أكثر صعوبة‪ ،‬وال يجعله من الناحية املنطقية مستحيال » (زكي‬
‫نجيب محمود‪ ،1961 ،‬ص‪ ، )303.‬إذا فاملقاربة التي نقترحها والتي يمكن أن تفتح أمامنا آفاق تجاوز أزمة‬
‫العلوم االجتماعية منهجيا‪ ،‬هي ضرورة العودة إلى الفلسفة وتحديدا في شقيها اإلبستيمولوجي‬
‫وامليتودولوجي خاصة وأن « بعض املشتغلين بتلك العلوم وكذلك بعض فالسفة العلم يقولون إن عدم‬
‫النجاح النسبي لتلك املجاالت مقارنة بالعلوم الطبيعية يرجع إلى الفشل في تحديد أو تطبيق املناهج التي‬
‫نجحت في العلوم الطبيعية‪ ،‬وبالنسبة لدارس ي العلوم االجتماعية‪ ،‬فإن لفلسفة العلوم دورا توجيهيا‬
‫واضحا» (أليكس روزنبرج‪ ،2011 ،‬ص‪ )22،21.‬إذ أن املهمة التي تضطلع بها الفلسفة من خالل‬
‫االبستيمولوجيا وامليتودولوجيا متمحورة في مسايرة وتتبع مراحل البحث في العلوم االجتماعية‪ ،‬والتوقف‬
‫عند كل مرحلة الستشكال الغاية والهدف منها‪ ،‬كما تسعى ملساءلة نقدية للمناهج املوظفة والنتائج‬
‫املتحصل عليها‪ ،‬وتسعى ووفقا ملحور تفاعلي إلى ربط هذا العلم بغيره من العلوم‪ ،‬على اعتبار أن الفلسفة‬
‫«مطلب أساس ي لفهم تاريخ وسوسيولوجيا العلم والدراسات العلمية األخرى‪ ،‬ومناهجها وإنجازاتها‬
‫وإمكانياتها‪ ،‬كونها تتعامل مع فئتين من األسئلة‪ :‬أولى األسئلة التي ال يستطيع العالم الفيزيائي‪ ،‬البيولوجي‪،‬‬
‫واالجتماعي والسلوكي اإلجابة عنها‪ ،‬وربما لن يتمكن‪ ،‬والثانية تدور حول السبب في عدم تمكن العلوم من‬
‫اإلجابة عن األسئلة األولى» (أليكس روزنبرج‪ ،2011 ،‬ص‪ )16-12.‬وعليه فالفلسفة تطرح أسئلة يتجاهلها‬
‫العلم‪ ،‬أو ال يتفطن إليها أساسا؛ كتلك املرتبطة بقيمة العلم وهل هو خير أم شر؟ ومدى نفعه لنا‪،‬‬
‫نميز بين نوعين من األسئلة‪ ،‬أسئلة‬ ‫إيجابياته وسلبياته‪ ،‬إنها تناقش سؤال الكيفية‪ ،‬ومنه نستطيع أن ّ‬
‫علمية وأخرى حول العلم والتي تعد من نصيب الفلسفة ومباحثها وما يبرر هذا كون « الحدود الفاصلة بين‬
‫الفلسفة والعلوم غير ثابتة‪ ،‬كما أن الفلسفة تشبه العلم في أنها ُتخاطب العقل البشري وال ّ‬
‫تتميز األفكار‬
‫قدمه الفالسفة» (الطاهر‬ ‫العلمية عن األفكار الفلسفية إال من حيث أنها مدعمة بحجج أقوى مما ُي ّ‬
‫وعزيز‪ ،1990 ،‬ص‪ ،)12.‬إن العلم في معناه الواسع فلسفة‪ ،‬ولو لم ُيقم الفالسفة أرضية األسئلة الكبرى‬
‫‪124‬‬
‫فلسفة املناهج بين الفهم وضرورة التوظيف‬

‫تطورت وصارت على ما عليه اآلن‬ ‫واإلستفهامات الفضولية منذ فجر التاريخ‪ ،‬ملا لحقتنا نظرياتهم‪ ،‬وملا ّ‬
‫علما‪ ،‬وهذا ما أكده "أوجيست كونت" وقانون الحاالت الثالث‪.‬‬
‫لقد أفرز إلتقاء الفلسفة بغيرها من العلوم االجتماعية استحداث ما يمكن تسميته بفلسفة‬
‫العلوم االجتماعية والتي تدرس «منطق ومنهج العلوم االجتماعية‪ ،‬وأسئلتها املركزية تتضمن‪ :‬ما هي معايير‬
‫التفسير االجتماعي الجيد؟ كيف تتميز العلوم االجتماعية عن العلوم الطبيعية؟ هل هناك منهج خاص‬
‫بالعلوم االجتماعية؟ ما هي اإلجراءات التجريبية التي يتم من خاللها تقييم العلوم االجتماعية؟ هل يمكن‬
‫اختزال القوانين االجتماعية؟ هل هناك عالقة سببية بين الظواهر االجتماعية؟ ما دور النظرية في‬
‫التفسير االجتماعي؟ تحاول فلسفة العلوم االجتماعية تقديم تأويالت للعلوم االجتماعية وتجيب عن هذه‬
‫غيبة على صعيد اهتمام العلوم االجتماعية‪،‬‬ ‫األسئلة» )‪ (Robert Audi, 1999, P.704‬الغائبة أو املُ ّ‬
‫التقدم ال يكون بزيادة حجم التجاوز بمعنى أن‬‫ّ‬ ‫والحال أن فلسفة العلوم « تتبنى القول بأن‬
‫السابق يتواصل مع الجديد‪ ،‬إنه مراجعة مستمرة للمضامين بالتعمق والتشطيب هذه املراجعة وهذا‬
‫عبر عنه باشالر بالقطيعة اإلبستيمولوجية» (جورج كانغيالم‪ ،2007 ،‬ص‪)17-16.‬‬ ‫التشطيب هو ما ُي ّ‬
‫تفسر شيئا بأخرى جديدة تطرحها‬ ‫قطيعة تفض ي بتجاوز النموذج القديم والنظريات التي لم تعد ّ‬
‫االبستيمولوجيا من خالل بسط جوانب التجديد‪ ،‬وهذا ما دعا إليه "غاستون باشالر" و كذا "كارل بوبر"‬
‫الذي يعتبر « النظريات العلمية‪ ،‬التجريبية وغير التجريبية منها على حد سواء‪ ،‬ليست سوى مجموعة من‬
‫الفرضيات والتخمينات‪ ،‬يقع على عاتق التجربة‪ ،‬على الوقائع املادية والقضايا املنطقية فحصها‬
‫وتمحيصها معززة لها تارة في حال صمودها أمامها أو في حال دحضها (‪ )...‬النظرية تبقى قائمة حية طاملا‬
‫ُ‬
‫لم تنقض بعد فهي ليست أزلية » إن التصحيح يـأتي إذا بفضل العدة امليتودولوجية التي تقترح معالجة‬
‫للمناهج‪ ،‬واالبستيمولوجية لنقد فروض ومبادئ ونتائج النظريات‪.‬‬
‫‪/4‬الخطوات املنهجية إلعداد البحوث في العلوم االجتماعية‪:‬‬
‫سنحدد في هذا املبحث املراحل املنهجية التي يمر عبرها البحث العلمي في العلوم االجتماعية‪،‬‬
‫لنتمكن الحقا وفي املبحث الخامس من توضيح آفاق توظيف امليتودولوجيا‪ ،‬وعليه هناك عدة خطوات‬
‫مرحلية تنطلق أساسا من «الشعور باملشكلة‪ :‬حيث تنبع مشكلة البحث من شعور الباحث بحيرة أو‬
‫معين‪ ،‬فمشكلة البحث هي موضوع الدراسة» (ديبولد فان دالين‪ ،1997 ،‬ص‪)256.‬‬ ‫غموض تجاه موضوع ّ‬
‫إن الشعور بمشكلة البحث ُيعد الدافع األساس الختيار مشكلة ما كموضوع للدراسة‪ ،‬وإحساسه العلمي‬
‫يحفزه للبحث أكثر‪ ،‬وقد يدخل الشعور باملشكلة البحثية ضمن تساوقات فلسفة‬ ‫بمشكلة دون أخرى ّ‬
‫اختيار املوضوع‪ ،‬وهنا تبرز شخصية الباحث رغبته اهتمامه‪ ،‬ثانيا « تحديد مشكلة البحث‪ :‬يجب تحديد‬
‫«مشكالت ومجاالت وأفكار البحث العلمي‪ ،‬وهي املعلومات التي ُيساهم تحديدها في بلورة وتوضيح املعالم‬
‫الرئيسية لخطة البحث وتعني أيضا تحديدها تحديدا دقيقا مميزا » (سعيدي لويزة‪ ،2016 ،‬ص‪ )57.‬إن‬

‫‪125‬‬
‫حنان برقرق‬

‫ضبط مشكلة ومجال البحث املراد انجازه لهو أهم خطوة ألن تحديد مشكلة البحث هو بداية البحث‪،‬‬
‫ويترتب عليه باقي العمليات األخرى‪.‬‬
‫ثالثا على الباحث بعد تحديده ملشكلته البحثية االنتقال « إلى تحديد أبعاد البحث وأهدافه‪:‬‬
‫بحيث يقوم الباحث بتحديد أبعاد دراسته واألهداف التي يأمل الوصول إليها عند انتهاء دراسته‪ ،‬والغاية‬
‫وأهمية البحث ودرجة تعمقه في تحليل املشكلة» (فوزي غرايبه وآخرون‪ ،1987 ،‬ص‪ )22.‬تعد هذه‬
‫ُ‬
‫الخطوة جسرا موصال للمرحلة الرابعة أال وهي مرحلة استطالع الدراسات السابقة‪ ،‬والتي تسمى عادة‬
‫بالببليوجرافيا « حيث تجمع الببليوجرافيا كل األعمال املتصلة بموضوع معين‪ ،‬وبالتالي فإنها تختصر‬
‫ُ‬
‫الوقت الذي يبذله الباحثون في التعرف على ما نشر في مجال دراستهم (‪ )...‬قد تكون كتب أو دوريات أو‬
‫مقاالت أو بطاقات أو أفالم أو شرائط أو مخطوطات» (أحمد بدر‪ ،2000 ،‬ص‪ )212-208.‬وتفيد هذه‬
‫املرحلة الباحث في أنه تمنعه أن يكرر ما قد قيل‪ ،‬ويصحح ما قد وقع فيه غيره ممن تناول املوضوع ذاته‪.‬‬
‫خامسا مرحلة «صياغة الفروض‪ :‬إذ يمكن للباحث أن يضع الفرضية قبل أن يقوم بمالحظاته‬
‫أو أثناء القيام بهذه املالحظات‪ ،‬وصياغة الفروض تتوقف بالدرجة األولى على طبيعة املشكلة املدروسة‬
‫ومدى فهم الباحث لهذه املشكلة‪ ،‬والفرضية تفسير مؤقت يوضح األحداث أو العوامل التي يحاول الباحث‬
‫أن يفهمها» (عبد هللا محمد الشريف‪ ،1996،‬ص‪ )38.‬إنها بذلك تفسير ال يزال بعيدا عن الحقيقة‪ ،‬وقد‬
‫يستنبط الباحث فرضياته من املالحظة‪ ،‬أو الدراسات السابقة‪ ،‬أو من خبرته‪...‬إلخ سادسا وهي مرحلة‬
‫«تصميم البحث‪ :‬وهذه املرحلة تشمل الخطوات التالية‪ :‬تحديد منهج البحث‪ ،‬تحديد مصدر البيانات‬
‫اختيار وسيلة جمع البيانات» (فوزي غرايبه وآخرون‪ ،1987 ،‬ص‪ )24.‬أين يعمد الباحث هنا بتحديد‬
‫منهج دراسته املتوافق مع موضوع مشكلته البحثية وأكثر هذه املناهج شيوعا في العلوم االجتماعية «املنهج‬
‫الوصفي ومنهج املسح االجتماعي» (فوزي غرايبه وآخرون‪ ،1987 ،‬ص‪ )25.‬وفي خطوة أخرى يضبط‬
‫مجتمع دراسته والعينة‪ ،‬وكذا وسيلة جمع البيانات (من مالحظة‪ ،‬ومقابلة‪ ،‬استبيان‪ ،‬الوثائق‪ )...‬وفي‬
‫املرحلة السابعة يشتغل الباحث فيها على أربع خطوات أين يقوم ب ـ «جمع البيانات‪ :‬بكل علمية وموضوعية‬
‫وزع االستبيانات‪ ،‬بعد جمع البيانات تأتي مرحلة تصنيف هذه‬ ‫فيسجل املالحظات ُويجري املقابالت ُوي ّ‬
‫البيانات وتحليلها‪ ،‬وتفسيرها ثم عرضها عن طريق جداول ورسومات‪ ،‬لينتهي البحث بكتابة تقرير‪ :‬بحيث‬
‫يشمل كافة جوانبه‪ ،‬ويبرز املراحل التي مر بها» ويوضع التقرير عادة في فصول متوازنة كما وكيفا‪ّ ،‬‬
‫مقسمة‬
‫إلى مباحث‪ ،‬ويمكن تمثيل هذه الخطوات في الشكل التالي‪:‬‬

‫‪126‬‬
‫فلسفة املناهج بين الفهم وضرورة التوظيف‬

‫‪/5‬املكاسب املعرفية لتوظيف فلسفة املناهج في العلوم االجتماعية‪:‬‬


‫إن توظيف فلسفة املناهج (امليتودولوجيا) في حقل العلوم االجتماعية يعد جانبا تجديديا‬
‫بامتياز‪ ،‬يروم بلوغ املوضوعية التي لطاملا نشدتها العلوم االجتماعية‪ ،‬والتي لم يستطع تحقيقها املنهج‬
‫التجريبي‪ ،‬إن الحل إذا يكمن وبحسب الباحث "عبد الغني عماد" في أن تستلهم هذه العلوم من الفلسفة‬
‫من خالل املزاوجة بين التفكير االستقرائي واالستنباطي فـ ـ«التفكير االستقرائي ُيكمل به التفكير‬
‫االستنباطي‪ ،‬ففي الوقت الذي يعتمد فيه االستنباط على قضايا وبديهيات ومسلمات ليخرج منها بنتائج‪،‬‬
‫يعتمد االستقراء على جمع األدلة والبراهين العلمية التي تساعد على إصدار تعميمات محتملة الصدق‬
‫والثبات » (عبد الغني عماد‪ ،2002 ،‬ص‪ )11.‬إن اإلستعانة باآلليات امليتودولوجية كاالستقراء والتحليل‬
‫يمكننا من إعطاء الصبغة العلمية على نظريات في العلوم االجتماعية‪ ،‬إذ « تمتلك الفلسفة التقنيات‬
‫وتوظف مفاهيم جديدة لدراسة اإلنسان‪ ،‬كما تطرح أسئلة كبرى ومفاهيم حول فلسفة العلوم‬
‫االجتماعية بمنهجية جديدة‪ ،‬فقد تغذت العلوم االجتماعية بفضل اإلسهامات الفلسفية‪ )...( ،‬كما تعمد‬
‫الفلسفة على تحليل كيانات وكليات العالم االجتماعي بجوانب متنوعة‪ :‬واقعه‪ ،‬طبيعة املعرفة‪ ،‬العقل‪،‬‬
‫القضايا‪ ،‬الحقيقة ومنطق الظواهر املجردة» ‪(Mohammad Nashir Uddin, Mohammad‬‬
‫)‪. Hamiduzzaman, 2009, P.1‬‬
‫إن التقسيم الجزافي الذي تم بموجبه تحديد علمين؛ علوم طبيعية وأخرى إنسانية‪ ،‬لم يزد هذه‬
‫العلوم أو تلك إال بعدا وتشرذما عن املعرفة بوصفها نشاطا بشريا‪ ،‬تقول "نوال السعداوي" في هذا الشأن‪:‬‬
‫«من أهم العقبات أمام الباحثين والباحثات في أي مجال من العلوم الطبيعية أو اإلنسانية‪ ،‬هو هذا‬
‫الفصل الذي نسميه علوما طبيعية (كالطب‪ ،‬الفلك‪ ،‬الفيزياء الكيمياء وغيرها) وبين ما نسميه علوما‬
‫إنسانية (كالدين والفلسفة والتاريخ واألدب وغيرها)‪ ،‬لم تعد الرؤية شاملة للكيان الكلي لإلنسان» (نوال‬
‫السعداوي‪ ،‬هبة رؤوف‪ ،2000 ،‬ص‪ )15.‬وبالتالي لم نعد نستطيع طرح أسئلة خوفا من أن تكون خارج‬
‫اشتغال التخصص أو مجال البحث‪ ،‬في حين قد يكون ذاك التخصص أو الفرع املعرفي يحوي نتائج أو‬
‫نظريات بتوظيفها تتضح الرؤى والتصورات‪ ،‬إن العودة إلى الفلسفة وتوظيف كافة مباحثها وخاصة‬
‫تطور العلوم‪ ،‬إذ أن « دور فيلسوف العلم‪ ،‬أو عالم املناهج‬ ‫االبستيمولوجيا وامليتودولوجيا يعزز مكاسب ّ‬
‫مناقشة الفروض التي تقوم عليها العلوم املختلفة‪ ،‬ويوازن بينها ويضعها موضع الفحص واالختبار‪،‬‬
‫كاف بالعلوم التي يوازن بينها (‪ )...‬إن العلماء ال يمكنهم في مسائل األسس واملناهج‬
‫مستندا في ذلك إلى إملام ٍ‬
‫أن يستغنوا عن النقد الفلسفي» (عبود عبد هللا العسكري‪ ،2004 ،‬ص‪ )9،8.‬وبالتالي تقترح امليتودولوجيا‬
‫توجه البحث العلمي‪ ،‬تنقده‪ ،‬كما تحترم خصوصية الظاهرة االجتماعية والتي ّ‬
‫تتميز‬ ‫برادغمات جديدة ّ‬
‫بكونها نوعية معيارية وتضعها في سياق فكري خاص‪ ،‬إذا فالطرح الفلسفي في بعديه اإلبستيمولوجي‬

‫‪127‬‬
‫حنان برقرق‬

‫وامليتودولوجي يتعامل مع نتائج البحوث ونظرياتها بشكية وريب وال يعتبرها حقائق مطلقة‪ ،‬ويربطها غالبا‬
‫في كالنية كبرى تتواصل مع علوم وفروع معرفية أخرى‪.‬‬
‫إن بعض املسائل والقضايا السوسيولوجية املرتبطة مثال بالقيم والثقافة والتي توظف منهج‬
‫تحليل املضمون توجب بل تلزم الباحث أن يكون ذا توجه وبعد فلسفي‪ ،‬وقد دعا إلى ذلك فالسفة وعلماء‬
‫اجتماع كثيرين من أمثال (دلتاي‪ ،‬هوسرل‪ ،‬ركيرت) حيث الحظوا عقم املنهج التجريبي وقصوره عند‬
‫توظيفه في معالجة املسائل اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬كما دعا « بيتريم سوركين حين درس التغيرات‬
‫الثقافية واالجتماعية في أوروبا الغربية على طول تاريخها‪ ،‬إلى اإلعتماد على األعمال الفنية واملوسيقى‬
‫واآلداب والفلسفة في ضوء ما تنطوي عليه هذه األعمال من دالالت ومعان» (عبد الغني عماد‪،2002 ،‬‬
‫ص‪ )111.‬للوصول إلى بعض املؤشرات التي قد تفيدنا حتما في فهم الوقائع االجتماعية وجوانبها‪.‬‬
‫إنه ومن املؤكد وحسب "فيليب فرانك" أننا « وكلما زاد تعمقنا في العلوم الحقيقية‪ ،‬كلما زادت‬
‫الصلة وخصوصا بين العلم والفلسفة‪ ،‬وفلسفة العلم هي الحلقة املفقودة التي يجب أن نبحث عنها‪ ،‬إن ما‬
‫يهدد املدنية الحاضرة من خطر كبير‪ ،‬الهوة العميقة التي تفصل بين تقدمنا العلمي السريع‪ ،‬وبين فشلنا في‬
‫تفهم املشاكل اإلنسانية» (فيليب فرانك‪ ،1983 ،‬ص‪ )8-6.‬إن الرؤية االبستيمولوجية التي يقدمها "فليب‬
‫فرانك" متمثلة أساسا في إعادة وصل اإلنسانيات بالعلوم الطبيعية‪ ،‬وكذا توظيف فلسفة العلوم كآلية‬
‫نقيم بها التراث الفكري البشري ككل‪ ،‬على اعتبار أن «العلوم الطبيعية تشق مبادئها من فلسفة الطبيعة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫والتي تعتمد بدورها على امليتافيزياء‪ ،‬وتعتمد العلوم االجتماعية بدورها على امليتافيزياء‪ ،‬هناك إذا مبادئ‬
‫فلسفية تشق منها البيانات العلمية سواء االجتماعية أو الطبيعية» (فيليب فرانك‪1983 ،‬ص‪ )9.‬إذا تقترح‬
‫الفلسفة ومباحثها مبادئ وبيانات توفر للعلوم االجتماعية والطبيعية أرضيات للبحث واالستشكال‪.‬‬
‫ومن بين املكاسب املعرفية لتوظيف فلسفة املناهج إلى جانب االستفادة من آليات النقد‬
‫والتحليل واملراجعة واالستشكال يقترح "كارل بوبر" «إمكانية التكذيب ‪ Falsification‬الذي عنى به أنه‬
‫يكفي أن توجد ظاهرة واحدة معاكسة للنظرية (مكذبة لها) حتى يكون من الواجب اسقاطها» (توماس‪ .‬س‪.‬‬
‫كون ‪ ،2007 ،‬ص‪ )342-15.‬إن نسبية العلوم الطبيعية ونسبية نتائجها خاصة مع ظهور مبادئ كمبدأ‬
‫الالتعين لهيزنبيرغ ‪ ،‬وتراجع اليقين والثقة في االستقراء‪ ،‬يجعلنا نعيد ونراجع كافة النظريات التي ُبنيت على‬
‫ُ‬
‫أسس ومنهجيات تقتدي بالعلوم التجريبية في كونها مثال الدقة والصرامة‪ ،‬ولعل مبدأ "كارل بوبر" املفض ي‬
‫إلى «القابلية لإلختبار والتكذيب التجريبي‪ ،‬واملنهج الفرض ي االستنباطي هما التمثيل املنطقي املنهجي‬
‫ُ‬
‫لإلبستيمولوجيا العلمية املعاصرة‪ ،‬والتي تخرج فعال من مشكلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬فيمكن حل مشكلة‬
‫ُ‬
‫وتساوقها املنهجي» (يمنى طريف الخولي‪،‬‬ ‫العلوم اإلنسانية على ضوء الخاصة املنطقية للعلوم الطبيعية‪،‬‬
‫‪ ،2014‬ص‪ )113.‬إن استيعاب اإلبستيمولوجيا وتوظيفها في العلوم االجتماعية يضمن تجاوز تخلفها‬
‫وأزماتها‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫فلسفة املناهج بين الفهم وضرورة التوظيف‬

‫كما أن الهوة « بين العلوم الطبيعية واإلنسانية تلتئم تماما من منظور اإلبستيمولوجيا العلمية‬
‫املعاصرة بفضل مبدئها الالحتمي (‪ )...‬لقد قال املنطقي امليثودولوجي بريثويت ‪ ":‬إن التقدم الحثيث في‬
‫الفيزياء قد يعطي شحنة قوية لعلماء النفس كي يضعوا تأمالت جريئة‪ ،‬ألن النظريات الفيزيائية السائدة‬
‫ُ‬
‫تدور حول أشياء ال يمكن تعريفها في حدود خبرتنا‪ ،‬لذلك أشعر بأن علماء النفس يجب أن تتاح أمامهم‬
‫حرية كبيرة للعمل» (يمنى طريف الخولي‪ ،2014 ،‬ص‪ )121.‬ولعل األمثلة كثيرة في عديد اآلراء والتصورات‬
‫املعاصرة التي زاوجت ومازجت بين فروع وتجاوزت التصورات املادية واآللية «إذ عرف علم النفس تجاوزا‬
‫الجيد لإلبستيمولوجيا» (يمنى طريف‬‫للسلوكية عندما ظهر علم النفس املعرفي وذلك من خالل التمثل ّ‬
‫الخولي‪ ،2014 ،‬ص‪ ،)121.‬فبعض الفالسفة مثل « كوري ‪ ،Koyer‬وباشالر ‪Bachelard‬وبوبر‪Popper‬‬
‫يتعاملون من داخل الفلسفة اإليجابية مع قليل من التغيير‪ ،‬فبالنسبة أللكسندر كوري الطبيعة ال تفرض‬
‫حقيقتها من تلقاء نفسها‪ ،‬والقوانين العلمية ال تعكس فقط الطبيعة‪ ،‬فإن الهياكل األساسية واألنواع‬
‫العامة للفكر اإلنساني تفرض بصماتها على املالحظات والقوانين» (دومينيك فينك‪ ،2000 ،‬ص‪ )21.‬نحن‬
‫في عصر ال ننتظر فيه من علوم الطبيعة إجابات نهائية ألسئلتنا‪ ،‬بل إن الفكر البشري كله يتشارك في ذلك‬
‫( فالتقنية والتكنولوجيا والفنون وحتى اإليديولوجيات) تصنع معارفنا‪.‬‬
‫كما تأتي مهمة الفلسفة أو اإلبستيمولوجيا بصورة أدق في تحليل القضايا العلمية التي تطرحها‬
‫ُ‬
‫العلوم وتعمل على توضيحها توضيحا منطقيا فتصوب الخاطئ منها وتجيد بالصائب‪ ،‬إذ أن مهمة‬
‫ُ‬
‫اإلبستيمولوجيا إذا «أن تفكر في مشاكل العلم الحالية‪ ،‬من خالل إبراز قيم العلم‪ ،‬وتعيد دراسة قيمة‬
‫العلم‪ ،‬وعليها أيضا أن تدرس التوجيه الحقيقي للثقافة العلمية» ( محمد وقيدي‪ ،1983 ،‬ص‪)17.‬‬
‫ُ‬
‫فاإلضاءة اإلبستيمولوجية هي من تنير القضايا واملشاكالت التي تعيشها العلوم والتي تقف حجر عثرة أمام‬
‫تطورها وتقدمها‪ ،‬ومثالنا هنا (أزمة املناهج والنتائج في العلوم االجتماعية)‪.‬‬
‫باإلضافة إلى أن اإلبستيمولوجيا وامليتودولوجيا تعمالن على تجميع شتات الفروع العلمية‬
‫وتقدم الرؤى والتصورات التي يمكن من خاللها أن تراجع هذه العلوم‬ ‫(االجتماعية والطبيعية) كافة ّ‬
‫مبادئها وأسسها ونظرياتها‪ ،‬وكذا مستويات اليقين فيها‪ ،‬وجوانب القصور والنقص في مناهجها وذلك من‬
‫خالل تأكيدها على النقد اإلبستيمي واستثمارها في املناهج التي أفرزتها الفلسفة كالفيمينولوجيا‬
‫تحوال على توجهات الفكر‬‫وإثنوميتودولوجيا ونتيجة هذا النقلة فقد طرأ «في السنوات القليلة املاضية ّ‬
‫االجتماعي الذي راح يبحث عن األسباب الحقيقية وراء هزيمة الدراسات االجتماعية األمبريقية التي حذت‬
‫حذو العلوم الطبيعية » (شحاتة صيام‪ ،2009 ،‬ص‪ )234.‬وذلك بزيادة فاعلية التفسير والفهم والتأويل‪،‬‬
‫على اعتبار أن هذه اآلليات تمكننا من توصيف واقع حياتنا االجتماعي‪ ،‬فالتأويلية ستتجاوز عيوب‬
‫النظريات االجتماعية السابقة عنها‪ ،‬وتعمل على تحليل السلوكيات االجتماعية وتفسرها‪ ،‬وهذا ما قام به‬
‫(جيدنز في صياغته للتأويلية املزدوجة)‪ ،‬علينا إذا وكما ذهب في ذلك الباحث "صالح قنصوة" أن نعيد‬

‫‪129‬‬
‫حنان برقرق‬

‫النظر في عالقة العلوم االجتماعية واإلنسانية وصلتها بالفلسفة « وعلينا أن نعيد خطوط اإلتصال‬
‫بالفلسفة حيث يظل لها دورها املهم الذي تؤديه للعلوم اإلنسانية كإطارات مرجعية يستمد منها الباحث‬
‫مخططاته التصورية‪ ،‬وبذلك تدخل شريكا في صوغ مشكالت البحث » (صالح قنصوة‪،2007 ،‬‬
‫ص‪) 400.‬باملعنى النقدي‪ ،‬وهذه هي وظيفة اإلبستيمولوجيا وتعيين املنهج املناسب وهذا من اختصاص‬
‫امليتودولوجيا‪ ،‬كما يمكننا في العلوم االجتماعية أن « نستخدم منهجا يمكن تسميته بمنهج التركيب‬
‫املنطقي أو العقلي أو ما نطلق عليه (باملنهج الصفري ‪ )Zero Method‬ويعني تركيب نماذج ً‬
‫بناء على‬
‫افتراضات معقولة واالستعانة باملناهج اإلحصائية » (كارل بوبر‪ ،‬عقم املذهب التاريخي‪،‬‬
‫‪1959‬ص‪ )171،170.‬تجاوزا للفروق بين العلوم الطبيعية والعلوم االجتماعية كل هذا تحت الغطاء‬
‫امليتودولوجي‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫تقدم‪ ،‬يمكن أن نؤكد أن العلوم االجتماعية في حاجة ماسة لالستعانة بفلسفة‬ ‫وفي ضوء ما ّ‬
‫املناهج (امليتودولوجيا) ونظرية املعرفة (االبستيمولوجيا) تجاوزا لألزمات التي وقعت فيها سواء كانت هذه‬
‫األزمات (نظرية‪ ،‬أو منهجية‪ ،‬أو مرتبطة باملفاهيم)‪.‬‬
‫ُ ّ‬
‫وعليه ففلسفة املناهج ليست ترفا فكريا‪ ،‬بل مجال فكري خصب يوفر آليات منهجية‪ ،‬ونقدية‬
‫تعمل من خاللها –امليتودولوجيا‪ -‬على إعادة تقييم النماذج واملناهج العلمية‪ ،‬كما تدخل فلسفة املناهج في‬
‫فلسفة اختيار املوضوع‪ ،‬وصياغة الفروض‪ ،‬كما نستعير منها مبادئ عدة كمبدإ القابلية للتكذيب‪،‬‬
‫والفروض االستنباطية والتمييز بين ما هو علمي واقعي يمكن دراسته وما هو آراء وهمية واعتقادات ال‬
‫يمكن استشكالها ومباحثتها‪.‬‬
‫كما عملت اإلبستيمولوجيا ومنذ عقود على إعادة جمع شتات العلوم وذلك من خالل فروع‬
‫فلسفات العلم ومباحثها‪ ،‬هذا ما أفرز التخصصات البينية واألطروحات الفلسفية العلمية‪.‬‬
‫وإلى جانب توظيف فلسفة املناهج في مقاربات العلوم االجتماعية واإلنسانية فهي فضال عن هذا‬
‫تسعى إلى متابعة تطور الفكر العلمي في كل صوره وتقدمه فتدرس مناهجه وتحلل وتنقد نتائجه‪.‬‬

‫‪130‬‬
‫فلسفة املناهج بين الفهم وضرورة التوظيف‬

‫قائمة املراجع‪:‬‬
‫املراجع العربية‪:‬‬
‫أحمد بدر‪ :‬أصول البحث العلمي ومناهجه‪ ،‬املكتبة األكاديمية‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪،2000 ،1‬‬ ‫‪.1‬‬
‫أندريه الالند‪ :‬موسوعة الالند الفلسفية‪ ،‬تع‪ :‬خليل أحمد خليل‪ ،‬منشورات عويدات‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪2001 ،2‬‬ ‫‪.2‬‬
‫توماس كون‪ُ :‬بنية الثورات العلمية‪ ،‬تر‪ :‬حيدر حاج إسماعيل‪ ،‬املنظمة العربية للترجمة‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪2007 ،1‬‬ ‫‪.3‬‬
‫جالل الدين سعيد‪ :‬معجم املصطلحات والشواهد الفلسفية‪ ،‬دار الجنوب للنشر‪ ،‬تونس‪،2004 ،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫جمال زكي‪ :‬السيد ياسين‪ ،‬أسس البحث االجتماعي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬مصر‪1962 ،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫جورج كانغيالم‪ :‬دراسات في تاريخ العلوم وفلسفتها‪ ،‬تر‪ :‬محمد بن ساس ي‪ ،‬املنظمة العربية للترجمة‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪.6‬‬
‫ديبولد فان دالين‪ :‬مناهج البحث في التربية وعلم النفس‪ ،‬تر‪ :‬محمد نوفل وآخرون‪ ،‬مكتبة األنجلواملصرية‪ ،‬مصر‪1997 ،‬‬ ‫‪.7‬‬
‫دومنيك فينك‪ :‬علم اجتماع العلوم‪ ،‬تر‪ :‬ماجدة أباظة‪ ،‬املجلس األعلى للثقافة‪2000 ،‬‬ ‫‪.8‬‬
‫ر‪.‬ج‪ .‬كولنجوود‪ :‬مقال في املنهج الفلسفي‪ ،‬تر‪ :‬فاطمة إسماعيل‪ ،‬املجلس األعلى للثقافة‪ ،‬مصر‪،2001 ،‬‬ ‫‪.9‬‬
‫زكي نجيب محمود‪ :‬املنطق الوضعي‪ ،‬مكتبة األنجلومصرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،1961 ،2‬ج‪،2‬‬ ‫‪.10‬‬
‫زكي نجيب محمود‪ :‬أحمد أمين‪ ،‬قصة الفلسفة اليونانية‪ ،‬مؤسسة هنداوي‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪2018 ،1‬‬ ‫‪.11‬‬
‫ستار جبر حمود االعرجي‪ :‬مناهج املتكلمين في فهم النص القرآني‪ ،‬سلسلة بيت الحكمة العراقي‪ ،‬العراق‪ ،‬ط‪2008 ،1‬‬ ‫‪.12‬‬
‫سعيدي لويزة‪ :‬أسباب اختيار املوضوع (مشكلة البحث) في علم االجتماع‪ ،‬األكاديمية للدراسات االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬قسم العلوم‬ ‫‪.13‬‬
‫االجتماعية‪ ،‬ع‪ ،16‬جوان ‪،2016‬‬
‫شحاتة صيام‪ :‬النظرية االجتماعية من املرحلة الكالسيكية إلى ما بعد الحداثة‪ ،‬مصر العربية للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪2009 ،1‬‬ ‫‪.14‬‬
‫صالح قنصوة‪ :‬املوضوعية في العلوم اإلنسانية‪ ،‬دار التنوير للطباعة والنشر‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪2007 ،1‬‬ ‫‪.15‬‬
‫الطاهر وعزيز‪ :‬املناهج الفلسفية‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،1990 ،1‬‬ ‫‪.16‬‬
‫عبد القادر بشتة‪ :‬اإلبستيمولوجيا مثال فلسفة الفيزياء النيوتونية‪ ،‬دار الطليعة‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،1995 ،1‬‬ ‫‪.17‬‬
‫عبد الغني عماد‪ :‬البحث االجتماعي‪ ،‬منهجيته‪ ،‬مراحله‪ ،‬تقنياته‪ ،‬منشورات جروس برس‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،2002 ،1‬‬ ‫‪.18‬‬
‫عبد هللا محمد الشريف‪ ،:‬مناهج البحث العلمي‪ ،‬دليل الطالب في كتابة األبحاث والرسائل العلمية‪ ،‬مكتبة الشعاع للطباعة والنشر‬ ‫‪.19‬‬
‫َ‬
‫والتوزيع‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪1996 ،1‬‬
‫عبود عبد هللا العسكري‪ :‬منهجية البحث في العلوم اإلنسانية‪ ،‬دار النمير‪ ،‬سوريا‪ ،‬ط‪،2004 ،2‬‬ ‫‪.20‬‬

‫‪ .21‬علي معمر عبد املؤمن‪ :‬مناهج البحث في العلوم االجتماعية األساسيات والتقنيات واألساليب‪ ،‬دار الكتب الوطنية‪ ،‬ليبيا‪ ،‬ط‪،2008 ،1‬‬
‫‪ .22‬فوزي غرايبه وآخرون‪ :‬أساليب البحث العلمي في العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬الجامعة األردنية‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪،1987 ،1‬‬
‫‪ .23‬فيليب فرانك‪ :‬فلسفة العلم الصلة بين العلم والفلسفة‪ ،‬تر‪ :‬علي علي ناصف‪ ،‬املؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1983 ،1‬‬
‫‪ .24‬كارل بوبر‪ :‬عقم املذهب التاريخي‪ ،‬تر‪ :‬عبد الحميد صبرة‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬مصر‪.1959 ،‬‬
‫‪ .25‬ليكس روزنبرج‪ :‬فلسفة العلم مقدمة معاصرة‪ ،‬تر‪ :‬أحمد عبد هللا السماحي‪ ،‬فتح هللا شيخ‪ ،‬املشروع القومي للترجمة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪.2011‬‬
‫‪ .26‬ماثيو جيدير‪ :‬منهجية البحث‪ ،‬د‪.‬د‪ ،2015 ،‬ص‪ ،77‬متاح على الرابط التالي بصيغة )‪:(pdf‬‬
‫‪https://drive.google.com/file/d/0B9x5L29xpeaaTlFrbW9kbnM4R0E/view‬‬
‫‪ .27‬مادلين غراويتز‪ :‬مناهج العلوم االجتماعية الكتاب الثاني منطق البحث في العلوم االجتماعية‪ ،‬تر‪ :‬سام عمار‪ ،‬املركز العربي للتعريب‬
‫والترجمة والتأليف والنشر‪ ،‬طباعة‪ :‬مطبعة طربين‪ ،‬سوريا‪ ،‬ط‪1993 ،1‬‬
‫‪ .28‬محمد ثابت الفندي‪ :‬أصول املنطق الرياض ي (لوجستيقا ‪ ،)Logistic‬دار النهضة العربية‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،1972 ،1‬‬
‫‪ .29‬محمد عابد الجابري‪ :‬مدخل إلى فلسفة العلوم العقالنية املعاصرة وتطور الفكر العلمي‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،5‬‬
‫‪،2002‬‬
‫‪ .30‬محمد علي أبو الريان‪ ،‬عباس محمد حسن سليمان‪ :‬مدخل لدراسة الفلسفة اإلسالمية‪ ،‬دار املعرفة الجامعية‪،‬ط‪ ،1‬مصر‪،2015 ،‬‬
‫‪ .31‬محمود زيدان‪ :‬مناهج البحث الفلسفي‪ ،‬الهيئة املصرية العامة للكتاب‪ ،‬مصر‪،1977 ،‬‬
‫‪ .32‬محمود زيدان‪ :‬نظرية املعرفة عند مفكري اإلسالم وفالسفة الغرب املعاصرين‪ ،‬مكتبة املتنبي‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬ط‪2012 ،1‬‬
‫‪131‬‬
‫حنان برقرق‬

،1983 ،1‫ ط‬،‫ لبنان‬،‫ دار الحداثة‬،‫ ماهي اإلبستيمولوجيا؟‬:‫محمد وقيدي‬ .33
‫ دار‬،‫ سعيد سبعون‬،‫ كمال بوشرف‬،‫ بوزيد صحراوي‬:‫ تر‬،‫ منهجية البحث العلمي في العلوم اإلنسانية تدريبات عملية‬:‫موريس أنجرس‬ .34
،2006 ،2‫ ط‬،‫ الجزائر‬،‫القصبة للنشر‬
،2000 ،1‫ ط‬،‫ لبنان‬،‫ دار الفكر املعاصر‬،‫ املرأة والدين واألخالق‬،‫ هبة رؤوف عزت‬:‫نوال السعداوي‬ .35
2014 ،‫ مصر‬،‫ مؤسسة هنداوي‬،‫ مشكلة العلوم اإلنسانية تقنينها وإمكانية حلها‬:‫يمنى طريف الخولي‬ .36
،2014 ،1‫ ط‬،‫ مصر‬،‫ مؤسسة هنداوي‬،‫ تاريخ الفلسفة اليونانية‬:‫يوسف كرم‬ .37

:‫املراجع األجنبية‬
1. Joseph T. Tennis: Epistemology, Theory, and Methodology in Knowledge Organization: Toward a Classification,
Metatheory, and Research Framework, The Information School of the University of Washington,2008( ). In Knowledge
Organization. 35(2/3): 102-112
2. Matthew Knachel : Fundamental Methods of logic, University of Wisconsin Milwaukee, UWM Digital Commons ,
Philosophy Faculty Books, 2017
3. Mohammad Nashir Uddin, Mohammad Hamiduzzaman: The Philosophy of Science in Social Research, Uluslararası
Sosyal Aral tırmalar Dergisi The Journal of International Social Research Volume 2/6 Winter 2009,
4. Paul Foulquie: dictionnaire de la langue philosophique, PUF, Paris, 1er ed, 1962
5. pythagoras and his theorem, pannelli pitagora inglese.doc, on:
https://php.math.unifi.it/archimede/archimede/traduzioni-multilingue/pitagora/ pannelli_ inglese. pdf
6. Ridiculum acri: La petite Enscyclopédie, ou dictionnaire des philosophes, Jean Gasbeck Imprimeur Libraire
7. Robert Audi: The Cambridge dictionary of philosophy, second edition, Cambridge University Press, 2 nd Ed, United
Kingdom, 1999.

132

You might also like