You are on page 1of 4

‫تحليل قصة نخلة على الجدول‬

‫األفكار الرئيسة في قصة نخلة على الجدول‪:‬‬


‫قصة نخلة على الجدول كانت اإلنتاج األدب ّي األ ّول الذي ينشره الطيّب صالح‪ ،‬وكان ذلك عام ‪1953‬م حين وضع أقدامه في العاصمة‬
‫صة ‪،‬وتدور القصّة حول ع ّدة أفكار رئيسة تنتظم معًا لتكوين القصة العا ّمة‪ ،‬ومن تلك‬ ‫اإلنجليزيّة لندن وقد أذاع الطيّب صالح هذه الق ّ‬
‫األفكار الرئيسة في قصة نخلة على الجدول ما يأتي‪:‬‬
‫ق ّو ة اإليمان باهلل تعالى‪ :‬إذ تدور على لسان بطل القصة "الشيخ محجوب" عبارة "يفتح هللا" التي تش ّكل عقيدة راسخة في‬ ‫‪‬‬
‫بعد عنه هذه الجملة طمع الجشعين‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وجدان ذلك الرجل تجعله يحسّ بحالوة اإليمان‪ ،‬وفي نفس الوقت ت ِ‬
‫تصوير بيئة الريف السوداني الفقير‪ :‬فالقصة تحكي حال السودانيّين في األرياف الفقيرة وما يمرّون به من مشاهد يوميّة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ولع ّل القصّة تص ّور حال تلك القرية عشيّة عيد األضحى المبارك‪.‬‬
‫تصوير صراع طبقات المجتمع‪ :‬فكان في القصة صراع واض ٌح بين شخصيّتين‪ :‬األولى تمثّل الفئة التي تكون أقرب للفقر‬ ‫‪‬‬
‫في المجتمع‪ ،‬ويمثلها الشيخ محجوب‪ ،‬والثانية تمثّل االستغالليّين واالنتهازيّين من التجّار الذين يحبّون استغالل حاجة‬
‫الفقراء لكسب ما يريدون بثمن زهيد‪ ،‬وهذه الفئة يمثّلها التاجر حسين الذي أراد شراء النخلة بأق ّل م ّما تساوي مستغاًّل حاجة‬
‫الشيخ محجوب للمال لتأمين احتياجات العيد‪ .‬صدق التو ّكل على هللا‪ :‬ففي النهاية تُح ّل مشكلة الشيخ محجوب الذي كان قاب‬
‫ت طويل مضى عليه وهو على حال‬ ‫قوسين أو أدنى من بيع نخلته‪ ،‬وذلك بقدوم ابنه الذي يُعيد الفرح إلى قلب والده بعد وق ٍ‬
‫ضا يحصل الشيخ محجوب على أضحية ليذبحها يوم العيد‪.‬‬ ‫من الفاقة والحاجة ونفور الناس عنه وغير ذلك‪ ،‬وأي ً‬

‫الشخصيات وداللتها في القصة ‪:‬‬


‫‪.١‬النخـلة‪:‬‬
‫هذه الشخصية المعنوية التي وردت في العنوان تضطرنا إلى االستغراق بالبعد الصوفي للقصة‪ ،‬ذلك البعد الذي يحمل في طياته‬
‫ب هَّللا ُ‬ ‫ض َر َ‬
‫ْف َ‬ ‫رموز النخلة دينيا وصوفيا‪ ،‬ويكفي أن نستحضر بمثالين للنخلة في القرآن الكريم‪ :‬األول في قوله تعالى ‪َ ﴿ :‬ألَ ْم َت َر َكي َ‬
‫َأْل‬ ‫ُأ‬
‫اس َل َعلَّ ُه ْم‬ ‫ِين بِِإ ْذ ِن َر ِّب َها َو َيضْ ِربُ هَّللا ُ ا ْم َثا َل لِل َّن ِ‬
‫ت َو َفرْ ُع َها فِي ال َّس َما ِء‪ُ )24( ‬تْؤ تِي ُكلَ َها ُك َّل ح ٍ‬ ‫َمثَاًل َكلِ َم ًة َط ِّي َب ًة َك َش َج َر ٍة َط ِّي َب ٍة َأصْ لُ َها َث ِاب ٌ‬
‫َي َت َذ َّكر َ‬
‫‪1‬‬
‫ُون (‪) )25‬‬
‫فهي أي النخلة‪ ،‬هنا مثلها كمثل المؤمن الذي يبدأ عمله في األرض ويرتقي ويصعد إلى السماء ليتقبل منه‪ ،‬فاألصل الثابت هو العمل‬
‫المتقبل عند هللا‪ ،‬أو هو اإليمان الراسخ‪ ،‬وأما األكل فهو الثمر الذي يجني المؤمن من عمله‪ ،‬أما المثال الثاني للنخلة من القرآن فهو‬
‫اس َكَأنَّهُ ْم َأ ْع َجا ُز ن َْخ ٍل ُم ْنقَ ِع ٍر)‪ ،2‬وقال تعالى‪( :‬س َّخ َرهَا َعلَ ْي ِه ْم‬ ‫ع النَّ َ‬‫مثل األمم السالفة كمثل النخل المنقعر الخاوي‪ ،‬فقد قال تعالى‪ (:‬تَ ْن ِز ُ‬
‫َاويَ ٍة‪ ،3) ‬نتوصل إلى أن الشيخ محجوب لم يكن ليتخلى عن‬ ‫ِ‬ ‫خ‬ ‫صرْ ع َٰى َكَأنَّهُ ْم َأ ْع َجا ُز ٍ‬
‫ل‬ ‫ْ‬
‫َخ‬ ‫ن‬ ‫َس ْب َع لَيَا ٍل َوثَ َمانِيَةَ َأي ٍَّام حُ سُو ًما فَتَ َرى ْالقَوْ َم فِيهَا َ‬
‫نخلته كي يظل هو ذلك المؤمن المسلم أمره في بارئه كما في المثال األول عن النخلة وكي ال يكون هؤالء القوم الذين حل عذاب هللا‬
‫ورجزه‪ ،‬فكانوا كالنخل المقلوع سيء القحط والمحل لم يذهب أدراج الرياح‪ ،‬بل لقي جناه رطبا حين فاجأه ابنه حسن بالطرد والمال‬
‫عشية العيد‪ ،‬ونجد ذلك عندما تقدم الشاب من الشيخ محجوب وقال له‪" :‬حسن مبسوط‪ ،‬قال لك تعفي عنه‪ ،‬أرسل لك ثالثين جنيه‬
‫وطرد المالبس "‬
‫وقد مثلت شخصية النخلة في القصة ذلك الناموس الذي أطرد إليه الشيخ محجوب التاجر المساوم الذي أراد أن يبتاع شعار الشيخ لقاء‬
‫عشرين جنيه‪.‬‬

‫‪.٢‬الشيـخ محجوب‪:‬‬
‫يبدأ بعبارة "يفتح هللا"‪ ،‬شخصية نموذجية‪ ،‬وذلك ألنها لم تتغير على مدار مجريات الحدث‪ ،‬بل وظلت متمسكة بشعارها "يفتح هللا"‬
‫وقد استطاع الشيخ محجوب تعليل ارتكازه إلى هذا الشعار خير تعليل‪ ،‬أما مزايا الشخصية النموذجية‪ ،‬تمثل شريحة معينة من‬
‫المجتمع‪ ،‬هي مثل أعلى يقتدي به‪ ،‬هي ريادية قيادية‪ ،‬ثابتة األنماط السلوكية ال تحيد عن المبدأ المحرك لها والموجه‪ ،‬تنمو مع الحدث‬
‫وال تتغير بما يفاجئها إال إلى المثل األعلى‪ ،‬تتركز حولها جميع األحداث الفرعية‪ ،‬وهكذا كان الشيخ محجوب من البداية أعلن شعاره‪:‬‬
‫"يفتح هللا" ولم يتنازل عنه‪ ،‬وقد انتهى القصة بالشعار نفسه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫سورة إبراهيم‪ $‬اآلية‪2٥-24 :‬‬
‫‪2‬‬
‫سورة القمر اآلية‪٢٠:‬‬
‫‪3‬‬
‫سورة الحاقة اآلية‪٧:‬‬
‫‪ .٣‬حسـين التاجر‪:‬‬
‫هو شخصية مساعدة لتفعيل شخصية الشيخ محجوب‪ ،‬فنجده يحفز الشيخ محجوب ويحقه لترديد شعاره "يفتح هللا"‪ ،‬وقد أحسن الراوي‬
‫وبرع في تقديمه ووصفه بذلك الشخص الدنيوي النفعي المادي المتهافت على المادة تهافت الذباب على النار تحرقه‪ ،‬وقد قرنه‬
‫بشخصية حماره‪ ،‬الذي لم يدخر له وصفا إال نعته به‪ ،‬وذلك لتشبيهه به "فالحمار تململ في وقفته" "والحمار كأنه قد تبرم بهذه‬
‫المساومة التي لم يكن من ورائها طائل "‪ ،‬والحمار نهق بتزامن مع حديث التاجر وتذكيره للشيخ بأنهما في صدد مساومة على نخلة‪،‬‬
‫والحمار لم يكد يغيب عن بصر الشيخ محجوب وإذا بالبشرى السارة تزفها ألبيها الشيخ‪ ،‬فالحمار مقرون بقرينة التاجر حسين وقد‬
‫جاء هذا اإلقران بصورة تهكمية فاضحة صارخة للتعبير عن استياء الراوي مما يدور في المجتمع السوداني من استغالل ألوضاع‬
‫الناس في سنين القحط باقتناص ممتلكاتهم ليبيعوها بأزهد األثمان‪ ،‬والتاجر هنا بمثابة اإلبليس الذي يغوي ويغري الشيخ أن يبيع‬
‫نخلته‪ ،‬لذا جاء فشله ذريعا ليدل على خيبة المستغلين المنتهزين مصاصي دماء الشعوب البسيطة‪.‬‬

‫‪.٤‬حسـن‪:‬‬
‫تلك الشخصية التي لم تعرف عليها إال على لسان الشيخ محجوب‪ ،‬فقد ذكره في إحدى مناجياته أثناء المساومة‪ ،‬وقد قال عنه "ليت‬
‫حسنا كان مثلها عطوفا بارا "(أي مثل آمنة التي برت بوالديها)‪ ،‬حسن ابنه الوحيد‪ ،‬سافر قبل خمسة أعوام إلى مصر ومن وقتها لم‬
‫يرسل خطابا واحدا يطمئنهم فيه عن صحته"‪ ،‬فقد تذكره "صبيا يساعده في أعمال الساقية‪ ،‬ثم شابا يافعا يشب عن الطوف‪ ،‬ويهجر‬
‫األهل والدار‪ ،‬وينسى حقوق األبوة‪ ،‬وال يسأل عن األحياء وال األموات" حتى قال فيه "الزول (الفتى)‪ ،‬إن أباك (عصاك ولم يطعك)‬
‫خليه (خل سبيله وتسأل عنه) واقنع منه (اتركه لحاله)‪ ،‬وكم هللا من دفن الجني (فلذة الكبد والرحم أي الوالدين اللذين أنجباه)‪ ،‬وفات‬
‫منه (تخلي عنه)"‪ ،‬إشارة إلى العقوق الكبير‪ ،‬حتى النعجة "البرقاء" التي رباها حسن فتلت بها يد المحل كي ينسى الشيخ أي صلة‬
‫بحسن المقاطع‪ ،‬وإذا بحسن هذا يفاجئ والده بالمال والطرد‪ ،‬وقد جاء بالبشرى‪ ،‬تزفها له ابنته أمنة‪ ،‬التي تعلن للشيخ‪ ،‬أن حسن لم يعق‬
‫والديه وها هو يرسل ماال وطردا‪ ،‬حسن هو البشير المخلص من الظلمات إذا ألمت‪ ،‬إذن فحسن شخصية مغيبة‪ ،‬ليست حاضرة في‬
‫القصة‪ ،‬ولكنها هي الحل‪ ،‬واالنفراج لألزمة‪ ،‬حسن تلك الشخصية التي جاءت بالفرج على الشيخ‪ ،‬فهي الحل الحسن والمال الحسن‬
‫والنهاية الحسنة التي رآها الشيخ محجوب خالل استغراقاته عن الحضور في المساومة‪ ،‬ولكنه لم يقلها لهم إال أنه كان يعلم ماال‬
‫يعلمون هم‪ ،‬يعلم أن هللا فاتح عليه فتحا مبينا‪.‬‬

‫دراسة القصة‪:‬‬
‫يبدأ الكاتب القصة بحالوة االيمان وعذوبة ربط االعتقاد وبالسلوك االسالمي "يفتح هللا" ذلك المفتاح الذي يضعك منذ اللحظة االولى‬
‫ايماني تحيطه ارادة هللا ليكون تلخيصا ً لمبدأ ذلك الفالح الشيخ محجوب الخارج من اعماق الريف جاعالً من هذه العبارة‬ ‫ٍ‬ ‫في ج ٍو‬
‫حمايةً له من التاجر حسين‪" .‬يفتح هللا" ينطق بها الشيخ محجوب الفالح الذي ال يملك من دنياه غير هذا الدعاء ونخلته التي يساوم‬
‫عليها الستقبال مناسبه عزيزة على قلبه هي عيد االضحى‪.‬‬
‫يوظف الكاتب تقنية االسترجاع في قصته محققا ً من خاللها قدرا عارما من المفارقة التي تعد ملمحا بارزا في نصوص الطيب صالح‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫القصصية ونرى ذلك حين يستعيد شيخ محجوب ماضيه السابق(يعود خمسا ً وعشرين عاما ً الى الوراء)لتحدث مقارنة بين ذلك‬
‫الماضي البهيج وهذا الحاضر المؤلم‪.‬‬
‫يعرض الطيب صالح في قصته نخله على الجدول عدداً من العادات والتقاليد التي تميّز البيئة السودانية مثل ‪:‬‬
‫االستعداد للعيد(لعيد االضحى) وذبح األضحية وشراء المالبس الجديدة والتوجه للمسجد ألداء الصالة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫كل ما يتعلق بالعرس واالستعداد له مثل ‪:‬لبس حريرة العرس والتمسح بالدلكة ووضع الضريرة على الرأس واالغاني‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تسمية المولود تيمنا ً بالجدة ووفاء لذكراها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إسقاء النخلة من ابريق الوضوء وقراءة ما تيسر من القرآن الكريم عليها لتنمو وتكبر بشكل افضل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫النقوط في العرس‪،‬تبرعات للعرس(خمسة قروش) وزجاجة من السمن وكيالً من أجود انواع التمر‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المرسال القادم من مصر ليطمئن االهالي على اوالدهم في الغربة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تحليل قصة نخلة على الجدول‪:‬‬


‫إن قصة نخلة على الجدول تُع ّد أ ّول ما كتب الروائي العبقري الطيب صالح ‪-‬رحمه هللا‪ -‬فكانت القصة حديثة عهد بفكر صاحبها‪،‬‬ ‫ّ‬
‫صة كذلك بسيطة تعبر عن الرجل‬ ‫تحمل معها الريف السوداني النق ّي الطيّب بك ّل ما فيه من جمال وبساطة‪ ،‬وكانت شخصيّات الق ّ‬
‫السوداني الذي يختبئ بين ضلوع الطيب صالح‪ ،‬ويمكن تحليل قصة نخلة على الجدول من خالل تقسيمها إلى محاور ع ّدة‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫‪-٣‬مضمون القصة(الزمان والمكان) ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صة نخلة على الجدول يمكن البدء بالتحدث عنه من المكان والزمان‪،‬‬ ‫إن مضمون ق ّ‬ ‫ّ‬
‫فالمكان هو ‪:‬قرية في ريف السودان ‪ ،‬مصر‪ ،‬الغابة ‪ ،‬وتش ّكل عناصر القصة األخرى بيئة متكاملة من حيث المكان؛‬ ‫‪‬‬
‫فيص ّو ر الكاتب الجدول وهو أحد الموارد المائية المسطحة عباره عن نهر صغير دائم الجريان أحواض الذرة وغابة النخيل‬
‫والجرود ونخلة الشيخ محجوب باإلضافة لبعض الحيوانات التي يت ّم بها المشهد الريفي العذب ‪ ،‬والبيت في قوله "وفي‬
‫الطريق إلى بيته تحسس الرجل رزمة المال التي صرها جيداً في طرف ثوبه "‬
‫أ ّم ا الزمان فهو‪ :‬في اليوم السابق ليوم عيد األضحى المبارك ‪،‬فتبدأ أحداث القصّة مص ّورة حال الشيخ محجوب قبيل العيد‬ ‫‪‬‬
‫ب رثّة‪.‬‬ ‫وهو يعاني الفاقة ويخشى أن يراه الناس صبيحة العيد وهو بثيا ٍ‬

‫‪-٢‬الحبكة (نهاية الصراع بين الشيخ محجوب والتاجر الجشع)‪:‬‬


‫ص ة نخلة على الجدول من البداية مع تصوير معاناة الشيخ محجوب وهو ينظر ألبنائه الذين يطالبونه بثياب‬‫تبدأ الحبكة في هذه ق ّ‬
‫ّ‬
‫جديدة أسوة بأصحابهم الذين اشترى لهم أهلهم ثيابًا جديدة‪ ،‬ويتمثل الصراع هنا بين الشيخ محجوب والتاجر الجشع الذي يريد‬
‫استغالل حاجته لمتطلبات العيد ويشتري نخلته بثمن بخس‪ ،‬وتصل العقدة إلى ذروتها حين يدور صراع داخل رأس الشيخ محجوب‪،‬‬
‫حول ابنه الذي رحل إلى مصر للعمل منذ خمس سنوات ولم يرسل لهم مكتوبًا‪ ،‬وينتهي هذا الصراع حين تأتي الفتاة الصغيرة بطر ٍد‬
‫من مصر فيه ثياب جديدة للعيد ومبلغ من المال يح ّل مشكلة الشيخ محجوب ويشتري كذلك أضحية للعيد‪.‬‬

‫‪-٣‬اللغة واألسلوب في قصة نخلة على الجدول‪:‬‬


‫بدا الطيب صالح في هذا القصة متم ّكنًا من اللغة قابضًا عليها عال ًما بكنهها وقد أحسن توظيفها على نحو بديع؛ فعندما يتح ّدث الراوي‬
‫فإن اللغة تصعد معه عاليًا إلى العربية الفصحى العالية‪ ،‬فيُظهر الطيب صالح من خاللها مقدرته‬ ‫البليغ العالم بمجريات األحداث ّ‬
‫اللغوية العالية في اللغة والسرد‪ ،‬ولكنّه يراعي الشخصيات وعندما يتح ّدث ك ّل واحد منهم بلسانه فغنّه يختار له لغة تناسبه؛ فالصغيرة‬
‫التي لم يستقم لسانها بعد كانت لغتها تختلف عن الكبير‪ ،‬ومعظم الحوار كان بالعامية السودانية التي يتقنها الرجل كثيرًا فهي لغته األم‪،‬‬
‫وكذلك لك ّل امرئ في القصة معجمه اللغوي الخاص به‪ ،‬وكذلك ظهر المعجم الديني الزاخر الذي يحمله الطيب صالح معه في القصة‬
‫من خالل االستشهاد ببعض اآليات القرآنيّة وبعض األذكار واألدعية كذلك‪.‬‬

‫هدف القصة‪:‬‬
‫جاءت قصة نخله على الجدول لتعالج قضيتين هامتين في المجتمع السوداني‬
‫أولهما انتهازية التجار واصحاب رؤوس االموال واستغالل الفقراء الفالحين وبهذا يسلط الكاتب الضوء على قضيه اجتماعيه من‬
‫الدرجة االولى(البساطة والفقر امام القوه ورأس المال)‪.‬‬
‫أما القضية الثانية فهي قضيه ذاتيه وهي قضية االيمان باهلل وبالقضاء والقدر التي كانت سببا ً في حل أزمة شيخ محجوب‪.‬‬
‫يظهر لنا الطيب صالح في هذه القصة مثاالً للمسلم المتدين حتى النخاع‪ .‬كتابات الطيب صالح رافضه لالنتهازية ولالستغالل متأثره‬
‫بالمدرسة الواقعية االشتراكية التي سيطرت على المزاج االدبي بالخمسينات من القرن الماضي‪ .‬وال تُخفينا النظرة االشتراكية التي‬
‫ظهرت في كتاباته مما جعلت البعض يعتقد ان الطيب صالح من الشيوعيين االشتراكيين ولكن من ناحية اخرى برز في أدبه ايمانه‬
‫باهلل مما جعل االسالميين يعتبرونه من رجاله‪ .‬ولكن في الحقيقة الطيب صالح لم يحسب ال على االسالميين وال على االشتراكيين انما‬
‫هو واح ٌد من ابناء المجتمع السوداني الذي اهتم لقضاياه وسكب معاناته داخل قصصه‪.‬‬

‫المراجع‪:‬‬
‫قصة نخلة على الجدول ‪ ،‬األديب السوداني الطبيب صالح‬

You might also like