You are on page 1of 6

‫تحليل قصة "نخلة على الجدول"‬

‫‪ - 1‬المضمون‪:‬‬
‫تتخذ األحداث مكانها‪ ,‬في قرية ريفية من قرى السودان‪ ،‬حيث تجتمع مقومات الحياة المختلفة بشكل متكامل لتشكل خلفية فنية للحدث الذي‬
‫ال بد وأن يتفق مع الخصائص المكانية للنص؛ فـنجد "الشيخ محجوب" يتأمل الصور‪:‬‬
‫غابة النخيل – أحواض الذرة الناضجة التي لم تحصد بعد – األحواض الجرداء العارية التي قطعت منها الذرة – نخلة محجوب‪ -‬ساقية‬
‫أبيه‪ -‬سرحت على بقاياها قطعان الضأن والماعز‪ – ,‬حمار حسين التاجر – جمع الحشيش للنعجة وأشركها طعامه‪ ,‬وأنامها‪ ,‬في فراشه –‬
‫حمار التاجر ‪...‬الخ‬
‫هذه الكائنات المتفرقة إذا جمعناها ومزجناها في قالب واحد الستطعنا أن ننظر إلى الزاوية المكانية التي تجري فيها األحداث من خالل‬
‫عدسة مقعرة‪ ،‬لنرى كيف يتسم هذا المكان‪ ,‬ببساطة العيش‪ ،‬وبدائية الحياة‪ ،‬وانسيابية التعايش‪ ,‬البشري مع النباتي والحيواني‪ ،‬وكيف تعمل‬
‫هذه الخصائص على صياغة الحدث الذي يتوقع أن يتناسب وإياها في القرية البسيطة التي يستقل أهلها الحمير للركوب‪ ،‬ويلبس العمامة‪,‬‬
‫على رأسه‪ ،‬ويقتات على النخلة‪.‬‬
‫أما الزمان‪ ,‬فالمشهد يقع في اليوم السابق ليوم العيد‪ ،‬حيث الناس مسرورون بمقدمه وقد ابتاعوا ألنفسهم الجديد من الملبس والوافر من‬
‫الرياش استعدادا وبهجة‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫" أجل‪ .‬غدا عيد األضحى حين يخرج الناس مع شروق الشمس في ثيابهم الجديدة‪ ،‬ويصلون مجتمعين على مقربة من ضريح الشيخ‬
‫صالح "‬
‫كما أن هناك عوامل زمنية أخرى‪ ،‬وهي وإن لم تكن مباشرة‪ ,‬ولكنها‪ ,‬تؤثث للحدث‪ ،‬وتنزع نحو تكثيفه بصورة أكبر؛ حتى يتصور القارئ‬
‫الوضع بكل تفاصيله فيتفاعل‪ ,‬مع الحدث‪ ،‬وتتمثل مثال في‪ :‬كبر سن الشيخ محجوب‪ ،‬ووصول ابنه حسن سن المراهقة وخروجه عن‬
‫العائلة متوجها إلى مصر للعمل فيها وقد أمضى خمس سنوات لم يرسل ألهله كتابا‪ ،‬وزواج ابنته خديجة وانتقالها للعيش مع زوجها في‬
‫صعيد مصر‪ .‬فهذه الخصائص الزمانية ال تقل أهمية عن الزمان اآلني في تشكيل صورة أوسع عن الحالة التي عليها‪ ,‬الشخصية‪ ،‬و هذه‬
‫العوامل تعمل مجتمعة على تسيير الحدث وبناء الحبكة‪.‬‬
‫هذه المشاحنات المكانية والزمانية‪ ,‬المتراكمة‪ ,‬على كاهل الشيخ محجوب شكلت منه شخصية تصارع هموما وأحزانا‪ ،‬وتبغي من هذا‬
‫خالصا زائفا ال يستنقذه منه إال الحظ‪ .‬ويالحظ أن الطيب صالح‪ ,‬قد تمكن من صنع شخصيته وإبراز مالمحها‪ ,‬النفسية المكتئبة‪.‬‬
‫تبدأ أحداث القصة بالشيخ محجوب وقد ثقل عليه ه ّم العيد في ظل معاناته الفقر‪ ،‬وتكبده حاله الرثة‪ ،‬وعدم مقدرته على توفير الملبس‬
‫الجديد لزوجته‪ ،‬وابنته التي يتصاعد الحدث بمطالبتها إياه بأن يوفر لها فستانا كفساتين أترابها فيزداد ألمه الداخلي بمجرد تفكيره‪ ,‬في ذلك‪.‬‬
‫وحين يرفض التاجر حسين أن يقرضه المزيد من المال فإن الدنيا تسود في عينيه‪ ،‬فتتعقد الحبكة تدريجيا‪ ،‬وآنذاك يظل الشيخ غير قادر‬
‫على أن ينفك من التفكير في كيف سيواجه الناس صباح العيد بمالبسه القديمة‪ .‬وتصل العقدة ذروتها حين يتذكر ابنه حسن الذي هجرهم‬
‫منذ خمس سنوات للعمل في مصر دون أن يتلقوا منه كتابا واحدا وهو من ترعرع بين أحضانه وأكل من كسب يده‪ ،‬وفجأة يصطدم هذا‬
‫التضارب النفسي بخبر تسوقه آمنة الصغيرة‪ ,‬مبشرة بخبر وصول جواب من حسن‪ .‬هنا يبدأ الحدث بالتناقص والحبكة باالنفكاك ليجد أن‬
‫ابنه قد أرسل له طردا به مالبس جديدة وصرة نقود يدفع بها عوزه‪ ،‬فينطلق على حماره مسرورا جذالنا‪.‬‬
‫إذن فالشيخ محجوب يمثل الشخصية البطل التي تثبت صفاتها‪ ,‬على طول مجرى القصة في سمات البساطة والفقر‪ ،‬ولكنها تمتزج وتتفاعل‬
‫مع المحيط من حولها والظروف التي تعاني منها (كالفاقة إبان العيد‪ ،‬ونفور ابنه والناس عنه‪ ،‬واقتصار قوته على نخلة جريد يتيمة)‪،‬‬
‫وتتفاعل‪ ,‬مع شخصيات أخرى في المجتمع تمثل شخصيات معارضة‪ ,‬كحسين التاجر الذي يرفض أن يقرضه مزيدا من المال وهو في‬
‫أوضع أحواله‪ ،‬وكذلك ابنته آمنة التي تطالبه بثوب جديد للعيد كأثواب صويحباتها وهو يتألم في نفسه من عدم قدرته على توفيره‬
‫خصوصا وأنه فقد كل ممتلكاته من الغنم والبقر‪ ،‬وابنه حسن الذي هجرهم ونساهم وهم في حال يرثى لها‪ .‬هذه الشخصيات تظل في‬
‫تصادم مستمر مع النفسية التي يعاني منها الشيخ محجوب‪ ،‬وتكثف ألمه ومعاناته‪ ،‬وهنا يتمثل الصراعان المزدوجان‪ :‬الصراع الداخلي –‬
‫متمثال في رثائه لحاله التي أضحت ضيقا بعد بسطة‪ ،‬وكآبة وهما بعد سرور وسعادة‪ ،‬والصراع الخارجي – متمثال في نفور الناس عنه‬
‫وتكالب الدنيا عليه بانعدام مصدر الرزق وذهاب المعين‪.‬‬
‫ينطلق الكاتب في تبريز الحدث منطلق (الراوي) السارد العليم الذي يدرك ما تخفيه الصدور‪ ،‬فنجده يصور لنا ما يدور في خلج الشيخ من‬
‫تذكر ألوضاعه المعيشية وسالف عهده الذي أضاعه في اللهو بعد أن كان ميسور الحال‪ ،‬وما آلت إليه أحواله اآلن‪ ،‬رغم أن القارئ يجده‬
‫مع جريان الحدث وانسيابيته كأنما‪ ,‬يتحول إلى وصف محايد وهو في الحقيقة قد انطلق من قراءة داخلية لما يعتمل في صدر الشخصية‬
‫التي هي الشيخ محجوب‪.‬‬
‫من الجلي أن الكاتب يهدف من هذا النص إلى إبراز مشكلة الفقر في المجتمع الريفي السوداني‪ ،‬وما يعانيه المرء من ضيق الحال وشح‬
‫المال‪ ،‬ويطرح حال لها وهو خروج األبناء للعمل في بالد الخارج ومعاونة أهلهم على تحسين أحوالهم المعيشي‬
‫‪ - 2‬دراسة القصّة‬
‫يبدأ الكاتب القصة بحالوة االيمان‪ ,‬وعذوبة ربط االعتقاد وبالسلوك االسالمي "يفتح هللا" ذلك المفتاح الذي يضعك منذ اللحظة االولى في‬
‫ً‬
‫حماية له من‬ ‫جو ايمانيٍ تحيطه ارادة هللا ليكون تلخيصا ً لمبدأ ذلك الفالح ألشيخ محجوب الخارج من اعماق الريف جاعالً من هذه العبارة‬ ‫ٍ‬
‫التاجر حسين‪" .‬يفتح هللا" ينطق بها الشيخ محجوب الفالح الذي ال يملك من دنياه غير هذا الدعاء‪ ,‬ونخلته التي يساوم عليها الستقبال‬
‫مناسبه عزيزة‪ ,‬على قلبه هي عيد االضحى‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يوظف الكاتب تقنية االسترجاع في قصته محققا من خاللها قدرا عارما‪ ,‬من المفارقة التي تعد ملمحا بارزا في نصوص الطيب صالح‬
‫القصصية ونرى ذلك حين يستعيد شيخ محجوب ماضيه السابق(يعود خمسا ً وعشرين عاماً‪ ,‬الى الوراء)لتحدث مقارنة بين ذلك الماضي‬
‫البهيج وهذا الحاضر المؤلم‪.‬‬
‫يستمد الطيب صالح صوراً من البيئة السودانية ‪ :‬غابة النخيل‪ ,‬احواض الذرة‪ ,‬الساقية ‪ ,‬القطعان(الضأن والماعز)‪...‬‬
‫وذلك لينقل لنا مكانية‪ ,‬النص ويربطها بأحداث القصة التي تجري وتقوم في قرية ريفيه في قرى السودان فنرى هذا المكان ببساطة العيش‬
‫وبدائية الحياة وانسيابية التعايش‪ ,‬البشري مع النبات والحيوان‪.‬‬
‫ُأ‬
‫اما الزمان‪ ,‬فالمشهد يقع في اليوم السابق ليوم العيد(عيد االضحى) حيث الناس مسرورون بقدومه‪ .‬حضروا الجديد من المالبس و ضحيتهم‬
‫اال الشيخ محجوب الذي كان‪ ,‬في تلك اللحظة يساوم على بيع نخلته‪.‬‬
‫تتكئ نخله على الجدول اذاً على تفعيل آلية التذكر فالحدث المركزي‪ ,‬بداخلها(بيع النخلة)‪ ,‬قاد ٌر على استعادة حوادث اخرى ترتبط بتاريخ‪,‬‬
‫امتالك شيخ محجوب لهذه النخلة التي اصبحت فيما بعد جزءاً ال يتجزأ منه‪ .‬فأصبح لها حضوراً الفتا ً وهاما ً في حياته حيث ترتبط لديه‬
‫بذكريات سعيدة وتبدل ايجابيا ً في مسار حياته(وصارت الحياة رغداً كأنما‪ ,‬استجاب هللا دعاءه يوم شق في االرض على حافة الجدول‬
‫وغرس النخلة ‪,‬لقد استغنى عن أبيه وبنى لنفسه بيتاً)‪.‬‬
‫اللغة في القصة‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ظهر الطيب صالح متمكنا‪ ,‬قابضا على زمام اللغة العربية باعتبارها‪ ,‬صيغة مركزية من صيغ بناء العمل السردي‪ .‬منتبها وواعيا الى‬
‫ضرورة مالءمة اللغة للشخصيات المختلفة فنجد اللغة عالية في السرد عندما يتحدث الراوي بينما تهبط الى العامية السودانية عندما‪ ,‬تكون‬
‫على لسان الصغار‪ .‬ونجد اللغة العامية في الحوارات الشفوية التي دارت بين الشخصيات وهو ينزل اليها(للعامية)‪ ,‬لتناسب مقام المتحدث‬
‫ذاته فحين تتحدث آمنه الصغيرة‪ ,‬تقول‪( :‬الناس دالو ود ست البنات دا من مصر وداب لنا معا دواب من حسن أخوي) حيث نالحظ ان‬
‫لسان الطفلة لم يستقم على االحرف الصحيحة بعد‪ ,‬مثل‪ :‬داب‪ -‬جاب ‪,‬دواب‪ -‬جواب‪.‬‬
‫لم تخ ُل لغته من صبغ ٍة ديني ٍة كتضمينه‪ ,‬آيات من القرآن الكريم او بعض األدعية كقوله‪" :‬بسم هللا ما شاء هللا ال حول وال قوة اال باهلل"‪" ,‬انا‬
‫فتحنا لك فتحا ً مبيناً‪ ..‬سورة الفتح" ‪.‬وتار ًة يوظف الشعر الشعبي‪:‬‬
‫"الدنيا بتهينك والزمان‪ ,‬يوريك وقل المال يفرقك من بنات واديك"‬
‫وبذلك استطاع ان يضمن لقصصه بواسطة هذه اللغة العالمية والقبول االوسع‪ ,‬توظيف اللهجة المحكية السودانية سببه وهدفه هو تكثيف‬
‫الواقعية في القصة (سواء كان بالجمل التي قيلت على لسان الصغير هاو ببيت الشعر او بأسماء‪ ,‬النباتات التي ذكرها)‪.‬‬
‫الواقعية االجتماعية‪ ,‬في القصة‪:‬‬
‫يعرض الطيب صالح في قصته نخله على الجدول عدداً من العادات والتقاليد التي تميّز البيئة السودانية مثل االستعداد للعيد(لعيد‬
‫االضحى) وذبح األضحية وشراء المالبس الجديدة والتوجه للمسجد ألداء الصالة‪.‬‬
‫كل ما يتعلق بالعرس واالستعداد له مثل ‪,‬لبس حريرة العرس والتمسح بالدلكة ووضع الضريرة‪ ,‬على الرأس واالغاني واالهازيج‪.‬‬
‫تسمية المولود تيمنا ً بالجدة ووفاء لذكراها‪.‬‬
‫التبرك والتيمن بإسقاء النخلة من ابريق الوضوء وقراءة ما تيسر من القرآن الكريم عليها لتنمو وتكبر بشكل افضل‪.‬‬
‫النقوط في العرس‪ ,‬تبرعات للعرس(خمسة قروش) وزجاجة من السمن وكيالً من أجود انواع التمر‪...‬‬
‫المرسال القادم من مصر ليطمئن االهالي على اوالدهم في الغربة‪..‬‬
‫نبوءة الشيخ ود دويلب‪.‬‬
‫العبارة الدالة‪-‬الموتيف (يفتح‪ ,‬هللا)‪:‬‬
‫تكررت عبارة‪ ,‬يفتح هللا بالنص عدة مرات وفي كل مره حملت معنى وداللة مختلفة فعندما قال الشيخ محجوب "يفتح هللا انا تمرتي ال‬
‫أبيعها" دلت هذه العبارة‪ ,‬على رفض البيع وصرف المشتري‪ ..‬وردد الرجل في نفسه يفتح هللا وقاده ذلك الى التفكير في سورة الفتح ‪,‬‬
‫داللة" يفتح هللا "هنا تغيرت فأخذت تحمل في طياتها االمل حيث أخذ ذلك من المعنى الخفي وربطه في اآلية القرآنية‪ ..‬يفتح هللا على لسان‬
‫التاجر(صفحه‪)120 ,‬فيها نو ٌع من القبول المبطن بالتهديد والسخرية والشماتة (يفتح هللا‪ ,‬يفتح هللا‪ ,‬باكر بتجي اتدور الدين)‪.‬‬
‫المفارقة في القصة‪:‬‬
‫توقعنا ان العم محجوب سيبيع النخلة ألنه عانى وذاق االمرين ولكنه في النهاية لم يبعها‪ , ,‬ولم يدعنا الطيب صالح ان نعيش تلك النهاية‬
‫كما توقعناها ففاجأنا في النهاية غير الدرامية لتزداد القصة قوة وتماسكا‪ ,‬وتكتسب ابعادا جديدة ‪ ,‬ويكسبها‪ ,‬بهاء ذلك البعد االيماني في‬
‫خاتمتها‪ ,‬المفاجئة‪ ,‬وايضا لتظل النخلة على الجدول شامخة مثلما أرادها شيخ محجوب حين قاوم أقسى الظروف الحياتية ورفض بيعها‪.‬‬
‫المغزى من وراء القصه‪:‬‬
‫جاءت قصة نخله على الجدول لتعالج قضيتين هامتين في المجتمع السوداني‬
‫أولهما انتهازية التجار واصحاب رؤوس االموال واستغالل الفقراء الفالحين وبهذا يسلط الكاتب الضوء على قضيه اجتماعيه‪ ,‬من الدرجة‬
‫االولى(البساطة والفقر امام القوه ورأس المال)‪... ,‬‬
‫ً‬
‫أما القضية الثانية فهي قضيه ذاتيه وهي قضية االيمان باهلل وبالقضاء والقدر التي كانت سببا في حل أزمة شيخ محجوب‪.‬‬
‫يظهر لنا الطيب صالح في هذه القصة مثاالً للمسلم المتدين حتى النخاع‪.‬‬
‫كتابات‪ ,‬الطيب صالح رافضه لالنتهازية‪ ,‬ولالستغالل متأثره بالمدرسة الواقعية االشتراكية التي سيطرت على المزاج االدبي بالخمسينات‬
‫من القرن الماضي‪ .‬وال ُتخفينا النظرة االشتراكية التي ظهرت في كتاباته‪ ,‬مما جعلت البعض يعتقد ان الطيب صالح من الشيوعيين‪,‬‬
‫االشتراكيين ولكن من ناحيه اخرى برز في أدبه ايمانه باهلل مما‪ ,‬جعل االسالميين يعتبرونه من رجاله‪ .‬ولكن في الحقيقة الطيب صالح لم‬
‫يحسب ال على االسالميين وال على االشتراكيين انما هو واح ٌد من ابناء المجتمع السوداني الذي اهتم لقضاياه‪ ,‬وسكب معاناته‪ ,‬داخل‬
‫قصصه‪.‬‬
‫مالحظات‪:‬‬
‫في القصة صراعان‪ ,‬مزدوجان‪:‬‬
‫الصراع الداخلي‪ :‬متمثالً في رثاء الشيخ محجوب لحاله التي اصبحت ضيقا ً بعد بحبوحة اقتصاديه وكآبة وه ّما ً بعد سرور وسعادة‪.‬‬
‫الصراع الخارجي‪ :‬متمثالً في انعدام مصدر الرزق وذهاب المُعين(ساعده االيمن‪,-‬حسن) وابتعاد الناس عنه وتكالب الدنيا عليه‪.‬‬
‫الواقعية في القصة‪:‬‬
‫الشخصيات األسماء)‪ :‬محجوب‪ ,‬التاجر حسين‪ ,‬اسماعيل‪ ,‬الحمار‪ ,‬عائلة العم محجوب‪.‬‬
‫االماكن‪:‬الجدول‪ ,‬الضيعة ‪,‬السودان‪ ,‬الخرطوم‪ ,‬المسجد‪ ,‬مصر‪ ,‬الصعيد‪ ,‬النيل‪.‬‬
‫االحداث‪:‬العادات والتقاليد‪ -‬االستعداد للعيد‪ ,‬عملية الزرع(النباتات)‪,‬العرس‪ ,‬واالستعداد له‪, ,‬السفر ‪ ,‬الصالة‪ ,‬التجارة‪.‬‬
‫اللغة‪ :‬أبيات شعرية‪ ,‬مالءمة اللغة للشخصية واالحداث‪ ,‬تطعيم اللغة العامية ‪,‬االقتباس من القرآن الكريم‪.‬‬
‫زاوية األشراف كلية‪ :‬الراوي المشرف العليم بكل شيء‬
‫‪.1‬يعرف عن الشخصيات كل شيء‬
‫‪. 2‬يعرف ما يدور في ذهن الشخصية (أي يغوص الى اعماق الشخصية ويصورها وهي تف ّكر وكيف تشعر‪ . )...‬يكون الراوي العليم بكل‬
‫راو متدخل واحيانا يمزج صوته بصوت الشخصية المركزية فيصعب‬ ‫شيء متدخالً وقد يكون محايداً في قصة "نخلة على الجدول"‪ .‬هو ٍ‬
‫التفريق بينهما‪( ,‬أال ما كان أبرك هذا ألعام‪.)..‬‬
‫التدوير‪:‬‬
‫فيه يبدأ الكاتب قصه بنقطه معينه(جمله‪,-‬عباره)وينهيها‪ ,‬بذات العبارة(يفتح‪ ,‬أهلل)‬
‫الهدف‪ :‬تأكيد على فكرة الكاتب او قصد الكاتب من وراء العبارة‪ ,‬او محاولة اقناعنا‪ ,‬كقرّ اء بها‪ .‬وهنا ترتبط عبارة "يفتح أهلل" بالموروث‬
‫الديني وااليمان الراسخ في نفس الشيخ محجوب‪.‬‬
‫‪ - 3‬اسئلة على القصّة وردت في امتحانات سابقة ‪:‬‬
‫من قصّة "نخلة على الجدول" للطيّب الصالح‬
‫وقبل أن ينطلق الحمار بعي ًد ا أبصر محجوب ابنته الصغيرة تهرول نحوه مضطربة فرحة‪ .‬فتحرّ ك في قلبه أمل بدا عسيرً ا مستحيالً أبعده‬
‫عنه‪ .‬ولم ينتظر الطفلة ريثما تصل‪ ،‬بل أسرع نحوها يسألها عن الخبر )شنو؟ مالك؟( وحاولت الصبية أن تفضّ إليه النبأ بصوت متكسّر‬
‫ألثغ‪) :‬الناس ‪ ...‬دالو ودست البنات دا من مسر ‪ ...‬وداب لنا معه دواب من حسن أخوي(‪ .‬جواب من حسن؟ وانطلق الرجل كالمجنون‪ ,‬ال‬
‫يف ّكر وال يعي ينبض قلبه معرب ًدا بين جنبيه‪ .‬يطغى األمل بين حناياه‪ ,‬مرّ ة على اليأس‪ ،‬ويفيض اليأس تارة فيغرق األمل‪ .‬وابنته الصغيرة‬
‫تمسك بطرف ثوبه الم ّت سخ‪ ،‬تسرع جاهدة لكي تمشي معه‪ ،‬وهي أثناء ذلك تتباكى محتجة على خطوات أبيها المسرعة‪ .‬وفي بيت )ناس‬
‫ست البنات( انتظر محجوب بين صفوف المستقبلين‪ .‬وفي غمرة اضطرابه لم يفت عينه المستطلعة رجال يعرفهم جاؤوا يسألون عن‬
‫يعرفهن جئن يسألن عن أزواجهنّ وأبنائهنّ ‪ ,.‬كلهم آمال مثل آماله‪ ،‬تجاذب اليأس ويغالبها اليأس‪ .‬ولم تخطئ عينه‬ ‫ّ‪,‬‬ ‫أبنائهم وأقاربهم‪ ،‬ونسوة‬
‫الشاب الذي عاد من مصر‪ ،‬ودست البنات يرتدي مالبس نظيفة كك ّل عائد من السفر‪ ،‬ويتكلّم لهجة غريبة‪ ,‬على شيخ محجوب‪ ،‬بادي الثقة‬
‫بادي الكبرياء‪ .‬وأخيرً ا لمح الشاب الشيخ محجوب بين المستقبلين فدلف نحوه مبتسمًا‪ ,.‬وشعر الرجل بالضيق والحرج‪ ،‬إذ تحوّ لت ك ّل‬
‫األبصار نحوه‪ .‬ولم يع شيخ محجوب من كالم مح ّد ثه إال ال )حسن مبسوط ‪ -‬قال لك تعفي عنه‪ .‬أرسل لك ثالثين جنيه وطرد مالبس(‪.‬‬
‫وفي الطريق إلى بيته تحسّس الرجل رزمة المال التي صرَّ ها ج ّي ًدا في طرف ثوبه‪ ،‬ث ّم غرس أصابعه في الطرد السمين تحت إبطه‪،‬‬
‫عل إلى غابة‪ ,‬النخل الكثيفة الممتدّة عند أسفل البيوت‪ ،‬وتميّز في وسطها نخلته‪ ،‬ممشوقة متغطرسة جميلة تتالعب‬ ‫وانحدر طرفه من ٍ‬
‫بجريدها نسمات الشمال‪ .‬وخيّل إليه أنّ سعف النخلة يرتجف مسبّحً ا‪) :‬يفتح هللا‪ ،‬يفتح هللا(‬
‫‪ .‬أ‪.‬اشرح العالقة بين ك ّل من آمنة وحسن من جهة ووضع أبيهما المادّي من جهة أخرى‪) .‬‬
‫الشيخ محجوب نوعان من الصراع عند معرفته بخبر وصول جواب من ابنه حسن‪ .‬حدّد معالم هذين النوعين‪ ،‬واشرحهما‪) .‬‬ ‫َ‬ ‫ب‪.‬تجاذب‬
‫َ‬
‫‪----------------------------------‬‬
‫من قصّة "نخلة على الجدول" للطيّب الصالح‬
‫‪!" . . .‬يفتح هللا"‬
‫ّ‬
‫تشتر بعد ت كبش الضحية! وأقسم لوال أنني"‬ ‫ِ‬ ‫عشرون جنيهًا يا رجل‪ ،‬ح ّل منها‪ ,‬ما عليك من دين‪ ،‬وتصلح بها حالك‪ .‬وغ ًدا العيد‪ ،‬وأنت لم‬
‫أريد مساعدتك‪ ،‬فإنّ هذه النخلة ال تساوي عشرة جنيهات"‪ .‬وململ حمار حسين التاجر في وقفته‪ .‬ولم يكن صاحبه قد ترجّ ل عنه‪ ،‬فإ ّنه لم‬
‫يرد أن يظهر للشيخ ت محجوب تلهّفه على شراء النخلة ذات البنات الخمس‪ ،‬التي يسمّيها‪ ,‬السودانيون في الشمال "األساسق"‪ ،‬وقد قامت‬
‫وسطها النخلة األ ّم ‪ ،‬ممشوقة متغطرسة‪ ،‬تتالعب بغدائرها النسمات الباردة التي هبّت من الشمال حمل ت قطرات من مياه النيل‪ .‬ورأى‬
‫الحمار األبيض البدين حمارة أنثى ترعى عن بعد بين سيقان الذرة‪ .‬فنهق نهي ًقا أجهش ممت ًّدا‪ ،‬ث ّم رفع رجله الخلفية اليسرى ووضعها‪،‬‬
‫ورفع رجله األمامية اليمنى ووقف على حا ّفة حافره‪ ،‬وتشاغل بخصل من نبات "السّعدة" الريّانة التي مت على حا ّفة الجدول‪ ،‬وكأ ّنه قد‬
‫والحق أنّ حسين التاجر‪ ،‬بثيابه البيضاء الفضفاضة‪ ،‬وعباءته السوداء التي‬ ‫ّ‬ ‫تبرّ م بهذه المساومة الطويلة التي لم يكن ن من ورائها طائل‪.‬‬
‫اشتراها في زيارة له للخرطوم‪ ،‬وعمامته من "الكرب" مره واحد‪ ،‬وحذائه األحمر الذي لم تخرج أيدي ص ّناع "المراكيب" في الفاشر ن‬
‫أجود منه‪ ،‬وحماره‪ ,‬األبيض البدين الالمع‪ ،‬والسرج األحمر المدهن‪ ،‬والفروة الب ّنية التي تدلّت وكادت مسّ األرض‪ ،‬تكان صورة مجسّمة‬
‫‪.‬للكبرياء‪ ,‬والغطرسة‬
‫‪.‬أ‪.‬يعكس النصّ أعاله الصعوبات التي يمرّ بها الشيخ محجوب‪ .‬ما هي هذه الصعوبات؟ وهل وجد لها حال اًل ؟ وضّح‬
‫) ‪.‬ب‪.‬اذكر نوع اإلشراف في النصّ أعاله‪ ،‬ث ّم بيّن اثنتين من ميزاته (‬
‫‪------------------------------------------------‬‬
‫من قصّة "نخلة على الجدول" للطيّب صالح‬
‫وتمتم شيخ محجوب في صوت ال يكاد يُسمع‪ ،‬شيء يشبه التوسّل واالبتهال‪« ,:‬يفتح هللا»‪ ،‬وز ّم شفتيه في ت عصبية‪ ،‬وعاد بعقله خمسة‬
‫وعشرين عا ًما‪ ,‬إلى الوراء‪ .‬أال ما أعجب تقلّبات هذا الزمن! لقد كان يومئذ شا ًّبا قو ًّيا أعزب لم يبلغ الثالثين بعد‪ ،‬يعمل في ساقية أبيه مقابل‬
‫كسوته وشرابه‪ .‬فلم يكن يحتاج إلى المال‪ ،‬ولم يكن يعرف له قيمة‪ .‬وفي ذات صباح مشرق من أصباح الصيف‪ ،‬مرّ بابن عمّه إسماعيل‪،‬‬
‫وكان األخير منهم ًكا‪ ,‬يقلع الشتل ليغرسه في أماكن‪ ,‬أخرى من أرض الساقية‪ .‬ووقع نظر محجوب على شتلة صغيرة‪ ,‬رماها إسماعيل‬
‫بعي ًدا‪ ،‬على أ ّنها خليّة من «األضراس» ال تصلح‪ .‬فالتقطها محجوب ونفض عنها التراب‪ ،‬وقال البن عمّه ضاح ًكا‪« :‬باكر تشوف دي‬
‫شق محجوب حفرة‬ ‫تبقى مرة زيّ العجب»‪ .‬وتب ّسم إسماعيل في سخرية‪ ،‬واستغرق في عمله‪ .‬وعلى حا ّفة الجدول ت قريبًا من الساقية‪ّ ،‬‬
‫«النخيْلة» وواراها التراب وفتح لها الماء‪ ,‬بعد أن تال آيات من القرآن ور ّدد في شيء من الخشوع‪« .‬بسم هللا‪ ،‬ما شاء‬ ‫َ‬ ‫صغيرة‪ ,‬وضع فيها‬
‫ينس أن يصبّ في الحفرة قليالً من ماء اإلبريق‬ ‫هللا‪ ،‬ال حول وال قوّ ة إال ال باهلل»‪ ،‬مثلما يفعل أبوه كلّما غرس‪ ,‬شتلة أو حصد نب ًتا‪ .‬ولم َ‬
‫ضُأ به أبوه تي ّم ًنا وتبرّ ًكا‬
‫‪.‬الذي يتو ّ‬
‫‪.‬أ‪.‬تظهر في النصّ أعاله عالقة محجوب بالنخلة منذ أن كانت شتلة‬
‫) ‪.‬بيّن ذلك‬
‫ب‪.‬اإلشراف في قصّة "نخلة على الجدول" هو إشراف كلّي‪ .‬استخرج من النصّ أعاله مثاالً واح ًدا يد ّل على ذلك‪ ،‬ث ّم بيّن لماذا اعتبر َته (‬
‫‪.‬إشرا ًفا كلّ ًّيا‬
‫تحليل قصة "نخلة على الجدول"‬
‫‪ - 1‬المضمون‪:‬‬

‫تتخذ األحداث مكانها في قرية ريفية من قرى السودان‪ ،‬حيث تجتمع مقومات الحياة المختلفة بشكل متكامل لتشكل خلفية فنية للحدث‬
‫الذي ال بد وأن يتفق مع الخصائص المكانية للنص؛ فـنجد "الشيخ محجوب" يتأمل الصور‪:‬‬
‫غابة النخيل – أحواض الذرة الناضجة التي لم تحصد بعد – األحواض الجرداء العارية التي قطعت منها الذرة – نخلة محجوب‪-‬‬
‫ساقية أبيه‪ -‬سرحت على بقاياها قطعان الضأن والماعز – حمار حسين التاجر – جمع الحشيش للنعجة وأشركها طعامه وأنامها في‬
‫فراشه – حمار التاجر ‪...‬الخ‬
‫هذه الكائنات المتفرقة إذا جمعناها ومزجناها في قالب واحد الستطعنا أن ننظر إلى الزاوية المكانية التي تجري فيها األحداث من‬
‫خالل عدسة مقعرة‪ ،‬لنرى كيف يتسم هذا المكان ببساطة العيش‪ ،‬وبدائية الحياة‪ ،‬وانسيابية التعايش البشري مع النباتي والحيواني‪،‬‬
‫وكيف تعمل هذه الخصائص على صياغة الحدث الذي يتوقع أن يتناسب وإياها في القرية البسيطة التي يستقل أهلها الحمير للركوب‪،‬‬
‫ويلبس العمامة على رأسه‪ ،‬ويقتات على النخلة‪.‬‬
‫أما الزمان فالمشهد يقع في اليوم السابق ليوم العيد‪،‬ـ حيث الناس مسرورون بمقدمه وقد ابتاعوا ألنفسهم الجديد من الملبس والوافر من‬
‫الرياش استعدادا وبهجة‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫" أجل‪ .‬غدا عيد األضحى حين يخرج الناس مع شروق الشمس في ثيابهم الجديدة‪،‬ـ ويصلون مجتمعين على مقربة من ضريح الشيخ‬
‫صالح "‬
‫كما أن هناك عوامل زمنية أخرى‪ ،‬وهي وإن لم تكن مباشرة ولكنها تؤثث للحدث‪ ،‬وتنزع نحو تكثيفه بصورة أكبر؛ حتى يتصور‬
‫القارئ الوضع بكل تفاصيله فيتفاعل مع الحدث‪ ،‬وتتمثل مثال في‪ :‬كبر سن الشيخ محجوب‪ ،‬ووصول ابنه حسن سن المراهقة‬
‫وخروجه عن العائلة متوجها إلى مصر للعمل فيها وقد أمضى خمس سنوات لم يرسل ألهله كتابا‪ ،‬وزواج ابنته خديجة وانتقالها‬
‫للعيش مع زوجها في صعيد مصر‪ .‬فهذه الخصائص الزمانية ال تقل أهمية عن الزمان اآلني في تشكيل صورة أوسع عن الحالة التي‬
‫عليها الشخصية‪ ،‬و هذه العوامل تعمل مجتمعة على تسيير الحدث وبناء الحبكة‪.‬‬
‫هذه المشاحنات المكانية والزمانية المتراكمة على كاهل الشيخ محجوب شكلت منه شخصية تصارع هموما وأحزانا‪ ،‬وتبغي من هذا‬
‫خالصا زائفا ال يستنقذه منه إال الحظ‪ .‬ويالحظ أن الطيب صالح قد تمكن من صنع شخصيته وإبراز مالمحها النفسية المكتئبة‪.‬‬
‫تبدأ أحداث القصة بالشيخ محجوب وقد ثقل عليه ه ّم العيدـ في ظل معاناته الفقر‪ ،‬وتكبدهـ حاله الرثة‪ ،‬وعدم مقدرته على توفير الملبس‬
‫الجديد لزوجته‪ ،‬وابنته التي يتصاعد الحدث بمطالبتها إياه بأن يوفر لها فستانا كفساتين أترابها فيزداد ألمه الداخلي بمجرد تفكيره في‬
‫ذلك‪ .‬وحين يرفض التاجر حسين أن يقرضه المزيد من المال فإن الدنيا تسود في عينيه‪ ،‬فتتعقد الحبكة تدريجيا‪ ،‬وآنذاك يظل الشيخ‬
‫غير قادر على أن ينفك من التفكير في كيف سيواجه الناس صباح العيد بمالبسه القديمة‪ .‬وتصل العقدة ذروتها حين يتذكر ابنه حسن‬
‫الذي هجرهم منذ خمس سنوات للعمل في مصر دون أن يتلقوا منه كتابا واحدا وهو من ترعرع بين أحضانه وأكل من كسب يده‪،‬‬
‫وفجأة يصطدم هذا التضارب النفسي بخبر تسوقه آمنة الصغيرة مبشرة بخبر وصول جواب من حسن‪ .‬هنا يبدأ الحدث بالتناقص‬
‫والحبكة باالنفكاك ليجد أن ابنه قد أرسل له طردا به مالبس جديدة وصرة نقود يدفع بها عوزه‪ ،‬فينطلق على حماره مسرورا جذالنا‪.‬‬
‫إذن فالشيخ محجوب يمثل الشخصية البطل التي تثبت صفاتها على طول مجرى القصة في سمات البساطة والفقر‪ ،‬ولكنها تمتزج‬
‫وتتفاعل مع المحيط من حولها والظروف التي تعاني منها (كالفاقة إبان العيد‪،‬ـ ونفور ابنه والناس عنه‪ ،‬واقتصار قوته على نخلة جريد‬
‫يتيمة)‪،‬ـ وتتفاعل مع شخصيات أخرى في المجتمع تمثل شخصيات معارضة كحسين التاجر الذي يرفض أن يقرضه مزيدا من المال‬
‫وهو في أوضع أحواله‪ ،‬وكذلك ابنته آمنة التي تطالبه بثوب جديد للعيد كأثواب صويحباتها وهو يتألم في نفسه من عدم قدرته على‬
‫توفيره خصوصا وأنه فقد كل ممتلكاته من الغنم والبقر‪ ،‬وابنه حسن الذي هجرهم ونساهم وهم في حال يرثى لها‪ .‬هذه الشخصيات‬
‫تظل في تصادم مستمر مع النفسية التي يعاني منها الشيخ محجوب‪ ،‬وتكثف ألمه ومعاناته‪ ،‬وهنا يتمثل الصراعان المزدوجان‪:‬‬
‫الصراع الداخلي – متمثال في رثائه لحاله التي أضحت ضيقا بعد بسطة‪ ،‬وكآبة وهما بعدـ سرور وسعادة‪ ،‬والصراع الخارجي –‬
‫متمثال في نفور الناس عنه وتكالب الدنيا عليه بانعدام مصدر الرزق وذهاب المعين‪.‬‬
‫ينطلق الكاتب في تبريز الحدث منطلق (الراوي) السارد العليم الذي يدرك ما تخفيه الصدور‪ ،‬فنجده يصور لنا ما يدور في خلج الشيخ‬
‫من تذكر ألوضاعه المعيشية وسالف عهده الذي أضاعه في اللهو بعد أن كان ميسور الحال‪ ،‬وما آلت إليه أحواله اآلن‪ ،‬رغم أن‬
‫القارئ يجده مع جريان الحدث وانسيابيته كأنما يتحول إلى وصف محايد وهو في الحقيقة قد انطلق من قراءة داخلية لما يعتمل في‬
‫صدر الشخصية التي هي الشيخ محجوب‪.‬‬
‫من الجلي أن الكاتب يهدف من هذا النص إلى إبراز مشكلة الفقر في المجتمع الريفي السوداني‪ ،‬وما يعانيه المرء من ضيق الحال‬
‫وشح المال‪ ،‬ويطرح حال لها وهو خروج األبناء للعمل في بالد الخارج ومعاونة أهلهم على تحسين أحوالهم المعيشي‬

‫‪ - 2‬دراسة القصّة‬
‫يبدأ الكاتب القصة بحالوة االيمان وعذوبة ربط االعتقاد وبالسلوك االسالمي "يفتح هللا" ذلك المفتاح الذي يضعك منذ اللحظة االولى‬
‫ايماني تحيطه ارادة هللا ليكون تلخيصا ً لمبدأ ذلك الفالح ألشيخ محجوب الخارج من اعماق الريف جاعالً من هذه العبارة‬
‫ٍ‬ ‫في ج ٍو‬
‫حمايةً له من التاجر حسين‪" .‬يفتح هللا" ينطق بها الشيخ محجوب الفالح الذي ال يملك من دنياه غير هذا الدعاء ونخلته التي يساوم‬
‫عليها الستقبال مناسبه عزيزة على قلبه هي عيد االضحى‪.‬‬
‫يوظف الكاتب تقنية االسترجاع في قصته محققا ً من خاللها قدراً عارما ً من المفارقة التي تعد ملمحا ً بارزاً في نصوص الطيب صالح‬
‫القصصية ونرى ذلك حين يستعيد شيخ محجوب ماضيه السابق(يعود خمسا ً وعشرين عاما ً الى الوراء)لتحدث مقارنة بين ذلك‬
‫الماضي البهيج وهذا الحاضر المؤلم‪.‬‬
‫يستمد الطيب صالح صوراً من البيئة السودانية ‪ :‬غابة النخيل‪ ,‬احواض الذرة‪ ,‬الساقية ‪ ,‬القطعان(الضأن والماعز)‪...‬‬
‫وذلك لينقل لنا مكانية النص ويربطها بأحداث القصة التي تجري وتقوم في قرية ريفيه في قرى السودان فنرى هذا المكان ببساطة‬
‫العيش وبدائية الحياة وانسيابية التعايش البشري مع النبات والحيوان‪.‬‬
‫اما الزمان فالمشهد يقع في اليوم السابق ليوم العيد(عيد االضحى) حيث الناس مسرورون بقدومه‪ .‬حضروا الجديد من المالبس‬
‫وُأضحيتهم اال الشيخ محجوب الذي كان في تلك اللحظة يساوم على بيع نخلته‪.‬‬
‫تتكئ نخله على الجدول اذاً على تفعيل آلية التذكر فالحدث المركزي بداخلها(بيع النخلة)‪ ,‬قاد ٌر على استعادة حوادث اخرى ترتبط‬
‫بتاريخ امتالك شيخ محجوب لهذه النخلة التي اصبحت فيما بعد جزءاً ال يتجزأ منه‪ .‬فأصبح لها حضوراً الفتا ً وهاما ً في حياته حيث‬
‫ترتبط لديه بذكريات سعيدة وتبدل ايجابيا ً في مسار حياته(وصارت الحياة رغداً كأنما استجاب هللا دعاءه يوم شق في االرض على‬
‫حافة الجدول وغرس النخلة ‪,‬لقد استغنى عن أبيه وبنى لنفسه بيتاً)‪.‬‬

You might also like