You are on page 1of 7

431 - 421 : ‫ السينما والفنون األخرى ص – ص‬:‫محور‬ 6 :‫ والمجلد‬4 ‫العدد‬ ‫مجلة آفاق سينمائية‬

)‫اإلخراج بين المسرح والسينما (أوجه التشابه واالختالف‬


Directing between theatre and cinema (similarities and differences)

2‫خيرة‬
‫ حمر العين‬،4‫براهيمي وسيلة‬
brahimi.wassila@gmail.com ،1 ‫ جامعة وهران‬1
‫ إمييل الباحث الثاين‬،1 ‫ جامعة وهران‬2

2012/06/01 :‫تاريخ النشر‬ 2012/05/27 :‫تاريخ القبول‬ 2018/11/11 :‫تاريخ االستالم‬

Abstract:

Like every other art, directing has passed through a long path, from the Greek era
till nowadays. It was difficult at the beginning to that art to take place in theater’s
team work, by the time and the technological development , the camera took
place and this was the first thing which changes facts and gave push to the art of
directing. These two arts are very close to each other, and the differences between
both of them aren’t very numerous, every art’s component can be found in the
other, we can find the scenario in movies and the text in plays, the actor is very
important in plays or movies and other elements which are very important in
directing such as decor, clothes, accessories, scenography…
The director is an artist and should have a vision, this vision is the key to take the
text or the scenario from one level to another; it is the way to transform the
written to the spoken using the available artistic ways.

Keywords: Art, technics, theater, cinema, camera, directing, director, actor,


vision, text, scenario, performance

__________________________________________

brahimi.wassila@gmail.com :‫ اإليميل‬،‫ براهيمي وسيلة‬:‫المؤلف المرسل‬


‫عنوان المقال‪ :‬اإلخراج بين المسرح والسينما (أوجه التشابه واالختالف)‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫عرف اإلنسان منذ القدم أشكاال عدة من التعبري عن مكنونات حسية وعما حييطه من ظواهر‬
‫حياتية أثرت فيه ويف يومياته وأحداثها‪ ،‬فكان تارة يلجأ إىل الرسم على جدران الكهوف‪ ،‬وإىل‬
‫الرقص يف عديد املرات ليعرب عن رحلة صرب عرب انتكاساته وانتصاراته اليت عرفها أثناء تنقله‪.‬‬
‫كانت هذه األشكال بدائية ومل تصل إىل الشكل الفين الراقي ومل تتعد عملية احملاكاة‪ ،‬فتحولت هذه‬
‫الظواهر البدائية شيئا فشيئا‪ ،‬ومع مرور الزمن وتلبية حاجيات اإلنسان عرب العصور الالحقة مع‬
‫تطور تفكريه وظهور التجمعات السكنية خصوصا املدينة كما عرفها اإلغريق‪ ،‬فظهر معها املسرح‬
‫الذي يعد مثرة جهود الكتاب اإلغريق الذين طوروا الكتابة الدرامية البدائية‪ ،‬من األعياد الديونيزية‬
‫إىل الدراما الكالسيكية القدمية كما وصلتنا حاليا بشكلها الراقي‪.‬‬

‫المتن‪:‬‬
‫إن املسرح وباعتباره شكال من أشكال التعبري عرب مراحل متعددة وخمتلفة أكسبته حراكا وتعددا يف‬
‫وجهات النظر‪ ،‬فمنهم من أعطى األمهية للشعر ككلمة معربة‪ ،‬ومنهم من انتهى للعرض كصورة‬
‫متحركة ومعربة عما ميكن التعبري عنه‪ ،‬رغم أننا نعرف أن الصورة املتحركة ال ختص املسرح فقط بل‬
‫ختص السينما بوصفها وسيلة من وسائل التعبري الفين واليت تعتمد على وسائط تكنولوجية عدة‬
‫للتعبري‪.‬‬
‫ظهرت السينما مع ظهور الكامريا يف القرن التاسع عشر‪ ،‬وقد تطور هذا الفن شيئا فشيئا على يد‬
‫اإلخوة لوميري وجورج ميلياس وغريهم‪ .‬وقد ظهر الفيلم الصامت يف بداية األمر‪ ،‬وكان أول فيلم‬
‫بعنوان "سرقة القطار الكربى" سنة ‪ 1201‬ويعد أول فيلم يف تاريخ السينما‪ ،‬يف سنة ‪1221‬‬
‫عرض أول فيلم ناطق من إنتاج شركة "وارنر"‪ ،‬حتت عنوان "مغين اجلاز"‪ ،‬ودخلت األلوان بشكل‬

‫‪125‬‬
‫وسيلة براهيمي‪ ،‬خيرة حمر العين‪.‬‬

‫رمسي سنة ‪ ،1221‬وذلك بعد حماوالت حثيثة بداية من سنة ‪ ،1211‬وقد استعملت تقنية‬
‫التكنيكولورز سنة ‪ 1221‬إلنتاج أفالم باأللوان على املستوى التجاري‪.‬‬
‫إن اإلخراج كمهنة ظهر يف املسرح قبل أن يظهر يف السينما‪ ،‬ذلك أن اإلخراج بدأ ظهوره مع ظهور‬
‫الدراما اإلغريقية‪ ،‬إذ مل يكن للمخرج وجود كما نعرفه حاليا‪ ،‬أطلقت عليه العديد من التسميات‬
‫كاملعلم الرجييسري املدير‪ ،‬وقد م إسناد مهمة اإلخراج لشخص خخر‪ .‬وقد مر فن اإلخراج املسرحي‬
‫بثالث مراحل كانت فاصلة يف تطوره‪ ،‬وهذه املراحل هي كاآليت‪:‬‬
‫‪ ‬مرحلة املخرج املؤلف (عند اليونان واإلغريق)‬
‫‪ ‬مرحلة املخرج املمثل (ابتداء من العصور الوسطى)‬
‫‪ ‬مرحلة املخرج‪( ،‬منتصف القرن التاسع عشر‪ ،‬وهي املرحلة األخرية يف تطور هذا الفن)‪ ،‬ويف‬
‫هذه املرحلة حتدد مصري هذا الفنان‪.‬‬

‫إن اإلخراج هو عملية جتسيد وترمجة كل ما هو مكتوب (نص مسرحي أو سيناريو إخراج) إىل عمل‬
‫ناطق ينبض باحلياة وذلك باستعمال الوسائل الضرورية لتسهيل عملية اإلخراج تقنيا وفنيا‪ ،‬ولتحقيق‬
‫هذه العملية من الضروري وجود رؤية يستند عليها‪ .‬ومصطلح اإلخراج باملعىن الواسع للكلمة هو‬
‫"تنظيم جممل مكونات العرض من ديكور‪ ،‬موسيقى‪ ،‬إضاءة‪ ،‬أسلوب األداء واحلركة وصياغتها‬
‫بشكل مشهدي"‪ ،1‬وقد كان اإلخراج يف البداية عملية الحقة للنص‪ ،‬لكن سرعان ما انفصل‬
‫واكتسب أمهية واستقاللية عن النص ‪ ،‬وهناك من يعرفه بأنه قراءة ثانية للنص وترمجته من كلمات‬
‫على ورق إىل أفعال جمسدة باستعمال الوسائل الضرورية اليت تربز الرؤية العامة للعمل‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫عنوان المقال‪ :‬اإلخراج بين المسرح والسينما (أوجه التشابه واالختالف)‬

‫يتميز فن اإلخراج املسرحي بآنيته‪ ،‬فهو عرض حي يولد فيه اخلطاب املسرحي يف كل عرض فقد‬
‫تتغري بعض التفاصيل من ع رض آلخر ومن مسرح آلخر على عكس الفيلم السينمائي‪ ،‬فالفيلم‬
‫وبعد عملية املونتاج ال تتغري تفاصيله ويفقد جتدده فالفيلم الذي عرض منذ مدة هو نفسه الذي‬
‫يعرض اآلن ال يتغري فيه أي شيء‪.‬‬
‫"هناك مدرستان تنظران لدور املخرج‪ :‬األوىل ترى املخرج صاحب الفيلم ومؤلفه‪ ،‬بينما الثانية تراه‬
‫شريكا يف العمل وقائدا له‪ ،‬وعلى رغم اختالف مساحة الدور الذي يقوم به املخرج من مشروع‬
‫آلخر‪ ،‬فإن جوهر مهمته دائما القيادة"‪ ،2‬وهذا ما يؤكد أمهية وجود املخرج فهو الشخص الذي‬
‫ميلك القدرة على نقل وترمجة أي عمل باستعمال تقنيات ووسائل فنية وفق رؤية معينة‪ ،‬وسواء كان‬
‫كاتبا أو شريكا يف العمل فإن دوره يبقى قياديا ومهما جدا يف العملية بأسرها‪.‬‬
‫إن سرعة االنتقال يف األمكنة واألزمنة والقدرة على التغيري من مسات السينما‪ .‬عكس العرض‬
‫املسرحي الذي ينحصر فوق اخلشبة‪ ،‬فبعض املشاهد ميكن جتسيدها يف السينما كمشاهد احلرب‪،‬‬
‫القتل‪ ،...‬بيد أنه من املستحيل جتسيد بعض املشاهد يف املسرح‪ ،‬فتستبدل بدخول الراوي أو‬
‫التعديل يف النص املسرحي بطريقة تسمح للمشاهد استيعاب األحداث اليت مل جتسد‪.‬‬
‫يعد اجلمهور الرابح األكرب ففي األخري هو من سيستمتع باألعمال الفنية سواء يف املسرح أو‬
‫السينما‪ ،‬واجلمهور يعترب عنصرا هاما يف صناعة العرض املسرحي‪ ،‬فقد تتغري بعض التفاصيل حسب‬
‫اجلمهور املتلقي‪ ،‬كما تلعب ثقافة اجلمهور ودرجة استيعابه لبعض احلوارات يف املسرحية‪ ،‬فيتم‬
‫استبدال البعض منها وتغيري البعض اآلخر حسب تطلعاته‪ ،‬وهذا ما مييز العرض املسرحي‪ ،‬إذ ميكننا‬
‫معرفة مدى جناح أو فشل العرض املسرحي أثناء عرضه‪ ،‬بينما يف اإلخراج السينمائي تأيت األصداء‬
‫بعد حني عرض الفيلم‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫وسيلة براهيمي‪ ،‬خيرة حمر العين‪.‬‬

‫يرى ستانسالفسكي‪"‬أن املسرح وسيلة أو أداة أخالقية‪ ،‬ووظيفة تثقيف كي تزداد حساسية املتلقي‬
‫ويرتفع إدراكه احلسي مما يعمقه ويضاعفه ويربره‪ ،‬كما أنه يرتقي بالعقل ويرفع من الروح املعنوية"‪،3‬‬
‫مبا أن املسرح والسينما فنان قريبان جدا ويلتقيان يف العديد من اجلوانب‪ ،‬فكال الفنني يرتقيان‬
‫باإلنسان‪.‬‬
‫قد يبدو أداء املمثل فوق اخلشبة سهال وهينا‪ ،‬إال أنه قد يكون أصعب مما نتصور‪ ،‬إذ يبذل املمثل‬
‫قصارى جهده لينقل تصور ورؤية املخرج بطريقة صحيحة‪ ،‬كما يتوجب على املمثل أن يشد انتباه‬
‫اجلمهور على مدى ساعة أو ساعة ونصف وأن ال يرتك للملل متسعا ليأخذ مكانا عند اجلمهور‪،‬‬
‫فيحاول املمثل السيطرة على اخلشبة بالتغيري يف صوته‪ ،‬إيقاعه وحركته املدروسة بدقة مع املخرج‬
‫متاشيا مع رؤية هذا األخري‪ ،‬كما يلعب اجلانب الفين والتقين دورا هاما يف تقدمي النص وإحيائه فوق‬
‫اخلشبة ويتم ذلك عن طريق توظيف الديكور‪ ،‬اإلضاءة‪ ،‬واملوسيقى وهذا من شأنه شد انتباه‬
‫اجلمهور وجعله يرتبط بالعرض‪ .‬إن األمر الوحيد الذي ال ميكن االستغناء عنه سواء يف املسرح أو‬
‫السينما هو املمثل‪ ،‬إذ يعد احملرك األساسي للعمل‪.‬‬
‫قد نلمس تشاهبا بني اإلخراج السينمائي واملسرحي‪ ،‬مع اختالفات طفيفة‪ ،‬فالسينما تتشكل من‬
‫السيناريو واحلوار‪ ،‬التصوير‪ ،‬الديكور وهندسة املناظر‪ ،‬املونتاج‪ ،‬اإلنتاج‪ ،‬املؤثرات السمعية والبصرية‪،‬‬
‫املوسيقى التصويرية‪ ،‬التمثيل واإلخراج‪ ،‬إن أغلب عناصر تشكيل السينما جندها يف املسرح‪ .‬يقوم‬
‫املخرج السينمائي برتمجة السيناريو ونقله من املكتوب إىل املرئي (أي الشاشة)‪ ،‬وهذا بالفعل ما يقوم‬
‫به املخرج املسرحي إذ يقوم برتمجة النص املسرحي من الكتايب إىل املنطوق‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫عنوان المقال‪ :‬اإلخراج بين المسرح والسينما (أوجه التشابه واالختالف)‬

‫باعتبارنا متلقني للمادة الفنية وبغض النظر عن هذه املادة‪ ،‬فإننا نضع أنفسنا موضع النقاد‪ ،‬وهذا‬
‫اجلمهور هو من يعطي دفعا لتحسني وتفجري طاقات املبدعني‪ .‬وهذا ما نلمسه يف إبداع املخرج‬
‫عندما يعمل على إحياء نصوص مسرحية أو روايات حتول إىل سيناريوهات وفق رؤية جديدة‪،‬‬
‫وذكاء يف ملئ فراغات قد نلمسها يف تلك النصوص أو السيناريوهات‪ ،‬وهذا ما تسميه "خن‬
‫أبرسفيلد" مبلء فراغات النص وفق أفق توقع املخرج‪ .4‬يتمتع املخرج بسلطة التغيري يف كل مكان‬
‫وزمان وفق رؤيته وهذا ما جيعل النصوص قابلة للتجدد ما جيعلها حية ال متوت‪ ،‬يتمتع املخرج‬
‫كذ لك بقدرته على توجيه املمثل وضبط أدائه ليصل إىل حتقيق رؤيته مع العلم أن املخرج ال يفرض‬
‫طريقة التمثيل‪ ،‬إذ يرتك للممثل احلرية يف أداء الدور‪.‬‬
‫ال ميكننا القول أن اإلخراج يف املسرح أسهل من اإلخراج يف السينما أو العكس‪ ،‬ففي األخري مها‬
‫فنان يلتقيان يف بعض النقاط وخيتلفان يف نقاط أخرى‪ ،‬وقد مهد املسرح للسينما ومل يكن ذلك‬
‫مانعا لتطور السينما واملسرح كل على حدة‪ ،‬فاستمدت السينما مجاليتها الدرامية من املسرح‪ .‬إن‬
‫املسرح والسينما وبالرغم من االختالف بينهما يعتربان فنان متجاوران يف جمال فنون العرض بالرغم‬
‫من اختالف الوسائط التكنولوجية وسرعان ما يظهر التفاوت والتباين بينهما للتساؤل حول عالقة‬
‫الفن الرابع بالفن السابع‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫وسيلة براهيمي‪ ،‬خيرة حمر العين‪.‬‬

‫هوامش المقال‪:‬‬
‫‪-1‬املعجم املسرحي مفاهيم ومصطلحات املسرح وفنون العرض‪ ،‬ماري الياس‪ ،‬حنان قصاب‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2002‬صفحة‪01‬‬
‫‪ -2‬جملة احلياة‪ ،‬مقال اإلخراج السينمائي تقنيات ومجاليات‪ ،‬هيام الذهيب‪ 00،‬أوت ‪2012‬‬
‫*قسنطنطني سريجيفتش ستنسالفسكي‪ ،‬ممثل‪،‬خمرج وأستاذ فنون درامية روسي‪ ،‬صاحب منهج الواقعية النفسية‬

‫‪ -3‬اإلخراج املسرحي‪ ،‬دراسة يف إبداع الصورة املرئية‪ ،‬شكري عبدالوهاب‪ ،‬املوسوعة املسرحية‪ ،‬عناصر العرض املسرحي‪ ،‬الكتاب‬
‫احلادي عشر‪،‬سنة‪ ،2002‬صفحة‪12‬‬
‫‪ -4‬خن أوبر سفيلد‪ ،‬أزمة املسرح‪ ،‬حوار يف جملة البحرين الثقافية‪ ،‬عدد ‪ : 12‬أفريل ‪ ،2002‬ص ‪.102‬‬

‫‪130‬‬

You might also like