Professional Documents
Culture Documents
والفلسفة خطابا سمته التحليل لمواقف ورؤى محددة من أجل اإلفهام وشرح وتبرير
أطروحات معينة تمثل اتجاها فكريا معينا.
وحيث أن السينما تقوم على بناء الصور المتحركة التي تعبر بها عن مئات الجمل والعبارات
واألفكار عن طريق لغتها وأدواتها الخاصة .هذه الجمل والعبارات قد تكون ترجمة لهذا الفكر
الفلسفي فبقدر نجاح السينما في تصوير العبارات والجمل بقدر ما يتضح الفكر الفلسفي للكاتب أو
المؤلف.
وحيث أنه يتم فهم الفيلم عبر المشاهدة وليس عبر المكتوب حيث تنتقل الفكرة التي قد تحمل فكرا
فلسفيا معينا إلى صورة تحمل وتترجم نفس المعنى فيتحول الناتج الفلسفي إلى مجموعة من
المشاهد المرئية فنجد أحيانا حضورا فلسفيا عميقا داخل إبداع سينمائي
فإن السينما تهم الفيلسوف على أكثر من صعيد بفضل خلقها وابتكارها صورا جديدة للحياة التي
قد تكون استجابة لمقصد فلسفي.
كثرت األسئلة حول عالقة الفلسفة بالسينما و العكس ,حيث نجد العديد من المخرجين الكبار
يتجادلون مع الفلسفة و يصنعون رؤى خاصة بهم تدل على مخرجين مفكرين و فالسفة عظام
لديهم قدرة على التعبير عن أفكارهم الجادة بالصورة السينمائية
فالسينما "لغة صور" لها مفرداتها و بيانها و قواعدها ,والفلسفة نمط من المعرفة يعلو على كل
األغراض مادمت تقوم على خلق المفاهيم.
و التفكير بالصورة عبر السينما مختلف عن التفكير الفلسفي وحتى عن تفكير إنسان عادي و
المقاربة بين الفلسفة و السينما لم تنطوي على أي خلط بينهما ,بل كان ظاهرها يميل إلى إقرار
التشابه بينهما و لكن باطنها كان يضمر حرص شديد منه على تمييز كل منها عن األخر و عدم
الخلط بينهما.
*يتميز عالم السينما بقربه الشديد من المظهر المرئي للحياة . .أما الوهم بالواقع فهو ،كما رأينا،
خاصيته الثابتة .بيد أن هذا العالم يمتلك سمة أخرى تعتبر غريبة الى حد ما :ان السينما ،في
جميع الحاالت ال تقوم باعادة عرض الواقع في تكامله بل تتناول فقط جزءا بحجم الشاشة .في
السينما يقسم العالم الموضوعي الى حقلين :حقل االشياء المرئية ،وحقل االشياء الالمرئية وما
ان تتوجه عين الكاميرا نحو شيء ما حتى يولد التساؤل ليس فقط حول ماتراه هذه العين ولكن
ايضا حول ما يبقى بعيدا عنها وغير موجود بالنسبة لها .وبالتالي فان بنية العالم القائم خارج
حدود الشاشة تطرح نفسها كقضية جوهرية بالنسبة للسينما .ان عالم الشاشة هو على الدوام جزء
من عالم آخر ،وهذا ما يحدد الخصائص االساسية للسينما كفن قائم بذاته وليس من قبيل الصدفة
ان يقترح فنان مثل كوليشوف Kouléchovفي احد اعماله المخصصة للممارسة السينمائية،
وسيلة لترويض القدرة على الرؤية وذلك بأن يقوم المرء بمراقبة الموضوع المراد تصويره من
خالل نافذة مستطيلة يقتطعها في قطعة من الورق األسود بأبعاد تتناسب وأبعاد الصورة
السينمائية .عندها سيتضح الفرق األساسي بين عالم الحياة وعالم الشاشة المرئي .فاألول غير
مجزأ ( مستمر ) .أما عالم السينما فهو عالمنا المرئي ذاته لكن مضافا إليه عنصر التجزئة ( الال
استمرارية ) *.من كتاب 0مدخل إلى سيميائية الفيلم ص ٣٧تأليف يورى لوتمان ترجمة نبيل الدبس
*(يمكن للصور ذاتها أن تحوي عددا من الدالالت االضافية وأحيانا الالمتوقعة ،اذ بمقدور
االضاءة والمونتاج وتبديل اللقطات والتالعب بالسرعة الخ أن يمنح األشياء المعروضة على
الشاشة دالالت اضافية رمزية ، symboliquesمجازية metaphoriquesأو كنائية
mdtonymiquesالخ *).من كتاب مدخل إلى سيميائية الفيلم ص ٤٧تأليف يورى لوتمان ترجمة نبيل الدبس
ٔان التعامل مع اإلضاءة كلغة یض00في عم00ق ٕالى وظيف00ة اإلض00اءة األساس00ية المتمثل00ة في تس00جيل
الضوء المنعكس من الموضوعات الجاري تصویرھا .فیخرج بعالق00ة ال00دال والم00دلول اإلیقونیة
في وظيفة اإلضاءة األساسیةٕ ،الى رمزیة اإلضاءة ،وقدرتھا على ترجمة االحاس00یس والمش00اعر
والصراع وبواطن النفس ٕالى ٔاشكال مختلفة من عالمات ٔاسلوب مدیر التص00ویر ومنھا مس00توى
االضاءة المرتفعة او المنخفضة ومناطق الظالل ،وشكلھا ،وحدتھا ،ؤایضا زاویة اإلض00اءة ،في
االفالم .
*لإلضاءة بعالقتها مع اإلعتام دور كبير في توجيه الصورة السينمائية إلى داللة محددة .ومما
اشتهرت به استعماالت اإلضاءة في تاريخ السينما هو إثارة معانى الخوف وعواطف الرعب
وداللة اإلقصاء الفردي الهادف إلى إشعار األخر بالخطر والقلق.
فاإلضاءة وهى عنصر مكون للصورة السينمائية تساهم في إبداع داللة الرعب فعندما تأتى
اإلضاءة الرئيسية للوجه من أسفل يبدو أكثر شراسة وقد تؤدي اإلضاءة دالالت أخرى وفق رؤية
المخرج والمصور 0السينمائي * .من كتاب سيميائية الصورة مغامرة سينمائية في أشهر اإلرساليات البصرية في العالم تأليف قدور عبدهللا ثاني
إن الضوء في التصوير هو عنصر مشارك بشكل مباشر في عملية إنشاء الرسالة التي يرسلها
فهو يقوم بإرسال صورة الشئ إلى الفيلم كما يتفاعل مع الفيلم أو الوسيط الحساس في عملية
تسجيل الصورة 0ويحمل أيضا الرسالة إلى وسائل إعادة اإلرسال ثم يدخل في عملية إرسال المنتج
النهائي إلى المستقبل وبهذا المفهوم فإن الضوء يشارك في كل أوجه اإلتصال .وبتطبيق التحليل
السيميوطيقي على طبيعة العالمة ومفاهيم الداللة األصلية واإلضافية على اإلضاءة يتشكل تنظيم
أسلوبى ما يؤكد كال من الداللة األصلية واإلضافية في كل مراحل إنتاج الضوء ليس فقط اإلنتاج
المؤدى لصورة قابلة للتميز واإلدراك ولكن صورة تفي بالمتطلبات الداللية األصلية التي من
الممكن أن تكون موجودة في نص الفيلم
ومن ٔاشھر المشاهد التي یظھر فیھا ھذا المفھوم مشهد في فيلم القاهرة ٣٠المأخوذ عن رواية
القاهرة الجديدة لنجيب محفوظ .ارتبط محجوب عبد الدايم طوال أحداث الرواية/الفيلم 0بكلمة
"طظ"" ،فتكفیه "طظ" تاج من طین فوق راسه الفارغ" .عبر المخرج صالح ٔابو سیف في الفيلم
عن ھذا التاج بقرون الثور فوق رٔاس محجوب .بما للقرون من مدلول واضح عن الزوج الدیوث
في التراث الشعبي المصري .لیس ذلك فقط بل قامت إضاءة وحید فرید الساقطة على القرنیین
بخلق ظالل ،كماھو واضح في الشكل ،تضیف وتُؤكد نفس المفھوم مع إفراغ اللقطة من ٔاي
تفاصيل أخرى ،لتوجیه انتباه الُمشاھد نحو ھذه العالمة اإلشاریة من حیث وجود القرون التي
تشیر ٕالى قرون الثور ،والرمزیة من حیث المعنى الرمزي لھذه القرون.