You are on page 1of 3

‫األغراض في البطة البرية‬

‫الغرض في المسرح‪ ،‬أو ما يعرف عادة على أنه من مكونات الديكور التي تتبعثر‬
‫في الفضاء المسرحي‪ ،‬وتتألف من قطع أثاث وأدوات وأشياء‪ ،‬ومن مكونات الزي‬
‫المسرحي أيضا‪.‬‬
‫والغرض المسرحي شيء قديم قدم المسرح الذي كان دائما يحتوي على قطع أثاث‬
‫وأدوات واكسسوارات مرسومة بطريقة خداع البصر أو ملموسة تساعد على تحقيق‬
‫المحاكاة التي هي أساس العملية المسرحية وموطن خصوصيتها‪ ،‬حتى ولو كانت‬
‫هذه المحاكاة تتم بأشكال مختلفة وليست دائما تصويرية‪9.‬‬
‫إن استخدامنا للمنهج السميولوجي في تحليل األغراض الموجودة في المسرحية‪،‬‬
‫يساعدنا على توضيح داللة وجود الغرض ضمن الفضاء المسرحي‪ ،‬وهذا ما سنعمل‬
‫علية في مسرحية البطة البرية للكاتب النرويجي "هنريك ابسن"‪.‬‬
‫(مراحل العمل)‬
‫توثيق األغراض‪ :‬بعد أن قمنا برصد وتسجيل كافة األغراض في النص‬ ‫‪‬‬
‫المسرحي‪ ،‬وعالقة األغراض بالمكان وبالشخصيات‪ ،‬ومن ثم تحديد النظم‬
‫التي تنتمي إليها األغراض تبين معنا ما يلي‪:‬‬
‫في البداية هنالك ثالثة فضاءات داخل المسرحية والمتمثلة ب‪9....‬‬
‫_فضاء منزل هاكون فيرله‪ :‬يعبر هذا الفضاء وبشكل واضح عن الطبقة‬
‫الرأسمالية المتمثلة ب هاكون فيرله‪ ،‬وهذا ما أشار إليه الكاتب في‬
‫االرشادات اإلخراجية‪( ....‬منزل هاكون فيرله‪ ،‬تاجر جملة‪ ،‬حجرة المكتب‬
‫بها أثاث منجد ثمين ومريح‪ ،‬وكذلك رفوف للمكتب وأوراق ودفاتر‬
‫والمصابيح المضاءة مغطاة بأغطية خضراء تلقي ضوءا خافتا‪ ،‬ولدينا ستائر‬
‫مرفوعة يمكن أن نرى من خاللها غرفة واسعة وأنيقة‪ ،‬ونحو مؤخرة‬
‫المسرح إلى اليسار مدفأة يتوهج فيها جمر الفحم‪ ،‬وهنالك خدم يرتبون حجرة‬
‫المكتب ويضيئون الشموع‪ ،‬باإلضافة لوجود حفلة‪ ،‬وحجرة للموسيقا)‬
‫يتم اختراق هذا الفضاء الرأسمالي العجوز أكدال هذا الرجل الذي ينتمي‬
‫وكما أشار الكاتب في توصيف الشخصية أثناء دخولها إلى الطبقة الفقيرة‪،‬‬
‫فهو يرتدي معطفا رثا بياقة مرتفعة وفي يديه قفازا من الصوف ومعه عصا‬
‫وتحت ابطه لفافة من ورق بني اللون وعلى رأسه شعر مستعار قذر لونه‬
‫بني مشرب بالحمرة وله شارب صغير أشيب‪.‬‬
‫كل هذه األغراض الموجودة في الفضاء تنتمي إلى منظومة مصطنعة حديثة‬
‫تؤكد على أن المكان مليء بالرفاهية ووسائل الراحة‪.‬‬
‫_فضاء منزل يالمر أكدال (االستوديو)‪ :‬وهو عبارة عن غرفة كبيرة في‬
‫سطح المنزل‪ ،‬أثاثه متواضع لكنه مريح‪ ،‬هنالك أريكة ومنضدة وبعض‬
‫الكراسي وعلى المنضدة مصباح مضيء وعليه غطاءه الزجاجي‪ ،‬المدفأة‬
‫والكراسي القديمة المريحة وبعض أدوات التصوير‪ 9‬مبعثرة هنا وهناك‪،‬‬
‫خزانة فيها بعض الكتب والصناديق وقارورات بها مواد كيماوية وأدوات‬
‫ومعدات خاصة للتصوير‪ ،‬يوجد صور وفرشاة‪ ،‬كاميرا مغطاة بقطعة قماش‪.‬‬
‫_فضاء منزل يالمر أكدال (غرفة الكرار)‪ :‬في هذه الغرفة يوجد طيور‬
‫وأرانب باإلضافة إلى البطة البرية‪ ،‬كما أن هنالك مكتب قديم به أدراج‬
‫وأجزاء متعددة تخص هدفج‪ ،‬يوجد بداخل هذه المكتبة مجموعة من الكتب‬
‫التي كتبت باللغة االنكليزية وال سيما كتاب تاريخ لندن لهاريسن عمره مئة‬
‫عام‪ ،‬في أول الكتاب صورة للموت وهو يحمل ساعة رملية وفتاة‪ ،‬وأيضا‬
‫يوجد صور للكنائس والقالع والشوارع والسفن الكبيرة‪ ،‬وكل هذه الكتب هي‬
‫ملك للهولندي الطائر الذي كان يسكن هنا ومن ثم ضاع في قاع المحيط‬
‫(المقصود بالطائر الهولندي هنا هو الكاتب هنريك ابسن فحجرة الكرار وكما‬
‫كتب عن سيرته الشخصية أنه اضطر للعيش في غرفة صغيرة تشبه غرفة‬
‫الكرار) وأيضا يوجد ساعة كبيرة ذات أشكال متعددة عندما تدق لكنها ال‬
‫تعمل مما يشير إلى توقف الزمن في حجرة الكرار‪ ،‬صناديق قديمة للطالء‪،‬‬
‫ويوجد أشياء تخص العجوز أكدال مثل المسدس والبندقية القديمة التالفة‪.‬‬

‫عالقة األغراض بالمكان والشخصيات‪:‬‬


‫المدفأة في غرفة جريجرز تنتمي إلى منظومة أغراض مصطنعة‪ ،‬وهي‬
‫كناية عن دمار الغرفة وتشويه معالمها عند اشغالها مؤشر إلى دمار عائلة‬
‫أكدال من قبل جريجرز‪ ،‬وهذا عند قدوم جريجرز إليجار الغرفة‪.‬‬
‫يتمنى أن يصبح بذكاء الكلب الذي أنقذ البطة البرية وذلك لكي ينقذ عائلة‬
‫أكدال من القاع الذي خلقه الطبيب رلنج لهم‪.‬‬

‫العجوز أكدال يحب الصيد ونراه يصعد إلى حجرة الكرار لكي يصطاد‬
‫األرانب في حين أنه كان يصطاد الدببة‪ ،‬واألرانب غرض ينتمي إلى‬
‫المنظومة الحيوانية وهو كناية عن تغير وانقالب حياة أكدال من قوته في‬
‫اصطياد الدببة إلى ضعفه‪ ،‬واقتصاره على اصطياد األرانب والطيور‪.‬‬
‫يرتدي الروب والشبشب ويدخن غليونه المسدس الذي يصطاد به هو غرض‬
‫ينتمي إلى منظومة القتال وهو كناية عن ذاته الضعيفة الذي لم يستطع أن‬
‫ينتحر به وكذلك ابنه‬
‫يالمر‪.‬‬
‫يخرج من غرفته بردائه العسكري وهو منهمك في تثبيت سيفه‪ ...‬هذه‬
‫الشخصية وعالقتها بحجرة الكرار تمثل تعلقه بالماضي وعدم قدرته على‬
‫نسيانه‪.‬‬
‫أغراض جينا حياكة الصوف وهذا الغرض ينتمي إلى منظومة أغراض‬
‫أنثوية عمل قديمة‪ ،‬وهو كناية لحياكة الشخصيات فهي مثل الطبيب رلنج‬
‫الذي يوهم الشخصيات‪ ،‬فهي تريد أن تمنع يالمر من معرفة ماضيها‪ ،‬أيضا‬
‫المكنسة والمنفضة وسلة الطعام والمفرش وكذلك تسجيلها حسابات‬
‫االستهالك اليومي وارتدائها مريلة يدلنا على أنها هي ربة منزل‪.‬‬

‫الرسالة في يد هدفج من سوربي غرض ينتمي إلى منظومة التواصل وهو‬


‫كناية عن تغير األحداث‪ ،‬فهو بمثابة الحبكة التي تعلن انتهاء ما هو محجب‬
‫وابتداء كشف الحقائق ومصير كل شخصية‪ ،‬وهذا النمط المتبع لكشف‬
‫األحداث عند ابسن‪ ،‬فنراه أبضا في مسرحية بيت الدمية يستخدم الرسالة من‬
‫قبل كروشتاد ليعلن نهاية كل شخصية‪.‬‬
‫والبطة البرية التي تصلي لها هدفج هي تنتمي إلى منظومة حيوانية وهي‬
‫كناية عن الطبيعة واستعارة عن العالقة بين هدفج وفيرله‪.‬‬

‫يالمر يرتدي رداء جميل لكنه غير مريح يعود ليرتدي رداءه ويعبر عن‬
‫ارتياحه بمالبسه الفضفاضة‪ ،‬أغراضه خاصة بعمله التصوير يطلب الزبدة‬
‫دوما وهو الوحيد الذي يتناولها‪ ،‬فهي غرض تنتمي إلى منظومة الطعام وهي‬
‫كناية على ماضيه وطفولته فقد تربى وكما يذكر على أيدي عمات مهسترات‪.‬‬

‫إعداد المقال‪ :‬يزن السكري‬


‫إشراف‪ :‬د‪ .‬رانيا الجبان‬
‫دمشق‪2020/‬‬

You might also like