التمسك ببطالن إجراءات الخصومة القضائية في بحث ودراسة قانونية
التمسك ببطالن إجراءات الخصومة القضائية
إن الق انون اإلج رائي ينظم وس ائل حماي ة حق وق األف راد ،ويف رض ش كليات معين ة تحق ق الحماي ة القانوني ة ألصحاب هذه الحقوق .وإذا توافرت مفترضات العمل اإلجرائي كان هذا العمل صحيحا وترتبت جمي ع اآلث ار القانونية .أما إذا لم تتوافر هذه المقتضيات فإن المشرع يرتب جزاءا إجرائيا هو البطالن. ويعد البطالن من أهم مناطق قانون اإلجراءات المدنية واإلداري ة دق ة ،ل ذا فإن ه يعت بر من المش اكل األساس ية التي تثير اهتمام المشرع والفقه والقضاء .ويعرف البطالن بأنه وصف يلح ق بالعم ل الق انوني ،بس بب وج ود عيب في هذا العمل يؤدي إلى عدم إنتاج اآلثار التي تترتب على العمل لو كان صحيحا[.]1 فالبطالن سواء لحق تصرفا قانونيا أو عمال إجرائيا إنما هو وص ف أو تك ييف ق انوني لعم ل يخ الف نموذج ه القانوني مخالفة تؤدي إال عدم إنتاج اآلثار التي يرتبها عليه القانون إذا كان كامال[.]2 فالمشرع يحدد عناصر العمل والشروط الواجب توافرها فيه إلنتاج االثار ال تي ت ترتب على القي ام ب ه ،ف إذا لم تتوفر هذه العناصر ،فإن العمل يعتبر باطال .لذلك يعد البطالن جزاء خطير ،األمر الذي يقتضي ع دم المبالغ ة فيه حتى ال يتجاوز الغاية من تقريره .فهو يهاجم العناصر التي تستند إليها الدعوى ،ويمكن أن ي ؤدي إلى ع دم صحتها ،فهو ال يعني مجرد إهدار اإلجراء المعيب ،ولكن ه ق د ي ؤدي في أح وال كث يرة إلى انهي ار الخص ومة بأكملها ،وضرورة إعادة إقامة الدعوى من جديد[.]3 فقانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الجزائري نظم األشكال التي يتبعها الخصوم في مطالبتهم بحقوقهم ،وذل ك من أجل حماية مصالحهم للوصول إال حل عادل وسريع للنزاع .فالمشرع بعد أن نظم األشكال الواجب إتباعها في القيام باألعمال اإلجرائية ،وقرر البطالن كجزء على عدم مراعاة تلك األشكال يح اول حص ر ه ذا الج زاء في أضيق نطاق[.]4 فالمشكلة تثور بالنسبة لبطالن العمل اإلجرائي لعيب شكلي ،إذ ال جدال في أن البطالن كجزاء إج((رائي ي((رتب آثار خطيرة بالنسبة إلى المتقاضيين ،فهو قد يعرض الخصم الذي قام بمباشرة العمل إلى خط ر فق دان حقوق ه بصفة نهائية ،إذا كان العمل الباطل ال يمكن مباشرته من جديد بسبب انقضاء المواعيد[.]5 لذلك سنتعرض في هذه المقالة إلى التمسك ببطالن إجراءات الخصومة القضائية ،وندرس في(ه تحدي((د نط(اق البطالن (أوال) ،ومن يتمس((ك بال((دفع ب((البطالن (ثاني((ا) ،ووقت التمس((ك ب((ه (ثالث((ا) ،وآث((ار الحكم ب((البطالن ووسائل الحد منها(رابعا). أوال :تحديد نطاق البطالن: يقصد بالدفوع الشكلية )اإلجرائية( في قانون اإلجراءات المرافع ات تل ك األدوات أو الوس ائل اإلجرائي ة ال تي حددها المشرع ،وجعلها وسيلة للمدعى عليه للتمسك بالجزاء اإلجرائي المترتب على وقوع مخالفات إجرائية[ .]6فالدفع اإلجرائي يوجه إلى صحة األعم ال اإلجرائي ة المكون ة للخص ومة ،به دف إنهائه ا دون الفص ل في الموضوع أو تأخير الفصل فيه[ .]7والدفع الشكلي هو واحد من الحقوق اإلجرائية وهي وسائل قانونية يحددها المشرع ،واألصل فيها أنها ال تتعلق بالنظام العام واالستثناء تعلقها به. وال دفوع الش كلية تخض ع لنظ ام ق انوني خ اص به ا نص ت علي ه الم ادة 50من ق انون اإلج راءات المدني ة واإلدارية ،هذا النظام هو أنه يجب إثارة الدفوع الشكلية في آن واحد قبل أي دف اع في الموض وع أو دف ع بع دم القبول ،وذلك تحث طائلة عدم القبول. وجميع الدفوع الشكلية يجب التمسك بها في وقت واحد والهدف من ذلك هو س رعة الفص ل في ال نزاع ،وع دم إفساح الفرصة لطول اإلجراءات ،ألن الغاية من هذه ال دفوع ه و التمس ك بع دم س المة اإلج راءات ،ألنن ا ل و تمسكنا في كل مرة بدفع يثار ثم يعقبه آخر فإن ذلك يؤدي إال عرقلة سير اإلجراءات[.]8 والدفع بالبطالن باعتباره أحد الدفوع الشكلية يتصل بالفلسفة التي يجب على المشرع أن يعتنقها بالنسبة لبطالن العمل اإلجرائي ،هل يتوسع فيه وبالتالي يبطل كل عم ل إج رائي يخ الف الش كل الق انوني .أم على العكس من ذلك يجب أن يأخذ بالبطالن في أضيق نطاق. فالبطالن وأحكامه يرتبطان بالسياس ة التش ريعية ،ويرتبط ان باأله داف ال تي ي رمي المش رع إلى تحقيقه ا من وراء العمل اإلجرائي .ولقد حاولت مختلف التشريعات إيجاد نقطة ت وازن بين تط بيق أوام ر المش رع بتوجي ه اإلج راءات وع دم إه دار الح ق الموض وعي نتيج ة بطالن اإلج راءات ال تي هي مق ررة في األص ل لتوجي ه صاحب هذا الحق إلى الحصول على حمايته[.]9 فالبطالن كعالج ال يصح أن يكون في ذات الوقت داء ،وبالتالي البد أن يؤخذ منه بق((در ،فال يتوس((ع المش((رع فيه وال يضيق فيه .ومن األجدر أن نعرض كيفية مواجهة قانون اإلجراءات المدنية الفرنس((ي له((ذه المش((كلة (البند األول) ،ثم ندرس االتجاه الذي تبناه المشرع الجزائري( البند الثاني) . البند األول :القانون الفرنسي: تولت قوانين اإلجراءات المدنية القديمة تحديد حاالت البطالن ،واعتنقت مذهب البطالن بغير النص ،وبالت الي ال يمكن للقاض ي في ظ ل ه ذه التش ريعات الحكم ب البطالن م ا لم يوج د نص ق انوني[.]10أم ا التش ريعات المعاصرة فقد أخذت مذهبا آخر بمقتضاه يترك األمر للقاضي متى يحكم بالبطالن ومتى ال يحكم ب ه ،وح ددت هذه التشريعات معيار معين يستعين به القاضي عند تحديده لصحة العمل اإلجرائي. -1معيار الشكل الجوهري: أخذ المشرع الفرنسي بمعيار الشكل الجوهري في المادة 114الفقرة 1من قانون اإلجراءات المدنية الفرنس ي وال تي نص ت على أن ه ” ال يج وز الحكم ببطالن اإلج راء لعيب في الش كل إال إذا نص الق انون على ذل ك صراحة ،ما لم تكن المخالفة متعلقة بشكل جوهري أو متعلق بالنظام العام]11[ “ . ووفق هذا النص فإنه يحكم ببطالن العمل اإلجرائي إذا خالف شكال جوهريا حتى ولو لم يكن المش رع ق د نص على البطالن ،والشكل الجوهري هو الشكل الالزم لوجود العمل أو تمييزه عن غيره من األعمال. -2معيار الضرر: وطبقا لهذا المعي ار فإن ه يجب ح تى نحكم ب البطالن ،أن يثبت أن المخالف ة أض رت بمص الح الط رف الخص م المتمسك بالبطالن .وقد تب نى المش رع الفرنس ي ه ذا المعي ار في الم ادة 114الفق رة 2في ق انون اإلج راءات المدنية الفرنسية والتي نص ت على أن ه ” الحكم ب البطالن ال يمكن أن يك ون إال أن يثبت من يتمس ك ب البطالن الضرر الذي أصابه بسبب المخالفة الشكلية حتى لو كان الشكل جوهريا أو متعلقا بالنظام العام“]12[. و المقصود بالضرر هو الضرر اإلج رائي ال ذي يتمث ل في ف وات المص لحة ال تي قص د المش رع تحقيقه ا من الشكل الذي تمت مخالفته [.]13 ويوجد معيار أخر هو معيار الغاية ،وبمقتضى هذا المعيار ال يمكن الحكم ببطالن اإلجراء رغم تخل ف الش كل المطلوب ولو نص القانون صراحته على البطالن إذا تحققت الغاية المرجوة من اإلجراء[.]14 البند الثاني:البطالن في القانون الجزائري: تنص المادة 60من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على أنه“ :ال يقرر بطالن األعمال اإلجرائية ش كال، إال إذا نص القانون صراحة على ذلك ،وعلى من يتمسك به أن يثبت الضرر الذي لحقه “ يتضح من هذا النص أن المعيار المعمول به في تحديد نطاق البطالن في القانون الجزائري هو معيار الضرر، والنص على البطالن صراحة يعني أن المحكمة تحكم بالبطالن لو تمسك ب ه الخص م ،ويكفي أن يثبت الخص م الذي يتمسك بالبطالن وجود ضرر من جراء العمل اإلجرائي. ثانيا :التمسك بالدفع بالبطالن: تنص الم((ادة 63من ق((انون اإلج((راءات المدني((ة واإلداري((ة على أنه ” ال يج وز التمس ك ببطالن اإلعم ال اإلجرائية شكال إال لمن تقرر البطالن لصالحه” . واضح من النص أنه يجب التمييز بين البطالن الخاص والبطالن العام ،فإذا كان البطالن خاصا ،فإن لصاحب المص لحة وح ده ح ق التمس ك ب البطالن وه و من تق رر البطالن لص الحه[ .]15ف إذا لم يتمس ك ب ه ص احب المصلحة ،فال يستطيع القاضي أن يحكم به من تلقاء نفسه أو النيابة العام ة .وتحدي د الش خص المق رر البطالن لمص لحته يرج ع إال إرادة المش رع ،وال يج وز للغ ير من ش رع البطالن لمص لحته أن يتمس ك ب ه أي ا ك انت مصلحته في ذلك ،ومهما كانت صفته أو صلته بالخصم ال ذي ل ه الح ق في التمس ك ب البطالن ،م ادام ال يعت بر ممثال له في الخصومة. -ال يتمسك بالبطالن من تسبب فيه :ال يجوز التمسك ببطالن األعمال اإلجرائية من الخصم ال ذي تس بب في ه، ولو كان البطالن مقررا لص الحه .ويمكن اعتب ار ه ذا المب دأ بمثاب ة إح دى وس ائل الح د من البطالن ،ذل ك أن اإلجراء يقع باطال ،ولكن ال تحكم المحكمة ببطالنه رغم إثارة أحد الخصوم لذلك ،وعلي ه يعت بر ه ذا اإلج راء وكأنه إجراء صحيح[.]16 فال يمكن لمن ك ان س ببا في بطالن اإلج راء أن يتمس ك به ذا البطالن ول و ك انت القاع دة المخالف ة مق ررة لمصلحته ،وذلك حتى ال يستفيد الخصم من خطأ ارتكبه أو مخالفة أسهم فيها. ولم يتضمن المشرع الجزائري عبارة تدل على عدم التمسك بالبطالن من الخصم الذي تس بب فيه .فالم ادة 63 السالفة الذكر تنص على أنه ال يمكن التمسك ببطالن العمل اإلجرائي إال لمن تقرر لصالحه .وذل ك على عكس التشريعات األخرى[ ،]17وإن كان بمفهوم المخالفة نستشف ذلك. ويشترط لتطبيق قاعدة ” ال يتمسك بالبطالن من تسبب فيه “ أن يكون الخص م ق د تس بب في ح دوث البطالن، أي أنه قد ساهم بفعله في حدوث البطالن بمعنى أن تقوم عالقة السببية بين فعل الخصم وبين العيب الذي ش اب اإلجراء .ومثال ذلك إذا تم تبلي غ الم دعى علي ه وك ان التبلي غ ب اطال ألن الم دعي ذك ر عنوان ا خاطئ ا لم وطن المدعى عليه ،فهو قد ارتكب خطأ وهو ذكر العنوان الخاطئ[.]18 وهذا الخطأ هو الذي أدى إال بطالن اإلجراء فال يج وز للم دعي أن يتمس ك ببطالن االج راء لوج ود خط أ في العنوان .ويستوى أن يكون من تسبب في البطالن هو الخص م نفس ه أو ش خص آخ ر يعم ل باس مه .وال يقص د بهذه القاعدة أن يكون قد صدر من الخصم غش أو خطأ بل تكفي مج رد الواقع ة ال تي تؤك د نس بة البطالن إلى الخصم أو من يعمل باسمه ،وأن يكون فعل الخصم هو السبب الوحيد أو الرئيسي لوجود العيب في اإلجراء. أما إذا كان البطالن عاما أي متعلقا بالنظام العام ،فيجوز أن يتمسك به أي طرف من أطراف الخصومة ،ح تى ولو كان هو الخصم الذي تسبب فيه .وللمحكمة أن تحكم بالبطالن من تلقاء نفسها ،ولو لم يتمسك أحد الخص وم به ،فالبطالن هنا مقرر جزاءا لقاعدة شرعت لحماية مصلحة عامة ،ومثال ذلك ما نص ت علي ه الم ادة 65من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على أنه ” يثير القاضي تلقائي ا انع دام األهلي ة ،ويج وز ل ه أن يث ير تلقائي ا انعدام التفويض لممثل الشخص الطبيعي أو المعنوي “. فمن األجدر أن ال يتوسع في قاعدة ال يتمس ك ب البطالن من تس بب في ه ،وذل ك من أج ل المس اهمة في س رعة الفصل في الدعاوى وحماية الحقوق .فهذه القاع دة مقص ورة على حال ة بطالن اإلج راء الغ ير متعل ق بالنظ ام العام ،أما إذا كان بطالن اإلجراء متعلقا بالنظام الع ام فإن ه يج وز ألي من الخص وم التمس ك ب ه وذل ك رعاي ة للمصلحة العامة[.]19 ثالثا :وقت التمسك بالدفع بالبطالن: على اعتبار أن الدفع بالبطالن دفعا شكليا ،فإن هذا الدفع تسري عليه القواعد التي تحكم هذه الدفوع والتي ج اء بها المشرع في المادة 50من قانون اإلج راءات المدني ة واإلداري ة .وه ذه القواع د ت رمي إلى الح د كث يرا من البطالن المقرر للمصالح الخاصة للخصوم. فالدفوع الشكلية يجب التمسك بها قبل التعرض للموضوع ،ذلك أنه من باب العدال ة ع دم ت رك الم دعي مه ددا بهذا الدفع في جميع مراحل التقاضي ،فحس ب س ير القض اء يف رض التخلص من العي وب الش كلية من البداية[ .]20 كما أن السماح للخصم بالتمسك بالعيب الشكلي في أي وقت فيه إهدار للوقت وإطالة لإلجراءات ،فاألمر يتعلق بتنظيم مرفق القضاء والحف اظ على حق وق الخص وم ،كم ا أن سياس ة المش رع في ق انون اإلج راءات المدني ة واإلدارية تهدف إلى الحد من البطالن. فالمحكمة تقض ي بع دم قب ول ال دفع ب البطالن إذا ق دم دف وع في الموض وع أو دف وع بع دم القب ول ،ف التعرض للموضوع يسقط الحق في التمسك بالبطالن ،وهذا الجزاء يتعلق بالنظام العام يجب على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولو لم يتمسك به الخصوم[.]21 وال يحق للخصوم التنازل عن ه ذا الج زاء ،ألن ه ذه القاع دة مق ررة لتنظيم وظيف ة المح اكم ،وهي اعتب ارات تمس المصالح العامة. والبطالن لعيب في الشكل يمكن إثارت ه خالل القي ام ب ه ،وال يعت د به ذا ال دفع إذا ق دم من تمس ك ب ه دفاع ا في الموضوع الحقا للعم ل اإلج رائي المش وب ب البطالن دون إثارته ” الم ادة 61من ق انون اإلج راءات المدني ة واإلدارية”. فالبطالن لعيب في الشكل يثار أوال بمجرد حدوثه ،فإذا أث ير بع د إب داء دف اع في الموض وع أو بع د دف ع بع دم القبول ،فإنه ال يعتد به ويعتبر اإلجراء صحيحا ،فبمجرد التعرض للموضوع يح رم الم دعي علي ه من إمكاني ة إبداء الدفع بالبطالن الذي كان من حقه أن يتمسك به[.]22 فبمجرد إبداء المدعى عليه أي طلب متعلق بالموضوع يعتبر تعرضا للموضوع ،سواء ك ان طلب ا عارض ا في الخصومة أو طلب يتعلق ب إجراء من إج راءات التحقي ق .وال يعت بر تعرض ا للموض وع طلب تأجي ل القض ية لتق ديم مس تندات أو م ذكرات ،فيجب أن يك ون الطلب ح تى يعت بر تعرض ا للموض وع داال بوض وح على أن الخصم الذي تقدم به يناقش موضوع الدعوى. وتحكم المحكمة في الدفع بالبطالن ،وسائر الدفوع الشكلية األخرى على استقالل ،ما لم تأمر المحكم ة بض مها إلى الموضوع .فاألصل أن تفصل المحكمة في الدفوع بالبطالن قبل النظ ر في موض وع ال دعوى ألن ه ذا ق د يغينها على النظر في الموضوع. رابعا :آثار الحكم بالبطالن ووسائل الحد منها. -1اثار الحكم بالبطالن: إن البطالن ال يرتب أثاره إال إذا حكم به ،فال يقع البطالن بق وة الق انون ول و ك ان متعلق ا بالنظ ام الع ام .وإنم ا يشترط أن يقرره القاضي ،ويترتب على الحكم ببطالن اإلجراء اعتب اره ك أن لم يكن فيس قط وتس قط مع ه ك ل اإلجراءات الالحقة له متى كان هو أساسها وترتبت هي علي ه ،كم ا ي ترتب على البطالن اإلج راء زوال كاف ة اآلثار القانونية المترتبة عليه[.]23 فإذا قضى مثال ببطالن عريضته افتتاح الدعوى استتبع ذل ك بطالن جمي ع إج راءات الخص ومة ،بم ا في ذل ك الحكم الصادر في الدعوى .ولكن هنا ال يمنع من تجديد اإلجراء الذي حكم ببطالن ه مص ححا م ا لم يكن الح ق في إجرائه قد سقط لسبب من أسباب السقوط. فيترتب على الحكم بالبطالن اعتبار اإلج راء ك أن لم يكن وزوال أث اره ،وي دعى أن الحكم ببطالن اإلج راء ال يستتبع بطالن ما تقدم عليه من إجراءات ،كما ال تبطل اإلجراءات الالحقة علي ه إذا ك ان له ا كي ان مس تقل ولم تكن معتمدة عليه[.]24 فالعمل اإلجرائي هو حلقة من حلقات التسلسل القانوني للخصومة وتتابع األعمال اإلجرائية المكونة للخص ومة تتابعا زمنيا .بمعنى أن القيام بعمل إجرائي يفترض وجود عمل إجرائي مرتبط به إلى غاية انقضاء الخص ومة القضائية. ويبدو منطقيا أن بطالن اإلجراء يترتب عليه بطالن األعمال الالحق ة المرتبط ة ب ه ،لكن ليس ك ل اإلج راءات الالحقة لإلجراء الباطل تكون باطل ة ك أثر لبطالن ه ذا اإلج راء .ف اإلجراءات الالحق ة المس تقلة عن اإلج راء الباطل تظل صحيحة .أم ا اإلج راءات الالحق ة المبني ة على العم ل الباط ل ،فه ذه تبط ل نتيج ة لبطالن العم ل السابق عليها .ويقصد بها تلك ال تي ترتب ط ارتباط ا قانوني ا بالعم ل ،بحيث يعت بر اإلج راء الس ابق ال ذي بط ل شرطا لصحة العمل الالحق عليه[.]25أم ا اإلج راءات الس ابقة على اإلج راء الباط ل ،فال ت أثير له ذا البطالن عليها متى تمت صحيحة في ذاتها. -تصحيح اإلجراء الباطل: ذهبت كل االتجاهات الحديث ة في ق انون اإلج راءات المدني ة واإلداري ة إلى الح د من أث ار البطالن ،فالمش رع اإلجرائي يحاول بقدر المستطاع إلى تفادي البطالن .وتنص المادة 62من قانون اإلجراءات المدنية واإلداري ة على أنه ” يجوز للقاضي أن يمنح أجال للخصوم لتص حيح اإلج راء المش وب ب البطالن ،بش رط ع دم بق اء أي ضرر قائم بعد التصحيح يسري أثر هذا التصحيح من تاريخ اإلجراء المشوب بالبطالن“ . واضح من النص أن المشرع يعمل على تفادي البطالن وذلك ضمانا الستمرار الخصومة ،فالقاضي يمنع أجال لتصحيح اإلجراء ،فإذا لم يكن اإلجراء ميعاد مقرر في القانون حددت المحكمة ميعادا مناسبا لتصحيحه[.]26 فالمشرع أجاز تصحيح اإلجراء الباطل بتكملة اإلجراء الباطل ،فإذا كان اإلج راء ب اطال بس بب نقص أو عيب في الشكل أو في بيان من البيان ات ،ف إذا أمكن تكمل ة اإلج راء بحيث يت وفر الش كل ال ذي يتطلب ه الق انون زال البطالن وأصبح اإلجراء المنسوب بالبطالن صحيحا. ومن بين الوسائل الوقائية هي إمكانية التنازل عن البطالن لعيب شكلي ،والتنازل هو تص رف إج رائي يتم من ط رف الخص م بإرادت ه المنف ردة ،ويك ون التن ازل ص حيحا إذا أعلن الخص م إرادت ه في ال نزول عن حق ه في التمسك بالبطالن .أما التنازل الضمني فيكون بسلوك الخصم يدل على التنازل عن التمس ك ب البطالن ،كم ا ل و ناقش الخصم موضوع اإلجراء الموجه ضده دون التمسك ببطالن ،أو الرد عليه بما يدل على أنه صحيح. وتقضي المادة 68من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على أنه ” ال يقضي ببطالن إج راء من اإلج راءات القابلة للتصحيح ،إذا زال سبب ذلك البطالن بإجراء الحق أثناء سير الخصومة” . وال يقتصر التصحيح بالتكملة على البطالن الخاص ،بل أنه يمكن التص حيح ول و ك ان البطالن متعلق ا بالنظ ام العام ،مادام أن التكملة ترمي إلى تصحيح اإلجراء ،األمر الذي يؤدي إال توفير الوقت واإلجراءات. وتصحيح اإلجراء ال ينتج أثره إال من ت اريخ حص وله ،فليس للتص حيح بالتكمل ة أث ر رجعي ،وبعب ارة أخ رى فاإلجراء يعتبر قد اتخذ في ه ذه الحال ة من وقت التص حيح ،ويس يري أث ر ه ذا التص حيح من ت اريخ اإلج راء المشوب بالبطالن ” المادة 66من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية“ .وقد أجاز الق انون تص حيح اإلج راء ولو بعد التمسك ببطالنه ،طالما يتم في الميعاد المقرر قانونا أو األجل الذي يمنحه القاضي. [ ]1أنظر أكثر تفصيال د أحم د م اهر زغل ول د .يوس ف يوس ف أب و زي د :أص ول وقواع د المرافع ات :ص .1269د.نبيل إسماعيل عمر :الوسيط في قانون المرافعات ،ص .658 [ ]2د فتحي والي :نظرية البطالن في قانون المرافعات ،الطبعة الثانية 1997م ،ص .10-8 [ ]3د أحمد هندي :التمسك بالبطالن في قانون المرافعات ،دار الجامعية الجديدة للنشر1999 ،م ص .7 [ ]4فالبطالن كعالج ال يصح أن يكون في ذات الوقت داء ،وحتى ال يكون كذلك الب د أن يؤخ ذ من ه بق در فال يتوسع المشرع فيه على نحو يصبح الشكل على المضمون غالبا. [ ]5د أحمد ماهر زغلول ،د يوسف يوسف زيد :مرجع سابق ص .1271 [ ]6د نبيل إسماعيل عمر :الوسيط في ق انون المرافع ات المدني ة والتجاري ة 199ص .421د فتحي س رور: البطالن في اإلجراءات الجنائية 1959م ،ص .30 [ ]7د أحمد ماهر زغلول د.يوسف يوسف أبو زيد :مرجع سابق ،ص .1410 [ ]8فيجب إبداء الدفوع الشكلية في مناسبة واح دة أي في م ذكرة واح دة في دف اع واح د ويجب أن تب دي قب ل الكالم في المسائل المتعلقة بأصل الحق. [ ]9د أحمد هندي :مرجع سابق ،ص .13د.أحمد ماهر زغلول د.يوسف يوسف أبو زي د :مرج ع س ابق ،ص .1272 [ ]10في التشريعات القديمة كان فيه تقييد لسلطة القاضي وكان فيه إطالة النزاع بإثارة مسائل فرعية ال مبرر لها. [Art 144/1 du code de code procédure civile France ( Aucun acte de procédure ]11 ne peut être déclaré nul pour vice de forme si la nullité n’en est pas expressément prévu par la loi, sauf en cas d’inobservation d’une formalité substantielle ou ) d’ordre public [Art 114/2 du code de procédure civile France ( la nullité ne peut être ]12 prononcée qu’a charge pour l’adversaire qui l’invoque de prouver le grief que lui cause l’irrégularité, même lorsqu’ il s’agit d’une formalité substantielle ou d’ordre ).public [Serge Guinchard. Cécile chainais , Frédérique Ferrand : procédure civile, droit ]13 .interne et droit de l’union européenne, 30 édition 2010. Page 284-285 [ ]14د أحمد زغلول د يوسف يوسف أبو زيد :مرجع سابق ص .1274 [ ]15ويكون البطالن خاصا إذا كان جزاءا لقاع دة أو مقتض ى مق رر لحماي ة المص لحة الخاص ة لش خص أو أشخاص معينين .أما البطالن العام فهو البطالن الذي يترتب نتيج ة لمخالف ة قاع دة يقص د به ا حماي ة مص لحة عامة ،أي متعلقة بالنظام العام ،فرعاية هذه المصلحة تعلو على أي اعتبار آخر. [ ]16أحمد هندي :مرجع سابق ،ص .16د فتحي والي :نظرية البطالن ،الطبعة 2رقم 371ص .689-688 أنظر أكثر تفصيال أمينة النمر :الدعوى وإجراءاتها ،1990ص .174-173 [ ]17المادة 21من قانون المرافعات المص ري تنص على أن ه )ال يج وز أن يتمس ك ب البطالن إال من ش رع البطالن لمصلحته ،وال يجوز التمسك بالبطالن من الخصم الذي تسبب فيه وذلك كل ه فيم ا ع دا الح االت ال تي يتعلق فيها البطالن بالنظام العام( [ ]18أنظر أكثر تفصيال د أحمد أبو الوفاء :المرافعات المدنية والتجارية ،الطبعة الخامس ة عش ر ،ص -507 .508أنظر أحمد أبو الوفا :نظرية الدفوع 1998م ،طبعة ،8ص .102 [ ]19أنظر أكثر تفصيال د أبو الوفا :نظرية الدفاع ،الطبعة الثانية1988 ،م ص .103 [ ]20أنظر أكثر تفضيال د أحمد هندي :مرجع سابق ،ص .70 [ ]21د فتحي والي :الوسيط في قانون القضاء المدني ،1987 ،دار النهضة العربية ،ص .427 [ ]22ويعتبر إبداء الطلبات القضائية تعرض ا للموض وع ويس قط ال دفع ب البطالن ول و ورد بطلب في إج راء باطل ،ألن بطالن اإلجراء ال يمنع من أن الكالم في الموضوع قد حدث بالفعل. [ ]23أنظر أكثر تفصيال د أحمد أبو الوفا :المرافعات المدنية والتجارية ،مرجع سابق ،ص .511 [ ]24فالبطالن ي ترتب على ع دم ق درة اإلج راء على تولي د االث ار ال تي ك ان من الممكن أن يول دها ل و ك ان صحيحا ،والبطالن كجزاء إجرائي يقع بقوة القانون ،سواء تعلق بالصالح العام أو تعلق بالصالح الخاص. [ ]25د أحمد ماهر زغلول :د.يوسف أبو زيد :مرجع سابق ،ص .1287 [ ]26أنظر د أحمد أبو الوفا :مرجع سابق ،ص .514