Professional Documents
Culture Documents
تعـريف االكـراه
البحث في تعريف االكراه يقتضي بحكم الضرورة العلمية التطرق الى مفهومه في اللغة والشريعة االســالمية .
كما ان لالكراه مكانته كأحـد اهم النظريـات في القـانون المـدني يسـتوجب التوقـف عنـده لبيـان موقـف القـانون
المدني من مفهوم االكراه .ويتعين بعد ذلك تخصيص البحث في تعريف االكراه في القانون الجنائي .
تعريف االكراه لغة
يكر ُههُ َكره ـا ً و ُكره ـا ً
كرهَ وداللته حال كونه مجردا ً يقال َك ِرهَ الشئ َ أكرهَ ومجرده ِ االكراه اسم مشتق من الفعل َ
ً
اكر ُههُ وكراهة وكراهية فهــو شــيء كريــه ومكــروه( ً كرهتُ الشئ َ و َكراهةً وكراهيةً بتخفيف الياء()1ـ .ـ وقيل ِ
زعم ان ال ُكــرهَ مــا
َ . )2وقد اجمع كثير من اهل اللغة ان ال َكرهَ وال ُكرهَ لغتان فبأي لغة وقع فجائز اال الفراء فانــه
اكرهتَ نفسك عليه وال َكرهَ ما اكرهَكَ غيرك عليه تقول :جئت ُكرها ً وأدخلتــني َكره ـاً( .)3وقــال ال ُكــره بالضــم
اكرههُ على القيــام(.)4قــال المشقة وبالفتح االكراه يقال :قام على ُكر ٍه أي على مشقة وأقامه فالن على َكر ٍه أي َ
عا َو َك ْرهًــاً))( ض َ
ط ْو ً ت َواَأل ْر ِ ((ولَهُ َأ ْسلَ َم َمن فِي ال َّ
س َم َاوا ِ ابن بري :ويدل لصحة قول الفراء قول هللا عز وجل َ
ب َعلَ ْي ُك ُم ْال ِقت َا ُل َوه َُو ُك ْرهٌ لَّ ُك ْم))( )6ولم يقرأ احد بفتح الكاف فيصير )5ولم يقرأ بضم الكاف وقال سبحانه (( ُك ِت َ
ال َكره بالفتح فعل المضطر وال ُكره بالضم فعل المختار(.)7وقال الراغب ال َكره بالفتح المشقة التي تنال االنســان
من خارج مما يحمل عليه باكراه وبالضم ما يناله من ذاته(.)8وداللة الفعل حــال عــدم تجــرده أي عنــد اقترانــه
بهمزة التعدية فان الفعل (أكره) يأتي بمعنى القهر واالجبار من الخارج فيقــال أكرهت ُـهُ على كــذا :حملتــه عليــه
أمر هو له كارهٌ(.)10امــا الفعــل واكرهتهُ :حملته على ٍ َ أكر َههُ
وتكره االمر َ : َّ فتكار َههُ
َ واكر َههُ عليه
َ َكرهاً(.)9
كرهَت فالنــة :غصــبت نفســها( .)11فــأكرهت على ذلــك فهي (إستكره) فيأتي بمعنى غصــب االرادة قيــل ُأسـتِ ِ
امرأة مستكرهة( .)12فاالكراه اسم مشتق من فعل يفعله المرء بغيره ،فهومن الناحية االصــطالحية يشــير الى
حمل الشخص قهرا ً على أمر يكرهه وال يرضاه ،او انه حالة من حاالت االجبار التي يحمــل الفــرد بواســطتها
على النطق بشيء او فعل شيء من غير رضاه (.)13
تعريف االكراه في الشريعة االسالمية
عالج معظم فقهاء الشريعة االسالمية موضوع االكراه من حيث آثاره في المسائل الجزئية دون ان يفردوا كتابا ً
او بابا ً خاصا ً به يبين معناه وانواعه باستثناء الفقه الحنفي والظاهري فقد افــردوا كتابـا ً لالكــراه وعـالجوا آثــاره
.فقد عرف الحنفية االكراه بانه (( اسم لفعل يفعله المرء بغيره فينتفي به رضاه او يفسد به اختياره من غــير ان
المكره او يسقط عنه)(.)14وعرفه الظاهرية ((االكراه كل مـا سـمي في اللغـة اكراهـا ً َ تنعدم به األهليه في حق
وعرف بالحس انه اكراه كالوعيد بالقتل ممن ال يؤمن منه انفاذ ما توعــد بــه))(.)15امــا بقيــة المــذاهب الفقهيــة
االسالمية فقد اقتبسنا من كالمهم ما يفيد معــنى االكــراه لــديهم .فهــو لــدى الحنابلــة ((النيــل بشــيء من العــذاب
كالضرب والخنق والعصر والحبس والغط في الماء مع الوعيــد))( .)16ولــدى المالكيــة ((الضــرب او التهديــد
بالقتل والتهديد بالضرب والتخويف))(.)17
اما الشافعية فالمعنى لديهم ((ان يصير الرجــل في يــدي من ال يقــدر على االمتنــاع منــه من ســلطان او لص او
متغلب على واحد من هؤالء او يكون المكره يخاف خوفا ً عليه داللة انه امتنع من قول ما أمر به يبلغ الضــرب
المؤلم او اكثر منه او اتالف نفسه))(.)18اما لدى الجعفرية فهو ((خوف الضرر على النفس والمال والعــرض
ويحدد االكراه بما يستند اليه الفعل بحيث لواله لم يحصل سواء كان الخــائف عظيمـا ً ام صــغيرا ً هــدد بالشــتم ام
بالضرب))(.)19وقد جاء في فتح القدير في معرض سرد االراء التي قيلت في تفسير االية الكريمة ((الَ ِإ ْكـ َ
ـراهَ
يِ))( )20ما يفيد معنى االكراه بالقول ((وقال في الكشاف في تفسير هذه اآلية : الر ْشدُ ِمنَ ْالغَ ّ
ِّين قَد تَّبَيَّنَ ُّ
فِي الد ِ
أي لم بجر هللا امر االيمان على االجبار والقســر ولكن على التمكين واالختيــار ونحــوه قولـه – ولــو شـاء ربــك
آلمن من في االرض كلهم جميعا ً أفانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمــنين – أي لــو شــاء لقســرهم على االيمــان
ولكن لم يفعل وبنى االمر على االختيار))(.)21
اما الكتـاب المعاصــرون في الفقـه االسـالمي فــان تعريفـاتهم لم تخــرج عن تعريفــات الفقهــاء المسـلمين ومنهــا
(( حمل الغير على أمر يمتنع عنه بتخويف يقدر عليه الحامـل على ايقاعـه فيصــير الغـير خائفـا ً بـه ))( )22أو
(( الضغط على انسان بوسيلة مرهبة او بتهديده لها الجباره على فعل او ترك ))( .)23التعريفان المتقدمان قــد
عنيا بابراز العنصر المعنوي في االكراه المتمثل في الرهبة او الخوف الذي تولده الوســيلة في نفس من بوشــر
عليه االكراه .ولكن هناك من عني بابراز عنصره المادي المتمثل في الوسيلة او التصرف المكــره عليــه حيث
عرفه بأنه ((فعل يوجد من شخص فيحدث في شخص آخر معنى يصير به مدفوعا ً الى الفعل الذي طلب منه))
( .)24ومنهم من عرفه بانه ((حمل شخص غيره على ما ال يرضاه قوالً او فعالً بغير حق )(.)25
تعريف االكراه في القانون المدني
عالج القانون المدني العراقي االكراه في مواضع عدة .وقد عــرف االكــراه بانــه ((اجبــار الشــخص بغــير حــق
على ان يعمل عمالً دون رضاه ))( .)26والتعريف المتقدم مقتبس من مجلة االحكام العدليــة الــتي عرفتــه بانــه
(( اجبار احد على ان يعمل عمالً بغير حق من دون رضاه باالخافة))(.)27اما شراح القانون المدني فقد عرفه
بعضــهم بانــه (( اجبــار شــخص على عمــل شــيء بال حــق ))( .)28وهــذا التعريــف ال يعــدو ان يكــون ترديــدا ً
للنصوص القانونية من جهة وتعريفا ً لغويا ً من جهة اخرى .ويذهب البعض اآلخر في تعريفه لالكــراه الىتحديــد
عناصره بانه (( ضغط تتأثر به ارادة شخص فينــدفع الى التعاقــد ))( .)30بينمــا يعرفــه آخــرون بانــه ((ضــغط
غير مشروع على ارادة شخص تبعث في نفسه رهبة تدفعه الى التعاقد ))(.)31
والواضــح ان هــذين التعــريفين خاصــان بــالعقود فقــط .والحقيقــة ان لالكــراه ذات المعــنى في القــانون المــدني
والجنائي ،فالسائد انهما يمثالن مفهوما ً واحدا ً من ناحيــة العناصــر المطلوبــة فيــه ( .)32و ان اختلفــا من حيث
االثر القــانوني .فمن حيث انهمــا يمثالن معــنى واحــدا ً في العناصــر المطلوبــة فيــه ،فــان االكــراه بمعنــاه العــام
ينطوي على عنصرين :عنصر مادي هو الطرق الــتي تســتعمل للتــأثير في ارادة الغــير وعنصــر معنــوي هــو
انتزاع االرادة .فالعنصــر االول دائرتــه في المــواد المدنيــة تتطــابق مــع دائرتــه في المــواد الجنائيــة ،فالقــانون
المدني والقانون الجنائي لم يبينا وسائل االكراه بـل هي متروكـة لتقـدير القاضــي ،امـا العنصـر المعنــوي فهـو
واحد في النطاقين المدني والجنائي ذلك ان االرادة هي المستهدفة بــاالكراه وســالمتها شــرط لكي تكــون منتجـا ً
لآلثار القانونية في كال القانونين .اما من حيث اختالف االثر القانوني لالكراه في القــانون المــدني عن اثــره في
القانون الجنائي ،فان هذا االختالف نابع من اختالفهما في طبيعة المصلحة التي يحميانها والهدف الذي يتوخاه
كل منهما في احكامه( )33فاذا كان المشرع المــدني يحمي حريــة االرادة في التعاقــد ويعتــبر االكــراه عيبـا ً من
عيوبها فال يعتد بالرضا الصادر عنها ،كمــا انــه يمنــع من انعقــاد العقــد او بطالنــه وكــل ذلــك حمايــة للروابــط
التعاقدية( .)34فان المشرع الجنائي يحمي الحرية المعنوية لالفراد او الحق الشخصي في ان تكون ارادته كمــا
يشاء وليس وفقا ً الرادة االخرين.
تعريف االكراه في القانون الجنائي
االكراه اجراء ينصب في اثره على االرادة .واالرادة تتعلق بالجانب النفسي للنشــاط البشــري ،واالكــراه احــد
االسباب التي تنال من سـالمتها وليس السـبب الوحيد .لـذا سـوف نتطـرق اوالً لتحديــد معـنى االرادة باعتبـاره
المنطلق في تعريف االكراه وتحديد موضع اثره على االرادة ثم نتولى بعد ذلك تعريفه في القانون الجنائي.
مـعـنى االرادة
االرادة لغــة المشــيئة واراد الشــيء شــاءه والفــرق بين االرادة والطلب ان االرادة تكــون مضــمرة ال ظــاهرة
والطلب ال يكون اال بما بدأ بفعل او قول ( .)35اما معناها لــدى الفالســفة فهــو نــزوع النفس وميلهــا الى الفعــل
بحيث يحملها عليه(.)36اما فقهاء القانون الجنائي فان تعريفاتهم لالرادة تتعدد وتختلــف ،ذلــك ان االرادة انمــا
تتعلق بالجانب الذهني او النفسي للنشاط البشري .وهذا الجانب محل خالف فقهي من حيث موضعه من نظرية
الجريمة ذاتها على تفصيل في ذلك او نظرية المسؤولية عنها(.)37او من حيث تعيين عناصر هذا الجــانب من
النشاط البشري واالرتباط القائم بينها مما انعكس هذا الخالف بالتالي على تعريفهم لالرادة(.)38ولســنا هنــا في
موضع الخوض في تلك التعاريف واالختالفات الفقهية بقدر ما يهمنا معنى االرادة وموضـعها ونـوع االرتبـاط
القائم بينها وبين العمليات النفسية االخرى في هذا الجانب المهم من النشاط البشــري الــذي لـه صــداه في احكـام
القانون الجنائي ودون التقيد بزاوية من زوايا هذا القانون .ونفضل تعريف االرادة بانها ((توجيه االنسان نفســه
الى عمل معين او االمتناع عنه))(.)39
ولهذا التعريف ميزتان هامتان :االولى انه يعطي مفهوما ً عامـا ً لالرادة االنســانية ســواء كــان هــذا االنســان في
نظر القانون الجنائي جانيا ً او مجنيا ً عليه او كان عمله او امتناعه مشروعا ً او غــير مشــروع .والثانيــة – وهي
تنبثق من االولى -انه االكثر مالءمة مع موضوع بحثنا هذا ،بحيث يحدد مســاره على هــداه ،ذلــك ان االكــراه
اجراء مثلما يمارس على ارادة الجاني فانه قد يمارس على ارادة المجني عليه .واالرادة عمــل نفســي ينعقــد بــه
العزم على شيء معين ويسبقها عمالن تحضيريان ويليها عمل تنفيذي ()40ز فأول مرحلة هي التفكــر وادراك
امر معين نتيجة االحساس باشباع حاجة ،ثم يلي ذلك مرحلة التدبر والموازنة بين االختيارات المتاحة وانتقــاء
افضــلها وانســبها الشــباع الحاجــة .وهــذه القــدرة على التــدبر والموازنــة واالختيــار ال تتــوافر اال اذا انتفت
المؤثرات التي من شأنها ان تعيق تلك القدرة او الحرية على االختيار ،ثم تــأتي المرحلــة الثالثــة بعــد ان ينتهي
الشخص الى العزم باالمضاء في اختيار معين والبت فيه وهذه هي االرادة ،فــاذا انعقــدت لم يبــق بعــد ذلــك اال
المرحلة الرابعة وهي مرحلة التنفيذ وهي الحركة العضوية وهذه قد تكون فعالً وقد تكون امتناعا ً (.)41ـ وهذه
األول فهي مراحل داخلية نفسية(.)42وقد عرف فقهــاء المرحلة االخيرة هي عمل خارجي اما المراحل الثالث َ
القانون الجنائي هذه المراحل النفسية الثالث .فالمرحلة االولى هي االدراك ويعني (( قدرة الشــخص على فهم
افعاله وتقدير نتائجها )) ( .)43اما المرحلة الثانيــة فهي حريـة االختيـار وتعــني ((قــدرة الشــخص على توجيــه
نفسه الى عمل معين او الى االمتناع عنه )) (.)44ـ والمرحلة الثالثة هي االرادة وقــد ســبق الكالم عنهــا .ولكي
يكتمل معنى االرادة ال بد لنــا من تحديــد العالقــة بين هــذه العناصــر الثالثــة وتــأثير عنصــري االدراك وحريــة
االختيار في تلوين االرادة وتوجيهها .
ابتداءا ً ومن خالل التحليل المتقدم يتبين الفارق بين االرادة وحرية االختيار رغم ما بينهما من ارتباط ،فاالولى
واقعه تفترض اسـتخدام الشـخص بالفعـل لقدراتـه تحقيقـا ً لهـدف معين بينمـا االخـيرة مكننـة تنحصـر في قـدرة
الشخص على توجيه افعاله هذه الوجهة او تلك ( .)45ولهذه التفرقة اهميتها الن في نظرنا – ان االرادة الزمة
لقيام الجريمة اما حرية االختيار فهي شرط لقيام المســؤولية الجزائيــة عنهــا .ولكن هــذه القــدرة ال تتــوافر لــدى
الشخص اال اذا انعدمت المــؤثرات الــتي من شــأنها ان تعيــق قدرتــه وتفــرض عليــه اتبــاع وجهــة خاصة(.)46
وتنتفي هذه القدرة او الحرية بنوعين من االسباب :اسباب خارجية كاالكراه واسباب داخلية ترجــع الى الحالــة
العقلية او النفسية(.)47وال غرابة اذا قلنا ان هذا الفارق بين االرادة وحرية االختيار هو الـذي يقودنـا الى وجـه
االرتباط بينهما .فاذا كانت االرادة تستعين بالقــدرة على االختيــار ،فــان انعــدام االرادة يســتتبع منطقيـا ً انعــدام
القدرة ايضاً( .)48ولكن العكس غير صحيح دائما ً فقد تنعدم القدرة ومع ذلــك ال تنعــدم االرادة.ويبــدو االرتبــاط
وثيقــا ً بين حريــة االختيــار واالدراك ،اذ ان االولى تفــترض الثانيــة ،أي ان االنســان يــوازن بين البــواعث
ويستجيب لبعضها بعد ان يدرك داللة كل منها ويتصور ماهية واثار العمل الذي يمكن ان توجهه اليه(. )50
االرادة لدى عديم األهلية :
اذا كان الفقه الجنائي يسلم بتوافر االرادة لدى الشخص العاقل البالغ – كقاعدة عامــة – فــان الخالف بينهم قــائم
حول توافرها لدى الشخص عديم االهلية كالمجنون والصغير .ومن االهمية ان نحــدد موقفنــا من هــذه المســألة
باعتبار ان االرادة هي المحل الذي ينصب عليه االكراه وان القول بتوافرها او عدم توافرها يؤدي الى اختالف
في النتائج التي تبنى على ذلك سواء من حيث وجــود محــل االكــراه لـدى عـديم االهليـة وبالتـالي مــدى تصــور
وقوع االكراه عليه او عدم تصوره و ما يبنى على هذه النتيجة االخيرة من نتائج اخرى تتمثــل في اثــر االكــراه
في نواحي االحكام المرتبطة به .فاذا كان قسم من الفقهاء يذهب الى انكار وجود االرادة لدى فاقد االدراك على
اساس االرتباط الوثيق بينهما( )51فان هناك من يقر بوجودها لدى فاقد االدراك .ذلك ان االدراك يختلــف عن
االرادة وان كانوا ال ينكرون على هذه االرادة كونها غير واعية ( .)52ذلك ان كــل خلــل في االدراك ال بــد لــه
من تأثيره في االرادة ولكن ليس كل خلل في االرادة مؤثرا ً في االدراك(.)53والحقيقة ان هــذا الخالف كــان لــه
اثره في اختالف الفقهاء حول الطبيعة القانونية الفعال المجانين والصـغار المطابقـة لبعض النمـاذج االجراميـة
المنصوص عليها في قانون العقوبات( .)54ويبدو أن الرأي الذي ينكر وجود االرادة لــدى فاقــد االدراك يخلــط
بين حرية االختيار واالرادة وهو أمر ال نقره .فاذا كــان فاقــد االدراك فاقــدا ً لحريــة االختيــار بحكم ان االدراك
هو الذي يعطي لصاحبه القدرة على ممارسة حرية االختيار( )55فهذا ال يعــني انــه فاقــد لالرادة .لــذا الينبغي
الخلط بين تجرد الشخص من حرية االختيار وبين انعدام ارادته الن التالزم بين االمرين غــير مضــطرد .فقــد
يتجرد الشخص من تلك الحرية ومع ذلك ال تنعدم ارادته (.)56فعديم االهلية يمكنه ان يتمثل وان يأتي نشاطا ً .
وهذا النشاط قد يكــون مطابقـا ً لنمــوذج اجـرامي فيحقــق بـذلك واقعــة اجراميــة( .)57اي يمكنـه ان يـأتي الفعــل
المكون للجريمة ( .)58فمثل هذا الشخص تنشأ لديه االرادة وانما بدون ان تكــون ثمــرة لحريــة االختيــار(.)59
فما انعدم لديه ليس هو االرادة النه قد اختار واراد بالفعل وانما الذي انعدم لديــه هــو حريــة االختيــار او القــدرة
على االختيار( .)60فاالختيار الفعلي شيء والقدرة على االختيار شيء آخر(.)61
ولما كانت هذه القدرة معدومة بسبب داخلي هو فقد االدراك أي عدم القدرة على فهم طبيعة الفعل واثاره ،فــان
هذه االرادة توصــف بانهــا ارادة غــير واعيــة( .)62ومن ثم ال يكــون لهــا نفس االثــر القــانوني لالرادة الواعيــة
كامتناع مسؤولية صاحبها او ال يكون للرضا الصادر عنه ايــة قيمــة قانونيــة مثالً .ويؤيــد وجهــة نظرنــا اقــرار
المشرع العراقي اعتبار المجنون او ذي العاهة العقلية مرتكبا ً للجريمة وذلك في المادة 60من قانون العقوبات
،حيث نصت على ((ال يسأل جزائيا ً من كان وقت ارتكاب الجريمــة فاقــد االدراك أو االرادة لجنــون او عاهــة
في العقل … .)63()).وحيث ان الجريمة ال تقوم اال بتوافر ركنيها المادي والمعنوي ،وان هذا االخير يتطلب
لقيامه وجود االرادة واتجاهها على اتفاق في الفقه مع خالف حول اعتبار طبيعتها عنصرا ً في هذا الركن ،واذ
يعنينا هنا نقطة االتفاق دون نقطة االختالف ،فانه يتبين لنا بوضوح مـدى داللـة النص في وجـود االرادة لـدى
فاقد االدراك( .)64فضالً عن ان النص يصرح بانه ((ال يسأل جزائيا ً )) ولم يصرح كما هو الحال عند تحديــد
اسباب االباحة بانـه (( ال جريمــة )) .وممــا يؤيـد رأينــا ايضـا ً ان اســتبعاد صــفة الجريمـة عن فعـل الصــغير و
المجنون يعني اعتبار هذا الفعل مباحا ً ،ويؤدي الى حرمــان الغــير من مباشــرة الــدفاع الشــرعي لصــد مــا يقــع
منهما من عدوان ،كما يؤدي الى اباحة فعل من يشترك معهما ولو كان من البالغين االسوياء ،وهذا مما يمتنــع
قبوله(.)65واذا كنا نقر بوجود االرادة لدى الجاني فاقد االدراك فهذا يعني منطقيا ً توافرهــا لــدى المجــني عليــه
طالما كان صاحب االرادة هو الشخص نفسه وان اختلف موضعه في الجريمــة .بــل نــرى ان هــذا االمــر تــدل
عليه ضمنيا ً بعض النصوص القانونية .فالمشرع العراقي يغاير في العقوبة في جريمة االغتصاب الواقعة على
انثى لم تكمل الثامنة عشــرة من عمرهــا بين حالــة الرضــا وعــدم الرضــا ( .)66والعلــة في ذلــك ليســت وجــود
الرضا او عدم وجوده بذاته ،الن الجريمة قائمة ولو كان الرضا موجودا ً النه من حاالت الرضا غــير المعتــبر
قانونا ً .انما العلة في ان المشرع يعترف بوجود ارادة تقف وراء هذا الرضا ويغاير في العقوبة باختالف نطــق
االرادة عن رضائها او عدم رضــائها بالفعــل واذ ال يعتــد بالرضــا ليس ألن االرادة معدومــة بــل لكــون االرادة
معيبة ،وهي بهذا المعنى ارادة موجودة ولكنها غير سليمة الن ليس لهـا القـدرة على االختيــار فهي ارادة غـير
واعية .ويتبين مما تقدم القيمة القانونية الرادة عديم االهليـة سـواء في نطـاق المســؤولية الجزائيـة او في نطـاق
الحماية الجنائية .فعديم االهلية يمكنه ارتكاب الجريمة ولكنه ال يســأل الن ارادتــه غـير واعيـة ذلــك ان االرادة
شرط لقيام الجريمة وسالمتها شرط لقيام المسؤولية ،فاالرادة الحرة الواعية تؤدي دورها عند تقدير رد الفعــل
ضد الجريمة ال عند التحقق من وقوع الجريمة قانونا ً(.)67
وكذلك في نطاق الحماية الجنائية فاالرادة شرط لوجــود الرضـا امـا سـالمتها فهي شـرط لالعتـداد بالرضـا أي
لصحته قانوناً(.)68واذ انتهينا الى اقرار وجود االرادة لـدى عـديم االهلية .فهــذا يعـني ان محـل االكـراه وهــو
االرادة متوافر لديه ومن ثم من الممكن تصور وقوع االكراه عليه ،وحيث ان ارادته غير واعية بســبب انتفــاء
القدرة على االختيار وهو سبب داخلي يتعلق بفقد االدراك وان هذه القدرة –كما بينا – قد تنتفي لســبب خــارجي
كاالكراه فمن االهمية بمكان تعيين أي السببين ادى الى انتفاء تلك القدرة .ففي نطاق موانــع المســؤولية اذا كــان
السبب خارجيا ً فال تتخذ ضده تدابير احترازية الن الفعل ال يدل على ان صاحبه يخشى منه خطرا ً .اما اذا كان
السبب داخليا ً كالجنون وصغر السن فان من الجائز اتخاذ تدابير ضــده رغم انتفــاء مســؤوليته(.)69وفي نطــاق
التكييف القانوني لبعض االفعال .فمن الثابت ان التسليم ال ينتج اثره الناقل للحيــازة وبالتــالي النــافي لالختالس
اال اذا كانت ارادة المسلم مدركة مختارة .فاذا تم التسليم من قبــل صــغير غــير ممــيز او شــخص مجنــون تعين
البحث عن سببه ،فاذا كان قد تم طوعا ً فان جريمة السرقة تقع بصورتها البسيطة( .)70اما اذا كان التســليم قــد
تم لسبب خارجي كما لو امتنع المجنون عن تسليم المسـروق للسـارق والتجـأ هـذا االخـير الى اسـتخدام العنـف
النتزاع المسروق منه فال شك ان الفعل يكيف على انه سرقة باكراه .وهو بهذا المعنى – أي االكراه – وســيلة
قسرية لتعطيل ارادة المقاومة لدى المجنون( .)71وال يفهم بغيرهذا المعنى اذ القول بغــير ذلــك تجزئــة لمفهــوم
االكراه في جريمة السرقة بين من لديه االدراك وبين فاقده .
التعريف الجنائي لالكراه
لم يتطــرق قــانون العقوبــات العــراقي الى تعريــف االكــراه وانمــا نظم فقــط االثــار القانونيــة المترتبــة عليــه في
الفروض المتعددة التي يأخذه بها المشرع في االعتبــار ســواء المتنــاع المســؤولية او لتجــريم بعض االفعــال او
تشديد العقوبة او انتفاء القيمة القانونية لبعض ادلة االثبات ،ولم نجد له تعريفا ً في القوانين العربيــة او االجنبيــة
المتــوافرة لــدينا .والحقيقــة ان تعريــف المصــطلحات يتــواله الفقهــاء وشــراح القــانون وهــو ليس وظيفــة
المشرع.وفقهاء القانون الجنائي لم يضعوا تعريفا ً جنائيـا ً عامـا ً لالكــراه ،وانمــا تعــددت تعــاريفهم بتعــدد زوايــا
االحكام التشريعية المرتبطة به وتعدد ادواره واثاره القانونية .فقد عرفــه البعض من الفقــه العــربي وجــانب من
الفقه الفرنسي بانه (( قوة ال يمكن دفعها وال توقعها تجبر الشخص على ارتكاب الجريمة ويعــد ســببا ً مانعـا ً من
قيــام المســؤولية))( .)72واذا كــان هــذا التعريــف يصــدق على الــدور القــانوني لالكــراه في نطــاق المســؤولية
الجزائية بما يرتبه من اثر في امتناع هذه المسؤولية .فان ما يؤخذ عليه تعريفــه للشــيء بــاالثر المــترتب عليــه
الننا اذا لم نعرف حقيقة الشيء وماهيته ال نستطيع ان نرتب عليه .كما ان ادوار االكراه واوصافه متعــددة وال
تنحصر في هذا النطاق .يضاف الى ذلك ان القوة تعبير عن الوسيلة وهي المظهــر الخــارجي لالكــراه ،ولكن
االكراه له مضمون نفسي يتمثــل في حالــة نفســية ضــاغطة على االرادة وهي جــوهر االكــراه .فــالعبرة ليســت
بالوسيلة ذاتهـا وانمـا باثرهـا في نفس من بوشـرت عليـه.وذهب قسـم آخـر من الفقـه الى تعريفـه بأنـه (( سـلب
االنسان حريته في االختيار سلبا ً تامـا ً او جزئيـا ً بحســب االحــوال يــؤثر في ارادتــه الى المــدى الــذي قــد يســمح
بالقول بانتفاء مسؤوليته جنائيا ً عن تصرفاته ))(.)73
ويالحظ على هـذا التعريــف انـه -كســابقه – يقصــر دور االكــراه في نطـاق المســؤولية الجزائيــة .والمالحظـة
ـره ( بالمكره ( بكسر الراء ) وسلب االرادة صفة قائمة باالرادة وهي صفة المكـ َ ِ االخرى ان االكراه صفة قائمة
بفتح الراء ) فالموصوفان متغايران بالذات وكذلك بصفتهما وال يصح وصــف المكـ ِـره ( بكســر الــراء ) بصــفة
المكره ( بفتح الراء )()74زوعرفه آخرون بأنه ((اجبار الشخص على عمل معين او منعه من فعل معين رغم َ
ارادته فهو يعدم اختيار الشخص او يقيد حريته في االختيار ))(.)75ومما يالحظ على هذا التعريــف ان عبــارة
( رغم ارادته ) تفيد المعارضة واالكراه اليشترط ان يكون مقرونا ً بالمعارضة حتما ً الن الشــخص قــد يخضــع
ـره عليـه دونمــا معارضــة عنــدما يــرى عـدم جــدواها ازاء قــوة وسـيلة االكــراه استسالما ً وياتي التصــرف المكـ َ
المكره لسلب ارادته او َ المكره على
ِ المستخدمة ضده.كما عرفه آخرون بانه (( ضغط مادي او معنوي يمارسه
ـره وفق ـا ً لمــا يريــد القــائم بــاالكراه ))(.)76ويتمــيز هــذا التعريــف بشــموليته دونالتــأثير فيهــا ليتصــرف المكـ َ
تخصيص للوسيلة او لدور االكراه في نطاق معين ،اال ان تخصيصه من حيث المصــدر على االنســان ال نتفــق
فيه لتعدد مصادر االكراه .كما ان تعيين نوع الضغط الممارس ليس له مقتضى اذ ان محل ذلك انواع االكراه .
وذهب جـانب من الفقـه االيطــالي الى تعريفــه بأنـه ((الضــغط على االرادة بحيث تشـكل وفقـا ً الرادة من باشــر
االكراه)).ولعل ما يميز هذا التعريف عن سابقاته انه يشير الى جوهر االكراه المتمثل في الضــغط على االرادة
المكره ( بفتح الــراء ) ارادة تابعــة الرادة المكـ ِـره ( بكســر الــراء )
َ .ولكن مما يالحظ عليه انه يجعل من ارادة
فهو يبقي على االرادة مع ان االكراه قد يعدمها كما انـه يخصـص مصـدر االكـراه في االنسـان .واننـا اذ نكتفي
بهذا القــدر من تعــاريف الفقهــاء فالمالحــظ ان الغــالب منهم يضــع تعريفـا ً لالكــراه يتطــابق او يتشــابه من حيث
المعنى مع التعاريف السابقة .وينبغي ان نشير هنا الى اننا اذ نسجل تلك المآخذ فــان المنطلــق في ذلــك ليس من
باب التشكيك ،ذلك ان من وضعوا تلك التعاريف لهم المكانة العلمية المعروفة وانهم انما عرفوا االكراه تعريفا ً
خاصا ً يختلف باختالف اوصافه وادواره القانونية ولم يحاولوا ان يضعوا لــه تعريفـا ً جنائيـا ً عامـا ً ،لــذلك فاننــا
نريــد الوصــول الى تعريــف جــامع لالكــراه ومحــدد لخصائصــه الذاتيــة يكــون شــامالً ومفســرا ً لجميــع االدوار
القانونية التي يظهر بها االكراه في القانون الجنائي مهتدين في ذلك بتعاريف هؤالء الفقهاء .
وقد ساير القضاء الجنائي الفقه في تعريفه لالكراه باختالف ادواره القانونية ،من ذلـك تعريــف محكمـة النقض
المصرية لالكراه في جريمة اغتصاب السندات بانه (( كل ضغط على ارادة الجاني يعطل من حريــة االختيــار
لديه ويرغمه على تسليم السند والتوقيع عليه وفقا ً لما يتهدده ))( .)77وعرفت محكمة التمييز االردنيــة االكــراه
في جريمة السرقة بأنه ((كل وسيلة قســرية تمــارس في مواجهــة االشــخاص بقصــد شــل مقــاومتهم ممــا يســهل
ارتكاب الجريمة))( .)78وعرفت محكمة النقض الفرنسية االكراه كمانع مسؤولية بأنــه ((القــوة المســلطة على
شخص خارج قدرته ويكون مانعـا ً للمسـؤولية ))( .)79وعلى وفــق مـا ابـديناه من مالحظـات يمكن ان نعـرف
االكراه بانه (( ضغط خارجي على ارادة شخص يعدمها او يشل حرية االختيار لديــه للقيــام بعمــل او االمتنــاع
عنه )) .وهذا التعريــف يتضــمن العناصــر الذاتيــة لالكــراه دون التعــرض لشــروطه وآثــاره القانونيــة الن هــذه
االمور خارجة عن ذات الشيء المعرف ومن الخطأ اقحامها في التعريف ،كما ان هذا التعريف يجنبنــا الخلــط
بين االكراه وما قد تتشابه معـه من مفـاهيم او نظم قانونيـة .العناصـر الذاتيـة لالكـراه الـتي يتضـمنها التعريــف
هي :
.1ضغط :والضغط انعكاس لما تحدثه الوسيلة من اثر في نفس من بوشر ضده االكراه .فـاذا كـان االكـراه في
مظهره النفسي يتمثــل في الضــغط على االرادة فــان مظهــره المــادي يتمثــل في وســيلته الى ذلــك وهي متعــددة
كالقوة سواء أكانت طبيعية ام انسانية والتهديد والضرب والتعذيب والخنق ،وكلها يمكن ان تحقق نتيجة واحدة
وهي الضغط على االرادة ،وبعبارة اخرى ان التعريف ال يشير الى وسيلة معينــة في نوعهــا او مصــدرها بــل
ترك المجال للتفصيالت الجزئية وانما عبر عن االكراه بالضغط على االرادة وهــو مقيــاس مــرن ال ينظــر الى
الوسيلة لما لها من خصائص ذاتية فحسب وانما لما تحدثه من اثر في ارادة من وجهت اليه .
.2خارجي :يتعين ان يكون مصدر الضغط خارجيا ً .فال ينــدرج تحت مفهــوم االكــراه اذا كــان الضــغط على
االرادة ذا مصدر داخلي او ذاتي ،أي مبعثه نفسية الشخص كحاالت العاهة العقلية او االنفعــاالت او المشــاعر
العاطفيــة او التهيج نتيجــة اعتبــارات الشــرف او االســتفزاز او االغــراء او ايــة حالــة اخــرى كامنــة في نفســية
الشـخص تضـغط على ارادتـه او تـؤثر في حريتـه في االختيـار .كمـا ان المشــرع الجنـائي قــد افـرد للحـاالت
المتقدمــة احكام ـا ً خاصــة الختالف مفهومهــا وشــروطها وآثارهــا القانونيــة عن حالــة االكــراه .وينبغي ان ال
ينصرف الذهن الى ان المقصود بهذا العنصر ان يكون الضغط من خارج جسم من بوشر عليــه االكــراه وانمــا
المقصود ان يكون خارج نفسيته ،فمن يصاب بشلل مفاجئ فيقع على آخر فيقتله تتحقق فيه حالة االكراه .
.3ارادة شخص :يشترط في الضغط ان يكون منصبا ً على االرادة وان كانت الوسيلة مادية على جسد صاحب
االرادة مــا دامت غايتهــا الضــغط على االرادة وتوجيههــا الى الســلوك الــذي يريــده من باشــر االكــراه .وكــون
الضــعط واقعـا ً على االرادة يــدل على امتنــاع الشــخص عن الســلوك المكــره عليــه قبــل االكــراه فهــو ال يختــار
مباشرته لو تركت له حرية االختيار .
.4يعدم االرادة او يشل حرية االختيار :فاالكراه بوصفه اجراء او ضغطا ً يمارس على االرادة لتوجيههــا الى
سلوك معين ،فان هذا التوجيه قد يكون بشـكل مباشــر بالضــغط المباشـر على االرادة وقــد يكــون هـذا التوجيـه
بشكل غير مباشر أي دون المساس باالرادة وانما بشل حرية االختيار بحيث ال يكون امام الشــخص اال اختيــار
ـره عليــه .فالضــغط المباشــر
السلوك الذي يريده من باشر االكراه أي توجيه نفسه الى العمل او التصــرف المكـ َ
يعدم االرادة وتنتفي معها حرية االختيار بينما الضــغط غــير المباشــر ال يمس وجــود االرادة وانمــا يضــيق من
نطاق حرية االختيار الى الحد الذي يشلها فاالرادة موجودة ولكنها غير حرة .واالكراه بهذا الوصف ال عالقــة
له باالدراك فاالكراه امره مختلف فهــو ال يــؤثر في التميــيز مطلقـا ً وانمــا ينحصــر اثــره في االرادة فيعـدمها او
دائرة االختيار فيعدمها تبعا ً النعدام االرادة او يضيق من مجال االختيار .فاالكراه حالــة طارئــة تصــيب االرادة
دون العاهة العقلية التي تكون على االغلب حالة دائمة او مستمرة .وهذا العنصر من عناصر االكراه هو الذي
يجعل االكراه يفترق عن حاالت اخرى تشابهها كحالة الضرورة والحادث الفجائي والتحريض .
.5للقيام بعمل او االمتناع عنه :ويقصد به السلوك المكــره عليــه .والواقــع اننــا لــو اخــذنا االكــراه بــدون هــذا
العنصر أي بمعنى الضغط على االرادة فمن المالحظ ان جميع الجرائم ترتكب ضد ارادة المجني عليــه ،فهــذا
العنصر يمثل غاية الوسيلة فيكون من باشر االكراه غير قاصــد من اســتخدام العنــف مثالً تحقيــق اثــره كمــا في
جرائم الجـرح وانمـا يبغي تحقيـق غايـة معينـة يكـون العنــف وســيلته .وهـذه الغايـة تتمثـل في القيـام بعمـل او
االمتنــاع عنــه من قبــل من بوشــر عليــه .وقولنــا القيــام بعمــل او االمتنــاع عنــه يجعــل االكــراه شــامالً لجميــع
التصرفات سواء أكانت قولية ام فعلية او كانت ايجابية ام سلبية .
_____________________________________________
-1االمام مالك بن أنس ،المدونة الكبرى ،ج ، 3بدون دار نشر وسنة طبع ،ص-1 209بطرس البســتاني ،
قطر المحيط ،مكتبة لبنان ،بيروت ،بدون سنة طبع ،ص. 1844
-2اسماعيل بن حماد الجوهري ،الصحاح ،ج ، 6دار الكتاب العربي بمصر ،بدون سنة طبع ،ص.2247
-3ابن منظور ،لسان العرب ،ج ، 13دار بيروت ،بيروت ، 1956 ،ص. 534
-4محمد بن ابي بكر بن عبد القادر الرازي ،مختار الصحاح ،دار الرسالة ،الكويت ، 1983 ،ص .569
-5سورة آل عمران ،االية . 83
-6سورة البقرة ،االية . 216
-7االمام السيد محمد مرتضــى الزبيــدي ،تــاج العــروس ،ج ، 9دار ليبيــا ،بنغــازي ،بــدون ســنة طبــع ،ص
. 408
-8المصدر السابق ،ص. 408
-9اسماعيل بن حماد الجوهري ،الصحاح ،مصدر سابق ،ص. 2247
-10ابن منظور ،لسان العرب ،مصدر سابق ،ص. 535
-11مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبــادي ،القــاموس المحيــط ،ج ، 4مطبعــة البــاني واوالده ،مصــر ،
، 1952ص. 293
-12االمام السيد محمد مرتضى الزبيدي ،تاج العروس ،مصدر سابق ،ص. 408
-13ثامر هاشم حبيب العميدي ،واقـع التقيـه عنـد المـذاهب والفــرق االسـالمية ،كتـاب منشــور على الشـبكة
الدولية للمعلومات على الموقع .
www.14masom.com/maktaba/maktaba-akaed/book56/amidi-01.htm#link7
-14شمس الدين السرخسي ،المبسوط ،ج ، 23دار المعرفة ،بيروت ،ط ، 3بدون سنة طبع ،ص. 38
-15ابن حزم ،المحلى ،ج ، 8مطبعة االمام ،القاهرة ،بدون سنة طبع ،ص . 381
-16ابن قدامى ،المغنى ،ج ، 8دار الكتاب العربي ،بيروت ،لبنان ، 1972 ،ص. 280
-17االمام مالك بن أنس ،المدونة الكبرى ،ج ، 3بدون دار نشر وسنة طبع ،ص209
-18محمد جواد مغنية ،فقه االمام جعفر الصادق ،ج ، 3دار العلم للماليين ،بيروت ،بدون سنة طبع ،ص
. 70
-19سورة البقرة ،اآلية . 256
-20محمد بن علي الشوكاني ،فتح القدير الجامع بين فــني الروايــة والدرايــة في علم التفســير ،مجلــد ،1دار
الفكر ،القاهرة ،بدون سنة طبع ،ص . 275
-21محمد ابو زهرة ،الجريمة والعقوبة في الفقــه االســالمي ،الجريمــة ،دار الفكــر العــربي ، 1976 ،ص
530
-22د.مصطفى احمد الزرقاء ،المدخل الفقهي العام ،ج ، 1مطابع الف باء االديب ،دمشق ،1968-1967 ،
ص. 368
-23الشــيخ احمــد ابــراهيم ابــراهيم ،االهليــة وعوارضــها والواليــة في الشــرع االســالمي ،مجلــة القــانون
واالقتصاد ،العدد ، 2السنة االولى ،آيار ، 1931 ،ص. 526
-24العالمة حسين على االعظمي ،الوجيز في اصول الفقه وتاريخ التشريع ،نقحــة وضــبطه وقدمــه واعــده
للنشر القاضي نبيل عبد الرحمن صياوي ،دار االرقم بن ابي االرقم ،بيروت ، 2002 ،ص. 96
-25المادة 112من القانون المدني العراقي .
-26المادة 948من مجلة االحكام العدلية وانظر منير القاضي ،شرح المجلة ،ج ،2مطبعة الريان ،بغــداد ،
، 1927ص 341وانظــر ايض ـا ً في تعريــف االكــراه اســتنباطا ً من شــروطه المــادة 127من القــانون المــدني
المصري و 128من القانون المدني السوري و 210من قانون الموجبات والعقــود اللبنــاني والمــادة 1112من
القانون المدني الفرنسي .
-27المادة 112من القانون المدني العراقي .
-28المادة 948من مجلة االحكام العدلية وانظر منير القاضي ،شرح المجلة ،ج ،2مطبعة الريان ،بغــداد ،
، 1927ص 341وانظــر ايض ـا ً في تعريــف االكــراه اســتنباطا ً من شــروطه المــادة 127من القــانون المــدني
المصري و 128من القانون المدني السوري و 210من قانون الموجبات والعقــود اللبنــاني والمــادة 1112من
القانون المدني الفرنسي .
-29منير القاضي ،مصدر سابق ،ص. 341
-30د .عبد الرزاق السنهوري ،شرح القانون المدني ،النظرية العامة لاللتزامات ،ج ، 1نظريــة العقــد ،دار
الفكر للطباعة والنشر ،القاهرة ، 1934 ،ص. 419
-31د.حسن على الذنون ومحمد سعيد الرحو ،الوجيز في النظرية العامة لاللـتزام ،ج ،1مصـادر االلــتزام ،
دار وائل للنشر ،عمان ،ط ، 2002 ، 1ص. 97
-32انظر في ذلك د.رؤوف عبيد ،مبادئ القسم العام في التشريع العقابي ،دار الفكر العربي ،ط ، 4ـ ،1979
ص. 602
-33د.مأمون محمد سالمة ،اجرام العنف ،مجلة القانون واالقتصاد ،ع ، 2س ، 1974 ، 44ص. 6
Philippe M. AlAurie and Laurent Aynes ،Cours de droit civil les oblications،-34
. editions cujas، Paris ، 1994 ، N 418 . P.234
-35االمام السيد محمد مرتضى الزبيدي ،تاج العروس ،ج ، 2مصدر سابق ،ص 358
-36جميل صليبا ،المعجم الفلسفي ،ج ، 1دار الكتاب اللبناني ،بيروت ،لبنان ،بدون سنة طبع ،ص. 59
-37انظر في اتجاهــات الفقــه في هــذا الخصــوص د.عبــد الــرؤوف مهــدي ،المســؤولية الجنائيــة في الجــرائم
االقتصادية في القانون المقارن ،مطبعة الباني ،القاهرة ، 1976 ،ص ص. 140-126
-38ويتناول شراح القانون هذا الجانب في مؤلفاتهم بصورة مفصلة عند الكالم عن موانع المسؤولية الجزائية
فمنهم من يعبر عن هذا الجانب باالرادة ويجعل من االدراك وحريــة االختيــار عنصــراها ومنهم من يجعــل من
االرادة مرادفا ً لحرية االختيار ويعتبرها مع االدراك عناصر هذا الجانب ومنهم من يمــيز يبن االرادة من جهــة
وحرية االختيار واالدراك من جهة اخرى مع االعتراف بوجود االرتباط الوثيــق بينهمــا مكونــة هــذا الجــانب .
وهذا االضطراب انما يتأتي من جهة من االختالف القائم فيما اذا كان الركن المعنوي والمســؤولية الجزائيــة او
ما يسميها البعض باالهلية الجنائية شيئين منفصلين او ان احدهما عنصر مفترض في االخر ومن جهــة اخــرى
في توزيع عناصر هذا الجانب بين ركني الجريمة او بين الركن المعنوي والمسؤولية الجزائية عند من يقولون
بالتفرقة بينهما ،ولنا عودة الى ذلك في الباب الثاني المخصص الحكام االكراه .
-39د.محمد كامل مرسي و السعيد مصطفى سعيد ،مصدر سابق ،ص . 361
-40د.عبد الرزاق السنهوري ،مصدر سابق ص. 149
-41د.عبــد المهيمن بكــر ســالم ،القصــد الجنــائي في القــانون المصــري والمقــارن ،مطبعــة البــابي الحلــبي ،
،1959ص.176
-42وقد عبر المفكرون المسلمون عن هذه المراحل بعبارات موجزة فقالوا ان االختيــار ((ارادة تقــدمتها رويــة
مع تمييز )) واما الفعل فهــو((مايصــدر عن االرادة حقيقــة )) بينمــا الفاعــل هــو (( من يصــدر عنــه الفعــل مــع
االرادة
-43د.توفيق الشاوي ،محاضرات على المسؤولية الجنائية في التشريعات العربية ،معهد الدارسـات العربيـة
العالية ،جامعة الدول العربية ، 1958 ،ص. 52
-44د.محمود محمــود مصــطفى ،شــرح قــانون العقوبــات –القســم العــام ،مطبعــة جامعــة القــاهرة ،ط، 10
،1983ص. 416
-45السنة ، 1964 ، 34هامش 1ص. 63
-46د.محمود محمود مصطفى ،مصدر سابق ،ص. 416
-47د.محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات – القســم العــام ،دار النهضــة العربيــة ،القــاهرة ،ط، 5
، 1982ص . 504وعلماء النفس يقــرون بهــذا التقســيم فهم يمــيزون بصــورة عامــة بين نــوعين من الحريــة :
حرية التنفيذ وحرية التصــميم ،والمقصــود بحريــة التنفيــذ تلــك القــدرة على العمــل اواالمتنــاع عن العمــل دون
الخضوع الي ضغط خارجي أي القدرة على المبادأة مع انعدام كل قسر خارجي اما حرية التصميم فهي عبارة
عن ملكة االختيار وتعني القدرة على تحقيق الفعل دون الخضوع لتأثير قوى باطنة سواء كانت تلك القوى ذات
طــابع عقلي كــالبواعث والمــبررات ام ذات طــابع وجــداني كالــدوافع واالهــواء انظــر في تفصــيل ذلــك زكريــا
ابراهيم ،مصدر سابق ،ص. 19
-48محمد شالل حبيب ،الخطورة االجرامية ،دار الرسالة ،بغداد ،ط ، 1980 ، 1ص . 137
-49د .اكرم نشأت ابراهيم ،القواعد العامــة في قــانون العقوبــات المقــارن ،مطبعــة الفتيــان ،بغــداد ،ط، 1
، 1998ص. 239
-50د .محمــد زكي ابــو عــامر ،قــانون العقوبــات – القســم العــام ،دار المطبوعــات الجامعيــة ،االســكندرية ،
،1986ص . 201كامل السعيد ،الجنون واالضطراب العقلي واثره في المسؤولية الجزائية ،مطابع الدستور
،عمان ،ط، 1ـ ، 1987ص . 80د.عباس الحسني ،شرح قانون العقوبات الجديــد ،بــدون ســنة طبــع ،ص
. 88
-51محمد كامل مرسي والسعيد مصطفى السعيد ،مصــدر ســابق ،ص . 261د.محمــود محمــود مصــطفى ،
مصدر سابق ،ص . 438د.رمســيس بهنــام ،الجريمــة والمجــرم والجــزاء ،منشــأة المعــارف ،االســكندرية ،
، 1973ص . 583د.حسين توفيق ،اهلية العقوبة في الشريعة االسالمية والقانون المقارن ،القــاهرة 1964 ،
وانظر كذلك
Roux، Cours Dedroit criminal francais، tom 1، Droit Penal، Ruesoufflot، Paris،
.1927، P. 143. No. 35
-52د.رمسيس بهنام ،النظرية العامة للقانون الجنائي ،مصدر سابق ،ص. 1013
-53ويدور هذا الخالف حول امكانية وصف تلك االفعال قانونا ً بانها جريمة وهــذا الخالف موجــود حــتى بين
من يقرون بوجود االرادة لدى هؤالء االشــخاص بــاختالف رؤيتهم لمــوطن االرادة من نظريــة الجريمــة ذاتهــا
اونظرية المسؤولية عنها انظر بنفس الموضــوع مــا ســبق هــامش 4ص 31وكــذلك د.عــوض محمــد ،قــانون
العقوبات –القسم العام ،دار المطبوعات الجامعية ،االسكندرية ،بدون سنة طبع ،ص431
-54د.احمد فتحي سرور ،القانون الجنائي الدستوري ،دار الشروق ،القاهرة ،ط ، 2001 ، 1ص.199
-55د .عوض محمد ،مصدر سابق ،ص. 440
([Bettiol (Giuseppe) : Diritto Penale، parte generale، III ed. ،Palermo 1955،)]1
P283
نقالً عن د.عمر السعيد رمضان ،مصدر سابق ،ص . 10وانظر كذلك د.توفيق الشاوي ،مصدر سابق ،ص
52
-56وهناك من يقول ان عديم االهلية يمكنه ان يرتكب الجريمة عن عمد او اهمال د.عــوض محمــد ،مصــدر
سابق ،ص 436و د.محمود محمود مصطفى ،مصـدر سـابق ،ص. 420ـ واذا كـان هـذا الـرأي يســتقيم مـع
تصور المشرع العراقي والمصري واختياره عندما اطلـق على فعـل هـؤالء وصـف الجريمـة وانهـا قــد تكـون
جنحة او جناية .ومن المعلوم ان الجنايات كلهــا عمديــة ومن ثم ال يبقى لنــا الحــق في ان ننفي او نصــادر حــق
المشرع في اختياره ،اال اننا في الوقت ذاته ال نقر ان بامكان عديم االهلية ارتكاب جريمة عمدية ذلك ان العلم
هو جوهر القصد الجنــائي وحســب الــرأي الــراجح ان مفهومــه ينصــرف الى علم الجــاني بــان ســلوكه يصــيب
بالضرر او يعرض للخطر حقا ً من حقوق الغير او مصلحة مشروعة له وهذا العلم ال يتوافر لدى فاقــد االدراك
وان اتجهت ارادته الى تحقيق ذلك الفعل وبالتالي ال يقوم القصد الجنائي الى جانبه .
-57والمسألة ال تختلف من حيث النتيجة في حالة االكراه المعنوي دون االكراه المادي حيث ال يسمح بنشــوء
اية ارادة لدى من بوشر عليه .
-58د.رمسيس بهنام ،الجريمة والمجرم والجزاء ،مصدر سابق ،ص. 583
-59د.مأمون محمد سالمة ،قانون العقوبات-القسم العام ،مصدر سـابق ،ص. 267ـ ويالحــظ ان المقصــود
بالقدرة هنا ليست القدرة المجردة الن عديم االدراك لديه هذه القدرة طالما اختار وانما المقصود بــه هنــا القــدرة
بعد الموازنة والوعي لألمر ان كان خيرا ً ام شرا ً او جيدا ً ام سيئا ً وغير ذلك .
-60محمد كامل مرسي والسعيد مصطفى السعيد ،مصدر سابق ،ص . 361د.توفيق الشاوي ،مصدر سابق
،ص. 52
-61وهناك العديد من النصوص القانونية ما يؤيد ذلك ويتضح ذلك بوجه خاص في المادتين 103و 105من
قانون العقوبات والمواد 47و 72و 73و 75من قانون رعاية االحداث .فقـد اشـار المشــرع في هـذه المـواد
الى ما يقع من المجنون او الصغير او الحدث وسمى فعل كل منهم جريمة وهو يسلم ان هذه الجريمة قد تكــون
مخالفة او جنحة او جناية وهو يغاير في المعاملــة تبعـا ً لنــوع الجريمة .وانطبــاق هــذه النصــوص يــوجب على
القاضي ان يتثبت من وجود الركن المعنوي كما يتثبت من وجود الركن المادي سواء بسواء .وهذا هو موقــف
معظم التشريعات العقابية العربيــة .انظــر في ذلــك المــادة 62من قــانون العقوبــات المصــري والمــادة 33من
قانون العقوبات اليمني والمادة 110من قانون الجزاء العماني والمادة 92من قانون العقوبات االردني والمادة
231من قانون العقوبات اللبناني ،وقد كـانت المـادة 64من قـانون العقوبـات الفرنسـي القـديم تشـير الى عـدم
وجود جناية او جنحة اذا كان الفاعل فاقد الوعي واالرادة وقد استدرك المشرع الفرنسي مــا يثــيره نص المــادة
اعاله من التباس فنص في المادة 122/1من القانون الجديد لسنة 1994على عــدم مســاءلة الفاعــل جزائيـا ً اذا
كان عند ارتكابه الجريمة مصابا ً باضطراب نفسي افقده التمييز والســيطرة علىافعاله .وفي عكس هــذا االتجــاه
تذهب التشريعات االنكلوسكسونية حيث ال تقوم الجريمة اال مع وجود العمليــة العقليـة المقترنـة بالفعــل المــادي
لذلك يصرح الشارع بانه ال جريمة في حالة عدم وجــود العمليــة العقليــة ،انظــر في ذلــك د.محمــد محي الــدين
عوض ،قانون العقوبات السوداني ،مطبعة جامعة القاهرة ، 1979 ،ص. 81
-62الواقع ان المقصود بكلمة ( االرادة ) في نص المادة 60من قانون العقوبات العــراقي ليســت االرادة ذاتهــا
بمفهومها الذي حددناه وهو توجيه االنسان نفسه الى عمل او االمتناع عن عمل بــل يعــني القــدرة على التوجيــه
أي القدرة على االختيار او حريـة االختيـار ولعـل هـذا التعبـير االخـير هـو االكـثر اسـتعماالً بين اوســاط الفقـه
الجنائي العراقي عند تناولهم لنص المادة اعاله في شــروحاتهم وهــو يــدل على ان المعــنى ينصــرف لــديهم الى
حرية االختيار باعتبارهما شيئا ً واحدا ً .
-63من هذا الرأي د.عوض محمد ،مصدر سابق ،ص . 433اما جانب الفقه الــذي ينكــر وجــود جريمــة في
فعل المجنون او الصغير فمنهم من يقول بجواز الدفاع الشــرعي ضــد اعتــداء هــؤالء على اســاس ان االعتــداء
على مصلحة المعتدي يتحقق بمجرد توافر الركن المادي للجريمــة وال يتوقــف على نفســية المعتــدي ومنهم من
يقول بالجواز على اساس حالة الضــرورة .انظــر في تفصــيل هــذه اآلراء د.احمــد فتحي ســرور ،الوســيط في
قانون العقوبات-القسم العام ،دار النهضة العربية ،القاهرة ، 1981 ،ص . 347ضــياء الــدين مهـدي حســين،
حق الدفاع الشرعي في القانونين العراقي وااللماني ،مجلة القانون المقارن ،العدد ، 1994 ، 23ص. 82
-64انظر المادتين 393و 394من قانون العقوبات العراقي .
-65د.احمد فتحي سرور ،اصول السياسة الجنائية ،دار النهضة العربية ، 1972 ،ص. 105
-66انظر في الشروط الواجب توافرها العتبار الرضا صحيحا ً من الناحية القانونية د.ضاري خليل محمود ،
مصدر سابق ،ص. 45
-67د.محمود محمود مصطفى ،مصدر سابق ،ص . 418ويوضح الدكتور حسين توفيق هذه المسألة فيما لو
اكره شخص مجنونا ً على قتل آخر فقتله فتقوم الجريمة وال يعتد بفقــده االدراك اذ تســند الجريمــة الى الشــخص
الذي باشر االكراه والذي اختار احداث الجريمة متوسالً بفاقد االدراك وعندئذ يؤدي عارض اختيـاره الى عـدم
االعتداد بعارض ادراكه فاالدراك قد ينعدم دون االختيار .حسين توفيق رضا ،مصدر سابق ،ص228
-68هذا اذا لم يكن الجاني قد استغل حالة العجز لـدى الصــغير او المجنــون باعتبارهـا ظرفـا ً مشـددا ً لجريمـة
السرقة .
-69وهذا المعنى هو الراجح والسائد بين الفقـه ومن المتفـق عليـه ان االكــراه المقصــود في بــاب الســرقة هــو
االكراه المادي دون االكراه المعنوي .
-70محمد زكي ابو عامر ،مصدر ســابق ،ص 224وبنفس المعــنى د.عــوض محمــد ،مصــدر ســابق ،ص
524وانظر كذلك
Garcon ،Code Penal، Tome Premier ، recueil sirey ، Paris ، ar 64.No.79.P213
-71حسن الفكهاني ،موسوعة القضاء والفقـه للـدول العربيــة ،ج ، 8الـدار العربيـة للموســوعات القانونيــة ،
القاهرة، 1977-1976 ،ص 115وبنفس المعنى ،د.عباس الحسني ،مصدر سابق ،ص.176
-72د.مصــطفى ابـراهيم الـزلمي ،موانـع المسـؤولية الجنائيـة في الشـريعة االسـالمية والتشـريعات الجزائيـة
العربية ،مكتب القبطان ،بغداد ،ط ، 1998، 1ص. 186
-73د.توفيق الشاوي ،مصدر سابق ،ص. 69
-74د.محمد السعيد عبد الفتاح ،مصدر سابق ،ص. 60
([Pecoraro –Albani ، I1 concetto di violenza nel diritto penale، Milano،1962 )]1
نقالً عن د.مأمون محمد سالمة ،قانون العقوبات –القسم العام ،مصدرسابق ،ص337
-75قرار محكمــة النقض المصــرية جلســة ، 26/6/1967حســن الفكهــاني وعبــد المنعم حســين ،الموســوعة
الذهبية للقواعد القانونية لمحكمــة النقض المصــرية ،االصــدار الجنــائي ،ج ، 6الــدار العربيــة للموســوعات ،
القاهرة ، 1981 ،فقرة 1041ص. 460
-76د.نائل عبد الرحمن ،شرح قانون العقوبات-القسم الخاص ،دارالفكر ،عمان ، 1989 ،ص. 109
-77قرار محكمــة النقض المصــرية جلســة ، 26/6/1967حســن الفكهــاني وعبــد المنعم حســين ،الموســوعة
الذهبية للقواعد القانونية لمحكمــة النقض المصــرية ،االصــدار الجنــائي ،ج ، 6الــدار العربيــة للموســوعات ،
القاهرة ، 1981 ،فقرة 1041ص. 460
-78د.نائل عبد الرحمن ،شرح قانون العقوبات-القسم الخاص ،دارالفكر ،عمان ، 1989 ،ص. 109
Cass Crim . du 30 juin 1981-Bull-crim.n223 . Note Michel GOEPP ، Nouveau-79
Code Penal،1999، ar122-2. P.22
ونود ان ننوه اننا لم نجد في قرارات القضاء العراقي ما يشير الى تعريف االكراه او امكانية استنباط التعريــف
منها بل اقتصرت في حيثياتها على تحديد التكييف القانوني للفعل عند تــوافر عنصــر االكــراه او تعــداد وســائله
ومنهــا ((يعتــبر التقبيــل بــاالكراه فعالً فاضــحا ً مخالً بالحيــاء ينطبــق على المــادة 400عقوبــات)) قــرار رقم
/994تمييزية 79/في ، 4/6/1975مجموعة االحكام العدلية ،ع ، 2س ، 10ص . 200وقرار آخر ((ان قيـام
السارق بضرب المسروق منه لتخليص نفســه يعتــبر ظرفـا ً مشــددا ً في جريمــة الســرقة وليس جريمــة منفصــلة
عنه)) قرار /1084جنايــات ثانيـة 76/في ، 18/6/1976مجموعــة االحكـام العدليــة ،ع ، 3س ، 7ص. 382
هـذه القـرارات نقالً عن ابـراهيم المشـاهدي ،المبـادئ القانونيـة في قضــاء محكمـة التميـيز ،القسـم الجنـائي ،
مطبعة الجاحظ ،بغداد ، 1990 ،ص 122و ص. 176