Professional Documents
Culture Documents
أبي المعالي
صدر الدين محمد بن اسحق قونوي
1
““2
2
"3"
.
3
“4“
4
““5
5
““6
دوام الحضور معه سبحانه في جميع مواطنه وأحواله ومقاماته ومراتبه ونشأته ،سيّدنا
محمد صلى هللا عليه وآله ،والصفوة من أ ّمته وإخوانه ،الحائزين ميراثه االت ّم
المشتمل على علومه وأحواله ومقاماته مع تحقّقهم بنتائج حظوظهم ( ) 1
االختصاصيّة المميّزة ايّاهم عنه التي تميّز بها ( ) 2خواص الوسائط وثمرات التبعية
مستمرة الحكم دائمة االتباع ( ) 3دوام الزمان منّ واحكام الح ّد والروابط ،صالة
حيث حقيقته الكليّة وصور أحكامها التفصيليّة المعبّر عنها بسنينه وشهوره وايّامه
وساعاته) .( 1
6
”“7
الن كل ذلك يقضى بالتعيّن والتقيّد ،وال ريب في أن تعقل كل بنفسه أو غيره ( ّ . ) 1
تعيّن يقضى بسبق الالتعيّن عليه ،وكل ما ذكرناه ينافي اإلطالق ،بل تصور اطالق
الحق ( ) 2يشترط فيه ان يتعقّل ،بمعنى انّه وصف سلبي ال بمعنى انّه اطالق ضدّه
التقييد ،بل هو اطالق عن الوحدة والكثرة المعلومتين ( ) 3وعن الحصر أيضا في
التنزه عنه فيصح في حقّه كل ّ اإلطالق والتقييد ،وفي الجمع بين كل ذلك ،أو ( ) 4
ذلك حال تنزهه ( ) 5عن الجميع ،فنسبة كل ذلك اليه وغيره ( ) 6وسلبه عنه على
سواء ،ليس أحد األمرين بأولى من اآلخر. ال ّ
وإذ أوضح هذا ،علم أن نسبة الوحدة ( والمبدئيّة والتأثير والفعل االيجادي ونحو ذلك
انما يص ّح وينضاف ) إلى الحق باعتبار التعيّن.
وأول التعيّنات ( ) 7المتعلَّقة -النسبة الذاتية -لكن باعتبار تميّزها ّ
..........................................................
) ( 1بغيره -خ.
) ( 2اى ان قيّد باإلطالق فهو بمعنى سلبي ،اى ال يعتبر فيه القيد ،ال ان يعتبر فيه
عدم القيد ( ه ش ).
) ( 3للجمهور ،اى العدديتين ( ه ش ).
) ( 4وخ.
تنزهه عن الجميع ( إلى آخره ) فاطالقه عن كل القيود ال ينافي ) ( 5قوله :حال ّ
ظهوره بقيود األشياء وأحكامها ( .تدبّر هاشم ).
) ( 6لفظة وغيره ليس في بعض النسخ ،وعلى هذه النسبة فهو عطف على كل ذلك
( هاشم ).
) ( 7قوله :وأول التعيّنات المتعلَّقة النسبة العلميّة الذاتيّة ( إلى آخره ) اى ،أول
لوازم الوجود الحق من حيث االلوهيّة والواحديّة التي فيها التعيّنات المتعلقة الممتازة
هو العلم الذاتي اإللهي فتعيّن نسب االلوهيّة بالعم .فقوله :أول ،مبتدأ وخبره النّسبة
العلميّة الذاتية .فهذه النسبة العلميّة الذاتيّة مقام الوحدانية التالية لألحديّة التالية لإلطالق
لمجهول النعت .وهي المس ّماة بالتعيّن الثاني وحضرة االرتسام والمعاني والواجبة
والمبدئيّة ،وغيرها من األسماء تدبر ( هاشم ).
7
”“8
عن الذات ،االمتياز النسبي ( ) 1ال الحقيقي ( ، ) 2وبواسطة النسبة العلميّة ( ) 3
الذاتية يتعقّل وحدة الحق ووجوب وجوده ومبدئيته ،وسيّما من حيث إن علمه بنفسه
في نفسه ،وان عين علمه بنفسه سبب لعلمه بكل شيء ،وأن األشياء عبارة عن
تعيّنات تعقّالته الكليّة والتفصيليّة ،وان الماهيّات ( ) 4عبارة عن تلك التعقّالت ،
وانّها تعقّالت منتشئة التعقّل بعضها ( ) 5من بعض ،ال بمعنى انها تحدث في تعقّل
الرتبة عن البعض ، الحق ،تعالى هللا ،عما ال يليق به .بل تعقّل البعض ( ) 6متأ ّخر ّ
....................................................
) ( 1اى من حيث النسبة إلى المتعلَّقات .فالعلم باعتبار ذات الحق احدى مثله ،
وكثرته بالنسبة إلى المتعلَّقات .وهو أول الزم لذات الحق من حيث امتيازه النسبي ،
وهو محتد الكثرة المعنويّة ومشرعها.
) ( 2اى ال من حيث إنها صفة قائمة بالحق كما توهمه من قال بزيادة الصفات ،إذ ال
يقول به محقق موحد ،وكذلك ال باعتبار انّها عين الذّات ،إذا ال يعقل من تلك الحيثية
نسبة يعبر عنها بالعلم أو غيره .وال كثرته وجوديّة أو اعتباريّة .فافهم ( ميرزا
هاشم ).
) ( 3اى الذاتية اإللهيّة.
) ( 4اى حقائق األشياء عبارة عن تعقّالت تلك التعيّنات المس ّماة باألشياء ،وهي
المسماة باألعيان الثابتة ( ميرزا هاشم ).
) ( 5أجناسا وأنواعا واشخاصا ( ميرزا هاشم ).
الن بعضها كاألجناس لما تحتها ،وبعضها بمنزلة األنواع ،وبعضها بمنزلة )ّ (6
االشخاص وأحوالها .قال الشيخ المصنّف في النفحات [ = رسالة النفحات ( شيخ
احمد شيرازي -قده ) -چاپ گ طهران 1316ه .ق .صفحهء ّ ، ] . 80
ان
صرحنا انّها كيفيات كاألجناس لما تحتها ،فيس ّمى من حيث الشؤون الكليّة اإللهيّة التي ّ
جنسيتها أسماء أول ،ومفاتيح الغيب ،وا ّمهات الصفات ،وغير ذلك من األلقاب .
شئون ،مالئكة وأنبياء ،ورسال صور الوجوديّة الظاهرة بأحكام تلك ال ّ ويس ّمى ال ّ
ويتدرج األمر متنازال ،تنازل األنواع واألجناس النسبيّة ،حتى ّ وأولياء وغير ذلك .
ان ذلك الحكم ،ينتهى األمر إلى االشخاص وأحوال االشخاص .انتهى فال يخفى عليك ّ
اى االنتشاء ،ثابت في األسماء والحقائق والمراتب .تدبّر ( هاشم ).
8
”“9
وكلَّها تعقّالت ازليّة ابديّة على وتيرة واحدة يتعقّل في العلم ويتعلَّق ( ) 1بها بحسب ما
يقتضيه حقائقها ومقتضى حقائقها ( ) 2على نحوين.
أحدهما ،تعقّلها من حيث استهالك كثرتها في وحدة الحق ،وهو تعقّل المف ّ
صل في
المجمل ،كمشاهدة العالم العاقل بعين العلم في النّواة الواحدة ما فيها ّ
بالقوة من
األغصان واألوراق والثّمر الَّذي حصل في كل فرد من افراد ذلك الثمر ،مثل ما في
النّواة األولى ،وهكذا إلى غير نهاية.
والنّحو االخر ،تعقّل احكام الوحدة جملة بعد جملة ،فيتعقّل كل جملة بما يشتمل عليه
من الماهيات التي هي صور تلك التعقالت المتكثرة المتعدّدة ( ) 3للوجود الواحد ،
وهكذا عكس االستهالك األول المشار اليه ،فان ذلك عبارة عن استهالك الكثرة في
الوحدة ،وهذا
..............................
) ( 1اى يتعلَّق العلم بها.
) ( 2اى من حيث التعقّل وتعلَّق العلم بها.
) ( 3المتعددة .خ
9
” “ 10
10
“ “ 11
شرط الوجودي هو العقل الثّانى التّوقّف على شرط واحد وجودي فحسب ،وذلك ال ّ
األول الذي هو الواسطة بين الحق وبين ما قدّر وجوده من الممكنات إلى يوم القيامة.
وا ّما حكم االقتضاء من حيث المرتبة الثالثة ،فان ظهور اثره وحكمه موقوف على
شروط شتى كباقي الموجودات .ولست اعني بهذا ،ان ث ّمة اقتضاآت ثالثة مختلفة
الحقائق ،بل هو اقتضاء واحد له ثالث مراتب ،يظهر ويتعيّن به من حيثيّة ك ّل مرتبة
منها اثر ،أو آثار .فافهم.
11
“ “ 12
على كل محكوم عليه تابع لحال الحاكم حين الحكم ،وتابع لحال المحكوم عليه حال
تنوعت حكم الحاكم عليه ،فإن كان المحكوم عليه مما من شأنه التّنقّل في األحوال ّ ،
احكام الحاكم عليه في كل حال ،واختلف بحسب تلبّسه بتلك األحوال ،وان كان
المحكوم عليه من شأنه الثّبات على وتيرة واحدة ثبت حكم الحاكم عليه بحسب التعلق
األول المعيّن بحكم ( ) 1الحاكم ومقتضاه ،وبقي االمر بحسب حال الحاكم ( . ) 2
هل الحاكم من مقتضى ذاته التقلَّب في األحوال بحسبها ،أو مقتضى ذاته انّه ثابت
واألحوال تتقلَّب ( ) 3عليه ،فيكون تبعيّة حكم الحال بحسب أحد األمرين الحاصرين
لمراتب حكم كل حاكم وك ّل محكوم عليه ،إذ ال يخرج عما ذكرته حكم حاكم وال
..........................................................
) ( 1لحكم ( خ ل ).
) ( 2يعنى ،إذا قسمنا األمر بحسب المحكوم عليه ،وبيّنا حكم ك ّل قسم ،بقي عندنا
بيان حال الحكم بحسب الحاكم ومالحظته ،انّه هل هو من مقتضى ذاته انّه ثابت على
وتيرة واحدة ،واألحوال تتقلَّب عليه ،كالوجود وظهوراته ،أو مقتضى ذاته التقلَّب
الن معلومات الحق ال سالك ومقاماته وحكم األول الثبات ّ ، في األحوال بحسبها ،كال ّ
ان الحاكم يتبدّل ،وحكم الثاني التبّدل بحسب تبدّل الحاكم ،والحاصل في المقام ّ ،
والمحكوم عليه بحسب الثّبات والتقلَّب على أربعة أقسام.
فان الحاكم الذي هو الحق والمحكوم عليه الذي األول ،كونهما ثابتين ،كالعلم الذاتي ّ ،
هو الحق أيضا ثابتان ،فان الحق يحكم بنفسه لنفسه بانّه معلوم .والثاني ،كونهما غير
سالك حين ينتقل إلى المقامات ،والثالث ،كون الحاكم ثابتا دون ثابتين كاحكام ال ّ
المحكوم عليه ،كاحكام الوجود على التعيّنات ،وحكمه التنوع.
الرابع ،عكه ،كاحكام التعيّنات على الوجود ،وحكمه الثبات بحسب التعيّن األول.
(ميرزا هاشم) .
) ( 3تنقلب ( خ ل ).
12
“ “ 13
محكوم عليه.
) ( 4ومن النّصوص
ان العلم يتبع الوجود ،بمعنى انّه حيث يكون الوجود يكون العلم دون انفكاك ،وتفاوت
العلم بحسب تفاوت قبول الماهية الوجود تماميّة ونقصا ( . ) 1
فالقابل للوجود على وجه أتم ،يكون العلم هناك أتم ،وينقص العلم بمقدار القبول
الناقص وغلبة احكام اإلمكان على احكام الوجوب عكس ما ذكرناه أوال .فاعلم ذلك.
13
“ “ 14
ومطابقته لما يعلمه هللا في أعلى درجات علمه وات ّمها وأكملها من ذلك االمر ،المترجم
عنه دون تقرير ص ّحته وثبوته بالنسبة واإلفاضة وفي مقام دون مقام وباعتبار حال
ووقت دون غيرها من األوقات واألحوال ،وما ذكر( 1 ) .
فنقول بعد تقديم هذه المقدمة ( الكليّة -خ ل ) في بيان هذا النّص الذي قصدنا إيضاحه
سه أو خياله جمعا وفرادى ولم ينته ان كل معلوم أدركه اإلنسان بنظره أو كشفه أو ح ّ ّ ،
سا وخياال إلى ادراك ما وراه بعد معرفة نظره أو كشفه لذلك االمر أو إدراكه ايّاه ح ّ
ذاتيّاته ولوازمه الكلية ،فانّه لم يدرك ذلك االمر حق اإلدراك تماما ،ولم يعرفه حق
المعرفة ،سواء كان متعلق إدراكه ومعرفته العالم من حيث معانيه وارواحه ،أو من
حيث صوره واعراضه ،أو كان متعلق معرفته الحق ،فانّه متى كشف له عن جليّة
االمر صورة يعيّن كل معلوم في علم الحق ،
وجد االمر كذلك ،فانّه ما لم ينته معرفته بالحق إلى إطالقه وصرافة وحدة ذاته
الحقيقيّة التي ال اسم يعيّنها وال وصف وال حكم وال رسم وال ينضبط بشهود وال يعقل
وال ينحصر في امر معيّن ،لم يعلم أن ليس وراء هللا ( ) 2مرمى ،
ّ
الحق اال العدم المتو ّهم . وان اإلحاطة به علما وشهودا محال ،وان ليس بعد وجود ّ
باَّلل على نحو ما يعلم نفسه طريق آخر أعلى وات ّم وهذا ،وان كان لمعرفة تعذّر العلم َّ
واكشف ،عرفناه ذوقا وشهودا ،بحمد هللا تعالى ومنّه ،لكن ذلك م ّما يحرم بيانه
وتسطيره ،وغاية
............................................................
) ( 1من المقام واإلضافة فهو عطف على األحوال ( ش ).
سية وال عقليّة ( ش ).
) ( 2إذ العدم المحض ال يكون مقصدا لإلشارة ال ح ّ
14
“ “ 15
البيان عنه ،هذا االلماع ( ) 1المذكور هذا ،وان كان الذّوق والمعرفة الحاصلة
شهود من حيث استناد ذلك الذّوق والمقام إلى حضرة اسم من األسماء لصاحبه ،وال ّ
اإللهيّة ،الَّذي هو قبلة صاحب ذلك المقام ،وغاية معرفته من الحق نهاية ( ، ) 2
بأن االسم عين المس ّمى ،كما أوضحناه في مواضع من سيّما من الوجه الذي يقضى ّ
كالمنا ،لكن تلك غايات نسبيّة ،فان المبادي والغايات اعالم الكماالت النسبيّة ،
واالمر من حيث الكمال الحقيقي ( ) 3بخالف ذلك ( . ) 4
واليه اإلشارة بقوله ألكمل عبيده “ وأ َ َّن ِإلى ( َ ) 5ر ِبّ َك ْال ُم ْنتَهى “ .
وادرج سبحانه في هذه اآلية لطيفة أخرى خفيّة ،وهو كونه لم يقل ّ :
وان إلى ربّك
الربوبيّة ،الغاية التي هي غاية الغايات ، ان غايته من مطلق ّ منتهاك ،بل نبّه على ّ
وليس بعدها اال تفاصيل درجات في األكمليّة التي ال
..............................................................
) ( 1البيان ( خ ل ).
) ( 2قوله :نهاية :خبر لكان في قوله :وان كان الذّوق ( إلى آخره ).
األول ( ش ).
المختص بصاحب أحديّة الجمع والتعيّن ّ ّ ) ( 3وهو الكمال
) ( 4اى ليس له غايات بل له غاية واحدة هي غاية الغايات ،بل ال غاية له وال نهاية
( ش ).
) ( 5قوله ِ ( * :إلى َر ِبّ َك ْال ُم ْنتَهى ) * .ألن ربّه هو التعيّن األول والوحدة الحقيقيّة
الذاتيّة التي نسبة األحديّة والمسقطة لجميع االعتبارات والواحديّة المثبتة لجميع
سواء ،وهي المنشأ لألحديّة والواحديّة ،فهو أصل األسماء االعتبارات إليها على ال ّ
اإللهيّة المضاف إليها الربوبيّة ومنشؤها ومنتهاها .فتدبّر في هذه اآلية الشريفة ،ألنّها
صريحة في ختميّته “ صلى هللا عليه وآله “ وانّه ال مقام فوق مقامه “ صلى هللا عليه
وآله “ ،فمن ادعى الفوقيّة فهو كاذب جاهل فتأ ّمل ( ميرزا هاشم ) س ، 53ى .43
15
“ “ 16
يقف عند ح ّد وغاية .وقد أشار “ صلى هللا عليه وآله “ إلى ما ذكرناه في بعض
مناجاته ،فقال :أعوذ برضاك من سخطك ،وبمعافاتك من عقوبتك ،وأعوذ بك منك
،ال احصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك .اى :ال أبلغ كل ما فيك ،فجمع فيه
بين التّنبيه على تعذّر اإلحاطة ( ، ) 1وبين التعريف ( ) 2بانتهائه في معرفة الحق
إلى غاية الغايات ،وهذا كالتّفسير لآلية المذكورة ،وهي قوله ( * :وأ َ َّن ِإلى َر ِبّ َك
ْال ُم ْنتَهى ،وفي األحاديث النبويّة تنبيهات كثيرة تشير إلى ما ذكرناه ،من تتبّعها بعد
التيقّظ والتفهيم ( ) 3لما ذكرته ،ألفاه واضحا جليّا.
ث ّم نقول :ولهذا المقام والذّوق المنبّه عليه السنة يترجم عنه بصيغ مختلفة ،فمن ألسنته
ان رجاله * ( يَ ْع ِرفُونَ ُكالًّ في القرآن من حيث التسمية األعراف الذي أخبر سبحانه ّ
بِ ِسيما ُه ْم ) * ،وهذا من خاصيّة االستشراف على األطراف ( ، ) 4باالنتهاء ،في
معرفة األشياء إلى الغاية التي يوجب االستشراف على ما وراءها ،ولسانه في مقام
سر كل النبوة واسمه المطلع كما قال “ صلى هللا عليه وآله “ في امر القرآن ،بل في ّ
ان لها ،ظهرا ،وبطنا وحدا ومطلعا ،إلى سبعة ابطن .وفي رواية إلى آية منه ّ ،
سبعين بطنا .وقد نبّهت ( ) 5على ذلك في تفسير الفاتحة ،
............................................................
) ( 1اى بقوله :ال احصى ( ش ).
) ( 2اى بقوله :أعوذ بك منك ( ش ).
) ( 3التف ّهم ( خ ل ).
) ( 4األعراف ( خ ).
) ( 5قال في ذيل تفسير مالك يوم الدّين بعد تمهيد بيان وتقرير ،فنقول:
صفات الكليّة المستوعبة مراتب اإليضاح واإلفصاح وقد الكالم اإللهي من أجل النّسب وال ّ
صدر من حضرة الحق ووصل إلينا منصبغا بحكم الحضرات الخمس االصليّة المذكورة ،
والنص
ّ وما اشتملت عليه وله ،كما أخبر “ صلى هللا عليه وآله وسلَّم “ ظهر وهو الجلي
المنتهى إلى أقصى مراتب البيان ،والظهور نظير الصور المحسوسة ،وله أيضا بطن
ى ،نظير األرواح القدسيّة المحجوبة عن أكثر المدارك ،وله ح ّد مميّز بين الظاهر خف ّ
والباطن به يرتقى من الظاهر إلى الباطن وهو البرزخ الجامع بينهما بذاته والفاصل أيضا
بين الباطن ،والمطلع ،ونظيره عالم المثال الجامع بين الغيب المحقق والشهادة ،وله مطلع
وهو ما يفيدك االستشراف على الحقيقة التي إليها يستند ما ظهر وما بطن وما جمعهما وميّز
بينهما فيريك ما وراء ذلك كلَّه ،وهو أول ،منزل من منازل الغيب الذاتي اإللهي وباب
سر الكالم ،
حضرة األسماء والحقائق المجردة الغيبيّة ،ومنه يستشرف المكاشف على ّ
صات لهذا التجلَّى الكالمي ، األحدى الغيبي .فيعلم ان الظهور والبطون والحد والمطلع ،من ّ
ومنازل التعيّنات احكام االسم المتكلَّم من حيث امتيازه عن المس ّمى .وللكالم من حيث انّه
مر
سر النفس الرحماني ،وقد ّ ليس بشيء زايد على ذات المتكلَّم رتبة خامسة ،تعرف من ّ
حديثه .انتهى ( ميرزا هاشم ).
16
“ “ 17
فلينظر هناك ،واسمه ولسانه في اصطالح أهل هللا ،الموقف الذي هو منتهى ك ّل مقام
،والمستشرف منه على المقام المستقبل واسمه ؟
ولسانه في ذوق مقام الكمال بالنّسبة إلى ك ّل مقامين ،البرزخ الجامع بينهما ،وبالنسبة
إلى خصوص مقام الكمال برزخ النيران ؟ إلخ
17
“ “ 18
18
“ “ 19
19
“ “ 20
وبعض ظهوراته ،والظهور نسبة تضاف إلى المنطبع من حيث انطباع صورته في
المرآة ،وليس عين حقيقة المنطبع .ومرادي بقولي ( ) 1بعض ظهوراته التّنبيه على
ان التجلَّيات الذاتيّة االختصاصيّة ال يكون في مظهر وال في مرآة وال بحسب مرتبة ما ّ
فان من أدرك الحق من حيث هذه التجليّات ،فقد شهد الحقيقة خارج المرآة من حيث ّ ،
هي هي ال بحسب مظهر وال مرتبة ،كما قلنا ،وال اسم وال صفة وال حال معيّن وال
غير ذلك ،وهو الذي يعلم ذوقا ّ
بان المرآة ال اثر لها في الحقيقة .وكان شيخنا االمام
يس ّمى هذه التجليّات الذاتيّة البرقيّة ( ، ) 2وما كنت اعرف يومئذ سبب هذه التّسمية ،
وال مراد الشيخ منها.
ان هذه التجليّات الذاتيّة البرقيّة ،ال يحصل اال لذي ( ) 3فراغ تا ّم من ساير ث ّم ّ
األوصاف واألحوال واالحكام الوجوبيّة االسمائيّة واالمكانيّة ،وهذا الفراغ ،فراغ
مطلق ال يغاير اطالق الحق ،غير انّه ال مكث له أكثر من نفس واحد ،ولهذا شبّه
بالبرق .وسبب عدم دوامه حكم جمعيّة الحقيقة االنسانيّة ،وكما أن هذه الجمعيّة ال
يقتضي دوامه ،كذلك لو لم يتض ّمن الجمعيّة االنسانيّة هذا الوصف من الفراغ
واإلطالق المستجلب لهذه التجليّات ،لم يكن الجمعيّة االنسانيّة ،جمعيّة مستوعبة ك ّل
وصف وحال وحكم ،فحكم الجمعيّة يثبته وينفى دوامه .ووجدت لهذا التجلي لما
منحنيه هللا ( ) 4احكاما غريبة في باطني وظاهري .من جملتها ،انّه مع عدم
.......................................................
) ( 1من قولي ( خ ،ل ).
) ( 2قوله ( :س “ ) 9شيخنا االمام “ .يمكن ان يقرء يسمى هذه ،التجليات البرقية
كما في بعض النسخ.
) ( 3لدى ( خ ،ل ).
) ( 4منحنى هللا ( خ ل ).
20
“ “ 21
مكثه نفسين ،يبقى في المحل من األوصاف والعلوم ما ال يحصره اال هللا .وقد عرفت
في ليلة كتابتي هذا الوارد ،انّه من لم يذق هذا المشهد ،لم يكن محمدي الوارث ،ولم
سر قوله " عليه السالم ": يعرف ّ
لي مع هللا وقت ال يسعني غير ربّى .
سر قوله :كان هللا وال شيء معه. وال ّ
ص ِر “واح َدة ٌ ( َ ) 1كلَ ْمحٍ ِب ْالبَ َ
سر قوله “ وما أ َ ْم ُرنا ِإ َّال ِ
وال ّ
سر مبدئيّة اإليجاد ال في زمان موجود .كما انّه من ذاق هذا المشهد وقد وال يعرف ّ
كان علم أن األعيان الثابتة هي حقايق الموجودات وأنّها غير مجعولة وحقيقة الحق
منزهة عن الجعل والتأثّر ،وما ث ّم امر ثالث غير الحق واألعيان ،فانّه يجب ان يعلم ، ّ
وأن األشياء هي المؤثّرة في أنفسها ان ص ّح له ما ذكرنا ،ان ال اثر لشيء في شيء ّ ،
وان المس ّماة علال وأسبابا مؤثّرة ،شروط في ظهور األشياء في أنفسها ،ال ان ث ّمة ّ ،
حقيقة تؤثّر في حقيقة غيرها .وهكذا فليعرف االمر في المدد ،فليس ث ّمة شيء يم ّد
شيئا غيره ،بل المدد يصل من باطن الشيء إلى ظاهره ،والتجلي النّورى الوجودي
يظهر ذلك ،وليس االظهار بتأثير في حقيقة ما اظهر ،فالنسب هي المؤثّرة بعضها
ان بعضها سبب النتشاء البعض وظهور حكمه في الحقيقة التي في البعض ،بمعنى ّ
هي محتدها ،ومن جملة ما يعرفه ذائق هذا التجلي ،ان ال اثر لألعيان الثابتة من
كونها مرائي في التجلي الوجودي اإللهي اال من حيث ظهور التعدّد الكائن في غيب
( ) 2ذلك التجلي ،فهو اثر في نسبة الظهور الذي هو شرط في االظهار ،والحق
يتعالى عن أن يكون متأثّرا من غيره ،ويتعالى حقايق الممكنات ( ) 3ان يكون من
............................................................
) ( 1س ، 54ى .50
) ( 2قوله ( س ) 19الكائن في غيب . . .في نسخة م ش :الكامن. . .
) ( 3الكائنات ( خ ،ل ).
21
“ “ 22
حيث حقائقها متأثّرة ،فانّها من هذا الوجه في ذوق الكمل عين شؤون الحق ،فال جائز
ان يؤثّر فيها غيرها ،فال اثر لمرآة ما من حيث هي مرآة في حقيقة المنطبع فيها ،لما
مر بيانه .فافهم هذا النّص وتدبّره ،فقد أدرجت فيه من نفايس العلوم واالسرار ما ال ّ
ص المبين ،وك ّل مما تسمعه مما يخالف الحق اليقين والنّ ّ
ّ يقدّر قدره اال هللا ،وهذا هو
هذا وان كان صوابا ،فانّه صواب نسب ّ
ى.
ّ
الحق الصريح الذي ال مرية فيه ،وهللا المرشد الهادي. وهذا هو
[ 9نص]
من النصوص الكليّة ( ) 1نصوص ذكرتها في كتاب مفتاح غيب الجمع وتفصيله وفي
غيره من الكتب ،التي أنشأتها غير مختلط بكالم أحد من الناس ،فان ذلك ليس من
دأبى ،إذ قد عصمني هللا من ذلك ،وأغناني بهباته الخالصة العلية عن العواري
سفليّة ،غير انّه لما اختص هذا الكتاب بذكر النّصوص ،وجب ذكر تلك الخارجيّة ال ّ
النصوص أيضا هاهنا.
ان كل ( ) 2ما هو سبب في وجود كثرة وكثير ( ، ) 3فانّه من فأقول :من جملتها ّ ،
حيث هو كذلك ،ال يمكن ان يتعيّن بظهور ،وال
.................................................
نص ( خ ،ل ). )ّ (1
) ( 2ال استعين ( خ ،ل )
) ( 3شرح مفتاح الغيب چاپ گ ط 1323ه ص تفسير الفاتحة چاپ حيدرآباد.
حيدرآباد.
22
“ “ 23
23
“ “ 24
24
“ “ 25
والخياليّة والحسيّة والطبيعيّة ،وهذا عام في كل ما يس ّمى مصدرا لشيء أو أشياء أو
أصال مثمرا ،لكن ( ) 1انّما يكون له هذا الوصف
.................................................................
) ( 1قوله :لكن انّما يكون له هذا الوصف باعتبار تعلَّقه من حيث هو هو ( إلى
شىء وعدم انتاجه ما يضاده ويبايضه ،ال يكون على سبيل آخره ) اى عدم أثمار ال ّ
اإلطالق ،بل انّما يكون للشيء هذا الوصف ،اى عدم أثمار الض ّد والتباين ،إذا
ى .واما في غير ذلك القسمين ،قد اعتبر تعلَّقه من حيث هو هو وباعتبار آخر خف ّ
يكون الثمر ضدّا ومباينا للمصدور والمثمر ،كما إذا اعتبر شرط زائد في التعلق
ان عدم أثمار الض ّد والمباين ،ظاهر ومسلَّم والمصدريّة .وعرضه ( رحمه هللا ) ّ ،
ىفي اعتبار الشيء في التعلق والمصدريّة من حيث هو هو ومن حيث اعتبار آخر خف ّ
،وفي غيرهما يكون عدم أثمار الض ّد ،محل خفاء وتأ ّمل ،بل قد يتو ّهم المصدريّة
على حسب ظاهر النظر وبدو األمر ،كما في صورة اعتبار الشرط الزائد في
المصدريّة.
مثال يتو ّهم من أثمار الروحانيات الثّابتات الباقيات الحوادث المتجددة الفانية ّ ،
ان
سقمونياء الحارة ،وكذا من صدور العالم من الشيء يثمر ما يضادّه ،وكذا من تبريد ال ّ
الواحد الحقيقي ،يتو ّهم ضديّة الثمرة للمثمر ولكن الحكم بالضديّة في كل ذلك في
ظاهر النّظر ،واما بعد التأ ّمل ودقّة النظر ،يحكم بعدم الضديّة والمباينة ،ألن الثمر
متعلق بذلك الشيء على حسب الشرط الخارج ،فيكون المصدر والمثمر هو ذلك
شروط الشيء مع الشرط ،اى ذلك المجموع والهيئة الجمعيّة ،فبمالحظة ال ّ
واالعتبارات الخارجة ،يرتفع تو ّهم الضّديّة ،ويحكم بالمناسبة والمماثلة ،كما ّ
ان
اإلثمار في المثال األول بواسطة الحركات الفلكيّة واالتّصاالت الكوكبيّة الزائلة على ما
هو المشهور من الحكماء في مسألة ربط الحادث بالقديم ،وفي المثال الثاني من جهة
شرائط والوسائط ،يعلم أن الثمر صفراء وكذا نظائرهما ،فبعد مالحظة ال ّ اسهال ال ّ
شىء سواء اعتبر من حيث هو هو ، ان ثمرة ال ّ ليس ضدا ومباينا للمثمر .فظهر حينئذ ّ
الخاص الذي لك ّل موجود من جهة عينه الثابتة ،وال من حيث ّ ى ال من جهة الوجه ا ّ
شرائط الخارجة ،أو اعتبر من حيث الوجه الخاص ،أو من حيث األسباب وال ّ
الشرائط الزائدة الخارجة ال تناقضه وال تضاده.
25
“ “ 26
ى ال َّ
يطلع عليه باعتبار تعلَّقه من حيث هو هو ،وباعتبار آخر خف ّ
26
“ “ 27
27
“ “ 28
28
“ “ 29
مرتين ،وذلك تحصيل في حقيقة واحدة ومرتبة واحدة على وجه ونسق واحد ّ ،
ّ
الحق للحاصل وانّه محال ّ ،
لخلوه عن الفائدة ،وكونه من قبيل العبث ،ويتعالى الفاعل
الحكيم العليم ،من فعل العبث ،فال ب ّد من اختالف ما بين األصول وثمراتها.
فان الممكنات غير متناهية ،والفيض من الحق الذي هو أصل األصول وأيضا ( ّ ) 1
واحد ،فال تكرار في الوجود ،عند من عرف ما ذكرناه ،فافهم .ولهذا قال
المحقّقون “ :ان هللا ( ) 2ما تجلى في صورة واحدة لشخص واحد ّ ،
مرتين ، “ .ال
لشخصين أيضا في صورة ،بل.
....................................................................
) ( 1دليل وبيان آخر لعدم حصول الوجود في مرتبة وحقيقة واحدة مرتين.
تدبّر .ش.
) ( 2الحق ( خ ل ).
29
“ “ 30
ال ب ّد من فارق واختالف من وجه أو وجوه ،كما أشرت اليه من قبل .فافهم وهللا
المرشد.
30
“ “ 31
في طور العقل النظري حال الحجاب بشمول حكمها وبتبعيّة غيرها من ( حيث ،خ
ل ) الصفات واألسماء لها ،وتوقف تعيّن ما بعدها
31
“ “ 32
32
“ “ 33
فا ّما العطايا الذاتيّة ،فال حساب عليها ،وال ينضبط تعيّناتها بعدد ،وال ينحصر فيه .
وا ّما العطايا االسمائيّة والمنسوبة إلى الذات
33
“ “ 34
واألسماء معا ،فال يخلو ما ان يكون نسبتها إلى حضرة الذات أقوى وات ّم من نسبتها
صفات ،أو بالعكس – فان إلى حضرة األسماء وال ّ
34
" " 35
غلبت نسبتها إلى األسماء والصفات ،على نسبتها إلى الذات ،وقع الحساب عليها اما
سر كبير ال يمكن ( ) 1 عسيرا أو يسيرا بحسب الغلبة والمغلوبيّة الواقعة هناك ،وهنا ّ
قوة نسبة تلك العطايا إلى حضرة الذات افشائه .وان كانت نتيجة الغلبة والمغلوبيّة ّ
الن عطايا الذاتيّة وما قويت نسبته إليها ،ال تصدر وال فذلك الذي ال حساب عليه ّ ،
يقبل اال لمناسبة ذاتية ،فال موجب لها غير تلك المناسبة ومن لم يعرف هذا األصل ،
سر قوله :
ب ) * وال ّ لم يعلم حقيقة قوله تعالى ( * :يَ ْر ُز ُق من يَشا ُء ِبغَي ِْر ( ِ ) 2حسا ٍ
تكرر ذكره في ب “ ونحو ذلك م ّما ّ امنُ ْن أ َ ْو أ َ ْم ِس ْك ِبغَي ِْر ( ِ ) 3حسا ٍ
عطاؤُنا ،فَ ْ“ هذا َ
الكتاب العزيز ،وفي األحاديث النبويّة ،صلى هللا عليه وآله وسلَّم ،أيضا مثل قوله
سالم :انّه تدخل من أ ّمته الجنّة سبعون ألفا بغير حساب ،ومع ك ّل ألف سبعون عليه ال ّ
ألفا .هؤالء أصحاب العطايا االسمائيّة ،ان نسبتهم إلى حضرة الذات أقوى من نسبتهم
صفات ،فلهذا تبعوا أصحاب المناسبة الذاتيّة وشاركوهم في إلى حضرة األسماء وال ّ
أحوالهم ،فاعلم ذلك .وإذ قد ذكرنا اقسام العطايا وأحكامها ،فلنذكر اقسام القابلين
........................................................................
سر مثال الخلق إلى الرحمة من غير تخصيص واستثناء فافهم. ) ( 1لعل هذا هو ّ
) ( 2س ، 2ى .208
) ( 3س ، 38ى .38
35
“ “ 36
لها فانّهم في أخذهم على طبقات متعدّدة بحسب مسئوالتهم ( ) 1االستعداديّة أو الحالية
( ) 2أو المرتبيّة أو الروحانيّة أو الطبيعيّة
.......................................................
) ( 1بحسب سؤاالتهم -خ ل- .
ى الغير المجعول أو األعم من االستعدادات ) ( 2والمراد االستعداد الكلى الذاتي العين ّ
ى األصلي ،لسانا ، الجزئيّة الوجوديّة المجعولة فان لإلنسان من حيث استعداده الجمل ّ
ومن حيث استعداداته الجزئيّة الوجوديّة أيضا ،لسانا .وسؤال االستعداد باعتبار
الطلب الكامن في األعيان الثابتة ،وسؤال األعيان وجوداتها وأحكامها ،فلسان َّ
االستعداد ،هو الذي يتكامل اهليّته وقابليّته لحصول امر من هللا ،وعلى هذا ال يتأخر
اإلجابة عنه تعالى ،ألن الفيّاض الو ّهاب الجواد المطلق واجب الوجود بالذات وهو
الواجب من جميع الجهات ،وإذ ات ّم االستعداد من طرف القابل ،فال يجوز المهلة في
ِيال “ .واما الحال ،فهو الباعث على سنَّ ِة هللا ت َ ْبد ا
معدلته والتراخي في سنّته “ ولَ ْن ت َ ِج َد ِل ُ
الطلب ،ولذا يشعر صاحب الحال به ،ألنّه يشعر بما بعثه على السؤال ،وهو أيضا
من االستعداد في المرتبة ،وقسم من اقسام ذلك ،فلو لم يكن في االستعداد الطلب ،لم
يحصل ،ولكن حال الطلب ال يقتضي حصول المطلوب -وان اقتضاه في الجملة ، -
بل الطلب بغير لسان االستعداد مطلقا يتبع لسان االستعداد في حصول المطلوب
شبع ،وقد ال يحصل ، شبع ،وقد يحصل ال ّ ان -الجائع يطلب حالة ال ّ وعدمه ،كما ّ
سر القدر الذي هو من اطلع ّ وسؤال االستعداد اخفى سؤال ال يشعر به صاحبة اال من َّ
أصعب العلوم ،اى العالم بعالم األسماء واألعيان الثابتة ،بخالف الحال فانّه يعلمه
س َّر [ = س ، 20ى صاحبه .وقال بعض العرفاء المحققين قوله تعالى ( :يَ ْعلَ ُم ال ِ ّ
] . 60وأ َ ْخفى ) إشارة إلى ما ذكر فان الحال ال يعلمه غير صاحبه اال هللا ،
واالستعداد هو األخفى الذي ال يعلمه صاحبه أيضا ،فهو غيب الغيوب الذي ال يعلمه
اال هللا .انتهى [ = شيخنا العارف المتأله كمال الدين عبد الرزاق الكاشي ] .
وا ّما سؤال المرتبة ،فيكون باعتبار كل مرتبة ونشأة تعيّن فيها هذا الطالب ،يكون
كالنبوة من هللا ،فانّها مستدعية لما به
ّ مستدعية من الحق وطالبة ما يقتضيه َّ
الطالب ،
وفيه قيامها من النّبى الذي بوجوده دوامها ،وكالقضاوة والحكومة.
واما سؤال الروح ،فهو تحقّقه بالكشف الحقيقي ،ورجوعه إلى معدنه األصلي
وظهور بالوحدة وتخلَّصه عن قيود االنحرافات.
36
“ “ 37
المزاجية أو الطبيعية العرضيّة التي يترجم عنها لسان الطالب القابل ،وعلى الجملة
فاعلى مراتب القابلين في قبولهم لما يرد عليهم من فيض الحق وعطاياه ،رؤية وجه
الحق في الشروط واألسباب المسماة بالوسائط وسلسلة التّرتيب ،بحيث يعلم اآلخذ ،
ّ
الحق في المراتب اإللهيّة والكونيّة على ان الوسائط السببيّة ليست غير تعيّنات ويشهد ّ
اختالف ضروبها ،بمعنى انه ليس بين فيض الحق المقبول وبين القابل اال نفس تعيّن
الفيض بالقابليّة المقيّد ،دون انضمام حكم امكاني يقتضيه ويوجبه اثر مرور الفيض
على مراتب الوسائط واالنصباغ بأحكام امكاناتها ويرى الفيض انّه تجلى ( ) 1من
صه ( ) 2هي من احكام االسم تجليّات باطن الحق ،فان التعددات والتعيّنات التي تخ ّ
الظهور تعدد مطلق وحدة الحق مجلى لباطنه ،فاحكام َّ
ّ ان ظاهر الظاهر ،من حيث ّ َّ
شئون ليس غيرها .فافهم البطون ،وتلك األحكام هي المس ّماة بالقوابل ،وهي صور ال ّ
،وهللا يقول الحق ،
.....................................
) ( 1تج ّل من . . .خ ل.
) ( 2لحقته ( خ ل ).
37
“ “ 38
ويهدى ( ) 1من يشاء إلى صراط مستقيم.
38
“ “ 39
فاألصح معرفة بالحق وتصورا له ،بكون اإلجابة اليه في عين ما سئل فيه أسرع ،
ّ
الحق له واألتم مراقبة ألوامر الحق ومبادرة إليها بكمال المطاوعة ،يكون مطاوعة
أيضا ات ّم من مطاوعته سبحانه لغيره من العبيد ،ولهذا كان مقتضى حال األكابر من
والتصور
ّ باَّلل
أهل هللا ،ان أكثر أدعيتهم مستجابة لكمال المطاوعة وص ّحة المعرفة َّ
له .
39
“ “ 40
سيئ التصور به ، شهوديّة ال َّ *( أ َ ْست َ ِجبْ ( ) 1لَ ُك ْم ) * .فالعديم المعرفة الصحيحة ال ّ
عو ِني ،أ َ ْست َ ِجبْ لَ ُك ْم “ليس بداعي للحق الَّذي ضمن له اإلجابة بقوله “ :ا ْد ُ
صورة المش ّخصة في ذهنه الناتجة من نظره وخياله ، وانّما هو متو ّجه في دعائه إلى ال ّ
أو خيال غيره ونظره ،أو المتحصلة من المجموع المشار اليه ،فلهذا يحرم من هذا
شأنه اإلجابة في عين ما سئل فيه ،أو تتأ ّخر عنه ،اعني اإلجابة ،ومتى أجيب مثل
سر المعية اإللهية المقتضية عدم خلو شيء عن الحق ،أو الجمعية هذا فإنما سببه ّ
للمضطرين الموعود لهم باإلجابة لالستدعاء االضطراري ،واالستعداد الحاصل ّ التا ّمة
به ،اى باالضطرار ،وحال من هذا وصفه مخالف لحال ذي التصور الصحيح ،
والمعرفة المحققة ،فانّه يستحضر الحق ،ويتوجه اليه استحضارا وتو ّجها محققا ،
وان لم يكن ذلك من جميع الوجوه ،لكن يكفيه كونه متصورا ومستحضرا للحق في
توجهه ،ولو في بعض المراتب ،ومن حيثية بعض األسماء والصفات .فهذا حال
المتوسطين من أهل هللا ،والحال المتقدم ذكره حال المحجوبين .واما الكمل واالفراد ،
فان توجههم إلى الحق تابع للتجلى الذاتي ،الحاصل لهم ،والموقوف تحقّقهم بمقام
الكمال على الفوز به ( ، ) 2وانّه مثمر لهم معرفة تا ّمة جامعة لحيثيّات جميع األسماء
تصور الحق من حيث تجليّه الذاتي ّ صفات والمراتب واالعتبارات ،مع ص ّحة وال ّ
المشار اليه ،الحاصل لهم بالشهود األتم ،فلهذا ال يتأ ّخر عنهم اإلجابة.
وأيضا فانّهم اعني الك ّمل ،ومن شاء هللا من االفراد ،أهل االطالع على اللَّوح
المحفوظ بل وعلى المقام القلمى ،بل وعلى حضرة العلم
.............................................
) ( 1س ، 40ى .62
) ( 2قوله ( س ) 16على الفوز به . . .في بعض النسخ :على الفور.
40
” “ 41
اإللهي ،فيشعرون بالمقدّر كونه لسبق العلم بوقوعه ،وال ب ّد فيسألون ال في مستحيل
غير مقدّر الوجود ،وال تنبعث هممهم إلى طلب ذلك ،وال إرادة له.
وانّما قلت :وال إرادة له ،من حيث -من أجل -خ ل ،ان ث ّمة من يتوقّف وقوع
األشياء على ارادته ،وان لم يدع ،ولم يسأل الحق في حصوله ،وقد عاينت ذلك من
سره ،سنين كثيرة في أمور ال أحصيها ،وأخبرني رضي هللا عنه ، شيخينا ،قدس هللا ّ
شره ،وقال له:انّه رأى النبي صلى هللا عليه وآله ،في بعض وقايعه ،وانّه ب ّ
هللا أسرع إليك باإلجابة منك اليه بالدعاء.
وهذا المقام فوق مقام إجابة األدعية ،وانّه من خصايص كمال المطاوعة ،وكمال
المطاوعة مقامه فوق مقام المطاوعة ،فان مقام المطاوعة يختص بما سبقت اإلشارة
اليه من المبادرة إلى امتثال األوامر ،وتتبع مراضى الحق ،والقيام بحقوقه بقدر
االستطاعة ،كما أشار اليه صلى هللا عليه وآله ،في جواب ع ّمه أبى طالب -عليه
السالم -حين قال له ،ما أسرع ربّك إلى هواك يا مح ّمد ،لما رأى من سرعة إجابة
الحق له فيما يدعوه فيه ،وجاء في رواية أخرى ،انّه قال له:
ما أطوع ربّك لك ،فقال له النّبى صلى هللا عليه وآله ،وأنت يا عم ،لو أطعته
أطاعك .وهذا المقام الذي قلت انّه فوق هذا ،راجع إلى كمال موافاة العبد من حيث
حقيقته لما يريد الحق منه باإلرادة األولى الكليّة ( ، ) 1المتعلقة بحصول كمال الجالء
واالستجالء ،فانّه الموجب
............................................................
( 1 ) .والمراد باإلرادة الكليّة ،هو اقتضاء الظهور باعتبار نسبته إلى الحقيقة
الجامعة التي هي حضرة أحديّة الجمع وحقيقة الحقائق ،المسمى بالمحبة األزليّة
الباعثة على الظهور المتعلَّقة بكمال الجالء واالستجالء ،المتوقّف حصول هذا الكمال
على ظهور العالم تفصيال ،وظهور اإلنسان الكامل مجمال بعد التّفصيل ،فاإلرادة
األولى الكليّة عبارة عن اقتضاء الباطن الحقيقي المكنّى عنه ،به ،كنت كنزا مخفيا ،
الظهور المعبّر عنه :ان اعرف ،والميل الحبّى والطلب اآللى هو صورة ذلك
والطلب والميل ،هو المنبّه عليه ،ب :أجبت ان اعرف َّ االقتضاء ،وذلك االقتضاء
ش.
41
“ “ 42
إليجاد العالم ،واإلنسان الكامل الذي هو العين المقصودة هلل على التعيين ،وكل ما
ان ما ال يوصل إلى المطلوب اال به سواه فمقصود بطريق التبعيّة له ،ولسببه من جهة ّ
فهو مطلوب .فهذا هو المراد من قولي بطريق التبعيّة ،وانّما كان اإلنسان الكامل هو
المراد بعينه دون غيره ،من أجل أنّه مجلى تام للحق ،يظهر الحق به من حيث ذاته
وجميع أسمائه وصفاته وأحكامه واعتباراته على نحو ما يعلم نفسه بنفسه في نفسه ،
وما ( ) 1ينطوى عليه من أسمائه وصفاته ،وساير ما أشرت اليه من األحكام
مكوناته دون ( ) 3تغييرواالعتبارات ،وحقائق ( ) 2معلوماته التي هي أعيان ّ
توجبه نقص القبول وخلل في مرآتيته ،يفضي بعدم ظهور ما ينطبع فيه ( ) 4على
فان من كان هذا شأنه ،ال يكون له إرادة ممتازة عن خالف ما هو عليه في نفسه ّ ،
صفات ،وحينئذ إرادة الحق ،بل هو مرآت إرادة ربّه وغيرها من ال ّ
..............................................................
) ( 1عطف على قوله :ما يعلم نفسه ،فتدبّر .ش.
) ( 2عطف على أسمائه في قوله :وما ينطوى عليه من أسمائه .ش.
) ( 3متعلق بقوله :يظهر الحق به .ش.
) ( 4صفة لقوله :دون تغيير ،وهذا على هذه النّسخة من عدم -واو -العطف قبل
قوله :يقضى .ووجود لفظ -خالف -قبل قوله :ما هو عليه .وا ّما على النسخة التي
فيها وجود -واو -العطف ولفظ الخالف ،فهو عطف على قوله :يظهر الحق به ،
وا ّما على النّسخة التي ليس فيها حرف العطف ولفظ الخالف ،فهو صفة لقوله:
خلل في مرآتيّته ،ش.
42
“ “ 43
يستهلك دعاؤه في ارادته التي ال يغاير ارادته ربّه وغيرها ،فيقع ما يريده ،كما قال
تعالى ( * :فَعَّا ٌل ( ِ ) 1لما يُ ِري ُد .ومن تحقق بما ذكرناه ،فانّه ،ان دعا ،انّما يدعو
بالسنة العالمين ومراتبهم ،من كونه مرآة لجميعهم ،كما انّه متى ترك الدّعاء ،انما
يتركه من حيث كونه مجلى للحق باعتبار أحد وجهيه الذي يلي الجناب اإللهي ،وال
يغايره ( ) 2من كونه ،فعّاال لما يريد ،وليس وراء هذا المقام مرمى لمرام -لرام -
ّ
الحق تعالى بمعرفة تا ّمة خ ل -وال مرقى إلى مرتبة ،وال مقام ،ودونه متو ّجه إلى
عو ِني أ َ ْست َ ِجبْ ( ) 3لَ ُك ْم ) * ،وخبر الحق
وتصور صحيح المقصود بخطاب * ( ا ْد ُ ّ
سر ذلك لهذا العبد ،المشار اليه ( ، ) 4فلزمت النتيجة التي هي اإلجابة صدق ،قد تي ّ
وال ب ّد ،بخالف غيره من المتو ّجهين المذكور شأنهم ،فاعلم ذلك تفوز باسرار عزيزة
وعلوم غريبة ،لم ينساق إليها األفكار واألوهام ،وال رقمتها األنامل باألقالم ،وهللا
المرشد.
نص شريف) ّ ( 12
ى شيء كان وبالنسبة إلى ان أعلى درجات العلم بالشيء ،ا ّ اعلم ّ
.....................................................................
) ( 1س ، 85ى . 16اى ،ذلك العبد الكامل فعّال لما يريده ،أو الحق تعالى فعّال
لما يريده ذلك المذكور ( ش ).
) ( 2اى ،وال يغاير الجناب اإللهي من كونه فعّاال لما يريد ،أو أنّه إذا ترك الدعاء ،
وتنظر إلى جانب الوحدة ال يغاير النظر الواقع إلى جانب العلم ،المستدعى لكونه
فعاال لما يريد ،فافهم ( ش ).
) ( 3س ، 40ى .62
) ( 4اى تحقق بهذا التو ّجه ،ودعوة الحق لذلك العبد المشار اليه ،اى المتو ّجه إلى
الحق بمعرفة تا ّمة ،وتصور صحيح ( ش ).
43
“ “ 44
ى عالم كان ،وسواء كان المعلوم شيئا واحدا أو أشياء ،انّما يحصل باالتحاد بالمعلوم ا ّ
الن سبب الجهل بالشيء ،المانع من كمال اإلدراك ،وعدم مغايرة العالم له ّ ،
( إدراكه ،خ ل ) ،ليس غير غلبة حكم ما به يمتاز ك ّل واحد منهما عن اآلخر ّ ،
فان
ى ،والبعد حيث كان ،مانع من كمال ادراك البعيد ،وتفاوت درجات ذلك بعد معنو ّ
العلم بالشيء ،بمقدار تفاوت غلبة حكم ما به يتحد العالم بالمعلوم ( ، ) 1وانّه القرب
الحقيقي ،الرافع للفصل الذي هو البعد الحقيقي ،المشار اليه بأحكام ما به المباينة
ان سبب كمال علم واالمتياز ،وإذا شهدت هذا االمر وذقته بكشف محقق ،علمت ّ
الحق باألشياء ،انّما هو من أجل استجالئه ايّاها في نفسه ( ، ) 2واستهالك كثرتها
ى شيء كان ،سواء كان المحل وغيريّتها في وحدته ،فان كينونيّة كل شيء في ا ّ
معنويّا ( ) 3أو صوريا ،انما يكون ويظهر بحسب ما تعيّن وظهر فيه ،ولهذا نقول ،
الحق علم نفسه بنفسه ،وعلم األشياء في نفسه بعين علمه بنفسه ،ول ّما ورد االخبار
اإللهي بان هللا تعالى ،كان ولم يكن معه شيء ،انتفت غيريّة األشياء
.....................................................................
) ( 1وال يخفى عليك انّه ما في الوجود شيء اال وبينه وبين كل شيء امر حقيق ّ
ى
سارى في كل شيء وسر الهى يقتضي االشتراك ،وهو التجلَّى اإللهي األحدى الذاتي ال ّ ّ
،وامر آخر يقتضي تميز ذلك الشيء عن ما سواه ،وهو المسمى بالتعيّن واالتحاد
بذلك الشيء ،من جهة ظهور حكم االشتراك ،وزوال حكم ما به االمتياز ،هو مناط
العلم واالنكشاف ،وغلبة حكم االمتياز ،وزوال حكم ما به االشتراك مناط الجهل
والمانع من كمال اإلدراك ،تدبّر تفهم ( ش ).
) ( 2اى ،وجدان الحق األشياء في نفسه ( ش ).
) ( 3كالعلم ،فانّه محل األعيان الثابتة ،ومن المعنويّات ( ش ).
44
“ “ 45
ى خ ل ) ،وثبت أولية الحق بالنّسبة ( ) 1إلى الوحدة التي هي محلَّها العيني ( الغيب ّ
من حيث الوحدة وبامتياز ( ) 2كثرة األشياء المتعلقة) ( 3
......................................................
) ( 1اى ظهر انتفاء غيريّة األشياء ( ش ).
ّ
المستجن. ) ( 2متعلق بقوله :ظهر الكمال
) ( 3اى ،في التعيّن الثاني والمرتبة الواحديّة ،يحتمل ان يكون المراد باالمتياز ،
هو االمتياز العليم بالنّسبة إلى العالم فقط ،وبالجمع بينها وبين الوحدة بالفعل ،هو
الكثرة علما والوحدة وجودا ،وفي هذا التعيّن والجلي ،ظهرت األسماء والصفات
والشئونات ،المندمجة المستجنّة في التعيّن األول ،فانفتح بذلك باب كمال الجالء
واالستجالء ،لظهور األسماء واألعيان الثابتة ،المطالبة بلسان االستعداد الذاتي
صة ،فتجلَّى الجواد المطلق بالتجلَّى النفسي - الوجود العيني ،وظهور أحكامها الخا ّ
ى اإلرادي من حيث سارى في كل شيء ،المنصبغ بالتعيّن العلم ّ ي العيني ،ال ّالرحمان ّ
وبحسبه صبغا نورانيّا ثابتا بالتعلق ،حاصال باالقتران ،فظهرت الخصوصيات ،
والنّسب العلميّة المس ّماة بالمعاني والحقائق واألعيان الثابتة في الخارج ،فحينئذ ،
ظهرت احكام الكثرة في الوحدة ،بتعيّنات الواحد ،وتنوعات ظهوره ،بأحكام الحقائق
واألعيان الثابتة في المراتب الوجوديّة ،واحكام الوحدة في الكثرة ،بتصيرها متحدة ،
سكونها قدرا مشتركا بين المتكثّرات والماهيّات الممكنة ،فان الموجودات المتكثرة
المتمايزة باعتبار المتعيّنات ،متحدة باعتبار الوجود ،فوصلت الوحدة انفصاالتها ،
وجمعت افتراقاتها .ويحتمل ان يكون المراد باالمتياز في قوله :بامتياز كثرة األشياء
( إلى آخره ) ،االمتياز العيني ،وهو امتياز بعضها عن بعضها بالنّسبة إلى أنفسها ،
والمراد بالجمع بين الكثرة والوحدة بالفعل ،هو بحسب الخارج .فظهور الكمال حينئذ
صة ،والمراد بكمال الجالء عبارة عن ظهور حكمه الخاص وترتّب آثاره الخا ّ
واالستجالء ،هو الظهور العيني الخارجي ،فاالمتياز العيني ،هو الفتّاح باب كمال
الجالء واالستجالء ،حتى ينتهى إلى االستجالء التام بحسب النشأة العنصريّة
االنسانيّة .ويمكن ان يحمل كمال الجالء واالستجالء على خصوص اإلنسان الكامل
ى -انفتاح باب ظهور الذي هو المقصود بالذات والمطلوب الحقيقي ،فالظهور الخارج ّ
واألول غرضا ومقصودا ( ش ). ّ اإلنسان الكامل ،ألنّه اآلخر وجودا -وحصوال -
45
“ “ 46
ثانيا ،الكامنة ( ) 5من قبل ،في ضمن الوحدة والجمع بينها ،وبين الوحدة بالفعل ،
المستجن في الوحدة أوال ،فانفتح بذلك باب كمال الجالء واالستجالء ، ّ ظهر الكمال
الذي هو المطلوب الحقيقي ،فظهرت أحكام الوحدة في الكثرة والكثرة في الوحدة ،
فو ّحدت الوحدة الكثرة ،لكونها صارت قدرا مشتركا بين المتكثّرات المتميّزة بالذات
بعضها عن بعض ،وفوصلت فصولها ،النّها جمعت بذاتها ( ) 1كما ذكرناه ،
تنوعات ظهور الواحد وعدّدت المتكثّرات الواحد من حيث التعيّنات التي هي سبب ّ
بالصبغ واألصباغ ،والكيفيات المختلفة التي اقتضتها اختالف االستعدادات المتكثرات
،القابلة للتجلى الواحد فيها ،فتجدّدت معرفة أنواع الظهورات واالحكام الالزمة لها ،
التي هي عبارة عن تأثير بعضها في بعض ( البعض خ ل ) باالبرام والنقض ظاهرا
وباطنا ،علوا وسفال ،موقتا وغير موقت ،مناسبا وغير مناسب ،كل ذلك باالتصال
الحاصل بينها بالتجلي الوجودي الوجداني ( ) 2الجامع شملها ،كما ذكر .فالعلم
سعادة ،على اختالف ضروب الجميع ،انّما هو بحسب المناسبة ( ، ) 3 والنّعيم وال ّ
شقاء ،بحسب قوة احكام المباينة واالمتياز .واما امتزاج احكام ما والجهل والعذاب وال ّ
به االتحاد واحكام ما به االمتياز ( ، ) 4فأبدى ( فابد خ )
.................................................................
) (( 1في بعض النسخ :بداتها ) بالدال المهملة.
) ( 2اى بذلك التجلي الوجودي حصل وظهر امتياز بعضها عن بعض بالنسبة إلى
أنفسها ،واما االمتياز العلمي فانّما هو بالنسبة إلى العالم فقط ( ش ).
) ( 3اى ،غلبة ما به االتحاد ( ش ).
( 4 ) -اى ،التّعيّن.
) ( 5قوله ( س : ) 1الكامنة . . .في ط ه :الكائنة.
46
“ “ 47
السلطنة ومحتد كل جملة من تلك األحكام ( ) 1بضرب -ما -من المناسبة ،
ومرجعها من حيث اإلضافة ( ، ) 2ومستندها ،هو المسمى بالمرتبة .فافهم.
ول ّما شرعت في كتابة هذا ( ) 3النّص ،قيل لي في باطني في أثناء الكتابة االحكام
المضافة إلى الوحدة والواحد الحق ،والمعبّر عنها بأحكام الوجوب ،أصلها من حيث
الوحدة ،حكم الواحد ( ،واحد -خ ) هو حقيقة القضاء والمقادير ،اثر تعدّدات
المعلومات لذلك
.........................................................
) ( 1اى ،ال مطلقا ،بل بضرب ما من المناسبة ،اى الوجود.
فان مرجعها ) ( 2اى ،من حيث نسبة بعضها إلى البعض ،ال من حيث اإلطالق ّ .
من حيث اإلطالق إلى الحق ( ش ).
) ( 3حاصله على ما استفدت ،ان حقيقة القضاء هو مقام التعيّن األول والوحدة
شاملة للك ّل ،بحيث ال يخرج عن الحقيّة الحقيقيّة ،الماحيّة لجميع االعتبارات ،ال ّ
حيطته شيء ،واألشياء متعلقة هاهنا من حيث استهالك كثرتها في تلك الوحدة ،وهو
صلة ،ويتبعها هي تلك الوحدة صل في المجمل ،ومحتد تمام االحكام المف ّ تعقّل المف ّ
الظاهر بحسب التفصيل .والمراد بالقدر ، الحقيقيّة ،فهي جهة اجمال الحكم اإللهي َّ ،
هو الظهور التفصيلي -علما وعينا ،فظهور ذلك الوجود الواحد الحق يوجب تلك
العديدات ،واالحكام المندمجة في ذلك الحكم الجمعي االحاطى القضائي باستحضار
صال ،هو القدر العلمي .وعبّر الشيخ -رحمه هللا -عن ذلك االستحضار صورها مف ّ
صة خارجيّة يقتضيها تلك بالتأثّر .وظهور ذلك الوجود الواحد الحق وتعيّنه بصورة خا ّ
صور العلميّة ويستدعيها بحسب االستعداد الذاتي الغير المجعول ،هو القدر العيني . ال ّ
صلة الوجوديّة في الخارج ل ّما كانت على طبق الصور العلميّة وعلى فالصور المف ّ
ان .الواهب العدل ،اعطى األشياء في حسب اقتضائها واستعدادها الذاتي ،يعنى ّ
الخارج ،كلَّما يطلبه األشياء بلسان االستعداد منه تعالى في الحضرة العلميّة ،عبّر
الشيخ ( رحمه هللا ) عن تأثير الحق فيها وافاضتها وجعلها بإعادة آثارها عليها ،إشارة
صور العلميّةمتفرعا على استعداداتها ومقتضيات حقائقها التي هي ال ّ ّ إلى ظهورها
واألعيان الثابتة ( ش ).
47
“ “ 48
الحكم الواحد ،وظهور الوجود الواحد بموجب تلك التعديدات ،تأثّرا أوال .وتأثيرا
ثانيا في المعدّدات ( ،المعدومات -خ ل ) بإعادة آثارها عليها .فاعلم ذلك وتدبّر
غريب ما نبهت عليه ( تنبهت عليه -خ ) ،تفز بالعلم العزيز وهللا المرشد.
نص شريف موضح لبقيّة اسرار هذا النّص ) (( 12فص ّل خ ،ل ) ّ
ى شيء كان ما عدى الحق ،هو ان يعلمه بعلم اعلم أن أعلى درجات العلم بالشيء ،ا ّ
يكون نتيجة رؤيتك ايّاه ،في علم الحق تماما( 1 ) .
ولهذا العلم آيتان ،إحداهما استغناؤك بما حصل لك من العلم به من معاودة النّظر فيه
وتكرره طلبا لمزيد معرفته ،فان تجدد العلم بالشيء بطريق االزدياد بعد دعوى ّ
معرفة سابقة به ،انّما موجبه نقصان العلم به أوال ،فلو كمل العلم به أوال الستغنى
عن االزدياد كما هو شأن الحق ،وذلك موقوف على كمال اإلحاطة العلمية بالمعلوم.
واآلية األخرى التي يستدل بها على حصول هذا العلم وصحته ،هي ان ينسحب حكم
علمه على الشيء حتى يتجاوز تقييده إلى
...................................................
ان الرائي إذا حصل الرجوع إلى األعيان الثابتة ومشاهدتها ،يحصل له ) ( 1بمعنى ّ
َّ
االطالع على الماهيّة المعلومة والعين العلم باألشياء ،كما هي .ومعنى التماميّة هو
الثابتة بجميع لوازمها وما يستند إليها من المراتب ( ش ).
48
“ “ 49
( فينتهى إلى خ ) ان يرى آخره متصال باإلطالق الحق ،والعلم بالحق ليس كذلك ،
فانّه انما يتعلق به من حيث تعيّنه ( ) 1سبحانه في مرتبة أو مظهر أو حال أو حيثية
أو اعتبار ،وكلَّما انضبط ( ) 2للعالم به ( ) 3بتعينه ( ) 4من احدى الوجوه ( ) 5
المذكورة ،يظهر ويتعيّن له من مطلق الذات بحسب حال المتجلَّى له ،إذ ذاك ما لم
( ) 6يسبق تعيّنه قبل ذلك .وكما ال ينتهى أحوال اإلنسان إلى غاية يقف عندها .
فكذلك ال يتناهى تعيّنات الحق وتنوعات ظهوراته لإلنسان بحسب أحواله التي هي
تعيّنات مطلق الذات الحق وتنوعات ظهوراته ،وقد سبق التّنبيه في غير هذا الموضع
ان األعيان تتقلَّب عليهما األحوال ( . ) 7 على أن األسماء -أسماء األحوال ،وعلى ّ
بخالف الحق ،فانّه يتقلَّب في
....................................................
) ( 1ال من جهة إطالقه ،فانّه محال ليس في قوة المقيّد ،فلذلك قال في أول النّص :
ما عدى الحق ،يعنى ال يمكن ان يعلمه غيره بعلم هو أعلى درجات العلم ،فتدبّر
( ش ).
) ( 2اى الحق.
) ( 3اى بالحق.
) ( 4متعلَّق بالضبط.
) ( 5لفظة ما ،فاعل يظهر ،وتعيّنه فاعل يسبق ،و ؟ الغير ؟ في تعيّنه راجع إلى ما
ألن تعيّن هذا الظاهر إذا كان ،اى لم يسبق تعيّن هذا الظاهر قبل ذلك الظهور ّ ،
حاصال ،فيكون ظهوره ثانيا تكرارا ،وال تكرار في التجلي .فافهم ( ش )
) ( 6اى تعيّنه في مرتبة أو مظهر أو حال أو حيثيّة أو اعتبار ( ش ).
) ( 7اى األعيان والماهيّات ثابتة وباقية على عدميّتها ابدا ،وانما تتقلَّب أحوالها
وتتنوع آثارها ،بخالف الحق ،فانّه الوجود الظاهر في المظاهر والشؤون ،كما قال : ّ
ويتنوع من حيث الظهور وباعتبار األحوال ،ال ّ ك ّل يوم هو في شأن .فالحق يتقلب
التنوع والتبّدل ولباطنه الثّبات ّ ،
ألن من حيث البطون وباعتبار الذات .فلظاهر الحق ّ
حقيقته العينيّة اإلطالقيّة ال يتبدّل وال يتحول ،لوجوبه الذاتي المقتضى ألزليّته وابديّته
،والتحول والتبدل انّما هو لنسبتها فالثابت هو الوجود الحق الواجب الوجود ،والمتبدّل
هو نسبه الكليّة والجزئيّة .فاألعيان لعدميّتها ال يص ّح ان يقال ،انّها تتقلَّب في األحوال
ان أحوالها تتقلب ،بل الحق يظهر باحوالها وأحكامها ،فذوات األعيان ال ،بل يقال ّ ،
تتقلب لبطالنها وعدميّتها ،بخالف ذات الحق .فافهم وال تتو ّهم من كالم الشيخ ،ان
األعيان ثابتة بالذات والحق متقلب ومتبدّل بالذات ( .ش ).
49
“ “ 50
األحوال ،كما د ّل على ذلك بقوله ُ “ :ك َّل يَ ْو ٍم ُه َو في شَأ ْ ٍن“ ) * .
فافهم ،وال تتأول ،بل اجتهد ان تعلمن ( تعاين ظ ) واال فآمن وأسلم تسلم ،وهللا
الموفق.
50
“ “ 51
51
“ “ 52
52
“ “ 53
التي ( ) 1ال يغاير ذاته ،أحديّة ( ) 2جمع ال يعقل ورائها جميّعة ،وال نسبة واال
صفة ومعرفتها تماما انّما يكون بمعرفة ان الحق في كل اعتبار ،والتحقّق بشهود هذه ال ّ
ّ
الحق فيه متعيّن قابل للحكم عليه بانّه متعيّن ( ) 3بحسب االمر المقتضى ادراك
متعيّنا مع العلم بأنّه غير محصور في التعيّن ،وانه من حيث هو غير متعيّن ،وهذا
صورة علمه بنفسه ،فيعرف ذاته متعيّنة ،بالنسبة إلى ظهوره في المتعيّنات بحسبها ،
وبالنسبة إلى من لم يشهده اال في مظهر ( ، ) 4ويعرف سبحانه من حيث هو هو غير
متعيّن أيضا حال الحكم عليه بالتعيّن ،لقصور ادراك من لم يدركه اال في مظهر ( و -
خ ل ) سواء اعتبر المظهر عين الظاهر أو غيره ،وحقيقة الخلق عبارة عن صورة
علم ربّهم بهم ،وصفتهم ( ) 5الذاتية الفقر المثمر لمطلق الغناء ليس كل فقر ( ) 6
فافهم .
نص شريف جدّا ( ّ ) 16
اعلم أن ثمرة التّنزيه العقلي ،هو تميّز الحق عما يسمى سواه
.............................................................
( ) 1صفة لصفته .
( ) 2خبر للمبتدأ الذي هو صفته الذاتيّة .
( ) 3فيحكم عليه بأحكام .
( ) 4اى مظهر وتعيّن خاص ،والمراد بقوله ،ظهوره في المتعيّنات ( إلى آخره )
ى تعيّن كان ،ويحتمل ان يكون العطف تفسيريّا ( ش ) . التعيّن العالم ،اى ،ا ّ
( ) 5وصفته الذاتيّة ( خ ل ) .
( ) 6اى صفته الذاتيّة هذا الفقر المخصوص ،ال ك ّل فقر ،كالفقر من العلم والمال
صفات الكماليّة .ألنّها ليست مثمرة للغناء .تدبّر ( ش ) والجاه وال ّ
53
“ “ 54
54
“ “ 55
55
“ “ 56
اإلطالق ( ) 1المجهول النعت العديم االسم ،وانّه وصف سلبي للذات ،فانّه مفروض
االمتياز عن ك ّل تعيّن ،وانّما االمر الثبوتي الواقع هو التعيّن األول ،وانّه بالذات
مشتمل على األسماء الذاتية ،التي هي مفاتيح الغيب .ومسمى الذات ال يغاير أسمائها
بوجه ما ،واما األسماء ،فيتغاير ويضاد بعضها بعضا ،ويتّحد أيضا بعضها مع
شاملة لجميعها ،واالحديّة وصف التعيّن ال وصف المطلق البعض من حيث الذات ال ّ
المعيّن ،إذ ال اسم للمطلق وال وصف ،ومن حيثيّة هذه األسماء ،باعتبار عدم مغايرة
الذات لها ،نقول ،ان الحق مؤثّر
..................................................
( ) 1مفعول لقوله ،يلي ( .ش ) .
56
“ “ 57
57
“ “ 58
حيث ما قلت ،انّها كالمحال ،وكل مرتبة محل معنوي لجملة من احكام الوجوب
المتفرعة من األسماء الذاتيّة وا ّمهات األسماء االلوهيّة وما يليها من األسماءّ واإلمكان
التالية ( ، ) 1ولها اعني للمراتب ،أعيان ثابتة في عرصة العلم والتعقل ،وال اثر لها
على سبيل االستقالل ،بل بالوجود .وهكذا شأن الوجود مع المراتب ،فانّها ( ظاهرة
الحكم في كل -خ ل ) مؤثرة في كل ما يتّصل بها ويتعيّن لديها بتكيّفات مطلق الفيض
والمار عليها ،وانها كالنهايات النسبيّة باعتبار سير الفيض الذاتي
ّ الواصل الهيا
والتجلي الوجودي في المنازل والدّرجات المتعيّنة بين األزل واألبد ،ال إلى غاية
المستقرة
ّ وقرار .فقد استبان بما ذكرته ( ، ) 2ان المراتب مجتمع ،جمل االحكام
لديها من حضرة الوجوب واإلمكان ،وهي المظهرة لنتائج تلك االجتماعات ،لكن
بحسبها ( ) 3ال بحسب االحكام ،وال بحسب مطلق الفيض ،فحكمها حكم األشكال
والقوالب في كل متشكل ومتقولب يتّصل بها ( ) 4ويح ّل فيها ،فهذا اثرها ( ، ) 5
فهي ثابتة ،في ثابتة العين ،
................................................
والمصور وأمثالها ( .ش ).
ّ ) ( 1كالخالق والباري
) ( 2اى من قوله :آنفا وكل مرتبة محل معنوي لجملة من احكام الوجوب واإلمكان
( إلى آخره ) .ش.
) ( 3اى بحسب المراتب فان الحكم والفيض مع قطع النّظر عن المراتب ،ال ظهور
لهما ( .ش )
) ( 4صفة لقوله ،ك ّل متشكل ومتقولب ( .ش ).
) ( 5اى ،المراتب.
58
“ “ 59
وإليها تستند نتائج االحكام وتنضاف ( ) 1آخرا ألنّها المرجع والمشرع فافهم.
ثم اعلم أن المراتب متعلقة “ “ 7االنتشاء ( ، ) 2بعضها من بعض ،وكذلك األسماء
،فاأللوهيّة ( ) 3بأسمائها الكلية التي هي الحي العالم المريد القادر ،ظل للذات من
حيث اشتمالها بذاتها على مفاتيح الغيب ،لكن بين االلوهيّة والذات في ذلك فرق دقيق
في ذوق الكمال ( الكمل -ج ل ) ،وهو ان االلوهيّة يتعقّل ممتازة عن أ ّمهات أسمائها
المذكورة ،والذات ال يعقل تميّزها عن أسمائها الذاتيّة اال المحجوبون عن التجلي
الذاتي واما أهل التجلي الذاتي فال يعقلون ( ) 4هذا النوع من التميز وال يشهدونه اال
باعتبار علمهم بعلم المحجوبين ،وانّما التّميّز عندهم في ذلك ،فهو بما أشرت اليه ،
من أن الذات غير مغايرة السمائها الذاتيّة بوجه ما ،وهي ( ) 5يغاير بعضها بعضا ،
مع انّه ال انفكاك ،ومع أن ( ) 6درجات المفاتيح متفاوتة ،فان بعضها تابع للبعض
كما نبّهت عليه في أسمائه األلوهية
....................................................
) ( 1اى ،ترجع إليها في آخر االمر ( .ش ).
الروح من العلم ،والمثال من الروح والحس من المثال ( .ش ). ) ( 2كمرتبة ّ
) ( 3اى مرتبة االلوهيّة المس ّماة بالواحديّة مع أسمائها الكليّة ( .ش ).
) ( 4اى الك ّمل ال يعقلون هذا النوع من التميّز ( .ش ).
) ( 5اى األسماء الذاتيّة من حيث االعتبار يغاير بعضها بعضا مع عدم االنفكاك من
حيث الذات ( .ش ).
) ( 6اى األسماء الذاتيّة ،متفاوتة الدّرجات ،كاألسماء االلوهيّة التي هي ظالل لها
كما نبّه سابقا على تفاوت درجات األسماء االلوهيّة كشرف العلم على القدرة بالتقدم
فهي تابعة للعلم وهو تابع للحياة ( .ش ).
“ “ 7في م ش :متعلقة.
59
“ “ 60
والمصور وأمثالها القادر وكذلك االمر في بقيّة ا ّمهاتّ من تبعيّة االسم الخالق والباري
األسماء مع التالية لها فتذكر.
) ( 19فصل في وصل
سر المناسبات ،فهو من حيث االشتراك في االمر القاضي يرفع احكام المغايرة وا ّما ّ
من الوجه المثبت للمناسبة ،وأولها وأعالها ،المناسبة الذاتيّة .فالمناسبة الذاتية بين
الحق واإلنسان الذي هو العين المقصودة ،تثبت من وجهين :أحدهما ،من جهة
ضعف تأثير مرآتيّته في التجلي المعين ( المتعيّن -خ ل ) لديه بحيث ال يكسيه وصفا
قادحا في تقديسه سوى قيد التّعين الغير القادح في عظمة الحق وجالله ووحدانيّته
وخلوه عن أكثر احكام اإلمكان وخواص الوسائط وتفاوت درجات المقربين واالفراد ،
عند الحق هو من هذا الوجه ،واما المناسبة مع الحق من وجه آخر ،فهو بحسب حظ
العبد من صورة الحضرة اإللهيّة وذلك الحظ يتفاوت بحسب تفاوت الجمعيّة ،فتضعف
المناسبة وتقوى بحسب ضيق جمعيّة ذلك اإلنسان من حيث قابليّته وسعتها ،فتنقض
الحظوظ لذلك وتتوفّر ،والمستوعب ( ) 1لما يشتمل عليه مقام الوجوب واإلمكان من
صفات واالحكام وما يمكن ظهوره بالفعل من ذلك في ك ّل عصر وزمان مع ثبوت ال ّ
المناسبة أيضا من الوجه األول له الكمال وهو ( ) 2محبوب
...................................................
) ( 1مبتدأ ،خبره قوله ،له الكمال ( .ش ).
) ( 2اى ،المستوعب.
60
“ “ 61
الحق ،والمقصود لعينه وهو من حيث حقيقته التي هي برزخ البرازخ ( ) 1مرآة
الذات وااللوهيّة معا ولوازمهما ( ) 2وصاحب المناسبة الذاتيّة من الوجه األول
مقرب ال غير ( ، ) 3وقد سبق التّنبيه على ذلك ( . ) 4واما المناسبة الذاتيّة محبوب ّ
بين الناس ،فتثبت من وجهين أيضا ،وهو مثاالن للوجهين اإللهين المذكورين :
أحدهما ،من جهة اشتراك المتناسبين في المزاج ،بمعنى وقوع مزاجهما في درجة
واحدة من درجات االعتداالت التي يشتمل عليها مطلق عرض األمزجة االنسانية ،أو
يكون درجة مزاج أحدهما مجاورة لدرجه مزاج األخر .وهذا أصل عظيم في مشرب
الروحانيّة
ي من العوالم ّ التحقيق ،قل من يعرفه ذوقا ،الن تعيّنات أرواح األناس ّ
وعلو المنزلة من حيث قلَّة الوسائط وكثرتها وتضاعف ّ وتفاوت درجاتها في الشرف
وجوه اإلمكان ( ) 5وقوتها بسبب كثرة الوسائط وقلتها وضعفها ،انّما موجبه بعد
قضاء هللا وقدره ،المزاج المستلزم لتعيّن
..............................................................
( ) 1ألنّها بين التعين والالتعيّن ألنّه المظهر للتعين األول الجامع للتعيّنات ( ش ) .
( ) 2من الوحدة والتنزيه الالزمتين للذات ،واستيعاب جمع األسماء الالزم لاللوهيّة .
(ش).
( ) 3اى ال يكون مقام المحبوبية والمقربيّة لغير صاحب المناسبة الذاتيّة من الوجه
األول ( .ش ) .
المقربين واألفراد ( .ش ) . ّ ( ) 4اى في قوله وتفاوت درجات
شرف ،اى تفاوت درجاتها في ضعف ) ( 5يحتمل ان يكون عطفا على قوله :ال ّ
وجوه اإلمكان ( إلى آخره ) ويحتمل ان يكون عطفا على قوله :قلَّة الوسائط وبالجملة
فكثرة الوسائط مقتضية لكثرة وجوه اإلمكان وقلَّة الوسائط لقلَّة وجوه اإلمكان .
( ش ).
61
“ “ 62
الروح بحسبه ،فاألقرب نسبة إلى االعتدال الحقيقي الذي تعيّن نفوس الك ّمل في نقطة ّ
دائرته ( ، ) 1يستلزم قبول روح اشرف وأعلى نسبة من العقول والنّفوس العالية ،
سة ،ونزول واال بعد ( من -خ ل ) عن النقطة االعتداليّة المشار إليها بالعكس من الخ ّ
الدرجة .فاعلم ذلك ،وتفهم ما ذكرت ( ما ذكرته -خ ل ) في االمر ( أمور االشتراك
ترق به إلى ( ) 2معرفة المناسبة الروحانية الخصيصة -خ ل ) االشتراك المزاجي ّ
بالوجه ( ) 3االخر المشابهة ( ) 4للمناسبة الذاتية المخفية الحقيقة المحضة ( . ) 5
وإذا عرفت هذا عن شهودا وفهم محقق ،رأيت أن بعض األرواح يكون مبدأ مقامها
في التعيّن اللوح المحفوظ ،ومبدأ تعيّن بعضها
...................................................................
( ) 1اى دائرة االعتدال الحقيقي ( .ش ) .
مر ،من أن الروح يتعيّن ألن المناسبة الروحانيّة تابعة للمناسبة المزاجيّة لما ّ (ّ )2
بحسب المزاج ( .ش ) .
( ) 3يعنى ان المناسبة هي الوجه الثاني من وجهي المناسبة الثابتة بين النّاس تدبّر .
(ش).
سره ،في ذيل بيانانجر كالمه قدس ّ ّ ( ) 4هي صفة للمناسبة الروحانيّة ،ول ّما
المناسبة المزاجيّة التي هي أحد وجهي المناسبة الذاتيّة بين الناس ،إلى ذكر المناسبة
الروحانية ،فقال :انّها الوجه اآلخر من المناسبتين المذكورتين ،ولم يعنون بلفظ .
وثانيهما :المناسبة الروحانيّة ،ثم قال :ان المناسبة الروحانيّة هي المشابهة للمناسبة
الذاتية الحقية الخفيّة هذا هو الظاهر من كالمه وال شبهة فيه ،ولكني قد رأيت في
ان المناسبةحاشية نسخة من الكتاب ،ان قوله :المشابهة صفة للوجه اآلخر ،يعنى ّ
الروحانيّة لها وجهان ،الوجه األول مناسبتها إلى المزاج ،والوجه اآلخر مناسبتها
يلحق من حيث ارتفاع الوسائط انتهى كالمه بألفاظه وال يخفى ما فيه .
(ش).
( - ) 5للمناسبة الذاتية الخفية الحقية . . .
62
“ “ 63
63
“ “ 64
مر ( على ما شاءين بالعقل الفعال كما ّ صاحب سماء الدنيا المعبّر عنه عند الحكماء الم ّ
مر -خ ل ) .والوجه االخر هو من جهة مظاهرها المثالية ،فان األرواح على ّ
اختالف مراتبها ال تخلو عند جميع المحقّقين عن مظاهر يتعيّن ويظهر بها ،وأول
مراتب مظاهر أرواح األناسي ما عدا الك ّمل ( ) 1عالم المثال المطلق والصور
الخيالية ( الجنانيّة -خ ل ) وان كانت مواد انتشائها لطائف قوى هذه النشأة الطبيعيّة
وجواهرها المط ّهرة المز َّكاة المكتسية صفات األرواح ،فان صفاتها وأحوالها في الجنّة
انّما تظهر بحسب روحانيّتها وقواها وخواص مظاهرها المثاليّة ،ومنازل أهل الجنة
مظاهر مراتب األرواح من حيث مكاناتها ( ) 2عند الحق ومن حيث مظاهر المثاليّة
األولى ،وقد نبّه النبي “ صلى هللا عليه وآله “ على ذلك بإشارات لطيفة ،مثل قوله :
ى ،ان قصرك في الجنّة في مقابلة قصرى “ وفي رواية “ في محاذاة قصرى “ يا عل ّ
“ وقال في حق العباس قريبا من ذلك وقال في حق جمهور المؤمنين ألحدكم اهدى إلى
منزله في الجنة منه إلى منزله في الدنيا ،وليس هذا اال من حكم المناسبة .
واما سوق الجنة المشتمل على الصور االنسانيّة المستحسنة التي يتخيّر أهل الجنة
التلبس بما شاؤوا منها ،فمن بعض جداول عالم المثال المطلق الذي هو معدن
المظاهر وينبوعها ،وهو مجرى المدد
.....................................................................
( ) 1فان مظاهر أرواح الك ّمل فوق المثال تدبّر ( .ش )
( ) 2من حيث مكانتها . . .ومن حيث مظاهرها المثالية جمع مكانة وهي المنزلة .
(ش) .
64
“ “ 65
الواصل من عالم المثال إلى مظاهر أرواح أهل الجنة ومنشأ ( ) 1مآكلهم ومشاربهم
ومالبسهم وكل ما يتنعّمون به في أراضي مراتب أعمالهم واعتقاداتهم وأخالقهم
وصفاتهم ودرجات اعتداالتهم في ذلك كلَّه .واما الخلع والتّحف التي يأتي بها المالئكة
من عند الحق إلى جمهور أهل الجنّة حال حملهم ايّاهم إلى كثيب الرؤية لزيارة الحق
الزائرون في نفس ومجالسته ،هي مظاهر احكام األسماء والصفات التي بستند إليها ّ
ّ
الحق وتحيى دقائق االمر ( ،وان لم يعلموا ذلك ) وبتلك التّحف تقوى مناسبتهم مع
ارتباطهم به ( ارتباطاتهم به خ ) من حيث تلك األسماء والصفات التي لها درجة
الزائرين ،وقوله تعالى للمالئكة في أواخر ( وجه -خ ل ) الربوبيّة على أولئك ّ
مجالس الزيارة عن أهل الجنّة “ :ردّوهم إلى قصورهم “ إشارة إلى احكام المناسبات
المستفادة من تلك الخلع والتّحف وانتهاء احكام األسماء والصفات التي من حيث هي
تثبت المناسبة بينهم وبين الحق وتوجب جمعيّتهم وحضورهم عنده ،فمتى ظهرت
صفات التي تقابل احكام األسماء والصفات المقتضية لالجتماع ، سلطنة األسماء وال ّ
ظهرت االحكام القاضية باالمتياز ،فحصل البعد والحجاب فافهم .
واما تفاوت مراتبهم حال المجالسة مع الحق ،فهو بحسب تفاوت مراتبهم في نفس
الحق ،وبحسب ص ّحة عقائدهم في هللا ،وعلومهم ومشاهداتهم الصحيحة وإيثارهم فيما
قبل ( ) 2جناب الحق على ما سواه
.............................................................
( ) 1عطف على قوله مجرى المدد ( .ش ) .
( ) 2اى في الدّنيا ( .ش ) .
65
“ “ 66
وطول زمان المجالسة وقصره وتفاوت الشرف ( ) 1فيما يخاطبون به وما يفهمون به
من خطابه ،فهو بحسب ما ذكرناه ،وبحسب حضورهم مع ما كانوا يعلمون منه
( ، ) 2أو استحضارهم له ،بمقتضى اعتقاداتهم فيه ومناسبتهم بجنابه ،من حيث مقام
كثيب الرؤية والتجلي الخصيص منه ( ) 3به ( ) 4فاعلم ذلك.
واما حال الك ّمل انفعنا هللا بهم فيما ذكرناه وسواه ( ، ) 5فانّه بخالف ذلك ،فإنهم
صفات ( ) 6والتجليات الخصيصة بها إلى عرصة تجاوزوا حضرات األسماء وال ّ
التّجلَّي الذّاتى ،فهم كما أخبر النّبى “ صلى هللا عليه وآله “ عن شأنهم ،بقوله :صنف
الرب -خ ل ) عنهم وال يحتجب ،وذلك انهم الرب ( ال يستر ّ من أهل الجنة ال يستتر ّ
غير محصورين في الجنّة وغيرها من العوالم والحضرات ،كما قد أشرت اليه في
ان الجنّة ال تسع إنسانا كامال وال غير الجنّة ،فهم وان ظهروا غير هذا الموضع ،من ّ
منزهون عن الحصر والقيود واألمكنة واألزمنة فيما شاؤوا من المظاهر ،فانّهم ّ
كسيّدهم [ ، ] 7بل هم معه أينما كان ،وحيث ال أين وال حيث وال جرم ال بعد وال
..........................................................
) ( 1اى ،طلبهم من الحق ،حضوره عندهم على حسب استعداداتهم ( .ش ).
) ( 2اى ،من الحق ( .ش ).
) ( 3اى ،من الحق ( .ش ).
الرؤية ( .ش ).) ( 4اى ،كثيب ّ
) ( 5اى ،سوى ما ذكر من األحوال ( .ش ).
) ( 6عطف على قوله :وقت .اى الك ّمل الواصلون إلى مقام اإلطالق ،ليسوا مقيّدين
صفات وخصوصياتهم ( .ش ). باألسماء وال ّ
] [ 7اى الحق تعالى.
66
“ “ 67
حجاب واالنتقال لزيارة وال ابتداء ( ال انتهاء -خ ل ) لحكم وقت من األوقات
واألسماء والصفات ،فافهم واجتهد وتمن ان تلحق بهم ،وان تشاركهم في بعض
ى اإلحسان .مراتبهم العالية ،فان هللا ول ّ
واما المناسبات الثابتة بين النّاس من جهة المراتب البرزخيّة ،فانموذجها المنبّه على
تفاصيلها لمن لم يكشفها ولم يشهدها ،هو ما ذكره النّبى “ صلى هللا عليه وآله “ في
حديث اإلسراء ( ورؤيته -خ ل ) ورؤية آدم في سماء الدنيا ،وان على يمينه اسودة
سعداء من ذريّته ،وعن يساره اسودة األشقياء من ذريّته ،وانّه إذا نظر عن يمينه ال ّ
سعداء ، ضحك ،وإذا نظر عن يساره بكى ،فهذا إشارة إلى مراتب عموم األشقياء وال ّ
شقاء هم الذين لم يفتح لهم أبواب السماء حال الموت ،وهم في شقائهم على فأهل ال ّ
مراتب مختلفة ،فان النبي “ صلى هللا عليه وآله “ أخبر عن أرواح بعض األشقياء ،
انّها تجمع في برهوت ( ) 1والحلتين ( ، ) 2فمبتدأ مراتب األشقياء ،من مقعّر
سماء الدّنيا التي فيها آدم ،وأنزلها ما ذكره عليه السالم ،ومراتب عموم السعداء في ال ّ
سماء الدنيا على درجات متفاوتة تجمعها مرتبة واحدة ،ومراتب أهل برزخ ال ّ
ان عيسى سعداء ،ما أشار اليه في حديث اإلسراء بعد ذكره آدم من ّ : الخصوص من ال ّ
( ع ) في الثّانية ،ويوسف عليه السالم في الثالثة ،وإدريس في الرابعة ،وهارون في
سادسة ،وإبراهيم في السابعة ،على جميعهم السالم .وهكذا الخامسة ،وموسى في ال ّ
شأن مشاركى هؤالء األنبياء والوارثين تماما
..............................................................
( ) 1قيل اسم بئر في بابل فيه هاروت وماروت ( .ش ) .
شام .بران بحضرموت اسم بلد في ال ّ ( ) 2قيل هما ّ
67
“ “ 68
68
“ “ 69
69
“ “ 70
تصورها في العلم الصحيح المحقق على تصور ض ّد لها ،بل هي لنفسها ّ في نفسها وال
ثابتة مث ِبتة ( ) 1ال مثبَتة ( . ) 2وقولنا :وحدة ( ، ) 3للتّنزية ( ) 4والتفهيم
والتّفخيم ( ، ) 5ال للداللة على مفهوم الوحدة على نحو ما هو متصوره في األذهان
المحجوبة ( . ) 6
وتجرده
ّ وإذا عرفت هذا فنقول :انّه سبحانه من حيث اعتبار وحدته المنبّه عليها ( ) 7
عن المظاهر وعن األوصاف المضافة اليه من حيث المظاهر وظهوره فيها ،ال يدرك
وال يحاط به ،وال يعرف ،وال ينعت ،وال يوصف .وكل ما يدرك ( ) 8في األعيان
ويشهد ( ) 9من
...............................................................
( ) 1بكسر الباء ،لسريانها إلى كل موجود حقيقي ،ولسريانها يتحقق كل متحقق .
(ش).
ألن المثبت هو الذي أثبته غيره ( .ش ) . ( ) 2بفتح الباء ّ ،
( ) 3قوله وحده إلى آخره ،جواب عن سؤال مقدّر في المقام ،وهو ان المفهوم من
يتصور ان يثبت ال بمقايستها اى الكثرة ؟ ّ الوحدة انّها صفة للواحد بعدم الكثرة ،فكيف
فأجاب بقوله :قولنا إلى آخره ( .ش ) .
( ) 4اى للتنزيه عن أن يعتبر معه غيره ،أو للتنزيه عن الوحدة العددية ( ش ) .
( ) 5قوله :والتفخيم ( إلى آخره ) من جهة االشعار باالستغناء ،وعدم العجز
واالحتياج واالستعانة والمعلوليّة وسائر الصفات السلبيّة ،تدبّر ( .ش ) .
( ) 6قوله :على نحو ما هو متصور في األذهان المحجوبة ،اى الوحدة العدديّة أي ،
ال للدّاللة بلفظ الوحدة على مفهوما المقيس إلى الكثرة كما هو متصور في األذهان
المحجوبة ( ش ) .
( ) 7اى الحقيقيّة ال العدديّة ( .ش ) .
( ) 8خبر لقوله :انّه سبحانه ( .ش ) .
سره “ بيّن المدعى ،وهو عدم ( ) 9قوله :ويشهد ،عطف تفسير .والشيخ “ قدس ّ
وتجرده عن المظاهر وظهوره فيها ّ مدركيّة الحق تعالى من حيث وحدته الحقيقيّة
بوجهين :أحدهما ،من جهة المدرك ،وثانيهما ،من جهة اإلدراك ( .ش ) .
70
“ “ 71
شهود ،ما عداى وجه كان أدركه اإلنسان وفي اى حضرة حصل ال ّ األكوان ،با ّ
اإلدراك المتعلق بالمعاني المجردة والحقائق في حضرة غيبها ( ) 1بطريق الكشف .
ولذلك قلت :في األعيان ،اى ما أدرك في مظهر كان ما كان ،فانّما المدرك ألوان
وأضواء وسطوح ( ) 2مختلف الكيفيّة متفاوتة الك ّميّة ،أو أمثلتها يظهر في عالم
المثال المتّصل ( ) 3بنشأة اإلنسان والمنفصل عنه ( ) 4من وجه على نحو ما هو
في ( ) 5الخارج ،أو ما مفرداته في الخارج .وكثرة الجميع ( ) 6محسوسة ،
____________________
( ) 1اى الحقائق ( .ش ) .
( ) 2اى في عالم الحس ( .ش ) .
( ) 3قوله :أو أمثلتها يظهر في عالم المثال ( إلى آخره ) ،عطف على ألوان ،اى :
الظاهرة في عالم المثال .ورأيت في سطوح َّ أو المدرك أمثلة األلوان واألضواء وال ّ
نسخة “ أو يظهر أمثلتها “ . . .بتقديم لفظ يظهر ،وكتب في الحاشية من هو اسمه
غير مكتوب ،انّه عطف على قوله :فانّما المدرك ،اى أمثلة ك ّل ما يدرك ،والتأنيث
بواسطة التعّدد المعنوي .انتهى كالمه وال يخفى فساده وعدم ص ّحته ،والصحيح ما
ذكرنا ( .ش ) .
( ) 4قوله :أو المنفصل عنه ،اى عالم المثال المطلق ،والخيال المطلق ،الذي هو
خيال العالم ،فانّه منفصل من اإلنسان من حيث تش ّخصه بالصورة الجزئيّة ومتصل به
شاملة لجميع العوالم كما في الكامل ،أو من من جهة جمعيّة اإلنسان وصورته الكليّة ال ّ
ان خياله منه ولذا قال الشيخ ( .ش ) . جهة ّ
( ) 5قوله :على نحو ما هو في الخارج ( إلى آخره ) اى سواء كانت صورة متحقّقة
في الخارج ،والخيال يحكيها ،على أن يكون تلك األمثلة ،أمثلة لصور موجودة في
الخارج ،أو يكون المتحقق في الخارج المفردات ،والخيال ير َّكبها ،على أن تلك
األمثلة ليست أمثلة لصور موجودة في الخارج ،بل الموجود في الخارج هو
المفردات ( .ش ) .
( ) 6اى المحسوس والمتخيّل ( .ش ) .
71
“ “ 72
واالحديّة فيها معقولة ( ) 1أو محدوسة ،وكل ذلك احكام الوجود ( ، ) 2أو قل :
لسر ( ) 3صور نسب علمه وصفاته الالزمة له من حيث اقترانه لك ّل عين موجودة ّ ،
ظهوره فيها ،وبها ( ) 4ولها ( ، ) 5وبحسبها ،كيف شئت ،وأطلقت ،ليس هو
مر ،
الوجود ( ، ) 6فان الوجود واحد ،وال يدرك بسواه من حيث ما يغايره على ما ّ
من أن الواحد من حيث كونه واحدا ،ال يدرك بالكثير من حيث هو كثير وبالعكس ،
ولم يص ّح اإلدراك ( ) 7لإلنسان من كونه واحدا وحدة حقيقيّة ،كوحدة
_______________
( ) 1في صورة ترتيب المبادي ( .ش ) .
( ) 2قوله :وكل ذلك احكام الوجود ( إلى آخره ) ول ّما كان الوجود واحدا من جميع
الوجوه ،وله الوحدة الحقّة فما له الكثرة ،فليس بوجود ،بل هو احكام الوجود .
وصور نسب علمه وصفاته الالزمة له من حيث اقترانه بك ّل عين ثابتة موجودة بعد
االقتران ،فقوله :أو قل :صور نسب علمه ،عطف على احكام ( ش ) .
ب ) اى لكل ماهية موجودة ( .ش ) .
سر ظهور الوجود بتلك العين ألجل تعين الوجود عليها ( .ش ) . ( ) 3اى ل ّ
سر ظهور الوجود بتلك العين ألجل توقف تعيّن الوجود عليها . ( ) 4اى ل ّ
(ش).
( ) 5اى ألجل كون الوجود مرآة ألحوالها كما قال الشيخ :أنت مرآته ،وهو مرآة
أحوالك ( .ش ) .
( ) 6خبر بعد خبر لقوله :كل ذلك ،والضمير يرجع اليه ( .ش ) .
وتجرده عن
ّ ( ) 7هذا هو الوجه الثاني لعدم كونه تعالى مدركا من حيث وحدته
المظاهر ،وظهوره فيها من جهة اإلدراك .قال في التفسير “ :معرفة حقايق األشياء
من حيث بساطتها وتجردها في الحضرة العلميّة اآلتي حديثها متعذّر ،وذلك لتعذّر
إدراكنا شيئا من حيث احديّتنا ،إذ ال يخلو من احكام الكثرة أصال “ انتهى يعنى ان
األحديّة الجمعيّة اإللهيّة وان كانت سارية إلى اإلنسان ،كما نص الشيخ في الفكوك
سريان على نمط والنّفحات ،لكنّها انصبغت بالمحل وزال صرافتها وكان حكمها بعد ال ّ
ان ادراك اإلنسان انّما يص ّح له من جهة آخر ،ملخص ذلك الوجه على هيئة القياس ّ ،
كثرته ،وكلَّما كان كذلك ال يتعلق بالواحد من كونه واحدا ،فادراك اإلنسان ال يتعلق
صغرى . بالواحد من كونه واحدا .فقوله :لم يصح ،إلى قوله :فتعذّر إدراكه .بيان لل ّ
(ش).
72
“ “ 73
الوجود ،بل انّما يص ّح له ذلك من كونه حقيقة متّصفة بالوجود والحياة ،وقيام العلم به
،وثبوت المناسبة بينه وبين ما يدوم ( يروم -خ ل ) إدراكه ،وارتفاع الموانع العايقة
عن اإلدراك .فما أدرك ما أدركه اال من حيث كثرته ال من حيث أحديّته ،فتعذّر
( ) 1إدراكه من
________________________
صغرى ،اى فتعذّر ادراك اإلنسان من متفرعا على بيان ال ّ
ّ ( ) 1يحتمل ان يكون
حيث وحدته ،على أن يكون إضافة اإلدراك إلى الضمير هي اإلضافة إلى الفاعل ،
مر .إشارة إلى قوله :والضمائر الثالثة الظاهرة راجعة إلى اإلنسان .وقوله :لما ّ
قبل هذا ،ولم يصح اإلدراك لإلنسان من كونه واحدا ( إلى آخره ) تدبر وعلى هذا
ان الواحد ال يدرك بالكثير فالكبرى مطويّة في الكالم ،لظهورها مما سبق من قوله ّ :
من حيث هو كثير ،ويحتمل ان يكون قوله :فتعذّر ( إلى آخره ) إشارة إلى النتيجة
كما هو الظاهر ،وعلى هذا فإضافة اإلدراك إلى الضّمير ،اما إضافة إلى الفاعل ،
ولفظة ،ما ،سواء كانت موصوفة ،أو موصولة ،مفعولة ،اى فتعذّر اإلدراك
اإلنسان من حيث هو انسان ،اى كثير شيئا ال كثرة فيه .واما اضافته إلى المفعول ،
على أن يكون راجعا إلى الحق تعالى ،والفاعل ضمير مستتر ،راجع إلى اإلنسان ،
ان الوجود الحق ال كثرة اى فتعذّر ادراك اإلنسان ،الوجود الحق تعالى ،من حيث ّ
فيه أصال .
مر ( إلى آخره ) إشارة إلى قوله :ان الواحد من كونه واحدا ال يدرك وقوله :لما ّ
( إلى آخره ) ،فهو إشارة الكبرى تدبّر تفهم .وحاصل ذلك الوجه الثاني ما أشار اليه
الشيخ في تفسير الفاتحة :من انّا مقيّدون من حيث استعدادنا ومراتبنا وأحوالنا وغير
ذلك ،فال نقبل اال مقيّدا مثلنا وبحسبنا ،والتجليّات الواردة علينا ذاتيّة كانت أو اسمائيّة
أو صفاتيّة ،فال تخلو عن احكام القيود المذكورة انتهى .
(ش).
73
“ “ 74
مر .ولهذه النّكتة اسرار نفيسة ذكرتها بتفصيل أكثر حيث هو ال كثرة فيه أصال لما ّ
سر الحيرة ،وسيرة أيضا في داخل سر الغير عن ّ من هذا في كتابي المس ّمى بكشف ّ
الكتاب ما يزيد بيانا لما ذكرناه ووصفناه انشاء هللا ،ثم نرجع إلى تمام ما كنّا بسبيله ،
فنقول:
الوجود في حق الحق عين ذاته ،وفيما عداه امر زايد على حقيقته ،وحقيقة كل
موجود عبارة عن نسبة تعيّنه في علم ربّه أزال ويسمى باصطالح المحقّقين من أهل
هللا عينا ثابتة ،وباصطالح غيرهم ماهيّة ،والمعلوم المعدوم ،والشيء الثابت ( ، ) 1
ونحو ذلك .والحق سبحانه وتعالى من حيث وحدة وجوده لم يصدر عنه اال واحد ،
الستحالة اظهار الواحد وإيجاده من حيث كونه واحدا ما هو أكثر من واحد ،لكن ذلك
المكونات ،وما وجد منها وما لم
ّ الواحد عندنا هو الوجود العا ّم المفاض على أعيان
يوجد م ّما سبق العلم ( ) 2بوجوده ،وهذا الوجود مشترك بين القلم األعلى الذي هو
أول موجود المس ّمى أيضا بالعقل األول وبين ساير الموجودات ،ليس كما يذكره أهل
النظر من الفالسفة ،فانّه ما ث ّمة عند المحققين اال الحق ،والعالم ليس بشيء زائد
( ) 3على حقايق معلومة هلل أوال ( كما
..........................................................
) ( 1اى الثّابت في علم الحق ،ال الثّبوت في نفس ذلك الشيء ،كما ذهب اليه
بتقرر الممكن المعدوم في نفسه ( .ش ). بالتقرر ،وقالوا ّّ المعتزلة وس ّموه
) ( 2اى علم الحق تعالى ( .ش ).
سط كما يذكره أهل النظر انّه العقل األول ،أوليس األمر كما ) ( 3اى ليس المتو ّ
ذكره أهل النظر من أن العقل األول هو المتوسط في وجود الممكنات ،بل المتوسط
سابق ،وهو هو الوجود العام المشترك .فمرجع الضّمير ليس مستفادا من كالم ال ّ
قوله :وهذا الوجود مشترك ( إلى آخره ) ( .ش ).
74
“ “ 75
75
“ “ 76
مر ،وكل ذلك باطل ،النّه قادح في صرافة وحدته سبحانه ، لغيره ( ) 1أيضا ،كما ّ
وقاض ( ) 2بان الوجود المفاض عرض ألشياء موجودة ال معدومة ،وكل ذلك
محال من حيث انّه تحصيل الحاصل ،ومن وجوه آخر ال حاجة إلى التّطويل بذكرها
فافهم .فثبت انّها من حيث ما ذكرنا غير مجعولة ،وليس ث ّمة وجودان ( ) 3كما ذكر
الحق سبحانه .ّ ،بل الوجود واحد ( وانّه -خ ) مشترك بين سائرها مستفاد من
ثم إن هذا الوجود الواحد العارض للممكنات المخلوقة ،ليس مغايرا في الحقيقة للوجود
المجرد عن األعيان .ّ ّ
الحق الباطن ( ) 4
........................................................
( ) 1فانّه إذا كان سببا لحدوث الحقائق فيه ،يكون مؤثّرا في نفسه ،ولما كان
المجعول غيره ،فيلزم ان يكون ظرفا لغيره ( ش ) .
( ) 2عطف على قادح ،هذا في الحقيقة وجه آخر مستقل لبطالن كون الحقائق
مجعولة ،وحاصله :ان الحقائق لو كانت مجعولة ،لزم تحصيل الحاصل المحال ،اى
سابق ،ال بذلك التحصيل ،ألنّها موجودة حين عروض تحصيل الحاصل بالتّحصيل ال ّ
الوجود المفاض ( .ش ) .
( ) 3إشارة إلى جواب سؤال يتوهم وروده على ذلك الوجه ،اى لزوم تحصيل
الحاصل وهو انّه يحتمل ان يكون الحاصل من عروض الوجود المفاض ،غير الذي
كان قبله ،فال يلزم تحصيل الحاصل المحال .فأجاب الشيخ ( رحمه هللا ) بانّه يلزم
على ذلك ان يكون لك ّل موجود وجودان ،وليس ث ّمة وجودان ،بل الوجود واحد ،
وهو المشترك بين الجميع كما ذكر قبل ذلك بقوله :لكن ذلك الواحد هو الوجود العام
المفاض على أعيان الممكنات ( إلى آخره ) ( .ش ) .
( ) 4يمكن ان يكون المراد من الوجود الحق الباطن ،هو غيب الهويّة والحقيقة
المطلقة باإلطالق الحقيقي ،ويمكن ان يكون المراد هو التجلي األحدى الذاتي في
مرتبة التعيّن األول الذي ال فرق بينه وبين األول ،اى غيب الهويّة ،اال اعتبار كونه
هو لنفسه هو فحسب ،اى اعتبار حضوره بنفسه لنفسه من غير اعتبار امر ما ،
فالحاصل منه في التعقّل ليس غير نفس الذات ،فيكون باطنا مجردا عن األعيان
والمظاهر التفصيليّة ( .ش ) .
76
“ “ 77
َّ
كالظهور والتعيّن والتعّدد الحاصل باالقتران ، والمظاهر اال بنسب واعتبارات ،
وقبول حكم االشتراك ونحو ذلك من النّعوت التي تلحقه بواسطة التعلَّق بالمظاهر .
وينبوع ( ) 1مظاهر الوجود باعتبار اقترانه وحضرة تجليّه ومنزل تعيّنه ( ) 2
وتدليه ،العماء
_______________
( ) 1هو مبتدأ خبر العماء ( .ش ) .
( ) 2قوله :وحضرة تجليّه ،وما بعده عطف على ينبوع .وقوله :وتدلَّيه ،عطف
على تعيّنه .ول ّما كان الشيخ ( رضي هللا عنه ) قد يعتبر الحضرة العمائيّة التي هي
البرزخيّة الجامعة للحقائق اإللهيّة والكونية في التعيّن األول ،كما يستفاد من كالمه في
يتكرر ذكرها في ذلك ّ تفسير الفاتحة ،في الوصل الذي عيّن للتنبيه على ألفاظ يسيرة
الكتاب ،حيث قال “ :فاعلم انّى متى ذكرت الغيب المطلق في هذا الكتاب ،فهو
إشارة إلى ذات الحق سبحانه وتعالى وهويّته من حيث بطونه وإطالقه وعدم اإلحاطة
بكنهه وتقدّمه على األشياء واحاطته بها ،وهو بعينه النّور المحض والوجود البحث
العزة والغناء ،ومتى ذكرت البرزخ األول وحضرة األسماء والحد والمنعوت بمقام ّ
الفاصل ومقام اإلنسان الكامل “ من حيث هو انسان كامل “ وحضرة أحديّة الجمع
والوجود وأول مراتب التعيّن وصاحبة األحديّة وآخر مرتبة الغيب وأول مرتبة الشهادة
بالنسبة إلى الغيب المطلق ومحل نفوذ االقتدار ،فهو إشارة إلى العلماء الذي هو النفس
الرحماني ،وهو بعينه الغيب اإلضافي األول بالنّسبة إلى معقولية الهويّة التي لها
الغيب المطلق ،فان أطلقت ولم انعت الغت ،أو قلت الغيب اإللهي ،فانى أريد الغيب
المطلق “ انتهى ما قصدنا بألفاظه .
وقد يعتبر الحضرة العمائيّة في التعيّن الثاني والحضرة الواحديّة باعتبار البرزخية ،
كما يستفاد من كالمه في مفتاح الغيب ،في مواضع متعددة سيّما في تعداد مراتب
النّكاح ،حيث جعل النّفس الرحماني من حيث انبساطه على الممكنات وظهورها به
ومن حيث كونه نتيجة االجتماع بين األسماء الذاتيّة وأول مولود ظهر عنها ،عين
العلماء وقال أيضا :ان األمر يتنزل من حقيقة الحقائق المس ّماة بحضرة الجمع
الرحمانى المنعوت بالعماء والوجود بحركة عينيّة ،من مرتبة مركزيته إلى النّفس ّ
“ انتهى .
77
“ “ 78
الذي ذكره النبي “ صلى هللا عليه وآله “ وهو مقام التّنزل الرباني ،ومنبعث الجود
عز االنيّة .وفي هذا العماء يتعيّن مرتبةالرحمانى ،من غيب الهويّة وحجاب ّ الذاتي ّ
النكاح األولى الغيبي ( االلى -خ ) األزلي الفاتح حضرات األسماء اإللهيّة بالتو ّجهات
الذاتيّة األزلية ،وسنفك ،لك ختم مفتاح مفاتيحه عن قريب انشاء هللا .فللوجود ان
فهمت اعتباران :
أحدهما ،من كونه وجودا فحسب ( ، ) 1وهو الحق ،وانّه من هذا الوجه كما سبقت
اإلشارة اليه ال كثرة فيه وال تركيب وال صفة وال نعت وال اسم وال رسم وال نسبة وال
حكم ،بل وجود بحت .
.................................................................
( ) 1من غير اعتبار التّجريد والتخليط ( .ش ) .
78
“ “ 79
وقولنا :وجود ،هو للتفهيم ،ال ان ذلك اسم حقيقي له ،بل اسمه عين صفته وصفته
عين ذاته ،وكماله نفس وجوده الذاتي الثابت له من نفسه ال من سواه ،وحياته وقدرته
عين علمه ،وعلمه باألشياء از ال عين علمه بنفسه ،بمعنى انه علم نفسه بنفسه ،
وعلم كل شيء بنفسه علمه بنفسه ،الن كل شيء هو من شؤونه من ذاته تعالى ،فإذا
علم نفسه بجميع شؤونها ،فقد علم كل شيء من عين علمه بنفسه ،يتّحد فيه المختلفات
،وينبعث منه المتكثّرات ،دون ان تحويه ( ) 1أو تبديه عن بطون ( مقدم -خ ل )
متقدّم ،أو هو من نفسه يفرزها ( ، ) 2فيبديها له وحدة هي محتد ك ّل كثرة ،وبساطة
مرة .كلَّما يتناقض في حق غيره ( ) 3فهو له على هي عين كل تركيب آخرا وأول ّ
أكمل الوجوه ( ) 4ثابت ،وكل من نطق عنه ( ) 5البه ،ونفى عنه كل امر مشتبه ،
وحضره ( حصره ) في مدركه ،فهو أبكم ساكت وجاهلي ( وجاهل ) مباهت ،حتى
يرى به كل ض ّد ( ذو نفس ضدّه ) في نفس ضدّه ،بل عينه مع تميّزه بين حقيقته ،
ومقابله ( بين حقيقته وبينه ) ،وحدته عين كثرته ،وبساطته نفس تركيبه ،وظهوره
نفس بطونه ،وآخريّته عين اوليّته ،ال ينحصر في المفهوم من الوحدة أو الوجود ،
وال ينضبط بشاهد وال في مشهود له ان يكون كما قال ،ويظهر كما يريد دون الحصر
في اإلطالق ( والتقييد ) والتقيّد ،له المعنى المحيط
..................................................................
( ) 1المتناع الظرفية والمظروفية في حقّه تعالى
ّ
يتجزى . ( ) 2ألنّه ال
( ) 3من جهة اعتبار القيد والخصوصيّة .
ّ
يتجزى . ( ) 4إلطالقه عنده ،والمطلق كامل ،ألنّه محيط شامل ،ألنّه ال
( ) 5اى نطق عن الحق ال بالحق ،بل تعقّله وفكره ( .ش ) .
79
“ “ 80
بكل حرف ،والكمال المستوعب ك ّل وصف ،كلَّما خفى عن المحجوبين ،حسنه مما
تو ّهم فيه شين أو نقص ،فانّه متى كشف عن ساقه بحيث يدرك صحة انضيافه اليه ،
صة لتجلى الجالل والجمال ،ساير األسماء القى فيه صورة الكمال ،ورأى انّه من ّ
والصفات عنده متكثرة في عين وحدة هي عينه ،ال ّ
يتنزه عما هو ثابت له ،وال
وعزته وغناه وقدسه عبارة عن امتياز حقيقته عن ّ يحتجب عما أبداه ليكمله ،وحجابه
ك ّل شيء ( ) 1يضادها ( ، ) 2وعن عدم تعلَّقه ( بشيء ) ( ) 3لشيء وعن عدم
احتياجه في ثبوت وجوده له وبقائه إلى شيء ،وال تحقق لشيء بنفسه وال بشيء اال به
،فانيّته سبحانه ال تدركه من هذه الحيثيّة العقول واألفكار ،وال يحويه الجهات
واألقطار ،وال يحيط بمشاهدته ومعرفته البصائر واألبصار ( ،و ) ّ
منزه عن القيود
الصوريّة والمعنويّة ،مقدس عن قبول كل تقدير متعلق بكميّة أو كيفيّة ،متعال عن
االحاطات الحدسيّة والفهميّة والظنيّة والعلميّة ،فتحجب ( محتجب ) بكمال عزته عن
جميع بريّته الكمال منهم والناقص ،والمقبل اليه في زعمه والناكص ،جميع تنزيهات
العقول من حيث أفكارها ومن حيث بصائرها ،احكام سلبيّة ال تفيد معرفة حقيقة ،
وهي مع ذلك دون ما يقتضيه ( ) 4جالله ويستحقّه قدسه وكماله ،منشأ تعلق علمه
بالعالم من عين علمه بنفسه ،وظهور هذا التعلق بظهور نسب علمه التي هي معلوماته،
.......................................................
( ) 1بكمال إطالقه ووجوب وجوده ( .ش ) .
( ) 2صفة للشيء .
( ) 3من حيث إطالقه .
( ) 4لتناهيها دونه .
80
“ “ 81
وانّما هو عالم بما ال يتناهى من حيث إحاطة علمه وكونه مصدرا لكل شيء ،فيعلم
ذاته والزم ذاته والزم الالزم جمعا وفرادى ،اجماال وتفصيال هكذا إلى ما ال يتناهى ،
وما عيّنه ( ) 1أو علم تعيّن مرتبة ( ) 2عنه شرط وسبب ،فانّه يعلمه بشرطه ( ) 3
وسببه والزمه ( - ،و ) ان سبق علمه ( ) 4بذلك وتعيّنه -وإال فيعلمه بنفسه سبحانه
وكيف شاء .غير انّه ال يت ّجدد له علم ( ، ) 5وال يتعيّن في حقّه امر ينحصر فيه وال
منزه عنحكم ،كما -له بنفسه ،ووجوده بالفعل ال بالقوة ،وبالوجوب ال باإلمكان ّ ،
التغيّر المعلوم والحدثان ،ال تحويه المحدثات لتبديه أو لتصونه ،وال يكونها لحاجة
إلى سواه ،وال تكونه ترتبط األشياء به
.................................................................
( ) 1لفظة ما ،موصولة ،مبتدأ متض ّمنة لمعنى الشرط ،اى الذي عيّنه الحق تعالى
تعيّنا جزئيّا عند شرط أو سبب ( إلى آخره ) كحصول الجاه ،أو الولد ،مثال ،لزيد
عند دعاء خاص .
( ) 2تعيين مرتبة -لفظة “ علم “ بصيغة المجهول ،اى الذي علم تعيين مرتبة الكليّة
عند شرطه كالتغذي باللحم بشرط طبخه ،أو عند سبب ،كطبخ اللحم بمجاورة النّار .
( ) 3الضّمير في انّه ،راجع إلى الحق ،وكذا المستتر في يعلمه ،والجملة خبر
للمبتدأ ( .ش ) .
( ) 4بفتح األلف وتخفيف النّون ،تفسير وبيان للسابق اى قوله :فانّه يعلمه .
هذا بناء على أن يكون النسخة فانّه يعلمه ،بصيغة المضارع الغائب ،على ما ذكرنا
أوال ،ويحتمل ان يكون النّسخة ،فانا نعلم بصيغة المتكلَّم مع الغير ،من دون الضمير
البارز الغائب ،وعلى هذا يكون جملة ان سبق مفعوال ،لقوله :نعلم .على أن يكون
لفظة ان ،مصدريّة فافهم ( .ش ) .
( ) 5اى ال يتعيّن في حقه امر دون آخر ،وال حكم دون آخر ،بل جميع األمور
حاصلة له بالفعل .
81
“ “ 82
من حيث ما يتعيّن منه ،وال بكونه يرتبط بها من حيث امتيازها بتعددها ( ) 1عنه -
فيتوقف وجودها لها عليه ،أو ال يتوقف عليها ،مستغن بحقيقته عن كل شيء ،مفتقر
اليه في وجوده كل شيء ،ليس بينه وبين األشياء نسبة اال العناية ،كما قيل وال حجاب
وعلوه ،عنايته في الحقيقة
ّ اال الجهل والتلبيس والتخييل ،لغاية قربه ودنوه وفرط ّ
عزه
إفاضة نوره الوجودي على من انطبع ( ) 2في مرآة غيبه ( ) 3الَّتي ( ) 4هي نسب
معلوميّته واستع ّد ( ) 5لقبول حكم إيجاده ومظهريّته ( . ) 6سبحانه ليس كمثله شيء
من الوجه األول ( ، ) 7وهو السميع البصير من الوجه الثاني [ ، ] 8ومتى أدرك أو
شوهد أو خاطب أو خوطب ،فمن وراء حجاب ( ) 9عزته في مرتبة ( ) 10نفسه
المذكورة
....................................................
( ) 1الن التأثير انّما يكون من حيث المناسبة ،ال من حيث االمتياز والمباينة .
(ش).
( ) 2اى األعيان الثابتة .
( ) 3اى في حضرته العلميّة .
( ) 4التي صفة لقوله مرآة غيبه ،فتدبر ( .ش ) .
( ) 5عطف على قوله انطبع .
( ) 6للحق سبحانه ( .ش ) .
( ) 7اى من حيث كونه وجودا ،اى من حيث إطالقه الذاتي وغناه ،كما أشار اليه
هنا بقوله :ليس بينه وبين األشياء نسبة ( إلى آخره ) ( .ش ) .
[ ] 8اى من حيث تعلَّقه بالكائنات ،وافتقارها اليه في الوجود ،كما أشار اليه بقوله :
اال العناية ،وهي إفاضة نوره الوجودي على من ( إلى آخره ) .
( ) 9اى ال يدرك ذاته بدون الحجاب ( .ش ) .
لعزته ،اى ليس ذلك اإلدراك والخطاب في مرتبة نفسه ،إذ بها ّ
عزته . ( ) 10صفة ّ
(ش).
82
“ “ 83
بنسبة ظاهريته ( ) 1وحكم تجليّه ( ) 2في منزل تدليه من حيث ( ) 3اقتران وجود
العام بالممكنات وشروق ( ) 4نوره على أعيان الموجودات - ،ليس غير ذلك ( ) 5
-وهو سبحانه من هذا الوجه ( ) 6إذا لمح تعيّن وجوده مقيّدا بالصفات الالزمة ( ) 7
لكل متعيّن من األعيان الممكنة التي هي في الحقيقة نسب علمه تعالى ( ) 8جمعا
وفرادى ،وما يتّبع تلك ( ) 9
...............................................
( ) 1الظاهر انّه صفة لقوله :وراء .ويحتمل ان يكون متعلَّقا بيكون المقدر في
عزته .اى يكون ذلك اإلدراك والخطاب ،من وراء حجاب قوله :فمن وراء حجاب ّ
عزته التي في مرتبة نفسه المذكورة بالنسبة إلى ظاهريّته التي هي الوجود العام ،ال ّ
بنسبته الباطنيّة ألنّها تثمر القبض ،دون البسط .وعلى كال الوجهين مفاد الكالم يكون
واحدا .
ى.( ) 2قوله :وحكم .عطف على قوله :نسبة ظاهريّته ،والعطف تفسير ّ
(ش).
( ) 3قوله :من حيث اقتران وجود التام ( العام ) -صفة لقوله :بنسبة ظاهريّة .
اى تلك النّسبة الظاهريّة ثابتة من حيث اقتران وجوده ( إلى آخره ) .
( ) 4كأنّه عطف تفسيري ( .ش ) .
( ) 5اى فمتى أدرك واعتبر تعلقه بالغير ،ليس من غير نسبته الظاهريّة من حيث
االقتران .تدبّر ( .ش ) .
( ) 6اى ذلك الوجه التعلقي الظهورى من حيث اقتران وجوده بالممكنات ( .ش ) .
( ) 7اى إذا اقترن وجوده بالممكنات تعيّن مقيّدا أوال بالصفات الذاتية النفسانيّة من
الروحانيّة المثاليّة والحسيّة الالزمة لكل متعيّن ،فهذه الصفات هي الحقائق المتبوعة
وذاتيّاتها ( .ش ) .
( ) 8التي صفة للصفات ،اى تلك الصفات نسب مخصوصة علميّة ،فكان هذا
التّوصيف في مقام التعليل ،ألدلة التقييد بتلك الصفات ،فإشارة إلى أن هذه الصفات
ليست خارجة عن األعيان الممكنة الثابتة التي هي نسب علميّة ،بل هي في الحقيقة
نسب مخصوصة علميّة ،فلهذا قيّد أوال بها ،فافهم .وليست صفة لألعيان الممكنة كما
يتبادر في بادي النظر لعدم االحتياج إلى ذلك التّوصيف ،ولفظة في الحقيقة ينادى ما
ذكرنا تدبّر ( .ش ) .
صفات ،اى مقيّدا ثانيا بما يتبع تلك الصفات ،اى باألمور عن ( ) 9عطف على ال ّ
الحقائق األصليّة ( .ش ) .
83
“ “ 84
الصفات من األمور المس ّماة شئونا وخواص وعوارض واآلثار التابعة ( ) 1ألحكام
االسم الدهر المس ّماة أوقاتا ،والمراتب ( ) 2أيضا والمواطن ،فان ذلك التعيّن
سره انشاء هللا -وينضاف والتش ّخص يسمى خلقا وسوى - ،كما ستعرف عن قريب ّ
اليه ،إذ ذاك كل وصف ،ويسمى بكل اسم ،ويظهر بكل رسم ،ويقبل كل حكم ،
ويتقيد في كل مقام بكل رسم ،ويدرك بكل مشعر من بصر وسمع وعقل وفهم ،وغير
ذلك من القوى والمدارك .
ّ
التجزى واالنقسام فاذكروا علم ،وذلك بسريانه في كل شيء بنوره الذاتي المقدس عن
والحلول في األرواح واألجسام ،فافهم ،ولكن ك ّل ذلك ( ، ) 3متى أحب ( ) 4
وكيف شاء ،وهو في كل وقت وحال ،القابل لهذين الحكمين ( ) 5الكليّين المذكورين
المتضادين ( ) 6
..........................................................
( ) 1حكم العطف كما سبق ،اى وثالثا باآلثار التّابعة ( .ش ) .
( ) 2والعطف أيضا كما سبق ،اى ورابعا بالمراتب والمواطن ،اى المكانة
والمكان ( .ش ) .
ّ
والتنزل وتقيّده ( ) 3اى إفاضة نوره الوجودي ،واقتران وجوده بالممكنات بالتدلى
بالصفات الممكنات وتعدده بالتشخصات الخلقيّة ( .ش ) .
( ) 4اى بالمحبة األصليّة هي علَّة ايجاد وبالمشيّة الذاتيّة المدركية ( .ش ) .
( ) 5اى اإلطالق والتقييد أو الوحدة الصرفة والكثرة المظهريّة ،ول ّما كان الحق في
ك ّل متعيّن قابل للحكم عليه بأحكامه ،مع انّه من حيث هو مطلق غير متعين في نفسه
،حال ما يحكم عليه بالتعين فهو القابل لهذين الحكمين في كل وقت وحال ( .ش )
الالزم بلزوم تنافي الملزوم ( .ش ) . ألن الزمهما الغنى واالفتقار وينافي َّ (ّ )6
84
“ “ 85
بذاته ال بأمر زائد ،والجامع ( ) 1بين كل امرين مختلفين من غائب وحاضر وصادر
ووارد إذا شاء ( ) 2ظهر في كل صورة ،وان لم يشأ ال ينضاف اليه صورة ،ال
يقدح تعيّنه وتش ّخصه بالصورة ،واتصافه بصفاتها في كمال ( ) 3وجوده وعزته
وقدسه ،وال ينافي ( ) 4ظهوره ( ) 5في األشياء وإظهاره وتعيّنه وتقيّده بها
وباحكامها من حيث هي علوه وإطالقه من القيود ،وغناه ( بذاته ) عن جميع ما
وصف بالوجود ،بل هو سبحانه الجامع بين ما تماثل من الحقائق ( ) 6وتخالف
( - ، ) 7فيتألَّف ،وبين ما تنافر وتباين - ،فيختلف ( . ) 8بتجليه الوجودي ( ) 9
طهر الخفيّات ،وتنزلت من الغيب إلى الشهادة البركات ،من حيث
....................................................................
( ) 1عطف على قوله :القابل .
( ) 2ول ّما كان للوجود المطلق احكام ،بيّنها بقوله :إذا شاء ( إلى آخره ) وهو أولها
،وقوله :ال يقدح تعيّنه ( إلى آخره ) ثاني االحكام ،اى تش ّخصه بصورة ال ينافي
اتّصافه بسائر الصفات من حيث كماله األصلي ،وجوده الذاتي ،وقدسه اإلطالقى .
(ش).
( ) 3متعلق بقوله :ال يقدح .
( ) 4ثالث االحكام .
( ) 5بالنّصب مفعول لقوله :ال ينافي ( .ش ) .
( ) 6إذا تعيّنت .
( ) 7من وجه ،ولكن ممكن االجتماع ،فيتألَّف ( .ش ) .
( ) 8المتناع اجتماعهما ( .ش ) .
( ) 9هو رابع األحكام المذكورة ،اى ظهرت األعيان الثابتة وآثارها بتجلَّيه الوجودي
الذي هو التخليق واإليجاد .
85
“ “ 86
86
“ “ 87
سر القبض والبسط واإلبداء واإلخفاء والغيب والشهادة والكشف ( . ) 1 ّ
والحجاب ( ) 2الصوري النسبي ( السببى ) الذي ( ) 3به يفعل ما ذكر ( - ) 4ال
سر
مطلقا ، -هو عرشه المجيد ( ، ) 5ولهذا ( ) 6قال سبحانه ،مبدأ ّ
...................................................................
( ) 1اى الكشف الصوري الحاصل باإليجاد .
( ) 2اى الحجاب الحاصل بسبب اعدام الموجودات ،فالمراد الكشف والحجاب
الراجعان إلى المظاهر ال اليه تعالى ( .ش ) .
( ) 3صفة لقوله :ومظهر قدرته ( .ش ) .
( ) 4من القبض والبسط ( إلى آخره ) ال مطلق األفعال كما في مطلق العرش
المجيد .
( ) 5الظاهر أن المراد بالعرش هو العرش الجسماني المعروف ،بالعرش الرحماني
علَى ْالعَ ْر ِش ا ْستَوى “ هو آلة ومظهر ألفعاله العاديّة في الر ْح ُ
من َ كما في قوله تعالى “ َّ
عالم الملك .ويحتمل ان يكون المراد منه القلم األعلى ،ألنّه أول عالم التّدوين
والتّسطير ،فال واسطة بينه وبين الحق في رتبة اإليجاد ،كما قال :أول ما خلق هللا
القلم ،وفي رواية “ العقل “ وفي رواية “ نوري “ اى ،انّه أو في نظام الكائنات ،فانّه
منبع نفوسها ،فهو سبب وآلة لتمام الكائنات التي بعده من الملكوت والملك ،وا ّما نفسه
،فهو حاصل بال سبب وآلة مطلقا .
واما إذا حملنا العرش المجيد على العرش الجسماني المعروف ،فالمراد ،من حصوله
بال آلة وسبب هو آلة الخاصة ،وسبب الخاص اى الجسم الطبيعي ،بل العنبري ،اى
سط جسم آخر من سنخه ،وان كانت األرواح ،واسطة . ال يكون وجوده وخلقه بتو ّ
وبالجملة ولكل من الحملين وجه .
ان الكبرياء عظمة الذاتيّة والوصفيّة ،ولذا وصف العرش والمجد عظمة الفعليّة ،كما ّ
بالمجد ،ألنّه مظهر األفعال ،وهذا التوصيف اما من باب وصف الشيء بوصف
محدثه ،كاالسلوب الحكيم ،والكتاب الكريم ،واما باعتبار حال نفسه ( .ش ) .
سط
( ) 6اى لكون األفعال المذكورة من اإلبداء واإليجاد والقبض والبسط بتو ّ
العرش ( .ش ) .
87
“ “ 88
88
“ “ 89
واما النّص الذي ينسخ حكمه ،فهو ما ذكرناه ،وهكذا كلَّما اذكره في هذا الكتاب ،فانّه
الحق الصريح الذي هو االمر عليه ،وما سواه فقد يكون صحيحا مطلقا ،كهذا الذي
ذكرناه ،وقد يكون صحيحا بالنسبة واإلضافة إلى مقام ما ،كما سبقت اإلشارة اليه .
الظهور للوجود ،لكن بشرط ان َّ ومتى وضح لك ما ذكرته في هذا النّص ،علمت ّ ،
التعدّد مع آثار األعيان فيه .وان البطون صفة ذاتيّة لألعيان ،وللوجود أيضا من
حيث تعقّل وحدته ،واالمر دائر بين ظهور وبطون ،بغلبيّة ومغلوبيّة ،بمعنى ،انّه ما
نقص من َّ
الظاهر ،اندرج في الباطن وبالعكس .
والنّسب واإلضافات ،صور احكام وأحوال ،تنشأ بين المراتب ،فيظهر بعضها بعضا
،ويخفى أيضا بعضها بعضا ،بحسب الغلبة والمغلوبيّة المشار إليها آنفا ،فافهم .
تمت النصوص مفتاح مفاتيح الفصوص والحمد هلل رب العالمين أوال وآخرا وصلَّى هللا
سالم
على محمد وآله الطاهرين ظاهرا وباطنا وال ّ
89
“ 90 “
90
“ “ 91
نص “ : ) 5 -ولهذا المقام والذوق ،المنبّه عليه السنة ،يترجم عنها بصيغ قوله ( ّ
مختلفة . . .ولسانه في مقام النبوة واسمه المطلع كمال قال ( ص ) في ا ّم القرآن بل
سر كل آية منه ،ان لها ظهرا وبطنا “ إلخ ما قال. . .في ّ
وقال الفاضل الشارح الفناري :واما تفسير سبعه ابطن ،فل ّما كانت المخاطبات
الربانيّة والتّنزالت اإللهيّة السنة أحوال المخاطبين عنده . . .وقال المؤلَّف العال ّمة
الشيخ الكبير في تفسير الفاتحة .كان تعيّن بطونها ( كلمات الهيّة ) حسب تعيّن
بطونهم ( اى المخاطبين )
وأنا أقول:
التطورات ،وغلبة احكام الطبيعية والحيوانيّة
ّ اعلم ،ان النفس االنسانيّة بحكم خواص
صة بالنشأة الحسيّة عليه ،كانت غافلة عن أصل فطرتها ،متو ّجهة إلى حظوظها المخت ّ
العاجلة ،منغمرة في الشهوات الزائلة الفاسدة ،وا ّمارة بالسوء ،فشمل حكم هذه الغفلة
سر اإللهي الوجودي .وحقيقة األثر الروحاني ،وحقيقة النفس االنسانيّة الحيوانيّة ،
ال ّ
وغلبت احكام الكثرة على هذه الحقائق الثالثة ،وانحرفت أخالقها .اما إلى تفريط ،أو
افراط .فخفى اثر القلب الوحداني االعتدالى في كل منها ،بل استهلك بالنسبة إلى
بعض االشخاص.
91
“ “ 92
فاذن الناس ال يخلو من أحد الثالثة ،اما ان يكون قد استهلك اثر القلب االعتدالى فيه .
كاستهالك الصورة في الممسوخين ،وضاع رأس ماله واستعداده ،فهو لم يؤمل
للسلوك بل من المتم َّكنين في أسفل السافلين.
سره
واما ان يكون قد شملته العناية اإللهيّة من الوجه الخاص ،وطريق انحراف ّ
الوجودي المفاض على حقيقته ،وعليه وسع األثر الروحاني .والنفس االنسانيّة
بموجب جذبة من جذبات الحق يوازى عمل الثقلين ،فيكون من األولياء الذين أخرجهم
من الظلمات إلى النور بال سعى وتع ّمل ،وهو الذي يقطع الحجب بالجذبات اإللهيّة
يتخطف بالجذب قبل السلوك ،وال يعرف المنازل والمقامات اال َّ وهو المحبوب المراد
عند رجوعه من الحق إلى الخلق ،لتنوره بالنور اإللهى وتحقّقه بالوجود الحقّانى ،
فيكون أكمل وات ّم من غيره في العلم والشهود ،فيكون نهاياته قبل البدايات ،ونعم ما
قيل بالفارسيّة:
خوش آن مستى كه هشيار از حرم خيزد از آن غافل * كه بود اندر ميان راهى .
واندر راه منزلها
واما ان يكون قد شمله التوفيق المقسوم وظهر له النور االيمانى من باطنه ورأى عينه
وروحه ونفسه مسجونين في سجن التلبس بأحكام الطبيعة والشهوة وآثار الحجب
والكثرة ،فتنبّه عن نوم الغفلة وتضييع الزمان واألوقات ،فيقول:
طتُ في َج ْن ِ
ب هللا“ . على ما فَ َّر ْ
“ يا َح ْس َرتى َ
مقار
ّ وبعبارة أخرى يجب عليها بعد التنبّه أمور ثالثة :األول ،األخذ في السير عن
احكام عادتها ،ولذاتها الفانية ،بمالزمة األمر والنهى ،في جميع
92
“ “ 93
واإلحسان هنا بمعنى األعم الشامل لمراتب الوالية والك ّمل ،وان كان قد يطلق بحيث
يكون آخر مرتبة أول مرتبة الوالية ،كما سيجيء اإلشارة اليه.
ويقال لألمر األول ،مرتبة السلوك ،وللثاني الوصول ،وللثالث مرتبة الكمال
والوالية .فتحصل هنا مراتب ثالثة ،مراتب السلوك ،ومراتب الوصول.
ومراتب الكمال ،األولى مشتمل على الوظائف االسالميّة .والثاني ،على الوظائف
االيمانيّة .والثالث ،على الوظائف اإلحسانيّة.
فعلى هذا ،فالقسمة الكلية ثالث ،ولكل منها أول ،وسط ،وآخر.
فمقامات السلوك المشتملة على الوظائف اإلسالميّة ،ينتهى إلى أول مقامات الوصول
المشتملة على الوظائف االيمانيّة .ومقامات الوصول ينتهى إلى أول مقامات الكمال ،
المشتملة على الوظائف االحسانيّة ،وكل واحد من األنواع اى اإلسالم وااليمان
واإلحسان ،يشتمل على ثالث درجات .الدرجة األولى من اإلسالم ،هي وجوه الفرار
عن الشواغل البدنيّة ،كالبدايات.
والدرجة الثانية منه ،هي الفتور واالطالع على وجه التو ّجه إلى المطلوب كاألبواب .
والدرجة الثالثة منه ،هي وجوه التم َّكن في ذلك كالمعامالت.
اما االيمان ،فالدرجة األولى منه ،هي وجوه اعراض الروح عن الشواغل النفسانيّة
سر ،كاألصول ، كاألخالق ،والدرجة الثانية منه ،هي الفتور على وجه التوجه إلى ال ّ
والدرجة الثالثة منه ،هي وجوه الحضور معه كاألودية.
فمنها تبتدى مراتب اإلحسان والوالية والكمال ،فهي الدرجة األولى من النوع الثالث ،
وهي وجوه أحدية التو ّجه ،وسلب ثبوت الغير ،كما في مرتبة ،بي يسمع ويبصر.
93
“ “ 94
والدرجة الثاني ،األحوال يحول الحاضر ،كالغائب والغايب كالحاضر والدرجة الثالثة
منه ،هي وجوه االستغراق في المطلوب ،كالواليات وما بعدها من الحقائق
والنهايات.
اما البدايات التي هي الدرجة األولى من اإلسالم ،فهي عشرة :اليقظة والتوبة
والمحاسبة واإلنابة والفكر والتذكر واالعتصام والفرار والرياضة والسماع ،
وائ ّمتها ومالكها ثالث ،والبواقي مت ّممات ،وهي :التوبة واالعتصام والرياضة ،
والسبعة الباقية مندرجة في تلك الثالثة.
وعند انتهاء البدايات الرافعة للموانع القاطعة للعالئق المصلحة لقوى النفس التي هي
المسول لزينة الدنيا ولذة الشهوات للنفس الممرينة لها
ّ الموانع الدافعة لشيطان الوهم
للطاعة ،تصير النفس ّلوامة ،وتستعّد الدخول في قسم األبواب ،فتدخل في األبواب ،
وهي أيضا عشرة :الحزن والخوف واإلشفاق والخشوع واالجتناب والزهد والورع
والتبتل والرجاء والرغبة ،فتنفعل النفس وقواها وتستع ّد لفيضان النور القلبي عليها ،
لتجعلها مطيعة له ومجيبة لدواعيه في المعامالت ،فتشرع في المعامالت ،وهي أيضا
عشرة :الرعاية والمراقبة والحرمة واإلخالص والتهذيب واالستقامة والتوكل
والتفويض والثقة والتسليم .وائ ّمتها أيضا ثالثة :اإلخالص والمراقبة والتفويض ،
وحينئذ تصير النفس مطمئنّة ،ويخلص العقل من شوب الوهم بنور الشرع ،فيستعين
به على اثبات الملكات الفاضلة في النفس ،لتبلغ كمال االطمينان.
فان تحقّقت النفس بهذه المقامات مع المداومة على ذكر “ ال إله إال هللا “ على العموم
أو ذكر آخر إلزالة حجاب معيّن عن تلقين مرشد كامل ،ليكون اثره أقوى بجمع الهمم
،ودفع الخواطر ،يزول عنها احكام الكثرة ويظهر اثر وحدة جمعيّتها ،وهو القلب
المختص بالنفس ،وانتقلت من مقام اإلسالم إلى باطنه الذي هو نور االيمان ،وعند
ّ
سية ،فحكمها في ذلك ينقضي منازل النفس ويغلب النور القلبي ّ ،
ألن نشأة النفس ح ّ
صة بباطن االيمان ،ونشأة الروح غيبيّة ،فحكمها مخت ّ
مرتبة اإلسالم ،كما أن نشأة ّ
يختص ،بمقام اإلحسان والوالية ،فلكل من الثالثة
ّ سر غيبيّة حقيقيّة حقة ،فحكمها
ال ّ
نشأة مخصوصة به ،
94
“ “ 95
وكل نشأة غلب أثرها ،كان صاحبها مستتبعا صاحبه ،لشدّة العالقة بينهما ،فيكون
النفس في مقام اإلسالم مستتبعة لصاحبها ،فلما انتهى سير النفس وظهر وحدتها وهي
روحها ،امر السير إلى الروح ،ليتحقق بحقائق االيمان .
بإزالة خفايا احكام الجزافيّة باقية في الروح ،وان زالت عن النفس ّ ،
ألن النفس حينئذ
بمنزلة المرآة ،والروح بمنزلة المنطبع فيها ،والمنطبع متأثّر من األثر الحاصل في
المرآة ،فيشرع الروح في السير إلزالتها ،فالنفس متبوعة ،فوقعت النفس في الغربة
سر ،غريبة مقرها ،الن كل واحد من الثالثة اى النفس والروح وال ّ
،ال النفصالها عن ّ
بالنسبة إلى غيره ،ورفع تلك الخفايا واعراض الروح عن الشواغل النفسانيّة في قسم
األخالق الذي في الدرجة األولى من االيمان وعند ذلك ينقطع منازل النفس حقيقة .
وقسم األخالق أيضا عشرة :الصبر والرضا والشكر والحياء والصدق والعهد والخلق
والتواضع والفتوة واالنبساط .
الروح في األخالق ،فيشرع في األصول التي هي الدرجة الثانية من
وإذا انتهى سير ّ
االيمان ،
واما حق القين ،فهو مى مرتبة اإلحسان والوالية ،فتقسيم المقامات الكلية إلى علم
اليقين وعين اليقين وحق اليقين ،تقسيم تا ّم مستوعب منطبق على التقسيم إلى اإلسالم
وااليمان واإلحسان .
وبالجملة إذا وصل الروح إلى هنا ،يخلص عن جميع القيودات االنحرافيّة وظهر
تجلى وحدة الفعل المضاف إلى ربّها ،وانشعب آثار العالية الواقعة بين
95
“ “ 96
سر والروح والنفس ،فعند ذلك يمتزج النفس والروح بكل ما يتض ّمن ك ّل منهما رتبة ال ّ
من آثار الوحدة االعتداليّة ،امتزاجا معنويّا ،فيولد بحكم اجتماعهما من مشيمة جميعة
سر .
النفس ،ولد قلب حقيقي جامع بين احكامهما واحكام ال ّ
وصار هذا القلب الجامع التقى النقي ،مرآة ومجلى للتجلى الرحماني الوحداني
الصفاتى ،وصورة للمرتبة اإللهيّة ومشاهدا للمعاني ،الكلية والجزئيّة متى شاء .وهو
المجمع بين البحر بين والملتقى بين العالمين ،ولذلك وسع الحق .وحينئذ يعصمه هللا
عن المخالفة ويحجز بينه وبين المعصية ،
ولهذا قيل :العصمة نور ينقذف في القلب ،وينور به النفس ،وحينئذ يكون السائر قد
تخطي عن جميع المراتب الكونيّة ،ودخل في مبدأ الحضرات الحقّية المسمى بمقام
اإلحسان ،فعند ذلك يترقى من مرتبة اسم إلى مرتبة اسم آخر أعلى منه حيطة وكلية .
المنور بنور القدس التي هي أيضا عشرة :ّ فتقع في أودية غيب العقل
اإلحسان والعلم والحكمة والبصيرة والفراسة والتعظيم واإللهام والسكينة والطمأنينة
واله ّمة ،وهي الدرجة الثالثة من االيمان ،وفي األودية مقام العقل الذي هو أحد من
اللطائف السبع المتداولة في األلسنة على ما يستفاد من كلمات بعض العرفاء .
األول منها النفس .
وثانيها القلب .
وثالثها العقل .
فاألول منها في مقام اإلسالم ،والثاني والثالث منها في مقام االيمان ،واألربعة الباقية
في مقام اإلحسان والكمال والوالية .فعلى هذا ،فالعقل أعلى من القلب ومرتبة ثالثة
من اللطائف ،ولكن يظهر من بعض الكلمات ،ان العقل بعد النفس وقبل مقام القلب ،
المنور بنور الشرع يحصل في الدرجة الثالثة من ّ ويكون ثاني اللطائف ،وذلك العقل
اإلسالم ،وهي المعامالت .
سر قبل مقام الروح ،وبعد العقل الذي بعد وقول بعض العرفاء في الترتيب ،مقام ال ّ
سر ،القلب ،حيث قال :وللقلب مرتبة فوق مقام العقل ودون مقام الروح ،يسمى بال ّ
سر عند آخر وهو عند ترقيه إلى مقام الروح ،في التّجرد والصفاء ،وعين مقام ال ّ
سر ، األودية ،حيث قال :ويبلغ بها ،اى باله ّمة التي هي آخر اقسام األودية مقام ال ّ
فيتوالى المواهب ويتعاقب األحوال .انتهى كالمه .
96
“ “ 97
97
“ “ 98
هو المقام التمكين في التلوين ،وسنذكر تفصيله .ومن هذا الكالم يظهر ان التمكين
أعلى وأشرف من التلوين .وما قال بعض أكابر العرفاء الشامخين في اصطالحاته :
ان مقام التلوين أعلى من مقام التمكين .فمراده التمكين قبل الوصول ،ألن الوقوف ّ
في بعض المقامات مذموم ،إذ ال يص ّح وال يمكن الترقي في الدرجات اال بثبوت مقام
التلوين ،فان التلوين يترقى من مقام إلى مقام ،ال التمكين الذي في المرتبة الجمعيّة
الرافع لحجاب الخصوصيّة بالنسبة إلى التلوينات التي في صراط ذلك التمكين ،
فافهم .
ويحتمل ان يكون مراده معنى آخر ،كما سيأتي اإلشارة اليه عن قريب ،بل هو
األظهر عندي ،فكأنّا قد خرجنا عن أصل المقصود ،فلنرجع إلى ما كنّا فيه .
فنقول :وفي هذا السير يرفع حجب كثرة األحكام عن مرآة الوحدة الوجودي ،إلى أن
يتجلى وحدة الظاهرة من عين كثرة النفس ،وصور العالم ،ويظهر الكمال الحاصل
للوجود الواحد بتلك الكثرة نزوال ،فكثرة الشؤون الوجود العلمي الباطني النسبيّة التي
صورتها الحقائق الكونيّة ،مرآة لوحدة الوجود العيني الظاهري ،فالوحدة فيها ظاهرة
شئون باطنة .هذا هو المقام الروح من اللطائف السبع الغالب عليه اثر ،وكثرة ال ّ
الوحدة .
فإذا تحقق الولي بهذا المقام بتحقّقه بجميع ما يحوى عليه اسم الظاهر ،ينتهى سيره
األولى المحبّى ،فصار محبوبا ،فيشرع في سفر الثاني المحبوبي لرؤيته كثرة
التعيّنات النسبيّة المنسوبة إلى الشؤون الباطنة التي هي مرآة لوحدة الوجود العيني
الغالب على الروح حكمها ،وبعد فتق الروح وظهوره يحصل بين احكام الكونية وبين
ى المضاف ،امتزاج وفعل وانفعال ،كما جرى بينه سره ،اى الوجود العين ّ احكام ّ
سر واالنفعال إلى الروح ،وفي السابق وبين النفس أوال ،لكن هنا ينسب الفعل إلى ال ّ
الروح واالنفعال إلى النفس ،فيتولَّد من مشيمة الروح ،قلب قابل ينسب الفعل إلى ّ
شئون ،وكثرتها النسبيّة مع ظهورها التي للتجلى الوجودي الباطني المشتمل على ال ّ
هي الصور العلميّة .
ففي هذا السير يخرق حجاب وحدة الوجود العيني الغالب اثره على الروح عن مرآة
كثرة
98
“ “ 99
ى الباطني ،ليظهر التجلي الباطني الشؤون النسبيّة المضافة إلى الوجود العلم ّ
بخصايص تلك الكثرة النسبيّة ،وهي العلوم الغيبيّة واألسرار اإللهيّة .فالشاهد في هذا
سرى ،بل يكون ال ّى باطن ّ
سر وجود ّى ظاهري :والمشهود ّ ، سر وجود ّالقسم ّ ،
الظاهري ،مرآة للباطنى .والباطني بأحكامه وآثاره ظاهرا على الظاهري ،فيظهر
السر من لطائف السبع
ّ وسره كما هو في حضرة العلم ،وهذا هو مقام ّ حقيقة الشيء
الدائرة على السنة العرفاء ،
وإذا انتهى آخر هذا القسم الذي هو قسم الحقائق الذي هو عشرة :
صحو
المكاشفة والمشاهدة والمعاينة ،والحياة والقبض والبسط والسكَّر وال ّ
واالتصال واالنفصال ،
وتحقّق بمقام التمكين المختص به ،تعدّى وتجاوز حينئذ مقام التجلي الباطني ،
وتصدى لدخول في حضرة الجمع ،ويقع في المعرفة التا ّمة التي هي مبدأ
99
“ “ 100
وهذا هو مقام الخفي من مقامات السبع ،وهذا كلَّه من مقامات قاب قوسين .
واألنبياء السابقون وجميع الخلفاء الكاملين وأولو العزم من المرسل ،قبل بعثة محمد ،
صلى هللا عليه وآله ،ال يتجاوزوا عن هذا المقام ،بل هو أعلى مقامهم .
المختص بنبيّنا محمد ،صلى هللا عليه وآله ،فابتداء الشروع فيه ،بعد
ّ وأما السير
االنتهاء إلى هنا ،وكيفية حصول هذا السير على ما حقّقه بعض العرفاء ،ان يتح ّ
صل
بين األسماء الذاتيّة التي هي مفاتيح الغيب ،وأحكامها الوحدانية الثابتة في التجلي
األولى ،وبين األسماء الكلية األصلية المتعيّنة في التجلي الثاني ،بعد ظهور كماالتها
صة ،اجتماع وامتزاج . العامة والخا ّ
100
“ “ 101
قال الشارح الفرقاني ( ) 1بعد كالم له “ :فكان آدم ،عليه السالم ،جامعا كلما جمعه
البرزخ األول ،والتجلي الثاني من األسماء والحقائق ،كما أن محمدا ،صلى هللا عليه
وآله ،جامع بحقيقته وصورته كلما جمعه البرزخ األول من المفاتيح واالحديّة ،جمعيّة
أحديّة بحيث ال يغلب حكم شيء شيئا أصال “ انتهى.
سر هذا السير ،شهود ك ّل شيء فيه ك ّل شيء ،وهذا القلب هو العرش المحيط بجميع ف ّ
العروش ،فهو عرش هللا ،كما قال “ :وسعني قلب عبدي النقي التقى “ على أن يكون
صة بصاحب األحديّة الجمع ، الالم للعهد ،ال لالستغراق ،وإلى هذه المرتبة المخت ّ َّ
ينتهى مرتبة الكمال والوالية ،فان أول درجات الكمال هو قرب النوافل ،وأوسط
درجاته هو قرب الفرائض ،وآخر درجاته الممكنة الذكر ،هي مرتبة التم ّحض
والتشكيك ،والتم ّحض هو الخروج عن حكم التعيّنات ،وامتناع احكام اإلمكان ،
ولسانه ِ ( * :إ َّن الَّذِينَ يُبا ِيعُون ََك ِ ،إنَّما يُبا ِيعُونَ هللا ،يَ ُد هللا فَ ْوقَ أ َ ْيدِي ِه ْم )* ( 2 ) .
والتشكيك ،التردّد بين الطرفين ،لسير االعتدال الوسطى الجمعي ،بين المقامين
والقربين ،ولسانه ،اى لسان التشكيك بين طرفي الحقّية والخلقية وهو اللسان الجمع
المقدس عن الميل عن الوسط المقتضى عليه احكام كال الطرفين قوله ،تعالى * :
ْت ( ) 3ول ِك َّن هللا َرمى ) * . ْت ِإ ْذ َر َمي َ( وما َر َمي َ
قال الشيخ صدر الدين القونوى “ :مرتبه كنت سمعه وبصره ،أول مقام الوالية التي
صة بأحديّة
ال نهاية لها ،بل بين مرتبة كنت سمعه وبصره ،وبين مرتبة الكمال المخت ّ
صة والنبوات العامة والخاصةالجمع مراتب كثيرة ،من مراتب واليات العا ّمة والخا ّ
والخالفات ،كذلك ،ومرتبة الكمال فوق الكل ،فما ظنّك بدرجات األكمليّة التي هي
وراء الكمال ،وما بعد استخالف الحق واالستهالك
..................................................
( ) 1شرح فارسي سعيد فرغانى “ رض “ در دست طبع است ،فرغانى أول قصيدة
را بفارسى شرح نمود وبعد آن را تعريب فرمود ،شرح عربى در مصر چاپ شده
است ولى شرح فارسي را نگارنده به توفيق حق در اختيار أهل ذوق قرار مىدهم .
( ) 2س ، 48ى . 10
( ) 3س ، 8ى . 17
101
“ “ 102
فيه عينا والبقاء حكما ،مع الجمع بين صفتي التم ّحض والتشكيك ،وك ّل من تحقّق
بالكمال على على جميع المقامات واألحوال “ انتهى .
المختص ،فالالم
ّ ومراده من قوله :ومرتبة الكمال فوق الك ّل آخرها ،وهو الكمال
غل في درجات األكمليّة ،انتهى . للعبد .وقال أيضا :بعد التحقّق بهذا الكمال التو َّ
ويظهر من هذا ،أن مراتب الوالية مطلق الكمال ،وأولها مرتبة قرب النوافل ،
ومنتهاها مرتبة الكمال المختص بصاحب أحدية الجمع ،ومراتب األكمليّة بعدها ،
ومن جملتها مرتبة التكميل .
سر اإللهي وهو الوجود المضاف إلى الحقيقة النسانيّة من حيث قال بعض العرفاء :ولل ّ
سا ،بطن رابع ،ولسانه ،كنت سمعه ظهوره يعنى في مراتب الكون روحا ومثاال وح ّ
وبصره ،وهو أول مراتب الوالية وآخر مراتب اإلحسان ،ومن حيث بطونه
االستعدادي في قلب اإلنسان القابل لتجلَّه وبطن خامس ،ولسانه وسعني قلب عبدي ،
الحديث وهو أوسط مراتب الوالية ،ومن حيث جمعه الرحماني بين الظهور والبطون
في دائرة صفات االلوهيّة التي هي مفاتيح الثالثة للبرزخية الثانية ،بطن سادس ،وهو
ألهل النهايات وهم الك ّمل واألفراد ،ومن حيث حضرة أحديّة جمع الجمع للك ّل متو ّحدة
العين ،بطن سابع ،وال ينفتح ش ّمة منه اال لصاحب اإلرث المحمدي ،فإنه له
صة .انتهى .
خا ّ
ويظهر من هذا ،ان ّأول مراتب الوالية مرتبة قرب النوافل ومنتهاها مرتبة الجمع بين
الظهور والبطون ،اى صورة البرزخيّة الثانية ،ومظهرها وصورة التعيّن األول
ومظهره من مراتب األكمليّة .فتدبّر .
وفي هذا الكالم إشارة إلى مقام الروح والسر والخفي واألخفى من اللطائف السبع .
اما مرتبة األكمليّة على ما يستفاد من كلمات العرفاء الشامخين هي باستيعاب المعرفة
التفصيليّة بجميع األسماء اإللهيّة وملكة التحقق بها فعال وانفعاال ،اى تأثيرا بجهة
وجوبه ،وتأثرا بجهة إمكانه ،بحيث ال يحجبه نشأة وال موطن من ذلك التحقق ،وال
يحجزه عليه مرتبة وال تقيّده حائل وال
102
“ “ 103
مقام وال غيرهما ،فهذه المرتبة األكمليّة مشتملة على قوة استتباع األسماء الجزئيّة
ومظاهرها ،فإذا انتهى األمر به إلى التم َّكن من تكميل من شاء من عباد هللا ذلك إذا
اتحدت أرادته باإلرادة األولى االصليّة التي عليها مدار حال الصورة الوجوديّة كلَّها
بحيث ال يقع في الوجود اال ما يريد ،وذلك لما يقتضيه مقام المعرفة التفصيليّة وحقايق
األسماء الذاتيّة وفروع األسماء اإللهيّة والربوبيّة الفاعلية والكونية القابلة على
استعداداتها المختلفة المتفاوتة ،كان االمام األعظم األكمل الحائز بمرتبة الخالفة
واالستخالف والجمع بينهما والجمع بين صفتي التم ّحض والتشكيك .
وإذا عملت المقامات الكليّة واللطائف السبع المعروفة ،فاعلم ،ان الفتوح الثالثة
الدائرة على السنة العرفاء المأخوذة من الكتاب اإللهي ،إشارة إلى تلك المقامات
السبعة المذكورة .
أولها ،الفتح القريب ،وهو الظهور بالكماالت الروحيّة والقلبيّة ،بعد العبور عن
المنازل النفسيّة وقطع دائرة السلوك والهداية من الوظائف االسالمية وااليمانيّة ،وهو
المشار اليه في الكتاب الجامع في مواضع متعددة ،منها :
ص ٌر من هللاُون ذ ِل َك فَتْحا ا قَ ِريبا ا ) * ( ) 1ومنها ( * :نَ ْ قوله ،تعالى ( * ،فَ َجعَ َل من د ِ
يب ) * ( ) 2ومنها :قوله ،تعالى ( * ،وأَثابَ ُه ْم فَتْحا ا قَ ِريبا ا ) * ( . ) 3 وفَتْ ٌح قَ ِر ٌ
وثانيهما ،الفتح المبين ،وهو الظهور بمقام الوالية وتجليات أنوار األسماء اإللهيّة
سر ،وهذا في مقام السير في الحق ، المفنية لصفات الروح والقلب المثبتة لكماالت ال ّ
فهو دائرة الكمال والوالية ،ويندرج فيه التجليين ،اى الظاهر والباطن ،والجمع
سر والخفي ،وهو المشار اليه بقوله : بينهما اى مقامي ال ّ
انّا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك هللا ما تقدم من ذنبك وما تأ ّخر ( ، ) 4اى من
الصفات النفسيّة والقلبيّة .
وثالثها ،الفتح المطلق ،وهو تجلى الذات األحديّة واالستغراق في عين الجمع ،لفناء
الرسوم الخلقيّة كلَّها ،وهو المشار اليه بقوله ،تعالى :
...............................................
( ) 1س ، 48ى . 27
( - ) 2س ، 61ى . 13
( ) 3س ، 48ى . 18
( - ) 4س ، 48ى . 1
103
“ “ 104
ص ُر هللا ْ
والفَتْ ُح ) * ،إلى آخره ( ، ) 1اى إذا جاء المدد الملكوتي * ( ِإذا جا َء نَ ْ
والتأييد القدسي ،والفتح المطلق الذي ال فتح ورائه ،واليه اإلشارة بقوله ،تعالى * :
( وأ َ َّن إِلى َر ِبّ َك ْال ُم ْنتَهى ) * ( ، ) 2وهو فتح باب حضرة األحديّة ،والكشف الذاتي
بعد الفتح المبين في مقام الروح بالمشاهدة .ورأيت الناس المستعدين بالمناسبة التا ّمة
بقبول فيضك ،يدخلون في التوحيد والسلوك على الصراط المستقيم ،مجتمعة كأنّهم
نفس واحدة ،تستفيض من فيض ذاتك قائمة مقام نفسك ،وهم المستعدّون الذين كانت
بين نفسه “ صلى هللا عليه وآله “ وأنفسهم عالقة ومناسبة ،توجب اتّصالهم به لقبول
فنزه ذاتك من االحتجاب بمقام القلب الذي هو معدن فيضه ،فسبّح بحمد ربّك ،اى ّ
النبوة ،بقطع عالقة البدن ،والترقّى إلى مقام حق اليقين الذي هو معدن الوالية ،الذي
يستمر اال بعد الموت .ولذلك لما نزلت ،استبشر األصحاب ،وبكى ابن عباس ّ ال
فقال في حقّه “ صلى هللا عليه وآله “ :لقد اوتى هذا الغالم علما كثيرا ،وسميت سورة
التوديع ،وعاش بعدها سنتين ،ونزلت في حجة الوداع ،ويندرج في ذلك الفتح ،
المختص لصاحب االحديّة الجمع ومرتبة األكمليّة ،فافهم .
ّ أعلى مرتبة الكمال
هذا كلَّه ما استفدته واستنبطه وجمعته من كلمات العرفاء الكاملين الجامعين لمقام العلم
سره “ ولكن والعمل ،خصوصا الشيخ الكامل المك ّمل ،صدر الدين القونوى “ قدس ّ
فهمي ونظري قاصر عن ادراك فحاوي كلمات هؤالء العرفاء اين الثرى من الثريا ،
وأين الجمرة من البحر “ أن ذره كه در حساب نايد ماييم “ .
فإذا انتهى الكالم إلى هنا ،فاختم الكالم في توضيح المرام ،بذكر نبذ من كلمات
هؤالء األعالم ،قال الشارح ( ) 3الفرغاني “ :ل ّما ت ّم كمال الجالء واالستجالء
...............................................................
( ) 1س ، 110ى . 1
( - ) 2س ، 53ى . 43
( ) 3شارح قصيدة اين مطالب را به عربى وفارسي در دو شرح فارسي وعربي
خود تقرير فرموده است .شارح بفارسى وعربي مراحل سلوك را بهتر از جميع
عرفا تحرير فرموده اند ،سعيد فرغانى در فارسي نيز قلمي روان دارد واز فارسي
نويسان كم نظير بحساب مىآيد .
104
“ “ 105
التفصيلين المختصين بالتجلي الثاني ،وانتهت أدوار مظاهره برجوعها اليه ورجوعه
بتلك الكماالت إلى أصله الذي هو التجلي األول ،انبعث بحكم االنصباغ إلى تحقيق
هذا الكمال ،وتو ّجهت األصول والفروع المذكورة بكماالتها االختصاصيّة واالشتماليّة
بتبعيّتها واجتمعت متو ّجهة فعادت سلطنة األدوار الجزئيّة الدوار السماوات السبع إلى
سلطنة الدورة العرشيّة المحدّدية الكلية الوحدانية ،بحكم اقتضائها المظهر الحقيقي
األكملى لحقيقة البرزخيّة األولى ،فاستدار الزمان كهيئة يوم خلق السماوات واألرض
،فعاد حكم الزمان إلى الوحدة واالعتدال ،فال جرم حان زمان استجالء التجلي األول
الجامع بين األحديّة والواحديّة بتعيّن مزاج عنصرى انساني وحداني يكون مظهرا
صوريّا للبرزخيّة األولى ،وبتعيّن قلب تقى نقى من غير ذلك المزاج ،يكون مظهرا
الحب األصلي فيها من حيث مظاهرها السبعة ّ معنويّا لها ،فتسارعت المفاتيح بسراية
وفروعها ،بعد تحققها االختصاصيّة الروحانيّة والمثاليّة ،فتو ّجهت إلى تعيّن المزاج
األعدل المحمدي “ صلى هللا عليه وآله “ ،المذكور.
فتعيّن وجوده من حضرة التجلي األول متنازال مارا على جميع المراتب ،وآثاره
المعتدلة المتكاملة بال توقف وال تعويق ،فظهر ذلك التجلي بصورة غذاء معتدل
صورة وحكما وتناول عبد هللا “ عليه السالم “ ،وآمنة بأحسن وجه في أسعد وقت ،
واستحال إلى النطفة في اعدل زمان ،وظهر اثر المحبة االصليّة فيها بصورة الشهود
واستقر النطفة الميمونة في الرحم في أيمن ساعة ّ في أكمل حال ،وص ّح االجتماع ،
بحكم اقتضاء الدورة العرشيّة الوحدانيّة وسلطنتها وسراية حكمها في جميع األدوار ،
وقام كل واحد من األسماء من حيث مظاهرها الروحانيّة والمثاليّة والفلكيّة والكوكبيّة
من حيث كماالتها برعاية ذلك المزاج األكمل وتربيته في أطواره بعد تمام تسوية تعلَّق
الروح األعظم األوحد األقدم الذي هو القلم األعلى من حيث نسبة ظهوره بصورة
التفصيل في اللوح وبالتدبير والتربية بوضعه الكلى الجملي بهذا المزاج األعدل
المستوي في أكمل وقت واعدل ساعة ،ثم ظهر في أيمن الساعات في عالم الحسن ،
وأضاء بنوره العالم شرقا وغربا ،كما أخبرت أمة آمنة ،ثم تصدى لتربيته من المهد
إلى أو ان البلوغ ،ذلك التجلي األول ومفاتيح الغيب بسرايتها
105
“ “ 106
في األسماء ومظاهرها ،إلى أن حملته حرارة مطلوبيّة في غار حراء ،وأمرته امارة
سبْحانَ الَّذِي أ َ ْسرى “ ( ) 1حتى انتهى من الكمال
بسر اسرار “ ُ
محبوبيّة بان يتحقق ّ
واألكمليّة ما ينتهى الذي ما فوقها غاية وال رتبة ،والحمد هلل على تلك العناية .تم
كالمه .
سره ،في تفسير سورة الفاتحة وغيرها : قال الشيخ صدر الدين القونوى ،قدس ّ
ان الكتابة كناية عن اإليجاد ،فالكاتب هو الحق ،والقلم السبب العادي ،والرق “ ّ
المنشور هو التجلي الساري ،والكتاب المسطور ،هو نقوش الكائنات ،والحروف
أهل الحقائق المتبوعة إذا اعتبرت منفردة عن توابعها ،فإذا اعتبرت معها فكلمات ،
فمن حيث استعدادها األصلي بقبول الوجود ،اسم ومن حيث قبولها ذلك بأثر الطلب
االستعدادي ،فعل وجملة ،منها ،دالَّة على كمال كاتبها ،كإضافة الحياة والعلم
والقدرة آية ،ومن جملة اآليات ،اعتبر اجتماعها في مرتبة كلَّية أو جزئيّة من
المراتب األسمائيّة أو الكونيّة ،سورة ،وجملة من السور ،المعتبر احاطتها بجميع
المراتب السابقة ،لكن مندرجة في الرتبة الثانية ،والبرزخيّة المضافة إليها ،كان كتابا
الرسل قبلمبينا ،ومجمل صورته بالفعل آدم وجميع الخلفاء الكاملين وأولو العزم من ّ
بعث محمد “ صلى هللا عليه وآله “ .
اما إذا أفاد ذلك االجتماع المحيط ،أحدية جمع مضافة إلى حقيقة داخلة فيها الرتبة
األول والبرزخيّة الكبرى بحكم سرايتها في جميع المراتب بحيث لم يكن مشهودا اال
الشاهد واحد وراثه الحقيقي ،كان ذلك قرآنا ،ومجمل سورته األجمع ،صورة محمد
“ صلى هللا عليه وآله “ .
والكتاب ،كتابان :فعلى ،وقولي ،فالفعلى هذا الكتاب المبين ،وقد ذكر ،والقولي ،
هو الكتاب الحكيم ،اى الحكم ،بيان الكتاب الفعلي المختصر .
106
“ “ 107
في نزوله مظهر كلى ،ومن حيث مظهره ذلك ،دور سلطنة .وله أيضا عروج من
نزوله ،ومن عروجه ذلك ،مظهر كلى جمعى انساني هو عين كل خليفة كامل ما عدا
محمد “ صلى هللا عليه وآله “ فيه كتاب .لحكم بيان كماله المبين ،له نقطة اعتداليّة
في جميع أحواله وأحوال متابعيه ،وقومه وآله كصحف األنبياء غير نبيّنا محمد
“ صلى هللا عليه وآله “ .واما القرآن ،فهو الجامع ألحكام تلك الحقائق واألسماء الكليّة
األصليّة .وهي األئ ّمة السبعة ،أحديّة جمع اعتدالى ،النازل ذلك الكتاب على مظهر
احدى جمعى لتلك األحديّة الجمعيّة ،وهو نبيّنا محمد “ صلى هللا عليه وآله “ وهو
القرآن المحكم ببيان أكمليته والمترجم عن حاق برزخيّته واعتداله في جميع أحواله
وأفعاله وأحواله من صورته االجماليّة النفسيّة والتفصيليّة لمتابعيه وقومه ،واليه
اإلشارة وكان خلقه القرآن “ انتهى كالمه .
وهكذا شأن كل موجود ،غير أن األنبياء ،عليهم السالم .واألكابر مظاهر لألسماء
الكليّة التي نسبتها إلى أسماء بقية الموجودات نسبة األجناس واألنواع إلى االشخاص ،
فبهذا حصل بين األنبياء واألولياء تفاوت في الحيطة ،واليه أشار في حديث القيامة ،
يجيء النبي ومعه الرهط والنبي ومعه رجالن والنبي ومعه واحد والنبي واحد وليس
معه أحد .وقصارى امر األكابر من أهل هللا ،ان ينتهى ارتباطهم بالحق صعدا إلى
التعيّن األول الجامع للتعينات كلها ،غير ّ
ان شأن نبيّنا “ صلى هللا عليه وآله “ والك ّمل
األول .
من ورثته مع التعين ّ
مخالف لشأن غيرهم من األنبياء واألولياء ،ان هذا التعين ليس غايتهم من كل وجه في
يتفردون بحال يحقّهم ال يعرفه بعد الحق سواهم ، معرفة الحق واستنادهم اليه ،بل هم ّ
وال يذكره الكامل المك ّمل اال لمن َّ
اطلع على أنه ال ب ّد ان يصير كامال تربيته له “ ت ّم
كالمه .
قال شارح الفرغاني “ :ان ما عدا الكاملين من األنبياء والرسل ،فحقائقهم ووجودهم
متفرعة عن حقايق الكاملين وجودهم ،فنسبة الكاملين إليهم
ّ
107
“ “ 108
حقيقة ووجودا ،كنسبة األجناس إلى األنواع واألجناس إلى الجنس العالي “ انتهى
كالمه ،ال يخفى عليك ان توضيح المقامين األخيرين من المقامات وتحقيقهما يقتضي
بسطا من الكالم ،ويستدعى تمهيد مقدمات عديدة وتشييد مباني متعددة من بيان التعيّن
األول والثاني ،والدرجة األولى والثانية ،والتجلَّى األول والثاني .
والكمال الذاتي واألسمائى ،وكمال الجالء واالستجالء في الكمالين ،واألسماء الذاتيّة
والصفاتية ،والمفاتيح واال ّمهات ومظاهرها وغيرها ،ولوال ضيق المجال وتشويق
الخيال ،بينتها وأوضحت أسرار الحكم والمعارف التي نقل من كلمات أكابر العرفاء
في ذلك المقام .وهللا العالم .
108
“ “ 109
فال صفة وال نعت فال اسم ،فيكون مجردا عن ساير أحكام األسماء .
صة بالشيء ،وحيث ال صفة مطلقا فال واما الرسم ،فهو الخواص ،وهي صفات خا ّ
صة ،فأول المقامات واالعتبارات العرفانيّة ،هو ذلك اإلطالق المسمى عند صفة خا ّ
القوم تارة بغيب الغيوب ،وأخرى بالهويّة المطلقة ،وال بحث عنه وال إشارة اليه ،إذ
ال تعيّن له عقال وال وهما ،وكل معلوم مشار اليه باإلشارة العقليّة ومتعيّن عقال تعينا
يقتضيه حال العاقل .
وأول ما يعتبر فيه من المعاني ،هي الوحدة الحقيقيّة الذاتيّة ،وهي التي ال يعتبر في
مفهومها ما يعشر بتعدد الوجود واالثنينية أصال ،حتى أن عدم اعتبار الكثرة غير
معتبر في مفهومها ،لما فيه من االشعار بمقابلتها للكثرة وبعبارة أخرى ،الوحدة
الحقيقيّة هي التي ال تتوقّف على مقابلة كثرة وال يعقل في مقابلها كثرة ،اى ال يتوقّف
تحقّقها في نفسها وال تصورها في العلم الصحيح المحقق ،على تصور مغاير أو ضد
لها كالكثرة في التحقق أو العلم ،ولو كان متوقفا ،كانت الوحدة غير حقيقيّة هي عدديّة
كما هي المتصورة في األذهان المحجوبة .
وقول بعض األكابر “ :كون الواحد واحدا لنفسه فحسب ،من غير تعقّل ان الوحدة
صفة له ،أو حكم هي كونه هو لنفسه هو .وليس بين غيب الهويّة وهذا التعين فرق
غير نفس التعيّن “ انتهى إشارة إلى تلك الوحدة الحقيقيّة الذاتيّة ،وهي منشأ كونه ،
تعالى ،واحدا في صفاته وأفعاله .فالذات اإللهيّة بهذا االعتبار لها اإلحاطة العا ّمة التي
ال يش ّذ عنها شيء من المراتب ،ويستهلك فيها جميع المتقابالت من المتناقضات
والمتضادات وغيرها ،الشتمالها بالذات على جميع الوجودات ،واحدا أو كثيرا .فكما
يشتمل على جميع اقسام الوحدة يشتمل على جميع انحاء الكثرة ،فهي الجامع بالذات
بين سائر المتقابالت ،وبهذا االعتبار يقال ،ال ضد وال ن ّد للحق وانه واحد بال عدد ،
اى ال بوحدة يضادها الكثرة ،وهي األصل في العدد .ومما ذكر ،يظهر معنى كالم
قطب دائرة الوجود سيد الموحدين زين العابدين “ عليه السالم “ في الصحيفة
الشريفة “ :الهى لك وحدانيّة العدد “ فافهم فتدبّر .
109
“ “ 110
في االصطالح بالتعيّن األول تارة ،وأخرى بالحقيقة المحمديّة ،وعلمت أن هذا التعيّن
هو التعيّن االحاطى الشمولي ،ولهذه الوحدة الحقيقيّة التي هي عين التعين األول على
االصطالح ،اعتباران :
أحدهما ،سقوط االعتبارات كلها ،وبه تسمى الذات أحدا ،ومتعلَّقه بطون الذات
وخفائها وأزليتها وإطالقها ،وهو أول المراتب المسمى بمرتبة الجمع والوجود المعبر
عنها بحقيقة الحقائق ومقام التعين األول وحضرة الجمع ،عند جمع ،وان كان كثيرا
ما يطلق حضرة أحديّة الجمع وحقيقة الحقائق والتعين األول ،على ما أشرنا ،على
الوحدة المذكورة الشاملة لالحدية والواحديّة ،فتدبّر .وبالجملة فاالحديّة سقوط كافّة
احق من نسبته إلى المسلوب . االعتبارات .فنسبة اسم األحد إلى السلب ّ
وثانيهما ،ثبوت االعتبارات الغير المتناهية مع اندراجها في أول رتبة الذات ،
اندراجا حقيقيّا أصليّا ،وتحقيق تفصيل أكثر تعيّناتها في هذه الرتبة الثانية ،وبه يس ّمى
الذات واحدا ،أسماء ثبوتيّا .فمتعلق الواحديّة ،ظهور الذات ،واعتبار النسب
المندرجة في أول الرتبة ،وبهذا االعتبار تصير الذات منشأ لألسماء والصفات ،ومن
هذه الجهة قد يس ّمى بالواحديّة االجماليّة ،فنشأ من هذه الوحدة أعيان الكثرة ،فنسبة
الواحديّة إلى الثبوت ال السلب ،وال مغايرة بين االعتبارين في الحقيقة والوجود ،إذ ال
كثرة ث ّمة بالفعل .ولذلك حكم بعض األكابر ،بان الواحد األحد ،اسم واحد مر َّكب
ك :بعلبك .
وبالجملة هذا االعتبار الثاني ،هو ّاول التعيّنات العقليّة ،كما عنون به الشيخ صدر
الدين في النصوص ،حيث قال في أول النصوص “ :نسبة الوحدة إلى الحق والمبدئيّة
والتأثير ونحو ذلك ،انّما يص ّح وينضاف إلى الحق باعتبار التعين ،واق ّل التعينات
المتعلقة ،النسبة العلميّة الذاتيّة ،لكن باعتبار تميزها عن الذات ،االمتياز النسبي ال
التخصيص ،وبواسطة النسبة العلميّة ،يعلمه بكل شيء “ انتهى .
وقال الشيخ المذكور في الرسالة الهادية “ :وتوضيح هذا الكالم وتبيين هذا االعتبار
الثاني يتوقف على نقل عبارة أخرى في تلك الرسالة الهادية مع اشتمالها على تعين
المراتب وفوائد أخرى عزيزة “ .
110
“ “ 111
قال فيها :تعيّن الحق بالوحدة هو باعتبار تال لالتعيّن واإلطالق ،ويلي اعتبار الوحدة
المذكورة اعتبار كون الحق يعلم نفسه بنفسه ،وهو يتلو االعتبار المقدم المفيد تعقل
الوحدة من كونها فحسب ،فان الحاصل منه في التعقّل ليس غير نفس التعيّن ،لكنّه
بالفعل ال بالفرض التعقلى ،واعتبار كونه يعلم نفسه في نفسه ،يفيد ،ويفتح باب
االعتبارات .
وهذا عند المحققين مفتاح مفاتيح الغيب ( ) 1المشار إليها في الكتاب العزيز ،وهذا
المفتاح عبارة عن النسبة ال التخصيص كما يتوهمه من قال بزيادة الصفات .وال
باعتبار االحديّة ،إذ ال نسبة للحق وال وصف له ،فللنسبة العلميّة مقام الوحدانيّة التالية
لالحديّة التي تلى اإلطالق المجهول الغير المتعيّن ،ومن حيث هذا النسبة العلميّة
يتعلق مبدئيّة الواجب وكونه واهب الوجود ،ومنه يتضاعف االعتبارات ،فالحق
متعقّل في مرتبة هذا الالزم العلمي ،سائر اللوازم الكليّة التي أولها الفيض الوجودي
المنبسط على جميع الممكنات ،ولوازم تلك اللوازم ،هكذا متنازلة إلى غير النهاية
وإذا اعتبرت متصاعدة انتهت إلى الالزم األول المعبّر عنه بالنسبة العلميّة ،وهذا
التعقل اإللهي ،أزلي ابدى على وتيرة واحدة ،والماهيات صورها ،ثم تعقّل الكثرة
االعتباريّة في العرضة العلمية باعتبار امتيازها عن الذات ،ال يقدح في وحدة العلم
فانّها تعقالت متعينة من العلم فيه ،وهي من حيث تعقل الحق ،مستهلكة الكثرة في
وحدته وشأنها حينئذ شأنها ،فالكثرة من حيث امتيازها بحقايقها “ .
تأ ّمل في مطاويها حتى يظهر لك مطالب عالية .
وهذا االعتبار الثاني هو المس ّمى بالتعين الثاني وحضرة االرتسام والمعاني ،وفي هذا
ى ،ووجود نسبى أسمائي ،وبصورة التعيّن ظهر الحق بصورة تفصيل حقيقي علم ّ
صلة متمايزة اجمال حقيقي وجودي ونسبى علمي .فاألسماء ،في التعين الثاني مف ّ
بمفهوماتها ووجوداتها النسبيّة الوصفيّة وكلياتها مجملة بالقياس إلى جزئيّاتها ،فهذا
التفصيل في هذا التعين علمي ووجودي بالنسبة إلى
...............................................
( ) 1س ، 6ى . 59
111
“ “ 112
الموجد العالم ،وعلمي غير وجودي بالنسبة إلى فهم الممكنات وشهودهم ،وكلَّما
يتضمنه اجماال وتفصيال ،غيب وباطن بالنسبة إلى المراتب الكونيّة وأهلها ،وأول
مراتب الظهور بالنسبة إلى الغيب الذاتي المطلق .
وعبّر بعض األكابر عن هذه الرتبة بمرتبة شهود نفسه بنفسه ،في مرتبة ظاهريّته
األول بأسمائه األصليّة .
وبالجملة فهذا التعيّن صورة التعيّن األول .وأركانه مظاهر مفاتيح الغيب التي في
التعين األول ،وهي العلم والحياة واإلرادة والقدرة ،على نحو اإلطالق وعدم تميّز
الوجودي والمفهومي .وانما تميّزها في التعبير كعبارة العلم والقدرة ،وهو المراد من
قولهم وكان مفاتيح الغيب واعتبارات الواحدية كتفصيل نسبى بال غيريّة بينهما ،
انتهى .
اى بال غيريّة هناك ،اى في التعين األول في الوجود وال في المفهوم ،فا ّمهات صفات
الربوبيّة كالظالالت لمفاتيح الغيب ،وهي اى مفاتيح الغيب األسماء الذاتيّة وأمهات
أسماء االلوهيّة كالحياة والعلم والقدرة واإلرادة من حيث هي هي ،اى بما هو عام
النسبة إلى المتقابالت هي أسماء الذات ،تدبّر تعرف الفرق بين األسماء الذاتيّة وبين
األسماء الذات ،لئال تقع في خبط وغلط .
وم ّما ذكرنا سابقا ،تقدر على جمع اختالف الكلمات في تعيين اوليّة المراتب .ولوال
صلت الكالم ،لكن ال يتحمل المقام بأزيد من هذا ،ومامخافة االطناب واإلسهاب ،لف ّ
ذكرنا فيه ،كفاية للمهتدى المسترشد ،وهللا المرشد .
فإذا تأ ّملت فيما ذكر ،علمت أن ذاته ،تعالى ،هو الوجود المطلق والهويّة الذاتيّة
المطلقة بحقيقتها اإلطالقيّة وذاتها االحديّة ،ال يعلم ويتحصر وال يح ّد وال يتناهى ،
وهو معنى كبريائه ،تعالى ،وكل معلوم محاط متميّز عن غيره ومتعلق معرفة كل
عارف .والذي يمكن ادراك حكمه من الحق ،سبحانه وتعالى ،انّما هو مرتبته التي
هي االلوهيّة واحديّتها ،ال كنهه ذاته وال إحاطة صفاته ،فاإلحاطة بالحق متعذرة
قوة المقيّد ان يعطى غير ما يقتضيه تقييده ،فكان منتهى حكم كل حاكم فيه وليس في ّ
بحسبه ال بحسب الحق من حيث هو نفسه ،وما لم يتعين منه أعظم وأجل مما يعيّن
عنه الحاكم الن نسبة المطلق إلى المقيد ،نسبة ما ال يتناهى إلى المتناهي ،بل ال نسبة
لما
112
“ “ 113
تعيّن في مداركنا منه ،سبحانه ،وبين ما هو عليه من السعة واإلطالق والعظمة ،وقد
قال أكمل الخلق لما سئل عن رؤية نوراني أراه ،وقال :ال احصى ثناء عليك ،وال
أبلغ كل ما فيك ،وقال ،تعالى ،منبّها على ذلك ،وشفقة ورحمة على العباد :
ويحذّركم هللا نفسه وهللا رؤوف بالعباد ) 1 ( .وما أوتيتم من العلم اال قليال ( ، ) 2
فما ظنك بما ليس بعلم.
المقربين
ّ وقال عيسى “ عليه السالم “ وال اعلم ما في نفسك ( ) 3وهو روح انه ومن
باخبار هللا ،وأقرب األشياء اليه نسبة روحه ،ولهذا نهى الناس عن الخوض في ذات
هللا وهذا أحد وجوه الجهل بالذات ،اى الهويّة الغيبيّة اإلطالقيّة ،اى الجهل بالذات
مجردة عن المظاهر والمراتب.
والوجه اآلخر ،عدم العلم بجميع ما انطوت الذات عليه ،من األمور الكامنة في غيب
كنهها التي ال يمكن تعيّنها وتطورها دفعة ،بل بالتدريج ،بل ربّما يكون في الحضرة
العلمية األزلية أمور باطنة كليّة أو جزئيّة لم يتعين بعد ،ال في المرتبة الثانية والتعين
الثاني والحضرة العلمية ،وال في اللوح المحفوظ ،فال يعلم شيء منها اال بعد تعيّنه
ووقوعه في الخارج وهي ابطن بطون الغيب ،وإليها ينظر قوله “ صلى هللا عليه وآله
“ ،ما أدرى ما يفعل بي وال بكم ( ) 4وقوله “ ،صلى هللا عليه وآله “ ،ليت رب
محمد لم يخلق محمدا مع أنه “ صلى هللا عليه وآله “ ،كلَّما تعيّن م ّما له في الحضرة
العلميّة واللوح المحفوظ على بصيرة من ربّه ،وكان يقول اعتمادا عليها ،آدم ومن
دونه تحت لوائي وال فخر ،وأمثال ذلك ،وأكثر ما يخبره الدعاء من األمور الغيبية
انما يكون من هذا القبيل ،فان ما عداها ليس اال المكتوب الثابت المقسوم في الحضرة
وسرا
ّ العلميّة ،فللوجود اإللهي والحكم الجمعي الذاتي في كل عين ومرتبة تجليا خاصا
ال يمكن معرفته اال بعد الوقوع ،وال يكفى معرفة حال عينه الثابتة قبل انصباغها
بالنور الوجودي ودون حصول االجتماع التوجهى األسمائى والقبول
...........................................
) ( 1س ، 3ى .28
) ( 2س ، 17ى .87
) ( 3س ، 5ى 116
) ( 4س ، 46ى . 8قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدرى ما يفعل بي وال بكم ،
اآلية.
113
“ “ 114
الكوني بالفعل وإدراكه ظاهرا ،وما قيل -من أن الك ّمل لهم الجمع واإلحاطة بالتجلي
ويقررون ذوق كل
ّ الذاتي وحكم حضرة أحديّة الجمع فال يتقيدون بذوق وال معتقد ،
ذائق واعتقاد كل معتقد ويعرفون وجه الصواب في الجميع والخطاء النسبي وحكم
علمهم وشهودهم يرى في كل حال ومقام -لمراده شمول نسبتين بالنسبة إلى غيرهم ،
وليس المقصود منه علم الكمل بكل شيء فتدبّر .
ويناسب المقام بذكر كلمات أخرى من األعالم في كال الوجهين .
ان الذّوق الصحيح قال الشيخ صدر الدين في تفسير الفاتحة على ما نقل وحكى عنه ّ
التام أفاد ان مشاهدة الحق يقتضي الفناء الذي ال يبقى معه للمشاهد فضيلة يضبط بها
ما أدرك وفي التحقيق األتم ،انّه متى شهد هللا أحد الحق فانّما يشهده بما فيه من الحق
وما فيه من الحق ،عبارة عن تبليّة العيني الذي قبله المتجلى له باحديّة عينه الثابتة
المتعيّنة في العلم التي يمتاز بها عن غيره من الخاص دون واسطة ،فاستعد به لقبول
ما فيه وله من التجليات الظاهرة فيما بعد بواسطة المظاهر الصفاتيّة واألسمائيّة ،
وعلى كل حال فنحن مقيّدون من حيث استعدادنا ومراتبنا وأحوالنا وغير ذلك ،فال
يتعين اال مقيّدا مثلنا والتجليّات الواردة علينا ذاتيّة كانت أو سمائيّة وصفاتية فال يخلو
عن أحكام القيود المذكورة ،انتهى .
114
“ “ 115
يكون ذلك اإلدراك والشهود والتجلي من حيث تعيّنه ومشيّته وعلمه األقدس بذاته من
حيث إطالقها وأحديّتها ،تم كالمه .
قال صدر الدين في النفحات على ما حكى عنه :ان الجمعيّة حال حصولها بعد ان لم
يكن يوجب حدوث ما لم يكن له وجود ويستجلب ذلك تعيّن تجلى من مطلق غيب
الذات بحسب تلك الجمعيّة التي بها درجة المظهريّة ،لم يسبق له تعيّن في مراتب
األسماء والصفات ،فلم يكن بتلك الجمعيّة وال بما استتبعه علم ،هذا لو أمكن إحاطة
العلم بما يقتضيه كل فرد من االعتبارات واألعيان الثابتة جمعا وفردا من األحكام
واآلثار والصفات واللوازم التي ستلبس بها ال إلى نهاية ،كيف ويلزم منه امر جمال ،
فان من جملة األمور المحكوم عليها بالجمعيّة هو الوجود المطلق الذي ال تعيّن له على
االنفراد تعيّنا يمكن معرفته أو شهوده أو ادراك األحكام والصفات التي يشتمل عليها
عينه على االنفراد وحال اقترانه بشيء دفعة أو بالتدريج وهكذا كل واحد من افراد كل
جمعيّة من هذا صورة تعلق العلم بالمعلومات المعدومات والموجود على نحو كلى
وعلى النحو التفصيلي على التعيّن ،والفرق في كل ذلك بين علم الحق وما سواه فافهم
،انتهى كالمه .
ان -الذي ذكرنا في الوجه الثاني وقد علمت من البيانات المذكورة والكلمات المنقولة ّ ،
من األمور الكائنة في الحضرة العلميّة االزليّة ،غير الغيب الذي استأثره لنفسه ولم
قط إلى الشهادة أو إلى الحضرة العلميّة . يبرز َّ
قال الشيخ الكبير في فتوحاته :
واما األسماء الخارجة فال يعلمها اال هو ،ألنّه ال تعلق لها باألكوان ،وإلى هذه
األسماء أشار النبي بقوله أو استأثرت في علم غيبك ،ومما يدل على الوجه الثاني
ان هلل علمين ،علم وينبّه ويحفظه عن الخلق والنسب ما في الكافي عن أبي عبد هللا ّ :
مكنون مخزون ال يعلمه اال هو من ذلك يكون البداء ،وعلم علمه مالئكته ورسله ،
فنحن نعلمه .
يطلع عليه أحد من وفيه أيضا عن أبي جعفر :العلم علمان ،فعلم عند هللا مخزون لم َّ
خلقه وعلم علَّمه مالئكته ورسله ،فما علَّمه مالئكته ورسله فانّه سيكون ال يكذب نفسه
وال مالئكته ورسله وعلم عنده مخزون يقدّم منه ما
115
“ “ 116
يشاء ويؤ ّخر منه ما يشاء ويثبت منه ما يشاء انتهى .
قال سيّدنا ومقتدانا في المعارف صدر الدين الشيرازي في شرح الحديث ،هذا العلم
علمان :
األول منهما ضوابط كليّة وصور مرتسمة دائما في البرازخ العلويّة واجبة التكرار في
الخارج اى مقتضياتها وآثارها تقع متكررة معادة إلى مثلها ال إلى عينها ّ
ألن .
إعادة المعدوم بعينه ممتنعة ،وهي من قبيل كبريات القياس الشرطي أن كان كذا وقع
كذا وهذا العلم م ّما علَّمه هللا مالئكته ورسله وأطلعهم عليه وبه يقع اإلنذرات من
األنبياء والرؤيا الصادقة التي ال يتخلَّف عنها مقتضياتها ،ومنه أمور ،نادرة الوقوع ،
وهي مما ال يمكن الحد االطالع عليها اال هللا ،ألنّها قد يبتدى أسباب وقوعها من هذا
العالم كالدعوات المستجابة وخوارق العادات وبعض اعمال الطلسمات .
والثاني من العلمين علم حادث غريب ليس من قبيل الضوابط الكليّة واألحكام الثابتة
المتكررة الوقوع مقتضاها في الخارج بل من النوادر ،
ّ
فقوله “ ،عليه السالم “ ،فعلم مخزون لم يطلع عليه أحد إشارة إلى القسم الثاني ،
يطلع عليه أحد اال عند وقوعه ال انه من الغيب الذي استأثره به تعالى ،و ،والمراد لم َّ
لم يبرز َّ
قط -إلى الشهادة ،وقوله وعلم علَّمه مالئكته ،اى علَّمهم دائما ال يختص
االطالع به حين وقوعه ،انتهى .
وإلى ما ذكرنا ينظر قوله في االسفار في ذيل فصل تصحيح القول بنسبة التردد والبداء
( إلى آخره ) ،وال يمكن العلم به الحد من النفوس العلويّة والسفليّة اال من جهة هللا
صة به ،النّه مما استأثره ألنه ليس في األسباب الطبيعيّة ما يوجبه وال فيالمخت ّ
الصور االدراكيّة والنقوش اللوحيّة ما يبرز به من قبل ،ألجل ذلك ورد في أحاديث
أصحابنا الحديث ،وبعد االطالع على بياناتنا السابقة عبارة األسفار في كمال الوضوح
وال يحتاج توضيحه إلى ما ذكره المحقق المحشى ( قدس سره ) بل هو وجه آخر لعدم
االطالع ،تدبّر وافهم .
سر خوف الك ّمل ،الن اإلنسان إذا اعتقد ذلك وعلم علم يقين وشهود ومما حقّقنا ظهر ّ
يكون نفسه متضرعة إلى هللا خائفة ال يعول على شيء من
116
“ “ 117
علمه [ عمله -ظ ] واطاعته وان كان صحيحا وسالما من آفة الرياء ونحوها ،فيكون
دائما في مقام الخشية والخضوع والتضرع واالستكانة متوكال عليه ال غير ،وقد
وضح لك غاية الوضوح حقيقة البداء وسره الذي حارت فيه العقول وعجز عن إدراكه
سر ما ورد عن معدن العلوم والمعارف ومخزن الرموز والدقايق الفحول ،وكشف لك ّ
أهل البيت ،صلوات هللا عليهم وهو لو علم الناس ما في القول في البداء من األجر ،
يقر هلل بخمس بالبداء ( إلى آخره ) وما
ما افتروا عن الكالم وما يتنبأ نبي قط حتى ّ
بعث هللا نبيّا قط اال بتحريم الخمر وان يقروا له بالبداء وغير ذلك مما هو مذكور في
كتب األحاديث ،فافهم واغتنم ،هذا ما جمعته من متفرقات كلمات القوم من العرفاء ،
الكاملين.
سر وتدقيق النظرولعمري في هذه المجموعة اسرار وحكم ال ينالها أحد اال بتلطيف ال ّ
،ومن لم يجعل هللا له نورا فما له من نور .تم هذه المجموعة وهذا مما افاده الفاضل
المحقق والعالم المدقق العارف الحكيم واألستاد العظيم آقا ميرزا هاشم من أجل تالمذة
الشيخ المؤيّد والعارف المعتمد شيخ العرفاء والحكماء المتأخرين آقا محمد رضا
القمشئي األصفهاني األصل والطهراني المسكن ،
والمحرر سيّد على أكبر بن سيّد عبد الحسين بن سيّد محمد صادق الطباطبائي 1312ّ
ه ق.
*
تم بحمد هللا تعالى رب العالمين
عبدهللا المسافر باهلل
.
117