You are on page 1of 117

‫رسالة النصوص أبي المعالي القونوي‬

‫أبي المعالي‬
‫صدر الدين محمد بن اسحق قونوي‬

‫‪1‬‬
‫“‪“2‬‬

‫كتاب رسالة النصوص‬


‫تأليف ‪ :‬ابو المعالي صدر الدين محمد بن اسحق قونوي‬

‫‪2‬‬
"3"
.

3
“4“

4
‫“‪“5‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬


‫بمستقرات الهمم مراتب علم اليقين وعينه وحقّه ( ‪ ) 1‬ودرجاته ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الحمد هلل الذي ابان‬
‫الطالبين حال الوصول إلى منتهى شأو نفوسهم تفاوت درجاتهم‬ ‫وأوضح بسكون قلق َّ‬
‫صته من بين الخلق بان لم يجعل لهم‬ ‫في منازل معرفته سبحانه وتقريباته ‪ ،‬وميّز خا ّ‬
‫غاية سوى ذاته من جميع عوالمه وحضرات أسمائه وصفاته ‪ ،‬بل جعل منتهى مدى‬
‫هممهم اشرف متعلَّقات علمه الذاتي وأعلى مراداته ‪ ،‬حتى صار نهاية مرادهم وغاية‬
‫مرماهم ما يريده بذاته لذاته ومن جهة أعلى حيثيّات شؤونه االصليّة األول وارفع‬
‫تعيناته فهو سبحانه عين علمهم اليقيني وعينه وحقّه ‪ ،‬في ساير مراتب علمه الذاتي‬
‫المتعلق به أوال ثم بمعلوماته ( ‪ ) 2‬مع استهالكهم فيه من حيث هم وبقاء حكمهم‬
‫وسرايته في جميع موجوداته وحضراته ‪ .‬وصلى هللا على المتحقّق به من حيثيّة‬
‫الشهود األكمل ‪ ،‬والعلم األتم ‪ ،‬األشرف األشمل مع‬
‫‪..............................................................‬‬
‫) ‪( 1‬اى درجات كل من علم اليقين وعينه وحقّه‪.‬‬
‫) ‪( 2‬معلوماته ( خ ‪ ،‬ل )‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫“‪“6‬‬

‫دوام الحضور معه سبحانه في جميع مواطنه وأحواله ومقاماته ومراتبه ونشأته ‪ ،‬سيّدنا‬
‫محمد صلى هللا عليه وآله ‪ ،‬والصفوة من أ ّمته وإخوانه ‪ ،‬الحائزين ميراثه االت ّم‬
‫المشتمل على علومه وأحواله ومقاماته مع تحقّقهم بنتائج حظوظهم ( ‪) 1‬‬
‫االختصاصيّة المميّزة ايّاهم عنه التي تميّز بها ( ‪ ) 2‬خواص الوسائط وثمرات التبعية‬
‫مستمرة الحكم دائمة االتباع ( ‪ ) 3‬دوام الزمان من‬‫ّ‬ ‫واحكام الح ّد والروابط ‪ ،‬صالة‬
‫حيث حقيقته الكليّة وصور أحكامها التفصيليّة المعبّر عنها بسنينه وشهوره وايّامه‬
‫وساعاته) ‪.( 1‬‬

‫نص شريف هو أول النّصوص الواجب تقديمه‬ ‫ّ‬


‫اعلم أن الحق من حيث إطالقه الذاتي ( ‪ ) 4‬ال يص ّح ان يحكم عليه يحكم أو يعرف‬
‫بوصف أو يضاف اليه نسبة ما من وحدة أو وجوب وجود أو مبدئيّة أو اقتضاء ايجاد‬
‫أو صدور اثر أو تعلَّق علم منه‬
‫‪...........................................‬‬
‫) ‪( 1‬اى صفاتهم وأحوالهم‪.‬‬
‫صفات واألحوال بين احكام الروابط في‬ ‫) ‪( 2‬اى تميّز بالنتائج االختصاصيّة من ال ّ‬
‫القوة والضّعف والتقدّم والتأ ّخر مقاما‪.‬‬‫ّ‬
‫) ‪( 3‬اإليناع ‪ ،‬اإليقاع ( خ )‪.‬‬
‫) ‪( 4‬اى المأخوذ ال بشرط ‪ ،‬اى العتبار كونه وجودا فحسب ‪ ،‬اى من غير اعتبار‬
‫التّجريد والتخليط ‪ .‬فالمراد باإلطالق الذاتي هو ما ال يعتبر فيه قيد ‪ ،‬ال ما قيّد‬
‫باإلطالق ‪ ،‬وهو المأخوذ بشرط ‪ ،‬اى التجريد عن القيود ‪ ،‬واألول هو المأخوذ ال‬
‫بشرط ( ه ش )‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫”‪“7‬‬

‫الن كل ذلك يقضى بالتعيّن والتقيّد ‪ ،‬وال ريب في أن تعقل كل‬ ‫بنفسه أو غيره ( ‪ّ . ) 1‬‬
‫تعيّن يقضى بسبق الالتعيّن عليه ‪ ،‬وكل ما ذكرناه ينافي اإلطالق ‪ ،‬بل تصور اطالق‬
‫الحق ( ‪ ) 2‬يشترط فيه ان يتعقّل ‪ ،‬بمعنى انّه وصف سلبي ال بمعنى انّه اطالق ضدّه‬
‫التقييد ‪ ،‬بل هو اطالق عن الوحدة والكثرة المعلومتين ( ‪ ) 3‬وعن الحصر أيضا في‬
‫التنزه عنه فيصح في حقّه كل‬ ‫ّ‬ ‫اإلطالق والتقييد ‪ ،‬وفي الجمع بين كل ذلك ‪ ،‬أو ( ‪) 4‬‬
‫ذلك حال تنزهه ( ‪ ) 5‬عن الجميع ‪ ،‬فنسبة كل ذلك اليه وغيره ( ‪ ) 6‬وسلبه عنه على‬
‫سواء ‪ ،‬ليس أحد األمرين بأولى من اآلخر‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫وإذ أوضح هذا ‪ ،‬علم أن نسبة الوحدة ( والمبدئيّة والتأثير والفعل االيجادي ونحو ذلك‬
‫انما يص ّح وينضاف ) إلى الحق باعتبار التعيّن‪.‬‬
‫وأول التعيّنات ( ‪ ) 7‬المتعلَّقة ‪ -‬النسبة الذاتية ‪ -‬لكن باعتبار تميّزها‬ ‫ّ‬
‫‪..........................................................‬‬
‫) ‪( 1‬بغيره ‪ -‬خ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬اى ان قيّد باإلطالق فهو بمعنى سلبي ‪ ،‬اى ال يعتبر فيه القيد ‪ ،‬ال ان يعتبر فيه‬
‫عدم القيد ( ه ش )‪.‬‬
‫) ‪( 3‬للجمهور ‪ ،‬اى العدديتين ( ه ش )‪.‬‬
‫) ‪( 4‬وخ‪.‬‬
‫تنزهه عن الجميع ( إلى آخره ) فاطالقه عن كل القيود ال ينافي‬ ‫) ‪( 5‬قوله ‪ :‬حال ّ‬
‫ظهوره بقيود األشياء وأحكامها ‪ ( .‬تدبّر هاشم )‪.‬‬
‫) ‪( 6‬لفظة وغيره ليس في بعض النسخ ‪ ،‬وعلى هذه النسبة فهو عطف على كل ذلك‬
‫( هاشم )‪.‬‬
‫) ‪( 7‬قوله ‪ :‬وأول التعيّنات المتعلَّقة النسبة العلميّة الذاتيّة ( إلى آخره ) اى ‪ ،‬أول‬
‫لوازم الوجود الحق من حيث االلوهيّة والواحديّة التي فيها التعيّنات المتعلقة الممتازة‬
‫هو العلم الذاتي اإللهي فتعيّن نسب االلوهيّة بالعم ‪ .‬فقوله ‪ :‬أول ‪ ،‬مبتدأ وخبره النّسبة‬
‫العلميّة الذاتية ‪ .‬فهذه النسبة العلميّة الذاتيّة مقام الوحدانية التالية لألحديّة التالية لإلطالق‬
‫لمجهول النعت ‪ .‬وهي المس ّماة بالتعيّن الثاني وحضرة االرتسام والمعاني والواجبة‬
‫والمبدئيّة ‪ ،‬وغيرها من األسماء تدبر ( هاشم )‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫”‪“8‬‬

‫عن الذات ‪ ،‬االمتياز النسبي ( ‪ ) 1‬ال الحقيقي ( ‪ ، ) 2‬وبواسطة النسبة العلميّة ( ‪) 3‬‬
‫الذاتية يتعقّل وحدة الحق ووجوب وجوده ومبدئيته ‪ ،‬وسيّما من حيث إن علمه بنفسه‬
‫في نفسه ‪ ،‬وان عين علمه بنفسه سبب لعلمه بكل شيء ‪ ،‬وأن األشياء عبارة عن‬
‫تعيّنات تعقّالته الكليّة والتفصيليّة ‪ ،‬وان الماهيّات ( ‪ ) 4‬عبارة عن تلك التعقّالت ‪،‬‬
‫وانّها تعقّالت منتشئة التعقّل بعضها ( ‪ ) 5‬من بعض ‪ ،‬ال بمعنى انها تحدث في تعقّل‬
‫الرتبة عن البعض ‪،‬‬ ‫الحق ‪ ،‬تعالى هللا ‪ ،‬عما ال يليق به ‪ .‬بل تعقّل البعض ( ‪ ) 6‬متأ ّخر ّ‬
‫‪....................................................‬‬
‫) ‪( 1‬اى من حيث النسبة إلى المتعلَّقات ‪ .‬فالعلم باعتبار ذات الحق احدى مثله ‪،‬‬
‫وكثرته بالنسبة إلى المتعلَّقات ‪ .‬وهو أول الزم لذات الحق من حيث امتيازه النسبي ‪،‬‬
‫وهو محتد الكثرة المعنويّة ومشرعها‪.‬‬
‫) ‪( 2‬اى ال من حيث إنها صفة قائمة بالحق كما توهمه من قال بزيادة الصفات ‪ ،‬إذ ال‬
‫يقول به محقق موحد ‪ ،‬وكذلك ال باعتبار انّها عين الذّات ‪ ،‬إذا ال يعقل من تلك الحيثية‬
‫نسبة يعبر عنها بالعلم أو غيره ‪ .‬وال كثرته وجوديّة أو اعتباريّة ‪ .‬فافهم ( ميرزا‬
‫هاشم )‪.‬‬
‫) ‪( 3‬اى الذاتية اإللهيّة‪.‬‬
‫) ‪( 4‬اى حقائق األشياء عبارة عن تعقّالت تلك التعيّنات المس ّماة باألشياء ‪ ،‬وهي‬
‫المسماة باألعيان الثابتة ( ميرزا هاشم )‪.‬‬
‫) ‪( 5‬أجناسا وأنواعا واشخاصا ( ميرزا هاشم )‪.‬‬
‫الن بعضها كاألجناس لما تحتها ‪ ،‬وبعضها بمنزلة األنواع ‪ ،‬وبعضها بمنزلة‬ ‫)‪ّ (6‬‬
‫االشخاص وأحوالها ‪ .‬قال الشيخ المصنّف في النفحات [ = رسالة النفحات ( شيخ‬
‫احمد شيرازي ‪ -‬قده ‪ ) -‬چاپ گ طهران ‪ 1316‬ه ‪ .‬ق ‪ .‬صفحهء ‪ّ ، ] . 80‬‬
‫ان‬
‫صرحنا انّها كيفيات كاألجناس لما تحتها ‪ ،‬فيس ّمى من حيث‬ ‫الشؤون الكليّة اإللهيّة التي ّ‬
‫جنسيتها أسماء أول ‪ ،‬ومفاتيح الغيب ‪ ،‬وا ّمهات الصفات ‪ ،‬وغير ذلك من األلقاب ‪.‬‬
‫شئون ‪ ،‬مالئكة وأنبياء ‪ ،‬ورسال‬ ‫صور الوجوديّة الظاهرة بأحكام تلك ال ّ‬ ‫ويس ّمى ال ّ‬
‫ويتدرج األمر متنازال ‪ ،‬تنازل األنواع واألجناس النسبيّة ‪ ،‬حتى‬ ‫ّ‬ ‫وأولياء وغير ذلك ‪.‬‬
‫ان ذلك الحكم ‪،‬‬‫ينتهى األمر إلى االشخاص وأحوال االشخاص ‪ .‬انتهى فال يخفى عليك ّ‬
‫اى االنتشاء ‪ ،‬ثابت في األسماء والحقائق والمراتب ‪ .‬تدبّر ( هاشم )‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫”‪“9‬‬

‫وكلَّها تعقّالت ازليّة ابديّة على وتيرة واحدة يتعقّل في العلم ويتعلَّق ( ‪ ) 1‬بها بحسب ما‬
‫يقتضيه حقائقها ومقتضى حقائقها ( ‪ ) 2‬على نحوين‪.‬‬
‫أحدهما ‪ ،‬تعقّلها من حيث استهالك كثرتها في وحدة الحق ‪ ،‬وهو تعقّل المف ّ‬
‫صل في‬
‫المجمل ‪ ،‬كمشاهدة العالم العاقل بعين العلم في النّواة الواحدة ما فيها ّ‬
‫بالقوة من‬
‫األغصان واألوراق والثّمر الَّذي حصل في كل فرد من افراد ذلك الثمر ‪ ،‬مثل ما في‬
‫النّواة األولى ‪ ،‬وهكذا إلى غير نهاية‪.‬‬
‫والنّحو االخر ‪ ،‬تعقّل احكام الوحدة جملة بعد جملة ‪ ،‬فيتعقّل كل جملة بما يشتمل عليه‬
‫من الماهيات التي هي صور تلك التعقالت المتكثرة المتعدّدة ( ‪ ) 3‬للوجود الواحد ‪،‬‬
‫وهكذا عكس االستهالك األول المشار اليه ‪ ،‬فان ذلك عبارة عن استهالك الكثرة في‬
‫الوحدة ‪ ،‬وهذا‬
‫‪..............................‬‬
‫) ‪( 1‬اى يتعلَّق العلم بها‪.‬‬
‫) ‪( 2‬اى من حيث التعقّل وتعلَّق العلم بها‪.‬‬
‫) ‪( 3‬المتعددة ‪ .‬خ‬

‫‪9‬‬
‫” ‪“ 10‬‬

‫هو استهالك الوحدة في الكثرة ‪ ،‬فليعلم ذلك‪.‬‬

‫) ‪( 2‬النّص الثاني) ‪( 1‬‬


‫اعلم أن الحق من حيث إطالقه واحاطته ال يسمى باسم وال يضاف اليه حكم وال يتعيّن‬
‫بوصف وال رسم ‪ .‬ليس نسبة االقتضاء اليه بأولى من نسبة الالاقتضاء ‪ ،‬فان االقتضاء‬
‫المتعقّل إذ ذاك أو المنفي ‪ ،‬هو حكم متعيّن وصف مقيّد ‪ .‬ثم ليعلم أيضا ان االقتضاء‬
‫وان كان ذاتيّا ( ‪ ، ) 2‬فان له ثالث مراتب ‪ ،‬حكمه من حيث المرتبة األولى هو انّه ال‬
‫يتوقّف تعيّنه على شرط وال موجب ( ‪ ) 3‬تكون سببا لتعيّنه‪.‬‬
‫وحكمه من حيث المرتبة الثانية هو انّه يتوقف تعيّنه على شرط واحد فحسب‪.‬‬
‫وحكمه من حيث المرتبة الثالثة هو ‪ ،‬ان ظهور أحكامه يتوقف على شروط وأسباب‬
‫ووسايط ‪ ،‬فحكم االقتضاء األول ‪ ،‬الفيض الذاتي ال لموجب ‪ ،‬وال يتعقل في مقابله قابل‬
‫أو استعداد ( ‪ . ) 4‬وحكم االقتضاء‬
‫‪..................................................‬‬
‫نص شريف ‪ .‬خ‬ ‫)‪ّ (1‬‬
‫) ‪( 2‬اى ظهور الوجود الحق من الغيب إلى الشهادة ‪ ،‬وبروز من حيث اقترانه‬
‫لألعيان الثابتة التي هي الحقائق العلميّة على حسب أسئلتهم على حسب االستعدادات‬
‫والقابليّات األقدسيّة ‪ ،‬وان كان ذاتيا ال يتوقف على شيء ‪ ،‬ولكن له ثالث مراتب‬
‫وجوديّة من جهة القوابل يختلف حكمه بحسب تلك المراتب الوجوديّة ‪ .‬تدبّر ( ميرزا‬
‫هاشم )‪.‬‬
‫ى ( ش )‪.‬‬ ‫) ‪( 3‬اى وجود ّ‬
‫) ‪( 4‬اى استعداد مجعول ( ش )‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫“ ‪“ 11‬‬

‫شرط الوجودي هو العقل‬ ‫الثّانى التّوقّف على شرط واحد وجودي فحسب ‪ ،‬وذلك ال ّ‬
‫األول الذي هو الواسطة بين الحق وبين ما قدّر وجوده من الممكنات إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫وا ّما حكم االقتضاء من حيث المرتبة الثالثة ‪ ،‬فان ظهور اثره وحكمه موقوف على‬
‫شروط شتى كباقي الموجودات ‪ .‬ولست اعني بهذا ‪ ،‬ان ث ّمة اقتضاآت ثالثة مختلفة‬
‫الحقائق ‪ ،‬بل هو اقتضاء واحد له ثالث مراتب ‪ ،‬يظهر ويتعيّن به من حيثيّة ك ّل مرتبة‬
‫منها اثر ‪ ،‬أو آثار ‪ .‬فافهم‪.‬‬

‫) ‪( 3‬ومن النّصوص اإللهيّة‬


‫اعلم أن العلم الوحداني الذاتي ‪ ،‬يضاف ( ‪ ) 1‬اليه التعدّد من حيث تعلَّقه بالمعلومات ‪،‬‬
‫وال يتحقّق بإدراكها اال من حيث تعيّناته وتعلَّقاته ‪ ،‬وتعلَّقه بكل معلوم تابع للمعلوم‬
‫بحسب ما هو المعلوم عليه في نفسه ‪ ،‬بسيطا كان المعلوم ‪ ،‬أو مر َّكبا ‪ ،‬زمانيّا كان أو‬
‫مكانيّا ‪ ،‬أو غير زماني وال مكاني ‪ ،‬موقت القبول ‪ ،‬متناهي الحكم والوصف ‪ ،‬أو غير‬
‫موقت وال متناه فيما ذكرناه ‪ ،‬فاعلم ذلك ‪ .‬ومن تفاريع ما ذكرنا ( ‪ ) 2‬من النّصوص‬
‫أيضا ‪ ،‬ان الحكم من كل حاكم) ‪( 3‬‬
‫‪...........................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ينضاف ( خ ل )‪.‬‬
‫نص ( خ ل )‪.‬‬‫)‪ّ (2‬‬
‫) ‪( 3‬اى الحكم قد يكون تابعا لحال الحاكم ‪ ،‬وقد يكون تابعا لحال المحكوم عليه‬
‫( ش )‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫“ ‪“ 12‬‬

‫على كل محكوم عليه تابع لحال الحاكم حين الحكم ‪ ،‬وتابع لحال المحكوم عليه حال‬
‫تنوعت‬ ‫حكم الحاكم عليه ‪ ،‬فإن كان المحكوم عليه مما من شأنه التّنقّل في األحوال ‪ّ ،‬‬
‫احكام الحاكم عليه في كل حال ‪ ،‬واختلف بحسب تلبّسه بتلك األحوال ‪ ،‬وان كان‬
‫المحكوم عليه من شأنه الثّبات على وتيرة واحدة ثبت حكم الحاكم عليه بحسب التعلق‬
‫األول المعيّن بحكم ( ‪ ) 1‬الحاكم ومقتضاه ‪ ،‬وبقي االمر بحسب حال الحاكم ( ‪. ) 2‬‬
‫هل الحاكم من مقتضى ذاته التقلَّب في األحوال بحسبها ‪ ،‬أو مقتضى ذاته انّه ثابت‬
‫واألحوال تتقلَّب ( ‪ ) 3‬عليه ‪ ،‬فيكون تبعيّة حكم الحال بحسب أحد األمرين الحاصرين‬
‫لمراتب حكم كل حاكم وك ّل محكوم عليه ‪ ،‬إذ ال يخرج عما ذكرته حكم حاكم وال‬
‫‪..........................................................‬‬
‫) ‪( 1‬لحكم ( خ ل )‪.‬‬
‫) ‪( 2‬يعنى ‪ ،‬إذا قسمنا األمر بحسب المحكوم عليه ‪ ،‬وبيّنا حكم ك ّل قسم ‪ ،‬بقي عندنا‬
‫بيان حال الحكم بحسب الحاكم ومالحظته ‪ ،‬انّه هل هو من مقتضى ذاته انّه ثابت على‬
‫وتيرة واحدة ‪ ،‬واألحوال تتقلَّب عليه ‪ ،‬كالوجود وظهوراته ‪ ،‬أو مقتضى ذاته التقلَّب‬
‫الن معلومات الحق ال‬ ‫سالك ومقاماته وحكم األول الثبات ‪ّ ،‬‬ ‫في األحوال بحسبها ‪ ،‬كال ّ‬
‫ان الحاكم‬ ‫يتبدّل ‪ ،‬وحكم الثاني التبّدل بحسب تبدّل الحاكم ‪ ،‬والحاصل في المقام ‪ّ ،‬‬
‫والمحكوم عليه بحسب الثّبات والتقلَّب على أربعة أقسام‪.‬‬
‫فان الحاكم الذي هو الحق والمحكوم عليه الذي‬ ‫األول ‪ ،‬كونهما ثابتين ‪ ،‬كالعلم الذاتي ‪ّ ،‬‬
‫هو الحق أيضا ثابتان ‪ ،‬فان الحق يحكم بنفسه لنفسه بانّه معلوم ‪ .‬والثاني ‪ ،‬كونهما غير‬
‫سالك حين ينتقل إلى المقامات ‪ ،‬والثالث ‪ ،‬كون الحاكم ثابتا دون‬ ‫ثابتين كاحكام ال ّ‬
‫المحكوم عليه ‪ ،‬كاحكام الوجود على التعيّنات ‪ ،‬وحكمه التنوع‪.‬‬
‫الرابع ‪ ،‬عكه ‪ ،‬كاحكام التعيّنات على الوجود ‪ ،‬وحكمه الثبات بحسب التعيّن األول‪.‬‬
‫(ميرزا هاشم‪) .‬‬
‫) ‪( 3‬تنقلب ( خ ل )‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫“ ‪“ 13‬‬

‫محكوم عليه‪.‬‬

‫) ‪ ( 4‬ومن النّصوص‬
‫ان العلم يتبع الوجود ‪ ،‬بمعنى انّه حيث يكون الوجود يكون العلم دون انفكاك ‪ ،‬وتفاوت‬
‫العلم بحسب تفاوت قبول الماهية الوجود تماميّة ونقصا ( ‪. ) 1‬‬
‫فالقابل للوجود على وجه أتم ‪ ،‬يكون العلم هناك أتم ‪ ،‬وينقص العلم بمقدار القبول‬
‫الناقص وغلبة احكام اإلمكان على احكام الوجوب عكس ما ذكرناه أوال ‪ .‬فاعلم ذلك‪.‬‬

‫) ‪ ( 5‬ومن النّصوص المحقّقة‪:‬‬


‫وان كنت قد المعت بطرف منه في بعض المواضع من كتبي في ضمن امر آخر‬
‫صة بخصوص‬ ‫وبلسانه ‪ ،‬لكن لما أفرزت هذا الكتاب لذكر النصوص من األذواق المخت ّ‬
‫مقام الكمال دون لسان عمومه من األذواق المقيّدة الحاصلة ألرباب المقامات‬
‫المخصوصة والمستندة ‪ ،‬من حيث االصالة إلى حضرة اسم أو صفة من الصفات‬
‫اقرر وأميّز‬
‫ى ان ّ‬ ‫واألسماء اإللهية التي هي محتد ذلك الذوق الخاص وبسببه وجب عل ّ‬
‫يختص بذوق مقام األكمل واألجمع ‪ ،‬وصحة ثبوته‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،‬ما‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬نقصانا ( خ ل )‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫“ ‪“ 14‬‬

‫ومطابقته لما يعلمه هللا في أعلى درجات علمه وات ّمها وأكملها من ذلك االمر ‪ ،‬المترجم‬
‫عنه دون تقرير ص ّحته وثبوته بالنسبة واإلفاضة وفي مقام دون مقام وباعتبار حال‬
‫ووقت دون غيرها من األوقات واألحوال ‪ ،‬وما ذكر‪( 1 ) .‬‬

‫فنقول بعد تقديم هذه المقدمة ( الكليّة ‪ -‬خ ل ) في بيان هذا النّص الذي قصدنا إيضاحه‬
‫سه أو خياله جمعا وفرادى ولم ينته‬ ‫ان كل معلوم أدركه اإلنسان بنظره أو كشفه أو ح ّ‬ ‫‪ّ ،‬‬
‫سا وخياال إلى ادراك ما وراه بعد معرفة‬ ‫نظره أو كشفه لذلك االمر أو إدراكه ايّاه ح ّ‬
‫ذاتيّاته ولوازمه الكلية ‪ ،‬فانّه لم يدرك ذلك االمر حق اإلدراك تماما ‪ ،‬ولم يعرفه حق‬
‫المعرفة ‪ ،‬سواء كان متعلق إدراكه ومعرفته العالم من حيث معانيه وارواحه ‪ ،‬أو من‬
‫حيث صوره واعراضه ‪ ،‬أو كان متعلق معرفته الحق ‪ ،‬فانّه متى كشف له عن جليّة‬
‫االمر صورة يعيّن كل معلوم في علم الحق ‪،‬‬
‫وجد االمر كذلك ‪ ،‬فانّه ما لم ينته معرفته بالحق إلى إطالقه وصرافة وحدة ذاته‬
‫الحقيقيّة التي ال اسم يعيّنها وال وصف وال حكم وال رسم وال ينضبط بشهود وال يعقل‬
‫وال ينحصر في امر معيّن ‪ ،‬لم يعلم أن ليس وراء هللا ( ‪ ) 2‬مرمى ‪،‬‬
‫ّ‬
‫الحق اال العدم المتو ّهم ‪.‬‬ ‫وان اإلحاطة به علما وشهودا محال ‪ ،‬وان ليس بعد وجود‬ ‫ّ‬
‫باَّلل على نحو ما يعلم نفسه طريق آخر أعلى وات ّم‬ ‫وهذا ‪ ،‬وان كان لمعرفة تعذّر العلم َّ‬
‫واكشف ‪ ،‬عرفناه ذوقا وشهودا ‪ ،‬بحمد هللا تعالى ومنّه ‪ ،‬لكن ذلك م ّما يحرم بيانه‬
‫وتسطيره ‪ ،‬وغاية‬
‫‪............................................................‬‬
‫) ‪( 1‬من المقام واإلضافة فهو عطف على األحوال ( ش )‪.‬‬
‫سية وال عقليّة ( ش )‪.‬‬
‫) ‪( 2‬إذ العدم المحض ال يكون مقصدا لإلشارة ال ح ّ‬

‫‪14‬‬
‫“ ‪“ 15‬‬

‫البيان عنه ‪ ،‬هذا االلماع ( ‪ ) 1‬المذكور هذا ‪ ،‬وان كان الذّوق والمعرفة الحاصلة‬
‫شهود من حيث استناد ذلك الذّوق والمقام إلى حضرة اسم من األسماء‬ ‫لصاحبه ‪ ،‬وال ّ‬
‫اإللهيّة ‪ ،‬الَّذي هو قبلة صاحب ذلك المقام ‪ ،‬وغاية معرفته من الحق نهاية ( ‪، ) 2‬‬
‫بأن االسم عين المس ّمى ‪ ،‬كما أوضحناه في مواضع من‬ ‫سيّما من الوجه الذي يقضى ّ‬
‫كالمنا ‪ ،‬لكن تلك غايات نسبيّة ‪ ،‬فان المبادي والغايات اعالم الكماالت النسبيّة ‪،‬‬
‫واالمر من حيث الكمال الحقيقي ( ‪ ) 3‬بخالف ذلك ( ‪. ) 4‬‬
‫واليه اإلشارة بقوله ألكمل عبيده “ وأ َ َّن ِإلى ( ‪َ ) 5‬ر ِبّ َك ْال ُم ْنتَهى “ ‪.‬‬
‫وادرج سبحانه في هذه اآلية لطيفة أخرى خفيّة ‪ ،‬وهو كونه لم يقل ‪ّ :‬‬
‫وان إلى ربّك‬
‫الربوبيّة ‪ ،‬الغاية التي هي غاية الغايات ‪،‬‬ ‫ان غايته من مطلق ّ‬ ‫منتهاك ‪ ،‬بل نبّه على ّ‬
‫وليس بعدها اال تفاصيل درجات في األكمليّة التي ال‬
‫‪..............................................................‬‬
‫) ‪( 1‬البيان ( خ ل )‪.‬‬
‫) ‪( 2‬قوله ‪ :‬نهاية ‪ :‬خبر لكان في قوله ‪ :‬وان كان الذّوق ( إلى آخره )‪.‬‬
‫األول ( ش )‪.‬‬
‫المختص بصاحب أحديّة الجمع والتعيّن ّ‬ ‫ّ‬ ‫) ‪( 3‬وهو الكمال‬
‫) ‪( 4‬اى ليس له غايات بل له غاية واحدة هي غاية الغايات ‪ ،‬بل ال غاية له وال نهاية‬
‫( ش )‪.‬‬
‫) ‪( 5‬قوله ‪ِ ( * :‬إلى َر ِبّ َك ْال ُم ْنتَهى ) * ‪ .‬ألن ربّه هو التعيّن األول والوحدة الحقيقيّة‬
‫الذاتيّة التي نسبة األحديّة والمسقطة لجميع االعتبارات والواحديّة المثبتة لجميع‬
‫سواء ‪ ،‬وهي المنشأ لألحديّة والواحديّة ‪ ،‬فهو أصل األسماء‬ ‫االعتبارات إليها على ال ّ‬
‫اإللهيّة المضاف إليها الربوبيّة ومنشؤها ومنتهاها ‪ .‬فتدبّر في هذه اآلية الشريفة ‪ ،‬ألنّها‬
‫صريحة في ختميّته “ صلى هللا عليه وآله “ وانّه ال مقام فوق مقامه “ صلى هللا عليه‬
‫وآله “ ‪ ،‬فمن ادعى الفوقيّة فهو كاذب جاهل فتأ ّمل ( ميرزا هاشم ) س ‪ ، 53‬ى ‪.43‬‬

‫‪15‬‬
‫“ ‪“ 16‬‬

‫يقف عند ح ّد وغاية ‪ .‬وقد أشار “ صلى هللا عليه وآله “ إلى ما ذكرناه في بعض‬
‫مناجاته ‪ ،‬فقال ‪ :‬أعوذ برضاك من سخطك ‪ ،‬وبمعافاتك من عقوبتك ‪ ،‬وأعوذ بك منك‬
‫‪ ،‬ال احصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ‪ .‬اى ‪ :‬ال أبلغ كل ما فيك ‪ ،‬فجمع فيه‬
‫بين التّنبيه على تعذّر اإلحاطة ( ‪ ، ) 1‬وبين التعريف ( ‪ ) 2‬بانتهائه في معرفة الحق‬
‫إلى غاية الغايات ‪ ،‬وهذا كالتّفسير لآلية المذكورة ‪ ،‬وهي قوله ‪ ( * :‬وأ َ َّن ِإلى َر ِبّ َك‬
‫ْال ُم ْنتَهى ‪ ،‬وفي األحاديث النبويّة تنبيهات كثيرة تشير إلى ما ذكرناه ‪ ،‬من تتبّعها بعد‬
‫التيقّظ والتفهيم ( ‪ ) 3‬لما ذكرته ‪ ،‬ألفاه واضحا جليّا‪.‬‬
‫ث ّم نقول ‪ :‬ولهذا المقام والذّوق المنبّه عليه السنة يترجم عنه بصيغ مختلفة ‪ ،‬فمن ألسنته‬
‫ان رجاله * ( يَ ْع ِرفُونَ ُكالًّ‬ ‫في القرآن من حيث التسمية األعراف الذي أخبر سبحانه ّ‬
‫بِ ِسيما ُه ْم ) * ‪ ،‬وهذا من خاصيّة االستشراف على األطراف ( ‪ ، ) 4‬باالنتهاء ‪ ،‬في‬
‫معرفة األشياء إلى الغاية التي يوجب االستشراف على ما وراءها ‪ ،‬ولسانه في مقام‬
‫سر كل‬ ‫النبوة واسمه المطلع كما قال “ صلى هللا عليه وآله “ في امر القرآن ‪ ،‬بل في ّ‬
‫ان لها ‪ ،‬ظهرا ‪ ،‬وبطنا وحدا ومطلعا ‪ ،‬إلى سبعة ابطن ‪ .‬وفي رواية إلى‬ ‫آية منه ‪ّ ،‬‬
‫سبعين بطنا ‪ .‬وقد نبّهت ( ‪ ) 5‬على ذلك في تفسير الفاتحة ‪،‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫) ‪( 1‬اى بقوله ‪ :‬ال احصى ( ش )‪.‬‬
‫) ‪( 2‬اى بقوله ‪ :‬أعوذ بك منك ( ش )‪.‬‬
‫) ‪( 3‬التف ّهم ( خ ل )‪.‬‬
‫) ‪( 4‬األعراف ( خ )‪.‬‬
‫) ‪( 5‬قال في ذيل تفسير مالك يوم الدّين بعد تمهيد بيان وتقرير ‪ ،‬فنقول‪:‬‬
‫صفات الكليّة المستوعبة مراتب اإليضاح واإلفصاح وقد‬ ‫الكالم اإللهي من أجل النّسب وال ّ‬
‫صدر من حضرة الحق ووصل إلينا منصبغا بحكم الحضرات الخمس االصليّة المذكورة ‪،‬‬
‫والنص‬
‫ّ‬ ‫وما اشتملت عليه وله ‪ ،‬كما أخبر “ صلى هللا عليه وآله وسلَّم “ ظهر وهو الجلي‬
‫المنتهى إلى أقصى مراتب البيان ‪ ،‬والظهور نظير الصور المحسوسة ‪ ،‬وله أيضا بطن‬
‫ى ‪ ،‬نظير األرواح القدسيّة المحجوبة عن أكثر المدارك ‪ ،‬وله ح ّد مميّز بين الظاهر‬ ‫خف ّ‬
‫والباطن به يرتقى من الظاهر إلى الباطن وهو البرزخ الجامع بينهما بذاته والفاصل أيضا‬
‫بين الباطن ‪ ،‬والمطلع ‪ ،‬ونظيره عالم المثال الجامع بين الغيب المحقق والشهادة ‪ ،‬وله مطلع‬
‫وهو ما يفيدك االستشراف على الحقيقة التي إليها يستند ما ظهر وما بطن وما جمعهما وميّز‬
‫بينهما فيريك ما وراء ذلك كلَّه ‪ ،‬وهو أول ‪ ،‬منزل من منازل الغيب الذاتي اإللهي وباب‬
‫سر الكالم ‪،‬‬
‫حضرة األسماء والحقائق المجردة الغيبيّة ‪ ،‬ومنه يستشرف المكاشف على ّ‬
‫صات لهذا التجلَّى الكالمي ‪،‬‬ ‫األحدى الغيبي ‪ .‬فيعلم ان الظهور والبطون والحد والمطلع ‪ ،‬من ّ‬
‫ومنازل التعيّنات احكام االسم المتكلَّم من حيث امتيازه عن المس ّمى ‪ .‬وللكالم من حيث انّه‬
‫مر‬
‫سر النفس الرحماني ‪ ،‬وقد ّ‬ ‫ليس بشيء زايد على ذات المتكلَّم رتبة خامسة ‪ ،‬تعرف من ّ‬
‫حديثه ‪ .‬انتهى ( ميرزا هاشم )‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫“ ‪“ 17‬‬

‫فلينظر هناك ‪ ،‬واسمه ولسانه في اصطالح أهل هللا ‪ ،‬الموقف الذي هو منتهى ك ّل مقام‬
‫‪ ،‬والمستشرف منه على المقام المستقبل واسمه ؟‬
‫ولسانه في ذوق مقام الكمال بالنّسبة إلى ك ّل مقامين ‪ ،‬البرزخ الجامع بينهما ‪ ،‬وبالنسبة‬
‫إلى خصوص مقام الكمال برزخ النيران ؟ إلخ‬

‫نص شريف عزيز المنال‬‫)‪ّ (6‬‬


‫غيب هويّة الحق إشارة إلى إطالقه باعتبار الالتعيّن ووحدته‬

‫‪17‬‬
‫“ ‪“ 18‬‬

‫الحقيقة الماحية لجميع االعتبارات ‪ .‬واألسماء والصفات والنسب واإلضافات هي‬


‫عبارة عن تعقّل الحق نفسه وإدراكه لها من حيث تعيّنه ‪ ،‬وهذا التعقّل واإلدراك‬
‫التعيّنى وان كان يلي اإلطالق المشار اليه ‪ ،‬فانّه بالنّسبة إلى تعيّن الحق في تعقّل كل‬
‫متعقل ‪ ،‬في كل تجلى تعيّن مطلق وانّه أوسع التعينات ‪ ،‬وهو مشهود الكمل ‪ ،‬وهو‬
‫التجلي الذّاتى ‪ ،‬وله مقام التوحيد األعلى ومبدئيّة الحق يلي هذا التعيّن ‪ ،‬والمبدئيّة هي‬
‫محتد االعتبارات ومنبع النّسب واإلضافات الظاهرة في الوجود والباطنة في عرصة‬
‫التّعقّالت واألذهان ‪ ،‬والمقول فيه انّه وجود مطلق واحد واجب ‪ ،‬هو عبارة عن تعيّن‬
‫والحق من حيث هذه النسبة يسمى عند‬‫ّ‬ ‫الوجود في النسبة العلميّة الذاتيّة اإللهيّة ‪،‬‬
‫المحقق بالمبدأ ‪ ،‬ال من حيث نسبة غيرها‪.‬‬

‫فافهم هذا وتدبّر ‪ ،‬فقد أدرجت لك في هذا النّ ّ‬


‫ص أصل أصول المعارف اإللهيّة وهللا‬
‫المرشد‪.‬‬

‫نص شريف‬ ‫)‪ّ (7‬‬


‫كل سالك سلك على اى طريق ‪ ،‬كان غايته الحق بشرط فوزه منه تعالى بسعادة ما ‪،‬‬
‫سالك صاحب معراج وسلوكه عروج فافهم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫فان ذلك ال ّ‬

‫‪18‬‬
‫“ ‪“ 19‬‬

‫نص شريف كلَّى يحتوي على اسرار جليّة‬ ‫)‪ّ (8‬‬


‫اعلم أن كل ما يوصف بالمؤثريّة في شيء أو أشياء ‪ ،‬فإنه ال يصدق اطالق هذا‬
‫الوصف عليه تماما ‪ ،‬ما لم يؤثّر في حقيقة ذلك الشيء من حيث هو هو ‪ ،‬دون تعقّل‬
‫انضمام قيد آخر إلى تلك الحقيقة الموصوفة بالتأثير ‪ ،‬أو شرط ما خارجي كائنا ( ‪) 1‬‬
‫ما كان ‪.‬‬
‫وانّما ذكرت هذه القيود من أجل اآلثار المنسوبة إلى أشياء ( ‪ ) 2‬من حيث مراتبها أو‬
‫من حيث اعتبارات هي من لوازم حقائقها ‪ ،‬ومن أجل ما استفاض أيضا عند أهل العقل‬
‫النظري وأكثر أهل األذواق بان كل موصوف بالمرآتيّة ‪ ،‬سواء كانت مرآتيّة معنويّة‬
‫فان لها ‪ ،‬اى لتلك المرآة أثرا في المنطبع فيها ‪ ،‬لردها صورة المنطبع‬ ‫أو محسوسة ‪ّ ،‬‬
‫إليها ‪ ،‬وظهور صورة المنطبع فيها بحسبها ‪ ،‬وهذا صحيح من وجه ليس مطلقا ‪ ،‬فان‬
‫األثر للمرآة في المنطبع انما كان يص ّح ان لو اثّرت في حقيقته من حيث هو ‪،‬‬
‫وذلك غير واقع ‪ ،‬وانّما يثبت ( ‪ ) 3‬األثر للمرآة في المنطبع ‪ ،‬من حيث ادراك من لم‬
‫يعرف حقيقة المنطبع ‪ ،‬ولم يدركه اال في المرآة ‪ ،‬وليست المرآة بمحل لحقيقة المنطبع‬
‫‪ ،‬بل هي محل لمثاله‬
‫‪.......................................................‬‬
‫) ‪( 1‬كان ( خ ‪ ،‬ل ) ‪ .‬في نسخة األصل ‪ :‬كان ما كان‬
‫) ‪( 2‬األشياء ( خ ‪ ،‬ل )‪.‬‬
‫) ‪( 3‬ينسب ( خ ‪ ،‬ل )‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫“ ‪“ 20‬‬

‫وبعض ظهوراته ‪ ،‬والظهور نسبة تضاف إلى المنطبع من حيث انطباع صورته في‬
‫المرآة ‪ ،‬وليس عين حقيقة المنطبع ‪ .‬ومرادي بقولي ( ‪ ) 1‬بعض ظهوراته التّنبيه على‬
‫ان التجلَّيات الذاتيّة االختصاصيّة ال يكون في مظهر وال في مرآة وال بحسب مرتبة ما‬ ‫ّ‬
‫فان من أدرك الحق من حيث هذه التجليّات ‪ ،‬فقد شهد الحقيقة خارج المرآة من حيث‬ ‫‪ّ ،‬‬
‫هي هي ال بحسب مظهر وال مرتبة ‪ ،‬كما قلنا ‪ ،‬وال اسم وال صفة وال حال معيّن وال‬
‫غير ذلك ‪ ،‬وهو الذي يعلم ذوقا ّ‬
‫بان المرآة ال اثر لها في الحقيقة ‪ .‬وكان شيخنا االمام‬
‫يس ّمى هذه التجليّات الذاتيّة البرقيّة ( ‪ ، ) 2‬وما كنت اعرف يومئذ سبب هذه التّسمية ‪،‬‬
‫وال مراد الشيخ منها‪.‬‬

‫ان هذه التجليّات الذاتيّة البرقيّة ‪ ،‬ال يحصل اال لذي ( ‪ ) 3‬فراغ تا ّم من ساير‬ ‫ث ّم ّ‬
‫األوصاف واألحوال واالحكام الوجوبيّة االسمائيّة واالمكانيّة ‪ ،‬وهذا الفراغ ‪ ،‬فراغ‬
‫مطلق ال يغاير اطالق الحق ‪ ،‬غير انّه ال مكث له أكثر من نفس واحد ‪ ،‬ولهذا شبّه‬
‫بالبرق ‪ .‬وسبب عدم دوامه حكم جمعيّة الحقيقة االنسانيّة ‪ ،‬وكما أن هذه الجمعيّة ال‬
‫يقتضي دوامه ‪ ،‬كذلك لو لم يتض ّمن الجمعيّة االنسانيّة هذا الوصف من الفراغ‬
‫واإلطالق المستجلب لهذه التجليّات ‪ ،‬لم يكن الجمعيّة االنسانيّة ‪ ،‬جمعيّة مستوعبة ك ّل‬
‫وصف وحال وحكم ‪ ،‬فحكم الجمعيّة يثبته وينفى دوامه ‪ .‬ووجدت لهذا التجلي لما‬
‫منحنيه هللا ( ‪ ) 4‬احكاما غريبة في باطني وظاهري ‪ .‬من جملتها ‪ ،‬انّه مع عدم‬
‫‪.......................................................‬‬
‫) ‪( 1‬من قولي ( خ ‪ ،‬ل )‪.‬‬
‫) ‪( 2‬قوله ‪ ( :‬س ‪ “ ) 9‬شيخنا االمام ‪ “ .‬يمكن ان يقرء يسمى هذه ‪ ،‬التجليات البرقية‬
‫كما في بعض النسخ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬لدى ( خ ‪ ،‬ل )‪.‬‬
‫) ‪( 4‬منحنى هللا ( خ ل )‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫“ ‪“ 21‬‬

‫مكثه نفسين ‪ ،‬يبقى في المحل من األوصاف والعلوم ما ال يحصره اال هللا ‪ .‬وقد عرفت‬
‫في ليلة كتابتي هذا الوارد ‪ ،‬انّه من لم يذق هذا المشهد ‪ ،‬لم يكن محمدي الوارث ‪ ،‬ولم‬
‫سر قوله " عليه السالم "‪:‬‬ ‫يعرف ّ‬
‫لي مع هللا وقت ال يسعني غير ربّى ‪.‬‬
‫سر قوله ‪ :‬كان هللا وال شيء معه‪.‬‬ ‫وال ّ‬
‫ص ِر “‬‫واح َدة ٌ ( ‪َ ) 1‬كلَ ْمحٍ ِب ْالبَ َ‬
‫سر قوله “ وما أ َ ْم ُرنا ِإ َّال ِ‬
‫وال ّ‬
‫سر مبدئيّة اإليجاد ال في زمان موجود ‪ .‬كما انّه من ذاق هذا المشهد وقد‬ ‫وال يعرف ّ‬
‫كان علم أن األعيان الثابتة هي حقايق الموجودات وأنّها غير مجعولة وحقيقة الحق‬
‫منزهة عن الجعل والتأثّر ‪ ،‬وما ث ّم امر ثالث غير الحق واألعيان ‪ ،‬فانّه يجب ان يعلم ‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وأن األشياء هي المؤثّرة في أنفسها‬ ‫ان ص ّح له ما ذكرنا ‪ ،‬ان ال اثر لشيء في شيء ‪ّ ،‬‬
‫وان المس ّماة علال وأسبابا مؤثّرة ‪ ،‬شروط في ظهور األشياء في أنفسها ‪ ،‬ال ان ث ّمة‬ ‫‪ّ ،‬‬
‫حقيقة تؤثّر في حقيقة غيرها ‪ .‬وهكذا فليعرف االمر في المدد ‪ ،‬فليس ث ّمة شيء يم ّد‬
‫شيئا غيره ‪ ،‬بل المدد يصل من باطن الشيء إلى ظاهره ‪ ،‬والتجلي النّورى الوجودي‬
‫يظهر ذلك ‪ ،‬وليس االظهار بتأثير في حقيقة ما اظهر ‪ ،‬فالنسب هي المؤثّرة بعضها‬
‫ان بعضها سبب النتشاء البعض وظهور حكمه في الحقيقة التي‬ ‫في البعض ‪ ،‬بمعنى ّ‬
‫هي محتدها ‪ ،‬ومن جملة ما يعرفه ذائق هذا التجلي ‪ ،‬ان ال اثر لألعيان الثابتة من‬
‫كونها مرائي في التجلي الوجودي اإللهي اال من حيث ظهور التعدّد الكائن في غيب‬
‫( ‪ ) 2‬ذلك التجلي ‪ ،‬فهو اثر في نسبة الظهور الذي هو شرط في االظهار ‪ ،‬والحق‬
‫يتعالى عن أن يكون متأثّرا من غيره ‪ ،‬ويتعالى حقايق الممكنات ( ‪ ) 3‬ان يكون من‬
‫‪............................................................‬‬
‫) ‪( 1‬س ‪ ، 54‬ى ‪.50‬‬
‫) ‪( 2‬قوله ( س ‪ ) 19‬الكائن في غيب ‪ . . .‬في نسخة م ش ‪ :‬الكامن‪. . .‬‬
‫) ‪( 3‬الكائنات ( خ ‪ ،‬ل )‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫“ ‪“ 22‬‬

‫حيث حقائقها متأثّرة ‪ ،‬فانّها من هذا الوجه في ذوق الكمل عين شؤون الحق ‪ ،‬فال جائز‬
‫ان يؤثّر فيها غيرها ‪ ،‬فال اثر لمرآة ما من حيث هي مرآة في حقيقة المنطبع فيها ‪ ،‬لما‬
‫مر بيانه ‪ .‬فافهم هذا النّص وتدبّره ‪ ،‬فقد أدرجت فيه من نفايس العلوم واالسرار ما ال‬ ‫ّ‬
‫ص المبين ‪ ،‬وك ّل مما تسمعه مما يخالف‬ ‫الحق اليقين والنّ ّ‬
‫ّ‬ ‫يقدّر قدره اال هللا ‪ ،‬وهذا هو‬
‫هذا وان كان صوابا ‪ ،‬فانّه صواب نسب ّ‬
‫ى‪.‬‬
‫ّ‬
‫الحق الصريح الذي ال مرية فيه ‪ ،‬وهللا المرشد الهادي‪.‬‬ ‫وهذا هو‬

‫‪ [ 9‬نص]‬
‫من النصوص الكليّة ( ‪ ) 1‬نصوص ذكرتها في كتاب مفتاح غيب الجمع وتفصيله وفي‬
‫غيره من الكتب ‪ ،‬التي أنشأتها غير مختلط بكالم أحد من الناس ‪ ،‬فان ذلك ليس من‬
‫دأبى ‪ ،‬إذ قد عصمني هللا من ذلك ‪ ،‬وأغناني بهباته الخالصة العلية عن العواري‬
‫سفليّة ‪ ،‬غير انّه لما اختص هذا الكتاب بذكر النّصوص ‪ ،‬وجب ذكر تلك‬ ‫الخارجيّة ال ّ‬
‫النصوص أيضا هاهنا‪.‬‬
‫ان كل ( ‪ ) 2‬ما هو سبب في وجود كثرة وكثير ( ‪ ، ) 3‬فانّه من‬ ‫فأقول ‪ :‬من جملتها ‪ّ ،‬‬
‫حيث هو كذلك ‪ ،‬ال يمكن ان يتعيّن بظهور ‪ ،‬وال‬
‫‪.................................................‬‬
‫نص ( خ ‪ ،‬ل )‪.‬‬ ‫)‪ّ (1‬‬
‫) ‪( 2‬ال استعين ( خ ‪ ،‬ل )‬
‫) ‪( 3‬شرح مفتاح الغيب چاپ گ ط ‪ 1323‬ه ص تفسير الفاتحة چاپ حيدرآباد‪.‬‬
‫حيدرآباد‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫“ ‪“ 23‬‬

‫يبدو لناظر اال في منظور‪( 1 ) .‬‬


‫ومنها ‪ ،‬ان الشيء ال يصدر عنه وال يثمر ما يضاده ويباينه على‬
‫‪.................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬اى كل ما هو سبب في ظهور صور جزئيّاته ونسب تعلَّقاته من الحقيقة‬
‫ى ‪ ،‬انبساطي‬ ‫والطبيعة الكليّة االسمائيّة اإللهيّة والكونيّة والتجلَّى الكلَّى األحد ّ‬
‫االنبساطي ‪ ،‬فانّه من حيث إنه سبب وعام النسبة ‪ ،‬ال يتعيّن بظهور معين واحد من‬
‫ظهوراته ‪ ،‬بل بظهور ك ّل معيّن كالوجود العام من حيث نسبة عمومه إلى الكل ‪ ،‬ال‬
‫يتعيّن بتعيّن مخصوص من تعيّنات نسب ظهوره ‪ .‬فكل من الحقائق والطبايع إذا اعتبر‬
‫ولوحظ من حيث إحاطته وانبساطه واشتراكه وكلَّيته ال من حيث الطبايع وطبيعتها ‪ ،‬ال‬
‫خاص من التعيّنات والظهورات ‪ ،‬بخالف ما إذا اعتبر من‬ ‫ّ‬ ‫يتعيّن بتعيّن واحد وظهور‬
‫حيث نفسه وطبيعته من غير اعتبار سببيّته العا ّمة واشتراكه ‪ ،‬فانّه يتعيّن بحسب مظهر‬
‫ومظهر ‪ .‬واالعتبار األول نظير الكلَّى العقلي الذي ال وجود له في الخارج ‪ ،‬كالحقيقة‬
‫االنسانيّة من حيث عموم نسبتها وكلَّيتها ‪ ،‬فانّها حينئذ ال يقتضي تعيّن زبد أو عمرو ‪،‬‬
‫ى الحقيقة المأخوذة ال بشرط ‪ ،‬ال‬ ‫أو غيرهما ‪ .‬واالعتبار الثاني هو الكلى الطبيعي ‪ ،‬ا ّ‬
‫المأخوذة بشرط ال شيء ‪ ،‬اى الحقيقة من حيث إطالقها والفرق بينهما ظاهر ‪ ،‬إذا‬
‫األولى ليست من حيث هي كلَّية وال جزئيّة وال واحدة وال كثيرة ‪ ،‬وال سببا وال مسببا‬
‫‪ ،‬وال غير ذلك ‪ .‬اى لم يعتبر فيها شيء منها ‪ ،‬فهو المطلق الحقيقي الغير القابل للمقيّد‬
‫التجرد عن القيود فيها ‪ ،‬فهو‬
‫ّ‬ ‫‪ ،‬بخالف الثانية ‪ ،‬العتبار الكليّة وقيد اإلطالق ‪ ،‬اى‬
‫اطالق ضدّه التّقييد ‪ .‬وبالجملة فاعتبار الشركة والكليّة تنافي اعتبار تعيّن خاص جزئي‬
‫‪ ،‬ألنّه اعتبار عدم الشركة ‪ ،‬فال يجتمعان‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫“ ‪“ 24‬‬

‫اختالف ضروب األثمار وأنواعه المعنويّة والروحانيّة والمثاليّة‬

‫‪24‬‬
‫“ ‪“ 25‬‬

‫والخياليّة والحسيّة والطبيعيّة ‪ ،‬وهذا عام في كل ما يس ّمى مصدرا لشيء أو أشياء أو‬
‫أصال مثمرا ‪ ،‬لكن ( ‪ ) 1‬انّما يكون له هذا الوصف‬
‫‪.................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬قوله ‪ :‬لكن انّما يكون له هذا الوصف باعتبار تعلَّقه من حيث هو هو ( إلى‬
‫شىء وعدم انتاجه ما يضاده ويبايضه ‪ ،‬ال يكون على سبيل‬ ‫آخره ) اى عدم أثمار ال ّ‬
‫اإلطالق ‪ ،‬بل انّما يكون للشيء هذا الوصف ‪ ،‬اى عدم أثمار الض ّد والتباين ‪ ،‬إذا‬
‫ى ‪ .‬واما في غير ذلك القسمين ‪ ،‬قد‬ ‫اعتبر تعلَّقه من حيث هو هو وباعتبار آخر خف ّ‬
‫يكون الثمر ضدّا ومباينا للمصدور والمثمر ‪ ،‬كما إذا اعتبر شرط زائد في التعلق‬
‫ان عدم أثمار الض ّد والمباين ‪ ،‬ظاهر ومسلَّم‬ ‫والمصدريّة ‪ .‬وعرضه ( رحمه هللا ) ‪ّ ،‬‬
‫ى‬‫في اعتبار الشيء في التعلق والمصدريّة من حيث هو هو ومن حيث اعتبار آخر خف ّ‬
‫‪ ،‬وفي غيرهما يكون عدم أثمار الض ّد ‪ ،‬محل خفاء وتأ ّمل ‪ ،‬بل قد يتو ّهم المصدريّة‬
‫على حسب ظاهر النظر وبدو األمر ‪ ،‬كما في صورة اعتبار الشرط الزائد في‬
‫المصدريّة‪.‬‬
‫مثال يتو ّهم من أثمار الروحانيات الثّابتات الباقيات الحوادث المتجددة الفانية ‪ّ ،‬‬
‫ان‬
‫سقمونياء الحارة ‪ ،‬وكذا من صدور العالم من‬ ‫الشيء يثمر ما يضادّه ‪ ،‬وكذا من تبريد ال ّ‬
‫الواحد الحقيقي ‪ ،‬يتو ّهم ضديّة الثمرة للمثمر ولكن الحكم بالضديّة في كل ذلك في‬
‫ظاهر النّظر ‪ ،‬واما بعد التأ ّمل ودقّة النظر ‪ ،‬يحكم بعدم الضديّة والمباينة ‪ ،‬ألن الثمر‬
‫متعلق بذلك الشيء على حسب الشرط الخارج ‪ ،‬فيكون المصدر والمثمر هو ذلك‬
‫شروط‬ ‫الشيء مع الشرط ‪ ،‬اى ذلك المجموع والهيئة الجمعيّة ‪ ،‬فبمالحظة ال ّ‬
‫واالعتبارات الخارجة ‪ ،‬يرتفع تو ّهم الضّديّة ‪ ،‬ويحكم بالمناسبة والمماثلة ‪ ،‬كما ّ‬
‫ان‬
‫اإلثمار في المثال األول بواسطة الحركات الفلكيّة واالتّصاالت الكوكبيّة الزائلة على ما‬
‫هو المشهور من الحكماء في مسألة ربط الحادث بالقديم ‪ ،‬وفي المثال الثاني من جهة‬
‫شرائط والوسائط ‪ ،‬يعلم أن الثمر‬ ‫صفراء وكذا نظائرهما ‪ ،‬فبعد مالحظة ال ّ‬ ‫اسهال ال ّ‬
‫شىء سواء اعتبر من حيث هو هو ‪،‬‬ ‫ان ثمرة ال ّ‬ ‫ليس ضدا ومباينا للمثمر ‪ .‬فظهر حينئذ ّ‬
‫الخاص الذي لك ّل موجود من جهة عينه الثابتة ‪ ،‬وال من حيث‬ ‫ّ‬ ‫ى ال من جهة الوجه‬ ‫ا ّ‬
‫شرائط الخارجة ‪ ،‬أو اعتبر من حيث الوجه الخاص ‪ ،‬أو من حيث‬ ‫األسباب وال ّ‬
‫الشرائط الزائدة الخارجة ال تناقضه وال تضاده‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫“ ‪“ 26‬‬

‫ى ال َّ‬
‫يطلع عليه‬ ‫باعتبار تعلَّقه من حيث هو هو ‪ ،‬وباعتبار آخر خف ّ‬

‫‪26‬‬
‫“ ‪“ 27‬‬

‫اال الندر من المحقّقين ‪.‬‬


‫ومتى توهم وقوع خالف ما ذكرنا ‪ ،‬فليس ذلك اال بشرط خارج عن ذات الشيء أو‬
‫شروط بحسبها وبحسب الهيئة المتعلَّقة الحاصلة من تلك الجمعيّة اعني ‪ ،‬الجمعيّة‬
‫الحقيقية الموصوفة بالمصدريّة واألثمار مع الشروط واالعتبارات الخارجية ‪،‬‬

‫‪27‬‬
‫“ ‪“ 28‬‬

‫على شا ِكلَ ِته “ ‪ ،‬وال‬


‫واحكام المرتبة التي يتعيّن فيها ذلك االجتماع و “ ُك ٌّل يَ ْع َم ُل ( ‪َ ) 1‬‬
‫يثمر شيء وال يظهر عنه أيضا عينه وال ما يشابهه مشابهة تا ّمة ( ‪ ، ) 2‬فانّه يلزم من‬
‫ذلك ان يكون الوجود قد حصل وظهر‬
‫‪.............................................................‬‬
‫) ‪( 1‬س ‪ ، 17‬ى ‪.86‬‬
‫الظاهر من هذا الكالم سيّما مع وجود لفظة ال ‪ ،‬في المعطوف ‪ ،‬ان المشابهة‬ ‫) ‪َّ ( 2‬‬
‫التا ّمة غير العينيّة بان يكون المراد من المشابهة التا ّمة المشاركة في الماهيّة والصفات‬
‫واألحوال ‪ ،‬ال المشاركة في الهيئة والشخص ‪ ،‬حتى ترجع إلى العينيّة فيكون العطف‬
‫تفسيريّا ‪ ،‬ولكن يبعّده عدم جريان التعليل المذكور من حصول الوجود في حقيقة واحدة‬
‫مرتين ‪ ،‬وكونه تحصيال للحاصل ‪ ،‬في أثمار الشيء ما‬ ‫ومرتبة واحدة على نسق واحد ّ‬
‫يشابهه بهذه المشابهة المذكورة ‪ ،‬فاألولى ان يكون المراد من المشابهة التا ّمة المشاركة‬
‫في الماهيّة والتش ّخص ‪ ،‬وهي العينيّة ‪ ،‬على أن يكون العطف ‪ ،‬تفسيريا ‪ .‬ويؤيّده تأييدا‬
‫تا ّما عبارته في المفتاح غيب الجمع والوجود ‪ ،‬حيث لم يذكر العينيّة ‪ ،‬واقتصر على‬
‫المشابهة التا ّمة ( حيث ‪ -‬خ ‪ -‬ل ‪ ) -‬وقال ‪ :‬وال يثمر شيء وال يظهر عنه أيضا ما‬
‫يشابهه كل المشابهة ‪ ،‬واال يكون الوجود قد ظهر وحصل في حقيقة واحدة ومرتبة‬
‫مرتين ‪ ،‬وذلك تحصيل الحاصل ‪ .‬انتهى وال يخفى عليك انّه ال‬ ‫واحدة على نسق واحد ّ‬
‫صفات والماهيّة ‪ ،‬دون التش ّخص‬ ‫يمكن هاهنا حمل المشابهة الكليّة على المشاركة في ال ّ‬
‫تكرر الوجود من كل وجه ‪ ،‬وعدم لزوم تحصيل الحاصل حينئذ ‪ ،‬مع انّه‬ ‫‪ ،‬لعدم ّ‬
‫( رحمه هللا ) جعله وجها لعدم أثمار ما يشابهه ك ّل المشابهة ‪ ،‬فال ب ّد حينئذ من حمل‬
‫ان أثمار‬ ‫المشابهة الكليّة على المشاركة في الماهيّة والتش ّخص ‪ ،‬مل ّخص الكالم ‪ّ :‬‬
‫الشيء عينه سواء كان الشيء المثمر حقّا أو خلقا ‪ ،‬محال في نفسه وغير ممكن في حد‬
‫تصور محال ‪ ،‬إذ يلزم منه ان يتشخص شخصان بتش ّخص واحد ‪ ،‬فيكون‬ ‫ّ‬ ‫ذاته ‪ ،‬بل‬
‫التشخص الواحد مشتركا بينهما ‪ ،‬فال يكون تش ّخصا‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى ‪ ،‬يلزم منه ان يكون لذات هوية واحدة هويّتان ووجودان ‪ ،‬وفرض‬
‫ان االثنتين ال يتحدان ‪ ،‬وكذا‬ ‫العينيّة والوحدة ينافي اإلثنينيّة والتعدّد ‪ ،‬ومن هنا قالوا ‪ّ :‬‬
‫المثلين ال يجتمعان ‪ .‬فذلك فرض محال فافهم ‪ ،‬ومع انّه مجال في ج ّد ذاته يستلزم‬
‫الخلو عن الفائدة واالشتمال على العبث ‪ ،‬وانّه محال من الحكيم تعالى الفاعل الحق عن‬ ‫ّ‬
‫فعل العبث‪.‬‬
‫الخلو عن الفائدة واالشتمال على العبث ال يكون محاال إذا كان المثمر‬ ‫ّ‬ ‫فان قلت ‪ّ :‬‬
‫ان‬
‫خلقا‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ان المؤثر الحقيقي والمثمر حقيقة هو هللا تعالى ال غير ‪،‬‬

‫‪28‬‬
‫“ ‪“ 29‬‬

‫مرتين ‪ ،‬وذلك تحصيل‬ ‫في حقيقة واحدة ومرتبة واحدة على وجه ونسق واحد ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫الحق‬ ‫للحاصل وانّه محال ‪ّ ،‬‬
‫لخلوه عن الفائدة ‪ ،‬وكونه من قبيل العبث ‪ ،‬ويتعالى الفاعل‬
‫الحكيم العليم ‪ ،‬من فعل العبث ‪ ،‬فال ب ّد من اختالف ما بين األصول وثمراتها‪.‬‬

‫فان الممكنات غير متناهية ‪ ،‬والفيض من الحق الذي هو أصل األصول‬ ‫وأيضا ( ‪ّ ) 1‬‬
‫واحد ‪ ،‬فال تكرار في الوجود ‪ ،‬عند من عرف ما ذكرناه ‪ ،‬فافهم ‪ .‬ولهذا قال‬
‫المحقّقون ‪ “ :‬ان هللا ( ‪ ) 2‬ما تجلى في صورة واحدة لشخص واحد ‪ّ ،‬‬
‫مرتين ‪ ، “ .‬ال‬
‫لشخصين أيضا في صورة ‪ ،‬بل‪.‬‬
‫‪....................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬دليل وبيان آخر لعدم حصول الوجود في مرتبة وحقيقة واحدة مرتين‪.‬‬
‫تدبّر ‪ .‬ش‪.‬‬
‫) ‪( 2‬الحق ( خ ل )‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫“ ‪“ 30‬‬

‫ال ب ّد من فارق واختالف من وجه أو وجوه ‪ ،‬كما أشرت اليه من قبل ‪ .‬فافهم وهللا‬
‫المرشد‪.‬‬

‫نص شريف‬ ‫) ‪ّ ( 10‬‬


‫اعلم أن الحق لما لم يمكن ان ينسب اليه من حيث إطالقه صفة وال اسم ‪ ،‬أو يحكم‬
‫صفات واألسماء واالحكام ‪ ،‬ال‬ ‫عليه بحكم ما سلبيّا كان الحكم أو ايجابيّا ‪ ،‬علم أن ال ّ‬
‫يطلق عليه ‪ ،‬وال ينسب اليه اال من حيث التّعيّنات ‪ ،‬ولما استبان ‪ ،‬ان كل كثرة وجوديّة‬
‫أو متعلَّقة ‪ ،‬يجب ان يكون مسبوقة بوحدة ‪ ،‬لزم ان يكون التعيّنات التي من حيثيّتها‬
‫صفات ‪ ،‬واالحكام إلى الحق ‪ ،‬مسبوقة بتعيّن هو مبدأ جميع‬ ‫تنضاف األسماء وال ّ‬
‫ى‪،‬‬ ‫صرف ‪ ،‬وانّه امر سلب ّ‬‫التّعيّنات ومحتدها ‪ ،‬بمعنى انّه ليس ورائه اال اإلطالق ال ّ‬
‫يستلزم سلب األوصاف واالحكام ‪ ،‬والتعيّنات واالعتبارات من كنه ذاته سبحانه ‪،‬‬
‫وعدم التّقيّد والحصر في وصف أو اسم أو تعيّن أو غير ذلك مما عدّدنا ‪ ،‬أو اجملنا‬
‫ذكره‪.‬‬
‫صريح ( الصحيح خ ل ) ان‬ ‫سليمة ‪ ،‬وان عدموا الكشف ال ّ‬ ‫ان لذوي العقول ال ّ‬ ‫ث ّم ّ‬
‫صفات واألسماء التّالية ‪ ،‬فان تعذّر عليهم تعقّل أسماء وصفات وراء ما‬ ‫يعتبروا ال ّ‬
‫يصوروه ‪ ،‬وانتهت اليه ادراكاتهم العقليّة ‪ ،‬فتلك أسماء الذات بالنسبة إليهم ‪ ،‬ويستد ّل‬
‫( ‪ ) 1‬على حقائقها) ‪( 2‬‬
‫‪..................................................‬‬
‫) ‪( 1‬بحقائقها ‪ -‬خ ل ‪ -‬قوله ( س ‪ “ : ) 10‬حيثيتها ‪ “ . . .‬في م ش ‪ “ :‬من‬
‫حيثها ‪“ . . .‬‬
‫ى على حقايق األسماء التي انتهت إليها ادراكاتهم ‪ .‬واعلم أن األسماء ان كانت‬ ‫) ‪( 2‬ا ّ‬
‫صفات المختلفة المتباينة ‪ ،‬كالقدم والحدوث‬ ‫عا ّمة الحكم قابلة للتعلَّقات المتقابلة وال ّ‬
‫والتحيّز وعدمه والتّناهى وعدمه ‪ ،‬وهكذا ‪ ،‬فهي أسماء الذات كالحياة والعلم واإلرادة‬
‫والقدرة والنّوريّة‪.‬‬
‫وان لم يكن عامة الحكم بالمعنى المذكور ‪ ،‬ان كانت مشعرة بنوع تكثّر معقول أو‬
‫محسوس فهي أسماء الصفات‪.‬‬
‫وان فهم منها معنى التأثير واإليجاد واالذهاب واألحياء واإلماتة والتّجلَّي والحجاب‬
‫سر ‪ ،‬فهي أسماء األفعال ‪ .‬هكذا قال المصنف في المفتاح ‪ :‬وقد يعبّر عن‬ ‫والكشف وال ّ‬
‫صفات واألفعال ونسب ارتباطها بالذات عليها ‪.‬‬ ‫لتفرع أسماء ال ّ‬
‫أسماء الذات باال ّمهات ّ‬

‫‪30‬‬
‫“ ‪“ 31‬‬

‫في طور العقل النظري حال الحجاب بشمول حكمها وبتبعيّة غيرها من ( حيث ‪ ،‬خ‬
‫ل ) الصفات واألسماء لها ‪ ،‬وتوقف تعيّن ما بعدها‬

‫‪31‬‬
‫“ ‪“ 32‬‬

‫عليها ‪ ،‬فالعطايا اإللهية الذاتيّة واالسمائيّة تعرف من هذه القاعدة ‪ ،‬بمعنى ّ‬


‫ان كل عطاء‬
‫ّ‬
‫الحق إلى الخلق ‪ ،‬اما ان يكون عطاء ذاتيّا أو اسمائيّا أو ان يكون‬ ‫وخير يصل من‬
‫مجموعا من الذات واألسماء‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫“ ‪“ 33‬‬

‫فا ّما العطايا الذاتيّة ‪ ،‬فال حساب عليها ‪ ،‬وال ينضبط تعيّناتها بعدد ‪ ،‬وال ينحصر فيه ‪.‬‬
‫وا ّما العطايا االسمائيّة والمنسوبة إلى الذات‬

‫‪33‬‬
‫“ ‪“ 34‬‬

‫واألسماء معا ‪ ،‬فال يخلو ما ان يكون نسبتها إلى حضرة الذات أقوى وات ّم من نسبتها‬
‫صفات ‪ ،‬أو بالعكس – فان‬ ‫إلى حضرة األسماء وال ّ‬

‫‪34‬‬
‫" ‪" 35‬‬

‫غلبت نسبتها إلى األسماء والصفات ‪ ،‬على نسبتها إلى الذات ‪ ،‬وقع الحساب عليها اما‬
‫سر كبير ال يمكن ( ‪) 1‬‬ ‫عسيرا أو يسيرا بحسب الغلبة والمغلوبيّة الواقعة هناك ‪ ،‬وهنا ّ‬
‫قوة نسبة تلك العطايا إلى حضرة الذات‬ ‫افشائه ‪ .‬وان كانت نتيجة الغلبة والمغلوبيّة ّ‬
‫الن عطايا الذاتيّة وما قويت نسبته إليها ‪ ،‬ال تصدر وال‬ ‫فذلك الذي ال حساب عليه ‪ّ ،‬‬
‫يقبل اال لمناسبة ذاتية ‪ ،‬فال موجب لها غير تلك المناسبة ومن لم يعرف هذا األصل ‪،‬‬
‫سر قوله ‪:‬‬
‫ب ) * وال ّ‬ ‫لم يعلم حقيقة قوله تعالى ‪ ( * :‬يَ ْر ُز ُق من يَشا ُء ِبغَي ِْر ( ‪ِ ) 2‬حسا ٍ‬
‫تكرر ذكره في‬ ‫ب “ ونحو ذلك م ّما ّ‬ ‫امنُ ْن أ َ ْو أ َ ْم ِس ْك ِبغَي ِْر ( ‪ِ ) 3‬حسا ٍ‬
‫عطاؤُنا ‪ ،‬فَ ْ‬‫“ هذا َ‬
‫الكتاب العزيز ‪ ،‬وفي األحاديث النبويّة ‪ ،‬صلى هللا عليه وآله وسلَّم ‪ ،‬أيضا مثل قوله‬
‫سالم ‪ :‬انّه تدخل من أ ّمته الجنّة سبعون ألفا بغير حساب ‪ ،‬ومع ك ّل ألف سبعون‬ ‫عليه ال ّ‬
‫ألفا ‪ .‬هؤالء أصحاب العطايا االسمائيّة ‪ ،‬ان نسبتهم إلى حضرة الذات أقوى من نسبتهم‬
‫صفات ‪ ،‬فلهذا تبعوا أصحاب المناسبة الذاتيّة وشاركوهم في‬ ‫إلى حضرة األسماء وال ّ‬
‫أحوالهم ‪ ،‬فاعلم ذلك ‪ .‬وإذ قد ذكرنا اقسام العطايا وأحكامها ‪ ،‬فلنذكر اقسام القابلين‬
‫‪........................................................................‬‬
‫سر مثال الخلق إلى الرحمة من غير تخصيص واستثناء فافهم‪.‬‬ ‫) ‪( 1‬لعل هذا هو ّ‬
‫) ‪( 2‬س ‪ ، 2‬ى ‪.208‬‬
‫) ‪( 3‬س ‪ ، 38‬ى ‪.38‬‬

‫‪35‬‬
‫“ ‪“ 36‬‬

‫لها فانّهم في أخذهم على طبقات متعدّدة بحسب مسئوالتهم ( ‪ ) 1‬االستعداديّة أو الحالية‬
‫( ‪ ) 2‬أو المرتبيّة أو الروحانيّة أو الطبيعيّة‬
‫‪.......................................................‬‬
‫) ‪( 1‬بحسب سؤاالتهم ‪ -‬خ ل‪- .‬‬
‫ى الغير المجعول أو األعم من االستعدادات‬ ‫) ‪( 2‬والمراد االستعداد الكلى الذاتي العين ّ‬
‫ى األصلي ‪ ،‬لسانا ‪،‬‬ ‫الجزئيّة الوجوديّة المجعولة فان لإلنسان من حيث استعداده الجمل ّ‬
‫ومن حيث استعداداته الجزئيّة الوجوديّة أيضا ‪ ،‬لسانا ‪ .‬وسؤال االستعداد باعتبار‬
‫الطلب الكامن في األعيان الثابتة ‪ ،‬وسؤال األعيان وجوداتها وأحكامها ‪ ،‬فلسان‬ ‫َّ‬
‫االستعداد ‪ ،‬هو الذي يتكامل اهليّته وقابليّته لحصول امر من هللا ‪ ،‬وعلى هذا ال يتأخر‬
‫اإلجابة عنه تعالى ‪ ،‬ألن الفيّاض الو ّهاب الجواد المطلق واجب الوجود بالذات وهو‬
‫الواجب من جميع الجهات ‪ ،‬وإذ ات ّم االستعداد من طرف القابل ‪ ،‬فال يجوز المهلة في‬
‫ِيال “ ‪ .‬واما الحال ‪ ،‬فهو الباعث على‬ ‫سنَّ ِة هللا ت َ ْبد ا‬
‫معدلته والتراخي في سنّته “ ولَ ْن ت َ ِج َد ِل ُ‬
‫الطلب ‪ ،‬ولذا يشعر صاحب الحال به ‪ ،‬ألنّه يشعر بما بعثه على السؤال ‪ ،‬وهو أيضا‬
‫من االستعداد في المرتبة ‪ ،‬وقسم من اقسام ذلك ‪ ،‬فلو لم يكن في االستعداد الطلب ‪ ،‬لم‬
‫يحصل ‪ ،‬ولكن حال الطلب ال يقتضي حصول المطلوب ‪ -‬وان اقتضاه في الجملة ‪، -‬‬
‫بل الطلب بغير لسان االستعداد مطلقا يتبع لسان االستعداد في حصول المطلوب‬
‫شبع ‪ ،‬وقد ال يحصل ‪،‬‬ ‫شبع ‪ ،‬وقد يحصل ال ّ‬ ‫ان ‪ -‬الجائع يطلب حالة ال ّ‬ ‫وعدمه ‪ ،‬كما ّ‬
‫سر القدر الذي هو من‬ ‫اطلع ّ‬ ‫وسؤال االستعداد اخفى سؤال ال يشعر به صاحبة اال من َّ‬
‫أصعب العلوم ‪ ،‬اى العالم بعالم األسماء واألعيان الثابتة ‪ ،‬بخالف الحال فانّه يعلمه‬
‫س َّر [ = س ‪ ، 20‬ى‬ ‫صاحبه ‪ .‬وقال بعض العرفاء المحققين قوله تعالى ‪ ( :‬يَ ْعلَ ُم ال ِ ّ‬
‫‪ ] . 60‬وأ َ ْخفى ) إشارة إلى ما ذكر فان الحال ال يعلمه غير صاحبه اال هللا ‪،‬‬
‫واالستعداد هو األخفى الذي ال يعلمه صاحبه أيضا ‪ ،‬فهو غيب الغيوب الذي ال يعلمه‬
‫اال هللا ‪ .‬انتهى [ = شيخنا العارف المتأله كمال الدين عبد الرزاق الكاشي ‪] .‬‬

‫وا ّما سؤال المرتبة ‪ ،‬فيكون باعتبار كل مرتبة ونشأة تعيّن فيها هذا الطالب ‪ ،‬يكون‬
‫كالنبوة من هللا ‪ ،‬فانّها مستدعية لما به‬
‫ّ‬ ‫مستدعية من الحق وطالبة ما يقتضيه َّ‬
‫الطالب ‪،‬‬
‫وفيه قيامها من النّبى الذي بوجوده دوامها ‪ ،‬وكالقضاوة والحكومة‪.‬‬

‫واما سؤال الروح ‪ ،‬فهو تحقّقه بالكشف الحقيقي ‪ ،‬ورجوعه إلى معدنه األصلي‬
‫وظهور بالوحدة وتخلَّصه عن قيود االنحرافات‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫“ ‪“ 37‬‬

‫المزاجية أو الطبيعية العرضيّة التي يترجم عنها لسان الطالب القابل ‪ ،‬وعلى الجملة‬
‫فاعلى مراتب القابلين في قبولهم لما يرد عليهم من فيض الحق وعطاياه ‪ ،‬رؤية وجه‬
‫الحق في الشروط واألسباب المسماة بالوسائط وسلسلة التّرتيب ‪ ،‬بحيث يعلم اآلخذ ‪،‬‬
‫ّ‬
‫الحق في المراتب اإللهيّة والكونيّة على‬ ‫ان الوسائط السببيّة ليست غير تعيّنات‬ ‫ويشهد ّ‬
‫اختالف ضروبها ‪ ،‬بمعنى انه ليس بين فيض الحق المقبول وبين القابل اال نفس تعيّن‬
‫الفيض بالقابليّة المقيّد ‪ ،‬دون انضمام حكم امكاني يقتضيه ويوجبه اثر مرور الفيض‬
‫على مراتب الوسائط واالنصباغ بأحكام امكاناتها ويرى الفيض انّه تجلى ( ‪ ) 1‬من‬
‫صه ( ‪ ) 2‬هي من احكام االسم‬ ‫تجليّات باطن الحق ‪ ،‬فان التعددات والتعيّنات التي تخ ّ‬
‫الظهور تعدد مطلق وحدة‬ ‫الحق مجلى لباطنه ‪ ،‬فاحكام َّ‬
‫ّ‬ ‫ان ظاهر‬ ‫الظاهر ‪ ،‬من حيث ّ‬ ‫َّ‬
‫شئون ليس غيرها ‪ .‬فافهم‬ ‫البطون ‪ ،‬وتلك األحكام هي المس ّماة بالقوابل ‪ ،‬وهي صور ال ّ‬
‫‪ ،‬وهللا يقول الحق ‪،‬‬
‫‪.....................................‬‬
‫) ‪( 1‬تج ّل من ‪ . . .‬خ ل‪.‬‬
‫) ‪( 2‬لحقته ( خ ل )‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫“ ‪“ 38‬‬
‫ويهدى ( ‪ ) 1‬من يشاء إلى صراط مستقيم‪.‬‬

‫جلى وضابط كلَّى‬


‫ّ‬ ‫نص‬
‫) ‪ّ ( 11‬‬
‫يفيد معرفة المطاوعة واإلجابة اإللهيّين وابائهما اعلم أن الميزان التام الصريح‬
‫والبرهان الذوقي المحقق الصحيح في معرفة متى يكون العبد من المطيعين لربّه ‪،‬‬
‫ومتى تسرع اليه اإلجابة اإللهيّة في عين ما يسأله ( ‪ ) 2‬فيه دون تعويق وال تأخير ‪،‬‬
‫هو‬
‫‪.................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ص ‪ ، 35‬ى ‪.41‬‬
‫شيخ المقصود منها هاهنا ‪ ،‬بقوله‬ ‫) ‪( 2‬ول ّما كانت اإلجابة اإللهيّة على اقسام ‪ ،‬عيّن ال ّ‬
‫في عين ما يسأله فيه ‪ ،‬واما اقسام اإلجابة فما أشار اليه الشيخ في التفسير حيث قال ‪:‬‬
‫واإلجابة على ضروب ‪ ،‬إجابة في عين المسؤول وبذله على التّعين دون تأخير ‪ ،‬أو‬
‫بعد مدّة ‪ ،‬وإجابة بمعاوضة في الوقت أيضا ‪ ،‬وبعد مدة ‪ ،‬وإجابة ثمرتها التّكفير ‪ ،‬اى‬
‫تكفير السيّئات ‪ ،‬وقد نبّهت الشريعة على ذلك ‪ ،‬وإجابة بلبّيك أو ما يقوم مقامه‪.‬‬
‫التصور وجودة االستحضار واستقالل‬ ‫ّ‬ ‫انتهى ‪ .‬ال يخفى على أولى األلباب ‪ ،‬ان ص ّحة‬
‫التّوجه حال الطلب والنّداء عند الدّعاء ‪ ،‬شرط قوى في اإلجابة ‪ ،‬وله اثر عظيم في‬
‫تصورا صحيحا عن‬ ‫ّ‬ ‫ذلك ‪ ،‬ألن من عرف المدعو المنادى ‪ ،‬معرفة تا ّمة ‪ ،‬وتصوره‬
‫علم ورويّة ‪ ،‬ثم كلَّمه ودعاه مع امره له بالدعاء ‪ ،‬والتزامه باإلجابة ‪ ،‬بقوله ‪:‬‬
‫عونِي أ َ ْست َ ِجبْ لَ ُك ْم “ فانّه يجب ال محالة ‪ ،‬ومن لم يعرفه بل يستحضر غيره‬ ‫“ ا ْد ُ‬
‫يلومن اال نفسه ‪ ،‬فانّه ما تأدى األمر بالدعاء‬ ‫ّ‬ ‫ويتو ّجه إلى سواه ‪ ،‬فال يستجيب له ‪ ،‬فال‬
‫عونِي أ َ ْست َ ِجبْ لَ ُك ْم‬
‫القادر على اإلجابة واالسعاف ‪ .‬فالموعودون باإلجابة في قوله ‪ “ :‬ا ْد ُ‬
‫ان أكثر أدعية األكابر من أهل هللا مستجابة ‪،‬‬ ‫“ ‪ ،‬هم أهل العلم والمعرفة ‪ .‬ولذا ترى ‪ّ ،‬‬
‫قال النّبى “ صلى هللا عليه وآله “ ‪ :‬لو عرفتم هللا حق معرفته ‪ ،‬لزالت بدعائكم الجبال ‪.‬‬
‫يب [ = ( ‪ - ) 1‬س ‪ ، 27‬ى‬ ‫سالم “ قرأ * ( أ َ َّم ْن يُ ِج ُ‬‫ان الصادق “ عليه ال ّ‬ ‫وروى ّ‬
‫ط َّر ِإذا َدعاه ) * فسئل ما لنا ندعو وال يستجاب لنا ‪ ،‬فقال عليه السالم ‪:‬‬ ‫‪ْ ] . 63‬ال ُم ْ‬
‫ض َ‬
‫ألنّكم تدعون من ال تعرفونه ‪ ،‬وتسألون ما ال تفهمون ‪ .‬وفي الكافي عن أبي عبد هللا ‪،‬‬
‫الراوى ‪ :‬قلت ‪ :‬آيتان في كتاب هللا ّ‬
‫عز‬ ‫اى اإلمام جعفر الصادق عليه السالم ‪ ،‬قال ّ‬
‫وج ّل أطلبهما فال أجدهما ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫“ ‪“ 39‬‬

‫ص ّحة المعرفة وكمال المطاوعة ‪.‬‬

‫فاألصح معرفة بالحق وتصورا له ‪ ،‬بكون اإلجابة اليه في عين ما سئل فيه أسرع ‪،‬‬
‫ّ‬
‫الحق له‬ ‫واألتم مراقبة ألوامر الحق ومبادرة إليها بكمال المطاوعة ‪ ،‬يكون مطاوعة‬
‫أيضا ات ّم من مطاوعته سبحانه لغيره من العبيد ‪ ،‬ولهذا كان مقتضى حال األكابر من‬
‫والتصور‬
‫ّ‬ ‫باَّلل‬
‫أهل هللا ‪ ،‬ان أكثر أدعيتهم مستجابة لكمال المطاوعة وص ّحة المعرفة َّ‬
‫له ‪.‬‬

‫واليه اإلشارة بقوله تعالى ‪ ( * :‬ا ْد ُ‬


‫عونِي )*‬

‫‪39‬‬
‫“ ‪“ 40‬‬

‫سيئ التصور به ‪،‬‬ ‫شهوديّة ال َّ‬ ‫*( أ َ ْست َ ِجبْ ( ‪ ) 1‬لَ ُك ْم ) * ‪ .‬فالعديم المعرفة الصحيحة ال ّ‬
‫عو ِني ‪ ،‬أ َ ْست َ ِجبْ لَ ُك ْم “‬‫ليس بداعي للحق الَّذي ضمن له اإلجابة بقوله ‪ “ :‬ا ْد ُ‬
‫صورة المش ّخصة في ذهنه الناتجة من نظره وخياله ‪،‬‬ ‫وانّما هو متو ّجه في دعائه إلى ال ّ‬
‫أو خيال غيره ونظره ‪ ،‬أو المتحصلة من المجموع المشار اليه ‪ ،‬فلهذا يحرم من هذا‬
‫شأنه اإلجابة في عين ما سئل فيه ‪ ،‬أو تتأ ّخر عنه ‪ ،‬اعني اإلجابة ‪ ،‬ومتى أجيب مثل‬
‫سر المعية اإللهية المقتضية عدم خلو شيء عن الحق ‪ ،‬أو الجمعية‬ ‫هذا فإنما سببه ّ‬
‫للمضطرين الموعود لهم باإلجابة لالستدعاء االضطراري ‪ ،‬واالستعداد الحاصل‬ ‫ّ‬ ‫التا ّمة‬
‫به ‪ ،‬اى باالضطرار ‪ ،‬وحال من هذا وصفه مخالف لحال ذي التصور الصحيح ‪،‬‬
‫والمعرفة المحققة ‪ ،‬فانّه يستحضر الحق ‪ ،‬ويتوجه اليه استحضارا وتو ّجها محققا ‪،‬‬
‫وان لم يكن ذلك من جميع الوجوه ‪ ،‬لكن يكفيه كونه متصورا ومستحضرا للحق في‬
‫توجهه ‪ ،‬ولو في بعض المراتب ‪ ،‬ومن حيثية بعض األسماء والصفات ‪ .‬فهذا حال‬
‫المتوسطين من أهل هللا ‪ ،‬والحال المتقدم ذكره حال المحجوبين ‪ .‬واما الكمل واالفراد ‪،‬‬
‫فان توجههم إلى الحق تابع للتجلى الذاتي ‪ ،‬الحاصل لهم ‪ ،‬والموقوف تحقّقهم بمقام‬
‫الكمال على الفوز به ( ‪ ، ) 2‬وانّه مثمر لهم معرفة تا ّمة جامعة لحيثيّات جميع األسماء‬
‫تصور الحق من حيث تجليّه الذاتي‬ ‫ّ‬ ‫صفات والمراتب واالعتبارات ‪ ،‬مع ص ّحة‬ ‫وال ّ‬
‫المشار اليه ‪ ،‬الحاصل لهم بالشهود األتم ‪ ،‬فلهذا ال يتأ ّخر عنهم اإلجابة‪.‬‬

‫وأيضا فانّهم اعني الك ّمل ‪ ،‬ومن شاء هللا من االفراد ‪ ،‬أهل االطالع على اللَّوح‬
‫المحفوظ بل وعلى المقام القلمى ‪ ،‬بل وعلى حضرة العلم‬
‫‪.............................................‬‬
‫) ‪( 1‬س ‪ ، 40‬ى ‪.62‬‬
‫) ‪( 2‬قوله ( س ‪ ) 16‬على الفوز به ‪ . . .‬في بعض النسخ ‪ :‬على الفور‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫” ‪“ 41‬‬

‫اإللهي ‪ ،‬فيشعرون بالمقدّر كونه لسبق العلم بوقوعه ‪ ،‬وال ب ّد فيسألون ال في مستحيل‬
‫غير مقدّر الوجود ‪ ،‬وال تنبعث هممهم إلى طلب ذلك ‪ ،‬وال إرادة له‪.‬‬
‫وانّما قلت ‪ :‬وال إرادة له ‪ ،‬من حيث ‪ -‬من أجل ‪ -‬خ ل ‪ ،‬ان ث ّمة من يتوقّف وقوع‬
‫األشياء على ارادته ‪ ،‬وان لم يدع ‪ ،‬ولم يسأل الحق في حصوله ‪ ،‬وقد عاينت ذلك من‬
‫سره ‪ ،‬سنين كثيرة في أمور ال أحصيها ‪ ،‬وأخبرني رضي هللا عنه ‪،‬‬ ‫شيخينا ‪ ،‬قدس هللا ّ‬
‫شره ‪ ،‬وقال له‪:‬‬‫انّه رأى النبي صلى هللا عليه وآله ‪ ،‬في بعض وقايعه ‪ ،‬وانّه ب ّ‬
‫هللا أسرع إليك باإلجابة منك اليه بالدعاء‪.‬‬
‫وهذا المقام فوق مقام إجابة األدعية ‪ ،‬وانّه من خصايص كمال المطاوعة ‪ ،‬وكمال‬
‫المطاوعة مقامه فوق مقام المطاوعة ‪ ،‬فان مقام المطاوعة يختص بما سبقت اإلشارة‬
‫اليه من المبادرة إلى امتثال األوامر ‪ ،‬وتتبع مراضى الحق ‪ ،‬والقيام بحقوقه بقدر‬
‫االستطاعة ‪ ،‬كما أشار اليه صلى هللا عليه وآله ‪ ،‬في جواب ع ّمه أبى طالب ‪ -‬عليه‬
‫السالم ‪ -‬حين قال له ‪ ،‬ما أسرع ربّك إلى هواك يا مح ّمد ‪ ،‬لما رأى من سرعة إجابة‬
‫الحق له فيما يدعوه فيه ‪ ،‬وجاء في رواية أخرى ‪ ،‬انّه قال له‪:‬‬
‫ما أطوع ربّك لك ‪ ،‬فقال له النّبى صلى هللا عليه وآله ‪ ،‬وأنت يا عم ‪ ،‬لو أطعته‬
‫أطاعك ‪ .‬وهذا المقام الذي قلت انّه فوق هذا ‪ ،‬راجع إلى كمال موافاة العبد من حيث‬
‫حقيقته لما يريد الحق منه باإلرادة األولى الكليّة ( ‪ ، ) 1‬المتعلقة بحصول كمال الجالء‬
‫واالستجالء ‪ ،‬فانّه الموجب‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪( 1 ) .‬والمراد باإلرادة الكليّة ‪ ،‬هو اقتضاء الظهور باعتبار نسبته إلى الحقيقة‬
‫الجامعة التي هي حضرة أحديّة الجمع وحقيقة الحقائق ‪ ،‬المسمى بالمحبة األزليّة‬
‫الباعثة على الظهور المتعلَّقة بكمال الجالء واالستجالء ‪ ،‬المتوقّف حصول هذا الكمال‬
‫على ظهور العالم تفصيال ‪ ،‬وظهور اإلنسان الكامل مجمال بعد التّفصيل ‪ ،‬فاإلرادة‬
‫األولى الكليّة عبارة عن اقتضاء الباطن الحقيقي المكنّى عنه ‪ ،‬به ‪ ،‬كنت كنزا مخفيا ‪،‬‬
‫الظهور المعبّر عنه ‪ :‬ان اعرف ‪ ،‬والميل الحبّى والطلب اآللى هو صورة ذلك‬
‫والطلب والميل ‪ ،‬هو المنبّه عليه ‪ ،‬ب ‪ :‬أجبت ان اعرف‬ ‫َّ‬ ‫االقتضاء ‪ ،‬وذلك االقتضاء‬
‫ش‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫“ ‪“ 42‬‬

‫إليجاد العالم ‪ ،‬واإلنسان الكامل الذي هو العين المقصودة هلل على التعيين ‪ ،‬وكل ما‬
‫ان ما ال يوصل إلى المطلوب اال به‬ ‫سواه فمقصود بطريق التبعيّة له ‪ ،‬ولسببه من جهة ّ‬
‫فهو مطلوب ‪ .‬فهذا هو المراد من قولي بطريق التبعيّة ‪ ،‬وانّما كان اإلنسان الكامل هو‬
‫المراد بعينه دون غيره ‪ ،‬من أجل أنّه مجلى تام للحق ‪ ،‬يظهر الحق به من حيث ذاته‬
‫وجميع أسمائه وصفاته وأحكامه واعتباراته على نحو ما يعلم نفسه بنفسه في نفسه ‪،‬‬
‫وما ( ‪ ) 1‬ينطوى عليه من أسمائه وصفاته ‪ ،‬وساير ما أشرت اليه من األحكام‬
‫مكوناته دون ( ‪ ) 3‬تغيير‬‫واالعتبارات ‪ ،‬وحقائق ( ‪ ) 2‬معلوماته التي هي أعيان ّ‬
‫توجبه نقص القبول وخلل في مرآتيته ‪ ،‬يفضي بعدم ظهور ما ينطبع فيه ( ‪ ) 4‬على‬
‫فان من كان هذا شأنه ‪ ،‬ال يكون له إرادة ممتازة عن‬ ‫خالف ما هو عليه في نفسه ‪ّ ،‬‬
‫صفات ‪ ،‬وحينئذ‬ ‫إرادة الحق ‪ ،‬بل هو مرآت إرادة ربّه وغيرها من ال ّ‬
‫‪..............................................................‬‬
‫) ‪( 1‬عطف على قوله ‪ :‬ما يعلم نفسه ‪ ،‬فتدبّر ‪ .‬ش‪.‬‬
‫) ‪( 2‬عطف على أسمائه في قوله ‪ :‬وما ينطوى عليه من أسمائه ‪ .‬ش‪.‬‬
‫) ‪( 3‬متعلق بقوله ‪ :‬يظهر الحق به ‪ .‬ش‪.‬‬
‫) ‪( 4‬صفة لقوله ‪ :‬دون تغيير ‪ ،‬وهذا على هذه النّسخة من عدم ‪ -‬واو ‪ -‬العطف قبل‬
‫قوله ‪ :‬يقضى ‪ .‬ووجود لفظ ‪ -‬خالف ‪ -‬قبل قوله ‪ :‬ما هو عليه ‪ .‬وا ّما على النسخة التي‬
‫فيها وجود ‪ -‬واو ‪ -‬العطف ولفظ الخالف ‪ ،‬فهو عطف على قوله ‪ :‬يظهر الحق به ‪،‬‬
‫وا ّما على النّسخة التي ليس فيها حرف العطف ولفظ الخالف ‪ ،‬فهو صفة لقوله‪:‬‬
‫خلل في مرآتيّته ‪ ،‬ش‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫“ ‪“ 43‬‬

‫يستهلك دعاؤه في ارادته التي ال يغاير ارادته ربّه وغيرها ‪ ،‬فيقع ما يريده ‪ ،‬كما قال‬
‫تعالى ‪ ( * :‬فَعَّا ٌل ( ‪ِ ) 1‬لما يُ ِري ُد ‪ .‬ومن تحقق بما ذكرناه ‪ ،‬فانّه ‪ ،‬ان دعا ‪ ،‬انّما يدعو‬
‫بالسنة العالمين ومراتبهم ‪ ،‬من كونه مرآة لجميعهم ‪ ،‬كما انّه متى ترك الدّعاء ‪ ،‬انما‬
‫يتركه من حيث كونه مجلى للحق باعتبار أحد وجهيه الذي يلي الجناب اإللهي ‪ ،‬وال‬
‫يغايره ( ‪ ) 2‬من كونه ‪ ،‬فعّاال لما يريد ‪ ،‬وليس وراء هذا المقام مرمى لمرام ‪ -‬لرام ‪-‬‬
‫ّ‬
‫الحق تعالى بمعرفة تا ّمة‬ ‫خ ل ‪ -‬وال مرقى إلى مرتبة ‪ ،‬وال مقام ‪ ،‬ودونه متو ّجه إلى‬
‫عو ِني أ َ ْست َ ِجبْ ( ‪ ) 3‬لَ ُك ْم ) * ‪ ،‬وخبر الحق‬
‫وتصور صحيح المقصود بخطاب * ( ا ْد ُ‬ ‫ّ‬
‫سر ذلك لهذا العبد ‪ ،‬المشار اليه ( ‪ ، ) 4‬فلزمت النتيجة التي هي اإلجابة‬ ‫صدق ‪ ،‬قد تي ّ‬
‫وال ب ّد ‪ ،‬بخالف غيره من المتو ّجهين المذكور شأنهم ‪ ،‬فاعلم ذلك تفوز باسرار عزيزة‬
‫وعلوم غريبة ‪ ،‬لم ينساق إليها األفكار واألوهام ‪ ،‬وال رقمتها األنامل باألقالم ‪ ،‬وهللا‬
‫المرشد‪.‬‬
‫نص شريف‬‫) ‪ّ ( 12‬‬
‫ى شيء كان وبالنسبة إلى‬ ‫ان أعلى درجات العلم بالشيء ‪ ،‬ا ّ‬ ‫اعلم ّ‬
‫‪.....................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬س ‪ ، 85‬ى ‪ . 16‬اى ‪ ،‬ذلك العبد الكامل فعّال لما يريده ‪ ،‬أو الحق تعالى فعّال‬
‫لما يريده ذلك المذكور ( ش )‪.‬‬
‫) ‪( 2‬اى ‪ ،‬وال يغاير الجناب اإللهي من كونه فعّاال لما يريد ‪ ،‬أو أنّه إذا ترك الدعاء ‪،‬‬
‫وتنظر إلى جانب الوحدة ال يغاير النظر الواقع إلى جانب العلم ‪ ،‬المستدعى لكونه‬
‫فعاال لما يريد ‪ ،‬فافهم ( ش )‪.‬‬
‫) ‪( 3‬س ‪ ، 40‬ى ‪.62‬‬
‫) ‪( 4‬اى تحقق بهذا التو ّجه ‪ ،‬ودعوة الحق لذلك العبد المشار اليه ‪ ،‬اى المتو ّجه إلى‬
‫الحق بمعرفة تا ّمة ‪ ،‬وتصور صحيح ( ش )‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫“ ‪“ 44‬‬

‫ى عالم كان ‪ ،‬وسواء كان المعلوم شيئا واحدا أو أشياء ‪ ،‬انّما يحصل باالتحاد بالمعلوم‬ ‫ا ّ‬
‫الن سبب الجهل بالشيء ‪ ،‬المانع من كمال اإلدراك‬ ‫‪ ،‬وعدم مغايرة العالم له ‪ّ ،‬‬
‫( إدراكه ‪ ،‬خ ل ) ‪ ،‬ليس غير غلبة حكم ما به يمتاز ك ّل واحد منهما عن اآلخر ‪ّ ،‬‬
‫فان‬
‫ى ‪ ،‬والبعد حيث كان ‪ ،‬مانع من كمال ادراك البعيد ‪ ،‬وتفاوت درجات‬ ‫ذلك بعد معنو ّ‬
‫العلم بالشيء ‪ ،‬بمقدار تفاوت غلبة حكم ما به يتحد العالم بالمعلوم ( ‪ ، ) 1‬وانّه القرب‬
‫الحقيقي ‪ ،‬الرافع للفصل الذي هو البعد الحقيقي ‪ ،‬المشار اليه بأحكام ما به المباينة‬
‫ان سبب كمال علم‬ ‫واالمتياز ‪ ،‬وإذا شهدت هذا االمر وذقته بكشف محقق ‪ ،‬علمت ّ‬
‫الحق باألشياء ‪ ،‬انّما هو من أجل استجالئه ايّاها في نفسه ( ‪ ، ) 2‬واستهالك كثرتها‬
‫ى شيء كان ‪ ،‬سواء كان المحل‬ ‫وغيريّتها في وحدته ‪ ،‬فان كينونيّة كل شيء في ا ّ‬
‫معنويّا ( ‪ ) 3‬أو صوريا ‪ ،‬انما يكون ويظهر بحسب ما تعيّن وظهر فيه ‪ ،‬ولهذا نقول ‪،‬‬
‫الحق علم نفسه بنفسه ‪ ،‬وعلم األشياء في نفسه بعين علمه بنفسه ‪ ،‬ول ّما ورد االخبار‬
‫اإللهي بان هللا تعالى ‪ ،‬كان ولم يكن معه شيء ‪ ،‬انتفت غيريّة األشياء‬
‫‪.....................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬وال يخفى عليك انّه ما في الوجود شيء اال وبينه وبين كل شيء امر حقيق ّ‬
‫ى‬
‫سارى في كل شيء‬ ‫وسر الهى يقتضي االشتراك ‪ ،‬وهو التجلَّى اإللهي األحدى الذاتي ال ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ ،‬وامر آخر يقتضي تميز ذلك الشيء عن ما سواه ‪ ،‬وهو المسمى بالتعيّن واالتحاد‬
‫بذلك الشيء ‪ ،‬من جهة ظهور حكم االشتراك ‪ ،‬وزوال حكم ما به االمتياز ‪ ،‬هو مناط‬
‫العلم واالنكشاف ‪ ،‬وغلبة حكم االمتياز ‪ ،‬وزوال حكم ما به االشتراك مناط الجهل‬
‫والمانع من كمال اإلدراك ‪ ،‬تدبّر تفهم ( ش )‪.‬‬
‫) ‪( 2‬اى ‪ ،‬وجدان الحق األشياء في نفسه ( ش )‪.‬‬
‫) ‪( 3‬كالعلم ‪ ،‬فانّه محل األعيان الثابتة ‪ ،‬ومن المعنويّات ( ش )‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫“ ‪“ 45‬‬

‫ى خ ل ) ‪ ،‬وثبت أولية الحق‬ ‫بالنّسبة ( ‪ ) 1‬إلى الوحدة التي هي محلَّها العيني ( الغيب ّ‬
‫من حيث الوحدة وبامتياز ( ‪ ) 2‬كثرة األشياء المتعلقة) ‪( 3‬‬
‫‪......................................................‬‬
‫) ‪( 1‬اى ظهر انتفاء غيريّة األشياء ( ش )‪.‬‬
‫ّ‬
‫المستجن‪.‬‬ ‫) ‪( 2‬متعلق بقوله ‪ :‬ظهر الكمال‬
‫) ‪( 3‬اى ‪ ،‬في التعيّن الثاني والمرتبة الواحديّة ‪ ،‬يحتمل ان يكون المراد باالمتياز ‪،‬‬
‫هو االمتياز العليم بالنّسبة إلى العالم فقط ‪ ،‬وبالجمع بينها وبين الوحدة بالفعل ‪ ،‬هو‬
‫الكثرة علما والوحدة وجودا ‪ ،‬وفي هذا التعيّن والجلي ‪ ،‬ظهرت األسماء والصفات‬
‫والشئونات ‪ ،‬المندمجة المستجنّة في التعيّن األول ‪ ،‬فانفتح بذلك باب كمال الجالء‬
‫واالستجالء ‪ ،‬لظهور األسماء واألعيان الثابتة ‪ ،‬المطالبة بلسان االستعداد الذاتي‬
‫صة ‪ ،‬فتجلَّى الجواد المطلق بالتجلَّى النفسي ‪-‬‬ ‫الوجود العيني ‪ ،‬وظهور أحكامها الخا ّ‬
‫ى اإلرادي من حيث‬ ‫سارى في كل شيء ‪ ،‬المنصبغ بالتعيّن العلم ّ‬ ‫ي العيني ‪ ،‬ال ّ‬‫الرحمان ّ‬
‫وبحسبه صبغا نورانيّا ثابتا بالتعلق ‪ ،‬حاصال باالقتران ‪ ،‬فظهرت الخصوصيات ‪،‬‬
‫والنّسب العلميّة المس ّماة بالمعاني والحقائق واألعيان الثابتة في الخارج ‪ ،‬فحينئذ ‪،‬‬
‫ظهرت احكام الكثرة في الوحدة ‪ ،‬بتعيّنات الواحد ‪ ،‬وتنوعات ظهوره ‪ ،‬بأحكام الحقائق‬
‫واألعيان الثابتة في المراتب الوجوديّة ‪ ،‬واحكام الوحدة في الكثرة ‪ ،‬بتصيرها متحدة ‪،‬‬
‫سكونها قدرا مشتركا بين المتكثّرات والماهيّات الممكنة ‪ ،‬فان الموجودات المتكثرة‬
‫المتمايزة باعتبار المتعيّنات ‪ ،‬متحدة باعتبار الوجود ‪ ،‬فوصلت الوحدة انفصاالتها ‪،‬‬
‫وجمعت افتراقاتها ‪ .‬ويحتمل ان يكون المراد باالمتياز في قوله ‪ :‬بامتياز كثرة األشياء‬
‫( إلى آخره ) ‪ ،‬االمتياز العيني ‪ ،‬وهو امتياز بعضها عن بعضها بالنّسبة إلى أنفسها ‪،‬‬
‫والمراد بالجمع بين الكثرة والوحدة بالفعل ‪ ،‬هو بحسب الخارج ‪ .‬فظهور الكمال حينئذ‬
‫صة ‪ ،‬والمراد بكمال الجالء‬ ‫عبارة عن ظهور حكمه الخاص وترتّب آثاره الخا ّ‬
‫واالستجالء ‪ ،‬هو الظهور العيني الخارجي ‪ ،‬فاالمتياز العيني ‪ ،‬هو الفتّاح باب كمال‬
‫الجالء واالستجالء ‪ ،‬حتى ينتهى إلى االستجالء التام بحسب النشأة العنصريّة‬
‫االنسانيّة ‪ .‬ويمكن ان يحمل كمال الجالء واالستجالء على خصوص اإلنسان الكامل‬
‫ى ‪ -‬انفتاح باب ظهور‬ ‫الذي هو المقصود بالذات والمطلوب الحقيقي ‪ ،‬فالظهور الخارج ّ‬
‫واألول غرضا ومقصودا ( ش )‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسان الكامل ‪ ،‬ألنّه اآلخر وجودا ‪ -‬وحصوال ‪-‬‬

‫‪45‬‬
‫“ ‪“ 46‬‬

‫ثانيا ‪ ،‬الكامنة ( ‪ ) 5‬من قبل ‪ ،‬في ضمن الوحدة والجمع بينها ‪ ،‬وبين الوحدة بالفعل ‪،‬‬
‫المستجن في الوحدة أوال ‪ ،‬فانفتح بذلك باب كمال الجالء واالستجالء ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ظهر الكمال‬
‫الذي هو المطلوب الحقيقي ‪ ،‬فظهرت أحكام الوحدة في الكثرة والكثرة في الوحدة ‪،‬‬
‫فو ّحدت الوحدة الكثرة ‪ ،‬لكونها صارت قدرا مشتركا بين المتكثّرات المتميّزة بالذات‬
‫بعضها عن بعض ‪ ،‬وفوصلت فصولها ‪ ،‬النّها جمعت بذاتها ( ‪ ) 1‬كما ذكرناه ‪،‬‬
‫تنوعات ظهور الواحد‬ ‫وعدّدت المتكثّرات الواحد من حيث التعيّنات التي هي سبب ّ‬
‫بالصبغ واألصباغ ‪ ،‬والكيفيات المختلفة التي اقتضتها اختالف االستعدادات المتكثرات‬
‫‪ ،‬القابلة للتجلى الواحد فيها ‪ ،‬فتجدّدت معرفة أنواع الظهورات واالحكام الالزمة لها ‪،‬‬
‫التي هي عبارة عن تأثير بعضها في بعض ( البعض خ ل ) باالبرام والنقض ظاهرا‬
‫وباطنا ‪ ،‬علوا وسفال ‪ ،‬موقتا وغير موقت ‪ ،‬مناسبا وغير مناسب ‪ ،‬كل ذلك باالتصال‬
‫الحاصل بينها بالتجلي الوجودي الوجداني ( ‪ ) 2‬الجامع شملها ‪ ،‬كما ذكر ‪ .‬فالعلم‬
‫سعادة ‪ ،‬على اختالف ضروب الجميع ‪ ،‬انّما هو بحسب المناسبة ( ‪، ) 3‬‬ ‫والنّعيم وال ّ‬
‫شقاء ‪ ،‬بحسب قوة احكام المباينة واالمتياز ‪ .‬واما امتزاج احكام ما‬ ‫والجهل والعذاب وال ّ‬
‫به االتحاد واحكام ما به االمتياز ( ‪ ، ) 4‬فأبدى ( فابد خ )‬
‫‪.................................................................‬‬
‫) ‪ (( 1‬في بعض النسخ ‪ :‬بداتها ) بالدال المهملة‪.‬‬
‫) ‪( 2‬اى بذلك التجلي الوجودي حصل وظهر امتياز بعضها عن بعض بالنسبة إلى‬
‫أنفسها ‪ ،‬واما االمتياز العلمي فانّما هو بالنسبة إلى العالم فقط ( ش )‪.‬‬
‫) ‪( 3‬اى ‪ ،‬غلبة ما به االتحاد ( ش )‪.‬‬
‫‪( 4 ) -‬اى ‪ ،‬التّعيّن‪.‬‬
‫) ‪( 5‬قوله ( س ‪ : ) 1‬الكامنة ‪ . . .‬في ط ه ‪ :‬الكائنة‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫“ ‪“ 47‬‬

‫السلطنة ومحتد كل جملة من تلك األحكام ( ‪ ) 1‬بضرب ‪ -‬ما ‪ -‬من المناسبة ‪،‬‬
‫ومرجعها من حيث اإلضافة ( ‪ ، ) 2‬ومستندها ‪ ،‬هو المسمى بالمرتبة ‪ .‬فافهم‪.‬‬
‫ول ّما شرعت في كتابة هذا ( ‪ ) 3‬النّص ‪ ،‬قيل لي في باطني في أثناء الكتابة االحكام‬
‫المضافة إلى الوحدة والواحد الحق ‪ ،‬والمعبّر عنها بأحكام الوجوب ‪ ،‬أصلها من حيث‬
‫الوحدة ‪ ،‬حكم الواحد ‪ ( ،‬واحد ‪ -‬خ ) هو حقيقة القضاء والمقادير ‪ ،‬اثر تعدّدات‬
‫المعلومات لذلك‬
‫‪.........................................................‬‬
‫) ‪( 1‬اى ‪ ،‬ال مطلقا ‪ ،‬بل بضرب ما من المناسبة ‪ ،‬اى الوجود‪.‬‬
‫فان مرجعها‬ ‫) ‪( 2‬اى ‪ ،‬من حيث نسبة بعضها إلى البعض ‪ ،‬ال من حيث اإلطالق ‪ّ .‬‬
‫من حيث اإلطالق إلى الحق ( ش )‪.‬‬
‫) ‪( 3‬حاصله على ما استفدت ‪ ،‬ان حقيقة القضاء هو مقام التعيّن األول والوحدة‬
‫شاملة للك ّل ‪ ،‬بحيث ال يخرج عن‬ ‫الحقيّة الحقيقيّة ‪ ،‬الماحيّة لجميع االعتبارات ‪ ،‬ال ّ‬
‫حيطته شيء ‪ ،‬واألشياء متعلقة هاهنا من حيث استهالك كثرتها في تلك الوحدة ‪ ،‬وهو‬
‫صلة ‪ ،‬ويتبعها هي تلك الوحدة‬ ‫صل في المجمل ‪ ،‬ومحتد تمام االحكام المف ّ‬ ‫تعقّل المف ّ‬
‫الظاهر بحسب التفصيل ‪ .‬والمراد بالقدر ‪،‬‬ ‫الحقيقيّة ‪ ،‬فهي جهة اجمال الحكم اإللهي ‪َّ ،‬‬
‫هو الظهور التفصيلي ‪ -‬علما وعينا ‪ ،‬فظهور ذلك الوجود الواحد الحق يوجب تلك‬
‫العديدات ‪ ،‬واالحكام المندمجة في ذلك الحكم الجمعي االحاطى القضائي باستحضار‬
‫صال ‪ ،‬هو القدر العلمي ‪ .‬وعبّر الشيخ ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬عن ذلك االستحضار‬ ‫صورها مف ّ‬
‫صة خارجيّة يقتضيها تلك‬ ‫بالتأثّر ‪ .‬وظهور ذلك الوجود الواحد الحق وتعيّنه بصورة خا ّ‬
‫صور العلميّة ويستدعيها بحسب االستعداد الذاتي الغير المجعول ‪ ،‬هو القدر العيني ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫صلة الوجوديّة في الخارج ل ّما كانت على طبق الصور العلميّة وعلى‬ ‫فالصور المف ّ‬
‫ان ‪ .‬الواهب العدل ‪ ،‬اعطى األشياء في‬ ‫حسب اقتضائها واستعدادها الذاتي ‪ ،‬يعنى ّ‬
‫الخارج ‪ ،‬كلَّما يطلبه األشياء بلسان االستعداد منه تعالى في الحضرة العلميّة ‪ ،‬عبّر‬
‫الشيخ ( رحمه هللا ) عن تأثير الحق فيها وافاضتها وجعلها بإعادة آثارها عليها ‪ ،‬إشارة‬
‫صور العلميّة‬‫متفرعا على استعداداتها ومقتضيات حقائقها التي هي ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫إلى ظهورها‬
‫واألعيان الثابتة ( ش )‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫“ ‪“ 48‬‬

‫الحكم الواحد ‪ ،‬وظهور الوجود الواحد بموجب تلك التعديدات ‪ ،‬تأثّرا أوال ‪ .‬وتأثيرا‬
‫ثانيا في المعدّدات ‪ ( ،‬المعدومات ‪ -‬خ ل ) بإعادة آثارها عليها ‪ .‬فاعلم ذلك وتدبّر‬
‫غريب ما نبهت عليه ( تنبهت عليه ‪ -‬خ ) ‪ ،‬تفز بالعلم العزيز وهللا المرشد‪.‬‬
‫نص شريف موضح لبقيّة اسرار هذا النّص‬ ‫) ‪ (( 12‬فص ّل خ ‪ ،‬ل ) ّ‬
‫ى شيء كان ما عدى الحق ‪ ،‬هو ان يعلمه بعلم‬ ‫اعلم أن أعلى درجات العلم بالشيء ‪ ،‬ا ّ‬
‫يكون نتيجة رؤيتك ايّاه ‪ ،‬في علم الحق تماما‪( 1 ) .‬‬
‫ولهذا العلم آيتان ‪ ،‬إحداهما استغناؤك بما حصل لك من العلم به من معاودة النّظر فيه‬
‫وتكرره طلبا لمزيد معرفته ‪ ،‬فان تجدد العلم بالشيء بطريق االزدياد بعد دعوى‬ ‫ّ‬
‫معرفة سابقة به ‪ ،‬انّما موجبه نقصان العلم به أوال ‪ ،‬فلو كمل العلم به أوال الستغنى‬
‫عن االزدياد كما هو شأن الحق ‪ ،‬وذلك موقوف على كمال اإلحاطة العلمية بالمعلوم‪.‬‬
‫واآلية األخرى التي يستدل بها على حصول هذا العلم وصحته ‪ ،‬هي ان ينسحب حكم‬
‫علمه على الشيء حتى يتجاوز تقييده إلى‬
‫‪...................................................‬‬
‫ان الرائي إذا حصل الرجوع إلى األعيان الثابتة ومشاهدتها ‪ ،‬يحصل له‬ ‫) ‪( 1‬بمعنى ّ‬
‫َّ‬
‫االطالع على الماهيّة المعلومة والعين‬ ‫العلم باألشياء ‪ ،‬كما هي ‪ .‬ومعنى التماميّة هو‬
‫الثابتة بجميع لوازمها وما يستند إليها من المراتب ( ش )‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫“ ‪“ 49‬‬

‫( فينتهى إلى خ ) ان يرى آخره متصال باإلطالق الحق ‪ ،‬والعلم بالحق ليس كذلك ‪،‬‬
‫فانّه انما يتعلق به من حيث تعيّنه ( ‪ ) 1‬سبحانه في مرتبة أو مظهر أو حال أو حيثية‬
‫أو اعتبار ‪ ،‬وكلَّما انضبط ( ‪ ) 2‬للعالم به ( ‪ ) 3‬بتعينه ( ‪ ) 4‬من احدى الوجوه ( ‪) 5‬‬
‫المذكورة ‪ ،‬يظهر ويتعيّن له من مطلق الذات بحسب حال المتجلَّى له ‪ ،‬إذ ذاك ما لم‬
‫( ‪ ) 6‬يسبق تعيّنه قبل ذلك ‪ .‬وكما ال ينتهى أحوال اإلنسان إلى غاية يقف عندها ‪.‬‬
‫فكذلك ال يتناهى تعيّنات الحق وتنوعات ظهوراته لإلنسان بحسب أحواله التي هي‬
‫تعيّنات مطلق الذات الحق وتنوعات ظهوراته ‪ ،‬وقد سبق التّنبيه في غير هذا الموضع‬
‫ان األعيان تتقلَّب عليهما األحوال ( ‪. ) 7‬‬ ‫على أن األسماء ‪ -‬أسماء األحوال ‪ ،‬وعلى ّ‬
‫بخالف الحق ‪ ،‬فانّه يتقلَّب في‬
‫‪....................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ال من جهة إطالقه ‪ ،‬فانّه محال ليس في قوة المقيّد ‪ ،‬فلذلك قال في أول النّص ‪:‬‬
‫ما عدى الحق ‪ ،‬يعنى ال يمكن ان يعلمه غيره بعلم هو أعلى درجات العلم ‪ ،‬فتدبّر‬
‫( ش )‪.‬‬
‫) ‪( 2‬اى الحق‪.‬‬
‫) ‪( 3‬اى بالحق‪.‬‬
‫) ‪( 4‬متعلَّق بالضبط‪.‬‬
‫) ‪( 5‬لفظة ما ‪ ،‬فاعل يظهر ‪ ،‬وتعيّنه فاعل يسبق ‪ ،‬و ؟ الغير ؟ في تعيّنه راجع إلى ما‬
‫ألن تعيّن هذا الظاهر إذا كان‬‫‪ ،‬اى لم يسبق تعيّن هذا الظاهر قبل ذلك الظهور ‪ّ ،‬‬
‫حاصال ‪ ،‬فيكون ظهوره ثانيا تكرارا ‪ ،‬وال تكرار في التجلي ‪ .‬فافهم ( ش )‬
‫) ‪( 6‬اى تعيّنه في مرتبة أو مظهر أو حال أو حيثيّة أو اعتبار ( ش )‪.‬‬
‫) ‪( 7‬اى األعيان والماهيّات ثابتة وباقية على عدميّتها ابدا ‪ ،‬وانما تتقلَّب أحوالها‬
‫وتتنوع آثارها ‪ ،‬بخالف الحق ‪ ،‬فانّه الوجود الظاهر في المظاهر والشؤون ‪ ،‬كما قال ‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ويتنوع من حيث الظهور وباعتبار األحوال ‪ ،‬ال‬ ‫ّ‬ ‫ك ّل يوم هو في شأن ‪ .‬فالحق يتقلب‬
‫التنوع والتبّدل ولباطنه الثّبات ‪ّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫من حيث البطون وباعتبار الذات ‪ .‬فلظاهر الحق ّ‬
‫حقيقته العينيّة اإلطالقيّة ال يتبدّل وال يتحول ‪ ،‬لوجوبه الذاتي المقتضى ألزليّته وابديّته‬
‫‪ ،‬والتحول والتبدل انّما هو لنسبتها فالثابت هو الوجود الحق الواجب الوجود ‪ ،‬والمتبدّل‬
‫هو نسبه الكليّة والجزئيّة ‪ .‬فاألعيان لعدميّتها ال يص ّح ان يقال ‪ ،‬انّها تتقلَّب في األحوال‬
‫ان أحوالها تتقلب ‪ ،‬بل الحق يظهر باحوالها وأحكامها ‪ ،‬فذوات األعيان ال‬ ‫‪ ،‬بل يقال ‪ّ ،‬‬
‫تتقلب لبطالنها وعدميّتها ‪ ،‬بخالف ذات الحق ‪ .‬فافهم وال تتو ّهم من كالم الشيخ ‪ ،‬ان‬
‫األعيان ثابتة بالذات والحق متقلب ومتبدّل بالذات ‪ ( .‬ش )‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫“ ‪“ 50‬‬

‫األحوال ‪ ،‬كما د ّل على ذلك بقوله ‪ُ “ :‬ك َّل يَ ْو ٍم ُه َو في شَأ ْ ٍن‪“ ) * .‬‬
‫فافهم ‪ ،‬وال تتأول ‪ ،‬بل اجتهد ان تعلمن ( تعاين ظ ) واال فآمن وأسلم تسلم ‪ ،‬وهللا‬
‫الموفق‪.‬‬

‫نص جليل‬‫) ‪ّ ( 13‬‬


‫اعلم أنه ليس في الوجود موجود يوصف باإلطالق اال وله وجه إلى التّقييد ولو من‬
‫حيث تعيّنه في تعقل متعقل ما ‪ ،‬أو متعقّلين ‪ ،‬وكذلك ليس في الوجود موجود محكوم‬
‫عليه بالتقييد اال وله وجه إلى اإلطالق ‪ ،‬ولكن ال يعرف ذلك اال من عرف األشياء‬
‫معرفة تا ّمة بعد معرفة الحق ومعرفة ك ّل ما يعرف ( يعرفه به ‪ -‬خ ) ومن لم يشهد هذا‬
‫ّ‬
‫الحق والخلق‬ ‫المشهد ذوقا لم يتحقق بمعرفة‬

‫‪50‬‬
‫“ ‪“ 51‬‬

‫سر الكمال واألكمليّة‬‫نص في بيان ّ‬ ‫( ‪ّ ) 14‬‬


‫اعلم أن للحق كماال ذاتيا وكماال اسمائيّا يتوقف ظهوره على ايجاد العالم ‪ ،‬والكماالن‬
‫الن الحكم من كل حاكم على امر ما مسبوق بتعيّن‬ ‫معا من حيث التعيّن اسمائيّان ‪ّ ،‬‬
‫المحكوم عليه في تعقّل الحاكم ‪ ،‬فلو ال تعقّل ذات الحق قبل إضافة األسماء اليه‬
‫وامتيازه بغناه ( بغنائه ‪ -‬خ ل ) في ثبوت وجوده له عن سواه ‪ ،‬لما حكم ‪ّ ،‬‬
‫بان له كماال‬
‫ذاتيّا ‪ .‬وال شك ان كل تعيّن يتعقل للحق هو اسم له ‪ ،‬فان األسماء ليست عند المحقّق‬
‫اال تعيّنات الحق ‪ ،‬فاذن كل كمال يوصف به الحق ‪ ،‬فانّه يصدق عليه انّه كمال أسمائي‬
‫من هذا الوجه ‪ ،‬واما من حيث إن انتشاء أسماء الحق من حضرة وحدته هو من‬
‫مقتضى ذاته ‪ ،‬فان جميع الكماالت التي يوصف بها ‪ ،‬هي كماالت ذاتيّة ‪.‬‬
‫تقرر هذا فنقول ‪ :‬من كان له هذا الكمال لذاته من ذاته ‪ ،‬فانّه ال ينقص بالعوارض‬ ‫وإذا ّ‬
‫واللوازم الخارجيّة في بعض المراتب ‪ ،‬بمعنى انّه ال يقدح في كماله ‪ ،‬وال جايز ان‬
‫يتوهم في كماله نقص أيضا بحيث يكمل بها ( ‪ ، ) 1‬بل قد يظهر بالعوارض واللوازم‬
‫في بعض‬
‫‪.........................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬اى ‪ ،‬بالعوارض كالخالقيّة بالمخلوق ( ش ) ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫“ ‪“ 52‬‬

‫المراتب وصف أكمليته ( ‪ ، ) 1‬ومن جملتها معرفة ان هذا شأنه ( ‪. ) 2‬‬


‫نص شريف جدّا‬ ‫( ‪ّ ) 15‬‬
‫حقيقة الحق عبارة عن صورة علمه بنفسه من حيث تعيّنه في تعقّله بنفسه ‪ ،‬بان يو ّحد‬
‫العلم والعالم والمعلوم ‪ ،‬وصفته الذاتية‬
‫‪........................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬واعلم انّه يستفاد من تحقيقه ‪ ،‬ان اتصاف الحق بأوصاف الممكنات وظهوره في‬
‫المراتب االمكانيّة ‪ ،‬وبالجملة انضياف األوصاف اإلمكانيّة مطلقا اليه تعالى ‪ ،‬يدل على‬
‫كماله واكمليّته ‪ ،‬ألنّها آيات قدرته وشواهد فضيلة حيطته وكمال استيعابه ‪ ،‬بحيث لو‬
‫لم يوصف بوصف مظهر من مظاهره كان قادحا في سعة احاطته مع فرط نزاهته‬
‫وبساطته واستغناء ذاته ‪ .‬فتلك األوصاف له تعالى نفيا واثباتا ‪ ،‬دالَّة على صفة الكمال‬
‫‪ ،‬ألنّها من حيث االنتفاء اثر االستغناء والنّزاهة ذاتا ‪ ،‬ومن حيث الثّبوت دليل القدرة‬
‫سعة التا ّمة ‪ ،‬فال ينتفي عنه تعالى تلك األوصاف مطلقا وال يثبت له مطلقا‬ ‫واإلحاطة وال ّ‬
‫‪ ،‬بل ينبغي ان يثبت له تعالى شرط أو شروط ‪ ،‬وينتفي عنه كذلك ‪.‬‬
‫وهذا باب من العلم ينفتح منه األبواب ‪:‬‬
‫سر اآليات واألخبار التي توهم التشبيه ‪ ،‬فلم يقع في‬ ‫ان من عرفه ‪ ،‬عرف ّ‬ ‫منها ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫الحق‬ ‫ورطة التأويل ‪ ،‬لكونها حقيقة من حيث المظاهر ‪ ،‬وال في ورطة التشبيه ‪ ،‬لكون‬
‫منزها عنها من حيث غيب أحديته وكمال وجوبه ‪ .‬ومبنى كل ذلك ومحتده ما ذكره في‬ ‫ّ‬
‫ان الصفة الذاتية التي ال يغاير ذاته ‪ ،‬أحديّة جمع ‪ . . .‬إلى قوله ‪:‬‬ ‫النّص التالي من ّ‬
‫مصرح به في كلمات الشيخ‬ ‫ّ‬ ‫وهذا صورة علم الحق بنفسه ‪ .‬تدبّر تفهم وك ّل ما ذكرناه‬
‫(ش)‪.‬‬
‫ان العوارض ال يقدح في كماله ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 2‬اى ‪ّ ،‬‬

‫‪52‬‬
‫“ ‪“ 53‬‬

‫التي ( ‪ ) 1‬ال يغاير ذاته ‪ ،‬أحديّة ( ‪ ) 2‬جمع ال يعقل ورائها جميّعة ‪ ،‬وال نسبة واال‬
‫صفة ومعرفتها تماما انّما يكون بمعرفة ان الحق في كل‬ ‫اعتبار ‪ ،‬والتحقّق بشهود هذه ال ّ‬
‫ّ‬
‫الحق فيه‬ ‫متعيّن قابل للحكم عليه بانّه متعيّن ( ‪ ) 3‬بحسب االمر المقتضى ادراك‬
‫متعيّنا مع العلم بأنّه غير محصور في التعيّن ‪ ،‬وانه من حيث هو غير متعيّن ‪ ،‬وهذا‬
‫صورة علمه بنفسه ‪ ،‬فيعرف ذاته متعيّنة ‪ ،‬بالنسبة إلى ظهوره في المتعيّنات بحسبها ‪،‬‬
‫وبالنسبة إلى من لم يشهده اال في مظهر ( ‪ ، ) 4‬ويعرف سبحانه من حيث هو هو غير‬
‫متعيّن أيضا حال الحكم عليه بالتعيّن ‪ ،‬لقصور ادراك من لم يدركه اال في مظهر ( و ‪-‬‬
‫خ ل ) سواء اعتبر المظهر عين الظاهر أو غيره ‪ ،‬وحقيقة الخلق عبارة عن صورة‬
‫علم ربّهم بهم ‪ ،‬وصفتهم ( ‪ ) 5‬الذاتية الفقر المثمر لمطلق الغناء ليس كل فقر ( ‪) 6‬‬
‫فافهم ‪.‬‬
‫نص شريف جدّا‬ ‫( ‪ّ ) 16‬‬
‫اعلم أن ثمرة التّنزيه العقلي ‪ ،‬هو تميّز الحق عما يسمى سواه‬
‫‪.............................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬صفة لصفته ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬خبر للمبتدأ الذي هو صفته الذاتيّة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬فيحكم عليه بأحكام ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬اى مظهر وتعيّن خاص ‪ ،‬والمراد بقوله ‪ ،‬ظهوره في المتعيّنات ( إلى آخره )‬
‫ى تعيّن كان ‪ ،‬ويحتمل ان يكون العطف تفسيريّا ( ش ) ‪.‬‬ ‫التعيّن العالم ‪ ،‬اى ‪ ،‬ا ّ‬
‫( ‪ ) 5‬وصفته الذاتيّة ( خ ل ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 6‬اى صفته الذاتيّة هذا الفقر المخصوص ‪ ،‬ال ك ّل فقر ‪ ،‬كالفقر من العلم والمال‬
‫صفات الكماليّة ‪ .‬ألنّها ليست مثمرة للغناء ‪ .‬تدبّر ( ش )‬ ‫والجاه وال ّ‬

‫‪53‬‬
‫“ ‪“ 54‬‬

‫بالصفات السلبيّة ‪ ،‬حذرا من نقايص مفروضة في األذهان غير واقعة ( ‪ ) 1‬في‬


‫الوجود ‪.‬‬
‫والتنزيهات الشرعية ثمرتها ‪ ،‬نفى التعدّد الوجودي ‪ ،‬واالشتراك في المرتبة األلوهية ‪،‬‬
‫وهي ( ‪ ) 2‬ثابتة أيضا شرعا ‪ ،‬بعد تقدير ( تقرير ‪ -‬خ ) االشتراك مع الحق في‬
‫الصفات الثبوتيّة ‪ ،‬لنفى المشابهة والمساواة ‪ ،‬واليه اإلشارة بقوله تعالى ‪ “ :‬و ُه َو ( ‪) 3‬‬
‫س ُن ( ‪ْ ) 5‬الخا ِل ِقينَ “ و‬
‫الر ِازقِينَ “ ‪ ،‬و “ َخي ُْر ( ‪ْ ) 4‬الغافِ ِرينَ “ و “ * ( أ َ ْح َ‬
‫َخي ُْر َّ‬
‫اح ِمينَ “ وهللا أكبر ‪ ،‬ونحو ذلك ‪.‬‬ ‫“ أ َ ْر َح ُم ( ‪َّ ) 6‬‬
‫الر ِ‬
‫واما تنزية أهل الكشف ‪ ،‬فهو الثبات الجمعيّة للحق به مع عدم الحصر ‪ ،‬وتميز‬
‫( لتميز ‪ -‬خ ) احكام األسماء بعضها عن بعض ‪ ،‬فإنّه ليس كل حكم يص ّح اضافته إلى‬
‫كل اسم ‪ ،‬بل من األسماء ما يستحيل إضافة بعض األحكام إليها ‪ ،‬وان كانت ثابتة‬
‫ألسماء آخر ‪ ،‬وهكذا االمر في الصفات ‪.‬‬
‫ومن ثمرات التنزيه الكشفي ‪ ،‬نفى السواء مع بقاء الحكم العددي ( ‪ ) 7‬دون فرض‬
‫نقص ( ‪ ) 8‬يسلب ‪ ،‬أو تعقل كمال يضاف إلى الحق بإثبات تثبت ‪ ( ،‬مثبت ‪ -‬خ ل )‬
‫والسالم ‪.‬‬
‫‪..............................................................‬‬
‫( ‪ . ) 1‬ألنّه ليس في الوجود نقص ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬اى ثمرة التّنزيه العقلي ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬س ‪ ، 62‬ى ‪. 11‬‬
‫( ‪ - ) 4‬س ‪ ، 7‬ى ‪. 154‬‬
‫( ‪ - ) 5‬س ‪ ، 23‬ى ‪. 14‬‬
‫( ‪ - ) 6‬س ‪ ، 12‬ى ‪. 64‬‬
‫( ‪ ) 7‬لظهور الحق بأحكام المرايا التي هي األعيان الثابتة ( ش ) ‪.‬‬
‫‪ ) 8‬كما تو ّهمه أهل التنزيه العقلي ‪ ،‬وكما أشار اليه سابقا بقوله ‪ :‬حذرا من نقايص‬
‫ى دون فرض نقص حتى يسلب ‪ .‬وبعبارة أخرى دون سلب نقص‬ ‫مفروضة ‪ ،‬ا ّ‬
‫مفروض ( ش ) ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫“ ‪“ 55‬‬

‫نص شريف‬ ‫( ‪ّ ) 17‬‬


‫كينونيّة ك ّل شيء في شيء ‪ ،‬انّما يكون بحسب المحل ‪ ،‬سواء كان المحل معنويّا ( ‪) 1‬‬
‫‪ ،‬أو صوريّا ‪ .‬ولهذا وصف المعلومات الممكنة من حيث ثبوت تعيّنها في علم الحق‬
‫وارتسامها فيه بالقدم ‪ ،‬كما أن كل متعيّن في علم الحق من وجه آخر ( ‪ ، ) 2‬ال يخلو‬
‫الن وجود العالم وعلوم أهله حادثان منفعالن ‪ ،‬بخالف وجود‬ ‫عن حكم الحدوث ‪ّ ،‬‬
‫الحق وعلمه ‪ ،‬فاعلم ذلك ترشد انشاء هللا ‪.‬‬
‫نص شريف من اشرف النّصوص واجلَّها واجمعها لكلَّيّات أصول المعرفة‬ ‫( ‪ّ ) 18‬‬
‫اإللهيّة والكونيّة‬
‫اعلم أن اطالق اسم الذات ‪ ،‬ال يصدق على الحق اال باعتبار تعيّنه ( التعين ‪ -‬خ ل ) ‪،‬‬
‫الذي يلي في تعقّل الخلق غير الك ّمل ( ‪) 3‬‬
‫‪......................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬كالعلم لألعيان الثابتة والماهيّات االمكانيّة ( ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬اى من حيث ظهوره في الخارج ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬والتقييد بتعقّل الخلق غير الك ّمل ‪ ،‬لإلشارة إلى أن هذا التعيّن وان كان يلي‬
‫اإلطالق ‪ ،‬ولكن له اإلطالق بالنّسبة إلى تعيّن الحق في تعقّل كل متعقّل ‪ ،‬وبالنّسبة إلى‬
‫تعيّن كل شيء في كل عالم على ما يتعقّل الك ّمل واما في تعقل غير غير الك ّمل ‪ ،‬فليس‬
‫وصرح بهذا المعنى ‪.‬‬‫ّ‬ ‫له اإلطالق ‪ ،‬لعدم تعقّلهم ايّاه على الحقيقة وعلى ما هو عليه ‪،‬‬
‫فالتوجيه الفاضل المحقق شارح مفتاح غيب الجمع والوجود ‪.‬‬
‫حيث قال بعد نقل هذا الكالم ‪ :‬وانّما قال في تعقّل الخلق غير الك ّمل ‪ ،‬ألن التعيّن ّ‬
‫األول‬
‫في تعقّل الك ّمل ‪ ،‬مطلق بالنّسبة إلى كل تعقّل ‪ ،‬لما قال الشيخ ( رضي هللا عنه ) في‬
‫موضع آخر من النّصوص ‪ :‬وهذا التعقّل التعينى وان كان يلي اإلطالق المشار اليه ‪،‬‬
‫فانّه بالنسبة إلى تعيّن الحق في تعقّل كل متعقّل مطلق ‪ ،‬وانّه أوسع التعيّنات ‪ ،‬وهو‬
‫مشهود الك ّمل ‪ ،‬وهو التجلي الذاتي ‪ ،‬وله مقام التوحيد األعلى ومبدئيّة الحق يلي هذا‬
‫التعيّن ‪ .‬انتهى ‪.‬‬
‫ان التعيّن الذي يلي اإلطالق في تعقل‬ ‫ان غرض الشيخ ‪ ،‬اإلشارة إلى ّ‬ ‫ويمكن ان يقال ‪ّ ،‬‬
‫الك ّمل ‪ ،‬هو أحدية الجمع والوحدة الحقيقيّة الجامعة ‪ ،‬واما في تعقل غير الك ّمل ‪ ،‬هو‬
‫االحديّة الصرفة المقابلة للواحديّة ‪ ،‬وال شك انّه وصف سلبي ‪ .‬فيظهر من كالمه ‪ّ ،‬‬
‫ان‬
‫صرفة واما‬ ‫أول المراتب والتعيّنات بعد إطالقه الالتعينى عند الجمهور ‪ ،‬هو األحدية ال ّ‬
‫عند الك ّمل فهو أحديّة الجمع والوحدة المطلقة الحقيقية الجامعة ‪ ،‬وال يخفى عليك انّه‬
‫يستفاد من كالمه على التوجيهين ‪ .‬ان اطالق اسم الذات انّما يكون على االحديّة‬
‫الصرفة التي هي وصف سلبي تدبّر تفهم ( ش ) ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫“ ‪“ 56‬‬

‫اإلطالق ( ‪ ) 1‬المجهول النعت العديم االسم ‪ ،‬وانّه وصف سلبي للذات ‪ ،‬فانّه مفروض‬
‫االمتياز عن ك ّل تعيّن ‪ ،‬وانّما االمر الثبوتي الواقع هو التعيّن األول ‪ ،‬وانّه بالذات‬
‫مشتمل على األسماء الذاتية ‪ ،‬التي هي مفاتيح الغيب ‪ .‬ومسمى الذات ال يغاير أسمائها‬
‫بوجه ما ‪ ،‬واما األسماء ‪ ،‬فيتغاير ويضاد بعضها بعضا ‪ ،‬ويتّحد أيضا بعضها مع‬
‫شاملة لجميعها ‪ ،‬واالحديّة وصف التعيّن ال وصف المطلق‬ ‫البعض من حيث الذات ال ّ‬
‫المعيّن ‪ ،‬إذ ال اسم للمطلق وال وصف ‪ ،‬ومن حيثيّة هذه األسماء ‪ ،‬باعتبار عدم مغايرة‬
‫الذات لها ‪ ،‬نقول ‪ ،‬ان الحق مؤثّر‬
‫‪..................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬مفعول لقوله ‪ ،‬يلي ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫“ ‪“ 57‬‬

‫بالذات ‪ -‬فافهم ‪.‬‬


‫واللذات الزم واحد ( ‪ ) 1‬فحسب ‪ ،‬ال يغايرها اال مغايرة نسبيّة ‪ ،‬وذلك الالزم هو العلم‬
‫‪ ،‬والوحدانيّة ثابتة للحق من حيث العلم ‪ ،‬فان فيه وبه يتعيّن االلوهيّة وغيرها من‬
‫المراتب والمعلومات الرتسام الجميع فيه ‪ ،‬وهو مرآة الذات أيضا من حيث اشتمالها‬
‫مر ‪ ،‬وهو اعني ‪ ،‬العلم محتد‬ ‫على األسماء الذاتية التي ال يغايرها الذات بوجه ما ‪ ،‬كما ّ‬
‫الكثرة المعنويّة ومشرعها ‪ .‬وانما قلت ‪ :‬ان العلم كالمرآة للمعلومات وللذات أيضا مع‬
‫أسمائها الذاتية ‪ ،‬من أجل انه باعتبار امتياز العلم عن الذات االمتياز النسبي االعتباري‬
‫‪ ،‬تعقّل تعيّن الحق في تعلقة نفسه في نفسه ‪ ،‬فعلمه الذاتي كالمرآة ( ‪ ) 2‬له ‪ ،‬ولهذا قلنا‬
‫في غير هذا الموضع ‪ :‬ان حقيقة الحق عبارة عن صورة علمه بنفسه ‪ ،‬ونبّهت أيضا‬
‫على أن كل ظاهر في مظهر ‪ ،‬فانّه مغاير ( يغاير ‪ -‬خ ) المظهر من وجه أو وجوه اال‬
‫الظاهر وعين المظهر ‪ ،‬فتذ َّكر ‪ .‬واما المراتب ‪ ،‬فعبارة‬ ‫الحق ‪ ،‬فان له ان يكون عين َّ‬
‫عن تعيّنات كليّة تشمل عليها الالزم الواحد الذاتي الذي هو العلم ‪ ،‬وهي كالمحال لما‬
‫يمر عليها من مطلق الفيض الصادر عن الذّات باعتبار عدم مغايرة الفيض المفيض‬
‫كما سبق التّنبيه عليه في بيان ( شأن ‪ -‬خ ل ) مظهرية الحق وظاهريّته ‪ ،‬ولها مدخل‬
‫في حقيقة التأثير ال مطلقا ( ‪ ، ) 3‬بل من‬
‫‪.....................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬اى شامل لجميع اللوازم الن سائر اللوازم لها ثبوت في الحضرة العلمية‬
‫(ش)‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬اى ‪ ،‬باعتبار االمتياز النسبي ‪ ،‬واال فالعلم عين الذات في الحقيقة ( ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬اى ‪ ،‬ال في حقيقة المنطبع ‪ ،‬بل في مثاله وظهوره ‪ ،‬فلها تأثير في الكيفيات ‪،‬‬
‫ان لها تأثيرا في كيفيّة المنطبع من الطول واالستدارة وغيرها ال في‬ ‫كالمرآة ‪ ،‬في ّ‬
‫حقيقة المنطبع ‪ ،‬وتفصيل ذلك ما أشار اليه في النّص الثامن المعنون بقوله ‪ّ :‬‬
‫نص‬
‫شريف كلى ‪ ،‬يحتوي على اسرار جليلة ‪ ،‬فارجع اليه ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫“ ‪“ 58‬‬

‫حيث ما قلت ‪ ،‬انّها كالمحال ‪ ،‬وكل مرتبة محل معنوي لجملة من احكام الوجوب‬
‫المتفرعة من األسماء الذاتيّة وا ّمهات األسماء االلوهيّة وما يليها من األسماء‬‫ّ‬ ‫واإلمكان‬
‫التالية ( ‪ ، ) 1‬ولها اعني للمراتب ‪ ،‬أعيان ثابتة في عرصة العلم والتعقل ‪ ،‬وال اثر لها‬
‫على سبيل االستقالل ‪ ،‬بل بالوجود ‪ .‬وهكذا شأن الوجود مع المراتب ‪ ،‬فانّها ( ظاهرة‬
‫الحكم في كل ‪ -‬خ ل ) مؤثرة في كل ما يتّصل بها ويتعيّن لديها بتكيّفات مطلق الفيض‬
‫والمار عليها ‪ ،‬وانها كالنهايات النسبيّة باعتبار سير الفيض الذاتي‬
‫ّ‬ ‫الواصل الهيا‬
‫والتجلي الوجودي في المنازل والدّرجات المتعيّنة بين األزل واألبد ‪ ،‬ال إلى غاية‬
‫المستقرة‬
‫ّ‬ ‫وقرار ‪ .‬فقد استبان بما ذكرته ( ‪ ، ) 2‬ان المراتب مجتمع ‪ ،‬جمل االحكام‬
‫لديها من حضرة الوجوب واإلمكان ‪ ،‬وهي المظهرة لنتائج تلك االجتماعات ‪ ،‬لكن‬
‫بحسبها ( ‪ ) 3‬ال بحسب االحكام ‪ ،‬وال بحسب مطلق الفيض ‪ ،‬فحكمها حكم األشكال‬
‫والقوالب في كل متشكل ومتقولب يتّصل بها ( ‪ ) 4‬ويح ّل فيها ‪ ،‬فهذا اثرها ( ‪، ) 5‬‬
‫فهي ثابتة ‪ ،‬في ثابتة العين ‪،‬‬
‫‪................................................‬‬
‫والمصور وأمثالها ‪ ( .‬ش )‪.‬‬
‫ّ‬ ‫) ‪( 1‬كالخالق والباري‬
‫) ‪( 2‬اى من قوله ‪ :‬آنفا وكل مرتبة محل معنوي لجملة من احكام الوجوب واإلمكان‬
‫( إلى آخره ) ‪ .‬ش‪.‬‬
‫) ‪( 3‬اى بحسب المراتب فان الحكم والفيض مع قطع النّظر عن المراتب ‪ ،‬ال ظهور‬
‫لهما ‪ ( .‬ش )‬
‫) ‪( 4‬صفة لقوله ‪ ،‬ك ّل متشكل ومتقولب ‪ ( .‬ش )‪.‬‬
‫) ‪( 5‬اى ‪ ،‬المراتب‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫“ ‪“ 59‬‬

‫وإليها تستند نتائج االحكام وتنضاف ( ‪ ) 1‬آخرا ألنّها المرجع والمشرع فافهم‪.‬‬
‫ثم اعلم أن المراتب متعلقة “ ‪ “ 7‬االنتشاء ( ‪ ، ) 2‬بعضها من بعض ‪ ،‬وكذلك األسماء‬
‫‪ ،‬فاأللوهيّة ( ‪ ) 3‬بأسمائها الكلية التي هي الحي العالم المريد القادر ‪ ،‬ظل للذات من‬
‫حيث اشتمالها بذاتها على مفاتيح الغيب ‪ ،‬لكن بين االلوهيّة والذات في ذلك فرق دقيق‬
‫في ذوق الكمال ( الكمل ‪ -‬ج ل ) ‪ ،‬وهو ان االلوهيّة يتعقّل ممتازة عن أ ّمهات أسمائها‬
‫المذكورة ‪ ،‬والذات ال يعقل تميّزها عن أسمائها الذاتيّة اال المحجوبون عن التجلي‬
‫الذاتي واما أهل التجلي الذاتي فال يعقلون ( ‪ ) 4‬هذا النوع من التميز وال يشهدونه اال‬
‫باعتبار علمهم بعلم المحجوبين ‪ ،‬وانّما التّميّز عندهم في ذلك ‪ ،‬فهو بما أشرت اليه ‪،‬‬
‫من أن الذات غير مغايرة السمائها الذاتيّة بوجه ما ‪ ،‬وهي ( ‪ ) 5‬يغاير بعضها بعضا ‪،‬‬
‫مع انّه ال انفكاك ‪ ،‬ومع أن ( ‪ ) 6‬درجات المفاتيح متفاوتة ‪ ،‬فان بعضها تابع للبعض‬
‫كما نبّهت عليه في أسمائه األلوهية‬
‫‪....................................................‬‬
‫) ‪( 1‬اى ‪ ،‬ترجع إليها في آخر االمر ‪ ( .‬ش )‪.‬‬
‫الروح من العلم ‪ ،‬والمثال من الروح والحس من المثال ‪ ( .‬ش )‪.‬‬ ‫) ‪( 2‬كمرتبة ّ‬
‫) ‪( 3‬اى مرتبة االلوهيّة المس ّماة بالواحديّة مع أسمائها الكليّة ‪ ( .‬ش )‪.‬‬
‫) ‪( 4‬اى الك ّمل ال يعقلون هذا النوع من التميّز ‪ ( .‬ش )‪.‬‬
‫) ‪( 5‬اى األسماء الذاتيّة من حيث االعتبار يغاير بعضها بعضا مع عدم االنفكاك من‬
‫حيث الذات ‪ ( .‬ش )‪.‬‬
‫) ‪( 6‬اى األسماء الذاتيّة ‪ ،‬متفاوتة الدّرجات ‪ ،‬كاألسماء االلوهيّة التي هي ظالل لها‬
‫كما نبّه سابقا على تفاوت درجات األسماء االلوهيّة كشرف العلم على القدرة بالتقدم‬
‫فهي تابعة للعلم وهو تابع للحياة ‪ ( .‬ش )‪.‬‬
‫“ “ ‪ 7‬في م ش ‪ :‬متعلقة‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫“ ‪“ 60‬‬

‫والمصور وأمثالها القادر وكذلك االمر في بقيّة ا ّمهات‬‫ّ‬ ‫من تبعيّة االسم الخالق والباري‬
‫األسماء مع التالية لها فتذكر‪.‬‬
‫) ‪( 19‬فصل في وصل‬
‫سر المناسبات ‪ ،‬فهو من حيث االشتراك في االمر القاضي يرفع احكام المغايرة‬ ‫وا ّما ّ‬
‫من الوجه المثبت للمناسبة ‪ ،‬وأولها وأعالها ‪ ،‬المناسبة الذاتيّة ‪ .‬فالمناسبة الذاتية بين‬
‫الحق واإلنسان الذي هو العين المقصودة ‪ ،‬تثبت من وجهين ‪ :‬أحدهما ‪ ،‬من جهة‬
‫ضعف تأثير مرآتيّته في التجلي المعين ( المتعيّن ‪ -‬خ ل ) لديه بحيث ال يكسيه وصفا‬
‫قادحا في تقديسه سوى قيد التّعين الغير القادح في عظمة الحق وجالله ووحدانيّته‬
‫وخلوه عن أكثر احكام اإلمكان وخواص الوسائط وتفاوت درجات المقربين واالفراد ‪،‬‬
‫عند الحق هو من هذا الوجه ‪ ،‬واما المناسبة مع الحق من وجه آخر ‪ ،‬فهو بحسب حظ‬
‫العبد من صورة الحضرة اإللهيّة وذلك الحظ يتفاوت بحسب تفاوت الجمعيّة ‪ ،‬فتضعف‬
‫المناسبة وتقوى بحسب ضيق جمعيّة ذلك اإلنسان من حيث قابليّته وسعتها ‪ ،‬فتنقض‬
‫الحظوظ لذلك وتتوفّر ‪ ،‬والمستوعب ( ‪ ) 1‬لما يشتمل عليه مقام الوجوب واإلمكان من‬
‫صفات واالحكام وما يمكن ظهوره بالفعل من ذلك في ك ّل عصر وزمان مع ثبوت‬ ‫ال ّ‬
‫المناسبة أيضا من الوجه األول له الكمال وهو ( ‪ ) 2‬محبوب‬
‫‪...................................................‬‬
‫) ‪( 1‬مبتدأ ‪ ،‬خبره قوله ‪ ،‬له الكمال ‪ ( .‬ش )‪.‬‬
‫) ‪( 2‬اى ‪ ،‬المستوعب‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫“ ‪“ 61‬‬

‫الحق ‪ ،‬والمقصود لعينه وهو من حيث حقيقته التي هي برزخ البرازخ ( ‪ ) 1‬مرآة‬
‫الذات وااللوهيّة معا ولوازمهما ( ‪ ) 2‬وصاحب المناسبة الذاتيّة من الوجه األول‬
‫مقرب ال غير ( ‪ ، ) 3‬وقد سبق التّنبيه على ذلك ( ‪ . ) 4‬واما المناسبة الذاتيّة‬ ‫محبوب ّ‬
‫بين الناس ‪ ،‬فتثبت من وجهين أيضا ‪ ،‬وهو مثاالن للوجهين اإللهين المذكورين ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ ،‬من جهة اشتراك المتناسبين في المزاج ‪ ،‬بمعنى وقوع مزاجهما في درجة‬
‫واحدة من درجات االعتداالت التي يشتمل عليها مطلق عرض األمزجة االنسانية ‪ ،‬أو‬
‫يكون درجة مزاج أحدهما مجاورة لدرجه مزاج األخر ‪ .‬وهذا أصل عظيم في مشرب‬
‫الروحانيّة‬
‫ي من العوالم ّ‬ ‫التحقيق ‪ ،‬قل من يعرفه ذوقا ‪ ،‬الن تعيّنات أرواح األناس ّ‬
‫وعلو المنزلة من حيث قلَّة الوسائط وكثرتها وتضاعف‬ ‫ّ‬ ‫وتفاوت درجاتها في الشرف‬
‫وجوه اإلمكان ( ‪ ) 5‬وقوتها بسبب كثرة الوسائط وقلتها وضعفها ‪ ،‬انّما موجبه بعد‬
‫قضاء هللا وقدره ‪ ،‬المزاج المستلزم لتعيّن‬
‫‪..............................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬ألنّها بين التعين والالتعيّن ألنّه المظهر للتعين األول الجامع للتعيّنات ( ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬من الوحدة والتنزيه الالزمتين للذات ‪ ،‬واستيعاب جمع األسماء الالزم لاللوهيّة ‪.‬‬
‫(ش)‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬اى ال يكون مقام المحبوبية والمقربيّة لغير صاحب المناسبة الذاتيّة من الوجه‬
‫األول ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫المقربين واألفراد ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫( ‪ ) 4‬اى في قوله وتفاوت درجات‬
‫شرف ‪ ،‬اى تفاوت درجاتها في ضعف‬ ‫) ‪( 5‬يحتمل ان يكون عطفا على قوله ‪ :‬ال ّ‬
‫وجوه اإلمكان ( إلى آخره ) ويحتمل ان يكون عطفا على قوله ‪ :‬قلَّة الوسائط وبالجملة‬
‫فكثرة الوسائط مقتضية لكثرة وجوه اإلمكان وقلَّة الوسائط لقلَّة وجوه اإلمكان ‪.‬‬
‫( ش )‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫“ ‪“ 62‬‬

‫الروح بحسبه ‪ ،‬فاألقرب نسبة إلى االعتدال الحقيقي الذي تعيّن نفوس الك ّمل في نقطة‬ ‫ّ‬
‫دائرته ( ‪ ، ) 1‬يستلزم قبول روح اشرف وأعلى نسبة من العقول والنّفوس العالية ‪،‬‬
‫سة ‪ ،‬ونزول‬ ‫واال بعد ( من ‪ -‬خ ل ) عن النقطة االعتداليّة المشار إليها بالعكس من الخ ّ‬
‫الدرجة ‪ .‬فاعلم ذلك ‪ ،‬وتفهم ما ذكرت ( ما ذكرته ‪ -‬خ ل ) في االمر ( أمور االشتراك‬
‫ترق به إلى ( ‪ ) 2‬معرفة المناسبة الروحانية الخصيصة‬ ‫‪ -‬خ ل ) االشتراك المزاجي ّ‬
‫بالوجه ( ‪ ) 3‬االخر المشابهة ( ‪ ) 4‬للمناسبة الذاتية المخفية الحقيقة المحضة ( ‪. ) 5‬‬
‫وإذا عرفت هذا عن شهودا وفهم محقق ‪ ،‬رأيت أن بعض األرواح يكون مبدأ مقامها‬
‫في التعيّن اللوح المحفوظ ‪ ،‬ومبدأ تعيّن بعضها‬
‫‪...................................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬اى دائرة االعتدال الحقيقي ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫مر ‪ ،‬من أن الروح يتعيّن‬ ‫ألن المناسبة الروحانيّة تابعة للمناسبة المزاجيّة لما ّ‬ ‫(‪ّ )2‬‬
‫بحسب المزاج ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬يعنى ان المناسبة هي الوجه الثاني من وجهي المناسبة الثابتة بين النّاس تدبّر ‪.‬‬
‫(ش)‪.‬‬
‫سره ‪ ،‬في ذيل بيان‬‫انجر كالمه قدس ّ‬ ‫ّ‬ ‫( ‪ ) 4‬هي صفة للمناسبة الروحانيّة ‪ ،‬ول ّما‬
‫المناسبة المزاجيّة التي هي أحد وجهي المناسبة الذاتيّة بين الناس ‪ ،‬إلى ذكر المناسبة‬
‫الروحانية ‪ ،‬فقال ‪ :‬انّها الوجه اآلخر من المناسبتين المذكورتين ‪ ،‬ولم يعنون بلفظ ‪.‬‬
‫وثانيهما ‪ :‬المناسبة الروحانيّة ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬ان المناسبة الروحانيّة هي المشابهة للمناسبة‬
‫الذاتية الحقية الخفيّة هذا هو الظاهر من كالمه وال شبهة فيه ‪ ،‬ولكني قد رأيت في‬
‫ان المناسبة‬‫حاشية نسخة من الكتاب ‪ ،‬ان قوله ‪ :‬المشابهة صفة للوجه اآلخر ‪ ،‬يعنى ّ‬
‫الروحانيّة لها وجهان ‪ ،‬الوجه األول مناسبتها إلى المزاج ‪ ،‬والوجه اآلخر مناسبتها‬
‫يلحق من حيث ارتفاع الوسائط انتهى كالمه بألفاظه وال يخفى ما فيه ‪.‬‬
‫(ش)‪.‬‬
‫( ‪ - ) 5‬للمناسبة الذاتية الخفية الحقية ‪. . .‬‬

‫‪62‬‬
‫“ ‪“ 63‬‬

‫ى من مقام ميكائيل ‪،‬‬‫من روحانيّة العرش من مقام إسرافيل ‪ ،‬وبعضها من الكرس ّ‬


‫سدرة من مقام جبرئيل ‪ ،‬هكذا متنازال حتى ينتهى ( يصل ‪ -‬خ ل )‬ ‫وبعضها من ال ّ‬
‫االمر إلى السماء الدنيا المختصة بإسماعيل رئيس مالئكتها ‪ ،‬على جميعهم السالم ‪،‬‬
‫فيعرف حالتئذ ‪ ،‬ان الشرط األكبر الموجب لما ذكرته من تفاوت درجات أرواح الناس‬
‫في ذلك بعد سابق علم هللا وعنايته وقضائه ومشيّته ‪ ،‬هو ما سبق ذكره في شأن‬
‫األمزجة وقربها من نقطة االعتدال الحقيقي وبعدها ‪ ،‬واثر العناية والمشيّة يختص‬
‫الروح وتعيّنه ‪ ،‬فافهم وتذكر ‪.‬‬‫بحسن التسوية الربانيّة التي يليها نفخ ّ‬
‫واما المناسبة ( المرتبة ‪ -‬خ ل ) المرتبيّة ‪ ،‬فانّها ليست من وجه واحد بل من وجوه‬
‫متعدّدة ‪ :‬أحدها ‪ ،‬من جهة بعض األرواح معدنها االصليّة التي هي من مبدأ تعيّنات‬
‫األرواح المشار إليها آنفا ( ‪ ) 1‬فان مبدأ تعيّن أعالها درجة اعني األرواح الك ّمل ‪ ،‬ا ّم‬
‫الكتاب ( ‪ ، ) 2‬ومبدأ تعيّن بعضها علما ووجودا متو ّحدا ‪ ،‬ذات القلم األعلى المسمى‬
‫بالعقل األول والروح الكلَّى ‪ ،‬ومبدأ تعيّن بعضها اللوح المحفوظ ‪ ،‬وبعضها عرشيّة‬
‫ى وروحانيّته ‪ ،‬وبعضها جبرئيليّة من‬ ‫اسرافيليّة ‪ ،‬وبعضها ميكائيليّة من مقام الكرس ّ‬
‫مقام سدرة المنتهى ‪ ،‬هكذا إلى آخر أجناس هذه األصول الروحانيّة المختص بإسماعيل‬
‫‪......................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬في قوله ‪ :‬يكون مبدأ مقامها في التعيّن اللوح المحفوظ ‪.‬‬
‫ألن ما يكتب فيها يكون‬ ‫( ‪ ) 2‬اى الحضرة العلميّة ألنّها أصل تمام األلواح والكتب ‪ّ ،‬‬
‫بحسب العلم وا ّم الكتاب الحقيقي الذي هو مبدأ تعيّن أكمل الك ّملين خاتم الك ّل صلى هللا‬
‫عليه وآله أجمعين ‪ ،‬هو التعيّن األول وهو مبدأ اصلى جملي جمعى تدبر ( ش ) ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫“ ‪“ 64‬‬

‫مر ( على ما‬ ‫شاءين بالعقل الفعال كما ّ‬ ‫صاحب سماء الدنيا المعبّر عنه عند الحكماء الم ّ‬
‫مر ‪ -‬خ ل ) ‪ .‬والوجه االخر هو من جهة مظاهرها المثالية ‪ ،‬فان األرواح على‬ ‫ّ‬
‫اختالف مراتبها ال تخلو عند جميع المحقّقين عن مظاهر يتعيّن ويظهر بها ‪ ،‬وأول‬
‫مراتب مظاهر أرواح األناسي ما عدا الك ّمل ( ‪ ) 1‬عالم المثال المطلق والصور‬
‫الخيالية ( الجنانيّة ‪ -‬خ ل ) وان كانت مواد انتشائها لطائف قوى هذه النشأة الطبيعيّة‬
‫وجواهرها المط ّهرة المز َّكاة المكتسية صفات األرواح ‪ ،‬فان صفاتها وأحوالها في الجنّة‬
‫انّما تظهر بحسب روحانيّتها وقواها وخواص مظاهرها المثاليّة ‪ ،‬ومنازل أهل الجنة‬
‫مظاهر مراتب األرواح من حيث مكاناتها ( ‪ ) 2‬عند الحق ومن حيث مظاهر المثاليّة‬
‫األولى ‪ ،‬وقد نبّه النبي “ صلى هللا عليه وآله “ على ذلك بإشارات لطيفة ‪ ،‬مثل قوله ‪:‬‬
‫ى ‪ ،‬ان قصرك في الجنّة في مقابلة قصرى “ وفي رواية “ في محاذاة قصرى‬ ‫“ يا عل ّ‬
‫“ وقال في حق العباس قريبا من ذلك وقال في حق جمهور المؤمنين ألحدكم اهدى إلى‬
‫منزله في الجنة منه إلى منزله في الدنيا ‪ ،‬وليس هذا اال من حكم المناسبة ‪.‬‬
‫واما سوق الجنة المشتمل على الصور االنسانيّة المستحسنة التي يتخيّر أهل الجنة‬
‫التلبس بما شاؤوا منها ‪ ،‬فمن بعض جداول عالم المثال المطلق الذي هو معدن‬
‫المظاهر وينبوعها ‪ ،‬وهو مجرى المدد‬
‫‪.....................................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬فان مظاهر أرواح الك ّمل فوق المثال تدبّر ‪ ( .‬ش )‬
‫( ‪ ) 2‬من حيث مكانتها ‪ . . .‬ومن حيث مظاهرها المثالية جمع مكانة وهي المنزلة ‪.‬‬
‫(ش‪) .‬‬

‫‪64‬‬
‫“ ‪“ 65‬‬

‫الواصل من عالم المثال إلى مظاهر أرواح أهل الجنة ومنشأ ( ‪ ) 1‬مآكلهم ومشاربهم‬
‫ومالبسهم وكل ما يتنعّمون به في أراضي مراتب أعمالهم واعتقاداتهم وأخالقهم‬
‫وصفاتهم ودرجات اعتداالتهم في ذلك كلَّه ‪ .‬واما الخلع والتّحف التي يأتي بها المالئكة‬
‫من عند الحق إلى جمهور أهل الجنّة حال حملهم ايّاهم إلى كثيب الرؤية لزيارة الحق‬
‫الزائرون في نفس‬ ‫ومجالسته ‪ ،‬هي مظاهر احكام األسماء والصفات التي بستند إليها ّ‬
‫ّ‬
‫الحق وتحيى دقائق‬ ‫االمر ‪ ( ،‬وان لم يعلموا ذلك ) وبتلك التّحف تقوى مناسبتهم مع‬
‫ارتباطهم به ( ارتباطاتهم به خ ) من حيث تلك األسماء والصفات التي لها درجة‬
‫الزائرين ‪ ،‬وقوله تعالى للمالئكة في أواخر‬ ‫( وجه ‪ -‬خ ل ) الربوبيّة على أولئك ّ‬
‫مجالس الزيارة عن أهل الجنّة ‪ “ :‬ردّوهم إلى قصورهم “ إشارة إلى احكام المناسبات‬
‫المستفادة من تلك الخلع والتّحف وانتهاء احكام األسماء والصفات التي من حيث هي‬
‫تثبت المناسبة بينهم وبين الحق وتوجب جمعيّتهم وحضورهم عنده ‪ ،‬فمتى ظهرت‬
‫صفات التي تقابل احكام األسماء والصفات المقتضية لالجتماع ‪،‬‬ ‫سلطنة األسماء وال ّ‬
‫ظهرت االحكام القاضية باالمتياز ‪ ،‬فحصل البعد والحجاب فافهم ‪.‬‬
‫واما تفاوت مراتبهم حال المجالسة مع الحق ‪ ،‬فهو بحسب تفاوت مراتبهم في نفس‬
‫الحق ‪ ،‬وبحسب ص ّحة عقائدهم في هللا ‪ ،‬وعلومهم ومشاهداتهم الصحيحة وإيثارهم فيما‬
‫قبل ( ‪ ) 2‬جناب الحق على ما سواه‬
‫‪.............................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬عطف على قوله مجرى المدد ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬اى في الدّنيا ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫“ ‪“ 66‬‬

‫وطول زمان المجالسة وقصره وتفاوت الشرف ( ‪ ) 1‬فيما يخاطبون به وما يفهمون به‬
‫من خطابه ‪ ،‬فهو بحسب ما ذكرناه ‪ ،‬وبحسب حضورهم مع ما كانوا يعلمون منه‬
‫( ‪ ، ) 2‬أو استحضارهم له ‪ ،‬بمقتضى اعتقاداتهم فيه ومناسبتهم بجنابه ‪ ،‬من حيث مقام‬
‫كثيب الرؤية والتجلي الخصيص منه ( ‪ ) 3‬به ( ‪ ) 4‬فاعلم ذلك‪.‬‬
‫واما حال الك ّمل انفعنا هللا بهم فيما ذكرناه وسواه ( ‪ ، ) 5‬فانّه بخالف ذلك ‪ ،‬فإنهم‬
‫صفات ( ‪ ) 6‬والتجليات الخصيصة بها إلى عرصة‬ ‫تجاوزوا حضرات األسماء وال ّ‬
‫التّجلَّي الذّاتى ‪ ،‬فهم كما أخبر النّبى “ صلى هللا عليه وآله “ عن شأنهم ‪ ،‬بقوله ‪ :‬صنف‬
‫الرب ‪ -‬خ ل ) عنهم وال يحتجب ‪ ،‬وذلك انهم‬ ‫الرب ( ال يستر ّ‬ ‫من أهل الجنة ال يستتر ّ‬
‫غير محصورين في الجنّة وغيرها من العوالم والحضرات ‪ ،‬كما قد أشرت اليه في‬
‫ان الجنّة ال تسع إنسانا كامال وال غير الجنّة ‪ ،‬فهم وان ظهروا‬ ‫غير هذا الموضع ‪ ،‬من ّ‬
‫منزهون عن الحصر والقيود واألمكنة واألزمنة‬ ‫فيما شاؤوا من المظاهر ‪ ،‬فانّهم ّ‬
‫كسيّدهم [ ‪ ، ] 7‬بل هم معه أينما كان ‪ ،‬وحيث ال أين وال حيث وال جرم ال بعد وال‬
‫‪..........................................................‬‬
‫) ‪( 1‬اى ‪ ،‬طلبهم من الحق ‪ ،‬حضوره عندهم على حسب استعداداتهم ‪ ( .‬ش )‪.‬‬
‫) ‪( 2‬اى ‪ ،‬من الحق ‪ ( .‬ش )‪.‬‬
‫) ‪( 3‬اى ‪ ،‬من الحق ‪ ( .‬ش )‪.‬‬
‫الرؤية ‪ ( .‬ش )‪.‬‬‫) ‪( 4‬اى ‪ ،‬كثيب ّ‬
‫) ‪( 5‬اى ‪ ،‬سوى ما ذكر من األحوال ‪ ( .‬ش )‪.‬‬
‫) ‪( 6‬عطف على قوله ‪ :‬وقت ‪ .‬اى الك ّمل الواصلون إلى مقام اإلطالق ‪ ،‬ليسوا مقيّدين‬
‫صفات وخصوصياتهم ‪ ( .‬ش )‪.‬‬ ‫باألسماء وال ّ‬
‫] ‪[ 7‬اى الحق تعالى‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫“ ‪“ 67‬‬

‫حجاب واالنتقال لزيارة وال ابتداء ( ال انتهاء ‪ -‬خ ل ) لحكم وقت من األوقات‬
‫واألسماء والصفات ‪ ،‬فافهم واجتهد وتمن ان تلحق بهم ‪ ،‬وان تشاركهم في بعض‬
‫ى اإلحسان ‪.‬‬‫مراتبهم العالية ‪ ،‬فان هللا ول ّ‬
‫واما المناسبات الثابتة بين النّاس من جهة المراتب البرزخيّة ‪ ،‬فانموذجها المنبّه على‬
‫تفاصيلها لمن لم يكشفها ولم يشهدها ‪ ،‬هو ما ذكره النّبى “ صلى هللا عليه وآله “ في‬
‫حديث اإلسراء ( ورؤيته ‪ -‬خ ل ) ورؤية آدم في سماء الدنيا ‪ ،‬وان على يمينه اسودة‬
‫سعداء من ذريّته ‪ ،‬وعن يساره اسودة األشقياء من ذريّته ‪ ،‬وانّه إذا نظر عن يمينه‬ ‫ال ّ‬
‫سعداء ‪،‬‬ ‫ضحك ‪ ،‬وإذا نظر عن يساره بكى ‪ ،‬فهذا إشارة إلى مراتب عموم األشقياء وال ّ‬
‫شقاء هم الذين لم يفتح لهم أبواب السماء حال الموت ‪ ،‬وهم في شقائهم على‬ ‫فأهل ال ّ‬
‫مراتب مختلفة ‪ ،‬فان النبي “ صلى هللا عليه وآله “ أخبر عن أرواح بعض األشقياء ‪،‬‬
‫انّها تجمع في برهوت ( ‪ ) 1‬والحلتين ( ‪ ، ) 2‬فمبتدأ مراتب األشقياء ‪ ،‬من مقعّر‬
‫سماء الدّنيا التي فيها آدم ‪ ،‬وأنزلها ما ذكره عليه السالم ‪ ،‬ومراتب عموم السعداء في‬ ‫ال ّ‬
‫سماء الدنيا على درجات متفاوتة تجمعها مرتبة واحدة ‪ ،‬ومراتب أهل‬ ‫برزخ ال ّ‬
‫ان عيسى‬ ‫سعداء ‪ ،‬ما أشار اليه في حديث اإلسراء بعد ذكره آدم من ‪ّ :‬‬ ‫الخصوص من ال ّ‬
‫( ع ) في الثّانية ‪ ،‬ويوسف عليه السالم في الثالثة ‪ ،‬وإدريس في الرابعة ‪ ،‬وهارون في‬
‫سادسة ‪ ،‬وإبراهيم في السابعة ‪ ،‬على جميعهم السالم ‪ .‬وهكذا‬ ‫الخامسة ‪ ،‬وموسى في ال ّ‬
‫شأن مشاركى هؤالء األنبياء والوارثين تماما‬
‫‪..............................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬قيل اسم بئر في بابل فيه هاروت وماروت ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫شام ‪.‬‬‫بران بحضرموت اسم بلد في ال ّ‬ ‫( ‪ ) 2‬قيل هما ّ‬

‫‪67‬‬
‫“ ‪“ 68‬‬

‫سماوات ‪.‬‬ ‫متفاوت المراتب في هذه ال ّ‬


‫فان هذه األخبار من الرسول صلى هللا عليه وآله ‪ ،‬هو باعتبار ما شاهده في ( بعض ‪-‬‬
‫خ ل ) احدى إسرائه ‪ ،‬فانّه ثبت ان النبي صلى هللا عليه وآله ‪ ،‬حصل له أربع وثالثون‬
‫معراجا ‪ ،‬رواها وجمعها وأثبت رواياتها ‪ ،‬أبو نعيم الحافظ األصفهاني ‪ ،‬وكيف‬
‫سبعة دون غيرهم ‪ ،‬ومن البيّن ‪ ،‬ان‬ ‫تنحصر هذا الحال في ( هؤالء ) هذا األنبياء ال ّ‬
‫الرسول واألنبياء كثيرون ‪ ،‬وفيهم الك ّمل بتعريف هللا ‪ ،‬كداود عليه السالم ‪،‬‬
‫المنصوص على ( بخالفته ) خالفته ‪ ،‬وغيره من أكابر األنبياء والمرسلين عليهم‬
‫السالم ‪ ،‬فأين يتعيّن مراتبهم البرزخيّة بعد الموت ‪ ،‬وما ثم ( ث ّمة ) اال العالم اال على‬
‫واألسفل ‪ ،‬والعالم السفلى مح ّل تعينات مراتب األشقياء على اختالف طبقاتهم ‪ ،‬فتعيّن‬
‫ان يكون تعيّنات مراتب األنبياء والمرسلين والك ّمل من ورثتهم ‪ ،‬وأهل الخصوص من‬
‫سعداء بعد الموت وقبل الحشر في الحضرات السماويّة ‪ ،‬وان موجب ما ذكره عليه‬ ‫ال ّ‬
‫السالم ‪ ،‬ما هو سبقت اإلشارة اليه ‪ ،‬فهو كاألنموذج لما لم يتعيّن ذكره ‪ ،‬فافهم ‪ .‬فهذا‬
‫سبعة ‪ ،‬انّما موجبها حالتئذ‬‫الرؤية ( ‪ ) 1‬من النّبى صلى هللا عليه وآله ‪ ،‬لهؤالء ال ّ‬
‫مناسبة صفاتيّة أو فعليّة أو حاليّة ال غير ‪ ،‬كاألمر في شأن يحيى عليه السالم ‪ ،‬من أن‬
‫سالم ‪ .‬وليس ذلك اال من مقتضى‬ ‫يكون تارة مع عيسى ‪ ،‬وتارة مع هارون ‪ ،‬عليهما ال ّ‬
‫امر يقتضي مشاركته لهما ‪.‬‬
‫فتدبّر ترشد انشاء هللا ‪.‬‬
‫‪.................................................‬‬
‫صة ‪ -‬خ ل ‪. -‬‬ ‫( ‪ ) 1‬فهذه الرؤية الخا ّ‬

‫‪68‬‬
‫“ ‪“ 69‬‬

‫( ‪ ) 20‬نص شريف وهو من أعظم النّصوص‬


‫اعلم أن الحق هو الوجود المحض ( ‪ ) 1‬الذي ال اختالف فيه ‪ ،‬وانّه واحد وحدة حقيقيّة‬
‫ال يتعقّل في مقابله كثرة ‪ ،‬وال يتوقف تحقّقها‬
‫‪..........................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬والوجود المحض على اصطالحهم هو الوجود المطلق ‪ ،‬اى ما ال يعتبر فيه قيد‬
‫من القيود ‪ ،‬وهو المأخوذ بال شرط ‪ ،‬اى نفس طبيعة الوجود فحسب ‪ ،‬من غير اعتبار‬
‫كثرة وال تركيب وال صفة وال نعت وال اسم وال رسم وال تشبيه ‪ .‬قيد باإلطالق ‪ ،‬اى‬
‫المجرد عن القيود المأخوذ بشرط ‪ ،‬فان المحض هو الخالص من كل شيء ‪ ،‬والخالص‬ ‫ّ‬
‫من كل اعتبار وقيد ‪ ،‬أو االعتبار األول ال الثّانى ‪ .‬وقد أشار إلى ذلك في النّص األول‬
‫ى ال‬‫تصور اطالق الحق يشترط فيه ان يتعقّل ‪ ،‬بمعنى انه وصف سلب ّ‬ ‫ّ‬ ‫بقوله ‪ :‬بل‬
‫بمعنى انّه اطالق ضده التقييد ‪ .‬انتهى ‪ ،‬تدبّر ‪ .‬وقوله ‪ :‬ال اختالف فيه ‪ ،‬اما ان يكون‬
‫شهود ‪،‬‬‫ان كون الحق هو الوجود المحض ال اختالف فيه بين أهل العرفان وال ّ‬ ‫معناه ّ‬
‫سرنا ‪ ،‬اى ما ال‬ ‫وهو الظاهر ‪ ،‬واما ان يكون بيانا وتفسيرا للوجود المحض حسبما ف ّ‬
‫قيد فيه أصال ‪ ،‬فان القيود منبع االختالف ومستلزمها ‪ ،‬فحيث ال الزم وهو االختالف ‪،‬‬
‫فال ملزوم وهو القيد ‪ ،‬واما ان يكون معناه انّه ال اختالف في ثبوته وتحقّقه ‪ ،‬وذلك ّ‬
‫ألن‬
‫في الوجود موجودا ‪ ،‬وفي ثبوته ثبوت مطلق الوجود ‪ ،‬وعلى الوجهين األخيرين لفظ‬
‫ال اختالف فيه ‪ ،‬صفة للوجود المحض في بعض نسخ األخيرين أشار المحقق الفناري‬
‫في شرحه للمفتاح الغيب ‪ :‬وال يخفى عليك ان كليهما خالف الظاهر وتوجيه بعيد ‪،‬‬
‫ولكن يؤيّدهما ‪ ،‬وجود لفظ الذي بعد الوجود المحض ‪.‬‬
‫صريح في كونه صفة للوجود المحض في بعض نسخ‬ ‫وقيل ‪ :‬قوله ‪ ،‬ال اختالف فيه ‪ ،‬ال ّ‬
‫مفتاح الغيب تدبّر ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫“ ‪“ 70‬‬

‫تصورها في العلم الصحيح المحقق على تصور ض ّد لها ‪ ،‬بل هي لنفسها‬ ‫ّ‬ ‫في نفسها وال‬
‫ثابتة مث ِبتة ( ‪ ) 1‬ال مثبَتة ( ‪ . ) 2‬وقولنا ‪ :‬وحدة ( ‪ ، ) 3‬للتّنزية ( ‪ ) 4‬والتفهيم‬
‫والتّفخيم ( ‪ ، ) 5‬ال للداللة على مفهوم الوحدة على نحو ما هو متصوره في األذهان‬
‫المحجوبة ( ‪. ) 6‬‬
‫وتجرده‬
‫ّ‬ ‫وإذا عرفت هذا فنقول ‪ :‬انّه سبحانه من حيث اعتبار وحدته المنبّه عليها ( ‪) 7‬‬
‫عن المظاهر وعن األوصاف المضافة اليه من حيث المظاهر وظهوره فيها ‪ ،‬ال يدرك‬
‫وال يحاط به ‪ ،‬وال يعرف ‪ ،‬وال ينعت ‪ ،‬وال يوصف ‪ .‬وكل ما يدرك ( ‪ ) 8‬في األعيان‬
‫ويشهد ( ‪ ) 9‬من‬
‫‪...............................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬بكسر الباء ‪ ،‬لسريانها إلى كل موجود حقيقي ‪ ،‬ولسريانها يتحقق كل متحقق ‪.‬‬
‫(ش)‪.‬‬
‫ألن المثبت هو الذي أثبته غيره ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 2‬بفتح الباء ‪ّ ،‬‬
‫( ‪ ) 3‬قوله وحده إلى آخره ‪ ،‬جواب عن سؤال مقدّر في المقام ‪ ،‬وهو ان المفهوم من‬
‫يتصور ان يثبت ال بمقايستها اى الكثرة ؟‬ ‫ّ‬ ‫الوحدة انّها صفة للواحد بعدم الكثرة ‪ ،‬فكيف‬
‫فأجاب بقوله ‪ :‬قولنا إلى آخره ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬اى للتنزيه عن أن يعتبر معه غيره ‪ ،‬أو للتنزيه عن الوحدة العددية ( ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬قوله ‪ :‬والتفخيم ( إلى آخره ) من جهة االشعار باالستغناء ‪ ،‬وعدم العجز‬
‫واالحتياج واالستعانة والمعلوليّة وسائر الصفات السلبيّة ‪ ،‬تدبّر ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 6‬قوله ‪ :‬على نحو ما هو متصور في األذهان المحجوبة ‪ ،‬اى الوحدة العدديّة أي ‪،‬‬
‫ال للدّاللة بلفظ الوحدة على مفهوما المقيس إلى الكثرة كما هو متصور في األذهان‬
‫المحجوبة ( ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 7‬اى الحقيقيّة ال العدديّة ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 8‬خبر لقوله ‪ :‬انّه سبحانه ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫سره “ بيّن المدعى ‪ ،‬وهو عدم‬ ‫( ‪ ) 9‬قوله ‪ :‬ويشهد ‪ ،‬عطف تفسير ‪ .‬والشيخ “ قدس ّ‬
‫وتجرده عن المظاهر وظهوره فيها‬ ‫ّ‬ ‫مدركيّة الحق تعالى من حيث وحدته الحقيقيّة‬
‫بوجهين ‪ :‬أحدهما ‪ ،‬من جهة المدرك ‪ ،‬وثانيهما ‪ ،‬من جهة اإلدراك ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫“ ‪“ 71‬‬

‫شهود ‪ ،‬ما عدا‬‫ى وجه كان أدركه اإلنسان وفي اى حضرة حصل ال ّ‬ ‫األكوان ‪ ،‬با ّ‬
‫اإلدراك المتعلق بالمعاني المجردة والحقائق في حضرة غيبها ( ‪ ) 1‬بطريق الكشف ‪.‬‬
‫ولذلك قلت ‪ :‬في األعيان ‪ ،‬اى ما أدرك في مظهر كان ما كان ‪ ،‬فانّما المدرك ألوان‬
‫وأضواء وسطوح ( ‪ ) 2‬مختلف الكيفيّة متفاوتة الك ّميّة ‪ ،‬أو أمثلتها يظهر في عالم‬
‫المثال المتّصل ( ‪ ) 3‬بنشأة اإلنسان والمنفصل عنه ( ‪ ) 4‬من وجه على نحو ما هو‬
‫في ( ‪ ) 5‬الخارج ‪ ،‬أو ما مفرداته في الخارج ‪ .‬وكثرة الجميع ( ‪ ) 6‬محسوسة ‪،‬‬
‫____________________‬
‫( ‪ ) 1‬اى الحقائق ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬اى في عالم الحس ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬قوله ‪ :‬أو أمثلتها يظهر في عالم المثال ( إلى آخره ) ‪ ،‬عطف على ألوان ‪ ،‬اى ‪:‬‬
‫الظاهرة في عالم المثال ‪ .‬ورأيت في‬ ‫سطوح َّ‬ ‫أو المدرك أمثلة األلوان واألضواء وال ّ‬
‫نسخة “ أو يظهر أمثلتها ‪ “ . . .‬بتقديم لفظ يظهر ‪ ،‬وكتب في الحاشية من هو اسمه‬
‫غير مكتوب ‪ ،‬انّه عطف على قوله ‪ :‬فانّما المدرك ‪ ،‬اى أمثلة ك ّل ما يدرك ‪ ،‬والتأنيث‬
‫بواسطة التعّدد المعنوي ‪ .‬انتهى كالمه وال يخفى فساده وعدم ص ّحته ‪ ،‬والصحيح ما‬
‫ذكرنا ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬قوله ‪ :‬أو المنفصل عنه ‪ ،‬اى عالم المثال المطلق ‪ ،‬والخيال المطلق ‪ ،‬الذي هو‬
‫خيال العالم ‪ ،‬فانّه منفصل من اإلنسان من حيث تش ّخصه بالصورة الجزئيّة ومتصل به‬
‫شاملة لجميع العوالم كما في الكامل ‪ ،‬أو من‬ ‫من جهة جمعيّة اإلنسان وصورته الكليّة ال ّ‬
‫ان خياله منه ولذا قال الشيخ ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬ ‫جهة ّ‬
‫( ‪ ) 5‬قوله ‪ :‬على نحو ما هو في الخارج ( إلى آخره ) اى سواء كانت صورة متحقّقة‬
‫في الخارج ‪ ،‬والخيال يحكيها ‪ ،‬على أن يكون تلك األمثلة ‪ ،‬أمثلة لصور موجودة في‬
‫الخارج ‪ ،‬أو يكون المتحقق في الخارج المفردات ‪ ،‬والخيال ير َّكبها ‪ ،‬على أن تلك‬
‫األمثلة ليست أمثلة لصور موجودة في الخارج ‪ ،‬بل الموجود في الخارج هو‬
‫المفردات ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 6‬اى المحسوس والمتخيّل ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫“ ‪“ 72‬‬

‫واالحديّة فيها معقولة ( ‪ ) 1‬أو محدوسة ‪ ،‬وكل ذلك احكام الوجود ( ‪ ، ) 2‬أو قل ‪:‬‬
‫لسر ( ‪) 3‬‬‫صور نسب علمه وصفاته الالزمة له من حيث اقترانه لك ّل عين موجودة ‪ّ ،‬‬
‫ظهوره فيها ‪ ،‬وبها ( ‪ ) 4‬ولها ( ‪ ، ) 5‬وبحسبها ‪ ،‬كيف شئت ‪ ،‬وأطلقت ‪ ،‬ليس هو‬
‫مر ‪،‬‬
‫الوجود ( ‪ ، ) 6‬فان الوجود واحد ‪ ،‬وال يدرك بسواه من حيث ما يغايره على ما ّ‬
‫من أن الواحد من حيث كونه واحدا ‪ ،‬ال يدرك بالكثير من حيث هو كثير وبالعكس ‪،‬‬
‫ولم يص ّح اإلدراك ( ‪ ) 7‬لإلنسان من كونه واحدا وحدة حقيقيّة ‪ ،‬كوحدة‬
‫_______________‬
‫( ‪ ) 1‬في صورة ترتيب المبادي ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬قوله ‪ :‬وكل ذلك احكام الوجود ( إلى آخره ) ول ّما كان الوجود واحدا من جميع‬
‫الوجوه ‪ ،‬وله الوحدة الحقّة فما له الكثرة ‪ ،‬فليس بوجود ‪ ،‬بل هو احكام الوجود ‪.‬‬
‫وصور نسب علمه وصفاته الالزمة له من حيث اقترانه بك ّل عين ثابتة موجودة بعد‬
‫االقتران ‪ ،‬فقوله ‪ :‬أو قل ‪ :‬صور نسب علمه ‪ ،‬عطف على احكام ( ش ) ‪.‬‬
‫ب ) اى لكل ماهية موجودة ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫سر ظهور الوجود بتلك العين ألجل تعين الوجود عليها ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 3‬اى ل ّ‬
‫سر ظهور الوجود بتلك العين ألجل توقف تعيّن الوجود عليها ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 4‬اى ل ّ‬
‫(ش)‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬اى ألجل كون الوجود مرآة ألحوالها كما قال الشيخ ‪ :‬أنت مرآته ‪ ،‬وهو مرآة‬
‫أحوالك ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 6‬خبر بعد خبر لقوله ‪ :‬كل ذلك ‪ ،‬والضمير يرجع اليه ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫وتجرده عن‬
‫ّ‬ ‫( ‪ ) 7‬هذا هو الوجه الثاني لعدم كونه تعالى مدركا من حيث وحدته‬
‫المظاهر ‪ ،‬وظهوره فيها من جهة اإلدراك ‪ .‬قال في التفسير ‪ “ :‬معرفة حقايق األشياء‬
‫من حيث بساطتها وتجردها في الحضرة العلميّة اآلتي حديثها متعذّر ‪ ،‬وذلك لتعذّر‬
‫إدراكنا شيئا من حيث احديّتنا ‪ ،‬إذ ال يخلو من احكام الكثرة أصال “ انتهى يعنى ان‬
‫األحديّة الجمعيّة اإللهيّة وان كانت سارية إلى اإلنسان ‪ ،‬كما نص الشيخ في الفكوك‬
‫سريان على نمط‬ ‫والنّفحات ‪ ،‬لكنّها انصبغت بالمحل وزال صرافتها وكان حكمها بعد ال ّ‬
‫ان ادراك اإلنسان انّما يص ّح له من جهة‬ ‫آخر ‪ ،‬ملخص ذلك الوجه على هيئة القياس ‪ّ ،‬‬
‫كثرته ‪ ،‬وكلَّما كان كذلك ال يتعلق بالواحد من كونه واحدا ‪ ،‬فادراك اإلنسان ال يتعلق‬
‫صغرى ‪.‬‬ ‫بالواحد من كونه واحدا ‪ .‬فقوله ‪ :‬لم يصح ‪ ،‬إلى قوله ‪ :‬فتعذّر إدراكه ‪ .‬بيان لل ّ‬
‫(ش)‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫“ ‪“ 73‬‬

‫الوجود ‪ ،‬بل انّما يص ّح له ذلك من كونه حقيقة متّصفة بالوجود والحياة ‪ ،‬وقيام العلم به‬
‫‪ ،‬وثبوت المناسبة بينه وبين ما يدوم ( يروم ‪ -‬خ ل ) إدراكه ‪ ،‬وارتفاع الموانع العايقة‬
‫عن اإلدراك ‪ .‬فما أدرك ما أدركه اال من حيث كثرته ال من حيث أحديّته ‪ ،‬فتعذّر‬
‫( ‪ ) 1‬إدراكه من‬
‫________________________‬
‫صغرى ‪ ،‬اى فتعذّر ادراك اإلنسان من‬ ‫متفرعا على بيان ال ّ‬
‫ّ‬ ‫( ‪ ) 1‬يحتمل ان يكون‬
‫حيث وحدته ‪ ،‬على أن يكون إضافة اإلدراك إلى الضمير هي اإلضافة إلى الفاعل ‪،‬‬
‫مر ‪ .‬إشارة إلى قوله ‪:‬‬‫والضمائر الثالثة الظاهرة راجعة إلى اإلنسان ‪ .‬وقوله ‪ :‬لما ّ‬
‫قبل هذا ‪ ،‬ولم يصح اإلدراك لإلنسان من كونه واحدا ( إلى آخره ) تدبر وعلى هذا‬
‫ان الواحد ال يدرك بالكثير‬ ‫فالكبرى مطويّة في الكالم ‪ ،‬لظهورها مما سبق من قوله ‪ّ :‬‬
‫من حيث هو كثير ‪ ،‬ويحتمل ان يكون قوله ‪ :‬فتعذّر ( إلى آخره ) إشارة إلى النتيجة‬
‫كما هو الظاهر ‪ ،‬وعلى هذا فإضافة اإلدراك إلى الضّمير ‪ ،‬اما إضافة إلى الفاعل ‪،‬‬
‫ولفظة ‪ ،‬ما ‪ ،‬سواء كانت موصوفة ‪ ،‬أو موصولة ‪ ،‬مفعولة ‪ ،‬اى فتعذّر اإلدراك‬
‫اإلنسان من حيث هو انسان ‪ ،‬اى كثير شيئا ال كثرة فيه ‪ .‬واما اضافته إلى المفعول ‪،‬‬
‫على أن يكون راجعا إلى الحق تعالى ‪ ،‬والفاعل ضمير مستتر ‪ ،‬راجع إلى اإلنسان ‪،‬‬
‫ان الوجود الحق ال كثرة‬ ‫اى فتعذّر ادراك اإلنسان ‪ ،‬الوجود الحق تعالى ‪ ،‬من حيث ّ‬
‫فيه أصال ‪.‬‬
‫مر ( إلى آخره ) إشارة إلى قوله ‪ :‬ان الواحد من كونه واحدا ال يدرك‬ ‫وقوله ‪ :‬لما ّ‬
‫( إلى آخره ) ‪ ،‬فهو إشارة الكبرى تدبّر تفهم ‪ .‬وحاصل ذلك الوجه الثاني ما أشار اليه‬
‫الشيخ في تفسير الفاتحة ‪ :‬من انّا مقيّدون من حيث استعدادنا ومراتبنا وأحوالنا وغير‬
‫ذلك ‪ ،‬فال نقبل اال مقيّدا مثلنا وبحسبنا ‪ ،‬والتجليّات الواردة علينا ذاتيّة كانت أو اسمائيّة‬
‫أو صفاتيّة ‪ ،‬فال تخلو عن احكام القيود المذكورة انتهى ‪.‬‬
‫(ش)‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫“ ‪“ 74‬‬

‫مر ‪ .‬ولهذه النّكتة اسرار نفيسة ذكرتها بتفصيل أكثر‬ ‫حيث هو ال كثرة فيه أصال لما ّ‬
‫سر الحيرة ‪ ،‬وسيرة أيضا في داخل‬ ‫سر الغير عن ّ‬ ‫من هذا في كتابي المس ّمى بكشف ّ‬
‫الكتاب ما يزيد بيانا لما ذكرناه ووصفناه انشاء هللا ‪ ،‬ثم نرجع إلى تمام ما كنّا بسبيله ‪،‬‬
‫فنقول‪:‬‬
‫الوجود في حق الحق عين ذاته ‪ ،‬وفيما عداه امر زايد على حقيقته ‪ ،‬وحقيقة كل‬
‫موجود عبارة عن نسبة تعيّنه في علم ربّه أزال ويسمى باصطالح المحقّقين من أهل‬
‫هللا عينا ثابتة ‪ ،‬وباصطالح غيرهم ماهيّة ‪ ،‬والمعلوم المعدوم ‪ ،‬والشيء الثابت ( ‪، ) 1‬‬
‫ونحو ذلك ‪ .‬والحق سبحانه وتعالى من حيث وحدة وجوده لم يصدر عنه اال واحد ‪،‬‬
‫الستحالة اظهار الواحد وإيجاده من حيث كونه واحدا ما هو أكثر من واحد ‪ ،‬لكن ذلك‬
‫المكونات ‪ ،‬وما وجد منها وما لم‬
‫ّ‬ ‫الواحد عندنا هو الوجود العا ّم المفاض على أعيان‬
‫يوجد م ّما سبق العلم ( ‪ ) 2‬بوجوده ‪ ،‬وهذا الوجود مشترك بين القلم األعلى الذي هو‬
‫أول موجود المس ّمى أيضا بالعقل األول وبين ساير الموجودات ‪ ،‬ليس كما يذكره أهل‬
‫النظر من الفالسفة ‪ ،‬فانّه ما ث ّمة عند المحققين اال الحق ‪ ،‬والعالم ليس بشيء زائد‬
‫( ‪ ) 3‬على حقايق معلومة هلل أوال ( كما‬
‫‪..........................................................‬‬
‫) ‪( 1‬اى الثّابت في علم الحق ‪ ،‬ال الثّبوت في نفس ذلك الشيء ‪ ،‬كما ذهب اليه‬
‫بتقرر الممكن المعدوم في نفسه ‪ ( .‬ش )‪.‬‬ ‫بالتقرر ‪ ،‬وقالوا ّ‬‫ّ‬ ‫المعتزلة وس ّموه‬
‫) ‪( 2‬اى علم الحق تعالى ‪ ( .‬ش )‪.‬‬
‫سط كما يذكره أهل النظر انّه العقل األول ‪ ،‬أوليس األمر كما‬ ‫) ‪( 3‬اى ليس المتو ّ‬
‫ذكره أهل النظر من أن العقل األول هو المتوسط في وجود الممكنات ‪ ،‬بل المتوسط‬
‫سابق ‪ ،‬وهو‬ ‫هو الوجود العام المشترك ‪ .‬فمرجع الضّمير ليس مستفادا من كالم ال ّ‬
‫قوله ‪ :‬وهذا الوجود مشترك ( إلى آخره ) ‪ ( .‬ش )‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫“ ‪“ 75‬‬

‫أشرنا اليه من قبل ) متّصفة بالوجود ثانيا ( ‪ ، ) 1‬والحقائق من حيث ‪ ،‬معلوميّتها‬


‫وتعيّن صورها ( ‪ ) 2‬في العلم ( علم ‪ -‬خ ) الحق الذاتي األزلي ‪ ،‬يستحيل ان يكون‬
‫مجعولة ( ‪ ، ) 3‬الستحالة قيام الحوادث بذات الحق ‪ ،‬واستحالة ان يكون الحق ظرفا‬
‫لسواه أو مظروفا ‪ ،‬ولمفاسد أخرى ( ‪ ) 4‬ال يخفى على المستبصرين ‪ ،‬فلهذا ال‬
‫يوصف بالجعل عند المحققين من أهل الكشف والنّظر أيضا ‪ ،‬إذ المجعول هو الموجود‬
‫‪ ،‬فما ال وجود له ‪ ،‬ال يكون مجعوال ‪ .‬ولو كان ( ‪ ) 5‬كذلك ‪ ،‬لكان للعلم القديم ( ‪) 6‬‬
‫في تعيّن معلوماته فيه ( ‪ ) 7‬أزال ‪ ،‬اثر ‪ ،‬مع انّها غير خارجة عن العالم بها ‪ ،‬فانّها‬
‫معدومة ال نفسها ال ثبوت لها اال في نفس العالم بها ‪ ،‬فلو قيل بجعلها ( ‪ ، ) 8‬لزم اما‬
‫مساوقتها للعالم ( ‪ ) 9‬بها في الوجود ‪ ،‬أو ان يكون العالم بها محال ( ‪ ) 10‬لقبول‬
‫األثر من نفسه في نفسه ‪ ،‬وظرفا‬
‫‪..........................................................‬‬
‫( ‪ . ) 1‬صفة بعد صفة لحقائق ‪ ،‬فالعقل األول الذي من جملة العالم ‪ ،‬نفسه محتاج إلى‬
‫الوجود المفاض ‪ ،‬فهو متوسط بين الحق تعالى ‪ ،‬والعقل األول وغيره ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬بيان لمعدوميّة الحقائق التي هي العالم ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬اى موجودة بوجود خارجي ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬كاالحتياج وما يلزمه ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬اى لو كانت الحقائق مجعولة وموجودة في األزل بوجود خارجي ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 6‬والحال ان العلم كاشف ال مؤثّر ‪ ،‬وشأنه استجالء كيفيّة المعلوم ال التأثير‬
‫(ش)‪.‬‬
‫( ‪ ) 7‬اى في العلم أو في الخارج ‪ ،‬فتدبّر ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 8‬اى بكون وجودها خارجيّا ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 9‬اى في صورة كونها قديمة ‪ ،‬فيلزم تعدّد الذوات األزليّة ‪ ،‬وهو ممتنع ‪.‬‬
‫(ش)‪.‬‬
‫( ‪ ) 10‬اى في صورة كونها حادثة ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫“ ‪“ 76‬‬

‫مر ‪ ،‬وكل ذلك باطل ‪ ،‬النّه قادح في صرافة وحدته سبحانه ‪،‬‬ ‫لغيره ( ‪ ) 1‬أيضا ‪ ،‬كما ّ‬
‫وقاض ( ‪ ) 2‬بان الوجود المفاض عرض ألشياء موجودة ال معدومة ‪ ،‬وكل ذلك‬
‫محال من حيث انّه تحصيل الحاصل ‪ ،‬ومن وجوه آخر ال حاجة إلى التّطويل بذكرها‬
‫فافهم ‪ .‬فثبت انّها من حيث ما ذكرنا غير مجعولة ‪ ،‬وليس ث ّمة وجودان ( ‪ ) 3‬كما ذكر‬
‫الحق سبحانه ‪.‬‬‫ّ‬ ‫‪ ،‬بل الوجود واحد ( وانّه ‪ -‬خ ) مشترك بين سائرها مستفاد من‬
‫ثم إن هذا الوجود الواحد العارض للممكنات المخلوقة ‪ ،‬ليس مغايرا في الحقيقة للوجود‬
‫المجرد عن األعيان ‪.‬‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحق الباطن ( ‪) 4‬‬
‫‪........................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬فانّه إذا كان سببا لحدوث الحقائق فيه ‪ ،‬يكون مؤثّرا في نفسه ‪ ،‬ولما كان‬
‫المجعول غيره ‪ ،‬فيلزم ان يكون ظرفا لغيره ( ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬عطف على قادح ‪ ،‬هذا في الحقيقة وجه آخر مستقل لبطالن كون الحقائق‬
‫مجعولة ‪ ،‬وحاصله ‪ :‬ان الحقائق لو كانت مجعولة ‪ ،‬لزم تحصيل الحاصل المحال ‪ ،‬اى‬
‫سابق ‪ ،‬ال بذلك التحصيل ‪ ،‬ألنّها موجودة حين عروض‬ ‫تحصيل الحاصل بالتّحصيل ال ّ‬
‫الوجود المفاض ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬إشارة إلى جواب سؤال يتوهم وروده على ذلك الوجه ‪ ،‬اى لزوم تحصيل‬
‫الحاصل وهو انّه يحتمل ان يكون الحاصل من عروض الوجود المفاض ‪ ،‬غير الذي‬
‫كان قبله ‪ ،‬فال يلزم تحصيل الحاصل المحال ‪ .‬فأجاب الشيخ ( رحمه هللا ) بانّه يلزم‬
‫على ذلك ان يكون لك ّل موجود وجودان ‪ ،‬وليس ث ّمة وجودان ‪ ،‬بل الوجود واحد ‪،‬‬
‫وهو المشترك بين الجميع كما ذكر قبل ذلك بقوله ‪ :‬لكن ذلك الواحد هو الوجود العام‬
‫المفاض على أعيان الممكنات ( إلى آخره ) ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬يمكن ان يكون المراد من الوجود الحق الباطن ‪ ،‬هو غيب الهويّة والحقيقة‬
‫المطلقة باإلطالق الحقيقي ‪ ،‬ويمكن ان يكون المراد هو التجلي األحدى الذاتي في‬
‫مرتبة التعيّن األول الذي ال فرق بينه وبين األول ‪ ،‬اى غيب الهويّة ‪ ،‬اال اعتبار كونه‬
‫هو لنفسه هو فحسب ‪ ،‬اى اعتبار حضوره بنفسه لنفسه من غير اعتبار امر ما ‪،‬‬
‫فالحاصل منه في التعقّل ليس غير نفس الذات ‪ ،‬فيكون باطنا مجردا عن األعيان‬
‫والمظاهر التفصيليّة ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫“ ‪“ 77‬‬

‫َّ‬
‫كالظهور والتعيّن والتعّدد الحاصل باالقتران ‪،‬‬ ‫والمظاهر اال بنسب واعتبارات ‪،‬‬
‫وقبول حكم االشتراك ونحو ذلك من النّعوت التي تلحقه بواسطة التعلَّق بالمظاهر ‪.‬‬
‫وينبوع ( ‪ ) 1‬مظاهر الوجود باعتبار اقترانه وحضرة تجليّه ومنزل تعيّنه ( ‪) 2‬‬
‫وتدليه ‪ ،‬العماء‬
‫_______________‬
‫( ‪ ) 1‬هو مبتدأ خبر العماء ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬قوله ‪ :‬وحضرة تجليّه ‪ ،‬وما بعده عطف على ينبوع ‪ .‬وقوله ‪ :‬وتدلَّيه ‪ ،‬عطف‬
‫على تعيّنه ‪ .‬ول ّما كان الشيخ ( رضي هللا عنه ) قد يعتبر الحضرة العمائيّة التي هي‬
‫البرزخيّة الجامعة للحقائق اإللهيّة والكونية في التعيّن األول ‪ ،‬كما يستفاد من كالمه في‬
‫يتكرر ذكرها في ذلك‬ ‫ّ‬ ‫تفسير الفاتحة ‪ ،‬في الوصل الذي عيّن للتنبيه على ألفاظ يسيرة‬
‫الكتاب ‪ ،‬حيث قال ‪ “ :‬فاعلم انّى متى ذكرت الغيب المطلق في هذا الكتاب ‪ ،‬فهو‬
‫إشارة إلى ذات الحق سبحانه وتعالى وهويّته من حيث بطونه وإطالقه وعدم اإلحاطة‬
‫بكنهه وتقدّمه على األشياء واحاطته بها ‪ ،‬وهو بعينه النّور المحض والوجود البحث‬
‫العزة والغناء ‪ ،‬ومتى ذكرت البرزخ األول وحضرة األسماء والحد‬ ‫والمنعوت بمقام ّ‬
‫الفاصل ومقام اإلنسان الكامل “ من حيث هو انسان كامل “ وحضرة أحديّة الجمع‬
‫والوجود وأول مراتب التعيّن وصاحبة األحديّة وآخر مرتبة الغيب وأول مرتبة الشهادة‬
‫بالنسبة إلى الغيب المطلق ومحل نفوذ االقتدار ‪ ،‬فهو إشارة إلى العلماء الذي هو النفس‬
‫الرحماني ‪ ،‬وهو بعينه الغيب اإلضافي األول بالنّسبة إلى معقولية الهويّة التي لها‬
‫الغيب المطلق ‪ ،‬فان أطلقت ولم انعت الغت ‪ ،‬أو قلت الغيب اإللهي ‪ ،‬فانى أريد الغيب‬
‫المطلق “ انتهى ما قصدنا بألفاظه ‪.‬‬
‫وقد يعتبر الحضرة العمائيّة في التعيّن الثاني والحضرة الواحديّة باعتبار البرزخية ‪،‬‬
‫كما يستفاد من كالمه في مفتاح الغيب ‪ ،‬في مواضع متعددة سيّما في تعداد مراتب‬
‫النّكاح ‪ ،‬حيث جعل النّفس الرحماني من حيث انبساطه على الممكنات وظهورها به‬
‫ومن حيث كونه نتيجة االجتماع بين األسماء الذاتيّة وأول مولود ظهر عنها ‪ ،‬عين‬
‫العلماء وقال أيضا ‪ :‬ان األمر يتنزل من حقيقة الحقائق المس ّماة بحضرة الجمع‬
‫الرحمانى المنعوت بالعماء‬ ‫والوجود بحركة عينيّة ‪ ،‬من مرتبة مركزيته إلى النّفس ّ‬
‫“ انتهى ‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫“ ‪“ 78‬‬

‫الذي ذكره النبي “ صلى هللا عليه وآله “ وهو مقام التّنزل الرباني ‪ ،‬ومنبعث الجود‬
‫عز االنيّة ‪ .‬وفي هذا العماء يتعيّن مرتبة‬‫الرحمانى ‪ ،‬من غيب الهويّة وحجاب ّ‬ ‫الذاتي ّ‬
‫النكاح األولى الغيبي ( االلى ‪ -‬خ ) األزلي الفاتح حضرات األسماء اإللهيّة بالتو ّجهات‬
‫الذاتيّة األزلية ‪ ،‬وسنفك ‪ ،‬لك ختم مفتاح مفاتيحه عن قريب انشاء هللا ‪ .‬فللوجود ان‬
‫فهمت اعتباران ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ ،‬من كونه وجودا فحسب ( ‪ ، ) 1‬وهو الحق ‪ ،‬وانّه من هذا الوجه كما سبقت‬
‫اإلشارة اليه ال كثرة فيه وال تركيب وال صفة وال نعت وال اسم وال رسم وال نسبة وال‬
‫حكم ‪ ،‬بل وجود بحت ‪.‬‬
‫‪.................................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬من غير اعتبار التّجريد والتخليط ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫“ ‪“ 79‬‬

‫وقولنا ‪ :‬وجود ‪ ،‬هو للتفهيم ‪ ،‬ال ان ذلك اسم حقيقي له ‪ ،‬بل اسمه عين صفته وصفته‬
‫عين ذاته ‪ ،‬وكماله نفس وجوده الذاتي الثابت له من نفسه ال من سواه ‪ ،‬وحياته وقدرته‬
‫عين علمه ‪ ،‬وعلمه باألشياء از ال عين علمه بنفسه ‪ ،‬بمعنى انه علم نفسه بنفسه ‪،‬‬
‫وعلم كل شيء بنفسه علمه بنفسه ‪ ،‬الن كل شيء هو من شؤونه من ذاته تعالى ‪ ،‬فإذا‬
‫علم نفسه بجميع شؤونها ‪ ،‬فقد علم كل شيء من عين علمه بنفسه ‪ ،‬يتّحد فيه المختلفات‬
‫‪ ،‬وينبعث منه المتكثّرات ‪ ،‬دون ان تحويه ( ‪ ) 1‬أو تبديه عن بطون ( مقدم ‪ -‬خ ل )‬
‫متقدّم ‪ ،‬أو هو من نفسه يفرزها ( ‪ ، ) 2‬فيبديها له وحدة هي محتد ك ّل كثرة ‪ ،‬وبساطة‬
‫مرة ‪ .‬كلَّما يتناقض في حق غيره ( ‪ ) 3‬فهو له على‬ ‫هي عين كل تركيب آخرا وأول ّ‬
‫أكمل الوجوه ( ‪ ) 4‬ثابت ‪ ،‬وكل من نطق عنه ( ‪ ) 5‬البه ‪ ،‬ونفى عنه كل امر مشتبه ‪،‬‬
‫وحضره ( حصره ) في مدركه ‪ ،‬فهو أبكم ساكت وجاهلي ( وجاهل ) مباهت ‪ ،‬حتى‬
‫يرى به كل ض ّد ( ذو نفس ضدّه ) في نفس ضدّه ‪ ،‬بل عينه مع تميّزه بين حقيقته ‪،‬‬
‫ومقابله ( بين حقيقته وبينه ) ‪ ،‬وحدته عين كثرته ‪ ،‬وبساطته نفس تركيبه ‪ ،‬وظهوره‬
‫نفس بطونه ‪ ،‬وآخريّته عين اوليّته ‪ ،‬ال ينحصر في المفهوم من الوحدة أو الوجود ‪،‬‬
‫وال ينضبط بشاهد وال في مشهود له ان يكون كما قال ‪ ،‬ويظهر كما يريد دون الحصر‬
‫في اإلطالق ( والتقييد ) والتقيّد ‪ ،‬له المعنى المحيط‬
‫‪..................................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬المتناع الظرفية والمظروفية في حقّه تعالى‬
‫ّ‬
‫يتجزى ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 2‬ألنّه ال‬
‫( ‪ ) 3‬من جهة اعتبار القيد والخصوصيّة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫يتجزى ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 4‬إلطالقه عنده ‪ ،‬والمطلق كامل ‪ ،‬ألنّه محيط شامل ‪ ،‬ألنّه ال‬
‫( ‪ ) 5‬اى نطق عن الحق ال بالحق ‪ ،‬بل تعقّله وفكره ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫“ ‪“ 80‬‬

‫بكل حرف ‪ ،‬والكمال المستوعب ك ّل وصف ‪ ،‬كلَّما خفى عن المحجوبين ‪ ،‬حسنه مما‬
‫تو ّهم فيه شين أو نقص ‪ ،‬فانّه متى كشف عن ساقه بحيث يدرك صحة انضيافه اليه ‪،‬‬
‫صة لتجلى الجالل والجمال ‪ ،‬ساير األسماء‬ ‫القى فيه صورة الكمال ‪ ،‬ورأى انّه من ّ‬
‫والصفات عنده متكثرة في عين وحدة هي عينه ‪ ،‬ال ّ‬
‫يتنزه عما هو ثابت له ‪ ،‬وال‬
‫وعزته وغناه وقدسه عبارة عن امتياز حقيقته عن‬ ‫ّ‬ ‫يحتجب عما أبداه ليكمله ‪ ،‬وحجابه‬
‫ك ّل شيء ( ‪ ) 1‬يضادها ( ‪ ، ) 2‬وعن عدم تعلَّقه ( بشيء ) ( ‪ ) 3‬لشيء وعن عدم‬
‫احتياجه في ثبوت وجوده له وبقائه إلى شيء ‪ ،‬وال تحقق لشيء بنفسه وال بشيء اال به‬
‫‪ ،‬فانيّته سبحانه ال تدركه من هذه الحيثيّة العقول واألفكار ‪ ،‬وال يحويه الجهات‬
‫واألقطار ‪ ،‬وال يحيط بمشاهدته ومعرفته البصائر واألبصار ‪ ( ،‬و ) ّ‬
‫منزه عن القيود‬
‫الصوريّة والمعنويّة ‪ ،‬مقدس عن قبول كل تقدير متعلق بكميّة أو كيفيّة ‪ ،‬متعال عن‬
‫االحاطات الحدسيّة والفهميّة والظنيّة والعلميّة ‪ ،‬فتحجب ( محتجب ) بكمال عزته عن‬
‫جميع بريّته الكمال منهم والناقص ‪ ،‬والمقبل اليه في زعمه والناكص ‪ ،‬جميع تنزيهات‬
‫العقول من حيث أفكارها ومن حيث بصائرها ‪ ،‬احكام سلبيّة ال تفيد معرفة حقيقة ‪،‬‬
‫وهي مع ذلك دون ما يقتضيه ( ‪ ) 4‬جالله ويستحقّه قدسه وكماله ‪ ،‬منشأ تعلق علمه‬
‫بالعالم من عين علمه بنفسه‪ ،‬وظهور هذا التعلق بظهور نسب علمه التي هي معلوماته‪،‬‬
‫‪.......................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬بكمال إطالقه ووجوب وجوده ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬صفة للشيء ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬من حيث إطالقه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬لتناهيها دونه ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫“ ‪“ 81‬‬

‫وانّما هو عالم بما ال يتناهى من حيث إحاطة علمه وكونه مصدرا لكل شيء ‪ ،‬فيعلم‬
‫ذاته والزم ذاته والزم الالزم جمعا وفرادى ‪ ،‬اجماال وتفصيال هكذا إلى ما ال يتناهى ‪،‬‬
‫وما عيّنه ( ‪ ) 1‬أو علم تعيّن مرتبة ( ‪ ) 2‬عنه شرط وسبب ‪ ،‬فانّه يعلمه بشرطه ( ‪) 3‬‬
‫وسببه والزمه ‪ ( - ،‬و ) ان سبق علمه ( ‪ ) 4‬بذلك وتعيّنه ‪ -‬وإال فيعلمه بنفسه سبحانه‬
‫وكيف شاء ‪ .‬غير انّه ال يت ّجدد له علم ( ‪ ، ) 5‬وال يتعيّن في حقّه امر ينحصر فيه وال‬
‫منزه عن‬‫حكم ‪ ،‬كما ‪ -‬له بنفسه ‪ ،‬ووجوده بالفعل ال بالقوة ‪ ،‬وبالوجوب ال باإلمكان ‪ّ ،‬‬
‫التغيّر المعلوم والحدثان ‪ ،‬ال تحويه المحدثات لتبديه أو لتصونه ‪ ،‬وال يكونها لحاجة‬
‫إلى سواه ‪ ،‬وال تكونه ترتبط األشياء به‬
‫‪.................................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬لفظة ما ‪ ،‬موصولة ‪ ،‬مبتدأ متض ّمنة لمعنى الشرط ‪ ،‬اى الذي عيّنه الحق تعالى‬
‫تعيّنا جزئيّا عند شرط أو سبب ( إلى آخره ) كحصول الجاه ‪ ،‬أو الولد ‪ ،‬مثال ‪ ،‬لزيد‬
‫عند دعاء خاص ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬تعيين مرتبة ‪ -‬لفظة “ علم “ بصيغة المجهول ‪ ،‬اى الذي علم تعيين مرتبة الكليّة‬
‫عند شرطه كالتغذي باللحم بشرط طبخه ‪ ،‬أو عند سبب ‪ ،‬كطبخ اللحم بمجاورة النّار ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬الضّمير في انّه ‪ ،‬راجع إلى الحق ‪ ،‬وكذا المستتر في يعلمه ‪ ،‬والجملة خبر‬
‫للمبتدأ ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬بفتح األلف وتخفيف النّون ‪ ،‬تفسير وبيان للسابق اى قوله ‪ :‬فانّه يعلمه ‪.‬‬
‫هذا بناء على أن يكون النسخة فانّه يعلمه ‪ ،‬بصيغة المضارع الغائب ‪ ،‬على ما ذكرنا‬
‫أوال ‪ ،‬ويحتمل ان يكون النّسخة ‪ ،‬فانا نعلم بصيغة المتكلَّم مع الغير ‪ ،‬من دون الضمير‬
‫البارز الغائب ‪ ،‬وعلى هذا يكون جملة ان سبق مفعوال ‪ ،‬لقوله ‪ :‬نعلم ‪ .‬على أن يكون‬
‫لفظة ان ‪ ،‬مصدريّة فافهم ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬اى ال يتعيّن في حقه امر دون آخر ‪ ،‬وال حكم دون آخر ‪ ،‬بل جميع األمور‬
‫حاصلة له بالفعل ‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫“ ‪“ 82‬‬

‫من حيث ما يتعيّن منه ‪ ،‬وال بكونه يرتبط بها من حيث امتيازها بتعددها ( ‪ ) 1‬عنه ‪-‬‬
‫فيتوقف وجودها لها عليه ‪ ،‬أو ال يتوقف عليها ‪ ،‬مستغن بحقيقته عن كل شيء ‪ ،‬مفتقر‬
‫اليه في وجوده كل شيء ‪ ،‬ليس بينه وبين األشياء نسبة اال العناية ‪ ،‬كما قيل وال حجاب‬
‫وعلوه ‪ ،‬عنايته في الحقيقة‬
‫ّ‬ ‫اال الجهل والتلبيس والتخييل ‪ ،‬لغاية قربه ودنوه وفرط ّ‬
‫عزه‬
‫إفاضة نوره الوجودي على من انطبع ( ‪ ) 2‬في مرآة غيبه ( ‪ ) 3‬الَّتي ( ‪ ) 4‬هي نسب‬
‫معلوميّته واستع ّد ( ‪ ) 5‬لقبول حكم إيجاده ومظهريّته ( ‪ . ) 6‬سبحانه ليس كمثله شيء‬
‫من الوجه األول ( ‪ ، ) 7‬وهو السميع البصير من الوجه الثاني [ ‪ ، ] 8‬ومتى أدرك أو‬
‫شوهد أو خاطب أو خوطب ‪ ،‬فمن وراء حجاب ( ‪ ) 9‬عزته في مرتبة ( ‪ ) 10‬نفسه‬
‫المذكورة‬
‫‪....................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬الن التأثير انّما يكون من حيث المناسبة ‪ ،‬ال من حيث االمتياز والمباينة ‪.‬‬
‫(ش)‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬اى األعيان الثابتة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬اى في حضرته العلميّة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬التي صفة لقوله مرآة غيبه ‪ ،‬فتدبر ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬عطف على قوله انطبع ‪.‬‬
‫( ‪ ) 6‬للحق سبحانه ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 7‬اى من حيث كونه وجودا ‪ ،‬اى من حيث إطالقه الذاتي وغناه ‪ ،‬كما أشار اليه‬
‫هنا بقوله ‪ :‬ليس بينه وبين األشياء نسبة ( إلى آخره ) ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫[ ‪ ] 8‬اى من حيث تعلَّقه بالكائنات ‪ ،‬وافتقارها اليه في الوجود ‪ ،‬كما أشار اليه بقوله ‪:‬‬
‫اال العناية ‪ ،‬وهي إفاضة نوره الوجودي على من ( إلى آخره ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 9‬اى ال يدرك ذاته بدون الحجاب ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫لعزته ‪ ،‬اى ليس ذلك اإلدراك والخطاب في مرتبة نفسه ‪ ،‬إذ بها ّ‬
‫عزته ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 10‬صفة ّ‬
‫(ش)‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫“ ‪“ 83‬‬

‫بنسبة ظاهريته ( ‪ ) 1‬وحكم تجليّه ( ‪ ) 2‬في منزل تدليه من حيث ( ‪ ) 3‬اقتران وجود‬
‫العام بالممكنات وشروق ( ‪ ) 4‬نوره على أعيان الموجودات ‪ - ،‬ليس غير ذلك ( ‪) 5‬‬
‫‪ -‬وهو سبحانه من هذا الوجه ( ‪ ) 6‬إذا لمح تعيّن وجوده مقيّدا بالصفات الالزمة ( ‪) 7‬‬
‫لكل متعيّن من األعيان الممكنة التي هي في الحقيقة نسب علمه تعالى ( ‪ ) 8‬جمعا‬
‫وفرادى ‪ ،‬وما يتّبع تلك ( ‪) 9‬‬
‫‪...............................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬الظاهر انّه صفة لقوله ‪ :‬وراء ‪ .‬ويحتمل ان يكون متعلَّقا بيكون المقدر في‬
‫عزته ‪ .‬اى يكون ذلك اإلدراك والخطاب ‪ ،‬من وراء حجاب‬ ‫قوله ‪ :‬فمن وراء حجاب ّ‬
‫عزته التي في مرتبة نفسه المذكورة بالنسبة إلى ظاهريّته التي هي الوجود العام ‪ ،‬ال‬ ‫ّ‬
‫بنسبته الباطنيّة ألنّها تثمر القبض ‪ ،‬دون البسط ‪ .‬وعلى كال الوجهين مفاد الكالم يكون‬
‫واحدا ‪.‬‬
‫ى‪.‬‬‫( ‪ ) 2‬قوله ‪ :‬وحكم ‪ .‬عطف على قوله ‪ :‬نسبة ظاهريّته ‪ ،‬والعطف تفسير ّ‬
‫(ش)‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬قوله ‪ :‬من حيث اقتران وجود التام ( العام ) ‪ -‬صفة لقوله ‪ :‬بنسبة ظاهريّة ‪.‬‬
‫اى تلك النّسبة الظاهريّة ثابتة من حيث اقتران وجوده ( إلى آخره ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬كأنّه عطف تفسيري ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬اى فمتى أدرك واعتبر تعلقه بالغير ‪ ،‬ليس من غير نسبته الظاهريّة من حيث‬
‫االقتران ‪ .‬تدبّر ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 6‬اى ذلك الوجه التعلقي الظهورى من حيث اقتران وجوده بالممكنات ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 7‬اى إذا اقترن وجوده بالممكنات تعيّن مقيّدا أوال بالصفات الذاتية النفسانيّة من‬
‫الروحانيّة المثاليّة والحسيّة الالزمة لكل متعيّن ‪ ،‬فهذه الصفات هي الحقائق المتبوعة‬
‫وذاتيّاتها ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 8‬التي صفة للصفات ‪ ،‬اى تلك الصفات نسب مخصوصة علميّة ‪ ،‬فكان هذا‬
‫التّوصيف في مقام التعليل ‪ ،‬ألدلة التقييد بتلك الصفات ‪ ،‬فإشارة إلى أن هذه الصفات‬
‫ليست خارجة عن األعيان الممكنة الثابتة التي هي نسب علميّة ‪ ،‬بل هي في الحقيقة‬
‫نسب مخصوصة علميّة ‪ ،‬فلهذا قيّد أوال بها ‪ ،‬فافهم ‪ .‬وليست صفة لألعيان الممكنة كما‬
‫يتبادر في بادي النظر لعدم االحتياج إلى ذلك التّوصيف ‪ ،‬ولفظة في الحقيقة ينادى ما‬
‫ذكرنا تدبّر ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫صفات ‪ ،‬اى مقيّدا ثانيا بما يتبع تلك الصفات ‪ ،‬اى باألمور عن‬ ‫( ‪ ) 9‬عطف على ال ّ‬
‫الحقائق األصليّة ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫“ ‪“ 84‬‬

‫الصفات من األمور المس ّماة شئونا وخواص وعوارض واآلثار التابعة ( ‪ ) 1‬ألحكام‬
‫االسم الدهر المس ّماة أوقاتا ‪ ،‬والمراتب ( ‪ ) 2‬أيضا والمواطن ‪ ،‬فان ذلك التعيّن‬
‫سره انشاء هللا ‪ -‬وينضاف‬ ‫والتش ّخص يسمى خلقا وسوى ‪ - ،‬كما ستعرف عن قريب ّ‬
‫اليه ‪ ،‬إذ ذاك كل وصف ‪ ،‬ويسمى بكل اسم ‪ ،‬ويظهر بكل رسم ‪ ،‬ويقبل كل حكم ‪،‬‬
‫ويتقيد في كل مقام بكل رسم ‪ ،‬ويدرك بكل مشعر من بصر وسمع وعقل وفهم ‪ ،‬وغير‬
‫ذلك من القوى والمدارك ‪.‬‬
‫ّ‬
‫التجزى واالنقسام‬ ‫فاذكروا علم ‪ ،‬وذلك بسريانه في كل شيء بنوره الذاتي المقدس عن‬
‫والحلول في األرواح واألجسام ‪ ،‬فافهم ‪ ،‬ولكن ك ّل ذلك ( ‪ ، ) 3‬متى أحب ( ‪) 4‬‬
‫وكيف شاء ‪ ،‬وهو في كل وقت وحال ‪ ،‬القابل لهذين الحكمين ( ‪ ) 5‬الكليّين المذكورين‬
‫المتضادين ( ‪) 6‬‬
‫‪..........................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬حكم العطف كما سبق ‪ ،‬اى وثالثا باآلثار التّابعة ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬والعطف أيضا كما سبق ‪ ،‬اى ورابعا بالمراتب والمواطن ‪ ،‬اى المكانة‬
‫والمكان ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫ّ‬
‫والتنزل وتقيّده‬ ‫( ‪ ) 3‬اى إفاضة نوره الوجودي ‪ ،‬واقتران وجوده بالممكنات بالتدلى‬
‫بالصفات الممكنات وتعدده بالتشخصات الخلقيّة ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬اى بالمحبة األصليّة هي علَّة ايجاد وبالمشيّة الذاتيّة المدركية ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬اى اإلطالق والتقييد أو الوحدة الصرفة والكثرة المظهريّة ‪ ،‬ول ّما كان الحق في‬
‫ك ّل متعيّن قابل للحكم عليه بأحكامه ‪ ،‬مع انّه من حيث هو مطلق غير متعين في نفسه‬
‫‪ ،‬حال ما يحكم عليه بالتعين فهو القابل لهذين الحكمين في كل وقت وحال ‪ ( .‬ش )‬
‫الالزم بلزوم تنافي الملزوم ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬ ‫ألن الزمهما الغنى واالفتقار وينافي َّ‬ ‫(‪ّ )6‬‬

‫‪84‬‬
‫“ ‪“ 85‬‬

‫بذاته ال بأمر زائد ‪ ،‬والجامع ( ‪ ) 1‬بين كل امرين مختلفين من غائب وحاضر وصادر‬
‫ووارد إذا شاء ( ‪ ) 2‬ظهر في كل صورة ‪ ،‬وان لم يشأ ال ينضاف اليه صورة ‪ ،‬ال‬
‫يقدح تعيّنه وتش ّخصه بالصورة ‪ ،‬واتصافه بصفاتها في كمال ( ‪ ) 3‬وجوده وعزته‬
‫وقدسه ‪ ،‬وال ينافي ( ‪ ) 4‬ظهوره ( ‪ ) 5‬في األشياء وإظهاره وتعيّنه وتقيّده بها‬
‫وباحكامها من حيث هي علوه وإطالقه من القيود ‪ ،‬وغناه ( بذاته ) عن جميع ما‬
‫وصف بالوجود ‪ ،‬بل هو سبحانه الجامع بين ما تماثل من الحقائق ( ‪ ) 6‬وتخالف‬
‫( ‪ - ، ) 7‬فيتألَّف ‪ ،‬وبين ما تنافر وتباين ‪ - ،‬فيختلف ( ‪ . ) 8‬بتجليه الوجودي ( ‪) 9‬‬
‫طهر الخفيّات ‪ ،‬وتنزلت من الغيب إلى الشهادة البركات ‪ ،‬من حيث‬
‫‪....................................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬عطف على قوله ‪ :‬القابل ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬ول ّما كان للوجود المطلق احكام ‪ ،‬بيّنها بقوله ‪ :‬إذا شاء ( إلى آخره ) وهو أولها‬
‫‪ ،‬وقوله ‪ :‬ال يقدح تعيّنه ( إلى آخره ) ثاني االحكام ‪ ،‬اى تش ّخصه بصورة ال ينافي‬
‫اتّصافه بسائر الصفات من حيث كماله األصلي ‪ ،‬وجوده الذاتي ‪ ،‬وقدسه اإلطالقى ‪.‬‬
‫(ش)‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬متعلق بقوله ‪ :‬ال يقدح ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬ثالث االحكام ‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬بالنّصب مفعول لقوله ‪ :‬ال ينافي ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 6‬إذا تعيّنت ‪.‬‬
‫( ‪ ) 7‬من وجه ‪ ،‬ولكن ممكن االجتماع ‪ ،‬فيتألَّف ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 8‬المتناع اجتماعهما ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 9‬هو رابع األحكام المذكورة ‪ ،‬اى ظهرت األعيان الثابتة وآثارها بتجلَّيه الوجودي‬
‫الذي هو التخليق واإليجاد ‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫“ ‪“ 86‬‬

‫( اسميه ) أسمائه الباسط والمبدى ( ‪ ، ) 1‬وبارتفاع حكم تدليّه يخفى وتنعدم‬


‫الموجودات باسمه ( باسميه ) القابض والمعيد ‪ .‬ان ( انه ) وتنعدم الموجودات باسمه‬
‫( باسميه ) القابض والمعيد ‪ .‬ان ( انه ) تعالى ( ‪ ) 2‬محتجبا بعزه ‪ ،‬كان غفورا ‪ ،‬وان‬
‫أحب ان يعرف ‪ ،‬دنا ( ‪ ) 3‬وظهر فيما شاء كيف شاء ‪ ،‬فكان ودودا فبالمحبّة ( ‪) 4‬‬
‫يبدي من كونه محبا ‪ ،‬وهي تبديه ( ‪ ) 5‬وبها ( ‪ ) 6‬من كونه محبّا ومحبوبا ‪ ،‬يعيد ك ّل‬
‫شيء في قبضته ( ‪ ، ) 7‬ومقهور تحت قوة بطشه لقوة فعله وضعف المنفعل ‪ ،‬ومظهر‬
‫( ‪ ) 8‬قدرته وآلة حكمته في فعله ( بسنته ) نسبته ( ‪ ، ) 9‬ومح ّل ظهور‬
‫‪.....................................................‬‬
‫والمصور والباري م ّما يدل على انبساط الوجود وكماالته ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫( ‪ ) 1‬ونحوهما كالخالق‬
‫(ش)‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬هو خامس األحكام ‪ ،‬لفظة ان شرطيّة ‪ ،‬قوله ‪ :‬محتجبا ‪ ،‬حال الضّمير المستتر‬
‫في تعالى ‪ ،‬الراجع إلى الحق تعالى ‪ .‬قوله ‪ :‬كان غفورا ‪ .‬جواب للشرط ‪ ،‬اى ان‬
‫بعزه وغناه الذاتي ‪ ،‬كان ساتر للحقائق ‪ ،‬باستهالك األعيان‬ ‫تعالى عن التّقييد ‪ ،‬والتنزل ّ‬
‫واألغيار ‪ ،‬في أحديّته ‪ .‬أو كان ساترا لنفسه عن ادراك غيره ‪ ،‬لعدم غيره ‪.‬‬
‫احب ‪ -‬ان يعرف ( إلى آخره ) ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫والمعنى الثاني انسب بقوله ‪ :‬وان‬
‫( ‪ ) 3‬جزاء للشرط ‪ ،‬قوله ‪ :‬فكان ودودا ‪ ،‬اى محبّا ‪ ،‬فالغفور منبع صفات الجالل ‪،‬‬
‫والودود منبع صفات الجمال ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬اى فبالمحبّة الجماليّة المعبّر عنها باحببت ان اعرف ‪ ،‬يبدي ويظهر الحق‬
‫الكائنات والحقائق ‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬اى تلك المحبة المذكورة بعينها تبدى الحق للكائنات ‪ ،‬اى تعرف المحبة الحق‬
‫لهم بالكماالت االسمائيّة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 6‬اى بالمحبة من جهة كونه سبحانه تعالى محبّا بالمحبّة الذاتية الجالليّة ومحبوبا‬
‫للمستكملين المتوجهين اليه تعالى يعيدا ما أبداه ويقبض ما أبسطه ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 7‬كأنّه في مقام التعليل لإلعادة ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 8‬مبتدأ ‪ ،‬خبره قوله ‪ :‬وهو عرشه المجيد ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 9‬الظاهر انّه متعلق بقوله ‪ :‬فعله ‪ ،‬وبيان لمحل اآللة ‪ ،‬اى كون العرش آله ‪ ،‬انّما‬
‫هو في األفعال العاديّة المنوطة باألسباب والوسائط ال في مطلق األفعال ‪ ،‬كما في خلق‬
‫سببيّة وبيانا لعلَّة توسط اآللة ‪،‬‬
‫العرش واألرواح العالية ‪ ،‬ويحتمل ان يكون الباء لل ّ‬
‫واالحتياج إليها ‪ ،‬اى ‪ ،‬كون العرش آلة في تلك األفعال بسبب جرى سنّة هللا تعالى‬
‫على الفعل بالمظاهر والوسائط ‪ ،‬ال لعجزه تعالى عن الفعل والتأثير بدون اآللة‬
‫والوسائط ‪ ،‬كما في العباد ‪ .‬وبالجملة فقوله ‪ :‬نسبته ‪ ،‬على األول صفة لقوله ‪ :‬فعله ‪،‬‬
‫وعلى الثاني ‪ ،‬صفة لقوله ‪ :‬آلة فافهم ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫“ ‪“ 87‬‬

‫سر القبض والبسط واإلبداء واإلخفاء والغيب والشهادة والكشف ( ‪. ) 1‬‬ ‫ّ‬
‫والحجاب ( ‪ ) 2‬الصوري النسبي ( السببى ) الذي ( ‪ ) 3‬به يفعل ما ذكر ( ‪ - ) 4‬ال‬
‫سر‬
‫مطلقا ‪ ، -‬هو عرشه المجيد ( ‪ ، ) 5‬ولهذا ( ‪ ) 6‬قال سبحانه ‪ ،‬مبدأ ّ‬
‫‪...................................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬اى الكشف الصوري الحاصل باإليجاد ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬اى الحجاب الحاصل بسبب اعدام الموجودات ‪ ،‬فالمراد الكشف والحجاب‬
‫الراجعان إلى المظاهر ال اليه تعالى ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬صفة لقوله ‪ :‬ومظهر قدرته ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬من القبض والبسط ( إلى آخره ) ال مطلق األفعال كما في مطلق العرش‬
‫المجيد ‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬الظاهر أن المراد بالعرش هو العرش الجسماني المعروف ‪ ،‬بالعرش الرحماني‬
‫علَى ْالعَ ْر ِش ا ْستَوى “ هو آلة ومظهر ألفعاله العاديّة في‬ ‫الر ْح ُ‬
‫من َ‬ ‫كما في قوله تعالى “ َّ‬
‫عالم الملك ‪ .‬ويحتمل ان يكون المراد منه القلم األعلى ‪ ،‬ألنّه أول عالم التّدوين‬
‫والتّسطير ‪ ،‬فال واسطة بينه وبين الحق في رتبة اإليجاد ‪ ،‬كما قال ‪ :‬أول ما خلق هللا‬
‫القلم ‪ ،‬وفي رواية “ العقل “ وفي رواية “ نوري “ اى ‪ ،‬انّه أو في نظام الكائنات ‪ ،‬فانّه‬
‫منبع نفوسها ‪ ،‬فهو سبب وآلة لتمام الكائنات التي بعده من الملكوت والملك ‪ ،‬وا ّما نفسه‬
‫‪ ،‬فهو حاصل بال سبب وآلة مطلقا ‪.‬‬
‫واما إذا حملنا العرش المجيد على العرش الجسماني المعروف ‪ ،‬فالمراد ‪ ،‬من حصوله‬
‫بال آلة وسبب هو آلة الخاصة ‪ ،‬وسبب الخاص اى الجسم الطبيعي ‪ ،‬بل العنبري ‪ ،‬اى‬
‫سط جسم آخر من سنخه ‪ ،‬وان كانت األرواح ‪ ،‬واسطة ‪.‬‬ ‫ال يكون وجوده وخلقه بتو ّ‬
‫وبالجملة ولكل من الحملين وجه ‪.‬‬
‫ان الكبرياء عظمة الذاتيّة والوصفيّة ‪ ،‬ولذا وصف العرش‬ ‫والمجد عظمة الفعليّة ‪ ،‬كما ّ‬
‫بالمجد ‪ ،‬ألنّه مظهر األفعال ‪ ،‬وهذا التوصيف اما من باب وصف الشيء بوصف‬
‫محدثه ‪ ،‬كاالسلوب الحكيم ‪ ،‬والكتاب الكريم ‪ ،‬واما باعتبار حال نفسه ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬
‫سط‬
‫( ‪ ) 6‬اى لكون األفعال المذكورة من اإلبداء واإليجاد والقبض والبسط بتو ّ‬
‫العرش ‪ ( .‬ش ) ‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫“ ‪“ 88‬‬

‫ش َر ِبّ َك‬ ‫ش ِهي ٌد ‪ِ ،‬إ َّن بَ ْ‬


‫ط َ‬ ‫س ْم َع ( ‪ ، ) 1‬و ُه َو َ‬ ‫ب أ َ ْو أ َ ْلقَى ال َّ‬
‫هذا االمر ‪ِ “ :‬ل َم ْن كانَ لَه قَ ْل ٌ‬
‫ور ْال َودُو ُد ‪ ،‬ذُو ْالعَ ْر ِش ْال َم ِجي ُد ‪ ،‬فَعَّا ٌل ( ‪ِ ) 2‬لما‬ ‫ئ ويُ ِعي ُد ‪ ،‬و ُه َو ْالغَفُ ُ‬ ‫لَ َ‬
‫شدِي ٌد ‪ِ ،‬إنَّه ُه َو يُ ْب ِد ُ‬
‫يُ ِري ُد “ في مرتبتي اإلطالق والتقييد ‪ ،‬وقوله ‪:‬‬
‫* ( فَعَّا ٌل ِلما يُ ِري ُد ) * ‪ ،‬جواب سؤال مقدر ‪ ،‬علم انّه يبدو من معترض محجوب ‪.‬‬

‫نص شريف هو آخر النّصوص‬ ‫( ‪ّ ) 21‬‬


‫اعلم أن أعظم الشبه والحجب ‪ ،‬التعدّدات الواقعة في الوجود الواحد بموجب آثار‬
‫األعيان الثابتة فيه ‪ ،‬فتوهم ‪ ،‬ان األعيان ظهرت في الوجود وبالوجود ‪ ،‬وانما ظهرت‬
‫آثارها في الوجود ‪ ،‬ولم تظهر هي وال تظهر ابدا ‪ .‬ألنّها لذاتها ال يقتضي الظهور ‪،‬‬
‫ومتى أخبر محقق بغير هذا ‪ ،‬أو نسب إليها الوجود والظهور ‪ ،‬فانّما ذلك االخبار‬
‫بلسان بعض المراتب ‪ .‬واال ‪ ،‬ذوق النّسبيّة انما يثبت ص ّحته بالنسبة إلى مقام معيّن ‪،‬‬
‫أو مقامات مخصوصة دون مقام الكمال ‪.‬‬
‫‪.....................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬س ‪ ، 50‬ى ‪. 36‬‬
‫( ‪ ) 2‬س ‪ ، 58‬ى ‪. 16 - 12‬‬

‫‪88‬‬
‫“ ‪“ 89‬‬

‫واما النّص الذي ينسخ حكمه ‪ ،‬فهو ما ذكرناه ‪ ،‬وهكذا كلَّما اذكره في هذا الكتاب ‪ ،‬فانّه‬
‫الحق الصريح الذي هو االمر عليه ‪ ،‬وما سواه فقد يكون صحيحا مطلقا ‪ ،‬كهذا الذي‬
‫ذكرناه ‪ ،‬وقد يكون صحيحا بالنسبة واإلضافة إلى مقام ما ‪ ،‬كما سبقت اإلشارة اليه ‪.‬‬
‫الظهور للوجود ‪ ،‬لكن بشرط‬ ‫ان َّ‬ ‫ومتى وضح لك ما ذكرته في هذا النّص ‪ ،‬علمت ‪ّ ،‬‬
‫التعدّد مع آثار األعيان فيه ‪ .‬وان البطون صفة ذاتيّة لألعيان ‪ ،‬وللوجود أيضا من‬
‫حيث تعقّل وحدته ‪ ،‬واالمر دائر بين ظهور وبطون ‪ ،‬بغلبيّة ومغلوبيّة ‪ ،‬بمعنى ‪ ،‬انّه ما‬
‫نقص من َّ‬
‫الظاهر ‪ ،‬اندرج في الباطن وبالعكس ‪.‬‬
‫والنّسب واإلضافات ‪ ،‬صور احكام وأحوال ‪ ،‬تنشأ بين المراتب ‪ ،‬فيظهر بعضها بعضا‬
‫‪ ،‬ويخفى أيضا بعضها بعضا ‪ ،‬بحسب الغلبة والمغلوبيّة المشار إليها آنفا ‪ ،‬فافهم ‪.‬‬

‫تمت النصوص مفتاح مفاتيح الفصوص والحمد هلل رب العالمين أوال وآخرا وصلَّى هللا‬
‫سالم‬
‫على محمد وآله الطاهرين ظاهرا وباطنا وال ّ‬

‫‪89‬‬
“ 90 “

90
‫“ ‪“ 91‬‬

‫تتمهء حواشي مرحوم آقا ميرزا هاشم بر نصوص) ‪( 1‬‬

‫نص ‪ “ : ) 5 -‬ولهذا المقام والذوق ‪ ،‬المنبّه عليه السنة ‪ ،‬يترجم عنها بصيغ‬ ‫قوله ( ّ‬
‫مختلفة ‪ . . .‬ولسانه في مقام النبوة واسمه المطلع كمال قال ( ص ) في ا ّم القرآن بل‬
‫سر كل آية منه ‪ ،‬ان لها ظهرا وبطنا “ إلخ ما قال‪. . .‬‬‫في ّ‬
‫وقال الفاضل الشارح الفناري ‪ :‬واما تفسير سبعه ابطن ‪ ،‬فل ّما كانت المخاطبات‬
‫الربانيّة والتّنزالت اإللهيّة السنة أحوال المخاطبين عنده ‪ . . .‬وقال المؤلَّف العال ّمة‬
‫الشيخ الكبير في تفسير الفاتحة ‪ .‬كان تعيّن بطونها ( كلمات الهيّة ) حسب تعيّن‬
‫بطونهم ( اى المخاطبين )‬

‫وأنا أقول‪:‬‬
‫التطورات ‪ ،‬وغلبة احكام الطبيعية والحيوانيّة‬
‫ّ‬ ‫اعلم ‪ ،‬ان النفس االنسانيّة بحكم خواص‬
‫صة بالنشأة الحسيّة‬ ‫عليه ‪ ،‬كانت غافلة عن أصل فطرتها ‪ ،‬متو ّجهة إلى حظوظها المخت ّ‬
‫العاجلة ‪ ،‬منغمرة في الشهوات الزائلة الفاسدة ‪ ،‬وا ّمارة بالسوء ‪ ،‬فشمل حكم هذه الغفلة‬
‫سر اإللهي الوجودي ‪ .‬وحقيقة األثر الروحاني ‪ ،‬وحقيقة النفس االنسانيّة الحيوانيّة ‪،‬‬
‫ال ّ‬
‫وغلبت احكام الكثرة على هذه الحقائق الثالثة ‪ ،‬وانحرفت أخالقها ‪ .‬اما إلى تفريط ‪ ،‬أو‬
‫افراط ‪ .‬فخفى اثر القلب الوحداني االعتدالى في كل منها ‪ ،‬بل استهلك بالنسبة إلى‬
‫بعض االشخاص‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫“ ‪“ 92‬‬

‫فاذن الناس ال يخلو من أحد الثالثة ‪ ،‬اما ان يكون قد استهلك اثر القلب االعتدالى فيه ‪.‬‬
‫كاستهالك الصورة في الممسوخين ‪ ،‬وضاع رأس ماله واستعداده ‪ ،‬فهو لم يؤمل‬
‫للسلوك بل من المتم َّكنين في أسفل السافلين‪.‬‬

‫سره‬
‫واما ان يكون قد شملته العناية اإللهيّة من الوجه الخاص ‪ ،‬وطريق انحراف ّ‬
‫الوجودي المفاض على حقيقته ‪ ،‬وعليه وسع األثر الروحاني ‪ .‬والنفس االنسانيّة‬
‫بموجب جذبة من جذبات الحق يوازى عمل الثقلين ‪ ،‬فيكون من األولياء الذين أخرجهم‬
‫من الظلمات إلى النور بال سعى وتع ّمل ‪ ،‬وهو الذي يقطع الحجب بالجذبات اإللهيّة‬
‫يتخطف بالجذب قبل السلوك ‪ ،‬وال يعرف المنازل والمقامات اال‬ ‫َّ‬ ‫وهو المحبوب المراد‬
‫عند رجوعه من الحق إلى الخلق ‪ ،‬لتنوره بالنور اإللهى وتحقّقه بالوجود الحقّانى ‪،‬‬
‫فيكون أكمل وات ّم من غيره في العلم والشهود ‪ ،‬فيكون نهاياته قبل البدايات ‪ ،‬ونعم ما‬
‫قيل بالفارسيّة‪:‬‬
‫خوش آن مستى كه هشيار از حرم خيزد از آن غافل * كه بود اندر ميان راهى ‪.‬‬
‫واندر راه منزلها‬
‫واما ان يكون قد شمله التوفيق المقسوم وظهر له النور االيمانى من باطنه ورأى عينه‬
‫وروحه ونفسه مسجونين في سجن التلبس بأحكام الطبيعة والشهوة وآثار الحجب‬
‫والكثرة ‪ ،‬فتنبّه عن نوم الغفلة وتضييع الزمان واألوقات ‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫طتُ في َج ْن ِ‬
‫ب هللا‪“ .‬‬ ‫على ما فَ َّر ْ‬
‫“ يا َح ْس َرتى َ‬

‫ى ‪ -‬إلى‬‫هذه الطائفة األخيرة بعد الشروع في السير ‪ ،‬الختالف استعداداتهم المفض ّ‬


‫اختالف سلوكهم ‪ ،‬مختلفة في قطع دائرة السلوك والهداية ودائرة الكمال والوالية‬
‫بحسب اإلتمام واالنقطاع واللبث والوقوع والخروج وعدمها في المراتب كما ال‬
‫المحب المتوسط في‬
‫ّ‬ ‫يخفى ‪ .‬فالترتب المذكور في مقامات السلوك في كلمات القوم حال‬
‫الممنو بالموانع بحسب النشأة ‪ ،‬فإذا انتبهت‬
‫ّ‬ ‫درجات االستعداد التا ّم بحسب الفطرة‬
‫ست ‪ ،‬انه يجب‬ ‫النفس االنسانيّة بباطنها وباطن باطنها عن نوم الغفلة ‪ ،‬أدركت واح ّ‬
‫عليها أمور ثالثة ‪ ،‬التعلق والتخلَّق والتحقّق ‪ .‬األول ‪ ،‬في اإلسالم ‪ ،‬والثاني ‪ ،‬في‬
‫االيمان ‪ ،‬والثالث ‪ ،‬في اإلحسان‪.‬‬

‫مقار‬
‫ّ‬ ‫وبعبارة أخرى يجب عليها بعد التنبّه أمور ثالثة ‪ :‬األول ‪ ،‬األخذ في السير عن‬
‫احكام عادتها ‪ ،‬ولذاتها الفانية ‪ ،‬بمالزمة األمر والنهى ‪ ،‬في جميع‬

‫‪92‬‬
‫“ ‪“ 93‬‬

‫حركاتها ‪ -‬قوال وفعال ‪ -‬وهذه متعلَّق بمقام اإلسالم‪.‬‬


‫المقر واالتصال ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الثاني ‪ -‬الدخول من حيث باطنها في الغربة باالنفصال عن ذلك‬
‫بأحكام وحدة باطنه من األخالق والملكة الروحانيّة ‪ ،‬وذلك متعلق بااليمان‪.‬‬
‫سرها على المشاهدة الجاذبة إلى عين التوحيد ‪ ،‬بطريق‬‫الثالث ‪ -‬دخول النفس من حيث ّ‬
‫الفناء عن احكام الحجب والقيود ‪ ،‬وذلك متعلق بمقام اإلحسان‪.‬‬

‫واإلحسان هنا بمعنى األعم الشامل لمراتب الوالية والك ّمل ‪ ،‬وان كان قد يطلق بحيث‬
‫يكون آخر مرتبة أول مرتبة الوالية ‪ ،‬كما سيجيء اإلشارة اليه‪.‬‬

‫ويقال لألمر األول ‪ ،‬مرتبة السلوك ‪ ،‬وللثاني الوصول ‪ ،‬وللثالث مرتبة الكمال‬
‫والوالية ‪ .‬فتحصل هنا مراتب ثالثة ‪ ،‬مراتب السلوك ‪ ،‬ومراتب الوصول‪.‬‬
‫ومراتب الكمال ‪ ،‬األولى مشتمل على الوظائف االسالميّة ‪ .‬والثاني ‪ ،‬على الوظائف‬
‫االيمانيّة ‪ .‬والثالث ‪ ،‬على الوظائف اإلحسانيّة‪.‬‬

‫فعلى هذا ‪ ،‬فالقسمة الكلية ثالث ‪ ،‬ولكل منها أول ‪ ،‬وسط ‪ ،‬وآخر‪.‬‬
‫فمقامات السلوك المشتملة على الوظائف اإلسالميّة ‪ ،‬ينتهى إلى أول مقامات الوصول‬
‫المشتملة على الوظائف االيمانيّة ‪ .‬ومقامات الوصول ينتهى إلى أول مقامات الكمال ‪،‬‬
‫المشتملة على الوظائف االحسانيّة ‪ ،‬وكل واحد من األنواع اى اإلسالم وااليمان‬
‫واإلحسان ‪ ،‬يشتمل على ثالث درجات ‪ .‬الدرجة األولى من اإلسالم ‪ ،‬هي وجوه الفرار‬
‫عن الشواغل البدنيّة ‪ ،‬كالبدايات‪.‬‬
‫والدرجة الثانية منه ‪ ،‬هي الفتور واالطالع على وجه التو ّجه إلى المطلوب كاألبواب ‪.‬‬
‫والدرجة الثالثة منه ‪ ،‬هي وجوه التم َّكن في ذلك كالمعامالت‪.‬‬
‫اما االيمان ‪ ،‬فالدرجة األولى منه ‪ ،‬هي وجوه اعراض الروح عن الشواغل النفسانيّة‬
‫سر ‪ ،‬كاألصول ‪،‬‬ ‫كاألخالق ‪ ،‬والدرجة الثانية منه ‪ ،‬هي الفتور على وجه التوجه إلى ال ّ‬
‫والدرجة الثالثة منه ‪ ،‬هي وجوه الحضور معه كاألودية‪.‬‬
‫فمنها تبتدى مراتب اإلحسان والوالية والكمال ‪ ،‬فهي الدرجة األولى من النوع الثالث ‪،‬‬
‫وهي وجوه أحدية التو ّجه ‪ ،‬وسلب ثبوت الغير ‪ ،‬كما في مرتبة ‪ ،‬بي يسمع ويبصر‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫“ ‪“ 94‬‬

‫والدرجة الثاني ‪ ،‬األحوال يحول الحاضر ‪ ،‬كالغائب والغايب كالحاضر والدرجة الثالثة‬
‫منه ‪ ،‬هي وجوه االستغراق في المطلوب ‪ ،‬كالواليات وما بعدها من الحقائق‬
‫والنهايات‪.‬‬

‫اما البدايات التي هي الدرجة األولى من اإلسالم ‪ ،‬فهي عشرة ‪ :‬اليقظة والتوبة‬
‫والمحاسبة واإلنابة والفكر والتذكر واالعتصام والفرار والرياضة والسماع ‪،‬‬
‫وائ ّمتها ومالكها ثالث ‪ ،‬والبواقي مت ّممات ‪ ،‬وهي ‪ :‬التوبة واالعتصام والرياضة ‪،‬‬
‫والسبعة الباقية مندرجة في تلك الثالثة‪.‬‬

‫وعند انتهاء البدايات الرافعة للموانع القاطعة للعالئق المصلحة لقوى النفس التي هي‬
‫المسول لزينة الدنيا ولذة الشهوات للنفس الممرينة لها‬
‫ّ‬ ‫الموانع الدافعة لشيطان الوهم‬
‫للطاعة ‪ ،‬تصير النفس ّلوامة ‪ ،‬وتستعّد الدخول في قسم األبواب ‪ ،‬فتدخل في األبواب ‪،‬‬
‫وهي أيضا عشرة ‪ :‬الحزن والخوف واإلشفاق والخشوع واالجتناب والزهد والورع‬
‫والتبتل والرجاء والرغبة ‪ ،‬فتنفعل النفس وقواها وتستع ّد لفيضان النور القلبي عليها ‪،‬‬
‫لتجعلها مطيعة له ومجيبة لدواعيه في المعامالت ‪ ،‬فتشرع في المعامالت ‪ ،‬وهي أيضا‬
‫عشرة ‪ :‬الرعاية والمراقبة والحرمة واإلخالص والتهذيب واالستقامة والتوكل‬
‫والتفويض والثقة والتسليم ‪ .‬وائ ّمتها أيضا ثالثة ‪ :‬اإلخالص والمراقبة والتفويض ‪،‬‬
‫وحينئذ تصير النفس مطمئنّة ‪ ،‬ويخلص العقل من شوب الوهم بنور الشرع ‪ ،‬فيستعين‬
‫به على اثبات الملكات الفاضلة في النفس ‪ ،‬لتبلغ كمال االطمينان‪.‬‬

‫فان تحقّقت النفس بهذه المقامات مع المداومة على ذكر “ ال إله إال هللا “ على العموم‬
‫أو ذكر آخر إلزالة حجاب معيّن عن تلقين مرشد كامل ‪ ،‬ليكون اثره أقوى بجمع الهمم‬
‫‪ ،‬ودفع الخواطر ‪ ،‬يزول عنها احكام الكثرة ويظهر اثر وحدة جمعيّتها ‪ ،‬وهو القلب‬
‫المختص بالنفس ‪ ،‬وانتقلت من مقام اإلسالم إلى باطنه الذي هو نور االيمان ‪ ،‬وعند‬
‫ّ‬
‫سية ‪ ،‬فحكمها في‬ ‫ذلك ينقضي منازل النفس ويغلب النور القلبي ‪ّ ،‬‬
‫ألن نشأة النفس ح ّ‬
‫صة بباطن االيمان ‪ ،‬ونشأة‬ ‫الروح غيبيّة ‪ ،‬فحكمها مخت ّ‬
‫مرتبة اإلسالم ‪ ،‬كما أن نشأة ّ‬
‫يختص ‪ ،‬بمقام اإلحسان والوالية ‪ ،‬فلكل من الثالثة‬
‫ّ‬ ‫سر غيبيّة حقيقيّة حقة ‪ ،‬فحكمها‬
‫ال ّ‬
‫نشأة مخصوصة به ‪،‬‬

‫‪94‬‬
‫“ ‪“ 95‬‬

‫وكل نشأة غلب أثرها ‪ ،‬كان صاحبها مستتبعا صاحبه ‪ ،‬لشدّة العالقة بينهما ‪ ،‬فيكون‬
‫النفس في مقام اإلسالم مستتبعة لصاحبها ‪ ،‬فلما انتهى سير النفس وظهر وحدتها وهي‬
‫روحها ‪ ،‬امر السير إلى الروح ‪ ،‬ليتحقق بحقائق االيمان ‪.‬‬

‫بإزالة خفايا احكام الجزافيّة باقية في الروح ‪ ،‬وان زالت عن النفس ‪ّ ،‬‬
‫ألن النفس حينئذ‬
‫بمنزلة المرآة ‪ ،‬والروح بمنزلة المنطبع فيها ‪ ،‬والمنطبع متأثّر من األثر الحاصل في‬
‫المرآة ‪ ،‬فيشرع الروح في السير إلزالتها ‪ ،‬فالنفس متبوعة ‪ ،‬فوقعت النفس في الغربة‬
‫سر ‪ ،‬غريبة‬ ‫مقرها ‪ ،‬الن كل واحد من الثالثة اى النفس والروح وال ّ‬
‫‪ ،‬ال النفصالها عن ّ‬
‫بالنسبة إلى غيره ‪ ،‬ورفع تلك الخفايا واعراض الروح عن الشواغل النفسانيّة في قسم‬
‫األخالق الذي في الدرجة األولى من االيمان وعند ذلك ينقطع منازل النفس حقيقة ‪.‬‬

‫وقسم األخالق أيضا عشرة ‪ :‬الصبر والرضا والشكر والحياء والصدق والعهد والخلق‬
‫والتواضع والفتوة واالنبساط ‪.‬‬
‫الروح في األخالق ‪ ،‬فيشرع في األصول التي هي الدرجة الثانية من‬
‫وإذا انتهى سير ّ‬
‫االيمان ‪،‬‬

‫وهي أيضا عشرة ‪:‬‬


‫القصد والعزم واإلرادة واألدب واليقين واالنس والذكر القلبي والفقر والغناء ‪،‬‬
‫والمراد ‪.‬‬
‫ان المراد باليقين في مقام االيمان ‪ ،‬هو عين اليقين ‪ ،‬وهو شهود األمر على ما‬ ‫اعلم ‪ّ :‬‬
‫هو عليه ‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى ‪ ،‬السكون باالستغناء عن الدليل بشهود الفعلي الوجداني الساري في كل‬
‫تصور االمر على‬
‫ّ‬ ‫شيء ‪ ،‬كما أن المراد باليقين في مرتبة اإلسالم هو علم اليقين وهو‬
‫قوة دليله ‪.‬‬
‫ما هو عليه ‪ .‬وبعبارة أخرى ‪ ،‬السكون بما غاب ‪ ،‬بناء على ّ‬

‫واما حق القين ‪ ،‬فهو مى مرتبة اإلحسان والوالية ‪ ،‬فتقسيم المقامات الكلية إلى علم‬
‫اليقين وعين اليقين وحق اليقين ‪ ،‬تقسيم تا ّم مستوعب منطبق على التقسيم إلى اإلسالم‬
‫وااليمان واإلحسان ‪.‬‬

‫وبالجملة إذا وصل الروح إلى هنا ‪ ،‬يخلص عن جميع القيودات االنحرافيّة وظهر‬
‫تجلى وحدة الفعل المضاف إلى ربّها ‪ ،‬وانشعب آثار العالية الواقعة بين‬

‫‪95‬‬
‫“ ‪“ 96‬‬

‫سر والروح والنفس ‪ ،‬فعند ذلك يمتزج النفس والروح بكل ما يتض ّمن ك ّل منهما‬ ‫رتبة ال ّ‬
‫من آثار الوحدة االعتداليّة ‪ ،‬امتزاجا معنويّا ‪ ،‬فيولد بحكم اجتماعهما من مشيمة جميعة‬
‫سر ‪.‬‬
‫النفس ‪ ،‬ولد قلب حقيقي جامع بين احكامهما واحكام ال ّ‬
‫وصار هذا القلب الجامع التقى النقي ‪ ،‬مرآة ومجلى للتجلى الرحماني الوحداني‬
‫الصفاتى ‪ ،‬وصورة للمرتبة اإللهيّة ومشاهدا للمعاني ‪ ،‬الكلية والجزئيّة متى شاء ‪ .‬وهو‬
‫المجمع بين البحر بين والملتقى بين العالمين ‪ ،‬ولذلك وسع الحق ‪ .‬وحينئذ يعصمه هللا‬
‫عن المخالفة ويحجز بينه وبين المعصية ‪،‬‬
‫ولهذا قيل ‪ :‬العصمة نور ينقذف في القلب ‪ ،‬وينور به النفس ‪ ،‬وحينئذ يكون السائر قد‬
‫تخطي عن جميع المراتب الكونيّة ‪ ،‬ودخل في مبدأ الحضرات الحقّية المسمى بمقام‬
‫اإلحسان ‪ ،‬فعند ذلك يترقى من مرتبة اسم إلى مرتبة اسم آخر أعلى منه حيطة وكلية ‪.‬‬

‫المنور بنور القدس التي هي أيضا عشرة ‪:‬‬‫ّ‬ ‫فتقع في أودية غيب العقل‬
‫اإلحسان والعلم والحكمة والبصيرة والفراسة والتعظيم واإللهام والسكينة والطمأنينة‬
‫واله ّمة ‪ ،‬وهي الدرجة الثالثة من االيمان ‪ ،‬وفي األودية مقام العقل الذي هو أحد من‬
‫اللطائف السبع المتداولة في األلسنة على ما يستفاد من كلمات بعض العرفاء ‪.‬‬
‫األول منها النفس ‪.‬‬
‫وثانيها القلب ‪.‬‬
‫وثالثها العقل ‪.‬‬
‫فاألول منها في مقام اإلسالم ‪ ،‬والثاني والثالث منها في مقام االيمان ‪ ،‬واألربعة الباقية‬
‫في مقام اإلحسان والكمال والوالية ‪ .‬فعلى هذا ‪ ،‬فالعقل أعلى من القلب ومرتبة ثالثة‬
‫من اللطائف ‪ ،‬ولكن يظهر من بعض الكلمات ‪ ،‬ان العقل بعد النفس وقبل مقام القلب ‪،‬‬
‫المنور بنور الشرع يحصل في الدرجة الثالثة من‬ ‫ّ‬ ‫ويكون ثاني اللطائف ‪ ،‬وذلك العقل‬
‫اإلسالم ‪ ،‬وهي المعامالت ‪.‬‬

‫سر قبل مقام الروح ‪ ،‬وبعد العقل الذي بعد‬ ‫وقول بعض العرفاء في الترتيب ‪ ،‬مقام ال ّ‬
‫سر ‪،‬‬‫القلب ‪ ،‬حيث قال ‪ :‬وللقلب مرتبة فوق مقام العقل ودون مقام الروح ‪ ،‬يسمى بال ّ‬
‫سر عند آخر‬ ‫وهو عند ترقيه إلى مقام الروح ‪ ،‬في التّجرد والصفاء ‪ ،‬وعين مقام ال ّ‬
‫سر ‪،‬‬ ‫األودية ‪ ،‬حيث قال ‪ :‬ويبلغ بها ‪ ،‬اى باله ّمة التي هي آخر اقسام األودية مقام ال ّ‬
‫فيتوالى المواهب ويتعاقب األحوال ‪ .‬انتهى كالمه ‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫“ ‪“ 97‬‬

‫سر ‪ ،‬كما سنذكره انشاء هللا ‪ .‬ومن األودية يبتدى‬ ‫ّ‬


‫ولكن المعروف ذكر الروح قبل ال ّ‬
‫مراتب اإلحسان والوالية والكمال ‪ ،‬فمراتب السلوك تنتهي إلى أول مراتب اإلحسان‬
‫وهو األودية ‪ ،‬فاألودية ‪ ،‬الدرجة األولى من اإلحسان ‪ ،‬بالمعنى األعم ‪،‬‬

‫والدرجة الثانية منه األحوال ‪ ،‬وهي عشرة ‪:‬‬


‫المحبّة والغيرة والشوق والفلق والعطش والوجد والدهش والهيمان والبرق والذوق ‪،‬‬
‫وهذه األحوال تترقى سير السائر ‪ ،‬وينتقل من الحضرات النازلة الجزئيّة إلى‬
‫الحضرات الرفيعة الكليّة م ّما اشتمل عليه اسم الظاهر الذي حكمه رؤية الوحدة‬
‫القوة في السير‬
‫الوجوديّة في عين الكثرة الظاهرة بالنفس حتى تزاد ّ‬

‫في قسم الواليات التي هي أيضا عشرة ‪:‬‬


‫سر والنفس والغربة والغلبة والتم َّكن ‪ ،‬وهي أول‬ ‫الحظ والوقت والصفاء والسرور وال ّ‬‫َّ‬
‫االخص ‪ ،‬وأول مراتب الوالية والكمال ‪ .‬وفي هذا‬ ‫ّ‬ ‫الدرجة الثالثة من اإلحسان بالمعنى‬
‫المقام المشاهدة من دون ّ‬
‫كأن ‪ ،‬ولسانها ‪:‬‬
‫“ لست اعبد ربّا لم أره “ كما أن في السابق وهو األحوال المشاهدة مع تحقق الكاف ‪،‬‬
‫ولسانها ‪ ،‬أن “ تعبد هللا كأنك تراه “ وهي أوسط مراتب اإلحسان بكال االعتبارين في‬
‫اإلحسان ‪ ،‬فيدخل السائر ‪ ،‬حينئذ في المرتبة األولى من التم َّكن ‪ ،‬بحيث ال يتأثّر من‬
‫التلوين الذي في ذلك المقام ‪ ،‬وهو ‪ ،‬اى التلوين التغيّر بغلبة بعض التجليات األسمائيّة‬
‫على البعض ‪،‬‬

‫فان للتلوين ثالث مراتب ‪:‬‬


‫األولى ‪ ،‬من حيث التجلَّى الظاهري الذي الكالم فيه ‪ ،‬وهو تعاقب ظهور اآلثار‬
‫متنوعة األحكام ‪ ،‬متميّزة األوصاف ‪ ،‬فيحجب السائر كل‬ ‫االسمائيّة على قلب السائر ‪ّ ،‬‬
‫بخصوصيته عن حكم اآلخر ‪ ،‬إلى أن يظهر جميعة االسم الظاهر ‪ ،‬ويقيم السيّار في‬
‫سواء ‪ ،‬فتلك النقطة هي‬ ‫نقطة ّ‬
‫حاق وسطيّة التي يكون نسبة جميع األسماء اليه على ال ّ‬
‫مقام التمكين ‪ ،‬ال يحجب صاحبها أحد ‪.‬‬
‫والثانية ‪ ،‬من حيث التجلي الباطني كما في الظاهري كما سيأتي ‪.‬‬
‫والثالثة ‪ ،‬مرتبة الجمع والبرزخيّة بين الظاهر والباطن ‪ ،‬فان احكام كل واحد منهما‬
‫بخصوصيّتها ‪ ،‬يستلزم االحتجاب عن احكام اآلخر ‪ ،‬والسائر في البرزخ بينهما يتم َّكن‬
‫من الجمع بينهما ‪ ،‬فال يحجبه شأن عن شأن ‪ ،‬وهذا‬

‫‪97‬‬
‫“ ‪“ 98‬‬

‫هو المقام التمكين في التلوين ‪ ،‬وسنذكر تفصيله ‪ .‬ومن هذا الكالم يظهر ان التمكين‬
‫أعلى وأشرف من التلوين ‪ .‬وما قال بعض أكابر العرفاء الشامخين في اصطالحاته ‪:‬‬
‫ان مقام التلوين أعلى من مقام التمكين ‪ .‬فمراده التمكين قبل الوصول ‪ ،‬ألن الوقوف‬ ‫ّ‬
‫في بعض المقامات مذموم ‪ ،‬إذ ال يص ّح وال يمكن الترقي في الدرجات اال بثبوت مقام‬
‫التلوين ‪ ،‬فان التلوين يترقى من مقام إلى مقام ‪ ،‬ال التمكين الذي في المرتبة الجمعيّة‬
‫الرافع لحجاب الخصوصيّة بالنسبة إلى التلوينات التي في صراط ذلك التمكين ‪،‬‬
‫فافهم ‪.‬‬

‫ويحتمل ان يكون مراده معنى آخر ‪ ،‬كما سيأتي اإلشارة اليه عن قريب ‪ ،‬بل هو‬
‫األظهر عندي ‪ ،‬فكأنّا قد خرجنا عن أصل المقصود ‪ ،‬فلنرجع إلى ما كنّا فيه ‪.‬‬
‫فنقول ‪ :‬وفي هذا السير يرفع حجب كثرة األحكام عن مرآة الوحدة الوجودي ‪ ،‬إلى أن‬
‫يتجلى وحدة الظاهرة من عين كثرة النفس ‪ ،‬وصور العالم ‪ ،‬ويظهر الكمال الحاصل‬
‫للوجود الواحد بتلك الكثرة نزوال ‪ ،‬فكثرة الشؤون الوجود العلمي الباطني النسبيّة التي‬
‫صورتها الحقائق الكونيّة ‪ ،‬مرآة لوحدة الوجود العيني الظاهري ‪ ،‬فالوحدة فيها ظاهرة‬
‫شئون باطنة ‪ .‬هذا هو المقام الروح من اللطائف السبع الغالب عليه اثر‬ ‫‪ ،‬وكثرة ال ّ‬
‫الوحدة ‪.‬‬
‫فإذا تحقق الولي بهذا المقام بتحقّقه بجميع ما يحوى عليه اسم الظاهر ‪ ،‬ينتهى سيره‬
‫األولى المحبّى ‪ ،‬فصار محبوبا ‪ ،‬فيشرع في سفر الثاني المحبوبي لرؤيته كثرة‬
‫التعيّنات النسبيّة المنسوبة إلى الشؤون الباطنة التي هي مرآة لوحدة الوجود العيني‬
‫الغالب على الروح حكمها ‪ ،‬وبعد فتق الروح وظهوره يحصل بين احكام الكونية وبين‬
‫ى المضاف ‪ ،‬امتزاج وفعل وانفعال ‪ ،‬كما جرى بينه‬ ‫سره ‪ ،‬اى الوجود العين ّ‬ ‫احكام ّ‬
‫سر واالنفعال إلى الروح ‪ ،‬وفي السابق‬ ‫وبين النفس أوال ‪ ،‬لكن هنا ينسب الفعل إلى ال ّ‬
‫الروح واالنفعال إلى النفس ‪ ،‬فيتولَّد من مشيمة الروح ‪ ،‬قلب قابل‬ ‫ينسب الفعل إلى ّ‬
‫شئون ‪ ،‬وكثرتها النسبيّة مع ظهورها التي‬ ‫للتجلى الوجودي الباطني المشتمل على ال ّ‬
‫هي الصور العلميّة ‪.‬‬
‫ففي هذا السير يخرق حجاب وحدة الوجود العيني الغالب اثره على الروح عن مرآة‬
‫كثرة‬

‫‪98‬‬
‫“ ‪“ 99‬‬

‫ى الباطني ‪ ،‬ليظهر التجلي الباطني‬ ‫الشؤون النسبيّة المضافة إلى الوجود العلم ّ‬
‫بخصايص تلك الكثرة النسبيّة ‪ ،‬وهي العلوم الغيبيّة واألسرار اإللهيّة ‪ .‬فالشاهد في هذا‬
‫سر‬‫ى ‪ ،‬بل يكون ال ّ‬‫ى باطن ّ‬
‫سر وجود ّ‬‫ى ظاهري ‪ :‬والمشهود ‪ّ ،‬‬ ‫سر وجود ّ‬‫القسم ‪ّ ،‬‬
‫الظاهري ‪ ،‬مرآة للباطنى ‪ .‬والباطني بأحكامه وآثاره ظاهرا على الظاهري ‪ ،‬فيظهر‬
‫السر من لطائف السبع‬
‫ّ‬ ‫وسره كما هو في حضرة العلم ‪ ،‬وهذا هو مقام‬ ‫ّ‬ ‫حقيقة الشيء‬
‫الدائرة على السنة العرفاء ‪،‬‬

‫وإذا انتهى آخر هذا القسم الذي هو قسم الحقائق الذي هو عشرة ‪:‬‬
‫صحو‬
‫المكاشفة والمشاهدة والمعاينة ‪ ،‬والحياة والقبض والبسط والسكَّر وال ّ‬
‫واالتصال واالنفصال ‪،‬‬
‫وتحقّق بمقام التمكين المختص به ‪ ،‬تعدّى وتجاوز حينئذ مقام التجلي الباطني ‪،‬‬
‫وتصدى لدخول في حضرة الجمع ‪ ،‬ويقع في المعرفة التا ّمة التي هي مبدأ‬

‫مقامات قسم النهايات الذي هو أيضا عشرة ‪:‬‬


‫المعرفة والفناء والبقاء والتحقّق والتلبّس والوجود والتجريد والتفريد والجمع‬
‫والتوحيد‬
‫‪ ،‬وعرف حينئذ انّه يلزم عليه الفناء في الفناء ‪ ،‬إلزالة قيد التقيّد بحكم أحد التجليين‬
‫الظاهري والباطني ‪ ،‬بحيث ال يحتجب ك ّل عن اآلخر ‪ ،‬فيتو ّجه حينئذ تو ّجها حقيقيّا إلى‬
‫حضرة الجمع ‪ ،‬والتعيّن الثاني والبرزخية الثانية ‪ ،‬مستمدا منها مع تحقق االستعداد‬
‫وظهور كل من االسمين اى الظاهري والباطني ‪ ،‬لكماالتها ‪ ،‬فيحكم البرزخيّة عليهما‬
‫بامتزاج وفعل وانفعال بينهما وبين احكامهما ‪ ،‬فيتولد بينهما قلب جامع بين الحضرتين‬
‫‪ ،‬هو صورة التعيّن الثاني والبرزخيّة الثانية ‪ ،‬ومظهرها ‪ ،‬فيحصل حينئذ للسائر أوال ‪،‬‬
‫فناء معرفة المقيّدة بأحد التجليين المذكورين ‪ ،‬وثانيا فناء تعيّن كل منهما وتميّزه في‬
‫حضرة الجمع ‪ ،‬وثالثا بالفناء عن شهود هذا الفناء ‪ ،‬فلم يبق عليه رسم واالسم وال‬
‫إشارة يؤذن بالتميز اال أثر خفى من حكم أحد كليّات األصول من األسماء ‪ ،‬فيبقى ببقاء‬
‫الحق ‪ ،‬فيتحقق بتحقّق الحق ايّاه ‪ ،‬فيمكن السائر حينئذ من التلبّس باي لباس شاء ‪ ،‬وفي‬ ‫ّ‬
‫اى مظهر أراد ‪ ،‬ويتمكن من معرفة معروفة في اى صورة تجلَّى ‪ ،‬حقّا وخلقا ‪ ،‬وهذا‬
‫هو مقام التلبس‬

‫‪99‬‬
‫“ ‪“ 100‬‬

‫وهو أعلى مراتب التمكين الذي هو التمكين في التلوين ‪.‬‬


‫أقول ‪ :‬ويحتمل ان يكون هذا التلوين ‪ ،‬اى التلوين باي لباس شاء ‪ ،‬ومعرفة معروفه‬
‫باي صورة تجلى ‪ .‬هو مراد من قال ‪ :‬ان التلوين أعلى من التمكين ‪ -‬فتدبّر ‪.‬‬
‫ثم يتحقق بحقيقة الجمع بين نفى التفرقة وإثباتها ‪ ،‬برؤية الجمل في تفصيله ‪ ،‬والتفصيل‬
‫في جملته في جميع المراتب الحقيّة والخلقيّة ‪ ،‬اى الوحدة في الكثرة والكثرة في‬
‫الوحدة ‪ .‬وبهذا يص ّح أعلى مراتب التوحيد ‪.‬‬

‫وهذا هو مقام الخفي من مقامات السبع ‪ ،‬وهذا كلَّه من مقامات قاب قوسين ‪.‬‬
‫واألنبياء السابقون وجميع الخلفاء الكاملين وأولو العزم من المرسل ‪ ،‬قبل بعثة محمد ‪،‬‬
‫صلى هللا عليه وآله ‪ ،‬ال يتجاوزوا عن هذا المقام ‪ ،‬بل هو أعلى مقامهم ‪.‬‬

‫المختص بنبيّنا محمد ‪ ،‬صلى هللا عليه وآله ‪ ،‬فابتداء الشروع فيه ‪ ،‬بعد‬
‫ّ‬ ‫وأما السير‬
‫االنتهاء إلى هنا ‪ ،‬وكيفية حصول هذا السير على ما حقّقه بعض العرفاء ‪ ،‬ان يتح ّ‬
‫صل‬
‫بين األسماء الذاتيّة التي هي مفاتيح الغيب ‪ ،‬وأحكامها الوحدانية الثابتة في التجلي‬
‫األولى ‪ ،‬وبين األسماء الكلية األصلية المتعيّنة في التجلي الثاني ‪ ،‬بعد ظهور كماالتها‬
‫صة ‪ ،‬اجتماع وامتزاج ‪.‬‬ ‫العامة والخا ّ‬

‫فيحصل من ذلك االجتماع بتأثير الذاتيات في الصفاتيّات ‪ ،‬واالصليّات في الفرعيّات ‪،‬‬


‫ولد قلب ‪ ،‬تقى نقى احدى جمعى ‪ ،‬محمدي ‪ ،‬صلى هللا عليه وآله ‪ ،‬هو صورة عين‬
‫البرزخيّة األولى واألصليّة ومظهرها ‪ ،‬ويتجلى فيه عين التجلي األولى ‪ ،‬له أحديّته‬
‫الجمعيّة بين جميع األسماء الكليّة والجزئيّة واألصلية والفرعية والذاتية والصفاتية ‪،‬‬
‫فكان كل اسم منها مشتمال على الجميع ‪ ،‬اشتماال حقيقيّا في ذوقه وشهوده ‪ ،‬والنظر‬
‫بعين قلبه‬
‫وقوله ‪ ،‬تعالى ‪ “ :‬أ َ ْو أ َ ْدنى “ إشارة إلى تلك األحدية الجمعيّة والوحدة المطلقة الجامعة‬
‫بين األحدية والواحديّة ‪ ،‬وهو عين التعيّن األول وعين النور االحدى الذي قال فيه ‪:‬‬
‫أن هللا خلق الخلق في‬‫“ أول ما خلق هللا نوري “ ان أراد بالخلق التقدير ‪ ،‬كما في “ ّ‬
‫رش عليه من نوره “ ‪.‬‬ ‫ظلمة ثم ّ‬

‫‪100‬‬
‫“ ‪“ 101‬‬

‫قال الشارح الفرقاني ( ‪ ) 1‬بعد كالم له ‪ “ :‬فكان آدم ‪ ،‬عليه السالم ‪ ،‬جامعا كلما جمعه‬
‫البرزخ األول ‪ ،‬والتجلي الثاني من األسماء والحقائق ‪ ،‬كما أن محمدا ‪ ،‬صلى هللا عليه‬
‫وآله ‪ ،‬جامع بحقيقته وصورته كلما جمعه البرزخ األول من المفاتيح واالحديّة ‪ ،‬جمعيّة‬
‫أحديّة بحيث ال يغلب حكم شيء شيئا أصال “ انتهى‪.‬‬

‫سر هذا السير ‪ ،‬شهود ك ّل شيء فيه ك ّل شيء ‪ ،‬وهذا القلب هو العرش المحيط بجميع‬ ‫ف ّ‬
‫العروش ‪ ،‬فهو عرش هللا ‪ ،‬كما قال ‪ “ :‬وسعني قلب عبدي النقي التقى “ على أن يكون‬
‫صة بصاحب األحديّة الجمع ‪،‬‬ ‫الالم للعهد ‪ ،‬ال لالستغراق ‪ ،‬وإلى هذه المرتبة المخت ّ‬ ‫َّ‬
‫ينتهى مرتبة الكمال والوالية ‪ ،‬فان أول درجات الكمال هو قرب النوافل ‪ ،‬وأوسط‬
‫درجاته هو قرب الفرائض ‪ ،‬وآخر درجاته الممكنة الذكر ‪ ،‬هي مرتبة التم ّحض‬
‫والتشكيك ‪ ،‬والتم ّحض هو الخروج عن حكم التعيّنات ‪ ،‬وامتناع احكام اإلمكان ‪،‬‬
‫ولسانه ‪ِ ( * :‬إ َّن الَّذِينَ يُبا ِيعُون ََك ‪ِ ،‬إنَّما يُبا ِيعُونَ هللا ‪ ،‬يَ ُد هللا فَ ْوقَ أ َ ْيدِي ِه ْم )‪* ( 2 ) .‬‬
‫والتشكيك ‪ ،‬التردّد بين الطرفين ‪ ،‬لسير االعتدال الوسطى الجمعي ‪ ،‬بين المقامين‬
‫والقربين ‪ ،‬ولسانه ‪ ،‬اى لسان التشكيك بين طرفي الحقّية والخلقية وهو اللسان الجمع‬
‫المقدس عن الميل عن الوسط المقتضى عليه احكام كال الطرفين قوله ‪ ،‬تعالى ‪* :‬‬
‫ْت ( ‪ ) 3‬ول ِك َّن هللا َرمى ) * ‪.‬‬ ‫ْت ِإ ْذ َر َمي َ‬‫( وما َر َمي َ‬

‫قال الشيخ صدر الدين القونوى ‪ “ :‬مرتبه كنت سمعه وبصره ‪ ،‬أول مقام الوالية التي‬
‫صة بأحديّة‬
‫ال نهاية لها ‪ ،‬بل بين مرتبة كنت سمعه وبصره ‪ ،‬وبين مرتبة الكمال المخت ّ‬
‫صة والنبوات العامة والخاصة‬‫الجمع مراتب كثيرة ‪ ،‬من مراتب واليات العا ّمة والخا ّ‬
‫والخالفات ‪ ،‬كذلك ‪ ،‬ومرتبة الكمال فوق الكل ‪ ،‬فما ظنّك بدرجات األكمليّة التي هي‬
‫وراء الكمال ‪ ،‬وما بعد استخالف الحق واالستهالك‬
‫‪..................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬شرح فارسي سعيد فرغانى “ رض “ در دست طبع است ‪ ،‬فرغانى أول قصيدة‬
‫را بفارسى شرح نمود وبعد آن را تعريب فرمود ‪ ،‬شرح عربى در مصر چاپ شده‬
‫است ولى شرح فارسي را نگارنده به توفيق حق در اختيار أهل ذوق قرار مىدهم ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬س ‪ ، 48‬ى ‪. 10‬‬
‫( ‪ ) 3‬س ‪ ، 8‬ى ‪. 17‬‬

‫‪101‬‬
‫“ ‪“ 102‬‬

‫فيه عينا والبقاء حكما ‪ ،‬مع الجمع بين صفتي التم ّحض والتشكيك ‪ ،‬وك ّل من تحقّق‬
‫بالكمال على على جميع المقامات واألحوال “ انتهى ‪.‬‬

‫المختص ‪ ،‬فالالم‬
‫ّ‬ ‫ومراده من قوله ‪ :‬ومرتبة الكمال فوق الك ّل آخرها ‪ ،‬وهو الكمال‬
‫غل في درجات األكمليّة ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬ ‫للعبد ‪ .‬وقال أيضا ‪ :‬بعد التحقّق بهذا الكمال التو َّ‬
‫ويظهر من هذا ‪ ،‬أن مراتب الوالية مطلق الكمال ‪ ،‬وأولها مرتبة قرب النوافل ‪،‬‬
‫ومنتهاها مرتبة الكمال المختص بصاحب أحدية الجمع ‪ ،‬ومراتب األكمليّة بعدها ‪،‬‬
‫ومن جملتها مرتبة التكميل ‪.‬‬

‫سر اإللهي وهو الوجود المضاف إلى الحقيقة النسانيّة من حيث‬ ‫قال بعض العرفاء ‪ :‬ولل ّ‬
‫سا ‪ ،‬بطن رابع ‪ ،‬ولسانه ‪ ،‬كنت سمعه‬ ‫ظهوره يعنى في مراتب الكون روحا ومثاال وح ّ‬
‫وبصره ‪ ،‬وهو أول مراتب الوالية وآخر مراتب اإلحسان ‪ ،‬ومن حيث بطونه‬
‫االستعدادي في قلب اإلنسان القابل لتجلَّه وبطن خامس ‪ ،‬ولسانه وسعني قلب عبدي ‪،‬‬
‫الحديث وهو أوسط مراتب الوالية ‪ ،‬ومن حيث جمعه الرحماني بين الظهور والبطون‬
‫في دائرة صفات االلوهيّة التي هي مفاتيح الثالثة للبرزخية الثانية ‪ ،‬بطن سادس ‪ ،‬وهو‬
‫ألهل النهايات وهم الك ّمل واألفراد ‪ ،‬ومن حيث حضرة أحديّة جمع الجمع للك ّل متو ّحدة‬
‫العين ‪ ،‬بطن سابع ‪ ،‬وال ينفتح ش ّمة منه اال لصاحب اإلرث المحمدي ‪ ،‬فإنه له‬
‫صة ‪ .‬انتهى ‪.‬‬
‫خا ّ‬

‫ويظهر من هذا ‪ ،‬ان ّأول مراتب الوالية مرتبة قرب النوافل ومنتهاها مرتبة الجمع بين‬
‫الظهور والبطون ‪ ،‬اى صورة البرزخيّة الثانية ‪ ،‬ومظهرها وصورة التعيّن األول‬
‫ومظهره من مراتب األكمليّة ‪ .‬فتدبّر ‪.‬‬

‫وفي هذا الكالم إشارة إلى مقام الروح والسر والخفي واألخفى من اللطائف السبع ‪.‬‬
‫اما مرتبة األكمليّة على ما يستفاد من كلمات العرفاء الشامخين هي باستيعاب المعرفة‬
‫التفصيليّة بجميع األسماء اإللهيّة وملكة التحقق بها فعال وانفعاال ‪ ،‬اى تأثيرا بجهة‬
‫وجوبه ‪ ،‬وتأثرا بجهة إمكانه ‪ ،‬بحيث ال يحجبه نشأة وال موطن من ذلك التحقق ‪ ،‬وال‬
‫يحجزه عليه مرتبة وال تقيّده حائل وال‬

‫‪102‬‬
‫“ ‪“ 103‬‬

‫مقام وال غيرهما ‪ ،‬فهذه المرتبة األكمليّة مشتملة على قوة استتباع األسماء الجزئيّة‬
‫ومظاهرها ‪ ،‬فإذا انتهى األمر به إلى التم َّكن من تكميل من شاء من عباد هللا ذلك إذا‬
‫اتحدت أرادته باإلرادة األولى االصليّة التي عليها مدار حال الصورة الوجوديّة كلَّها‬
‫بحيث ال يقع في الوجود اال ما يريد ‪ ،‬وذلك لما يقتضيه مقام المعرفة التفصيليّة وحقايق‬
‫األسماء الذاتيّة وفروع األسماء اإللهيّة والربوبيّة الفاعلية والكونية القابلة على‬
‫استعداداتها المختلفة المتفاوتة ‪ ،‬كان االمام األعظم األكمل الحائز بمرتبة الخالفة‬
‫واالستخالف والجمع بينهما والجمع بين صفتي التم ّحض والتشكيك ‪.‬‬

‫وإذا عملت المقامات الكليّة واللطائف السبع المعروفة ‪ ،‬فاعلم ‪ ،‬ان الفتوح الثالثة‬
‫الدائرة على السنة العرفاء المأخوذة من الكتاب اإللهي ‪ ،‬إشارة إلى تلك المقامات‬
‫السبعة المذكورة ‪.‬‬

‫أولها ‪ ،‬الفتح القريب ‪ ،‬وهو الظهور بالكماالت الروحيّة والقلبيّة ‪ ،‬بعد العبور عن‬
‫المنازل النفسيّة وقطع دائرة السلوك والهداية من الوظائف االسالمية وااليمانيّة ‪ ،‬وهو‬
‫المشار اليه في الكتاب الجامع في مواضع متعددة ‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫ص ٌر من هللا‬‫ُون ذ ِل َك فَتْحا ا قَ ِريبا ا ) * ( ‪ ) 1‬ومنها ‪ ( * :‬نَ ْ‬ ‫قوله ‪ ،‬تعالى ‪ ( * ،‬فَ َجعَ َل من د ِ‬
‫يب ) * ( ‪ ) 2‬ومنها ‪ :‬قوله ‪ ،‬تعالى ‪ ( * ،‬وأَثابَ ُه ْم فَتْحا ا قَ ِريبا ا ) * ( ‪. ) 3‬‬ ‫وفَتْ ٌح قَ ِر ٌ‬
‫وثانيهما ‪ ،‬الفتح المبين ‪ ،‬وهو الظهور بمقام الوالية وتجليات أنوار األسماء اإللهيّة‬
‫سر ‪ ،‬وهذا في مقام السير في الحق ‪،‬‬ ‫المفنية لصفات الروح والقلب المثبتة لكماالت ال ّ‬
‫فهو دائرة الكمال والوالية ‪ ،‬ويندرج فيه التجليين ‪ ،‬اى الظاهر والباطن ‪ ،‬والجمع‬
‫سر والخفي ‪ ،‬وهو المشار اليه بقوله ‪:‬‬ ‫بينهما اى مقامي ال ّ‬
‫انّا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك هللا ما تقدم من ذنبك وما تأ ّخر ( ‪ ، ) 4‬اى من‬
‫الصفات النفسيّة والقلبيّة ‪.‬‬
‫وثالثها ‪ ،‬الفتح المطلق ‪ ،‬وهو تجلى الذات األحديّة واالستغراق في عين الجمع ‪ ،‬لفناء‬
‫الرسوم الخلقيّة كلَّها ‪ ،‬وهو المشار اليه بقوله ‪ ،‬تعالى ‪:‬‬
‫‪...............................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬س ‪ ، 48‬ى ‪. 27‬‬
‫( ‪ - ) 2‬س ‪ ، 61‬ى ‪. 13‬‬
‫( ‪ ) 3‬س ‪ ، 48‬ى ‪. 18‬‬
‫( ‪ - ) 4‬س ‪ ، 48‬ى ‪. 1‬‬

‫‪103‬‬
‫“ ‪“ 104‬‬

‫ص ُر هللا ْ‬
‫والفَتْ ُح ) * ‪ ،‬إلى آخره ( ‪ ، ) 1‬اى إذا جاء المدد الملكوتي‬ ‫* ( ِإذا جا َء نَ ْ‬
‫والتأييد القدسي ‪ ،‬والفتح المطلق الذي ال فتح ورائه ‪ ،‬واليه اإلشارة بقوله ‪ ،‬تعالى ‪* :‬‬
‫( وأ َ َّن إِلى َر ِبّ َك ْال ُم ْنتَهى ) * ( ‪ ، ) 2‬وهو فتح باب حضرة األحديّة ‪ ،‬والكشف الذاتي‬
‫بعد الفتح المبين في مقام الروح بالمشاهدة ‪ .‬ورأيت الناس المستعدين بالمناسبة التا ّمة‬
‫بقبول فيضك ‪ ،‬يدخلون في التوحيد والسلوك على الصراط المستقيم ‪ ،‬مجتمعة كأنّهم‬
‫نفس واحدة ‪ ،‬تستفيض من فيض ذاتك قائمة مقام نفسك ‪ ،‬وهم المستعدّون الذين كانت‬
‫بين نفسه “ صلى هللا عليه وآله “ وأنفسهم عالقة ومناسبة ‪ ،‬توجب اتّصالهم به لقبول‬
‫فنزه ذاتك من االحتجاب بمقام القلب الذي هو معدن‬ ‫فيضه ‪ ،‬فسبّح بحمد ربّك ‪ ،‬اى ّ‬
‫النبوة ‪ ،‬بقطع عالقة البدن ‪ ،‬والترقّى إلى مقام حق اليقين الذي هو معدن الوالية ‪ ،‬الذي‬
‫يستمر اال بعد الموت ‪ .‬ولذلك لما نزلت ‪ ،‬استبشر األصحاب ‪ ،‬وبكى ابن عباس‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫فقال في حقّه “ صلى هللا عليه وآله “ ‪ :‬لقد اوتى هذا الغالم علما كثيرا ‪ ،‬وسميت سورة‬
‫التوديع ‪ ،‬وعاش بعدها سنتين ‪ ،‬ونزلت في حجة الوداع ‪ ،‬ويندرج في ذلك الفتح ‪،‬‬
‫المختص لصاحب االحديّة الجمع ومرتبة األكمليّة ‪ ،‬فافهم ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أعلى مرتبة الكمال‬
‫هذا كلَّه ما استفدته واستنبطه وجمعته من كلمات العرفاء الكاملين الجامعين لمقام العلم‬
‫سره “ ولكن‬ ‫والعمل ‪ ،‬خصوصا الشيخ الكامل المك ّمل ‪ ،‬صدر الدين القونوى “ قدس ّ‬
‫فهمي ونظري قاصر عن ادراك فحاوي كلمات هؤالء العرفاء اين الثرى من الثريا ‪،‬‬
‫وأين الجمرة من البحر “ أن ذره كه در حساب نايد ماييم “ ‪.‬‬

‫فإذا انتهى الكالم إلى هنا ‪ ،‬فاختم الكالم في توضيح المرام ‪ ،‬بذكر نبذ من كلمات‬
‫هؤالء األعالم ‪ ،‬قال الشارح ( ‪ ) 3‬الفرغاني ‪ “ :‬ل ّما ت ّم كمال الجالء واالستجالء‬
‫‪...............................................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬س ‪ ، 110‬ى ‪. 1‬‬
‫( ‪ - ) 2‬س ‪ ، 53‬ى ‪. 43‬‬
‫( ‪ ) 3‬شارح قصيدة اين مطالب را به عربى وفارسي در دو شرح فارسي وعربي‬
‫خود تقرير فرموده است ‪ .‬شارح بفارسى وعربي مراحل سلوك را بهتر از جميع‬
‫عرفا تحرير فرموده اند ‪ ،‬سعيد فرغانى در فارسي نيز قلمي روان دارد واز فارسي‬
‫نويسان كم نظير بحساب مىآيد ‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫“ ‪“ 105‬‬

‫التفصيلين المختصين بالتجلي الثاني ‪ ،‬وانتهت أدوار مظاهره برجوعها اليه ورجوعه‬
‫بتلك الكماالت إلى أصله الذي هو التجلي األول ‪ ،‬انبعث بحكم االنصباغ إلى تحقيق‬
‫هذا الكمال ‪ ،‬وتو ّجهت األصول والفروع المذكورة بكماالتها االختصاصيّة واالشتماليّة‬
‫بتبعيّتها واجتمعت متو ّجهة فعادت سلطنة األدوار الجزئيّة الدوار السماوات السبع إلى‬
‫سلطنة الدورة العرشيّة المحدّدية الكلية الوحدانية ‪ ،‬بحكم اقتضائها المظهر الحقيقي‬
‫األكملى لحقيقة البرزخيّة األولى ‪ ،‬فاستدار الزمان كهيئة يوم خلق السماوات واألرض‬
‫‪ ،‬فعاد حكم الزمان إلى الوحدة واالعتدال ‪ ،‬فال جرم حان زمان استجالء التجلي األول‬
‫الجامع بين األحديّة والواحديّة بتعيّن مزاج عنصرى انساني وحداني يكون مظهرا‬
‫صوريّا للبرزخيّة األولى ‪ ،‬وبتعيّن قلب تقى نقى من غير ذلك المزاج ‪ ،‬يكون مظهرا‬
‫الحب األصلي فيها من حيث مظاهرها السبعة‬ ‫ّ‬ ‫معنويّا لها ‪ ،‬فتسارعت المفاتيح بسراية‬
‫وفروعها ‪ ،‬بعد تحققها االختصاصيّة الروحانيّة والمثاليّة ‪ ،‬فتو ّجهت إلى تعيّن المزاج‬
‫األعدل المحمدي “ صلى هللا عليه وآله “ ‪ ،‬المذكور‪.‬‬

‫فتعيّن وجوده من حضرة التجلي األول متنازال مارا على جميع المراتب ‪ ،‬وآثاره‬
‫المعتدلة المتكاملة بال توقف وال تعويق ‪ ،‬فظهر ذلك التجلي بصورة غذاء معتدل‬
‫صورة وحكما وتناول عبد هللا “ عليه السالم “ ‪ ،‬وآمنة بأحسن وجه في أسعد وقت ‪،‬‬
‫واستحال إلى النطفة في اعدل زمان ‪ ،‬وظهر اثر المحبة االصليّة فيها بصورة الشهود‬
‫واستقر النطفة الميمونة في الرحم في أيمن ساعة‬ ‫ّ‬ ‫في أكمل حال ‪ ،‬وص ّح االجتماع ‪،‬‬
‫بحكم اقتضاء الدورة العرشيّة الوحدانيّة وسلطنتها وسراية حكمها في جميع األدوار ‪،‬‬
‫وقام كل واحد من األسماء من حيث مظاهرها الروحانيّة والمثاليّة والفلكيّة والكوكبيّة‬
‫من حيث كماالتها برعاية ذلك المزاج األكمل وتربيته في أطواره بعد تمام تسوية تعلَّق‬
‫الروح األعظم األوحد األقدم الذي هو القلم األعلى من حيث نسبة ظهوره بصورة‬
‫التفصيل في اللوح وبالتدبير والتربية بوضعه الكلى الجملي بهذا المزاج األعدل‬
‫المستوي في أكمل وقت واعدل ساعة ‪ ،‬ثم ظهر في أيمن الساعات في عالم الحسن ‪،‬‬
‫وأضاء بنوره العالم شرقا وغربا ‪ ،‬كما أخبرت أمة آمنة ‪ ،‬ثم تصدى لتربيته من المهد‬
‫إلى أو ان البلوغ ‪ ،‬ذلك التجلي األول ومفاتيح الغيب بسرايتها‬

‫‪105‬‬
‫“ ‪“ 106‬‬

‫في األسماء ومظاهرها ‪ ،‬إلى أن حملته حرارة مطلوبيّة في غار حراء ‪ ،‬وأمرته امارة‬
‫سبْحانَ الَّذِي أ َ ْسرى “ ( ‪ ) 1‬حتى انتهى من الكمال‬
‫بسر اسرار “ ُ‬
‫محبوبيّة بان يتحقق ّ‬
‫واألكمليّة ما ينتهى الذي ما فوقها غاية وال رتبة ‪ ،‬والحمد هلل على تلك العناية ‪ .‬تم‬
‫كالمه ‪.‬‬

‫سره ‪ ،‬في تفسير سورة الفاتحة وغيرها ‪:‬‬ ‫قال الشيخ صدر الدين القونوى ‪ ،‬قدس ّ‬
‫ان الكتابة كناية عن اإليجاد ‪ ،‬فالكاتب هو الحق ‪ ،‬والقلم السبب العادي ‪ ،‬والرق‬ ‫“ ّ‬
‫المنشور هو التجلي الساري ‪ ،‬والكتاب المسطور ‪ ،‬هو نقوش الكائنات ‪ ،‬والحروف‬
‫أهل الحقائق المتبوعة إذا اعتبرت منفردة عن توابعها ‪ ،‬فإذا اعتبرت معها فكلمات ‪،‬‬
‫فمن حيث استعدادها األصلي بقبول الوجود ‪ ،‬اسم ومن حيث قبولها ذلك بأثر الطلب‬
‫االستعدادي ‪ ،‬فعل وجملة ‪ ،‬منها ‪ ،‬دالَّة على كمال كاتبها ‪ ،‬كإضافة الحياة والعلم‬
‫والقدرة آية ‪ ،‬ومن جملة اآليات ‪ ،‬اعتبر اجتماعها في مرتبة كلَّية أو جزئيّة من‬
‫المراتب األسمائيّة أو الكونيّة ‪ ،‬سورة ‪ ،‬وجملة من السور ‪ ،‬المعتبر احاطتها بجميع‬
‫المراتب السابقة ‪ ،‬لكن مندرجة في الرتبة الثانية ‪ ،‬والبرزخيّة المضافة إليها ‪ ،‬كان كتابا‬
‫الرسل قبل‬‫مبينا ‪ ،‬ومجمل صورته بالفعل آدم وجميع الخلفاء الكاملين وأولو العزم من ّ‬
‫بعث محمد “ صلى هللا عليه وآله “ ‪.‬‬
‫اما إذا أفاد ذلك االجتماع المحيط ‪ ،‬أحدية جمع مضافة إلى حقيقة داخلة فيها الرتبة‬
‫األول والبرزخيّة الكبرى بحكم سرايتها في جميع المراتب بحيث لم يكن مشهودا اال‬
‫الشاهد واحد وراثه الحقيقي ‪ ،‬كان ذلك قرآنا ‪ ،‬ومجمل سورته األجمع ‪ ،‬صورة محمد‬
‫“ صلى هللا عليه وآله “ ‪.‬‬
‫والكتاب ‪ ،‬كتابان ‪ :‬فعلى ‪ ،‬وقولي ‪ ،‬فالفعلى هذا الكتاب المبين ‪ ،‬وقد ذكر ‪ ،‬والقولي ‪،‬‬
‫هو الكتاب الحكيم ‪ ،‬اى الحكم ‪ ،‬بيان الكتاب الفعلي المختصر ‪.‬‬

‫التنوع الحقائق المشتمل عليها البرزخيّة‬


‫أن ذلك الكتاب الحكيم متنوع حسب ّ‬ ‫واعلم ‪ّ “ :‬‬
‫الثانية ‪ ،‬فللتجلى الثاني من حيث كل واحد منها نزول ‪ ،‬وله‬
‫‪.........................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬س ‪ ، 17‬ى ‪. 1‬‬

‫‪106‬‬
‫“ ‪“ 107‬‬

‫في نزوله مظهر كلى ‪ ،‬ومن حيث مظهره ذلك ‪ ،‬دور سلطنة ‪ .‬وله أيضا عروج من‬
‫نزوله ‪ ،‬ومن عروجه ذلك ‪ ،‬مظهر كلى جمعى انساني هو عين كل خليفة كامل ما عدا‬
‫محمد “ صلى هللا عليه وآله “ فيه كتاب ‪ .‬لحكم بيان كماله المبين ‪ ،‬له نقطة اعتداليّة‬
‫في جميع أحواله وأحوال متابعيه ‪ ،‬وقومه وآله كصحف األنبياء غير نبيّنا محمد‬
‫“ صلى هللا عليه وآله “ ‪ .‬واما القرآن ‪ ،‬فهو الجامع ألحكام تلك الحقائق واألسماء الكليّة‬
‫األصليّة ‪ .‬وهي األئ ّمة السبعة ‪ ،‬أحديّة جمع اعتدالى ‪ ،‬النازل ذلك الكتاب على مظهر‬
‫احدى جمعى لتلك األحديّة الجمعيّة ‪ ،‬وهو نبيّنا محمد “ صلى هللا عليه وآله “ وهو‬
‫القرآن المحكم ببيان أكمليته والمترجم عن حاق برزخيّته واعتداله في جميع أحواله‬
‫وأفعاله وأحواله من صورته االجماليّة النفسيّة والتفصيليّة لمتابعيه وقومه ‪ ،‬واليه‬
‫اإلشارة وكان خلقه القرآن “ انتهى كالمه ‪.‬‬

‫الفص المحمدي “ صلى هللا عليه وآله “ ‪ :‬اعلم أن كل نبي مظهر‬


‫ّ‬ ‫وقال أيضا في ذلك‬
‫من مظاهر الحق ‪ ،‬لكن من حيثيّة مخصوصة متعيّن للحق ‪ ،‬من حيثها اسم من شأنه‬
‫ان ال يستند ذلك الموجود إلى الحق اال من تلك الحيثيّة ‪.‬‬

‫وهكذا شأن كل موجود ‪ ،‬غير أن األنبياء ‪ ،‬عليهم السالم ‪ .‬واألكابر مظاهر لألسماء‬
‫الكليّة التي نسبتها إلى أسماء بقية الموجودات نسبة األجناس واألنواع إلى االشخاص ‪،‬‬
‫فبهذا حصل بين األنبياء واألولياء تفاوت في الحيطة ‪ ،‬واليه أشار في حديث القيامة ‪،‬‬
‫يجيء النبي ومعه الرهط والنبي ومعه رجالن والنبي ومعه واحد والنبي واحد وليس‬
‫معه أحد ‪ .‬وقصارى امر األكابر من أهل هللا ‪ ،‬ان ينتهى ارتباطهم بالحق صعدا إلى‬
‫التعيّن األول الجامع للتعينات كلها ‪ ،‬غير ّ‬
‫ان شأن نبيّنا “ صلى هللا عليه وآله “ والك ّمل‬
‫األول ‪.‬‬
‫من ورثته مع التعين ّ‬

‫مخالف لشأن غيرهم من األنبياء واألولياء ‪ ،‬ان هذا التعين ليس غايتهم من كل وجه في‬
‫يتفردون بحال يحقّهم ال يعرفه بعد الحق سواهم ‪،‬‬ ‫معرفة الحق واستنادهم اليه ‪ ،‬بل هم ّ‬
‫وال يذكره الكامل المك ّمل اال لمن َّ‬
‫اطلع على أنه ال ب ّد ان يصير كامال تربيته له “ ت ّم‬
‫كالمه ‪.‬‬

‫قال شارح الفرغاني ‪ “ :‬ان ما عدا الكاملين من األنبياء والرسل ‪ ،‬فحقائقهم ووجودهم‬
‫متفرعة عن حقايق الكاملين وجودهم ‪ ،‬فنسبة الكاملين إليهم‬
‫ّ‬

‫‪107‬‬
‫“ ‪“ 108‬‬

‫حقيقة ووجودا ‪ ،‬كنسبة األجناس إلى األنواع واألجناس إلى الجنس العالي “ انتهى‬
‫كالمه ‪ ،‬ال يخفى عليك ان توضيح المقامين األخيرين من المقامات وتحقيقهما يقتضي‬
‫بسطا من الكالم ‪ ،‬ويستدعى تمهيد مقدمات عديدة وتشييد مباني متعددة من بيان التعيّن‬
‫األول والثاني ‪ ،‬والدرجة األولى والثانية ‪ ،‬والتجلَّى األول والثاني ‪.‬‬
‫والكمال الذاتي واألسمائى ‪ ،‬وكمال الجالء واالستجالء في الكمالين ‪ ،‬واألسماء الذاتيّة‬
‫والصفاتية ‪ ،‬والمفاتيح واال ّمهات ومظاهرها وغيرها ‪ ،‬ولوال ضيق المجال وتشويق‬
‫الخيال ‪ ،‬بينتها وأوضحت أسرار الحكم والمعارف التي نقل من كلمات أكابر العرفاء‬
‫في ذلك المقام ‪ .‬وهللا العالم ‪.‬‬

‫هذه التعليقة علقت على النّص الثاني من الكتاب‬


‫قوله ‪ :‬النّص الثاني ( ‪ - ) 1‬اعلم أن الحق من حيث إطالقه واحاطته ال يسمى باسم‬
‫وال يضاف اليه حكم وال يتعيّن بوصف إلخ “ أقول بعون هللا تعالى ومستمدا من‬
‫أوليائه ‪:‬‬
‫ل ّما ثبت بالبرهان العرشى ‪ .‬ان حقيقة الوجود والوجود المطلق والوجود المحض ‪ ،‬هو‬
‫الواجب ‪ -‬تعالى ‪ .‬جل شأنه ‪ ، -‬وهو المأخوذ بال شرط ‪ ،‬ال ما قيّد باإلطالق ‪ .‬فهو‬
‫المجرد عن القيود ‪ .‬والمحض هو الخالص عن كل شيء ‪ ،‬وهذا الوجود خالص من‬ ‫ّ‬
‫كل قيد واعتبار ‪ ،‬فال مجال لالعتبارات فيه أصال حتى عن هذا االعتبار ‪ ،‬فال يشوبه‬
‫شيء من اللواحق ‪ ،‬فهو بهذا الوجه واالعتبار ال تركيب فيه وال كثرة بل ال اسم له من‬
‫األسماء الحقيقية وال رسم ‪ ،‬إذ االسم على اصطالح العرفاء والمحققين هو الذات‬
‫باعتبار معنى من المعاني وتعيّن من التعيّنات ‪ ،‬يس ّمون ذلك المعنى بالصفة والنعت ‪،‬‬
‫وحيث ال اعتبار مع الذات ( إذ قد علمت انّها بهذا االعتبار هو المطلق من غير اعتبار‬
‫شيء من التعيّنات )‬
‫‪............................................................‬‬
‫ّللا‬
‫نص دوم كتاب نصوص ‪ .‬مرحوم آقا ميرزا هاشم ‪ -‬قدّس َّ‬ ‫( ‪ ) 1‬رجوع شود به ّ‬
‫تعالى روحه ‪ -‬اين تعليقه را بر تمهيد وفصل أول از مقدمات فصوص مرقوم فرموده‬
‫اند ‪ .‬همان طورى كه مالحظه مىشود مرحوم ميرزا در اين قبيل از مباحث ‪ ،‬راسخ‬
‫ومتدرب ومتضلَّع ومسلَّط است ‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪108‬‬
‫“ ‪“ 109‬‬

‫فال صفة وال نعت فال اسم ‪ ،‬فيكون مجردا عن ساير أحكام األسماء ‪.‬‬
‫صة بالشيء ‪ ،‬وحيث ال صفة مطلقا فال‬ ‫واما الرسم ‪ ،‬فهو الخواص ‪ ،‬وهي صفات خا ّ‬
‫صة ‪ ،‬فأول المقامات واالعتبارات العرفانيّة ‪ ،‬هو ذلك اإلطالق المسمى عند‬ ‫صفة خا ّ‬
‫القوم تارة بغيب الغيوب ‪ ،‬وأخرى بالهويّة المطلقة ‪ ،‬وال بحث عنه وال إشارة اليه ‪ ،‬إذ‬
‫ال تعيّن له عقال وال وهما ‪ ،‬وكل معلوم مشار اليه باإلشارة العقليّة ومتعيّن عقال تعينا‬
‫يقتضيه حال العاقل ‪.‬‬

‫وأول ما يعتبر فيه من المعاني ‪ ،‬هي الوحدة الحقيقيّة الذاتيّة ‪ ،‬وهي التي ال يعتبر في‬
‫مفهومها ما يعشر بتعدد الوجود واالثنينية أصال ‪ ،‬حتى أن عدم اعتبار الكثرة غير‬
‫معتبر في مفهومها ‪ ،‬لما فيه من االشعار بمقابلتها للكثرة وبعبارة أخرى ‪ ،‬الوحدة‬
‫الحقيقيّة هي التي ال تتوقّف على مقابلة كثرة وال يعقل في مقابلها كثرة ‪ ،‬اى ال يتوقّف‬
‫تحقّقها في نفسها وال تصورها في العلم الصحيح المحقق ‪ ،‬على تصور مغاير أو ضد‬
‫لها كالكثرة في التحقق أو العلم ‪ ،‬ولو كان متوقفا ‪ ،‬كانت الوحدة غير حقيقيّة هي عدديّة‬
‫كما هي المتصورة في األذهان المحجوبة ‪.‬‬

‫وقول بعض األكابر ‪ “ :‬كون الواحد واحدا لنفسه فحسب ‪ ،‬من غير تعقّل ان الوحدة‬
‫صفة له ‪ ،‬أو حكم هي كونه هو لنفسه هو ‪ .‬وليس بين غيب الهويّة وهذا التعين فرق‬
‫غير نفس التعيّن “ انتهى إشارة إلى تلك الوحدة الحقيقيّة الذاتيّة ‪ ،‬وهي منشأ كونه ‪،‬‬
‫تعالى ‪ ،‬واحدا في صفاته وأفعاله ‪ .‬فالذات اإللهيّة بهذا االعتبار لها اإلحاطة العا ّمة التي‬
‫ال يش ّذ عنها شيء من المراتب ‪ ،‬ويستهلك فيها جميع المتقابالت من المتناقضات‬
‫والمتضادات وغيرها ‪ ،‬الشتمالها بالذات على جميع الوجودات ‪ ،‬واحدا أو كثيرا ‪ .‬فكما‬
‫يشتمل على جميع اقسام الوحدة يشتمل على جميع انحاء الكثرة ‪ ،‬فهي الجامع بالذات‬
‫بين سائر المتقابالت ‪ ،‬وبهذا االعتبار يقال ‪ ،‬ال ضد وال ن ّد للحق وانه واحد بال عدد ‪،‬‬
‫اى ال بوحدة يضادها الكثرة ‪ ،‬وهي األصل في العدد ‪ .‬ومما ذكر ‪ ،‬يظهر معنى كالم‬
‫قطب دائرة الوجود سيد الموحدين زين العابدين “ عليه السالم “ في الصحيفة‬
‫الشريفة ‪ “ :‬الهى لك وحدانيّة العدد “ فافهم فتدبّر ‪.‬‬

‫فالذات من حيث اتصافها بتلك الوحدة الحقيقيّة تقتضي تعيّنا يسمى‬

‫‪109‬‬
‫“ ‪“ 110‬‬

‫في االصطالح بالتعيّن األول تارة ‪ ،‬وأخرى بالحقيقة المحمديّة ‪ ،‬وعلمت أن هذا التعيّن‬
‫هو التعيّن االحاطى الشمولي ‪ ،‬ولهذه الوحدة الحقيقيّة التي هي عين التعين األول على‬
‫االصطالح ‪ ،‬اعتباران ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ ،‬سقوط االعتبارات كلها ‪ ،‬وبه تسمى الذات أحدا ‪ ،‬ومتعلَّقه بطون الذات‬
‫وخفائها وأزليتها وإطالقها ‪ ،‬وهو أول المراتب المسمى بمرتبة الجمع والوجود المعبر‬
‫عنها بحقيقة الحقائق ومقام التعين األول وحضرة الجمع ‪ ،‬عند جمع ‪ ،‬وان كان كثيرا‬
‫ما يطلق حضرة أحديّة الجمع وحقيقة الحقائق والتعين األول ‪ ،‬على ما أشرنا ‪ ،‬على‬
‫الوحدة المذكورة الشاملة لالحدية والواحديّة ‪ ،‬فتدبّر ‪ .‬وبالجملة فاالحديّة سقوط كافّة‬
‫احق من نسبته إلى المسلوب ‪.‬‬ ‫االعتبارات ‪ .‬فنسبة اسم األحد إلى السلب ّ‬

‫وثانيهما ‪ ،‬ثبوت االعتبارات الغير المتناهية مع اندراجها في أول رتبة الذات ‪،‬‬
‫اندراجا حقيقيّا أصليّا ‪ ،‬وتحقيق تفصيل أكثر تعيّناتها في هذه الرتبة الثانية ‪ ،‬وبه يس ّمى‬
‫الذات واحدا ‪ ،‬أسماء ثبوتيّا ‪ .‬فمتعلق الواحديّة ‪ ،‬ظهور الذات ‪ ،‬واعتبار النسب‬
‫المندرجة في أول الرتبة ‪ ،‬وبهذا االعتبار تصير الذات منشأ لألسماء والصفات ‪ ،‬ومن‬
‫هذه الجهة قد يس ّمى بالواحديّة االجماليّة ‪ ،‬فنشأ من هذه الوحدة أعيان الكثرة ‪ ،‬فنسبة‬
‫الواحديّة إلى الثبوت ال السلب ‪ ،‬وال مغايرة بين االعتبارين في الحقيقة والوجود ‪ ،‬إذ ال‬
‫كثرة ث ّمة بالفعل ‪ .‬ولذلك حكم بعض األكابر ‪ ،‬بان الواحد األحد ‪ ،‬اسم واحد مر َّكب‬
‫ك ‪ :‬بعلبك ‪.‬‬
‫وبالجملة هذا االعتبار الثاني ‪ ،‬هو ّاول التعيّنات العقليّة ‪ ،‬كما عنون به الشيخ صدر‬
‫الدين في النصوص ‪ ،‬حيث قال في أول النصوص ‪ “ :‬نسبة الوحدة إلى الحق والمبدئيّة‬
‫والتأثير ونحو ذلك ‪ ،‬انّما يص ّح وينضاف إلى الحق باعتبار التعين ‪ ،‬واق ّل التعينات‬
‫المتعلقة ‪ ،‬النسبة العلميّة الذاتيّة ‪ ،‬لكن باعتبار تميزها عن الذات ‪ ،‬االمتياز النسبي ال‬
‫التخصيص ‪ ،‬وبواسطة النسبة العلميّة ‪ ،‬يعلمه بكل شيء “ انتهى ‪.‬‬

‫وقال الشيخ المذكور في الرسالة الهادية ‪ “ :‬وتوضيح هذا الكالم وتبيين هذا االعتبار‬
‫الثاني يتوقف على نقل عبارة أخرى في تلك الرسالة الهادية مع اشتمالها على تعين‬
‫المراتب وفوائد أخرى عزيزة “ ‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫“ ‪“ 111‬‬

‫قال فيها ‪ :‬تعيّن الحق بالوحدة هو باعتبار تال لالتعيّن واإلطالق ‪ ،‬ويلي اعتبار الوحدة‬
‫المذكورة اعتبار كون الحق يعلم نفسه بنفسه ‪ ،‬وهو يتلو االعتبار المقدم المفيد تعقل‬
‫الوحدة من كونها فحسب ‪ ،‬فان الحاصل منه في التعقّل ليس غير نفس التعيّن ‪ ،‬لكنّه‬
‫بالفعل ال بالفرض التعقلى ‪ ،‬واعتبار كونه يعلم نفسه في نفسه ‪ ،‬يفيد ‪ ،‬ويفتح باب‬
‫االعتبارات ‪.‬‬

‫وهذا عند المحققين مفتاح مفاتيح الغيب ( ‪ ) 1‬المشار إليها في الكتاب العزيز ‪ ،‬وهذا‬
‫المفتاح عبارة عن النسبة ال التخصيص كما يتوهمه من قال بزيادة الصفات ‪ .‬وال‬
‫باعتبار االحديّة ‪ ،‬إذ ال نسبة للحق وال وصف له ‪ ،‬فللنسبة العلميّة مقام الوحدانيّة التالية‬
‫لالحديّة التي تلى اإلطالق المجهول الغير المتعيّن ‪ ،‬ومن حيث هذا النسبة العلميّة‬
‫يتعلق مبدئيّة الواجب وكونه واهب الوجود ‪ ،‬ومنه يتضاعف االعتبارات ‪ ،‬فالحق‬
‫متعقّل في مرتبة هذا الالزم العلمي ‪ ،‬سائر اللوازم الكليّة التي أولها الفيض الوجودي‬
‫المنبسط على جميع الممكنات ‪ ،‬ولوازم تلك اللوازم ‪ ،‬هكذا متنازلة إلى غير النهاية‬
‫وإذا اعتبرت متصاعدة انتهت إلى الالزم األول المعبّر عنه بالنسبة العلميّة ‪ ،‬وهذا‬
‫التعقل اإللهي ‪ ،‬أزلي ابدى على وتيرة واحدة ‪ ،‬والماهيات صورها ‪ ،‬ثم تعقّل الكثرة‬
‫االعتباريّة في العرضة العلمية باعتبار امتيازها عن الذات ‪ ،‬ال يقدح في وحدة العلم‬
‫فانّها تعقالت متعينة من العلم فيه ‪ ،‬وهي من حيث تعقل الحق ‪ ،‬مستهلكة الكثرة في‬
‫وحدته وشأنها حينئذ شأنها ‪ ،‬فالكثرة من حيث امتيازها بحقايقها “ ‪.‬‬
‫تأ ّمل في مطاويها حتى يظهر لك مطالب عالية ‪.‬‬

‫وهذا االعتبار الثاني هو المس ّمى بالتعين الثاني وحضرة االرتسام والمعاني ‪ ،‬وفي هذا‬
‫ى ‪ ،‬ووجود نسبى أسمائي ‪ ،‬وبصورة‬ ‫التعيّن ظهر الحق بصورة تفصيل حقيقي علم ّ‬
‫صلة متمايزة‬ ‫اجمال حقيقي وجودي ونسبى علمي ‪ .‬فاألسماء ‪ ،‬في التعين الثاني مف ّ‬
‫بمفهوماتها ووجوداتها النسبيّة الوصفيّة وكلياتها مجملة بالقياس إلى جزئيّاتها ‪ ،‬فهذا‬
‫التفصيل في هذا التعين علمي ووجودي بالنسبة إلى‬
‫‪...............................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬س ‪ ، 6‬ى ‪. 59‬‬

‫‪111‬‬
‫“ ‪“ 112‬‬

‫الموجد العالم ‪ ،‬وعلمي غير وجودي بالنسبة إلى فهم الممكنات وشهودهم ‪ ،‬وكلَّما‬
‫يتضمنه اجماال وتفصيال ‪ ،‬غيب وباطن بالنسبة إلى المراتب الكونيّة وأهلها ‪ ،‬وأول‬
‫مراتب الظهور بالنسبة إلى الغيب الذاتي المطلق ‪.‬‬
‫وعبّر بعض األكابر عن هذه الرتبة بمرتبة شهود نفسه بنفسه ‪ ،‬في مرتبة ظاهريّته‬
‫األول بأسمائه األصليّة ‪.‬‬

‫وبالجملة فهذا التعيّن صورة التعيّن األول ‪ .‬وأركانه مظاهر مفاتيح الغيب التي في‬
‫التعين األول ‪ ،‬وهي العلم والحياة واإلرادة والقدرة ‪ ،‬على نحو اإلطالق وعدم تميّز‬
‫الوجودي والمفهومي ‪ .‬وانما تميّزها في التعبير كعبارة العلم والقدرة ‪ ،‬وهو المراد من‬
‫قولهم وكان مفاتيح الغيب واعتبارات الواحدية كتفصيل نسبى بال غيريّة بينهما ‪،‬‬
‫انتهى ‪.‬‬

‫اى بال غيريّة هناك ‪ ،‬اى في التعين األول في الوجود وال في المفهوم ‪ ،‬فا ّمهات صفات‬
‫الربوبيّة كالظالالت لمفاتيح الغيب ‪ ،‬وهي اى مفاتيح الغيب األسماء الذاتيّة وأمهات‬
‫أسماء االلوهيّة كالحياة والعلم والقدرة واإلرادة من حيث هي هي ‪ ،‬اى بما هو عام‬
‫النسبة إلى المتقابالت هي أسماء الذات ‪ ،‬تدبّر تعرف الفرق بين األسماء الذاتيّة وبين‬
‫األسماء الذات ‪ ،‬لئال تقع في خبط وغلط ‪.‬‬

‫وم ّما ذكرنا سابقا ‪ ،‬تقدر على جمع اختالف الكلمات في تعيين اوليّة المراتب ‪ .‬ولوال‬
‫صلت الكالم ‪ ،‬لكن ال يتحمل المقام بأزيد من هذا ‪ ،‬وما‬‫مخافة االطناب واإلسهاب ‪ ،‬لف ّ‬
‫ذكرنا فيه ‪ ،‬كفاية للمهتدى المسترشد ‪ ،‬وهللا المرشد ‪.‬‬

‫فإذا تأ ّملت فيما ذكر ‪ ،‬علمت أن ذاته ‪ ،‬تعالى ‪ ،‬هو الوجود المطلق والهويّة الذاتيّة‬
‫المطلقة بحقيقتها اإلطالقيّة وذاتها االحديّة ‪ ،‬ال يعلم ويتحصر وال يح ّد وال يتناهى ‪،‬‬
‫وهو معنى كبريائه ‪ ،‬تعالى ‪ ،‬وكل معلوم محاط متميّز عن غيره ومتعلق معرفة كل‬
‫عارف ‪ .‬والذي يمكن ادراك حكمه من الحق ‪ ،‬سبحانه وتعالى ‪ ،‬انّما هو مرتبته التي‬
‫هي االلوهيّة واحديّتها ‪ ،‬ال كنهه ذاته وال إحاطة صفاته ‪ ،‬فاإلحاطة بالحق متعذرة‬
‫قوة المقيّد ان يعطى غير ما يقتضيه تقييده ‪ ،‬فكان منتهى حكم كل حاكم فيه‬ ‫وليس في ّ‬
‫بحسبه ال بحسب الحق من حيث هو نفسه ‪ ،‬وما لم يتعين منه أعظم وأجل مما يعيّن‬
‫عنه الحاكم الن نسبة المطلق إلى المقيد ‪ ،‬نسبة ما ال يتناهى إلى المتناهي ‪ ،‬بل ال نسبة‬
‫لما‬

‫‪112‬‬
‫“ ‪“ 113‬‬

‫تعيّن في مداركنا منه ‪ ،‬سبحانه ‪ ،‬وبين ما هو عليه من السعة واإلطالق والعظمة ‪ ،‬وقد‬
‫قال أكمل الخلق لما سئل عن رؤية نوراني أراه ‪ ،‬وقال ‪ :‬ال احصى ثناء عليك ‪ ،‬وال‬
‫أبلغ كل ما فيك ‪ ،‬وقال ‪ ،‬تعالى ‪ ،‬منبّها على ذلك ‪ ،‬وشفقة ورحمة على العباد ‪:‬‬
‫ويحذّركم هللا نفسه وهللا رؤوف بالعباد ‪ ) 1 ( .‬وما أوتيتم من العلم اال قليال ( ‪، ) 2‬‬
‫فما ظنك بما ليس بعلم‪.‬‬
‫المقربين‬
‫ّ‬ ‫وقال عيسى “ عليه السالم “ وال اعلم ما في نفسك ( ‪ ) 3‬وهو روح انه ومن‬
‫باخبار هللا ‪ ،‬وأقرب األشياء اليه نسبة روحه ‪ ،‬ولهذا نهى الناس عن الخوض في ذات‬
‫هللا وهذا أحد وجوه الجهل بالذات ‪ ،‬اى الهويّة الغيبيّة اإلطالقيّة ‪ ،‬اى الجهل بالذات‬
‫مجردة عن المظاهر والمراتب‪.‬‬
‫والوجه اآلخر ‪ ،‬عدم العلم بجميع ما انطوت الذات عليه ‪ ،‬من األمور الكامنة في غيب‬
‫كنهها التي ال يمكن تعيّنها وتطورها دفعة ‪ ،‬بل بالتدريج ‪ ،‬بل ربّما يكون في الحضرة‬
‫العلمية األزلية أمور باطنة كليّة أو جزئيّة لم يتعين بعد ‪ ،‬ال في المرتبة الثانية والتعين‬
‫الثاني والحضرة العلمية ‪ ،‬وال في اللوح المحفوظ ‪ ،‬فال يعلم شيء منها اال بعد تعيّنه‬
‫ووقوعه في الخارج وهي ابطن بطون الغيب ‪ ،‬وإليها ينظر قوله “ صلى هللا عليه وآله‬
‫“ ‪ ،‬ما أدرى ما يفعل بي وال بكم ( ‪ ) 4‬وقوله ‪ “ ،‬صلى هللا عليه وآله “ ‪ ،‬ليت رب‬
‫محمد لم يخلق محمدا مع أنه “ صلى هللا عليه وآله “ ‪ ،‬كلَّما تعيّن م ّما له في الحضرة‬
‫العلميّة واللوح المحفوظ على بصيرة من ربّه ‪ ،‬وكان يقول اعتمادا عليها ‪ ،‬آدم ومن‬
‫دونه تحت لوائي وال فخر ‪ ،‬وأمثال ذلك ‪ ،‬وأكثر ما يخبره الدعاء من األمور الغيبية‬
‫انما يكون من هذا القبيل ‪ ،‬فان ما عداها ليس اال المكتوب الثابت المقسوم في الحضرة‬
‫وسرا‬
‫ّ‬ ‫العلميّة ‪ ،‬فللوجود اإللهي والحكم الجمعي الذاتي في كل عين ومرتبة تجليا خاصا‬
‫ال يمكن معرفته اال بعد الوقوع ‪ ،‬وال يكفى معرفة حال عينه الثابتة قبل انصباغها‬
‫بالنور الوجودي ودون حصول االجتماع التوجهى األسمائى والقبول‬
‫‪...........................................‬‬
‫) ‪( 1‬س ‪ ، 3‬ى ‪.28‬‬
‫) ‪( 2‬س ‪ ، 17‬ى ‪.87‬‬
‫) ‪( 3‬س ‪ ، 5‬ى ‪116‬‬
‫) ‪( 4‬س ‪ ، 46‬ى ‪ . 8‬قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدرى ما يفعل بي وال بكم ‪،‬‬
‫اآلية‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫“ ‪“ 114‬‬

‫الكوني بالفعل وإدراكه ظاهرا ‪ ،‬وما قيل ‪ -‬من أن الك ّمل لهم الجمع واإلحاطة بالتجلي‬
‫ويقررون ذوق كل‬
‫ّ‬ ‫الذاتي وحكم حضرة أحديّة الجمع فال يتقيدون بذوق وال معتقد ‪،‬‬
‫ذائق واعتقاد كل معتقد ويعرفون وجه الصواب في الجميع والخطاء النسبي وحكم‬
‫علمهم وشهودهم يرى في كل حال ومقام ‪ -‬لمراده شمول نسبتين بالنسبة إلى غيرهم ‪،‬‬
‫وليس المقصود منه علم الكمل بكل شيء فتدبّر ‪.‬‬
‫ويناسب المقام بذكر كلمات أخرى من األعالم في كال الوجهين ‪.‬‬

‫ان الذّوق الصحيح‬ ‫قال الشيخ صدر الدين في تفسير الفاتحة على ما نقل وحكى عنه ّ‬
‫التام أفاد ان مشاهدة الحق يقتضي الفناء الذي ال يبقى معه للمشاهد فضيلة يضبط بها‬
‫ما أدرك وفي التحقيق األتم ‪ ،‬انّه متى شهد هللا أحد الحق فانّما يشهده بما فيه من الحق‬
‫وما فيه من الحق ‪ ،‬عبارة عن تبليّة العيني الذي قبله المتجلى له باحديّة عينه الثابتة‬
‫المتعيّنة في العلم التي يمتاز بها عن غيره من الخاص دون واسطة ‪ ،‬فاستعد به لقبول‬
‫ما فيه وله من التجليات الظاهرة فيما بعد بواسطة المظاهر الصفاتيّة واألسمائيّة ‪،‬‬
‫وعلى كل حال فنحن مقيّدون من حيث استعدادنا ومراتبنا وأحوالنا وغير ذلك ‪ ،‬فال‬
‫يتعين اال مقيّدا مثلنا والتجليّات الواردة علينا ذاتيّة كانت أو سمائيّة وصفاتية فال يخلو‬
‫عن أحكام القيود المذكورة ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫قال الفرغاني على ما حكى عنه ‪:‬‬


‫منها علم أو شوهد شيء من الذات عند تجليه الظاهر أو الباطن أو الجمعي في السير‬
‫المحبّى وقرب النوافل وتقديم السلوك على الجذبة وسبق الفناء على البقاء حيث يظهر‬
‫لدى الفتح أن الحق المتجلى له في يسمع وبي يبصر وفي السير المحبوبي وقرب‬
‫الفرائض وتأخر السلوك على الجذبة وتقدم البقاء األصلي على الفناء حيث يتبين أن‬
‫المتجلى له آلة الدراك الحق المتجلَّى من باب أن هللا قال على لسان عبده سمع هللا لمن‬
‫حمده ‪ ،‬وعند انتهاء السيرين والجمع بين الحكمين ‪ ،‬ابتداء وانتهاء ‪ ،‬حيث يظهر‬
‫الحالتان على التعاقب أو معا ‪ ،‬وما رميت إذ رميت ( ‪ ) 1‬إلى آخره ‪ .‬فعلى كل حال‬
‫‪........................................‬‬
‫( ‪ ) 1‬س ‪ ، 8‬ى ‪. 17‬‬

‫‪114‬‬
‫“ ‪“ 115‬‬

‫يكون ذلك اإلدراك والشهود والتجلي من حيث تعيّنه ومشيّته وعلمه األقدس بذاته من‬
‫حيث إطالقها وأحديّتها ‪ ،‬تم كالمه ‪.‬‬
‫قال صدر الدين في النفحات على ما حكى عنه ‪ :‬ان الجمعيّة حال حصولها بعد ان لم‬
‫يكن يوجب حدوث ما لم يكن له وجود ويستجلب ذلك تعيّن تجلى من مطلق غيب‬
‫الذات بحسب تلك الجمعيّة التي بها درجة المظهريّة ‪ ،‬لم يسبق له تعيّن في مراتب‬
‫األسماء والصفات ‪ ،‬فلم يكن بتلك الجمعيّة وال بما استتبعه علم ‪ ،‬هذا لو أمكن إحاطة‬
‫العلم بما يقتضيه كل فرد من االعتبارات واألعيان الثابتة جمعا وفردا من األحكام‬
‫واآلثار والصفات واللوازم التي ستلبس بها ال إلى نهاية ‪ ،‬كيف ويلزم منه امر جمال ‪،‬‬
‫فان من جملة األمور المحكوم عليها بالجمعيّة هو الوجود المطلق الذي ال تعيّن له على‬
‫االنفراد تعيّنا يمكن معرفته أو شهوده أو ادراك األحكام والصفات التي يشتمل عليها‬
‫عينه على االنفراد وحال اقترانه بشيء دفعة أو بالتدريج وهكذا كل واحد من افراد كل‬
‫جمعيّة من هذا صورة تعلق العلم بالمعلومات المعدومات والموجود على نحو كلى‬
‫وعلى النحو التفصيلي على التعيّن ‪ ،‬والفرق في كل ذلك بين علم الحق وما سواه فافهم‬
‫‪ ،‬انتهى كالمه ‪.‬‬
‫ان ‪ -‬الذي ذكرنا في الوجه الثاني‬ ‫وقد علمت من البيانات المذكورة والكلمات المنقولة ‪ّ ،‬‬
‫من األمور الكائنة في الحضرة العلميّة االزليّة ‪ ،‬غير الغيب الذي استأثره لنفسه ولم‬
‫قط إلى الشهادة أو إلى الحضرة العلميّة ‪.‬‬ ‫يبرز َّ‬
‫قال الشيخ الكبير في فتوحاته ‪:‬‬
‫واما األسماء الخارجة فال يعلمها اال هو ‪ ،‬ألنّه ال تعلق لها باألكوان ‪ ،‬وإلى هذه‬
‫األسماء أشار النبي بقوله أو استأثرت في علم غيبك ‪ ،‬ومما يدل على الوجه الثاني‬
‫ان هلل علمين ‪ ،‬علم‬ ‫وينبّه ويحفظه عن الخلق والنسب ما في الكافي عن أبي عبد هللا ‪ّ :‬‬
‫مكنون مخزون ال يعلمه اال هو من ذلك يكون البداء ‪ ،‬وعلم علمه مالئكته ورسله ‪،‬‬
‫فنحن نعلمه ‪.‬‬
‫يطلع عليه أحد من‬ ‫وفيه أيضا عن أبي جعفر ‪ :‬العلم علمان ‪ ،‬فعلم عند هللا مخزون لم َّ‬
‫خلقه وعلم علَّمه مالئكته ورسله ‪ ،‬فما علَّمه مالئكته ورسله فانّه سيكون ال يكذب نفسه‬
‫وال مالئكته ورسله وعلم عنده مخزون يقدّم منه ما‬

‫‪115‬‬
‫“ ‪“ 116‬‬

‫يشاء ويؤ ّخر منه ما يشاء ويثبت منه ما يشاء انتهى ‪.‬‬
‫قال سيّدنا ومقتدانا في المعارف صدر الدين الشيرازي في شرح الحديث ‪ ،‬هذا العلم‬
‫علمان ‪:‬‬
‫األول منهما ضوابط كليّة وصور مرتسمة دائما في البرازخ العلويّة واجبة التكرار في‬
‫الخارج اى مقتضياتها وآثارها تقع متكررة معادة إلى مثلها ال إلى عينها ّ‬
‫ألن ‪.‬‬
‫إعادة المعدوم بعينه ممتنعة ‪ ،‬وهي من قبيل كبريات القياس الشرطي أن كان كذا وقع‬
‫كذا وهذا العلم م ّما علَّمه هللا مالئكته ورسله وأطلعهم عليه وبه يقع اإلنذرات من‬
‫األنبياء والرؤيا الصادقة التي ال يتخلَّف عنها مقتضياتها ‪ ،‬ومنه أمور ‪ ،‬نادرة الوقوع ‪،‬‬
‫وهي مما ال يمكن الحد االطالع عليها اال هللا ‪ ،‬ألنّها قد يبتدى أسباب وقوعها من هذا‬
‫العالم كالدعوات المستجابة وخوارق العادات وبعض اعمال الطلسمات ‪.‬‬

‫والثاني من العلمين علم حادث غريب ليس من قبيل الضوابط الكليّة واألحكام الثابتة‬
‫المتكررة الوقوع مقتضاها في الخارج بل من النوادر ‪،‬‬
‫ّ‬
‫فقوله ‪ “ ،‬عليه السالم “ ‪ ،‬فعلم مخزون لم يطلع عليه أحد إشارة إلى القسم الثاني ‪،‬‬
‫يطلع عليه أحد اال عند وقوعه ال انه من الغيب الذي استأثره به تعالى ‪ ،‬و ‪،‬‬‫والمراد لم َّ‬
‫لم يبرز َّ‬
‫قط ‪ -‬إلى الشهادة ‪ ،‬وقوله وعلم علَّمه مالئكته ‪ ،‬اى علَّمهم دائما ال يختص‬
‫االطالع به حين وقوعه ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫وإلى ما ذكرنا ينظر قوله في االسفار في ذيل فصل تصحيح القول بنسبة التردد والبداء‬
‫( إلى آخره ) ‪ ،‬وال يمكن العلم به الحد من النفوس العلويّة والسفليّة اال من جهة هللا‬
‫صة به ‪ ،‬النّه مما استأثره ألنه ليس في األسباب الطبيعيّة ما يوجبه وال في‬‫المخت ّ‬
‫الصور االدراكيّة والنقوش اللوحيّة ما يبرز به من قبل ‪ ،‬ألجل ذلك ورد في أحاديث‬
‫أصحابنا الحديث ‪ ،‬وبعد االطالع على بياناتنا السابقة عبارة األسفار في كمال الوضوح‬
‫وال يحتاج توضيحه إلى ما ذكره المحقق المحشى ( قدس سره ) بل هو وجه آخر لعدم‬
‫االطالع ‪ ،‬تدبّر وافهم ‪.‬‬
‫سر خوف الك ّمل ‪ ،‬الن اإلنسان إذا اعتقد ذلك وعلم علم يقين وشهود‬ ‫ومما حقّقنا ظهر ّ‬
‫يكون نفسه متضرعة إلى هللا خائفة ال يعول على شيء من‬

‫‪116‬‬
‫“ ‪“ 117‬‬

‫علمه [ عمله ‪ -‬ظ ] واطاعته وان كان صحيحا وسالما من آفة الرياء ونحوها ‪ ،‬فيكون‬
‫دائما في مقام الخشية والخضوع والتضرع واالستكانة متوكال عليه ال غير ‪ ،‬وقد‬
‫وضح لك غاية الوضوح حقيقة البداء وسره الذي حارت فيه العقول وعجز عن إدراكه‬
‫سر ما ورد عن معدن العلوم والمعارف ومخزن الرموز والدقايق‬ ‫الفحول ‪ ،‬وكشف لك ّ‬
‫أهل البيت ‪ ،‬صلوات هللا عليهم وهو لو علم الناس ما في القول في البداء من األجر ‪،‬‬
‫يقر هلل بخمس بالبداء ( إلى آخره ) وما‬
‫ما افتروا عن الكالم وما يتنبأ نبي قط حتى ّ‬
‫بعث هللا نبيّا قط اال بتحريم الخمر وان يقروا له بالبداء وغير ذلك مما هو مذكور في‬
‫كتب األحاديث ‪ ،‬فافهم واغتنم ‪ ،‬هذا ما جمعته من متفرقات كلمات القوم من العرفاء ‪،‬‬
‫الكاملين‪.‬‬

‫سر وتدقيق النظر‬‫ولعمري في هذه المجموعة اسرار وحكم ال ينالها أحد اال بتلطيف ال ّ‬
‫‪ ،‬ومن لم يجعل هللا له نورا فما له من نور ‪ .‬تم هذه المجموعة وهذا مما افاده الفاضل‬
‫المحقق والعالم المدقق العارف الحكيم واألستاد العظيم آقا ميرزا هاشم من أجل تالمذة‬
‫الشيخ المؤيّد والعارف المعتمد شيخ العرفاء والحكماء المتأخرين آقا محمد رضا‬
‫القمشئي األصفهاني األصل والطهراني المسكن ‪،‬‬
‫والمحرر سيّد على أكبر بن سيّد عبد الحسين بن سيّد محمد صادق الطباطبائي ‪1312‬‬‫ّ‬
‫ه ق‪.‬‬

‫*‬
‫تم بحمد هللا تعالى رب العالمين‬
‫عبدهللا المسافر باهلل‬
‫‪.‬‬

‫‪117‬‬

You might also like