Professional Documents
Culture Documents
الأمور العامة من طوالع الأنوار
الأمور العامة من طوالع الأنوار
قدمها على اإللهيات ألنها مباد لها وأسهل إدراكا من إدراكها ،وفيه ثالث ة
أبواب باعتبار الجواهر واألعراض وما يشملهما ،وهو األمور الكلية.
والقائلون بالحال كالقاضي أبي بكر وإمام الح)رمين من)ا وأبي هاش))م من
المعتزلة حدوا الحال :بأنه صفة وهي ما يعلم بتبعية غيره ال باإلستقالل،
فخرج بها الذوات غير موجودة في نفسها ،خ))رج ب))ه الص))فات الوجودي))ة
واألعراض كالسواد والبياض وال معدومة في نفسها خ))رج ب))ه الص))فات
العدمية قائمة بموجود خرج به صفات ال موجودة وال معدومة في نفس))ها
وال قائمة بموجود كجنسية الجنس ونوعية النوع.
ونقض الحد على رأي المعتزلة بأنهم جعلوا من الحال م))ا يثبت في الع))دم
كالجوهرية؛ فإنها حاصلة عندهم للذات حالتي الوج))ود والع))دم كجوهري))ة
العنقاء؛ فإنها صفة لها مع أنها معدومة.
فهو الشيء والثابت والذات ،وإن لم يتحقق في نفسه ب))أن تك))ون ماهيت))ه
واجبة العدم كالممتنع فهو المنفي والالشيء والالثابت والالذات.
وزاد مثبت الحال منهم كأبي هاشم فقال :الكائن الذي له كون في األعيان
إن اس تقل بالكائني ة ب))أن لم يكن كائنيت))ه تبع))ا لكائني))ة غ))يره فه و ال ذات
الموجودة وإن لم يستقل بها فهو الحال وهذا يستلزم كون العرض الكائن
في األعيان ح))اال عن))د ه))ذا القائ))ل ،وليس ك))ذلك ،نب))ه علي))ه الدارح))ديثي،
والح))ال ق))د يعل))ل بص))فة موج))ودة في ال))ذات كالعالمي))ة المعلل))ة ب))العلم،
والقادرية بالقدرة ،وقد ال تعلل بصفة موج))ودة في ال))ذات كلوني))ة الس))واد؛
فإنها ال تعلل بصفة في السواد.
والحاصل :أن من لم يثبت الح))ال من))ا قس))م المعل))وم إلى قس))مين :موج))ود
ومعدوم ،ومن أثبته منا قسم ذلك إلى ثالثة أقسام :موجود ومعدوم وح))ال،
ومن لم يثبته من المعتزلة قسم ذلك إلى ثالثة أقسام :منفي ،وث))ابت لم يكن
له كون في األعيان ،وثابت له ذلك ،ومن أثبته منهم قسم ذل))ك إلى أربع))ة
أقس))ام :موج))ود ،وح))ال ،وث))ابت لم يكن ل))ه ك))ون في األعي))ان ،ومنفي،
ف))الموجود عن))ده ه))و المعل))وم الث))ابت ال))ذي ل))ه ك))ون في األعي))ان مس))تقل
بالكائنية ،فبانتفاء اإلستقالل بها يتحقق الحال ،وبانتفاء الكون في األعي))ان
يتحقق الثابت الذي لم يكن له كون فيها ،وبانتفاء الثبوت يتحقق المنفي.
وقسموا الموجود إلى ذهني إن كان له تحق))ق في ال))ذهن فق))ط ب))أن يك))ون
قائم)ا ب)النفس قي)ام الع)رض بمحل)ه ،وإلى خ ارجي إن ك)ان ل)ه تحق)ق في
الخارج ،وقس))موا الموج))ود الخ ارجي إلى م ا ال يقب ل الع دم لذات ه وه و
الواجب لذاته ،وإلى ما يقبله وه و الممكن لذات ه ،وقس))موا الممكن لذات))ه
إلى ما يكون في موضوع أي محل يقوم ما حل فيه وه و الع رض ،وإلى
ما ال يكون كذلك وهو الجوهر ،فالصورة عن))دهم ج))وهر ال ع))رض؛ ألن
محله))ا وه))و الم))ادة المع))بر عنه))ا ب))الهيولى ال يقومه))ا ب))ل هي تقوم))ه،
والموضوع والمادة أخصان تحت أعم وهو المح))ل ،والص))ورة والع))رض
أخصان تحت أعم وهو الحال ،والتقويم في المادة والصورة عكس التقويم
في الجوهر والعرض.
ومنع األول بأن اإلش تراك في الع وارض ال س يما اإلش))تراك في الس لب
كعدم التحيز وعدم الحل))ول في المتح))يز في مس))ألتنا ال يس تلزم ال تركيب؛
لجواز اشتراك بسيطين في عارض ك)الوجود ،أو س)لب كنفي م)ا ع)داهما
عنهم))ا ،ومن))ع الث))اني بأن))ا ال نس))لم أن))ه أخص أوص))افه ،ب))ل األخص ه))و
الوجوب الذاتي.
فإن قلت :ال نسلم أن السابق على البديهي بديهي ،كيف ،وقد صرحوا بأن
التصديق البديهي قد يكون كسبي الط))رفين ،قلت :تص))ريحهم ب))ذلك مب))ني
على أن التصديق مجرد الحكم ،والمختار كما عليه اإلمام والمص))نف أن))ه
المجموع ،فيشترط في بداهته بداهة ما يتوقف علي))ه ،وإال لم يكن ب))ديهيا؛
ألن الموقوف على الكسبي كسبي.
قي ل :ه ذا التص ديق أي التص))ديق ب))أن النفي واإلثب))ات ال يجتمع))ان وال
يرتفع))ان إن ك ان ب ديهيا مطلق ا أي بجمي))ع أجزائ))ه من النفي واإلثب))ات
واإلثنينية والوحدة لم يحتج إلى دليل على بداهة الوجود الستغناء البديهي
عن الدليل ،بل فيه مصادرة على المطلوب حيث جع))ل الم))دعى — وه))و
تصور الوجود ب))ديهي — ج))زءا من))ه وإال أي وإن لم يكن ب))ديهيا بجمي))ع
أجزائ))ه لم يف د المطل وب؛ ألن بعض أجزائ))ه كس))بي ،ويج))وز أن يك))ون
الوجود منه ،قلنا :هو بديهي مطلقا العتراف كل أحد به ،وبداهت ه مطلق ا
متوقفة على بداهة العلم ب الجزء ،فيلهم المطل))وب ،ال على حص ول العلم
ببداهته حتى ال يحتاج إلى دليل عليها؛ إذ يجوز أن يك))ون الش))يء ب))ديهيا
وبداهته غير بديهية فيحتاج إلى دليل.
ولقائل أن يقول على أص))ل ال))دليل :التص ديق موق وف على تص وره أي
الج)زء ،وفي نس)خة تص)ور الج)زء باعتب ار م ا ال على تص ور حقيقت ه،
ولذلك يحكم على الواجب تعالى مع أنه غ))ير متص))ور بحقيقت))ه ،فال يل زم
من تصوره باعتبار ما بداهته؛ لجواز أن يكون الشيء متص))ورا باعتب))ار
ما مع كون حقيقته غير بديهية ،ورد :بأنا لم))ا حكمن))ا على ه))ذا التص))ديق
بأنه بديهي بحقيقته ،كيف نحكم على أجزائه بأنها غ)ير معلوم)ة بالحقيق)ة،
بل باعتبار ما.
الوجه الثالث :الوجود بسيط المتناع تركبه؛ ألنه ل)و ك)ان مركب)ا فإم)ا أن
يك))ون تركب))ه عن الموص وف ب ه أي ب))الوجود وه))و الموج))ود ،أو عن
الموص))وف بنقيض ه وه))و المع))دوم ،وك))ل منهم))ا باط))ل ،أم))ا األول
فالستلزامه تقدم الشيء على نفسه ومساواة الجزء الك)ل في تم)ام حقيقت)ه،
وأما الثاني فالستلزامه تقوم الشيء بنقيضه ،وإذا امتنع تركبه فال يحد لما
مر ألن الحد ال يكون إال للمركب ،وال يرسم أيضا؛ إذ رس))م الش))يء إنم))ا
يكون بأعرف منه ومعلوم أنه ال شيء أعرف منه ،أي من الوج))ود ،وإن
كان شيء أعرف من))ه فرض))ا فالرس م ب))ه ال يع رف كن ه الحقيق ة ،وفي))ه
بحث ،أما أوال فألن كونه مركبا من الموصوف به أو بنقيضه ال نسلم أنه
أنه يستلزم ما ذكر ،وإال يلزم أن ال يتحقق شيء من المركبات ،وأما ثاني)ا
فال نسلم أن الرسم ال يفيد الكنه ،لج))واز انتق))ال ال))ذهن من تص))ور الرس))م
إلى حقيقة المرسوم ،هذا ،والحق كما ق))ال األص))فهاني أن الوج))ود ب))ديهي
وال شيء أعرف منه ،فإن كل م)ا يعلم إنم)ا يعلم ب)ه وال يعلم ه))و بش))يء،
وقولنا :الوجود ب)ديهي ..قض)ية بديهي)ة؛ إذ الحكم فيه)ا ال يتوق)ف إال على
تصور طرفيها والبديهي الزم بين لتصور الوجود ،فال يتوق))ف في إثبات))ه
له على وسط ،بل يكفي فيه تصورهما ،لكن قد يشكل على بعضهم الج))زم
بالنسبة الواقع)ة بين ط))رفي التص))ديق الب)ديهي لع)دم تص))ور طرفي)ه على
الوج))ه ال))ذي يتوق))ف علي))ه الج))زم؛ ف))إن ال))وهم ي))زاحم العق))ل في إدراك
المعقوالت ،فال يقع تصور طرفيه كما ه))و حق))ه ،فيحت))اج إلى تنبي))ه ،فم))ا
يذكر لبيانه إنما هو تنبيه ال برهان — وإن كان على صورته.
لنا على مختارن)ا وه)و األول وجه)ان مقب)والن ،األول أن ا نج زم بوج ود
الش يء ون تردد في كون ه واجب ا وممكن))ا ج وهرا وعرض ا فل))و لم يكن
الوجود مشتركا لكان وجود كل شيء عين ماهيته أو زائ))دا عليه))ا مخالف))ا
لوجود غيرها ،وعلى كل تق)دير يل)زم من ال)تردد في ك)ون الش)يء واجب)ا
وجوهرا وعرضا ع)دم الج)زم بوج)وده ،أم)ا على التق)دير األول فظ)اهر،
فلوج))وب ع))دم الج))زم بوج))ود الش))يء في ك))ل خ))اص عن))د ال))تردد في
مخصصه.
والوجه الثاني :أنا نقس م الموج ود إليه ا أي إلى الم))ذكورات ب))أن نق))ول:
الموج))ود إم))ا واجب أو ممكن ،والممكن إم))ا ج))وهر أو ع))رض ،وم ورد
القسمة مش ترك بين أقس))امه ض))رورة اقتض))اء قس))مة الكلي إلى جزئيات)ه
ذل))ك ،ف))الموجود مش))ترك بين الم))ذكورات ،ويل))زم من اش))تراك الموج))ود
بينها اشتراك الوجود كذلك.
المبحث الثالث في كونه أي الوجود زائدا على الماهية عارضا لها ليس
عينها وال جزءا منها في الواجب والممكن.
وخالفا لقول الحكماء إنه عينه في الواجب زائد في الممكن ،أما أنه زائ))د
في الممكن ات فلثالث))ة أوج))ه بينه))ا بقول))ه :فألن ا نتص ورها أي ماهياته))ا
كماهية المثلث والمربع ونشك في وجودها الخارجي والذهني فلو لم يكن
الوجود زائدا على الماهية لكان إما نفسها أو جزءا داخال فيه))ا ،ول))و ك))ان
ك)ذلك لم نش)ك في وجوده)ا عن)د تص)ورها؛ إذ يس)تحيل الش)ك في وج)ود
الشيء عند تصور ماهيته ،فإن قلت :الشك ال يتصور في الوجود ال))ذهني
ألن التصور نفس الوجود الذهني ،قلنا :ال يلزم من تصور الشيء تص))ور
كونه متصورا أي موجودا في الذهن.
فإن قلت :ال نسلم وجوب اإلستواء في الماهيات ،وإنما يلزم ذلك ل))و ك))ان
من المفهومات المتواطئة ،وهو ممنوع؛ ألنه مشكك ،قلنا :إذا كان مش))ككا
كان زائدا في الجميع وهو المطلوب ،وبه يندفع ما قيل من أن الوج))ود إذا
كان جنسا للماهيات يكون عرض))ا عام))ا للفص))ول ،فال يحت))اج في امتي))از
الفصول عنها إلى فصول.
احتج الشيخ أبو الحسن األشعري على أن وجود كل شيء عين ماهيته ال
زائد عليها بأنه لو زاد عليها لقام بالمعدوم والالزم باطل ،بيان المالزم))ة
أن الوجود ل))و زاد على الماهي))ة ك))انت الماهي))ة غ))ير موج))ودة في نفس))ها
فيكون الوجود قائما بالماهية المعدومة ،وأما بطالن الالزم فالمتن))اع قي))ام
الشيء بالمتصف بنقيضه.
قلنا :ال نسلم أنه لو زاد لقام بالمعدوم بل قام بالماهي ة من حيث هي هي؛
فإنها في نفسها ال موجودة وال معدومة بمعنى أنها ليست نفس أحدهما وال
أحدهما داخال فيها ال بمعنى أنها منفك))ة عنهم))ا؛ فإن))ه يمتن))ع انفكاكه))ا عن
أحدهما دفعا للواسطة ،فال يرد ما قيل :الماهية إم))ا موج))ودة أو معدوم))ة،
وعلى األول يلزم أن ال يقوم الوجود بها المتن))اع قي))ام الوج))ود ب))الموجود
الستدعائه أن يكون الشيء موجودا مرتين وهو محال ،وعلى الثاني يلزم
أن يقوم الوجود بالمتصف بنقيض))ه ،م))ع أن))ه أجيب عن ه))ذا ب))أن الماهي))ة
موجودة بهذا الوجود بمعنى أنها كانت معدومة ،فلما ع))رض له))ا الوج))ود
لم يبق لها عدم وصارت موجودة بهذا الوجود.
ه))ذا ،والح))ق أن زي))ادة الوج))ود على الماهي))ة مطلق))ا إنم))ا ه))و في التعق))ل
بمعنى أن العقل قد يالحظ أحدهما دون اآلخر؛ إذ اتص))افها ب))الوجود ليس
كاتصاف الجسم بالس))واد؛ إذ ليس له))ا وج))ود منف))رد ولعارض))ها المس))مى
ب))الوجود وج))ود فيح))ل الوج))ود في الماهي))ة ك))العرض في الج))وهر ،ب))ل
الماهية إذا كانت فكونها وجودها ،فالوجود إنما هو زائد في التعقل ،وذلك
إنما هو اعتبار عقلي.
وأما كونه زائدا في الواجب فلوجوه ثالث))ة أيض))ا ،الوج))ه األول :أن ه ل و
تجرد عن الماهية بأن ال يكون مقارنا له))ا وال عارض))ا له))ا لتج رد لغ يره
أي لغير الوجود ،وإال أي وإن لم يتجرد لغ))يره ب))ل لذات))ه لتن افت لوازم ه
ب))أن يك))ون مقتض))يا للتج))رد أي ع))دم الع))روض في ال))واجب ومقتض))يا
لالتجرد أي الع))روض في الممكن ،وتن))افي ل))وازم طبيع))ة واح))دة مح))ال،
فثبت أن تجرده لغيره فيكون الواجب ممكنا وهو محال.
قيل عليه :لم ال يجوز أن يكون تجرده أي وج))ود ال))واجب لع دم الم وجب
لعروضه ألن التجرد أمر عدمي ال يحتاج إلى علة وجودية ،قلنا :فيحتاج
الواجب في تجرد وجوده إلى عدم ه الم))وجب لعروض))ه وه))و مغ))اير ل))ه
فيكون الواجب ممكنا وهو محال.
قيل :ما ذكرتم من امتناع تنافي الل))وازم إنم))ا يتم ل))و ك))ان الوج))ود طبيع))ة
واحدة وليس كذلك؛ إذ الوجود مشكك أي مقول بالتشكيك ،وهو كلي واقع
على أفراده ال على السواء بل على اإلختالف بالتق))دم والت))أخر واألولوي))ة
والشدة والض))عف فال تتس))اوى أف))راده ،فيج))وز أن يك))ون وج))ود ال))واجب
مقتضيا للتجرد دون الممكن كالنور المقول على األنوار بالتشكيك م))ع أن
نور الشمس تقتضي إبصار األعشى دون غيره من األنوار.
قلنا :ال نسلم أن الوجود مشكك ،وإن سلم فالتشكيك ال يمنع المس اواة أي
مس))اواة وج))ودي ال))واجب والممكن في تم ام الحقيق ة ،وإال أي وإن من))ع
يلزم أحد امرين محالين ،إما تركب الوجود الذي هو ال))واجب أو المباين ة
الكلية بين الوجودين وجودي الواجب والممكن؛ ألنهما إذا لم يتساويا فإما
أن يكون بينهما اشتراك في بعض ال))ذاتيات فيل))زم ال))تركب أوال فالمباين))ة
الكلية وقد بان فسادهما لم))ا م))ر أن الوج))ود بس))يط مش))ترك بين ال))واجب
والممكن ،وإذا ثبت أن التشكيك ال يمنع المس))اواة في تم))ام الحقيق))ة يك))ون
الوجودان متساويين فيه فيمتنع تنافي لوازمهما.
وأيضا لو كان الوجود مش))ككا ف الواقع على أش ياء بالتش كيك ال ب د وأن
يك ون من عوارض ها؛ إذ الماهي)))ة وأجزاؤه)))ا إنم)))ا تق)))ع على األف)))راد
بالتساوي ،فالمعروضات وهي الوجودات الخاصة إن تم اثلت أي اتح))دت
بالنوع أو تجانست أي اتحدت بالجنس باعتبار آخر غ))ير اعتب))ار الوج))ود
لزم المحاالن المذكوران وهما تنافي ل))وازم طبيع))ة واح))دة نوعي))ة بتق))دير
التماثل وت))ركب الوج))ود بتق))دير التج))انس ،وإن تب اينت أي المعروض))ات
كان كل واحد منه ا مخالف ا لآلخ ر بال ذات ومش اركا ل ه في مفه وم ه ذا
الع ارض وه))و الوج))ود المق))ول عليه))ا بالتش))كيك ،فتك))ون حقيق))ة وج))ود
الواجب مخالفة لحقيقة وجود الممكن ومشاركة لها في الوجود العارض))ي
الزائ))د على حقيقت))ه وه و عين الم دعى وفي))ه بحث؛ ألن))ه مخ))الف لقول))ه
التش))كيك ال يمن))ع المس))اواة في تم))ام الحقيق))ة ،وألن الم))دعى أن وج))وده
الخاص زائد كالوجود الخاص للممكن ال الوجود المطلق.
الوجه الثاني :أن وجود الواجب لو لم يكن زائدا على ماهيته فحينئذ مب دأ
الممكنات لو كان الوجود وحده أي من غير اعتبار التجرد مع))ه لش اركه
تعالى في المبدئية كل وجود فيصدر عن كل وجود ما يصدر عنه تع))الى،
فيلزم أن يكون وجود ك)ل ممكن عل)ة لنفس)ه ولعلل)ه ب)ل ولجمي)ع م)ا ك)ان
الواجب علة له وهو باطل ،وإال بأن كان المبدأ الوجود م))ع التج))رد لك ان
السلب أي التجرد الذي هو عدم المقارنة ج زءا من ه أي من المب))دأ فيل))زم
تركب المبدأ بل عدمه ضرورة أن أحد جزئيه ع))دمي والمع))دوم ال يك))ون
علة للوجودات.
قيل :التجرد شرط تأثيره أي المبدأ ال جزء منه فال يل)زم من)ه م)ا ذك)رتم،
قلنا :فيكون كل وجود سببا لما يكون الواجب سببا له إال أن األث ر تخل ف
عنه لفقد شرطه الممكن حصوله وهو التج))رد وفي))ه بحث؛ إذ المب))دأ ه))و
الوجود الخاص المخالف لسائر الوجودات فال يل))زم أن يك))ون ك))ل وج))ود
سببا.
الوجه الثالث :أن وج وده تع)الى معل وم بديه)ة أو اس))تدالال وذات ه تع)الى
غير معلومه فوج وده غ ير ذات ه ،فحينئ))ذ وج))وده إم))ا داخ))ل في ذات))ه أو
خارج عنها ،واألول باطل للزوم التركب في ذات))ه ،فيتعين الث))اني فيك))ون
زائدا وهو المطلوب ،وفيه بحث ،وال نسلم أن الوجود الخاص معلوم ،ب))ل
المعلوم الوجود المطلق وهو عارض ،وال يل))زم من العلم بالع))ارض العلم
بالمعروض.
وأجيب ب أن العل ة وإن وجب تق))دمها على المعل))ول لكن ال يجب تق دمها
عليه بالوجود ،بل تقدمها عليه من حيث هي كما في العل))ة القابل))ة والعل))ة
المقوم))ة ،ف إن ماهي ة الممكن ات عل ة قابل ة لوجوداته ا وال تق))دم عليه))ا
ب))الوجود ،وإال يل))زم تق))دم الش))يء على نفس))ه أو التسلس))ل كم))ا ذك))روا،
وأجزاء الماهية كالجنس والفصل علة لقوامها وال يتقدم عليها ب))الوجود؛
إذ وجود الجزء والكل واحد عند الحكم))اء ،لكن ق))ال الع))بري :ال نس))لم أن
أجزاء الماهية ال يتقدم عليها بذلك ،كيف ،وقد صرحوا ب))أن من عالم))ات
أجزاء الماهية تقدمها عليها بالوجودين الذهني والخارجي.
فرع على كون وجود الواجب زائدا على ماهيته وسببه مقارن ذاتا كان
أو صفة.
اتصاف الشيء بالوجود ليس ألجل صفة قائمة به أي ب))ذلك الش))يء ف إن
قيام الصفة به أي بالشيء فرع على كونه أي كون ذلك الشيء موج ودا،
فلو علل كونه موجودا به أي بقيام تلك الصفة لزم الدور وهو محال.
ثم هذا إنما نش))أ من زي))ادة الوج))ود على الماهي))ة ،أم))ا إذا ك))ان عينه))ا فال
احتياج إلى ذلك ،والحق أن اتصاف الماهية بالوجود كما مر إنم))ا ه))و في
العقل ،فكونه زائدا عليها إنما هو في العقل أيض))ا؛ ف))إن العق))ل ق))د يالح))ظ
الماهية من غير مالحظة الوجود والعدم ،وكونها في العق))ل ه))و وجوده))ا
العقلي كما أن كونها في الخارج هو وجودها الخارجي.
ثم الوجود مراتب ،أعالها الوجود العيني المتأصل الذي به تتحق))ق ماهي))ة
الشيء ،ثم الذهني وهو وجود غ))ير متأص))ل بمنزل))ة الظ))ل للش))يء يك))ون
المتحقق به الصورة المطابقة للش))يء بمع))نى أنه))ا ل))و تحققت في الخ))ارج
لكانت ذلك الش)يء كم)ا أن ظ)ل الش)جر ل)و تجس)م لك)ان ذل)ك الش)جر ،ثم
الوجود اللفظي ثم الخطي ،إال أن إطالقه على األخيرين مجاز وكل الحق
منها دال على س)ابقه ،ف)الخطي ي)دل على اللفظي ،واللفظي على ال)ذهني،
والذهني على العيني.
ألن المعدوم الممكن إن كان مساويا للمنفي وأخص منه مطلقا صدق كل
معدوم منفي ،وك ل منفي أي ممتن))ع لذات))ه ليس بث ابت في الخ))ارج اتفاق))ا
فالمعدوم ليس بثابت في الخارج ،وإن كان المعدوم أعم منه لم يكن نفي ا
صرفا أي محضا وإال لما بقي فرق بين العام والخاص لك))ون ك))ل منهم))ا
نفي))ا ص))رفا فك ان المع))دوم ثابت ا وه و أي المع))دوم مق ول على المنفي
فيصدق المنفي مع))دوم لص))دق الع))ام على ك))ل أف))راد الخ))اص ،والمع))دوم
ث))ابت ف المنفي ث ابت ،ه ذا خل ف وق))د نخت))ار كون))ه أعم ونل))تزم أن))ه نفي
صرف ،ويفرق بأن المعدوم الممكن يصح أن يتق))رر في الخ))ارج بخالف
المنفي.
احتجت المعتزلة أوال على أنه ثابت ب أن المع دوم متم يز لكون ه معلوم ا
بعضه دون بعض كعلمنا اليوم بطلوع الشمس غ))دا ،وع))دم علمن))ا ب))نزول
المط))ر غ))دا ،فطلوعه))ا غ))دا معل))وم اآلن وه))و مع))دوم ،ولكون))ه مق دورا
بعضه دون بعض كقدرتنا على الحركة يمن)ة ويس)رة ،وع)دم ق)درتنا على
الحركة إلى السماء ،ولكونه مرادا بعضه دون بعض كلق))اء ح))بيب غ))ائب
دون عدو غائب ،وكل متم يز ث ابت؛ ألن التم))يز ال يتص))ور إال باإلش))ارة
العقلية ،واإلشارة تقتض)ي ثب)وت المش)ار إلي)ه المتن)اع اإلش)ارة إلى غ)ير
ثابت ،وألن المتميز ما ثبت له التمييز ،وثبوت الش)يء لغ)يره ف)رع ثبوت)ه
في نفسه ،فثبت أن المعدوم متميز ،وأن كل متميز ثابت ،فالمع دوم ث ابت
وهو المدعى.
وإما نقضا تفصيليا بأن يق))ال :إن أري))د بك))ون المع))دوم متم))يزا تم))يزه في
الذهن فالصغرى مسلمة والكبرى ممنوعة؛ إذ ال يلزم من ذلك الثبوت في
الخارج ،وإال يل))زم أن يك))ون األم))ور الم))ذكورة ثابت))ة في الخ))ارج ،وه))و
باط))ل اتفاق))ا ،وإن أري))د تم))يزه في الخ))ارج ف))الكبرى مس))لمة والص))غرى
ممنوعة؛ إذ كون المعدوم معلوما ومق))دورا وم))رادا ال يقتض))ي تم))يزه في
الخارج.
اتفق الجمهور من المتكلمين والحكماء على نفيه ألنا نعلم بالبديهة أن كل
ما يشير العقل إليه إما أن يكون له تحقق بوجه ما أو ال ،واألول الموجود
والثاني المعدوم ،وال واسطة بينهما ،اللهم إال أن يفسرا بغير ذلك ،فحينئ))ذ
تثبت الواسطة ويصير الخلف لفظيا ،وقال به أي بثبوته القاضي أبو بك ر
الباقالني منا وأبو هاشم من المعتزل ة وإم ام الح رمين أوال ورج))ع عن))ه
آخرا.
واحتجوا على ذلك أوال بأن الوجود وصف مشترك بين الموجودات زائ))د
على ماهياتها كما مر وليس بموجود ،وإال لساوى غيره من الموج))ودات
في الوجود وخالفه في الماهية ،وم)ا ب)ه اإلش)تراك غ)ير م)ا ب)ه اإلختالف
فيزيد وجوده أي وجود الوجود على ماهيته فيكون للوجود وجود والكالم
فيه كالكالم في الوج)ود ويل زم التسلس ل فثبت أن الوج)ود ليس بموج)ود،
وال معدوم أيضا ألنه ال يتصف بمنافيه وهو العدم ،وإنما لم يق))ل بنقيض))ه
ألن المحتج قائ))ل بالواس))طة ،وعلى تق))ديرها ال يك))ون الع))دم نقيض))ه ،ب))ل
نقيضه الالوجود ،والعدم أخص منه ،والوج))ود باإلتف))اق ص))فة للموج))ود،
وقد ثبت أنه ليس بموجود وال معدوم فيكون حاال وهو المدعى.
وأجيب عن الوج))ه الث اني ب أن اللوني ة والس وادية موجودت ان قائمت ان
بالجسم إال أن قيام إحداهما به موق وف على قي ام األخ رى ب)ه ،فال يل)زم
اإلس))تغناء وال قي))ام الع))رض ب))العرض ،أو يق))ال :هم))ا موجودت))ان لكن
إحداهما قائمة بالجسم واألخ رى قائمة به ا أي بالقائم))ة بالجس))م ،ق))ولكم:
يلزم قيام العرض ب)العرض وه))و ممتن)ع ،قلن)ا :الل))زوم مس))لم ،واإلمتن اع
ممنوع؛ إذ السرعة والبطؤ قائمتان بالحركة والحركة قائمة بالجس))م ،نعم،
امتناعه إنما يكون فيما ال ينتمي إلى الق))ائم ب))الجوهر ،أو يق))ال :س))لمنا أن
قي))ام الع))رض ب))العرض ممتن))ع لكن لم ال يج))وز أن تكون))ا مع))دومتين أو
إحداهما معدومة ،قولكم :يلزم تركب الموجود عن المعدوم ،قلنا :ممن))وع؛
إذ التركب في العقل ال في الخارج فإن الجنس والفصل والنوع موجودات
في الخارج بوجود واحد؛ إذ جعل الجنس والفصل بعين))ه جع))ل الن))وع فال
يثبت مدعاكم.
وفيه نظر؛ ألن حكم العقل بتركب الس))واد من اللوني))ة والس))وادية إن ك))ان
مطابقا للخارج ورد اإلشكال ،وإال كان جهال ال عبرة به لما يلزمه من أن
يكون صورتان عقليتان مطابقتين ألمر بسيط في الخارج ،ورد بأن))ه إنم))ا
يلزم الجهل لو حكم العقل بأن الخارج أيضا مركب لكنه إنما حكم بأن هذا
المركب في العقل مطابق ألمر بسيط في الخارج وال امتناع فيه.
األول في بيان الماهية وبيان مغايرتها لما عداها ،فالماهية مأخوذة مم))اهو
ولهذا يقال :ماهية الشيء ما به يجاب عن السؤال بما هو ،كم))ا أن الكمي))ة
ما به يجاب عن السؤال بكم هو ،فإذا س))ئل عن زي))د بم))ا ه))و فإن))ه يج))اب
عنه بالحيوان الناطق ،فالحيوان الناطق هو ماهية زي))د ،كم))ا ش))مله قول))ه:
أن لكل شيء جزئيا كان أو كليا حقيقة هو أي ذلك الش))يء به ا أي بتل))ك
الحقيقة هو أي ذلك الش))يء ،وه))ذا التفس))ير مب))ني على أن الماهي))ة ليس))ت
مجعولة بجعل جاعل ،وال فرق بين الماهية والحقيقة وال))ذات والهوي))ة إال
باإلعتبار واإلطالق؛ فالماهية تطلق غالبا على األمر المتعقل من اإلنس))ان
وغيره ،والحقيقة والذات تطلقان غالب))ا على الماهي))ة م))ع اعتب))ار التحق))ق،
والهوية تطلق غالبا على الماهية مع اعتبار التش)خص ،وق)د ي)راد بال)ذات
ماص)))دق الماهي)))ة من األف)))راد ،وبالهوي)))ة نفس التش)))خص أو الوج)))ود
الخارجي.
فإن قلت :المأخوذ بال شرط شيء يمتنع أن يوج))د في الخ))ارج؛ ألن))ه كلي
طبيعي وال شيء من الكلي الط))بيعي بموج)ود في الخ)ارج ،قلت :ال نس))لم
أنه بمجرده كلي ،بل مع اعتبار كونه معروضا للكلية كلي ،وه))و أعم من
أن يعتبر مع هذا العارض أوال ،فال يمتنع أن يوجد في الخارج.
وبه أي بما ذكر من الفرق بين المطلق والمجرد وك))ون المج))رد ال يوج))د
في الخارج ومباينته للمخلوط ظهر ض عف م ا زعم أفالط ون من أن لك ل
نوع حقيقي من األنواع كاإلنسان والف))رس شخص ا مج ردا خارجي ا باقي))ا
أزال وأبدا ويسمى بالمثل األفالطوني))ة ،وذل))ك ألن ه الج زء المش ترك بين
المخلوطات الخارجية فيكون موجودا في الخ))ارج؛ ألن المخل))وط موج))ود
فجزؤه كذلك ،وهو ال بد أن يكون مج))ردا عن اللواح))ق الخارجي))ة لكون))ه
مش))تركا بين أشخاص))ه المحسوس))ة المكتنف))ة به))ا ،والج))زء المش))ترك بين
المخلوطات يمتنع أن يك))ون مخلوط))ا؛ ألن المخل))وط مكتن))ف ب))العوارض
المشخصة المانعة من اإلش))تراك ،وأم))ا أزليت))ه وأبديت))ه؛ فألن ك))ل مج))رد
أزلي ،وكل أزلي أبدي كما سيجيء ،وإنما ظهر ضعفه بما ذكر؛ ألن أحد
المتباينين ال يكون ج))زءا من اآلخ))ر ،وألن المج))رد ال يوج))د في الخ))ارج
وهو مباين للمخلوط ،وجزء المخلوط هو المطلق ال المجرد.
أو تكون عقلية وهي التي ال تتميز أجزاؤها في الخارج أي ال يكون لك))ل
جزء منها وجود مستقل ،بل كل منها جعل اآلخر ،وجع)ل الم)ركب بعين)ه
في الخارج جعل األج)زاء ،وهي متم)يزة في العق)ل فق)ط ،وه)ذا ال)تركيب
أيضا قد يكون في الج))وهر كالمفارق ات مث))ل العق))ول والنف))وس إن جعلن ا
الجوهر جنسا لها على ما ذهب إليه أكثر الحكماء؛ ألن له فص))وال حينئ))ذ
يتميز بعضها عن بعض فيك))ون مركب))ة من أج))زاء ال يتم))يز بعض))ها عن
بعض في الخارج ،بل في الذهن فقط ،أما إذا جعلنا الجوهر عرضا عام))ا
لها فال تركب فيها أصال ،وق))د يك))ون في الع))رض كالس واد الم ركب من
اللوني ة والس وادية؛ إذ ال تتم))يز إح))داهما عن األخ))رى في الخ))ارج؛ إذ
الجنس والفصل ال تمايز بينهما في الوجود الخارجي.
واألجزاء أي أجزاء الماهية إما أن تكون متداخلة بأن يكون بين الجزئين
تصادق في الجملة ،سواء تساويا بأن صدق كل منهما على كل م))ا ص))دق
عليه اآلخ)ر ك)المركب من الحس)اس والمتح)رك ب)اإلرادة ،أم ك)ان بينهم)ا
عموم مطلق بأن صدق أحدهما على كل ما ص))دق علي))ه اآلخ))ر من غ))ير
عكس كالمركب من الحيوان والناطق ،أم عموم من وجه ب))أن ص))دق ك))ل
منهما على بعض ما صدق عليه اآلخر كالمركب من الحي))وان واألبيض،
وإلى تعميم هذا القسم أشار بالكاف في قوله كاألجناس والفصول.
أو تك))ون متباين ة وهي بخالف المتداخل))ة متش ابهة ك))انت أي متماثل))ة
كوحدات العشرة فإنها متشابهة في الوحدة.
أو متخالفة معقولة كالهيولى والص ورة للجس))م أو خارجي ة وفي نس))خة:
محسوسة كأعضاء البدن مثل اليد والرجل ،وأيضا األج)زاء المتباين)ة إم ا
أن تكون وجودية بأسرها حقيقية كما سبق من تركب الجسم من الهيولى
والص))ورة ،والب))دن من األعض))اء ،والعش))رة من الوح))دات ،أو إض افية
بأس))رها ك أجزاء األق رب واألبع))د؛ ف))إن كال منهم))ا م))ركب من إض))افة
عارضة إلضافة أخرى ،وهي القرب وزيادة والبعد وزي))ادة ،أو ممتزج ة
منهما أي من الحقيقية واإلضافية كسرير المل ك؛ فإن)ه م)ركب من الجس)م
المخصوص وإضافته إلى الملك ،وإما أن يكون بعضها وجوديا وبعض ها
ع دميا ك أجزاء األول؛ ف))إن األول موض))وع لمجم))وع أم))رين أح))دهما
وجودي وهو كونه مبدأ لغيره واآلخر عدمي وهو كونه ال مبدأ له.
قيل :البسائط من الماهيات غير مجعولة ال حاجة لها إلى سبب جاعل؛ إذ
المحوج إلى السبب اإلمكان وهو إضافة ،واإلضافة تقتض))ي اإلثنيني))ة فال
يعرض لها أي للبسائط؛ إذ البسائط منافية لإلثنينية.
قلنا :اإلمكان اعتبار عقلي يعرض لها بالنسبة لوجوده ا ،فاإلمك))ان ليس
نسبة بين أجزاء الماهية حتى تختص بالمركب بل بين الماهي))ة ووجوده))ا
لكونه عبارة عن عدم ضرورة الوجود والعدم.
المركب إن قام بنفس ه اس تقل أح د أجزائ ه بالقيام بنفس))ه ،وه))ذا أق))ل م))ا
يجب ،وإال لم يكن المركب قائما بنفس))ه وق ام الب اقي من األج)زاء ب ه أي
ب))الجزء المس))تقل ،وذل))ك كالجس))م الم))ركب من الهي))ولى والص))ورة ف))إن
الهيولى مستقلة بنفسها والصورة قائم))ة به))ا والم))ركب منهم))ا ق))ائم بنفس))ه
ألنه ال يفتقر إلى محل يقوم به ،وإن قام المركب بغ يره ق ام ب ه أي بذلك
الغ))ير جمي ع أجزائ ه كالس))واد الم))ركب من اللوني))ة وقابض))ية البص))ر
القائمتين بالجسم األسود ،وهذا مبني على ج))واز قي))ام الع))رض ب))العرض
كما هو مذهب الحكماء.
قلنا :إن أردتم بالعلة ما يتوق ف الش يء علي ه في الجمل ة أعم من كون))ه
علة تامة أو ناقصة فال نسلم امتناع عل))ة الجنس ل))ه؛ إذ ال يل زم من علي ة
الجنس اس تلزامه الفص ل؛ إذ العل)ة الناقص)ة ال تس)تلزم وج)ود المعل)ول،
وإن أردتم به أي بما ذكر من العلة ما يوجبه وهو العل))ة التام))ة فال نس))لم
ل))زوم اإلس))تغناء بتق))دير ع))دم العلي))ة؛ إذ ال يل زم من ع دم علي ة أح دهما
لآلخ ر اإلس تغناء مطلق ا لج واز أن ال يك))ون أح))دهما عل))ة تام))ة لآلخ))ر
ويكون علة ناقصة له ب))أن يك ون الفص ل أم را ح اال في الجنس والجنس
عل))ة ناقص))ة ل))ه فيك))ون محتاج))ا إلي))ه في الجمل))ة ك))القوى النباتي))ة القائم))ة
بالجسم النباتي؛ فإن كال منهما ليس علة تامة لآلخر مع أن أحدهما محتاج
لآلخر.
والحق أن معنى العلية هنا التحصيل ،والفص))ل به))ذا المع))نى عل))ة للجنس
وهما ال يوجدان إال في العقل ،والموجود في الخارج إنم))ا ه))و الش))خص،
فزيد هو اإلنسان وهو الحيوان وه))و الن)اطق ال تم)ايز بينه)ا في الخ)ارج،
والجنس مبهم ،وإنما يعينه ويحصله في العقل الفصل ،وأما العلة ب))المعنى
المتعارف فمنفية عنهم))ا ،وكي))ف ال ،والجنس يحم))ل على الفص))ل ،وهم))ا
يحمالن على النوع ،والمعل))ول ال يحم)ل على علت)ه ،وال المعل))ول والعل))ة
على المركب منهما.
تنبيه :ال يجوز أن يكون لش))يء واح))د فص))الن قريب))ان ،وإال اجتم))ع على
المعل))ول علت))ان مس))تقلتان ،وه))و ممتن))ع ،وال ينتقض ه))ذا بم))ا قي))ل :أن
للحيوان فصلين قريبين وهم))ا الحس))اس والمتح))رك ب))اإلرادة؛ ألن))ا نق))ول:
ليس شيء منهما فصال له ،بل فصله جوهر النفس الذي هو مبدؤهما.
قيل :وفيه نظر؛ ألنه إن أريد بالشخص مع))روض التش))خص فال نس))لم أن
التشخص جزء له بل عارض له ،وال يلزم من وج))ود المع))روض وج))ود
الع))ارض ،وإن أري))د ب))ه الم))ركب من الماهي))ة والتش))خص فال نس))لم أن))ه
موجود؛ فإن الوصف إذا ك)ان من األع)راض المحسوس)ة كم)ا في الجس)م
األبيض لم يكن المجموع إال مركبا اعتباري))ا ،فكي))ف ،وق))د ركب مم))ا في
وج))وده ن))زاع وفي))ه مص))ادرة على المطل))وب؛ ألن من ال يس))لم أن التعين
موجود ،كيف يسلم أن المركب منه ومن الماهية موجود.
وأجاب عنه في المواقف ب)أن الم)راد ب)ه الش)خص المعل)وم وج)وده كزي)د
وليس مفهومه مجرد مفهوم اإلنسان ،وإال لصدق على عمرو أنه زيد كما
يصدق عليه أنه إنس))ان؛ ف))إذًا ه))و اإلنس))ان م))ع ش))يء آخ))ر نس))ميه التعين
فيكون اآلخر جزء زيد الموجود فيكون موجودا.
ومنع ذلك بوجوه ،منها :ال نس))لم أن الالتعين ع))دمي على أن))ه إنم))ا يك))ون
عدميا إذا كان التعين وجوديا وهو أول المسألة ،ومنها :ال نس))لم أن نقيض
العدمي يجب أن يكون وجوديا ،بل قد يكون عدميا كاإلمتناع والالامتناع،
ومنها :ما ذكره بقول))ه :ولقائ ل أن يمن ع التماث ل بين التعن))ات وأن التعين
مقول على األفراد بالتواطؤ حتى إذا كان أحدهما ثبوتيا كان اآلخر كذلك،
بل يقول إنه مقول عليه))ا باإلش))تراك اللفظي؛ إذ ل و تم اثلت أي التعين))ات
لدخلت تحت جنس التعين فيك))ون التعين كلي))ا ،وإذا ك))ان كلي))ا لم يتحص ل
الشخص من انضمام التعين إلى الماهية ألن ضم الكلي إلى الكلي اآلخ))ر
ال يفيد الجزء منه أي ال يس)تلزم أن يحص)ل منهم)ا ش)خص ج)زئي يمن)ع
مفهومه من صدقه على كثير كضم بعض الخواص إلى ماهية ك))أن يق))ال:
اإلنسان العالم الزاهد الطويل الساكن ببلد كذا ،وفيه نظر؛ ألن))ه إنم))ا يل))زم
ذل))ك أن ل))و ك))ان المنض))م إلى الماهي))ة مطل))ق التعين وه))و ممن))وع ،لم ال
يجوز أن يكون المنضم فردا من أفراد التعين فيفيد ضم الجزئي إلى الكلي
التشخص.
األول :ل و زاد لتش اركت أف راده في ه أي في التعين ألن ل))ه حينئ)ذ ماهي)ة
مشتركة بين أفراد مقولة عليها وتمايزت أفراده بتعين آخ ر فيك))ون للتعين
تعين آخر والكالم فيه كالكالم في األول ولزم التسلسل وهو محال.
وأجيب عنه بأنه أي التعين مقول على أفراده من التعين))ات ق وال عرض يا
كقول العارض على معروضاته المتخالفة بال))ذات كالماهي ة المقول))ة على
الماهيات الجوهرية والعرضية فإنها أي أفراد التعين متخالفة بالذات وإن
كانت متشاركة في لفظ التعين أو في عارض وهو مفهوم التعين ،وحينئ))ذ
فيكون تمايزها بالذات ،فال حاجة لها إلى تعينات أخر تمتاز به))ا فال يل))زم
التسلسل.
الوجه الثاني :لو كان التعين وجودي))ا زائ))دا لك))ان اختص اص ه ذا التعين
بهذه الحصة المتعينة يستدعي تميزها أي يتوقف على تميزه))ا عن س))ائر
الحصص ،وإال لكان اختصاصه بها دون غيرها ترجيحا بال مرجح ،لكن
تميزها موقوف على اختصاصه بها ألن غير المتعين غ))ير متم))يز فيل زم
الدور إن كان تميزها بهذا التعين ،أو التسلسل إن كان بتعين آخر.
ونوقض :هذا الوجه أوال إجماال باختصاص الفصول بحص ص األجن اس
فإنه بعينه جار في))ه ،فل))و ص))ح ل))زم ع))دم اختص))اص الفص))ول بحص))ص
األجناس كاختص)اص الن)اطق بحص)ة اإلنس)ان من الحي)وان فإن)ه يتوق)ف
على تميز تلك الحصة عن سائر الحصص من الفرس وغ))يره ،ف))إن ك))ان
تميزها بفصل آخر ل))زم التسلس))ل ،أو به))ذا الفص))ل ل))زم ال))دور ،لكن ه))ذا
اإلختصاص حاصل بالضرورة وهم معترفون به فال يصح دليلهم.
وأجيب عنه ثانيا تفص))يال :بأن ه أي اختص))اص ه))ذا التعين به))ذه الحص))ة
يقتضي تميزها معه أي مع اإلختصاص ال قبله فال يلزم ال))دور ،وحكاي))ة
الترجيح بال مرجح مدفوعة بأنه يجوز أن يحصل لتل))ك الحص))ة في مب))دأ
التكوين ما يقتضي ذلك التعين المخصوص من مزاج أو غيره.
الوجه الثالث وهو قريب من الثاني :أنه لو كان التعين وجوديا زائدا لكان
انضياف التشخص أي انضمامه إلى الماهي ة يس تدعي وجوده ا المتن اع
انضمام الموجود إلى المعدوم ،فوجوده ا قب))ل لح))وق ه))ذا التعين إم ا أن
يقتضي تعينا آخر ويلزم التسلسل ألن الكالم فيه كالكالم في األول ،أو ال
يقتضي تعينا آخر فيلزم وجود الماهية بدون تعين وجود زائد عليه)ا وه و
المطلوب.
قال الحكم اء :الماهي ة إن اقتض ى التش خص ل ذاتها انحص ر نوعه ا في
شخصها كما في الواجب والعقول عندهم؛ إذ لو تع))ددت األش))خاص لك))ان
لكل منها تعين يخالف اآلخر ،وتشخصه من لوازم الماهي))ة ،وذل))ك باط))ل
بالضرورة ،المتناع المخالفة بين لوازم الطبيعة الواحدة ،وإال أي وإن لم
تقتض الماهي)))ة التش)))خص ل)))ذاتها فيعل ل شخص ها بتش خص مواده ا
وب أعراض تكتن ف به ا أي ب))المواد من فص))ل ووص))ل وزم))ان ومك))ان
وغيره))ا فيتع دد أي تش))خص الماهي))ة بتع ددها أي الم))واد واألع))راض
المكتنفة بها؛ ألنه إذا لم تقتض الماهية التشخص لذاتها ،فال بد لتشخص))ها
من علة وهي ال يجوز أن تك))ون أم))را مباين))ا ل))ه؛ ألن المب))اين نس))بته إلى
جميع األشخاص على السواء ،فجعله علة لتشخص دون غ))يره تحكم ،وال
حااّل فيه ألن الحاّل في التشخص الفتقاره إليه يكون متأخرا عنه ،ولكون))ه
علة لتشخصه المتقدم عليه يكون متقدما عليه وهو محال ،فتعين أن يك))ون
محال ل))ه وه))و م))ادة التش))خص في األجس))ام ومعروض))ه في األع))راض
ومتعلقه في النفوس وهو البدن.
قيل عليه أي على ق))ول الحكم))اء :تش خص الم واد وعوارض ها إن يعل ل
بحقائقه ا لم تتع دد أي الم))واد وعوارض))ها ،ب))ل ينحص))ر نوعه))ا في
شخص))ها ،فلم تتع))دد أش))خاص الماهي))ة ،وإال أي وإن لم يعل))ل تشخص))ها
بحقائقها بل بمواد أخر لتسلسلت الم واد وه))و مح))ال ،وأجيب عن))ه :بأن))ه
يعلل بما فيها من الكيفيات والكميات وغيرهما من األعراض التي يتعاقب
عليها بتعاقب اإلستعدادات حتى لو ذهبت إلى غ))ير النهاي))ة لم يمتن))ع على
ما هو رأيهم فيم))ا ال يجتم))ع في الوج))ود كالحرك))ات واألوض))اع الفلكي))ة،
وبأن الشيء الذي ال يقبل التك))ثر لذات))ه يحت))اج في تك))ثره إلى ش))يء يقب))ل
التكثر لذاته وهو الم))ادة ،فال يحت))اج في أن يتك))ثر إلى قاب))ل آخ))ر ب))ل إلى
فاعل يكثره فقط.
والحق إحالة ذلك أي شخص األش))خاص إلى إرادة الفاع ل المخت ار ج))ل
وعال ،إذ إرادته تقتضي اختصاص كل مادة بتشخص الئق بها.
الفصل الرابع
في الوجوب واإلمكان والقدم والحدوث
األول في أنها أي المذكورات أمور عقلية ال وجود لها في الخ ارج ،أم ا
الوجوب واإلمك ان فل))وجهين ،أم))ا األول :فألنهم ا ل و وج دا في الخ))ارج
لكان نسبة الوجوب أي وج))ود الوج))وب إلى ماهي))ة الوج وب ب الوجوب،
ونسبة وجود اإلمك))ان إلى ماهي))ة اإلمك ان باإلمك ان ،وإال أي وإن لم يكن
النسبة لذلك بل كانت نسبة وجود الوجوب إلى الوجوب باإلمكان ،ونس))بة
وجود اإلمكان إلى اإلمكان بالوجوب ض))رورة حص))ر نس))بة الوج))ود إلى
الموجود فيهما ألمكن الواجب التص))افه ب))الوجوب الممكن ووجب الممكن
التص))افه باإلمك))ان ال))واجب وه و أي ك))ل من إمك))ان ال))واجب ووج))وب
الممكن محال فيلزم التسلسل فينتقل الكالم إلى وج))وب الوج))وب وإمك))ان
اإلمكان