الباب األول :في بيان أنه حجة ،وفيه مسائل" .أقول :اعترض بعضهم على ه((ذا الح((د ،فق((ال :إن((ه غ((ير ج(امع؛ ألن اش((تراط تماثل الحكمين مخرج لقياس العكس وهو إثبات نقيض حكم معلوم في معلوم آخر لوج((ود نقيض علي((ه في((ه ،ومثال((ه م((ا قال((ه المصنف ,وتقريره أنه إذا نذر أن يعتكف صائما ،فإنه يشترط الصوم في صحة االعتكاف اتفاقا ،ولو نذر أن يعتكف مص((ليا لم يشترط الجمع اتفاقا ،بل يجوز التفريق ،واختلفوا في اشتراط الصوم في االعتكاف بدون نذره معه ،فشرطه أبو حنيفة ولم يشترطه الشافعي ،فيقول أبو حنيفة :لو لم يكن الصوم شرطا لصحة االعتكاف عند اإلطالق لم تصر شرطا له بالنذر ،قياس((ا على الصالة ,فإنها لما لم تكن لصحة االعتكاف عند اإلطالق لم تصر شرطا له بالنذر ,والجامع بينهما عدم كونهما ش((رطين حالة اإلطالق ،فالحكم الثابت في األصل أعني :الصالة عدم كونها شرطا في صحة االعتكاف ،والعلة فيه كونها غير واجبة بالنذر ،والحكم الثابت في الفرع كون الص(وم ش(رطا في ص(حة االعتك((اف ،والعل((ة في(ه كونه(ا غ((ير واجب((ة بالن(ذر ،والحكم الثابت في الفرع كون الصوم شرطا في صحة االعتكاف ،والعلة فيه وجوبه بالنذر فافترقا حكما وعلة ،وأجاب المصنف بأنا ال نسلم أنه غير جامع ،فإن الذي سميتموه قياس العكس إنما هو تالزم ،فإن المس((تدل يق((وم ل((و لم يش((ترط الص((وم في ص((حة االعتكاف لم يكن واجبا بالنذر ،لكنه وجب بالنذر فيكون الصوم شرطا ،فهذا في الحقيقة تمسك بنظم التالزم ،وإلى هذا أش(ار بقوله :قلنا تالزم ،ثم إن دعوى مالزمة أمر ألمر ال بد من بيانها بالدليل ،فبينها المستدل بالقياس المستعمل عند الفقهاء ،وهو أن ما ليس بشرط لصحة االعتكاف ال يجب بالنذر قياسا على الصالة ،وإليه أشاربقوله :والقي((اس لبي((ان المالزم((ة ،يع((ني أن القياس المحدود وهو القياس المستعمل عند الفقهاء قد استعمل ههن(ا لبي(ان المالزم(ة ،فتخلص أن قي(اس العكس مش(تمل على تالزم ,وعلى القياس المحدود الذي لبيان المالزمة ،ثم شرع المصنف يجيب عن كل منهما الحتمال أن يك((ون ه((و المقص((ود باإليراد ،فأجاب عن الثاني ثم عن األول ،وحاص(له :أن الخص(م إن اعتم(د في إي(راد قي(اس العكس على القي(اس ال(ذي لبي(ان المالزمة فهو غير وارد؛ ألن األصل والفرع فيه متماثالن ،لكن التماثل حاصل على التقدير ،فإنه على تق((دير ع((دم اش((تراط الصوم في صحة االعتكاف يلزم أن ال يشترط أيضا حالة النذر ،كما أن الصالة ال تشترط في االعتكاف حالة الن((ذر ،ف((أثبت عدم وجوب الصوم بالن((ذر بالقي((اس ع((دم وج((وب الص((الة بالن((ذر ،على تق((دير ع((دم اش((تراط الص((وم في ص((حة االعتك((اف، والجامع كون كل من الصالة والصوم غير شرط في صحة االعتكاف ،فإن قولنا :إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخ((ر أعم من أن يكون حقيقة أو تق((ديرا ،وإلى ه((ذا أش((ار بقول((ه :والتماث((ل حاص((ل على التق((دير ،وإن اعتم((د الخص(م في اإلي((راد على التالزم فنحن نسلم أنه خارج عن حد القياس ،لكن ال يضرنا ذلك فإن((ه ليس بقي((اس عن((دنا؛ ألن أص((ول الفق((ه إنم((ا يتكلم فيه((ا على القياس المستعمل في الفقه ,والفقهاء إنما يستعملون قياس العلة ،وأما ما ع((داه ك(التالزم واالق((تراني ف(إن ال(ذي يس((ميهما قياسا إنما هم المنطقيون ،إذ القي(اس عن(دهم ق(ول مؤل(ف من أق((وال م((تى س(لمت ل(زم عن((د لذات(ه ق(ولي آخ(ر ،وال(ذي يس((ميه األصوليون قياسا يسميه المنطقيون تمثيال ،فالتالزم قد عرفته ويعبر عنه باالستثنائي س((واء ك((ان ب((ان أو ال .وأم((ا االق((تراني فكقولهم :كل وضوء عبادة ال بد فيه((ا من الني((ة ,ينتج أن ك((ل وض((وء فال ب((د في((ه من الني((ة ،وإلى ه((ذا أش((ار بقول((ه :والتالزم واالقتراني ال نسميهما قياسا ،والتقرير المذكور في السؤال والجواب اعتم((ده واجتنب غ((يره .ق((ال" :األولى في ال((دليل علي((ه يجب العمل به شرعا ،وقال القفال والبص((ري عقال ،والقاش(اني والنه((رواني حيث العل((ة منصوص((ة أو الف((رع ب((الحكم أولى, كتحريم الضرب على تحريم التأفيف ،وداود أنكر التعبد( به ،وأحاله الش((يعة والنظ((ام ،واس((تدل أص((حابنا بوج((وه ,األول :أن((ه مجاوزة عن األصل إلى الفرع ،والمجاوزة اعتبار وهو مأمور به ,في قول((ه تع((الى{ :فَ((ا ْعتَبِرُوا} [الحش((ر ]2 :قي((ل :الم((راد االتعاظ ،فإن القياس الشرعي ال يناسب صدر اآلية ،قلنا :المراد القدر المشترك ،قيل :الدال على الكلي ال يدل على الجزئي، قلنا :بلى ,ولكن ههنا جواز االستثناء دليل العموم .قيل :الداللة ظنية ،قلنا :المقصود العمل فيكفي الظن" .أقول :اتفق العلم((اء كما قاله في المحصول قبيل هذه المسألة ,على أن القياس حجة في األمور الدنيوية ،واختلفوا في الش(رعية ،ف(ذهب الجمه(ور إلى وجوب العمل بالقياس شرعا ،وذهب القفال الشاشي من الشافعية وأبو الحسين البصري من المعتزلة إلى أن العقل قد دل على ذلك يعني مع السمع أيضا ،كما صرح به في المحص((ول ،وق((ال القاش((اني والنه((رواني :يجب العم((ل ب((ه في ص((ورتين, إحداهما :أن تكون علة األصل منصوصة إما بصريح اللفظ أو بإيمائه ،والثاني(ة :أن يك((ون الف((رع ب(الحكم أولى من األص((ل، كقياس تحريم الضرب على تحريم التأفيف ،واعترفا بأنه ليس للعقل هنا مدخل ،ال في الوجوب وال في عدم((ه ،كم((ا قال((ه في المحصول 1أيضا ،وهذه الثانية أبدلها في المستصفى بالحكم الوارد على سبب كرجم ماعز ،وأبدلها في البرهان بالحكم الذي هو في معنى المنصوص عليه ,كقياس صب البول في الماء بالبول في((ه، لكنه جعل الثاني من كالم المصنف داخال في القسم األول ،وأنكر داود الظاهري وأتباعه التعبد( به شرعا ،أي :قالوا :لم ي((رد في الش((رع م((ا ي((دل على العم((ل بالقي((اس ،وإن ك((ان ج((ائزا عقال ،وه((ذا ال((ذي ذك((ره المص((نف مخ((الف لم((ا في المحص((ول والحاصل ،فإن المذكور فيهما أن داود وأصحابه قالوا :يستحيل عقال التعبد( بالقياس كالمذهب الذي ذكره المصنف بعد ه((ذا، لكنه موافق لما نقله عنه الغزالي وإمام الحرمين ،وه((و مقتض((ى كالم اآلم((دي وابن الح((اجب أيض((ا ،وذهب جماع((ة إلى أن((ه يس((تحيل عقال التعب(د( بالقي((اس ،ونقل((ه المص((نف عن النظ((ام والش((يعة ،وفي((ه نظ((ر من وج((وه ،منه((ا أن ص((احبي المحص((ول والحاصل وغيرهما نقلوا عن النظام أنه يقول بذلك في شريعتنا خاصة ,قال :ألن مبناها على الجمع بين المختلفات والتفريق بين المتماثالت كما سيأتي" .ومنها" أن المص((نف ق((د ذك((ر بع((د ه((ذا أن القي((اس الجلي لم ينك((ره أح((د ,وأن النظ((ام يق((ول :إن التنصيص على العلة أمر بالقياس ،فلزم من ذلك أن يكون مذهب النظام كم((ذهب القاش(اني والنه((رواني من غ(ير ف((رق ,وق((د غاير بينهما وأن يكون مذهب داود والشيعة مخصوصا أيضا ،ومنها أن الشيعة منقسمة إلى إمامية وزيدية (،والزيدية ق((ائلون بأنه حجة كما سيأتي في كالمه .قوله :اس((تدل أي :اس((تدل أص((حابنا على كون((ه حج((ة بالكت((اب ,والس((نة ،واإلجم((اع ،وال((دليل العقلي ،األول :الكت((اب وه((و قول((ه تع((الى{ :فَ((ا ْعتَبِرُوا} ووج((ه الدالل((ة أن القي((اس مج((اوزة ب((الحكم عن األص((ل إلى الف((رع، والمجاوزة اعتبار؛ ألن االعتبار معناه العبور وهو المجاوزة ،تقول :جزت على فالن أي :عبرت عليه ،واالعتبار مأمور به لقوله تعالى{ :فَا ْعتَبِ ُروا} وإلى االعتبار أشار المصنف بقوله :وهو ،فينتج( أن القياس م((أمور ب((ه .قول((ه" :قي((ل :الم((راد" أي: اعترض الخصم بثالثة أوجه ,أحدها :ال نسلم أن المراد باالعتبار هنا هو القياس بل االتعاظ ،فإن القياس الشرعي ال يناس((ب صدر اآلية؛ ألنه حينئذ يكون معنى اآلية يخربون بيوتهم بأيديهم وأي(دي المؤم(نين (،فقاس(وا ال(ذرة على ال(بر ،وه(و في غاي(ة الركاكة فيصان كالم البارئ تعالى عنه ،وأجاب المصنف بأن الم((رد باالعتب((ار ه((و الق((در المش((ترك بين القي((اس واالتع((اظ، والمشترك بينهما هو المجاوزة ،فإن القياس مجاوزة عن األصل إلى الفرع كما تقدم ،واالتع((اظ مج((اوزة من ح(ال الغ((ير إلى حال نفسه ،وكون صدر اآلية غير مناسب للقياس بخصوصه ال يستلزم عدم مناسبته للقدر المشترك بينه وبين االتعاظ ،ف((إن من سئل عن مسألة فأجاب بم(ا ال يتناوله((ا فإن((ه يك((ون ب((اطال ،ول((و أج(اب بم(ا يتناوله((ا ويتن(اول غيره(ا فإن(ه يك(ون حس((نا، واالعتراض الثاني :أنه ال يلزم من األمر باعتبار الذي هو القدر المشترك األم((ر بالقي((اس ،ف((إن الق((در المش((ترك مع((نى كلي والقياس جزئي من جزئياته ،والدال على الكلي ال يدل على الجزئي ,وأجاب في المحصول بوجهين ,أحدهما وعلي((ه اقتص((ر المصنف :أن ما قاله الخصم من كون األمر بالماهية الكلية ال يكون أمرا بشيء من جزئياته(ا على التع((يين ،مس((لم لكن ههن((ا قرينة دالة على العموم وهي جواز االستثناء ،فإنه يصح أن يقال" :اعتبروا" إال في الشيء الفالني ،وق((د تق((دم غ((ير م((رة أن االستثناء معيار العموم ،وهذا الجواب ضعيف؛ ألن االستثناء إنما يكون معيار العموم إذا ك((ان عب((ارة عن إخ((راج م((ا ل((واله لوجب دخوله إما قطعا أو ظنا ،ونحن ال نس(لم أن االس(تثناء به(ذا التفس(ير يص(ح هن(ا ،ف(إن الفع(ل في س(ياق اإلثب(ات ال يعم، وأيضا فإن هذا الجواب لو صح ألمكن اطراده في سائر الكليات فال يوجد كلي إال وهو يدل على سائر الجزئيات وهو باطل. والجواب الثاني :أن ترتيب الحكم على الشيء يقتضي العلية ،وذلك يقتضي أن علة األمر باالعتبار هو كونه اعتب((ارا ،فل((زم أن يكون كل اعتبار مأمورا به وهو أيضا ضعيف ،لما قاله صاحب التحصيل من كونه إثباتا للقياس بالقياس ,وقد يجاب آخر وهو أن األمر بالماهية المطلقة وإن لم يدل على وجوب الجزئيات لكنه يقتضي التخيير بينهم((ا عن((د ع((دم القرين((ة ،والتخي((ير يقتضي جواز العمل بالقياس ،وجواز العمل به يستلزم وجوب الفعل به؛ ألن كل من قال بالجواز قال بالوجوب .االع((تراض الثالث :سلمنا أن اآلية تدل على األمر بالقياس ،لكن ال يجوز التمسك بها ألن التمسك بالعموم واشتقاق الكلمة كم((ا تق((دم إنم((ا يفي((د الظن ،والش((ارع إنم((ا أج((از الظن في المس((ائل العملي((ة وهي الف((روع بخالف األص((ول؛ لف((رط االهتم((ام به((ا ،وأج((اب المصنف بأنا ال نسلم أنها عملية؛ ألن المقصود من كون القياس حجة إنم(ا ه(و العم(ل ب(ه ال مج(رد اعتق(اده كأص(ول ال(دين، والعمليات يكتفى فيها بالظن فكذلك ما كان وسيلة إليها ،هذا هو الصواب في تقديره ،وقد ص((رح ب((ه في الحاص((ل وه((و رأي أبي الحسين ،وإن كان األكثرون كما نقل(ه اإلم(ام واآلم(دي ,ق(الوا :إن(ه قطعي ،وأم(ا ق(ول بعض الش(ارحين :إن(ه يكتفى فيه(ا بالظن مع كونها علمية لكنها وسيلة ,فباطل قطعا؛ ألن المعلوم يستحيل إثباته بطريق مظنونة ،وقد ال(تزم في المحص(ول ه(ذا ت لَ ُك ْم ِدينَ ُك ْم} [المائ((دة]3 : {اليَوْ َم َأ ْك َم ْل ُ السؤال ولم يجب عنه .قال" :الثاني :قصة معاذ وأبي موسى قيل :كان ذلك قبل نزول ْ قلنا :المراد األصول لعدم النص على جميع الفروع .الثالث :أن أبا بكر قال في الكاللة :أقول ب((رأيي :للكالل((ة م((ا ع((دا الوال((د والولد ،والرأي هو القياس إجماعا ،وعمر أمر أبا موسى في عهده بالقياس وقال في الجد :أقضي فيه ب((رأيي ،وق((ال عثم((ان: إن اتبعت رأيك فسديد ،وقال علي :اجتمع رأيي ورأي عمر في أم الولد ،وق((اس ابن عب((اس الج((د على ابن االبن في الحجب, ولم ينكر عليهم وإال الشتهر .قيل :ذموه أيضا ،قلنا :حيث فق((د ش(رطه توفيق((ا .الراب((ع :أن ظن تعلي((ل الحكم في األص((ل بعل((ة توجد في الفرع ,يوجب ظن الحكم في الفرع والنقصان وال يمكن العم((ل بهم((ا وال ال((ترك لهم((ا ,والعم((ل ب((المرجوح ممن((وع فتعين العمل بالراجح". أقول :الدليل الثاني على حجية القياس :السنة ,فإنه روي "أن النبي -صلى هللا عليه وسلم -بعث مع((اذا وأب(ا موس(ى إلى اليمن قاضيين ,كل واحد منهما في ناحية فقال لهما" :بم تقضيان؟ " فقاال: نهاية السول شرح منهاج الوصول (ص)308 : إذا لم نجد الحكم في السنة نقيس األمر باألمر ,فما كان أقرب إلى الحق عملنا به ,فقال علي((ه الص((الة والس((الم" :أص((بتما" 1 {اليَ((وْ َم َأ ْك َم ْل ُ ت لَ ُك ْم ِدينَ ُك ْم} فيك((ون واعترض الخصم بأن تصويب النبي -صلى هللا عليه وسلم -كان قب((ل ن((زول قول((ه تع((الىْ : القياس حجة في ذلك الزمان؛ لكون النصوص غير وافية بجميع األحكام ,وأما بعد إكمال الدين والتنصيص على األحكام فال يكون حجة؛ ألن شرط القياس فقدان النص .والجواب أن التصويب دال على كونه حج(ة مطلق(ا ،واألص((ل ع((دم التخص((يص بوقت دون وقت ،المراد من اإلكمال المذكور في اآلية إنما هو إكمال األصول؛ ألنا نعلم أن النصوص لم تشتمل على أحك((ام الفروع كلها مفصلة ,فيك(ون القي(اس حج((ة في زمانن(ا إلثب((ات تل(ك الف(روع .قول(ه" :الث((الث" أي :ال((دليل الث(الث على حجي(ة القياس :اإلجماع ،فإن الصحابة قد تكرر منهم القول به من غير إنكار فكان ذلك إجماعا ,بيانه أن أبا بك((ر -رض((ي هللا عن((ه- سئل عن الكاللة فقال :أقول فيها برأيي ,فإن يكن صوابا فمن هللا وإن يكن حطأ فمني ومن الشيطان ,الكالل((ة :م((ا ع((دا الوال((د والوالدة والرأي هو القياس إجماعا كما قاله المصنف ،وأيضا فإن عمر رضي هللا عنه لما ولى أبا موسى األشعري البص((رة وكتب له العهد أمره فيه بالقياس ،فقال :اعرف األشباه والنظائر وقس األمور برأيك ،وقال عمر أيضا في الج((د :أقض((ي في((ه برأيي ,وقال عثمان لعمر :إن اتبعت رأيك فسديد( وإن تتبع رأي من قبلك فنعم الرأي ,وقال علي رضي هللا عنه :اجتمع رأيي ورأي عمر في أمهات األوالد أن ال يبعن وقد رأيت اآلن بيعهن ،وقال ابن عباس -رضي هللا عنهما :الجد على ابن االبن في حجب اإلخوة ،وقال :أال ال يتقي هللا زيد بن ثابت يجعل ابن االبن ابنا وال يجعل أب األب أبا؟! فثبت صدور القياس بما قلن((اه وبغيره من الوقائع الكثيرة المشهورة الصادرة عن أكابر الصحابة التي ال ينكرها إال معان((د ،ولم ينك((ر أح((د ذل((ك عليهم وإال الشتهر إنكاره أيضا ،فكان ذلك إجماعا ،فإن قيل :اإلجماع السكوتي ليس بحجة ،قلنا :قد تقدم أن محل ذلك عند عدم التك((رار فراجعه ،وهذا الدليل هو الذي ارتضاه ابن الحاجب وادعى ثبوته ب((التواتر ،ض((عف االس((تدالل بم((ا ع((داه .قول((ه :قي((ل :ذم((وه أيضا أي :ال نسلم أن الباقين لم ينكروا ,فقد نقل عن أبي بكر -رضي هللا عنه -أنه قال :أي سماء تظلني وأي أرض تقلني ,إذا قلت في كتاب هللا برأيي ،ونقل عن عمر أنه قال :إياكم وأصحاب الرأي ,فإنهم أعداء الس((نن ,أعيتهم األح(اديث أن يحفظوه(ا فقالوا بالرأي ,فضلوا وأضلوا .وعنه أيضا :إياكم والمكايلة قيل :وما المكايلة؟ قال :المقايسة .وقال علي -كرم هللا وجه((ه :ل((و كان الدين يؤخذ قياسا ,لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره .وعن ابن عب((اس أن((ه ق((ال" :ي((ذهب ق((راؤكم وص((لحاؤكم, ويتخذ الناس رؤساء جهاال يقيمون األمور برأيهم" .وأجاب نهاية السول شرح منهاج الوصول (ص)309 : المصنف بأن الذين نقل لهم أو عنهم إنكاره هم الذين نقل عنهم القول ب((ه ,فال ب((د من التوفي((ق بين النقلين ،فيحم((ل األول على القياس الصحيح ،والثاني على الفاسد توفيقا بين النقلين وجمعا بين الروايتين" .قوله تعالى" أي :ال((دليل الراب((ع وه((و ال((دليل, أن المجتهد إذا غلب على ظنه كون الحكم في األصل معلال بالعلة الفالني(ة ثم وج(د تل(ك العل(ة بعينه(ا في الف(رع ,يحص(ل ل(ه بالضرورة ظن ثبوت ذلك الحكم في الفرع ،وحصول الظن بالشيء مستلزم لحص((ول ال(وهم بنقيض((ه ،وحينئ((ذ فال يمكن((ه أن يعمل بالظن والوهم الستلزامه اجتماع النقيضين ,وال أن يترك العمل بهما الستلزامه ارتفاع النقيضين ،وال أن يعمل ب((الوهم دون الظن؛ ألن العم(ل ب(المرجوح م(ع وج(ود ال(راجح ممتن(ع ش(رعا وعقال ،فتعين( العلم ب(الظن ،وال مع(نى لوج(وب العم(ل بالقياس إال ذلك ،وهذا الدليل قد تقدم الكالم عليه في تعريف الفقه .ق(ال" :احتج(وا بوج(وه ,األول :قول(ه تع((الى{ :ال تُقَ( ِّد ُموا} ب} [األنع((امَ { ]59 :وِإ َّن الظَّن} [النجم ]28 :قلن((ا :إن الحكم مقط((وع ط ٍ {وَأ ْن تَقُولُ((وا} { َوال تَ ْق((فُ } [اإلس((راءَ { ]36 :وال َر ْ َ والظن في طريقه .الثاني :قوله -عليه الصالة والسالم" :تعمل هذه األمة برهة بالكتاب وبرهة بالس((نة وبره((ة بالقي((اس ,ف((إذا فعلوا ذلك فقد ضلوا" 1الثالث :ذم بعض الصحابة له من غير نك(ير ،قلن(ا :معارض(ان بمثلهم((ا فيجب التوفي(ق .الراب(ع :نق(ل {والاإلمامية إنكاره عن العترة قلنا :معارض بنقل الزيدية .الخامس :أنه يؤدي إلى الخالف والمنازعة ,وقد ق((ال هللا تع((الىَ : تَنَازَ عُوا} [األنفال ]46 :قلنا :اآلية في اآلراء والحروب لقوله -عليه الص((الة والس((الم" :اختالف أم((تي رحم((ة" 2الس((ادس: الشارع فصل بين األزمنة واألمكنة في الش(رف ،والص((لوات في القص((ر ،وجم((ع بين الم((اء وال((تراب في التطه((ير ،وأوجب التعفف على الحرة الشوهاء دون األمة الحسناء ،وقطع سارق القلي((ل دون غاص((ب الكث((ير ,وجل((د بق((ذف الزن((ا ,وش((رط في((ه شهادة أربعة دون الكفر ،وذلك ينافي القياس ،قلنا :القياس حيث عرف المعنى" .أق((ول :احتج المنك((رون للقي((اس بس((تة أوج((ه من الكتاب والسنة واإلجماع والمعقول ,األول :الكتاب وهو آيات ,فمنها قوله تعالى{ :يَا َأيُّهَا الَّ ِذينَ آ َمنُ((وا ال تُقَ( ِّد ُموا بَ ْينَ يَ(د ِ َي َي هَّللا ِ َو َرسُولِ ِه} لكونه قوال بغير الكتاب والس((نة ،ومنه((ا هَّللا ِ َو َرسُولِ ِه} [الحجرات ]1 :والقول بمقتضى القياس تقديم {بَ ْينَ يَد ِ ك بِ( ِه ِعل ٌم} [اإلس((راء]36 : ْ ْس لَ( َ قوله تعالىَ{ :أ ْن تَقُولُوا َعلَى هَّللا ِ َما ال تَ ْعلَ ُمونَ } [البقرة ]169 :قوله تعالىَ { :وال تَقفُ َم((ا لَي َ ْ ووجه الداللة أن الحكم الثابت بالقياس غير معلوم لكونه متوقف((ا على أم((ور ال يقط((ع بوجوده((ا ,فال يج((وز العم((ل ب((ه لآلي((ة، ين} [األنعام ]59 :فإنه يدل على اشتمال الكتاب على األحكام كله((ا، ب ُمبِ ٍ س ِإاَّل فِي ِكتَا ٍ ب َوال يَابِ ٍ ومنها قوله تعالىَ { :وال َر ْ ط ٍ ق َش( ْيًئا} [النجم: وحينئذ( فال يجوز العمل بالقياس؛ ألن شرطه فق((دان النص ،ومنه((ا قول((ه تع((الىِ{ :إ َّن الظَّ َّن ال يُ ْغنِي ِمنَ ْال َح( ِّ ]28
نهاية السول شرح منهاج الوصول (ص)310 :
والقياس ظني فال يغني شيئا ,وأجاب المصنف بأن الحكم بمقتض((ى القي((اس مقط((وع ب((ه ،والظن وق((ع في الطري((ق الموص((لة إليه ،كما تقدم تقديره في حد الفقه ،وهذا الجواب ليس شامال لآلية األولى ،وال لآلية الرابعة ،بل الجواب عن األولى أن((ه لم((ا أمرنا هللا تعالى ورسوله بالقياس ،لم يكن القول به تقديما بين يدي هللا ورسوله ،والجواب عن الرابعة أن((ه يس((تحيل أن يك((ون المراد منها اشتمال الكتاب على جميع األحك(ام الش(رعية من غ(ير واس(طة ,فإن(ه خالف الواق(ع ب(ل الم(راد داللته(ا من حيث الجملة سواء كان بوسط أو بغير وسط ،وحينئذ فال يلزم من ذلك عدم االحتياج إلى القي((اس؛ ألن الكت((اب على ه((ذا التق((دير ال يدل على بعضها إال بواسطة القياس ,فيكون القياس محتاجا إليه .قوله :الث(اني أي :ال((دليل الث(اني على إبط(ال القي((اس :الس(نة وهو الحديث الذي ذكره المصنف وداللته ظاهرة .قوله" :الثالث" أي :الدليل الثالث :اإلجماع ،ف((إن بعض الص((حابة ق((د ذم((ه كما تق(دم إيض(احه في أدل((ة الجمه((ور ،وس((كت الب((اقون عن(ه فك(ان إجماع(ا ,وأج(اب المص(نف عن الس(نة واإلجم(اع بأنهم((ا معارضان بمثلهما ،إذا سبق أيضا فيجب التوفي((ق بينهم((ا ب((أن يحم((ل العم((ل ب((ه على القي((اس الص(حيح وإنك((اره على القي((اس الفاسد .قوله" :الرابع" أي :الدليل الرابع :أن اإلمامية من الشيعة قد نقلوا عن العترة يعني :أهل البيت إنك((ارا للعم((ل بالقي((اس وإجماع العترة حجة ،وجوابه أن نقل اإلمامية معارض بنقل الزيدية (،فإنهم من الشيعة أيضا ،وق((د نقل((وا إجم((اع الع((ترة على العمل بالقياس على أنه تقدم أن إجماعهم ليس بحجة .قوله" :الخامس" أي :الدليل الخامس :المعقول ،وه((و أن القي((اس ي((ؤدي إلى الخالف والمنازعة بين المجتهدين لالستقراء ،وألنه تابع لألم((ارات واألم((ارات مختلف((ة ،وحينئ(ذ( فيك((ون ممنوع((ا لقول((ه تعالىَ { :وال تَنَا َزعُوا} [األنفال . ]46 :وأجاب في المحصول بأن هذا الدليل بعينه قائم في األدلة العقلية ،فما ك((ان جواب((ا لهم كان جوابا لنا ،وأجاب المصنف بأن اآلية إنما وردت في اآلراء والحروب لقرينة قوله تع((الى{ :فَتَ ْف َش (لُوا َوتَ( ْ(ذه َ َب ِري ُح ُك ْم} ، فأما التنازع في األحكام فج(ائز لقول(ه -علي(ه الص(الة والس(الم" :اختالف أم(تي رحم(ة" وه(ذا الج(واب لم ي(ذكره اإلم(ام وال صاحب الحاصل .قوله" :السادس" أي :الدليل السادس وهو من المعقول أيضا ,وعلي((ه اعتم((د النظ((ام :أن الش((ارع ف((رق بين المتماثالت وجمع بين المختلفات ،وأثبت أحكاما ال مجال للعقل فيها ،وذلك كل((ه ين((افي القي((اس ألن م((دار القي((اس على إب((داء المعنى ،وعلى إلحاق صورة بصورة أخرى تماثلها في ذلك المع((نى ,وعلى التفري((ق بين المختلف((ات كم((ا س((تعرفه من قب((ول الفرق عند إبداء الجامع ،أما بيان التفريق بين المتماثالت فإن الشارع ق((د ف((رق بين األزمن((ة في الش((رف ,ففض((ل ليل((ة الق((در واألشهر الحرم على غيرهما ،وكذلك األمكنة كتفضيل مكة والمدينة مع استواء الزم((ان والمك((ان في الحقيق((ة ،وف((رق أيض((ا بين الصلوات في القصر فرخص في قصر الرباعية دون غيرها ،وأم((ا بي((ان الجم((ع بين المختلف((ات؛ فألن((ه جم((ع بين الم((اء والتراب في جواز الطهارة بهما في أن الماء ينظف نهاية السول شرح منهاج الوصول (ص)311 : والتراب يشوه ،وأما بيان األحكام التي ال مجال للعقل فيها فألنه تعالى أوجب للتعفيف أي :غض البص((ر بالنس((بة إلى الح((رة الشوهاء شعرها وبشرتها مع أن الطبع ال يميل إليها ،دون األمة الحسناء التي يميل إليها الطب(ع .ويحتم((ل أن يري((د المص((نف بالتعفف وجوب الستر ،أو يريد به كون الواطئ للحرة يصير محصنا دون واطئ األم((ة ،وأيض((ا فألن((ه تع((الى أوجب القط((ع في سرقة القليل دون غصب الكثير ,وأوجب الجلد على الق((اذف بالزن((ا دون الكف((ر ،أي :بخالف الق((اذف الكف((ر كم((ا قال((ه في المحصول ،1وشرط في شهادة الزنا شهادة أربع(ة رج(ال واكتفى في الش(هادة على القت(ل ب(اثنين م(ع كون(ه أغل(ظ من الزن(ا، وأجاب المصنف بأنا إنما ندعي وجوب العمل بالقياس حيث عرف المعنى أي :العلة الجامعة م(ع انتف(اء المع(ارض .وغ(الب األحكام من هذا القبيل ،وما ذكرتم من الصور فإنها نادرة ال تقدح في حصول الظن الغالب ,ال سيما والفرق بين المتم((اثالت يجوز أن يكون النتفاء صالحية ما يوهم أنه جامع ،أو لوجود معارض ،وكذلك المختلفات يجوز اشتراكها في مع((نى ج((امع، وقد ذكر الفقهاء معاني هذه األش((ياء .ق((ال" :الثاني((ة :ق((ال النظ((ام والبص((ري وبعض الفقه((اء :إن التنص((يص على العل((ة أم((ر بالقياس ،وفرق أبو عبد هللا بين الفعل والترك .لنا أنه إذا قال :حرمت الخمر لكونه((ا مس((كرة ,يحتم((ل علي((ه اإلس((كار مطلق((ا، وعلية إس((كارها ،قي((ل :األغلب ع((دم التقيي((د (،قلن(ا :فالتنص((يص وح((ده ال يفي((د ,قي((ل :ل(و ق((ال :عل((ة الحرم((ة اإلس((كار الن((دفع االحتمال ,قلنا :فيثبت الحكم في كل الصور بالنص" .أقول :ذهب النظام وأب((و الحس((ين البص((ري وجماع((ة من الفقه((اء وك((ذا اإلمام أحمد كما نقله ابن الحاجب إلى أن التنصيص على علة الحكم أمر بالقياس مطلقا ,سواء كان في ط((رف الفع((ل كقول((ه: تصدقوا على هذا لفقره أو الترك كقوله :حرمت الخمر إلسكارها .وقال أبو عبد هللا البصري :التنصيص على عل((ة الفع((ل ال يكون أمرا بالقياس بخالف علة الترك ,والصحيح عند اإلمام واآلمدي وأتباعهما أن(ه ال يك(ون أم(را ب(ه مطلق(ا ,ب(ل ال ب(د في القياس من دليل يدل عليه ونقله اآلمدي عن أكثر الشافعية ولم يصرح المصنف بالمذهب المختار إلشعار ال((دليل ب((ه ,وال((ذي نقله هنا عن النظام هو المشهور عنه وعلى هذا فيكون النقل المتقدم عنه وهو استحالة القياس إنما محله عند عدم التنص((يص على العلة ,ونقل عنه الغزالي في المستصفى أن التنصيص على العلة يقتضي تعميم الحكم في جميع مواردها بطريق عم((وم اللفظ ال بالقياس .قوله" :لنا" أي :الدليل على ما قلناه أن الشارع إذا قال مثال :حرمت الخمر لكونها مس((كرة ,فإن((ه يحتم((ل أن يكون علة الحرمة هو اإلسكار مطلقا ,ويحتمل أن يكون إسكار الخمر بحيث يكون قيد اإلضافة إلى الخمر معتبرا في العل((ة؛ لجواز اختصاص إسكارها بترتب مفسدة عليه دون إسكار النبيذ (،وإذا احتمل األمران
نهاية السول شرح منهاج الوصول (ص)312 :
فال يتعدى التحريم إلى غيرها إال عند ورود األمر بالقياس ،وإذا ثبت ذلك في جانب الترك ثبت في الفعل بطريق األولى لم((ا تقدم ،ولقائل أن يقول :هذا الدليل بعينه يقتضي امتناع القياس عن((د التنص((يص على العل((ة م((ع ورود األم((ر ب((ه أيض((ا .قول((ه: "قيل :األغلب" أي :اعترض الخصم من وجهين ،أحدهما :أن األغلب على الظن في هذا المثال كون اإلس((كار عل((ة للتح((ريم مطلقا؛ ألنه وصف مناسب للحكم ،وأما كونه من خم((ر أو غ((يره فال أث((ر ل((ه ،وحينئ((ذ فيجب ت((رتب الحكم علي((ه حيث وج((د، ويحتمل أن يريد أن األغلب في العلل تعديتها دون تقييدها بمحل الحكم باالستقراء ،وأجاب المصنف بأن النزاع إنم((ا ه((و في أن التنصيص على العلة هل يستقل بإفادة وجوب القياس أم ال؟ وما ذكرتم يقتضي أنه ال بد أن يضم إليه ك((ون العل((ة مناس((بة أو أن الغالب عدم تقييدها بالمحل ,ويحتمل أن يريد ما ذكره في المحصول وهو أن مجرد التنصيص على العلة ال يل((زم من((ه األمر بالقياس ما لم يدل دليل على وجوب إلحاق الفرع باألصل لالشتراك في العلة ،أعني :الدليل الدال على وج((وب العم((ل بالقياس .االعتراض الثاني :أن االحتمال ال(ذي ذكرتم(وه وه(و ك(ون العل((ة إس((كار الخم((ر ,مخص((وص بالمث((ال الم((ذكور فال يتمشى دليلكم في غيره ،كما إذا قال الشارع :علة حرمة الخمر هو اإلسكار ،فإن احتمال التقيي((د بالمح((ل ينقط((ع ههن((ا وتثبت الحرمة في كل الصور ،وأجاب المصنف بأنا نسلم ثبوت الحكم ههنا في كل الصور ,لكنه يكون بالنص ال بالقي((اس ،ق((ال في المحصول :ألن العلم بأن اإلسكار من حيث هو إسكار يقتضي الحرمة ,موجب العمل بثبوت ه((ذا الحكم في ك((ل مس((كر ،من غير أن يكون العلم ببعض األفراد مت((أخرا عن العلم ب((البعض اآلخ(ر ،وحينئ(ذ( فال يك((ون ه((ذا قياس((ا ألن((ه ليس جع((ل البعض أصال واآلخر فرعا بأولى من العكس ,وإنما يك((ون قياس((ا إذا ق((ال :ح((رمت الخم((ر لكون((ه مس((كرا .واعلم أن ال((ذهاب إلى أن الشارع إذا قال :علة حرمة الخمر وهو اإلسكار أن الحكم يكون ثابت((ا في النبي((ذ وغ((يره من المس((كرات ب((النص ج((زم ب((ه في المحصول وهو مشكل ،فإن اللفظ لم يتناول ،ولعل هذا هو المقتضى لكون المصنف ع((بر بقول((ه عل((ة الحرم((ة ه((و اإلس((كار, لكنه ال يستقيم من وجه آخر ،وهو أن السائل لم يورد السوائل هكذا ،فتعبيره بهذا حج(ر على الس(ائل ،وأيض(ا فألن((ه يقتض(ي حصر التحريم في اإلسكار وهو باطل قطعا ،واستدل أبو عبد هللا البصري على مذهبه بأن من ترك أكل شيء لكونه مؤذي((ا, فإنه يدل على تركه لكل مؤ ٍذ ،بخالف من ارتكب أمرا لمصلحة كالتصدق على فقير فإنه ال يدل على تصدقه على ك((ل فق((ير. والجوب أنا ال نسلم أنه يدل على تركه لكل مؤ ٍذ ،سلمناه لكنه لقرينة التأذي ال لمج((رد التنص((يص على العل((ة .ق((ال" :الثالث((ة: القياس إما قطعي أو ظني ,فيكون الفرع بالحكم أولى كتح(ريم الض(رب على تح((ريم الت((أفيف ,أو مس(اويا كقي(اس األم(ة على العبد( في الس(راية ,أو أدون كقي(اس البطيخ على ال(بر في الرب((ا ,قي(ل :تح(ريم الت((أفيف ي(دل على تح(ريم أن((واع األذى عرف(ا، ويكذبه قول الملك للجالد :اقتله وال تستخف
نهاية السول شرح منهاج الوصول (ص)313 :
به ،قيل :لو ثبت قياسا لما قال به منكره ،قلنا :القطعي لم ينكر ,قيل :نفي األدنى يدل على نفي األعلى ،كقوله :فالن ال يمتل((ك الحبة وال النقير وال القطمير ،قلنا :أما األول فألن نفي الج(زء يس((تلزم نفي الك((ل ،وأم((ا الث((اني فألن النق((ل في((ه ض((رورة وال ضرورة ههنا" .أقول :هذه المسألة قررها الشارحون على غ((ير وجهه((ا وق((د يس((ر هللا الك((ريم وج((ه الص((واب فيه((ا ،فنق((ول: الكالم هنا في أمرين أحدهما :القياس ،والثاني :الحكم الذي في األصل ،فأما القياس نفسه وهو اإللحاق والتس((وية ،فق((د يك((ون قطعيا ،وقد يكون ظنيا ،فالقطعي كما قاله في المحصول يتوقف على مقدمتين( فقط ،إحداهما :العلم بعلة الحكم ،والثانية :العلم بحصول مثل تلك العلة في الفرع ،فإذا علمهما المجتهد علم ثب((وت الحكم في الف((رع ،س((واء ك((ان ذل((ك الحكم مقطوع((ا ب((ه أو مظنونا ،ثم مثل له أعني :اإلمام بقياس تحريم الضرب على تحريم التأفيف ،فإنه قي(اس قطعي؛ ألن(ا نعلم أن العل(ة هي األذى ونعلم وجودها فيالضرب ،ولكن الحكم ههنا ظني؛ ألنه داللة األلفاظ عن(ده ال تفي(د إال الظن كم(ا تق(دم نقل(ه عن(ه ،فتلخص أن القياس في هذا المثال قطعي والحكم المستفاد منه ظني ،وحاصله أن((ا قطعن((ا بإلح((اق ه((ذا الف((رع في ذل((ك األص((ل في حكم((ه المظنون ،وأما القياس الظني فهو أن تكون إحدى المقدمتين أو كلتاهم(ا مظنون((ة كقي(اس الس(فرجل على ال((بر في الرب(ا ،ب((أن الحكم بأن العلة هي الطعم ليس مقطوع((ا ب((ه لج((واز أن تك((ون هي الكي((ل أو الق((وت كم((ا قال((ه الخص((م ،وإلى ه((ذا كل((ه أش((ار المصنف بقوله :القياس إما قطعي أو ظني ،األمر الثاني :الحكم الذي في األصل ،قال في المحص(ول :فينظ(ر في(ه ,ف(إن ك(ان قطعيا فيستحيل أن يكون الحكم في الفرع أولى منه ,قال :ألنه ليس ف((وق اليقين مرتب((ة ،وال((ذي ق((ال مب((ني على أن العل((وم ال تتفاوت ,وقد تقدم الكالم عليه في الخبر المتواتر ,ق((ال :ف((إن لم يكن قطعي((ا أي :س((واء ك((ان القي((اس قطعي((ا أم لم يكن ،فثب((وت الحكم في الفرع قد يكون أولى من ثبوته في األصل ،وقد يكون مساويا له ،وقد يكون دونه ،فاألولى كقياس تح((ريم الض((رب على تحريم التأفيف ،فإن األذى فيه أكثر ,أما المساوي فكقياس األمة على العبد في سراية العت((ق من البعض إلى الك((ل ,فإن((ه قد ثبت في العبد بقوله -عليه الصالة والسالم"$ :من أعتق شركا له في عبد ,قدم عليه" ثم قسنا عليه األم((ة وهم((ا متس((اويان في ه((ذا الحكم لتس((اويهما في علت((ه ،وهي تش((وف الش((ارع إلى العت((ق ،ويس((مى ه((ذان القس((مان بالقي((اس في مع((نى األص((ل, ويسميان أيضا بالقياس الجلي وهو ما يقطع في((ه بنفي ت((أثير الف((ارق بين األص((ل والف((رع ،فإن((ا نقط((ع ب((أن الف((ارق بين العب(د( واألمة وهو الذكورة واألنوثة ال تأثير لهما في أحكام العتق ،وأما األدون فهي األقيس((ة ال((تي تس((تعملها الفقه((اء في مب((احثهم، كقياس البطيخ على البر في الرب((ا بج((امع الطعم ،فإن((ه يحتم((ل أن تك((ون العل((ة إنم((ا ه((و الق((وت أو الكي((ل ،هك((ذا علل((ه بعض الشارحين وعلله بعضهم بأن الطعم في المقتات أكثر مما هو في البطيخ ،وإلى هذا كله أشار المصنف بقول((ه :فيك((ون الف((رع إلى آخره، نهاية السول شرح منهاج الوصول (ص)314 : وهو متفرع على القياس من حيث هو ،وليس مفرعا عن القياس الظني ،وإن أوهم((ه كالم المص((نف وص((رح ب((ه الش(ارحون أيضا؛ ولهذا فإن اإلمام جعلهما مسألتين مستقلتين وقررهما بمعنى الذي قررته من أوله إلى آخره ،وال((ذي ذك((ره الش((ارحون هنا سببه ذهولهم عن تقرير كالم اإلم((ام على وجه((ه ،فل((زمهم أن يك((ون المنه((اج مخالف((ا ألص((لية الحاص((ل والمحص((ول من وجوه ،وأن يكونا قد ناقضا كالميهما بعد أسطر قالئل مناقضة فظيعة حتى صرح بعضهم بها بناء على زعمه ,ويعرف ذلك بمراجعة المحصول ,ومنشأ الغلط توهمهم أن القياس إنما يكون قطعيا إذا كان حكم األصل قطعيا وهو عجيب ،فإنه مع كونه مخالفا للمحصول واضح البطالن؛ ألن القياس هو التسوية وقد يقطع بتسوية الش((يء بالش((يء في حكم((ه المظن((ون كم((ا تق((دم إيضاحه ،ومثال ذلك من خ(ارج أن اإلجم(اع منعق(د على تس(وية الخال(ة بالخ(ال في اإلرث أي :توريثه(ا أيض(ا ،كم(ا ورثن(اه بمقتضى قول((ه -ص((لى هللا علي((ه وس((لم" :الخ((ال وارث من ال وارث ل((ه" 1وعلى تق((دير ثبوت((ه (،ف((اإلرث مظن((ون والتس((وية مقطوع بها ،نعم الحكم الثابت بالقياس المظنون ال يكون إال مظنونا .واعلم أن في كالم المصنف نظرا من وجهين ,أح((دهما: أن تقسيم القياس إلى أدون أراد به ضعف العلة ،يعني :أن ما فيها من المصلحة أو المفسدة دون ما في األصل ،فهذا يقتض((ي أن ال يجوز القياس؛ ألن شرطه وجود العلة بكمالها في الفرع كما سيأتي ،وإن أراد به شيئا آخر فال بد من بيان((ه .الث((اني :أن الحكم على تحريم الضرب وغيره من أمثلة فحوى الخطاب بأنه من باب القياس ,يقتضي أن اللفظ ال يدل علي((ه؛ ألن القي((اس إلحاق مسكوت عنه بملفوظ به ،لكنه قد ذكر قبيل األوامر والنواهي أن اللفظ يدل عليه بااللتزام ،وسماه مفهوم موافقة ،وه((ذا وارد أيضا على كالم اإلمام وأتباع(ه ،وتق(دم التنبي(ه( علي(ه واض(حا ،ومنهم من ق(ال :المن(ع من الت(أفيف منق(ول ب(العرف عن موضوعه اللغوي وهو التلفظ بأف إلى المنع من أنواع األذى كما سيأتي ذكره واالس((تدالل علي((ه ,فعلى ه((ذا يك((ون الض((رب ثابتا بالمنطوق ال بالمفهوم كما زعمه بعض الشارحين ,فتحصلنا على ثالثة مذاهب ذكرها من تكلم على المحص((ول ،وال((ذي اختاره المصنف هنا وهو كونه قياسا نقله في البره((ان عن معظم األص((وليين ,ونص علي((ه الش((افعي في الرس((الة في أواخ((ر باب تثبيت خبر الواحد .ثم قال :وقد يمتنع بعض أهل العلم أن يسمي ه(ذا قياس(ا ،واعلم أن(ا إذا قلن(ا :إن(ه يك(ون قياس(ا فيك(ون قطعيا بال نزاع إال على الوهم السابق فاعرفه" .قوله :قيل :تحريم" أي :اس((تدل القائ((ل ب((أن الت((أفيف ي((دل على تح((ريم أن((واع األذى بثالثة أوجه ،أحدها :ما فهم أهل العرف له ،وجوابه أنه لو كان ك((ذلك لم يحس((ن من المل((ك إذا اس((تولى على ع((دوه أن يأمر الجالد بقتله وينهاه عن االستخفاف به ،لكون النهي عن االستخفاف على هذا التقدير يدل بااللتزام على نهاية السول شرح منهاج الوصول (ص)315 : القتل لكنه يصح ،هكذا أجاب به اإلمام فقلده فيه المصنف ،وفيه نظر من وجهين ،أحدهما :أنه ال يطابق الم(دعي أص((ال؛ ألن الكالم في نقل التأفيف ال في نقل االستخفاف ،وال يلزم من عدم النقل في لفظه عدم النق(ل في أخ(رى ،فل(و ق(ال :وال نق(ل ل(ه: أف ,الستقام .الثاني :أن النهي عن االستخفاف أو التأفيف ال يدل على تحريم القتل نص(ا ب((ل ظ(اهرا ،فغاي((ة ذل((ك أن((ه ص(رح بمخالفة الظاهر ،وأمر ببعض أنواع االستخفاف ،ونهى عن الباقي لغرض ،فاألولى في الج((واب من((ع النق((ل ,وق((د أج((اب ب((ه اإلمام أيضا .الدليل الثاني :أن تحريم الضرب لو ثبت بالقياس لخالف فيه من يخالف في القياس ،وأجيب أن ه((ذا ه((و القي((اس الجلي كم(ا تق(دم ،والمنك(رون للقي(اس لم ينك(روه ب(ل إنم(ا أنك(روا القي(اس الخفي فق(ط .الث(الث :أن نفي األدنى ي(دل على نفي األعلى ,كقولهم :فالن ال يملك الحبة ،فإنه يدل على نفي الدرهم وال((دينار وغيرهم((ا ،وكق((ولهم :ال يمل((ك النق((ير وال القطم((ير فإنه يدل على أنه ال يملك شيئا البتة من غير نظر إلى القياس ,فكذلك نفي التأفيف مع الضرب ،والنقير هو النق((رة ال((تي على ظهر النواة ,والقطمير هو ما في شقها ،هكذا قال في المحصول ،1ولكن المعروف وه(و الم(ذكور في الص(حاح أن ال(ذي في شقها هو الفتيل ،وأما القطمير فهو القشرة الرقيقة أي :الث((وب ،وأج((اب المص((نف ب((أن المث((ال األول إنم((ا دل في((ه نفي األدنى على نفي األعلى لكون األدنى وهو الحبة ,جزءا لألعلى ونفي الجزء مستلزم لنفي الكل ،وأما الثاني وه((و النق((ير والقطم((ير، فنحن نعلم بالضرورة من هذا المثال أنه ليس المراد نفيهما ،بل نفي ما يساوي شيئا ،ف((دعوى النق((ل فيهم((ا ض((رورية بخالف صورة النزاع فإنه ال ضرورة فيها إلى دعوى النقل؛ لجواز الحمل على المعنى اللغوي ،ول((ك أن تق((ول :الحب((ة اس((م للواح((د مما يزرع ,فال يلزم من نفيها نفي غيرها ,فإن ادعى المجيب أن التقدير ليس عنده زنة حبة ،قلنا :األصل ع((دم الح((ذف .ف((إن ادعى اشتهاره في العرف فيلزم أن تكون اللفظة منقولة أيضا وتستوي األمثلة .قال" :الرابعة :القياس يج((ري في الش((رعيات حتى الحدود والكف(ارات لعم(وم ال(دالئل ،وفي العقلي(ات عن(د أك((ثر المتكلمين ,وفي اللغ(ات عن(د أك((ثر األدب(اء دون األس((باب والعادات أقل الحيض وأكثره" .أقول :الصحيح وهو مذهب الشافعي كما قاله اإلمام أن القي((اس يج(ري في الش(رعيات كله(ا، أي :يجوز التمسك به في إثبات كل حكم ح((تى الح((دود والكف((ارات وال((رخص والتق((ديرات إذا وج((دت ش((رائط القي((اس فيه((ا، وقالت الحنفية :ال يجوز القياس في هذه األربعة ،ورأيت في باب الرسالة من كتاب البويطي الجزم به في ال((رخص ،وألج((ل ذلك اختلف جواب الشافعي في جواز العراي((ا في غ((ير ال((رطب والعنب قياس((ا ،وذهب الجب((ائي والك((رخي إلى أن القي((اس ال يجري في أصول العبادات كإيجاب الصالة نهاية السول شرح منهاج الوصول (ص)316 : باإليماء في حق العاجز عن اإلتيان بها بالقياس على إيجاب الصالة قاع((دا في ح((ق الع((اجر عن القي((ام ،والج(امع بينهم((ا ه((و العجز عن اإلتيان بها على الوجه األكمل ،وصحح اآلمدي وابن الحاجب أنه ال يجري في جميع األحكام؛ ألن((ه ثبت فيه((ا م((ا ال يعقل معناه كالدية ,ثم استدل المصنف على الجواز بأن األدل((ة الدال((ة على حجي((ة القي((اس عام((ة غ((ير مختص((ة بن((وع دون نوع ،فمثال الحدود إيجاب قطع النباش قياسا على السارق والجامع أخذ مال الغير خفية .قال الش((افعي :وق((د ك((ثرت أقيس((تهم فيها حتى عدوها إلى االستحسان ،فإنهم زعموا فيما إذا شهد أربعة على شخص بأنه زنى بامرأة وعين كل شاهد منهم زاوية أنه يحد استحسانا ،مع أنه على خالف العقل فألن يعمل به فيما يوافق العقل أولى ،ومثال الكفارات إيجابه((ا على قات((ل النفس عمدا بالقياس على المخطئ ،قال الشافعي :وألنهم أوجبوا الكفارة في اإلفطار باألكل قياسا على اإلفطار بالجم((اع ،وفي قت((ل الصيد خطأ قياسا على قتله عمدا ،والحنفية حاولوا االعتذار عما وقعوا فيه ،فقالوا :إن ه((ذا ليس بقي((اس ،وإنم((ا ه((و اس((تدالل على موضع الحكم لحذف الفوارق الملغاة ،وهذا ال ينفعهم فإنه قياس من حيث المعنى لوجود شرائط القي(اس في(ه ،وال ع(برة بالتسمية ,وأما الرخص فقد قاس((وا فيه(ا وب(الغوا كم((ا ق(ال الش(افعي ,ف(إن االقتص(ار على األحج(ار في االس(تنجاء من أظه((ر الرخص ،وهم قد عدوه إلى كل النجاسات ،قال :وأما المقدرات فقد قاسوا فيه((ا ح((تى ذهب((وا إلى تق((ديراتهم في ال((دلو والب((ئر، يعني :أنهم فرقوا في سقوط الدواب إذا ماتت في اآلبار ،فقالوا في الدجاجة ينزح كذا وكذا ،وفي الف((أرة أق((ل من ذل((ك ،وليس هذا التقدير عن نص وال إجماع فيكون قياسا ،واحتجت الحنفية على الحدود بقوله -علي((ه الص((الة والس((الم" :ادرءوا الح((دود بالشبهات" ،والقياس شبهة ال دلي((ل ق((اطع ،وعلى المق((درات ب((أن العق(ول ال تهت((دي إليه((ا ،وعلى ال((رخص بأنه((ا منح من هللا تعالى ,فال تتعدى فيها مواردها ،وعلى الكفارات بأنها على خالف األصل؛ ألنها ضرر والدليل ينفي الضرر ،والج((واب أن((ه منقوض بما قلناه .قوله" :وفي العقليات" أي :ذهب أكثر المتكلمين إلى جواز القياس في العقليات إذا تحقق فيها ج((امع عقلي، إما بالعلة أو الحد أو الشرط أو الدليل .قال في المحصول :1ومن((ه ن((وع يس((مى إلح((اق الغ((ائب بالش((اهد بج((امع من األربع((ة، فالجمع بالعلة وهو أقوى الوجوه ,كقول أصحابنا :العالمية في الشاهد يعني المخلوقات معللة بالعلم ،فكذلك في الغالب سبحانه وتعالى ,وأما الجمع بالدليل فكقولنا :حد العالم شاهدا من له العلم فكذلك في الغائب ،وأما الجمع بال((دليل فكقولن((ا :التخص((يص واإلتقان يدالن على اإلرادة ،والعلم شاهد فكذلك في الغالب ،وأم((ا الجم((ع بال((دليل فكقولن((ا :ش((رط العلم ،واإلرادة في الش((اهد وجود الحياة فكذلك في الغائب .قوله" :وفي اللغات" أي :ذهب أكثر أهل األدب إلى جواز القياس في اللغ((ات كم((ا نقل((ه عنهم ابن جني في الخصائص ،وقال اإلمام هنا :إنه الحق ،قال :وذهب أصحابنا وأكثر الحنفي((ة إلى المن((ع ،واخت((اره اآلم((دي وابن الحاجب ,وبه جزم اإلمام في المحصول في كتاب األوامر والنواهي في آخر المسألة ،وقد حرر ابن الحاجب مح((ل الخالف، وحاصله أن الخالف ال يأتي في الحكم الذي ثبت بالنقل تعميمه لجميع أفراده باالستقراء كرفع الفاعل ونص((ب المفع((ول ،وال في االسم الذي ثبت تعميمه ألف(راد ن(وع س(واء ك(ان جام(دا كرج(ل وأس(امة ،أو مش(تقا كض(ارب ومض(روب ،وال في أعالم األشخاص كزيد وعمرو فإنها لم توضع لها لمناسبة بينها وبين غيرها وإنم((ا مح((ل الخالف في األس((ماء ال((تي وض((عت على الذوات ألجل اشتمالها على معا ٍن مناسبة للتسمية يدور معها اإلطالق وجودا وعدما ,وتلك المعاني مشتركة بين تلك ال((ذوات وبين غيرها ،فحينئ(ذ( يج((وز على رأي إطالق تل((ك األس((ماء على غ((ير مس((مياتها الش((تراكها معه((ا في تل((ك المع((اني ،وذل((ك كتسمية النبيذ( خمرا الشتراكه مع عصير العنب في اإلسكار ،وكذلك تسمية الالئط زانيا ،والنباش سارقا ،وفائ((دة الخالف في هذه المسألة ما ذكره في المحصول وهو صحة االستدالل بالنصوص الواردة في الخمر والس((رقة والزن((ا على ش(ارب النبي((ذ والالئط والنباش ،واحتج المجوزون بعم(وم قول((ه تع(الى{ :فَ(ا ْعتَبِرُوا} [الحش(ر ]2 :وب(أن اس(م الخم(ر مثال دائ(ر م(ع ص(فة اإلسكار في المعتصر من ماء العنب وجودا وعدما ،ف((دل على أن اإلس((كار ه((و العل((ة في إطالق االس((م حيث وج((د اإلس((كار وجاز اإلطالق ,وإال تخلف المعلول عن علة ،واعتراض الخصم بأنه إنما يلزم من وجود علة التسمية وج((ود االس((م إذا ك((ان تعليل التسمية من الشارع؛ ألن صدور التعليل من آحاد الناس ال اعتب((ار ب((ه ،وله((ذا ل((و ق((ال :أعتقت غانم((ا لس((واده لم يعت((ق غيره من السود ،وحينئذ( فيتوقف المدعي على أن الواضع هو هللا تعالى ،وأجاب في المحصول بأنا بين((ا أن اللغ((ات توقيفي((ة، هذا كالمه وهو مخالف لما قدمه في اللغات فإنه اختار الوقف ال التوقيف ،واحتج المانعون بالنقض بالق(ارورة وش((بهها ،ف(إن القارورة مثال إنما سميت بهذا االسم ألجل استقرار الماء فيها ،ثم إن ذلك المعنى حاص((ل في الحي((اض واألنه((ار م((ع أنه((ا ال تسمى بذلك ،وأجاب اإلمام بأن أقصى ما في الباب أنهم ذكروا صورا ال يجري فيها بالقياس .وهو غير قادح كم(ا تق(دم مثل((ه عن النظام في القياس الشرعي ،وهذا الذي ذكره في القارورة من كونهم لم يس((تعملوا فيه((ا القي((اس اللغ((وي ص((ريح في أنه((ا وضعت للزجاجة فقط ،وهو مخالف لما ذكره في الحقيقة العرفية؛ فإن((ه ق((ال في المحص((ول هن((اك في الكالم على م((ا وض((ع عاما ثم تخصص بالعرف ما نصه :والخابية والقارورة موضوعان لما يس((تقر في((ه الش((يء ،ويخب((أ في((ه ,ثم تخصص(ا بش((يء معين .قوله" :دون األسباب" يعني أن القياس ال يجري في أسباب األحكام على المشهور ،كما قاله في المحص((ول وص((ححه اآلمدي وابن الحاجب ،وذهب أكثر الشافعية كما قاله اآلمدي إلى الجواز ،وقال :إن ه((ذا الخالف يج((ري في الش((روط .وق((ال ابن برهان في األوسط :يجري فيها وفي المحال أيضا ،فقال :يجوز القياس في األسباب والشروط والمحال عندنا خالفا ألبي حنيفة ,مثال المسألة أن يقال :الزنا سبب إليجاب الحد لعلة ك((ذا فك((ذلك الل((واط بالقي((اس علي((ه ،واس((تدل الم((انعون ب(أن قي((اس اللواط على الزنا مثال في كونه موجبا للحد ،إن لم يكن لمعنى مشترك بينهما فال يصح القياس ،وإن كان لمعنى مشترك ك((ان الموجب للحد ه((و ذل((ك المش((ترك ،وحينئ(ذ( يخ(رج ك((ل من الزن(ا والل((واط عن كون((ه موجب((ا؛ ألن الحكم لم(ا أس((ند إلى الق((در المشترك استحال مع ذلك إسناده إلى خصوصية كل واحد منهما ،وحينئذ فال يصح القياس ألن من شرطه بق((اء حكم األص((ل وهو غير باق هنا ,وفي هذا الدليل بحث يطول ذكره .قوله" :العادات" أي :ال يجري القياس أيضا في األم((ور العادي((ة كأق((ل الحيض وأكثره وأقل الحمل وأكثره؛ ألنها تختلف باختالف األشخاص واألزمنة واألمزجة ,وال يع((رف أس((بابها وه((ذا الحكم منقول في المحصول ومختصراته عن الشيخ أبي إسحاق الشيرازي فقط ,ولم يذكر اآلمدي وابن الحاجب.