You are on page 1of 8

‫نهاية السول شرح منهاج الوصول (ص‪)304 :‬‬

‫الباب األول‪ :‬في بيانه أنه حجة‪:‬‬


‫الباب األول‪ :‬في بيان أنه حجة‪ ،‬وفيه مسائل"‪ .‬أقول‪ :‬اعترض بعضهم على ه((ذا الح((د‪ ،‬فق((ال‪ :‬إن((ه غ((ير ج(امع؛ ألن اش((تراط‬
‫تماثل الحكمين مخرج لقياس العكس وهو إثبات نقيض حكم معلوم في معلوم آخر لوج((ود نقيض علي((ه في((ه‪ ،‬ومثال((ه م((ا قال((ه‬
‫المصنف‪ ,‬وتقريره أنه إذا نذر أن يعتكف صائما‪ ،‬فإنه يشترط الصوم في صحة االعتكاف اتفاقا‪ ،‬ولو نذر أن يعتكف مص((ليا‬
‫لم يشترط الجمع اتفاقا‪ ،‬بل يجوز التفريق‪ ،‬واختلفوا في اشتراط الصوم في االعتكاف بدون نذره معه‪ ،‬فشرطه أبو حنيفة ولم‬
‫يشترطه الشافعي‪ ،‬فيقول أبو حنيفة‪ :‬لو لم يكن الصوم شرطا لصحة االعتكاف عند اإلطالق لم تصر شرطا له بالنذر‪ ،‬قياس((ا‬
‫على الصالة‪ ,‬فإنها لما لم تكن لصحة االعتكاف عند اإلطالق لم تصر شرطا له بالنذر‪ ,‬والجامع بينهما عدم كونهما ش((رطين‬
‫حالة اإلطالق‪ ،‬فالحكم الثابت في األصل أعني‪ :‬الصالة عدم كونها شرطا في صحة االعتكاف‪ ،‬والعلة فيه كونها غير واجبة‬
‫بالنذر‪ ،‬والحكم الثابت في الفرع كون الص(وم ش(رطا في ص(حة االعتك((اف‪ ،‬والعل((ة في(ه كونه(ا غ((ير واجب((ة بالن(ذر‪ ،‬والحكم‬
‫الثابت في الفرع كون الصوم شرطا في صحة االعتكاف‪ ،‬والعلة فيه وجوبه بالنذر فافترقا حكما وعلة‪ ،‬وأجاب المصنف بأنا‬
‫ال نسلم أنه غير جامع‪ ،‬فإن الذي سميتموه قياس العكس إنما هو تالزم‪ ،‬فإن المس((تدل يق((وم ل((و لم يش((ترط الص((وم في ص((حة‬
‫االعتكاف لم يكن واجبا بالنذر‪ ،‬لكنه وجب بالنذر فيكون الصوم شرطا‪ ،‬فهذا في الحقيقة تمسك بنظم التالزم‪ ،‬وإلى هذا أش(ار‬
‫بقوله‪ :‬قلنا تالزم‪ ،‬ثم إن دعوى مالزمة أمر ألمر ال بد من بيانها بالدليل‪ ،‬فبينها المستدل بالقياس المستعمل عند الفقهاء‪ ،‬وهو‬
‫أن ما ليس بشرط لصحة االعتكاف ال يجب بالنذر قياسا على الصالة‪ ،‬وإليه أشاربقوله‪ :‬والقي((اس لبي((ان المالزم((ة‪ ،‬يع((ني أن‬
‫القياس المحدود وهو القياس المستعمل عند الفقهاء قد استعمل ههن(ا لبي(ان المالزم(ة‪ ،‬فتخلص أن قي(اس العكس مش(تمل على‬
‫تالزم‪ ,‬وعلى القياس المحدود الذي لبيان المالزمة‪ ،‬ثم شرع المصنف يجيب عن كل منهما الحتمال أن يك((ون ه((و المقص((ود‬
‫باإليراد‪ ،‬فأجاب عن الثاني ثم عن األول‪ ،‬وحاص(له‪ :‬أن الخص(م إن اعتم(د في إي(راد قي(اس العكس على القي(اس ال(ذي لبي(ان‬
‫المالزمة فهو غير وارد؛ ألن األصل والفرع فيه متماثالن‪ ،‬لكن التماثل حاصل على التقدير‪ ،‬فإنه على تق((دير ع((دم اش((تراط‬
‫الصوم في صحة االعتكاف يلزم أن ال يشترط أيضا حالة النذر‪ ،‬كما أن الصالة ال تشترط في االعتكاف حالة الن((ذر‪ ،‬ف((أثبت‬
‫عدم وجوب الصوم بالن((ذر بالقي((اس ع((دم وج((وب الص((الة بالن((ذر‪ ،‬على تق((دير ع((دم اش((تراط الص((وم في ص((حة االعتك((اف‪،‬‬
‫والجامع كون كل من الصالة والصوم غير شرط في صحة االعتكاف‪ ،‬فإن قولنا‪ :‬إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخ((ر أعم‬
‫من أن يكون حقيقة أو تق((ديرا‪ ،‬وإلى ه((ذا أش((ار بقول((ه‪ :‬والتماث((ل حاص((ل على التق((دير‪ ،‬وإن اعتم((د الخص(م في اإلي((راد على‬
‫التالزم فنحن نسلم أنه خارج عن حد القياس‪ ،‬لكن ال يضرنا ذلك فإن((ه ليس بقي((اس عن((دنا؛ ألن أص((ول الفق((ه إنم((ا يتكلم فيه((ا‬
‫على القياس المستعمل في الفقه‪ ,‬والفقهاء إنما يستعملون قياس العلة‪ ،‬وأما ما ع((داه ك(التالزم واالق((تراني ف(إن ال(ذي يس((ميهما‬
‫قياسا إنما هم المنطقيون‪ ،‬إذ القي(اس عن(دهم ق(ول مؤل(ف من أق((وال م((تى س(لمت ل(زم عن((د لذات(ه ق(ولي آخ(ر‪ ،‬وال(ذي يس((ميه‬
‫األصوليون قياسا يسميه المنطقيون تمثيال‪ ،‬فالتالزم قد عرفته ويعبر عنه باالستثنائي س((واء ك((ان ب((ان أو ال‪ .‬وأم((ا االق((تراني‬
‫فكقولهم‪ :‬كل وضوء عبادة ال بد فيه((ا من الني((ة‪ ,‬ينتج أن ك((ل وض((وء فال ب((د في((ه من الني((ة‪ ،‬وإلى ه((ذا أش((ار بقول((ه‪ :‬والتالزم‬
‫واالقتراني ال نسميهما قياسا‪ ،‬والتقرير المذكور في السؤال والجواب اعتم((ده واجتنب غ((يره‪ .‬ق((ال‪" :‬األولى في ال((دليل علي((ه‬
‫يجب العمل به شرعا‪ ،‬وقال القفال والبص((ري عقال‪ ،‬والقاش(اني والنه((رواني حيث العل((ة منصوص((ة أو الف((رع ب((الحكم أولى‪,‬‬
‫كتحريم الضرب على تحريم التأفيف‪ ،‬وداود أنكر التعبد( به‪ ،‬وأحاله الش((يعة والنظ((ام‪ ،‬واس((تدل أص((حابنا بوج((وه‪ ,‬األول‪ :‬أن((ه‬
‫مجاوزة عن األصل إلى الفرع‪ ،‬والمجاوزة اعتبار وهو مأمور به‪ ,‬في قول((ه تع((الى‪{ :‬فَ((ا ْعتَبِرُوا} [الحش((ر‪ ]2 :‬قي((ل‪ :‬الم((راد‬
‫االتعاظ‪ ،‬فإن القياس الشرعي ال يناسب صدر اآلية‪ ،‬قلنا‪ :‬المراد القدر المشترك‪ ،‬قيل‪ :‬الدال على الكلي ال يدل على الجزئي‪،‬‬
‫قلنا‪ :‬بلى‪ ,‬ولكن ههنا جواز االستثناء دليل العموم‪ .‬قيل‪ :‬الداللة ظنية‪ ،‬قلنا‪ :‬المقصود العمل فيكفي الظن"‪ .‬أقول‪ :‬اتفق العلم((اء‬
‫كما قاله في المحصول قبيل هذه المسألة‪ ,‬على أن القياس حجة في األمور الدنيوية‪ ،‬واختلفوا في الش(رعية‪ ،‬ف(ذهب الجمه(ور‬
‫إلى وجوب العمل بالقياس شرعا‪ ،‬وذهب القفال الشاشي من الشافعية وأبو الحسين البصري من المعتزلة إلى أن العقل قد دل‬
‫على ذلك يعني مع السمع أيضا‪ ،‬كما صرح به في المحص((ول‪ ،‬وق((ال القاش((اني والنه((رواني‪ :‬يجب العم((ل ب((ه في ص((ورتين‪,‬‬
‫إحداهما‪ :‬أن تكون علة األصل منصوصة إما بصريح اللفظ أو بإيمائه‪ ،‬والثاني(ة‪ :‬أن يك((ون الف((رع ب(الحكم أولى من األص((ل‪،‬‬
‫كقياس تحريم الضرب على تحريم التأفيف‪ ،‬واعترفا بأنه ليس للعقل هنا مدخل‪ ،‬ال في الوجوب وال في عدم((ه‪ ،‬كم((ا قال((ه في‬
‫المحصول‪ 1‬أيضا‪ ،‬وهذه الثانية أبدلها في المستصفى بالحكم الوارد على‬
‫سبب كرجم ماعز‪ ،‬وأبدلها في البرهان بالحكم الذي هو في معنى المنصوص عليه‪ ,‬كقياس صب البول في الماء بالبول في((ه‪،‬‬
‫لكنه جعل الثاني من كالم المصنف داخال في القسم األول‪ ،‬وأنكر داود الظاهري وأتباعه التعبد( به شرعا‪ ،‬أي‪ :‬قالوا‪ :‬لم ي((رد‬
‫في الش((رع م((ا ي((دل على العم((ل بالقي((اس‪ ،‬وإن ك((ان ج((ائزا عقال‪ ،‬وه((ذا ال((ذي ذك((ره المص((نف مخ((الف لم((ا في المحص((ول‬
‫والحاصل‪ ،‬فإن المذكور فيهما أن داود وأصحابه قالوا‪ :‬يستحيل عقال التعبد( بالقياس كالمذهب الذي ذكره المصنف بعد ه((ذا‪،‬‬
‫لكنه موافق لما نقله عنه الغزالي وإمام الحرمين‪ ،‬وه((و مقتض((ى كالم اآلم((دي وابن الح((اجب أيض((ا‪ ،‬وذهب جماع((ة إلى أن((ه‬
‫يس((تحيل عقال التعب(د( بالقي((اس‪ ،‬ونقل((ه المص((نف عن النظ((ام والش((يعة‪ ،‬وفي((ه نظ((ر من وج((وه‪ ،‬منه((ا أن ص((احبي المحص((ول‬
‫والحاصل وغيرهما نقلوا عن النظام أنه يقول بذلك في شريعتنا خاصة‪ ,‬قال‪ :‬ألن مبناها على الجمع بين المختلفات والتفريق‬
‫بين المتماثالت كما سيأتي‪" .‬ومنها" أن المص((نف ق((د ذك((ر بع((د ه((ذا أن القي((اس الجلي لم ينك((ره أح((د‪ ,‬وأن النظ((ام يق((ول‪ :‬إن‬
‫التنصيص على العلة أمر بالقياس‪ ،‬فلزم من ذلك أن يكون مذهب النظام كم((ذهب القاش(اني والنه((رواني من غ(ير ف((رق‪ ,‬وق((د‬
‫غاير بينهما وأن يكون مذهب داود والشيعة مخصوصا أيضا‪ ،‬ومنها أن الشيعة منقسمة إلى إمامية وزيدية‪ (،‬والزيدية ق((ائلون‬
‫بأنه حجة كما سيأتي في كالمه‪ .‬قوله‪ :‬اس((تدل أي‪ :‬اس((تدل أص((حابنا على كون((ه حج((ة بالكت((اب‪ ,‬والس((نة‪ ،‬واإلجم((اع‪ ،‬وال((دليل‬
‫العقلي‪ ،‬األول‪ :‬الكت((اب وه((و قول((ه تع((الى‪{ :‬فَ((ا ْعتَبِرُوا} ووج((ه الدالل((ة أن القي((اس مج((اوزة ب((الحكم عن األص((ل إلى الف((رع‪،‬‬
‫والمجاوزة اعتبار؛ ألن االعتبار معناه العبور وهو المجاوزة‪ ،‬تقول‪ :‬جزت على فالن أي‪ :‬عبرت عليه‪ ،‬واالعتبار مأمور به‬
‫لقوله تعالى‪{ :‬فَا ْعتَبِ ُروا} وإلى االعتبار أشار المصنف بقوله‪ :‬وهو‪ ،‬فينتج( أن القياس م((أمور ب((ه‪ .‬قول((ه‪" :‬قي((ل‪ :‬الم((راد" أي‪:‬‬
‫اعترض الخصم بثالثة أوجه‪ ,‬أحدها‪ :‬ال نسلم أن المراد باالعتبار هنا هو القياس بل االتعاظ‪ ،‬فإن القياس الشرعي ال يناس((ب‬
‫صدر اآلية؛ ألنه حينئذ يكون معنى اآلية يخربون بيوتهم بأيديهم وأي(دي المؤم(نين‪ (،‬فقاس(وا ال(ذرة على ال(بر‪ ،‬وه(و في غاي(ة‬
‫الركاكة فيصان كالم البارئ تعالى عنه‪ ،‬وأجاب المصنف بأن الم((رد باالعتب((ار ه((و الق((در المش((ترك بين القي((اس واالتع((اظ‪،‬‬
‫والمشترك بينهما هو المجاوزة‪ ،‬فإن القياس مجاوزة عن األصل إلى الفرع كما تقدم‪ ،‬واالتع((اظ مج((اوزة من ح(ال الغ((ير إلى‬
‫حال نفسه‪ ،‬وكون صدر اآلية غير مناسب للقياس بخصوصه ال يستلزم عدم مناسبته للقدر المشترك بينه وبين االتعاظ‪ ،‬ف((إن‬
‫من سئل عن مسألة فأجاب بم(ا ال يتناوله((ا فإن((ه يك((ون ب((اطال‪ ،‬ول((و أج(اب بم(ا يتناوله((ا ويتن(اول غيره(ا فإن(ه يك(ون حس((نا‪،‬‬
‫واالعتراض الثاني‪ :‬أنه ال يلزم من األمر باعتبار الذي هو القدر المشترك األم((ر بالقي((اس‪ ،‬ف((إن الق((در المش((ترك مع((نى كلي‬
‫والقياس جزئي من جزئياته‪ ،‬والدال على الكلي ال يدل على الجزئي‪ ,‬وأجاب في المحصول بوجهين‪ ,‬أحدهما وعلي((ه اقتص((ر‬
‫المصنف‪ :‬أن ما قاله الخصم من كون األمر بالماهية الكلية ال يكون أمرا بشيء من جزئياته(ا على التع((يين‪ ،‬مس((لم لكن ههن((ا‬
‫قرينة دالة على العموم وهي جواز االستثناء‪ ،‬فإنه يصح أن يقال‪" :‬اعتبروا" إال في الشيء الفالني‪ ،‬وق((د تق((دم غ((ير م((رة أن‬
‫االستثناء معيار العموم‪ ،‬وهذا الجواب ضعيف؛ ألن االستثناء إنما يكون معيار العموم إذا ك((ان عب((ارة عن إخ((راج م((ا ل((واله‬
‫لوجب دخوله إما قطعا أو ظنا‪ ،‬ونحن ال نس(لم أن االس(تثناء به(ذا التفس(ير يص(ح هن(ا‪ ،‬ف(إن الفع(ل في س(ياق اإلثب(ات ال يعم‪،‬‬
‫وأيضا فإن هذا الجواب لو صح ألمكن اطراده في سائر الكليات فال يوجد كلي إال وهو يدل على سائر الجزئيات وهو باطل‪.‬‬
‫والجواب الثاني‪ :‬أن ترتيب الحكم على الشيء يقتضي العلية‪ ،‬وذلك يقتضي أن علة األمر باالعتبار هو كونه اعتب((ارا‪ ،‬فل((زم‬
‫أن يكون كل اعتبار مأمورا به وهو أيضا ضعيف‪ ،‬لما قاله صاحب التحصيل من كونه إثباتا للقياس بالقياس‪ ,‬وقد يجاب آخر‬
‫وهو أن األمر بالماهية المطلقة وإن لم يدل على وجوب الجزئيات لكنه يقتضي التخيير بينهم((ا عن((د ع((دم القرين((ة‪ ،‬والتخي((ير‬
‫يقتضي جواز العمل بالقياس‪ ،‬وجواز العمل به يستلزم وجوب الفعل به؛ ألن كل من قال بالجواز قال بالوجوب‪ .‬االع((تراض‬
‫الثالث‪ :‬سلمنا أن اآلية تدل على األمر بالقياس‪ ،‬لكن ال يجوز التمسك بها ألن التمسك بالعموم واشتقاق الكلمة كم((ا تق((دم إنم((ا‬
‫يفي((د الظن‪ ،‬والش((ارع إنم((ا أج((از الظن في المس((ائل العملي((ة وهي الف((روع بخالف األص((ول؛ لف((رط االهتم((ام به((ا‪ ،‬وأج((اب‬
‫المصنف بأنا ال نسلم أنها عملية؛ ألن المقصود من كون القياس حجة إنم(ا ه(و العم(ل ب(ه ال مج(رد اعتق(اده كأص(ول ال(دين‪،‬‬
‫والعمليات يكتفى فيها بالظن فكذلك ما كان وسيلة إليها‪ ،‬هذا هو الصواب في تقديره‪ ،‬وقد ص((رح ب((ه في الحاص((ل وه((و رأي‬
‫أبي الحسين‪ ،‬وإن كان األكثرون كما نقل(ه اإلم(ام واآلم(دي‪ ,‬ق(الوا‪ :‬إن(ه قطعي‪ ،‬وأم(ا ق(ول بعض الش(ارحين‪ :‬إن(ه يكتفى فيه(ا‬
‫بالظن مع كونها علمية لكنها وسيلة‪ ,‬فباطل قطعا؛ ألن المعلوم يستحيل إثباته بطريق مظنونة‪ ،‬وقد ال(تزم في المحص(ول ه(ذا‬
‫ت لَ ُك ْم ِدينَ ُك ْم} [المائ((دة‪]3 :‬‬ ‫{اليَوْ َم َأ ْك َم ْل ُ‬
‫السؤال ولم يجب عنه‪ .‬قال‪" :‬الثاني‪ :‬قصة معاذ وأبي موسى قيل‪ :‬كان ذلك قبل نزول ْ‬
‫قلنا‪ :‬المراد األصول لعدم النص على جميع الفروع‪ .‬الثالث‪ :‬أن أبا بكر قال في الكاللة‪ :‬أقول ب((رأيي‪ :‬للكالل((ة م((ا ع((دا الوال((د‬
‫والولد‪ ،‬والرأي هو القياس إجماعا‪ ،‬وعمر أمر أبا موسى في عهده بالقياس وقال في الجد‪ :‬أقضي فيه ب((رأيي‪ ،‬وق((ال عثم((ان‪:‬‬
‫إن اتبعت رأيك فسديد‪ ،‬وقال علي‪ :‬اجتمع رأيي ورأي عمر في أم الولد‪ ،‬وق((اس ابن عب((اس الج((د على ابن االبن في الحجب‪,‬‬
‫ولم ينكر عليهم وإال الشتهر‪ .‬قيل‪ :‬ذموه أيضا‪ ،‬قلنا‪ :‬حيث فق((د ش(رطه توفيق((ا‪ .‬الراب((ع‪ :‬أن ظن تعلي((ل الحكم في األص((ل بعل((ة‬
‫توجد في الفرع‪ ,‬يوجب ظن الحكم في الفرع والنقصان وال يمكن العم((ل بهم((ا وال ال((ترك لهم((ا‪ ,‬والعم((ل ب((المرجوح ممن((وع‬
‫فتعين العمل بالراجح"‪.‬‬
‫أقول‪ :‬الدليل الثاني على حجية القياس‪ :‬السنة‪ ,‬فإنه روي "أن النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬بعث مع((اذا وأب(ا موس(ى إلى اليمن‬
‫قاضيين‪ ,‬كل واحد منهما في ناحية فقال لهما‪" :‬بم تقضيان؟ " فقاال‪:‬‬
‫نهاية السول شرح منهاج الوصول (ص‪)308 :‬‬
‫إذا لم نجد الحكم في السنة نقيس األمر باألمر‪ ,‬فما كان أقرب إلى الحق عملنا به‪ ,‬فقال علي((ه الص((الة والس((الم‪" :‬أص((بتما" ‪1‬‬
‫{اليَ((وْ َم َأ ْك َم ْل ُ‬
‫ت لَ ُك ْم ِدينَ ُك ْم} فيك((ون‬ ‫واعترض الخصم بأن تصويب النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬كان قب((ل ن((زول قول((ه تع((الى‪ْ :‬‬
‫القياس حجة في ذلك الزمان؛ لكون النصوص غير وافية بجميع األحكام‪ ,‬وأما بعد إكمال الدين والتنصيص على األحكام فال‬
‫يكون حجة؛ ألن شرط القياس فقدان النص‪ .‬والجواب أن التصويب دال على كونه حج(ة مطلق(ا‪ ،‬واألص((ل ع((دم التخص((يص‬
‫بوقت دون وقت‪ ،‬المراد من اإلكمال المذكور في اآلية إنما هو إكمال األصول؛ ألنا نعلم أن النصوص لم تشتمل على أحك((ام‬
‫الفروع كلها مفصلة‪ ,‬فيك(ون القي(اس حج((ة في زمانن(ا إلثب((ات تل(ك الف(روع‪ .‬قول(ه‪" :‬الث((الث" أي‪ :‬ال((دليل الث(الث على حجي(ة‬
‫القياس‪ :‬اإلجماع‪ ،‬فإن الصحابة قد تكرر منهم القول به من غير إنكار فكان ذلك إجماعا‪ ,‬بيانه أن أبا بك((ر ‪-‬رض((ي هللا عن((ه‪-‬‬
‫سئل عن الكاللة فقال‪ :‬أقول فيها برأيي‪ ,‬فإن يكن صوابا فمن هللا وإن يكن حطأ فمني ومن الشيطان‪ ,‬الكالل((ة‪ :‬م((ا ع((دا الوال((د‬
‫والوالدة والرأي هو القياس إجماعا كما قاله المصنف‪ ،‬وأيضا فإن عمر رضي هللا عنه لما ولى أبا موسى األشعري البص((رة‬
‫وكتب له العهد أمره فيه بالقياس‪ ،‬فقال‪ :‬اعرف األشباه والنظائر وقس األمور برأيك‪ ،‬وقال عمر أيضا في الج((د‪ :‬أقض((ي في((ه‬
‫برأيي‪ ,‬وقال عثمان لعمر‪ :‬إن اتبعت رأيك فسديد( وإن تتبع رأي من قبلك فنعم الرأي‪ ,‬وقال علي رضي هللا عنه‪ :‬اجتمع رأيي‬
‫ورأي عمر في أمهات األوالد أن ال يبعن وقد رأيت اآلن بيعهن‪ ،‬وقال ابن عباس ‪-‬رضي هللا عنهما‪ :‬الجد على ابن االبن في‬
‫حجب اإلخوة‪ ،‬وقال‪ :‬أال ال يتقي هللا زيد بن ثابت يجعل ابن االبن ابنا وال يجعل أب األب أبا؟! فثبت صدور القياس بما قلن((اه‬
‫وبغيره من الوقائع الكثيرة المشهورة الصادرة عن أكابر الصحابة التي ال ينكرها إال معان((د‪ ،‬ولم ينك((ر أح((د ذل((ك عليهم وإال‬
‫الشتهر إنكاره أيضا‪ ،‬فكان ذلك إجماعا‪ ،‬فإن قيل‪ :‬اإلجماع السكوتي ليس بحجة‪ ،‬قلنا‪ :‬قد تقدم أن محل ذلك عند عدم التك((رار‬
‫فراجعه‪ ،‬وهذا الدليل هو الذي ارتضاه ابن الحاجب وادعى ثبوته ب((التواتر‪ ،‬ض((عف االس((تدالل بم((ا ع((داه‪ .‬قول((ه‪ :‬قي((ل‪ :‬ذم((وه‬
‫أيضا أي‪ :‬ال نسلم أن الباقين لم ينكروا‪ ,‬فقد نقل عن أبي بكر ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬أنه قال‪ :‬أي سماء تظلني وأي أرض تقلني‪ ,‬إذا‬
‫قلت في كتاب هللا برأيي‪ ،‬ونقل عن عمر أنه قال‪ :‬إياكم وأصحاب الرأي‪ ,‬فإنهم أعداء الس((نن‪ ,‬أعيتهم األح(اديث أن يحفظوه(ا‬
‫فقالوا بالرأي‪ ,‬فضلوا وأضلوا‪ .‬وعنه أيضا‪ :‬إياكم والمكايلة قيل‪ :‬وما المكايلة؟ قال‪ :‬المقايسة‪ .‬وقال علي ‪-‬كرم هللا وجه((ه‪ :‬ل((و‬
‫كان الدين يؤخذ قياسا‪ ,‬لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره‪ .‬وعن ابن عب((اس أن((ه ق((ال‪" :‬ي((ذهب ق((راؤكم وص((لحاؤكم‪,‬‬
‫ويتخذ الناس رؤساء جهاال يقيمون األمور برأيهم"‪ .‬وأجاب‬
‫نهاية السول شرح منهاج الوصول (ص‪)309 :‬‬
‫المصنف بأن الذين نقل لهم أو عنهم إنكاره هم الذين نقل عنهم القول ب((ه‪ ,‬فال ب((د من التوفي((ق بين النقلين‪ ،‬فيحم((ل األول على‬
‫القياس الصحيح‪ ،‬والثاني على الفاسد توفيقا بين النقلين وجمعا بين الروايتين‪" .‬قوله تعالى" أي‪ :‬ال((دليل الراب((ع وه((و ال((دليل‪,‬‬
‫أن المجتهد إذا غلب على ظنه كون الحكم في األصل معلال بالعلة الفالني(ة ثم وج(د تل(ك العل(ة بعينه(ا في الف(رع‪ ,‬يحص(ل ل(ه‬
‫بالضرورة ظن ثبوت ذلك الحكم في الفرع‪ ،‬وحصول الظن بالشيء مستلزم لحص((ول ال(وهم بنقيض((ه‪ ،‬وحينئ((ذ فال يمكن((ه أن‬
‫يعمل بالظن والوهم الستلزامه اجتماع النقيضين‪ ,‬وال أن يترك العمل بهما الستلزامه ارتفاع النقيضين‪ ،‬وال أن يعمل ب((الوهم‬
‫دون الظن؛ ألن العم(ل ب(المرجوح م(ع وج(ود ال(راجح ممتن(ع ش(رعا وعقال‪ ،‬فتعين( العلم ب(الظن‪ ،‬وال مع(نى لوج(وب العم(ل‬
‫بالقياس إال ذلك‪ ،‬وهذا الدليل قد تقدم الكالم عليه في تعريف الفقه‪ .‬ق(ال‪" :‬احتج(وا بوج(وه‪ ,‬األول‪ :‬قول(ه تع((الى‪{ :‬ال تُقَ( ِّد ُموا}‬
‫ب} [األنع((ام‪َ { ]59 :‬وِإ َّن الظَّن} [النجم‪ ]28 :‬قلن((ا‪ :‬إن الحكم مقط((وع‬ ‫ط ٍ‬ ‫{وَأ ْن تَقُولُ((وا} { َوال تَ ْق((فُ } [اإلس((راء‪َ { ]36 :‬وال َر ْ‬
‫َ‬
‫والظن في طريقه‪ .‬الثاني‪ :‬قوله ‪-‬عليه الصالة والسالم‪" :‬تعمل هذه األمة برهة بالكتاب وبرهة بالس((نة وبره((ة بالقي((اس‪ ,‬ف((إذا‬
‫فعلوا ذلك فقد ضلوا" ‪ 1‬الثالث‪ :‬ذم بعض الصحابة له من غير نك(ير‪ ،‬قلن(ا‪ :‬معارض(ان بمثلهم((ا فيجب التوفي(ق‪ .‬الراب(ع‪ :‬نق(ل‬
‫{وال‬‫اإلمامية إنكاره عن العترة قلنا‪ :‬معارض بنقل الزيدية‪ .‬الخامس‪ :‬أنه يؤدي إلى الخالف والمنازعة‪ ,‬وقد ق((ال هللا تع((الى‪َ :‬‬
‫تَنَازَ عُوا} [األنفال‪ ]46 :‬قلنا‪ :‬اآلية في اآلراء والحروب لقوله ‪-‬عليه الص((الة والس((الم‪" :‬اختالف أم((تي رحم((ة" ‪ 2‬الس((ادس‪:‬‬
‫الشارع فصل بين األزمنة واألمكنة في الش(رف‪ ،‬والص((لوات في القص((ر‪ ،‬وجم((ع بين الم((اء وال((تراب في التطه((ير‪ ،‬وأوجب‬
‫التعفف على الحرة الشوهاء دون األمة الحسناء‪ ،‬وقطع سارق القلي((ل دون غاص((ب الكث((ير‪ ,‬وجل((د بق((ذف الزن((ا‪ ,‬وش((رط في((ه‬
‫شهادة أربعة دون الكفر‪ ،‬وذلك ينافي القياس‪ ،‬قلنا‪ :‬القياس حيث عرف المعنى"‪ .‬أق((ول‪ :‬احتج المنك((رون للقي((اس بس((تة أوج((ه‬
‫من الكتاب والسنة واإلجماع والمعقول‪ ,‬األول‪ :‬الكتاب وهو آيات‪ ,‬فمنها قوله تعالى‪{ :‬يَا َأيُّهَا الَّ ِذينَ آ َمنُ((وا ال تُقَ( ِّد ُموا بَ ْينَ يَ(د ِ‬
‫َي‬
‫َي هَّللا ِ َو َرسُولِ ِه} لكونه قوال بغير الكتاب والس((نة‪ ،‬ومنه((ا‬ ‫هَّللا ِ َو َرسُولِ ِه} [الحجرات‪ ]1 :‬والقول بمقتضى القياس تقديم {بَ ْينَ يَد ِ‬
‫ك بِ( ِه ِعل ٌم} [اإلس((راء‪]36 :‬‬ ‫ْ‬ ‫ْس لَ( َ‬ ‫قوله تعالى‪َ{ :‬أ ْن تَقُولُوا َعلَى هَّللا ِ َما ال تَ ْعلَ ُمونَ } [البقرة‪ ]169 :‬قوله تعالى‪َ { :‬وال تَقفُ َم((ا لَي َ‬
‫ْ‬
‫ووجه الداللة أن الحكم الثابت بالقياس غير معلوم لكونه متوقف((ا على أم((ور ال يقط((ع بوجوده((ا‪ ,‬فال يج((وز العم((ل ب((ه لآلي((ة‪،‬‬
‫ين} [األنعام‪ ]59 :‬فإنه يدل على اشتمال الكتاب على األحكام كله((ا‪،‬‬ ‫ب ُمبِ ٍ‬ ‫س ِإاَّل فِي ِكتَا ٍ‬
‫ب َوال يَابِ ٍ‬ ‫ومنها قوله تعالى‪َ { :‬وال َر ْ‬
‫ط ٍ‬
‫ق َش( ْيًئا} [النجم‪:‬‬ ‫وحينئذ( فال يجوز العمل بالقياس؛ ألن شرطه فق((دان النص‪ ،‬ومنه((ا قول((ه تع((الى‪ِ{ :‬إ َّن الظَّ َّن ال يُ ْغنِي ِمنَ ْال َح( ِّ‬
‫‪]28‬‬

‫نهاية السول شرح منهاج الوصول (ص‪)310 :‬‬


‫والقياس ظني فال يغني شيئا‪ ,‬وأجاب المصنف بأن الحكم بمقتض((ى القي((اس مقط((وع ب((ه‪ ،‬والظن وق((ع في الطري((ق الموص((لة‬
‫إليه‪ ،‬كما تقدم تقديره في حد الفقه‪ ،‬وهذا الجواب ليس شامال لآلية األولى‪ ،‬وال لآلية الرابعة‪ ،‬بل الجواب عن األولى أن((ه لم((ا‬
‫أمرنا هللا تعالى ورسوله بالقياس‪ ،‬لم يكن القول به تقديما بين يدي هللا ورسوله‪ ،‬والجواب عن الرابعة أن((ه يس((تحيل أن يك((ون‬
‫المراد منها اشتمال الكتاب على جميع األحك(ام الش(رعية من غ(ير واس(طة‪ ,‬فإن(ه خالف الواق(ع ب(ل الم(راد داللته(ا من حيث‬
‫الجملة سواء كان بوسط أو بغير وسط‪ ،‬وحينئذ فال يلزم من ذلك عدم االحتياج إلى القي((اس؛ ألن الكت((اب على ه((ذا التق((دير ال‬
‫يدل على بعضها إال بواسطة القياس‪ ,‬فيكون القياس محتاجا إليه‪ .‬قوله‪ :‬الث(اني أي‪ :‬ال((دليل الث(اني على إبط(ال القي((اس‪ :‬الس(نة‬
‫وهو الحديث الذي ذكره المصنف وداللته ظاهرة‪ .‬قوله‪" :‬الثالث" أي‪ :‬الدليل الثالث‪ :‬اإلجماع‪ ،‬ف((إن بعض الص((حابة ق((د ذم((ه‬
‫كما تق(دم إيض(احه في أدل((ة الجمه((ور‪ ،‬وس((كت الب((اقون عن(ه فك(ان إجماع(ا‪ ,‬وأج(اب المص(نف عن الس(نة واإلجم(اع بأنهم((ا‬
‫معارضان بمثلهما‪ ،‬إذا سبق أيضا فيجب التوفي((ق بينهم((ا ب((أن يحم((ل العم((ل ب((ه على القي((اس الص(حيح وإنك((اره على القي((اس‬
‫الفاسد‪ .‬قوله‪" :‬الرابع" أي‪ :‬الدليل الرابع‪ :‬أن اإلمامية من الشيعة قد نقلوا عن العترة يعني‪ :‬أهل البيت إنك((ارا للعم((ل بالقي((اس‬
‫وإجماع العترة حجة‪ ،‬وجوابه أن نقل اإلمامية معارض بنقل الزيدية‪ (،‬فإنهم من الشيعة أيضا‪ ،‬وق((د نقل((وا إجم((اع الع((ترة على‬
‫العمل بالقياس على أنه تقدم أن إجماعهم ليس بحجة‪ .‬قوله‪" :‬الخامس" أي‪ :‬الدليل الخامس‪ :‬المعقول‪ ،‬وه((و أن القي((اس ي((ؤدي‬
‫إلى الخالف والمنازعة بين المجتهدين لالستقراء‪ ،‬وألنه تابع لألم((ارات واألم((ارات مختلف((ة‪ ،‬وحينئ(ذ( فيك((ون ممنوع((ا لقول((ه‬
‫تعالى‪َ { :‬وال تَنَا َزعُوا} [األنفال‪ . ]46 :‬وأجاب في المحصول بأن هذا الدليل بعينه قائم في األدلة العقلية‪ ،‬فما ك((ان جواب((ا لهم‬
‫كان جوابا لنا‪ ،‬وأجاب المصنف بأن اآلية إنما وردت في اآلراء والحروب لقرينة قوله تع((الى‪{ :‬فَتَ ْف َش (لُوا َوتَ( ْ(ذه َ‬
‫َب ِري ُح ُك ْم} ‪،‬‬
‫فأما التنازع في األحكام فج(ائز لقول(ه ‪-‬علي(ه الص(الة والس(الم‪" :‬اختالف أم(تي رحم(ة" وه(ذا الج(واب لم ي(ذكره اإلم(ام وال‬
‫صاحب الحاصل‪ .‬قوله‪" :‬السادس" أي‪ :‬الدليل السادس وهو من المعقول أيضا‪ ,‬وعلي((ه اعتم((د النظ((ام‪ :‬أن الش((ارع ف((رق بين‬
‫المتماثالت وجمع بين المختلفات‪ ،‬وأثبت أحكاما ال مجال للعقل فيها‪ ،‬وذلك كل((ه ين((افي القي((اس ألن م((دار القي((اس على إب((داء‬
‫المعنى‪ ،‬وعلى إلحاق صورة بصورة أخرى تماثلها في ذلك المع((نى‪ ,‬وعلى التفري((ق بين المختلف((ات كم((ا س((تعرفه من قب((ول‬
‫الفرق عند إبداء الجامع‪ ،‬أما بيان التفريق بين المتماثالت فإن الشارع ق((د ف((رق بين األزمن((ة في الش((رف‪ ,‬ففض((ل ليل((ة الق((در‬
‫واألشهر الحرم على غيرهما‪ ،‬وكذلك األمكنة كتفضيل مكة والمدينة مع استواء الزم((ان والمك((ان في الحقيق((ة‪ ،‬وف((رق أيض((ا‬
‫بين الصلوات في القصر فرخص في قصر الرباعية دون غيرها‪ ،‬وأم((ا بي((ان الجم((ع بين المختلف((ات؛ فألن((ه جم((ع بين الم((اء‬
‫والتراب في جواز الطهارة بهما في أن الماء ينظف‬
‫نهاية السول شرح منهاج الوصول (ص‪)311 :‬‬
‫والتراب يشوه‪ ،‬وأما بيان األحكام التي ال مجال للعقل فيها فألنه تعالى أوجب للتعفيف أي‪ :‬غض البص((ر بالنس((بة إلى الح((رة‬
‫الشوهاء شعرها وبشرتها مع أن الطبع ال يميل إليها‪ ،‬دون األمة الحسناء التي يميل إليها الطب(ع‪ .‬ويحتم((ل أن يري((د المص((نف‬
‫بالتعفف وجوب الستر‪ ،‬أو يريد به كون الواطئ للحرة يصير محصنا دون واطئ األم((ة‪ ،‬وأيض((ا فألن((ه تع((الى أوجب القط((ع‬
‫في سرقة القليل دون غصب الكثير‪ ,‬وأوجب الجلد على الق((اذف بالزن((ا دون الكف((ر‪ ،‬أي‪ :‬بخالف الق((اذف الكف((ر كم((ا قال((ه في‬
‫المحصول‪ ،1‬وشرط في شهادة الزنا شهادة أربع(ة رج(ال واكتفى في الش(هادة على القت(ل ب(اثنين م(ع كون(ه أغل(ظ من الزن(ا‪،‬‬
‫وأجاب المصنف بأنا إنما ندعي وجوب العمل بالقياس حيث عرف المعنى أي‪ :‬العلة الجامعة م(ع انتف(اء المع(ارض‪ .‬وغ(الب‬
‫األحكام من هذا القبيل‪ ،‬وما ذكرتم من الصور فإنها نادرة ال تقدح في حصول الظن الغالب‪ ,‬ال سيما والفرق بين المتم((اثالت‬
‫يجوز أن يكون النتفاء صالحية ما يوهم أنه جامع‪ ،‬أو لوجود معارض‪ ،‬وكذلك المختلفات يجوز اشتراكها في مع((نى ج((امع‪،‬‬
‫وقد ذكر الفقهاء معاني هذه األش((ياء‪ .‬ق((ال‪" :‬الثاني((ة‪ :‬ق((ال النظ((ام والبص((ري وبعض الفقه((اء‪ :‬إن التنص((يص على العل((ة أم((ر‬
‫بالقياس‪ ،‬وفرق أبو عبد هللا بين الفعل والترك‪ .‬لنا أنه إذا قال‪ :‬حرمت الخمر لكونه((ا مس((كرة‪ ,‬يحتم((ل علي((ه اإلس((كار مطلق((ا‪،‬‬
‫وعلية إس((كارها‪ ،‬قي((ل‪ :‬األغلب ع((دم التقيي((د‪ (،‬قلن(ا‪ :‬فالتنص((يص وح((ده ال يفي((د‪ ,‬قي((ل‪ :‬ل(و ق((ال‪ :‬عل((ة الحرم((ة اإلس((كار الن((دفع‬
‫االحتمال‪ ,‬قلنا‪ :‬فيثبت الحكم في كل الصور بالنص"‪ .‬أقول‪ :‬ذهب النظام وأب((و الحس((ين البص((ري وجماع((ة من الفقه((اء وك((ذا‬
‫اإلمام أحمد كما نقله ابن الحاجب إلى أن التنصيص على علة الحكم أمر بالقياس مطلقا‪ ,‬سواء كان في ط((رف الفع((ل كقول((ه‪:‬‬
‫تصدقوا على هذا لفقره أو الترك كقوله‪ :‬حرمت الخمر إلسكارها‪ .‬وقال أبو عبد هللا البصري‪ :‬التنصيص على عل((ة الفع((ل ال‬
‫يكون أمرا بالقياس بخالف علة الترك‪ ,‬والصحيح عند اإلمام واآلمدي وأتباعهما أن(ه ال يك(ون أم(را ب(ه مطلق(ا‪ ,‬ب(ل ال ب(د في‬
‫القياس من دليل يدل عليه ونقله اآلمدي عن أكثر الشافعية ولم يصرح المصنف بالمذهب المختار إلشعار ال((دليل ب((ه‪ ,‬وال((ذي‬
‫نقله هنا عن النظام هو المشهور عنه وعلى هذا فيكون النقل المتقدم عنه وهو استحالة القياس إنما محله عند عدم التنص((يص‬
‫على العلة‪ ,‬ونقل عنه الغزالي في المستصفى أن التنصيص على العلة يقتضي تعميم الحكم في جميع مواردها بطريق عم((وم‬
‫اللفظ ال بالقياس‪ .‬قوله‪" :‬لنا" أي‪ :‬الدليل على ما قلناه أن الشارع إذا قال مثال‪ :‬حرمت الخمر لكونها مس((كرة‪ ,‬فإن((ه يحتم((ل أن‬
‫يكون علة الحرمة هو اإلسكار مطلقا‪ ,‬ويحتمل أن يكون إسكار الخمر بحيث يكون قيد اإلضافة إلى الخمر معتبرا في العل((ة؛‬
‫لجواز اختصاص إسكارها بترتب مفسدة عليه دون إسكار النبيذ‪ (،‬وإذا احتمل األمران‬

‫نهاية السول شرح منهاج الوصول (ص‪)312 :‬‬


‫فال يتعدى التحريم إلى غيرها إال عند ورود األمر بالقياس‪ ،‬وإذا ثبت ذلك في جانب الترك ثبت في الفعل بطريق األولى لم((ا‬
‫تقدم‪ ،‬ولقائل أن يقول‪ :‬هذا الدليل بعينه يقتضي امتناع القياس عن((د التنص((يص على العل((ة م((ع ورود األم((ر ب((ه أيض((ا‪ .‬قول((ه‪:‬‬
‫"قيل‪ :‬األغلب" أي‪ :‬اعترض الخصم من وجهين‪ ،‬أحدهما‪ :‬أن األغلب على الظن في هذا المثال كون اإلس((كار عل((ة للتح((ريم‬
‫مطلقا؛ ألنه وصف مناسب للحكم‪ ،‬وأما كونه من خم((ر أو غ((يره فال أث((ر ل((ه‪ ،‬وحينئ((ذ فيجب ت((رتب الحكم علي((ه حيث وج((د‪،‬‬
‫ويحتمل أن يريد أن األغلب في العلل تعديتها دون تقييدها بمحل الحكم باالستقراء‪ ،‬وأجاب المصنف بأن النزاع إنم((ا ه((و في‬
‫أن التنصيص على العلة هل يستقل بإفادة وجوب القياس أم ال؟ وما ذكرتم يقتضي أنه ال بد أن يضم إليه ك((ون العل((ة مناس((بة‬
‫أو أن الغالب عدم تقييدها بالمحل‪ ,‬ويحتمل أن يريد ما ذكره في المحصول وهو أن مجرد التنصيص على العلة ال يل((زم من((ه‬
‫األمر بالقياس ما لم يدل دليل على وجوب إلحاق الفرع باألصل لالشتراك في العلة‪ ،‬أعني‪ :‬الدليل الدال على وج((وب العم((ل‬
‫بالقياس‪ .‬االعتراض الثاني‪ :‬أن االحتمال ال(ذي ذكرتم(وه وه(و ك(ون العل((ة إس((كار الخم((ر‪ ,‬مخص((وص بالمث((ال الم((ذكور فال‬
‫يتمشى دليلكم في غيره‪ ،‬كما إذا قال الشارع‪ :‬علة حرمة الخمر هو اإلسكار‪ ،‬فإن احتمال التقيي((د بالمح((ل ينقط((ع ههن((ا وتثبت‬
‫الحرمة في كل الصور‪ ،‬وأجاب المصنف بأنا نسلم ثبوت الحكم ههنا في كل الصور‪ ,‬لكنه يكون بالنص ال بالقي((اس‪ ،‬ق((ال في‬
‫المحصول‪ :‬ألن العلم بأن اإلسكار من حيث هو إسكار يقتضي الحرمة‪ ,‬موجب العمل بثبوت ه((ذا الحكم في ك((ل مس((كر‪ ،‬من‬
‫غير أن يكون العلم ببعض األفراد مت((أخرا عن العلم ب((البعض اآلخ(ر‪ ،‬وحينئ(ذ( فال يك((ون ه((ذا قياس((ا ألن((ه ليس جع((ل البعض‬
‫أصال واآلخر فرعا بأولى من العكس‪ ,‬وإنما يك((ون قياس((ا إذا ق((ال‪ :‬ح((رمت الخم((ر لكون((ه مس((كرا‪ .‬واعلم أن ال((ذهاب إلى أن‬
‫الشارع إذا قال‪ :‬علة حرمة الخمر وهو اإلسكار أن الحكم يكون ثابت((ا في النبي((ذ وغ((يره من المس((كرات ب((النص ج((زم ب((ه في‬
‫المحصول وهو مشكل‪ ،‬فإن اللفظ لم يتناول‪ ،‬ولعل هذا هو المقتضى لكون المصنف ع((بر بقول((ه عل((ة الحرم((ة ه((و اإلس((كار‪,‬‬
‫لكنه ال يستقيم من وجه آخر‪ ،‬وهو أن السائل لم يورد السوائل هكذا‪ ،‬فتعبيره بهذا حج(ر على الس(ائل‪ ،‬وأيض(ا فألن((ه يقتض(ي‬
‫حصر التحريم في اإلسكار وهو باطل قطعا‪ ،‬واستدل أبو عبد هللا البصري على مذهبه بأن من ترك أكل شيء لكونه مؤذي((ا‪,‬‬
‫فإنه يدل على تركه لكل مؤ ٍذ‪ ،‬بخالف من ارتكب أمرا لمصلحة كالتصدق على فقير فإنه ال يدل على تصدقه على ك((ل فق((ير‪.‬‬
‫والجوب أنا ال نسلم أنه يدل على تركه لكل مؤ ٍذ‪ ،‬سلمناه لكنه لقرينة التأذي ال لمج((رد التنص((يص على العل((ة‪ .‬ق((ال‪" :‬الثالث((ة‪:‬‬
‫القياس إما قطعي أو ظني‪ ,‬فيكون الفرع بالحكم أولى كتح(ريم الض(رب على تح((ريم الت((أفيف‪ ,‬أو مس(اويا كقي(اس األم(ة على‬
‫العبد( في الس(راية‪ ,‬أو أدون كقي(اس البطيخ على ال(بر في الرب((ا‪ ,‬قي(ل‪ :‬تح(ريم الت((أفيف ي(دل على تح(ريم أن((واع األذى عرف(ا‪،‬‬
‫ويكذبه قول الملك للجالد‪ :‬اقتله وال تستخف‬

‫نهاية السول شرح منهاج الوصول (ص‪)313 :‬‬


‫به‪ ،‬قيل‪ :‬لو ثبت قياسا لما قال به منكره‪ ،‬قلنا‪ :‬القطعي لم ينكر‪ ,‬قيل‪ :‬نفي األدنى يدل على نفي األعلى‪ ،‬كقوله‪ :‬فالن ال يمتل((ك‬
‫الحبة وال النقير وال القطمير‪ ،‬قلنا‪ :‬أما األول فألن نفي الج(زء يس((تلزم نفي الك((ل‪ ،‬وأم((ا الث((اني فألن النق((ل في((ه ض((رورة وال‬
‫ضرورة ههنا"‪ .‬أقول‪ :‬هذه المسألة قررها الشارحون على غ((ير وجهه((ا وق((د يس((ر هللا الك((ريم وج((ه الص((واب فيه((ا‪ ،‬فنق((ول‪:‬‬
‫الكالم هنا في أمرين أحدهما‪ :‬القياس‪ ،‬والثاني‪ :‬الحكم الذي في األصل‪ ،‬فأما القياس نفسه وهو اإللحاق والتس((وية‪ ،‬فق((د يك((ون‬
‫قطعيا‪ ،‬وقد يكون ظنيا‪ ،‬فالقطعي كما قاله في المحصول يتوقف على مقدمتين( فقط‪ ،‬إحداهما‪ :‬العلم بعلة الحكم‪ ،‬والثانية‪ :‬العلم‬
‫بحصول مثل تلك العلة في الفرع‪ ،‬فإذا علمهما المجتهد علم ثب((وت الحكم في الف((رع‪ ،‬س((واء ك((ان ذل((ك الحكم مقطوع((ا ب((ه أو‬
‫مظنونا‪ ،‬ثم مثل له أعني‪ :‬اإلمام بقياس تحريم الضرب على تحريم التأفيف‪ ،‬فإنه قي(اس قطعي؛ ألن(ا نعلم أن العل(ة هي األذى‬
‫ونعلم وجودها فيالضرب‪ ،‬ولكن الحكم ههنا ظني؛ ألنه داللة األلفاظ عن(ده ال تفي(د إال الظن كم(ا تق(دم نقل(ه عن(ه‪ ،‬فتلخص أن‬
‫القياس في هذا المثال قطعي والحكم المستفاد منه ظني‪ ،‬وحاصله أن((ا قطعن((ا بإلح((اق ه((ذا الف((رع في ذل((ك األص((ل في حكم((ه‬
‫المظنون‪ ،‬وأما القياس الظني فهو أن تكون إحدى المقدمتين أو كلتاهم(ا مظنون((ة كقي(اس الس(فرجل على ال((بر في الرب(ا‪ ،‬ب((أن‬
‫الحكم بأن العلة هي الطعم ليس مقطوع((ا ب((ه لج((واز أن تك((ون هي الكي((ل أو الق((وت كم((ا قال((ه الخص((م‪ ،‬وإلى ه((ذا كل((ه أش((ار‬
‫المصنف بقوله‪ :‬القياس إما قطعي أو ظني‪ ،‬األمر الثاني‪ :‬الحكم الذي في األصل‪ ،‬قال في المحص(ول‪ :‬فينظ(ر في(ه‪ ,‬ف(إن ك(ان‬
‫قطعيا فيستحيل أن يكون الحكم في الفرع أولى منه‪ ,‬قال‪ :‬ألنه ليس ف((وق اليقين مرتب((ة‪ ،‬وال((ذي ق((ال مب((ني على أن العل((وم ال‬
‫تتفاوت‪ ,‬وقد تقدم الكالم عليه في الخبر المتواتر‪ ,‬ق((ال‪ :‬ف((إن لم يكن قطعي((ا أي‪ :‬س((واء ك((ان القي((اس قطعي((ا أم لم يكن‪ ،‬فثب((وت‬
‫الحكم في الفرع قد يكون أولى من ثبوته في األصل‪ ،‬وقد يكون مساويا له‪ ،‬وقد يكون دونه‪ ،‬فاألولى كقياس تح((ريم الض((رب‬
‫على تحريم التأفيف‪ ،‬فإن األذى فيه أكثر‪ ,‬أما المساوي فكقياس األمة على العبد في سراية العت((ق من البعض إلى الك((ل‪ ,‬فإن((ه‬
‫قد ثبت في العبد بقوله ‪-‬عليه الصالة والسالم‪"$ :‬من أعتق شركا له في عبد‪ ,‬قدم عليه" ثم قسنا عليه األم((ة وهم((ا متس((اويان‬
‫في ه((ذا الحكم لتس((اويهما في علت((ه‪ ،‬وهي تش((وف الش((ارع إلى العت((ق‪ ،‬ويس((مى ه((ذان القس((مان بالقي((اس في مع((نى األص((ل‪,‬‬
‫ويسميان أيضا بالقياس الجلي وهو ما يقطع في((ه بنفي ت((أثير الف((ارق بين األص((ل والف((رع‪ ،‬فإن((ا نقط((ع ب((أن الف((ارق بين العب(د(‬
‫واألمة وهو الذكورة واألنوثة ال تأثير لهما في أحكام العتق‪ ،‬وأما األدون فهي األقيس((ة ال((تي تس((تعملها الفقه((اء في مب((احثهم‪،‬‬
‫كقياس البطيخ على البر في الرب((ا بج((امع الطعم‪ ،‬فإن((ه يحتم((ل أن تك((ون العل((ة إنم((ا ه((و الق((وت أو الكي((ل‪ ،‬هك((ذا علل((ه بعض‬
‫الشارحين وعلله بعضهم بأن الطعم في المقتات أكثر مما هو في البطيخ‪ ،‬وإلى هذا كله أشار المصنف بقول((ه‪ :‬فيك((ون الف((رع‬
‫إلى آخره‪،‬‬
‫نهاية السول شرح منهاج الوصول (ص‪)314 :‬‬
‫وهو متفرع على القياس من حيث هو‪ ،‬وليس مفرعا عن القياس الظني‪ ،‬وإن أوهم((ه كالم المص((نف وص((رح ب((ه الش(ارحون‬
‫أيضا؛ ولهذا فإن اإلمام جعلهما مسألتين مستقلتين وقررهما بمعنى الذي قررته من أوله إلى آخره‪ ،‬وال((ذي ذك((ره الش((ارحون‬
‫هنا سببه ذهولهم عن تقرير كالم اإلم((ام على وجه((ه‪ ،‬فل((زمهم أن يك((ون المنه((اج مخالف((ا ألص((لية الحاص((ل والمحص((ول من‬
‫وجوه‪ ،‬وأن يكونا قد ناقضا كالميهما بعد أسطر قالئل مناقضة فظيعة حتى صرح بعضهم بها بناء على زعمه‪ ,‬ويعرف ذلك‬
‫بمراجعة المحصول‪ ,‬ومنشأ الغلط توهمهم أن القياس إنما يكون قطعيا إذا كان حكم األصل قطعيا وهو عجيب‪ ،‬فإنه مع كونه‬
‫مخالفا للمحصول واضح البطالن؛ ألن القياس هو التسوية وقد يقطع بتسوية الش((يء بالش((يء في حكم((ه المظن((ون كم((ا تق((دم‬
‫إيضاحه‪ ،‬ومثال ذلك من خ(ارج أن اإلجم(اع منعق(د على تس(وية الخال(ة بالخ(ال في اإلرث أي‪ :‬توريثه(ا أيض(ا‪ ،‬كم(ا ورثن(اه‬
‫بمقتضى قول((ه ‪-‬ص((لى هللا علي((ه وس((لم‪" :‬الخ((ال وارث من ال وارث ل((ه" ‪ 1‬وعلى تق((دير ثبوت((ه‪ (،‬ف((اإلرث مظن((ون والتس((وية‬
‫مقطوع بها‪ ،‬نعم الحكم الثابت بالقياس المظنون ال يكون إال مظنونا‪ .‬واعلم أن في كالم المصنف نظرا من وجهين‪ ,‬أح((دهما‪:‬‬
‫أن تقسيم القياس إلى أدون أراد به ضعف العلة‪ ،‬يعني‪ :‬أن ما فيها من المصلحة أو المفسدة دون ما في األصل‪ ،‬فهذا يقتض((ي‬
‫أن ال يجوز القياس؛ ألن شرطه وجود العلة بكمالها في الفرع كما سيأتي‪ ،‬وإن أراد به شيئا آخر فال بد من بيان((ه‪ .‬الث((اني‪ :‬أن‬
‫الحكم على تحريم الضرب وغيره من أمثلة فحوى الخطاب بأنه من باب القياس‪ ,‬يقتضي أن اللفظ ال يدل علي((ه؛ ألن القي((اس‬
‫إلحاق مسكوت عنه بملفوظ به‪ ،‬لكنه قد ذكر قبيل األوامر والنواهي أن اللفظ يدل عليه بااللتزام‪ ،‬وسماه مفهوم موافقة‪ ،‬وه((ذا‬
‫وارد أيضا على كالم اإلمام وأتباع(ه‪ ،‬وتق(دم التنبي(ه( علي(ه واض(حا‪ ،‬ومنهم من ق(ال‪ :‬المن(ع من الت(أفيف منق(ول ب(العرف عن‬
‫موضوعه اللغوي وهو التلفظ بأف إلى المنع من أنواع األذى كما سيأتي ذكره واالس((تدالل علي((ه‪ ,‬فعلى ه((ذا يك((ون الض((رب‬
‫ثابتا بالمنطوق ال بالمفهوم كما زعمه بعض الشارحين‪ ,‬فتحصلنا على ثالثة مذاهب ذكرها من تكلم على المحص((ول‪ ،‬وال((ذي‬
‫اختاره المصنف هنا وهو كونه قياسا نقله في البره((ان عن معظم األص((وليين‪ ,‬ونص علي((ه الش((افعي في الرس((الة في أواخ((ر‬
‫باب تثبيت خبر الواحد‪ .‬ثم قال‪ :‬وقد يمتنع بعض أهل العلم أن يسمي ه(ذا قياس(ا‪ ،‬واعلم أن(ا إذا قلن(ا‪ :‬إن(ه يك(ون قياس(ا فيك(ون‬
‫قطعيا بال نزاع إال على الوهم السابق فاعرفه‪" .‬قوله‪ :‬قيل‪ :‬تحريم" أي‪ :‬اس((تدل القائ((ل ب((أن الت((أفيف ي((دل على تح((ريم أن((واع‬
‫األذى بثالثة أوجه‪ ،‬أحدها‪ :‬ما فهم أهل العرف له‪ ،‬وجوابه أنه لو كان ك((ذلك لم يحس((ن من المل((ك إذا اس((تولى على ع((دوه أن‬
‫يأمر الجالد بقتله وينهاه عن االستخفاف به‪ ،‬لكون النهي عن االستخفاف على هذا التقدير يدل بااللتزام على‬
‫نهاية السول شرح منهاج الوصول (ص‪)315 :‬‬
‫القتل لكنه يصح‪ ،‬هكذا أجاب به اإلمام فقلده فيه المصنف‪ ،‬وفيه نظر من وجهين‪ ،‬أحدهما‪ :‬أنه ال يطابق الم(دعي أص((ال؛ ألن‬
‫الكالم في نقل التأفيف ال في نقل االستخفاف‪ ،‬وال يلزم من عدم النقل في لفظه عدم النق(ل في أخ(رى‪ ،‬فل(و ق(ال‪ :‬وال نق(ل ل(ه‪:‬‬
‫أف‪ ,‬الستقام‪ .‬الثاني‪ :‬أن النهي عن االستخفاف أو التأفيف ال يدل على تحريم القتل نص(ا ب((ل ظ(اهرا‪ ،‬فغاي((ة ذل((ك أن((ه ص(رح‬
‫بمخالفة الظاهر‪ ،‬وأمر ببعض أنواع االستخفاف‪ ،‬ونهى عن الباقي لغرض‪ ،‬فاألولى في الج((واب من((ع النق((ل‪ ,‬وق((د أج((اب ب((ه‬
‫اإلمام أيضا‪ .‬الدليل الثاني‪ :‬أن تحريم الضرب لو ثبت بالقياس لخالف فيه من يخالف في القياس‪ ،‬وأجيب أن ه((ذا ه((و القي((اس‬
‫الجلي كم(ا تق(دم‪ ،‬والمنك(رون للقي(اس لم ينك(روه ب(ل إنم(ا أنك(روا القي(اس الخفي فق(ط‪ .‬الث(الث‪ :‬أن نفي األدنى ي(دل على نفي‬
‫األعلى‪ ,‬كقولهم‪ :‬فالن ال يملك الحبة‪ ،‬فإنه يدل على نفي الدرهم وال((دينار وغيرهم((ا‪ ،‬وكق((ولهم‪ :‬ال يمل((ك النق((ير وال القطم((ير‬
‫فإنه يدل على أنه ال يملك شيئا البتة من غير نظر إلى القياس‪ ,‬فكذلك نفي التأفيف مع الضرب‪ ،‬والنقير هو النق((رة ال((تي على‬
‫ظهر النواة‪ ,‬والقطمير هو ما في شقها‪ ،‬هكذا قال في المحصول‪ ،1‬ولكن المعروف وه(و الم(ذكور في الص(حاح أن ال(ذي في‬
‫شقها هو الفتيل‪ ،‬وأما القطمير فهو القشرة الرقيقة أي‪ :‬الث((وب‪ ،‬وأج((اب المص((نف ب((أن المث((ال األول إنم((ا دل في((ه نفي األدنى‬
‫على نفي األعلى لكون األدنى وهو الحبة‪ ,‬جزءا لألعلى ونفي الجزء مستلزم لنفي الكل‪ ،‬وأما الثاني وه((و النق((ير والقطم((ير‪،‬‬
‫فنحن نعلم بالضرورة من هذا المثال أنه ليس المراد نفيهما‪ ،‬بل نفي ما يساوي شيئا‪ ،‬ف((دعوى النق((ل فيهم((ا ض((رورية بخالف‬
‫صورة النزاع فإنه ال ضرورة فيها إلى دعوى النقل؛ لجواز الحمل على المعنى اللغوي‪ ،‬ول((ك أن تق((ول‪ :‬الحب((ة اس((م للواح((د‬
‫مما يزرع‪ ,‬فال يلزم من نفيها نفي غيرها‪ ,‬فإن ادعى المجيب أن التقدير ليس عنده زنة حبة‪ ،‬قلنا‪ :‬األصل ع((دم الح((ذف‪ .‬ف((إن‬
‫ادعى اشتهاره في العرف فيلزم أن تكون اللفظة منقولة أيضا وتستوي األمثلة‪ .‬قال‪" :‬الرابعة‪ :‬القياس يج((ري في الش((رعيات‬
‫حتى الحدود والكف(ارات لعم(وم ال(دالئل‪ ،‬وفي العقلي(ات عن(د أك((ثر المتكلمين‪ ,‬وفي اللغ(ات عن(د أك((ثر األدب(اء دون األس((باب‬
‫والعادات أقل الحيض وأكثره"‪ .‬أقول‪ :‬الصحيح وهو مذهب الشافعي كما قاله اإلمام أن القي((اس يج(ري في الش(رعيات كله(ا‪،‬‬
‫أي‪ :‬يجوز التمسك به في إثبات كل حكم ح((تى الح((دود والكف((ارات وال((رخص والتق((ديرات إذا وج((دت ش((رائط القي((اس فيه((ا‪،‬‬
‫وقالت الحنفية‪ :‬ال يجوز القياس في هذه األربعة‪ ،‬ورأيت في باب الرسالة من كتاب البويطي الجزم به في ال((رخص‪ ،‬وألج((ل‬
‫ذلك اختلف جواب الشافعي في جواز العراي((ا في غ((ير ال((رطب والعنب قياس((ا‪ ،‬وذهب الجب((ائي والك((رخي إلى أن القي((اس ال‬
‫يجري في أصول العبادات كإيجاب الصالة‬
‫نهاية السول شرح منهاج الوصول (ص‪)316 :‬‬
‫باإليماء في حق العاجز عن اإلتيان بها بالقياس على إيجاب الصالة قاع((دا في ح((ق الع((اجر عن القي((ام‪ ،‬والج(امع بينهم((ا ه((و‬
‫العجز عن اإلتيان بها على الوجه األكمل‪ ،‬وصحح اآلمدي وابن الحاجب أنه ال يجري في جميع األحكام؛ ألن((ه ثبت فيه((ا م((ا‬
‫ال يعقل معناه كالدية‪ ,‬ثم استدل المصنف على الجواز بأن األدل((ة الدال((ة على حجي((ة القي((اس عام((ة غ((ير مختص((ة بن((وع دون‬
‫نوع‪ ،‬فمثال الحدود إيجاب قطع النباش قياسا على السارق والجامع أخذ مال الغير خفية‪ .‬قال الش((افعي‪ :‬وق((د ك((ثرت أقيس((تهم‬
‫فيها حتى عدوها إلى االستحسان‪ ،‬فإنهم زعموا فيما إذا شهد أربعة على شخص بأنه زنى بامرأة وعين كل شاهد منهم زاوية‬
‫أنه يحد استحسانا‪ ،‬مع أنه على خالف العقل فألن يعمل به فيما يوافق العقل أولى‪ ،‬ومثال الكفارات إيجابه((ا على قات((ل النفس‬
‫عمدا بالقياس على المخطئ‪ ،‬قال الشافعي‪ :‬وألنهم أوجبوا الكفارة في اإلفطار باألكل قياسا على اإلفطار بالجم((اع‪ ،‬وفي قت((ل‬
‫الصيد خطأ قياسا على قتله عمدا‪ ،‬والحنفية حاولوا االعتذار عما وقعوا فيه‪ ،‬فقالوا‪ :‬إن ه((ذا ليس بقي((اس‪ ،‬وإنم((ا ه((و اس((تدالل‬
‫على موضع الحكم لحذف الفوارق الملغاة‪ ،‬وهذا ال ينفعهم فإنه قياس من حيث المعنى لوجود شرائط القي(اس في(ه‪ ،‬وال ع(برة‬
‫بالتسمية‪ ,‬وأما الرخص فقد قاس((وا فيه(ا وب(الغوا كم((ا ق(ال الش(افعي‪ ,‬ف(إن االقتص(ار على األحج(ار في االس(تنجاء من أظه((ر‬
‫الرخص‪ ،‬وهم قد عدوه إلى كل النجاسات‪ ،‬قال‪ :‬وأما المقدرات فقد قاسوا فيه((ا ح((تى ذهب((وا إلى تق((ديراتهم في ال((دلو والب((ئر‪،‬‬
‫يعني‪ :‬أنهم فرقوا في سقوط الدواب إذا ماتت في اآلبار‪ ،‬فقالوا في الدجاجة ينزح كذا وكذا‪ ،‬وفي الف((أرة أق((ل من ذل((ك‪ ،‬وليس‬
‫هذا التقدير عن نص وال إجماع فيكون قياسا‪ ،‬واحتجت الحنفية على الحدود بقوله ‪-‬علي((ه الص((الة والس((الم‪" :‬ادرءوا الح((دود‬
‫بالشبهات"‪ ،‬والقياس شبهة ال دلي((ل ق((اطع‪ ،‬وعلى المق((درات ب((أن العق(ول ال تهت((دي إليه((ا‪ ،‬وعلى ال((رخص بأنه((ا منح من هللا‬
‫تعالى‪ ,‬فال تتعدى فيها مواردها‪ ،‬وعلى الكفارات بأنها على خالف األصل؛ ألنها ضرر والدليل ينفي الضرر‪ ،‬والج((واب أن((ه‬
‫منقوض بما قلناه‪ .‬قوله‪" :‬وفي العقليات" أي‪ :‬ذهب أكثر المتكلمين إلى جواز القياس في العقليات إذا تحقق فيها ج((امع عقلي‪،‬‬
‫إما بالعلة أو الحد أو الشرط أو الدليل‪ .‬قال في المحصول‪ :1‬ومن((ه ن((وع يس((مى إلح((اق الغ((ائب بالش((اهد بج((امع من األربع((ة‪،‬‬
‫فالجمع بالعلة وهو أقوى الوجوه‪ ,‬كقول أصحابنا‪ :‬العالمية في الشاهد يعني المخلوقات معللة بالعلم‪ ،‬فكذلك في الغالب سبحانه‬
‫وتعالى‪ ,‬وأما الجمع بالدليل فكقولنا‪ :‬حد العالم شاهدا من له العلم فكذلك في الغائب‪ ،‬وأما الجمع بال((دليل فكقولن((ا‪ :‬التخص((يص‬
‫واإلتقان يدالن على اإلرادة‪ ،‬والعلم شاهد فكذلك في الغالب‪ ،‬وأم((ا الجم((ع بال((دليل فكقولن((ا‪ :‬ش((رط العلم‪ ،‬واإلرادة في الش((اهد‬
‫وجود الحياة فكذلك في الغائب‪ .‬قوله‪" :‬وفي اللغات" أي‪ :‬ذهب أكثر أهل األدب إلى جواز القياس في اللغ((ات كم((ا نقل((ه عنهم‬
‫ابن جني في الخصائص‪ ،‬وقال اإلمام هنا‪ :‬إنه الحق‪ ،‬قال‪ :‬وذهب أصحابنا وأكثر الحنفي((ة إلى المن((ع‪ ،‬واخت((اره اآلم((دي وابن‬
‫الحاجب‪ ,‬وبه جزم اإلمام في المحصول في كتاب األوامر والنواهي في آخر المسألة‪ ،‬وقد حرر ابن الحاجب مح((ل الخالف‪،‬‬
‫وحاصله أن الخالف ال يأتي في الحكم الذي ثبت بالنقل تعميمه لجميع أفراده باالستقراء كرفع الفاعل ونص((ب المفع((ول‪ ،‬وال‬
‫في االسم الذي ثبت تعميمه ألف(راد ن(وع س(واء ك(ان جام(دا كرج(ل وأس(امة‪ ،‬أو مش(تقا كض(ارب ومض(روب‪ ،‬وال في أعالم‬
‫األشخاص كزيد وعمرو فإنها لم توضع لها لمناسبة بينها وبين غيرها وإنم((ا مح((ل الخالف في األس((ماء ال((تي وض((عت على‬
‫الذوات ألجل اشتمالها على معا ٍن مناسبة للتسمية يدور معها اإلطالق وجودا وعدما‪ ,‬وتلك المعاني مشتركة بين تلك ال((ذوات‬
‫وبين غيرها‪ ،‬فحينئ(ذ( يج((وز على رأي إطالق تل((ك األس((ماء على غ((ير مس((مياتها الش((تراكها معه((ا في تل((ك المع((اني‪ ،‬وذل((ك‬
‫كتسمية النبيذ( خمرا الشتراكه مع عصير العنب في اإلسكار‪ ،‬وكذلك تسمية الالئط زانيا‪ ،‬والنباش سارقا‪ ،‬وفائ((دة الخالف في‬
‫هذه المسألة ما ذكره في المحصول وهو صحة االستدالل بالنصوص الواردة في الخمر والس((رقة والزن((ا على ش(ارب النبي((ذ‬
‫والالئط والنباش‪ ،‬واحتج المجوزون بعم(وم قول((ه تع(الى‪{ :‬فَ(ا ْعتَبِرُوا} [الحش(ر‪ ]2 :‬وب(أن اس(م الخم(ر مثال دائ(ر م(ع ص(فة‬
‫اإلسكار في المعتصر من ماء العنب وجودا وعدما‪ ،‬ف((دل على أن اإلس((كار ه((و العل((ة في إطالق االس((م حيث وج((د اإلس((كار‬
‫وجاز اإلطالق‪ ,‬وإال تخلف المعلول عن علة‪ ،‬واعتراض الخصم بأنه إنما يلزم من وجود علة التسمية وج((ود االس((م إذا ك((ان‬
‫تعليل التسمية من الشارع؛ ألن صدور التعليل من آحاد الناس ال اعتب((ار ب((ه‪ ،‬وله((ذا ل((و ق((ال‪ :‬أعتقت غانم((ا لس((واده لم يعت((ق‬
‫غيره من السود‪ ،‬وحينئذ( فيتوقف المدعي على أن الواضع هو هللا تعالى‪ ،‬وأجاب في المحصول بأنا بين((ا أن اللغ((ات توقيفي((ة‪،‬‬
‫هذا كالمه وهو مخالف لما قدمه في اللغات فإنه اختار الوقف ال التوقيف‪ ،‬واحتج المانعون بالنقض بالق(ارورة وش((بهها‪ ،‬ف(إن‬
‫القارورة مثال إنما سميت بهذا االسم ألجل استقرار الماء فيها‪ ،‬ثم إن ذلك المعنى حاص((ل في الحي((اض واألنه((ار م((ع أنه((ا ال‬
‫تسمى بذلك‪ ،‬وأجاب اإلمام بأن أقصى ما في الباب أنهم ذكروا صورا ال يجري فيها بالقياس‪ .‬وهو غير قادح كم(ا تق(دم مثل((ه‬
‫عن النظام في القياس الشرعي‪ ،‬وهذا الذي ذكره في القارورة من كونهم لم يس((تعملوا فيه((ا القي((اس اللغ((وي ص((ريح في أنه((ا‬
‫وضعت للزجاجة فقط‪ ،‬وهو مخالف لما ذكره في الحقيقة العرفية؛ فإن((ه ق((ال في المحص((ول هن((اك في الكالم على م((ا وض((ع‬
‫عاما ثم تخصص بالعرف ما نصه‪ :‬والخابية والقارورة موضوعان لما يس((تقر في((ه الش((يء‪ ،‬ويخب((أ في((ه‪ ,‬ثم تخصص(ا بش((يء‬
‫معين‪ .‬قوله‪" :‬دون األسباب" يعني أن القياس ال يجري في أسباب األحكام على المشهور‪ ،‬كما قاله في المحص((ول وص((ححه‬
‫اآلمدي وابن الحاجب‪ ،‬وذهب أكثر الشافعية كما قاله اآلمدي إلى الجواز‪ ،‬وقال‪ :‬إن ه((ذا الخالف يج((ري في الش((روط‪ .‬وق((ال‬
‫ابن برهان في األوسط‪ :‬يجري فيها وفي المحال أيضا‪ ،‬فقال‪ :‬يجوز القياس في األسباب والشروط والمحال عندنا خالفا ألبي‬
‫حنيفة‪ ,‬مثال المسألة أن يقال‪ :‬الزنا سبب إليجاب الحد لعلة ك((ذا فك((ذلك الل((واط بالقي((اس علي((ه‪ ،‬واس((تدل الم((انعون ب(أن قي((اس‬
‫اللواط على الزنا مثال في كونه موجبا للحد‪ ،‬إن لم يكن لمعنى مشترك بينهما فال يصح القياس‪ ،‬وإن كان لمعنى مشترك ك((ان‬
‫الموجب للحد ه((و ذل((ك المش((ترك‪ ،‬وحينئ(ذ( يخ(رج ك((ل من الزن(ا والل((واط عن كون((ه موجب((ا؛ ألن الحكم لم(ا أس((ند إلى الق((در‬
‫المشترك استحال مع ذلك إسناده إلى خصوصية كل واحد منهما‪ ،‬وحينئذ فال يصح القياس ألن من شرطه بق((اء حكم األص((ل‬
‫وهو غير باق هنا‪ ,‬وفي هذا الدليل بحث يطول ذكره‪ .‬قوله‪" :‬العادات" أي‪ :‬ال يجري القياس أيضا في األم((ور العادي((ة كأق((ل‬
‫الحيض وأكثره وأقل الحمل وأكثره؛ ألنها تختلف باختالف األشخاص واألزمنة واألمزجة‪ ,‬وال يع((رف أس((بابها وه((ذا الحكم‬
‫منقول في المحصول ومختصراته عن الشيخ أبي إسحاق الشيرازي فقط‪ ,‬ولم يذكر اآلمدي وابن الحاجب‪.‬‬

You might also like