You are on page 1of 7

‫القياس‬

‫االتعريف‬
‫القياس في اللغة‪ :‬التقدير‬
‫والقياس من قاس يقيس وقاس يقوس‪ ،‬ويتعدى بالباء وبعلى)الوجيز(‬
‫واعلم أن القياس حمل فرع على أصل في بعض أحكامه بمعنى يجمع بينهما )اللمع(‬
‫ركن‬
‫فرع‪ :‬وهو المحل الذي لم ينص أو يجمع على حكمه‬
‫أصل‪ :‬وهو المحل الذي ورد فيه نص‪ ،‬أو أجمع المجتهدون على حكم في‬
‫وحده ما عرف حكمه بلفظ تناوله أو ما عرف حكمه بنفسه‪ .‬وقال بعض أصحابنا‪ :‬ما عرف‬
‫به حكم غيره وهذا ال يصح‪ I‬ألن األثمان أصل في الربا وإن لم يعرف بها حكم غيرها‬

‫علة‪ :‬وهي الوصف الجامع المشترك أو الشبه المشترك بين األصل والفرع والذي يتعلق‬
‫الحكم به‬
‫واعلم أن العلة الشرعية أمارة على الحكم وداللة عليه ومن أصحابنا من قال‪ :‬موجبة‪I‬‬
‫للحكم بعدما جعلت علة أال ترى أنه يجب إيجاد الحكم بوجودها ومنهم من قال‪ :‬ليست‬
‫بموجبة ألنها لو كانت موجبة‪ I‬لما جاز أن توجد في حال وال توجه كالعلل العقلية ونحن نعلم‬
‫‪.‬أن هذه العلل كانت موجودة قبل الشرع ولم تكن موجبة للحكم فدل على أنها غير موجبة‬

‫حكمه‪ :‬وهو حكم األصل الشرعي المتعلق بفعل المكلف بطلب الفعل أو طلب الترك أو‬
‫التخيير فيه‬

‫شرط كل الركن‬
‫أصل‪ :‬ويشترط فيه أن يكون شرعيًّا وغير منسوخ‪ I،‬وأال يكون فرعًا من أصل آخر‬
‫واعلم أن األصل قد يعرف بالنص وقد يعرف باإلجماع فما عرف بالنص فضربان ضرب‬
‫يعقل معناه وضرب ال يعقل معناه فما ال يعقل معناه كعدد الصلوات والصيام وما أشبههما ال‬
‫يجوز القياس عليه ألن القياس ال يجوز إال بمعنى يقتضي‪ I‬الحكم فإذا لم يعقل ذلك المعنى لم‬
‫يصح القياس وأما ما يعقل معناه فضربان ضرب يوجد معناه في غيره وضرب ال يوجد‬
‫معناه في غيره فما ال يوجد معناه في غيره ال يجوز قياس غيره عليه وما يوجد معناه في‬
‫غيره فما ال يوجد معناه في غيره ال يجوز قياس غيره عليه وما يوجد معناه في غيره جاز‬
‫القياس عليه سواء كان ما ورد به النص مجمعا على تعليله أو مختلفا فيه مخالفا لقياس‬
‫األصول أو موافقا له وقال بعض الناس‪ :‬ال يجوز القياس إال على أصل مجمع على تعليله‪.‬‬
‫وقال الكرخي وغيره من أصحاب أبي حنيفة‪ I:‬ال يجوز القياس على أصل مخالف للقياس إال‬
‫أن يثبت تعليله بنص أو إجماع أو هناك أصل آخر يوافقه‬
‫وأما ما عرف باإلجماع فحكمه حكم ما ثبت بالنص في جواز القياس عليه على التفصيل‬
‫الذي قدمه في النص‬
‫فرع‪ :‬ويشترط‪ I‬في الفرع أن يساوي األصل في العلة‪ ،‬وأن يساوي حكمه حكم األصل‪ ،‬وأال‬
‫يكون حكمه متقد ًما على حكم األصل‬
‫معرفًا للحكم بحيث يدور الحكم معها‪ ،‬وأن تكون‬
‫علة‪ :‬أن تكون وصفًا ظاه ًرا منضبطًا ِّ‬
‫مطَّ ِردة‪ .‬وغير ذلك من الشروط الكثيرة والبحوث المتعلقة بمسالك العلة‬

‫فالمنصوص عليها مثل أن يقول‪ :‬حرمت الخمر للشدة المطربة فهذا يجوز أن يجعل علة‬
‫والنص عليها يغني عن طلب الدليل على صحتها من جهة االستنباط والتأثير‬
‫وأما المستنبطة‪ I‬فهو كالشدة المطربة في الخمر فإنها عرفت باالستنباط فهذا يجوز أن‬
‫يكون علة‬
‫وقد تكون العلة معنى مؤثرا في الحكم يوجد الحكم بوجوده ويزول بزواله كالشدة المطربة‬
‫في تحريم الخمر واإلحرام بالصالة في تحريم الكالم وقد تكون دليال وال تكون نفس العلة‬
‫كقولنا في إبطال النكاح الموقوف إنه نكاح ال يملك الزوج المكلف إيقاع الطالق فيه وفي‬
‫ظهار الذمي إنه يصح طالقه فصح ظهاره كالمسلم‪ ،‬وهل يجوز أن يكون شبها ال يزول‬
‫الحكم بزواله وال يدل على الحكم كقولنا في الترتيب في الوضوء إنه عبادة يبطلها النوم‬
‫فوجب فيها الترتيب كالصالة على ما ذكرناه من الوجهين في قياس الشبه‬
‫وقد يكون وصف العلة صفة كقولنا في البر إنه مطعوم وقد يكون اسما كقولنا تراب وماء‬
‫وقد يكون حكما شرعيا كقولنا يصح وضوءه أو تصح صالته ومن الناس من قال‪ :‬ال يجوز‬
‫أن يكون االسم علة وهذا خطأ ألن كل معنى جاز أن يعلق الحكم عليه من جهة النص جاز‬
‫أن يستنبط من األصل ويعلق الحكم عليه كالصفات واألحكام‬
‫والذي يدل على صحة العلة شيئان‪ :‬أصل واستنباط‬
‫فساد العلة‬
‫أن العلة شرعية فإذا لم يكن على صحتها دليل من جهة الشرع دل على أنها ليست بعلة‬
‫فوجب الحكم بفسادها‬
‫أن ال تكون العلة مؤثرة‪ I‬في الحكم‬
‫أن تكون منتقضة‪ I‬وهي أن توجد وال حكم معها‬
‫أن يعارضها ما هو أقوى منها من نص كتاب أو سنة أو إجماع‪ ،‬فيدل ذلك على فسادها ألن‬
‫هذه األدلة مقطوع بصحتها فال يثبت القياس معها‬

‫حكم االصل‪ :‬ويشترط فيه أن يكون ثابتًا بنص أو بإجماع‪ ،‬وأال يكون ثابتًا بالقياس‪ ،‬وأن ال‬
‫يكون دليله شاماًل لحكم الفرع‪ ،‬وبشرط أن يكون الحكم معقول المعنى لمعرفة علته‪ ،‬وأن ال‬
‫يكون الحكم معدواًل به عن سنن القياس‪ ،‬وهو ما ال يعقل معناه كأعداد الركعات ومقادير‬
‫الزكاة والكفارات‪ ،‬وما استثني من قاعدة مقررة‪ ،‬كشهادة خزيمة بن ثابت‪ ،‬فإنه خاص به‬
‫اعلم أن الحكم هو الذي تعلق على العلة من التحليل والتحريم واإلسقاط وهو على ضربين‬
‫‪.‬مصرح به ومبهم‬
‫فالمصرح به أن نقول‪ :‬فجاز أن يجب أو فوجب أن يجب وما أشبهه ذلك والمبهم على‬
‫أضرب منها أن نقول فأشبه كذا‬
‫والعلة التي يجمع بها بين الفرع واألصل ضربان منصوص عليها ومستنبطة‪I‬‬

‫حجية القياس‬
‫‌‪‌:‬أواًل ‪ :‬نصوص الكتاب الكريم‬
‫‪.‬قال هللا تعالى‪{ :‬فَا ْعتَبِ ُروا يَا ُأولِي اَأْل ْب َ‬
‫صا ِر (‪[ })2‬الحشر‪]2 :‬‬
‫االعتبار هو القياس‪ ،‬واآلية أمرت باالعتبار‪ ،‬واألمر يفيد الوجوب‪ ،‬فيكون القياس واجبًا‬
‫على المجتهد‪ ،‬وإذا كان القياس واجبًا على المجتهد فيجب عليه أن يلتزم بالحكم الذي‬
‫وصل إليه اجتهاده‪ ،‬وأنه هو حكم هللا تعالى في اعتقاده (‪ ،)1‬قال الشوكاني‪ :‬االعتبار‬
‫مشتق من العبور‪ ،‬والقياس عبور من حكم األصل إلى حكم الفرع‪ ،‬فكان داخاًل تحت األمر‬
‫‌‪‌:‬ثانيًا‪ :‬السنة‬
‫ثبت أن النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬لما بعث معاذا إلى اليمن قال له‪" :‬كيف تقضي إن‬
‫عرض لك قضاء؟ " قال‪ :‬بكتاب هللا‪ ،‬قال‪" :‬فإن لم تجد في كتاب هللا؟ " قال فبسنة رسول‬
‫هللا‪ ،‬قال‪" :‬فإن لم تجد؟ " قال‪ :‬أجتهد رأيي وال آلو‪ ،‬واالجتهاد هو القياس‪ ،‬وفي رواية‬
‫قال‪ :‬أقيس األمر باألمر‪ ،‬فما كان أقرب إلى الحق عملت به‪ ،‬فقال ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪:-‬‬
‫أصبت‪,‬فالرسول ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬أقر معا ًذا على طريقة القضاء‪ ،‬فيكون االجتهاد‬
‫والقياس ثابتًا بالسنة التقريرية‪I‬‬
‫‌‪‌:‬ثالثًا‪ :‬اإلجماع‬
‫ثبت عن صحابة رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬أنهم اجتهدوا رأيهم‪ ،‬وقاسوا األمور‬
‫على أمثالها‪ ،‬وتكرر ذلك وشاع ولم ينكر عليهم أحد‪ ،‬فكان إجماعًا منهم على حجية القياس‬
‫‌‪‌:‬راب ًعا‪ :‬المعقول‬
‫‪.‬إن الحوادث ال تنتهي‪ ،‬والنصوص محصورة‪ ،‬فال ب َّد من القياس‬
‫شبهات حول القياس والرد عليها‬
‫ووقع الخالف في القياس الشرعي في األحكام‪ ،‬فأنكر ابن حزم والشيعة غير الزيدية‬
‫والنظام القياس‪ ،‬ورفضوا االحتجاج به‪ ،‬وشنع ابن حزم على األئمة‪ I‬لقبولهم القياس‪،‬‬
‫واحتج بقوله تعالى‪َ{ :‬أفَاَل يَتَ َدبَّ ُرونَ ا ْلقُ ْرآنَ َولَ ْو َكانَ ِمنْ ِع ْن ِد َغ ْي ِر هَّللا ِ لَ َو َجدُوا فِي ِه ْ‬
‫اختِاَل فًا‬
‫َكثِي ًرا (‪[ })82‬النساء‪ ]82 :‬ويقول‪ :‬والمجتهدون يختلفون في حكم القياس وفي نتائجه‪،‬‬
‫‪.‬فهو من عند غير هللا‬
‫ويرد عليه أن االختالف المنفي في القرآن هو التناقض في المعنى والبالغة واإلعجاز‪ ،‬أما‬
‫االختالف في األحكام فهو مقبول إجماعًا‪ ،‬لوقوع االختالف بين الصحابة في التيمم‪ ،‬وإعادة‬
‫الصالة‪ ،‬وفي صالة العصر في غزوة بني قريظة‪ ،‬وأقرهم عليه رسول هللا‪ ،‬ولذا قالوا‪:‬‬
‫ضا بقوله تعالى‪َ { :‬ونَ َّز ْلنَا َعلَ ْي َك ا ْل ِكت َ‬
‫َاب تِ ْبيَانًا‬ ‫"اختالف العلماء رحمة" واحتج ابن حزم أي ً‬
‫لِ ُك ِّل ش َْي ٍء} [النحل‪ ]89 :‬فالقرآن فيه بيان لكل األحكام‪ ،‬ولو ثبتت‪ I‬األحكام بالقياس لكان ذلك‬
‫معارضا للقرآن في بيان األحكام‪ ،‬ويُر ُّد عليه أن القرآن تبيان لكل شيء إجمااًل ‪ ،‬وتأتي‬
‫السنة واإلجماع والقياس بيانًا وتفصياًل وتوضيحا‪ ،‬واستدل من السنة بقوله ‪ -‬صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪" :-‬لم يزل أمر بني إسرائيل مستقي ًما حتى قاسوا ما لم يكن على ما كان‪،‬‬
‫وأضلُّوا" فالرسول اعتبر القياس ضالاًل وإضالاًل ‪ ،‬والرد عليه أن هذا ليس بحديث‪،‬‬ ‫َ‬ ‫فضلُّوا‬
‫َ‬
‫ً‬
‫وإنما هو قول لعروة كما رواه الدارمي وأبو عوانة‪ ،‬ولو كان حديثا فهو ضعيف ألن في‬
‫سنده قيس بن الربيع‪ ،‬وقد جرحه علماء الحديث‪ ،‬وأن المعنى أنهم قاسوا بدون علة‬
‫مشتركة بدليل قوله‪ :‬إما لم يكن على ما كان" وهو الحكم بالتشهي‪ I،‬وهذا ممنوع قط ًعا‬
‫ومن الناس من أنكر ذلك والدليل على فساد قوله إن إثبات هذه األحكام ال يخلو إما أن‬
‫يكون بالضرورة أو باالستدالل‪ ،‬والقياس ال يجوز أن يكون بالضرورة‪ ،‬ألنه لو كان كذلك لم‬
‫يختلف العقالء فيها‪ ،‬فثبت أن إثباتها بالقياس واالستدالل بالشاهد على الغائب‬

‫وذهب النظام والشيعة وبعض المعتزلة البغداديين إلى أنه ليس بطريق لألحكام الشرعية‪،‬‬
‫وال يجوز ورود التعبد به من جهة العقل وقال داود وأهل الظاهر‪ :‬يجوز أن يرد التعبد به‬
‫من جهة العقل إال أن الشرع ورد بحظره والمنع منه والدليل على أنه ال يجب العمل به من‬
‫جهة العقل أن تعليق تحريم التفاضل على الكيل أو الطعم في العقل ليس بأولى تعليق‬
‫التحليل عليهما ولهذا يجوز أن يرد الشرع بكل واحد من الحكمين بدال عن اآلخر‪ ،‬وإذا‬
‫استوى األمران في التجويز بطل أن يكون العقل موجبا لذلك‪ .‬وأما الدليل على جواز ورود‬
‫التعبد به من جهة العقل هو أنه إذا جاز أن يحكم في الشيء بحكم لعلة منصوص عليها‬
‫جاز أن يحكم فيه بعلة غير منصوص عليها وينصب‪ I‬عليها دليال يتوصل‪ I‬به إليها أال ترى‬
‫أنه لما جاز أن يؤمر‪ I‬من عاين القبلة بالتوجه إليها جاز أيضا أن يؤمر‪ I‬من غاب عنها أن‬
‫يتوصل بالدليل أليها وأما الدليل على ورود الشرع به ووجوب العمل فإجماع الصحابة‬
‫أقسام القياس‬
‫فأما قياس العلة‪ :‬فهو أن يرد الفرع إلى األصل بالبينة التي علق الحكم عليها في الشرع‪،‬‬
‫وقد يكون ذلك معنى يظهر وجه الحكمة فيه للمجتهد كالفساد الذي في الخمر وما فيها من‬
‫الصد عن ذكر هللا عز وجل وعن الصالة وقد يكون معنى استأثر هللا عز وجل بيانه فيه‬
‫بوجه الحكمة كالطعم في تحريم الربا والكيل وهذا الضرب من القياس ينقسم قسمين جلي‬
‫‪.‬وخفي‬
‫فأما الجلي فهو ما ال يحتمل إال معنى واحدا وهو ما ثبتت علّيته بدليل قاطع ال يحتمل‪I‬‬
‫التأويل وهو أنواع بعضها أجلى من بعض فأجالها ما صرح فيه بلفظ التعليل كقوله تعالى‪:‬‬
‫{ َك ْي ال يَ ُكونَ دُولَةً بَيْنَ اَأْل ْغنِيَا ِء ِم ْن ُك ْم} ‪ .1‬وكقوله صلى هللا عليه وسلم‪" :‬إنما نهيتكم ألجل‬
‫الدافة" فصرح بلفظ التعليل ويليه ما دل عليه التنبيه من جهة األولى كقوله تعالى‪{ :‬فَال‬
‫تَقُ ْل لَ ُه َما ُأفٍّ } فنبه على أن الضرب أولى بالمنع وكنهيه عن التضحية بالعوراء فإنه يدل‬
‫على أن العمياء أولى بالمنع ويليه ما فهم من اللفظ من غير جهة األولى كنهيه عن البول‬
‫في الماء الراكد الدائم واألمر بإراقة السمن الذائب إذا وقعت فيه الفأرة فإنه يعرف من‬
‫لفظه أن الدم مثل البول والشيرج مثل السمن وكذلك كل ما استنبط من العلل وأجمع‬
‫المسلمون عليها فهو جلي كإجماعهم على أن الحد للردع والزجر عن ارتكاب المعاصي‬
‫ونقصان حد العبد عن حد الحر لرقه فهذا الضرب من القياس ال يحتمل إال معنى واحدا‬
‫‪.‬وينقض به حكم الحاكم إذا خالفه كما ينقض إذا خالف‪ .‬النص واإلجماع‬
‫فصل‬
‫وأما الخفي‪ :‬فهو ما كان محتمل وهو ما ثبت بطريق محتمل وهو أنواع بعضها أظهر من‬
‫بعض فأظهرها ما دل عليه ظاهر مثل الطعم في الربا فإنه علم من نهيه صلى هللا عليه‬
‫وسلم عن بيع المطعوم في قوله‪" :‬ال تبيعوا الطعام بالطعام إال مثل بمثل" فإنه علق النهي‬
‫على الطعم فالظاهر أنه علة وكما روى أن بريرة أعتقت فكان زوجها عبدا فخيرها رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم فالظاهر أنه خيرها لعبودية الزوج ويليه ما عرف باالستنباط ودل‬
‫عليه التأثير كالشدة المطربة في الخمر فإنه لما وجد التحريم بوجودها وزال بزوالها دل‬
‫على أنها هي العلة‪ ،‬وهذا الضرب من القياس ألنه محتمل‪ I‬أن يكون الطعام أراد به ما يطعم‬
‫ولكن حرم فيه التفاضل لمعنى غير الطعم وكذلك حديث بريرة‪ I‬يحتمل أنه أثبت الخيار لرقه‬
‫ويحتمل أن يكون لمعنى آخر ويكون ذكر رق الزوج تعريفا وكذلك التحريم في الخمر يجوز‬
‫أن يكون للشدة المطربة ويجوز أن يكون السم الخمر فإن االسم يوجد بوجود الشدة ويزول‬
‫‪.‬بزوالها فهذا ال ينقض به حكم الحاكم‬
‫فصل‬
‫وأما الضرب الثاني من القياس‪ :‬وهو قياس الداللة فهو أن ترد الفرع إلى األصل بمعنى‬
‫غير المعنى الذي علق عليه الحكم في الشرع إال أنه يدل على وجود علة الشرع وهذا على‬
‫اضرب‪ :‬منها أن يستدل بخصيصة من خصائص الحكم على الحكم وذلك مثل أن يستدل‬
‫على منع وجوب سجود التالوة بجواز فعلها على الراحلة فإن جوازه على الراحلة من‬
‫أحكام النوافل ويليه ما يستدل بنظير‪ I‬الحكم على الحكم كقولنا في وجوب الزكاة في مال‬
‫الصبي أنه يجب العشر في زرعه فوجبت الزكاة في ماله كالبالغ وكقولنا في ظهار الذمي‬
‫إنه يصح‪ I‬طالقه يصح ظهاره فيستدل بالعشر على ربع العشر وبالطالق على الظاهر ألنهما‬
‫نظيران فيدل أحدهما على اآلخر وهذا الضرب من القياس يجري مجرى الخفي من قياس‬
‫‪.‬العلة في االحتمال إال أن يتفق فيه ما يجمع على داللته فيصير كالجلي في نقض الحكم به‬
‫فصل‬
‫والضرب الثالث‪ :‬هو قياس الشبه وهو أن تحمل فرعا ً على األصل بضرب من الشبه وذلك‬
‫مثل أن يتردد الفرع بين أصلين يشبه أحدهما في ثالثة أوصاف ويشبه اآلخر في وصفين‬
‫فيرد إلى أشبه األصلين به وذلك كالعبد يشبه الحر في أنه آدمي مخاطب مثاب معاقب‬
‫ويشبه‪ I‬البهيمة‪ I‬في أنه مملوك مقوم فيلحق بما هو أشبه به وكالوضوء يشبه التيمم في‬
‫إيجاب النية من جهة أنه طهارة عن حدث ويشبه إزالة النجاسة في أنه طهارة بمائع‬
‫فيلحق بما هو أشبه به فهذا اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال إن ذلك يصح وللشافعي ما‬
‫يدل عليه ومنهم من قال‪ :‬ال يصح‪ I‬وتأول ما قال الشافعي على أنه أراد به أنه يرجح به‬
‫قياس العلة بكثرة الشبه‪ .‬واختلف القائلون بقياس الشبه فمنهم من قال الشبه الذي يرد‬
‫الفرع إلى األصل يجب أن يكون حكما ومنهم من قال‪ :‬يجوز أن يكون حكما ويجوز أن‬
‫يكون صفة قال الشيخ اإلمام رحمه هللا‪ :‬واألشبه عندي قياس الشبه ال يصح ألنه ليس بعلة‬
‫‪.‬الحكم عند هللا تعالى وال دليل على العلة‪ ،‬فال يجوز تعليق الحكم عليه‬
‫فصل‬

‫و تطبيقاتها‬
‫‪،‬مثل قياس ضرب الوالدين على التأفف فيكون القياس باألولى‬
‫‪،‬وقد تكون مساوية‪ I‬لها كقياس إحراق مال اليتيم على أكله وهو القياس المساوي‬
‫وقد تكون أضعف في الفرع كقياس الموز على البر بجامع الطعمية وهو القياس األدون‬
‫ومثال القياس أن يقيس المجتهد النبيذ‪ ،‬وهو فرع‪ ،‬على الخمر‪ ،‬وهو أصل الشتراكهما في‬
‫علة اإلسكار‬
‫ي‪ ،‬فتكون‬
‫وقياس المالكية الذرة على البر لكونه مقتاتًا مدخ ًرا‪ ،‬وحكم البر أنه مال ربو ٌّ‬
‫‪،‬الذرة كذلك مااًل ربويًّا‬
‫ومثل قياس قبول خبر اآلحاد على قبول الشهادة بجامع العدالة المتوفرة في كل منهما‬
‫يجوز أن يثبت بعلة واحدة أحكام متماثلة كاإلحرام يوجب تحريم الوطء والطيب واللباس‬
‫وغير ذلك وكذلك يجوز أن يثبت بالعلة الواحدة أحكام مختلفة كالحيض يوجب تحريم الوطء‬
‫وإحالل ترك الصالة‪ ،‬ولكن ال يجوز أن يثبت بالعلة الواحدة أحكام متضادة كتحريم الوطء‬
‫وتحليله لتنافيهما‬
‫منزلة القياس‬
‫‌‌أما حكم القياس فإنه يفيد الظن وليس القطع؛ ألنه بذل الجهد من المجتهد‪ ،‬والمجتهد قد‬
‫يصيب وقد يخطئ‪ ،‬وإن الحكم الثابت بالقياس هو حكم شرعي ديني؛ ألنه مأمور به باآلية‬
‫السابقة‪ ،‬وهو طريق لمعرفة األحكام الشرعية‪ ،‬ومصدر من مصادر التشريع يجب العمل به‬
‫فيأتي القياس في المرتبة الرابعة بعد القرآن والسنة واإلجماع‪ ،‬قال اِإل مام الشافعي رحمه‬
‫هللا‪ :‬يحكم بالكتاب والسنة المجتمع عليهما الذي ال اختالف فيها‪ ،‬فنقول لهذا‪ :‬حكمنا في‬
‫الظاهر والباطن‪ ،‬ويُحكم بالسنة قد رويت من طريق األفراد ال يجتمع الناس عليها فنقول‪:‬‬
‫حكمنا بالحق في الظاهر؛ ألنه قد يمكن الغلط فيمن روى الحديث‪ ،‬ونحكم باإلجماع ثم‬
‫بالقياس‪ ،‬وهذا أضعف من هذا‪ ,‬ولكنها منزلة ضرورة‬
‫مجال القياس‬
‫ويثبت بالقياس جميع األحكام الشرعية جملها وتفصيلها وحدودها وكفاراتها ومقدراتها‬
‫وقال أبو هاشم‪ :‬ال يثبت بالقياس إال تفصيل ما ورد النص عليه وإما إثبات جمل لم يرد بها‬
‫النص فال يجوز بالقياس وذلك كميراث األخ ال يجوز أن يبتدأ إيجابه بالقياس ولكن إذا ثبت‬
‫بالنص ميراثه جاز إثبات إرثه مع الجد بالقياس وقال أصحاب أبي حنيفة‪ :‬ال مدخل للقياس‬
‫في إثبات الحدود والكفارات والمقدرات كالنصب في الزكوات والمواقيت في الصلوات وهو‬
‫قول الجبائي‪ ،‬ومنهم من قال‪ :‬يجوز ذلك باالستدالل دون القياس‪ ،‬والدليل على ما قلناه أن‬
‫هذه األحكام يجوز إثباتها بخبر الواحد فجاز إثباتها بالقياس كسائر األحكام‬
‫القياس واإلستدالل‬

‫وفرق أصحاب أبي حنيفة رحمه هللا بين القياس وبين االستدالل فقالوا الكفارة ال يجوز‬
‫إثابتها بالقياس ويجوز إثباتها باالستدالل‪ ،‬وذكروا في إيجاب الكفارة باألكل أن الكفارة‬
‫تجب باإلثم ومأثم األكل كمأثم الجماع وربما قالوا هو أعظم فهو بالكفارة أولى‬

You might also like