Professional Documents
Culture Documents
االتعريف
القياس في اللغة :التقدير
والقياس من قاس يقيس وقاس يقوس ،ويتعدى بالباء وبعلى)الوجيز(
واعلم أن القياس حمل فرع على أصل في بعض أحكامه بمعنى يجمع بينهما )اللمع(
ركن
فرع :وهو المحل الذي لم ينص أو يجمع على حكمه
أصل :وهو المحل الذي ورد فيه نص ،أو أجمع المجتهدون على حكم في
وحده ما عرف حكمه بلفظ تناوله أو ما عرف حكمه بنفسه .وقال بعض أصحابنا :ما عرف
به حكم غيره وهذا ال يصح Iألن األثمان أصل في الربا وإن لم يعرف بها حكم غيرها
علة :وهي الوصف الجامع المشترك أو الشبه المشترك بين األصل والفرع والذي يتعلق
الحكم به
واعلم أن العلة الشرعية أمارة على الحكم وداللة عليه ومن أصحابنا من قال :موجبةI
للحكم بعدما جعلت علة أال ترى أنه يجب إيجاد الحكم بوجودها ومنهم من قال :ليست
بموجبة ألنها لو كانت موجبة Iلما جاز أن توجد في حال وال توجه كالعلل العقلية ونحن نعلم
.أن هذه العلل كانت موجودة قبل الشرع ولم تكن موجبة للحكم فدل على أنها غير موجبة
حكمه :وهو حكم األصل الشرعي المتعلق بفعل المكلف بطلب الفعل أو طلب الترك أو
التخيير فيه
شرط كل الركن
أصل :ويشترط فيه أن يكون شرعيًّا وغير منسوخ I،وأال يكون فرعًا من أصل آخر
واعلم أن األصل قد يعرف بالنص وقد يعرف باإلجماع فما عرف بالنص فضربان ضرب
يعقل معناه وضرب ال يعقل معناه فما ال يعقل معناه كعدد الصلوات والصيام وما أشبههما ال
يجوز القياس عليه ألن القياس ال يجوز إال بمعنى يقتضي Iالحكم فإذا لم يعقل ذلك المعنى لم
يصح القياس وأما ما يعقل معناه فضربان ضرب يوجد معناه في غيره وضرب ال يوجد
معناه في غيره فما ال يوجد معناه في غيره ال يجوز قياس غيره عليه وما يوجد معناه في
غيره فما ال يوجد معناه في غيره ال يجوز قياس غيره عليه وما يوجد معناه في غيره جاز
القياس عليه سواء كان ما ورد به النص مجمعا على تعليله أو مختلفا فيه مخالفا لقياس
األصول أو موافقا له وقال بعض الناس :ال يجوز القياس إال على أصل مجمع على تعليله.
وقال الكرخي وغيره من أصحاب أبي حنيفة I:ال يجوز القياس على أصل مخالف للقياس إال
أن يثبت تعليله بنص أو إجماع أو هناك أصل آخر يوافقه
وأما ما عرف باإلجماع فحكمه حكم ما ثبت بالنص في جواز القياس عليه على التفصيل
الذي قدمه في النص
فرع :ويشترط Iفي الفرع أن يساوي األصل في العلة ،وأن يساوي حكمه حكم األصل ،وأال
يكون حكمه متقد ًما على حكم األصل
معرفًا للحكم بحيث يدور الحكم معها ،وأن تكون
علة :أن تكون وصفًا ظاه ًرا منضبطًا ِّ
مطَّ ِردة .وغير ذلك من الشروط الكثيرة والبحوث المتعلقة بمسالك العلة
فالمنصوص عليها مثل أن يقول :حرمت الخمر للشدة المطربة فهذا يجوز أن يجعل علة
والنص عليها يغني عن طلب الدليل على صحتها من جهة االستنباط والتأثير
وأما المستنبطة Iفهو كالشدة المطربة في الخمر فإنها عرفت باالستنباط فهذا يجوز أن
يكون علة
وقد تكون العلة معنى مؤثرا في الحكم يوجد الحكم بوجوده ويزول بزواله كالشدة المطربة
في تحريم الخمر واإلحرام بالصالة في تحريم الكالم وقد تكون دليال وال تكون نفس العلة
كقولنا في إبطال النكاح الموقوف إنه نكاح ال يملك الزوج المكلف إيقاع الطالق فيه وفي
ظهار الذمي إنه يصح طالقه فصح ظهاره كالمسلم ،وهل يجوز أن يكون شبها ال يزول
الحكم بزواله وال يدل على الحكم كقولنا في الترتيب في الوضوء إنه عبادة يبطلها النوم
فوجب فيها الترتيب كالصالة على ما ذكرناه من الوجهين في قياس الشبه
وقد يكون وصف العلة صفة كقولنا في البر إنه مطعوم وقد يكون اسما كقولنا تراب وماء
وقد يكون حكما شرعيا كقولنا يصح وضوءه أو تصح صالته ومن الناس من قال :ال يجوز
أن يكون االسم علة وهذا خطأ ألن كل معنى جاز أن يعلق الحكم عليه من جهة النص جاز
أن يستنبط من األصل ويعلق الحكم عليه كالصفات واألحكام
والذي يدل على صحة العلة شيئان :أصل واستنباط
فساد العلة
أن العلة شرعية فإذا لم يكن على صحتها دليل من جهة الشرع دل على أنها ليست بعلة
فوجب الحكم بفسادها
أن ال تكون العلة مؤثرة Iفي الحكم
أن تكون منتقضة Iوهي أن توجد وال حكم معها
أن يعارضها ما هو أقوى منها من نص كتاب أو سنة أو إجماع ،فيدل ذلك على فسادها ألن
هذه األدلة مقطوع بصحتها فال يثبت القياس معها
حكم االصل :ويشترط فيه أن يكون ثابتًا بنص أو بإجماع ،وأال يكون ثابتًا بالقياس ،وأن ال
يكون دليله شاماًل لحكم الفرع ،وبشرط أن يكون الحكم معقول المعنى لمعرفة علته ،وأن ال
يكون الحكم معدواًل به عن سنن القياس ،وهو ما ال يعقل معناه كأعداد الركعات ومقادير
الزكاة والكفارات ،وما استثني من قاعدة مقررة ،كشهادة خزيمة بن ثابت ،فإنه خاص به
اعلم أن الحكم هو الذي تعلق على العلة من التحليل والتحريم واإلسقاط وهو على ضربين
.مصرح به ومبهم
فالمصرح به أن نقول :فجاز أن يجب أو فوجب أن يجب وما أشبهه ذلك والمبهم على
أضرب منها أن نقول فأشبه كذا
والعلة التي يجمع بها بين الفرع واألصل ضربان منصوص عليها ومستنبطةI
حجية القياس
:أواًل :نصوص الكتاب الكريم
.قال هللا تعالى{ :فَا ْعتَبِ ُروا يَا ُأولِي اَأْل ْب َ
صا ِر ([ })2الحشر]2 :
االعتبار هو القياس ،واآلية أمرت باالعتبار ،واألمر يفيد الوجوب ،فيكون القياس واجبًا
على المجتهد ،وإذا كان القياس واجبًا على المجتهد فيجب عليه أن يلتزم بالحكم الذي
وصل إليه اجتهاده ،وأنه هو حكم هللا تعالى في اعتقاده ( ،)1قال الشوكاني :االعتبار
مشتق من العبور ،والقياس عبور من حكم األصل إلى حكم الفرع ،فكان داخاًل تحت األمر
:ثانيًا :السنة
ثبت أن النبي -صلى هللا عليه وسلم -لما بعث معاذا إلى اليمن قال له" :كيف تقضي إن
عرض لك قضاء؟ " قال :بكتاب هللا ،قال" :فإن لم تجد في كتاب هللا؟ " قال فبسنة رسول
هللا ،قال" :فإن لم تجد؟ " قال :أجتهد رأيي وال آلو ،واالجتهاد هو القياس ،وفي رواية
قال :أقيس األمر باألمر ،فما كان أقرب إلى الحق عملت به ،فقال -صلى هللا عليه وسلم :-
أصبت,فالرسول -صلى هللا عليه وسلم -أقر معا ًذا على طريقة القضاء ،فيكون االجتهاد
والقياس ثابتًا بالسنة التقريريةI
:ثالثًا :اإلجماع
ثبت عن صحابة رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -أنهم اجتهدوا رأيهم ،وقاسوا األمور
على أمثالها ،وتكرر ذلك وشاع ولم ينكر عليهم أحد ،فكان إجماعًا منهم على حجية القياس
:راب ًعا :المعقول
.إن الحوادث ال تنتهي ،والنصوص محصورة ،فال ب َّد من القياس
شبهات حول القياس والرد عليها
ووقع الخالف في القياس الشرعي في األحكام ،فأنكر ابن حزم والشيعة غير الزيدية
والنظام القياس ،ورفضوا االحتجاج به ،وشنع ابن حزم على األئمة Iلقبولهم القياس،
واحتج بقوله تعالىَ{ :أفَاَل يَتَ َدبَّ ُرونَ ا ْلقُ ْرآنَ َولَ ْو َكانَ ِمنْ ِع ْن ِد َغ ْي ِر هَّللا ِ لَ َو َجدُوا فِي ِه ْ
اختِاَل فًا
َكثِي ًرا ([ })82النساء ]82 :ويقول :والمجتهدون يختلفون في حكم القياس وفي نتائجه،
.فهو من عند غير هللا
ويرد عليه أن االختالف المنفي في القرآن هو التناقض في المعنى والبالغة واإلعجاز ،أما
االختالف في األحكام فهو مقبول إجماعًا ،لوقوع االختالف بين الصحابة في التيمم ،وإعادة
الصالة ،وفي صالة العصر في غزوة بني قريظة ،وأقرهم عليه رسول هللا ،ولذا قالوا:
ضا بقوله تعالىَ { :ونَ َّز ْلنَا َعلَ ْي َك ا ْل ِكت َ
َاب تِ ْبيَانًا "اختالف العلماء رحمة" واحتج ابن حزم أي ً
لِ ُك ِّل ش َْي ٍء} [النحل ]89 :فالقرآن فيه بيان لكل األحكام ،ولو ثبتت Iاألحكام بالقياس لكان ذلك
معارضا للقرآن في بيان األحكام ،ويُر ُّد عليه أن القرآن تبيان لكل شيء إجمااًل ،وتأتي
السنة واإلجماع والقياس بيانًا وتفصياًل وتوضيحا ،واستدل من السنة بقوله -صلى هللا
عليه وسلم " :-لم يزل أمر بني إسرائيل مستقي ًما حتى قاسوا ما لم يكن على ما كان،
وأضلُّوا" فالرسول اعتبر القياس ضالاًل وإضالاًل ،والرد عليه أن هذا ليس بحديث، َ فضلُّوا
َ
ً
وإنما هو قول لعروة كما رواه الدارمي وأبو عوانة ،ولو كان حديثا فهو ضعيف ألن في
سنده قيس بن الربيع ،وقد جرحه علماء الحديث ،وأن المعنى أنهم قاسوا بدون علة
مشتركة بدليل قوله :إما لم يكن على ما كان" وهو الحكم بالتشهي I،وهذا ممنوع قط ًعا
ومن الناس من أنكر ذلك والدليل على فساد قوله إن إثبات هذه األحكام ال يخلو إما أن
يكون بالضرورة أو باالستدالل ،والقياس ال يجوز أن يكون بالضرورة ،ألنه لو كان كذلك لم
يختلف العقالء فيها ،فثبت أن إثباتها بالقياس واالستدالل بالشاهد على الغائب
وذهب النظام والشيعة وبعض المعتزلة البغداديين إلى أنه ليس بطريق لألحكام الشرعية،
وال يجوز ورود التعبد به من جهة العقل وقال داود وأهل الظاهر :يجوز أن يرد التعبد به
من جهة العقل إال أن الشرع ورد بحظره والمنع منه والدليل على أنه ال يجب العمل به من
جهة العقل أن تعليق تحريم التفاضل على الكيل أو الطعم في العقل ليس بأولى تعليق
التحليل عليهما ولهذا يجوز أن يرد الشرع بكل واحد من الحكمين بدال عن اآلخر ،وإذا
استوى األمران في التجويز بطل أن يكون العقل موجبا لذلك .وأما الدليل على جواز ورود
التعبد به من جهة العقل هو أنه إذا جاز أن يحكم في الشيء بحكم لعلة منصوص عليها
جاز أن يحكم فيه بعلة غير منصوص عليها وينصب Iعليها دليال يتوصل Iبه إليها أال ترى
أنه لما جاز أن يؤمر Iمن عاين القبلة بالتوجه إليها جاز أيضا أن يؤمر Iمن غاب عنها أن
يتوصل بالدليل أليها وأما الدليل على ورود الشرع به ووجوب العمل فإجماع الصحابة
أقسام القياس
فأما قياس العلة :فهو أن يرد الفرع إلى األصل بالبينة التي علق الحكم عليها في الشرع،
وقد يكون ذلك معنى يظهر وجه الحكمة فيه للمجتهد كالفساد الذي في الخمر وما فيها من
الصد عن ذكر هللا عز وجل وعن الصالة وقد يكون معنى استأثر هللا عز وجل بيانه فيه
بوجه الحكمة كالطعم في تحريم الربا والكيل وهذا الضرب من القياس ينقسم قسمين جلي
.وخفي
فأما الجلي فهو ما ال يحتمل إال معنى واحدا وهو ما ثبتت علّيته بدليل قاطع ال يحتملI
التأويل وهو أنواع بعضها أجلى من بعض فأجالها ما صرح فيه بلفظ التعليل كقوله تعالى:
{ َك ْي ال يَ ُكونَ دُولَةً بَيْنَ اَأْل ْغنِيَا ِء ِم ْن ُك ْم} .1وكقوله صلى هللا عليه وسلم" :إنما نهيتكم ألجل
الدافة" فصرح بلفظ التعليل ويليه ما دل عليه التنبيه من جهة األولى كقوله تعالى{ :فَال
تَقُ ْل لَ ُه َما ُأفٍّ } فنبه على أن الضرب أولى بالمنع وكنهيه عن التضحية بالعوراء فإنه يدل
على أن العمياء أولى بالمنع ويليه ما فهم من اللفظ من غير جهة األولى كنهيه عن البول
في الماء الراكد الدائم واألمر بإراقة السمن الذائب إذا وقعت فيه الفأرة فإنه يعرف من
لفظه أن الدم مثل البول والشيرج مثل السمن وكذلك كل ما استنبط من العلل وأجمع
المسلمون عليها فهو جلي كإجماعهم على أن الحد للردع والزجر عن ارتكاب المعاصي
ونقصان حد العبد عن حد الحر لرقه فهذا الضرب من القياس ال يحتمل إال معنى واحدا
.وينقض به حكم الحاكم إذا خالفه كما ينقض إذا خالف .النص واإلجماع
فصل
وأما الخفي :فهو ما كان محتمل وهو ما ثبت بطريق محتمل وهو أنواع بعضها أظهر من
بعض فأظهرها ما دل عليه ظاهر مثل الطعم في الربا فإنه علم من نهيه صلى هللا عليه
وسلم عن بيع المطعوم في قوله" :ال تبيعوا الطعام بالطعام إال مثل بمثل" فإنه علق النهي
على الطعم فالظاهر أنه علة وكما روى أن بريرة أعتقت فكان زوجها عبدا فخيرها رسول
هللا صلى هللا عليه وسلم فالظاهر أنه خيرها لعبودية الزوج ويليه ما عرف باالستنباط ودل
عليه التأثير كالشدة المطربة في الخمر فإنه لما وجد التحريم بوجودها وزال بزوالها دل
على أنها هي العلة ،وهذا الضرب من القياس ألنه محتمل Iأن يكون الطعام أراد به ما يطعم
ولكن حرم فيه التفاضل لمعنى غير الطعم وكذلك حديث بريرة Iيحتمل أنه أثبت الخيار لرقه
ويحتمل أن يكون لمعنى آخر ويكون ذكر رق الزوج تعريفا وكذلك التحريم في الخمر يجوز
أن يكون للشدة المطربة ويجوز أن يكون السم الخمر فإن االسم يوجد بوجود الشدة ويزول
.بزوالها فهذا ال ينقض به حكم الحاكم
فصل
وأما الضرب الثاني من القياس :وهو قياس الداللة فهو أن ترد الفرع إلى األصل بمعنى
غير المعنى الذي علق عليه الحكم في الشرع إال أنه يدل على وجود علة الشرع وهذا على
اضرب :منها أن يستدل بخصيصة من خصائص الحكم على الحكم وذلك مثل أن يستدل
على منع وجوب سجود التالوة بجواز فعلها على الراحلة فإن جوازه على الراحلة من
أحكام النوافل ويليه ما يستدل بنظير Iالحكم على الحكم كقولنا في وجوب الزكاة في مال
الصبي أنه يجب العشر في زرعه فوجبت الزكاة في ماله كالبالغ وكقولنا في ظهار الذمي
إنه يصح Iطالقه يصح ظهاره فيستدل بالعشر على ربع العشر وبالطالق على الظاهر ألنهما
نظيران فيدل أحدهما على اآلخر وهذا الضرب من القياس يجري مجرى الخفي من قياس
.العلة في االحتمال إال أن يتفق فيه ما يجمع على داللته فيصير كالجلي في نقض الحكم به
فصل
والضرب الثالث :هو قياس الشبه وهو أن تحمل فرعا ً على األصل بضرب من الشبه وذلك
مثل أن يتردد الفرع بين أصلين يشبه أحدهما في ثالثة أوصاف ويشبه اآلخر في وصفين
فيرد إلى أشبه األصلين به وذلك كالعبد يشبه الحر في أنه آدمي مخاطب مثاب معاقب
ويشبه Iالبهيمة Iفي أنه مملوك مقوم فيلحق بما هو أشبه به وكالوضوء يشبه التيمم في
إيجاب النية من جهة أنه طهارة عن حدث ويشبه إزالة النجاسة في أنه طهارة بمائع
فيلحق بما هو أشبه به فهذا اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال إن ذلك يصح وللشافعي ما
يدل عليه ومنهم من قال :ال يصح Iوتأول ما قال الشافعي على أنه أراد به أنه يرجح به
قياس العلة بكثرة الشبه .واختلف القائلون بقياس الشبه فمنهم من قال الشبه الذي يرد
الفرع إلى األصل يجب أن يكون حكما ومنهم من قال :يجوز أن يكون حكما ويجوز أن
يكون صفة قال الشيخ اإلمام رحمه هللا :واألشبه عندي قياس الشبه ال يصح ألنه ليس بعلة
.الحكم عند هللا تعالى وال دليل على العلة ،فال يجوز تعليق الحكم عليه
فصل
و تطبيقاتها
،مثل قياس ضرب الوالدين على التأفف فيكون القياس باألولى
،وقد تكون مساوية Iلها كقياس إحراق مال اليتيم على أكله وهو القياس المساوي
وقد تكون أضعف في الفرع كقياس الموز على البر بجامع الطعمية وهو القياس األدون
ومثال القياس أن يقيس المجتهد النبيذ ،وهو فرع ،على الخمر ،وهو أصل الشتراكهما في
علة اإلسكار
ي ،فتكون
وقياس المالكية الذرة على البر لكونه مقتاتًا مدخ ًرا ،وحكم البر أنه مال ربو ٌّ
،الذرة كذلك مااًل ربويًّا
ومثل قياس قبول خبر اآلحاد على قبول الشهادة بجامع العدالة المتوفرة في كل منهما
يجوز أن يثبت بعلة واحدة أحكام متماثلة كاإلحرام يوجب تحريم الوطء والطيب واللباس
وغير ذلك وكذلك يجوز أن يثبت بالعلة الواحدة أحكام مختلفة كالحيض يوجب تحريم الوطء
وإحالل ترك الصالة ،ولكن ال يجوز أن يثبت بالعلة الواحدة أحكام متضادة كتحريم الوطء
وتحليله لتنافيهما
منزلة القياس
أما حكم القياس فإنه يفيد الظن وليس القطع؛ ألنه بذل الجهد من المجتهد ،والمجتهد قد
يصيب وقد يخطئ ،وإن الحكم الثابت بالقياس هو حكم شرعي ديني؛ ألنه مأمور به باآلية
السابقة ،وهو طريق لمعرفة األحكام الشرعية ،ومصدر من مصادر التشريع يجب العمل به
فيأتي القياس في المرتبة الرابعة بعد القرآن والسنة واإلجماع ،قال اِإل مام الشافعي رحمه
هللا :يحكم بالكتاب والسنة المجتمع عليهما الذي ال اختالف فيها ،فنقول لهذا :حكمنا في
الظاهر والباطن ،ويُحكم بالسنة قد رويت من طريق األفراد ال يجتمع الناس عليها فنقول:
حكمنا بالحق في الظاهر؛ ألنه قد يمكن الغلط فيمن روى الحديث ،ونحكم باإلجماع ثم
بالقياس ،وهذا أضعف من هذا ,ولكنها منزلة ضرورة
مجال القياس
ويثبت بالقياس جميع األحكام الشرعية جملها وتفصيلها وحدودها وكفاراتها ومقدراتها
وقال أبو هاشم :ال يثبت بالقياس إال تفصيل ما ورد النص عليه وإما إثبات جمل لم يرد بها
النص فال يجوز بالقياس وذلك كميراث األخ ال يجوز أن يبتدأ إيجابه بالقياس ولكن إذا ثبت
بالنص ميراثه جاز إثبات إرثه مع الجد بالقياس وقال أصحاب أبي حنيفة :ال مدخل للقياس
في إثبات الحدود والكفارات والمقدرات كالنصب في الزكوات والمواقيت في الصلوات وهو
قول الجبائي ،ومنهم من قال :يجوز ذلك باالستدالل دون القياس ،والدليل على ما قلناه أن
هذه األحكام يجوز إثباتها بخبر الواحد فجاز إثباتها بالقياس كسائر األحكام
القياس واإلستدالل
وفرق أصحاب أبي حنيفة رحمه هللا بين القياس وبين االستدالل فقالوا الكفارة ال يجوز
إثابتها بالقياس ويجوز إثباتها باالستدالل ،وذكروا في إيجاب الكفارة باألكل أن الكفارة
تجب باإلثم ومأثم األكل كمأثم الجماع وربما قالوا هو أعظم فهو بالكفارة أولى