You are on page 1of 4

‫دراسة القانون بني احلقيقة والتوهم‬

‫كتبها‪ :‬الدكتور عبد الحكيم الحكماوي ‪ -‬أستاذ زائر بكلية الحقوق سال ‪ -‬باحث قانوني‬

‫ال شك أن الكثري منا يتمنى أن يكون رجل قانون‪ ،‬على األقل ألن رجل القانون سيجد أكثر من غريه فرص العيش بوظيفة حمرتمة سواء يف‬
‫القطاع اخلاص أو العام‪ .‬لكن دراسة القانون مل تتح للجميع وإن كنا باملغرب الزلنا نعتمد نظام االستقطاب املفتوح يف كليات احلقوق‪ .‬غري‬
‫أنه ليس لكل من أتيحت له فرصة ولوج كلية احلقوق خترج منها بعد دراسة القانون‪ ،‬فرمبا يكون قد خترج بعد أن توهم أنه درس القانون‪.‬‬
‫قلنا التوهم ألنه ينبين على فكرة وتصور يستبطنهما عقل املتخرج من كلية احلقوق ويرى بناء عليهما أنه أصبح رجل قانون‪ .‬لكن‬
‫السؤال الذي جيب أن نطرحه على أنفسنا هل دراسة القانون تقتصر على حفظ املتون اليت تزخر بها الكتب واالكتفاء بذلك؟ أم أن دراسة‬
‫القانون تقتضي أن ميتلك الطالب أدوات التحليل والرتكيب مبا يضمن له استقاللية الرأي واحلكم على األشياء كما هي ال كما يريد أن‬
‫يراها وتبعا لنزعته الذاتية؟‬
‫أذكر يوما أن طالبني قدِما عندي لالستفسار عن مسألة من مسائل تعامل القضاء مع بعض أنواع القضايا اليت كانت موضوع حبثهما‪ ،‬وملا‬
‫أذنت هلما بذلك فاجأني أحدهما بقوله “إنين أتيت ألتعرف عن الثغرات اليت يستغلها القضاء ويتخذها ذريعة للعصف حبقوق األفراد‪،‬‬
‫فقلت له ما هذا الذي أمسع؟ ومن وجهك لطرح السؤال؟ فأشار علي بأنها إحدى نقط حبثه اليت وجهها له األستاذ املؤطر‪ .‬قلت له ال أظن أن‬
‫أستاذك سيوجهك مثل هذا التوجيه‪ ،‬ولكن استغرابي حتقق عندما أكد لي زميله ما جاء على لسان الطالب األول‪ .‬وعندها سألتهما هل‬
‫تعرفان القانون حقيقة؟ ليجيبين أحدهما نعم‪ .‬فبادرتهما بالسؤال طيب عن أي قانون تتحدثان؟ هل القانون الذي سنه املشرع يف املؤسسة‬
‫التشريعية أم القانون كما درسناه يف الكلية؟ فاندهش الطالب وكأني به يسائل نفسه هل األستاذ يتفلسف أم هو جاد أم يف حالة هزل؟‬
‫املهم أنين حاولت قطع حبل تساؤالته ألبني له أن القانون الذي يتصوره الطالب سواء أكان ال يزال مبدرجات الكلية أو حديث عهد‬
‫بالتخرج منها ينحصر فقط يف ما درسناه يف تلك املدرجات‪ ،‬وأنه مل يبلغ بعد مرحلة التمييز يف ما درسناه بني القانون نفسه وآراء األساتذة‬
‫فيه‪ ،‬وبينت له أن القانون الذي يتوىل القضاء تطبيقه هو نفسه الذي عمل املشرع على سنه ونشر باجلريدة الرمسية‪ ،‬وأما ما درسناه يف‬
‫الكليات فهو نظريات وشروح وتفسريات للمقتضيات التشريعية‪ .‬ألتفاجأ برد سريع للطالب ‪ :‬إننا ال نعرف مثل هذه األمور يا أستاذ” انتهت‬
‫أحداث القصة‪ ،‬ولكن الدروس اليت تستخلص منها مل تنته بعد‪ ،‬فيحق لنا أن نتساءل عن الطريقة اليت يتعامل بعها أطر املستقبل مع‬
‫القانون‪ ،‬هل يدرسون القانون أو يتوهمون أنهم يدرسونه؟‬
‫يف البداية نود أن نشري أن توهم دراسة القانون ليس فيه أي اتهام ألية جهة بالتقصري يف أداء مهمتها‪ ،‬ولكنه تعبري يدل على أن أمرين‬
‫اثنني أهملهما طالب القانون وساعده يف ذلك املناخ العام لدراسة القانون‪ .‬أوهلما أن دراسة القانون ال تقتصر فقط يف حفظ ما وجد يف‬
‫متون الكتب وترداده تردادا ميكانيكيا من غري معرفة مدى صحته من عدمها‪ ،‬خاصة وأن كُتَّاب تلك الكتب هم بشر أيضا يصيبون وخيطئون‬
‫كما نصيب حنن وخنطئ وال أحد منا معصوم من اخلطأ‪ .‬وثانيهما عدم قدرة الطالب على التمييز بني جمال الفقه القانوني الذي هو عبارة‬
‫عن مساءلة النص التشريعي حول ما إذا كان موفقا يف بلوغ املرامي البعيدة حلماية احلقوق وصيانتها أم أنه ال يزال بعيدا عن ذلك متوسال‬
‫يف ذلك بالنظريات واملقارنات بني خمتلف التعبريات التشريعية األجنبية‪ ،‬وبني القانون نفسه الذي يطبقه القاضي بأدوات واجتهادات‬
‫تتالءم مع كل قضية من القضايا املعروضة عليه من غري رجوع ال للنظريات وال للتشريعات األجنبية‪ ،‬ألن عمل القاضي عمل سيادي ال يقبل‬
‫النهل من تشريعات أجنبية باعتبار أن العمل التشريعي بدوره عمل سيادي‪ ،‬كما ال ينهل من النظريات ألنها عبارة عن قراءة للوقائع‬
‫واقرتاح للحلول والبدائل‪.‬‬
‫إن توهم دراسة القانون ينبين على فكرة مفادها أن جوهر القانون وذاته وعينه هو ما يدرس فقط بالكلية؛ ومن آثار ذلك تولد توهم ثان‬
‫مالزم لألول هو أن هناك فرق كبري بني النظري والعملي‪ .‬غري أن هذا الفرق ال وجود له لو أن دراسة القانون يف الكلية قامت أساسا على تلقني‬
‫الطالب أحكام القانون وما ينص عليه التشريع حتى إذا متكن منه فتحت له آفاق النظريات والتشريعات األجنبية لتتسع مداركه وتتقوى‬
‫لديه ملكة التصورات‪ .‬ولكن الواقع خالف ذلك؛ فنظرة الطالب للقانون تؤطرها احملاضرة اليت يغلب عليها طابع التلقني عن طريق عالقة‬
‫عمودية بني أستاذ وطالب يستبطن فيها هذا األخري منهجا واحدا للتعلم هو التلقي واالستهالك حتى يرتسخ لديه انطباع بصورة أو بأخرى‬
‫بأن احلقيقة املطلقة هي ما يتم تلقينه له والحق له يف جمادلته أو مناقشته‪ .‬ومما يزكي هذا االعتبار أن الطالب كلما التصق برأي‬
‫قانوني معني وامتُحِن فيه ثم حصل على نقطة “مشرفة” إال واعتقد أن ما تلقاه صحيح ال يقبل النقاش أو اجملادلة‪ ،‬ولَ َعمْري إن هذا الوضع‬
‫لريفع الرأي إىل مرتبة الوحي غري القابل للنقاش وجيعل صاحبه يف مرتبة اإلله‪.‬‬
‫ومما يرتتب على هذه الوضعية أن الطالب الذي يتوهم دراسة القانون يصبح عدوا لكل من اختلفت رؤيته مع ما تلقاه من دروس ونظريات‪،‬‬
‫وال سبب لذلك إال ألنه مل يرتبَّ على االختالف يف الرأي وتعدده‪ .‬فكيف له أن يقبل بغري الرأي الذي تلقاه؟ ولن يكون يف قولنا هذا ضرب من‬
‫اخليال ألن الشواهد من الواقع كثرية ولكل واحد من قراء هذا املقال أمثلة تصدق هذا القول الواقع حقيقة‪ .‬وما نتيجة كل ذلك إال قتل فكرة‬
‫البحث العلمي القائمة على التطوير والتغيري والتجديد وكلها معاني تناقض فكرة اجلمود اليت يرتبى عليها عقل الطالب وما يتولد عنه من‬
‫ثبات وعدم القابلية للتطور‪.‬‬
‫ولل قارئ أن يتساءل هل حنن نتحامل على جهة ما أو نتجَنَّى يف هذا القول؟ فاجلواب هو ال ثم ال‪ .‬ولكننا نسائل حماورينا هل بالفعل‬
‫ميتلك طالب القانون أدوات االشتغال اليت متكنه من تكوين شخصيته املستقلة مبا يعينه يف استقراء النص التشريعي وبناء ذاته من أجل‬
‫لعب أدواره كاملة أم ال؟‬
‫للجواب عن هذا السؤال جيب التنبيه أوال إىل أن مقومات البحث العلمي يف جمال القانون ال تُختَزَل يف الرتاكم الكمي للمعلومات‬
‫القانونية وتكاثرها؛ وإمنا جيد هذا البحث أسسه ومقوماته يف كيفية استغالل تلك املعلومات وأجرأتها وفق منهج حمدد سلفا وبناء على‬
‫ضوابط متعارف عليها وبواسطة آليات تؤسس لتطور معريف حقيقي‪ .‬وما دون ذلك ال ميكن وصفه بالبحث العلمي وإمنا يبقى جمرد جتميع‬
‫للمعلومات واملعطيات وإعادة إنتاجها يف نفس القالب ولو بتعديل بسيط ال ميس اجلوهر وإمنا يلتصق بالظاهر فقط‪ .‬فعن أي حبث علمي يف‬
‫احلقل القانوني نتحدث يف مثل هده احلالة؟ بل كيف ميكننا مسايرة واقع متغري بنفس األفكار القانونية اجلامدة؟ وأين تتجلى الصفة‬
‫االجتماعية للقانون إذا كانت البحوث والدراسات القانونية متوقفة يف زمن ما بدعوى أن مواضيعها استهلكت حبثا؟‬
‫هذه األسئلة وغريها إن متعن يف أهميتها القارئ الكريم سيقف ال حمالة عند أزمة دراسة القانون وأي أطر قانونية نريدها لغدنا؟ ولن‬
‫نبالغ إن قلنا بأن جتاوز األجوبة عن هذه األسئلة سيكرس أزمة دراسة القانون ويعمقها‪.‬‬
‫إن احلديث عن امتالك آليات البحث العلمي وناصيته يف احلقل القانوني ال تنفك ترتبط مبجموعة من املقومات منها ما هو لغوي و منها‬
‫ما يتعلق باجلانب املنطقي وثالثة متعلقة بالرتاكم املعريف يف احلقول املساعدة للقانون؛ وبعبارة أخرى فإن طالب القانون إن مل يكن مالكا‬
‫بزمام أسس هذه اآلليات فلن يكون له صفة الدارس للقانون وإمنا يتقمص فقط صفة املتوهم لدراسة القانون‪.‬‬
‫يف الكثري من احلاالت نصادف أشخاصا مشهود هلم بالرتبة العلمية يتحدثون عن ختصصهم القانوني الذي يتقنونه‪ ،‬حتى إذا ما سألتهم‬
‫عن جانب آخر من جوانب اإلشكال القانوني موضوع البحث سيكون جوابهم إنين غري خمتص يف هذا الفرع من القانون أو ذاك‪ .‬إن مثل هذا‬
‫الوضع يطرح إشكال اإلحاطة بالظاهرة القانونية على الطاولة ويسائل صاحبه حول مدى قدرته على متثل املوضوع حمل الدراسة‬
‫القانونية ثم هل ميلك القدرة على لعب دور الريادة يف تنشئة أجيال من رجال القانون أو أطره؟‬
‫ال نتصور أن يتم التعامل مع القانون باعتباره حقال معرفيا اجتماعيا باألساس بنوع من التجزئة و”التقسيط املعريف”؛ فال ميكن أن‬
‫نتصور استرياد مفاهيم تؤطر احلقول العلمية التجريبية لنوطِّنها يف حقل اجتماعي مطبوع بطابع التعقيد والتغري‪ .‬وبناء عليه ال نتصور‬
‫أن نتعامل مع القانون مبفهوم التخصص اجلامد وكأننا يف مصحة طبية كل واحد له ختصصه‪.‬‬
‫إن للموضوع القانوني جوانب متعددة ال ميكن فهم جانب منها مبعزل عن اجلوانب األخرى؛ فاحلماية اجلنائية مثال تعترب تتوجيا لقيام‬
‫أوضاع قانونية وواقعية جديرة باالعتبار‪ ،‬وهذا القيام تؤطره قواعد قانونية غري جنائية‪ .‬كما هو احلال مثال بالنسبة لبعض اجلرائم‬
‫القائمة على أسس مدنية‪ .‬ففي مثل مواضيع هذه اجلرائم ال ميكن أن نتصور احلديث عن التخصص يف اجملال اجلنائي دون املدني واحلال أن‬
‫موضوع اجلرمية وأساسها ذو طبيعة مدنية صرفة‪ ،‬والعكس صحيح إذ ال ميكن التذرع بالتخصص يف احلقل املدني دون معرفة الرتابط‬
‫القائم بينه وبني جوانب احلماية اجلنائية أو تصور املشرع لتلك احلماية‪ .‬إذن فمسألة التخصص تعترب ثغرة معرفية تناقض التمكن من‬
‫احلقل املعريف العام الذي يشتغل فيه املهتم بالقانون وبالتالي يؤثر يف قدرة هذا األخري يف تدريس القانون ألن نقل الصورة مبنطق‬
‫التخصص القانوني “اجلامد” جيعل للطالب نظرة قاصرة عن إدراك حقيقة املؤسسات القانونية موضوع الدراسة ويدفعه أيضا لتجزئة‬
‫حتصيله القانوني جتزئة تضر مبعرفته وتؤثر على دراسته للقانون‪ .‬وقد تسببت فكرة التخصص يف العديد من النواقص يف جمال الدراسات‬
‫القانونية قد نتطرق هلا يف مواضيع مستقبلية بإذن اهلل تعاىل‪ ،‬وأثرت يف املراكز القانونية لألفراد تأثريا حرمهم من حقوقهم يف الكثري‬
‫من األحيان ضدا على إرادة التشريع‪.‬‬
‫وإذا كان دارس القانون ال ميتلك زيادة على املوسوعية القانونية القدرة على ربط معارفه يف احلقل القانوني جبوانب معرفية أخرى‬
‫ت ارخيية أو اجتماعية أو نفسية أو ما شابهها فإن قدرته على فهم واستيعاب الظواهر واملواضيع القانونية ومسايرتها ستبقى حمدودة‬
‫وحمصورة وال تفي بالغرض من كونه رجل قانون‪ .‬فاحلاجة إىل التنوع املعريف تبقى قائمة باعتبار هذا األخري رافدا من روافد املعرفة‬
‫القانونية املركزية‪.‬‬
‫إن احلديث عن ضرورة جتاوز النظرة التجزيئية حبجة التخصص وكذا عن ضرورة السعي حنو املوسوعية للتعامل مع القانون هلو األداة‬
‫اليت نسائل بها نوع الدراسة اليت يتلقاها طالب القانون‪ ،‬وهو املفتاح الذي نقف به عند جوانب النقص يف تلك الدراسة‪ .‬فال يعقل أن نُدَرِّس‬
‫ال طالب اجلديد نظرية العقد االجتماعي مثال كمُسَلَّمة يف الوقت الذي يرى فيها واضعوها من أمثال روسو وهوبز وسيسي وغريهم أو ممن‬
‫أتوا بعدهم ككانط وهيكل بأنها جمرد بنيان نظري ال دليل على صحته‪ ،‬ليبقى ذلك الطالب لصيق نظرة أحادية ترى يف نظرية العقد‬
‫االجتماعي ذلك املعط ى النظري املقدس الذي ال يطاله الباطل من بني يديه أو من خلفه وحياكم مجيع املعارف و على رأسها حتديد النطاق‬
‫املعريف الذي يشتغل فيه من خالل تلك النظرة‪ ،‬و األمثلة على ذلك كثرية‪.‬‬
‫إن وضع هذه النقاط حتت جمهر البحث هو الذي يربز ما إذا كان بالفعل الطالب يدرس القانون أم أنه يتوهم أنه يدرس القانون‪،‬‬
‫فمجهوداته جيب أن تضاعف من أجل حتصيل رصني‪ ،‬ولن تتحقق هذه الرصانة إال بتعزيزها باألدوات األخرى‪.‬‬
‫فاللغة مثال‪ ،‬أداة ال مناص من التمكن منها‪ ،‬وإهماهلا جيعل املعرفة القانونية مهزوزة‪ .‬وإذا كانت بنية النص التشريعي بنية لغوية‬
‫باألساس فال سبيل ملعرفة حكم املشرع إال بالتمكن من اللغة اليت صيغ بها ذلك التشريع وأي نقص يف هذا اجلانب سيعصف باملستوى‬
‫الدراسي واملعريف لصاحبه مهما بلغت درجته العلمية‪.‬‬
‫جند يف الكثري من األحيان نقاشات حول بعض املفاهيم الواردة يف النصوص التشريعية فتتضارب اآلراء بشأنها لتربز بعض اآلراء بأن‬
‫املعمول به هو ما مت التنصيص عليه يف الصيغة الفرنسية باعتباره جمسدا حلقيقة إرادة املشرع وجيب االحتكام إليه‪ ،‬وإذا كانت مثل هذه‬
‫النقاشات وهذه اآلراء هلا جانب من التأسيس فإننا حمقني يف مساءلتها حول ما إذا كانت قد عصفت مبجموعة من األسس واملقومات اليت‬
‫وضعها املشرع ذاته للتعامل مع القانون عموما والتشريع على وجه اخلصوص‪ .‬وما جيعلنا نثري مثل هذه النقاط أنها تعترب عمادا من أعمدة‬
‫تلقني القانون مبختلف الكليات حتى إنها أصبحت الزمة يرددها الطلبة بصورة ال واعية كلما وجدوا أنفسهم أمام مأزق لغوي اعرتضهم‬
‫أثناء دراستهم ملقتضى تشريعي معني‪ ،‬كما أنها انتقلت جملال سيادي من جماالت تطبيق القانون أال وهو القضاء وكأننا أصبحنا ال نفرق بني‬
‫الفضاء اجلامعي املطبوع بطابع احلرية وبني اجملال القضائي الذي يقوم على قواعد صارمة‪ .‬ويف هذا السياق أال يعترب االلتجاء للصيغة‬
‫الف رنسية ضربا للقواعد واملبادئ اليت يتلقاها الطالب يف بداية مشواره الدراسي؟ أمل يتلقى بأن أي غموض يف النص التشريعي أو تناقض‬
‫يصيبه جيب أن يُر َفعَ بتدخل تشريعي من نفس املستوى أو من مستوى أعلى وهو ما يصطلح عليه بالتفسري التشريعي‪ ،‬فكيف لنا إذا ما‬
‫ووجهنا بغموض يف البنية اللغوية للنص التشريعي نضرب هذا املبدأ يف الصميم ونلتجئ للصيغة الفرنسية؟ ثم أال يعترب اللجوء للصيغة‬
‫الفرنسية ضربا لقانون التوحيد والتعريب واملغربة وتقويضا ألركانه وغاياته؟ ثم زيادة على ذلك أال يعترب اللجوء للصيغة الفرنسية‬
‫عينها للبحث عن حكم املشرع جمازفة يف حد ذاتها؟‬
‫ولنا أن نتساءل مرة أخرى ما سبب كل هذه األعطاب يف دراسة القانون؟ أال يكمن أحد األسباب يف عدم التمكن من اللغة؟ أال يشكل‬
‫إهماهلا نوعا من النقص يصيب طريقة تدريس القانون؟ والغريب يف األمر أن طالب القانون بدوره أصبح يعترب ختصصه يف القانون يتنايف‬
‫واهتمامه باللغة متذرعا مبربرات واهية من قبيل أنه لو كان يريد االشتغال باللغة لتخصص يف اآلداب؛ واحلال أنه جيهل أهمية اللغة‬
‫ودورها يف فهم القانون وإجادة استخدامه خاصة وأن أهم وسيلة يستعملها رجال القانون هي اللغة ذاتها‪.‬‬
‫وإذا كانت اللغة مهمة باعتبارها أداة من أدوات االشتغال فإن املنطق ال يقل أهمية عنها وهو الوسيلة اليت متكن الشخص من ضبط معارفه‬
‫وهكذا بالنسبة لباقي العلوم املسماة بعلوم اآللة‪.‬‬
‫وإذا استجمعنا كل ما ذكر سيتضح لنا أن دراسة القانون ال تزال تعرتضها أعطاب كثرية إن مل يتداركها الطالب ومل يعِ خبطورتها فإنه‬
‫سيبقى عدوا لكل من خالفه ومتمردا على اتباع سبيل جناته يف مساره الدراسي‪ ،‬حتى إذا بلغ حمطة من حمطات احلاجة لدراسته للقانون‬
‫وجد نفسه أنه كان متوهما لدراسة القانون ال دارسا له‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬منتدى القانون المغربي‬
‫تم اإلطالع بتاريخ‪ 61 :‬أكتوبر ‪2222‬‬
‫إعداد الطالب‪ :‬عبد الغفور موزريك‬

You might also like