Professional Documents
Culture Documents
ملخص القانون الجنائي العام
ملخص القانون الجنائي العام
NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
يتميز القانون الجنائي العام عن القانون الجنا ئي الخاص وكذا عن قانون المسطرة الجنائية من عدة زوايا وأوجه ،إذ في حين
يهتم قانون المسطرة الجنائية بكل الخطوات والشكليات الواجب إتباعها في الشق الجزائي ،نجد أن القانون الجنائي الخاص يميل
إلى دراسة تحديد السلوكات المجرمة على حدى .شروطها وعقوباتها .بينما يقتصر جوهر القانون الجنائي العام في تحديد
المبادئ األساسية التي تبنى عليها نصوص التجريم ويبين كذلك أنواع العقوبات وتدابير األمن وشروط المسؤولية الجزائية
وأحكامها.
مهما كانت الجريمة المنسوبة إليه ،فإن مصطلح “القانون الج نائي يستعمل كذلك التسمية المادة القانونية المتعلقة بالجرائم عامة
سواء كانت جنايات ،جنح أو مخالفات.
إال أن هذه التسمية لم يقع اعتمادها في كل البلدان العربية ،إذ أن في أغلب بلدان الشرق العربي يستعمل مصطلح “قانون
العقوبات” للداللة على نفس المادة .وهذه العبارة مأخوذة في الواقع من القانون الفرنسي الذي إستعمل مصطلح ” القانون
العقابي ”) (le droit penalلتسمية هذا الفرع من القانون.
ولكن يمكن أن يكون للقانون الجنائي مفهوم أوسع من ذلك يجعله ال يتضمن األحكام المتعلقة بالتجريم والعقاب فحسب بل
يتضمن كذلك األحكام المتعلقة بإجراءات محاكمة المجرمين وتنفيذ األحكام الجزائية عليهم .بذلك يكون القانون الجنائي
متضمنا لكل األحكام التي يتكون منها على السواء القانون الجنائي العام والقانون الجنائي الخاص وقانون المسطرة المدنية.
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
وبهذا المفهوم الواسع يمكن أن يشمل القانون الجنائي مجمل األحكام التي تهدف إلى التصدي للجريمة وللمجرمين .ولكن لتحقيق
هذا الهدف ال بد من تدعيم هذه األحكام ببعض المواد األخرى الشيء الذي يجعل القانون الجنائي في عالقة متينة مع باقي
القوانين األخرى .
يتناول علم اإلجرام بالدرس أسباب الجريمة وسبل التصدي لها ،وتعدد أسباب الجريمة وتنوعها جعل هذا العلم يتفرع إلى ثالثة
مواد :مادة تهتم بدراسة طبائع المجرمين واألسباب العضوية التي تدفعهم إلى اإلجرام ومادة أخرى تهتم بعلم النفس الجنائي
الذي يدرس ويبحث في األسباب النفسية التي تدفع الشخص أحيانا إلى إرتكاب الجريمة ،ومادة ثالثة تهتم بدراسة األسباب
اإلجتماعية التي دفعت المجرم إلى إرتكاب الجريمة
وإلى جانب الدور الهام الذي يقوم به علم اإلجرام في تطوير القانون الجنائي ،يقوم على السجون أيضا بدور ال يقل أهمية في
هذا الشأن ،إذ أنه يهتم بكل المسائل المتعلقة بتنفيذ عقوبة السجن وبالبحث عن أنجع السبل التي تساعد على إصالح السجين
وتسهيل اندماجه في المجتمع بعد خروجه من السجن.
يتضح مما تقدم أن القانون الجنائي له عالقة متينة بالعلوم التي تساعد على تطويره وكذلك بالمواد القانونية التي يساعد هو
على تدعيم أحكامها ومؤسساتها للمحافظة على النظام العام وعلى المصالح العامة والخاصة على السواء
و إذا كان الهدف األساسي للقانون الجنائي يتمثل في حماية المجتمع من كل االعتداءات التي تضر بمصالحة الحيوية فإن
طبيعته القانونية تبقى محل نظر في نطاق تحديد مفهومه
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
الرأي األول
الرأي السائد في ما يتعلق بتقسيم المواد القانونية هو أن القانون يتكون من جزئيين رئيسيين وهما القانون العام والقانون
الخاص .وحسب هذا التقسيم يتضمن القانون العام كل الم واد التي تنظم أجهزة الدولة وعالقة األفراد بهذه األجهزة ومن ذلك
القانون الدستوري والقانون اإلداري؛ أما القانون الخاص فيتضمن المواد التي تنظم مصالح األفراد وعالقاتهم ببعضهم البعض
ومن أهمها القانون المدني والقانون التجاري .
ونظرا للدور الهام الذي تقوم به الدولة في ميدان القانون الجنائي ،يعتبر البعض أن هذا القانون يمكن أن يضم إلى القانون
العام وان يعتبر جزء منه .فحسب هذه النظرية ،يعتبر القانون الجنائي من القانون العام ألنه يتطلب تدخل اإلدارة إلثبات
الجرائم والقبض على مرتكبيها وكذلك لتنفيذ األحكام الجزائية القاضية بالعقاب،
كما تعتبر هذه النظرية أن القانون الجنائي من القانون العام نظرا لكون الدعوى العمومية التي تقوم بها النيابة العمومية ضد
مرتكبي الجرائم هي مبدئيا من حق المجتمع وحده الذي تمثله الدولة.
ولكن رغم هذا التقارب الهام بين القانون العام والقانون الجنائي ،فإن هناك من يرى أن هذا األخير هو في الحقيقة أكثر قربا
إلى القانون الخاص .فحسب هذه النظرية يعتبر القانون الجنائي من القانون الخاص ألنه يهدف مثل كل مواد القانون الخاص إلى
حماية مصالح األفراد وتنظيم عالقاتهم ،وكذلك ألن الدعاوی المتعلقة به ترفع أمام المحاكم العدلية تماما مثل كل القضايا
المتعلقة بالقانون الخاص
الرأي الثاني
إال أن هناك من يرى أن هذا التقارب بين القانون الجنائي والقانون العام أو الخاص ال يكفي االعتبار القانون الجنائي مجرد
فرع من القانون العام أو الخاص ،بل ال بد أن نعترف باستقاللية المادة الجنائية وذلك لما تتميز به من خصوصيات بالمقارنة مع
ما يميز مواد القانون العام والقانون الخاص.
وهذه االستقاللية يمكن تأسيسها أوال على خصوصية الجزاء في ميدان المسؤولية؛ إذ أن الجزاء المترتب عن المسؤولية الجنائية
يتمثل أساسا في العقاب المؤذي والمؤلم ،بينما يتمثل الجزاء في ميدان المسؤولية المدنية أو اإلدارية أساسا في إلزام المسؤول
بالتعويض النقدي أو العيني عن الضرر الذي حصل للمتضرر .
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
ومن خصائص القانون الجنائي كذلك اهتمامه بحماية مصلحة المجتمع قبل مصلحة الفرد أو اإلدارة .وهذا ما يجعله يعاقب عن
مجرد محاولة ارتكاب الجريمة التي ال تؤدي إلى اإلضرار بالمعتدى عليه ،بينما في القانون الخاص والقانون العام ال تقوم
المسؤولية في اغلب الحاالت إال إذا أدى الفعل المخالف للقانون إلى اإلضرار بشخص معين.
ثم أن اهتمام القانون الجنائي أساسا بالمصلحة العامة يجعل المشرع يعتمد أحيانا بالنسبة لبعض المؤسسات القانونية مفاهيم أوسع
في التشريع الجنائي من التي يعتمدها في القانون الخاص أو العام،
ويدعم فقه القضاء هذا التوجه في العديد من حاالت التجريم .فمثال تعتمد محكمة التعقيب في المادة الجنائية مفهوما للشيك أوسع
من المفهوم المعتمد في القانون التجاري وذلك بهدف التصدي بأكثر نجاعة لجريمة الشيك بدون رصيد.
وتظهر خصوصية القانون الجنائي واستقالليته أيضا في كونه يعتمد مبادئ خاصة به وذلك مثل مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات
ومبدأ تفريد العقوبة ومبدأ شخصية العقوبة وغير ذلك من القواعد والمبادئ التي تميزه عن القانون الخاص والقانون
العام وتجعل منه مادة مستقلة عن هذين القسمين الرئيسيين للقانون .
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
يتضح من خالل مضمون الفصلين ،و كما سبق أن ذكرنا ذلك في التقديم ،أن عمليتي التجريم والعقاب إنما يتوالهما المشرع
الجنائي دون غيره ،لما في ذلك مساس بين بحقوق وحريات المواطنين التي يضمنها دستور 2011وبكل امتياز بل وانطالقا من
أن الفعل أو االمتناع المحظورين جنائيا ال يترتب عنهما فقط ضررا خاصا بالضحية أو ثوبه ،بل وهذا هو المعتبر ينظر القانون
الجنائي ،إنما تلمس جسامتهما على مستوى الضرر العام االجتماعي الذي تخلفه الجريمة ،بحيث يولد ارتكابها حقا عاما
للمجتمع ،تصبح بمقتضاه الدولة ،وبحكم امتالكها لحق العقاب ،ملزمة بتجسيده.
ولعل االضطراب االجتماعي ا لمتحدث عنه ،هو الذي يقف مبدئيا وراء علة تحريم الفعل أو االمتناع فما يمس بالمصالح
األساسية للمجتمع هو المجرم وفق ضوابط يصطلح الفقه على تسميتها بتقنيات التحريم ،سنحاول أن نقف عليها كلما استوجب
األمر ذلك
إذن البد من نص تشريعي يقف وراء التحريم والعقاب ،ولسنا في حاجة للتأكيد على أن خصوصية المادة الجنائية تنسجم مع هذه
المنهجية الحذرة في تبني هذا النوع الخاص من القواعد القانونية ،ألنها تمت عموم المجتمع ،بل ترسم له نماذج السلوك السوي
وفي مجاالت حيوية
مع ذلك ،لم تكن لتلمس هذه الخصوصيات لوال التطور النوعي الذي عرفه كل من القانون والعدالة بل بنية الدولة نفسها ،نظامها
وتطور أسلوبها في تدبير آليات ووسائل الحكم وحتى ال ندعي ألنفسنا معرفة خاصة يتطور القانون الجنائي ،ألن ذلك يحتاج
لمعرفة موسوعية تتعدى و بكثير التخصص في المادة الجنائية كمادة قانونية ،يمكن القول أن انفصال القانون الجنائي عن
القانون المدني إنما هو أمر تفرضه طبيعة كل مدة على حده،
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
بحيث البد وأن تحظى العقوبة بمساحات معقولة في تصور القواعد حماية للمجتمع من خطر الجريمة وهو ما ال يمكن أن تحتل
فيه تقنية التعويض سوى استثناء ال يمكن القياس عليه مع األسف ،ليست كل الجرائم ترتب الضرر االجتماعي العام ،بحيث ليس
ه ناك ما يمنع المشرع الجنائي من تجريم أفعال أو صور امتناع يفترض فيها الضرر االجتماعي اقتراضا ،فتبقى حكمة المشرع
و منطقه هو الكفيل بتحديد علة تجريمهما ونحن إن كنا ال نمانع مبدئيا ،وفي حدود معينة ،تقتضيها الوقاية أو األهمية القصوى
التي تحتلها المصلحة المحمية .
فللجريمة ثالث أركان ركن قانوني و آخر مادي وثالث معنوي ،ال قيام لها بدونها ،و إن كنا قد تجد في بعض الحاالت خروجا
عن هذا التصور المنطقي للجريمة ،إما بإدخال جهات أخرى غير المشرع ،أو لتبرير االكتفاء بالركن المادي في بعض الجرائم
التي تقع تجاوزا بالتقنية ونحن من أشد المتمسكين بالبنيان المنطقي الذي ينبغي أن تكون عليه الجريمة وفق ما وضحنا أعاله
هذا وإذا حاولنا أن نضع تعريفا تقريبيا للجريمة يمكن أن تنتهي إلى ما انتهى إليه أغلب الفقهاء من أن الجريمة هي كل فعل
إيجابي أو سلبي -امتناع -يتدخل المشرع التجريم ارتكابه بإحدى نصوص التجريم ،مفردا له عقوبة أو تدبيرا وقائيا بحسب ما
يحدثه أو يفترض إحداثه من اضطراب اجتماعي ،ويكون مرتكبا من طرف من اعتبره المشرع أو اقترضه أهال لتحمل
المسئولية الجنائية بشأنه.
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
المالحظة العامة على هذا الفصل ،أنه وباإلضافة الشتراطه الركن المعنوي في األنواع الثالثة من الجرائم جنايات ،جنح
ومخالفات ،فإنه وانطالقا من تراتبية هذه الجرائم ،حسب خطورتها بطبيعة الحال ،حاول أن يرسم للركن المذكور مستويات
ثالثة كذلك ،لكن وفق ترتيب نعتبره محل مناقشة
في المستوى األول ،المشرع يتحدث عن العمد ،ويهم الجنايات دائما ،و الجنح كمبدأ عام .وفي المستوى الثاني ينتقل المشرع
للحديث عن الخطأ ،وهذا يهم الجنح بصفة استثنائية ،ويهم كذلك المخالفات لم يأتي في المستوى الثالث ليتحدث عن قصد
اإلضرار والذي قد يهم استثناء المخالفات
الركن المعنوي يتمثل في تلك القوة المرتبطة بنفسية الجاني ،والتي تحمله عبر اإلرادة على إتيان نشاطه إما بشكل عمدي أو
بالخطأ ,فمرتكب الجريمة ال يكفي إلدانته إسناد الفعل ماديا إليه ،بل البد من تحقق إمكانية ذلك معنويا بالوقوف ،إما على توافر
قصد جنائی جعله يأتي النشاط اإلجرامي بشكل متعمد ،أو على ارتكابه وفق إحدى صور الخطأ ،وهي عدم التبصر أو عدم
االحتياط أو عدم االنتباه أو اإلهمال أو عدم مراعاة النظم والقوانين.
بصفة عامة ،يمكن القول أن القصد الجنائي يتمثل في توجيه الفاعل إلرادته من أجل تحقيق واقعة إجرامية معينة ،مع العلم
بحقيتها سواء من الناحية القانونية أو من الناحية المادية إذن ال بد في الجرائم العملية ،أي التي تقوم على القصد المذكور ،من
اتجاه إرادة الجاني اآلثمة إلى تحقيق النشاط اإلجرامي مع حصول علمه بحقيقة ذلك النشاط وتجريم المشرع له
ال يتحقق الركن المعنوي في الجرائم العمدية إال بتحقق هذا العنصر المتمثل في استهداف النتيجة اإلجرامية ،عبر إرادة راغبة
في تحقيقها تعمل على تنفيذ النشاط اإلجرامي المؤدي لذلك .ففي جريمة القتل العمد من ،ال يمكن أن يقوم القصد الجنائي إال
باتجاه اإلرادة إلى إزهاق روح الضحية ،أما إذا لم تتجه اإلرادة إلى تحصيل النتيجة المذكورة ،لكنها حصلت مع ذلك ،وكانت
وليدة إحدى صور الخطأ أعاله ،فتكييف الفعل يدخل في خانة القتل الخطأ ،كما هو األمر في حوادث السير هنا ال بد من التأكيد
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
على أن مسألة إثبات قيام القصد الجنائي من عدمه في حق الجاني يدخل في المسائل الواقعية التي يستقل بتقديرها قضاة
الموضوع ،وال رقابة عليهم في ذلك من طرف محكمة النقض
مع ذلك يبقى اإلشكال مطروحا بخصوص هذا العنصر األول من عناصر القصد الجنائي ،حيت يقع التساؤل عن الدافع
الرتكاب الجريمة إذا كان “نبيال” ،هل يقوم به عنصر اإلرادة ؟
يجمع الفقه الجنائي مبدئيا على أن ال تأثير الواقع في هذا المضمار ،فمن يسرق ماال مملوكا للغير يدافع توزيعه على الفقراء
وبدعوى بخل صاحبه يتساوى عند المشرع مع من يسرق من أجل االستمتاع بالمال إرضاء أنانيته
مع ذلك ،يمكن أن يصبح لهذا الدافع هامشا من القيمة لدى القاضي في تفريد العقاب بتحديده بين الحين األدنى واألقصى ،بحيث
قد يميل بالكم العقابي إلى الحد األول كلما استنتج نبل الدافع فيما نوقش أمامه من حجج بصفة علنية ،حضورية وتقوية و على
أية حال إذا لم نسجل للمشرع المغربي موقفا مبدئيا بخصوص الدافع إلى ارتكاب الجريمة ،فقد ينزع في بعض الوضعيات
اإلجرامية إلى االعتداد به کسبب تخفيف من العقوبة،
البد لقيام القصد الجنائي يشكل تام وكامل ،من أن يكون الفاعل على علم بحقيقة ما هو بصدد تنفيذه من نشاط أو أنشطة إجرامية
سواء من الناحية الواقعية ،وهذه ال خالف حولها في الفقه أو من الناحية القانونية،
وينتفي العلم من الناحية الواقعية إما بالجهل أو الغلط ويمثل الفقه على الحالة األولى بالموثق الذي يتلقی معلومات غير صحيحة
من المتعاقدين فيكتبها وهو يجهل زوريتها ،فال يؤاخذ بجريمة التزوير .أما في الحالة الثانية حالة الغلط – فيسوق مثل المسافر
الذي يأخذ عند نهاية السفر حقيبة مسافر آخر معتقدا أنها حقيبته ،ال يعتبر مرتكبا لجريمة السرقة.
مع ذلك ،البد من التأكيد على أن انعد ام القصد الجنائي في الحالتين رهين بأن ينصب الجهل أو الغلط على العناصر المكونة
للجريمة كما حددها القانون ،ولعله شرط بديهی ،فإذا اقتصر الجهل أو الغلط على عناصر ال تعتبر من مكونات الجريمة من
الناحية القانونية ،فال أساس للقول بانعدام القصد،
يبقى الجهل أو الغلط من الناحية القانونية .ويمثل الفقه على الحالة األولى بالجهل بأن القانون يجرم الفعل الذي هو مقدم عليه،
أما الحالة الثانية فيراها مجسدة في فهم القانون على نحو مخالف وحتى ال تتيه في تفسيرات قد يصعب معها فهم األسس التي
يقوم عليها القانون الجنائی ،تقول مع المشرع الجنائي المغربي ،ال يسوغ ألحد أن يعتذر بجهل .وقد أضيف بالغلط في التشريع
الجنائي ،ولو أنه لدينا اقتناع بإمكانية مناقشة قرينة العلم التي يفرضها المشرع من أجل حصول هذا العلم االفتراضي -أي غير
الحقيقي–
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
في الخطأ الجنائي وعلى خالف القصد الجنائي ،اتجاه إرادة الفاعل لم يتجاوز حدود الفعل الستهداف النتيجة اإلجرامية التي
حدثت مع ذلك .والفقه يرجع العطل الذي أصاب هذه اإلرادة في كون الفاعل لم يراعي واجب التبصر في سلوكه ،فكانت النتيجة
وليدة عدم تبصره أو عدم احتياطه أو عدم انتباهه أو إهماله ،بل يضيف المشرع لهذه الصور ،صورة عدم مراعاة النظم
والقوانين و قبل إعطاء ولو نظرة مختصرة ومبسطة على صور الخطأ الجنائي ،نقول أن المشرع الجنائي هنا حاول ،خارج
الحالة العامة التي ترد فيها الجريمة بشكل عمدي ،أن يحتوي بالتجريم والعقاب الوضعيات اإلجرامية التي يقوم فيها الركن
المعنوي ولو في حدوده الدنيا الفاصلة بين الضرر االجتماعي الداخل في اعتبار القانون الجنائي ،و الضرر الخاص الذي يعتبر
من متعلقات القانون المدني
هي صو رة من صور الخط الجنائي التي يقول بها الفقه الجنائي في المجال المهني ،حيث يظهر فيها واجب مراعاة الضوابط
والقواعد الفنية المرتبطة بكل مهنة ،و على الخصوص تطرح مراعاة هامش من السماحة بحكم العالقة الخاصة التي تربط
الفاعل بالضحية ،كما هو الحال في المجال الطبي و من دون الدخول فيما تطرحه المسؤولية الجنائية من إشكاليات في هذا
المجال ،نقول أنه باإلمكان متابعة الطبيب بالقتل أو الجرح الخطأ إذا تبين للقاضي الجنائي أنه لم يحترم في العملية الجراحية
التي أجريت على المريض قواعد الجراحة الفنية .مثال تسريع وتيرة العملية فمراعاة هذه القواعد هي التي تحلله من تحمل
المسؤولية الجنائية وتجعله فعال متبصرا فيما أقدم عليه من عمل
هنا يالحظ على سلوك الفاعل نوعا من التهور ،غير المقبول جنائيا فالسائق الذي يسوق بسرعة في مكان آهل بالمارة .مصادفة
اليوم السوق أسبوعي مثال .ال شك أن في فعله ها مش من الخطورة اإلجرامية .فهو يعلمها ويعرف أيضا سيل تجنبها .التي وإن
كانت ال تسمح بمتابعته بجريمة عمدية في حالة صدمه ألحد المارة الستحالة القول بذلك ،انطالقا من أن استهداف النتيجة التي
حدثت هي خارج رغبته ،إال أنه يساءل عن عدم احتياطه لمالئمة سلوكه للوضعية التي عليها المكان
تتميز هذه الصورة في كون الفاعل لم يركز بما فيه الكفاية فيما أقدم عليه من عمل ،كالسائق شارد الذهن المأخوذ بسحر منظر
الطبيعة في وقت غير مناسبا
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
رابعا –اإلهمال:
الفاعل هنا يتخذ موقفا سلبيا في مواجهة و ضعية تستوجب عليه اتخاذ موقف إيجابي يعكس به يذله العناية المطلوبة في مثل
الموقف الذي وجد فيه ويمثل الفقه عليها بإعطاء الدواء بصفة غير منتظمة هنا ال بد أن تسجل احتياطنا من إعطاء مثل هذه
األمثلة الملتبسة ،مادام باإلمكان في هذا المقال أن يتابع الفاعل بجريمة عمدية ،إن استهدف النتيجة بطبيعة الحال ،أو إن كان
إهماله هو بالقداحة التي يصعب معها التمسك بإحدى صور الخطأ الجنائي ومن دون الدخول في بعض التعقيدات ،تقول أن
تمييزنا بين الجريمة العمدية والجريمة الخطية إنما هو تمييز أكاديمي ،ال يعفي القاضي الجنائي من طرحه في كل نازلة
ال بد من التأكيد أوال بأن عبارة النصوص والقوانين المقصود بها النصوص التشريعية وما دونها من قرارات ولوائح وأوامر
صادرة عن السلطة العامة ،سواء كانت هذه القرارات أو األوامر تنظيمية أو فردية هذا وتشكل مخالفة النظم والقوانين جريمة
بمجرد أن يترتب عنها ضرر جسماني ،حتى ولو لم تكن المخالفة في حد ذاتها معاقبة جنائيا ،مثال ذلك مخالفة القواعد المنظمة
األحد األلعاب الرياضية يبقى ،وبصفة عامة أخيرة ،أن الجريمة غير العملية ال يمكن أن تتصور فيها ال المحاولة وال المشاركة
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
أوال من مجرد الفكرة اإلجرامية ،لينتقل ثانيا لمرحلة العزم ،حيث تصبح الفكرة المذكورة متمكنة من صاحبها بعد ذلك .ثالثا-
يتحول هذا المكنون النفسي إلى عمل تحضيري ينصب عموما على تدبير كل ما يتعلق بتنفيذ الجريمة ثم رابعا -المحاولة التي
تقوم بالبدء في تنفيذ الجريمة من دون العدول عنها إراديا لينتهي األمر .خامسا -إلى تمام تنفيذ الجريمة
ولعله بقليل من التأمل في هذه المراحل الخمس ،يمكن القول أن الجريمة تكون في بدايتها عبارة عن مكنون نفسي يحتاج إلى
هامش من اإلصرار ليتحول إلى واقع مادي ملموس في العالم الخارجي .فقد تكتمل بتمام التنفيذ ،وهنا يقع الحديث کامال من
الركن المادي .
باإلضافة طبعا للركن المعنوي كما سنقف على ذلك في حينه والذي في حقيقته هو عبارة عن مجموعة عناصر ،تختزل أو تتعدد
حسب الطبيعة القانونية للجرائم؛ وقد تكون غير تامة – ناقصة ،أي في صورة المحاولة ،التي فضال عن أنها قد تتعدد من حيث
تجسدها على مستوى الواقع ،ف هي قد تسمح بعدم إنزال العقاب في حالة العدول اإلرادي للمبتدأ في التنفيذ المادي للجريمة
يبقى أن النشاط اإلجرامي ،يمكن أن يأتيه الفاعل منفردا دون مساعدة من أي كان ،حينئذ نكون أمام فاعل أصلي -يتحمل
المسؤولية الجنائية لوحده في حالة قيامها صحيحة من الناحية القان ونية ،كما يمكن أن يعد هذا الفاعل األصلي۔ فتصبح أمام
مساهمين ،لكل واحد منهم نصيب من التنقية المادي للجريمة ،وقد يكون إلى جانب الفاعل األصلي أو المساهمين ،في حالة تعدد
هذا األخير ،شريك أو شركاء محرضين أو مساعدين وفق صور حصرية منصوص عليها في المدونة الجنائية بناء عليه،
ستحاول أن تتناول تباعا هذه المواضيع أنفة الذكر.
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
النشاط اإلجرامي
النشاط اإلجرامي قد يرد إما في شكل فعل إيجابي أو فعل سلبي .فاألول يقف من ورائه سلوك الجاني المجسد بحركة فاعلة
محظورة قانونا ،ومؤثرة بشكل واضح في العالم الخارجي؛ أما الثاني ،وإن كان له تأثيره المعتبر في العالم الخارجي ،فهو ال
يعدو أن يكون إمساكا عن حركة مطلوبة قانونا.
هذا العنصر األول من عناصر الركن المادي للجريمة هو الذي ينطلق به التجريم ،بحيث ال يعاقب المشرع على مجرد التفكير
في الجريمة ،أو حصول العزم على ارتكابها ،بل يتجنب المشرع العقاب ولو مر الفاعل إلى مرحلة التحضير ،على اعتبار أن
هذه المر احل مبدئيا ،وإن كانت قد تحوز اهتمام المشرع في بعض الجرائم الخاصة ،ال تحوز خطورة مثيرة على هامش عدم
اإلقدام على ارتكاب الجريمة فيها وارد بقوة
هذا وإذا كان الفعل اإليجابي ال يطرح مشكال معقدا للقول بقيام النشاط اإلجرامي ،كما هو الحال في جرائم اإليذاء العمدي ،فإن
األمر على خالف ذلك مع الفعل السلبي،
لقد توزع الفقه الجنائي على ثالث اتجاهات ،األول يقول بإمكانية التماثل عندما يكون الفاعل قادرا تماما على منع النتيجة
اإلجرامية ،ومع ذلك يسمح بحدوثها رغبة في ذلك .ويبقى هذا االتجاه الفقهي منطق المساءلة الجنائية المتماثلة مع تلك المترتبة
عن الفعل اإليجابي على تساوي الخطورة اإلجرامية
االتجاه الفقهي الثاني يستلزم ،للقول بإمكانية التماثل ،وجود التزام قانوني أو تعاقدي يمكن اعتماده كأساس إلقرار المساواة في
التجريم والعقاب بين الفعل اإليجابي والفعل السلبي،
يبقى االتجاه الثالث ،والذي يتمسك وبكل قوة بمبدأ الشرعية ،حيت يذهب إلى عدم إقرار التماثل أبدا .فللمشرع الجنائي الحرية
الكاملة في إقرار هذا التماثل في إطار نصوص خاصة ،يقدر فيها خطورة الفعل السلبي وفق الشكل الذي يراه مناسبا ال سبيل
إلقرار نص عام يعاقب على فعل اإلمتناع ،مادام أن التشريعات تتجنب ذلك رغبة في تكريس مزيد من الدقة والوضوح في باب
التجريم ولعله موقف المشرع المغربي الذي نراه األقرب إلى الصواب في مواجهة االتجاهين السابقين
النتيجة اإلجرامية
حتى ال نطيل في النتيجة اإلجرامية ،وإن كانت هي أيضا قد تثير بعض اإلشكاليات النظرية والعملية ،يمكن القول عنها أنها
األثر الترتب عن النشاط اإلجرامي .فعل إيجابي أو فعل سلبي .والذي يمكن لمسه و بشكل واضح في العالم الخارجي.
و لعل أهم ما يميز هذا العنصر الثاني من عناصر الركن المادي للجريمة أنه يبرز وبالملموس مدى الخطورة التي ينطوي
عليها النشاط اإل جرامي ،حتى أن هناك بعض الجرائم ،ال يمكن تكييفها واستجابة الكم العقابي لخطورتها ،إال من خالل ما
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
يترتب عن النشاط اإلجرامي من نتيجة ضارة وبغض الطرف عن مدى خطورة النشاط اإلجرامي في حد ذاته ولنا في جرائم
اإليذاء العمدي أمثلة دالة ،حيت يمكن لنفس مستوى اإليذاء أن يكون وراء تكييف الجريمة ضريا وجرحا أو إيذاء مقضيا إلى
الموت.
من أجل ذلك ،كان ال بد من التشديد في اشتراط تلزم النتيجة اإلجرامية للنشاط اإلجرامي ،حتى ال يفتح المجال التفاوت غير
طبيعی بين عنصرين أحدهما يبرر اآلخر ولعل هذا التالزم هو الذي يبرر تمثل المشرع لتمظهرات أخرى للجريمة يفضل
التعامل معها بشكل مستقل فجريمة االعتياد منة ،وهي الجريمة التي ال يقوم ركنها المادي إال بنوع من التكرار على مستوى
إتيان النشاط اإلجرامي .
فالتالزم هنا يتراخي بعض الزمن ،ألن تصور المشرع الجنائي لخطورة الفعل تستلزم الثبات على إتيانه ،بحيث تصبح خطورة
النتيجة اإلجرامية نابعة من الفعل أكتر من تحصلها بالضرر المترتب عنه ولعله تقريبا فض المنطق الذي يعتمده المشرع النتقاء
األفعال التي يدخلها في زمرة الجرائم الشكلية وهذا ليست النتيجة اإلجرامية هي التي تغيب عن اللمس في العالم الخارجي ،ألنها
متحصله بقوة من الناحية المادية في جريمة التسميم مثال،
بل هو االعتبار التشريعي الذي جعل من الخطورة المتميزة للفعل اإلجرامي كافية للتغاضي عن الوقوف على مدى حصول
النتيجة من عدمه
العالقة السببية
ال يمكن للركن المادي للجريمة أن يقوم کامال مستجمعا عناصره إال بحصول االرتباط السببي بين النشاط اإلجرامي والنتيجة
اإلجرامية المترتبة عنه ولعله شرط يندرج في ما يفرضه منطق المساءلة الجنائية نفه ،فإسناد الفعل لمرتكبه إنما يتطلب حصول
عالقة وثيقة .عبرنا عنها بالمصطلح الجنائي” االرتباط “ .بينه وبين ما رتبه من نتيجة إجرامية للضحية بل إن علة التجريم هي
نفسها ،وقبل المساءلة والعقاب ،تتطلب هذا االتصال السببي ،نفيا ألي اختالط أو لبس قد يحدث على مستوى الواقع ،سواء في
حالة تعدد الجناة ،كما ستعرض لذلك في حالتي المساهمة والمشاركة ،أو في حالة تعدد الجرائم
يبقى أنه يتوجب على القاضي الجنائي ،وفي حالة صعوبة الوقوف على توافر العالقة السببية ،أن يعمد إلى تبرئة المتهم ،مادام
وكما مر معنا الشك يفسر لمصلحته وأيضا حسب منطق القانون الجنائي نفسه ،اإلدانة ال يمكن أن تبنى إال بيقين ،وهو ما ال
يمكن توافره في حالة تعذر القول بقيام العالقة السببية ولعل أكبر المشاكل على اإلطالق يتمثل في الحاالت التي يتدخل فيها
سبب أو أسباب أخرى مؤثرة في النتيجة اإلجرامية إلى جانب نشاط الجاني هذا انقسم الفقه ثالث نظريات
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
األولى تسمى بنظرية تكافؤ األسباب ،بحسبها ،يعترف لكل سبب متدخل في حدوت النتيجة بنفس القيمة القانونية التي تراب
المسألة الجنائية ،مهما اختلفت هذه القيمة من الناحية الواقعية فكما يظهر ،تحاول هذه النظرية أن تتخلص من إشكالية البحت عن
القيمة الحقيقية التي يمكن أن يحوزها كل سبب على حده ،بحيث ،على أية حال ،تقوي من منطق المساءلة الجنائية وعدم
اإل فالت من العقاب ،ولو على حساب تغليب الحسم على المستوى القانوني دون الواقعي
النظرية الثانية وتسمى بنظرية السببية المباشرة ،وهي كما يدل عليها اسمها تشترط للقول بقيام العالقة السببية صحيحة أن
تتصل النتيجة اإلجرامية بالنشاط اإلجرامي اتصاال مباشرا من دون أن يقطعه سبب أخر بل يفضل بعض الفقه الجنائي بنعتها
بالعالقة المبنية على السبب األقوى ،حتى تقوم مساءلة الجاني عما رتبه نشاطه اإلجرامي مباشرة من نتائج واضحة يسهل
تكييفها وإسنادها من الناحية الجنائية ودائما ،حسب هذه النظرية إذا تدخل سبب أجنبي مع نشاط الفاعل تنقطع العالقة السببية
ويصعب القول بقيامها صحيحة ،مساهمة في استجماع عناصر الركن المادي للجريمة
النظرية الثالثة يصطلح عليها أصحابها بنظرية السببية المالئمة وأغلب الظن أنها النظرية األقرب إلى الصواب فحسب هذه
النظرية ،ال يع تبر سبيا تقوم به العالقة السببية صحيحة إال ما صح اعتباره مؤديا للنتيجة اإلجرامية حسب العادي والمألوف.
ونحن من جهتنا تؤكد على أن الحسم في مدى توافر العالقة السببية من عدمه إنما يتطلب من القاضي الجنائي االحتكام إلى
الحقيقة الواقعية للنازلة ،وهذه تتطلب منه تف كيك الوقائع بشكل يأخذ بعين االعتبار مختلف مظاهر االرتباط الطبيعي التي تجمع
بينها ،من دون اختزال أو مبالغة فلكل نشاط إجرامي نتيجة إجرامية تترتب عنه بشكل طبيعي ومنطقي ،يمثله الشخص العادي،
بل هو مألوف لديه ويبني عليه منطقه التصور األشياء ،ليل يؤسس عليه احترازه لكي ال يسقط في المحظور .
ومع ذلك ،ال بد من تسجيل ولو هامش ليسير من التحفظ بخصوص هذه النظرية ،فنحن وإن كنا نؤمن بأنها تساهم في إعطاء
القاضي الجنائي هامشا معقوال من السلطة التقديرية إلعمال منطق المالئمة الطبيعية لتقدير الحقيقة الواقعية للنازلة في موضوع
العال قة السببية ،فقد يتعثر األخذ بها في حاالت يصعب على القاضي فيها إيجاد إجابات منطقية من الواقع ،تقع بسهولة اإلهداء
إلى ما يترتب عن النشاط اإلجرامي من نتيجة حسب العادي والمألوف
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
وحتى تكتمل قيام الجريمة قانونا ،البد وباإلضافة لسبقية وجود النص التشريعي المجرم والمعاقب أن ال يكون هذا الفعل أم
االمتناع خاضعا لسبب من أسباب التبرير أو اإلباحة ،أي أن ال يعترضه ما يرفع عنه الصفة الجرمية ،و هي أسباب تتعلق
بوضعيات قانونية وواقعية
كما ينص الفصل 23من دستور المملكة المغربية ل 2011على أنه ال يجوز إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعه
أو إدانته ،إال في الحاالت وطبقا اإلجراءات التي ينص عليها القانون .وأن االعتقال التعسفي أو السري واالختفاء القسري ،من
أخطر الجرائم ،وتعرض مقترفيها ألقسى العقوبات
إن المشرع المغربي سواء من العادي أو الدستوري ،وعيا منه بما يحتله مبدأ الشرعية ال جريمة وال عقوبة إال بنص .في دولة
الحق و المؤسسات من أهمية محورية ،قد جعل من حماية الحقوق والحريات مبدأ أصيال ،ال يمكن الحد منه إال بنصوص
صادرة عن هيئة تمثل الشعب تبين فيها ب دقة ووضوح ،وبشكل مسبق ،حدود هذه حماية هذا المبدأ ،المستقر عليه عالميا،
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
فبالنظر لخصوصيات المادة الجنائية كما سلف الذكر ،و بحكم تعلقها بالهوامش المسموح بها للحد من الحقوق والحريات ،كان
البد من تحصين وضع القاعدة القانونية بشأنها ،بتخصيص التشريع المكتوب لوحده بهذه المهمة ،دون العرف أو مبادئ العدالة
أو القانون الطبيعي ولعله توجه دال وبكل المقاييس ،بأن ال مجال في دولة الحق بأن تمس الحقوق والحريات إال بواسطة أسمى
تعبير عن إرادة األمة ،أي التشريع ،وهو في فهم الفقهاء خطاب قانونی ملزم للجميع،
مع ذلك ،يبقى هذا التضييق لمصادر القاعدة القانونية الجنائية حصرا على عمليتي التجريم والعقاب ،بحيث ليس هناك ما يمنع
من االنفتاح على المصادر األخرى كالعرف مثال بالنسبة ألسباب التبرير أو اإلباحة.
لكن ،وقبل المرور إلى الحديث عن المبادئ المعتمدة في تطبيق القاعدة القانونية الجنائية من حيث المكان ،حيت يسجل لها
خصوصيات مع تبرة ،البد من توضيح بخصوص السلطة الموكول إليها مهمة التشريع .هنا بطبيعة الحال ال مناص من الرجوع
لمقتضيات الدستور ،حيث ينصص الفصل 71في فقرته السابعة على أن تحديد الجرائم والعقوبات الجارية عليها هي من
اختصاص القانون الذي تمارسه السلطة التشريعية ،كما أن الفقرة التاسعة من نفس الفصل تسند لنفس الهيئة مادة المسطرة
الجنائية .
وبخصوص التشريع من طرف جاللة الملك ،يرجع الفقه الجنائي المغربي لمقتضيات الفصلين 59و 96من الدستور وإن كنا
نحن نفضل أن نحيل الطالب على مؤلفات القانون الدستوري ،يمكن أن نقول في هذا المقام أن لجاللة الملك في المغرب مكانة
سامية منفردة إنسانية ودينية وتاريخية واجتماعية قبل التكريس الدستوري والقانونی:
فجاللة الملك أمير المؤمنين وحامي الملة والدين والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية وهو أيضا رئيس الدولة وممثلها
األسمى و رمز وحدة األمة وضامن دوام ال دولة واستمرارها والحكم األسمى بين مؤسساتها وضامن استقالل البالد وحوزة
المملكة في دائرة حدودها الحقة ،بحيث باعتقادنا المتواضع لسنا في حاجة إلى كثير من التنظير لننتهي إلى ما يمكن أن يضطلع
به جاللة الملك في المجال التشريعي من ضمان وحماية متميزين للحقوق والحريات
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
ينص الفصل 10من مجموعة القانون الجنائي المغربي على أنه يسري التشريع الجنائي المغربي على كل من يوجد بإقليم
المملكة من وطنيين وأجانب و عديمي الجنسية ،مع مراعاة االستثناءات المقررة في القانون العام الداخلي و القانون الدولي.
و عمال بمبدأ القانون الجنائي الدولي العام في تحديد مفهوم إقليم الدولة يكون إقليم المملكة شامال لكل األراضي التي تخضع
للسيادة المغربية كما يشمل المياه اإلقليمية واألنهار التي تقطع أراضيه وكذا البحيرات الداخلية باإلضافة إلى المجال الجوي
الذي يرتفع فوق األراضي اليابسة أو المياه اإلقليمية التي تدخل تحت سيادته
و يضيف الفصل 11من المجموعة المذكورة ليدخل ضمن إقليم المملكة السفن والطائرات المغربية أينما وجدت ،فيما عدا
الحاالت التي تكون فيها خاضعة لتشريع أجنبي بمقتضى القانون الدولي
بخصوص االستثناءات المقررة في القانون العام الداخلي ،ومن دون أن نكلف أنفسنا عناء التنويه بما قرره دستور 2011من
التخلي نهائيا عن حصانة الفعل بالنسبة للبرلماني ،حيث أصبح في حالة ارتكابه لجريمة يحاكم كبقية المواطنين ،مع االحتفاظ له
بحصانة الرأي داخل قبة البرلمان نود أن نقف وبكل تجرد وموضوعية على الحصانة الجنائية لجاللة الملك ،الذي من الخطأ أن
يتصرف الذهن إلى فصل مسؤوليته الدينية عن اعتباره رئيس الدولة ،بل حتى بالنسبة لهذا االعتبار األخير ،خصوصية النظام،
قانونيا ،تتطلب مقاربة مغايرة لتلك التي يقع تخصيصها لرئيس الدولة في النظام الجمهوري وحتى ال تأخذنا المقاربة السياسية
لهذا الموضوع،
والدستور ي كرس هذا وبكل وضوح ،أن عدم مسؤولية جاللة الملك جنائيا يقنعنا بها منطوق وروح الفصل 46من دستور
المملكة ،فحسب هذا الفصل شخص الملك ال تنتهك حرمته ،وأن للملك واجب التوقير واالحترام ،بل عندما نضيف لهذا ،ما
نص عليه المشرع الدستوري في الفصلين 41و 42
،أي ما اعتب رناه المكانة السامية المتفردة لجاللة الملك تصبح حصانة جاللة الملك اإلنسانية والدينية واالجتماعية والتاريخية
ذات مغزى أعمق من مجرد افتراضها قانونا ولعل التخلي عن اصطالح مقدس في التعبير الدستوري للعهد الجديد ،وتعويضه
في الخطاب الملكي بعبارات دالة و غير مسبوق ة كالملكية المواطنة والملك المواطن ليدخلنا في مفهوم جديد للحصانة الملكية
التي تجعل منها تجسيدا صادقا للمكانة السامية الطبيعية والمتفردة لجاللة الملك،
وفيما يرجع لالستثناءات المقررة على مستوى القانون العام الدولي ،فمنطق المعاملة بالمثل واألعراف الدولية تقضی أن يستفيد
من الحصانة الجنائية رؤساء الدول األجنبية وأفراد عائالتهم وحاشيتهم أثناء وجودهم بالمغرب شريطة أن تخطر الحكومة
المغربية بوجودهم وكذالك يستفيد المعتمدون الدبلوماسيين
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
يقضي هذا المبدأ بتطبيق النص الوطني على جرائم بعينها ،بغض النظر عن جنسية مرتكبها ،أو مكان ارتكابها
وعليه يذهب الفصل 711من قانون المسطرة الجنائية المغربي على أنه يحاكم حسب مقتضيات القانون المغربي كل أجنبي
ارتكب خارج أراضي المملكة بصفته فاعال أصليا أو مساهما أو مشاركا ،جناية أو جنحة ضد أمن الدولة أو تزييفا أو تزويرا
للنقود أو األوراق بنكية وطنية متداولة بالمغرب بصفة قانونية ،أو جناية ضد أعوان أو مقار البعثات الدبلوماسية أو القنصلية أو
المكاتب العمومية المغربية
يعني هذا المبدأ تطبيق النص الجنائي الوط ني خارج المملكة ،إما على المواطن المغربي ،وهذا ما يسمى بمبدأ الشخصية
اإليجابية ،أو على األجنبي الذي ارتكب الجريمة ضد المواطن المغربي خارج المملكة ،وهو ما يعبر عنه بمبدأ الشخصية
السلبية ،ولعل الفائدة من وراء إعمال هذا المبدأ ،ضمان امتداد تطبيق النص الجنائي على شخص مرتكب الجريمة وعدم إفالته
من العقاب سواء كان مواطنا أو أجنبيا ولعله نفس منطق مبدأ اإلقليمية
هذه القواعد إنما تجد أساسها القانوني في الفصل 4من مجموعة القانون الجنائي المغربي ،حيت ينص المشرع على أنه ال
يؤاخذ أحد على فعل لم يكن جريمة بمقتضى القانون الذي كان ساريا وقت ارتكابه بل نجد الفصل السادس من دستور المملكة
يقر صراحة على أن ليس للقانون أثر رجعي
ومع ذلك ،يعرف تطبيق هذا المبدأ بعض الخصوصيات في المادة الجنائية .فحسب الفقه الجنائي ،مبدأ عدم الرجعية إنما يطلق
على التشريع الجنائي الموضوعي – المتعلق بالتجريم والعقاب۔ دون نصوص قانون المسطرة الجنائية ،حيت و على خالف
المبدأ المذكور ،تطبق هذه النصوص األخيرة بأثر فوري ،أي بمجرد صدورها ،تطبق على جميع األشخاص بغض النظر عن
تاريخ ارتكاب الجريمة
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
حتى على مستوى التجريم والعقاب ،قد تدخل بعض االستثناءات على تطبيق مبدأ عدم الرجعية .بناء عليه ،ففي حالة النص
الجنائي المفسر ،أي الذي ال يشكل نصا جد يدا في مضمونه ومقتضياته ،بل يأتي فقط ليفسر المضمون أو المقتضيات القائمة
سلفا ،ال يمكن أن يشكل مع النص المفسر سوى قاعدة واحدة فالمشرع هنا لم يعمد إلى سن قاعدة قانونية جديدة ،وإنما تدخل
ليوضح ما بدا غامضا وإن كنا هنا نحذر من اللجوء لهذه التقنية اليوم ،حيث أصبح الفقه الجنائي يشترط في النص المجرم
والمعاقب الدقة والوضوح والتماسك أيضا
يستثني من تطبيق مبدأ عدم الرجعية النصوص المتضمنة للتدابير الوقائية فهذه ليست عقوبات بالمعنى الدقيق للكلمة بحيث ال
يقصد منها الردع ،ولكنها تستهدف تمكين المجتمع من آليات دفع خطورة الج اني في حاالت ووضعيات تستدعى الوقاية ،لذلك
فهي تطيق بشكل فوري ولو ارتكبت الجريمة قبل التنصيص عليها.
تبقى حالة النص الجنائي األصلح للمتهم ،وبهذا الصدد يمكن الرجوع للفصل 6من مجموعة القانون الجنائي ،حيت وفي حالة
وجود عدة قواني ن سارية المفعول ،بين تاريخ ارتكاب الجريمة والحكم النهائي بشأنها ،يتعين تطبيق القانون األصلح للمتهم.
وبناء عليه ،إذا أصدر المشرع الجنائي نصا جديدا أصلح للمتهم توجب تطبيقه ولو أن الجريمة ارتكبت في ظل قانون أقسى
ويبرر الفقه الجنائي هذا المنحى بأنه من تطبيقات مبدأ الشرعية الذي وجد من أجل حماية الحقوق والحريات الفردية ،والتطبيق
المذكور يندرج في نفس الفلسفة،
وقد تزيد على ذلك أن يكون حق التجريم والعقاب ليس عملية ثابتة ،بل هي تخضع لحركية ،تتطور بتطور المجتمع ،بحيث قد
تنحو نحو التشديد أو التلطيف أو حتى اإلعفاء لكن م قاربة الوضعية االتهامية للشخص قضاء ال يمكن أن تفاجأ بتشديد أو تحرم
من تلطيف ،بحيث يستلزم منطق تغيير المقتضی التشريعي للجريمة أن ال يعرف تغييرا مناقضا لما يمكن أن يرجوه المتهم من
العدالة أي تسخير آليات الصفح كلما أمكن ذلك ،بل إن القاضي وكما الحظنا بمقتضى النص الصريح إنما هو ملزم بذالك
لكن الشرط األساس هو أن نحسم فيما يمكن اعتباره النص األصلح للمتهم .وهنا ال بد من التمييز بين حاالت متعددة :فإذا لجأ
النص الجديد إلى رفع الصفة الجرمية عن الفعل ،أو لطف من العقاب ،أو سمح باالستفادة من إيقاف تنفيذ العقوبة السالبة
للحرية ،أو أنشأ عذرا من األعذار المخففة ،أوجب تطبيقه في هذه الحاالت كلها ،ولسنا في حاجة إلى بذل كثير من الجهد لتلمس
أنها األصلح للمتهم .وعلى نقيض ذلك إذا عمد المشرع في النص الجديد إلى تجريم فعل ،أو إحالل جناية محل جنحة ،أو إلى
تشديد العقاب ولو من دون خلق ظرف من ظروف التشديد ،أو إلى التخلي عن إعمال القاضي إليقاف التنفيذ
درج الفقه الجنائي على اعتبار عمليتي التجريم والعقاب من العمليات التشريعية التي تستدعي مراعاة مجموعة من الضوابط
تفرز للقواعد الناتجة عنها بعض ال خصوصيات .وقد مر معنا بأن المعمول به اليوم ،وتجنبا ألي انزالق قد تعرفه تلك القواعد،
نظرا لمساسها الواضح بالحقوق والحريات ،هو مراعاة الدقة والوضوح في النص،
ففي مادة التجريم والعقاب۔ دون قواعد المسطرة الجنائية – يستلزم التقيد بالنص في حدود ما توخاه المشرع من دون توسع .فهل
معنى ذلك أن النص المجرم والمعاقب ينبغي تفسيره لقسيرا حرفيا ،أم يلزم ولو بذل حد أدنى من االجتهاد ،وضمن أي حدود؟
المهم عند فقهاء القانون الجنائي أن ال يقع االنحراف بالنص ،وأقصى ما يرمزون إليه استحداث جرائم أو عقوبات جديدة لم
يضعها المشرع ،ومنها أتت القاعدة التي تحضر على القاضي الجنائي استعمال القياس بناء عليه ،إذا عرضت نازلة على
القاضي المذكور تتضمن فعال أو امتناع ال يشملهما المشرع بالتجريم ،ال يمكن له أن يستعمل القياس بشأنهما على وقائع مشابهة
مجرمة ،مهما كانت خطورتها اإلجرامية الملموسة
وتسوق عل ى سبيل المثال ال يمكن تجريم إخفاء األشياء المتحصلة من مخالفة قياسا على تجريمها في الجنحة أو الجناية –
الفصل 571
يبقى أن عدم استعمال القاضي الجنائي للقياس في مادة التجريم والعقاب ،ال يعني منع القاضي من تطبيق النص الغامض
لمصلحة المتهم .وهنا ال بد من التأكيد على أن المشرع مهما يبذل من الجهد والحرص على التدقيق والتوضيح في نصوص
التجريم والعقاب ،فإنه لن يستطيع أن يحيط بكل ما يحتاجه القاضي في التطبيق ،أوال ألن النص يتضمن حقيقة قانونية قد تعرف
مع مرور الزمن نوعا من التفاوت مع الحقيقة الواقعية محور التقنين .ثم إن القاضي الجنائي يواجه حقيقة إنسانية قد تنقلت
بطبيعتها عن بعض تصورات المشرع ،ما يستدعي األمر تلمس إرادة المشرع للخروج من اإلبهام الذي يعتري النص.
و فوق هذا وذاك ،يتمتع المتهم بأصل البراءة ،وحتى يمكن إدانته ،ال بد للقاضي من أن يحصل له االقتناع بذلك ،لتطبيق النص
المالئم للنازلة والخالي من أي إبهام
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
إن المحاولة كجريمة ولو بدون نعت ،كانت وال تزال تطرح إشكاليات دقيقة ،سواء على مستوى فرزها عن األعمال التحضيرية
التي غالبا ما تختلط معها في الواقع .أو عن الجريمة التامة نفسها ،أو على مستوى من استحقاقها لنقص عقوبة الجريمة التامة
بخصوص موقف المشرع الجنائي المغربي ،ال بد من االنطالق من الفصول التالية الفصل ” 114كل محاولة ارتكاب جناية
بدت بالشروع في تنفيذها أو بأعمال ال لبس فيها ،تهدف مباشرة إلى ارتكابها ،إذا لم يوقف تنفيذها أو لم يحصل األثر المتوخی
منها إال لظروف خارجة عن إرادة مرتكبها تعتبر كالجناية التامة ويعاقب عليها بهذه الصفة.
الفصل ″115ال يعاقب على محاولة الجنحة إال بمقتضى نص خاص في القانون
الفصل ” 117يعاقب على المحاولة حتى في األحوال التي يكون الغرض فيها من الجريمة غير ممكن يسبب ظروف واقعية
يجهلها الفاعل”
لن نرجع لما سبق بيانه بخصوص المراحل التي تمر منها الجريمة .وإن كنا تفضل الحديث عن المشروع اإلجرامي -وهي على
خمس مراحل ،بخالف ما يذهب إليه أغلبية الفقه المغربي ،يكفينا هذا ،ونحن بصدد مقاربة التنظيم التشريعي للمحاولة ،أن نقف
وبكل دقة على تمييزها عن األعمال التحضيرية.
قد يعتقد البعض ،ولعله موقف بعض الفقه ،أن مرحلة التحضير للجريمة تختلف عن مرحلة الشروع في تنفيذها ،يكون المرحلة
األولى مادية غير ذهنية ،على خالف الثانية التي تصبح فيها النية اإلجرامية مجسدة على مستوى الواقع.
ونح ن من جهتنا نحاول أن نحذر من هذا التبسيط الذي ال يمكن بأية حال أن يخدم مبدأ الشرعية ،الذي كما يجب التمسك به بقوة
اتجاه الجريمة التامة ،ينبغي الحفاظ على ذلك أيضا وبشكل سليم بخصوص المحاولة فالحسم في اتخاذ قرار ارتكاب الجريمة،
ووضع خطة لتنفيذ الجريمة في بعض الجرائم .وتهيئ الوسائل لذلك ،ليست فقط عملية مادية غير ذهنية ،بل هي أيضا محملة
بعزم وإصرار على المرور الرتكاب الفعل ،وإال كيف يمكن أن تفسر ظرف سبق اإلصرار كظرف مشدد في القتل العمد .ينقل
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
العقوبة من السجن المحدد إلى اإلعدام .والذي يضفي على فعل إزهاق الروح ،في حالة ارتكابه عمدا خطورة إجرامية أكبر،
بالنظر للحالة اإلجرامية النفسية والذهنية التي كان عليها الجاني قبل.
أيضا ،المشرع نفسه قد يرتقي بهذه المرحلة ,أي مرحلة التحضير – ويجعلها وبنصوص خاصة ،محور التجريم وقد تمثل على
هذه الحاالت الخاصة ،بما ورد في الفصل 293من مجموعة القانون الجنائي ،حيث يذهب المشرع إلى أن ” كل عصابة أو
اتفاق ،مهما تكن مدته أو عدد المساهمين فيه ،أنشئ أو أوجد للقيام بإعداد أو ارتکاب جنايات ضد األشخاص أو األموال ،يكون
جناية العصابة اإلجرامية بمجرد ثبوت التصميم على العنوان باتفاق مشترك” .
فالواض ح أن المشرع الجنائي ،وعيا منه بالخطورة الملموسة التي قد تشكلها األعمال التحضيرية في بعض الجرائم ،خاصة منها
الخطيرة ،وحثي يضطلع بدوره الوقائي والستباقي المطلوب منه في بعض األحيان ،وحتى ال يفرغ التجريم من محتواه في
بعض الحاالت ،يفزع إلى احتواء هذه المرحلة ،غ ير المعاقبة مبدئيا ليشملها بالتجريم .ولربما ،بقراءة بسيطة للفصل المجرم
التكوين العصابة اإلجرامية أعاله ،يتضح مدى ارتباط هذه المرحلة الفارقة بالجانب النفسي أكتر.
صحيح ،أن مرحلة الشروع في ارتكاب الجريمة يمكن اعتبارها ،ويشكل موضوعي ،مرحلة متطورة ،بدأ يأخذ فيها المشروع
اإلجرامي تشكله المادي الملموس على مستوى العالم الخارجي ،بحيث تصبح النية اإلجرامية كقوة نفسية تدفع وتمضي بالجاني
إلى استنفاذ نشاطه اإلجرامي إال أن عملية الفصل بين هذه المرحلة المتطورة ،سواء على المستوى المادي أو على المستوى
النفسي ،والمرحلة التي ت سبقها ليست متيسرة في كل النوازل وفي كل الحاالت .ولعل هذه الصعوبة هي التي جعلت الفقه يتصدى
لها منقسما من أجل ذلك ،إلى اتجاهين:
اتجاه موضوعي ،يركز على الركن المادي للمحاولة ،بحيث يخرج من هذه األخيرة ،كل عمل ال يدخل في التعريف القانوني
للجريمة المراد ارتكابها ،وال يعتبر من ظروف التشديد فيها ،ويدخله بالتالي في العمل التحضيري.
و اتجاه شخصي ،يعتمد على القصد الجنائي لدى الفاعل ،بحسبه ،ينبغي التمييز بين حالة مجرد التفكير في الجريمة ،وحالة
حصول العزم على ارتكابها بحيث يذهب في الحالة األولى ،إلى اعتبارها من متعلقات العمل التحضيري ،بينما يدخل الحالة
الثانية في زمرة المحاولة.
عناصر المحاولة
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
ال يمكن للمحاولة أن تقوم من دون بدء الجاني في تنفيذ نشاطه اإلجرامي .هذا وإذا كان هذا العنصر ال يطرح مشکال سوى في
إطار التمييز بين المحاولة واألعمال التح ضيرية كما مر معنا ،فأهميته ،تكمن في أنه يمكن القاضي الجنائي من تأسيس حكمه
وتحصينه بمبدأ الشرعية ،بحيث ليس هناك ما يلزمه على اتخاذ منحى أي من النظريتين أعاله.
ولعل موقف المشرع المغربي ،بخصوص هذه النقطة هو بالوضوح الكافی ،فعبارتي ” بدت بالشروع في تنفيذها” “أو أعمال ال
لبس فيها “ ،إنما تعمل على تقييد القاضي الجنائي بخصوصية كل نازلة على حده ،ومن دون أن ترسم له مسبقا ما ينبغي اتخاذه
من قرار ،بالقول بقيام المحاولة من عدمه ،خصوصا وأنه اختار ،كبقية التشريعات ،قيام المحاولة في كل الجنايات ،على خالف
الجنح التي رهنها بالنص الخاص واستبعد مطلقا العقاب على محاولة المخالفة .بل إن مساواة عقاب المحاولة مع عقاب الجريمة
التامة .الذي ال نتفق معه مطلقا .لتدفعنا في باب المحاولة ،إلى إعمال هذه المؤسسة الزجرية ذات البعد الوقائي ،لتفعل فعلها إلى
جانب بقية المؤسسات التي توصف كذلك
ال بد بداية من وضع هذا الشرط في سياقه ،بحيث وإلى جانب الدور الزجري الوقائي الذي تلعبه هذه المؤسسة المهمة في
القانون الجنائي ،فهي تجسد أيضا مدى سماحة المشرع الجنائي ،ومدى إيمانه المبدئي بالبعد التخليقي المكرس للقيم المجتمعية.
فإ ذا كان المشرع ال يعاقب ال على التفكير وال على العزم وال حتى على التحضير الرتكاب الجريمة ،فمن باب أولى ،أن يفعل
هذا المنطق في مرحلة الشروع في التنفيذ أن يفرز الالعقاب في الحالة التي ،وبالرغم من إقدام الجاني على الحسم في قراره
بالمضي فيه ماديا ،يعدل فيها عن ذلك بمحض إرادته هنا يضمن المشرع والقاضي معه ،ولو نسبيا مدى استجابة الفاعل للتمثل
السليم لمنظومة القيم المجتمعية واختياره السير وفقها
مع ذلك ،قد يطرح الواقع حاالت ،هي ليست بالوضوح الكافي ،بحيث يصعب تكييف العدول فيها سواء باإلرادي وتنتفي معه
المحاولة ،أو باال ضطراري و تقوم به ،وهو ما يطرحه الفقه في صورة إشكال ما يسمى بالعقول المختلط.
قد يبدو بنظرنا المتواضع أنه من المنطقي تبني بعض الحلول ،التي إما أنها تحيل على القضاء يمنحه سلطة تقديرية لتحري
العامل الرئيسي الذي كان وراء العدول ،هل هي إرادة الجاني أم العامل األجنبي بتغليب مصلحة المتهم بطبيعة الحال ،أو
تتساهل بالقول بعدم قيام المحاولة كلما كان اإلرادة دور في العدول۔
ونحن من جهتنا ،تعيد فتكرر بأن المحاولة جريمة تستحق العقاب ،حتما أقل من عقاب الجريمة التامة ،ولكن هذا ال يدفع إلى
تلقي مواقف مرنة بخصوص تصور قيامها قانونا فالمسألة تتعلق بالتجريم وليس فقط بالعقاب ،وباحترام مبدأ الشرعية
والمحاولة المجرمة ،حتى تميزها عن المحاولة غير المجرمة بنظرنا المتواضع .تجريم من نوع خاص ،والمشرع عند حديثه
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
عن الظروف الخارجة عن إرادة مرتكبها ،التي تقف ،إما حائال دون االستمرار في تنفيذ الجناية أو دون حصول األثر المتوخی
منها ،إنما يبحث ،وفي إطار المبررات التي أتينا بها أعاله ،في نفسية الجاني وفي الوضعية المادية التي يوجد فيها ،عن تعطيل
إرادي يحول دون استحقاق الفعل كمال التجريم ،أو حتى افتراض وضعية المحاولة ،بحيث يصبح من المتعذر قانونا تصور
تجريم و عقاب المحاولة أساسا.
صور المحاولة
بالرجوع إلى الفصول المتعلقة بتجريم المحاولة ،المشار إليها أعاله ،يمكن القول أن هذه األخيرة على ثالثة صور :المحاولة في
صورة الجريمة الموقوفة ۔ المحاولة في صورة الجريمة الخائية – المحاولة في صورة الجريمة المستحيلة – وقبل التعرض لهذه
الصور الثالث ،يجدر بنا مالحظة أن خصوصية تجريم المحاولة ،وليس عقابها يكمن في احتواء المشرع الحاالت بعينها،
خطورتها اإلجرامية تؤهلها لتلتحق بدائرة التجريم ،بالرغم من عدم اكتمال ركنها المادي بمفهومه المعتاد ،أي المرتب النتيجة
اإلجرامية وإ ن كنا ال نريد الدخول في التعقيدات التي يمكن أن تطرحها علينا بعض الجرائم ذات الطبيعة الخاصة ،ونقصد بها
حصرا الجرائم الشكلية
لعلها الصورة اإلشكال التي يدق فيها التمييز بين المحاولة المجرمة والمحاولة غير المجرمة ،ولنا في هذا المقام أن نحسم في
هذه التسمية األخيرة ،التي تعتبر مغامرة مطلوبة لتجديد فهم األسس التي يقوم عليها القانون الجنائي
ولعل وضوح الفهم ينطلق من كون الفقه ،في حديثه عن صور المحاولة ،يتحدث عن جرائم ،وهذا بنظرنا ألكبر دليل على أن
المحاولة هي استعمال لتقنية خاصة من تقنيات التجريم ،ال تقل شأنا عن تقنية الجريمة التامة وباستحضارنا لما سبق الحديث
عنه ،نقول عن الجريمة الموقوفة هي الجريمة التي تدخل فيها سبب أجنبي عن إرادة الفاعل ليوقفه عن إتمام األعمال التي
ستوصله إلى النتيجة المتوخاة من ارتكاب الفعل ،كتدخل ضابط الشرطة أو أحدا من الغير ،بل وانتباه الضحية نفسها إذا كان
هذا االنتباه مقرون بمقاومة من طرفها تكللت بالنجاح إن األهم في الجريمة الموقوفة هو إيقاف الفاعل رغما عنه ،مع صالحية
فعله وكفايته اإلحداث النتيجة واستمرار رغبته في ذلك ،وإال كنا أمام محاولة غبر مجرمة ،وتتحقق هذه األخيرة بإيقاف الفاعل
لنشاطه بإرادته ،مع صالحية فعله وكفايته إلحداث النتيجة مع غياب السبب األجنبي عن اإلرادة أو تفاهته
في هذه الصورة ،وعلى خالف األولى ،يستنفذ الفاعل كل نشاطه اإلجرامي ماديا معتقدا أنه سيوصله إلى تحقيق النتيجة
اإلجرامية المرجوة ،ومع ذلك ،تتخلف هذه األخيرة عن التحقق لظروف تخرج عن إرادته فالنتيجة في هذه الصورة ممكنة،
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
والنشاط اإلجرامي مكتمل على مستوى اإلنجاز ،ولم يوقف ال اختيارا من طرف الفاعل وال اضطراريا لتدخل السبب األجنبي،
ومع ذلك تخيب الجريمة في الجزء المت علق بتحقق النتيجة اإلجرامية لخلل تسبب فيه الفاعل نفسه ومن دون أن يرغب في ذلك.
الجريمة المستحيلة هي الجريمة التي اختل موضوعها ألسباب واقعية يجهلها الفاعل تقابلها الجريمة الوهمية أو التصورية،
وهي الجريمة التي ليست كذلك إال في نظر مرتكبها ،من دون أن تدخل في دائرة التجريم التشريعي ولعله بالرجوع لمقتضيات
الفصل 117سالفة الذكر ،نجد المشرع المغربي يتحدث عن األحوال التي يكون الغرض فيها من الجريمة غير ممكن يسبب
ظروف واقعية يجهلها الفاعل ” ومن دون التيه في بعض التفصيالت التي اعتمدها بعض الفقه في غير محلها،
األولى أن نقله إلى المنطق الذي اعتمده الفقه لتجريم هذا النوع الملتبس من الجرائم ،فخطورتها اإلجرامية ليست مثار جدل ألن
الفاعل استنفذ كل نشاطه اإلجرامي وتعذر حصول النتيجة اإلجرامية هو خارج عن إرادته تماما ،و الستحالة ذلك أيضا ومدام
ك ون هذه األخيرة .أي االستحالة ال يرجع للقانون ،فال مناص من التجريم والعقاب ،ألن االستحالة الواقعية هنا ،وبحكم جهلها ،لم
تكن لتغير ،ال من اقتناع المشرع باحتواء هذه الوضعية اإلجرامية الخطيرة ،استجابة لمنطق التجريم نفسه ،وال من استكمال
الصور األحق بتجريم المحا ولة ،بحيث خارج الصور الثالث ،وهي هندسة تشريعية متكاملة ،ال يمكن أن تكون إال أمام
وضعيات إجرامية هشة القيمة ،ال ترقى حسب المشرع الجنائي لمستوى التجريم ،الشيء الذي يزکی تجرئنا على نعت المحاولة
ب “الجريمة الناقصة “ ،كتقنية االمتداد التحريم لوضعيات ال يمكن الت غاضي عنها ،والتي ترى لها تكامال منطقيا مع مفهوم
الجريمة التامة ،بل ويدعم موقفنا المميز بين المحاولة المجرمة والمحاولة غير المجرمة.
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
و لعل بداية اإلشكال ،في نظرنا ،تنطل ق من عدم اعتماد المشرع الجنائي المغربي التعريف خاص بالفاعل األصلي ،يميزه عن
التعريف الذي أضفاه على المساهم والمشارك .ولعل هذا الموقف ،الذي نجد له تماثال مع تشريعات أخرى ،هو الذي جعل الفقه
يعتبر المساهمة تتحقق في حالة تعدد الفاعل األصلي.
ونحن من جهتنا تفضل ،اإلبقاء على هذه المؤسسات الثالث ،وفق مقاربة جديدة تنسجم مع التصور السليم لدراسة تجليات
التورط في ارتكاب الجريمة“ ،وهذه عبارة ،ينظرنا المتواضع ،تفي بالغرض أكثر من مفهوم “التنقية المادي للجريمة “ ،الذي
يشمل” الفاعل األصلي” والمساهم دون المشار
إما أن تنجز في إطار مشروع فردي ،ينقذ من بدايته إلى نهايته من طرف شخص واحد ،أو تنجز في إطار مشروع جماعي،
يتوزع فيه التنفيذ .من دون وصف حتى ال يقع الخلط مع االصطالح التشريعي بين شخصين أو أكثر في االحتمال األول ،تكون
ال محالة أمام فاعل وحيد للجريمة ،ال حاجة لنا لمعرفة الدور أو األدوار التي اضطلع بها في تنفيذه لها ،بحيث يكفي إنبات إسناد
الفعل إليه ليكتمل البنيان المادي للجريمة
أما في االحتمال الثاني ،وبحكم تدخل أكثر من شخص في إنجاز المشروع اإلجرامي ،يصبح من الالزم معرفة دور كل واحد
من المتدخلين ،باعتبار هذه المعطاة تشكل الشرط الضروري األولى للمرور لعملية إثبات إسناد الفعل.
ولعل الصعوبة ينظرنا المتواضع تطرح بداية مع عبارة “الفاعل األصلي” في حد ذاتها ،والتي اعتاد الفقه أن ينكرها إلى جانب
عبارة “المشارك” .وهذا يوحي منذ البداية عن خطأ .بأن المشاركة ما هي إال تصور ملطف للتورط في ارتكاب الجريمة،
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
الشيء الذي يمكن أن تنتظر منه عقابا ملطفا بالمقارن ة مع العقاب الذي ينبغي أن يطال الفاعل األصلي ،الذي ترجع له التسمية،
أصالة انتساب الجريمة أفعله ،وقد يطال المساهمين ،عقد تعدد الفاعل األصلي .
ولربما منطق الفصالن – 128الخاص بالمساهمة و – 129الخاص بالمشاركة من مجموعة القانون الجنائي المغربي يساعد
على طرح ه ذا اإلشكال من زوايا أخرى۔ فالفصل األول ،يعتبر مساهما كل من ارتكب شخصيا عمال من أعمال التنفيذ المادي
للجريمة .بينما الفصل الثاني ،يعمد إلى تصنيف بعض األفعال حصريا بالمشاركة في الجناية أو الجنحة ممن يأتيها ولم يساهم
مباشرة في تنفيذها وهي أفعال تتعلق إلى التوالي ب:
أوال – باألمر بارتكاب الفعل أو التحريض على ارتكابه ،وذلك بهية أو وعد أو تهديد أو إساءة استغالل سلطة أو والية أو تحايل
أو تدليس إجرامی
ثانيا ۔ بتقديم أسلحة أو أدوات أو أية وسيلة أخرى استعملت في ارتكاب الفعل ،مع العلم بأنها ستستعمل لذلك
ثالثا –بمساعدة أو إعانة الفاعل أو الفاعلين الجريمة في األعمال التحضيرية أو األعمال المسهلة الرتكابها ،مع العلم بذلك.
رابعا – التعود على تقديم مسكن أو ملجأ أو مكان لالجتماع ،لواحد أو أكثر من األسرار الذين يمارسون اللصوصية أو العنف
ضد أمن الدولة أو األمن العام أو ضد األشخاص أو األموال مع العلم بسلوكهم اإلجرامي
ولعل حسم المشرع الجنائي المغربي في عقاب المشاركة في الجناية أو الجنحة بنفس العقوبة المقررة لهما ،و الخطورة
المتميزة التي تتسم بها كل صور المشاركة المذكورة أعاله ،ليحررنا من أي عناء قد تبذله في الدفع بالتخلي عن عبارة “الفاعل
األصلي للجريمة المحلية ،بعبارة بسيطة ودالة “الفاعل مرتكب الجريمة “بل نؤكد ،حتى للقائلين بانسجام العبارة األولى مع
مفهوم المشاركة ،ولو بشكل أولي ،في انتظار تحليلنا لهذه المؤسسة المهمة في القانون الجنائي ،أن إشكالية التسمية تلزمنا
بالخوض في تقدير نسبة الخطورة لكل متدخل في تنفيذ المشروع اإلجرامي،
وهذا أمر ال يستلزمه المشرع ال صراحة وال ضمنيا ،في بعض الجرائم ،قد تتسم المشاركة بخطورة أكبر ،إن كانت ال تلزم
القاضي بانتقال الكم العقابي في جانب مرتكبها ،فينبغي أن يحترم نفس المنطق اتجاه الفاعل مرتكب الجريمة ،ولعله نفس منطق
المشرع الذي ساوي العقوبة.
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
والمتعلقة بمساهمة الفاعل في العم ل التنفيذي ،ال فرق بين أن يربط بين المساهمين اتفاق جنائي أم ال ،وسواء أكان العمل رئيسيا
أو ثانويا ونحن هنا نسجل تحفظنا ولو نسبيا على هذا التوسع ،فاألمر يتعلق بتحديد صفة المساهم من الناحية الجنائية ،وفيها ال بد
من االحتكام لمبدأ الشرعية فالمشرع نفسه يتحدث عن ” االرتكاب الشخصي لعمل من أعمال التنفيذ المادي للجريمة “،
ونحن من جهتنا وخارج الحا الت االستثنائية التي يخرج فيها المشرع عن هذا التقييد ،تنصح بتمسك الفضاء الجنائي بإضفاء
صفة المساهم ،فقط على من يمكن أن ينسب له دور في التنفيذ المادي المباشر الرتكاب الجريمة ،وإال ما الهدف من خلق
مؤسسة مجاورة للمساهمة ،أي المشاركة ،تكمل األولى يشكل منطقي ومعقول ،ينسجم مع مفهوم التورط في ارتكاب الجريمة
الذي تدافع عنه
صحيح ،أن المشرع والعتبارات يراها ،قد يذهب إلى اعتبار بعض األعمال ،مساهمة ،ولو أنها ال تدخل في الركن المادي
للجريمة ،حيت مثال ،في الفصل 304من مجموعة القانون الجنائي ،يعتبر مرتكبا للعصيان من حرض عليه سواء بخطب ألقيت
في أمكنة أو اجتماعات عامة أو بواسطة ملصقات أو إعالنات أو منشورات أو كتابات بل قد يفرضها افتراضا.
أي المساهمة وهي حالة الرؤساء والمنظمون والمديرون والمحرضون على المشاجرة أو العصيان أو التجمع الثوري ،حيت
يقرر المشرع معاقبتهم كما لو كانوا هم الذين ارتكبوا أفعال العنف المشار إليها .ولسنا هنا في حاجة إلى قبول مثل هذا التوظيف
الخاص ،الذي تري له انسجاما مع تميز الخطورة اإلجرامية التي عليها األفعال المذكورة
يبقى أن الفقه يذكر أيضا ،إلى جانب الحاالت أعاله ،حالة ثبوت وجود اتفاق مسبق بين الفاعلين ،على تنفيذ الجريمة .فمن باب
أولى هنا أن ال ننتبه لما إذا كان الفعل يدخل ضمن األعمال التنفيذية للجريمة ،ألن حصول االتفاق الجنائي يغني عن ذلك هنا ال
بد أن نسجل تحفظنا مما ذهب إليه الفقه من كون المساهمة الجنائية تقوم ولو لم يعرف من قام بالفعل المادي ،بحكم أن التطور
العلمي الذي بدأ يميز اإلثبات الجنائي يمكن أن يقدم المعطاة المساعدة على التعرف على ذلك.
المشاركة في الجريمة
ربما أكثر المشاكل على اإلطالق التي تثيرها المشاركة ،كتقنية جنائية ،يهدف من خاللها المشرع احتواء كل المتورطين في
ارتكاب الجريمة ولو بشكل غي ر مباشر ،خروج صورها عن مفهوم القيام بعمل من أعمال التنفيذ المادي الجريمة ،بحيث يطرح
التساؤل المشروع ،احتراما دائما لمبدأ الشرعية الجنائية ،عما هي الحدود المعقولة التي يمكن من خاللها تحديد دائرة المتورطين
في الجريمة؟
لقد مر معنا في الفصل 129أعاله حصر المش رع الجنائي المغربي ،شأنه شأن أغلب التشريعات الجنائية ،لصور المشاركة
ويشكل ال يسمح للقاضي الجنائي بتمديدها على حاالت خارجها .ولعل هذا الموقف ،بنظرنا المتواضع ،يحيل على مسألتين
أساسيتين،
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
األولى ،أنه خارج حالة المساهمة الجنائية ،والتي يمكن إثباتها ماديا بيسر ،بحكم التصاقها بالتنفيذ المادي للجريمة ،ال بد من
تدقيق وصف الحاالت األخرى ،لكي ال يمتد التجريم بشكل يخالف منطق المساءلة نفسه إلى أشخاص ال عالقة لهم به والثانية،
تتمثل في مراعاة الوضعيات التي تصيح فيها المساعدة على ارتكاب الجريمة أي خارج حلقة المتورطين في التنفيذ .تكتسي من
الخطورة ما يكفي لتصبح ،إلى جانب حالة المساهمة شاملة لكل الوضعيات اإلجرامية التي يحتملها منطق تعدد الجناة في
الجريمة الواحدة
قبل الرجوع الصور المشاركة ،ال بد من تأصيل األساس القانوني لعقابها .وفي هذا الباب يمكن الحديث عن نظريتين:
األولی تسمى نظرية استعارة اإلجرام من الفاعل األصلي ،الذي حاولنا أن نعطيه تسمية الفاعل مرتكب الجريمة و الثانية
تعرف بنظرية استقالل جريمة المشاركة بالنسبة للنظرية األولى ،تجريم المشاركة مرتبط بعالقة سببية مع النشاط اإلجرامي
للفاعل مرتكب الجريمة ،فال عقاب عليها إذا لم تقع فعال الجريمة التي ساعد عليها ،إما امتناعا أصال أو عدوال عنها اختيارا أو
حتى أن سقطت الجريمة بالتقادم أو شملها عفو شامل فهذه حاالت حسب النظرية أعاله ،تمنع من تحقق استعارة التجريم،
بحيث أفرغت الفعل من إمكانية ذلك بل إن الظروف العينية المتعلقة بماديات الجريمة سواء منها المشددة للعقوبة كظرف الليل
في السرقة أو التي تخففها۔ سرقة زهيدة ،.تسري على المشارك ولو كان غير عالم بها ،فمهما كانت فيه وقصده ،فهو يتحمل
استعارة الفعل اإلجرامي بكل أوصافة سواء منها التي تأخذه نحو التشديد أو تلك التي تشمله بالتخفيف.
أما بالنسبة للنظرية الثانية ،فهي تعقد با لخطورة اإلجرامية التي يتسم بها فعل المشارك ،بحيث بنظرها ،ليس هناك ما يمنع من
القول باستقالل نشاطه عن نشاط الفاعل مرتكب الجريمة ،ومن ثم فمسؤوليته الجنائية مستقلة كذلك بناء عليه ،ستكون النتائج
مختلفة تماما عما مر معنا بخصوص النظرية األولى فالمسؤولية الجنائية للمشارك تقوم ولو تراجع الفاعل عن مشروعه
اإلجرامي أصال ،أو سقطت الجريمة بالتقادم أو شملها عفو عام بل إن الظروف العينية المرافقة الجريمة التي يرتكبها الفاعل ،ال
يسأل عنها المشارك إال إذا كان عالما بها عند قيامه بنشاطه.
بالنسبة للمشرع المغربي ،فأغلب الظن أنه ينحو نحو نظرية االستعارة ،حيت يستشف ذلك ،حسب الفقه ،من ذات النص المقرر
للمسؤولية الجنائية على الجرائم الفصل . 132حيت وبعد أن يؤكد المشرع مسؤولية الشخص عن الجرائم التي يرتكبها ،يتحدث
عن الجنايات أو الجنح التي يكون مشاركا في ارتكابها فهذه العبارة األخيرة تحمل من الداللة ما يكفي لقي استقالل تجريم
المشاركة،
صور المشاركة
إن المتأمل بعمق في صور المشاركة التي مرت معنا في معرض حديثنا عن مقتضيات الفصل ،129ليالحظ جيدا مدى تمس
أن المشرع بالحاالت الواقعية التي يمكن أن تصبح معها المساعدة على ارتكاب الجريمة ،وليس المساهمة فيها ،تحمل نفس
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
خطورة ارتكاب الفعل ،ولو بالتقييد الذي حاولنا أن نقف على بعض جوانبه فاألمر والتحريض .الصورة األولى ،وتقديم وسيلة
ارتكاب الجريمة الصورة الثانية،
والمساعدة أو اإلعانة على األعمال التحضيرية أو المسهلة الرتكاب الجريمة الصورة الثالثة ،والتعود على تقديم مسكن أو
ملجأ .الصورة الرابعة ،كلها بنظرنا أفعال ،فضل المشارك أن ال يقوم فيها بأي دور مباشر في التنفيذ المادي للجريمة ،بحيث،
وبالرغم من رغبته في أن يرتكب مبني للمجهول الفعل المؤدي إلى حصول النتيجة اإلجرامية المرجوة ،اختار لنفسه دورا
مساعدا ال يمكن ،بنظرنا المتواضع ،أن يخرج عمليا عن الصور المذكورة
األولى :أن الصورتان األولى والثانية تتحققان بأعمال سابقة على ارتكاب الفعل ،بينما الصورة الثالثة قد تتحقق بأعمال
معاصرة لتنفيذ الجريمة ،أما الصورة الرابعة فقد تتحقق بأعمال الحقة على ارتكاب الفاعل للجريمة
الثانية :صورة األمر والتحريض على ارتكاب الجريمة ،والتي تسجل على أن المشرع استوجب أن تتم بهية أو وعد أو تهديد
أو إساءة استغالل سلطة أو والية أو تحايل أو تدليس إجرامي ،الظاهر على أنها الصورة األمل التي توضح مدى استحقاق
المشارك لنفس عقوبة الفاعل مرتكب الجريمة ،كان ال بد على المشرع أن ينطلق منها الحتواء الصور األخرى ولسنا بحاجة
الشتراط جدية التحريض ومدى تشجيعه للفاعل لإلقدام على ارتكاب جريمته.
الثالثة :اشتراط المشرع ،في الصور الثانية الثالثة والرابعة ،علم المشارك بما يعتزم الفاعل مرتكب الجريمة فعله هذا يشترط
الفقه أن يكون هذا العلم حقيقي ،من دون أن يمتد ،كما سبق بيان ذلك ،للظروف العينية الرتكاب الجريمة ،حيت ينبغي تطبيقها
عليه بالرغم من جهله لها.
رابعا :بخصوص الصورة المتعلقة بالمساعدة على األعمال الم سهلة الرتكاب الجريمة ،ويضرب لها الفقه مثل الشخص الذي
يقوم بتجريد الضحية من سالحه ليسهل على الجاني قتله أو االعتداء عليه ،ومن دون الدخول في اآلراء المختلفة ،التي إما
تدخلها في المساهمة أو تحافظ لها على الوصف التشريعي لها كمشاركة ،وحتى ال ندخل في متاهة تحكيم واحد من المعيارين
الموضوعي أو الشخصي،
نقول أنه كان على المشرع المغربي أن ال يحشر القاضي في هذا اإلشكال ،باعتبار هذه الصورة من صور التنفيذ المادي
للجريمة فينظرنا المتواضع ،كلما تطورت المساعدة لتعمل وبشكل مباشر على إنجاح التنفيذ المادي المذكور ،كلما أصبحت
ت حمل وصف مساهمة فسهولة إثبات فعل المساعدة من الناحية المادية من جهة ،وصعوبة فرزها عن أعمال التنفيذ األخرى ،من
جهة أخرى ،يجعل هذه الصورة تبتعد وبشكل واضح عن مفهوم المشاركة
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
خامسا :الصورة الرابعة واألخيرة ،اقترض فيها المشرع المشاركة ،مع اشتراط االعتياد على تقديم المسكن أو الملجأ إلى
األشرار .ومن دون أن تدخل في أي تعقيد لهذه الصورة التي تستحق احتواءها بالتجريم والعقاب ،يكفي أن نقول أن هناك من
الفقه من يطرح إمكانية احتوائها بالجريمة المستقلة ،ونحن نفضل وصفها بالمشاركة افتراضا ألنه ال تنطبق عليها االعتبارات
الكافية لتصنيفها ضمن التجريم الوقائي.
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
– 2إذا اضطر الفاعل ماديا إلى ارتكاب الجريمة ،أو كان في حالة استحال عليه معها استحالة مادية ،اجتنابها ،وذلك لسبب
خارجي لم يستطع مقاومته،
– 3إذا كانت الجريمة قد استلزمتها ضرورة حالة الدفاع الشرعي عن نفس الفاعل أو غيره أو عن ماله أو مال غيره ،بشرط أن
يكون الدفاع مناسبا مع خطورة االعتداء“
ال يكفي العتبار الفعل أو االمتناع جريمة وجود نص تشريعی يجرم ،بل ال بد أن يخلوا من أي سبب للتبرير واإلباحة ،وهي
كما يتضح من الفصل أعاله ،أمر القانون والسلطة الشرعية ،حالة الضرورة – المعبر عنها بعبارة إذا اضطر الفاعل ماديا إلى
ارتكاب الجريمة ،.تم حالة الدفاع الشرعي الواردة في الرقم 3من الفصل المذكور.
وعليه ،حسب الفقه الجنائي ،ال يقوم الركن القانوني للجريمة إال بانتفائها ،بل يمكن أن نستنتج ذلك من خالل ما ركزنا عليه
ونحن بصدد تأصيل مبدأ الشرعية فالتجريم حاجة ضرورية لحماية المجتمع في أمنه واستقراره ومصالحه األساسية ،وهو
عبارة عن رصد ألهم االعتداءات الماسة يتلف المصالح ،حماية لها ،إال أنه ،عندما تغيب عن الفعل أو االمتناع ،هذه العلة
المبررة للتجريم ،ال يرى المشرع ،والمجتمع من ورائه ،االستمرار في اعتبار الفعل أو االمتناع جريمة فأمر القانون والسلطة
الشرعية وحالتي الضرورة والدفاع الشرعي ،وكما ستفصل بعده ،إنما هي أسباب تحوز نفس االعتبار والمنطق القانونيين،
وإن أخذوا التجريم في االتجاه ا لمعاكس ،أي رفع الصفة الجرمية عن الفعل أو االمتناع وربما إذا كان الفقه الجنائي يفضل
اعتبار هذه األسباب رخص قانونية تبيح ،في ظل شروط معينة ،ارتكاب الفعل أو االمتناع المجرم لمن توافرت لديه إال أننا
نراها أسباب تستثني من التجريم ،ارتكاب الفعل أو االمتناع في وض عيات معينة ،ولعلها قراءة البعدية ،يستنتجها القاضي من
وقائع ،إن تحقق فيها التجريم ،لم تتجسد فيها علته ولذلك كانت لهذه األسباب مقومات موضوعية ،بحيث ال تنصرف الفاعل ،بل
تصب على الجريمة رأسا وترفع عنها الصفة الجرمية ،بحيث يصبح لها أثرا مزدوج يترتب من جهة عدم مسؤولية الفاعل
جنائيا ،ومن جهة أخرى تقتفي مساءلته مدنيا النتقاء الخطأ من جانبه
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
ال بد من اإلشارة بداية إلى أن هذا السبب من أسباب التبرير إنما يطرح إشكاليات دقيقة ال بد من وضع تساؤالت أولية بشأنها:
أال يقف وراء التجريم أمر القانون والسلطة الشرعية ؟ كيف يمكن أن نقيل في دولة الحق والحريات تبرير المساس بها من
طرف من هو مؤتمن على حمايتها ؟ هل يستقيم هذا التبرير بذكر أمر القانون إلى جانب أمر السلطة الشرعية ،وما هي الحكمة
القانونية من وراء ذلك ؟
حتى يمكن التغلب على اإلشكال وحصول التهم برفع اللبس أو اإلبهام ،ال بد من االنطالق من أمثلة توضيحية:
ففي دولة الحق والحريات يسمح لضابط الشرطة القضائية ،عندما ترتكب جريمة ،وفي ظل احترام شروط قانونية محددة،
الدخول إلى المنزل من أجل جمع األدلة ووضع المشتبه به رهن الحراسة النظرية مساس بالحرية كما يسمح لرجل القوة
العمومية بتفريق تظاهر عمومی غير قانوني .أي غير مرخص به .؛ بل يسمح قانون المسطرة الجنائية للشخص العادي من
إلقاء القبض على مرتكب الجريمة عندما يضبطه في حالة تلبس۔
مع ذلك ،ونحن بصدد مقاربة أسباب التبرير ،نالحظ وعلى خالف مبدأ الشرعية هناك نوع من المرونة فالقانون ليس دائما يأمر
بل قد يجيز ،والفقه قد يعتبر اإلجازة في حكم األمر كما هو الحال في منال الشخص العادي في حالة التلبس :ففي هذه الحالة التي
تتطلب االستعجال يسمح للمواطن العادي بإجراء إلقاء القبض۔ اختيارا۔ بدل ضابط الشرطة القضائية وال يمكن متابعته بهذا
الفعل الماس بالحرية ،ألن القانون يجيز له ذلك.
أيضا ،اصطالح “قانون” .ينبغي ،وعلى خلق مبدأ الشرعية ،أن يؤخذ بشكل موسع ،بحيث وإلى جانب التشريع العادي الصادر
عن البرلمان ،يمكن أن يشمل القرارات الصادرة عن السلطات العمومية .فاألمر ال يتعلق بالتجريم ،حيت ال يمكن مؤاخذة
الشخص إال على ما صنفه ممثلو األمة جرائم ،بل بما اقتضى نظر المشرع ،وألسباب موضوعية ،التجاوز عنه .فالتبليغ عن
مرض معد ،إن كان باإلمكان مساءلة الطبيب عنه جنائيا باعتباره مرتكبا لجنحة المساس بالسر المهني ،فهذه المساءلة تصبح
بغير ذي معنى عندم ا توجد أمام قرار صادر عن سلطة عمومية .قرار وزاري .يلزم الطبيب ،وبهدف المحافظة على الصحة
العامة للمواطنين ،بالتبليغ يبقى أنه ،ومن أجل االستفادة من هذا السبب لتبرير الفعل أو االمتناع ورفع الصفة الجرمية عنه ،ال بد
من تحقق بعض الشروط:
إذا أمر القانون وحده القي ام ليفعل مخالف للقانون الجنائي ،وجب التمييز بين ما إذا كان هذا األمر موجه إلى الرئيس وحده دون
المرؤوسين ،أو هو موجه فقط لهؤالء فإذا كنا أمام الحالة األولى ،فإن أمر القانون ال يكفي بل ال بد من أمر صادر عن السلطة
الشرعية ويمثل الفقه على هذه الحالة بإجراء تمديد مدة الحراسة النظرية منها األصلية 48ساعة في الجرائم العادية وتمدد ب
24ساعة .فهنا ال يكفي أمر القانون الذي يسمح بالتمديد بل ال بد من الحصول على إذن النيابة العامة ،والتي تنهض هنا كسلطة
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
شرعية تملك قانونا صالحية التمديد .أما في الحالة الثانية ،حيث يوجه األمر للمرؤوسين احترام المدة األصلية للحراسة النظرية
من طرف ضباط الشرطة القضائية ،فأمر القانون كاف لوحده
بخصوص أمر السلطة الشرعية ،وحول إشكالية مدى اعتباره كافيا للقول بقيام سبب التبرير ،فقد اختلف الفقه بشأنه ،وللتوضيح
فالمسألة تدخل في إطار توجيه الرئيس لل مرؤوس تنفيذ أمر يتضمن ارتكاب فعل أو امتناع يعتبره المشرع الجنائي جريمة
– النظرية األولى وتسمى بنظرية الطاعة العمياء ،ويحسبها ال يسمح للمرؤوس مناقشة أمر رئيسه ،حيث يتوجب عليه تنفيذ
األمر ،من دون أن يترتب عن ذلك أية مساءلة في جانبه ،بل إن الرئيس هو الذي يعتبر مرتكبا لما وقع تنفيذه
– النظرية الثانية وتسمى بنظرية الحراب الذكية ،وهنا على المرؤوس ،وبخالف النظرية األولى ،أن يعمل على تقدير أمر
الرئيس ،بحيث يستلزم عليه أن ال ينفذ من األوامر إال ما رآه موافقا للقانون ،بحيث إذا عمد إلى تنفيذ أمر يتضمن القيام بفعل أو
امتناع يجرمه النص الجنائي يساءل عنه شخصيا
وقد حاولت نظرية ثالثة وسطى التوفيق بين النظريتين ،حيث قررت إلزام المرؤوس بعدم االمتثال ألوامر الرئيس إذا كانت
مخالفتها للنص الجنائي واضحة وجلية ،بحيث إتيان هذه األخيرة إنما يحمله المسؤولية الجنائية أما دون ذلك ،فالمسؤولية
المذكورة إنما تقع على الرئيس دون المرؤوس بالنسبة للمشرع المغربي،
– 2حالة الضرورة
حالة الضرورة هي الوضعية التي يقوم فيها الشخص بنشاط يجرمه النص الجنائي ويلحق ضررا بنفس الغير أو بماله ،إال أن
هذا النشاط كان الفاعل مضطرا إلتيانه حفاظا على حياته أو مال ه .ويمثل الفقه عليها بأمثلة بسيطة ،كمن يشتد به الجوع ويلجأ
إلى سرقة ما يسد به رمقه ،أو كذلك من ينتهك حرمة منزل فرارا من حيوان خطير يطارده ومن دون التيه في بعض التفسيرات
الفقهية التي ال تقنعنا باألساس الذي تعتمده بالنسبة العتبار حالة الضرورة من أسباب التبرير خاصة تلك التي تبني ذلك على
اإلكراه المعنوي -حيث يمكن أن ينزلق بنا للخلط بين أسباب التبرير وموانع المسؤولية الجنائية نفضل التمسك بمبررات منطقية
واجتماعية ،بل وترتبط بأسباب موضوعية وعقالنية للسياسة الجنائية
إن السلوك اإلجرامي بصفة عامة أو الماس منه بنفس ال غير أو بماله إنما يعتبر كذلك لما يخلفه في الشعور العام للمجتمع من
استياء تجاه من يعبث بتصرفاته األنانية لإلضرار باآلخرين ،ويشذ عما ارتضوه كسلوك سوي اختاروا االنتظام وفقه ،بل إن
ربط الجزاء فيه بعقوبات ذات وقع أشد لتعتبر بنظرنا ردة فعل مجتمعية واضحة عن استخفاف الفاعل بمنظومة القيم التي يتدخل
القانون الجنائي لحمايتها هذا األساس الذي يبنى عليه المشرع التجريم والعقاب ال نجده في وضعية الواقع في حالة الضرورة ،
حيث يرى الفقه ،استحضارا لما ذكرنا ،أن ال فائدة من عقاب ما ارتكبه بل يمكن ،في هذه الوضعية ،إعمال قاعدة دفع الضرر
األقوى بالضرر األخف ،لما لها من انسجام منطقی مع حالة الضرورة
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
ال بد أن يوجد الفاعل في مواجهة خطر جسيم حال ،أي قائم ،يهدد النفس أو المال وقد يطرح مشكل تكييف وصف الجسامة في
الخطر ،بحيث پرجح الفقه أن ذلك من متعلقات السلطة التقديرية للقاضي ،وان كنا هنا نسجل احتياطنا في هذا التقدير ببنائه على
معايير موضوعية تكسب تقدير الخطورة المصداقية الالزمة لإلقناع بتبرير الفعل .فالخطر الذي يهدد الحياة أو السالمة
الجسدية بشكل بليغ ال يمكن أن ننفي عنه الجسامة واقعا أو قانونا ،وقد تخرج من اعتبارنا ما دون ذلك من األفعال التي ال ترقى
لذلك ،أو تدخل في زمرة ما يمكن تفاديه بطرق أخرى كما سيتضح بعده
باإلضافة إلى الجسامة ،البد للخطر أن يكون حاال ،أي قائما ال محتمال بل يجيز الفقه أن يكون وشيك الوقوع حتى يقع استبعاد
الحاالت التي تشكك في وقوعه ،بحيث إذا كان كذلك لم يعد يخشى منه ،بالتالي لم يعد يصلح العتباره من أسباب التبرير أيضا،
يحدد المشرع نطاق تطبيق حالة الضرورة فيما يهدد النفس أو المال سواء تعلق ذلك بالفاعل أم بالغير
الشرط الثاني يستلزم أن ال يكون الخطر مشروعا .ولعله شرط بديهي ،فال يمكن القبول ال منطقا وال قانونا من رجل المطافئ
التراجع عن محاولة إخماد حريق بدعوى التهامها للجزء األكبر من المصنع ،وأن شدة لهيبها قد يشكل خطرا عليه فالخطر الذي
يواجهه رجل المطافئ إنما يدخل في صميم عمله والتزامه السلبية الكاملة بدعوى أن ال طائل من تدخله إنما يعرضه للمسؤوليين
التأديبية والجنائية
الشرط الثالث يقضى أن ال يكون الخطر قد تسبب فيه الفاعل عمدا ،أي أن يوجد فيه من دون قصد كأن تشتعل النار في المطبخ،
ولتفادي مزيد من الخسائر يقع إتالف بعض منقوالت الجار إلخماد الحريق
الشرط الرابع يتطلب أن تكون الجريم ة هي الوسيلة الوحيدة لتجنب الضرر المترتب عن الخطر في المثال السابق ،إذا كان
للفاعل ما يخمد به القار دون اللجوء المنقوالت الجار ،اعتبر مرتكبا لجريمة غير مبررة.
الشرط الخامس واألخير يستدعي أن يكون ما وقع التضحية به أقل مما استهدف المحافظة عليه أو مساويا له ولعل المثال
البديهي الذي يعتمده الفقه الجنائي هو أسبقية حماية الحق في الحياة عن حماية حق الملكية هذا ويمكن أن نستخلص كآثار لحالة
الضرورة ،وفي حالة توافر كل الشروط المذكورة أنها ترفع الصفة الجرمية عن النشاط المرتكب ،بحيث ال تقوم بنظرنا ال
المسؤولية الجنائية وال المدنية النتفاء الركن القانوني للجريمة
مع ذلك ،يبقى عبء إثبات حالة الضرورة ،لال ستفادة من تبرير الفعل والحصول على البراءة ،على عاتق من يدعي ذلك ،بحيث
ال يمكن إعفاء الفاعل هنا من اإلثبات بدعوى أن مشرع المسطرة الجنائية يمتعه بقرينة البراءة ،ألن النيابة العامة كطرف مدع
إنما ستعتمد في متابعتها على ما ضمن في المحضر من أفعال يجرمها القانون الجنائی،ليل غالبا ما تكون هذه األفعال معترفا بها
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
– 3الدفاع الشرعي
يعتبر الدفاع الشرعي من أسباب التبرير واإلباحة ،بل من أهمها وأبرزها وضوحا ،بحيث وكما مر معنا في الفصل 124من
مجموعة القانون الجنائي المغربي ،لجوء الفاعل إلى ارتكاب الفعل المجرم إنما هو عبارة عن ردة فعل شرعية لحماية نفسه أو
ماله أو لحماية نفس أو مال الغير ولعل خصوصية هذا السبب ،مقارنة باألسباب األخرى التي مرت معنا ،تتجلى في أنه يلتصق
وبشكل طبيعي بغريزة اإلنسان .ولذلك سمي بالدفاع الشرعي
كما سبق التذكير به مع حالة الضرورة ،اعتبارا لما هي عليه اإل رادة غير الحرة في إتيان الفعل ،ولعله الصراع الفقهي الدائر
بين النظرية الشخصية والنظرية الموضوعية والذي يطرح مع كل اإلشكاليات التي يديرها إعمال قواعد ومؤسسات القانون
الجنائي ،فإننا هنا نفضل ،السير وفق منطق المشرع نفسه الذي اعتبر الجريمة وكأن لم تكن ،وليس فقط امتناع قيام المسؤولية
الجنائية ولعل األمر سيصبح متضحا مع تبيان الشروط التي يلزم توافرها سواء في فعل االعتداء أو في فعل الدفاع،
والمالحظ أن فعل االعتداء ال يمكن أن يصل لمستوى التهدي د إال إذا طال النفس أو المال ،وهي أمور بنظرنا تثير ردة الفعل
بشكل طبيعي ،حيت ال بد وأن يستهدف لدى المعتدى عليه ما يستشعره من ضروريات الوجود والعيش ولعله نفس منطق
المشرع بالنسبة لحالة الضرورة مع بعض االختالف ،حيت يختص الدفاع الشرعي بوجود اعتداء لذلك كان ال بد أن يقارب الفقه
مفهوم النفس والمال بشكل موسع فاالعتداء الذي يهدد النفس يمكن أن يشمل االعتداء على الحياة كما يمكن أن يقتصر على
السالمة الجسدية أيضا ،ليس هناك ما يمنع من أن يصبح االعتداء المهدد للعرض مما يبرر الفعل إلى جانب المال
هنا ،وكما هو الحال في حالة الضرورة ،كان البد من المشرع أن يسجل احتياطه ،وإن كنا هنا نقصد الفقه بالخصوص ،حتى ال
يستغل أي شعور بالخطر لشرعنة كثير من التجاوزات أثبت الواقع أنها استغلت أسوء استغالل ،وهو ما ال يمكن القبول به في
مادة اإلباحة التشريعية المكملة لمنطق التجريم التشريعي ال بأس أن نذكر بأن حلول خطر االعتداء نفهمه بأن ليس هناك حائل
يحول دون وقوعه ،وإن كان في حقيقته الواقعية يعود لتقدير قاضي الموضوع ،خصوصا واألمر قد يصبح ملتبسا شيئا ما مادام
الحديث عن خطر االعتداء وليس االعتداء في حد ذاتها
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
مع ذلك نقول بأن حلول خطر االعتداء يوازي كونه وشيك الوقوع ،أي تواجد المعتدي في وضعية تؤشر وبشكل قوي على
الرغبة المحسومة في االعتداء كذلك يذهب الفقه إلى اعتبار وقوع االعتداء فعال مبررا للدفاع الشرعي شريطة عدم انتهائه .أما
إذا بدأ فعال وانتهى ،سواء حصلت النتيجة المتوخاة أم ال ،فال يعود ما يبرر فعل الدفاع ،إذ سيصبح هذا الفعل األخير اعتداء
جديدا يجرمه المشرع لكن قد تكون أمام وضعية يكون خطر االعتداء فيها مستقبال .هنا ،احتمال وقوع االعتداء من عدمه يعطى
للمهدد كل الحظوظ لتفاديه ،بحيث والحالة هذه ،يسقط مفعول األساس الذي يلقي عليه المشرع الجنائی تبرير مؤسسة الدفاع
الشرعي
أما إذا كان الخطر وهميا ،أي ال عالقة له بالواقع ،فمن حيث المبدأ الجريمة قائمة ما لم يثبت الفاعل أن توهمه للخطر كان نتيجة
غلط في حقيقة الواقعة ،ويبين األسباب الجدية التي كانت وراء ذلك ففي هذه الحال ال مناص من امتناع مساءلته النتفاء الركن
المعنوي للجريمة إذا لم يستطع أن يقدم دليل كافي ،فيمكن للمحكمة أن تدينه بجريمة غير عمدية إن أمكن ذلك من حيث صور
التكييف الممكنة
ال تحتاج هذا العناء من أجل توضيح أهمية هذا الشرط فاستلزامه يدخل في صميم تصور شرعية فعل الدفاع لكن الواقع يجعلنا
نواجه حاالت قد تشكلت في إعمال هذا الشرط بشكل متيسر وهكذا عندما يكون ضابط الشرطة القضائية في مطاردة المشتبه به،
خصوصا في جناية أو جنحة متلبس بها ،ال يستطيع هذا األخير أن يواجه هذه المطاردة كخطر – مشروع – يفعل الدفاع
في نفس السياق ،هناك من يطرح في هذه الحالة إشكالية تورط الضابط بالشطط في استعمال سلطته .بنظرنا المتواضع،
يصعب من الناحية المنطقية والعملية كذلك أن نفتح الباب أمام مقاومة ممثلي السلطة العامة ،فمهمتهم قد تستدعي في بعض
األحيان التدخل بالجدية المطلوبة لحفظ النظام العام تم هنالك آليات قانونية وقضائية تحصن المواطن ضد بعض تعسفات
مؤتمنى السلطة العامة ومع ذلك ،هناك من يسمح بالمقاومة في حدود ضيقة جدا ،أي عندما يكون اعتداء المؤتمن ظاهر وجلي،
وفي حدود االحتماء األتي مع مراجعة اآلليات المذكورة
يبقى أنه ،وحسب الفقه الجنائي ،يمكن رد االعتداء الصادر من مجنون وكذلك مواجهة من يتمتع بعذر ،كحالة رد عدوان الزوج
أو الزوجة في حالة ضبطهما الخيانة بل يذهب الفقه إلى القول إلى شرعنة الدفاع ضد من يشتط في دفاع شرعی صحيح ونحن
في هذه الحاالت األخيرة تفضل عمليات القضاء السلطة التقديرية بشأنها ألنها ملتبسة وحمالة لكثير من التأويل من حيث الواقع.
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
كان ال بد من مقاربة هذه الشروط بصفة مختلفة ،قد نقول عنها متقابلة مع الشروط السالف ذكرها مع فعل االعتداء وعليه فإن
فعل الدفاع ،كردة فعل ،ال يمكن أن يكتسب الشرعية المطلوبة إلباحته ،سوى من منطلق يحفظ للمنطق التشريعي نفس المقومات
التي وقفنا عليها في باب التجريم ،وإن كان موقفه هنا من أجل رفع الصفة الجرمية عن الفعل ليسترجع صفته األصلية – أي
اإلباحة ..فعلة التجريم إنما تدور حول مقومين أساسيين:
الفعل في حد ذاته ،أي ما يشكله من مساس بمصلحة اجتماعية تستوجب تدخل القانون الجنائي ،وما يحدثه من اضطراب
اجتماعی فعلی أو مفترض .لذلك كان من الالزم،وإلعمال هذا السبب من أسباب التبرير ،وفي باب شروط فعل الدفاع ،أن يكون
فعل الدفاع الزما وضروريا لرد االعتداء الشرط األول -وكأننا أمام أحقية المهدد باالعتداء بحماية نفسه ،وأن يكون متناسيا مع
خطورة االعتداء الشرط الثاني ،أي بدون تجاوز يسقط مفعول شرعية فعل الدفاع
– بخصوص الشرط األول ،ال بد للقاضي الجنائي ولكي يقف على ما يجسد اللزوم والضرورة لرد االعتداء من عدم توافر
إمكانية مراجعة المهدد باالعتداء للسلطة العامة فالدفاع الشرعي ،وكما يسميه بعض الفقه المقارن بالوجبة التي تؤكل ساخنة ،ال
يمكن أن يقوم منطقا أو قانونا من أجل تكريس فكرة االنتقام في المجتمع فطالما أمكن مراجعة الشرطة القضائية أو النيابة العامة
من أجل تقديم شكاية للحيلولة دون وقوع األعداء ،لم يعد لفعل الدفاع ما يبرره ،بحيث ال مناص من إرجاع حق التدخل للجهة
الرسمية المكلفة به قانونا
يبقى اإلشكال مطروحا بمدى إمكانية تحقق هذا الشرط في حالة ما إذا كان بإمكان المهدد باالعتداء أن يلوذ بالفرار .هنا ,ال بأس
من التأكيد ،ولعلها أطروحة ندافع عنها بكل موضوعية ،على أن لكل بلد خصوصياته التي يستمدها من تاريخه وثقافته ،بل ومن
عراقة نظامه السياسي وحضارته فنخوة المغربي وكل المغاربة تجعلنا وبكل منطق نقول بقيام الدفاع الشرعي صحيحا ولو
توافر المهدد باالعتداء إمكانية الهرب. .
أما فيما يرجع للشرط الثاني المتعلق بالتناسب ،وفي إطار البحت عن تكريس القيم المجتمعية ،ال يمكن ممارسة حق الدفاع
الشرعي على فرض اعتباره كذلك باإلفراط والتجاوز ،بحيث ال بد للقضاء ،وفي إطار السلطة التقديرية التي يتمتعون بها في
هذا الباب ،من إقصاء أي تعسف يمكن استغالل مؤسسة الدفاع الشرعي لتمريره .لكن تخوفنا من إضفاء الشرعية على التعسف
في استعمال حق الدف اع الشرعي ،ال يعني تقييد القضاء بتحقق التناسب الفعلي بين فعل الدفاع واالعتداء ،بل يكفي أن يتحقق
التناسب التقديري الذي يساءل كل قضية على حده
في األخير البد وأن نذكر بمقتضيات الفصل 125من مجموعة القانون الجنائي المغربي حيث يعتبر المشرع الجريمة نتيجة
الضرورة الحالة للدفاع الشرعي ،وذلك في حالتين:
القتل أو الجرح أو الضرب الذي يرتكب ليال لدفع تسلق أو كسر حاجز أو حائط أو مدخل دار أو منزل مسكون أو ملحقاتهما.
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET
الجريمة التي ترتكب دفاعا عن نفس الفاعل أو نفس غيره ضد مرتكب السرقة أو النهب بالقوة
UNIVERSITYLIFESTYLE.NET