You are on page 1of 4

‫آثار‬

‫آثار الكويت قبل الميالد‬

‫الكويت ‪� -‬سيد علي �إ�سماعيل‬

‫يف وقتنا احلا�ضر ينظر اجلميع �إىل‬


‫دول اخلليج العربي نظرة �إبهار؛‬
‫ب�سبب تطورها ال�سريع‪ ،‬ومظاهر‬
‫تقدمها العمراين والتكنولوجي يف‬
‫جميع املجاالت‪ .‬هذه النظرة – رغم‬
‫�إيجابيتها – �إال �أنها ت�سلب من هذه‬
‫الدول �أ�صالتها احل�ضارية القدمية‪،‬‬
‫وتاريخها العريق؛ وك�أن هذه الدول‬
‫مل تتقدم �إال م�ؤخراً ب�سبب عوائد‬
‫البرتول املالية ال�ضخمة‪ .‬واحلقيقة �أن‬
‫هذه الدول هي يف الواقع مُتثل �أ�صل‬
‫احل�ضارة الإن�سانية ومنبعها‪ .‬ف�آدم‬
‫عليه ال�سالم – �أبو الب�شرية – عا�ش‬
‫فيها‪ ،‬وبد�أت الب�شرية تنمو وترتعرع‬
‫بني جبالها ورمال �صحرائها‪ ،‬وتاريخ‬
‫العرب بد�أ فيها‪ ،‬ناهيك عن ال�شعر‬
‫العربي الذي �أرخ جلميع مظاهر احلياة‬
‫العربية منذ الع�صر اجلاهلي‪ ،‬وهو‬
‫مت نظمه يف وديانها وبني جبالها‪،‬‬ ‫�شعر ّ‬
‫وكما قيل ف�إن (ال�شعر ديوان العرب)‪.‬‬
‫و�إذا كانت هذه احلقائق معروفة نظرياً‬
‫من خالل التاريخ املكتوب – دينياً‬
‫وتراثياً و�إن�سانياً وثقافياً – ف�إن �شواهد‬
‫كثرية دلت على ذلك! وهذه ال�شواهد‬
‫مت التنقيب عنها‪،‬‬ ‫عبارة عن �آثار قدمية ّ‬
‫ومن ثم جمعها‪ ،‬وكان البد من عر�ضها‬
‫لتكون �شاهداً حياً على هذه احل�ضارات‬
‫املندثرة‪ ،‬و ُيعد متحف الكويت خري‬
‫دليل على هذه احل�ضارات‪.‬‬
‫العدد ‪ 135‬دي�سمرب ‪2010‬‬ ‫‪58‬‬

‫‪058 ���� ������.indd 2‬‬ ‫‪12/10/10 9:54 PM‬‬


‫املتحف وبدايته‬
‫بد�أ تكوين هذا املتحف يف �صورة متوا�ضعة‪ ،‬حيث‬
‫ُجمعت مقتنياته الأوىل من قبل بع�ض الهواة من‬
‫الطالب املهتمني بالآثار يف الكويت‪ ،‬وهذه الهواية‬
‫مت�أ�صلة يف وجدان اخلليجيني ب�صورة مميزة جد ًا ‪-‬‬
‫وقد �شاهدت بنف�سي متاحف منزلية خا�صة عديدة‬
‫يف �سلطنة ُعمان‪ ،‬ودولة الإمارات العربية‪ ،‬ودولة‬
‫قطر منذ عدة �سنوات ‪ -‬وهذه املقتنيات الكويتية‬
‫املمجموعة من قبل الهواة والطالب‪ ،‬اهتم بها‬
‫وطورها وزاد من عددها املرحوم الوزير الأ�ستاذ‬
‫عبد العزيز ح�سني‪ ،‬كما اهتم ب�إر�سال املبعوثني‬
‫لدرا�سة الآثار وتنظيم املتاحف وعلى ر�أ�سهم طارق‬
‫ال�سيد فخري‪ ،‬الذي ابتعث �إىل �إجنلرتا‪ ،‬وملا عاد‬
‫تقلد من�صب رئي�س ق�سم الآثار واملتاحف يف الكويت‪.‬‬
‫ويف يوم الثالثاء املوافق ‪ 1957/ 12/ 31‬افتتح‬
‫ال�شيخ عبد اهلل اجلابر ال�صباح – مدير دائرة‬
‫املعارف (وزير الرتبية والتعليم وقتها) ‪ -‬متحف‬
‫الكويت ر�سمي ًا‪ ،‬وكان مقر املتحف ق�صر ال�شيخ‬
‫خزعل ‪ -‬وحتديد ًا ديوانيته ‪ -‬الذي ا�شرتاه ال�شيخ‬
‫عبد اهلل اجلابر‪ ،‬و�أهداه �إىل دائرة املعارف‪ .‬وهذا‬
‫االفتتاح ا�ستتبعه �إ�صدار عدة قوانني حلماية الآثار؛‬
‫فتحم�ست بعثات احلفريات الأثرية للمزيد من‬
‫اكت�شاف الآثار املجهولة يف �أر�ض الكويت‪ ،‬ملا لها من‬
‫متثال مللك جال�س على العر�ش من الع�صر البارثي ال�سا�ساين‬ ‫موقع ا�سرتاتيجي لقربها من حو�ض الرافدين الذي‬
‫�شهد ح�ضارات عريقة‪ ،‬كذلك وقوعها يف طريق‬
‫ثم ُنقلت حمتوياته مرة ثالثة �إىل مقره احلايل يف‬ ‫ظل متحف الكويت يف مكانه بق�صر ال�شيخ خزعل‪،‬‬ ‫القوافل البحرية القادمة من الهند وبالد �شرق‬
‫�شارع اخلليج العربي عام ‪ .1983‬واملالحظ �أن كل‬ ‫منذ افتتاحه عام ‪1957‬م وحتى عام ‪1976‬م‪ ،‬حيث‬ ‫�آ�سيا‪ ،‬ناهيك عن جزيرة فيلكا وتعر�ضها حلمالت‬
‫انتقال كان يتبعه زيادة يف املقتنيات‪ ،‬وتطوير يف‬ ‫ُنقلت حمتوياته �إىل �أ�شهر و�أقدم البيوت الرتاثية يف‬ ‫جيو�ش الإ�سكندر‪ ،‬وات�صال الإمارة بح�ضارة‬
‫املعرو�ضات‪ ،‬وبالتايل زيادة يف املعلومات‪ ،‬واكت�شاف‬ ‫الكويت وهو (بيت البدر)؛ النتقال تبعية املتحف‬ ‫فار�س‪ .‬هذا املوقع وتاريخه �ألهب حما�س البعثة‬
‫جديد حلقائق تاريخية كانت جمهولة‪ .‬ومثال على‬ ‫من وزارة الرتبية والتعليم �إىل وزارة الإعالم‪.‬‬ ‫الدمناركية ‪ -‬برئا�سة م�سرت كلوب ‪ -‬فك�شفت يوم‬
‫ذلك �أن �أغلب االكت�شافات الأثرية ُوجدت على‬ ‫‪ 10/2/1959‬عن �آثار دالة على ات�صال اخلليج‬
‫ال�شريط ال�ساحلي لإمارة الكويت‪ ،‬ما يدل على �أن‬ ‫بالفينيقيني وغريهم‪ .‬كذلك مت اكت�شاف �آثار تدل‬
‫احل�ضارات التي ُوجدت كانت مت�صلة بالبحر �سفر ًا‬ ‫على �أن (كاظمة) هي �أول مدينة عربية �سكنتها‬
‫وجتارة و�صيد ًا وحيا ًة‪� ..‬إلخ‪ ،‬خ�صو�ص ًا يف مناطق‪:‬‬ ‫متحف الكويت نقل‬ ‫قبيلة �أياد العربية‪ ،‬وهذه املدينة وقعت فيها معركة‬
‫ال�صبية‪ ،‬وبرقان‪ ،‬وتل ال�صليبخات‪،‬‬ ‫ثالث مرات‪ ،‬وفي‬ ‫ال�سال�سل املعروفة �سنة ‪630‬م‪ ،‬التي انت�صر فيها‬
‫وبهيتة‪ ،‬وكاظمة‪ ،‬ووارة‪ ،‬والقرين‪ ،‬ووادي‬ ‫خالد بن الوليد‪ .‬كذلك مت الك�شف عن قبور قدمية‬
‫الباطن‪ ،‬و�أم العي�ش‪ ،‬وجزيرة عكاز‪،‬‬ ‫كل مرة تزداد‬ ‫يف اجلهراء‪ ،‬تعود �إىل الع�صر اجلاهلي وحروبه‬
‫وجزيرة �أم النمل‪ ،‬وجزيرة فيلكا‪ .‬والآثار‬ ‫المقتنيات‬ ‫الكثرية‪.‬‬
‫وتتطور التقنيات‬

‫‪058 ���� ������.indd 3‬‬ ‫‪12/10/10 9:54 PM‬‬


‫آثار‬

‫املكت�شفة يف هذه املناطق يعود تاريخها �إىل �أواخر‬


‫الع�صر احلجري‪� ،‬أي ما بني ‪� 5000‬إىل ‪� 8000‬سنة‬
‫قبل امليالد‪ ،‬وهناك �آثار �أخرى تنتمي �إىل ع�صور‬
‫وح�ضارات متنوعة كما �سرنى‪.‬‬
‫ومقتنيات املتحف من الآثار املتنوعة‪ ،‬اجتهدت‬
‫الدولة كثري ًا يف �سبيل اكت�شافها وجمعها‪ ،‬حيث‬
‫قامت با�ستقدام ودعوة الكثري من البعثات العلمية‬
‫والأثرية العاملية والعربية‪ ،‬ووفرت لها كل الدعم‬
‫الفني واملادي وامل�ساندة الوطنية من �أجل الك�شف‬
‫ر�ؤو�س �سهام نحا�سية وبرونزية‬ ‫عن املزيد من الآثار املُعمقة لتاريخ الإمارة‪ .‬كما‬
‫اهتمت الدولة بابتعاث وتدريب ال�شباب الكويتي‪،‬‬
‫العبيد‪ ،‬هو (جزيرة طبيج)‪ ،‬وهو املوقع الدال‬ ‫املناخية منذ مائة �ألف �سنة قبل امليالد‪ .‬وهذا‬ ‫ليكون الكادر الوطني املُتحمل لهذه املهمة م�ستقب ًال‪.‬‬
‫على ا�ستيطان الب�شر يف الكويت‪ ،‬وبداية ات�صالها‬ ‫الوادي ي�شتمل على عظام كثرية حليوانات �أخرى‬ ‫وقد بد�أت هذه املهمة منذ قدوم البعثة الدمناركية‪،‬‬
‫احل�ضاري باحل�ضارات الأخرى‪.‬‬ ‫منقر�ضة‪ ،‬و�أنواع من النباتات املجهولة‪ .‬و�إذا كانت‬ ‫التي عملت يف مواقع تل �سعد‪ ،‬وق�صر احلاكم‪ ،‬ودار‬
‫واملالحظ �أن منطقة ال�صبية كانت ن�شطة ب�صورة‬ ‫عظام احليوان املنقر�ض �سبب ًا مبا�شر ًا يف �شيوع‬ ‫ال�ضيافة منذ عام ‪ ،1957‬وبعثة جامعة جون هوبكنز‬
‫الفتة منذ ‪� 5000‬سنة قبل امليالد‪ ،‬حيث ُوجد بها‬ ‫هذه الأقوال واملعتقدات‪ ،‬فمن الي�سري الت�أكد منها‬ ‫الأمريكية عام ‪ ،1972‬والتي �أكملت �أعمال البعثة‬
‫�آثار تعود �إىل هذه الفرتة‪ ،‬منها‪ :‬منوذج لأقدم قارب‬ ‫بوا�سطة جهود العلماء والباحثني والبعثات الأثرية‬ ‫ال�سابقة يف املواقع نف�سها‪ .‬ثم جاءت بعثة جامعة‬
‫م�صنوع من الطني يف العامل‪ ،‬وقطعة دائرية فخارية‬ ‫لدرا�سة املنطقة درا�سة مت�أنية‪ ،‬و�إلقاء ال�ضوء‬ ‫فين�سيا الإيطالية عام ‪ ،1976‬وعملت يف موقع تل‬
‫مر�سوم عليها قارب ذو دفتني‪ ،‬ون�صف �إناء فخاري‬ ‫عليها وعلى تاريخها و�آثارها وحيواناتها املنقر�ضة‬ ‫اخلزنة‪ ،‬ثم جاءت بعثة معهد وا�شنطن عام ‪،1982‬‬
‫ذي ر�سومات هند�سية‪ ،‬وجمموعة من ال�شقفات‬ ‫ونباتاتها الغريبة‪.‬‬ ‫وبعثة معهد بيت ال�شرق بليون من فرن�سا من عام‬
‫الفخارية املزخرفة هند�سي ًا‪ ،‬وجمموعة من امل�سامري‬ ‫ومن الع�صر نف�سه ّمت العثور على �أدوات لل�صيد‬ ‫‪� 1983‬إىل ‪ ،2004‬وعملت يف مواقع‪ :‬تل اخلزنة‪،‬‬
‫الطينية‪ ،‬ناهيك عن جمموعة الأواين الفخارية‬ ‫عبارة عن �سكاكني ومكا�شط و�شفرات م�صنوعة‬ ‫وتل �سعيد‪ ،‬واملعبد احلجري‪ ،‬واملعبد الربجي‪،‬‬
‫املزخرفة يف حالة جيدة جد ًا من ال�شكل واالكتمال‪.‬‬ ‫من حجر ال�صوان‪ ،‬وكذلك وجدت البعثات يف موقع‬ ‫والق�صور‪� .‬أما البعثة اخلليجية امل�شرتكة فعملت عام‬
‫العبيد – ن�سبة �إىل ح�ضارة العبيد (‪3500 – 4500‬‬ ‫‪ 2001‬يف موقع �سعيدة الإ�سالمي‪ ،‬والبعثة الكويتية‬
‫الع�صر الربونزي‬ ‫ق‪.‬م) ‪ -‬بع�ض ال�سهام ال�صوانية‪ ،‬و�أثقال ال�شباك‪،‬‬ ‫عام ‪ ،2002‬وقامت ب�أعمال ترميم مدينة دملون‪ ،‬ثم‬
‫�إذا كانت منطقة ال�صبية هي منوذج احل�ضارة يف‬ ‫واملدقات وامل�ساحني والف�ؤو�س والهراوات احلجرية‪،‬‬ ‫البعثة الكويتية ال�سلوفاكية عام ‪ ،2004‬وعملت يف‬
‫الع�صر احلجري‪ ،‬ف�إن جزيرة فيلكا كانت �صنوها‬ ‫تعود �إىل الع�صر ذاته‪ .‬واجلدير بالذكر �إن املوقع‬ ‫موقع اخل�ضر‪ .‬ثم توالت البعثات بعد ذلك‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫يف الع�صر الربونزي (‪ 1200 – 2400‬ق‪.‬م)‪.‬‬ ‫الوحيد املُكت�شف يف الكويت املنتمي �إىل ح�ضارة‬ ‫البعثة البولندية عام ‪ ،2007‬والبعثة اليابانية عام‬
‫ففي هذه اجلزيرة وجدت البعثات العلمية املختلفة‬ ‫‪ ،2007‬والبعثة الدمناركية عام ‪ ،2008‬و�أخري ًا‬
‫جمموعة كبرية من الآثار الدالة على نه�ضتها يف‬ ‫البعثة الأردنية امل�شرتكة‪.‬‬
‫الع�صر الربونزي‪ ،‬ومنها‪ :‬جمموعة من ر�ؤو�س‬
‫الرماح من النحا�س الأحمر والربونز‪ ،‬ور�أ�س‬ ‫الع�صر احلجري‬
‫�صوجلان من الربونز‪ ،‬ومتثال ل�ضفدع من الربونز‪،‬‬ ‫�إذا نظرنا وتتبعنا مقتنيات املتحف املتنوعة يف‬
‫وجمموعة من ال�صنابري الربونزية‪ ،‬وجمموعة من‬ ‫الع�صور املختلفة‪� ،‬سنجد من الع�صر احلجري‬
‫املالقط الربونزية‪ ،‬وجمموعة من الأختام الدملونية‬ ‫متحجرات عظمية حليوانات منقر�ضة ‪ُ -‬وجدت يف‬
‫امل�ستديرة امل�صنوعة من احلجر ال�صابوين‪ ،‬والرقيم‬ ‫منطقة ال�صبية ‪� -‬أرخها العلماء بـ ‪ 16‬مليون �سنة‪،‬‬
‫احلجري ذي الكتابات امل�سمارية‪ ،‬ودمغات الأختام‪،‬‬ ‫وتوجد قطعة واحدة من هذه العظام معرو�ضة يف‬
‫واخلتم الدملوين امل�ستدير الذي ُيعد �أكرب ختم‬ ‫املتحف‪ .‬وتُع ّد هذه القطعة �أقدم قطعة �أثرية ُيعرث‬
‫يف العامل مت اكت�شافه حتى الآن‪ ،‬بخالف الأختام‬ ‫عليها يف الكويت‪ ،‬و ُيرجح العلماء �أنها حليوان زاحف‬
‫اجلر�سية واملربعة وامل�ستطيلة التي تعود �إىل الع�صر‬ ‫من احليوانات ال�ضخمة املنقر�ضة‪ .‬وهذه القطعة‬
‫الربونزي ذاته‪� .‬أما الأختام املميزة املكت�شفة يف‬ ‫املحفوظة يف املتحف ما هي �إال عينة من عظام ذلك‬
‫هذه اجلزيرة‪ ،‬فمنها‪ :‬اخلتم الدملوين امل�صنوع من‬ ‫احليوان‪ ،‬حيث نقلت بقية العظام �إىل خارج الدولة‬
‫العقيق واملحاط ب�إطار ذهبي‪ ،‬وختم �آخر جعراين‬ ‫ليتم فح�صها من قبل العلماء واملتخ�ص�صني يف هذا‬
‫ال�شكل‪ ،‬وجمموعة من الأختام املتنوعة امل�صنوعة‬ ‫املجال يف معامل وخمتربات خا�صة بهذا النوع من‬
‫من الأحجار الكرمية‪ .‬بالإ�ضافة �إىل اكت�شاف‬ ‫العلم‪.‬‬
‫ما�سورة ذهبية ذات زخارف غائرة‪ ،‬وجمموعة من‬ ‫وب�سبب عظام هذا احليوان انت�شر اعتقاد بني‬
‫اخلرز امل�صنوع من الأحجار الكرمية يعود تاريخها‬ ‫املتخ�ص�صني ‪ -‬يف الكويت – بوجود �أحد‬
‫�إىل الع�صر الربونزي �أي�ض ًا‪.‬‬ ‫أظهرت التنقيبات أن‬ ‫الأنهار الكربى اجلافة‪ ،‬واملعروف‬
‫وبنا ًء على الآثار املكت�شفة بها‪� ،‬أثبت العلماء �أن‬ ‫حالي ًا با�سم (وادي الباطن)‪،‬‬
‫جزيرة فيلكا‪ ،‬كانت �أحد املراكز الفرعية املهمة‬ ‫جزيرة فيلكا شهدت‬ ‫و ُيقال ب�أنه جف ب�سبب املتغريات‬
‫يف ح�ضارة دملون‪ ،‬التي مركزها الرئي�س البحرين؛‬ ‫تطورًا كبيرًا في‬
‫العصر البرونزي‬ ‫العدد ‪ 135‬دي�سمرب ‪2010‬‬ ‫‪60‬‬

‫‪058 ���� ������.indd 4‬‬ ‫‪12/10/10 9:54 PM‬‬


‫‪�‎‬أ�سرجة من الفخار‬ ‫�أحجار ذات نقو�ش‬
‫املخل�صة»‪ .‬وهذا احلجر ُيعتقد ب�أنه لوحة تذكارية‬ ‫الفنون عرب الع�صور‪ ،‬بعد درا�ستها درا�سة مت�أنية من‬ ‫حيث لعبت فيلكا دور ًا مهم ًا يف الن�شاط االقت�صادي‬
‫ُو�ضعت على باب �أحد املعابد التي ُ�شيدت يف الكويت‪.‬‬ ‫قبل املتخ�ص�صني‪.‬‬ ‫والتجاري وكانت حلقة الو�صل واالت�صال بني‬
‫ومن مكت�شفات جزيرة فيلكا يف هذا الع�صر �أي�ض ًا‪:‬‬ ‫ح�ضارات خمتلفة‪ ،‬مثل‪ :‬ح�ضارة بالد الرافدين‪،‬‬
‫متثال لدلفني من احلجر اجلريي‪ ،‬ومتثال من الطني‬ ‫الع�صر الهلن�ستي‬ ‫وح�ضارة ال�سند‪ ،‬وهذا ب�سبب موقعها اجلغرايف‬
‫لهرقل مي�سك �أ�سد ًا بيده‪ ،‬ومتثال لر�أ�س الإ�سكندر‬ ‫االكت�شافات احلديثة �أثبتت �أي�ض ًا �أن جزيرة فيلكا مل‬ ‫اال�سرتاتيجي‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل خ�صوبة تربتها‬
‫الأكرب‪ ،‬و�شقفة فخارية عليها ر�سم بارز لرجل‬ ‫تكن مزدهرة فقط يف الع�صر الربونزي‪ ،‬بل كانت‬ ‫ومياهها اجلوفية العذبة‪ ،‬وموانئها الطبيعية املهي�أة‬
‫ملتح‬
‫راكب على فر�س‪ ،‬ومتثال لر�أ�س رجل ٍ‬ ‫بجناحني ٍ‬ ‫مزدهرة كذلك يف الع�صر الهلن�ستي (‪330-150‬‬ ‫حلماية ال�سفن عند هبوب الرياح والعوا�صف‪.‬‬
‫من احلجر الرملي‪ ،‬ومتثال لفار�س �أثيني مرتدي ًا‬ ‫ق‪.‬م)‪ ،‬املحدد بفرتة ما بني فتح الإ�سكندر الأكرب‬ ‫�أما �أهم اكت�شافات هذه اجلزيرة يف هذا الع�صر‬
‫العباءة‪ ،‬ومتثال ن�صفي لفتاة �إغريقية‪ ،‬ومباخر من‬ ‫لبالد فار�س وحتى �سقوط الأمرباطورية الإغريقية‪،‬‬ ‫– من وجهة نظري – فتتمثل يف‪ :‬قاعدة الإناء‬
‫الطني على �شكل �أ�شخا�ص‪ ،‬وجمموعة من الأ�سرجة‬ ‫و�سميت بالهلن�ستية للتفريق بينها وبني احل�ضارة‬ ‫ُ‬ ‫امل�صنوعة من الإ�ستياتايت املر�سوم عليها بالنق�ش‬
‫الفخارية والربونزية‪ ،‬ور�أ�س رمح من العظم‪،‬‬ ‫الهيلينية‪ .‬وقد اختلف امل�ؤرخون يف تعريف الهلن�ستية‪،‬‬ ‫�سمكة و�أقدام رجل و�أجزاء من مالب�سه‪ ،‬و�أي�ض ًا‬
‫وجمموعة من اجلرار والأواين الفخارية املتنوعة‪.‬‬ ‫حيث اعتربها البع�ض ح�ضارة جديدة خمتلطة من‬ ‫ال�شقفة املنقو�ش عليها ر�سم ثورين بينهما �سنبلة‬
‫بالإ�ضافة �إىل جمموعة كبرية من النقود التي تعود‬ ‫عنا�صر �إغريقية و�شرقية‪ ،‬واعتربها البع�ض الآخر‬ ‫قمح وقر�ص ال�شم�س فوقها‪ ،‬و�أخري ًا جمموعة‬
‫�إىل الع�صر الربونزي‪ ،‬ومنها على �سبيل املثال‪:‬‬ ‫ا�ستمرار ًا للح�ضارة اليونانية يف ال�شرق‪ .‬وما يهمنا يف‬ ‫ال�شقفات الفخارية املنقو�ش عليها ر�سوم �أ�شخا�ص‬
‫عمالت ف�ضية فئة الأربع دراخمة‪ ،‬وعملة برونزية‬ ‫هذا ال�ش�أن �أن الكويت ب�صفة خا�صة‪ ،‬ومنطقة اخلليج‬ ‫وحيوانات من الع�صر الربونزي‪ .‬و�أهمية هذه القطع‬
‫تعود �إىل امللك (�أنتيوخو�س الثالث)‪.‬‬ ‫العربي ب�صفة عامة‪ ،‬امتزج تاريخها بتاريخ الع�صر‬ ‫تتمثل يف تطور فنون الر�سم والنق�ش يف هذا الع�صر‪،‬‬
‫�أما جزيرة عكاز الكويتية فكانت مت�ألقة يف الع�صر‬ ‫الهلن�ستي‪ ،‬عندما �أبعد الإ�سكندر الأكرب �سيطرة‬ ‫وهذه املقتنيات من املمكن اال�ستفادة منها يف تاريخ‬
‫البارثي ال�سا�ساين (‪ 248‬ق‪.‬م – ‪637‬م)‪ ،‬بنا ًء على‬ ‫الفر�س عن منطقة اخلليج العربي‪ ،‬و�أ�صبحت جزر‬
‫املكت�شفات التي متت بها‪ ،‬ويعود تاريخها �إىل هذا‬ ‫(فيلكا وعكاز و�أم النمل) – يف الكويت ‪� -‬ضمن‬
‫الع�صر‪ ،‬ومنها‪ :‬متثال من الطني مللك جال�س على‬ ‫�إمرباطوريته‪ .‬والطريف �أن �أول �أثر ُعرث عليه يف‬
‫عر�شه‪ ،‬وجمموعة من ال�شقفات الفخارية املكتوب‬ ‫وعرث عليه مبح�ض‬ ‫هذه اجلزيرة كان �أثر ًا هلن�ستي ًا‪ُ ،‬‬
‫عليها بع�ض العبارات بحروف لإحدى اللغات‬ ‫ال�صدفة عام ‪1937‬م‪ ،‬وهو (حجر �سوتيلو�س)‬
‫املندثرة‪ ،‬واجلرار الفخارية املزخرفة هند�سي ًا‪،‬‬ ‫ومكتوب عليه هذه العبارة‪�« :‬سوتيلو�س املواطن‬
‫والفخار املدموغ واملزجج‪ ،‬والأثقال احلجرية‬ ‫الأثيني واجلنود قدموا هذا �إىل زو�س �سوتري‬
‫�أ�سطوانية ال�شكل‪.‬‬ ‫املخل�ص و�إىل بو�سيدون و�إىل �أرمتي�س‬

‫‪‎‬جرار �ضخمة‬

‫‪058 ���� ������.indd 5‬‬ ‫‪12/10/10 9:54 PM‬‬

You might also like