You are on page 1of 4

‫المبحث الثالث‪ :‬نهاية الدساتير‬

‫التعريف يتضح أن االنقالب يختلف عن الثورة في الجهة القائمة به والهدف الذي تسعى إلى تحقيقه من‬
‫المس لم ب ه ان ه نص وص الدس تور وم ع م رور ال زمن ق د تص بح غ ير متماثل ة م ع الوض ع السياس ي‬
‫واالقتصادي واالجتماعي إذن وبالتالي يتجاوزها العصر لذلك يتم إنهاء العمل بها‪.‬‬
‫وهناك أكثر من طريقة لذلك‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬الطرق العادية إلنهاء الدساتير‬
‫ويكون وفقا لما حدده الدستور ‪,‬فتقوم السلطة المحددة بإلغائه أو تعديله‪.‬‬
‫ونعني هناك األسلوب العادي إلنهاء الدستور‪,‬اإلعالن عن إلغائه وتوقف العمل بإحكامه في هدوء وبغير‬
‫عن ف ‪,‬واس تبداله بدس تور بتالؤم م ع التط ورات السياس ية واالجتماعي ة واالقتص ادية للبالد‪,‬وانته اء حي اة‬
‫الدستور باإللغاء يختلف بحس ما إذا كان الدستور عرفيا أو مكتوبا‪.‬‬
‫وكم ا ه و معل وم ان الدس اتير ق د تك ون مرن ة أو جام دة ‪,‬وان األولى ال تث ير اي أش كال بالنس بة‬
‫لتع ديلها ‪,‬نظ را الن الس لطة ال تي تق وم بتع ديلها هي ذات الس لطة ال تي تس ن الق وانين العادي ة اي الس لطة‬
‫التش ريعية‪ ,‬إم ا الدس اتير الجام دة فالوض ع بالنس بة له ا يختل ف عن الدس اتير المرن ة‪,‬حيث يتطلب الدس تور‬
‫لتعديله أو إلغائه و إتباع إجراءات خاصة و معقدة عن اإلجراءات تعديل أو إلغاء القوانين العادية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الطرق الغير عادية إلنهاء الدساتير‬
‫المقصود بالطريق الثوري إلنهاء الدساتير‪,‬إسقاطها والقضاء عليها وإ يقاف العمل بها في إعقاب اندالع‬
‫ثورة أو وقوع انقالب‪.‬‬
‫وإ ذا ك ان الطري ق الع ادي أو الط بيعي ه و األس لوب الق انوني إللغ اء الدس اتير ‪,‬ف ان الث ورات واالنقالب ات‬
‫لعبت دورا كبيرا في إسقاط العديد من الدساتير في دول العالم‪.‬‬
‫وسوف نتعرض فيما يلي لألسلوب الثوري باعتباره أكثر األساليب المتبعة في إلغاء الدستور ومقارنتها‬
‫مع االنقالب واإلصالح والحرب التحريرية ومقاومة الطغيان‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم الثورة‬
‫يقصد بالثورة لغة الهيجان ومواجهة الوضع السائد ‪,‬أما المقصود بالثورة من وجه النظر السياسية فهو‬
‫التغيير الجذري بنية المجتمع ‪.‬‬
‫والمالحظ ان هذا المفهوم يختلف عن ذلك الذي كان سائدا أثناء القرنين الثامن عشر والتاسع عشر في‬
‫أوربا‪,‬فقد كان يقصد به تغيير النظام السياسي للدولة دون المساس بمبادئ المذهب الفردي القائم على‬
‫الحرية والمساواة القانونية التي قامت من اجلها الثورات االنجليزية واألمريكية والفرنسية وضد الحكم‬
‫الملكي المطلق‪.‬‬
‫لكن هذا المفهوم تأثر خالل القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين باألفكار االشتراكية التي ننادي‬
‫بض رورة توف ير الض مانات االقتص ادية االجتماعي ة لألف راد ح تى تمكن وا من ممارس ة حق وقهم‬
‫السياسية‪,‬وبمعنى أخر االهتمام بالحقوق االقتصادية واالجتماعية باعتبارها األساس الذي يمكن الفرد من‬
‫الممارسة الفعلية للحقوق السياسية‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬التمييز بين الثورة وبعض االصطالحات المشابهة لها‬
‫‪  ‬إن الثورة هي حركة شعبية مستمرة يقوم بها الشعب أو نخبة منه تسانده الجماهير بقصد إح داث تغي ير‬
‫في بنية النظام السياسي واالقتصادي واالجتماعي للدولة‬
‫‪  ‬وإ ذا ك انت الث ورة هي هات ه ف ان هن اك بعض االص طالحات له ا مفه وم مق ارب له ا وأهمه ا مقاوم ة‬
‫الطغيان واإلصالح واالنقالب وحرب التحرير‬
‫‪  ‬فمقاوم ة الطغي ان ته دف إلى القض اء على االس تبداد‪ ،‬وت رمي إلى ض رورة اح ترام الق انون من قب ل‬
‫الس لطات‪ ،‬فهي تحاف ظ على الق انون وتدعم ه في حين أن الث ورة ته دف إلى تغي ير النظ ام الق انوني الق ائم‬
‫البالي وإ حالل نظام جديد محله يتفق وتطور الضمير الجماعي‪.‬‬
‫‪  ‬أما اإلصالح فهو عملية قد تقوم بها السلطة الحاكمة من أجل التقليل من غضب الشعب وعدم رضاه‬
‫على األوضاع السياسية واالقتصادية واالجتماعية الفاسدة‪ ،‬وذلك باالعتراف ببعض الحقوق والحريات‬
‫وتعديل بعض القوانين الجائزة‪ ،‬والغرض من ذلك كفالة االستقرار وبالتالي السلطة بيدها خير لها من‬
‫فقدانها بتحول غضب الشعب إلى ثورة عليها‪.‬‬
‫‪  ‬أم ا االنقالب فه و تل ك الحرك ة ال تي تق وم به ا جماع ة ذات نف وذ ته دف اإلطاح ة باألش خاص الح اكمين‬
‫واالستيالء على السلطة من خالل هذا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫الخاتمة‬
‫من هذا العرض املوجز ألساليب نشأة الدساتري ميكننا التعليق عليها بالتايل أن نشأة الدساتري قد تتباين وفقاً‬
‫للظروف اليت يوجد فيها كل دستور‪ ،‬وهذا بالتايل يعتمد على النظام السياسي القائم ونوع احلكم السائد يف‬
‫البالد‪ .‬ومن مث فقد مرت عملية نشأة الدساتري بعدة مراحل‪ :‬املرحلة األوىل كان امللوك ينفردون بالسلطة‬
‫التأسيسية‪ M‬من الناحية القانونية وهو ما أطلقنا عليه أسلوب املنحة‪ ،‬املرحلة الثانية‪ M‬وهى املرحلة اليت تربز فيها جهود‬
‫الشعب عن طريق هيئات تعمل بامسه حلمل امللوك على االعرتاف حبق الشعب يف املشاركة يف السلطة التأسيسية‪،‬‬
‫وهو ما يعرف بأسلوب التعاقد‪ ،‬املرحلة الثالثة وهى مرحلة إنفراد الشعب بالسلطة التأسيسية‪ M‬وهو أسلوب اجلمعية‬
‫التأسيسية‪ M،‬والذي قد أدى إىل ظهور أسلوب االستفتاء‪ M‬الدستوري‪ ،‬يف احلاالت اليت ال يباشر فيها الشعب‪ M‬بنفسه‬
‫السلطة التأسيسية ويوكلها إىل هيئة‪ M‬أو جلنة خمتصة‪ ،‬تضع مشروع الدستور الذي ال يتحول إىل دستور إال بعد‬
‫موافقة الشعب‪ M‬عليه يف االستفتاء‪ M‬العام‪ .‬وجيب األخذ بعني االعتبار عند البدء يف وضع مسودة الدستور جتنب‬
‫االعتماد على أسلوب أو اصطالحات معينة‪ M‬وحمددة مثل أساليب العقد أو التعاقد أو املنحة‪ ،‬وينبغي أن ينصب‬
‫جهد اللجنة التأسيسية‪ M‬على دراسة حقائق نشأة الدستور يف ضوء الظروف السياسية اليت صاحبت نشأته يف‬
‫اجملتمع‪ .‬والثابت فقهاً أن أسلوب االستفتاء الشعيب ال يكون‪ M‬إال بشأن موضوع حمدد إلقراره‪ ،‬ومثاله االستفتاء‬
‫بشأن‪ M‬تغيري شكل نظام احلكم أو االستفتاء على مشروع الدستور‪ .‬إذ ينبغي قانوناً أن يكون االنتخاب املباشر من‬
‫الشعب هو األداة الشرعية الختياره واستفتائه‪ M‬فيه باملوافقة‪ M‬أو الرفض‪.‬‬

‫المـراجـع‬
‫‪2‬‬
‫‪ ‬سعيد بوالشعير‪ ،‬القانون الدس توري والنظم السياس ية المقارنة‪( .‬الج زء األول؛ الجزائ ر‪ :‬دي وان‬
‫المطبوعات الجامعية‪1989 ،‬م)‪.‬‬

‫‪ ‬فوزي أوصديق‪ ،‬الوافي في شرح القانون الدستوري‪( .‬الطبعة األولى‪ ،‬الجزء الثاني؛ الجزائر‪ :‬دي وان‬
‫المطبوعات الجامعية‪1994 ،‬م)‪.‬‬

‫‪ ‬نعمان أحمد الخطيب‪ ،‬الوسيط في النظم السياسية والقانون الدس توري‪( .‬الطبع ة األولى‪ ،‬اإلص دار‬
‫األول؛ األردن‪ :‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪1999 ،‬م)‪.‬‬

‫‪ ‬سعيد عبد الرحمن‪" .‬نحو وعي دستوري"‪( .‬ليبيا‪ :‬الجبهة الوطنية إلنقاذ ليبيا‪،‬‬
‫‪www.nfsl-libya.com/Articles/1043.htm، 2004‬م)‪.‬‬

‫‪ ‬فاطمة سعيد‪” .‬أساليب نشأة الدساتير“‪(.‬البحرين‪ :‬منتديات البحرين‪،‬‬


‫‪http://forum.montadayat.org، 2002‬م)‪.‬‬

‫ية‬ ‫‪ ‬محمد سعد أبو عامود‪” .‬الدستور والمفاهيم المرتبطة به“‪(.‬مصر‪ :‬مركز األهرام للدراسات السياس‬
‫واإلستراطيجية‪www.ahram.org.eg، 2005 ،‬م)‪.‬‬

‫‪" ‬نشأة المجلس الدستوري الجزائري" ‪( .‬بحث مقدم في اختصاص (حقوق) علوم قانونية ‪،‬‬
‫‪http://www.saagiya.4t.com، 2005‬م)‪.‬‬

‫‪3‬‬

You might also like