You are on page 1of 4

‫مقدمة‬

‫تعتبر المسؤولية االجتماعية المجتمعية للمؤسسات اآلن االتجاه السائد‪ ،‬بعد أن كانت استعراضا لفعل الخير‬
‫في السابق‪ ،‬إال أن عددا قليال من المؤسسات يمارسها بصورة جيدة‪.‬‬

‫إن المؤسسات وخصوصاً الكبيرة منها مطالبة اآلن وأكثر من أي وقت مضى بتحمل المسؤولية وأن تبادر‬
‫هذه المؤسسات بمأسسة ذلك من خالل خططها اإلستراتيجية‪ ،‬وأال تقتصر نشاطاتها في هذا المجال على‬
‫مجرد تقديم بعض التبرعات ورعاية وتنظيم المؤتمرات وتقديم المبادرات في إطار العالقات العامة أو قسم‬
‫التسويق دون وضع الخطط ودراسة الحاجات لنصل إلى ما يسمى بمفهوم "التبرعات الذكية" التي تضمن‬
‫وصول المبادرات إلى سد الحاجات بعد إجراء الدراسات المعنية ووضع آليات قياس لمدى النجاح‪.‬‬

‫إن البعد األخالقي االجتماعي المجتمعي في إدارة المؤسسات يأخذ على عاتقه االنتقال بالعمل من مفهوم‬
‫تقديم الخدمة التطوعية الى تطبيق أوسع يقوم على تبني مفهوم المسؤولية االجتماعية والمجتمعية التي‬
‫ترتكز على التأمل الدائم في محطات المرور المنجزة بالمؤسسة والتأكد من حاجة المجتمع للخدمة المقدمة‬
‫(االنتقال من مفهوم الترف المؤسسي إلى مفهوم سد الحاجة الفعلية للمجتمع)‪ ،‬والقدرة على تشخيص مصادر‬
‫قوتها إلدامتها ودراسة سلبياتها لتالشيها بهدف القبول والتحسين المستمر وتبني سياسة التغيير والتجدد الدائم‬
‫ورسم السيناريوهات األكثر مالئمة للمستهدفات المتوخاة وقياس أثر خدماتها المضافة على المجتمع والبيئة‬
‫وقدرتها على التنبؤ بمخاطر التنفيذ المتوقعة التي تعترض تحقيق أهدافها الكبرى‪.‬‬

‫ولقد تناما االلتزام االجتماعي لدى المؤسسات نتيجة للوعي الثقافي والتعليمي وضغوط حركات وجمعيات‬
‫حقوق اإلنسان‪ ،‬ولقد تحولت االهتمامات الشخصية لألفراد إلى حركات جماعية منظمة تعمل على زيادة‬
‫الضغوط من المجتمع على كيفية إدارة المؤسسات ألعمالها نتيجة دور التعليم في رفع الوعي البيئي‬
‫واإلنساني‪ ،‬ولقد استطاعت الكثير من المؤسسات االجتماعية تحميل الشركات مسئولية تصرفاتها الخاطئة‪.‬‬

‫كل هذه العناصر شكلت دوافع لدى المستهلكين والزبائن لحفز توجه المسؤولية االجتماعية والمجتمعية لدى‬
‫المؤسسات‪.‬‬

‫تعريف مفهوم المسؤولية االجتماعية والمجتمعية للمؤسسات‬

‫******** المسؤولية االجتماعية‪ :‬يقصد بها أن تراعي المؤسسات الجوانب االجتماعية واإلنسانية‬
‫واألخالقية في كافة أعمالها المرتبطة بنشاطها ارتباطا مباش ار وذلك سواء على المستوى االقتصادي (تجاري‬
‫وخدماتي) أو البيئي (بيئة وصحة) أو القانوني (تشريع ومدونات)‪ ،‬وحسب الجوانب المرتبطة وإن تعددت‪،‬‬
‫وتتعهد في قوانينها الداخلية ومدوناتها وكذا في تعامالتها الطوعية بأن تلتزم بذلك مراعاة الرجل الحريص‪،‬‬
‫وال تكتفي فقط بتطبيق القوانين في حدها األدنى والبحث عن ثغراته والنصوص غير المواكبة للتطور‪..‬‬

‫******** المسؤولية المجتمعية‪ :‬أشمل‪ ،‬حيث تعني أن تأخذ المؤسسات على عاتقها –إلى جانب‬
‫المفهوم األول‪ -‬مراعاة مختلف جوانب الحياة في المجتمع والعمل على إبراز دورها فيه بشكل فعال وإيجابي‪،‬‬
‫وأن تتحد مع مختلف المؤسسات سواء في القطاع العام أو الخاص لترقية المجتمع ورفاهيته‪ ،‬وتتعاون معها‬
‫لتبادل التجارب الناجحة حول برامج المسؤولية االجتماعية مع المنافسة المشروعة وتحقيق التكامل‪ ،‬وتساعد‬
‫الدولة في تحمل أعبائها‪ ،‬المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة وبناء إستراتيجيات هادفة لخدمة الفرد‬
‫والمجتمع‪.‬‬

‫الفوائد العائدة من تبني مفهوم المسؤولية االجتماعية والمجتمعية للمؤسسات‬

‫‪ -1‬تشجيع جعل عملية اتخاذ الق اررات على أساس فهم مطور لتطلعات المجتمع‪ ،‬والفرص المرتبطة‬
‫بالمسؤولية المجتمعية ومخاطر عدم تحمل المسؤولية المجتمعية‪.‬‬

‫‪ -2‬تحسين ممارسات إدارة المخاطر‪.‬‬

‫‪ -3‬تعزيز سمعة المنظمة‪ ،‬وتشجيع ثقة أكبر للجمهور‪.‬‬

‫‪ -4‬تحسين تنظيم العالقة مع األطراف المعنية‪.‬‬

‫‪ -5‬تعزيز والء الموظفين وروحهم المعنوية‪ ،‬وتحسين سالمة وصحة العاملين من النساء والرجال‪ ،‬والتأثير‬
‫اإليجابي على قدرة المنظمة على توظيف وتحفيز الموظفين واالحتفاظ بهم‪.‬‬

‫‪ -6‬تحقيق الوفورات المرتبطة بزيادة اإلنتاجية وكفاءة الموارد‪ ،‬وخفض استهالك الطاقة والمياه‪ ،‬وخفض‬
‫النفايات‪ ،‬واسترداد قيمة المنتجات المشتقة من جانب‪ ،‬وزيادة وفرة المواد الخام‪.‬‬

‫‪ -7‬تحسين اعتمادية ونزاهة المعامالت من خالل المشاركة السياسية المسئولة‪ ،‬والمنافسة العادلة‪ ،‬وانعدام‬
‫الفساد‪.‬‬

‫‪ -8‬المنع أو الحد من الصراعات المحتملة مع المستهلكين بشأن المنتجات أو الخدمات‪.‬‬

‫‪ -9‬المساهمة في حيوية المنظمة على المدى الطويل عن طريق تعزيز استدامة الموارد الطبيعية والخدمات‬
‫البيئية‪.‬‬

‫‪ -10‬المساهمة في الصالح العام‪ ،‬وتعزيز المجتمع المدني والمؤسسات‪.‬‬


‫أبعاد المسؤولية االجتماعية والمجتمعية للمؤسسات‪:‬‬

‫أوال‪ :‬البعد االقتصادي‬

‫ال بعد االقتصادي للمسؤولية المجتمعية ال يشير إلى الربح كجانب من جوانب األعمال التجارية‪ ،‬إنما يشير‬
‫إلى االلتزام بممارسات أخالقية داخل المؤسسات مثل الحوكمة المؤسسية‪ ،‬ومنع الرشوة والفساد‪ ،‬وحماية‬
‫حقوق المستهلك‪ ،‬واالستثمار األخالقي‪ ،‬وضمن هذا السياق فعلى المؤسسات أن تقوم بتبني وتطبيق مبادئ‬
‫المساءلة والشفافية والسلوك األخالقي‪ ،‬واحترام مصالح األطراف المعنية‪ ،‬واحترام سيادة القانون في اتخاذ‬
‫الق اررات وتنفيذها وتطوير دليل للحوكمة المؤسسية خاص بها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬البعد االجتماعي‬

‫ال بد للمؤسسة أن تساهم في تحقيق رفاهية المجتمع الذي تعمل فيه وتحسين ورعاية شؤون العاملين فيها‬
‫بما ينعكس إيجابا على زيادة إنتاجيتهم وتنمية قدراتهم الفنية وتوفير األمن المهني والوظيفي والرعاية الصحية‬
‫والمجتمعية لهم‪ ،‬ويعد النمط اإلداري المنفتح الذي تعمل به المؤسسة حاسماً حيث إن العتبار سلوكها‬
‫االجتماعي تأثير يتجاوز حدود المؤسسة نفسها‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬البعد البيئي‬

‫ال بد للمؤسسة ان تراعي اآلثار البيئية المترتبة على عمليات ومنتجاتها والقضاء على االنبعاثات السامة‬
‫والنفايات‪ ،‬وتحقيق أقصى قدر من الكفاءة واإلنتاجية من الموارد المتاحة وتقليل الممارسات التي قد تؤثر‬
‫سلبا على تمتع البالد واألجيال القادمة بهذه الموارد‪ ،‬وعلى المؤسسة أن تعي جميع الجوانب البيئية المباشرة‬
‫وغير المباشرة ذات الصلة في تأدية نشاطاتها‪ ،‬وتقديم خدماتها وتصنيع منتجاتها‪ ،‬كما وعليها استخدام‬
‫معايير معينه لمعرفة تلك الجوانب البيئية ذات األثر المتميز‪ ،‬لتتمكن بالتالي من التحسين الفعال ألدائها‬
‫البيئي‪ ،‬ومن الواجب على تلك المعايير المحددة من قبل المؤسسة نفسها أن تكون شاملة‪ُ ،‬مثبَّتة (ممكن‬
‫إثباتها) وموثقة ومعمول بها‪.‬‬

‫مبادئ المسؤولية االجتماعية والمجتمعية للمؤسسات‪:‬‬

‫تستند المسؤولية االجتماعية والمجتمعية للمؤسسات على المبادئ األساسية التالية‪:‬‬

‫• مبدأ اإلذعان القانوني‪ :‬أن تلتزم المؤسسة بجميع القوانين واللوائح السارية المحلية والدولية المكتوبة‬
‫والمعلنة والمنفذة طبقا إلجراءات راسخة ومحددة واإللمام بها‪.‬‬
‫• مبدأ احترام األعراف الدولية‪ :‬أن تحترم المؤسسة االتفاقيات الدولية والحكومية واللوائح التنفيذية واإلعالنات‬
‫والمواثيق والق اررات والخطوط اإلرشادية عند قيامها بتطوير سياساتها وممارساتها للمسؤولية المجتمعية‪.‬‬

‫• مبدأ احترام مصالح األطراف المعنية‪ :‬أن تقر المؤسسة وتتقبل ان هناك تنوعا بالمصالح لألطراف المعنية‬
‫وتنوعا في أنشطة ومنتجات المؤسسة الرئيسية والثانوية وغيرها من العناصر التى قد تؤثر على تلك األطراف‬
‫المعنية‪.‬‬

‫• مبدأ القابلية للمساءلة‪ :‬أن تكشف المؤسسة وبشكل منتظم للجهات المتحكمة والسلطات القانونية واألطراف‬
‫المعنية بطريقة واضحة وحيادية وأمينة والى حد مالئم السياسات والق اررات واإلجراءات – ومن ضمنها‬
‫اإلجراءات التصحيحية – التي تتحمل مسؤوليتها بشكل مباشر وأيضا اآلثار المتوقعة لما سبق على الرفاهية‬
‫المجتمعية وعلى التنمية المستدامة‪.‬‬

‫• مبدأ الشفافية‪ :‬أن تفصح المؤسسة على نحو واضح ودقيق وتام عن سياستها وق ارراتها وأنشطتها بما في‬
‫ذلك التأثيرات المعروفة والمحتملة على البيئة والمجتمع‪ ،‬وأن تكون هذه المعلومات متاحة لألشخاص‬
‫المتأثرين أو المحتمل تأثرهم بشكل جوهري من قبل المؤسسة‪.‬‬

‫• مبدأ احترام الحقوق األساسية لإلنسان‪ :‬أن تنفذ المؤسسة السياسات والممارسات التي من شأنها احترام‬
‫الحقوق الموجودة في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫خاتمة‬

‫وأخي ار فعلى المؤسسات تحمل المسؤولية االجتماعية والمجتمعية من خالل مراعاة مختلف جوانب الحياة في‬
‫المجتمع والعمل على إبراز دورها فيه بشكل فعال وإيجابي‪ ،‬وأن تتحد مع مختلف المؤسسات سواء في‬
‫القطاع العام أو الخاص لترقية المجتمع ورفاهيته‪ ،‬وتتعاون معها لتبادل التجارب الناجحة حول برامج‬
‫المسؤولية االجتماعية والمجتمعية مع المنافسة المشروعة وتحقيق التكامل‪ ،‬وتساعد الدولة في تحمل أعبائها‪،‬‬
‫المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة وبناء إستراتيجيات هادفة لخدمة الفرد والمجتمع‪.‬‬

You might also like