You are on page 1of 11

‫مدخل إلى النظرية االقتص ادية ال كلية‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫المحاضرة األولى‪ :‬مدخل إلى االقتصاد الكلي‬

‫يهتم التحليل االقتصادي بتحليل الظواهر االقتصادية لمعرفة مختلف العوامل المؤثرة عليها ومحاولة التنبؤ‬
‫بسلوكها؛ تنقسم الظواهر االقتصادية إلى ظواهر كلية وظواهر جزئية‪ ،‬نظ ار لخصوصية كل نوع من النوعين‬
‫ولتسهيل عملية الدراسة والتحليل‪ ،‬فقد نشأ فرعين من فروع علم االقتصاد لكل واحد منهما موضوع خاص به‬
‫هما‪ :‬التحليل الجزئي والتحليل الكلي‪ ،‬وسيكون هذا األخير موضوع هذه المحاضرة‪.‬‬

‫‪-1‬مفهوم النظرية االقتصادية وفروعها‬

‫‪ 1-1‬تعريف النظرية االقتصادية‪ :‬تعرف النظرية بصفة عامة على أنها مجموعة من األفكار (مالحظات‬
‫‪+‬مفاهيم ‪ +‬فرضيات ‪ +‬تحاليل ‪ +‬نتائج) المتناسقة لتفسير ظاهرة معينة‪ .‬تقسم النظرية إلى نوعين‪ :‬نظرية‬
‫تفسر الواقع(تحليل‪ )-‬ونظرية تنظر للمستقبل(تنبؤ‪-‬تصور)‪.‬‬
‫أما النظرية االقتصادية فهي‪ :‬مجموعة من األفكار (مالحظات ‪ +‬مفاهيم ‪ +‬فرضيات ‪ +‬نتائج) المتناسقة‬
‫التي تفسر ظاهرة(تضخم‪/‬كساد) او سلوك (استهالك‪/‬انتاج) اقتصادي معين‪.‬‬
‫‪ 1-2‬فروعها‪ :‬تتفرع النظرية االقتصادية إلى فرعين هما‪:‬‬
‫‪1-2-1‬النظرية االقتصادية الجزئية‪ :‬تهتم بدراسة السلوك االقتصادي للوحدات االقتصادية الجزئية‬
‫(الفرد والمؤسسة) حيث يقوم هذا التحليل على مبدأ تعظيم المنفعة والمتمثلة في تعظيم الربح بالنسبة‬
‫للمؤسسة وتعظيم االشباع بالنسبة للفرد‪ ،‬فاالقتصاد الجزئي يبحث في أربعة مواضيع أساسية‪:‬‬
‫‪ ‬سلوك المستهلك‪ :‬من خالل تعظيم االشباع انطالقا من قيد الدخل‪ :‬أي االنفاق األمثل للدخل؛‬
‫‪ ‬سلوك المنتج‪ :‬من خالل تعظيم األرباح انطالقا من قيد التكلفة‪ :‬أي تعظيم األرباح وتخفيض‬
‫التكاليف؛‬
‫‪ ‬سلوك السوق‪ :‬وهو اإلطار الذي يتفاعل فيه سلوك المستهلك مع سلوك المنتج والتعرف على‬
‫الوضعيات المختلفة التي يكون عليها هذا السوق‪ ،‬والبحث في األسباب التي تحقق وضع‬
‫المنافسة التامة في السوق؛‬
‫‪ ‬السعر‪ :‬حيث تهتم بطرق تحديده في السوق والبحث عن الوصول إلى السعر التوازني والمتمثل‬
‫في السعر الذي يجعل كال من المنتجين والمستهلكين في حالة تعظيم المنفعة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫مدخل إلى النظرية االقتص ادية ال كلية‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ 2-2-1‬النظرية االقتصادية الكلية‪ :‬هي فرع من فروع علم االقتصاد تهتم بدراسة سلوك الوحدات‬
‫االقتصادية الكلية‪.‬‬

‫أو هي‪ :‬النظرية التي تبحث في سلوك االعوان االقتصاديين –على المستوى الكلي‪ -‬وتحليل مختلف‬
‫التفاعالت الناجمة عن هذا السلوك وتأثيرها على النشاط االقتصادي‪ ،‬لمعرفة وضع وحالة االقتصاد‬
‫الوطني للبحث عن االختالالت التي يعاني منها وايجاد الحلول المناسبة لها‪.‬‬

‫يمر التحليل االقتصادي الكلي بأربعة مراحل‪ ،‬يمكن تلخيصها من خالل الشكل الموالي‪:‬‬

‫شكل ‪ -1-‬مراحل التحليل االقتصادي الكلي‬

‫ال‬
‫درا ة ال قا و‬
‫إي اد ال لول‬ ‫م ر ة اال ا‬ ‫المت يرا الم ر‬
‫يما ين ا‬ ‫التفا‬
‫والنتا‬ ‫لى الن ا اال‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد األستاذ‬

‫يواجه التحليل االقتصادي الكلي عدة صعوبات أهمها‪:‬‬

‫‪ ‬صعوبة التجميع‪ :‬يعتمد التحليل االقتصادي الكلي على تجميع عدة وحدات متقاربة في مجمع‬
‫واحد ويدرسها على أساس أنها وحدة واحدة كالمستهلكين مثال‪ ،‬لكن في الغالب ال تكون هذه‬
‫الوحدات متجانسة؛‬
‫‪ ‬مشكلة المتوسطات الحسابية‪ :‬يعتمد التحليل الكلي في حساب بعض المؤشرات والقيم على‬
‫المتوسط الحسابي‪ ،‬ومن المعروف عن هذا األخير التأثر بالقيم الشاذة مما قد يعطي أحيانا قيما‬
‫غير معبرة عن الواقع بدقة‪.‬‬

‫‪-2‬مواضيع النظرية االقتصادية الكلية‪ :‬يهتم االقتصاد الكلي بدراسة الظواهر االقتصادية ذات الطابع الكلي‪،‬‬
‫والتي يمكن حصرها في أربعة مواضيع أساسية‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫مدخل إلى النظرية االقتص ادية ال كلية‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ 1-2‬النشاط االقتصادي ومكوناته‪ :‬يهتم االقتصاد الكلي بدراسة األنشطة االقتصادية والمتمثلة في اإلنتاج‬
‫واالستهالك والتوزيع واالستثمار واالدخار وغيرها لكن على المستوى الكلي أي على مستوى الدولة ككل‪،‬‬
‫وذلك بهدف قياس حجم االقتصاد الكلي (الوطني) ومعرفه وضعيته واتجاهه (نمو‪-‬ركود)‪.‬‬

‫‪ 2-2‬التفاعالت ما بين االعوان االقتصاديين‪ :‬يمارس األنشطة االقتصادية سابقة الذكر عدة أطراف‬
‫وجهات‪ ،‬يتم تجميعهم في شكل أربع مجموعات أساسية تعرف بالقطاعات االقتصادية أو االعوان‬
‫االقتصاديون‪ ،‬حيث أن كل قطاع يضم مجموعة متجانسة تمارس نفس النشاط االقتصادي‪ ،‬يدرس االقتصاد‬
‫الكلي مختلف التفاعالت التي تحصل ما بين هذه القطاعات‪.‬‬

‫‪ 3-2‬المشكالت االقتصادية الكلية‪ :‬تعترض النشاط االقتصادي تقلبات واضطرابات ينجم عنها عدة‬
‫مشكالت اقتصادية كالبطالة والتضخم والكساد واالنكماش والفقر وغيرها‪ ،‬يهتم االقتصاد الكلي بالبحث عن‬
‫العوامل واألسباب التي تؤدي إلى ظهور هذه المشكالت‪ ،‬لتأثيرها المباشر على حياة االفراد‪.‬‬

‫‪ 4-2‬السياسة االقتصادية‪ :‬الهدف من دراسة المشكالت االقتصادية هو البحث عن الحلول وكيفية‬


‫معالجتها‪ ،‬باعتبار أن هذه المشكالت ذات طابع كلي‪ ،‬فإن الدولة هي الجهة المسؤولة عن التعامل معها‪،‬‬
‫حيث تعتمد الدولة على عدة إجراءات وأساليب وأدوات وسياسات تعرف بالسياسة االقتصادية –سيتم التطرق‬
‫لها بالتفصيل الحقا‪.-‬‬

‫‪-3‬القطاعات المكونة لالقتصاد الكلي‪ :‬يقسم التحليل الكلي االقتصاد الوطني إلى أربعة قطاعات هي‪:‬‬

‫‪ 1-3‬قطاع العائالت‪ :‬يتمثل هذا القطاع في مجموع االفراد المقيمين في بلد ما‪ ،‬يساهمون في الحياة‬
‫االقتصادية بالعمليات االتية‪:‬‬

‫‪ ‬االستهالك النهائي‪ :‬تعتبر اهم وظيفة لهذا القطاع حيث يقوم باستهالك السلع والخدمات في‬
‫صورتها النهائية؛ وذلك من خالل عملية إنفاق مداخيلهم؛‬
‫‪ ‬االدخار‪ :‬يحتفظ االفراد بنسبة من دخلهم غير موجه لالستهالك الحالي‪ ،‬وذلك بهدف انفاقها‬
‫في المستقبل أو بهدف استثمارها لتحقيق عوائد مالية‪ ،‬تتوجه هذه االدخارات لتمويل‬
‫استثمارات قطاع االعمال (المؤسسات)؛‬
‫‪ ‬عرض العمل‪ :‬يمثل االفراد قوة العمل في االقتصاد‪ ،‬حيث يقومون بعرض عنصر العمل‬
‫(جهد فكري او عضلي او كالهما) على قطاع االعمال بهدف الحصول على الدخل‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫مدخل إلى النظرية االقتص ادية ال كلية‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ 2-3‬قطاع االعمال (المؤسسات)‪ :‬هو عبارة عن مجموع المؤسسات باختالف طبيعتها المقيمة في الدولة‪،‬‬
‫يساهم هذا القطاع في النشاط االقتصادي من خالل العمليات االتية‪:‬‬

‫‪ ‬اإلنتاج‪ :‬يعتبر اهم وظيفة يقوم بها قطاع االعمال حيث يقوم بإنتاج السلع والخدمات‬
‫النهائية؛‬
‫‪ ‬االستثمار (االنفاق االستثماري)‪ :‬تتطلب العملية اإلنتاجية إنفاق مبالغ مالية في شكل مواد‬
‫أولية (استهالك وسيط) ومعدات وغيرها؛‬
‫‪ ‬طلب العمل‪ :‬يعتبر عامال من عوامل اإلنتاج التي يستخدمها قطاع االعمال في عملية‬
‫اإلنتاج؛‬
‫‪ ‬تسديد الضرائب‪ :‬يساهم قطاع االعمال بتمويل خزينة الدولة بالموارد المالية من خالل دفع‬
‫الضرائب المفروضة عليه؛‬

‫‪ 3-3‬قطاع الحكومة‪ :‬تتمثل في مجموع اإلدارات والهيئات الحكومية ذات الطابع اإلداري وتتمثل مهمتها في‬
‫تسيير وادارة اقتصاد الدولة‪ ،‬يؤثر القطاع الحكومي على النشاط االقتصادي من خالل‪:‬‬

‫‪ ‬االنفاق الحكومي‪ :‬تلتزم الحكومة بإشباع الحاجات العامة للمجتمع‪ ،‬ففي سبيل ذلك تتحمل‬
‫نفقات تعرف بالنفقات العامة أو االستهالك الحكومي (شراء المعدات والتجهيزات‪ ،‬تشييد‬
‫المرافق العامة‪.)...‬‬
‫‪ ‬تحصيل اإليرادات‪ :‬لتغطية النفقات العامة تعتمد الدولة على عدة موارد مالية على رأسها‬
‫فرض الضرائب والرسوم‪-‬استغالل أمالك الدولة‪-‬االقتراض وغيرها‪.‬‬

‫‪ 4-3‬قطاع العالم الخارجي‪ :‬تتمثل في مختلف الدول والهيئات المقيمة خارج حدود الدولة‪ ،‬حيث تقيم معها‬
‫الدولة عدة تعامالت اقتصادية (تجارية ومالية)‪ ،‬يؤثر العالم الخارجي على النشاط االقتصادي للدولة من‬
‫خالل‪:‬‬

‫‪ ‬االستيراد والتصدير‪ :‬يمكن اعتبار استيراد السلع والخدمات من العالم الخارجي طلبا محليا‬
‫على سلع أجنبية وهو يعمل على زيادة مخزون الدولة (العرض) من السلع والخدمات‪ ،‬أما‬
‫التصدير فهو عبارة عن طلب أجنبي على سلع محلية فهو يعمل على زيادة الطلب الكلي‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫مدخل إلى النظرية االقتص ادية ال كلية‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ ‬المعامالت المالية‪ :‬تتمثل في عمليات اإلقراض واالقتراض والتحويالت المالية التي تتم ما‬
‫بين الدولة والعالم الخارجي‪ ،‬باإلضافة إلى االستثمارات األجنبية الصادرة والواردة‪.‬‬

‫يمكن تلخيص القطاعات االقتصادية من خالل الشكل االتي‪:‬‬

‫شكل ‪ -2-‬القطاعات األربعة المكونة لالقتصاد الكلي‬

‫ال ا‬
‫اال ت ك‪/‬االدخار‬
‫‪ /‬رض ال مل‬

‫كو‬ ‫عو ن‬ ‫ؤ‬


‫ق‬ ‫ون‬ ‫اإلنتاج‪/‬اال ت مار‬
‫‪ /‬ل ال مل‬

‫ال الم الخار ي‬


‫اال تيراد‪/‬التصدير‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد االستاذ‬

‫‪-4‬تطور التحليل االقتصادي الكلي‪ :‬يعتبر االقتصاد الكلي من فروع العلوم االقتصادية حديثة النشأة‪ ،‬فلم‬
‫تتبلور موضوعاته ولم يستقل بمناهجه ومجاالت بحثه إال في القرن العشرين بفضل أعمال االقتصادي‬
‫اإلنجليزي كينز الذي يعتبر من اوائل من بحثوا واهتموا بهذا الفرع من التحليل االقتصادي‪ ،‬وفيما يأتي لمحة‬
‫موجزة عن تطوره‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫مدخل إلى النظرية االقتص ادية ال كلية‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ 1-4‬التحليل االقتصادي الكلي في ظل المدرسة الكالسيكية‪ :‬لم يهتم الكالسيك‪-‬نسبيا‪ -‬بالتحليل الكلي بل‬
‫ركز تحليلهم على التحليل الجزئي‪ ،‬وذلك راجع إلى عدم تناسب فرضيات ومبادئ هذه المدرسة مع النظرية‬
‫االقتصادية الكلية خاصة فيما يتعلق باالفتراضات االتية‪:‬‬

‫‪ ‬النظرة الحيادية لدور الدولة في الحياة االقتصادية‪ ،‬فال يمكن تصور وجود تحليل اقتصادي كلي مع‬
‫تغييب دور الدولة باعتبارها قطاعا مركزيا في االقتصاد الكلي؛‬
‫‪ ‬التوازن على المستوى الجزئي (سبب) يؤدي إلى التوازن على المستوى الكلي (نتيجة)‪ ،‬وبالتالي‬
‫البحث في األسباب عن طريق النظرية االقتصادية الجزئية؛‬
‫‪ ‬التوازن يحدث عن طريق ألية السوق من خالل السعر‪-‬قانون ساي للمنافذ (كل عرض يخلق طلبا‬
‫مساويا له) ‪ -‬فال داعي للبحث عن أسباب المشكالت االقتصادية وعالجها‪.‬‬
‫‪ ‬عدم اهتمام المدرسة الكالسيكية باالقتصاد الكلي ال ينفي وجود بعض االعمال والدراسات التي تناولت‬
‫بعض القضايا الكلية من بينها‪:‬‬
‫‪ ‬الجدول االقتصادي لـ‪(Quesney)-‬من رواد المدرسة الطبيعية‪ -‬والذي مثل من خالله آلية عمل‬
‫االقتصاد الوطني (‪)1759‬؛‬
‫‪ ‬كتاب ‪ Adam Smith‬بعنوان (ثروة االمم) سنة ‪ ،1776‬تناول فيه بعض المسائل الكلية؛‬
‫‪ ‬اهتمام المدرسة التجارية بقضايا كلية على غرار‪ :‬التجارة الخارجية (الصادرات‪-‬الواردات‪-‬الميزان‬
‫التجاري)‪ ،‬توازن ميزانية الدولة‪ ،‬الضرائب‪ ،‬قيمة العملة‪.‬‬

‫‪ 2-4‬المدرسة الكينزية كمؤسس لالقتصاد الكلي‪ :‬لقد سبق ظهور الفكر الكينزي أفكار المدرسة‬
‫النيوكالسيكية‪ ،‬حيث بنت تحليالتها على فرضية "السوق يقود االقتصاد بطريقة آلية إلى التوازن أو الوضع‬
‫االمثل"‪ ،‬حتى في ظل مرور االقتصاد بحاالت من االختالالت (الدورة االقتصادية) سواء كانت طويلة او‬
‫قصيرة (حرب‪ -‬كارثة طبيعية‪ -‬موسم زراعي سيئ‪ ) ...‬فإن السوق عن طريق مرونة األسعار يقود االقتصاد‬
‫إلى التكيف مع هذه الظروف ونصل إلى التوازن‪.‬‬

‫لكن ظهور واستمرار ازمة الكساد (‪ )1933-1929‬وعجز السوق عن إعادة التوازن‪ ،‬أدى إلى ظهور تيار‬
‫فكري اقتصادي جديد‪ ،‬يرفض فكرة مرونة األسعار وقدرة السوق على ضبط االقتصاد‪ ،‬وان العرض يخلق‬
‫الطلب‪ ،‬بل على النقيض من ذلك‪ :‬الطلب هو الذي يوجد العرض (االهتمام المتغيرات الكلية‪ :‬بالطلب الكلي‬

‫‪7‬‬
‫مدخل إلى النظرية االقتص ادية ال كلية‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫ومحدداته‪-‬الطلب الفعال‪ ،‬النشاط االق)‪ ،‬ويجب تدخل الدولة لعالج اختالل االقتصاد من خالل السياسة‬
‫االقتصادية (السياسة المالية‪-‬االنفاق الحكومي‪-‬الضريبة‪-‬التوازن الكلي‪-‬االستثمار‪.)،...‬‬

‫نجاح النظرية الكينزية في اخراج االقتصاد األمريكي من الركود (تطبيق برنامج كينز‪-New Deal -‬‬
‫من طرف الرئيس األمريكي )‪ ،))Roosevelt‬إلى جانب المكانة اإلدارية والعلمية لكينز (مدرس بجامعة‬
‫‪/Cambridge‬مستشار الخزينة والبنك المركزي البريطاني‪ ،‬مالك شركة لالستثمار في البورصة‪-‬حقق أرباحا‬
‫كبيرة‪ )-‬سمحت بانتشار هذه النظرية ومنه تطور التحليل االقتصادي الكلي وهيمن على السياسات‬
‫االقتصادية لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية‪.‬‬

‫في فترة الخمسينات ظهر تيار كالسيكي جديد حاول إيجاد توافق ما بين النظرية الكينزية والكالسيكية‬
‫عرف هذا التوافق بـ "توافق النيوكالسيك" ومفاده انه في حالة وجود اختالل او ازمة اقتصادية ففي المدى‬
‫القصير وبحكم مرونة األسعار البطيئة وعدم سيادة المنافسة التامة‪ ،‬فإن السوق يتأخر لتعديل الوضع‬
‫االقتصادي مما يتوجب تدخل الدولة بسياسة ظرفية لعالج هذا االختالل‪ ،‬ولكن بعد تجاوز هذه الصدمة على‬
‫الدولة االنسحاب وترك المجال للسوق لضبط االقتصاد‪ ،‬سمحت هذه األفكار بظهور عدة نظريات جديدة في‬
‫االقتصاد الكلي أهمها‪ :‬نموذج)‪ ،(IS/LM‬وكذا أبحاث تعلقت بإدراج تغيرات األسعار وأثرها على التوازن‬
‫االقتصادي‪ ،‬باإلضافة إلى تطور فرع مهم من فروع االقتصادي الكلي وهو(المحاسبة الوطنية)‪.‬‬

‫في الستينات ظهر تيار ومدرسة اقتصادية عرفت بـ (المدرسة النقدوية) من أهم روادها ‪Milton‬‬
‫‪ Freidman‬انتقدت بشدة أفكار المدرسة الكينزية واعتبرت السياسة النقدية(النقود) أكثر فعالية (أسرع‬

‫استجابة)من السياسة المالية (يفضلها كينز) في عالج االزمات االقتصادية خاصة في المدى القصير‪ ،‬كما‬
‫انتقد نظرية (منحنى ‪ philipps‬امكانية إيجاد توافق ما بين مشكلة البطالة والتضخم في نفس الوقت) واعتبرها غير‬
‫متوافقة مع النظرية االقتصادية واعتبر ان كل محاولة لعالج البطالة يؤدي إلى تفاقم التضخم؛ لذا اعتبر‬
‫‪ Freidman‬أن اهم مشكلة يجب على السياسة االقتصادية عالجها هي التضخم‪.‬‬

‫‪-5‬النمذجة االقتصادية‬

‫‪ 1-5‬مفهوم النموذج االقتصادي‪ :‬هو عبارة عن تعبير أو صياغة رياضية للعالقة ما بين المتغيرات‬
‫االقتصادية لتفسير ظاهرة اقتصادية معينة‪ ،‬فأي ظاهرة اقتصادية تؤثر عليها عدة متغيرات‪ ،‬فالنموذج‬
‫االقتصادي يحدد هذه المتغيرات ويحدد طريقة تأثيرها على الظاهرة المدروسة رياضيا وبيانيا‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫مدخل إلى النظرية االقتص ادية ال كلية‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫يمر بناء نموذج اقتصادي بعدة مراحل تتمثل في االتي‪:‬‬

‫‪ ‬اختيار الظاهرة االقتصادية الكلية المراد دراستها (البطالة – التضخم‪ -‬النمو االقتصادي‪-‬االستهالك‬
‫الكلي‪-‬الطلب الكلي‪)...-‬؛‬
‫‪ ‬البحث عن العوامل والمتغيرات التي تؤثر على الظاهرة المدروسة‪ ،‬ويمكن التعرف عليها من خالل‬
‫التجربة او المالحظة أو باالعتماد على النظريات االقتصادية‪ ،‬ويتم فقط التركيز على العوامل األكثر‬
‫تأثيرا‪ ،‬أما العوامل الهامشية فتجمع في متغير واحد ويعطى قيمة ثابتة؛‬
‫‪ ‬التعبير عن مختلف العالقات ما بين المتغيرات من جهة والظاهرة المدروسة من جهة ثانية بعالقات‬
‫ومعادالت رياضية؛‬

‫‪ 2-5‬أنواع المتغيرات‪ :‬تنقسم إلى نوعين‪:‬‬

‫‪ 1-2-5‬المتغيرات الداخلية‪ :‬هي العوامل التي تِؤثر على الظاهرة المدروسة وتؤثر على بعضها البعض كما‬
‫أنها تتأثر بالمتغيرات الخارجية وال تؤثر عليها‪ ،‬تتحدد قيمتها داخل النموذج‪ ،‬وهي نوعان‪:‬‬

‫‪ ‬المتغير التابع‪ :‬هو المتغير أو العامل الذي يرتبط سلوكه وقيمته واتجاهه بمتغير أو متغيرات أخرى‬
‫تسمى بالمتغيرات المستقلة‪.‬‬
‫‪ ‬المتغير المستقل‪ :‬هو العامل أو المتغير الذي يحدد سلوك المتغير التابع‪ ،‬ولكنه ال يتأثر به بل يتأثر‬
‫بمتغيرات أخرى هي المتغيرات الخارجية‪.‬‬

‫‪ 2-2-5‬المتغيرات الخارجية‪ :‬هي العوامل التي تِؤثر على المتغيرات الداخلية ولكنها ال تتأثر بها‪ ،‬بل تتأثر‬
‫بمتغيرات أخرى خارج النموذج‪ ،‬لذا تكون قيمتها معلومة أو معطاة‪ ،‬وتعرف أيضا بالمعلمات‪ ،‬كما يمكن‬
‫النظر إليها على أنها مختلف العوامل األخرى الهامشية التي تِؤثر على الظاهرة المدروسة‪.‬‬

‫مثال‪ :‬نريد مثال دراسة ظاهرة اقتصادية كلية والمتمثلة في االستهالك لدى الطلبة (‪ ،)C‬بعد تحديد الظاهرة‬
‫المدروسة نتجه إلى تحديد العوامل(المتغيرات) التي تؤثر عليه‪ ،‬بالمالحظة والتجربة نجد مثال‪ :‬قيمة المنحة‬
‫الجامعية (‪ ،)b‬االذواق (‪ ،)g‬أسعار السلع والخدمات(‪ )p‬ومتغيرات هامشية أخرى كالطقس مثال‪ .‬بعد إيجاد‬
‫المتغيرات يتم تصنيفهم حيث أن استهالك الطلبة هو متغير داخلي تابع‪ -‬قيمة المنحة واالذواق وأسعار السلع‬
‫والخدمات هي متغيرات داخلية مستقلة‪ ،‬أما حالة الطقس فهي متغير خارجي ألنه يؤثر على االستهالك وال‬
‫يتأثر به‪ ،‬كما أن قيمته (درجة الح اررة) تتحدد خارج النموذج وتكون معلومة مسبقا‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫مدخل إلى النظرية االقتص ادية ال كلية‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ 3-5‬المعادالت المستخدمة في النموذج االقتصادي‪ :‬يوجد ثالث أنواع من المعادالت أو من العالقات ما‬
‫بين المتغيرات‪:‬‬

‫‪ 1-3-5‬المعادلة التعريفية‪ :‬هي المعادلة التي تعرف بمتغير معين انطالقا من متغير أو متغيرات أخرى‪،‬‬
‫كأن نقول مثال أن الطلب الكلي(‪ )D‬يساوي مجموع طلب قطاع العائالت(‪ )C‬وقطاع االعمال(‪ )I‬وقطاع‬
‫الحكومة (‪ )G‬أي‪. D=C+I+G :‬‬

‫‪ 2-3-5‬المعادلة السلوكية‪ :‬هي المعادلة التي تعبر عن وجود عالقة ارتباط او عالقة سببية بين متغيرين‬
‫أو أكثر بحيث يكون فيها أحد المتغيرات تابعا وبقية المتغيرات مستقلة‪ ،‬وتحتوي على معامل سلوكي والذي‬
‫يعبر عن درجة أو مقدار تأثير المتغير المستقل على المتغير التابع‪.‬‬

‫‪ 3-3-5‬شرط التوازن‪ :‬وهي العالقة التي يجب أن تتحقق لكي يكون النموذج صحيحا ولكي نستطيع تحديد‬
‫قيمة المتغيرات‪ ،‬ويكون معطى في النموذج ومعلوما مسبقا‪ ،‬كأن نقول بأن شرط توزن سوق العمل هو تساوي‬
‫الطلب على العمل(‪ )Nd‬مع عرض العمل(‪ )Ns‬فتكون المعادلة‪ Ns=Nd :‬هي شرط التوازن‪.‬‬

‫‪ -6‬النموذج المستخدم في التحليل االقتصادي الكلي‪ :‬سبقت اإلشارة إلى أن االقتصاد الكلي يهتم بدراسة‬
‫التفاعالت ما بين القطاعات األربعة المكونة لالقتصاد الوطني‪ ،‬فهو يعتمد في ذلك على نموذج يعرف بـ‬
‫نموذج التدفق الدائري للدخل‪ ،‬حيث ينجم عن أي عالقة ما بين متعاملين أو قطاعين من القطاعات األربعة‬
‫تدفقين متعاكسين هما‪:‬‬

‫‪ ‬تدفق حقيقي‪ :‬والمتمثل في انتقال سلعة أو خدمة من طرف إلى طرف؛‬


‫‪ ‬تدفق نقدي‪ :‬أي انتقال سيولة ما بين الطرفين في اتجاه معاكس للتدفق الحقيقي‪.‬‬

‫يمكن توضيح هذا النموذج من خالل الشكل الموالي الذي يبين التفاعل الناجم ما بين قطاع العائالت وقطاع‬
‫االعمال‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫مدخل إلى النظرية االقتص ادية ال كلية‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫شكل ‪ -3-‬نموذج التدفق الدائري للدخل‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد االستاذ‬

‫نالحظ من خالل المخطط وجود تدفقين حقيقين ما بين قطاع العائالت وقطاع االعمال يقابلهما تدفقين‬
‫نقديين في االتجاه المعاكس‪ ،‬على النحو االتي‪:‬‬

‫التدفق الحقيقي ‪ -1-‬يقوم االفراد بعرض عنصر العمل على قطاع االعمال‪.‬‬

‫التدفق النقدي المقابل‪ :‬دفع قطاع االعمال لعوائد (أجور) لألفراد مقابل عنصر العمل‪.‬‬

‫التدفق الحقيقي‪ -2-‬انتقال السلع والخدمات من قطاع االعمال إلى قطاع العائالت‪.‬‬

‫التدفق النقدي المقابل‪ :‬دفع أثمان السلع والخدمات من طرف العائالت لصالح المؤسسات‪.‬‬

‫‪ -7‬تمرين تطبيقي‪:‬‬

‫‪ -‬صنف المتغيرات االتية من حيث كونها متغيرات اقتصادية كلية أو جزئية‪ :‬دخل الفرد‪-‬سعر السلعة‪-‬‬
‫المستوى العام لألسعار‪ -‬البطالة‪ -‬أرباح المؤسسة‪ -‬رقم االعمال‪ -‬الدخل الفردي‪ -‬اإلنتاج الوطني‪-‬‬
‫التضخم – تكاليف اإلنتاج‪-‬استهالك وسيط‪ -‬إنفاق حكومي‪.‬‬
‫‪ -‬كيف تساهم المؤسسة في االقتصاد من وجهة نظر االقتصاد الكلي؟‬
‫‪ -‬حدد من بين المعادالت االتية نوع المعادلة وطبيعة المتغيرات (تابعة –مستقلة‪-‬داخلية‪ -‬خارجية)‬
‫‪D=C+I / Y=S+C / S=I / I=50-0.1i / C=Co+bYd / Y=50L+25K‬‬

‫‪11‬‬
‫مدخل إلى النظرية االقتص ادية ال كلية‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫‪-8‬الحل‪:‬‬

‫‪ -‬تصنيف المتغيرات الكلية والجزئية‪:‬‬


‫متغير جزئي‬ ‫متغير كلي‬
‫دخل الفرد‪-‬سعر السلعة‪-‬أرباح المؤسسة‪-‬‬ ‫المستوى العام لألسعار‪-‬البطالة‪-‬‬
‫رقم االعمال‪-‬تكاليف اإلنتاج‪-‬استهالك‬ ‫الدخل الفردي‪-‬اإلنتاج الوطني‪-‬‬
‫وسيط‬ ‫التضخم‪ -‬انفاق حكومي‬
‫‪ -‬حسب االقتصاد الكلي فإن المؤسسة تساهم من خالل األنشطة االتية‪:‬‬
‫‪ ‬وظيفة االستثمار (االنفاق االستثماري)‪ :‬حيث ينظر إليه على أنه مكون من مكونات الطلب‬
‫الكلي ويساهم في عملية اإلنتاج؛‬
‫‪ ‬طلب العمل‪ :‬أي استخدام عنصر العمل المقدم من طرف قطاع العائالت في عملية اإلنتاج؛‬
‫‪ ‬تسديد الضرائب‪ :‬وبالتالي المساهمة في تعبئة الموارد المالية للحكومة‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد نوع المعادالت وطبيعة المتغيرات‬

‫متغير خارجي‬ ‫متغير داخلي‬ ‫معامل سلوكي‬ ‫متغير مستقل‬ ‫متغير تابع‬ ‫نوعها‬ ‫المعادلة‬
‫عالقة التعريف ال تحتوي على المتغيرات التابعة وال المستقلة والداخلية وال الخارجية‬ ‫تعريف‬ ‫‪D=C+I‬‬
‫عالقة التعريف ال تحتوي على المتغيرات التابعة وال المستقلة والداخلية وال الخارجية‬ ‫تعريف‬ ‫‪Y=C+S‬‬
‫عالقة التوازن ال تحتوي على المتغيرات التابعة وال المستقلة والداخلية وال الخارجية‬ ‫توازن‬ ‫‪S=I‬‬
‫‪Io‬‬ ‫‪I/i‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪i‬‬ ‫‪I‬‬ ‫سلوكية‬ ‫‪I=Io-i‬‬

‫‪Co‬‬ ‫‪C / Yd‬‬ ‫‪+b‬‬ ‫‪Yd‬‬ ‫‪C‬‬ ‫سلوكية‬ ‫‪C=Co+bYd‬‬


‫‪-‬‬ ‫‪Y/L/K‬‬ ‫‪+ / + K‬‬ ‫‪L/K‬‬ ‫‪Y‬‬ ‫سلوكية‬ ‫‪Y=L+K‬‬

‫‪12‬‬

You might also like