Professional Documents
Culture Documents
9- ف 3 دافعية التعلم - 2
9- ف 3 دافعية التعلم - 2
تمهيد
تعد دوافع المتعمم عوامل أساسية غاية في األىمية ،إذ ال تقل أىمية عن قدراتو
العقمية ،وميارات التفكير لديو؛ ألنو بدون الدافعية لن يبذل أي جيد في سبيل تعممو ،حتى
وان امتمك القدرة عمى الدراسة والفيم والتحصيل ( )Child,1986فالدافعية إحدى مبادئ
التعمم الجيد ،حيث تدفع الفرد نحو بذل مزيد من الجيد والطاقة لتعمم مواقف جديدة ،أو
حل المشكالت التي تواجيو (سميمان.)2005 ،
و سنتناول في ىذا الفصل العناصر التالية :مفيوم الدافعية ،مفاىيم ذات صمة بالدافعية
،النظريات المفسرة لمدافعية ،أنواع الدوافع و تقسيماتيا ،تعريف دافعية التعمم ،عناصر
دافعية التعمم ،العوامل المؤثرة في دافعية التعمم ،و أخي ار دور المعمم في إثارة دافعية
التعمم.
46
دافعية التعلم الفصل الثالث
بدأ الحديث عن مصطمح الدافعية حين بدأ الحديث عنيا في كتابات تتشر و أنجل
من عمماء النفس ذوو النزعة الوظيفية الذين كانوا يؤكدون عمى أن فيمنا لعمم النفس
ينبغي أن ال يقتصر عمى فيمنا لما يدور في الشعور فحسب ،بل يتناول كذلك عالقة
األحداث الداخمية الباطتية و االحداث أو العالقات الخارجية .و أول من استخدم ىذا
المصطمح بشكل فعمي (( سالي )) حيث قال :إن الرغبة التي تسبق الفعل أو السموك و
تحدده تسمى القوة الدافعة أو المثير الدافع(.جودت بني جابر،2004،ص )241
كما يحاول البعض من الباحثين مثل – أتكنسون -التمييز بين مفيوم "الدافع" "
"Motiveو مفيوم "الدافعية" " "Motivationعمى أساس أن الدافع ىو عبارة عن
استعداد الفرد لبذل الجيد أو السعي في تحقيق أو إشباع ىدف معين ،أما في حالة دخول
ىذا االستعداد أو الميل إلى حيز التحقيق الفعمي ،فإن ذلك يعني الدافعية باعتبارىا عممية
نشطة.
وعمى الرغم من محاولة البعض التمييز بين المفيوم ،فإنو ال يوجد حتى اآلن ما
يبرر مسألة الفصل بينيما .ويستخدم مفيوم الدافع كمرادف لمفيوم الدافعية حيث يعبر
كالىما عن المالمح األساسية لمسموك المدفوع ،و إن كانت الدافعية ىي المفيوم األكثر
عمومية( .عبد المطيف خميفة ،2000 ،ص)67
و في ضوء ذلك فإن " الدافعية " أو " الدافع " يشيران الى نفس المفيوم.
و يستخدم مفيوم الدافعية لالشارة إلى ما يحض الفرد عمى القيام بنشاط سموكي
معين ،و توجيو ىذا النشاط نحو وجي ة معينة .و يفترض معظم الناس أن السموك
وظيفي ،أي أن الفرد يمارس سموكا معينا بسبب ما يتمو ىذا السموك من نتائج و عواقب
تشبع بعض حاجاتو أو رغباتو( .جودت بني جابر،2004،ص )241
46
دافعية التعلم الفصل الثالث
-2تعريف الدافعية:
نعرض فيما يمي لبعض التعريفات التي قدميا الباحثون لمفيوم الدافع أو الدافعية
و ذلك عمى النحو التالي :
-تعريف "محمد عودة الريماوي" :ىي عممية أو سمسمة من العمميات تعمل عمى إثارة
السموك الموجو نحو ىدف ،وصيانتو والمحافظة عميو وايقافو في نياية المطاف( .محمد
عودة الريماوي ، 2004 ،ص .)201
-و تعرف الدافعية أيضا بأنيا :مثير داخمي يحرك سموك األفراد و يوجيو لموصول إلى
ىدف معين (قطامي و قطامي )2000،
-و يشير مصطمح الدافعية إلى مجموع الظروف الداخمية والخارجية التي تحرك الفرد من
أجل إعادة التوازن الذي اختل فيي بيذا المفيوم يشير إلى نزعة لموصول إلى ىدف معين
وىذا اليدف قد يكون إلرضاء حاجات داخمية أو رغبات داخمية( .قطامي و عدس ،
)2002
-وحسب العتوم ( ) 2005فالدافعية تشير إلى مجموعة الظروف الداخمية التي تحرك
الفرد لسد نقص أو حاجة معينة سواء كانت بيولوجية أو نفسية أو اجتماعية لذلك جاء
مفيوم الدافع مرتبطا بمفيوم الحاجة Needوتسعى إلى إزالة التوتر والقمق والتي تحدثيا
الحاجة وبذلك يحدث حالة من التوازن والتكيف وأن وظيفة الدوافع كحالة سيكولوجية
داخمية ىي إشباع حاجات الفرد والمحافظة عمى توازنو.
-أما بارون ( ) Baron ,1998فيرى أنيا طاقة أو محرك ىدفيا تمكين الفرد من
اختيار أىداف معينة والعمل عمى تحقيقيا.
44
دافعية التعلم الفصل الثالث
-تعريف "مروان أبو حويج" :ىي الطاقة الكامنة في الكائن الحي التي تدفعو ليسمك
سموكا معينا في العالم الخارجي ،وىذه الطاقة ىي التي ترسم لمكائن الحي أىدافو وغاياتو
لتحقيق أحسن تكيف ممكن مع بيئتو الخارجية( .مروان أبو حويج ، 2004 ،ص )14
-عرف يونج yong T. P :الدافعية من خالل المحددات الداخمية بأنيا عبارة عن
حالة استثارة و توتر داخمي تثير السموك و تدفعو إلى تحقيق ىدف معين.
-و عرف ماسمو Maslow.H.A :الدافعية بأنيا خاصية ثابتة ،و مستمرة ،و
متغيرة ،و مركبة ،و عامة ،تمارس تأثي ار في كل أحوال الكائن الحي( .عبد المطيف
محمد خميفة ،2000 ،ص )69
-و يعرف هب ( )D.O.Hebb ,1949الدافعية بأنيا " عممية يتم بمقتضاىا إثارة
نشاط الكائن الحي ،و تنظيمو و توجييو إلى ىدف محدد".
-و يعرفيا الترتوري ( )2006إلى أنيا " مجموعة الظروف الداخمية و الخارجية التي
تحرك الفرد من أجل تحقيق حاجاتو ،و إعادة االتزان عندما يختل .و لمدوافع ثالث
وظائف أساسية في السموك ىي :تحريكو و تنشيطو ،و توجييو ،و المحافظة عمى
استدامتو إلى حين اشباع الحاجة (.ثائر غباري،2008،ص)16
ىناك مصطمحات عديدة مرتبطة بالدوافع البشرية نتطرق إلى أىميا فيما يمي :
-1-3الحاجات :Needs
تعرف الحاجة بأنيا حالة لدى الكائن الحي تنشأ عن انحراف أو حيد الشروط
البيئة عن الشروط البيولوجية الالزمة لحفظ بقاء الكائن الحي .و تنشأ عن ىذه الحاجة
حالة عدم اتزان بين الكائن الحي و بيئتو الخارجية و من ثم يسعى الكائن الحي لتحقيق
حالة اال تزان ىذه .فالتغيرات الكيميائية لمدم نتيجة نقص بعض المواد العذائية تولد الحاجة
46
دافعية التعلم الفصل الثالث
إلى الطعام التي تدفع الفرد إلى سموك األكل ،فالجوع يمثل توت ار ناجما عن تغيرات في
كيمياء الدم يولد حاجة إلى الطعام ،و اشباع دافع الجوع يؤدي إلى خفض ىذا التوتر .و
نط ار لمصمة الوثيقة بين الحاجة و الدافع فقد فيم البعض أنيما إسمان لنفس الشيء الواحد
،و استخدميما بعض العمماء بنفس المعنى ،و لمتمييز بينيما يستخدم مفيوم الحاجة
لمداللة عمى الحالة الفزيولوجية لمخاليا الناجمة عن الحرمان ،بينما يستخدم مفيوم الدافع
لمداللة عمى الحالة السيكولوجية الناجمة عن الحاجة التي تدفع الفرد لمسموك باتجاه اشباع
الحاجة( .جودت بني جابر،2004،ص )251-250
و تشير الحاجة إلى شعور الكائن الحي باالفتقاد إلى شيء معين
( )English&English,1958و يستخدم مفيوم الحاجة لداللة عمى مجرد الحالة التي
يصل إلييا الكائن نتيجة حرمانو من شيء معين ،اذا ما وجد تحقق االشباع.
وبناء عمى ذلك فإن الحاجة ىي نقطة البداية الثارة دافعية الكائن الحي ،والتي
تحفز طاقتو وتدفعو في االتجاه الذي يحقق اشباعيا( .عبد المطيف محمد خميفة،2000 ،
ص )78
و ينشأ الدافع نتيجة وجود حاجة معينة لدى الكائن الحي .فوجود حالة الدافعية
لدى الفرد يعني أنو يسعى نحو إشباع الحاجات المعينة التي نشأت عنيا ىذه الحاجة ،
مثل حاجاتو البيولوجية من طعام أو شراب أو نوم ..إلى غير ذلك ،أو كما يحدث في
46
دافعية التعلم الفصل الثالث
مجال الحاجات االجتماعية المكتسبة مثل الحاجة إلى تحقيق الذات ،و تقدير اآلخرين ..
إلى غير ذلك .و لذلك فإن وجود حاجة معينة لدى الفرد تفسر لنا الميل المستمر نسبيا
لديو و الذي يدفعو إلى السموك بطريقة معينة .و نستدل عمى وجود ىذه الحاجة من
السموك الباحث عن اليدف في العالم الخارجي ،و اصة عند إعاقة بعض جوانب ىذا
السموك .أو عندما يتم إحباطو ،أو عندما نالحظ مقاومة الفرد ليذه العوامل ،و مثابرتو
في سبيل تحقيق اليدف و إشباع الحاجة( .مصطفى و أمينة ،2007،ص )10
يغمب عمييا الطبيعية الفسيولوجية مثل الحاجة إلى اليواء ،الماء ،المأكل ،األمن و
الحماية ،الجنس .......الخ .و ىذه الحاجات محدودة بطبيعتيا ( )Finiteعمى اعتبار
أن االنسان يستيمك كمية محدودة من اليواء و الطعام ..........الخ.
ىي حاجات اجتماعية و نفسية بطبيعتيا ،و تشمل حاجات االنتماء و االنضمام
إلى الغير ،القوة ،الشيرة ،التميز ،التقدير و االحترام ،اقامة عالقات صداقة مع
46
دافعية التعلم الفصل الثالث
األخرين ،االنجاز .......الخ .و ىذه الحاجات غير محدودة بطبيعتيا (. )Infinite
بمعنى عدم وجود حد أعمى من االشباع إلى من يرغب الحصول عمييا كحاجتو من القوة
و اإلنجاز و التقدير ......الخ.
-5تأخذ الشكل المعنوي و غالبا ما تأخذ الصبغة الالشعورية بمعنى أنيا غير ممموسة
بدال من كونيا حاجات مادية ممموسة(.محمود سممان العميان،2005،ص)280-279
الحاجة needىي النقص و الحرمان الذي يسبب التوتر ،ثم السموك إلزالتو ،و
ىي إذا واحدة من عناصر و أجزاء عممية الدافعية؛ و لكنيا العنصر المحرك الذي يبدأ
العممية ؛ لذلك كثي ار ما نتكمم عن الحاجات و كأنيا مرادفة إلى الدافعية(.سعاد نايف
برنوطي،2004،ص)345
-2-3الحوافز Drives:
يقول الدكتور فاخر عاقل في معجمو حول تعريف الحافز عمى أنو ":اندفاع أو
الحاح لمحصول عمى أمر مستيدف (مثل الطعام في حالة الجوع) أو تحقيق غاية (كأن
67
دافعية التعلم الفصل الثالث
يصبح الفرد ميندسا) و يشبو الدافع الذي يختمف عنو بأنو ال مستثير محدد لو" (فاخر
عاقل ،ص )71
يعرف الحافز بأنو بديل لمغريزة مصطمحا ومفيوما ،حيث ىو ما ينشط السموك
ويييئو لمعمل وال يمكن مالحظتو بطريقو مباشرة ،وحيث يرتبط الحافز بمجموعة من
المتغيرات المستقمة مثل ساعات الحرمان ،وكما يرتبط بمجموعة من المتغي ارت التابعة
والشروط الالحقة مثل سرعة االستجابة ،ويرتبط الحافز أيضا باليدف ،واليدف ىو
الموضوع الخارجي الذى يختزل الحاجة أو يشبعيا ( ٠أحمد زكى ،1999،ص -54
)56
يقرر وودورث أن الحافز ىو ما ينشط السموك و يييؤه لمعمل ،و تعتبر الطاقة
الموروثة في األعصاب و العضالت ىي المسؤولة عن استمرار الحدث السموكي ،و
يشير الحافز إلى زيادة توتر الفرد نتيجة لوجود حاجة غير مشبعة أو نتيجة لمتغير في
ناحية عضوية عنده .و ىذا التوتر يجعل الفرد مستعدا لمقيام باستجابات خاصة نحو
موضوع معين بيدف اشباع حاجتو أو استعادة توازنو الفسيولوجي ،و من األمثمة عمى
الحوافز ،خافز الجوع و حافز العطش و حافز االحساس بالبرودة أو السخونة ....الخ.
(جودت بني جابر،2004،ص )251
و تقسم الحوافز:
تشمل الحوافز المادية أموال و مزايا مادية ؛ كالسكن و النقل و الطعام و أشياء مادية
أخرى ؛ و الحوافز المالية ىي األكثر شيوعا.
67
دافعية التعلم الفصل الثالث
الحوافز المعنوية ىي أشياء غير مادية ....و أكثرىا شيوعا ىي فرص التقدم و فرص
التعمم و االبداع و فرص التكريم و التقييم و فرص االنتماء إلى غير ذلك من محفزات
غير مادية و لكنيا ميمة لمكثير من الناس.
الحوافز االيجابية ىي حوافز تجذب االفراد نحو سموك ايجابي معين ؛ و ىذا يتطمب
تحديد السموك اإليجابي ،ثم الحافز المادي أو المعنوي الذي يكافئو.
الحوافز السمبية تدفع لتجنب سموك معين ضار ؛ و ىذه كذلك يمكن أن تكون مادية
أو معنوية.
الحوافز الفردية و ىي حوافز موجية لكل فرد عمى حدة ،و قد تدفع األفراد لمتنافس
لمحصول عمييا.
67
دافعية التعلم الفصل الثالث
-3-3البواعث : Incentive
يعرف "فيناك" " "W.E. Vinackeالباعث ،بأنو يشير إلى محفزات البيئة
الخارجية المساعدة عمى تنشيط دافعية األفراد سواء تأسست ىذه الدافعية عمى أبعاد
فسيولوجية أو اجتماعية .وتقف الجوائز والمكافآت المالية والترقي كأمثمة ليذه البواعث،
فيعد النجاح والشيرة مثال من بواعث الدافع لالنجاز.
كما يرى إبراىيم محمد الشافعي ( )1969أن اصطالح الباعث يطمق عمى بعض
المواقف التي تنشط الدافع و ترضيو في آن واحد ،كرؤية الطعام أو وجود جائزة أو
مكافئة أو منافسة أو ارتفاع في األجرة ،أو غير ذلك مما يطمح الفرد إلى الظفر بو ،و
يطمق أيضا عمى المعايير و القوانين االجتماعية التي تحمل الفرد عمى تعديل سموكو و
تكييفو وفقا لمطالب المجتمع و بالتالي مصمحة الفرد ( .إبراىيم محمد الشافعي،1969 ،
ص)189-188
ىو عبارة عن مواقف أو موضوعات يحتمل حين الحصول عمييا أن تشبع الدافع ،
أي أنو يشير إلى الشيء الذي ييدف الفرد إلى تحقيقو و يوجو استجاباتو نحوه أو بعيدا
عنو ،و من شأن الباعث أن يعمل عمى ازالة حالة الضيق أو التوتر التي يشعر بيا الفرد
.و من األمثمة عمى البواعث :الطعام الذي يقابل حافز الجوع و الماء يقابل حافز
العطش و نحو ذلك ،و ىكذا تعمل عمل الجوائز و المكافأت و االمتيازات التي يمكن أن
يحصل عمييا الفرد في استثارة سموكو و توجيو ىذا السموك ،بينما تعمل االحباطات و
المزعجات و المنغصات التي قد ترتبط مع موضوع معين إلى ابعاد الفرد عن القيام
بسموك تجاه ذلك الموضوع( .جودت بني جابر،2004،ص )251
في ضوء ذلك فإن الحاجة تنشأ لدى الكائن الحي نتيجة حرمانو من شيء معين،
ويترتب عمى ذلك أن ينشأ الدافع الذي يعبئ طاقة الكائن الحي ,ويوجو سموكو من اجل
الوصول إلى الباعث (اليدف) .وذلك كما ىو موضح في الشكل التالي :
67
دافعية التعلم الفصل الثالث
شكل رقم ( )1يبين العالقة بين المفاىيم الثالثة :الحاجة و الدافع و الباعث
-4-3القيم :
تمثل القيم ما ىو ميم و ذا قيمة لدى الفرد ،و الفرد دائما يحرص عمى تحقيق
القيم التي يؤمن بيا مثل :الحقيقة (قيمة نظرية) ،و الثراء (قيمة اقتصادية) ،و الخير و
الجمال (قيمة جمالية) ،و السمطة (قيمة سياسية) ،و مساعدة الناس (قيمة اجتماعية) ،
و االيمان و التعبد (قيمة روحية)( .جودت بني جابر،2004،ص )253
تثير مسألة طبيعة الدافعية ونظرياتيا جدال كبي ار بين عمماء النفس ويواجيون في
ىذا الصدد صعوبات في تحديد المفاىيم السيكولوجية األخرى كالذكاء أو االبتكار أو
الشخصية ،وقد قال ىؤالء العمماء بعدد من النظريات التي تختمف باختالف نظرتيم
لإلنسان ولمسموك االنساني ،وباختالف مبادئ المدارس التي ينتمون إلييا ،غير أن أياً من
ىذه النظريات غير قادرة عمى إعطاء صورة كاممة عن مفيوم الدافعية .وأن ىذا ال يعنى
عدم فائدة نظريات الدافعية المتوافرة حاليا وبخاصة في المجال التربوي ،فيي تساعد
المعمم عمى فيم أعمق لمسموك االنساني ،ونظ ار لمدور اليام الذي بدأت الدافعية تمعبو
خالل العقود القميمة الماضية في نظريات التعمم ونظريات الشخصية فكانت نظريات
66
دافعية التعلم الفصل الثالث
الدافعية عديدة ومسيبة في شرح السموك االنساني وتفسيره ،فيناك (النظريات االرتباطية
والمعرفية) والتي يؤكدان عمى دور الدافعية في التعمم ،بينما تؤكد (النظرية اإلنسانية،
والتحميل النفسي عمى دور الدافعية في الشخصية (عبد المجيد النشواتي،1991 ،
ص)207
يطمق عمى ىذه النظرية عادة النظرية االرتباطية أو نظرية المثير /االستجابة و
لقد عرفت الدافعية بأنيا الحالة الداخمية أو الحاجة لدى المتعمم التي تحرك سموكو و أداءه
و تعمل عمى استم ارره و توجييو نحو تحقيق ىدف أو غاية معينة و من بين زعماء ىذه
المدرسة "ثورندايك ،سكينر" ،و قد اعتمد " ثورندايك " عمى مبدأ مفاده أن اإلشباع الذي
يكون االستجابة يؤدي إلى تعمم ىذه االستجابة و تقويتيا في حين يؤدي عدم اإلشباع
إلى االنزعاج كما يرون أن نشاط العضوية (المتعمم) مرتبطة بكمية حرمانيا ،حيث يؤدي
التعزيز إلى تقوية اإلستجابة التي تخفض كمية الحرمان فالتعزيز الذي يمي استجابة ما
يزيد من احتمالية حدوثيا ثانية و إزالة المثير مؤلم يزيد من احتمالية حدوث االستجابة
التي أدت إلى إزالة ىذا المثير ،لذلك ليس ىناك أي مبرر الفتراض أي عوامل داخمية
محددة لمسموك(.تيسير مفمح كوافحة)144:2004،
-2-4النظرية اإلنسانية:
إن الدافعية من وجية نظرىا تقوم عمى تأكيد مبدأ حرية االختيار واتخاذ القرار
الشخصي والسعي نحو النمو الشخصي (قطامي يوسف ، ) 1998 ،وترى ىذه النظرية
حسب قطامي نايفة ( ) 1999أن الدافعية تمثل حالة استثارة داخمية تحرك المتعمم من
أجل استغالل أقصى ما لديو من طاقة وامكانيات في أي موقف تعممي وىي تقوم بالتركيز
عمى مساعدة المتعمم عمى استغالل واستثمار إمكانياتو وقدراتو لتحقيق التعمم المطموب.
66
دافعية التعلم الفصل الثالث
-3-4النظرية المعرفية:
تؤكد النظرية المعرفية عمى كيفية فيم و توقع اآلحداث من خالل اإلدراك أو
التفكير أو الحكم ،مثمما ىو الحال في تقدير اإلحتماالت أو في اختيار شيء عمى أساس
قيمة نسبية فأي كائن حي لديو ذاكرة يكون قاد ار عمى التعرف عمى بعض أشكال التشابو
بين الماضي و الحاضر .و من ثم يكون قاد ار عمى توقع المترتبات الناتجة عن سموكو.
طبقا ليذه النظرية ينتظم السموك المدفوع اليادف من خالل ىذه المعارف التي
تقوم عمى أساس الماضي في عالقتو بالظروف الحالية ،كما يشمل ذلك التوقعات
الخاصة بالمستقبل ،و ىناك أشكال عديدة من النظريات المعرفية التي اىتمت بالدافعية
منيا نظرية مستوى الطموح ،و نظرية توقع القيمة ،و نظرية التنافر المعرفي(.ثائر غباري
، 2008 ،ص )70-69
ترى ىذه النظرية أن الدافعية حالة استثارة داخمية الستغالل أقصى طاقات الفرد و
ذلك من أجل إشباع دوافعو إلى المعرفة و تحقيق ذاتو ،و تعود ىذه النظرية إلى الباحث
"فرويد" الذي نادى بمفاىيم جديدة تختمف عن مفاىيم المدرسة السموكية و المعرفية مثل
الكبت و الالشعور و العريزة عند تفسير السموك السوي و غير السوي ،فسموك الفرد
محكوم بغريزة الجنس و عريزة العدوان و تؤكد عمى أن الطفولة المبكرة ىي التي تتحكم
في سموك الفرد المستقبمي كما تشير إلى أن مفيوم الدافعية الالشعورية لتفسير ما يقوم بو
االنسان من سموك دون أن يكون قاد ار عمى تحديد أو معرفة الدوافع الكامنة وراء ىذا
السموك (.تيسير مفمح كوافحو ،2004،ص )145
يشير عمماء ىذه النظرية إلى أن التعمم السابق يعتبر أىم مصدر من مصادر
الدافعية فالنجاح أو اإلخفاق الستجابات معينة يؤدي إلى فيم األشياء إلى نتائج إيجابية
64
دافعية التعلم الفصل الثالث
أوسمبية و من ثمة الرغبة في تكرار األنماط السموكية الناجحة و الخبرة الشخصية ال
ترتبط بحدوث التعمم االجتماعي فقد يكون التعمم بمالحظة بعض األشخاص اآلخرين
الناجحين أو الفاشمين كافيا الستثارة حاالت الدافعية و عالوة عمى ذلك فإن الثواب أو
العقاب قد يكون داخميا أو خارجيا(.ارتوف وينيج،1994،ص)127-126
إذا اتخذت نشأة الدوافع أساس لمتصنيف ،فإنو يمكن حصر مختمف الدوافع لدى
اإلنسان في فئتين :دوافع فطرية ودوافع ثانوية مكتسبة.
ىي الدوافع المرتبطة ببقاء االنسان كالجوع و العطش و الجنس و ىذه الدوافع عالمية
أي موجودة عند االنسان في كل زمان و مكان ،إال أن المجتمعات قد تختمف في طريقة
اشباع الدوافع حيث ال تتأثر ىذه الدوافع بخبرات التعمم و ىذه الدوافع سيمة االشباع إلى
حد ما .فالطفل يبكي عندما يجوع أو يبرد أو يتألم ،و يتوقف عن البكاء حالة تتوفر لو
حاجاتو( .جودت بني جابر،2004،ص )253
فالفرد يولد ولديو العديد من الدوافع األولية في نوعيا ،والعامة في انتشارىا والبيولوجية
في جوىرىا وىدفيا ،وىذه الدوافع ىي التي تعمل عمى قيام الفرد بأنواع األنشطة التي
تيدف إلى حفظ بقائو ككائن حي ،وخالل حياة الفرد وما يتعرض لو من ظروف وخبرات.
ىناك أربع دوافع بيولوجية ىامة وىي :دافع األمومة ودافع العطش ودافع الجوع
والدافع الجنسي ،وقد رتبت قوة الدافع وأىميتو بالنسبة لمكائن الحي ،وتتوقف قوة الدافع
البيولوجي عمى نوعو وعمى شدتو ويؤثر التركيب الفيزيولوجي لجسم اإلنسان أو الكائن
الحي في شدة الدافع( .مصطفى زيدان ،1990،ص)55
66
دافعية التعلم الفصل الثالث
ىذه ليست ثابتة و عالمية عتد كل الناس ،بل ىي تختمف من مجتمع إلى آخر و
ىي متعممة أو مكتسبة من الثقافة التي نعيش فييا و من أمثمة ىذه الدوافع ،حب التممك
و االحترام و التفوق و السيطرة و ما إلى ذلك و تتأثر ىذه الدوافع بخبرات التعمم التي
يتمقيا الفرد في الثقافة التي يعيش فييا بحيث أننا نرى غياب بعض الدوافع عند بعض
المجموعات الحضرية مثل غياب دافع العدوان او دافع التممك عند بعض القبائل .
-5يمكن تعديل الدوافع الثانوية أو تأجيميا لفترة طويمة و ىي متعددة و كثيرة بعكس
األولية( .جودت بني جابر،2004،ص )254-253
الدوافع الشعورية:
وىي تمك الدوافع التي يشعر الشخص بوجودىا ويعييا أو يمكن لو أن يستدعييا أو
يتذكرىا إذا سئل عنيا مثال بماذا تحس اآلن؟
فالشخص الجائع مثال يجيب بدافع الجوع ،وبذلك تعتبر مثل ىذه الحاالت دوافع
شعورية حيث يعييا الشخص الذي توجد فيو ويحس بدفعيا لو إلى سموك معين أو تحقيق
رغبات محددة.
66
دافعية التعلم الفصل الثالث
الدوافع الالشعورية:
ىي تمك الدوافع التي تدفع اإلنسان إلى القيام بسموك معين دون أن يعرف ما الذي
يدفعو لمقيام بيذا السموك ،وكثي ار ما تكون الدوافع الالشعورية غطاء أو تكوين رد فعل
لدوافع الشعورية دفينة ،عمى سبيل المثال الشخص الذي يتباىى بكرمو فيو يدافع بو ضد
بخمو كدافع الشعوري ،ويمكن لممحتويات الالشعورية أن تخرج إلى سطح الشعور من
خالل األحالم فمتات المسان.
فضال عن ما سبق فإن ىذه الدوافع الالشعورية تظل تتصارع مع بعضيا لمخروج
إلى سطح الشعور ،ولكن تقوم األنا بمقاومة ذلك وتكبتيا في الالشعور(.فايد حسين،
)2005
تعرف الدوافع الداخمية بأنيا نابعة من داخل الشخص والطاقة الداخمية والتوجيو الذي
يكون السبب في القيام بالشيء منبعثا من رغبتو الذاتية في القيام بذلك العمل وأنو يقوم
الوظائف من أجل ذاتو وسعيا منو لتحقيقيا وليس مدفوعا لمقيام بأي عمل من أجل أن
يثاب أو أن يقدره اآلخرون فإذا كان الشخص مدفوعا داخميا لمقيام بالنشاط من ذاتو فيو
يقوم بأي نشاط من أجل الحصول عمى المذة واإلشباع وتنتج عن عممية بحث الفرد عن
الشعور بإدراك الكفاءة والعزم الذاتي وىذا ما يدفع باألفراد من أجل إنجاز مختمف الميام.
قد عرف روسل( Roussel )2000الدافعية الداخمية بأنيا تمثل مجموع القوى
التي تدفعنا لمقيام بنشاطات بمحض إرادتنا وىذا لألىمية والمنفعة بالنسبة ليا كما تفرض
المذة واإلشباع المذان نشعر بيما بمعنى أن الطالب يعمل في بعض األحيان تحث تأثير
الدافع الداخمي ،يعمل عمى إخراج طاقتو وتوجيييا برغبتو الذاتية في المشاركة في أداء
النشاط ،فيو يعزز نفسو بنفسو ويكون قيام الفرد بالنشاط نابعا من ذاتو ولتحقيق ذاتو
66
دافعية التعلم الفصل الثالث
وليس مدفوع لمحصول عمى أي تقدير أو ثواب خارجي ،فالمتعمم ذوي الدافع الداخمي
يتحدد نشاطو النفسي من خاللو ىو الذي يدفع المتعمم ألن يقبل عمى التعمم بمبادرة منو
(الداىري 1999 ،ص .)105
تتمثل الدوافع في ىذا النوع بأن مصدر الطاقة خارجي تقوم بتوجيو أداء الفرد وتحثو
عمى العمل ،والتي تؤدي بو لمقيام باألعمال ليس من أجمو بل من أجل اآلخرين فيو
يطمح ألن يقدره اآلخرين ويعترفوا بو أو من أجل الحصول عمى حوافز خارجية كالمكافأة
والثواب ولتجنب العقاب أو لمحصول عمى عالوة أو ترقية أو تقدير خارجي ،فالتمميذ الذي
يكون لو دافعية ذاتو مصدر خارجي يكون محكوم ومنضبط من الخارج ،فأداءه مرىون
بعوامل خارجية وبظروف خارجية وينتظر المكافئة من اآلخرين ويركز عمى التعمم
السطحي ،فيو مسموب اإلرادة في العمل إذ نجده يعمل إذا طمب منو واذا قدم ليا
ثواب،فيو يسعى ألن يكون انطباع حسن عند اآلخرين،فيو يعمل من أجميم وليس من
أجمو ىو( .)Nuthin .1980
-6الدافعية لمتعمم:
تعتبر الدافعية لمتعمم أو الدافعية المدرسية عمى أنيا حالة مميزة من الدافعية العامة
وىي خاصة بالموقف التعممي.
-تعريف "ثائر غباري" :ىي البحث عن نشاطات تعميمية تعممية ذات معنى مع أقل
طاقة لالستفادة منيا( .أحمد ثائر غباري ، 2008 ،ص )4
-يعرفيا "سيد عثمان " دافعية التعمم ىي ":دافعية داخمية ذاتية تحمل أسباب الدفع
المتمثمة في التأىب والنشاط في المادة والمشاركة االجتماعية .ويحدد سيد عثمان دافعية
التعمم قائال":إن أسمى صورة من صور الدافعية في التعمم ىي :تمك التي يتحرك فييا
67
دافعية التعلم الفصل الثالث
المتعمم والمعمم بدافعية مشتركة في التعمم ,من حيث الحرية والتوجو واالنطالق وضبط
الذات األخر و احترام ذات المتعمم واالعتراف بمسؤولية م واجية التعمم ( .الفرماوى ,
عند حسينة بن سني ،2012،ص )22
-تعرف كذلك عمى أنيا " حالة داخمية تستثير المتعمم وتوجيو إلى أن يسمك سموكا ما
نحو تحقيق األىداف التعميمية " ( .أحمد عبد الرحمن ،عزت عبد الحميد )2003،199،
ىناك عدة عناصر تشير إلى دافعية التعمم لدى المتعمم وىذه العناصر ىي:
-1-2-6حب االستطالع:
إن الميمة األساسية لمتعميم ىي تربية حب االستطالع عند الطمبة و استخدام حب
االستطالع كدافع لمتعمم ،فتقديم مثيرات جديدة و غريبة لمطمبة يستثير حب االستطالع
لدييم .
-2-2-6الكفاية الذاتية:
يعني ىذا المفيوم اعتقاد الفرد أن بإمكانو تنفيذ ميمات محددة ،أو الوصول إلى
أىداف معينة ،ويمكن تطبيق ىذا المفيوم عمى الطمبة الذين لدييم شك في قدراتيم وليست
لدييم دافعية التعمم.
67
دافعية التعلم الفصل الثالث
-3-2-6االتجاه:
يعتبر اتجاه الطمبة نحو التعمم خاصية داخمية وال يظير دائما من خالل السموك،
فالسموك االيجابي لدى الطمبة قد يظير فقط بوجود المدرس وال يظير في األوقات
األخرى.
-4-2-6الحاجة :
يعرفيا "مورفي " - Murphyبأنيا الشعور بنقص شيء معين وتختمف الحاجات
من فرد آلخر ،وقد تحدث "ماسمو " Maslowعن حاجات ىي:
-الحاجات الفسيولوجية.
-حاجات األمن.
-5-2-6الكفاية:
ىي دافع داخمي يرتبط بشكل كبير مع الكفاية الذاتية والفرد يشعر بالسعادة عند
إنجازه لمميمات بنجاح( .ثائر غباري)2008 ،
ترى قطامي نايفة ( )2004بأن الدافعية لمتعمم تتأثر بمجموعة من العوامل من
أىميا الجو الصفي وممارسات المعممين وعالقة التالميذ بعضيم ببعض ،وتنظيم المواد
والخبرات التعميمية التي سوف تقدم ليم .وتضيف بأن معرفة المعمم بأىمية ودور الدافعية
ودوره في تنميتيا تؤثر بشكل مباشر عمى النواتج التعميمية والتربوية ،لذا يتوجب عمى
67
دافعية التعلم الفصل الثالث
ينظر التربويون إلى الدافعية عمى أنيا ىدف تربوي يسعى إليو أي نظام تربوي ،لذا
يسعى كثير من المعممين إلى إثارة دافعية طمبتيم نحو التعمم ،باستخدام أساليب تدريس
متنوعة (البيطار .) 2004 ،كما إن استثارة دافعية الطمبة ،وتوجيييا ،وتوليد اىتمامات
معينة لدييم تجعميم يقبمون عمى ممارسة نشاطات معرفية ووجدانية وحركية تتعدى نطاق
المدرسة ،كما أنيا وسيمة تستخدم في إنجاز األىداف التعميمية (شبيب .) 1998 ،
يرى أبو جاللو وعميمات ( )2001بأن الدافعية ىي شرط أساسي من الشروط التي
يتوقف عمييا تحقيق أىداف التدريس الصفي سواء في مجال تنويع أساليب التدريس أو
في مجال تكوين اتجاىات وميول مرغوب فييا لتعديل بعضيا في ضوء قيم وأخالقيات
المجتمع أو في مجال تحصيل المعرفة أو أي مجال من مجاالت السموك المكتسب في
الموقف التعميمي ،واذا استطاع المعمم تشجيع التمميذ عمى التعمم واثارة اىتمامو نحو تعمم
موضوع محدد يصبح التعمم يسيرا ،وفي ضوء ذلك يمكن لممعمم أن يحافظ عمى بقاء
اىتمامات المتعمم ودافعيتو نحو التعمم من خالل تزويده بالخبرات التعميمية المعروفة.
آمس ( ) Ames,1992أن الدافعية لمتعمم تتمثل بانشغال الطالب ألطول وقت ممكن في
التعمم ،و االلتزام بالعممية التعميمية.
66
دافعية التعلم الفصل الثالث
نستخمص من ىذا الفصل أن موضوع الدافعية من المواضيع الميمة في عمم النفس ،
حيث تعتبر محرك السموك اإلنساني ،و رغم تعدد التعريفات و النظريات في ىذا
الموضوع إال أنيم يتفقون عمى أىميتيا ،كما أن دافعية التعمم من المواضيع التي أصبح
لو أثر كبير في العممية التعميمي ة التعممية لما ليا تفسيرات عديدة لسموكات التالميذ
المختمفة ،و أنيا محط دراسات عديدة من أجل إثارة رغبت التالميذ لمتعمم.
66