Professional Documents
Culture Documents
صحح ابن الهيثم بعض المفاهيم السائدة في ذلك الوقت اعتما ًدا على نظريات أرسطو وبطليموس وإقليدس ]12[،فأثبت ابن الهيثم
حقيقة أن الضوء يأتي من األجسام إلى العين ،وليس العكس كما ساد االعتقاد آنذاك ،وإليه ُتنسب مبادئ اختراع الكاميرا ،وهو
أول من شرّح العين تشريحا ً كامالً ووضح وظائف أعضائها ،وهو أول من درس التأثيرات والعوامل النفسية لإلبصار .كما
أورد كتابه المناظر معادلة من الدرجة الرابعة حول انعكاس الضوء على المرايا الكروية ،ما زالت تعرف باسم «مسألة ابن
[]13
الهيثم».
يعتبر ابن الهيثم المؤسس األول لعلم المناظر ومن رواد المنهج العلمي ]17[]16[]15[]14[ ،وهو أيضا ً من أوائل الفيزيائيين
[]15
التجريبيين الذين تعاملوا مع نتائج الرصد والتجارب فقط في محاولة تفسيرها رياضيا ً دون اللجوء لتجارب أخرى.
انتقل ابن الهيثم إلى القاهرة حيث عاش معظم حياته ،وهناك ذكر أنه بعلمه بالرياضيات يمكنه تنظيم فيضانات النيل .عندئذ،
أمره الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر هللا بتنفيذـ أفكاره تلك .إاّل أن ابن الهيثم صُدم سريعا ً باستحالة تنفيذ أفكاره ،وعدل عنها،
وخو ًفا على حياته ادعى الجنون ]18[]2[،فُأجبر على اإلقامة بمنزله .حينئذ ،ك ّرس ابن الهيثم حياته لعمله العلمي حتى وفاته.
سيرته
ولد ابن الهيثم في البصرة سنة354 هـ965/م في فترة كانت تعد العصر الذهبي لإلسالم ،واختلف المؤرخون أكان من
أصل عربي[ ]20أم فارسي ]21[.مع ترجيح كونه عربي االصل ،]22[ بدأ بطلب العلم خالل تلك الفترة التي قضاها في البصرة،
حيث قرأ العديدـ من كتب العقيدة اإلسالمية والكتب العلمية ]24[]23[.من غير المؤكد أكان ابن الهيثم سني أم شيعي ،فبعض
المؤرخين يؤكد أنه سني أشعري كضياء الدين سردار[ ]25ولورانس بيتاني ومعارض للمعتزلة ]26[،والبعض قال أنه معتزلي
كبيتر إدوارد هودجسون ]27[،أو شيعي كعبد الحميد صبرة ]28[.مع ارجحية كونه من السنة.
[]29
جاء في كتاب إخبار العلماء بأخبار الحكماء للقفطي على لسان ابن الهيثم« :لو كنت بمصر لعملت بنيلها عمالً يحصل النفع
في كل حالة من حاالته من زيادة ونقصان ».فوصل قوله هذا إلى الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر هللا الذي دعاه إلى مصر لتنظيم
[
فيضانات النيل ]30[،وأمده بما يريد للقيام بهذا المشروع ،وهي مهمة التي تطلبت حينئذ بناء سد في الموقع الحالي لسد أسوان،
]31وبعد أن تف ّقد الموقع أدرك عدم جدوى هذا المشروع[ ]19لضعف اإلمكانات المتاحة في ذاك الوقت ،وخو ًفا من غضب
الخليفة ،إدعى الجنون ،فاحتجز بمنزله من عام 401 هـ1011/م حتى وفاة الحاكم في عام 411 هـ1021/م ]32[.وخالل تلك
الفترة ،كتب كتابه األشهر اـلـمـنـاـظـرـ.
رغم أن هناك حكايات طويلة حول فرار ابن الهيثم إلى الشام ،ثم مغامرته باالنتقال إلى بغداد في وقت الحق،
وقيل البصرة حيث تظاهر بالجنون ،لكن من المؤكد أنه بقي في مصر حتى عام 428 هـ1038/م ]23[.خالل فترة وجوده
في القاهرة ،ارتبط ابن الهيثم بالجامع األزهر ،الذي كان بمثابة جامعة المدينة،ـ[ ]33وبعد انتهاء فترة إقامته الجبرية في منزله،
كتب عشرات األطروحات األخرى في الفيزياء والفلك والرياضيات .ثم سافر بعد ذلك إلى األندلس ،حيث كان لديه متسع من
الوقت لمساعيه العلمية والتي شملت البصريات والرياضيات والفيزياء والطب ،والقيام ببعض التجارب العلمية؛ وكتب العديدـ
من الكتب في تلك الموضوعات.
عرف ابن الهيثم بالبصريً
نسبة إلى مسقط رأسه في مدينة البصرة ]23[،وعرفه الغرب باسم( Alhazen نقحرة :الهَزَ ن)،
[
أعماله
كان البن الهيثم إسهامات جليلة في مجال البصريات والفيزياء والتجارب العلمية ،كما كانت مساهماته في علوم الفيزياء بصفة
ً
خاصة ،محل تقدير وأساس لبداية حقبة جديدة في مجال أبحاث البصريات نظريًا وعمليًا ]13[.تركزت عامة وعلم البصريات
أبحاثه في البصريات على دراسة النظم البصرية باستخدام المرايا وخاصة على المرايا الكروية والمقعرة والزيغ الكروي ،كما
أثبت أن النسبة بين زاوية السقوط وزاوية االنكسار ليست متساوية ،كما قدم ً
عددا من األبحاث حول قوى تكبير العدسات.
وفي العالم اإلسالمي ،تأثر ابن رشد بأعمال ابن الهيثم في علم البصريات ]37[،كما طوّ ر العالم كمال الدين الفارسي( المتوفي
عام1320 م) أعمال ابن الهيثم في علم البصريات ،وطرحها في كتابه تـنـقـيـحـ اـلـمـنـاـظـرـ ]38[. كما فسّر الفارسي وثيودوريك من
فرايبرغ ظاهرة قوس قزح في القرن الرابع عشر ،اعتما ًدا على كتاب المناظر البن الهيثم ]39[.واعتمدـ العالم الموسوعي تقي
[]40
الدين الشامي على أعمال ابن الهيثم والفارسي ،وطوّ رها في كتابه نـوـرـ حـدـقـةـ اـإلـبـصـاـرـ وـنـوـرـ حـقـيـقـةـ اـلـنـظـرـ عام1574 م.
تكريمًا السمه ،أطلق اسمه على إحدى الفجوات البركانية على سطح القمر ]41[،وفي 7فبراير ،1999أطلق اسمه على
ً
حديثا ]42[،وهو " ."Alhazen 59239وفي باكستان ،تم تكريم ابن الهيثم بإطالق اسمه على كرسي أحد الكويكبات المكتشفة
طب العيون في جامعة آغاخان ]43[.وفي العراق ،وضعت صورته على الدينار العراقي فئة عشرة دنانير منذ ثمانينيات القرن
الماضي ثم 10,000دينار الصادرة في عام ]44[،2003كما كان اسمه يطلق على واحدة من المنشآت البحثية التي خضعت
للتفتيش بواسطة مفتشي األمم المتحدة الباحثين عن األسلحة الكيميائية والبيولوجية في عهد الرئيس صدام حسين.