You are on page 1of 17

‫ابن خلدون والمقريزي‪ ،‬دراسة مقارنة في المنهج والحقول والمصادر‬

‫ملخص‬
‫زكرياء الهكار‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫تتناول هذه الدراس*ة بالرص*د والتحلي*ل ك*ل من المنهج الت**اريخي عن*د ابن خل*دون‬
‫والمقريزي‪ ،‬إذ تض**منت مقارن**ة بين اختالف المن**اهج التاريخي**ة لك**ل منهم**ا‪ ،‬وك**ذاك‬
‫اختالف المصادر التي اعتمداها بالرغم من تزامن الفترة التي كتبا فيها‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫مقارنة رؤيتيهما حول بعض المجاالت التي كتبا فيها‪ ،‬مثل‪ :‬المجتمع واالقتصاد‪.‬‬
‫قس**مت ه**ذه الدراس**ة إلى قس**مين‪ ،‬القس**م األول خصص**ته للتعري**ف ب**ابن خل**دون‬
‫والمقريزي‪ ،‬ومن خالله أدرجت بعض أبرز مراحل حياتهما السياسية والعلمية‪ ،‬بينم**ا‬
‫القسم الثاني جاء مركبا بين ثالث عناص**ر‪ ،‬العنص**ر األول خصص**ته لمقارن**ة المنهج‬
‫الت**اريخي عن**د ابن خل**دون والمقري**زي‪ ،‬والث**اني للحق**ول ال**تي تناولوه**ا ب**البحث‬
‫والتنظير‪ ،‬وفي الثالث لطبيعة المصادر التي اعتمداها‪.‬‬
‫وفي الخاتمة خلص الباحث إلى تق**ديم أجوب**ة مباش**رة عن األس**ئلة اإلش**كالية ال**تي‬
‫جاءت في المقدمة‪ ،‬ومن أبرزها أن المعرفة التاريخية ال**تي أنتجه**ا ابن خل**دون أث**رت‬
‫على م**ؤرخي عص**ره‪ ،‬ومن بينهم المقري**زي غ**ير أن ه**ذا األخ**ير اس**تطاع أن يش**ق‬
‫طريق منهج جديد في البحث التاريخي بطرقه لمواضيع لم يشتغل عليها ابن خلدون‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬ابن خلدون‪ ،‬المقريزي‪ ،‬المناهج التاريخية‪.‬‬
‫***‬
‫‪Ibn Khaldun and al-Maqrizi: A Comparative Study in Method, Fields,‬‬
‫‪and Sources‬‬

‫‪Ab stract‬‬
‫‪Zakariya al-Hakar‬‬
‫‪Most of Arabic archives in early centuries was narrating incidents and news.‬‬
‫‪Narrators were repeating what they heard from their ancestors without checking its‬‬
‫‪authenticity. This was the reason behind the absence of the concept of the historian.‬‬
‫‪This also created certain narratives that are similar to myth or contain some‬‬
‫‪supernatural elements that prevailed in storytelling sets.‬‬
‫‪Ibn Khaldun created a new approach in historicizing past events and news. He‬‬
‫‪turned similar history components to real living creators, thanks to his historical‬‬
‫‪approach in relation to those incidents. His approach was applicable to society and‬‬
‫‪history. In other words, He initiated an epistemic turn with past approaches of‬‬
‫‪history processes which were limited to tell unquestioned news. At the other side,‬‬
‫‪Miqrizi focused on the logical explanation of news to check its authenticity. He‬‬
‫‪developed his approach by studying his society, monitoring historical incidents of‬‬
‫‪his time, and comparing them with others from the past. Thus, he is similar to Ibn‬‬
‫‪Khaldun. They both studied the past through the eye of the present.‬‬
‫‪Keywords: narrating incidents, Ibn Khaldun, Miqrizi, approaches to history.‬‬

‫***‬
‫تقديم‬
‫لن نب**الغ إذا قلن**ا أن ابن خل**دون تم ”قتل**ه“ بحث**ا ودراس**ة‪ ،‬ف**ألفت في**ه مجل**دات‬
‫ونوقشت في فكره أطروحات كثيرة‪ ،‬كان القاسم المشترك بينها هو دراسة ابن خلدون‪،‬‬
‫دون مقارنته بأبناء عصره‪ ،‬وذلك ما نرجعه إلى نقطتين‪ :‬أواله**ا أن ابن خل**دون ش**كل‬
‫االس**تثناء‪ ،‬وثانيه**ا أن م**ا كتب**ه ابن خل**دون ش**كل م**ادة دس**مة للبحث‪ ،‬أس**الت م**داد‬
‫المفكرين والمؤرخين على حد السواء‪ ،‬لكن هذه المعطيات ال تلغي إمكانية مقارن**ة ابن‬
‫خلدون م*ع م*ؤرخين معاص*رين أث*روا وت*أثروا بفك*ره‪ .‬ومن ه*ذا المنطل*ق نق*دم ه*ذه‬
‫الورقة التي تعد دراسة مقارنة‪ ،‬بين مؤرخين كبيرين‪ ،‬األول مغربي والثاني مش**رقي‪،‬‬
‫فاالثنين عاشا في نفس العصر‪ ،‬بل والتقيا التقاء األس**تاذ بالتلمي**ذ‪ ،‬األس**تاذ ابن خل**دون‬
‫والتلميذ تقي الدين المقري**زي‪ ،‬ه*ذا التلمي**ذ ال**ذي ن*ال حظ**ه من الدراس**ة والش**هرة في‬
‫مصر‪ ،‬وذل**ك من خالل كتابات**ه الرص**ينة‪ ،‬الخارج**ة عن التقلي**د المم**ارس في الكتاب**ة‬
‫التاريخية السائدة في عصره‪ ،‬هاته الكتابة التي صنف أص**حابها إخب**اريون أك**ثر منهم‬
‫مؤرخين‪ ،‬بالتالي فاالنقالب على التوجه المنتشر يجب أن يكون مسلحا بأليات تنظيرية‬
‫معرفي**ة‪ ،‬ق**ادرة على إنش**اء أو ح**تى بن**اء علم ق**ائم بذات**ه يؤس**س للكتاب**ة التاريخي**ة‪،‬‬
‫بمنهجيات محددة ومضبوطة‪ ،‬وهذه التنظيرات هي التي ج**اء به**ا ابن خل**دون وأث**رت‬
‫في كتابات معاصريه ومن بينهم المقريزي‪ ،‬من هنا ك*ان ال*داعي للقي*ام به*ذه المقارن*ة‬
‫ه**و معرف**ة إلى أي ح**د أث**ر الفك**ر الخل**دوني على معاص**ريه؟ وم**ا هي نق**ط االلتق**اء‬
‫واالختالف بين منهج المقري**زي وابن خل**دون؟ وم**ا هي الزواي**ا ال**تي تم من خالله**ا‬
‫الدراسات والبحوث ابن خلدون والمقريزي‪ ،‬دراسة مقارنة في المنهج والحقول والمصادر ‪3‬‬

‫تناول حقول دراساتهم؟ وماهي أبرز المصادر التي اعتمدها المقري**زي وابن خل**دون؟‬
‫وكيف تعاملوا معها؟‬
‫وكمحاولة لإلجابة على هذه التساؤالت جاءت هذه الورقة مقس**مة إلى قس**مين‪ ،‬أم**ا‬
‫القسم األول فتناولت فيه التعريف بابن خلدون والمقريزي‪ ،‬ومن خالل**ه أدرجت بعض‬
‫أب**رز مراح**ل حياتهم**ا السياس**ية والعلمي**ة‪ ،‬بينم**ا القس**م الث**اني ج**اء مركب**ا بين ثالث‬
‫عناص***ر‪ ،‬العنص***ر األول خصص***ته لمقارن***ة المنهج الت***اريخي عن***د ابن خل***دون‬
‫والمقري**زي‪ ،‬والث**اني للحق**ول ال**تي تناولوه**ا ب**البحث والتنظ**ير‪ ،‬وفي الث**الث لطبيع**ة‬
‫المصادر التي اعتمداها‪.‬‬
‫‪ .1‬التعريف بابن خلدون‪ 2‬والمقريزي‬
‫‪ .1‬المولد والنشأة‬
‫يرجع نسب ابن خلدون إلى حضرموت في اليمن فهو عب**د ال**رحمن بن محم**د بن‬
‫إبراهيم بن عبد الرحمن بن خلدون‪ ،‬يقول في كتابه الذي عرف فيه بنفسه“ أم**ا نش**أتي‬
‫فإني ولدت بتونس في غرة رمضان سنة اثنين وثالثين وسبعمائة“‪ 3‬أم**ا المقري**زي فلم‬
‫يترجم لنفسه في كتاب خاص كم*ا فع**ل ابن خل**دون‪ ،‬إال أنن*ا نج*د كث*يرا ممن ترجم**وا‬
‫له ‪،‬فهو تقي الدين أحمد بن عبد القادر بن محم**د بن إب**راهيم التقي العبي**دي ‪-‬نس**بة إلى‬
‫الخلفاء الفاطميين‪ -‬المقريزي‪ ،‬وهذه الشهرة التي الزمته تعود إلى إحدى حارات بعلبك‬
‫التي عاشت فيها أسرته‪ ،‬قبل انتقال جده ألبيه منها إلى دمش*ق ومن بع*دها إلى الق*اهرة‬
‫التي ولد فيه**ا مؤرخن*ا‪ ،‬س*نة ‪766‬ه‪1364/‬م وت**وفي فيه**ا س*نة ‪845‬هـ‪1441/‬م‪ ،‬بينم**ا‬
‫ت*ربى ابن خل*دون في كن*ف وال*ده‪ ،‬وحف*ظ الق*ران على أس*تاذه أبي عب*د هللا محم*د بن‬
‫سعد‪ ،‬كما أخذ قواعد النحو على والده و على أساتذة كثر‪ ،‬من بينهم الشيخ أب**و عب*د هللا‬
‫بن العربي الحصايري‪ ،‬وأبو العباس أحمد بن القصار وأبو عبد هللا محم**د بن إب**راهيم‬
‫اآلبلي شيخ العلوم العقلية‪ ،‬الذي درس عليه ثالث سنوات‪ .‬كما درس الفقه الم**الكي عن‬
‫جماعة من الفقه**اء منهم أب**و عب**د هللا محم**د بن عب**د هللا الجي**اني‪ ،‬وأب**و القاس**م محم**د‬
‫القص**ير‪ 4.‬في حين أن المقري**زي حف**ظ الق**ران عن ج**ده ألم**ه ”الش**مس بن ص**ايغ‬
‫الحنفي“ لينتق**ل إلى الدراس**ة في األزه**ر على ع**دد من العلم**اء‪ ،‬منهم أب**يي إس**حاق‬
‫التنوخي‪ ،‬وسراج الدين البلقيني‪ ،‬وعبد الرحمن ابن خلدون‪- 5‬كم*ا أس*لفنا‪ -‬وال*ذي ت*أثر‬
‫المقريزي به كثيرا فنجده يقول فيه‪” :‬الرجل الفاض*ل‪ ،‬جم الفض*ل‪ ،‬ب*اهر الخل*ق رفي*ع‬
‫القدر ظاهر الحياء‪ ،‬أصيل المجد‪ ،‬وقور المجلس‪ ،‬خاص ال**زي‪ ،‬ع**الي الهم**ة ع**زوف‬
‫عن الضيم‪ ،‬قوي الجأش‪ ،‬متعدد المزايا‪ ،‬شديد البحث كث**ير الحف**ظ‪ ،‬ص**حيح التص**ور‪،‬‬
‫‪6‬‬
‫مفخر من مفاخر التخوم المغربية‪“.‬‬
‫‪ .2‬الحياة السياسية والعلمية البن خلدون والمقريزي‬
‫لقد خصص ابن خلدون منذ شبابه مساحة لالشتغال في السياسة‪ ،‬فقد بدأ مع ”محمد‬
‫بن ت**افراكين“ ح**اكم ت**ونس‪ ،‬بكتاب**ة (العالم**ة) أي المس**ؤول عن وض**ع االخت**ام في‬
‫المراسيم الصادرة‪ ،‬وذلك سنة ‪752‬هـ‪ .‬لينتق*ل بع*دها إلى ف*اس تلبي**ة لطلب أبي عن**ان‬
‫المريني الذي عينه كاتبا له بدء من أواخر ‪755‬هـ‪ ،‬ليترقى بعدها لمنصب أمين ش*ؤون‬
‫السلطان ‪ ،‬وكما هو الشأن بالنسبة البن خلدون‪ ،‬احتك المقريزي بالس**لطة السياس**ية في‬
‫مصر‪ ،‬فقد كان على اتصال وثيق ”بالسلطان برقوق“ وابنه ”فرج“ وهذا ما س**هل ل**ه‬
‫االشتغال في مناصب م*ع الدول*ة المملوكي*ة‪ ،‬فش*غل منص*ب محتسب‪ 7‬الق*اهرة وش*غل‬
‫ك*اتب اإلنش*اء (موق**ع بال*ديوان)‪ ،‬ثم عين نائب*ا من ن**واب الحكم‪ ،‬ثم عين بع*دها إمام**ا‬
‫للجامع الحاكم الفاطمي وهي أهم وظيفة ش**غلها المقري**زي‪ ،‬أم**ا الوظ*ائف العلمي**ة فق**د‬
‫تعددت هي األخرى لكال المؤرخين‪ ،‬فعلى ال*رغم من انش**غاالت ابن خل*دون السياس*ية‬
‫إال أننا نجده يذكر في ”التعريف“ أنه عمل على التردد على مجالس العلماء والشيوخ‪،‬‬
‫المغاربة واالندلسيين‪ ،‬الق**ادمين في الس**فارات‪ ،‬فاس**تمر على ه**ذا الح**ال ح**تى الث**امن‬
‫عشر من صفر ‪ ،758‬وهو التاريخ الذي سجن فيه بسبب وش**اية وص**لت ألبي عن**ان‪،‬‬
‫مفادها أنه تواصل مع األمير محمد أمير بجاية‪ ،‬الراغب في اس**ترجاع أراض**يه وه**ذا‬
‫ما أثار حفيظة أبي عنان الذي أمر بسجنه‪.‬‬
‫أف**رج عن**ه بع**د وف**اة أبي عن**ان وتحكم ال**وزير الحس**ن بن عم**ر في الس**لطة في‬
‫الس**ادس والعش**رين من ذي الحج**ة س**نة ‪ 8،759‬وع**اد بع**دها ابن خل**دون إلى مكانت**ه‬
‫السياسية وانتقل بعدها إلى غرناطة‪ ،‬في ظل حكم األمير محم**د الخ**امس‪ ،‬إال أن ك**ثرة‬
‫الدس**ائس ال**تي ع**انى منه**ا وتط**ور االح**داث نح**و األس**وأ‪ ،‬س**رعت بعودت**ه إلى بالد‬
‫المغرب التي كانت هي األخرى تعرف اضطرابا سياسيا‪ ،‬أثر على نفس**ية ابن خل**دون‬
‫وجعلته يم*ل السياس*ة ويتف*رغ للعلم‪ 9.‬فتوج*ه إلى قلع*ة ”ب*ني س*المة“ غ*رب الجزائ*ر‬
‫لينقطع فيها أربع سنوات ويخرج منها بأعظم كتبه ”المقدمة“‪.‬‬
‫الدراسات والبحوث ابن خلدون والمقريزي‪ ،‬دراسة مقارنة في المنهج والحقول والمصادر ‪5‬‬

‫توجه بعد ذلك إلى مصر سنة ‪784‬هـ‪ ،‬واستقر بها بعدما أكرمه الس**لطان ”الظ**اهر‬
‫برق**وق“ وكلف**ه بالت**دريس في المدرس**ة القمحي**ة‪- ،‬وهن**ا التقى ب**ه المقري**زي وتتلم**ذ‬
‫عليه‪ 10،-‬وعين*ه قاض*يا ً للمالكي*ة‪ ،‬ليتف*رغ بع*دها للعلم والت*دريس والق*راءة‪ ،‬ح*تى س*نة‬
‫‪808‬هـ‪ ،‬وهي السنة التي توفي فيها‪ ،‬حيث استقر هناك أربعة وعشرين سنةً‪ ،‬من أصل‬
‫أربعة وسبعين سنة من حياته قضاها متنقال بين تونس والمغرب واألندلس والشام‪ .‬في‬
‫حين نجد المقريزي هو األخر د َرس بالمدرسة المؤيدي**ة بن**ا ًء على توص**ية أس**تاذه ابن‬
‫خل**دون‪ ،‬ثم م**ا لبث أن نهج طري**ق أس**تاذه ب**اعتزال الحي**اة السياس**ية‪ ،‬لينص**رف إلى‬
‫تدوين مؤلفاته التي بلغت عددا كبيرا حيث يشير أحد تالمذته إلى مئ**تي مؤل**ف‪ ،‬إال أن‬
‫ما وصل منها ال يكاد يتجاوز العشرين مؤلف*ا‪ 11.‬ونرج*ع ه*ذه الغ*زارة في اإلنت*اج إلى‬
‫طبيعة الحياة التي حظي بها المقريزي والتي ك**انت مس**تقرة نوع**ا م**ا مقارن**ة م**ع ابن‬
‫خلدون‪ ،‬الذي لم يكد يستقر في بلد ما حتى يشد الرحال لغيره‪ ،‬كما أن المقريزي استفاد‬
‫كث**يرا من ابن خل**دون‪ ،‬وه**ذا م**ا فتح ل**ه أب**واب البحث في حق**ول مختلف**ة ‪ ،‬فق**د أل**ف‬
‫”المواع**ظ واالعتب**ار ب**ذكر الخط**ط واألث**ار“ وه**و ن**وع من الكتب تق**دم معلوم**ات‬
‫طوبوغرافي**ة وثقافي**ة واقتص**ادية مرتب**ة ومص**نفة‪ ،‬وق**د ش**كل أف**رد الكتب في ه**ذا‬
‫الباب‪ 12،‬كما أنه أرخ للخالف*ة الفاطمي*ة من خالل كت*اب ”اتع*اظ الحنف*ا بأخب*ار األئم*ة‬
‫الفاطميين الخلفا“‪ ،‬وهو يعد من أفض*ل المص*ادر عن العه*د الف*اطمي لم*ا تض*منه من‬
‫معلومات المصادر المعاصرة التي ضاع كث*ير منه*ا‪ 13،‬وال*تي اتب*ع في كتابته*ا منهج*ا‬
‫مخالف**ا عن من س**بقوه‪ .‬كم**ا أن ابن خل**دون ه**و األخ**ر خل**ف لن**ا إنت**اج علمي**ا مهم**ا‪،‬‬
‫فباإلضافة لمقدمة كتاب العبر ‪-‬ال**تي ارتب**ط اس**مه به**ا‪ ،-‬وال**تي تع**د المجل**د األول من‬
‫أصل سبع مجلدات تكون منها الكتاب‪ ،‬ألف أيض**ا ”كت**اب في المنط**ق“ و ”كت**اب في‬
‫الحس**اب“ أش**ار إليهم**ا لس**ان ال**دين ابن الخطيب‪ ،‬وكت**اب ”ش**فاء الس**ائل لته**ذيب‬
‫المسائل“ المنسوب إليه‪ ،‬ومجموعة كبيرة من تلخيصات كتب ابن رشد‪ 14.‬فلقد ساهمت‬
‫تجاربه وتنقالته الكثيرة في توسيع أفكاره وإكسابه معلومات قيمة قلما تج**ود به**ا أقالم‬
‫معاصريه‪ ،‬فباإلضافة إلى كل المناص*ب السياس*ية والعلمي*ة ال*تي ش*غلها‪ ،‬نج*د أن ابن‬
‫خلدون كان شغوفا بالعلم لدرجة أنه هاجر إلى المغرب ليدرس على أي**دي علمائه**ا‪ ،‬إذ‬
‫بعد غزوة الس*لطان أبي الحس*ن المري*ني إلى ت*ونس س*نة ‪ 748‬وعودت*ه إلى المغ*رب‬
‫رفقة علمائه‪ ،‬عزم ابن خلدون على اللحاق بهم‪ .‬أما تنقالته السياسية فهي كث*يرة إال أن*ا‬
‫أبرزها كان مقامه عند تيمورلنك خالل السفارة التي توجه بها إليه بطلب من الس**لطان‬
‫المملوكي ”الناصر فرج“‪ 15،‬فق*د س*اهمت ه*ذه المهم*ة وغيره*ا في كتاب*ة ابن خل*دون‬
‫تاريخ أقرب ما يكون إلى الشمولي‪.‬‬
‫نس**تنتج من خالل ه**ذا التعري**ف أن هن**اك العدي**د من التقاطع**ات والتش**ابهات بين‬
‫سيرتي ابن خلدون والمقريزي‪ ،‬بحيث أن كالهما ينحدر من أسر مه**اجرة‪ ،‬فأس**رة ابن‬
‫خل*دون ه*اجرت من اليمن إلى األن*دلس ثم ت*وجهت بع*دها إلى ت*ونس‪ ،‬وأيض*ا انتقلت‬
‫أسرة المقريزي من بعلبك لتستوطن في القاهرة بمصر‪ .‬وكالهما ش**غال مناص**ب علي**ا‬
‫في الدولة‪ ،‬إال أن ابن خلدون لم يبقى حبيس الدولة المرينية كما أشرنا سابقا‪ ،‬فقد ش**غل‬
‫مناص**ب في ك**ل من دول**ة ب**ني عب**د ال**واد في المغ**رب األوس**ط‪ ،‬والدول**ة المملوكي**ة‬
‫بمصر‪ ،‬وإمارة غرناطة باألندلس‪ ،‬في حين أن المقريزي لم يخ**رج عن محي**ط الدول**ة‬
‫المملوكية‪ ،‬وهذا الوضع هو الذي ساهم في استقراره في مصر‪ ،‬وعلى العكس من ذلك‬
‫فابن خلدون من خالل كل التنقالت التي أشرنا لها لم يعرف موضعا لالستقرار‪ ،‬وه**ذا‬
‫ما ساهم في نظرنا في عدم التحاقه بمؤسسة تعليمي**ة كم**ا فع**ل المقري**زي حين التح**ق‬
‫بالدراسة في األزهر‪.‬‬
‫‪ .2‬المنهج والحقول والمصادر عند ابن خلدون و المقريزي‬
‫‪ .1‬المنهج التاريخي?‬
‫تم**يزت معظم التص**انيف العربي**ة في الق**رون الهجري***ة األولى بس**رد الوق**ائع‬
‫واألخبار ‪ ،‬فكان أصحابها مجرد ناقلين لألخبار من الذين سبقوهم‪ ،‬دون نقذها أو ح**تى‬
‫الشك في مدى ص**حتها‪ .‬وه**ذا م**ا س**اهم في غي**اب مهن**ة الم**ؤرخ (المح**ترف للكتاب**ة‬
‫التاريخي**ة)‪ ،‬ف**برزت مهن**ة اإلخب**اري أو ال**روائي ال**ذي أقحم إلى الكتاب**ة التاريخي**ة‬
‫روايات يكاد يجزم العقل ببطالنه**ا‪ ،‬باإلض**افة إلى األس**اطير ال**تي تش**يع أشخاص**ا أو‬
‫أح**داث ال يمكن تص**ديقها‪ .‬من ه**ذا الوض**ع ال**ذي يمكن وص**فه ب**المتردي للكتاب**ة‬
‫التاريخية‪ ،‬انطلق ابن خلدون محوالً التاريخ من معلومات تاريخي**ة جام**دة‪ ،‬إلى وق**ائع‬
‫متحركة‪ ،‬أسقطها على قوانين الت**اريخ والمجتم**ع‪ ،‬بمع**نى أن ابن خل**دون ق**ام بقطيع**ة‬
‫إبستملوجية مع المنهج السابق‪ ،‬المعتمد على نقل كل األخبار دون التقصي منها‪ .‬وه**ذا‬
‫الطريق الذي رسمه ابن خلدون‪ ،‬هو الذي سايره في**ه تلمي**ذه المقري**زي‪ ،‬ل**يرفض نق**ل‬
‫األخب**ار دون تقيمه**ا ووزنه**ا بم**يزان العق**ل وال**تي يخض**عها لرك**ائز من ذاتيت**ه‪ ،‬أي‬
‫قوانينه الخاصة التي بلورها واكتسبها من خالل احتكاكه بالمجتمع‪ ،‬ومراقب*ة األح*داث‬
‫الدراسات والبحوث ابن خلدون والمقريزي‪ ،‬دراسة مقارنة في المنهج والحقول والمصادر ‪7‬‬

‫وتطورها‪ ،‬وذلك محاولة من**ه لفهم الماض**ي انطالق**ا من ق**وانين الحاض**ر‪ ،‬وه**و نفس‬
‫ط**رح ابن خل**دون حيث وض**ع عص**ره في مج**رى الت**اريخ واعت**بره من مراحل**ه‬
‫الحاس**مة‪ ،‬فالت*اريخ عن**ده يحت**اج إلى ”مأخ*ذ متع*ددة ومع**ارف متنوع**ة وحس*ن نظ*ر‬
‫وتثبيت‪ ...‬ألن األخبار إذا اعتمد فيها على مجرد النقل ولم تحكم أصول العادة وقواع**د‬
‫السياسة وطبيعة العمران واألحوال في االجتماع اإلنساني ويقيس الغائب منه**ا الش**اهد‬
‫والحاض**ر بال**ذاهب‪ ،‬فربم**ا لم ي**أمن فيه**ا من العث**ور ومزل**ة الق**دم والحي**د عن ج**ادة‬
‫الص**دق“‪ 16‬ف**إذا م**ا ربطن**ا عص**ر م**ا قب**ل ابن خل**دون والمقري**زي بطبيع**ة الكتاب**ة‬
‫التاريخي**ة الس**ائدة‪ ،‬نج**د أن**ه عص**ر نق**ل وس**رد لألح**داث‪ ،‬حيث اكتفى مؤرخ**و ه**ذا‬
‫العص**ر على تقلي**د المتق**دمين‪ ،‬دون التنب**ه لألس**باب و ال**دوافع ال**تي جعلتهم يكتب**ون‪،‬‬
‫ودون نق**ذ االخب**ار ال**واردة إليهم‪ ،‬حيث تعلق**وا بتفاص**يل الماض**ي مستأص**ليها من‬
‫‪17‬‬
‫س*ياقتها‪ ،‬فيخل*دون في الحاض*ر ماض*يا ق*د تجم*د في ت*واريخ تتناق*ل على نح*و ألي‪،‬‬
‫فالقطيعة ال*تي تح*دثنا عنه*ا أنف*ا‪ ،‬جعلت من المنهج الخل*دوني‪ ،‬ينتق*ل نقل*ة نوعي*ة عن‬
‫اإلخب**ار مث**ل الط**بري‪ ،‬والوص**ف على طريق**ة المس**عودي‪ ،‬ثم التفحص بأس**لوب‬
‫البيروني‪ ،‬إلى مرحلة التحليل والنقد والتعليل‪ ،‬المرحلة ال**تي ج**ددت الكتاب**ة التاريخي**ة‬
‫من خالل التمحيص في استحصال المعرفة وت**وخي الدق**ة من خالل المأخ**ذ المتع**ددة‪،‬‬
‫والمعارف المتنوعة‪ ،‬فيق**ول ابن خل**دون“ التفنن في العلم إنم**ا ه**و بحص**ول ملك**ة في‬
‫اإلحاطة بمبادئه وقواعده‪ ،‬والوقوف على مسائله واستنباط فروع**ه من أص**وله“‪ 18.‬إن‬
‫التغيير الذي مارسه ابن خلدون في الكتابة التاريخية خلق ت**أطيرا جدي**دا لعلم الت*اريخ‪،‬‬
‫يس**تطيع فهم أس**باب ح**دوث الح**دث الت**اريخي‪ ،‬وربط**ه بش**روط وقوع**ه‪ ،‬ومن ه**ذا‬
‫المنطلق يمكن أن نعتبر عمل ابن خلدون خاصة ”المقدمة“‪ ،‬ميالد تاريخ ع**ربي جدي**د‬
‫كعلم مؤسس له بمرجعية نظري**ة الزم**ة‪ ،‬تض**ع الح**دود المنهجي**ة الفاص**لة بين عل**وم‬
‫الدين وعلم التاريخ‪ 19،‬فاألولى تعتمد على ”الجرح والتعديل“‪ ،‬بينم*ا الث*اني يس*تعمل‬
‫فيه قانون المطابقة‪ ،‬أو ما اصطلح عليه ابن خلدون مبدأ“ اإلمك**ان واالس**تحالة“‪ ،‬وه**و‬
‫المبدأ الذي استعان به من أجل منح كتابة الت**اريخ داللته**ا العلمي**ة‪ ،‬ف**المؤرخ من ه**ذا‬
‫المنطلق ال يهمه إحصاء األخبار وتسجيلها فقط‪ ،‬بل الكشف عن األس**باب ال**تي تحكم‬
‫ص**يرورة الظ**واهر االجتماعي**ة في الت**اريخ‪ ،‬كم**ا تم**يزت كتابت**ه بمنهج النق**د‬
‫التاريخي‪ 20،‬أي نقد الخ*بر من خالل البحث عن نقط*ة ض*عفه‪ ،‬والمتمثل*ة حس*ب ابن خل*دون‬
‫في ”النقل“‪ ،‬لهذا اشترط في النقل كي يك*ون ص*حيحا‪ ،‬أن يحكم إلى أص*ول الع*ادة‪،‬‬
‫وأن يحكم على طبيعة العمران واالحوال في االجتماع اإلنساني‪ ،‬بالتالي ف**المؤرخ من‬
‫وجهة نظره‪ ،‬ال يتقبل األخبار كما وردت له إنما يتعامل معها من خالل نقدها‪.‬‬
‫لكن بالرغم من عقالني**ة ابن خل**دون ال**تي أش**رنا له**ا س**ابقا‪ ،‬فق**د س**جلنا من خالل‬
‫قراءة بعض نصوصه أنه كان يؤمن بـ ”الغيبيات“ أي بالسحر والطالسم والكهانة‪ ،‬بل‬
‫ويخص**ص الح**ديث عنه**ا في الفص**ل الث**امن والعش**رون من ”مقدمت**ه“‪ ،‬فيق**ول في‬
‫تعريفها‪” :‬هي علوم بكيفية استعدادات تقت**در النف**وس البش**رية به**ا على الت**أثيرات في‬
‫عالم العناص**ر‪ ،‬إم**ا بغ**ير معين أو بمعين من األم**ور الس**ماوية‪ ،‬واألول ه**و الس**حر‪،‬‬
‫والث**اني ه**و الطلس**مات“‪ 21.‬إن تع**رض ابن خل**دون له**ذه المس**ائل ”الغيبي**ة“ حس**ب‬
‫الجابري ‪ ،‬ال يطعن في تفكيره مادام العلم كان يقبل مثل هذه األم**ور في عص*ره‪ ،‬كم*ا‬
‫أنه ال يضر في شيء عقالنية ابن خل**دون‪ ،‬إض**افة إلى أن دراس**ته للعم**ران البش**ري‪،‬‬
‫ألزمته التعرض لهذه المسائل ومحاولة فهمها‪ 22،‬ومن جهة المقريزي نالحظ أن**ه ذهب‬
‫في نفس االتجاه‪ ،‬خاصة وأنه كان عالما بالتنجيم‪ ،‬بالت**الي نج**ده يرب**ط بعض الظ**واهر‬
‫واألحداث بعلم الغيبيات‪ ،‬كما كان يفسرها باألقدار اإللهية فيقول على سبيل المث**ال في‬
‫”االتعاظ“‪” :‬أبو علي بن منصور العزيز باهلل‪ ...‬ولد بالقصر من الق**اهرة والط**الع من‬
‫برج السرطان سبع وعشرون درجة‪ 23“.‬كما أن اعتقاده به*ذه األم*ور جعل*ه يس*قط في‬
‫فخ نق**ل بعض األس**اطير من بعض مص**ادره‪ ،‬حيث نج**ده ينق**ل عن البك**ري قول**ه‪:‬‬
‫”ويقال أن التمساح ال يضر منطقة أنصنا لطالسم وضعت بها“‪ 24،‬ولعل هذا النوع من‬
‫التحلي**ل راج**ع الى الثقاف**ة الس**ائدة في عص**ره ال**تي لم تس**تطع التخلص من رواس**ب‬
‫‪25‬‬
‫الماضي‪ ،‬والتي لم يستطع المقريزي أن ينفلت منها‪.‬‬
‫وب**العودة إلى التنظ**ير ال**ذي نظ**ر ل**ه ابن خل**دون في ”المقدم**ة“ فإنن**ا نج**ده ينق**ل‬
‫التاريخ من حالته القلقة‪ ،‬في الموق**ع بين العل**وم إلى مرحل**ة الت**اريخ كعلم ل**ه ش**روطه‬
‫وتنظيراته‪ ،‬إال أن الدارس لتراث ابن خلدون يتساءل هل ك**ان ح**ذوه ح**ذو الم**ؤرخين‬
‫السابقين في ”كتاب العبر“ طبيعيا؟‬
‫نلغي فرضية كتابته ”لكتاب العبر“ قبل كتاب**ة ”المقدم**ة“‪ ،‬ألن ه**ذا يش**كل تفس**يرا‬
‫بسيطا وسهال ق**د ال يس**تند على معلوم**ات دقيق**ة خاص**ة وان ابن خل**دون لم ي**ورد أي‬
‫عبارة تفيد بذلك‪ ،‬ونذهب إلى أن ابن خلدون كان واعيا بعدم تطبيق تنظيراته المنهجي**ة‬
‫في ”الع**بر“‪ ،‬وذل**ك ق**د يك**ون راج**ع إلى م**بررات معرفي**ة حتمته**ا طبيع**ة الكتاب**ة‬
‫التاريخي**ة‪ ،‬فالمقدم**ة ك**انت مش**روعا وخط**ة نظري**ة تنتظ**ر من يكمله**ا أو يص**ل إلى‬
‫نهايتها‪ ،‬وما يدل على ذلك هو قوله في نهايتها ”ولع**ل من ي**أتي بع**دنا‪ ،‬ممن يؤي**ده هللا‬
‫الدراسات والبحوث ابن خلدون والمقريزي‪ ،‬دراسة مقارنة في المنهج والحقول والمصادر ‪9‬‬

‫بفكر صحيح وعلم مبين يغوص من مسائله على أكثر مما كتبنا“‪ 26‬من هذه القول*ة نب*دأ‬
‫مع المقريزي ونسائل منهجه في التدوين التاريخي من خالل اتباع**ه منهج ابن خل**دون‬
‫من عدمه وذلك عبر كتاب‪” :‬الخطط“ الذي ش**رع المقري**زي في كتابت**ه س**نة ‪820‬هـ‪/‬‬
‫‪1417‬م‪ .‬وفرغ منه حوالي عام ‪843‬هـ‪1438/‬م‪ .‬أي قبل وفاته بعامين‪ ،‬وعلى ذلك فق**د‬
‫اس**تغرق ح**والي عش**رين عام**ا في كتابت**ه‪ ،‬ولع**ل اهتم**ام المقري**زي بقض**ايا الت**اريخ‬
‫االجتماعي واالقتصادي في عصره راجع إلى عاملين رئيسين وهما‪:‬‬
‫– تأثر المقريزي بابن خلدون في رؤيته للتاريخ والعم**ران‪ ،‬فالمرحل**ة ال**تي تتلم**ذ‬
‫فيها عليه من خالل حلقات دراسية‪ ،‬شكلت ن*واة لمدرس*ة فكري*ة تخ*رج واس*تفاد منه**ا‬
‫‪27‬‬
‫المقريزي‪.‬‬
‫– معايش**ته للواق**ع المص**ري من خالل تقل**ده لوظ**ائف ك**ان من أهمه**ا‪ ،‬محتس**ب‬
‫القاهرة‪ ،‬وال يخفى علينا ما تمنحه هذه الوظيفة لص**احبها من ق**درة على االختالط م**ع‬
‫كافة فئات المجتمع‪ ،‬خاصة في األسواق‪.‬‬
‫ففي هذا الكتاب نجده مثال يقدم أس**باب وعوام**ل ظه**ور النظ**ام اإلقط**اعي بمص**ر‬
‫خالل الفترة المملوكية‪ ،‬فيربط وج*وده بالطبيع*ة العس*كرية للنظ*ام الممل*وكي ونش*أته‪،‬‬
‫كما يلقي الضوء على القوى المستفيدة منه‪ ،‬ويصنفها تراتبيا من األمراء‪ ،‬واألجناد‪ ،‬ثم‬
‫في األخير القسم المحبس على الجوامع والم**دارس‪ ،‬ثم يع*رض لمظ**اهر األزم**ة ال*تي‬
‫عاش**تها الدول**ة المملوكي**ة ويربطه**ا بش**كل منطقي م**ع اإلقط**اع ال**ذي ك**ان من أب**رز‬
‫أس**بابها‪ 28.‬فمن خالل ه**ذا النم**وذج نج**د أن المقري**زي خ**رج عن النهج المت**داول في‬
‫طريق*ة كتاب*ة الخ*بر الت*اريخي‪ ،‬فق*د اس*تهل الح*ديث عن األس*باب والعوام*ل المؤدي*ة‬
‫للظاهرة‪ ،‬ثم ربطها بالمؤثرات الخارجية والداخلية‪ ،‬ليخلص لنتائجه**ا وتأثيراته**ا‪ ،‬كم**ا‬
‫أنه حافظ على كرنولوجي*ة األزمن*ة ال*تي تناولته*ا دراس*ته‪ ،‬وه*و ب*ذلك ق*د اس*تفاد من‬
‫أستاذه ابن خلدون‪ ،‬حيث رسم لعمله ترتيبا تاريخيا استهدف منه كتابة تاريخ ك**ل دول**ة‬
‫من ال**دول اإلس**المية في مص**ر ح**تى عص**ره في مؤل**ف واح**د مس**تقل‪ 29،‬إال أن ابن‬
‫خلدون تجاوز المقريزي عندما ضم إلى كتابه ”العبر“ تاريخ أمم أخ**رى فق**د م**ال إلى‬
‫كتاب**ة ت**اريخ ع**المي وك**وني‪ ،‬بحيث أرخ للف**رس واألت**راك باإلض**افة إلى اليون**ان‬
‫والرومان‪ 30،‬بالتالي كان مش*روعه أوس*ع من مش*روع المقري*زي ال*ذي ق*ارب ت*اريخ‬
‫مصر فقط‪ ،‬فابن خلدون‪.‬‬
‫‪ .2‬حقول الكتابة‬
‫اختلفت وتعددت الحقول المعرفية‪ ،‬التي تناولها كل من المقريزي وابن خل**دون في‬
‫تص**نيفاتهم‪ ،‬فتح**دثا عن الدول**ة ومقوماته**ا‪ ،‬وعن المجتم**ع وفئات**ه‪ ،‬كم**ا تح**دثا عن‬
‫االقتصاد الذي يؤثر في كل ما سبق‪ ،‬فغيابه يساوي انهيار الدولة والمجتمع‪ ،‬وحضوره‬
‫يقوي الدولة وينمي المجتمع‪ ،‬وانطالقا من هذا الطرح سنخص**ص الح**ديث عن الحق**ل‬
‫االقتصادي لما له من تأثير مباشر على باقي الحقول األخرى‪.‬‬
‫لقد أخذ الحقل االقتصادي الحيز الكبير من كتابات المقريزي‪ ،‬وأع**اره ابن خل**دون‬
‫اهتمام كبير‪ ،‬إال أنه يصعب تحليل واستنباط أراءه في االقتصاد‪ ،‬حيث أن**ه لم يض**منها‬
‫في مؤلف مستقل‪ ،‬بل جاءت متفرقة في كتب**ه‪ ،‬كم**ا أن**ه أدرجه**ا في س**ياق حديث**ه عن‬
‫حوادث تاريخية أو ظواهر اجتماعي**ة معين**ة‪ ،‬فه**و لم يف**رد له**ا فص**ال أو كتاب**ا عكس‬
‫المقري**زي ال**ذي اهتم بالقض**ايا ذات البع**د االقتص**ادي‪ ،‬وذل**ك ع**بر تس**جيلها في كتب‬
‫مس**تقلة‪ ،‬حيث تع**د النق**ود والمع**امالت داخ**ل األس**واق واالحتك**ار‪ ،‬من بعض أب**رز‬
‫مساهمات المقريزي في االقتصاد‪ ،‬ومن أهم الكتب ال**تي ع**الج فيه**ا ه**ذه القض**ايا ه**و‬
‫كتاب ”إغاثة األمة في كشف الغمة“‪ ،‬الذي ألفه في ظروف اقتص**ادية ج**د قاس**ية‪ ،‬من‬
‫واق**ع المجاع**ة ال**تي حلت بمص**ر م**ا بين ‪ 796‬و ‪808‬هـ‪ ،‬وم**ا ص**احبها من انتش**ار‬
‫الطاعون والوباء‪.‬‬
‫لقد استهدف المقريزي من كتابه هذا ‪ ،‬توضيح األسباب التي أدت إلى هاته األزم**ة‬
‫وإلى مخلفاتها‪ ،‬ثم أشار إلى بعض الحلول التي من شأنها رفع األزمة‪ 31،‬كما أش*ار إلى‬
‫طبيعة النقود السائدة في مصر فيق**ول‪” :‬اعلم أرش**دك هللا إلى ص**الح نفس**ك‪ ،‬وألهم**ك‬
‫مراشد أبناء جنسك أن النقود المعت**برة ش**رعا وعقال وع**ادة إنم**ا هي ال**ذهب والفض**ة‬
‫فق*ط‪ ،‬وم*ا ع*داها ال يص*لح أن يك*ون نق*دا“‪ 32،‬ونج*د ابن خل*دون يتح*دث عن ظ*اهرة‬
‫االحتك**ار ال**تي انتش**رت في ف**ترات األزم**ات والمجاع**ات‪ ،‬ويربطه**ا بقل**ة الع**رض‪،‬‬
‫وكثرة الطلب‪ ،‬كما فرق باالحتكار الفردي واالحتكار ال**ذي تق**وم ب**ه الدول**ة‪ ،‬واعت**بره‬
‫”أخذ ألموال الناس بالباطل“‪ 33‬وهو ما ذهب إلي*ه ح*تى المقري*زي بحيث ربط*ه بغالء‬
‫‪34‬‬
‫األسعار في زمن األزمة واعتبره فسادا‪.‬‬
‫ومن الظواهر االقتصادية التي عالجها المؤرخان‪ ،‬هي ظاهرة غالء األسعار‪ ،‬التي‬
‫الحظنا اختالف الرؤى بينهما‪ ،‬فابن خلدون ي**رى أن رخص األس**عار ه**و مض**ر ف**إذا‬
‫كانت البضائع رخيصة‪ ،‬فهي تفس**د ال**ربح والنم**اء‪ ،‬وال يحص**ل الت**اجر منه**ا إال على‬
‫الدراسات والبحوث ابن خلدون والمقريزي‪ ،‬دراسة مقارنة في المنهج والحقول والمصادر ‪11‬‬

‫العناء دون الحصول على قيمة العمل البشري‪ 35‬وهو م*ا يفس*د رأس مال*ه وي*ؤثر ح*تى‬
‫على الدول*ة‪ ،‬بحيث تق*ل جبايته*ا‪ 36.‬بينم*ا ي*راه المقري*زي‪ ،‬غالء ف*احش يرب*ط أس*بابه‬
‫ب*الظروف السياس**ية الناجم**ة عن تقص**ير الحك**ام في رعاي**ة مص**الح الرعاي**ا‪ ،‬فنج**ده‬
‫يصف الغالء في فترة الخليفة المستنصر بقول**ه‪” :‬ثم وق**ع في أي**ام المستنص**ر الغالء‪،‬‬
‫الذي فحش أمره‪ ،‬وشنع ذكره‪ ،‬وكان أمده سبع سنين‪ ،‬وسببه ضعف السلطنة‪ ،‬واختالل‬
‫أح*وال المملك*ة‪ ،‬واس*تيالء األم*راء على الدول*ة“‪ 37،‬كم*ا ربط*ه ب*المتغيرات الطبيعي*ة‬
‫كالمناخ‪ ،‬ونقصان مجرى نهر النيل‪ ،‬وبعض اآلفات الطبيعية األخرى‪.‬‬
‫من خالل استقراء بعض الظواهر االقتص**ادية عن**د ابن خل**دون والمقري**زي‪ ،‬نج**د‬
‫أنهم*ا كان*ا واع*يين باألس*باب الحقيقي*ة وراء بروزه*ا‪ ،‬فلم يركن*ا إلى التفس*ير البس*يط‬
‫المرتبط على الخصوص بالعامل الديني‪ ،‬بل عمال على تحليلها والنظ**ر في مس**بباتها‪،‬‬
‫كما أنهم اقترحوا حلوال لها‪.‬‬
‫‪ .3‬المصادر‪:‬‬
‫لم تختل**ف أن**واع المص**ادر ال**تي اعتم**د عليه**ا ك**ل من المقري**زي وابن خل**دون‪،‬‬
‫فكالهما اعتمد على ثالث مواد مصدرية‪ ،‬األولى هي المصادر الشفوية‪ ،‬ال**تي رجع**وا‬
‫فيها إلى معاصريهم من بين رجال الس**لطة والفك**ر واألدب‪ ،‬والفقه**اء‪ ،‬أو ح**تى عام**ة‬
‫الناس كالصناع والتجار وغ*يرهم‪ ،‬أم*ا المص*ادر الثاني*ة‪ ،‬فهي المكتوب*ة والمتمثل*ة في‬
‫الغالب من كتب الجغرافية والفلس**فة (العربي**ة واإلغريقي**ة)‪ ،‬والكتب الديني**ة كالح**ديث‬
‫والقراَن‪.‬‬
‫لقد أشار ابن خلدون إلى العدي**د من الم**ؤرخين من الق**رون الهجري**ة األولى ال**ذين‬
‫اعتم**د عليهم ‪ ،‬وح**تى من الق**رن الس**ادس والس**ابع ‪ ،‬ومن بين ه**ؤالء نج**د اس**م ”ابن‬
‫حزم“ يتكرر عن**ده كث*يرًا فق**د ك**ان ابن خل*دون يس**تعمله لتأكي**د األنس**اب أو مقارنته**ا‬
‫بغيرها من المصادر األخرى ‪،‬كم**ا نق**ل عن المس**عودي في كت**اب ”م**روج ال**ذهب“‪،‬‬
‫والبكري في كتاب ” المسالك والممالك“‪ 38‬ومجموعة أخرى من كتب التاريخ الع**ام‪، ،‬‬
‫كم*ا نج*د المقري*زي يعتم**د ه**و األخ*ر على ع**دد من المص**ادر‪ ،‬فنق*ل عن المتص*وفة‬
‫والفقهاء‪ ،‬كشهاب الدين الس*هروردي‪ ،‬والش*يخ فتح ال*دين محم*د بن س*يد الن*اس‪ 39‬كم*ا‬
‫نجده يرجع إلى المعاص*رين منهم كالش*يخ أحم*د بن علي القص*ار‪ 40،‬ويق*ول في من*اح‬
‫أخ**رى“ وأخ**برني ثق**ة“‪ ،‬أو ”وأخ**برني من ال أتهم أن**ه ش**اهد“‪ 41،‬فالص**يغة األولى‬
‫نستشف من خاللها أن الخبر بالنسبة للمقريزي صحيح وذلك لمعرفت**ه ب**المخبر‪ ،‬بينم**ا‬
‫الصيغة الثانية‪ ،‬يتحفظ من خاللها على الناق**ل للخ**بر‪ ،‬وباإلض**افة إلى ه**ذا فق**د اعتم**د‬
‫أيضا على كتب التاريخ العام‪ ،‬ككتاب ”معجم البلدان“ لي**اقوت الحم**وي‪ ،‬والمس**عودي‬
‫والبك**ري‪ 42‬وغ**يرهم‪ ،‬وق**د اعتم**د أيض**ا على وث**ائق ص**ادرة عن دي**وان الم**واريث‬
‫(المراسيم الصادرة عن الدولة)‪ ،‬فاعتم*دها من أج*ل إحص*اء ع*دد الوفي*ات‪ 43،‬كم*ا أن‬
‫المقريزي كان دقيقا في اإلحال**ة على مص**ادره‪ ،‬فلم يكن يكتفي ب**ذكر ص**احب الكت**اب‬
‫كما يفعل ابن خلدون‪ ،‬بل كان يشير في الغالب إلى الك**اتب واس**م الكت**اب فنج**ده يق**ول‬
‫مثال‪” :‬وأنشد أبو عمر الكندي في كتاب ’األمراء‘‪ ،‬لسعيد القاص أبياتا‪ 44“.‬بالتالي فهو‬
‫كان يحيل إلى القارئ على مصدر معلومته عبر ذكر اسم المِؤ لف والمَؤ لف‪.‬‬
‫باإلضافة إلى هذه المصادر فقد استغل ك**ل من المقري*زي وابن خل**دون النص**وص‬
‫الدينية‪ ،‬وعلى رأسها القران والحديث‪ ،‬فكثيرا ما نصادف في كتاباتهم استش**هادات من‬
‫النص الديني وذلك إما بطريقة االقتباس المباشر‪ ،‬أي عبر نقل اآلية أو الحديث كاملين‬
‫مثل ما نجد عند ابن خلدون فيقول مثال‪” :‬وانظ**ر م**ا وق**ع ل**وزراء الدول**ة العباس**ية‪...‬‬
‫ت﴾“‪،‬المؤمن‪ 45 85:‬وإما يتم التلميح واإلشارة فقط‪ ،‬وهذا ما نجده عن**د‬ ‫﴿ ُسنَّتَ هّٰللا ِ الَّ ۪تي قَ ْد خَ لَ ْ‬
‫المقريزي‪ ،‬فيقول‪” :‬وهذا الغالء دبر أمر البالد فيه يوسف عليه السالم‪ ،‬وق**د ذك**ره هللا‬
‫سبحانه وتعالى في قراَنه العظيم وتضمنته التوراة“‪ 46،‬ولق*د ج*اء االعتم*اد على النص‬
‫الديني لما يتضمنه من قيمة على مستوى الخطاب خاصة في الفترة قيد الدراس**ة‪ ،‬فه**و‬
‫يضفي نوعا من المصداقية على السياق العام الذي يأتي استخدامه فيه‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫في األخير نخلص إلى أن المعرف*ة التاريخي*ة ال*تي أنتجه*ا ابن خل*دون أث*رت على‬
‫مؤرخي عصره‪ ،‬ومن بينهم تلميذه المقريزي‪ ،‬الذي تجاوب بشكل كب**ير م**ع منهج ابن‬
‫خلدون وذلك م*ا يب*دوا جلي*ا من خالل كتابات**ه وتص*نيفاته‪ ،‬ومن خالل رص**دنا لبعض‬
‫الحقول المعرفية عند ابن خلدون والمقري**زي الحظن**ا م**دى وج**ود تق**ارب في طبيع**ة‬
‫الحقول المتناول*ة بالدراس*ة‪ ،‬وعلى ال*رغم من ه*ذا فق*د حاف**ظ المقري*زي على ذاتيت**ه‪،‬‬
‫بحيث خصص جل اهتماماته بتاريخ مصر‪ ،‬بينما قارب ابن خلدون في كتابه ”الع**بر“‬
‫التاريخ الكوني الشمولي‪ ،‬وهذا االختالف في مجاالت الدراسة هو ما س**اهم في بل**ورة‬
‫فك**ر ت**اريخي ع**ربي ش**امل‪ ،‬ق**ارب مواض**يع مختلف**ة بمنهجي**ة موح**دة‪ ،‬خاص**ة في‬
‫الفترات الالحقة لعصر ابن خلدون والمقريزي‪ .‬وخالصة القول إن ما يميز دراسة ابن‬
‫خلدون بمقارنت**ه م**ع مفك**ري عص**ره‪ ،‬ه**و الكش**ف عن الت**أثير والت**أثر ال**ذي حص**ل‬
‫الدراسات والبحوث ابن خلدون والمقريزي‪ ،‬دراسة مقارنة في المنهج والحقول والمصادر ‪13‬‬

‫خاصة بين ابن خلدون والمقريزي السيما وأنهما من بين أكبر المؤرخين الذي ع**رفهم‬
‫العالم العربي من غربه إلى شرقه في القرن السابع والثامن الهجريين‪.‬‬
‫***‬
‫المصادر والمراجع‬
‫المصادر‬
‫– ابن خلدون‪ ،‬عبد الرحمن ‪ ،‬التعريف بابن خلدون ورحلته غربا وشرقا‪ ،‬دار الكتاب اللبناني‪ ،‬بيروت‪.1979 ،‬‬
‫– ابن خلدون‪ ،‬عبد الرحمن‪ ،‬المقدمة‪ ،‬طبعة المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت‪.2013 ،‬‬
‫– تقي الدين احمد بن علي المقريزي‪ ،‬المواعظ واالعتبار بذكر الخطط واالث**ار‪ ،‬تحقي**ق‪ :‬محم**د زينهم ‪ -‬مديح**ة‬
‫الشرقاوي‪ ،‬مكتبة مدبولي ‪ ،6‬القاهرة‪.1997 ،‬‬
‫– تقي الدين‪ ،‬أحمد بن علي المقريزي‪ ،‬إغاثة األمة في كشف الغم**ة‪ ،‬دراس**ة تحقي**ق‪ :‬ك**رم حلمي فرح**ات‪ ،‬عين‬
‫للدراسات والبحوث اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬مصر‪.2007 ،‬‬
‫– شمس الدين السخاوي‪ ،‬الضوء الالمع ألهل القرن التاسع‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪.1992،‬‬

‫المراجع العربية?‬
‫– الجابري‪ ،‬محمد عابد‪ ،‬فكر ابن خلدون العصبية والدولة معالم نظرية خلدوني**ة في الت**اريخ اإلس**المي‪ ،‬مرك**ز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪.2008 *،‬‬
‫– أومليل‪ ،‬علي‪ ،‬الخطاب التاريخي دراسة لمنهجية ابن خلدون‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪.2005 ،‬‬
‫– وجيه كوثراني‪ ،‬تاريخ التاريخ اتجاهات ‪-‬م**دارس‪ -‬من**اهج‪ ،‬المرك**ز الع**ربي لألبح**اث ودراس**ات السياس**ات‪،‬‬
‫الدوحة‪.2012 ،‬‬
‫– أنط**وان خلي**ل ض**ومط‪ ،‬الت**أريخ في العص**ور الوس**طى اإلس**المية دراس**ة نقدي**ة في المن**اهج‪ ،‬دار الحداث**ة‪،‬‬
‫بيروت‪.2005 *،‬‬
‫– أنور الجندي‪ ،‬نوابغ الفكر اإلسالمي‪ ،‬دار الرائد العربي‪ ،‬بيروت‪.1983 ،‬‬
‫– عبد الرحمن بدوي‪ ،‬مؤلفات بن خلدون‪ ،‬المجلس األعلى للثقافة‪ ،‬القاهرة‪.2006 ،‬‬
‫– محمد الجوهري‪ ،‬محسن يوسف‪ ،‬ابن خلدون إنجاز فكري متجدد‪ ،‬مكتبة اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.2008 ،‬‬

‫المراجع األجنبية?‬
‫‪-Y. La coste. Ibn Khaldoun naissance de l’histoire, passe du tiers monde nouv, Ed, La découverte, paris‬‬
‫‪1998.‬‬
‫‪- Gustave Le bon, La Civilisation Des Arabes, ED Al Biruni, Beyrouth, 2014.‬‬
‫‪-Ibrahim Oweiss, ”Ibn Khaldoun, the father of Economics“, Arab civilization challenges and response,‬‬
‫‪state university of New York press, 1988.‬‬

‫مقاالت‬
‫– علي بركات‪” ،‬اإلقط**اع العس**كري الممل**وكي‪ :‬ق**راءة في خط**ط المقري**زي‪ ،‬مجل**ة إب**داع مص**ر‪ ،‬مجل**د ‪،20‬‬
‫‪.2012‬‬
‫– محمد مصطفى زيادة‪ 600” ،‬عام على مولد المؤرخ المصري المقري**زي“‪ ،‬مجل**ة الهالل‪ ،‬ع**دد ‪،1966 * ،5‬‬
‫ص ‪.34-28‬‬
‫– محمد مصطفى زيادة‪ ،‬المقريزي المؤرخ الكبير‪ ،‬مجلة العربي‪ ،‬عدد ‪ ،14‬يناير ‪ ،1960‬ص ‪.79-72‬‬

‫***‬
‫طالب باحث بمعهد الدوحة للدراسات العليا‪ ،‬الدوحة ‪ ،‬قطر‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫اشتهر بين الناس باسم ”ابن خلدون“ إال ان اسمه الفعلي كان ”عبد الرحمن“ وتلقيبه بهذا اللقب راجع الى أحد أجداده الق*دماء‪ ،‬وه*و الج*د ال*ذي دخ*ل م*ع الجن*د‬ ‫‪2‬‬

‫اليمانية إلى األندلس‪ ،‬قبل والدة ”عبد الرحمن“ بما يناهز أربع قرون‪( .‬انظر‪ ،‬ابن خلدون‪ ،‬التعري*ف ب**ابن خل*دون ورحلت*ه غرب*ا وش**رقا‪ ،‬دار الكت*اب اللبن*اني‪،‬‬
‫بيروت‪ ،1979 *،‬ص‪.)16‬‬
‫ابن خلدون‪ ،‬التعريف‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬ ‫‪3‬‬

‫نفسه‪ ،‬ص ‪.18‬‬ ‫‪4‬‬

‫شمس الدين السخاوي‪ ،‬الضوء الالمع ألهل القرن التاسع‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،1992،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص‪.23‬‬ ‫‪5‬‬

‫أنور الجندي‪ ،‬نوابغ الفكر اإلسالمي‪ ،‬دار الرائد العربي‪ ،‬بيروت‪ ،1983 ،‬ص ‪.395‬‬ ‫‪6‬‬

‫الحسبة‪” :‬هي وظيفة دينية من باب األمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو فرض على القائم بأمور المسلمين‪ ،‬يعين لذلك من يراه أهال ل*ه‪ ،‬فيتعين فرض*ه‬ ‫‪7‬‬

‫عليه ويتخذ األعوان على ذلك ويبحث عن المنكرات‪ ،‬ويعزر ويؤدب على قدرها ويحمل الناس على المصالح العامة في المدينة‪ ،‬وال يتوق**ف حكم**ه على تن**ازع‬
‫أو استعداء بل له النظر فيما يصل إلى علمه من ذلك ويرفعه إلي**ه‪ ،‬وليس ل*ه إمض**اء الحكم في ال*دعاوى مطلق**ا‪ ،‬ب**ل فيم*ا يتعل*ق ب**الغش والت*دليس‪ ،‬في المع*اش‬
‫وغيرها وفي المكاييل والموازين“ (ابن خلدون‪ ،‬المقدمة‪ ،‬ص ‪.)126‬‬
‫نفسه‪ ،‬ص ‪.70‬‬ ‫‪8‬‬

‫محمد الجوهري‪ ،‬محسن يوسف‪ ،‬ابن خلدون إنجاز فكري متجدد‪ ،‬مكتبة اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2008 ،‬ص‪.15‬‬ ‫‪9‬‬

‫نفسه‪ ،‬ص ‪.18‬‬ ‫‪10‬‬

‫شمس الدين السخاوي‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪.22‬‬ ‫‪11‬‬

‫وجيه كوثراني‪ ،‬تاريخ التاريخ اتجاهات ‪-‬مدارس‪ -‬مناهج‪ ،‬المركز العربي لألبحاث ودراسات السياسات‪ ،‬الدوحة‪ ،2012 ،‬ص ‪.58‬‬ ‫‪12‬‬

‫أنطوان خليل ضومط‪ ،‬التاريخ في العصور الوسطى اإلسالمية دراسة نقدية في المناهج‪ ،‬دار الحداثة‪ ،‬بيروت‪ ،2005 *،‬ص ‪.198‬‬ ‫‪13‬‬

‫عبد الرحمن بدوي‪ ،‬مؤلفات بن خلدون‪ ،‬المجلس األعلى للثقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،2006 ،‬ص ‪.10‬‬ ‫‪14‬‬

‫ابن خلدون‪ ،‬التعريف‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.415-417‬‬ ‫‪15‬‬

‫ابن خلدون‪ ،‬المقدمة‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت‪ ،2013 *،‬ص ‪.88‬‬ ‫‪16‬‬

‫علي أومليل‪ ،‬الخطاب التاريخي دراسة لمنهجية ابن خلدون‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2005 ،‬ص ‪.82‬‬ ‫‪17‬‬

‫ابن خلدون‪ ،‬المقدمة‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪19‬‬
‫‪Y. La coste. Ibn Khaldoun naissance de l’histoire, passe du tiers monde nouv, Ed, La découverte, paris 1998, p8‬‬
‫‪20‬‬
‫‪Gustave Le bon, La Civilisation Des Arabes, ED Al Biruni, Beyrouth, 2014, p573‬‬
‫ابن خلدون‪ ،‬المقدمة‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.295‬‬ ‫‪21‬‬

‫محمد عابد الجابري‪ ،‬فكر ابن خلدون العصبية والدولة معالم نظرية خلدونية في التاريخ اإلسالمي‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،2008 *،‬ص ‪.115‬‬ ‫‪22‬‬

‫تقي الدين احمد بن علي المقريزي‪ ،‬المواعظ واالعتبار بذكر الخطط واالثار ‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد زينهم – مديحة الشرقاوي‪ ،‬مكتبة مدبولي ‪ ،6‬القاهرة‪ ،1997 ،‬ج‪،1‬‬ ‫‪23‬‬

‫ص ‪.154‬‬
‫نفسه‪ ،‬ص ‪.571‬‬ ‫‪24‬‬

‫أنطوان خليل ضومط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.220‬‬ ‫‪25‬‬

‫ابن خلدون‪ ،‬المقدمة‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.1169‬‬ ‫‪26‬‬

‫محمد مصطفى زيادة‪ ،‬المقريزي المؤرخ الكبير‪ ،‬مجلة العربي‪ ،‬عدد ‪ ،14‬يناير ‪ ،1960‬ص ‪.33‬‬ ‫‪27‬‬

‫علي بركات‪” ،‬اإلقطاع العسكري المملوكي‪ :‬قراءة في خطط المقريزي‪ ،‬مجلة إبداع مصر‪ ،‬مجلد ‪ ،2012 ،20‬ص ‪.115‬‬ ‫‪28‬‬

‫محمد مصطفى زيادة‪ 600” ،‬عام على مولد المؤرخ المصري المقريزي“‪ ،‬مجلة الهالل‪ ،‬عدد ‪ ،1966 ،5‬ص ‪.77‬‬ ‫‪29‬‬

‫علي أومليل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.144-150‬‬ ‫‪30‬‬

‫تقي الدين أحمد المقريزي‪ ،‬إغاثة األمة في كشف الغمة‪ ،‬دراسة تحقيق‪ :‬كرم حلمي فرحات‪ ،‬عين للدراس*ات والبح*وث اإلنس*انية واالجتماعي*ة‪ ،‬مص*ر‪،2007 ،‬‬ ‫‪31‬‬

‫ص ‪.30‬‬
‫نفسه‪ ،‬ص ‪.155‬‬ ‫‪32‬‬

‫ابن خلدون‪ ،‬المقدمة‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.225‬‬ ‫‪33‬‬

‫تقي الدين أحمد المقريزي‪ ،‬إغاثة األمة‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.94‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪35‬‬
‫‪Ibrahim Oweiss, ”Ibn Khaldoun, the father of Economics“, Arab civilization challenges and response, state university of New York press, 1988, p80.‬‬
‫ابن خلدون‪ ،‬المقدمة‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.225‬‬ ‫‪36‬‬

‫المقريزي‪ ،‬إغاثة األمة‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.98‬‬ ‫‪37‬‬

‫ابن خلدون‪ ،‬المقدمة‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.120‬‬ ‫‪38‬‬

‫تقي الدين المقريزي‪ ،‬الخطط‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.567‬‬ ‫‪39‬‬

‫نفسه‪.571 ،‬‬ ‫‪40‬‬

‫المقريزي‪ ،‬إغاثة األمة‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.120‬‬ ‫‪41‬‬


‫المقريزي‪ ،‬الخطط‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.795‬‬ ‫‪42‬‬

‫المقريزي‪ ،‬السلوك‪ ،‬الجزء الثالث‪.‬‬ ‫‪43‬‬

‫المقريزي‪ ،‬الخطط‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.671‬‬ ‫‪44‬‬

‫ابن خلدون‪ ،‬المقدمة‪ ،‬ص ‪.474‬‬ ‫‪45‬‬

‫المقريزي‪ ،‬إغاثة األمة‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.6‬‬ ‫‪46‬‬

You might also like