‫خطبة أبي بكر‬ ‫نصوص أدبية‬

‫العصر اإلسالمي‬

‫خطبة أبي بكر بعد توليته الخالفة‬

‫قال بعد أن محد اهلل وأنثى عليه‬

‫ْ""ر ُكم‪َ ،‬ف""ِإنْ َرَأ ْي ُتمُ""ونِي َع َلى َح"" ٍّق‬ ‫َأ ُّي َها ال َّناسُ ‪ِ ،‬إ ِّني َقد وُ لِّي ُ‬
‫ْت َع َل ْي ُكم َو َل ْس"" ُ‬
‫ت ِب َخي ِ‬
‫هللا فِي ُكم‪،‬‬
‫ت َ‬ ‫َفَأعِ ْي ُنونِي‪َ ،‬وِإن َرَأ ْي ُتمُونِي َع َلى بَاطِ ٍل َف َس ِّد ُدونِي‪َ ،‬أطِ يعُونِي َما َأ َطعْ ُ‬
‫الض"عِيفُ َح َّتى آ ُخ" َذ‬
‫ِي َّ‬ ‫اع" َة لِي َع َلي ُكم‪َ ،‬أالَ ِإنَّ َأ ْق" َ"وا ُكم عِ ْن" د َ‬‫ص" ْي ُت ُه َفالَ َط َ‬
‫َفِإن َع َ‬
‫الح" َّق مِن"هُ‪َ ،‬أقُ""و ُل َق""ولِي ه" َ"ذا‬
‫"ويُّ َح َّتى آ ُخ" َذ َ‬ ‫الح" َّق َل"هُ‪َ ،‬وَأ ْ‬
‫ض" َع َف ُكم عِ ْن" د َ‬
‫ِي ال َق" ِ‬ ‫َ‬
‫َوَأسْ َت ْغ ِف ُر َ‬
‫هللا لِي َو َل ُكم‪.‬‬

‫معاني المفردات‬
‫‪ :‬بويعت باحلالفة‬ ‫وليت عليكم‬

‫‪ :‬لست بأفضلكم وأحسنكم‬ ‫لست خبريكم‬

‫‪ :‬الثابت وال شك عكسه الباطل‬ ‫احلق‬

‫‪ :‬ما ال ثبات له عكسه احلق {جاء احلق وزهق الباطل إن الباطل كان‬ ‫الباطل‬

‫زهوقا}‬

‫‪ :‬أيدوين ساعدوين‬ ‫أعينوين‬

‫‪ :‬ارشدوين وقوموين للصواب‬ ‫سددوين‬

‫‪ :‬ال جيب عليكم أن تطيعوين‬ ‫ال طاعة يل عليكم‬

‫‪18‬‬ ‫تشيك عبد المجيد بن تشيك عمر‬

‫خطبة أبي بكر‬ ‫نصوص أدبية‬

‫شرح الخطبة‬

‫خياطب أبو بكر الن‪II I I I‬اس ق‪II I I I‬ائال هلم ‪ :‬لقد جعلتم‪II I I I‬وين خليفة لكم وكلفتم‪II I I I‬وين هبذا األمر مع أنين لست‬

‫بأفض‪II‬لكم‪ ،‬ويطلب منهم أن يس‪II‬اعدوه إذا رأوه حيكم ب‪II‬احلق‪ ،‬وأن يرش‪II‬دوه إىل الص‪II‬واب إذا رأوه يسري‬

‫يف طريق الباط ‪II‬ل‪ ،‬وأن يطيع ‪II‬وه م ‪II‬ادام يطيع اهلل وال ي ‪II‬أمرهم إال مبا أم ‪II‬رهم به اإلس ‪II‬الم‪ ،‬أما إذا عصى اهلل‬

‫شرع اهلل فليس عليهم أن يطيعوه‪.‬‬

‫وأمرهم مبا خيالف ْ‬

‫مث ي‪II‬بني أبو بكر الص‪II‬ديق أن مقي‪II‬اس‪ 1‬الق‪II‬وة والض‪II‬عف عن‪II‬ده هو احلق‪ ،‬فص‪II‬احب احلق عن‪II‬ده الق‪II‬وي ولو‬

‫كان ضعيفا حىت يأخذ له حقه‪ .‬وصاحب الباطل عنده الضعيف ولو كان قويا حىت يأخذ احلق منه‪.‬‬

‫أخريا خيتم خطبته بطلب املغفرة من اهلل له وللحاضرين معه‪I.‬‬

‫التعريف بالخطيب‬

‫هو عبد اهلل بن أيب قحافة عثم‪II I‬ان بن ع‪II I‬امر من قبيلة تيم بن م ‪II I‬رة بن كعب من ق‪II I‬ريش‪ ،‬ولد يف الس ‪II I‬نة‬

‫الثالثة من مولد النيب ‪ ‬ولقبه الرسول بالص‪I‬ديق ألنه أول من ص‪ّ I‬دقه وآمن به من الرج‪II‬ال وص‪I‬دق حبادثة‬

‫اإلس‪II‬راء واملع‪II‬راج‪ .‬وله أي‪II‬اد بيض‪II‬اء يف مس‪II‬اعدة الض‪II‬عفاء من املس‪II‬لمني وحترير األرق‪II‬اء‪ ،2‬ص‪II‬ديق النيب ‪‬‬

‫ورفيقه يف اهلجرة ووالد عائشة أم املؤمنني‪.‬‬

‫كان أول اخللفاء الراشدين اختاره املسلمون بعد أن جنح يف حسم‪ 3‬النزاع بينهم على منصب اخلالفة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ميزان‬
‫‪2‬‬
‫مفرده رقيق ‪ :‬مملوك عبد‬
‫‪3‬‬
‫تحليل وقطع‬

‫‪19‬‬ ‫تشيك عبد المجيد بن تشيك عمر‬

‫خطبة أبي بكر‬ ‫نصوص أدبية‬

‫وت‪II I‬ويف يف الس‪II I‬نة الثالثة عش‪II I‬رة من اهلج‪II I‬رة وعم‪II I‬ره ثالث وس‪II I‬تون س‪II I‬نة‪ ،‬ودفن يف املدينة املن‪II I‬ورة جبوار‬

‫الرسول ‪‬وبقي يف اخلالفة سنتني وثالثة أشهر‪ ،‬اس‪II‬تطاع خالهلا أن يوحد األم‪II‬ة‪ ،‬وأن يُعيد املرت‪II‬دين إىل‬

‫اإلسالم وكان فصيحا ولذا كانت ُخطبه جيدة مؤثرة مقنعة‬

‫األفكار التي اشتمل عليها النص‬

‫إنه ف‪II I‬رد ع ‪II I‬ادي من أف‪II I‬راد املس‪II I‬لمني وليس خ‪II I‬ريا منهم وال فضل له عليهم‪ .‬وه‪II I‬ذا ي‪II I‬دل على‬ ‫‪.1‬‬

‫تواضع اخلليفة‪.‬‬

‫التش‪II I I‬اور بني احلاكم واحملك‪II I I‬وم وإب‪II I I‬داء‪ 4‬النُصح للح‪II I I‬اكم حيث طلب أبو بكر إىل الن ‪II I‬اس أن‬ ‫‪.2‬‬

‫يراقبوا أعماله‪ ،‬وعليهم إعانته إذا أحسن‪ ،‬وتقوميه إذا أساء‪.‬‬

‫ال طاعة ملخل‪II I I I‬وق يف معص‪II I I I‬ية اخلالق ولو ك‪II I I‬ان حاكما حيث أم‪II I I I‬رهم أبو بكر بإطاعته ما دام‬ ‫‪.3‬‬

‫متمسكا بأحكام اهلل ومبعصيته وإنكاره إن عصى اهلل‪.‬‬

‫أنه سريعى العدل واملس‪II‬اواة بني الن‪I‬اس يف احلق‪I‬وق والواجب‪I‬ات‪ ،‬وإن م‪II‬يزان ه‪II‬ذا الع‪I‬دل هو احلق‬ ‫‪.4‬‬

‫ال القوة وال اجلاه وال املال‪ .‬فصاحب احلق قوي عنده وإن كان يف نظر الناس ض‪I‬عيفا‪ ،‬والض‪I‬عيف عن‪I‬ده‬

‫هو سالب احلق وإن ظنه الناس وجيها‪.‬‬

‫التعليق والنقد‬

‫يف اخلطبة إجياز تام ولكن معانيها كثرية وألفاظها واضحة‬ ‫‪.1‬‬

‫‪4‬‬
‫إظهار‬

‫‪20‬‬ ‫تشيك عبد المجيد بن تشيك عمر‬

‫خطبة أبي بكر‬ ‫نصوص أدبية‬

‫فيها مقابلة‪ 5‬بليغة بني احلق والباطل وبني الطاعة واملعص ‪II‬ية وبني الض ‪II‬عيف والق ‪II‬وي وبني (آخذ‬ ‫‪.2‬‬

‫احلق له) و (آخذ احلق منه) وكلها حقائق ليس فيها جماز‬

‫ال تكلف يف اللفظ وال زخ‪II I I‬رف‪ 6‬يف األس‪II I I‬لوب وال تص‪II I I‬نع يف التعبري فج‪II I I‬اءت اخلطبة س ‪II I‬هلة‬ ‫‪.3‬‬

‫واضحة فصيحة‬

‫ك‪II‬ان أبو بكر موفقا‪ 7‬يف تلخيص سياسة احلاكم من ع‪II‬دل ورعاية حق‪II‬وق وح‪II‬رص على كرامة‬ ‫‪.4‬‬

‫األمة والتزام الدستور السماوي‬

‫تتجلى يف ه‪II I I‬ذه اخلطبة شخص‪II I I‬ية أيب بكر الف ‪II I‬ذة وص ‪II I‬راحته ومتس‪II I I‬كه مبب‪II I I‬دأ الع ‪II I‬دل واملس ‪II I‬اواة‬ ‫‪.5‬‬

‫واحلرص على مصلحة املسلمني‬

‫من خص ‪II‬ائص الن ‪II‬ثر اإلس ‪II‬المي يف اخلطبة أن تُب ‪II‬دأ حبمد اهلل وخُت تم باالس ‪II‬تغفار إلي ‪II‬ه‪ ،‬وه ‪II‬ذا هنج‬ ‫‪.6‬‬

‫سارت عليه اخلطابة منذ بدء الدعوة‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫[في البالغة] المقابلة ‪ :‬أن يؤتى بمعنيين أو أكثر ثم يؤتى بما يقابل ذلك على الترتيب{فليضحكوا قليال وليبكوا‬
‫كثيرا}‬
‫‪6‬‬
‫تزيين وتحسين‬
‫‪7‬‬
‫مطابقا‬

‫‪21‬‬ ‫تشيك عبد المجيد بن تشيك عمر‬