You are on page 1of 18

‫مجلد‪( 9‬عدد ‪2102/)2‬‬ ‫‪ISSN 2170-0370‬‬ ‫مجلة الباحث في العلوم االنسانية و االجتماعية‬

‫تجديد المقاربات البيداغوجية في المنظومات التربويّة المغاربيّة‪ :‬محاولة في فهم أسس التبيئة ومعيقاتها‬
‫المنظومة التربويّة التونسيّة نموذجا‬
‫د‪ .‬محمد بالراشد‬
‫جامعة جندوبة ‪ -‬تونس‬
‫تاريخ االستبلـ ‪ 2018/11/17 :‬؛ تاريخ ادلراجعة ‪ 2018/12/22 :‬؛ تاريخ القبوؿ ‪2018/12/30 :‬‬

‫ملخص‪:‬‬
‫تعترب ادلقاربات البيداغوجيّة جوىر العمليّة الًتبويّة‪ ،‬فهي اليت رب ّدد طريقة ىندسة الربامج كتأليف الكتب ادلدرسيّة كنوعيّة التقييم فضبل عن توجيهها دلختلف‬
‫كل عمليّة إصبلح على ذبديد ادلقاربة البيداغوجيّة ادلعتمدةمن قبلها حبثا عن ذبويد أدائها‬ ‫أنشطة التعليم كالتعلّم داخل الفصل‪ .‬كذلذا تعمل ادلنظومات الًتبويّة مع ّ‬
‫اذلُت العتبارات عديدة منها ما يتعلّق باحلذر من‬ ‫كعن صلاعة أكرب يف معاجلة ادلشاكل الًتبويّة دبختلف أصنافها‪ ،‬إال أف تبيئة أم مقاربة بيداغوجيّة ليست باألمر ّ‬
‫مكوناتو ادلختلفة‪ .‬كضمن ىذا السياؽ حاكلت ىذه الدراسة‬ ‫اجلديد كاحلنُت إذل ادلقاربات السابقة‪ ،‬كمنها ما يتعلّقباعتبارات تتّصل بادلناخ ادلدرسي العاـ يف ّ‬
‫الوقوؼ عند أبرز ادلقاربات البيداغوجيّة اليت اعتمدهتا ادلدرسة ادلغاربيّة انطبلقا من مثاؿ تونس‪ ،‬ساعية إذل تبياف األسس اليت انبنت عليها كالصعوبات اليت‬
‫اعًتضتها‪ ،‬فضبل عن دكر تلك ادلقاربات يف معاجلة ادلشاكل اليت تُعاين منها ادلنظومة الًتبوية التونسيّة منذ صدكر ّأكؿ قانوف ينظّم العمليّة الًتبويّة يف تونس‬
‫ادلستقلّة (‪ ،)1958‬كصوال إذل آخر قانوف (‪ ،)2002‬ذلك أنّو بقدر ما كاف تغيَت ادلقاربات البيداغوجيّة تعبَتا عن حيويّة ادلنظومة الًتبويّة التونسيّة‪ ،‬بقدر ما‬
‫يتسٌت توظيفها على النحو ادلطلوب‪ ،‬كمن مث تقييمها‪.‬‬ ‫ادللحة لتوفَت ادلناخ ادلبلئم لتوطُت أم مقاربة بيداغوجيّة حىت ّ‬
‫عكس احلاجة ّ‬
‫الكلمات المفاتيح‪ :‬ادلقاربة البيداغوجيّة‪ /‬بيداغوجيا احملتول‪ /‬بيداغوجيا األىداؼ‪ /‬بيداغوجيا الكفايات‪ /‬ادلناخ ادلدرسي‬

‫‪Abstract‬‬
‫‪Pedagogical approaches represent the core of any educational system. They define the method of‬‬
‫‪program design, textbook writing and quality assessment, as well as the various teaching and‬‬
‫‪learning activities in the classroom. Therefore, with each reform, educational systems renew the‬‬
‫‪pedagogical approach adopted in order to improve its performance and reach greater efficiency in‬‬
‫‪addressing different educational problems. However, the contextualisation of any pedagogical‬‬
‫‪approach is in fact challenging for many reasons, including the fear of innovation, the feeling of‬‬
‫‪attachment to previous approaches and other causes related to the overall school environment in its‬‬
‫‪various components. Within this context, the study attempts to address the most prominent‬‬
‫‪pedagogical approaches adopted by the Arab Maghreb school, based on the example of Tunisia,‬‬
‫‪seeking to clarify the foundations as well as the difficulties encountered. It also deals with the role‬‬
‫‪of these approaches in addressing the problems of the Tunisian educational system from the‬‬
‫‪declaration of the first decree that managed education in the newly independent Tunisia (1958) to‬‬
‫‪the latest related law (2002). Insofar as the change of pedagogical methods has been an expression‬‬
‫‪of the vitality of the Tunisian educational system, it reflected the urgent need to provide a more‬‬
‫‪contextualised pedagogical approach.‬‬

‫‪Keywords : pedagogical approach, pedagogy of content, pedagogy of objectives, pedagogy of‬‬


‫‪competencies, school environment..‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫تعترب ادلقاربة البيداغوجيّة عماد العمليّة الًتبويّة‪ ،‬كذلذا عادة ما ترتبط اإلصبلحات الًتبويّة بتغيَت ادلقاربات البيداغوجيّة كذلك هبدؼ‬
‫التم ّكن من التغلّب على ادلصاعب اليت تُعاين منها ادلنظومات الًتبويّة ‪ ،‬كجعل ىذه األخَتة مواكبة من جهة للمستجدات البيداغوجيّة يف‬
‫يظل مثَتا إلشكاليات‬
‫العادل‪ ،‬كمن جهة أخرل مستجيبة النتظارات اجملتمعات من ادلدرسة‪ .‬لكن تغيَت ادلقاربات البيداغوجيّة على أعليّتو ّ‬
‫‪- 311‬‬
‫‪-‬‬
‫تجديد المقبرببت البيداغىجية في المنظىمبت التربىيّة المغبربيّة‪ :‬محبولة في فهم أسس التبيئة ومعيقبتهب‬
‫المنظىمة التربىيّة التىنسيّة نمىذجب‪)123 - 133( ،‬‬
‫______________________________________________________________________________________________________________‬

‫حيث أنّو ال ػلظى دائما بالقبوؿ احلسن من قبل الفاعلُت الًتبويُّت السيما منهم ادلعلّمُت‪ ،‬كما ال ػلوز دائما على رضا األكليا‪ ،،‬كذلذا‬
‫كانت كل عمليّة تغيَت ادلقاربة البيداغوجيّة دكماموضع شكوؾ كانتقادات من قبيل "ربويل ادلدرسة إذل حقل ذبارب"‪ ،‬نتيجة "استَتاد‬
‫توجهات معيّنة على ادلنظومات الًتبويّة الوطنيّة األمر‬
‫مقاربات بيداغوجيّة ال تنسجم مع كاقعنا"‪ ،‬كنتيجة "الرضوخ لفاعلُت دكليُّت ؽللوف ّ‬
‫الذم يه ّددىا بفقداف ىويّتها"‪ ،‬كما أف ىذه ادلقاربات "تًتجم مشاريع شخصيّة كثَتا ما تزكؿ بتغيَت أصحاهبا من الوزرا‪..."،‬اخل‪ .‬األمر‬
‫الذم غلعل من توطُت مقاربة بيداغوجية يف الواقع ادلغاريب كيف الواقع التونسي بصفة خاصة يعرؼ صعوبات كربل عامة‪ .‬كضمن ىذا‬
‫السياؽ تبحث ىذه الدراسة عمليّة تبيئة ادلقاربات البيداغوجيّة بادلدرسة ادلغاربيّة انطبلقا من ادلثاؿ التونسي‪ ،‬كأثر ذلك على صلاعة العمليّة‬
‫الًتبوية ‪.‬‬

‫اإلشكالية‪:‬‬
‫يظل احلنُت إذل نوع من ادلقاربات البيداغوجيّة‬
‫إذا كاف ذبديد ادلقاربات البيداغوجيّة أمرا ال غٌت عنو بالنسبة إذل ادلنظومات الًتبويّة‪ ،‬فلماذا ّ‬
‫مسيطرا؟ دبعٌت إذا كاف من بديهيّات الفعل الًتبوم تطوير ادلقاربات البيداغوجيّة كتغيَتىا حىت يتم ّكن من ذباكز التح ّديات ككسب‬
‫تظل الريبة سائدة كالشك قائما كلّما تعلّق األمربتغيَت مقاربة بيداغوجيّة؟ يستدعي البحث يف أجوبة ذلذه اإلشكاليّة‬ ‫الرىانات فلماذا ّ‬
‫اعتماد مثاؿ زل ّدد كمن ىنا يتأتّى التساؤؿ ‪ :‬إذل أم ح ّد صلحت ادلنظومة الًتبويّة التونسيّة يف تبيئة تلك ادلقاربات البيداغوجيّة؟‪ ،‬كأم دكر‬
‫لعبتو ىذه ادلقاربات فيمعاجلة الصعوبات الكربل اليت تعاين منها تلك ادلنظومة من قبيل االنقطاع كالفشل ادلدرسيُت كمن قبيل ضعف‬
‫التحصيل لدل ادلتعلّمُت فضبل عن ادلفارقة بُت سلرجات ادلدرسة كمتطلّبات سوؽ الشغل‪ ،‬كىل جعلت من ادلدرسة التونسيّة مواكبة‬
‫للتغَتات الكربل اليت يعيش على كقعها عادل الًتبية يف العادل؟‬
‫ّ‬
‫الفرضيات‪:‬‬

‫‪ -‬ال يعترب تغيَت ادلقاربات البيداغوجيّة غاية يف ح ّد ذاتو‪ ،‬كإّظلا يعكس تفاعل ادلنظومة الًتبويّة مع ّ‬
‫تغَتات زليطها االجتماعي من‬
‫كتغَتات احلقل الًتبوم يف العادل من ناحية أخرل‪.‬‬‫ناحية‪ّ ،‬‬
‫‪ -‬تع ّد التجربة التونسيّة ذات رصيد ثرم من ناحية ادلقاربات البيداغوجيّة ادلعتمدة‪ ،‬كلكن ىذا الثرا‪ ،‬دل تقابلو صلاعة كربل يف أدا‪،‬‬
‫ادلنظومة الًتبويّة التونسيّة‪.‬‬
‫‪.1‬في معنى المقاربة البيداغوجيّة وأهميّتها في العملية التربوية‪:‬‬
‫تأسست‬ ‫موجو ينظّم الوضعيات التعليميّة – التعلّمية‪ ،‬سعيا لتحقيق األىداؼ ادلرسومة‪ ،‬كمن أجل ذلك ّ‬‫تعترب ادلقاربة البيداغوجيّة "دبثابة ّ‬
‫معُت باعتماد إجرا‪،‬ات كاستخداـ صيغ تطبيقيّة‪ .‬كللمقاربة البيداغوجيّة تأثَت‬
‫يتم دبقتضاىا معاجلة ادلشكلة أك ربقيق ىدؼ ّ‬
‫على عمليّات ّ‬
‫ىاـ يف حفز ادلتعلّم للقياـ بع ّدة أنشطة كعلى التفاعل مع موضوع التعلّم كسياقو بشكل عاـ" (العمارم‪ ،‬ص‪ .)130 ،2015 ،‬دبعٌت أف‬ ‫ّ‬
‫تتكوف من رلموعة من ادلبادئ اليت يقوـ عليها إعداد برنامج دراسي‪ ،‬ككذا اختيار‬ ‫اليت ّ‬ ‫ادلقاربة البيداغوجيّة ىي "القاعدة النظريّة ّ‬
‫ادلوجو كادلنظّم للعمليّة التعليميّة – التعلّمية يف سلتلف‬
‫اسًتاتيجيّات التعليم كالتقييم" (عزيزم‪،‬ع‪ .)147 ،2003،‬كىي بذلك تش ّكل ّ‬
‫مراحلها بد‪ ،‬من ىندسة الربامج‪ ،‬كصوال إذل التقييم كمركرا بأنشطة التعلّم كاسًتاتيجياتو‪ ،‬فضبل عن قدرهتا "على مساعدة ادلتعلّم على‬
‫لعل ذلك ما‬‫ادلدرس على القياـ دبهامو التعليميّة يف إطار تربوم مبلئم" (العمارم‪ ،‬ص‪ .)130 ،2015 ،‬ك ّ‬‫االكتساب كالبنا‪ ،،‬كمساعدة ّ‬
‫دفع الكثَتين إذل القوؿ إف " بلوغ أىداؼ طموحة يقتصر بالدرجة األكذل على اعتماد مقاربات بيداغوجيّة مناسبة تتماشى كربقيق‬

‫‪- 312‬‬
‫‪-‬‬
‫مجلد‪( 9‬عدد ‪2102/)2‬‬ ‫‪ISSN 2170-0370‬‬ ‫مجلة الباحث في العلوم االنسانية و االجتماعية‬

‫تبٍت كل إصبلح تربوم‬


‫يفسر إذل ح ّد كبَت ّ‬
‫أقل م ّدة زل ّددة" (العمارم‪ ،‬ص‪ .)130 ،2015 ،‬كىو ما ّ‬
‫األىداؼ الكربل للمدرسة يف ّ‬
‫أقل كقت شلكن‪.‬‬
‫دلقاربة بيداغوجيّة معيّنة عساىا سب ّكن من ربقيق األىداؼ ادلرسومة يف ّ‬
‫‪ .2‬في دواعي تجديد المقاربات البيداغوجيّة‪:‬‬
‫بقوة ادلقاربات البيداغوجيّة ادلعتمدة يف التحليل‬‫يعترب الباحث ادلغريب عبد اللطيف اخلمسي أف "مشركعيّة كل إصبلح تربوم تتح ّدد ّ‬
‫كالتشخيص كالعبلج" (اخلمسي‪،‬ع‪ .)31 ،2010 ،‬دبعٌت أف جوىر أم إصبلح تربوم ىو ادلقاربة البيداغوجيّة ادلعتمدة‪ ،‬أك باألحرل‬
‫يستم ّد اإلصبلح الًتبوم أعليّتو باألساس من طبيعة ادلقاربة البيداغوجيّة اليت يتبنّاىا‪ .‬كمن ىنا يبدك ذبديد ادلقاربات البيداغوجيّة مربّرا‬
‫باعتباره يرتبط بعمليّة إصبلح‪ .‬كلكن مثل ذلك الكبلـ على كجاىتو ال يكفي لتربير العمل على تغيَت ادلقاربات البيداغوجيّة كذبديدىا‪.‬‬
‫يتنزؿ يف سياؽ الرغبة‬‫التعمق يف ادلسألة‪ ،‬يبدك ارتباط ذبديد ادلقاربات باإلصبلح الًتبوم منطقيّا كمقبوال‪ ،‬فاإلصبلح الًتبوم عادة ما ّ‬
‫دبزيد ّ‬
‫يف ذباكز الصعوبات دبختلف أنواعها‪ ،‬كرسم أىداؼ جديدة تركـ ادلنظومة الًتبويّة ربقيقها خبلؿ فًتة زمنيّة زل ّددة‪ .‬دبعٌت أف كرا‪ ،‬تغيَت‬
‫ادلقاربة البيداغوجيّة تكمن صعوبات كتطلّعات متع ّددة األبعاد‪ .‬كمن الصعوبات مثبل ؽلكن ذكر ضعف ربصيل التبلميذ‪ ،‬كاالنقطاع ادلب ّكر‬
‫عن الدراسة‪ ،‬كانتشار سلتلف أظلاط السلوؾ احملفوؼ بادلخاطر كما يصاحبها من ظواىر من قبيل العنف (البدين كاللفظي)‪ .‬ك ّأما التطلّعات‬
‫فتشمل من ناحية أكذل مواكبة ادلستج ّدات الًتبويّة العادليّة كاالرتقا‪ ،‬بأدا‪ ،‬ادلنظومة الًتبويّة كلكن أيضا للتطلّعات كجو آخر ىو مواكبة‬
‫للتغَتات ادلتّصلة بالطفل‪ /‬ادلتعلّم باعتبار أف لذلك كقعا بصورة أك بأخرل على منطق اشتغاؿ ادلنظومة الًتبويّة‬ ‫ّ‬ ‫ادلقاربات البيداغوجيّة‬
‫تطورات العلوـ احلافة بالًتبية كالسيما منها العلوـ اإلنسانيّة‪ .‬كعليو‪ ،‬جاز القوؿ‪ ،‬إف كرا‪،‬‬
‫كطبيعتو‪ ،‬إضافة إذل الرغبة يف االستفادة من ّ‬
‫متنوعة منها ما يتّصل بالسعي إذل التغلّب على الصعوبات اليت تواجهها كمنها ما يتعلّق‬ ‫ذبديد ادلقاربات البيداغوجيّة يف العادل اليوـ عوامل ّ‬
‫بأبعاد أخرل نوردىا عل النحو اآليت‪:‬‬
‫‪ ‬مواكبة المستج ّدات الحقوقيّة المتعلّقة بحقوق الطفل على وجه التحديد‪ ،‬فانتشار ثقافة حقوؽ الطفل‪ ،‬ساىم إذل ح ّد ما‬
‫يف زعزعة تلك النظرة اليت كثَتا ما اختزلتو يف متعلّم سليب متقبّل للمعلومات اليت يق ّدمها لو ادلعلّم‪ .‬دبعٌت أف الطفل كمن كمنظور‬
‫حقوقي دل يعد متقبّبل للمعلومات ال غَت‪ ،‬بل بات شريكا يف بنا‪ ،‬عمليّة التعليم كالتعلّم‪ .‬كىذه الشراكة اليت ضمنتها لو‬
‫تشريعات عديدة مثل االتفاقية الدكلية حلقوؽ الطفل (‪ )1989‬على الصعيد الدكرل‪ ،‬كرللة ضباية الطفل (‪ )1995‬على‬
‫الصعيد الوطٍت التونسي‪ ،‬تفرض على ادلدرسة األخذ بعُت االعتبار منظومة حقوؽ الطفل‪ .‬كبالتارل ذبربىا على تغيَت منطق‬
‫ظل زلكوما بعبلقة الشيخ بادلريد‪.‬‬
‫اشتغاذلا الذم ّ‬
‫ادلتفرقة من أجل التأسيس دلعرفة‬ ‫‪ ‬االستفادة من مجلوبات علم النفس التربوي‪ .‬فقد ّ‬
‫اىتم ىذا العلم بتجميع ادلعارؼ النظريّة ك ّ‬
‫أفضل بالطفل كأخذ التقنيات البيداغوجيّة بعُت االعتبار‪ ،‬بشكل يسمح بقيادة أم نشاط تربوم معقلن" (اخلطايب‪ ،‬ع‪،‬‬
‫‪ .)8 ،2010‬دبعٌت أنّو دل يعد مقبوال أال تستفيد ادلمارسة الًتبويّة يف ادلدرسة عامة كيف الفصل على كجو التحديد من رللوبات‬
‫ىذا العلم ذم اإلضافة النوعيّة يف فهم مرحلة الطفولة كخصوصياهتا‪.‬‬
‫‪ ‬االستفادة من مجلوبات علوم إنسانيّة ذات صلة بالحقل التربوي وخاصة منها علم االجتماع‪ .‬فقد ّبُت ىذا األخَت أف‬
‫عرب عنو بيار بورديو بإعادة اإلنتاج ‪la‬‬
‫منطق اشتغاؿ ادلدرسة احلديثة أفضى هبا يف هناية ادلطاؼ إذل إشكاليات كربل منها ما ّ‬
‫‪ reproduction‬كاليت تعٍت أف أبنا‪ ،‬الفئات احملظوظة كانوا األكثر استفادة من ادلدرسة مقارنة بزمبلئهم ادلنحدرين من‬
‫عرب عنو آالف توراف بانتصار ادلدرسة إذل التنشئة االجتماعيّة‪la socialisation‬‬
‫األكساط االجتماعيّة غَت احملظوظة‪ .‬كمنها ما ّ‬

‫‪- 313‬‬
‫‪-‬‬
‫تجديد المقبرببت البيداغىجية في المنظىمبت التربىيّة المغبربيّة‪ :‬محبولة في فهم أسس التبيئة ومعيقبتهب‬
‫المنظىمة التربىيّة التىنسيّة نمىذجب‪)123 - 133( ،‬‬
‫______________________________________________________________________________________________________________‬

‫تبٍت‬
‫على حساب بنا‪ ،‬الذات الفاعلة ‪ la construction du sujet‬لدل ادلتعلّم‪ .‬كمثل ىذا النقد ػلتّم على ادلدرسة ّ‬
‫مقاربات بيداغوجيّة تأخذ بعُت االعتبار تنمية ذات ادلتعلّم‪.‬‬
‫تطور علم التواصل‪ ،‬كضمن ىذا السياؽ يكوف من الوجيو أف تستفيد ادلنظومة الًتبويّة من مكاسب ىذا العلم‬ ‫‪ ‬االستفادة من ّ‬
‫كاليت جعلت العمليّة التواصليّة متع ّددة ادلسارات بعد أف كانت أحاديّة ادلسار‪ .‬فالتواصل دل يعد قائما على ثنائيّة باث كمتقبّل‬
‫فحسب كإّظلا غدا عمليّة مرّكبة تشتمل على التفاعل كالتقاسم كالتشارؾ‪ ،‬كىي عناصر على قدر عاؿ من األعليّة باعتبارىا ذبعل‬
‫من التواصل عمليّة أساسيّة يف احلقل الًتبوم‪ ،‬أك إذا ما استعرنا عبارة آالف توراف ذبعل االستفادة من رللوبات علم التواصل‬
‫ربوؿ "من الرسالة إذل التواصل‪،‬‬
‫ادلدرسة مدرسة تواصل ‪ ،une école de communication‬كىي تسمية تشَت إذل ّ‬
‫كىو تغيَت يف الوجهة نكوف سلطئُت إف اكتفينا بالنظر إذل تأثَتاتو السلبية فقط")‪ ،(Touraine,A, 1997,p461‬دبعٌت‬
‫يتم إعطا‪ ،‬احلظوة للتواصل بُت الفاعلُت‬
‫مهما أف تكتفي ادلدرسة بالًتكيز على مضموف الرسالة الًتبويّة‪ ،‬بقدر ما ّ‬ ‫أنّو دل يعد ّ‬
‫ألهنا كانت مركزة‬
‫عرؼ كبقوة برسالتها ال بتواصلها‪ ،‬فذلك ّ‬ ‫الًتبويُّت‪ ،‬ألنّو كمثلما أشار إذل ذلك آالف توراف "إذا ظلّت ادلدرسة تُ ّ‬
‫على اجملتمع ال على صبهورىا‪ ،‬دبعٌت على القيم كادلعايَت كالًتاتبيّات كادلمارسات اليت تبٍت النظاـ االجتماعي‪ ،‬كاليت من خبلذلا‬
‫ترغب ادلدرسة يف تكوين الطفل كربويلو إذل كائن اجتماعي‪ .‬كيف ادلقابل ال ؽلكن أف نتحدث عن مدرسة الذات الفاعلة دكف‬
‫الدفاع عن مدرسة التواصل"‪ (Touraine, 1997,461).‬فادلقاربات البيداغوجيّة تتأثّر بطريقة مباشرة أك غَت مباشرة‬
‫بالتطور احلاصل يف رلاؿ التواصل‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ ‬االستفادة من مجلوبات النموذج االقتصادي‪ ،‬ؽلكن القوؿ اليوـ إف "النموذج االقتصادم للتسيَت كالتدبَت ادلقًتف دبفاىيم‬
‫الفعاليّة كادلردكديّة كاجلودة‪ ،‬كظلوذج العلوـ ادلعرفيّة ادلرتبط دبفاىيم القدرات الذىنيّة كالتمثّبلت‪ ،‬أصبحا علا ادلهيمنُت يف حقل‬
‫التطور الذم عرفو النموذج االقتصادم فرض مفاىيم جديدة على احلقل‬ ‫التنظَت ادلذكور" (اخلطايب‪ ،‬ع‪ ،)8 ، 2010 ،‬أم أف ّ‬
‫الًتبوم من أبرزىا اجلودة‪ ،‬كمن مث ال غلوز اختزاؿ رسالة ادلدرسة اليوـ يف نقل ادلعارؼ من ادلعلّمُت إذل ادلتعلّمُت‪.‬‬
‫متغَتا باستمرار كبسرعة‪ ،‬األمر الذم يفرض على األفراد اكتساب‬ ‫تحوالت عالم الشغل؛ حيث صار ىذا العادل ّ‬ ‫‪ ‬مسايرة ّ‬
‫مرات كثَتة‪ ،‬األمر الذم‬
‫زبوؿ ذلم التكيّف مع ذلك الواقع الذم قد يدفع بالكثَتين منهم إذل تغيَت مهنهم ّ‬ ‫كفايات متع ّددة ّ‬
‫ربوالت عادل الشغل رب ّديا آخر للمدرسة‪ ،‬كلطريقة‬
‫يستوجب تكوينا خاصا يتيح فرصة التعلّم مدل احلياة‪ .‬كبعبارة أخرل سبثّل ّ‬
‫اشتغاذلا‪.‬‬
‫كقد صلم عن ىذا التفاعل بُت ادلمارسة الًتبويّة كالعلوـ اإلنسانيّة كاالنتظارات الفرديّة كاجملتمعيّة‪ ،‬بركز مقاربات بيداغوجيّة ترصبت من ناحية‬
‫ادلؤسسة إذل تقدمي أجوبة عن التح ّديات ادلطركحة عليها‬
‫ادلؤسسة الًتبويّة يف تطوير آليات اشتغاذلا‪ ،‬كمن ناحية أخرل سعي تلك ّ‬ ‫رغبة ّ‬
‫على الصعيدين الوطٍت كالعادلي‪.‬‬
‫‪.3‬المقاربات البيداغوجية‪ :‬نماذج‬
‫ادلوجهة‬
‫خبلؿ مسَتة ادلدرسة ادلعاصرة‪ ،‬عمدت ‪-‬كيف تفاعل مع العوامل اليت سبقت اإلشارة إليها‪ -‬إذل تغيَت ادلقاربات البيداغوجيّة ّ‬
‫للممارسات الًتبويّة ككاف من أبرز تلك ادلقاربات ما يأيت‪:‬‬

‫‪ -‬بيداغوجيا المحتوى‪:‬‬
‫ىي "بيداغوجيا ترّكز على جعل ادلتعلّم يتلقى ادلعارؼ كؼلتزهنا كغاية يف ذاهتا من أجل إعادهتا يوـ االمتحاف"(رلاىد‪ ،‬ع‪.)2011،25 ،‬‬
‫مهمة من تاريخ األنظمة الًتبويّة حيث ارتبطت عمليّات التدريس يف األنظمة الًتبويّة التقليديّة‬
‫جسدت ىذه البيداغوجيا مرحلة ّ‬ ‫كقد ّ‬

‫‪- 314‬‬
‫‪-‬‬
‫مجلد‪( 9‬عدد ‪2102/)2‬‬ ‫‪ISSN 2170-0370‬‬ ‫مجلة الباحث في العلوم االنسانية و االجتماعية‬

‫ب"تلقُت ادلعارؼ كنشرىا بُت التبلميذ" (منصف‪ ،‬ع‪ .)38 ،2007 ،‬كبذلك تتّسم ىذه ادلقاربة البيداغوجيّة بالًتكيز على "كيفيّة نقل‬
‫ادلدرس للمعرفة‪ ،‬كليس حوؿ كيفيّة اكتساب ادلتعلّم دلعرفة كظيفيّة ؽلكن تفعيلها خارج فضا‪ ،‬التكوين" (رلاىد‪ ،‬ع‪.)25 ،2001 ،‬‬
‫ّ‬
‫تأسست طرؽ التدريس فيها على ما أمساه لوم نو‪" Louis Not‬قاعدة‬ ‫لقد أكلت ىذه ادلقاربة اىتماما كبَتا للتنشئة االجتماعيّة‪ ،‬كذلذا ّ‬
‫التقليد الفاعل" (منصف‪ ،‬ع‪ ،) 38 ،2007 ،‬اليت تقوـ على "نقل ادلعلومات كترسيخها بُت األجياؿ تثبيتا للتقليد الثقايف للمجتمع‪،‬‬
‫فمن يعرؼ ينقل ادلعرفة دلن ال يعرؼ" (منصف‪ ،‬ع‪ .)2007،38،‬دبعٌت أف بيداغوجيا احملتول تقوـ على مبدأ رئيسي كىو أ ّف ادلدرسة‬
‫الصم كالتلقُت‪ ،‬حيث "يتعلّم التلميذ حبسب ىذا النظاـ الطاعة‬
‫تع ّد للحياة‪ ،‬كليست ىي احلياة ذاهتا‪ ،‬كمن مث اعتمدت على أسلوب ّ‬
‫ادلطلقة أكال‪ ،‬مث مبادئ القرتابة كمبادئ احلساب بأسلوب الصم كالتلقُت‪ .‬كمن خبلؿ الطاعة ادلطلقة‪ ،‬حبسب تعليمات ادلدرسة ادلتش ّددة‪،‬‬
‫مثل تنظيم أكقات الدكاـ‪ ،‬كأكقات النوـ كأكقات الفراغ كقواعد السلوؾ كقوائم ادلمنوعات الطويلة‪ ،‬يتعلّم التلميذ شيئا آخر يطلق عليو‬
‫يؤدم اعتماد بيداغوجيا احملتول على التلقُت ثبلث ككظائف أساسيّة‬
‫ايلتش ادلنهج اخلفي" (النقيب‪ ،‬خ‪ .)285 ،1997 ،‬كبعبارة مغايرة ّ‬
‫ىي (منصف‪ ،‬ع‪:)39 ،2007 ،‬‬
‫يؤمن ىيمنة‬
‫أ‪ -‬كظيفة احملافظة على الثقافة كااليديولوجيا السائدتُت اللّتُت غلب نقلهما لؤلطفاؿ ضمانا الستمرار اجملتمع‪ ،‬كىذا ّ‬
‫جيل على جيل آخر‪.‬‬
‫يتحوؿ إذل سلطة ثانية‬
‫فادلدرس بوصفو أداة بشريّة زلافظة على ادلعرفة كناقلة ذلا ّ‬
‫ادلؤسسة الًتبويّة‪ّ ،‬‬
‫ادلدرس ك ّ‬
‫ب‪ -‬كظيفة السلطة‪ ،‬سلطة ّ‬
‫تنضاؼ إذل سلطة ادلعرفة االجتماعيّة‪ .‬إنّو يستم ّد سلطتو الديداكتيكيّة من سلطة ادلنت الذم ؼلتزنو كيُشيعو بُت األطفاؿ‬
‫يدرسها ذات مكانة متميّزة داخل الثقافة ادلدرسيّة‪.‬‬
‫كالتبلميذ‪ .‬فهو يعترب "مادتو" اليت ّ‬
‫ت‪ -‬كظيفة ديداكتيكيةترتبط دبختلف أنشطة التدريس كعملياتو كأدكاتو كتأخذ الوظيفة الديداكتيكية لنقل ادلعرفة شكل رلموعة من‬
‫فيعرب بشكل مباشر عن اسًتاتيجيتو البيداغوجيّة اخلاصة"‪.‬‬
‫الوظائف اجلزئيّة كيرتّبها ّ‬
‫كلعل ىذه اخلصائص اليت اتّسمت هبا بيداغوجيا احمل تول ىي اليت دفعت البعض إذل اعتبارىا "بيداغوجيا ال تعَت أم اىتماـ إذل‬ ‫ّ‬
‫ادلدرس كبطريقتو كزلتول ما يق ّدمو ىذا األخَت‪،‬‬
‫كهتتم فقط دبا يقوـ بو ّ‬ ‫الطفل الذم يعترب حجر الزاكية يف البيداغوجيا احلديثة‪ّ .‬‬
‫كبالتارل فالتلميذ ػلكم عليو يف إطار البيداغوجيا التقليديّة بأف يكوف مستهلكا بسيطا للمنتوجات الًتبويّة" (رلاىد‪ ،‬ع‪، 2011 ،‬‬
‫‪.)25‬‬
‫ادلدرس يشرح‬
‫تقوـ مقاربة احملتول (مقاربة ادلضامُت)‪ ،‬على أساس مركزية احملتويات‪" ،‬فالنمط البيداغوجي هبا تقليدم‪ ،‬حيث أف ّ‬
‫يتدرب‪ ،‬يعيد ما حفظو‪ .‬فادلتلقي ىنا يقوـ بعمليتُت‬
‫الدرس‪ ،‬ينظّم ادلسار‪ ،‬كينجز ادلذ ّكرات كيكوف الطالب متلقيا‪ ،‬يستمع‪ ،‬ػلفظ‪ّ ،‬‬
‫كما كنوعا‪ ،‬كادلرحلة الثانية استحضار ىذه ادلعرفة حاؿ ادلسا‪،‬لة" (نصَتة‪ ،‬س‪ ،‬كتارل‪ ،‬ج‪ .) ،‬دبعٌت أف‬
‫األكذل اكتساب ادلعرفة اجلاىزة ّ‬
‫التدريس كفق ىذه ادلقاربة يقوـ على التخزين كاالستحضار‪ ،‬أك على احلفظ كالتذ ّكر‪ .‬كبالتارل فهو ؼلاطب بعض ادلراقيالعرفانية ال‬
‫غَت‪.‬‬
‫كلعل األىم من ذلك ىو أف التدريس كفقا لبيداغوجيا احملتول يتجاكز نقل ادلعرفة إذل تأمُت "كظيفة اجتماعيّة‪ ،‬كليست عمليّة نقل‬
‫ّ‬
‫ادلعارؼ كتلقينها سول مظهر خارجي ذلذه الوظيفة" (منصف‪ ،‬ع‪ .)40 ،‬كيظهر "عرب األظلاط الديداكتيكيّة لبيداغوجيا ادلعرفة أف‬
‫ادلدرس كأمكنة التبلميذ‪ ،‬بُت كضعيّة‬
‫ادلدرس) زبلق فراغات داخل اجملاؿ ادلدرسي بُت أمكنة ّ‬ ‫سلطة ادلعرفة ادلدرسيّة(كما اجلسد ّ‬
‫ادلدرس كخطاب التلميذ‪...‬اخل‪ ،‬داخل ىذا اإلطار يظهر أف اخلطاب الوحيد ادلمكن ىو‬ ‫ادلدرس ككضعيات التلميذ ‪ ،‬كبُت خطاب ّ‬ ‫ّ‬
‫التدخل كالتوجيو كالتقومي كالعقاب" (منصف‪ ،‬ع‪.)41 ،‬‬
‫خطاب ادلعرفة‪ ،‬كأف من ؽلتلكو ىو من ؽلتلك القدرة على ّ‬

‫‪- 315‬‬
‫‪-‬‬
‫تجديد المقبرببت البيداغىجية في المنظىمبت التربىيّة المغبربيّة‪ :‬محبولة في فهم أسس التبيئة ومعيقبتهب‬
‫المنظىمة التربىيّة التىنسيّة نمىذجب‪)123 - 133( ،‬‬
‫______________________________________________________________________________________________________________‬

‫كرست بيداغوجيا احملتول مسار تواصل عمودم يقوـ على نقل احملتول ادلعريف شلن يعرؼ دلن ال يعرؼ‪ ،‬كدل تبحث عن كيفيّة‬ ‫لقد ّ‬
‫نقل اكتساب الطفل للمعرفة‪ .‬كمن ىنا ؽلكن القوؿ إف "السلطة يف ىذه البيداغوجيا ادلسماة تقليديّة ‪ traditionnelle‬ذبد‬
‫مشركعيتها يف جانب ادلعرفة" )‪ .(Bahloul, M,2010,67‬دبعٌت أف على التبلميذ أف ؼلضعوا ذلذه السلطة كأف ينصتوا إذل‬
‫خطاب ادلعلّم على أنو دبثابة كلمات مق ّدسة‪ ،‬فاألمر يتعلّق بوظائف متداخلة فعبل‪ :‬نقل معرفتو كتغيَت اآلخر‪ .‬كمن الواضح أف‬
‫خصائص ىذه العبلقة البيداغوجيّة تتمحور‪ -‬إذا ما استخدمنا عبارة ميشاؿ فوكو (‪ )1980‬حوؿ ثنائية ادلعرفة ‪ /‬السلطة‪ .‬فادلعرفة‬
‫ع السلطة ادلمنوحة للمعلّم" )‪.(Bahloul,M,2010,68-69‬كمن ىنا جا‪ ،‬نقد ىذه ادلقاربة نقدا الذعا حيث اعترب‬ ‫تشر ّ‬
‫ادلؤسسات تكرس ادلنهج اخلفي‬ ‫حولت ادلدرسة إذل سجن (فوكو)‪ ،‬كدعا آخركف إذل رلتمع ببل مدارس طادلا أف ىذه ّ‬ ‫البعض أهنا ّ‬
‫(ايليتش)‪.‬‬
‫‪+‬بيداغوجيا األهداف‪:‬‬
‫طورىا تايلور (‪ ،)1949‬كظهرت بالواليات ادلتحدة األمريكيّة خبلؿ سنوات ‪ ،1950‬يف البداية‬ ‫بأهنا "تكنولوجيا تربويّة‪ ،‬كقد ّ‬
‫تعرؼ ّ‬
‫ّ‬
‫يف سياؽ سوسيو‪-‬اقتصادم‪ ،‬كىو صناعة السيارات‪ ،‬مث انتشرت يف اجملاؿ الًتبوم من خبلؿ أعماؿ بلوـ" (منصف‪ ،‬ع‪،2007 ،‬‬
‫حىت أنّو "ال يتأتّى‬
‫التطرؽ إذل بيداغوجيا األىداؼ‪ -‬إذل ادلدرسة السلوكيّة يف علم النفس‪ّ ،‬‬
‫‪ .)40‬كعادة ما يُشار مباشرة – عند ّ‬
‫كل من كاطسوف ‪Watson‬كسكنر‪ Skinner‬اللذين‬ ‫احلديث عن بيداغوجيا األىداؼ دكف استحضار علم النفس السلوكي مع ّ‬
‫اعتربا السلوؾ اإلنساين خاضعا للمبلحظة كالقياس كالتقومي‪ ،‬انطبلقا من مبادئ أساسيّة ىي اإلشراط كادلثَت كاالستجابة كالتعزيز"‬
‫(منصف‪ ،‬ع‪ .)40 ،2007 ،‬كلئن بدا ىذا الرأم كجيها كصائبا‪ ،‬فإنّو ال ؼللو من اختزاؿ‪ ،‬ألف بيداغوجيا األىداؼ اليت تبلورت‬
‫األقل يف رلاؿ الًتبية كالتكوين مع بلوـ ‪ Bloom‬الذم يعود إليو الفضل الكثَت يف إثارة االنتباه إذل أعليّة‬
‫"بشكل هنائي على ّ‬
‫ربديد كضبط أىداؼ التعليم حىت تسهل عمليّة تقوؽلها بشكل دقيق كموضوعي كدكف ىدر ال لطاقات ادلعلّم كال لطاقات ادلتعلّم"‬
‫(شرقي‪ ،‬ـ‪ )17 ،2010 ،‬ذبد ذلا جذكرا أيضا يف السياؽ السوسيو‪ -‬حضارم للمجتمع األمريكي‪.‬‬
‫لقد كجد ىذا اجملتمع األمريكي الطامح إذل الربح كالباحث عن النفع‪ ،‬ضالتو يف مقاربة تايلور‪ Taylor‬للشغل‪ .‬كقد أكذل ىذا‬
‫األخَت اىتماما خاصا للدافعيّة‪ ،‬ك"اشتهرت دراستو باسم "دراسة احلركة كالزمن‪ ،‬حيث تناكؿ تقسيم العمل إذل أجزائو البسيطة كاألّليّة‬
‫أقل جهد" (لعبلكم‪ ،‬ع‪ .)8 ،2012-2011 ،‬دبا يعٍت أف الطابع‬ ‫كذلك للوصوؿ إذل الطريقة ادلثلى ألدا‪ ،‬العمل بسرعة كدقّة ك ّ‬
‫بتحوؿ كبَت بالنسبة إذل‬ ‫الصناعي الذم "عرفتو ادلقاكلة األمريكيّة كاف كرا‪ ،‬التفكَت يف اعتماد مقاربة األىداؼ‪ ،‬كىو ما يوحي ّ‬
‫تبٍت مقوالت كمقاربات حقوؿ أخرل من قبيل االقتصاد كىو ما دل يكن معتمدا خبلؿ‬ ‫مدعوة إذل ّ‬
‫ادلدرسة‪ .‬فهذه األخَتة صارت ّ‬
‫سيطرة بيداغوجيا احملتول‪.‬كتتمحور بيداغوجيا األىداؼ حوؿ ثبلثة مفاىيم أساسيّة كىي "سلوؾ مبلحظ كىدؼ عاـ كىدؼ‬
‫خاص" ‪ .(Ait Amar Meziane, O,2014,145‬دبعٌت أف لؤلىداؼ درجات فمنها العاـ كمنها اخلاص‪ ،‬كىي أىداؼ‬
‫يتم تقييمها من خبلؿ السلوؾ ادلبلحظ فقط‪.‬‬
‫ّ‬
‫ُػلسب لبيداغوجيا األىداؼ ّأهنا ميّزت بُت األىداؼ ادلعرفيّة كاألخرل الوجدانيّة السلوكيّة‪ ،‬دبعٌت ّأهنا دل تقصر اىتمامها على‬
‫اجلانب ادلعريف للمتعلّم بل حاكلت سلاطبة مواقفو كميوالتو‪ .‬كبعبارة أخرل لقد حدثت نقلة يف النظر إذل ادلتعلّم مع بيداغوجيا‬
‫األىداؼ حبيث دل يعد ينظر إليو على أنّو متقبّل للمعرفة ال غَت بل غدا صاحب مواقف ك ّاذباىات كميوالت خاصة بو‪ ،‬على‬
‫ادلدرسة مساعدتو على تنميتها‪.‬‬

‫‪- 316‬‬
‫‪-‬‬
‫مجلد‪( 9‬عدد ‪2102/)2‬‬ ‫‪ISSN 2170-0370‬‬ ‫مجلة الباحث في العلوم االنسانية و االجتماعية‬

‫كعموما مثّلت بيداغوجيا األىداؼ "نقلة نوعيّة ضلو عقلنة ادلمارسات التعليميّة ‪-‬التعلّمية يف األقساـ‪ .‬حيث أمكن ذلا توضيح ما ىو‬
‫مطلوب من ادلتعلّم كادلعلّم‪ ،‬كذلك عرب كضع ىدؼ قابل للقيس كادلبلحظة كمرتبط دبدة زمنيّة معقولة أثنا‪ ،‬شلارسة كل عمليّة‬
‫كلكن ىذه ادلقاربة – كنتيجة إلفراطها يف ذبزئة التعلّمات من جهة‪ ،‬كانتصارىا‬‫تعليميّة‪ -‬تعلّميّة" (اجلملي‪ ،‬ع‪ّ )2016،12 ،‬‬
‫كجهها ذلا دانياؿ ىاملُت كاليت‬
‫تعرضت النتقادات منها تلك اليت ّ‬‫بطريقة أك بأخرل إذل إقامة عبلقة شبو آلية بُت ادلثَت كاالستجابة‪ّ -‬‬
‫نورد منها (ىاملُت‪،‬د‪:)105 ،34 ،‬‬
‫رلرد تكيّف نفعي للمتعلّمُت مع ادلهاـ ادلوكولة إليهم‪.‬‬
‫*ؽلكن دلدخل ضيّق بواسطة األىداؼ أف يقلّص التعلّمات لتصبح ّ‬
‫*ؽلكن دلدخل ضيّق بواسطة األىداؼ أف يُهمل الفعل لفائدة السلوؾ‪.‬‬
‫*تقليص األفق داخل ادلدل القصَت كإقصا‪ ،‬ادلدل البعيد‪.‬‬
‫‪+‬بيداغوجيا الكفايات‪:‬‬
‫مرة يف التعليم التقٍت كادلهٍت لبعض الدكؿ ادلتق ّدمة يف السبعينات من القرف العشرين لتلج بعد ذلك تدرغليّا‬
‫ظهرت "ادلقاربة بالكفايات ّأكؿ ّ‬
‫إذل التعليم األساسي مث إذل باقي األسبلؾ التعليميّة لذلك ؽلكن رؤية الكفاية كموجة عارمة ذات مغزل لكوف ادلدرسة يف هناية القرف‬
‫ادلهم الذم لعبتو بيداغوجيا‬
‫العشرين حبثت عن رىانات جوىريّة"(العمارم‪ ،‬ص‪ .)149 ،2015 ،‬بعبارة أخرل‪ ،‬على الرغم من الدكر ّ‬
‫األىداؼ يف تطوير أدا‪ ،‬ادلنظومة الًتبويّة إال أ ّف ىذه األخَتة بدت عاجزة عن تقدمي أجوبة عن األسئلة اليت طرحت عليها يف هناية القرف‬
‫كبتغَتات سوؽ الشغل‪ ،‬كبركز فاعلُت تربويُّت ذلم تأثَت قوم يف مواقف ادلتعلّمُت‬
‫العشرين‪ ،‬كخاصة منها تلك ادلتعلّقة باالنفجار ادلعريف‪ّ ،‬‬
‫كسلوكهم كادلقصود بذلك تكنولوجيا ادلعلومات كاالتّصاؿ‪.‬‬
‫أقرت يف تقريرىا ادلعنوف "التعليم ذلك الكنز ادلكنوف" كالذم متّ اعتماده منذ العاـ ‪ ،1995‬أبعادا للعمليّة‬ ‫من ادلعلوـ‪ ،‬أف اليونسكو ّ‬
‫التعليميّة – التعلّميّة سبّت صياغتها على الوجو التارل‪ :‬تعلّم لتعرؼ‪ ،‬تعلّم لتعمل‪ ،‬تعلّم لتكوف‪ ،‬تعلّم لتشارؾ اآلخرين (عماد‪ ،‬ع‪،‬‬
‫ألهناربتاج إذل مقاربة تتعاذل عن التجزئة كتنتصر إذل اإلدماج‪،‬‬
‫‪ .)28 ،2017‬كقد بدا من الضركرم مقاربة ىذه األبعاد بطريقة مغايرة ّ‬
‫فبل معٌت دلعارؼ ال توظّف يف احلياة العمليّة (يف العمل كيف تأطَت العيش ادلشًتؾ)‪ .‬أم أف ىدؼ ادلقاربة اجلديدة ىو سبكُت الناشئة من‬
‫توظيف ادلعارؼ يف احلياة اليوميّة كالعمليّة‪.‬‬
‫بأهنا "قدرة الفرد سوا‪ ،‬أكاف تلميذا أـ أستاذا أـ شخصا آخر على توظيف ادلعرفة‬‫ؽلكن تعريف الكفاية – على الرغم من كثرة تعريفاهتا‪ّ -‬‬
‫ربوذلا إذل أداة إجرائيّة" (اسليماين‪ ،‬ع‪،‬‬‫ادلكتسبة توظيفا مبلئما يف سياؽ ككضعيّات سلتلفة‪ّ .‬إهنا قدرة ال تنفصل عن ادلعرفة كلكنّها ّ‬
‫ادلؤسسة الًتبويّة‪ ،‬كمن خبلؿ العمليّة التعليميّة‪ -‬التعلّميّة على‬
‫‪.)78 ،2005‬دبعٌت أف الكفاية يف االصطبلح الًتبوم ىي "أف تعمل ّ‬
‫إكساب ادلتعلّم رلموعة من ادلوارد (معارؼ كمهارات كخربات كقدرات كمواقف‪ )...‬حبيث يكوف قادرا على إدماجهاكتعبئتها من أجل‬
‫ادلؤسسة – سب ّكنو من التكيّف اإلغلايب مع ادلشاكل كالوضعيّات اليت يواجهها‬
‫تفعيلها كتوظيفها يف سياقات متع ّددة كمتج ّددة –داخل ّ‬
‫ادلتوقّعة منها كالبلمتوقعة" (رلاىد‪ ،‬ع‪.) 24 ،‬‬
‫مؤشرات كىي‪:‬‬
‫زبتص بثبلثة ّ‬
‫كيعترب فيليب بَتنو‪ Ph. Perrenoud‬أف الكفاية ّ‬
‫‪ -‬القدرة على ذبنيد ادلعارؼ كادلهارات الشخصيّة كلّما كاجو الفرد كضعيّة – مشكبل جديدا‪.‬‬
‫‪ -‬القدرة على نقل ادلعارؼ كادلهارات الشخصيّة داخل كضعيات جديدة‪.‬‬
‫‪ -‬القدرة على إدماج ىذه ادلعارؼ قصد إغلاد حلوؿ مبلئمة للمشكل ادلطركح‪.‬‬

‫‪- 317‬‬
‫‪-‬‬
‫تجديد المقبرببت البيداغىجية في المنظىمبت التربىيّة المغبربيّة‪ :‬محبولة في فهم أسس التبيئة ومعيقبتهب‬
‫المنظىمة التربىيّة التىنسيّة نمىذجب‪)123 - 133( ،‬‬
‫______________________________________________________________________________________________________________‬

‫ادلعوؿ عليو ىو طريقة تدبَتىا كتعبئتها‬


‫كبعبارة مغايرة‪" ،‬دل يعد امتبلؾ ادلعارؼ كحدىا‪ ،‬يف القرف الواحد كالعشرين‪ ،‬يش ّكل أمرا ضركريّا‪ ،‬بل ّ‬
‫(‪ )...‬لذلك أصبحت ادلدرسة ملزمة بتنمية كفايات ادلتعلّمُت بشكل ؽل ّكنهم من االستمرار يف التعلّم الذايت‪ ،‬كىو التعلّم مدل احلياة‪،‬‬
‫التوجو البيداغوجي بعض‬‫كبالتارل عليها أف هتدؼ إذل تعلّم مستدمي كقابل للتحويل" (العمارم‪ ،‬ص‪ .)146 ، 2015،‬كػلتّم ىذا ّ‬
‫ادلدرس ككفاياتو‪ .‬كقد أشار بَتنو إذل ما يأيت )‪: (Perrenoud, Ph, 1997,86‬‬ ‫التغَتات يف ىويّة ّ‬
‫ّ‬
‫‪ -‬القدرة على تشجيع احملاكالت التجريبيّة كتوجيهها‪.‬‬

‫‪ -‬قبوؿ األخطا‪ ،‬على ّأهنا مصادر رئيسيّة للتعديل كالتقدـ شريطة أف ّ‬


‫يتم ربليلها كفهمها)‪.(Astolfi‬‬
‫‪ -‬تثمُت التعاكف بُت التبلميذ يف ادلهاـ ادلع ّقدة‪.‬‬
‫‪ -‬القدرة على توضيح العقد الديداكتيكي كتعديلو كاإلنصات إذل مقاكمات التبلميذ كأخذىا بعُت االعتبار‪.‬‬

‫‪ -‬القدرة على االطلراط شخصيّا يف العمل دكف البقا‪ ،‬باستمرار يف موقع احلكم أك ادلقيّم‪ ،‬كلكن أيضا دكف ّ‬
‫التحوؿ إذل ن ّد متساك‬
‫مع ادلتعلّمُت‪.‬‬
‫لقد استندت ىذه ادلقاربة البيداغوجية إذل النظرية البنائيّة يف بعديها الفردم كاالجتماعي (بياجيهوفيقوتسكي)‪ ،‬كحاكلت أف تتعاذل عن‬
‫منطق التجزئة من جهة كعن االختزاؿ النظرم للمعارؼ من جهة أخرل‪ ،‬حبيث يكوف ادلتعلّم قادرا على تعبئة معارفو يف معاجلة كضعية‪-‬‬
‫مشكل يف حياتو اليوميّة‪.‬‬
‫‪ +‬بيداغوجيا المعايير‬
‫أىم ادلقاربات البيداغوجيّة اليت اعتمدت يف العادل‪ .‬كقد ظهر ىذا ادلدخل البيداغوجي‬
‫تعترب بيداغوجيا ادلعايَت ‪ les standards‬إحدل ّ‬
‫يف "عدد من الواليات األمريكيّة منذ شبانينات القرف ادلاضي‪ ،‬كساد يف التسعينات كأصلزت حولو العديد من الدراسات متّ نشر أعلّها يف‬
‫ادلؤسس على ادلعايَت يف‬
‫اجمللّد السنوم الثاين ألقدـ صبعيّة مهنيّة يف أمريكا ربت عنواف "من الكونغرس إذل الفصل ادلدرسي‪ :‬اإلصبلح ّ‬
‫الواليات ادلتحدة"(الدريج‪ ،‬ـ‪from the capitol to the classroom : standards- .)33 ،2007 ،‬‬
‫‪.basedReform in the United States‬‬
‫مؤشرات رمزيّة تُصاغ يف مواصفات‪ /‬شركط رب ّدد الصورة ادلثلى اليت ينبغي أف تتوافر لدل التلميذ (أك ادلدرسة) الذم توضع‬
‫كتع ّد "ادلعايَت ّ‬
‫يتم االتّفاؽ عليها (زللّيا كعادليّا)‪ ،‬كضبطها كربديدىا للوصوؿ إذل رؤية‬
‫لو ادلعايَت‪ ،‬أك اليت نسعى إذل ربقيقها‪ ،‬كىي أدكات كظلاذج للقياس‪ّ ،‬‬
‫كاضحة دلدخبلت النظاـ التعليمي كسلرجاتو‪ ،‬لغاية ربقيق أىدافو ادلنشودة كالوصوؿ بو إذل جودة الشاملة" (الدريج‪ ،‬ـ‪.)27 ،2007 ،‬‬
‫مهم بدؿ إعطائهم كتبا سبلي عليهم ادلمارسة الصفيّة‬ ‫كتساعد الًتبية كفقا دلدخل ادلعايَت "على التأ ّكد من أف التبلميذ يتعلّموف ما ىو ّ‬
‫كيكوف التبلميذ زلور الًتبية ادلستندة إذل ادلعايَت‪ .‬كهتدؼ ىذه الًتبية إذل ربقيق مستول من الفهم عاؿ كعميق لدل التبلميذ‪ ،‬كىو فهم‬
‫يتخطّى التعليم ادلستند إذل الكتب ادلدرسيّة كإذل الدركس" (الورشة الوطنية‪.)27 ،2014،‬‬
‫كيتم تعلّمها يف ادلدرسة (الورشة الوطنية‪ .)28 ،2014 ،‬كيشًتط‬
‫تدرس ّ‬
‫كتعترب ادلعايَت الًتبويّة "معارؼ كمواقف كقيما أساسيّة ينبغي أف ّ‬
‫معربة عن توقّعات كاضحة دلا سيعرفو التبلميذ‬
‫أف تصاغ ىذه ادلعارؼ كادلهارات كالعادات كادلواقف كالقيم بدقة ككضوح لكي تأيت ّ‬
‫كيستطيعوف فعلو‪ .‬كؽلكن إيضاح العناصر اليت قاـ عليها ىذا التحديد – الذم سبقت اإلشارة إليو‪ -‬على النحو التارل‪ :‬أما ادلعارؼ‬
‫فتتضمن األفكار ‪ ideas‬كالقضايا ‪ issues‬كادلسائل ‪ dilemmas‬كادلبادئ ‪ principles‬كادلفاىيم (الورشة الوطنية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫األساسية‬
‫‪.)29 ،2014‬‬

‫‪- 318‬‬
‫‪-‬‬
‫مجلد‪( 9‬عدد ‪2102/)2‬‬ ‫‪ISSN 2170-0370‬‬ ‫مجلة الباحث في العلوم االنسانية و االجتماعية‬

‫كل متعلّم (الورشة‬


‫ك ّأما ادلهارات ‪ Skills‬فهي أساليب التفكَت كالعمل كالتواصل كالبحث كاالستقصا‪ ،‬اليت ينبغي أف يتم ّكن منها ّ‬
‫الوطنيّة‪ ،)29 ، 2014،‬كأف يستخدـ الطرؽ اإلحصائيّة كصبع ادلعلومات كيقوـ بالتأكيبلت أك التفسَتات كادلقارنات كاالستنتاجات‬
‫بالتغَتات التكنولوجيّة كغَتىا يف اجملتمع (الورشة الوطنية‪ .)29 ، 2014،‬دبعٌت أف بُت ادلعارؼ كادلهارات ارتباطات كثيقة‪ .‬أما‬
‫ادلتعلّقة ّ‬
‫العادات كادلواقف كالقيم فهي "تشتمل على الدراسة ‪ studying‬كتقدمي الرباىُت كالشواىد إلثبات األقواؿ كاألحكاـ كتنمية العبلقات‬
‫اإلغلابية كادلنتجة مع اآلخرين" (الورشة الوطنية‪ .)29 ، 2014،‬كمن األمثلة على ذلك أف يظهر ادلتعلّم "القيادة كاإلنتاجيّة كاالستقامة‬
‫يتم يف ىذه ادلقاربة الفصل بُت معايَت ادلضموف كمعايَت‬ ‫كالتضامن كأف ؽلكن االعتماد عليو" (الورشة الوطنية‪ )29 ، 2014،‬كىكذا ّ‬
‫األدا‪.،‬‬
‫كعموما ارتكزت ادلقاربة بادلعايَت على رلموعة من ادلبادئ الرئيسيّة (الورشة الوطنيّة‪:)30 ، 2014،‬‬

‫‪ -‬اجلودة الًتبويّة كادلساكاة علا جلميع األطفاؿ‪.‬‬


‫‪ -‬التعاكف كادلشاركة بُت ادلربُّت كاألىل كسوؽ العمل كاجملتمع احمللّي ّ‬
‫يدعماف اإلصلاز األكادؽلي العارل كاجلودة كاإلتقاف كإتاحة‬
‫الفرصة أماـ صبيع األطفاؿ‪.‬‬

‫‪ -‬البيئة السليمة الداعمة اليت ربًتـ ّ‬


‫تنوع ادلتعلّمُت ضركريّة‪.‬‬

‫‪ -‬إتاحة الفرصة ّ‬
‫لكل متعلّم للمشاركة يف اخلربات الًتبويّة احلقيقيّة‪.‬‬
‫كلعل ادلبدأ األساسي الذم انبنت عليو ىذه ادلقاربة ىو ادلساكاة دبا تعنيو من عدـ اضلياز ألم سبب كاف (العرؽ‪ /‬الدين ‪/‬اللغة‪ /‬اإلعاقة‪/‬‬ ‫ّ‬
‫تعرضت لنقد كبَت من بُت‬ ‫ادلوىبة)‪ ،‬غَت أف ىذه ادلقاربة اليت اعتمدت يف عدد من الدكؿ دبا فيها بعض الدكؿ العربيّة (مصر‪ُ ،‬عماف‪ّ )...‬‬
‫أىم دعائمو أف ادلدرسة ليست مصنعا كأنّو من الصعب مواجهة الفركؽ بُت التبلميذ‪ ،‬كمن الدعائم األخرل كوف ادلعايَت رمزيّة كليست‬ ‫ّ‬
‫حقائق كاقعيّة (الدريج‪ ،‬ـ‪.)67 ،2007 ،‬‬
‫كقد عرفت ادلدرسة ببلداف ادلغرب العريب تغيَت ادلقاربات البيداغوجيّة من فًتة إذل أخرل شأهنا يف ذلك شأف بقيّة مدارس العادل‪ .‬غَت أف‬
‫تأمل بغرض البحث يف طرؽ تبيئة تلك ادلقاربات من جهة‪ ،‬كأثر ذلك التغيَت على كاقع ادلنظومة‬ ‫يظل يف حاجة إذل ّ‬ ‫األمر على أعليّتو ّ‬
‫الًتبويّة كىو ما سًتّكز عليو ىذه الورقة انطبلقا من ادلنظومة الًتبويّة التونسيّة‪.‬‬
‫‪ .4‬المنظومة التربوية التونسيّة وتح ّدي تبيئة المقاربات البيداغوجيّة‬
‫فأما ادلوضوعيّة فتتّصل‬
‫يكوف من الوجيو يف البداية اإلشارة إذل أف اعتماد ادلنظومة الًتبويّة التونسيّة تربّره اعتبارات موضوعيّة كأخرل ذاتيّة‪ّ ،‬‬
‫يبُت الدكر احليوم‬ ‫من ناحية أكذل بارتباط اإلصبلحات الكربل ذلذه ادلنظومة ‪-‬بعد االستقبلؿ‪-‬بتغيَت يف ادلقاربات البيداغوجيّة‪ ،‬كىو ما ّ‬
‫ذلذه األخَتة يف ربقيق غايات ‪ les finalités‬ادلنظومة الًتبويّة كأىدافها‪ .ses objectifs‬كبالتارل فمن ادلنتظر‪ ،‬كالببلد تستع ّد إلصبلح‬
‫تربوم جديد يتبل‪،‬ـ كالتغيَتات اليت يعيش على كقعها اجملتمع التونسي‪ ،‬أف ربظى ادلقاربة البيداغوجيّة حبيز كبَت من النقاش كتبادؿ كجهات‬
‫ادلؤسسة الًتبويّة‪ ،‬كإذل طريقة‬
‫النظر‪ ،‬ألف ادلسألة تتعلّق دبا ىو أكرب من طرؽ التعليم كالتقييم إذل البحث يف منزلة ادلتعلّم كنوعيّة حضوره يف ّ‬
‫ادلتمسك حبقوقو كادللتزـ دبسؤكلياتو‪ .‬دبعٌت آخر‪ ،‬ال ؽلكن اختزاؿ ادلقاربة البيداغوجيّة يف طرؽ التعليم كالتعلّم كالتقييم‪،‬‬
‫بنا‪ ،‬اإلنساف التونسي ّ‬
‫بل البد من النظر إليها من جانب آخر أال كىو منزلة ادلتعلّم يف فضا‪ُ ،‬كجد ليساعده على تنمية شخصيتو يف جوانبها ادلختلفة‪.‬‬

‫‪- 319‬‬
‫‪-‬‬
‫تجديد المقبرببت البيداغىجية في المنظىمبت التربىيّة المغبربيّة‪ :‬محبولة في فهم أسس التبيئة ومعيقبتهب‬
‫المنظىمة التربىيّة التىنسيّة نمىذجب‪)123 - 133( ،‬‬
‫______________________________________________________________________________________________________________‬

‫لن يكوف تغيَت ادلقاربة البيداغوجيّة معطى جديدا يف اإلصبلح الًتبوم التونسي ادلنتظر‪ ،‬كلكنّو لن يكوف يسَتا‪ ،‬فالتجارب تثبت‬
‫استمرارية نوع من الشك كالريبة ذباه كل مقاربة جديدة ‪ ،‬تًتجم ذلك أسئلة من قبيل من يقف كرا‪،‬ىا؟ كدلاذا اآلف؟ كدلاذا متّ التخلّي عن‬
‫مستمر إذل ادلقاربة اليت زامنت اإلصبلح الًتبوم األكؿ (‪ )1958‬أال كىي بيداغوجيا احملتويات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫سابقتها؟ فضبل عن حنُت‬
‫ييسر لنا‬
‫ادلربرات الذاتيّة فيمكن اختزاذلا يف نوعمن االطّبلع كلو زلدكد على ىذه التجربة يف مقارباهتا ادلختلفة‪ ،‬كالذم من شأنو أف ّ‬
‫أما ّ‬
‫كل منها يف مواجهة التح ّديات اليت كاجهتها ادلدرسة‬
‫فهم كتفسَت عملية تبيئة تلك ادلقاربات كالصعوبات اليت كاجهتها فضبل عن دكر ّ‬
‫التونسيّة‪.‬‬
‫لقدعرفت ادلدرسة التونسيّة ثبلث مقاربات بيداغوجيّة شأهنا يف ذلك شأف ادلدرستُت اجلزائرية كادلغربيّة‪ ،‬فعلى سبيل ادلثاؿ ذكر الباحثاف‬
‫اجلزائرياف سادل نصَتة كصباؿ تارل أف ادلنظومة الًتبوية اجلزائريّة عرفت بعد االستقبلؿ ثبلث مقاربات أساسيّة للمناىج الًتبويّة‪ :‬المقاربة‬
‫التقليديّة (ادلقاربة بادلضامُت)‪ ،‬والمقاربة باألهداف (بيداغوجيا األىداؼ) والمقاربة بالكفاءات ‪( .‬نصَتة‪ ،‬س كتارل‪ ،‬صباؿ‪ .) ،‬كيعكس‬
‫التحوؿ من براديغم التعليم إذل براديغم التعلّم‪.‬‬
‫التحوؿ يف ادلقاربات نزعة ادلدرسة بادلغرب العريب إذل ّ‬
‫ىذا ّ‬
‫أ‪ .‬بيداغوجيا المحتوى‪:‬‬
‫استمر العمل يف إطاره إذل سنة‬
‫ّ‬ ‫ارتبطت ىذه ادلقاربة بإصبلح نوفمرب ‪ 1958‬كىو اإلصبلح األكؿ للتعليم يف تونس ادلستقلّة كالذم‬
‫مهمة يف الًتبية‬
‫جسد قانوف نوفمرب ‪ 1958‬زلطة ّ‬ ‫‪ 1991‬تاريخ صدكر النص التشريعي الثاين ادلنظّم للعملية الًتبويّة يف تونس‪ .‬كقد ّ‬
‫التونسيّة باعتباره عمل يف ذات اآلف على توفَت الكادر البشرم الذم كانت الببلد ربتاجو بعد خركج الفرنسيُت‪ ،‬كعلى توحيد التعليم‬
‫رلسمة يف العركش‬
‫عرب عن رغبة سياسيّة يف بنا‪ ،‬تونس ادلتعالية عن االنتما‪،‬ات األكليّة ّ‬ ‫كتعصَته فضبل عن ذبذير االنتما‪ ،‬الوطٍت حيث ّ‬
‫لعل أعليّة الدكر الذم لعبتو ادلدرسة التونسيّة يف إحداث‬
‫كالقبائل كاجلهات‪ ،‬إضافة إذل مقاكمة األميّة اليت كانت منتشرة يف الببلد آنذاؾ‪ .‬ك ّ‬
‫فعالة يف إرسا‪ ،‬التحديث‬‫حراؾ اجتماعي كبَت يف اجملتمع التونسي ىي اليت دفعت بالبعض إذل القوؿ "ساعلت ادلدرسة التونسيّة مساعلة ّ‬
‫كعلمنة الكثَت من مناحي احلياة يف الببلد‪ ،‬كترسيخ ىويّة كطنيّة تقدميّة كمعتدلة ككفّرت للدكلة إطارات كفأة‪ ،‬كما م ّكنت الكثَت من أبنا‪،‬‬
‫الشرائح االجتماعيّة الشعبيّة من االرتقا‪ ،‬االجتماعي" (التيمومي‪ ،‬ق‪.)2016،27 ،‬‬
‫جدير بالذكر أف ادلدرسة التونسيّة تبنّت خبلؿ اإلصبلح األكؿ‪ -‬ادلشار إليو أعبله – بيداغوجيا احملتول القائمة على ادلعرفة ال على زلوريّة‬
‫دكر ادلعلّم يف نقل ادلعرفة‪ ،‬األمر الذم يعكس عبلقة تربويّة قائمة على تواصل عمودم‪ .‬كبعبارة أخرل إنالعبلقة البيداغوجيّة اليت ىي‬
‫حل من كل ارتباط بالطرؽ‬ ‫"عبارة عن رلموع التبادالت اللفظيّة كغَت اللفظيّة اليت سبيّز أم فعل بيداغوجي‪ ،‬كىي تبادالت ليست يف ّ‬
‫البيداغوجيّة ادلستخدمة من قبل ادلعلّم")‪ (Bahloul, M, 2005,17‬تعكس يف كاقع األمر ظلط ادلقاربة البيداغوجيّة كنوعيّتها‪.‬‬
‫توجو‬
‫أسهمت بيداغوجيا احملتول – يف تلك ادلرحلة ادلفصليّة من تاريخ الببلد التونسيّة‪ -‬يف تغيَت اجملتمع التونسي‪ .‬فهذه ادلقاربة زامنت ّ‬
‫ادلدرسة إذل الًتكيز على التنشئة االجتماعيّة ‪ la socialisation‬ال إذل بنا‪ ،‬الذات الفاعلة ‪ la subjectivation‬لدل ادلتعلّم‪.‬‬
‫كبعبارة أخرل رّكزت ادلدرسة التونسيّة على توحيد التعليم هبدؼ توحيد التنشئة‪ ،‬كمثلما كاف للتنشئة السياسيّة قطب ىو رئيس احلزب‬
‫الواحد كزعيم الببلد‪ ،‬فإف للتنشئة الًتبويّة قطبا كاحدا كىو ادلعلّم‪ .‬كقد قاـ ىذا األخَت بدكره على النحو ادلطلوب ساعده يف ذلك الرضا‬
‫ادلهٍت الذم كاف يشعر بو ادلعلّموف‪.‬‬
‫لقد كانت ادلكانة اليت ػلظى هبا ادلعلّموف مرموقة لسببُت اثنُت (الظاىرم‪ ،‬ف‪:)27 ،2016 ،‬‬
‫أ‪ -‬يتقاضى ادلعلّموف ركاتب شهريّة تسمح ذلم ماديا بتأمُت حاجياهتم األساسيّة بصفة مرضية كبضماف مستول عيش زلًتـ نسبيّا‪.‬‬

‫‪- 320‬‬
‫‪-‬‬
‫مجلد‪( 9‬عدد ‪2102/)2‬‬ ‫‪ISSN 2170-0370‬‬ ‫مجلة الباحث في العلوم االنسانية و االجتماعية‬

‫تدعم‬
‫تثمن ذاتو كذبعلو إذل ح ّد ما ينسب إذل نفسو خصائص شليّزة كسلطة على زليطو ّ‬ ‫ب‪ -‬ػلظى ادلعلّم دبكانة اجتماعيّة مرموقة ّ‬
‫ثقتو بنفسو‪.‬‬
‫يعرب عنو خبطاطة الشيخ كادلريد (اإلدريسي‪ ،‬ـ‪،2018 ،‬‬ ‫من ىذا ادلنطلق‪ ،‬كاف ادلعلّموف مصدر ادلعرفة‪ ،‬كقاطرة التغيَت‪ ،‬كلكن ضمن ما ّ‬
‫تتم بواسطة ادلعارؼ كادلضامُت الثقافية‪ ،‬كيع ّد فصل قضايا‬
‫‪ )54‬فالعبلقة اليت بنوىا مع ادلتعلّمُت كانت ذات خصوصيّة "تكمن يف ّأهنا ّ‬
‫الطرائق عن قضايا ادلضامُت خطرا على حد قوؿ فيليب مَتيو‪( Meirieu‬بوبكرم‪ ،‬ـ‪ .)87 ،2000 ،‬دبعٌت آخر‪ ،‬جا‪،‬ت مقاربة‬
‫ادلعوض لئلطارات الفرنسيّة‬
‫ادلضامُت يف فًتة كانت جهود الببلد الًتبويّة تتّجو إذل نشر التعليم كاحل ّد من األميّة‪ ،‬كإذل توفَت الكادر البشرم ّ‬
‫يفسر الرضا الذم حظيت بو تلك ادلقاربة آنذاؾ كالذم جعل‬ ‫ادلغادرة للببلد‪ ،‬إذل تنشئة اجتماعيّة ذات طابع ذبانسي توحيدم‪ ،‬كىو ما ّ‬
‫خرغليها ػلنّوف إليها‪.‬‬
‫الكثَت من ّ‬
‫أسست عبلقة بُت التونسيّات كالتونسيُّت كادلعرفة‪ .‬فكاف التم ّكن من ادلعارؼ سبيبل لبلرتقا‪،‬‬
‫كػلسب ذلذه ادلقاربة البيداغوجيّة ّأهنا ّ‬
‫ُ‬
‫االجتماعي‪ ،‬أك إذا شئنا صار االرتقا‪ ،‬االجتماعي مشركطا باكتساب ادلعرفة‪ .‬كلكن ىذه ادلقاربة أرست رؤية للمعرفة تقوـ على أف ىذه‬
‫األخَتة معطى‪ ،‬كاحلاؿ أف "ادلعرفة تبٌت كليست معطى" (بوبكرم‪ ،‬ـ‪.)2000،77 ،‬‬
‫فضبل عن اتّساقها مع نسق سوسيو‪ -‬سياسي قائم على الشيخ كادلريد‪ ،‬كعلى الزعيم كأتباعو‪ ،‬كىو ما جعلها مقاربة تنظر إذل ادلعلّم على‬
‫أنّو صاحب ادلعرفة‪ ،‬إذل ادلتعلّم على أنّو متقبّل للمعرفة‪ ،‬كمن مث يكاد يقتصر دكر األخَت على تقبّل ادلعارؼ كاالستظهار هبا‪ ،‬كؼلتزؿ دكر‬
‫ادلعلّم يف نقلها دكف مراعاة للفوارؽ بُت ادلتعلّمُت‪ .‬كىذا يربز بطريقة أك بأخرل كيف أف براديغمالتعليم ؼلفي ثقافة التوحيد كالتجانس اليت‬
‫لعل غياب ىذه األخَتة سيصبح جليا عندما دل يعد التمفصل قائما‬ ‫التنوع‪ .‬ك ّ‬
‫ىي نقيض ثقافة الذات الفاعلة كادلبادرة كثقافة االختبلؼ ك ّ‬
‫بُت سلرجات ادلدرسة كمتطلبّات سوؽ الشغل‪.‬‬
‫ال تبدك انعكاسات تلك ادلقاربة على نوعيّة الثقافة فقط‪ ،‬كىي ثقافة دل تقطع مع تنشئة اجتماعيّة تنشد التجانس منذ مرحلة ما قبل‬
‫الدكلة الوطنيّة بل كاف لتلك االنعكاسات كجو آخر تعلّق بالطابع االنتقائي لتلك ادلقاربة كالذم أفضى إذل مدرسة انتقائيّة‪ ،‬كىو ما يبيّنو‬
‫ارتفاع نسب اذلدر ادلدرسي‪ ،‬ككذلك التفاكت الصارخ بُت اجلهات‪ .‬كبعبارة مغايرة لقد كانت نسبة الوفاة ادلدرسيّة ‪la mortalité‬‬
‫‪scolaire‬مرتفعة)‪ (Azzouz,A,1993,42‬ذلك أنّو من رلموع ‪ 200.000‬طفل سجلوا بالسنة األكذل ابتدائي‪ ،‬دل يبلغ منهم‬
‫يتحصل منهم‬‫ّ‬ ‫السنة األكذل ثانوم إال ‪ 60.000‬أم ‪ 33‬بادلائة‪ ،‬كدل ػلصل منهم على الباكالوريا إال ‪ 10.000‬أم ‪ 5‬بادلائة‪ ،‬فيما دل‬
‫تتحملها ادلقاربة‬
‫على شهادة جامعيّة إال ‪ 5000‬طالبا‪ ،‬أم ‪ 2.5‬بادلائة )‪ .(Azzouz,A,1993,8‬كمثل ىذه االنعكاسات كإف ال ّ‬
‫فإهنا تعكس أيضا عدـ صلاعة تلك ادلقاربة (دبا ىي مؤطّرة للممارسة الًتبويّة يف مستوياهتا ادلختلفة) يف معاجلة بعض‬
‫البيداغوجيّة لوحدىا‪ّ ،‬‬
‫الظواىر من قبيل الفشل ادلدرسي ‪ l’échec scolaire‬الذم صار مبلزما للمنظومة الًتبويّة التونسيّة‪.‬‬
‫للمؤسسة الًتبويّة باالنسجاـ مع النسق السوسيو‪-‬سياسي العاـ القائم على عبلقة تواصليّة عموديّة‬ ‫ّ‬ ‫مسحت ادلقاربة ادلبنيّة على احملتويات‬
‫فإهنا جعلت الفشل‬ ‫األكؿ‪ .‬فهي مقاربة كإف ح ّققت نتائج إغلابية ّ‬
‫مدعو إذل طاعة ّ‬ ‫زلورىا من يعرؼ يساعد من ال يعرؼ‪ ،‬كىذا األخَت ّ‬
‫كلعل ذركة األزمة اليت بلغتها مدرسة ادلقاربة بادلضامُت‬
‫ادلدرسي مسألة مرتبطة بادلتعلّم‪ ،‬كمن شبة دل تراع ىذه ادلقاربة الفوارؽ بُت ادلتعلّمُت‪ّ .‬‬
‫جا‪،‬ت سنة ‪ ،1986‬عندما ّقرر رئيس اجلمهورية آنذاؾ احلبيب بورقيبة إجرا‪ ،‬دكرة استثنائيّة للبكالوريا يف شهر سبتمرب ‪ /‬أيلوؿ ُعرفت‬
‫زلل تغيَت يف اإلصبلح الثاين‬
‫ب"دكرة بورقيبة" نتيجة ضعف نسب النجاح يف الدكرتُت (الرئيسية كادلراقبة)‪ ،‬كىكذا ستكوف ىذه ادلقاربة ّ‬
‫الذم جا‪ ،‬ببيداغوجيا األىداؼ بدال عنها‪.‬‬
‫بيداغوجيا األهداف‪:‬‬

‫‪- 321‬‬
‫‪-‬‬
‫تجديد المقبرببت البيداغىجية في المنظىمبت التربىيّة المغبربيّة‪ :‬محبولة في فهم أسس التبيئة ومعيقبتهب‬
‫المنظىمة التربىيّة التىنسيّة نمىذجب‪)123 - 133( ،‬‬
‫______________________________________________________________________________________________________________‬

‫تبنّت تونس مقاربة بيداغوجيا األىداؼ مع قانوف جويلية ‪1991‬ادلنظّم لئلصبلح الًتبوم الثاين‪ .‬كقد متّ بذلك بنا‪ ،‬برامج دراسيّة قائمة‬
‫على بيداغوجيا األىداؼ‪ .‬كقد تزامن ذلك مع إرسا‪ ،‬التعليم األساسي يف تونس (دلدة ‪ 9‬سنوات)‪.‬‬
‫كلئنجسدت ىذه ادلقاربة نقلة نوعيّة يف طريقة الربامج الدراسيّة من حيث ربديد األىداؼ ككضوحها‪ ،‬كىو ما يعٍت كظيفيّة ادلعارؼ‪ ،‬دبعٌت‬
‫ّ‬
‫أف تقدمي ادلعارؼ دل يعد غاية يف ح ّد ذاتو‪ ،‬كإظلا بات الغرض منو ربقيق األىداؼ اليت رمست العامة منها كاإلجرائيّة‪ .‬كىي بذلك تنزع عن‬
‫فإهنا دل ربدث ذات التغيَت مثبل على مستول الكتب ادلدرسيّة اليت طغت عليها‬‫ادلعرفة طابعا خاصا اتّسمت بو طيلة إصبلح ‪ّ .1958‬‬
‫النزعة الكميّة ادلعرفيّة‪.‬‬
‫دل تكن مسَتة ىذه ادلقاربة البيداغوجيّة يف تونس على أحسن ما يراـ‪ .‬فقد اصطدمت بعراقيل جعلت من تبيئتها يف كاقع ادلنظومة الًتبويّة‬
‫التونسيّة أمرا عصيّا‪ .‬كذلذا متّ اللجو‪ ،‬سنة ‪ 1997‬إذل زبفيف الربامج الدراسيّة‪ ،‬كتبل ذلك إجرا‪ ،‬آخر سبثّل يف إصدار الوثائق ادلنهجيّة اليت‬
‫موحدة إلصلاز الدركس يف سلتلف ادلواد الدراسيّة‪ ،‬ككأنّنا باإلدارة ىي اليت صارت ترسم اذلداؼ اإلجرائيّة‬‫كانت عبارة عن جذاذات ّ‬
‫عرب‬
‫ادلدرس زماـ ادلبادرة‪ ،‬كاحلاؿ أنّو مع بيداغوجيا األىداؼ بدأ احلديث عن سبهُت ادلعلّم‪ ،‬كعن دكر فاعل للمتعلّم‪ .‬كقد ّ‬ ‫كافت ّكت من ّ‬
‫ادلدرسُت يتندركف منذ بضعة عقود بقوؿ‬ ‫بعض الباحثُت عن الصعوبات اليت صلمت عن ىذا التمشي التوحيدم بقولو "إذا كاف بعض ّ‬
‫"درسوا كما تطلب الربامج‬ ‫أدرس"‪ ،‬فإنّو ؽلكن القوؿ اليوـ إف الشعار السائد ىو ّ‬‫"درسوا كما رأيتموين ّ‬
‫بعض ادلشرفُت على العمل الًتبوم ّ‬
‫تدرسوا" (كردم‪ ،‬ع‪.)17 ،2002 ،‬‬ ‫الرمسيّة كالوثائق ادلنهجيّة أف ّ‬
‫تدخل مباشر من اإلدارة‬
‫عربت الوثائق ادلنهجيّة عن مركزيّة مفرطة‪ ،‬كعن ّ‬ ‫التدخل اإلدارم مفسدا لركح بيداغوجيا األىداؼ‪ ،‬فقد ّ‬ ‫لقد كاف ّ‬
‫تنم عن رغبة يف نزع‬
‫يف بنا‪ ،‬العمليّة التعليميّة‪ -‬التعلّميّة‪ .‬كبعبارة أخرل كانت طرؽ تبيئة بيداغوجيا األىداؼ يف ادلنظومة الًتبويّة التونسيّة ّ‬
‫ىامش ادلبادرة من أحد الفاعلُت الًتبويُّت الرئيسيُت الذم ىو ادلعلّم‪.‬‬
‫دل يكن حظ ادلتعلّم أكفر منحظ ادلعلّم‪ ،‬فمقاربة بيداغوجيا األىداؼ تزامنت مع إرسا‪ ،‬ادلدرسة األساسيّة اليت تزامن ظهورىا مع صدكر‬
‫جسدت عمليّة‬
‫التحوؿ الذم صار على ادلدرسة مواكبتو‪ .‬كبعبارة مغايرة‪ّ ،‬‬ ‫االتّفاقيّة الدكلية حلقوؽ الطفل (‪ ،)1989‬كىو ما يربز نوعيّة ّ‬
‫تبٍت ادلدرسة األساسيّة ضمنيّا رؤية نوعيّة للطفل ‪/‬ادلتعلّم كدلنزلتو يف العمليّة التعليميّة التعلّمية‪.‬‬
‫ّ‬
‫دل تصحب ىذه ادلقاربة عملية تغيَت جذريّة يف النظر إذل ادلتعلّم‪ ،‬كطغت على تلك ادلقاربة ذات ىواجس ادلقاربة السابقة من امتحانات‬
‫ككثافة معرفيّة‪ ،‬كال غرابة أف يعاد سيناريو دكرة بورقيبة يف مناظرة ختم شهادة التعليم األساسي حيث متّ إجرا‪ ،‬دكرة استثنائيّة يف‬
‫سبتمرب‪ 1998‬بعد أف كانت نتائج الدكرة األساسيّة (كالوحيدة) سليّبة لآلماؿ‪ ،‬ليتم الحقا التخلّي عن إجبارية "مناظرة السنة التاسعة‬
‫تدّن مستول ادلتعلّمُت‪ .‬كذلك م ّكنت اإلجرا‪،‬ات اجلديدة ادلتّخذة يف الباكالوريا بتمكُت‬ ‫كلَتتقي ادلتعلّموف دكف امتحانات كبالتارل ّ‬
‫ادلمتحنُت دبا نسبتو ‪ 25‬بادلائة كحافز للنّجاح" (السليماين‪ ،‬ـ‪ .)152 ،2015 ،‬كبعبارة ثانية دل تتم تبيئة مقاربة بيداغوجيا األىداؼ‬
‫إدارم(يوجو الوثائق ادلنهجيّة) كآخر سياسي( ػل ّدد بطريقة مباشرة أك غَت مباشرة نسب النجاح) ظلّت‬
‫ّ‬ ‫على النحو ادلطلوب‪ ،‬فبُت قرار‬
‫مدرسي ادلرحلة األكذل‬
‫ادلدرسُت‪ ،‬كذلك على الرغم من أف ىذه ادلقاربة رافقها على مستول تكوين ّ‬ ‫ىناؾ فجوة كبَتة تتّصل بنوعيّة تكوين ّ‬
‫من التعليم األساسي تغيَت مت دبوجبو التخلّي عن مدارس الًتشيح لصاحل معاىد تكوين ادلعلّمُت بداية من سنة ‪ ،1991-1990‬كعلى‬
‫مدرسي ادلرحلة الثانوية ظهور مناظرة "الكاباس" ‪.‬‬
‫مستول ّ‬
‫تضمنتو كثيقة "ضلو رلتمع ادلعرفة" اليت‬
‫تؤد مقاربة بيداغوجيا األىداؼ إذل ربقيق ما ُرسم من أىداؼ‪ ،‬كبدا ذلك جليّا من خبلؿ ما ّ‬ ‫دل ّ‬
‫أصدرهتا كزارة الًتبية كالتكوين سنة‪ ، 2002‬حيث ع ّددت تلك الوثيقة ادلشاكل اليت تعاين منها ادلدرسة التونسية كاليت اصبلتها يف النقاط‬
‫االتية (كزارة الًتبية‪:)7 ،2002 ،‬‬

‫‪- 322‬‬
‫‪-‬‬
‫مجلد‪( 9‬عدد ‪2102/)2‬‬ ‫‪ISSN 2170-0370‬‬ ‫مجلة الباحث في العلوم االنسانية و االجتماعية‬

‫‪ -‬ضعف مردكد ّ‬
‫ادلؤسسة الًتبويّة (عدد ىاـ من ادلنقطعُت خاصة يف ادلرحلة الثانية من التعليم األساسي دكف سبلّك الكفايات‬
‫ادلرسومة للتعليم األساسي)‪.‬‬
‫الكمي كاإلفراط يف‬ ‫‪ -‬سيطرة ادلنحى ّ‬
‫الكمي على الربامج التعليميّة (ادلواد كثَتة‪ ،‬كالربامج ذلا منحى موسوعي‪ ...‬كمن نتائج ادلنحى ّ‬
‫التجزئة أف أصبحت مكتسبات ادلتعلّمُت دكف ادلأموؿ)‪.‬‬

‫‪ -‬ضعف مكتسبات التبلميذ (‪...‬كيتجلّى ذلك يف الصعوبة اليت غلدكهنا يف التعبَت كالتواصل ككذلك يف ّ‬
‫حل ادلسائل الرياضيّة)‪.‬‬
‫‪ -‬ادلركزية ادلفرطة يف تسيَت النظاـ الًتبوم (فكل شي‪ ،‬يصدر عن ادلركز ضلو ادلستويات اجلهويّة كاحملليّة اليت ال سبلك سول أف تطبّق‬
‫آليا ما يصدر إليها من قرارات)‪.‬‬
‫‪ -‬غياب االحًتاؼ (إذ ال يتل ّقى ادلربّوف على اختبلؼ أصنافهم أم تكوين أساسي يف ىذا الصدد)‪.‬‬
‫‪ -‬غياب ثقافة تقييميّة (يسود االعتقاد أف االنتقا‪ ،‬كحده كفيل بضماف جودة التعليم كاحلفاظ على قيمة الشهائد العلميّة)‪.‬‬
‫ض ّمنت يف كثيقة "ضلو رلتمع ادلعرفة" بالقوؿ إف بيداغوجيا األىداؼ دل تفلح يف ذباكز الصعوبات اليت‬ ‫تسمح لنا ىذه ادلبلحظات اليت ُ‬
‫ادلوجهة ألنشطة التعلّم كالتقييم‪ .‬بل إف بيداغوجيا األىداؼ‬ ‫كانت تُعاين منها ادلدرسة التونسيّة منذ أف كانت بيداغوجيا احملتول ىي ّ‬
‫كبإفراطها يف ذبزئة ادلعارؼ ساعلت يف تعميق اإلشكاليات اليت تواجهها ادلمارسة الًتبويّة التونسيّة‪.‬‬
‫ال ؽلكن اختزاؿ تبيئة مقاربة بيداغوجيا األىداؼ يف بنا‪ ،‬الربامج الرمسيّة طبقا لتلك ادلقاربة‪ ،‬دبعٌت أنّو من الضركرم توفَت مناخ مناسب‬
‫ادلستمر) فضبل عن التخلّي عن مسار‬ ‫ادلدرسُت (التكوين األساسي ك ّ‬ ‫يشمل تأىيل ادلوارد البشريّة دبا يف ذلك اإلداريّة‪ ،‬كحسن تكوين ّ‬
‫ستتحوؿ تدرغليّا إذل عائق لئلبداع‪ .‬فادلقاربة اليت ال يتوفر ذلا ادلناخ ادلبلئمبل ؽلكن ذلا أف‬
‫ّ‬ ‫التواصل العمودم الذم انتهى إذل مركزيّة مفرطة‬
‫فتتحوؿ بذلك إذل نوع من ادلوضة ال غَت‪.‬‬
‫رب ّقق األىداؼ ادلرسومة ّ‬
‫عربت عنو كثيقة "ضلو رلتمع ادلعرفة" ادلشار إليها بغياب ثقافة‬ ‫متنوعة األكجو كمنها ما ّ‬
‫بدت ادلشاكل اليت عانت منها بيداغوجيا األىداؼ ّ‬
‫تقييميّة‪ ،‬كضمن ىذا السياؽ‪ ،‬بدت إشكالية تقييم األىداؼ الوجدانيّة – السلوكيّة حاضرة بقوة‪ .‬دبعٌت أف ادلمارسة الًتبويّة التونسيّة ظلّت‬
‫مرّكزة على صنف كاحد من األىداؼ الًتبويّة كىو األىداؼ ادلعرفيّة‪ ،‬فبقيت األىداؼ الوجدانيّة –السلوكيّة مستعصية على التقييم‪،‬‬
‫كبذلك دل تفلح بيداغوجيا األىداؼ يف القطع مع بيداغوجيا احملتول‪ ،‬فاستمر ىاجس ادلعلّمُت مرّكزا على البعد ادلعريف لؤلىداؼ‪ ،‬كدل يتم‬
‫ادلتفوقُت يف مواد دراسيّة ذات‬
‫االذباىات‪ .‬كال غرابة أف نرل ادلتعلّمُت ّ‬‫توظيف مقاربة بيداغوجيا األىداؼ يف تقييم عمليّة بنا‪ ،‬ادلواقف ك ّ‬
‫يًتددكف يف شلارسة سلوكات عنيفة (سوا‪،‬‬ ‫االذباىات من قبيل الًتبية ادلدنيّة كالفلسفة كالًتبية كالتفكَت اإلسبلمي‪ ،‬ال ّ‬
‫صلة مباشرة بادلواقف ك ّ‬
‫ضد األقراف أك ضد الفضا‪ ،‬ادلدرسي بشكل عاـ)‪.‬‬
‫يتحصل عليو ادلعلّموف يف‬
‫ّ‬ ‫دل ربظ األىداؼ الوجدانيّة – السلوكيّة بذات االىتماـ العتبارات عديدة منها ما يتّصل بنوعيّة التكوين الذم‬
‫لعل تعثّر تقييم األىداؼ‬
‫تلك ادلسألة‪ ،‬كمنها أيضا استمرارية طغياف النزعة ادلعرفيّة اليت ىي سليلة ادلقاربة السابقة القائمة على احملتويات‪ .‬ك ّ‬
‫يفسر كلو إذل ح ّد بعض ادلظاىر اليت عرفها اجملتمع التونسي من قبيل العنف كتنامي‬ ‫الوجدانيّة‪ -‬السلوكيّة‪ ،‬كعدـ إيبلئها االىتماـ البلزـ ّ‬
‫تتبٌت العنف يف مناطق سلتلفة من العادل‪.‬‬
‫السلوكيات احملفوفة بادلخاطر كأيضا التحاؽ بعض الفئات الشبابيّة بتنظيمات ّ‬
‫تؤد بيداغوجيا األىداؼ إذل التغلّب على العوائق الكربل اليت الزمت ادلنظومة الًتبويّة التونسيّة من قبيل التفاكت اجلهوم‪ ،‬كمن قبيل‬ ‫دل ّ‬
‫االنقطاع ادلدرسي‪ ،‬كمن قبيل مكانة الطفل – ادلتعلّم يف ادلنظومة الًتبويّة اليت ظلّت مقتصرة على دكر ادلتقبّل للمعارؼ كدل يرتق إذل مرتبة‬
‫يبُت أف تغيَت ادلقاربة البيداغوجية دل يفض يف هناية ادلطاؼ إذل انتقاؿ ادلنظومة الًتبويّة التونسيّة‬
‫الشريك ادلساىم يف بنا‪ ،‬ادلعارؼ‪ ،‬كىو ما ّ‬
‫من براديغم التعليم إذل براديغم التعلّم‪.‬كمن مث بدا من الضركرم التفكَت يف تغيَتىا كىو ما جا‪ ،‬بو إصبلح ‪( 2002‬اإلصبلح الًتبوم‬

‫‪- 323‬‬
‫‪-‬‬
‫تجديد المقبرببت البيداغىجية في المنظىمبت التربىيّة المغبربيّة‪ :‬محبولة في فهم أسس التبيئة ومعيقبتهب‬
‫المنظىمة التربىيّة التىنسيّة نمىذجب‪)123 - 133( ،‬‬
‫______________________________________________________________________________________________________________‬

‫لتنضم تونس بذلك إذل منظومات تربويّة كثَتة منها ادلنظومتاف‬


‫ّ‬ ‫تبٍت ادلقاربة بالكفايات‬
‫الثالث يف تونس ادلستقلة)‪ .‬كالذم متّ من خبللو ّ‬
‫اجلزائريّة كادلغربيّة‪.‬‬

‫بيداغوجيا الكفايات‪:‬‬
‫ّأدت "ضبلة االنتقادات اليت ُك ّجهت لبيداغوجيا األىداؼ كخاصة بالنسبة إذل تركيزىا على ادلقاربة اإلجرائيّة إذل ظهور التدريس بواسطة‬
‫ظلو شخصيّة ادلتعلّم من قدرات عقليّة كعمليّة ضركرية"‬ ‫الكفايات على اعتبار أف ىذه األخَتة مدخل مناسب للتعلّم كربقيق مستلزمات ّ‬
‫(شرقي‪ ،‬ـ‪ .)29 ،2010 ،‬فما "تقدمو ادلدرسة دل غلب كيتجاكب كإكراىات احلياة ادلتع ّددةكمتطلّباهتا‪ .‬فما الذم تستفيده ادلدرسة كفيما‬
‫تنفع كل ىذه الساعات من الدرس كالتحصيل اليت قضاىا ادلتعلّم بُت حيطاف ادلدرسة إذا كاف التلميذ ال ػلتفظ منها إال ببعض البقايا أك‬
‫العبلمات ‪ traces‬كاليت ال تنفعو عند مواجهة مشكل حقيقي عندما ؼلرج إذل احلياة احلقيقيّة" (شرقي‪ ،‬ـ‪ .)2010،35 ،‬دبعٌت أف أسئلة‬
‫جديدة أعقبت اعتماد بيداغوجيا األىداؼ كيف مقدمتها‪ :‬دلاذا ال يستطيع ادلتعلّموف توظيف مكتسباهتم يف معاجلة ادلشاكل اليت تعًتضهم‬
‫يف حياهتم اليوميّة؟‪.‬‬
‫ادلعوؿ عليو طريقة تدبَتىا كتعبئتها‪ .‬فعيش اإلنساف‬‫دل يعد امتبلؾ ادلعارؼ فقط‪،‬يف القرف احلادم كالعشرين‪" ،‬يش ّكل أمرا ضركريا بل ّ‬
‫معُت يف تدبَت كاستعماؿ ادلعارؼ بشكل يتجاكز ما كانت ربتاجو األجياؿ‬ ‫كاندماجو رىُت بربىنة ىذا اإلنساف على امتبلؾ مستول ّ‬
‫السابقة‪ .‬لذلك أضحت ادلدرسة ملزمة بتنمية كفايات ادلتعلّمُت بشكل ؽل ّكنهم من االستمرار يف التعلّم الذايت كيف التعلّم مدل احلياة‪،‬‬
‫كلعل اإلضافة النوعيّة ذلذه ادلقاربة اليت‬
‫كبالتارل عليها أف هتدؼ إذل تعليم مستدمي كقابل للتحويل" (العمارم‪ ،‬ص‪ّ .)146 ،2015 ،‬‬
‫ّازبذت من البنائية إطارا مرجعيا ذلا‪ ،‬ىو "أهنا تستند على نظاـ متكامل كمندمج من ادلعارؼ كاألدا‪،‬ات كادلهارات اليت تسمح للمتعلّم‬
‫أماـ صبلة من الوضعيات التعليميّة‪ -‬التعلّميّة بإصلاز ادلهاـ ادلطالب هبا بشكل منسجم كمتوافق" (ىويدم‪ ،‬ع‪.)58 ،2015،‬‬
‫ُ‬
‫تبنّت ادلنظومة الًتبويّة التونسيّة ادلقاربة بالكفايات مع إصبلح جويلية ‪ 2002‬مثلما سبقت اإلشارة إذل ذلك‪ .‬كىي مرحلة "زبلّى فيها‬
‫جل ىواجسو ادلتّصلة بتحقيق األىداؼ الكميّة‪ ،‬السيّما يف مرحلة التعليم األساسي‪ ،‬كىو ما يكشف يف‬ ‫النظاـ الًتبوم التونسي عن ّ‬
‫كضوح على أف تعميم التمدرس‪ ،‬كاستدامتو دل يعودا ينتسباف إذل "فئة التح ّديات" ادلطركحة على النظاـ الًتبوم التونسي" (كزارة الًتبية‬
‫كالتكوين‪.)2008،14 ،‬‬
‫يسمى‬
‫متّ ذبسيم ىذه ادلقاربة بالنظر إذل ادلواد الدراسيّة على أهنا عائبلت‪ ،‬ككضعت كثيقة برنامج الربامج اليت كانت األرضية ادلشًتكة دلا ّ‬
‫عربت عن ذلك كثيقة التعلّمات االختيارية‬
‫بالكفايات األفقيّة ككفايات ادلواد‪ .‬كمتّ الشركع يف إرسا‪ ،‬بعض التعلّمات بطريقة مغايرة مثلما ّ‬
‫(كزارة الًتبية كالتكوين‪ ،)2004 ،‬كيف ذلك رغبة كاضحة يف التجديد‪.‬‬
‫ادلدرسُت كمنها ما يتصل بعوائق إدارية‬‫دل يكن مصَت ادلقاربة بالكفايات أفضل من ادلقاربة السابقة‪ ،‬فقد اصطدمت بعراقيل منها رفض ّ‬
‫يتم االبقا‪ ،‬على تلك ادلقاربة يف ادلرحلة االبتدائية كإلغائها بادلرحلتُت اإلعدادية كالثانوية‪،‬‬‫بدت من خبلذلا ادلركزية مفرطة‪ .‬كال غرابة أف ّ‬
‫كبررت كزارة اإلشراؼ ذلك التخلّي باإلبقا‪ ،‬عليها كاإلبقا‪ ،‬على ركحها‪ .‬كقد عكس ىذا التخلّي ارتباؾ القائمُت على ادلنظومة الًتبويّة يف‬ ‫ّ‬
‫رلرد قرار إدارم يتّخذ أحيانا‬
‫تبٍت مقاربة بيداغوجيّة أك التخلّي عنها ّ‬ ‫رؤيتهم للمقاربة البيداغوجيّة‪ ،‬كىي رؤية اتّسمت بطابع تقٍت‪ ،‬جعل ّ‬
‫ادلدرسُت كاألكليا‪.،‬‬
‫ربت ضغط فاعلُت تربويُّت آخرين من قبيل نقابات ّ‬

‫‪- 324‬‬
‫‪-‬‬
‫مجلد‪( 9‬عدد ‪2102/)2‬‬ ‫‪ISSN 2170-0370‬‬ ‫مجلة الباحث في العلوم االنسانية و االجتماعية‬

‫جا‪،‬ت ادلقاربة بالكفايات يف سياؽ مستج ّدات كربل عرفها احلقل الًتبوم على الصعيدين الوطٍت كالعادلي‪ ،‬فعادل الشغل ادلعٍت األكؿ‬
‫زبوؿ ذلم‬‫ربوالت كبَتة األمر الذم ػلتّم على ادلدرسة العمل على إكساب ادلتعلّمُت الكفايات اليت ّ‬ ‫ادلؤسسة الًتبويّة عرؼ ّ‬
‫دبخرجات ّ‬
‫تغَتات عادل الشغل‪ .‬كما أف ىذه ادلقاربة جا‪،‬ت يف سياؽ ثقايف ػلمل الكثَت من التناقضات‪ ،‬فمن جهة ظلت النزعة الفردانيّة‬‫التكيّف مع ّ‬
‫بشكل غَت مسبوؽ‪ ،‬كمن جهة أخرل بقدر ما توط ّد التواصل بُت البشر بقدر ما تراجع التفاىم بينهم (موراف‪.)2002 ،‬‬
‫لتبٍت ادلقاربة بالكفايات إال أف طريقة توطينها دل تكن ناجعة‪،‬‬
‫كعلى الرغم من أف السياؽ العاـ يف سياقاتو الثقافيّة كاالقتصاديّة كاف مناسبا ّ‬
‫استمرت التجزئة سائدة يف ادلمارسة اليوميّة‪ ،‬حىت‬
‫ّ‬ ‫فلم يتم التعامل مع ادلواد الدراسيّة على ّأهنا عائبلت إال على ادلستول النظرم‪ ،‬حيث‬
‫أف تلك ادلواد غدت جزرا منفصلة عن بعضها‪ .‬كإذا ما أضفنا إذل ذلك غياب التمفصل بُت أنشطة البحث اجلامعيّة كبُت كاقع ادلدرسة‬
‫التونسيّة نقف على عنصر آخر مؤثّر سلبا يف أسلوب تبيئة ادلقاربة بالكفايات ‪ ،‬كعليو ال غرابة أف كانت حصيلة تلك ادلقاربة زلدكدة فقد‬
‫تضمن الكتاب األبيض (كزارة الًتبية‪ )2016 ،‬ربديدا لنقاط ضعف ادلنظومة الًتبويّة التونسيّة كاليت ىي حصيلة اعتمادىا ادلضطرب على‬ ‫ّ‬
‫ادلقاربة بالكفايات‪ ،‬كىذه النقاط ىي اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬تراجع أدا‪ ،‬العمليّة الًتبويّة كضعف مستول التحصيل لدل ادلتعلّمُت‪.‬‬


‫‪ -‬فشل ادلدرسة التونسيّة يف تكريس مبدأ تكافؤ الفرص‪.‬‬

‫‪ -‬اتّساع ّ‬
‫اذلوة بُت ادلدرسة كزليطها االقتصادم‪.‬‬
‫‪ -‬ىشاشة ادلدرسة كزليطها االقتصادم‪.‬‬
‫‪ -‬ىشاشة ادلدرسة أماـ اجتياح ظواىر مستج ّدة كمشينة لفضا‪،‬اهتا‪.‬‬
‫‪ -‬بركز احلاجة ادلتأ ّكدة إذل منواؿ جديد للحوكمة‪.‬‬

‫‪ -‬عدـ قدرة ادلدرسة التونسيّة على مواكبة ّ‬


‫التحوالت العميقة كادلتسارعة يف تكنولوجيا ادلعلومات كاالتّصاؿ‪.‬‬
‫التدين البلفت دلستول الباكالوريا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬اىًتا‪ ،‬البنية األساسيّة كتراجع مستول الرفاه هبا‪.‬‬
‫تبُت يف جانب كبَت منها عسر توطُت‬ ‫تكشف ىذه النقاط عن صعوبات كربل تواجهها ادلنظومة الًتبويّة التونسيّة‪ ،‬كىي صعوبات ّ‬
‫ادلقاربات البيداغوجيّة ال سيّما منها تلك اليت تنظر إذل منزلة ادلتعلّم نظرة أمشل من متقبّل للمعارؼ‪ .‬دبعٌت أف البحث يف زبطّي تلك‬
‫ؽلر عرب التفكَت يف تغيَت ادلقاربة البيداغوجيّة فقط‪ ،‬بل يف معيقات توطينها‪ .‬كبعبارة مغايرة لكل‬
‫الصعوبات اليت تشكو منها تلك ادلنظومةال ّ‬
‫كتبٍت مقاربة بيداغوجيّة ال يعٍت توفَت شركط صلاحها‪.‬‬‫تتنزؿ فيو‪ّ ،‬‬‫مقاربة سياؽ ّ‬
‫‪.5‬في ما هو أبعد من المقاربات البيداغوجيّة‪:‬‬
‫ادلهم أيضا‬
‫ادلهم التأكيد رل ّددا على دكر ادلقاربة البيداغوجيّة يف ذبويد أدا‪ ،‬ادلنظومة الًتبويّة كالتعليميّة يف أم بلد من البلداف‪ ،‬كمن ّ‬ ‫من ّ‬
‫التأكيد على أعليّة توفَت ادلناخ ادلبلئم لنجاح عملية تبيئة ادلقاربات البيداغوجيّة‪ .‬دبعٌت أف ادلقاربة البيداغوجيّة ال ربمل يف ذاهتا صلاح‬
‫منظومة تربويّة أك فشلها‪ ،‬كما أ ّف تغيَت ادلقاربة البيداغوجيّة يتطلّب كعيا خبصوصياهتا على ادلستويات كافة كال سيما منها مستول التواصل‬
‫كموقع ادلتعلّم يف العمليّة الًتبويّة‪.‬‬
‫من ادلفيد التذكَت بأف التعليم حق‪ ،‬كلو دكر أساسي "يف شلارسة اإلنساف حلقوقو ككفائو دبسؤكلياتو" (بوبكرم‪ ،‬ـ‪ ،)19 ،2000 ،‬كعليو‬
‫فإف الوعي بأعليّة تكوين مواطن فاعل‪ ،‬كقادر على ادلبادرة كادلفاكضات كضبط األكلويات كالتكيّف مع التغَتات فضبل عن الثقة يف النفس‬

‫‪- 325‬‬
‫‪-‬‬
‫تجديد المقبرببت البيداغىجية في المنظىمبت التربىيّة المغبربيّة‪ :‬محبولة في فهم أسس التبيئة ومعيقبتهب‬
‫المنظىمة التربىيّة التىنسيّة نمىذجب‪)123 - 133( ،‬‬
‫______________________________________________________________________________________________________________‬

‫ييسر استيعاب عمليّة تغيَت ادلقاربات البيداغوجيّة كيبعد ادلمارسة الًتبويّة عن االنفعاالت اليت‬
‫كادلركنة يف التواصل مع اآلخر‪ ،‬من شأنو أف ّ‬
‫كثَتا ما أعاقت توطُت ىذه ادلقاربة أك تلك فتصَت عاجزة عن مواجهة التحديات اليت تواجهها ادلنظومة الًتبويّة‪.‬‬
‫تتنزؿ فيو‪ ،‬فعلى‬
‫دلكونات أؽلقاربة كفهما دقيقا للسياؽ الذم ّ‬ ‫يتطلّب توطُت مقاربة بيداغوجيّة يف ادلنظومة الًتبويّة التونسيّة رؤية شاملة ّ‬
‫التمسك اليوـ دبقاربة قائمة على احملتويات كادلضامُت‪ ،‬على الرغم من أعلية ىذه األخَتة‪ ،‬ألف ادلنطق الًتبوم اليوـ‬ ‫سبيل ادلثاؿ ال ؽلكن ّ‬
‫ينبٍت على خصوصيّة كىي ربقيق اجلودة‪ ،‬كمن مث فطبيعة ادلقاربة البيداغوجية ينبغي أف تكوف منسجمة مع نوعيّة التح ّدم كمن مقومات‬
‫ربوؿ كبَت يف نوعيّة ادلمارسة الًتبويّة‪ ،‬فإذ كنا "ربدثنا طويبل‬‫ادلقوـ يشَت إذل ّ‬
‫التوجو إذل بنا‪ ،‬الذات الفاعلة عند ادلتعلّم‪ ،‬كىذا ّ‬
‫اجلودة اليوـ ّ‬
‫عن الوظائف االجتماعيّة للفرد‪ ،‬فإنو غلب علينا اليوـ أف ربدث عن كظائف التنظيم االجتماعي يف خدمة الذات الفاعلة للفرد‪ ،‬أك اليت‬
‫تكوف خطرا عليها" )‪ ،(Touraine, A, 2007, 297‬كىو ما يعٍت التخلّي عن نظرة التمركز حوؿ الذات‪ ،‬اليت جعلت الكثَتين‬
‫يطنبوف يف ادلقارنة بُت فًتات تعلّمهم كفًتات تعلّم أبنائهم‪ ،‬كىي مقارنات غَت رلدية حبكم التغيَت الكبَت الذم عاشت على كقعو‬
‫ربوالت أكدت أف ادلدرسة ال تع ّد للحياة كإظلا ىي احلياة ذاهتا‪.‬‬
‫ؤسساهتا دبا فيها مؤسسة ادلدرسة‪ ،‬كىي ّ‬ ‫اإلنسانيّة كم ّ‬
‫يستدعي توطُت ادلقاربات البيداغوجيّة اليوـ‪ ،‬االقتناع بأف التعليم حق كأف "احلق يف الًتبية كالتعليم كالتكوين ‪ ،‬باألحرل‪ ،‬ىو أب احلقوؽ‬
‫األخرل‪ ،‬ألنو ال حياة ك ال ك رامة كال شغل كال عدؿ كال مساكاة كال غَتىا من تلك احلقوؽ‪ ،‬إلنساف ال يعلم‪ ،‬ماداـ جاىبل باألساس‬
‫لكل ما حولو" (الوكيلي‪ ،‬ـ‪ .)247 ،2012 ،‬كأف التمتّع هبذا احلق يقتضي إتاحة الفرصة الكافية لصاحب احلق دلمارستو‪ ،‬كمن مث توفَت‬
‫الظركؼ ادلبلئمة لو حىت يتم ّكن من شلارسة حقو‪.‬‬
‫كلكن ترصبة ىذا الوعي إذل كاقع‪ ،‬يقتضي تنزيل ادلقاربة البيداغوجية ضمن سياؽ شامل من خصائصو‪:‬‬

‫‪ -‬حكامة التدبَت اإلدارم‪.‬‬


‫كل الفاعلُت الًتبويُّت كخاصة منهم ادلعلّموف‪.‬‬ ‫‪ -‬متانة التكوين األساسي ك ّ‬
‫ادلستمر بالنسبة إذل ّ‬
‫‪ -‬تفادم االنتقائيّة يف التعاطي مع ادلقاربات البيداغوجيّة كالتعامل معها على ّأهنا منظومة متكاملة (من التعليم كالتعلّم إذل التقييم)‪.‬‬
‫‪ -‬الفصل بُت السياسي كالًتبوم‪ ،‬صحيح أف الًتبوم يدرج يف الغالب ضمن مقاربة سياسيّة‪ ،‬أك ضمن مشركع سياسي كالدليل أف‬
‫تتضمن دائمابرامج تربويّة إال أف توظيف الًتبية لغايات سياسيّة من شأنو أف يفقد ادلمارسة الًتبويّة‬
‫مشاريع األحزاب السياسيّة ّ‬
‫كػلوذلا إذل فعل عاطفي ال معٌت للمقاربات البيداغوجيّة فيو‪.‬‬
‫طابعها العقبلين الرصُت‪ّ ،‬‬
‫‪ -‬اعتماد الًتبية ادلقارنة كاالستفادة من التجارب األخرل خاصة منها البلداف ادلشاهبة كيف مقدمتها البلداف ادلغاربيّة‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫يف زمن يبدك فيو معٌت الًتبية كالتعليم ضبابيا يف أذىاف ادلتعلّمُت كاألكليا‪ ،‬العتبارات عديدة كسلتلفة منها ما يعود إذل التجزئة ادلفرطة‬
‫للتعلّمات كاليت جعلت الرابط بينها ىبلميا‪ ،‬كمنها ما يتّصل بفقداف التمفصل ‪ l’articulation‬بُت النجاح الدراسي كالنجاح‬
‫االجتماعي‪...‬اخل‪ ،‬يكوف للمقاربة البيداغوجيّة دكر زلورم ال يف إعطا‪ ،‬معٌت للممارسة الًتبويّة فقط كإّظلا أيضا يف ربفيز ادلتعلّمُت على‬
‫اكتساب كفايات رئيسية منها تعلّم التعلّم كمنها كفاية ادلبادرة كادلقاكلتية (االنتقاؿ من األفكار إذل األعماؿ)‪ ،‬كالكفايات االجتماعية‬
‫كادلدنية‪ .‬إضافة إذل الكفاية الفنيّة كالتعبَت الثقايف‪ .‬دبا يعٍت أف ادلسألة الًتبويّة مرّكبة كأف التعاطي مع ادلقاربات البيداغوجيّة يتطلّب ادلصاحلة‬
‫بُت ادلنهجُت الظاىر كاخلفي اللذين كثَتا ما أدل التناقض بينهما إذل فقداف ادلقاربة البيداغوجية ادلتّبعة ال ذلويتها فقط كإّظلا أيضا‬

‫‪- 326‬‬
‫‪-‬‬
‫مجلد‪( 9‬عدد ‪2102/)2‬‬ ‫‪ISSN 2170-0370‬‬ ‫مجلة الباحث في العلوم االنسانية و االجتماعية‬

‫لنجاعتها‪ .‬كمن مث يكوف على ادلعنيُت باإلصبلح الًتبوم القادـ يف تونس التفكَت يف ادلناخ العاـ ادلبلئم لنجاعة ادلقاربة البيداغوجية قبل‬
‫التفكَت يف تغيَت مقاربة بأخرل‪.‬‬
‫المراجع‪:‬‬
‫‪ .1‬باللّغة العربيّة‬
‫اسليمانيالعريب (‪)2005‬؛ التواصل الًتبوم‪ :‬مدخل جلودة الًتبية كالتعليم‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضا‪.،‬‬

‫بلخَتم سليمة(‪ )2000‬؛ ادلقاربة بالكفايات كادلقاربة بالتمثّبلت يف التعليم‪ ،‬رللة العلوـ االجتماعية كاإلنسانية ‪ ،‬العدد السادس‪.‬‬
‫بوبكرؽلحمد (‪)2000‬؛ ادلدرسة كإشكالية ادلعٌت‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬الدار البيضا‪.،‬‬

‫التيمومي اذلادم (‪)2016‬؛ تعليم اجلهل يف عصر العودلة كاإلصبلح الًتبوم بتونس‪ ،‬دار زلمد علي احلامي صفاقس‪.‬‬
‫الدرغلمحمد؛ ادلعايَت يف التعليم‪ :‬ظلاذج كذبارب لضماف جودة التعليم‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضا‪،‬‬

‫اخلطايب عزالدين (‪)2010‬؛ األطر ادلرجعية للمقاربات البيداغوجية‪ ،‬دفاتر الًتبية كالتكوين‪ ،‬عدد ‪ 2‬مام ‪.2010‬‬
‫اخلمسي عبد اللطيف (‪ )2010‬؛ تغيَت ادلقاربات البيداغوجية كذبديد ادلمارسة الًتبويّة‪ ،‬دفاتر الًتبية كالتكوين‪ ،‬العدد‪ ،2‬مام ‪.2010‬‬

‫ساسي نورالدين ك النيفر مصطفى (‪)2014‬؛ سياسات تكوين ادلعلّمُت كتعيينهم "احلالة التونسية" ‪ ،‬ادلنظمة العربية للًتبية كالثقافة كالعلوـ‪ ،‬تونس‪.‬‬
‫سعداهلل‪ ،‬سعد اهلل؛(‪( /) 2013‬صبع كمراجعة)؛ الثورة كادلسألة الًتبوية ‪ :‬إشكاليات كبدائل‪ ،‬أعماؿ ندكة منتدل الفارايب للدراسات كالبدائل‪12-11-10 ،‬‬
‫مام ‪ ،2013‬منشورات منتدل الفارايب للدراسات كالبدائل‪ ،‬صفاقس‪.‬‬

‫شرقي زلمد؛ مقاربات بيداغوجية (‪ :)2010‬من تفكَت التعلّم إذل تعلّم التفكَت‪ :‬دراسة سوسيو‪-‬بيداغوجيّة‪ ،‬أفريقيا الشرؽ‪ ،‬الدار البيضا‪.،‬‬
‫التصورات ادلرتبطة بادلمارسات البيداغوجيّة كباذلويّة ادلهنيّة‪ ،‬مركز النشر اجلامعي‪ ،‬تونس‪.‬‬
‫كتطور ّ‬
‫ادلستمر للمدرسُت ّ‬
‫ّ‬ ‫الظاىرم نور الدين (‪)2016‬؛ التكوين‬

‫االذباىات كادلدارس كادلقاربات‪ ،‬منتدل ادلعارؼ‪ ،‬بَتكت‪.‬‬


‫عمادعبد الغٍت (‪)2017‬؛ علم اجتماع الًتبية‪ّ :‬‬
‫العمارم الصديق الصادؽ (‪ )2015‬؛ الًتبية كالتنمية كرب ّديات ادلستقبل‪ :‬مقاربة سوسيولوجية ‪ ،‬أفريقيا الشرؽ ‪ ،‬الدار البيضا‪.‬‬

‫لعبلكم عماد (‪ )2012‬؛ مفهوـ العمل لدل العماؿ كعبلقتو بدافعيتهم يف العمل الصناعي من خبلؿ إشباع احلوافز ادلادية‪ ،‬دراسة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه‬
‫يف علم النفس كعلوـ الًتبية‪ ،‬زبصص علم النفس العمل كالتنظيم‪ ،‬جامعة اإلخوة منتورم‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬السنة اجلامعية ‪.2012-2011‬‬

‫فاربي زلمد (‪)2012‬؛ الًتبية على قيم ادلواطنة كالسلوؾ ادلدين‪ :‬ادلفعوؿ الفردم كادلسؤكلية ادلشًتكة‪ ،‬عادل الًتبية عدد‪21‬‬
‫رلاىد عبد اهلل (‪) 2011‬؛ الكفايات كالًتبية على القيم كاالختيار مفاىيمها كمرجعياهتا يف ادلنهاج الًتبوم من خبلؿ ادليثاؽ الوطٍت للًتبية كالتكوين‪ ،‬كالكتاب‬
‫األبيض‪ ،‬رللّة علوـ الًتبية ‪ ،‬العدد السابع كاألربعوف‪-‬مارس ‪.2011‬‬
‫منصف عبد احلق (‪)2007‬؛ رىانات البيداغوجيا ادلعاصرة‪ :‬دراسة يف قضايا التعلّم كالثقافة ادلدرسيّة‪ ،‬افريقيا الشرؽ‪ ،‬الدار البيضا‪.،‬‬

‫مورانإدغار (‪) 2002‬؛ تربية ادلستقبل‪ :‬ادلعارؼ السبع الضركرية لًتبية ادلستقبل‪ ،‬ترصبة عزيز لزرؽ كمنَت احلجوجي‪ ،‬منشورات توبقاؿ‪ -‬منشورات اليونسكو ‪ ،‬الدار‬
‫البيضا‪ -،‬باريس‪.‬‬
‫النقيب خلدكف حسن (‪)1997‬؛ يف البد‪ ،‬كاف الصراع !جدؿ الدين كاالثنية ‪ ،‬األمة كالطبقة عند العرب‪ ،‬دار الساقي‪ ،‬بَتكت‪.‬‬

‫ىويدم عبد الباسط (‪)2015‬؛زلاكر التجديد يف اسًتاتيجيّة التدريس عن طريق الكفا‪،‬ات‪ ،‬رللة الدراسات كالبحوث االجتماعيّة العدد ‪ ،12‬سبتمرب ‪2015‬‬
‫كزارة الًتبية كالتكوين‪-‬تونس‪ ،‬ضلو رلتمع ادلعرفة‪ :‬اإلصبلح الًتبوم اجلديد‪ :‬اخلطة التنفيذية دلدرسة الغد‪( 2007-2002‬جواف ‪.)2002‬‬

‫ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػالقانوف التوجيهي للًتبية كالتعليم ادلدرسي (جويلية ‪.)2002‬‬

‫‪- 327‬‬
‫‪-‬‬
‫ محبولة في فهم أسس التبيئة ومعيقبتهب‬:‫تجديد المقبرببت البيداغىجية في المنظىمبت التربىيّة المغبربيّة‬
)123 - 133( ،‫المنظىمة التربىيّة التىنسيّة نمىذجب‬
______________________________________________________________________________________________________________

.‫ التقرير الوطٍت‬،2008-2004 ‫ػالتطور الًتبوم‬


ّ ‫ػػػػػػػػ ػػػػػػػػػ ػ‬
.2016 ،‫ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػالكتاب األبيض‬

2012 /21‫ عادل الًتبية عدد‬،‫)؛ ادلدرسة كمنظومة القيم الكونيّة‬2012(‫الوكيلي زلمد عزيز‬
‫ باريس‬،‫ ضلو صاحل مشًتؾ عادلي؟ اليونسكو‬:‫)؛ إعادة التفكَت يف الًتبية ك التعليم‬2015( ‫اليونسكو‬

‫ باللّغة الفرنسيّة‬.2
Abdennanbi.A (1993) ; Pour un système éducatif efficient, Cérès productions, Tunis.
Ait Amar Meziane.O ;(2014) « De la pédagogie par objectifs à l’approche par compétences :
migration de la notion de compétence », Synergies Chine n°9, 2014
Bahloul. M (2005); L’école et la violence, CAEU Med Ali Sfax.
Bahloul.M (2010) ; Besoin de soumettre et désir d’enseigner, CAEU Med Ali, Sfax.
Perrenoud. Ph (1997); Construire des compétences dès l’école, ESF éditeur, Sciences humaines,
Paris.
Perrenoud. Ph (1998); Construire des compétences, est-ce tourner le dos aux savoirs, Pédagogie
collégiale, vol 12, n°3, 1998
Touraine .A (1997) ; Pourrons-Nous vivre ensemble égaux et différents ?, Fayard, Paris.
Touraine. A (2007) ; Penser autrement, Fayard, Paris.

- 328
-

You might also like