Professional Documents
Culture Documents
محاضرات في المدخل للعلوم القانونية) النظرية العامة للقانون (PDFDrive)
محاضرات في المدخل للعلوم القانونية) النظرية العامة للقانون (PDFDrive)
1
م ـق ــدم ـ ـ ـ ـ ـ ــة :
من اؼبعروؼ أف اؼبدخل إذل أي علم من العلوـ يقصد بو تعريف ىذا العلم و بياف اػبصائص اليت
يتميز هبا عن غَته من العلوـ األخرى ،مع تقدًن اؼببادئ األساسية فيو و شرح األفكار الرئيسية وعرض
القواعد العامة اليت يقوـ عليها ،و بتعبَت آخر نقوؿ أف اؼبدخل ألي علم ىو ىيكلة اػبطوط العريضة
لذلك العلم لتكوف دبثابة األساس اؼبتُت اؼبًتابط الذي يسهل للدارس أف يستوعب تفاصيل ذلك العلم
عند الدخوؿ إذل فروعو وتقسيماتو اؼبتعددة ،وفهم النظريات اؼبختلفة اليت ربكم تلك التفصيالت.
ومن ىذا اؼبنطلق نقوؿ أف اؼبدخل إذل علم القانوف ىو دراسة سبهيدية وشرح للمبادئ العامة
اؼبشًتكة يف العلوـ القانونية .وىذا يعٍت أف اؼبدخل إذل علم القانوف ليس مرتبطا بفرع معُت من فروع
القانوف اليت تنتظم صبيعها يف إطار عاـ ىو النظاـ القانوين للدولة ،ألنو يرتبط بكل فروع النظاـ
القانوين ،فهو يبهد للفروع القانونية صبيعها.
ولكن مع التسليم بصحة ىذا الرأي ،فقد جرى العمل على أف دراسة اؼبدخل إذل علم القانوف
تلحق بالقانوف اؼبدين ،و ذلك تأسيسا على أف القانوف اؼبدين ىو الشريعة العامة للقانوف ،حيث
اختص بنصيب األسد فيما يتعلق بالنص على أغلب اؼببادئ و القواعد العامة اليت تتضمن الدراسة
التمهيدية للقانوف .
ولبلص من ىذا إذل القوؿ بأف النظاـ القانوين يف أي دولة دبا يشملو من القانوف العاـ والقانوف
اػباص بفروعهما ،يقوـ على أسس و مبادئ و نظريات عامة ،تستخدـ فيها تعبَتات ومصطلحات
قانونية مشًتكة ،ؽبا مدلوالت ثابتة ال تتغَت ،وىي موضوع الدراسة دائما يف اؼبدخل إذل العلوـ
القانونية ،وىي اليت تتضمنها بوجو عاـ النظريتاف اآلسيتاف ونبا النظرية العامة للقانوف والنظرية العامة
للحق ،إال أف ىذه الدراسة يف ىذا اؼبقاـ سًتكز على النظرية العامة للقانوف ،يف انتظار دراسة قادمة
خاصة بالنظرية العامة للحق .
ستقسم ىذه الدراسة إذل اػبطة اآلتية :
الفصػػل األوؿ :تعريف القانػوف وسبييزه عن القواعد االجتماعية األخرى.
الفصػػل الثػػانػي :تقسيمات القانػوف
الفصػل الثػالث :مصػػادر القػانػػوف
الفصػػل الرابع :تطبيػػق القػػاعػػدة القػػانونيػػة
2
الفصــل األول :تعريف القانـون وتحديـد نطــاقو
وظيف ػػة الق ػػانوف األساس ػػية ى ػػي ربقي ػػق ى ػػدفُت :األوؿ ى ػػو ضباي ػػة حق ػػوؽ وحري ػػات الف ػػرد ومص ػػاغبو
اػباصة .والثاين ىػو اغبفػاظ علػى كيػاف ا تمػع بػاقرار النظػاـ واالسػتقرار فيػو وكفالػة اؼبصػلحة العامػة .أي
أف وظيفة القانوف ىي تنظيم ا تمع على كبو وبقق الصاحل العاـ .
فالق ػػانوف ى ػػو ال ػػذي ينش ػػي اغبقػ ػػوؽ و يرس ػػم ح ػػدودىا و وب ػػدد الض ػػمانات غبمايت ػػو ،ووبمي ػػو ب ػػالقوة .
واإلنسػاف مدنػي بطبعػػو تػدفعػػو غػريزتػػو إذل العػي مػع النػػاس ليتػعػػاوف مع ػػهم ويتبػادؿ معهػم اؼبنػافع ،فػال
يبكن أف نتصور إنساف يعي دبعزؿ عن بقية أفراد ا تمع .ومػن الطبيعػي أف تنشػأ بػُت األفػراد عالقػات
و معامالت فبا يؤدي حتما إذل ظهور منازعات و خالفات بينهم ،و تتعارض مصاحل كل واحد مػنهم
مػػع مصػػاحل الفػػرد اآلخػػر .فمػػن ىنػػا كػػاف مػػن الضػػروري وجػػود قواعػػد قانونيػػة ملزمػػة تػػنظم العالقػػات فتبػػُت
لكل فرد ما لو من حقوؽ و ما عليو من واجبات ،حىت ال تصبح العالقات تسودىا الفوضى ،فتكػوف
الغلبة فيها لألقوى ،وتنعدـ الطمأنينة و االستقرار يف ا تمع .
إال أف القانوف ىبتلف باختالؼ األنظمة القانونية ،السياسية ،االقتصػادية واألخالقيػة السػائدة يف
دوؿ الع ػػادل ،ألف الق ػػانوف م ػػا ى ػػو إال نتاج ػػا طبيعي ػػا للتقالي ػػد والتفك ػػَت والعوام ػػل التارىبي ػػة واالقتص ػػادية
اػباصة بكل بلد من بلداف العادل .فاذا كاف اإلنساف ال يعي إال يف صباعة فاف قياـ ىذه اعبماعة على
أساس من النظاـ واالسػتقرار يتطلػب وضػع قػوانُت و قواعػد عامػة ىبضػع ؽبػا كػل أفػراد اعبماعػة مػن أجػل
ربقيق التوازف بُت اؼبصاحل اؼبتعارضة لألفراد .
وعلي ػػو س ػػنتطرؽ م ػػن خ ػػالؿ ى ػػذا الفص ػػل إذل مبحث ػػُت اؼببح ػػث األوؿ نتن ػػاوؿ في ػػو التع ػريػ ػػف بالقػان ػ ػػوف
واؼببحث الثػػاين يشمل التمييز بُت القواعد القانونية والقواعد االجتماعية األخرى .
المبحث األول :التعــريـف بالقـانــون
يشػػمل ىػػذا اؼببحػػث مفهػػوـ القػػانوف ومعانيػػو يف اؼبطلػػب األوؿ وخصػػائص القاعػػدة القانونيػػة يف اؼبطلػػب
الثاين.
المطلب األول :مفهوم القانون ومعانيو
وسنتناوؿ من خالؿ ىذا الطلب أصل كلمة قانوف ومعٌت القانوف وعالقة القانوف باغبق .
3
الفرع األول :أصل كلمة قانون
كلمػة قػػانوف ىػػي كلمػػة يونانيػػة األصػػل ( )KANUNومعناىػا العصػػا اؼبسػػتقيمة ويقصػػدوف هبػػا الداللػػة
علػى االستقػ ػامة يف الق ػ ػ ػواعد واؼببػ ػادئ القانػ ػونيػ ػ ػة ،وال يق ػصػ ػدوف هبػػا الداللػػة علػى العصػػا كػػأداة للضػ ػرب
أوالتأديػب ،وأصبحت يف اللغة العربيػػة تعٍت ( مقياس كل شيء ).
وقد انتقلت ىذه الكلمة اليونانية الدالة على االستقامة إذل عدة لغات لتعرب عن القانوف أيضػا مثػل
اللغ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة الفرنس ػ ػ ػ ػ ػ ػػية ( )DROITوك ػ ػ ػ ػ ػ ػػذلك اللغ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة اإليطالي ػ ػ ػ ػ ػ ػػة ( )DIRITOواللغ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة اإلس ػ ػ ػ ػ ػ ػػبانية
( )DERECHOواللغػػة األؼبانيػػة (... )RECHTإخل ،فكلمػػة القػػانوف تعػػرب عػػن نػػوع مػػن النظػػاـ
الثابػػت ،يتمثػػل يف ارتبػػاط حتمػػي يقػػوـ بػػُت ظػػاىرتُت وكأمبػػا توجػػد إحػػدانبا يف طػػرؼ عصػػا مسػػتقيمة
وتقابله ػػا األخ ػػرى يف لاي ػػة العص ػػا دوف أي اكب ػراؼ ،فالق ػػانوف لغ ػػة معن ػػاه اػب ػػط اؼبس ػػتقيم ال ػػذي يعت ػػرب
مقياسا لالكبراؼ .
الفرع الثاني :معنى القانون
تستخدـ كلمػة قػانوف للداللػة علػى معػاين متعػددة ويقصػد هبػا مفػاىيم ـبتلفػة ،فأحيانػا يقصػد هبػا
القػػانوف دبعنػػاه الواسػػع جػػدا وأحيانػػا يقصػػد هبػػا القػػانوف دبعنػػاه الضػػيق جػػدا .فتسػػتعمل كلمػػة قػػانوف يف
معناىػ ػ ػ ػػا الواسػ ػ ػ ػػع جػ ػ ػ ػػدا للداللػ ػ ػ ػػة علػ ػ ػ ػػى القػ ػ ػ ػػانوف الوضػ ػ ػ ػػعي ( )D.POSITIFأي النظػ ػ ػ ػػاـ القػ ػ ػ ػػانوين
( )D.JURIDIQUEككل ،ومثاؿ ذلك نقوؿ بأف القانوف اعبزائري وبمي حقوؽ األفراد وحرياهتم،
ونقصػػد بكلمػػة قػػانوف ىنػػا ،ؾبموعػػة قػوانُت الدولػػة اعبزائريػػة كالقػػانوف الدسػػتوري والقػػانوف اؼبػػدين والقػػانوف
اعبنائي...اخل .
وقػػد تسػػتعمل كلمػػة قػػانوف للداللػػة علػػى معػػٌت أقػػل اتسػػاعا مػػن اؼبعػػٌت األوؿ ،فػػاذا قلنػػا مػػثال بػػأف
القانوف اؼبدين اعبزائري وبًتـ مبدأ حرية اإلرادة يف التعاقد ،نقصد أف ؾبموعة القواعد القانونية اليت تػنظم
ناحية واحدة من نواحي اغبياة االجتماعية ،وىي اؼبعامالت اؼبالية فيما بُت األفراد .
وقد تستعمل كلمة قانوف للداللة على معٌت ضيق فنقوؿ أف القانوف اؼبدين ( )C.CIVILاعبزائري
الصادر يف ،1975فهنػ ػ ػا نقص ػ ػد بكلمػة قان ػ ػ ػ ػ ػوف ،التشريػ ػ ػع وحػده دوف ب ػ ػ ػاقي مصػ ػادر القانػ ػ ػوف اؼبػدين
وغي ػ ػرىا من التقنين ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػات (.)C. PENAL
وأحيانػػا تسػػتعمل كلمػػة قػػانوف للداللػػة علػػى معػػٌت ضػػيق جػػدا إذا كنػػا نقصػػد بػػو نصػػا معينػػا مػػن نصػػوص
القانوف ،ومثاؿ ذلك قولنا أف القانوف يعاقب على جريبة التزوير ...اخل .
4
الفرع الثالث :القانون والحق
القػػانوف واغبػػق ص ػػفتاف متالزمتػػاف أو مًتابطتػػاف ،فالق ػػانوف ينشػػي اغبػػق أو يق ػػرره ويؤكػػده ،ويب ػػُت
حػدوده بػالقوة إذا لػزـ األمػر ،ولػػذلك يبكػن القػوؿ بػأف اغبػق ىػػو شبػرة القػانوف ونتيلتػو ،وكػذلك يقػػاؿ أف
القػػانوف واغبػػق وجهػػاف لعملػػة واحػػدة ،فػػال يتصػػور وجػػود أحػػدنبا منفصػػال عػػن األخػػر ،وؽبػػذه األسػػباب
تس ػػتخدـ كلم ػػة ( )DROITللتعب ػػَت ع ػػن الق ػػانوف وع ػػن اغب ػػق مع ػػا يف اللغ ػػة الفرنس ػػية ،فيق ػػاؿ م ػػثال
( )D.CIVILعن القانوف اؼبدين ويقاؿ ( )D.D'AUTEURعن حقوؽ اؼبؤلف .
ونظرا ألف كلمة ( )DROITيف اللغة الفرنسية تنصرؼ تارة إذل القانوف وتارة إذل اغبق وتارة إذل
االستقامة ،يرى الفقهاء الفرنسيوف درءا للخطأ واللبس فهم اؼبعٌت اؼبقصود بتلك الكلمة ،التعبَت عن
القانوف باصطالح ( )DROIT OBJECTIFوتكتب بصيغة اؼبفرد وحروفها األوذل كبَتة ،ويروف
التعبَت عن اغبقوؽ أو عن اغبق باصطالح ( )droi subjectifوتكتب غالبا بصيغة اعبمع وحروفها
األوذل صغَتة ،وقد استخدـ بعض الفقهاء العرب ترصبة االصػطالحات الفرنسػية يف كتػبهم العربيػة فعػربوا
عػ ػػن القػ ػػانوف باصػ ػػطالح اغبػ ػػق اؼبوضػ ػػوعي ( )DROIT OBJECTIFويقصػ ػػدوف بػ ػػو التش ػ ػريع
( )législationوى ػػو ؾبموع ػػة القواع ػػد القانوني ػػة ( )règlesال ػػيت تص ػػدرىا الس ػػلطة التشػ ػريعية لتنظ ػػيم
عالقات األفراد فيما بينهم أو فيما بينهم وبُت الدولة يف ناحية اجتماعية معينة .
كمػػا استخدمػ ػوا اصػػطالح اغبػ ػق الشخصػ ػي أو اغبػػق الػػذا ( )d.subjectifأي تلػػك السلط ػ ػات
أواإلمكانيػػات أو االمتيػػازات أو القػػدرات الػػيت ىبوؽبػػا القػػانوف لصػػاحب اغبػػق يف سػػبيل سبكينػػو منػػو ولػػو
بالقوة .
فتنص اؼبػادة 368مػثال مػن قان ػ ػوف العقػ ػوبػ ػ ػ ػات مػن أنػو "ال عقػ ػاب علػى السرق ػ ػ ػ ػ ػ ػات الػيت ترتكػب فيمػا
بُت األص ػ ػ ػوؿ أو الفروع أو األزواج وال زبوؿ إال اغبق يف التعويض اؼبدين ".
فمن ىذه اؼبادة نقوؿ أف القاعدة القانونية اليت احتواىا ىذا النص القانوين سبثل اغبق اؼبوضوعي ،أمػا
التعويض الذي يتقرر للملٍت عليو يف مثل ىذه اغبالة فهو يبثل اغبق الشخصي أو الذا .
المطلب الثاني :خصائص القاعدة القانونية
تتميز القاعدة القانونية دبلموعة من اػبصائص سنتناوؽبا فيما يلي .
5
الفرع األول :القاعدة القانونية قاعدة ذات طابع اجتماعي
إذا كانت القاعدة القانونية تنظم سلوؾ األشػخاص يف ا تمػع وربكػم عالقػاهتم فيمػا بيػنهم ،فمػن
مث ال يتصور وجود القاعدة القانونية دوف ؾبتمع تبُت ألفراده النظاـ الواجب اإلتباع فيما ينشأ بينهم من
عالقات وروابط ،وتوفق
بُت مصاغبهم اؼبتعارضة .ومن ىنا فالقاعدة القانونية ال يبكن أف تكوف سػوى قاعػدة اجتماعيػة ،تنعػدـ
الفائدة منها لدى الفرد اؼبنعزؿ وحده يف جهة نائية حىت ولو سػلمنا بػذلك ،إذ ال يتصػور يف ىػذه اغبالػة
وجػػود حقػػوؽ وواجبػػات أو مصػػاحل متعارضػػة يتعػػُت التوفيػػق بينهػػا ،ومػػن ىنػػا كػػاف ارتبػػاط القػػانوف بوجػػود
اعبماعة .وإذا كاف القانوف يوجد بوجود ا تمع ،وتنعدـ الفائدة منو بانعداـ وجود ،فػال شػك أنػو يتػأثر
يف ىذا ا تمع ،ولذلك فهو ىبتلف باختالؼ ا تمعات ،وىبتلف ويتغَت يف ا تمع الواحد من زمن إذل
آخر حبسب اختالؼ الظروؼ وتغَتىا .
الفرع الثاني :القاعدة القانونية قاعدة سلوك
القاعػػدة القانونيػػة ىػػي دائمػػا قاعػػدة سػػلوكية ىػػدفها تنظػػيم سػػلوؾ األف ػراد ،ويف سػػبيل ربقيػػق ىػػذا
اؽبدؼ ال هتتم إال بالسلوؾ اػبارجي لألفراد ،فالقػانوف ال يهػتم باإلحساسػات أو اؼبشػاعر أو النوايػا الػيت
تظل كامنة يف النفس دوف أف يكوف ؽبا مظهر خارجي .
فقػػد يضػػمر شػػخص اغبقػػد والكراىيػػة لغػػَته مػػن النػػاس وتظػػل ىػػذه اؼبشػػاعر كامنػػة بداخلػػو دوف أف تتخػػذ
أي مظهػػر خػػارجي يعػػرب عنهػػا ،فهنػػا ال يتػػدخل القػػانوف ،أمػػا إذا ازبػػذت ىػػذه األمػػور شػػكل سػػلوؾ
خ ػػارجي سبث ػػل يف االعت ػػداء عل ػػى الغ ػػَت بالض ػػرب أو القت ػػل م ػػثال ت ػػدخل الق ػػانوف ليعاق ػػب ص ػػاحب ى ػػذا
السلوؾ.
غػػَت أف مػػا تقػػدـ ال يعػػٍت أف القاعػػدة القانونيػػة ال هتػػتم بصػػورة مطلقػػة بالنوايػػا والبواعػػث الكامنػػة يف
الػػنفس ،فقػػد تػػدخل القاعػػدة القانونيػػة ىػػذه العوامػػل الداخليػػة يف االعتبػػار ،ولكنهػػا ال هتػػتم دبثػػل ىػػذه
األمور بصفتها ىذه ،بل هتتم هبا يف حدود صلتها بالسلوؾ اػبارجي لألفراد ،فػاذا عػزـ إنسػاف علػى قتػل
آخػػر دوف أف يقػػدـ علػػى ترصبػػة ىػػذا العػػزـ يف شػػكل سػػلوؾ خػػارجي فػػال شػػأف للقػػانوف بػػذلك ،أمػػا إذا
صػػحب ىػػذا العػػزـ سػػلوؾ خػػارجي وال القتػػل فعػػال ،فهنػػا يهػػتم القػػانوف بنيػػة القتػػل ويػػدخلها يف االعتبػػار
فتكػػوف عقوبػػة القاتػػل أشػػد مػػن عقوبػػة القاتػػل الػػذي قتػػل دوف إعػػداد سػػابق علػػى القتػػل ،وتسػػمى ىػػذه
اعبريبة بالقتل مع سبق اإلصرار والًتصد.
6
الفرع الثالث :القاعدة القانونية قاعدة عامة ومجردة
القاعدة القانونية باعتبارىا اػبلية األساسية يف القانوف مػا ىػي إال خطػاب موجػو إذل األشػخاص يف
ا تمع السياسي بصفة عامة وؾبردة .
ويقصد بعموم القاعػدة القانونيػة ألػا تسػري علػى صبيػع األشػخاص اؼبخػاطبُت حبكمهػا وعلػى صبيػع
الوقػػائع الػػيت تػػدخل يف مضػػمولا ،بػػل هبػػب أف تكػػوف القاعػػدة قابلػػة للتطبيػػق علػػى كػػل مػػن تت ػوافر فيػػو
شروط تطبيقها عاجال أـ آجػال ،أي ألػا تكػوف مطػردة التطبيػق يف كػل وقػت علػى كػل شػخص ـباطػب
هبا أي مستوؼ لشروطها .
وكػػوف القاعػػدة القانونيػػة عامػػة ال يعػػٍت ألػػا تسػػري بالضػػرورة علػػى كػػل األشػػخاص يف ا تمػػع ،بػػل
يكفي أف ينصرؼ حكمها إذل طائفة مػن األشػخاص مػا داـ خطػاب القاعػدة القانونيػة يوجػو إذل ىػؤالء
بصفاهتم ال بذواهتم ،ومن ذلك مثال القواعػد القانونيػة اػباصػة باؼبهندسػُت أو ا ػامُت أو القضػاة ،فهػذه
القواعد تعترب قواعد عامة أللا تنطبق على أشخاص ؿبددين بصفاهتم ال بذواهتم .
وقد تسري القاعدة القانونية على شخص واحد ،وتعتػرب مػع ذلػك عامػة ،فالقواعػد الػيت تػنظم مػثال مركػز
رئ ػػيس الدول ػػة أو رئ ػػيس الدول ػػة أو رئ ػػيس ال ػػوزراء ،أو الػ ػوارل ،تتوج ػػو إذل ى ػػؤالء األش ػػخاص بص ػػفاهتم ال
بذواهتم ،فتسري على كل من
يتوذل تلك اؼبناصب أي من تتوافر فيو ىذه الصفات .
ويقصػػد بتجريــد القاعػػدة القانػونيػػة صػػياغتها حبيػػث زبلػػو مػػن الصفػػات والشػػروط اػباصػػة التػػي قػػد
تػػؤدي إذل تطبػيػقها على شخػص معيػػن بذاتػػو أو واق ػػعة ؿبػػددة بعيػػنها ،أمػا إذا كػػاف األم ػػر علػى خػػالؼ
مػػا س ػب ػػق وتػع ػلق بػشخػػص مع ػيػػن بػ ػ ػػذات ػػو أو بأشػػخاص معينػػُت بذواتػػهم ،دل يكػػن قاعػػدة قانػػونية لعػػدـ
توافػػر صػػفة العم ػػومية .فػػاألمر الصػػادر مػػثال بتعيػػُت موظػػف أو ترقيتػػو أو عزلػػو ال يعػػد قاعػػدة قانونيػػة ألنػػو
اقتصػػر علػػى شػػخص معػػُت بذاتػػو ال بصػػفتو ،وذلػػك خبػػالؼ قواعػػد تعيػػُت اؼبوظفي ػػن أو تػػرقيتهم أو عػزؽبم
حيث تعترب قواعد قانونية أللا عامة وتسري على كل اؼبخاطبُت هبا بصفاهتم ال بذواهتم ،وعليػو يتضػح
أف الفرؽ بُت األمر أو القرار وبُت القاعػدة القانونيػة ينحصػر يف أف تطبيػق األمػر يقتصػر علػى اغبالػة الػيت
تصػدر بشػألا ينتهػي عنػد تطبيقػو ،فبػا يعػٍت عػػدـ تػوافر صػفة العموميػة والتلريػد بشػأنو ،فهػو ال يبتػػد إذل
غَت من صدر بالنسبة لو ،كما أنو ال يكتسب صفة الدواـ واالستمرار .
7
وىذا خبالؼ القاعدة القانونيػة إذ ألػا ال تسػتنفد قوهتػا بتطبيقهػا مػرة أو مػرات بػل ألػا تظػل قائمػة
ال يقتصر تطبيقها على ما ال يف اؼباضي أو اغباضر ،بػل يبتػد كػذلك إذل اؼبستقب ػػل ،وذلػك كلمػا تػوافرت
شػروط تطبيػػقها دوف التقي ػػد بشخص معيػن بذاتػو أو بواقعة معينة بذاهتا .
ىذا ويالحظ أنو ال ينفي عن القاعدة القانونية صفة العمومية والتلريد ربديدىا من حيث الزمػاف،
فهنػػاؾ مػػن القواعػػد مػػا يصػػدر لكػػي يعمػػل بػػو خػالؿ مػػدة معينػػة ،كمػػا ىػػو الشػػأف بالنسػػبة للقػوانُت الػػيت
توضػػع للعمػػل هبػػا خػػالؿ فػػًتة اغبػػرب مػػثال ،أو تلػػك الػػيت توضػػع للعمػػل هبػػا إذل تػػاري معػػُت .خاصػػة إذا
علمنا أف القانوف ال يوضع لكي يكوف أبديا ألنو يكوف معربا عن ظروؼ ا تمع ويتغَت بتغَتىا .
ىذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى فانو ال يناؿ من عمومية القاعدة القانونية وذبريدىا ربديػدىا مػن
حيػػث اؼبكػػاف ،فقػػد تتحػػدد القاعػػدة القانونيػػة مػػن حيػػث اؼبكػػاف فتنطبػػق يف إقلػػيم معػػُت مػػن الدولػػة دوف
غَته ،كما ىو اغباؿ يف الدوؿ الفدرالية مثل الواليات اؼبتحدة األمريكية ،حيث يكوف لكل والية قػوانُت
خاصة هبا دوف غَتىا من الواليات .
-وػباصػية ذبريػد القاعػدة القانونيػة وعموميتهػا أنبيػة بالغػػة تظهػر يف عػدة نػواح ،فهػي ربقػق مبػدأ سػػيادة
القػػانوف ومبػػدأ اؼبسػػاواة أمػػاـ أحكامػػو ،فهػػذه الصػػفة تػػؤدي إذل تطبيػػق أحكػػاـ القػػانوف علػػى اعبميػػع دوف
تفرقة أو سبييز وذلك خبالؼ القواعد الفردية اليت زباطب أشخاص معينُت بذواهتم ال بأوصػافهم فهػي ال
ربقػػق اؼبسػػاواة بػػُت صبيػػع اؼب ػواطنُت .وتظهػػر ىػػذه اػباصػػية بصػػورة أوضػػح يف ؾبػػاؿ القػػانوف العػػاـ حيػػث
يًتتػػب عليهػػا وجػػوب ازبػػاذ السػػلطات العامػػة يف الدولػػة قراراهتػػا بنػػاء علػػى قواعػػد قانونيػػة موضػػوعة سػػلفا
وواحػػدة بالنسػػبة عبميػع اؼبػواطنُت ،وىػػو مػػا يسػػمى دببػػدأ الشػػرعي ػػة فبػػا وبػػوؿ دوف اػبػػوؼ مػػن أف يعػم ػػل
القػػانػوف ؼبػصلحة ش ػخػص مع ػيػن أو لإلضرار بو ،فتسود بالتارل الطمأنينة بُت اؼبواطنُت وتتحقق اؼبساواة
فيما بينهم .
-كما أف التعميم يف القاعدة القانونية ال يقتصر علػى سػلوؾ األفػراد وإمبػا يبتػد إذل السػلطات العامػة يف
الدولػػة فبػػا يقتضػػي إخضػػاعها ألحكػػاـ القػػانوف ،حيػػث أف صػػفة العموميػػة يف القاعػػدة القانونيػػة تقتضػػي
سرياف أحكامها على اعبميػع حكامػا وؿبكػومُت ،فتكػوف السػيادة للقػانوف إذ وبكػم القػانوف كػل تصػرؼ
أو إج ػراء تصػػدره أيػػة سػػلطة داخػػل الدولػػة .وإذا كانػػت العموميػػة والتلريػػد يف القاعػػدة القانونيػػة ربقػػق
اؼبسػػاواة بػػُت اؼبخػػاطبُت بأحكامهػػا فهػػي يف ذات الوقػػت تػػؤدي إذل ربقيػػق العػػدؿ بيػػنهم ،وتبػػدو أنبيتهػػا
كذلك بالنظر إذل االعتبارات العملية اليت تكمن وراءىا ،حيث يسػتحيل حصػر كػل مػا قػد يعػرض مػن
حاالت فردية ووضع قاعدة لكل حالة على حدة ،لػذا تصػدر القاعػدة القانونيػة عامػة وؾبػردة دبػا يسػمح
8
بتطبيقها على عدد ال يتناىى من األشخاص والوقائع ،فيتكرر تطبيقهػا كلمػا تػوافرت يف شػخص أو يف
واقعة شروط تطبيقها .
الفرع الرابع :القاعدة القانونية قاعدة ملزمة
يقصػػد بػػالزاـ القاعػػدة القانونيػػة أف ىنػػاؾ ج ػزاء ينػػاط بالسػػلطة العليػػا يف ا تمػػع توقيعػػو علػػى مػػن
ىبالف حكمها ،فعلى األشخاص اؼبخاطبُت حبكم القاعدة القانونية طاعتها وإال أجربوا علػى ذلػك عػن
طريق توقيع اعبزاء.
فالقانوف كما رأينا يهدؼ إذل تنظيم الروابط والعالقات بُت األفػراد وإقامػة النظػاـ واالسػتقرار يف ا تمػع،
ولتحقيق ىذه األىداؼ البد أف تكوف قواعده ملزمة ،جبرب األفراد علػى احًتامهػا عػن طريػق توقيػع اعبػزاء
علػػى مػػن ىبػػرج علػػى مػػا يقضػػي بػػو مػػن سػػلوؾ واجػػب اإلتبػػاع ،وتوقيػػع ىػػذا مػػن اختصػػاص السػػلطة دوف
األفراد.
وتتعدد صور اعبزاء الذي يوقع عند ـبالفة قاعدة من قواعد القػانوف حبسػب مضػموف تلػك القاعػدة
وطبيعتها ،وتتمثل ىذه الصور فيما يلي :
-1الجــزاا الجنــائي :ويرتػػب ىػػذا اعبػزاء يف حالػػة ارتكػػاب جريبػػة جنائيػػة ،أي تلػػك اعبريبػػة الػػيت تتػوافر
فيهػػا األركػػاف الثالثػػة ،الػػركن الشػػرعي واؼبػػادي وخاصػػة اؼبعنػػوي والعقوبػػات اؼبقػػررة يف ىػػذا الصػػدد زبتلػػف
بػػاختالؼ نػػوع اعبريبػػة بػػُت مػػا إذا كانػػت جنايػػة أو جنحػػة أو ـبالفػػة ،وقػػد حػػددت اؼبػػادة 05مػػن ؽ ع
(القػػانوف رقػػم 23/06اؼبػػؤرخ يف 20ديسػػمرب )2006العقوبػػات اؼبقػػررة لكػػل نػػوع مػػن ىػػذه األن ػواع
وذلك كما يلي:
* الجنايات :وىي اعبرائم اليت يعاقػب عليهػا باإلعػداـ أو السػلن اؼبؤبػد أو السػلن اؼبؤقػت مػن 5إذل
20سنػة .
* الجنح :وىي اعبرائم اليت يعاقب عليها بػاغببس أكثػر مػن شػهرين إذل 5سػنوات والغرامػة ،أو الغرامػة
اليت تزيد عن 20.000دج .
* المخالفات :وىي اعبرائم اليت يعاقب عليها باغببس من يوـ على األقل إذل شهرين على األكثػر ،أو
بغرامػة من 2.000إذل 20.000دج .
ونصت اؼبادة 5مكرر (تعديل )2006أف عقوبات السلن اؼبؤقت ال سبنع اغبكم بعقوبة الغرامة.
9
وتسػػمى ىػػذه العقوبػػات باألصػػلية ،ألف ىنػػاؾ عقوبػػات تكميليػػة نصػػت عليهػػا اؼبػػادة 9مػػن قػػانوف
العقوبات ،وىناؾ أيضا تدابَت األمن اؼبنصوص عليها يف اؼبادة 19من نفس القانوف .
-2الجـ ـزاا الم ــدني :ويتمث ػػل يف ال ػػبطالف ،أي بط ػػالف التص ػػرؼ الق ػػانوين اؼبخ ػػالف للقواع ػػد القانوني ػػة
اؼبلزم ػػة .ويك ػػوف ال ػػبطالف مطلق ػػا إذا دل يس ػػمح الق ػػانوف بتص ػػحيحو ،ويك ػػوف نس ػػبيا إذا أج ػػاز الق ػػانوف
تص ػػحيحو ،وق ػػد يتمث ػػل اعبػ ػزاء اؼب ػػدين يف اإللػ ػزاـ ب ػػالتعويض سػ ػواء عين ػػا أو نق ػػدا أو التع ػػويض األد أو
اؼبعنوي .
-3الج ـزاا ااداري :وتتمثػػل يف إلغػػاء الق ػرارات اإلداريػػة الػػيت يشػػوهبا عيػػب قػػانوين ،وكػػذلك يف توقيػػع
اعبزاءات التأديبية على اؼبوظفُت الذين ىبالفوف القواعد اإلدارية.
-4الج ـزاا التــيديبي :وىػػو ج ػزاء توقعػػو اعبماعػػات الداخليػػة ،كاعبمعيػػات والنقابػػات علػػى أعضػػائها
بسػػبب ـبػػالفتهم للقواعػػد الػػيت تػػنظم ىػػذه اعبماعػػات ،وقػػد يتمثػػل ىػػذه اعبػزاء يف اغبرمػػاف مػػن اؼبزايػػا الػػيت
سبنحها ىذه اعبماعات ألعضائها أو الفصل من العضوية .
-5أنواع أخرى للجزاا :إذل جانب صور اعبزاء السابقة ىناؾ أنواع أخرى لللزاء ترتبط ببعض فروع
القانوف ،فهناؾ اعبزاءات السياسية اػباصة دبخالفة قواع ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػد القانػ ػ ػوف الدسػتوري ومنهػا ربريػك اؼبسػؤولية
الوزارية للوزارة كلها أو للوزير أماـ السلطة التشػريعية ،وكػذلك توجيػو االسػتلواب للػوزراء ،وحػل الربؼبػاف
من قبل رئيس الدولة .
وىنػػاؾ كػػذلك اعب ػزاءات اؼباليػػة الػػيت توقػػع يف حالػػة ـبالفػػة قواعػػد القػػانوف اؼبػػارل ،مثػػل مضػػاعفة الرسػػوـ
اعبمركية ،والغرامات الضريبية واؼبصادرة .
وت ػ ػوجد ك ػػذلك اعب ػزاءات الدوليػ ػ ػة ال ػػيت ت ػرتبط بقػ ػ ػواعد القان ػ ػ ػ ػوف ال ػػدورل ،ومنه ػػا قط ػػع العالق ػ ػ ػ ػ ػات
الدبل ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػوماسيػ ػة أو االقتصادية ،واغبصار العسكريأو االقتصادي ،وفصل الدولة من اؼبنظمات..
الفرع الخامس :استمرار القاعدة القانونية :
للقاعدة القانونية بداية (نشرىا رظبيا يف اعبريػدة الرظبيػة) و لايػة(إلغائها رظبيػا عػن طريػق اعبريػدة الرظبيػة)
و ال يبكػػن أف تبقػػى سػػارية اؼبفعػػوؿ إذل األبػػد .و مػػا يقصػػد باسػػتمرار القاعػػدة القانونيػػة ىػػو تطبيقه ػػا
اؼبس ػتمر أثنػػاء وجودىػػا كلمػػا تػػوفرت شػػروط تطبيقهػػا .مثــال :قواعػػد قػػانوف اؼبػػرور تطبيقهػػا يػػومي ،أمػػا
قواعد قانوف انتخاب رئيس اعبمهورية ال يكوف إال كل طبس سنوات يف اغبالة العادية .
11
المبحث الثــاني :التمييز بين القواعد القانونية والقواعد االجتماعية األخرى
إضػػافة للقواعػػد القانونيػػة الػػيت ربػػدد السػػلوؾ الواجػػب إتباعػػو فيمػػا ينشػػأ مػػن روابػػط اجتماعيػػة ىنػػاؾ
قواع ػػد أخ ػػرى تش ػػارؾ القاع ػػدة القانوني ػػة ى ػػذا األم ػػر .وتتمث ػػل ى ػػذه القواع ػػد يف قواع ػػد ال ػػدين ،وقواع ػػد
األخالؽ ،وقواعد ا امالت .وبناءا على ذلك تنقسػم دراسػتنا يف ىػذا اؼببحػث إذل ثالثػة مطالػب علػى
النحو التارل:
المطلب األول :القاعدة القانونية وقواعد الدين
يقصػػد بقواعػػد الػػدين ،القواعػػد اؼبنزلػػة مػػن عنػػد اؼبػػوذل عػػز وجػػل علػػى رسػػوؿ مػػن رسػػلو يبلغهػػا للنػػاس
لاللتػزاـ بأحكامهػػا .وىػػذه األحكػػاـ تػػنظم عالقػػة الفػػرد بربػػو وتسػػمى قواعػػد العبػػادات وعالقتػػو بغػػَته مػػن
أفراد ا تمع و تسمى قواعد اؼبعامالت .
الفرع األول :قواعد العبادات
فعالقة الفرد بربو ىي ما يطلق عليها بقواعد العبادات ،وتتمثل يف الصوـ والصالة والزكػاة ،واغبػ،،
واإليبػػاف بػػاري...وغَت ذل ػػك مػػا يتص ػػل بػػأمور العب ػػادات وىػػذا النػػوع م ػػن القواعػػد ال تت ػػدخل فيػػو قواع ػػد
القػػانوف عػػن قػػرب ،وإف كانػػت تلمسػػو عػػن بعػػد ،ومثػػاؿ ذلػػك مػػا تػػنص عليػػو اؼبػػادة الثانيػػة مػػن دسػػتور
1996بقوؽبا (ااسالم دين الدولة) ،وكػذلك مػا تػنص عليػو اؼبػادة 36مػن نفػس الدسػتور بقوؽبػا (ال
مساس بحرية المعتقد) .
فهذه القواعد تعترب ؾبػاال شخصػيا للفػرد بينػو وبػُت ربػو وال دخػل للقػانوف فيػو إال بقػدر ضػ يل لتقري ػ ػره
أو غبماية اغبرية الدينية لألفراد .
الفرع الثاني :قواعد المعامالت
أما عالقة الفرد بغَته داخل ا تمع ،فهي ما تعرؼ بقواعد اؼبعػامالتوىي الػيت يتػدخل فيهػا القػانوف
بشكل كبَت لتنظيمها ،ومن ىذه القواعد اؼبعامالت اؼباليػة كػالبيع واإلهبػار والػرىن وغَتىػا ،أو اؼبعػامالت
األسرية كالزواج والطالؽ واؼبَتاث وغَتىا .
ويتفػػق الػػدين والقػػانوف يف أف كػػل منهمػػا ىباطػػب النػػاس بقواعػػد ملزمػػة ومنظمػػة لسػػلوكهم كمػػا أنػػو
توجد صلة وثيقة بُت الدين والقانوف ،فنلد يف الدوؿ العربية اإلسالمية ومنها اعبزائر مثال أحكاـ قػانوف
األسرة مستمدة من الشريعة اإلسالمية ،باإلضافة إذل أحكاـ أخرى يعود أصػلها إذل الشػريعة مثػل نظريػة
11
التعسػػف يف اسػػتعماؿ اغبػػق الػػيت نػػص عليهػػا اؼبشػػرع اعبزائػػري يف اؼبػػادة 41مػػن القػػانوف اؼبػػدين ،ونظريػػة
الظروؼ الطارئة اليت نص عليها يف اؼبادة 107من نفس القانوف .
ورغم ذلك إال أف قواعد الدين زبتلف عن القواعد القانونية من وجوه عدة أنبها ما يأ :
أوال) مــن حيــث المصــدر :قواعػػد الػػدين مصػػدرىا اري عػػز وجػػل ىباطػػب هبػػا النػػاس عػػن طريػػق رسػػلو،
ويقتصػػر دور الفقػػو علػػى اسػػتنباط األحكػػاـ الشػػرعية مػػن أدلتهػػا اؼبختلفػػة ،وىػػي ثابتػػة ال تتغػػَت مػػن مكػػاف
إذل آخر ،أو من زماف إذل آخر ،وذلك عكس قواعد القانوف حيث قبػد مصػدرىا وصػفي أي مػن صػنع
البشر ،وبالتػارل يكػوف دور الفقػو أوسػع ؾبػاال ألنػو ال يقتصػر علػى اسػتنباط النصػوص القانونيػة بػل يتػوذل
أيضػػا توضػػيح النقػػائص ،ىػػذا باإلضػػافة إذل أف قواعػػد القػػانوف قابلػػة للتغيػػَت مػػن مكػػاف إذل آخػػر ،أو مػػن
زماف إذل آخر .
ثانيــا) مــن حيــث النطــاق :فالقػػانوف يهػػتم بالسػػلوؾ الظػػاىر لإلنسػػاف الػػذي يػػؤثر بػػو علػػى سػػلوؾ األفػراد
فقػط ،بينمػا الػػدين يهػتم إضػافة إذل سػػلوؾ اإلنسػاف الظػاىر بالنوايػػا أيضػا ،وبسػلوؾ اإلنسػػاف ذبػاه خالقػػو
ولذلك فالدين أوسع نطاقا من القانوف.
ثالثا) من حيث الغاية :فغاية القواعد الدينية ىي اػبَت والنظاـ والسمو بالسلوؾ كبو الكمػاؿ أمػا قواعػد
القانوف فهي تسعى إذل األمن واالستقرار يف ا تمع عن طريق ربقيق النظاـ العاـ.
رابعــا) مــن حيــث الج ـزاا :أىػػم مػػا يفػػرؽ بػػُت قواعػػد القػػانوف وقواعػػد الػػدين ىػػو اعب ػزاء ،فل ػزاء القواعػػد
القانونية جزاء مادي وحاؿ توقعو السلطة اؼبختصة يف ا تمػع ،أمػا اعبػزاء يف القواعػد الدينيػة فهػو أساسػا
ج ػزاء مؤجػػل إذل أف تق ػػوـ السػػاعة ،أي ج ػزاء أخ ػػروي ،وذلػػك إذل جان ػػب مػػا قػػد يوج ػػد مػػن ج ػزاءات
دنيوية.
المطلب الثاني :القاعدة القانونية وقواعد األخالق
يقصد بقواعد األخالؽ ؾبموعة القواعد اليت هتدؼ إذل بلوغ درجة الكماؿ عند الفرد ،وذلك عن
طريق حثو على فعل اػبَت واالبتعاد عن فعل الشر ،واألمر باتباع سوؾ معُت مع عالقتػو بنفسػو ،وبغػَته،
ولذلك يبكن القوؿ بػأف قواعػد األخػالؽ قواعػد سػلوؾ فػاألخالؽ ىػي وليػدة عػادات ومعتقػدات سػائدة
يف ؾبتمػػع والنػػاس ملزمػػوف باتباعهػػا ويظهػػر التشػػابو بػػُت قواعػػد القػػانوف وقواعػػد األخػػالؽ يف ا تمػػع بػػأف
لكل منهما قواعد اجتماعية هتدؼ إذل تنظيم ا تمع .
ولكن توجد اختالفات بينهما نوجزىا فيما يلي:
12
أوال)من حيث النطاق :قبد أف قواعد األخالؽ ؽبا نطاؽ أوسع من نطػاؽ القاعػدة القانونيػة فػاألخالؽ
يػػدخل فيهػػا واجػػب الفػػرد كبػػو نفسػػو وواجبػػو كبػػو غػػَته ،كمػػا ألػػا تعػػٌت بالنوايػػا واإلحساسػػات ،أمػػا دائػػرة
القانوف فال تشمل إال عالقة الفرد بغَته دومبا اىتماـ بواجبو كبو نفسو .
ولكػػن رغػػم ذلػػك قبػػد أكثػػر القواعػػد القانونيػػة تقرىػػا األخػػالؽ بػػل تعتػػرب تطبيقػػا ؼببػػدأ مػػن اؼببػػادئ
األخالقية .فتلرًن السرقة والقتل وخيانة األمانة وغَتىا من األفعاؿ ا رمة ما ىو إال إقرارا ؼبا تقضػي بػو
األخالؽ ،وكذلك ذبرًن األفعاؿ اؼبخلة باغبياء واآلداب .
ثانيا) من حيث الغاية :الغاية من القاعدة األخالقية ىي الوصوؿ بالفرد إذل مرتبة الكمػاؿ فغايتهػا غايػة
مثالية تتمثل يف حث الفرد على عمل اػبَت وبعده عن الرذائل.أما الغاية من القانوف فهي تنظػيم الػروابط
االجتماعية بُت األفراد وعلى وجػو وبقػق صػاحل اعبماعػة ونفعهػا ،فغايػة القػانوف غايػة نفعيػة ربفػظ النظػاـ
العاـ .
ثالثــا) مــن حيــث الج ـزاا :فل ػزاء ـبالفػػة القاعػػدة القانونيػػة يتخػػذ شػػكال ماديػػا ؿبسوسػػا توقعػػو السػػلطة
اؼبختصة با تمع .وعلى العكس فاف اعبزاء يف القاعدة األخالقية جزاء معنوي يتمثػل يف تأنيػب الضػمَت
أو استنكار الناس ،ؼبن ىبالف ما تقضي بو تلك القاعدة .
المطلب الثالث :القاعدة القانونية وقواعد المجامالت
يقصد بقواعد ا امالت ؾبمػوع مػا تعػارؼ النػاس علػى إتباعػو يف اؼبناسػبات االجتماعيػة اؼبختلفػة،
فهي إذف قواعد ترسم السػلوؾ الواجػب علػى النػاس إتباعػو يف عالقػتهم .ومػن أمثلػة ذلػك مػا تقضػي بػو
ا ػػامالت يف اؼبناسػػبات اؼبختلفػػة كالتهن ػػة يف اؼبناسػػبات السػػعيدة والتعػػازي يف اؼب ػ ال وتبػػادؿ اؽبػػدايا يف
األعياد .
ويتض ػػح م ػػن ذل ػػك أف ى ػػذه القواع ػػد تعت ػػرب موجه ػػات للس ػػلوؾ االجتم ػػاعي ،غ ػػَت أل ػػا زبتل ػػف ع ػػن
القواعد القانونية من حيث اعبزاء ،فلزاء غالبية قواعد ا امالت جزاء معنػوي يتمثػل يف اسػتنكار النػاس
لسلوؾ من ىبالفهم وازدرائهم ،وقد يتمثل اعبزاء يف ذبميد العالقة االجتماعية أو فتورىا .
وإذا كانػػت قواعػػد ا ػػامالت ال تنتقػػل يف العػػادة إذل مصػػاؼ القواعػػد القانونيػػة وذلػػك الخػػتالؼ
اؼبصػػاحل اؼبقصػػودة مػػن كليهمػػا ،إال أف ذلػػك ال يبنػػع مػػن أف ترتقػػي بعػػض قواعػػد ا ػػامالت إذل مصػػاؼ
القواعػػد القانونيػػة ،إذا مػػا ارتقػػت القيمػػة االجتماعيػػة الػػيت تقػػوـ عليهػػا يف سػػلم ا تمػػع ،وعندئػػذ تتػػدعم
ب ػػاإللزاـ الق ػػانوين ول ػػيس دبل ػػرد اإلل ػزاـ األد ،وى ػػذا م ػػا ح ػػدث بالفع ػػل بش ػػأف القواع ػػد اػباص ػػة دبعامل ػػة
13
أعضػاء السػلك الدبلوماسػي األجنػد فقػد بػدأت يف أصػلها كقواعػد ؾبػامالت دوليػة ،مث أصػبحت قواعػد
يعًتؼ هبا القانوف الدورل ،سواء يف صورة عرؼ دورل أو يف صورة االتفاقيات الدولية .
الفصــل الثــانـي :تقسيمات القانـون
يبكػػن تقسػػيم القواعػػد القانونيػػة إذل عػػدة تقسػػيمات وذلػػك تبعػػا للزاويػػة الػػيت ينظػػر منهػػا إذل تلػػك
القواعد .
فمػػن حيػػث صػػفة األشػػخاص اؼبخػػاطبُت بالقاعػػدة القانونيػػة يبكػػن تقسػػيم القواعػػد القانونيػػة إذل قواعػػد
قانوف عاـ ،وقواعد قانوف خاص .وإذا مػا نظرنػا إذل مضػموف القواعػد القانونيػة اسػتطعنا تقسػيمها إذل
قواعد موضوعية تضع تنظيما موضوعيا للعالقات القانونية فتعُت اغبقوؽ والواجبات وكيفية نشوئها حىت
انقضائها ،وقواعد إجرائية تعُت ما هبب إتباعو من إجراءات غبماية اغبقوؽ والتوصل إليها .
كما يبكن تقسيم القواعد القانونية من حيث مدى اإللزاـ فيها إذل قواعد آمرة وقواعد مكملة .
ولػػذلك سػػوؼ نقسػػم ىػػذا الفصػػل إذل مبحثػػُت ،لبصػػص األوؿ منهػػا للحػػديث عػػن تقسػػيم القػػانوف
إذل عاـ وخاص ،مث نتكلم يف اؼببحث الثاين عن أنواع القواعد القانونية .
المبحث األول :تقسيـم القانـون إلـى عـام وخـاص
مػػن أىػػم التقسػػيمات الػػيت قيلػػت يف شػػأف القػػانوف ىػػو تقسػػيمو إذل قػػانوف عػػاـ وقػػانوف خػػاص وىػػو
تقسيم يرجع إذل زمن بعيد حيث كاف معروفػا لػدى الرومػاف ،فمنػذ ذلػك الوقػت وإذل غايػة اليػوـ ال يػزاؿ
ىو التقسيم األساسي للقانوف ،وغبد الساعة الزاؿ اعبدؿ قائمػا حػوؿ اؼبعيػار اؼبعتمػد يف تقسػيم القػانوف
إذل عاـ وخاص وعليو سوؼ نستعرض أىم معايَت التفرقة اؼبستعملة يف ىذا الصدد .
المطلب األول :معاييـر تقسيم القانـون إلى قانـون عام وقانـون خاص
سيتضمن ىذا اؼبطلب أىم اؼبعايَت اليت اعتمدىا الفقهاء يف تقسيمهم للقانوف.
الفرع األول:المعيار المالي
يػػرى جانػػب مػػن الفقهػػاء ضػػرورة األخػػذ باؼبعيػػار اؼبػػارل يف التفرقػػة بػػُت فػػروع القػػانوف وتقسػػيمها إذل
عػػاـ وخػػاص ،ومنػػاط ىػػذا التقسػػيم أف كػػل القواعػػد الػػيت تػػنظم عالقػػات ذات صػػبغة ماليػػة تعتػػرب ق ػوانُت
خاصة أما القواعد اليت تنظم عالقات غَت مالية تعترب قوانُت عامة .
14
غَت أف ىذا اؼبعيار قد فقد مكانتو ألف كثَتا من القوانُت العامة تنظم أمػورا ماليػة كقػانوف اؼباليػة الػذي
يبُت ميزانية الدولة وإيراداهتا وقوانُت الضرائب ..اخل كما أف كثَتا من القوانُت اػباصة ال تنظم أمورا مالية
كالزواج والطالؽ والوصاية ..اخل .
الفرع الثاني :معيار المصلحة أو الغايـة
يأخذ أنصار ىذا اؼبعيار باؼبصلحة اليت يهػدؼ القػانوف إذل ربقيقهػا ،فػاف كػاف القػانوف يهػدؼ إذل
تنظػػيم مصػػلحة عام ػػة فهػػو ق ػػانوف عػػاـ ،وإف كان ػػت غايتػػو ربقيػػق مص ػػلحة خاصػػة لألف ػراد كػػاف قانون ػػا
خاصا.
ولكن ما يؤخذ على ىذا اؼبعيار أنو غَت دقيق نظرا لصعوبة التفرقة بُت اؼبصلحة العامة واؼبصلحة
اػباصة يف ا تمع ،فحىت إف ضبى القانوف اؼبصلحة اػباصة لألفراد فهو يهدؼ قبل ذلك إذل تنظيم
وضباية مصاحل ا تمع ،فعندما يعاقب القانوف مثال على جرائم القتل فهو ال وبمي األفراد فقط وإمبا
يهدؼ قبل ذلك إذل ضباية اغبق يف اغبياة على كبو هبعل فيو األوضاع مستقرة يف ا تمع بعيدا عن
الفوضى واالضطرابات .
الفرع الثالث :معيار السيادة أو السلطة العامة
ىذا ىو اؼبعيار األكثر إتباعا عند الفقهاء فلتقسيم القانوف إذل عاـ أو خاص البد من النظر إذل
طبيعة العالقة بُت أطراف ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػو ،فالقان ػ ػ ػ ػ ػ ػوف العاـ " " DROIT PUBLICىو الذي تدخػ ػ ػ ػ ػ ػل
الدولة دائمػ ػ ػ ػا يف كل عالقػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػة من عالق ػ ػ ػ ػ ػ ػاتو بوصفه ػا صاحب ػة اغبق يف السيػ ػ ػادة يف ا تم ػع ،أي أف
كل عالقػ ػة من عالقات القان ػ ػوف العػ ػاـ قبد على األقل أحد طرفيه ػ ػا إحدى السلطػ ػ ػات العامػ ػ ػ ػة يف
الدولة أو أحد األشخ ػ ػ ػاص اؼبتفرعة عن الشخص الرئيسػ ػي الع ػ ػاـ -وىو الدولة -ولكي نكػ ػ ػوف إزاء
عالقػ ػة من عالقات القانوف العاـ يشًتط أف يكوف للسلطة العامة أو للشخص العاـ امتيازات منبثقة
عما تتمتع بو الدولة يف ا تمع من سيادة .
أما القانوف اػباص DROIT PRIVÉفهو الذي تتوذل قواعده تنظيم العالقػات الػيت تقػوـ بػُت
األف ػراد أي تتػػوذل تنظػػيم العالقػػات الػػيت تقػػوـ بػػُت األشػػخاص العػػاديُت مػػن جهػػة أو بػػُت األف ػراد والدولػػة
باعتبارىػػا شخصػػا معنويػػا ال يبػػارس سػػيادة وال سػػلطات ،حيػػث زبتفػػي يف عالقػػات القػػانوف اػبػػاص سبامػػا
فكرة سبتع أحد أطراؼ العالقة القانونية بقدر سواء قل أو كرب من السلطة العامة أو السيادة .
15
حيث قيل أف القانوف العاـ ىو قانوف السيطرة و اػبضوع وأف القانوف اػباص ىػو قػانوف اؼبسػاواة و
التوازف ،ويعترب معيار السلطة العامة اؼبعيار الراجح فقها كأداة للتمييز بُت القػانوف العػاـ واػبػاص وذلػك
بالنظر بالنظر لوجهاتو ودقتو .
المطلب الثاني :النظـام القانونـي الجزائـري
يتكػػوف النظػػاـ القػػانوين اعبزائػػري مػػن عػػدة ق ػوانُت يبكػػن تقسػػيمها إذل قسػػمُت ،قسػػم القػػانوف العػػاـ
وقسم القانوف اػباص .
الفرع األول :القانون العام وفروعو
يػػنظم القػػانوف العػػاـ العالقػػات الػػيت تكػػوف طرفػػا فيهػػا سػػلطة عامػػة ،وىػػذه العالقػػات منهػػا مػػا يكػػوف
عالقػػة بػػُت السػػلطة العامػػة وفػػرد مػػن األف ػراد ومنهػػا مػػا يكػػوف عالقػػة بػػُت سػػلطتُت عػػامتُت ،وعلػػى ىػػذا
فالعالق ػػات القائم ػػة ب ػػُت ال ػػدوؿ وبكمه ػػا الق ػػانوف ال ػػدورل الع ػػاـ ال ػػذي يس ػػميو ال ػػبعض "الق ػػانوف الع ػػاـ
اػبارجي" ،سبييزا لو عن القػانوف العػاـ الػداخلي الػذي يشػمل عػدة فػروع ىػي القػانوف الدسػتوري والقػانوف
اإلداري والقانوف اؼبارل والقانوف اعبنائي.
أوال) القــانون الــدولي العــام :وتتػػوذل قواعػػده تنظػػيم العالقػػات بػػُت الػػدوؿ بعضػػها الػػبعض وبينهػػا وبػػُت
اؼبنظمػػات الدوليػػة ،وكػػذلك تنظػػيم العالقػػة فيمػػا بػػُت اؼبنظمػػات الدوليػػة ،وذلػػك يف كػػل مػػن زمػػن السػػلم
وزمن اغبرب .
فهو يف زمن السػلم وبػدد مػا للدولػة مػن حقػوؽ وواجبػات بالنسػبة لغَتىػا مػن الػدوؿ ويػنظم أحكػاـ
اؼبعاىدات اليت تربمها الدوؿ ،ويبُت طرؽ تبادؿ التمثيل الدبلوماسي والقنصلي فيما بينها ،ووسائل فض
اؼبنازعات الدولية بالطرؽ الودية كاؼبفاوضات ،والتحكيم ...اخل .
وىو يف زمن اغبرب يتوذل بياف إجراءات إعالف اغبرب ووسػائلها اؼبشػروعة وغػَت اؼبشػروعة كمػا يبػُت
كيفية إلاء اغبرب ووبدد طريقة معاملة األسرى واعبرحى ،كما ينظم العالقة بُت الدوؿ اؼبتحاربة والدوؿ
ا ايدة .
وفضال عن ذلك يبُت القانوف الدورل اختصاصات اؼبنظمػات الدوليػة ووبػدد العالقػات فيمػا بينهػا
وكذلك عالقاهتا بالدوؿ اؼبختلفة ،ومن بُت أىم اؼبنظمات الدولية ىي ة األمم اؼبتحدة وأجهزهتػا اؼبختلفػة
كاعبمعيػػة العامػػة وؾبلػػس األمػػن ...وتتمثػػل أىػػم مصػػادر القػػانوف الػػدورل يف العػػرؼ الػػدورل واؼبعاىػػدات
الدولية وكذلك اؼببادئ القانونية العامة اليت أقرهتا تشريعات األمم اؼبتحدة .
16
ثانيــا) القــانون العــام الــداخلي :وتتمثػػل فػػروع ىػػذا القػػانوف يف اعبزائػػر يف القػػانوف الدسػػتوري والقػػانوف
اإلداري والقػػانوف اؼبػػارل والقػػانوف اعبنػػائي ،وحػػىت يػػتم اسػػتيعاب ىػػذه الفػػروع فانػػو مػػن الضػػرورة دبكػػاف
الًتكيػػز علػػى أنبيػػة كػػل فػػرع وتعريفػػو وبيػػاف موضػػوعاتو لتسػػهيل عمليػػة الفصػػل والتمييػػز بػػُت فػػروع القػػانوف
الداخلي .
-1الق ــانون الدس ــتوري :وى ػػو أظبػػى قػػانوف يف الدول ػػة ،حيػػث يػػأ عل ػػى رأس ىػػرـ النظػػاـ الق ػػانوين ،
ويع ػػرؼ عل ػػى أن ػػو ؾبموع ػػة القواع ػػد ال ػػيت ت ػػنظم تك ػػوين الس ػػلطات العام ػػة يف الدول ػػة وعالقاهت ػػا ببعض ػػها
البعض ،وما قد يقوـ بػُت ىػذه السػلطة أو تلػك وىػذا الفػرد أو ذاؾ مػن عالقػات .وىكػذا فالقػانوف
الدسػػتوري يبػػُت لنػػا شػػكل الدولػػة ىػػل ىػػي بسػػيطة أـ مركبػػة ،ونظػػاـ اغبكػػم يف الدولػػة ىػػل ىػػو ملكػػي أـ
صبهوري ،ويبُت لنا النظػاـ االقتصػادي اؼبتبػع ويػنظم القػانوف الدسػتوري السػلطة العامػة يف الدولػة ا سػدة
يف السلطات الثالث التشريعية والتنفيذية والقضائية وىذا ما نص عليو دستور 1996يف البػاب الثػاين،
كما ينظم اغبقوؽ واغبريات العامة لألفراد وىذا ما تنص عليػو اؼبػادة 29ومػا يليهػا مػن نفػس الدسػتور،
وكػػذلك يػػنظم الواجبػػات اؼبلقػػاة علػػى عػػاتق األفػراد وذلػػك يف اؼبػػادة 69ومػػا يليهػػا كواجبػػات الػػدفاع عػػن
الوطن وواجب دفع الضرائب ...اخل .
وال يكتفػػي يف إصػػدار الدسػػتور أف توافػػق عليػػو السػػلطة التش ػريعية وحػػدىا كبػػاقي الق ػوانُت ولكنػػو يلػػزـ
أيضا إجراء استفتاء شعد عاـ يشًتؾ فيو الشعب ويوافق على إصداره .
-2القانون ااداري :ىو ؾبموعة القواعد القانونية اليت ربكم نشاط السلطة التنفيذية يف أداء وظيفتها
اإلدارية ،وتبُت كيفية إدارهتػا للمرافػق العامػة واسػتغالؽبا لألمػواؿ العامػة ،كمػا ربكػم قواعػد ىػذا القػانوف
نشاط السلطات اإلدارية يف الدولة ،السيما من خػالؿ بيػاف مػا تتمتػع بػو مػن امتيػازات ووسػائل القػانوف
العاـ ومن خالؿ بياف ما تتقيد بو يف عالقاهتا باألفراد من قيود مبناىا إما عدـ جواز االكبػراؼ بالسػلطة
عػػن ربقيػػق اؼبصػػلحة العامػػة وإمػػا عػػدـ ج ػواز اؼبسػػاس حبقػػوؽ األف ػراد وحريػػاهتم إزاء مػػا تتمتػػع بػػو السػػلطة
اإلدارية .
-3القانون المالي :وىو القانوف الػذي ربكػم قواعػده ماليػة الدولػة واؽبي ػات العامػة ،حبيػث يبػُت اؼبػوارد
اؼباليػػة العامػػة مػػن رسػػوـ وض ػرائب وقػػروض وكيفيػػة ربصػػيلها وض ػوابط ىػػذا التحصػػيل ،كمػػا يػػنظم أوجػػو
اإلنفاؽ اليت يتم توجيو اإلرادات العامة إليها .يبدأ سريانو يف 1جانفي وينتهي يف 31ديسمرب من كل
سنة .
17
ومػػن خػػالؿ اؼبوازنػػة بػػُت الػػدخل واؼبصػػروفات يظهػػر اؼبسػػار االقتصػػادي للدولػػة فػػاذا كانػػت اؼبيزانيػػة ربقػػق
فائضا تستثمره الدولة لصاحل اػبزينة العامة ؽبا .
أما إذا كانت اؼبيزانية ربقق علزا تقوـ الدولة باجراءات اقتصادية فعالة كرفع نسبة الضرائب أو االلتلػاء
للقروض الداخلية أو اػبارجية .
-4القانون الجنائي :إف اؼبعٌت الواسع للقانوف اعبنائي يشمل شػقُت ال انفصػاـ ألحػدنبا عػن اآلخػر ،
ىذاف الشقاف أحدنبا موضوعي ىو قانوف العقوبات ،وآخر إجرائي ىو قانوف اإلجراءات اعبزائية .
أ) قانون العقوبات :وىو ؾبموعة القواعد القانونية اليت تبُت األفعاؿ ا رمة يف ا تمػع والعقوبػات اؼبقػررة
ؽبا ،ويطلق عليو يف بعض الدوؿ "القانوف اعبنائي" أو "القانوف اعبزائي" أو "قانوف اعبزاء" .
ويف اعبزائر صدر قػانوف العقوبػات بػاألمر رقػم 156/66يف 8جـوان 1966وىػو يتكػوف مػن 468
مادة موزعة على أربع كتب على النحو التارل :
-الكتاب األول يف العقوبات وتدابَت األمن .
-الكتاب الثاني يف األفعاؿ واألشخاص اػباضعوف للعقوبة .
-الكتاب الثالث يف اعبنايات واعبنح وعقوباهتا .
-الكتاب الرابع يف اؼبخالفات والعقوبات.
ب) قانون ااجرااات الجزائية :وىو ؾبموعػة القواعػد الػيت تبػُت اإلجػراءات الػيت تتبػع يف ضػبط اعبػرائم
والتحقيػػق فيهػػا وإصػػدار األحكػػاـ علػػى اؼبتهمػػُت بارتكاهبػػا ،كمػػا يبػػُت وسػػائل الطعػػن يف ىػػذه األحكػػاـ
وطرؽ تنفيذ العقوبات على اؼبتهمُت وكيفية ازباذ تدابَت األمن بالنسبة لطوائف خاصة منهم .
-ويف اعبزائػػر صػػدر قػػانوف اإلج ػراءات اعبزائيػػة بػػاألمر رقػػم 155/66بت ػاري 8جــوان ،1966
وىو يتكوف من 730مادة مقسمة على سبع كتب :
-الكتاب األول يف مباشرة الدعوى العمومية وإجراء التحقيق .
-الكتاب الثاني يف اعبهات اؼبختصة باصدار األحكاـ اعبزائية .
-الكتاب الثالث يف القواعد اػباصة با رمُت األحداث .
-الكتاب الرابع يف طرؽ الطعن غَت العادية .
-الكتاب الخامس يف بعض اإلجراءات اػباصة .
-الكتاب السادس يف بعض إجراءات التنفيذ .
18
-الكتاب السابع يف العالقات بُت السلطات األجنبية .
إال أنو عرؼ بعد ىذا التاري تعديالت كثَتة.
الفرع الثاني :القانون الخاص وفروعو
لقػػد س ػػبقت اإلش ػػارة إذل أف الق ػػانوف اػب ػػاص ى ػػو عبػػارة ع ػػن قواع ػػد ربك ػػم العالق ػػات ب ػػُت األف ػراد
العػػاديُت أي العالقػػات الػػيت ال صػػلة ؽبػػا بالسػػلطات العامػػة للدولػػة ،وىػػي عالقػػة قػػد تػػدور بػػُت الدولػػة
باعتبارى ػػا ش ػػخص معن ػػوي ع ػػاـ ولك ػػن دوف اس ػػتعماؿ عنص ػػر الس ػػيادة وأح ػػد األش ػػخاص سػ ػواء ك ػػانوا
أشخاص اعتباريُت أو أشخاص عاديُت ،وينقسم القانوف اػباص إذل الفروع التالية:
-1القــانون المــدني :يعتػػرب القػػانوف اؼبػػدين األصػػل العػػاـ لبقيػػة فػػروع القػػانوف اػبػػاص ولػػذلك يسػػمى
بالشريعة العامة ،دبعٌت أف قواعد ىذا القانوف ىي اليت تطبق يف كل اغباالت اليت ال يوجد يف شألا نػص
خاص يف الفروع األخرى وقد تفرعت عنو بقية الفروع األخرى كالقانوف التلاري وقانوف األسرة..اخل
-و يف بع ػػض دوؿ الع ػػادل يش ػػتمل الق ػػانوف اؼب ػػدين عل ػػى النص ػػوص ال ػػيت ربك ػػم ؾبم ػػوعتُت ى ػػامتُت م ػػن
العالقات وىي األحواؿ الشخصية أي تلػك اؼبتعلقػة باألسػرة كػالزواج والطػالؽ واؼبػَتاث والنفقػة ...اخل ،
وكذلك اليت تنظم عالقات الفرد اؼبالية ويطلق عليها قواعد األحواؿ العينية .
أمػػا يف اعبزائػػر وعلػػى غ ػرار معظػػم الػػدوؿ العربيػػة فقػػد جػػرى العمػػل علػػى أف يتضػػمن القػػانوف اؼبػػدين
أحكػاـ تنظػيم األحػواؿ اؼباليػة فقػط ،بينمػا يستق ػل قان ػوف آخػر بتنظػيم األحػواؿ الشخصي ػة ،يطػ ػلق عليػ ػو
قانوف األحػ ػ ػ ػواؿ الشخصية أو قانوف األسرة.
وقػػد صػػدر القػػانوف اؼبػػدين اعبزائػػري دبقتضػػى األمػػر رقػػم 58/75اؼبػػؤرخ يف 26ســبتمبر ،1975وىػػو
يتكوف من 1003مادة ،ومقسم إذل أربع كتب ىي:
-الكت ــاب األول يتن ػػاوؿ األحك ػػاـ العام ػػة ،ويش ػػمل تن ػػازع القػ ػوانُت م ػػن حي ػػث الزم ػػاف واؼبك ػػاف،
وكذلك األشخاص الطبيعية واألشخاص االعتبارية ..اخل.
-الكت ــاب الث ــاني ويش ػػمل االلتزام ػػات والعق ػػود حي ػػث يب ػػُت مص ػػادر االلتػ ػزاـ يف الق ػػانوف والعق ػػد
وشروطو وآثاره ،والفعل الضار وآثاره ...اخل .
-الكتاب الثالث ووبتوي اغبقوؽ العينية األصلية ،كحق اؼبلكية وما يتفرع عنو.
-الكتاب الرابع يتناوؿ اغبقوؽ العينية التبعية مثل حق االنتفاع ،وحق الرىن الرظبي وغَتىا .
وقد خضع القانوف اؼبدين اعبزائري لتعديالت ـبتلفة دبوجب القوانُت التالية :
19
-القانوف رقم 07-80اؼبؤرخ يف 7أوت .1980
-القانوف رقم 01 -83اؼبؤرخ يف 29يناير.1983
-القانوف رقم 21-84اؼبؤرخ يف 24ديسمرب . 1984
-القانوف 14-88اؼبؤرخ يف 3مايو .1988
-القانوف رقم 01 -89اؼبؤرخ يف 07فرباير.1989
-األمر 89-05اؼبؤرخ يف 20جواف .2005
* قانون األحوال الشخصية (قانون األسرة) :وقد صدر يف اعبزائر دبقتضى القانوف رقػم 11/84يف
9جوان 1984ويتكوف من 224مادة موزعة على أربع كتب على النحو التارل:
-الكتاب األول تضمن أحكاـ عقد الزواج واػبطبة والطالؽ .
-الكتاب الثاني تضمن أحكاـ النيابة عند فاقدي األىلية وناقصيها .
-الكتاب الثالث تضمن قواعد اؼبَتاث من حيث أصحابو وأنصبتهم .
-الكتاب الرابع وتضمن قواعد التربعات،أي أحكاـ الوصية واؽببة والوقف.
وعػػدؿ ىػػذا القػػانوف دبوجػػب األمػػر 02-05اؼبػػؤرخ يف 27فربايػػر 2005ومسػػمى التعػػديل ؾبموعػػة
مواد.
-2القــانون التجــاري :ويقصػػد بػػو ؾبموعػػة القواعػػد الػػيت تػػنظم العالقػػات التلاريػػة أي العالقػػات بػػُت
التلػػار بصػػفتهم ذبػػار والعالقػػات اؼبتصػػلة باألعمػػاؿ التلاريػػة فيبػػُت لنػػا ىػػذا القػػانوف اؼبقصػػود بالتػػاجر
واألعماؿ التلارية ،كما يبُت لنا واجبات التاجر كالقيد يف السلل التلػاري ،ويػنظم الشػركات التلاريػة
والعقود بأنواعها..
وقػػد كػػاف ىػػذا القػػانوف جػػزء مػػن القػػانوف اؼبػػدين ولكػػن اسػػتقل عنػػو لعػػدة أسػػباب أنبهػػا حاجػػة القػػانوف
التلػػاري إذل السػػرعة يف اؼبعػػامالت والثقػػة بػػُت األشػػخاص ،ىػػذا باإلضػػافة إذل ظهػػور نظػػم جديػػدة يف
التلارة دل تكن معروفة من قبل كالبورصة واألوراؽ التلارية .
وقػػد صػػدر القػػانوف التلػػاري يف اعبزائػػر دبقتضػػى األمػػر 59/75اؼبػػؤرخ يف 26ســبتمبر ،1975
وق ػػد تض ػػمن 842م ػػادة ،ودخ ػػل إذل حي ػػز التطبي ػػق ي ػػوـ 5جويلي ػػة .1975وأدخل ػػت علي ػػو ع ػػدة
تعديالت منذ تاري صدوره إذل
غاية يومنا ىذا ،وىو مقسم إذل طبسة كتب :
21
-الكتاب األول تناوؿ التلارة عموما .
-الكتاب الثاني خصص للمحل التلاري .
-الكتاب الثالث يف اإلفالس والتسوية القضائية .
-الكتاب الرابع يف السندات التلارية .
-الكتاب الخامس يف الشركات التلارية .
-3القــانون البحــري :وىػػو القػػانوف اػبػػاص بتنظػػيم اؼبالحػػة البحريػػة ومػػا يكتنفهػػا مػػن عالقػػات تتعلػػق
بالسفينة وبالنقل البحري وبعقػد العمػل البحػري وبػاغبوادث البحريػة وبالتػأمُت البحػري ،سػواء كػاف تأمينػا
عل ػػى الس ػػفينة أو تأمين ػػا عل ػػى البض ػػائع أو تأمين ػػا م ػػن اؼبس ػػؤولية .وق ػػد كان ػػت قواع ػػد الق ػػانوف البح ػػري
يتضمنها القانوف التلاري قديبا ودل يستقل إال حديثا .
ويف اعبزائػػر صػػدر القػػانوف البحػػري بػػاألمر رقػػم 80/76اؼبػػؤرخ يف 23أكتــوبر 1976ودل ينشػػر حػػىت
العػػدد رقػػم 29مػػن اعبريػػدة الرظبيػػة – الســنة – 14الصػػادر يف 10أفريــل ، 1977ووبتػػوي علػػى
887مادة مقسمة إذل كتابُت:
-الكتــاب األول خصػػص للمالحػػة البحريػػة والبحػػارة حيػػث اشػػتمل علػػى تعريػػف السػػفينة وإثبػػات
جنس ػػيتها وكيفي ػػة التص ػػرؼ فيه ػػا ب ػػالبيع وال ػػرىن واغبل ػػز التحفظ ػػي ومس ػػؤولية األم ػػن عل ػػى الس ػػفن
والتعويض عن الضرر الناشي عن اؼبالحة...اخل .
-الكتــاب الثــاني واشػػتمل علػػى قواعػػد تنظػػيم االسػػتغالؿ التلػػاري للسػػفينة وعػػن ذبهيزىػػا وقائػػدىا
ومساعديو من اؼبالحُت وعن استثمار السفينة ...اخل .
-4القـ ــانون الجـ ــوي :وىػ ػػو مػ ػػن أحػ ػػدث فػ ػػروع القػ ػػانوف نظ ػ ػرا ألف اسػ ػػتخداـ الطػ ػػائرة كوسػ ػػيلة لنقػ ػػل
األشخاص والبضائع جويا دل يتحقق إال يف بداية القرف العشػرين .ويشػتمل القػانوف اعبػوي علػى ؾبموعػة
القواعػػد الػػيت تػػنظم العالقػػات الناشػ ة عػػن اؼبالحػػة اعبويػػة ،فيتنػػاوؿ الطػػائرة – كػػأداة ؽبػػذه اؼبالحػػة – مػػن
وجػػوه ـبتلفػػة ويعػػا بوجػػو خػػاص مسػػؤولية الناقػػل اعبػػوي ،ويسػػتمد معظػػم قواعػػده يف ىػػذا الصػػدد مػػن
االتفاقػػات الدوليػػة كمعاىػػدة ىافان ــا عػػاـ ،1928واتفاقيػػة وارس ــو عػػاـ 1929بشػػأف النقػػل اعبػػوي
وإجباريػػة التػػأمُت ومعاىػػدة رومــا عػػاـ 1933ومعاىػػدة شــيكا و عػػاـ ،1944ومعاىػػدة الىــاي عػػاـ
...1970اخل.
21
ودل تصػػدر اعبزائػػر تش ػريعا جويػػا ولػػذلك تطبػػق يف ىػػذا الصػػدد القواعػػد العامػػة اؼبنص ػ ػ ػػوص عليهػػا يف
القانوف اؼبدين أو التلاري أو البحري حسب األحواؿ ،يف حػُت زبػتص اعبهػات القضػائية اعبزائريػة بنظػر
اعبنايػػات واعبػػنح الػػيت ترتكػػب علػػى مػػجل الطػػائرات اعبزائريػػة أيػػا كانػػت جنسػػية مرتكػػب اعبريبػػة وىػػذا مػػا
نصت عليو اؼبادة 591من قانوف اإلجراءات اعبزائية .
-5قــانون العمــل التــابع :ىػػو ؾبموعػػة القواعػػد القانونيػػة الػػيت تػػنظم العالقػػات بػػُت العمػػاؿ وأصػػحاب
العمل ،وذلك يف نطاؽ العمل اؼبأجور أي العمل التابع ،حيث يػرتبط العامػل بصػاحب العمػل بواسػطة
تبعية يطلق عليها التبعية القانونية يكوف العامل دبوجبها خاضعا لرقابة وتوجيو صاحب العمل .
وقػد أصػػدر اؼبشػرع اعبزائػػري قػوانُت عماليػة عديػػدة أحػػدثها القػانوف األساسػػي العػػاـ للعامػل الصػػادر بػػرقم
12/78بتاري 5أوت 1978ووبتوي على سبع كتب ىي:
-الكتاب األول يف عالقات العمل .
-الكتاب الثاني يف التكوين اؼبهٍت .
-الكتاب الثالث يف أجور العماؿ .
-الكتاب الرابع يف شروط العمل .
-الكتاب الخامس يف التصريح باالفتتاح والسلالت اإللزامية .
-الكتاب السادس يف العقوبات اؼبًتتبة على ـبالفة أحكامو .
-الكتاب السابع وتناوؿ أحكاـ ختامية .
-6قانون ااجرااات المدنية واادارية :ويشتمل ىذا القانوف على ؾبموعتُت من القواعد :
-المجموعة األولى :ؾبموعة القواعد اؼبنظمة للسلطة القضػائية مػن حيػث بيػاف أنػواع ا ػاكم اؼبختلفػة
وتشػػكيلها واختصػػاص كػػل منهػػا والشػػروط الواجػػب توافرىػػا يف تعيػػُت القضػػاة وحقػػوؽ ىػػؤالء وواجبػػاهتم،
وتسمى ىذه ا موعة ؾبموعة التنظيم القضائي .
إض ػػافة إذل ؾبموع ػػة القواع ػػد ال ػػيت تب ػػُت اإلجػ ػراءات الواج ػػب إتباعه ػػا يف رف ػػع ومباش ػػرة ال ػػدعاوى اؼبدني ػػة
والتلارية واإلدارية ،وتنفيذ ما يصدر فيها من أحكاـ ،وىذه ا موعة من القواعد اإلجرائية تكفل ضبايػة
اغبقوؽ اليت تقررىا القواعد اؼبوضوعية يف القانوف اؼبدين والتلاري وغَتنبا من فروع القانوف اػباص .
-المجموعــة الثانيــة :وىػػي خاصػػة باعبانػػب اإلداريػػة مػػن حيػػث بيػػاف طػػرؽ وإج ػراءات رفػػع الػػدعاوى
اإلدارية أماـ جهات القضاء اإلداري اؼبختلفة .
22
ويف اعبزائر عرؼ قانوف اإلجراءات اؼبدنية يف اؼبرحلة األوذل التعديالت التالية :
-األمر رقم 77-69اؼبؤرخ يف 18سبتمرب .1969
-األمر رقم 80 -71اؼبؤرخ يف 29ديسمرب .1971
-القانوف رقم 01-86اؼبؤرخ يف 28يناير .1986
-القانوف رقم 23 -90اؼبؤرخ يف 18أوت .1990
-اؼبرسوـ التشريعي رقم 09 -93اؼبؤرخ يف 25أفريل .1993
-القانوف 05.01اؼبؤرخ يف 22ماي .2001
ويف اؼبرحلة الثانية ألغي دبوجب اؼبادة 1064من القانوف رقم 09/08اؼبػؤرخ يف 25فيفـري 2008
اؼبتضػػمن قػػانوف اإلج ػراءات اؼبدنيػػة واإلداريػػة ،الػػذي دخػػل حيػػز النفػػاذ يف 23أفريــل 2009أي بعػػد
سنة من تاري نشره يف اعبريدة الرظبية رقم 21من السنة . 145
ووبتوي ىذا القانوف على 1065مادة وموزع على طبس كتب :
-الكتاب األول يف األحكاـ اؼبشًتكة عبميع اعبهات القضائية .
-الكتاب الثاني يف اإلجراءات اػباصة بكل جهة قضائية .
-الكتاب الثالث يف التنفيذ اعبربي للسندات التنفيذية .
-الكتاب الرابع يف اإلجراءات اؼبتبعة أماـ اعبهات القضائية اإلدارية .
-الكتاب الخامس يف الطرؽ البديلة غبل النزاعات واؼبتمثلة يف الصلح والوساطة والتحكيم .
-7الق ــانون ال ــدولي الخ ــاص :وىػػو ؾبموع ػػة القواعػػد القانونيػػة الػػيت رب ػػدد القػػانوف الواجػػب التطبي ػػق
وا كمة اؼبختصة بالنسبة للعالقات ذات العنصر األجند ويقصد هبذه األخَتة العالقات اليت تدخل يف
ؾباؿ القانوف اػباص ويكوف إحدى عناصرىا متصل بدولة أجنبية وتكوف العالقة ذات عنصر أجنػد إذا
كاف أحد أطرافها أجند ،أو إذا كانت ناش ة عن عقد أبرـ يف اػبارج ،أو تعلقت بعقار موجود يف دولة
أجنبية ،أو حبادث وقع ؼبواطن يف غَت وطنو .
ومن األمثلة على ذلك أف يتزوج جزائري من أؼبانية بفرنسا مث وبدث الطالؽ بينهمػا يف إسػبانيا ،فهنػا
يثور التساؤؿ حوؿ القانوف الواجب التطبيق على ىذا النزاع وا كمػة اؼبختصػة بالفصػل يف ذلػك ،وعليػو
فقواعػػد القػػانوف الػػدورل اػبػػاص ىػػي الػػيت تبػػُت لنػػا ا كمػػة اؼبختصػػة وتعػػرؼ ىػػذه القواعػػد بقواعػػد تنػػازع
االختصاص القضائي الدورل وتبُت لنا أيضا القانوف الواجب التطبيق يف ىذا الصدد ،وتعػرؼ قواعػده يف
23
ىػػذا ا ػػاؿ بقواعػػد تنػػازع الق ػوانُت مػػن حيػػث اؼبكػػاف أو قواعػػد اإلسػػناد ،وىػػذه القواعػػد ال تتضػػمن اغبػػل
للموضػػوع بػػل تقتصػػر فقػػط علػػى إسػػناد اغبػػل إذل قػػانوف معػػُت وىػػذا األخػػَت ىػػو الػػذي يقػػدـ اغبػػل الػػذي
يفصل يف النزاع اؼبطلوب ومن أمثلة قواعد اإلسناد يف التشريع اعبزائري اؼبادة 11من القانوف اؼبدين الػيت
تنص:
" يسري على الشروط الموضوعية الخاصة بصحة الزواج القانون الوطني لكل من الزوجين " .
المبحث الثاني :أنـواع القواعـد القانـونية
إضػػافة إذل تقسػػيم القواعػػد القانونيػػة إذل عامػػة وخاصػػة ،تقسػػم أيضػػا إذل عػػدة تقسػػيمات أخػػرى علػػى
النحو التارل :
-من حيث صورهتا تنقسم إذل قواعد مكتوبة وقواعد غَت مكتوبة .
-ومن حيث تنظيمها للحقوؽ تنقسم إذل قواعد موضوعية وقواعد شكلية .
-أما من حيث قوهتا اإللزامية تنقسم إذل قواعد آمرة وقواعد مكملة .
المطلب األول :القواعـد المكتوبة و يـر المكتوبة ،والقواعـد الموضوعية والشكليـة
تنقسػػم القواعػػد القانونيػػة مػػن حيػػث شػػكل صػػدورىا إذل قواعػػد مكتوبػػة وغػػَت مكتوبػػة ومػػن حيػػث
تنظيمها للحقوؽ تنقسم إذل قواعد موضوعية وقواعد شكلية .
الفرع األول :القواعد المكتوبة والقواعد ير المكتوبة
القواع ػػد اؼبكتػ ػػوبة ى ػػي ال ػػيت يكػ ػػوف مص ػػدرىا التشري ػػع سػ ػواء ك ػػاف ى ػػو الدستػ ػػور ،أو قانػ ػػونا عادي ػػا
كالقػ ػ ػ ػ ػػان ػػوف اؼبػػدين ،أو أم ػرا أو الئحػػة صػػدرت بنػػاء علػػى قػػانوف ،فهػػذه القواعػػد تصػػدر وتنشػػر باعبريػػدة
الرظبيػػة وتعلػػن لألف ػراد يف صػػورة مكتػ ػ ػ ػ ػ ػوبة .أمػػا إذا نشػػأت وت ػقررت القاعػػدة القػان ػونية عػػن غػػَت طريق ػي
السلطػة التشريعيػة اؼبختص ػة قانػ ػ ػونا باصدارىا أو السلطة التنفيذية ،فاف القاعدة عندئذ تعترب من القواعػد
القانونية غَت اؼبكتوبة ومثاؽبا القواعد العرفية ،أو مبادئ الشريعة اإلسالمية .
الفرع الثاني :القواعد الموضوعية والقواعد الشكلية:
القواعد اؼبوضوعية ىي كل قاعدة تقرر حقا أو تفرض واجبا ،ومثاؿ ذلك اؼبادة 467مػن القػانوف
اؼبػػدين الػػيت تقضػػي ( :اايجــار عقــد يمكــن المــضجر بمقت ــاه المســتيجر مــن االنتفــاع بشــيا لمــدة
محددة مقابل بدل إيجار معلوم ) .
24
فهذه القاعدة موضوعية تقرر حقا للمستأجر ىو سبكينو من االنتفاع بالعُت اؼبؤجرة وتفػرض علػى اؼبػؤجر
واجب تسليمو العُت اؼبؤجرة ،ويف نفس الوقت تقرر حقا للمػؤجر ىػو اؼبقابػل النقػدي أي اغبصػوؿ علػى
بدؿ اإلهبار ،وتفرض على اؼبستأجر واجب دفع بدؿ اإلهبار للمؤجر .
أما القواعد الشكلية فهي القواعػد القانونيػة الػيت تبػُت الوسػائل الػيت يبكػن هبػا اقتضػاء اغبػق اؼبقػرر أو
تقرير كيفية االلتػزاـ بالقيػاـ بالواجػب ،ومػن أمثلػة القواعػد الشػكلية قواعػد قػانوف اإلجػراءات اؼبدنيػة وىػي
الػػيت تػػنظم كيفيػػة مباشػػرة الػػدعاوى اؼبدنيػػة واختصاصػػات اعبهػػات القضػػائية اؼبدنيػػة ،ومػػن أمثلتهػػا أيضػػا
أغل ػػب قواع ػػد ق ػػانوف اإلجػ ػراءات اعبزائي ػػة وى ػػي القواع ػػد ال ػػيت ت ػػنظم كيفي ػػة مباش ػػرة ال ػػدعاوى العمومي ػػة
واختصاصات اعبهات القضائية يف اؼبواد اعبزائية وكيفية تشكيل ا اكم وطرؽ الطعن يف أحكامها .
المطلــب الثــاني :القواعــد اأمــرة (أو الناىيــة) والقواعــد المكملــة (أو المفســرة) سػػنتعرض يف ىػػذا
اؼبطلب إذل القواعد اآلمرة و القواعد اؼبكملة.
الفرع األول :القواعد اأمرة أو الناىية
ىي اليت تتضمن خطابا موجها لألفراد ب داء عمل معُت ،أو لالمتناع عن عمل معُت .
فاذا كانت القاعدة القانونية تتضػمن أمػرا بالقيػاـ بعمػل فهػي قاعػدة آمػرة ،ومػن أمثلتهػا القاعػدة الػيت
تأمر بأداء الضرائب أو تلك اليت تأمر بأداء اػبدمة الوطنية .
وإذا كانػػت القاعػػدة القانونيػػة تتضػػمن ليػػا عػػن العمػػل أو امتناعػػا عػػن أداء عمػػل معػػُت فهػػي قاعػػدة
ناىي ػػة ،وم ػػن أمثلته ػػا القواع ػػد ال ػػيت تنه ػػي ع ػػن القت ػػل أو ع ػػن الس ػػرقة أو ع ػػن التزوي ػػر أو الرش ػػوة..اخل ،أو
القاعدة اليت تنهي عن التعامل يف تركػة إنسػاف علػى قيػد اغبيػاة ،أو القاعػدة الػيت تنهػي القضػاة عػن شػراء
اغبق اؼبتنازع فيػو إذا كػاف النظػر يف النػزاع اؼبتعلػق بشػأنو اغبػق يػدخل يف اختصػاص ا كمػة الػيت يباشػروف
أعماؽبم يف دائرهتا ...اخل.
الفرع الثاني :القواعد المكملة أو المفسرة
يقصػػد هبػػا تلػػك القواعػػد الػػيت هتػػدؼ إذل تنظػػيم مصػػاحل فرديػػة لألشػػخاص فقػػط يف اغبػػاالت الػػيت
يكػوف فيهػػا ىػػؤالء األفػراد غػػَت قػػادرين علػػى تنظػيم عالقػػاهتم بأنفسػػهم وبالتػارل لألفػراد أف يتلػػاىلوا تلػػك
القاعدة اؼبفسرة ،بل هبوز ؽبم االتفاؽ على عكس ما قررتو .
ومػن أمثلػػة ىػذه القواعػػد القاعػػدة الػيت تقػػرر أف يكػػوف الػثمن مسػػتحق الوفػػاء يف اؼبكػاف ويف الوقػػت الػػذي
يسلم فيو اؼببيع ما دل يوجد اتفاؽ أو عرؼ يقضي بغَت ذلك .
25
-أو القاعدة اليت تفرض على اؼبؤجر التزاما بصيانة العُت اؼبؤجرة وإجػراء الًتميمػات الضػرورية فيهػا أثنػاء
استغالؽبا ما دل يقض االتفاؽ بغَت ذلك.
-أو القاعدة اليت ذبعل نفقات البيع ورسوـ الدمغة والتسليل ونفقات تسليم اؼببيع على اؼبشػًتي مػا دل
يوجد اتفاؽ أو عرؼ يقضي بغَت ذلك .
وال يعػػٍت جػواز االتفػػاؽ علػػى خػػالؼ أحكػػاـ القواعػػد اؼبكملػػة أف تتحػػوؿ إذل قواعػػد اختياريػػة موجهػػة
لألفراد على سبيل النصح وإمبا ىي قواعد قانونية دبعٌت الكلمة ؽبا صفة اإللزاـ ،وكل ما يف األمػر أف مػن
شػػروط تطبي ػق ىػػذه القواعػػد عػػدـ وجػػود اتفػػاؽ علػػى مػػا ىبػػالف حكمهػػا فػػاذا ربقػػق ىػػذا الشػػرط تكػػوف
ملزمة سباما مثل القواعد اآلمرة فيلتزـ القاضي بتطبيقها على عاتق األفراد .
الفرع الثالث :معايير التمييز بين القواعد اأمرة والقواعد المكملة
إف معيػػار التمييػػز بػػُت القواعػػد اآلمػػرة والقواعػػد اؼبكملػػة يكمػػن يف مػػدى تعلػػق القاعػػدة القانوني ػػة
بالنظػػاـ العػػاـ واآلداب العامػػة ،حبيػػث إذا كانػػت القاعػػدة القانونيػػة فبػػا يػػدخل يف مفهػػوـ النظػػاـ العػػاـ أو
اآلداب كانػػت قاعػػدة آمػػرة ،كمػػا قػػد يفهػػم مػػن ألفػػاظ التشػريع صػػفة القاعػػدة القانونيػػة ،حيػػث تكشػػف
بعض األلفاظ يف النص التشريعي عما إذا كانت القاعدة القانونية آمرة أـ مكملة .
أوال) المعيـ ــار اللفظي(الشـ ــكلي) :يعت ػػرب ى ػػذا اؼبعي ػػار اغباس ػػم واؼبنطق ػػي للتميي ػػز ب ػػُت القاع ػػدة اآلم ػػرة
والقاعػػدة اؼبكملػػة .ولتطبيػػق ىػػذا اؼبعيػػار البػػد مػػن الرجػػوع إذل العبػػارة الػػيت صػػيغت هبػػا القاعػػدة والػػيت قػػد
تفصح عن نوعها ،فتعتػرب القاعػدة آمػرة إذا نصػت علػى عػدـ جػواز االتفػاؽ علػى مػا ىبالفهػا ،أو نصػت
على بطالف االتفاؽ اؼبخالف ؽبا ،حيث قبد يف القاعدة اآلمرة األلفاظ أو العبارات التالية ":ال هبوز...
،يقع باطال، ...ال يصح ،....يعاقب ،...يتعُت ،....يلزـ ،....وغَتىا من األلفػاظ الػيت تفيػد األمػر
و النهػػي .وتعتػػرب القاعػػدة مكملػػة إذا كانػػت عبارهتػػا منتهيػػة بالصػػيي اآلتيػػة " :مػػا دل يقػػض االتفػػاؽ بغػػَت
ذلك" أو "ما دل يوجد اتفاؽ أو عرؼ يقضي بغَت ذلػك" أو "مػا دل يوجػد اتفػاؽ أو نػص قػانوين يقضػي
بغَت ذلك".
ثانيا) معيار النظام العام واأداب العامة ( الموضوعي ) :عندما تك ػ ػوف القاعدة القانونية متعلقة
بالنظ ػ ػ ػاـ الع ػ ػاـ أو باآلداب العامة تعد قاعدة آمرة وحيث تكوف القاعدة غَت متعلقة هبما فهي قاعدة
مكملة .
26
ويقصد بالنظام العام ؾبموعة اؼبصاحل اعبوىرية للملتمع أو ؾبموعػة األسػس الػيت يقػوـ عليهػا كيػاف
اعبماعػػة س ػواء كانػػت سياسػػية كاألسػػس الػػيت يقػػوـ عليهػػا نظػػاـ الدولػػة مػػن حيػػث طػػرؽ فبارسػػة السػػلطة
وتنظيمه ػػا ،أو كان ػػت اجتماعي ػػة كاألس ػػس ال ػػيت يق ػػوـ عليه ػػا نظ ػػاـ األس ػػرة يف الدول ػػة ،أو كان ػػت أس ػػس
اقتصػػادية كاألسػػس الػػيت تبػػُت نوعيػػة نظػػاـ االقتصػػاد الػػذي تتبعػػو الدولػػة ،أو كانػػت خلقيػػة كاألسػػس الػػيت
يقرىا ا تمع للحفاظ على القيم اليت يؤمن هبا واليت تتأثر بعوامل الدين والتقاليد والفلسفة...اخل .
ويقصد باأداب العامة األسس اػبلقية الضرورية غبفظ كيػاف ا تمػع ويتضػح مػن ذلػك أف اآلداب
العامة جزء من النظاـ العاـ ،وعلى رأس األسس اػبلقية يف ا تمعات اؼبعاصػرة ضػرورة ازبػاذ العالقػة بػُت
الرجل واؼبرأة شكال معينا وىو الزواج حىت تكوف عالقة مشروعة وؽبذا تعد القواعد اؼبنظمة للػزواج قواعػد
آمرة حبيث يعتػرب أي اتفػاؽ علػى إنشػاء عالقػة غػَت مشػروعة خػارج نطػاؽ الػزواج بػاطال ؼبخالفتػو اآلداب
العامة .
وما تتميز بو فكرة النظاـ العاـ واآلداب العاـ ألا ظػاىرة قانونيػة تتميػز بنسػبيتها علػى كبػو يتفػاوت
بتفاوت القوانُت والشرائع من مكاف إذل آخػر ،ومػن زمػن إذل آخػر ،فمػن حيػث اؼبكػاف يبكػن أف زبتلػف
فكػػرة النظػػاـ العػػاـ واآلداب مػػن ؾبتمػػع إذل آخػػر فمضػػمونو يف ؾبتمػػع رأظبػػارل ىبتلػػف عػػن مضػػمونو يف
ؾبتمػع اشػًتاكي ،كمػػا زبتلػف ىػػذه الفكػرة مػػن حيػث اعبانػب األخالقػػي يف دولػة إسػػالمية عنهػا يف دولػػة
مسيحية ...اخل .
ومن حيث الزماف قبد أف فكرة النظاـ واآلداب العامة تتطور يف داخل ا تمػع الواحػد مػن زمػن إذل
زمن ،فعقد التأمُت مثال كاف إذل عهد قريػب يعػد ـبالفػا لػ داب مث تطػورت النظػرة إليػو حبيػث أصػبح يف
ا تمع اغبديث أداة نافعة لألفراد تكفل ؽبم الكثَت من األماف واالستقرار ...اخل .
وبتطبيق فكرة النظاـ العاـ واآلداب العامة على فروع القانوف قبد أف ىذه الفكرة تنطبق دائما علػى
قواعػػد القػػانوف العػػاـ باعتبػػار أف ىػػذا القػػانوف يهػػدؼ كمػػا رأينػػا إذل تنظػػيم اؼبصػػاحل العامػػة يف ا تمػػع،
فقواعد القانوف الدستوري مثال تعد قواعد آمرة ومثاؿ ذلك القواعد اؼبتعلقة باغبقوؽ أو اغبريات العامة.
ونفس الشيء بالنسبة لقواعد القانوف اعبنائي اليت تعد قواعد آمرة حبيث يعتػرب بػاطال كػل اتفػاؽ علػى
ارتكاب اعبريبة ،فاذا اتفق اؼبريض اؼبي وس من شفاءه مع الطبيب على أف يقدـ لو ىذا األخَت دواء فبيتا
ليخلصو من العذاب ،ففي ىذه اغبالة يعاقب الطبيب رغم ذلك االتفاؽ .
27
الفصـل الثـالث :مصــادر القـانــون
اؼبصدر لغة يقصد بو األصػل أو اؼبنبػع الػذي ظهػر منػو الشػيء بعػد أف كػاف خفيػا .ويف ؾبػاؿ الدراسػة
القانونية يقصد باؼبصدر عدة معاين :
-فقػػد يقصػػد باؼبصػػدر ؾبموعػػة العوامػػل واؼبعطيػػات االجتماعيػػة اؼبختلفػػة الػػيت اقتضػػت وضػػع القاعػػدة
القانونيػػة ،ويطلػػق علػػى اؼبصػػدر هبػػذا اؼبعػػٌت وصػػف اؼبصػػدر اؼبػػادي ،أو اغبقيقػػي أو اؼبوضػػوعي أو اؼبصػػدر
اؼبرتب (غَت اؼبباشر) للقاعدة القانونية ،فمن ىذا اؼبصدر تستمد القاعدة القانونية مادهتا ومضمولا .
-وقد يراد باؼبصدر األصل التارىبي الذي ترجع إليو قاعدة قانونية معينة ،فقد تستقي القاعدة القانونيػة
من نظاـ قانوين قدًن ،وقد تكوف ؾبرد تقليد لقاعدة معموؿ هبا يف قانوف دولة أخرى ،فعلى سبيل اؼبثاؿ
يعترب القانوف الفرنسي والشريعة اإلسالمية من اؼبصادر التارىبية لقواعد القانوف اعبزائري .
-وقػػد يقصػػد باؼبصػػدر مػػا يرجػػع إليػػو للوقػػوؼ علػػى حقيقػػة اؼبقصػػود بالقاعػػدة القانونيػػة وربديػػد معناىػػا
ومضػ ػػمولا وذلػ ػػك عنػ ػػدما يكتنفهػ ػػا الغمػ ػػوض ،ويطلػ ػػق علػ ػػى اؼبصػ ػػدر يف ىػ ػػذه اغبالػ ػػة وصػ ػػف اؼبصػ ػػدر
التفسَتي ،ويعترب الفقو والقضاء أىم اؼبصادر التفسَتية للقاعدة القانونية .
ويف دراستنا ىذه نتناوؿ مصادر القانوف حسب ترتيبها الوارد يف اؼبادة األوذل من القانوف اؼبػدين اعبزائػري
بقوؽبا ( :يسري القانون على جميـع المسـائل التـي تتناولهـا نصوصـو فـي لفظهـا أو فحواىـا .فـإذا
ل ــم يوج ــد ن ــص تشـ ـريعي ،حك ــم القاض ــي بمقت ــى مب ــادل الشـ ـريعة ااس ــالمية ،ف ــإذا ل ــم يوج ــد
فبمقت ى العرف .فإذا لم يوجد فبمقت ى مبادل القانون الطبيعي وقواعد العدالة ) .
فمن ىذا النص يتبُت أف للقوانُت مصدرا أصليا ىو التشريع فهو الواجػب التطبيػق بالدرجػة األوذل بصػفة
أصػلية ،ويف غيػاب التشػريع تطبػق اؼبصػادر االحتياطيػػة مرتبػة حسػب أنبيتهػا ،ألف القاضػي ملػزـ بالفصػػل
يف الدعوى وإال تعرض ىو نفسو لللزاء بتهمة إنكار العدالة .وىكذا سػنتناوؿ مػن خػالؿ ىػذا الفصػل
مبحثُت ،اؼببحث األوؿ يشمل اؼبصادر األصلية للقانوف و اؼببحث الثاين يشمل اؼبصادر االحتياطية .
المبحث األول :المصادر األصلية للقانون "التشريع " Législation
التش ػريع ىػػو أىػػم اؼبصػػادر الرظبيػػة للقػػانوف يف ا تمعػػات اغبديثػػة ،وإف كػػاف العػػرؼ أقػػدـ مصػػادره
حيث اعتمدت عليو اعبماعات البدائية منذ القدـ ،واحتػل اؼبكانػة األوذل كمصػدر للقػانوف وقتػا طػويال،
غػػَت أف تقػػدـ ا تمعػػات واتسػػاع نطػػاؽ العالقػػات االجتماعيػػة وتشػػابكها أدى إذل انت ػزاع التش ػريع ىػػذه
اؼبكانة من العرؼ ،وأصبحت لو الغلبة يف تنظيم سلوؾ وعالقات األشخاص يف ا تمع .
28
واعتبار التشريع مصدرا أصليا مؤداه أنو يتعُت على القاضي عند حبثػو عػن القاعػدة الواجبػة التطبيػق علػى
النزاع اؼبعػروض أمامػو أف يللػأ أوال إذل التشػريع فػال يعػدؿ عنػو إذل غػَته مػن اؼبصػادر األخػرى ،إال إذا دل
هبد فيو حكما للنزاع اؼبعروض أمامو .
ويف ى ػػذا اؼببح ػػث س ػػوؼ نع ػػرض ؼبفه ػػوـ التش ػريع وتق ػػديره وذل ػػك يف اؼبطل ػػب األوؿ ،مث نتن ػػاوؿ يف
اؼبطلػػب الثػػاين أن ػواع التش ػريع ،ون ػػتكلم يف اؼبطلػػب الثالػػث واألخػػَت عل ػػى الرقابػػة القانونيػػة علػػى ص ػػحة
التشريعات .
المطلب األول :مفهـوم التشريـع
الفرع األول :تعريف التشريع وتحديد السلطة المختصة في إصداره
يقصد بالتشريع القواعد القانونية اؼبدونة الصادرة من السلطة اؼبختصة بذلك دبقتضى الدستور وفقػا
إلجراءات معينة .ومن مهمات القانوف الدستوري يف كل بلد أف يبُت السلطة اليت تتوذل سن التشريعات
وىي السلطة اليت يقاؿ عنها السلطة التشريعية .
وقػػد تكػػوف ىػػذه السػػلطة عبػػارة عػػن فػػرد واحػػد ملكػػا كػػاف أو حاكمػا ،وقػػد تكػػوف عبػػارة عػػن ىي ػػة
تتكػػوف مػػن ؾبلػػس أو ؾبلسػػُت نيػػابيُت ،ينتخبػػاف مػػن الشػػعب فينوبػػاف عنػػو يف سػػن التشػريع ،مػػع مشػػاركة
رئيس الدولة دبا يكػوف لػو مػن حػق التصػديق أو االعػًتاض ،أو بقيامػو شخصػيا بسػن التشػريع يف ظػروؼ
معينة تقتضي أف يضطلع هبػذا العمػل ،كمػا تقػوـ السػلطة التنفيذيػة يف بعػض اغبػاالت بوضػع التشػريع يف
مسائل معينة تؤىلها وظيفتها إذل اإلحاطة هبا .
وربػػدد السػػلطة الػػيت سبلػػك اغبػػق يف التش ػريع وفقػػا ألنبيػػة ىػػذا التش ػريع ،فػػاذا تنػػاوؿ التش ػريع النظػػاـ
األساسي للبالد أو تعلق باؼبصاحل العليػا ،فػال يكتفػي بالسػلطة التشػريعية العاديػة لوضػعو ،وإمبػا يعهػد إذل
ىي ػػة مش ػػكلة عل ػػى كب ػػو خ ػػاص أو يرج ػػع في ػػو إذل الش ػػعب ،أم ػػا إذا تعل ػػق دبس ػػائل عادي ػػة ف ػػاف الس ػػلطة
التش ػريعية العاديػػة ىػػي الػػيت تقػػوـ بوضػػعو ،وإذا تعلػػق دبسػػائل تفصػػيلية ذات أنبيػػة ثانويػػة تتصػػل بػػالتطبيق
العملػػي فيػػًتؾ أمػػره إذل السػػلطة التنفيذيػػة حبكػػم اتصػػاؽبا اؼبسػػتمر بػػاعبمهور وتسػػتعُت يف ذلػػك بػػاإلدارات
اؼبتخصصة يف الوزارات واؼبؤسسات اؼبختلفػة ويف ىػذه اغبالػة يصػدر التشػريع بػأمر مػن رئػيس الدولػة بعػد
اإلطالع على التقرير اؼبقدـ من الوزير اؼبختص واستطالع رأي ؾبلس الوزراء ،ويف صبيع األحواؿ تشارؾ
السلطة التشريعية اؼبختصة بػذلك أساسػا ،وذلػك يف ؾبػاؿ تشػريعات الضػرورة واالسػتعلاؿ والتشػريعات
الفرعية .
29
الفــرع الثــاني:تقدي ــر التشري ــع :الشػػك يف أف التش ػريع قػػد أصػػبح يف ا تمعػػات اغبديثػػة ىػػو اؼبصػػدر
الغالب لقواعد القانوف الوضعي ويتميز دبا يلي :
أوال) مزايا التشريع:
-بعد صدور التشريع يف صيغة مكتوبة من طرؼ السلطة اؼبختصة ،فاف القاعػدة القانونيػة تبػدو لألفػراد
يف ا تمػػع واضػػحة وؿبػػددة ال يثػػَت معرفتهػػا أو الوقػػوؼ عليهػػا أي منازعػػات ،فيعػػرؼ كػػل فػػرد يف ا تمػػع
م ػػن خالؽب ػػا م ػػا ل ػػو م ػػن حق ػػوؽ وم ػػا علي ػػو م ػػن واجب ػػات فب ػػا ي ػػؤدي ذل ػػك إذل ربقي ػػق األم ػػن والطمأنين ػػة
واالسػتقرار يف اؼبعػامالت وىػذا مػا ال يتػوافر للعػرؼ علػى سػبيل اؼبثػاؿ كمصػدر مػن مصػادر القػانوف ألنػػو
غػػَت مكتػػوب ،وبالتػػارل يكػػوف مػػن الصػػعب التعػػرؼ علػػى وجػػود عػػرؼ يقضػػي حبكػػم معػػُت أو علػػى عػػدـ
وجوده فبا يؤدي إذل االضطراب وعدـ االستقرار .
-التشػ ػريع أداة فعال ػػة يف ي ػػد الس ػػلطة اؼبختص ػػة سبكنه ػػا م ػػن س ػػرعة مواجه ػػة حاج ػػات ا تم ػػع اغب ػػديث
اؼبتزايػػدة ،وم ػػن تط ػػويره تطػػويرا يبكن ػػو م ػػن اللح ػػاؽ اؼبسػػتمر دبوك ػػب التق ػػدـ اإلنسػػاين فه ػػو مص ػػدر س ػريع
يستليب بسرعة لضػرورات ا تمػع مػن حيػث إنشػاء قواعػد جديػدة ،وىػو بالتػارل ىبتلػف عػن العػرؼ إذ
يعتػػرب ىػػذا األخػػَت مػػن اؼبصػػادر البطي ػػة التكػػوين والػػيت ربتػػاج إذل مػػدة طويلػػة لتتكػػوف علػػى إثرىػػا القاعػػدة
العرفية .
-التشػريع عامػػل ىػػاـ يف ربقيػػق الوحػػدة القوميػػة عػػن طريػػق توحيػػد القواعػػد القانونيػػة اؼبتباينػػة والػػيت تتمثػػل
يف ؾبموعة األعراؼ ا لية اؼبختلفة ،بالتنسيق واؼبالئمة بينها وإفراغها يف قواعد تشريعية موحدة .
ثانيا) عيوب التشريع:
-يؤخػػذ علػػى التش ػريع أنػػو قػػد يتحػػوؿ يف بعػػض األحيػػاف إذل وسػػيلة ربكميػػة يف يػػد السػػلطة اؼبختصػػة
بوضػعو خاصػػة يف الػدوؿ الدكتاتوريػػة غػػَت أف مػا يقلػػل مػن ىػػذا الػػتحكم واالسػتبداد أف السػػلطة اؼبختصػػة
أصػػال بوضػػع التش ػريع تراعػػي عػػادة فيمػػا تضػػعو مػػن تش ػريعات ربقيػػق مصػػلحة ا تمػػع خاصػػة وأف ىػػذه
السلطة تتكوف من فبثلُت عن الشعب يف ؾبموعو .
-ويؤخػػذ علػػى التش ػريع أيضػػا أنػػو قػػد يكػػوف مالئمػػا وقػػت وضػػعو مث تتغػػَت الظػػروؼ ويًتاخػػى اؼبشػػرع يف
إدخاؿ التعديل الذي يناسب الظروؼ اعبديدة .
31
غَت أنو يف معظم األحياف يبػادر -مسػتليبا لتوجيهػات الفقهػاء -بتعػديل التشػريعات لتسػاير الظػروؼ
اؼبتغَتة ،وحىت إذا تواىن اؼبشػرع يف ذلػك ،فػاف القضػاء يلعػب دورا ىامػا يف ىػذا الصػدد فيبػادر عػن طريػق
استخداـ سلطتو يف تفسَت نصوص التشريع إذل ربقيق اؼبالئمة بينها وبُت ما استلد من ظروؼ .
وخالصػػة القػػوؿ أف مزايػػا التش ػريع تفػػوؽ إذل حػػد كبػػَت العيػػوب الػػيت توجػػو إليػػو وىػػذه اؼبزايػػا ذبعػػل
التشػريع مصػػدرا خصػػبا للقواعػػد القانونيػػة ،و ذبعلػػو األكثػػر مالئمػػة للدولػػة اغبديثػػة ،حبيػػث تػػزداد أنبيتػػو
يوما بعد يوـ .و تتضاءؿ جبانبو اؼبصادر األخرى كالعرؼ .
المطلب الثاني :أنــواع التشريعـات
سيشػػمل ىػػذا اؼبطلػػب كػػل مػػن التشػريع األساسػػي (الدستػػور) يف الفػػرع األوؿ والتشػريع العضػػوي يف
الفرع الثاين والتشريع العادي يف الفرع الثالث و التشريعػات الفػرعيػة يف الفرع الرابع.
الفـرع األول :التشريـع األساسي (الدستـور)
الدسػتور ىػو التشػريع األساسػػي للدولػة فهػو قمػػة التشػريعات فيهػا وىػو القػػانوف األظبػى الػذي يتميػػز
خباصييت الثبات والسمو ويتضمن القواعد األساسية واؼببادئ العامة اليت تبُت شكل الدولة ونظاـ اغبكػم
فيها ،ووبدد اؽبي ات واؼبؤسسات العامة واختصاصاهتا وعالقاهتػا ببعضػها ،ويبػُت لألفػراد ؾبموعػة اغبقػوؽ
واغبريات األساسية الػيت يتمتعػوف هبػا سػواء تلػك الػيت تتسػم بالطػابع اعبمػاعي وبالتػارل تعػد مػن مقومػات
ا تمع بأسره ،أـ تلك اليت تتعلق باألفراد يباشرولا على قدـ اؼبساواة .
ومػػن الدسػػتور تؤخػػذ كافػػة الق ػوانُت األخػػرى مسػػتوحية مبادئػػو وأحكامػػو وتياراتػػو الػػيت ال هبػػوز ألي
قانوف أف ىبالفها.
أوال) طــرق وضــع الدســاتير :تتوقػػف نشػػأة الدسػػاتَت علػػى نظػػاـ اغبكػػم السائ ػػد يف الدولػػة أثنػػاء وضػػع
الدستور ،ولذلك يصنف فقهاء القانوف الدستوري أساليب نشأة الدساتَت إذل نػوعُت رئيسػيُت :أسػاليب
غَت ديبقراطية ،وأساليب ديبقراطية .
فالنوع األوؿ من ىذه األساليب يعرب عن غلبة إرادة اغبكاـ على إرادة الشعوب ا كومة أو على األقل
اش ػًتاؾ اإلرادتػػُت يف وضػػع الدسػػتور ،يف حػػُت يػػًتجم النػػوع الثػػاين تفػػوؽ اإلرادة الشػػعبية وسػػيادهتا علػػى
إرادة اغبكاـ .
31
-1األساليب ير الديمقراطية في نشية الدسـاتير :وفقػا ؽبػذه األسػاليب قػد يصػدر الدسػتور بػارادة
اغبػػاكم يف شػػكل منحػػة ، l’ectroiوقػػد يػػتم وضػػعو باتفػػاؽ إرادة اغبػػاكم مػػع إرادة الشػػعب عػػن طريػػق
التعاقد . le pacte
أ) أسلوب المنحـة :تعود نشأة الدستور يف ىذه اغبالة إذل اإلرادة اؼبنفردة للحاكم أو اؼبلػك الػذي يقػرر
دبحػػض إرادتػػو مػػنح شػػعبو وثيقػػة الدسػػتور دبػػا يتضػػمنو مػػن تنػػازؿ عػػن جانػػب مػػن سػػلطاتو للشػػعب ،ومػػن
أمثلة الدساتَت اؼبمنوحة الدستور اؼبصري سػنة 1923ـ الػذي أصػدره اؼبلػك فػؤاد وسػقط سػنة 1952ـ
،ودستور فرنسا سنة 1814ـ ،والدستور الياباين سنة 1889ـ .
ب) أســلوب التعاقــد :ينشػػأ الدسػػتور طبقػػا ؽبػػذا األسػػلوب علػػى إثػػر ثػػورة ضػػد اؼبلػػوؾ أو اغبكػػاـ حبيػػث
هبػػربىم الث ػوار علػػى توقيػػع وثيقػػة دسػػتورية يفرضػػوف فيهػػا مطػػالبهم ،فتكػػوف ىػػذه الوثيقػػة عبػػارة عػػن نػػص
اتفاقي أو تعاقدي يقيد إرادة اؼبلك ويلزمو بالرضػوخ إلرادة الشػعب أو فبثليػو مػن خػالؿ صبعيػة أو ؾبلػس
منتخب ويًتتب على كوف الدستور عمال مشًتكا من اغباكم والشعب عدـ استطاعة أي منهما االنفراد
بالغػػاء الدسػػتور أو تعديلػػو.ومن أمثلػػة الدسػػاتَت الػػيت نشػػأة هبػػذه الطريقػػة الدسػػتور العراقػػي سػػنة 1925
ودستور الكويت سنة . 1962
-2األساليب الديمقراطية في نشية الدسـاتير :تعػرب ىػذه األسػاليب عػن انتصػار إرادة الشػعب علػى
إرادة اغباكم ،وانفراد الشعب صاحب السيادة بوضػع الدسػتور دوف تدخػػل مػن جانػب اغبػاكم ،وتتمثػل
ىذه األساليب يف:
أ) الجمعيـة التيسيسـية :l’assemblée constituentوفقػا ؼبنطػق الديبقراطيػة النيابيػة يقػوـ الشػعب
بانتخاب نواب أو مندوبُت عنو للقياـ بوضع الدستور نيابة عنو وباظبو ،من خػالؿ اجتمػاعهم يف صػورة
صبعي ػة تأسيسيػ ػة ال غػرض ؽبػا سػوى وضػع الدستػ ػور بصػفة لائي ػ ػة دوف حاجػة إذل الرجػ ػ ػوع إذل الشػعب
أو استلزاـ موافقتو عليو ،وإال ربوؿ ىذا الطريق إذل أسلوب االستفتاء الشعد .
وكانػػت الواليػػات اؼبتحػػدة األمريكيػػة ،أوؿ مػػن أخػػذ هبػذا األسػػلوب يف وضػػع الدسػػتور ،إذ طبقتػػو عػػدة
واليات يف وضع دساتَتىا بعد استقالؽبا عن بريطانيا سنة 1778ـ.
ب) أسلـوب االستفتاا : referendumويف ظلػو يباشػر الشػعب السػلطة اؼبؤسسػة األصػلية مباشػرة،
ويقصد باالستفتاء اصػطالحا إبػداء الػرأي إزاء قضػية أو موضػوع معػُت ووفقػا ؽبػذا األسػلوب يوكػل األمػر
إذل صبعيػػة عامػػة منتخبػػة تكػػوف مهمتهػػا وضػػع مشػػروع الدسػػتور ،أو إذل عبنػػة معينػػة مػػن قبػػل اغبكومػػة أو
32
الربؼباف إف وجػد ،وال هتم الطريقة اؼبختارة نظػرا ألف الدسػتور ال يكتسػب قوتػو اإللزاميػة والصػفة القانونيػة
إال بعد موافقة الشعب عليو .
وقد اتبع ىذا األسلوب يف وضع الدساتَت اعبزائرية األربعة .
ثانيا) طرق تعديل الدساتير :تنقسم الدساتَت من حيث طريقة تعديلها إذل نوعُت مرنة وجامدة .
-1الدساتير المرنة :وىي اليت يبكن تعديل نصوصها باإلجراءات اليت تعدؿ هبا القوانُت العادية .
-2الدس ــاتير الجام ــدة :وى ػػي تل ػػك ال ػػيت ال تكف ػػي لتع ػػديلها تل ػػك الط ػػرؽ اؼبتبع ػػة يف تع ػػديل القػ ػوانُت
العاديػػة ،بػػل يشػػًتط ازبػػاذ إجػراءات خاصػػة لتعػػديل النصػػوص الدسػػتورية ،كاشػًتاط أغلبيػػة كبػػَتة القػًتاح
التعديل ،أو إلقرار ذلك التعديل .
الفرع الثاني :التشريع الع وي
ىو ؾبموعة القواعد اؼبكتوبة الػيت تتػوذل تنظػيم األحكػاـ العامػة الػواردة يف الدسػتور ،وكػذلك اؼبتعلقػة
بتنظػػيم السػػلطات وعملهػػا ونظػػاـ االنتخابػػات ،واألح ػزاب السياسػػية وقػػانوف اإلعػػالـ وقػػانوف التنظػػيم
القضائي وغَتىا.
خصائص التشريع الع وي:
_ م ــن حي ــث ااج ــرااات :طبق ػػا للم ػػادة 123م ػػن الدس ػػتور ت ػػتم اؼبص ػػادقة عل ػػى التش ػريع العض ػػوي
باألغلبية اؼبطلقة للنواب( 50باؼبائػة زائػد واحػد) يف ا لػس الشػعد الػوطٍت وبأغلبيػة ثالثػة أربػاع أعضػاء
ؾبلس األمة.
_ مــن حيــث الرقابــة الدســتورية :ىبضػػع التشػريع العضػػوي لرقابػػة قبليػػة قبػػل صػػدوره وذلػػك مػػن طػػرؼ
ا لس الدستوري على خالؼ التشريع العادي الذي ىبضع لرقابة بعدية أي بعد صدوره.
_ م ــن حي ــث المص ــدر :يع ػػود االختص ػػاص يف إص ػػدار التش ػريع العض ػػوي للربؼب ػػاف فق ػػط وذل ػػك عل ػػى
خالؼ التشريع العادي الذي قد يصدر عن الربؼباف كقاعدة عامة وعن السلطة التنفيذية كاستثناء.
الفرع الثالث :التشريـع العـادي:
وىػػو ؾبموعػػة القواعػػد القانونيػػة الػػيت تقػػوـ السػػلطة التش ػريعية أساسػػا بوضػػعها يف حػػدود اختصاصػػها
الذي يبينو الدسػتور .والتشػريع العػادي قػد يتخػذ صػورة تقنينػات أو مػدونات " "CODESتشػتمل
على تنظيم كامل لفرع معُت من فروع القانوف ،ومثاؿ ذلك التقنُت اؼبدين ،وتقنُت العقوبػات...اخل ،وقػد
33
يتخذ صورة تشريعات متفرقة " "LOISتتناوؿ تنظػيم مسػائل ؿبػدودة بالقيػاس إذل مػا تعاعبػو التقنينػات
.
أوال) إجرااات وضع التشريع ونفاذه :يبر التشريع العادي بعدة مراحل إجرائية ىي:
-1مرحلـة اقتـراا التشــريع :ويقصػد بػاالقًتاح أف يتقػػدـ أحػد أعضػاء الربؼبػػاف أو أحػد أعضػاء السػػلطة
التنفيذية بعرض مشكلة اجتماعية هتم اعبماعة وربتاج إذل تنظيم قػانوين غبلهػا أو لتنظػيم العالقػات فيهػا
على كبو معُت يف شكل اقًتاح .
وعػػادة يطلػػق علػػى االقػًتاح اؼبقػػدـ مػػن أحػػد أعضػػاء الربؼبػػاف تعبػػَت (اقتــراا بقــانون) ،ويطلػػق علػػى اقػًتاح
عضو السلطة التنفيذية تعبَت (مشروع بقانون) .
-2مرحلة المناقشـة والتصـوي :عنػد إحالػة االقػًتاح إذل ا لػس سػواء مػن اغبكومػة باعتبػاره مشػروعا
بقػػانوف أو مػػن عبنػػة االقًتاحػػات باعتبػػاره اقًتاحػػا بقػػانوف يقػػدـ للتصػػويت عليػػو ،حسػػب مػػا نصػػت عليػػو
اؼبادة 120من الدستور.
-3مرحلة التصديق :بعد موافقة الربؼباف على اؼبشروع ،وباؿ ذلك اؼبشػروع إذل رئػيس الدولػة للتصػديق
عليػػو أوال قبػ ػ ػ ػ ػل إصػ ػ ػداره ونشػ ػ ػ ػ ػ ػره ،واؼبقصػ ػ ػ ػ ػ ػ ػود بالتصديػ ػ ػ ػ ػ ػق موافقػ ػ ػة رئػػيس الدولػػة عليػػو ،حيػػث تعطػػي
الدساتيػر لرئيس الدولة حق
االعًتاض على القوانُت إلعادة النظر فيها حيث تنص اؼبادة 127من الدستور :
ـون ( يمكن لرئيس الجمهورية أن يطلب إجراا مداولة ثانية فـي قـانون تـم التصـوي عليـو فـي
الثالثين يوما الموالية لتاريخ إقراره .وفي ىذه الحالة ال يتم إقـرار القـانون إال بي لبيـة ثلثـي ()2/3
أع اا المجلس الشعبي الوطني ) .
-4مرحلــة ااصــدار :بعػػد تصػػديق رئػػيس الدولػػة علػػى اؼبشػػروع بقػػانوف يصػػبح ذلػػك اؼبشػػروع قانونػػا،
ولكنػػو مػػع ذلػػك ال يكػػوف نافػػذ اؼبفعػػوؿ إال باصػػداره ،ويقصػػد باإلصػػدار أف يقػػوـ رئػػيس الدولػػة باصػػدار
أمػػر إذل رجػػاؿ السػػلطة التنفيذيػػة الػػيت يرأسػػها ،يعلمهػػم فيػػو بصػػدور القػػانوف اعبديػػد ويوجػػب علػػيهم فيػػو
تنفيػذ ذلػػك القػػانوف علػى الوقػػائع الالحقػػة لتػاري العمػػل بػػو ،وتربيػر ذلػػك أف السػػلطة التشػريعية رغػػم ألػػا
ىي صػاحبة اغبػق والسػلطة يف وضػع القػوانُت وإقرارىػا ،ولكنهػا ال سبلػك إصػدار أوامػر إذل رجػاؿ السػلطة
التنفيذية لتنفيذ القوانُت انطالقا من مبدأ الفصل بُت السلطات .
ويف الدستور اعبزائري تنص اؼبادة 126على ما يلي:
34
( يصدر رئيس الجمهورية القانون في أجل ثالثين ( )30يوما ،ابتداا من تاريخ تسلمو إياه ) .
-5مرحلة النشر :النشػر إجػراء الزـ لكػي يكػوف القػانوف سػاري اؼبفعػوؿ يف مواجهػة كافػة األشػخاص،
ولػػن يكػػوف كػػذلك إال باعالنػػو للعامػػة ،وذلػػك عػػن طريػػق نشػػره يف اعبريػػدة الرظبيػػة ،ودبلػػرد النشػػر يعتػػرب
العلػػم بػػو مفروضػػا حػػىت بالنسػػبة ؼبػػن دل يطلػػع عليػػو باعبريػػدة الرظبيػػة أو بالصػػحف اليوميػػة أو غَتىػػا مػػن
وس ػػائل اإلع ػػالـ ،عل ػػى أف بع ػػض الدس ػػاتَت رب ػػدد ب ػػدء س ػرياف القػ ػوانُت دبهل ػػة ؿب ػػددة م ػػن ت ػػاري نش ػػرىا
باعبريدة الرظبية ،وأحيانا ينص يف أوامر إصدار القوانُت على ألا تسرى من تاري ؿبدد .
ويف اعبزائر فاف حكػم ىػذه اؼبسػألة حسػمتو اؼبػادة 4مػن القػانوف اؼبػدين ،حيػث تكػوف القػوانُت نافػذة
اؼبفعوؿ باعبزائر العاصمة بعد مضي يوـ كامل من تاري نشرىا ويف النواحي األخرى يف نطاؽ كػل دائػرة
بعػػد مضػػي يػػوـ كامػػل مػػن تػػاري وصػػوؿ اعبريػػدة الرظبيػػة إذل مقػػر الػػدائرة ويشػػهد علػػى ذؾ تػػاري خػػتم
الدائرة اؼبوضوع على اعبريدة .
ثانيا) التشريعات االستثنائية :كقاعدة عامػة زبػتص السػلطة التشػريعية بوضػع القػوانُت العاديػة وإقرارىػا،
سواء قدمت االقًتاحات بالقوانُت مػن أعضػاء ا لػس الشػعد الػوطٍت أو قػدمت مشػروعات القػوانُت مػن
رئيس الدولة أو أحد الوزراء األعضاء يف السلطة التنفيذية .
إال أف ىػػذه القاع ػػدة ي ػػدخل عليه ػػا بع ػػض االس ػػتثناءات حينم ػػا ي ػػنص الدس ػػتور عل ػػى زبوي ػػل الس ػػلطة
التنفيذية حق إصدار القوانُت يف حاالت استثنائية دوف عرضها مسبقا علػى السػلطة التشػريعية .وتتمثػل
ىذه اغباالت االستثنائية فيما يلي:
-1تشـ ـريعات ال ــرورة :يف حالػػة الض ػػرورة اؼبلح ػػة يق ػػرر رئػػيس اعبمهوري ػػة حال ػػة الط ػوارئ أو اغبص ػػار
ويتخذ كل اإلجراءات الستتباب األمن بالبالد (اؼبادة 91من دستور . )1996
وإذا كانت البالد مهددة خبطر داىم يوشػك أف يصػيب مؤسسػاهتا الدسػتورية أو اسػتقالؽبا أو سػالمة
تراهبا ،يقرر رئيس اعبمهورية اغبالة االستثنائية وذلك بعد استشارة رئػيس ا لػس الشػعد الػوطٍت ،ورئػيس
ؾبلس األمة ،وا لػس الدسػتوري واالسػتماع إذل ا لػس األعلػى لألمػن وؾبلػس الػوزراء (ـ 1،2/93مػن
دستور .)1996
وزبػػوؿ اغبالػػة االسػػتثنائية ل ػرئيس اعبمهوريػػة أف يتخػػذ اإلج ػراءات اػباصػػة الػػيت تتطلبهػػا ا افظػػة علػػى
استقالؿ األمة واؼبؤسسات الدستورية يف اعبمهورية (ـ /93من دستور . )1996
35
ويف حالػػة اغبػػرب يوقػػف العمػػل بالدسػػتور ويتػػوذل رئػػيس الدولػػة صبيػػع السػػلطات وىػػذا مػػا نصػػت عليػػو
اؼبادة 96من دستور . 1996
-2التشريعات التفوي ية :قد تقوـ السلطة التنفيذية بتفويض مػن السػلطة التشػريعية بسػن التشػريعات
بدال عنهػا ،مػع أف التفػويض غػَت مقبػوؿ مػن الناحيػة النظريػة ألنػو ال هبػوز للسػلطة التشػريعية التنػازؿ عػن
سػػلطتها بسػػن التشػريعات ،لكػػن الرغبػػة يف تػػوفَت الدقػػة أو السػػرعة أو السػرية لػػبعض التشػريعات قػػد تػػربر
تف ػػويض الدق ػة أو الس ػػرعة أو الس ػرية ل ػػبعض التش ػريعات ،ق ػػد ت ػػربر تف ػػويض الس ػػلطة التنفيذي ػػة يف س ػػنها
تشريعات تكوف ؽبا قوة القانوف ولكن يف حدود التفويض اؼبمنوح ؽبا .
وانطالقا مػن ذلػك يبكػن لػرئيس اعبمهوريػة أف يشػرع بػأوامر يف حالػة شػغور ا لػس الشػعد الػوطٍت أو
فيمػػا بػػُت دور الربؼبػػاف ،وذلػػك عػػن طريػػق إصػػدار أوامػػر تعػػرض علػػى ا لػػس الشػػعد الػػوطٍت وىػػذا مػػا
نصت عليو اؼبادة 124من دستور . 1996
الفرع الرابع :التشريعـات الفـرعيـة
يقصػػد بالتش ػريع الفرعػػي التش ػريع الػػذي تضػػعو السػػلطة التنفيذيػػة دبقتضػػى االختصػػاص اؼبخػػوؿ ؽبػػا يف
ىذا الشأف دبقتضى الدستور يف حاالت معينة .
وى ػػذا االختص ػػاص ال ػػذي ىب ػػرج بالس ػػلطة التنفيذي ػػة ع ػػن مهمته ػػا األص ػػلية ،وى ػػي تنفي ػػذ الق ػػانوف يعت ػػرب
اختصاصا أصيال سبارسو يف اغباالت اليت بينها الدستور حىت مع وجود السلطة التشريعية .
ويطلق على التشريع الفرعي اسم الالئحـة ( )LE Règlementيف العمػل وذلػك رغبػة يف التمييػز بينػو
وبُت التشريع العادي واؼبعروؼ باسم القانوف (.)LA LOI
وال زبتلػػف اللػوائح عػػن القػػانوف الصػػادر مػػن السػػلطة التشػريعية أللػػا قواعػػد اجتماعيػػة عامػػة وؾبػػردة
وملزم ػػة عبمي ػػع األش ػػخاص اؼبخ ػػاطبُت هب ػػا ،ال ػػذين تنطب ػػق عل ػػيهم الش ػػروط اؼبوض ػػوعية ال ػػيت ت ػػنص عليه ػػا
الالئحة بناء على القانوف .
والتشريع الفرعي يقصد بو تلك النصوص القانونية اليت تصدرىا السػلطة التنفيذيػة يف حػدود اختصاصػها
الدستوري ،والسلطة التنفيذية تتمثل يف كل من رئيس اعبمهورية و رئيس اغبكومػة ،اللػذين تثبػت ؽبمػا
سلطة تنظيمية عامة دبقتضى نص اؼبادة 3/85واؼبادة 125من دسػتور .1996أمػا الػوزراء فسػلطتهم
التنظيميػػة ؿبصػػورة يف ؾبػػاؿ اختصػػاص كػػل واحػػد مػػنهم ،باإلضػػافة إذل الػػوالة و رؤسػػاء البلػػديات ،و
اؼبصاحل اليت خوؿ ؽبا سلطة تنظيمية ؿبددة دبوجب تفويض تشريعي .
36
وتنقسم اللوائح إذل ثالث أنواع ىي:
أوال) اللوائح التنفيذية Règlements d'exécution
وىي اللوائح اليت تضػعها السػلطة التنفيذيػة ،وتتضػمن القواعػد التفصػيلية الالزمػة لتنفيػذ التشػريعات
العاديػػة الصػػادرة م ػػن السػػلطة التش ػريعية ال ػػيت تقتصػػر علػػى إب ػراز القواعػػد األساسػػية وت ػػًتؾ مهمػػة وض ػػع
القواعػد التفصػيلية الالزمػػة لتنفيػذىا للسػػلطة التنفيذيػة ،فهػػذه األخػَتة ىػػي األقػدر حبكػػم اتصػاؽبا اؼبباشػػر
با ػاؿ اؼبػراد تطبيػػق التشػريع فيػػو علػػى اإلحاطػة بأنسػػب الوسػػائل لتنفيػذه ،ويالحػػظ أف السػػلطة التنفيذيػػة
هبب أف تتقيد يف وضػع اللػوائح اؼبتضػمنة ؽبػذه القواعػد التفصػيلية بالتشػريع فػال زبػرج علػى أحكامػو كػأف
تضػػيف جديػػدا للقػػانوف أو أف تعػػدؿ منػػو أو أف ربػػد مػػن نطػػاؽ تطبيقػػو وإمبػػا كػػل مػػا سبلكػػو ىػػو أف ربػػدد
كيفية تنفيذ القواعد الواردة يف القانوف.
ثانيا)اللوائح التنظيمية : Règlements d'organisation
وىػػي اللػوائح والقػرارات واألوامػػر واؼبقػػررات واؼبناشػػَت الػػيت تضػػعها السػػلطة التنفيذيػػة لتنظػػيم اؼبصػػاحل
واؼبرافق العامة باعتبارىا السلطة األقدر من غَتىػا علػى اختيػار مػا يػالءـ ىػذه اؼبصػاحل واؼبرافػق مػن نظػم،
وتسػػتقل السػػلطة التنفيذيػػة بوضػػع ىػػذه اللػوائح ،أي تصػػدرىا مباشػػرة دوف التقيػػد بتشػريع سػػابق ،وتتميػػز
ب ػػذلك ع ػػن الل ػوائح التنفيذي ػػة ال ػػيت تص ػػدر تفص ػػيال لتش ػريع ع ػػادي فتتقي ػد بأحكام ػػو وؽب ػػذا تع ػػد اللػ ػوائح
التنظيميػػة ل ػوائح مسػػتقلة أو قائمػػة بػػذاهتا ،ومػػن أمثلتهػػا اؼبراسػػيم الرئاسػػية اؼبتضػػمنة إنشػػاء اؼبؤسسػػات
وربديد اختصاصها ،وإلغائها .
ثالثا) لوائح ال بط أو البوليس : Règlements de Police
وىي لوائح تضعها السلطة التنفيذية هبدؼ ا افظة على األمن العاـ وا افظة علػى الصػحة العامػة
ومثػػاؿ ذلػػك ل ػوائح تنظػػيم اؼبػػرور والل ػوائح اػباصػػة با ػػاالت اؼبقلقػػة للراحػػة أو اؼبضػػرة بالصػػحة والل ػوائح
اػباصة دبراقبة األغذية والباعة اؼبتلولُت ،واللوائح اػباصة دبنع انتشار األوب ة...اخل .
وىذه اللوائح أيضا تعد لوائح قائمة بذاهتا أي تضعها السلطة التنفيذية دوف التقيد بتشريع سابق ،وىي
تتفق يف ذلك مع اللوائح التنظيمية وزبتلف عن اللوائح التنفيذية.
المطلب الثالث :الرقابـة القانـونية على صحـة التشريعـات
تتػػدرج التش ػريعات مػػن حيػػث القػػوة ،حيػػث التش ػريع األساسػػي ىػػو أقواىػػا ويليػػو التش ػريع العػػادي مث
التشريع الفرعي .
37
ودبقتضى تػدرج التشػريعات يف القػوة فػاف التشػريع األدىن ال يبلػك ـبالفػة التشػريع األعلػى منػو .وعػدـ
ـبالفػػة التش ػريع األدىن للتش ػريع األعلػػى تشػػمل عػػدـ اؼبخالفػػة مػػن الناحيػػة الشػػكلية ،وعػػدـ اؼبخالفػػة مػػن
الناحية اؼبوضوعية .
وتكوف اؼبخالفة من حيث الشػكل يف حالػة وضػع تشػريع بواسػطة سػلطة غػَت ـبتصػة ،أو سػنو وفقػا
إلجراءات غَت صحيحة ،أو تنفيذه دوف إصدار أو نشر أو قبل فوات اؼبيعاد ا دد لبدء العمل بو .
وتتحقػػق اؼبخالفػػة اؼبوضػػوعية إذا تضػػمن التش ػريع األدىن قاعػػدة زبػػالف يف مضػػمولا قاعػػدة يتضػػمنها
التشريع األعلى.
كل ىذا يقتضي إقامة رقابة قضائية على صحة التشريع ،وذلك رغبة يف التأكد من عدـ ـبالفة التشػريع
األدىن للتشريع األعلى منو سواء من حيث الشكل أو من حيث اؼبوضوع.
الفرع األول :الرقابة على صحة التشريعات الفـرعية (قانونية اللوائـح ودستوريتها)
مػػن اؼبتفػػق عليػػو أف للمحػػاكم سػػلطة رقابػػة صػػحة التش ػريعات الفرعيػػة (الل ػوائح) للتحقػػق مػػن عػػدـ
ـبالفتها للتشريعات العادية (قانونية أو شرعية اللوائح) ،أو للدستور (دستورية اللوائح) ،سواء من حيػث
الشػػكل أو مػػن حيػػث اؼبوضػػوع وذلػػك بالتثبػػت مػػن عػػدـ ـبالفتهػػا للق ػوانُت العاديػػة أو الدسػػتور قبػػل أف
تطبقها .
وتتوذل ىذه الرقابة ؿباكم القضاء العادي وكذلك ؿباكم القضػاء اإلداري حيػث هبػوز ؽبػا ،بػل هبػب
عليها ،أف سبتنع من تلقاء نفسها عن تطبيق اللوائح اؼبخالفة للقوانُت العادية أو الدستور علػى مػا يعػرض
عليه ػػا م ػػن قض ػػايا وؽب ػػا ذل ػػك م ػػن تلق ػػاء نفس ػػها ،أي دوف أف يتمس ػػك بع ػػدـ ص ػػحة الالئح ػػة ص ػػاحب
اؼبصػػلحة يف ذلػػك ،وذلػػك ألف عيػػب عػػدـ مشػػروعية الالئحػػة أو عػػدـ دسػػتوريتها يعتػػرب متعلقػػا بالنظػػاـ
الع ػػاـ .وم ػػا ذب ػػدر اإلش ػػارة إلي ػػو يف ى ػػذا الص ػػدد أف ح ػػق ا ػػاكم يقتص ػػر فق ػػط عل ػػى ع ػػدـ تطبي ػػق ى ػػذه
التش ػريعات وال يبتػػد إذل إلغائهػػا يف أي حػػاؿ مػػن األح ػواؿ ،وذلػػك مراعػػاة ؼببػػدأ الفصػػل بػػُت السػػلطات،
وىػػذا علػػى خػػالؼ مػػا ىػػو سػػائد مػػثال يف مصػػر حيػػث هبػػوز للقضػػاء اإلداري إلغػػاء الالئحػػة اؼبخالفػػة
للقانوف أو الدستور.
الفرع الثاني :الرقابة على صحة التشريعات العادية (أو دستورية القوانين)
بالنسػػبة للرقابػػة علػػى صػػحة التشػريعات العاديػػة مػػن حيػػث الشػػكل فػػال خػػالؼ علػػى أنػػو سبتنػػع عػػن
تطبيق القانوف اؼبعيب شكال .
38
أما الرقابة على صحة التشريع العادي من حيث اؼبوضوع ،أي دستورية القوانُت فاألمر يتوقف يف
اغبقيقػػة علػػى نػػوع الدسػػتور ،فػػاف كػػاف الدسػػتور مرنػػا فػػال تثػػور مشػػكلة حيػػث يبكػػن تعػػديل ىػػذا الدسػػتور
بتشريع عادي فصدور قانوف ـبالف للدستور يعترب يف ىذه اغبالة تعديال ؽبذا األخَت .
أما إذا كاف الدسػتور جامػدا ،وىػو الػذي ال يبكػن تعديلػو بتشػريع عػادي ،فهنػا تثػور مشػكلة دسػتورية
القانوف واػبالؼ ؼبعرفة مدى حق ا اكم يف رقابة دستورية القوانُت .
ويف ىػػذا الشػػأف اختلفػػت الش ػرائع وانقسػػمت أراء الفقػػو ،وتباينػػت أحكػػاـ ا ػػاكم وتنػػازع اػبػػالؼ
اذباىُت رئيسيُت:
االتجاه األول :يرى أنػو لػيس للمحػاكم أف تتعػرض لدسػتورية القػوانُت مػن حيػث اؼبوضػوع ويسػتند ىػذا
االذبػػاه بصػػفة أساسػػية إذل مبػػدأ الفصػػل بػػُت السػػلطات حيػػث زبػػتص السػػلطة القضػػائية بتطبيػػق القػػانوف،
أما السلطة التشريعية فهي اؼبختصة بسن القوانُت وليس ألي من السلطتُت التدخل يف أعمػاؿ األخػرى،
كمػػا أف مػػؤدى مبػػدأ سػػيادة األمػػة ،أف يكػػوف القػػانوف الصػػادر عػػن نػواب األمػػة وفبثليهػػا تعبػَتا عػػن إرادة
األمة ،فػال وبػق للمحػاكم – وقضػاهتا معينػوف عػادة مػن قبػل السػلطة التنفيذيػة – أف تغلػب إرادهتػا علػى
إرادة الربؼباف اؼبنتخب من الشعب ،ؼبا يف ذلك من مساس بارادة األمة وىي اإلرادة العليا اؼبطلقة .
أما االتجاه الثاني :فَتى أف للمحػاكم اغبػق يف النظػر يف دسػتورية القػوانُت ،فػاذا كانػت ـبالفػة للدسػتور
امتنع ػػت ع ػػن تطبيقه ػػا ،ويس ػػتند ى ػػذا ال ػ ػرأي إذل أف أعم ػػاؿ ى ػػذه الرقاب ػػة ى ػػو م ػػا يقتض ػػيو مب ػػدأ ت ػػدرج
التش ػريعات ،فػػاذا وجػػد القاضػػي أمامػػو عػػدة تش ػريعات متعارضػػة وجػػب عليػػو تغليػػب األظبػػى منهػػا علػػى
األدىن مرتبة .
وقيل أيضا تأييدا ؽبذا االذباه أف منع السلطة القضػائية مػن الرقابػة علػى دسػتورية القػوانُت يػؤدي إذل
إجبارى ػػا عل ػػى تطبي ػػق ق ػػانوف ـب ػػالف للدس ػػتور ،وى ػػذا م ػػا يتن ػػا واس ػػتقالؿ الس ػػلطة القض ػػائية يف أداء
وظيفتها.
* رقابة دستورية القوانين في الجزائـر :بػالرجوع إذل دسػاتَت اعبزائػر األربعػة نالحػظ أف اؼبشػرع اعبزائػري
قػػد سػػاير االذبػػاه األوؿ ،فلػػم يعطػػي للقضػػاء سػواء العػػادي أو اإلداري صػػالحية فحػػص مػػدى مشػػروعية
القوانُت ومطابقتها للدستور ولكن ىػذا ال يعػٍت أنػو ال توجػد رقابػة يف اعبزائػر ،فقػد مػنح اؼبشػرع اعبزائػري
ىػػذه الوظيفػػة إذل ىي ػػة سياسػػية تضػػمنتها الدسػػاتَت األربعػػة تتمثػػل يف ا لػػس الدسػػتوري الػػذي تضػػمنو
دسػػتور 1996يف اؼبػواد 163ومػػا يليهػػا ،ونصػػت اؼبػػادة 164علػػى تشػػكيلتو ،حيػػث يتكػػوف ا لػػس
39
الدسػػتوري مػػن 9أعضػػاء 3 ،أعضػػاء مػػن بيػػنهم رئػػيس ا لػػس يعيػػنهم رئػػيس اعبمهوريػػة ،و 2ينتخبهمػػا
ا لس الشعد الػوطٍت ،و 2ينتخبهمػا ؾبلػس األمػة ،وعضػو واحػد تنتخبػو ا كمػة العليػا ،وعضػو واحػد
ينتخبو ؾبلس الدولة .
المبحث الثاني :المصـادر االحتياطيـة للقانـون
اؼبصػادر االحتياطيػػة للقاعػػدة القانونيػػة ىػػي تلػػك اؼبصػادر الػػيت ال يللػػأ إليهػػا القاضػػي إال إذا دل هبػػد
حكما للنزاع اؼبعروض أمامو يف اؼبصدر األصلي العاـ وىو التشريع .
وىذه اؼبصادر عددهتا ورتبتها اؼبادة األوذل من القانوف اؼبدين وىػي الشػريعة اإلسػالمية مث العػر ىػةوؼ،
مث مبادئ القانوف الطبيعي وقواعد العدالة .
المطلب األول :مبـادل الشريعـة ااسالميـة
تعػػد مبػػادئ الش ػريعة اإلسػػالمية اؼبصػػدر الرظبػػي االحتيػػاطي األوؿ للقػػانوف اعبزائػػري ،إذ هبػػب علػػى
القاض ػػي اعبزائ ػػري أف يلل ػػأ إذل مب ػػادئ الش ػ ػريعة اإلس ػػالمية إلهبػ ػػاد اغب ػػل عن ػػدما ال تس ػػعفو النصػ ػػوص
التشريعية يف فروع القانوف اؼبختلفة باغبل اؼبنشود ؼبوضوع النزاع القائم أمامو .
ويقص ػػد دبب ػػادئ الش ػريعة اإلس ػػالمية ال ػػيت هب ػػوز للقاض ػػي اس ػػتنباط اغبل ػػوؿ منه ػػا اؼبب ػػادئ العام ػػة ؽب ػػذه
الش ػريعة ،أي اؼببػػادئ اؼبتفػػق عليهػػا بػػال خػػالؼ بػػُت اؼبػػذاىب اإلسػػالمية ،حبيػػث ال يبلػػك القاضػػي أف
يس ػػتند يف ح ػػل النػ ػزاع الق ػػائم أمام ػػو عل ػػى القواع ػػد التفص ػػيلية للشػ ػريعة اإلس ػػالمية وال ػػيت زبتل ػػف بش ػػألا
اؼبػػذاىب ،فحيػػث ال يبػػده مبػػدأ عػػاـ مػػن مبػػادئ الش ػريعة اإلسػػالمية باغبػػل اؼبنشػػود عليػػو أف يتلػػو إذل
العرؼ كمصدر احتياطي ثاف .
وبػػالعودة إذل الت ػػاري الق ػػدًن قب ػػد أف الش ػريعة اإلس ػػالمية اؼبص ػػدر األص ػػلي ،إذ كان ػػت ى ػػي اؼبص ػػدر
الرظبػػي لك ػػل القواعػػد القانوني ػػة ،خصوصػػا يف ال ػػدوؿ العربيػػة اإلس ػػالمية ،وكػػاف ال يس ػػتثٌت منهػػا إال غ ػػَت
اؼبسلمُت فيما يتعلق بأحواؽبم الشخصية إذ تركوا خاضعُت لقوانينهم الدينية .
وكانت الشريعة اإلسالمية تنظم ـبتلف اؼبسائل دبا فيها اؼبسائل اؼبالية بػُت األفػراد ،مث انتزعػت دائػرة
اؼبعامالت اؼباليػة مػن نطػاؽ تطبيػق قواعػد الشػريعة اإلسػالمية وصػارت زبضػع لنصػوص التشػريع والقواعػد
القانونية اػباصة هبا .
وبػػذلك أصػػبح ؾبػػاؿ تطبيػػق قواعػػد الش ػريعة اإلسػػالمية قاص ػرا علػػى األح ػواؿ الشخصػػية للمسػػلمُت دوف
غػػَتىم مث صػػدرت ق ػوانُت األسػػرة واألح ػواؿ الشخصػػية فأصػػبحت ىػػي الواجب ػة التطبيػػق باعتبارىػػا قواعػػد
41
قانونية ال باعتبارىا قواعد دينية مع ألا مأخوذة كلها مػن القواعػد الدينيػة ،فأصػلها التػارىبي ىػو الشػريعة
اإلسالمية .
ومػػع ذلػػك يػػرى الػػبعض بػػأف الشػريعة اإلسػػالمية قػػد اسػػًتدت مكانتهػػا القانونيػػة بػػالنص علػػى اعتبارىػػا
اؼبصدر االحتياطي األوؿ للقانوف طبقا للمادة األوذل من القانوف اؼبدين .
ويف اعبزائر قبد أف مبادئ الشريعة اإلسالمية ؾبسػدة بصػفة بػارزة يف قػانوف األسػرة الصػادر دبقتضػى
القػػانوف رقػػم 11يف ، 1984مقارنػػة مػػع بقيػػة فػػروع القػػانوف األخػػرى كالقػػانوف اؼبػػدين الػػذي اسػػتمدت
بعض قواعده من الشريعة اإلسالمية ،كنظرية الظروؼ الطارئة (ـ ،)107وأحكاـ خيػار الرؤيػة يف البيػع
(ـ ،)352وأحكاـ البيع يف مرض اؼبوت (ـ ،)807وأحكاـ الشفعة (ـ . ...)794
المطلب الثاني :العــرف ""La Coutume
يعترب العرؼ اؼبصدر االحتياطي الثاين للقانوف ،أو ىػو اؼبصػدر الثالػث للقػانوف بعػد التشػريع والشػريعة
اإلسالمية .
الفـرع األول :تعريف العـرف وتحـديد أىميتو
يعرؼ العرؼ على أنو اعتياد الناس على سلوؾ معُت يف مسألة من اؼبسػائل مػع اعتقػادىم بلػزوـ ىػذا
السلوؾ ،وبأف ـبالفتو تستتبع توقيع جزاء مادي .
وقد يقصد بالعرؼ أيضا ذات القواعد القانونية الناش ة عن ىذا االعتياد على سلوؾ معُت .
وكػػاف العػػرؼ ىػػو أوؿ مصػػدر رظبػػي للقواعػػد القانونيػػة مػػن الناحيػػة التارىبيػػة حيػػث أف طريقػػة تكػػوين
القواعد القانونية العرفية كانت تالءـ ا تمعات القديبة إذ كاف تنظيم عالقات األفراد تنظيما تلقائيػا عػن
طريق العرؼ .
ولكػػن ىػػذا اؼبصػػدر أصػػبح قاصػرا عػػن تلبيػػة حاجػػات ا تمعػػات اغبديثػػة نظػرا ؼبػػا تتميػػز بػػو مػػن تعقيػػد
عالقاهت ػػا وتنوعه ػػا ،ل ػػذا أص ػػبح التش ػريع اآلف ى ػػو ال ػػذي وبت ػػل مك ػػاف الص ػػدارة ب ػػُت مص ػػادر الق ػػانوف يف
ا تمعػػات اغبديثػػة ؼبقدرتػػو علػػى تلبيػػة حاجػػات ىػػذه ا تمعػػات ،ورغػػم ذلػػك فقػػد بقػػي العػػرؼ مصػػدرا
احتياطيا للقاعدة القانونية يللأ إليو إذا كاف التشريع خاليا من حكم ؼبسألة من اؼبسائل .
الفـرع الثانـي :أركـان العــرف
مػػن التعريػػف السػػابق للعػػرؼ يتضػػح أف للعػػرؼ ركنػػُت :ركػػن مػػادي يتمثػػل يف اعتيػػاد النػػاس علػػى سػػلوؾ
معُت ،وركن معنوي ىو االعتقاد بأف ىذا السلوؾ ملزـ ؽبم يتعرضوف لللزاء عند ـبالفتو .
41
أوال) الركن المادي: L'élément Matériel :
ويتمثػػل يف االعتيػػاد علػػى سلػػوؾ معػػُت أو اطػراد العمػػل بسػػنة معينػػة ،والركػ ػػن اؼبػػادي ى ػػو الكيػ ػ ػ ػ ػاف
اؼبػ ػػادي للع ػ ػػرؼ ،وىػ ػ ػ ػ ػػو يفت ػ ػػرض ؾبمػػوعػ ػ ػ ػػة مػ ػت ػوات ػ ػػرة م ػػن التصرفػ ػػات أو األف ػعػ ػػاؿ اإلهباب ػي ػ ػ ػػة أو الس ػػلبية
القادرة علػى تكػوين رابطػة متميػزة مػن روابػط اغبيػاة االجتماعيػة والصػاغبة يف نفػس الوقػت لالقػًتاف جبػزاء
مادي .
غَت أف االعتياد ال يكفي وحده لتكوين الركن اؼبادي يف القاعػدة العرفيػة ،وإمبػا يلػزـ أف يتػوافر يف ىػذا
االعتياد شروط معينة ىي :
-1أن يكون االعتياد عاما :
فالعرؼ قاعدة قانونية ،والقاعػدة البػد أف تكػوف عامػة وؾبػردة وعلػى ذلػك هبػب أال يكػوف االعتيػاد
مقصورا على شخص أو أشخاص معينُت بالذات .
غػػَت أف العمػػوـ ال يعػػٍت الشػػموؿ ،دبعػػٌت أنػػو ال يلػػزـ لت ػوافر العمػػوـ يف االعتيػػاد أف يكػػوف ىػػذا االعتيػػاد
شػػامال لكػػل النػػاس يف ا تمػػع ،فالقاعػػدة العرفيػػة قػػد تكػػوف خاصػػة جبهػػة أو طائفػػة معينػػة ،كمػػا ألػػا قػػد
تكوف قاصرة على إقليم معُت يف الدولة .بل قػد ينشػأ العػرؼ مػن اعتيػاد شػخص واحػد غػَت معػُت بذاتػو
على مسلك معُت كما لو اعتاد رئيس اعبمهورية على إصدار قرارات من نوع خاص ،فيًتتػب علػى ىػذا
االعتياد أف تتكوف قاعدة عرفية زبوؿ رئيس الدولة إصدار مثل ىذه القرارات .
-2أن يكون االعتياد قديما:
وقػػدـ االعتيػػاد يعػػٍت إتبػػاع السػػلوؾ منػػذ مػػدة طويلػػة حبيػػث يبكػػن القػػوؿ بػػأف األمػػر قػػد اسػػتقر يف
اعبماعة على إتباع ىذا السلوؾ على وجو العموـ ،واألمػر مػًتوؾ يف ىػذا الشػأف لتقػدير القاضػي ،ولكػن
ال يلزـ ربديد عدد سنوات معينة هبب أف ينقضي حىت يقاؿ بنشأة العرؼ .
-3أن يكون االعتياد مطردا (الثبات) :
واالطراد معناه إتباع السلوؾ بصفة متكررة ومنتظمة فلتكػوين العػرؼ هبػب إتبػاع العػادات علػى كبػو
منتظم ،فال يتبعها الناس يف أوقات ويًتكولا يف أوقات أخرى ،وتقدير ذلك مًتوؾ أيضا للقاضي .
-4أال يكون االعتياد مخالفا للنظام العام :
فاعتياد الناس على أمر من األمور اليت تتنا مع النظاـ العاـ واآلداب ال يبكن أف ينشػأ عنػو عػرؼ
.
42
فاعتياد الناس على األخذ بالثأر يف بعض األقاليم مثال ال يبكن أف يؤدي إذل إنشاء عرؼ ،ؼبخالفة ىذا
االعتياد لقاعدة أساسية من القواعد اليت يقوـ عليها ا تمع .
وغ ػػٍت ع ػػن البي ػػاف أف االعتي ػػاد هب ػػب أف يك ػػوف موض ػػوعو مس ػػلك يص ػػلح ألف يك ػػوف ؿب ػػال للتنظ ػػيم
القانوين ،فتكرار العمل الشخصػي والػذي ال توجػد بشػأنو فكػرة الغػَت ال يصػلح ألف يكػوف ؿبػال للتنظػيم
القانوين ،وال يصلح بالتارل لتكوين قاعدة عرفية ،فاعتياد التزين بزي معػُت يف مناسػبات معينػة مػثال ،ىػو
أمػر مػػن األمػػور الػػيت تػػدخل يف نطػػاؽ حريػػة األفػراد وال يتعلػػق بػػالغَت ،بينمػػا القاعػػدة القانونيػػة تنشػػي حقػػا
لشخص يقابلو واجب تلقيو على عاتق شخص آخر .
ثانيا) الركن المعنوي: L'élément Moral :
وذلك بأف يعتقد الناس بأف ىذا السلوؾ أصبح ملزما ؽبم وأف من ىبرج عليو يتعرض عبزاء مػادي .
ويتكوف ىذا االعتقاد بطريقة تدرهبية إذل أف يأ وقت يصبح فيو االعتقاد بالزاـ السلوؾ ؿبققا .
التمييـز بـين العـرف والعـادة االتفاقيـة :يقصػد بالعػػادة االتفاقيػة اعتيػاد النػاس يف ؾبػاؿ معػُت علػى إتبػػاع
حكػػم معػػُت يف معػػامالهتم دوف االسػػتناد إذل عقيػػدة إلزاميػػة بوجػػوب مراعػػاة ىػػذا اغبكػػم واحًتامػػو ،فهػػي
عػػادة ال ترتفػػع إذل مسػػتوى العػػرؼ أي إذل مسػػتوى القاعػػدة القانونيػػة ،أو ىػػي عػػرؼ نػػاقص وذلػػك لعػػدـ
توافر الركن اؼبعنوي ،أي عدـ الشعور بالزاـ ىذه العادة ،فهي تقوـ على الركن اؼبػادي فقػط ،األمػر الػذي
هبعلهػػا غػػَت ملزمػػة ،وأف القاضػػي ال يعمػػل هبػػا إال إذا ال االتفػػاؽ بػػُت األط ػراؼ ص ػراحة أو ضػػمنيا علػػى
تطبيقها.
وعلى ىذا النحو فبينما هبتمع للعرؼ الركن اؼبادي واؼبعنػوي ،فالعػادة ال يتػوافر ؽبػا إال الركػػن اؼبػادي
وحده ،فتكوف ؾبرد سنة تنقصها عقيدة اإللزاـ وإف كانت مطردة يف العمل .
وإذا كانت العادة االتفاقية ال يعمل هبا إال إذا اتفػق األفػراد صػراحة أو ضػمنا علػى ذلػك فكثػَتا مػا وبيػل
اؼبشػػرع إذل العػػادة االتفاقيػػة ،ومػػن أمثلػػة ذلػػك مػػا نصػػت عليػػو اؼبػػادة 111مػػن القػػانوف اؼبػػدين خبصػػوص
تفسَت العقد ،حيث تنص الفقرة الثانية ( أما إذا كان ىناك محـل لتيويـل العقـد ،فيجـب البحـث عـن
النيــة المشــتركة للمتعاقــدين دون الوقــوف عنــد المعنــى الحرفــي لعلفــاظ ،مــع االســتهداا فــي ذلـ
بطبيعــة التعامــل ،وبمــا ينبغــي أن يتــوافر مــن أمانــة وثقــة بــين المتعاقــدين ،وفقــا للعــرف الجــاري فــي
المعامالت ) .
43
فيثور التساؤؿ يف مثػل ىػذه اغبػاالت عمػا إذا كػاف يتعػُت إلعمػاؿ حكػم العػادة االتفاقيػة أف يقصػد
األفراد إتباعها ،أـ أف إحالة اؼبشرع إليها يؤدي إذل استبعاد ىذا الشرط ؟ .
يف ىػػذا الصػػدد يػػذىب الــرأي الــراجح يف الفقػػو إذل أنػػو يف مثػػل ىػػذه اغبػػاالت تصػػبح العػػادة واجبػػة
اإلتباع ،فتطبق حىت ولو دل تتلػو إرادة األفػراد إليهػا ،وال يسػتبعد تطبيقهػا إال إذا اتفقػوا علػى خػالؼ مػا
تقضي بو ،أي أف العادة االتفاقية ودبقتضى إحالة اؼبشرع إليها تصبح يف نفس مرتبة القاعدة اؼبكملة .
ويترتب على التفرقة بين العرف والعادة االتفاقية النتائج التالية:
-1يفًتض يف القاضي العلم بالعرؼ ألنو قانوف ،فمن واجب القاضي أف يكوف ملما بالقانوف أيا كاف
مصػػدره ،ويًتتػػب علػػى ذلػػك أنػػو ال يلػػزـ اػبصػػوـ باثبػػات العػػرؼ بػػل يتعػػُت علػػى القاضػػي البحػػث عنػػو
وتطبيقو من تلقاء نفسو .
غػػَت أنػػو يف حػػاالت معينػػة قػػد تكػػوف القاعػػدة العرفيػػة غػػَت واضػػحة ال يسػػهل علػػى القاضػػي الوقػػوؼ
عليها ،ويف مثل ىذه اغباالت يبكػن للخصػوـ معاونػة القاضػي يف إثبػات ىػذه القاعػدة .إال أف ذلػك ال
يعٍت أف القاضي يًتؾ ؽبم إثبات العرؼ فما يقوـ بػو اػبصػوـ يف ىػذا الشػأف ىػو إثبػات العناصػر اؼبكونػة
للعرؼ ،حىت يتثبت القاضي من قيامو .
واألمػػر علػػى خػػالؼ ذلػػك بالنسػػبة للعػػادة االتفاقيػػة ،فهػػي ليسػػت قاعػػدة قانونيػػة وإمبػػا ؾبػػرد واقعػػة
ماديػػة ،وؽبػػذا فػػال يفػػًتض يف القاضػػي العلػػم هبػػا كمػػا ال يطبقهػػا مػػن تلقػػاء نفسػػو ،وإمبػػا يتعػػُت علػػى مػػن
يتمسػػك هبػػا أف يطلػػب مػػن القاضػػي تطبيقهػػا وعليػػو أف يثبػػت أف ىنػػاؾ اتفاقػػا بشػػأف العمػػل هبػػا ،وىبضػػع
ىذا اإلثبات للسلطة التقديرية للقاضي .
-2يًتتب على اعتبار العرؼ قانونا ،أف قواعده تلزـ األفراد سواء علمػوا هبػا أو دل يعلمػوا هبػا ،أي حػىت
ولو كانوا هبهلولا ،فال يعذر أحد جبهلو للقانوف .
أمػػا العػػادة االتفاقيػػة فهػػي – كمػػا ذكرنػػا – ال تطبػػق إال إذا وجػػد اتفػػاؽ بػػُت اؼبتعاقػػدين علػػى العمػػل هبػػا،
ومؤدى ذلك أنو إذا كاف اؼبتعاقداف أو أحدنبا هبهل وجود العادة ،فال يبكن القػوؿ يف ىػذه اغبالػة ألمػا
قصدا إتباع حكمها .
-3ؼبػػا كػػاف العػػرؼ قانونػػا فػػاف القاضػػي يف تطبيقػػو ىبضػػع لرقابػػة ؿبكمػػة الػػنقض وذلػػك خبػػالؼ العػػادة
االتفاقية ،اليت ال زبرج عن كولا ؾبرد واقعة لقاضػي اؼبوضػوع سػلطة التقػدير يف شػألا وال ىبضػع يف ىػذا
لرقابة ؿبكمة النقض أو ؿبكمة التمييز .
44
الفـرع الثـالث :تقديـر العــرف
سػػبق لنػػا أف تعرضػػنا ؼبزايػػا التشػريع وعيوبػػو ،و مزايػػا العػػرؼ تقابػػل عيػػوب التشػريع ،و باؼبقابػػل فػػاف
عيوب العرؼ تقابل مزايا التشريع .
أوال) مـزايا العـرف:
-1العرؼ ينشػأ تلقائيػا داخػل اعبماعػة ،دوف تػدخل إرادة معينػة لفػرض سػلوؾ مػا علػى أفػراد اعبماعػة،
لػػذا يقػػاؿ أف القواعػػد العرفيػػة ىػػي التعبػػَت الصػػادؽ كمػػا يرتضػػيو أفػراد ا تمػػع لتنظػػيم عالقػػاهتم ،وىػػذا مػػا
يؤكد مالئمتها لظروؼ ا تمع وقدرهتا على التطور بتطور ظروؼ ا تمع .
وىذا يف الواقع مػا يبيػز العػرؼ باؼبقارنػة مػع التشػريع ،حيػث أف ىػذا األخػَت قػد تفرضػو سػلطة حاكمػة
مستبدة ،بل أف التشريع قد يعمد إذل ربدي إرادة اعبماعة وتقرير قواعد غَت معربة عن مشي تها .
-2العػػرؼ يسػػد نقػػص التشػريع ،فالتشػريع ال يبكػػن أف يتضػػمن القواعػػد الػػيت تػػنظم كػػل أمػػور اعبماعػػة،
فهناؾ من ىذه األمور ما يغفل اؼبشرع تنظيمو ،ومنها ما يستعصى عليو تنظيمو ،لدقتو ،أو اختالفػو مػن
مكاف إذل آخر داخل الدولة ،وىنا تظهر ميػزة العػرؼ يف سػد نقػص التشػريع ،حيػث ينشػي القواعػد الػيت
دل يتوذل اؼبشرع تنظيمها .
ثانيـا) عيـوب العـرف:
-1العػرؼ نظػرا إذل أنػػو يتكػوف مػػن اعتيػػاد النػػاس علػى سػػلوؾ معػػُت حػػىت يسػتقر هبػػم األمػػر إذل الشػػعور
بػػالزاـ ىػػذا السػػلوؾ ،يعتػػرب مصػػدرا بطػػيء التكػػوين ،وبػػذلك ال يتناسػػب وحاجػػة ا تمػػع اغبػػديث والػػذي
تتميز بالتطور السريع ،وال يبكنو تقدًن اغبل السريع للمشاكل اليت تطرأ على مثل ىذه ا تمعات .
-2العرؼ يؤدي إذل تباين النظم القانونية يف الدولة الواحدة ،فهػو بطبيعتػو متلػزئ وىبتلػف بػاختالؼ
اعبهات ،ما يعٍت اختالؼ القواعد اؼبنظمة للموضوع الواحد من إقليم إذل آخر يف الدولة الواحدة ،وىػو
ما يتنا مع ما تسعى إليو الدولة من وحدة القانوف يف كافة أكباء أقاليمها .
وىذا خبالؼ التشريع الذي عن طريقو تعرض الدولة نظاما قانونيا واحدا على كل أقاليمها .
-3من عيوب العرؼ كذلك أنو غامض ،فالعرؼ ال يظهر يف قواعد ؿبددة األلفاظ واضحة اؼبضموف،
كالقواعد التشريعية ،لذا يصعب على األفراد العلم بػو والعلػم بالقواعػد القانونيػة مػن أىػم عوامػل اسػتقرار
العالقات االجتماعية.
45
وقػػد أدت العيػػوب السػػابقة إذل تضػػاؤؿ أنبيػػة العػػرؼ بالنسػػبة للتش ػريع يف العصػػر اغبػػديث ،إال أنػػو
يبقػى مصػدرا رظبيػا للقاعػػدة القانونيػة ال غػٌت عنػػو ،إذ أنػو يكمػل مػا يف التشػريع مػن نقػص ويسػػاعده يف
تنظيم اغبياة االجتماعية .
المطلب الثالث :مبـادل القانـون الطبيعـي وقواعـد العدالـة
تعتػػرب مبػػادئ القػػانوف الطبيعػػي وقواعػػد العدالػػة وفقػػا لػػنص اؼبػػادة األوذل مػػن القػػانوف اؼبػػدين اعبزائػػري
مصػػدرا احتياطيػػا يللػػأ إليػػو القاضػػي عنػػدما ال هبػػد حػػال للمسػػألة اؼبعروضػػة أمامػػو يف التشػريع أو مبػػادئ
الشريعة اإلسالمية أو العرؼ .
فلما كاف القاضػي ملػزـ بالفصػل يف كػل نػزاع يعػرض عليػو ،إذ ال هبػوز لػو االمتنػاع عػن إصػدار اغبكػم
يف الػػدعوى اؼبطروحػػة أمامػػو ،وإال اعتػػرب مرتكبػػا عبريبػػة إنكػػار العدالػػة اؼبعاقػػب عليهػػا جنائيػػا ،ؽبػػذا يللػػأ
اؼبشرع دائما إذل أف يضع أماـ القاضي وسيلة سبكنو من الفصل يف النزاع اؼبعروض عليو يف اغبػاالت الػيت
ال تسػػعفو فيهػػا نصػػوص التقنػػُت اػبػػاص ،تلػػك الوسػػيلة ىػػي الرجػػوع إذل مبػػادئ القػػانوف الطبيعػػي وقواعػػد
العدالة .
ويقصػػد بمب ــادل الق ــانون الطبيع ــي ؾبموع ػػة القواع ػػد الػػيت يستخلص ػػها العق ػػل البشػػري م ػػن طبيع ػػة
العالقات االجتماعية ،بصرؼ النظر عن الزماف و اؼبكاف .
وقػػد كػػاف ينظػػر إذل ىػػذا القػػانوف بأنػػو شػػامال عبميػػع اؼببػػادئ األساسػػية الػػيت تسػػيطر علػػى النظػػاـ القػػانوين
بأكملو وكذلك القواعد التفصيلية اليت تتفرع عن ىذه اؼببادئ .
ولكػػن مػػا لبػػث أف تغػػَتت النظػػرة إذل القػػانوف الطبيعػػي ،حيػػث دل يعػػد ينظػػر إليػػو باعتبػػاره ذي اغبػػدود
اؼبتغػػَتة ،وذلػػك علػػى أسػػاس أنػػو يبثػػل اؼبثػػل األعلػػى الػػذي يهتػػدى بػػو اؼبشػػرع فيمػػا ينتهػػي إليػػو مػػن حلػػوؿ
وضعية ،قد زبتلف باختالؼ الزماف واؼبكاف يف ضوء حاجػات ا تمػع وظروفػو اؼبتغػَتة وغػَت الثابتػة علػى
حاؿ .
وفقػا ؽبػػذا اؼبفهػػوـ اؼبتغػػَت للقػػانوف الطبيعػػي ،أضػػحى ىػػذا القػػانوف ال يشػػمل إال ؾبموعػػة قليلػػة مػػن اؼببػػادئ
الػػيت سبثػػل األسػػس اؼبشػػًتكة بػػُت صبيػػع األمػػم ويف ـبتلػػف العصػػور ،وشػػامال كػػذلك القواعػػد الػػيت يضػػعها
اؼبشرع على ضوء اؼببادئ مراعيا فيها ظروؼ الزماف واؼبكاف .
46
أمػا قواعد العدالـة ،أو اانصـاف فيقصػد هبػا مراعػاة الظػروؼ اػباصػة عنػد تطبيػق فكػرة العػدؿ علػى
وقػػائع اغبيػػاة ا سوسػػة .فالعػػدؿ مبػػدأ عػػاـ يقتضػػي اؼبسػػاواة بػػُت النػػاس عنػػد سباثػػل ظػػروفهم ،والعدالػػة
تقتضي مراعاة الظروؼ اػباصة بكل حالة.
ولذلك ال سبثل فكرة العدالة فكرة ثابتة وؿبددة ،وقواعد العدالة تكمل فكرة القانوف الطبيعي ،إذ ىػي
اليت تكفل بتطبيق مبادئ القانوف الطبيعي يف حلوؿ تراعى فيها ظروؼ كل حالة على انفراد .
ويتبػػُت مػػن فبػػا سػػبق أف اإلحالػػة إذل اؼبصػػدر االحتيػػاطي األخػػَت للقواعػػد القانونيػػة ال يبػػد القاضػػي
بقواعػد قانونيػػة بػػاؼبعٌت الصػػحيح ،كمػػا ىػػو الشػػأف بالنسػػبة للمصػػادر األخػػرى ،وإمبػػا تلزمػػو أف هبتهػػد رأيػػو
توصال غبل للنزاع اؼبعروض أمامو ،يف اغبالة اليت ال هبد فيها حال ؽبذا النزاع يف اؼبصادر األخرى .
واجتهػػاد القاضػػي يف سػػبيل التوص ػػل إذل حكػػم مػػن خ ػػالؿ ىػػذا اؼبصػػدر هب ػػب أف يػػتم علػػى أس ػػاس
اؼبع ػػايَت واألفك ػػار الس ػػائدة يف ا تم ػػع ،أي هب ػػب أال يص ػػدر القاض ػػي حكم ػػو وفق ػػا ألفك ػػاره ومعتقدات ػػو
اػباصػػة ،بػػل هبػػب عليػػو أف وبػػدد اغبكػػم الواجػػب التطبيػػق دبػػا تقتضػػيو أفكػػار اعبماعػػة ومعتقػػداهتا بصػػفة
عامة ،ودبا يكوف مقبوال يف ا تمع يف الوقت الذي يصدر فيو حكمو .
المبحث الثالث :المصـادر التفسيريـة للقانـون
يقصد باؼبصػادر التفسػَتية ،اؼبراجػع الػيت تسػاعد علػى توضػيح مػا يف القاعػدة مػن إهبػاـ أو غمػوض،
وىػػي بػػذلك تعتػػرب مصػػادر يسػػتأنس هبػػا القاضػػي يف التعػػرؼ علػػى حقيقػػة القواعػػد الػػيت يسػػتمدىا مػػن
اؼبصادر الرظبية دوف أف تكوف ؽبا قوة إلزامية .
وتتمثػػل اؼبصػػادر التفسػػَتية يف الفقػػو الػػذي يعتػػرب اعبانػػب العلمػػي للقػػانوف ،ويف القضػػاء الػػذي يعتػػرب
اعبانػػب العملػػي للقػػانوف ،وعلػػى ىػػذا فالعالقػػة بػػُت الفقػػو والقضػػاء كبػػَتة ،تتمثػػل يف أف كػػل واحػػد منهمػػا
يكمػػل اآلخػػر ،فػػال غػػٌت للقاضػػي وىػػو يطبػػق القػػانوف عػػن رأي الفقػػو والفقهػػاء يف توضػػيح مػػا وجػػد يف
القاعدة القانونية من غموض وإهباـ ،وال غٌت للفقو عن القضاء والذي يطلع الفقهاء من خاللو على ما
وجد يف القانوف من ثغرات عملية ،وبالتارل يوجهونو الوجو اليت تتفق مع مقتضيات اغبياة العملية .
المطلب األول :الفقـو La doctrine
يقص ػػد بالفق ػػو ؾبم ػػوع اآلراء ال ػػيت يق ػػوؿ هب ػػا الفقه ػػاء باعتب ػػارىم علم ػػاء يف م ػػادة الق ػػانوف يستعرض ػػوف
نصوصػػو بالشػػرح والتفسػػَت يف مؤلفػػاهتم أو بابػػداء الفتػػاوى اؼبتعلقػػة بتفسػػَت اؼببػػادئ والقواعػػد القانونيػػة مػػن
الناحية النظرية .
47
* مدى اعتبار الفقو كمصدر مـن مصـادر القـانون :يف العصػور القديبػة كػاف الفقػو يعتػرب مصػدرا أصػليا
للقانوف الروماين ،وكاف الفقهاء يقدموف الفتاوى فيلتزـ هبا القضاء يف أحكامو مثل قانوف جوستنيان .
وقػػد مػػرت مسػػانبة الفقػػو يف تكػػوين القػػانوف الرومػػاين بػػثالث مراحػػل ،المرحلــة األولــى حيػػث كػػاف
فيها علم القانوف حكرا لرجاؿ الػدين ،وبالتػارل فهػم الػذين كػانوا يقػدموف لألفػراد صػيي الػدعاوى وشػكل
التصرفات القانونية ،أما المرحلة الثانية فقد تعلم الناس القػانوف وذلػك عػن طريػق اسػتفتاءات يوجهولػا
إذل رجاؿ القانوف حػىت أصػبحت ىػذه الفتػاوى تػؤدى علنػا بػدوف أجػر ،وكػاف يقػوـ بتدريسػها رجػاؿ مػن
وجوه القوـ األثرياء ،الذين يهدفوف من وراء ذلك الوصوؿ إذل اؼبناصػب الكبػَتة يف الدولػة ،أمػا المرحلـة
الثالثة فقد سلك فيها الفقو الروماين طريقو العلمي ،حيث دونت اؼبؤلفات القانونية إذل جانػب الفتػاوى
العلمية وهبذا أصبح الفقو مصدرا رظبيا للقانوف الروماين ،حيث أصبح ألراء الفقهاء قوة القانوف .
ويف الش ػريعة اإلسػػالمية نعلػػم أف مصػػادرىا ىػػي الكتػػاب والسػػنة ،واإلصبػػاع والقيػػاس ،ومػػا اإلصبػػاع
والقياس إال اجتهاد الفقهاء وآراءىم .
وقػػد مػػر الفقػػو اإلسػػالمي بػػثالث عهػػود ،األول عهػػد الرسػػوؿ (ص) ،حيػػث كػػاف الرسػػوؿ (ص) ىػػو
اؼبرجػػع الوحيػػد للش ػريعة اإلسػػالمية ،وبالتػػارل دل يلعػػب الفقػػو أي دور أيػػاـ الرسػػوؿ كمصػػدر مػػن مصػػادر
الشريعة اإلسالمية ،وإمبا كاف القرآف والسنة نبا مصدرا الشريعة اإلسالمية فقط ،أما العهـد الثـاني فيبػدأ
باػبلفػػاء الراشػػدين حػػىت ظهػػور أئمػػة اؼبػػذاىب الفقهيػػة وتػػدوين الفقػػو يف الكتػػب ،حيػػث وضػػع الفقهػػاء
أس ػػس الفق ػػو اإلس ػػالمي ،وانقس ػػموا إذل مدرس ػػتُت مدرس ػػة أى ػػل اغب ػػديث ومدرس ػػة أى ػػل ال ػرأي ،ف ػػاألوذل
تقيدت دبا جاء يف نصوص الكتاب والسػنة دوف إعمػاؿ الػرأي إال بالقػدر الػذي ربتمػو الضػرورة ،والثانيػة
ماؿ أصحاهبا إذل االجتهاد والػرأي ،وذلػك حػىت تسػاير الشػريعة اإلسػالمية اؼبػدنيات األخػرى والتطػورات
اعبديدة ،وهبذا أصبح الفقو مصدرا ألحكاـ الشريعة اإلسالمية .
يف حُت كاف العهد الثالث عهد تدوين الفقػو حػىت اليػوـ ،وقػد كػاف للفقػو يف ىػذا العهػد دورا كبػَتا
يف إرساء أحكاـ الشريعة اإلسالمية ،وقد ظهرت يف ىذا العهد اؼبذاىب األربعة اؼبعروفػة ،وكػاف ؽبػم دورا
يف إضػػافة مصػػادر أخػػرى للش ػريعة اإلسػػالمية كاالستحسػػاف واؼبصػػاحل اؼبرسػػلة ،ووضػػع مبػػادئ دل أصػػوؿ
الفقو .
أما يف القانون الجزائري ،فنعتقد أف دور الفقو فيو ال يزاؿ يف طور البداية وذلك لألسباب التالية:
48
-ضبلػػة التلهيػػل الػػيت تعػػرض ؽبػػا الشػػعب اعبزائػػري مػػن طػػرؼ اؼبسػػتعمر ،وعػػدـ تبصػػَته بػػالعلم واؼبعرفػػة،
إضػػافة إذل أنػػو طبػػق الق ػوانُت الفرنسػػية يف صبيػػع اؼبسػػائل ،ماعػػدا مسػػائل األح ػواؿ الشخصػػية الػػيت ظلػػت
زبضع ألحكاـ الشريعة اإلسالمية .
-صػػدور القػوانُت اعبزائريػػة يف ـبتلػػف األمػػور والنشػػاطات والػػيت أدت إذل انسػػالخ القػػانوف اعبزائػػري عػػن
القانوف الفرنسي بعد االستقالؿ .
-صػػدور الق ػوانُت اعبزائػػري دوف أف تك ػػوف مرفقػػة باألعم ػػاؿ التحضػػَتية أو اؼب ػػذكرة التفسػػَتية لنصوص ػػو
وك ػػذلك اؼبش ػػروع التمهي ػػدي لك ػػل ق ػػانوف ،فب ػػا ي ػػؤدي يف بع ػػض األحي ػػاف إذل ع ػػدـ فه ػػم طبيع ػػة بع ػػض
النصوص وإذل غموضها .
المطلب الثاني :الق ـاا : La jurisprudence
يقصػػد بالقضػػاء ،ؾبموعػػة األحكػػاـ الػػيت تصػػدر مػػن ا ػػاكم فهػػو يقػػوـ علػػى تطبيػػق األحكػػاـ القانونيػػة
على كل ما يعرض عليو من منازعات للفصل فيها .
وتتوذل مهمة القضاء ،السػلطة القضػائية وىػي إحػدى السػلطات الػثالث يف الدولػة والسػلطة القضػائية
عبارة عن ا اكم اليت تتوذل الفصل فيما يرفع إليها من دعاوى.
* تط ــور مرك ــز الق ــاا كمص ــدر م ــن مص ــادر الق ــانون :لع ػػب القض ػػاء دورا كب ػَتا يف تك ػػوين القواع ػػد
القانونية ،فالقضاء كمصدر للقانوف لو معنيُت،أحدنبا يقصد بو السلطة القضائية الػيت تتػوذل أمػر الفصػل
يف القضايا اؼبطروحة أمامها ،عن طريق ا اكم .
أمػػا اؼبعػػٌت الثػػاين فيطلػػق علػػى ؾبموعػػة اؼببػػادئ القانونيػػة اؼبستخلصػػة مػػن أحكػػاـ ا ػػاكم .وقػػد كػػاف
للقضاء يف صبيع معانيو الدور البارز كأحد مصادر القػانوف يف العهػد الرومػاين ،حيػث أعطػي لػو اغبػق يف
إصدار بعض القواعد القانونية
يف منشور أو أمر بريتوري .يعلق يف ساحة اؼبدينة ليسهل اإلطالع على القواعد اليت يتضمنها .
أم ػػا يف الشػ ػريعة اإلس ػػالمية ويف ظ ػػل وج ػػود الرس ػػوؿ (ص) دل يلع ػػب القض ػػاء أي دور حي ػػث ك ػػاف
للشريعة مصػدرين نبػا القػرآف والسػنة ،واضػطلع الرسػوؿ دبهمػة القضػاء ،ولكػن يف عهػد اػبلفػاء الراشػدين
وظهور اؼبذاىب األربعة وتػدوين الفقػو أصػبح للقضػاء دورا يف تكػوين أحكػاـ الشػريعة اإلسػالمية ،حيػث
كاف القضاء يف ىذا العهد يبتزج بالفقو ،ألف القاضي كاف فقيهػا والفقيػو قاضػيا ،أمػا بعػد ذلػك فقػد قػل
دور القضاء وظهر الفقو ،وبالتارل دل يعد للقضاء دور يف تكوين الشريعة اإلسالمية إذل يومنا ىذا .
49
أمػػا يف القػػانوف اإلقبليػػزي ،يعتػػرب القضػػاء مصػػدرا رظبيػػا للقػػانوف اإلقبليػػزي ،فهػػذا القػػانوف لػػيس لػػو إال
مصػػدرين رظبيػػُت ،العػػرؼ والقضػػاء ،وقػػد كػػاف للقضػػاء دور كبػػَت يف ذبميػػع العػػادات وصػػياغتها يف قػػانوف
قابل للتطبيق ،وىذا ما كاف يعرؼ بالقانوف العاـ ،مث قػاـ فريػق آخػر مػن ا ػاكم اإلقبليزيػة بتطبيػق قواعػد
العدالػػة وذلػػك رغبػػة يف التخفيػػف مػػن شػػكليات وشػػدة القػػانوف العػػاـ ،فبػػا أدى إذل ظهػػور قػػانوف العدالػػة
وىو من صنع القضاء .ويف أواخر القرف اؿ 19أدم ،ىذاف الفريقاف من ا اكم وبالتػارل توحػد القػانوف
الذي تطبقو ا اكم ،فبا أدى ذلك إذل توحيد القانوف اإلقبليزي الذي يعترب من صنع القضاء .
وال يزاؿ القضاء إذل يومنا ىذا مصدرا رظبيا من مصادر القوانُت األقبلوسكسونية كما ىػو اغبػاؿ يف
بريطانيا والواليات اؼبتحدة األمريكية واؽبند واسًتاليا وجنوب إفريقيا .
أما يف اعبزائر ،فاف القضاء ال يلعب دور اؼبصدر الرظبي للقانوف اعبزائري والدليل على ذلك ىي اؼبادة
األوذل من القانوف اؼبدين اليت استبعدتو .
الفصــل الثــالث :تطبيــق القــاعــدة القــانونيــة
إذا مػػا وجػػدت القاعػػدة القانونيػػة عػػن طريػػق أحػػد مصػػادرىا ،صػػارت ملزمػػة وكانػػت واجبػػة التطبيػػق
علػػى األشػػخاص اؼبخػػاطبُت بأحكامهػػا وذلػػك بواسػػطة السػػلطة اؼبختصػػة بتطبيػػق القواعػػد القانونيػػة وىػػي
السلطة القضائية .
وتطبيػػق القاعػػدة القانونيػػة بصػػورة سػػليمة يقتضػػي ربديػػد ا ػػاؿ ال ػذي تسػػري فيػػو س ػواء مػػن حيػػث
اؼبكاف أو من حيث الزماف .
وال شك أف حسن تطبيق القاعدة القانونية يقتضي الوقوؼ على حقيقة اؼبقصود هبػا وإزالػة مػا قػد وبػيط
هبا من غموض أو إهباـ ،ويكوف ذلك عن طريق تفسَتىا .
وعل ػػى ذل ػػك نتن ػػاوؿ يف دراس ػػة تطبي ػػق القاع ػػدة القانوني ػػة ،الس ػػلطة القائم ػػة عل ػػى تطبيقه ػػا ،مث نع ػػرض
لنطاؽ تطبيقها ،ولبتتم بدراسة تفسَت القاعدة القانونية .
المبحث األول :السلطـة الق ائيـة
السلطة القضائية فبثلة يف ا اكم ىي اؼبختصة بتطبيق القانوف ،ونظرا ألنبية الدور الذي تقوـ بو ىذه
الس ػػلطة ،إذ تت ػػوذل الفص ػػل يف اؼبنازعػ ػػات ب ػػُت األف ػػراد ،أو بي ػػنهم وبػ ػػُت جه ػػات اإلدارة وب ػػُت اؼبػ ػػوظفُت
واعبهػػات اإلداريػػة الػػيت يتبعولػػا ،فػػاف الدسػػاتَت ربػػرص غالبػػا علػػى وضػػع الضػػمانات الالزمػػة السػػتقالؿ
51
القضاة يف أدائهم ؽبذا الدور دبا يكفل ؽبم اغبريػة فيمػا يقضػوف دوف سػلطاف علػيهم يف ذلػك إال سػلطاف
القانوف والضمَت.
ويقػػوـ النظػػاـ القضػػائي يف اعبزائػػر علػػى أسػػاس مبػػدأ ازدواجيػػة القضػػاء ،حيػػث قبػػد القضػػاء العػػادي،
والقضػػاء اإلداري ػػة .فالق ــاا الع ــادي أو ا ػػاكم العادي ػػة ،ىػػي جه ػػة القضػػاء ص ػػاحبة االختص ػػاص يف
الفصػػل يف كافػػة اؼبنازعػػات واعب ػرائم إال مػػا اسػػتثٍت بػػنص خػػاص ويوجػػد علػػى قمػػة جهػػة القضػػاء العػػادي
ا كمة العليا ،وتأتػي بعدىا ا الس القضائية مث ا اكم االبتدائية .
ىػػذا عػػن القضػػاء العػػادي ،أمػػا الق ــاا ااداري فهػػو اؼبخػػتص بالفصػػل يف سػػائر اؼبنازعػػات اإلداريػػة
والدعاوى ،ويتلسد القضاء اإلداري يف ؾبلس الدولة وا اكم اإلدارية .
المبحث الثاني :نطـاق تطبيـق القاعـدة القانونيـة
يتحدد نطاؽ تطبيق القاعدة القانونية أوال ،من حيث األشخاص اؼبخاطبُت حبكم القاعػدة القانونيػة،
وذلك ؼبعرفة ما إذا كاف حكم القاعدة القانونية يشمل كل األشخاص أـ يشمل جزء منهم فقط ،وثانيا
من حيث اؼبكاف وذلك ؼبعرفة اغباالت الػيت زبضػع لقػانوف الدولػة بػالنظر إذل نطػاؽ تطبيػق قػوانُت الػدوؿ
األخرى ،وثالثا من حيث الزماف وذلك لتحديد الزمن الذي تسري يف القاعدة القانونية .
المطلب األول :نطاق تطبيق القاعدة القانونية من حيث األشخاص
إذا ال التعبػػَت عػػن القاعػػدة القانونيػػة بالوسػػيلة الػػيت تػػنص عليهػػا القػوانُت وعلػػى صػػالحيتها للتعبػػَت عػػن
ىذه القاعػدة التػزـ اؼبخػاطبوف بأحكامهػا وتعػُت علػيهم أخػذىا يف اعتبػارىم يف صبيػع مػا تػنص عليػو ،وال
هبػػوز لشػػخص مػػا أف يتػػذرع بأنػػو هبهػػل قاعػػدة قانونيػػة،وذلك للػػتخلص مػػن انطبػػاؽ أحكامهػػا عليػػو عنػػد
اللزوـ.
وإذا كانػػت القاعػػدة العامػػة تقضػػي بعموميػػة القػوانُت أي بانطباقهػػا علػػى كػػل األشػػخاص ،إال أف ىػػذه
القاعدة ترد عليها بعض االستثناءات حيث ال يطبق القػانوف علػى بعػض األشػخاص حػىت ولػو خػالفوه،
ولػػذلك سػػوؼ نتنػػاوؿ يف الفػػرع األوؿ مبػػدأ عػػدـ جػواز االعتػػذار جبهػػل القػػانوف ،علػػى أف لبصػػص الفػػرع
الثاين للحديث عن االستثناءات اليت ترد على مبدأ عمومية القوانُت .
الفرع األول :مبدأ عدم جواز االعتذار بجهل القانون:
مىت نشر التشريع على النحو السػابق بيانػو وانقضػى اؼبيعػاد ا ػدد لبػدء العمػل بػو يفػًتض علػم الكافػة
بو ويسري يف حق اؼبخاطبُت بأحكامو دوف استثناء حبيث ال يقبل من أحدىم االعتذار جبهل أحكامو.
51
أوال) أســاس المبــدأ :ىػػذا اؼببػػدأ تقتضػػيو يف حقيقػػة األمػػر مصػػلحة اعبماعػػة ،فلػػو أتػػيح للفػػرد أف يطلػػب
ع ػػدـ تطبي ػػق الق ػػانوف اس ػػتنادا إذل ع ػػدـ علم ػػو ب ػػو ألدى ذل ػػك إذل ن ػػوع م ػػن الفوض ػػى وع ػػدـ االس ػػتقرار
واالضػػطراب يف نطػػاؽ اؼبعػػامالت ،وثػػارت اؼبنازعػػات حػػوؿ العلػػم بالقػػانوف أو اعبهػػل بػػو فبػػا يػػؤدي إذل
إفػػالت الكثػػَتين مػػن اػبضػػوع ألحكػػاـ القػػانوف ،فيقصػػر القػػانوف عػػن آداء وظيفتػػو وىػػي حفػػظ النظػػاـ يف
اعبماعة .
ومن ناحية أخرى فاف اؼبساواة بُت اؼبواطنُت أماـ القانوف – ومػا تتميػز بػو قواعػده مػن صػفة العموميػة
– توجب األخذ هبذا اؼببدأ ،حىت ال يؤدي استبعاده إذل تطبيق القانوف على البعض (من يعلػم بػو) دوف
البعض األخر (من ال يعلم بو) .
ىذا وقد يراعى أنو من الناحية الواقعية كثَتا ما يتحقق علم األفراد بأحكاـ القانوف بعد القياـ بنشره مػن
قبل السلطة اؼبختصة يف اعبريدة الرظبية ،وحىت يتسٌت لللميع العلم بأحكػاـ القػانوف يراعػي اؼبشػرع فػًتة
زمنية معينة بعػد النشػر ،وحػددىا اؼبشػرع اعبزائػري بيػوـ كامػل مػن تػاري نشػر القػانوف يف اعبريػدة الرظبيػة
و كذلك من خالؿ وسائل اإلعالـ اؼبختلفة كاإلذاعة والتلفزيوف والصحف اليومية كما قد يتحقق ذلػك
بسبب اإلحساس الفطري لألفراد بالتفرقة بُت ما ىػو مشػروع ومػا ىػو غػَت مشػروع (ويصػدؽ ذلػك علػى
كل القوانُت اليت تعرب عن اؼببادئ األخالقية األساسية كتلك اليت تعاقب على القتل والسرقة) .
كما قد يتحقق ىذا العلم بسبب كوف القاعدة القانونية من القواعػد الػيت يسػهل علػى األفػراد الوقػوؼ
عليهػػا نظػرا لنشػػوئها وتكوينهػػا بػػُت أفػراد اعبماعػػة ،كمػػا ىػػو الشػػأف بالنسػػبة للقواعػػد القانونيػػة العرفيػػة الػػيت
مصػػدرىا العػػرؼ ،أو لكػػوف القاعػػدة أصػػبحت واضػػحة ومعلومػػة مػػن الكافػػة نظ ػرا لقػػدمها أو التصػػاؽبا
بالدين ،كما ىو اغباؿ بالنسبة للقواعد اػباصة دبسائل األحواؿ الشخصية .
ثانيا) نطاق المبدأ :يسري مبدأ عدـ جػواز االعتػذار جبهػل القػانوف بالنسػبة إذل كافػػة القواعػد القانونيػة
أيػػا كػػاف مصػػدرىا ،س ػواء كػػاف التش ػريع أو الش ػريعة اإلسػػالمية أو العػػرؼ أو قواعػػد العدالػػة...اخل .كمػػا
يشمل ىذا اؼببدأ كل األشخاص مواطنُت وأجانب ،أشخاص طبيعية و معنوية .
كما أف ىذا اؼببدأ يطبق كذلك بالنسبة لكافة القواعد القانونيػة أيػا كانػت طبيعتهػا آمػرة أو مكملػة،
فلػػيس ىنػػاؾ ؿبػػل للقػػوؿ جبػواز االعتػػذار باعبهػػل بالقاعػػدة اؼبكملػػة مػػا دامػػت األخػػَتة قاعػػدة غػػَت ملزمػػة،
شػػألا يف ذلػػك شػػأف القاعػػدة اآلمػػرة ،فضػػال عػػن أف القػػوؿ باباحػػة االعتػػذار جبهػػل القواعػػد اؼبكملػػة ال
يستقيم مع طبيعة ىذه القواعػد مػن كولػا ال تطبػق إال يف حالػة سػكوت اؼبتعاقػدين عػن ـبالفتهػا ،إذ قػد
52
يكػػوف سػػكوهتما عػػن جهػػل منهمػػا بأحكامهػػا ،ومػػع ذلػػك تلػػزمهم ىػػذه األحكػػاـ ،ألنػػو هبػػذا السػػكوت
يتحقق شرط انطباقها يف حقهما .
الفرع الثاني :االستثنااات الواردة على قاعدة عمومية القوانين
أوال) االستثنااات في القوانين العامة:
-1حصانات الوطنيين :من اؼبسلم بو أف تنص قوانُت كل دولة على بعض اغبصػانات لف ػات ؿبػدودة
من اؼبواطنُت ،وال يعترب ىذا سبييزا أو تفضيال ؽبؤالء األشػخاص علػى غػَتىم مػن الػوطنيُت ،إمبػا يقصػد بػو
ربقيق اؼبصلحة العامة عن طريق ضباية بعض األفراد من تعسف رجاؿ السلطة وتوفَت قػدر مػن الطمأنينػة
واغبرية ؽبؤالء األفراد لتمكينهم من أداء واجباهتم الوطنية .
وذبػػد ىػػذه االسػػتثناءات مصػػدرىا يف الدسػػتور وأحكػػاـ القػػانوف اعبنػػائي ،الػػذي ال يطبػػق علػػى بعػػض
األشخاص رغم ارتكاهبم لللريبة ،وىؤالء األشخاص ىم:
أ) رئيس الدولة :فالعرؼ الدستوري يعفيو من اػبضوع لقػانوف العقوبػات وإف كػاف مػن اؼبمكػن مسػائلتو
طبقا للقوانُت اػباصة .
غَت أنو يبكن ؿباكمتو – ولو نظريا – وذلك يف حالة ما إذا ارتكب جريبػة اػبيانػة العظمػى أمػاـ ؿبكمػة
عليا للدولة طبقا ؼبا نصت عليو اؼبادة 158من دستور . 1996
ب) أع اا البرلمان :وىم نواب ا لس الشعد الوطٍت ،وأعضاء ؾبلس األمة الذين يتمتعػوف باغبصػانة
الربؼبانيػة ،غػػَت ألػػا ليسػت مطلقػػة ،إذ هبػػوز للنيابػة العامػػة عنػػد ارتكػاب أحػػد النػواب عبريبػة تقػػدًن طلػػب
ؼبكتب ا لس الشعد الوطٍت أو مكتب ؾبلس األمػة لرفػع اغبصػانة حبيػث يػتم التصػويت بثلثػي األعضػاء
. 2 /3
فػػاذا ال التصػػويت برفػػع ىػػذه اغبصػػانة ففػػي ىػػذه اغبالػػة تقػػوـ النيابػػة العامػػة بازبػػاذ إج ػراءات اؼبتابعػػة
واؼبتمثلػػة يف ربريػػك الػػدعوى العموميػػة بعػػد حصػػوؽبا علػػى إذف أمػػا إذا ال التصػػويت ب ػرفض رفػػع اغبصػػانة
والسػػيما إذا كػػاف ىػػذا النائػػب ينتمػػي إذل حػػزب يتمتػػع باألغلبيػػة ،ففػػي ىػػذه اغبالػػة هبػػب انتظػػار انتهػػاء
العهدة النيابية وىي 5سنوات ،ولكن تثار يف ىذا الصدد مسألة تقادـ الدعوى العمومية .
-2حصـ ــانات األجانـ ــب :وذب ػػد ى ػػذه اغبص ػػانات مص ػػدرىا يف الق ػػانوف والع ػػرؼ ال ػػدوليُت فه ػػؤالء ال
ىبضعوف للقانوف اعبزائري ،خاصة يف حالة ارتكاهبم اعبرائم ،وىؤالء األشخاص ىم:
-رؤساء الدوؿ األجنبية وأفراد حاشيتهم .
53
-اؼبعتمدوف السياسيوف ،وىم السفراء ورجاؿ السلك الدبلوماسي الذين يبثلوف دوؽبم وأفراد حاشػيتهم،
أما القناصل فيخضعوف للقانوف اعبزائري .
-رجاؿ القوات العسكرية األجنبية ،سػواء كانػت بريػة أو حبريػة أو جويػة ،فهػي ال زبضػع لقػوانُت الدولػة
إذا كاف مرورىا باقليم الدولة بتصريح من الدولة أو دبوجب معاىدة أو اتفاقية ،أما إذا كاف وجودىا بغَت
تصريح اعترب اعتداءا على سيادة الدولة وبالتارل هبوز دفعو ورده بكل الوسائل .
ثانيا) االستثنااات في القوانين الخاصة:
-1األىلي ــة :فالقواعػػد الػػيت ربكػػم أىليػػة الشػػخص مػػن حيػػث القصػػر والبلػػوغ زبضػػع الشػػخص لقػػانوف
جنسيتو دائما ،ومؤدى ذلك أف قبد الشخص األجند يف أية دولة ال يبكن أبدا اعتباره بالغا سن الرشد
إال حبسب بلوغو السن اليت وبددىا قانوف دولتو .
-2عقـ ــود الـ ــزواج :فيم ػػا يتعل ػػق بص ػػحة ال ػػزواج تس ػػري عل ػػى األجان ػػب قػ ػوانُت األحػ ػواؿ الشخص ػػية
لبلدالم.
-3عقود المعاوضة :عقود اؼبعاوضػة كعقػد البيػع ،وعقػد اإلهبػار ،وعقػد العمػل التػابع وغَتىػا ،زبضػع
من حيث الشكل لقػانوف البلػد الػذي تعقػد فيػو ولكنهػا مػن حيػث اؼبوضػوع زبضػع للقػانوف الػذي ىبتػاره
أطراؼ العقد حىت ولو كاف قانونا أجنبيا ماداـ أطراؼ العقد ـبتلفي اعبنسية .
ىذا باإلضافة إذل استثناءات أخرى منها اؼبتفق عليها ومنها ما ىو ؿبل خالؼ :
)1االستثناا المتفق عليـو :يف حالػة القػوة القػاىرة هبػوز لألشػخاص االعتػذار جبهػل القػانوف يف اغبالػة الػيت
يثبػػت فيهػػا اسػػتحالة علمهػػم بأحكامػػو عػػن طريػػق اعبريػػدة الرظبيػػة كمػػا لػػو تعرضػػت منطقػػة معينػػة لكارثػػة
طبيعية أو احتالؿ مػن طػرؼ دولػة أجنبيػة ،أو انقطػاع اؼبواصػالت فبػا وبػوؿ دوف وصػوؿ اعبريػدة الرظبيػة
إليها .وبالتارل يستبعد تطبيق ىذا اؼببػدأ حػىت تػزوؿ الظػروؼ االسػتثنائية ،كمػا أف ىػذا االسػتثناء ىبػص
التشريع فقط أي القواعد اؼبكتوبة ،أما القاعد األخػرى فػال يبكػن إعمػاؿ ىػذا االسػتثناء بشػألا أللػا ال
تنشر يف اعبريدة الرظبية ،وبالتارل يفًتض علم صبيع األشخاص بأحكامها .
)2االســتثناا مح ــل الخ ــالف :يضػػيف بعػػض الفقهػػاء اسػػتثناءات أخػػرى تقػػع علػػى ىػػذا اؼببػػدأ ،ومنهػػا
االسػػتثناء اؼبتعلػػق بػػالغلط يف القػػانوف وكػػذا االسػػتثناء اؼبتعلػػق باعبهػػل بقػػانوف غػػَت جنػػائي ينفػػي اؼبسػػؤولية
اعبنائية .
54
ولكن وبالتدقيق يف ىذه االستثناءات الحظ الفقو الغالب بألا استثناءات دل تؤدي إذل استبعاد
حكػػم القػػانوف ،بػػل أدت إذل تطبيقػػو فبػػا يعػػٍت ألػػا ال تشػػكل اسػػتثناءات حقيقيػػة تقػػع علػػى مبػػدأ عػػدـ
جواز االعتذار جبهل القانوف .
المطلب الثاني :نطـاق تطبيق القاعدة القانونية من حيث المكـان
ال يقتصر نشاط األفراد يف كل زماف ومكاف على حدود البلد الذي يعيشػوف يف إقليمػو كمػا ال يبكػن
اآلف تصػػور خلػػو أيػػة دولػػة مػػن دوؿ العػػادل مػػن أجانػػب يعيشػػوف علػػى أراضػػيها أو يقيمػػوف فيهػػا ولػػو ؼبػػدة
مؤقتة .
واؼبفروض أف ىبضع ىؤالء الناس صبيعا يف صبيع األعماؿ اليت يقوموف هبا إذل قواعد القانوف ،وىذا ما
يثَت بالضرورة مسألة ىامة ىي معرفة ماىية القواعد اليت هبب أف ىبضع ؽبا ىؤالء الناس ،ىل ىي قواعد
القانوف الوطٍت الذي وبكم صبيع اؼبقيمُت على إقليم الدولػة مػن وطنيػُت وأجانػب ،أـ أف ىنػاؾ عالقػات
معينة تتعلق باألجانب يًتكها القانوف الوطٍت ليحكمها قانوف الدولة اليت ينتمي إليها أول ك األجانب ؟
لػذلك فتطبيػق القػانوف مػن حيػػث اؼبكػاف ربكمػو قاعػدتاف أساسػيتاف نبػػا قاعػدة إقليميػة القػوانُت وقاعػػدة
شخصية القوانُت .
الفرع األول :مبدأ إقليمية القوانين" " Pr. de la territorialité des lois
يقضػػي مبػػدأ إقليميػػة الق ػوانُت بػػأف قػػانوف الدولػػة ىػػو الػػذي يطبػػق علػػى كػػل مػػا يقػػع داخػػل حػػدود
إقليمهػا ،حبيػػث يسػري علػػى صبيػع األشػػخاص اؼبقيمػػُت يف ىػذا اإلقلػػيم بصػرؼ النظػػر عػن جنسػػية ىػػؤالء
األشخاص .
فالقػػانوف يسػػري داخػػل حػػدود الدولػػة علػػى اؼبػواطنُت واألجانػػب علػػى السػواء وإذا اقتصػػر تطبيػػق القػػانوف
علػى حػػدود إقلػػيم الدولػػة علػى ىػػذا النحػػو ،فانػػو ال يطبػق علػػى مػػا يقػػع خػارج حػػدود ىػػذا اإلقلػػيم ،حػػىت
ولو تعلق األمر دبواطٍت الدولة .
ويقوـ مبدأ إقليمية القوانُت على أساس ما للدولة من سيادة تامة على كل من يوجد على إقليمهػا،
وبالتارل يعترب تطبيق قوانُت أجنبية على ما يقع يف إقليمها اعتداء على ىذه السيادة .
الفرع الثاني :مبدأ شخصية القوانين " " Pr. De la personnalité des lois
55
يقصػػد هبػػذا اؼببػػدأ ،أف قػػانوف الدولػػة يسػػري علػػى صبيػػع اؼبنتمػػُت إليهػػا ،بصػػرؼ النظػػر عػػن أمػػاكن
إقػػامتهم ،أي حػػىت ولػػو كػػانوا مقيمػػُت خػػارج إقليمهػػا ،ويف اؼبقابػػل يقضػػي ىػػذا اؼببػػدأ بعػػدـ سػرياف قػػانوف
الدولة على األجانب ولو كانوا مقيمُت داخل حدود إقليمها .
وأسػػاس ىػػذا اؼببػػدأ ىػػو أف األخػػذ دببػػدأ إقليميػػة القػوانُت علػػى إطالقػػو وتطبيقػػو تطبيقػػا صػػارما يًتتػػب
عليػػو أف تنغلػػق كػػل دولػػة داخػػل حػػدودىا فتعػػي دبعػػزؿ عػػن الػػدوؿ األخػػرى وأف تفقػػد الدولػػة أيػػة صػػلة
برعاياىػا الػػذين يقيمػػوف يف دوؿ أخػػرى وىػػذا مػػا يضػر دبصػػاحل الػػدوؿ صبيعػػا ،ويػػؤدي يف العمػػل إذل إعاقػػة
التعامل الدورل ،ويقلل من حرص االتصاؿ بُت الدوؿ سياحة وذبارة ،ولذلك فػاف تيسػَت التعامػل الػدورل
وكذلك األخذ بنظر االعتبار مصاحل اؼبواطنُت الذين تدعوىم أسباب كثَتة إذل السفر للخارج ويضطروف
لو ألم فقدوا صلتهم بقانولم الوطٍت إذل أف يرتبوا أمورىم وفقػا لقػانوف البلػد الػذي يتواجػدوف فيػو ،وقػد
ال تكػػوف ؽبػػم مصػػلحة يف ىػػذا األمػػر .ولكػػل ذلػػك فقػػد جػػرى التعامػػل والعػػرؼ الػػدوليُت علػػى أف تتنػػازؿ
الػػدوؿ بعضػػها لػػبعض وبشػػكل متبػػادؿ ومتماثػػل عػػن تطبيػػق مبػػدأ إقليميػػة الق ػوانُت وذلػػك بتكملتػػو دببػػدأ
شخصية القوانُت .
الفرع الثالث :موقف القانون الجزائري من األخذ بالمبدأين
اؼببدأ يف القػانوف اعبزائػري – كمػا ىػو الشػأف يف أغلػب القػوانُت اغبديثػة – أف القػانوف اعبزائػري يطبػق
تطبيقػػا إقليميػػا ،ومػػع ذلػػك فهنػػاؾ اسػػتثناءات مػػن ىػػذا األصػػل ،ربػػد مػػن تطبيػػق القػػانوف داخػػل إقلػػيم
الدولة ،أو سبد تطبيقو إذل خارج حدود ىذا اإلقليم .
ولتبياف ذلك نتعرض للمبدأ وما يرد عليو مػن اسػتثناءات يف نطػاؽ القػانوف العػاـ مث يف نطػاؽ القػانوف
اػباص .
أوال) في القانون العام:
-1القــانون الدســتوري :تطبػػق أغلػػب قواعػػد القػػانوف الدسػػتوري تطبيقػػا إقليميػػا فالقواعػػد اؼببينػػة لنظػػاـ
اغبكم يف الدولة ،وتلك اليت تبُت السلطات العامة فيها واختصػاص كػل منهػا وعالقاهتػا بعضػها بػالبعض
اآلخر ،كل ىذه القواعد وغَتىا ال تطبق إال يف داخل الدولة .
أما من ناحية ما يقرره القانوف الدستوري لألفراد من حريات عامة وحقوؽ وواجبات قبل الدولة ،فػال
يتمتع هبا إال الوطنيُت دوف األجانب .
56
ومػن قبيػػل ذلػػك أف حػػق االنتخػػاب والًتشػػيح أو االسػػتفتاء يقتصػػر علػػى الػػوطنيُت ،وكػػذلك حػػق تػػورل
الوظ ػػائف العام ػػة حبس ػػب األص ػػل ،ويف مث ػػل ىػ ػػذه اغب ػػاالت ال تس ػػري الق ػ ػوانُت اؼبنظم ػػة ؽب ػػذه اغبقػ ػػوؽ
والواجبات على األجانب اؼبوجودين على إقليم الدولة.
-2القــانون ااداري :تطبػػق قواعػػد القػػانوف اإلداري مػػن ناحيػػة بيالػػا لألشػػخاص واؽبي ػػات الػػيت تتػػوذل
عمػل السػلطة التنفيذيػة وربديػد العالقػة بػُت ىػػذه السػلطة وعماؽبػا تطبيقػا إقليميػا .غػَت أف ذلػك ال يبنػػع
من وجود قواعد خاصة بػاؼبوظفُت األجانػب ،وال ىبػل ذلػك دببػدأ إقليميػة القػوانُت ألف قػانوف الدولػة ىػو
الذي يضع ويقرر ىذه القواعد .
-3القــانون المــالي :يطبػػق ىػػو اآلخػػر تطبيقػػا إقليميػػا ،إذ أنػػو يػػنظم ماليػػة الدولػػة مػػن حيػػث إيراداهتػػا
ومصػػروفاهتا ،فكػػل أجنػػد يباشػػر نشػػاطا ىبضػػعو لضػريبة معينػػة تفرضػػها الدولػػة يلتػػزـ بأدائهػػا ،مػػا دل يػػنص
القػػانوف علػػى غػػَت ذلػػك ،حيػػث قػػد تتضػػمن الق ػوانُت اؼباليػػة بعػػض إعفػػاءات ض ػريبية خاصػػة باألجانػػب
العتبارات تتعلق بالصاحل العاـ أو ا املة الدولية كاإلعفاءات اليت يستفيد منها اؼبستثمرين األجانب .
-4القانون الجنائي :األصل فيما يتعلق بقواعد قانوف العقوبات ىو تطبيقها تطبيقا إقليميا.
وتطبيقػػا لػػذلك ،كػػل مػػن يرتكػػب جريبػػة يف اعبزائػػر يسػػري عليػػو قػػانوف العقوبػػات اعبزائػػري ،ولػػو كػػاف
مرتكبها أجنبيا ،ومن يرتكػب جريبػة يف اػبػارج ال يسػري عليػو القػانوف اعبزائػري ولػو كػاف مرتكػب اعبريبػة
جزائريػػا .ولكػػن اسػػتثناءا مػػن ىػػذا األصػػل يسػػري القػػانوف اعبزائػػري علػػى بعػػض اعب ػرائم الػػيت ترتكػػب يف
اػبارج .
واؼبػواد اؼبقصػػودة باإلحالػػة يف ىػػذه اؼبػػادة ىػػي اؼبػػادتُت ،582و 583مػػن قػػانوف اإلج ػراءات اعبزائيػػة،
وىي تتعلق باعبنايات واعبنح اليت يرتكبها اعبزائريُت يف اػبارج .
ويف اؼبقابػػل فقػػد ال يطبػػق قػػانوف العقوبػػات تطبيقػػا إقليميػػا إعمػػاال لقواعػػد القػػانوف الػػدورل العػػاـ والػػيت
تقضي بتمتع طائفة من األجانب مثل رؤساء الدوؿ وأعضاء البعثػات الدبلوماسػية حبصػانات قضػائية يف
اغبدود اليت يقرىػا القػانوف ،وىػي االسػتثناءات الػيت تكلمنػا عنهػا عنػد اغبػديث علػى االسػتثناءات الػواردة
على مبدأ عمومية القوانُت .
ثانيــا) فــي القــانون الخــاص:ال تتسػػم عالقػػات القػػانوف اػبػػاص عػػادة بطػػابع السػػلطة العامػػة أو سػػيادة
الدولة .
57
وقد أدى ذلك إذل القوؿ بأنو يف عالقات القانوف اػباص يسري مبدأ امتػداد القػوانُت يف اؼبكػاف ،أي
تطبيقها تطبيقا شخصيا ،مػا داـ أنػو ال ىبػل بسػيادة الدولػة أف تسػمح بتطبيػق قػانوف أجنػد -يف نطػاؽ
ىذه العالقات -يف إقليمها .
ومن أجل ىذا وجد يف قػوانُت العديػد مػن الػدوؿ قواعػد تػنظم تطبيػق القػوانُت األجنبيػة يف إقليمهػا،
وتسمى ىذه القواعد القانوف الدورل اػباص .
ولػػذلك فلعػػل أىػػم مػػا يػػرد علػػى مبػػدأ إقليميػػة الق ػوانُت مػػن اسػػتثناءات ىػػو ذلػػك الػػذي يًتتػػب علػػى
إعمػػاؿ قواعػػد القػػانوف الػػدورل اػبػػاص ،فقواعػػد ىػػذا القػػانوف تبػػُت القػػانوف الواجػػب التطبيػػق علػػى العالقػػة
القانونيػػة ال ػػيت يوجػػد هب ػػا عنصػػر أجن ػػد ،وقػػد يفض ػػي إعمػػاؿ ى ػػذه القواعػػد إذل تطبي ػػق قػػانوف أجن ػػد يف
اعبزائػػر ،كمػػا قػػد يػػؤدي ذلػػك إذل تطبيػػق القػػانوف اعبزائػػري خػػارج اإلقلػػيم اعبزائػػري ،ويعتػػرب ذلػػك خروجػػا
على مبدأ إقليمية القوانُت .
المطلب الثالث :نطـاق تطبيـق القوانيـن من حيث الزمـان
يتحػدد نطػػاؽ تطبيػػق القاعػدة القانونيػػة مػػن حيػث الزمػػاف بتحديػػد وقػت بػػدء العمػػل هبػا ووقػػت انتهػػاء
العمل هبا ،فالقاعدة القانونية تستمر يف سريالا ووجوب تطبيقها فيما بُت ىذين الوقتُت .
وقػػد عرفنػػا ذلػػك عنػػد دراسػػة اؼبصػػادر الرظبيػػة للقاعػػدة القانونيػػة وبصػػفة خاصػػة فيمػػا يتعلػػق بالتش ػريع
وقػػت بػػدء العمػػل بالقاعػػدة القانونيػػة ونفاذىػػا يف حػػق اؼبخػػاطبُت بأحكامهػػا ويبقػػى أف نعػػرض لتحديػػد
الوقت الذي تنقضي فيو ىذه القاعدة ،فينتهػي العمػل هبػا وترتفػع عنهػا قوهتػا اؼبلزمػة،وذلك بدراسػة إلغػاء
القاعدة القانونية.
غَت أف ربديد وقت بدء العمل بالقاعدة القانونية ووقت انتهاء العمػل هبػا عػن طريػق إلغائهػا ال ينهػي
كل صعوبة فيما يتعلق بتحديد نطاؽ تطبيقها من حيث الزماف .إذ يًتتب على إلغاء القاعدة القانونية
وحلػػوؿ قاعػػدة جديػػدة ؿبلهػػا أف تثػػور مشػػكلة تنػػازع القواعػػد القانونيػػة يف الزمػػاف فبػػا يقتضػػي بيػػاف اغبػػد
الفاصل بُت نطاؽ تطبيق القاعدة القديبة اؼبلغية والقاعدة اعبديدة اليت حلت ؿبلها .
وعلػػى ذلػػك سػػنعرض يف ىػػذا اؼبطلػػب إللغػػاء القاعػػدة القانونيػػة ،مث لتنػػازع القواعػػد القانونيػػة يف الزمػػاف،
وذلك يف الفرعُت التاليُت:
58
الفرع األول :إلغاا القاعدة القانونية:
أوال) المقصود بإلغاا القاعدة القانونية :يقصد بالغاء القاعدة القانونية إلاء العمل هبا أو ذبريػدىا مػن
قوهتا اؼبلزمة بالنسبة للمستقبل .
واإللغػاء هبػػذا اؼبعػٌت قػػد يكػوف بقصػػد إحػالؿ قاعػػدة قانونيػة جديػػدة ؿبػل القاعػػدة السػابقة وقػػد يكػػوف
ذلػػك بغػػرض االسػػتغناء عػػن القاعػػدة القانونيػػة دوف اغباجػػة إلحػػالؿ قاعػػدة أخػػرى ؿبلهػػا .وىػػو يػػرد علػػى
القواعد القانونية أيا كاف مصدرىا الرظبي ،أي سواء كانت مستمدة من التشريع أو من مصدر آخر غَت
التشريع ،غَت أف إلغاء القاعدة التشريعية ىو الذي يثَت بعض الصعوبات .
ثانيا) السلطة التي تمل االغاا :األصل يف ىذا الشأف أف السػلطة الػيت سبلػك إلغػاء القاعػدة القانونيػة
ىي السلطة اليت سبلك إنشائها أو سلطة أعلى منها .
وقػػد رأينػػا فيمػػا تقػػدـ أف القواعػػد القانونيػػة ليسػػت علػػى درجػػة واحػػدة وإمبػػا زبتلػػف بػػاختالؼ مراتبهػػا،
فالقواعد التشريعية تأ يف اؼبرتبة األوذل ،تليها بقية اؼبصادر االحتياطية األخرى .
ويًتتب على ذلك أف القواعد التشريعية ال تلغى إال بقواعد تشريعية مثلها .
ورأينا فيما سبق أيضا أف القواعػد التشػريعية تتػدرج مػن حيػث القػوة ،فأعالىػا التشػريع األساسػي ،أي
الدستور ،يليو التشريع العادي ،مث التشريع الفرعي ويًتتب على ىػذا التػدرج مػن حيػث القػوة أف التشػريع
ال يلغػى إال بتشػريع مػن نفػػس درجتػو أو بتشػريع أعلػػى منػػو ،وعلػى ذلػػك فالتشػريع الدسػػتوري ال يع ػ ػدؿ
أو يلغػػى إال بتشػريع دسػػتوري مثلػػو ،وىػػذا بالنسػػبة للػػدوؿ ذات الدسػػاتَت اعبامػػدة مثػػل اعبزائػػر ،والتشػريع
العػػادي ال يلغػػى إال بتشريػ ػ ػع دست ػوري أو تشػريع عػػادي والتشريػ ػ ػع الفرعػػي ال يلغػػى إال بتشري ػ ػػتتع فرعػ ػ ػي
أو بتشريع عادي ،أو بتشريع دستوري .
ويالحظ أف التشريع يبكنو إلغاء القواعد القانونية األخرى التالية لو يف اؼبرتبة أيا كاف مصدرىا .
ثالثا) طرق االغاا :يقسم اإللغاء حبسب الطريقة اليت يتم هبا ،إذل إلغاء صريح وإلغاء ضمٍت .
-1االغاا الصريح " : "L'abrogation expresseيتحقق اإللغاء الصػريح يف حالػة صػدور قاعػدة
أو قواعد
قانونية جديدة تقضي صراحة بالغاء قاعدة أو قواعد قانونية قديبة.
وقد يتحقػق اإللغػ ػاء الصريػ ػح كػذلك يف حالػة مػا إذا صػدر القػان ػ ػ ػوف ليعمػل بػو خػالؿ مػدة معين ػ ػ ػة،
أو غبُت انتهاء فًتة معينة ،فالتشريع يف ىذه اغبالة يعترب تشريعا مؤقتا " ، "Temporaireويصػبح ىػذا
59
التشػريع ملغيػػا بانقضػػاء اؼبػػدة اؼبعينػػة لسػريانو أو بانتهػػاء الفػػًتة الػػيت صػػدر بقصػػد مواجهتهػػا ،وذلػػك دوف
حاجة إذل صدور تشريع باإللغاء ،ووبدث ذلك عادة يف أوقات اغبروب واألزمات .
-2االغــاا ال ــمني" : "L'abrogation taciteيقصػػد باإللغػػاء الضػػمٍت ذلػػك اإللغػػاء الػػذي ال
يتحقق بتصػريح بػو مػن القاعػدة القانونيػة اعبديػدة ،وإمبػا يسػتفاد ضػمنا مػن اسػتحالة اعبمػع بػُت القاعػدة
القانونية القديبة والقاعدة اعبديدة يف آف واحد .
فمن ىذه الفقرة يتضح أف اإللغاء الضمٍت يتحقق باحدى صورتُت :
الصورة األولى :التعارض بين القانون القديم والقانون الجديد:
إذا ما صدرت قاعدة جديدة تتعارض مع قاعدة سابقة ؽبا ،واستحاؿ إعماؿ القاعدتُت معا يفهم
مػػن ذلػػك أف القاعػػدة اعبديػػدة قػػد ألغػػت القاع ػػدة القديبػػة ،فعنػػد التع ػػارض بػػُت القاعػػدتُت – اعبديػػدة
والقديبة – تعترب القاعدة اعبديدة الغية وناسخة للقاعدة القديبة .
وغٍت عن البياف أف اإللغاء الضػمٍت يف ىػذه اغبالػة ال يكػوف إال يف اغبػدود الػيت وبػدث فيهػا التعػارض
بػػُت القاعػػدتُت القديبػػة والقاعػػدة اغبديثػػة .فػػاذا كػػاف ىػػذا التعػػارض كليػػا حبيػػث يسػػتحيل التوفيػػق بػػُت
أحكاـ القاعدتُت القديبة واغبديثة ،اعتربت األوذل ملغاة ضمنيا بالثانية .
أما إذا كاف التعارض جزئيا بُت أحكاـ القاعدتُت ،أي واقعا بُت بعض أحكامها دوف البعض اآلخر،
فػػال يكػػوف اإللغػػاء الضػػمٍت إال يف حػػدود مػػا حػػدث فيػػو التعػػارض ،فيكػػوف اإللغػػاء يف ىػػذه اغبالػػة إلغػػاء
جزئيا .
ويالحظ أنو لكي يتم اإللغاء الضػمٍت علػى النحػو السػابق هبػب أف يكػوف اغبكمػاف اعبديػد والقػدًن،
من نوع واحد أو ذات صفة واحدة ،بأف يكوف كل منهما عاما أو أف يكوف كل منهما خاصا .
غَت أف التعارض قد وبدث بُت حكم قدًن عاـ ،وحكم جديػد خػاص ،وقػد وبػدث العكػس وىػو مػا
سنبينو يف اآل :
أ) التعــارض بــين حكــم قــديم عــام وحكــم جديــد خــاص :عنػػد وقػػوع التعػػارض بػػُت حكػػم قػػدًن عػػاـ
وحكم جديد خاص ،فالقاعدة أف اغبكم اعبديد يلغي اغبكم القدًن يف حدود مػا جػاء بػو األوؿ فقػط،
ويظل اغبكم القدًن العاـ قائما وساريا فيما دل يتعرض لو اغبكم اعبديد اػباص فالقاعػدة اػباصػة تلغػي
القاعدة العامة يف حدود مػا تعارضػت فيػو معهػا فقػط ،أي أف القاعػدتُت يعمػل هبمػا معػا كػل يف نطاقػو،
فالقاعدة اعبديدة فيما خصصت لو ،والقاعدة القديبة فيما يبقى ؽبا من اختصاص.
61
ب) التعـارض بـين حكـم قـديم خـاص وحكـم جديـد عـام :يف ىػذه اغبالػة ،فػاف اغبكػم القػدًن اػبػاص
يظل معموال بو يف شأف اغبالة اػباصة باعتباره استثناء واردا علػى اغبكػم اعبديػد العػاـ ،فػاغبكم العػاـ ال
يلغي اغبكم اػباص ،بل يسرياف معا حبيث يعترب اغبكػم العػاـ ىػو األصػل ،ويبقػى اػبػاص كاسػتثناء وارد
على اغبكم العاـ ،فاغبكم اػباص ال يلغى إال حبكم خاص مثلو .
الصورة الثانية :إعادة تنظيم ذات الموضوع من جديد:
ويف ىػػذه اغبالػػة تلغػػي القواعػػد اعبديػػدة القواعػػد القديبػػة كلهػػا س ػواء تعارضػػت أو دل تكػػن متعارضػػة
معها.
ويالحظ أف اإللغاء الضػمٍت يتحقػق عنػد إعػادة تنظػيم نفػس اؼبوضػوع دوف حاجػة إذل الػنص يف القواعػد
اعبديدة على إلغاء القواعد القديبة .
ولكػػن مػػن النػػادر أف يعيػػد اؼبشػػرع تنظػػيم موضػػوع مػػن جديػػد دوف أف يػػنص يف التش ػريع اعبديػػد علػػى
إلغاء التشريع السابق الذي كاف ينظم ذات اؼبوضػوع وىػو بػذلك هبعػل اإللغػاء صػروبا ،رغػم أنػو دل يكػن
يف حاجة إذل ذلك لتحقق اإللغاء ضمنيا من ؾبرد إعادة تنظيم نفس اؼبوضوع من جديد .
الفرع الثاني :تنازع القواعد القانونية من حيث الزمان:
يثػػور البحػػث عػػن ا ػػاؿ الػػزمٍت لس ػرياف القاعػػدة القانونيػػة عنػػد تتػػابع القواعػػد القانونيػػة الػػيت ربكػػم
مسألة معينة ،حيث يتعػُت يف ىػذه اغبالػة ربديػد الوقػائع والتصػرفات الػيت زبضػع للقاعػدة اعبديػدة وتلػك
اليت تبقى ؿبكومة بالقاعدة القديبة.
والواقع أف مثل ىذا البحث ال يكوف لو ؿبل إذا ما نشأت العالقػة القانونيػة وال تنفيػذىا وانقضػت يف
ظل القاعدة القديبة وقبل العمل بالقاعػدة اعبديػدة ،إذ أنػو يف ىػذه اغبالػة ال صػعوبة يف األمػر ،فالقاعػدة
القديبػػة ىػػي الػػيت تطبػػق علػػى ىػػذه العالقػػة ،وال يثػػور التسػػاؤؿ عػػن مػػدى خض ػوع ىػػذه العالقػػة للقاعػػدة
اعبديدة.
غَت أف األمر ال يكوف دائما على ىذا النحو ،فهناؾ وقائع وعالقات قانونية تسػتمر قػدرا مػن الػزمن،
حبيث يبكن أف تنشأ وتبدأ يف ترتيب آثارىا يف ظػل قاعػدة قانونيػة معينػة مث تػدركها قاعػدة قانونيػة أخػرى
أثنػػاء إنتاجهػػا آلثارىػػا ،فهنػػا يقػػوـ التنػػازع بػػُت قاعػػدتُت قػػانونيتُت علػػى حكػػم ىػػذه الوقػػائع والعالقػػات
القانونية وىذا ما يعرؼ دبشكلة التنازع بُت القوانُت يف الزماف .
61
وتثَت ىذه اؼبشكلة التساؤؿ عن القانوف الواجب التطبيق ىل ىو القانوف القدًن الذي نشػأت العالقػة
القانونية يف ظلو أـ القانوف اعبديد الذي ترتب ىذه العالقات آثارىا ربت سلطانو .
ولإلجابة عن ىذا التساؤؿ ،وجد مبدآف نبا مبدأ عدـ رجعيػة القػوانُت ،ومبػدأ األثػر اؼبباشػر للقػانوف،
إال أف ىذين اؼببدأين من الناحية العملية ال هبرياف على إطالقهما ،بل يرد عليهما بعض االستثناءات .
أوال مبدأ عدم رجعية القوانين:
-1مفهوم المبدأ وأساسو :اؼببدأ أف القوانُت ال تسري بأثر رجعي ،أي ألا تسري على ما وبػدث مػن
وقػػائع بعػػد تػػاري نفاذىػػا ،وال أثػػر ؽبػػا فيمػػا وقػػع قبػػل ىػػذا التػػاري ،وىػػذا مػػا يعػػرب عنػػو دببػػدأ عػػدـ رجعيػػة
القوانُت ،ويقوـ ىذا اؼببدأ علػى عػدة اعتبػارات ذبعلػو مػن أىػم اؼببػادئ الػيت يقػوـ عليهػا النظػاـ القػانوين .
مثل العدالة و اؼبصلحة العامة و ا افظة على حقوؽ األفراد.
ونظرا لالعتبػارات السػابقة فقػد حرصػت الكثػَت مػن الػدوؿ علػى الػنص علػى مبػدأ عػدـ الرجعيػة يف
قوانينهػػا ،بػػل أف منهػػا مػػن نػػص عليػػو يف الدسػػتور ذاتػػو مثػػل الدسػػتور اعبزائػػري ،وىػػو مػػا تضػػمنو قػػانوف
العقوبات أيضا يف اؼبادة الثانية منو.
كما نص عليو اؼبشرع اعبزائري أيضا يف اؼبادة الثانية من القانوف اؼبدين اعبزائري.
-2االستثنااات الواردة على مبدأ عدم رجعية القوانين:
إف مبدأ عدـ رجعية القوانُت ال يطبق بصفة مطلقة و إمبا ترد عليو بعض االستثناءات و منها :
أ) النص الصريح على رجعية القوانين:
هبوز للمشرع أف يضمن القانوف اعبديد نصا يقضي بسريانو على اؼباضي .فمبػدأ عػدـ الرجعيػة إذا
كاف يقيد القاضػي ،إال أنػو ال يقيػد اؼبشػرع ،وىػذا مػا يتفػق عليػو الفقػو ،غػَت أنػو يشػًتط لػذلك أف يػنص
صراحة يف القانوف اعبديد على رجعيتو ،فال يكفي لتقرير الرجعية االستناد إذل اإلرادة الضمنية للمشرع.
وإذ ىبرج اؼبشػرع علػى اؼببػدأ إمبػا ربػدوه الرغبػة يف ربقيػق الصػاحل العػاـ يف حػاالت تصػبح فيهػا الرجعيػة
ضػػرورة تفػػوؽ ضػػرورة االسػػتقرار يف اؼبعػػامالت وؽبػػذا ينبغػػي أال يسػػرؼ اؼبشػػرع يف تقريػػر الرجعيػػة حبيػػث ال
يللأ إليها إال فيما وبقق مصلحة لللماعة يهوف يف سبيل ربقيقها اإلخالؿ باستقرار اؼبعامالت
ولكن ال هبوز للمشرع أف يقرر رجعية القػوانُت يف اؼبسػائل اعبنائيػة ،إذ أنػو مقيػد دببػدأ عػدـ الرجعيػة
فيمػػا يتعلػػق بػػالقوانُت اعبنائيػػة ،فػػال يبلػػك الػػنص ص ػراحة يف تشػريع جديػػد يقػػرر جريبػػة أو عقوبػػة جديػػدة
على رجعية ىذا التشريع والعقاب دبقتضاه على ما ارتكب قبل العمل بو من أفعاؿ .
62
ب) القوانين الجنائية األصلح للمتهم:
يقصػد هبػػذه القػوانُت تلػػك الػػيت تزيػػل وصػػف اعبريبػػة عػػن الفعػػل أو اؼبخففػػة للعقوبػػة اؼبقػػررة لػػو ،فمثػػل
ىذه القوانُت تطبق بأثر رجعي على ما ارتكب قبل نفاذىا من جرائم .
ويالح ػػظ ال ػػبعض أف تطبي ػػق الق ػػانوف األص ػػلح للم ػػتهم ىن ػػا ال يع ػػد اس ػػتثناء حقيقي ػػا م ػػن مب ػػدأ ع ػػدـ
الرجعيػػة ،ففػػي رأيهػػم يبكػػن الوصػػوؿ إذل نفػػس النتيل ػػة عػػن طريػػق إعمػػاؿ فكػػرة األثػػر اؼبباشػػر للق ػػانوف
اعبديد ،فطاؼبا أنو دل يصدر حكم لائي بادانة اؼبتهم فاف اؼبركز القانوين الناشي عن اعبريبة ال يتم ،ومػن
مث إذا صدر قانوف جنائي أصلح للمتهم يبكن اعتبار تطبيقو حالػة مػن حػاالت التطبيػق الفػوري واؼبباشػر
للقانوف اعبديد على اؼبركز القانوين اعباري الذي أدركو ىذا األخَت قبل تكوينو.
ج) القوانين التفسيرية:
إذا كاف القانوف اعبديد مفسرا غبكم يف قانوف سابقدوف أف يتضمن حكما جديػدا ،فيكػوف طبيعيػا
أف يبت ػ ػػد حكم ػ ػػو إذل الوق ػ ػػائع ال ػ ػػيت ح ػ ػػدثت قبػ ػ ػػل ص ػ ػػدوره أي يف ظ ػ ػػل الق ػ ػػانوف ال ػ ػػذي ص ػ ػػدر بقص ػ ػػد
تفسػػَته،فالقانوف التفسػػَتي هبػػذا اؼبعػػٌت يعتػػرب قانونػػا جديػػدا مػػن حيػػث الشػػكل فقػػط ألنػػو دل يصػػدر إال
بقصد إزالة الغموض الذي أحيط بالقانوف السابق ووضع حد للخالؼ حوؿ حقيقة اؼبقصود بو.
ويالح ػػظ أف تطبي ػػق التشػ ػريع التفس ػػَتي م ػػن ت ػػاري نف ػػاذ التشػ ػريع األص ػػلي هب ػػب أف يقتص ػػر عل ػػى
الدعاوى اليت دل يفصل فيها قبل صدوره ،أما الدعاوى اليت قد ال الفصل فيها بأحكاـ لائية فاف حلية
األمػػر اؼبقضػػي الػػيت تثب ػػت ؽبػػذه األحكػػاـ رب ػػوؿ دوف تطبيػػق التش ػريع التفسػػَتي عليه ػػا ،ولػػو كانػػت ق ػػد
أخذت بتفسَت يؤكد التشريع اعبديد غلطو .
ثانيا) مبدأ األثر المباشر أو الفوري للقانون:
ال يكفي مبدأ عدـ رجعية القوانُت وحده غبل مشكلة تنازع القوانُت يف الزمػاف ،ذلك أف ىػذا اؼببدأ
إذا كػػاف وبػػوؿ دوف سري ػ ػاف القػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػانػ ػوف اعب ػديػ ػ ػد علػػى اؼبراكػ ػز القانػونيػ ػ ػ ػة الػػيت تكػ ػ ػونت أو انقضػػت أو
اجتمعػػت عناصػػرىا أو ترتبػػت آثارىػػا يف ظػػل القان ػػوف القػػدًن ،إال أف ىػػذا اؼببػػدأ ال يكف ػػي لتحديػػد أي
القان ػ ػػونُت – الق ػػدًن أو اعبديػ ػػد – ى ػػو األوذل ب ػػالتطبيق علػ ػػى مػ ػػا يق ػػع بع ػػد نفػ ػ ػ ػ ػاذ القان ػ ػ ػ ػ ػوف اعبدي ػ ػ ػ ػ ػد
الستكماؿ تكوي ػ ػن أو انقضاء اؼبراكز القانونية الػيت بػدأ تكوينهػا أو انقضػاؤىا يف ظػل القانػ ػوف القػدًن،أو
على ما يتم من آثارىا بعد نفاذ القانوف اعبديد.
63
-1مفهوم المبدأ وأساسـو :مػؤدى ىػذا اؼببػدأ أف كػل تشػريع جديػد يطبػق فػورا منػذ تػاري سػريانو ،أي
وقػػت نفػػاذه ،ولػػذلك فالقػػانوف اعبديػػد ينطبػػق علػػى كػػل اؼبراكػػز القانونيػػة الػػيت يبػػدأ تكوينهػػا بعػػد نفػػاذه،
وكذلك ينطبق على كل عناصر تكوين وانقضاء اؼبراكز القانونية اليت بػدأ تكوينهػا يف ظػل القػانوف القػدًن
ودل ينتو تكوينها وال انقضائها إال بعد صدور القانوف اعبديد .
كذلك يبتد نطاؽ تطبيق القانوف اعبديد ،على كل اآلثار اليت تًتتػب بعػد نفػاذه علػى اؼبراكػز القانونيػة
اليت تكونت أو بدأ تكوينها يف ظل القانوف القدًن .
وهبد ىذا اؼببدأ أساسو يف الوجهُت التاليُت:
-أف تطبيقػػو يبنػػع ازدواج القػػانوف الػػذي وبكػػم اؼبراكػػز القانونيػػة الػػيت تتحقػػق يف ظلػػو ،س ػواء كانػػت قػػد
تكونت قبل نفاذه أو بعد نفاذه وبذلك تتحقق وحدة القانوف الذي وبكم اؼبراكز القانونية ذات الطبيعة
الواحدة .
-كمػػا أف تعػػديل اؼبشػػرع أو إلغائػػو لقػػانوف قػػائم يعػػد إق ػرارا بقصػػوره أو عػػدـ صػػالحيتو ويفػػًتض – مػػن
ناحية أخرى – أف القانوف اعبديد يف نظر اؼبشرع أكمل من القانوف السابق وأفضل.
-2بعض تطبيقات المبدأ :ينطبق اؼببدأ على اؼبراكز القانونية الػيت ىػي يف طريقهػا إذل التكػوين ،ومثػاؿ
ذلػػك التقػػادـ الػػذي تكػػوف مدتػػو قػػد بػػدأت يف ظػػل القػػانوف القػػدًن ودل تكتمػػل إذل أف أدركهػػا الق ػػانوف
اعبديد ،ففػي ىػذه اغبالػة ىبضػع التقػادـ كقاعػدة عامػة مػن حيػث تقريػره وشػروطو ومدتػو للقػانوف اعبديػد
إعماال باؼببدأ الفوري للقانوف .
وكذلك الوصية ،فالقوانُت اؼبتعلقة بالوصايا يسري كل منها على الوصايا اليت يبوت اؼبوصػوف هبػا يف
ظلو ،ولو صدرت قبل بدأ العمل بو ،وذلك ألف الوصية ال يتم وجودىا القانوين إال دبوت اؼبوصي مصرا
عليها .
كما هبد اؼببدأ ؾباال واسعا للتطبيق علػى آثػار اؼبراكػز القانونيػة اعباريػة ،ففػي ؾبػاؿ األحػواؿ الشخصػية
مػػثال ،يػػؤدي األخػػذ دببػػدأ األثػػر اؼبباشػػر للقػػانوف اعبديػػد إذل تطبيػػق أحكػػاـ ىػػذا األخػػَت علػػى اآلثػػار الػػيت
ترتب يف ظلو على الزواج أو الطالؽ ولو كاف الزواج أو الطالؽ ذاتو قد ال يف ظل القانوف القدًن .
فاذا ال طالؽ مثال يف ظل قانوف معُت وأنت ،بعض آثاره ( كالنفقة واغبضانة ) وفقا ألحكامو ،مث صػدر
قانوف جديد يعدؿ يف ىذه اآلثار فاف ىذا األخَت وبكم مباشرة كل ما يًتتب من آثػار علػى الطػالؽ يف
64
ظلػػو ،فػػاذا عػػدؿ القػػانوف اعبديػػد يف أحكػػاـ النفقػػة مػػثال سػػرت ىػػذه األحكػػاـ اعبديػػدة علػػى كػػل نفقػػة
تستحق للزوجة بعد نفاذ القانوف الذي استحدثها .
-3االستثنااات الواردة على مبدأ األثر المباشر (األثر المستمر للقانون القديم):
إذا كػػاف اؼببػػدأ ىػػو تطبيػػق القان ػػوف اعبديػػد بػػأثر مباشػػر ،إال أنػػو اسػػتثناء مػػن ىػػذا اؼببػػدأ أف القػػانوف
القدًن يظل ساريا بالنسػبة للمراكػز العقديػة الػيت تكونػت يف ظلػو وظلػت قائمػة يف ظػل القػانوف اعبديػد .
وعل ػػى ذل ػػك ف ػػاف اآلث ػػار اؼبس ػػتقبلة ؽب ػػذه اؼبراك ػػز تظ ػػل خاض ػػعة للق ػػانوف الق ػػدًن وك ػػذلك ط ػػرؽ انقض ػػائها
واكبالؽبا ،ويف ىذا النطاؽ وبل مبدأ األثر اؼبستمر للقانػوف القدًن ؿبل األثر اؼبباشر للقانوف اعبديد .
ويستند ىذا االستثناء إذل انتفاء اغبكمة من تقرير األثر اؼبباشر للقانوف اعبديد ،إذ اغبكمة مػن تقريػر
األث ػػر اؼبباش ػػر ى ػػي م ػػا يتطلب ػػو النظ ػػاـ يف الدول ػػة م ػػن وح ػػدة الق ػػانوف ال ػػذي يطب ػػق عل ػػى اؼبراك ػػز القانوني ػػة
اؼبتماثلػػة ،وىػػذه اغبكمػػة تنتفػػي بالنسػػبة للمراكػػز العقديػػة ،أي العقػػود ،إذ ىبتلػػف تنظيمهػػا مػػن مركػػز إذل
آخر كنتيلة ؼببدأ سلطاف اإلرادة يف ؾباؿ الروابط العقدية .
ولتحدي ػػد اؼبراك ػػز العقدي ػػة ،ف ػػاف الفقه ػػاء وعل ػػى رأس ػػهم الفقي ػػو " "Roubierيفرق ػػوف ب ػػُت اؼبراك ػػز
القانونيػة واؼبراكػػز العقديػػة ،فيقولػػوف أف المركــز القــانوني ىػػو الػػذي يسػػتقل القػػانوف بتنظيمػػو مباشػػرة نظػرا
إذل أف أحكامػػو هتػػم الكافػػة ،علػػى الػػرغم مػػن أف اؼبركػػز القػػانوين ال ينشػػأ إال بنػػاء علػػى عقػػد مػػن العقػػود،
فمثػػل ىػػذا اؼبركػػز يكػػوف موحػػدا بالنسػػبة عبميػػع األف ػراد ومػػن مث تت ػوافر اغبكمػػة مػػن تقريػػر األثػػر اؼبباشػػر
للقانوف اعبديد ،كالزواج واؼبلكية ،فهما نظاماف قانونياف موحداف بالنسبة لللميع .
أما المركز العقدي فيقولوف ،بأنو يػراد بػو اؼبركػز القػانوين الػذي يػًتؾ القػانوف تنظيمػو إلرادة األفػراد،
وذلك نظرا إذل أف أحكامو هتم اؼبتعاقدين دوف غَتىم حيث يؤخذ دببدأ سػلطاف اإلرادة يف إنشػاء العقػد
أو يف ربديػد آثػاره ،فهػذا اؼبركػز زبتلػف أحكامػو وفقػا ؼبػا أراده اؼبتعاقػدين يف تنظيمػو ،وتنتفػي فيػو حكمػة
تطبيػق القػػانوف اعبديػػد بػأثر مباشػػر ومػػن مث هبػب اسػػتمرار تطبيػػق القػانوف القػػدًن علػػى مػا يرتبػػو مػػن آثػػار،
وعلى طرؽ اكبػالؿ ىػذا اؼبركػز وفقػا ؼبػا حػدده القػانوف القػدًن حػىت ولػو جػاء القػانوف اعبديػد بقواعػد أمػرة
تتعلق بالنظاـ العاـ واآلداب العامة .
المبحث الثالث :تفسيـر القاعـدة القانـونية
يقصد بتفسَت القاعدة القانونية الوقوؼ على معناىا وربديد نطاقها حىت يتسٌت إعماؿ حكمها علػى
ما يعرض من حاالت خاصة .
65
والتفسَت هبذا اؼبعٌت متصور بالنسبة لكل القواعد القانونيػة أيػا كػاف مصػدرىا ،غػَت أف ذلػك ال يعػٌت
أف القواعد القانونية تتساوى مػن حيػث حاجتهػا إذل التفسػَت ،فػالواقع أف القواعػد التشػريعية تكػوف عػادة
يف حاجة إذل التفسَت أكثر من غَتىا من القواعد األخرى .
فالقواعػػد التش ػريعية تػػرد عػػادة يف صػػورة م ػواد ـبتصػػرة مػػوجزة مػػا يػػؤدي يف كثػػَت مػػن اغبػػاالت إذل صػػعوبة
الوقوؼ على معناىا وبالتارل إذل حاجتها للتفسَت .
ولػػذلك فػػاف دراسػػتنا لتفسػػَت القاعػػدة القانونيػػة تنصػػب بصػػفة أساسػػية علػػى تفسػػَت القواعػػد التشػريعية
فقط .
المطلب األول :أنـواع التفسيـر
الفرع األول -التفسير التشريعي" "L'interprétation législative
ىو الذي يصدر من السلطة التشريعية اليت سنت أو وضػعت القواعػد القانونيػة وال شػك أف اؼبشػرع
ىو صاحب اغبق األوؿ يف تفسَت التشريع الذي أصدره .
ويللأ اؼبشرع إذل ىذا التفسَت حُت يثور اػبالؼ بُت ا اكم حوؿ تفسَت قصد اؼبشػرع ،فبػا يػؤدي
إذل أف تقضػي بعضػػها خالفػا ؼبػػا ىػو مقصػػود مػػن التشػريع وؽبػػذا يتػدخل اؼبشػػرع نفسػو حسػػما للخػػالؼ،
فيضػػع ح ػػدا ؼبػػا يبك ػػن أف يثػػور بالنس ػػبة للوقػػوؼ عل ػػى حقيقػػة قص ػػده ،وذلػػك ع ػػن طريػػق وض ػػع تش ػريع
تفسَتي ،يفسر بو التشريع الذي سبق لو إصداره.
واألصل أف التفسَت التشريعي يصدر من السػلطة الػيت وضػعت التشػريع الػذي وبتػاج إذل تفسػَت .غػَت
أف ذلػػك ال يبنػػع مػػن أف يصػػدر التفسػػَت التش ػريعي بطريػػق التفػػويض مػػن سػػلطة أخػػرى غػػَت السػػلطة الػػيت
أصػػدرت التش ػريع اؼب ػراد تفسػػَته .ويتميػػز التفسػػَت التش ػريعي بكونػػو ملزمػػا للقضػػاء وكافػػة اؽبي ػػات اؼبكلفػػة
بتطبيق القانوف وتنفيذه .
واألصػػل أنػػو ال هبػػوز للتش ػريع اؼبفسػػر أف يتضػػمن تعػػديال أو إضػػافة للتش ػريع ؿبػػل التفسػػَت .وىػػو
لػػذلك يعتػػرب أنػػو قػػد صػػدر مػػن وقػػت صػػدور التش ػريع ؿبػػل التفسػػَت ويطبػػق بالتػػارل علػػى كاف ػػة التصػػرفات
والوقػػائع الػػيت ربػػدث يف الفػػًتة بػػُت صػػدور التشػريعُت طاؼبػػا أنػػو دل يكػػن قػػد صػػدر بشػػأف تلػػك التصرفػػات
والوقائع حكم لائي .
66
وإذا كػاف التفسػَت التشػريعي ىػػو أىػم أنػواع التفسػَت للقػػانوف يف اعبماعػات القديبػة إال أنػو يف الوقػػت
اؼبعاصر دل يعد لػو ىػذه اؼبكانػة ،بسػبب انتشػار مبػدأ الفصػل بػُت السػلطات واقتصػار اؼبشػرع علػى فػرض
القواعد القانونية واإللزاـ هبا تاركا للقضاء مهمة تفسَتىا وتطبيقها على فروض العمل اؼبختلفة .
الفرع الثاني:التفسير الق ائي ":" L'interprétation judiciaire
التفسَت القضائي ىو التفسَت الذي يقوـ بو القاضي دبناسبة تطبيق القاعدة القانونية على ما يعرض
أمامو من نزاعات .فالتفسَت عند القضاء ليس غاية يف ذاتو ،بل ىػو وسػيلة يسػتخدمها بقصػد الفصػل
يف اؼبنازعات ،وبناء على ذلك فال يبكن أف يطلب من القاضػي تفسػَت نػص قػانوين اسػتقالال عػن وجػود
نزاع معروض عليو .
ويالحظ أف التفسَت القضائي ال يعد ملزمػا إال يف حػدود النػزاع الػذي يسػتلزـ ىػذا التفسػَت ،فهػو غػَت
ملزـ بالنسبة للمحكمة نفسها اليت صدر عنها التفسَت يف نزاع مسػتقل فباثػل ،وغػَت ملػزـ بالنسػبة لغَتىػا
من ا اكم ،بل أنو إذا استقرت ا اكم على تفسَت معُت ،فاف ىذا التفسَت ال يلزـ ا اكم األخرى .
وال يسػػتثٌت مػػن ذلػػك إال اغبالػػة الػػيت تػػنقض فيهػػا ا كمػػة العليػػا حكػػم مػػن األحكػػاـ ػبطػػأ يف تطبيػػق
القػػانوف وربيػػل القضػػية إذل دائػػرة أخػػرى يف ا كمػػة الػػيت أصػػدرت اغبكػػم األوؿ لػػتحكم فيػػو مػػن جديػػد،
ففي ىذه اغبالة تلتزـ الدائرة اعبديدة باتباع حكم ا كمة العليا واألخذ بتفسَتىا .
الفرع الثالث:التفسير الفقهي:" L'interprétation doctrinale ":
التفسَت الفقهي ىو التفسَت الذي يقوـ بو فقهاء القانوف يف شروحهم ومؤلفاهتم.
ويغلػػب علػػى ىػػذا التفسػػَت الطػػابع النظػػري – مقارنػػة مػػع التفسػػَت القضػػائي الػػذي يغلػػب عليػػو الطػػابع
العملي – حيث تقتصر مهمة الفقيو على استخالص حكم القانوف ؾبردا من الظروؼ الواقعية .
ولكػػن الفقػػو أخػػذ منػػذ أواخػػر القػػرف اؼباضػػي يتلػػو يف تفسػػَته وجهػػة عمليػػة بدراسػػتو ألحكػػاـ ا ػػاكم
ومراجعة تطبيقها للقواعد القانونية على ما يعرض من حاالت واقعية .
وإذا ك ػػاف التفس ػػَت الفقه ػػي غ ػػَت مل ػػزـ للقاض ػػي فه ػػذا ال يع ػػٍت أف ب ػػُت الفق ػػو والقض ػػاء انفص ػػاؿ ت ػػاـ،
فالتعػػاوف بينهمػػا أمػػر مسػػلم بػػو ،فغالبػػا مػػا يسػػتعُت القاضػػي يف تفسػػَته للقػػانوف ب ػ راء الفقهػػاء ،كمػػا أف
الفقهاء يدخلوف يف اعتبارىم عند تفسَتىم للقانوف ما تتلو إليو أحكاـ ا اكم .
67
ىذا ويالحظ أف الفقو عند قيامو بالتفسَت ال يقتصر دوره على ؾبػرد الشػرح والتوضػيح وإمبػا يبتػد دوره
إذل أبعد من ذلك عن طريق اقػًتاح اغبلػوؿ الػيت يراىػا مناسػبة لسػد أي نقػص أو قصػور يػراه يف التشػريع،
وىو بذلك ،وبرغم انعداـ القوة اؼبلزمة لتفسَته ،يساىم يف خلق القوانُت اعبديدة اليت يصدرىا اؼبشرع .
المطلب الثاني :المدارس المختلفة في التفسير :
أسهم الفقو كعادتو يف تػذليل الصػعاب للقضػاء بغػرض الكشػف عػن أسػرار النصػوص و خفاياىػا.
وذبسد عطػاؤه يف مػدارس ثػالث كانػت لكػل واحػدة نظرهتػا اػباصػة بشػأف تفسػَت النصػوص .نسػتعرض
مضموف كل نظرية فيما يأ :
الفرع األول :مدرسة(الشرا على المتون)" " école de l'exégèse
ويطلق عليها اسم آخر ( مدرسة االزام بالنصوص ) ،يرى أصػحاب ىػذه النظريػة أف دور اؼبفسػر
هبب أال يتلاوز النص إذ يلزـ فقػط بالكشػف عػن نيػة اؼبشػرع و مقصػده سػاعة وضػع الػنص .وظهػرت
ىػػذه النظريػػة يف فرنسػػا علػػى إثػػر صػػدور التقنينػػات الفرنسػػية يف القػػرف اؿ 19وانبهػػار الكثػػَت مػػن الفقهػػاء
واعتقػادىم ألػا قػد أحاطػت بكػل شػػيء ،فبػا أثػر علػى مسػلك الػػذين انصػب اىتمػامهم علػى شػرح تلػػك
التقنينات النص تلو النص وفق الًتتيب الذي وردت بو ولذلك ظبيت ىػذه اؼبدرسػة دبدرسػة الشػرح علػى
اؼبتوف .
ويلتػػزـ فقهػػاء تلػػك اؼبدرسػػة النصػػوص بقصػػد البحػػث عػػن إرادة اؼبشػػرع حيػػث ألػػم يعتػػربوف التش ػريع
اؼبصػػدر الوحيػػد للقػػانوف ،ولػػذلك فػػاف مهمػػة الفقيػػو والقاضػػي يف التفسػػَت تنحصػػر يف الكشػػف عػػن إرادة
اؼبشرع وقت وضع النص .
ف ػػاذا وج ػػد ال ػػنص تع ػػُت البح ػػث ع ػػن اإلرادة اغبقيقي ػػة للمش ػػرع ،وي ػػتم ذل ػػك ع ػػن طري ػػق مع ػػاين ال ػػنص
وألفاظػػو ،وإذا كػػاف الػػنص غامضػػا وجػػب اسػػتلالء ىػػذه اإلرادة بتقريػػب النصػػوص بعضػػها مػػن الػػبعض
اآلخر ،وكذلك االستعانة باألعماؿ التحضَتية للنص ومصادره التارىبية .
أمػػا إذا دل يوجػػد نػػص غبالػػة معينػػة تعػػُت البحػػث عػػن اإلرادة اؼبفًتضػػة للمشػػرع فيمػػا يتعلػػق هبػػذه اغبالػػة
وقػت وضػػع التشػريع ،أي اإلرادة الػػيت يفػػًتض أف اؼبشػػرع كػػاف يعػرب عنهػػا لػػو عػػرض لتلػػك اغبالػػة ،ويكػػوف
ذلك باستعماؿ القياس وباالستنتاج من باب أورل وباالستنتاج دبفهوـ اؼبخالفة .
ويالحػػظ أف مػػنه ،ىػػذه اؼبدرسػػة يف التفسػػَت يبنػػع ربكػػم القضػػاة ،حيػػث يقتصػػر دورىػػم علػػى البحػػث
عن إرادة اؼبشرع اغبقيقية أو اؼبفًتضة .
68
غَت أف ىذه النظرية تعرضت لالنتقادات من اعبوانب اآلتية:
-ى ػػذه اؼبدرس ػػة تعت ػػرب التش ػريع اؼبص ػػدر الوحي ػػد للق ػػانوف وإنكارى ػػا تبع ػػا ل ػػذلك ،تع ػػدد مص ػػادر الق ػػانوف
الوضػػعي ،وىػػذا يف الواقػػع ال يوجػػد مػػن يقػػوؿ بػػو اآلف ،ولػػذلك قيػػل حبػػق أف مدرسػػة الشػػرح علػػى اؼبتػػوف
تعترب من ىذه الناحية مهلورة سباما.
-نظػػرة ىػػذه اؼبدرسػػة للتفسػػَت تػػؤدي إذل صبػػود القػػانوف وربػػوؿ بينػػو وبػػُت التطػػور لكػػي يػػتالءـ مػػع تغيػػَت
الظػروؼ يف ا تمػػع ،فحصػػر التفسػػَت يف نطػػاؽ إرادة اؼبشػػرع وقػت وضػػع الػػنص حػػىت ولػػو تغػػَتت ظػػروؼ
ا تمع وقت تطبيقو يؤدي إذل صبود القانوف وعرقلة تطوره .
-اعتمػػاد ىػػذه النظريػػة فكػػرة اإلرادة اؼبفًتضػػة للمشػػرع ،أدى إذل أف الفقهػػاء ينسػػبوف إذل اؼبشػػرع إرادة
مفتعلػػة يف األمػػور الػػيت يصػػعب معهػػا الكشػػف عػػن اإلرادة اغبقيقيػػة للمشػػرع يف وقػػت بعيػػد رغػػم تغ ػػَت
الظروؼ االجتماعية .
الفرع الثاني :المدرسة التاريخية أو (االجتماعية)" "L'école historique ou sociologique
ظهرت ىذه اؼبدرسة يف أؼبانيا ،ويعد الفقيو ساقيني رائدىا ،وفقػو ىػذه النظريػة اؼبدرسػة يف التفسػَت
يرتبط بأساس نظرهتا إذل القانوف .
فالقانوف يف نظر ىذه اؼبدرسػة لػيس ؾبػرد تعبػَت عػن إرادة الدولػة وإمبػا وليػد حاجػات ا تمػع ،كمػا أنػو
يتطور بتطور ظروؼ ا تمع ،لذا فاف تفسَته هبب أف يرتبط بتغَت ىذه الظروؼ .
لذلك فػاف اؼبفسػر عنػد قيامػو بالتفسػَت -وفقػا ألنصػار ىػذه اؼبدرسػة -ال يتلػو إذل البحػث عػن نيػة
اؼبشرع عند وضع النص ،ولكن إذل التعرؼ على ىذه النيػة لػو أف اؼبشػرع وضػع الػنص يف ضػوء الظػروؼ
اغباضرة وقت التفسَت .
إال أف ىذه اؼبدرسة دل تسلم من سهاـ النقد ،فقد أخذ عليها ما يلي:
-ألػا تػؤدي إذل اإلخػالؿ دببػػدأ الفصػل بػُت السػلطات ،حيػػث يػؤدي مػذىبها يف التفسػَت إذل االعػًتاؼ
حبػق القاضػػي يف تعػػديل النصػػوص التشػريعية أو تغيَتىػػا وإحػػالؿ قواعػػد جديػدة ؿبلهػػا ،األمػػر الػػذي ىبػػرج
عن وظيفة القضاء .
-أخػػذ علػػى ىػػذه اؼبدرسػػة أيضػػا ألػػا سبكػػن اؼبفسػػر مػػن اإلدالء برأيػػو الشخصػػي وفقػػا لنظرتػػو إذل ظػػروؼ
ا تمػػع مػػع نسػػبة ىػػذا الػرأي إذل اؼبشػػرع فبػػا يػػؤدي إذل فقػػداف القػػانوف مػػا هبػػب أف يتػوافر لػػو مػػن الثبػػات
والتحديد الالزـ الستقرار اؼبعامالت .
69
الفرع الثالـث :المدرسـة العلميـة أو مدرسـة البحـث العلمـي الحـر " L'école scientifique ou
recherche scientifique"de la libre
تنسػػب ىػػذه اؼبدرسػػة إذل الفقيػػو الفرنسػػي فرانســوا جينــي ،وجػػاءت كاذبػػاه وسػػط بػػُت اؼبدرسػػتُت
السػابقتُت .فنظػرة ىػذه اؼبدرسػة يف التفسػَت تقػوـ علػى أسػاس البحػث عػن إرادة اؼبشػرع مػع عػدـ إغفػػاؿ
العوامل اؼبختلفة اليت تساىم يف تكوين القاعدة القانونية .
فاؼبدرسة العلمية تتفق مع مدرسة الشرح على اؼبتوف يف أف تفسَت التشريع هبب أف يتم على أساس
إرادة اؼبشػػرع اغبقيقيػػة عنػػد وضػػع الػػنص ،أمػػا إذا دل يوجػػد نػػص يف التش ػريع للحالػػة اؼبعروضػػة ،فػػال هبػػوز
البحث عن اإلرادة اؼبفًتضة للمشرع – كما ذىبت مدرسة الشرح على اؼبتوف – بػل ينبغػي التسػليم بػأف
التشريع ال يتضمن حال ؽبذه اغبالة .
ويتعػػُت البح ػث يف اؼبصػػادر الرظبيػػة األخػػرى للقاعػػدة القانونيػػة ،فػػاف دل هبػػد اؼبفسػػر قاعػػدة غبكػػم
اغبالػػة اؼبعروض ػػة علي ػػو يف اؼبص ػػادر األخ ػػرى ،ف ػػال يبقػػى إال إتب ػػاع البح ػػث العلم ػػي اغب ػػر ،ويقص ػػد ب ػػذلك
الرجوع إذل جوىر القانوف ،أي اؼبادة األولية اليت يتكوف منها دبا تشتمل عليو من حقائق طبيعية وتارىبية
وعقليػة ومثاليػة ،وبػػذلك يػتمكن القاضػػي مػن العثػػور علػى حػػل للنػزاع اؼبعػػروض عليػو ،وقػػد تفػادت ىػػذه
اؼبدرسة االنتقادات الفقهية .
ويشيد الفقو بسالمة األساس الذي تقوـ عليو اؼبدرسة العلمية .وقد اعتمدىا اؼبشرع اعبزائري .
المطلب الثالث :وسائـل تفسيـر القانـون
عنػدما يعػرض النػزاع علػى القاضػي يتعػُت عليػو أف يبحػػث عػن حػل ؽبػذا النػزاع يف التشػريع قبػل غػػَته
مػػن اؼبصػػادر ،ومػػىت وجػػد للحالػػة اؼبعروضػػة نصػػا يواجههػػا فقػػد يكػػوف ىػػذا الػػنص سػػليما خاليػػا مػػن كػػل
عيب ،وقد يكوف معيبا وبتاج الوقوؼ على معناه إذل بذؿ اعبهد إلصالح ما بو من عيوب .
ول ػػذلك يتع ػػُت يف ش ػػأف دراس ػػة وس ػػائل التفس ػػَت أف مبي ػػز ب ػػُت حال ػػة ال ػػنص الس ػػليم ( ط ػػرؽ التفس ػػَت
الداخلية) وحالة النص اؼبعيب (طرؽ التفسَت اػبارجية ) .
الفرع األول:حالة النص السليم( طرؽ التفسَت الداخلية):
مىت كاف النص سليما ،أي ال عيب فيو فاف دور القاضي يقتصر علػى اسػتخالص معػٌت الػنص مػن
ألفاظو ،وعباراتو ،أو فبا يشَت إليو عن طريق داللتو ،أي من فحواه وروحو .
71
وىنػػا نسػػتعمل طػػرؽ التفســير الداخليــة الػػيت يقصػػد هبػػا الوسػػائل الػػيت يللػػأ إليهػػا القاضػػي لتفسػػَت الػػنص
التشػريعي حبيػػث وبلػػل الػػنص ذاتػػو ربلػػيال منطقيػػا ،ويسػػتنت ،مػػن عباراتػػو وألفاظػػو اغبكػػم الواجػػب التطبيػػق
بصفة مباشرة أي بدوف االلتلاء إذل وسيلة خارجية عن ذات النص التشريعي .
-وأىػػم طــرق التفســير الداخليــة :طريقػػة القيػػاس ،وطريقػػة االسػػتنتاج مػػن بػػاب أوذل وطريقػػة االسػػتنتاج
دبفهوـ اؼبخالفة.
-1االستنتاج بطريقة القياس:
يللػػأ القاضػػي للقيػػاس يف حالػػة نقػػص التشػريع عػػادة ،أي عنػػدما تعػػرض عليػػو حالػػة دل يػػرد بشػػألا
نػػص خػػاص يف التش ػريع فيطبػػق عليهػػا نػػص تش ػريعيا مقػػررا غبكػػم حالػػة أخػػرى إذا مػػا وجػػد أف اغبػػالتُت
متشاهبتاف سباما وألما متحدتاف يف السبب ،أي العلة .
ومثاؿ ذلك اغبديث النبوي الشريف الذي يقوؿ ( من يقتل مورثو ال يرثـو ) وىػو حكػم شػرعي قيسػت
عليو حالة اؼبوصى لو الذي يقتل اؼبوصي ليتعلل اغبصوؿ على الوصية وحرـ من حقو يف الوصية كمبػدأ
عاـ يف الشريعة اإلسالمية وذلك للتشابو التاـ بُت اغبالتُت واربادنبا يف العلة .
-2االستنتاج من باب أولى:
وىػػو نػػوع آخػػر مػػن القيػػاس ،حيػػث يللػػأ القاضػػي ؽبػػذه الطريقػػة فيطبػػق حكمػػا واردا بشػػأف حالػػة
معينة ،يطبقو على حالة أخرى دل يرد بشألا نص ،ألف العلة يف اغبالة األخَتة أكثر توافرا منها يف اغبالة
األوذل الوارد بشألا النص.
ومثاؿ ذلك اآلية الكريبة اليت تأمر حبسن معاملة الوالدين (وال تقل لهما أف وال تنهرىمـا) نسػتطيع أف
نستنت ،منها ألا ذبرـ ضرب األب أو األـ من باب أوذل ألف اإلساءة بالضرب تكوف أكرب وأوفر .
-3االستنتاج بمفهوم المخالفة:
يللأ القاضي ؽبذه الطريقة لتطبيق عكس اغبكم الوارد بشأف حالة معينة ،يطبقو على حالة أخرى
دل يػػرد بشػػألا نػػص إذا كانػػت عكػػس اغبال ػة األوذل سبامػػا .وبعبػػارة أخػػرى فهػػذه الطريقػػة عكػػس طريقػػة
القياس سباما .
ومثاؿ ذلك نص القانوف اؼبدين على أنو ( في حالة ىـالك المبيـع قبـل التسـليم يفسـخ البيـع ويسـترد
المشتري الثمن ) .ودبفهوـ اؼبخالفة ؽبذه القاعدة القانونية نقوؿ أنو يف حالة ىالؾ اؼببيع بعػد التسػليم
ال فس وال يسًتد اؼبشًتي الثمن .
71
وىذه الطرؽ الثالث للتفسَت الداخلي ال يللأ إليها القاضػي إال يف حالػة نقػص التشػريع أو سػكوتو عػن
إيراد نص وبكم العالقة اؼبعروضة على القاضي اؼبدين باعتبارىا موضوع النزاع اؼبطروح أماـ ا كمة .
الفرع الثاني :حالة النص المعيب ( طرق التفسير الخارجية ):
وتشمل الوسائل اػبارجية اليت يللأ إليها القاضػي ،أي الوثػائق أو الػدالئل الػيت يسػتعُت هبػا القضػاة
لتفسػػَت النصػػوص التش ػريعية وبيػػاف معناىػػا ومضػػمولا كلمػػا كانػػت تلػػك الوسػػائل أو الوثػػائق أو الػػدالئل
خارجة عن النص ذاتو .
وطرؽ التفسير الخارجية تتمثل يف :
أوال) الرجوع إلى حكمة التشريع والغاية منو:
وذلػػك الف الػػنص التش ػريعي مػػا ىػػو إال وسػػيلة لتحقيػػق غايػػة معينػػة ،وتعػػد ىػػذه الغايػػة ىػػي الػػدافع
الػػذي دفػػع اؼبشػػرع لوضػػع اغبكػػم الػػذي تتضػػمنو القاعػػدة القانونيػػة ،وبعبػػارة أخػػرى ربديػػد اؼبصػػلحة الػػيت
قصػػد اؼبشػػرع ربقيقهػػا أو اؼبفسػػدة الػػيت قصػػد اؼبشػػرع دفعهػػا وؽبػػذا فمعػػٌت الػػنص ال يتحػػدد إال علػػى ضػػوء
الغاية اليت يرمي إذل ربقيقها.
ثانيا) الرجوع إلى األعمال التح يرية :
وىػػي ؾبموعػػة الوثػػائق الػػيت تبػػُت اؼبراحػػل الػػيت مػػر هبػػا الػػنص عنػػد وضػػعو ،وتتمثػػل ىػػذه الوثػػائق ،يف
مش ػػروع ال ػػنص واؼبناقش ػػات ال ػػيت دارت حول ػػو يف اللل ػػاف الفني ػػة اؼبختص ػػة ال ػػيت قام ػػت بوض ػػعو وا ػػالس
التش ػريعية ال ػػيت تول ػػت إق ػراره ،كم ػػا تش ػػمل اؼب ػػذكرة اإليضػػاحية ال ػػيت تتض ػػمن تعليق ػػا عل ػػى مش ػػروع ال ػػنص
فتوضح معناه واغبكمة اؼبقصودة منو ،وىذه الوثائق كلها تعتػرب معينػا للمفسػر يف الوصػوؿ إذل فهػم معػٌت
النص .
ولكػػن يالحػػظ أف األعمػػاؿ التحضػػَتية للقػػانوف ،ال تلػػزـ اؼبفسػػر وال القاضػػي أيضػػا أللػػا ليسػػت جػػزء
من التشريع ،ومػن مث هبػب مراعػاة اغبػذر يف االعتمػاد عليهػا والسػبب يف ذلػك يرجػع إذل أف واضػعها قػد
ىبط ػػي يف فه ػػم ال ػػنص ،وبالت ػػارل سيض ػػمنها أراء ال تتف ػػق م ػػع حقيق ػػة اغبك ػػم اؼبنص ػػوص علي ػػو ،كم ػػا أف
األعماؿ التحضَتية قد تصبح غػَت معػربة عػن معػٌت الػنص ،وذلػك بسػبب التعػديالت الػيت قػد تطػرأ علػى
بعض النصوص .
72
ثالثا) الرجوع إلى المصادر التاريخية:
ويقصػػد هبػػا ،األصػػل التػػارىبي الػػذي اسػػتمد منػػو اؼبشػػرع اغبكػػم اؼبنصػػوص عليػػو ،وىػػذا اؼبصػػدر قػػد
يكػػوف قػػانوف دولػػة أجنبيػػة أو قضػػاؤىا أو فقههػػا ،وقػػد يكػػوف اؼبصػػدر التػػارىبي عبػػارة عػػن قػػانوف الدولػػة
القدًن أو قضاؤىا أو فقهها فالرجوع إذل اؼبصدر التارىبي كثي ػ ػرا ما يساعد اؼبفسػر على فه ػم معػٌت الػنص
.كػأف يكػػوف الػنص مأخػػوذ مػن التشريػػع الفرنسػػي أو التشػريع اؼبصػري ،أو كمػػا ىػي اغبػاؿ يف نصػ ػػوص
قانوف األسرة اليت اشتقت معظمها من أحكاـ الشريعة اإلسالمية ،إذ يتعُت على القاضي يف ىذه اغبالػة
أف يعود إذل ىذه اؼبصادر التارىبية .
73
خاتمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة:
ال شك يف أف ا تم ػع الذي زبلػ ػ ػو رب ػ ػوعو من ظ ػالؿ القانػ ػوف سي ػكػ ػوف دبنزلػ ػة غابػ ػة يأكل القػ ػوي
فيػ ػها الضعي ػ ػف ،فتتعثر مسي ػ ػرة اغبيػ ػ ػ ػاة ،ويطغى االضطراب وعدـ الت ػ ػ ػ ػ ػوازف فيها .ودراستنا للمدخل إذل
علم القان ػ ػ ػ ػوف ،إمبا ىي دراسة سبهيػ ػ ػ ػدية ،وشرح للمبػ ػ ػ ػادئ العامػ ػة اؼبشًتك ػة يف العلػ ػ ػوـ القان ػ ػ ػونية لكي
نسهل لطالب العلم معرف ػ ػة القانػوف ،وفهمو ،ونساعدىم على استيعاب األحكاـ ،واؼببادئ العامة اليت
تستند إليها القوانُت بكافة فروعها.
فالقانوف بكل فرع من فروعو وبفظ حقوقًا متع ّددة لألفراد والدولة ووبميها ،وىو يرمي إذل تنظيم
تنظيما من شأنػ ػ ػو العم ػ ػل على ربقي ػ ػق اػبي ػر العػ ػاـ لألف ػ ػراد كاف ػ ػة ،ويعمل على صيان ػ ػة اغبري ػات
ا تمع ً
لألفراد ومصاغبهم اػباصة ،فالقانوف أمر البد منو ،وال يتسٌت تمع من ا تمعات مهما كانت درجة
ثقافتو أف يتملص لائيًا من وضع قواعد يبكنو من خالؽبا تسيَت أموره.
وىكذا نتمٌت أف تكوف ىذه اؼبطبوعة مرجعا يعتمد عليو أبناءنا الطلبة ولو باعطاء ة وجيزة عن
علم القانػػوف .
74
قائمة المصادر و المراجع
75
-اسحق إبراىيم منصور .نظريتا القانون و الحق و تطبيقاتهما في القوانين الجزائرية ،اعبزائر :
ديواف اؼبطبوعات اعبزائرية .1992،
-حبيػػب إبػراىيم اػبليلػػي .المــدخل للعلــوم القانونيــة (النظريػػة العامػػة للقػػانوف) ،ط ،3اعبزائػػر :ديػواف
اؼبطبوعات اعبامعية1992 ،ـ.
-حبيب إبراىيم اػبليلي .المدخل للعلوم القانونية (النظرية العامة للقانوف) ،اعبزائر :بن عكنوف،
ديواف اؼبطبوعات اعبامعية. 1998،
-حسُت الصغَت .النظرية العامة للقانون ببعديها الغربي والشرعي ( دراسة مقارنة ) ،ط،2
اعبزائر،دار ا مدية 2001 ،ـ.
-خليل أضبد حسن قدادة .شرا النظرية العامة للقانون في القانون الجزائري ،اعبزائر ،بن عكنوف:
ديواف اؼبطبوعات اعبامعية .2002،
-خالد الزعد ومنذر الفضل .المدخل إلى علم القانون ،األردف :عماف ،مكتبة دار الثقافة للنشر
والتوزيع.1998 ،
-رمضاف أبو السعود .الوسيط فـي شـرا مقدمـة القـانون المـدني (القاعػدة القانونيػة) ،بػَتوت :الػدار
اعبامعية1982 ،ـ.
-عباس الصراؼ وجورج حزبوف .المدخل إلى علم القانون ،ط،1عماف :دار الثقافػة للنشػر والتوزيػع
2003،ـ.
-عمار بوضياؼ .المدخل للعلوم القانونية '.النظرية العامة للقانوف و تطبيقاهتا يف التشريع اعبزائري'.
ط ، 2اعبزائر :دار روبانة للكتاب (جسور) للنشر والتوزيع2000 ،ـ.
-عمار بوضياؼ .الوسيط في النظرية العامة للقانون مع تطبيقات لتشريعات عربية .ط،1عماف
:دار الثقافة للنشر والتوزيع2010 ،ـ.
-عبد القادر الفار .المدخل لدراسة العلوم القانونية "،مبادىا القانون – النظرية العامة
للحق"،ط ،1عماف :دار الثقافة للنشر و التوزيع 1993،ـ.
-ؿبمد حسنُت .الوجيز في نظرية القانون ،اعبزائر :اؼبؤسسة الوطنية للكتاب1986 ،ـ.
-ؿبمػػد سػػعيد جعفػػور .مــدخل إلــى العلــوم القانونيــة (الػػوجيز يف نظريػػة القػػانوف ) .ط.3اعبزائػػر :دار
ىومة 1998ـ.
76
-ؿبفوظ لعشب .المبادل العامة للقانون المدني ،اعبزائر :ديواف اؼبطبوعات اعبامعية .1992 ،
-نادية فضيل .دروس في المدخل للعلوم القانونية ( النظرية العامة للقانوف يف القانوف اعبزائري ) ،
بن عكنوف :ديواف اؼبطبوعات اعبامعية .1999،
-توفيق حسن فرج .المدخل للعلوم القانونية .ط ، 1بَتوت :الدار اعبامعية .1988،
77
الف ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرس
79
الفـرع األول :تعريف العـرف وتحـديد أىميتو 41.........................................................
الفـرع الثانـي :أركـان العــرف41 ........................................................................
الفـرع الثـالث :تقديـر العــرف45 .......................................................................
المطلب الثالث :مبـادل القانـون الطبيعـي وقواعـد العدالـة46.............................................
المبحث الثالث :المصـادر التفسيريـة للقانـون47........................................................
المطلب األول :الفقـو47 ..............................................................................
المطلب الثاني :الق ـاا 49............................................................................
الفصــل الرابع :تطبيــق القــاعــدة القــانونيــة 50...........................................................
المبحث األول :السلطـة الق ائيـة50...................................................................
المبحث الثاني :نطـاق تطبيـق القاعـدة القانونيـة51......................................................
المطلب األول :نطاق تطبيق القاعدة القانونية من حيث األشخاص51....................................
الفرع األول :مبدأ عدم جواز االعتذار بجهل القانون51.................................................
الفرع الثاني :االستثنااات الواردة على قاعدة عمومية القوانين 53........................................
المطلب الثاني :نطـاق تطبيق القاعدة القانونية من حيث المكـان 55......................................
الفرع األول :مبدأ إقليمية القوانين 55..................................................................
الفرع الثاني :مبدأ شخصية القوانين 55.................................................................
الفرع الثالث :موقف القانون الجزائري من األخذ بالمبدأين56...........................................
المطلب الثالث :نطـاق تطبيـق القوانيـن من حيث الزمـان 58.............................................
الفرع األول :إلغاا القاعدة القانونية59..................................................................
الفرع الثاني :تنازع القواعد القانونية من حيث الزمان 61.................................................
المبحث الثالث :تفسيـر القاعـدة القانـونية65............................................................
المطلب األول :أنـواع التفسيـر 66.....................................................................
الفرع األول :التفسير التشريعي66......................................................................
الفرع الثاني:التفسير الق ائي 67......................................................................
الفرع الثالث:التفسير الفقهي 67.......................................................................
المطلب الثاني :المدارس المختلفة في التفسير 68.....................................................
الفرع األول :مدرسة الشرا على المتون 68............................................................
الفرع الثاني :المدرسة التاريخية أو (االجتماعية) 69.....................................................
81
الفرع الثالث :المدرسة العلمية أو مدرسة البحث العلمي الحر 70.......................................
المطلب الثالث :وسائـل تفسيـر القانـون 70.............................................................
الفرع األول :حالة النص السليم 70....................................................................
الفرع الثاني :حالة النص المعيب ( طرق التفسير الخارجية ) 72.........................................
خاتمة74..............................................................................................
قائمة المراجع 75-77................................................................................
الفـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرس 78 -81...................................................................
81