You are on page 1of 81

‫جامعة الدكت ـ ـور الطاىر موالي سعيدة‬

‫كلية الحقوق والعلـ ـوم السياسية‬


‫قسم العل ـ ـ ـوم السياسية‬

‫محاضرات في المدخل للعلوم‬


‫القانونية (النظرية العامة للقانون)‬
‫مطبوعة موجهة لطلبة السنة األولى‬

‫إعداد ‪ :‬د‪.‬حفيظة عياشي‬

‫‪1‬‬
‫م ـق ــدم ـ ـ ـ ـ ـ ــة ‪:‬‬
‫من اؼبعروؼ أف اؼبدخل إذل أي علم من العلوـ يقصد بو تعريف ىذا العلم و بياف اػبصائص اليت‬
‫يتميز هبا عن غَته من العلوـ األخرى ‪ ،‬مع تقدًن اؼببادئ األساسية فيو و شرح األفكار الرئيسية وعرض‬
‫القواعد العامة اليت يقوـ عليها‪ ،‬و بتعبَت آخر نقوؿ أف اؼبدخل ألي علم ىو ىيكلة اػبطوط العريضة‬
‫لذلك العلم لتكوف دبثابة األساس اؼبتُت اؼبًتابط الذي يسهل للدارس أف يستوعب تفاصيل ذلك العلم‬
‫عند الدخوؿ إذل فروعو وتقسيماتو اؼبتعددة ‪ ،‬وفهم النظريات اؼبختلفة اليت ربكم تلك التفصيالت‪.‬‬
‫ومن ىذا اؼبنطلق نقوؿ أف اؼبدخل إذل علم القانوف ىو دراسة سبهيدية وشرح للمبادئ العامة‬
‫اؼبشًتكة يف العلوـ القانونية‪ .‬وىذا يعٍت أف اؼبدخل إذل علم القانوف ليس مرتبطا بفرع معُت من فروع‬
‫القانوف اليت تنتظم صبيعها يف إطار عاـ ىو النظاـ القانوين للدولة ‪ ،‬ألنو يرتبط بكل فروع النظاـ‬
‫القانوين‪ ،‬فهو يبهد للفروع القانونية صبيعها‪.‬‬
‫ولكن مع التسليم بصحة ىذا الرأي ‪ ،‬فقد جرى العمل على أف دراسة اؼبدخل إذل علم القانوف‬
‫تلحق بالقانوف اؼبدين ‪ ،‬و ذلك تأسيسا على أف القانوف اؼبدين ىو الشريعة العامة للقانوف ‪ ،‬حيث‬
‫اختص بنصيب األسد فيما يتعلق بالنص على أغلب اؼببادئ و القواعد العامة اليت تتضمن الدراسة‬
‫التمهيدية للقانوف ‪.‬‬
‫ولبلص من ىذا إذل القوؿ بأف النظاـ القانوين يف أي دولة دبا يشملو من القانوف العاـ والقانوف‬
‫اػباص بفروعهما‪ ،‬يقوـ على أسس و مبادئ و نظريات عامة ‪ ،‬تستخدـ فيها تعبَتات ومصطلحات‬
‫قانونية مشًتكة ‪ ،‬ؽبا مدلوالت ثابتة ال تتغَت ‪ ،‬وىي موضوع الدراسة دائما يف اؼبدخل إذل العلوـ‬
‫القانونية ‪ ،‬وىي اليت تتضمنها بوجو عاـ النظريتاف اآلسيتاف ونبا النظرية العامة للقانوف والنظرية العامة‬
‫للحق‪ ،‬إال أف ىذه الدراسة يف ىذا اؼبقاـ سًتكز على النظرية العامة للقانوف ‪ ،‬يف انتظار دراسة قادمة‬
‫خاصة بالنظرية العامة للحق ‪.‬‬
‫ستقسم ىذه الدراسة إذل اػبطة اآلتية ‪:‬‬
‫الفصػػل األوؿ ‪ :‬تعريف القانػوف وسبييزه عن القواعد االجتماعية األخرى‪.‬‬
‫الفصػػل الثػػانػي‪ :‬تقسيمات القانػوف‬
‫الفصػل الثػالث‪ :‬مصػػادر القػانػػوف‬
‫الفصػػل الرابع‪ :‬تطبيػػق القػػاعػػدة القػػانونيػػة‬

‫‪2‬‬
‫الفصــل األول ‪ :‬تعريف القانـون وتحديـد نطــاقو‬
‫وظيف ػػة الق ػػانوف األساس ػػية ى ػػي ربقي ػػق ى ػػدفُت‪ :‬األوؿ ى ػػو ضباي ػػة حق ػػوؽ وحري ػػات الف ػػرد ومص ػػاغبو‬
‫اػباصة‪ .‬والثاين ىػو اغبفػاظ علػى كيػاف ا تمػع بػاقرار النظػاـ واالسػتقرار فيػو وكفالػة اؼبصػلحة العامػة ‪.‬أي‬
‫أف وظيفة القانوف ىي تنظيم ا تمع على كبو وبقق الصاحل العاـ ‪.‬‬
‫فالق ػػانوف ى ػػو ال ػػذي ينش ػػي اغبقػ ػػوؽ و يرس ػػم ح ػػدودىا و وب ػػدد الض ػػمانات غبمايت ػػو ‪ ،‬ووبمي ػػو ب ػػالقوة ‪.‬‬
‫واإلنسػاف مدنػي بطبعػػو تػدفعػػو غػريزتػػو إذل العػي مػع النػػاس ليتػعػػاوف مع ػػهم ويتبػادؿ معهػم اؼبنػافع ‪ ،‬فػال‬
‫يبكن أف نتصور إنساف يعي دبعزؿ عن بقية أفراد ا تمع ‪ .‬ومػن الطبيعػي أف تنشػأ بػُت األفػراد عالقػات‬
‫و معامالت فبا يؤدي حتما إذل ظهور منازعات و خالفات بينهم ‪ ،‬و تتعارض مصاحل كل واحد مػنهم‬
‫مػػع مصػػاحل الفػػرد اآلخػػر‪ .‬فمػػن ىنػػا كػػاف مػػن الضػػروري وجػػود قواعػػد قانونيػػة ملزمػػة تػػنظم العالقػػات فتبػػُت‬
‫لكل فرد ما لو من حقوؽ و ما عليو من واجبات ‪ ،‬حىت ال تصبح العالقات تسودىا الفوضى‪ ،‬فتكػوف‬
‫الغلبة فيها لألقوى ‪ ،‬وتنعدـ الطمأنينة و االستقرار يف ا تمع ‪.‬‬
‫إال أف القانوف ىبتلف باختالؼ األنظمة القانونية ‪ ،‬السياسية ‪ ،‬االقتصػادية واألخالقيػة السػائدة يف‬
‫دوؿ الع ػػادل ‪ ،‬ألف الق ػػانوف م ػػا ى ػػو إال نتاج ػػا طبيعي ػػا للتقالي ػػد والتفك ػػَت والعوام ػػل التارىبي ػػة واالقتص ػػادية‬
‫اػباصة بكل بلد من بلداف العادل‪ .‬فاذا كاف اإلنساف ال يعي إال يف صباعة فاف قياـ ىذه اعبماعة على‬
‫أساس من النظاـ واالسػتقرار يتطلػب وضػع قػوانُت و قواعػد عامػة ىبضػع ؽبػا كػل أفػراد اعبماعػة مػن أجػل‬
‫ربقيق التوازف بُت اؼبصاحل اؼبتعارضة لألفراد ‪.‬‬
‫وعلي ػػو س ػػنتطرؽ م ػػن خ ػػالؿ ى ػػذا الفص ػػل إذل مبحث ػػُت اؼببح ػػث األوؿ نتن ػػاوؿ في ػػو التع ػريػ ػػف بالقػان ػ ػػوف‬
‫واؼببحث الثػػاين يشمل التمييز بُت القواعد القانونية والقواعد االجتماعية األخرى ‪.‬‬
‫المبحث األول ‪:‬التعــريـف بالقـانــون‬
‫يشػػمل ىػػذا اؼببحػػث مفهػػوـ القػػانوف ومعانيػػو يف اؼبطلػػب األوؿ وخصػػائص القاعػػدة القانونيػػة يف اؼبطلػػب‬
‫الثاين‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم القانون ومعانيو‬
‫وسنتناوؿ من خالؿ ىذا الطلب أصل كلمة قانوف ومعٌت القانوف وعالقة القانوف باغبق ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أصل كلمة قانون‬
‫كلمػة قػػانوف ىػػي كلمػػة يونانيػػة األصػػل (‪ )KANUN‬ومعناىػا العصػػا اؼبسػػتقيمة ويقصػػدوف هبػػا الداللػػة‬
‫علػى االستقػ ػامة يف الق ػ ػ ػواعد واؼببػ ػادئ القانػ ػونيػ ػ ػة‪ ،‬وال يق ػصػ ػدوف هبػػا الداللػػة علػى العصػػا كػػأداة للضػ ػرب‬
‫أوالتأديػب ‪ ،‬وأصبحت يف اللغة العربيػػة تعٍت ( مقياس كل شيء )‪.‬‬
‫وقد انتقلت ىذه الكلمة اليونانية الدالة على االستقامة إذل عدة لغات لتعرب عن القانوف أيضػا مثػل‬
‫اللغ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة الفرنس ػ ػ ػ ػ ػ ػػية (‪ )DROIT‬وك ػ ػ ػ ػ ػ ػػذلك اللغ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة اإليطالي ػ ػ ػ ػ ػ ػػة (‪ )DIRITO‬واللغ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة اإلس ػ ػ ػ ػ ػ ػػبانية‬
‫(‪ )DERECHO‬واللغػػة األؼبانيػػة (‪... )RECHT‬إخل ‪ ،‬فكلمػػة القػػانوف تعػػرب عػػن نػػوع مػػن النظػػاـ‬
‫الثابػػت ‪ ،‬يتمثػػل يف ارتبػػاط حتمػػي يقػػوـ بػػُت ظػػاىرتُت وكأمبػػا توجػػد إحػػدانبا يف طػػرؼ عصػػا مسػػتقيمة‬
‫وتقابله ػػا األخ ػػرى يف لاي ػػة العص ػػا دوف أي اكب ػراؼ ‪ ،‬فالق ػػانوف لغ ػػة معن ػػاه اػب ػػط اؼبس ػػتقيم ال ػػذي يعت ػػرب‬
‫مقياسا لالكبراؼ ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬معنى القانون‬
‫تستخدـ كلمػة قػانوف للداللػة علػى معػاين متعػددة ويقصػد هبػا مفػاىيم ـبتلفػة ‪ ،‬فأحيانػا يقصػد هبػا‬
‫القػػانوف دبعنػػاه الواسػػع جػػدا وأحيانػػا يقصػػد هبػػا القػػانوف دبعنػػاه الضػػيق جػػدا ‪ .‬فتسػػتعمل كلمػػة قػػانوف يف‬
‫معناىػ ػ ػ ػػا الواسػ ػ ػ ػػع جػ ػ ػ ػػدا للداللػ ػ ػ ػػة علػ ػ ػ ػػى القػ ػ ػ ػػانوف الوضػ ػ ػ ػػعي (‪ )D.POSITIF‬أي النظػ ػ ػ ػػاـ القػ ػ ػ ػػانوين‬
‫(‪ )D.JURIDIQUE‬ككل‪ ،‬ومثاؿ ذلك نقوؿ بأف القانوف اعبزائري وبمي حقوؽ األفراد وحرياهتم‪،‬‬
‫ونقصػػد بكلمػػة قػػانوف ىنػػا‪ ،‬ؾبموعػػة قػوانُت الدولػػة اعبزائريػػة كالقػػانوف الدسػػتوري والقػػانوف اؼبػػدين والقػػانوف‬
‫اعبنائي‪...‬اخل ‪.‬‬
‫وقػػد تسػػتعمل كلمػػة قػػانوف للداللػػة علػػى معػػٌت أقػػل اتسػػاعا مػػن اؼبعػػٌت األوؿ‪ ،‬فػػاذا قلنػػا مػػثال بػػأف‬
‫القانوف اؼبدين اعبزائري وبًتـ مبدأ حرية اإلرادة يف التعاقد‪ ،‬نقصد أف ؾبموعة القواعد القانونية اليت تػنظم‬
‫ناحية واحدة من نواحي اغبياة االجتماعية‪ ،‬وىي اؼبعامالت اؼبالية فيما بُت األفراد ‪.‬‬
‫وقد تستعمل كلمة قانوف للداللة على معٌت ضيق فنقوؿ أف القانوف اؼبدين (‪ )C.CIVIL‬اعبزائري‬
‫الصادر يف ‪ ،1975‬فهنػ ػ ػا نقص ػ ػد بكلمػة قان ػ ػ ػ ػ ػوف‪ ،‬التشريػ ػ ػع وحػده دوف ب ػ ػ ػاقي مصػ ػادر القانػ ػ ػوف اؼبػدين‬
‫وغي ػ ػرىا من التقنين ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػات (‪.)C. PENAL‬‬
‫وأحيانػػا تسػػتعمل كلمػػة قػػانوف للداللػػة علػػى معػػٌت ضػػيق جػػدا إذا كنػػا نقصػػد بػػو نصػػا معينػػا مػػن نصػػوص‬
‫القانوف‪ ،‬ومثاؿ ذلك قولنا أف القانوف يعاقب على جريبة التزوير ‪...‬اخل ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬القانون والحق‬
‫القػػانوف واغبػػق ص ػػفتاف متالزمتػػاف أو مًتابطتػػاف‪ ،‬فالق ػػانوف ينشػػي اغبػػق أو يق ػػرره ويؤكػػده ‪ ،‬ويب ػػُت‬
‫حػدوده بػالقوة إذا لػزـ األمػر‪ ،‬ولػػذلك يبكػن القػوؿ بػأف اغبػق ىػػو شبػرة القػانوف ونتيلتػو‪ ،‬وكػذلك يقػػاؿ أف‬
‫القػػانوف واغبػػق وجهػػاف لعملػػة واحػػدة ‪ ،‬فػػال يتصػػور وجػػود أحػػدنبا منفصػػال عػػن األخػػر‪ ،‬وؽبػػذه األسػػباب‬
‫تس ػػتخدـ كلم ػػة (‪ )DROIT‬للتعب ػػَت ع ػػن الق ػػانوف وع ػػن اغب ػػق مع ػػا يف اللغ ػػة الفرنس ػػية‪ ،‬فيق ػػاؿ م ػػثال‬
‫(‪ )D.CIVIL‬عن القانوف اؼبدين ويقاؿ (‪ )D.D'AUTEUR‬عن حقوؽ اؼبؤلف ‪.‬‬
‫ونظرا ألف كلمة (‪ )DROIT‬يف اللغة الفرنسية تنصرؼ تارة إذل القانوف وتارة إذل اغبق وتارة إذل‬
‫االستقامة‪ ،‬يرى الفقهاء الفرنسيوف درءا للخطأ واللبس فهم اؼبعٌت اؼبقصود بتلك الكلمة‪ ،‬التعبَت عن‬
‫القانوف باصطالح (‪ )DROIT OBJECTIF‬وتكتب بصيغة اؼبفرد وحروفها األوذل كبَتة‪ ،‬ويروف‬
‫التعبَت عن اغبقوؽ أو عن اغبق باصطالح (‪ )droi subjectif‬وتكتب غالبا بصيغة اعبمع وحروفها‬
‫األوذل صغَتة‪ ،‬وقد استخدـ بعض الفقهاء العرب ترصبة االصػطالحات الفرنسػية يف كتػبهم العربيػة فعػربوا‬
‫عػ ػػن القػ ػػانوف باصػ ػػطالح اغبػ ػػق اؼبوضػ ػػوعي (‪ )DROIT OBJECTIF‬ويقصػ ػػدوف بػ ػػو التش ػ ػريع‬
‫(‪ )législation‬وى ػػو ؾبموع ػػة القواع ػػد القانوني ػػة (‪ )règles‬ال ػػيت تص ػػدرىا الس ػػلطة التشػ ػريعية لتنظ ػػيم‬
‫عالقات األفراد فيما بينهم أو فيما بينهم وبُت الدولة يف ناحية اجتماعية معينة ‪.‬‬
‫كمػػا استخدمػ ػوا اصػػطالح اغبػ ػق الشخصػ ػي أو اغبػػق الػػذا (‪ )d.subjectif‬أي تلػػك السلط ػ ػات‬
‫أواإلمكانيػػات أو االمتيػػازات أو القػػدرات الػػيت ىبوؽبػػا القػػانوف لصػػاحب اغبػػق يف سػػبيل سبكينػػو منػػو ولػػو‬
‫بالقوة ‪.‬‬
‫فتنص اؼبػادة ‪ 368‬مػثال مػن قان ػ ػوف العقػ ػوبػ ػ ػ ػات مػن أنػو "ال عقػ ػاب علػى السرق ػ ػ ػ ػ ػ ػات الػيت ترتكػب فيمػا‬
‫بُت األص ػ ػ ػوؿ أو الفروع أو األزواج وال زبوؿ إال اغبق يف التعويض اؼبدين "‪.‬‬
‫فمن ىذه اؼبادة نقوؿ أف القاعدة القانونية اليت احتواىا ىذا النص القانوين سبثل اغبق اؼبوضوعي ‪ ،‬أمػا‬
‫التعويض الذي يتقرر للملٍت عليو يف مثل ىذه اغبالة فهو يبثل اغبق الشخصي أو الذا ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص القاعدة القانونية‬
‫تتميز القاعدة القانونية دبلموعة من اػبصائص سنتناوؽبا فيما يلي ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الفرع األول‪ :‬القاعدة القانونية قاعدة ذات طابع اجتماعي‬
‫إذا كانت القاعدة القانونية تنظم سلوؾ األشػخاص يف ا تمػع وربكػم عالقػاهتم فيمػا بيػنهم‪ ،‬فمػن‬
‫مث ال يتصور وجود القاعدة القانونية دوف ؾبتمع تبُت ألفراده النظاـ الواجب اإلتباع فيما ينشأ بينهم من‬
‫عالقات وروابط‪ ،‬وتوفق‬
‫بُت مصاغبهم اؼبتعارضة ‪ .‬ومن ىنا فالقاعدة القانونية ال يبكن أف تكوف سػوى قاعػدة اجتماعيػة‪ ،‬تنعػدـ‬
‫الفائدة منها لدى الفرد اؼبنعزؿ وحده يف جهة نائية حىت ولو سػلمنا بػذلك‪ ،‬إذ ال يتصػور يف ىػذه اغبالػة‬
‫وجػػود حقػػوؽ وواجبػػات أو مصػػاحل متعارضػػة يتعػػُت التوفيػػق بينهػػا‪ ،‬ومػػن ىنػػا كػػاف ارتبػػاط القػػانوف بوجػػود‬
‫اعبماعة ‪ .‬وإذا كاف القانوف يوجد بوجود ا تمع‪ ،‬وتنعدـ الفائدة منو بانعداـ وجود‪ ،‬فػال شػك أنػو يتػأثر‬
‫يف ىذا ا تمع‪ ،‬ولذلك فهو ىبتلف باختالؼ ا تمعات‪ ،‬وىبتلف ويتغَت يف ا تمع الواحد من زمن إذل‬
‫آخر حبسب اختالؼ الظروؼ وتغَتىا ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬القاعدة القانونية قاعدة سلوك‬
‫القاعػػدة القانونيػػة ىػػي دائمػػا قاعػػدة سػػلوكية ىػػدفها تنظػػيم سػػلوؾ األف ػراد‪ ،‬ويف سػػبيل ربقيػػق ىػػذا‬
‫اؽبدؼ ال هتتم إال بالسلوؾ اػبارجي لألفراد‪ ،‬فالقػانوف ال يهػتم باإلحساسػات أو اؼبشػاعر أو النوايػا الػيت‬
‫تظل كامنة يف النفس دوف أف يكوف ؽبا مظهر خارجي ‪.‬‬
‫فقػػد يضػػمر شػػخص اغبقػػد والكراىيػػة لغػػَته مػػن النػػاس وتظػػل ىػػذه اؼبشػػاعر كامنػػة بداخلػػو دوف أف تتخػػذ‬
‫أي مظهػػر خػػارجي يعػػرب عنهػػا ‪ ،‬فهنػػا ال يتػػدخل القػػانوف ‪ ،‬أمػػا إذا ازبػػذت ىػػذه األمػػور شػػكل سػػلوؾ‬
‫خ ػػارجي سبث ػػل يف االعت ػػداء عل ػػى الغ ػػَت بالض ػػرب أو القت ػػل م ػػثال ت ػػدخل الق ػػانوف ليعاق ػػب ص ػػاحب ى ػػذا‬
‫السلوؾ‪.‬‬
‫غػػَت أف مػػا تقػػدـ ال يعػػٍت أف القاعػػدة القانونيػػة ال هتػػتم بصػػورة مطلقػػة بالنوايػػا والبواعػػث الكامنػػة يف‬
‫الػػنفس‪ ،‬فقػػد تػػدخل القاعػػدة القانونيػػة ىػػذه العوامػػل الداخليػػة يف االعتبػػار‪ ،‬ولكنهػػا ال هتػػتم دبثػػل ىػػذه‬
‫األمور بصفتها ىذه‪ ،‬بل هتتم هبا يف حدود صلتها بالسلوؾ اػبارجي لألفراد‪ ،‬فػاذا عػزـ إنسػاف علػى قتػل‬
‫آخػػر دوف أف يقػػدـ علػػى ترصبػػة ىػػذا العػػزـ يف شػػكل سػػلوؾ خػػارجي فػػال شػػأف للقػػانوف بػػذلك‪ ،‬أمػػا إذا‬
‫صػػحب ىػػذا العػػزـ سػػلوؾ خػػارجي وال القتػػل فعػػال‪ ،‬فهنػػا يهػػتم القػػانوف بنيػػة القتػػل ويػػدخلها يف االعتبػػار‬
‫فتكػػوف عقوبػػة القاتػػل أشػػد مػػن عقوبػػة القاتػػل الػػذي قتػػل دوف إعػػداد سػػابق علػػى القتػػل‪ ،‬وتسػػمى ىػػذه‬
‫اعبريبة بالقتل مع سبق اإلصرار والًتصد‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬القاعدة القانونية قاعدة عامة ومجردة‬
‫القاعدة القانونية باعتبارىا اػبلية األساسية يف القانوف مػا ىػي إال خطػاب موجػو إذل األشػخاص يف‬
‫ا تمع السياسي بصفة عامة وؾبردة ‪.‬‬
‫ويقصد بعموم القاعػدة القانونيػة ألػا تسػري علػى صبيػع األشػخاص اؼبخػاطبُت حبكمهػا وعلػى صبيػع‬
‫الوقػػائع الػػيت تػػدخل يف مضػػمولا‪ ،‬بػػل هبػػب أف تكػػوف القاعػػدة قابلػػة للتطبيػػق علػػى كػػل مػػن تت ػوافر فيػػو‬
‫شروط تطبيقها عاجال أـ آجػال‪ ،‬أي ألػا تكػوف مطػردة التطبيػق يف كػل وقػت علػى كػل شػخص ـباطػب‬
‫هبا أي مستوؼ لشروطها ‪.‬‬
‫وكػػوف القاعػػدة القانونيػػة عامػػة ال يعػػٍت ألػػا تسػػري بالضػػرورة علػػى كػػل األشػػخاص يف ا تمػػع‪ ،‬بػػل‬
‫يكفي أف ينصرؼ حكمها إذل طائفة مػن األشػخاص مػا داـ خطػاب القاعػدة القانونيػة يوجػو إذل ىػؤالء‬
‫بصفاهتم ال بذواهتم‪ ،‬ومن ذلك مثال القواعػد القانونيػة اػباصػة باؼبهندسػُت أو ا ػامُت أو القضػاة‪ ،‬فهػذه‬
‫القواعد تعترب قواعد عامة أللا تنطبق على أشخاص ؿبددين بصفاهتم ال بذواهتم ‪.‬‬
‫وقد تسري القاعدة القانونية على شخص واحد‪ ،‬وتعتػرب مػع ذلػك عامػة‪ ،‬فالقواعػد الػيت تػنظم مػثال مركػز‬
‫رئ ػػيس الدول ػػة أو رئ ػػيس الدول ػػة أو رئ ػػيس ال ػػوزراء‪ ،‬أو الػ ػوارل‪ ،‬تتوج ػػو إذل ى ػػؤالء األش ػػخاص بص ػػفاهتم ال‬
‫بذواهتم‪ ،‬فتسري على كل من‬
‫يتوذل تلك اؼبناصب أي من تتوافر فيو ىذه الصفات ‪.‬‬
‫ويقصػػد بتجريــد القاعػػدة القانػونيػػة صػػياغتها حبيػػث زبلػػو مػػن الصفػػات والشػػروط اػباصػػة التػػي قػػد‬
‫تػػؤدي إذل تطبػيػقها على شخػص معيػػن بذاتػػو أو واق ػػعة ؿبػػددة بعيػػنها‪ ،‬أمػا إذا كػػاف األم ػػر علػى خػػالؼ‬
‫مػػا س ػب ػػق وتػع ػلق بػشخػػص مع ػيػػن بػ ػ ػػذات ػػو أو بأشػػخاص معينػػُت بذواتػػهم‪ ،‬دل يكػػن قاعػػدة قانػػونية لعػػدـ‬
‫توافػػر صػػفة العم ػػومية‪ .‬فػػاألمر الصػػادر مػػثال بتعيػػُت موظػػف أو ترقيتػػو أو عزلػػو ال يعػػد قاعػػدة قانونيػػة ألنػػو‬
‫اقتصػػر علػػى شػػخص معػػُت بذاتػػو ال بصػػفتو‪ ،‬وذلػػك خبػػالؼ قواعػػد تعيػػُت اؼبوظفي ػػن أو تػػرقيتهم أو عػزؽبم‬
‫حيث تعترب قواعد قانونية أللا عامة وتسري على كل اؼبخاطبُت هبا بصفاهتم ال بذواهتم ‪ ،‬وعليػو يتضػح‬
‫أف الفرؽ بُت األمر أو القرار وبُت القاعػدة القانونيػة ينحصػر يف أف تطبيػق األمػر يقتصػر علػى اغبالػة الػيت‬
‫تصػدر بشػألا ينتهػي عنػد تطبيقػو‪ ،‬فبػا يعػٍت عػػدـ تػوافر صػفة العموميػة والتلريػد بشػأنو‪ ،‬فهػو ال يبتػػد إذل‬
‫غَت من صدر بالنسبة لو‪ ،‬كما أنو ال يكتسب صفة الدواـ واالستمرار ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫وىذا خبالؼ القاعدة القانونيػة إذ ألػا ال تسػتنفد قوهتػا بتطبيقهػا مػرة أو مػرات بػل ألػا تظػل قائمػة‬
‫ال يقتصر تطبيقها على ما ال يف اؼباضي أو اغباضر‪ ،‬بػل يبتػد كػذلك إذل اؼبستقب ػػل‪ ،‬وذلػك كلمػا تػوافرت‬
‫شػروط تطبيػػقها دوف التقي ػػد بشخص معيػن بذاتػو أو بواقعة معينة بذاهتا ‪.‬‬
‫ىذا ويالحظ أنو ال ينفي عن القاعدة القانونية صفة العمومية والتلريد ربديدىا من حيث الزمػاف‪،‬‬
‫فهنػػاؾ مػػن القواعػػد مػػا يصػػدر لكػػي يعمػػل بػػو خػالؿ مػػدة معينػػة‪ ،‬كمػػا ىػػو الشػػأف بالنسػػبة للقػوانُت الػػيت‬
‫توضػػع للعمػػل هبػػا خػػالؿ فػػًتة اغبػػرب مػػثال‪ ،‬أو تلػػك الػػيت توضػػع للعمػػل هبػػا إذل تػػاري معػػُت ‪ .‬خاصػػة إذا‬
‫علمنا أف القانوف ال يوضع لكي يكوف أبديا ألنو يكوف معربا عن ظروؼ ا تمع ويتغَت بتغَتىا ‪.‬‬
‫ىذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى فانو ال يناؿ من عمومية القاعدة القانونية وذبريدىا ربديػدىا مػن‬
‫حيػػث اؼبكػػاف‪ ،‬فقػػد تتحػػدد القاعػػدة القانونيػػة مػػن حيػػث اؼبكػػاف فتنطبػػق يف إقلػػيم معػػُت مػػن الدولػػة دوف‬
‫غَته‪ ،‬كما ىو اغباؿ يف الدوؿ الفدرالية مثل الواليات اؼبتحدة األمريكية‪ ،‬حيث يكوف لكل والية قػوانُت‬
‫خاصة هبا دوف غَتىا من الواليات ‪.‬‬
‫‪ -‬وػباصػية ذبريػد القاعػدة القانونيػة وعموميتهػا أنبيػة بالغػػة تظهػر يف عػدة نػواح‪ ،‬فهػي ربقػق مبػدأ سػػيادة‬
‫القػػانوف ومبػػدأ اؼبسػػاواة أمػػاـ أحكامػػو‪ ،‬فهػػذه الصػػفة تػػؤدي إذل تطبيػػق أحكػػاـ القػػانوف علػػى اعبميػػع دوف‬
‫تفرقة أو سبييز وذلك خبالؼ القواعد الفردية اليت زباطب أشخاص معينُت بذواهتم ال بأوصػافهم فهػي ال‬
‫ربقػػق اؼبسػػاواة بػػُت صبيػػع اؼب ػواطنُت ‪ .‬وتظهػػر ىػػذه اػباصػػية بصػػورة أوضػػح يف ؾبػػاؿ القػػانوف العػػاـ حيػػث‬
‫يًتتػػب عليهػػا وجػػوب ازبػػاذ السػػلطات العامػػة يف الدولػػة قراراهتػػا بنػػاء علػػى قواعػػد قانونيػػة موضػػوعة سػػلفا‬
‫وواحػػدة بالنسػػبة عبميػع اؼبػواطنُت‪ ،‬وىػػو مػػا يسػػمى دببػػدأ الشػػرعي ػػة فبػػا وبػػوؿ دوف اػبػػوؼ مػػن أف يعػم ػػل‬
‫القػػانػوف ؼبػصلحة ش ػخػص مع ػيػن أو لإلضرار بو ‪ ،‬فتسود بالتارل الطمأنينة بُت اؼبواطنُت وتتحقق اؼبساواة‬
‫فيما بينهم ‪.‬‬
‫‪ -‬كما أف التعميم يف القاعدة القانونية ال يقتصر علػى سػلوؾ األفػراد وإمبػا يبتػد إذل السػلطات العامػة يف‬
‫الدولػػة فبػػا يقتضػػي إخضػػاعها ألحكػػاـ القػػانوف‪ ،‬حيػػث أف صػػفة العموميػػة يف القاعػػدة القانونيػػة تقتضػػي‬
‫سرياف أحكامها على اعبميػع حكامػا وؿبكػومُت‪ ،‬فتكػوف السػيادة للقػانوف إذ وبكػم القػانوف كػل تصػرؼ‬
‫أو إج ػراء تصػػدره أيػػة سػػلطة داخػػل الدولػػة ‪ .‬وإذا كانػػت العموميػػة والتلريػػد يف القاعػػدة القانونيػػة ربقػػق‬
‫اؼبسػػاواة بػػُت اؼبخػػاطبُت بأحكامهػػا فهػػي يف ذات الوقػػت تػػؤدي إذل ربقيػػق العػػدؿ بيػػنهم‪ ،‬وتبػػدو أنبيتهػػا‬
‫كذلك بالنظر إذل االعتبارات العملية اليت تكمن وراءىا‪ ،‬حيث يسػتحيل حصػر كػل مػا قػد يعػرض مػن‬
‫حاالت فردية ووضع قاعدة لكل حالة على حدة‪ ،‬لػذا تصػدر القاعػدة القانونيػة عامػة وؾبػردة دبػا يسػمح‬
‫‪8‬‬
‫بتطبيقها على عدد ال يتناىى من األشخاص والوقائع ‪ ،‬فيتكرر تطبيقهػا كلمػا تػوافرت يف شػخص أو يف‬
‫واقعة شروط تطبيقها ‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬القاعدة القانونية قاعدة ملزمة‬
‫يقصػػد بػػالزاـ القاعػػدة القانونيػػة أف ىنػػاؾ ج ػزاء ينػػاط بالسػػلطة العليػػا يف ا تمػػع توقيعػػو علػػى مػػن‬
‫ىبالف حكمها‪ ،‬فعلى األشخاص اؼبخاطبُت حبكم القاعدة القانونية طاعتها وإال أجربوا علػى ذلػك عػن‬
‫طريق توقيع اعبزاء‪.‬‬
‫فالقانوف كما رأينا يهدؼ إذل تنظيم الروابط والعالقات بُت األفػراد وإقامػة النظػاـ واالسػتقرار يف ا تمػع‪،‬‬
‫ولتحقيق ىذه األىداؼ البد أف تكوف قواعده ملزمة‪ ،‬جبرب األفراد علػى احًتامهػا عػن طريػق توقيػع اعبػزاء‬
‫علػػى مػػن ىبػػرج علػػى مػػا يقضػػي بػػو مػػن سػػلوؾ واجػػب اإلتبػػاع ‪ ،‬وتوقيػػع ىػػذا مػػن اختصػػاص السػػلطة دوف‬
‫األفراد‪.‬‬
‫وتتعدد صور اعبزاء الذي يوقع عند ـبالفة قاعدة من قواعد القػانوف حبسػب مضػموف تلػك القاعػدة‬
‫وطبيعتها‪ ،‬وتتمثل ىذه الصور فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬الجــزاا الجنــائي ‪ :‬ويرتػػب ىػػذا اعبػزاء يف حالػػة ارتكػػاب جريبػػة جنائيػػة‪ ،‬أي تلػػك اعبريبػػة الػػيت تتػوافر‬
‫فيهػػا األركػػاف الثالثػػة‪ ،‬الػػركن الشػػرعي واؼبػػادي وخاصػػة اؼبعنػػوي والعقوبػػات اؼبقػػررة يف ىػػذا الصػػدد زبتلػػف‬
‫بػػاختالؼ نػػوع اعبريبػػة بػػُت مػػا إذا كانػػت جنايػػة أو جنحػػة أو ـبالفػػة‪ ،‬وقػػد حػػددت اؼبػػادة ‪ 05‬مػػن ؽ ع‬
‫(القػػانوف رقػػم ‪ 23/06‬اؼبػػؤرخ يف ‪ 20‬ديسػػمرب ‪ )2006‬العقوبػػات اؼبقػػررة لكػػل نػػوع مػػن ىػػذه األن ػواع‬
‫وذلك كما يلي‪:‬‬
‫* الجنايات ‪ :‬وىي اعبرائم اليت يعاقػب عليهػا باإلعػداـ أو السػلن اؼبؤبػد أو السػلن اؼبؤقػت مػن ‪ 5‬إذل‬
‫‪ 20‬سنػة ‪.‬‬
‫* الجنح ‪ :‬وىي اعبرائم اليت يعاقب عليها بػاغببس أكثػر مػن شػهرين إذل ‪ 5‬سػنوات والغرامػة‪ ،‬أو الغرامػة‬
‫اليت تزيد عن ‪ 20.000‬دج ‪.‬‬
‫* المخالفات ‪ :‬وىي اعبرائم اليت يعاقب عليها باغببس من يوـ على األقل إذل شهرين على األكثػر‪ ،‬أو‬
‫بغرامػة من ‪ 2.000‬إذل ‪ 20.000‬دج ‪.‬‬
‫ونصت اؼبادة ‪ 5‬مكرر (تعديل ‪ )2006‬أف عقوبات السلن اؼبؤقت ال سبنع اغبكم بعقوبة الغرامة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫وتسػػمى ىػػذه العقوبػػات باألصػػلية‪ ،‬ألف ىنػػاؾ عقوبػػات تكميليػػة نصػػت عليهػػا اؼبػػادة ‪ 9‬مػػن قػػانوف‬
‫العقوبات‪ ،‬وىناؾ أيضا تدابَت األمن اؼبنصوص عليها يف اؼبادة ‪ 19‬من نفس القانوف ‪.‬‬
‫‪ -2‬الجـ ـزاا الم ــدني‪ :‬ويتمث ػػل يف ال ػػبطالف‪ ،‬أي بط ػػالف التص ػػرؼ الق ػػانوين اؼبخ ػػالف للقواع ػػد القانوني ػػة‬
‫اؼبلزم ػػة ‪.‬ويك ػػوف ال ػػبطالف مطلق ػػا إذا دل يس ػػمح الق ػػانوف بتص ػػحيحو‪ ،‬ويك ػػوف نس ػػبيا إذا أج ػػاز الق ػػانوف‬
‫تص ػػحيحو‪ ،‬وق ػػد يتمث ػػل اعبػ ػزاء اؼب ػػدين يف اإللػ ػزاـ ب ػػالتعويض سػ ػواء عين ػػا أو نق ػػدا أو التع ػػويض األد أو‬
‫اؼبعنوي ‪.‬‬
‫‪ -3‬الج ـزاا ااداري‪ :‬وتتمثػػل يف إلغػػاء الق ػرارات اإلداريػػة الػػيت يشػػوهبا عيػػب قػػانوين‪ ،‬وكػػذلك يف توقيػػع‬
‫اعبزاءات التأديبية على اؼبوظفُت الذين ىبالفوف القواعد اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -4‬الج ـزاا التــيديبي ‪ :‬وىػػو ج ػزاء توقعػػو اعبماعػػات الداخليػػة‪ ،‬كاعبمعيػػات والنقابػػات علػػى أعضػػائها‬
‫بسػػبب ـبػػالفتهم للقواعػػد الػػيت تػػنظم ىػػذه اعبماعػػات‪ ،‬وقػػد يتمثػػل ىػػذه اعبػزاء يف اغبرمػػاف مػػن اؼبزايػػا الػػيت‬
‫سبنحها ىذه اعبماعات ألعضائها أو الفصل من العضوية ‪.‬‬
‫‪ -5‬أنواع أخرى للجزاا ‪ :‬إذل جانب صور اعبزاء السابقة ىناؾ أنواع أخرى لللزاء ترتبط ببعض فروع‬
‫القانوف‪ ،‬فهناؾ اعبزاءات السياسية اػباصة دبخالفة قواع ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػد القانػ ػ ػوف الدسػتوري ومنهػا ربريػك اؼبسػؤولية‬
‫الوزارية للوزارة كلها أو للوزير أماـ السلطة التشػريعية‪ ،‬وكػذلك توجيػو االسػتلواب للػوزراء ‪ ،‬وحػل الربؼبػاف‬
‫من قبل رئيس الدولة ‪.‬‬
‫وىنػػاؾ كػػذلك اعب ػزاءات اؼباليػػة الػػيت توقػػع يف حالػػة ـبالفػػة قواعػػد القػػانوف اؼبػػارل‪ ،‬مثػػل مضػػاعفة الرسػػوـ‬
‫اعبمركية‪ ،‬والغرامات الضريبية واؼبصادرة ‪.‬‬
‫وت ػ ػوجد ك ػػذلك اعب ػزاءات الدوليػ ػ ػة ال ػػيت ت ػرتبط بقػ ػ ػواعد القان ػ ػ ػ ػوف ال ػػدورل‪ ،‬ومنه ػػا قط ػػع العالق ػ ػ ػ ػ ػات‬
‫الدبل ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػوماسيػ ػة أو االقتصادية‪ ،‬واغبصار العسكريأو االقتصادي‪ ،‬وفصل الدولة من اؼبنظمات‪..‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬استمرار القاعدة القانونية ‪:‬‬
‫للقاعدة القانونية بداية (نشرىا رظبيا يف اعبريػدة الرظبيػة) و لايػة(إلغائها رظبيػا عػن طريػق اعبريػدة الرظبيػة)‬
‫و ال يبكػػن أف تبقػػى سػػارية اؼبفعػػوؿ إذل األبػػد ‪ .‬و مػػا يقصػػد باسػػتمرار القاعػػدة القانونيػػة ىػػو تطبيقه ػػا‬
‫اؼبس ػتمر أثنػػاء وجودىػػا كلمػػا تػػوفرت شػػروط تطبيقهػػا ‪ .‬مثــال‪ :‬قواعػػد قػػانوف اؼبػػرور تطبيقهػػا يػػومي‪ ،‬أمػػا‬
‫قواعد قانوف انتخاب رئيس اعبمهورية ال يكوف إال كل طبس سنوات يف اغبالة العادية ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫المبحث الثــاني ‪ :‬التمييز بين القواعد القانونية والقواعد االجتماعية األخرى‬
‫إضػػافة للقواعػػد القانونيػػة الػػيت ربػػدد السػػلوؾ الواجػػب إتباعػػو فيمػػا ينشػػأ مػػن روابػػط اجتماعيػػة ىنػػاؾ‬
‫قواع ػػد أخ ػػرى تش ػػارؾ القاع ػػدة القانوني ػػة ى ػػذا األم ػػر‪ .‬وتتمث ػػل ى ػػذه القواع ػػد يف قواع ػػد ال ػػدين‪ ،‬وقواع ػػد‬
‫األخالؽ‪ ،‬وقواعد ا امالت ‪ .‬وبناءا على ذلك تنقسػم دراسػتنا يف ىػذا اؼببحػث إذل ثالثػة مطالػب علػى‬
‫النحو التارل‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬القاعدة القانونية وقواعد الدين‬
‫يقصػػد بقواعػػد الػػدين‪ ،‬القواعػػد اؼبنزلػػة مػػن عنػػد اؼبػػوذل عػػز وجػػل علػػى رسػػوؿ مػػن رسػػلو يبلغهػػا للنػػاس‬
‫لاللتػزاـ بأحكامهػػا‪ .‬وىػػذه األحكػػاـ تػػنظم عالقػػة الفػػرد بربػػو وتسػػمى قواعػػد العبػػادات وعالقتػػو بغػػَته مػػن‬
‫أفراد ا تمع و تسمى قواعد اؼبعامالت ‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬قواعد العبادات‬
‫فعالقة الفرد بربو ىي ما يطلق عليها بقواعد العبادات‪ ،‬وتتمثل يف الصوـ والصالة والزكػاة‪ ،‬واغبػ‪،،‬‬
‫واإليبػػاف بػػاري‪...‬وغَت ذل ػػك مػػا يتص ػػل بػػأمور العب ػػادات وىػػذا النػػوع م ػػن القواعػػد ال تت ػػدخل فيػػو قواع ػػد‬
‫القػػانوف عػػن قػػرب‪ ،‬وإف كانػػت تلمسػػو عػػن بعػػد‪ ،‬ومثػػاؿ ذلػػك مػػا تػػنص عليػػو اؼبػػادة الثانيػػة مػػن دسػػتور‬
‫‪ 1996‬بقوؽبا (ااسالم دين الدولة)‪ ،‬وكػذلك مػا تػنص عليػو اؼبػادة ‪ 36‬مػن نفػس الدسػتور بقوؽبػا (ال‬
‫مساس بحرية المعتقد) ‪.‬‬
‫فهذه القواعد تعترب ؾبػاال شخصػيا للفػرد بينػو وبػُت ربػو وال دخػل للقػانوف فيػو إال بقػدر ضػ يل لتقري ػ ػره‬
‫أو غبماية اغبرية الدينية لألفراد ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬قواعد المعامالت‬
‫أما عالقة الفرد بغَته داخل ا تمع‪ ،‬فهي ما تعرؼ بقواعد اؼبعػامالتوىي الػيت يتػدخل فيهػا القػانوف‬
‫بشكل كبَت لتنظيمها‪ ،‬ومن ىذه القواعد اؼبعامالت اؼباليػة كػالبيع واإلهبػار والػرىن وغَتىػا‪ ،‬أو اؼبعػامالت‬
‫األسرية كالزواج والطالؽ واؼبَتاث وغَتىا ‪.‬‬
‫ويتفػػق الػػدين والقػػانوف يف أف كػػل منهمػػا ىباطػػب النػػاس بقواعػػد ملزمػػة ومنظمػػة لسػػلوكهم كمػػا أنػػو‬
‫توجد صلة وثيقة بُت الدين والقانوف‪ ،‬فنلد يف الدوؿ العربية اإلسالمية ومنها اعبزائر مثال أحكاـ قػانوف‬
‫األسرة مستمدة من الشريعة اإلسالمية‪ ،‬باإلضافة إذل أحكاـ أخرى يعود أصػلها إذل الشػريعة مثػل نظريػة‬

‫‪11‬‬
‫التعسػػف يف اسػػتعماؿ اغبػػق الػػيت نػػص عليهػػا اؼبشػػرع اعبزائػػري يف اؼبػػادة ‪ 41‬مػػن القػػانوف اؼبػػدين‪ ،‬ونظريػػة‬
‫الظروؼ الطارئة اليت نص عليها يف اؼبادة ‪ 107‬من نفس القانوف ‪.‬‬
‫ورغم ذلك إال أف قواعد الدين زبتلف عن القواعد القانونية من وجوه عدة أنبها ما يأ ‪:‬‬
‫أوال) مــن حيــث المصــدر‪ :‬قواعػػد الػػدين مصػػدرىا اري عػػز وجػػل ىباطػػب هبػػا النػػاس عػػن طريػػق رسػػلو‪،‬‬
‫ويقتصػػر دور الفقػػو علػػى اسػػتنباط األحكػػاـ الشػػرعية مػػن أدلتهػػا اؼبختلفػػة‪ ،‬وىػػي ثابتػػة ال تتغػػَت مػػن مكػػاف‬
‫إذل آخر‪ ،‬أو من زماف إذل آخر‪ ،‬وذلك عكس قواعد القانوف حيث قبػد مصػدرىا وصػفي أي مػن صػنع‬
‫البشر‪ ،‬وبالتػارل يكػوف دور الفقػو أوسػع ؾبػاال ألنػو ال يقتصػر علػى اسػتنباط النصػوص القانونيػة بػل يتػوذل‬
‫أيضػػا توضػػيح النقػػائص‪ ،‬ىػػذا باإلضػػافة إذل أف قواعػػد القػػانوف قابلػػة للتغيػػَت مػػن مكػػاف إذل آخػػر‪ ،‬أو مػػن‬
‫زماف إذل آخر ‪.‬‬
‫ثانيــا) مــن حيــث النطــاق‪ :‬فالقػػانوف يهػػتم بالسػػلوؾ الظػػاىر لإلنسػػاف الػػذي يػػؤثر بػػو علػػى سػػلوؾ األفػراد‬
‫فقػط‪ ،‬بينمػا الػػدين يهػتم إضػافة إذل سػػلوؾ اإلنسػاف الظػاىر بالنوايػػا أيضػا‪ ،‬وبسػلوؾ اإلنسػػاف ذبػاه خالقػػو‬
‫ولذلك فالدين أوسع نطاقا من القانوف‪.‬‬
‫ثالثا) من حيث الغاية‪ :‬فغاية القواعد الدينية ىي اػبَت والنظاـ والسمو بالسلوؾ كبو الكمػاؿ أمػا قواعػد‬
‫القانوف فهي تسعى إذل األمن واالستقرار يف ا تمع عن طريق ربقيق النظاـ العاـ‪.‬‬
‫رابعــا) مــن حيــث الج ـزاا‪ :‬أىػػم مػػا يفػػرؽ بػػُت قواعػػد القػػانوف وقواعػػد الػػدين ىػػو اعب ػزاء‪ ،‬فل ػزاء القواعػػد‬
‫القانونية جزاء مادي وحاؿ توقعو السلطة اؼبختصة يف ا تمػع‪ ،‬أمػا اعبػزاء يف القواعػد الدينيػة فهػو أساسػا‬
‫ج ػزاء مؤجػػل إذل أف تق ػػوـ السػػاعة ‪ ،‬أي ج ػزاء أخ ػػروي‪ ،‬وذلػػك إذل جان ػػب مػػا قػػد يوج ػػد مػػن ج ػزاءات‬
‫دنيوية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬القاعدة القانونية وقواعد األخالق‬
‫يقصد بقواعد األخالؽ ؾبموعة القواعد اليت هتدؼ إذل بلوغ درجة الكماؿ عند الفرد‪ ،‬وذلك عن‬
‫طريق حثو على فعل اػبَت واالبتعاد عن فعل الشر‪ ،‬واألمر باتباع سوؾ معُت مع عالقتػو بنفسػو‪ ،‬وبغػَته‪،‬‬
‫ولذلك يبكن القوؿ بػأف قواعػد األخػالؽ قواعػد سػلوؾ فػاألخالؽ ىػي وليػدة عػادات ومعتقػدات سػائدة‬
‫يف ؾبتمػػع والنػػاس ملزمػػوف باتباعهػػا ويظهػػر التشػػابو بػػُت قواعػػد القػػانوف وقواعػػد األخػػالؽ يف ا تمػػع بػػأف‬
‫لكل منهما قواعد اجتماعية هتدؼ إذل تنظيم ا تمع ‪.‬‬
‫ولكن توجد اختالفات بينهما نوجزىا فيما يلي‪:‬‬

‫‪12‬‬
‫أوال)من حيث النطاق‪ :‬قبد أف قواعد األخالؽ ؽبا نطاؽ أوسع من نطػاؽ القاعػدة القانونيػة فػاألخالؽ‬
‫يػػدخل فيهػػا واجػػب الفػػرد كبػػو نفسػػو وواجبػػو كبػػو غػػَته‪ ،‬كمػػا ألػػا تعػػٌت بالنوايػػا واإلحساسػػات‪ ،‬أمػػا دائػػرة‬
‫القانوف فال تشمل إال عالقة الفرد بغَته دومبا اىتماـ بواجبو كبو نفسو ‪.‬‬
‫ولكػػن رغػػم ذلػػك قبػػد أكثػػر القواعػػد القانونيػػة تقرىػػا األخػػالؽ بػػل تعتػػرب تطبيقػػا ؼببػػدأ مػػن اؼببػػادئ‬
‫األخالقية ‪ .‬فتلرًن السرقة والقتل وخيانة األمانة وغَتىا من األفعاؿ ا رمة ما ىو إال إقرارا ؼبا تقضػي بػو‬
‫األخالؽ‪ ،‬وكذلك ذبرًن األفعاؿ اؼبخلة باغبياء واآلداب ‪.‬‬
‫ثانيا) من حيث الغاية‪ :‬الغاية من القاعدة األخالقية ىي الوصوؿ بالفرد إذل مرتبة الكمػاؿ فغايتهػا غايػة‬
‫مثالية تتمثل يف حث الفرد على عمل اػبَت وبعده عن الرذائل‪.‬أما الغاية من القانوف فهي تنظػيم الػروابط‬
‫االجتماعية بُت األفراد وعلى وجػو وبقػق صػاحل اعبماعػة ونفعهػا‪ ،‬فغايػة القػانوف غايػة نفعيػة ربفػظ النظػاـ‬
‫العاـ ‪.‬‬
‫ثالثــا) مــن حيــث الج ـزاا‪ :‬فل ػزاء ـبالفػػة القاعػػدة القانونيػػة يتخػػذ شػػكال ماديػػا ؿبسوسػػا توقعػػو السػػلطة‬
‫اؼبختصة با تمع‪ .‬وعلى العكس فاف اعبزاء يف القاعدة األخالقية جزاء معنوي يتمثػل يف تأنيػب الضػمَت‬
‫أو استنكار الناس‪ ،‬ؼبن ىبالف ما تقضي بو تلك القاعدة ‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬القاعدة القانونية وقواعد المجامالت‬
‫يقصد بقواعد ا امالت ؾبمػوع مػا تعػارؼ النػاس علػى إتباعػو يف اؼبناسػبات االجتماعيػة اؼبختلفػة‪،‬‬
‫فهي إذف قواعد ترسم السػلوؾ الواجػب علػى النػاس إتباعػو يف عالقػتهم ‪ .‬ومػن أمثلػة ذلػك مػا تقضػي بػو‬
‫ا ػػامالت يف اؼبناسػػبات اؼبختلفػػة كالتهن ػػة يف اؼبناسػػبات السػػعيدة والتعػػازي يف اؼب ػ ال وتبػػادؿ اؽبػػدايا يف‬
‫األعياد ‪.‬‬
‫ويتض ػػح م ػػن ذل ػػك أف ى ػػذه القواع ػػد تعت ػػرب موجه ػػات للس ػػلوؾ االجتم ػػاعي‪ ،‬غ ػػَت أل ػػا زبتل ػػف ع ػػن‬
‫القواعد القانونية من حيث اعبزاء‪ ،‬فلزاء غالبية قواعد ا امالت جزاء معنػوي يتمثػل يف اسػتنكار النػاس‬
‫لسلوؾ من ىبالفهم وازدرائهم‪ ،‬وقد يتمثل اعبزاء يف ذبميد العالقة االجتماعية أو فتورىا ‪.‬‬
‫وإذا كانػػت قواعػػد ا ػػامالت ال تنتقػػل يف العػػادة إذل مصػػاؼ القواعػػد القانونيػػة وذلػػك الخػػتالؼ‬
‫اؼبصػػاحل اؼبقصػػودة مػػن كليهمػػا‪ ،‬إال أف ذلػػك ال يبنػػع مػػن أف ترتقػػي بعػػض قواعػػد ا ػػامالت إذل مصػػاؼ‬
‫القواعػػد القانونيػػة‪ ،‬إذا مػػا ارتقػػت القيمػػة االجتماعيػػة الػػيت تقػػوـ عليهػػا يف سػػلم ا تمػػع‪ ،‬وعندئػػذ تتػػدعم‬
‫ب ػػاإللزاـ الق ػػانوين ول ػػيس دبل ػػرد اإلل ػزاـ األد ‪ ،‬وى ػػذا م ػػا ح ػػدث بالفع ػػل بش ػػأف القواع ػػد اػباص ػػة دبعامل ػػة‬

‫‪13‬‬
‫أعضػاء السػلك الدبلوماسػي األجنػد فقػد بػدأت يف أصػلها كقواعػد ؾبػامالت دوليػة‪ ،‬مث أصػبحت قواعػد‬
‫يعًتؼ هبا القانوف الدورل‪ ،‬سواء يف صورة عرؼ دورل أو يف صورة االتفاقيات الدولية ‪.‬‬
‫الفصــل الثــانـي ‪ :‬تقسيمات القانـون‬
‫يبكػػن تقسػػيم القواعػػد القانونيػػة إذل عػػدة تقسػػيمات وذلػػك تبعػػا للزاويػػة الػػيت ينظػػر منهػػا إذل تلػػك‬
‫القواعد ‪.‬‬
‫فمػػن حيػػث صػػفة األشػػخاص اؼبخػػاطبُت بالقاعػػدة القانونيػػة يبكػػن تقسػػيم القواعػػد القانونيػػة إذل قواعػػد‬
‫قانوف عاـ‪ ،‬وقواعد قانوف خاص ‪ .‬وإذا مػا نظرنػا إذل مضػموف القواعػد القانونيػة اسػتطعنا تقسػيمها إذل‬
‫قواعد موضوعية تضع تنظيما موضوعيا للعالقات القانونية فتعُت اغبقوؽ والواجبات وكيفية نشوئها حىت‬
‫انقضائها‪ ،‬وقواعد إجرائية تعُت ما هبب إتباعو من إجراءات غبماية اغبقوؽ والتوصل إليها ‪.‬‬
‫كما يبكن تقسيم القواعد القانونية من حيث مدى اإللزاـ فيها إذل قواعد آمرة وقواعد مكملة ‪.‬‬
‫ولػػذلك سػػوؼ نقسػػم ىػػذا الفصػػل إذل مبحثػػُت‪ ،‬لبصػػص األوؿ منهػػا للحػػديث عػػن تقسػػيم القػػانوف‬
‫إذل عاـ وخاص‪ ،‬مث نتكلم يف اؼببحث الثاين عن أنواع القواعد القانونية ‪.‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬تقسيـم القانـون إلـى عـام وخـاص‬
‫مػػن أىػػم التقسػػيمات الػػيت قيلػػت يف شػػأف القػػانوف ىػػو تقسػػيمو إذل قػػانوف عػػاـ وقػػانوف خػػاص وىػػو‬
‫تقسيم يرجع إذل زمن بعيد حيث كاف معروفػا لػدى الرومػاف‪ ،‬فمنػذ ذلػك الوقػت وإذل غايػة اليػوـ ال يػزاؿ‬
‫ىو التقسيم األساسي للقانوف‪ ،‬وغبد الساعة الزاؿ اعبدؿ قائمػا حػوؿ اؼبعيػار اؼبعتمػد يف تقسػيم القػانوف‬
‫إذل عاـ وخاص وعليو سوؼ نستعرض أىم معايَت التفرقة اؼبستعملة يف ىذا الصدد ‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬معاييـر تقسيم القانـون إلى قانـون عام وقانـون خاص‬
‫سيتضمن ىذا اؼبطلب أىم اؼبعايَت اليت اعتمدىا الفقهاء يف تقسيمهم للقانوف‪.‬‬
‫الفرع األول‪:‬المعيار المالي‬
‫يػػرى جانػػب مػػن الفقهػػاء ضػػرورة األخػػذ باؼبعيػػار اؼبػػارل يف التفرقػػة بػػُت فػػروع القػػانوف وتقسػػيمها إذل‬
‫عػػاـ وخػػاص‪ ،‬ومنػػاط ىػػذا التقسػػيم أف كػػل القواعػػد الػػيت تػػنظم عالقػػات ذات صػػبغة ماليػػة تعتػػرب ق ػوانُت‬
‫خاصة أما القواعد اليت تنظم عالقات غَت مالية تعترب قوانُت عامة ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫غَت أف ىذا اؼبعيار قد فقد مكانتو ألف كثَتا من القوانُت العامة تنظم أمػورا ماليػة كقػانوف اؼباليػة الػذي‬
‫يبُت ميزانية الدولة وإيراداهتا وقوانُت الضرائب ‪..‬اخل كما أف كثَتا من القوانُت اػباصة ال تنظم أمورا مالية‬
‫كالزواج والطالؽ والوصاية ‪..‬اخل ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬معيار المصلحة أو الغايـة‬
‫يأخذ أنصار ىذا اؼبعيار باؼبصلحة اليت يهػدؼ القػانوف إذل ربقيقهػا‪ ،‬فػاف كػاف القػانوف يهػدؼ إذل‬
‫تنظػػيم مصػػلحة عام ػػة فهػػو ق ػػانوف عػػاـ ‪ ،‬وإف كان ػػت غايتػػو ربقيػػق مص ػػلحة خاصػػة لألف ػراد كػػاف قانون ػػا‬
‫خاصا‪.‬‬
‫ولكن ما يؤخذ على ىذا اؼبعيار أنو غَت دقيق نظرا لصعوبة التفرقة بُت اؼبصلحة العامة واؼبصلحة‬
‫اػباصة يف ا تمع‪ ،‬فحىت إف ضبى القانوف اؼبصلحة اػباصة لألفراد فهو يهدؼ قبل ذلك إذل تنظيم‬
‫وضباية مصاحل ا تمع‪ ،‬فعندما يعاقب القانوف مثال على جرائم القتل فهو ال وبمي األفراد فقط وإمبا‬
‫يهدؼ قبل ذلك إذل ضباية اغبق يف اغبياة على كبو هبعل فيو األوضاع مستقرة يف ا تمع بعيدا عن‬
‫الفوضى واالضطرابات ‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬معيار السيادة أو السلطة العامة‬
‫ىذا ىو اؼبعيار األكثر إتباعا عند الفقهاء فلتقسيم القانوف إذل عاـ أو خاص البد من النظر إذل‬
‫طبيعة العالقة بُت أطراف ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػو‪ ،‬فالقان ػ ػ ػ ػ ػ ػوف العاـ "‪ " DROIT PUBLIC‬ىو الذي تدخػ ػ ػ ػ ػ ػل‬
‫الدولة دائمػ ػ ػ ػا يف كل عالقػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػة من عالق ػ ػ ػ ػ ػ ػاتو بوصفه ػا صاحب ػة اغبق يف السيػ ػ ػادة يف ا تم ػع‪ ،‬أي أف‬
‫كل عالقػ ػة من عالقات القان ػ ػوف العػ ػاـ قبد على األقل أحد طرفيه ػ ػا إحدى السلطػ ػ ػات العامػ ػ ػ ػة يف‬
‫الدولة أو أحد األشخ ػ ػ ػاص اؼبتفرعة عن الشخص الرئيسػ ػي الع ػ ػاـ ‪ -‬وىو الدولة ‪ -‬ولكي نكػ ػ ػوف إزاء‬
‫عالقػ ػة من عالقات القانوف العاـ يشًتط أف يكوف للسلطة العامة أو للشخص العاـ امتيازات منبثقة‬
‫عما تتمتع بو الدولة يف ا تمع من سيادة ‪.‬‬
‫أما القانوف اػباص ‪ DROIT PRIVÉ‬فهو الذي تتوذل قواعده تنظيم العالقػات الػيت تقػوـ بػُت‬
‫األف ػراد أي تتػػوذل تنظػػيم العالقػػات الػػيت تقػػوـ بػػُت األشػػخاص العػػاديُت مػػن جهػػة أو بػػُت األف ػراد والدولػػة‬
‫باعتبارىػػا شخصػػا معنويػػا ال يبػػارس سػػيادة وال سػػلطات‪ ،‬حيػػث زبتفػػي يف عالقػػات القػػانوف اػبػػاص سبامػػا‬
‫فكرة سبتع أحد أطراؼ العالقة القانونية بقدر سواء قل أو كرب من السلطة العامة أو السيادة ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫حيث قيل أف القانوف العاـ ىو قانوف السيطرة و اػبضوع وأف القانوف اػباص ىػو قػانوف اؼبسػاواة و‬
‫التوازف ‪ ،‬ويعترب معيار السلطة العامة اؼبعيار الراجح فقها كأداة للتمييز بُت القػانوف العػاـ واػبػاص وذلػك‬
‫بالنظر بالنظر لوجهاتو ودقتو ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬النظـام القانونـي الجزائـري‬
‫يتكػػوف النظػػاـ القػػانوين اعبزائػػري مػػن عػػدة ق ػوانُت يبكػػن تقسػػيمها إذل قسػػمُت‪ ،‬قسػػم القػػانوف العػػاـ‬
‫وقسم القانوف اػباص ‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬القانون العام وفروعو‬
‫يػػنظم القػػانوف العػػاـ العالقػػات الػػيت تكػػوف طرفػػا فيهػػا سػػلطة عامػػة‪ ،‬وىػػذه العالقػػات منهػػا مػػا يكػػوف‬
‫عالقػػة بػػُت السػػلطة العامػػة وفػػرد مػػن األف ػراد ومنهػػا مػػا يكػػوف عالقػػة بػػُت سػػلطتُت عػػامتُت‪ ،‬وعلػػى ىػػذا‬
‫فالعالق ػػات القائم ػػة ب ػػُت ال ػػدوؿ وبكمه ػػا الق ػػانوف ال ػػدورل الع ػػاـ ال ػػذي يس ػػميو ال ػػبعض "الق ػػانوف الع ػػاـ‬
‫اػبارجي"‪ ،‬سبييزا لو عن القػانوف العػاـ الػداخلي الػذي يشػمل عػدة فػروع ىػي القػانوف الدسػتوري والقػانوف‬
‫اإلداري والقانوف اؼبارل والقانوف اعبنائي‪.‬‬
‫أوال) القــانون الــدولي العــام ‪ :‬وتتػػوذل قواعػػده تنظػػيم العالقػػات بػػُت الػػدوؿ بعضػػها الػػبعض وبينهػػا وبػػُت‬
‫اؼبنظمػػات الدوليػػة‪ ،‬وكػػذلك تنظػػيم العالقػػة فيمػػا بػػُت اؼبنظمػػات الدوليػػة‪ ،‬وذلػػك يف كػػل مػػن زمػػن السػػلم‬
‫وزمن اغبرب ‪.‬‬
‫فهو يف زمن السػلم وبػدد مػا للدولػة مػن حقػوؽ وواجبػات بالنسػبة لغَتىػا مػن الػدوؿ ويػنظم أحكػاـ‬
‫اؼبعاىدات اليت تربمها الدوؿ‪ ،‬ويبُت طرؽ تبادؿ التمثيل الدبلوماسي والقنصلي فيما بينها‪ ،‬ووسائل فض‬
‫اؼبنازعات الدولية بالطرؽ الودية كاؼبفاوضات‪ ،‬والتحكيم ‪...‬اخل ‪.‬‬
‫وىو يف زمن اغبرب يتوذل بياف إجراءات إعالف اغبرب ووسػائلها اؼبشػروعة وغػَت اؼبشػروعة كمػا يبػُت‬
‫كيفية إلاء اغبرب ووبدد طريقة معاملة األسرى واعبرحى‪ ،‬كما ينظم العالقة بُت الدوؿ اؼبتحاربة والدوؿ‬
‫ا ايدة ‪.‬‬
‫وفضال عن ذلك يبُت القانوف الدورل اختصاصات اؼبنظمػات الدوليػة ووبػدد العالقػات فيمػا بينهػا‬
‫وكذلك عالقاهتا بالدوؿ اؼبختلفة‪ ،‬ومن بُت أىم اؼبنظمات الدولية ىي ة األمم اؼبتحدة وأجهزهتػا اؼبختلفػة‬
‫كاعبمعيػػة العامػػة وؾبلػػس األمػػن ‪...‬وتتمثػػل أىػػم مصػػادر القػػانوف الػػدورل يف العػػرؼ الػػدورل واؼبعاىػػدات‬
‫الدولية وكذلك اؼببادئ القانونية العامة اليت أقرهتا تشريعات األمم اؼبتحدة ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ثانيــا) القــانون العــام الــداخلي‪ :‬وتتمثػػل فػػروع ىػػذا القػػانوف يف اعبزائػػر يف القػػانوف الدسػػتوري والقػػانوف‬
‫اإلداري والقػػانوف اؼبػػارل والقػػانوف اعبنػػائي ‪ ،‬وحػػىت يػػتم اسػػتيعاب ىػػذه الفػػروع فانػػو مػػن الضػػرورة دبكػػاف‬
‫الًتكيػػز علػػى أنبيػػة كػػل فػػرع وتعريفػػو وبيػػاف موضػػوعاتو لتسػػهيل عمليػػة الفصػػل والتمييػػز بػػُت فػػروع القػػانوف‬
‫الداخلي ‪.‬‬
‫‪ -1‬الق ــانون الدس ــتوري‪ :‬وى ػػو أظبػػى قػػانوف يف الدول ػػة‪ ،‬حيػػث يػػأ عل ػػى رأس ىػػرـ النظػػاـ الق ػػانوين ‪،‬‬
‫ويع ػػرؼ عل ػػى أن ػػو ؾبموع ػػة القواع ػػد ال ػػيت ت ػػنظم تك ػػوين الس ػػلطات العام ػػة يف الدول ػػة وعالقاهت ػػا ببعض ػػها‬
‫البعض‪ ،‬وما قد يقوـ بػُت ىػذه السػلطة أو تلػك وىػذا الفػرد أو ذاؾ مػن عالقػات ‪ .‬وىكػذا فالقػانوف‬
‫الدسػػتوري يبػػُت لنػػا شػػكل الدولػػة ىػػل ىػػي بسػػيطة أـ مركبػػة‪ ،‬ونظػػاـ اغبكػػم يف الدولػػة ىػػل ىػػو ملكػػي أـ‬
‫صبهوري‪ ،‬ويبُت لنا النظػاـ االقتصػادي اؼبتبػع ويػنظم القػانوف الدسػتوري السػلطة العامػة يف الدولػة ا سػدة‬
‫يف السلطات الثالث التشريعية والتنفيذية والقضائية وىذا ما نص عليو دستور ‪ 1996‬يف البػاب الثػاين‪،‬‬
‫كما ينظم اغبقوؽ واغبريات العامة لألفراد وىذا ما تنص عليػو اؼبػادة ‪ 29‬ومػا يليهػا مػن نفػس الدسػتور‪،‬‬
‫وكػػذلك يػػنظم الواجبػػات اؼبلقػػاة علػػى عػػاتق األفػراد وذلػػك يف اؼبػػادة ‪ 69‬ومػػا يليهػػا كواجبػػات الػػدفاع عػػن‬
‫الوطن وواجب دفع الضرائب ‪...‬اخل ‪.‬‬
‫وال يكتفػػي يف إصػػدار الدسػػتور أف توافػػق عليػػو السػػلطة التش ػريعية وحػػدىا كبػػاقي الق ػوانُت ولكنػػو يلػػزـ‬
‫أيضا إجراء استفتاء شعد عاـ يشًتؾ فيو الشعب ويوافق على إصداره ‪.‬‬
‫‪ -2‬القانون ااداري‪ :‬ىو ؾبموعة القواعد القانونية اليت ربكم نشاط السلطة التنفيذية يف أداء وظيفتها‬
‫اإلدارية ‪ ،‬وتبُت كيفية إدارهتػا للمرافػق العامػة واسػتغالؽبا لألمػواؿ العامػة ‪ ،‬كمػا ربكػم قواعػد ىػذا القػانوف‬
‫نشاط السلطات اإلدارية يف الدولة‪ ،‬السيما من خػالؿ بيػاف مػا تتمتػع بػو مػن امتيػازات ووسػائل القػانوف‬
‫العاـ ومن خالؿ بياف ما تتقيد بو يف عالقاهتا باألفراد من قيود مبناىا إما عدـ جواز االكبػراؼ بالسػلطة‬
‫عػػن ربقيػػق اؼبصػػلحة العامػػة وإمػػا عػػدـ ج ػواز اؼبسػػاس حبقػػوؽ األف ػراد وحريػػاهتم إزاء مػػا تتمتػػع بػػو السػػلطة‬
‫اإلدارية ‪.‬‬
‫‪ -3‬القانون المالي‪ :‬وىو القانوف الػذي ربكػم قواعػده ماليػة الدولػة واؽبي ػات العامػة‪ ،‬حبيػث يبػُت اؼبػوارد‬
‫اؼباليػػة العامػػة مػػن رسػػوـ وض ػرائب وقػػروض وكيفيػػة ربصػػيلها وض ػوابط ىػػذا التحصػػيل‪ ،‬كمػػا يػػنظم أوجػػو‬
‫اإلنفاؽ اليت يتم توجيو اإلرادات العامة إليها ‪ .‬يبدأ سريانو يف‪ 1‬جانفي وينتهي يف ‪ 31‬ديسمرب من كل‬
‫سنة ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ومػػن خػػالؿ اؼبوازنػػة بػػُت الػػدخل واؼبصػػروفات يظهػػر اؼبسػػار االقتصػػادي للدولػػة فػػاذا كانػػت اؼبيزانيػػة ربقػػق‬
‫فائضا تستثمره الدولة لصاحل اػبزينة العامة ؽبا ‪.‬‬
‫أما إذا كانت اؼبيزانية ربقق علزا تقوـ الدولة باجراءات اقتصادية فعالة كرفع نسبة الضرائب أو االلتلػاء‬
‫للقروض الداخلية أو اػبارجية ‪.‬‬
‫‪ -4‬القانون الجنائي‪ :‬إف اؼبعٌت الواسع للقانوف اعبنائي يشمل شػقُت ال انفصػاـ ألحػدنبا عػن اآلخػر ‪،‬‬
‫ىذاف الشقاف أحدنبا موضوعي ىو قانوف العقوبات‪ ،‬وآخر إجرائي ىو قانوف اإلجراءات اعبزائية ‪.‬‬
‫أ) قانون العقوبات‪ :‬وىو ؾبموعة القواعد القانونية اليت تبُت األفعاؿ ا رمة يف ا تمػع والعقوبػات اؼبقػررة‬
‫ؽبا‪ ،‬ويطلق عليو يف بعض الدوؿ "القانوف اعبنائي" أو "القانوف اعبزائي" أو "قانوف اعبزاء" ‪.‬‬
‫ويف اعبزائر صدر قػانوف العقوبػات بػاألمر رقػم ‪ 156/66‬يف ‪ 8‬جـوان ‪ 1966‬وىػو يتكػوف مػن ‪468‬‬
‫مادة موزعة على أربع كتب على النحو التارل ‪:‬‬
‫‪ -‬الكتاب األول يف العقوبات وتدابَت األمن ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الثاني يف األفعاؿ واألشخاص اػباضعوف للعقوبة ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الثالث يف اعبنايات واعبنح وعقوباهتا ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الرابع يف اؼبخالفات والعقوبات‪.‬‬
‫ب) قانون ااجرااات الجزائية‪ :‬وىو ؾبموعػة القواعػد الػيت تبػُت اإلجػراءات الػيت تتبػع يف ضػبط اعبػرائم‬
‫والتحقيػػق فيهػػا وإصػػدار األحكػػاـ علػػى اؼبتهمػػُت بارتكاهبػػا‪ ،‬كمػػا يبػػُت وسػػائل الطعػػن يف ىػػذه األحكػػاـ‬
‫وطرؽ تنفيذ العقوبات على اؼبتهمُت وكيفية ازباذ تدابَت األمن بالنسبة لطوائف خاصة منهم ‪.‬‬
‫‪ -‬ويف اعبزائػػر صػػدر قػػانوف اإلج ػراءات اعبزائيػػة بػػاألمر رقػػم ‪ 155/66‬بت ػاري ‪ 8‬جــوان ‪،1966‬‬
‫وىو يتكوف من ‪ 730‬مادة مقسمة على سبع كتب ‪:‬‬
‫‪ -‬الكتاب األول يف مباشرة الدعوى العمومية وإجراء التحقيق ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الثاني يف اعبهات اؼبختصة باصدار األحكاـ اعبزائية ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الثالث يف القواعد اػباصة با رمُت األحداث ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الرابع يف طرؽ الطعن غَت العادية ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الخامس يف بعض اإلجراءات اػباصة ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب السادس يف بعض إجراءات التنفيذ ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ -‬الكتاب السابع يف العالقات بُت السلطات األجنبية ‪.‬‬
‫إال أنو عرؼ بعد ىذا التاري تعديالت كثَتة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬القانون الخاص وفروعو‬
‫لقػػد س ػػبقت اإلش ػػارة إذل أف الق ػػانوف اػب ػػاص ى ػػو عبػػارة ع ػػن قواع ػػد ربك ػػم العالق ػػات ب ػػُت األف ػراد‬
‫العػػاديُت أي العالقػػات الػػيت ال صػػلة ؽبػػا بالسػػلطات العامػػة للدولػػة‪ ،‬وىػػي عالقػػة قػػد تػػدور بػػُت الدولػػة‬
‫باعتبارى ػػا ش ػػخص معن ػػوي ع ػػاـ ولك ػػن دوف اس ػػتعماؿ عنص ػػر الس ػػيادة وأح ػػد األش ػػخاص سػ ػواء ك ػػانوا‬
‫أشخاص اعتباريُت أو أشخاص عاديُت‪ ،‬وينقسم القانوف اػباص إذل الفروع التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬القــانون المــدني‪ :‬يعتػػرب القػػانوف اؼبػػدين األصػػل العػػاـ لبقيػػة فػػروع القػػانوف اػبػػاص ولػػذلك يسػػمى‬
‫بالشريعة العامة‪ ،‬دبعٌت أف قواعد ىذا القانوف ىي اليت تطبق يف كل اغباالت اليت ال يوجد يف شألا نػص‬
‫خاص يف الفروع األخرى وقد تفرعت عنو بقية الفروع األخرى كالقانوف التلاري وقانوف األسرة‪..‬اخل‬
‫‪ -‬و يف بع ػػض دوؿ الع ػػادل يش ػػتمل الق ػػانوف اؼب ػػدين عل ػػى النص ػػوص ال ػػيت ربك ػػم ؾبم ػػوعتُت ى ػػامتُت م ػػن‬
‫العالقات وىي األحواؿ الشخصية أي تلػك اؼبتعلقػة باألسػرة كػالزواج والطػالؽ واؼبػَتاث والنفقػة ‪...‬اخل ‪،‬‬
‫وكذلك اليت تنظم عالقات الفرد اؼبالية ويطلق عليها قواعد األحواؿ العينية ‪.‬‬
‫أمػػا يف اعبزائػػر وعلػػى غ ػرار معظػػم الػػدوؿ العربيػػة فقػػد جػػرى العمػػل علػػى أف يتضػػمن القػػانوف اؼبػػدين‬
‫أحكػاـ تنظػيم األحػواؿ اؼباليػة فقػط‪ ،‬بينمػا يستق ػل قان ػوف آخػر بتنظػيم األحػواؿ الشخصي ػة‪ ،‬يطػ ػلق عليػ ػو‬
‫قانوف األحػ ػ ػ ػواؿ الشخصية أو قانوف األسرة‪.‬‬
‫وقػػد صػػدر القػػانوف اؼبػػدين اعبزائػػري دبقتضػػى األمػػر رقػػم ‪ 58/75‬اؼبػػؤرخ يف ‪ 26‬ســبتمبر ‪ ،1975‬وىػػو‬
‫يتكوف من ‪ 1003‬مادة‪ ،‬ومقسم إذل أربع كتب ىي‪:‬‬
‫‪ -‬الكت ــاب األول يتن ػػاوؿ األحك ػػاـ العام ػػة‪ ،‬ويش ػػمل تن ػػازع القػ ػوانُت م ػػن حي ػػث الزم ػػاف واؼبك ػػاف‪،‬‬
‫وكذلك األشخاص الطبيعية واألشخاص االعتبارية ‪..‬اخل‪.‬‬
‫‪ -‬الكت ــاب الث ــاني ويش ػػمل االلتزام ػػات والعق ػػود حي ػػث يب ػػُت مص ػػادر االلتػ ػزاـ يف الق ػػانوف والعق ػػد‬
‫وشروطو وآثاره‪ ،‬والفعل الضار وآثاره ‪...‬اخل ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الثالث ووبتوي اغبقوؽ العينية األصلية‪ ،‬كحق اؼبلكية وما يتفرع عنو‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الرابع يتناوؿ اغبقوؽ العينية التبعية مثل حق االنتفاع‪ ،‬وحق الرىن الرظبي وغَتىا ‪.‬‬
‫وقد خضع القانوف اؼبدين اعبزائري لتعديالت ـبتلفة دبوجب القوانُت التالية ‪:‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ -‬القانوف رقم ‪ 07-80‬اؼبؤرخ يف ‪ 7‬أوت ‪.1980‬‬
‫‪ -‬القانوف رقم ‪ 01 -83‬اؼبؤرخ يف ‪ 29‬يناير‪.1983‬‬
‫‪ -‬القانوف رقم ‪ 21-84‬اؼبؤرخ يف ‪ 24‬ديسمرب ‪. 1984‬‬
‫‪ -‬القانوف ‪ 14-88‬اؼبؤرخ يف ‪ 3‬مايو ‪.1988‬‬
‫‪ -‬القانوف رقم ‪ 01 -89‬اؼبؤرخ يف ‪ 07‬فرباير‪.1989‬‬
‫‪ -‬األمر ‪ 89-05‬اؼبؤرخ يف ‪ 20‬جواف ‪.2005‬‬
‫* قانون األحوال الشخصية (قانون األسرة) ‪ :‬وقد صدر يف اعبزائر دبقتضى القانوف رقػم ‪ 11/84‬يف‬
‫‪ 9‬جوان ‪ 1984‬ويتكوف من ‪ 224‬مادة موزعة على أربع كتب على النحو التارل‪:‬‬
‫‪ -‬الكتاب األول تضمن أحكاـ عقد الزواج واػبطبة والطالؽ ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الثاني تضمن أحكاـ النيابة عند فاقدي األىلية وناقصيها ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الثالث تضمن قواعد اؼبَتاث من حيث أصحابو وأنصبتهم ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الرابع وتضمن قواعد التربعات‪،‬أي أحكاـ الوصية واؽببة والوقف‪.‬‬
‫وعػػدؿ ىػػذا القػػانوف دبوجػػب األمػػر ‪ 02-05‬اؼبػػؤرخ يف ‪ 27‬فربايػػر ‪ 2005‬ومسػػمى التعػػديل ؾبموعػػة‬
‫مواد‪.‬‬
‫‪ -2‬القــانون التجــاري‪ :‬ويقصػػد بػػو ؾبموعػػة القواعػػد الػػيت تػػنظم العالقػػات التلاريػػة أي العالقػػات بػػُت‬
‫التلػػار بصػػفتهم ذبػػار والعالقػػات اؼبتصػػلة باألعمػػاؿ التلاريػػة فيبػػُت لنػػا ىػػذا القػػانوف اؼبقصػػود بالتػػاجر‬
‫واألعماؿ التلارية‪ ،‬كما يبُت لنا واجبات التاجر كالقيد يف السلل التلػاري‪ ،‬ويػنظم الشػركات التلاريػة‬
‫والعقود بأنواعها‪..‬‬
‫وقػػد كػػاف ىػػذا القػػانوف جػػزء مػػن القػػانوف اؼبػػدين ولكػػن اسػػتقل عنػػو لعػػدة أسػػباب أنبهػػا حاجػػة القػػانوف‬
‫التلػػاري إذل السػػرعة يف اؼبعػػامالت والثقػػة بػػُت األشػػخاص ‪ ،‬ىػػذا باإلضػػافة إذل ظهػػور نظػػم جديػػدة يف‬
‫التلارة دل تكن معروفة من قبل كالبورصة واألوراؽ التلارية ‪.‬‬
‫وقػػد صػػدر القػػانوف التلػػاري يف اعبزائػػر دبقتضػػى األمػػر ‪ 59/75‬اؼبػػؤرخ يف ‪ 26‬ســبتمبر ‪،1975‬‬
‫وق ػػد تض ػػمن ‪ 842‬م ػػادة ‪ ،‬ودخ ػػل إذل حي ػػز التطبي ػػق ي ػػوـ ‪ 5‬جويلي ػػة ‪ .1975‬وأدخل ػػت علي ػػو ع ػػدة‬
‫تعديالت منذ تاري صدوره إذل‬
‫غاية يومنا ىذا ‪ ،‬وىو مقسم إذل طبسة كتب ‪:‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ -‬الكتاب األول تناوؿ التلارة عموما ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الثاني خصص للمحل التلاري ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الثالث يف اإلفالس والتسوية القضائية ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الرابع يف السندات التلارية ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الخامس يف الشركات التلارية ‪.‬‬
‫‪ -3‬القــانون البحــري‪ :‬وىػػو القػػانوف اػبػػاص بتنظػػيم اؼبالحػػة البحريػػة ومػػا يكتنفهػػا مػػن عالقػػات تتعلػػق‬
‫بالسفينة وبالنقل البحري وبعقػد العمػل البحػري وبػاغبوادث البحريػة وبالتػأمُت البحػري‪ ،‬سػواء كػاف تأمينػا‬
‫عل ػػى الس ػػفينة أو تأمين ػػا عل ػػى البض ػػائع أو تأمين ػػا م ػػن اؼبس ػػؤولية ‪ .‬وق ػػد كان ػػت قواع ػػد الق ػػانوف البح ػػري‬
‫يتضمنها القانوف التلاري قديبا ودل يستقل إال حديثا ‪.‬‬
‫ويف اعبزائػػر صػػدر القػػانوف البحػػري بػػاألمر رقػػم ‪ 80/76‬اؼبػػؤرخ يف ‪ 23‬أكتــوبر ‪ 1976‬ودل ينشػػر حػػىت‬
‫العػػدد رقػػم ‪ 29‬مػػن اعبريػػدة الرظبيػػة – الســنة ‪ – 14‬الصػػادر يف ‪ 10‬أفريــل ‪ ، 1977‬ووبتػػوي علػػى‬
‫‪ 887‬مادة مقسمة إذل كتابُت‪:‬‬
‫‪ -‬الكتــاب األول خصػػص للمالحػػة البحريػػة والبحػػارة حيػػث اشػػتمل علػػى تعريػػف السػػفينة وإثبػػات‬
‫جنس ػػيتها وكيفي ػػة التص ػػرؼ فيه ػػا ب ػػالبيع وال ػػرىن واغبل ػػز التحفظ ػػي ومس ػػؤولية األم ػػن عل ػػى الس ػػفن‬
‫والتعويض عن الضرر الناشي عن اؼبالحة‪...‬اخل ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتــاب الثــاني واشػػتمل علػػى قواعػػد تنظػػيم االسػػتغالؿ التلػػاري للسػػفينة وعػػن ذبهيزىػػا وقائػػدىا‬
‫ومساعديو من اؼبالحُت وعن استثمار السفينة ‪...‬اخل ‪.‬‬
‫‪ -4‬القـ ــانون الجـ ــوي‪ :‬وىػ ػػو مػ ػػن أحػ ػػدث فػ ػػروع القػ ػػانوف نظ ػ ػرا ألف اسػ ػػتخداـ الطػ ػػائرة كوسػ ػػيلة لنقػ ػػل‬
‫األشخاص والبضائع جويا دل يتحقق إال يف بداية القرف العشػرين ‪.‬ويشػتمل القػانوف اعبػوي علػى ؾبموعػة‬
‫القواعػػد الػػيت تػػنظم العالقػػات الناشػ ة عػػن اؼبالحػػة اعبويػػة‪ ،‬فيتنػػاوؿ الطػػائرة – كػػأداة ؽبػػذه اؼبالحػػة – مػػن‬
‫وجػػوه ـبتلفػػة ويعػػا بوجػػو خػػاص مسػػؤولية الناقػػل اعبػػوي‪ ،‬ويسػػتمد معظػػم قواعػػده يف ىػػذا الصػػدد مػػن‬
‫االتفاقػػات الدوليػػة كمعاىػػدة ىافان ــا عػػاـ ‪ ،1928‬واتفاقيػػة وارس ــو عػػاـ ‪ 1929‬بشػػأف النقػػل اعبػػوي‬
‫وإجباريػػة التػػأمُت ومعاىػػدة رومــا عػػاـ ‪ 1933‬ومعاىػػدة شــيكا و عػػاـ ‪ ،1944‬ومعاىػػدة الىــاي عػػاـ‬
‫‪...1970‬اخل‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫ودل تصػػدر اعبزائػػر تش ػريعا جويػػا ولػػذلك تطبػػق يف ىػػذا الصػػدد القواعػػد العامػػة اؼبنص ػ ػ ػػوص عليهػػا يف‬
‫القانوف اؼبدين أو التلاري أو البحري حسب األحواؿ‪ ،‬يف حػُت زبػتص اعبهػات القضػائية اعبزائريػة بنظػر‬
‫اعبنايػػات واعبػػنح الػػيت ترتكػػب علػػى مػػجل الطػػائرات اعبزائريػػة أيػػا كانػػت جنسػػية مرتكػػب اعبريبػػة وىػػذا مػػا‬
‫نصت عليو اؼبادة ‪ 591‬من قانوف اإلجراءات اعبزائية ‪.‬‬
‫‪ -5‬قــانون العمــل التــابع‪ :‬ىػػو ؾبموعػػة القواعػػد القانونيػػة الػػيت تػػنظم العالقػػات بػػُت العمػػاؿ وأصػػحاب‬
‫العمل‪ ،‬وذلك يف نطاؽ العمل اؼبأجور أي العمل التابع ‪ ،‬حيث يػرتبط العامػل بصػاحب العمػل بواسػطة‬
‫تبعية يطلق عليها التبعية القانونية يكوف العامل دبوجبها خاضعا لرقابة وتوجيو صاحب العمل ‪.‬‬
‫وقػد أصػػدر اؼبشػرع اعبزائػػري قػوانُت عماليػة عديػػدة أحػػدثها القػانوف األساسػػي العػػاـ للعامػل الصػػادر بػػرقم‬
‫‪ 12/78‬بتاري ‪ 5‬أوت ‪ 1978‬ووبتوي على سبع كتب ىي‪:‬‬
‫‪ -‬الكتاب األول يف عالقات العمل ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الثاني يف التكوين اؼبهٍت ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الثالث يف أجور العماؿ ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الرابع يف شروط العمل ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الخامس يف التصريح باالفتتاح والسلالت اإللزامية ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب السادس يف العقوبات اؼبًتتبة على ـبالفة أحكامو ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب السابع وتناوؿ أحكاـ ختامية ‪.‬‬
‫‪ -6‬قانون ااجرااات المدنية واادارية ‪ :‬ويشتمل ىذا القانوف على ؾبموعتُت من القواعد ‪:‬‬
‫‪ -‬المجموعة األولى‪ :‬ؾبموعة القواعد اؼبنظمة للسلطة القضػائية مػن حيػث بيػاف أنػواع ا ػاكم اؼبختلفػة‬
‫وتشػػكيلها واختصػػاص كػػل منهػػا والشػػروط الواجػػب توافرىػػا يف تعيػػُت القضػػاة وحقػػوؽ ىػػؤالء وواجبػػاهتم‪،‬‬
‫وتسمى ىذه ا موعة ؾبموعة التنظيم القضائي ‪.‬‬
‫إض ػػافة إذل ؾبموع ػػة القواع ػػد ال ػػيت تب ػػُت اإلجػ ػراءات الواج ػػب إتباعه ػػا يف رف ػػع ومباش ػػرة ال ػػدعاوى اؼبدني ػػة‬
‫والتلارية واإلدارية‪ ،‬وتنفيذ ما يصدر فيها من أحكاـ‪ ،‬وىذه ا موعة من القواعد اإلجرائية تكفل ضبايػة‬
‫اغبقوؽ اليت تقررىا القواعد اؼبوضوعية يف القانوف اؼبدين والتلاري وغَتنبا من فروع القانوف اػباص ‪.‬‬
‫‪ -‬المجموعــة الثانيــة ‪ :‬وىػػي خاصػػة باعبانػػب اإلداريػػة مػػن حيػػث بيػػاف طػػرؽ وإج ػراءات رفػػع الػػدعاوى‬
‫اإلدارية أماـ جهات القضاء اإلداري اؼبختلفة ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ويف اعبزائر عرؼ قانوف اإلجراءات اؼبدنية يف اؼبرحلة األوذل التعديالت التالية ‪:‬‬
‫‪-‬األمر رقم ‪ 77-69‬اؼبؤرخ يف ‪ 18‬سبتمرب ‪.1969‬‬
‫‪ -‬األمر رقم ‪ 80 -71‬اؼبؤرخ يف ‪ 29‬ديسمرب ‪.1971‬‬
‫‪ -‬القانوف رقم ‪ 01-86‬اؼبؤرخ يف ‪ 28‬يناير ‪.1986‬‬
‫‪ -‬القانوف رقم ‪ 23 -90‬اؼبؤرخ يف ‪ 18‬أوت ‪.1990‬‬
‫‪ -‬اؼبرسوـ التشريعي رقم ‪ 09 -93‬اؼبؤرخ يف ‪ 25‬أفريل ‪.1993‬‬
‫‪ -‬القانوف ‪ 05.01‬اؼبؤرخ يف ‪22‬ماي ‪.2001‬‬
‫ويف اؼبرحلة الثانية ألغي دبوجب اؼبادة ‪ 1064‬من القانوف رقم ‪ 09/08‬اؼبػؤرخ يف ‪ 25‬فيفـري ‪2008‬‬
‫اؼبتضػػمن قػػانوف اإلج ػراءات اؼبدنيػػة واإلداريػػة‪ ،‬الػػذي دخػػل حيػػز النفػػاذ يف ‪ 23‬أفريــل ‪ 2009‬أي بعػػد‬
‫سنة من تاري نشره يف اعبريدة الرظبية رقم ‪ 21‬من السنة ‪. 145‬‬
‫ووبتوي ىذا القانوف على ‪ 1065‬مادة وموزع على طبس كتب ‪:‬‬
‫‪ -‬الكتاب األول يف األحكاـ اؼبشًتكة عبميع اعبهات القضائية ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الثاني يف اإلجراءات اػباصة بكل جهة قضائية ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الثالث يف التنفيذ اعبربي للسندات التنفيذية ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الرابع يف اإلجراءات اؼبتبعة أماـ اعبهات القضائية اإلدارية ‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب الخامس يف الطرؽ البديلة غبل النزاعات واؼبتمثلة يف الصلح والوساطة والتحكيم ‪.‬‬
‫‪ -7‬الق ــانون ال ــدولي الخ ــاص ‪ :‬وىػػو ؾبموع ػػة القواعػػد القانونيػػة الػػيت رب ػػدد القػػانوف الواجػػب التطبي ػػق‬
‫وا كمة اؼبختصة بالنسبة للعالقات ذات العنصر األجند ويقصد هبذه األخَتة العالقات اليت تدخل يف‬
‫ؾباؿ القانوف اػباص ويكوف إحدى عناصرىا متصل بدولة أجنبية وتكوف العالقة ذات عنصر أجنػد إذا‬
‫كاف أحد أطرافها أجند‪ ،‬أو إذا كانت ناش ة عن عقد أبرـ يف اػبارج‪ ،‬أو تعلقت بعقار موجود يف دولة‬
‫أجنبية‪ ،‬أو حبادث وقع ؼبواطن يف غَت وطنو ‪.‬‬
‫ومن األمثلة على ذلك أف يتزوج جزائري من أؼبانية بفرنسا مث وبدث الطالؽ بينهمػا يف إسػبانيا‪ ،‬فهنػا‬
‫يثور التساؤؿ حوؿ القانوف الواجب التطبيق على ىذا النزاع وا كمػة اؼبختصػة بالفصػل يف ذلػك‪ ،‬وعليػو‬
‫فقواعػػد القػػانوف الػػدورل اػبػػاص ىػػي الػػيت تبػػُت لنػػا ا كمػػة اؼبختصػػة وتعػػرؼ ىػػذه القواعػػد بقواعػػد تنػػازع‬
‫االختصاص القضائي الدورل وتبُت لنا أيضا القانوف الواجب التطبيق يف ىذا الصدد‪ ،‬وتعػرؼ قواعػده يف‬

‫‪23‬‬
‫ىػػذا ا ػػاؿ بقواعػػد تنػػازع الق ػوانُت مػػن حيػػث اؼبكػػاف أو قواعػػد اإلسػػناد‪ ،‬وىػػذه القواعػػد ال تتضػػمن اغبػػل‬
‫للموضػػوع بػػل تقتصػػر فقػػط علػػى إسػػناد اغبػػل إذل قػػانوف معػػُت وىػػذا األخػػَت ىػػو الػػذي يقػػدـ اغبػػل الػػذي‬
‫يفصل يف النزاع اؼبطلوب ومن أمثلة قواعد اإلسناد يف التشريع اعبزائري اؼبادة ‪ 11‬من القانوف اؼبدين الػيت‬
‫تنص‪:‬‬
‫" يسري على الشروط الموضوعية الخاصة بصحة الزواج القانون الوطني لكل من الزوجين " ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬أنـواع القواعـد القانـونية‬
‫إضػػافة إذل تقسػػيم القواعػػد القانونيػػة إذل عامػػة وخاصػػة‪ ،‬تقسػػم أيضػػا إذل عػػدة تقسػػيمات أخػػرى علػػى‬
‫النحو التارل ‪:‬‬
‫‪ -‬من حيث صورهتا تنقسم إذل قواعد مكتوبة وقواعد غَت مكتوبة ‪.‬‬
‫‪ -‬ومن حيث تنظيمها للحقوؽ تنقسم إذل قواعد موضوعية وقواعد شكلية ‪.‬‬
‫‪ -‬أما من حيث قوهتا اإللزامية تنقسم إذل قواعد آمرة وقواعد مكملة ‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬القواعـد المكتوبة و يـر المكتوبة‪ ،‬والقواعـد الموضوعية والشكليـة‬
‫تنقسػػم القواعػػد القانونيػػة مػػن حيػػث شػػكل صػػدورىا إذل قواعػػد مكتوبػػة وغػػَت مكتوبػػة ومػػن حيػػث‬
‫تنظيمها للحقوؽ تنقسم إذل قواعد موضوعية وقواعد شكلية ‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬القواعد المكتوبة والقواعد ير المكتوبة‬
‫القواع ػػد اؼبكتػ ػػوبة ى ػػي ال ػػيت يكػ ػػوف مص ػػدرىا التشري ػػع سػ ػواء ك ػػاف ى ػػو الدستػ ػػور‪ ،‬أو قانػ ػػونا عادي ػػا‬
‫كالقػ ػ ػ ػ ػػان ػػوف اؼبػػدين‪ ،‬أو أم ػرا أو الئحػػة صػػدرت بنػػاء علػػى قػػانوف‪ ،‬فهػػذه القواعػػد تصػػدر وتنشػػر باعبريػػدة‬
‫الرظبيػػة وتعلػػن لألف ػراد يف صػػورة مكتػ ػ ػ ػ ػ ػوبة ‪ .‬أمػػا إذا نشػػأت وت ػقررت القاعػػدة القػان ػونية عػػن غػػَت طريق ػي‬
‫السلطػة التشريعيػة اؼبختص ػة قانػ ػ ػونا باصدارىا أو السلطة التنفيذية‪ ،‬فاف القاعدة عندئذ تعترب من القواعػد‬
‫القانونية غَت اؼبكتوبة ومثاؽبا القواعد العرفية‪ ،‬أو مبادئ الشريعة اإلسالمية ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬القواعد الموضوعية والقواعد الشكلية‪:‬‬
‫القواعد اؼبوضوعية ىي كل قاعدة تقرر حقا أو تفرض واجبا‪ ،‬ومثاؿ ذلك اؼبادة ‪ 467‬مػن القػانوف‬
‫اؼبػػدين الػػيت تقضػػي ‪ ( :‬اايجــار عقــد يمكــن المــضجر بمقت ــاه المســتيجر مــن االنتفــاع بشــيا لمــدة‬
‫محددة مقابل بدل إيجار معلوم ) ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫فهذه القاعدة موضوعية تقرر حقا للمستأجر ىو سبكينو من االنتفاع بالعُت اؼبؤجرة وتفػرض علػى اؼبػؤجر‬
‫واجب تسليمو العُت اؼبؤجرة‪ ،‬ويف نفس الوقت تقرر حقا للمػؤجر ىػو اؼبقابػل النقػدي أي اغبصػوؿ علػى‬
‫بدؿ اإلهبار‪ ،‬وتفرض على اؼبستأجر واجب دفع بدؿ اإلهبار للمؤجر ‪.‬‬
‫أما القواعد الشكلية فهي القواعػد القانونيػة الػيت تبػُت الوسػائل الػيت يبكػن هبػا اقتضػاء اغبػق اؼبقػرر أو‬
‫تقرير كيفية االلتػزاـ بالقيػاـ بالواجػب‪ ،‬ومػن أمثلػة القواعػد الشػكلية قواعػد قػانوف اإلجػراءات اؼبدنيػة وىػي‬
‫الػػيت تػػنظم كيفيػػة مباشػػرة الػػدعاوى اؼبدنيػػة واختصاصػػات اعبهػػات القضػػائية اؼبدنيػػة‪ ،‬ومػػن أمثلتهػػا أيضػػا‬
‫أغل ػػب قواع ػػد ق ػػانوف اإلجػ ػراءات اعبزائي ػػة وى ػػي القواع ػػد ال ػػيت ت ػػنظم كيفي ػػة مباش ػػرة ال ػػدعاوى العمومي ػػة‬
‫واختصاصات اعبهات القضائية يف اؼبواد اعبزائية وكيفية تشكيل ا اكم وطرؽ الطعن يف أحكامها ‪.‬‬
‫المطلــب الثــاني‪ :‬القواعــد اأمــرة (أو الناىيــة) والقواعــد المكملــة (أو المفســرة) سػػنتعرض يف ىػػذا‬
‫اؼبطلب إذل القواعد اآلمرة و القواعد اؼبكملة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬القواعد اأمرة أو الناىية‬
‫ىي اليت تتضمن خطابا موجها لألفراد ب داء عمل معُت‪ ،‬أو لالمتناع عن عمل معُت ‪.‬‬
‫فاذا كانت القاعدة القانونية تتضػمن أمػرا بالقيػاـ بعمػل فهػي قاعػدة آمػرة ‪ ،‬ومػن أمثلتهػا القاعػدة الػيت‬
‫تأمر بأداء الضرائب أو تلك اليت تأمر بأداء اػبدمة الوطنية ‪.‬‬
‫وإذا كانػػت القاعػػدة القانونيػػة تتضػػمن ليػػا عػػن العمػػل أو امتناعػػا عػػن أداء عمػػل معػػُت فهػػي قاعػػدة‬
‫ناىي ػػة‪ ،‬وم ػػن أمثلته ػػا القواع ػػد ال ػػيت تنه ػػي ع ػػن القت ػػل أو ع ػػن الس ػػرقة أو ع ػػن التزوي ػػر أو الرش ػػوة‪..‬اخل‪ ،‬أو‬
‫القاعدة اليت تنهي عن التعامل يف تركػة إنسػاف علػى قيػد اغبيػاة‪ ،‬أو القاعػدة الػيت تنهػي القضػاة عػن شػراء‬
‫اغبق اؼبتنازع فيػو إذا كػاف النظػر يف النػزاع اؼبتعلػق بشػأنو اغبػق يػدخل يف اختصػاص ا كمػة الػيت يباشػروف‬
‫أعماؽبم يف دائرهتا ‪...‬اخل‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬القواعد المكملة أو المفسرة‬
‫يقصػػد هبػػا تلػػك القواعػػد الػػيت هتػػدؼ إذل تنظػػيم مصػػاحل فرديػػة لألشػػخاص فقػػط يف اغبػػاالت الػػيت‬
‫يكػوف فيهػػا ىػػؤالء األفػراد غػػَت قػػادرين علػػى تنظػيم عالقػػاهتم بأنفسػػهم وبالتػارل لألفػراد أف يتلػػاىلوا تلػػك‬
‫القاعدة اؼبفسرة‪ ،‬بل هبوز ؽبم االتفاؽ على عكس ما قررتو ‪.‬‬
‫ومػن أمثلػػة ىػذه القواعػػد القاعػػدة الػيت تقػػرر أف يكػػوف الػثمن مسػػتحق الوفػػاء يف اؼبكػاف ويف الوقػػت الػػذي‬
‫يسلم فيو اؼببيع ما دل يوجد اتفاؽ أو عرؼ يقضي بغَت ذلك ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ -‬أو القاعدة اليت تفرض على اؼبؤجر التزاما بصيانة العُت اؼبؤجرة وإجػراء الًتميمػات الضػرورية فيهػا أثنػاء‬
‫استغالؽبا ما دل يقض االتفاؽ بغَت ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬أو القاعدة اليت ذبعل نفقات البيع ورسوـ الدمغة والتسليل ونفقات تسليم اؼببيع على اؼبشػًتي مػا دل‬
‫يوجد اتفاؽ أو عرؼ يقضي بغَت ذلك ‪.‬‬
‫وال يعػػٍت جػواز االتفػػاؽ علػػى خػػالؼ أحكػػاـ القواعػػد اؼبكملػػة أف تتحػػوؿ إذل قواعػػد اختياريػػة موجهػػة‬
‫لألفراد على سبيل النصح وإمبا ىي قواعد قانونية دبعٌت الكلمة ؽبا صفة اإللزاـ‪ ،‬وكل ما يف األمػر أف مػن‬
‫شػػروط تطبي ػق ىػػذه القواعػػد عػػدـ وجػػود اتفػػاؽ علػػى مػػا ىبػػالف حكمهػػا فػػاذا ربقػػق ىػػذا الشػػرط تكػػوف‬
‫ملزمة سباما مثل القواعد اآلمرة فيلتزـ القاضي بتطبيقها على عاتق األفراد ‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬معايير التمييز بين القواعد اأمرة والقواعد المكملة‬
‫إف معيػػار التمييػػز بػػُت القواعػػد اآلمػػرة والقواعػػد اؼبكملػػة يكمػػن يف مػػدى تعلػػق القاعػػدة القانوني ػػة‬
‫بالنظػػاـ العػػاـ واآلداب العامػػة‪ ،‬حبيػػث إذا كانػػت القاعػػدة القانونيػػة فبػػا يػػدخل يف مفهػػوـ النظػػاـ العػػاـ أو‬
‫اآلداب كانػػت قاعػػدة آمػػرة‪ ،‬كمػػا قػػد يفهػػم مػػن ألفػػاظ التشػريع صػػفة القاعػػدة القانونيػػة‪ ،‬حيػػث تكشػػف‬
‫بعض األلفاظ يف النص التشريعي عما إذا كانت القاعدة القانونية آمرة أـ مكملة ‪.‬‬
‫أوال) المعيـ ــار اللفظي(الشـ ــكلي)‪ :‬يعت ػػرب ى ػػذا اؼبعي ػػار اغباس ػػم واؼبنطق ػػي للتميي ػػز ب ػػُت القاع ػػدة اآلم ػػرة‬
‫والقاعػػدة اؼبكملػػة‪ .‬ولتطبيػػق ىػػذا اؼبعيػػار البػػد مػػن الرجػػوع إذل العبػػارة الػػيت صػػيغت هبػػا القاعػػدة والػػيت قػػد‬
‫تفصح عن نوعها‪ ،‬فتعتػرب القاعػدة آمػرة إذا نصػت علػى عػدـ جػواز االتفػاؽ علػى مػا ىبالفهػا‪ ،‬أو نصػت‬
‫على بطالف االتفاؽ اؼبخالف ؽبا‪ ،‬حيث قبد يف القاعدة اآلمرة األلفاظ أو العبارات التالية‪ ":‬ال هبوز‪...‬‬
‫‪ ،‬يقع باطال‪، ...‬ال يصح ‪،....‬يعاقب ‪ ،...‬يتعُت‪ ،....‬يلزـ ‪ ،....‬وغَتىا من األلفػاظ الػيت تفيػد األمػر‬
‫و النهػػي ‪ .‬وتعتػػرب القاعػػدة مكملػػة إذا كانػػت عبارهتػػا منتهيػػة بالصػػيي اآلتيػػة ‪" :‬مػػا دل يقػػض االتفػػاؽ بغػػَت‬
‫ذلك" أو "ما دل يوجد اتفاؽ أو عرؼ يقضي بغَت ذلػك" أو "مػا دل يوجػد اتفػاؽ أو نػص قػانوين يقضػي‬
‫بغَت ذلك"‪.‬‬
‫ثانيا) معيار النظام العام واأداب العامة ( الموضوعي )‪ :‬عندما تك ػ ػوف القاعدة القانونية متعلقة‬
‫بالنظ ػ ػ ػاـ الع ػ ػاـ أو باآلداب العامة تعد قاعدة آمرة وحيث تكوف القاعدة غَت متعلقة هبما فهي قاعدة‬
‫مكملة ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫ويقصد بالنظام العام ؾبموعة اؼبصاحل اعبوىرية للملتمع أو ؾبموعػة األسػس الػيت يقػوـ عليهػا كيػاف‬
‫اعبماعػػة س ػواء كانػػت سياسػػية كاألسػػس الػػيت يقػػوـ عليهػػا نظػػاـ الدولػػة مػػن حيػػث طػػرؽ فبارسػػة السػػلطة‬
‫وتنظيمه ػػا‪ ،‬أو كان ػػت اجتماعي ػػة كاألس ػػس ال ػػيت يق ػػوـ عليه ػػا نظ ػػاـ األس ػػرة يف الدول ػػة‪ ،‬أو كان ػػت أس ػػس‬
‫اقتصػػادية كاألسػػس الػػيت تبػػُت نوعيػػة نظػػاـ االقتصػػاد الػػذي تتبعػػو الدولػػة‪ ،‬أو كانػػت خلقيػػة كاألسػػس الػػيت‬
‫يقرىا ا تمع للحفاظ على القيم اليت يؤمن هبا واليت تتأثر بعوامل الدين والتقاليد والفلسفة‪...‬اخل ‪.‬‬
‫ويقصد باأداب العامة األسس اػبلقية الضرورية غبفظ كيػاف ا تمػع ويتضػح مػن ذلػك أف اآلداب‬
‫العامة جزء من النظاـ العاـ‪ ،‬وعلى رأس األسس اػبلقية يف ا تمعات اؼبعاصػرة ضػرورة ازبػاذ العالقػة بػُت‬
‫الرجل واؼبرأة شكال معينا وىو الزواج حىت تكوف عالقة مشروعة وؽبذا تعد القواعد اؼبنظمة للػزواج قواعػد‬
‫آمرة حبيث يعتػرب أي اتفػاؽ علػى إنشػاء عالقػة غػَت مشػروعة خػارج نطػاؽ الػزواج بػاطال ؼبخالفتػو اآلداب‬
‫العامة ‪.‬‬
‫وما تتميز بو فكرة النظاـ العاـ واآلداب العاـ ألا ظػاىرة قانونيػة تتميػز بنسػبيتها علػى كبػو يتفػاوت‬
‫بتفاوت القوانُت والشرائع من مكاف إذل آخػر‪ ،‬ومػن زمػن إذل آخػر‪ ،‬فمػن حيػث اؼبكػاف يبكػن أف زبتلػف‬
‫فكػػرة النظػػاـ العػػاـ واآلداب مػػن ؾبتمػػع إذل آخػػر فمضػػمونو يف ؾبتمػػع رأظبػػارل ىبتلػػف عػػن مضػػمونو يف‬
‫ؾبتمػع اشػًتاكي‪ ،‬كمػػا زبتلػف ىػػذه الفكػرة مػػن حيػث اعبانػب األخالقػػي يف دولػة إسػػالمية عنهػا يف دولػػة‬
‫مسيحية ‪...‬اخل ‪.‬‬
‫ومن حيث الزماف قبد أف فكرة النظاـ واآلداب العامة تتطور يف داخل ا تمػع الواحػد مػن زمػن إذل‬
‫زمن‪ ،‬فعقد التأمُت مثال كاف إذل عهد قريػب يعػد ـبالفػا لػ داب مث تطػورت النظػرة إليػو حبيػث أصػبح يف‬
‫ا تمع اغبديث أداة نافعة لألفراد تكفل ؽبم الكثَت من األماف واالستقرار ‪...‬اخل ‪.‬‬
‫وبتطبيق فكرة النظاـ العاـ واآلداب العامة على فروع القانوف قبد أف ىذه الفكرة تنطبق دائما علػى‬
‫قواعػػد القػػانوف العػػاـ باعتبػػار أف ىػػذا القػػانوف يهػػدؼ كمػػا رأينػػا إذل تنظػػيم اؼبصػػاحل العامػػة يف ا تمػػع‪،‬‬
‫فقواعد القانوف الدستوري مثال تعد قواعد آمرة ومثاؿ ذلك القواعد اؼبتعلقة باغبقوؽ أو اغبريات العامة‪.‬‬
‫ونفس الشيء بالنسبة لقواعد القانوف اعبنائي اليت تعد قواعد آمرة حبيث يعتػرب بػاطال كػل اتفػاؽ علػى‬
‫ارتكاب اعبريبة‪ ،‬فاذا اتفق اؼبريض اؼبي وس من شفاءه مع الطبيب على أف يقدـ لو ىذا األخَت دواء فبيتا‬
‫ليخلصو من العذاب‪ ،‬ففي ىذه اغبالة يعاقب الطبيب رغم ذلك االتفاؽ ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫الفصـل الثـالث ‪ :‬مصــادر القـانــون‬
‫اؼبصدر لغة يقصد بو األصػل أو اؼبنبػع الػذي ظهػر منػو الشػيء بعػد أف كػاف خفيػا‪ .‬ويف ؾبػاؿ الدراسػة‬
‫القانونية يقصد باؼبصدر عدة معاين ‪:‬‬
‫‪ -‬فقػػد يقصػػد باؼبصػػدر ؾبموعػػة العوامػػل واؼبعطيػػات االجتماعيػػة اؼبختلفػػة الػػيت اقتضػػت وضػػع القاعػػدة‬
‫القانونيػػة‪ ،‬ويطلػػق علػػى اؼبصػػدر هبػػذا اؼبعػػٌت وصػػف اؼبصػػدر اؼبػػادي‪ ،‬أو اغبقيقػػي أو اؼبوضػػوعي أو اؼبصػػدر‬
‫اؼبرتب (غَت اؼبباشر) للقاعدة القانونية‪ ،‬فمن ىذا اؼبصدر تستمد القاعدة القانونية مادهتا ومضمولا ‪.‬‬
‫‪ -‬وقد يراد باؼبصدر األصل التارىبي الذي ترجع إليو قاعدة قانونية معينة‪ ،‬فقد تستقي القاعدة القانونيػة‬
‫من نظاـ قانوين قدًن‪ ،‬وقد تكوف ؾبرد تقليد لقاعدة معموؿ هبا يف قانوف دولة أخرى‪ ،‬فعلى سبيل اؼبثاؿ‬
‫يعترب القانوف الفرنسي والشريعة اإلسالمية من اؼبصادر التارىبية لقواعد القانوف اعبزائري ‪.‬‬
‫‪ -‬وقػػد يقصػػد باؼبصػػدر مػػا يرجػػع إليػػو للوقػػوؼ علػػى حقيقػػة اؼبقصػػود بالقاعػػدة القانونيػػة وربديػػد معناىػػا‬
‫ومضػ ػػمولا وذلػ ػػك عنػ ػػدما يكتنفهػ ػػا الغمػ ػػوض‪ ،‬ويطلػ ػػق علػ ػػى اؼبصػ ػػدر يف ىػ ػػذه اغبالػ ػػة وصػ ػػف اؼبصػ ػػدر‬
‫التفسَتي‪ ،‬ويعترب الفقو والقضاء أىم اؼبصادر التفسَتية للقاعدة القانونية ‪.‬‬
‫ويف دراستنا ىذه نتناوؿ مصادر القانوف حسب ترتيبها الوارد يف اؼبادة األوذل من القانوف اؼبػدين اعبزائػري‬
‫بقوؽبا ‪ ( :‬يسري القانون على جميـع المسـائل التـي تتناولهـا نصوصـو فـي لفظهـا أو فحواىـا ‪ .‬فـإذا‬
‫ل ــم يوج ــد ن ــص تشـ ـريعي‪ ،‬حك ــم القاض ــي بمقت ــى مب ــادل الشـ ـريعة ااس ــالمية‪ ،‬ف ــإذا ل ــم يوج ــد‬
‫فبمقت ى العرف ‪.‬فإذا لم يوجد فبمقت ى مبادل القانون الطبيعي وقواعد العدالة ) ‪.‬‬
‫فمن ىذا النص يتبُت أف للقوانُت مصدرا أصليا ىو التشريع فهو الواجػب التطبيػق بالدرجػة األوذل بصػفة‬
‫أصػلية‪ ،‬ويف غيػاب التشػريع تطبػق اؼبصػادر االحتياطيػػة مرتبػة حسػب أنبيتهػا ‪،‬ألف القاضػي ملػزـ بالفصػػل‬
‫يف الدعوى وإال تعرض ىو نفسو لللزاء بتهمة إنكار العدالة ‪ .‬وىكذا سػنتناوؿ مػن خػالؿ ىػذا الفصػل‬
‫مبحثُت ‪ ،‬اؼببحث األوؿ يشمل اؼبصادر األصلية للقانوف و اؼببحث الثاين يشمل اؼبصادر االحتياطية ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المصادر األصلية للقانون "التشريع ‪" Législation‬‬
‫التش ػريع ىػػو أىػػم اؼبصػػادر الرظبيػػة للقػػانوف يف ا تمعػػات اغبديثػػة‪ ،‬وإف كػػاف العػػرؼ أقػػدـ مصػػادره‬
‫حيث اعتمدت عليو اعبماعات البدائية منذ القدـ‪ ،‬واحتػل اؼبكانػة األوذل كمصػدر للقػانوف وقتػا طػويال‪،‬‬
‫غػػَت أف تقػػدـ ا تمعػػات واتسػػاع نطػػاؽ العالقػػات االجتماعيػػة وتشػػابكها أدى إذل انت ػزاع التش ػريع ىػػذه‬
‫اؼبكانة من العرؼ‪ ،‬وأصبحت لو الغلبة يف تنظيم سلوؾ وعالقات األشخاص يف ا تمع ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫واعتبار التشريع مصدرا أصليا مؤداه أنو يتعُت على القاضي عند حبثػو عػن القاعػدة الواجبػة التطبيػق علػى‬
‫النزاع اؼبعػروض أمامػو أف يللػأ أوال إذل التشػريع فػال يعػدؿ عنػو إذل غػَته مػن اؼبصػادر األخػرى‪ ،‬إال إذا دل‬
‫هبد فيو حكما للنزاع اؼبعروض أمامو ‪.‬‬
‫ويف ى ػػذا اؼببح ػػث س ػػوؼ نع ػػرض ؼبفه ػػوـ التش ػريع وتق ػػديره وذل ػػك يف اؼبطل ػػب األوؿ‪ ،‬مث نتن ػػاوؿ يف‬
‫اؼبطلػػب الثػػاين أن ػواع التش ػريع ‪ ،‬ون ػػتكلم يف اؼبطلػػب الثالػػث واألخػػَت عل ػػى الرقابػػة القانونيػػة علػػى ص ػػحة‬
‫التشريعات ‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهـوم التشريـع‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف التشريع وتحديد السلطة المختصة في إصداره‬
‫يقصد بالتشريع القواعد القانونية اؼبدونة الصادرة من السلطة اؼبختصة بذلك دبقتضى الدستور وفقػا‬
‫إلجراءات معينة‪ .‬ومن مهمات القانوف الدستوري يف كل بلد أف يبُت السلطة اليت تتوذل سن التشريعات‬
‫وىي السلطة اليت يقاؿ عنها السلطة التشريعية ‪.‬‬
‫وقػػد تكػػوف ىػػذه السػػلطة عبػػارة عػػن فػػرد واحػػد ملكػػا كػػاف أو حاكمػا‪ ،‬وقػػد تكػػوف عبػػارة عػػن ىي ػػة‬
‫تتكػػوف مػػن ؾبلػػس أو ؾبلسػػُت نيػػابيُت‪ ،‬ينتخبػػاف مػػن الشػػعب فينوبػػاف عنػػو يف سػػن التشػريع‪ ،‬مػػع مشػػاركة‬
‫رئيس الدولة دبا يكػوف لػو مػن حػق التصػديق أو االعػًتاض‪ ،‬أو بقيامػو شخصػيا بسػن التشػريع يف ظػروؼ‬
‫معينة تقتضي أف يضطلع هبػذا العمػل‪ ،‬كمػا تقػوـ السػلطة التنفيذيػة يف بعػض اغبػاالت بوضػع التشػريع يف‬
‫مسائل معينة تؤىلها وظيفتها إذل اإلحاطة هبا ‪.‬‬
‫وربػػدد السػػلطة الػػيت سبلػػك اغبػػق يف التش ػريع وفقػػا ألنبيػػة ىػػذا التش ػريع‪ ،‬فػػاذا تنػػاوؿ التش ػريع النظػػاـ‬
‫األساسي للبالد أو تعلق باؼبصاحل العليػا‪ ،‬فػال يكتفػي بالسػلطة التشػريعية العاديػة لوضػعو‪ ،‬وإمبػا يعهػد إذل‬
‫ىي ػػة مش ػػكلة عل ػػى كب ػػو خ ػػاص أو يرج ػػع في ػػو إذل الش ػػعب‪ ،‬أم ػػا إذا تعل ػػق دبس ػػائل عادي ػػة ف ػػاف الس ػػلطة‬
‫التش ػريعية العاديػػة ىػػي الػػيت تقػػوـ بوضػػعو‪ ،‬وإذا تعلػػق دبسػػائل تفصػػيلية ذات أنبيػػة ثانويػػة تتصػػل بػػالتطبيق‬
‫العملػػي فيػػًتؾ أمػػره إذل السػػلطة التنفيذيػػة حبكػػم اتصػػاؽبا اؼبسػػتمر بػػاعبمهور وتسػػتعُت يف ذلػػك بػػاإلدارات‬
‫اؼبتخصصة يف الوزارات واؼبؤسسات اؼبختلفػة ويف ىػذه اغبالػة يصػدر التشػريع بػأمر مػن رئػيس الدولػة بعػد‬
‫اإلطالع على التقرير اؼبقدـ من الوزير اؼبختص واستطالع رأي ؾبلس الوزراء‪ ،‬ويف صبيع األحواؿ تشارؾ‬
‫السلطة التشريعية اؼبختصة بػذلك أساسػا ‪ ،‬وذلػك يف ؾبػاؿ تشػريعات الضػرورة واالسػتعلاؿ والتشػريعات‬
‫الفرعية ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫الفــرع الثــاني‪:‬تقدي ــر التشري ــع ‪ :‬الشػػك يف أف التش ػريع قػػد أصػػبح يف ا تمعػػات اغبديثػػة ىػػو اؼبصػػدر‬
‫الغالب لقواعد القانوف الوضعي ويتميز دبا يلي ‪:‬‬
‫أوال) مزايا التشريع‪:‬‬
‫‪ -‬بعد صدور التشريع يف صيغة مكتوبة من طرؼ السلطة اؼبختصة‪ ،‬فاف القاعػدة القانونيػة تبػدو لألفػراد‬
‫يف ا تمػػع واضػػحة وؿبػػددة ال يثػػَت معرفتهػػا أو الوقػػوؼ عليهػػا أي منازعػػات‪ ،‬فيعػػرؼ كػػل فػػرد يف ا تمػػع‬
‫م ػػن خالؽب ػػا م ػػا ل ػػو م ػػن حق ػػوؽ وم ػػا علي ػػو م ػػن واجب ػػات فب ػػا ي ػػؤدي ذل ػػك إذل ربقي ػػق األم ػػن والطمأنين ػػة‬
‫واالسػتقرار يف اؼبعػامالت وىػذا مػا ال يتػوافر للعػرؼ علػى سػبيل اؼبثػاؿ كمصػدر مػن مصػادر القػانوف ألنػػو‬
‫غػػَت مكتػػوب‪ ،‬وبالتػػارل يكػػوف مػػن الصػػعب التعػػرؼ علػػى وجػػود عػػرؼ يقضػػي حبكػػم معػػُت أو علػػى عػػدـ‬
‫وجوده فبا يؤدي إذل االضطراب وعدـ االستقرار ‪.‬‬
‫‪ -‬التشػ ػريع أداة فعال ػػة يف ي ػػد الس ػػلطة اؼبختص ػػة سبكنه ػػا م ػػن س ػػرعة مواجه ػػة حاج ػػات ا تم ػػع اغب ػػديث‬
‫اؼبتزايػػدة‪ ،‬وم ػػن تط ػػويره تطػػويرا يبكن ػػو م ػػن اللح ػػاؽ اؼبسػػتمر دبوك ػػب التق ػػدـ اإلنسػػاين فه ػػو مص ػػدر س ػريع‬
‫يستليب بسرعة لضػرورات ا تمػع مػن حيػث إنشػاء قواعػد جديػدة‪ ،‬وىػو بالتػارل ىبتلػف عػن العػرؼ إذ‬
‫يعتػػرب ىػػذا األخػػَت مػػن اؼبصػػادر البطي ػػة التكػػوين والػػيت ربتػػاج إذل مػػدة طويلػػة لتتكػػوف علػػى إثرىػػا القاعػػدة‬
‫العرفية ‪.‬‬
‫‪ -‬التشػريع عامػػل ىػػاـ يف ربقيػػق الوحػػدة القوميػػة عػػن طريػػق توحيػػد القواعػػد القانونيػػة اؼبتباينػػة والػػيت تتمثػػل‬
‫يف ؾبموعة األعراؼ ا لية اؼبختلفة‪ ،‬بالتنسيق واؼبالئمة بينها وإفراغها يف قواعد تشريعية موحدة ‪.‬‬
‫ثانيا) عيوب التشريع‪:‬‬
‫‪ -‬يؤخػػذ علػػى التش ػريع أنػػو قػػد يتحػػوؿ يف بعػػض األحيػػاف إذل وسػػيلة ربكميػػة يف يػػد السػػلطة اؼبختصػػة‬
‫بوضػعو خاصػػة يف الػدوؿ الدكتاتوريػػة غػػَت أف مػا يقلػػل مػن ىػػذا الػػتحكم واالسػتبداد أف السػػلطة اؼبختصػػة‬
‫أصػػال بوضػػع التش ػريع تراعػػي عػػادة فيمػػا تضػػعو مػػن تش ػريعات ربقيػػق مصػػلحة ا تمػػع خاصػػة وأف ىػػذه‬
‫السلطة تتكوف من فبثلُت عن الشعب يف ؾبموعو ‪.‬‬
‫‪ -‬ويؤخػػذ علػػى التش ػريع أيضػػا أنػػو قػػد يكػػوف مالئمػػا وقػػت وضػػعو مث تتغػػَت الظػػروؼ ويًتاخػػى اؼبشػػرع يف‬
‫إدخاؿ التعديل الذي يناسب الظروؼ اعبديدة ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫غَت أنو يف معظم األحياف يبػادر ‪ -‬مسػتليبا لتوجيهػات الفقهػاء ‪ -‬بتعػديل التشػريعات لتسػاير الظػروؼ‬
‫اؼبتغَتة‪ ،‬وحىت إذا تواىن اؼبشػرع يف ذلػك‪ ،‬فػاف القضػاء يلعػب دورا ىامػا يف ىػذا الصػدد فيبػادر عػن طريػق‬
‫استخداـ سلطتو يف تفسَت نصوص التشريع إذل ربقيق اؼبالئمة بينها وبُت ما استلد من ظروؼ ‪.‬‬
‫وخالصػػة القػػوؿ أف مزايػػا التش ػريع تفػػوؽ إذل حػػد كبػػَت العيػػوب الػػيت توجػػو إليػػو وىػػذه اؼبزايػػا ذبعػػل‬
‫التشػريع مصػػدرا خصػػبا للقواعػػد القانونيػػة ‪ ،‬و ذبعلػػو األكثػػر مالئمػػة للدولػػة اغبديثػػة ‪ ،‬حبيػػث تػػزداد أنبيتػػو‬
‫يوما بعد يوـ ‪.‬و تتضاءؿ جبانبو اؼبصادر األخرى كالعرؼ ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أنــواع التشريعـات‬
‫سيشػػمل ىػػذا اؼبطلػػب كػػل مػػن التشػريع األساسػػي (الدستػػور) يف الفػػرع األوؿ والتشػريع العضػػوي يف‬
‫الفرع الثاين والتشريع العادي يف الفرع الثالث و التشريعػات الفػرعيػة يف الفرع الرابع‪.‬‬
‫الفـرع األول‪ :‬التشريـع األساسي (الدستـور)‬
‫الدسػتور ىػو التشػريع األساسػػي للدولػة فهػو قمػػة التشػريعات فيهػا وىػو القػػانوف األظبػى الػذي يتميػػز‬
‫خباصييت الثبات والسمو ويتضمن القواعد األساسية واؼببادئ العامة اليت تبُت شكل الدولة ونظاـ اغبكػم‬
‫فيها‪ ،‬ووبدد اؽبي ات واؼبؤسسات العامة واختصاصاهتا وعالقاهتػا ببعضػها‪ ،‬ويبػُت لألفػراد ؾبموعػة اغبقػوؽ‬
‫واغبريات األساسية الػيت يتمتعػوف هبػا سػواء تلػك الػيت تتسػم بالطػابع اعبمػاعي وبالتػارل تعػد مػن مقومػات‬
‫ا تمع بأسره‪ ،‬أـ تلك اليت تتعلق باألفراد يباشرولا على قدـ اؼبساواة ‪.‬‬
‫ومػػن الدسػػتور تؤخػػذ كافػػة الق ػوانُت األخػػرى مسػػتوحية مبادئػػو وأحكامػػو وتياراتػػو الػػيت ال هبػػوز ألي‬
‫قانوف أف ىبالفها‪.‬‬
‫أوال) طــرق وضــع الدســاتير‪ :‬تتوقػػف نشػػأة الدسػػاتَت علػػى نظػػاـ اغبكػػم السائ ػػد يف الدولػػة أثنػػاء وضػػع‬
‫الدستور‪ ،‬ولذلك يصنف فقهاء القانوف الدستوري أساليب نشأة الدساتَت إذل نػوعُت رئيسػيُت‪ :‬أسػاليب‬
‫غَت ديبقراطية‪ ،‬وأساليب ديبقراطية ‪.‬‬
‫فالنوع األوؿ من ىذه األساليب يعرب عن غلبة إرادة اغبكاـ على إرادة الشعوب ا كومة أو على األقل‬
‫اش ػًتاؾ اإلرادتػػُت يف وضػػع الدسػػتور‪ ،‬يف حػػُت يػػًتجم النػػوع الثػػاين تفػػوؽ اإلرادة الشػػعبية وسػػيادهتا علػػى‬
‫إرادة اغبكاـ ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ -1‬األساليب ير الديمقراطية في نشية الدسـاتير‪ :‬وفقػا ؽبػذه األسػاليب قػد يصػدر الدسػتور بػارادة‬
‫اغبػػاكم يف شػػكل منحػػة ‪ ، l’ectroi‬وقػػد يػػتم وضػػعو باتفػػاؽ إرادة اغبػػاكم مػػع إرادة الشػػعب عػػن طريػػق‬
‫التعاقد ‪. le pacte‬‬
‫أ) أسلوب المنحـة‪ :‬تعود نشأة الدستور يف ىذه اغبالة إذل اإلرادة اؼبنفردة للحاكم أو اؼبلػك الػذي يقػرر‬
‫دبحػػض إرادتػػو مػػنح شػػعبو وثيقػػة الدسػػتور دبػػا يتضػػمنو مػػن تنػػازؿ عػػن جانػػب مػػن سػػلطاتو للشػػعب‪ ،‬ومػػن‬
‫أمثلة الدساتَت اؼبمنوحة الدستور اؼبصري سػنة ‪1923‬ـ الػذي أصػدره اؼبلػك فػؤاد وسػقط سػنة ‪1952‬ـ‬
‫‪ ،‬ودستور فرنسا سنة ‪1814‬ـ ‪ ،‬والدستور الياباين سنة ‪1889‬ـ ‪.‬‬
‫ب) أســلوب التعاقــد‪ :‬ينشػػأ الدسػػتور طبقػػا ؽبػػذا األسػػلوب علػػى إثػػر ثػػورة ضػػد اؼبلػػوؾ أو اغبكػػاـ حبيػػث‬
‫هبػػربىم الث ػوار علػػى توقيػػع وثيقػػة دسػػتورية يفرضػػوف فيهػػا مطػػالبهم‪ ،‬فتكػػوف ىػػذه الوثيقػػة عبػػارة عػػن نػػص‬
‫اتفاقي أو تعاقدي يقيد إرادة اؼبلك ويلزمو بالرضػوخ إلرادة الشػعب أو فبثليػو مػن خػالؿ صبعيػة أو ؾبلػس‬
‫منتخب ويًتتب على كوف الدستور عمال مشًتكا من اغباكم والشعب عدـ استطاعة أي منهما االنفراد‬
‫بالغػػاء الدسػػتور أو تعديلػػو‪.‬ومن أمثلػػة الدسػػاتَت الػػيت نشػػأة هبػػذه الطريقػػة الدسػػتور العراقػػي سػػنة ‪1925‬‬
‫ودستور الكويت سنة ‪. 1962‬‬
‫‪ -2‬األساليب الديمقراطية في نشية الدسـاتير‪ :‬تعػرب ىػذه األسػاليب عػن انتصػار إرادة الشػعب علػى‬
‫إرادة اغباكم‪ ،‬وانفراد الشعب صاحب السيادة بوضػع الدسػتور دوف تدخػػل مػن جانػب اغبػاكم‪ ،‬وتتمثػل‬
‫ىذه األساليب يف‪:‬‬
‫أ) الجمعيـة التيسيسـية ‪ :l’assemblée constituent‬وفقػا ؼبنطػق الديبقراطيػة النيابيػة يقػوـ الشػعب‬
‫بانتخاب نواب أو مندوبُت عنو للقياـ بوضع الدستور نيابة عنو وباظبو‪ ،‬من خػالؿ اجتمػاعهم يف صػورة‬
‫صبعي ػة تأسيسيػ ػة ال غػرض ؽبػا سػوى وضػع الدستػ ػور بصػفة لائي ػ ػة دوف حاجػة إذل الرجػ ػ ػوع إذل الشػعب‬
‫أو استلزاـ موافقتو عليو‪ ،‬وإال ربوؿ ىذا الطريق إذل أسلوب االستفتاء الشعد ‪.‬‬
‫وكانػػت الواليػػات اؼبتحػػدة األمريكيػػة ‪ ،‬أوؿ مػػن أخػػذ هبػذا األسػػلوب يف وضػػع الدسػػتور‪ ،‬إذ طبقتػػو عػػدة‬
‫واليات يف وضع دساتَتىا بعد استقالؽبا عن بريطانيا سنة ‪1778‬ـ‪.‬‬
‫ب) أسلـوب االستفتاا ‪ : referendum‬ويف ظلػو يباشػر الشػعب السػلطة اؼبؤسسػة األصػلية مباشػرة‪،‬‬
‫ويقصد باالستفتاء اصػطالحا إبػداء الػرأي إزاء قضػية أو موضػوع معػُت ووفقػا ؽبػذا األسػلوب يوكػل األمػر‬
‫إذل صبعيػػة عامػػة منتخبػػة تكػػوف مهمتهػػا وضػػع مشػػروع الدسػػتور‪ ،‬أو إذل عبنػػة معينػػة مػػن قبػػل اغبكومػػة أو‬

‫‪32‬‬
‫الربؼباف إف وجػد‪ ،‬وال هتم الطريقة اؼبختارة نظػرا ألف الدسػتور ال يكتسػب قوتػو اإللزاميػة والصػفة القانونيػة‬
‫إال بعد موافقة الشعب عليو ‪.‬‬
‫وقد اتبع ىذا األسلوب يف وضع الدساتَت اعبزائرية األربعة ‪.‬‬
‫ثانيا) طرق تعديل الدساتير‪ :‬تنقسم الدساتَت من حيث طريقة تعديلها إذل نوعُت مرنة وجامدة ‪.‬‬
‫‪ -1‬الدساتير المرنة‪ :‬وىي اليت يبكن تعديل نصوصها باإلجراءات اليت تعدؿ هبا القوانُت العادية ‪.‬‬
‫‪ -2‬الدس ــاتير الجام ــدة‪ :‬وى ػػي تل ػػك ال ػػيت ال تكف ػػي لتع ػػديلها تل ػػك الط ػػرؽ اؼبتبع ػػة يف تع ػػديل القػ ػوانُت‬
‫العاديػػة‪ ،‬بػػل يشػػًتط ازبػػاذ إجػراءات خاصػػة لتعػػديل النصػػوص الدسػػتورية‪ ،‬كاشػًتاط أغلبيػػة كبػػَتة القػًتاح‬
‫التعديل‪ ،‬أو إلقرار ذلك التعديل ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التشريع الع وي‬
‫ىو ؾبموعة القواعد اؼبكتوبة الػيت تتػوذل تنظػيم األحكػاـ العامػة الػواردة يف الدسػتور‪ ،‬وكػذلك اؼبتعلقػة‬
‫بتنظػػيم السػػلطات وعملهػػا ونظػػاـ االنتخابػػات ‪ ،‬واألح ػزاب السياسػػية وقػػانوف اإلعػػالـ وقػػانوف التنظػػيم‬
‫القضائي وغَتىا‪.‬‬
‫خصائص التشريع الع وي‪:‬‬
‫_ م ــن حي ــث ااج ــرااات ‪ :‬طبق ػػا للم ػػادة ‪ 123‬م ػػن الدس ػػتور ت ػػتم اؼبص ػػادقة عل ػػى التش ػريع العض ػػوي‬
‫باألغلبية اؼبطلقة للنواب( ‪ 50‬باؼبائػة زائػد واحػد) يف ا لػس الشػعد الػوطٍت وبأغلبيػة ثالثػة أربػاع أعضػاء‬
‫ؾبلس األمة‪.‬‬
‫_ مــن حيــث الرقابــة الدســتورية ‪ :‬ىبضػػع التشػريع العضػػوي لرقابػػة قبليػػة قبػػل صػػدوره وذلػػك مػػن طػػرؼ‬
‫ا لس الدستوري على خالؼ التشريع العادي الذي ىبضع لرقابة بعدية أي بعد صدوره‪.‬‬
‫_ م ــن حي ــث المص ــدر ‪ :‬يع ػػود االختص ػػاص يف إص ػػدار التش ػريع العض ػػوي للربؼب ػػاف فق ػػط وذل ػػك عل ػػى‬
‫خالؼ التشريع العادي الذي قد يصدر عن الربؼباف كقاعدة عامة وعن السلطة التنفيذية كاستثناء‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التشريـع العـادي‪:‬‬
‫وىػػو ؾبموعػػة القواعػػد القانونيػػة الػػيت تقػػوـ السػػلطة التش ػريعية أساسػػا بوضػػعها يف حػػدود اختصاصػػها‬
‫الذي يبينو الدسػتور ‪ .‬والتشػريع العػادي قػد يتخػذ صػورة تقنينػات أو مػدونات " ‪ "CODES‬تشػتمل‬
‫على تنظيم كامل لفرع معُت من فروع القانوف‪ ،‬ومثاؿ ذلك التقنُت اؼبدين‪ ،‬وتقنُت العقوبػات‪...‬اخل‪ ،‬وقػد‬

‫‪33‬‬
‫يتخذ صورة تشريعات متفرقة "‪ "LOIS‬تتناوؿ تنظػيم مسػائل ؿبػدودة بالقيػاس إذل مػا تعاعبػو التقنينػات‬
‫‪.‬‬
‫أوال) إجرااات وضع التشريع ونفاذه‪ :‬يبر التشريع العادي بعدة مراحل إجرائية ىي‪:‬‬
‫‪ -1‬مرحلـة اقتـراا التشــريع‪ :‬ويقصػد بػاالقًتاح أف يتقػػدـ أحػد أعضػاء الربؼبػػاف أو أحػد أعضػاء السػػلطة‬
‫التنفيذية بعرض مشكلة اجتماعية هتم اعبماعة وربتاج إذل تنظيم قػانوين غبلهػا أو لتنظػيم العالقػات فيهػا‬
‫على كبو معُت يف شكل اقًتاح ‪.‬‬
‫وعػػادة يطلػػق علػػى االقػًتاح اؼبقػػدـ مػػن أحػػد أعضػػاء الربؼبػػاف تعبػػَت (اقتــراا بقــانون)‪ ،‬ويطلػػق علػػى اقػًتاح‬
‫عضو السلطة التنفيذية تعبَت (مشروع بقانون) ‪.‬‬
‫‪ -2‬مرحلة المناقشـة والتصـوي ‪ :‬عنػد إحالػة االقػًتاح إذل ا لػس سػواء مػن اغبكومػة باعتبػاره مشػروعا‬
‫بقػػانوف أو مػػن عبنػػة االقًتاحػػات باعتبػػاره اقًتاحػػا بقػػانوف يقػػدـ للتصػػويت عليػػو‪ ،‬حسػػب مػػا نصػػت عليػػو‬
‫اؼبادة ‪ 120‬من الدستور‪.‬‬
‫‪ -3‬مرحلة التصديق‪ :‬بعد موافقة الربؼباف على اؼبشروع‪ ،‬وباؿ ذلك اؼبشػروع إذل رئػيس الدولػة للتصػديق‬
‫عليػػو أوال قبػ ػ ػ ػ ػل إصػ ػ ػداره ونشػ ػ ػ ػ ػ ػره‪ ،‬واؼبقصػ ػ ػ ػ ػ ػ ػود بالتصديػ ػ ػ ػ ػ ػق موافقػ ػ ػة رئػػيس الدولػػة عليػػو‪ ،‬حيػػث تعطػػي‬
‫الدساتيػر لرئيس الدولة حق‬
‫االعًتاض على القوانُت إلعادة النظر فيها حيث تنص اؼبادة ‪ 127‬من الدستور ‪:‬‬
‫ـون‬ ‫( يمكن لرئيس الجمهورية أن يطلب إجراا مداولة ثانية فـي قـانون تـم التصـوي عليـو فـي‬
‫الثالثين يوما الموالية لتاريخ إقراره ‪.‬وفي ىذه الحالة ال يتم إقـرار القـانون إال بي لبيـة ثلثـي (‪)2/3‬‬
‫أع اا المجلس الشعبي الوطني ) ‪.‬‬
‫‪ -4‬مرحلــة ااصــدار‪ :‬بعػػد تصػػديق رئػػيس الدولػػة علػػى اؼبشػػروع بقػػانوف يصػػبح ذلػػك اؼبشػػروع قانونػػا‪،‬‬
‫ولكنػػو مػػع ذلػػك ال يكػػوف نافػػذ اؼبفعػػوؿ إال باصػػداره‪ ،‬ويقصػػد باإلصػػدار أف يقػػوـ رئػػيس الدولػػة باصػػدار‬
‫أمػػر إذل رجػػاؿ السػػلطة التنفيذيػػة الػػيت يرأسػػها‪ ،‬يعلمهػػم فيػػو بصػػدور القػػانوف اعبديػػد ويوجػػب علػػيهم فيػػو‬
‫تنفيػذ ذلػػك القػػانوف علػى الوقػػائع الالحقػػة لتػاري العمػػل بػػو‪ ،‬وتربيػر ذلػػك أف السػػلطة التشػريعية رغػػم ألػػا‬
‫ىي صػاحبة اغبػق والسػلطة يف وضػع القػوانُت وإقرارىػا‪ ،‬ولكنهػا ال سبلػك إصػدار أوامػر إذل رجػاؿ السػلطة‬
‫التنفيذية لتنفيذ القوانُت انطالقا من مبدأ الفصل بُت السلطات ‪.‬‬
‫ويف الدستور اعبزائري تنص اؼبادة ‪ 126‬على ما يلي‪:‬‬

‫‪34‬‬
‫( يصدر رئيس الجمهورية القانون في أجل ثالثين (‪ )30‬يوما‪ ،‬ابتداا من تاريخ تسلمو إياه ) ‪.‬‬
‫‪ -5‬مرحلة النشر‪ :‬النشػر إجػراء الزـ لكػي يكػوف القػانوف سػاري اؼبفعػوؿ يف مواجهػة كافػة األشػخاص‪،‬‬
‫ولػػن يكػػوف كػػذلك إال باعالنػػو للعامػػة‪ ،‬وذلػػك عػػن طريػػق نشػػره يف اعبريػػدة الرظبيػػة‪ ،‬ودبلػػرد النشػػر يعتػػرب‬
‫العلػػم بػػو مفروضػػا حػػىت بالنسػػبة ؼبػػن دل يطلػػع عليػػو باعبريػػدة الرظبيػػة أو بالصػػحف اليوميػػة أو غَتىػػا مػػن‬
‫وس ػػائل اإلع ػػالـ‪ ،‬عل ػػى أف بع ػػض الدس ػػاتَت رب ػػدد ب ػػدء س ػرياف القػ ػوانُت دبهل ػػة ؿب ػػددة م ػػن ت ػػاري نش ػػرىا‬
‫باعبريدة الرظبية‪ ،‬وأحيانا ينص يف أوامر إصدار القوانُت على ألا تسرى من تاري ؿبدد ‪.‬‬
‫ويف اعبزائر فاف حكػم ىػذه اؼبسػألة حسػمتو اؼبػادة ‪ 4‬مػن القػانوف اؼبػدين‪ ،‬حيػث تكػوف القػوانُت نافػذة‬
‫اؼبفعوؿ باعبزائر العاصمة بعد مضي يوـ كامل من تاري نشرىا ويف النواحي األخرى يف نطاؽ كػل دائػرة‬
‫بعػػد مضػػي يػػوـ كامػػل مػػن تػػاري وصػػوؿ اعبريػػدة الرظبيػػة إذل مقػػر الػػدائرة ويشػػهد علػػى ذؾ تػػاري خػػتم‬
‫الدائرة اؼبوضوع على اعبريدة ‪.‬‬
‫ثانيا) التشريعات االستثنائية‪ :‬كقاعدة عامػة زبػتص السػلطة التشػريعية بوضػع القػوانُت العاديػة وإقرارىػا‪،‬‬
‫سواء قدمت االقًتاحات بالقوانُت مػن أعضػاء ا لػس الشػعد الػوطٍت أو قػدمت مشػروعات القػوانُت مػن‬
‫رئيس الدولة أو أحد الوزراء األعضاء يف السلطة التنفيذية ‪.‬‬
‫إال أف ىػػذه القاع ػػدة ي ػػدخل عليه ػػا بع ػػض االس ػػتثناءات حينم ػػا ي ػػنص الدس ػػتور عل ػػى زبوي ػػل الس ػػلطة‬
‫التنفيذية حق إصدار القوانُت يف حاالت استثنائية دوف عرضها مسبقا علػى السػلطة التشػريعية ‪ .‬وتتمثػل‬
‫ىذه اغباالت االستثنائية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬تشـ ـريعات ال ــرورة‪ :‬يف حالػػة الض ػػرورة اؼبلح ػػة يق ػػرر رئػػيس اعبمهوري ػػة حال ػػة الط ػوارئ أو اغبص ػػار‬
‫ويتخذ كل اإلجراءات الستتباب األمن بالبالد (اؼبادة ‪ 91‬من دستور ‪. )1996‬‬
‫وإذا كانت البالد مهددة خبطر داىم يوشػك أف يصػيب مؤسسػاهتا الدسػتورية أو اسػتقالؽبا أو سػالمة‬
‫تراهبا‪ ،‬يقرر رئيس اعبمهورية اغبالة االستثنائية وذلك بعد استشارة رئػيس ا لػس الشػعد الػوطٍت‪ ،‬ورئػيس‬
‫ؾبلس األمة‪ ،‬وا لػس الدسػتوري واالسػتماع إذل ا لػس األعلػى لألمػن وؾبلػس الػوزراء (ـ ‪ 1،2/93‬مػن‬
‫دستور ‪.)1996‬‬
‫وزبػػوؿ اغبالػػة االسػػتثنائية ل ػرئيس اعبمهوريػػة أف يتخػػذ اإلج ػراءات اػباصػػة الػػيت تتطلبهػػا ا افظػػة علػػى‬
‫استقالؿ األمة واؼبؤسسات الدستورية يف اعبمهورية (ـ ‪ /93‬من دستور ‪. )1996‬‬

‫‪35‬‬
‫ويف حالػػة اغبػػرب يوقػػف العمػػل بالدسػػتور ويتػػوذل رئػػيس الدولػػة صبيػػع السػػلطات وىػػذا مػػا نصػػت عليػػو‬
‫اؼبادة ‪ 96‬من دستور ‪. 1996‬‬
‫‪ -2‬التشريعات التفوي ية‪ :‬قد تقوـ السلطة التنفيذية بتفويض مػن السػلطة التشػريعية بسػن التشػريعات‬
‫بدال عنهػا‪ ،‬مػع أف التفػويض غػَت مقبػوؿ مػن الناحيػة النظريػة ألنػو ال هبػوز للسػلطة التشػريعية التنػازؿ عػن‬
‫سػػلطتها بسػػن التشػريعات‪ ،‬لكػػن الرغبػػة يف تػػوفَت الدقػػة أو السػػرعة أو السػرية لػػبعض التشػريعات قػػد تػػربر‬
‫تف ػػويض الدق ػة أو الس ػػرعة أو الس ػرية ل ػػبعض التش ػريعات‪ ،‬ق ػػد ت ػػربر تف ػػويض الس ػػلطة التنفيذي ػػة يف س ػػنها‬
‫تشريعات تكوف ؽبا قوة القانوف ولكن يف حدود التفويض اؼبمنوح ؽبا ‪.‬‬
‫وانطالقا مػن ذلػك يبكػن لػرئيس اعبمهوريػة أف يشػرع بػأوامر يف حالػة شػغور ا لػس الشػعد الػوطٍت أو‬
‫فيمػػا بػػُت دور الربؼبػػاف‪ ،‬وذلػػك عػػن طريػػق إصػػدار أوامػػر تعػػرض علػػى ا لػػس الشػػعد الػػوطٍت وىػػذا مػػا‬
‫نصت عليو اؼبادة ‪ 124‬من دستور ‪. 1996‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬التشريعـات الفـرعيـة‬
‫يقصػػد بالتش ػريع الفرعػػي التش ػريع الػػذي تضػػعو السػػلطة التنفيذيػػة دبقتضػػى االختصػػاص اؼبخػػوؿ ؽبػػا يف‬
‫ىذا الشأف دبقتضى الدستور يف حاالت معينة ‪.‬‬
‫وى ػػذا االختص ػػاص ال ػػذي ىب ػػرج بالس ػػلطة التنفيذي ػػة ع ػػن مهمته ػػا األص ػػلية‪ ،‬وى ػػي تنفي ػػذ الق ػػانوف يعت ػػرب‬
‫اختصاصا أصيال سبارسو يف اغباالت اليت بينها الدستور حىت مع وجود السلطة التشريعية ‪.‬‬
‫ويطلق على التشريع الفرعي اسم الالئحـة (‪ )LE Règlement‬يف العمػل وذلػك رغبػة يف التمييػز بينػو‬
‫وبُت التشريع العادي واؼبعروؼ باسم القانوف (‪.)LA LOI‬‬
‫وال زبتلػػف اللػوائح عػػن القػػانوف الصػػادر مػػن السػػلطة التشػريعية أللػػا قواعػػد اجتماعيػػة عامػػة وؾبػػردة‬
‫وملزم ػػة عبمي ػػع األش ػػخاص اؼبخ ػػاطبُت هب ػػا‪ ،‬ال ػػذين تنطب ػػق عل ػػيهم الش ػػروط اؼبوض ػػوعية ال ػػيت ت ػػنص عليه ػػا‬
‫الالئحة بناء على القانوف ‪.‬‬
‫والتشريع الفرعي يقصد بو تلك النصوص القانونية اليت تصدرىا السػلطة التنفيذيػة يف حػدود اختصاصػها‬
‫الدستوري ‪ ،‬والسلطة التنفيذية تتمثل يف كل من رئيس اعبمهورية و رئيس اغبكومػة ‪ ،‬اللػذين تثبػت ؽبمػا‬
‫سلطة تنظيمية عامة دبقتضى نص اؼبادة‪ 3/85‬واؼبادة ‪ 125‬من دسػتور ‪ .1996‬أمػا الػوزراء فسػلطتهم‬
‫التنظيميػػة ؿبصػػورة يف ؾبػػاؿ اختصػػاص كػػل واحػػد مػػنهم ‪ ،‬باإلضػػافة إذل الػػوالة و رؤسػػاء البلػػديات ‪ ،‬و‬
‫اؼبصاحل اليت خوؿ ؽبا سلطة تنظيمية ؿبددة دبوجب تفويض تشريعي ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫وتنقسم اللوائح إذل ثالث أنواع ىي‪:‬‬
‫أوال) اللوائح التنفيذية ‪Règlements d'exécution‬‬
‫وىي اللوائح اليت تضػعها السػلطة التنفيذيػة‪ ،‬وتتضػمن القواعػد التفصػيلية الالزمػة لتنفيػذ التشػريعات‬
‫العاديػػة الصػػادرة م ػػن السػػلطة التش ػريعية ال ػػيت تقتصػػر علػػى إب ػراز القواعػػد األساسػػية وت ػػًتؾ مهمػػة وض ػػع‬
‫القواعػد التفصػيلية الالزمػػة لتنفيػذىا للسػػلطة التنفيذيػة ‪ ،‬فهػػذه األخػَتة ىػػي األقػدر حبكػػم اتصػاؽبا اؼبباشػػر‬
‫با ػاؿ اؼبػراد تطبيػػق التشػريع فيػػو علػػى اإلحاطػة بأنسػػب الوسػػائل لتنفيػذه‪ ،‬ويالحػػظ أف السػػلطة التنفيذيػػة‬
‫هبب أف تتقيد يف وضػع اللػوائح اؼبتضػمنة ؽبػذه القواعػد التفصػيلية بالتشػريع فػال زبػرج علػى أحكامػو كػأف‬
‫تضػػيف جديػػدا للقػػانوف أو أف تعػػدؿ منػػو أو أف ربػػد مػػن نطػػاؽ تطبيقػػو وإمبػػا كػػل مػػا سبلكػػو ىػػو أف ربػػدد‬
‫كيفية تنفيذ القواعد الواردة يف القانوف‪.‬‬
‫ثانيا)اللوائح التنظيمية ‪: Règlements d'organisation‬‬
‫وىػػي اللػوائح والقػرارات واألوامػػر واؼبقػػررات واؼبناشػػَت الػػيت تضػػعها السػػلطة التنفيذيػػة لتنظػػيم اؼبصػػاحل‬
‫واؼبرافق العامة باعتبارىا السلطة األقدر من غَتىػا علػى اختيػار مػا يػالءـ ىػذه اؼبصػاحل واؼبرافػق مػن نظػم‪،‬‬
‫وتسػػتقل السػػلطة التنفيذيػػة بوضػػع ىػػذه اللػوائح‪ ،‬أي تصػػدرىا مباشػػرة دوف التقيػػد بتشػريع سػػابق‪ ،‬وتتميػػز‬
‫ب ػػذلك ع ػػن الل ػوائح التنفيذي ػػة ال ػػيت تص ػػدر تفص ػػيال لتش ػريع ع ػػادي فتتقي ػد بأحكام ػػو وؽب ػػذا تع ػػد اللػ ػوائح‬
‫التنظيميػػة ل ػوائح مسػػتقلة أو قائمػػة بػػذاهتا ‪ ،‬ومػػن أمثلتهػػا اؼبراسػػيم الرئاسػػية اؼبتضػػمنة إنشػػاء اؼبؤسسػػات‬
‫وربديد اختصاصها‪ ،‬وإلغائها ‪.‬‬
‫ثالثا) لوائح ال بط أو البوليس ‪: Règlements de Police‬‬
‫وىي لوائح تضعها السلطة التنفيذية هبدؼ ا افظة على األمن العاـ وا افظة علػى الصػحة العامػة‬
‫ومثػػاؿ ذلػػك ل ػوائح تنظػػيم اؼبػػرور والل ػوائح اػباصػػة با ػػاالت اؼبقلقػػة للراحػػة أو اؼبضػػرة بالصػػحة والل ػوائح‬
‫اػباصة دبراقبة األغذية والباعة اؼبتلولُت‪ ،‬واللوائح اػباصة دبنع انتشار األوب ة‪...‬اخل ‪.‬‬
‫وىذه اللوائح أيضا تعد لوائح قائمة بذاهتا أي تضعها السلطة التنفيذية دوف التقيد بتشريع سابق ‪ ،‬وىي‬
‫تتفق يف ذلك مع اللوائح التنظيمية وزبتلف عن اللوائح التنفيذية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الرقابـة القانـونية على صحـة التشريعـات‬
‫تتػػدرج التش ػريعات مػػن حيػػث القػػوة‪ ،‬حيػػث التش ػريع األساسػػي ىػػو أقواىػػا ويليػػو التش ػريع العػػادي مث‬
‫التشريع الفرعي ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫ودبقتضى تػدرج التشػريعات يف القػوة فػاف التشػريع األدىن ال يبلػك ـبالفػة التشػريع األعلػى منػو ‪ .‬وعػدـ‬
‫ـبالفػػة التش ػريع األدىن للتش ػريع األعلػػى تشػػمل عػػدـ اؼبخالفػػة مػػن الناحيػػة الشػػكلية‪ ،‬وعػػدـ اؼبخالفػػة مػػن‬
‫الناحية اؼبوضوعية ‪.‬‬
‫وتكوف اؼبخالفة من حيث الشػكل يف حالػة وضػع تشػريع بواسػطة سػلطة غػَت ـبتصػة‪ ،‬أو سػنو وفقػا‬
‫إلجراءات غَت صحيحة‪ ،‬أو تنفيذه دوف إصدار أو نشر أو قبل فوات اؼبيعاد ا دد لبدء العمل بو ‪.‬‬
‫وتتحقػػق اؼبخالفػػة اؼبوضػػوعية إذا تضػػمن التش ػريع األدىن قاعػػدة زبػػالف يف مضػػمولا قاعػػدة يتضػػمنها‬
‫التشريع األعلى‪.‬‬
‫كل ىذا يقتضي إقامة رقابة قضائية على صحة التشريع‪ ،‬وذلك رغبة يف التأكد من عدـ ـبالفة التشػريع‬
‫األدىن للتشريع األعلى منو سواء من حيث الشكل أو من حيث اؼبوضوع‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الرقابة على صحة التشريعات الفـرعية (قانونية اللوائـح ودستوريتها)‬
‫مػػن اؼبتفػػق عليػػو أف للمحػػاكم سػػلطة رقابػػة صػػحة التش ػريعات الفرعيػػة (الل ػوائح) للتحقػػق مػػن عػػدـ‬
‫ـبالفتها للتشريعات العادية (قانونية أو شرعية اللوائح)‪ ،‬أو للدستور (دستورية اللوائح)‪ ،‬سواء من حيػث‬
‫الشػػكل أو مػػن حيػػث اؼبوضػػوع وذلػػك بالتثبػػت مػػن عػػدـ ـبالفتهػػا للق ػوانُت العاديػػة أو الدسػػتور قبػػل أف‬
‫تطبقها ‪.‬‬
‫وتتوذل ىذه الرقابة ؿباكم القضاء العادي وكذلك ؿباكم القضػاء اإلداري حيػث هبػوز ؽبػا‪ ،‬بػل هبػب‬
‫عليها‪ ،‬أف سبتنع من تلقاء نفسها عن تطبيق اللوائح اؼبخالفة للقوانُت العادية أو الدستور علػى مػا يعػرض‬
‫عليه ػػا م ػػن قض ػػايا وؽب ػػا ذل ػػك م ػػن تلق ػػاء نفس ػػها‪ ،‬أي دوف أف يتمس ػػك بع ػػدـ ص ػػحة الالئح ػػة ص ػػاحب‬
‫اؼبصػػلحة يف ذلػػك‪ ،‬وذلػػك ألف عيػػب عػػدـ مشػػروعية الالئحػػة أو عػػدـ دسػػتوريتها يعتػػرب متعلقػػا بالنظػػاـ‬
‫الع ػػاـ ‪.‬وم ػػا ذب ػػدر اإلش ػػارة إلي ػػو يف ى ػػذا الص ػػدد أف ح ػػق ا ػػاكم يقتص ػػر فق ػػط عل ػػى ع ػػدـ تطبي ػػق ى ػػذه‬
‫التش ػريعات وال يبتػػد إذل إلغائهػػا يف أي حػػاؿ مػػن األح ػواؿ‪ ،‬وذلػػك مراعػػاة ؼببػػدأ الفصػػل بػػُت السػػلطات‪،‬‬
‫وىػػذا علػػى خػػالؼ مػػا ىػػو سػػائد مػػثال يف مصػػر حيػػث هبػػوز للقضػػاء اإلداري إلغػػاء الالئحػػة اؼبخالفػػة‬
‫للقانوف أو الدستور‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الرقابة على صحة التشريعات العادية (أو دستورية القوانين)‬
‫بالنسػػبة للرقابػػة علػػى صػػحة التشػريعات العاديػػة مػػن حيػػث الشػػكل فػػال خػػالؼ علػػى أنػػو سبتنػػع عػػن‬
‫تطبيق القانوف اؼبعيب شكال ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫أما الرقابة على صحة التشريع العادي من حيث اؼبوضوع‪ ،‬أي دستورية القوانُت فاألمر يتوقف يف‬
‫اغبقيقػػة علػػى نػػوع الدسػػتور‪ ،‬فػػاف كػػاف الدسػػتور مرنػػا فػػال تثػػور مشػػكلة حيػػث يبكػػن تعػػديل ىػػذا الدسػػتور‬
‫بتشريع عادي فصدور قانوف ـبالف للدستور يعترب يف ىذه اغبالة تعديال ؽبذا األخَت ‪.‬‬
‫أما إذا كاف الدسػتور جامػدا‪ ،‬وىػو الػذي ال يبكػن تعديلػو بتشػريع عػادي‪ ،‬فهنػا تثػور مشػكلة دسػتورية‬
‫القانوف واػبالؼ ؼبعرفة مدى حق ا اكم يف رقابة دستورية القوانُت ‪.‬‬
‫ويف ىػػذا الشػػأف اختلفػػت الش ػرائع وانقسػػمت أراء الفقػػو‪ ،‬وتباينػػت أحكػػاـ ا ػػاكم وتنػػازع اػبػػالؼ‬
‫اذباىُت رئيسيُت‪:‬‬
‫االتجاه األول‪ :‬يرى أنػو لػيس للمحػاكم أف تتعػرض لدسػتورية القػوانُت مػن حيػث اؼبوضػوع ويسػتند ىػذا‬
‫االذبػػاه بصػػفة أساسػػية إذل مبػػدأ الفصػػل بػػُت السػػلطات حيػػث زبػػتص السػػلطة القضػػائية بتطبيػػق القػػانوف‪،‬‬
‫أما السلطة التشريعية فهي اؼبختصة بسن القوانُت وليس ألي من السلطتُت التدخل يف أعمػاؿ األخػرى‪،‬‬
‫كمػػا أف مػػؤدى مبػػدأ سػػيادة األمػػة‪ ،‬أف يكػػوف القػػانوف الصػػادر عػػن نػواب األمػػة وفبثليهػػا تعبػَتا عػػن إرادة‬
‫األمة‪ ،‬فػال وبػق للمحػاكم – وقضػاهتا معينػوف عػادة مػن قبػل السػلطة التنفيذيػة – أف تغلػب إرادهتػا علػى‬
‫إرادة الربؼباف اؼبنتخب من الشعب‪ ،‬ؼبا يف ذلك من مساس بارادة األمة وىي اإلرادة العليا اؼبطلقة ‪.‬‬
‫أما االتجاه الثاني‪ :‬فَتى أف للمحػاكم اغبػق يف النظػر يف دسػتورية القػوانُت‪ ،‬فػاذا كانػت ـبالفػة للدسػتور‬
‫امتنع ػػت ع ػػن تطبيقه ػػا‪ ،‬ويس ػػتند ى ػػذا ال ػ ػرأي إذل أف أعم ػػاؿ ى ػػذه الرقاب ػػة ى ػػو م ػػا يقتض ػػيو مب ػػدأ ت ػػدرج‬
‫التش ػريعات‪ ،‬فػػاذا وجػػد القاضػػي أمامػػو عػػدة تش ػريعات متعارضػػة وجػػب عليػػو تغليػػب األظبػػى منهػػا علػػى‬
‫األدىن مرتبة ‪.‬‬
‫وقيل أيضا تأييدا ؽبذا االذباه أف منع السلطة القضػائية مػن الرقابػة علػى دسػتورية القػوانُت يػؤدي إذل‬
‫إجبارى ػػا عل ػػى تطبي ػػق ق ػػانوف ـب ػػالف للدس ػػتور‪ ،‬وى ػػذا م ػػا يتن ػػا واس ػػتقالؿ الس ػػلطة القض ػػائية يف أداء‬
‫وظيفتها‪.‬‬
‫* رقابة دستورية القوانين في الجزائـر‪ :‬بػالرجوع إذل دسػاتَت اعبزائػر األربعػة نالحػظ أف اؼبشػرع اعبزائػري‬
‫قػػد سػػاير االذبػػاه األوؿ‪ ،‬فلػػم يعطػػي للقضػػاء سػواء العػػادي أو اإلداري صػػالحية فحػػص مػػدى مشػػروعية‬
‫القوانُت ومطابقتها للدستور ولكن ىػذا ال يعػٍت أنػو ال توجػد رقابػة يف اعبزائػر‪ ،‬فقػد مػنح اؼبشػرع اعبزائػري‬
‫ىػػذه الوظيفػػة إذل ىي ػػة سياسػػية تضػػمنتها الدسػػاتَت األربعػػة تتمثػػل يف ا لػػس الدسػػتوري الػػذي تضػػمنو‬
‫دسػػتور ‪ 1996‬يف اؼبػواد ‪ 163‬ومػػا يليهػػا ‪ ،‬ونصػػت اؼبػػادة ‪ 164‬علػػى تشػػكيلتو‪ ،‬حيػػث يتكػػوف ا لػػس‬

‫‪39‬‬
‫الدسػػتوري مػػن ‪ 9‬أعضػػاء‪ 3 ،‬أعضػػاء مػػن بيػػنهم رئػػيس ا لػػس يعيػػنهم رئػػيس اعبمهوريػػة‪ ،‬و ‪ 2‬ينتخبهمػػا‬
‫ا لس الشعد الػوطٍت‪ ،‬و ‪ 2‬ينتخبهمػا ؾبلػس األمػة‪ ،‬وعضػو واحػد تنتخبػو ا كمػة العليػا‪ ،‬وعضػو واحػد‬
‫ينتخبو ؾبلس الدولة ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المصـادر االحتياطيـة للقانـون‬
‫اؼبصػادر االحتياطيػػة للقاعػػدة القانونيػػة ىػػي تلػػك اؼبصػادر الػػيت ال يللػػأ إليهػػا القاضػػي إال إذا دل هبػػد‬
‫حكما للنزاع اؼبعروض أمامو يف اؼبصدر األصلي العاـ وىو التشريع ‪.‬‬
‫وىذه اؼبصادر عددهتا ورتبتها اؼبادة األوذل من القانوف اؼبدين وىػي الشػريعة اإلسػالمية مث العػر ىػةوؼ‪،‬‬
‫مث مبادئ القانوف الطبيعي وقواعد العدالة ‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مبـادل الشريعـة ااسالميـة‬
‫تعػػد مبػػادئ الش ػريعة اإلسػػالمية اؼبصػػدر الرظبػػي االحتيػػاطي األوؿ للقػػانوف اعبزائػػري‪ ،‬إذ هبػػب علػػى‬
‫القاض ػػي اعبزائ ػػري أف يلل ػػأ إذل مب ػػادئ الش ػ ػريعة اإلس ػػالمية إلهبػ ػػاد اغب ػػل عن ػػدما ال تس ػػعفو النصػ ػػوص‬
‫التشريعية يف فروع القانوف اؼبختلفة باغبل اؼبنشود ؼبوضوع النزاع القائم أمامو ‪.‬‬
‫ويقص ػػد دبب ػػادئ الش ػريعة اإلس ػػالمية ال ػػيت هب ػػوز للقاض ػػي اس ػػتنباط اغبل ػػوؿ منه ػػا اؼبب ػػادئ العام ػػة ؽب ػػذه‬
‫الش ػريعة‪ ،‬أي اؼببػػادئ اؼبتفػػق عليهػػا بػػال خػػالؼ بػػُت اؼبػػذاىب اإلسػػالمية ‪ ،‬حبيػػث ال يبلػػك القاضػػي أف‬
‫يس ػػتند يف ح ػػل النػ ػزاع الق ػػائم أمام ػػو عل ػػى القواع ػػد التفص ػػيلية للشػ ػريعة اإلس ػػالمية وال ػػيت زبتل ػػف بش ػػألا‬
‫اؼبػػذاىب ‪ ،‬فحيػػث ال يبػػده مبػػدأ عػػاـ مػػن مبػػادئ الش ػريعة اإلسػػالمية باغبػػل اؼبنشػػود عليػػو أف يتلػػو إذل‬
‫العرؼ كمصدر احتياطي ثاف ‪.‬‬
‫وبػػالعودة إذل الت ػػاري الق ػػدًن قب ػػد أف الش ػريعة اإلس ػػالمية اؼبص ػػدر األص ػػلي‪ ،‬إذ كان ػػت ى ػػي اؼبص ػػدر‬
‫الرظبػػي لك ػػل القواعػػد القانوني ػػة‪ ،‬خصوصػػا يف ال ػػدوؿ العربيػػة اإلس ػػالمية‪ ،‬وكػػاف ال يس ػػتثٌت منهػػا إال غ ػػَت‬
‫اؼبسلمُت فيما يتعلق بأحواؽبم الشخصية إذ تركوا خاضعُت لقوانينهم الدينية ‪.‬‬
‫وكانت الشريعة اإلسالمية تنظم ـبتلف اؼبسائل دبا فيها اؼبسائل اؼبالية بػُت األفػراد‪ ،‬مث انتزعػت دائػرة‬
‫اؼبعامالت اؼباليػة مػن نطػاؽ تطبيػق قواعػد الشػريعة اإلسػالمية وصػارت زبضػع لنصػوص التشػريع والقواعػد‬
‫القانونية اػباصة هبا ‪.‬‬
‫وبػػذلك أصػػبح ؾبػػاؿ تطبيػػق قواعػػد الش ػريعة اإلسػػالمية قاص ػرا علػػى األح ػواؿ الشخصػػية للمسػػلمُت دوف‬
‫غػػَتىم مث صػػدرت ق ػوانُت األسػػرة واألح ػواؿ الشخصػػية فأصػػبحت ىػػي الواجب ػة التطبيػػق باعتبارىػػا قواعػػد‬

‫‪41‬‬
‫قانونية ال باعتبارىا قواعد دينية مع ألا مأخوذة كلها مػن القواعػد الدينيػة‪ ،‬فأصػلها التػارىبي ىػو الشػريعة‬
‫اإلسالمية ‪.‬‬
‫ومػػع ذلػػك يػػرى الػػبعض بػػأف الشػريعة اإلسػػالمية قػػد اسػػًتدت مكانتهػػا القانونيػػة بػػالنص علػػى اعتبارىػػا‬
‫اؼبصدر االحتياطي األوؿ للقانوف طبقا للمادة األوذل من القانوف اؼبدين ‪.‬‬
‫ويف اعبزائر قبد أف مبادئ الشريعة اإلسالمية ؾبسػدة بصػفة بػارزة يف قػانوف األسػرة الصػادر دبقتضػى‬
‫القػػانوف رقػػم ‪ 11‬يف ‪ ، 1984‬مقارنػػة مػػع بقيػػة فػػروع القػػانوف األخػػرى كالقػػانوف اؼبػػدين الػػذي اسػػتمدت‬
‫بعض قواعده من الشريعة اإلسالمية‪ ،‬كنظرية الظروؼ الطارئة (ـ ‪ ،)107‬وأحكاـ خيػار الرؤيػة يف البيػع‬
‫(ـ ‪ ،)352‬وأحكاـ البيع يف مرض اؼبوت (ـ ‪ ،)807‬وأحكاـ الشفعة (ـ ‪. ...)794‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬العــرف "‪"La Coutume‬‬
‫يعترب العرؼ اؼبصدر االحتياطي الثاين للقانوف‪ ،‬أو ىػو اؼبصػدر الثالػث للقػانوف بعػد التشػريع والشػريعة‬
‫اإلسالمية ‪.‬‬
‫الفـرع األول‪ :‬تعريف العـرف وتحـديد أىميتو‬
‫يعرؼ العرؼ على أنو اعتياد الناس على سلوؾ معُت يف مسألة من اؼبسػائل مػع اعتقػادىم بلػزوـ ىػذا‬
‫السلوؾ ‪ ،‬وبأف ـبالفتو تستتبع توقيع جزاء مادي ‪.‬‬
‫وقد يقصد بالعرؼ أيضا ذات القواعد القانونية الناش ة عن ىذا االعتياد على سلوؾ معُت ‪.‬‬
‫وكػػاف العػػرؼ ىػػو أوؿ مصػػدر رظبػػي للقواعػػد القانونيػػة مػػن الناحيػػة التارىبيػػة حيػػث أف طريقػػة تكػػوين‬
‫القواعد القانونية العرفية كانت تالءـ ا تمعات القديبة إذ كاف تنظيم عالقات األفراد تنظيما تلقائيػا عػن‬
‫طريق العرؼ ‪.‬‬
‫ولكػػن ىػػذا اؼبصػػدر أصػػبح قاصػرا عػػن تلبيػػة حاجػػات ا تمعػػات اغبديثػػة نظػرا ؼبػػا تتميػػز بػػو مػػن تعقيػػد‬
‫عالقاهت ػػا وتنوعه ػػا‪ ،‬ل ػػذا أص ػػبح التش ػريع اآلف ى ػػو ال ػػذي وبت ػػل مك ػػاف الص ػػدارة ب ػػُت مص ػػادر الق ػػانوف يف‬
‫ا تمعػػات اغبديثػػة ؼبقدرتػػو علػػى تلبيػػة حاجػػات ىػػذه ا تمعػػات ‪ ،‬ورغػػم ذلػػك فقػػد بقػػي العػػرؼ مصػػدرا‬
‫احتياطيا للقاعدة القانونية يللأ إليو إذا كاف التشريع خاليا من حكم ؼبسألة من اؼبسائل ‪.‬‬
‫الفـرع الثانـي‪ :‬أركـان العــرف‬
‫مػػن التعريػػف السػػابق للعػػرؼ يتضػػح أف للعػػرؼ ركنػػُت‪ :‬ركػػن مػػادي يتمثػػل يف اعتيػػاد النػػاس علػػى سػػلوؾ‬
‫معُت‪ ،‬وركن معنوي ىو االعتقاد بأف ىذا السلوؾ ملزـ ؽبم يتعرضوف لللزاء عند ـبالفتو ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫أوال) الركن المادي‪: L'élément Matériel :‬‬
‫ويتمثػػل يف االعتيػػاد علػػى سلػػوؾ معػػُت أو اطػراد العمػػل بسػػنة معينػػة ‪ ،‬والركػ ػػن اؼبػػادي ى ػػو الكيػ ػ ػ ػ ػاف‬
‫اؼبػ ػػادي للع ػ ػػرؼ‪ ،‬وىػ ػ ػ ػ ػػو يفت ػ ػػرض ؾبمػػوعػ ػ ػ ػػة مػ ػت ػوات ػ ػػرة م ػػن التصرفػ ػػات أو األف ػعػ ػػاؿ اإلهباب ػي ػ ػ ػػة أو الس ػػلبية‬
‫القادرة علػى تكػوين رابطػة متميػزة مػن روابػط اغبيػاة االجتماعيػة والصػاغبة يف نفػس الوقػت لالقػًتاف جبػزاء‬
‫مادي ‪.‬‬
‫غَت أف االعتياد ال يكفي وحده لتكوين الركن اؼبادي يف القاعػدة العرفيػة‪ ،‬وإمبػا يلػزـ أف يتػوافر يف ىػذا‬
‫االعتياد شروط معينة ىي ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون االعتياد عاما ‪:‬‬
‫فالعرؼ قاعدة قانونية‪ ،‬والقاعػدة البػد أف تكػوف عامػة وؾبػردة وعلػى ذلػك هبػب أال يكػوف االعتيػاد‬
‫مقصورا على شخص أو أشخاص معينُت بالذات ‪.‬‬
‫غػػَت أف العمػػوـ ال يعػػٍت الشػػموؿ‪ ،‬دبعػػٌت أنػػو ال يلػػزـ لت ػوافر العمػػوـ يف االعتيػػاد أف يكػػوف ىػػذا االعتيػػاد‬
‫شػػامال لكػػل النػػاس يف ا تمػػع‪ ،‬فالقاعػػدة العرفيػػة قػػد تكػػوف خاصػػة جبهػػة أو طائفػػة معينػػة‪ ،‬كمػػا ألػػا قػػد‬
‫تكوف قاصرة على إقليم معُت يف الدولة‪ .‬بل قػد ينشػأ العػرؼ مػن اعتيػاد شػخص واحػد غػَت معػُت بذاتػو‬
‫على مسلك معُت كما لو اعتاد رئيس اعبمهورية على إصدار قرارات من نوع خاص‪ ،‬فيًتتػب علػى ىػذا‬
‫االعتياد أف تتكوف قاعدة عرفية زبوؿ رئيس الدولة إصدار مثل ىذه القرارات ‪.‬‬
‫‪-2‬أن يكون االعتياد قديما‪:‬‬
‫وقػػدـ االعتيػػاد يعػػٍت إتبػػاع السػػلوؾ منػػذ مػػدة طويلػػة حبيػػث يبكػػن القػػوؿ بػػأف األمػػر قػػد اسػػتقر يف‬
‫اعبماعة على إتباع ىذا السلوؾ على وجو العموـ‪ ،‬واألمػر مػًتوؾ يف ىػذا الشػأف لتقػدير القاضػي‪ ،‬ولكػن‬
‫ال يلزـ ربديد عدد سنوات معينة هبب أف ينقضي حىت يقاؿ بنشأة العرؼ ‪.‬‬
‫‪-3‬أن يكون االعتياد مطردا (الثبات) ‪:‬‬
‫واالطراد معناه إتباع السلوؾ بصفة متكررة ومنتظمة فلتكػوين العػرؼ هبػب إتبػاع العػادات علػى كبػو‬
‫منتظم ‪ ،‬فال يتبعها الناس يف أوقات ويًتكولا يف أوقات أخرى‪ ،‬وتقدير ذلك مًتوؾ أيضا للقاضي ‪.‬‬
‫‪ -4‬أال يكون االعتياد مخالفا للنظام العام ‪:‬‬
‫فاعتياد الناس على أمر من األمور اليت تتنا مع النظاـ العاـ واآلداب ال يبكن أف ينشػأ عنػو عػرؼ‬
‫‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫فاعتياد الناس على األخذ بالثأر يف بعض األقاليم مثال ال يبكن أف يؤدي إذل إنشاء عرؼ‪ ،‬ؼبخالفة ىذا‬
‫االعتياد لقاعدة أساسية من القواعد اليت يقوـ عليها ا تمع ‪.‬‬
‫وغ ػػٍت ع ػػن البي ػػاف أف االعتي ػػاد هب ػػب أف يك ػػوف موض ػػوعو مس ػػلك يص ػػلح ألف يك ػػوف ؿب ػػال للتنظ ػػيم‬
‫القانوين‪ ،‬فتكرار العمل الشخصػي والػذي ال توجػد بشػأنو فكػرة الغػَت ال يصػلح ألف يكػوف ؿبػال للتنظػيم‬
‫القانوين‪ ،‬وال يصلح بالتارل لتكوين قاعدة عرفية‪ ،‬فاعتياد التزين بزي معػُت يف مناسػبات معينػة مػثال‪ ،‬ىػو‬
‫أمػر مػػن األمػػور الػػيت تػػدخل يف نطػػاؽ حريػػة األفػراد وال يتعلػػق بػػالغَت‪ ،‬بينمػػا القاعػػدة القانونيػػة تنشػػي حقػػا‬
‫لشخص يقابلو واجب تلقيو على عاتق شخص آخر ‪.‬‬
‫ثانيا) الركن المعنوي‪: L'élément Moral :‬‬
‫وذلك بأف يعتقد الناس بأف ىذا السلوؾ أصبح ملزما ؽبم وأف من ىبرج عليو يتعرض عبزاء مػادي ‪.‬‬
‫ويتكوف ىذا االعتقاد بطريقة تدرهبية إذل أف يأ وقت يصبح فيو االعتقاد بالزاـ السلوؾ ؿبققا ‪.‬‬
‫التمييـز بـين العـرف والعـادة االتفاقيـة‪ :‬يقصػد بالعػػادة االتفاقيػة اعتيػاد النػاس يف ؾبػاؿ معػُت علػى إتبػػاع‬
‫حكػػم معػػُت يف معػػامالهتم دوف االسػػتناد إذل عقيػػدة إلزاميػػة بوجػػوب مراعػػاة ىػػذا اغبكػػم واحًتامػػو‪ ،‬فهػػي‬
‫عػػادة ال ترتفػػع إذل مسػػتوى العػػرؼ أي إذل مسػػتوى القاعػػدة القانونيػػة‪ ،‬أو ىػػي عػػرؼ نػػاقص وذلػػك لعػػدـ‬
‫توافر الركن اؼبعنوي‪ ،‬أي عدـ الشعور بالزاـ ىذه العادة ‪،‬فهي تقوـ على الركن اؼبػادي فقػط‪ ،‬األمػر الػذي‬
‫هبعلهػػا غػػَت ملزمػػة‪ ،‬وأف القاضػػي ال يعمػػل هبػػا إال إذا ال االتفػػاؽ بػػُت األط ػراؼ ص ػراحة أو ضػػمنيا علػػى‬
‫تطبيقها‪.‬‬
‫وعلى ىذا النحو فبينما هبتمع للعرؼ الركن اؼبادي واؼبعنػوي‪ ،‬فالعػادة ال يتػوافر ؽبػا إال الركػػن اؼبػادي‬
‫وحده‪ ،‬فتكوف ؾبرد سنة تنقصها عقيدة اإللزاـ وإف كانت مطردة يف العمل ‪.‬‬
‫وإذا كانت العادة االتفاقية ال يعمل هبا إال إذا اتفػق األفػراد صػراحة أو ضػمنا علػى ذلػك فكثػَتا مػا وبيػل‬
‫اؼبشػػرع إذل العػػادة االتفاقيػػة‪ ،‬ومػػن أمثلػػة ذلػػك مػػا نصػػت عليػػو اؼبػػادة ‪ 111‬مػػن القػػانوف اؼبػػدين خبصػػوص‬
‫تفسَت العقد‪ ،‬حيث تنص الفقرة الثانية ( أما إذا كان ىناك محـل لتيويـل العقـد‪ ،‬فيجـب البحـث عـن‬
‫النيــة المشــتركة للمتعاقــدين دون الوقــوف عنــد المعنــى الحرفــي لعلفــاظ‪ ،‬مــع االســتهداا فــي ذلـ‬
‫بطبيعــة التعامــل‪ ،‬وبمــا ينبغــي أن يتــوافر مــن أمانــة وثقــة بــين المتعاقــدين‪ ،‬وفقــا للعــرف الجــاري فــي‬
‫المعامالت ) ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫فيثور التساؤؿ يف مثػل ىػذه اغبػاالت عمػا إذا كػاف يتعػُت إلعمػاؿ حكػم العػادة االتفاقيػة أف يقصػد‬
‫األفراد إتباعها‪ ،‬أـ أف إحالة اؼبشرع إليها يؤدي إذل استبعاد ىذا الشرط ؟ ‪.‬‬
‫يف ىػػذا الصػػدد يػػذىب الــرأي الــراجح يف الفقػػو إذل أنػػو يف مثػػل ىػػذه اغبػػاالت تصػػبح العػػادة واجبػػة‬
‫اإلتباع‪ ،‬فتطبق حىت ولو دل تتلػو إرادة األفػراد إليهػا‪ ،‬وال يسػتبعد تطبيقهػا إال إذا اتفقػوا علػى خػالؼ مػا‬
‫تقضي بو‪ ،‬أي أف العادة االتفاقية ودبقتضى إحالة اؼبشرع إليها تصبح يف نفس مرتبة القاعدة اؼبكملة ‪.‬‬
‫ويترتب على التفرقة بين العرف والعادة االتفاقية النتائج التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬يفًتض يف القاضي العلم بالعرؼ ألنو قانوف‪ ،‬فمن واجب القاضي أف يكوف ملما بالقانوف أيا كاف‬
‫مصػػدره‪ ،‬ويًتتػػب علػػى ذلػػك أنػػو ال يلػػزـ اػبصػػوـ باثبػػات العػػرؼ بػػل يتعػػُت علػػى القاضػػي البحػػث عنػػو‬
‫وتطبيقو من تلقاء نفسو ‪.‬‬
‫غػػَت أنػػو يف حػػاالت معينػػة قػػد تكػػوف القاعػػدة العرفيػػة غػػَت واضػػحة ال يسػػهل علػػى القاضػػي الوقػػوؼ‬
‫عليها‪ ،‬ويف مثل ىذه اغباالت يبكػن للخصػوـ معاونػة القاضػي يف إثبػات ىػذه القاعػدة ‪ .‬إال أف ذلػك ال‬
‫يعٍت أف القاضي يًتؾ ؽبم إثبات العرؼ فما يقوـ بػو اػبصػوـ يف ىػذا الشػأف ىػو إثبػات العناصػر اؼبكونػة‬
‫للعرؼ‪ ،‬حىت يتثبت القاضي من قيامو ‪.‬‬
‫واألمػػر علػػى خػػالؼ ذلػػك بالنسػػبة للعػػادة االتفاقيػػة‪ ،‬فهػػي ليسػػت قاعػػدة قانونيػػة وإمبػػا ؾبػػرد واقعػػة‬
‫ماديػػة‪ ،‬وؽبػػذا فػػال يفػػًتض يف القاضػػي العلػػم هبػػا كمػػا ال يطبقهػػا مػػن تلقػػاء نفسػػو‪ ،‬وإمبػػا يتعػػُت علػػى مػػن‬
‫يتمسػػك هبػػا أف يطلػػب مػػن القاضػػي تطبيقهػػا وعليػػو أف يثبػػت أف ىنػػاؾ اتفاقػػا بشػػأف العمػػل هبػػا‪ ،‬وىبضػػع‬
‫ىذا اإلثبات للسلطة التقديرية للقاضي ‪.‬‬
‫‪ -2‬يًتتب على اعتبار العرؼ قانونا‪ ،‬أف قواعده تلزـ األفراد سواء علمػوا هبػا أو دل يعلمػوا هبػا‪ ،‬أي حػىت‬
‫ولو كانوا هبهلولا‪ ،‬فال يعذر أحد جبهلو للقانوف ‪.‬‬
‫أمػػا العػػادة االتفاقيػػة فهػػي – كمػػا ذكرنػػا – ال تطبػػق إال إذا وجػػد اتفػػاؽ بػػُت اؼبتعاقػػدين علػػى العمػػل هبػػا‪،‬‬
‫ومؤدى ذلك أنو إذا كاف اؼبتعاقداف أو أحدنبا هبهل وجود العادة‪ ،‬فال يبكن القػوؿ يف ىػذه اغبالػة ألمػا‬
‫قصدا إتباع حكمها ‪.‬‬
‫‪ -3‬ؼبػػا كػػاف العػػرؼ قانونػػا فػػاف القاضػػي يف تطبيقػػو ىبضػػع لرقابػػة ؿبكمػػة الػػنقض وذلػػك خبػػالؼ العػػادة‬
‫االتفاقية‪ ،‬اليت ال زبرج عن كولا ؾبرد واقعة لقاضػي اؼبوضػوع سػلطة التقػدير يف شػألا وال ىبضػع يف ىػذا‬
‫لرقابة ؿبكمة النقض أو ؿبكمة التمييز ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫الفـرع الثـالث‪ :‬تقديـر العــرف‬
‫سػػبق لنػػا أف تعرضػػنا ؼبزايػػا التشػريع وعيوبػػو ‪ ،‬و مزايػػا العػػرؼ تقابػػل عيػػوب التشػريع‪ ،‬و باؼبقابػػل فػػاف‬
‫عيوب العرؼ تقابل مزايا التشريع ‪.‬‬
‫أوال) مـزايا العـرف‪:‬‬
‫‪ -1‬العرؼ ينشػأ تلقائيػا داخػل اعبماعػة‪ ،‬دوف تػدخل إرادة معينػة لفػرض سػلوؾ مػا علػى أفػراد اعبماعػة‪،‬‬
‫لػػذا يقػػاؿ أف القواعػػد العرفيػػة ىػػي التعبػػَت الصػػادؽ كمػػا يرتضػػيو أفػراد ا تمػػع لتنظػػيم عالقػػاهتم‪ ،‬وىػػذا مػػا‬
‫يؤكد مالئمتها لظروؼ ا تمع وقدرهتا على التطور بتطور ظروؼ ا تمع ‪.‬‬
‫وىذا يف الواقع مػا يبيػز العػرؼ باؼبقارنػة مػع التشػريع‪ ،‬حيػث أف ىػذا األخػَت قػد تفرضػو سػلطة حاكمػة‬
‫مستبدة‪ ،‬بل أف التشريع قد يعمد إذل ربدي إرادة اعبماعة وتقرير قواعد غَت معربة عن مشي تها ‪.‬‬
‫‪ -2‬العػػرؼ يسػػد نقػػص التشػريع‪ ،‬فالتشػريع ال يبكػػن أف يتضػػمن القواعػػد الػػيت تػػنظم كػػل أمػػور اعبماعػػة‪،‬‬
‫فهناؾ من ىذه األمور ما يغفل اؼبشرع تنظيمو‪ ،‬ومنها ما يستعصى عليو تنظيمو‪ ،‬لدقتو‪ ،‬أو اختالفػو مػن‬
‫مكاف إذل آخر داخل الدولة‪ ،‬وىنا تظهر ميػزة العػرؼ يف سػد نقػص التشػريع‪ ،‬حيػث ينشػي القواعػد الػيت‬
‫دل يتوذل اؼبشرع تنظيمها ‪.‬‬
‫ثانيـا) عيـوب العـرف‪:‬‬
‫‪ -1‬العػرؼ نظػرا إذل أنػػو يتكػوف مػػن اعتيػػاد النػػاس علػى سػػلوؾ معػػُت حػػىت يسػتقر هبػػم األمػػر إذل الشػػعور‬
‫بػػالزاـ ىػػذا السػػلوؾ‪ ،‬يعتػػرب مصػػدرا بطػػيء التكػػوين‪ ،‬وبػػذلك ال يتناسػػب وحاجػػة ا تمػػع اغبػػديث والػػذي‬
‫تتميز بالتطور السريع‪ ،‬وال يبكنو تقدًن اغبل السريع للمشاكل اليت تطرأ على مثل ىذه ا تمعات ‪.‬‬
‫‪ -2‬العرؼ يؤدي إذل تباين النظم القانونية يف الدولة الواحدة‪ ،‬فهػو بطبيعتػو متلػزئ وىبتلػف بػاختالؼ‬
‫اعبهات‪ ،‬ما يعٍت اختالؼ القواعد اؼبنظمة للموضوع الواحد من إقليم إذل آخر يف الدولة الواحدة‪ ،‬وىػو‬
‫ما يتنا مع ما تسعى إليو الدولة من وحدة القانوف يف كافة أكباء أقاليمها ‪.‬‬
‫وىذا خبالؼ التشريع الذي عن طريقو تعرض الدولة نظاما قانونيا واحدا على كل أقاليمها ‪.‬‬
‫‪ -3‬من عيوب العرؼ كذلك أنو غامض‪ ،‬فالعرؼ ال يظهر يف قواعد ؿبددة األلفاظ واضحة اؼبضموف‪،‬‬
‫كالقواعد التشريعية‪ ،‬لذا يصعب على األفراد العلم بػو والعلػم بالقواعػد القانونيػة مػن أىػم عوامػل اسػتقرار‬
‫العالقات االجتماعية‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫وقػػد أدت العيػػوب السػػابقة إذل تضػػاؤؿ أنبيػػة العػػرؼ بالنسػػبة للتش ػريع يف العصػػر اغبػػديث ‪ ،‬إال أنػػو‬
‫يبقػى مصػدرا رظبيػا للقاعػػدة القانونيػة ال غػٌت عنػػو ‪ ،‬إذ أنػو يكمػل مػا يف التشػريع مػن نقػص ويسػػاعده يف‬
‫تنظيم اغبياة االجتماعية ‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مبـادل القانـون الطبيعـي وقواعـد العدالـة‬
‫تعتػػرب مبػػادئ القػػانوف الطبيعػػي وقواعػػد العدالػػة وفقػػا لػػنص اؼبػػادة األوذل مػػن القػػانوف اؼبػػدين اعبزائػػري‬
‫مصػػدرا احتياطيػػا يللػػأ إليػػو القاضػػي عنػػدما ال هبػػد حػػال للمسػػألة اؼبعروضػػة أمامػػو يف التشػريع أو مبػػادئ‬
‫الشريعة اإلسالمية أو العرؼ ‪.‬‬
‫فلما كاف القاضػي ملػزـ بالفصػل يف كػل نػزاع يعػرض عليػو‪ ،‬إذ ال هبػوز لػو االمتنػاع عػن إصػدار اغبكػم‬
‫يف الػػدعوى اؼبطروحػػة أمامػػو‪ ،‬وإال اعتػػرب مرتكبػػا عبريبػػة إنكػػار العدالػػة اؼبعاقػػب عليهػػا جنائيػػا ‪ ،‬ؽبػػذا يللػػأ‬
‫اؼبشرع دائما إذل أف يضع أماـ القاضي وسيلة سبكنو من الفصل يف النزاع اؼبعروض عليو يف اغبػاالت الػيت‬
‫ال تسػػعفو فيهػػا نصػػوص التقنػػُت اػبػػاص‪ ،‬تلػػك الوسػػيلة ىػػي الرجػػوع إذل مبػػادئ القػػانوف الطبيعػػي وقواعػػد‬
‫العدالة ‪.‬‬
‫ويقصػػد بمب ــادل الق ــانون الطبيع ــي ؾبموع ػػة القواع ػػد الػػيت يستخلص ػػها العق ػػل البشػػري م ػػن طبيع ػػة‬
‫العالقات االجتماعية‪ ،‬بصرؼ النظر عن الزماف و اؼبكاف ‪.‬‬
‫وقػػد كػػاف ينظػػر إذل ىػػذا القػػانوف بأنػػو شػػامال عبميػػع اؼببػػادئ األساسػػية الػػيت تسػػيطر علػػى النظػػاـ القػػانوين‬
‫بأكملو وكذلك القواعد التفصيلية اليت تتفرع عن ىذه اؼببادئ ‪.‬‬
‫ولكػػن مػػا لبػػث أف تغػػَتت النظػػرة إذل القػػانوف الطبيعػػي‪ ،‬حيػػث دل يعػػد ينظػػر إليػػو باعتبػػاره ذي اغبػػدود‬
‫اؼبتغػػَتة‪ ،‬وذلػػك علػػى أسػػاس أنػػو يبثػػل اؼبثػػل األعلػػى الػػذي يهتػػدى بػػو اؼبشػػرع فيمػػا ينتهػػي إليػػو مػػن حلػػوؿ‬
‫وضعية‪ ،‬قد زبتلف باختالؼ الزماف واؼبكاف يف ضوء حاجػات ا تمػع وظروفػو اؼبتغػَتة وغػَت الثابتػة علػى‬
‫حاؿ ‪.‬‬
‫وفقػا ؽبػػذا اؼبفهػػوـ اؼبتغػػَت للقػػانوف الطبيعػػي‪ ،‬أضػػحى ىػػذا القػػانوف ال يشػػمل إال ؾبموعػػة قليلػػة مػػن اؼببػػادئ‬
‫الػػيت سبثػػل األسػػس اؼبشػػًتكة بػػُت صبيػػع األمػػم ويف ـبتلػػف العصػػور‪ ،‬وشػػامال كػػذلك القواعػػد الػػيت يضػػعها‬
‫اؼبشرع على ضوء اؼببادئ مراعيا فيها ظروؼ الزماف واؼبكاف ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫أمػا قواعد العدالـة‪ ،‬أو اانصـاف فيقصػد هبػا مراعػاة الظػروؼ اػباصػة عنػد تطبيػق فكػرة العػدؿ علػى‬
‫وقػػائع اغبيػػاة ا سوسػػة ‪ .‬فالعػػدؿ مبػػدأ عػػاـ يقتضػػي اؼبسػػاواة بػػُت النػػاس عنػػد سباثػػل ظػػروفهم‪ ،‬والعدالػػة‬
‫تقتضي مراعاة الظروؼ اػباصة بكل حالة‪.‬‬
‫ولذلك ال سبثل فكرة العدالة فكرة ثابتة وؿبددة‪ ،‬وقواعد العدالة تكمل فكرة القانوف الطبيعي‪ ،‬إذ ىػي‬
‫اليت تكفل بتطبيق مبادئ القانوف الطبيعي يف حلوؿ تراعى فيها ظروؼ كل حالة على انفراد ‪.‬‬
‫ويتبػػُت مػػن فبػػا سػػبق أف اإلحالػػة إذل اؼبصػػدر االحتيػػاطي األخػػَت للقواعػػد القانونيػػة ال يبػػد القاضػػي‬
‫بقواعػد قانونيػػة بػػاؼبعٌت الصػػحيح‪ ،‬كمػػا ىػػو الشػػأف بالنسػػبة للمصػػادر األخػػرى‪ ،‬وإمبػػا تلزمػػو أف هبتهػػد رأيػػو‬
‫توصال غبل للنزاع اؼبعروض أمامو‪ ،‬يف اغبالة اليت ال هبد فيها حال ؽبذا النزاع يف اؼبصادر األخرى ‪.‬‬
‫واجتهػػاد القاضػػي يف سػػبيل التوص ػػل إذل حكػػم مػػن خ ػػالؿ ىػػذا اؼبصػػدر هب ػػب أف يػػتم علػػى أس ػػاس‬
‫اؼبع ػػايَت واألفك ػػار الس ػػائدة يف ا تم ػػع‪ ،‬أي هب ػػب أال يص ػػدر القاض ػػي حكم ػػو وفق ػػا ألفك ػػاره ومعتقدات ػػو‬
‫اػباصػػة‪ ،‬بػػل هبػػب عليػػو أف وبػػدد اغبكػػم الواجػػب التطبيػػق دبػػا تقتضػػيو أفكػػار اعبماعػػة ومعتقػػداهتا بصػػفة‬
‫عامة‪ ،‬ودبا يكوف مقبوال يف ا تمع يف الوقت الذي يصدر فيو حكمو ‪.‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬المصـادر التفسيريـة للقانـون‬
‫يقصد باؼبصػادر التفسػَتية‪ ،‬اؼبراجػع الػيت تسػاعد علػى توضػيح مػا يف القاعػدة مػن إهبػاـ أو غمػوض‪،‬‬
‫وىػػي بػػذلك تعتػػرب مصػػادر يسػػتأنس هبػػا القاضػػي يف التعػػرؼ علػػى حقيقػػة القواعػػد الػػيت يسػػتمدىا مػػن‬
‫اؼبصادر الرظبية دوف أف تكوف ؽبا قوة إلزامية ‪.‬‬
‫وتتمثػػل اؼبصػػادر التفسػػَتية يف الفقػػو الػػذي يعتػػرب اعبانػػب العلمػػي للقػػانوف‪ ،‬ويف القضػػاء الػػذي يعتػػرب‬
‫اعبانػػب العملػػي للقػػانوف‪ ،‬وعلػػى ىػػذا فالعالقػػة بػػُت الفقػػو والقضػػاء كبػػَتة‪ ،‬تتمثػػل يف أف كػػل واحػػد منهمػػا‬
‫يكمػػل اآلخػػر‪ ،‬فػػال غػػٌت للقاضػػي وىػػو يطبػػق القػػانوف عػػن رأي الفقػػو والفقهػػاء يف توضػػيح مػػا وجػػد يف‬
‫القاعدة القانونية من غموض وإهباـ‪ ،‬وال غٌت للفقو عن القضاء والذي يطلع الفقهاء من خاللو على ما‬
‫وجد يف القانوف من ثغرات عملية‪ ،‬وبالتارل يوجهونو الوجو اليت تتفق مع مقتضيات اغبياة العملية ‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الفقـو ‪La doctrine‬‬
‫يقص ػػد بالفق ػػو ؾبم ػػوع اآلراء ال ػػيت يق ػػوؿ هب ػػا الفقه ػػاء باعتب ػػارىم علم ػػاء يف م ػػادة الق ػػانوف يستعرض ػػوف‬
‫نصوصػػو بالشػػرح والتفسػػَت يف مؤلفػػاهتم أو بابػػداء الفتػػاوى اؼبتعلقػػة بتفسػػَت اؼببػػادئ والقواعػػد القانونيػػة مػػن‬
‫الناحية النظرية ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫* مدى اعتبار الفقو كمصدر مـن مصـادر القـانون‪ :‬يف العصػور القديبػة كػاف الفقػو يعتػرب مصػدرا أصػليا‬
‫للقانوف الروماين‪ ،‬وكاف الفقهاء يقدموف الفتاوى فيلتزـ هبا القضاء يف أحكامو مثل قانوف جوستنيان ‪.‬‬
‫وقػػد مػػرت مسػػانبة الفقػػو يف تكػػوين القػػانوف الرومػػاين بػػثالث مراحػػل‪ ،‬المرحلــة األولــى حيػػث كػػاف‬
‫فيها علم القانوف حكرا لرجاؿ الػدين‪ ،‬وبالتػارل فهػم الػذين كػانوا يقػدموف لألفػراد صػيي الػدعاوى وشػكل‬
‫التصرفات القانونية‪ ،‬أما المرحلة الثانية فقد تعلم الناس القػانوف وذلػك عػن طريػق اسػتفتاءات يوجهولػا‬
‫إذل رجاؿ القانوف حػىت أصػبحت ىػذه الفتػاوى تػؤدى علنػا بػدوف أجػر‪ ،‬وكػاف يقػوـ بتدريسػها رجػاؿ مػن‬
‫وجوه القوـ األثرياء‪ ،‬الذين يهدفوف من وراء ذلك الوصوؿ إذل اؼبناصػب الكبػَتة يف الدولػة‪ ،‬أمػا المرحلـة‬
‫الثالثة فقد سلك فيها الفقو الروماين طريقو العلمي‪ ،‬حيث دونت اؼبؤلفات القانونية إذل جانػب الفتػاوى‬
‫العلمية وهبذا أصبح الفقو مصدرا رظبيا للقانوف الروماين‪ ،‬حيث أصبح ألراء الفقهاء قوة القانوف ‪.‬‬
‫ويف الش ػريعة اإلسػػالمية نعلػػم أف مصػػادرىا ىػػي الكتػػاب والسػػنة‪ ،‬واإلصبػػاع والقيػػاس‪ ،‬ومػػا اإلصبػػاع‬
‫والقياس إال اجتهاد الفقهاء وآراءىم ‪.‬‬
‫وقػػد مػػر الفقػػو اإلسػػالمي بػػثالث عهػػود‪ ،‬األول عهػػد الرسػػوؿ (ص)‪ ،‬حيػػث كػػاف الرسػػوؿ (ص) ىػػو‬
‫اؼبرجػػع الوحيػػد للش ػريعة اإلسػػالمية‪ ،‬وبالتػػارل دل يلعػػب الفقػػو أي دور أيػػاـ الرسػػوؿ كمصػػدر مػػن مصػػادر‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وإمبا كاف القرآف والسنة نبا مصدرا الشريعة اإلسالمية فقط‪ ،‬أما العهـد الثـاني فيبػدأ‬
‫باػبلفػػاء الراشػػدين حػػىت ظهػػور أئمػػة اؼبػػذاىب الفقهيػػة وتػػدوين الفقػػو يف الكتػػب‪ ،‬حيػػث وضػػع الفقهػػاء‬
‫أس ػػس الفق ػػو اإلس ػػالمي‪ ،‬وانقس ػػموا إذل مدرس ػػتُت مدرس ػػة أى ػػل اغب ػػديث ومدرس ػػة أى ػػل ال ػرأي‪ ،‬ف ػػاألوذل‬
‫تقيدت دبا جاء يف نصوص الكتاب والسػنة دوف إعمػاؿ الػرأي إال بالقػدر الػذي ربتمػو الضػرورة‪ ،‬والثانيػة‬
‫ماؿ أصحاهبا إذل االجتهاد والػرأي‪ ،‬وذلػك حػىت تسػاير الشػريعة اإلسػالمية اؼبػدنيات األخػرى والتطػورات‬
‫اعبديدة‪ ،‬وهبذا أصبح الفقو مصدرا ألحكاـ الشريعة اإلسالمية ‪.‬‬
‫يف حُت كاف العهد الثالث عهد تدوين الفقػو حػىت اليػوـ‪ ،‬وقػد كػاف للفقػو يف ىػذا العهػد دورا كبػَتا‬
‫يف إرساء أحكاـ الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وقد ظهرت يف ىذا العهد اؼبذاىب األربعة اؼبعروفػة‪ ،‬وكػاف ؽبػم دورا‬
‫يف إضػػافة مصػػادر أخػػرى للش ػريعة اإلسػػالمية كاالستحسػػاف واؼبصػػاحل اؼبرسػػلة‪ ،‬ووضػػع مبػػادئ دل أصػػوؿ‬
‫الفقو ‪.‬‬
‫أما يف القانون الجزائري‪ ،‬فنعتقد أف دور الفقو فيو ال يزاؿ يف طور البداية وذلك لألسباب التالية‪:‬‬

‫‪48‬‬
‫‪ -‬ضبلػػة التلهيػػل الػػيت تعػػرض ؽبػػا الشػػعب اعبزائػػري مػػن طػػرؼ اؼبسػػتعمر‪ ،‬وعػػدـ تبصػػَته بػػالعلم واؼبعرفػػة‪،‬‬
‫إضػػافة إذل أنػػو طبػػق الق ػوانُت الفرنسػػية يف صبيػػع اؼبسػػائل‪ ،‬ماعػػدا مسػػائل األح ػواؿ الشخصػػية الػػيت ظلػػت‬
‫زبضع ألحكاـ الشريعة اإلسالمية ‪.‬‬
‫‪ -‬صػػدور القػوانُت اعبزائريػػة يف ـبتلػػف األمػػور والنشػػاطات والػػيت أدت إذل انسػػالخ القػػانوف اعبزائػػري عػػن‬
‫القانوف الفرنسي بعد االستقالؿ ‪.‬‬
‫‪ -‬صػػدور الق ػوانُت اعبزائػػري دوف أف تك ػػوف مرفقػػة باألعم ػػاؿ التحضػػَتية أو اؼب ػػذكرة التفسػػَتية لنصوص ػػو‬
‫وك ػػذلك اؼبش ػػروع التمهي ػػدي لك ػػل ق ػػانوف‪ ،‬فب ػػا ي ػػؤدي يف بع ػػض األحي ػػاف إذل ع ػػدـ فه ػػم طبيع ػػة بع ػػض‬
‫النصوص وإذل غموضها ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الق ـاا ‪: La jurisprudence‬‬
‫يقصػػد بالقضػػاء‪ ،‬ؾبموعػػة األحكػػاـ الػػيت تصػػدر مػػن ا ػػاكم فهػػو يقػػوـ علػػى تطبيػػق األحكػػاـ القانونيػػة‬
‫على كل ما يعرض عليو من منازعات للفصل فيها ‪.‬‬
‫وتتوذل مهمة القضاء‪ ،‬السػلطة القضػائية وىػي إحػدى السػلطات الػثالث يف الدولػة والسػلطة القضػائية‬
‫عبارة عن ا اكم اليت تتوذل الفصل فيما يرفع إليها من دعاوى‪.‬‬
‫* تط ــور مرك ــز الق ــاا كمص ــدر م ــن مص ــادر الق ــانون‪ :‬لع ػػب القض ػػاء دورا كب ػَتا يف تك ػػوين القواع ػػد‬
‫القانونية‪ ،‬فالقضاء كمصدر للقانوف لو معنيُت‪،‬أحدنبا يقصد بو السلطة القضائية الػيت تتػوذل أمػر الفصػل‬
‫يف القضايا اؼبطروحة أمامها ‪ ،‬عن طريق ا اكم ‪.‬‬
‫أمػػا اؼبعػػٌت الثػػاين فيطلػػق علػػى ؾبموعػػة اؼببػػادئ القانونيػػة اؼبستخلصػػة مػػن أحكػػاـ ا ػػاكم ‪ .‬وقػػد كػػاف‬
‫للقضاء يف صبيع معانيو الدور البارز كأحد مصادر القػانوف يف العهػد الرومػاين‪ ،‬حيػث أعطػي لػو اغبػق يف‬
‫إصدار بعض القواعد القانونية‬
‫يف منشور أو أمر بريتوري ‪ .‬يعلق يف ساحة اؼبدينة ليسهل اإلطالع على القواعد اليت يتضمنها ‪.‬‬
‫أم ػػا يف الشػ ػريعة اإلس ػػالمية ويف ظ ػػل وج ػػود الرس ػػوؿ (ص) دل يلع ػػب القض ػػاء أي دور حي ػػث ك ػػاف‬
‫للشريعة مصػدرين نبػا القػرآف والسػنة‪ ،‬واضػطلع الرسػوؿ دبهمػة القضػاء‪ ،‬ولكػن يف عهػد اػبلفػاء الراشػدين‬
‫وظهور اؼبذاىب األربعة وتػدوين الفقػو أصػبح للقضػاء دورا يف تكػوين أحكػاـ الشػريعة اإلسػالمية‪ ،‬حيػث‬
‫كاف القضاء يف ىذا العهد يبتزج بالفقو‪ ،‬ألف القاضي كاف فقيهػا والفقيػو قاضػيا‪ ،‬أمػا بعػد ذلػك فقػد قػل‬
‫دور القضاء وظهر الفقو‪ ،‬وبالتارل دل يعد للقضاء دور يف تكوين الشريعة اإلسالمية إذل يومنا ىذا ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫أمػػا يف القػػانوف اإلقبليػػزي‪ ،‬يعتػػرب القضػػاء مصػػدرا رظبيػػا للقػػانوف اإلقبليػػزي‪ ،‬فهػػذا القػػانوف لػػيس لػػو إال‬
‫مصػػدرين رظبيػػُت‪ ،‬العػػرؼ والقضػػاء‪ ،‬وقػػد كػػاف للقضػػاء دور كبػػَت يف ذبميػػع العػػادات وصػػياغتها يف قػػانوف‬
‫قابل للتطبيق‪ ،‬وىذا ما كاف يعرؼ بالقانوف العاـ‪ ،‬مث قػاـ فريػق آخػر مػن ا ػاكم اإلقبليزيػة بتطبيػق قواعػد‬
‫العدالػػة وذلػػك رغبػػة يف التخفيػػف مػػن شػػكليات وشػػدة القػػانوف العػػاـ‪ ،‬فبػػا أدى إذل ظهػػور قػػانوف العدالػػة‬
‫وىو من صنع القضاء ‪ .‬ويف أواخر القرف اؿ‪ 19‬أدم‪ ،‬ىذاف الفريقاف من ا اكم وبالتػارل توحػد القػانوف‬
‫الذي تطبقو ا اكم‪ ،‬فبا أدى ذلك إذل توحيد القانوف اإلقبليزي الذي يعترب من صنع القضاء ‪.‬‬
‫وال يزاؿ القضاء إذل يومنا ىذا مصدرا رظبيا من مصادر القوانُت األقبلوسكسونية كما ىػو اغبػاؿ يف‬
‫بريطانيا والواليات اؼبتحدة األمريكية واؽبند واسًتاليا وجنوب إفريقيا ‪.‬‬
‫أما يف اعبزائر‪ ،‬فاف القضاء ال يلعب دور اؼبصدر الرظبي للقانوف اعبزائري والدليل على ذلك ىي اؼبادة‬
‫األوذل من القانوف اؼبدين اليت استبعدتو ‪.‬‬
‫الفصــل الثــالث ‪ :‬تطبيــق القــاعــدة القــانونيــة‬
‫إذا مػػا وجػػدت القاعػػدة القانونيػػة عػػن طريػػق أحػػد مصػػادرىا ‪ ،‬صػػارت ملزمػػة وكانػػت واجبػػة التطبيػػق‬
‫علػػى األشػػخاص اؼبخػػاطبُت بأحكامهػػا وذلػػك بواسػػطة السػػلطة اؼبختصػػة بتطبيػػق القواعػػد القانونيػػة وىػػي‬
‫السلطة القضائية ‪.‬‬
‫وتطبيػػق القاعػػدة القانونيػػة بصػػورة سػػليمة يقتضػػي ربديػػد ا ػػاؿ ال ػذي تسػػري فيػػو س ػواء مػػن حيػػث‬
‫اؼبكاف أو من حيث الزماف ‪.‬‬
‫وال شك أف حسن تطبيق القاعدة القانونية يقتضي الوقوؼ على حقيقة اؼبقصود هبػا وإزالػة مػا قػد وبػيط‬
‫هبا من غموض أو إهباـ‪ ،‬ويكوف ذلك عن طريق تفسَتىا ‪.‬‬
‫وعل ػػى ذل ػػك نتن ػػاوؿ يف دراس ػػة تطبي ػػق القاع ػػدة القانوني ػػة‪ ،‬الس ػػلطة القائم ػػة عل ػػى تطبيقه ػػا‪ ،‬مث نع ػػرض‬
‫لنطاؽ تطبيقها‪ ،‬ولبتتم بدراسة تفسَت القاعدة القانونية ‪.‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬السلطـة الق ائيـة‬
‫السلطة القضائية فبثلة يف ا اكم ىي اؼبختصة بتطبيق القانوف‪ ،‬ونظرا ألنبية الدور الذي تقوـ بو ىذه‬
‫الس ػػلطة‪ ،‬إذ تت ػػوذل الفص ػػل يف اؼبنازعػ ػػات ب ػػُت األف ػػراد‪ ،‬أو بي ػػنهم وبػ ػػُت جه ػػات اإلدارة وب ػػُت اؼبػ ػػوظفُت‬
‫واعبهػػات اإلداريػػة الػػيت يتبعولػػا‪ ،‬فػػاف الدسػػاتَت ربػػرص غالبػػا علػػى وضػػع الضػػمانات الالزمػػة السػػتقالؿ‬

‫‪51‬‬
‫القضاة يف أدائهم ؽبذا الدور دبا يكفل ؽبم اغبريػة فيمػا يقضػوف دوف سػلطاف علػيهم يف ذلػك إال سػلطاف‬
‫القانوف والضمَت‪.‬‬
‫ويقػػوـ النظػػاـ القضػػائي يف اعبزائػػر علػػى أسػػاس مبػػدأ ازدواجيػػة القضػػاء‪ ،‬حيػػث قبػػد القضػػاء العػػادي‪،‬‬
‫والقضػػاء اإلداري ػػة ‪ .‬فالق ــاا الع ــادي أو ا ػػاكم العادي ػػة‪ ،‬ىػػي جه ػػة القضػػاء ص ػػاحبة االختص ػػاص يف‬
‫الفصػػل يف كافػػة اؼبنازعػػات واعب ػرائم إال مػػا اسػػتثٍت بػػنص خػػاص ويوجػػد علػػى قمػػة جهػػة القضػػاء العػػادي‬
‫ا كمة العليا‪ ،‬وتأتػي بعدىا ا الس القضائية مث ا اكم االبتدائية ‪.‬‬
‫ىػػذا عػػن القضػػاء العػػادي‪ ،‬أمػػا الق ــاا ااداري فهػػو اؼبخػػتص بالفصػػل يف سػػائر اؼبنازعػػات اإلداريػػة‬
‫والدعاوى‪ ،‬ويتلسد القضاء اإلداري يف ؾبلس الدولة وا اكم اإلدارية ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬نطـاق تطبيـق القاعـدة القانونيـة‬
‫يتحدد نطاؽ تطبيق القاعدة القانونية أوال‪ ،‬من حيث األشخاص اؼبخاطبُت حبكم القاعػدة القانونيػة‪،‬‬
‫وذلك ؼبعرفة ما إذا كاف حكم القاعدة القانونية يشمل كل األشخاص أـ يشمل جزء منهم فقط‪ ،‬وثانيا‬
‫من حيث اؼبكاف وذلك ؼبعرفة اغباالت الػيت زبضػع لقػانوف الدولػة بػالنظر إذل نطػاؽ تطبيػق قػوانُت الػدوؿ‬
‫األخرى‪ ،‬وثالثا من حيث الزماف وذلك لتحديد الزمن الذي تسري يف القاعدة القانونية ‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬نطاق تطبيق القاعدة القانونية من حيث األشخاص‬
‫إذا ال التعبػػَت عػػن القاعػػدة القانونيػػة بالوسػػيلة الػػيت تػػنص عليهػػا القػوانُت وعلػػى صػػالحيتها للتعبػػَت عػػن‬
‫ىذه القاعػدة التػزـ اؼبخػاطبوف بأحكامهػا وتعػُت علػيهم أخػذىا يف اعتبػارىم يف صبيػع مػا تػنص عليػو‪ ،‬وال‬
‫هبػػوز لشػػخص مػػا أف يتػػذرع بأنػػو هبهػػل قاعػػدة قانونيػػة‪،‬وذلك للػػتخلص مػػن انطبػػاؽ أحكامهػػا عليػػو عنػػد‬
‫اللزوـ‪.‬‬
‫وإذا كانػػت القاعػػدة العامػػة تقضػػي بعموميػػة القػوانُت أي بانطباقهػػا علػػى كػػل األشػػخاص‪ ،‬إال أف ىػػذه‬
‫القاعدة ترد عليها بعض االستثناءات حيث ال يطبق القػانوف علػى بعػض األشػخاص حػىت ولػو خػالفوه‪،‬‬
‫ولػػذلك سػػوؼ نتنػػاوؿ يف الفػػرع األوؿ مبػػدأ عػػدـ جػواز االعتػػذار جبهػػل القػػانوف‪ ،‬علػػى أف لبصػػص الفػػرع‬
‫الثاين للحديث عن االستثناءات اليت ترد على مبدأ عمومية القوانُت ‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مبدأ عدم جواز االعتذار بجهل القانون‪:‬‬
‫مىت نشر التشريع على النحو السػابق بيانػو وانقضػى اؼبيعػاد ا ػدد لبػدء العمػل بػو يفػًتض علػم الكافػة‬
‫بو ويسري يف حق اؼبخاطبُت بأحكامو دوف استثناء حبيث ال يقبل من أحدىم االعتذار جبهل أحكامو‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫أوال) أســاس المبــدأ‪ :‬ىػػذا اؼببػػدأ تقتضػػيو يف حقيقػػة األمػػر مصػػلحة اعبماعػػة‪ ،‬فلػػو أتػػيح للفػػرد أف يطلػػب‬
‫ع ػػدـ تطبي ػػق الق ػػانوف اس ػػتنادا إذل ع ػػدـ علم ػػو ب ػػو ألدى ذل ػػك إذل ن ػػوع م ػػن الفوض ػػى وع ػػدـ االس ػػتقرار‬
‫واالضػػطراب يف نطػػاؽ اؼبعػػامالت‪ ،‬وثػػارت اؼبنازعػػات حػػوؿ العلػػم بالقػػانوف أو اعبهػػل بػػو فبػػا يػػؤدي إذل‬
‫إفػػالت الكثػػَتين مػػن اػبضػػوع ألحكػػاـ القػػانوف‪ ،‬فيقصػػر القػػانوف عػػن آداء وظيفتػػو وىػػي حفػػظ النظػػاـ يف‬
‫اعبماعة ‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى فاف اؼبساواة بُت اؼبواطنُت أماـ القانوف – ومػا تتميػز بػو قواعػده مػن صػفة العموميػة‬
‫– توجب األخذ هبذا اؼببدأ‪ ،‬حىت ال يؤدي استبعاده إذل تطبيق القانوف على البعض (من يعلػم بػو) دوف‬
‫البعض األخر (من ال يعلم بو) ‪.‬‬
‫ىذا وقد يراعى أنو من الناحية الواقعية كثَتا ما يتحقق علم األفراد بأحكاـ القانوف بعد القياـ بنشره مػن‬
‫قبل السلطة اؼبختصة يف اعبريدة الرظبية ‪ ،‬وحىت يتسٌت لللميع العلم بأحكػاـ القػانوف يراعػي اؼبشػرع فػًتة‬
‫زمنية معينة بعػد النشػر ‪ ،‬وحػددىا اؼبشػرع اعبزائػري بيػوـ كامػل مػن تػاري نشػر القػانوف يف اعبريػدة الرظبيػة‬
‫و كذلك من خالؿ وسائل اإلعالـ اؼبختلفة كاإلذاعة والتلفزيوف والصحف اليومية كما قد يتحقق ذلػك‬
‫بسبب اإلحساس الفطري لألفراد بالتفرقة بُت ما ىػو مشػروع ومػا ىػو غػَت مشػروع (ويصػدؽ ذلػك علػى‬
‫كل القوانُت اليت تعرب عن اؼببادئ األخالقية األساسية كتلك اليت تعاقب على القتل والسرقة) ‪.‬‬
‫كما قد يتحقق ىذا العلم بسبب كوف القاعدة القانونية من القواعػد الػيت يسػهل علػى األفػراد الوقػوؼ‬
‫عليهػػا نظػرا لنشػػوئها وتكوينهػػا بػػُت أفػراد اعبماعػػة‪ ،‬كمػػا ىػػو الشػػأف بالنسػػبة للقواعػػد القانونيػػة العرفيػػة الػػيت‬
‫مصػػدرىا العػػرؼ‪ ،‬أو لكػػوف القاعػػدة أصػػبحت واضػػحة ومعلومػػة مػػن الكافػػة نظ ػرا لقػػدمها أو التصػػاؽبا‬
‫بالدين‪ ،‬كما ىو اغباؿ بالنسبة للقواعد اػباصة دبسائل األحواؿ الشخصية ‪.‬‬
‫ثانيا) نطاق المبدأ‪ :‬يسري مبدأ عدـ جػواز االعتػذار جبهػل القػانوف بالنسػبة إذل كافػػة القواعػد القانونيػة‬
‫أيػػا كػػاف مصػػدرىا‪ ،‬س ػواء كػػاف التش ػريع أو الش ػريعة اإلسػػالمية أو العػػرؼ أو قواعػػد العدالػػة‪...‬اخل ‪ .‬كمػػا‬
‫يشمل ىذا اؼببدأ كل األشخاص مواطنُت وأجانب‪ ،‬أشخاص طبيعية و معنوية ‪.‬‬
‫كما أف ىذا اؼببدأ يطبق كذلك بالنسبة لكافة القواعد القانونيػة أيػا كانػت طبيعتهػا آمػرة أو مكملػة‪،‬‬
‫فلػػيس ىنػػاؾ ؿبػػل للقػػوؿ جبػواز االعتػػذار باعبهػػل بالقاعػػدة اؼبكملػػة مػػا دامػػت األخػػَتة قاعػػدة غػػَت ملزمػػة‪،‬‬
‫شػػألا يف ذلػػك شػػأف القاعػػدة اآلمػػرة‪ ،‬فضػػال عػػن أف القػػوؿ باباحػػة االعتػػذار جبهػػل القواعػػد اؼبكملػػة ال‬
‫يستقيم مع طبيعة ىذه القواعػد مػن كولػا ال تطبػق إال يف حالػة سػكوت اؼبتعاقػدين عػن ـبالفتهػا‪ ،‬إذ قػد‬

‫‪52‬‬
‫يكػػوف سػػكوهتما عػػن جهػػل منهمػػا بأحكامهػػا‪ ،‬ومػػع ذلػػك تلػػزمهم ىػػذه األحكػػاـ‪ ،‬ألنػػو هبػػذا السػػكوت‬
‫يتحقق شرط انطباقها يف حقهما ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬االستثنااات الواردة على قاعدة عمومية القوانين‬
‫أوال) االستثنااات في القوانين العامة‪:‬‬
‫‪ -1‬حصانات الوطنيين‪ :‬من اؼبسلم بو أف تنص قوانُت كل دولة على بعض اغبصػانات لف ػات ؿبػدودة‬
‫من اؼبواطنُت‪ ،‬وال يعترب ىذا سبييزا أو تفضيال ؽبؤالء األشػخاص علػى غػَتىم مػن الػوطنيُت‪ ،‬إمبػا يقصػد بػو‬
‫ربقيق اؼبصلحة العامة عن طريق ضباية بعض األفراد من تعسف رجاؿ السلطة وتوفَت قػدر مػن الطمأنينػة‬
‫واغبرية ؽبؤالء األفراد لتمكينهم من أداء واجباهتم الوطنية ‪.‬‬
‫وذبػػد ىػػذه االسػػتثناءات مصػػدرىا يف الدسػػتور وأحكػػاـ القػػانوف اعبنػػائي‪ ،‬الػػذي ال يطبػػق علػػى بعػػض‬
‫األشخاص رغم ارتكاهبم لللريبة‪ ،‬وىؤالء األشخاص ىم‪:‬‬
‫أ) رئيس الدولة‪ :‬فالعرؼ الدستوري يعفيو من اػبضوع لقػانوف العقوبػات وإف كػاف مػن اؼبمكػن مسػائلتو‬
‫طبقا للقوانُت اػباصة ‪.‬‬
‫غَت أنو يبكن ؿباكمتو – ولو نظريا – وذلك يف حالة ما إذا ارتكب جريبػة اػبيانػة العظمػى أمػاـ ؿبكمػة‬
‫عليا للدولة طبقا ؼبا نصت عليو اؼبادة ‪ 158‬من دستور ‪. 1996‬‬
‫ب) أع اا البرلمان‪ :‬وىم نواب ا لس الشعد الوطٍت‪ ،‬وأعضاء ؾبلس األمة الذين يتمتعػوف باغبصػانة‬
‫الربؼبانيػة ‪ ،‬غػػَت ألػػا ليسػت مطلقػػة‪ ،‬إذ هبػػوز للنيابػة العامػػة عنػػد ارتكػاب أحػػد النػواب عبريبػة تقػػدًن طلػػب‬
‫ؼبكتب ا لس الشعد الوطٍت أو مكتب ؾبلس األمػة لرفػع اغبصػانة حبيػث يػتم التصػويت بثلثػي األعضػاء‬
‫‪. 2 /3‬‬
‫فػػاذا ال التصػػويت برفػػع ىػػذه اغبصػػانة ففػػي ىػػذه اغبالػػة تقػػوـ النيابػػة العامػػة بازبػػاذ إج ػراءات اؼبتابعػػة‬
‫واؼبتمثلػػة يف ربريػػك الػػدعوى العموميػػة بعػػد حصػػوؽبا علػػى إذف أمػػا إذا ال التصػػويت ب ػرفض رفػػع اغبصػػانة‬
‫والسػػيما إذا كػػاف ىػػذا النائػػب ينتمػػي إذل حػػزب يتمتػػع باألغلبيػػة‪ ،‬ففػػي ىػػذه اغبالػػة هبػػب انتظػػار انتهػػاء‬
‫العهدة النيابية وىي ‪ 5‬سنوات‪ ،‬ولكن تثار يف ىذا الصدد مسألة تقادـ الدعوى العمومية ‪.‬‬
‫‪ -2‬حصـ ــانات األجانـ ــب‪ :‬وذب ػػد ى ػػذه اغبص ػػانات مص ػػدرىا يف الق ػػانوف والع ػػرؼ ال ػػدوليُت فه ػػؤالء ال‬
‫ىبضعوف للقانوف اعبزائري‪ ،‬خاصة يف حالة ارتكاهبم اعبرائم‪ ،‬وىؤالء األشخاص ىم‪:‬‬
‫‪ -‬رؤساء الدوؿ األجنبية وأفراد حاشيتهم ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -‬اؼبعتمدوف السياسيوف‪ ،‬وىم السفراء ورجاؿ السلك الدبلوماسي الذين يبثلوف دوؽبم وأفراد حاشػيتهم‪،‬‬
‫أما القناصل فيخضعوف للقانوف اعبزائري ‪.‬‬
‫‪ -‬رجاؿ القوات العسكرية األجنبية‪ ،‬سػواء كانػت بريػة أو حبريػة أو جويػة‪ ،‬فهػي ال زبضػع لقػوانُت الدولػة‬
‫إذا كاف مرورىا باقليم الدولة بتصريح من الدولة أو دبوجب معاىدة أو اتفاقية‪ ،‬أما إذا كاف وجودىا بغَت‬
‫تصريح اعترب اعتداءا على سيادة الدولة وبالتارل هبوز دفعو ورده بكل الوسائل ‪.‬‬
‫ثانيا) االستثنااات في القوانين الخاصة‪:‬‬
‫‪ -1‬األىلي ــة‪ :‬فالقواعػػد الػػيت ربكػػم أىليػػة الشػػخص مػػن حيػػث القصػػر والبلػػوغ زبضػػع الشػػخص لقػػانوف‬
‫جنسيتو دائما‪ ،‬ومؤدى ذلك أف قبد الشخص األجند يف أية دولة ال يبكن أبدا اعتباره بالغا سن الرشد‬
‫إال حبسب بلوغو السن اليت وبددىا قانوف دولتو ‪.‬‬
‫‪ -2‬عقـ ــود الـ ــزواج ‪ :‬فيم ػػا يتعل ػػق بص ػػحة ال ػػزواج تس ػػري عل ػػى األجان ػػب قػ ػوانُت األحػ ػواؿ الشخص ػػية‬
‫لبلدالم‪.‬‬
‫‪ -3‬عقود المعاوضة ‪ :‬عقود اؼبعاوضػة كعقػد البيػع‪ ،‬وعقػد اإلهبػار‪ ،‬وعقػد العمػل التػابع وغَتىػا‪ ،‬زبضػع‬
‫من حيث الشكل لقػانوف البلػد الػذي تعقػد فيػو ولكنهػا مػن حيػث اؼبوضػوع زبضػع للقػانوف الػذي ىبتػاره‬
‫أطراؼ العقد حىت ولو كاف قانونا أجنبيا ماداـ أطراؼ العقد ـبتلفي اعبنسية ‪.‬‬
‫ىذا باإلضافة إذل استثناءات أخرى منها اؼبتفق عليها ومنها ما ىو ؿبل خالؼ ‪:‬‬
‫‪ )1‬االستثناا المتفق عليـو ‪ :‬يف حالػة القػوة القػاىرة هبػوز لألشػخاص االعتػذار جبهػل القػانوف يف اغبالػة الػيت‬
‫يثبػػت فيهػػا اسػػتحالة علمهػػم بأحكامػػو عػػن طريػػق اعبريػػدة الرظبيػػة كمػػا لػػو تعرضػػت منطقػػة معينػػة لكارثػػة‬
‫طبيعية أو احتالؿ مػن طػرؼ دولػة أجنبيػة ‪ ،‬أو انقطػاع اؼبواصػالت فبػا وبػوؿ دوف وصػوؿ اعبريػدة الرظبيػة‬
‫إليها ‪ .‬وبالتارل يستبعد تطبيق ىذا اؼببػدأ حػىت تػزوؿ الظػروؼ االسػتثنائية ‪ ،‬كمػا أف ىػذا االسػتثناء ىبػص‬
‫التشريع فقط أي القواعد اؼبكتوبة ‪ ،‬أما القاعد األخػرى فػال يبكػن إعمػاؿ ىػذا االسػتثناء بشػألا أللػا ال‬
‫تنشر يف اعبريدة الرظبية ‪ ،‬وبالتارل يفًتض علم صبيع األشخاص بأحكامها ‪.‬‬
‫‪ )2‬االســتثناا مح ــل الخ ــالف ‪ :‬يضػػيف بعػػض الفقهػػاء اسػػتثناءات أخػػرى تقػػع علػػى ىػػذا اؼببػػدأ ‪ ،‬ومنهػػا‬
‫االسػػتثناء اؼبتعلػػق بػػالغلط يف القػػانوف وكػػذا االسػػتثناء اؼبتعلػػق باعبهػػل بقػػانوف غػػَت جنػػائي ينفػػي اؼبسػػؤولية‬
‫اعبنائية ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫ولكن وبالتدقيق يف ىذه االستثناءات الحظ الفقو الغالب بألا استثناءات دل تؤدي إذل استبعاد‬
‫حكػػم القػػانوف ‪ ،‬بػػل أدت إذل تطبيقػػو فبػػا يعػػٍت ألػػا ال تشػػكل اسػػتثناءات حقيقيػػة تقػػع علػػى مبػػدأ عػػدـ‬
‫جواز االعتذار جبهل القانوف ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نطـاق تطبيق القاعدة القانونية من حيث المكـان‬
‫ال يقتصر نشاط األفراد يف كل زماف ومكاف على حدود البلد الذي يعيشػوف يف إقليمػو كمػا ال يبكػن‬
‫اآلف تصػػور خلػػو أيػػة دولػػة مػػن دوؿ العػػادل مػػن أجانػػب يعيشػػوف علػػى أراضػػيها أو يقيمػػوف فيهػػا ولػػو ؼبػػدة‬
‫مؤقتة ‪.‬‬
‫واؼبفروض أف ىبضع ىؤالء الناس صبيعا يف صبيع األعماؿ اليت يقوموف هبا إذل قواعد القانوف‪ ،‬وىذا ما‬
‫يثَت بالضرورة مسألة ىامة ىي معرفة ماىية القواعد اليت هبب أف ىبضع ؽبا ىؤالء الناس‪ ،‬ىل ىي قواعد‬
‫القانوف الوطٍت الذي وبكم صبيع اؼبقيمُت على إقليم الدولػة مػن وطنيػُت وأجانػب‪ ،‬أـ أف ىنػاؾ عالقػات‬
‫معينة تتعلق باألجانب يًتكها القانوف الوطٍت ليحكمها قانوف الدولة اليت ينتمي إليها أول ك األجانب ؟‬
‫لػذلك فتطبيػق القػانوف مػن حيػػث اؼبكػاف ربكمػو قاعػدتاف أساسػيتاف نبػػا قاعػدة إقليميػة القػوانُت وقاعػػدة‬
‫شخصية القوانُت ‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مبدأ إقليمية القوانين" ‪" Pr. de la territorialité des lois‬‬
‫يقضػػي مبػػدأ إقليميػػة الق ػوانُت بػػأف قػػانوف الدولػػة ىػػو الػػذي يطبػػق علػػى كػػل مػػا يقػػع داخػػل حػػدود‬
‫إقليمهػا‪ ،‬حبيػػث يسػري علػػى صبيػع األشػػخاص اؼبقيمػػُت يف ىػذا اإلقلػػيم بصػرؼ النظػػر عػن جنسػػية ىػػؤالء‬
‫األشخاص ‪.‬‬
‫فالقػػانوف يسػػري داخػػل حػػدود الدولػػة علػػى اؼبػواطنُت واألجانػػب علػػى السػواء وإذا اقتصػػر تطبيػػق القػػانوف‬
‫علػى حػػدود إقلػػيم الدولػػة علػى ىػػذا النحػػو‪ ،‬فانػػو ال يطبػق علػػى مػػا يقػػع خػارج حػػدود ىػػذا اإلقلػػيم‪ ،‬حػػىت‬
‫ولو تعلق األمر دبواطٍت الدولة ‪.‬‬
‫ويقوـ مبدأ إقليمية القوانُت على أساس ما للدولة من سيادة تامة على كل من يوجد على إقليمهػا‪،‬‬
‫وبالتارل يعترب تطبيق قوانُت أجنبية على ما يقع يف إقليمها اعتداء على ىذه السيادة ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مبدأ شخصية القوانين " ‪" Pr. De la personnalité des lois‬‬

‫‪55‬‬
‫يقصػػد هبػػذا اؼببػػدأ‪ ،‬أف قػػانوف الدولػػة يسػػري علػػى صبيػػع اؼبنتمػػُت إليهػػا‪ ،‬بصػػرؼ النظػػر عػػن أمػػاكن‬
‫إقػػامتهم‪ ،‬أي حػػىت ولػػو كػػانوا مقيمػػُت خػػارج إقليمهػػا‪ ،‬ويف اؼبقابػػل يقضػػي ىػػذا اؼببػػدأ بعػػدـ سػرياف قػػانوف‬
‫الدولة على األجانب ولو كانوا مقيمُت داخل حدود إقليمها ‪.‬‬
‫وأسػػاس ىػػذا اؼببػػدأ ىػػو أف األخػػذ دببػػدأ إقليميػػة القػوانُت علػػى إطالقػػو وتطبيقػػو تطبيقػػا صػػارما يًتتػػب‬
‫عليػػو أف تنغلػػق كػػل دولػػة داخػػل حػػدودىا فتعػػي دبعػػزؿ عػػن الػػدوؿ األخػػرى وأف تفقػػد الدولػػة أيػػة صػػلة‬
‫برعاياىػا الػػذين يقيمػػوف يف دوؿ أخػػرى وىػػذا مػػا يضػر دبصػػاحل الػػدوؿ صبيعػػا‪ ،‬ويػػؤدي يف العمػػل إذل إعاقػػة‬
‫التعامل الدورل‪ ،‬ويقلل من حرص االتصاؿ بُت الدوؿ سياحة وذبارة‪ ،‬ولذلك فػاف تيسػَت التعامػل الػدورل‬
‫وكذلك األخذ بنظر االعتبار مصاحل اؼبواطنُت الذين تدعوىم أسباب كثَتة إذل السفر للخارج ويضطروف‬
‫لو ألم فقدوا صلتهم بقانولم الوطٍت إذل أف يرتبوا أمورىم وفقػا لقػانوف البلػد الػذي يتواجػدوف فيػو‪ ،‬وقػد‬
‫ال تكػػوف ؽبػػم مصػػلحة يف ىػػذا األمػػر‪ .‬ولكػػل ذلػػك فقػػد جػػرى التعامػػل والعػػرؼ الػػدوليُت علػػى أف تتنػػازؿ‬
‫الػػدوؿ بعضػػها لػػبعض وبشػػكل متبػػادؿ ومتماثػػل عػػن تطبيػػق مبػػدأ إقليميػػة الق ػوانُت وذلػػك بتكملتػػو دببػػدأ‬
‫شخصية القوانُت ‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬موقف القانون الجزائري من األخذ بالمبدأين‬
‫اؼببدأ يف القػانوف اعبزائػري – كمػا ىػو الشػأف يف أغلػب القػوانُت اغبديثػة – أف القػانوف اعبزائػري يطبػق‬
‫تطبيقػػا إقليميػػا‪ ،‬ومػػع ذلػػك فهنػػاؾ اسػػتثناءات مػػن ىػػذا األصػػل‪ ،‬ربػػد مػػن تطبيػػق القػػانوف داخػػل إقلػػيم‬
‫الدولة‪ ،‬أو سبد تطبيقو إذل خارج حدود ىذا اإلقليم ‪.‬‬
‫ولتبياف ذلك نتعرض للمبدأ وما يرد عليو مػن اسػتثناءات يف نطػاؽ القػانوف العػاـ مث يف نطػاؽ القػانوف‬
‫اػباص ‪.‬‬
‫أوال) في القانون العام‪:‬‬
‫‪ -1‬القــانون الدســتوري‪ :‬تطبػػق أغلػػب قواعػػد القػػانوف الدسػػتوري تطبيقػػا إقليميػػا فالقواعػػد اؼببينػػة لنظػػاـ‬
‫اغبكم يف الدولة‪ ،‬وتلك اليت تبُت السلطات العامة فيها واختصػاص كػل منهػا وعالقاهتػا بعضػها بػالبعض‬
‫اآلخر‪ ،‬كل ىذه القواعد وغَتىا ال تطبق إال يف داخل الدولة ‪.‬‬
‫أما من ناحية ما يقرره القانوف الدستوري لألفراد من حريات عامة وحقوؽ وواجبات قبل الدولة‪ ،‬فػال‬
‫يتمتع هبا إال الوطنيُت دوف األجانب ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫ومػن قبيػػل ذلػػك أف حػػق االنتخػػاب والًتشػػيح أو االسػػتفتاء يقتصػػر علػػى الػػوطنيُت‪ ،‬وكػػذلك حػػق تػػورل‬
‫الوظ ػػائف العام ػػة حبس ػػب األص ػػل‪ ،‬ويف مث ػػل ىػ ػػذه اغب ػػاالت ال تس ػػري الق ػ ػوانُت اؼبنظم ػػة ؽب ػػذه اغبقػ ػػوؽ‬
‫والواجبات على األجانب اؼبوجودين على إقليم الدولة‪.‬‬
‫‪ -2‬القــانون ااداري‪ :‬تطبػػق قواعػػد القػػانوف اإلداري مػػن ناحيػػة بيالػػا لألشػػخاص واؽبي ػػات الػػيت تتػػوذل‬
‫عمػل السػلطة التنفيذيػة وربديػد العالقػة بػُت ىػػذه السػلطة وعماؽبػا تطبيقػا إقليميػا ‪ .‬غػَت أف ذلػك ال يبنػػع‬
‫من وجود قواعد خاصة بػاؼبوظفُت األجانػب‪ ،‬وال ىبػل ذلػك دببػدأ إقليميػة القػوانُت ألف قػانوف الدولػة ىػو‬
‫الذي يضع ويقرر ىذه القواعد ‪.‬‬
‫‪ -3‬القــانون المــالي‪ :‬يطبػػق ىػػو اآلخػػر تطبيقػػا إقليميػػا‪ ،‬إذ أنػػو يػػنظم ماليػػة الدولػػة مػػن حيػػث إيراداهتػػا‬
‫ومصػػروفاهتا‪ ،‬فكػػل أجنػػد يباشػػر نشػػاطا ىبضػػعو لضػريبة معينػػة تفرضػػها الدولػػة يلتػػزـ بأدائهػػا‪ ،‬مػػا دل يػػنص‬
‫القػػانوف علػػى غػػَت ذلػػك‪ ،‬حيػػث قػػد تتضػػمن الق ػوانُت اؼباليػػة بعػػض إعفػػاءات ض ػريبية خاصػػة باألجانػػب‬
‫العتبارات تتعلق بالصاحل العاـ أو ا املة الدولية كاإلعفاءات اليت يستفيد منها اؼبستثمرين األجانب ‪.‬‬
‫‪ -4‬القانون الجنائي‪ :‬األصل فيما يتعلق بقواعد قانوف العقوبات ىو تطبيقها تطبيقا إقليميا‪.‬‬
‫وتطبيقػػا لػػذلك‪ ،‬كػػل مػػن يرتكػػب جريبػػة يف اعبزائػػر يسػػري عليػػو قػػانوف العقوبػػات اعبزائػػري‪ ،‬ولػػو كػػاف‬
‫مرتكبها أجنبيا‪ ،‬ومن يرتكػب جريبػة يف اػبػارج ال يسػري عليػو القػانوف اعبزائػري ولػو كػاف مرتكػب اعبريبػة‬
‫جزائريػػا ‪ .‬ولكػػن اسػػتثناءا مػػن ىػػذا األصػػل يسػػري القػػانوف اعبزائػػري علػػى بعػػض اعب ػرائم الػػيت ترتكػػب يف‬
‫اػبارج ‪.‬‬
‫واؼبػواد اؼبقصػػودة باإلحالػػة يف ىػػذه اؼبػػادة ىػػي اؼبػػادتُت ‪ ،582‬و ‪ 583‬مػػن قػػانوف اإلج ػراءات اعبزائيػػة‪،‬‬
‫وىي تتعلق باعبنايات واعبنح اليت يرتكبها اعبزائريُت يف اػبارج ‪.‬‬
‫ويف اؼبقابػػل فقػػد ال يطبػػق قػػانوف العقوبػػات تطبيقػػا إقليميػػا إعمػػاال لقواعػػد القػػانوف الػػدورل العػػاـ والػػيت‬
‫تقضي بتمتع طائفة من األجانب مثل رؤساء الدوؿ وأعضاء البعثػات الدبلوماسػية حبصػانات قضػائية يف‬
‫اغبدود اليت يقرىػا القػانوف‪ ،‬وىػي االسػتثناءات الػيت تكلمنػا عنهػا عنػد اغبػديث علػى االسػتثناءات الػواردة‬
‫على مبدأ عمومية القوانُت ‪.‬‬
‫ثانيــا) فــي القــانون الخــاص‪:‬ال تتسػػم عالقػػات القػػانوف اػبػػاص عػػادة بطػػابع السػػلطة العامػػة أو سػػيادة‬
‫الدولة ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫وقد أدى ذلك إذل القوؿ بأنو يف عالقات القانوف اػباص يسري مبدأ امتػداد القػوانُت يف اؼبكػاف‪ ،‬أي‬
‫تطبيقها تطبيقا شخصيا‪ ،‬مػا داـ أنػو ال ىبػل بسػيادة الدولػة أف تسػمح بتطبيػق قػانوف أجنػد ‪ -‬يف نطػاؽ‬
‫ىذه العالقات ‪ -‬يف إقليمها ‪.‬‬
‫ومن أجل ىذا وجد يف قػوانُت العديػد مػن الػدوؿ قواعػد تػنظم تطبيػق القػوانُت األجنبيػة يف إقليمهػا‪،‬‬
‫وتسمى ىذه القواعد القانوف الدورل اػباص ‪.‬‬
‫ولػػذلك فلعػػل أىػػم مػػا يػػرد علػػى مبػػدأ إقليميػػة الق ػوانُت مػػن اسػػتثناءات ىػػو ذلػػك الػػذي يًتتػػب علػػى‬
‫إعمػػاؿ قواعػػد القػػانوف الػػدورل اػبػػاص‪ ،‬فقواعػػد ىػػذا القػػانوف تبػػُت القػػانوف الواجػػب التطبيػػق علػػى العالقػػة‬
‫القانونيػػة ال ػػيت يوجػػد هب ػػا عنصػػر أجن ػػد‪ ،‬وقػػد يفض ػػي إعمػػاؿ ى ػػذه القواعػػد إذل تطبي ػػق قػػانوف أجن ػػد يف‬
‫اعبزائػػر‪ ،‬كمػػا قػػد يػػؤدي ذلػػك إذل تطبيػػق القػػانوف اعبزائػػري خػػارج اإلقلػػيم اعبزائػػري‪ ،‬ويعتػػرب ذلػػك خروجػػا‬
‫على مبدأ إقليمية القوانُت ‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬نطـاق تطبيـق القوانيـن من حيث الزمـان‬
‫يتحػدد نطػػاؽ تطبيػػق القاعػدة القانونيػػة مػػن حيػث الزمػػاف بتحديػػد وقػت بػػدء العمػػل هبػا ووقػػت انتهػػاء‬
‫العمل هبا‪ ،‬فالقاعدة القانونية تستمر يف سريالا ووجوب تطبيقها فيما بُت ىذين الوقتُت ‪.‬‬
‫وقػػد عرفنػػا ذلػػك عنػػد دراسػػة اؼبصػػادر الرظبيػػة للقاعػػدة القانونيػػة وبصػػفة خاصػػة فيمػػا يتعلػػق بالتش ػريع‬
‫وقػػت بػػدء العمػػل بالقاعػػدة القانونيػػة ونفاذىػػا يف حػػق اؼبخػػاطبُت بأحكامهػػا ويبقػػى أف نعػػرض لتحديػػد‬
‫الوقت الذي تنقضي فيو ىذه القاعدة‪ ،‬فينتهػي العمػل هبػا وترتفػع عنهػا قوهتػا اؼبلزمػة‪،‬وذلك بدراسػة إلغػاء‬
‫القاعدة القانونية‪.‬‬
‫غَت أف ربديد وقت بدء العمل بالقاعدة القانونية ووقت انتهاء العمػل هبػا عػن طريػق إلغائهػا ال ينهػي‬
‫كل صعوبة فيما يتعلق بتحديد نطاؽ تطبيقها من حيث الزماف ‪ .‬إذ يًتتب على إلغاء القاعدة القانونية‬
‫وحلػػوؿ قاعػػدة جديػػدة ؿبلهػػا أف تثػػور مشػػكلة تنػػازع القواعػػد القانونيػػة يف الزمػػاف فبػػا يقتضػػي بيػػاف اغبػػد‬
‫الفاصل بُت نطاؽ تطبيق القاعدة القديبة اؼبلغية والقاعدة اعبديدة اليت حلت ؿبلها ‪.‬‬
‫وعلػػى ذلػػك سػػنعرض يف ىػػذا اؼبطلػػب إللغػػاء القاعػػدة القانونيػػة‪ ،‬مث لتنػػازع القواعػػد القانونيػػة يف الزمػػاف‪،‬‬
‫وذلك يف الفرعُت التاليُت‪:‬‬

‫‪58‬‬
‫الفرع األول‪ :‬إلغاا القاعدة القانونية‪:‬‬
‫أوال) المقصود بإلغاا القاعدة القانونية‪ :‬يقصد بالغاء القاعدة القانونية إلاء العمل هبا أو ذبريػدىا مػن‬
‫قوهتا اؼبلزمة بالنسبة للمستقبل ‪.‬‬
‫واإللغػاء هبػػذا اؼبعػٌت قػػد يكػوف بقصػػد إحػالؿ قاعػػدة قانونيػة جديػػدة ؿبػل القاعػػدة السػابقة وقػػد يكػػوف‬
‫ذلػػك بغػػرض االسػػتغناء عػػن القاعػػدة القانونيػػة دوف اغباجػػة إلحػػالؿ قاعػػدة أخػػرى ؿبلهػػا‪ .‬وىػػو يػػرد علػػى‬
‫القواعد القانونية أيا كاف مصدرىا الرظبي‪ ،‬أي سواء كانت مستمدة من التشريع أو من مصدر آخر غَت‬
‫التشريع ‪ ،‬غَت أف إلغاء القاعدة التشريعية ىو الذي يثَت بعض الصعوبات ‪.‬‬
‫ثانيا) السلطة التي تمل االغاا‪ :‬األصل يف ىذا الشأف أف السػلطة الػيت سبلػك إلغػاء القاعػدة القانونيػة‬
‫ىي السلطة اليت سبلك إنشائها أو سلطة أعلى منها ‪.‬‬
‫وقػػد رأينػػا فيمػػا تقػػدـ أف القواعػػد القانونيػػة ليسػػت علػػى درجػػة واحػػدة وإمبػػا زبتلػػف بػػاختالؼ مراتبهػػا‪،‬‬
‫فالقواعد التشريعية تأ يف اؼبرتبة األوذل‪ ،‬تليها بقية اؼبصادر االحتياطية األخرى ‪.‬‬
‫ويًتتب على ذلك أف القواعد التشريعية ال تلغى إال بقواعد تشريعية مثلها ‪.‬‬
‫ورأينا فيما سبق أيضا أف القواعػد التشػريعية تتػدرج مػن حيػث القػوة‪ ،‬فأعالىػا التشػريع األساسػي‪ ،‬أي‬
‫الدستور‪ ،‬يليو التشريع العادي‪ ،‬مث التشريع الفرعي ويًتتب على ىػذا التػدرج مػن حيػث القػوة أف التشػريع‬
‫ال يلغػى إال بتشػريع مػن نفػػس درجتػو أو بتشػريع أعلػػى منػػو ‪ ،‬وعلػى ذلػػك فالتشػريع الدسػػتوري ال يع ػ ػدؿ‬
‫أو يلغػػى إال بتشػريع دسػػتوري مثلػػو‪ ،‬وىػػذا بالنسػػبة للػػدوؿ ذات الدسػػاتَت اعبامػػدة مثػػل اعبزائػػر‪ ،‬والتشػريع‬
‫العػػادي ال يلغػػى إال بتشريػ ػ ػع دست ػوري أو تشػريع عػػادي والتشريػ ػ ػع الفرعػػي ال يلغػػى إال بتشري ػ ػػتتع فرعػ ػ ػي‬
‫أو بتشريع عادي‪ ،‬أو بتشريع دستوري ‪.‬‬
‫ويالحظ أف التشريع يبكنو إلغاء القواعد القانونية األخرى التالية لو يف اؼبرتبة أيا كاف مصدرىا ‪.‬‬
‫ثالثا) طرق االغاا‪ :‬يقسم اإللغاء حبسب الطريقة اليت يتم هبا‪ ،‬إذل إلغاء صريح وإلغاء ضمٍت ‪.‬‬
‫‪ -1‬االغاا الصريح "‪ : "L'abrogation expresse‬يتحقق اإللغاء الصػريح يف حالػة صػدور قاعػدة‬
‫أو قواعد‬
‫قانونية جديدة تقضي صراحة بالغاء قاعدة أو قواعد قانونية قديبة‪.‬‬
‫وقد يتحقػق اإللغػ ػاء الصريػ ػح كػذلك يف حالػة مػا إذا صػدر القػان ػ ػ ػوف ليعمػل بػو خػالؿ مػدة معين ػ ػ ػة‪،‬‬
‫أو غبُت انتهاء فًتة معينة‪ ،‬فالتشريع يف ىذه اغبالة يعترب تشريعا مؤقتا "‪ ، "Temporaire‬ويصػبح ىػذا‬

‫‪59‬‬
‫التشػريع ملغيػػا بانقضػػاء اؼبػػدة اؼبعينػػة لسػريانو أو بانتهػػاء الفػػًتة الػػيت صػػدر بقصػػد مواجهتهػػا‪ ،‬وذلػػك دوف‬
‫حاجة إذل صدور تشريع باإللغاء‪ ،‬ووبدث ذلك عادة يف أوقات اغبروب واألزمات ‪.‬‬
‫‪ -2‬االغــاا ال ــمني" ‪ : "L'abrogation tacite‬يقصػػد باإللغػػاء الضػػمٍت ذلػػك اإللغػػاء الػػذي ال‬
‫يتحقق بتصػريح بػو مػن القاعػدة القانونيػة اعبديػدة‪ ،‬وإمبػا يسػتفاد ضػمنا مػن اسػتحالة اعبمػع بػُت القاعػدة‬
‫القانونية القديبة والقاعدة اعبديدة يف آف واحد ‪.‬‬
‫فمن ىذه الفقرة يتضح أف اإللغاء الضمٍت يتحقق باحدى صورتُت ‪:‬‬
‫الصورة األولى‪ :‬التعارض بين القانون القديم والقانون الجديد‪:‬‬
‫إذا ما صدرت قاعدة جديدة تتعارض مع قاعدة سابقة ؽبا‪ ،‬واستحاؿ إعماؿ القاعدتُت معا يفهم‬
‫مػػن ذلػػك أف القاعػػدة اعبديػػدة قػػد ألغػػت القاع ػػدة القديبػػة‪ ،‬فعنػػد التع ػػارض بػػُت القاعػػدتُت – اعبديػػدة‬
‫والقديبة – تعترب القاعدة اعبديدة الغية وناسخة للقاعدة القديبة ‪.‬‬
‫وغٍت عن البياف أف اإللغاء الضػمٍت يف ىػذه اغبالػة ال يكػوف إال يف اغبػدود الػيت وبػدث فيهػا التعػارض‬
‫بػػُت القاعػػدتُت القديبػػة والقاعػػدة اغبديثػػة ‪ .‬فػػاذا كػػاف ىػػذا التعػػارض كليػػا حبيػػث يسػػتحيل التوفيػػق بػػُت‬
‫أحكاـ القاعدتُت القديبة واغبديثة‪ ،‬اعتربت األوذل ملغاة ضمنيا بالثانية ‪.‬‬
‫أما إذا كاف التعارض جزئيا بُت أحكاـ القاعدتُت‪ ،‬أي واقعا بُت بعض أحكامها دوف البعض اآلخر‪،‬‬
‫فػػال يكػػوف اإللغػػاء الضػػمٍت إال يف حػػدود مػػا حػػدث فيػػو التعػػارض‪ ،‬فيكػػوف اإللغػػاء يف ىػػذه اغبالػػة إلغػػاء‬
‫جزئيا ‪.‬‬
‫ويالحظ أنو لكي يتم اإللغاء الضػمٍت علػى النحػو السػابق هبػب أف يكػوف اغبكمػاف اعبديػد والقػدًن‪،‬‬
‫من نوع واحد أو ذات صفة واحدة‪ ،‬بأف يكوف كل منهما عاما أو أف يكوف كل منهما خاصا ‪.‬‬
‫غَت أف التعارض قد وبدث بُت حكم قدًن عاـ‪ ،‬وحكم جديػد خػاص‪ ،‬وقػد وبػدث العكػس وىػو مػا‬
‫سنبينو يف اآل ‪:‬‬
‫أ) التعــارض بــين حكــم قــديم عــام وحكــم جديــد خــاص‪ :‬عنػػد وقػػوع التعػػارض بػػُت حكػػم قػػدًن عػػاـ‬
‫وحكم جديد خاص‪ ،‬فالقاعدة أف اغبكم اعبديد يلغي اغبكم القدًن يف حدود مػا جػاء بػو األوؿ فقػط‪،‬‬
‫ويظل اغبكم القدًن العاـ قائما وساريا فيما دل يتعرض لو اغبكم اعبديد اػباص فالقاعػدة اػباصػة تلغػي‬
‫القاعدة العامة يف حدود مػا تعارضػت فيػو معهػا فقػط‪ ،‬أي أف القاعػدتُت يعمػل هبمػا معػا كػل يف نطاقػو‪،‬‬
‫فالقاعدة اعبديدة فيما خصصت لو‪ ،‬والقاعدة القديبة فيما يبقى ؽبا من اختصاص‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫ب) التعـارض بـين حكـم قـديم خـاص وحكـم جديـد عـام‪ :‬يف ىػذه اغبالػة‪ ،‬فػاف اغبكػم القػدًن اػبػاص‬
‫يظل معموال بو يف شأف اغبالة اػباصة باعتباره استثناء واردا علػى اغبكػم اعبديػد العػاـ‪ ،‬فػاغبكم العػاـ ال‬
‫يلغي اغبكم اػباص‪ ،‬بل يسرياف معا حبيث يعترب اغبكػم العػاـ ىػو األصػل‪ ،‬ويبقػى اػبػاص كاسػتثناء وارد‬
‫على اغبكم العاـ‪ ،‬فاغبكم اػباص ال يلغى إال حبكم خاص مثلو ‪.‬‬
‫الصورة الثانية‪ :‬إعادة تنظيم ذات الموضوع من جديد‪:‬‬
‫ويف ىػػذه اغبالػػة تلغػػي القواعػػد اعبديػػدة القواعػػد القديبػػة كلهػػا س ػواء تعارضػػت أو دل تكػػن متعارضػػة‬
‫معها‪.‬‬
‫ويالحظ أف اإللغاء الضػمٍت يتحقػق عنػد إعػادة تنظػيم نفػس اؼبوضػوع دوف حاجػة إذل الػنص يف القواعػد‬
‫اعبديدة على إلغاء القواعد القديبة ‪.‬‬
‫ولكػػن مػػن النػػادر أف يعيػػد اؼبشػػرع تنظػػيم موضػػوع مػػن جديػػد دوف أف يػػنص يف التش ػريع اعبديػػد علػػى‬
‫إلغاء التشريع السابق الذي كاف ينظم ذات اؼبوضػوع وىػو بػذلك هبعػل اإللغػاء صػروبا‪ ،‬رغػم أنػو دل يكػن‬
‫يف حاجة إذل ذلك لتحقق اإللغاء ضمنيا من ؾبرد إعادة تنظيم نفس اؼبوضوع من جديد ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تنازع القواعد القانونية من حيث الزمان‪:‬‬
‫يثػػور البحػػث عػػن ا ػػاؿ الػػزمٍت لس ػرياف القاعػػدة القانونيػػة عنػػد تتػػابع القواعػػد القانونيػػة الػػيت ربكػػم‬
‫مسألة معينة‪ ،‬حيث يتعػُت يف ىػذه اغبالػة ربديػد الوقػائع والتصػرفات الػيت زبضػع للقاعػدة اعبديػدة وتلػك‬
‫اليت تبقى ؿبكومة بالقاعدة القديبة‪.‬‬
‫والواقع أف مثل ىذا البحث ال يكوف لو ؿبل إذا ما نشأت العالقػة القانونيػة وال تنفيػذىا وانقضػت يف‬
‫ظل القاعدة القديبة وقبل العمل بالقاعػدة اعبديػدة‪ ،‬إذ أنػو يف ىػذه اغبالػة ال صػعوبة يف األمػر‪ ،‬فالقاعػدة‬
‫القديبػػة ىػػي الػػيت تطبػػق علػػى ىػػذه العالقػػة‪ ،‬وال يثػػور التسػػاؤؿ عػػن مػػدى خض ػوع ىػػذه العالقػػة للقاعػػدة‬
‫اعبديدة‪.‬‬
‫غَت أف األمر ال يكوف دائما على ىذا النحو‪ ،‬فهناؾ وقائع وعالقات قانونية تسػتمر قػدرا مػن الػزمن‪،‬‬
‫حبيث يبكن أف تنشأ وتبدأ يف ترتيب آثارىا يف ظػل قاعػدة قانونيػة معينػة مث تػدركها قاعػدة قانونيػة أخػرى‬
‫أثنػػاء إنتاجهػػا آلثارىػػا‪ ،‬فهنػػا يقػػوـ التنػػازع بػػُت قاعػػدتُت قػػانونيتُت علػػى حكػػم ىػػذه الوقػػائع والعالقػػات‬
‫القانونية وىذا ما يعرؼ دبشكلة التنازع بُت القوانُت يف الزماف ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫وتثَت ىذه اؼبشكلة التساؤؿ عن القانوف الواجب التطبيق ىل ىو القانوف القدًن الذي نشػأت العالقػة‬
‫القانونية يف ظلو أـ القانوف اعبديد الذي ترتب ىذه العالقات آثارىا ربت سلطانو ‪.‬‬
‫ولإلجابة عن ىذا التساؤؿ‪ ،‬وجد مبدآف نبا مبدأ عدـ رجعيػة القػوانُت‪ ،‬ومبػدأ األثػر اؼبباشػر للقػانوف‪،‬‬
‫إال أف ىذين اؼببدأين من الناحية العملية ال هبرياف على إطالقهما‪ ،‬بل يرد عليهما بعض االستثناءات ‪.‬‬
‫أوال مبدأ عدم رجعية القوانين‪:‬‬
‫‪ -1‬مفهوم المبدأ وأساسو‪ :‬اؼببدأ أف القوانُت ال تسري بأثر رجعي‪ ،‬أي ألا تسري على ما وبػدث مػن‬
‫وقػػائع بعػػد تػػاري نفاذىػػا‪ ،‬وال أثػػر ؽبػػا فيمػػا وقػػع قبػػل ىػػذا التػػاري ‪ ،‬وىػػذا مػػا يعػػرب عنػػو دببػػدأ عػػدـ رجعيػػة‬
‫القوانُت‪ ،‬ويقوـ ىذا اؼببدأ علػى عػدة اعتبػارات ذبعلػو مػن أىػم اؼببػادئ الػيت يقػوـ عليهػا النظػاـ القػانوين ‪.‬‬
‫مثل العدالة و اؼبصلحة العامة و ا افظة على حقوؽ األفراد‪.‬‬
‫ونظرا لالعتبػارات السػابقة فقػد حرصػت الكثػَت مػن الػدوؿ علػى الػنص علػى مبػدأ عػدـ الرجعيػة يف‬
‫قوانينهػػا‪ ،‬بػػل أف منهػػا مػػن نػػص عليػػو يف الدسػػتور ذاتػػو مثػػل الدسػػتور اعبزائػػري‪ ،‬وىػػو مػػا تضػػمنو قػػانوف‬
‫العقوبات أيضا يف اؼبادة الثانية منو‪.‬‬
‫كما نص عليو اؼبشرع اعبزائري أيضا يف اؼبادة الثانية من القانوف اؼبدين اعبزائري‪.‬‬
‫‪ -2‬االستثنااات الواردة على مبدأ عدم رجعية القوانين‪:‬‬
‫إف مبدأ عدـ رجعية القوانُت ال يطبق بصفة مطلقة و إمبا ترد عليو بعض االستثناءات و منها ‪:‬‬
‫أ) النص الصريح على رجعية القوانين‪:‬‬
‫هبوز للمشرع أف يضمن القانوف اعبديد نصا يقضي بسريانو على اؼباضي ‪ .‬فمبػدأ عػدـ الرجعيػة إذا‬
‫كاف يقيد القاضػي‪ ،‬إال أنػو ال يقيػد اؼبشػرع‪ ،‬وىػذا مػا يتفػق عليػو الفقػو ‪،‬غػَت أنػو يشػًتط لػذلك أف يػنص‬
‫صراحة يف القانوف اعبديد على رجعيتو‪ ،‬فال يكفي لتقرير الرجعية االستناد إذل اإلرادة الضمنية للمشرع‪.‬‬
‫وإذ ىبرج اؼبشػرع علػى اؼببػدأ إمبػا ربػدوه الرغبػة يف ربقيػق الصػاحل العػاـ يف حػاالت تصػبح فيهػا الرجعيػة‬
‫ضػػرورة تفػػوؽ ضػػرورة االسػػتقرار يف اؼبعػػامالت وؽبػػذا ينبغػػي أال يسػػرؼ اؼبشػػرع يف تقريػػر الرجعيػػة حبيػػث ال‬
‫يللأ إليها إال فيما وبقق مصلحة لللماعة يهوف يف سبيل ربقيقها اإلخالؿ باستقرار اؼبعامالت‬
‫ولكن ال هبوز للمشرع أف يقرر رجعية القػوانُت يف اؼبسػائل اعبنائيػة‪ ،‬إذ أنػو مقيػد دببػدأ عػدـ الرجعيػة‬
‫فيمػػا يتعلػػق بػػالقوانُت اعبنائيػػة‪ ،‬فػػال يبلػػك الػػنص ص ػراحة يف تشػريع جديػػد يقػػرر جريبػػة أو عقوبػػة جديػػدة‬
‫على رجعية ىذا التشريع والعقاب دبقتضاه على ما ارتكب قبل العمل بو من أفعاؿ ‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫ب) القوانين الجنائية األصلح للمتهم‪:‬‬
‫يقصػد هبػػذه القػوانُت تلػػك الػػيت تزيػػل وصػػف اعبريبػػة عػػن الفعػػل أو اؼبخففػػة للعقوبػػة اؼبقػػررة لػػو‪ ،‬فمثػػل‬
‫ىذه القوانُت تطبق بأثر رجعي على ما ارتكب قبل نفاذىا من جرائم ‪.‬‬
‫ويالح ػػظ ال ػػبعض أف تطبي ػػق الق ػػانوف األص ػػلح للم ػػتهم ىن ػػا ال يع ػػد اس ػػتثناء حقيقي ػػا م ػػن مب ػػدأ ع ػػدـ‬
‫الرجعيػػة‪ ،‬ففػػي رأيهػػم يبكػػن الوصػػوؿ إذل نفػػس النتيل ػػة عػػن طريػػق إعمػػاؿ فكػػرة األثػػر اؼبباشػػر للق ػػانوف‬
‫اعبديد‪ ،‬فطاؼبا أنو دل يصدر حكم لائي بادانة اؼبتهم فاف اؼبركز القانوين الناشي عن اعبريبة ال يتم‪ ،‬ومػن‬
‫مث إذا صدر قانوف جنائي أصلح للمتهم يبكن اعتبار تطبيقو حالػة مػن حػاالت التطبيػق الفػوري واؼبباشػر‬
‫للقانوف اعبديد على اؼبركز القانوين اعباري الذي أدركو ىذا األخَت قبل تكوينو‪.‬‬
‫ج) القوانين التفسيرية‪:‬‬
‫إذا كاف القانوف اعبديد مفسرا غبكم يف قانوف سابقدوف أف يتضمن حكما جديػدا‪ ،‬فيكػوف طبيعيػا‬
‫أف يبت ػ ػػد حكم ػ ػػو إذل الوق ػ ػػائع ال ػ ػػيت ح ػ ػػدثت قبػ ػ ػػل ص ػ ػػدوره أي يف ظ ػ ػػل الق ػ ػػانوف ال ػ ػػذي ص ػ ػػدر بقص ػ ػػد‬
‫تفسػػَته‪،‬فالقانوف التفسػػَتي هبػػذا اؼبعػػٌت يعتػػرب قانونػػا جديػػدا مػػن حيػػث الشػػكل فقػػط ألنػػو دل يصػػدر إال‬
‫بقصد إزالة الغموض الذي أحيط بالقانوف السابق ووضع حد للخالؼ حوؿ حقيقة اؼبقصود بو‪.‬‬
‫ويالح ػػظ أف تطبي ػػق التشػ ػريع التفس ػػَتي م ػػن ت ػػاري نف ػػاذ التشػ ػريع األص ػػلي هب ػػب أف يقتص ػػر عل ػػى‬
‫الدعاوى اليت دل يفصل فيها قبل صدوره‪ ،‬أما الدعاوى اليت قد ال الفصل فيها بأحكاـ لائية فاف حلية‬
‫األمػػر اؼبقضػػي الػػيت تثب ػػت ؽبػػذه األحكػػاـ رب ػػوؿ دوف تطبيػػق التش ػريع التفسػػَتي عليه ػػا‪ ،‬ولػػو كانػػت ق ػػد‬
‫أخذت بتفسَت يؤكد التشريع اعبديد غلطو ‪.‬‬
‫ثانيا) مبدأ األثر المباشر أو الفوري للقانون‪:‬‬
‫ال يكفي مبدأ عدـ رجعية القوانُت وحده غبل مشكلة تنازع القوانُت يف الزمػاف‪ ،‬ذلك أف ىػذا اؼببدأ‬
‫إذا كػػاف وبػػوؿ دوف سري ػ ػاف القػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػانػ ػوف اعب ػديػ ػ ػد علػػى اؼبراكػ ػز القانػونيػ ػ ػ ػة الػػيت تكػ ػ ػونت أو انقضػػت أو‬
‫اجتمعػػت عناصػػرىا أو ترتبػػت آثارىػػا يف ظػػل القان ػػوف القػػدًن‪ ،‬إال أف ىػػذا اؼببػػدأ ال يكف ػػي لتحديػػد أي‬
‫القان ػ ػػونُت – الق ػػدًن أو اعبديػ ػػد – ى ػػو األوذل ب ػػالتطبيق علػ ػػى مػ ػػا يق ػػع بع ػػد نفػ ػ ػ ػ ػاذ القان ػ ػ ػ ػ ػوف اعبدي ػ ػ ػ ػ ػد‬
‫الستكماؿ تكوي ػ ػن أو انقضاء اؼبراكز القانونية الػيت بػدأ تكوينهػا أو انقضػاؤىا يف ظػل القانػ ػوف القػدًن‪،‬أو‬
‫على ما يتم من آثارىا بعد نفاذ القانوف اعبديد‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ -1‬مفهوم المبدأ وأساسـو‪ :‬مػؤدى ىػذا اؼببػدأ أف كػل تشػريع جديػد يطبػق فػورا منػذ تػاري سػريانو‪ ،‬أي‬
‫وقػػت نفػػاذه‪ ،‬ولػػذلك فالقػػانوف اعبديػػد ينطبػػق علػػى كػػل اؼبراكػػز القانونيػػة الػػيت يبػػدأ تكوينهػػا بعػػد نفػػاذه‪،‬‬
‫وكذلك ينطبق على كل عناصر تكوين وانقضاء اؼبراكز القانونية اليت بػدأ تكوينهػا يف ظػل القػانوف القػدًن‬
‫ودل ينتو تكوينها وال انقضائها إال بعد صدور القانوف اعبديد ‪.‬‬
‫كذلك يبتد نطاؽ تطبيق القانوف اعبديد‪ ،‬على كل اآلثار اليت تًتتػب بعػد نفػاذه علػى اؼبراكػز القانونيػة‬
‫اليت تكونت أو بدأ تكوينها يف ظل القانوف القدًن ‪.‬‬
‫وهبد ىذا اؼببدأ أساسو يف الوجهُت التاليُت‪:‬‬
‫‪ -‬أف تطبيقػػو يبنػػع ازدواج القػػانوف الػػذي وبكػػم اؼبراكػػز القانونيػػة الػػيت تتحقػػق يف ظلػػو‪ ،‬س ػواء كانػػت قػػد‬
‫تكونت قبل نفاذه أو بعد نفاذه وبذلك تتحقق وحدة القانوف الذي وبكم اؼبراكز القانونية ذات الطبيعة‬
‫الواحدة ‪.‬‬
‫‪ -‬كمػػا أف تعػػديل اؼبشػػرع أو إلغائػػو لقػػانوف قػػائم يعػػد إق ػرارا بقصػػوره أو عػػدـ صػػالحيتو ويفػػًتض – مػػن‬
‫ناحية أخرى – أف القانوف اعبديد يف نظر اؼبشرع أكمل من القانوف السابق وأفضل‪.‬‬
‫‪ -2‬بعض تطبيقات المبدأ‪ :‬ينطبق اؼببدأ على اؼبراكز القانونية الػيت ىػي يف طريقهػا إذل التكػوين‪ ،‬ومثػاؿ‬
‫ذلػػك التقػػادـ الػػذي تكػػوف مدتػػو قػػد بػػدأت يف ظػػل القػػانوف القػػدًن ودل تكتمػػل إذل أف أدركهػػا الق ػػانوف‬
‫اعبديد‪ ،‬ففػي ىػذه اغبالػة ىبضػع التقػادـ كقاعػدة عامػة مػن حيػث تقريػره وشػروطو ومدتػو للقػانوف اعبديػد‬
‫إعماال باؼببدأ الفوري للقانوف ‪.‬‬
‫وكذلك الوصية‪ ،‬فالقوانُت اؼبتعلقة بالوصايا يسري كل منها على الوصايا اليت يبوت اؼبوصػوف هبػا يف‬
‫ظلو‪ ،‬ولو صدرت قبل بدأ العمل بو‪ ،‬وذلك ألف الوصية ال يتم وجودىا القانوين إال دبوت اؼبوصي مصرا‬
‫عليها ‪.‬‬
‫كما هبد اؼببدأ ؾباال واسعا للتطبيق علػى آثػار اؼبراكػز القانونيػة اعباريػة‪ ،‬ففػي ؾبػاؿ األحػواؿ الشخصػية‬
‫مػػثال‪ ،‬يػػؤدي األخػػذ دببػػدأ األثػػر اؼبباشػػر للقػػانوف اعبديػػد إذل تطبيػػق أحكػػاـ ىػػذا األخػػَت علػػى اآلثػػار الػػيت‬
‫ترتب يف ظلو على الزواج أو الطالؽ ولو كاف الزواج أو الطالؽ ذاتو قد ال يف ظل القانوف القدًن ‪.‬‬
‫فاذا ال طالؽ مثال يف ظل قانوف معُت وأنت‪ ،‬بعض آثاره ( كالنفقة واغبضانة ) وفقا ألحكامو‪ ،‬مث صػدر‬
‫قانوف جديد يعدؿ يف ىذه اآلثار فاف ىذا األخَت وبكم مباشرة كل ما يًتتب من آثػار علػى الطػالؽ يف‬

‫‪64‬‬
‫ظلػػو‪ ،‬فػػاذا عػػدؿ القػػانوف اعبديػػد يف أحكػػاـ النفقػػة مػػثال سػػرت ىػػذه األحكػػاـ اعبديػػدة علػػى كػػل نفقػػة‬
‫تستحق للزوجة بعد نفاذ القانوف الذي استحدثها ‪.‬‬
‫‪ -3‬االستثنااات الواردة على مبدأ األثر المباشر (األثر المستمر للقانون القديم)‪:‬‬
‫إذا كػػاف اؼببػػدأ ىػػو تطبيػػق القان ػػوف اعبديػػد بػػأثر مباشػػر‪ ،‬إال أنػػو اسػػتثناء مػػن ىػػذا اؼببػػدأ أف القػػانوف‬
‫القدًن يظل ساريا بالنسػبة للمراكػز العقديػة الػيت تكونػت يف ظلػو وظلػت قائمػة يف ظػل القػانوف اعبديػد ‪.‬‬
‫وعل ػػى ذل ػػك ف ػػاف اآلث ػػار اؼبس ػػتقبلة ؽب ػػذه اؼبراك ػػز تظ ػػل خاض ػػعة للق ػػانوف الق ػػدًن وك ػػذلك ط ػػرؽ انقض ػػائها‬
‫واكبالؽبا‪ ،‬ويف ىذا النطاؽ وبل مبدأ األثر اؼبستمر للقانػوف القدًن ؿبل األثر اؼبباشر للقانوف اعبديد ‪.‬‬
‫ويستند ىذا االستثناء إذل انتفاء اغبكمة من تقرير األثر اؼبباشر للقانوف اعبديد‪ ،‬إذ اغبكمة مػن تقريػر‬
‫األث ػػر اؼبباش ػػر ى ػػي م ػػا يتطلب ػػو النظ ػػاـ يف الدول ػػة م ػػن وح ػػدة الق ػػانوف ال ػػذي يطب ػػق عل ػػى اؼبراك ػػز القانوني ػػة‬
‫اؼبتماثلػػة‪ ،‬وىػػذه اغبكمػػة تنتفػػي بالنسػػبة للمراكػػز العقديػػة‪ ،‬أي العقػػود‪ ،‬إذ ىبتلػػف تنظيمهػػا مػػن مركػػز إذل‬
‫آخر كنتيلة ؼببدأ سلطاف اإلرادة يف ؾباؿ الروابط العقدية ‪.‬‬
‫ولتحدي ػػد اؼبراك ػػز العقدي ػػة‪ ،‬ف ػػاف الفقه ػػاء وعل ػػى رأس ػػهم الفقي ػػو "‪ "Roubier‬يفرق ػػوف ب ػػُت اؼبراك ػػز‬
‫القانونيػة واؼبراكػػز العقديػػة‪ ،‬فيقولػػوف أف المركــز القــانوني ىػػو الػػذي يسػػتقل القػػانوف بتنظيمػػو مباشػػرة نظػرا‬
‫إذل أف أحكامػػو هتػػم الكافػػة‪ ،‬علػػى الػػرغم مػػن أف اؼبركػػز القػػانوين ال ينشػػأ إال بنػػاء علػػى عقػػد مػػن العقػػود‪،‬‬
‫فمثػػل ىػػذا اؼبركػػز يكػػوف موحػػدا بالنسػػبة عبميػػع األف ػراد ومػػن مث تت ػوافر اغبكمػػة مػػن تقريػػر األثػػر اؼبباشػػر‬
‫للقانوف اعبديد‪ ،‬كالزواج واؼبلكية‪ ،‬فهما نظاماف قانونياف موحداف بالنسبة لللميع ‪.‬‬
‫أما المركز العقدي فيقولوف‪ ،‬بأنو يػراد بػو اؼبركػز القػانوين الػذي يػًتؾ القػانوف تنظيمػو إلرادة األفػراد‪،‬‬
‫وذلك نظرا إذل أف أحكامو هتم اؼبتعاقدين دوف غَتىم حيث يؤخذ دببدأ سػلطاف اإلرادة يف إنشػاء العقػد‬
‫أو يف ربديػد آثػاره‪ ،‬فهػذا اؼبركػز زبتلػف أحكامػو وفقػا ؼبػا أراده اؼبتعاقػدين يف تنظيمػو‪ ،‬وتنتفػي فيػو حكمػة‬
‫تطبيػق القػػانوف اعبديػػد بػأثر مباشػػر ومػػن مث هبػب اسػػتمرار تطبيػػق القػانوف القػػدًن علػػى مػا يرتبػػو مػػن آثػػار‪،‬‬
‫وعلى طرؽ اكبػالؿ ىػذا اؼبركػز وفقػا ؼبػا حػدده القػانوف القػدًن حػىت ولػو جػاء القػانوف اعبديػد بقواعػد أمػرة‬
‫تتعلق بالنظاـ العاـ واآلداب العامة ‪.‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬تفسيـر القاعـدة القانـونية‬
‫يقصد بتفسَت القاعدة القانونية الوقوؼ على معناىا وربديد نطاقها حىت يتسٌت إعماؿ حكمها علػى‬
‫ما يعرض من حاالت خاصة ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫والتفسَت هبذا اؼبعٌت متصور بالنسبة لكل القواعد القانونيػة أيػا كػاف مصػدرىا‪ ،‬غػَت أف ذلػك ال يعػٌت‬
‫أف القواعد القانونية تتساوى مػن حيػث حاجتهػا إذل التفسػَت‪ ،‬فػالواقع أف القواعػد التشػريعية تكػوف عػادة‬
‫يف حاجة إذل التفسَت أكثر من غَتىا من القواعد األخرى ‪.‬‬
‫فالقواعػػد التش ػريعية تػػرد عػػادة يف صػػورة م ػواد ـبتصػػرة مػػوجزة مػػا يػػؤدي يف كثػػَت مػػن اغبػػاالت إذل صػػعوبة‬
‫الوقوؼ على معناىا وبالتارل إذل حاجتها للتفسَت ‪.‬‬
‫ولػػذلك فػػاف دراسػػتنا لتفسػػَت القاعػػدة القانونيػػة تنصػػب بصػػفة أساسػػية علػػى تفسػػَت القواعػػد التشػريعية‬
‫فقط ‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬أنـواع التفسيـر‬
‫الفرع األول‪ -‬التفسير التشريعي" ‪"L'interprétation législative‬‬
‫ىو الذي يصدر من السلطة التشريعية اليت سنت أو وضػعت القواعػد القانونيػة وال شػك أف اؼبشػرع‬
‫ىو صاحب اغبق األوؿ يف تفسَت التشريع الذي أصدره ‪.‬‬
‫ويللأ اؼبشرع إذل ىذا التفسَت حُت يثور اػبالؼ بُت ا اكم حوؿ تفسَت قصد اؼبشػرع ‪ ،‬فبػا يػؤدي‬
‫إذل أف تقضػي بعضػػها خالفػا ؼبػػا ىػو مقصػػود مػػن التشػريع وؽبػػذا يتػدخل اؼبشػػرع نفسػو حسػػما للخػػالؼ‪،‬‬
‫فيضػػع ح ػػدا ؼبػػا يبك ػػن أف يثػػور بالنس ػػبة للوقػػوؼ عل ػػى حقيقػػة قص ػػده‪ ،‬وذلػػك ع ػػن طريػػق وض ػػع تش ػريع‬
‫تفسَتي‪ ،‬يفسر بو التشريع الذي سبق لو إصداره‪.‬‬
‫واألصل أف التفسَت التشريعي يصدر من السػلطة الػيت وضػعت التشػريع الػذي وبتػاج إذل تفسػَت ‪ .‬غػَت‬
‫أف ذلػػك ال يبنػػع مػػن أف يصػػدر التفسػػَت التش ػريعي بطريػػق التفػػويض مػػن سػػلطة أخػػرى غػػَت السػػلطة الػػيت‬
‫أصػػدرت التش ػريع اؼب ػراد تفسػػَته ‪ .‬ويتميػػز التفسػػَت التش ػريعي بكونػػو ملزمػػا للقضػػاء وكافػػة اؽبي ػػات اؼبكلفػػة‬
‫بتطبيق القانوف وتنفيذه ‪.‬‬
‫واألصػػل أنػػو ال هبػػوز للتش ػريع اؼبفسػػر أف يتضػػمن تعػػديال أو إضػػافة للتش ػريع ؿبػػل التفسػػَت ‪ .‬وىػػو‬
‫لػػذلك يعتػػرب أنػػو قػػد صػػدر مػػن وقػػت صػػدور التش ػريع ؿبػػل التفسػػَت ويطبػػق بالتػػارل علػػى كاف ػػة التصػػرفات‬
‫والوقػػائع الػػيت ربػػدث يف الفػػًتة بػػُت صػػدور التشػريعُت طاؼبػػا أنػػو دل يكػػن قػػد صػػدر بشػػأف تلػػك التصرفػػات‬
‫والوقائع حكم لائي ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫وإذا كػاف التفسػَت التشػريعي ىػػو أىػم أنػواع التفسػَت للقػػانوف يف اعبماعػات القديبػة إال أنػو يف الوقػػت‬
‫اؼبعاصر دل يعد لػو ىػذه اؼبكانػة‪ ،‬بسػبب انتشػار مبػدأ الفصػل بػُت السػلطات واقتصػار اؼبشػرع علػى فػرض‬
‫القواعد القانونية واإللزاـ هبا تاركا للقضاء مهمة تفسَتىا وتطبيقها على فروض العمل اؼبختلفة ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬التفسير الق ائي "‪:" L'interprétation judiciaire‬‬
‫التفسَت القضائي ىو التفسَت الذي يقوـ بو القاضي دبناسبة تطبيق القاعدة القانونية على ما يعرض‬
‫أمامو من نزاعات ‪ .‬فالتفسَت عند القضاء ليس غاية يف ذاتو‪ ،‬بل ىػو وسػيلة يسػتخدمها بقصػد الفصػل‬
‫يف اؼبنازعات‪ ،‬وبناء على ذلك فال يبكن أف يطلب من القاضػي تفسػَت نػص قػانوين اسػتقالال عػن وجػود‬
‫نزاع معروض عليو ‪.‬‬
‫ويالحظ أف التفسَت القضائي ال يعد ملزمػا إال يف حػدود النػزاع الػذي يسػتلزـ ىػذا التفسػَت‪ ،‬فهػو غػَت‬
‫ملزـ بالنسبة للمحكمة نفسها اليت صدر عنها التفسَت يف نزاع مسػتقل فباثػل‪ ،‬وغػَت ملػزـ بالنسػبة لغَتىػا‬
‫من ا اكم‪ ،‬بل أنو إذا استقرت ا اكم على تفسَت معُت‪ ،‬فاف ىذا التفسَت ال يلزـ ا اكم األخرى ‪.‬‬
‫وال يسػػتثٌت مػػن ذلػػك إال اغبالػػة الػػيت تػػنقض فيهػػا ا كمػػة العليػػا حكػػم مػػن األحكػػاـ ػبطػػأ يف تطبيػػق‬
‫القػػانوف وربيػػل القضػػية إذل دائػػرة أخػػرى يف ا كمػػة الػػيت أصػػدرت اغبكػػم األوؿ لػػتحكم فيػػو مػػن جديػػد‪،‬‬
‫ففي ىذه اغبالة تلتزـ الدائرة اعبديدة باتباع حكم ا كمة العليا واألخذ بتفسَتىا ‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬التفسير الفقهي‪:" L'interprétation doctrinale ":‬‬
‫التفسَت الفقهي ىو التفسَت الذي يقوـ بو فقهاء القانوف يف شروحهم ومؤلفاهتم‪.‬‬
‫ويغلػػب علػػى ىػػذا التفسػػَت الطػػابع النظػػري – مقارنػػة مػػع التفسػػَت القضػػائي الػػذي يغلػػب عليػػو الطػػابع‬
‫العملي – حيث تقتصر مهمة الفقيو على استخالص حكم القانوف ؾبردا من الظروؼ الواقعية ‪.‬‬
‫ولكػػن الفقػػو أخػػذ منػػذ أواخػػر القػػرف اؼباضػػي يتلػػو يف تفسػػَته وجهػػة عمليػػة بدراسػػتو ألحكػػاـ ا ػػاكم‬
‫ومراجعة تطبيقها للقواعد القانونية على ما يعرض من حاالت واقعية ‪.‬‬
‫وإذا ك ػػاف التفس ػػَت الفقه ػػي غ ػػَت مل ػػزـ للقاض ػػي فه ػػذا ال يع ػػٍت أف ب ػػُت الفق ػػو والقض ػػاء انفص ػػاؿ ت ػػاـ‪،‬‬
‫فالتعػػاوف بينهمػػا أمػػر مسػػلم بػػو‪ ،‬فغالبػػا مػػا يسػػتعُت القاضػػي يف تفسػػَته للقػػانوف ب ػ راء الفقهػػاء‪ ،‬كمػػا أف‬
‫الفقهاء يدخلوف يف اعتبارىم عند تفسَتىم للقانوف ما تتلو إليو أحكاـ ا اكم ‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫ىذا ويالحظ أف الفقو عند قيامو بالتفسَت ال يقتصر دوره على ؾبػرد الشػرح والتوضػيح وإمبػا يبتػد دوره‬
‫إذل أبعد من ذلك عن طريق اقػًتاح اغبلػوؿ الػيت يراىػا مناسػبة لسػد أي نقػص أو قصػور يػراه يف التشػريع‪،‬‬
‫وىو بذلك‪ ،‬وبرغم انعداـ القوة اؼبلزمة لتفسَته‪ ،‬يساىم يف خلق القوانُت اعبديدة اليت يصدرىا اؼبشرع ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المدارس المختلفة في التفسير ‪:‬‬
‫أسهم الفقو كعادتو يف تػذليل الصػعاب للقضػاء بغػرض الكشػف عػن أسػرار النصػوص و خفاياىػا‪.‬‬
‫وذبسد عطػاؤه يف مػدارس ثػالث كانػت لكػل واحػدة نظرهتػا اػباصػة بشػأف تفسػَت النصػوص ‪ .‬نسػتعرض‬
‫مضموف كل نظرية فيما يأ ‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مدرسة(الشرا على المتون)" ‪" école de l'exégèse‬‬
‫ويطلق عليها اسم آخر ( مدرسة االزام بالنصوص )‪ ،‬يرى أصػحاب ىػذه النظريػة أف دور اؼبفسػر‬
‫هبب أال يتلاوز النص إذ يلزـ فقػط بالكشػف عػن نيػة اؼبشػرع و مقصػده سػاعة وضػع الػنص‪ .‬وظهػرت‬
‫ىػػذه النظريػػة يف فرنسػػا علػػى إثػػر صػػدور التقنينػػات الفرنسػػية يف القػػرف اؿ‪ 19‬وانبهػػار الكثػػَت مػػن الفقهػػاء‬
‫واعتقػادىم ألػا قػد أحاطػت بكػل شػػيء‪ ،‬فبػا أثػر علػى مسػلك الػػذين انصػب اىتمػامهم علػى شػرح تلػػك‬
‫التقنينات النص تلو النص وفق الًتتيب الذي وردت بو ولذلك ظبيت ىػذه اؼبدرسػة دبدرسػة الشػرح علػى‬
‫اؼبتوف ‪.‬‬
‫ويلتػػزـ فقهػػاء تلػػك اؼبدرسػػة النصػػوص بقصػػد البحػػث عػػن إرادة اؼبشػػرع حيػػث ألػػم يعتػػربوف التش ػريع‬
‫اؼبصػػدر الوحيػػد للقػػانوف‪ ،‬ولػػذلك فػػاف مهمػػة الفقيػػو والقاضػػي يف التفسػػَت تنحصػػر يف الكشػػف عػػن إرادة‬
‫اؼبشرع وقت وضع النص ‪.‬‬
‫ف ػػاذا وج ػػد ال ػػنص تع ػػُت البح ػػث ع ػػن اإلرادة اغبقيقي ػػة للمش ػػرع‪ ،‬وي ػػتم ذل ػػك ع ػػن طري ػػق مع ػػاين ال ػػنص‬
‫وألفاظػػو‪ ،‬وإذا كػػاف الػػنص غامضػػا وجػػب اسػػتلالء ىػػذه اإلرادة بتقريػػب النصػػوص بعضػػها مػػن الػػبعض‬
‫اآلخر‪ ،‬وكذلك االستعانة باألعماؿ التحضَتية للنص ومصادره التارىبية ‪.‬‬
‫أمػػا إذا دل يوجػػد نػػص غبالػػة معينػػة تعػػُت البحػػث عػػن اإلرادة اؼبفًتضػػة للمشػػرع فيمػػا يتعلػػق هبػػذه اغبالػػة‬
‫وقػت وضػػع التشػريع‪ ،‬أي اإلرادة الػػيت يفػػًتض أف اؼبشػػرع كػػاف يعػرب عنهػػا لػػو عػػرض لتلػػك اغبالػػة‪ ،‬ويكػػوف‬
‫ذلك باستعماؿ القياس وباالستنتاج من باب أورل وباالستنتاج دبفهوـ اؼبخالفة ‪.‬‬
‫ويالحػػظ أف مػػنه‪ ،‬ىػػذه اؼبدرسػػة يف التفسػػَت يبنػػع ربكػػم القضػػاة‪ ،‬حيػػث يقتصػػر دورىػػم علػػى البحػػث‬
‫عن إرادة اؼبشرع اغبقيقية أو اؼبفًتضة ‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫غَت أف ىذه النظرية تعرضت لالنتقادات من اعبوانب اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬ى ػػذه اؼبدرس ػػة تعت ػػرب التش ػريع اؼبص ػػدر الوحي ػػد للق ػػانوف وإنكارى ػػا تبع ػػا ل ػػذلك‪ ،‬تع ػػدد مص ػػادر الق ػػانوف‬
‫الوضػػعي‪ ،‬وىػػذا يف الواقػػع ال يوجػػد مػػن يقػػوؿ بػػو اآلف‪ ،‬ولػػذلك قيػػل حبػػق أف مدرسػػة الشػػرح علػػى اؼبتػػوف‬
‫تعترب من ىذه الناحية مهلورة سباما‪.‬‬
‫‪ -‬نظػػرة ىػػذه اؼبدرسػػة للتفسػػَت تػػؤدي إذل صبػػود القػػانوف وربػػوؿ بينػػو وبػػُت التطػػور لكػػي يػػتالءـ مػػع تغيػػَت‬
‫الظػروؼ يف ا تمػػع‪ ،‬فحصػػر التفسػػَت يف نطػػاؽ إرادة اؼبشػػرع وقػت وضػػع الػػنص حػػىت ولػػو تغػػَتت ظػػروؼ‬
‫ا تمع وقت تطبيقو يؤدي إذل صبود القانوف وعرقلة تطوره ‪.‬‬
‫‪ -‬اعتمػػاد ىػػذه النظريػػة فكػػرة اإلرادة اؼبفًتضػػة للمشػػرع ‪ ،‬أدى إذل أف الفقهػػاء ينسػػبوف إذل اؼبشػػرع إرادة‬
‫مفتعلػػة يف األمػػور الػػيت يصػػعب معهػػا الكشػػف عػػن اإلرادة اغبقيقيػػة للمشػػرع يف وقػػت بعيػػد رغػػم تغ ػػَت‬
‫الظروؼ االجتماعية ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المدرسة التاريخية أو (االجتماعية)" ‪"L'école historique ou sociologique‬‬
‫ظهرت ىذه اؼبدرسة يف أؼبانيا‪ ،‬ويعد الفقيو ساقيني رائدىا‪ ،‬وفقػو ىػذه النظريػة اؼبدرسػة يف التفسػَت‬
‫يرتبط بأساس نظرهتا إذل القانوف ‪.‬‬
‫فالقانوف يف نظر ىذه اؼبدرسػة لػيس ؾبػرد تعبػَت عػن إرادة الدولػة وإمبػا وليػد حاجػات ا تمػع‪ ،‬كمػا أنػو‬
‫يتطور بتطور ظروؼ ا تمع‪ ،‬لذا فاف تفسَته هبب أف يرتبط بتغَت ىذه الظروؼ ‪.‬‬
‫لذلك فػاف اؼبفسػر عنػد قيامػو بالتفسػَت ‪ -‬وفقػا ألنصػار ىػذه اؼبدرسػة ‪ -‬ال يتلػو إذل البحػث عػن نيػة‬
‫اؼبشرع عند وضع النص‪ ،‬ولكن إذل التعرؼ على ىذه النيػة لػو أف اؼبشػرع وضػع الػنص يف ضػوء الظػروؼ‬
‫اغباضرة وقت التفسَت ‪.‬‬
‫إال أف ىذه اؼبدرسة دل تسلم من سهاـ النقد‪ ،‬فقد أخذ عليها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬ألػا تػؤدي إذل اإلخػالؿ دببػػدأ الفصػل بػُت السػلطات‪ ،‬حيػػث يػؤدي مػذىبها يف التفسػَت إذل االعػًتاؼ‬
‫حبػق القاضػػي يف تعػػديل النصػػوص التشػريعية أو تغيَتىػػا وإحػػالؿ قواعػػد جديػدة ؿبلهػػا‪ ،‬األمػػر الػػذي ىبػػرج‬
‫عن وظيفة القضاء ‪.‬‬
‫‪ -‬أخػػذ علػػى ىػػذه اؼبدرسػػة أيضػػا ألػػا سبكػػن اؼبفسػػر مػػن اإلدالء برأيػػو الشخصػػي وفقػػا لنظرتػػو إذل ظػػروؼ‬
‫ا تمػػع مػػع نسػػبة ىػػذا الػرأي إذل اؼبشػػرع فبػػا يػػؤدي إذل فقػػداف القػػانوف مػػا هبػػب أف يتػوافر لػػو مػػن الثبػػات‬
‫والتحديد الالزـ الستقرار اؼبعامالت ‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫الفرع الثالـث‪ :‬المدرسـة العلميـة أو مدرسـة البحـث العلمـي الحـر " ‪L'école scientifique ou‬‬
‫‪recherche scientifique"de la libre‬‬
‫تنسػػب ىػػذه اؼبدرسػػة إذل الفقيػػو الفرنسػػي فرانســوا جينــي ‪ ،‬وجػػاءت كاذبػػاه وسػػط بػػُت اؼبدرسػػتُت‬
‫السػابقتُت ‪ .‬فنظػرة ىػذه اؼبدرسػة يف التفسػَت تقػوـ علػى أسػاس البحػث عػن إرادة اؼبشػرع مػع عػدـ إغفػػاؿ‬
‫العوامل اؼبختلفة اليت تساىم يف تكوين القاعدة القانونية ‪.‬‬
‫فاؼبدرسة العلمية تتفق مع مدرسة الشرح على اؼبتوف يف أف تفسَت التشريع هبب أف يتم على أساس‬
‫إرادة اؼبشػػرع اغبقيقيػػة عنػػد وضػػع الػػنص‪ ،‬أمػػا إذا دل يوجػػد نػػص يف التش ػريع للحالػػة اؼبعروضػػة‪ ،‬فػػال هبػػوز‬
‫البحث عن اإلرادة اؼبفًتضة للمشرع – كما ذىبت مدرسة الشرح على اؼبتوف – بػل ينبغػي التسػليم بػأف‬
‫التشريع ال يتضمن حال ؽبذه اغبالة ‪.‬‬
‫ويتعػػُت البح ػث يف اؼبصػػادر الرظبيػػة األخػػرى للقاعػػدة القانونيػػة ‪ ،‬فػػاف دل هبػػد اؼبفسػػر قاعػػدة غبكػػم‬
‫اغبالػػة اؼبعروض ػػة علي ػػو يف اؼبص ػػادر األخ ػػرى‪ ،‬ف ػػال يبقػػى إال إتب ػػاع البح ػػث العلم ػػي اغب ػػر‪ ،‬ويقص ػػد ب ػػذلك‬
‫الرجوع إذل جوىر القانوف‪ ،‬أي اؼبادة األولية اليت يتكوف منها دبا تشتمل عليو من حقائق طبيعية وتارىبية‬
‫وعقليػة ومثاليػة‪ ،‬وبػػذلك يػتمكن القاضػػي مػن العثػػور علػى حػػل للنػزاع اؼبعػػروض عليػو ‪ ،‬وقػػد تفػادت ىػػذه‬
‫اؼبدرسة االنتقادات الفقهية ‪.‬‬
‫ويشيد الفقو بسالمة األساس الذي تقوـ عليو اؼبدرسة العلمية‪ .‬وقد اعتمدىا اؼبشرع اعبزائري ‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬وسائـل تفسيـر القانـون‬
‫عنػدما يعػرض النػزاع علػى القاضػي يتعػُت عليػو أف يبحػػث عػن حػل ؽبػذا النػزاع يف التشػريع قبػل غػػَته‬
‫مػػن اؼبصػػادر‪ ،‬ومػػىت وجػػد للحالػػة اؼبعروضػػة نصػػا يواجههػػا فقػػد يكػػوف ىػػذا الػػنص سػػليما خاليػػا مػػن كػػل‬
‫عيب‪ ،‬وقد يكوف معيبا وبتاج الوقوؼ على معناه إذل بذؿ اعبهد إلصالح ما بو من عيوب ‪.‬‬
‫ول ػػذلك يتع ػػُت يف ش ػػأف دراس ػػة وس ػػائل التفس ػػَت أف مبي ػػز ب ػػُت حال ػػة ال ػػنص الس ػػليم ( ط ػػرؽ التفس ػػَت‬
‫الداخلية) وحالة النص اؼبعيب (طرؽ التفسَت اػبارجية ) ‪.‬‬
‫الفرع األول‪:‬حالة النص السليم( طرؽ التفسَت الداخلية)‪:‬‬
‫مىت كاف النص سليما‪ ،‬أي ال عيب فيو فاف دور القاضي يقتصر علػى اسػتخالص معػٌت الػنص مػن‬
‫ألفاظو‪ ،‬وعباراتو‪ ،‬أو فبا يشَت إليو عن طريق داللتو‪ ،‬أي من فحواه وروحو ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫وىنػػا نسػػتعمل طػػرؽ التفســير الداخليــة الػػيت يقصػػد هبػػا الوسػػائل الػػيت يللػػأ إليهػػا القاضػػي لتفسػػَت الػػنص‬
‫التشػريعي حبيػػث وبلػػل الػػنص ذاتػػو ربلػػيال منطقيػػا‪ ،‬ويسػػتنت‪ ،‬مػػن عباراتػػو وألفاظػػو اغبكػػم الواجػػب التطبيػػق‬
‫بصفة مباشرة أي بدوف االلتلاء إذل وسيلة خارجية عن ذات النص التشريعي ‪.‬‬
‫‪ -‬وأىػػم طــرق التفســير الداخليــة‪ :‬طريقػػة القيػػاس‪ ،‬وطريقػػة االسػػتنتاج مػػن بػػاب أوذل وطريقػػة االسػػتنتاج‬
‫دبفهوـ اؼبخالفة‪.‬‬
‫‪ -1‬االستنتاج بطريقة القياس‪:‬‬
‫يللػػأ القاضػػي للقيػػاس يف حالػػة نقػػص التشػريع عػػادة‪ ،‬أي عنػػدما تعػػرض عليػػو حالػػة دل يػػرد بشػػألا‬
‫نػػص خػػاص يف التش ػريع فيطبػػق عليهػػا نػػص تش ػريعيا مقػػررا غبكػػم حالػػة أخػػرى إذا مػػا وجػػد أف اغبػػالتُت‬
‫متشاهبتاف سباما وألما متحدتاف يف السبب‪ ،‬أي العلة ‪.‬‬
‫ومثاؿ ذلك اغبديث النبوي الشريف الذي يقوؿ ( من يقتل مورثو ال يرثـو ) وىػو حكػم شػرعي قيسػت‬
‫عليو حالة اؼبوصى لو الذي يقتل اؼبوصي ليتعلل اغبصوؿ على الوصية وحرـ من حقو يف الوصية كمبػدأ‬
‫عاـ يف الشريعة اإلسالمية وذلك للتشابو التاـ بُت اغبالتُت واربادنبا يف العلة ‪.‬‬
‫‪ -2‬االستنتاج من باب أولى‪:‬‬
‫وىػػو نػػوع آخػػر مػػن القيػػاس‪ ،‬حيػػث يللػػأ القاضػػي ؽبػػذه الطريقػػة فيطبػػق حكمػػا واردا بشػػأف حالػػة‬
‫معينة‪ ،‬يطبقو على حالة أخرى دل يرد بشألا نص‪ ،‬ألف العلة يف اغبالة األخَتة أكثر توافرا منها يف اغبالة‬
‫األوذل الوارد بشألا النص‪.‬‬
‫ومثاؿ ذلك اآلية الكريبة اليت تأمر حبسن معاملة الوالدين (وال تقل لهما أف وال تنهرىمـا) نسػتطيع أف‬
‫نستنت‪ ،‬منها ألا ذبرـ ضرب األب أو األـ من باب أوذل ألف اإلساءة بالضرب تكوف أكرب وأوفر ‪.‬‬
‫‪ -3‬االستنتاج بمفهوم المخالفة‪:‬‬
‫يللأ القاضي ؽبذه الطريقة لتطبيق عكس اغبكم الوارد بشأف حالة معينة‪ ،‬يطبقو على حالة أخرى‬
‫دل يػػرد بشػػألا نػػص إذا كانػػت عكػػس اغبال ػة األوذل سبامػػا ‪ .‬وبعبػػارة أخػػرى فهػػذه الطريقػػة عكػػس طريقػػة‬
‫القياس سباما ‪.‬‬
‫ومثاؿ ذلك نص القانوف اؼبدين على أنو ( في حالة ىـالك المبيـع قبـل التسـليم يفسـخ البيـع ويسـترد‬
‫المشتري الثمن ) ‪ .‬ودبفهوـ اؼبخالفة ؽبذه القاعدة القانونية نقوؿ أنو يف حالة ىالؾ اؼببيع بعػد التسػليم‬
‫ال فس وال يسًتد اؼبشًتي الثمن ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫وىذه الطرؽ الثالث للتفسَت الداخلي ال يللأ إليها القاضػي إال يف حالػة نقػص التشػريع أو سػكوتو عػن‬
‫إيراد نص وبكم العالقة اؼبعروضة على القاضي اؼبدين باعتبارىا موضوع النزاع اؼبطروح أماـ ا كمة ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حالة النص المعيب ( طرق التفسير الخارجية )‪:‬‬
‫وتشمل الوسائل اػبارجية اليت يللأ إليها القاضػي‪ ،‬أي الوثػائق أو الػدالئل الػيت يسػتعُت هبػا القضػاة‬
‫لتفسػػَت النصػػوص التش ػريعية وبيػػاف معناىػػا ومضػػمولا كلمػػا كانػػت تلػػك الوسػػائل أو الوثػػائق أو الػػدالئل‬
‫خارجة عن النص ذاتو ‪.‬‬
‫وطرؽ التفسير الخارجية تتمثل يف ‪:‬‬
‫أوال) الرجوع إلى حكمة التشريع والغاية منو‪:‬‬
‫وذلػػك الف الػػنص التش ػريعي مػػا ىػػو إال وسػػيلة لتحقيػػق غايػػة معينػػة‪ ،‬وتعػػد ىػػذه الغايػػة ىػػي الػػدافع‬
‫الػػذي دفػػع اؼبشػػرع لوضػػع اغبكػػم الػػذي تتضػػمنو القاعػػدة القانونيػػة ‪ ،‬وبعبػػارة أخػػرى ربديػػد اؼبصػػلحة الػػيت‬
‫قصػػد اؼبشػػرع ربقيقهػػا أو اؼبفسػػدة الػػيت قصػػد اؼبشػػرع دفعهػػا وؽبػػذا فمعػػٌت الػػنص ال يتحػػدد إال علػػى ضػػوء‬
‫الغاية اليت يرمي إذل ربقيقها‪.‬‬
‫ثانيا) الرجوع إلى األعمال التح يرية ‪:‬‬
‫وىػػي ؾبموعػػة الوثػػائق الػػيت تبػػُت اؼبراحػػل الػػيت مػػر هبػػا الػػنص عنػػد وضػػعو‪ ،‬وتتمثػػل ىػػذه الوثػػائق‪ ،‬يف‬
‫مش ػػروع ال ػػنص واؼبناقش ػػات ال ػػيت دارت حول ػػو يف اللل ػػاف الفني ػػة اؼبختص ػػة ال ػػيت قام ػػت بوض ػػعو وا ػػالس‬
‫التش ػريعية ال ػػيت تول ػػت إق ػراره‪ ،‬كم ػػا تش ػػمل اؼب ػػذكرة اإليضػػاحية ال ػػيت تتض ػػمن تعليق ػػا عل ػػى مش ػػروع ال ػػنص‬
‫فتوضح معناه واغبكمة اؼبقصودة منو‪ ،‬وىذه الوثائق كلها تعتػرب معينػا للمفسػر يف الوصػوؿ إذل فهػم معػٌت‬
‫النص ‪.‬‬
‫ولكػػن يالحػػظ أف األعمػػاؿ التحضػػَتية للقػػانوف‪ ،‬ال تلػػزـ اؼبفسػػر وال القاضػػي أيضػػا أللػػا ليسػػت جػػزء‬
‫من التشريع‪ ،‬ومػن مث هبػب مراعػاة اغبػذر يف االعتمػاد عليهػا والسػبب يف ذلػك يرجػع إذل أف واضػعها قػد‬
‫ىبط ػػي يف فه ػػم ال ػػنص‪ ،‬وبالت ػػارل سيض ػػمنها أراء ال تتف ػػق م ػػع حقيق ػػة اغبك ػػم اؼبنص ػػوص علي ػػو‪ ،‬كم ػػا أف‬
‫األعماؿ التحضَتية قد تصبح غػَت معػربة عػن معػٌت الػنص‪ ،‬وذلػك بسػبب التعػديالت الػيت قػد تطػرأ علػى‬
‫بعض النصوص ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫ثالثا) الرجوع إلى المصادر التاريخية‪:‬‬
‫ويقصػػد هبػػا‪ ،‬األصػػل التػػارىبي الػػذي اسػػتمد منػػو اؼبشػػرع اغبكػػم اؼبنصػػوص عليػػو‪ ،‬وىػػذا اؼبصػػدر قػػد‬
‫يكػػوف قػػانوف دولػػة أجنبيػػة أو قضػػاؤىا أو فقههػػا‪ ،‬وقػػد يكػػوف اؼبصػػدر التػػارىبي عبػػارة عػػن قػػانوف الدولػػة‬
‫القدًن أو قضاؤىا أو فقهها فالرجوع إذل اؼبصدر التارىبي كثي ػ ػرا ما يساعد اؼبفسػر على فه ػم معػٌت الػنص‬
‫‪ .‬كػأف يكػػوف الػنص مأخػػوذ مػن التشريػػع الفرنسػػي أو التشػريع اؼبصػري ‪ ،‬أو كمػػا ىػي اغبػاؿ يف نصػ ػػوص‬
‫قانوف األسرة اليت اشتقت معظمها من أحكاـ الشريعة اإلسالمية ‪،‬إذ يتعُت على القاضي يف ىذه اغبالػة‬
‫أف يعود إذل ىذه اؼبصادر التارىبية ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫خاتمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪:‬‬

‫ال شك يف أف ا تم ػع الذي زبلػ ػ ػو رب ػ ػوعو من ظ ػالؿ القانػ ػوف سي ػكػ ػوف دبنزلػ ػة غابػ ػة يأكل القػ ػوي‬
‫فيػ ػها الضعي ػ ػف‪ ،‬فتتعثر مسي ػ ػرة اغبيػ ػ ػ ػاة‪ ،‬ويطغى االضطراب وعدـ الت ػ ػ ػ ػ ػوازف فيها ‪.‬ودراستنا للمدخل إذل‬
‫علم القان ػ ػ ػ ػوف‪ ،‬إمبا ىي دراسة سبهيػ ػ ػ ػدية ‪ ،‬وشرح للمبػ ػ ػ ػادئ العامػ ػة اؼبشًتك ػة يف العلػ ػ ػوـ القان ػ ػ ػونية لكي‬
‫نسهل لطالب العلم معرف ػ ػة القانػوف‪ ،‬وفهمو‪ ،‬ونساعدىم على استيعاب األحكاـ ‪ ،‬واؼببادئ العامة اليت‬
‫تستند إليها القوانُت بكافة فروعها‪.‬‬
‫فالقانوف بكل فرع من فروعو وبفظ حقوقًا متع ّددة لألفراد والدولة ووبميها ‪ ،‬وىو يرمي إذل تنظيم‬
‫تنظيما من شأنػ ػ ػو العم ػ ػل على ربقي ػ ػق اػبي ػر العػ ػاـ لألف ػ ػراد كاف ػ ػة ‪ ،‬ويعمل على صيان ػ ػة اغبري ػات‬
‫ا تمع ً‬
‫لألفراد ومصاغبهم اػباصة‪ ،‬فالقانوف أمر البد منو‪ ،‬وال يتسٌت تمع من ا تمعات مهما كانت درجة‬
‫ثقافتو أف يتملص لائيًا من وضع قواعد يبكنو من خالؽبا تسيَت أموره‪.‬‬
‫وىكذا نتمٌت أف تكوف ىذه اؼبطبوعة مرجعا يعتمد عليو أبناءنا الطلبة ولو باعطاء ة وجيزة عن‬
‫علم القانػػوف ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫أوال) المصادر (القوانين ) ‪:‬‬


‫‪ -‬اؼبادة ‪ 46‬الدستور اعبزائري ‪.1996‬‬
‫‪ -‬اؼبادة ‪ 109‬من الدستور اعبزائري ‪. 1996‬‬
‫‪ -‬اؼبادة ‪ 110‬من الدستور اعبزائري ‪.1996‬‬
‫‪ -‬اؼبادة ‪ 119‬اؼبعدلة يف ‪ 2008‬يف الدستور اعبزائري لسنة ‪1996‬ـ‪.‬‬
‫‪ -‬اؼبادة ‪ 120‬من دستور ‪1996‬ـ ‪.‬‬
‫‪ -‬اؼبادة ‪125‬من دستور ‪1996‬ـ‬
‫‪ -‬اؼبادة ‪ 127‬من دستور‪1996‬ـ ‪.‬‬
‫‪ -‬اؼبادة ‪ 02‬من قانوف العقوبات اعبزائري ‪.‬‬
‫‪ -‬اؼبادة ‪ 05‬من قانوف العقوبات اعبزائري ‪( ،‬القانوف رقم ‪ 23/06‬اؼبؤرخ يف ‪ 20‬ديسمرب ‪.)2006‬‬
‫‪ -‬قانوف األسرة اعبزائػري رقػم ‪ 11-84‬اؼبػؤرخ يف ‪ 09‬جػواف ‪ .1984‬اعبزائػر‪ ،‬اعبريػدة الرظبيػة الصػادرة‬
‫يف ‪12‬جواف ‪1984‬ـ ‪.‬‬
‫‪ -‬اؼبادة ‪ 2‬من القانوف اؼبدين اعبزائري ‪.‬‬
‫‪ -‬اؼبادة ‪ 4‬من القانوف اؼبدين اعبزائري ‪.‬‬
‫‪ -‬اؼبادة ‪ 308‬و اؼبادة ‪ 827‬و اؼبادة ‪ 1002‬من القانوف اؼبدين اعبزائري ‪.‬‬
‫‪ -‬اؼبادة ‪ 1064‬من القانوف رقػم ‪ 09-08‬اؼبػؤرخ يف ‪ 25‬فيفػري ‪ 2008‬اؼبتضػمن قػانوف اإلجػراءات‬
‫اؼبدنية واإلدارية ‪.‬‬

‫ثانيا) المراجع ‪:‬‬


‫‪ -‬اؼبنلد يف اللغة و األعالـ ‪ .‬ط‪. 28‬بَتوت‪ :‬دار اؼبشرؽ‪.‬عاـ ‪1986‬ـ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫‪ -‬اسحق إبراىيم منصور ‪ .‬نظريتا القانون و الحق و تطبيقاتهما في القوانين الجزائرية ‪،‬اعبزائر ‪:‬‬
‫ديواف اؼبطبوعات اعبزائرية ‪.1992،‬‬
‫‪ -‬حبيػػب إبػراىيم اػبليلػػي‪ .‬المــدخل للعلــوم القانونيــة (النظريػػة العامػػة للقػػانوف)‪ ،‬ط‪ ،3‬اعبزائػػر‪ :‬ديػواف‬
‫اؼبطبوعات اعبامعية‪1992 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -‬حبيب إبراىيم اػبليلي‪ .‬المدخل للعلوم القانونية (النظرية العامة للقانوف)‪ ،‬اعبزائر‪ :‬بن عكنوف‪،‬‬
‫ديواف اؼبطبوعات اعبامعية‪. 1998،‬‬
‫‪ -‬حسُت الصغَت‪ .‬النظرية العامة للقانون ببعديها الغربي والشرعي ( دراسة مقارنة )‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫اعبزائر‪،‬دار ا مدية‪ 2001 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -‬خليل أضبد حسن قدادة‪ .‬شرا النظرية العامة للقانون في القانون الجزائري‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬بن عكنوف‪:‬‬
‫ديواف اؼبطبوعات اعبامعية ‪.2002،‬‬
‫‪ -‬خالد الزعد ومنذر الفضل‪ .‬المدخل إلى علم القانون ‪،‬األردف‪ :‬عماف‪ ،‬مكتبة دار الثقافة للنشر‬
‫والتوزيع‪.1998 ،‬‬
‫‪ -‬رمضاف أبو السعود‪ .‬الوسيط فـي شـرا مقدمـة القـانون المـدني (القاعػدة القانونيػة)‪ ،‬بػَتوت‪ :‬الػدار‬
‫اعبامعية‪1982 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -‬عباس الصراؼ وجورج حزبوف‪ .‬المدخل إلى علم القانون‪ ،‬ط‪،1‬عماف ‪ :‬دار الثقافػة للنشػر والتوزيػع‬
‫‪2003،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -‬عمار بوضياؼ‪ .‬المدخل للعلوم القانونية ‪'.‬النظرية العامة للقانوف و تطبيقاهتا يف التشريع اعبزائري'‪.‬‬
‫ط‪ ، 2‬اعبزائر‪ :‬دار روبانة للكتاب (جسور) للنشر والتوزيع‪2000 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -‬عمار بوضياؼ ‪ .‬الوسيط في النظرية العامة للقانون مع تطبيقات لتشريعات عربية ‪ .‬ط‪،1‬عماف‬
‫‪ :‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪2010 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -‬عبد القادر الفار‪ .‬المدخل لدراسة العلوم القانونية‪ "،‬مبادىا القانون – النظرية العامة‬
‫للحق"‪،‬ط‪ ،1‬عماف‪ :‬دار الثقافة للنشر و التوزيع ‪1993،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -‬ؿبمد حسنُت‪ .‬الوجيز في نظرية القانون ‪ ،‬اعبزائر‪ :‬اؼبؤسسة الوطنية للكتاب‪1986 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -‬ؿبمػػد سػػعيد جعفػػور‪ .‬مــدخل إلــى العلــوم القانونيــة (الػػوجيز يف نظريػػة القػػانوف )‪ .‬ط‪.3‬اعبزائػػر‪ :‬دار‬
‫ىومة ‪1998‬ـ‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ -‬ؿبفوظ لعشب‪ .‬المبادل العامة للقانون المدني ‪ ،‬اعبزائر‪ :‬ديواف اؼبطبوعات اعبامعية ‪.1992 ،‬‬
‫‪ -‬نادية فضيل‪ .‬دروس في المدخل للعلوم القانونية ( النظرية العامة للقانوف يف القانوف اعبزائري ) ‪،‬‬
‫بن عكنوف‪ :‬ديواف اؼبطبوعات اعبامعية ‪.1999،‬‬
‫‪ -‬توفيق حسن فرج ‪ .‬المدخل للعلوم القانونية ‪ .‬ط‪ ، 1‬بَتوت ‪ :‬الدار اعبامعية ‪.1988،‬‬

‫‪77‬‬
‫الف ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرس‬

‫مقدم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ‪2 .......................................................................................‬‬


‫الفصــل األول ‪ :‬تعريف القانـون وتحديـد نطــاقو ‪3 .......................................................‬‬
‫المبحث األول ‪:‬التعــريـف بالقـانــون ‪3 ..................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم القانون ومعانيو ‪3................................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أصل كلمة قانون‪3........................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬معنى القانون ‪4 ..........................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬القانون والحق ‪5 ........................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص القاعدة القانونية‪5 ............................................................‬‬
‫الفرع األول‪:‬القاعدة القانونية قاعدة ذات طابع اجتماعي‪6 ..............................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬القاعدة القانونية قاعدة سلوك‪6............................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬القاعدة القانونية قاعدة عامة ومجردة ‪7...................................................‬‬
‫الفرع الرابع‪:‬القاعدة القانونية قاعدة ملزمة‪9.............................................................‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬استمرار القاعدة القانونية ‪10...........................................................‬‬
‫المبحث الثــاني ‪ :‬التمييز بين القواعد القانونية والقواعد االجتماعية األخرى‪11 ...........................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬القاعدة القانونية وقواعد الدين ‪11......................................................‬‬
‫الفرع األول ‪:‬قواعد العبادات ‪11.......................................................................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬قواعد المعامالت ‪11....................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬القاعدة القانونية وقواعد األخالق ‪12...................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬القاعدة القانونية وقواعد المجامالت ‪13...............................................‬‬
‫الفصــل الثــانـي‪ :‬تقسيمات القانـون ‪14..................................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تقسيـم القانـون إلـى عـام وخـاص‪14.....................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬معاييـر تقسيم القانـون إلى قانـون عام وقانـون خاص‪14...................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المعيار المالي‪14.........................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬معيار المصلحة أو الغايـة‪15................................................................‬‬
‫‪78‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬معيار السيادة أو السلطة العامة‪15........................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬النظـام القانونـي الجزائـري‪16 ...........................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬القانون العام وفروعو‪16 ..................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬القانون الخاص وفروعو ‪19................................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أنـواع القواعـد القانـونية‪24..............................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬القواعـد المكتوبة و يـر المكتوبة‪،‬والقواعـد الموضوعية والشكلـة‪24.......................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬القواعد المكتوبة والقواعد ير المكتوبة ‪24...............................................‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬القواعد الموضوعية والقواعد الشكلية ‪24..................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬القواعد اأمرة (أو الناىية) والقواعد المكملة (أو المفسرة) ‪25...........................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬القواعد اأمرة أو الناىية‪25...............................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬القواعد المكملة أو المفسرة‪25............................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬معايير التمييز بين القواعد اأمرة والقواعد المكملة‪26.....................................‬‬
‫الفصـل الثـالث‪ :‬مصــادر القـانــون‪28....................................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المصادر األصلية للقانون " لتشريع" ‪28................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهـوم التشريـع وتقديـره ‪29............................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف التشريع وتحديد السلطة المختصة في إصداره‪29 ...................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تقديـر التشريـع‪30.........................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أنــواع التشريعـات ‪31...................................................................‬‬
‫الفـرع األول‪:‬التشريـع األساسي (الدستـور)‪31............................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التشريع الع وي‪33......................................................................‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬التشريـع العـادي‪33.....................................................................‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬التشريعـات الفـرعيـة ‪36..................................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الرقابـة القانـونية على صحـة التشريعـات ‪37.............................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الرقابة على صحة التشريعات الفـرعية (قانونية اللوائـح ودستوريتها) ‪38.......................‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬الرقابة على صحة التشريعات العادية (أو دستورية القوانين)‪38...............................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المصـادر االحتياطيـة للقانـون ‪40.......................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مبـادل الشريعـة ااسالميـة‪40...........................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬العــرف ‪41............................................................................‬‬

‫‪79‬‬
‫الفـرع األول‪ :‬تعريف العـرف وتحـديد أىميتو ‪41.........................................................‬‬
‫الفـرع الثانـي‪ :‬أركـان العــرف‪41 ........................................................................‬‬
‫الفـرع الثـالث‪ :‬تقديـر العــرف‪45 .......................................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مبـادل القانـون الطبيعـي وقواعـد العدالـة‪46.............................................‬‬
‫المبحث الثالث ‪:‬المصـادر التفسيريـة للقانـون‪47........................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الفقـو‪47 ..............................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الق ـاا ‪49............................................................................‬‬
‫الفصــل الرابع ‪ :‬تطبيــق القــاعــدة القــانونيــة ‪50...........................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬السلطـة الق ائيـة‪50...................................................................‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬نطـاق تطبيـق القاعـدة القانونيـة‪51......................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬نطاق تطبيق القاعدة القانونية من حيث األشخاص‪51....................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مبدأ عدم جواز االعتذار بجهل القانون‪51.................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬االستثنااات الواردة على قاعدة عمومية القوانين ‪53........................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نطـاق تطبيق القاعدة القانونية من حيث المكـان ‪55......................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مبدأ إقليمية القوانين ‪55..................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مبدأ شخصية القوانين ‪55.................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬موقف القانون الجزائري من األخذ بالمبدأين‪56...........................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬نطـاق تطبيـق القوانيـن من حيث الزمـان ‪58.............................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬إلغاا القاعدة القانونية‪59..................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تنازع القواعد القانونية من حيث الزمان ‪61.................................................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تفسيـر القاعـدة القانـونية‪65............................................................‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬أنـواع التفسيـر ‪66.....................................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التفسير التشريعي‪66......................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬التفسير الق ائي ‪67......................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬التفسير الفقهي ‪67.......................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المدارس المختلفة في التفسير ‪68.....................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مدرسة الشرا على المتون ‪68............................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المدرسة التاريخية أو (االجتماعية) ‪69.....................................................‬‬

‫‪81‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬المدرسة العلمية أو مدرسة البحث العلمي الحر ‪70.......................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬وسائـل تفسيـر القانـون ‪70.............................................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬حالة النص السليم ‪70....................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حالة النص المعيب ( طرق التفسير الخارجية ) ‪72.........................................‬‬
‫خاتمة‪74..............................................................................................‬‬
‫قائمة المراجع ‪75-77................................................................................‬‬
‫الفـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرس ‪78 -81...................................................................‬‬

‫‪81‬‬

You might also like