Professional Documents
Culture Documents
الكتاب
:جامعة اإلمام الشافعي للعلوم الشرعية -حضرموت -املكال. الناشر
1443 :هـ 2021 /م. سنة النشر
11 :صفحة. عدد الصفحات
1
.2قال احلليمي يف املنهاج يف شعب اإلميان" :وال ينبغي للمسلم أن يزور الكافر إذا قدم من سفره
إال أن يكون جاره ،وال أن يهنئه ِبفص ِحه حبال ،وال ابلنريوز واملهرجان ،وال ٔان يتابعهم على
تعظيم ما يعظمونه من هذه األوقات"( ،)1ومعلوم أن تعظيم ما يعظمونه من هذه األوقات حرام
فيحمل عدم االنبغاء هنا على التحرمي بداللة االقرتان.
.3قال البجريمي يف حاشيته على اخلطيب" :قوله( :من وافق الكفار يف أعيادهم) أبن يفعل ما
يفعلونه يف يوم عيدهم وهذا حرام"(.)2
.4ذكر فقهاء سادتنا الشافعية أنه حيرم ابتداء الكافر ابلسالم ،أو بغريه من سائر أنواع التحية ،حنو:
هداك هللا ،أو أنعم هللا صباحك ،أو صبحت ابخلري ،أو ابلسعادة ،أو أطال هللا بقاءك ،كما نص
عليه النووي ،وشيخ اإلسالم يف األسىن ،والرملي يف النهاية وابن حجر يف التحفة ،واخلطيب يف
املغين ،وعبارة التحفة" :أما الذمي فيحرم ابتداؤه ابلسالم"( ،)3مث علق عليه الشرواين(" :قوله
فيحرم ابتداؤه ابلسالم) فإن ابن من سلم عليه ذمي ا فليقل له ندابا اسرتجعت سالمي أو رد
سالمي حتقريا له ويستثنيه وجوابا ولو بقلبه إن كان بني مسلمني وسلم عليهم وال يبدأه بتحية
غري السالم أيضا كأنعم هللا صباحك وأصبحت ابخلري إال لعذر"( ،)4بل علل ذلك شيخ اإلسالم
بقوله " :فإن ذلك بسط له وإيناس ومالطفة وإظهار ود وحنن مأمورون ابإلغالظ عليهم ومنهيون
ودهم فال تظهره قال تعاىل ﴿ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ
عن ّ
ﱊ ﱋ ﱌ﴾( ")٥يفهم من هذا النص أنه إذا حرم ابتداؤهم بتحية السالم وغريها..
حرمت التهنئة ابألوىل.
( )1املنهاج يف شعب اإلميان ،الشيخ احلسني بن احلسن احلليمي (.)34٩ /3
( )2البجريمي ،حاشية البجريمي على اخلطيب (.)1٧٩ /4
( )3ابن حجر ،حتفة احملتاج يف شرح املنهاج (.)22٦ /٩
( )4الشرواين ،حاشية الشرواين على حتفة احملتاج (.)22٦ /٩
) (٥سورة اجملادلة .22 :واملودة هنا :أدانها ،وهي ميل القلب إليه .وقصة سيدان إبراهيم عليه السالم يف سورة املمتحنة:
2
.٥سئل ابن حجر رمحه هللا تعاىل ورضي عنه هل حيل اللعب ابلقسي الصغار اليت ال تنفع وال تقتل
صيدا بل أعدت للعب الكفار وأكل املوز الكثري املطبوخ ابلسكر وإلباس الصبيان الثياب امللونة
ابلصفرة؛ تبعا العتناء الكفرة هبذه يف بعض أعيادهم وإعطاء األثواب واملصروف هلم فيه إذا كان
بينه وبينهم تعلق من كون أحدمها أجريا لآلخر من قبيل تعظيم النريوز وحنوه فإن الكفرة صغريهم
وك بريهم وضعيفهم ورفيعهم حىت ملوكهم يعتنون هبذه القسي الصغار واللعب هبا وأبكل املوز
الكثري املطبوخ ابلسكر اعتناءا كثريا وكذا إبلباس الصبيان الثياب املصفرة وإعطاء األثواب
واملصروف ملن يتعلق هبم وليس هلم يف ذلك اليوم عبادة صنم وال غريه وذلك إذا كان القمر يف
سعد الذابح يف برج األسد ومجاعة من املسلمني إذا رأوا أفعاهلم يفعلون مثلهم فهل يكفر أو أيمث
املسلم إذا عمل مثل عملهم من غري اعتقاد تعظيم عيدهم وال افتداء هبم أو ال ؟
"( ف ٔاجاب ) نفع هللا تبارك وتعاىل بعلومه املسلمني بقوله ال كفر بفعل شيء من ذلك فقد
صرح أصحابنا أبنه لو شد الزانر على وسطه أو وضع على رأسه قلنسوة اجملوس مل يكفر مبجرد
ذلك اهـ .فعدم كفره مبا يف السؤال أوىل وهو ظاهر بل فعل شيء مما ذكر فيه ال حيرم إذا قصد
به التشبه ابلكفار ال من حيث الكفر وإال كان كفرا قطعا ،فاحلاصل أنه إن فعل ذلك بقصد
التشبه هبم يف شعار الكفر كفر قطع ا ،أو يف شعار العيد مع قطع النظر عن الكفر مل يكفر
ولكنه أيمث ،وإن مل يقصد التشبه هبم أصالا ورأسا فال شيء عليه ،مث رأيت بعض أئمتنا املتأخرين
ذكر ما يوافق ما ذكرته فقال :ومن أقبح البدع موافقة املسلمني النصارى يف أعيادهم ابلتشبه
أبكلهم واهلدية هلم وقبول هديتهم فيه وأكثر الناس اعتناء بذلك املصريون( ،)1وقد قال صلى
3
هللا عليه وسلم من تشبه بقوم فهو منهم ،بل قال ابن احلاج :ال حيل ملسلم أن يبيع نصرانيا شيئا
من مصلحة عيده ال حلما وال أدما وال ثوابا وال يعارون شيئا ولو دابةا؛ إذ هو معاونة هلم على
كفرهم ،وعلى والة األمر منع املسلمني من ذلك ومنها اهتمامهم يف النريوز أبكل اهلريسة
واستعمال البخور يف مخيس العيدين سبع مرات زاعمني أنه يدفع الكسل واملرض وصبغ البيض
أصفر وأمحر وبيعه واألدوية يف السبت الذي يسمونه سبت النور وهو يف احلقيقة سبت الظالم،
ويشرتون فيه الشبث ،ويقولون إنه للربكة وجيمعون ورق الشجر ويلقوهنا ليلة السبت مباء
يغتسلون به فيه لزوال السحر ويكتحلون فيه لزايدة نور أعينهم ويدهنون فيه ابلكربيت والزيت
وجيلسون عرااي يف الشمس لدفع اجلرب واحلكة ويطبخون طعام اللنب وأيكلونه يف احلمام إىل
غري ذلك من البدع اليت اخرتعوها وجيب منعهم من التظاهر أبعيادهم"(.)1
.٦قال اإلمام شيخ اإلسالم سراج الدين البلقيين عندما سئل عن قول املسلم للذمي :عيد مبارك؟
"إن قال املسلم للذمي ذلك على قَصد تعظيم دينهم وعيدهم حقيقة فإنه يكفر ،وإن مل يقصد
ذلك وإمنا جرى على لسانه ،فال يكفر مبا قال من غري قصد".انتهـى( ،)2وعدم الكفر هنا ال
يستلزم عدم احلرمة بل هي ابقية بدليل النصوص السابقة.
البوصريي – رمحه هللا تعاىل -من درس حياته وسريته سيجد يف ذلك الشيء الكثري ،ولذلك ينبغي لإلنسان يف هذا الزمان خاص اة
طالب العلم أن يعرضوا إعراض ا كامالا عن مثل هذا األمور من العلماء املصريني يف مواطأهتم ومواالهتم؛ ألهنم يعيشون من النصارى
ويريدون أن يفعلوا شيئأا حىت وإن خالفوا من كان قبلهم ،طبع ا اإلسالم يعلو وال يـُعلَى عليه ،وأما أهل الذمة فلهم احلقوق ،يعطيهم
حقوقهم من غري نقص وال انتقاص وال نفعل معهم إال ما يرضي هللا ورسوله صلى هللا عليه وآله وسلم ،وال بد أن نتعايش معهم
ولكن مع اعتزاز بديننا وعدم الرضا بدينهم ،حىت اآلن غري مسموح أن تقول للنصاري :اي كافر ،إرضاء وترضي اة ألسيادهم .وال نغرت
مبا يلبسون من لباس أهل العلم ،هذا الزمان خطري جدا فعلى اإلنسان ال بد أن يدافع عن إميانه يف هذا الزمان.
( )1ابن حجر ،الفتاوى الكربى الفقهية (.)23٩ /4
( )2ابن حجر ،الفتاوى الكربى الفقهية (.)23٩ /4
4
مذهب السادة احلنفية:
مل أجد نصا صرحيا يف هتنئة الكفار أبعيادهم فيما اطلعت عليه من كتب السادة احلنفية ،ولكن قد
نصوا على اإلهداء للكفار أهنم فرقوا بني اإلهداء هلم يف عيد خاص ابلكفار وبني ما هو ليس خاصا
هبم وال بشعار هلم ،فاألول حرام ،والثاين ليس كذلك.
.1قال اإلمام احلصكفي يف (الدر املختار)(" :واإلعطاء ابسم النريوز واملهرجان ال جيوز) أي :اهلدااي
ابسم هذين اليومني حرام (وإن قصد تعظيمه) كما يعظمه املشركون (يكفر) قال أبو حفص
الكبري :لو أن رجالا عبد هللا مخسني سنةا مث أهدى ملشرك يوم النريوز بيضةا يريد تعظيم اليوم فقد
كفر وحبط عمله اهـ ولو أهدى ملسلم ومل يرد تعظيم اليوم بل جرى على عادة الناس ال يكفر
وينبغي أن يفعله قبله أو بعده نفيا للشبهة ولو اشرتى فيه ما مل يشرته قبل إن أراد تعظيمه كفر
وإن أراد األكل كالشرب والتنعيم ال يكفر"(.)1
وكتب العالمة الشيخ ابن عابدين يف حاشيته على هذا الكالم نقال عن بعض أئمة احلنفية
ما نصه" :وهذا خبالف ما لو اختذ جموسي دعوةا حللق رأس ولده فحضر مسلم دعوته فأهدى
إليه شيئا ال يكفر ،وحكي أن واحدا من جموسي سربل كان كثري املال حسن التعهد ابملسلمني،
فاختذ دعوةا حللق رأس ولده ،فشهد دعوته كثري من املسلمني ،وأهدى بعضهم إليه فشق ذلك
على مفتيهم ،فكتب إىل أستاذه علي السعدي أن أدرك أهل بلدك ،فقد ارتدوا وشهدوا شعار
اجملوسي وقص عليه القصة فكتب إليه إن إجابة دعوة أهل الذمة مطلقة يف الشرع ،وجمازاة
اإلحسان من املروءة وحلق الرأس ليس من شعار أهل الضاللة ،واحلكم بردة املسلم هبذا القدر
ال ميكن ،واألوىل للمسلمني أن ال يوافقوهم على مثل هذه األحوال إلظهار الفرح
والسرور"(.)2انتهى .فيوم النريوز عيد خاص ابلكفار ،وحلق رأس الولد ليس خاص ا ابلكفار.
٥
مذهب السادة املالكية:
قال اإلمام ابن احلاج املالكي يف املدخل(" :فصل) يف ذكر بعض مواسم أهل الكتاب فهذا بعض
الكالم على املواسم اليت ينسبوهنا إىل الشرع وليست منه وبقي الكالم على املواسم اليت اعتادها أكثرهم
وهم يعلمون أهنا مواسم خمتصة أبهل الكتاب فتشبه بعض أهل الوقت هبم فيها وشاركوهم يف تعظيمها،
()1
اي ليت ذلك لو كان يف العامة خصوصا ولكنك ترى بعض من ينتسب إىل العلم يفعل ذلك يف بيته
ويعينهم عليه ويعجبه منهم ويدخل السرور على من عنده يف البيت من كبري وصغري بتوسعة النفقة
والكسوة على زعمه ،بل زاد بعضهم أهنم يهادون بعض أهل الكتاب يف موامسهم ويرسلون إليهم ما
حيتاجونه ملوامسهم ،فيستعينون بذلك على زايدة كفرهم ،ويرسل بعضهم اخلرفان وبعضهم البطيخ
األخضر وبعضهم البلح وغري ذلك مما يكون يف وقتهم وقد جيمع ذلك أكثرهم ،وهذا كله خمالف للشرع
الشريف"(.)2
مث قال ابن احلاج بعد ذلك " :ومن خمتصر الواضحة سئل ابن القاسم عن الركوب يف السفن اليت
يركب فيها النصارى ألعيادهم فكره ذلك خمافة نزول السخط عليهم لكفرهم الذي اجتمعوا له .قال
وكره( )3ابن القاسم للمسلم أن يهدي إىل النصراين يف عيده مكافأ اة له .ورآه من تعظيم عيده وعوانا له
على مصلحة كفره .أال ترى أنه ال حيل للمسلمني أن يبيعوا للنصارى شيئا من مصلحة عيدهم ال حلما
وال إدام ا وال ثوابا وال يعارون دابةا وال يعانون على شيء من دينهم؛ ألن ذلك من التعظيم لشركهم
وعوهنم على كفرهم وينبغي للسالطني أن ينهوا املسلمني عن ذلك ،وهو قول مالك وغريه مل أعلم أحدا
اختلف يف ذلك"انتهى( .)4فيؤخذ من هذا الكالم أن ما يشعر بتعظيم الكفر من مهاداة أو معايدة
وغري ذلك حرام وينبغي على السالطني أن ينهوا املسلمني عن ذلك.
( )1هذه مصيبة؛ ألن الضالل ال يكون على نفسه ،بل ضالل يكون على غريه أيضا.
( )2ابن احلاج ،املدخل (.)4٧-4٦ /2
( )3الكراهة هنا كراحة التحرمي ،بدليل قوله بعده " :ورآه من تعظيم عيده وعوان له على مصلحة كفره .أال ترى أنه ال حيل
للمسلمني اخل."...
( )4ابن احلاج ،املدخل (.)4٨-4٧ /2
٦
ويف (فتح العلي املالك) للشيخ حممد عليش -رمحه هللا تعاىل (" :-وسئل عز الدين بن عبد
السالم ) عن مسلم قال لذمي يف عيده عيد مبارك هل يكره أم ال ؟ ( فأجاب ) إن قاله املسلم لذمي
على وجه قصد تعظيم دينهم وعيدهم فإنه يكفر وإن مل يقصد ذلك وإمنا جرى على لسانه فال يكفر
مبا قاله من غري قصد "( .)1يؤخذ من هذا الكالم أنه إن نوى تعظيم عيدهم كفر ،وإال فال ،ونفي
الكفر يف مثل هذا السياق ال يعين اإلابحة ،بل تبقى احلرمة.
( )1ابن عليش ،فتح العلي املالك يف الفتوى على مذهب اإلمام مالك (.)2٥٧ /٥
( )2البهويت ،كشاف القناع (.)131 /3
) (3أخرجه مسلم يف صحيحه ،كتاب :السالم ،النهي عن ابتداء أهل الكتاب ابلسالم ،ح .)21٦٧( :بعضهم ممن ينتسبون
إىل أهل العلم يستهزؤون عندما يسمع مثل هذا احلديث والعياذ ابهلل.
) (4ابن ضواين ،منار السبيل يف شرح الدليل (.)303 /1
٧
وعنه جيوز ( و هـ ش ) وعنه :ملصلحة راجحة ،كرجاء إسالم ،اختاره شيخنا ،ومعناه اختيار اآلجري،
وأنه قول العلماء :يعاد ويعرض عليه اإلسالم.
نقل أبو داود :إن كان يريد يدعوه لإلسالم فنعم ،ويدعى ابلبقاء ،وكثرة املال والولد ،زاد مجاعة
قاصدا كثرة اجلزية"(.)1
القسم الثالث :كتب أطلقت روايتني يف املذهب منها :منت املقنع حملمد ابن قدامة ،والشرح الكبري
للشيخ عبد الرمحن ابن قدامة -وهو تلميذ املوفق صاحب املغين -قال اإلمام ابن قدامة يف (املقنع):
"ويف هتنئتهم وتعزيتهم وعيادهتم روايتان"( ،)2قال يف الشرح" :هتنئتهم وتعزيتهم خترج على عيادهتم فيها
روايتان:
إحدامها :ال نعودهم؛ ألن النيب -صلى هللا عليه وسلم -هنى عن بداءهتم ابلسالم ،وهذا يف
معناه(.)3
والثانية :جتوز()4؛ ألن النيب -صلى هللا عليه وسلم -أتى غالما من اليهود كان مريضا يعوده فقعد
عند رأسه فقال له« :أسلم» .فنظر إىل أبيه ،وهو عند رأسه ،فقال :أطع أاب القاسم .فأسلم ،فقام النيب
-صلى هللا عليه وسلم -فقال « :احلمد هلل الذى أنقذه أيب من النار »".
وهناك كتب فرقت يف حكم التهئنة ومنها :أحكام أهل الذمة البن القيم ،قال ابن القيم" :هتنئتهم
بزوجة أو ولد أو قدوم غائب أو عافية أو سالمة من مكروه وحنو ذلك ،وقد اختلفت الرواية يف ذلك
عن أمحد فأابحها مرة ومنعها أخرى ،والكالم فيها كالكالم يف التعزية والعيادة وال فرق بينهما ،ولكن
ليحذر الوقوع فيما يقع فيه اجلهال من األلفاظ اليت تدل على رضاه بدينه ،كما يقول أحدهم :متعك
هللا بدينك أو نيحك فيه ،أو يقول له :أعزك هللا أو أكرمك إال أن يقول :أكرمك هللا ابإلسالم وأعزك
به وحنو ذلك ،فهذا يف التهنئة ابألمور املشرتكة.
٨
وأما التهنئة بشعائر الكفر املختصة به فحرام ابالتفاق( )1مثل أن يهنئهم أبعيادهم وصومهم ،فيقول:
عيد مبارك عليك ،أو هتنأ هبذا العيد ،وحنوه ،فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من احملرمات ،وهو
مبنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب ،بل ذلك أعظم إمث ا عند هللا وأشد مقت ا من التهنئة بشرب اخلمر وقتل
النفس وارتكاب الفرج احلرام وحنوه.
وكثري ممن ال قدر للدين عنده يقع يف ذلك ،وال يدري قبح ما فعل ،فمن هنأ عبدا مبعصية أو بدعة
أو كفر فقد تعرض ملقت هللا وسخطه"(.)2
ذكر املرداوي للمس ٔالة واخلالف فيها قال :قوله (ويف هتنئتهم وتعزيتهم وعيادهتم :روايتان) وأطلقهما
يف اهلداية ،واملذهب ،ومسبوك الذهب ،واملستوعب ،واخلالصة ،والكايف ،واملغين ،والشرح ،واحملرر،
والنظم ،وشرح ابن منجا.
إحدامها :حيرم .وهو املذهب .صححه يف التصحيح .وجزم به يف الوجيز ،وقدمه يف الفروع.
والرواية الثانية :ال حيرم .فيكره .وقدمه يف الرعاية ،واحلاويني ،يف ابب اجلنائز .ومل يذكر رواية
التحرمي .وذكر يف الرعايتني ،واحلاويني رواية بعدم الكراهة .فيباح وجزم به ابن عبدوس يف تذكرته .وعنه:
جيوز ملصلحة راجحة ،كرجاء إسالمه .اختاره الشيخ تقي الدين .ومعناه :اختيار اآلجري .وأن قول
العلماء :يعاد ،ويعرض عليه اإلسالم.
قلت :هذا هو الصواب .وقد «عاد النيب -صلى هللا عليه وسلم -صبيا يهوداي كان خيدمه .وعرض
عليه اإلسالم فأسلم» .نقل أبو داود :أنه إن كان يريد أن يدعوه إىل اإلسالم :فنعم(.)3
) (1أما قوهلم أبهنم يهنئون بعيدان فلماذا ال هننؤهم بعيدهم؟ نقول :حنن ال جنربهم على أن يهنؤوهنم بعيدان ،هم أرادوا ذلك فليفعل،
ال مننع أحدا وال جنرب أحدا يف هذه املسألة ،فلو تطوع أحد منهم هذا الشيء راجع إليه ،وليس هذا من ابب جمازاة ابإلحسان.
) (2ابن قيم ،أحكام أهل الذمة (.)441 /1
) (3املرداوي ،اإلنصاف يف معرفة الراجح من اخلالف (.)23٥-234 /4
٩
اخلامتة
يتبني من النصوص اليت نقلها الباحث األمور التالية:
.1عند سادتنا الشافعية أن موافقة الكفار يف أعيادهم أبن يفعلوا ما يفعلونه ،أو يهنئهم بعيدهم
حرام ويعزر بسبب ذلك ،كما صرح به اإلمام الدمريي والرملي الكبري يف حواشي الروض واخلطيب
والبجريمي -رمحهم هللا تعاىل ،-وأيض ا نص الشافعية بتحرمي ابتداء املسلم على الكافر بتحية
السالم وغريها فالتهنئة أوىل.
.2أن احلنفية مل ينصوا على مسألة التهنئة خبصوصها ولكن قد نصوا على اإلهداء للكفار .وأهنم
فرقوا بني ما هو شعار الكفار وبني ما هو ليس بشعار هلم ،فاألول حرام ،بل يصل إىل درجة
الكفر إن أراد تعظيم هذا الشعار ،والثاين ليس كذلك ،ومع ذلك عدم موافقة املسلمني هلم أوىل.
.3وكذا املالكية أن حاصل املسألة عندهم أن ما يشعر بتعظيم الكفر من مهاداة أو معايدة أو هتنئة
حرام بل يكفر ،كما نقله احلطاب من عبارة عز الدين بن عبد السالم ،وينبغي على السالطني
أن ينهوا املسلمني عن ذلك.
.4أطلقت كتب احلنابلة حرمة التهنئة ،وهو معتمد مذهبهم ،وهناك رواية ابلكراهة ،ورواية ابإلابحة،
لكن ما أفهم كالم ابن القيم محل هذه التهنئة على حنو رزق مبولود ،وقدوم غائب قال :أما شعائر
الكفر املختصة به كاألعياد ،فيحرم اتفاقا التهنئة هبا.
.٥فاحلاصل أن املذاهب األربعة اتفقوا على حرمة التهنئة أبعياد الكفار؛ ألهنا شعار خاص هبم ،بل
وصل إىل الكفر إذا قصد هبا تعظيمهم ومتجيدهم -والعياذ ابهلل.)1(-
) (1وهناك فتاوى اليت ختالف مذهب اجلمهور كالفتوى اليت صدرت من دار اإلفتاء األردنية ،وكذلك من دار اإلفتاء املصرية اليت
كتبها الدكتور نصر فريد واصل ،وأنه جزم إبابحتها ،وقال :وأن هذا هو التطبيق األمثل لإلسالم ،وليس يف ذلك خروج عن الدين،
أو فيه نوع من احلرمة.
10
.٦عدم هتنئتنا للكفار يف أعيادهم ال يستلزم ذلك إيذاءهم وعدم احرتامهم والتعايش معهم ،فقد
جوز العلماء عيادة مريضهم وتعزيتهم يف مصائبهم وهتنئتهم يف الزواج والوالدة والقدوم من السفر
والشفاء من املرض والسالمة من مكروه وحنو ذلك مما ال خيتص بدينهم ،وإمنا منعوا هتنئتهم يف
أعيادهم الدينية؛ ألهنا شعار خاص هلم ،وقد هنينا عن التشبه هبم ،ويف هتنئتهم هبا إشعار إبقراران
حجر واسعا.
هلم عليها .ومن حصر مفهوم التعايش على هتنئتهم يف أعيادهم الدينية فقط فقد ّ
فنسأل هللا لنا التوفيق والسداد يف أداء ما علينا من القيام هبذا البحث ،وأن جيعل نيتنا فيه خالص اة
لوجهه الكرمي ،وينفعنا به وطالب العلم خاصةا ومجيع املسلمني عامةا ،وصلى هللا على سيدان حممد
وعلى آله وصحبه ٔامجعني واحلمد هلل رب العاملني.
علق سيدي الشيخ حممد بن علي ابعطية هذه الفتوى أهنا كانت مبنتهى اإلسفاف ،وما أتى به من األدلة واآلايت القرآنية ليست
يف حملها وال يف مكمنها ،وهبذه الكيفية اليت عليها فتوى د.فريد واصل فسنخرج بنتيجة ليست بصحة هتنئة أعيادهم فقط بل صحة
دينهم ،وأهنم سيدخلون اجلنة مع املسلمني ،وال حول وال قوة إال ابهلل.
11