You are on page 1of 12

‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬امللجد ‪ 3‬الع د ‪54-43A )2020( 1‬‬ ‫عباس ي سعاد‬

‫مسالك التربية والتكوين‬


‫)‪ISSN : 2550-5165 (Print‬‬

‫إجراءات تربوية تعليمية لتنمية قيمة التسامح عند المتعلمين‬

‫‪Educational procedures to develop the value of‬‬


‫‪tolerance for learners‬‬
‫عباسي سعاد‬
‫جامعة يحي فارس _ المدية الجزائر‬
‫‪abassi.souad@yahoo.fr‬‬

‫االستالم ‪:‬نونبر ‪2019‬م‪ ،‬القبول‪ :‬فبراير ‪2020‬م‬

‫ملخص‪:‬‬
‫يعد التعليم أحد أهم أسس المشروع التربوي الهادف إلى ترسيخ القيم‪ ،‬هذه األخيرة التي أصبحت مهددة في وجودها بسبب‬
‫إفرازات األحداث العالمية السريعة‪ ،‬وبسبب التغير التكنولوجي‪ .‬ولعل أهم القيم التي أصبحت الدول تولي لها اهتماما خاصا هو‬
‫"التسامح "‪.‬‬
‫يتناول المقال الحالي موضوع "دور التعليم في تنمية قيمة التسامح"‪ ،‬وذلك بعد فشل األنظمة التربوية التقليدية في نقل هذه‬
‫القيمة وتنميتها ‪ ،‬كما فشلت هذه األنظمة في التصدي لظواهر مستهجنة كالعنف وطغيان النزعة الفردية واألنانية‪ .‬كما يقترح المقال‬
‫إحدى االستراتجيات التربوية اإلجرائية لتنمية قيمة التسامح والذكاء العاطفي‪.‬‬

‫‪Summary :‬‬
‫‪Education is considered as a one of the most essential basics of the educational project that aims‬‬
‫‪at fostering values whose existence is threatened due to quick international events’ developments‬‬
‫‪and technological change. Perhaps, one of the most important values, in which countries have a‬‬
‫‪special interest, is “tolerance”.‬‬
‫‪This article deals with “role of education in developing the culture of tolerance”, and that is‬‬
‫‪after failure of traditional educational systems at transmitting and developing this value. Those‬‬
‫‪systems also failed at facing deplored phenomena as violence, tyranny of individualism and‬‬
‫‪selfishness. The article suggests one of the procedural educational strategies as well for developing‬‬
‫‪tolerance value and emotional intelligence‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫يعد التعليم أحد أهم أسس المشروع التربوي الهادف الى ترسيخ القيم‪ ،‬هذه االخيرة التي أصبحت مهددة في‬
‫وجودها كأحد إف ارزات األحداث العالمية السريعة وبسبب التغير التكنولوجي‪ .‬ولعل أهم القيم التي أصبحت الدول‬
‫تولي لها اهتماما خاصا هو "التسامح "‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬امللجد ‪ 3‬الع د ‪54-43A )2020( 1‬‬ ‫عباس ي سعاد‬

‫والتعليم سواء كان منظما من قبل الدولة بشكل مباشر أو مراقب من لدنها‪ ،‬يبقى بال شك السبيل األمثل‬
‫لتكوين شخصية األفراد على القيم العليا‪ .‬ونظ ار ألهمية التعليم في هذا المجال‪ ،‬فإنه بدل ما كان يطلق في أوربا‬
‫قبل الثورة الفرنسية على المعلمين " األوصياء ‪ " Les Regents‬أصبح يطلق عليهم " المؤسسون ‪Les‬‬
‫‪ ،"institeurs‬الن مهمة المعلم هي "تأسيس األمة بالمعنى الذي تشير إليه المادة الثالثة من إعالن حقوق اإلنسان‬
‫والمواطن"‪( .‬دومنيك شنابر وآخرون‪،2016 ،‬ص ‪)191‬‬
‫ينبغ ي التأكيد أن المدرسة مجال تربوي تقوم بوظيفتين أساسيتين‪ ،‬فهي تقدم لغة وايديولوجية وثقافة معينة من‬
‫جهة‪ ،‬وتنقل ذاكرة وأحاسيس تاريخية مشتركة من خالل المعارف المعروضة للتعلم من جهة أخرى‪ .‬وفي هذه‬
‫الحالة فإنها تنقل معارف ومرجعيات معلنة وغير معلنة‪ .‬ومن ناحية أخرى تشكل المدرسة عموما ونشاط التعليم‬
‫خصوصا مساحة خيالية لصورة المجتمع وصورة السياسة‪ ،‬يتم عن طريقها إنشاء نظام اجتماعي قائم على قيم‬
‫معينة‪ ،‬ومستعدا لمقاومة حركات وقوى ضاغطة قد تنشأ في المجتمع‪ ،‬ولعل أهمها ما يرتبط بالعنف واألفراد‬
‫المنتمين بشكل غير قصدي في شبكات غير رسمية من الشبكات التي ابتعدت عن نواة النظام التربوي‪ ،‬والذي يقر‬
‫بقيم معينة أهمها " إقرار التسامح ونبذ العنف"‪.‬‬
‫مفهوم التسامح‬

‫التسامح هو أحد المبادئ اإلنسانية‪ ،‬يعني نسيان الماضي المؤلم بكامل إرادتنا‪ ،‬والتخلي عن االنتقام أو إيذاء‬
‫اآلخرين ألي سبب كان‪ .‬وهو سلوك يقوم على التركيز في الجوانب االيجابية عند اآلخرين دون الجوانب السلبية‪،‬‬
‫والتخلي عن إطالق األحكام المسبقة‪.‬‬

‫التعريف اللغوي ‪:‬‬

‫حسب معجم المعني الجامع‪ ،‬تدل كلمة تسامح على مجموعة من الصفات هي‪ :‬التساهل والحلم والعفو‪...‬الخ‪.‬‬
‫ويذكر ذات المعجم " التسامح الديني " ‪ ،‬وهو يعني احترام عقائد اآلخرين‪ ،‬والعفو عنهم‪ .‬كما استخدمت كذلك‬
‫كلمة "تسامح" في العتاب‪.‬‬
‫وحسب معجم لسان العرب البن منظور " من الكلمات القريبة لكلمة التسامح‪ :‬السماحة وهي تدل على الجود‪،‬‬
‫والسماح"‪ (.‬أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظوراالفريقي المصري‪ ،‬بدون سنة‪ ،‬ص ‪)134‬‬
‫كلمة التسامح يقابلها في الفرنسية ‪ Tolérance‬وهي تدل لغويا " على التخلي عن االنتقام من اآلخرين والعفو‬
‫عنهم‪ ،‬وتحمل ا ألعباء الخارجية التي تصدر من اآلخرين أو من المحيط الخارجي عموما‪ ،‬سواء تعلق األمر‬
‫"‬ ‫مثال‬ ‫كالضجيج‬ ‫البيئة‬ ‫تثيره‬ ‫التي‬ ‫العنف‬ ‫آو‬ ‫الناس‬ ‫من‬ ‫الصادر‬ ‫بالعنف‬
‫‪www.larousse.fr/doctionnaire/francais/tolérance/78312.‬‬
‫تجدر اإلشارة هنا إلى أن مفهوم التسامح في اللغة الفرنسية واالنجليزية لديه حركية في االستخدام حسب كل‬
‫مجال‪ ،‬ويمكن استعراض أهمها مايلي ‪:‬‬
‫في المجال الطبي‪ Tolérance :‬تعني عدم االستجابة المناعية لبعض المضادات‪ ،‬وهي حالة ناتجة عن‬
‫شلل مناعي م وجود من قبل أو ناتج خالل أول اتصال بالمضاد‪ .‬كما تدل على االستعداد التي يمتلكها العضو‬
‫ألجل تحمل جرعات مضاعفة ومدعمة دون ظهور أي أعراض للتسمم‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬امللجد ‪ 3‬الع د ‪54-43A )2020( 1‬‬ ‫عباس ي سعاد‬

‫في المجال الديني‪ :‬تدل الكلمة على احترام حرية اآلخرين في المعتقد‪ ،‬واالنفتاح على اآلخرين ذوي ديانة أو‬
‫معتقد مختلف‪.‬‬
‫في المجال التقني‪ tolérance :‬هي كلمة محدد ببعد تقني‪ ،‬بحيث يمكن للقيمة المتحصل عليها في آخر‬
‫قياس هي القيمة الصحيحة‪.‬‬
‫في المجال المالي‪ :‬تدل هذه الكلمة على الحد األقصى من الفارق بين الوزن والصفة الحقيقية والوزن والصفة‬
‫القانونية‪www.larousse.fr/doctionnaire/francais/tolérance/78312 .‬‬
‫إن كلمة "تسامح" من الناحية اللغوية وحسب مجاالت استخداماتها تدل على معنى مشترك‪ ،‬هو إحداث حد‬
‫أقصى من التباعد بين ما هو موجود وما يجب أن يكون بصفة ايجابية‪.‬‬

‫التعريف االصطالحي‪:‬‬

‫من الناحية االصطالحية‪ ،‬تدل كلمة تسامح على معنى مشترك في مجال الدين والفلسفة والثقافة والسياسة‬
‫والتربية‪ ،‬وهو القدرة على تقبل أفكار اآلخرين وآراءهم وأحاسيسهم‪ .‬وهو عامل أساسي في حرية التفكير ونمو‬
‫الضمير‪.‬‬
‫التسامح هو فعل وسلوك يظهر من خالل القدرة على التحمل و‪/‬أو عدم منع من يخالفنا وعدم تجنبه‪ .‬وهو‬
‫كذلك تنازل يحدث بناء على مبادئ وقواعد معينة‪ .‬وفي مجال علم االجتماع‪ ،‬فإن قمة التسامح في جماعة او‬
‫مجتمع معين ترتبط بنسبة األفراد األجانب والذين يتم تقبلهم في المجتمع دون أن ينتج ذلك مظاهر العزلة‬
‫والتهميش‪ .‬وفي هذا المجال يتم الحديث في اللغة الفرنسية عن ‪ Maison de tolérance‬وهي بيت دعارة‬
‫تمارس نشاطها تحت المراقبة القانونية واإلدارية‪ ،‬تم القضاء على هذا النوع من البيوت سنة ‪. "1946‬‬
‫)‪(Latifa Ibn Ziaten et Anne Jouve, 2016, P19‬‬

‫الفرق بين التسامح والتصالح‪:‬‬

‫يختلف التسامح عن التصالح‪ ،‬فيعرف التصالح على" أنه استعادة الثقة في العالقة مع اآلخر من خالل قيام‬
‫الطرفين المتنازعين بسلوكيات متبادلة جديرة بالثقة تجاه بعضهما"‪( .‬مشيل أ‪ .‬ماكلو وآخرون‪ ،2015 ،‬ص ‪)11‬‬
‫فيلتزم الطرفا ن بأداء بعض الواجبات تجاه اآلخر‪ .‬يتضمن التصالح رغبة الطرفين في العمل معا في جو من‬
‫الثقة‪ ،‬بينما في التسامح قد يرغب أحد الطرفين أو كالهما االعتذار والتسامح دون أن يسعوا إلى إقامة عالقة مع‬
‫بعضهم أو استعادتها‪ .‬كما أنه قد يحدث التصالح بحيث يكون لدى كال الطرفين رغبة في التعامل معا في بعض‬
‫تفاصيل الحياة دون أن يحدث التسامح‪ ،‬وذلك بسبب وجود مصالح مشتركة‪.‬‬

‫التسامح من خالل الدين واآلداب‪:‬‬

‫لقي التسامح ‪-‬باعتباره قيمة‪ -‬اهتماما كبي ار في مختلف الديانات السماوبة‪ .‬وبشأنه في الدين اإلسالمي تقول‬
‫المستشرقة االيطالية لورافيسيا فاغليري )‪ Laura Veccia Vagleiri (1893-1989‬في حديثها عن النبي‬
‫محمد صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬كان محمد المتمسك دائما بالمبادئ اإللهية شديد التسامح‪ ،‬وبخاصة نحو أتباع‬

‫‪45‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬امللجد ‪ 3‬الع د ‪54-43A )2020( 1‬‬ ‫عباس ي سعاد‬

‫األديان الموحدة‪ .‬لقد عرف كيف ينذرع بالصبر مع الوثنيين‪ ،‬مصطنعا األناة دائما‪ ،‬اعتقادا منه بأن الزمن سوف‬
‫يتم عمله" ‪(.‬لورافيسيا فاغليري‪ ،1981 ،‬ص‪)73‬‬
‫وعلى خطى لورافيسيا فاغليري يذهب كثير من المستشرقين في حديثهم عن التعايش الذي شهدته الديانات‬
‫السماوية خالل الحكم اإلسالمي‪ ،‬وعن تاريخ العالقات اإلسالمية المسيحية‪ ،‬وكيف استفاد المسيحيون واليهود من‬
‫سماحة اإلسالم‪ ،‬حيث يقول القس األلماني ميشون‪" :‬إن اإلسالم الذي أمر بالجهاد متسامح نحو أتباع األديان‬
‫األخرى‪ ،‬وهو الذي أعفى البطاركة والرهبان وخدمهم من الضرائب‪ ،‬وحرم قتل الرهبان على الخصوص لعكوفهم‬
‫على العبادات‪ ،‬ولم يمس عمر بن الخطاب النصارى بسوء حين فتح القدس‪ ... ،‬وقد ذبح الصليبيون المسلمين‪،‬‬
‫وحرقوا اليهود عندما دخلوها" ‪ .‬ويختصر الباحث الفرنسي مارسيل بوزار قوله عن التسامح في اإلسالم بأنه "واجب‬
‫ديني وأمر شرعي"‪( .‬مارسيل بوزار‪ ،1980 ،‬ص‪)183‬‬
‫كثير من المشاهير تغنوا بالتسامح وأبدعوا في وصفه‪ ،‬أمثال إميل سيوران ‪Emil Cioran‬‬
‫أما في اآلداب‪ ،‬فإن ا‬
‫)‪ ،(1911-1995‬وريجيه دابراي‪ ،(1995) Régis Debray‬وغوستاف فلوبارت‪Gustave Floubert‬‬
‫)‪ ،(1821-1880‬وموريس جولي )‪ ،Maurive Joly (1829-1878‬وفولتير )‪،Voltaire (1694-1778‬‬
‫وبرتراد راسل )‪ ... ،Bertrand Russell (1872-1970‬الخ‪ .‬ومع اتفاق كل هؤالء األدباء والفالسفة على‬
‫أهمية التسامح في الحياة البشرية‪ ،‬فإن يوهن فولغانغ فون غويث ‪Johann Volfgang Von Goethe‬‬
‫)‪ (1749-1832‬يختصر التسامح في قوله‪" :‬التسامح ال يمكنه أن يبقى كمرحلة انتقالية‪ ،‬إنما عليه أن يؤدي‬
‫إلى االحترام"‪www.toupie.org/citations/tolerance.htm .‬‬
‫شهد التسامح ‪-‬مفهوما وقيمة‪ -‬حركية كبيرة بين الدين والفلسفة واألدب‪ ،‬إال أنه في الوقت نفسه وجد ما يعبر‬
‫عنه في العلوم الطبيعية على غرار الطب والفيزياء والكيمياء والرياضيات واالقتصاد‪ ،‬بحيث يكون هذا التعبير‬
‫تعبي ار كميا واجرائيا‪ ،‬مما يعني أنه يمكن البرمجة لهذا الهدف اإلنساني في مجال الصحة النفسية وفي مجال‬
‫اإلرشاد التربوي‪ ،‬وفي مجال اإلصالح التربوي واالجتماعي‪ ،‬ويمكن متابعته بالتقدير الكمي على غرار التحليل‬
‫الكيفي‪ ،‬وذلك رغم صعوبة التقدير الكمي في هذا المجال‪.‬‬

‫التسامح في مجال التربية والتعليم‪:‬‬

‫متكرر في مختلف‬
‫ا‬ ‫أصبح النقاش حول إعادة النظر في كيفية إدماج التربية األخالقية في المدرسة عمال‬
‫الدول‪ .‬كما أنه زاد التشديد على أن تكون ممارسات المعلمين عاكسة بشكل فعال للقيم األخالقية المطلوبة من قبل‬
‫النظام التربوي القائم‪ .‬وفي هذا المجال يطرح التساؤل ‪:‬‬
‫كيف يمكن للتعليم أن يطبق تعليم التسامح؟ وماهي األدوات والممارسات الالزمة لزرع قيمة التسامح وتنميتها‬
‫عند المتعلمين؟‬
‫في المؤتمر العام لليونسكو‪ ،‬والذي عقدته الدول األعضاء في نوفمبر سنة ‪ 1995‬حول إعالن مبادئ بشأن‬
‫التسامح‪ ،‬أكدت الدول األعضاء حق اإلنسان في العيش بكرامة واحترام في جو يسوده التسامح‪ .‬وألجل تعزيز مبدأ‬
‫التسامح شملت ديباجة المؤتمر مجموعة من المواد‪ ،‬من بينها المادة الرابعة المتعلقة بالتعليم كمجال لتعزيز مبدأ‬
‫التسامح‪ ،‬والتي تنص على مايلي‪ :‬إن التعليم هو أنجع الوسائل لمنع الالتسامح‪ ،‬وأول خطوة في مجال التسامح‪،‬‬

‫‪46‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬امللجد ‪ 3‬الع د ‪54-43A )2020( 1‬‬ ‫عباس ي سعاد‬

‫هي تعليم الناس الحقوق والحريات التي يتشاركون فيها‪ ،‬وذلك لكي تحترم هذه الحقوق والحريات فضال عن تعزيز‬
‫عزمهم علة حماية حقوق وحريات اآلخرين‪.‬‬
‫ينبغي أن يعتبر التعليم في مجال التسامح ضرورة ملحة‪ ،‬ولذا يلزم التشجبع على اعتماد أساليب منهجية‬
‫وعقالنية لتعليم التسامح تتناول أسباب الالتسامح الثقافية واالجتماعية واالقتصادية والسياسية والدينية‪ ،‬أي الجذور‬
‫الرئيسية للعنف واالستبداد‪ ،‬وي نبغي أن تسهم السياسات والبرامج التعليمية في تعزيز التفاهم والتضامن والتسامح‬
‫بين األفراد وكذلك بين المجموعات االثنية والثقافية والدينية واللغوية وفيما بين األمم‪.‬‬
‫إن التعليم في مجال التسامح يجب أن يستهدف مقاومة تأثير العوامل المؤدية إلى الخوف من اآلخرين‬
‫واستبعادهم‪ ،‬ومساعدة النشء على تنمية قدراتهم على استقالل الرأي والتفكير النقدي األخالقي‪.‬‬
‫إننا نتعهد بمساندة وتنفيذ برامج للبحوث االجتماعية وللتعليم في مجال التسامح وحقوق اإلنسان والالعنف‪.‬‬
‫ويعني ذلك إبالء عناية خاصة لتحسين إعداد المعلمين‪ ،‬والمناهج الدراسية‪ ،‬ومضامين الكتب المدرسية والدروس‬
‫وغيرها من المواد التعليمية بما فيها التكنولوجيات التعليمية الجديدة ‪ ،‬بغية تنشئة مواطنين يقظين مسؤولين‬
‫ومنفتحين على ثقافات اآلخرين‪ ،‬يقدرون الحرية حق قدرها‪ ،‬ويحترمون كرامة اإلنسان والفروق بين البشر‪ ،‬وقادرين‬
‫على درء النزاعات أو على حلها بوسائل غيرعنيفة "‪http://hrlibrary.umn.edu/arab/tolerance.html .‬‬
‫التسامح قيمة مستهدفة من قبل التعليم هو خاصية تتراوح بين الفردانية والبيئة‪ ،‬وهنا يكون التسامح متأث ار بالقيم‬
‫المعاصرة التي تركز على التنافس واإلنتاجية وتحقيق المنفعة المباشرة والسريعة‪ .‬األمر الذي أصبح متأث ار بشكل‬
‫كبير بالمفاهيم المعاصرة وعلى رأسها "جودة التربية والتعليم "‪ ،‬والتي هي في الحقيقة استجابة لجماعات اقتصادية‬
‫مهيمنة‪ ،‬سواء الجماعات الصغيرة التي تبحث عن مكان لها من خالل الترويج للثقافة االستهالكية ‪ ،‬أو الجماعات‬
‫االقتصادية المهيمنة وا لتي تبحث عن الكفاءات المنتجة‪ .‬في هذه الحالة يكون الفرد بما فيه الطفل ضحية تحديات‬
‫الحداثة المتسللة بشكل غير مباشر عبر التعليم‪ ،‬والتي تتضمن اإلقصاء والهجر وغياب البيئة اآلمنة‪ ،‬وخاصة‬
‫ضحية لعالقة عبر عنها كوندي ار في رواية أطلق عليها اسم "البطء" إن هناك صلة بين السرعة و النسيان‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫"ان درجة السرعة تتناسب طردا مع كثافة النسيان" ‪ ،‬والسبب أن التركيز على جذب انتباه األفراد في بداية البداية‬
‫سيخلق استحواذا عليهم وجعلهم مستهلكين"‪( .‬زيغمونت باومان‪ ،2016 ،‬ص‪ )196‬مما يتطلب إبعاد األمور‬
‫األخرى ذات األهمية الكبيرة من دائرة اهتمامهم‪ .‬وهذا ما يحدث فعال عن طريق التعليم الخاص أو العمومي‪.‬‬
‫إن دفع المتعلم إلى الحياة االستهالكية هي حياة تشمل التعلم والنسيان السريعين‪ .‬ويكون النسيان مهما في‬
‫التعلم‪ ،‬ومهما في نشاط التعليم إذا ارتبط بالهدف الحقيقي لعملية التعليم‪ ،‬واألمر هنا يتوقف على نمط المعلومات‬
‫واإلرشادات التي يتم ورودها بشكل متدفق في عصرنا الحالي‪ ،‬ويتطلب اكتسابها السرعة على مستوى التعلم‪ .‬وهنا‬
‫يطرح التساؤل‪ :‬هل يمكن أن تكون السرعة والتدفق المعرفي عائقا في تعلم قيمة التسامح؟‬

‫آليات تنمية قيمة التسامح عن طريق التربية والتعليم‪:‬‬

‫المدرسة مؤسسة تربوية‪ ،‬والتعليم ونشاط موجه للطفل‪ ،‬كالهما يشهدان انتقادات الذعة كلما يقع المجتمع تحت‬
‫طائلة ظاهرة غير مقبولة‪ ،‬وعلى رأسها العنف‪ ،‬والعنصرية‪ ،‬والتعصب‪ ،‬وهي كلها ظواهر تدل على اهتزاز قيمة‬
‫أساسية في المجتمع هي "التسامح"‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬امللجد ‪ 3‬الع د ‪54-43A )2020( 1‬‬ ‫عباس ي سعاد‬

‫التسامح قيمة ظلت مرتبطة بممارسات مشتقة من ثقافة المجتمع‪ ،‬إال أن البراغماتية التي تشهدها المدرسة حاليا‬
‫جعلت التعليم يسعى إلى التحرر من الثقافة التقليدية في محاولة خفية لنكران الذات‪ ،‬ونكران التاريخ‪ ،‬وهذا ما جعل‬
‫األنظمة التقليدية تفقد السيطرة على تماسك مجتمعاتها‪ ،‬كما جعل التعليم باعتباره نشاطا يمارس دون فلسفة تربوية‬
‫واضحة‪ ،‬ودون نموذج تربوي معين‪ .‬ويمكن عرض أهم العوامل المؤثرة على ذلك‪ ،‬والتي تعد في الوقت نفسه‬
‫اآلليات األساسية لتنمية قيمة التسامح بين لدى المتعلمين‪:‬‬

‫‪ -1‬التفكير العلمي كطريقة للتربية السليمة‪:‬‬

‫الزال التعليم عبر مختلف أطواره من التحضيري إلى الجامعي يركز على األساليب التقليدية في التربية‬
‫والتدريس‪ ،‬باعتماده على التحفيظ‪ ،‬والنقل‪ ،‬والتكرار‪ ،‬والتقليد‪ ،‬والتسميع‪ ،‬مما أدى إلى قتل روح اإلبداع واالبتكار‬
‫لدى التالميذ‪ ،‬وتحويلهم إلى نوع سي ئ من المواطنين‪ ،‬ذلك النوع الذي ال يصلح إال لكي يؤمر فيطيع‪ ،‬أو توضع‬
‫له الخطط فينفذ‪ .‬وفي هذا المجال تشدد الفلسفة البراغماتية‪ ،‬والفلسفة التربوية عند ديوي‪ ،‬على تنمية عادات‬
‫التفكير عند الطفل بالطريقة العلمية‪.‬و التربية الي تقوم بهذه المهمة عليها أن تزود التالميذ باتجاهات أهمها‪:‬‬
‫العقلية المتحررة‪ :‬يقصد بها التحرر من التعصب لفكرة معينة‪ ،‬الن الفكرة تبقى تراوح مكانها ما لم تنزل للتحقق‬
‫العلمي‪ .‬كما أن العقلية المتحررة تعني التحرر من االنحياز‪ ،‬وتنمية رغبة التالميذ في االستماع إلى وجهات‬
‫النظر‪ ،‬واالعتراف بجواز الوقوع في الخطأ‪ .‬وكي يتحقق ذلك يمكن للمدرسة أن تسهم في إزالة العقبات التي تعيق‬
‫نمو التفكير عند التالميذ‪ " ،‬بأن تعرض التالميذ لمواقف تنمي فيهم حب االستطالع وكيفية إشباع ذلك بالنشاط‬
‫المنتج"‪( .‬سعيد إسماعيل على‪ ،1995 ،‬ص‪)99‬‬
‫اإلخالص ‪ :‬إن االهتمام المتشتت هو عدو التفكير‪ ،‬والتفكير يتعرض لهذا التشتت إذا لم يقم على الميل والرغبة‬
‫والتعاطف‪ .‬ومن المؤسف أن تكون المدرسة في كثير من األحيان عامال في تشتيت انتباه التالميذ واضعاف‬
‫قدرتهم على التفكير فيما يعرض عليهم من مواضيع داخل المدرسة‪ ،‬ويمتد تأثير ذلك خارجها‪ .‬هذا العامل يصرف‬
‫التالميذ عن مواضيع مفيدة لشخصيتهم‪ ،‬ومناسبة تماما الستعداداتهم وميولهم‪ .‬وهم رغم ذلك يظهرون إخالصا‬
‫للنظام المدرسي وللمعلم خوفا من العقاب فقط‪ ،‬والجتياز امتحاناتهم بسالم‪ ،‬وألجل الحصول على مصادقة المدرسة‬
‫من خالل الشهادات الدراسية‪ .‬كل ذلك يحدث دون إخالص لرغباتهم واستعداداتهم الشخصية‪.‬‬
‫المسؤولية‪ :‬المسؤولية تعني أن ينتبه الفرد لكل خطوة يقوم بها‪ ،‬وأن يتنبأ بعواقب سلوكه‪ .‬وهذا ما يتعلمه عن‬
‫طريق المنهج العلمي‪ ،‬وعن طريق المواد العلمية‪ .‬إن هذا التفكير يجعل الفرد يتحمل عواقب ما يقوم به‪ ،‬وال‬
‫يتهرب مما قد يواجهه من عقبات‪ .‬إال أن هذا ال يكون صالحا في كل األحوال‪ ،‬ألن المدرسة في هذه الحالة‬
‫"تجعل التالميذ يتعودون على استخدام مقياس للقيم والحقائق داخل المدرسة ال يستخدم خارجها‪ ،‬ومن ثم فإنهم‬
‫يشعرون باضطراب وتمزق فكري"‪( .‬سعيد إسماعيل على‪ ،1995،‬ص‪)99‬‬
‫تعتبر طريقة المشروع من أبرز التطبيقات التي تقوم عليها التربية البراغماتية‪ ،‬والتي ستكون أكثر فعالية إذا‬
‫تمت في إطار عمل جماعي‪ ،‬مما يساعد في تنمية قيمة التسامح‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬امللجد ‪ 3‬الع د ‪54-43A )2020( 1‬‬ ‫عباس ي سعاد‬

‫‪ -2‬تأثير االستعارات التربوية‪:‬‬

‫من المفترض أن االستعارات التي تستخدمها المدرسة تعكس ثقافة المجتمع الذي أنشئت ألجله‪ .‬فالتعليم‬
‫المدرسي وجد ليؤثر في دوافع األفراد واقتناعهم الشخصي وقيمهم‪" .‬إال أن التصور الصناعي الحديث عن‬
‫"منتجات التعليم" و"الحد األدنى" و"أنظمة اإليصال" جعل ثقافة المدرسة موضوعية أكثر (دونالد أورليخ وأخرون‪،‬‬
‫‪ ،2010‬ص ‪ .)37‬ورغم ذلك فهي تشهد صراعا بين الثقافة الموضوعية التي تسعى إليها والثقافة التقليدية‪.‬‬
‫وتكمن المشكلة في الثقافة الموضوع ية التي تقدمها المدرسة‪ ،‬والتي تتضمن استعارات تربوية يستخدمها المعلمون‬
‫ومدير المدرسة والنظام التربوي ككل‪ .‬تكون هذه االستعارة ايجابية إذا كانت مرتبطة ببيئة المدرسة االجتماعية‬
‫والثقافية والجغرافية‪.‬‬
‫تصبح االستعارة التربوية مزيجا من المنهج العلمي القائم على الموضوعية‪ ،‬ومن الذات الجمعية التي تسعى‬
‫للحفاظ على هوية الجماعة وديمومتها‪ ،‬وبفعل هذا االنصهار تجد المدرسة نفسها مضطرة إلى تنمية قيم أساسية‬
‫أهمها "التسامح" ‪.‬‬

‫‪ -3‬تأثير األنظمة المدرسية الفرعية‪:‬‬

‫ترتبط ثقافة المدرسة بمفهوم "النظام" ومفهوم "صحة المؤسسة" ‪ ،‬ذلك بأن النظام المدرسي الصحي هو الذي‬
‫تتفاعل عناصره بشكل إيجابي بغية تحقيق األهداف المحددة‪ .‬وتتمثل العناصر المكونة للنظام المدرسي من‬
‫العامل البشري بكل ابتكاراته وابداعاته وثقافته وايديولوجيته‪ ،‬ومن القواعد واألعراف والمواد والقوانين‪ .‬تمارس‬
‫التفاعالت التي تحدث بين هذه التفاعالت خالل الحصص الدراسية وخارجها‪ ،‬مشكلة أنظمة فرعية سواء كانت‬
‫رسمية أو غير رسمية كجماعة الرفاق‪ ،‬والجماعات العلمية‪ ،‬والجماعات الرياضية‪ ،‬والنقابيين‪ ،‬وأعضاء النوادي‪،‬‬
‫‪ ...‬الخ‬
‫األنظمة الفرعية هي عناصر مهمة لنقل ثقافة ومعارف معينة‪ ،‬وتكمن أهميتها الكبرى في نقل القيم اإليجابية‬
‫للحفاظ على تماسك المجتمع وتماسك المؤسسة‪ ،‬لذا فعلى هذه األنظمة أن تعمل على مستوى عال من الكفاءة‪،‬‬
‫واال فإن نشاطاتها تأخذ توجه عكسي‪.‬‬
‫إن إنتاجية األنظمة الفرعية للمدرسة تدل على صحة النظام المدرسي‪ ،‬لذا ال يمكن تجاهل المبادرات‬
‫والنشاطات المقدمة من قبلها‪ .‬كما أن إنتاجية المدرسة عبر أنظمتها الفرعية ستفرز "ثقافة المدرسة"‪ ،‬وهي ثقافة‬
‫تتطور وتتحسن وتنمو عبر الزمن‪ ،‬وهو يطرح باستم اررية الحاجة إلى تحسين المدرسة‪.‬‬

‫‪ -4‬تأثير تفاعل العوامل الداخلية والعوامل الخارجية للمدرسة‪:‬‬

‫تواجه المدارس العمومية الكثير من االلتباسات التي تؤثر على العالقات وعلى التفاعالت التي تحدث خالل‬
‫العملية التعليمية‪ ،‬وخالل نشاطات المدرسة ككل‪ .‬خاصة وأنها ال زالت تتخبط في عدم وضوح أهدافها القيمية‬
‫(استمرار الجهوية‪ ،‬مشكلة اللغة‪ ،‬مشكالت مرتبطة بالتاريخ)‪ ،‬خاصة وأنها تعيش في الجزائر تناقضا واضحا مع‬
‫البيئة الخارجية مما يجعلها في األخير تعود للمعايير المرتبطة بالثقافة المحلية لتدمج وتصبح عنص ار من ثقافة‬
‫المدرسة‪ .‬إن في مواجهة مشكلة العنف مثال يغيب البحث عن أساليب مرتبطة بتنمية التفكير الوجداني‪ ،‬أو دراسة‬

‫‪49‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬امللجد ‪ 3‬الع د ‪54-43A )2020( 1‬‬ ‫عباس ي سعاد‬

‫التغير في العالقات االجتماعية‪ .‬وفي هذه الحالة تصبح التربية والتعليم عرضة ألخطار البيئة الداخلية على غرار‬
‫البيئة الخارجية‪ .‬وهنا يطرح التساؤل‪ :‬لماذا يتزايد العنف باستمرار رغم توجهات و ازرة التربية والتعليم لتكوين‬
‫المعلمين قبل وأثناء الخدمة وأثناءها؟ ولماذا ال يستطيع األفراد داخل المدرسة أن يدبروا مشكالتهم بانفتاح في‬
‫كثير من الحاالت؟‬
‫غالبا ما يعمل المعلمون في عزلة‪ ،‬كما أنهم‪ ،‬ورغم التكوين المستمر‪ ،‬فإنهم غالبا ال يستفيدون من تلك‬
‫المعارف المكتسبة‪ ،‬كما أنهم ال يستفيدون من خبرات من سبقهم من المعلمين‪ .‬إن العزلة المهنية للمعلمين عن‬
‫البيئة الداخلية للمدرسة وللمجتمع التربوي وعن البيئة الخارجية قد يجعل أساليب تدريسهم غير فعالة بالنسبة‬
‫للمتعلمين‪ ،‬حتى وان امتلك المعلم أساليب متطورة‪.‬‬
‫يعد العمل في عزلة أحد مظاهر الثقافة المدرسية‪ ،‬والتي تعيق معالجة مشكلة المجموعات من المتعلمين وحتى‬
‫المعلمين‪ ،‬كون ذلك يحول دون تبادل اآلراء والتجارب واالنفتاح داخل المدرسة‪ ،‬ويكون التعليم متمرك از فقط حول‬
‫المعرفة الموضوعة للتدريس‪ .‬كما أن هذه العزلة تحول دون إحداث إجراءات وأفكار مبدعة‪ .‬وأكثر ما يتم عرقلته‬
‫هو تكوين التوقعات االيجابية بين مختلف أطراف العملية التعليمية والتربوية‪.‬‬

‫‪ -5‬معززات التعليم والتعلم‪:‬‬

‫يسعد كثير من المعلمي ن بنجاح تالمذتهم في مهمة تعليمية ما‪ ،‬ويعبرون عن ذلك عادة باألحكام والمالحظات‬
‫التي يقدمونها ( جيد‪ ،‬ممتاز‪ .)... ،‬ولتحقيق نهايات التعلم على مستوى التالميذ يعتمد على عدة معززات وحوافز‬
‫كتقدير لعملهم ولعمل المعلم‪ .‬وذلك ما ينعكس على نشاط الطرفين في زيادة دافعيتهم للتعلم‪.‬‬
‫يعتبر االحترام أهم حوافز التعلم‪ ،‬واهم الحوافز المشجعة على ممارسة المهنة وعلى تجاوز المشكالت‬
‫المدرسية‪ .‬وهنا تكون جدلية معروفة عند المعلمين هي‪" :‬إن الحصول على احترام الزمالء عندما يحقق تالميذك‬
‫أكثر من المتوقع"‪( .‬دونالد أورليخ وأخرون‪ ،2010 ،‬ص ‪ )40‬مما يعني أن االحترام كمتغير أساس في قيمة‬
‫التسامح عامل مهم لتحسين سير العملية التعليمية‪.‬‬

‫التسامح كإستراتجية لمواجهة المشكالت داخل المدرسة‪:‬‬

‫تجدر اإلشارة أوال إلى أن التسامح ال يعني تغييب القانون أو التشريعات‪ ،‬وضعية كانت أو دينية‪ .‬إنما هو قدرة‬
‫الفرد على االعتراف بالذات‪ ،‬وتحمل مسؤولياته‪ ،‬حتى في حالة الوقوع في الخطأ ‪ ،‬وتقبل العقاب كأسلوب لتنظيم‬
‫المجتمع والمؤسسات‪.‬‬
‫يتضمن التسامح ثالثة مكونات أساسية‪ ،‬يتم عن طريقها اقتراح استراتجيات لتحقيق التسامح في شكله النهائي‬
‫كما يلي‪:‬‬
‫المكون المعرفي ‪ :‬وهو اتخاذ الفرد الذي أسيئ إليه قرار التسامح مع من أساء إليه‪ ،‬وذلك بناء على أفكار‬
‫إيجابية ومنطقية في الوقت نفسه بدل األفكار السلبية‪ .‬ويمكن االستفادة من المكون المعرفي لتنمية قيمة التسامح‬
‫من خالل االعتماد على المنهج العلمي‪ ،‬وعلى التجريب أثناء التدريس‪ ،‬وتطبيق ذلك في مواقف حياتية‪ ،‬بحيث‬
‫تجعل المتعلم ينمي القدرة على التنبؤ وبناء الفرضيات المفيدة‪ ،‬والتفكير في عواقب األمور‪ .‬كما أن المنهج العلمي‬

‫‪50‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬امللجد ‪ 3‬الع د ‪54-43A )2020( 1‬‬ ‫عباس ي سعاد‬

‫في المواد العلمية والتقنية يؤكد المفهوم النسقي في ت كون المواد‪ .‬إن تفاعل الوحدات والتفاعل اإليجابي لألنساق‬
‫هو الذي يؤدي إلى تكوين المواد واألجسام‪ ،‬ونفس الشئ يحدث بالنسبة للعالقات اإلنسانية‪.‬‬
‫المكون الوجداني ‪ :‬هو تنمية الذكاء العاطفي للمتعلمين وللمعلمين كذلك‪ ،‬ولكل المتعاملين التربويين‪ .‬وعادة ما‬
‫يرتبط الجانب ا لعاطفي ارتباطا وثيقا بالمكون المعرفي ويدعمه‪ ،‬مما يدفع الفرد لالقتناع بقرار التسامح‪ .‬وهو يهدف‬
‫إلى خفض االنفعاالت السلبية من خالل استبدالها بانفعاالت ايجابية كخطوة نهائية للتسامح الوجداني‪ ،‬والوصول‬
‫إلى عالقة محايدة مع المسئ‪ .‬ويحدث هذا في سياق العالقات غير الحميمية‪ .‬يستغل المعلم والمرشد التربوي هذا‬
‫الجانب في مساعدة المتعلم على التحكم في انفعاالته‪ ،‬بحيث يتجنب التسامح الزائف إلى التسامح الحقيقي‪.‬‬
‫المكون السلوكي‪ :‬تقوم النظرية السلوكية على عالقة المثير باالستجابة‪ ،‬وأن نوع المثير يؤدي إلى التنبؤ بنوع‬
‫االستجابة‪ ،‬فكلما كان سلوك الفرد إيجابيا‪ ،‬كلما تلقى استجابات إيجابية‪ ،‬ويمتد ذلك إلى التغذية الراجعة في‬
‫العالقات بين األفراد‪ .‬إن تنمية العالقات بين األفراد على أساس من االحترام والتقدير يكون بالتركيز على محتوى‬
‫التغذية الراجعة‪ .‬فاستجابات التالميذ أو المعلمين ال يمكنها أن تأخذ منحى سبرناتيا‪ ،‬ألن السلوك يتأثر كذلك‬
‫باالستعداد الفكري بقدر تأثره بالبيئة‪ .‬كما أن محتوى البيئة التربوية كفيل بالتنبؤ بالمشكالت األخالقية والتربوية‬
‫التي ستواجهها المدرسة‪ ،‬وأنه كفيل بتحديد اتجاه مسار تعلم التسامح‪.‬‬

‫دور اإلرشاد النفسي والتربوي في تنمية التسامح عند المتعلمين‪:‬‬

‫التسامح هو أ حد مؤشرات الذكاء العاطفي‪ ،‬تحدث إجراءاته عند المتعلمين من خالل تدخل المرشدين والتربويين‬
‫واألخصائيين النفسانيين‪ ،‬من خالل تناول الحاالت التي تعاني انخفاض الثقة في النفس‪ ،‬وسيطرة الضمير على‬
‫الذات‪ ،‬حيث إن هؤالء األفراد يعانون م ن كثرة لوم الذات‪ ،‬وهم عادة أطفال يعكسون نمط تربية أسرية معينة‪ .‬إن‬
‫هؤالء األطفال يتعلمون التسامح مع الذات ‪.‬‬
‫لقد توصل ماكلو (‪ ) 1998‬إلى أن التسامح يحدث بمعدل أعلى عند التورط في اإلساءة‪ ،‬وذلك بالنسبة إلى‬
‫العالقات الحميمية"‪( .‬ميشيل إ‪ .‬ماكلو ‪ ،2015 ،‬ص‪ )16‬وفي حالة التسامح تنتج عالقات مرضية تكثر‬
‫مالحظتها في األسر وفي عالقات العمل والعالقات الزوجية‪ .‬إن ما يترتب على عدم التسامح في العالقات‬
‫االجتماعية داخل المدرسة فشل في توقعات اآلخرين (المعلمين أو التالميذ أو المتعاملين التربويين)‪ ،‬وقصور في‬
‫الكفاءة االجتماعية‪.‬‬
‫من بين اإلجراءات التي يمكن اعتمادها لتنمية التسامح وتجنب العداء والتوتر في المجال المدرسي ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬تفعيل سياق العالقات المتبادلة‪ :‬من خالل تكليف المتعلمين بمهام وأنشطة تتم فقط من خالل التعلم‬
‫التعاوني‪ ،‬وتتخللها أنشطة تنمي الذكاء العاطفي‪.‬‬
‫‪ -2‬تفعيل السياق الروحي للتسامح‪ :‬رغم أن هذا المجال يختلف باختالف الديانات‪ ،‬إال أنه في اإلسالم‬
‫يمكن تفعيله من خالل التكوين المعرفي وتقديم األفكار واآليات واألحاديث التي تبين كرم اهلل وحبه لعباده‪ ،‬بدل‬
‫التركيز على معلومات خاصة بالعذاب‪ .‬كما أن تناول فلسفة األديان والتعرف عليها عامل مثير مستفز للتفكير‬
‫يدفع المتعلم للتدبر في الطبيعة البشرية وخصائصها المشتركة‪ ،‬وضرورة التعايش بين جميع األجناس‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬امللجد ‪ 3‬الع د ‪54-43A )2020( 1‬‬ ‫عباس ي سعاد‬

‫‪ -3‬السياق الذاتي للتسامح‪ :‬مساعدة المتعلم على إدراك صورة ذات إيجابية‪ ،‬والتحرر من سيطرة األنا‬
‫األعلى‪ .‬يتم ذلك من خالل نشاطات تحدث خالل وضعيات تعليمية تعرض على التالميذ أثناء عمليات التعلم‪،‬‬
‫والتي تكون مرتبطة بمواقف ثقافية واجتماعية من بيئة المتعلم‪.‬‬
‫يركز فيجوتسكي ‪ Vigotsky‬حسب منظوره الثقافي االجتماعي على األنشطة اإلنسانية التي تجري في مواقف‬
‫ثقافية‪ ،‬ألنها هي الكفيلة بأن "تخلق في الواقع البنى المعرفية وعمليات التفكير لدينا‪ .‬والحقيقة أن فيجوتسكي‬
‫‪ Vigotsky‬تصور فكريا النمو على أ نه تحويل األنشطة االجتماعية التشاركية إلى عمليات متشربة داخليا"‪( .‬أنيتا‬
‫وولفولك‪ ،2010 ،‬ص‪.)143‬‬
‫ويعتبر إدماج اآلباء والمعلمين في هذه العملية عامال مهما إلثراء تفاعالت األطفال وتنميتها‪ ،‬ولكي يحقق‬
‫الطفل فيها النضج‪ ،‬معتمدين في ذلك على ما يسميه فيجوتسكي ‪ "Vigotsky‬الحوار التعاوني "‪.‬‬

‫استنتاج‪:‬‬

‫يؤكد جيرلي ديفينبانشر وآخرون )‪ ( Jerryle Deffenbacher & al, 1996‬أن بناء الثقة بالذات‪ ،‬وتنمية‬
‫مهارة إدراك الغضب‪ ،‬والتطلع التربوي‪ ،‬واقامة عالقات عائلية وشخصية بناءة‪ ،‬وتحمل الضغط‪ ،‬وادراك الهوية‪،‬‬
‫والتعامل مع مواقف الضعف" (محمد سعيد الخولي‪ ،2008 ،‬ص‪ ،)191‬كلها عوامل أساس يوفرها المناخ‬
‫المدرسي ألجل تدريب انفعاالت المتعلمين وتطوير سلوكهم التكيفي في تجاوز المشكالت مع الذات ومع اآلخرين‪.‬‬
‫كما أن تطوير مهارة التفاوض حول القيم االجتماعية األساسية هو عنصر رئيس في تنشئة جيل قوي مزود‬
‫باستراتجيات إدارة المواقف واالنفعاالت واألزمات‪ ،‬وهو جزء حيوي من نشاط التعلم الذي يمارسه الطفل في‬
‫المدرسة‪.‬‬
‫يقول دوركايم حول التربية األخالقية‪" :‬يمثل الطفل مرحلة أو صفة مميزة تتصف بها العقلية البدائية‪ ،‬فالشعوب‬
‫التي لم تتخط بعد أدنى أشكال الحضارة تتميز في الواقع بهذا النوع من عدم االستقرار في األفكار والعواطف‪،‬‬
‫وكذلك بعدم وجود اتصال واضح في تصرفات الفرد‪ .‬وتكفي في كثير من األحيان حادثة تافهة لتولد في شعور‬
‫الفرد ثورات عنيفة‪ ،‬ثم ال يلبث الهياج العنيف أن يتحول إلى هدوء ووداعة بتأثير إشارة بسيطة أو لفتة أو كلمة"‪.‬‬
‫(إميل دوركايم‪ ،2015 ،‬ص ‪)129‬‬
‫إن هذه الناحية البدائية‪ ،‬حسب دوركايم‪ ،‬يمكن توجيهها والسيطرة عليها بالتهذيب من خالل برامج إرشادية‬
‫موجهة للطفل بالتركيز على السماح كسمة ال كسلوك مؤقت‪ .‬إن الصراع الذي يحدث حاليا بين المناداة باإلعالء‬
‫من قيمة التسامح مثلما هو في المؤتمر العالمي لليونسكو في دورته الثامنة العشرين نوفمبر ‪ 1995‬والذي‬
‫خصص إلعالن مبادئ حول التسامح‪ ،‬في حين تعيش أغلب شعوب العالم تحت وطأة الهيمنة العسكرية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬إن هذا الصراع يزرع في المجتمعات بما فيهم األطفال فكرة أن "النظم االقتصادية والفلسفات‬
‫السياسية والنظم الحقوقية هي التي تخدم وتطور القدرة الحربية وليس العكس‪ .‬واالستنتاج من ذلك بأن الحرب‬
‫نفسها إنما ه ي المنظومة االجتماعية األساسية التي تتصارع وتتواطأ في داخلها أنماط تنظيم اجتماعي ثانوي"‪.‬‬
‫(حنة أرندت‪ ،1992 ،‬ص ‪ .)11‬هذا الوضع يجعل التعليم يحمل عبئا كبي ار على كاهله‪ ،‬وهو كيفية إقناع المتعلم‬
‫بقيمة التسامح في عالم يسوده العنف في كل المجاالت‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬امللجد ‪ 3‬الع د ‪54-43A )2020( 1‬‬ ‫عباس ي سعاد‬

‫إنه في كل األحوال على المدرسة أن تركز على مجموعة من المبادئ ألجل تطبيق إجراءات التسامح في‬
‫شخصية المتعلمين‪ ،‬وهي كمايلي ‪:‬‬
‫‪" -1‬تحميل المدرسة مسؤولية التربية ألجل التسامح؛‬
‫‪ -2‬اعتماد مقاربات ايجابية لتنمية القيم األخالقية؛‬
‫‪ -3‬تعليم التالميذ التفكير الضمني؛‬
‫‪ -4‬دمج تعدد الثقافات في التعليم؛‬
‫‪ -5‬التركيز والتأكيد على أوجه التشابه بين الثقافات؛‬
‫‪ -6‬محاربة العنصرية؛‬
‫‪ -7‬خلق مناخ ايجابي في المدرسة " )‪(UNESCO, 1994, P19‬؛‬
‫‪ -8‬التشجيع على تعلم اللغات األجنبية انطالقا من المؤلفات األدبية منذ الطفولة؛‬
‫‪ -9‬التشجيع على دمج التفكير األدبي والتفكير العلمي والتفكير الرياضي في الوقت نفسه‪.‬‬

‫خــــــــاتمة‪:‬‬

‫التسامح هو حق من حقوق اإلنسان‪ ،‬يدخل في إطار احترام الذات واحترام اآلخر‪ ،‬وهو عامل أساس إلحالل‬
‫السالم الداخلي (داخل الذات) والخارجي‪ ،‬وهو ال يتعارض مع احترام القواعد والقوانين كوسائل للحفاظ على‬
‫استقرار واستم اررية المجتمع والدولة‪ .‬والمدرسة إلى جانب كل متعامليها التربويين‪ ،‬هم معنيون بتنمية قيمة‬
‫التسامح‪ ،‬إال أ ن ذلك ال يكفي عن طريق إدماج مواد دراسية أو مواضيع خالل مرحلة التعليم‪ ،‬إنما فعالية تعلمه‬
‫وتحويله إلى سمة يكون من خالل إدماج إجراءات التسامح خالل سياقات التعليم‪ ،‬معتمدين على جميع األدوات‬
‫الدينية والثقافية واالجتماعية والعلمية ‪.‬‬
‫الحديث عن دور التعليم في تنمية قيمة التسامح عند األطفال هو حديث عن البناء العاطفي للتالميذ‪،‬‬
‫الموضوع الذي تتجاهله األنظمة التربوية في كثير من جوانبها؛ فهو ليس مجرد تقديم مواد دراسية خاصة بتعليم‬
‫التسامح‪ ،‬وال مجرد ممارسات عفوية من قبل المعلمين في سياق العملية التربوية‪ .‬إنه يشمل استراتجيات تتعلق‬
‫بتوجيه الصدمات والتحكم في التوتر‪ ،‬واستراتجيات تركز على تدريب المتعلمين على مقابلة مسائل واقعية‬
‫كاإلهانة‪ ،‬والتشاجر‪ ،‬والتدخل لمنع تصعد الخالفات‪.‬‬
‫إنه ال يمكن فصل مشاعر المجتمع عن مناخ المدرسة‪ ،‬كما أنه ال يمكن فصل مشاعر األطفال عن التعلم‬
‫األكاديمي والتعلم العاطفي‪ ،‬بل يرقى إلى نفس مستوى تعلم المواد العلمية واللغات‪ .‬والهدف من هذا كله هو تكوين‬
‫جيل مهذب‪ ،‬قادر على التفكير وعلى توجيه مسائل الحياة بذكاء دون إحداث أي تلوث في الذات او في البيئة‬
‫الخارجية‪.‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬


‫أبو الفضل جمال الدين محمد بم مكرم ابن منظور اإلفريقي المصري‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر – بيروت ‪،‬‬
‫بط‪.‬‬
‫‪ .1‬إسماعيل سعد علي (‪ :)1995‬فلسفات تربوية معاصرة‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬ب ط‪ (.‬العدد)‬
‫‪ .2‬إميل دوركايم‪ ،‬ترجمة السيد محمد بدوي (‪ : )2015‬التربية األخالقية ‪ ،‬المركز القومي للترجمة‪ ،‬ب ط‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬امللجد ‪ 3‬الع د ‪54-43A )2020( 1‬‬ ‫عباس ي سعاد‬
‫آنيتا وولفولك ‪ ،‬ترجمة صالح الدين محمود عالم (‪ : )2010‬علم النفس التربوي ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬عمان ‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ط‪.1‬‬
‫‪ .4‬حنة أرندت‪ ،‬ترجمة إبراهيم العريس ( ‪ : )1992‬في العنف‪ ،‬دار الساقي‪ ،‬ط‪. 1‬‬
‫‪ .5‬دومنيك شنابر وكريستيان باشولييه‪ ،‬ترجمة سونيا محمود نجا(‪ : )2016‬ما المواطنة؟‪ ،‬المركز القومي‬
‫للترجمة – مصر ‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫‪ .6‬رونالد أورليخ وآخرون ‪ ،‬ترجمة عبد هللا مطر أبو نبعة (‪ : )2010‬استراتجيات التعليم‪ ،‬مكتبة الفالح –‬
‫اإلمارات‪ ،‬ب ط ‪.‬‬
‫‪ .7‬زيغمونت باومان‪ ،‬ترجمة سعد البازغي وبثينة ابراهية (‪ :)2016‬األخالق في عصر الحاثة السائلة‪ ،‬هيئة‬
‫أبو ظبي للسياحة والثقافة‪ ،‬ط‪. 1‬‬
‫‪ .8‬لورا فيشيا فاغليري‪ ،‬ترجمة منير البعلبكي (‪ : )1981‬دفاع عن اإلسالم ‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬ب ط‪.‬‬
‫‪ .9‬محمود سعيد الخولي (‪ :)2008‬العنف المدرسي األسباب وسبل المواجهة‪ ،‬مكتبة االنجلو المصرية‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫‪ .10‬مارسيل بوزار‪ ،‬ترجمة عفيف دمشقية (‪ :)1980‬إنسانيةاإلسالم‪ ،‬دار األدب – بيروت‪ ،‬ب ط‬
‫‪ .11‬ميشيل إ‪ .‬ماكلو‪ ،‬وكنيث آ‪ .‬بارجمنت‪ ،‬وكارل إ‪ .‬نورسين‪ ،‬ترجمة عبير محمد أنور (‪ : )2015‬التسامح‬
‫النظرية والبحث والممارسة‪ ،‬المركز القومي للترجمة ‪ ،‬ط‪. 1‬‬
‫‪13- Latifa Ibn Ziaten et Anne Jouve (2016) : Dis nous Latifa c’est quoi la tolérance ?,‬‬
‫‪Edition de l’atelier, Paris.‬‬
‫‪14 - UNESCO (1994) : La tolérance porte ouverte sur la paix, Mannuel éducatif a l’usage‬‬
‫‪des communautés et des écoles .‬‬
‫‪15 - http://hrlibrary.umn.edu/arab/tolerance.html‬‬
‫‪16 - www.larousse.fr /Dictionnaire/ francais/tolerance/78a312‬‬
‫‪17 - www.toupie.org/citations/tolerance.htm‬‬

‫‪54‬‬

You might also like