Professional Documents
Culture Documents
الأمانة العلمية 4
الأمانة العلمية 4
ميَة ة ال ِ
مان َ ُ ال َ
َ
تأليف
عتيّقق
عبد الله بن سليمان ال ُ
2
م أن خأصصتنا بمكارم الخألقا ، حمدا ً لك الله ّ
مننت به عليناَ و شكرا ً دائما ً لك يا مولناا على ما
ة على سيدناا من محامد العراقا ،و صلةاً كامل ً
ً ً
ذكره الفآاقا ،و سلما تاما لجنابه ُ معطّر محمدٍ ال ُ
ناور و هدى بعناقا ،و على آله ٌ م
الشريف ما التأ َ
البُراءِ من النفاقا ،و على أصحابه ذوي المفاخأر
و من حذا حذوهم باتفاقا .
أما بعد :
خأصال طالب العلم تمتعه ِ ن من أبرزِ فآإ ّ
س بما يحويه بالماناة العلمية ،و التي بها يَثِقُ النا ُ
من علم ،و يعرفآون مدى تأثره بالعلم ،و قيمة
العلم التزكوية .
ً
حث عليها العلماءُ قديما ،و ّ و هذه الماناة
ص بها
و حين ناخ ّ ل، ص قب ُ جاءت بها النصو ُ
السالكين طريق العلم فآإن أماناتهم العلمية
عدّةاٍ : ة إلى أقسام ٍ ِ منقسم ٌ
ة فآي الخأذ للعلم . م الول :المانا ُ القس ُ
ة فآي النقل . م الثاناي :المانا ُ القس ُ
ّ
ة فآي الط ْرح . م الثالث :المانا ُ القِس ُ
3
القسم الوأل
ُ
ة في الخأذ للعلم
المان ُ
ل م الهما ُ
ل له من قِب َ ِ م مما ع ّو هذا القس ُ
كثيرين من طلبا العلوم ،فآل ترى _ غالبا ً _ أثرا ً
ص
خ ُ طلب العلم لديهم ،و أماناة الطلب تتل ّ ِِ لماناةِ
فآي أشياءَ :
الطريق المعروفآة ،فآإن للعلم ِ أولها :سلوك
ة سلكها العلماء ،و اعتنوا بتقرير ة معلوم ً طرق ً
م
أصولها و قواعدها ،و أما السلوك لطريقة ل ْ
مت إلى الماناةِ بشيء . ك و لم تُط ْ َرقاْ فآل ي َ ّ سل َ ْ تُ ْ
ة العلمية هنا ترتك ُز على قاعدةا مهمةٍ و المانا ُ
ُ
ج ،و هو التنقّل من الفاضل إلى التدر ُ
ّ وهي :
عبر
َ الفآضل ،و من الصغير إلى الكبير ،و ذلك
معروف فآي السلك التعليمي ،و أشار إلى ٍ مد ْ َر ٍج
َ
ابن خألدون " المقدمة " ) ص / ُ ذلك العلمة
(532-531فآقال _ رحمه الله _ :اعلم أن تلقين
العلوم للمتعلمين إناما يكون مفيدا ً إذا كان على
التدريج ،شيئا ً فآشيئا ً و قليل ً قليل ً ،يُلْقي عليه أول ً
مسائل من كل بابا فآي الفن هي أصول ذلك
با له فآي شرحها يقر ُ
ّ و البابا ،
على سبيل الجمال و يُراعي فآي ذلك قوةا عقله
ورد ُ عليه حتى ينتهي إلى و استعداده لقبول ما ي ُ َ
4
القسم الثاني
ُ
ة في النقل
المان ُ
ل عن جرت عليه عوائد ُ أهل العلم النق ُ ْ مما
فآهن
ّ غروَ فآي ذلك الكتب ،و الخأذِ عنها ،و ل ْ ِ
س العقول . ُ نابرا و ، ُهوم ف ال ح
لِقا ُ
بالنقل عن الشياخ ،و هي ِ ج ْريُ العادةاِ ً
و أيضا َ
بِ ) الملفوظات ( أو ) ما يُسمى
نافيس ما ً
المشافآهات ( و هي غالبا ما تكون من
ِ
النقل .
ِ يكون من
ة بهاتيك حيث كانات بتلك المكاناة ،و حاظِي َ ٌ ُ و
المتاناة ،إل أناه اناتابها من الخياناة ما اناتابها ،و
اعتراها من الخألل ما اعتراها .
س ّراقها ،و انافلتت سطوةا مب ُ ت العلو ُ فآقد بُلِي َ ْ
ً ً ً
خأ ُّراقها ،فآل ترى علما إل مخروقا ،و ل فآنا إل
ث ،و السباعُ تنهش . ة تعب َ ُمفتوقا ً ،و الكل ُ
س ّراقا ، لحال ال ُ
ِ لست إل مريدا ً التّعَ ّر َ
ض ُ و
و أبان سوأتهم ف عورتهم ، الذين كش َ
ك من فآضلء أهل العلوم ،منهم الشيخ : نافر مبار ٌ ٌ
حسان عبد المنان فآي كتابه الماتع المفيد "
السرقات العلمية " ،و كذلك ما كتبه الشيخ :
صيّن فآي " هل للتأليف حقّ شرعي ؟ " ح َ صالح ال ُ
الفكرية " لِ :أ.د . ملكية ،و " حقوقا ال ِ
بركات محمد مراد ،و غيرها .
8
فائدةٌ :
ل العلمة عبد الفتاح أبو غدةاَ _ رحمه الله _ قا َ
) ص : ( 100 ح الكتب " " تصحي ُِ
بعض
ِ جرت عادةاُ
ْ ة غير السديدةا : _5الحال ُ
الكاتبين أو المعلقين على الكتب اليوم ،أن
يوردوا ناصا ً من كتابا ،ليضاح المقام ،أو
لتصويب خأطأ فآي الكلم ،و يختمون الكلم الذي
و ناقلوه بقولهم :اناظر كتابا كذا ،
يُسمون الكتابا الذي ناقلوا النص منه ،و يذكرون
و هذا النوع من الجزء و الصفحة .
التوثيق ل غبار عليه و ل ناقد فآيه من حيث هو
توثيق .
و إناما يُنتقد ُ منه الجملة التي يختمون بها النص
) اناظر كتابا ،و هي قولهم :
كذا ( .فآيستعملون ) اناظر كذا ( لمجرد الحالة
المنقول منه ،و هذا التعبير خأطأ فآي
ِ إلى الكتابا
هذا الموضع ،لن كلمة ) اناظر ( تقتضي أن يكون
فآي الموضع المحال إليه للنظر فآيه شيء مفيد ٌ
زائد على النص الذي ناقلوه أو المذكور ،ليستزيد
الباحث فآائدةا لم تذكر فآي النص المنقول
ُ منه
أمامه .
13
مجرد َ الحالة
ّ مراد من ) اناظر ( أما إذا كان ال ُ
فآل إلى المصدر المنقول منه ،
ل ) اناظر ( ،بل ينبغي أن يقال عند ينبغي استعما ُ
) من كتابا كذا ( ، خأتام النص المنقول :
أو ناحوُ هذا ،دون أمرٍ بالنظر .أ.هِ .
14
سم الثالث
ُ الق
ِ
ة في الطّ ْرح
المان ُ
م من أكثرِ القسام اناتشارا ً بين هذا القس ُ
أكثر
َ المنتسبين إلى العلم و المعارف ،و ما
ل ،و ما أشد ّ استغفالهم زلَلَهُم فآي هذا المح ّ
لنافسهم و لغيرهم .
أحوال القوم المعرفآيين يرى ِ ص ُر فآيمتَب َ ّ
و ال ُ
ً
ظهور ذلك بينا واضحا ،فآليس بالخافآي الغائب ، ً َ
يأتي أنابلهم فآيلقي ما فآي جعبتهِ من معرفآةٍ بين
طرحه ، ْ ن لفظه ،و جما ُ
ل س ُ ح ْ أقوام سلبهم منه ُ
ل به ،و ل ممن و فآي التحقيق ليس بمن يُحفَ ُ
ح بطرحه ،و لكن استخفاف القوم سبي ُ
ل فر ُيُ َ
طاعة .
الطرح تُفْتَقَد ُ فآي
ِ ة ( فآي و ) الماناة العلمي ُ
محلّيْن :
المحل الوأل :التأهل . ّ
ً
الطارح متأهل لن يكون ِ و أعني به :كون
ل ناوعان : موضعا ً لخأذ العلم عنه .و التأه ُ
ل تعليم ٍ . أولهما :تأهّ ُ
الرجل متأهل ً لن يكون طارحا ً ِ ن
و يُراد ُ به كو ُ
ة جهتان : للعلم بين مستحقيه ،و هذه الهلي ُ
ة علم ٍ ،بأن يكون على علم ٍ الوألى :أهلي ُ
ه مشهودا ً له فآيه ،متقنا ً لمسائلِه ،قال بما يطرح ُ
ابن جماعة _ رحمه الله _ " التذكرةا " ) _169 ُ
15
أحسن
ُ ن هو م ْفآن َ ل ّ : ( 170بل يعتمد ُ فآي ك ّ
أكثر تحقيقا ً فآيه و تحصيل ً منه ،و ُ تعليما ً له ،و
أخأبرهم بالكتابا الذي قرأه .أ.هِ.
مشاهَد ُ الن فآي أحوال المتصدرين للتعلم و ال ُ
سوناه ،
در ُ الفن الذي ي ُ ّ ّ تراهم لم يُتقِنوا أصو َ
ل
فآضل ً عن التحقيق فآي الفن ذاته ،بل ربما لم
جهدِه أن جع َ
ل ة َ يَفْقَه المتن و لم يفهمه ،و غاي ُ
ة يفخ َُر بها بغير حقّ و فآي ضمائم ِ مؤهلته ورق ً
أدبا .
ة للعلم و أهله ،و خأيانا ً و ما صنيعُ هؤلء إل ِ
غُرورا ً بمجموع ذهنه .
ن ،أخأذ َ أهل العلم بأن س ّ ة ِ الثانية :أهلي ُ
معَينةٍ إذا بلغها ن ُ س ّبلوغ ِ ِ التعليم ل يكون إل فآي
ل،و الرجل تصد ّ َر للتعليم ،و لهم فآي ذلك إعل ٌ
حاصلُه علتان :
ضج ،حيث ل يكون تمام م الن ّ ْ
أولهما :عد ُ
سن الشد ّ . ّ حيثُ العقل إل فآي الربعين
ثا ،قال ابن حد َ َحقُ ال َ الحتقار الذي يَل ْ َ ُ الثاناية :
الشبابا معذور ،و علمه محقور .
)( 1
ِ ُ
معت ّز :جهل ال ُ
ن،و س ّ
م للعلم ل ال ّ مد َ هو الفه ُ معت َ إل أن ال ُ
ل للفآتاء و التعليم ة بأخأبارِ من تأه َ م مليئ ٌ ج ُالترا ُ
صغَر ،و الخأذ بالقولةِ الشهيرةا فآي النهي فآي ال ّ
صغار العلم أو ُ عن الخأذ من الصاغر يُراد ُ بها
المبتدعة .
( 1)1اناظر " :فآتح المغيث " ) . ( 233:3
16
1
) (1راجع " :التحبير شرح التحرير " ) " ، ( 8/3865
البحر المحيط " ) . ( 6/199
" (2)2البحر المحيط " ) . ( 6/205
18
ن لَه أهلِي ّ ُ
ة م ْ قر َرها العُلماءُ فآي َ ط ّ فآهذهِ شُ ُروْ ٌ
جدُها ناصوص الشّ ْر ِع ،فآمتى كان توا ُ ِ حكْم ِ على ال ُ
مؤَهل ً لتلك ّ
الرتْبَة . فآي العالم ِ كان ُ
ن ناالَها و م ْل َ َت كان له الخأذ بِق َْوْ ِ و متَى تَخلّف ْ
ه وَ َرأيَه . أد ْ َركَها ،و اعتَب َ َر العُلماءُ قَوْل َ ُ
إيقاظ :هذا كله فآي المجتهد المطلق ،أما ٌ
ج إلى جتهد ُ فآي بعض المسائل فآإناما يحتا ُ ن يَ ْ م َْ
قوةاٍ تامةٍ فآي النوع الذي هو مجتهد ٌ فآيه .
)(1
1
) " (1البحر المحيط " ) . ( 6/205
19
" أدبا المفتي و المستفتي " ) ص ، ( 91و مثله " :المجموع " ) " ، ( 1/71صفة (2)2
المفتي و المستفتي " ) ص " ، ( 17البحر المحيط " ) ( 207 / 6مهم .
2
) " (1البحر المحيط " ) . ( 305 /6
20
1
) " (1البحر المحيط " ) . ( 307 /6
21
الفصيح فآي
ِ أوتيه من معرفآةِ إمرار اللفظ على
ة الصوابا . لحوقا فآهمه مجاناب َ
ِ العرابا ،مع
عتمدات أهل ِ م
م الخأذ ب ُ
ل الثاناي :عد ُ مح ّال َ
مر تَكراره ،و الفنون فآي فآنوناهم ،و قد ّ
م جدا ً ، لمناسبته أعدته ،و مراعاةاُ هذا الشيء مه ٌ
معتمد ُ أهل ح المتصد ّ ُر كلما ً على أناه ُ إذ ربما يَطر ُ
ي ت و عُن ِ َ ح ّر َر ْ الفن و ليس بذاك ،فآإن الفنون قد ُ ّ
ن
ظ هُ ّ ل أهلها ،و تواضعوا على ألفا ٍ بها من قِب َ ِ
ل الفن . اصطلحات لهم يفهمون من خأللها مسائ َ
المتصدر
ُ ح للعلم ،و و من هذا أن يعتني الطار ُ
لنشره _ إن كان أهل ً _ بمتوناهم المعتبرةا ،قال
العلمة المرعشي الشهير بساجقلي زاده :
) المنقول من سيرهم ،و المتبادر من كلماتهم
فآي مؤلفاتهم أناهم تناولوا متون الفنون المعتبرةا
و هي مسائلها المشهورةا ( أهِ ).(1
با من الخياناة لِ ) الماناة ض ْر ٌ
و إهمالها َ
العلمية ( .
الحديث عن هذا المحل يكون الناتهاءُ ِ و بتمام ِ
) الماناة صورِ ضياع من تقريرِ ُ
العلمية ( ،و بيان شيءٍ من مفاسدِ ذلك التضييع
لها .
القلب ُ
ِ و لعل فآي تمامها يكون وَعْظ قائم ِ
بمراجعةِ النفس ،و محاسبة الذات ،و السعي
أكثر و
َ فآي حفظ ) الماناة العلمية ( من أن تضيعَ
أكثر .
َ
عبث
ِ من صاناهم و ، أهله و العلم الله حمى
الباطلين . العابثين ،و تلعب
م ،و صلى الله و سلّم على سيدناا و و الله أعل ُ
نابينا محمد ،و على آله و صحبه .