Professional Documents
Culture Documents
المعجم الفلسفي لمجزوءة الوضع البشري
المعجم الفلسفي لمجزوءة الوضع البشري
تقديم المفهوم:
عادة ما يقترن مفهوم الحرية بالتخلص من اإلكراه والمعيقات ،سواء كانت طبيعية أو نفس ية أو اجتماعي ة
أو سياسية .ونظرا لهذه الجوانب المتباينة التي يحيل عليها مفهوم الحرية ،ف إن تحدي ده يط رح الكث ير من
الصعوبات .فإذا كانت الحرية خصما عنيدا للحتمية ،فإن ذلك س يلقي به ا في أحض ان العفوي ة والص دفة.
أما إذا كانت خاضعة لقانون ما ،فهذا سيطرح مسألة اإلرادة موضع تساؤل .واإلرادة تستدعي المسؤولية؛
إذ بدون حرية اإلرادة يمتنع الحديث عن المسؤولية.
إن مفهوم الحرية يشكل قيمة أخالقية عليا ،بل يشكل أساس القيم .ذل ك أن ه ال يمكن تص ور القيم األخ رى
بمع زل عن قيم ة الحري ة .فمفه وم الحري ة يش ير إلى ح ق تجس ده الق وانين ويم ارس فعلي ا في المج ال
السياسي .وبقدر ما يثير مفهوم الحرية من طموح فردي وجماعي ،إال أنه يظل مفهوما ملتبسا وغامضا.
انطالقا من ذلك ،يتح دد اإلش كال الفلس في له ذا المفه وم ،وال ذي يمكن ص وغه في التس اؤالت التالي ة:م ا
الحرية؟ وهل تتعارض مع الحتمية أم أن الوعي بالحتمية هو أس اس الحري ة؟ بمع نى آخ ر ،ه ل اإلنس ان
حر في أفعاله وتصرفاته واختياراته ،أم أنه خاضع لضرورات وحتميات خارجة عن إرادته؟ ه ل أفعالن ا
نت اج إلرادتن ا أم أنن ا ملزم ون به ا؟ وعلى أي أس اس تق وم الحري ة ،ه ل على اإلرادة الح رة أم على
الضرورة؟ ما العالقة القائمة بين الحرية والقانون؟ وهل القانون يضمن ممارسة الحرية أم أن ه يح د منه ا
ويضيق عليها؟ بمعنى آخر ،هل الحرية تتعارض مع القانون؟
إن الفع ل اإلنس اني ع رف ج دال واس عا بين الق ائلين بحري ة مطلق ة ،والق ائلين بالجبري ة؛ فه ؤالء ،أي
الجبريين ،اعتقدوا أن اإلنسان مجبر على أفعاله كلها ،ما دام أن هللا قد كتبها علي ه .إن ه ال يمل ك الحري ة
والقدرة على رفضها .خالفا لذلك ،رأى المعتزلة أن اإلنسان ح ر في اختي ار أفعال ه؛ ألن هللا وهب ه ملك ة
العقل ليختار ما يريد .وفي مقاب ل ذل ك ذهب ابن رش د ،في نص ه ه ذا المقتط ف من كتاب ه "الكش ف عن
مناهج األدلة" ،إلى أن االنسان ليس مجبرا بإطالق وال مخيرا بإطالق ،وإنم ا ه و واق ع بين ح دي الج بر
والتخيير ،ذلك أن الفعل االنساني هو نتاج تضافر االرادة االلهية واإلرادة االنسانية معا ،إنه فع ل ي تركب
من حرية االختيار والقدرة واإلرادة ،يستطيع بها فعل الخير والش ر وب اقي األض داد األخ رى .ولكن ه في
نفس الوقت محكوم بضرورات مثل قوانين الطبيعة وقوى الجسد المخلوقان من طرف هللا .ولتوضيح هذه
األطروحة ،يبدأ ابن رشد نصه باإلش ارة إلى أن اإلنس ان وهب ه هللا س بحانه وتع الى ق درات يس تطيع من
خاللها أن يفعل الخير وأن يفعل الشر (األض داد) .غ ير أن فع ل اإلنس ان وكس به ال يمكن أن يخ رج عن
القوانين الطبيعية التي خلقها هللا في هذا الكون .وهكذا تكون أفع ال اإلنس ان من جه ة ،ص ادرة عن إرادة
اإلنسان وحريته ،غير انها تتم في إطار األسباب والقوانين الطبيعة التي تجري على نظام محدد وثابت.
يحاول ميرلو-بونتي في كتابه "فينومينولوجيا اإلدراك" (الجزء الثالث) ،أن يعالج مفه وم الحري ة انطالق ا
من نقده لبعض التصورات الفلسفية المعاصرة ،وخاصة تصور سارتر ال ذي أك د على أن الحري ة إم ا ان
تكون مطلقة أو ال تكون على اإلطالق .وفي هذا النص يذهب ميرلوبونتي إلى الق ول ب أن حري ة االنس ان
حرية مقيدة ومحكومة بضرورات قد يعيها اإلنسان وقد ال يعيها .وه4ذه الض4رورات ال تنفي حريت4ه ،ب4ل
تعطي ميزة لإلنس44ان بوص44فه كائن44ا ل44ه ق44وانين تنظم حيات44ه ومجتمعه .4إن الحري ة ليس ت مرادف ا لمع نى
الكمال واالطالقية ،كما تصورها سارتر ،وإنما هي واجب ومسؤولية .إن القول بحرية مطلقة ه44و وهم.
كم44ا أن نفي الحري44ة عن االنس44ان ه44و اعتق44اد خ44اطئ .إن حي اة االنس ان محكوم ة بش بكة من العالق ات
وبعوامل تاريخية ونفسية واجتماعية ،لكنه ،ومع ذلك ،يستطيع بحرية تغي ير اتج اه حيات ه وإدخ ال تع ديل
عليها .ولتوضيح هذه األطروحة يمكن أن نقف عند أهم األفكار الواردة في النص .حيث بدأ ميرلو-بونتي
نصه بع رض تص ور س ارتر بش أن الحري ة؛ فهي إم ا ان تك ون حري ة مطلق ة ،او ال توج د حري ة على
اإلطالق .مؤكدا على أن ه ذا التع ارض بين الحتمي ة واالطالقي ة ،ه و تع ارض نج ده متمثال في ك ل من
النزعة الموض وعية ال تي تنطل ق من مس توى الوج ود الموض وعي لإلنس ان؛ بحيث تك ون أفعال ه نابع ة
ومحكومة بالعالم الخ ارجي الموض وعي .ونج ده أيض ا ل دى أنص ار التحلي ل الت أملي ال ذين يح اولن فهم
التجربة الداخلية لإلنسان ،ومن ثم يؤكدون على أن أفعاله نابعة من داخله.
وانطالقا من ذلك ،يبين ميرلو-بونتي أن اإلنسان مندمج م ع الع الم والغ ير ان دماجا يلغي (الق ول) الحري ة
المطلقة .لذلك فإن أفعال اإلنسان تدون دوما ض من وض عية معين ة (طبيعي ة-اجتماعي ة-نفس ية) أو معطى
معين؛ بحيث ال تكون أفعاال عفوية (طبيعية) ،بل تكون مرفوقة بالقصدية واإلرادة ،وه ذا م ا يجع ل منه ا
أفعاال حرة .غ ير أنه ا ليس ح رة ب المطلق ،ب ل هي مقي دة وتخض ع دوم ا لعوام ل معين ة ،مث ل ماض ي،
وطبعي النفسي ،واالجتماعي والثقافي...فاإلنسان يظل في نهاية المطاف عبارة عن بنية نفس ية وتاريخي ة
وثقافية واجتماعية."..
خالص44ة تركيبية :وقفنا إذن ،عن د تص ورين فلس فيين مختلفين ،لكنهم ا متك املين :تص ور يق ارب مفه وم
الحرية من زاوية دينية (ويمثله ابن رشد) ،حيث يرى_ خالفا لبعض التصورات األخرى سواء تلك ال تي
ترى أن الفعل اإلنساني فعال حرا (المعتزلة) ،أو تلك التي ترى أنه فعال مجبرا من خلق إلهي(الجبري ة)_
أن الفعل اإلنساني له الحرية والق درة على فع ل الش يء وض ده (الخ ير والش ر) .إال أنه ا حري ة مح دودة
ومشروطة بقوانين الطبيعة وبقدرات الجسد التي خلقها هللا .اما التصور الثاني فيقارب مفه وم الحري ة من
منظور فلسفي ،فينومينولوجي ،تاريخي ،سوسيولوجي ..وهذا ما يجعله مختلفا عن التص ورات الوس يطية
التي كانت تقارب المفهوم انطالقا من زاوية دينية فقط .وقد تجاوز ميرلو-بونتي (مث ل ابن رش د) كال من
الرأي القائل بحري ة مطلق ة لإلنس ان (س ارتر) ،وك ذلك ال رأي ال ذي يرج ع الفع ل اإلنس اني إلى ش روط
إكراهية خارجية (طبيعية ،نفسي ،اجتماعية) .وأكد في المقابل على أن اإلنسان هو وجود في الع الم وم ع
اآلخرين ،تحكمه شبكة من العالقات ،لكنه يس تطيع بحري ة وإرادة أن يع دل من ه ذه العوام ل (الطبيعي ة،
النفسية ،االجتماعية )...ومن ثم يمنح معنى لوجوده وحياته .وهكذا ،يمتلك اإلنسان ،بوصفه كائن ا ع اقال،
حرية اإلرادة التي تمكنه من القيام بأفعال أخالقية يتجاوز فيها إكراهات الطبيعية وميوالته الذاتية.
يرى كانط أن كل كائن عاقل هو كائن يتمتع بحرية اإلرادة والقدرة على القيام بالفعل األخالقي .وال معنى
للفعل األخالقي في غياب الحرية واإلرادة .إن مج ال األخالق ه و مج ال ممارس ة اإلرادة الح رة لفعله ا.
واإلنسان بوصفه كائنا عاقال يستطيع ،اعتمادا على إرادته الحرة ،وضع القواعد العقلي ة للفع ل اإلنس اني،
والقيام بالفعل األخالقي الذي يتجاوز فيه إكراهات الطبيع ة والمي والت الذاتي ة .لكن ،إذا ك ان ك ل إنس ان
(بوصفه كائنا عاقال) يتمتع بحرية اإلرادة ،فال يعني ذل ك أن ك ل ش خص يتص رف بحري ة (باس تقاللية).
فالتصرف بحرية يعني عند كانط ،هو أن يتصرف المرء باس تقاللية تام ة ،والتص رف االس تقاللي يع ني
التصرف طبقا لقانون وضعته لنفس ي ،وليس طبق ا إلمالءات من الطبيع ة أو التقالي د االجتماعي ة .وهك ذا
يقاب ل كان ط بين مفه ومي "االس تقاللية" و "التبعي ة" .فان ا عن دما أتص رف بتبعي ة ف إنني أتص رف طبق ا
لقرارات أعطيت لي من خارج نفسي .لكن أن يتصرف الم رء بحري ة ال يع ني أن يخت ار أفض ل وس يلة
لغاية معينة؛ بل أن يخت ار الغاي ة عينه ا ،وألجله ا هي .وه ذا خي ار يس تطيع اتخ اذه بن و البش ر فق ط وال
تستطيع باقي الكائنات األخرى فعله .وهذا يعني ان اإلنسان هو الكائن الوحيد الذي يمتل ك حري ة اإلرادة.
لكن امتالكه لحرية اإلرادة ال يعني انه يتصرف دوما بحرية.
حاول نيتشه في كتابه "جينيالوجيا األخالق" ،أن يبرز مصدر كل األحك ام والقيم الخالقي ة ،والكش ف عن
العوامل واألحداث الخفية ال تي أدت إلى ميالد األخالق (الخ ير والش ر ،الفض ائل والرذائ ل .)..وفي ه ذا
النص ينتقد نيتشه ما يسميه "المثل الزهدي" بوصفه تصورا ينتهي ،عند ف رض إرادت ه في إعط اء مع نى
لحياة اإلنسان وبلوغ الكمال األخالقي ،إلى نفي الحياة .وهكذا فإن حرية اإلرادة التي يتحدث عنه ا كان ط،
تكاد تكون فكرة مثالية ،ذلك أن الواقع يقول عكس ذلك؛ فاإلنسان ال يسمح له بفرض ه ذه اإلرادة ومن ثم
الحق في رفض األشياء واإلعراض عنها أو إتيانها وفق ما تمليه إرادته الحرة ،ب ل الحاص ل أن اإلنس ان
مرغم على الخضوع وتنفيذ األوامر دون اعتراض منه .على هذا األساس ،رأى نيتشه أن األخالق ليست
إال إنتاجات وتأويالت بشرية؛ فاإلنسان هو من قام بص ناعة األخالق من أج ل أن يحاف ظ على مص الحه
الشخص ية .إن ارتب اط اإلرادة ب األخالق ،حس ب نيتش ه ،وبالمث ل الزه دي ،ال ذي عم ل من أج ل أخالق
كاملة ،لم يؤد إال إلى نفي الحياة وإرادة الحياة .هذا المثل الزهدي م ارس قوت ه بفع ل إرادة المع نى ال ذي
أعطاه لحياة اإلنسان ،لكن تم إقصاء كل ما ه و غري زي وحس ي في اإلنس ان ،إقص اء اإلرادة في الحي44اة
التي هي مهمة في نظر نيتشه ،وليست إرادة المعنى األخالقي .إن اإلرادة بهذا المعنى ليس محكوم عليه ا
أن تظل عبدا للعقل والقانون ،بل ينبغي عليها أن تثير تلك األشياء التي أصبحت ،بفعل األخالق ،ممنوع ة
ومحرمة ،كاألحاسيس والغرائز وكل ما يبعث على الحياة وينميها.
خالصة تركيبية:
نالحظ أن هناك تصورين مختلفين :تصور يرى أن اإلنسان هو الكائن الوحيد الذي يملك حري ة اإلرادة،
وبفضلها يستطيع أن أن يؤسس القانون األخالقي؛ أي يستطيع ،اعتمادا على إرادته الحرة ،وضع القواع د
العقلية للفعل اإلنساني ،والقيام بالفعل األخالقي الذي يتجاوز فيه إكراه ات الطبيعي ة وميوالت ه وغرائ زه.
وهذا ما يرفضه نيتشه (التصور الثاني) ،الذي يرى أن ارتباط اإلرادة باألخالق وبالمثل الزه دي ،لم ي ؤد
إال إلى نفي الحياة؛ ذلك أن إرادة المعنى التي مارسها المثل الزهدي أدي إلى إقصاء ك ل م ا ه و إنس اني
في اإلنسان (نفي الحياة) :غرائزه ،حواسه ميوالته ،رغبته في السعادة والجم ال .وله ذ ،ف إن م ا ه و مهم
في نظر نيتشه ،ليس هو إرادة المعنى األخالقي ،بل المهم هو اإلرادة في الحياة.
ارتبط تصور مونتيسكيو للحرية بالتصور العام لعصر األنوار الذي رب ط مفه وم الحري ة بمف اهيم أخ رى
كالمجتمع والقانون والسياسة .ل ذلك رأى مونتيس كيو ،في نص ه المقتط ف من كتاب ه "روح الق وانين" ،أن
اإلنسان لم يشعر بالحرية الحقيقي ة إال داخ ل المجتم ع ،المحك وم بق وانين وتعاق دات أخالقي ة وسسياس ية.
فالحرية ال ترتبط بإرادة األفراد في فعل ما يشاءون ،بل هي ما تسمح به الق وانين داخ ل المجتم ع .وه ذه
القوانين هي وحدها التي يمكن أن تضمن حرية اإلنس ان .إنه ا إذن حري ة قانوني ة محمي ة من ك ل ش طط
وتعسف من طرف القوانين ذاتها.
ولتوضيح أطروحته ،وظف النص مجموعة من األفك ار ش كلت الهيك ل االس تداللي ألطروحت ه ،اس تهلها
بتوضيح معنى "الحرية السياسية"؛ فهي ال تعني ان نقوم بما نريده ،كما قد يظن البعض ،بل أن نقوم بما
تسمح به القوانين .فالشعب في األنظمة الديمقراطية التي تسود فيها القوانين ،يتمتع بحري ة سياس ية قائم ة
على القدرة على فعل ما تسمح به قوانين الدولة ،وعدم اإلكراه في المقابل ،على فعل ما ال تسمح ب ه تل ك
القوانين .ولذلك يمكن القول ،إن الحرية هي إطاعة القوانين التي تنظم حي اة الن اس داخ ل المجتم ع .وك ل
شخص يقوم بعصيانها ،سوف لن يكون قادرا على التمتع بالحرية السياسية؛ ما دام أن كل شخص س يقوم
بهذا األمر .وهكذا فإنه ال يمكن الحديث عن حري ة سياس ية إال في ظ ل وج ود أنظم ة ديمقراطي ة معتدل ة
تسعى إلى ممارسة الخير العام؛ بحيث تكون السلطة السياسية منبثقة عن القوانين ،أي تكون منظمة بشكل
يمنع التعسف في استعمالها ،حيث تكون هناك سلطة أخرى تحدها.
ترى حنا أرندت ،في نصها المقتطف ممن كتابها "أزمة الثقافة" ،أن الحديث عن حري ة داخلي ة (بوص فها
مفهوما ال سياسيا) موطنها القلب أو اإلرادة ،هو حديث غ ير قاب ل للبرهن ة .ل ذلك من غ ير الممكن رب ط
أهمية الحرية باإلرادة واالستبطان كما فعل الفالسفة .بل إن المجال الحقيقي والوحيد للحري ة ه و المج ال
السياسي والحي اة العام ة .ومن ثم ال يمكن تص ور حري ة خ ارج العالق ات اإلنس انية ال تي يحكمه ا تنظيم
سياسي .بمعنى أن اإلنسان ال يدرك حريته إال عندما يمارس ها بش كل فعلي ملم وس؛ عن دما يقيم عالق ات
مع اآلخ رين ،في مج االت عمومي ة ،وعن دما يتنق ل بك ل حري ة وأم ان ،وعن دما يتكلم ويع بر عن رأي ه.
فالحري ة والسياس ة إذن ،مفهوم ان متالزم ان .ولتوض يح ه ذه األطروح ة يمكن الوق وف عن د أهم أفك ار
ومضامين هذا النص .حيث بدأ أرندت نصها بالتأكيد على أن الحرية ،بوص فها ممارس ة فعلي ة ال إش كاال
نظريا ،كانت دوما تمارس داخل مجال السياسة؛ إذ لم تعرف مج اال آخ ر غ يره .مش يرة في ال وقت ذات ه
إلى أنه ال يمكن الحديث عن حرية داخلية (بوصفها مفهوما ال سياسيا) دون أن توجد حري ة ملموس ة في
العالم ومع اآلخرين .فنحن نعي فعال أنن ا أح رار عن دما ن دخل في عالق ة م ع ال ذوات األخ رى ،ويك ون
بمقدورنا ان نتنقل وان نتحدث بكل حرية .وهكذا ،فالحرية قبل أن تكون سمة من س مات اإلرادة أو ص فة
للفكر ،أو شعورا داخليا فكريا أو وجدانيا؛ فإنها ممارسة فعلية في العالم وم ع اآلخ رين؛ حين ذاك يمكن ني
القول إنني حر أو غير حر.
غير أن الحرية ال توجد بالضرورة في كل ش كل من أش كال العالق ات اإلنس انية؛ ذل ك أن ه ثم ة عالق ات
ينعدم فيها التنظيم السياسي (مثل التجمعات القبلية ،األسرة ،)...ومن ثم فإن الحري ة ليس ت ع امال منظم ا
ألفعال وتصرفات األفراد ،بقدر ما تكون هن اك عوام ل أخ رى منظم ة له ا .وانطالق ا من ذل ك ،ال يمكن
الحديث عن حرية حقيقية دون أن تكون لألفرادة القدرة على الكالم والتعبير عن آرائهم ومعتقداتهم داخ ل
فضاء عمومي يتيح لكل مواطن حقه في التعبير عن آرائ ه ومعتقدات ه بش كل ح ر وعل ني .وهك ذا تخلص
أردنت ،إلى أن الحديث عن الحرية الداخلية ،بوصفها شعورا داخليا ،أو رغبة او أمني ة ،أو طموح ا ،ه و
حديث غير قابل للبرهنة .ل ذلك ،تبقى الحري ة ال تي يمكن البرهن ة عليه ا ،هي تل ك الحري ة ال تي تم ارس
بشكل فعلي داخل مجال السياسة؛ في العالم ومع اآلخرين.
خالصة عامة :اختلف المفكرون والفالسفة بشأن الفعل اإلنساني ،فهن اك من اعت بره فعال ح را ب دون قي د
(المعتزلة) ،وهناك من نظر إليه بوصفه فعال مج برا من خل ق إلهي (الجبري ة) .لكن هن اك من رأى (ابن
رشد) أن التصورين معا ق د أخط أ في فهم حقيق ة ه ذا الفع ل .إن اإلنس ان ل ه الحري ة والق درة على فع ل
الشيء وضده .إال أن حرية اإلنسان هي حرية مشروطة بقوانين الطبيعة وقدرات الجسد التي خلقها هللا.
إن هذا الطرح اإلشكالي لمفهوم الحرية سيعرف تحوالت مع الفكر الفلسفي المعاصر ،بحيث س يتم النظ ر
إلى اإلنس ان ،ال بوص فه ح را حري ة مطلق ة ،وال بوص فه ك ذلك فعال مش روطا ومقي دا بإكراه ات
وضرورات ،ب ل س ينظر إلى اإلنس ان بوص فه يوج د في ه ذا الع الم وم ع اآلخ رين ،محك وم بش بكة من
العالق ات ،لكن ه يس تطيع بحري ة وإرادة أن يع دل من ه ذه العوام ل ويغيره ا .غ ير أن ارتب اط االرادة
باألخالق لم يؤد إال إلى نفي الحياة (نيتشه) .بحيث تم اقص اء ك ل م ا ه و إنس اني في اإلنس ان؛ غرائ زه،
ماديته ،حواسه...فالمهم ليس إرادة المعنى األخالقي ،بل المهم هو إرادة الحياة .فما هو المجال إذن ،ال تي
يمكن أن يمارس فيه اإلنسان حريته؟ إن الحرية ال ترتبط بإرادة األف راد ورغبتهم في فع ل م ا يحل و لهم،
بل ترتبط أساسا بالقوانين ،فهذه األخيرة وحدها التي تحدد ما يجب فعله وما ال يجب فعله ،إنها إذن حرية
قانونية (مونتيسكيو) .كما أن الحرية ليس ت إرادة ذاتي ة أو ص فة لل وعي وللحي اة الداخلي ة .إن ه مفه وم ال
ي درك إال في إط اره الحقيقي ،ال ذي ه و المج ال السياس ي والحي اة العام ة .فالحري ة والسياس ة مفهوم ان
متالزمان (حنا ارندت).
المعرفة: -
الحقيقة :يدل اللفظ منطقيا ،على على مطابقة الفكر لذاته ،وواقعيا على مطابقة الحكم لموضوعه. -
الرأي :المعرفة العامية الخاضعة للمعتقدات السائدة ،والتي يغلب عليها الظن. -
المعيار :هو المقياس الذي نستعمله لتمييز القضايا الصادقة عن الخاطئة ،واألشياء الجميلة عن القبيحة ،والفضائل -
عن الرذائل
العلم :مجموع القوانين والنظريات التي تحاول تفسير ظواهر مجال معين (طبيعي ،اجتماعي ،نفسي).. -
النظرية :مجموع األطروحات والقوانين التي تؤسس نسقا متكامال لفهم وتفس ير ب ل والتنب ؤ ب الظواهر في مج ال -
معين.
التجرب ة :ت دل في المج ال العلمي على اللحظ ة المنهجي ة ال تي يتم فيه ا اختب ار الفرض يات ،وهي لحظ ة عملي ة -
مرتبطة بالواقع.
العقالنية :هي صفة للمذهب الذي يعتبر العقل وحده مصدر المعرفة والحقيقة. -
اليقين :هو حالة الفكر الذي يتبنى بشكل محكم وصارم كل ما توصل إليه من حقائق. -
المنهج :مجموع الخطوات واإلجراءات التي بواسطتها يمكن بلوغ هدف محدد في مجال معين. -
الفهم :نشاط فكري يدرك اإلنسان بواسطته الظاهر ،قصد إضفء معنى عليه ا وذل ك من خالل الرب ط بين الفع ل -
والنتائج.
الموضوع :العالم الخارجي لإلنسان ،ال ذي يتش كل من اآلخ رين والظ واهر الطبيعي ة واألدوات المص نوعة...في -
مقابل الذات.
الموضوعية :هي خاصية ما هو موجود بشكل مستقل عن الذات .كما تدل على ما هو متطابق مع واقعة ما. -
السياسة :أسلوب أو نمط حكم الدولة ،وكيفية توجي ه مواطنيه ا اعتم ادا على الس لطة والق انون .أو هي فن تنظيم -
الشؤون العامة للمجتمع وذلك في سائر مجاالت الحياة .كما يمكن تعريفها أيضا بكونها فن المك ر والخ داع ألج ل
امتالك السلطة وممارستها والحفاظ عليها.
الدولة :هي جه از سياس ي يعم ل على أرض مح ددة ،وذل ك به دف حماي ة الق انون وت أمين النظ ام من خالل -
مجموعة من السياسية والعسكرية والقانونية .وتشير الدول ة أيض ا إلى ك ل كي ان بش ري ل ه خص ائص تاريخي ة،
جغرافية ،لغوية ،ثقافية ودينية مشتركة ،وبالتالي فهي ترتبط بمعنى األمة.
السلطة :القدرة التي يتوفر عليها فرد أو جماعة للتأثر على اآلخرين وتوجيه تصرفاتهم. -
الغاية :تشير في الفلسفة إلى الهدف أي إلى ما يتم ال نزوع إلي ه ،تقابل ه الوس ائل ال تي توظ ف في تحقي ق غاي ات -
معينة.
العنف :استعمال القوة تجاه الغير من اجل إخضاعه إلرادة الذات .أو هو كل سلوك يلح ق األذى ب اآلخرين س واء -
كان ماديا أو معنويا .وترى حنا أرندت بأن القوة ال تتحول إلى عنف إال عندما تستخدم ك أداة للس يطرة والهيمن ة.
وقد تحدث االغريق عن العنف بوصفه إفراطا في استعمال القوة وخرق للقوانين وتدنيس للطبيعة.
العدوانية :كل سلوك يقوم به فرد ما بشكل شعور أو غير شعوري ،يكون الهدف من ه إلح اق الض رر ب اآلخرين. -
ويعد في نظر لورنتز سلوكا فطريا في االنسان كما هو األمر بالنسبة إلى باقي الكائنات األخرى.
االنتقاء الطبيعي :عملية تحدث في الكون وبواسطتها تبقى الكائنات االكثر تكيفا مع بيئاتها على قيد الحياة (البق اء -
لألصلح).
النوع :مجموعة من األفراد أو الكائنات تك ون ق ادرة على التك اثر فيم ا بينه ا ،بمع نى الق درى على عم ل س اللة -
قادرة على الحياة والتكاثر.
الجنس :ما ي دل على أف راد كث يرين مختلفين ب األنواع .فه و أعم من الن وع؛ ف الحيوان جنس واالنس ان ومختل ف -
الكائنات األخرى نوع.
الحرب :يعرفها كلوزفتش بكونها فعل من أفعال القوة (الخاص باالنسان) التي نحاول من خالل ه إخض اع الخص م -
إلرادتنا وذلك باستعمال كافة الوسائل التي توفرها لنا الصناعة.
القانون :قاعدة إلزامية موضوعة من طرف سلطة عليا ،وظيفتها تنظيم األفراد داخل مجتمع معين. -
المجتمع الم44دني :يتش كل من مختل ف التنظيم ات التطوعي ة الح رة ال تي تمأل المج ال الع ام بين األس رة والدول ة -
وتعمل على تحقيق مصالح األفراد المادية والمعنوية ،والدفاع عن هذه المص الح في إط ار االل تزام بقيم ومع ايير
االحترام والتس امح الفك ري والسياس ي والقب ول بالتعددي ة .أم ا عن د هيج ل فيعت بر مج اال للتن افس بين المص الح
المتعارضة .وال يتحقق له ذا المجتم ع اس تقرار إال في إط ار الدول ة ال تي تخل ع عليه ا طابع ا أخالقي ا .وال يمكن
المطابقة بينه وبين الدولة كما فعل فالسفة العقد االجتماعي.
الحرية( :أنظر التعريف السابق) -
الحق :يدل على ما لإلنسان من حريات .كما يدل على العدل .ويدل في اللغة على الثبات وقد يعني مطابق ة الحكم -
للواقع .ويعرفه الالند بأنه "كل ما هو مسموح به بموجب قاعدة قانونية أو معيار أخالقي".
الحق الطبيعي :مجموع الحقوق التي ينبغي أن يتمتع بها االنسان بحكم طبيعته كإنسان (الحق في الحياة ،الحري ة، -
المساواة .)...ويعرفه هوبز بأنه الحرية التي لكل إنسان في أن يفعل ما يشاء وفق ما يراه مناسبا له (أن يتص رف
كما يشاء في إمكاناته الخاصة للمحافظة على حياته) .والحرية عنده تعني غياب كل العوائق التي تقف عائقا أم ام
رغبة المرء في أن يفعل ما يشاء وما يحلو له .وفي المقابل يعرف هوبز القانون الطبيعي بأنه قاعدة أمالها العقل
البشري تهدف إلى منع المرء من القيام بأي شيء من شأنه أن يؤدي إلى هالك الذات .وقد أملى هذا القانون على
االنسان فكرة مهمة جدا تتمثل في التنازل عن حقه الطبيعي من أجل التعايش المشترك.
الواجب :يدل على ما لإلنسان من التزامات نحو الغير والدولة. -
حالة الطبيعة :حالة سابقة على حالة الدولة وتتم يز بغي اب الق وانين والمؤس ات ،وبحري ة الم رء في أن يفع ل م ا -
يشاء بما في ذلك استخدام القوة الفيزيائية.
العقد االجتماعي :نظرية اجتماعية تقول بأن النظام االجتماعي يق وم على اتف اق إرادي بين األف راد المك ونين ل ه -
للخروج من حالة الطبيعة.
العدالة :هي المساواة وعدم التمييز بين الناس على أساس الدين أو العرق أو الجنس...والتزام الحياد أثناء الفص ل -
بين المتخاصمين وذلك باالحتكام إلى القانون.
االنصاف :رفع الحيف عن المظلوم ،وتعويض المتضرر عن ما لحقه من ضرر. -
الشرعية :هي خاصية أخالقية إذا ما تم إضفاؤها على فكرة أو أو فعل يصبح مقبوال من طرف المجتمع. -
المشروعية :ممارسة الحكم وفق قوانين مقبولة من طرف المجتمع القائم. -
المعجم الفلسفي لمجزوءة األخالق
األخالق :مجموع قواعد التصرف والقيم السائدة في مجتمع ما .كما ت دل على الغاي ات ال تي على اإلنس ان العم ل -
من أجل بلوغها .
الواجب :كل ما ينبغي على اإلنسان القيام به (إلزاما أو التزاما). -
الحتمية :تطلق على مذهب يعتبر اإلنسان خاضع إلكراهات جبرية ،حيث يظهر فاقدا لكل حرية أو إرادة. -
الحرية( :التعريف السابق) -
اإلرادة :القدرة على االختيار والتصرف وفق ما يمليه تفكير الفرد ،وحسب قناعاته. -
القانون( :أنظر التعريف السابق) -
المجتمع :جماعة بشرية منظمة ،تحكمها قواعد وضوابط ومؤسسات وأعراف وتقاليد ،وذلك به دف الحف اظ على -
استمرارية هذه الجماعة.
الفضيلة :هي قيمة توجه أفعال اإلنسان نحو الخير .وتضفي عليها مشروعية أخالقية. -
السعاد ة :هي شعور دائم بالفرح والمتعة واللذة ،ناتج عن وصول اإلنسان إلى الكمال العقلي أو الروحي.. -