Professional Documents
Culture Documents
حماية الأعيان المدنية والثقافية
حماية الأعيان المدنية والثقافية
إشـــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــراف
( عضواً )
قُدمت هذه االطروحة استكماالً لمتطلبات منح شهادة الماجستير في القانون العام
رمضان 1436هـ -يونيو 2015م
ِيم
الرح ِ
الر ْح َم ِن َّ
بسم هللا َّ
ض لَّ ُه ِّد َم ْ ارهِم ِب َغي ِْر َح ٍّق ِإاَّل َأن َيقُولُوا َر ُّب َنا هَّللا ُ َولَ ْواَل دَ ْف ُع هَّللا ِ ال َّن َ "الَّذ َ ُأ
ص َوا ِم ُع َو ِب َي ٌع
ت َ ضهُم ِب َبعْ ٍ
اس َبعْ َ ِين ْخ ِرجُوا مِن ِد َي ِ
ات َو َم َسا ِج ُد ي ُْذ َك ُر فِي َها اسْ ُم هَّللا ِ َكثِيرً ا َولَ َينص َُرنَّ هَّللا ُ َمن َين ُ
ص ُرهُ ِإنَّ هَّللا َ لَ َق ِويٌّ َع ِزي ٌز " صلَ َو ٌ
َو َ
القانون الدولي اإلنساني؛ نظراً لما تتعرض له هذه األعيان من انتهاكات ،على الرغم مما تنص عليه األعراف
فق د ج اءت الحاج ة الماس ة إلى حمايته ا ،باعتباره ا األس اس في حماي ة اإلنس ان ،وض مان اس تمرار ُمتطلب ات
بقائ ه ،فاإلنس ان بال ش ك ه و ج وهر الحي اة ،وأس اس الحماي ة ال تي يس عى إليه ا الق انون ال دولي اإلنس اني؛ الرتباط ه
الوثي ق باإلنس ان ،خاص ة في ظ روف تتس م بالفوض ى ،وتُ رجح فيه ا كف ة الض رورات العس كرية على االعتب ارات
اإلنسانية.
والثقافي ة ،بحيث تنص على ض رورة التمي يز بينه ا وبين األه داف العس كرية ،وأيض اً أن تتناس ب كاف ة النت ائج م ع
المترتبة.
األضرار ُ
ومنذ اعتماد اتفاقيات الهاي لعامي 1899و 1907توالت االتفاقيات التي تحث على ضرورة حماية األعيان
المدني ة والثقافي ة ،وتوف ير أك بر حماي ة ُممكن ه له ذه األعي ان ،إلى أن تم اعتم اد اتفاقي ات ج نيف لع ام 1949
وبروتوكوليها اإلضافيين حيث تم تقسيم الحماية إلى حماية عامة تشمل كافة األعيان دون استثناء أو تمييز ،وإ لى
حماية خاصة تُعنى بحماية أعيان محددة بذاتها ،ثم جاءت بعد ذلك اتفاقية الهاي لعام 1954وبروتوكوالها لتوفر
الحترام أحكام الحماية الواردة في اتفاقيات القانون الدولي اإلنساني ،واألهم من ذلك العمل على تطبيق هذه األحكام
1
وذلك من خالل ُمحاكمة مرتكبي الجرائم التي تتعلق باالعتداء على،ًالتي تمنح الحماية وااللتزام بها التزاماً حقيقيا
س واء ك انت مس ؤولية مدني ة أو، بحيث ت رتب على ه ذه الج رائم مس ؤولية قانوني ة دولي ة،ه ذه األعي ان أو ت دميرها
أو بمفهوم أدق جرائم حرب تختص المحكمة الجنائية،مسؤولية جنائية فردية باعتبار أنها من االنتهاكات الجسيمة
جعلت من القانون الدولي،ًولعل األحكام التي صدرت من المحكم ة الجنائية الدولية لمجرمي الحرب سابقا
وبالت الي حققت االح ترام المناس ب نوع اً م ا، ووض عت ح داً ُمناس باً لوق ف جمي ع االنتهاك ات،ًفع اال
ّ ًاإلنس اني قانون ا
Abstract:
This study to show the rules of protection the civilian and cultural properties during the
international non-international armed conflicts according to the international
humanitarian law, due to the infringements to which such being are exposed irrespective
of the customs and agreements providing for such protection.
There is a pressing need for protection of such civilian and cultural properties since it is
the basis of protecting human and to secure continuance of his being. no doubt human is
the essence of life and the essence of the protection sought by the international law which
is the most important part of the general international law , due to the close relation to
human , particularly in the disorder circumstances where the military necessities out
weight the humanitarian considerations
It is a must to agree on the principles of putting in order the combat operations and to
reduce the effects thereof on the civilian and cultural properties in so that they provide for
distinguishment between them and the military targets and also all results to cope with
the damages resulting in so that the volume of damage resulting shall be equal to and
suitable to the achieved result.
2
Since accrediting the la Hague pacts of 1899 and 1907 agreements encouraging
protection of the continued and protection of civilian and cultural properties and
providing the maximum protection to such properties until Geneva pacts and additional
protocols of 1949 were accredited , were protection was divided in to a general one
covering all properties without discrimination and a special protection which targets a
special group , then came la Hague pact of 1954 and its protocols for protection of the
cultural properties .
The provision of protection for the civilian and cultural properties during the armed
conflicts requires the conflicts parties to respect the rules of protection provided for in the
international humanitarian law and most importantly to apply such rules which provide
protection and comply with them really , through trial of the those committing crimes
related to aggression against such properties and destruction thereof , where such crimes
result in international responsibility whether it be civil or criminal as they are considered
flagrant infringements or more precisely war crimes , which are under jurisdiction of
International Criminal Court .
The decisions made by the International Criminal Court against the war criminals of ex-
Yugoslavia and Ruanda render the international; humanitarian law a fact which puts a
suitable limit to stop all infringements of the full respect of the rules of protection of
such properties during the international and non-international armed conflicts.
3
شكر وتقدير
يطيب لي أن أتقدم بوافر الشكر والتقدير إلى سعادة اللواء االستاذ الدكتور محمد أحمد بن فهد مساعد القائد
العام لشئون أكاديمية شرطة دبي والتدريب ،وسعادة العقيد الدكتور غيث غانم السويدي مدير أكاديمية شرطة دبي
فلهما الفضل الكبير (بعد اهلل – عز وجل) في قبول التحاقي بأكاديمية شرطة دبي ،فجزاهما اهلل عني خير الجزاء.
كم ا ويطيب لي وق د أنهيت ه ذه الدراس ة المتواض عة بعن وان "حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة وفق اً ألحك ام
ال ذي تفض ل بقب ول اإلش راف على األطروح ة ،وأش كره على إخالص ه وحرص ه الش ديدين على حس ن ت وجيهي
القيمة التي كان لها األثر الطيب في إخراج األطروحة في صورتها النهائية ،ولما بذله
وإ فادتي بكثير من النصائح ّ
كم ا أتق دم بالش كر إلى س عادة المق دم ال دكتور أحم د يوس ف المنص وري ال ذي ق دم لي أيض اً نص ائح ك ان له ا
الفائدة العميقة ،وإ لى جميع أعضاء هيئة التدريس في قسم القانون العام ،كما أتقدم بالشكر والتقدير ألعضاء لجنة
المناقشة على تفضلهم بقبول مناقشة هذه األطروحة والحكم عليها ،وعلى ما قدموه من مالحظات وتوجيهات قامت
ب إثراء األطروح ة ،كم ا أش كر ك ل من س اندني خالل ف ترة إع داد ه ذه األطروح ة ،وج زى اهلل الجمي ع ع ني خ ير
الجزاء،،،
4
واهلل ولي التوفيق
اإلهداء
إلى والدتي الغالية من تملك جنة تحت القدم ...إلى والدي العزيز سندي وقوتي> ومالذي بع>>د هللا ..إلى
إخوتي وأخواتي األعزاء من أظهروا لي كل جميل في هذه الحياة ...أهدي لكم هذا العمل المتواضع...
5
المقدمة
ُ
6
بســم اهلل الــرحمن الــرحيم ،الحمــد هلل رب العــالمينـ وأفضــل الصــالة على ســيدنا محمــد المبعـ ِ
ـوث رحمــة
للعالمين،ـ وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين،ـ و صحابتهـ الغر الميامين ،ومن سار على هديهم إلى يوم الدين.
ش هدت ب دايات الق رن الح ادي والعش رين العدي د من التح والت والتغ يرات الجذري ة لمف اهيم الح رب
المختلفة
المستقبلية ُ
ونظرياتها ،وأصبح التكيُّف مع التغيرات الحاصلة أحد أبرز التحديات التي تواجه السيناريوهات ُ
المتغي رة ،1كم ا أن االس تجابة الح ذرة والمرتبك ة للب وادر األولى من الص راعات س محت
ّ للح رب ذات الطبيع ة
بتص اعد العن ف واالن زالق إلى مزي ٍد من الفوض ى ومزي ٍد من الض حايا 2والت دمير للممتلك ات المدني ة والثقافي ة ،
إض افة إلى أن الت أثيرات السياس ية في الح روب ومس تقبلها ،ش ّكلَت نوع اً من العقب ات الش ائكة ال تي منعت من قي ام
والمهمة؛ نظراً
و مما ال شك فيه أن موضوع حماية األعيان المدنية والثقافية ُيعتبر من الموضوعات الشائكة ُ
للطبيعة التي تتمتع بها هذه األعيان كونها األساس الذي يعتمد عليه المدنيون ،وتُشكل ُج زءاً ال يتجزأ من هويتهم
هويتهم ،والتي غالباً ما تكون ُم ستهدفه ،من أجل طمس هوية األشخاص والتطهير الثقافي لمكونات المجتمعات.
وقد أوردت اتفاقيات الهاي لعامي 1899و 1907قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية بطريقة ُمقتضبة
جداً في البداي ة ،ثم توسعت وتكرست هذه الحماية بش كل حازم وأك ثر وض وحاً بعد اعتم اد اتفاقيات جنيف لع ام
.1949
.1تشمل المتغيرات كل ماهو متعلق بالتأثير التكنولوجي لألسلحة على اإلنسان في الحروب ،أما الثوابت في الحVVرب فلن تتغVVير كتلVVك المتصVVله بالطبيعVVة
البشرية واألسباب الدافعة إلى الحروب والنتائج المترتبة عليها .
.2ريتشارد جوان .الوقاية من الحرب وحفظ السالم .مؤتمر Vالحروب المستقبلية .مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االسVVتراتيجية .أبوظVVبي .اإلمVVارات .
10-9ابريل . 2013دون رقم صفحة .
7
المسلحة ،3إلى قيام اللجنة
و أدى القصور العملي في تطبيق القواعد على واقع هذه األعيان في النزاعات ُ
وتش كل
بالم طالبة في توفير حماية أكبر ،وعليه تمت إعادة التأكيد على حماية هذه األعيانّ ،
الدولية للصليب األحمر ُ
ذل ك من خالل اعتم اد ال بروتوكولين اإلض افيين لع ام ،1977ثم تع ّززت الحماي ة من خالل إب رام اتفاقي ات خاص ة
المسلحة،
تُعنى بحماية أعيان ُمحددة بذاتها ،منها اتفاقية الهاي لعام 1954لحماية األعيان الثقافية زمن النزاعات ُ
ثم توالت االتفاقيات تباعاً حتى اعتماد النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
المتمثلة
ولكن هذه القواعد تبقى دون قيمة مالم تُدعم بآليات تؤدي إلى تطبيقها ،لعل أهمها اآلليات العقابية ُ
بضرورة اللجوء إلى القضاء الدولي الجنائي لمعاقبة ُمنتهكي قواعد الحماية لهذه األعيان المدنية والثقافية ،وعليه
فقد ألزمت اتفاقيات جنيف لعام 1949جميع الدول بتجريم اإلنتهاكات الجسيمة ،ومحاكمة مرتكبيها .
و تكتس ب ه ذه الدراس ة أهميته ا من طبيع ة الموض وع ال ذي تتناول ه ،وال ذي ُيع د من أهم المواض يع في ال وقت
تعرض األعيان المدنية والثقافية لقصف تعسفي وعمدي شكل دماراً هائالً ،
الحاضر ،فالواقع الحالي َيكشف عن ّ
وانتهاكات جسيمة وعبثية ،فالساحة اإلنسانية حالي اً أحوج ما تكون إلى تعزيز األطر التنظيمية والقانونية لمواجهة
تش عب
تكمن في ّ
وق د تم اختي ار الموض وع رغم إدراك أن الكتاب ة في ه ترافقه ا بعض الص عوبات ال تي ُ
المشكالت
الموضوع وتوسعه ،إضافة إلى كون هذا الموضوع ال يزال يتسم بالدقة والغموض ،ويثير العديد من ُ
عند التطبيق ،ويرجع ذلك أساساً إلى صعوبة إسقاط النصوص على مفهوم وطبيعة األعيان المدنية والثقافية.
. 3ويمكن اإلشارة هنا أيضا ً إلى أن لفظ النزاعات المُسلحة المستخدم في هذه الدراسة يعتبر األفضل؛ ذلك أن أغلب الفقة يرون أن مصطلح حرب غير
مُناسب للدالله على العنف في القانون الدولي والعالقات الدولي>ة ،فمُص>طلح ح>>رب يش>مل مض>امين أخ>رى مث>>ل الح>>روب الدعائي>>ة ،الح>>روب الب>اردة،
الحروب النفسية واالقتصادية وغيرها ،وهذا اللفظ هو التعبير> المُعتمد في وث>>ائق> الق>>انون ال>>دولي اإلنس>>اني .انظ>>ر .عبVVد الحكيم سVVليمان وادي .دراس>>ة:
المسئولية الدولية في حماية األعيان المدنية زمن النزاعات المُس>>لحة "الع>>دوان اإلس>>رائيلي على غ>>زة -2009-2008نموذج>>ا".مرك>ز> راش>>يل ك>>وري
الفلسطيني لحقوق االنسان ومتابعة العدالة الدولية .تاريخ النشر األحد -12يناير . 2014تاريخ الزيارة 22نوفمبر . 2014
http://rachelcenter.ps/news.php?action=view&id=11636
8
ويمكن اختصار ال دوافع األساس ية والرئيس ية وراء اختيار موض وع حماية األعي ان المدنية والثقافي ة أثن اء
المسلحة وفقاً ألحكام القانون الدولي اإلنساني ،في عدة اعتبارات ذاتية وموضوعية لعل أهمها :
النزاعات ُ
ومعاملة
أثر في النفس كثيراً ما تم قراءته ومشاهدته من مجازر وتقارير يقشعر لها البدن وجرائم بشعه ُ -
ُمشينه تعرض لها الشعب السوري وخاصة النساء واألطفال ،وحتى الرجال وكل األبرياء الذين ال حول
المستخدمة.
ُ
الجدية في
ّ الرغبة الشخصية في البحث بتعمق لمفاهيم وقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ،والرغبة -
عن انتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية الدور الفّعال في البحث عن موقعها ومنظومتها القانونية
فمحاول ة التوفي ق بين مفه ومين ُمتناقض ين هم ا االعتب ارات اإلنس انية
في أحك ام الق انون ال دولي اإلنس انيُ ،
والض رورة العس كرية ليس ت أم راً سهالً ،فكالهم ا ُيش كالن رك ائز الق انون ال دولي اإلنس اني ،وبالت الي ك ان
المس اهمة ول و بق در يس ير في بي ان مفه وم وم دى فعالي ة ال دفع بالض رورة العس كرية لنفي
الب د من ُ
المسؤولية ،وذلك حتى ال ُيستخدم كذريعة يتحجج بها أطراف النزاع عقب كل انتهاك ألي التزام دولي ،
الحاجة إلى طرح تفاسير ُمعتمدة للحد من السلطة التقديرية لألطراف الُمتنازعة ،وذلك من خالل تفسير
9
والمش اركة المباش رة لألعي ان
المف اهيم ذات الغم وض كمفه وم الض رورة العس كرية والم يزة العس كريةُ ،
كما أن قصور الضمانات الالزمة لتطبيق قواعد الحماية لألعيان المدنية والثقافية يقتصي انتباه المهتمين -
المس لحة ،وأهم الق رارات واألحك ام الص ادرة عن القض اء
فيم ا توص ل إلي ه التنظيم ال دولي للنزاع ات ُ
الدولي .
و بن اء على م ا تق دم س رده وأمالً في إض افة م ا يمكن إض افته من فائ دة في مج ال حماي ة األعي ان المدني ة
المس لحة والح د من االنتهاك ات الواقع ة عليه ا ،واعتم اداً على م ا ت دور حول ه اإلش كالية
والثقافي ة أثن اء النزاع ات ُ
الرئيسية في هذه الدراسة ،وهى مدى كفاية وفعالية الحماية التي توفرها قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية في
مواجهة االنتهاكات المتالحقة عليها؟ والتي يتفرع عنها عدة تساؤالت فرعية ،هي-:
ما هو مفهوم األعيان المدنية والممتلكات الثقافية ؟ وكيف تطورت مراحل الحماية ؟ مدى جواز ترك تحديد
الحد من التفسيرات الواسعة لماهية األعيان المدنية والثقافية وأيضا األهداف العسكرية؟ .
المباش رة في
المش اركة ُ
م ا أث ر غم وض مفه وم الض رورة العس كرية والم يزة العس كرية ،وأيض ا غم وض مفه وم ُ
ما أهم التدابير الوقائية واالحتياطية الواجب ُمراعاتها في إدارة العمليات العسكرية أثناء الهجوم على األهداف
العسكرية؟
مدى فعالية مبدأ المسؤولية الدولية بشقيها المدني والجنائي في ضمان تنفيذ قواعد حماية هذه األعيان ؟
10
هل يحق للدول االستناد إلى الضرورة العسكرية لتبرير انتهاك قواعد الحماية لألعيان المدنية والثقافية ؟
المحكم ة الجنائية الدولية في مالحقة مجرمي الحرب ممن ارتكبوا جرائم وانتهاكات جسيمة ضد األعيان المدنية
والثقافية زمن النزاع المسلح في وضع هذه القواعد موضع التنفيذ والتطبيق؟
و في سبيل اإلجابة على التساؤالت السابقة تم اتباع مناهج ُمعينة أثناء ُمباشرة هذه الدراسة وهي كالتالي -:
المنهج القانونيـ التحليليـ :لجأت الدراسة إلى استخدام أحكام القانون الدولي اإلنساني وقواعده من خالل استخراج
واستكشاف النصوص االتفاقية والمبادئ العرفية التي توفر الحماية القانونية لألعيان المدنية والثقافية ، ،ثم تحليلها
المناسبة لهذه األعيان ،ال سيما تلك القواعد التي عالجت مسألة
ُبغية فهمها وبيان مدى فعاليتها في تحقيق الحماية ُ
تحديد المسؤولية الدولية ،سواء كانت مدنية أو جنائية فردية ،باإلضافة إلى التعرف على أهم األحكام القضائية التي
أص درتها المح اكم الدولي ة كالمحكم ة الجنائي ة الدولي ة ليوغس الفيا الس ابقة وروان دا ،ودوره ا في وض ع ه ذه القواع د
وتم كذلك استخدام منهج دراسة حالة في جزئية ُمعينة في الدراسة من خالل التعرض لنموذج حي يعيشه
الوطن العربي ،ويتعلق بواقع الحماية العامة لألعيان المدنية والثقافية في الجمهورية العربية السورية ومدى تقيد
أطراف النزاع بواقع الحماية ،خاصة مع تعرض العديد من هذه القواعد لالنتهاكات الصارخه.
المنهج التاريخي -:ك ان االعتم اد على ه ذا المنهج ُبغي ة الوق وف على مراح ل التط ور الت اريخي لحماي ة األعي ان
المدنية والثقافية ،وعرض فكرة حماية األعي ان المدنية والثقافية ،والوقوف على مدى التطور التاريخي إلخضاع
ه ذه القواع د للتنظيم ال دولي من خالل االتفاقي ات الدولي ة ال تي ك انت تُش كل أعراف اً تم تقنينه ا ،م ع اإلش ارة إلى
الجذور التاريخية لقواعد حماية االعيان المددنية والثقافية ،وكذلك الدور الرائد للشريعة االسالمية في تكريس أهم
11
المبادئ التي جاءت بها االتفاقيات ،وذلك من خالل سرد تطور فكرة حماية األعي ان المدنية والثقافية باعتبار أن
سرد هذا التطور سيعطي خلفية تاريخية واضحه تمكن من التعامل مع هذه القواعد .
الفصل األول
التعريف باألعيان المدنية والثقافية في القانون الدولي
اإلنساني
الفصل األول
تمهيد -:
ُيث ير موض وع حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة إش كاليات ع دة لع ل أهمه ا تحدي د المقص ود باألعي ان المدني ة
والتمي يز بينهم ا وبين األه داف العس كرية ،وأهم مع ايير ه ذا التمي يز وماهي ة االلتزام ات المفروض ة على أط راف
ال نزاع ،فغم وض مفه وم األعي ان المدني ة والثقافي ة ،ق د يجع ل من قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة ُعرض ة
لالنتهاك ُكلما اُثير نزاع ُم سلح دولي أو غير دولي ،و حتى في حاالت االحتالل الحربي .
12
وعليه فإن أهم ما سيتم التركيز عليه من خالل هذا الفصل هو البحث في مفهوم األعيان المدنية والثقافية،
وفق اً ألحكام القانون الدولي اإلنساني ،ثم التطرق إلى أهم المعايير واُألسس للتمييز بين األعيان المدنية واألهداف
المبتغاة ،وسيكون ذلك في مبحثين سيتم تخصيص المبحث األول في التعريف بالقانون الدولي اإلنساني ،والتمييز
ُ
بين ه وبين الق انون ال دولي لحق وق اإلنس ان وبي ان اإلط ار الت اريخي ،واإلط ار اإلس المي لقواع د الحماي ة الخاص ة
ثم سيتم التطرق في المبحث الثاني إلى التعريف باألعيان المدنية والثقافية ،وأهم المعايير التي ُأحتكم إليها
في التمييز بين األعيان المدنية واألهداف العسكرية ،وذلك على النحو التالي-:
المبحث األول
وأحك ام لتنظيم العملي ات العس كرية ،في ش كل منظوم ة قانوني ة ،ه دفها إح داث ت وازن بين الض رورات الحربي ة
واالعتبارات اإلنسانية.
13
المنظم ة للعملي ات العس كرية ،وش ّكلت فرع اً ُمهم اً من
وعلى م ر العص ور تك ونت ه ذه الض وابط واألحك ام ُ
القانون الدولي العام 4هو القانون الدولي اإلنساني ،5والذي ظهر أول ما ظهر في صورة ُع رف دولي ُملزم ،ثم
7 6
ويعتبر هذا القانون أحد فروع القانون الدولي العام القليلة
معاهدات دولية شارعة ،اتسمت بالعمومية والتجريد ُ ،
ال ذي ينس ب االنتهاك ات إلى األف راد ذاتهم ،وليس ال دول بحيث يف رض عليهم عقوب ات ،8اس تناداً إلى مب دأ "شخص ية
العقوبة ".9
كم ا ُيعت بر الق انون ال دولي اإلنس اني منظوم ة قانوني ة ُملزم ة لجمي ع أط راف ال نزاع ،10فقواع ده ذات ط ابع
عرفي وصفة آمرة ،وهو ما أكدته وأشارت إليه العديد من التقارير الدولية الصادرة عن لجنة القانون الدولي،11
. 4القانون الدولي العام هو" مجموعة القواعد القانونية الدولية – العرفية والمكتوبة – التي تحكم وتنظم المجتمع الدولي والعالقات التي تقوم بين أشخاصVVه،
وتحدد حقوق وواجبات كل شخص من أشخاص المجتمع Vالدولي في مواجهVVة غVVيره من أشخاصVVه اآلخVVرين " .أنظVVر .أبVVو الخVVير أحمVVد عطيVVه .القVVانون
الدولي العام. .أكاديمية شرطة دبي .الطبعة الثانية .دبي .1994صــ. 23
.5و يُعتبر Vهذا القانون أحد أهم فروع القانون الدولي العام ،فاألساس الذي تقوم عليه مصادره هي ذاتها مصادر القانون الدولي العام ،ذلك أن العالقة بينهما
عالقة فرع باألصل.
.6المعاهدات الدولية الشارعة ( العامة ) ،هي معاهدات جماعية تُبرم بين عدد غير محدود من الدول بقصد تنظيم أمور تهم كافة الVVدول مثVVل ميثVVاق األ ُمم
المتحدة واتفاقية االمم المتحدة لقانون البحار. 1982انظر أبو الخير أحمد عطيه عمر .القانون الدولي العام. .المرجع السابق .صــ . 84
.7محمود أحمد داود .الحماية األمنية للمدنيين .مطابع أخبار اليوم .سنة .2008صــ 7وما بعدها .
.8ماركو ساسولي .مسؤوليه الدول عن انتهاكات Vالقانون الدولي اإلنساني .المجلة الدولية للصليب األحمر .مختارات من أعداد . 2002صـــ. 236
.9هو مبدأ مهم من مبادئ القانون الجنائي ،فالعقوبة ال تُطبق Vإال على ُمرتكب الجريمة ذاته سواء بوصفة فاعالً أصليا ً أو مباشر لها ( وحدة أو مع غيرة )
أو بوصفة فاعالً تبعياً Vأى شريك فيها بالتحريض أو االتفاق أو المساعدة .
. 10أشار القرار الصادر عن المحكمة الخاصة لسيراليون من المدعي العام ضد سام هينغا نورمان في 31مVايو 2004إلى الزاميVة قواعVد القVانون الVدول
اإلنساني ،وجاء نص القرار إلى أنه " وكما هو متفق عليه فإن جميع األطراف في النزاعات ال ُمسلحة ،سواء كانت دوالً أو من جماعات مسVلحة من غVير
الدول ،البد لها من التقيد بالقانون الدولي اإلنساني ،وذلك على الرغم من أن الدول فقط هي صاحبة الحق في أن تكون أطرافا في المعاهدات الدولية "
وجاء صياغته باللغة اإلنجليزية كالتالي -:
"all parties to an armed conflict, whether states or non-state actors, are bound by IHL., even though only states
may become parties to international treatie" .
انظر -:
Special Court for Sierra Leone. Prosecutor v Sam Hinga Norman. . Appeals chamber. May 14, 2004. Case No.SCSL-
2004-14-AR72(E).para 22 .P.g 14.
كذلك أكدت المادة الثالثة المشتركة التفاقيات جنيف األربع لعام 1949على الطبيعة اإللزامية لقواعد القانون الدولي اإلنساني حيث جVاء فيهVVا أنVه " يلVVتزم
كل طرف في النزاع بأن يطبق األحكام ."...
11
). ILC. Report of the International Law Commission on the work of its thirty-second session (5 May-25 July 1980
Volume II.Part Two. A/35/10.. UN. .New York, 1981.para 28 pg. 46.
لجنة القانون الدولي يشار إليها باسم ILCأو اللجنة ،وتعتبر Vالجهاز الرئيسي في إطار منظومة األمم المتحدة من أجل تعزيز التطوير التدريجي وتدوين
القانون الدولي .أسست بقرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم 21سبتمبر لعام . 1947المشار إليه بالمرجع . A/RES/174/II
14
وأيض اً الق رارات القض ائية كالمحكم ة الجنائي ة الدولي ة ليوغس الفيا في حكمه ا الص ادر ض د كوبرس كيتش ،12وك ذلك
المسلحة الدولية وغير الدولية ،سواء على األشخاص أو األعيان المدنية والثقافية ،14ذلك أنه ينطبق في
النزاعات ُ
ظروف استثنائية تتسم في أساسها بالفوضى وغياب القانون ،15فيتعامل مع حقيقتها ُلينظمها ،16ويحد من أساليبها
ولإلحاطة بهذا الفرع من القانون الدولي العام ،سيتم التطرق إلى التعريف بالقانون الدولي اإلنساني ،ثم بيان
أهم البنود التي ُي مكن من خاللها التمييز بينه وبين القانون الدولي لحقوق اإلنسان في مطلب أول ،ثم سيتم التعرض
لمختلف المراحل التاريخية ،التي ّم رت بها قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ،وذلك ألهمية السياق التاريخي
في هذا المجال ،ثم ستعرج الدراسة نحو بيان اإلطار اإلسالمي لقواعد الحماية الخاصة باألعيان المدنية والثقافية
في مطلب ٍ
ثان ،وذلك على النحو التالي - :
المطلبـ األول
. 12انظر إلى الحكم الصادر عن المحكم الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة الدائرة االبتدائية .المدعي العام ضد زوران كوبرسكيتش وآخرون .
ICTY. UN TPIY. Prosecutor v. Zoran Kupreskic, Mirjan Kupreskic Vlatko Kupreskic, Drago Josipovic and Dragan
Papic. IT-95-16-T. 14 January 2000.para520. p.g 203-204.
. 13حيث أشارت المحكمة في رأيها االستشاري أن عدداً كبيراً من قواعد القانون الدولي اإلنساني ينبغي مرعاتها من قبل جميع الدول سواء صادقت على
االتفاقيات أم لم تصادق ألنها تشكل مباديء مهمة في القانون الدولي العرفي انظر .الرأي االستشاري لحكمة العدل الدولية بشأن األسVVلحة النوويVة .مرجVع
سVVابق .الفقVVرة . 83صـــ. 37وايض Vا ً عمVVران محافظVVة .الضVVمانات اتقليديVVة لتنفيVVذ القVVانون الVVدولي اإلنسVVاني .جامعVVة عمVVان العربيVVة .مؤتVVه للبحVVوث
والدراسات .المجلد الحادي والعشرون .العدد الثاني .عمان .األردن .. 2006صــ .13
. 14روشو خالد .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .رسالة دكتوراه .جامعة أبو بطر بلقايد .تلمسان .2013.صــ. 20
.15الظروف التي تعنى بحاالت العنف ال ُمسلّح والحاالت العدائية بين األطراف المتنازعة ،حيث يصعب السيطرة عليها عموما ً .
.16انظر إلى المــادة ( )22من االتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأعVVراف الحVVرب البريVVة الهVVاي في 18اكتVVوبر 1907والVVتي نصVVت على أنVه " :ليس
للمتحاربين حق ُمطلق في اختيار وسائل إلحاق الضرر بالعدو ".
.17تُشير كلمة "وسائل" الحرب بصفة عامة إلى االسلحة المستخدمة ،وتُشير كلمة "األساليب " ،إلى طريقة استخدام تلك األسVVلحة .انظVVر التقريVVر الصVVادر
عن منظمة هيومن راتش وتش .التسوية باألرض .دمشق 14 .يوليو .ISBN:978-1-6231-31036. 2013هامش رقم 77صــ .33
.18حيث بات من الضروري منهجياً Vوعمليا ً الفصل بين "حق الحرب " المEتصل بمسألة استخدام القوة في العالقات الدولية ،وبين "قانون الحرب" الVVذي
تنتمي إليه أحكام القانون الدولي اإلنساني ،فهو ينطبق Vبعيداً عن مشروعية اللجوء إلى القوة أو عدمها ،ويعد الفقيه (كونيس Vي Vرايت )عVVام ،1949أول من
ميز بين قانون منع الحرب في ميثاق األمم المتحدة ،و قانون الحرب المتمثل بقواعد القانون الVدولي اإلنسVاني أنظVر .عVامر الزمVالي .مVدخل إلى القVانون
الدولي اإلنساني .وحدة الطباعة واإلنتاج الفني في المعهد العربي لحقوق اإلنسان واللجنة الدولية للصليب األحمر .الطبعة الثانية .تونس V. 1997 .صـــ
.14
15
مفهوم القانون الدولي اإلنساني
واللجن ة الدولي ة الص ليب األحم ر ،وح تى محكم ة الع دل الدولي ة في رأيه ا االستش اري بش أن مش روعية التهدي د
باألسلحة النووية واستخدامها بتاريخ 8يوليو 1996جادة ُومستمرة نحو تحديد المقصود بالقانون الدولي اإلنس اني،
باإلض افة إلى ك ل ذل ك ف إن ارتب اط وج ود ه ذا الق انون بق وانين أخ رى أوجب ض رورة إظه ار أوج ه االختالف
وااللتق اء بين ه وبين غ يره من الق انونين لع ل أهمه ا الق انون ال دولي لحق وق اإلنس ان ،وال ذي غالب اً م ا يتم الخل ط
بينهما .
له ذا س يتم من خالل ه ذا المطلب التط رق إلى التس مية االص طالحية ال تي أطلقت على الق انون ال دولي
المص طلحات إلى أص لها وربطه ا ببعض ها البعض ،من خالل التعري ف بالق انون ال دولي
اإلنس اني وذل ك به دف رد ُ
اإلنساني وذلك في الف رع األول ،ثم بيان التمييز بينه وبين القانون الدولي لحقوق اإلنسان في الفرع الثاني وذلك
الحرب ،وتُعتبر رغم تعددها وبما تشتمل عليه من أحكام ُمترادفه في المعنى نوع اً ما ،ويعزي البعض سبب تعدد
المص طلحات إلى التط ور الط بيعي للفك ر البش ري ،ذل ك أنه ا من ص نع الفقه اء ال ذي يتم يز فك رهم في الغ الب
ه ذه ُ
المستمر. 19
بالتغير ُ
.جابر عبد الهادي سالم الشافعي .تأصيل مبادئ القانون الدولي اإلنساني .دار الجامعة الجديدة .اإلسكندرية .مصر . 2013.صــ ،43وصــ. 44 19
16
المسلحة" ،إلى أن استقر الوضع اليوم على استخدام ُمصطلح "القانون الدولي اإلنساني" الحالي ،20كاسم ُمستحدث
ُ
بــ"اتفاقيات جنيف" أو " الق انون الدولي اإلنس اني" ،لتوس يع نطاق الحماية القانوني ة اإلنس انية ،وح تى ال يك ون هناك
ذريعة أو ُح جة إلنكار تطبيق القانون الدولي اإلنساني ،مما يجعل من تطبيقه أمراً مقبوالً في كافة الظروف حتى لو
وجاء ذلك أيضاً تماشياً مع التطور التاريخي والقانوني للحرب ذاتها كوسيلة لحل النزاعات ،فخالل الفترة
التي كانت الحروب فيها مشروعة كان ُيطلق علية "قانون الحرب" ،وبعد تحريم الحرب لم يعد مقبوالً من الناحية
22
القانونية إطالق مصطلح الحرب.
.20شريف عتلم .محاضرات في القانون الدولي اإلنساني .الطبعة العاشرة .اللجنة الدولية للصليب األحمر .القاهرة . 2012 .صـــ ،10كمVا تم اسVتخدام
مصطلح قوانين الحرب واعرافها من قبل الدول المتعاقدة في ديباجVVة ومVVواد االتفاقيVVة الخاصVVة بVVاحترام قVVوانين الحVVرب البريVVة في اتفاقيVVة الهVVاي 18
اكتوبر 1907واعتمدت هذه الدول مصطلح "القوانين واألعراف العامة للحرب" ،كما جاءت المادة األولى من االتفاقيVVة ال ُمبرمVVة منصوصVVة على " :أن
قوانين الحرب وواجباتها Vال تنطبق Vعلى الجيش فقط "...في اشارة إلى أن القوانين المنظمة للحروب كانت تسمى بقوانين الحرب وأعرافٍها ،و أقVرت ذلVك
أيضا محكمة العدل الدولية في الفتوى الصادرة في يوليو ،1996بشأن التهديد باألسVVلحة النوويVVة واسVVتخدامها ،حيث جVVاء في الحكم الصVVادر أن القVVانون
الدولي اإلنساني هو القانون الذي يُنظم العمليات العدائية والقواعد التي تحمي األشخاص المدنيين واألعيان المدنية ،وأن قواعد هVVذا القVVانون دُعيت أصVVال
بـ"قوانين الحروب وأعرافها "وسُمي الحقا ً "القانون الدولي اإلنساني" انظر في ذلك موجز األحكام والفتاوى واألوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية
1996-1992المشار إليه بالمرجع ( ST/LEG/SER.F/1/Addالفقرة ( )87-74صـــ.) 118
. 21اللجنة الدولية للصليب األحمر .استكشاف القانون الدولي اإلنساني .المكتب اإلقليمي اإلعالمي .القاهرة .مصر .النسخة العربية .يناير .2010صـ .6
.22اقتصر دورعصبة األمم على تنظيم Vاللجوء إلى الحرب و لم تصل إلى التحريم ال ُمطلق ،حيث تم تحريمها ووضعها خارج القانون ألول مVVره بمVVوجب
ميثاق باريس لسنة 1928والمعروف بميثاق( Vبريان -كيلوغ ) ،الذي حرّ م الحرب بصورة ُمطلقة كمبدأ عام في العالقات الدوليVVة ،باسVVتثناء VحVVالتي الVVدفاع
الشرعي أو العمل الجماعي الدولي ،وهذا ما أكد عليه ميثاق األمم ال ُمتحدة حيث تنص المادة 2/4من ميثاق Vاُألمم المتحVVدة " تعمVVل الهيئVVة واعضVVاؤها في
سعيها وراء المقاصد المذكورة في المادة األولى وفقا ً للمبادئ االتية/4 …":يمتنع Vاعضاء الهيئة جميعا ً في عالقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو
استخدامها ضد سالمة األراضي أو اإلستقالل السياسي ألية دولة أو على أي وجه آخر ال يتفق ومقاصد "اُألمم المتحدة" ،كما وجاءت المادة 51من ذات
الميثاق في الفصل السابع منه و نصت على أنه " :ليس في هذا الميثاق ما يُضعف ،أو ينتقص الحق الطبيعي Vللدول ،فرادى أو جماعVVات ،في الVVدفاع عن
انفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد اعضاء "اُألمم المتحدة" ،وذلك إلى أن يتخذ مجلس األمن التدابير الالزمVة لحفVظ السVلم واألمن الVدولي ،والتVدابير
التي اتخذها األعضاء استعماالً Vلحق الدفاع عن النفس تُبلّغ إلى المجلس فوراً ،وال تُؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس -بمقتضى سVVلطته ومسVVؤولياته
ال ُمستمرة Vمن أحكام هذا الميثاق -من الحVVق في أن يتخVذ في أي وقت مVVا يVرى ضVرورة إلتخVVاذه من األعمVال لحفVVظ السVVلم واألمن الVدولي أو إعادتVه إلى
نصابه. ".انظر سيف غانم السويدي .مدى مشVVروعية الVدفاع الشVرعي اإلسVتباقي طبقVا ً ألحكVام القVVانون الVدولي المعاصVVر .مجلVة األمن والقVVانون .العVدد
الثاني .دبي .يوليو 2008صــ ، 17وأيضا عامر الزمالي .مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ . 13
كما أن قواعد القانون الدولي الحديثة قد حVرّمت الحVرب تحريمVا ً قاطعVا ً واعتبرتهVا Vعمالً غVير مشVروع وجريمVة دوليVة ووضVعتها خVارج دائVرة القVانون
والشرعية الدوليين منذ اعتماد ميثاق األ ُمم المتحدة عام 1945الذي نص في المادة 2/4منه على تحريم الحرب العدوانية بعد أن كانت عمالً مشVVروعا ًال
يقيد من اإللتجاء إليها قيد أو شرط وذلك لتسوية النزاعات الدولية .
انظر ابو الخير احمد عطيه .المحكمة الجنائية الدولية الدائمة القاهرة .مصر .الطبعة الثانية . 2006.صــ ،191إلى صــ .193
17
كم ا أن التح ول الج ذري في أه داف وأغ راض ق انون الح رب ،أدى إلى انص راف اهتم ام الق انون ال دولي
23
المتحارب ة ،إلى الترك يز على مص الح األف راد من ض حايا النزاع ات
اإلنس اني من الترك يز على مص الح ال دول ُ
الم سلحة ،وذلك بتوسيع نطاق ما كانوا يتمتعون به من حماية محدودة ،حيث كفل حماية موسعة وحقيقية لألشخاص
ُ
واألعيان التي ال عالقة لها بالنزاع أو لم َي ُعد لها عالقة به ،24كما كان لحركة حقوق اإلنسان تأثير فع اّل في إيجاد
حيث اعتمدت اللجنة هذا اللفظ في جميع مؤلفاتها منذ عام ،1966ونشرت ألول مره ُكتيباً باللغة الفرنسية لخبيرها
28
المصطلح
القانوني السويسري "جان بكيه" بعنوان "مبادئ القانون الدولي اإلنساني" و ُيرجع آخرون بروز هذا ُ
تحديدا ًإلى حقبة السبعينات حين استخدمه واعتمده رسمياً رئيس اللجنة الدولية للصليب األحمر ماكس هوبر.29
فكان أول اس تخدام لتعب ير الق انون الدولي اإلنساني من قبل لجنة الص ليب األحم ر في الوثائق ال تي ق دمتها
.23يُعتبر هذا القانون أحد أهم فروع القانون الدولي العام ،فاألساس الذي تقوم عليه مصادره هي ذاتها مصادر القانون الدولي العام ،ذلك أن العالقة بينهمVVا
عالقة فرع باألصل.
.24نزار العنبكي. Vالقانون الدولي اإلنساني .دار وائل .عمان .األردن .الطبعة األولى .2010.صـــ.50
. 25نجاة أحمد أحمد إبراهيم .المسؤولية الدولية عن انتهاكات قواعد القانون الدولي اإلنساني .منشأة المعارف .االسكندرية.مصر.2009 .صـ73
.26نزار العنبكي .القانون الدولي اإلنساني .المرجع السابق صـــ.50
. 27اللجنة الدولية للصليب األحمر عبارة عن هيئة مستقلة ومحايدة ،وهي اللجنة الدولية المعنية بتطبيق Vالقانون الدولي اإلنساني أثناء النزاعVVات ال ُمسVVلحة
تم إنشاؤها في عام ،1863وذلك بعد معركة " سلفرينو" ،والتي شهدت سVVقوط اآلالف من الضVVحايا أسسVVها هVVنري دونVVان الVVذي سVVعى بعVVد أن رأى حجم
الكارثة التي وقعة بعد هذه المعركة إلى إنشاء منظمة إنسانية تعنى برعاية ضحايا النزاعات ال ُمسVVلحة ،وكVVان ذلVVك من خالل هVVذه اللجنVVة الVVتي تقVVوم على
مبادئ أساسVVية لعVVل أهمهVVا -:اإلنسVVانية ،عVدم التحVVيز ،االسVVتقالل ،التطوعيVVة ،وللمزيٍ Vد من المعلومVVات حVVول هVذه المنظمVVة يُمكن االطالع على :دانيVVال
بالممييري .اللجنة الدولية للصليب األحمر ..منظمة تواجه تحدي الزمن .مجلة اإلنساني .العدد السادس والعشرين .القاهرة .مصر . 2014.من صــ 5إلى
صــ. 10
.28نزار العنبكي. Vالقانون الدولي اإلنساني .المرجع السابق .صـــ.49
. 29نجاة أحمد أحمد إبراهيم .المسؤولية الدولية عن انتهاكات قواعد القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق.صــ . 47
. 30عمر محمود المخزومي .القانون الدولي اإلنساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية .دار الثقافية للنشر والتوزيع .عمان .األردن .2008.صـ . 24
18
المص طلح وتم تبني ه من قب ل الم ؤتمر الدبلوماس ي لتأكي د
كم ا اس تمر االعتم اد الفعلي والرس مي له ذا ُ
وب ذلك ب ات ُيس تخدم ُمص طلح الق انون ال دولي اإلنس اني في ال وقت الح الي بص ورة مألوف ة في األوس اط
التخصص ية والمحاف ل والم ؤتمرات الدولي ة ،وفي كاف ة المج االت المدنية،33حيث يفض ل
ُ األكاديمي ة والمؤلف ات
المحامون ،ومنظمات حقوق اإلنسان ،ومنظمات اإلغاثة ،واللجنة الدولية للصليب األحمر ُمصطلح القانون الدولي
34
المس لحة" بش كل مح دود في الكيان ات
اإلنس اني ،بينم ا ُيس تخدم ُمص طلح "ق انون الح رب“ ،أو" ق انون النزاع ات ُ
العسكرية .35
وأخيراً يمكن الق ول :واس تنادا ًإلى أن المجتم ع الدولي يميل أساس اً إلى تغليب وإ ب راز الج انب اإلنس اني في
36
المنظمة
الحروب ،فإن ُمصطلح القانون الدولي اإلنساني هو األكثر قبوالً من الناحية اللفظية للتعبير عن القواعد ُ
المسلّح سواء كان دولياً أو غير دولي من الناحية األخالقية واإلنسانية ،وذلك إلبراز الجانب اإلنساني وتقييد
للعنف ُ
الجوانب العسكرية.
ض يق من نط اق
المناس ب للق انون ال دولي اإلنس اني كمنظوم ة قانوني ة ،فمنهم من توس ع في تعريف ه ومنهم من ّ
ُ
.31قبل ذلك كانت تفضل األمم المتحدة استخدام مصطلح قانون النزاعات ال ُمسلحة .انظر زار العنبكي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ.49
. 32حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .دار وائل للنشر والتوزيع .عمان األردن 2012.الطبعة األولى .صـــ.21
.33اعتمدت جامعة الدولة في موسكو Vمصطلح القانون الدولي اإلنساني في ُم خطط المقررات الدراسية لكلية اإلعالم ،وكذلك جامعة آل البيت في المملكVVة
األردنية الهاشمية في ُكلية الدراسات الفقهية والقانونية ،للمزيٍ Vد انظVVر شVVريف عتلم .القVVانون الVVدولي اإلنسVVاني دليVVل األوسVVاط األكاديميVVة .اللجنVVة الدوليVVة
للصليب األحمر .القاهرة 2006.صــ ،66صـــ . 119
. 34آالن دوسي .مالحظة حول القانون والتعابير القانونية .تقديم حنان عشراوي .جرائم الحVVرب .عمVVان .االردن .أزمنVVة للنشVVر والتوزيVVع .2003.ص
.465
. 35استخدمت كلية سانت سير العسكرية الخاصة بفرنسا ُمصطلح "قانون النزاعات ال ُمسلحة " ضمن خطتها الدراسية لمقررات الكلية العسكرية .للمزي ٍ Vد
انظر شريف عتلم .القانون الدولي اإلنساني دليل األوساط االكاديمية .المرجع السابق .صـــ.77
36مؤلف جماعي .يوسف إبراهيم النقي .مطر حامد النيادي .أحمد سعيد بن هزيم .التعريف بالقانون الدولي اإلنساني وحماية المدنيين أثنVVاء النزاعVVات
ال ُمسلحة .الهالل األحمر اإلماراتي .اإلمارات .2003.هامش .صــ . 5
19
التعريف ،فاالتجاه الواسع ما جاء في رأي لجانب من الفقة إلى أنه " :ذلك القسم من القانون الذي تسوده المشاعر
اإلنسانية ،ويهدف لحماية اإلنسان" ،37وأيضا ُيقصد به "مجموعة القواعد القانونية الدولية المكتوبة أو العرفية التي
ويق ول الفقي ه ج ان بكي ه بش أن التعري ف أن الق انون ال دولي اإلنس اني يتك ون من كاف ة األحك ام القانوني ة
كالتشريعات أو القوانيين العامة التي تكفل احترام الفرد وتقرر ازدهاره ،39وبناء على هذا فهو يهتم بقوانين الحرب
40
وحقوق اإلنسان الذي يضم حقوق األقليات.
والق انون ال دولي اإلنس اني به ذا المع نى الواس ع يش مل كال ًمن حق وق اإلنس ان وقت الس لم ال تي تض منها
الميث اق الع المي لحق وق اإلنس ان (اإلعالن الع المي لحق وق اإلنس ان والعه دان ال دوليان لس نة ،)1966أي باعتب اره
القانون الذي يضمن حماية حقوق اإلنسان وتمتعه بالحقوق والحريات األساسية ،وقانون الحرب الذي يضم قانون
الهاي ،وقانون جنيف ، 41باعتبار أنه يسعى إلى تنظيم العمليات الحربية ،وتقليل الخسائر الناتجة عنها إلى أقل قدر
ممكن .42
.37منتصر سعيد حمودة .حقوق اإلنسان أثناء النزاعات ال ُمسلحة .دار الجامعة الجديدة .األزاريطة .مصر 2008.صـــ. 14
.38انظر عمر محمود المخزومي .القانون الدولي اإلنساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق .صــ.26
. 39روشو خالد .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ.22
. 40حالية صالح حسين الحنش .نظرية االستنقاذ وحق التدخل اإلنساني في اإلسالم .مVVؤتمر القVVانون الVVدولي وتطبيقاتVVه في األزمVVة السVVورية .إسVVطنبول ـ
تركيا 20-19.نوفمبر .2013الهيئة اإلسالمية العالمية للمحامين .صــ. 8
. 41قانون الهاي هو القانون الذي ينظم حقوق وواجبات المتحاربين في إدارة العمليات العسكرية للحد من اآلثار الناتجة عن استخدام الضVVرورة العسVVكرية
ويشمل القواعد القانونية التي أقرتها اتفاقيات الهاي لعامي 1899 V ،1907و فيما تتعلق اتفاقيات جنيف بحماية األشخاص من سوء استخدام القوة وتوفVVير
حماية واالحترام والمعاملة اإلنسانية لألشخاص الذين ال يشاركون في األعمال العدائية ،ويشVVمل اتفاقيVVات جVVنيف لعVVام 1949والVVبروتوكولين اإلضVVافيين
لعام . 1977انظر عمر محمود المخزومي .القانون الدولي اإلنساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق .2008صــ.26
. 42حيث ال يقتصر هذا القانون على القواعد اإلنسانية الواردة في اتفاقيات الهاي لعام 1899و ،1907واتفاقيات جنيف لعام 1949وبروتوكوليها لعVVام
،1977بل يشمل جميع القواعد اإلنسانية ال ُمستمدة Vمن أي مصدر آخر ،سواء كان مستمد من اتفاق دولي آخر ،أو من مبادئ القانون الدولي ،أو مما استقر
عليه العرف ومبادئ اإلنسانية والضمير العام؛ استناداً إلى الفقرة الثانية من المادة األولى من البروتوكول Vاإلضافي األول لعام 1977والتي تؤكVVد على أن
المدنيين والمقاتلين يظلون في الحاالت التي ال ينص عليها " البروتوكول " أو أي اتفاق دولي آخر تحت حماية وسلطان مبادئ القانون الدولي كمVVا اسVVتقر
بها العرف ومبادئ اإلنسانية وما يمليه الضمير العام .أنظر .أحمد سي علي .دراسات في القVVانون الVVدولي اإلنسVVاني .دار األكاديميVVة .الجزائVVر .الطبعVVة
األولى .. 2011.صـــــ .35
20
وعليه فإن هذا الرأي قد توسع توسعاً كبيراً ومعيب اً ،بحيث بالغ في إصباغ الطابع اإلنساني ،إضافة إلى
الموس ع دمج القواع د القانوني ة بالمش اعر اإلنس انية ،ورغم أن الق انون ال دولي اإلنس اني يحم ل فك رتين
أن التعري ف ُ
رئيسيتين إحداهما قانونية واُألخرى أخالقية ،43إال أنه يجب أن ال تطغى إحدى الفكرتين على اُألخرى .
فالتوسع في التعريف بهذه الطريقة بحيث تطغى أو تتداخل الفكرة األخالقية على القانونية ،من الممكن أن
أما االتجاه الضيق في تعريف القانون الدولي اإلنساني ،ما جاء في تعريفات الفقهاء؛ حيث يرى أنصار هذا
االتج اه ومنهم ال دكتور ع امر الزم الي ،44ب أن الق انون ال دولي اإلنس اني ه و " ف رع من ف روع الق انون ال دولي الع ام
النزاع من آالم ،كما تهدف إلى حماية األموال التي ليست لها عالقة مباشرة بالعمليات العسكرية ". 45
اختياراً عن القتال ،46والمدنيين الذين لم يشتركوا إطالقاً في القتال ،47وعليه فقد اقتصر التعريف هنا على الجانب
ال ذي ُيع نى بض حايا الح رب أو بم ا يس مى ق انون ج نيف ،دون اإلش ارة إلى ق انون اله اي ال ذي ُيع نى بتنظيم حقوق
. 43أبو الخير أحمد عطية .حماية السكان المدنيين واألعيان المدنية أبان النزاعات ال ُمسلحة .القاهرة .مصر .الطبعة األولى.1998.صــ.12
.44الدكتور عامر الزمالي عضو باللجنة الدولية للصليب األحمر بجنيف. V
.45شريف عتلم .محاضرات في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ.10
.46وهم ثالثة أنواع :الجرحى والمرضى من القوات ال ُمسلحة في الميدان ،والجرحى والمرضى والغرقى من القوات ال ُمسلحة في البحار ،واألسرى.
.47عامر الزمالي .مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 41
21
وعرفه بعضهم بأنه "مجموعة األعراف التي تُ وفر الحماية لفئات معينة من األفراد والممتلكات ،وتحرم أي
ّ
الم سلحة سواء كانت هذه الصراعات تتمتع بالصفة الدولية أو بالصفة غير
هجمات قد يتعرض لها أثناء الصراعات ُ
عر ف البعض اآلخر القانون الدولي اإلنساني بأنه "مجموعة القواعد القانونية والتي دعت الض رورة إلى
كما ّ
المسلحة
االتفاق عليها ويضمنها العرف الدولي بهدف منع االعتداء وحماية األشخاص واألعيان ،أثناء النزاعات ُ
بتقييد وسائل وأساليب القتال" ، 49أي أنه يحوي تلك القواعد التي تحمي األفراد أو الممتلكات التي ُيؤثر عليها ال نزاع
وفي هذا الجانب أيضاً جاء تعريف اللجنة الدولية للصليب األحمر ،أن القانون الدولي اإلنساني ُيقصد به
"مجموع ة القواع د الدولي ة المس تمدة من االتفاقي ات ،أو الع رف ال دولي ،51الرامي ة على وج ه التحدي د إلى ح ل
إنسانية ،حق أطراف النزاع في استخدام األساليب الحربية التي تروق لهم ،والتي تحمي األعيان واألشخاص الذين
52
المسلحة فيما بينهم ".
تضرروا أو قد يتضررون بسبب النزاعات ُ
وفيم ا يخص تعري ف القض اء ال دولي للق انون ال دولي اإلنس اني ال ذي تب نى االتج اه الض يق أيض ا في تعريف ة
للقانون الدولي اإلنساني ،فالفتوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية ،53بتاريخ 8يوليو ،1996بشأن مشروعية
. 48روشو خالد .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق صـــ. 25
.49محمود أحمد داود .الحماية األمنية للمدنيين .مرجع سابق .صــ. 7
. 50خالد غازي .ندوة دور اللجنة الوطنية للقانون الدولي اإلنساني .اللجنة الدولية للصليب األحمر .اإلمارات .أكتوبر . 2011
.51العرف الدولي هو إحدى المصادر الرئيسية لاللتزامات الدوليVة وقVد أشVVار إليVه النظVام األساسVVي لمحكمVة العVVدل الدوليVVة في المVادة 38بأنVه " ..ب-
ا لعادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون دل عليه تواتر االستعمال ،"...وعرفه البعض بأنه " مجموعة القواعVVد القانونيVVة الVVتي نشVVأت واسVVتقرت في
المجتمع الدولي بسبب إتباع الدول لها وقتا ً طويالً حتى استقرت واعتقدت الدول أن هذه القواعد ملزمة لها ويجب اتباعها " ،لذلك فإن العنصرين المكونين
للعرف الدولي هما العنصر المادي المتمثل في تكرار تصرف الدول على نحو معين في الحاالت المماثلة ،والعنصر المعنوي المتمثل في االعتقاد بإلزامية
هذا التصرف .انظر إلى :أبو الخير أحمد عطيه .القانون الدولي العام. .مرجع سابق .صــ . 170
. 52عبدالغني عبدالحميد محمود .تقديم .محمد سيد طنطاوي .حماية ضحايا النزاعات ال ُمسلحة في القانون الVVدولي اإلنسVVاني والشVVريعة اإلسVVالمية .القVVاهرة
مصر .الطبعة الثالثة .2006
. 53انظر في ذلك موجز األحكام والفتاوى واألوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية .1996-1992المشار إليه بالمرجع (
. )ST/LEG/SER.F/1/Addصــ . 1
22
التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها ،جاءت بأفضل ما ُيمكن اإلشارة إليه ،باعتبار أن هذه الفتوى تُمثل المرة
األولى التي يصل فيها قضاة المحكمة إلى بيان قواعد هذا القانون بقدر من التفسير ،وذلك بناء على طلب اإلفتاء
وال يس ع في ه ذا المق ام ،س وى الوق وف على م ا تض منته الفت وى من رأي ح ول تعري ف الق انون ال دولي
اإلنس اني ،حيث أك دت المحكم ة أوال ًعلى الط ابع الع رفي للق انون ال دولي اإلنس اني ،وب أن ج زء الق انون ال دولي
اإلنساني ،أصبح دون شك جزءاً من القانون العرفي ،56وخلُصت إلى أن " هذه القواعد تبين ما يتوقع من الدول
من تصرف وسلوك ،57أي أن قواعده جاءت في بعض السياقات غير ُمدونه وتستند إلى أعراف محلية عند الدول
تُنظم وتدير سلوك الجماعات أثناء النزاع المسلح ،وقد تم التأكيد أيض اً على الطابع العرفي للكثير من معاهدات
وأضافت المحكمة أن هذا الفرع من القانون يتضمن أيضا القواعد االتفاقية التي توصلت إليها األطراف
األشخاص الخاضعين لسلطة الطرف الخصم ،واستندت المحكمة في فتواها لتحديد هذا التعريف إلى األساس السائد
. 54تختص المحكمة بنوعين من االختصاص هما االختصاص القضائي واالختصاص االستشاري .أبو الخير أحمد عطيVة .القVVانون الVدولي العVVام .مرجVVع
سابق .صـــ.585
.55اعتمدت الجمعية العامة في دورتها التاسعة واألربعين القVرار رقم " 49/75كVاف " في 15ديسVمبر 1994والVذي قVررت فيVه ،عمال بVالفقرة 1من
المادة 96والتي تنص على أنه " ألي من الجمعية العامة أو مجلس األمن أن يطلب إلى محكمة العدل الدولية إفتاءه في أية مسألة قانونية " ،وقد جVVاءت
صياغة طلب اإلفتاء على النحو التالي " -:هل التهديد باألسVلحة النوويVة أو اسVتخدامها في أي ظVرف من الظVروف يكVون مسVموحا ً بVه بمVوجب القVانون
الVVدولي ؟؟ ثم جVVاء الVVرأي االستشVVاري للمحكمVVة في تVVاريخ 8يوليVVو ، 1996انظVVر إلى قVVرار الجمعيVVة العامVVة لألمم المتحVVدة رقم " A/RES/49/75
كاف" .صـــ . 19
.56الجمعية العامة .األمم المتحدة فتوى محكمة العدل الدولية بشVأن مشVVروعية التهديVد باألسVلحة النوويVة أو اسVتخدامها الجمعيVة العامVة .الVدورة الحاديVVة
والخمسون .البند 71من جدول االعمال المؤقت 15 .اكتوبر .1996المشار إليه بالمرجع ( .)A/51/218الفقرة . . .81/3صــ . 36
. 57فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها .مرجع سابق .الفقرة. 82 .صــ . 37
.58الذي سمي باسم صائغه فيودور دو ماتنز مستشار وزارة الخارجية الروسية في بداية القرن العشرين .وقد ُأدرج هVذا الشVرط بدايVة في ديباجVة اتفاقيVة
الهاي الثانية لسنة ،1799حيث وفر حداً أدنى للمعاملة اإلنسانية من قبل العسكريين ،حتى في غياب أي معاهدة مكتوبة ،وقد جVVاء في الديباجVVة " إلى أن
يصدر نظام كامل لقوانين الحرب ،تعتقد األطراف السامية المتعاقدة بأن من حقها التأكيد على أن السكان والعسكريين يظلون ،في الحاالت غVVير المشVVمولة
بالترتيبات Vالتي تبنوها V،في حماية وملكVVوت مبVVادئ القVانون الVدولي الVVتي اسVVتقيت من األعVراف المتعVVارف عليهVVا بين األمم المتمدنVVة والقVVوانين اإلنسVVانية
ومتطلبات الضمير العام" .انظر ثيدور ميرون .القانون العرفي .جرائم الحرب تقديم حنان عشراوي.عمVVان .األردن .ازمنVVة للنشVVر والتوزيVVع .. 2003.
صــ .23
. 59حيث جاء في صياغة النص الصادر " -:كانت " قوانين الحرب " كما كانت Vمعروفة تقليديا ً موضوع جهود تدوين اضVVطلع بهVVا في الهVVاي (بمVVا فيهVVا
اتفاقيتا 1899و ،) 1907واستندت جزئيا ً إلى إعالن سان بيتر سابرغ لعام ،1868وكذلك نتائج مؤتمر Vبروكسل لعVVام ،1874وحVVدد قVVانون " الهVVاي "
23
ورغم أن المحكمة أكدت في فتواها أن كالً من قانون الهاي وقانون جنيف ُمنفصالن ،وأن الترابط الوثي ق
بينها ظهر تدريجياً في منظومة قانونية ُمتكاملة ُعرفت باسم القانون الدولي اإلنساني ،وأن البروتوكولين اإلضافيين
لعام ،1977ما هما إال تعبير عن وحده هذا القانون ،ولعل ما ُيشير إلى ذلك بوضوح عبارة " أصبحا مترابطين"
إال أن هن اك رأي ينفي هذا التمييز بن "قانون الهاي " وقانون ج نيف " ،استناداً إلى أنه في الواق ع لم يكن
هناك ُمطلقاً تمييز بين كال القانونيين ،فهذا الرأي يرى أن أثر البروتوكولين اإلضافيين لعام ،1977لم يكن يهدف
إلى ايجاد مجموعة ُموحدة للقانون الدولي اإلنساني تتضمن هذين العنصرين معا ً ألول مره ،وإ نما إزالة التمييز
الذي كان دائماً اصطناعياً وخاطئا ً ،فالقانون الدولي اإلنساني هو مجرد حديث ُيعبر عن قانون الحرب .61
وهذا ما أيده رأي آخر جاء فيه بأنه ومنذ صدور البروتوكولين اإلضافيين التفاقيات جنيف لعام ،1977
زالت هذه التفرقة وأدت إلى انصهار القانونيين معا ً ،إذ تضمن البرتوكول اإلضافي األول الخاص بحماية ضحايا
الم سلحة الدولية العديد من القواعد التي تنظم وسائل القتال وأساليبه ،وعليه ال يمكن الحديث عن قانونيين
النزاعات ُ
ُمنفص لين ،فالق انون ال دولي اإلنس اني الح الي يش مل قواع د ج نيف واتفاقي ات اله اي ،62فال يوج د أي ف رق ج وهري
هذا وعلى األخص" األنظمة المتعلقة بقوانين الحرب البرية وأعرافها " ،حقوق المتحاربين وواجباتهم في قيامهم بالعمليات VوقيVVد اختيVVار أسVVاليب ووسVVائل
إلحاق األذى بالعدو في النزاع الدولي ،ويجدر بالمرء أن يضVVيف إلى هVVذا" ،قVVانون جVVنيف " (اتفاقيVVات 1864و 1906و19929و ،)1949الVVذي يحمي
ضحايا الحرب ويهدف إلى توفير الضمانات ألفراد القوات ال ُم سلحة المعوقين واألشخاص غير المشتركين في القتال ،وهذان الفرعان من القانون السVVاري
في النزاع المسلح أصبحا مترابطين بصورة وثيقة بحيث اعتبرا بأنهما قد شكال تدريجيا ً نظاما واحداً معقداً ،يُعرف اليVVوم باسVVم القVVانون الVVدولي اإلنسVVاني
الدولي ،وأحكام البروتوكوالت VاإلضVVافية لعVVام 1977تعVبر عن وحVده ذلVك القVانون وتعقيVده VوتشVهد بVVذلك " .انظVر .فتVVوى محكمVة العVدل الدوليVة بشVVأن
مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها .مرجع سابق الفقرة . .75صــ 34وصــ. 35
.60أنظر .فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها .المرجع السابق الفقرة . .75صــ 34وصــ. 35
.61لويز دوسوالد – بيك .القانون الدولي اإلنساني وفتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النوويVVة أو اسVVتخدامها .المجلVVة الدوليVVة
للصليب األحمر ،العدد .316بتاريخ .1997-02-28على الموقع الرسمي للجنة الدولية للصليب األحمر .تاريخ الزيارة 24يونيو. 2014 V
http://www.icrc.org/ara/resources/documents/misc/5r2avl.htm
.62عامر الزمالي .مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ12
. 63انظر .جابر عبد الهادي سالم الشافعي .تأصيل مبادئ القانون الدولي اإلنساني .هامش رقم ( . ) 1مرجع سابق صـــ . 48
24
ولعل ذلك ما يمكن تبنيه باعتبار أن هذا القانون هو في األساس مجموعة من القواعد والمبادئ العرفية
المسلحة بغض النظر عن مسمياتها السابقة أو الالحقة التي يمكن اعتبارها محاوالت
المنظمة للنزاعات ُ
واالتفاقية ُ
والبع د عن الترك يز على مض مونها اله ادف إلى إدارة العملي ات العس كرية
إلض فاء التمي يز الش كلي له ذه القواع د ُ
المتصفح للتعريفات السابقة الضيقة يرى بأنها قد جاءت انطالق اً من احتوائها على
وعليه ُيمكن القول :إن ُ
القواع د االتفاقي ة ،مث ل اتفاقي ات(ج نيف) ،وق انون (اله اي) ،64أي أن تل ك التعريف ات الس ابقة ُمس تمدة من مص در
القانون ذاته سواء المصدر العرفي أو المصدر االتفاقي التعاقدي ،األمر الذي يستقيم معه الواقع والمنطق.
ومن ك ل م ا س بق ذك ره ح ول التعريف ات بش قيها الواس ع والض يق ُ ،يمكن اس تخالص أن الفق ه والقض اء لم
ف مح ٍ
دد وث ابت فمنهم من توس ع في تعريف ه ومنهم من ض يقه ،ولم ُيتفّ ق على تعري ف ٍ
يس تقرا إلى اآلن على تعري ُ
ًإلى التطور السريع الذي يتعرض له هذا القانون ،66وعليه فإن تعريف القانون الدولي اإلنساني مرن ويسهُل تشكيله
المحيطة به لتّكيفه مع جميع الظروف التي يمر بها النزاع ،ذلك أن المجال الذي ُينظمه هذا القانون
وفق الظروف ُ
المعاه دات ُمتع ددة األط راف ،ومن الق انون الع رفي ال ذي يعتم د على مماراس ات
كم ا أن ه م زيج ُم ركب من ُ
ال دول ومب ادئ الق انون الع ام ،وأيض اً م زيج من ق رارات مجلس األمن الت ابع لألمم المتح دة ،والق رارات القض ائية
.64حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 24وحول الفرق بين قانون الهاي وقانون جنيف انظر هامش رقم . 41
.65بحيث يُ ّمكن من كشف الخلط والغموض بينه وبين بعض القوانين اُألخرى كالقانون الدولي لحقوق اإلنسان والقانون الدولي لالجئين ،والقانون الVVدولي
الجنائي .
66روشو خالد الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ . 21
.67آالن دوسي .مالحظة حول القانون والتعابير القانونية .مرجع سابق .صــ .465
25
وبحس ب م ا ورد من التعريف ات الس الف بيانه ا ،يمكن تعري ف الق انون ال دولي اإلنس اني بأن ه مجموع ة من
ويالت الح رب ،عن طري ق توف ير قواع د ته دف إلى حماي ة األش خاص ال ذين ال ُيش اركون في األعم ال العدائي ة أو
الذين كفوا عن المشاركة ،وكذلك قواعد تهدف إلى حماية األعيان المدنية والثقافية ،ويعمل هذا القانون على تقييد
المختلف ة للق انون ال دولي اإلنس انيُ ،يمكن االنتق ال إلى بي ان أوج ه االلتق اء
واخ يرا ً وبع د بي ان التعريف ات ُ
واالختالف بين ه وبين القوانين األخرى ،لعل أهمه ا القانون الدولي لحقوق اإلنس ان ،باعتباره أقرب الق وانين إلي ه
الفرع الثاني -:التمييز بين القانون الدولي اإلنسانيـ والقانون الدولي لحقوق اإلنسان - :
ُيعت بر موض وع العالق ة بين الق انونين من الموض وعات ال تي تن ازعت حول ه ثالث ة نظري ات في الفك ر
بعض الفقهاء أن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لعام ، 1948استبعد تماماً احترام حقوق اإلنسان أثناء النزاعات
المسلحة ،كذلك فإن اتفاقيات جنيف لسنة 1949لم تذكر إطالقاً حقوق اإلنسان.68
ُ
والنظريةـ التكاملية والتي يرمي جوهرها إلى أن القانونين نظامان ُمتمايزان ،لكنهما ُمتكامالن ،69وما يؤيد
المسلحة ،و تعبر عن اهتمام االتفاقيات بحقوق اإلنسان ،هذا باإلضافة إلى
المعاملة اإلنسانية الدنيا أثناء النزاعات ُ
أن االتفاقيات األربعة بأكملها تتفق مع حقوق اإلنسان األساسية التي ينادي بها اإلعالن العالمي سنة ،1948وذلك
.68مسعد عبد الرحمن زيدان .تدخل األمم المتحدة في النزاعات ال ُمسلحة غير ذات الطابع الدولي .دار الكتب القانونية .اإلسكندرية .مصر .2008صــ
416وصــ417
.69وهو االتجاه الذي سانده البعض ومنهم" كايلين ،ووالتر كايلين هVو ممثVل األمين العVام لألمم المتحVدة المعVني بحقVوق اإلنسVان للنVازحين مVا بين عVام
،2006 V– 2004ويُدرس القانون الدولي والدستوري في جامعة بيرن بسويسرا .للمزيد حوله .انظر مقال تحت عنوان "والVVتر كVVايلين وتطلعاتVVه حVVول
النازحين" .نشرة الهجرة القسرية .العدد . 37بريطانيا .مارس . 2011صــ . 27
26
ما يقربها من قواعد القانون الدولي لحقوق اإلنسان ،70وهو ما س لّم به أيضا مجلس حقوق اإلنسان في قراره رقم
وبأن جميع حقوق اإلنسان تتطلب حماية ُمتساوية ،مع مراعاة األوقات التي ينطبق فيها القانون اإلنساني الدولي
ثم النظرية التوحيدية ال تي تُفي د ب أن الق انونين ُمتش ابكان أو ُمن دمجان ،وتُرك ز ه ذه النظري ة على أهمي ة النظ ر
إلى الق انونين نظ ره ش موليه عريض ة يص ل إلى ح د الق ول ب أن الق انون ال دولي اإلنس اني يش تمل على ف رعين هم ا
قانون الحرب وحقوق اإلنسان ،ومن أبرز من ساند هذا االتجاه الفقيه القانوني "جان بكتيه".73
،74وال شك بأن الخلط بين القانونين غير ُمستحب والبد من تجاوزه قدر اإلمكان ،، 75وال يمكن ذلك إال من خالل
البحث في بيان أهم نقاط التمييز ،وأهم نقاط اإللتقاء بينهما ،وذلك على النحو التالي:
-أوجه االلتقاء ُ -:يعتبر كالً من القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان من أهم فروع القانون
ويمكن استنباط أوجة االلتقاء بين القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان من خالل
الدولي العامُ ،
دف واح ٍد ،ويتح دان في موض وع أساس ي أال وه و حماي ة اإلنس ان
ع دة أوج ه لع ل أهمه ا أن كليهم ا يلتقي ان في ه ٍ
.70مسعد عبد الرحمن زيدان .تدخل األمم المتحدة في النزاعات ال ُمسلحة غير ذات الطابع الدولي .مرجع سابق .صــ . 417
. 71يعرف التطبيق المتكامل لنظام القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان بالتطبيق Vالمزدوج أو التطبيق Vالمتزامن بمعنى أن كال القانونين
ينطبقان في أوقات النزاع المسلح .منشورات اُألمم المتحدة حقوق اإلنسان مكتب المفوض السامي .الحماية القانونيVة لحقVوق اإلنسVان في الVنزاع المسVلح.
مرجع سابق .صـــ . 57
.72األمم المتحدة -9/9 .حماية حقوق اإلنسان للمدنيين في الصراع المسلح .مجلس حقوق اإلنسان الجلسة الثانية والعشVVرين 24سVVبتمبر . 2008الفقVVرة
.4المرجع .A_HRC_RES_9_9 .
.73أحمد سي علي .دراسات في القانون الدولي اإلنساني .المرجع السابق .صـــــ . 75
.74وخير مثال على ذلك حين أوقعت األمم المتحدة نفسها في خلط بين هذين القانونين في مناسبات Vعده ،ومن ذلVVك أن لجنVVة تقصVVي الحقVVائق التابعVVة لألمم
المتحدة في السلفادور اعتبرت حكم اإلعدام الذي نفذه الجيش السلفادوري في ممرضة ألقي القبض عليها بعد الهجوم على مستشفى لجبهة الفارابوندمارتي
للتحرير الوطني يُمثل خرقا ً صارخا ً للقانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان ،كما ذهبت األمم المتحدة إلى اعتبار األحداث اإلنسانية في يوغسVVالفيا سVVنة
1990والتي تعرض لها المدنيون في سراييفو أو بيهاتشي انتهاكات Vللقانون الVVدولي اإلنسVVاني والقVVانون الVدولي لحقVVوق اإلنسVVان ،وكثVVيراً مVVا وقعت االمم
المتحدة في هذا الخلط عندما تستخدم آليات وتغيرات خاصة بالقانون الدولي لحقوق اإلنسان في حاالت تُشكل انتهاكا ً لقواعد القانون الدولي اإلنساني.انظVVر
مسعد عبد الرحمن زيدان .تدخل األمم المتحدة في النزاعات ال ُمسلحة غير ذات الطابع الدولي مرجع سابق .صــ 415وصــ. 416
. 75سامر أحمد موسى .العالقة بين القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان .الحوار المتمدن .العVVدد 26 V.1958يونيVو . 2007. VتVVاريخ
الزيارة 5يوليو 2014على الرابط .
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=100903
27
المش تركة بين كال الق انونين ،77حيث يس عى كال 76
والمحافظ ة على حيات ه وحرياته ،فهن اك الكث ير من المب ادئ ُ
ُ
الق انونين إلى ت أمين ح د أدنى من الض مانات القانوني ة واإلنس انية لجمي ع األف راد ب دون اس تثناء ،وإ ن ي ُكن ذل ك من
زوايا ُمختلفة فجوهر بعض القواعد ُمتشابه إن لم يكن ُمتطابق رغم وجود اختالفات كبيرة في صياغة هذه القواعد
.78
ورغم أن الق انون ال دولي لحق وق اإلنس ان في ُمجمل ه ُيع د أك ثر ش موالً من الق انون ال دولي اإلنس اني ويحم ل
قدراً أكبر من المبادئ العامة ،79إال أن الحماية الوارد في القانون الدولي اإلنساني أكثر فعالية؛ ألنها تحتوي على
بعض الحقوق التكاملية ،ذات األهمية مثل الرعاية الصحية لألسرى ،وحق العودة لألوطان في ظروف معينة ،
وه و ب ذلك يتج اوز م ا يحتوي ه الق انون ال دولي لحق وق اإلنس ان من حق وق ،80كم ا وس ع من نط اق حمايت ه لإلنس ان
به.
لقد كان االعتقاد سائداً على مدى فترة من الزمن ،بأن الفرق بين القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي
السلم فقط أي خالل األوضاع الطبيعية للدول ،إال أن القانون الدولي الحديث أقر بعدم دقة هذا التمييز.81
..76وفي ذلك أكدت الدائرة االبتدائية في المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفية السابقة أن مبدأ احترام كرامة اإلنسان كان هVVو "األسVVاس الراسVVخ " في كال
من القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان .
ICTY UN. International Tribunal for the Prosecution of Persons Responsible for Serious Violations of IHL.
Committed in the Territory of the Former Yugoslavia since 1991. 10 December 1998. . IT-95-17/1-T. Para 183. Pg.
72
. 77ومنها Vعلى سبيل المثال حماية الذات البشرية من القتل ،تحVريم التعVVذيب بشVتى أنواعVه ،حمايVة وضVVمان الملكيVVة الفرديVVة ،احVVترام الشVرف وال ُمعتقVد
والتقاليد والعادات ،ضمان وتوفير األمان والطمأنينة ،حظر األعمال االنتقامية والعقوبات Vالجماعية واحتجاز الرهائن ،مراعاة الضVVمانات القضVVائية ،عVVدم
التمييز Vفي الحماية مع مراعاة ترسيخ الحماية الخاصة لألطفال والنساء .أحمد سي علي .دراسات في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سVVابق .صـــ 80
و ،صــ . 81
. 78نوال بسج .القانون الدولي اإلنساني وحماية المدنيين واألعيان المدنية في زمن النزاعات ال ُمسلحة .تقديم .محمد مجدوب .الحلبي الحقوقية الطبعة
األولى 2010 .بيروت لبنان .صــ . 43
. 79أبو الخير أحمد عطية .حماية السكان المدنيين واألعيان المدنية أبان النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق .صــــ. 17
80
.Aldo Zammit Borda IHL.vol.34,no.4 (December 2008)p.g. 747-748.
.81منشورات األمم المتحدة حقوق اإلنسان مكتب Vالمفوض السامي .الحماية القانونية لحقVوق اإلنسVان في الVنزاع المسVلح 2011 .المشVار إليVه بVالمرجع
. HR/PUB/11/1صــ .6
28
فالقانون الدولي لحقوق اإلنسان يستمر في العمل حتى في حاالت النزاع حيث يلتقيان ليعمال معا ًعند تواجد
حاالت تتطلب حماية اإلنسان أثناء النزاع ،وفي ذلك خلُصت هيئات حقوق اإلنسان والهيئات القضائية في عدد من
اإلنساني ، 82وكررت هذا التأكيد محكمة العدل الدولية في فتواها الخاصة باآلثار القانونية الناشئة عن تشييد إسرائيل
إض افة إلى ك ل م ا س بق فإن ه ال يوج د في معاه دات حق وق اإلنس ان م ا ُيش ير إلى أنه ا ال تُطب ق في ح االت
المسلح ،84إال في الحاالت التي قد تضطر فيها بعض الحكومات إلى تقييد أو تجميد أو العمل على الحد من
النزاع ُ
بعض الحقوق 85أثناء حاالت الطوارئ العادية لما قد تقتضيه ضرورات الوضع ،86والتي تتسم بأنها ذات طبيعة
اس تثنائية ،ومؤقت ة ،وتُس تعمل في أض يق الح دود ،87م ع ض رورة مراع اة أن أال تك ون هن اك أي ُمخالف ه اللتزام ات
88
المس لحة أم ر مقب ول
ويمكن الق ول أن تجمي د بعض حق وق اإلنس ان الخاص ة أثن اء النزاع ات ُ
الدولي ة األخ رى ُ ،
ومنطقي لما لمثل هذه الحقوق من دور في زيادة تأجيج االنفعاالت خاصة في الظروف استثنائية كالحروب .
لبعض هما البعض ،وال يس تثني أح دهما اآلخر ،89وق د أك دت اللجن ة العام ة لحق وق اإلنس ان بش أن ذل ك ،أن قواع د
. 82فعلى سبيل المثال ،ذكرت محكمة العدل الدولية بشكل واضح أن " الحماية التي يوفرها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ال تتوقف في
أوقات الحرب ،إال بإعمال المادة 4من العهد التي يمكن بها تقييد بعض األحكام في أوقات حاالت الطوارئ الوطنية ".أنظر فتVVوى محكمVVة العVVدل الدوليVVة
بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها .مرجع سابق .الفقرة . 25صــ . 18
83بقولها أن " الحماية التي توفرها اتفاقيات حقوق اإلنسان ال تتوقف في حالة النزاع المسلح ،إال من خالل إعمال أحكام تقييدية من قبيVVل األحكVام الVVواردة
في المادة 4من العهد الدولي الخاص ،بالحقوق المدنية والسياسية انظر.الجمعية العامة .األمم المتحدة .فتوى محكمVVة العVVدل الدوليVVة عن اآلثVVار القانونيVVة
الناشئة عن تشييد جدار في األراضي الفلسطينية المحتلة .الدورة االستثنائية الطارئة العاشرة .البنVVد الخVVامس من جVVدول األعمVVال 13 .يوليVVو . V. 2004
المشار إليه بالمرجع ( ) A/ES-10/273الفقرة .106صـــ . 51
. 84منشورات األمم المتحدة حقوق اإلنسان مكتب Vالمفوض السامي .الحماية القانونية لحقوق اإلنسان في النزاع المسلح .مرجع سابق .صــ 6
.85كالحقوق السياسية واالجتماعية كحرية الصحافة وحريVة التعبVير واآلراء وحريVة االجتمVاع V،ومVا إلى ذلVك من حقVوق يتبناهVا القVانون الVدولي لحقVوق
اإلنسان.
86اللجنVVة الدوليVVه للصVVليب األحمVVر .الحVVدود المتوجبVVة في الVVنزاع المسVVلح ..المكتب االقليمي اإلعالمي .القVVاهرة .مصVVر .النسVVخة العربيVVة .ينVVاير 2010
مصر .صـــ . 10
.87نزار العنبكي. Vالقانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ .95
.88كأن ال تحمل عناصر تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو العنصر أو اللون أو الدين أو األصل وال يشمل هذا التعليق الحق في الحياة والسالمة البدنية وال
يشمل أيضا تلك الحقوق األساسية كالحق في الحياة والسالمة البدنية وغيرها فتلك حقوق فال يجوز تعليقها مطلقا ً .انظVVر .أبVVو الخVVير أحمVVد عطيVVة .حمايVVة
السكان المدنيين واألعيان المدنية إبان النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق .صــــ 19
.89أشار التعليق رقم 31لعام 2004الخاص ببيان طبيعة االلتزام القانوني العام المفروض على الدول األطراف في العهد إلى أنVVه " قVVد تكVVون هنVVاك ،في
ما يتعلق ببعض الحقوق المشمولة بالعهد ،قواعد أكثر تحديداً في القVVانون الVدولي اإلنسVVاني تعتVVبر وثيقVVة الصVVلة بصVVفة خاصVة ألغVVراض تفسVVير VالحقVVوق
29
الق انون ال دولي اإلنس اني ذات ص لة خاص ة ُيمكن اس تخدامها ألغ راض تفس ير الحق وق ال واردة في العه د ال دولي
الخ اص ب الحقوق المدني ة والسياس ية ،90مم ا يع ني وج وب اس تخدام الق انون اإلنس اني لتفس ير أي قاع دة لحق وق
اإلنسان ،ويعني أيضاً أنه ال ُيمكن تفسير قانون حقوق اإلنسان على نحو ُيخالف القانون اإلنساني.91
إضافة الى أن كال القانونين يلتقيان من حيث تمتع قواعدهما بالطبيعة القانونية اآلمرة التي ال يجوز الخروج
ورغم أن واجب تنفي ذهما يق ع على الس لطات العام ة لل دول في المق ام األول ،93إال أنهم ا يتمتع ان بالص بغة
الق انونيين من خالل هيئ ة األمم المتح دة ،وق د أعطى المجتم ع ال دولي كالً من الق انونين وث ائق دولي ة تعكس الذاتي ة
ولعل ما يؤكد على ذلك أحدث تصريحات مجلس األمن ،95التي نصت على ضرورة حماية حقوق اإلنسان في
المسلحة بواسطة كافة أطراف النزاع المسلح ،وقد أدان المجلس عدم احترام قواعد القانون الدولي
زمن النزاعات ُ
لحق وق اإلنس ان والق انون ال دولي اإلنس انيُ ،مطالب اً الجمي ع بض رورة اح ترام حق وق اإلنس ان ح تى أثن اء النزاع ات
المشمولة بالعهد ،فإن مجالي القانون يُكمل كل منهمVا اآلخVر وال يسVتبعده. " VانظVر .األمم المتحVدة .طبيعVة الالتزام القVانوني العVام المفVروض على الVدول
األطراف في العهـد الدولي الخاص بالحقــوق المدنيـة والسياسVVية .اللجنVVة المعنيVVة بحقVVوق VاإلنسVVان .الVVدورة الثامنVVة عشVVر 26 .مVVايو . 2004المرجVVع
. CCPR/C/21/Rev.1/Add.13الفقرة . 11صــ .4
. 90األمم المتحدة .طبيعة االلتزام القانوني العام المفروض على الدول األطراف في العهد الدولي الخاص بالحقــوق المدنيـة والسياسVVية .المرجVVع السVVابق
الفقرة . 11صــ .4
. 91لويز دوسوالد – بيك .القانون الدولي اإلنسVاني وفتVوى المحكمVة الدوليVة بشVأن مشVروعية التهديVد باألسVلحة النوويVة أو اسVتخدامها .مرجVع سVابق.
الرابط .تاريخ الزيارة 7يوليو . 2014
http://www.icrc.org/ara/resources/documents/misc/5r2avl.htm
. 92وهو ما أكدت عليه المادة 60من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات ،حيث منحت كل القواعد المتعلقة بحمايVVة الفVVرد اإلنسVVاني الVVواردة باالتفاقيVVات Vذات
الطابع اإلنساني الصفة اآلمرة ،انظر .أحمد سي علي .دراسات في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ .78
. 93مجلة هيئة الهالل األحمر اإلماراتي .العدد . 4سبتمبر . 2008صـــ.79
. 94محمد جالل حسن .مدى استقاللية القانون الدولي اإلنساني عن القانون الدولي لحقوق اإلنسان .مجلVة زانكVوى سVليماني .جامعVVة السVVليمانية .العVراق
العدد . 32سبتمبر . 2011صـــ .239
. 95بشأن إدانة انتهاكات حقوق اإلنسان التي ترتكبها Vاألطراف المتنازعة في سوريا حالياً.
30
المسلحة ،96فحماية حقوق اإلنسان سواء في وقت السلم أو الحرب أصبح شأناً دولي اً يحمل المسؤولية على عاتق
ُ
الدول واألفراد الذين ينتهكون الحقوق المصونة بهذين القانونيين ،97وعليه فقد اعطى المجتمع الدولي الصفة الدولية
-أوجه االختالف -:رغم كل أوجه االلتقاء والتكامل بين القانونين إال أن بعض القانونين يرى أن القانون الدولي
لحقوق اإلنسان ال يتداخل مع القانون الدولي اإلنساني إال جزئي اً ،98فهناك العديد من نقاط خالف وتمايز بين كل
منهما ،فمن حيث تاريخ النشأة فقد تطور القانونان على مر العصور بشكل ُمنفصل في خطين متوازيين ومتكاملين،
ذلك أن قواعد القانون الدولي اإلنساني أقدم وأسبق في الظهور من قواعد القانون الدولي لحقوق اإلنسان.99
و تختلف مصادر كل منهما عن األخ ر ،حيث تتمثل مصادر القانون الدولي اإلنساني أساس اً في مختلف
اتفاقي ات ج نيف ابت داء من اتفاقي ة ج نيف لع ام 1864وح تى اتفاقي ات ج نيف األرب ع لع ام 1949وبروتوكوليه ا
100
اإلضافيين لعام 1977وغيرها من االتفاقيات .
أما بالنسبة للقانون الدولي لحقوق اإلنسان فرغم ظهوره ُمبكراً من خالل تنظيمه لسلطة الدولة أزاء األفراد
في القوانين الداخلية لبعض الدول ،101إال أن البلورة الفعلية لهذا القانون كانت مع صدور اإلعالن العالمي لحقوق
اإلنس ان في 10ديس مبر ،102 1948ثم تع ددت بع دها االتفاقي ات اإلقليمي ة الخاص ة بحق وق اإلنس ان وال تي تعت بر
. 96انظر بيان من رئيس مجلس األمن بشأن أدانة انتهاكات حقوق اإلنسان التي ترتكبها السلطات السورية على نطاق واسع . S/PRST/2011/16
.97سامر أحمد موسى .العالقة بين القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان .المرجع السابق .
.98شريف عتلم .محاضرات في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــــ. 33
. 99فالقانون الدولي لحقوق اإلنسان يرجع تدوينه إلى اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الذي تبنتVVه الجمعيVVة العامVVة لألمم المتحVVدة ديسVVمبر عVVام 1948وقVVد
تبنت الجمعية العامة لحقوق اإلنسان عام 1948االعالن العالمي لحقوق اإلنسان الذي شكل أول نص قانوني على المستوى العالمي يعالج ويعنى بحقوقV
اإلنسان وحرياته األساسية ،في حين ترجع تدوين أحكام القانون الدولي اإلنساني إلى اتفاقية جنيف األولى لعام.1869انظر.حسين علي الدريVVدي .القVVانون
الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ 67وصـ ،68ولالطالع على وثيقة اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان .انظر مطر حامد حليس النيادي .وثVVائق أساسVVية
في القانون الدولي العام .دبي .اإلمارات .مطابع البيان .2000صــ. 548
. 100أحمد سي علي .دراسات في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ . 64
. 101فقد انعكس قواعد القانون الدولي لحقوق اإلنسان على القانون الدستوري الVVداخلي إلنجلVVترا حيث أصVVدر البرلمVVان (ملتمس حقVVوق عVVام ،1628وفي
الواليVVات المتحVVدة األمريكيVVة صVVدر قVVانون حقVVوق اإلنسVVان في واليVVة فرجينيVVا سVVنة ،1776وفي فرنسVVا صVVدر إعالن حقVVوق اإلنسVVان والمVVواطن سVVنة
. 1789انظر مسعد عبد الرحمن زيدان .تدخل األمم المتحدة في النزاعات ال ُمسلحة غير ذات الطابع الدولي مرجع سابق .صــ. 416
. 102عن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان انظر هامش رقم .99
31
مصدراً لهذا القانون ،لعل أهمها العهدين الدوليين لحقوق اإلنسان في عام 1966األول خاص بالحقوق المدنية
ومن حيث الفئات المحمية فالقانون الدولي اإلنساني يرمي إلى حماية رعايا األعداء الذين ال يشتركون في
األعم ال العدائي ة أو ال ذين كف وا عن المش اركة فيه ا ،أم ا الق انون ال دولي لحق وق اإلنس ان فإن ه ي رمي إلى حماي ة
األف راد ض د أي تعس ف أو تج اوز للدول ة ال تي يتبعونه ا كاف ة دون اس تثناء 104وبالت الي ُيلح ظ أن الق انون ال دولي
اإلنس اني ق د قس م الفئ ات ال تي تش ملها الحماي ة إلى ع دة فئ ات ،في حين لم يهتم الق انون ال دولي لحق وق اإلنس ان
ومن ناحية آليات مراقبة تنفيذ قواعد القانونين ،فإن االختالف يظهر عند تطبيق اآلليات الدولية ،حيث تتكفل
بالرقابة على تطبيق قواعد القانون الدولي لحقوق اإلنسان آليات دولية تُشرف عليها منظمة األمم المتحدة ،106ومن
108
. أهم هذه اآلليات المفوض السامي لحقوق اإلنسان ،107ومجلس حقوق اإلنسان التابع لألمم المتحدة
.103أحمد سي علي .دراسات في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ 65وصــ . 66
.104روشو خالد .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ. 31
ً ً
.105وكمثال على ذلك فالحق في الحياة يختلف بين القانونيين ،ففي القانون الدولي لحقوق اإلنسان يعتبر Vحقا غVVير قVابال لالنتقVVاص ويحتVVل مكVVان الصVVدارة
ولكن ترد عليه بعض االستثناءات كعقوبة اإلعدام أو في حالة الدفاع عن النفس ،أما القانون الدولي اإلنساني فيعترف بمشروعية قتVل األعVداء العسVكريين
في المعركة مع حظر قتلهم أو اغتيالهم في حالة إلقاء السالح أو االستسالم ،وحظر مهاجمة الهابطين اضطراريا ً من الطائرات والهجمات العشوائية وكافة
األعمال التي يقصد بها تجويع المدنيين وتدمير األعيان المدنية .انظر شريف عتلم .محاضرات في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ .32صــ
. 33
. 106باعتبارها منظمة حكومية عالمية ذات اختصاص عام وشامل ،ذلك أن الحفاظ على حقوق اإلنسان يُعد من أهم مقاصد ومبادئ المنظمة بموجب Vميثاق
األمم المتحدة تنص الفقرة الثالثة من المادة األول من ميثاق هيئة اُألمم المتحدة لعام 1945بشأن مقاصد الهيئه ومبادئها على أنه " /3...تحقيق التعVVاون
الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة االقتصادية واالجتماعية والثقافية واإلنسانية وعلى تعزيز احترام حقوق اإلنسان والحريات األساسVVية للنVVاس
جميعا ً والتشجيع على ذلك اطالقا بال تمييز Vبسبب الجنس أو اللغة أو الدين وال تفريق Vبين الرجال أو النساء ".
انظر .سامر أحمد موسى .العالقة بين القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان .مرجع سابق.
.107استحدثت الجمعية العامة لألمم المتحدة في قرارها رقم ـ 141/48فى 20ديسمبر 1993وظيفة مفوض سام لحقوق اإلنسان ،وتشVVمل اختصاصVVات
المفوض السامي تشجيع احترام وحماية حقوق اإلنسان فى العالم ،والتحاور مع الحكومات Vبهدف ضمان احترام حقوق اإلنسان ،ويقVVوم بتقVVديم تقVVارير عن
أوضاع حقوق اإلنسان الدولية إلى األمين العام الذي بدوره يقVVدمها Vإلى مجلس األمن والجمعيVVة العامVVة ،ووضVVع بVVرامج تسVVاهم في ترقيVVة حقVVوق اإلنسVVان
ويحضع المفوض السامي إلدارة السكرتير العام .انظر قرار الجمعية العامة .المفوض السامي لتعزيز جميع حقوق اإلنسان وحمايتهVVا .الVVدورة . 48البنVVد
/ 114ب 7 .يناير . 1994المشار اليه بالمرجع .A/RES/48/141صـ . 3كذلك انظر مسعد عبد الرحمن زيدان .تدخل األمم المتحدة في النزاعVVات
ال ُمسلحة غير ذات الطابع الدولي .مرجع سابق .صــ . 445و انظر أيضا نجوى إبراهيم .دور األمم المتحدة في تطوير آليات حمايVVة حقVVوق اإلنسVVان في
العالم ..مجلة السياسة الدولية .العدد .167المجلد . 42يناير . 2007صــ. 51
.108جاء على أثر اعتماد الجمعية العامة لألمم المتحدة قVرار رقم 251 V/ 60في 15مVارس ،2006و ينص على إنشVاء هVذا المجلس ليحVل محVVل لجنVة
حقوق اإلنسان بعد مرور 60عاما على إنشائها ،ويعد هذا المجلس أحدث جهاز دولى للمحافظة على حقوق اإلنسان بعد أن تميزت Vلجنة حقوق اإلنسان
بضعف اختصاصاتها ومحدودية فعالياتها أمام العدد الهائل من انتهاكات حقوق اإلنسان واتهمت Vاللجنة بالتسيس Vوازدواجية المعايير V،حيث أدانت أوضاع
حقوق اإلنسان في دول مثل إيران ،السودان ،كوبا في المقابل لم تتخذ أي قرار بشأن معتقلي غوانتنامو ،ومنه جاء إنشاء المجلس كمحاولة لتفادي عيوب
اللجنة ،ومن بين أهم اختصاصاته اخضاع أوضاع حقوق اإلنسان في جميع الدول للمراجعة والنظر وال تملك الدول بموجبه الحق في رفض ارسال لجنة
تحقيق في انتهاكات حقوق اإلنسان لديها في حين أن الدول األعضاء فى اللجنة السابقة كانت Vتملك حق الرفض .انظر القرار الصادر عن الجمعية العامة
لألمم المتحدة .قرار اتخذته الجمعية العامة مجلس حقوق اإلنسان .الدورة الستون .في 3ابريل .2006المشار إليه بالمرجع .A /RES/60/251صــ 2
.انظر أيضا ً ن جوى إبراهيم .دور األمم المتحدة في تطوير آليات حماية حقوق اإلنسان في العالم ..المرجع السابق .صــ 53وصــ . 54
32
في حين تتكفل على حسن تطبيق قواعد القانون الدولي اإلنساني وبالرقابة على تنفيذه ،آليات دولية خاصة
المنظمات والهيئات الحكومية وغير الحكومية ،109لعل أهمها اللجنة الدولية للصليب األحمر ،110باإلضافة
تملكها ُ
إلى بعض المنظم ات اإلنس انية غ ير الحكومية ،111وك ذلك هن اك آلي ات أخ رى ذات طبيع ة وقائي ة وأخ رى قمعي ة أو
ردعية ومنها نظام " الدولة الحامية " ،أو نظام التحقيق في االنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني والذي تقوم
به اللجنة الدولية لتقصي الحقائق ، 112إضافة إلى المحكمة الجنائية الدولية الدائمة .113
الم قررة في حاالت انتهاك قواعد هذه القوانين فعندما يتعلق األمر باختراق قواع د الق انون
ومن حيث العقوبة ُ
المتض ررة باتخ اذ اإلج راءات الالزم ة أم ام المح اكم الوطني ة ،وإ ذا اقتض ى
ال دولي لحق وق اإلنس ان تق وم األط راف ُ
األم ر أم ام المنظم ات الدولي ة ،فالق انون ال دولي لحق وق اإلنس ان ،يعت بر ُملزم ا ًلل دول ،وفي ه م ا ينص على ح ق
ض حايا االنتهاك ات الجس يمة في اإلنص اف ال ذي يش مل على إحق اق العدال ة وج بر الض رر ،114في حين أن الق انون
تُحال هذه العقوبات إلى القوانين الجنائية الوطنية ،مما يؤدي إلى إفالت المنتهكين من العقوبات الحقيقية والصارمة
115
.
ورغم أن األلي ات الخاص ة بالق انون ال دولي اإلنس اني غ ير دائم ة ،كتل ك اآللي ات الخاص ة بالق انون ال دولي
116
،إال أنه ومع التطور ومستقرة كالمحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان
لحقوق اإلنسان والتي تتصف بأنها دائمة ُ
. 109سامر أحمد موسى .العالقة بين القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان .مرجع سابق .
.110انظر إلى المادة 126/4من اتفاقية جنيف الثالثة لعام ،1949والمادة 143 V،142/3والمVVادة 5/من اتفاقيVVة جVVنيف الرابعVVة ،1949والمVVادة 81/1من
البروتوكول اإلضافي األول لعام . 1977
.111كمنظمة أطباء بال حدود ومنظمة أطبVاء العVVالم ُومنظمVة الرقابVة على حقVوق اإلنسVان .انظVر المVVادة 3-81/2من الVVبروتوكول اإلضVافي األول لعVام
.1977
.112أوكلت مهمة التحقيق للجنة تقصي الحقائق للتحقيق في االنتهاكات Vالجسيمة للقانون الدولي اإلنساني ،بحسVVب المVVادة من 90من الVVبرتوكول اإلضVVافي
األول التفاقيات جنيف األربع لعام 1949حيث نصت على أنه ... " -:تكون اللجنVة مختصVة بVVاآلتي :أوالً :التحقيVVق في الوقVائع المتعلقVVة بVVأي ادعVاء
خاص بانتهاك جسيم كما حددته االتفاقيات هذا اللحق "البروتوكول""..
. 113سامر أحمد موسى .العالقة بين القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان .مرجع سابق.
. 114منظمة العفو الدولية .انتزاع الحياة من جوف اليرموك .المملكة المتحدة .الطبعVVة األولى . 2014.المشVVار اليVVه بVVالمرجع MDE V.24/008/2014
صـــ .19
.115حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 72
116
.Ray Murphy. Origins and development of IHL. institute for international criminal investigations. San Francisco,
U.S.A. IICI. July 2013.P.g 32.
33
117
يمكن اللجوء إليه لضمان تنفيذ العقوبات على ُمنتهكي قواعد القانون المعاصر تم استحداث نظام قضائي دولي
ُ
الدولي اإلنساني.
مصلحة ُم شتركة واحدة وهي الحفاظ على حقوق اإلنسان األساسية ،ورغم أن لكل قانون آليه عمل خاصة به تجعل
ومستقلة ،إال أنهما يوفران مع اً إطاراً لحماية شاملة تمكنهما من الوصول إلى الهدف
منه منظومة قانونية ُمتكاملة ُ
المشترك وهو حماية اإلنسان بالدرجة األولى ،وإ ن كان ذلك من زوايا مختلفة ،فالقانون الدولي اإلنساني يهدف
إلى الح د من أض رار الح روب ،في حين يه دف الق انون ال دولي لحق وق اإلنس ان إلى ال دفاع عن الحق وق األساس ية
تل ُكم هي أهم أوجه االلتقاء واالختالف بين القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان ،وسيتم
تالياً تتبع مراحل تطور قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ،وذلك على النحو التالي-:
المطلبـ الثانيـ
إن دراس ة اإلط ار الت اريخي للق انون ال دولي اإلنس اني يرتب ط تلقائي ا ًبتط ور فك رة الح رب ذاته ا ال تي تُش كل
واقع اً راف ق اإلنس ان على م ر العص ور ،وق د ك ان لظه ور ال ديانات الس ماوية الفض ل الكب ير في إرس اء الكث ير من
المبادئ والقواعد التي تنظم وتقيد أساليب القتال وفي مقدمتها الشريعة اإلسالمية .
وعلي ه فمن المهم جداً التط رق إلى التط ور الت اريخي باعتب ار أن ذل ك ُيعطي خلفية تاريخي ة واض حه للتمكن
ُ . 117مت ّمثل في إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الدائمة عام ،1998والذي دخلت حيز النفاذ عام .2002
34
بدراسة اإلطار التاريخي لقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية أثناء النزاع المسلح ،ثم بيان اإلطار اإلسالمي لها
والوقوف على المراحل التي مرت بها في الفرع الثاني ،وذلك على النحو التالي :
الفرع األول :اإلطار التاريخيـ لنشأة قواعد حماية األعيانـ المدنية والثقافية :
نش أ الق انون ال دولي اإلنس اني بداي ة من مجموع ة الع ادات واألع راف ال تي اعت اد المح اربون االل تزام به ا ،ثم
صارت مع مرور الوقت قواعد ُعرفية ُملزمة وآمرة تُنظم النزاعات التي تجري بينهم.
وقد ساهمت الديانات السماوية ومنها الشريعة اإلسالمية في ظهور مالمح القانون الدولي اإلنساني وتطورها،
وبع د ذل ك ج اءت مرحل ة الت دوين والتوثي ق من خالل االتفاقي ات الدولي ة ال تي أسس ت المنظوم ة القانوني ة للق انون
الدولي اإلنساني ،وللبحث عن الجذور التاريخية لقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية محل الدراسة ،البد من
تقسيم المراحل التي مرت بها إلى ثالثة عصور وهي العصور القديمة ،والوسطى ،و الحديثة .
والممتلكات الثقافية؛ حيث كان ُيباح للمقاتلين التدمير واالستيالء على كافة ُممتلكات العدو باعتبارها غنائم حرب
ُ
دون األخذ باالعتب ارات الديني ة أو اإلنسانية ،118وعلي ه ظه رت الحاجة إلى وضع قواع د في إط ار ُمتب ادل ص ارت
فيما بعد أعرافاً ،ثم مواثيق إلى أن تكونت القوانين التي تنظم الحروب .119
وقد ساهمت جميع الحضارات القديمة في نشأة وتطور قواعد القانون الدولي اإلنساني ،و أظهرت الحضارة
الصينية احتراماً للمبادئ اإلنسانية الخاصة بنظام حماية األعيان المدنية ،من خالل التعليمات السرية الستة لــ" تاي
كنغ " في القرن الحادي عشر قبل الميالد ،والتي أكد فيها على ضرورة عدم تدمير البيوت ،وعدم تقطيع األشجار
. 118بالل على النسVVور .رضVVوان محمVVد محمVVود المجVVالي .الوجVVيز في القVVانون الVVدولي اإلنسVVاني دراسVVة مVVع بعض من النمVVاذج الدوليVVة المعاصVVرة .
األكاديميون للنشر والتوزيع .الطبعة األولى .عمان .األردن .2012 .صـــ.142
. 119انظر عمر محمود المخزومي .القانون الدولي اإلنساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق .صـ. 29
120
"T’ai Kung. " Six Secret teachings
35
كم ا اتخ ذت الحض ارتين الروماني ة واليوناني ة ت دابير ديني ة وأخالقي ة ع دة لحماي ة األعي ان المدني ة والممتلك ات
المقدس ة
الثقافي ة كن وع من نظ ام حماي ة له ذه األعي ان ،وذل ك لحمايته ا من االعت داء العتب ارات أهمه ا القيم ة الديني ة ُ
اللجوء إليها نابع ةً من االعتقاد السائد آنذاك بكونها محمية من اآللهة وأن أي اعتداء سيولد انتقام اً من المعبد على
121
المعتدين.
وعليه فقد أعطت الحضارات القديمة قيمة لالعتبارات اإلنسانية وأسهمت إسهاماً كبيراً في تكوين المالمح
األولى للقانون الدولي اإلنساني ،خاصة ما يتعلق بنظام حماية األعيان المدنية والممتلكات الثقافية ،وإ ن لم يكن على
درجة واحدة من اإلسهام ،إال أنها عرفت الكثير من مفاهيم هذا القانون وهذه القواعد .122
وبهذا يمكن القول :بأن األعراف والقواعد التي كانت تحكم وتنظم العمليات الحربية في الحضارات القديمة
ممتلكاته المدنية والثقافية ،من خالل التحلي بالطابع اإلنساني والتمسك بأخالقيات الحرب اإلنسانية.
العصور الوسطى :إن ظهور بعض الديانات كان من أبرز العوامل التي أدت إلى استقرار الجذور األولى للقانون
ال دولي اإلنس اني ،وقواع د حماي ة األعي ان المدني ة والممتلك ات الثقافي ة ،فق د ت أثر ه ذا الق انون وه ذه القواع د بظه ور
المنظمة
فظهور هذه األديان السماوية ،أدى أيضا إلى بروز الجذور األولى لقواعد القانون الدولي اإلنساني ُ ،
123
إال أن الديان ة اليهودي ة حملت فك رة أن اإلل ه ه و قائ د عس كري ،واس تناداً إلى ذل ك انط وت حي اتهم على
خ وض العدي د من الح روب ال تي تحض على تدمير الم دن ،حتى عن د انتص ارهم على أع دائهم ،فالتدمير والخ راب
http://www.scribd.com/doc/188144397/Tai-Kung-Six-Secret-Teachings .) accessed 1st. feb.2014(.
. 121سالمة صالح الرهايفة .حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات ال ُمسلحة ..دار الحامد للنشVر والتوزيVع .الطبعVة االولى . 2012عمVان .االردن.
صـ.26-24
. 122روشو خالد .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 44
. 123أبو الخير أحمد عطية .محكمة الجنايات الدولية الدائمة .مرجع سابق .صــ . 194
36
أم ر إلهي عن د الطائف ة العظمى من اليه ود ،124وبالت الي لم تُحق ق أي حماي ة لألعي ان المدني ة والثقافي ة ،ب ل ج اءت
أما الديانه المسيحية فمن خالل أسفار العهد الجديد من ظاهر كتاب اإلنجيل " البشير متى" ،125إصحاح ،5لم
126
المتتب ع لواق ع الح روب عن د المس يحيين
المطلق ،لكن ُ
تتط رق إلى تنظيم العملي ات الحربي ة ب ل دعت إلى الس الم ُ
يرى بأنه وعلى الرغم من أن الديانة المسيحية في أسفار العهد الجديد كانت تنادي إلى السالم واإلخاء ونبذ العنف
في بعض جوانبه ا ،حيث س عى المرش دون ال دينيون على حث األط راف المتنازع ة إلى المحافظ ة على األعي ان
المدنية خالل العمليات العدائية ،127إال أن الواقع المسيحي كان على النقيض تماماً ،128وما يؤكد على ذلك الحروب
ولع ل ذل ك يرج ع في األس اس إلى اعتم ادهم على أس فار العه د الق ديم كمرج ع ،وال تي ك انت تحم ل العدي د من
العب ارات ال تي تح ّرض على القت ل والتع ذيب واالعت داء على األعي ان المدني ة دون أي تمي يز ،فق د ورد به ا م ا ي دل
على جواز حرق المدن بكل ما فيها ،وتدمير الممتلكات من الفضة والذهب وآنية النحاس والحديد وغيرها.130
. 124روشو خالد .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق صــ 45وصــ . 46
125هناك عدة أناجيل مثل إنجيل متى ،إنجيل مرقص ،إنجيل لوقا ،وإنجيل يوحنا ،انظهVر هVامش رقم . 1روشVو خالVد .الضVرورة العسVكرية في نطVاق
القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ. 47
،. 126إذ ورد فيه أنه إذا " :سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن 39 .وأما أنا فأقول لكم ال تقاوموا الشر بل من لطمVVك على خVVدك األيمن فحVVول لVVه اآلخVVر
أيضا 40 .ومن أراد أن يُخاصمك ويأخذ ثوبك فأترك له الرداء أيضا 41 .ومن سخرك ميالً واحداً فأذهب معVVه اثVVنين 42 .من سVVالك فأعطVVه ومن أراد ان
يقترض منك فال ترده 43سمعتم أنه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك 44وأما أنا فأقول لكم أحبوا اعداءكم " كتاب ".اإلنجيل" البشير متى .على الموقVVع
.تاريخ الزيارة 17يوليو 2014الرابط .
http://www.enjeel.com/bible.php?bk=40&ch=5&vr=38#ver38
.127أحمد سي علي.حماية األشخاص واألموال في القانون الدولي اإلنساني.دار االكاديميVVة الVVدار البيضVVاء .الطبعVVة األولى.الجزائVVر.2010-2011 .صـــ
.316
.128روشو خالد .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق.صــ48
.129فعندما احتل الصليبيون القدم في عام 1099قاموا بذبح جميع السكان ،وفي ذلك كتب Vالكاهن " ريمVون داجيVل" بصVفته شVاهد عيVان لهVذه المذبحVة"،
كان في معبد سليمان القديم حيث لجأ 10000مسلم ،دماء أريقت بكثرة جعلت جثث الموتى تسبح فيها متنقلة هنVا وهنVVاك في فنVVاء المعبVVد ،وكVانت VاأليVدي
المقطوعة واألذرع المبتورة Vترى عائمة فيها " .عمر المخزمي .القانون الدولي اإلنساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق .صــ .32
. 130فعلى سبيل المثال جاء في سفر يشوع إصحاح 24-20 :6أحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها ،إنما الفضة والذهب وآنية النحاس والحديد واجعلوها
في خزانة بيت الرب ،و كذلك جاء في سفر صموئيل األول اصحاح 11 V- 3 V: 15حيث قال " ...ال تعف عنهم بل اقتل رجالً وامVرأة طفالً ورضVيعا ً
بقراً وغنما ً جمالً وحماراً " ،وفي سفر إشعيا اصحاح 16 V: 13يقول" :وتحطم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب Vبيوتهم وتفضح نساؤهم" وفي سفر حزقيال
اصحاح 7-5 V:9يقول " اعبروا في المدينة وراءه واضربوا .ال تشفق أعينكم وال تعفوا 6 .الشVVيخ والشVVاب والعVذراء والطفVل والنسVاء اقتلVوا للهالك .وال
تقربوا من إنسان عليه السمة وابتدأوا من مقدسي .فابتدأوا بالرجال الشيوخ الذين أمام البيت 7 .وقال لهم نجسوا البيت وامالوا الدور قتلى . ".انظVVر كتVVاب
".اإلنجيل" على الموقع .تاريخ الزيارة 3اغسطس . 2014الرابط
..http://www.enjeel.com
37
وعلي ه يمكن الق ول :ب أن الديان ة المس يحية وخاص ة في أس فار العه د الجدي د ج اءت ُمحمل ة بالس الم ،وق د
وضعت مبادئ ساهمت في رسوخ بعض مبادئ القانون الدولي اإلنساني ،في حين كانت أسفار العهد القديم تتبنى
وتتقارب في نصوصها مع الديانة اليهودية من حض على القتل والتدمير دون تمييز لألعيان المدنية والثقافية .
وفي جانب آخر ومن الجزيرة العربية بالتحديد ،أدى ظهور الدين اإلسالمي في القرن السابع الميالدي دوراً
مهماً في إيجاد نظام ُم تكامل من األخالق والمبادئ اإلنسانية؛ حيث أعطت أولوية لالعتبارات اإلنسانية ،وظهر ذلك
جلياً من خالل العبقرية العسكرية التي يتمتع بها الرسول محمد -صلى اهلل عليه وسلم -والنابعة من تعاليم ديننا
العصور الحديثة -:كانت بداية ظهور قواعد القانون الدولي التقليدي في القرن السابع عشر حيث ظهرت
المتح اربون اختي اراً وطوع اً ،وق د س اهم الفقه اء الع رب في وض ع أهم
بعض القواع د العرفي ة ،ال تي عم ل به ا ُ
131
الموضوعات التي ُيعنى بها القانون الدولي اإلنساني ومنهم الفقيه محمد بن الحسن الشيباني ،حيث كرس قسماً
كبيراً من كتابة "السير الكبير" لعرض أحكام القانون الدولي في اإلسالم ُأثناء السلم والحرب.132
كم ا س اهم الفقه اء من غ ير الع رب و منهم جروس يوس ،أح د الفقه اء التقلي ديين من خالل كتاب ة الش هير
فلم تعرف أوروبا مبدأ (النظرية التقليدية في قانون الحرب) إال في أواخر القرن الثامن عشر ،134كما ظهر نوع
.131اإلمام الفقيه محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني من أشهَ ِر تالميذ اإلمام أبي حنيفة ،ولد سنة اثنين وثالثين ومائة هجرية وتوفِّي -رحمVه هللا -في سVنة
تسع وثمانين ومائة هجرية ،نشأ في الكوفة وكان له أثَ ٌر كبي ٌر في نشر مذهب اإلمام أبي حنيفة ،ولي قضاء الرقة في عهد هارون الرشيد ،وإذ كان الغVVرب
ينسب القانون الدولي العام إلى هيروسيوسي -جروسيوس -الهولندي المتوفى 1645م ،ويُطلِقون عليه أبا القانون الدولي إال أن الحقيقة الVVتي يعلمه Vا VكVVلُّ
باحث منصف أن الشيباني هو من سبق بأحكام القانون الدولي ،حيث توجد العديد من الدالئل على ذلك ،وقد ُأسِّست في "غوتجن" بألمانيا جمعيَّة للحقوق
والمشتغ لين به في مختلف البالد ،تهدف هذه الجمعية في األساس إلى التعريف بالشيباني وسميت Vبــ"جمعيVVة الشVVيباني ِ الدوليَّة ض َّمت ُعلَماء القانون الدولي
للقانون الدولي ". 1955انظر فؤاد عبدالمنعم أحمد .مواقف ورجال في القضاء اإلسالمي ،محمد بن الحسن الشيباني .جريدة البعث اإلسالمي -العدد - 6
المجلد . 28ديسمبر 1983م .صــ ،44وصــ . 46انظر أيضا ً .جابر عبد الهادي سالم الشافعي .تأصيل مبادئ القانون الدولي اإلنسVVاني .مرجVVع سVVابق .
صــ . 173
،. 132فاشتمل على أحكام األسرى وإسالم المشركين ،واألمان ،والرُّ سل الVذين يَفِVدُون إلى دار اإلسVVالم من دار الحVVرب والحصVVانات الVVتي لهم ،والغنVVائم
والص Vلح والتحكيم ،والمعاهVVدات ونقضVVها ،وجVVرائم الحVVرب.أنظVVر .فVVؤاد عبVVدالمنعم أحمVVد .مواقVVف ورجVVال في القضVVاء اإلسVVالمي محمVVد بن الحسVVن ُّ
الشيباني .المرجع السابق .صـ . 46
. 133شريم عتلم .محاضرات في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 17
. 134وجاء في ما ذكره جان جاك روسو في كتابة العقد االجتماعي أن الحرب ماهي إال عالقة دولة بدولة وليست عالقة عداء بين المواطنين المدنيين اال
بصفة عرضية بوصفهم جنوداً وبمجرد إلقاء أسلحتهم أو استسVVالمهم فVVإنهم يعVVودون من جديVVد ليصVVبحوا بشVVراً ،بحيث Vال يحVVق ألي إنسVVان االعتVVداء على
38
من الحس بالمسؤولية اتجاه حماية األعيان المدنية وخاصة الممتلكات الثقافية كونها جزء من القومية والهوية ،
حيث أعلن في كتاب ه بأن ه ال يج وز الت دمير واالتالف إال عن د مقتض يات الض رورة العس كرية ،135وأك د على
ضرورة عدم االعتداء على أي ممتلكات ال صله لها بالعمليات الحربية ،136كذلك ُيعد الفقيه البيرتلو جنتليس
أول من طرح مسؤوليه الحماية الدولية للممتلكات الثقافية خاصة في أوقات الحروب.137
وش هد النص ف األول من الق رن التاس ع عش ر إس هامات لمفك رين وفقه اء من أج ل تق نين القواع د العرفي ة
والعادات التي تحكم سير العمليات الحربية ،138مما أدى إلى استقرار وتبلور هذه القواعد العرفية ،وظهر ذلك من
خالل كتاب ات وإ عالن ات ق ادة الجي وش ،حيث تبل ورت واس تقرت بعض القواع د والع ادات العرفي ة ال تي ك انت تحكم
139
الموجهة إلى جيوش الواليات المتحدة العمليات العدائية ،حيث احتوت المواد من 34إلى 37من " مدونة ليبر"
األمريكي ة أثن اء االنفص ال ع ام 1863على مب ادئ وقواع د تحظ ر على الجي وش االس تيالء على أه داف تق ع في
المدارس أو الجامعات أو االكاديميات أو المتاحف أو المستشفيات أو المكتبات ،140ثم شهد النصف الثاني من الق رن
نفس ه جه وداً لت دوين تل ك األع راف س واء على ش كل تص ريحات أو تعليم ات الحكوم ات لجيوش ها في المي دان ،أو
وقد بدأت مرحلة تدوين القانون الدولي اإلنساني األساسية والفعلية ،بعد صدور معاهدة جنيف لعام ،1864
وال تي مه دت إلبرامه ا مجموع ة من الظ روف لع ل أهمه ا "معرك ة س ولفارينو" وال تي وقعت في 24يوني و 1859
حياتهم نوال بسج .القانون الدولي اإلنساني وحماية المدنيين واألعيان المدنية زمن النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق .صــ . 57
. 135د .أحمد سي علي .حماية األشخاص واألموال في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ316
. 136سالمة صالح الرهايفة .حماية الممتلكات ت الثقافية أثناء النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق .صــ .35
. 137فقيه هولندي عاش في الفترة التي كثرت فيها المنازعات ال ُمسلحة بين الكاثوليك والبروتستانت Vويعتبر Vمؤسس القVVانون الVVدولي األوروبي في القVVرن
السابع عشر انظر .د .أحمد سي علي .حماية األشخاص واألموال في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ316
. 138وذلك من أجل ضمان االلتزام بها وبلورتها واستقرارها ،لتفضيل النصوص المكتوبة على القواعد العرفية؛ باعتبار أن ذلك يُسهل من عملية انضVVمام
الدول إلى القواعد المكتوبة والتعهد بالتزاماتها ويُسهل الرجوع إليها ،فقد كان قانون الحرب أول قVVانون دولي يخضVVع للتقVVنين حيث بVVدأت الVVدول في جمVVع
األعراف التقليدية وتدوينها .انظر محمد المجذوب .طارق المجذوب .القانون الدولي اإلنساني .منشورات الحلبي .لبنان .بيروت . 2009 .صــ . 64
. 139أقرها الرئيس األمريكي أبرهام لنكولن وأعلن أنها ملزمة لجميع قوات االتحاد وتعد مدونة ليبر أول محاولة جVVادة لتقVVنين قVVوانين وعVVادات الحVVرب .
انظر لورنس فنشر .القانون اإلنساني الدولي :لمحة .حنان عشراوي .جرائم الحرب .مرجع سابق .صــ . 17
. 140انظر هامش التقرير الصادر عن مؤسسة الضمير لحقVVوق اإلنسVVان .العVVدوان اإلسVVرائيلي المفتVVوح على قطVVاع غVزة جVVرائم ضVد اإلنسVانية – جVرائم
حرب ،مايو . 2009سلسلة دراسات وتقارير. Vصـــ . 12تاريخ الزيارة في 26يوليو 2013الرابط
http://holocaust.ps/data/report/1.pdf
. 141صالح الدين عامر .تطVVور مفهVVوم VجVرائم الحVVرب .في المحكمVVة الجنائيVVة الدوليVة المواءمVVات الدسVVتورية والتشVVريعية .إعVداد شVVريف عتلم .الطبعVVة
السابعة .اللجنة الدولية للصليب األحمر . 2009.صــ .108
39
بمنطقة سولفارينو بمقاطعة لومبارديا شمال إيطاليا بين االحتالل النمساوي والجيش الفرنسي المتحالف مع الجيش
142
اإليطالي
وعلى أثر ذلك قام السويسري “هنري دونان” الذي تأثر بهذه المعركة ،وقام بتأسيس "اللجنة الدولية للصليب
األحم ر" ،وق د س اهمت ه ذه اللجن ة في تش كيل اﺘﻔﺎﻗﻴﺔ ﺠﻨﻴﻑ ﺍﻷﻭلى ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ 1864لتحس ين ح ال الج رحى ب الجيوش
في المي دان ،ك أﻭل اﺘﻔﺎﻗﻴﺔ دولي ة مدون ه ،تقتص ر على العس كريين الج رحى في المي دان ال بري فقط ،143وق د ُش ددت
الحماي ة القانوني ة لألعي ان المدني ة والمملك ات الثقافي ة خالل النزاع ات القتالي ة خاص ة بع د الح ربين العالمي ة األولى
والثانية.144
حيث ّبينت الف ترة التاريخي ة الس ابقة على الح ربين الع الميتين ،م دى القص ور الواض ح في االتفاقي ات وع دم
وجود آليات تطبيق تكفل فعاليتها في وقف االنتهاكات ، 145وهو ما دفع بالمجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات من أج ل
سد الثغرات من خالل عقد مؤتمر دبلوماسي لتطوير االتفاقيات السابقة ونجح المؤتمر بعقد أربع اتفاقيات وقعت في
12اغسطس 1949تسمى اآلن بقانون أو اتفاقيات جنيف وتعنى بضحايا الحرب ،ومع التطورات المتالحقة في
الح روب وخاص ة التط ورات المتعلق ة باألس لحة تم التوص ل إلى إق رار بروتوك ولين إض افيين التفاقي ات ج نيف ع ام
، 1977ثم توالت بعد ذلك االتفاقيات والبروتوكوالت التي شكلت بمجموعها صلب القانون الدولي اإلنساني .146
. 142هنري دونان .تذكار سولفارينو .تعريب /سامي جرجس .الطبعة الحادية عشر .المركز اإلقليمي اإلعالمي للجنة الدولية للصليب األحمر .القاهرة .
. 2012صــ 5وصــ . 6
. 143عالء فتحي عبدالرحمن محمد .الحماية الدولية للصVVحفيين أثنVVاء النزاعVVات الدوليVVة ال ُمسVVلحة .الحمايVVة الدوليVVة للصVVحفيين أثنVVاء النزاعVVات الدوليVVة
ال ُمسلحة .دار الفكر الجامعي .الطبعة األولى .اإلسكندرية .مصر.2010 .صـــ 49ومابعدها .
. 144قامت القوات االلمانية خالل الحرب العالمية الثانية ،بارتكاب Vاعمال سطو منظمة وواسعة النطاق على الممتلكات VالثقافيVVة في االراضVVي الVVتي قVVامت
باحتاللها حيث قVVامت خالل الحVVرب العالميVVة الثانيVVة بنهب الممتلكVVات الثقافيVVة من المتVVاحف التاريخيVVة والقصVVور والمكتبVVات VونقلتهVVا إلى المانيVVا ودمVVرت
المكتبات المليئة بالمخطوطات العلمية النادرة والكتب ذات القيمة ،حيث لم تميز القوات االلمانية حينها اطالقا بين األعيان المدنية والثقافيVVة الVVتي ال يجVVوز
االعتداء عليها وبين األهداف العسكرية المشروعة وعليه قامت دول الحلفاء بمعاهدات الصلح عقب الحVVرب العالميVVة الثانيVVة وذلVVك إلنقVVاذ مVVا يمكن انقVVاذه
ونصت صراحة هذه المعاهدات على اعVVادة كافVVة الممتلكVVات VالثقافيVVة إلى اصVVحابها .انظVVر سVVالمة صVVالح الرهايفVVة .حمايVVة الممتلكVVات ت الثقافيVVة أثنVVاء
النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق .صــ . 43-42
. 145سالمة صالح الرهايفة .حماية الممتلكات ت الثقافية أثناء النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق .صــ .46-42
. 146سلوان جابر هاشم .حالة الضرورة العسكرية .المؤسسة الحديثة للكتاب .الطبعة األولى .بيروت .لبنان .2013.صــ ،33و صــ . 35
40
كم ا تم تض مين النظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة الدولي ة ،نصوص اً تعت بر أي عملي ات اعت داء على األعي ان
المدنية أو الثقافية جريمة من جرائم الحرب مالم تُستخدم هذه األعيان لألغراض العسكرية أو كانت أهدافا عسكرية
أو كان تدميرها أو االستيالء عليها مما تُحتمه الضرورة العسكرية .147
وعلي ه يتض ح أن ه ورغم االنتهاك ات الجس يمة والصارخة ال تي وقعت على األعي ان المدنية والثقافي ة على مر
خالل اتفاقيات جنيف األربع لعام 1949وبروتكوليها اإلضافيين لعام ،148 1977والتي بدأت فعلياً في تقنين جميع
إال إن الحماية القانونية لألعيان المدنية لم تأت بصورة ُمنفصلة ،بل جاءت ضمن الحماية المكفولة للمدنيين
أنفسهم ،ثم ج اءت اتفاقية الهاي لعام 1954وبوتوكوالتها لتضم قواعد حماية للممتلكات الثقافية دون غيرها من
األعي ان المدنية ،وتضمن لها حماية مستقلة بها تحمل باإلضافة إلى الحماية العامة نوعين هما الحماية الخاصة
الفرع الثاني:ـ اإلطار اإلسالمي للقانون الدولي اإلنساني ونظام حماية األعيانـ المدنية والثقافية :
تن اولت الش ريعة اإلس المية مس ألة ُحرم ة االعت داء على اإلنس ان وحماي ة حريت ه الشخص ية والبدني ة ُوممتلكات ه
المس لحة بش كل ُمفص ل ،وك ان له ا الس بق والري ادة في تنظيم الح رب وض بطها ،اس تناداً إلى أن
أثن اء النزاع ات ُ
41
ورد الع دوان عن المس لمين ،فأح َّل بعض
ورغم أن اإلس الم ق د أب اح الجه اد لحماي ة ال دعوة اإلس المية َّ
الح روب في حال ة ت وافر األس باب المش روعة ،إال إن ه قد ّح رم اس تخدام األس لحة ب دون تقيي د ،وذل ك استناداً إلى أن
اإلس الم ال تنكيل وال حق د وال انتقام فيه ،150وعليه فقد نظم وشرع القواعد المتعلقة بأس اليب ووس ائل القتال في
وب ذلك ف إن اس تخدام الس الح لم يكن ُمطلق اً ،وإ نم ا تح ده ح دود ُمعين ه ،تج د أس بابها في طبيع ة العملي ات
المراض خة بالحج ارة ،وأخ ذ ثالث ة أحج ار ،حج راً في ي ده ،وحج رين في حجزته ،152ف إذا اق تربوا ح تى تنالن ا
لهم ُ
المداعس ة بالرم اح ،ف إذا انقض ت الرم اح ك انت الجالد بالس يوف ،فق ال رس ول اهلل ص لى اهلل
وإ ي اهم الرم اح ك انت ُ
علي ه وس لم" :به ذا ُأن زلت الح رب من قات ل فليقات ل قت ال عاص م " ،ك ذلك أك د على ع دم إلح اق المعان اة غ ير المفي دة
153
التدرج عند استخدام القوة واألسلحة
بالعدو ،وعليه يمكن القول بأن الشريعة اإلسالمية جاء فيها ما يحمل على ّ
المناسب ،فال ُي مكن استخدام أقوى األسلحة ،إال بعد استنفاذ كافة األسلحة األخرى واألخف ضرراً.
وكذلك التناسب ُ
كم ا وحرص ت الش ريعة اإلس المية على حظ ر ت دمير الممتلك ات لمج رد الت دمير واإلتالف ،وأك دت على
. 150وذلك استناداً لقوله تعالى " :وقاتلوا حتى ال تكون فتنه ،ويكون الدين هلل ،فإن انتهوا فال عدوان إال على الظالمين " القرآن الكريم سورة االنفال آيVVة
،39للمزيد انظر .مؤلف جماعي .محمود علي .عبدالمجيد السوسوه .عبدالحق حميش .عمVVر صVالح .محاضVVرات في نظVVام اإلسVVالم .جامعVVة الشVVارقة .
.2002-2003صـــ 175وما بعدها.
. 151جاء برواية محمد بن الحجاج بن حسين بن السائب بن أبي لبابة عن ُأبي عن أبيه .للمزيد انظر .أبو الحسن نور الVVدين علي بن أبي بكVVر بن سVVليمان
الهيثمي . Vمجمع الزوائد ومنبع الفوائد .باب كيفية القتال .المحقق حسام الدين القدسي .كتب التخريج والزوائد .الناشر مكتبة القدسVي .القVاهرة1994 ،
م .الفقرة . 9674صــ .1637تاريخ الزيارة 13يوليو . 2014على الموقع .
http://www.madinahnet.com
. 152الحُجْ زة :موضع ش َّد االزار من الوسط.
. 153وليد سالم محمد .الحرب وحماية المدنيين في النظام اإلسالمي .مجلة كلية العلوم االسالمية .المجلد الرابع .العدد السابع .2010.بدون رقم صفحه.
42
اآليات القرآنية واألحاديث التي رويت عن النبي – صلى اهلل عليه وسلم –ومن آثار الصحابة يجد ما يؤكد على
154
ذلك.
فإلى جانب حماية األعي ان المدنية والثقافي ة اهتم اإلسالم أيض اً بالنبات والحيوان ،وفي هذا أساس لحماية
البيئة أثناء الحروب وهو ما دونه القانون الدولي اإلنساني وخاصة في البروتوكول اإلضافي األول عام 1977في
155
المعامل ة بالمث ل ،أو
مرحل ة ُمت أخرة ،حيث ح رم اإلس الم تخ ريب البني ان وإ ح راق المزروع ات إال في حال ة ُ
للضرورة العس كرية ،156كما حظرت الش ريعة اإلسالمية قتل الحيوانات إال لغرض،157وربم ا يحسب ذلك كسبق
للتعاليم اإلسالمية الحربية باعتبارها شملت في نطاقها االنسان ،واألعيان المدنية والثقافية وأيض اً البيئة الطبيعية
المستمدة من
وقد تم تعريف القانون الدولي اإلنساني في الشريعة اإلسالمية :على أنه "مجموعة األحكام ُ
المس لحة –
الق رآن والس نة ،أو االجته اد ال تي ته دف إلى ح ل المش كالت اإلنس انية بص ورة مباش رة عن النزاع ات ُ
43
الدولية والداخلية – والتي تقّيد ألسباب إنسانية حق أطراف النزاع في استخدام طرق وأساليب الحرب التي تروق
المسلحة ".158
لها ،أو تحمي األعيان واألشخاص الذين تضرروا بسبب النزاعات ُ
فالقانون الدولي اإلنساني في اإلسالم يقوم على أمرين بارزين هما :أن الحرب تقتصر على الضرورة كم اً
شرعاً.
ومن أهم القواعد الفقهية التي يمكن التطرق إليها عند الحديث عن حالة الضرورة قاعدة " درء المفاسد ُمقدم
المتوقع ة ،ففي حال ة تحق ق اله دف العس كري ،والتمكن من الخص م فال داعي لش ن أي عملي ات ال طائ ل من
ورائها.160
الممتلكات التي تكون في ضمن حكم الغنائم ،فحرم أخذها قبل توزيعها من قبل األمام
كما نظم اإلسالم كافة ُ
ال ذي إن ش اء وزعه ا وإ ن ش اء حبس ها في مص الح المس لمين ،وح دد مص ارفها ،161وأبقى على النق ود والحلي
والعقارات مثل األراضي في ملكية أصحابها األصليين الذين لم يشتركوا في القتال فال يجوز هدمها أو تخريبها أو
االس تيالء عليه ا ،على أن يقوم وا بدفع الجزية لقاء حماية المس لمين لهم ،إال إن ك ان هناك ض رورة حربية ،وفي
. 158عبدالغني عبدالحميد محمود .حماية ضحايا النزاعات ال ُمسلحة في القانون الدولي اإلنساني والشريعة االسVالمية تقVديم .محمVد سVيد طنطVاوي .اللجنVة
الدولية للصليب األحمر .القاهرة .مصر .الطبعة الثالثة . 2006.صــ. 8
. 159ولعل من أهم األمثلة الدالة على اهتمام الشريعة اإلسالمية بهذه المبادئ هي اآلراء الفقية الصVVادرة من العلمVVاء المسVVلمين بشVVأن ضVVرورة التقيVVد في
استخدام وسائل القتال فقال الليث وأبو ثور واألوزعي والحنابلة " أنVه ال يجVVوز التخVريب والتحريVق والهVدم وقطVVع األشVجار المثمVرة " VبVدليل ماجVاء في
وصية سيدنا أبي بكر -رضي هللا عنه -ليزيد بن أبي سفيان ،قال األوزاعي :ال يحل للمسلمين أن يفعلVوا شVVيئا ً ممVVا يرجVع إلى التخVVريب في دار الحVرب
ألن ذلVVك فسVVاد وهللا ال يُحب الفسVVاد " انظVVر .محمVVد الVVبزاز .المبVVادئ المنظمVVة للعمليVVات الحربيVVة بمVVوجب VالشVVريعة اإلسVVالمية والقVVانون الVVدولي
اإلنساني .دراسات قانونية .جامعة مكناس .المغرب .العدد . 1صـــ ،61صـــ. 62
. 160فرانسواز بوشيه سولنييه .القاموس العملي للقانون اإلنساني .ترجمة أحمد مسعود .مراجعة كال من عامر الزمالي ومديحة مسVVعود .الطبعVVة األولى.
بيروت :دار العلم للماليين . 2006 ,صــ 100وصـــ . 102
َي اَل يَ ُكVVونَ دُولَVةً بَيْنَ
يل ك ْ
السِ Vب ِ
ين َواب ِْن َّ
ِ كِ ا س
َ م
َ ْ
ال و
َ ى
ٰ م
َ َا تَ ي ْ
ال و
َ ى
ٰ َ ب رُْ ق ْ
ال ي ذ
ِ ل
ِ و
َ ُول
ِ سرَّ ل ل
ِ و
َ ه
ِ َّ ل ل
ِ َ ف ٰ
ى ر
َ ُ ق ْ
ال .161استناداً إلى قوله تعالىَ { :ما َأفَا َء هَّللا ُ َعلَ ٰى َرسُولِ ِه ِم ْن َأ ْه ِل
اَأْل ْغنِيَا ِء ِم ْن ُك ْم }القران الكريم .سورة الحشر .آيه . 7
44
هذا يقول – صلى اهلل عليه وسلم " : -وال تهدموا بيت اً وال تقطعوا شجرة ،إال شجراً يمنعكم قتاالً أو يحجز بينكم
162
. وبين المشركين"
وأق ر بعض الفقه اء المس لمين ومنهم األم ام محم د بن ابي يوس ف تلمي ذ أبي حنيف ة مس ؤوليه التع ويض في
حالة االعتداء على أي من الزروع دون وجود ضرورة ،استناداً إلى ما روي عن أبي يوسف أن رجالً جاء عمر
بن الخطاب -رضي اهلل عنه -وقال له :زرعت زرع اً فمر جيش من أهل الشام فأفسده فعوضه بعد ثبوت انتفاء
163
الضرورة العسكرية عن ذلك بعشرة آالف درهم.
من الفقهاء األوروبيين بالعقدية اإلسالمية خاصة بعد قبول اإلمبراطورية العثمانية كقوة سيادة داخل منظومة الدول
األوروبي ة ،ولعب التفاع ل بين اإلس الم والق انون ال دولي اإلنس اني دوراً مهم اً في تش ّكل قواع د الق انون اإلنس اني
بشكلها الحديث.164
كما كان للشريعة اإلسالمية السبق في إرساء القواعد والضوابط الخاصة بالقتال ،واتسمت قواعد القتال في
الفق ه اإلس المي بالش مولية والعالمي ة ،وذات ط ابع إل زامي ذاتي فاإلحس اس بإلزاميته ا ن ابع من الش عور بأهميته ا
165
ومقدس ة ذات مص در
وض رورة التقي د بها ،حيث ك ان المس لمون ُيطبق ون ه ذه األحك ام باعتباره ا أحكام اً ُملزم ة ُ
إلهي ،فتطبيقها يعتبر عبادة و ال يجوز مخالفتها أبداً خشية من المسائلة والعقاب في الدنيا واآلخرة ،وبالتالي فإن
الم ترتبة على خرق القواعد المنظمة للنزاعات والقتال في اإلسالم ذات طبيعة دنيوية وأخروية .
المسؤولية ُ
.162القران الكريم .سورة البقرة ايه ،60والحديث منقول عن عبد هللا بن يوسف أخبرنا أبو سعيد ابن األعرابى حدثنا الحسن بن محمVVد الزعفVVرانى حVVدثنا
عاصم بن على حدثنا قيس بن الربيع عن عمر مولى عنبسة القرشى عن زيد بن على عن أبيه عن على بن أبى طالب رضى هللا عنه .انظر أبو بكر أحمVVد
بن الحسين بن علي البيهقي .السنن الكبرى وفي ذيله الجوهر النقي .مجلس دائرة المعارف النظامية الكائنVVة في الهنVVد ببلVVدة حيVVدر آبVVاد .الطبعVVة :األولى ـ
1344هـ.موقع وزارة األوقاف المصرية وقد أشاروا إلى جمعية المكنز اإلسالمي.على الموقع .تاريخ الزيارة 13يناير . 2015
.http://islamport.com/d/1/mtn/1/51/1791.html
. 163سالمة صالح الرهايفة .حماية الممتلكات ت الثقافية أثناء النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق .صــ .31
. 164جيمس كوكين .اإلسالم والقانون الدولي اإلنساني من صدام الحضارات إلى الحوار بينهما .المجلة الدولية للصيب األحمر .اللجنة الدوليVVة للصVVليب
األحمر .اعداد . 2002من صــ 9إلى صــ 13
. 165أنظر .محمد البزاز .المبادئ المنظمة للعمليات الحربية بموجب الشريعة االسالمية والقانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ . 61
45
ترق إليه قواعد القانون الدولي اإلنسان في الوقت الحالي وخير دليل على ذلك ما نشهده من
وهو ما لم َ
انتهاكات في اآلونة األخيرة ،فقد اقتص رت قواعد القانون الدولي اإلنساني حالي اً على وضع قواعد عامة ،دون
وض ع ت دابير تنفيذي ة تفص يلية له ذا الق انون ،تارك ة لل دول األعض اء مهم ة دمجه ا في التش ريعات الوطني ة ووض ع
الدولية؛ وذلك العتمادها على تغليب مبادئ اإلنسانية على مبدأ الضرورة العسكرية في العمليات القتالية ،مما كفل
الحماي ة الفاعل ة لألعي ان المدني ة والثقافي ة ،فقص رت العملي ات القتالي ة على المق اتلين وممتلك اتهم ،وك ان االل تزام
المعنوي النابع من الشعور بالذنب عند اختراقها أقوى فعالية في نفوس المقاتلين ،باإلضافة إلى أن الشعور بالعزة
المس يطر على العملي ات القتالي ة ،فالعقلي ة العس كرية ال تي ك انت تس يطر على المق اتلين المس لمين
عن د التقي د به ا ه و ُ
ُم طلقة لألعيان المدنية والثقافية ،فكانت التجاوزات بقدر بسيط وطفيف نوعاً ما ،بعكس التجاوزات الحالية.
وكخالص ة يمكن الق ول :بأن ه وبع د اس تقراء التط ور ال ذي ش هدته قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة
يلحظ التطور الكبير الذي مرت به خالل مراحل تاريخيه ُمختلفة،حيث أحدثت جميع التطورات التي شهدتها نقالت
فعالة في
نوعية ،وساهمت جميع المراحل التي مرت بها سواء كان ذلك على الجانب الوضعي أو الديني ُمساهمة ّ
تلكم هي نب ذه عن الق انون ال دولي اإلنس اني ،وأهم م ا ُيم يزه عن الق انون ال دولي لحق وق اإلنس ان ومراح ل
تط وره ونش أته التاريخي ة ،باالض افة إلى مراح ل تط رو ونش أت قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة والنظ رة
اإلسالمية لها ،وسيتم تالياً االنتقال لبيان مفهوم األعيان المدنية والثقافية ،في الموضوع التالي :
. 166جابر عبد الهادي سالم الشافعي .تأصيل مبادئ القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق صـــ 166وصـــ . 167
46
المبحث الثاني
تمهيد -:
المختلفة ضد هذه
المسلحة ،وأولى اهتماماً كبيراً لموضوع األعيان المدنية والثقافية ،ومع تزايد وتيرة االنتهاكات ُ
األعيان ،خاصة مع التطور الهائل والتقدم التكنولوجي في ميدان التسلح ،ظهرت الحاجة للبحث عن مفهوم هذه
األعيان من خالل التعريف بها وفقاً ألحكام القانون الدولي اإلنساني .
لذا سيتم التطرق في هذا المبحث بداية إلى التعريف باألعيان المدنية في مطلب أول ،والتعريف بالممتلكات
المطلب األول :التعريف باألعيان المدنية وفقا ألحكام القانونـ الدولي اإلنساني -:
إن تحديد مفهوم األعيان المدنية مسألة ُمهمة جداً ُليسهل على أطراف النزاع تحديد األهداف العسكرية ال تي
ال تشملها الحماية ،والتي تكون ُمهاجمتها أمراً مشروعاً ،ذلك أن األعيان المدنية من مقرات ومنقوالت ،وغيرها
تُشكل عنصراً جوهري اً وأساسياً في حي اة الم دنيين ،وتُمثل الكيان اإلنساني للمجتم ع الدولي ،وعنص راً للسلم الذي
ُيحقق االس تقرار والطمأنينة لألس رة الدولية ،فاالعتداء عليها ُيشكل تهديداً وخروج اً على االحترام الدولي للقواعد
واألعراف الدولية ،وعدم مراعاة للعمل على تعزيز السلم واألمن الدوليين ،و سيتم من خالل هذه المطلب التطرق
إلى تعريف األعيان المدنية وفقاً ألحكام القانون الدولي اإلنساني ،وذلك على النحو التالي -:
47
أعيان ،وعين كل
ٌ أوال :التعريف اللغوي لكلمة أعيان :يقصد بعين الشيء " لغ ًة " نفسهُ وشخصهُ وأصلهُ وجمعها
167
. شيء نفسهُ وحاضرهُ وشاهدهُ ،وخيارهُ -أفضله -من مال ومتاع
أي ُيقصد به خيار الشيء وما يعود ذاته للشخص من مال منقول أو ممتلكات كالعقارات وغيرها كتلك
ال تي تُس تخدم وتُخص ص لألغ راض المدني ة ومنه ا على س بيل المث ال وليس الحص ر ،الم دارس ،والجامع ات،
والمساكن ،والمستشفيات ،ووسائل النقل ،والمواصالت ،والمزارع ،والمتاجر ،ومصادر المياه ،وغير ذلك.
ثانياـ :التعريف االصطالحي لألعيانـ المدنية في األعراف والمواثيق الدوليــة -:لم ا ك انت مس ألة تحدي د المقص ود
باألعي ان المدني ة تُعت بر من أهم المش كالت ال تي تُواج ه الق انون ال دولي اإلنس اني ،إذ ترتب ط فعالي ة قواع د حماي ة
األعيان المدنية والثقافية بوضوح معالم التمييز بينها وبين األهداف العسكرية ،168لذلك كان لزام اً بيان المقصود
باألهداف العسكرية في قواعد القانون الدولي اإلنساني ،للتمكن من الوصول إلى تعريف األعيان المدنية .
و بحس ب نص الم ادة 52من ال بروتوكول اإلض افي األول ،169 1977تُع رف األعي ان المدني ة بأنه ا جمي ع
األعيان التي ال تُشكل أهدافاً عسكرية ،وتنحصر األهداف العسكرية ،في األهداف التي تُشكل بطبيعتها ،وموقعها،
فعال ة في العم ل العس كري ،170وال تي ي وفر ت دميرها الكام ل أو الج زئي أو
وغرض ها ،أو اس تعمالهاُ ،مس اهمة ّ
االستيالء عليها ،أو تعطيلها ميزة عسكرية محددة ،171وعند وجود شك بأن عين ما تُسعمل ألغراض عسكرية،
يجب على أطراف النزاع افتراض أنها تُستعمل لألغراض المدنية .172
. 167ابن منظور. Vلسان العرب .دار صادر .بيروت. Vلبنان .المجلد الثالث عشر .ط.1/1990ط.2/1992ط. 3/1994صــــ. 305
. 168رقية عواشرية .حماية المدنيين واألعيان المدنية .رسالة دكتوراه .منشورة .جامعة عين شمس .القاهرة .مصر . 2001.صـــ . 152
. 169الملحق باتفاقيات Vجنيف األربع لعام . 1949
. 170يعتبر مفهوم العمل العسكري أقل غموضا ً وأضيق نطاقا ً من تعبير المجهود الحربي الذي يشمل أكثر من مجVVرد القتVVال ،حيث يVVدخل في نطاقVVة فن
السياسة والتخطيط العسكري بشقيه المادي والمعنوي Vلدعم القوة العسكرية .انظر نوال بسج .القانون الدولي اإلنساني وحمايVVة المVVدنيين واألعيVVان المدنيVVة
زمن النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق .صــ . 135
. 171كالممتلكات Vالثقافية واآلثار التاريخية واألعمال الفنية ،وأماكن العبادة ،والمواد التي ال غنى عنها لبقVVاء السVVكان المVVدنيين (المVVواد الغذائيVVة ،المنVVاطق
الزراعية التي تنتجها المحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري األشغال الهندسية ،والمنشآت المحتوية على قوة خطVVرة ،الوحVVدات
الطبية الثابتة ،والمتحركة دائمة أو مؤقته ) وغيرها مما ال غنى عنه لبقاء السكان المدنيين .
. 172جاء هذا التعريف وفق ما ورد في نص المادة 52من البروتوكول اإلضافي األول 1977الملحق باتفاقيات جنيف االربع لعام ،1949والتي جاءت
تحت عنوان " الحماية العامة لألعيان المدنية ونصت حرفيا ً على أنه -1" -:ال تكون األعيان المدنية محالً للهجوم أو لهجمات الVVردع .واألعيVVان المدنيVVة
هي كافة األعيان التي ليست أهدافا ً عسكرية وفقا ً لما حددته الفقرة الثانية.
-2تقصر الهجمات على األهداف العسكرية فحسب .وتنحصر األهداف العسكرية فيما يتعلق باألعيVVان على تلVVك الVVتي تسVVهم مسVVاهمة فعالVVة في العمVVل
العسكري سواء كان ذلك بطبيعتها أم بموقعها أم بغايتها أم باستخدامها ،والتي يحقق تدميرها التام أو الجزئي أو االستيالء عليهVVا أو تعطيله Vا Vفي الظVVروف
48
ففي بعض الحاالت قد يكون من الصعب للغاية تحديد طبيعة الهدف فهو إما ذا طبيعة مدنية أو عسكرية،
ولذلك فمن األهمية بمكان في هذا الس ياق لمراقبة تطبيق القواعد العامة للقانون الدولي اإلنساني بصورة أفضل
اتخ اذ كاف ة االحتياط ات واالفتراض ات ال تي تعطي الص فة المدني ة لله دف في حال ة الش ك إلى حين إثب ات عكس
ذلك.173
وقد جاء ذكر ُم صطلح األعيان المدنية على شكلين أساسيين ،فهي إما أعيان مدنية منفردة ،174وإ ما في شكل
وقد كانت الخطوة األولى لتعريف األعيان المدنية هو البحث عن تعريف لألهداف العسكرية ،حين حاولت
لجن ة من الفقه اء في عص بة األمم ،من خالل اعط اء مش روع لم ي دخل ح يز النف اذ بس بب امتن اع ال دول المص ادقة
ويحص ر
بحج ة ع دم رغب ة ه ذه ال دول في التض ييق على األه داف العس كرية ،حيث ُيح دد ه ذا المش روعَ ،
علي هُ ،
مفهوم الهدف العسكري بعدد من األهداف العسكرية ،و جاء فيه أن " األهداف العسكرية هي القوات ،واألعمال،
والمؤسسات ،والمصانع العسكرية ،وماعدا ذلك ُيعد من األهداف المدنية التي ال يجوز ضربها" .178
كم ا ق امت اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر بمحاول ة لوض ع تعري ف لألعي ان المدني ة في ع ام ،1970عن دما
اقترحت تعريف اً عام اً لألهداف غير العسكرية جاء في فقرته األولى أن األهداف غير العسكرية -في إشارة إلى
49
المخصصة بصفه أساسية وضرورية للسكان المدنيين " ،وأضاف االقتراح
األعيان المدنية -هي " تلك األهداف ُ
في فقرته الثانية تعداداً حصرياً لبعض هذه األعيان ،ثم قامت اللجنة بإضافة اقتراحين كإجراء إضافي لضمان عدم
إساءة استخدام مفهوم الهدف العسكري وجعله ُحجة لالعتداء على األهداف غير العسكرية.179
فقدمت اللجنة اقتراحين كإجراء إضافي لبيان وتوضيح مفهوم األعيان المدنية ،فكان االقتراح األول يهدف
إلى تأكيد التزام أطراف النزاع بقصر هجماتهم على األطراف العسكرية دون المدنية ،أما االقتراح الثاني فقد هدف
إلى وض ع تعري ف ،ك التعريف ال وارد في الم ادة الس ابعة من مش روع القواع د المتعلق ة بالح د من األخط ار ال تي
180
ال تي وض عتها اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر ،حيث يتكب دها الس كان الم دنيون في زمن الح رب س نة 1956
عرفّت األهداف العسكرية في المادة 7منه ،بأنها تلك األهداف التي تنتمي إلى فئات ذات أهمية عسكرية ينتج عن
181
. تدميرها كلياً أو جزئياً نتائج عسكرية كبيرة بمعنى أن تكون ذات ميزة عسكرية أكيدة
و على الرغم من قيام اللجنة بوضع قائمة لألهداف العسكرية ،إال إن التعريف الوارد قد تعرض إلى نقد شديد
باعتباره شامالً ،وغير ُمحدد ،وأخذ معيار الميزة العسكرية بشكل موسع ،وبالتالي ترك الحرية في إدخال بعض
األهداف ذات الطبيعة المدنية في عداد األهداف العسكرية التي يحق لها توجيه الهجمات العسكرية ضدها من قبل
182
الطرف القائم بالهجوم.
. 179جاسم زور .حماية األعيان الثقافية في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ 4صـــ . 5تمت الزيارة في 27يوليو 2013الرابط .
http://www.univ-chlef.dz/ar/seminaires_2010/seminaire_droit_2010/djassimzour2010.pdf
. 180جاسم زور .حماية األعيان الثقافية في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ 4صـــ. 5
. 181تعليق اللجنة الدولية للصليب األحمر على البروتوكولين اإلضافيين .الفقرة .2002متوفر على موقع اللجنة الدوليVة للصVليب األحمVر .تVاريخ الزيVارة
15اغسطس 2014الرابط :
http://www.icrc.org
وقد جاء نص المادة 7في مشروع النظام الذي قدمته اللجنة باللغة اإلنجليزية كما يلي :
""Article 7: In order to limit the dangers incurred by the civilian population, attacks may only be directed against
military objectives.
Only objectives belonging to the categories of objective which, in view of their essential characteristics, are
generally acknowledged to be of military importance, may be considered as military objectives. Those categories are
listed in an annex to the present rules.
However, even if they belong to one of those categories, they cannot be considered as a military objective where
"their total or partial destruction, in the circumstances ruling at the time, offers no military advantage.
. 182أبو الخير أحمد عطية.حماية السكان المدنيين واألعيان المدنية إبان النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق .صــ74
50
جم ع الق انون ال دولي المنعق د في أدن بره س نة 1969في الم ادة الثالث ة إلى فك رة األه داف المدني ة
كم ا أش ار ُم ّ
عن دما أش ار إلى أنه ا الوس ائل ال تي ال غ نى عنه ا لبق اء الس كان الم دنيين واأله داف المدني ة ،وال تي بطبيعته ا تخ دم
أغ راض اإلنس انية والس الم مث ل أم اكن العب ادة واألم اكن الثقافي ة ،وك ذلك أش ار المعه د ال ذي عق د من أج ل دراس ة
أسلحة الدمار الش امل ،إلى تعريف األهداف العسكرية في الم ادة الثاني ة إلى أن التعريف يس تند إلى معي ارين هم ا:
فعال ة في العم ل
وشمل في تعريفه أنها األهداف ال تي بحكم طبيعتها أو غرضها أو اس تخدامها ،تُس هم ُمس اهمة ّ
العسكري ،أو تُبدي أهمية عسكرية معترف اً بها عموم اً ،بحيث يكون التدمير الكلي أو الجزئي في الظروف الفعلية
وعلي ه فق د ج اءت جمي ع ه ذه التعريف ات ،انعكاس اً للقاع دة العرفي ة ال تي تنص على أن " األعي ان المدني ة هي
جميع األعيان التي ليست أهدافاً عسكرية" ،185فالقاعدة أرست حظر الهجمات على هذه األعيان المدنية ،وحددتها
بتلك التي ال تُشكل أهدافاً عسكرية ،فلم يكن هناك قائمة حصرية ،186وقد اعتمد تعريف هذه األعيان على المعيار
189
فحمل في طياته المزدوج ،187حيث جاء مقروناً بتعريف األهداف العسكرية ،188وتبنى فرضية التعريف السلبي
ُ
المخالفة ،190كما جاء عاماً وموسعاً ،191وكل ذلك من أجل توسيع نطاق الحماية لهذه األعيان أثناء النزاعات
مفهوم ُ
المسلحة.
ُ
. 183جاسم زور .حماية األعيان الثقافية في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ . 4
. 184تعليق اللجنة الدولية للصليب األحمر على البروتوكولين اإلضافيين .الفقرة .2002متوفر على موقع اللجنة الدولية للصليب األحمر .تVVاريخ الزيVVارة
15اغسطس 2014الرابط :
http://www.icrc.org
. 185القاعدة رقم . 9انظر .جون ماري هنكركس . Vدراسة حول القانون الدولي اإلنساني العرفي.اللجنة الدولي للصليب األحمر .القاهرة .مصVVر .الطبعVVة
الثالثة . 2008صـــ . 31
186
.Frits Kalshoven and Liesbeth Zegveld. Constraints on the Waging of War: An Introduction to International
Humanitarian Law. International Committee of the Red Cross. Geneva, March 2001. 3rd edition. P.g 100
. 187حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ.253
. 188جون ماري هنكرس ولويز دوزوالد –بيك .القانون الدولي اإلنساني العرفي .المجلد األول .اللجنة الدولية للصليب األحمر .القاهرة . 2007صـ29
. 189نزار العنبكي. Vالقانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 346
. 190روشو خالد .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ. 132
. 191حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ.249
51
المطب ق في أوقات
وق د أخد م ؤتمر الخبراء الحكوميين للعم ل على انماء وتطوير القانون الدولي اإلنس اني ُ
المسلحة ،192 1972موقف اً توافقي اً ووسطياً في عملية التمييز بين األعيان المدنية واألهداف العسكرية،
النزاعات ُ
فلم ُيع ّرف األعي ان المدني ة ،ولم ُيع ددها على س بيل الحص ر ،ب ل ق ام فق ط بعملي ة التمي يز بينه ا وبين األه داف
العسكرية ،وأعطى هذه األهداف تعريفا ًمرناً دون تحديدها أو تعديدها ،وذلك وفق منهج توافقي.193
وق د اختلفت اآلراء ح ول المعي ار ال ذي ُيتّخ ذ أساس اً لتعري ف األعي ان المدني ة ،حيث ج اء رأي فأخ ذ بمعي ار
،
المخصص من أجلة الهدف ومعيار استخدامه ،وبناء عليه تم
طبيعة الهدف وجاء رأي آخر ليأخذ بمعيار الغرض ُ
تعريف األعيان المدنية بأنها تلك التي ال تُ زود مباشرة أو تنتج األسلحة والمواد العسكرية ووسائل القتال ،أو تلك
على أنه ا تل ك ال تي تص بح أه دافا عس كرية إذا اُحتلت عس كرياً ،أو اس تخدمت في األغ راض العس كرية ،وق د تبنت
اتفاقي ة اله اي لحماي ة األعي ان الثقافي ة لع ام 1954بالمع ايرين مع اً أي معي ار اس تخدام اله دف ،ومعي ار الغ رض
194
. المخصص له الهدف
ُ
وبالتالي فإن معيار تحديد صفة هدف أو عين ما ،يعتمد في األساس على تخصيصها وغرضها ،بمعنى أنه
ولخص ها إلى اتج اهين ،األول ي رى بأن ه الب د من تحدي د األه داف
ّ وأرج ع البعض ه ذه اآلراء في األس اس
العسكرية التي يجوز ُمهاجمتها على سبيل الحصر ،بينما يرى االتجاه اآلخر ضرورة وضع تعريف ُمحدد لألعيان
. 192وكان ذلك أثنVاء مناقشVة مسVودة مشVروع مVواد الVبرتوكول اإلضVافي األول ،والVذي أعVدت صVيغته اللجنVة الدوليVة للصVليب األحمVر .انظVر نVزار
العنبكي. Vالقانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق صـــ.345
. 193حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ .252
. 194نوال بسج .القانون الدولي اإلنساني وحماية المدنيين واألعيان المدنية زمن النزاعات ال ُمسلحة .المرجع السابق الصفحة صــ ،131وصـــ . 132
. 195نزار العنبكي. Vالقانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ 345و ،صــ .346
52
المدنية وتعدادها على سبيل الحصر ، 196إال أن االتجاه األخير ال يمكن ضمان نتيجته باعتبار أن أي تعريف إيج ابي
ال تي تنتمي إلى فئ ات ذات أهمي ة عس كرية ينتج عن ت دميرها كلي اً أو جزئي اً نت ائج عس كرية كب يرة " ،إال أن ه ذا
التعريف تعرض إلى نقد شديد استناداً إلى أنه جاء شامالً وغير ُمحدد ،ويأخذ بمعيار الميزة العسكرية ،كما يترك
لألطراف المتنازعة حرية التقدير وأصباغ الهدف العسكري على بعض األهداف ذات الطبيعة المدنية ،198وافتقاره
إلى الض بط المناس ب ،إذ يجب أن تجتم ع كاف ة العناص ر ال واردة في نص الم ادة على عين م ا العتباره ا ه دفاً
عسكرياً ،فكل ُعنصر من هذه العناصر يتضمن شروطاً معينه ينقصه التحديد المناسب.199
ولم تقف محاوالت اللجنة عند هذا الحد بل أضافت ،تعريف اً آخر لألهداف العسكرية جاء فيه أنها "األهداف
التي بطبيعتها واستعمالها تُسهم إسهاماً فعاال ًومباشراً في المجهود الحربي للخصم "ُ ،معتمده على معيارين مع اً
200
بدالً من العمل العسكري هما طبيعة الهدف ،ومعيار استخدامه ،ولكن استعمال اللجنة لمفهوم المجهود الحربي
هنا ،قد قلل من فعاليه هذا التعريف وجعله أكثر غموض اً وأوسع نطاق اً ،باعتبار أن مفهوم العمل العسكري يبقى
كم ا ح اولت اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر الوص ول للتمي يز المناس ب بين األعي ان المدني ة واأله داف
. 196حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ. 249
. 197نزار العنبكي. Vالقانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 346
. 198أبو الخير أحمد عطيه .حماية السكان المدنيين واألعيان المدنية إبان النزاعات ال ُمسلحة.مرجع سابق.صـ . 74
. 199نزار العنبكي. Vالقانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 347
. 200يدخل في نطاق المجهود الحربي فن السياسة والتخطيط العسكري بشقيه المادي والمعنوي Vلدعم القوة العسVVكرية .انظVVر نVVوال بسVVج .القVVانون الVVدولي
اإلنساني وحماية المدنيين واألعيان المدنية زمن النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق .صــ . 135
201
.Frits Kalshoven and Liesbeth Zegveld. Op.P.g. 101
53
ويصبح ما عداها أهدافا عسكرية ،وجاء رأي ثالث بضرورة إدماج الرأي
إلى البحث عن تعريف لألعيان المدنيةُ ،
األول وال رأي الث اني في فكرة واحدة ،202وبناء على ك ل تلك االجته ادات احتوت أحك ام القانون الدولي اإلنس اني
على العديد من المواد التي قدمت تعريفاً لألهداف العسكرية دون المدنية ولعل ذلك استناداً إلى أن تعريف األهداف
حيث ورد تعري ف اله دف العس كري في الكث ير من م واد الق انون ال دولي اإلنس اني ،فق دمت الم ادة 2/6من
البرتوكول المتعلق بحظ ر أو تقييد استعمال األلغام واألشراك الخداعية والنبائط ،1996تعريف اً للهدف العسكري
ونصت على أنه ":أي شئ ُيسهم بحكم طبيعته أو موقعه أو غرضه أو استعماله اسهاماً فعلي اً في العمل العسكري،
ويتيح تدميره أو االستيالء عليه أو إبطال مفعوله كلياً أو جزئيا في الظروف القائمة في حينه فائدة عسكرية أكيدة
ُ
أه دافاً عس كرية حس ب التعريف ال وارد في الفق رة السادس ة من ذات الم ادة " ،أي أن الهدف المدني يشمل كل شئ
وكان موقف قانون الهاي لحماية األعيان الثقافية لعام 1954من التعريف األعيان الثقافية باعتبارها أعيان اً
مدنية و باالعتماد على معيارين هما معيار طبيعة الهدف المدني ،ومعيار استخدامه .203
ورغم أن البعض ق د ش كك في دق ة التعري ف ال وارد في الم ادة 52من ال بروتوكول اإلض افي الث اني لع ام
،1977وذل ك الحتوائ ه على عب ارات ص عبة التحدي د مث ل" ُمس اهمة فعَّال ة في العملي ات العس كرية " ،أو "م يزة
عسكرية أكيده" فهذه العبارات ليست دقيقة بما فيه الكفاية لتطبيق القاعدة بشكل آمن ،204وتفتح بابا ً واسعاً من
االجتهادات التفسيرية.
. 202جاسم زور .حماية األعيان الثقافية في القانون الدولي اإلنساني .الملتقى الدولي الخامس "حرب التحرير الجزائرية والقانون الدولي اإلنساني 10-9 .
نوفمبر . 2010جامعة حسيبة بن بو علي الجزائر -المحور الرابع .القواعد المقررة لحماية األعيان .صـــ 4صـــ. 5
. 203أبو الخير أحمد عطيه .حماية السكان المدنيين واألعيان المدنية ابان النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق صــ .78
. 204رشيد حمد العنزي .األهداف العسكرية المشروعة في القانون الدولي .العدد الثالث .السنة الحادية والثالثون .الكويت.2007.صــ . 19
54
إال أن ه يمكن االس تفادة من ه ذه الم ادة باعتب ار أن األص ل في األعي ان جميعه ا أنه ا مدني ة ،إال تل ك ال تي
فع الة في العمل العسكري ،سواء بطبيعتها أم بموقعها أم بغايتها أم باستخدامها ،أو تلك التي ُيحقق
ساهمت ُمساهمة ّ
تدميرها أو تعطيلها التام أو الجزئي أو االستيالء عليها ميزة عسكرية أكيدة ،أي تلك التي تم تحويلها إلى أهداف
عسكرية .
ولما كانت فعالية قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ترتبط أساس اً بوضوح معايير وشروط التمييز بينها
وبين األه داف العس كرية ،205وهي أن تُس هم اس هماً فعلي اً إم ا بحكم موقعه ا ،واس تخدامها،وطبيعته ا،وغايته ا في
العم ل العس كري ،وأن يحق ق ت دميرها م يزة عس كرية مؤك دة ،206وبالت الي ال يمكن أن ينطب ق على األعي ان المدني ة
وص ف اله دف العس كري المش روع ،إال إذا اس توفت ه ذين الش رطين األساس يين مع اً ،ف إذا م ا وج د أح د الش رطين
دون اآلخر فال ُيمكن اعتباره هدفاً عسكرياً مشروعا ً ،207ويمكن بيان هذه الشروط كالتالي :
المســاهمة الفّعال ـةـ للعين في العمليــات العســكرية -:ي رى البعض أن هن اك س بباً وجيه اً
.1الشــرط األول ُ :
لالعتقاد بأن االتجاه نحو زيادة المشاركة المدنية في األعمال العدائية سيضعف مع مرور الوقت ،208إال أن ذلك ال
أو المعايير المحدد لهذه األعيان التي تُساهم سواء كان ذلك ،بطبيعتها أو باستخدامها أو بموقعها ،أو بالغاية منها،
وذلك للتمكن من الوصول إلى بيانها ومن ثم تحديد مدى جواز أو عدم جواز التعرض لها.
طبيعــة العين :من الط بيعي أن لك ل دول ة أعيان اً عس كرية وأعي ان مدني ة ،إال أن ه وح تى يك ون اله دف
مشروعاً البد أن تكون العين ذات طبيعة عسكرية بحته تُساعدها في القيام بالعمليات العسكرية ،209وتشمل
.205رقية عواشرية .حماية المدنيين واألعيان المدنية .مرجع سابق .صــ . 152
206
. Frits Kalshoven and Liesbeth Zegveld. Ibid.P.g. 101.
. 207نزار العنبكي. Vالقانون الدولي اإلنساني .المرجع السابق صــ. 346
208
. Nils Melzer Interpretive Guidance on the notion of direct participation in hostilities under IHL .Ibid.P.g 7 .
.209أشار كتيب Vالميدان األمريكي المتضمن تعليمات Vللجيش األمريكي Vإلى بعض األهداف التي تشكل بطبيعتها أهدافا عسكرية ومنهVVا المصVVانع الVVتي تنتج
األسلحة والذخيرة ،معسكرات الجيش ،مخازن األسلحة والذخيرة الموانئ وخطوط السكك الحديدية التي تستخدم في نقل اإلمدادات العسكرية ،أماكن ايواء
القوات العسكرية أو تقديم الدعم للعمليات العسكرية .انظر.رشيد حمد العنزي .األهداف العسكرية المشروعة في القانون الدولي مرجع سابق .صــ .22
55
المسلحة :كاألسلحة والمعدات ووسائل النقل،
هذه الفئة جميع األشياء المستخدمة مباشرة من قبل القوات ُ
المزدوجة للعين ،كأن تخدم هذه العين أغراض اً مدنية وعسكرية في آن واحد فإنها ال
أما في حالة الطبيعة ُ
تُعد هدفاً عس كرياً ب ل تبقى عين اً مدنية ،211فهي أعي ان قد تُس هم في العم ل العس كري ،إال إنه ا الت رق إلى مستوى
المس اهمة في العم ل العس كري ُمس اهمة فعاّل ه وه و المعي ار المقص ود ،فه ذه األعي ان كالمؤسس ات أو المب اني ال تي
ُ
تكون ُمكرسة إلنتاج السلع المدنية ،ويمكن أيضا أن تُستخدم لصالح الجيش ،ينبغي أن يؤخذ في االعتبار مساهمتها
البشرية والضرر الذي من شأنه أن يلحق األعيان المدنية فادحاً فال يعتبر هدفا عسكرياً مشروعاً.
ويت وجب على القائ د العس كري حينه ا اتخ اذ كاف ة االحتياط ات العملي ة ،وذل ك لتجنب اإلص ابات العرض ية
واالمتناع عن شن أي هجوم يمكن أن يوقع إصابات ال تتناسب مع النتائج العسكرية المرغوبة ،حيث ال تعد هدفاً
212
. عسكرياً بل تبقى عيناً مدنية محمية
المحتمل ة،
فع ال لجم ع المعلوم ات االس تخباراتية عن جمي ع األه داف ُ
كم ا على القائ د العس كري انش اء نظ ام ّ
213
الفعال ة ،ومن ثم بي ان م ا إذا
وتقويمه ا وتحدي دها بش كل دقي ق خالل عمليات ه العس كرية ،لتحدي د م دى ُمس اهمتها ّ
ك انت أعيان اً مدني ة أو أه دافاً عس كرية يج وز مهاجمته ا ،ذل ك أن أي معلوم ات اس تخباراتية خاطئ ة يتلقاه ا القائ د
. 210قدمت اللجنة الدولية للصليب األحمر قائمة لألهداف العسكرية ضمن وثيقة عمل أصدرتها اللجنة الدولية للصليب األحمر في العVVام ،1956بعنVVوان
مشروع قواعد للحد من المخاطر التي يتكبدها Vالسكان المدنيون في وقت الحرب ،بمساعدة خبراء عسكريين قائمة لألهداف العسكرية وفقا للمادة ،7ومنه>>ا
على سبيل المثال -:القوات المُسلحة ،المراكز أو المنشآت أو المباني الخاص>>ة ب>>القوات المُس>>لحة ،ال>>وزارات (مث>>ل وزارات الجيش والبحري>>ة والق>>وات
الجوية ،والدفاع الوطني ،توريد) واألجهزة األخرى لتوجيه وإدارة العمليات العسكرية .مخازن األسلحة المطارات ،ساللم إطالق الص>>واريخ والمنش>>آت
القاعدة البحر .هذه الخط>وط ووس>ائل االتص>ال (خط>وط الس>كك الحديدي>ة والط>رق والجس>ور واألنف>اق والقن>وات) ال>تي له>ا أهمي>ة عس>كرية أساس>ية،
والمنشآت> من محط>>ات البث اإلذاعي والتلفزي>>وني؛ المقاس>م الهاتفي>ة والبرقي>>ة من أهمي>>ة العس>>كرية األساس>ية ،مراك>>ز البح>>وث إلج>>راء التج>>ارب على
وتطوير أسلحة ومواد حربية.. .الخ
انظر تعليق اللجنة الدولية للصليب األحمر على البروتوكولين اإلضافيين .الفقرة .2002متوفر على موقع اللجنة الدولية للصليب األحمVر .تVاريخ الزيVارة
15اغسطس 2014الرابط :
http://www.icrc.org
. 211كشبكات االتصال والمواصالت و المطارات والجسور والمصانع االقتصادية .
. 212حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ253
.. 213رشيد حمد العنزي .األهداف العسكرية المشروعة في القانون الدولي .مرجع سابق .صــ 14
56
العس كري من ش أنها أن تك ون س بباً في مهاجم ة ه دف م دني بطبيعت ه ،مم ا يض ر بالحماي ة ال تي توفره ا قواع د
214
،ولذا البد من أن يوجه قواته لالستفادة من الوسائل القانون الدولي اإلنساني لألعيان المدنية والممتلكات الثقافية
215
وكل ذلك التقنية الحديثة المتوفرة بشكل دقيق بهدف تحديد األهداف بشكل أكثر دقة خالل العمليات العسكرية،
وبالت الي ومم ا س بق يمكن الق ول :إن األعي ان المدني ة هي تل ك األعي ان ال تي تحم ل طبيع ة مدني ة بحت ه ،وال
تُس اهم في العم ل العس كري ،كالمس اكن والم دارس والمس اجد وغيره ا ،وتك ون ه ذه األعي ان المدني ة تحت الحماي ة
القانونية ،إال أنها تقفد هذه الحماية إذا تم استخدامها في العمل العسكري.216
استخدامات العين -:أما فيما يخص استخدامها فإنه وبديهياً إذا كان استخدامها الرئيس من قبل المدنيين
ف إن االعت داء عليه ا ُيص بح غ ير مش روع ،أم ا في حال ة م ا إذا ك ان االس تخدام له ذه األعي ان من قب ل
العسكريين فعندها ُيصبح االعتداء عليها مشروعاً ،ال إنه قد تكون هناك بعض األهداف العسكرية تُستخدم
من قب ل العس كريين ،ورغم ذل ك ال يج وز ُمهاجمته ا ،حيث تك ون مش مولة بالحماي ة ش أنها ش أن األه داف
المدنية وفقاً لالتفاقيات الدولية ، 217كالمؤسسات العسكرية المخصصة لألغراض الطبية .218
. 214من األمثلة على خطورة المعلومات اإلستخباراتية الخاطئة ومن األمثلة قصفت قوات الناتو جسر خارج مدينة نيس Nisخالل الحملة على كوسوفو
ظنت قوات الناتو أنها مدرعات لقوات عسكرية بينما تبين بعد ذلك أنها جرارات زراعية كانت تعبر الجسر ،كما قصف قوات الناتو السفارة الصVVينية في
بلغراد بسبب معلومات استخباراتية خاطئة بأنه يضم مقر اللوجستية الصربية.
انظر .
Andru E. Wall Editor. Legal and Ethical Lessons of NATO’s Kosovo Campaign . Naval War College. Newport, Rhode
Island .2002 .P.g 20-22 .
215
. Final Report to the Prosecutor bv the Committee Established to Review the NATO Bombing Campaign Against
. ICC-02/05-02/09-HNE-2 . ICC-02/05-02/09-216-Anx 29-10-2009المشار اليه بالمرجع the Federal Republic of Yugoslavia
10/32 CB PT- para. 29 .
. 216روشو خالد .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ134
. 217رشيد حمد العنزي .األهداف العسكرية المشروعة في القانون الدولي .مرجع سابق .صــ 23
. 218كاألبنية والمرافق العسكرية التابعة للوحدات الطبية ،الطائرات العسكرية المستخدمة لألغراض الطبية البحثة والسفن المخصصة لألغVVراض الطبيVVة
فقط انظر المادة /8هـ من الVبروتوكول اإلضVافي األول لعVام 1977الملحVق باتفاقيVات جVنيف ،والVتي نصVت على أن " الوحVدات الطبيVة " هي المنشVآت
وغيرها من الوحدات عسكرية كVVانت أم مدنيVVة الVVتي تم تنظيمهVVا لألغVVراض الطبيVVة أي البحث عن الجVVرحى والمرضVVى والمنكVVوبين في البحVVار وإجالئهم
ونقلهم وتشخيص حالتهم أو عالجهم ,بما في ذلك اإلسعافات األولية ,والوقاية من األمراض .ويشمل التعبير V,على سبيل المثVVال ,المستشVVفيات وغيرهVVا من
الوحدات المماثلة ومراكز نقل الدم ومراكز ومعاهد الطب الوقVائي والمسVVتودعات الطبيVVة والمخVVازن الطبيVVة والصVVيدلية لهVذه الوحVدات ,ويمكن أن تكVVون
الوحدات الطبية ثابتة أو متحركة دائمة أو وقتية.
57
المساهمة في العمل العسكري ،وإ ال
ولما كان األصل في األعيان المدنية هو االستخدام المدني لها ،وليس ُ
فإن أي استخدام عرضي لألعيان في غير ما ُخصصت له ،أو تم تحويلها إلى أهداف عسكرية ،يجعل من توجيه
219
. ضربة لها استناداً إلى توافر ضرورة عسكرية مشروعاً
و يبقى ذلك مرهون اً باتخاذ االحتياطات اإلضافية ومراعاة مبدأ التناسب بأن يكون مقدار الضرر المترتب
المتحقق ة ،وأيض اً بم دى التثبت والتحق ق من عملي ة تحوي ل طبيعته ا أو اس تخدامها فعلي اً في
مس اوياً ومناس باً للنتيج ة ُ
طبيع ة العين أوال ،ثم البحث في م دى اش تراكها في األعم ال العس كرية ،222ف األمر يع ني أن هن اك اس تخدامات
ُمزدوجه ،حيث قد تُستخدم مؤقتاً ألغراض عسكرية فقط ،أوقد تُستخدم ألغراض عسكرية ومدنية في ذات الوقت،
عندها البد من ضمان اتخاذ احتياطات إضافية كإنذار المدنيين وإ جالئهم والتأكد من تناسب الهجمات مع األضرار
. 219الجدير بالذكر وكمثال تطبيقي هنا فإن القوات الحكومية السورية بحسب ما أكدته لجنة التحقيVق الدوليVة قVد اسVتخدمت بشVكل روتيVني أعيانVا ً مدنيVة
بطبيعتها كالمدارس ومباني Vالبلديات والمستشفيات Vفي النزاع المسلح الداخلي الدائر حاليا ً في سوريا ،كما استغلت القوات الحكومية المستشفيات العامة في
عدة أماكن حيث وضع الجيش ودبابات ومركبات Vمصفحة وقوات داخل مجمVVع المشVVفى الوطVVني كمVVا عمVVدت إلى نشVVر قناصVVة على اسVVطح مدينVVة عVVزار
والقصير وحولتها إلى مراكز تشن منها العمليات العسكرية ،واعتVبرت اللجنVة المعنيVة بVالتحقيق ذلVك انتهاكVاً VصVارخا ً لقواعVد القVانون الVدولي اإلنسVاني،
وبالتالي فإن مثل هذه التصرفات ستقود نحو ال ُم الحقة القضائية باعتبارها جرائم حرب ،فاستغالل األهداف المدنية وتحويلها Vإلى أهداف "ثكنات" عسكرية
يجعلها أهدافا ً مشروعة.
انظر الجمعية العامة .األمم المتحدة .مجلس حقوق اإلنسان .تقريVVر لجنVVة التحقيVVق الدوليVVة المسVVتقلة بشVVان الجمهوريVVة العربيVVة السVVورية .الVVدورة الرابعVVة
والعشVVرون .البنVVد 4من جVVدول االعمVVال .حVVاالت حقVVوق اإلنسVVان الVVتي تتطلب اهتمVVام المجلس بهVVا .بتVVاريخ 16اغسVVطس 27. 26 V. 2012المرجVVع
A/HRC/21/50
. 220خالد روشو .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ ،136و صــ . 137
221وكمثال على ذلك من يقود من المدنيين شاحنة مدنية لنقل ذخيرة و تسليمها Vإلى موقع إلطالق النار نشط في الخطوط األماميVVة ،من شVVأنه أن يُنظVVر إلى
هذه الشاحنة على أنها جزء ال يتجزأ من العمليات العسكرية ،فعلى الرغم من أن الشاحنة تبقى هدف عسكري مشروع ،إال أن قيVVادة الشVVاحنة ال تVVرقى إلى
المشاركة المباشرة في األعمال العدائية ولن ي ُحرم سائق الشاحنة من الحماية القانونية الالزمة ،فأي هجVوم مباشVر ضVد الشVاحنة وقت تواجVد هVذا السVائق
يكون غير مشروع استناداً إلى مبدأ التناسب انظر.
Nils Melzer. Interpretive Guidance on the notion of direct participation in hostilities under IHL .Ibid.P.g 56 .
. 222روشو خالد .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ 136
. 223فرانسواز بوشيه سولنييه .القاموس العملي للقانون اإلنساني .مرجع سابق .صـــ .176
58
المزدوج ،فإن االستخدام حتى ولو كان ثانوي اً لها من قبل العسكريين يجعلها
فبالنسبة لألعيان ذات االستخدام ُ
ه دفاً عس كرياً مش روعاً ،إال في حال ة ت رتب ض رراً كب يراً على الم دنيين أو ك ان القص د من الهج وم اإلض رار بهم،
مشروع.224
ٍ حينها ُيصبح االعتداء عليها غير
ويتبين من ذلك أنه حتى ولو كانت أعياناً مدنية بطبيعتها وذات استخدام مدني بحت ،إال إنها وبمجرد تحويل
طبيعتها إلى عسكرية ،واستخدامها في العمل العسكري ،فإن ذلك يجعل من عمليه مهاجمتها مشروعه ،ولكن البد
من اس تيفاء المعي ارين مع اً ،معي ار "مس اهمة فعال ة في العم ل العس كري" و معي ار "م يزة عس كرية أكي دة" الل ذين
أيض ا على االحتياط ات المطلوب ة ال تي يتعين أن تك ون ق د اُتخ ذت ،ومنه ا اح ترام مب دأ
واس تخدامه وحس ب ،وإ نم ا ً
التناسب وااللتزام بتوجيه إنذار وغيرها ،225وهذا ما سيتم بيانه الحقاً -إن شاء اهلل. -
موقــع العين -:إن اله دف الم دني حين يتمت ع بموق ع اس تراتيجي مهم ،أو ذا أهمي ة تكتيكي ة من الناحي ة
العسكرية فإنه يكون هدفاً عسكرياً واالعتداء عليه يكون مشروعاً ،كأن يكون الموقع مهم اً لمنع العدو من
االستيالء أو التقدم ،أو إلجبار العدو على التراجع وغيرها من االستراتيجيات العسكرية .226
وكذلك في حالة تواجد عين مدنية في مواقع عسكرية ،فإن الهجوم عليها ُيصبح مشروعا كرسو سفينة تجارية في
ميناء عسكري ،فمواقع األعيان يعطي التبرير الستهدافها ،وقد يكون ذلك استناداً إلى حالة الضرورة العسكرية.227
الغاية أو الغرض من العين -:يتعلق ذلك باالس تعماالت الحالي ة وليس المستقبلية ل ه أو االفتراضية ،فمن
غير المقبول مهاجمة مدرسة أو مستشفى مدني؛ ألن العدو سيقوم بتحويلها ،أو من المتوقع أن يحولها إلى
224ومنها على سبيل المثال ال الحصر ،وسائل االتصال المدنية كاإلنترنت Vوالهواتف ،محطات توليد الطاقة الكهربائية للمزي ٍد انظر رشيد حمد العVVنزي .
األهداف العسكرية المشروعة في القانون الدولي .مرجع سابق .صــ 23
,. 225ماركو ساسولي .أنطوان بوفييه .كيف يوفر القانون الحماية في الحرب ؟ .مختارات من القضايا الخاصة بممارسات معاصVرة في القVانون الVدولي
اإلنساني .اللجنة الدولية للصليب األحمر اإلنساني. 2011 .صـــ . 8
. 226تعليق اللجنة الدولية للصليب األحمر على البروتوكولين اإلضافيين .الفقرة 2021مرجع سابق .متوفر على موقع اللجنة الدولية للصليب األحمر .
http://www .icrc .org-
. 227خالد روشو .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ ،136و صــ . 137
59
مستودع لألسلحة أو غيرها ،فتحديد الغرض يكون قبل االستعمال ،بأن يكون الغرض العسكري واضحاً
ومطبوعاً على الهدف المدني منذ البداية ،وإ ال أصبح هدفاً عسكرياً بطبيعته مما يجيز مهاجمته ،لذا ال بد
من قيام القائد العسكري باالعتماد على المعلومات االستخباراتية الدقيقة وليست االحتمالية ،وإ ال قد يكون
228
الهدف المدني ضحية لمعلومات خاطئة تجعله هدفاً عسكرياً .
على س بيل المث ال ،المدرس ة أو الفن دق تعت بر أعي ان مدني ة ،ولكن إذا تم اس تخدامها الس تيعاب الق وات
العس كرية ،فإنه ا تُص بح أه دافاً عس كرية مش روعة ،وفي حال ة الش ك ،يجب أن تف ترض أنه ا ألغ راض مدنية،229
ويقتصر جواز ُمهاجمتها في الوقت الذي تُقدم فيه ُمساهمة فعليه للعمليات العسكرية ،وليس في كل األوقات ،وهو
م ا تش ير إلي ه عب ارة " الظ روف الس ائدة " ال واردة في الفق رة الثاني ة من نص الم ادة 52من ال برتوكول اإلض افي
األول .230
ع دم مس اهمة العين في العم ل العس كري س واء طبيعته ا أو باس تخداماتها ال تي تق وم به ا أو بموقعه ا أو بالغاي ة من
أال أن المش كلة تث ور عن د وج ود أعي ان مدني ة ذات طبيع ة ُمختلط ة ،231ويمكن اس تخدامها لس د احتياج ات
األسطول أو الجيش حيث من الصعب التفريق بين المصانع أو المنشآت التي يمكن اعتبارها داعمة للجيش من تلك
. . 228رشيد حمد العنزي .األهداف العسكرية المشروعة في القانون الدولي .مرجع سابق .صـــ . 30-29
. 229تعليق اللجنة الدولية للصليب األحمر على البروتوكولين اإلضافيين .الفقرة . 2004مرجع سابق .متوفر على موقع اللجنة الدولية للصليب األحمر .
http://www .icrc .org-
. 230خالد روشو .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 139
. 231المنشآت كالسكك الحديدية والجسور وتقاطعات Vالطرق ،ومحطات توليد الكهرباء أو اجزاء من الموانئ البحريVVة الVVتي تمثVل اهميVة مزدوجVة للقVوات
العسكرية وايضا للسكان المدنيين .انظر أيضا (فريتس كالسهوفن وليزابيث تسغفلد .ضوابط تحكم خوض الحرب .مرجع سابق 5.1 .ج .صــ .) 118
. 232الجدير باإلشارة اليه هنا .وكمثال أن اتفاقية الهاي عام 1907الخاصة بعمليVVات القصVVف البحVVري أثنVVاء الحVVروب جVVاءت في مادتهVVا األولى بفVVرض
حظر عام على " قصف القوات البحرية للموانئ أو المدن أو القرى أو المساكن أو المباني المجردة من وسائل الدفاع " وفي الفقVVرة الثانيVVة من ذات المVVادة
أوردت قائمة االشياء التي يجوز قصفها حتى لو كانت واقعه داخل مواقع مجرده من وسائل الدفاع ومنها VالمصVVانع الVVتي يمكن اسVVتخدامها لسVVد احتياجVVات
االسطول أو الجيش المعادي (.انظر فريتس كالسهوفن وليزابيث تسغفلد .ضوابط تحكم خوض الحرب .مرجع سابق . 4.3 .صــ .)52
60
حيث تمث ل أهمي ة ُمزدوج ة ُمركب ة من دعم األه داف العس كرية وتلبي ة االحتياج ات المدنية ،233فال يمكن
إلى أن تدميرها التام أو الجزئي أو االستيالء عليها أو تعطيلها في ظل الظروف السائدة بحيث يحقق ميزة عسكرية
وذل ك اس تناداً إلى أن الخدم ة ال تي تؤديه ا العين هي الض ابط العتب ار ه ذه العين ه دفاً م دنياً أو عس كرياً من
لمع دات ومراف ق اإلعالم مثالً م دنياً وعس كرياً ،يجع ل منه ا ه دفاً مش روعاً ف ور ت وافر
الم زدوج ُ
عدم ه ،فاالس تخدام ُ
شروط الفق رة الثانية من المادة 52من ال بروتوكول األول ،على اعتبار تط بيق نص وروح هذه المادة قد أج ازت
235
،وذل ك على ال رغم من أن الفق رة الثالث ة من الم زدوج
ض منياً ُمهاجم ة األعي ان الموض وعة في حال ة االس تخدام ُ
237
وليست معنوية .
233وبالتالي فإن الخلط بينهما سيؤدي تلقائيا إلى صعوبة التفريVVق بينهمVVا ،وعليVVه فانVVه وعنVVد الموازنVVة بين المصVلحة المترتبVVة على دعم هVVذه المصVVانع أو
المنشآت لألهداف العسكرية والمفسدة المترتبة عن وقف تلبية االحتياجات المدنية جراء الهجوم عليها ،كان عليه البد من التعرض للموازنVVة بين المصVVالح
والمفاسد عند التعارض وايهما أولى بالتقديم دفعا وجلبا وهو ما سنتعرض له في الفصول القادمة من هذه الدراسة -إن شاء هللا . -
. 234نوال بسج .القانون الدولي اإلنساني وحماية المدنيين واألعيان المدنية في زمن النزاعات ال ُمسلحة ..مرجع سابق .صـــ 134ومابعدها .
. 235كمثال على ذلك برر ممثلو Vحلف شمال األطلسي خالل الحملة الجوية في يوغوسالفيا قصف مبنى اإلذاعVة والتلفزيVون الصVربي حيث تم اسVتخدامه
استخداما ً مزدوجا ً ،فباإلضافة إلى اإلستخدام المدني اندمجت مرافق اإلذاعة والتلفزيون مع الشبكات الخاصة والتابعة للجيش الصVVربي ،وأعلنت المحكمVVة
الجنائية الدولية الخاصة بيوغسالفيا السابقة صVراحة عن موقVف القVانون الVدولي ففVرقت بين الدعايVة والتحVريض كمVبرر للتVدمير والهجVوم و أكVدت أن
معنويات Vالسكان التعد هدفا عسVVكرياً ،إال أن التحVVريض اإلعالمي على العنVVف يمكن أن يكVVون مVVبرراً للتVVدمير ،فبمVVوجب القVVانون اإلنسVVاني الVدولي فVVإن
محطات التلفزيون واإلذاعة المدنية تصبح أهدافا مشروعة عند "مساهمتها Vمساهمة فعالة في العمل العسكري" ،وعندما يكون تدميرها ينتج عنه "مVVيزة
عسكرية مؤكدة" كحالة استخدامها مثال إلرسال األوامر العسكرية أو المساهمة بشكل ملموس في دعم حملVة عسVVكرية معينVVة .وال تشVVكل أهVدافا عسVVكرية
مشروعة لمجرد تأييدها أو تقديمها Vتأييداً لفئة ضد فئة أخرى كما أنه من غير القانوني مهاجمتها مثال بهVدف خفض الVVروح المعنويVVة لVدى شVVعب معين أو
للتأثير على رأي المدنيين ،فال ينطوي ذلك على مساهمة مباشرة في العمليات العسكرية ،وحتى عندما تصبح أهدافا عسVكرية مشVروعة نتيجVة اسVتخدامها
ومساهمتها Vمساهمة فعالة ،فمن الضروري احترام مبدأ التناسب في الهجوم ،ويعني ذلك التحقق في كل وقت من أن ذلك الهجVVوم ال تتجVVاوز فيVVه المخVVاطر
على السكان المدنيين المنافع العسكرية المرتقبة كما وينبغي كذلك اتخاذ احتياطVVات خاصVVة فيمVVا يتعلVVق بالمبVVاني الواقعVVة في المنVVاطق الحضVVرية ،وأيضVا ً
إعطاء إنذار مسبق بالهجوم كلما كان ذلك ممكناً . Vانظر :ماركو ساسولي .أنطوان بوفييه .كيف يوفر القانون الحماية في الحرب ؟ .مرجع سابق .صـــ.7
. 236خالد روشو .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ .138
. 237فرانسواز جي .ھامبسون .الضرورة العسكرية تقديم حنان عشراوي .جرائم الحرب .مرجع سابق .صــ. 325
61
واستخالصاً مما سبق فإنه ال ُيمكن أن ينطبق على األعيان المدنية وصف الهدف العسكري المشروع ،إال إذا
استوفت الشرط األساسي وهو أن تُسهم إسهاماً فعلياً ،إما بحكم موقعها واستخدامها أو غايتها أو طبيعتها في العمل
العسكري ،أيضاً البد من توافر الشرط الثاني وهو توفر الميزة العسكرية األكيدة وهذا ما سيتم توضيحه تاليا ً-:
.2الشرط الثاني الميزة أو الفائدة العسـكرية األكيـدة -:238ورد ه ذا الش رط في الفق رة الثاني ة من الم ادة 52من
البروتوكول اإلضافي األول ،حيث اشترط أن تكون الهجمات ُمقتصرة على األهداف العسكرية ،وينبغي لتدميرها
تدميراً تاماً أو جزئياً أو االستيالء عليها أو تعطيلها في الظروف السائدة أن يحقق ميزة عسكرية أكيدة .
فإذا لم يترتب على تدمير العين أو الهدف تحقيق أي ميزة عسكرية ،فال ُيعد هدفاً عسكرياً مشروعاً ،حتى
مهاجمته ا فعالً غ ير مش روع ،وبالت الي ف إن ع دم ت وافر الم يزة العس كرية يجع ل من عملي ه قص فها انتهاك اً جس يماً
240
. الم قررة في القانون الدولي اإلنساني ،ويترتب عليه مسؤوليه دولية
لقواعد الحماية ُ
المتنازعة
المحتملة ،األمر الذي ُيحتم على األطراف ُ
ويقصد ب الميزة العسكرية هنا الميزة األكيدة وليست ُ
ُ
التح ري والتثبت قب ل القي ام بالهجم ات ،ويك ون ذل ك ب أن تُش ير ك ل ال دالئل إلى أن ض رب ه ذه األه داف ،س ُيحقق
نصرا ً أكيدا ًال يحتمل التأويل اطالقاً ،ذلك أن مجرد التأويل بذلك ال يرفع عنها الحصانة.
ويضاف على تحديد مفهوم الميزة العسكرية ليشمل ما جاء في المادة -51/5ب من البرتوكول اإلضافي
ُ
ومباشرة نسبياً ،وبذلك تُستبعد أي ميزة يصعب إدراكها ،أو التي ال تظهر
البد أن تكون كبيرة ذات نتائج ملموسة ُ
. 238كتحقيق نصر أو التفوق العسكري أو القضاء على مصدر يشكل خطرا ،بمعنى أن يكون هو الخيار الوحيد لدى القوات وبالتالي فإن تحقيقه يؤدي إلى
تحقيق ميزة عسكرية .
. 239كالجسر أو نفق مثال يساهم في تنقالت Vالجنود اال أن تدميره لن يحقق أي ميزة عسكرية .
. 240حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـ 254
62
إال على الم دى البعي د ،كم ا ورد قي د الم يزة العس كرية أيض اً في الم ادة 57من ال برتوكول اإلض افي األول عن دما
هذا وقد جاء تعليق اللجنة الدولية للصليب األحمر على البروتوكولين اإلضافيين ُليفسر عبارة "ما ينتظر أن
يس فر عن ه ذل ك الهج وم من م يزة عس كرية أكي دة" ،بأنه ا تس تثنى "الهج وم ال ذي ال ي وفر إال مزاي ا ُمحتمل ة أو غ ير
ومباشرة " بأن الميزة المعنية ينبغي أن تكون جوهرية ودقيقة نسبياً بدالً من أن
محدودة" ،وفسر عبارة "ملموسة ُ
242
وعلى ال رغم من أن المب دأ القاض ي ب أن الغ رض المش روع الوحي د للح رب ه و "إض عاف الق وة العس كرية"
للخص م ،ق د أعطى األط راف المتنازع ة الحري ة في اعتب ار م ا ُيحق ق له ا م يزة عس كرية أكي ده من عدم ه ،بأض يق
وم ع خض وع تق دير الم يزة األكي دة إلرادة أط راف ال نزاع في نهاي ة المط اف ،باعتب ار أن أغلب الق رارات
العسكرية تُتخذ بصورة ُمستعجلة ،وبحسب الظروف التي تُستجد على أرض المعركة ،فإن الرقابة على هذا التقدير
ُيص بح مح دوداً أو ق د تك ون مع دوماً ،خاص ة م ع األخ ذ في االعتب ار أن الس عي نح و الت دمير المعن وي للع دو ه و
الم سيطر في أغلب األوقات على العقليات العسكرية والسياسية من أجل حسم المعارك وتحقيق النصر .243
الهدف ُ
وعلي ه يمكن الق ول :أن تق دير الم يزة العس كرية يعتم د بالدرج ه األولى على اط راف ال نزاع ويتم كس بها من
خالل التدمير المستمر لألعيان المدنية ،وذلك بحسب التقديرات التي يعتمد عليها أطراف النزاع ،وبالتالي يتحول
القص ف الع نيف للم دن والق رى واألم اكن األثري ة والتاريخي ة إلى الوس يلة األق وى لتعب ير األط راف المتحارب ة عن
. 241ماركو ساسولي .أنطوان بوفييه .كيف يوفر القانون الحماية في الحرب ؟ .مرجع سابق .صـــ . 398
.242بحسب ماجاء في اعالن سان بيترسابرغ لعام 1868الذي يُعد مبدأ أساسي و مقبول في القانون الدولي اإلنساني.
. 243رشيد حمد العنزي .األهداف العسكرية المشروعة في القانون الدولي .مرجع سابق .صـــ36
63
االستعداد للذهاب أبعد ما يمكن في الوحشية والقسوة ،وهو ما ُيضعف من فعالية القواعد المتعلقة بحماية األعيان
وأخير باإلضافة إلى الشرطين السابق ذكرهما والواجب توافرهما مع اً العتبار عين ما هدفاً عسكرياً ،وهما
"المس اهمة الفعال ة في العم ل العس كري " و"الم يزة العس كرية األكي دة " ،أق ام ال بروتوكول اإلض افي األول في الم ادة
52منه وبالتحديد في الفقرة الثالثة ،افتراض اً لصالح األعيان المدنية في الفقرة الثالثة من المادة ،52يقر بأنه في
"حالة الشك" حول ما إذا كانت بعض األعيان المدنية تُستخدم في تقديم ُمساهمة فّعالة للعمل العسكري ،فإنه ُيفترض
في هذه الحالة ،أنها تُستخدم في الغرض المدني أو السلميُ ،معتمداً على القرينة المدنية وذلك رغبةً في التأكيد على
حماي ة األعي ان المدني ة ،وق د أعطت الفق رة الثالث ة من الم ادة 52بيان اً لبعض األعي ان المدني ة وأوردته ا على س بيل
يوجب افتراض مدنيتها من عدمه بأن ال تُستخدم ألغراض عسكرية وال يسري هذا االفتراض إال في حالة الشك
فقط.244
وبالتالي فإن ُمجرد الشك ال يرفع عن هذه األعيان الحماية والحصانة بل البد من إثبات ودليل قوي على
أن ه ذه األعي ان ُكرس ت لالس تخدام العس كري الفعلي والمؤك د الغ ير قاب ل للش ك اطالق اً ،245إال أن ذل ك يس توجب
والمستعجلة والتي
الملحة ُ
طرح سؤال حول ما إذا تطلب ُمهاجمة بعض األعيان المدنية بحجة الضرورة العسكرية ُ
قد تُ ِ
جمد عملية التحري قبل المهاجمة ؟!.
وعلي ه ومم ا س بق ذك ره فإن ه يمكن الق ول ب أن الق انون اإلنس اني يحمي األعي ان المدني ة ،ويتس ع التعري ف له ا
ليش مل جمي ع األعي ان ال تي ال تعت بر أه دافاً عس كرية ،و وفق اً للق انون يحظ ر الهج وم المباش ر عليه ا طالم ا لم يتم
استخدامها ألغراض عسكرية ،إال أنها تُصبح خاضعة للهجوم المشروع عندما تتحول إلى أهداف عسكرية بمعنى
. 244انظر فريتس كالسهوفن وليزابيث تسغفلد .ضوابط تحكم خوض الحرب .اللجنة الدوليVة للصVليب األحمVر 1994مرجVع ISBN977-5677-26-2.
5.1ج .صــ . 118
.245كأن تستخدم هذه األعيان إليواء الجنود أو مخازن للذخائر .
64
عندما تُقدم ُم ساهمة فعالة للعمل العسكري وعندما يوفر تدميرها أو االستيالء عليها أو تحييدها ميزة عسكرية أكيدة
وفي حالة وجود شك حول طبيعة عين ما يتوجب االفتراض بكونها عين اً مدنية والتعامل معها يجب أن يكون على
هذا األساس.
وكخالصة ومن خالل دراسة أهم التعريفاتـ الواردة لألعيان المدنية ،سنورد في ما يلي التقييم العام لهذا
لم يتم وفق اً ألحك ام الق انون ال دولي اإلنس اني إف راد أي تعري ف ص ريح أو ُمنفص ل لألعي ان المدني ة ب ل ج اء
تعريفه ا ُمتص الً م ع تعري ف األه داف العس كرية ،ولم تُوض ع له ا س وى مؤش رات خاص ة به ا ،لع ل أهمه ا طابعه ا
المسلحة.
المدني ،فعدم مشروعية ُم هاجمتها نابع من مدى تمتعها بهذه الصفة خالل النزاعات ُ
246
يتسع ليشمل أي عين ال تُعتبر هدفاً عسكرياً ،طالما لم يتم و يتبين أن التعريف الوارد في المادة 52
اس تخدامها ألغ راض عس كرية .وتُص بح األعي ان المدني ة خاض عة للهج وم المش روع ،عن دما تتح ول إلى أه داف
فعال ة للعم ل العس كري ،أو عن دما ي وفر ت دميرها أو االس تيالء عليه ا أو تحيي دها
عس كرية ،بمع نى أن تُق دم ُمس اهمة ّ
أفض لية أو ميزة عسكرية أكيدة ،وفي حالة وجود ش ك ح ول طبيعة عين م ا يتوجب اإلفتراض بكونه ا هدفاً مدنياً
وق د يلج أ األط راف إلى الهج وم على أه داف عس كرية مش روعة ،ال تحتم ل الش ك اطالقً ا كوح دات الق وات
الم سلحة أي المنشات العسكرية الثابتة أو العربات والمدرعات والمدفعيات المتحركة وغيرها ،247وهو ما أوضحته
ُ
صراحة المادة 52/1حيث تم اإلشارة إلى تعريف األعيان المدنية بمفهوم المخالفة بأنها "...كل األعيان التي ليست
أه دافاً عس كرية" ،و ذل ك على ال رغم من اإلنتق ادات ال تي واجهه ا ه ذا التعري ف من قب ل بعض الوف ود في الم ؤتمر
. 246من البرتوكول اإلضافي األول لسنة 1977الملحق باتفاقيات جنيف لسنة .1949
247فريتس كالسهوفن وليزابيث Vتسغفلد .ضوابط تحكم خوض الحرب .مرجع سابق . 4.3 .صــ .52
65
الدبلوماسي الذي اعتمد البروتوكول اإلضافي األول لعام ،1977والتي كانت تُفضل تعريف اً ايجابي اً لألعيان المدنية
وعلي ه ُيمكن الق ول أن اإلحج ام عن تعري ف األعي ان المدني ة وجعله ا ُمقترن ه بتعري ف األه داف العس كرية،
واالعتماد على المعيار المادي أو الوظيفي في تقدير وتحديد الهدف العسكري ،وتغليبه على المعيار الشكلي الذي
وإ ن كان غير حاسم في الداللة على كون عين ما مدنية ال يجوز االعتداء عليها ،إال أنه يكون قائماً في حالة وج ود
الشك لدى الطرف الذي يقوم بالهجوم ،ورغم أن بين المعيار الوظيفي والمعيار الشكلي اختالف اً بقدر ما بينهما من
تق ارب فإعم ال أي من المعي ارين ي ؤدي إلى ادخ ال ح االت في دائ رة األعي ان المدني ة وي ؤدي إلى اس تبعاد ح االت
أخرى.
المخالفة مع األهداف
وبالتالي فإن عدم تعريف وتحديد مفهوم األعيان المدنية ،وانتماء مفهومها إلى مفهوم ُ
العسكرية وإ لى عدم تحولها إلى أهداف عسكرية ،يجعله ُعرضة دوم اً للتطور والتبدل في المكان والزمان ،ويدفع
إلى الق ول بأن ه ورغم ع دم وج ود تعري ف مح دد لألعي ان المدني ة ،اال أن جمي ع االجته ادات الفقهي ة تتوح د ح ول
عناصر األعيان المدنية التي تتوزع إلى القوة التي تتبعها ،والنشاط الذي تقوم به والغاية التي وجدت من أجلها،
وأن الخالف الق ائم إنم ا ه و تغليب أي من العناص ر على األخ رى ،للتمكن من التمي يز وم دى الق درة على الحف اظ
كما أن المساحة الواسعة للسلطة التقديرية سواء كان ألطراف النزاع ،في إضفاء ما هو مدني وما هو
عس كري للق ادة العس كرين واألط راف المتنازع ة ،وللقاض ي في حال ة تح ول ال نزاع إلى القض اء أدى إلى إض عاف
66
ورغم أن التعريف الوارد في نص المادة 52والذي ُيحدد األهداف العسكرية ،أدى إلى تقيد االتجاه الذي
كان شائعاً سابقاً بأن جميع األعيان تقريبا تعتبر أهدافاً عسكرية ،249إال أن ما يمكن ُمالحظته على نص المادة 52
من البروتوكول اإلضافي األول هو إقرارها إلمكانية القيام بهجمات إذا تحققت ميزة عسكرية أكيده ،وكانت هناك
فعال ة للعين المدني ة في العملي ات العدائي ة ،مم ا يط رح مش اكل ع دة في ع دم الق درة على تحدي د الجه ات
ُمس اهمة ّ
المتنازعة الفرصة لتستند إلى سلطتها التقديرية التي تخدم مصالحها العسكرية والسياسية في
مما يعطي األطراف ُ
األساس.
والمصاغ بألفاظ
ولقد أيد الكثير من الفقهاء التعريف الوارد في المادة 52من البروتوكول اإلضافي األولُ ،
عام ة ومج ردة ،باعتبار أن ه الح ل ال واقعي الوحي د والمت اح في الممارس ات العملي ة ،250فمن الص عب بمك ان وض ع
قائمة تحدد األعيان التي يجوز اعتبارها أهدافا عسكرية ،حيث إن اعتبار عين ما هدفاً عسكرياً يتوقف كلي اً على
ظروفها الفعلية ،وبالتالي من الصعب تحديد قائمة تشمل األعيان المدنية أو األهداف العسكرية.
إال إن ه ُي رى أن التعري ف الق ائم على ذل ك وعلى أس اس التمي يز بين األه داف المدني ة والعس كرية واف تراض
االس تعمال الس لمي لألعي ان المدني ة في حال ة الش ك المنص وص عليهم ا في الم ادة الم ذكورة ،لم ُيع الج مس ألة ع دم
وج ود تعري ف واض ح يض من التفري ق بين األعي ان المدني ة واأله داف العس كرية بش كل ج ازم وق اطع ال يحتم ل
التأويل ،ذلك أن مجرد التمييز لم ُيعطها مفهوماً أو تعريفاً محدداً بل اكتفى بإعطائها تمييزاً عن األهداف العسكرية،
الم ساهمة في العمل العسكري،ومدى توافر الميزة العسكرية األكيدة ،مما وسع من نطاق صعوبة التفريق
من خالل ُ
بين األعيان المدنية واألهداف العسكرية ،وأضفى حماية عامة عليها غير واضحة المعالم والعناصر.
. 249انظر فريتس كالسهوفن وليزابيث تسغفلد ( .ضوابط تحكم خوض الحرب .مرجع سابق 5.1 .ج .صــ .)118
. 250اقترحت اللجنة الدولية للصليب األحمر قائمة تعدل دوريا إذا اقتضت الضرورة ذلك ،تبين فئات األعيVVان الVVتي يمكن اعتبارهVVا أهVدافا عسVكرية إال إن
هذه لقائمة لم تلقى قبوال لعدم القدرة على الحصر ( فريتس كالسهوفن وليزابيث Vتسغفلد (.ضوابط تحكم خوض الحرب .مرجع سابق . 4.3 .صــ .)52
67
كم ا أن الرغب ة الواض حة والص ريحة في تالفي التع داد الحص ري عم ل على تحدي د األعي ان المدني ة
إلى معايير ُمحددة كمعيار الوظيفة أو معيار الميزة العسكرية ،مما وسع من نطاق القياس والتكييف الذي ُيضفيه
المطروح ة تتس م ب الغموض نوع اً م ا ،مم ا يجع ل من إمكاني ة االس تناد إليه ا في التمي يز بين
وعلي ه فالمع ايير ُ
األعي ان المدني ة والعس كرية ُيث ير العدي د من التكهن ات ،فالفق ه ق د انتهج النهج العملي ،وك ان يس تخدم المعي ار ال ذي
يالئم الظ روف الخاص ة ب األطراف ،وليس م ا ُيالئم الظ روف الخاص ة باألعي ان ال تي تحميه ا ه ذه النص وص ،من
خالل استخدامه للمعيار الشكلي أو الموضوعي دون التقييد بخط معين أو االرتباط بمعيار ُمحدد ،وعليه فإنه هذه
ورغم صعوبة حصر األعيان المدنية وكون عين ما ( مدرسة أو جسر) تُمثل هدفاً عسكرياً ،إال أن ذلك ال
ُيبرر عدم إعطاء تعريف محدد لها يحوي عناصر أساسية ،وبالتالي فإن محاولة التمييز لهذه األعيان المدنية من
األعيان المدنية واألهداف العسكرية ،أو من خالل استخدام الوصف السلبي،أو باإلسناد إلى معايير مختلفة للتمييز
واإلضفاء عليها.
. 251ومنها : Vالمنازل السكنية ،والممتلكات التجارية الخاصة ،والجامعات والمدارس والمستشفيات V،والمقدسات الدينية ،كدور العبادة والمقVVابر ،واألمVVاكن
الثقافية وغيرها.
68
فك ان من األولى مثال ًإعط اء األعي ان المدني ة تعريف اً مح دداً ودقيق اً ،وواض ح العناص ر م ع إض افة التمي يز
المناس ب له ا ك أن تك ون األعي ان المدني ة ك ل المق ار أو أج زاء المب اني واألراض ي والمنق والت التابع ة والمملوك ة
ُ
ألشخاص مدنيين سلميين ولجهات مدنية ،والتي تُستخدم وتُخصص لالستعمال المدني والسلمي فقط.
وأن أي استعمال جبري لغير ما ُخصصت له ال يرفع عنها الحماية الدولية ،وال ُيعطي مبرراً لالعتداء
م تى اثبتن ا االس تعمال الم دني والتحوي ل الج بري له ا ،فم تى ُخصص ت لالس تعمال الم دني يجب أن يس تمر ه ذا
ومنظم ،بغض النظر عن الظروف التي تتعرض لها فأي ظرف طارئ إجباري،
التخصيص بشكل ُمستمر وثابت ُ
والمخصص ة ل ه في حال ة
ال ُيس قط عنه ا الحص انة بتاتً ا ،وبالت الي نتمكن من إعادته ا إلى نط اق عمله ا الس لمي ُ
المتنازعة.
استخدامها أو االعتداء عليها من أحد األطراف ُ
ورغم أن مسألة اإلحجام عن وضع تعريف ُمحدد لألعيان المدنية يعود إلى اعتبارات تتعلق بطبيعة األعيان
والتب دل ،فالنشاط الذي تقوم به العين المدنية قد ال يوصف في مرحلة معينة بأنه لالستعمال
للتغ ير ّ
المدنية القابلة ّ
المدني مما ينزع عنها الحصانة ويجعل منها هدفاً عسكرياً ،وعليه كان البد من وجود فكرة ربط وجود العين
المدنية بالجماعة العامة من المدنيين من جهة وبالقانون الدولي اإلنساني من جهة أخرى باعتباره حجر الزاوية لها.
باإلض افة إلى وض ع آلي ات إداري ة من خالل خل ق إدارة وحراس ة مدني ة يتم تفعيله ا أثن اء النزاع ات لتق وم
بالمحافظ ة على اس تمرارية الط ابع الم دني لألعي ان المدني ة والثقافي ة وحراس تها لحين انته اء ال نزاع وذل ك لمن ع
استغاللها في العمليات العدائية وتداخلها مع األهداف العسكرية ،ويمكن االستعانة في هذه الظروف بقوات الشرطة
المدنية باعتبارها جهاز مدني من أجهزة الدولة تتكفل بحماية المنشآت واألعيان المدنية والثقافية وحراستها أثناء
المس لحة ،على أن تُ دعم دولي اً وأن تل تزم مب دأ الحي اد الت ام للمحافظ ة على اس تمرارية الط ابع والنش اط
النزاع ات ُ
المسلح .
المدني لهذه األعيان طوال فترة النزاع ُ
69
المطلب الثاني -:التعريف بالممتلكــاتـ الثقافيــة وفقـاً ألحكـام القــانون الـدولي اإلنسـانيـ -:تُش كل الثقاف ة الجس ور
الباقية م ابين األمم والشعوب بصرف النظ ر عن اختالفه ا ،فال يحد من اتصالها أي عامل أو ظ رف من زمان أو
ولما كان لكل أمة نصيبها من التراث الثقافي زمان اً ،ومكان اً ،والذي ُيعتبر أغلى ما تملك ورمز من رموز
بقائه ا ،ومؤش ر من مؤش رات االس تمرارية والتواص ل ،فإن ه من الب ديهي أن يك ون االعت داء عليه ا جريم ة في ح ق
254
،و تُش ير الممتلك ات الثقافي ة إلى البش رية لم ا تس ببه من ض رر باإلب داع اإلنس اني لألجي ال الحالي ة والمس تقبلية
الممتلكات ذات العالقة بثقافة معينة ،وتشمل جميع األشياء التي ُيعثر عليها في المواقع األثرية ،والتي توفر نظرة
ُ
،1815حيث تش ّكلت المب ادئ األولى لحماي ة الممتلك ات الثقافي ة ،256وك ذلك في معاه دة فرس اي ع ام 1919وفي ه
ُألزمت الحكومة األلمانية بضرورة إعادة المصحف الشريف إلى مكة المكرمة ثم قامت السلطات العثمانية بإهدائه
257
وق د إلم براطور ألماني ا غيل وم الث اني ،كم ا تمت اإلش ارة في في ك ل من الئح تي اله اي لع ام ،1899و1907
. 252علي خليل إسماعيل الحديثي .حماية الممتلكات الثقافية في القانون الدولي :دراسة مقارنة .عمان .األردن .دار الثقافة للنشVر والتوزيVVع .ط.1999. 1
صــ. 17
. 253هشام بشير .وعالء الضاوي .حماية البيئة والتراث الثقافي في القانون الدولي .مرجع سابق .صــ. 72
. 254ناريمان عبدالقادر .القانون الدولي اإلنساني واتفاقية الهاي لعام 1954وبروتوكوليها Vلحماية الممتلكات Vالثقافية في زمن الVVنزاع المسVVلح .المVVؤتمر
السنوي .العلمي لجامعة بيروت العربية كلية الحقوق .القانون الدولي اإلنساني "آفاق وتحديات" .مؤلف جماعي .الجزء الثاني .منشورات الحلبي .بيروتV
الطبعة االولى . . 2005.صــ . 64صــ . 65
255
”. Eric A. Posner. (2006) “The International Protection of Cultural Property: Some Skeptical Observations
University of Chicago, Public Law and Legal Theory Working P.g 1
http://www.law.uchicago.edu/academics/publiclaw/141.pdf] accessed August 23, 2014.
.. 256كمال حماد .النزاع الدولي المسلح والقانون الدولي العام .مرجع سابق .صــ ،121ومن هذه المبادئ مبدأ ليبر حول المبدأ أنظر هامش . 137
. 257تجلى ذلك في المادتين المادة 27والمادة . 56انظر علي خليل إسماعيل الحديثي .حماية الممتلكات Vالثقافية في القانون الدولي .مرجع سابق .صــ 54
وصــ ،55وأيضا ً عمر سعد هللا .القانون الدولي اإلنساني وثائق وآراء .دار مجدالوي .عمان األردن الطبعة األولى ..2002صــ . 285
70
وفي 15إبري ل 1935تم التوقي ع على معاه دة واش نطن الخاص ة بحماي ة المؤسس ات الفني ة والعلمي ة واآلث ار
التاريخية والمعروفة بــميثاق " روريخ " ،258والذي أصبح وثيقة دولية وقعه ا رئيس الواليات المتح دة األمريكية
في ذل ك ال وقت " ف رانكلين روزفلت " ،ولكن ه ذه الوثيق ة بقيت ملزم ة لل دول األمريكي ة الموقع ة عليه ا فق ط ،حيث
259
أعاق اندالع الحرب العالمية الثانية عملية إقرارها.
ومح دد
يتش كل أي تعري ف ص ريحُ ،
ورغم االهتم ام ال دولي بتوف ير حماي ة للممتلك ات الثقافي ة إال أن ه لم ّ
261
،المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية حيث
ُ للممتلكات الثقافية في الفقه الدولي ،260إال في اتفاقية الهاي لعام 1954
262
جاءت المادة األولى بتعريف للممتلكات الثقافية و قسمتها إلى ثالثة أنواع .
التفاقي ة اله اي ،1954حيث لم تض ع مفهوم اً واض حاً للممتلك ات الثقافي ة ،واقتص رت على إيراده ا بص ورة عام ة
264
إلى ح د م ا ،ورك زت على ط رق حماي ة ه ذه الممتلك ات وحص رتها في أن واع معين ة ،وهي ب ذلك لم وموس عة
تتسم بالشمولية التي جاء عليها التعريف في المادة األولى من اتفاقية الهاي لعام .1954
. 258ويضVVم هVVذا الميثVVاق في المVVادة االولى منVVه األعيVVان والممتلكVVات األثريVVة ( كاآلثVVار التاريخيVVة والمتVVاحف ) ،واألعيVVان والممتلكVVات الفنيVVة والعلميVVة
(كالمؤسسات العلمية والتربوية والمؤسسات الفنية ) .انظر .هشام بشير .وعالء الضاوي .حماية البيئة والتراث الثقافي في القانون الدولي .مرجع سابق
.صــ. 78
259علي خليل إسماعيل الحديثي .حماية الممتلكات الثقافية في القانون الدولي .مرجع سابق .صــ 36وصــ. 37
. 260الجدير بالذكر أن الفقة والعمل الدولي قد استقر على استخدام عبارة"الممتلكVات VالثقافيVVة" منVذ اعتمVVاد اتفاقيVVة الهVاي لهVVام 1954والخاصVة بحمايVة
الممتلكVVات VالثقافيVVة في حالVVة الVVنزاع المسVVلح ،حيث كVVانت VعبVVارة "األعيVVان الثقافيVVة" هي المسVVتخدمة للتعبVVير عن هVVذه الممتلكVVات ومنه Vا VالمVVادة 53من
البروتوكول اإلضافي األول والمادة 16من البروتوكول اإلضافي الثاني لعVVام 1977الملحقين باتفاقيVVة جVVنيف لعVVام . 1949انظVVر هشVVام بشVVير .وعالء
الضاوي .حماية البيئة والتراث الثقافي في القانون الدولي .مرجع سابق .صــ.72
. 261تتكون اتفاقية الهاي لعام 1954من االتفاقية ذاتها والالئحة التنفيذية المرفقة بها وبروتوكول إضافي أول لالتفاقيVة عVام 1954وتم التأكيVد على هVذه
الحماية باعتماد البروتوكول اإلضافي الثاني لالتفاقية في . 1999لالطالع على النص الكامل لالتفاقية ،انظر :عمر سVVعد هللا .القVVانون الVVدولي اإلنسVVاني
وثائق وآراء .مرجع سابق .صــ . 289
. 262يقصد من الممتلكات Vالثقافية ،بموجب Vهذه االتفاقية ،مهما كان أصلها أو مالكها ما يأتي:
(ا) الممتلكات المنقولة أو الثابتة ذات األهمية الكبرى لتراث الشعوب الثقافي كالمبVVاني المعماريVVة أو الفنيVVة منهVVا أو التاريخيVVة ،الVVديني منهVVا أو الVVدنيوي،
واألماكن االثرية ،ومجموعات المباني التي تكتسب بتجمعها قيمة تاريخية أو فنيVVة ،والتحVVف الفنيVVة والمخطوطVات Vوالكتب واالشVVياء االخVرى ذات القيمVVة
الفنية التاريخية واالثرية ،وكذلك المجموعات العلمية ومجموعات الكتب الهامة و المحفوظات ومنسوخات الممتلكات السابق ذكرها؛
(ب) المباني المخصصة بصفة رئيسية وفعلية لحماية وعرض الممتلكات الثقافية المنقولة المبينة في الفقرة "ا" ،كالمتاحف ودور الكتب الكVVبرى ومخVVازن
المحفوظات وكذلك المخابئ المعدة لوقاية الممتلكات الثقافية المنقولة المبينة في الفقرة (ا) في حالة نزاع مسلح؛
(ج) المراكز التي تحتوي مجموعة كبيرة Vمن الممتلكات الثقافية المبينة في الفقرتين (ا) و(ب) والتي يطلق عليها اسم "مراكز االبنية التذكارية".
. 263أحمد سي علي .حماية األشخاص واألموال في القانون الدولي اإلنسVVاني .دار االكاديميVVة الVVدار البيضVVاء .الجزائVVر. 2010-2011 .الطبعVVة األولى.
صـــ. 337
. 264سالمة صالح الرهايفة .حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات ال ُمسلحة ..دار الحامد للنشر والتوزيع .الطبعة األولى . 2012عمان األردن صـــ
. 54
71
وفيما يخص البروتوكولين اإلضافيين التفاقية الهاي لعام ،1954فقد ورد في البروتوكول اإلضافي األول
في الفق رة األولى من الم ادة األولى التعري ف بالممتلك ات الثقافي ة بأنه ا " تل ك ال تي نص ت عليه ا الم ادة األولى من
اإلضافي الثاني.
وعليه فإن التعريفات التي احتوت عليها اتفاقية الهاي لعام 1954وبروتوكوليها اإلضافيين قد جاء شاملة
لكل ماهو ذو أهمية لتراث الشعوب بغض النظر عن كون ملكيتها عامة أو خاصة ،وأصبغت الحماية على كافة
المباني التي تكون مهمتها حفظ هذه الممتلكات وعرضها ،وكافة األبنية التذكارية التي تحتوي الممتلكات الثقافية
سواء كانت ثابته أو منقولة ،265ولعل أهم ما يميز البرتوكول اإلضافي لعام 1999أنه جاء في ديباجته ليؤكد أن
قواعد القانون الدولي العرفي تنظم كافة المسائل التي ال ينظمها أحكام هذا البروتوكول .266
267
لعام 1970الممتلكات الثقافية بأنها كما جاء االهتمام أكثر بهذه الممتلكات حين عرفّت اتفاقية اليونسكو
الممتلكات التي تُقرر كل دولة أهميتها وحددت المادة األولى بعض الفئات .268
وعليه ُيفهم مما سبق أن جميع الممتلكات الثقافية ،ال تعتبر ذات قيمة إال بعد إدراجها على قائمة الممتلكات
الثقافية التي تعدها الدول األطراف ،وهو ما تبناه البعض واعتبره الرأي األنسب وذلك لوجود الكثير من الممتلكات
الثقافية ذات أهمية لشعوب ما ،إال إنها ال تكون معروفه على المستوى العالمي ،فالرأي يوسع من نطاق الحماية
المق ررة للممتلك ات الثقافية ،269ذل ك أن مس ألة تحدي د م ا يعت بر ممتلك اً ثقافي اً ذا أهمي ة من عدم ه يخض ع لإلرداة
.212265الممتلكات Vالثابتة كاألهرامات في الجيزة جمهورية مصر ،أو البتراء في المملكة األردنية الهاشمية أو كمملكة سبا في اليمن ،أما الممتلكات VالثقافيVVة
المنقولة كالرسومات والتحف الفنية كلوحة الموناليزا .
. . 266ناريمان عبدالقادر .القانون الدولي اإلنساني واتفاقية الهاي لعام 1954وبروتوكوليها لحماية الممتلكات الثقافيVة في زمن الVنزاع المسVلح .مرجVع
سابق . .صــ .100
. 267منظمة اليونسكو Vهي منظمة تابعة لألمم المتحدة تم انشاؤها في عام ،1945و متخصصة في التربية والثقافVVة والعلVVوم .انظVVر علي خليVVل إسVVماعيل
الحديثي .حماية الممتلكات Vالثقافية في القانون الدولي .مرجع سابق .صــ . 126
. 268حيث نصت المادة األولى من اتفاقية اليونسكو " 1970ان الممتلكات الثقافية هي الممتلكات Vالتي تقرر كل دولة العتبارات دينية أو علمانية أهميتهVVا
لعلم اآلثVVار ".....انظVVر منظمVVة اليونسVVكو. VالمVVؤتمر العVVام لليونسVVكو في دورتVVه السادسVVة عشVVر ببVVاريس 12أكتVVوبر 14-نوفمVVبر . 1970الجVVزء األول
قرارات .اتفاقية اليونسكو بشأن التدابير الواجب اتخاذها لحظر و منع استيراد و تصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة.صــ. 124
. 269سالمة الرهايفة .حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق .صـــ. 58-56
72
المنف ردة لل دول ال تي يق ع على أراض يها ه ذا الممتل ك وف ق مع ايير معين ه ،وبالت الي ف إن من مص لحة ال دول إدراج
جميع الممتلكات تقريباً بغض النظر عن أهميتها الفعلية؛ وذلك من أجل توفير الحماية القانونية لها.
باإلضافة إلى ما سبق فإنه ال يمكن إنكار األهمية التي أولتها قواعد القانون الدولي اإلنساني للممتلك ات الثقافية
الممتلك ات بالحماي ة من خالل الم ادة رقم 53من ال بروتوكول اإلض افي األول ،270واقتص رت الحماي ة فيه ا لفئ ات
ُ
ُمعينه من الممتلكات الثقافية كاآلثار التاريخية واألعمال الفنية وأماكن العبادة على عكس المادة األولى من اتفاقية
الهاي لعام ،1954والتي جاءت أكثر شموالً ،والمادة رقم 16من البروتوكول اإلضافي الثاني.271
الم متلكات الثقافية ،وذلك باألخذ بالمفهوم األوسع ،كما أن إدراج هذا التعريف في الوثائق الدولية كالتعريف ال وارد
ُ
في النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ،1998ما هو إال تأكيد على أهمية حماية الممتلكات الثقافية باعتبارها
272
. الجهة المسؤولة على مراقبة تطبيق نظام الحماية لهذه الممتلكات
وبعد استقراء التعريفات السابقة يمكن القول :إن التعريفات الواردة ضمن اتفاقيات القانون الدولي اإلنساني،
الممتلكات الثقافية جاءت متقاربة وتنبع من األهمية التي يتمتع بها الممتلك الثقافي إال أن األسس التي اعتمد
بشأن ُ
ومتشعبه جداً ،بشكل ُيعطي تفسيرات ُمتعددة ،وبالتالي ُيفتقد إلى الدقة والوضوح
عليها جاءت غامضة وموسعة ُ
مما يجعل إمكانية التعويل عليها في توفير الحماية ضئيل جداً إن لم نقل معدوم ،ولعل التجاوزات التي تتعرض لها
الممتلكات الثقافية خير دليل على ذلك ،وعليه كان البد من القيام بعملية دمج شامل لهذه التعريفات كافة في قالب
. 270تنص المادة المذكورة على أنه " تحظر األعمال التالية ،وذلك دون اإلخالل بأحكام اتفاقية الهVVاي المتعلقVVة بحمايVVة األعيVVان الثقافيVVة في حالVVة الVVنزاع
المسلح المعقودة Vبتاريخ 14آيار /مايو 1954وأحكام المواثيق الدولية األخرى الخاصة بالموضوع :
أ ) ارتكاب أي من األعمال العدائية الموجهة ضد اآلثار التاريخية أو األعمال الفنية أو أماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب،
ب) استخدام مثل هذه األعيان في دعم المجهود الحربي،
ج ) اتخاذ مثل هذه األعيان محالً لهجمات الردع" .
. 271تنص المادة المذكورة على أنه "يحظر ارتكاب أية أعمال عدائية موجهة ضد اآلثار التاريخية ,أو األعمال الفنية وأماكن العبادة الVVتي تشVVكل الVVتراث
الثقافي أو الروحي للشعوب ,واستخدامها في دعم المجهود الحVربي ,وذلVVك دون اإلخالل بأحكVVام اتفاقيVة الهVVاي بحمايVVة األعيVان الثقافيVة في حالVة الVVنزاع
المسلح والمعقودة Vفي 14آيار /مايو ".1954
.272سالمة الرهايفة .حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق .صــ 62
73
اتف اقي موح د ي ؤدي إلى تكام ل مفه وم الممتلك ات الثقافي ة من خالل الوص ول إلى مفه وم أوس ع وأدق ،وبالت الي
تلكم هي اهم التعريف ات المتعلقة باألعي ان المدني ة والثقافية ،وس يتم تالي اً بيان الحماية القانونية له ذه االعيان
74
الفصل الثاني
الفصل الثاني
الحماية القانونية المقررة لألعيان المدنية
والثقافية
تمهيد -:
تقرر قواعد الق انون الدولي اإلنساني الحماية القانونية لألعي ان المدنية والممتلك ات الثقافية ،وتنطبق هذه
المسلحة ،سواء كانت دولية أو غير دولية ،وحتى في حاالت االحتالل ،بقدر ما
الحماية أثناء قيام حاالت النزاعات ُ
المسلحة بكاف ة
وتنبع طبيعة الحماية القانونية لألعيان المدنية والثقافية التي من الممكن أن تطالها النزاعات ُ
أشكالها ،من خالل أهم القواعد المقررة لهذه الحماية ،والواردة وفقاً ألحكام القانون الدولي اإلنساني.
وعلي ه س وف ُيقس م ه ذا الفص ل إلى مبح ثين لدراس ة أحك ام الحماي ة القانوني ة المق ررة لألعي ان المدني ة.
وي ْعَنى المبحثـ االول بدراسة الحماية العامة المقررة لألعيان المدنية والثقافية ،والتي ُيقصد بها تلك الحماية التي
ُ
75
تشمل هذه األعيان المدنية عامة دون قصرها على فئة معينة ،وبحسب هذه الحماية فإن كل األعيان المدنية التي
273
تتمتع بهذه الحماية. تدخل في إطار مفهوم المادة 52من البروتوكول اإلضافي األول
ويع نى المبحث الث اني بدراس ة أحك ام الحماية الخاص ة ال تي وردت في الكث ير من النص وص القانونية منه ا
ُ
274
من ال بروتوكول اإلض افي األول لع ام ،1977وال تي ج اءت مح ددة ب ذكرها الم واد ()55،56 ،54،،53
. 273يجدر التذكير بأن المادة 52من البروتوكول اإلضافي األول تنص على أن األعيان المدنية هي " ...كافة األعيان التي ليست أهVVدافا عسVVكرية وفقVVا
لما حددته الفقرة الثانية من المادة .
-2تقصر الهجمات على األهداف العسكرية فحسب .وتنحصر األهداف العسكرية فيما يتعلق باألعيVVان على تلVVك الVVتي تسVVهم مسVVاهمة فعالVVة في العمVVل
العسكري سواء كان ذلك بطبيعتها ام بموقعها ام بغايتها ام باستخدامها ،والتي يحقق تدميرها التام او الجزئي او االستيالء عليهVVا أو تعطيله Vا Vفي الظVVروف
السائدة حينذاك ميزة عسكرية اكيدة"... .
. 274تنص كال ًمن المــادة 53بشأن حماية األعيان الثقافية وأماكن العبادة على أنه " :تحظر األعمال التالية ،وذلك دون اإلخالل بأحكVVام اتفاقيVVة الهVVاي
المتعلقة بحماية األعيان الثقافية في حالة النزاع المسلح المعقودة بتاريخ 14ايار /مايو ،1954وأحكام المواثيق الدولية األخرى الخاصة بالموضوع :
ا ) ارتكاب اي من االعمال العدائية الموجهة ضد اآلثار التاريخية او األعمال الفنية أو أماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب،
ب) استخدام مثل هذه األعيان في دعم المجهود الحربي،
ج ) اتخاذ مثل هذه األعيان محالً لهجمات الردع.
وتنص المــادة 54بشان حماية األعيان والمواد التي ال غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على أنه :
-1يحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب.
-2يحظر ُم هاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل األعيان والمواد التي ال غنى عنها لبقاء السكان المدنيين ومثالها المواد الغذائية والمنVVاطق الزراعيVVة الVVتي
تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها VوأشVغال الVري ،اذا تحVدد القصVد من ذلVك في منعهVا عن السVكان المVدنيين او الخصVم لقيمتهVا
الحيوية مهما كان الباعث سواء كان بقصد تجويع المدنيين أم لحملهم على النزوح أم ألي باعث آخر.
-3ال يُطبق الحظر الوارد في الفقرة الثانية على ما يستخدمه الخصم من األعيان والمواد التي تشملها تلك الفقرة :
ا ) زاداً ألفراد قواته ال ُمسلحة وحدهم،
ب) أو إن لم يكن زادا فدعما مباشرا لعمل عسكري ،شريطة إال تتخذ مع ذلك حيال هذه األعيان والمواد في أي حال من األحوال إجراءات قVVد يتوقVVع أن
تدع السكان المدنيين بما ال يغني عن مأكل ومشرب على نحو يسبب مجاعتهم أو يضطرهم الى النزوح،
-4ال تكون هذه األعيان والمواد محالً لهجمات الردع.
-5يُسمح ،مراعاة للمتطلبات الحيوية ألي طرف في النزاع من أجل الدفاع عن اقليمه الوطني ضد الغزو ،بأن يضرب طرف النزاع صفحا ًعن الحظر
الوارد في الفقرة الثانية في نطاق مثل ذلك األقليم الخاضع لسيطرته إذا أملت ذلك ضرورة عسكرية ُملحة.
أما المــادة 55بشأن حماية البيئة الطبيعية جاء فيها " -1تراعى أثناء القتال حماية البيئة الطبيعية من األضرار البالغVVة واسVVعة االنتشVVار وطويلVVة األمVVد،
وتتضمن هذه الحماية حظر استخدام أساليب أو وسائل القتال التي يُقصد بها ،أو يتوقع منها Vأن تسVVبب VمثVVل هVVذه األضVVرار بالبيئVVة الطبيعيVVة ومن ثم تضVVر
بصحة أو بقاء السكان -2 .تحظر هجمات الردع التي تشن ضد البيئة الطبيعية.
المــادة 56بشأن حماية األشغال الهندسية والمنشآت المحتوية على قوى خطرة ،جاء فيها " -1ال تكون االشغال الهندسية او المنشات الVVتي تحVVوي قVVوى
خطرة اال وهي السدود والجسور والمحطات النووية لتوليد الطاقة الكهربية محال للهجVوم ،حVتى ولVو كVانت أهVدافا ً عسVكرية ،إذا كVان من شVأن مثVل هVذا
الهجوم أن يتسبب في انطالق قوى خطرة ترتب خسائر فادحة بين السكان المدنيين ،كما ال يجوز تعريض األهداف العسVVكرية األخVVرى الواقعVVة عنVVد هVVذه
األشغال الهندسية ،أو المنشات أو على مقربة منها للهجوم إذا كان من شأن مثل هذا الهجوم أن يتسVVبب Vفي انطالق قVVوى خطVVرة من األشVVغال الهندسVVية أو
المنشآت ترتب خسائر فادحة بين السكان المدنيين.
-2تتوقف الحماية الخاصة ضد الهجوم المنصوص عليه بالفقرة األولى في الحاالت التالية :
ا ) فيما يتعلق بالسدود او الجسور ،إذا استخدمت في غير استخداماتها Vالعادية دعما ً للعمليات العسكرية على نحو ُمنتظم وهVVام و ُمباشVVر ،وكVVان مثVVل هVVذا
الهجوم هو السبيل الوحيد المستطاع النهاء Vذلك الدعم،
ب) فيما يتعلق بالمحطات النووية لتوليد الكهرباء ،إذا وفرت هذه المحطات الطاقة الكهربية لدعم العمليVVات العسVVكرية على نحVVو ُمنتظم VوهVVام و ُمباشVVر،
وكان مثل هذا الهجوم هو السبيل الوحيد المستطاع النهاء Vمثل هذا الدعم،
ج ) فيمVا يتعلVق باألهVداف العسVكرية األخVرى الواقعVة عنVد هVذه األعمVال الهندسVية أو المنشVآت أو على مقربVة منهVا ،إذا اسVتخدمت في دعم العمليVات
العسكرية على نحو ُمنتظم وهام ُومباشر ،وكان مثل هذا الهجوم هو السبيل الوحيد ال ُمستطاع إلنهاء Vمثل هذا الدعم.
- 3يظل السكان المدنيون واألفراد المدنيون ،في جميع األحوال ،متمتعين بكافة أنواع الحماية التي يكفلها لهم القانون الدولي ،بما في ذلك الحمايVVة الVVتي
توفرها التدابير الوقائية المنصوص عليهVا في المVادة ،57فVإذا تVوقفت الحمايVة أو تعVVرض أي من األشVغال الهندسVVية أو المنشVVآت أو األهVداف العسVVكرية
المذكورة في الفقرة األولى للهجوم تتخذ جميع االحتياطات العملية لتفادي انطالق القوى الخطرة.
- 4يحظر اتخاذ أي من األشغال الهندسية أو المنشآت أو األهداف العسكرية المذكورة في الفقرة األولى ،هدفا ً لهجمات الردع.
- 5تسعى أطراف النزاع الى تجنب إقامة أية أهداف عسكرية على مقربة من األشغال الهندسية أو ال ُمنشآت المذكورة في الفقرة األولى ،ويُسمح مع ذلك
بإقامة المنشآت التي يكون القصد الوحيد منها الدفاع عن األشغال الهندسية،أو المنشVVآت ال ُمتمتعVVة بالحمايVVة ضVVد الهجVVوم .يجب أال تكVVون هي بVVذاتها هVVدفا ً
76
للممتلكات الثقافية ،أو المنشآت الصحية واألعيان والمواد التي ال غنى لبقاء السكان والمنشآت المحتوية على قوى
منح لفئة خاصة من الممتلكات الثقافية التي تكون على جانب أكبر من األهمية
المسلحة ،وهذه الحماية تُ َ
النزاعات ُ
للهجوم بشرط عدم استخدامها في األعمال العدائية ما لم يكن ذلك قياما ً بالعمليات Vالدفاعية الالزمة للرد على الهجمات ضد األشVVغال الهندسVVية أو المنشVVآت
المحمية ،وكان تسليحها قاصراً على األسلحة القادرة فقط على صد أي عمل عدائي ضد األشغال الهندسية او المنشآت المحمية.
-6تعمل األطراف السامية ال ُمتعاقدة ،وأطراف النزاع على ابرام المزي ٍد من االتفاقات فيما بينها V،لتوفير حماية اضافية لألعيان التي تحوي قوى خطرة.
-7يجوز لألطراف ،بغية تيسير التعرف على األعيان المشمولة بحماية هذه المادة أن تسم األعيان هذه بعالمVVة خاصVة ،تتكVVون من مجموعVVة من ثالث
بدوائر برتقالية زاهية توضع على المحور ذاته حسبما هو محدد في المادة ( )16من الملحق رقم ( )1لهذا اللحق "البروتوكول" ،وال يعفي عدم وجود هذا
الوسم أي طرف في النزاع من التزاماته بمقتضى هذه المادة بأي حال من األحوال.
. 275تنص المادة 10بشأن الحماية المعززة على أنه "يجوز وضع الممتلكات الثقافية تحت الحماية المعززة شريطة أن تتوافر فيها الشروط الثالثة التالية:
أ ) أن تكون تراثا ً ثقافيا ً على أكبر جانب من األهمية بالنسبة إلى البشرية.
ب) أن تكون محمية بتدابير قانونية وإدارية مناسبة على الصعيد الوطني تعترف لها بقيمتها VالثقافيVVة والتاريخيVVة االسVVتثنائية وتكفVVل لهVVا أعلى مسVVتوى من
الحماية.
ج ) أن ال تستخدم ألغراض عسكرية أو كدرع لوقاية مواقع عسكرية ،أن يصدر الطرف الذي يتولى أمر مراقبتها إعالنا ً يؤكد على أنهVVا لن تُسVVتخدم على
هذا النحو".
المادة 11بشأن الحماية المعززة تنص على أنه -:
ينبغي لكل طرف أن يقدم إلى اللجنة قائمة بالممتلكات الثقافية التي يستلزم طلب منحها حماية معززة. -1
للطرف الذي له اختصاص أو حق مراقبة الممتلكات الثقافية أن يطلب إدراجها على القائمVة المزمVع إنشVاؤها وفقVا ً للفقVرة الفرعيVة ( 1ب) من -2
المادة .27ويتضمن هذا الطلب جميع المعلومات الضرورية ذات الصلة بالمعايير Vالواردة في المادة .10وللجنة أن تVVدعو أحVVد األطVVراف إلى
طلب إدراج ممتلكات Vثقافية على القائمة.
ألطراف أخرى ،وللجنة الدولية للدرع األزرق وغيرها من المنظمات غير الحكومية ذات الخبرة المتخصصة في هذا المجال ،أن تزكي للجنة -3
ممتلكات ثقافية معينة ،وفي حاالت كهذه ،للجنة أن تدعو أحد األطراف إلى طلب إدراج تلك الممتلكات الثقافية على القائمة.
ال يخل طلب إدراج ممتلكات ثقافية واقعVVة في أراض تVVدعي أكVVثر من دولVة سVVيادتها أو واليتهVا VعليهVVا ،وال إدراج تلVVك الممتلكVVات V،بحVVال من -4
األحوال ،بحقوق أطراف النزاع.
حال تلقي اللجنة طلب إدراج على القائمة ،تبلغ اللجنة جميع األطراف بذلك الطلب ،ولألطراف أن تقVVدم إلى اللجنVVة ،في غضVVون سVVتين يومVاً، -5
احتجاجات بشأن طلب كهذا ،وال تعد هذه االحتجاجVات إال باالسVتناد إلى المعVVايير الVواردة في المVادة ،10وتكVVون محVددة وذات صVلة بوقVائع
معينة .وتنظر اللجنة في االحتجاجات تاركة للطرف الطالب لإلدارج فرصVة معقولVة للVرد قبVل أن تتخVذ قVراراً بشVأنها V.وعنVدما تعVرض تلVك
االحتجاجVVات على اللجنVVة ،تتخVVذ قVVرارات اإلدراج على القائمVVة ،على الVVرغم من المVVادة ،26بأغلبيVVة أربعVVة أخمVVاس أعضVVائها الحاضVVرين
والمصوتين.
ينبغي للجنة ،عند البت في طلب ما ،أن تلتمس المشورة لدى المنظمات الحكومية وغير الحكومية ،وكذلك لدى خبراء أفراد. -6
ال يجوز أن يتخذ قرار بمنح الحماية المعززة أو بمنعها إال باالستناد إلى المعايير الواردة في المادة .10 -7
في حاالت استثنائية ،عندما تكون اللجنة قد خلصVVت إلى أن الطVVرف الطVVالب إلدراج ممتلكVVات VثقافيVVة على القائمVVة ال يسVVتطيع VالوفVVاء بمعVVايير -8
الفقرة الفرعية (ب) من المادة ،10يجوز للجنة أن تقرر منح حماية معززة شريطة أن يقدم الطرف الطVVالب طلبVا ً بالمسVVاعدة الدوليVVة بمVVوجبV
المادة .32
حال نشوب القتال ،ألحد أطراف النزاع أن يطلب ،باالستناد إلى حالة الطوارئ ،حماية معVVززة لممتلكVVات ثقافيVVة تخضVVع لواليتVVه أو مراقبتVVه، -9
بإبالغ هذا الطلب إلى اللجنة ،وترسل اللجنة هذا الطلب على الفور إلى جميع أطراف النزاع .وفي تلك الحاالت ،تنظر اللجنة بصVVفة مسVVتعجلة
فيما تقدمه األطراف المعنية من احتجاجات ،ويتخذ قرار منح حماية معززة مؤقتة بأسرع ما يمكن ،وكذلك -على الرغم من المادة -26بأغلبية
أربعة أخماس من األعضاء الحاضرين والمصوتين .ويجوز أن تمنح اللجنة حماية معززة مؤقتة ريثما تظهر نتائج اإلجVVراءات النظاميVVة لمنح
الحماية المعززة ،شريطة الوفاء بأحكام الفقرتين الفرعيتين ( أ ) و( ج ) من المادة .10
تمنح اللجنة الحماية المعززة للممتلكات الثقافية حال إدراجها على القائمة. -10
يرسل المدير العام دون إبطاء إلى األمين العام لألمم المتحدة وإلى جميع األطراف ،إشعاراً بأي قرار تتخذه اللجنة بإدراج ممتلكات ثقافية على -11
القائمة.
77
المبحث االول
المسلحة.
الحمايةـ القانونيةـ العامة المقررة لألعيانـ المدنية زمن المنازعاتـ ُ
المتعم د لألعي ان المدني ة من مظ اهر االن زالق نح و الفوض ى والح رب الش املة ،ومن ه ذا
ُيعت بر الت دمير ُ
276
في القاعدة المسلحة ،وتتجلى هذه الحماية
المنطلق أفرد القانون الدولي اإلنساني قواعد لحمايتها أثناء النزاعات ُ
وعلي ه س يتم من خالل ه ذا المبحث توض يح مض مون الحماي ة العام ة لألعي ان المدني ة في زمن النزاع ات
المسلحة ،من خالل بيان المبادئ األساسية التي يتم االستناد إليها ،والنظر إليها على أنها ُمترابطة واعتبارها كالً
ُ
واحداً ،278ثم بيان أهم التدابير واالحتياطات التي يتوجب على أطراف النزاع مراعاتها ،وذلك في المطلب األول،
لبعض االنتهاكات لقواعد الحماية العامة ،في المطلب الثاني ،وذلك على النحو التالي -:
المسلحة:
المطلب األول :مضمون الحماية العامة لألعيانـ المدنية في زمن النزاعات ُ
. . 276يُقصد بمصطلح الحماية في القانون هو الوقاية أي وقاية الشVخص أو المVVال من المخVVاطر لضVمان سVالمته وأمنVه عن طريVق الوسVVائل القانونيVVة أو
المادية من تدابير وأنظمة وغيرها تهVدف الى الVدفاع عن حVق مVا أو وضVع معين .انظVر .جVيرار كورنVو. VترجمVة منصVور القاضVي معجم ال ُمصVطلحات
القانونية .المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر .الطبعة األولى . 1998.صــ 726و صــ. 227
. 277يحيــى بن ناصـر الخصيبـــي .حماية األعيان المدنية في ظل أحكام القانون الدولي اإلنسVVاني «الممتلكVVات VالثقافيVVة نموذجVVا» .مرجVVع سVVابق .تVVاريخ
الزيارة 14.مارس . 2014
الرابط http://www.omanlegal.net/vb/showthread.php?t=5514
. 278مكتب األمم المتحدة في جنيف .تطبيق Vالقانون اإلنساني الدولي على استخدام الذخائر العنقودية ورقة مقدمة من اليابVVان .الVVدورة الثانيVVة .البنVVد 6من
جدول األعمال التاريخ . 11-7ابريل . 2008.المرجع .CCW/GGE/2008-II/WP.2صـ .1
78
279
،على تح ريم ض رب بعض نص ت العدي د من االتفاقي ات كالئح ة اله اي 1907في الم ادتين 27 -25
األعيان المدنية أثناء قيام النزاع المسلح أيا ً كانت الوسيلةُ ،مشيرة في نصوصها إلى فئات معينة يجب حمايتها في
280
من االتفاقي ة الرابع ة الخاص ة بحماي ة و نص ت اتفاقي ات ج نيف 1949من خالل الم ادتين 147-146
المدنيين على ضرورة توفير الحماية العامة لألعيان المدنية ،من خالل فرض عقوبات جسيمة على كل من ينتهك
به ا ال بروتوكول اإلض افي األول لع ام ،1977من خالل الم ادة 52ال تي تنص ت ص راحة على ض رورة حماي ة
ورغم ع دم ورود نص ص ريح ي وفر الحماي ة العام ة لألعي ان المدني ة في ال بروتوكول اإلض افي الث اني لع ام
، 1977إال إنه يتعين كفالة الحماية العامة لهذه األعيان ،حتى في حالة غياب النص الصريح ،باعتبار أنه من غير
المنطقي أن يجم ع ال بروتوكول اإلض افي الث اني بين متناقض ين حماي ة الم دنيين من جه ة وقص ف األعي ان ال تي
المتغ يرة للح رب ،فقواع د الحماي ة ال تي وردت في الئح ة اله اي لع ام ،1907واتفاقي ات ج نيف ج اءت
الطبيع ة ُ
. 279تنص المادة 25على أنه " تحظر مهاجمة أو قصف المدن والقرى والمساكن والمباني غير المحمية أيا ً كانت الوسيلة المستعملة ".ونصVVت المVVادة 27
على أنه " في حاالت الحصار أو القصف يجب اتخاذ كافVة التVVدابير الالزمVة لتفVVادي الهجVVوم ,قVVدر المسVVتطاع ,على المبVVاني المخصصVة للعبVVادة والفنVVون
والعلوم واألعمال الخيرية واآلثار التاريخية والمستشفيات Vوالمواقع التي يتم فيها جمع المرضى والجرحى ,شريطة أال تستخدم في الظروف السائدة آنVVذاك
ألغراض عسكرية .ويجب على المحاصرين أن يضعوا على هذه المباني أو أماكن التجمع عالمات ظاهرة محددة يتم إشعار العدو بها مسبقا ً "
. 280نصت المادة 146على أنه " تتعهد Vاألطراف السامية المتعاقدة بأن تتخذ أي إجراء تشريعي يلزم لفرض عقوبات جزائية فعالة على األشخاص الVذين
يقترفون أو يأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة لهذه االتفاقيVة ".... ،وجVاءت المVادة 147لتنص على أنVه " المخالفVات الجسVيمة الVتي تشVير إليهVا
المادة السابقة هي التي تتضمن أحد األفعال التالية إذا اقترفت ضد أشVVخاص محمVVيين أو ممتلكVVات VمحميVVة باالتفاقيVVة ....اغتصVVاب الممتلكVVات على نحVVو ال
تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية".
. 281نصت المــادة 52في فحواها على أنه " .1ال تكون األعيان المدنية محالً للهجوم أو لهجمات الردع -3 ... .إذا ثار الشك حول ما إذا كانت عين مVا
تكرس عادةً ألغراض مدنية مثل مكان العبادة أو منزل أو أي مسكن آخر أو مدرسة ،إنما تستخدم في تقديم مساهمة فعالة للعمل العسVVكري ،فإنVVه يفVVترض
أنها ال تستخدم كذلك".
. 282رقية عواشرية .حماية المدنيين واألعيان المدنية في النزاعات ال ُمسلحة غير الدولية .مرجع سابق .صــ . 291
79
متواضعة ولم توضح صراحة وبشكل ُمباشر مضمون هذه الحماية ،بعكس ما جاء في المادة 52من البرتوكول
اإلض افي األول ال تي أوردت بش كل ص ريح ومباش ر الحماي ة من خالل حظ ر بعض الهجم ات ،ومنه ا الهجم ات
وقد اتجهت أحكام القانون الدولي اإلنساني نحو تقرير حماية عامة لألعيان المدنية والثقافية ،واستندت إلى
ع دة مب ادئ له ا قيمته ا القانوني ة من الناحي ة العرفي ة ،283ولمزي د من تحدي د ه ذه المع الم ولبي ان مض مون الحماي ة
العامة لألعيان المدنية ،سيتم التطرق بداية للمبادئ األساسية التي توفر الحماية لألعيان المدنية في الف رع األول ،ثم
بيان أهم التدابير االحتياطية في حالة توجيه الهجمات ضد األعيان المدنية والثقافية الفرع الثاني ،وذلك على النحو
التالي-:
الفرع االول :المبادئ األساسية التي توفر الحماية العامة لألعيانـ المدنية-:
المقررة لألعيان المدنية والثقافية ،من خالل التعرف على مضمون المبادئ
تتضح الحماية القانونية العامة ُ
األساس ية ال تي ت وفر الحماي ة لألعي ان المدني ة ،وتحكم أس اليب ووس ائل القت ال ،284وبالتحدي د كالً من ،أوالً -:مب دأ
التمييز بين األعيان المدنية واألهداف العسكرية ،ثاني اً - :مبدأ التناسبية بين الميزة العسكرية واألضرار الجانبية،
ثالثاً -:مبدأ حظر وتقييد استخدام أنواع معينة من األسلحة في الهجمات ضد األعيان المدنية ،وذلك وفق اً للتفصيل
التالي-:
أوالً -:مبــدأ التميــيزـ بين األعيــان المدنيــة واألهــداف العســكرية -:يعت بر مب دأ التمي يز ه و الحص انة العام ة لك ل
ُعنص ر م دني ال يش ترك في العملي ات القتالي ة بص ورة مباش رة ،285واس تناداً إلى ه ذا المب دأ على أط راف ال نزاع
. 283عمر سعد هللا .القانون الدولي اإلنساني الممتلكات Vالمحمية .ديوان المطبوعات الجامعية .الجزائر . 2008.صــ. 74
. 284في التفرقة بين أساليب ووسائل ،تُشير"األساليب" ،إلى طريقة استخدام األسلحة من قبل األطراف المتنازعة ،أو الطريقVة الVتي تشVن بهVا الهجمVات
ضد األهداف العسكرية ،وتُشير Vكلمة كلم ة "وس ائل" الحVرب بصVفة عامVة إلى األسVلحة المسVتخدمة بمVا فيهVا الطVائرات والسVفن الحربيVة والصVواريخ
والدبابات واألسلحة النارية واألسلحة البيضاء ،ومختلف المتفجرات من قنابل وألغام ومختلف أنواع الذخيرة كالرصاص والقذائف.انظVر التقريVر الصVادر
عن منظمة هيومن راتش وتش .التسوية باألرض .دمشق 14 .يوليو .ISBN:978-1-6231-31036. 2013هامش رقم 77صــ .33
. 285حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ428
80
التمييز بين األعيان ذات الطابع المدني واألهداف العسكرية ،286وبذل جهد ُمناسب لقصر الهجمات العسكرية ضد
وقد ظهر مبدأ التمييز كقاعدة عرفية ،وتم االعتراف به أول مرة من خالل مدونة تعليمات فرانسيس لي بر،287
،288
ال ذي اع ترف ض منياً بالمب دأ ،وك ذلك في م ؤتمر بروكس ل لس نة ،ثم في إعالن س ان بطرس بيرغ س نة 1868
،1874وأيض اً الئحة الهاي 1907الخاصة بالحرب البرية المادة 27والئحة الهاي التاسعة الخاصة بالحرب
البرية المادة 5التي نصت على احترام الممتلكات وحددت أماكن ال يجب استهدافها كدور العبادة والتعليم والثقافة
.289
فالم تتبع لسلوك الدول يجد أنها تميل إلى احترام هذا المبدأ ،باعتباره مبدًأ عرفي اً راسخاً يجب احترامه في
ُ
تصدق على البروتوكول األول ُملتزمة بالمبدأ أيض اً ،كونه ُيمثل قاعدة
كل األوقات الممكنة ،بل حتى الدول التي لم ّ
عرفي ة دولية ،290وق د اس تنكر الش راح تص رف بعض ال دول ال تي تمتل ك أس لحة من ش أنها التمي يز بين األه داف
المدنية والعسكرية ،ولكنها تمتنع عن استخدامها خالل النزاع المسلح وتتعمد تجاهل تطبيق مبدأ التمييز.291
286
..Frits Kalshoven and Liesbeth Zegveld. Constraints on the Waging of War: An IHL. Ibid .P.g 100
. 287حول مدونة ليبر انظر هامش 139من هذه الدراسة.
. 288وقد جاءت صياغته باللغة العربية كما يلي -:
"إن األهداف المشروعة التي يجب على العدو العمل على تحقيقها خالل الحرب هي اضعاف القوة العسكرية للعدو فقط ".
أما الصياغة فوردت باللغة اإلنجليزية كما يلي -:
"the only legitimate object which States should endeavour to accomplish during war is to weaken the military forces
”… of the enemy
انظر -:
- Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann. Ibid .Para. 2017. P.g . 635.
. 289رشيد حمد العنزي .األهداف العسكرية المشروعة في القانون الدولي .مرجع سابق .صــ. 40-39
.290كالواليات المتحدة األمريكية مثالً .انظر .رشيد حمد العنزي .األعيان المدنيVة المحميVة في القVانون الVدولي اإلنسVاني .في مVؤتمر :الVدورة اإلقليميVة
الثانية في مجال القانون الدولي اإلنساني .معهد الكويت Vللدراسات القضائية والقانونية المركز اإلقليمي لتدريب القضVVاة وأعضVVاء النيابVVة العامVVة في مجVVال
القانون الدولي اإلنساني ..الكويت 14 - 10مارس 2007م .صــ .168
291
. Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann.. Ibid .Para. 1871. P.g . 600.
81
وقد مر هذا المبدأ بمحاوالت جادة لتقنينه ،292وجاءت قواعد الهاي للحرب الجوية لسنة ،2931923كنقطة
البدء نحو توضيح ،ورسم قواعد قانونية تحكم استخدام الطائرات في الحروب باعتبارها من الوسائل التي يصعب
كما أكدت االجتهادات القضائية على ضرورة التمييز بين األعيان المدنية والثقافية وبين األهداف العسكرية،
فق د ج اءت فت وى محكم ة الع دل الدولي ة في ش أن قض ية األس لحة النووي ة ،1996-1992لتنص ص راحة على
ضرورة عدم استخدام األسلحة غير القادرة على التمييز ، 295في إشارة صريحه وواضحة إلى اعتبار هذا المبدأ أحد
أهم المب ادئ األساسية للق انون الدولي اإلنساني ال ذي ال يج وز إطالق اً خرق ه ،296اس تناداً إلى طبيعت ه العرفي ة ،كم ا
ض د األعي ان المدني ة والثقافي ة وأم اكن العب ادة ،كمحاول ة للتأكي د على أهمي ة التمي يز بين األعي ان المدني ة واأله داف
.292وقد قننتهVا و تضVمنتها Vعلى سVبيل المثVال كال من -:المVادة 48من الVبروتوكول اإلضVافي األول لعVام ،1977والVتي تنص صVراحة على ضVرورة
التمييز Vبين األعيان المدنية واألهداف العسكرية وذلك من أجل توجيهه العمليات العسكرية نحو األهداف العسكرية فقط دون المدنية ،و تامين حماية فاعلVVة
للسكان المدنيين واألعيان المدنية ،و المادة 39من دليل " سان ريمو والتي أكدت على أطراف النزاع وجوب التمييز Vفي جميع األوقات بين األعيVVان ذات
الطابع المدني التي هي في مأمن من الهجوم و األهداف العسكرية .والVVتي جVVاء فيهVVا " على أطVVراف الVVنزاع أن تمVVيز في كVVل وقت ...بين األعيVVان ذات
الطابع المدني أو التي هي في مأمن من الهجمات واألهداف العسكرية ".و لالطالع على دليل سVVان ريمVVو .انظVVر .شVVريف عتلم .محمVVد مVVاهر .موسVVوعة
اتفاقيVVات القVVانون الVVدولي اإلنسVVاني .موسVVوعة اتفاقيVVات القVVانون الVVدولي اإلنسVVاني .اللجنVVة الدوليVVة للصVVليب األحمVVر .القVVاهرة مصVVر .الطبعVVة السVVابعة .
.. 2007صــ. 623
. 293نصت المادة 1/ 24منها على انه " يعتبر Vالقصف الجوي مشروعا ً فقط إذا ما كان موجها ً إلى هدف عسكري ،وهVVو الهVVدف الVVذي يشVVكل تVVدميرة أو
إعطائه ميزة عسكرية واضحه للمهاجم ".
. 294رشيد حمد العنزي .األهداف العسكرية المشروعة في القانون الدولي .مرجع سابق .صـ.43
. 295موجز األحكام والفتاوي واالوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية 1996-1992المشار اليه بالمرجع ST/LEG/SER.F/1/Add..1الفقVVرة
( )87-74صـــ118
. 296فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها .مرجع سابق .الفقرة .78صــ .36
. 297بيان للقاضي البجاوي رئيس محكمة العدل الدولية .انظر فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو اسVVتخدامها مرجVVع
سابق .الفقرة 21صــ . 52
. 298الرأي المستقل للقاضي غيوم .انظر فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مش>>روعية التهدي>>د باألس>>لحة النووي>>ة أو اس>>تخدامها مرج>>ع س>>ابق .الفق>>رة 5
صــ .68
.299تجدر اإلشارة إلى أن "الهجمVات" تم تعريفهVا VونطاقهVا في المVادة 49من الVVبروتوكول اإلضVافي األول ،حيث تم تعريفهVVا على أنهVVا " أعمVVال العنVVف
الهجومية والدفاعية ضد الخصم" .
82
300
من البروتوكول اإلضافي األول ،1977لتؤكد هذا الحظر عندما العسكرية؛ حيث جاءت المادة 52والمادة 53
نصت صراحه في فحواها على أنه ال تكون األعيان المدنية ،ومنها الممتلكات الثقافية ودور العبادة محالً للهجوم
أو هجم ات ال ردع ،كم ا منعت الم ادة 51من ذات ال بروتوكول ،وحظ رت الهجم ات العش وائية؛ حيث نص ت
صراحة على عدم جواز توجيه هذه الهجمات ضد األعيان المدنية ،وأوردت تعريفاً لهذه الهجمات.301
وعلي ه يبقى ه ذا المب دأ فع االً ،وواجب التقيي د ب ه من قب ل أط راف ال نزاع ،وذل ك م ا لم تقتض الض رورة
وبالتالي دائما ما تُشكل مبرراً قانونياً للهجوم على األعيان المدنية والثقافية ،إال أنه ورغم ذلك فإن الضرورة
المتطلبات اإلنسانیة التي ُيحددها القانون ،وأن يكون قید المسألة تعزيزاً
العسكرية يجب أن تكون دائماً متوازنة مع ُ
له دف عس كري م ادي ملم وس ولیس له دف سیاس ي ،وبالت الي تبقى المس ألة مج رد مش اكل تص نیفیة تخض ع لتق دير
303
الحجة التي يتم استغاللها بصورة صارخه ،إال أنه البد من مراعاة
،ولكن حتى مع وجود هذه ُ أطراف النزاع
مبدأ أكثر أهمية هو مبدأ التناسبية والذي سيتم التطرق إليه تالياً:
.300جاء في نص المادة 52من البروتوكول اإلضافي األول لعام ،1077بشأن الحماية العامة لألعيان لمدنية على أنه" .1ال تكون األعيان المدنية محالً
للهجوم أو لهجمات الردع "...فيما حظرت المادة 53من ذات البروتوكول وذلك بشأن حمايVVة األعيVVان الثقافيVVة وأمVVاكن العبVVادة صVVراحة هجمVVات الVVردع
وجاءت لتنص على أنه " ...تحظر األعمال التالية ...ج ) اتخاذ مثل هذه األعيان محالً لهجمات الردع".
. 301وبحسب المادة 51من البرتوكول األول التفاقية جنيف الرابعه بشأن حماية المدنيين في وقت الحVVرب المؤرخVVه في 12اغسVVطس 1949في الفقVVرة
" ،4/ 51تحظر الهجمات العشوائية ،وتعتبر هجمات عشوائية :
تلك التي ال توجه الى هدف عسكري محدد. .1
او تلك التي تستخدم طريقة او وسيلة للقتال ال يمكن ان توجه الى هدف عسكري محدد. .2
او تلك التي تستخدم طريقة او وسيل .3
او تلك التي تستخدم طريق او وسيل للقتال ال يمكن حصر اثارها على النحو الذي يتطلبه هذا اللحق "البروتوكول" ،ومن ثم فVإن من شVأنها أن .4
تصيب ،في كل حالة كهذه ،االهداف العسكرية واألشخاص المدنيين أو األعيان المدنية دون تمييز.
- 51/5تعتبر Vاألنواع التالية من الهجمات ،من بين هجمات أخرى ،بمثابة هجمات عشوائية :
الهجوم قصفا ً بالقنابل ،أيا ً كVانت الطVرق والوسVائل ،الVذي يُعVVالج عVدداً من األهVداف العسVVكرية الواضVVحة التباعVد والتمVيز بعضVVها عن بعض .1
والواقعة في مدينة أو بلدة أو قرية أو منطقة أخرى تضم تركزاً من المدنيين أو األعيان المدنية ،على أنها هدف عسكري واحد،
والهجوم الذي يمكن أن يتوقع منه أن يسبب خسارة في أرواح المدنيين أو اصابة بهم أو اضراراً باألعيان المدنية ،أو أن يحدث خلطVVا ًمن هVVذه .2
الخسائر واألضرار ،يفرط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة و ُمباشرة.
. 302حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ. 429
. 303فرانسواز جي .ھامبسون .الضرورة العسكرية تقديم حنان عشراوي .جرائم الحرب .مرجع سابق .صــ325
83
ُيقص د بمب دأ التناس ب أن يك ون هن اك تناس ب عن د اس تخدام الق وة بين الخس ائر في األعي ان المدني ة والثقافي ة
وبين الم يزة العس كرية للهج وم ،وق د ظه ر ه ذا المب دأ رداً على نظري ة الح رب العادل ة في الديان ه المس يحية ،وال تي
أجازت استخدام كافة طرق القتل طالما كان سبب الحرب مشروعاً.304
ويعد هذا المبدأ من المبادئ العرفية الراسخه ،وقد قُنن في المادة 51من البرتوكول اإلضافي األول التفاقية
ٌ
جنيف الرابعة ،305ولم يستخدم البرتوكول ُمصطلح التناسبية بشكل ُمباشر بل مصطلح قريباً منه ويفيد معناه ،وهو
ضرورة عدم اإلفراط وجاء العبارة كالتالي ..." :اإلفراط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه ،"...و يحكم هذا المبدأ
306
. استعمال القوة بأي شكل من األشكال حتى في حاالت الدفاع الشرعي
ورغم أن المادة 51قيدت األعمال العسكرية التي تُخل بمبدأ التناسبية ،الذي ينص على ضرورة خلق توازن
َّ
انصب على بين التفوق العسكري وبين األضرار في الممتلكات المدنية والثقافية ،307إال أنها تعرضت للنقد الذي
والمص طلحات غ ير الدقيق ة ،وك ذلك ص عوبة تط بيق اختب ار الت وازن المطل وب بين
نح و خ اص على الص ياغة ُ
المختلفة ،باإلضافة إلى ما يتطلبه النص عند التطبيق العملي من حسن النية لدى األطراف المتنازعة
االعتبارات ُ
المالحظ للمادة 51يجد أنها قننت في الفقرة -5ب ،مبدأ التناسبية الذي ُيعد المعيار والمقياس لمعرفة
إن ُ
مشروعية هجوم ما أو عدم مشروعيته من الناحية القانونية ،بحيث حظرت بشكل صريح أي هجوم يتوقع منه أن
ُيسبب بصورة عارضة خسائر وأضرار باألعيان المدنية ،أو أن يكون مفرط اً في تجاوز ما ينتظر أن ُيسفر عنه
ومباشرة .
من ميزة عسكرية ملموسةُ ،
. 304وأول من دعا الى مبدأ التناسبية هو الفقيه الهولندي جروسيوس Vسنة 1625انظر .رشيد حمد العVVنزي .األهVVداف العسVVكرية المشVVروعة في القVVانون
الدولي .مرجع سابق .صــ55-54
. 305المادة -5/ 51ب ،كما وجد المبدأ أيضا في المادة 57من البروتوكول اإلضافي األول بشأن االحتياطات أثناء الهجVVوم ،وايضVVا ً في المVVادة 8الفقVVرة
/ 3ج من البروتوكول الثاني من اتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية األثر لعام . 1980
. 306رشيد حمد العنزي .األهداف العسكرية المشروعة في القانون الدولي .مرجع سابق .صــ57-56
307
. Final Report to the Prosecutor bv the Committee Established to Review the NATO Bombing Campaign Against
the Federal Republic of Yugoslavia. ICC-02/05-02/09-HNE-2 ICC-02/05-02/09-216-Anx 29-10-2009 11/32 CB
PT .para 28 .
.308اللجنة الدولية للصليب األحمر .القانون الدولي اإلنساني وتحديات النزاعات ال ُمسلحة المعاصرة .جنيف ،ديسمبر . 2003صــ . 11
84
المتوقع منه أن يؤدي إلى حدوث
وفي ظل مبدأ التناسب ،ال بد ألطراف النزاع التخلي عن أي هجوم من ُ
يكون الهجوم مشروعاً ،خاصة إذا ارتقى االعتداء إلى درجة كبيرة من الجسامة.310
س يترتب علي ه من أض رار لألعي ان ،بحيث ُيحظ ر أي هج وم ال يوج د في ه تناس ب يرب ط الغاي ة المرج وة بالوس يلة
المس تخدمه ،311ويعتم د على ع دة عوام ل ت ؤثر على التق ديرات المتعلق ة بتحدي د النت ائج المرج وة ،منها على سبيل
المثال موق ع العين (داخ ل أو في محيط اله دف العس كري) ،والتض اريس المحيط ة به ا لتجنب االنهي ارات األرض ية
والفيضانات ،ودقة األسلحة المستخدمة والمهارة التقنية للمقاتل (حال افتقار المقاتل القدرة على التسديد بفعالية نحو
312
الهدف المقصود) ،وغيرها من العوامل التي تلحق أضراراً باألعيان المدنية ،وبالتالي يخضع هذا المبدأ دائم اً
314
لتقدير القائد العسكري في الظروف المحيطة به ،313و يتصل اتصاالً مباشراً بالسالح المشروع.
ومراقبة ُمستقلة تقوم بها هيئات أو منظمات محايدة على تقدير القائد العسكري ،فإما أن
ويكون هناك تقويم ُ
فأطراف النزاع تُقدر وتنظر إلى األهداف نظرة تختلف عن المنظمات وتتوسع فيها . 315
وعلى اعتب ار أن مب دأ التناس بية ذو معي ار موض وعي ُيقي د عملي ة االس تهداف بالمق دار الالزم ،و يث ير مس ألة
الت وازن بين الض رورة العس كرية والض رر الم ترتب على عملي ة االس تهداف ،ف إن ه ذا المب دأ يتص ل بالوس يلة
. 309القاعدة رقم .14جون ماري هنكرتس . Vدراسة حول القانون الدولي اإلنساني العرفي .مرجع سابق .صـــ. 32
. 310عمر سعد هللا .القانون الدولي اإلنساني الممتلكات Vالمحمية .مرجع سابق .صــ . 61
. 311هورست فشر .مبدأ التناسب .تقديم حنان عشراوي .جرائم الحرب .مرجع سابق .صــ . 327
312
. Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann. Ibid .Para 2212. P.g .684.
. 313رشيد حمد العنزي .األعيان المدنية المحمية في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ 203
. 314عمر سعد هللا .القانون الدولي اإلنساني الممتلكات Vالمحمية .مرجع سابق .صــ . 60
. 315رشيد حمد العنزي .األعيان المدنية المحمية في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ .178
85
المتبع ،والعوامل المحيطة ،ويحظر أي هجوم تنتج عنه إصابات جانبية ُمفرطة ُمتوقعه ُمقارنة مع قيمة
واألسلوب ُ
الهدف العسكري.316
وفيم ا يخص النت ائج التراكمي ة لألض رار وأثره ا فق د أش ار التقري ر النه ائي للجن ة ال تي أنش ئت لمراجع ة
قصف الناتو لجمهورية يوغسالفيا االتحادية إلى الحكم الصادر من المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا ،في قضية
كوبريسكيتش ،317بشأن ذلك جاء فيه أنه قد يحدث أن تتسبب الهجمات على أهداف عسكرية في أضرار عرضية
على األعيان المدنية ،إال أن الهجمات المتكررة ،قد تنتج أثراً تراكمي اً ُيسبب ضرراً ُمفرط اً على األعيان المدنية،
خالف اً لمط الب اإلنس انية ،وعلي ه خلص التقري ر إلى ض رورة إج راء تق ييم ش امل لمجم ل األض رار مقاب ل أه داف
318
وذل ك الحملة العسكرية بحيث ال تفوق هذه الحملة أو تتجاوز الحد والمستوى المطلوب لتحقيق التفوق العسكري
ومم ا س بق يتض ح أن أي هج وم ال يج وز أن يس تخدم األس اليب ال تي ق د ينتج عنه ا أض رار ُمفرط ة ُمقارن ة
بميزة الهجوم العسكرية ،وفي حالة ما إذا جاء الهجوم غير متناسب مع درجه النتائج واألضرار المترتبة بشكل
عام وشامل أصبح الفعل غير مشروع ،ويرجع تقدير التناسب إلى أطراف النزاع وهم جهات غير محايدة بالدرجة
االولى ،وح تى ل و افترض نا وج ود مراقب ة من جه ات أخ رى إلى أن عملي ة التق دير مهم ة باعتباره ا خط وة
وقائية ،وبالتالي فإنه يتوجب البحث عن جهات يكون تقديرها أكثر دقة وموضوعية.
كخالص ة يمكن الق ول :ب أن كالً من مب دأ التمي يز ومب دأ التناس ب من أفض ل المع ايير لض بط العملي ات
ُ
الفعالة لألعيان المدنية والثقافية ،وأيض اً ُيمكن االعتماد عليهما في مقياس وتحديد النسبة
العسكرية وتحقيق الحماية ّ
المرتبطة
الشرعية والقانونية للهجمات التي تتعرض لها هذه األعيان ،كما أن النظر إليهما بوصفهما نسق المبادئ ُ
. 316خالد روشو .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ 144وصــ . 146
317
) ICTY. case number ) IT-95 -16- T 14 jan. 2000
318
Final Report to the Prosecutor v the Committee Established to Review the NATO Bombing Campaign Against
the Federal Republic of Yugoslavia. ICC-02/05-02/09-HNE-2 ICC-02/05-02/09-216-Anx 29-10-2009 19/32 CB PT-
para 51.
86
والمتص لة ببعض ها البعض ،إال أن بق اء غم وض وع دم تحدي د الجه ة ال تي تُ ّقيم عملي ة االل تزام به ذه المب ادئ أثن اء
ُ
ال نزاع وليس بعده ،هو األس اس في ع دم ال تزام أط راف ال نزاع ،ذل ك أن إعط اء الس لطة التقديري ة لهم في تكييفه ا
ثالثاًـ -:مبدأ حظر وتقييد استخدام أنواع معينة من األسلحة في الهجماتـ ضد األعيانـ المدنية والثقافية-:ـ
المقي دة ألس اليب القت ال ك التمييز والتناس ب ال تي يجب على أط راف ال نزاع
ب الرغم من المب ادئ األساس ية ُ
االلتزام بها عند القيام بأي هجوم ،إال أن ذلك ال يمكن تصور تطبيقه دونما التزام بتقييد وسائل القتال من خالل
فرض حظر وتقييد أسلحة ُمعينه ال تُميز بين األعيان المدنية واألهداف العسكرية ،والحرص على استخدام أسلحة
ورغم أن الق انون ال دولي اإلنس اني لم يحظ ر ص راحة القت ال في المن اطق الحض رية ،إال أن ه على أط راف
النزاع ضرورة معرفة أن حقهم في اختيار وسائل القتال ليست حقاً ُمطلقاً؛ فمن غير المسموح به استهداف األعي ان
والممتلكات الثقافية ،عن طريق استخدام القوة العسكرية بدون أي تمييز ،وعليه فإنه من الضروري التقيد
المدنية ُ
319
بقواعد استخدام السالح ،بحيث ال تكون هذه األسلحة عشوائية األثر ،أو تسبب آالم اً ال ُم برر لها ،وذلك استناداً
إلى قاع دة حظ ر اآلالم ال تي ال م برر له ا ،وهي قاع دة بمفهومه ا الواس ع تش مل كاف ة األض رار والت دمير والتل وث
ال ذي يلح ق باألعي ان المدني ة والثقافي ة وتوص ف ب أن ال م برر أي بمع نى غ ير ض رورية لتحقي ق اله دف العس كري
المش روع ،320ل ذلك الب د من تف ادي اللج وء إلى اس تخدام أس لحة ت ؤدي بالمس اس باألعي ان المدني ة والممتلك ات
الثقافية ،فمثل هذه الوسائل تتجاوز ما تقتضيه المصلحة العسكرية لمن يستعملها.
. 319البروتوكول اإلضافي األول المادة " 51/4تُحظر الهجمات العشوائية " .
. 320حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 443
87
وواضح على ضرورة حظر استخدام كافة
ٍ و يأتي هذا الحظر انعكاساً للقانون العرفي الذي نص بشكل صريحٍ
األسلحة العشوائية ،وال ينحصر الحظر في األسلحة العشوائية فقط بل يمتد إلى تلك األسلحة التي تلحق أضراراً
322
. فادحة ،321كتلك التي تُلحق بالبيئة الطبيعية أضراراً بالغة واسعة االنتشار وطويلة األمد
كم ا ج اء اعتم اداً على قواع د تمن ع اس تخدام وس ائل القت ال ذات الط ابع العش وائي وال تي ال تس تطيع التمي يز بين
323
إعالن سان بطرسبورغ لعام 1868الذي حظر األعيان المدنية واألهداف العسكرية ،ومن هذه القواعد وأولها
اس تخدام الطلق ات الناري ة المتفجـــرة كونه ا ت ؤثر بش كل كب ير على األعي ان المدني ة والممتلك ات الثقافية ،حيث حظ ر
استعمال بعض القذائف ،وتحديداً القذائف التي يقل وزنها عن 400غرام وتكون متفجرة ،أو مشحونة بمواد قابلة
لالنفج ار أو االش تعال ،وتك رر ه ذا الحظ ر في مش روع إعالن بروكس ل الم ادة /13ه وفي دلي ل اكس فورد لع ام
1980الم ادة /9ا ،ودلي ل اكس فورد للح رب البحري ة لع ام 1913الم ادة ،3242/ 16وغيره ا من اإلعالن ات
325
واالتفاقيات المنظمة لعملية الحظر.
88
ثم جاء النص التعاهدي بشأن هذا المبدأ ،في االتفاقية الصادرة لعام 1980بشأن حظر أو تقييد استعمال
أس لحة تقليدي ة ُمعين ة يمكن اعتباره ا ُمفرط ة الض رر أو عش وائية األث ر ،وبروتوكوالته ا اإلض افية الخمس ة ،326
انس جاماً م ع توج ه الم ادة 36من ال بروتوكول اإلض افي األول لع ام ،3271977ال تي أل زمت أط راف ال نزاع
كما أشارت هذه االتفاقي ة إلى أهم معي ارين يس تند إليهم ا الحظر ،وهما معيار القدرة على توجيه الس الح إلى
هدف عسكري ،ومعيار حصر آثاره ،ويرد هذان المعياران في البروتوكول اإلضافي األول ،المادة ،32951/4كما
تم التأكيد على هذا الحظر في النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية المادة -8/2ب 20والتي اعتبرت فيه أن
اللجوء إلى استخدام األسلحة العشوائية الطابع يقع ضمن تصنيف "جرائم حرب" .330
وهو بالتالي يفرض حظراً ألنواع من األسلحة منها األسلحة العشوائية التي ال يمكن لها التمييز ،والتي ورد
وص فها في الم ادة 4/ 51من ال بروتوكول اإلض افي األول في الفق رتين ب -ج ،331منه ا األس لحة النووي ة ال تي
تُعتبر من أسلحة الدمار الشامل ،332وذات أثر عشوائي يؤثر تأثيراً كبيرا ًعلى األعيان المدنية والثقافية فمثل هذه
. 326يمكن االطالع على االتفاقية وبروتوكوالتها Vالخمسة .شريف عتلم .محمد مVVاهر عبدالواحVVد .موسVVوعة اتفاقيVVات القVVانون الVVدولي اإلنسVVاني .مرجVVع
سابق.صــ.487
. 327جاء في المادة على أنه " -:يلتزم أي طرف سام متعاقد ،عند دراسة أو تطوير أو اقتناء سالح جديVVد أو أداة للحVVرب أو اتبVVاع أسVVلوب للحVVرب ,بVVأن
يتحقق مما إذا كان ذلك محظوراً في جميع األحوال أو في بعضها بمقتضى هذا الملحق " البروتوكول " أو أية قاعدة أخرى من قواعد القانون الدولي التي
يلتزم بها الطرف السامي المتعاقد".
. 328عامر الزمالي .مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ . 82
. 329والتي تنص على أنه "ب -:حظر األسلحة التي ال يمكن ان توجه إلى هVدف عسVكري محVدد ،ج :تحظVر األسVلحة الVتي ال يمكن حصVر آثارهVا على
النحو الذي يتطلبه البرتوكول ومن ثم فان من شأنها أن تصيب ...األهداف العسكرية واالشخاص المدنيين واألعيان المدنيVة دون تميVVيز " .جVون مVVاري
هنكرس ولويز دوزوالد –بيك .القانون الدولي اإلنساني العرفي .مرجع سابق .صــ 220
. 330نصت المادة على أن" ...استخدام أسلحة أو قذائف أو مواد أو أساليب حربية تسبب Vبطبيعتها أضراراً زائدة أو آالما ً ال لزوم لهVVا ,أو تكVVون عشVVوائية
بطبيعتها بالمخالفة للقانون الدولي للمنازعات ال ُم سلحة ,بشرط أن تكون هذه األسلحة والقذائف والمواد واألساليب الحربية موضع حظVVر شVVامل وأن تVVدرج
في مرفق لهذا النظام األساسي ,عن طريق تعديل يتفق واألحكام ذات الصلة الواردة في المادتين ".123 , 121
. 331تصف الفقرتان الفرعيتان من المادة 4 V/ 51على النحو التالي " -:ب -ال يمكن أن توجه إلى هدف عسكري محدد ،...أو ج ... -ال يمكن حصVVر
آثار على النحو الذي يتطلبه هذا البروتوكول V،ومن ثم فإن من شأنها أن تصيب في حالة كهVذه ،األهVداف العسVVكرية ،واألشVVخاص المVVدنيين أو الممتلكVVات
دون تمييز ".
. 332عمر سعد هللا .القانون الدولي اإلنساني الممتلكات Vالمحمية .مرجع سابق .صــ .68
89
واستناداً إلى ما أثارته األسلحة النووية من جدل واسع النطاق ،البد من اإلشارة إلى فتوى محكمة العدل
333
المس لّمة ال تي
الدولي ة ال تي أص درتها بن اء على طلب من األمم المتح دة في ع ام ، 1996فالوض ع يق وم على ُ
تقضي بشرعية امتالك األسلحة النووية ،فالقانون الدولي ال يحظر امتالكها ،334بينما ُيشكل استخدامها هذه األسلحة
انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي اإلنساني ، 335ومنها تلك القواعد المتلقة بحماية األعيان المدنية والثقافية .
وهذا ما أيدته اللجنة الدولية للصليب األحمر التي اعتبرت أي استخدام للسالح النووي عمالً غير شرعي،
ويع د انتهاك اً خط يراً للق انون ال دولي اإلنس اني ،رغم قض ائها بش رعية امتالكه ا وحيازته ا ،وذل ك بن اء على ضغوط
تعرضت لها من بعض الدول حيث أصرت هذه الدول على استثناء األسلحة النووية من نطاق تطبيق البرتوكول
اإلضافي األول.336
وعليه أعطى أغلبیة القضاة في فتواهم أمام محكمة العدل الدولیة في الهاي اإلمكانیة مفتوحة الحتمال تبرير
دولة ما استخدامها لألسلحة النووية عندما تتعرض للتهديد ،337حيث قرر بعض القضاة أنه قد يكون من الصعب
التوفي ق بين اس تخدام األس لحة النووية ،ومب ادئ الق انون ال دولي اإلنس اني ،إال أن ذل ك ال يع ني وج ود تعارض في
338
حالة الدفاع الشرعي.
وأك دت المحكم ة في رأيه ا االستش اري أيض اً أن التهدي د باألس لحة النووي ة أو اس تخدامها يجب أن يك ون
منسجماً مع ُمتطلبات القانون الدولي اإلنساني ،339ورغم أن المحكمة لم تحسم بشكل قاطع حظر استخدام األسلحة
. 333حيث كان أهم ما جاء فيها ،ان كالً من القانون الدولي العرفي والقانون الدولي التقليدي ال يجيزان التهديد باألسلحة النووية او استخدامها ،واجVابت
المحكمة على المسائل المعروضة لها بهذا الشأن؛ وذلك بالقول أنه " :ليس في القVVانون الVVدولي وال العVVرفي وال االتفVVاقي اي اذن محVVدد بالتهديVVد باألسVVلحة
النووية او استخدامها ".انظر :انظر فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية او استخدامها .مرجع سابق .صــ.44
. 334عامر الزمالي .مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ . 83
. 335محمد البزاز.حماية األعيان المدنية بأساليب ووسائل القتال .في مؤتمر :الدورة اإلقليمية الثانية في مجال القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ
. 144
. 336اسامة دمج .من له الحق باستخدام السالح النووي .مجلة اإلنساني .العدد . 2006 . 38القاهرة .صـــ .31
. 337فرانسواز جي .ھامبسون .الضرورة العسكرية .تقديم .حنان عشرواي جرائم الحرب .مرجع سابق صـــ . 325
. 338رأي القاضي شوبيل .انظر فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها .مرجع سابق .صــ 98وصــ .99
. 339حيث جاء الحكم الصادر باإلجماع انه "يجب ان يكون التهديVد باألسVلحة النوويVة او اسVتخدامها متماشVيا VمVع مقتضVيات VالقVVانون الVدولي المطبVق في
اوقات النزاع المسلح ،ال سيما مقتضيات مبادئ القانون اإلنساني الدولي وقواعده وكذلك مع االلتزامات المحددة بموجب معاهVVدات وغيرهVVا من التعهVVدات
التي تتعلق صراحة باألسلحة النووية " .انظر :فتوى محكمة العدل الدولية بشVVأن مشVVروعية التهديVVد باألسVVلحة النوويVVة او اسVVتخدامها .الفقVVرة / 105د .
مرجع سابق .صــ. 45
90
النووية ،حيث اعترفت بصعوبة استخدام هذا السالح دون انتهاك لقواعد القانون الدولي اإلنساني ،إال أنها لم تمنع
اس تخدامه ،اس تناداً إلى أن الق انون ال دولي لم يحظ ر ه ذا الن وع من األس لحة بش كل ص ريح ،فمج رد االس تخدام في
وعلي ه فإن ه وفي ظ روف خاص ة يع ود تق ديرها للدول ة له ا أن تلج أ إلى اس تخدام ه ذا الس الح ،حيث أش ارت
المحكمة إلى أن أي ضرر ناتج عن االستخدام يمكن تصنيفه على أنه ضرر جانبي ال يمكن تجنبه ،وعليه أخرجت
والمض رة بالبيئ ة ،لتحكمه ا مب ادئ كمب دأ التناس ب والض رورة العس كرية ،وبن اء على ه ذا ال رأي االستش اري
له ا ُ
للمحكم ة ،ف إن من الص عب ج داً حالي اً حظ ر اس تخدام ه ذا الس الح تحت مظل ة القواع د العرفي ة ،ب ل الب د من العم ل
خاصة وأن المحكمة أشارت في نهاية رأيها االستشاري إلى ضرورة العمل على متابعة وإ كمال المفاوضات
342
المنطل ق ق ام المجتم ع ال دولي
ل نزع الس الح الن ووي بكاف ة جوانب ه تحت رقاب ة دولي ة مش ددة وفعال ة ،ومن ه ذا ُ
واتجه نحو التحريم القاطع الستخدام مثل هذه األسلحة ،كما قامت األمم المتحدة بجهود عديدة لمنع هذه األسلحة
343
. وتقييدها حيث أنشات في عام 1956الوكالة الدولية للطاقة الذرية
كم ا وح ددت بعض االتفاقي ات قي وداً على ال دول ال تي تمتل ك مف اعالت نووي ة ،ومنه ا معاه دة من ع انتش ار
األسلحة النووية ،ومعاهدة تحريم وضع األسلحة النووية واألسلحة األخرى ذات التدمير الشامل على قاع البحار أو
. 340وجاء حكمها بهذا الشأن كالتالي " يجب أن يكون التهديد باألسلحة النووية واستخدامها متماشيا VمVVع ....مقتضVVيات VمبVVادئ القVVانون اإلنسVVاني الVVدولي
وقواعده ...إال إن المحكمة بالنظر إلى حالة القانون الدولي الراهنة والعناصر الوقائعية التي تحت تصرفها ليس في وسعها أن تخلص إلى نتيجVVة حاسVVمة
بشأن ما إذا كان التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها مشروعا أو غير مشروع في ظرف اقصى من ظVVروف الVVدفاع عن النفس يكVVون فيVVه بقVVاء الدولVVة
ذاته معرضا للخطر " .انظر :فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها .الفقرة . 2 V/ 105هــ .مرجع سVVابق .
صــ. 45
. 341أسامة دمج .من له الحق باستخدام السالح النووي .مرجع سابق .صـــ 35-32
. 342ختمت المحكمة رأيها في هذا الشأن باإلجماع. Vانظر :فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديVVد باألسVVلحة النوويVVة أو اسVVتخدامها .الفقVVرة
2 /105و .مرجع سابق .صــ. 46
. 343سهيل حسين الفتالوي .عماد محمد ربيع .القانون الدولي اإلنساني .صـــ . 112
91
أرض المحيطات في موسكو عام ،1963وأيض اً معاهدة حظر وضع األسلحة النووية ذات التدمير الجماعي في
ومما سبق يمكن القول بأن أسلحة الدمار الشامل أو ما يسمى باألسلحة النووية تُمثل تحدياً بالنسبة للدول
خاص ة التط ورات المتالحق ة ،وظه ور الحاج ة إلى البحث عن مص ادر طاق ة جدي دة ت ؤدي تلقائي اً إلى اللج وء إلى
التقنية النووية المدنية ،مما سيثير اشكالية أكبر حول مدى بقاء هذه التقنيات في اإلطار المدني ومنع تحولها إلى
اإلطار العسكري الذي قد ُيشكل خطراً على األعيان المدنية والثقافية .
والتفسيرات التي قد تص ب في مص لحة األط راف المتنازع ة ،دون النظ ر في اآلث ار المترتبة على األعيان المدني ة
والثقافية .
وكخ الصة يمكن القول :بأن استخدام األسلحة التي تكون بطبيعتها ال يمكن توجيهها بأي قدر من الدقة تجاه
ُ
أهداف عسكرية ُمحددة ،أو التي ال تضرب بشكل دقيق هو أمر يخرق مبدأ ضمان أطراف النزاع المسلح الحترام
خاصة مع وجود الكثير من المواثيق الدولية التي قيدت حرية استخدام األسلحة ،فلم تعد حق اً ُمطلق اً ألطراف
ال نزاع ،ب ل على األط راف التقي د من خالل اختي ار وس ائل قت ال مش روعه بحيث تك ون ق ادرة على التمي يز بين
األعي ان المدني ة واأله داف العس كرية ،وأيض اً ق ادرة على أح داث تناس ب وت وازن بين الم يزة العس كرية األكي دة
344
(ICRC). Weapons that may Cause Unnecessary Suffering or have Indiscriminate Effects. (Geneva: ICRC,
1973).para 25 .P.g 13 .
92
كم ا الب د من الترك يز على األولوي ات ال تي تس تدعي اهتم ام ف رق العم ل المعني ة إليج اد الحل ول من خالل
المنتش رة دولي اً كاألس لحة النووي ة ،وح تى األس لحة التقليدي ة وال تي تُش كل -رغم بس اطتها -
األط راف ،فاألس لحة ُ
فاعلية أكبر في اإلخالل بقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ،مالم تُعالج بطريقة تقيدها وتنظم عملية استخدامها،
فالمالح ظ أن ه ذه األس لحة ق د أثبتت فعالياته ا في ت أجيج النزاع ات خاص ة وأنه ا األك ثر اس تخداماً في الص راعات
ُ
المسلحة .
ُ
وبعد استعراض أهم المبادئ التي تحكم وسائل وأساليب القتال تبقى اإلشارة إلى أهم الهجمات المحظورة وفق اً
ألحكام القانون الدولي اإلنساني ،كتلك الهجمات التي على الرغم من أنها تستهدف هدفاً عسكرياً مشروعاً ،إال أن
لها تأثيراً غير ُم تناسب وتتدرج تحت تصنيف التدمير العمدي أو التعسفي ،وتلك ال تُميز بين األهداف العس كرية و
األعيان المدنية ،وتسمى بالهجمات العشوائية ،345وفيما يلي نورد تفصيالً لها:
الهجمــات المباشــرة ُ :يحظ ر وفق اً لقواع د الق انون ال دولي اإلنس اني اس تهداف األعي ان المدني ة والثقافي ة
وتدميرها بحد ذاتها بل البد أن تكون هدفاً عسكرياً مشروعاً ،وأن يتطلب هذا التدمير ضرورة عسكرية.346
ُمطلق ،الذي يأتي استناداً وانعكاساً للقانون العرفي ،فبحسب القواعد العرفية " تُحمى األعيان المدنية من الهجوم ما
لم تكن أهدافاً عسكرية وطوال الوقت الذي تكون فيه كذلك".347
. 345جیريمي بوين .التدمير التعسفي .تقديم حنان عشرواي .جرائم الحرب .مرجع سابق . 203.
. 346فكتوريا بريتين .تدمير الملكية التعسفي .تقديم حنان عشراوي .جرائم الحرب .مرجع سابق .صــ . 283
. 347القاعدة رقم .10جون ماري هنكرتس . Vدراسة حول القانون الدولي اإلنساني العرفي .مرجع سابق .صـــ. 31
93
وقد قُننت هذه القاعدة العرفية في المادتين 48و 52/2من البرتوكول اإلضافي األول لعام ،1977كما
ورد هذا الحظر أيضا في الصيغة المعدلة للبرتوكول المتعلق بحظر أو تقييد استعمال األلغام واألشراك الخداعية
348
. والنبائط األخرى (األسلحة التقليدية ) المادة 3/7
وتُقرن هذه القاعدة بالقاعدة األساسية ال تي تنص على أنه ال يجوز الهجوم سوى على األهداف العسكرية
ويرق الهجوم الذي يعمد توجيهه إلى العين المدنية ذات الطابع المدني البحت إلى جريمة حرب ،وذلك بحسب
َ فقط،
الجدير بالذكر أن القانون الدولي اإلنساني ال ينص فقط من خالل قواعده الواردة على حظر الهجمات على
األعيان المدنية ،بل ينص أيض اً على ضرورة االلتزام بحمايتها ،350بالتالي فإن كان من واجب حمايتها فمن باب
ولكن عن دما تخس ر العين المدنية طابعها الم دني تص بح حينه ا فقط ُعرض ة للهجوم بعد التيقن والتحق ق من
ضرورة التمييز بين األعيان المدنية واألهداف العسكرية ومبدأ حصانة األعيان المدنية .
. 348تنص هذه المادة على أنه يحظر في كافة الظروف توجيه األسلحة ضد األعيان المدنية سواء في الهجوم او الدفاع أو على سبيل الرد االنتقامي .
،.349الذي نص على أن "تعّمد توجيه هجمات ضد األعيان المدنيVة أي األعيVان الVتي ليسVVت أهVدافا عسVVكرية " يشVكل جريمVة حVرب .انظVر جVVون مVاري
هنكرس ولويز دوزوالد –بيك .القانون الدولي اإلنساني العرفي .المرجع السابق .صـــ 23وصـــ.31
.350الجمعية العامة .األمم المتحدة .مجلس حقVVوق اإلنسVVان .تقريVر لجنVة التحقVق الدوليVة المسVتقلة بشVأن الجمهوريVVة العربيVVة السVورية ..الVدورة الحاديVVة
والعشVVرون .البنVVد 4من جVVدول األعمVVال .حVVاالت حقVVوق اإلنسVVان الVVتي تتطلب اهتمVVام المجلس بهVVا .بتVVاريخ 16اغسVVطس . 2012صـــ 26المرجVVع
.A/HRC/21/50
. 351جون ماري هنكرس ولويز دوزوالد –بيك .القانون الدولي اإلنساني العرفي .المرجع السابق .صـــ 31وصـــ . 32
94
المتفرع عن مبدأ التمييز بين األعيان
الهجمات العشوائية:ـ يأخذ تحريم الهجمات العشوائية صفة المبدأ ُ
352
ويفس ر الهج وم العش وائي بأن ه هج وم اليتخ ذ في ه المه اجم الت دابير الالزم ة لتجنب
المدني ة واأله داف العس كرية ُ ،
ض رب األه داف غ ير العس كرية ،ويش مل اس تعمال وس ائل غ ير دقيق ة ،وغ ير ُمح ددة ،بحيث اليمكن توجي ه ه ذه
الوس ائل إلى ه دف معين ،وب ذلك تك ون آثاره ا في الغ الب غ ير ُمح ددة ،353وق د ُنظمت ه ذه الهجم ات من خالل
قواع د عرفية ،354كرس ت ُممارس تها ال دول ال تي أك دت على ض رورة "حظ ر الهجم ات العش وائية" ،355ف أي هج وم
وقد أكدت اجتهادات القضاء الدولي الطبيعة العرفية لحظر الهجمات العشوائية ،حيث أشارت محكمة العدل
المتعل ق بحظ ر التهدي د واس تخدام األس لحة النووي ة في 1996إلى حظ ر األس لحة
الدولي ة في رأيه ا االستش اري ُ
الع اجزة عن التمي يز بين األعي ان المدني ة واأله داف العس كرية ،حيث ُيش كل ذل ك مب دأ من مب ادئ الق انون ال دولي
الع رفي ال يج وز خرق ة ،وبالت الي ال ينبغي اللج وء إلى اس تخدام األس لحة العش وائية غ ير الق ادرة على التمي يز بين
األهداف العسكرية واألعيان المدنية ،وكذلك عدم استخدام األسلحة التي ال يمكن حصر آثارها داخل أقاليم الدول
المتنازعة .357
. 352عمر سعد هللا .القانون الدولي اإلنساني الممتلكات Vالمحمية .مرجع سابق .صــ . 58
..353انظر .روى غتمان .داود كتاب .الهجوم العشوائي .تقديم حنان عشراوي.جرائم الحرب .مرجع سابق .صــ .102
. 354لالطالع على هذه القاعدة العرفية .انظر .جون ماري هنكرتس .دراسة حول القانون الدولي اإلنساني العرفي .مرجع سابق .صــ .31
.355انظر المادة 11و 12من القانون الدولي اإلنساني العرفي .جون ماري هنكرتس .مرجع سابق .صــ 31وصــ . 32
.356الجمعية العامة .األمم المتحVVدة .مجلس حقVVوق اإلنسVVان تقريVVر لجنVVة التحقVVق الدوليVة المسVVتقلة بشVVأن الجمهوريVVة العربيVVة السVVورية ..الVVدورة الحاديVVة
والعشVVرون .البنVVد 4من جVVدول األعمVVال .حVVاالت حقVVوق اإلنسVVان الVVتي تتطلب اهتمVVام المجلس بهVVا .بتVVاريخ 16اغسVVطس . 2012صـــ 22المرجVVع
.A/HRC/21/50
" 357انظر موجز األحكام والفتاوي واألوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية 1996-1992المشار اليVه بVالمرجع ST/LEG/SER.F/1/Add..1
الفقرة ( )87-74والفقVرة ( )97-90صـــ .. 118،119وهVذا مVا أكدتVه أيضVا ً المحكمVة الجنائيVة الدوليVة ليوغسVالفيا سVابقا ً في الئحVة االتهVام في قضVية
"مارتيتش" في عام ،1996عندما دققت في شرعية اسVVتخدام القنابVVل العنقوديVVة واعتVVبرت اسVVتخدام أسVVاليب ووسVVائل قتVVال ال يمكن توجيههVا VضVVد هVVدف
عسكري محدد من ضمن الهجمات العشوائية المحظورة في القانون الدولي العرفي .جون ماري هنكرس ولويز دوزوالد –بيك .القانون الVVدولي اإلنسVVاني
العرفي .المرجع السابق .صـــ . 38
95
وورد حظ ر الهجم ات العش وائية ص راحة في الم ادة 51/4من ال بروتوكول اإلض افي األول لع ام 1977
ال ذي يعت بر النص التعاه دي األساس ي لحظ ر الهجم ات العش وائية ،359حيث اعتم د ال بروتوكول على التعري ف 358
التع دادي له ذه الهجم ات العش وائية ،360ووفق اً لل بروتوكول اإلض افي األول بش أن تنظيم النزاع ات الدولي ة -51/5أ
ُيحظ ر القي ام بهجم ات عش وائية وغ ير ُمتناس بة في المن اطق عالي ة الكثاف ة أو ب القرب منها ،362وق د أش ارت 361
الواليات المتحدة األمريكية أثناء المؤتمر الدبلوماسي العتماد البروتوكول اإلضافي األول إلى أن عبارة " الواضحة
التباعد" الواردة في نص المادة السابقة الذكر ،تتطلب مسافة واسعة بما فيه الكفاية ،أو ما يسمح بمهاجمة األهداف
وبالت الي تعت بر الم ادة 51هي األس اس الواض ح للعدي د من التعريف ات ال واردة بش أن الهجم ات العش وائية في
اتفاقي ات الق انون ال دولي اإلنس اني ،وذل ك الحتوائه ا على تعري ف للهجم ات العش وائية وإ يراده ا لبعض األمثل ة على
. 358جاء فيها " ...تعتبر Vهجمات عشوائية :ا -تلك التي...ال توجه الى هدف عسكري محدد "،يمكن ايراد بعض انماط من الهجوم العشوائي ،كالتالي-:
الهجوم الذي ال يستهدف أهدافا عسكرية ،ويعرف "بالتدمير التعسفي " خاصة اذا اتسم بكونه على نطاق واسع . .1
-الهجوم الذي ال تُستخدم فيه األسلحة التي ال يمكن توجيهها إلى أهداف بدقة ،أو تلك التحكم بنتائجها. V .2
-الهجوم الذي يعامل منطقة سكانية مدنية ذات كثافة عالية كهدف عسكري . .3
الهجوم الذي يتوقع منه إيقاع أضرار باألهداف المدنية تتجاوز الميزة العسكرية المتوقعة والمحددة والمباشرة . .4
-انظر .روى غتمان .داود كتاب .الهجوم العشوائي .تقديم حنان عشراوي.جرائم الحرب .مرجع سابق .صــ 102
. 359لويز دوسوالد – بيك .القانون الدولي اإلنسVVاني وفتVVوى المحكمVVة الدوليVVة بشVVأن مشVVروعية التهديVVد باألسVVلحة النوويVVة أو اسVVتخدامها .مرجVVع سVVابق.
الرابط .تاريخ الزيارة 28سبتمبر . 2014
http://www.icrc.org/ara/resources/documents/misc/5r2avl.htm
. 360خالد روشو .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 198
.361والتي جاء فيها " تعتبر األنواع التالية من الهجمات ،من بين هجمات أخرى ،بمثابVVة هجمVات عشVVوائية :أ -الهجVVوم قصVفا بالقنابVVل أيVا ً كVانت الطVرق
والوسائل الذي يعالج عدد من األهداف العسكرية الواضحة التباعد ،والتميز Vبعضها عن البعض اآلخر والواقعه في مدينة او بلدة او قرية او منطقة أخVVرى
تضم تركزا من المدنيين او األعيان المدنية ،على أنها هدف عسكري واحد ".
. 362عمر سعد هللا .القانون الدولي اإلنساني الممتلكات Vالمحمية .مرجع سابق .صــ .60
. 363جون ماري هنكرس ولويز دوزوالد –بيك .القانون الدولي اإلنساني العرفي .المرجع السابق .صــ . 40
.364البرتكول الثاني بصيغته المعدلVة 1996بشVأن حظVر وتقييVد اسVتعمال األلغVام واالشVراك والنبائVط VاألخVرى القيVود العامVة م 3/8يحظVر االسVتعمال
العشوائي لألسلحة التي تنطبق Vعليها هذه المادة ويعتبر استعماال عشوائيا أي نصVب لهVذه األسVلحة – أ – ال يقVع على هVدف عسVكري أو ال يكVون موجهVا
اليه .وعند الشك فيما إذا كان الشئ المخصص عادي ألغراض مدنية كمكان للعبادة أو كمنزل أو غيره من المساكن أو مدرسة يجري استخدامه للمساهمة
الفعالة لألعمال العسكرية يجب افتراض أنه يستخدم على ذلك النحو " .
. 365جاء ذلك في نص المادة 3ا 9/الخاصة بالقيود العامة على استعمال هذه األسلحة والتي جاء فيها " -:ال يجوز معاملة عدة أهداف عسكرية واضحه
االنفصال والتمايز وتوجد في مدينه أو بلدة او قرية او أي منطقة أخرى تركزا مماثال من المدنيين أو األعيان المدنية معاملة الهدف العسكري الواحد ".
96
المتتالي لهذا البروتوكول أبعد من أي اجتهاد نحو توضيح
هذه الهجمات ،إال أن ما يمكن مالحظته أن هذا االستناد ُ
وباإلض افة إلى الم واد س الفة ال ذكر ف إن النظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة الدولي ة اعت بر الهج وم العش وائي
المفرط جريمة حرب ،خاصة عندما يلحق التدمير أعياناً مدنية دون وجود ضرورة عسكرية تُبرر ذلك " وبطريقة
ُ
عابثة " في إشارة إلى العشوائية في القصف ، 366ولعل ذلك يعتبر أهم تعزيز وتعدم وتأكيد لهذه القواعد بشان حظر
وقد تبنت اللجنة الدولية للصليب األحمر هذا الحظر حين اعتبرت صراحة أن الهجمات العشوائية محظورة
367
بشكل ُمطلق ،كما أكدت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية السورية والمنبثقة عن مجلس حقوق
العشوائي تسبب بصورة عرضية إلى إلحاق الضرر باألعيان المدنية وهي بذلك من الهجمات المحظورة .368
الهجم ات العش وائية ال تي تس تهدف أهدافا ً عس كرية ومدني ة ،أو أعيان اً مدني ة ،دون تمي يز ،أي تل ك ال تي ال تس تهدف
هدفاً عسكرياً ُمحدداً أو تستخدم أس لحة ال يمكن توجيهها إلى هدف عسكري ُمح دد ،ومن ثم فإذا شن أحد أطراف
ال نزاع هجوما ً دون ُمحاول ة توجيهه ا بدق ة إلى ه دف عس كري ،أو بأس لوب ي ؤدي لإلض رار باألعي ان المدني ةُ ،يع د
هجوما ً عش وائياً ،و تش مل الهجم ات العش وائية المحظ ورة القص ف العش وائي ،والهجم ات المدفعي ة ،ال تي تس تهدف
عدة أهداف عسكرية ُمتفرقة في منطقة تحوي أعياناً مدنية على أنها أهداف عسكرية واحدة .369
97
وعلى الرغم من أن حظر الهجوم العشوائي لألعيان المدنية و الممتلكات الثقافية ،ورد ضمن مواد وأحكام
الق انون ال دولي اإلنس اني ،إال أن الم ادة 51من ال برتوكول اإلض افي األول ،ال تي و ورغم إيراده ا تعري ف له ذه
الهجم ات ،وتوض يحها بعض األمثل ة ،اتس مت ب الغموض عن دما أعطت س لطة تقديري ة واس عة دون رقاب ة ألط راف
النزاع لتحديد األهداف العسكرية التي يجوز مهاجمتها ،ولحقها قصور واضح في توضيح ُمصطلحات ذات أهمية
كم صطلح "أهداف عسكرية محددة"" .الواردة في المادة سالفة الذكر .
ُ
خالل تعريف األهداف العسكرية بشكل ادق ،أو بتعريف األعيان المدنية بشكل عام ،أو إعطائها عناصر ومعايير
ومراقبته ا في التقي د بمب ادئ ،الق انون ال دولي اإلنس اني ،خاص ة م ع التط ور الهائ ل لألس لحة
للتمكن من ُمخاطبته ا ُ
القتالي ة وال تي أص بحت ال تُم يز بين األعي ان المدني ة واأله داف العس كرية كاألس لحة النووي ة ال تي تتس ارع ال دول
المتالكها .
هذه األعيان.
ويقصد باألعم ال االنتقامية كاف ة األعم ال التي تق وم به ا دولة م ا ،أثر أعمال غير مشروعة قامت به ا
بمخالف ة للق انون ال دولي ،بقص د إجباره ا على اح ترام الق انون ،وتختل ف ه ذه األعم ال عن األعم ال
دول ة أخ رى ُ
371
التي تلجأ إليها الدولة كرد فعل تلقائي و جزائي ،طالما لم تتجاوز في ردها درجة القوة واألثر، االقتصاصية
. 370بحسب ما عرفه معهد القانون الدولي سنة 1934فإن األعمال االنتقامية هي اعمال قمعية استثنائية لقواعد القانون الVدولي ،متخVذة من طVرف دولVة
على أثر تعرضها ألعمال غير مشروعة من طرف دولة أخرى ،الهVدف منهVا فVرض احVترام القVانون عن طريVق الحVاق الضVرر أي أنهVا تVدابير قسVرية
استثنائية ،تتخذها الدولة جبراً ورداً على افعال غير مشروعه ارتكبتها في حقهVا دولVة أخVVرى ،بقصVVد فVرض احVترام القVVانون على هVذه الدولVة وذلVVك عن
طريق الحاق ضرر معين بها .انظر .عمر سعد هللا .القانون الدولي اإلنساني الممتلكات Vالمحمية .مرجع سابق .صــ . 64
. 371هو تعبير Vقانوني يقصد به وصف نوع معين من الرد ،وهو الظرف الوحيد الذي يسمح فيه القانون بأفعVVال للVVرد على اسVVتعمال طVVرق وأسVVلحة غVVير
قانونية .انظر كيث اندرسون .تقديم حنان عشراوي.جرائم الحرب .مرجع سابق .صــ 340وصــ . 341
98
ف إذا تجاوزته ا فإنه ا تخ رج عن نط اق (االقتص اص) إلى (االنتق ام والث أر) ،ورغم وج ود بعض الخل ط بين
المص طلحين،إال أن الحظ ر الع ام ج اء ليعمهم ا بمع نى أن كالً منهم ا محظ وران في جمي ع اتفاقي ات ج نيف
ُ
وال بروتوكولين اإلض افيين ،ولكن التمي يز ج اء باعتب ار أن بعض الفقه اء ي رى -وكاس تثناء -ض رورة التس امح
وليس السماح مع بعض األعمال االقتصاصية إذا كانت كرد فعل أو جزاء لفعل غير مشروع .372
ويكون القدر المسموح به عرفي اً في األعمال االقتصاصية في حالة توافر شروط معينه وردت على سبيل
الحصر وليس المثال ضمن حق االقتصاص العرفي كإخفاق كافة الوسائل المشروعة األخرى ،القيام به بعد إنذار
الطرف اآلخر ،وضمن ُمراعاة لمبدأ التناس ب بحيث ال تتجاوز القوة واألثر المسموح به ،وأيضا ضرورة توافر
الصفة المؤقته بمعنى وقف العمل االقتصاصي بمجرد توقف الخصم عن انتهاك القانون.373
وبالت الي يمكن الق ول أن األعم ال االقتصاص ية تُعت بر قانوني ة في درج ه معين ه ل دى البعض في ح ال
استخدامها كإجراء للرد أو الجزاء على أعمال غير قانونية ،إال أنه ورغم ذلك ال ُيسمح بتلك الهجمات التي تتصف
بالمباش رة أو العش وائية غ ير التمييزي ة على األعي ان المدني ة والثقافي ة ،وبالت الي ف الفرق الملح وظ أن األعم ال
ُ
االقتصاص ية تتم يز بالتلقائي ة ،ومؤقت ة وذات ط ابع ج زائي ك رد فع ل على فع ل غ ير ق انوني ،على عكس األعم ال
االنتقامي ة ال تي تتص ف بالتخطي ط والتنظيم وتج اوز الح د المس موح ب ه ،وق د تس تمر إلى م ا ال نهاي ة ،وعلي ه ج اء
الحظر لبترها حتى ال تخلق ذريعة لتوسيع دائرة االنتقام واالنتقام المضاد.
األعمال اإلقتصاصية بدالً عن مصطلح األعمال اإلنتقامية ،كما حصرت حظر توجية هذه االعمال ضد األشخاص
،376
ونصت تلك المواد دون األعي ان المدنية ،ومنها المادة ،374 46والمادة ، 375 47والمادة 13الفق رة الثالثة
. 372عمر سعد هللا .القانون الدولي اإلنساني الممتلكات Vالمحمية .مرجع سابق .صــ . 64
. 373فرتزكالشوفن .االقتصاص .تقديم حنان عشراوي .جرائم الحرب .مرجع سابق .صــ . 327
. 374االتفاقية االولى الخاصة بتحسين حال الجرحى والمرضى بالقوات ال ُمسلحة في الميدان.
. 375االتفاقية الثانية الخاصة بتحسين حال الجرحى والمرضى والغرقي من القوات ال ُمسلحة في البحار.
. 376االتفاقية الثالثة الخاصة بمعاملة اسرى الحروب.
99
صراحة على ضرورة حظر جميع أنواع تدابير اإلقتصاص ،اال أن جاءت المادة 33من اتفاقية جنيف الرابعة، 377
لتنص على حظر جميع تدابير االقتصاص من األشخاص المحميين وممتلكاتهم ،لكنها لم تحدد بشكل أكثر تفصيالً
الممتلكات بل جاء التعبير عاماً ولم تورد مصطلح أعيان الذي يعتبر أكثر شموالً وتوسعاً .
لهذه ُ
غير أن البرتوكول اإلضافي األول لعام 1977جاء في نص المادة 52حظر القيام بأي هجوم ضد األعيان
المدنية سواء كان الهجوم هجوم اً مباشراً او هجوم اً رادع اً ،ليكون أكثر شموليه في حظر األعمال اإلنتقامية ضد
وباإلش ارة إلى ال رأي االستش اري لمحكم ة الع دل الدولي ة س نة 1996بخص وص م دى مش روعية اس تخدام أو
التهديد باستخدام األسلحة النووية ،لم تعرب المحكمة في رأيها فيما يتعلق بقبول األعمال اإلنتقامية كمبدأ ،378إال
انها اعتبرت مسألة اللجوء إليها في أي حالة مثل حق الدفاع الشرعي خاضع لمبدأ التناسب .379
ورغم ذلك اال أنه وبالرجوع الى الواقع العملي فإنه من الصعوبة أن تتقيد األطراف بذلك الحظر استناداً الى
عدم قبول أي طرف تكبد عواقب وخيمة ناجمه عن استعمال اسلحة معينة مثالً والحصول على ميزة عس كرية دون
أض ف الى ذل ك ف إن الم ادة الثاني ة المش تركة في اتفاقي ات ج نيف االربع ة ،ت دعم و تف رد في الفق رة الثالث ة
الم عاملة بالمثل حيث تتناول الحالة التي يكون فيها أحد األطراف طرفاً في االتفاقيات دون الط رف
شكالً من أشكال ُ
اآلخر فتلزم االدول األطراف في االتفاقية بأن تطبق االتفاقيات في عالقاتها بالطرف األخير ،بشرط إذا قبل أحكام
380
،وعليه يمكن القول بأن هذا الشرط أي" في حالة قبول الطرف اآلخر" خلق نوع من التناقض االتفاقية وطبقها
الذي قلل من فعالية مبدأ حظر الهجمات االنتقامية ووسع من مجال القياس والتقدير لدى أطراف النزاع .
100
وكخالصة يمكن القول أن انتهاك أحد أطراف النزاع لقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ال يبرر انتهاك
الطرف اآلخر لها وحتى بافتراض أن الهجمات كانت ترمي للرد على هجمات الطرف اآلخر فهي ما زالت غير
تلكم هي أهم المع ايير ال تي تحكم أس اليب ووس ائل القت ال ال تي تتض منها الحماي ة العام ة لألعي ان المدني ة
والثقافي ة ،وس يتم تالي اً بي ان أهم الت دابير االحتياطي ة ال واجب اتخاذه ا لحماي ة األعي ان المدني ة والممتلك ات الثقافي ة،
381
لحماية األعيان المدنية والثقافية-: الفرع الثاني -:أهم التدابيرـ االحتياطية
تنطوي الحماية العامة لألعيان المدنية والممتلكات الثقافية على جملة من النصوص الُمنظمة للتدابير الوقائية
والعالجي ة وت تركز ه ذه الت دابير ح ول ن وعين من االلتزام ات ،ال تزام باتخ اذ ت دابير أثن اء الهج وم ،وال تزام باتخ اذ
382
. تدابير من آثار العمليات العدائية
التدابير االحتياطية التي من الواجب على أطراف النزاع اتخاذها ،وتُفرض هذه التدابير على أي نشاط قتالي سواء
كان هجومياً أو دفاعي اً ،383وذلك لجعلها في منأى عن االعتداءات وآثارها ،وبالتالي ضمان توفر الحماية الحقيقية
. 381يقصد" باالحتياطات" الواردة هي كافة التدابير الوقائية التي يتعين على المقاتل اتخاذها سواء كان قائد أو جندي لتفVVادي األضVVرار باألعيVVان المدنيVVة
والثقافية ،سواء قبل الهجوم أو أثناءه أو بعد االنتهاء من العمليات العسكرية .انظر :خالد روشو .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني
.مرجع سابق صــ . 201
. 382عمر سعد هللا .القانون الدولي اإلنساني الممتلكات Vالمحمية .مرجع سابق .صــ . 24
383
. Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann.. Ibid. Para 2188 .P.g. 679.
101
وتعكس ه ذه الت دابير إلى ح د كب ير الق انون ال دولي الع رفي ،384وق د ظه رت كنص تعاه دي ألول م رة في
المادة 3/2من الئحة الهاي لعام ،3851907وكذلك المادة ،386 26بالتالي فهي ليست نظام اً ُمستحدثاً ،387بل هي
وتجد هذه التدابير أساسها أيض اً في البرتوكول الثاني التفاقية الهاي 1954لحماية الممتلكات الثقافية ،التي
أكدت على ضرورة اتخاذ التدابير العسكرية واالحتياطات الالزمة عند الهجوم ،وكذلك في البروتوكول اإلضافي
الث اني لع ام 1977من خالل الم ادتين ،58- 57فالم ادة 57ت ولت اإلش ارة إلى الت دابير ال تي يجب أن يتخ ذها
المهاجم ،أما المادة 58فتولت اإلشارة إلى التدابير ضد آثار الهجوم بمعنى كافة االحتياطات التي يجب
الطرف ُ
المهم بيان أنه ال يجوز أن ُيفسر أي تدبير من هذه التدابير االحتياطية على أنه يجيز أو ُيضفي الشرعية
ومن ُ
على أي هجمات يقوم بها أطراف النزاع على األعيان المدنية والثقافية ،بل يجب أن ُيفسر على نحو ُيضيق من
السلطة التقديرية ألطراف النزاع بحيث يضمن حماية هذه األعيان ،388فالبعض يرى أن الكثير من أحكام المادة5
ُ 7مصاغة بعبارات ُمقتضبة األمر الذي قد ُيفسر على أن أي هجوم ال يتسبب بخسائر ُمفرطة للسكان المدنيين هو
أمر ُمباح ومشروع تماماً ،وعليه سعت الفقرة الخامسة من المادة 57إلى تحاشي هذا اللبس وأشارت صراحة على
عدم جواز تفسير أي من أحكام هذه المادة بأنه ُيجيز شن أي هجوم على األعيان المدنية ، 389إال أن ذلك ال يكفي
. 384اللجنة الدولية للصليب األحمر .القانون الدولي اإلنساني وتحديات النزاعات ال ُمسلحة المعاصرة .مرجع سابق .صــ .12
. 385والتي نصت على أنه " :إذا كانت هناك ضرورة لعمل فوري ألسباب عسكرية ضد أهداف بحريVVة أو عسVVكرية تقVVع ضVVمن بلVVدة أو مرفVVأ ،ولم تكن
هناك إمكانية إلعطاء ُم هله للعدو ،فعلى قائد القوة البحرية اتخاذ كافة التدابير الالزمة من أجل التقليل قدر المستطاع من الضرر الذي يلحق البلدة ".
. 386جاء فيها " :يتعين Vعلى قائد الوحدات المهاجمة قبل الشروع في القصف أن يبذل قصارى جهده لتحذير السلطات ,باستثناء Vحاالت الهجوم عنوة".
. 387جون ماري هنكرس ولويز دوزوالد –بيك .القانون الدولي اإلنساني العرفي .مرجع سابق .صـــ 46
388
. UN. International Tribunal for the Prosecution of Persons Responsible for Serious Violations of IHL.
Committed in the Territory of the Former Yugoslavia since 1991. 14 January 2000. Para 525. P.g 206.
. 389جاء في نص المادة على أنه "ال يجوز تفسير أي من أحكام هذه المادة بأنه يجيز شن اي هجوم ضد السكان المدنيين أو االشخاص المدنيين أو األعيان
المدنية " انظر فريتس كالسهوفن وليزابيث تسغفلد .ضوابط تحكم خوض الحرب .مرجع سابق . 5.1. .ز .صــ .130
102
وتشكل هذه االحتياطات أو التدابير التزاماً موجهاً إلى من ُيخطط لهجوم أو يتخذ قراراً بشأنه ،390ببذل رعاية
ُمتواص لة في إدارة العملي ات العس كرية لتف ادي إص ابة األعي ان المدني ة والممتلك ات الثقافي ة ،391ويجب االل تزام ب ه
392
وتُشدد هذه العناية في حالة حرفياً باعتباره معياراً مثالياً ينبغي ألطراف النزاع السعي لتحقيقه في جميع األحوال
حد د هذا االلتزام بحسب نوع وحجم العملية ،ففي العمليات العسكرية الكبرى يكون االلتزام موجهاً إلى القائد
وي َ
ُ
العام وهيئة أركانه ،أما في حالة العمليات العسكرية الصغرى فيكون االلتزام موجهاً إلى قائد الوحدة العسكرية ،394
وقد فُسرت هذه االحتياطات بأنها محصورة في كونها ُممكنة وعملية وفق كافة الظروف المحيطة بها ،وبحسب
إمكانية الحصول على كافة االس تخبارات والمعلومات بشأن األعيان المدنية والممتلكات الثقافية ،395وبالتالي يقع
-أن يب ذلوا م ا في ط اقتهم عملي اً للتحق ق والتثبت من أن األه داف المق رر ُمهاجمته ا ليس ت أعيان اً مدني ة وأنه ا غ ير
مشمولة بحماية خاصة ،396وذلك من خالل القيام بالتحقق العملي القائم على تصورات عمليه مثبته ،للتوصل إلى
من السعي للحصول على معلومات إضافية بشتى الوسائل ،398وإ ال فُسر الشك لمصلحة األعيان المدنية ،وبالتالي
400
. تتمتع بالحماية القانونية الالزمة ، 399ويعتبر هذا التدبير التطبيق العملي لمبدأ التمييز
. 390سواء من القادة العسكرين ،أو األشخاص اآلخرين المسؤولين عن التخطيط للهجمات أو اتخاذ القرار بشأنها أو تنفيذها ،فVالفقرة أ من المVVادة 2/ 57
أشارت إلى الجهة المخاطب بها هذا االلتزام من خالل عبارة " من خطط لهجوم أو يتخذ قرار بشأنه " .
. 391الفقرة األولى من المادة . 57
. 392نوال بسج .القانون الدولي اإلنساني وحماية المدنيين واألعيان المدنية زمن النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق .صــ . 168
. 393خالد روشو .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق صــ . 201
. 394فريتس كالسهوفن وليزابيث Vتسغفلد .ضوابط تحكم خوض الحرب .مرجع سابق 5.1 .ز .صــ 127
. 395انظر جون ماري هنكرس ولويز دوزوالد –بيك .القانون الدولي اإلنساني العرفي .مرجع سابق .صـــ . 49
. 396وفقا لنص المادة . 2/ 57
. 397جون ماري هنكرس ولويز دوزوالد – بيك .القانون الدولي اإلنساني العرفي .مرجع سابق .صـــ . 45
398
Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann.. Ibid. Para 2196 .P.g. 681.
. 399استناداً إلى نص المادة 52من البروتوكول اإلضافي األول لعام . 1977
400
Final Report to the Prosecutor bv the Committee Established to Review the NATO Bombing Campaign Against
the Federal Republic of Yugoslavia. ICC-02/05-02/09-HNE-2 . ICC-02/05-02/09-216-Anx 29-10-2009 11/32 CB
PT- para 29.
103
401
تخ ير وسائل وأساليب الهجوم من أجل تجنب أحداث اإلضرار
عند ّ المستطاعة
-أن يتخذوا جميع االحتياطات ُ
باألعي ان المدني ة ،بص فة عرض ية ،وض رورة حص ر األض رار في أض يق نط اق ،وهي بالت الي ليس ت التزام ات
ُمطلقة ،بل تتوقف على ما هو"مستطاع" مما يعطي سلطةً تقديريةً ألولئك الذين يخططون للهجوم أو يتخذون القرار
402
. بشأنه
-أن يمتنعوا عن اتخاذ قرار بشأن هجوم قد يتوقع منه خسائر أو إصابات أو أضرار ،مما يفرط في تجاوز ما
أن ال يتخطاه ُمهاجم أبداً؛ حيث يجب ُمراعاة مبدأ التمييز عند اتخاذ أي قرار بالهجوم ،403وبالتالي أقرت المادة
تقييم ومدى تحقق هذه الميزة من عدمها ،فالمسألة تبقى ُمستندة إلى السلطة التقديرية ألطراف النزاع وفق مايخدم
مصالحهم.
وكخالص ة يمكن الق ول :مم ا س بق أن القي ود المفروض ة في ب دايتها احت وت على ت دابير احتياطي ة مناس بة
ُ
لتقييد عملية السلطة التقديرية ألطراف النزاع نوعاً ما ،إال أن الفقرة " ثانياً " من المادة – 2 / 57أ ،اعتراها بعض
اللبس والغم وض ،فب الرجوع إلى العب ارة ال تي ت وجب على أط راف ال نزاع " :أن تتخ ذ جمي ع االحتياط ات
المس تطاعة ......من أج ل تجنب أح داث خس ائر في أرواح الم دنيين ...باألعي ان المدني ة ،ثم ربطه ا بعب ارة أك ثر
ُ
تعقي داً وغموض اً منه ا ،وهي عب ارة افتراض ية ب أن ُيح دث أط راف ال نزاع " ...بص فة عرض ية ،"....أض راراً
باألعي ان المدنية ،واختتامها بعبارة تدل على ع دم وج ود تسلسل في األفك ار ،وهي المطالبة بــ "...حص ر ذل ك في
. 401عرفت المادة األولى من البروتوكول الثالث بشأن حظر أو تقييد استعمال األسلحة المحرقVVة ،في فقرتهVVا الثالثVVة عبVVارة "االحتياطVVات المسVVتطاعة"
بأنها تلك االحتياطات القابلة لالتخاذ أو الممكنة عمليا ً مع جميع الظروف القائمة في حينها ،بما في ذلك االعتبارات اإلنسانية والعسكرية ،.وكذلك المادة /3
10من البروتوكول الثاني بصيغته المعدلة في 3مايو . 1996
. 402اللجنة الدولية للصليب األحمر .القانون الدولي اإلنساني وتحديات النزاعات ال ُمسلحة المعاصرة .مرجع سابق .صــ .12
. 403فريتس كالسهوفن وليزابيث Vتسغفلد .ضوابط تحكم خوض الحرب .مرجع سابق 5.1 .ز .صــ .128
104
أضيق نطاق " ،مما ُيعطي انطباعاً بأن إعمال ،وتفعيل هذه المادة صعب جداً ،إن لم يكن ُمستحيالً ،خاصة في ظل
عدم وجود تحديد للحاالت العرضية ،وبالتالي تستغل أطراف النزاع ذلك وتعتمد عليه وتحتج به في تبريراتها.
وك ان األولى حص ر العب ارة دون ذك ر اس تثناء لتك وين عب ارة إلزامي ة أق وى ،وبالت الي إبع اد أي لبس ُيح ّكم
عملي ه االس تغالل ،وإ ن ك ان الب د من وض ع اس تثناء كوج ود الح االت العرض ية ،يت وجب حينه ا عرض ها وتحدي دها
فاألصل هو حصانة األعيان المدنية ،واالستثناء هو وجود حالة استثناء ُمتمثلة بالحاالت العرضية .
الهج وم" لتجنب الخس ائر واألض رار ،فال ب د من اختي ار ذخ يرة ق ادرة على التص ويب بدق ه كب يرة ،وعلي ه ف إن ه ذه
الم راد مهاجمته هدفاً عسكرياً بالفعل ،أم ال ،مما ُيحتم عليهم خاصة القائمين بالهجوم ُمراعاة ذلك
إذا كان الهدف ُ
طيلة مراحل العمليات العسكرية ،سواء مرحلة التخطيط واتخاذ القرار أو حتى عند مرحلة التنفيذ.404
وبالنسبة للتدابير االحتياطية الواجب على أطراف النزاع تحسباً آلثار الهجمات ،فبالنظر إلى المادة 58من
ال برتوكول اإلض افي األول لع ام ،1977ف إن الم ادة ق د تن اولت االحتياط ات ال واجب اتخاذه ا من أط راف ال نزاع
تحسباً آلثار الهجمات سواء على أهداف عسكرية موجودة على أراضيها أو في أراض تقع تحت سيطرتها ،حيث
نصت المادة بوضوح على ضرورة عدم إقامة مواقع عسكرية بالقرب من األعيان المدنية و أبعاد األعيان المدنية
حيث قد تُسبب الهجمات الموجهة إلى األهداف العسكرية القريبة من األعيان المدنية إلى تدمير هذه األعيان
وهذه االلتزامات ال تقع على القيادة العسكرية فحسب ،وإ نما على اإلدارة المدنية والسياسية ،405فهذا االلتزام ينبغي
. 404فريتس كالسهوفن وليزابيث Vتسغفلد .ضوابط تحكم خوض الحرب 5.1 .ز .صــ . 127
. 405حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق صـــ. 295
105
تحقيق ه في وقت الس لم ،406باعتب ار أن ه ت دبير وق ائي بالدرج ه األولى ،407وأك دت الم ادة أيض اً على ض رورة اتخ اذ
كافة االحتياطات الالزمة لحماية ما تحت سيطرتها من سكان مدنيين وأعيان مدنية ،408من األخطار الناجمة عن
وقُرنت كل تلك التدابير بعبارة "قدر المستطاع " وقد فُسرت هذه العبارة " بأن االلتزام الواقع يقتصر على تلك
الممكنة عملياً ،والقائمة على االعتبارات اإلنسانية واالعتبارات العسكرية والظروف السائدة في حينها،
االحتياطات ُ
بناء على
وبالتالي يتعين على القادة العسكرين في عملياتهم العسكرية التوصل إلى قرارات بشأن تلك االحتياطات ً
المت وفرة ل ديهم من مص ادرهم ،والفص ل ق در اإلمك ان بين األعي ان المدني ة وبين األه داف
تق ييمهم للمعلوم ات ُ
العسكرية ،مراعاة لمبدأ التمييز بينها وعدم خلق تداخل يجعل من إمكانية الفصل ذات صعوبة كبرى.409
اتخاذه ا ض د آث ار الهج وم ،أن الم ادة لم ت أت بص يغة ُملزم ة ب ل س محت ألط راف ال نزاع وأعطتهم حري ة القي ام
وااللتزام بها من عدمه ،فكان األولى إيراد عبارات أكثر صرامة للتمكن من السيطرة على أفعال يقوم بها أطراف
النزاع أثناء النزاع المسلح ،وال يتأتى ذلك إال عن طريق عبارات إلزامية تحمل قوة تأثير وجدية في التعامل مع
ح االت وظ روف يتص ارع فيه ا الم دنيون م ع أط راف ال نزاع من أج ل البق اء ،وعلي ه ك ان الب د من وض ع عب ارات
يراعى فيه المدنيون وأعي انهم المدنية وممتلكاتهم الثقافية باعتبارهم الطرف األضعف في النزاع وليس األطراف
المتنازعة.
ُ
. 406اللجنة الدولية للصليب األحمر .القانون الدولي اإلنساني وتحديات النزاعات ال ُمسلحة المعاصرة .مرجع سابق .صــ . 13
407
Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann. Ibid .Para2244. P.g. 692
. 408وتعتبر Vبعض اإلجراءات تدابير يمكن اتخاذها لتفادي أثار الهجمات على مVا تحت سVVيطرة أي طVرف في الVVنزاع مثVVل بنVVاء المالجئ وحفVVر الخنVادق
ونشر المعلومات Vوتوجيه اإلنذارات والتحذيرات وإجالء السكان إلى مناطق أكثر أمنا وتنظيم Vالمرور وحراسة الممتلكات المدنية ،وتعبئة منظمات الدفاع
المدني وغيرها .
. 409جون ماري هنكرس ولويز دوزوالد –بيك .القانون الدولي اإلنساني العرفي .مرجع سابق .صـــ -63ومابعدها .
106
ورغم أن ال بروتوكول اإلض افي الث اني لع ام 1977لم يتطلب ص راحة اتخ اذ أي إج راءات احتياطي ة تتعل ق
410
المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية أدرج ذلك صراحة،
بآثار الهجمات ،إال أن البروتوكول الثاني التفاقية الهاي ُ
ولع ل ع دم إدراج ال بروتوكول اإلض افي الث اني لع ام 1977له ذه الت دابير يرج ع في األس اس إلى ك ون ه ذا
المروتوكول ُمكمل للبروتوكول األول ،وليس بديالً عنه وال معدالً له ،وبالتالي ال حاجة لتكرارها.
تلكم هي أهم الت دابير الوقائي ة والعالجي ة ،وال تي وت تركز ح ول ن وعين من االلتزام ات ،ال تزام باتخ اذ ت دابير
أثناء الهجوم ،والتزام باتخاذ ت دابير من آثار العملي ات العدائية ،وسيتم تالي اً اإلنتقال إلى بيان واقع الحماية العامة
لألعيان المدنية والثقافية في النزاع المسلح الواقع في الجمهورية العربية السورية حالياً ،وذلك على النحو التالي :
السورية -:
411
في نظ راً للتج اوزات واالنتهاك ات ال تي تتع رض له ا قواع د الحماي ة العام ة لألعي ان المدني ة والثقافي ة
الجمهوري ة العربي ة الس ورية ،حيث يتم قص ف المن اطق الس كنية والبل دات والق رى بقناب ل وأس لحة اليمكن توجيهه ا
بشكل دقيق وال يمكنها إصابة أهداف معينة أو محددة ،فهذه الهجمات تستهدف األعيان المدنية بشكل ُمباشر وعلى
نح و غ ير ُمنتظم ،فتس ببت عملي ات القص ف اليومي ة إلى تض رر قراب ة مليون ان ونص ف مب نى م ابين م نزل ومش فى
. 410نص المادة 8التي جاء فيها "يقوم أطVراف الVنزاع إلى أقصVى حVد مسVتطاع V،بمVا يلي -:ا -إبعVاد الممتلكVات الثقافيVة المنقولVة عن جVوار األهVداف
العسكرية أو توفير حماية كافية لها في موقعها ،ب -تجنب إقامة أهداف عسكرية على مقربة من ممتلكات Vثقافية " .
. 411األعيان المدنية كالمنازل والشقق السكنية ودور العبادة والمستشفيات VوالمVVدارس حيث أفVVادت وزارة التعليم السVVورية في ديسVVمبرعام ،2012بVVأن
2362مدرسة أي أكثر من %10من إجمالي مدارس سوريا البالغ تقريبا 22ألVVف مدرسVVة تضVVررت أو نُهبت ،وإن ممVVا ال يقVVل عن 3873مدرسVVة في
شتى أنحاء سوريا قد تعرضت ألضرار ،بينها 450مدرسة دُمرت بالكامل ،وتحتاج Vإلعادة بناء من جديد.انظر التقرير الصادر عن هيVVومن راتس وتش .
لم تعد امنه االعتداءات على الطالب والمدارس في سوريا . 2013.مرجع . ISBN: 978-1-62313-0190
107
412
بم خالفة للمبدأ العام الذي يقضي بتوجيه األعمال العسكرية ضد األهداف العسكرية فقط
ومسجد وكنيسة ،وذلك ُ
413
.
ونظراً لما تُشكله هذه األفعال ُمتمثلة بالهجوم على األعيان المحمية ،من جرائم حرب بالمفهوم القانوني ،414ال
يشملها التقادم ،415حيث تنص القواعد األساسية للقانون اإلنساني الدولي وكما سلف بينه على ضرورة التمييِّز في
وس يتم من خالل ه ذا الف رع التع رض إلى االنتهاك ات ال تي تعرض ت له ا قواع د الحماي ة العام ة لألعي ان
المدني ة إب ان ال نزاع في الجمهوري ة العربي ة الس ورية حالي اًخالل الف ترة من 2011إلى 2013من حيث انته اك
قاع دة حظ ر توجي ه الهجم ات ض د األعي ان المدني ة والثقافي ة ،وأيض اً االنتهاك ات ال تي تعرض ت له ا قاع دة حظ ر
استخدام بعض األسلحة في الهجمات ضد األعيان المدنية والثقافية ،وذلك على النحو اآلتي -:
قبل التطرق إلى واقع الحماية القانونية لألعيان المدنية والثقافية في األزمة السورية ،البد من بيان ُملخص
البداية لتسلسل األحداث التي مرت بها األزمة السورية ،والتي يمكن تلخيصها بحسب ما ذكرته التقارير الدولية
والمنبثق ة عن
الجمهوري ة العربي ة الس وريةُ ،
ومنه ا تقري ر اللجن ة الدولي ة المس تقلة بش أن التحقي ق في االنتهاك ات في ُ
الجمعي ة العام ة لألمم المتح دة تتمث ل ب دايتها في ف براير ،٢٠١١حيث أك دت اللجن ة أن البداي ة ك انت من ذ قي ام
. . 412الشبكة السورية لحقوق اإلنسان .بحث حول استهداف المستشفيات في سوريا بالوقائع واألرقام .صــ . 1
www.syrianhr.org
. 413المادة 52فقرة 2من البروتوكول اإلضافي األول .
. 414اتفاقيات جVنيف األولى والثانيVة والرابعVة مVادة 50و 51و 147تباعVا ً اعتVVبرت تVVدمير الممتلكVVات أو االسVVتيالء عليهVVا على نطVاق واسVع ال تVبرره
الضرورة العسكرية في عداد االنتهاكات الجسVيمة أي جVرائم حVرب وكVذلك النظVام األساسVي للمحكمVة الجنائيVة الدولية ال ُمعتمVدة في رومVا في 17يوليVو
1998المادة ، V، 8انظر كذلك .دراسة اللجنة الدولية للصليب األحمر حول القانون اإلنساني الدولي العرفي ،مرجع سابق .القاعدة 156؛ صــ -599
. 601
. 415حيث تعتبر الجرائم الواقعة على األعيان المدنية والثقافية جرائم جرب ال يشملها التقادم يمكن اإلطالع على المادة األولى من اتفاقية عدم تقادم جVVرائم
الحرب والجVرائم ال ُمرتكبVة ضVد اإلنسVانية الصVVادرة وفقVا ً للقVرار رقم ،2391الVدورة 23الجلسVة العامVVة ،1727في 26نوفمVVبر ،1968والVVتي قVامت
بإعدادها لجنة حقوق اإلنسان والمجلس اإلقتصادي واإلجتماعي ،واعتمدتها Vالجمعية العامة في عام ،1968وادخلت هذه اإلتفاقية حيز النفاذ عام 1970م
.انظر .كمال حماد .النزاع الدولي المسلح والقانون الدولي العام .مرجع سابق صــ. 119
.416دراسVVة اللجنVVة الدوليVVة للصVVليب األحمVVر حVVول القVVانون اإلنسVVاني الVVدولي العVVرفي ،مرجVVع سVVابق القاعVVدة ،7صــ 23إلى صــ 26؛ انظVVر أيض Vا ً
البروتوكول اإلضافي األول ،لعام 1977المادة . 52
108
المس لحة الس ورية أول عملي ة عس كرية
احتجاج ات ُمختلف ة في من اطق من س وريا ،وفي ٢٥أبري ل ،ش ّنت الق وات ُ
واسعة على تلك المناطق ،وعلى أثر ذلك حصلت حاالت انشقاق عديدة في صفوف قوات الجيش وقوات األمن ،ثم
المنش قين جيش أطلق وا علي ه اس م "الجيش الس وري الح ر" ال ذي ّادعى مس ؤوليته عن
نظّم ع دد غ ير مع روف من ُ
الم سلحة ،التي استهدفت قوات الجيش وقوات األمن السوري .417
الهجمات ُ
ثانياـ -:الوضـع القــانوني للــنزاع المســلح في سـوريا -:خلص ت اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر في يولي و 2012
إلى تكييف الوضع القانوني للنزاع في األراضي السورية على أنه نزاع مسلح غير دولي (داخلي) ،418تتواجه فيه
داخلي أم ر مهم للغاي ة لم ا ي وفره من نت ائج قانوني ة كتق ديم حماي ة من خالل ال بروتوكول اإلض افي الث اني ،وك ذلك
المسلحة الداخلية (غير الدولية ) ،إال أنه وبالعودة إلى القواعد المتعلقة بالحماية العامة لألعيان المدنية نجد التأكيد
ُ
المسلحة
على الطابع العرفي والصفة اآلمرة لها ،وبالتالي يجب على أطراف النزاع الحكومة السورية والجماعات ُ
األخرى ،احترامها حتى ولو كانوا غير أطراف في أي اتفاقية من اتفاقيات القانون الدولي اإلنساني ،فهم ُمجبرين
. 417الجمعية العامة .األمم المتحدة .مجلس حقوق اإلنسان تقرير لجنة التحقق الدولية المستقلة بشأن الجمهوريVVة العربيVVة السVVورية .الVVدورة االسVVتثنائية
السابع عشر. .تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهوريVVة العربيVVة السVVورية 23 .نوفمVVبر . 2011صـــ 10وصــ 11المرجVVع A/HRC/S-
17/2/Add.1
. 418تطبق المادة الثالثة المشتركة في اتفاقیات جنيف على اشتباكات أو نزاع مسلح الحكومة مع قVوات مسVVلحة منشVقة ،ويلVزم أن تكVVون القVVوات منظمVة
تحت قیادة مسؤولة وتمارس سیطرة على أرض ،و يلحق بالمادة الثالثة المشتركة البروتوكول اإلضافي الثاني لعام 1977الملحق باتفاقیات VجVVنیف لعVVام
1949وكي يطبق البروتوكول الثاني ال بد أن يكون أحد أطراف النزاع حكومVةُ ،عVرِّ فت بأنھا نظVام معVترف بVه عمومVا ولVه حVق فVرض السVلطة على
السكان وواجب توفVیر حاجVاتھم .إوين ألیسVون .وروبVرت كوغVود غولVدمان .المنVاطق الرماديVة في القVانون اإلنسVاني الVدولي .جVرائم الحVرب .مرجVع
سابق .صـــ.24
. 419سورية :اللجنة الدولية والهالل األحمر العربي السوري يواصVالن بVذل جهVود اإلغاثVة وسVط احتVدام القتVال . 2012-07-17 .تمت الزيVارة في 5
مارس 2014
http://www.icrc.org/ara/resources/documents/update/2012/syria-update-2012-07-17.htm
. 420ستیفن آر راتنر .النزاع المسلح الدولي مقابل النزاع المسلح الداخلي.تقديم حنان عشراوي.جرائم الحرب .مرجع سابق .صــ . 304
109
على تطبيقه ا لكونه ا قواع د عرفي ة وآم رة تحم ل في طياه ا مب ادئ أساس ية كمب دأ التمي يز بين األعي ان المدني ة
واأله داف العس كرية ،وأيض ا مب دأ التناس ب بين الم يزة العس كرية األكي دة واألض رار الجانبي ة المتوقع ة ،باعتباره ا
ثالث ـاـ -:أبــرز االنتهاكــات لقواعــد الحمايــة العامــة لألعيــان المدنيــة والثقافي ـةـ خالل األزمــة الســورية -:على أث ر
تسلسل األحداث في الجمهورية العربية السورية واستمرار النزاع المسلح ،حيث ساد عدم احترام ُمطلق من قبل
أطراف النزاع لقواعد القانون الدولي اإلنساني الخاصة بحماية األعي ان المدنية والثقافية حيث لحق بهذه األعيان
ياً بيان أهم القواعد التي تم تجاوزها-: الكثير من االنتهاكات والتجاوزات ،وسيتم تال
.1انتهاك قاعدة حظر توجيه الهجمات ضد األعيان المدنية والثقافيةـ -:أشارت منظمة هيومن راتس ووتش في
تقري ر له ا إلى أن الق وات الحكومي ة واالف راد الت ابعين له ا ،تعم دت إح راق وت دمير ع دد كب ير من األعي ان المدني ة
والثقافية.421
كما وجدت المنظمة أن التدمير لألعيان المدنية لم يكن ناجماً عن استهداف قانوني لألهداف العسكرية ،فلم
تكن أهدافاً عسكرية بالمعنى الدقيق ،وأن ما تقدمت به القوات الحكومية من منطق عسكري لتبرير هذا األساسي
للت دمير ،يفتق ر إلى المص داقية إذ إن نم ط الهجم ات ونطاقه ا وحجمه ا يجع ل زعمهم ب أن ال دمار ك ان ألغ راض
عسكرية ال أساس له ،وخلصت المنظمة إلى أن القوات الحكومية السورية قد انتهكت في مناسبات عدة واجباتها
القانوني ة في ض رورة التمي يز بين األعي ان المدني ة واأله داف العس كرية ،وض رورة التقيي د الكام ل بمب دأ التناس ب
422
. فالهجوم العمدي أو العشوائي أو عديم التمييز أو غير المتناسب على األعيان المدنية أمر محظور
وأشارت إلى أن هذا التدمير لألعيان المدنية من قبل القوات الحكومية أما بسبب استخدامها في الماضي
110
يتفق مع قواعد القانون الدولي اإلنساني الذي يحظر التدمير العقابي لألعيان المدنية ،ويفرض قيوداً صارمة على
ما ُيمثل االستخدام المستقبلي لألهداف العسكرية ،كما ال يجوز تدمير األعيان المدنية التي لم تعد تُستخدم كأهداف
إضافة إلى ذلك فالتحليل الذي أجرته الجمعية األمريكية ،يوثق األضرار الواسعة التي لحقت بالبنية التحتية
لمناطق في سوريا وتعرضها لحملة القصف الجوي العشوائي من جانب القوات الحكومية ،وتدمير عشرات المنازل
،كم ا يوثِّق التحلي ل األض رار الواس عة النط اق ال تي لحقت بمدين ة حلب القديم ة ،وهي موق ع ت راثي ع المي ل دى
اليونسكو ،من قبيل تدمير مئذنة جامع حلب الكبير وإ لحاق الضرر بسوق المدينة التاريخي .424
وبناء على كل تلك االنتهاكات أص در مجلس األمن بيان رئاسي لألطراف المتنازعة أشار فيه المجلس
إلى ض رورة أن يل تزم جمي ع أط راف ال نزاع بااللتزام ات المفروض ة بم وجب الق انون ال دولي اإلنس اني في جمي ع
الظ روف وذك ر المجلس على وج ه الخص وص ،التمي يز بين األعي ان المدني ة والثقافي ة ،وحظ ر الهجم ات العش وائية
واالمتن اع عن اس تهداف األعي ان المدني ة بطريق ة متعم دة ومباش رة ،425وبالت الي ُيع د ه ذا البي ان اعتراف اً بض رورة
إحال ة الوض ع إلى القض اء ال دولي للمس اءلة عن االنتهاك ات لقواع د الحماي ة الخاص ة باألعي ان المدني ة
والمس تمرة
والثقافي ة ،ويتحم ل مجلس األمن مس ؤولية تقاعس ه عن اتخ اذ أي اج راءات بش أن االنتهاك ات الخط يرة ُ
كم ا ط الب المجلس من خالل الق رار رقم 2014 / 2139ال ذي تم اإلجم اع علي ه أن تتوق ف جمي ع
األط راف االس تخدام العش وائي لألس لحة في المن اطق المأهول ة بالس كان ،مث ل القص ف الج وي بالقناب ل البرميلي ة،
وتجنــب إقامــة مواقــع عــسكرية في المنــاطق المأهولــة بالس كان ،والك ف عن ش ن الهجم ات الموجه ة ض د أه داف
.423التقرير الصادر عن منظمة هيومن راتش واتش .التسوية باألرض .دمشق 14 .يوليو . .ISBN:978-1-6231-31036. 2013صـــ36
. 424منظمة العفو الدولية .تقرير بعنوان " صور األقمار الصناعية لحلب تظهر الدمار والنزوح الجماعي بعد مرور عام" 7(.اغسطس ) 2013
تمت الزيارة في 4سبتمبر 2013الرابط -:
http://www.amnesty.org/ar/news/aleppo-satellite-images-show-devastation-mass-displacement-one-year-2013-08-07
425
. UN.. Security Council. Statement by the President of the Security Council. 2 October 2013 S/PRST/2013/15.p.g 2..
111
426
وقد تعرض هذا القرار إلى انتقادات عدة لعل أهمها عدم وجود آلية واضحة لتنفيذ وتطبيق القرار ،كما مدنية،
فس ر الهجوم العشوائي التي تعرضت فيه األعيان المدنية والثقافية بأنه تدمير عمدي و تعسفي خاصة وأنه
و ُي َ
المهاجم تدابير واالحتياطات الالزمة لتجنب ضرب أهداف غير عسكرية ،ويشمل
على نطاق واسع وال يتخذ فيه ُ
أنماط اً عدة منه ا الهجوم الذي يوقع أضراراً باألعي ان المدني ة والثقافية مفرطة تتجاوز الم يزة العسكرية المتوقعة
429
المه اجم على دراي ة ومعرف ة بأن ه س وف ُيس بب خس ارة
والمباش رة ،فمث ل ه ذا الهج وم ال ذي يك ون في ه ُ
والمح ددة ُ
ُ
ُمفرط ة وض رراً باألعي ان المدني ة والثقافي ة ُيعت بر خرق اً جس يماً ،430ح تى ل و ك انت الم يزة العس كرية المنش ودة هي
ذات أهمية كبيرة ،فهذه الفكرة تتعارض مع القواعد األساسية للبروتوكول اإلضافي األول وخاصة المادة ،51فال
يجوز تقديم أي تبرير للهجمات التي تسبب خسائر وأضراراً مدنية واسعة ،فمهما كانت هذه الخسائر واألضرار
وقد أشارت الشبكة السورية لحقوق اإلنسان أن مثل هذه الهجمات تُبين أنها على األغلب ال تخدم أي غرض
عس كري ض روري ب ل ته دف إلى إح داث أض رار مقص ودة في المب اني والبني ة التحتية ،432كم ا أك د خ براء
.426مجلس األمن .األمم المتحدة .القرار رقم 2139/2014الصادرة بتاريخ 22فبراير 2014المشار إليه بالمرجع رقم ( .)RES/2139 /2014صــ4
وصــ .5
. 427قراءة تحليلية في قرار مجلس األمن رقم .2139مركز الدراسات االستراتيجية .بتاريخ .1مارس . 2014.تاريخ الزيارة 6نوفمبر . 2014
http://www.asharqalarabi.org.uk.
. . 428الشبكة السورية لحقوق اإلنسان .حصيلة ضحايا القصف الجوي على حلب منذ بداية الحملة العسكرية .تاريخ نشر التقرير 10أبريل .2014صـ1
www.syrianhr.org
. 429روى غتمان .داود كتاب .الهجوم العشوائي .تقديم حنان عشراوي .جرائم الحرب .مرجع سابق .صــ 102
. 430هورست فشر .القصف السجادي أو قصف المناطق .تقديم حنان عشراوي .جرائم الحرب .مرجع سابق .صــ . 319
431
. Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann. Ibid .Para 1980 . P.g . 626
. 432الشبكة السورية لحقوق اإلنسان .البراميل المتفجرة تقصف شمال البالد وجنوبها .تاريخ نشر التقرير . 25فبراير . 2014
www.syrianhr.org.
112
عسكريون ،أن القوات الجوية السورية ال يتوفر لديها سوى الذخائر غير الموجهة الملقاة جواً والتي أسفرت عن
دمار موسع لحق باألعيان المدنية والثقافية ومرافق البنية األساسية .433
.2انتهــاك قاعــدة حظــر وتقييــد اســتخدام بعض األســلحة في الهجمــات ضــد األعيــان المدنيــة والثقافية :تم انته اك
قاعدة حظر وتقييد استخدام بعض األسلحة في الهجمات ضد األعيان المدنية والثقافية في الصراع الدائر في س وريا
حالي اً ،وذلك من خالل استخدام أسلحة محظورة دولي اً ،حيث قامت القوات الحكومية باستخدام القنابل العنقودية،
وهي أسلحة محظورة دولياً بموجب اتفاقية بشأن الذخائر العنقودية لعام ،2008لم توقع عليها سوريا.434
وبالت الي ف إن اللجن ة تُشير إلى أنه واس تناداً إلى أن هذه األسلحة عش وائية الطابع واألث ر ،فإن ه حتى لو لم يتم
التوقيع على االتفاقية المتعلقة بالذخائر العنقودية ،فإن االلتزام والمسؤولية عن هذه الهجمات يبقى قائم اً ،باعتبار
أنه إلتزام عرفي ،خاصة في حالة إطالق القذائف العنقودية على مناطق تضمن أعيان اً مدنية وثقافية ،وليس على
أه داف عس كرية ُمح ددة ،و نظ راً لم ا تُس ببه من أض رار عرض ية ُمفرط ة إذا م اقورنت بالفائ دة العس كرية المرجوة
،435وعلي ه ف إن اس تخدام القناب ل العنقودي ة م رات ع دة من قب ل الق وات الحكومي ة في قص ف من اطق مدني ة ُيعت بر
436
. انتهاكاً صريحاً لمبدأ التمييز والتناسب في القانون الدولي اإلنساني العرفي
وبالتالي فإن الذخائر العنقودية المستخدمه بكثرة تخرق القاعدة التي تحظر استخدام أسلوب حربي ال يمكن
توجيه ه نح و هVVدف عس كري مح دد ،وبالنس بة لل دول ال تي لم تنض م إلى اتفاقي ة الحظ ر ،ينبغي التأكي د على ان
. 433هيومن راتس وتش .موت من السماء. 2012 .المشار إليه بالمرجع ISBN: 978-1-62313-0046صــ . 3
434ا منظمة الهيومن راتس وتش .التقرير العالمي .يناير :2014سوريا . .تمت الزيارة 5مارس . 2014
http://www.hrw.org/ar/world-report/2014/country-chapters/121986
. 435الجمعية العامة .األمم المتحVVدة .مجلس حقVVوق اإلنسVVان تقريVVر لجنVVة التحقVVق الدوليVVة المسVVتقلة بشVVأن الجمهوريVVة العربيVVة السVVورية .الVدورة الحاديVVة
والعشVVرون .البنVVد 4من جVVدول األعمVVال .حVVاالت حقVVوق اإلنسVVان الVVتي تتطلب اهتمVVام المجلس بهVVا .بتVVاريخ 16أغسVVطس . 2012صـــ 22وصـــ
. 23المرجع .A/HRC/21/50
. 436الشبكة السورية لحقوق اإلنسان .القوات الحكومية تستخدم القنابل العنقودية ...مرات عديدة في قصVVفها منطقVVة يVVبرود تVVاريخ التقريVVر 10مVVارس
. 2014صــ2
www.syrianhr.org.
113
الضربات العشوائية وعدم التمييز في الذخائر العنقودية عند استخدامها على مناطق مأهوله بالسكان ،فيه مخالفة
وك ذلك الح ال بالنس بة الس تخدام ق ذائف اله اون والص واريخ والقناص ات على نح و ال ُيم يز بين األه داف
438
المتفجرة التي تفتقر
العسكرية واألعي ان المدنية ،فالفشل أو عدم الق درة على التمييز ،وأيض اً اس تخدام البراميل ُ
افتقاراً شديداً للدقة ،وبشكل عشوائي ُيشكل نوع اً من الهجمات غير المشروعة ،فاستخدام البراميل المتفجرة هي
في حقيقته ا ذات أث ر ت دميري كب ير واعتبرته ا الش بكة الس ورية لحق وق اإلنس ان من قب ل األس لحة ذات الط ابع
العشوائي حيث تحدث تدميراً واسعاً ُيحدث ضرراً ودماراً واسع النطاق ،439وعليه يتوجب على أطراف النزاع
تجنب استخدام األسلحة التي ال يمكن التحكم بنتائجها ،والتي ال يمكن توجيهها إلى أهداف بدقة استناداً إلى طابعها
العشوائي .
الخالصـــــــــة -:استناداً إلى المعطيات السابقة يمكن القول :أن جميع ما استخلصته "لجنة التحقيق الدولية
المستقلة في سوريا " ومنظمة الهي ومن راتس ووتش " "،ومنظم ة العف و الدولية " ،وك ذلك "الشبكة الس ورية لحقوق
اإلنس ان " من انتهاك ات لالتفاق ات والمعاه دات الدولي ة الخاص ة بحماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة ،من قب ل أط راف
ال نزاع ُيش ير إلى وص ول الحال ة إلى المس توى الق انوني ال ذي يمكن بموجب ه تأكي د وج ود مس ؤولية دولي ة عن
االنتهاكات الواقعة على األعيان المدنية والثقافية ،بالتالي يستتبع المالحقة القضائية.
حيث لم يتم مراعاة ضرورة التمييز بين األعيان المدنية واألهداف العسكرية ،كما لم يتم األخذ في االعتبار
مبدأ التناسب بين الميزة العسكرية األكيدة واألضرار الجانبية المتوقعة من عمليات الهجوم ،فاتساع دائرة الدمار
لألعي ان المدني ة والثقافي ة ُين بئ بوق وع ه امش خط أ وض رر أك بر ش كل انتهاك اً ص ارخاً للحظ ر المف روض على
. 437هيومن راتس وتش .موت من السماء. 2012 .المشار إليه بالمرجع ISBN: 978-1-62313-0046صــ .33
. 438الجمعية العامة .األمم المتحدة .مجلس حقVVوق اإلنسVVان تقريVVر لجنVVة التحقVVق الدوليVVة المسVVتقلة بشVVأن الجمهوريVVة العربيVVة السVVورية .الVVدورة الحاديVVة
والعشرون .البند 4من جدول األعمال .حاالت حقوق اإلنسان التي تتطلب اهتمام المجلس بها .بتاريخ 16أغسطس .. 2013المرجع A/hrc/24/46
. 439الشبكة السورية لحقوق اإلنسان .البراميل المتفجرة في سوريا ...قنابل عمياء للقتل والتدمير .صــ2وصــ3
www.syrianhr.org
114
الهجمات العشوائية ،حيث يرتب القانون التزامات مختلفة منها عدم استخدام القوة العشوائية والمفرطة ،وضرورة
اختي ار األس لحة واأله داف التي تُقل ل الض رر الواق ع على األعي ان المدني ة والثقافي ة ،وعلي ه فق د اتس م النزاع ال دائر
الدولي اإلنساني ،كم ا ينبغي العلم بأن انتهاك أـحد األطراف ال يعطي ُمسوغاً للطرف اآلخر أن يرتكب انتهاكات
مشابهة؛ فالهجمات اإلنتقامية محظورة أيضاً ،كما أن القانون الدولي اإلنساني ينطبق على أطراف النزاع بالطريقة
نفسها تماماً.
القانوني ة لألعي ان المدني ة والثقافي ة إطالق اً ،فه ذه االلتزام ات كاف ة ُمع ترف به ا كق انون ع رفي يطب ق عموم ا ً بغض
المس تمر له ا ،وبغض النظ ر أيض ا عن انض مام األط راف لتل ك االتفاقي ات والقواع د المتعلق ة
النظ ر عن االنته اك ُ
بحماية هذه األعيان ،ذلك أن االلتزام هنا ينبع من مسائل قانونية عرفية.
ورغم م ا تعتري ة من قص ور واض ح ،يرج ع في األس اس إلى قص ور قواع د الق انون ال دولي اإلنس اني ،وع دم
فعاليتها في ضبط النزاعات ،فمجموعة المبادئ والمعايير والمفاهيم والمقاييس المتفق عليها أو المنصوص عليها أو
لهذه القواعد يمكن القول بأنها تتطلب ضرورة تحديثها أو تفسيرها بما يتوافق مع التطورات التي تلح ق بالنزاعات،
بحيث يتم التركيز على إزالة أي غموض يعتريها ،والحد من منح السلطة التقديرية الممنوحة ألطراف النزاع ،كل
وبعد استعراض جملة النصوص التي أقرها القانون الدولي اإلنساني ،بشأن الحماية العامة لألعيان المدنية،
تبقى اإلشارة إلى الوضع بالنسبة للحماية الخاصة لهذه األعيان ،وذلك على النحو التالي -:
115
المبحث الثاني
إض افة إلى الحماي ة العام ة ال تي تتمت ع به ا األعي ان المدني ة ،هن اك حماي ة خاص ة لبعض الفئ ات من األعي ان
المسلحة الدولية وغير الدولية ،وذلك نظراً ألهميتها وضرورتها للمدنيين استناداً إلى طبيعتها
المدنية أثناء النزاعات ُ
ووظيفتها ،وما قد يؤدي إليه الهجوم عليها من أضرار وأخطار كبيره سواء مادية أو حتى معنوية ،وما قد ينتج
أيضاً عن تدميرها من مساس بالحماية المقررة للمدنيين ،باعتبارهم األساس الذي تستند إلية قواعد حماية األعيان
والممتلكات الثقافية.
المدنية ُ
وبالت الي ف إن ج وهر ه ذه الحماي ة يتعل ق بفئ ة ُمح ددة من األعي ان والممتلك ات ،وق د أدخلت اتفاقي ات ج نيف
وبخاصة البروتوكول اإلضافي األول التفاقيات جنيف 1949مفهوم الحماية الخاصة بشكل واضح وصريح إال أنه
غير دائم ،440حيث يبقى ُمتعلقاً بشرط عدم وجود ضرورة عسكرية .
وعلي ه فإن ه س يتم معالج ة ك ل بن د من بن ود ه ذه الحماي ة الخاص ة المق ررة لألعي ان المدني ة زمن النزاع ات
المسلحة من خالل هذا المبحث وهي ُمقسمة إلى أربعة أنواع من األعيان كالتالي ،المطلبـ األول :الحماية القانونية
ُ
الخاصة المقررة للممتلكات الثقافية ،المطلبـ الثانيـ :الحماية القانونية الخاصة المقررة لألعيان التي ال غنى عنها
لبق اء الس كان الم دنيين على قي د الحي اة ،المطلبـ الث ــالث :الحماي ة القانوني ة الخاص ة المق ررة لألش غال الهندس ية
والمنشآت المحتوية على قوى خطرة ،المطلب الرابع :الحماية القانونية الخاصة المقررة للبيئة الطبيعية.
. 440عمر سعد هللا .القانون الدولي اإلنساني الممتلكات Vالمحمية .مرجع سابق .صــ ،25صــ . 26
116
المطلب األول :حماية الممتلكات الثقافية -:
الممتلكات الثقافية أهمية كبرى بالنسبة للشعوب العالمية ،وتنامى هذا االهتمام بشكل كبير من خالل
تُشكل ُ
والحماية الواردة في االتفاقيات والمواثيق بشأن حماية الممتلكات الثقافية لم تكن وليدة اللحظة بل كان االهتمام
لعام 1988و عام ،4421907وسائل عدة لحماية الممتلكات والمؤسس ات الثقافية ،كما جاء ميثاق رويريخ لعام
ُ ،4431935ليع زز ه ذه الحماي ة ،حيث ُيع د وثيق ة دولي ة م ازالت س ارية إلى اآلن و ُمل زم لل دول األمريكي ة الموقع ة
عليه،444وق د نص على حماي ة اآلث ار التاريخي ة والمؤسس ات الثقافي ة والتربوي ة والفني ة والعلمي ة واعتباره ا أم اكن
445
. محايدة يجب حمايتها واحترامها
وقد وضعت العديد من التشريعات واألسس القانونية لضمان حماية الممتلكات الثقافية ،واحتوت على العديد
المتمثل ة في االتفاقيات
من القواعد التي تكفل الحماية الخاصة لألعيان الثقافي ة والدينية ،كما عملت آليات الحماية ُ
الثقافي ة على ثالث ة اتجاه ات رئيس ة االتج اه األول يتمث ل في االتفاقي ات والوث ائق ذات الط ابع الع ام أو اإلقليمي،
واالتجاه الثاني يتمثل في القرارات والتوصيات الصادرة عن اليونيسكو وغيرها من المنظمات ،أما االتجاه الثالث
واألخير يتمثل في العمل الدولي المشترك من مؤتمرات ووثائق دولية ومشاريع وغيرها.446
. 441تقرير بعنوان العدوان اإلسرائيلي المفتوح Vعلى قطاع غزة جرائم ضد اإلنسانية .مرجع سابق .صـــ. 16
. 442منها ما جاء في المادة 27من الالئحة الرابعة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907جاء فيها " في حاالت الحصVVار أو القصVVف يجب
اتخVاذ كافVة التVدابير الالزمVة لتفVادي الهجVوم ,قVدر المسVتطاع ,على المبVاني المخصصVة للعبVادة والفنVون والعلVوم واألعمVال الخيريVة واآلثVار التاريخيVة
والمستشفيات والمواقع التي يتم فيها جمع المرضى والجرحى ,شريطة أال تستخدم في الظروف السائدة آنذاك ألغراض عسكرية.
ويجب على المحاصرين أن يضعوا على هذه المباني أو أماكن التجمع عالمات ظاهرة محددة يتم إشعار العدو بها مسبقاً.
. 443مقترح Vمن نيكوالي رويرخ (رسام روسي ) ،وهو معاهدة خاصVة بحمايVVة المؤسسVات الفنيVة والعلميVVة واالثVVار التاريخيVة اعتمVVد في واشVنطن 16
ديسمبر ، 1933يضمن حماية الممتلكات Vالثقافية ضمن اطار عصبة االمم ،حيث يعتبر هذا الميثVVاق األمVVاكن الثقافيVVة أمVVاكن محايVVدة سVVواء كVVانت مملوكVVة
للدولة ام ال (المادة األولى من ميثاق رويرخ) ،وعليه اليجوز اإلعتداء عليها اطالقVVا اال في حالVVة اسVVتخدمت لالغVVراض العسVVكرية (المVVادة الخامسVVة من
ميثاق روريخ ) ،عندها يجوز تجريدها من الحصانة وضمن هذا الميثاق الزامية الدول بحماية هذه الممتلكVVات ، VوايضVVاحدد اليVVة لمسVVاءلة الVVدول في حالVة
قيامها باإلعتداء غير المشروع عليها و حث الدول على القيام بمالئمة قوانينها الوطنية مع هVذا الميثVاق(المVادة الثانيVة من ميثVاق رويVرخ) .لالطالع على
الميثاق كامل انظر .عمر سعدهللا .القانون الدولي اإلنساني وثائق وآراء .مرجع سابق .صــ. 285
. 444علي خليل الحديثي .حماية الممتلكات Vالثقافية في القانون الدولي مرجع سابق صــ .37
. 445المادة األولى من ميثاق Vرويرخ -واشنطن .
.446علي خليل الحديثي حماية الممتلكات Vالثقافية في القانون الدولي .مرجع سابق صــ . 23
117
وكان موقف القضاء الدولي الجنائي صريحاً وواضحاً بشأن مسألة حماية الممتلكات الثقافية فقد أصدرت
الدائرة االبتدائية للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا أحكاماً باإلدانة لمتهمين بجرائم تتعلق بتدمير الممتلكات ونهبها
447
،ولم ا ك انت ه ذه القواع د في األس اس ذات ط ابع ع رفي، المخصص ة للعب ادة أو التعليم
وت دمير المؤسس ات ُ
فالدول غير األطراف تلتزم باالتفاقيات والنصوص التي كفلت الحماية لهذه الممتلكات وأماكن العبادة حتى لو لم
ونظ راً لم ا تعرض ت ل ه الممتلك ات الثقافي ة من ت دمير بع د الح رب العالمي ة الثاني ة ،فق د ظه رت الحاج ة إلى
اتفاقية عالمية ،وعليه أبرمت اتفاقية الهاي لعام 1954في المؤتمر الذي نظمته منظمة اليونسكو بين 21أبريل
إلى 14مايو 1954لتكون أول اتفاق عالمي شامل وخاص بالممتلكات الثقافية في النزاعات الدولية وغير الدولية
449
وب ذلك يمكن الق ول أن ه ذه االتفاقي ات ش كلت مرحل ة مهم ة من مراح ل التنظيم ال دولي له ذه القواع د في ق الب
اتفاقي.
وعلي ه س يتم تس ليط الض وء من خالل ه ذا المطلب على أحك ام الحماي ة ال تي كفلته ا اتفاقیة حماي ة الملكیة
الثقافیة لس نة 1954وبروتوكوليه ا اإلض افيين في الف رع األول ،ثم س يتم بيان أحك ام الحماية ال واردة في اتفاقيات
جنيف لعام 1949و البروتوكولين اإلضافي ين لعام 1977في الفرع الثاني ،وذلك على النحو التالي -:
450
: الفرع األول :أحكام حماية الممتلكاتـ الثقافيـةـ الــواردة في اتفاقيــة الهــاي 1954وبروتوكوليهــا اإلضــافيين
تتب اين قواع د الحماي ة ال تي تتمت ع به ا الممتلك ات الثقافي ة في ف ترات ال نزاع المس لح تبعاً لن وع الحماي ة المق ررة
.447كمثال أدانت المحكمة المتهم " تيهومير بالسكيتش " Vبتاريخ 3مارس .2000شريف عتلم القانون الدولي اإلنساني .دليل األوساط األكاديمية .مرجVVع
سابق .صــ . 31
.448حول مبدأ مارتنز ومبدأ ليبر انظر هامش رقم 137وهامش رقم .55
.449الذي ينص على أن يظل المدنيون والمقاتلون في الحاالت الغير منصوص عليها في االتفاقيات تحت حماية وسلطة مبادئ قانون الشعوب المنبثقة عن
التقاليد والمبادئ اإلنسانية وما يمليه الضمير العام ،فهذا الشرط يبقى نافذا بصرف النظVر عن توقيVع الVدول لالتفاقيVات من عدمVه ذلVك أن القVانون الVدولي
اإلنساني يعتبر الدول الموقعة وغير الموقعة على االتفاقيات الدولية ذات الطابع اإلنساني ملزمة باحترام قواعد القانون الدولي العرفي التي تضمنتها منهVVا
القواعد الخاصة بحماية الممتلكات Vالثقافية وتتحمل تلك الدول مسؤولية عدم االلتزام بها رقيVة عواشVرية .حمايVة المVدنيين واألعيVان المدنيVة في النزاعVات
ال ُمسلحة غير الدولية .مرجع سابق .صــ . 283
. 450تتكVVون منظومVVة اتفاقيVVة الهVVاي لعVVام 1954من االتفاقيVVة ذاتهVVا والالئحVVة التنفيذيVVة المرفقVVة بهVVا ،وبروتوكVVول إضVVافي أول لالنقافيVVة ثم تم اعتمVVاد
البروتوكول اإلضافي الثاني لالتفاقية لعام 1999لالطالع على نص الميثاق كامل انظر :عمر سعد هللا .القانون الدولي (وثائق وآراء ) .مرجVVع سVVابق .
صــ 289وما بعدها .
118
للممتلكات الثقافية ،وتنقسم هذه الحماية بحسب ما جاءت به اتفاقية الهاي 1954وبروتوكولها الثاني ،إلى ثالثة
بشكل تلقائي ،452حيث تتعه د ال دول األط راف باالمتن اع عن اس تعمال الممتلك ات 451
من الممتلك ات المدني ة،
المخصصة لحمايتها أو األماكن المجاورة لها مباشرة ألغراض قد تعرضها للتدمير أو
الثقافية أو الوسائل ُ
التلف في حالة النزاع المسلح ،وامتناعها أيضاً عن أي عمل عدائي موجه ضد هذه الممتلكات ،453وكذلك
وتقوم الحماية الواردة في اتفاقية الهاي 1954على عدة أسس أهمها ضرورة توفير الوقاية واالحترام ،455
وبغض النظر عن مصدر هذه الممتلكات أو مالكها أو طبيعتها أو موقعها فاالعتبار األساسي هو قيمتها التاريخية،
إلنق اذ ال تراث اإلنس اني من ويالت الح روب ،حيث تمنح الحماي ة العام ة لجمي ع أن واع الممتلك ات الثقافي ة ،456مم ا
يفيد بأن اختالف األصل أو حتى المالك اليؤثر في مدى الحماية المقررة ،فالحماية تُطبق دون أي تمييز ،وهو ما
نصت عليه المبادئ الخاصة بحماية الممتلكات في اتفاقيتي الهاي 1899و 1907وحتى ميثاق روريخ .457
119
458
وتعني الوقاية اتخاذ كافة التدابير الوقائية التي تتخذها كل دولة داخل إقليمها لحماية الممتلكات الثقافية
459
من ذ الس لم لوقاي ة ه ذه الممتلك ات في حال ة ان دالع العملي ات العس كرية ،إال أنه ا وفي ه ذا وفي ك ل األوق ات
االلتزام اكتفت بالقول "اتخاذ التدابير التي تراها مناسبة " .460
وبالت الي ف إن اله دف المنص وص علي ه ه و مج رد اتخ اذ الت دابير المناس بة ،بغض النظ ر عن تحق ق النتيج ة
المطلوبة وهي المحافظة على هذه الممتلكات في حين أن العكس هو األولى فالسعي نحو تحقق النتيجة هو الهدف
من هذه التدابير أساساً ،باإلضافة إلى ذلك فإن االتفاقية لم تُحدد نوع هذه التدابير وتركتها مبهمة نوع اً ما ،و لم
تُقدم أي تفاصيل بشأن هذه التدابير التي يتعين على الدول اتخاذها.461
الكائن ة س واء في أراض يها أو أراض ي األط راف المتعاق دة األخ رى ،وذل ك من خالل اتخ اذ كاف ة اإلج راءات
من هذه االلتزامات إال في حالة الضرورة العسكرية القهرية ،463وعليه فهذه التدابير المنصوص عليها وكما هو
مالحظ بأنها تدابير موجهة للدول ولجميع أفرادها من الجهات والموظفين المدنيين ،أما ما جاءت ب ه الم ادة 7من
464
فك انت موجه ة بطريق ة واض حة وص ريحة ألف راد ذات االتفاقي ة ال تي أوجبت ض رورة اتخ اذ ت دابير عس كرية
الدولة من الجهات والمنتسبين للسلك العسكري وذلك وفق ماجاءت به المادة .
. 458علي خليل الحديثي حماية الممتلكات Vالثقافية في القانون الدولي .مرجع سابق صــ . 57
. 459المادة 1من اتفاقية الهاي لعام . 1954
. 460المادة 3من اتفاقية الهاي لعام . 1954
461
. Jean-Marie Henckaerts. New rules for the protection of cultural property in armed conflict: the significance of
the Second Protocol to the 1954 Hague Convention for the Protection of Cultural Property on the Event of Armed
Conflict Marı´a Teresa Dutli .Protection of Cultural Property in the Event of Armed Conflict. ICRC.. Geneva,
February 2002. p.g 30.
. 462مصطفى أحمد فVؤاد .حمايVة األمVاكن الدينيVة المقدسVة في منظVور القVانون الVدولي اإلنسVاني .القVانون الVدولي اإلنسVاني "آفVاق وتحVديات" .مرجVع
سابق .صــ . 29
. 463المادة 2/ 4من اتفاقية الهاي لعام . 1954
. 464تتمثل التدابير العسكرية بحسب ما جاءت به المادة 7من اتفاقية الهاي لعام 1954في غرس روح االحترام الواجب لهذه الممتلكات لدى العسكريين
و أن تدرج منذ وقت السلم ،في اللوائح والتعليمات الخاصة بقواتها Vالعسكرية أحكاما تكفل تطبيق هذه االتفاقية وتعليمات Vالمحافظة على هذه الممتلكVVات Vفي
المناهج التعليمية على المستويين المدني والعسكري ،وأيضا القيVVام بإعVVداد أقسVVام أو إخصVVائيين أو بإلحVاقهم في صVVفوف قواتهVVا ال ُمسVVلحة ،تكVVون مهمتهمV
السهر على احترام الممتلكات الثقافية ومعاونة السلطات المدنية المسؤولة عن حماية هذه الممتلكاتV.
120
كما قد عالجت اتفاقية الهاي لعام 1954حالة االحتالل الحربي؛ حيث نصت على ضرورة توفير الحماية
واالحترام للممتلكات الثقافية حتى أثناء االحتالل ففرضت على عاتق سلطات االحتالل واجبات ُمحددة ،465منها
466
إيقاف كل أعمال السرقة والنهب والتحويل مهما كان شكلها ،إال في حالة الضرورة ،ويسري هذا االلتزام أيض اً
المسلحة ،وعليه فإن على الطرف المتعاقد الذي تعترف حركة المقاومة بحكومته
على أعضاء حركات المقاومة ُ
كحكومة تمثله أن يذكرهم ويلفت نظرهم لهذا االلتزام على الدوام .467
هذا وقد رتب البرتوكول اإلضافي األول التفاقية الهاي 1954عدة التزامات على الدول األط راف حيث
468
،وعلى ضرورة حراسة أكد على ضرورة منع تصدير الممتلكات الثقافية في األراضي الواقعة تحت االحتالل
أي ة ممتلك ات ثقافي ة تم اس تيرادها س واء بطري ق مباش ر أو غ ير مباش ر عن أي ة أرض واقع ة تحت االحتالل ،وق د
يك ون إم ا تلقائي اً أو بطلب من الس لطات المختص ة في األراض ي المحتلة ،469كم ا نص ال بروتوكول األول على
المسلح وع دم
الممتلك ات الثقافي ة ال تي تم إي داعها ل دى دول أخ رى لحمايته ا من أخط ار النزاع ات ُ
ض رورة إع ادة ُ
471
على الممتلكات الثقافية الموضوعة وبغية الوصول إلى حماية أكبر أقرت المادة 10وضع شعار مميز
تحت نظام الحماية الخاصة ،وجعلها ذات طابع دولي وفق أحكام الالئحة التنفيذية ،472وهذا ما أوضحته وأقرته
أيضاً المادة 16من االتفاقية؛ وذلك تسهيالً لتمييز هذه الممتلكات وتمكين حمايتها بطريقة أكثر فعالية.
121
المق رر له ا باعتباره ا أعيان اً مدني ة
ورغم م ا حظيت ب ه الممتلك ات الثقافي ة من اهتم ام وف ق الحماي ة الخاص ة ُ
وباعتبارها ممتلكات ثقافية ذات وضع خاص ،إال أن االستثناء الوارد في أحكام الحماية العامة للممتلكات الثقافية قد
أج از ص راحة التخلي عن الحماي ة في األوض اع ال تي تس تلزمها "الض رورات الحربي ة القهري ة " ،473رغم م ا لقي ه
إدخ ال مفه وم الض رورة العس كرية من ُمعارض ة من ج انب ع دد كب ير من ال دول ال ذين أش اروا إلى أن إدخ ال ه ذا
وبالت الي فق د مثّ ل هذا االستثناء ضعفاً خطيراً في هذا البن د ب ل وفي االتفاقي ة بشكل ع ام ،خاصة مع ع دم
احت واء االتفاقي ة على تعري ف لمفه وم "الض رورات الحربي ة القهري ة " ،واس تنادها فق ط إلى أص ول مب دأ الض رورة
العسكرية الذي من الممكن إرجاعه إلى مدونة ليبر ، 475وعليه فهذا الغموض من شأنه أن يتعارض مع فعالية الم ادة
الرابع ة كقي د على الح رب بش كل ع ام ،476كم ا أن فك رة الض رورة غامض ة ج داً من جه ة ص عوبة تفس يرها وتعليم
الممتلكات الثقافية في حالة فُقدانها للحماية العامة التي تتمتع بها استناداً إلى الضرورات العسكرية القهرية،
على ُ
وكذلك في حالة ما إذا كان يلزم إعطاء إنذار ُمسبق فعلي من عدمه ،478وعليه وباعتبار أن هذه الممتلكات جزء من
األعيان المدنية يجب الرجوع إلى التدابير االحتياطية التي نصت عليها المادة 57من البروتوكول اإلضافي األول
عند رفع الحظر عن الممتلكات الثقافية التي تتحول من حيث وظيفتها إلى هدف عسكري ،وحالة عدم وجود بديل
. 473ما جاء في الفقرة 2من المادة 4من اتفاقية الهاي لعام " 1954ال يجوز التخلي عن االلتزامVVات الVVواردة في الفقVVرة األولى من هVVذه المVVادة ،إال في
الحاالت التي تستلزمها Vالضرورة العسكرية القهرية " .
. 474كمال حماد .النزاع الدولي المسلح والقانون الدولي العام .مرجع سابق .صــ . 126
475
. Jean-Marie Henckaerts. New rules for the protection of cultural property in armed conflict ibid. P.g 32
. 476ناريمان عبدالقادر .القانون الدولي اإلنساني واتفاقية الهاي لعام 1954وبروتوكوليها VلحمايVVة الممتلكVVات VالثقافيVVة في زمن الVVنزاع المسVVلح .القVVانون
الدولي اإلنساني "آفاق وتحديات" .مرجع سابق .صــ 89
477
. Jean-Marie Henckaerts. New rules for the protection of cultural property in armed conflict ibid. P.g 32 .
. 478محمد سامح عمرو .حماية الممتلكات VواألعيVان الثقافيVة في فVترات الVنزاع المسVلح .في مVؤتمر VالVدورة اإلقليميVة الثانيVة في مجVال القVانون الVدولي
اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 121
122
وكخالصة يمكن القول :بأن الحماية العامة الواردة في اتفاقية الهاي 1954بشأن حماية الممتلكات الثقافية
ُ
نابع ة من ك ون ه ذه الممتلك ات جزءاً من األعي ان المدني ة ،وبالت الي تتمت ع بحماي ة مزدوج ة؛ حيث تخضع من جه ة
بحكم طابعها المدني ،ومن جهة أخرى باعتبارها جزءاً من التراث اإلنساني والثقافي والروحي للشعوب.479
ورغم اهتم ام اتفاقي ة اله اي لع ام 1954بإيج اد حماي ة مناس بة للممتلك ات الثقافي ة إال أن الهشاش ة ال تي
إلى الوصول إلى حماية فعاّلة للممتلكات الثقافية وضمان عدم تعرضها إلى أي اعتداء ،إال إنها لم تحمل الوضوح
أو الدق ة المطلوب ة ،وك ان األولى أن ت أتي ه ذه االتفاقي ة ب دون أي اس تثناء ،خاص ة وأن ه لم يتوص ل إلى اآلن إلى
مفه وم للض رورة العس كرية ال تي تُ برر التخلي عن ه ذه الحماي ة ،ويمكن اعتب ار ه ذا الض عف ه و الس بب ال رئيس
والدافع وراء نشوء حماية خاصة نصت عليها االتفاقية لبعض الممتلكات الثقافية ،وهو ما سيتم بيانه تالياً:
الحماية الخاصة -:لقد نصت اتفاقية الهاي لعام ( 1954المواد من 8إلى )11على إمكانية منح ما ُيسمى
حماية خاصة لعدد محدود من الممتلكات الثقافية تتطلب ظروفاً وشروطاً خاصةً ،وتتضمن هذه المواد مجموع ةً من
اإلجراءات التي يتعين على الدول اتباعها قبل اندالع العمليات القتالي ة ،وذلك من أجل توفير حماية وقائية خاصة
له ذه الممتلك ات ،480وق د ح ددت الم ادة 8بعض األعي ان ال تي ُيمكن منحه ا الحماي ة الخاص ة ،وهي المخ ابئ
المخصصة لحماية الممتلكات الثقافية المنقولة ،ومراكز األبنية التذكارية ،والممتلكات الثقافية الثابتة واألخرى ذات
ُ
رمى عس كري
أن تك ون ه ذه المخ ابئ أو المراك ز على مس افة كافي ة من أي مركز صناعي كب ير أو أي م ً أ.
هام
. 479عمر سعد هللا .القانون الدولي اإلنساني الممتلكات Vالمحمية .مرجع سابق .صــ . 23
. 480حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 298
123
أن ال تستعمل ألغراض عسكرية.481 ب.
وق د تع رض الش رط الخ اص بوج وب أن تك ون ه ذه المخ ابئ أو المراك ز على مس افة كافي ة وبعي دة عن
المرفقة بها ،482وعليه فإن بعض التفسيرات جاءت على أن تحديد هذه المسافة يكون
االتفاقية أو اللوائح التنفيذية ُ
اتفاق عام على قبول معيار واحد لتحديد المقصود من هذه العبارة ،483وبالتالي فإن االستجابة الضعيفة لبنود هذه
االتفاقية ،ينبع من غموض العبارات ،وهو ما ُيشكل عيب اً جوهرياً في قواعدها ،باعتبار عدم وجود معيار ُمناسب
ه ذا باإلض افة إلى أن الكث ير من ال دول ق د تُخ ل بالتزاماته ا أثن اء نش وب ال نزاع ُمعلل ه الهج وم بق رب ه ذه
الم متلكات من أهداف عسكرية ،كما قد يؤدي هذا الشرط إلى حرمان بعض الممتلكات الثقافية الثابتة بسبب موقعها
ُ
فالشرطان تصاعديان بمعنى أن األمر ال يقف عند حرمان هذه الممتلكات من الحماية بمجرد استخدامها في
أغراض عسكرية بل يتعدى ذلك ليصل إلى االستثناء من الحماية بمجرد وجودها بالقرب من أهداف عسكرية،485
وبالتالي فهذه االنتقادات في محلها وتدفع إلى قلق حقيقي ،وعليه كان من المفترض أن تكون الشروط أكثر واقعية
كأن تكون هذه الحماية ُمطلقة ودون أي قيد أو شرط ،وذلك حتى ُيجبر أطراف النزاع على استنفاذ كافة الوسائل
. 481كمطار مثال او محطة إذاعية او مصنع يعمل للدفاع الوطني او ميناء او محطة للسكك الحديدية ذات أهمية او طريق مواصالت هام ،ورغم ذلك إال
أنه قد توضع هذه الممتلكات مهما كان موقعها طالما كانت في مامن من استهدافها بالقنابل وأيضا متى تعهVVدت الVVدول األطVVراف بعVVدم اسVVتعمالها في حالVVة
نشوب نزاع مسلح .المادة الثامنة فقرة أ البندان أ وب من اتفاقية الهاي لعام . 1954
. 482يقصد بها الالئحة التنفيذية التفاقية الهاي لعام . 1954
. 483محمد سامح عمرو .حماية الممتلكات واألعيVان الثقافيVة في فVترات الVنزاع المسVلح .في مVؤتمر VالVدورة اإلقليميVة الثانيVة في مجVال القVانون الVدولي
اإلنساني .مرجع سابق .صــ 125و صـــ . 126
. 484نزار العنبكي V.القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ .353
. 485ابتسام كامل نجم الدين .حماية الممتلكات Vالثقافية وفقا ً لقاون المعاهدات الدولية .مجلة العدل .العدد التاسع عشر .السنة الثامنة .صـــ . 369
124
واألساليب المتاحة قبل استخدام الهجوم كحل استثنائي ألصل مقرر وهو الحماية ،خاصة وأن هذه الحماية تحكم
المتعل ق ب أال تُس تعمل ألغ راض حربي ة ،فق د ش ددت االتفاقي ة في مفه وم االس تخدام
أم ا م ا يخص الش رط ُ
486
حيث اعت برت اس تعماالً ألغ راض حربي ة ،ك ل اس تخدام لمرك ز األبني ة التذكاري ة في تنقالت ألغ راض حربي ة
الجنود أو المواد الحربية ولو لمجرد العبور ،أو القيام بأعمال لها صلة مباشرة بالعمليات الحربية أو أقيمت فيه
ق وات حربي ة أو ص ناعة م واد حربي ة ،487وبينت في ذات ال وقت ومنع اً لح دوث أي التب اس أن وج ود ح راس
مسلحين وضعوا خصيص اً لحماية الممتلكات ال يعتبر استعماالً عسكرياً ،وينطبق ذلك على قوات الشرطة المدنية
واستثنت االتفاقية من هذا الشرط بعض الممتلكات الثقافية التي تجاور بعض األهداف الحيوية كالمطار الحربي
أو مين اء أو مص نع إلنت اج األس لحة العس كرية ،إال إذا تم وض عها تحت نظ ام حماي ة خ اص ،واش ترطت له ذا
نشوب أي نزاع ُم سلح ،وتحويل كل حركة مرور من هذه المواقع ومنذ وقت السلم.489
إضافة إلى توافر هذين الشرطين هناك شرط آخر هو شرط التسجيل في السجل الدولي للممتلكات الثقافية
لمنح الحماية الخاصة ،490وهو إجراء وقائي خاص يبين أهمية هذه الممتلكات كإرث ثقافي إنساني يرسخ ضرورة
125
و يشرف على هذا السجل مدير عام منظمة اليونسكو وال تتمتع هذه الممتلكات والمراكز أو المخابئ بالحماية
الخاص ة ،إال إذا تم قي دها في الس جل ،ويمكن ألي دول ة الح ق في االع تراض على التس جيل المق دم وإ ب داء األس باب
الم متلك غير ثقافي أو أنه لم تتوافر فيه شروط الحماية الخاصة المقررة بموجب المادة الثامنة من اتفاقية
كأن يكون ُ
الهاي.492
وه و م ا ُيقل ل من فعالي ة ه ذه الحماي ة ،فالحماي ة تبقى ُمعلق ة على ش رط ع دم االع تراض على التس جيل،
المترتبة على ذلك ،فإنه يمكن القول بأنها ال تتناسب مع الهدف المطلوب ،فكان األولى عدم
وبالنظر إلى النتيجة ُ
تعليقها على شرط عدم االعتراض على التسجيل ،الذي قد يخلو في بعض األحيان من الموضوعية ،ذلك أن عدم
االل تزام بالش روط ال واردة في الم ادة 8أو 9من اتفاقي ة اله اي لع ام ،4931954من أح د األط راف س يكون م دعاة
495
باإلضافة إلى ذلك تُرفع الحصانة في حالة ُمخالفة أطراف ال نزاع اللتزام اتهم المنصوص ة في االتفاقية
المخالف
المتضرر أن ينذر الطرف ُ
المخالفة ،ويمكن للطرف ُ
غير مقيد باحترام تلك االلتزامات ،طالما استمرت ُ
المخالفة.496
ُمسبقاً لكي يعدل عن ُ
126
وربم ا اس تندت اإلتفاقي ة ض منياً في ذل ك إلى مب دأ اإلقتص اص الع رفي ال ذي س مح البعض بالتس امح في ه،
ولعل الدليل على ذلك عندما سمحت االتفاقية برفع الحصانة في حالة وجود مخالفة من الطرف اآلخر ،إال أنها لم
تح دد مع ايير وض وابط ذل ك بحيث يمكن بق اء ذل ك نط اق مب دأ اإلقتص اص الع رفي ،وليس من قبي ل الهجم ات
وفي حال ة الض رورة العس كرية يجب أن ُيتخ ذ ق رار رف ع الحص انة من قب ل ض ابط أعلى بمس توى رئيس
هيئة حربية تعادل أو تفوق مستوى قائد فرقة عسكرية ،497و تم تحديد الحاالت االستثنائية لمقتضيات الضرورة
الحربية من حيث تقييد الحاالت بالفترة الزمنية التي تستمر فيها دون تجاوز ذلك ،وكذلك البد من إخطار المشرف
الع ام على الممتلك ات الثقافي ة برف ع الحص انة عن ه ذه الممتلك ات ،إض افة إلى أن أي جريم ة تُ رتكب تحت ُمس مى
.498
ونصت االتفاقية -وضمن الحماية الخاصة -على أحكام حماية تكميلية منها نظام نقل الممتلكات الثقافية
المستعجل مع
باالعتماد على موافقة أطراف النزاع؛ وذلك ألجل حمايتها من آثار النزاع المسلح ،كما نظمت النقل ُ
اتخ اذ كاف ة االحتياط ات الالزم ة لحماي ة عملي ات النق ل ،وكفلت االتفاقي ة حماي ة الم وظفين المكلفين بحماي ة ه ذه
الممتلكات والسماح لمن يقع من الموظفين باستمرار أداء واجبه تجاه حماية هذه الممتلكات في حالة وقوعها في يد
الطرف المعادي.499
باإلض افة إلى ك ل ذل ك ف إن م ا يمكن ُمالحظت ه أن االتفاقي ة ،وعن دما اعت برت أن الممتلك ات ذات األهمي ة
البد من إقرار نظام حماية خاص بها ،إال أنها لم تُحدد المعيار الذي استندت إليه في تحديد هذه األهمية فهل يستند
127
500
،وه و م ا يع د قص وراً واض حاً يفتح ب اب تق ديرها إلى ش عب الدول ة الواق ع على إقليمه ا الممتل ك الثق افي؟؟
االجتهادات التفسيرية.
كما أنها ليست أقوى من الحماية العامة الممنوحة بل تُعتبر أضعف منها بالمقارنة معها ،501فطبق اً لقواعد
الحماية العامة ،ال يجوز توجيه أي عمل عدائي ضد الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية العامة ،إال إذا كان ذلك
العتبارات عسكرية قهرية ،بينما تفقد الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية الخاصة الحصانة المقررة لها بمجرد
502
عن توجي ه أي اعت داء على ممتل ك مقي د في الس جل ،فللط رف اآلخ ر إخالل أح د األط راف المتنازع ة بالتزاماته
حق الرد واإلقتصاص ،وبالتالي فإن عدم تحديد المعايير والضوابط التي تجعلها ضمن حق اإلقتصاص العرفي،
503
إضافة إلى إنه نادراً ما يتم قبول مفهوم هذه الحماية ، ،فاالستجابة لهذه االتفاقية أو القبول بها يعداً ضعيفاً
جداً ،وترجع أسباب عدم اإلقبال على تقييد الممتلكات الثقافية مثالً إلى طول وتعقد اإلجراءات الالزمة للقيد في
السجل ،وغموض العديد من العبارات الواردة في االتفاقية ،كما أن شمول الممتلكات الثقافية بالحماية الخاصة حمل
في طياته خطورة ش ديدة على الممتلكات الثقافية ذات األهمية الك برى حيث أن الشعار خاص الذي قد يتم تحديده
وكخالص ة يمكن الق ول ب أن تعب ير الحماي ة الخاص ة ُيع د مش تتاً ومفرق اً للحماي ة بش كل ع ام ،وك ان األولى
ترك يز االنتب اه واالهتم ام نح و بن اء حماي ة أك ثر فعالي ة للممتلك ات الثقافي ة ،بش كل ع ام بعي داً عن التفري ق والتقس يم،
فالتصنيفات الوارده أدت إلى خلل واضح في فعالية هذه القواعد في ظل ما تحمله من تناقضات خاصة فيما يتعلق
. 500محمد سامح عمرو .حماية الممتلكات Vواألعيان الثقافيVة في فVترات الVنزاع المسVلح .في مVؤتمر VالVدورة اإلقليميVة الثانيVة في مجVال القVانون الVدولي
اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 125
. 501عصام سليمان .عصام سليمان .حماية الممتلكات Vالثقافية أثناء النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق صـــ 30
. 502محمد سامح عمرو .حماية الممتلكات VواألعيVان الثقافيVة في فVترات الVنزاع المسVلح .في مVؤتمر VالVدورة اإلقليميVة الثانيVة في مجVال القVانون الVدولي
اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 127
. 503فالدول األطراف الوحيدة التي سجلت الممتلكات الثقافية تحت الحماية الخاصة هي ك ٌل من الفاتيكان والنمسا وهولندا .انظر عصام سVVليمان .حمايVVة
الممتلكات Vالثقافية اثناء النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق صـــ 30
. 504محمد سامح عمرو .حماية الممتلكات VواألعيVان الثقافيVة في فVترات الVنزاع المسVلح .في مVؤتمر VالVدورة اإلقليميVة الثانيVة في مجVال القVانون الVدولي
اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 126
128
باالس تثناءات ال واردة على قواع د الحماي ة لع ل أهمه ا اس تثناء ت وافر حال ة الض رورة العس كرية القهري ة للتخلي عن
كما أن ما يمكن مالحظتة أن قواعد الحماية الخاصة قد أشارت إلى جواز فرض حراسة مدنية تقوم بها
ق وات ش رطة مدني ة تتكف ل بحمايته ا ،وهوماج اء أيض اً في ال بروتوكول اإلض افي األول التفاقي ة اله اي 1954في
505
المسلحة ،وربما
الفقرة الثانية من المادة األولى ،إال أن نظام الحراسة المدنية غير ُمفعل إطالق اً أثناء النزاعات ُ
يرجع السبب لعدم وجود دعم دولي المناسب لجماعات الحماية الحماية المدنية كأفراد الشرطة المحلية مثالً .
المع ــززة :وهي الحماي ة ال تي تم إفراده ا للممتلك ات الثقافي ة ذات األهمي ة القص وى ،وه و نظ ام
الحماي ــة ُ
506
. ُمستحدث ،ويحل عملياً محل نظام الحماية الخاصة ُليعالج المشاكل التي احتوتها
العس كرية في يوغس الفيا الس ابقة ،1990والح رب في البوس نة والهرس ك ال تي ب دأت في 1992وانتهت في ع ام
507
المس لحة غ ير
، 1995وم ع ع دم وض وح بعض النق اط في اتفاقي ة ، 1954وض عف الحماي ة أثن اء النزاع ات ُ
الدولي ة ،ك ل ذل ك وغيره ا من األس باب أدت إلى توقي ع ال بروتوكول الث اني التفاقي ة اله اي في 26م ارس 1999
والذي أقر مبدأ الحماية المعززة على الحماية العامة والحماية الخاصة لألماكن الثقافية ذات األهمية القصوى .508
وقد جاءت بهذه الحماية المادتين 11 ،10من البروتوكول اإلضافي الثاني لعام ،1999كمحاولة لتجاوز
النصوص التي تقضي بالتخلي عن الحماية في الحاالت التي تستلزمها الضرورات العسكرية ،509فاالستثناء ال وارد
.505نصت على أنه " - ..يتعهد Vكل من األطراف السامية المتعاقدة بأن يضع تحت الحراسة الممتلكات الثقافية التي اسVVتوردت إلى أراضVVيه سVVواء بطريVVق
مباشر أو غVVير مباشVر عن أيVة أراض واقعVVة تحت االحتالل .وتوضVع تلVك الممتلكVات Vتحت الحراسVة سVVواء تلقائيVا ً عنVد االسVتيراد وإال فبنVVا ًء على طلب
السلطات المختصة لألراضي المذكورة.".
.506فريتس كالسهوفن وليزابيث Vتسغفلد .ضوابط تحكم خوض الحرب .مرجع سابق.صـــ. 207
.507حدثت الحرب في جمهورية يوغسVVالفيا االشVVتراكية االتحاديVVة خالل فVترة التسVVعينات وقVVد بVدأت في حVرب البوسVVنة والهرسVك مVارس عVام ،1991
وانتهت في كوسوفو عام .1999فلورنس هارتمان .البوسنا .جرائم الحرب .مرجع سابق .صــ .102
. 508حسن جوني ،تدمير األعيان الثقافية أو احتالل التاريخ ،مجلة اإلنساني ،الصليب األحمر ، 2010- 2009 ،عدد ،47صــ . 10
. 509نزار العنبكي V.القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ -355صــ. 356
129
510
حيث ض يق -إلى ح د م ا -من عملي ة اس تغالل ه ذا االس تثناء وج اءت العب ارة هن ا مقي د للض رورة القهري ة
صريحة بعدم جواز التذرع بالضرورة العسكرية للتخلي عن االلتزامات إال في حاالت معينة ومقيدة .511
وبالتالي فقد جاء هذا البروتوكول ليتبنى فكرة الحماية المع ززة للممتلكات الثقافية ذات األهمية الكبرى،
واعتبر مكمالً ومعززاً التفاقية الهاي لعام 1954وال يعدلها ،حيث ال يمكن للدول أن تكون طرفاً فيه إال إذا ك انت
512
. طرفاً في اتفاقية الهاي لعام 1954
وش رط ع دم قب ول الدول ة كط رف إال في حال ة كونه ا طرف اً في اتفاقي ة اله اي لع ام ُ ،1954يع د ش رطاً
جوهرياً باعتبار أن هذا البروتوكول جاء ليستكمل بعض الثغرات التي لحقت باتفاقية عام 1954لحماية الممتلكات
ويمكن القول تجاوزاً بأنه حمل بنوداً تفسيرية في مضمونها لبعض المفاهيم الواردة في اتفاقية الهاي لعام ،1954
وهو ما أكدته ديباجة البروتوكول عند قولها .." :وتشدد على ضرورة استكمال تلك األحكام بتدابير تستهدف تعزي ز
تنفيذها .513"...
فعبارة ضرورة استكمال تلك األحكام المقصود بها أحكام اتفاقية الهاي لعام ، 1954التي جاءت غير
كافي ة ،فال تع دو أن تك ون قواع د ُمض للة خالي ة من الوض وح والدق ة ،خاص ة فيم ا يتعل ق بالحماي ة القانوني ة للمواق ع
الثقافي ة ذات األهمي ة ،كم ا أن مفه وم الض رورة العس كرية كاس تثناء للتخلي عن الحماي ة المق ررة للممتلك ات الثقافي ة
غموض نصوصها ،وليس نقصها ،فهي على كثرتها إال أن االستجابة لها والقبول بها ُيعد ضعيفاً بالمقارنة مع ما
130
وبالتالي تُمنح الحماية المعززة للممتلكات التي تبلغ من األهمية جانب اً كبيراً بالنسبة للبشرية ،ومضمونها هو
التزام أطراف النزاع المسلح ،514بضمان حصانة الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية المعززة ،وذلك باالمتناع
عن اس تهداف تل ك الممتلك ات ب الهجوم أو عن أي اس تخدام لممتلك ات ثقافي ة أو جواره ا المباش ر في دعم العم ل
العس كري ،515وق د ح ددت الم ادة 10من ال برتوكول اإلض افي الث اني الش روط الالزم ة إلخض اع ه ذه الممتلك ات
ا ) أن تكون تراثاً ثقافياً على أكبر جانب من األهمية بالنسبة إلى البشرية. -
ب) أن تك ون محمي ة بت دابير قانوني ة وإ داري ة مناس بة على الص عيد الوط ني تع ترف له ا بقيمته ا الثقافي ة -
ج ) أن ال تُستخدم ألغراض عسكرية أو كدرع لوقاية مواقع عسكرية ،أن يصدر الطرف الذي يتولى أم ر -
وعن د اس تيفاء ه ذه الش روط ينبغي وفق اً له ذا ال بروتوكول أن يق وم ك ل ط رف باتخ اذ اإلج راءات الالزم ة
الم متلك ،وذلك لمنحه الحماية المعززة ،ويكون ذلك بموجب طلب يقدمه أحد األطراف الراغبة بقيد ممتلكاته
لتقيد ُ
في سجل الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية المعززة إلى لجنة حماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح
، 517وتقوم هذه اللجنة باتخاذ قرارها وفقا للمادة 11في فقرتها من (.518)8-5
. 514سواء كان دولي أو غير دولي وحتى في حاالت االحتالل الكلي أو الجزئي .انظVVر المVادة 3من الVVبروتوكول اإلضVافي الثVVاني التفاقيVVة الهVVاي لعVVام
. 1954
. 515إبراهيم محمد العناني .الحمايVVة القانونيVVة للVVتراث اإلنسVVاني والبيئVVة وقت النزاعVVات ال ُمسVVلحة .القVVانون الVVدولي اإلنسVVاني "آفVVاق وتحVVديات" .مرجVVع
سابق .صــ 41و صــ42
. 516ويجوز منح الحماية المعززة على الرغم من عدم توافر هذا الشرط عند طالب القيد وفقا للمادة الحادية عشر في فقرتها الثامنة ،وذلك موقوف على
شرط قيام طالب القيد بتقVديم طلب المسVاعدة من اللجنVة الدوليVة لحمايVة الممتلكVات VالثقافيVة بحسVب مVا جVاء في المVادة الثانيVة والثالثVون من الVبروتوكول
اإلضافي الثاني لعام . 1999انظر .سالمة الرهايفة .حماية الممتلكات Vالثقافية أثناء النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق .صـــ95
. 517التي أنشئت بموجب Vالمواد من 24الى 28من البروتوكول اإلضافي الثاني لعام 1999
. 518حيث تم تشكيل اللجنة ،كتنظيم مؤسسي دولي يقوم باإلشراف على تنفيذ Vالدول األطراف اللتزاماتهم الواردة في اتفاقية الهاي ،1954وبروتوكوليهاV
اإلضافيين ) ،فدور هذه اللجنة المنبثقة عن اليونسكو هي حماية الممتلكات الثقافية من خالل العمل على تطبيق قواعد الحماية وهو امتياز تشترك فيVVه مVVع
اللجنة الدولية للصليب األحمر كل منهما في حدود ما هو منتدب له .انظر .محمVVد سVVامح عمVVرو .حمايVVة الممتلكVVات VواألعيVVان الثقافيVVة في فVVترات الVVنزاع
المسVVلح .في مVVؤتمر VالVVدورة اإلقليميVVة الثانيVVة في مجVVال القVVانون الVVدولي اإلنسVVاني .مرجVVع سVVابق .صــ 134وأيض Vا ً .فVVريتس كالسVVهوفن و لVVيزابيث
تسغفلد .ضوابط تحكم خوض الحرب .مرجع سابق .صـــ207
131
وفي حال ة الط وارئ يمكن ألح د األط راف أن يطلب إدراج ممتلك ات تحت نظ ام الحماي ة المع ززة ،519
ويجوز للجنة أن تتخذ قرارها بمنح هذه الحماية على وجه السرعة وبصفة مستعجلة ومؤقتة ،بناء على تصويت
أغلبية 4/5اعضاء اللجنة الحاضرين والمصوتين بشرط التقيد بأحكام الفقرتين(أ/ج ) من المادة .10
وعن د تخل ف أي من المع ايير والش روط ال واردة في الم ادة 10فإن ه يح ق للجن ة الدولي ة للممتلك ات الثقافي ة
وبموجب الفق رة األولى من المادة 14من البروتوكول الثاني شطب هذا الممتلك من القائمة ،520كما يكون ذلك
في حال ة إذا أص بحت أه دافاً عس كرية أو بوج ود انته اك خط ير للم ادة 12من ال بروتوكول اإلض افي الث اني لع ام
وقد تم تحديد الحاالت التي تقفد في الممتلكات الثقافية الحماية المعززة ،أو يتم فيها إلغاء أو تعليق الحماية
توافر الضرورة العسكرية ،كاستثناء قيد بشروط شديدة التحديد منها التحقق بأن الهجوم الموجه هو الوسيلة الوحي دة
الممكنة إلنهاء استخدام هذه الممتلكات كهدف عسكري باإلضافة إلى ضرورة اتخاذ التدابير الوقائية واالحتياطات
أثناء الهجوم ، 521،وكل ذلك من أجل تجنب وحصر اإلضرار بالممتلكات الثقافية ذات األهمية القصوى.522
وينبغي عند إصدار قرار الهجوم أن يكون القرار من أعلى المستويات التنفيذية للقيادة في الحاالت العادية أو
المس تعجلة كحال ة ال دفاع الف وري عن النفس ،523على أن يس بق ه ذا الهج وم إن ذار
على مس توى أق ل في الح االت ُ
132
باإلض افة إلى ذل ك فق د نص ال بروتوكول اإلض افي الث اني لع ام 1999على قائم ة من األفع ال ال تي ع دتها
ج اءت على س بيل التع داد فاالنتهاك ات الثالث ة األول من الم ادة 15ينظره ا الق انون ال دولي الع ام وتك ون الوالي ة
القضائية فيها للقضاء الدولي ،أما ما دون ذلك فينطبق عليها وصف االنتهاكات الجسيمة ،وهذه الجرائم ينظرها
القانون الوطني أو المحلي ،وتكون الوالية القضائية فيها للمحاكم الوطنية ،إال إذا اُقترفت على اراضي خارجية أو
ك ان المتهم من غ ير مواط ني الدول ة ال تي اف ترف الج رم فيه ا فعن دها يك ون مب دأ الوالي ة العالمي ة اختي اري ،525و
يمكن القول أن هذه التفرقة ُمناسبة نوع اً ما ،كونها جاءت بقليل من التفصيل والتفسير من حيث جهة االختصاص
بالنظر في االنتهاكات ،والذي يستند بالدرجة األولى إلى درجة هذه االنتهاكات بحيث قسمتها إلى انتهاكات خطيرة
وعلي ه فق د اعت بر ال بروتوكول اإلض افي الث اني لع ام 1999أن االعت داء على الممتلك ات الثقافي ة في ف ترات
النزاع المسلح جريمة دولية ،وعمل على إرساء قواعد المسؤولية الجنائية الفردية على هذا األساس كما ألزم الدول
األط راف على ض رورة تأس يس اختص اص قض ائي جن ائي لمحاكم ة مرتك بي الج رائم ض د الممتلك ات الثقافي ة في
فترات النزاع المسلح ،وأقر مبدأ االختصاص العالمي لمحاكمة هؤالء األشخاص أمام المحاكم الوطنية للدول بغض
526
وك ل ذل ك لمالحق ة التط ورات على المس توى النظ ر عن جنس يتهم أو األق اليم ال تي ارتكب وا عليه ا ه ذه الج رائم
التش ريعي ال دولي خاص ة بع د تب ني البروتوكول اإلض افي األول لع ام ،1977والنظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائية
527
الدولية.1998
. 525عمر سعد هللا .القانون الدولي اإلنساني الممتلكات Vالمحمية .مرجع سابق .صــ . 125
. 526المادة . 17 V،16 V،15انظر كذلك كال من .محمد سامح عمرو .حماية الممتلكات واألعيان الثقافيVVة في فVVترات الVVنزاع المسVVلح .في مVVؤتمر VالVVدورة
اإلقليمية الثانية في مجال القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ ،134و فريتس كالسهوفن و ليزابيث تسغفلد .ضوابط تحكم خوض الحرب .مرجVVع
سابق .صـــ.212-211
. 527محمد سامح عمرو .حماية الممتلكات Vواألعيان الثقافيVة في فVترات الVنزاع المسVلح .في مVؤتمر VالVدورة اإلقليميVة الثانيVة في مجVال القVانون الVدولي
اإلنساني .مرجع سابق .صــ .133
133
وقد توسع هذا البروتوكول لينطبق في حالة النزاع المسلح غير الدولي الذي يقع داخل أراضي أحد األطراف ،
528
،كم أوضح الحاالت ال يحكمها هذا البروتوكول ،ومنها االض طرابات وهي المادة الوحيدة التي تحكم هذه الحالة
529
المماثلة
الداخلية والتوترات الداخلية مثل أحداث الشغب وأعمال العنف المنعزلة والمتفرقة وغيرها من األعمال ُ
وعليه فقد أكد على امتداد نطاق الحماية الدولية للممتلكات الثقافية لتغطي حتى حاالت المنازعات ذات الطابع غير
الدولي .
الم سلحة من خالل تقديم المساعدات المالية المناسبة لدعم كافة التدابير
لحماية الممتلكات الثقافية في زمن النزاعات ُ
المتعلقة بصون الممتلكات الثقافية ،وقد تم تحديد أهم المهام المنوطة بهذا الصندوق.530
وبناء على ما سبق يمكن القول بأن الحماية المعززة تُمنح للممتلكات الثقافية بمجرد إدراجها على القائمة التي
المعززة أقوى وأكثر فعالية من نظام الحماية العام والخاصة على السواء
حددها البروتوكول ،ويعد نظام الحماية ُ
لم ا اتس م ب ه من واقعي ة ،في ح ال ُمنحت الممتلك ات الثقافي ة حم ايتين مع اً كالحماي ة الخاص ة والعام ة ،فيتم تغليب
وكخالصة لكل ما سبق يمكن القول :بأن قواعد الحماية الخاصة بالممتلكات الثقافية ،بكافة أنواعها الحماية
ُ
العام ة والخاص ة والمع ززة ُملزم ة عرفي اً واتفاقي اً ،وتتحم ل ال دول مس ؤولية ع دم االل تزام به ا حيث تن درج ه ذه
القواعد ضمن قواعد القانون الدولي العرفي ،وال يعدو أن تكون االتفاقيات الواردة والتي تحمل طابع التكرار نوع اً
ما ،ماهي إال تذكير بهذا االلتزام وررغبة في فرض اإللزامية الشكلية رغم ما شابها من غموض في مضمونها.
134
ورغم ما حملته هذه القواعد من حماية للممتلكات الثقافية إال أن ما أوردته لفكرة حالة الضرورة العسكرية
وال تي ت درجت بش ئ من االختالف بين الحماي ة العام ة والخاص ة وك ذلك المع ززة ،532فمج رد وج ود مث ل ه ذه
المناسبة لرفع
الحجة ُ
االستثناء ضمن نصوص الحماية ُيقلل من فعاليتها نوع اً ما؛ حيث تُشكل الضرورة العسكرية ُ
الحماية عن هذه الممتلكات خاصة في ظل عدم وضوح المعايير والضوابط لمفهوم الضرورة العسكرية.
ورغم االهتمام الذي حظيت به الممتلكات الثقافي ة في اتفاقية الهاي لعام 1954وبروتوكوليها اإلضافيين
ولكون حماية الممتلكات الثقافية جزءاً ال يتجزء من أحكام القانون الدولي اإلنساني ،فقد كفلت اتفاقيات جنيف لعام
1949وبروتوكوليها اإلضافيين لعام 1977بنوداً للحماية يمكن إيرادها في الموضوع التالي -:
الف ــرعـ الث ــاني -:أحك ــام الحماي ــة ال ــواردة للممتلك ــات الثقافي ــة في اتفاقي ــاتـ ج ــنيف لع ــام 1949وال ــبروتوكولينـ
اإلضافيينـ لعام -:1977ـ أل زمت أحك ام القانون الدولي اإلنساني الدول األط راف فيه ا بتجنب إقامة األهداف
533
وك ل ذل ك من أج ل ض مان العس كرية ب القرب من األعي ان المدني ة وال تي تعت بر الممتلك ات الثقافي ة من ض منها،
حمايتها ووقايتها من أي آثار قد تترتب في حالة اندالع العمليات العدائية ومهاجمة األهداف العسكرية القريبة من
وعلى ال رغم من أن جمي ع الوف ود في الم ؤتمر الدبلوماس ي إلع ادة تأكي د وتط وير الق انون ال دولي اإلنس اني
1977-1974قد وافقت بشكل سريع لحماية اآلثار واألعمال الفنية التاريخية إال أن مسألة أماكن العبادة أدت إلى
مناقشات ُمطول ة ،حيث اعت بر البعض أن كل أماكن العب ادة يجب أن تكون محمية من دون اس تثناء ،في حين رأى
آخرون أن ه ذا ينبغي أن تنطبق فق ط على بعض األم اكن المهم ة ال تي تش كل "تراث الش عوب" ،وهو الرأي ال ذي
تبنت ه الم ادة 53من ال برتوكول اإلض افي األول لع ام ،535 1977وبالت الي منحت الم ادة 53الحماي ة الخاص ة إلى
. 532خالد روشو .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ .350
. 533المواد 52 ،51 ،48من البروتوكول اإلضافي األول لعام . 1977
.. 534حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ 299
535
. Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann. Ibid .para 2042. P.G. 640.
135
ثالث فئ ات :اآلث ار التاريخي ة واألعم ال الفني ة وأم اكن العب ادة ،ش ريطة أن تش كل األخ يرة ال تراث الثق افي أو
الروحي للشعوب.
فالحماية العامة لهذه الممتلكات قد تأكدت بموجب التزامات تكميلية فرضتها المادة 53لما جاء في اتفاقية
، 5361954وقد جاءت الحماية القانونية للممتلكات الثقافية ،بحظر توجيه األعمال العدائية ضدها بتوافر شرط عدم
استخدامها ،في األعمال العسكرية ،537ومما يمكن اإلشارة إليه هنا أن المادة 53لم تنص صراحة على الحاالت
ال تي ترف ع الحص انة عن الممتلك ات الثقافي ة وأم اكن العب ادة األم ر ال ذي يب دو متناقض اً م ع الم ادة 11من اتفاقي ة
538
. 1954مما قد يوسع من دائرة التأويل
539
كم ا حظيت الممتلك ات الثقافي ة باهتم ام ال بروتوكول اإلض افي الث اني لع ام 1977حيث نص ت الم ادة 16
منه على حظر األعمال العدائية على الممتلكات الثقافية أو استخدامها في المجهود الحربي ،وجاء ذلك بناء على
أض ف إلى ذل ك أن كال الم ادتين 53و 16من ال بروتوكولين اإلض افيين لع ام 1977ق د أدرجت ا أم اكن العب ادة
وال تي لم يس بق اإلش ارة إليهم ا في االتفاقي ات الس ابقة ،541و م ا يمكن مالحظت ه أن الم ادة 53من ال بروتوكول
اإلضافي األول لعام 1977قد نصت على حظر توجيه الهجمات االنتقامية ضد األعيان الثقافية وأماكن العبادة
في حين خلت المادة 16من ذلك ولعل المدلول القانوني لذلك هو أن المادة 16جاءت لتؤكد المادة 53وتؤيدها
ولتكملها وليست بديله عنها أو ُمعدلة لها ،وذلك رغم ما قد يحدثه هذا اإلغفال من توسيع لدائرة السلطة التقديرية
136
وما يمكن قول ه أن اتفاقية 1954قد تعززت بالبروتوكول اإلضافي لسنة 1977الذي تحظ ر مادته 53
أية أفعال معادية موجهة ضد الممتلكات الثقافية ،حيث تم توضيح وربط الحماية الواردة في البروتوكول اإلضافي
األول والثاني لعام 1977الملحقين باتفاقية جنيف لعام ، 1949بالحماية الوادة في اتفاقية الهاي لعام 1954من
خالل عبارة "دون اإلخالل بأحكام اتفاقية الهاي" ،حيث ال يعد البروتوكوالن ُمعدالن لها بل ُمكمالن ،542وعليه ف إن
أي تع ارض بين أحك ام ال برتوكول األول أو الث اني لع ام 1977وبين اتفاقي ة اله اي لع ام 1954ف إن األخ يرة هي
كم ا اعتم د الم ؤتمر الدبلوماس ي لع ام 1977الق رار رقم ،20ال ذي يش دد على األهمي ة األساس ية التفاقي ة
الهاي لعام ،1954وحث الدول التي لم التي لم تصادق بعد على االتفاقية إلى االنضمام إليها ،أما بالنسبة للدول
غير األطراف فإن أحكام البروتوكولين األول والثاني لعام 1977هي واجبة التطبيق ،وأكد المؤتمر أن اعتماد
تلكم هي أهم جوانب حماية الممتلكات الثقافية ،وسيتم التطرق تالي اً إلى بيان حماية بعض األعيان التي لها
أهمي ة وعالق ة مباش رة بالم دنيين ،ومنه ا الحماي ة المق ررة لألعي ان ال تي الغ نى عنه ا لبق اء الم دنين ،وه ذا م ا س يتم
المطلب الثاني :حماية األعيانـ التي ال غنى عنها لبقاءـ السكان المدنيين على قيد الحياة -:
542
. Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann. Ibid .Para 2047. P.G. 641.
543
. Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann. Ibid .Para 2047. P.G. 641.
137
بمختلف أشكاله ،ولعل الحصار المفروض إلى وقت
المثال التجويع الغذائي من خالل فرض الحصار االقتصادي ُ
كتابة هذه السطور على مخيم اليرموك في سوريا بسبب النزاع الدائر هناكُ ،يمثل خير مثال على ذلك .544
وبحس ب وجه ة نظ ر اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر ف إن حظ ر سياس ة التجوي ع كوس يلة ح رب ه و ال تزام
ضمني بضرورة عدم المساس باألعيان التي ال غنى عنها لبقاء المدنيين ،545و لما كان القانون الدولي اإلنساني
يه دف إلى حماي ة الم دنيين واح ترامهم و مع املتهم بإنس انية ،وحف ظ ك رامتهم بالدرج ة األولى -فإن ه وتطبيق اً له ذا
المبدأ -تم إقرار قواعد تحظر استعمال السكان المدنيين كتكتيك حربي أو كأداة للتفاوض.546
المنش آت ال تي تُش كل أهمي ة قص وى للس كان الم دنيين باهتم ام اللجن ة الدولي ة للص ليب
وعلي ه فق د حظيت ه ذه ُ
األحمر ،التي قامت بإعداد مشروع مادة لحمايتها وقدمته ضمن بروتوكولي جنيف إلى مؤتمر الخبراء الحكوميين
في دورته األولى لعام ،1971وتم إدخال تعديالت على مشروع تلك المادة ،وتم تقديمها إلى المؤتمر الدبلوماسي
في ج نيف في دورتي ه األولى والثاني ة ع امي ،1975-1974وأس فرت ه ذه الجه ود عن إق رار الم ادة 54من
547
تحت عن وان "حماية األعي ان والم واد التي ال غنى عنه ا لبقاء السكان البروتوكول اإلضافي األول لع ام 1977
المدنيين ".
كما تم تضمين بنود الحماية لهذه األعيان من خالل نص المادة 27من مشروع البروتوكول اإلضافي الثاني
الذي تبنته اللجنة الدولية للصليب األحمر أثناء المؤتمر الدبلوماسي ،1977- 1974وكان نص المادة ال يحظر
. 544بغض النظر عن الطرف المتسبب Vبذلك فقد تمت Vتحديد حصص صارمة من األغذية واألدوية لمن تبقى من السكان ،في المخيم ويقدر عVددهم أكVثر
من 10000عشرة آالف شخص منهم سوريون ومنهم الجئون فلسطينيون فVروا من ديVVارهم أو طVVردوا وتعVVادل حصVة كVVل أسVVرة من الخVVبر الVVذي يعVVد
الوجبة الرئيسة بكيسVين فقVط كمVا وصVل الحVال بالمحاصVرين ونتيجVة لعVدم تVوافر الطعVام إلى اللجVوء إلى ذبح القطVط والكالب وأكVل لحومهVا وتم قطVع
اإلمدادات الغذائية وإمدادات الوقود والتجهيزات Vالطبية التي يحتاجها المدنيون بشكل أساسي.
للمزي ٍد انظر .الجمعية العامة .األمم المتحدة .مجلس حقوق اإلنسان .تقريVر لجنVة التحقVق الدوليVة المسVتقلة بشVأن الجمهوريVة العربيVة السVورية ..الVدورة
الرابعة والعشرون .البند 4من جVدول األعمVال .حVVاالت حقVVوق اإلنسVVان الVتي تتطلب اهتمVام المجلس بهVVا .بتVاريخ 16اغسVطس . 2013صـــ 2827,
المرجع ،A/HRC/24/46وأيضا ً
. 545انظر هامش رقم . 1رقية عواشرية .حماية المدنيين واألعيان المدنية .مرجع سابق .صـــ . 276
. 546تنص المادة 14من البروتوكول اإلضافي الثاني على مايلي ":يحظر تجويVVع المVVدنيين كأسVVلوب من أسVVاليب القتVVال ،ومن ثم يحظVVر ،توصVVال لVVذلك،
مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل Vاألعيان والمواد التي ال غني عنها لبقاء السكان المدنيين علي قيد الحياة ومثالها المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي
تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها Vوأشغال الري".
. 547أبو الخير أحمد عطية .حماية السكان المدنيين واألعيان المدنية أبان النزعات ال ُمسلحة .مرجع سابق .صـــ . 151
138
سوى الهجمات ،548إلى أن تم -وبعد مناقشات عدة -تعزيز الحماية هذه من خالل النص النهائي للمادة 14من
وبالت الي تس تهدف هذه القواع د حظر توجي ه الهجم ات ض د المنش آت الالزم ة لبق اء الس كان الم دنيين وضمان
حمايته ا ،واتخ اذ كاف ة اإلج راءات الفوري ة لتس هيل وص ول اإلم دادات اإلنس انية " أعم ال الغ وث " ذات الص بغة
اإلنسانية والمدنية المحايدة ،بطريقة آمنه دون عوائق عند الحاجة في حالة لم تتوفر للمدنيين مواد كافية وكل ذلك
شريطة موافقة األطراف المعنية عليه وفي حالة النزاع الداخلي تخضع أعمال الغوث هذه لموافقة الدولة ذات
العالقة ،550وعليه فإن حرمان المدنيين من مواد ال غنى عنها لبقائهم ،بما في ذلك تعمد عرقلة إمدادات اإلغاثة،
ُيشكل انتهاكاً لقواعد القانون الدولي اإلنساني ،كما تُشكل عملية الموافقة على إمدادات اإلعاثة إعاقة حقيقية أثناء
وقد تضمنت المادة 54من البروتوكول اإلضافي األول لعام 1977حظر مهاجمة األعيان والمواد التي ال
غنى عنها لبقاء السكان المدنيين ،و تجدر اإلشارة إلى أن األفعال "هجوم"" ،تدمير"" ،نقل" و" تعطيل" تُس تخدم لتغطية
كل االحتماالت ،بما في ذلك تلويث مستودعات المياه بواسطة مادة كيميائية أو تدمير المحاصيل سواء من خالل
العمليات الهجومية أو الدفاعية ،551وبالتالي فقد جاء الحظر ليشتمل على كافة صور االعتداء المتوقع ضد هذه
552
. األعيان
األعم ال ال تي ت ؤدي إلى الت أثير في ه ذه األعي ان ،وق د س عى ال بروتوكول من خالل ه ذا النص إلى منح الحماي ة
.548رقية عواشرية .حماية المدنيين واألعيان المدنية .مرجع سابق .صـــ . 276
.549تنص المادة 14من البروتوكول اإلضافي الثاني على ما يلي ":يحظر تجويع المVVدنيين كأسVVلوب من أسVVاليب القتVVال ،ومن ثم يحظVVر ،توصVVال لVVذلك،
مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل Vاألعيان والمواد التي ال غني عنها لبقاء السكان المدنيين علي قيد الحياة ومثالها المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي
تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها Vوأشغال الري".
. . 550عمر سعد هللا .القانون الدولي اإلنساني الممتلكات Vالمحمية .مرجع سابق .صــ .11
551
Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann. Ibid .Para2101. P.g. 655
. 552محمد فهاد الشاللدة .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ. 274
139
الموس عة له ذه األعي ان فاس تخدمت وغلب عليه ا ص يغة التج ريم بص ورة ُمتتالي ة ،كم ا حظ ر النص هجم ات ال ردع
ُ
553
. (االنتقامية )
تثناء على األص ل أج ازت الم ادة ت دمير ه ذه األعي ان في حال ة تحق ق الض رورة العس كرية الملح ة ال تي
واس ً
تستدعي اتخاذ كافة اإلجراءات إلبطال مصادر الخطر وإ حراز النصر على العدو ،554شرط أن تقع هذه األعيان
في الجزء الخاضع لسيطرته من األراضي الوطنية ،كما وال ترفع الحصانة إال عندما تستخدم لتموين أفراد القوات
المس لحة وح دهم ،أو ل دعم عم ل عس كري ُمباش رة ،وح تى في مث ل ه ذه الحال ة فإن ه يت وجب على أط راف ال نزاع
ُ
االمتناع عن مباشرة أي أعمال من شأنها تجويع السكان أو حرمانهم وحظرت المادة أيضاً أي أعمال انتقامية توجه
لهذه األعيان.555
وعلي ه يمكن الق ول :ب أن قواع د بروتوك ولي ج نيف احت وت على قواع د حماي ة قوي ة لألعي ان والمنش آت
حتى ال يضيِّقان من نطاق الحماية الخاصة لهذه األعيان والمنشآت ،556فالمادتان وهما المادة 54من البروتوكول
اإلضافي األول والمادة 14من البروتوكول اإلضافي الثاني استعمال نفس الصيغة في الحظر وإ يراد األمثلة ،557
وهو ما أشار إليه التعليق على مشروع المادة 48الذي أكد أن العبارات الواردة "ألي باعث آخر" ،هو لتغطية كافة
الظروف واألوضاع.558.
. 553أحمد سي علي .حماية األشخاص واألموال في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ334
. 554خالد روشو .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 329
. 555عمر سعد هللا .القانون الدولي اإلنساني الممتلكات Vالمحمية .مرجع سابق .صــ . 10
. 556أبو الخير احمد عطيه .حماية السكان المدنيين واألعيان المدنية إبان النزعات ال ُمسلحة .مرجع سابق .صـــ .153
. 557عمر سعد هللا .القانون الدولي اإلنساني الممتلكات Vالمحمية .مرجع سابق .صــ . 10
558
. Draft Additional Protocols to the Geneva Conventions of August 12, 1949 .ICRC. Geneva. Oct, 1973. P.G. 62.
140
الم بررات ال تي ق د يلج أ إليه ا أط راف ال نزاع ،وق د حظيت ه ذه
المناس ب لمواجه ة كاف ة ُ
وأعطت الس بيل ُ
األعيان على اهتمام وحرص واضح ،إال أن االستثناء على األصل في الحماية في حالة الضرورة العسكرية الملحة
َّ
شكل أداةً لتدميرها وتعطيلها ،وبالتالي قلل من أهمية إيراد نص خاص بشأن هذا النوع من األعيان .559
وذلك رغم وجود مجموعة من القيود والضوابط في حالة الضرورة العسكرية كضرورة عدم تسبب هذا
االستثناء في تجويع السكان المدنيين أو حملهم على النزوح ،560فما زلت المعايير التي تحكم الضرورة العسكرية
كما أوردت المادة 54من البروتوكول اإلضافي األول استثناءات على هذا الحظر وهو االستثناء الوارد في
المسلحة
الفقرة الثالثة التي أجازت توجيه الهجمات ضد هذه األعيان والمنشآت ،إذا استعملت كزاد ألفراد القوات ُ
وحدهم أو لدعم عمل عسكري ُمباشر ،بشرط أن ال يتسبب الهجوم في مجاعة أو يضطر السكان إلى النزوح عن
المس لحة
إقليمهم وت رك أوط انهم ،وب ذلك ال ترف ع الحص انة إال إذا ثبت اس تخدام ه ذه األعي ان من قب ل الق وات ُ
وحدهم ،561وبالتالي يمكن القول بأن تلك القيود قد خففت نوعاً ما من العيب الذي لحق بالمادة.
كما أن ما جاءت به الفقرة الخامسة من ذات المادة وهو االستثناء الذي أعطى ألطراف النزاع الحق في
الوط ني ض د الغ زو أو االحتالل ،562ق د أعطى ترخيص اً ص ريحاً بانته اك قواع د الحماي ة في حال ة ت وافر ه ذه
الظروف مما شكل عيباً جوهرياً قلل من فاعلية القيود الواردة في المادة ذاتها.
. 559بدرية عبدهللا العوضي .الحماية الدولية لألعيان المدنية وحرب الخليج .مرجع سابق .صــ 61وصــ . 62
. 560خالد روشو .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ .330
. 561رقية عواشرية .حماية المدنيين واألعيان المدنية .مرجع سابق .صـــ .278
. 562أبو الخير أحمد عطية .حماية السكان المدنيين واألعيان المدنية أبان النزعات ال ُمسلحة .مرجع سابق .صـــ.154
141
تحتو على مبدأ حظر الهجمات االنتقامية ،563فلم يرد في النص ما يحظر
وعلى الرغم من أن المادة 14لم ِ
هجمات الردع بعكس المادة ،54إال أنه يتصور أن فاعلية الحماية التي تحتويها أكبر من تلك التي تحتويها المادة
،54ذل ك أن الحظ ر ال وارد في الم ادة 54من ال بروتوكول اإلض افي األول لع ام ،1077ج اء ُمختلف اً عن الحظ ر
ال وارد في الم ادة 14من ال بروتوكول اإلض افي الث اني لع ام 1977وعلى العكس من ه ،فالم ادة 54احت وت على
وتعزي زاً له ذه القواع د أش ارت الكث ير من التق ارير الدولي ة أن أس لوب التجوي ع كوس يلة من وس ائل الح رب
الم ستقلة بشأن الجمهورية السورية ،في تقرير لها أن القوات الحكومية ق د
محظور ،فقد أكدت لجنة التحقيق الدولية ُ
حاصرت العديد من البلدات والقرى ذات المواقع االستراتيجية التي تكثر فيها الجماعات المناهضة للحكومة ،وذلك
ومخطط له
المتبع هو أسلوب استنزاف ُ
من أجل كبح قواها وإ رغامها على االنسحاب ،وأشارت اللجنة أن األسلوب ُ
لجع ل الظ روف المعيش ية ال تُط اق بالنس بة للم دنيين مم ا يج برهم على ال نزوح ،وب ذلك ُيص بح مق اتلو الجماع ات
564
. المسلحة المناهضة للحكومة أهدافاً عسكرية معزولة
ُ
المتب ع ُيعت بر من ض من األس اليب المحظ ورة حظ راً ُمطلق اً ،فال
وتعليق اً على ذل ك يمكن الق ول :إن األس لوب ُ
يجوز إطالقاً اللجوء إلى تجويع المدنيين عن طريق تدمير المواد التي ال غنى عنها الستمرار بقائهم كأسلوب من
أساليب ووسائل القتال ،وعلى أطراف النزاع السماح بمرور اإلغاثة اإلنسانية دون أي عوائق وحتى لو كانت هذه
المواد ينتفع منها الثوار على سبيل المثال ،ال يجوز للحكومة ُمهاجمتها أو تدميرها ،وذلك استناداً إلى نص المادة
. 563ورد مبدأ حظر الهجمات االنتقامية بشكل صريح في البروتوكول اإلضافي األول لعام 1977الفقرة الثانية من المادة 51حيث يحظر القانون الVVدولي
اإلنساني بوضوح الهجمات التي يكون هدفها األساسي االنتقام .
. 564الجمعية العامة .األمم المتحدة .مجلس حقوق اإلنسان .تقرير لجنة التحقيVVق الدوليVVة المسVVتقلة بشVVأن الجمهوريVVة العربيVVة السVVورية ..الVVدورة الرابعVVة
والعشVVرون .البنVVد 4من جVVدول األعمVVال .حVVاالت حقVVوق اإلنسVVان الVVتي تتطلب اهتمVVام المجلس بهVVا .بتVVاريخ 16أغسVVطس . 2013صـــ 30و صــ 35
المرجع A/HRC/24/46
142
استخدام التجويع كوسيلة إلجبار السكان المحليين على مغادرة المنطقة ،فهذا النص ُيعد تطويراً للمبدأ الذي يحظر
تجويع المدنيين باعتبارهم األساس الذي تستند إليه قواعد حماية األعيان المدنية.565
وكخالصة مما سبق فإن المادة 54من البروتوكول اإلضافي األول أعطت أطراف النزاع السلطة التقديرية
الكاملة لتقدير هذه الضرورة العسكرية الملحة ،كما وأعطتهم التبرير القانوني المناسب لتحقيق المكاسب العسكرية
على حساب الحماية المكفولة لهذه األعيان بعكس المادة 14التي جاءت بحظر مطلق.
وك ان األولى وض ع قواع د أك ثر ص رامة في الم ادة ، 54ك أن تخل و الم واد التجريمي ة من بي ان المب ادئ
واالس تثناءات في ذات ال وقت ،حيث أعطت ه ذه القواع د لألفع ال ص فة التج ريم واإلباح ة مع اً مم ا خل ق تناقض اً،
وبالت الي تم اس تغاللها فيم ا يخ دم مص الح أط راف ال نزاع على حس اب الحماي ة المكفول ة لألعي ان،خاص ة وأن
المب ادئ بص ورة أك ثر دق ة ،وعلي ه ك ان يج در أن يتم تض مين الم ادة 54حماي ة ُمطلق ة له ذه األعي ان مش ابهة لتل ك
وأخيرا ًتلكم هي الحماية التي كفلتها المادة 54من البروتوكول اإلضافي األول لعام ،1977والمادة 14من
البروتوكول اإلضافي الثاني لعام ،1977بشأن األعيان والمواد التي ال غنى عنها لبقاء السكان المدنيين ،وسيتم
التط رق تالي اً إلى الحماي ة المق ررة لألش غال الهندس ية والمنش آت المحتوي ة على ق وى خط رة في نص وص
المطلب الثالث :حماية المنشآت واألهداف المحتوية على قوى خطرة -:
حظيت األشغال الهندسية والمنشآت التي تحوي على قوى خطرة من األعيان بحماية خاصة ،لما تُشكله من
المسلحة ،حيث أقر القانون الدولي اإلنساني قواعد حماية خاصة رغبة
خطورة عند االعتداء عليها أثناء النزاعات ُ
565
. Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann. Ibid .Para 4800. P.G. 1458.
143
في حماية السكان المدنيين من اآلثار الخطيرة المترتبة على تدمير هذه المنشآت ،ذلك أن تدميرها يؤدي إلى تسرب
قوى خطرة تسبب خسائر في أرواح المدنيين وآثار مدمرة للبيئة ،وعليه فقد قرر البروتوكول اإلضافي األول لعام
1977تالفي النقص الذي شاب اتفاقيات جنيف األربع لعام ،1949فأفرد نصوصاً تحتوي على حماية خاصة لها.
وق د ظه رت ب وادر ه ذه الحماي ة لألش غال الهندس ية والمنش آت ال تي تح وي ق وى خط رة من خالل الم ؤتمر
الدبلوماسي إلعادة تأكيد وتطوير قواعد القانون الدولي اإلنساني بين عامي ،1977-1974حيث تم باقتراح من
اللجنة الدولية للصليب األحمر إدراج المادة 49في مشروع البروتوكول األول ،والتي تنص على ضرورة توفير
الحماي ة لألش غال الهندس ية والمنش آت الخط رة ،566لم ا تُمثل ه ه ذه المنش آت واألش غال الهندس ية المحتوي ة على ق وى
خطرة من أهداف مفضلة قد يقرر تدميرها مصير المعركة ،بل وحتى الحرب ُبمجملها ،567وبذلك فقد جاءت هذه
المتعلقة باألعي ان المدني ة بشكل عام ،خاص ة وأنها أعيان ذات اس تخدام مح دد وذات
الحماي ة لدعم وتقوي ة الحماية ُ
568
المقدم ة تم إق رار نص الم ادة 56من ال بروتوكول اإلض افي األول
المقترح ات ُ
خط ورة كب يرة ،وبن اء على تل ك ُ
لعام 1977تحت عنوان "حماية األشغال الهندسية والمنشآت المحتوية على قوى خطره ".
وقد عرفت المادة 56من البروتوكول اإلضافي األول لعام 1977األشغال الهندسية والمنشآت المحتوية
على قوى خطرة على أنها :الجسور والسدود والمحطات النووية لتوليد الكهرباء ،وهو ما أخذت به أيض اً المادة
األعيان فإنها تكون محالً للهج وم ،ولكن رغم ذلك فإن هذا الهجوم يبقى مرهون اً بمدى الخسائر التي قد تنجم من
جراء هذا الهجوم ،وهو ما أكدته المادتين في نصها "..إذا كان من شأن هذا الهجوم أن يتسبب في انطالق قوى
144
المتنازعة بعدم
حيث تم اإلشارة بوضوح إلى ضرورة إعمال مبدأ التناسب الذي تلتزم بموجبه األطراف ُ
إحداث أضرار إضافية زائدة وكبيرة ،كما هو الحال إذا كان من شأن الهجوم على الهدف العسكري حدوث خسائر
فادحة تتجاوز المكاسب العسكرية المرجوة منه ،570فالحماية هنا ليست ُمطلقة بل مشروطة بمدى الخسائر التي قد
الم خالفة ،فإن أي هجوم اليؤدي وال يتسبب في خسائر فادحة يكون مشروعاً .572 571
تنشأ جراء الهجوم ،وبمفهوم ُ
ولكن ما يؤخذ على هذا التعريف أن التعداد الوارد في نص المادتين أنه جاء على سبيل الحصر وليس على
سبيل المثال ،وهذا ما يشكل قصوراً وعيب اً؛ ذلك أن المنشآت التي تحتوي على قوى خطرة ال يمكن حصرها فقط
في الس دود والجس ور والمحط ات النووي ة المول دة للطاق ة الكهربائي ة ،573أض ف إلى ذل ك ف إن التع داد الحص ري ق د
ٍ
مزيد من المتسارع مما يعطي جموداً للمادة ،وبالتالي يمنعها من استيعاب
ُيعرقل عملية مواكبة التطور التكنولوجي ُ
ونظراً لهذا العيب فقد تقدمت مجموعة الدول العربية أثناء انعقاد دورات المؤتمر الدبلوماسي لتأكيد وتطوير
القانون الدولي اإلنساني باقتراح ينص على استبدال مصطلح " أال وهي" بمصطلح "ومثال على ذلك" ،مما يعطي
574
طابعاً غير حصري لهذه القائمة ،وبالتالي ضمان حماية أكبر إال أن هذا االقتراح قوبل بالرفض .
ورغم أن الم ادة 15ق د ج اءت لتع زز ه ذه الحماي ة ،575حيث أق رت الحماي ة ح تى ل و ك انت ه ذه األعي ان
أه دافاً عس كرية ،وج اءت تحت عن وان مماث ل لل وارد في نص الم ادة 56من ال بروتوكول اإلض افي األول الخ اص
المسلحة الدولية.
بالنزاعات ُ
. 570محمد البزاز.حماية األعيان المدنية بأساليب ووسائل القتال .في مؤتمر :الدورة اإلقليمية الثانية في مجال القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ
. 194
. 571نوال بسج .القانون الدولي اإلنساني وحماية المدنيين واألعيان المدنية زمن النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق صـــ . 163
. 572بدرية عبدهللا العوضي الحماية الدولية لألعيان المدنية وحرب الخليج .مرجع سابق.صــ . 63
ً
. 573فقد يتم تدمير مصانع كيميائية أو آبار نفطيه أو مصانع تكريرهVVا ممVVا قVد يلحVVق خسVVائر فادحVVه وأضVVرارا جسVVيمة .انظVVر .أحمVVد سVVي علي .حمايVVة
األشخاص واألموال في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ .335
. 574خالد روشو .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ.333
. 575نصت المادة 15على أنه " ال تكون االشغال الهندسية أو المنشآت التي تحوي قوي خطVVرة ،أال وهي السVVدود والجسVVور والمحطVVات النوويVVة لتوليVVد
الطاقة الكهربية محال للهجوم حتى ولو كانت أهدافا عسكرية ،إذا كان من شأن هذا الهجVVوم ان يتسVVبب Vفي انطالق قVVوي خطVVرة تVVرتب خسVVائر فادحVة بين
السكان المدنيين.
145
لكن المادة 56جاءت بشئ من التفصيل بعكس المادة ،15حيث نصت على حاالت لتعليق الحماية ،وهي
حال ة اس تخدام ه ذه المنش آت في غ ير اس تخداماتها العادي ة ،وحال ة ُمس اهمتها في دعم العملي ات العس كرية على نح و
ومباش ر ،وأيض اً حال ة م ا إذا ك ان الهج وم عليه ا ه و الس بيل إلنه اء ال دعم العس كري ،وهم ا ش رطان
ومهم ُ
ُمنتظم ُ
ُمتالزم ان ،576وأيض اً حال ة أخ رى تس ري بص فة خاص ة على الس دود والجس ور وه و اس تخدامها في غ ير وظيفته ا
العادية ،وقد فسرت عبارة ( وظيفتها العادية) بمعنى وظيفتها التي وجدت من أجلها دون غيرها كحجز المياه ،أو
أن تكون مهيأة لحجزها ،577كذلك نصت على ضرورة حظر هجمات الردع (االنتقامية ) ضد األشغال الهندسية
والمنش آت المحتوي ة على ق وى خط رة في حين خلت الم ادة 15من ه ذه البن ود لتش كل ب ذلك حماي ة أك بر له ذه
األعيان.
ولعل المدلول القانوني من وراء إغفال تلك التفاصيل كلها في المادة 15من البروتوكول اإلضافي الثاني،
هو أن هذه المادة قد جاءت لمجرد التأكيد على ما جاء في المادة ،56باإلضافة إلى الرغبة في تحقيق أكبر ضمانة
للمدنيين ،والتي لن تتحقق في ظل وجود هذه االستثناءات ،خاصة وأن المادة 56تحمل غموضاً من ناحية المعايير
ال تي يمكن االس تناد إليه ا في الحكم على عين م ا أنه ا تق دم دعم اً منتظم اً ومهم اً ومباش راً ،وبالت الي تف رد س لطة
وتش مل ه ذه الحماي ة كاف ة الت دابير واالحتياط ات المنص وص عليه ا في الم ادة 57لتف ادي انطالق الق وى
الخط رة ،578وك ذلك ض رورة اتخ اذ الق رار بالمهاجم ة على" مس توى ع ال من القي ادة" وعلى "المس تويات السياس ية
العالي ة المناس بة" ،579وعلي ه فإن ه عملي اً ال يمكن تق ييم الخس ائر إال من خالل أعم ال الس لطة التقديري ة ألط راف
580
النزاع
. 576خالد روشو .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ. 334
. 577نوال بسج .القانون الدولي اإلنساني وحماية المدنيين واألعيان المدنية زمن النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق صـــ . 164
. 578فريتس كالسوفن -الزابيث Vتسغفلد .ضوابط تحكم خوض الحرب مرجع سابق .صــ. 126
. 579جون – ماري هنكرتس ولويز دوزوالد – بك القانون الدولي اإلنساني العرفي .مرجع سابق ..مرجع سابق .صــ. 126
. 580بدرية العوضي .الحماية الدولية لألعيان المدنية وحرب الخليج .مرجع سابق .صــــ 63وصـــ. 73
146
وبالتالي ومع غياب الطرف المحايد الذي يعمل على ضبط المعايير والضوابط وإ زالة كل ما يشوبها من
غموض ،وهو ما يشكل عبئ اً في القيمة الحقيقية لهذه الحماية ،خاصة وإ ن مصالح هذه األطراف متضاربة في
األساس فكيف ُيمكن ضبط عملية كبح الخسائر المترتبة على المدنيين الذين يعتبرون الطرف األضعف في النزاع
في ظل وجود سلطة تقديرية يتحكم بها أطراف النزاع على حسب مصالحهم العسكرية؟!!
إال أن هذه الحماية قد ُد مرت بورود استثناءات أطلقتها المادة في الفقرات التالية تتعلق بتوقف هذه الحماية في حالة
المس تطاع إلنه اء ه ذا ال دعم ،وك ان األج در االس تغناء عن ه ذا االس تثناء اس تناداً إلى خط ورة ه ذه
الح ل الوحي د ُ
األعيان ومدى األضرار الجانبية التي قد تنشأ في حالة الهجوم عليها ،فالهجوم عليها محظور بشكل عام وإ ن لم
يكن دائم اً كم ا أن الح رص الش ديد ال واجب في التعام ل م ع مث ل ه ذه المنش آت ال يمكن إال من خالل إي راد حماي ة
واس تناداً إلى أن التعام ل م ع ه ذه األعي ان يتطلب حرص اً ش ديداً لخطورته ا ،وال يتمث ل ه ذه الح رص إال
واستناداً إلى مبدأ التناسب الذي ُيعد من المبادئ التي تحملها قواعد حماية األعيان ،فإن جلب أي منفعة عسكرية
االحتياطات والتدابير الواردة قد تكون فعالة في مواضع أخرى ،إال أنه وفي حالة الهجوم على المنشآت واألشغال
و ال يقتصر مجال الحماية الخاصة على األشغال الهندسية والمنشآت المحتوية على قوى خطرة فقط بل
يمتد ليشمل األهداف العسكرية المجاورة لها ،إذا كان من شأن هذا الهجوم أن يتسبب بأحداث نفس النتائج التي
147
يتس بب بح دوثها الهج وم على تل ك المنش آت واألش غال ،وس عياً لتوف ير حماي ة أك بر له ذه المنش آت فإن ه يتعين على
أطراف النزاع تجنب إقامة أية أهداف عسكرية بالقرب منها باستثناء المنشآت التي يكون القصد من إنشائها حماية
تل ك األعي ان وال دفاع عنه ا ض د الهج وم ،وحثت على ض رورة س عي ال دول إلى إب رام اتفاقي ات ثنائي ة أو متع ددة
المسلحة ،582وتعد
كما وجاء في الفقرة السابعة ضرورة وضع شارة مميزة لهذه األعيان زمن النزاعات ُ
هذه اإلشارة للداللة على وجود هذه المنشآت ،وليس للحماية وهي غير إجبارية ،حيث إن الفقرة السابعة من المادة
56أك دت على أن ه ح تى ول و لم توج د ه ذه الش ارة المم يزة ف إن ه ذا ال يعفي أط راف ال نزاع من التزاماته ا في
583
. ضرورة التقيد بقواعد الحماية الواردة في المادة
وق د حظي موض وع الحماي ة الخاص ة للمنش آت وخاص ة األش غال الهندس ية والمنش آت المحتوي ة على ق وى
خطرة باهتمام من قبل الخبراء الحكوميين واللجنة الدولية للصليب األحمر في الدورة الثانية للمؤتمر الدبلوماسي
لتط وير وتأكي د الق انون ال دولي اإلنس اني لع ام ،1974-1977و انقس مت م واقفهم وآراؤهم بش أن إعط اء الحماي ة
المنش آت واألعي ان إلى اتج اهين ،االتج اه األول :ين ادي بتط بيق قواع د الحماي ة العام ة له ذه المنش آت
الخاص ة له ذه ُ
دون حاجة إلى إيراد نص خاص بذلك ،مع تطبيق القواعد الخاصة بالتمييز بين األهداف المدنية والعسكرية قبل
اتخ اذ الق رار ب الهجوم ،أم ا االتج اه الث اني :ف يرى ض رورة وض ع نص خ اص يتن اول موض وع الحماي ة العام ة م ع
وضع ضوابط ومعايير تجيز بموجبها إيقاف الحماية الخاصة ضد الهجوم في حالة استخدامها لألغراض العسكرية
وللدعم العس كري ،ولم يتم ترجيح أي رأي ،ب ل تم دمجهما لتكوين حل توافقي متوازن متمثل في المادة 56التي
148
فق د أخ ذت الم ادة 56االتج اه الوس طي :ألح داث ت وازن من خالل إق رار الحماي ة م ع الس ماح برفعه ا
585
،وبالتالي وازنت المادة بين هذين االتجاهين من خالل الحظر ومهاجمتها متى استخدمت لدعم العمل العسكري
المطل ق وذل ك حفاظ اً على االعتب ارات اإلنس انية في الفق رة األولى من الم ادة ثم إدخ ال فق رات تض من حماي ة أك بر
ُ
لهذه المنشآت ،ولكن اإلستثناء الوارد على هذه الحماية شكل تقليالً من فعالية هذه الحماية نوعاً ما .
تلكم هي أهم ما ورد في أحكام القانون الدولي اإلنساني بشأن الحماية المقررة لألشغال الهندسية والمنشآت
المحتوي ة على ق وى خط رة بم وجب الم ادتين 56و 15من ال بروتوكولين اإلض افيين لع ام ،1977وس يتم تالي اً
تُش كل البيئ ة الوس ط ال ذي نعيش في ه ويحي ط بن ا وانطالق اً أهمي ة البيئ ة ،ومن ض رورة الحف اظ عليه ا
واستمرارية ديمومتها أصبحت حمايتها محدداً ضمن قوانين ُملزمة وتشريعات تُساهم في ضمان الحماية القانونية
وقد صدرت العديد من الوثائق الدولية التي أشارت إلى ضرورة حماية مناسبة البيئة الطبيعية بطريقة
غ ير ُمباش رة في البداي ة ،كم ا وردت نص وص تحث على الحماي ة للبيئ ة الطبيعي ة بطريق ة مباش رة وص ريحة منه ا
المادتان 35و 55من البروتوكول اإلضافي األول لعام 1977وتشير المادتان إلى حماية البيئة الطبيعية بصورة
مباش رة وص ريحة وتنط وي على عنص ر اإلل زام ،كم ا ح ددت بوض وح حرم ة الوس ائل واألس اليب ال تي تح دث
أض راراً بالغ ة ال ض رورة له ا وواس عة االنتش ار وطويل ة األم د ،ولكن رغم ذل ك فإنه ا لم تح دد درج ة الت دمير
المحظور وال طبيعة الضرر البالغ والواسع االنتشار ،مع عدم التدقيق في مسألة العناية المبذولة في حالة الضرورة
. 585حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ. 270
149
العسكرية التي تقتضي تدميراً كامالً أو جزئياً للبيئة ،586وتعتبر هذه النصوص مستحدثة وهامة جداً للقانون الدولي
المسلحة .587
اإلنساني الذي كان يفتقر إلى أحكام خاصة بالبيئة أثناء النزاعات ُ
باإلض افة إلى اتفاقية حظر اس تخدام تقنيات التغيير في البيئة ألغراض عسكرية أو ألية أغ راض عدائية
تقنيات التغيير في البيئة الطبيعية لألغراض العسكرية أو ألية أغراض عدائية .589
ويقص د بـ "تقني ات التغي ير في البيئ ة" ،أي ة تقني ة إلح داث تغي ير عن طري ق الت أثر المتعم د في العملي ات
الطبيعي ة في ديناميكي ة الك رة األرض ية أو تركيبه ا أو تش كيلها بم ا في ذل ك أحياؤه ا المحلي ة ،وغالفه ا الص خري
وغالفه ا الم ائي والج وي ،أو في حركي ة الفض اء الخ ارجي أو تركيبت ه أو تش كيله" ،590وق د ج اءت ه ذه االتفاقي ة
بهدف حظر الحروب الجيوفيزيائية التي تترتب على التدخل المتعمد في العمليات الطبيعية ،مما يؤدي إلى ظواهر
كاألعاص ير واألم واج البحري ة وال زالزل وهط ول األمط ار وغيره ا ،591ورغم أن الم ادة أش ارت إلى أن ه يكفي
ت وفر أح د الش روط لتط بيق قواع د الحظ ر ،592إال أن بعض الفقه اء ق د أص روا على ض رورة ت وافر عنص ر الم دة
والخطورة واالنتشار حتى يمكن االعتداد به كخطر جسيم ،وبالتالي تفعيل مبدأ الضرورة العسكرية مما يوجب رف ع
تعت بر االتفاقي ات والق وانين والل وائح الخاص ة بحماي ة البيئ ة واجب ة التط بيق في زمن الس لم وك ذلك في زمن
. 586خالد روشو .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ . 220
. 587عامر الزمالي مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ . 80
. 588لالطالع على القرار واالتفاقية كاملة .انظر .الجمعية العامة لألمم المتحدة .اتفاقية حظر استخدام تقنيات Vالتغيير Vفي البيئة ألغراض عسكرية أو أليVVة
أغراض عدائية أخرى .الدورة 31عام 1976بتاريخ 10ديسمبر .1976المشار إلية . A/RES/31/72صــ 74إلى صـــ. 80
.. 589مصطفى احمVد فVؤاد .حمايVة األمVاكن الدينيVة المقدسVة في منظVور القVانون الVدولي اإلنسVاني .القVانون الVدولي اإلنسVاني "افVاق وتحVديات .مرجVع
سابق .صــ.52
. 590بحسب ما جاء في نص المادة الثانية من اتفاقية حظر استخدام تقنيات Vالتغيير Vفي البيئة ألغراض عسكرية أو ألية أغراض عدائية أخرى.
. 591خالد روشو .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ .222
592
. Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann.. Ibid .Para 1461. P.g. 420
. 593خالد روشو .الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ 225
150
حاجة ماسة إلى إقرار تدابير وإ جراءات فعالة لحمايتها في هذه الظروف االستثنائية ،وبالنظر إلى اتفاقيات جنيف
المقدم من اللجنة الدولية للصليب األحمر لحماية المنشآت التي ال غنى عنها لبقاء
األربع لعام 1949والمشروع ُ
594
. المسلحة
السكان المدنيين ،فإنهما يخلوان من أي نص يضمن الحماية للبيئة الطبيعية في زمن النزاعات ُ
وك ذلك الح ال بالنس بة لل بروتوكول اإلض افي الث اني لع ام 1977حيث ج اء خالي اً من النص على حماي ة
البيئة في حالة النزاع المسلح غير الدولي ،إال أن البعض يرى أن البروتوكول الثاني عالج حماية البيئة من خالل
نص المادة 14بشأن حماية األعيان التي ال غنى عنها لبقاء السكان المدنيين ،والمادة 15التي تهدف إلى حماية
البيئة من خالل نصها على حظر الهجمات على األشغال الهندسية والمنشآت التي تحوي على قوى خطرة إذا كان
من شأن الهجمات أن تسبب انطالق قوى خطرة تؤثر على البيئة ،كما أنه يمكن االستناد إلى العرف الدولي الذي
أم ا ال بروتوكول اإلض افي األول فق د أق رت المادت ان 35و 55فج اءت الم ادة 35/3لتحظ ر أي اس تخدام
لوسائل وأساليب القتال التي تؤدي إلى المساس بالبيئة الطبيعية ،وتتسبب في أضرار بالغة واسعة االنتشار وطويلة
األم د وه و م ا تبنت ه أيض اً الم ادة 55ال تي نص ت على ش روط إلمكاني ة توف ير الحماي ة للبيئ ة الطبيعي ة مض مونها
أيضاً أن تكون " اآلثار الماسة بالبيئة :بالغة األثر ،طويلة األمد ،واسعة االنتشار" ،إال أنها لم تُحدد الجهة المخولة
بالتحقق من توفر هذه اآلثار مما ُيشكل إضعافاً لقيمة وفعالية الحماية كما أنها تعطي أطراف النزاع مساحة أوسع
من الس لطة التقديري ة ،في حين ك ان يج در تقيي د ه ذه الس لطة بش كل أك ثر فعالي ة ،وك ان الب د من بي ان عناص ر
ومؤشرات أكثر فاعلية تمكنهم من إدارة النزاع بصورة أكثر فاعلية وبخطوط أكثر دقة ووضوح.
كم ا وق د أوردت الم ادة 55مبدأ حماية البيئ ة الطبيعية بصيغة آم رة ،وتع بر عن ذل ك الجملة األولى من
الفقرة األولى " تراعى أثناء القتال حماية البيئة الطبيعية من األضرار البالغة ،" ..فقد جاء التوكيد على هذا اإللزام
.. 594قدم االقتراح الوفد االسترالي وقد أيدته كل من تشيكوسولفاكيا والمانيا والمجر والنمسا .
. 595محمد سامح عمرو .حماية الممتلكات Vواألعيان الثقافيVة في فVترات الVنزاع المسVلح .في مVؤتمر VالVدورة اإلقليميVة الثانيVة في مجVال القVانون الVدولي
اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 215
151
في الفقرة التي تليها؛ حيث جاءت الجملة الثانية لتعزز الجملة السابقة في إقرار مبدأ حظر استخدام أساليب القتال
ال تي من ش أنها اإلض رار بالبيئ ة ،وتص ل الحماي ة م داها ب إقرار مب دأ حظ ر الهجم ات االنتقامي ة وه و م ا اس تحدثته
وب الرغم من الص فة اآلم رة لمب دأ الحماي ة ال واردة في الم ادة ،55إال أن ه في الواق ع م ا ه و إال ال تزام بب ذل
عناي ة ورعاي ة أك ثر من كون ه ال تزام بتحقي ق نتيج ة وه و م ا يؤك ده لف ظ " ي راعي" ال وارد في النص ،مم ا ق د ي ؤدي
وبحسب ما أكده بعض مفسري البروتوكول إلى التقليل من فعالية هذه الحماية ،وذلك ألنها قد توسع من تقدير ه ذه
المراع اة الواجب ة ،باإلض افة إلى أن مب دأ حظ ر اس تخدام أس اليب ووس ائل القت ال ق د ج اء مج ردا ًمن أي قواع د
تفصيلية ،وقد يكون ذلك مقصوداً باعتبار أن جميع األحكام المتعلقة بحماية األعيان المدنية تقرأ وجوب اً ،وبالتالزم
م ع أحك ام الم ادة 57من ال بروتوكول اإلض افي األول ال ذي ينص على ض رورة اتخ اد كاف ة الت دابير واالحتياط ات
المسلحة ،بل يعتمد هذا االلتزام بالدرجة األول على حماية السكان المدنيين في حين
لحماية البيئة أثناء النزاعات ُ
597
. جاءت الفقرة الثالثة من المادة 35لتحمي البيئة ذاتها
وجدير بالذكر أن العالقة بين نصوص البروتوكول اإلضافي األول لعام 1977الذي ورد فيه حظر صريح
لكل ما يلحق أضراراً بالبيئة الطبيعية في فترة النزاع المسلح واتفاقية األمم المتحدة لحظر استخدام تقنيات التغيير
في البيئ ة ألغ راض عس كرية أو أي ة أغ راض عدائي ة أخ رى ،هي عالق ة تكام ل فكال النص ان يع دان متك املين وال
. 596نزار العنبكي. Vالقانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ ،363صــ. 364
. 597عامر الزمالي .مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ .80
152
االنتش ار ،وطويل ة األم د ال واردة في ال بروتوكول اإلض افي األول تحم ل معن اً مختلف اً عن المع نى ال ذي تحمل ه ذات
598
. العبارة في اتفاقية عام 1976
فالحظر الوارد في البروتوكول اإلضافي األول ينصرف إلى ضرورة عدم توجيه أي أعمال عدائية للبيئة
الطبيعي ة ،أم ا الحظ ر ال وارد في اتفاقي ة 1976فينص رف إلى من ع إح داث أي تغي يرات بيئي ة مث ل األعاص ير أو
اله زات األرض ية والفيض انات وغيره ا باس تخدام تقني ات مخصص ة بغي ة الحص ول على مزاي ا عس كرية أو القي ام
بأعم ال عدائية ،599وعليه فإنهما يهدفان إلى توفير الحماية الالزمة من مختلف األضرار التي قد تتعرض لها،
وأكدت اللجنة التي ُأنشئت للنظر في حملة القصف التي شنتها قوات حلف الشمال األطلسي على يوغسالفيا
ضرورة التقيد بالنصوص التي تحظر المساس بالبيئة الطبيعية وأضافت أن الحملة قد أدت إلى انتهاك للمادة /35
،3حيث تم استهداف المنشآت الصناعية مثل المصانع الكيماوية والمنشآت النفطية مما تسبب بأضرار على البيئة
الطبيعية وإ طالق الملوثات الكيمائية بشكل كبير إال أن هذا االنتهاك ،وكافة األضرار البيئية العرضية لهذه الحملة،
الملحة ،وعليه فإن القصف حسب وجهة نظر اللجنة ،جاء مراعي اً لمبدأ التناسب
جاءت نتيجة الضرورة العسكرية ُ
هذا وقد أشارت محكمة العدل الدولية ،في رأيها االستشاري الخاص بمدى قانونية استخدام األسلحة النووية
لعام 1996إلى أن احترم البيئة هو أحد العناصر التي تدخل في تقييم ما إذا كان العمل العسكري قد جرى وفقVVا لمبVVدأ
. 598نوال بسج .القانون الدولي اإلنساني وحماية المدنيين واألعيان المدنية زمن النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق .صــ .188
. 599مصطفى احمد فؤاد .حماية االماكن الدينية المقدسة في منظور القانون الدولي اإلنساني .القانون الدولي اإلنساني "آفاق وتحديات .مرجع سابق ,صـــ
54
600
. Final Report to the Prosecutor bv the Committee Established to Review the NATO Bombing Campaign Against
the Federal Republic of Yugoslavia ICC-02/05-02/09-216-Anx 29-10-2009 9/32 CB PT para. 21-22-23
153
الضرورة والتناسب ،601فكاف ة العوام ل البيئي ة ينبغي مراعاته ا في س ياق تط بيق مب ادئ وقواع د الق انون ال دولي
اإلنساني.602
يمكن السيطرة عليها ،وأن الحماية التي تكفلها المادتين ،35/3و 55من البروتوكول األول لعام 1977ما هي إال
حماي ة إض افية تُس اهم في ض مان س المة البيئ ة العالمي ة ،واعت برت المحكم ة أن االل تزام به اتين الم ادتين ُيع د من
االلتزامات العامة لحماية البيئة الطبيعية ضد األضرار البالغة ،والواسعة االنتشار ،وطويلة األمد .603
كم ا الب د من اإلش ارة إلى الق رار الص ادر عن الجمعي ة العام ة لألمم المتح دة بش أن حماي ة البيئ ة في أوق ات
أن "ت دمير البيئ ة ال ذي ال ت برره ض رورة عس كرية وينف ذ تعم ًدا ،أم ر
ال نزاع المس لح ،ه و ق رار مهم ينص على ّ
يتعارض بشكل ّبي ن مع القانون الدولي القائم" ،وحث القرار على ضرورة أن تتخذ جميع الدول كافة التدابير لكفالة
اإلمتثال للقانون الدولي الساري على حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة ،وناشدت الجمعية العامة في
هذا القرار جميع الدول التي لم تصبح بعد أطرافًا في االتفاقيات الدولية ذات الصلة أن تنظر في القيام بذلك.604
وكخالص ة فإن ه ورغم م ا حظيت ب ه قواع د حماي ة البيئ ة الطبيعي ة من اهتم ام ،إال أن الممارس ات الدولي ة
ُ
تكش ف عن انتهاك ات كث ير له ذه القواع د ،وبالت الي تحت اج إلى إع ادة نظ ر فيم ا يخص تقليص الس لطة التقديري ة
ألطراف النزاع ولن يكون ذلك ممكناً إال من خالل التركيز على إعدام أي غموض تتصف به المعايير والضوابط
التي تحكم قواعد الحماية مع إضفاء الصرامه واإللزامية المناسبة لهذه القواعد .
. 601فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها مرجع سابق .الفقرة 30صــ . 20
. 602موجز األحكام والفتاوي واألوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية 1996-1992المشار اليه بVVالمرجع ST/LEG/SER.F/1/Add..1الفقVVرة
( )87-74صـــ.116
. 603فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها مرجع سابق .الفقرة . 31صـــ .20
. 604الجمعية العامة .األمم المتحدة .حماية البيئة أثناء النزاعات المسلحة .الدورة السVVابعة واألربعVVون . February 1993 9 .المشVVار إليVVه بVVالمرجع
. A/RES/47/37
154
وختاماً لكل ما سبق يمكن القول :إن أنواع الحماية القانونية المقررة لألعيان المدنية والثقافية أثناء النزاعات
الم سلحة ،قد اتسمت بقلة فعاليتها أمام التحديات التي تحيط بها كونها غير كافية من الناحية الواقعية ،وكذلك لخلوها
ُ
من القواعد الصارمة التي تحكمها ،وعدم القدرة الواضحه في إزالة ما يمكن إزالته من أوجه غموض ،سواء
كم ا أن تط بيق ه ذه القواع د على أرض الواق ع ال يمكن تص وره دون ت رتيب مس ؤولية قانوني ة على
مخترقيه ا ،لض مان ردع أط راف ال نزاع عن انته اك ،أو ُمخالف ة قواع د الحماي ة المق ررة بم وجب أحك ام الق انون
المسلحة يثبت وقوع العديد من االنتهاكات والتجاوزات ،وعليه فال سبيل لتطبيقها
الدولي اإلنساني فواقع النزاعات ُ
وضمان احترامها ما لم تُدعم بآليات تكفل تنفيذها ،وهذا ما سيتم التطرق إليه وبيانه في الفصل الثالث ،وذلك على
155
الفصل الثالث
المسؤولية الدولية عن انتهاك قواعد حماية
األعيان المدنية والثقافية
الفصل الثالث
تمهيد -:
156
تحظر قواعد القانون اإلنساني جميع االنتهاكات ضد قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية أثناء النزاعات
االنتهاك ات إلى انتهاك ات جس يمة وغ ير جس يمة إلى دوره ا في ت رتيب المس ؤولية الدولي ة ،ذل ك أن الق انون ال دولي
اإلنساني يتضمن فئتين من القواعد القانونية وهي قواعد ذات طابع جنائي يؤدي خرقها إلى وقوع تصرف جرمي
يرتب المسؤولية الجنائية ويعرض مقترفة للعقاب الجنائي ،وتعتبر ضمن نطاق االنتهاكات الجسيمة ،والفئة األخرى
قواعد يؤدي خرقها إلى وقوع عمل غير مشروع يرتب المسؤولية المدنية ويستوجب التعويض دون أن يتعرض
واستناداً إلى االرتباط الوثيق بين المسؤولية الدولية وااللتزام الدولي فال معنى لوجود االلتزام دون وجود
مسؤولية تترتب على كل من ُيخالف هذه االلتزام ، 608وفي سبيل إضفاء الفاعلية المناسبة لهذه القواعد وااللتزامات،
" . 605االنتهاكات Vالجسيمة" :وتُعرف أيضا ً بنظام ال ُمخالفات الجسيمة وتتصل بتلك األفعال التي تمس باإلضVVافة إلى األشVVخاص المحمVVيين VأيضVVا األعيVVان
المدنية والممتلكات Vالثقافية ،ولم يرد تعريف خاص بها بل جاءت وقُننت على سبيل التعداد الحصري ،ويقع ضمن تعVVدادها الحصVري أفعVVال اقVVترفت ضVد
أعيان وممتلكات Vمحمية باتفاقيات جنيف كتدمير األعيان أو االستيالء Vعلى الممتلكات Vعلى نطاق واسVVع ال تُVVبرره الضVVرورات العسVVكرية وبطريقVVة غVVير
مشروعة وتعسفية ،وقد تضمنت اتفاقيات جنيف المؤرخة ١٢أغسطس ١٩٤٩والبروتوكول اإلضافي األول المرفق بها لعVVام ١٩٧٧تعVVداداً وتقنينVا ً لهVVذه
المخالفات الجسيمة ،وكذلك نظام روما األساسي ،المادة 8من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي اعتبر االعتداء على األعيان المدنية والثقافية
من قبيل جرائم الحرب.
أنظر :ناتالي فاغنر .تطور نظام المخالفات الجسيمة والمسؤولية الجنائية الفردية لدى المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسالفيا السابقة .لمجلة الدولية للصليب
األحمر .العدد .2003-12-31 . 850صـــ . 4تاريخ الزيارة 1يناير . 2015على الرابط -:
.https://www.icrc.org/ara/resources/documents/misc/6leclx.htm
وأيضا ً كالً :من عمر سعد هللا.القانون الدولي اإلنساني الممتلكات المحمية .مرجع سابق .صـــ ،122و فريتس كالسهوفن و ليزابيث تسغلفد .ضوابط
تحكم خوض الحرب .مرجع سابق .صــ .94
. 606أما " االنتهاكات Vغير الجسيمة " ،فهي كافة األعمال ال ُمخالفة وال ُمنافيVVة التفاقيVVات VجVVنيف األربVVع لعVVام 1949والVVبروتوكول اإلضVVافي لعVVام ،1977
تقتصر على االلتزام "باتخاذ التدابير الالزمة لقمعهVا" ،وتشVمل اإلجVراءات اإلداريVة أو التأديبيVة ،وال تVرقى إلى مسVتوى االنتهاكVات VالجسVيمة التفاقيVات
جنيف وللبروتوكول Vاإلضافي األول ،وال إلى مستوى جرائم الحرب ،وقد أشير إليها بشكل عام دون إيراد بيان لها بوصفها "جميع األفعال التي تتعVVارض
مع هذه األحكام" .
وقد نصت المادة 21من البروتوكول الثاني لعام 1999على مجرد قيام أطراف الدول ال ُمتعاقVVدة بتبVVني التVVدابير التشVVريعية أو اإلداريVVة أو التأديبيVVة
الالزمة لوقف االنتهاكات كاستخدام هVVذه الممتلكVVات في القيVVام بانتهاكVات Vأو تصVدير ونقVVل هVVذه الممتلكVVات بطريقVVة تُخVVالف اتفاقيVة الهVVاي 1954أو هVذا
البروتوكول ،كما نصت المادة 15من ذات البروتوكول على أن االنتهاكات غير الجسيمة ينظرهVVا القVVانون الوطVVني أو المحلي ،وتكVVون الواليVVة القضVVائية
فيها للمحاكم الوطنية وفقا ً للفقرة 2من المادة . 15
انظر كال من :عمر سعد هللا .القانون الدولي اإلنساني الممتلكات المحمية .مرجع سابق .صـــ ،125و فريتس كالسهوفن و إليزابيث تسغلفد .ض>>وابط
تحكم خوض الحرب .مرجع سابق .صــ . 94
.607عباس هاشم السعدي .مسؤولية الفرد الجنائية عن الجريمة الدولية.دار المطبوعات الجامعية .اإلسكندرية .مصر . 2002 .صــ. 106
.608نشأت عنتر أمين .مسؤولية األمم المتحدة عن احتالل العراق واآلثVار المترتبVة عليVه .مركVز اإلمVارات للدراسVات والبحVوث االسVتراتيجية.أبوظVبي
الطبعة األولى .2013.صــ . 14
157
فإن القانون الدولي اإلنساني ُيطالب الدول بالتدخل للمعاقبة على أي انتهاك ،609يلحق بقواعده ومنها قواعد حماية
األعيان المدنية والثقافية ،فالحماية الردعية أو الزجرية هي التي تُضفي الفاعلية المناسبة .610
أف راد الق وات المس لحة التابع ة ل ه -مس ؤولية االنتهاك ات لقواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة ال تي ت دخل ض من
المتعلقة بحماية هذه األعيان ال ُيمكن أن تتحقق دون التطرق إلى مبدأ
قواعده ،وبالتالي فإن فعالية القواعد القانونية ُ
المسؤولية القانونية الدولية كوسيلة وآليه قانونية واجبة النفاذ ،وكل ذلك من أجل الرقابة على تطبيقها في كل مرة
المهمة التي تشكلها هذه القواعد وما توفره من حماية لألعيان المدنية والثقافية في ظروف
ونظراً للطبيعة ُ
تتس م بكونه ا خط رة ،فإن ه من غ ير الممكن عن د ثب وت المس ؤولية القانوني ة الدولي ة المترتب ة توقي ع ه ذه العقوب ات
كنتيج ة النته اك قواع د الحماي ة ،إال بوج ود قض اء يح رص على تنفي ذها ،ومعاقب ة ك ل من تس ول ل ه نفس ه االعت داء
عليها ،فوجود هذا النظام ُيعد من أحد أهم الوسائل واآلليات لوضع هذه القواعد موضع التنفيذ والتطبيق ،ويحول
دون انتهاكه ا ،ذل ك أن الس عي لتحقي ق الس الم والعدال ة والتأكي د على الحاج ة إلى مواجه ة ثقاف ة اإلفالت من العق اب
ويأتي ذلك من خالل االلتزام بضمان ُمساءلة الجهات المسؤولة عن االنتهاكات ،بما في ذلك إمكانية إحالتها
المتمثل بالمحكمة الجنائية الدولية ،ومنعاً لإلطالة فإن القضاء الدولي الجنائي هو ما سيتم التطرق إليه وذلك
الجنائي ُ
.609عمر سعد هللا .القانون الدولي اإلنساني الممتلكات Vالمحمية .مرجع سابق .صــ .115
.610حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ . 353
.611نزار العنبكي. Vالقانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 454
.612الجمعية العامVة .األمم المتحVدة .مجلس حقVوق اإلنسVان .تقريVر لجنVة التحقيVق الدوليVة المسVتقلة بشVأن الجمهوريVة العربيVة السVورية .الVدورة الثانيVة
والعشVVVرون .البنVVVد 4من جVVVدول األعمVVVال .حVVVاالت حقVVVوق اإلنسVVVان الVVVتي تتطلب اهتمVVVام المجلس بهVVVا .بتVVVاريخ 5فVVVبراير .2013صـــ 2المرجVVVع
. A/HRC/22/59
158
الرتباط ة الوثي ق بالموض وع مح ل الدراس ة ،وأهميت ه في معاقب ة ومتابع ة مرتك بي االنتهاك ات الجس يمة المتعلق ة
بانته اك قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة ،ودورة الفع ال في رد االعتب ار له ذه القواع د ووض عها موض ع
و في س بيل بي ان ك ل ذل ك س يتم تقس يم ه ذا الفص ل لمبح ثين ،يتن اول المبحث األول ب ادئ ذي ب دء بي ان
المسؤولية الدولية عن انتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية؛ وذلك لمعرفة وظيفتها كوسيلة وآليه قانونية
للرقابة على انتهاك قواعد الحماية لألعيان المدنية والثقافية ،ومن ثم سيتم تناول دور القضاء الدولي الجنائي في
وضع قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية موضع التنفيذ والتطبيق في المبحث الثاني ،وذلك على النحو التالي -:
المبحث األول
تمهيد -:
إن ثبوت مسؤولية أحد أطراف النزاع ،عن األضرار التي لحقت باألعيان المدنية والثقافية نتيجة انتهاك
المنتهك لهذه
المقررة في القانون الدولي اإلنساني يؤدي إلى ترتيب نوعين من اآلثار على الطرف ُ
قواعد الحماية ُ
القواعد فإما يتم توقيع العقاب المدني الذي ُي لزم الدولة المنتهكة لتلك القواعد بإزالة الضرر أو التعويض ،أو الجزاء
الجنائي الذي يوقع على مرتكب جريمة الحرب باعتبار أن هذا االنتهاك هو خروج عن القيم والقواعد اإلنسانية.613
فرابط ة المس ؤولية الدولي ة ،وكم ا ه و معل وم قاع دة عرفية ،614تنش ئ عالق ة قانوني ة جدي دة بين الض ار
والمتضرر ،615وبالتالي فهي النتيجة القانونية المباشرة ألي عمل غير مشروع دولي اً ارتكبه شخص دولي وش ّكل
ُ
. 613هشام بشير .وعالء الضاوي .حماية البيئة والتراث الثقافي في القانون الدولي .مرجع سابق .صــ.75
. 614لم يتم تقنينها إلى يومنا Vهذا رغم ظهور محVاوالت للتقVنين منVذ منتصVف القVرن العشVرين .انظVر .انظVر أحمVد السVرحال .قVانون العالقVات الدوليVة .
المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع .بيروت لبنان . 1993.صــ ،349وأيضا ً .رقية عواشرية .حماية المدنيين واألعيان المدنية في النزاعVات
المسلحة غير الدولية .مرجع سابق .صــ. 447
. 615محمد سعادي .المسؤولية الدوليه للدولة في ضوء التشريع والقضاء الدوليين .دار الجامعة الجديدة .اإلسكندرية .مصر . 2013.صــ . 7
159
إخالالً بالتزامات ه الدولية ،616فمن أهم االلتزام ات القانوني ة ال تي تنش أ عن انته اك قواع د حماي ة األعي ان المدني ة
والثقافية ،االلتزام بكفالة مساءلة مرتكبي تلك االنتهاكات باعتبار أن ذلك من ضمن االلتزامات الدولية المنصوص
عليها دولياً.
617
ُينسب من خالله الفعل أو وإلسناد المسؤولية الدولية ُيشترط أن يكون هناك عمل دولي غير مشروع
االمتن اع إلى ش خص من أش خاص الق انون ال دولي الع ام ،ويك ون ه ذا الفع ل أو االمتن اع ُمنافي اً لاللتزام ات الدولي ة
المفروضة ،وفي تعريف المسؤولية فقد ضمنوا الفقهاء في تعريفاتهم لها كل األشخاص الدولية ،وتوسعوا توسعاً
أق رب للص واب ُليص بح تعري ف المس ؤولية الدولي ة بأنه ا :الج زاء الق انوني ال ذي يرتب ه الق انون ال دولي على ع دم
احترام أحد أشخاص هذا القانون اللتزاماته الدولية ،618بمعنى عدم اقتصار الجزاء على الدول فقط بل توسع ليشمل
األفراد أيضاً وهو ما تبناه التعريف وتبنته أيضاً التطورات الحديثة لمفهوم المسؤولية الدولية.
المترتبة على انتهاك قواعد حماية األعي ان المدنية والثقافية ،تم تقسيم
وفي سبيل بيان المسؤولية الدولية ُ
األعي ان المدني ة والثقافي ة ،وفي المطلب الث اني س يتم التط رق إلى الض رورة العس كرية الرتباطه ا الوثي ق به ذه
الدراس ة ،وباعتباره ا ال دفع ال ذي ُيع ّول علي ه النته اك قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة ،وذل ك على النح و
التالي-:
المطلب األول :اآلثارـ القانونية المترتبة على قيام المسؤولية الدولية المترتبة على انتهاك قواعد حمايــة األعيــان
المدنية والثقافية-:
. 616أحمد سي على .دراسات قي القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ. 640
. 617اعتمدت لجنة القانون الدولي مشروع مواد متعلقة بمسؤولية الدول عن األفعال الدولية غير المشروعة ،فقد نصت المادة األولى من المشروع على
أن "كل فعل دولي غير مشVVروع تقVوم بVه الدولVة يسVVتتبع VمسVؤوليتها يVرتب VالمسVVؤولية الدوليVة" .يمكن االطالع على المشVVروع من خالل األمم المتحVVدة،
الجمعية العامة ،الدورة السادسة والخمسون ،البند 162من جدول األعمال ،تقرير لجنة القانون الVVدولي عن أعمالهVVا ،بتVVاريخ 26نوفمVVبر ..2001المشVVار
إليه بالمرجع . A/RES/56/10
.618نشأت عنتر أمين .مسؤولية األمم المتحدة عن احتالل العراق واآلثار المترتبة عليه .مرجع سابق .صــ 14وصــ. 15
160
يؤدي ثبوت المسؤولية ألحد األطراف في النزاع ،عن األضرار التي تلحق باألعيان المدنية والثقافية نتيج ة
النته اك قواع د الحماي ة المق ررة في الق انون ال دولي اإلنس اني ،إلى ت رتيب ن وعين من اآلث ار أو العالق ات القانوني ة،
المنتهك ة بإزال ة
المتض ررة تل تزم بمقتض اها الدول ة ُ
المنتهك ة والدول ة ُ
تتمث ل األولى بقي ام عالق ة قانوني ة بين الدول ة ُ
المرتكب ة
المنتهك ة أو ُ
الض رر الن اجم عن ه ذا االنته اك ،والعالق ة القانوني ة الثاني ة هي العالق ة القانوني ة بين الدول ة ُ
والثقافي ة ،من خالل التع رض للمس ؤولية المدني ة الدولي ة للدولة والمنظم ات الدولي ة عن انته اك القواع د الخاص ة
بحماية األعيان المدنية والثقافية (المسؤولية التقليدية ) في الفرع األول ،ثم المسؤولية الدولية الجنائية لألفراد عن
انتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية في الفرع الثاني وذلك على النحو التالي -:
الفرع األول -:المسؤولية الدولية المدنية للدول والمنظمات الدولية عن انتهاك القواعــد الخاصــة بحمايــة األعيــانـ
يرتك ز ال تزام ال دول في كفال ة أو ف رض اح ترام قواع د الق انون ال دولي اإلنس اني وال تي تق ع ض من نطاقه ا
قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة على ال دول أو األط راف المتنازع ة ال تي تس مح بانته اك القواع د أو تغض
النظر عنها كما يتعلق بمسؤولية الدول عن االنتهاكات التي تقوم بها .620
. 619حسين علي الدريدي .القانون الدولي االنساني .مرجع سابق .صـــ . 360
. 620عمران محافظة .الضمانات التقليدية لتنفيذ القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ .33
161
وتجد المسؤولية المدنية أساسها في القانون الدولي اإلنساني حيث تُكرس هذه الممارسة كإحدى قواعد القانون
ال دولي الع رفي ،كم ا قرره ا الق انون من ذ زمن بعي د تع ود إلى ع ام ،1907حيث ع برت الم ادة الثالث ة من اتفاقي ة
اله اي للح رب البري ة لع ام ،621 1907عن المب دأ وعلى التزام ات ال دول ،وأعي د التأكي د عليه ا في االتفاقي ات
الالحقة ،622فبموجب اتفاقيات جنيف األربع لعام ،1949فإن الدول األطراف تتعهد وتكفل احترام اتفاقيات جنيف
اإلنساني أو دفاع عن النفس ،624فهذا االلتزام ُمستمد من المبادئ العامة للقانون الدولي اإلنساني الذي ال تعدو أن
تكون االتفاقيات مجرد تعبير ُمحدد له طبقاً لمحكمة العدل الدولية .625
وتك رس القاع دة العام ة في الم ادة 1المش تركة بين اتفاقي ات ج نيف أن األط راف المتحارب ة ُملزم ة بكفال ة
الممكنة لضمان احترام القواعد من قبل الجميع خاصة أطراف النزاع ،
مشتركة في نزاع ما أن تتخذ كافة التدابير ُ
وبم وجب ه ذا االل تزام ال ُي رخص لل دول ب أن ت ذهب إلى أبع د من الوس ائل الدبلوماس ية واإلعالن الع ام عن ش جب
االنتهاكات .626
. 621المــادة الثالثة نصت على أنه "يكون الطرف المتحارب الذي يخل بأحكام الالئحة المذكورة ملزما ً بالتعويض إذا دعت الحاجة ,كمVVا يكVVون مسVVؤوالً
عن جميع األعمال التي يرتكبها أشخاص ينتمون إلى قواته المسلحة.".
. 622وهو ما نصت عليه المادة األولى المشتركة بين اتفاقيات جنيف األربع لعام 1949حيث جاء فيها "تتعهد األطراف السامية بأن تحترم هVVذه االتفاقيVVة
وتكفل احترامها في جميع األحوال " .
. 623حيث ينطبق االلتزام بكفالة احترام االتفاقيات في واقع األمر على المادة 3المشتركة أيضا ،طبقVVا لمحكمVة العVVدل الدوليVVة ،ومن ثم على النزاعVات
غير الدولية .وينطبق كذلك على الدول غير األطراف في النزاع .للمزيد انظر .توني بفنر .آليVVات ونهج مختلفVVة لتنفيVVذ القVVانون الVVدولي اإلنسVVاني وحمايVVة
ومساعدة ضحايا الحرب .مختارات من المجلة الدولية للصليب األحمر .المجلد . 91العدد . 874يونيو.2009.صــ. 21
. 624عمران محافظة .الضمانات التقليدية لتنفيذ القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ .33
.625انظر موجز األحكام والفتاوى واألوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية (نيكاراغوا ضد الواليVVات المتحVVدة )،الحكم الصVVادر في القضVVية المتعلقVVة
باألنشطة العسكرية وغير العسكرية في 27يونيو.1986 Vالمشار إليه بالمرجع st/leg/ser.f/1منشورات األمم المتحVVدة 1991-1948الفقVVرات (-215
) 220صــ. 219
. 626من هذه التدابير أيضا الدعوة لعقد اجتماعات لألطراف المتعاقدة تطبيقا ً للمادة السابعة من البروتوكول اإلضVVافي األول واللجVVوء غلى للجنVVة الدوليVVة
لتقصي الحقائق آمنه أمحمدي بوزينة .آليات تنفيذ القانون الدولي اإلنساني .دار الجامعة الجديدة .اإلسكندرية .مصر. 2014 .صــ . 21
162
أم ا ال برتوكول اإلض افي األول لع ام 1977في مادت ه األولى ج اء ليؤك د على ض رورة أن تتعه د األط راف
المتعاقدة بفرض االحترام في جميع األحوال ،ومما يمكن مالحظته أن الصياغة في نص البروتوكول جاءت أكثر
ُ
تش ديداً ،فكلم ة ف رض االح ترام أك ثر إلزامي ة من كلم ة كفال ة االح ترام ،وأض اف ال بروتوكول في م ادة 91على
وبالتالي يترتب على هذا االلتزام أنه في حالة فشل دولة ما في الوفاء بالتزاماتها ،يجوز لألطراف المتعاقدة
-سواء كانت محايدة أو حليفة أو معادية -أن تسعى إلعادة تلك الدولة إلى موقف احترام االتفاقيات ،627وهو ما
كما تلتزم الدول باتخاذ كافة التدابير الوقائية الالزمة لمنع جنودها ورعاياها من ارتكاب جرائم الحرب ،629أو
المتعلقة بانتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ،وإ ال ُس ألت الدول عن
أفعال غير مشروعة ،خاصة تلك ُ
كما ُي رتب عليها دفع كافة التعويضات الجابرة لتلك األضرار الناشئة .630
المسلحة وهو ما نصت عليه اتفاقية الهاي ،1907في الم ادة الثالثة فبعد أن قضت الفقرة األولى باعتبار الدولة
ُ
.627توني بفنر .آليات ونهج مختلفة لتنفيذ القانون الدولي اإلنساني وحماية ومساعدة ضحايا الحرب .مرجع سابق .صــ. 66
.628انظر القرار الصادر عن الجمعية العامة لألمم المتحدة في 18ديسمبر 2008بشأن انطباق اتفاقية ج>>نيف المتعلق>>ة بحماي>>ة الم>>دنيين وقت الح>>رب،
المؤرخة في 12أغسطس ، 1949على األرض الفلسطينية المحتلة ،بما فيها القدس الشرقية ،وعلى األراضي العربية المحتلة األخرى .ال>دورة الثالث>ة
والستون المشار إليه بالمرجع .A/RES/63/96ص ـ. 3
وكذلك محكمة العدل الدولية في قضية نيكاراغوا ضد الواليات المتحدة )،الحكم الصادر في القضية المتعلقة باألنشطة العسكرية وغير العسكرية ،وكذلك
مجلس األمن القرارت الصادرة عنه في حالة األراضي العربية المحتلة حيث طالب القرار بكفالة احترام المادة 1من االتفاقية ).S/681 (1990
الحالة في البوسنة والهرسك ( ،S/RES/764 (1992
الحالة في راوندا( .S/RES/955 (1994
كما استندت اللجنة الدولية للصليب األحمر خالل ع>امي 1983و 1984إلى الم>>ادة 1المش>>تركة بين اتفاقي>>ات ج>>نيف في إص>>دار ن>>داءات رس>>مية إلى
الدول األطراف في اتفاقيات جنيف الستخدام نفوذها مع العراق وإي>ران اللت>ان كانت>ا في حال>ة ح>رب آن>ذاك ،وحثتهم>ا> على االمتث>ال لق>انون النزاع>ات
المسلحة .انظر توني بفنر .آليات ونهج مختلفة لتنفيذ القانون الدولي اإلنساني وحماية ومساعدة ضحايا الحرب .مرجع سابق.هامش رقم 148صــ67
كما حاولت اللجنة لعب دور هام خالل احتالل العراق في 2003عندما نددت صراحة باالنتهاكات> التي تعرضت لها األعيان المدني>>ة من ج>>انب ق>>وات
التحالف ولعل خير دليل على ذلك تعرضها إلى ضرب في مقرها في العاصمة العراقية بغداد مما أدى إلى إجالء مندوبيها فوراً .
. 629أبو الخير أحمد عطية .المحكمة الجنائية الدولية الدائمة .مرجع سابق .صـــ244
( ،. 630المادة 91من البروتوكول اإلضافي األول ال ُملحق باتفاقيات Vجنيف لعام ) 1949وقد نصت على أنه " يُسأل طرف النزاع الVVذي ينتهVك VأحكVVام
االتفاقيات أو هذا الملحق "البروتوكول" Vعن دفع تعويض إذا اقتضت الحال ذلك ،ويكون مسؤوال عن كافة األعمال التي يقترفها األشخاص الذين يشVVكلون
جزءاً من قواته المسلحة"
163
المترتب على إخاللها بالواجبات المنصوص عليها في الالئحة أضافت الفقرة الثانية أن
مسؤولة مدنياً عن الضرر ُ
الدولة مسؤولة أيضا عن جميع األعمال التي يرتكبها أشخاص يكونون جزءاً من قواتها المسلحة ،وُأعيد النص
علي ه في الم ادة 91من ال بروتوكول اإلض افي األول ،ال تي أق رت بمس ؤولية أط راف ال نزاع ب التعويض في حال ة
اإلخالل أو انتهاك قواعد القانون الدولي اإلنساني ،ما جعل المادتين أكثر مرونه وتوسع.
لكن ليس بالتوس ع ال ذي ج اء في مش روع الجمعي ة العام ة لألمم المتح دة ،631حيث غطت الم ادة 7في
المشروع كافة الحاالت حتى تلك التي يتجاوز فيها أفراد القوات المسلحة أو يخالفون التعليمات،وهو ما لم تنصه
ص راحة الم ادتين الس ابقتين ،كم ا يجب مالحظ ة أن ه ذه الم واد في األس اس ج اءت فق ط إعم االً لقواع د المس ؤولية
632
. التقليدية
كما تقوم مسؤولية الدولة عن أي انتهاكات يقوم بها أشخاص أو مجموعات تفوضها الدولة القيام بقدر من
وسواء
ً مهام الحكومة كالمرتزقة والشركات األمنية الخاصة ،وكل من ُيطلق عليهم لفظ الوكالء أي فروع الجيش،
633
. كانت هذه التصرفات ضمن صالحيات هذه القوات أو حتى في حال قيامهم بأفعال دون أوامر أو خالفاً لها
فالدولة تُسأل عن األفعال التي ترتكبها جماعات تابعة لها أو تفوضها أو تعتمد عليها في القيام بالتج اوزات
واالنتهاكات لقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ،634وتظل مسؤوليتها قائمة حتى في حالة عدم رضائها بمعنى
لو تعدت هذه األجهزة أو األشخاص السلطة الممنوحة لهم أو قاموا بمخالفة التعليمات .635
. 631فقد جاء في المادة ( ) 7من مشروع مسؤولية الدولة عن األعمال غير الشرعية ( أن سلوك أي جهاز لدولة ما ..يمكن اعتباره عمالً من أعمال الدولة
بموجب القانون الدولي إذا كان الجهاز أو الشخص ..يتصرف بهذه الصفة ،حتى إذا تجاوز سVVلطته أو خVVالف التعليمVVات .) Vيمكن االطالع على المشVVروع
من خالل األمم المتحدة ،الجمعية العامة ،الدورة السادسة والخمسون ،البند 162من جدول األعمال ،تقرير لجنة القانون الVVدولي عن أعمالهVVا ،بتVVاريخ 26
نوفمبر ..2001المشار إليه بالمرجع . A/RES/56/10صــ .3
. 632حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ . 361
. 633جون -ماري هنكرتس ولويز دوزوالد –بك .القانون الدولي االنساني العرفي .مرجع سابق .صـــ.466
. 634وفي هذا الصدد يمكن اإلشارة إلى ما تمسكت Vبه دائرة االستئناف في المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا أنه وحتى في حالة ألفراد العاديين الVVذين
يعملون ضمن إطار القوات المسلحة ،أو بتواطؤ Vمع سلطات دولة ،يمكن أن يكونوا من ضمن أجهزة الدولVVة بحكم األمVVر الواقVVع مثال ،ويVVترتب Vعلى هVVذه
أن أفعال هؤالء األفراد تنسب إلى الدولة ،كما البد من اإلشارة إلى أن مدى السيطرة الضرورية من جVانب الدولVة تتفVاوت فالمسVألة ال تتطلب ّ
أن الحاالت ّ
تكون سيطرة الدولة حقًا على الوحدات أو المجموعات بمجرد التمويل والتجهيز ،فقط ولكن أيضً ا توجيه األفعال أو المساعدة في التخطيط.
انظر .
ICTY, UN. TPIY. Appeals Chamber The Prosecutor v. DU [KO TADI], IT-94-1-A, , 15 July 1999 .para 144 p.g 61.
. 635نجاة حمد أحمد إبراهيم .المسؤولية الدولية عن انتهاكات Vقواعد القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق.صــ . 294
164
اء على تعليم ات أو تحت إش راف الدول ة أو س يطرتها ف إن مس ؤولية الدول ة
وح تى أولئ ك ال ذين يعمل ون بن ً
التقص يرية تق وم بحس ب س يطرتها عليهم ،إال أنه ا ال تُس أل عن أفع ال تقص يرية ألف راد ق اموا بمخالف ة التعليم ات
المحددة من الدولة بخصوص التصرف وهو ما أكدته المحكمة الجنائية في قضية تاديش .636
كما تلتزم الدول بالبحث عن األشخاص الذين يزعم ارتكابهم لالنتهاكات الجسمية أو أومروا بارتكابها
ومحاي دة في جمي ع
ومس تقلة ُ
وتق ديمهم للمحاكم ة أي ا ك انت جنس ياتهم ،وذل ك بع د إج راء تحقيق ات فوري ة وكامل ة ُ
المتعلق ة بانته اك قواع د الق انون ال دولي اإلنس ان وال تي من ض منها قواع د حماي ة األعي ان المدني ة
االتهام ات ُ
637
والثقافية .
وق د أق رت الجمعي ة العام ة من خالل ق رار أخذت ه بش أن الح ق في االنتص اف والج بر لض حايا االنتهاك ات
638
له طابع الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني ،بأن االلتزام باحترام وضمان احترام وإ عمال القانون الدولي اإلنساني
عرفي ،639فحتى ل و لم تكن ال دول طرف اً في نظ ام روم ا األساسي فإن قواع د الق انون الدولي الع رفي يمكن لها أن
تنظم ه ذه المس ائل ،640حيث ينظ ر لألم ر ك التزام ق انوني دولي ذو ط ابع ع رفي ي وجب التحقي ق والمعاقب ة ألي
انتهاكات لقواعد القانون الدولي اإلنساني ،ولعل منها ما يتعلق بقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية في النزاعات
636
ICTY, UN. TPIY. Appeals Chamber the Prosecutor v. DU [KO TADI], IT-94-1-A, 15 July 1999 .para 20 p.g
156.
. 637انظر المادة 49من اتفاقية جنيف األولى ،والمادة 50من اتفاقية جنيف الثانية ،والمادة 129من اتفاقية جنيف الثالثة والمادة 146من اتفاقيVVة جVVنيف
الرابعة ،والمادة 28من اتفاقية الهاي لعام 1954الخاصة بحماية الممتلكات Vالثقافية أثناء النزاعات المسلحة .
. 638كما ورد في المادة ٣من اتفاقية الهاي المتعلقة بقوانين الحرب البرية وأعرافها والمؤرخة 18اكتوبر ( 1907االتفاقية الرابعVة ) ،والمVادة 91من
البروتوكول اإلضافي الملحق باتفاقيات Vجنيف المؤرخة 12اغسطس ،1949المتعلق بحمايVVة ضVVحايا التراعVVات المسVVلحة الدوليVVة (الVVبروتوكول األول )
والمؤرخ 8يونيو ،1977والمادتان 68و 75من نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
. 639حيث ذكرت الجمعية العامة مشددة أن "وإذ تشدد على أن المبادئ األساسي ة والمبادئ التوجيهية الواردة في هذه الوثيقة ال تفرض التزامات قانونيVVة
دولية أو محلية جديدة ،بل تحدد آليات وطرائق وإجراءات وأساليب تنفيذ االلتزامات القانونية القائمة في إطار القانون الدولي لحقوق اإلنسان والقانون
اإلنساني الدولي اللذين يكمل أحدهما اآلخر بالرغم من اختالف معاييرهما". V
انظر .القرار الذي اتخذته الجمعية العامة في 16ديسمبر . 2005الدورة الستون البند ( 71أ) من جدول األعمال .بتاريخ 21مارس . 2006المشار إليه
بالمرجع . A/RES/60 147/صــ 4و صـــ . 5
. 640ا أنظر القاعدة رقم .158جون ماري هنكرتس – Vدراسة حول القانون الدولي اإلنساني العرفي مرجع سابق .صـــ. 53
165
وهو ما أكدته أيضا لجنة التحقيق التابعة لألمم المتحدة بشأن دارفور حيث أكدت اللجنة على أن الدول
ُم لزمة بجبر أي ضرر يقوم به كل من ينتهك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ،من الذين يتصرفون بوص فهم
أجهزة لهذه الدول أو بحكم األمر الواقع باعتبار أن ذلك التزام عرفي .641
وال ينبع االلتزام فقط من القانون العرفي ،ولكن أيضا بموجب "نظام المخالفات الجسيمة" الوارد في اتفاقيات
ج نيف األرب ع ال ذي يحت وي على قائم ة مح ددة من الج رائم ال تي ي ترتب على ارتكابه ا ض رورة قي ام الدول ة بتس ليم
مرتكبيها ومحاكمتهم ،642ويكون التزام الدولة ُمحدداً بتقديمهم إلى محاكمها الوطنية ،أو محاكم الدولة التي ارتكبت
الجريمة على إقليمها أو أمام المحكمة الجنائية الدولية التي ُأنشئت عام 1998لهذا الغرض لتوقيع العقاب عليهم
643
.
فعالة على
وأيضاً يقع على الدولة التزام باتخاذ وسن أي إجراء تشريعي ضروري ،لفرض عقوبات جزائية ّ
أولئك األشخاص ،وتكفل لهم جميع الضمانات المناسبة للمحاكمة والدفاع الحر ،كما وتتحمل الدول كافة المسؤولية
المترتبة عن التقصير الناش ئ من أف راد قواتها المس لحة وهو م ا نصت علي ه اتفاقيات جنيف األربع والبروتوكول
اإلضافي األول.
ال ذين ارتكب وا إح دى ج رائم الح رب وال تي من ض منها ب الطبع ج رائم االعت داء على األعي ان المدني ة والثقافي ة،
. 641ماركو ساسولي .أنطوان بوفييه .كيف يوفر القانون الحماية في الحرب ؟ .مرجع سابق .صـــ . 263
. 642المادة 146من اتفاقية جنيف الرابعة لعام ،1949و يحتوي "نظام المخالفات الجسيمة " على قائمVVة محVVددة من الجVVرائم الVVتي ،كلمVVا انتهكت ،تلVVزم
الدولة إلى" محاكمة أو تسليم" الجاني/الجناة المشVVتبه بهم .وقVVد تم تأسVVيس لجنVة تقصVVي الحقVVائق في مجVVال القVVانون الVVدولي اإلنسVVاني إلجVVراء التحقيقVVاتV
الالزمة لمثل هذه االنتهاكات ،وبالتالي إحالتهم للمحكمة .
. 643انظر ديباجة نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية" :وإذ تذكر بأن من واجب كVVل دولVVة أن تمVVارس واليتهVا VالقضVVائية الجنائيVVة على أولئVVك
المسؤولين عن ارتكاب جرائم دولية" انظر أيضا ً أبو الخير أحمد عطية .المحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق .صـــ. 245
. 644أبو الخير أحمد عطية .المحكمة الجنائية الدولية الدائمة .مرجع سابق .صـــ . 244
166
وعلى الرغم من عدم تضمن المادة 3المشتركة التفاقيات جنيف والبروتوكول اإلضافي الثاني لع ام 1977
،الخ اص بالنزاع ات غ ير الدولي ة أحكام اً تتعل ق بمقاض اة مرتك بي االنتهاك ات الخط رة أو الخروق ات الجس يمة
لقواعدهما ، 645إال أن السوابق القضائية للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة قد أكدت على أن جرائم الحرب
فالمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا أقرت بعض العقوبات الجزائية كالسجن لمدة خمس سنوات واإلعدام
على بعض من ارتكب وا انتهاك ات لقواع د حماي ة األعي ان المدني ة كالت دمير التعس في أو الت دمير واس ع النط اق أو
االستيالء على ممتلكات ال تبرره الضرورة العسكرية ،646وعليه يمكن القول أن السوابق القضائية قد عززت من
مس ؤولية الدول ة ب التحقيق ومقاض اه ك ل م رتكب لالنتهاك ات الخط يرة ألحك ام الم ادة 3المش تركة وكاف ة االنتهاك ات
وبالت الي يمكن الق ول :أن الغ رض الرئيس ي من تقري ر المس ؤولية الدولي ة ه و حماي ة قواع د الق انون ال دولي
اإلنساني ،والتي من ضمنها قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية من كافة االنتهاكات التي قد تتعرض لها سواء
ك انت جس يمة أو غ ير جس يمة ،واس تقراء لم ا س بق ف إن المس تقر علي ه في القض اء والفق ه ،وأيض ا العم ل ال دولي أن
مسؤولية الدولة هي مسؤولية مدنية في حالة االنتهاكات غير الجسيمة فالدولة تتحمل تبعة الفعل غير المشروع.
المتمثل ة بانته اك قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة ،يك ون الج بر الكام ل
ف إذا ثبتت المس ؤولية الدولي ة ُ
للخسارة الناجمـة عـن الفعـل غـير المشـروع دوليـاً عن طريـق الـرد بمعنى إعادة الحال كما كان عليه بشرط أن ال
يك ون مس تحيالً وال يس تتبع عبئ اً ،أو عن طريق التع ويض القاب ل للتق ييم ،أو الترض ية ال تي تك ون على ش كل إق رار
. 645منشورات األمم المتحدة حقوق اإلنسان مكتب Vالمفوض السامي .الحماية القانونية لحقوق اإلنسان في النزاع المسلح .مرجع سابق .صــ . 86
. 646انظر على وجه الخصوص الحكم الذي أصدرته الدائرة االبتدائية للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا في قضية زوران كوبريكيتش وآخرون،
ICTY. The trial chamber prosecutor v. Zoran Kupreskic, Mirjan Kupreskic Vlatko Kupreskic, Drago Josipovic and
Dragan Papic. Ibed. IT-95-16-T. 14 January 2000.para844. p.g 318.
167
بالخرق أو إعالن األسف أو تقديم اعتذار رسمي بشرط أن يكون متناسباً مع الخسارة وغير مذل للدولة ،ويكون
المطالبة بالرد أي بإعادة األحوال إلى ما كانت عليه قبل حدوث الضرر (التعويض العيني) الصورة
وتعتبر ُ
المادي ة األك ثر أهمي ة من ص ور ج بر الض رر حيث ي ؤدي إلى رد الش يء أو الم ال ال ذي وق ع علي ه الفع ل غ ير
قواع د حماي ة الممتلك ات الثقافي ة القانوني ة ،تتمث ل بإع ادة الممتلك ات ال تي تُمث ل قيم ة تاريخي ه أو فني ة أو ديني ة إلى
موطنها األصلي فال وجود للتعويض المالي طالما كانت هذه الممتلكات موجودة ويمكن إعادتها.648
وهو ما أكدت عليه اتفاقية الهاي لعام 1954وبروتوكوالها اإلضافيان ،من حيث إلزام الدول األطراف
في حال ة مخ الفتهم لقواع د حماي ة الممتلك ات الثقافي ة في زمن النزاع ات المس لحة ،حيث يحظ ر ال بروتوكول األول
التكميلي التفاقية الهاي لعام 1954لحماية الممتلكات الثقافية تصدير الممتلكات الثقافية الموجودة على األراضي
المحتلة خالل نزاع مسلح ،649كما نص على ضرورة وضع هذه الممتلكات تحت الحراسة ،650وعلى تسليمها إلى
651
مع تعـويض مـن يحوز هذه الممتلكات بحسن نية عند استردادها منه السلطات المختصة بعد انتهاء االحتالل،
.652
كما وقد ج اء النص صريحاً بعدم ج واز االستيالء أو حج ز أي ممتلك ات ثقافي ة كتعويضات ح رب ،وحث
األط راف المتعاق دة على أن تق وم بتس ليم الممتلك ات الثقافي ة الموج ودة على أراض يها إلى الس لطات المختص ة عن د
. 647انظر تقرير لجنة القانون الدولي عن أعمال دورتها الثالثة والخمسين المواد ./ 37/36/35 34الجمعية العامة لألمم المتحدة الدورة 56بتاريخ 26
نوفمبر 2001المشار إليه بالمرجع A/56/589صــ . 16
. 648هشام بشير .وعالء الضاوي .حماية البيئة والتراث الثقافي في القانون الدولي .مرجع سابق .صــ. 78
. 649المادة األولى الفقرة األولى من البروتوكول .
. 650المادة األولى ،الفقرة الثانية من البروتوكول .
. 651المادة األولى ،الفقرة الثالثة من البروتوكول .
. 652المادة األولى ،الفقرة الرابعة من البروتوكول .
. 653المادة 3البروتوكول اإلضافي األول التفاقية "الهاي" لعام . 1954
168
وعليه يمكن القول بأن االسترداد كجزاء هو األفضل باعتبار أن هوية كل أمة وثقافتها وحضارتها تنعكس
من خالل ُممتلكاته ا الثقافي ة ،ومهم ا بل غ التع ويض فإن ه ال يمكن أن يك ون مناس باً ،وبالت الي ال يك ون اللج وء إلى
التعويض كجزاء إال بعد استنفاذ كافة الوسائل األخرى لضمان استرداد الممتلكات الثقافية ،ويكون القبول بالتعويض
كم ا يمكن لل دول المطالب ة بوق ف األعم ال غ ير المش روعة ،654وه و الص ورة القانوني ة إلع ادة الح ال إلى
ماكان عليه ،معنى ذلك أن تتوقف الدولة عن ممارسة أي سلوك غير شرعي ضد األعيان المدنية والثقافية كتدمير
ولكن قد يتعذر إعادة الحال إلى ما كان عليه أو تكون غير كافية فيكون التعويض المالي كجبر للضرر
بديالً له أو مكمالً للتعويض العيني ،655ويكون ذلك عن طريق دفع مبلغ من المال للدولة المتضررة كتعويض عن
يش ار إلى أن واجب التع ويض ورد بش كل واض ح في ال بروتوكول اإلض افي الث اني التفاقي ة اله اي لحماي ة
الممتلك ات الثقافية ،656كم ا ورد ض منيا ًفي اتفاقي ات ج نيف حيث لم ينص على التع ويض بش كل مباشر ،657ورغم
أن التعويض له دور األسبقية كنوع من أنواع جبر الضرر إال أنه يكون في كثير من األحيان غير ُمناسب خاصة
في حالة االعتداء على الممتلكات الثقافية ذات األهمية الكبرى والقيمة العالية .658
وبهذا الصدد يمكن اإلشارة إلى القرار الذي أصدره مجلس األمن إثر احتالل العراق للكويت في أغسطس
1990نتج عن ه من انس حاب للق وات العراقي ة ،حيث أص در المجلس ع دة ق رارات لع ل أهمه ا إنش اء ص ندوق
. 654أبو الخير أحمد عطيه .المحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق .صــ 244وصـــ. 245
. 655هشام بشير .وعالء الضاوي .حماية البيئة والتراث الثقافي في القانون الدولي .مرجع سابق صـــ 80إلى ،صــ. 85
. 656تنص المادة 38بشأن مسئولية الدول " ال يؤثر أي حكم في هذا البروتوكول يتعلق بالمسئولية الجنائية الفردية في مسVVئولية الVدول بمVVوجب VالقVVانون
الدولي ،بما في ذلك واجب تقديم تعويضات." V.
. 657تنص المادة 51من اتفاقية جنيف األول ى ،والمادة 52من اتفاقية جنيف الثانية ،والمادة 131من اتفاقيVة جVVنيف الثالثVة ،والمVادة 148من اتفاقيVة
جنيف الرابعة على أنه " ال يجوز ألي طرف متعاقد أن يتحلل أو يحل طرفا ً متعاقداً آخر من المسئوليات التي تقVع عليVه أو على طVVرف متعاقVد آخVر فيمVVا
يتعلق بالمخالفات المشار اليها في المادة السابقة".
. 658جون -ماري هنكرتس ولويز دوزوالد –بك .القانون الدولي اإلنساني العرفي .مرجع سابق .صــ . 471
169
للتعويضات عن األضرار التي سببتها العراق عما لحق األعي ان المدنية والثقافية من هدم وتدمير أثناء العمليات
ويعتبر هذا القرار بمثابة الواقعة الوحيدة التي تم فيها إلزام أحد أطراف النزاع المسلح كدولة بالتعويض
عن األضرار التي لحقت باألعيان المدنية والثقافية،إال أنه ال يمكن االعتماد على هذا القرار كسابقة قانونية يمكن
التي أقره ا الق انون ال دولي اإلنس اني ح ول المس ؤولية الدولي ة ،فتم تحمي ل العراق وح ده كاف ة األض رار ال تي لحقت
باألعي ان المدني ة ح تى تل ك ال تي نجمت عن تص رفات الحلف اء مم ا ُيخ الف قواع د المس اواة في المعامل ة الثابت ة في
وكذلك أكدت فتوى محكمة العدل الدولية المتعلقة بإنشاء إسرائيل لجدار الضم واإللحاق على ص عيد األرض
الفتوى إلى أهمية أن يأتي جبر الضرر في المقام األول بالتوقف الفوري عن تشييد الجدار وإ زالته فوراً ،وإ عادة
األم ر إلى س ابق عه ده ،ورد الممتلك ات ال تي تم االس تيالء عليه ا ،كم ا يش مل الج بر تع ويض األف راد ال ذين ُدم رت
منازلهم وأتلفت حيازتهم الزراعية ،وتقديم ضمانات مناسبة بعدم المعاودة .661
ولكن باعتبار أن رأي المحكمة هو مجرد رأي استشاري غير ملزم إال أنه يمكن القول أن الرأي يعتبر من
أهم المواقف والوثائق القانونية التي أصدرتها األمم المتحدة بخصوص قضية تشييد الجدار واآلثار المترتبة عليه،
. 659القرار رقم 1991/ 687المؤرخ في 2أبريل 1991الصادر عن مجلس االمن والذي جاء فيه أن العراق مسؤول بمقتضى القVانون الVدولي عن أي
خسارة مباشرة أو ضرر مباشر بما في ذلك الضVVرر الالحVVق بالبيئVVة واسVVتنفاذ المVVوارد الطبيعيVVة او ضVرر وقVVع على الحكومVVات VاألجنبيVVة أو رعاياهVVا أو
شركائها نتيجة غزوة واحتالله غير المشروعين للكويت وقرر المجلس بموجب ذل; إنشاء صندوق لدفع التعويضات .
المرجع قرار مجلس األمن رقم S/. 41585- 93 1991/ 687الفقرة . 16،18صــ . 26
. 660حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق من .صـــ 361إلى صــ. 363
. 661انظر البنود 145وما بعدها من بنود فتوى محكمة العدل الدولية بشأن اآلثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار في األرض الفلسطينية المحتله .مرجع
سابق .صــ 71ومابعدها .
170
من ت دمير لألعي ان المدني ة والثقافي ة في ظ روف تخ الف مقتض يات قواع د حماي ة ه ذه األعي ان والممتلك ات ،ومنه ا
والمالح ظ من نص وص قواع د الق انون ال دولي اإلنس اني خاص ة الم ادة 91من ال بروتوكول اإلض افي األول
ُ
أشارت صراحة إلى التعويضات في صورتها العينية كإعادة الحال إلى ما كان عليه ،وصورتها المادية كالتعويض
المالي ،وذلك لجبر كافة األضرار التي قد تنشأ نتيجة بين أطراف النزاع ،كما تُبين المادة أن المسؤولية المدنية تقع
جزاء يحصل عليه الطرف المتضرر قد يكون إما عن طريق قرار من هيئة تحكيم
ً والتعويض باعتباره
متفق عليها بين أطراف النزاع ،أو عن طريق حكم صادر من محكمة العدل الدولية ،أو االتفاق على التعويض في
المتضررة
ولكن إذا لم تستجب الدولة واستمرت في ارتكاب األفعال غير المشروعة فال يكون أمام الدولة ُ
سوى اللجوء إلى مجلس األمن الذي يكون له سلطة التدخل لصالح اإلنسانية ،كما وقع من السلطات الصربية في
البوسنة والهرسك منذ عام 1991وحتى عام ،1994حين أصدر مجلس األمن عدة قرارات للضغط على القوات
الص ربية وحثه ا على وق ف انتهاك ات الق انون ال دولي اإلنس اني من ت دمير واعت داء س افر على األعي ان المدني ة
والثقافية.664
و تتنوع الوسائل واآلليات لكفالة وفرض احترام قواعد القانون الدولي اإلنساني؛ حيث يشمل التعهد طائفة
واس عة من الوس ائل باإلض افة إلى تل ك المنص وص عليه ا ص راحة في الق انون ال دولي اإلنس اني ،ولع ل أهم ه ذه
. 662تنص المادة ٥٣على أنه " :يحظــر علــي دولــة االحــتالل أن تــدمر أي ممتلكــات خاصــة ثابتــة ثابتــة أو منقولــة منقولــة تتعلVق بVأفراد أو
جماعات ،أو بالدولة بالدولة أو السلطات السلطات العامة ،العامة ،أو المنظمـات Vاالجتماعيـة االجتماعيـة أو التعاونيVVة ،التعاونيVVة ،إال إذا كVانت العمليVات
العمليات الحربية تقتضي حتما هذا التدمير"
. 663أحمد سي علي .دارسات في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ.642
. 664القرار رقم 771/1992الصادر عن مجلس االمن بتاريخ 13اغسطس 1992في جلسته رقم 2106والذي طالب فيVه المجلس من جميVع أطVراف
النزاع التوقف فورا عن ارتكاب Vاي انتهاكات Vللقانون الدولي اإلنساني وتمرير كافVVة المسVVاعدات اإلنسVVانية لكافVVة المعسVVكرات Vوالمعتقالت وقVVرر المجلس
العمل بموجب الفصل السابع من ميثاق االمم المتحدة ألحكام هذا القرار المرجع S/RES/771 (1992) .صــ .2/3
171
اآلليات ما نصت عليه المادة 89من البروتوكول اإلضافي األول التي نصت على ضرورة قيام األطراف المتعاقدة
في حاالت الخرق الجسيم لالتفاقيات والبروتوكول بالتعاون مع األمم المتحدة ،وبما يتالءم مع ميثاق األمم المتحدة،
وذل ك لمن ع هذه االنتهاك ات ،ولع ل م ا ُيمكن فهم ه من ه ذا النص أن التع اون ق د يك ون عن طريق الجه از التنفي ذي
ورغم أن مجلس األمن ق د اهتم في ممارس اته العملي ة بآث ار النزاع ات الدولي ة في المق ام األول ،وه و ي دعو
األطراف المتحاربة في كثير من األحيان إلى احترام قواعد حماية األعي ان المدنية والثقافي ة من خالل الحث على
665
الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية الموجهة ضد هذه األعيان ،بما في ذلك المدن والمناطق السكنية.
إال أن إمكاني ة ت دخل األمم المتح دة بواس طة مجلس األمن واالس تناد إلى الفص ل الس ابع،666ال يك ون إال في
حال بلغت هذه االنتهاكات ُمستوى ُيهدد السلم واألمن الدولي ،فالغرض من تلك التدابير في المقام األول ليس إنفاذ
667
. القانون الدولي اإلنساني ،بل حفظ السالم واألمن الدولي وإ نهاء الحالة التي تُشكل تهديداً لهما
وعليه يمكن القول أن اإلشارة إلى إمكانية التعامل وفق البند السابع لميثاق األمم المتحدة يأتي مقرون اً بحالة
توافر االنتهاكات الجسيمة فقط وتهديد األمن والسلم الدولي ،وبذلك فإن أي انتهاكات جسيمة لقواعد حماية األعيان
المدنية والثقافية يرتب التعامل وفق البند السابق لميثاق االمم المتحدة ،ولكن ال يكون هذا األثر تلقائي اً ،بل يعتمد
المتعاق دة ،ودون ذل ك يقتص ر دور مجلس األمن على الحث على اح ترام قواع د حماي ة
على م دى ض غط األط راف ُ
. 665انظر قرارات مجلس األمن الحالة بين إيران والعراق () ،S/RES/540(1983والقرار رقم ().S/RES/598(1987
. 666المواد 39،40،41من ميثاق Vاألمم المتحدة .
. 667توني بفنر .آليات ونهج مختلفة لتنفيذ القانون الدولي اإلنساني وحماية ومساعدة ضحايا الحرب .مرجع سابق.هامش رقم 148صــ. 68
172
المتعم د لل تراث الثق افي على مب دأ مس ؤولية ال دول بش أن األض رار
كم ا أك د إعالن اليونس كو بش أن الت دمير ُ
ال تي تلح ق الممتلك ات الثقافي ة ،وأل زم ال دول بض رورة اتخ اذ كاف ة الت دابير القانوني ة واإلداري ة والتربوي ة والتقني ة
المالئمة في حدود مواردها االقتصادية بصورة دورية وكل ذلك من أجل حماية التراث الثقافي.668
و أكدت المــادة 1/ 86من البروتوكول اإلضافي األول على ضرورة قمع االنتهاكات الجسيمة الناجمة عن
أي مس ؤولية تقص يرية تنش أ عن الدول ة ،وب ذلك تعت بر الم ادة األولى المش تركة التفاقي ات ج نيف ،والم ادة 86/1
والمادة 89من البروتوكول اإلضافي األول ،إطاراً مناسباً لبيان التزامات الدول ،ولما يجب القيام به ،وما ال ينبغي
القي ام ب ه لكفال ة اح ترام قواع د الق انون ال دولي اإلنس اني وال تي يق ع ض من نطاقه ا قواع د حماي ة األعي ان المدني ة
والثقافية.
وعلى ال رغم من أهمي ه اآللي ة المنص وص عليه ا في الم ادة 89من ال بروتوكول اإلض افي األول لع ام
،1977إال أنها جاءت ُمبهمة ،خاصة وأن جميع اآلليات العامة ُيمكن أن تُعتبر تطبيق اً لها ،669كما أنها حصرت
الت دخل األممي في حال ة االنتهاك ات الجس يمة للقواع د فق ط ،على ال رغم من أن ه ذه القواع د تحم ل الط ابع الع رفي
وانتهاكها على اختالف أنواعه سواء كان جسيم أو غير جسيم يضر بالمصلحة اإلنسانية المشتركة لجميع الدول.
. 668اإلعالن صادر عن المؤتمر العام لمنظمة األمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة المنعقد في دورتVVه الثانيVVة والثالثين في بVVاريس خالل الفVVتره من 29
سبتمر إلى 17اكتوبر 2003وذلك بموجب الفقرة سادسا ً التي تنص على أن " في حالة قيام أي دولة بتدمير متعمد Vالي تراث ثقVVافي ذي قيمVVة عظيمVVة
بالنسبة لإلنسانيةأو باإلمتناع Vعمداً عن اتخاذ التدابير المالئمة لحظر ومنع ووقف ومعاقبة أي تدمير عمدي سواء أكان هذا الVVتراث أم لم يكن مVVدرجا ً في
قائمة تحتفظ بها اليونسكو Vأو أي منظمة دولية أخرى ،فإنها تعتبر مسؤولية عن ذلك التدمير ،وفقا ً بما ينص عليه القانون الدولي "
وجاء في البند ثالثاً :تدابير تستهدف مكافحة التدمير المتعمد للتراث الثقافي
ينبغي للدول أن تتخذ جميع التدابير المالئمة لمنع وتجنب ووقف وقمع افعال التدمير المتعمد للترث الثقافي اينما وجد . .1
ينبغي للدول أن تتخذ التدابير القانونية واإلدارية والتربوية والتقنية المالئمة في حدود مواردهVVا االقتصVVادية ،من اجVVل حمايVVة الVVتراث الثقVVافي .2
وينبغي Vلها ان تنقح هذه التدابير بصورة دورية بغية تطويعها لتطوير المعايير المرجعية الوطنية والدولية الخاصة بحماية التراث الثقافي .
ينبغي للدول األعضVاء أن تعمVVل ،بكافVة الوسVائل المالئمVة ،على تVVأمين احVVترام الVتراث الثقVافي في المجتمVع ،السVVيما بواسVطة بVVرامج للتعليم .3
والتوعية واإلعالم.بغية تطويعها لتطوير المعايير Vالمرجعية الوطنية والدولية الخاصة بحماية التراث الثقافي .
ينبغي للدول: .4
أ -أن تصبح أطرافا ً في اتفاقية الهاي لعام 1954الخاصة بحماية الممتلكات Vالقافية في حالة وقوع نزاع مسVVلح وفي بروتوكوليهVا VلعVVامي 1954و،1999
وفي البروتوكولين Vاإلضافيين األول والثاني التفاقيات Vجنيف األربع لعام ،1949إذا لم تكن بعد أطرافا ً فيها،
ب -أن تعزز عمليات إعداد واعتماد وثائق قانونية توفر مستوى أعلى من الحماية للتراث الثقافي.
جـ -أن تعVVزز التطVVبيق المتناسVVق للوثVVائق القانونيVVة الحاليVVة والمقبلVVة المتعلقVVة بحمايVVة الVVتراث الثقVVافي .انظVVر .منظمVVة األمم المتحVVدة للتربيVVة والعلم
والثقافة .سجالت المؤتمر العام .المجلد األول القرارات . 2004.صـــ 72وصـــ. 73
. 669ماركو ساسولي .مسؤولية الدول عن انتهاكات Vالقانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ .525
173
وفي إش ارة ،لض رورة تع ويض كاف ة المتض ررين من األعم ال غ ير المش روعة كالت دمير التعس في للمن ازل
والق رى وك ذلك المؤسس ات الديني ة فق د أدانـت الـدائرة االبتدائيـة المس ؤول الص ربي رادوســالف بــردانين التـدمير
للمــدن والقــرى دون مقتــضيات عــسكرية ،وتــدمير المؤسـسات الدينيـة أو إلحـاق الـضرر عمـداً له ذه األعي ان بمـا
يرقـى إلى انتـــهاكات لقـــوانين الحـــرب أو ألعرافهـــا ،ووجدت الدائرة االبتدائية أن المسلمين البوسنيين والكروات،
تعرضوا للقصف والنهب ،والطرد ،وتدمير المنازل وضرب المدن واجبارهم عن التخلي عن ممتلكاتهم في كثير
تُطالب باالمتثال لاللتزامات الناشئة من مسؤوليتها ،إال أنه واستناداً إلى انتماء قواعد القانون الدولي اإلنساني إلى
فئ ة االلتزام ات في مواجه ة الجميع ،671يمكن لل دول األط راف ُمجتمع ه أو ُمنف ردة التع اون م ع األمم المتح دة في
ح االت الخ رق الجس يم لالتفاقي ات ،وبم ا يتالءم م ع ميث اق األمم المتح دة وذل ك حس بما نص ت علي ه الم ادة 89من
واس تقراء لم ا س بق يمكن الق ول :إن ه يق ع على ع اتق الدول ة التزام ات وفق اً لقواع د الق انون ال دولي اإلنس اني
خاص ة الم واد 3من اتفاقي ة اله اي الرابع ة لع ام 1907والم ادة 91و 86/1من ال بروتوكول اإلض افي األول لع ام
،1977لعل أهمها إيقاف العمل غير المشروع فوراً ،ويكون ذلك بوقف أي انتهاكات تمس األعيان المدنية أو
الثقافية ،أو إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع الفعل الضار ،وإ ذا تعذر ذلك يكون اإلصالح بدفع مبلغ نقدي
يساوي التنفيذ العيني ،بحيث يكون جبر الضرر عن طريق دفع تعويض مالي يتناسب مع حجم الضرر الحقيقي،
ذلك أن قيام الدول بأي عمل غير مشروع ،يتمثل في قصف أعيان مدنية وثقافيةُ ،يعد من األعمال غير المشروعة
670
ICTY. UN. TPIY. . Prosecutor v. Radoslav Brdjanin (Appeal Judgement. IT-99-36-A. 3 April 2007. Para 315 p.g 97.
. 671ماركو ساسولي .مسؤولية الدول عن انتهاكات Vالقانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق صــ 255وصـــ . 256
. 672المــادة 89من البروتوكول اإلضافي األول لعام .1977
174
فع ال لهذه القواعد ومنع انتهاكها والعمل على تطويرها وإ كسابها
وعليه البد من أجل الوصول إلى تنفيذ ّ
الق وة الالزم ة لتطبيقه ا على أرض الواق ع ،ولن يك ون ذل ك ممكن اً إال من خالل التمس ك بمس ؤولية ال دول في حال ة
ب التعويض أو بجميعه ا م ع ض رورة ع دم القب ول ب التعويض كج زاء إال بع د اس تنفاذ كاف ة الوس ائل األخ رى من رد
ووقف لالنتهاكات.
ورغم أن للحكوم ة ال دور ال رئيس في المس اءلة ،لكن في ح ال لم تثبت م ا يل زم من اس تعداد وق درة للوف اء
ﺑﻬذه الضرورة وعدم اتخاذ إجراءات وطنية في هذا الصدد ،يكون على مجلس األمن والدول األعضاء والمنظمات
وعلي ه ف إن على المنظم ات الدولي ة ج زءاً من االلتزام ات ال تي ت رتبت عليه ا مس ؤولية ،ف الرأي ال راجح
بخص وص ه ذه المس ؤولية ه و الق ول أن المنظم ة الدولي ة تتحم ل المس ؤولية المدني ة ،وتنقس م ه ذه المس ؤولية إلى
ومس ؤولية تقص يرية ،675وتخضع للش روط نفس ها ال تي وض عها الق انون ال دولي بش أن مس ؤولية 674
مس ؤولية تعاقدية
الدول سواء من حيث شروطها الموضوعية أو الشكلية ،ما لم يكن هناك نص صريح على خالف ذلك.676
وهو االتجاه الذي أخذت به لجنة القانون الدولي التابعة لألمم المتحدة في مشروعها لتدوين قواعد المسؤولية
الدولي ة للمنظم ات الدولي ة ؛حيث أش ارت اللجن ة في تقريره ا إلى م ا أك ده األمين الع ام لألمم المتح دة في تقري ر ل ه
بش أن عملي ات حف ظ الس الم ب أن مب دأ مس ؤولية ال دول يحظى انطباق ه على المنظم ات الدولي ة بقب ول واسـع النط اق،
. 673الجمعية العامة .األمم المتحدة .مجلس حقVوق اإلنسVان .تقريVر لجنVة التحقيVق الدوليVة المسVتقلة بشVان الجمهوريVة العربيVة السVورية .الVدورة الثانيVة
والعشرون .البند 4من جدول االعمال .حاالت حقوق االنسان التي تتطلب اهتمام المجلس بها .بVVالفقرة . 166تVVاريخ 5فVVبراير .2013صـــ 31المرجVVع
. A/HRC/22/59
. 674في حال امتناع المنظمة عن تنفيذ التزام تعاقدي مع دولة أو منظمة أخرى أو في حال قيامها بتنفيذ هذا االلتزام على نحو مخالف لشروط التعاقد .
. 675في حال وقوع ضرر أو خطأ انظر نشأت عنتر أمين .مسؤولية األمم المتحدة عن احتالل العراق واآلثار المترتبة عليه .مرجع سابق .صــ .39
. 676نشأت عنتر أمين .مسؤولية األمم المتحدة عن احتالل العراق واآلثار المترتبة عليه .مرجع سابق .صــ 38وصــ. 39
175
دولي ما يعزى إلى الدولة أو المنظمة يستتبع المس ؤولية
ٌّ ويقضي هذا المبدأ بأن الضرر الناشئ عن انتهاك االلتزام
الدولية.677
وبالت الي يمكن الق ول ب أن مس ؤولية المنظم ات الدولي ة تخض ع ل ذات الش روط ال تي وض عها الق انون بش أن
مس ؤولية ال دول ،حيث اع ترف الكث ير من الفقه اء له ا بالشخص ية القانوني ة مم ا يحمله ا األهلية ال تي بموجبه ا تُس أل
دولياً ،وتقوم وفقاً لذلك المسؤولية الدولية المدنية دون الجنائية وفقاً للقانون الدولي ،كما أن القانون الدولي اإلنساني
وكم ا ه و متف ق علي ه ُيح دد مس ؤوليتها فق ط كمس ؤولية مدني ة ،ولم ينص على أي التزام ات له ذه المنظم ات الدولي ة
وبالت الي يج وز رف ع دع وى قض ائية على المنظم ات الدولي ة من قب ل أش خاص الق انون ال دولي في ح ال
ارتك اب أي فع ل غ ير مش روع ،وأص اب الغ ير ض رراً ق امت ب ه المنظم ة ويرك ز معظم ة على إص الح الض رر
679
بصوره المختلفة كالتعويض وإ عادة الحال إلى ما كان عليه والترضية األدبية.
و استناداً إلى ما جاء مشروع القانون الدولي بشأن المسؤولية الدولية للمنظمات الدولية الذي تم التأكيد فيه
أن من ح ق أي ش خص من أش خاص الق انون ال دولي مض رور اتخ اذ كاف ة الت دابير واإلج راءات المض ادة لحم ل
وعليه يمكن القول ألي شخص من أشخاص القانون الدولي الحق في أن يتقدم بالمطالبة وتحريك دعوى
المس ؤولية الدولي ة المدني ة ض د أي منظم ة دولي ة لخرقه ا أي ال تزام تج اه المجتم ع ال دولي ،ومنه ا ك ذلك تل ك
. 677مسؤولية المنظمات الدولية من مشروع لجنة القانون الدولي الدورة الثالثة والستون 26أبريل إلى 3يوني Vو Vومن 4يوليVVو إلى 12اغسVVطس .2011
المشار إلية بالمرجع (.)A/66/10صــ . 96
. 678فرانسواز بوشيه سولنييه .القاموس العملي للقانون اإلنساني .مرجع سابق .صـــ .577
. 679هشام بشير .وعالء الضاوي .حماية البيئة والتراث الثقافي في القانون الدولي .مرجع سابق .صــ . 177
. 680للمزيد .انظر إلى نصوص المواد الخاصة بمسؤولية المنظمات الدولية من مشروع لجنة القVVانون الVدولي الVدورة الثالثVة والسVتون 26ابريVل إلى 3
يونيو Vومن 4يوليو إلى 12اغسطس .2011المشار إلية بالمرجع (.)A/66/10
176
الممتلكات الثقافية التي تُعتبر ُملك اً للبشرية جمع اء ،وباعتبار هذه األعيان
المتعلقة بحماية األعيان المدنية وأيض اً ُ
ُ
من الفئات المحمية في قواعد القانون الدولي اإلنساني ،فأي انتهاك يرتب أضراراً تستوجب الضمان .
و كخالصة فإن مسؤولية الدولة عن األفعال التي قد يرتكبها األشخاص الطبيعيين التابعين لها والعاملين باسمها
ولحس ابها هي مس ؤولية مدني ة ال تتع دى ج بر الض رر الم ترتب عن فع ل االش خاص الطبيع يين ،ال ذين يخض عون
بدورهم الى المساءلة الجنائية أو العقابية ،وهو ما يجري كذلك على المنظمات الدولية ،ويمكن اعتبار المسؤولية
الدولي ة المدني ة لل دول والمنظم ات من ض من الض مانات ال تي تكف ل اح ترام وتنفي ذ قواع د حماي ة األعي ان المدني ة
والثقافية زمن النزاعات المسلحة ،وبالتالي تمثل هذه المسؤولية فقط الشق المدني ،وسيتم تالي اً التطرق إلى الشق
الفرع الثاني:ـ المسؤولية الدولية الجنائية لألفراد عن انتهاك قواعد حماية األعيانـ المدنية والثقافية-:
ال تق وم المس ؤولية الجنائية الفردية إال بعد وق وع جريم ة دولي ة وثب وت جمي ع أركانه ا ،ذل ك أن المس ؤولية
ليس ت عنصراً يلزم توافره في العمل غير المش روع ،بل مج رد أثر له ذا العمل وبمقتضاه يتحمل مرتكبه النتائج
القانونية المترتبة على العمل غير المشروع فال مسؤولية جنائية فردية دولية دون ارتكاب جريمة دولية .681
وتستند انتهاكات القانون الدولي اإلنساني التي تعتبر األساس في تكوين الجريمة الدولية إلى مبدأ الشرعية
682
فهي من الجرائم الدولية التي تخضع للقانون الدولي الجنائي الجنائية ،وتندرج ضمن نطاق الجرائم العسكرية،
والقانون الدولي اإلنساني مع اً ،683وال تقوم إال في حالة تعمد أطراف النزاع ارتكاب أفعال خط يرة أو انتهاكات
684
. جسيمة
. 681مصطفى محمد محمود درويش .المسؤولية الجنائية الفردية وفVVق األحكVVام النظVVام األساسVVي للمحكمVVة الجنائيVVة الدوليVVة .رسVVالة ماجسVVتير . VجامعVVة
األزهر-غزة.2012.صــ. 16
, 682الجرائم العسكرية هي الجرائم التي تضر بالمصالح العسكرية أو تقع بالمخالفة للقانون العسكرية .للمزيد أنظر .عVVاطف فVVؤاد صVVحاح .الوسVVيط في
القضاء العسكري والحلول القانونية للمشكالت العملية .دار الكتب القانونية .مصر . 2004 .صــ . 57
. 683نجاة أحمد أحمد إبراهيم .المسؤولية الدولية عن انتهاكات قواعد القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ .237
. 684حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ . 363
177
وقد أثارت المسؤولية الدولية الجنائية خالف اً فقهي اً حول من تنسب إليه هذه المسؤولية فهل تتقرر للدول؟ أم
لألفراد؟ أم للدول ولألفراد معاً ؟ ورغم هذا االختالف إال أن ما استقر عليه العمل الدولي هو أن الفاعل الذي يجب
ُمس اءلته عن ارتك اب الج رائم الدولي ة ه و الف رد ،فالق انون ال دولي ب ات ال يع ترف بالمس ؤولية الجنائي ة لل دول عم ا
يصدر عنها من أفعال و ُم خالفة للقانون الدولي ،بل تقتصر هذه المسؤولية على التعويض فقط.
وبن اء عليه ا يقض ي الق انون ال دولي اإلنس اني ب أن يتحم ل أش خاص ط بيعيون ومجموع اتهم المس ؤولية
685
ومقاض اة ق ادة وأف راد الدول ة المعتدي ة فردي اً ،فح دوث أي
الممكن ُمس اءلة ُ
الجنائي ة الفردية ،وبالت الي أص بح من ُ
وه و م ا ُيطل ق علي ه بالمس ؤولية الجنائي ة الفردي ة ،وب ذلك أص بح من ينته ك الحماي ة القانوني ة لألعي ان المدني ة
والممتلك ات الثقافي ة ُيالح ق دولي اً بتهم ة ارتك اب ج رائم ح رب ،دون أن ي ؤثر أي حكم يتعل ق بالمس ؤولية الجنائي ة
و تعتبر فكرة المسؤولية الدولية الجنائية عن جرائم مرتكبة خالف اً ألعراف وقوانين الحرب قديمة العهد في
وقد وردت وتم إقرارها على سبيل المثال ال الحصر في مدونة ليبر ودليل اكسفورد.689 688
القانون الدولي العرفي
. 685نجاة أحمد أحمد إبراهيم .المسؤولية الدولية عن انتهاكات قواعد القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 324
. 686باسم خلف العساف .حماية الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة .دار زهران 2010.الطبعة األولى.صـــ.303
. 687المادة 4 / 25من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية .
. 688جون ماري هنكرتس .دراسة حول القانون اإلنساني الدولي العرفي ،مرجع سابق .من القاعدة 151إلى القاعدة . 155صـــ . 52
. 689ورد مبدا المسؤولية الجنائية الفردية في مدونة ليبر الخاصة بتعليمات Vإدارة جيوش الواليات المتحدة في الميدان 24 .ابريل 1863في المادتين 44
و 47ورغم أن مدونه ليبر تعتبر من المدونات التي ُأقرت قوانين وطنية إال إنها شكلت أصل مشروع اتفاقيات دولية بشأن قوانين الحرب الVVتي قVVدمت إلى
مؤتمر بروكسل عام ،1874وأدى العتماد اتفاقيات الهاي للحرب البرية لعام 1899و .1907
Art. 44. All wanton violence committed against persons in the invaded country, all destruction of property not
commanded by the authorized officer, all robbery, all pillage or sacking, even after taking a place by main force, all
rape, wounding, maiming, or killing of such inhabitants, are prohibited under the penalty of death, or such other
severe punishment as may seem adequate for the gravity of the offense.
A soldier, officer or private, in the act of committing such violence, and disobeying a superior ordering him to
abstain from it, may be lawfully killed on the spot by such superior.
Instructions for the Government of Armies of the United States in the Field ( Lieber Code). 24 April 1863.
Section II: Public and private property of the enemy -- Protection of persons, and especially of women, of religion,
the arts and sciences -- Punishment of crimes against the inhabitants of hostile countries - Art. 47.
Art. 47. Crimes punishable by all penal codes, such as arson, murder, maiming, assaults, highway robbery, theft,
burglary, fraud, forgery, and rape, if committed by an American soldier in a hostile country against its inhabitants,
are not only punishable as at home, but in all cases in which death is not inflicted, the severer punishment shall be
178
ثم ج اءت من ذ ذل ك الحين الكث ير من اتفاقي ات الق انون ال دولي اإلنس اني لترس خ ص راحة مب دأ المس ؤولية
الدولي ة الجنائي ة الفردي ة عن د ارتك اب كاف ة أن واع ج رائم الح رب ال تي من ض منها ج رائم االعت داء على األعي ان
المدنية والثقافية أثناء النزاعات الدولية وغير الدولية ،فاتفاقية الهاي بشأن قوانين الحرب في البرية وأعرافها لعام
،1907نصت في المادة 3على أن الطرف المتحارب الذي يخل بأحكام الالئحة المذكورة يكون مسئوالً عن جميع
األعمال التي يرتكبها أشخاص ينتمون إلى قواته المسلحة ،ثم جاءت اتفاقيات جنيف األربع لعام ،6901949لتنص
كما ورد في البروتوكول اإلضافي األول لعام 1977الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1949بشأن واجبات
الق ادة في الم ادة 87على أن ه " /3يجب على األط راف الس امية المتعاق دة وأط راف ال نزاع أن يتطلب وا من ك ل
قائ د ...أن يتخ ذ إج راءات تأديبي ة أو جنائي ة ض د مرتك بي ه ذه االنتهاك ات " ،ممن يعمل ون تحت إم رتهم وغ يرهم
ممن يعمل ون تحت إش رافهم وأيض اً نص ت الم ادة 2 /86من ذات ال بروتوكول على مس ؤولية الق ادة عن أعم ال
مرؤوسيهم.
preferred.
.انظر الموقع الرسمي للجنة الصليب األحمر الدولية .الوثائق والمعلومات V،تاريخ زيارة الموقع 10فبراير 2014
http://www.icrc.org/ihl/INTRO/110?OpenDocument
وكذلك ورد مبدأ المسؤولية الجنائية في دليل أكسفورد للحرب البرية 9سبتمبر 1880المادة . 87
Art. 84. Offenders against the laws of war are liable to the punishments specified in the penal law.' This mode of
repression, however, is only applicable when the person of the offender can be secured. In the contrary case, the
criminal law is powerless, and, if the injured party deem the misdeed so serious in character as to make it necessary
to recall the enemy to a respect for law, no other recourse than a resort to reprisals remains.
Reprisals are an exception to the general rule of equity, that an innocent person ought not to suffer for the guilty.
They are also at variance with the rule that each belligerent should conform to the rules of war, without reciprocity
"on the part of the enemy. This necessary rigour, however, is modified to some extent by the following restriction:
انظر الموقع الرسمي للجنة الدولية للصليب األحمر ،تاريخ زيارة الموقع في 10فبراير .2014
?http://www.icrc.org/applic/ihl/ihl.nsf/Treaty.xsp
documentId=40371257507EBB71C12563CD002D6676&action=openDocument
. 690حيث ورد هذا المبدأ صراحة في نص المادة المشتركة ( المادة 49من اتفاقيVVة جVVنيف األول ،المVVادة 50من اتفاقيVVة جVVنيف الثانيVVة ،المVVادة 129من
اتفاقية جنيف الثالثة ،المادة 146من اتفاقية جنيف الرابعة) و نصت على "...فرض عقوبات جزائية على األشخاص الذين يقVVترفون أو يVVأمرون بVVاقتراف
احدى المخالفات الجسيمة ".وهي مواد قد تمت اإلشارة إليها في الهوامش السابقة من هذا المبحث .
179
وأشارت هذه األحكام في نصوصها الواردة إلى لفظ "أشخاص" دون تحديد صفة لهم ،أو حتى المكان الذي
ارتكبت في ه االنتهاك ات؛ وذل ك إعم االً لمب دأ الوالي ة القض ائية العالمي ة ،691ولع ل ذل ك ي دل على االعت داد بالفع ل
و أوردت اتفاقية الهاي 1954بشأن حماية الممتلكات الثقافة في حالة النزاع المسلح حكم اً خاص اً بالعقوبات
حيث ألزمت المادة 28الدول المتعاقدة بأن "تتخذ في إطار تشريعاتها العقابية العادية ،جميع الخطوات الضرورية
لمقاضاة األشخاص الذين ينتهكون هذه االتفاقية أو يأمرون بانتهاكها ،أي اً كانت جنسياتهم ،وتوقيع عقوبات جزائية
أو تأديبي ة عليهم ،وأيد البروتوكول اإلضافي الثاني لعام 1999مسار االتفاقية بشأن المسؤولية ضمن المادة 15
وجاء هذا البروتوكول ُمقرراً ألول مرة أحكام المسؤولية الجنائية الفردية ،693إال أن استخدام عبارات عامة
مثل استخدام ما يلزم من تدابير تركت مجاالً كبيراً من التأويل بين األطراف المتنازعة .
وشكل مبدأ المسؤولية الدولية الجنائية الفردية عن جرائم الحرب والتي تدخل فيها بالطبع انتهاكات قواعد
حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة األس اس للعدي د من المحاكم ات الجنائي ة الدولي ة المعاص رة ،ومنه ا محكم ة "
. 691فريتس كالسهوفن و ليزابيث Vتسغلفد .ضوابط تحكم خوض الحرب .مرجع سابق .صــ. 93
. 692نصت المادة 15على أنه االنتهاكات الخطيرة لهذا البروتوكول
يكون أي شخص مرتكبا ً لجريمة بالمعنى المقصود في هذا البروتوكول إذا اقترف ذلك الشخص عمداً ،وانتهاكا ً لالتفاقية أو لهVVذا الVVبروتوكول، -1
أيا ً من األفعال التالية :
أ ) استهداف ممتلكات ثقافية مشمولة بحماية معززة ،بالهجوم.
ب) استخدام ممتلكات ثقافية مشمولة بحماية معززة ،أو استخدام جوارها المباشر ،في دعم العمل العسكري.
ج ) إلحاق دمار واسع النطاق بممتلكات Vثقافية محمية بموجب االتفاقية وهذا البروتوكول ،أو االستيالء عليها.
د ) استهداف ممتلكات ثقافية محمية بموجب Vاالتفاقية وهذا البروتوكول V،بالهجوم.
هـ) ارتكاب سرقة أو نهب أو اختالس أو تخريب لممتلكات ثقافية محمية بموجب Vاالتفاقية.
يعتمد كل طرف من التدابير ما يلزم العتبار الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة جرائم بموجب قانونه الداخلي ،ولفرض عقوبات مناسVVبة -2
على مرتكبيها .وتلتزم األطراف وهي بصدد ذلك بمبادئ القVVانون العامVVة ومبVVادئ القVVانون الVVدولي ،بمVVا في ذلVVك القواعVVد القاضVVية بمVVد نطVVاق
المسئولية الجنائية الفردية إلى أشخاص غير أولئك الذين ارتكبوا Vالفعل الجنائي بشكل مباشر.
. 693نوال بسج .القانون الدولي اإلنساني وحماية المدنيين واألعيان المدنية زمن النزاعات المسلحة .مرجع سابق .صــ .153
180
ومحكم ة طوكيو ،695حيث اس تندتا في ميثاقهم ا على مب دأ المس ؤولية الدولي ة الجنائي ة الفردي ة في 694
نورم برغ "
696
النزاعات المسلحة الدولية ،وأيضا استند إلى هذا المبدأ في النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا
الس ابقة ،حيث رأت دائرته ا االبتدائي ة أن النهب واالس تيالء والت دمير للممتلك ات الخاص ة والعام ة واالعت داء على
697
. األعيان المدنية والثقافية تُرتب مسؤولية فردية على مرتكبيها خاصة في حالة ارتكابها بدافع الجشع
كما ُذكر مبدأ المسؤولية الجنائية في النظام االساسي للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا ،698وأيض اً في النظام
وجرى التأكيد عليه أيض اً من خالل القرارات الصادرة عن هيئات األمم المتحدة ،كمجلس األمن الدولي،
فعلى سبيل المثال أكد مجلس األمن في قراره الصادر تحت رقم 764/1992بشأن الحالة في البوسنة والهرسك،
أن جميع األطراف ُم لزمة باالمتثال لما يقع عليها من التزامات بموجب القانون الدولي اإلنساني ،وال سيما اتفاقيات
. 694نصت المادة 6من ميثاق Vمحكمة نورمبرغ على مبدا المسؤولية الجنائية الفردية القVVادة والمنظمين VوالمحرضVVين والمتواطVVئين المشVVاركة في القيVVام
بانتهاك قوانين الحرب وأعرافها .انظر :
- Nurnberg Tribunal: Memorandum submitted by the Secretary-General. New York.1949. A/CN.4/5. P.gs 4-5..
-
. 695نص ميثاق محكمة طوكيو في المادة 5على مبدا المسؤولية الجنائية الفردية القادة والمنظمين والمحرضين والمتواطئين المشاركة في القيام بانتهVVاكV
قوانين الحرب وأعرافها .انظر .تاريخ الزيارة 23فبراير .2014
http://www.jus.uio.no/english/services/library/treaties/04/4-06/military-tribunal-far-east.xml
. 696ش ّكلَت المحكمة استنادا الى القرار رقم 808/1993لمحاكمة مجرمي الحرب في اقليم يوغسالفيا السVVابقة ،انظVVر القVVرار الصVVادر عن مجلس األمن
في جلسته المعقودة في 22فبراير 1993صــ . 2المرجع ،S/RES/808ونصت المادة 1 V/7على ان "كVل شVخص خطVط لجريمVة من الVرائم المشVار
إليها في المواد 2الى 5من هذا النظام أو حرض عليها أو أمر بها ،أو ارتكابها أو ساعد أو شجع بسبيل آخر على التخطيط أو االعداد لهVVا أو تنفيVVذدها تقVVع
عليه شخصيا المسؤولية عن هذه الجريمة " انظر .سVيف غVانم السVVويدي .المسVVؤولية الجنائيVة للقVVادة والرؤسVVاء والVدفع بVأوامرهم أمVام القضVاء الجنVVائي
الدولي .مجلة االمن والقانون .منشورات اكاديمية شرطة دبي .العدد الثاني .يوليو . 2012.صـــ 12وصــ13
697
.ICTY UN TPIY. The prosecuter.V.Goran .14 December 1999. . IT-95-10-T. Para 48. Pg. 13.
. 698اتخذ مجلس األمن الدولي قرار بتشكيل محكمة دولية خاصة بمجرمي الحرب في رواندا لمحاكمة ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات قوانين الحVVرب
وأعرافها ،انظر القرار رقم S/RES/955في جلسته المعقودة في 8نوفمبر 1994صـــ ،2وقد نصت المادة " . 6/1على ان كVل شVخص خطVط
لجريمة من الجرائم المشار اليها فالمواد من 2الى 4من هذا النظام األساسي ،او حرض عليها ،او امر بها ،او ارتكبها او ساعد او شVVجع بVVاي سVVبيل اخVVر
على التخطيط او االعداد لها او تنفيذها ،تقع عليه شخصيا المسؤولية عن هذه الجريمة " .سيف غانم السويدي .المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء والدفع
بأوامرهم امام القضاء الجنائي الدولي .مرجع سابق صــ. 13
.699نصت المادة 25من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية على .... /3... ":وفقا لهذا لهVVذا النظVVام األساسVVي ,يسVVال الشVVخص جنائيVVا ويكVVون
عرضة للعقاب عن اية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة في حال قيام هذا الشخص بما يلي -:
ا ) ارتكاب هذه الجريمة سواء بصفته الفردية او باالشتراك مع اخر او عن طريق شخص اخر ,بغض النظر عما اذا كان ذلك االخر مسئوال جنائيا.
ب) االمر او االغراء بارتكاب , Vاو الحث على ارتكاب جريمة وقعت بالفعل او شرع فيها
ج ) تقديم العون او التحريض او المساعدة بVاي شVVكل اخVر لغVVرض تيسVVير ارتكVاب هVVذه الجريمVVة او الشVVروع في ارتكابهVا , VبمVا في ذلVك توفVVير وسVائل
ارتكابهاV.
د ) المساهمة باية طريقة اخرى في قيام جماعة من االشخاص ,يعملون بقصد مشترك ,بارتكاب هذه الجريمة او الشروع في ارتكابها"..
181
جنيف المؤرخه في عام ،1949وأن األشخاص الذين يرتكبون انتهاكات جسيمة لهذه االتفاقيات أو الذين يأمرون
وك ذلك الق رار الص ادر بش أن محاكم ة مج رمي الح رب بس يراليون وال ذي ج اء في ه أن "األش خاص ال ذين
يرتكب ون انتهاك ات جس يمة للق انون ال دولي اإلنس اني أو ي أذنون بارتك اب ه ذه االنتهاك ات مس ؤولون عليه ا وأن
المجتمع الدولي سيبذل كل جهد لتقديم المسؤولين عن ذلك للعدالة طبق اً للمعايير الدولية للعدالة واإلنصاف وأصول
المحاكمات" ،701وعلى ضوء ذلك أصدر المجلس قراراً بشأن إنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمة مجرمي الح رب
بسيراليون .702
ولع ل تل ك الق رارات الص ادرة عن المجلس لتش كيل ه ذه المح اكم م اهي إال مح اوالت لترس يخ وتط بيق مب دأ
المسؤولية الجنائية الفردية فعلي اً وإ خراجه لحيز التنفيذ وضمان العمل به مما ُيشكل ضماناً لقواعد حماية األعيان
المدنية والثقافية التي يقع االعتداء عليها ضمن المخالفات الجسيمة التفاقيات جنيف.
ولم تقتص ر ق رارات مجلس األمن على نس بة المس ؤولية الجنائي ة الفردي ة على ال دول فق ط ب ل توس ع النط اق
الدول تندرج ضمن اإلطار القانوني نفسه الذي ينطبق على الدول ،فعلى سبيل المثال أكد مجلس األمن في سياق
ال نزاع ال داخلي في أفغانس تان ب أن األش خاص ال ذين يرتكب ون انتهاك ات التفاقي ات ج نيف أو ي أمرون بارتكابه ا
. 700القرار الصادر عن مجلس األمن رقم S/RES/764عام .1992الفقرة العاشرة .صــ. 33
. 701القرار الصادر عن مجلس االمن في جلسته المعقودة في 14اغسطس 2000المرجع ) . S/RES/1315 (2000صـــ 2
702القرار رقم . 2000/ 1315
. 703انظر القرار الصادر عن مجلس األمن رقم . S/RES/1214الصادر بتاريخ 8ديسمبر . 1998صــ .2
182
وع زز مب دأ المس ؤولية الجنائي ة الفردي ة أيض اً من خالل الق رارات الص ادرة عن الجمعي ة العام ة لألمم
ُ
المتح دة ،704وأيض اً عن طري ق الس وابق القض ائية الص ادرة عن المح اكم الدولي ة الجنائي ة ،ولع ل أهم القض ايا ال تي
احتوت على العناصر القانونية لمبدأ مسؤولية القادة قضية المدعي العام ضد زينيز ديالليتش موشيتش الشهير باسم
"بافو" ،وحازم ديليتش وايزايد الندزو الشهير باسم "زنغا" أمام المحكمة الدولية لمحاكمة األشخاص المسؤولة عن
االنتهاكات الجسيمة للقانون اإلنساني الدولي التي ارتكبت في اقليم يوغوسالفيا السابقة منذ عام .7051991
وبالت الي وعلى ض وء م ا س بق فإن ه يمكن الق ول أن مب دأ المس ؤولية الدولي ة توس ع ليش مل أي ف رد ط بيعي
بحيث ُيسأل مسؤولية جنائية فردية في حال قام بارتكاب فعل إجرامي ،706وقد يكون هذا الفرد قائد عسكري أو
رئيس م دني أو م رؤوس ك الجنود والض باط وغ يرهم من األف راد ،وعلي ه يتحم ل الق ادة العس كريون والرؤس اء
المدنيون المسؤولية عن ارتكاب جرائم ضد األعيان المدنية والثقافية ،وهذا ما سيتم توضيحه بشيء من التفصيل
تالياً -:
707
،بمعنى وجود شخص مسؤول ُيمارس سلطةً فعلي ةً على تستوجب مسؤولية القيادة وجود رئيس أو قائد
. 704كمثال فقد نص القرار رقم 1973/ 3073الصادر عن الجمعية العامة لألمم المتحدة .على أن " ...يقدم للمحاكمة االشخاص الذين توجد أدلة على
انهم ارتكبوا جرائم حرب "..صــ229
. 705انظر
Case No.: ICTY ( IT-96-21-T )16 November 1998
. 706منشورات األمم المتحدة حقوق اإلنسان مكتب Vالمفوض السامي .الحماية القانونية لحقوق اإلنسان في النزاع المسلح .مرجع سابق .صــ.76
. 707أن "اإلشارة إلى" الرؤساء "واسع بما فيه الكفاية لتغطية القادة العسكريين أو السلطات المدنية -:
ICTY. UN. TPIY. The Prosecutor V Zlatko Aleksovski .Case No.: IT-95-14/1-T. 25 June 1999.Paras -75 p.g ,28 .
. 708دليل التنفيذ الوطني للقانون الدولي اإلنساني .اللجنة الدولية للصVليب األحمVر .الطبعVVة العربيVة األولى .المركVز اإلقليمي لإلعالم .القVاهرة .مصVVر .
ديسمبر . 2010.صــ . 35
183
وال ُيقصد من هذه الدراسة البحث في مفهوم القادة والرؤساء ،إنما البحث فيمن يتحمل المسؤولية الجنائية
الفردية عن االنتهاكات التي تقع على األعيان المدنية والثقافية ،والبحث عمن يملك سلطة األم ر والنهي في نط اق
القانون ،والتي ُيأخذ في االعتبار عند تحديدها إلى الطبيعة الهرمية للقوات المسلحة والمراتب والمراكز ،ويعتمد
عليها في وضع االلتزامات المحددة للقادة والرؤساء ،ويحملهم المسؤولية الشخصية تبعاً لذلك .709
وقد أكدت كما سبق بيانه العديد من االتفاقيات والمعاهدات الدولية وحتى السوابق القضائية مبدأ المسؤولية
الجنائية الفردية ،ولعل ما يهم هنا هو ما نصت عليه أحكام القانون الدولي اإلنساني حول مبدأ المسؤولية الجنائية
الفردية للقادة والرؤساء وحتى المرؤوسين عن االنتهاكات على األعيان المدنية والثقافية.
فق د نص ت الم ادة ( )86/2من ال بروتوكول اإلض افي األول التفاقي ة ج نيف على أن المس ؤولية الجنائي ة
للرؤس اء تثبت ح تى ول و لم يرتكب وا الفع ل اإلج رامي بأنفس هم ،وذل ك إذا علم وا أو ك انت ل ديهم معلوم ات ت تيح لهم
التنبؤ بوقوع االنتهاك ،ولم يتخذوا كل ما في وسعهم من إجراءات ُمستطاعه لمنع أو قمع هذا االنتهاك ،ولكن لم
وتحكم المس ؤولية الجنائي ة الفردي ة العدي د من المب ادئ منه ا مب دأ مس ؤولية القي ادة ،فالق ادة وأص حاب ال رتب
العليا مسؤولون جنائي اً عن كافة الجرائم الدولية المرتكبة ،سواء بناء على أوآمرهم أو حتى تلك التي تقع خارج
711
المتعلق ة بانته اك ق وانين وأع راف الح رب الق ادة والرؤس اء المس ؤولية
نط اق أوآم رهم ،وتُحم ل القواع د القانوني ة ُ
712
-: الجنائية الفردية على عدة حاالت وهي
إصدار أوامر تنتهك القانون اإلنساني للمرؤوسين أو السماح لهم بارتكابها. .1
. 709فرانسواز بوشيه سولنييه .القاموس العملي للقانون الدولي اإلنساني .ترجمة أحمد مسعود .دار العلم للماليين .الطبعة األول ى . 2005 .لبنان .صــ
. 559
2 . 710نصت المادة على أنه " -2....ال يعفي قيام أي مرؤوس بانتهاك Vاالتفاقيات أو هذا اللحق "البروتوكول" رؤساءه من المسئولية الجنائية أو التأديبية،
حسب األحوال ،إذا علموا ،أو كانت لديهم معلومات Vتتيح لهم في تلVVك الظVVروف ،أن يخلصVVوا إلى أنVه كVVان يVVرتكب V،أو أنVVه في سVVبيله الرتكVVاب مثVVل هVذا
االنتهاك ،ولم يتخذوا كل ما في وسعهم من إجراءات مستطاعة لمنع أو قمع هذا االنتهاك" .
. 711منشورات األمم المتحدة حقوق اإلنسان مكتب Vالمفوض السامي .الحماية القانونية لحقوق اإلنسان في النزاع المسلح .مرجع سابق .صــ.80
. 712انظر نص المادة المشتركة ( المادة 49من اتفاقية جنيف األول ،المادة 50من اتفاقية جنيف الثانية ،المادة 129من اتفاقية جنيف الثالثة ،المادة 146
من اتفاقية جنيف الرابعة ،البروتوكول اإلضافي األول في المادة ،2/ 86المادة ). 87
184
الفشل في معاقبة المرؤوسين الذين ينتهكون القانون الدولي اإلنساني بمبادرة شخصية منهم. .2
ال يمنعون مثل هذه االنتهاكات إذا ما عرفوا به أو توافرت لديهم معلومات مكنتهم من االستنتاج بأن .3
مثل هذا االنتهاك كان يرتكب أو سيرتكب ،713ويكون هذا المنع أو العقاب من خالل المسؤولية القائمة
استناداً إلى تقصير القادة والرؤساء ،714في اتخاذ التدابير الالزمة والمعقولة ..715
وق د أث يرت مس ألة م دى إمكاني ة المس اءلة الجنائي ة الفردي ة للق ادة عن انتهاك ات الق انون ال دولي اإلنس اني
المرتكب ة من قب ل الق ادة والرؤس اء ،أم ام العدي د من المح اكم الدولي ة ،لع ل منه ا قض ية قائ د الجيش البوس ني المس لم
ُ
األسبق الجنرال سيفر (خليليوفيتش) حيث أشارت الدائرة االستئنافية بشأن مسؤولية القادة الجنائية الفردية إلى أن
الواجب العام الذي يقع على القادة هو إثبات السعي الفعلي والجدي لمنع ارتكاب االنتهاك من خالل القيام بالتدابير
الالزم ة أو المعاقب ة على ه ذا االنته اك من خالل القي ام بالت دابير المعقول ة وال تي تن درج منطقي اً ض من الص الحيات
المادية.716
وك ذلك قض ية القائ د العس كري مالدن ن اليتيليتش ال ذي اتهمت ه النياب ة بإعط اء أوام ر إلح راق بي وت وت دمير
دور عبادة ودور تعليم والقيام بحمالت عشوائية وواسعة النطاق لتدمير األعيان مدنية والثقافية بصورة ال تبررها
الض رورة العس كرية باعتباره ا انتهاك ات لق وانين الح رب وأعرافه ا ،وأك دت مس ؤوليتة من خالل إعط اء أوآم رة
لقوات تحت قيادته وقد ارتكبت هذه القوات انتهاكات جسيمة ،وأكدت النيابة أيض اً بأنه كان على علم بهذا التدمير
وأن تصرفاته كانت تنصرف نحو تدميرها بدليل أن مالدن لم يتخذ أي إجراء لمنع هذه االنتهاكات ،717وقد أخذت
الدائرة االبتدائية في االعتبار عند إصدارها للحكم وتقديرها للعقوبة وضع مالدن كقائد وكذلك كافة الجرائم التي
185
ارتكبت في وج ود المرؤوس ين ،وق د حكمت علي ه وفق اً له ذه التُهم بعقوب ة تص ل إلى عش رين س نة ،وباإلض افة إلى
إع ادة كاف ة الممتلك ات المس لوبة ،718وبالت الي ف إن إص دار األوام ر إلى المرؤوس ين بقص ف األعي ان المدني ة بش كل
و يمكن القول بأن مثل هذه السوابق القضائية قد أدت إلى قيام وتعزيز المسؤولية الجنائية الفردية للقادة أو
الرؤساء ،عن جرائم تمس األعيان المدنية والثقافية لم يأمروا بها ،أو لم يقترفوها بأنفسهم بل اقترفها مرؤوسيهم
بسبب إما تقصير هؤالء القادة عن منعهم أو قمعهم ،باإلضافة إلى كل ذلك فإن القادة أو الرؤساء ال يمكنهم أيض اً
إعفاء أنفسهم من هذه المسؤولية من خالل الدفع بعدم إطاعة المرؤوسين ألوامرهم أو عدم تواجدهم أثناء ارتكاب
هذه االنتهاكات ،ذلك أن موضعهم القيادي أو الرئاسي ُيحتم عليهم القيام بواجبهم المستمر في قمع ومنع االنتهاكات
.719
كما وقد قضت المحكمة الجنائية الدولية في يوغسالفيا في قضية الجنرال حاجيحسانوفيتش ونائبه العميد أمير
كوبورا بالسجن مددا تتراوح بين خمسة أعوام وعامين ونصف العام ،باعتبار أنهما لم يمارسا صالحياتهما في من ع
أو قم ع الج رائم المرتكب ة ،ومنه ا الت دمير الوحش ي للم دن والبل دات أو الق رى ال ذي ال ت برره الض رورة العس كرية
الممتلكات العامة أو الخاصة والتدمير أو اإلضرار العمدي به للمؤسسات المخصصة للعبادة باعتباره خرق اً
ونهب ُ
وبين الحكم الصادر أنهما لم يقوما شخصياً بأية جرائم ،ولم يأمرا بأي عمل يدخل في
لقوانين أو أعراف الحربّ ،
نط اق ج رائم الح رب ب أي ش كل من األش كال ،لكن مس ؤوليتهما ت تركز على اإلهم ال في المن ع والمعاقب ة ،ووج دت
دائ رة االس تئناف أن كوب ورا ك ان على علم ك افي لتحري ك واجب من ع مرؤوس يه من ارتك اب المزي د من أعم ال
النهب.720
718
. ICTY. Prosecutor v. Mladen NALETILIC “TUTA” And Vinko MARTINOVIC, “ŠTELA” . Op. para 746 Pg.
248.
. 719سيف غانم السويدي .المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء والدفع بأوامرهم أمام القضاء الجنائي الدولي .مرجع سابق صــ. 26
720
. ICTY. UN TPIY. The Prosecutor v. Enver Hadzihasanovic & Amir Kubura. Case No. IT-01-47-A . 22 April
2008.Para 259.pg. 135
186
وأك دت ال دائرة االبتدائي ة أن االل تزام ب المنع واالل تزام بالمعاقب ة تمث ل اث نين من االلتزام ات القانوني ة
الواض حة ،وفش ل أي واح د منه ا ُي رتب المس ؤولية بم وجب الم ادة 3/ 7من النظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة
721
ليوغسالفيا .
وبالتالي يمكن القول أيضاً بأنه ال يشترط مشاركة القائد أو الرئيس الشخصية والفعلية لهذه االنتهاكات ،بل
يكفي أن تق وم المس ؤولية الجنائي ة الفردي ة بمج رد اإلثب ات الفعلي في ع دم اتخ اذ الق ادة والرؤس اء الت دابير المناس بة
والمعقولة لمنع وقمع انتهاك قواعد الحماية لهذه األعيان وكل ذلك استناداً إلى مبدأ مسؤولية القيادة ذات الطابع
العرفي أساساً.
وعليه فإنه ولكي تتوافر المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء البد من توافر عدة عناصر قانونية لعل أهمها
ما يتعلق بالعالقة بين ال رئيس ومرؤوس يه ،وحالة م ا إذا ك ان ال رئيس قد علم أو لدية أس باب للعلم ،وأخيراً الحال ة
ال تي يجب على الق ادة اتخ اذ الت دابير الالزم ة والمعقول ة لمن ع ارتك اب االنتهاك ات أو معاقب ة مرتكبيها ،722وسنورد
العنصــر األول :عالقــة الــرئيس بمرؤوســيه -:ال تقتص ر المس ؤولية الجنائي ة الفردي ة عن ج رائم الح رب -
على األف راد العس كريين فق ط ب ل تق ع أيض اً على الم دنيين ،723فالعالق ة بين ال رئيس والم رؤوس تك ون
مت وافرة س واء ك انت ه ذه العالق ة ت دور في نط اق عس كري أو م دني ،724فمب دأ مس ؤولية القي ادة يمكن أن
721
.ICTY. UN TPIY. The Prosecutor v. Enver Hadzihasanovic & Amir Kubura. Ibid. Para 298. P.g 114.P.S 871.
. 722الحظت الدائرة االبتدائية في قضية المدعي العام ضد زالتكو Vالكسوفيسكي أن العناصر الثالثة المؤسسة للمسؤولية الجنائية الدولية مأخوذه من المادة
2/ 86من البروتوكول اإلضافي األول لعام 1977الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1949والمادة 6من مشروع مدونه لجنة القVVانون الVVدولي والمVVادة 28
من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية .انظر
ICTY.. The Prosecutor V Zlatko Aleksovski .Case No.: IT-95-14/1-T. Op .Para 70 p.g 25 .
. 723استخدمت عبارة " إذا الرئيس " في المادة / 28ب – 1من .النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولة للداللة على القادة من غير العسكريين .جون
-ماري هنكرتس Vولويز دوزوالد –بك .القانون الدولي اإلنساني العرفي .مرجع سابق .صــ. 491
. 724سيف غانم السويدي .المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء والدفع بأوامرهم امام القضاء الجنائي الدولي .مرجع سابق .صــ . 32
. 725الدائرة االبتدائية في قضية "المدعي العام ضد زالتكVVو ألكسوفسVVكي أكVVدت أن المسVVؤولية ال تقتصVVر على القVVادة العسVVكريين ولكن أيضVا ً السVVلطات
المدنية وذلك بحسب تفسير المادة 7/3من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا .
187
وه و م ا أكدت ه أحك ام المح اكم الجنائي ة الدولي ة المختلف ة ،فهن اك س ابقة قض ائية ل رئيس دول ة اتهم بارتك اب
انتهاكات جسيمة لقواعد القانون الدولي اإلنساني من ضمنها انتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ،حيث
َمثُل أمام المحكمة الجنائية الدولية في يوغسالفيا السابقة الرئيس اليوغسالفي سلوبدان ميلوسوفيتش وآخرون ،وقد
قررت الدائرة االبتدائية بأن هناك أدلة كافية على قيام المسؤولية الجنائية الدولية على جميع الُتهم الموجهة إليه،
ومنه ا إص دار أوام ر إلى الجيش اليوغس الفي بارتك اب ج رائم دولي ة من ض منها ج رائم ح رب كاإلض رار العم دي
خالل نفوذه كرئيس جمهورية يوغسالفيا االتحادية االشتراكية ،726وكانت سيطرته بحكم القانون كرئيس جمهورية
كم ا ك انت من ض من األدل ة ال تي قدمتها ال دائرة االبتدائية أن القي ادة العس كرية للجيش الش عبي اليوغس الفي
مارس ت وظيفته ا تحت إش راف الس يطرة السياس ية ل رئيس الجمهوري ة ،ولم ُينف ذ الجيش أي إج راءات بشكل ُمس تقل
عن النف وذ السياسي ،728وبالت الي اتهم ميلوس يفيتش على أس اس المس ؤولية الجنائي ة الفردي ة وفق اً للم ادة 7/1وعلى
أس اس المس ؤولية القيادي ة وفق اً للم ادة 7/3من النظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة الدولي ة ليوغس الفيا ،وعلي ه ف إن
التسلسل القيادي والسيطرة الفعلية سواء كان عسكرياً أو مدنياً او سياسياً يعد من أهم المعايير الحاسمة لمعرفة مدى
و ال تقتضي أن تكون العالقة بين القائد والمرؤوس أن تكون عالقة رسمية ،فيكفي أن تشير تنفيذ األوامر
وجود عالقة كأمر واقع مما تعني ضمنياً وجود هذه العالقة .729
ICTY.. The Prosecutor V Zlatko Aleksovski .Case No.: IT-95-14/1-T. Op .Para 75 p.g 28.
726
.ICTY. UN. TPIY prosecutor v. Slobodan Milosevic. Case No. IT-02-54-T. 16 June 2004. Para.304.pg.108
727
.Ibid .para 305 pg.108.
728
.Ibid.para 304 p.g 108..
. 729جون ماري هنكرتس ولويز دوزوالد –بك .القانون الدولي اإلنساني العرفي .مرجع سابق .صــ. 485
188
وال يشترط أيضا العالقة بأن تكون العالقة ُمباشرة بحكم القانون ،بل يكفي أن تكون مسؤولية القائد الفعلية
ُمتمثل ة بالقُ درة المادي ة في ت ولي الس يطرة الفعلي ة ،كاإلش راف والمراقب ة س واء ك انت مباش رة أو غ ير مباش رة على
أفعال المرؤوسين لمنع ارتكاب الجرائم والمعاقبة عليها ،وهو ما أكدت عليه المادة 87/1من البروتوكول اإلضافي
األول لعام 1977الملحق باتفاقيات جنيف لعام ،7301949وأشارت إليه المادة 28من النظام األساسي للمحكمة
الجنائية الدولية.731
وتم اإلشارة إليه أيضاً في حكم المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة في الحكم الصادر من الدائرة
االبتدائي ة في قض ية الم دعي الع ام ض د الج نرال تيهوم ير بالكيتش ،المتهم بع دة تهم أهمه ا الت دمير دون م برر
تقتض يه الض رورات العس كرية ،والهج وم غ ير المش روع على أه داف مدني ة وتعم د ت دمير المؤسس ات الديني ة
المخصصة لألغراض الدينية والتعليمية ،732وجاء في قرار الدائرة االبتدائية أن القائد يتحمل "المسؤولية الجنائية
وعليه فإن المعيار الرئيسي لقيام المسؤولية الجنائية للرئيس هو “السيطرة الفعلية" واإلشراف للرئيس ،فعدم
734
ُم مارسة السيطرة أو اإلشراف السليم يؤدي إلى قيام المسؤولية الجنائية للرؤساء
وه ذا م ا أكدت ه المحكم ة الجنائي ة الدولي ة ليوغس الفيا حيث وص فت معي ار الس يطرة الفعلي ة " بأنه ا الق درة
المادية على منع السلوك اإلجرامي أو المعاقبة عليه ،بغض النظر عن طريق ممارسة هذه السيطرة" ،وما يؤخ ذ في
. 730نصت المادة على أن القادة لهم سلطة على " أفراد القوات المسلحة الذين يعملون تحت شرافهم " .
. 731جون -ماري هنكرتس ولويز دوزوالد –بك .القانون الدولي اإلنساني العرفي .مرجع سابق .صــ 489وصــ. 490
732
ICTY. UN. TPIY. Prosecutor v. Tihomir Blaškić Case No. IT-95-14-T 3 March 2000. Paras 12,14,15 .P.g.
12,14,
. 733للمزيد انظر .سيف غانم السويدي .المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء والدفع بأوامرهم امام القضاء الجنائي الدولي .مرجع سابق .صـ.34
. 734هشام فواسميه .المسؤولية الدولية الجنائية للرؤساء والقادة العسكريين . Vدار الفكر والقانون .المنصورة .مصر الطبعة األول ى . 2013 .صــ .245
189
االعتبار عند البحث في القدرة المادية على سبيل المثال هو القدرة على رفع التقارير من أجل اتخاذ تدابير جنائية
متمثلة بعقوبات مناسبة وليس مجرد إصدار األوامر أو القيام بأعمال تأديبية .735
وفيما يخص اإلثباتات الخاصة بمدى تحقق معيار "السيطرة الفعليه " للرئيس على مرؤسية ،فإن للقاضي
الموض وعي كام ل الص الحية في إف راد س لطته التقديري ة للتحق ق من م دى ت وافر الس يطرة الفعلي ة بحس ب ظ روف
ومالبس ات ك ل قض ية على ح دة ،وه و م ا أكدت ه دائ رة االس تئناف في قض ية بالس يكيتش أن األحك ام هي ق رارات
تقديري ة وفق اً لوق ائع ك ل حال ة على ح دة ،736وق د توج د بعض الق رائن ال تي تُس اعد في الحكم بوج ود معي ار الس لطة
والمعتقالت.737
إصدار األوامر وتوزيع المهام في ميادين القتال ُ
العنصر الثاني-:ـ علم القادة أو الرؤساء باالنتهاكاتـ :ورد في النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية، -
تفريق ُم بسط بين علم القادة العسكريين وعلم القادة غير العسكريين (الرؤساء) حيث قررت المادة ()28/1
مسئولية القائد العسكري أو الشخص القائم فعالً بأعمال القائد العسكري مسؤولية جنائية عن الجرائم التي
والج دير بال ذكر أن نص الم ادة ( )28من نظ ام روم ا يجس د ل ه أص الً في الم ادة ( )86/2من ال بروتوكول
اإلض افي األول التفاقي ة ج نيف ال ذي يق رر أن ه" ال يعفى قي ام أي م رؤوس بانته اك االتفاقي ات أو ه ذا الملح ق
(البروتوكول ) رؤساءه من المسؤولية الجنائية أو التأديبية حسب األحوال ،إذا علموا أو كانت لديهم معلومات تتيح
لهم في تلك الظروف أن يخلصوا إلى أنه كان يرتكب ،أو أنه في سبيله الرتكاب مثل هذا االنتهاك ،ولم يتخذوا ك ل
. 735شريف عتلم .القانون الدولي اإلنساني دليل األوساط االكاديمية .المرجع السابق .صــ،49
انظر كذلك
ICTY.The Prosecutor V Zlatko Aleksovski .Case No.: IT-95-14/1-T. Op .Para 79 p.g 30 .
736
ICTY. UN. TPIY.. Prosecutor v. Tihomir Blaškić, Case No. IT-95-14-A. 29 July 2004. Para. 680 .P.g. 237.
.. 737سيف غانم السويدي .المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء والدفع بأوامرهم أمام القضاء الجنائي الدولي .مرجع سابق .صـ 41وصــ. 42
190
ما في وسعهم من إجراءات ُم ستطاعه لمنع أو قمع هذا االنتهاك " ،وبذلك فإن مسؤولية القائد أو الرئيس العس كري
الجنائية تثبت ،ولو لم يرتكب الفعل اإلجرامي بنفسه ،وذلك إذا ما علم أو كان يفترض أن يعلم.
في حين لم يتم التش ديد على ذل ك في ذات الم ادة / 28ب بش أن علم الرؤس اء من غ ير العس كريين حيث
اشترطت أن يكون المعيار فقط هو أن يعرف أو تجاهل عن عمد معلومات تشير بوضوح بوقوع االنتهاكات ،وهو
م ا ورد أيض اً في الم ادة 2/ 86من ال بروتوكول اإلض افي األول لع ام 1977ال ذي أش ار بص ورة واض حه إلى
مس ؤولية الرؤس اء في حال ة علمهم أو ك انت ل ديهم معلوم ات تُ تيح لهم في تل ك الظ روف ،أن يخلص وا إلى أن ه ك ان
يرتكب ،أو أنه في سبيله الرتكاب مثل هذا االنتهاك ،فلم يعطي البروتوكول أي إشارة أو تفريق بين علم أو معرفة
القادة العسكريين ،وغيرهم من غ ير العسكريين ،ولعل م ا ورد في النظ ام األساسي للمحكم ة الجنائية الدولية ك ان
وعليه ينبغي لقيام المسؤولية الجنائية للقائد العسكري تحقق العلم الفعلي للقائد بأن أحد مرؤوسيه الخاضعين
إلمرتهم وسيطرتهم الفعلية قد ارتكب أفع ااًل إجرامية أو على وشك القيام باألفعال اإلجرامية ،وهوما يسمى بحالة
العلم الفعلي أو المعرف ة الفعلي ة ،وحال ة المعرف ة االس تنتاجية أو التقديري ة ،738ولم يتخ ذ اإلج راءات المناس بة لمن ع
وتغطي بعض الصيغ الواردة في أحكام القانون بشكل أساسي مفهوم المعرفة التقديرية ،739كعبارة " ُيفترض
أن يكون قد علم بسبب الظروف في ذلك الحين " ،740أو عبارة " كانت لدية معلومات تُمكنه من االستنتاج في تلك
الظروف" ، 741فالمعرفة االفتراضية بوقوع الجريمة يكفي لقيام مسؤولية القادة العسكريين.
. 738سيف غانم السويدي .المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء والدفع بأوامرهم أمام القضاء الجنائي الدولي .مرجع سابق .صـ 42وصــ . 43
739جون -ماري هنكرتس ولويز دوزوالد –بك .القانون الدولي اإلنساني العرفي .مرجع سابق .صــ . 490
. 740انظر المادة / 28ا 1 -من .النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية .
. 741انظر المادة 86/2من البروتوكول اإلضافي األول لعام 1977الملحق باتفاقيات Vجنيف لعام .1949
191
أما بالنسبة لمن هم أرفع مقاماً من العسكريين كالرؤساء فقد أشارت النصوص القانونية وجوب التيقن والتحقق
وليس مجرد االحتمال فيما يتعلق بارتكاب الجرائم لتقرير مسؤولية الرئيس المدني ،حيث جاءت عبارة "تجاه ل عن
742
. وعي أي معلومات تُبين بوضوح " وبذلك فقط اشترط توافر المعرفة الفعلية دون االحتمالية لدى الرؤساء
فالعبارة السابقة تبين بوضوح بأنه ولكي تقوم المسؤولية الجنائية هنا ،البد من إثبات تحقق علم الرئيس أو
تجاهل ه عن وعي وقص د أي معلوم ات ت بين بوض وح أن مرؤوس يهم ك انوا يرتكب ون ج رائم أو على وش ك ارتكابه ا
.743
وعلي ه فق د م يز ه ذا العنص ر بش كل واض ح بين معي ار علم العس كريين وعلم الرؤس اء الم دنيين وأعطى إط اراً
المس اءلة القانوني ة وفق اً مب دأ مس ؤولية الق ادة ،وس هل من عملي ه إفالتهم من
قانوني اً لحماي ة الرؤس اء الم دنيين من ُ
العقاب وبالتالي قلل من فعالية هذا المبدأ ،744وفي كل الحاالت أكدت الدائرة االبتدائية في قضية تيهومير بالكيتش
على أن عدم العلم الناتج عن اإلهمال في قيام القائد أو الرئيس بواجباتهم ال يمكن أن يكون عذراً ،وال يكفي للتبرئة
من المسؤولية.745
وبالت الي يمكن الق ول أن عنص ر العلم ه و عنص ر مهم لتحدي د القص د الجن ائي وت رتيب المس ؤولية الجنائي ة
الفردي ة ،ف إذا ت وافر العلم واإلرادة تحق ق القص د الجن ائي مهم ا ك ان الب اعث على ارتك اب الجريم ة ،إذ ال أث ر
ولكن يبقى معي ار التفرق ة بين علم أو معرف ة الق ادة ،وعلم ومعرف ة الرؤس اء الس بب الرئيس ي الس تغالل
المناص ب في القي ام بانتهاك ات لقواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة ،خاص ة وأن الق انون يأخ ذ في الحس بان
. 742انظر المادة / 28ب – 1من .النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية .
. 743هشام قواسمية .المسؤولية الدولية الجنائية للرؤساء والقادة العسكريين . Vمرجع سابق .صــ .245
. 744سيف غانم السويدي .المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء والدفع بأوامرهم امام القضاء الجنائي الدولي .مرجع سابق .صـ ،42صــ،52صــ53
745
. ICTY. UN. TPIY. Prosecutor v. Tihomir Blaškić Case No. IT-95-14-T 3 March 2000. Para 315 .pg. 99 .
192
العنصر الثالثـ :اتخاذ التدابير الالزمة والمعقولة -:يتضح من اللغة المستخدمة في كل من البروتوكول -
746
وفي الكثير من األنظمة األساسية للمحاكم الجنائية الدولية ،بأن على القادة والرؤساء اإلضافي األول
"الم ستطاعة" أو"الضرورية والمعقولة " لمنع وقمع االنتهاكات وتقوم المسؤولية القانونية
اتخاذ كافة التدابير ُ
الجنائية في حال فشلهم في القيام بذلك ،وي رى البعض أن من ضمن هذه التدابير يقع أيض اً واجب اتخاذ
االحتياط ات المنص وص عليه ا في الم ادة 57و 58من اتفاقي ة ج نيف الرابع ة لع ام 1977كت دابير الزم ة
ومعقولة .747
كما وقد فسرت المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة هذه التدابير على أنها تقتصر على كافة التدابير
748
. والم ستطاعة ضمن سلطة الشخص ،وال يمكن إرغامه على اتخاذ التدابير المستحيلة
الممكنة ُ
ُ
تتبن المحاكم الجنائية الدولية أي معيار موضوعي ُيمكن االستناد إليه لتحديد ما إذا كانت اإلجراءات
و لم َ
"مستطاعة " أو "ضرورية ومعقولة" ،وذلك بسبب صعوبة تحديد المعايير الموضوعية
المتخذة من قبل قائد معين ُ
ُ
المعق دة ال تي تق ع فيه ا ه ذه االنتهاك ات ،إال إنه ا تبنت بعض المع ايير العملي ة كمعي ار
والض وابط في ظ ل الظ روف ُ
"القدرة المادية" للقائد وفقاً للظروف المتاحة في كل قضية ،ويحمل هذا المعيار في طياته افتراض قيام القائد باتخاذ
المتاح ة ل ه في ح دود س لطاته ،وبن اء على ذل ك يف رد القاض ي الموض وعي س لطته التقديري ة إلص دار
كاف ة الوس ائل ُ
المتاحة في كل قضية.749
حكمة استناداً إلى األدلة المتوافرة لدية وفقا للظروف ُ
193
وقد نص النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية أيضاً على بند ضرورة اتخاذ القادة والرؤساء السعي نحو
منع ارتكاب الفعل أو المعاقبة عليه ،أما التدابير المعقولة هي التدابير التي تندرج منطقياً ضمن الصالحيات المادية
750
للرئيس .
وق د ق ررت المحكم ة الجنائي ة الدولي ة إدان ة بالس كيتش ،وه و أعلى رتب ة عس كرية َمثُلت أم ام المحكم ة من ذ
إنش ائها وذل ك لفش لة في اتخ اذ م ا يل زم من ت دابير الزم ة ومعقول ة لمن ع وقم ع االنتهاك ات المس تمرة على األعي ان
المدنية والثقافية وحكم عليه بالسجن 45عام اً ،ورغم تبني المحكمة الجنائية لهذا المعيار ،حيث رأت أن القائد -
وتحت وط أة ظ روف ُمعين ة -يمكن أن يتح رر من واجب ة بمن ع وقم ع ه ذه الج رائم ،وذل ك من خالل رف ع تق ارير
المختصة ،وتُبرأ المسؤولية بمجرد تقديمهم ما يفيد اتخاذ هذه اإلجراءات .751
بالمساءلة للجهات ُ
إال أن النظام األساسي لم ُيحدد الجهة الي تُقرر مدى تطبيق اإلجراءات الالزمة والمعقولة ،وكان األولى
إيراد نص يقضى بأن المحكمة الجنائية هي المختصة في تحديد ذلك ،وعدم ترك األمر للدول والحكومات التي ال
يمكن ضمان عدم انحيازها ،752مع تحديد الكيفية التي تكون اإلجراءات فيها الزمة ،ومعقولة حسب الفقرة ب من
نص المادة 28وذلك للحد من استغالل القادة والرؤساء من هذه الثغرة القانونية.
تقراء لم ا س بق يمكن الق ول أن ه الب د من قي ام الق ادة والرؤس اء بب ذل ُجه د يتناس ب م ع المع ايير
ً وعلي ه واس
والض وابط المطلوب ة لمن ع ارتك اب الج رائم والمعاقب ة عليه ا ،وإ ال ف إن المس ؤولية تق وم على ع اتق ك ل من أم ر
وذلك في حالة األشخاص الذين كانوا في مركز القيادة والسيطرة الفعلية ،ولكن يبقى معرفة الجهة التي
تحدد مدى توافر اإلجراءات الالزمة والمعقولة مجهوالً ،مما قد يؤثر على الرقابة ودورها في حماية قواعد حماية
750
. ICTY. UN .TPIY. The p. Prosecutor v. Sefer Halilovic -16 October 2007 IT-01-48-A.. Para 63. P.G. 26.
751
. ICTY. UN. TPIY. Prosecutor v. Tihomir Blaškić, Case No. IT-95-14-A. 29 July 2004. Para. 3 .P.g. 1
. 752مان ليلو راضي .محاكمة الرؤساء في القانون الدولي الجنائي .المؤسسة الحديثة للكتاب .لبنان الطبعة األولى .2011.صـــ 130
194
األعيان المدنية والثقافية من االنتهاك ،ولن يكون ذلك ممكن اً إال بعد التمكن من إقامة نظام قانوني يحقق اإلحاطة
الكاملة والشاملة لكل مقتضيات إقامة المسؤولية الدولية الجنائية للرؤساء والقادة بشكل ُمحكم ودقيق.
وال يقف الحد عند ذلك بل قد يتحمل القادة والرؤساء المسؤولية الجنائية أيضا عن جرائم الحرب والتي تقع
ض من نطاقه ا االعت داء على األعي ان المدني ة والثقافي ة أيض اً في حال ة الش روع والمس اعدة والتس هيل والمعاون ة
والتحريض.753
وق د رأت الدائرة االس تئنافية في قض ية ت اديتش أن التح ريض بالمس اعدة أو التش جيع أو تق ديم الدعم المعنوي
لتدمير األعيان المدنية ُيشكل دعماً قوياً وله تأثير كبير في قيام الجريمة بشرط أن يكون هناك علم بأن هذه األفعال
وقد عززت ذلك المادة -25/3ب من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية صور هذه المسؤولية ،فال
يعتبر األفراد مسؤولين جنائياً عند ارتكاب جرائم حرب فقط والتي تقع ضمن نطاقها جرائم االعتداء على األعيان
المدني ة والثقافي ة ،ب ل عن المحاول ة أو المس اعدة أو التس هيل أو تق ديم الع ون أو التش جيع على ارتكابه ا أيض اً،
باإلضافة إلى أنهم مسؤولون أيضاً عن التخطيط أو التحريض من أجل ارتكاب جرائم الحرب.
وعلي ه فإن ه يتعين التمي يز بين ثالث ــة ح ــاالت فيم ا يتعل ق بمس ؤولية الق ادة عن األفع ال ال تي يق وم به ا
المرؤوس ون وفق اً ألوام ر بارتك اب ج رائم ح رب وال تي يق ع ض من نطاقه ا ت دمير األعي ان المدني ة والثقافي ة ،أولها
ارتكاب الجريمة بشكل فعلي ففي هذه الحالة تقوم مسؤولية القيادة بشكل واضح .755
ثانيها في حالة لم تُرتكب الجريمة بشكل فعلي ،وإ نما ُمجرد محاوالت الرتكابها فقط ،وفيها أيض اً تقوم
مس ؤولية القي ادة عن أفع ال المرؤوس ين اس تناداً إلى نص الم ادة -25/3ب ،من النظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة
. 753دليل التنفيذ الوطني للقانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 35
754
. ICTY, the Prosecutor v. DU [KO TADI]. Op. 15 July, 1999 .para 229.p.g 105.
. 755جون -ماري هنكرتس ولويز دوزوالد –بك .القانون الدولي اإلنساني العرفي .مرجع سابق .صـــ.487
195
الدولية والذي اعتبر أن األمر أو اإلغراء ،أو الحث على ارتكاب جريمة وقعت بالفعل أو شرع فيها يؤدي إلى قيام
المس ؤولية الجنائي ة الفردي ة للقي ادة عن إعط اء األوام ر بارتك اب ج رائم ح رب متمثل ة بت دمير ه ذه األعي ان
والممتلكات.756
وثالثهاـ في حالة لم تُ رتكب جرائم حرب ولم تجر أي محاوالت الرتكابها ،ففي هذه الحالة تنسب بعض
ال دول مس ؤولية جنائي ة إلى القائ د بمج رد أن ه ق د أعطى األوام ر كمن يعطي أوام ر بت دمير مدين ة معين ه أو قري ة،
ه ذا ويعت بر الق ادة العس كريين والرؤس اء مس ؤولين جنائي اً عن االنتهاك ات ال تي يرتكبه ا مرؤوس وهم بغض
النظر عن الصفة الرسمية التي يتمتعون بها بموجب قوانين وطنية أو اتفاقيات أو أعراف دولية كرئيس دولة أو
رئيس حكوم ة أو أعض اء المج الس النيابي ة ورج ال الس لك الدبلوماس ي أو القنص لي ،فال يمكن االعت داد به ا عن دما
فهذه الصفات الرسمية ال ُيمكن أن تعفي من المسؤولية الجنائية بل يتعرض مرتكبها للعقاب ،فإذا ما ارتكب
جريمة حرب ُمتمثلة بتدمير األعيان المدنية والثقافية فإنه ُيعاقب ،فالحصانة التي يتمتع بها هذا الشخص سواء
759
،معنى ذلك أن كانت دولية أو داخليه ال تَحول دون قيام المسؤولية الجنائية ،كما ال تُعد سبباً لتخفيف العقوبة
تَمتع الشخص بالحصانة دولياً أو داخلياً ال يؤثر على مسؤوليته عن جرائم تقع على األعيان المدنية والثقافية .
. 756كما اكدت الئحة االدارة االنتقالية لألمم المتحدة في تيمور الشرقية ان الشروع في ارتكاب الجريمة يؤدي الى قيVVام المسVVؤولية الجنائيVVة للقيVVادة عن
إعطاء األوامر بارتكاب جرائم الحرب .
) UNTAET/REG/2000/15 .6 june 2000 ( section 14/3
. 757جون -ماري هنكرتس ولويز دوزوالد –بك .القانون الدولي اإلنساني العرفي .مرجع سابق .صـــ.487
. 758عبدالوهاب عبدول .المسؤولية الجنائية الدولية لألشخاص الطبعيين .المسؤولية الدولية الجنائيVة لألشVخاص الطبيعVيين .معهVد التVدريب والدراسVات
القضائية .الطبعة األول ى. 2010.صــ . 99
. 759نجاة أحمد أحمد إبراهيم .المسؤولية الدولية عن انتهاكات قواعد القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ .328
196
وكخالصة لكل ما سبق يمكن القول أن القادة العسكريين والرؤساء المدنيين يتحملون المسؤولية عن انتهاك
ُ
قواعد الحماية لألعيان المدنية والممتلكات الثقافية باعتبارها جرائم حرب ،في حالة لم يتخذوا أي إجراءات معقولة
في ح دود س لطاتهم لمن ع وقم ع ارتك اب ه ذه الج رائم أو تقاعس هم عن ع رض مس ألة االنتهاك ات على الس لطات
المختص ة؛ إذ يجب عليهم القي ام به ذه االج راءات بح ق المرؤوس ين ال ذين يخض عون لس يطرتهم وقي ادتهم الفعلي ة،
وبالتالي فإن من له سلطة في أن يمنع الجريمة ،وال يقوم بذلك ُيعتبر مسؤوالً عن اقترافها فتغاضيه عنها بمثابة
الجنائية على كاهل كل قائد أو رئيس كان يعلم ،أو توافر من األسباب ما يجعله يعلم أن الجنود الذين تحت إمرته
س لطته اتخاذه ا ،لمنعهم من ذل ك ،ولكن ك ل ذل ك ال يعطي م برراً للمرؤوس ين ليلق وا كام ل المس ؤولية على الق ادة
والرؤساء بل ال بد من اإلشارة إلى تحملهم المسؤولية أيضا وفق معايير وضوابط ،سيتم بيانها تالياً -:
تُك رس ُممارس ة ال دول ه ذه القاع دة كإح دى القواع د العرفي ة ،فيتحم ل األف راد ال ذين يتص رفون ض من إط ار
تنظيم أو وحدة هرمية ممن بلغوا السن القانونية المسؤولية الجنائية الفردية ،760كافة الجرائم التي قد يرتكبونها ح تى
وإ ن كانوا ينفذون أوامر من هم أعلى منهم رتبة فال ُيدان أي شخص إال على أساس هذه المسؤولية.761
.760سن المساءلة القانونية تنطبق على كل شخص بلغ الثامنة عشر وقت ارتكاب الجريمة المنسوبة إليه ،وفقا ً للنظام األساسي للمحكمة الجنائيVVة الدوليVVة
حيث نصت المادة 26على أنه " ال يكون للمحكمة اختصاص على أي شخص يقل عمره عن 18عاما ً وقت ارتكاب الجريمة المنسوبة إليه".
.761انظر المادة 3من اتفاقية الهاي لسنة 1907الخاصة بقوانين وأعراف الحرب والتي تنص على أنVVه " يمكن أن تتVVالف القVVوات المسVVلحة من مقVVاتلين
وغير مقاتلين "..وأيضا انظر المادة المشتركة بين اتفاقية جنيف االربع لعام ( 1949المادة 49من اتفاقيVVة جVVنيف األول ،المVVادة 50من اتفاقيVVة جVVنيف
الثانية ،المادة 129من اتفاقيVVة جVنيف الثالثVVة ،المVVادة 146من اتفاقيVة جVVنيف الرابعVVة) ،وهي مVVواد قVد تمت اإلشVVارة إليهVVا في الهVوامش السVVابقة من هVذا
المبحث .وكذلك البروتوكول اإلضافي األول 1977الملحق باتفاقيات جنيف االربع لعام 1949المادة -4 /75ب ،والمادة 86والمادة . 87انظر .جون
-ماري هنكرتسولويز دوزوالد –بك .القانون الدولي اإلنساني العرفي .مرجع سابق .صـــ. 560
197
ورغم أن اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها قد خلت من اإلشارة لمسألة طاعة المرؤوس ألمر الرئيس ،وركزت
على مس ؤولية الق ادة والرؤس اء ،إال أن المحكم ة الجنائي ة الدولي ة ليوغس الفيا ج اءت لتت دارك ه ذا النقص واإلغف ال
762
المتهم بأن ه يعم ل بن اء على
ب النص علي ه في الم ادة ، 7/4أخ ذاً عن محكم ة نورم برج ال تي أك دت على أن دف اع ُ
تعليمات حكومته أو رئيسه األعلى ،ال ُيعد سبباً معفياً من المسؤولية وإ نما قد تعتبر سبباً مخففاً للعقوبة .763
مجرد جندي يقوم بتنفيذ أوامر عليا ،وهي أوامر رئيس دولة المانيا "هتلر" في ذلك الوقت ،وبالتالي امتناع مسؤليته
عن التُهم الموجه ة إلي ه ،وال تي من ض منها الت دمير العش وائي للم دن والبل دات والق رى وال دمار ال ذي ال ت برره
الض رورة العس كرية وت دمير األعي ان المدني ة والممتلك ات الثقافي ة في انته اك ص ريح لقواع د حماي ة ه ذه األعي ان،
وج اء تعلي ق المحكم ة بش أن ه ذا ال دفع ب أن ال أس اس ل ه ،وال يمكن االعت داد ب ه ،على اعتب ار أن ه ُيخ الف ص راحه
764
التي تحظر هذا الدفع وال تقبل به كأساس لجرائم ارتكبت بوعي ودون المادة 8من ميثاق محكمة نورمبورج،
وجود عذر أو مبرر عسكري ،765وبأن مثل هذا الدفع ُيخالف قوانين الحرب ،وال يمكن ألي جندي أن يحمي نفسه
وراء حجة القيام بتنفيذ أعمال بأمر من الدولة ،ال سيما إذا كانت الدولة قد تجاوزت الحدود التي رسمها القانون
الدولي .766
762
ICTY UN TPIY .Updated Statute of the International Criminal Tribunal for the former Yugoslavia.September
2009.P.g 6.
Article 7 Individual criminal responsibility
“… 4. The fact that an accused person acted pursuant to an order of a Government or of a superior shall not
relieve him of criminal responsibility, but may be considered in mitigation of punishment if the
”…International Tribunal determines that justice so requires
.763صابرينة خلف هللا .جرائم الحرب أمام المحاكم الدولیة الجنائیة .رسVالة ماجسVتير .جامعVة منتVوري "قسVنطينة" .الجزائVر . 2006 V،2007 .صــ
.161
764ميثاق المحكمة العسكرية الدولية في نورمبرغ Vالمادة . 8
Article 8.The fact that the Defendant acted pursuant to order of his Government or of a superior shall not free him
from responsibility, but may be considered in mitigation of punishment if the Tribunal determines that justice so
requires
انظر الرابط .تاريخ زيارة الموقع 28فبراير 2014
http://avalon.law.yale.edu/imt/imtconst.asp.
765
. International Military Tribunal, Nuremberg) Judgment of 1 October 1946., in The Trial of German Major War
Criminals. Proceedings of the International Military Tribunal sitting at Nuremberg, Germany, Part 22 (22nd August,
1946 to 1st October, 1946) p.g 108-110.
. 766عبدالوهاب عبدول .المسؤولية الجنائية لالشخاص الطبيعيين .مرجع سابق .صـ 331
198
وقد رفض كل من النظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة الدولي ة ليوغس الفيا السابقة ،وأيض اً تلك الخاصة
بروان دا االعت داد ب أن األفع ال ال تي تم ارتكابه ا ك انت نتيج ة لكون ه تص رف ب أمر من حكومت ه أو من رئيس أعلى،
مكتف يين باعتب ار ذل ك مج رد ظ رف ُمخفف ،767حيث ج اء التقري ر المرف وع الى مجلس األمن الت ابع لألمم المتح دة
بشأن مش روع النظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة الدولي ة ليوغس الفيا السابقة في ع ام ،1993و أش ار األمين الع ام
لألمم المتحدة الى إمكانية أن تكون هذه األوامر ُمجرد ظرف ُمخفف .768
وبالت الي فالمس ؤولية تبقى قائم ة ح تى وإ ن ارتكبت طاع ة ألوام ر الق ادة ،وذل ك اس تناداً إلى القواع د العرفي ة
الُمطبقة على النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية ،769منها قاعدة عدم إطاعة األوامر التي تكون غير مشروعة
بوضوح ،وأن إطاعة أمر الرئيس ال تعفي المرؤوس من المسؤولية الجنائية إذا كان يعلم -أو يفترض أنه يعلم –
أن األمر غير مشروع ،نظراً لطبيعة الفعل ،وال ُيستفاد من ذلك سوى في التخفيف من العقوبة وليس اإلعفاء منها
770
.
من المس ؤولية الجنائي ة عن ج رائم الح رب ،وه ذا م ا أك د علي ه ميثاق ا المحكم تين العس كريتين ال دوليتين نورم برغ
وطوكيو.771
. 767المادة 7/4من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة 1993م ،المVVادة 4 V/6من النظVVام األساسVVي للمحكمVVة الجنائيVVة الدوليVVة
لرواندا 1994م .انظر سيف غانم السويدي ..المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء والدفع بأوامرهم امام القضاء الجنائي الدولي .مرجع سابق .صــ 77
. 768جون -ماري هنكرتس ولويز دوزوالد –بك .القانون الدولي اإلنساني العرفي .مرجع سابق .صـــ495
. 769انظر جون ماري هنكرتس .دراسة حول القانون اإلنساني الدولي العرفي ،مرجع سابق .من القاعدة .155 -154صـ 52
. 770دليل التنفيذ الوطني للقانون الدولي اإلنساني .اللجنة الدولية للصليب األحمر .مرجع سابق .صــ. 36
. 771فميثاق المحكمة العسكرية الدولية في طوكيو نصت المادة 6على أنه :
Article 6 Responsibility of accused
Neither the official position, at any time, of an accused, nor the fact that an accused acted pursuant to order of his
government or of a superior shall, of itself, be sufficient to free such accused from responsibility for any crime with
which he is charged, but such circumstances may be considered in mitigation of punishment if the Tribunal
determines that justice so requires
انظر الرابط .تاريخ الزيارة 25فبراير . 2014
http://www.jus.uio.no/english/services/library/treaties/04/4-06/military-tribunal-far-east.xml
199
معنى ذلك أن طاعة األوامر ال تُش كل دفاع اً صالحاً ينفي المس ؤولية إذا كان الش خص على علم ب أن األمر
غ ير مش روع أو إذا ك انت ع دم المش روعية لألم ر ظ اهرة ،وتُخ الف الق انون ص راحة ،ف المرؤوس الب د أن تك ون
طاعت ه لألوام ر القانوني ة فق ط ،م الم يثبت تعرض ه إلك راه وتهدي د أخ ل بعنص ر اإلدارة واإلدراك ،وه و م ا تبنت ه
األحكام القضائية السابقة ،فنصت المادة ،33في فقرتها األولى أن األوامر العليا أو أمر الرئيس األعلى – كقاعدة
عامة ،-ال تنفي المسؤولية الجنائية سواء كان األمر صادر من حكومة دولته أو الرئيس العسكري أو المدني ،إال
بش روط ُمح ددة وردت كاس تثناءات على القاع دة العامة ،772ويت بين من نص الم ادة أن الفق رة األولى أوردت ثالث
فرضيات اعتبرت كالً منها سبباً مانعاً من مساءلة مرتكب الجريمة الدولية.
فحتى يستفيد المرؤوس من هذا االستثناء ،وهو امتثاله ألمر حكومة أو رئيس أي أمام التزام قانوني بإطاعة
األوامر ،يجب عليه إثبات أن تلك األوامر صادرة من شخص تجب طاعته ،مع عدم علم الشخص بأن تلك األوام ر
ومث ال على ذل ك قي ام الم رؤوس ب إطالق ص واريخ على منطق ة س كنية في أرض الع دو بن اء على تعليم ات
وصلت إليه من مركز قيادته ،تفيد بأنه قد تم تحويلها إلى منطقة عسكرية خالصة ،773وعليه يبدو من هذا النص
أن النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية قد سلك مسلكاً مغايراً نسبياً إلى ما درج عليه القضاء الدولي الجنائي
في مح اكم يوغس الفيا وطوكي و ،ففي حين اعتبرت ه المحكم ة الجنائي ة الدولي ة في نظامه ا األساس ي مانع اً من موان ع
.772نصت المادة 33من الميثاق على " ...ال يعفى الشخص من المسئولية الجنائية إذا كان ارتكابVVه لتلVVك الجريمVVة قVد تم امتثVVاال المVVر حكومVVة أو رئيس,
عسكريا كان أو مدنيا ,عدا في الحاالت التالية-:
ا ) إذا كان على الشخص التزام قانوني بإطاعة أوامر الحكومة أو الرئيس المعني.
ب) إذا لم يكن الشخص على علم بأن األمر غير مشروع.
ج ) إذا لم تكن عدم مشروعية األمر ظاهرة.
- 2ألغراض هذه المادة تكون عدم المشروعية ظاهرة في حالة أوامر ارتكاب جريمة اإلبادة الجماعية أو الجرائم ضد اإلنسانية.
. 773سيف غانم السويدي .المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء والدفع بأوامرهم أمام القضاء الجنائي الدولي .مرجع سابق .صـ4
200
المس ؤولية باعتب ار أن طاع ة األوام ر العلي ا يق ع ض من اإلك راه المعن وي ،إال أن المح اكم الجنائي ة الدولي ة في
وقد ركز النظام األساسي للمحكمة الجنائية على عدة أسباب تعطي استثناءات ،على مبدأ المسؤولية الجنائية
الفردية ،774وتُص يب ه ذه االس تثناءات اإلرادة فتُجرده ا من قيمته ا القانوني ة ،فاإلنس ان كي ُيس ال جنائي اً عن أفعال ة
ال تي يق وم به ا ،ف إذا انتفى عن ه اإلدراك أو االختي ار الح ر امتنعت مس ؤوليته الجنائي ة ،فبتوافرهم ا تق وم المس ؤولية
وبانتفائهم ا تنتفي المس ؤولية ،وإ ثب ات ذل ك يخض ع للس لطة التقديري ة للقاض ي ،فهي من المس ائل ال تي تس تقل به ا
775
،ورغم أن ماورد في نظام روما ال يخالف إال المحكمة بحسب ما تحيط بها من وقائع وظروف كل على حدة
نسبياً األحكام الجنائية الدولية ،إال أنه األحدث وبالتالي يمكن اعتماده ،ويظهر بوضوح العناصر األساسية التي
يجب التركيز عليها لقيام المسؤولية الجنائية كعنصر اإلدراك واالختيار .
واستقراء لما سبق ومتابعة للمراحل المختلفة التي مر بها مبدأ المسؤولية الفردية للمرؤوسين يمكن القول أن
ً
تقدير ما إذا كان أمر الرئيس األعلى مانع اً للمسؤولية ،أصبح متعلق اً أكثر بأثره على عنصري اإلرادة واإلدراك
لدى الفرد ،وبالتالي يعتبر مانع من موانع المسؤولية ،وهو ما تبنته وركزت عليه التطورات األخيرة الواردة في
النظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة الدولي ة ،ودون ذل ك يمكن الق ول بأن ه مج رد ع ذر مخف ف ،بحس ب م اورد في
و تبقى مس ألة اإلدان ة أو نفي المس ؤولية ُمتعلق ة بالتق دير القض ائي الالح ق وليس التق دير الس ابق لوق وع
الجريم ة ،وه و م ا يع اب علي ه في نص وص االتفاقي ات المتعلق ة بحماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة بش كل ع ام حيث
. . 774لعل أهمها إعفاء من تقل أعمارهم عن سن الثامنة عشر وقت ارتكاب األفعال باإلضVافة إلى األفVراد الVذي عVانوا من مVرض أو خلVل ضVمن سVVياق
الدفاع الشرعي والمتناسب V،فالعوارض التي تعتري اإلدراك كالجنون والسVVكر وصVVغر السVVن أو الحVVاالت الVVتي تضVVعف من حريVVة االختيVVار كVVاإلكراه أو
الجهل أو الغلط في الصفة اإلجراميVة .انظVر المVادة 30،31 V،26من النظVام األساسVي للمحكمVة الجنائيVة الدوليVة .راجVع فرانسVواز بوشVيه سVولنييه .
القاموس العملي للقانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ ،560صــ . 561
. 775عبدالوهاب عبدول .المسؤولية الجنائية الدولية لألشخاص الطبعيين ..مرجع سابق .صــ 213و صــ .334
201
تعطى الس لطة التقديري ة ،إم ا للقض اء أو ألط رف ال نزاع ،وك ان األولى تنظيم العملي ة لحص ر األم ور التقديري ة في
أضيق نطاق ممكن من خالل إعطاء جهات ُمعينة ذات سلطة تقوم بالرقابة على تنفيذ وتطبيق قواعد الحماية لهذه
األعيان.
وكخالص ة من ك ل م ا س بق ذك ره ُيمكن الق ول أن األش خاص ال ذين ينتهك ون قواع د حماي ة األعي ان المدني ة
وتق وم ه ذه المس ؤولية إم ا أم ام المح اكم الوطني ة أو المح اكم األجنبي ة ،أو أم ام المح اكم الجنائي ة الدولي ة القائمة،776
الم ساءلة ليس فقط على الجهات الرسمية أو القوات الحكومية بل أيضا أولئك
فقواعد القانون اإلنساني تُرتب ُ
الذين يتمتعون بالنفوذ الفعلي على أرض الواقع ،وأولئك الذين يمارسون السيطرة الفعلية على مرتكبي االنتهاكات
الخطيرة لقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ،فالمسؤولية الجنائية تنشأ بعد مقياس السيطرة الفعلية.
وح تى في حال ة م ا إذا أدين ش خص بم وجب الق انون ال دولي بارتك اب انتهاك ات جس يمة للق انون ال دولي
اإلنساني وخاصة قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ،فإن ذلك ال يعفي الدولة من المسؤولية الدولية ،والعكس
بالعكس .777
وعليه يمكن االعتراف بفعالية المسؤولية الدولية الجنائية بحق األفراد الذين يرتكبون االنتهاكات الجنائية
الدولي ة ح تى ال يفلت ش خص من العق اب عم ا ُيس ببه من تهدي د للس لم واألمن ال دوليين ولس لم وأمن األف راد ،ف روح
اتفاقي ات ج نيف ه و أرتكازه ا على مفه وم الفعالي ة وفي أنه ا مس توحاة من اله دف ال رئيس وه و تحقي ق ال ردع
المناسب.778
ُ
. . 776فرانسواز بوشيه سولنييه .القاموس العملي للقانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ .559
. 777انظر في هذا الصدد المادة 25/4من النظام األساسي للمحكمVVة الجنائيVVة الدوليVVة والVVتي تنص على أنVVه "ال يVVؤثر أي حكم في هVذا النظVVام األساسVVي
يتعلق بالمسؤولية الجنائية الفردية في مسؤولية الدول بموجب القانون الدولي ".
778
. ICTY, UN. TPIY. Appeals Chamber the Prosecutor v. DU [KO TADI], IT-94-1-A, 15 July 1999 .para 96 p.g 38.
202
ويتضح مما سبق بيانه أن المسؤولية الجنائية الفردية تتحدد بمواجهة كل من يرتكب جريمة بحق األعيان
المدني ة والثقافي ة ،أو يمتن ع عن اتخ اذ أي ت دابير الزم ة ومعقول ة لمن ع ومعاقب ة ك ل من ي رتكب ه ذه الج رائم ،لكن
السؤال الذي قد ُيثار هو هل يعاقب هؤالء في حال ارتكابهم لبعض األفعال غير المشروعة كتلك الجرائم التي تقع
على هذه األعيان عند توافر ضرورة عسكرية لنفي المسؤولية ،فالضرورة العسكرية هي الحجة الرئيسية لتبرير
المستمر لهذه األعيان ،خاصة مع توافر نصوص صريحه تنص على جواز االرتكان إليها ،وهو ما سيتم
التدمير ُ
779
-: المطلب الثاني:ـ الدفع بتوافر الضرورة العسكرية لنفي المسؤولية القانونية الدولية
وتُعطي اعتبارات مصلحة الدولة في المقام األول ،فيجيز الخروج على قواعد القانون الدولي اإلنساني ،780ومنها
والثقافية بتوافر الضرورة العسكرية ،ويتم االستناد إليها والدفع بها لتجنب المسؤولية الدولي ة الجنائية ،واإلفالت من
العقوب ة ،ذل ك أن أط راف ال نزاع يس عون في المق ام األول إلى تحقي ق االنتص ار ،وإ ض عاف ق وة الخص م ،وبالت الي
كم ا فعلت الوالي ات المتح دة األمريكي ة في ت برير قص فها الوحش ي والالإنس اني للم دن العراقي ة خالل ح رب
الخليج الثاني ة ع ام ،1991حيث دافعت عن ذل ك قائل ة ب أن فعله ا ه ذا ك انت تس تدعيه الض رورة العس كرية،781
. 779تتعدد أسباب امتناع Vالمسؤولية بحسب ما تنص عليه مواد النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية إال إنه سيتم هنا التركيز على "حالة الضVVرورة"
وذلك الرتباطها الوثيق بموضVVوع الدراسVة حيث سيتضVVح التجVVازوات الVVتي تُVVرتكب بVVداعي تVVوافر هVVذه الحالVVة وتصVVبح بمنظVVور VحالVVة الضVرورة أفعVVاال
مشروعه.
. 780نزار العنبكي. Vالقانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ .61
.781حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ .452
203
وبالتالي تُستعمل الضرورة العسكرية كمفهوم قانوني وكجزء من التبرير لهجمات على أهداف عسكرية مشروعه
ويتم اإلش ارة إليه ا بك ثرة لت برير عملي ات قص ف األعي ان المدني ة والثقافي ة ،وذل ك لوج ود نص وص ص ريحة
تجعل من الضرورة العسكرية مبرراً الرتكاب المخالفات الجسيمة ضد هذه األعيان ،في حين ال توجد نصوص
والثقافية؟ وهل ُيمكن الدفع بها لنفي المسؤولية أمام انتهاكات قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية؟ ولإلجابة على
ذل ك تتطلب دراس ة الض رورة العس كرية ،و تحدي د مفهومه ا من جه ة ،وبي ان الطبيع ة القانوني ة والش روط ال واجب
توافرها ،ثم إبراز المعايير التي ُيمكن من خاللها قياس وجود ضرورة من عدمه من جهة أخرى ،ثم تقويم مدى
فعالي ة ال دفع بت وافر الض رورة العس كرية في انته اك قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة ،وذل ك على النح و
التالي -:
وردت العدي د من التعريف ات بش أن الض رورة العس كرية ال تي تُمليه ا ظ روف القت ال وجعلته ا ُم برراً
التعريفات ،منها ما جاء فيه القول بأن الضرورة العسكرية ما هي إال الحالة التي تكون ُملحة لدرجة ال تترك وقت اً
.784
.782فرانسواز جي .ھامبسون .الضرورة العسكرية تقديم حنان عشراوي .جرائم الحرب .مرجع سابق .صــ . 325
.783نجاة أحمد ابراهيم .المسؤولية الدولية عن انتهاكات Vقواعد القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ . 225
. 784سلوان جابر هاشم .حالة الضرورة في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق 100.وصــ. 101
204
وعلي ه فإنه ا أح وال اس تثنائية تظه ر أثن اء الح رب ،وتف رض ح ال قيامه ا ارتك اب أفع ال واتخ اذ ت دابير
وإ جراءات ُمعينة على وجه السرعة بسبب الموقف أو الظرف االستثنائي ،وكل ذلك من أجل أمرين :إما ضمان
التغلب على العدو وهزيمته أو وإ ضعاف قوته ،ومن ثم تحقيق النصر العسكري المطلوب.
فإذا ما تحقق أحد هذه األهداف أو جميعها امتنع التمادي واالستمرار في توجيه األعمال العدائية ذلك أن
فكرة الضرورة المقصودة هنا هي عدم تجاوز مقتضيات الحرب وتحمل في طياتها معنى الحظر والتجريم وليست
785
الضرورة التي تفضي إلى اإلباحة أو التجاوز.
ومنهم من اعتبره ا مفهوم اً قانوني اً ُيس تخدم في الق انون ال دولي اإلنس اني لت برير اللج وء إلى العن ف
والهجمات على أهداف عسكرية مشروعه ،وبها ُيصبح من المسموح إيقاع أضرار على األعيان المدنية والثقافية،
المتحققة أكبر من الضرر بمعنى ضمان بقاء هذه الضرورة ضمن إطار مبدأ التناسب
لكن بشرط أن تكون الميزة ُ
بحيث تتناسب النتائج مع الضرر الذي تسبب بتدمير هذه األعيان .786
م ع ض رورة أن تك ون كاف ة األه داف ال تي يس عى إليه ا األط راف لتحقي ق النص ر عس كرية وليس ت سياس ية،
بمع نى أن تك ون مادي ة ملموس ة وليس ت معنوي ة ،إال أن مث ل ه ذا الش رط ق د ط رح ويط رح مش اكل في تص نيف
األهداف فهناك بعض األهداف كإخضاع الخصم لالستسالم ،هل ُيعد مثل هذا الهدف هدفاً سياسياً أم عسكرياً؟ ،787
المتنازع ة وخاص ة ُمتخ ذي الق رارات في القي ام ب الهجوم مس احة واس عة من التق ديرات
وبالت الي يعطي األط راف ُ
الذاتية التي تُبنى في األساس على المصالح السياسية والعسكرية ،وال يكون لالعتبارات اإلنسانية أي قيمة .
. 785نجاة حمد أحمد إبراهيم .المسؤولية الدولية عن انتهاكات Vقواعد القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .من صــ 99إلى صــــ101
, 786روشو خالد .الضرورة العسكرية في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ. 85
. 787فرانسواز جي .ھامبسون .الضرورة العسكرية تقديم حنان عشراوي .جرائم الحرب .مرجع سابق .صــ. 325
205
عرفت لجنة القانون الدولي حالة الضرورة باعتبارها الظرف الذي " توجد فيه دولة ال تملك أية وسيلة
وقد ّ
للمحافظ ة على مص الحها الحيوي ة أم ام خط ر كب ير وس اطع ،إال باتب اع تص رف ُمخ الف ل واجب دولي في
أخ رى ُ
ويفهم منها أن تكون الشروط ُمجتمعة بمعنى ال ُيكتفى بأن يكون الخطر حااّل بل ال بد أن يكون جسيماً أيضاً .
ُ
وتشير التعريفات الواردة بوضوح إلى أن الضرورة العسكرية لها عناصر وشروط منها وجوب اتخاذها من
ومحترفين وهم من يأمرون باتخاذها ،باإلضافة إلى ضرورة أن يكون الهدف منها هو ضمان
أشخاص ُمتمرسين ُ
التغلب على الع دو ،وأيض اً أن تتخ ذ على وج ه الس رعة فهي عاجل ة ،وهو م ا لم يتف ق مع ه البعض ،باعتب ار أن ه ال
يج وز الت أخر عن ه ،فهن اك الكث ير من الق رارات ال تي يتم اتخاذه ا ال توص ف بالعاجل ة وت دخل في مفه وم الض رورة
وه و م ا ال يمكن االتف اق مع ه باعتب ار أن الض رورة العس كرية يجب أن تك ون باإلض افة إلى وج ود خط ر
جسيم أن تكون حالة فال توجد الضرورة إال إذا توافر العنصران معاً ،أما إذا كان الضرر قد وقع وانتهى أو يوش ك
على الوقوع ،ال يمكن االستفادة منها باعتبار أن ذلك سيخل بفكرة الضرورة كحالة استثنائية وطارئة تش ّكلت بس بب
. 788غسان الجندي .المسؤولية الدولية .بدون دار نشر .الطبعة األولى . 1990 .صـــ.70
. 789ويقصد بالحالة أن يكون هناك خطراً يُهدد بقاء الدولة بحيث Vال تستطيع الدولة تفاديه إال بإهدار مصلحة مشروعه ،والخطر الجسVVيم هVVو ذاك الخطVVر
الذي ال يمكن تدارك ضرره ،وتبقى Vمسألة تقدير ذلك الخطر الحال والجسيم من المسائل النسبية ،وتُترك Vلقاضي الموضوع وللمحكمVVة ال ُمختصVVة تقVVديرها
ليتم تقدير مدى الجسامة ومدى توافر حالة الخطر الحال .انظر .روشو خالد .الضرورة العسكرية في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ. 89
. 790سلوان جابر هاشم .حالة الضرورة في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 102
206
وبالت الي ف إن الض رورة العس كرية مج رد حال ة اس تثنائية ووس يلة أخ يره غ ير ُمطلق ة ب ل ُمقي ده بتحقي ق أه داف
الحرب وهي إضعاف العدو وإ حراز النصر العسكري ،791وهو ما أكده إعالن سان بطرسبرغ لعام ،792 1868
ويتجس د أيض اً في الم ادة 22من الئحة اله اي ال تي تنص على أن ه ليس للمتح اربين ح ق ُمطل ق في اختي ار وس ائل
إلحاق الضرر بالعدو ،وتؤيده المادة 35من البروتوكول اإلضافي األول التي جاء فيها القول بأن حق أطراف أي
نزاع مسلح في اختيار أساليب ووسائل القتال ليس حقاً ال تقيده قيود .
مما سبق يمكن استخالص نتيجة مفادها أن الضرورة العسكرية تظهر أثناء وجود حاجة عسكرية عاجلة
ُي قدرها قائد ذو صالحية تقتضي الخروج على قواعد قانونية ،مما يجوز فيها استخدام أساليب ووسائل قتالية بشرط
أن يكون الهدف منها فقط إضعاف قدرات الطرف اآلخر مع تجنب اإلضرار بالمصالح المحمية قدر المستطاع،
ورغم م ا تحتل ه الض رورة العس كرية من موق ع ب ارز في أحك ام الق انون ال دولي اإلنس اني ،إال أن م ا يمكن
مالحظت ه أن النص وص القانوني ة التفاقي ات الق انون ال دولي اإلنس اني لم تض ع ُمص طلحاً ُموح داً و واض حاً يض بط
مفهوم الضرورة العسكرية ،793بل وردت عدة تسميات لمصطلح الضرورة العسكرية.794
العرفية التي
والممارسات ُ
عليه والذي ُيطلق عليه "حق الضرورة " ،على اعتبار أنها حق قانوني ،وأحد المبادئ ُ
مارستها الدول خالل الحروب لتحقيق غاية عسكرية تتمثل في الحفاظ على الدولة .795
. 791روشو خالد .الضرورة العسكرية في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ. 82
. 792حيث جاء في اإلعالن أن الهدف الوحيد المشروع الذي يجب أن تسعى إليه الدول أثناء الحرب هو إضعاف قوات العدو العسكرية لذلك فVVإن إقصVVاء
أكبر عدد ممكن من الجنود يكفي لتحقيق هذا الهدف.
. 793انظر هامش رقم . 1روشو خالد .الضرورة العسكرية في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ. 82
. 794مثل -:المقتضيات العسكرية ،الضرورة العسكرية الملحة ،الضرورة الحربية القهرية ،الضرورة الحربية العاجلة ،األسباب العسكرية.
. 795فرانسواز جي .ھامبسون .الضرورة العسكرية تقديم حنان عشراوي .جرائم الحرب .مرجع سابق .صــ. 325
207
ورأي آخر ُيطلق عليها "حالة الضرورة " على اعتبار أنها تمثل مجرد حالة أو ظرف استثنائي تزول بزوال
ٌ
هذا الظرف ،بينما ُيطلق عليها البعض اآلخر" نظرية الضرورة " ،796بمعنى تقوم على شروط وعناصر ومعايير
المالئمة التي تقاس وتقيَّم بها ،وبالتالي تطبيقها ،وهو الرأي الذي يجانب
يمكن التعرف عليها من خالل المقاييس ُ
الصواب والمنطق ،فال يمكن االستفادة منها إال بعد تقديم األدلة على توافرها مما يضع عبئ اً ثقيالً على كاهل من
يتذرعون باالستثناء؛ إذ يجب عليهم تقديم الدليل مما قد يحد من التقويمات الذاتية ألطراف النزاع.
وباس تقراء نص وص الق انون ال دولي اإلنس اني نج د أن هن اك ع دداً من النص وص تتض من فك رة الض رورة
العس كرية منه ا على س بيل المث ال ديباج ة اتفاقي ة اله اي لع ام 1907ال تي نص ت على أن ه ذه األحك ام اس تمدت
797
. صياغتها من الرغبة في التخفيف من آالم الحرب كلما سمحت بذلك المقتضيات العسكرية.
أم ا اتفاقي ات ج نيف وال بروتوكوالن الالحق ان فهن اك العدي د من النص وص ال تي أج ازت اللج وء إلى فك رة
الضرورة العسكرية ،ومنها الحكم الذي يحظر على دولة االحتالل تدمير أي ممتلكات ثابته ومنقولة خاصة ب األفراد
أو بالدول ة إال إذا ك انت هن اك ض رورة عس كرية تس توجب ه ذا الت دمير ،798كم ا أش ارت االتفاقي ات الالحق ة على
الملحقة بالضرورة العسكرية كأن تكون قصوى أو ُملحة أو ُمطلقة إال أنه من وجهة
ورغم تعدد الصفات ُ
. 796محمد عبد المنعم عبد الغني .الجرائم الدولية .مرجع سابق .صـــ. 383
. 797المــادة () 43التي جاء فيها " إذا انتقلت سلطة القوة الشرعية بصورة فعلية إلى يد قوة االحتالل ,يتعين على هذه األخيرة ,قدر اإلمكان ,تحقيVVق األمن
والنظام العام وضمانه ,مع احترام القوانين السارية في البالد ,إال في حاالت الضرورة القصوى التي تحول دون ذلك ".
. 798المادة 53و55و 108من اتفاقية جنيف الرابعة .
. 799المادة " " 4من اتفاقية الهاي لعام ،1954والمادة " "6من البروتوكول اإلضافي الثاني لعام .1999
. 800سلوان جابر هاشم .حالة الضرورة في القانون الدولي اإلنساني مرجع سابق .صــ .117
208
وبالت الي يمكن الق ول ب أن الق انون ال دولي اإلنس اني لم يتع رض لمفه وم الض رورة العس كرية ب ل اكتفت
االتفاقي ات الناظم ة ل ه باإلش ارة إلي ه دون التط رق إلى مفهوم ه ومقاص ده وض وابطه ،801وربم ا يرج ع األم ر إلى
اختالفات الفقهاء في تكييف الطبيعية القانونية التي تتميز بها هذه الضرورة فتتغير بحسب الظروف المحيطة بها
بب من أس باب
اختل ف الفقه اء في تك ييف حال ة الض رورة ،ف يرى بعض الفقه اء أن الض رورة العس كرية س ٌ
اإلباحة ،ولهذا ال يعدها جريمة حرب بل هي مجرد فعل غير مشروع يستتبع تعويض المتضرر على أساس فكرة
802
وذل ك باعتب ار أن الض رر ه و أح د العناص ر الكافي ة لقي ام المس ؤولية المدني ة بغض النظ ر عن قي ام المخ اطرة
بينم ا ي ذهب رأي الى أن الض رورة العس كرية م ا هي إال ُمج رد "ظ رف واقعي" ُيفس ر في أض يق الح االت،
حيث ال ُيمكن للدولة االستناد إلى الضرورة العسكرية إال في حالة توفرت ظروف واقعية ،803فيما عدها البعض
804
، من موانع المسؤولية ،فالتصرف يبقى تصرفاً غير مشروع طبق اً للقانون مالم يثبت بأن هناك ضرورة ملحة
واس تند ه ذا ال رأي إلى ك ون حال ة الض رورة ن وع من أن واع اإلك راه ،حيث يك ون من ش أنها إجب ار واض طرار
.801نصت على مبدأ الضرورة العسكرية الكثير من النصوص القانونية ومنها Vالمادة 50من اتفاقية جVVنيف األول ى ،المVVادة 50من اتفاقيVVة جVVنيف الثانيVVة
والمادة 30من اتفاقية جنيف الثالثة ،المادة 147من اتفاقية جنيف الرابعة .انظر أحمد سي علي .حماية األشخاص واألموال في القانون الدولي اإلنساني
.مرجع سابق .صــ. 347
. 802سلوان جابر هاشم .حالة الضرورة في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ ،117صــ. 118
. 803روشو خالد .الضرورة العسكرية في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ . 127
. . 804سلوان جابر هاشم .حالة الضرورة في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 117
. 805محمد عبد المنعم عبد الغني .الجرائم الدولية .مرجع سابق .صـــ390
209
وق د وض عت لجن ة الق انون ال دولي مجموع ه من االس تثناءات تمن ع من الت ذرع بحال ة الض رورة حيث أن ه ال
يجوز لدولة التذرع بالضرورة العسكرية لكي تنتهك قواعد آمرة ،وقد أوضحت لجنة القانون الدولي في الفقرة 28
من تعليقها على المادة ،80633بأن قواعد القانون الدولي اإلنساني قواعد آمرة ال يمكن استبعادها باسم الضرورة
العس كرية ،وال ُيمكن االحتج اج بالض رورة العس كرية من أج ل انته اك قواع د ته دف في األس اس لمن ع الض رورة
وي برر بالتالي الخروج على بعض قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ،أو التخفيف منها
الضرورة العسكريةُ ،
أن تكون الضرورة العسكرية المطلوبة ال غنى عنها لتنفيذ المهمة ،وال تكون إال إذا كانت القاعدة تنص صراحة
على احتمال حدوث هذه االنتقاض أو التخلي عن الحماية ،وفي الحدود المسموح بها .808
المس تخدمة مش روعة ،وأن تك ون ُمتفق ه م ع أحك ام الق انون ال دولي ،وأيض اً
وأن تك ون الوس ائل واألس اليب ُ
ُمتوافقه مع غاية الحرب وهي إضعاف القوة العسكرية للعدو ،مع وجوب أن تكون ُمحققة لميزة عسكرية أكيده،
وأيضاً ضرورية بمعنى ال ُيمكن االستغناء عنها ،وكذلك البد من ضرورة مراعاة االعتبارات اإلنسانية ،ويرجع
تق دير ذل ك إلى الظ روف الس ائدة لحظ ة القي ام باألعم ال العس كرية ،809ه و م ا أك دت علي ه العدي د من النص وص
ص راحة ،فيجب أن ال تك ون األض رار المدني ة المترتب ة على اإلج راءات ال تي اتخ ذت اس تناداً إلى الض رورة
810
. العسكرية ُمفرطة قياساً إلى الميزة العسكرية
. 806عالجت المادة 33من مشروع القانون الدولي اإلنساني حالة الضرورة ووضعت لها عدة معايير البد من التقيد بها -:
.1ان يكون تذرع الدولة بهذه الحالة هي الوسيلة الوحيدة لحماية مصلحة اساسية ضد خر محدق.
..2أن ال يسبب Vهذا التصرف الحاق الضرر بمصلحة جوهرية لدولة اخرى
807
UN.Yearbook of the International Law Commission, 1980, Volume II. Report of the Commission to the General
Assembly on the work of its thirty-second session. New York, 1981. A/CN.4/SER.A/1980/Add.l (Part 2).
Para28 .P.g.46 .
. 808سلوان جابر هاشم .حالة الضرورة في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ .119
. 809حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـ . 449
. 810انظر المادة الثالثة المشتركة التفاقيات جنيف األربع لعام 1949والمادة -5/ 51ب ،والمVادة -2/ 57ثالثVا ً من الVبروتوكول اإلضVافي األول لعVام
. 1977
210
وال بد أيضاً أن يكون هناك تناسب ،بمعنى أن تتالءم األعمال العسكرية التي تُقررها الضرورة العسكرية
كت دمير األعي ان المدني ة والثقافي ة م ع حجم الض رر ال ذي يلح ق ب الطرف اآلخ ر ،وم دى تحق ق م يزات عس كرية
المعت دى علي ه ،فيس عى التناس ب إلى إقام ة الت وازن بين مص لحتين ُمتعارض تين هم ا اإلنس انية
تض عف الط رف ُ
وال يكفي ذلك بل ال بد أن تكون حالة الضرورة ُمتوافره لحظة القيام بالعمل العسكري بمعنى ارتباط قيام
هذه الحالة بسير العمليات الحربية خالل مراحل االقتتال ،وال يمكن االستفادة منها في حالة توقف القتال ،فهي ذات
كما ال بد أن تكون الخيار األخير وال يوجد خيارات أخرى أقل ضرراً وهذا الشرط ُيفهم ضمنياً باعتبار
أن الضرورة العسكرية ماهي إال استثناء ُيبيح التحلل من قواعد الحماية لعدم وحود بديل آخر ،813بمعنى ال يكون
أمام أطراف النزاع أي خيار لتحديد طبيعة ونوع الوسائل سوى تلك التي تم استخدمها فقط ً ،814وبالتالي ال يكون
اللجوء إليها إال بعد استنفاذ كافة الخيارات األخرى ،وعليه فإنه إذا اضطرت الدول ُممارسة هذه الحالة ،فإن ذلك
يعطيه ا الع ذر دون اإلعف اء من المس ؤولية التعويض ية ،فحال ة الض رورة ال تُض في الش رعية على األفع ال
815
. المجرمة
ُ
وهذا ما تبنته محكمة العدل الدولية في الفتوى المتعلقة ببناء اسرائيل جدار في األراضي الفلسطينية المحتلة
والمقتضيات العسكرية ُيمكن أن تساق كذريعة في حال إثبات أن ال بديل لها من أجل
،فالضرورات العسكرية ُ
ضمان األمن ،إال أن كل تدمير لألعيان المدنية كتدمير المنازل والزروع وغيرها يبقى محظور بوضوح بموجب
قواع د الق انون ال دولي اإلنس اني ،ف أي اس تثناء من قاع دة عام ة ينبغي تفس يره بطريق ة ُمقي دة بم ا يكف ل الحف اظ على
. 811فرانسواز جي .ھامبسون .الضرورة العسكرية تقديم حنان عشراوي .جرائم الحرب .مرجع سابق .صــ. 325
. 812هشام بشير .وعالء الضاوي .حماية البيئة والتراث الثقافي في القانون الدولي .مرجع سابق .صــ. 99
. 813سلوان جابر هاشم .حالة الضرورة في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 121
. 814هشام بشير .وعالء الضاوي .حماية البيئة والتراث الثقافي في القانون الدولي .مرجع سابق .صــ. 99
. 815روشو خالد .الضرورة العسكرية في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ . 127
211
816
،وبالت الي ق د تك ون الض رورة العس كرية ع ذر إال أن ه ذا الع ذر ال يض في االعتب ارات اإلنس انية األساس ية
الشرعية على أفعال محظورة وفقاً لقواعد القانون الدولي اإلنساني .
ثالثاًـ :مدى فعالية الدفع بحالةـ الضرورة في انتهاك قواعد حماية األعيانـ المدنية والثقافية -:
لقد تباينت اآلراء بشأن حالة الضرورة فبينما رفض رأي الدفع بحالة الضرورة ،نجد قبوالً وتأييدا ًمن طرف
آخر ،حيث يرى رأي أنه يمكن الدفع بحالة الضرورة ،كسبب من أسباب اإلباحة في الجريمة الجنائية استناداً الى
أن الدولة لها كامل الحق في الدفاع عن نفسها ،فحقها في البقاء هو من أسمى الحقوق التي كفلها وأعترف لها به
817
القانون الدولي إال أن ذلك ال يعفيها من المسؤولية التعويضية.
ويرى رأي آخر أنه ال يجوز الدفع بحالة الضرورة كسبب من أسباب اإلباحة؛ ألن ذلك سيؤدي ببساطة إلى
صعوبة في تنظيم العمليات القتالية وتجريدها من كل قيمها اإلنسانية ،فقد جاء في فتوى محكمة العدل الدولية عام
1996في رأيه ا االستش اري ح ول ش رعية اس تخدام األس لحة النووي ة أو التهدي د به ا في الفق رة الفرعي ة األولى من
الفقرة /105ه بقولها " أن المحكمة بالنظر إلى حالة القانون الدولي الراهنة والعناصر الواقعية التي تحت تصرفها
ليس بوس عها أن تخلص بش أن م ا إذا ك ان التهدي د باألس لحة النووي ة أو اس تخدامها مش روعاً أو غ ير مش روع في
818
. ظرف أقصى من ظروف الدفاع عن النفس ،يكون فيه بقاء الدولة ذاته معرضاً للخطر"
. 816انظر رأي القاضي نبيل العربي .فتوى محكمة العدل الدولية بشأن اآلثار القانونية الناشئة عن تشVVييد جVدار في األرض الفلسVVطينية المحتلVه .مرجVVع
سابق .صــ . 135
. 817محمد عبد المنعم عبد الغني .الجرائم الدولية .مرجع سابق .صـــ. 390
. 818فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها .مرجع سابق .الفقرة. .105 .صـــ .45
212
فالض رورة العس كرية بحس ب م ا ت راه المحكم ة ال تتص ل بنظري ة ال دفاع عن النفس أو عن ح ق ال دول في
البقاء ،بل تمثل استثناء على قواعد الحماية التي يقررها القانون الدولي اإلنساني.819
وقد رفضت المحكمة الدفع بمبدأ الضرورة العسكرية لتدمير األعيان المدنية والثقافية ،820وبما يتناقض مع
الحظ ر المنص وص علي ه في الم ادة 53من اتفاقي ة ج نيف الرابع ة ،821وأك دت المحكم ة ب أن الض رورة العس كرية
تُقيدها شروط تقييدية ُمحددة بدقة ،ويجب الوفاء بها ُمجتمعه ،وكان أحد الشروط التي ذكرتها المحكمة أن يكون
الفعل هو السبيل الوحيد أمام الدولة لصون مصلحة أساسية من خطر جسيم يهددها ،822والبد أيضا من إخضاع
الفعل الذي تفرضه الضرورة العسكرية إلى اختبار التناسب ،ال سيما وأن مفهومي الضرورة العسكرية والتناسب
مترابطان .823
وجاء الموقف القانوني لمنظمة التحرير الفلسطينية المرفق بتقرير أمين عام األمم المتحدة أن إلسرائيل كامل
الحق في القيام بتدابير محددة في حال توافر ضرورة عسكرية ُمطلقة ،وذلك لحماية مصالحها األمنية المشروعة،
إال أن هذه التدابير البد أن تتخذ بما يتفق مع قواعد القانون الدولي اإلنساني ،824ومنها طبع اً قواعد حماية األعيان
ورغم أن الضرورة العسكرية لم توجد لها أي تطبيقات قضائية في محكمة الهاي ،825إال أن محكمة نورم برغ
. 819حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 448
. 820انظر البند 135فتوى محكمة العدل الدولية بشأن اآلثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار في األرض الفلسطينية المحتلة مرجع سابق .صــ . 67
.821المــادة ( ) 53تنص على أنه " يحظVVر على دولVVة االحتالل أن تVVدمر أي ممتلكVVات VخاصVVة ثابتVVة أو منقولVVة تتعلVVق بVVأفراد أو جماعVVات ،أو بالدولVة أو
السلطات العامة ،أو المنظمات Vاالجتماعية أو التعاونية ،إال إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتما ً هذا التدمير" .
. 822انظر البند 140فتوى محكمة العدل الدولية بشأن اآلثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار في األرض الفلسطينية المحتلة مرجع سابق .صــ .69
. 823رأي مستقل للقاضي كويجمانز . Vالبند 34فتوى محكمة العدل الدولية بشأن اآلثار القانونية الناشVVئة عن تشVVييد جVVدار في األرض الفلسVVطينية المحتلVVة
مرجع سابق .صــ . 106
. 824الجمعية العامة لألمم المتحدة .الدورة االستثنائية الطارئة العاشرة .البند ٥من جدول األعمال .األعمـــال اإلســـرائيلية غـــير القانونيــــة في القـــدس
الشـــرقية المحتلــــة وبقيــــة األرض الفلسVطينية المحتلVة .تقريVر األمين العVام الVذي أعVد عمال بقVرار الجمعيVة العامVة دإط – . ١٣/١٠المشVار إليــــة
بالمرجع
A /ES-10/248 . 24نوفمبر . 2003الفقرة .1صــ. 14
. 825نزار العنبكي. Vالقانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ . 62
213
المستمد من حالة الضرورة التي ُيقدرها كل ُمحارب تؤدي إلى أن
لألعيان المدنية والثقافية تأسيس اً إلى أن "الدفع ُ
والقي ام بت دمير األعي ان المدني ة والثقافي ة ،827وق د أع ربت المحكم ة في حكمه ا الص ادر من الوالي ات المتح دة ض د
المتهمين بتدمير
فليلهم ليست وآخرين في نورمبرج عن رأيها بأنه ال يمكن أن ُيحتج بالضرورة العسكرية من قبل ُ
828
ويفهم من ذل ك أن حالة الضرورة قد
المدن والق رى ،فالتدمير كغاية في حد ذاته ه و انته اك للق وانين الدولي ة ُ ،
تُعتبر في بعض األحيان جريمة بحد ذاتها ،ويمكن تسميتها بجريمة الضرورة عند تعمد استغاللها وعند عدم توافقها
مع قواعد ومبادئ القانون الدولي اإلنساني ،مما ُيقيم حق المساءلة ومن ثم العقاب.
تقراء مم ا س بق فق د رفض الق انونيون والمح اكم الدولي ة بح زم أي ُحج ة تس تند إلى اعتب ار
ً وعلي ه واس
وبالت الي ال ُيمكن الرب ط بين الض رورة العس كرية ومف اهيم النص ر العس كري أو المخ اطر العس كرية؛ حيث
س يؤدي ذل ك ببس اطه إلى إعط اء األط راف المتحارب ة حج ة قانوني ة س ائغة للخ روج عن األحك ام واس تعمال قاع دة
830
. الضرورة العسكرية كحجة لتبرير هذا الخروج
وكخالص ة ُيمكن الق ول بأن ه ال يج وز ال دفع بحال ة الض رورة العس كرية لنفي المس ؤولية الجنائي ة الناتج ة عن
ُ
انتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية لكونها قواعد آمرة ال يجوز مخالفتها ،فالضرورة العسكرية يجب أن
. 826محمد عبد المنعم عبد الغني .الجرائم الدولية .مرجع سابق .صــ398
827
Hostage Case .US Military Tribunal, Nuremberg, Judgment of 19 February 1948.. in Trials of War Criminals
Before the Nuremberg Military Tribunals Under Control Council Law No. 10, Volume XI/2.para 1252.pg.17 .
828
.U.N Law Reports of Trial of War Criminals. Volume VIII. 1949. P.G 66-90.
. 829ماركو ساسولي .أنطوان بوفييه .كيف يوفر القانون الحماية في الحرب ؟ .مرجع سابق .صـــ . 140
. 830حسين علي الدريدي .القانون الدولي اإلنساني مرجع سابق .صــ . 448
214
تتوافق مع قواعد القانون الدولي اإلنساني ،وبالتالي يبقى من الضروري بيان المعايير والضوابط .التي تجعل منها
متوافقه مع القانون الدولي االنساني بصورة أكثر وضوحاً وذلك منعاً الستغاللها .
فالس لطة التقديري ة الممنوح ة ألط راف ال نزاع في تحدي د الض رورة العس كرية ال تي تتواف ق م ع قواع د الق انون
الدولي اإلنساني تبقى عامالً ُمساعداً الستغاللها كثغرة في إضعاف قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ،وتبقى
الجه ة المكلف ة بالرقاب ة على ت وافر الض رورة العس كرية غ ير ُمح ددة المع الم ،فال ت زال أط راف ال نزاع هم الجه ات
المخول ة بتحدي دها رغم أنهم عناص ر غ ير محاي دة في ال نزاع ،وال يمكن لهم إال الس عي نح و تحقي ق مص الحهم
واستقراء لكل ما سبق ذكره في المبحث السابق فإنه يمكن القول بأن مبدأ المسؤولية الدولية بشقيها المدني
والجنائي أسهمت مساهمة فعاّلة في حماية األعيان المدنية والثقافية من االنتهاكات ،وشكلت ردع اً باعتبار أن جميع
األفع ال الخارج ة عن الق انون ي ترتب عليه ا قي ام المس ؤولية ويتتبعه ا عق اب وج زاء ،كم ا ال يمكن ال دفع بحال ة
الض رورة لنفي أي المس ؤولية باعتب ار م ا تحمل ه ه ذه الض رورة من ض وابط ومع ايير رغم ع دم وض وحها ،إال أن
التحق ق منه ا ومن م دى توافره ا اس هم في تحقي ق الض بط المناس ب ألط راف ال نزاع ،وعلي ه الب د من االنتق ال إلى
عرض الدور الذي يلعبة القضاء الجنائي الدولي في تنفيذ وتطبيق قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ،وذلك
المبحثـ الثانيـ
215
قواعد حماية األعيان المدنية والثقافيةـ موضع التنفيذ والتطبيق
لق د ك ان إلق رار مب دأ المس ؤولية الدولي ة الجنائي ة الفردي ة عن انتهاك ات قواع د الح رب وأعرافه ا ،فعالي ة في
واعتبرت تلك األفعال من ضمن االنتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب وأعرافها ،بحيث يكون كل شخص مسؤولاً
831
مسؤولية جنائية فردية عنها ،وقابالً للعقاب حتى لو لم يكن الفعل جريمة بموجب القانون الداخلي ،وذلك بحسب
يق ع من ض منها ج رائم االعت داء على األعي ان المدني ة والثقافي ة ،وتش مل ت دمير الممتلك ات واالس تيالء عليه ا على
نطاق واسع ال تُبرره الضرورات الحربية ،وبطريقة غير مشروعه وتعسفية ،باعتبارها انتهاكات جسيمة.
ومع تطور مبدأ المسؤولية الجنائية للفرد ،الذي ينص على وجود ارتباط بين القواعد الجنائية الدولية والفرد
كشخص طبيعي بحيث يتحمل هذا الفرد عواقب ارتكاب الجرائم الدولية التي يقع من ضمنها جرائم االعتداء على
األعي ان المدني ة والثقافي ة ،834مم ا س اهم بش كل كب ير في العم ل على إنش اء قض اء دولي جن ائي ُيس هل من عملي ة
الجناة عن الجرائم الدولية التي يرتكبونها ،وقد عمدت القوى السياسية إلى تطبيق هذا المبدأ على أرض
محاكمة ُ
الواقع ،وتمثل ذلك بداية بإنشاء لجنة تحقيق دولية وهي لجنة تحديد مسؤولية القائمين على إشعال الحرب وتنفيذ
العقوبات.835
. 831عمر سعد هللا .القانون الدولي اإلنساني وثائق وآراء .مرجع سابق .صــ .154
832
.UN. The Yearbook of the International Law Commission1950, vol. II. Official Records of the General Assembly,
Fifth session, Supplement No.12 (A/1316) .New York, 1957. A/CN. 4/SER.A/1950/Add.Para.100.p.g 374.
. 833البد من التذكير أن جرائم الحرب هي تلك االنتهاكات Vالجسيمة لقواعد وأحكام القانون الدول اإلنساني وقد أدرجت إتفاقيات جنيف األربع لعVVام 1949
تلك االنتهاكات Vضد االعيان المدنية والثقافية ضمن المواد 50إتفافية جنيف االولى 51،اتفاقيVة جVVنيف الثانيVة و 130اتفاقيVة جVVنيف الثالثVة و 146اتفاقيVة
جنيف الرابعة .
. 834عباس هاشم السعدي .مسؤولية الفرد الجنائية عن الجريمة الدولية .مرجع سابق .صــ . 201
. 835غضبان حمدي .إجراءات متابعة مجرمي الحرب .منشورات الحلبي الحقوقية .الطبعة األولى .2014.بيروت Vلبنان .صــــ.162
216
و ساهمت المحاكم الدولية كقضاء في تطبيق وتأكيد مبدأ المسؤولية الجنائية الفردية خاصة مع تنفيذ أحكام
اإلدانة فيما يتعلق باالعتداءات المتعلقة باألعيان المدنية والثقافية ،كما شددت اتفاقيات جنيف األربع لعام 1949
على ضرورة محاكمة كل من يرتكب أحد االنتهاكات الجسيمة الواردة بها والتي من ضمنها جرائم االعتداء على
األعيان المدنية والثقافية أياً كان موقعه ،وذلك تجسيداً لمبدأ مسؤولية القادة ،836ويتم تفسير األحكام طبق اً اللتزامات
والمقاض اة على بعض الج رائم الخط يرة بغض النظ ر عن ص فة
الق انون ال دولي ال تي تُل زم ال دول ب واجب التحقي ق ُ
و على ضوء ذلك جاءت العديد من التقارير في لجنة القانون الدولي التي تحث على ضرورة إنشاء جه از
دولي دائم لتحقي ق العدال ة لم ا ل ه من ت أثير كب ير في إمكاني ة ردع المعت دين ح تى ل و ك انت عملي ة التط بيق وتوقي ع
العقوب ات ص عبة عملي اً ،إال أن الفك رة في ح د ذاته ا ك انت مرغوب ة من ذ البداي ة إلى ان ابص رت المحكم ة الجنائي ة
وعليه سيتم في هذا المبحث عرض الدور الذي يلعبه القضاء الدولي الجنائي في تنفيذ قواعد حماية األعيان
المدني ة والثقافي ة ،وذل ك على ثالث ة مط الب س يتناول المطلب األول دور المح اكم العس كرية الدولي ة بع د الح رب
العالمي ة الثاني ة ،أم ا المطلب الث اني س يتناول دور المح اكم الخاص ة المؤقت ة ،و س يتطرق المطلب الث الث إلى دور
المحكمة الجنائية الدولية في تنفيذ قواعد الحماية لألعيان المدنية والثقافية ،وذلك على النحو التالي -:
المطلب األول -:دور المحــاكم العســكرية الدوليــة بعــد الحــرب العالمي ـةـ الثاني ـةـ في تنفيــذ قواعــد حمايــة األعيــان
. 836المادة المادة ( ) 51-50جنيف األولى ،والمادة( )52-51-50جنيف الثانية ،والمادة 131-130 -129جنيف الثالثة ،والمادة 148-147-146جنيف
الرابعة والمادة 87-86-85البروتوكول اإلضافي األول .
. 837علي عودة .القضاء الجنائي وقانون النزاعات ال ُمسVVلحة .مجلVVة األمن والقVVانون ..العVVدد األول السVVنة الثالثVVة عشVVرة .ينVVاير 2005اكاديميVVة شVVرطة
دبي .صـــ. 13
838
.UN. The Yearbook of the International Law Commission1950, vol. II. Official Records of the General
Assembly, Fifth session, Supplement No.12 (A/1316) .New York, 1957.. A/CN. 4/SER.A/1950/Add.Para.136.p.g
378
217
ض م ُممثلي دول
بع د انته اء الح رب العالمي ة الثاني ة واستس الم األلم انُ ،عق د م ؤتمر لن دن بص ورة س رية َلي ُ
الحلفاء من أجل االتفاق على ما يجب اتخاذه ضد ُمرتكبي جرائم الحرب من القادة األلمان.839
عس كرية دولي ة (محكم ة نورم برغ ) ،840تختص ب النظر في الج رائم الدولي ة ال تي ارتكبه ا كب ار الق ادة األلم ان أثن اء
الحرب ،841ونصت المادة 6من النظام األساسي لمحكمة نورمبرغ العسكرية على أهم اختصاصات المحكمة وهي
جرائم الحرب التي من ضمنها جرائم االعتداء على األعيان المدنية والثقافية .842
وقد ذكر النظام األساسي للمحكمة صراحة وبموجب هذه المادة على أن أي اعتداء على األعيان المدنية
أو الممتلك ات الثقافي ةُ ،يع د جريم ة ح رب ُمع اقب عليه ا على اعتباره ا انتهاك اً جس يماً ألع راف وقوان يين الح رب،
كالت دمير الوحش ي والتعس في للم دن والق رى بطريق ة ال تُبرره ا الض رورة العس كرية ،فق د حكم على ع دة مس ؤولین
وعليه اعتبرت محكمة نورمبرغ كسابقة اعتمدت عليها محاكمات أخرى كمحكمة جرائم الحرب الیوغسالفیة
التي أصبحت مخولة بمحاكمة أفراد مسؤولین عن مصادرة أو تدمیر أو تعمد إلى إلحاق ضرر بمؤسسات مكرسة
لل دين أو الخ یر أو التعلیم ،الفن ون والعل وم ،النص ب التاريخیة وأعم ال الفن والعلم ورغم وج ود محكم ة ُمخول ة
بالتحقيق والمساءلة إلى أن ما يعيب هذه المحاكمات أن نظامها األساسي ال ُيحدد العقوبات التي يجب اتخاذها ضد
وتم دمجها باعتبارها أعياناً مدنية وليست ذات أهمية خاصة. 843
االنتهاكات الواقعة على الممتلكات الثقافية.
218
كم ا يمكن ُمالحظ ه أن جمي ع المح اكم ال تي تلت ه ذه المحكم ة ق د اعتم دت على ذات الص يغة تقريب اً ،ولم
تحدث أي تغيير يتعلق بالتوضيح أو التفصيل الذي يصب في تطوير قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ،مما
المناسبة ،فهي
يدل على عدم تطور النص القانوني ،رغم ما واجهه من تحديات خاصة فيما يتعلق بتحديد العقوبات ُ
ال تُحدد وال تبين نوع العقوبة وال تفصل بين العقوبات الخاصة باألعيان المدنية والممتلكات الثقافية رغم ما تحمله
من أهمية ،بل فقط تشير إلى سلطة األطراف في تقدير هذه العقوبات ،وأيض اً فإن هذه القواعد تُشير بشكل عام
إلى الض رورة العس كرية دون تحدي د معاييره ا وض وابطها بش كل أك ثر وض وحاً ،وأبقت على غم وض ه ذا الش رط
رغم أهميته.
وجرى تحديد هذه الجرائم بموجب المعاهدات الدولية والقواعد العرفية ،وقد أشار النظام األساسي للمحكمة
في المادة 17إلى أن للمحكمة أن تقضي بعقوبة اإلعدام أو أي عقوبة تراها ُمناسبة باإلضافة إلى ُمصادرة األموال
الم تعلقة بالجريمة وتسليمها إلى مجلس الرقابة في ألمانيا ،ثم جاءت المادة 27من النظام لتشير إلى عقوبة اإلعدام
ُ
وت ركت تحدي د العقوب ات الباقي ة لس لطة المحكم ة التقديري ة ،844وعلي ه ُيمكن اإلش ارة إلى بعض إيجابيت ه ومنه ا أن
ومعاقبتهم .845
ويقرر حمايتهم ُ
أصبح ُيخاطب األفراد ُمباشرة ُ
وفي 19ين اير 1946أص در القائ د الع ام لق وات الحلف اء في الش رق األقص ى الج نرال األم ريكي م اك أرث ر
قراراً يقضي بإنشاء محكمة طوكيو الدولية العسكرية لمحاكمة مجرمي الحرب في الشرق األقصى وبصفة خاصة
اليابانيين ،846وتم تحديد النظام األساسي لهذه المحكمة بميثاق الحق بهذا اإلعالن وعقدت المحكمة أول جلساتها في
طوكيو ،847وك انت أهم اختصاص اتها النظ ر في الج رائم المرتكب ة ض د ق وانين الح رب وأعرافها ،848وال يوج د
عشرواي .مرجع سابق .صــ. 172
. 844علي يوسف الشكري .القانون الجنائي الدولي في عالم متغير. Vمرجع سابق .صــ 34
. 845علي جميل حرب.منظومة القضاء الجزائي الدولي .مرجع سابق .صـــ. 51
. 846نزار العنبكي . Vالقانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ .530
. 847علي يوسف الشكري .القانون الجنائي الدولي في عالم متغير. Vمرجع سابق .صـــ .35
. 848باإلضافةإلى الجرائم كالقتل واإلبادة واالسترقاق واإلبعاد ...الخ ،والجرائم ضد السالم ويدخل من ضمنها التدبير أو التحريض أو اإلثارة أو شVVن
حرب اعتداء بإعالن أو بدون إعالن ...الخ .
219
اختالف جوهري بين الئحتي المحكم تين من حيث االختص اص وال من حيث المبادئ التي قامت عليها ،وال حتى
ولكن ما ُيمكن اإلشارة إليه أن النظام األساسي للمحكمة أو الالئحة الخاصة بمحكمة طوكيو لم تشر صراحة
إلى أحك ام خاص ة لألعي ان المدني ة والثقافي ة ب ل اكتفت في الم ادة الخامسة ،850ب القول أن للمحكم ة س لطة محاكم ة
ومعاقبة مجرمي الحرب في الشرق األقصى استناداً إلى المسؤولية الفردية على االنتهاكات المتعلقة بقوانين الحرب
ُ
وأعرافها.
ولكن رغم بعض المآخ ذ القانوني ة ال تي اعترض ت كال ًمن محكم تي نورم برغ وطوكي و العس كريتين إال أن
أعمال المحكمتين اتُخذت نموذج اً ق امت على أساسه وُأستند عليه في إنشاء جهاز قضائي دولي من أجل محاكمة
األشخاص المتهمين بارتكاب جرائم دولية ، 851والتي من ضمنها جرائم االعتداء على األعيان المدنية والثقافية.
وكخالص ة يمكن الق ول :إن كالً من محكم ة نورم برغ ومحكم ة طوكي و اختص تا ب النظر إلى ج رائم الح رب
ُ
المتعلقة بكل انتهاك أو مخالفة للقوانين واألع راف الحربية ،والتي تشمل االعت داء على األعيان المدنية والثقافية،
ُ
بمعاقبة األشخاص الطبيعيين ،وعليه فإن تلك الخطوة الجادة رغم قصورها النسبي إال أنها
واختصت المحكمتان ُ
تُعد أول الخطوات نحو تفعيل وتعزيز مبدأ المسؤولية الدولية الجنائية ،وتطبيق مبدأ المحاكمة وإ نزال العقاب على
مرتكبي جرائم الحرب والجرائم الدولية األخرى أمام جهة قضائية دولية ،مما ُيفسر أن السلوك العالمي حينها كان
يتجه بشكل واضح نحو الرغبة الصريحة والجدية في تطبيق قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية و إرساء األمن
والسلم الدولي.
. 849حمدي غضبان .إجراءات متابعة مجرمي الحرب .مرجع سابق .صــــ . 184
850
International Military Tribunal for the Far East (IMTFE) Charter. The IMTFE Charter. Constitution of the
Tribunal.p.g 2.
) https://www.uni-marburg.de/icwc/dateien/imtfec.pdf (accessed January 23, 2015
. 851من تلك المآخذ التي اعترضت محاكم نورمبرج Vوطوكيو افتقادهما لألسVVاس الشVVرعي في التجVVريم حيث افتقVVدتا مبدأالمشVVروعية الVVذي يقVVرر بأنVVه ال
جريمة وال عقوبة إال بنص في القانون .أبو الخير أحمد عطية .المحكمة الجنائية الدولية الدائمة .مرجع سابق . 12 .
220
المطلب الثاني -:دور المحاكم الخاصة المؤقته في تنفيذ قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية -:
على أث ر النزاع ات ال تي ح دثت في يوغس الفيا س ابقاً ،وم ا نجم عنه ا من انتهاك ات جس يمة للق انون ال دولي
اإلنس اني ،وخاص ة بع د إعالن جمهوري ة البوس نة والهرس ك اس تقاللها في 5م ارس ،1992وم انتج عنه ا من
انتهاك ات ص ارخه للق وانين واألع راف الدولي ة المتعلق ة بحق وق اإلنس ان ،تح رك مجلس األمن بإص داره ق رارين،
القرار رقم 1993 /808في 22فبراير ،1993نص على ما يلي " :قرر مجلس األمن الدولي إنشاء محكمة
جنائي ة دولي ة لمحاكم ة األش خاص المس ؤولين عن االنتهاك ات الجس يمة للق انون اإلنس اني ال دولي وال تي ارتكبت في
852
أراضي يوغسالفيا السابقة منذ عام " 1991
وفي 25م ايو ،1993ص در ق رار بتأكي د إنش اء محكم ة مؤقت ة واس تثنائية لمقاض اة األش خاص المس ؤولين
عن االنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني والتي اُتركبت في يوغسالفيا ،853واتسمت هذه المحكمة بالصفة
854
لمحاكم ة ُمق ترفي االنتهاك ات الجس يمة في النزاع ات
والمح ددة الغ رض ،وتُعت بر أول محكم ة جنائي ة ُ
الظرفي ة ُ
كما ثارت في تلك الفترة أيضاً الحرب األهلية في رواندا ُمخلفة وراءها عشرات اآلالف من القتلى جراء
عمليات اإلبادة التي تعرض لها أفراد قبيلة التونسي من طرف قبيلة الهوتو التي كانت تدعمها القوات الحكومية،
وقد أدت هذه االنتهاكات إلى إنشاء محكمة مؤقتة واستثنائية لمقاضاة األشخاص المسؤولين عن االنتهاكات الجسيمة
للق انون ال دولي اإلنس اني ،وال تي ات ركبت في روان دا بم وجب ق رار مجلس األمن رقم 1994/955في 8نوفم بر
.8561994
221
واقتص رت محكم ة روان دا على معاقب ة الج رائم الماس ة ب األفراد كج رائم اإلب ادة الجماعي ة والج رائم ض د،
اإلنسانية دون تعديها للجرائم الماسة باألموال واألعيان المدنية؛ حيث إن انتهاكات قوانين وأعراف الح رب واتفاقية
جنيف لعام 1949الخاصة بالنزاعات الدولية لم تكن تخضع الختصاص محكمة رواندا نظراً لطبيعة النزاع التي
اتسم بطابع الحرب األهلية ،واستمرت المحكمة في مباشرة واليتها من تاريخ 1يناير 1994وحتى 31ديسمبر
،8571994وتُعد هذه المحكمة صورة طبق األصل للمحكمة الجنائية الخاصة بيوغسالفيا.858
وعلي ه فإن ه وبخالف الطريق ة ال تي ُأنش ئت فيه ا محكم ة نورم برغ العس كرية ،وال تي ُأنش ئت بم وجب اتف اق
معق ود بين المنتص رين في الح رب ،ومحكم ة طوكي و العس كرية ال تي ُأنش ئت بق رار انف رادي لدول ة ُمنتص رة في
الحرب ،فإن محكمتي يوغسالفيا وروندا تم إنشاؤهما بموجب قرار ُأممي آمر وُأحادي الجانب صادر من مجلس
المتحدة .859
المحددة له في الفصل السابع من ميثاق األمم ُ
األمن الدولي استناداً الى السلطة ُ
860
المتمثلة بكافة الجرائم
واختصت المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا بالنظر في جرائم الحرب ،كتلك ُ
المتعلقة باالعتداء على األعيان المدنية والممتلكات الثقافية ،حيث نصت المادة 3من نظامها األساسي على تجريم
ُ
أي مساس باألعيان المدنية والثقافية أو تدميرها ،وجاء في نصها على أن أي مساس أو تدمير للتراث الثقافي ُيعد
جريمة حرب ،ويكون للمحكمة الدولية سلطة محاكمة األشخاص بانتهاك قوانين أو أعراف الحرب وتتضمن هذه
االنتهاك ات .على س بيل المث ال وليس الحص ر ،الت دمير الوحش ي للم دن أو البل دات أو الق رى ،وال ذي ال ت برره
الضرورة العسكرية.
وأيض اً الهج وم ،أو القص ف ،ب أي وس يلة ك انت ،من الم دن أو الق رى أو المس اكن أو المب اني واالس تيالء
. 857محمود شريف بسيونني . Vالمحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق .صـــ 62وصــ . 63
. 858رقية عواشرية .حماية المدنيين واألعيان المدنية في النزاعات ال ُمسلحة غير الدولية .مرجع سابق .صـــ424
. 859نزار العنبكي. Vالقانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ536
. 860باإلضافة الى الجرائم ضد اإلنسانية وجرائم اإلبادة.
222
الممتلك ات العام ة أو الخاص ة ،861وج اءت ه ذه الم واد
واآلث ار واألعم ال الفني ة والعل وم التاريخي ة ،وك ذلك نهب ُ
ُمقتبسة من النظام األساسي لمحكمة نورمبرغ المادة /6ب لعام 1945والتي تستند إلى قواعد القانون العرفي،862
اقتصرت على نوعين فقط من الجرائم هما جرائم اإلبادة وجرائم ضد اإلنسانية.864
كم ا اعت برت المحكم ة الجنائي ة الدولي ة ليوغس الفيا أول محكم ة تص در أحكام اً عن ج رائم تُ رتكب ض د
الممتلكات الثقافية ،حيث أشارت المحكمة إلى أن جرائم التدمير أو اإلضرار العمدي باآلثار التاريخية ،تُعتبر من
ُ
لمالحقة ُمق ترفي االنتهاكات الجسيمة بغض النظر عن جنسية مرتكبيها وأي اً
قبيل جرائم الحرب ،كما أنها ُش ّكلَت ُ
ولكن نظراً للمعوقات والسلبيات التي أحاطت بالمحاكم الخاصة المؤقته ومنها محكمة يوغسالفيا وسيراليون
ورواند وغيرها ،والتي تكون عادة ُم صممة لمواجهة تحديات واحتياجات محددة وخاصة ،من هذه السلبيات أن مث ل
ويمثل
هذه المحاكم يتم إنشاؤها من الصفر وتتطلب ضرورة تحديد إطار قانوني سليم وإ يجاد التسهيالت المناسبةُ ،
861
. ICTY UN TPIY .Updated Statute of the International Criminal Tribunal for the former Yugoslavia.September
2009.P.g 5.
وجاء صياغته باللغة اإلنجليزية كالتالي -:
”Article 3 “ Violations of the laws or customs of war
The International Tribunal shall have the power to prosecute persons violating the laws or customs of
war. Such violations shall include, but not be limited to:
;(a) employment of poisonous weapons or other weapons calculated to cause unnecessary suffering
;(b) wanton destruction of cities, towns or villages, or devastation not justified by military necessity
(c) attack, or bombardment, by whatever means, of undefended towns, villages, dwellings, or
;buildings
(d) seizure of, destruction or wilful damage done to institutions dedicated to religion, charity and
;education, the arts and sciences, historic monuments and works of art and science
(e) plunder of public or private property.
. 862علي جميل حرب .منظومة القضاء الجزائي الدولي .مرجع سابق صــ . 127
863
U.N. Security Council. Report of the Secretary General pursuant to 2 of security Council Resolutions 808 .may 3,
1993.pg 13 .
. 864نزار العنبكي. Vالقانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ 540
. 865رقية عواشرية .حماية المدنيين واألعيان المدنية في النزاعات ال ُمسلحة غير الدولية .مرجع سابق .صـــ425
223
المس تمر تح دياً كب يراً له ا ،فإنش اؤها يتطلب وقت اً وجه داً ،وتُعت بر أك ثر تكلف ة مم ا ل و ك انت
ض مان تع اون ال دول ُ
دائمة.866
وبالت الي ورغم محاولة مثل هذه المحاكم تقديم حماية لألعي ان المدنية والثقافية إال أن صفتها المؤقته أكدت
ضرورة البحث عن إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة تعنى بمحاسبة منتهكي هذه القواعد.
المطلب الثالث -:دور المحكمة الجنائيةـ الدولية الدائمة في تنفيذ قواعد حماية األعيان المدنية والثقافة -:
ب رزت الحاج ة إلى وج ود قض اء جن ائي دولي دائم يه دف إلى ُمعاقب ة ُمرتك بي االنتهاك ات الجس يمة لقواع د
الق انون ال دولي اإلنس اني ،بحيث ُيمكن أن تتم محاكم ة مرتك بي الج رائم الدولي ة ،ل ذلك ج اء إنش اء المحكم ة الجنائي ة
لم قتضيات تطبيق العدالة وتثبيت دعائم القانون الدولي الجنائي .
الدولية الدائمة ُملبياً ُ
وظلت الجه ود الدولي ة ُمس تمره إلنش اء قض اء جن ائي دولي من ذ ع ام ،867 1924ولغاي ة اعتم اد النظ ام
األساسي للمحكمة في عام 1998ودخوله حيز التنفيذ في ،868 2002والشك أن المحكمة الجنائية الدولية تُعد من
الفعالة لتنفيذ قواعد حماية األعيان والممتلكات الثقافية ،ومن شأن استخدامها بطريقة فعالة تحقيق الردع
اآلليات ّ
ويقع على المحكمة الجنائية الدولية عبء مالحقة الجرائم المختلفة التي يرتكبها األفراد في نزاع مسلح ،ومنها
تلك الجرائم المتعلقة باالعتداء على األعيان المدنية والثقافية ،869وتُعتبر المحكمة مؤسسة قانونية دولية ذات طبيعة
جنائي ة وذات شخص ية مس تقلة ،870وهي هيئ ة قض ائية دائم ة غرض ها الرئيس ي ه و المالحق ة والتحقي ق ومقاض اة
. 866الجمعية العامة .األمم المتحدة .مجلس حقوق اإلنسان .تقرير لجنة التحقيVVق الدوليVVة المسVVتقلة بشVVأن الجمهوريVVة العربيVVة السVVورية ..الVVدورة الرابعVVة
والعشVVVرون .البنVVVد 4من جVVVدول االعمVVVال .حVVVاالت حقVVVوق اإلنسVVVان الVVVتي تتطلب اهتمVVVام المجلس بهVVVا .بتVVVاريخ 15فVVVبراير 2013المرجVVVع
. .A/HRC/22/59صــ 134
. 867علي يوسف الشكري .القانون الجنائي الدولي في عالم متغير. Vمرجع سابق .صـــ . 38
. 868نزار العنبكي. Vالقانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ 549وصــ. 550
. 869عمر سعد هللا .القانون الدولي اإلنساني وثائق وآراء .مرجع سابق .صــ . 152
. 870علي جميل حرب .منظومة القضاء الجزائي الدولي .مرجع سابق صــ.225
224
ومنها جرائم الحرب التي تتضمن جرائم االعتداء على األعيان 871
األشخاص الذين يرتكبون أشد الجرائم خطوره
المدنية والثقافية.872
ورغبة من المجتمع الدولي بالتشديد على اعتبار الجرائم المرتكبة ضد األعيان المدنية الممتلكات الثقافية
جرائم حرب ،وفي محاولة للبناء على ما خلصت إليه محكمة "نورمبورغ " ،جاء النظام األساسي للمحكمة الجنائية
الدولية لعام 1998م واضحاً في مادته 8حين نص على جرائم الحرب ،معتبراً أن االعتداء على األعيان المدنية
واالس تيالء على الممتلك ات الثقافي ة دون وج ود م برر للض رورة العس كرية ،واالعت داء المباش ر على المب اني
فمن أهم الجوانب اإليجابية في المادة 8من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية احتوائها على قائمة
شاملة إلى حد ما لجرائم الحرب المنطبقة في النزاعات الدولية وغير الدولية ،إال أن ما قد ُيعتبر قصوراً أنها لم
ت درج جمي ع االنتهاك ات المنص وص عليه ا في ال بروتوكول اإلض افي األول على ال رغم من كونه ا ج زء هام اً من
المتعلقة بمهاجمة األشغال الهندسية والمنشآت التي تحوي قوى خطرة على الرغم
القانون العرفي ،ومنها الجرائم ُ
من خطورتها وماقد تُسفر عنه من خسائر وأضرار باألعيان المدنية .873
فب العودة إلى م دى إمكاني ة ُمس اهمة المحكم ة الجنائي ة الدولي ة الدائم ة في تنفي ذ قواع د الحماي ة العام ة لألعي ان
المدنية والثقافية نجد أن المادة الثامنة من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية في فقرتها الثانية وتحديداً البند
الراب ع اعت برت أن " الح اق أي ت دمير واس ع النظ اق بالممتلك ات واالس تيالء عليه ا دون أن تك ون هن اك ض رورة
عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة " انتهاكاً جسيماً إلتفاقيات جنيف األربعة لعام . 1949
. 871انظر ديباجة النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية والذي جاء فيها ...." :وإذ تؤكد أن أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره يجب أال
تمر دون عقاب وأنه يجب ضمان مقاضاة مرتكبيها على نحو فعال من خالل تدابير تتخذ على الصVVعيد الوطVني وكVذلك من خالل تعزيVVز التعVVاون الVدولي
وقد عقدت العزم على وضع حد إلفالت مرتكبي Vهذه الجرائم من العقاب وعلى اإلسهام بالتالي في منع هذه الجرائم"...
. 872وتعتبر Vالمحكمة الجنائية الدولية مستقلة عن األمم المتحدة ،وال تعتبر VجهVVازاً من أجهزتهVVا وتتكVVون أجهزتهVVا من هيئVVة الرئاسVVة الVVتي تضVVمن رئيسVا ً
ونابين للرئيس ،وشعبة استئناف ،وشعبة ابتدائية ،وشعبة تمهيدية ومكتب Vالمدعي العام وقلم المحكمة ،وينتخب Vقضاة المحكمة وعددهم 18قاضيا ً من قبVVل
جمعية الدول األطراف ،والتي تضم الدول المصادقة أو المنضمنة إلى النظام العام األساسي للمحكمة وقد تم تحديد العقوبات في المVVادة الخامسVVة وأقصVVاها
السجن المؤبد كما تشمل العقوبات الغرامة والمصادرة ..علي عودة .القضاء الجنائي وقانون النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق .صـــ. 5
. 873دليل التنفيذ الوطني للقانون الدولي اإلنساني .اللجنة الدولية للصليب األحمر .مرجع سابق .صــ. 118
225
ويضيف البند الثاني من المادة 8في الفقرة "ب" النص على أن " تعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية ،أي
المواقع التي ال تشكل أهدافا عسكرية" يعد انتهاكا خطيرا لقوانين وأعراف الحرب السارية في النزاعات الدولية
الم سلحة ويضيف البند الخامس كذلك اعتبار أن مهاجمة أو قصف المدن أو القرى أو المساكن أو المباني العزالء
ُ
واعت بر البن د 4و 5من الفق ره " هــ " أن تعم د توجي ه هجم ات ض د المب اني المخصص ة لألغ راض الديني ة أو
التعليمي ة أو الفني ة أو العلمي ة أو الخيري ة ،واآلث ار التاريخي ة ،والمستش فيات و أم اكن تجم ع المرض ى والج رحى،
شريطة أال تكون أهدافاً عسكرية ،وكذلك نهب أي بلدة أو مكان حتى وإ ن تم االستيالء عليه عنوة .
وما يعد تقدماً أن كل النصوص السابقة تحث على تجريم المساس باألعيان المدنية وضرورة معاقبة ُمقترفي
ه ذه االنتهاك ات جميعه ا واعتبرته ا انتهاك ات جس يمة وخط يرة لألع راف والق وانين الس ارية المفع ول في زمن
فج وهر الق انون ال دولي اإلنس اني يق ارب ج وهر النظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة الدولي ة حيث ال يج وز
مهاجمة األعيان المدنية والثقافية إال إذا ثبت ُمساهمتها في األعمال العسكرية ،وال تُستخدم القوة العسكرية إال في
الحدود الالزمة إلنجاز المهمة وتحقيق النصر ،874وإ ال فإن جميع االنتهاكات تُشكل جرائم حرب تستتبع المالحقة
القضائية .
وانسجاماً مع النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ،ولرغبة األطراف المتعاقدة في اتفاقية "الهاي" لعام
1954م الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية بتعزيز هذه الحماية ،جاء البروتوكول الثاني لعام 1999م واضحاً في
اعتبار انتهاك الحماية القانونية للممتلكات الثقافية جريمة يجب العقاب عليها ،ولم يستبعد أو يستثني القانون الدولي
والقض اء ال دولي لنظ ر ه ذه الج رائم ،وج اءت معالج ة ال بروتوكول الث اني لع ام 1999ألحك ام الوالي ة القض ائية
. 874علي عودة .القضاء الجنائي وقانون النزاعات ال ُمسلحة .مرجع سابق .صـــ . 7
226
واختص اص القض اء ال دولي عن دما ف رق بين الج رائم ُمقس ماً إياه ا إلى الجس يمة واألق ل جس امة ،أم ا الجس يمة وهي
التي جاءت على سبيل التعداد في الفقرة األولى من المادة 15وهذه الجرائم ينظرها القانون الدولي العام ،وتكون
الوالية القضائية فيها للقضاء الدولي ،وهو ما أخذت به أيض اً الفقرة األولى من المادة 16من حيث االختصاص
ال دولي اإلل زامي للج رائم الجس يمة ،كم ا وح اول ت دارك اش كاليات تس ليم مرتك بي ه ذه الج رائم ب النص على قواع د
تقييم دور المحاكم الجنائية الدولية في تنفيذ قواعد حماية األعيانـ المدنية والثقافية-: -
رغم القرار الصادر بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية الدائمة ،والذي يهدف إلى محاكمة ومعاقبة األشخاص
الم تهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم دولية أخرى ،أسهم في تفعيل مبدأ المسؤولية الجنائية الدولية وإ قرار فكرة
ُ
إن زال العقوب ات المناس بة ،أال أن ه ذه المح اكم تعرض ت لكث ير من االنتق ادات نظ را للقص ور من حيث التط بيق
العملي الذي أظهر الضعف الواضح ألهم مهامها ،وسيتم تاليا اإلشارة إلى هذه النقاط على النحو التالي -:
فمن ناحية أوجه الفعالية يعد إقرار فكرة إنزال العقوبات على منتهكي قواعد الحماية لألعيان المدنية والثقافية
عن طري ق نظ ام قض ائي جن ائي دولي ،أح د الوس ائل الفعال ة لتفي ذ قواع د الحماي ة ،ومن ع ك ل من تس ول ل ه نفس ه
خاصة وأن المحكم ة الجنائية الدولية تدعم المسؤولية الجنائية الفردية ال سيما ما يتعلق باألفراد الذين
يحتلون مراكز قيادية في دولهم ،ولها سلطات عالمية فابستطاعتها إصدار أوامر التوقيف،في حق كل من تصدر
. 875ناريمان عبد القادر القانون الدولي اإلنساني واتفاقية الهاي لعام 1954وبروتوكوليهVVا لحمايVVة الممتلكVVات الثقافيVVة في زمن الVVنزاع المسVVلح .مرجVVع
سابق .صــ 112وإلى صــ . 114
. 876ساشا رولفلودر .الطابع القانوني للمحكمة الجنائة الدولية ونشوء عناصVVرفوق وطنيVVة في القضVVاء الجنVVائي الVVدولي .مقVVال ،المجلVVة الدوليVVة للصVليب
األحمر. 2002.صـــ 153وصـــ .. 163
227
وبإنشاء المحكمة الجنائية الدولية الدائمة توسع نطاق التغطية الرقابية القضائية ليشمل جميع أنواع النزاعات
المسلحة غير الدولية ،وبذلك فقد سد ثغرة جسيمة تتعلق بالرقابة على هذا النوع من
المسلحة الدولية والنزاعات ُ
ُ
النزاعات والذي يعد األكثر انتشاراً في واقع النزاعات الحالية ،877وبالتالي تُشكل هذه النقطة بادرة مهمة في عدم
الم تهمين بانتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية من العقاب ،وتكوين الردع المناسب.
إفالت األشخاص ُ
ومن ناحي ة أوج ه القص ور يمكن الق ول أن ه ،ونظ راً لع دم انض مام أك بر دول الع الم إلى النظ ام األساس ي
للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة فإن مجال التعاون لمكافحة الجرائم واسعة النطاق محدود جداً ومنها تلك المتعلقة
باألعي ان المدني ة والثقافي ة ،فمب دأ الس يادة الوطني ة ال ذي تتمس ك ب ه ال دول ُيع د من أب رز المعوق ات ال تي تُح د من
ممارسة المحكم ة الجنائية الدولية الختصاص ها ،حيث تعت بر بعض الدول أن تقرير مس ؤوليتها الدولية تجاه أفعال
تُعد ُمخالف ة للقوانين واألع راف الدولية ،هو ن وع من التدخل في شؤونها ،وعلي ه يصعب على كث ير من الدول أن
تقتن ع وتُس لم بالخض وع لقض اء دولي تَمثُ ل أمام ه لكي تتم مس اءلتها عم ا ترتكب ه من انتهاك ات اللتزاماته ا الدولي ة
ومن أهم االنتقادات التي وجهة للمحكم ة الجنائية الدولية القيد الزمني المطروح لمباشرة واليتها في القضايا
حيث يطرح نظامها األساسي فكرة عدم رجعية االختصاص القضائي ،أي عدم نظرها للجرائم الدولية إال بعد نفاذ
سريان نظامها األساسي أي منذ دخوله حيز النفاذ عام ،2002كما أنها ال تباشر أي قضية إال بعد مرور 12شهر
اء على طلب مجلس األمن وف ق الفص ل الس ابع ،878وه ذا يتن اقض ص راحه م ع مب دأ ع دم تق ادم ج رائم الح رب
بن ً
المنصوص عليه في المادة 29من النظام األساسي للمحكمة ،879وعليه فإنه ال ُيوضح مصير جميع الجرائم التي
228
المتمثل في سعي الدول نحو تحقيق أكبر قدر من المصالح ولو كان على حساب حماية
البعد السياسي ُ
كما أن ُ
األعي ان المدني ة والثقافي ة أثن اء النزاع ات ،خاص ة م ع ارتب اط عم ل المحكم ة الجنائي ة الدولي ة الدائم ة بمجلس األمن
الدولي ،فيما يخص نظام اإلحالة مما يجعل عملها دائما ُمرتبطاً بصالحيات الدول الخمس دائمة العضوية ،وهو ما
يتناقض مع مبدأ الحياد واالستقالل اللذين ُيعدان من أهم المبادئ التي يجب أن تخضع لها المحاكم ،880ومن أجل
االل تزام بض مان مس اءلة الجه ات المس ؤولة عن االنتهاك ات لألعي ان المدني ة والثقافي ة ،الب د من إحالته ا إلى القض اء
الدولي لما قد ُي شكله من حياد واستقاللية تصب في مصلحة تحقيق العدالة وضمان عدم اإلفالت من العقاب.
وعلى ال رغم من أن مب دأ االختص اص االحتي اطي للمح اكم الجنائي ة الدولي ة جع ل إمكاني ة اإلفالت من العق اب
قائمة ،ذلك أن القضاء الوطني هو صاحب االختصاص األصيل على اعتبار أنه األكثر فعالية من الناحية العملية،
إال أن النظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة الدولي ة بم وجب الم ادة األولى من النظ ام منحه ا أولوي ة أو اختص اص
881
. تكميلي وحتمي من أجل تحقيق األمن والسلم الدوليين
لكن ه قي د ه ذا االختص اص بقي د حيث اش ترط لتفعي ل ه ذا االختص اص تق اعس وفش ل ال دول في القي ام
بمحاكم ة مرتك بي الج رائم الدولي ة وفق اً لألص ول المتع ارف عليه ا في الق انون ال دولي ،882وب ذلك ف إن المحكم ة
الجنائي ة الدولي ة ليس ت ب ديالً عن القض اء الوط ني وإ نم ا ُمكمل ة ل ه ،ف إذا لم يقم األخ ير بعمل ه انتقلت الص الحيات
أم ا في حال ة إخف اق الدول ة في االض طالع ب ذلك ال دور أو ع دم اكتراثه ا ب ه ،أو في حال ة ت وافر س وء ني ة
تتدخل المحكمة الجنائية الدولية لضمان تحقق العدالة ،وبذلك فالتركيز على االختصاص التكميلي جاء لعدم التأثير
. 880للمزي ٍد من المعلومات حول مجلس األمن وعالقته بالنظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية .راجع .سعد ثقل العجمي .مجلس األمن وعالقته بالنظام
األساسي للمحكمة الجنائية الدولية .مجلة الحقوق الكويتية .جامعة الكويت .العدد الرابع .ديسمبر . 2005 Vصــ 15ولغاية صــ . 65
. 881أدت ديباجة النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية في الفقرة العاشرة " أن المحكمة الجنائية الدولية المنشاة بموجب Vهذا النظام األساسVVي سVVتكون
مكملة للواليات القضائية الجنائية الوطنية " ،كما نصت المادة األولى من النظام األساسVVي للمحكمVVة الجنائيVVة الدوليVVة على أنVVه " ..تكVVون المحكمVVة مكملVVة
للوالية القضائية الجنائية الوطنية . " ...
. 882نزار العنبكي . Vالقانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صـــ . 596
229
على ح ق ال دول في محاكم ة المج رمين من ط رف القض اء المحلي ،وعلي ه فاألولوي ة تبقى وف ق النظ ام األساس ي
فالقضاء الوطني هو صاحب االختصاص األصيل في النظر في االنتهاكات المتعلقة بقواعد القانون الدولي
اإلنساني وال يتدخل القضاء الدولي إال في الحاالت التي يعلو فيها االختصاص الدولي على القضاء الوطني بنص
ويبقى اختصاص المحكمة الدولية الجنائية اختصاص استثنائي يأخذ على عاتقه تقرير المسؤولية الجنائية
الفردي ة ،وال يت دخل إال في حال ة النص الص ريح أو في حال ة غي اب الس لطة القض ائية الوطني ة أو ع دم قدرتها على
الحيلول ة دون اإلفالت من القص اص ،حيث يس مح للقض اء الوط ني ممارس ة اختصاص ه أوالً ،885ل ذا فالمحكم ة
الجنائية الدولية تعتبر امتداداً للقضاء الدولي الوطني وتكملة في االختصاص في حالة عدم قدرته أو عدم رغبته في
وكخالص ة يمكن الق ول أن تعزي ز دور المحكم ة الجنائي ة الدولي ة في تنفي ذ قواع د حماي ة األعي ان المدني ة
ُ
المطلقة
المسلحة الدولية وغير الدولية ،يتوقف بالدرجة األولى على تفعيل مبدأ األولوية ُ
والثقافية زمن المنازعات ُ
والتلقائية للمحكمة في حالة الجرائم واسعة النطاق كتلك الجرائم المتعلقة بحماية األعيان المدنية والثقافية باعتبار
االعت داء عليه ا يع د من االنتهاك ات الجس يمة ،وأيض اً مب دأ الحيادي ة واالس تقاللية ،خاص ة وأن المحكم ة الجنائي ة
المتح دة وال تُعت بر فرع اً من ف روع هيئ ة األمم المتح دة ،وإ نم ا ترتب ط بالهيئ ة
الدولي ة ليس ت ج زءاً من ميث اق األمم ُ
بم وجب اتف اق يعق د وف ق الم ادة الثاني ة من النظ ام األساسي ،886وبه ذا يمكن ض مان قيامه ا بعمله ا في الح د من
فعال نسبياً.
االنتهاكات ولو بشكل ّ
. 883بالل علي النسور .رضوان محمود المجلي .الوجير في القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق .صــ . 208
. 884نجاة حمد أحمد إبراهيم .المسؤولية الدولية عن انتهاكات Vقواعد القانون الدولي اإلنساني .مرجع سابق.صــ .455
, 885أوسكار سوليرا .االختصاص القضائي التكميلي القضاء الجنائي الدولي .لمجلة الدولية للصليب األحمر. 2002.صـــ . 183
. 886الذي عرف المحكمة كمؤسسة دائمة ذات شخصية قانونية دولية مستقلة تتمتVVع بكامVVل األهليVVة وتنص المVVادة الثانيVVة من النظVVام األساسVVي للمحكمVVة
الجنائية الدولية على أنه "تنظم العالقة بين المحكمة واألمم المتحدة بموجب Vاتفاق تعتمده Vجمعية الدول األطراف في هذا النظام األساسي ويبرمVه بعVد ذلVك
رئيس المحكمة نيابة عنها ".
230
الخاتمة
بعد االنتهاء من هذه الدراسة لقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية وفقاً ألحكام القانون الدولي اإلنساني ،الب د من
إن قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة ذات س ند ق انوني ع رفي واتف اقي ،وتُطب ق بش كل ع ام وش امل على كاف ة -
المسلحة أياً كانت أطرافها ،وبالتالي فإن الطبيعة العرفية لقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ال تجعل
النزاعات ُ
ع دم انض مام دول ة م ا إلى االتفاقي ات ال تي تنص عليه ا ،بعي ده عن اإلل تزام والتقي د به ا ،أو من ع أو قم ع أي انته اك
لها .
إن أحكام الشريعة اإلسالمية كانت لها السبق في إرساء مبدأ التمييز بين األهداف العسكرية واألهداف المدنية وهو -
م ا أك دت علي ه النص وص القرآني ة ،واألح اديث النبوي ة ال تي تكش ف عن العبقري ة العس كرية للرس ول علي ه الص الة
المختلف ة للخلف اء الراش دين ،وأيض اً القواع د الفقهي ة ،فق د اهتمت الش ريعة اإلس المية بحماي ة
والس الم ،والوص ايا ُ
البد من التمييز بين األهداف العسكرية واألعيان المدنية عند الهجوم ،كما البد من التفريق بين األهداف العسكرية -
باألص ل وال تي يمكن اس تهدافها ب دون أي ش رط أو قي د ،واألعي ان المدني ة ال تي يتم تحويله ا لغ ير م ا خصص ت ل ه،
231
بمع نى ال تي ح ولت إلى أه داف عس كرية ،أو ال تي يتم اس تغاللها أو اس تخدامها ألعم ال عدائي ة ،فيجب على الط رف
المه اجم أن ال يس تهدف األعي ان المدني ة في أص لها إطالق اً ،أم ا األعي ان المدني ة ال تي تم تحويله ا ،يجب أن يتحق ق
ُ
المه اجم من جمل ة من الش روط وأن ي راعي جمل ة من الت دابير واالحتياط ات ،فالتجاه ل الص ارخ للت دابير الوقائي ة
ُ
واالحتياطية المنصوص عليها في قواعد القانون الدولي اإلنساني سواء كان ذلك في مرحلة التخطيط وحتى مرحلة
اتخاذ القرارات العسكرية بشأن الهجمات ،يضفي عليها طابع الهجمات العشوائية أو االنتقامية المحظورة .
يوجد صعوبة في وضع تعريف واضح ومحدد لمفهوم األعيان المدنية والثقافية ،فلم يرد ضمن أحكام القانون ال دولي -
تعريف لألعيان المدنية والثقافية ،بل تم االعتماد في تعريف األعيان المدنية على أساس التمييز بينها وبين
ٌ اإلنساني
المخالفة معها ،مع غياب واضح لُألسس والضوابط والمعايير الموضوعية الثابته
األهداف العسكرية ،أو بمفهوم ُ
المستمر
التي ُي مكن االستناد إليها في التمييز بين األهداف العسكرية واألعيان المدنية ،بل تتسم هذه األسس بتغييرها ُ
إن ماهية الممتلكات الثقافية ومفهومها قد تطور وتوسع ،فلم تعد تقتصر هذه الممتلكات على ُمجرد اآلثار التاريخية، -
ب ل أص بحت أك ثر ش مولية فض مت المقدس ات واألم اكن الديني ة ،والكتب والمخطوط ات والتح ف الفني ة وال تراث
المختلفة ،المادية وغير المادية ،وأصبح من الممكن القول بأن مفهوم الممتلكات الثقافية أصبح ُيعبر عن
بعناصره ُ
هوية وثقافة اإلنسانية بشكل عام ،مع االحتفاظ بهوية المنطقة التي توجد بها بكل تفاصيلها وتُشكل أهمية عقائدية
وروحية وتاريخية لها مما يستوجب االهتمام أكثر بقواعد تضمن الحماية المناسبة لها .
يتض ح جم ود قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافية ،فبع د اعتم اد اتفاقي ات ج نيف لع ام 1949وبروتوكوالته ا لع ام -
1977وحتى اتفاقية الهاي لعام 1954وبروتوكليها اإلضافيين ،لم يحدث أي تغيير ،ولو بسيط في القواعد ،على
ال رغم من أن الم دة ال تي نش أت فيه ا ك انت كافي ة لتق ييم م دى فعاليته ا في حماي ة ه ذه األعي ان والممتلك ات ،ف الواقع
المتواجد فيها.
المتزايد للثغرات القانونية ُ
االكتشاف ُ
232
إن الحماية التي تتمتع بها األعيان المدنية والثقافية ليست حماية ُمطلقة بل نسبية؛ حيث تُفقد هذه الحماية في حال تم -
استخدام هذه األعيان ألغراض عدائية ،وكانت هناك ضرورة عسكرية .
يأتي أثر الضرورة العسكرية على قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية كمسألة ُمهمة تتعلق بتفسير هذه الضرورة -
بحجة
ومعقده فغالب اً ما يلجأ أطراف النزاع إلى تدمير األعيان المدنية والثقافيةُ ،
العسكرية ،باعتبارها مسألة دقيقة ُ
الدواعي األمنية والضرورات العسكرية خاصة مع عدم وجود جهة تحدد مدى توافرها وتنظيم عمليه تقييمها .
يتض ح أيض اً ع دم ق درة القواع د القانوني ة الخاص ة بحماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة على مواكب ة التط ور الن وعي -
والمتالحق لألسلحة ،سواء نووي أو تقليدي فلم تعد هذه القواعد قادرة على توفير وضمان الحماية الكافية والفعلية
المسلحة.
أثناء النزاعات ُ
في م ا يخص المس ؤولية الدولي ة يتض ح أن مجاله ا واس ع ج دا ً ،فيح ق ألي ش خص من أش خاص الق انون ال دولي أن -
يتقدم بالمطالبة وتحريك دعوى المسؤولية الدولية المدنية ضد أي منظمة دولية ومنها منظمة األمم المتحدة بجميع
الدولية والقواعد العرفية ،و باعتبار هذه األعيان من الفئات المحمية في قواعد القانون الدولي اإلنساني ،واستناداً
إلى م ا ج اء مش روع الق انون ال دولي بش أن المس ؤولية الدولي ة للمنظم ات الدولي ة ال ذي تم التأكي د في ه أن من ح ق أي
شخص من أشخاص القانون الدولي مضرور باتخاذ كافة التدابير واإلجراءات المضادة لحمل المنظمات الدولية على
أن قواع د الق انون ال دولي اإلنس اني ال تتض من أحكام اً تفص يلية ح ول مب دأ المس ؤولية الدولي ة ألط راف ال نزاع ،ب ل -
تخضع أحكام المسؤولية الدولية سواء كانت مدنية أو جنائية ،إما للقانون الدولي العام أو للقانون الدولي الجنائي،
وذل ك لقص ور قواع د الق انون ال دولي اإلنس اني في إف راد نص وص أك ثر تفص يالً ودق ة وخصوص ية للظ روف ال تي
ت رتكب فيه ا ه ذه االعت داءات ،حيث اكتفت النص وص بتقري ر قواع د عام ة لحماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة من
األضرار البالغة واسعة االنتشار ،ورغم أنها وضعت معايير أكثر تحديداً للمسؤولية الجنائية عن أي أعمال تقترف
233
ضد األعيان المدنية والثقافية والتي توصف بأنها جرائم حرب ،و طورت هذه النصوص نطاق تطبيق المسؤولية
الجنائية الفردية؛ حيث قررت مسؤولية المرتكبين المباشرين لالنتهاكات الجسيمة من قادة ورؤساء ومرؤوسيين ،إال
إن المسؤولية الجنائية عن انتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية تتولد عند األضرار بهذه األعيان ،وعندما -
تك ون ه ذه األض رار من الجس امة إلى الح د ال ذي يجعله ا في مرتب ة ج رائم الح رب ،فالفق ه والعم ل ال دولي يؤي دان
تطبيق المسؤولية الجنائية الفردية عن االنتهاكات الواقعة على األعيان المدنية والثقافية ،أما المسؤولية المدنية فتتولد
عن جرائم اإلضرار باألعيان المدنية بغض النظر عن قلة جسامتها فبمجرد توافر الضرر تقوم المسؤولية المدنية.
المتخصصة
تعزز التوجه نحو إقرار المسؤولية الجنائية الفردية من خالل تشكيل عدد من المحاكم الجنائية الدولية ُ -
للمحاكم ة عن الج رائم ال تي تج ر المس ؤولية الفردي ة عن االنتهاك ات الواقع ة على األعي ان المدني ة والثقافي ة ،ويبقى
ُ
تفعيل دور القضاء الدولي دافعاً قوياً نحو ضمان تنفيذ وتطبيق قواعد حماية األعيان المدنية الثقافية خاصة مع انش اء
حماية األعيان المدنية والثقافية ،بل ُيترك الجزاء لتقدير القاضي الموضوعي.
عدم وجود وسائل قانونية عملية في االتفاقيات الدولية الخاصة بحماية األعيان المدنية والثقافية ،يمكن لها أن تُلزم -
ال دول األط راف على اح ترام أحك ام ه ذه االتفاقي ة والتقي د به ا ،باإلض افة إلى قص ور نظم الحماي ة وض مانات التنفي ذ
له ذه القواع د ،وه ذا القص ور ال يتعل ق وال ينحص ر في م دى تواض ع نظ ام الحماي ة له ذه األعي ان ونظ ام الج زاء
لمنتهكي هذه القواعد فقط ،بل يتعدى ذلك إلى قصور ضمانات التنفيذ في األساس.
منها -:
234
استحداث بروتوكول تفسيري وتطويري ،وعدم االكتفاء بما نصت عليه أحكام القانون الدولي اإلنساني بشأن حماية -
تفس يرية وتطويري ة لبعض المف اهيم ال واردة في قواع د الق انون ال دولي اإلنس اني و المتعلق ة بحماي ة األعي ان المدني ة
والثقافية ،كمفهوم الضرورة العسكرية والميزة العسكرية وغيرها من مفاهيم ،بحيث يكون مرجع اً ُمعتمداً ومناسباً
ويمكن من خالل ه ذا ال بروتوكول إق رار تعري ف واض ح ودقي ق لألعي ان المدني ة والثقافي ة ُيعتم د في ه على مع ايير -
العدائية خاصة في المناطق التي تختلط فيها األعيان المدنية والثقافية مع األهداف العسكرية.
ويمكن أيضا من خالل هذا البروتوكول فرض حماية ُمطلقة لهذه األعيان خالية من أي قيد أو شرط ،وكذلك الحد -
من الض رورة العس كرية من خالل بي ان منظومته ا القانوني ة والتص ريح بالض وابط والمع ايير ال تي تحكمه ا في ح ال
توافرها ،وذلك من أجل تقليص السلطة التقديرية ألطراف النزاع ،ومنع استغالله هذا االستثناء في نفي المسؤولية.
ال بروتوكول ُمكمالً لل بروتوكوالت الس ابقة وليس ب ديالً عنه ا بحيث يه دف بالدرج ة األولى إلى س د أي نقص أص اب
وشـ َرطية لحمايـة األعيـان المدنيـة والثقافية ،ويمكن تط بيق ه ذه اآللي ة من خالل دعم الق درات
إنشـاء آليـاتـ اداريـة ُ -
المدنية ُم تمثلة باألجهزة الشرطية باعتبارها من األجهزة المدنية التي ُيو َك ُل لها حفظ األمن في السلم ،فلما ال يكون
ذل ك في الح رب أيض اً ،بحيث تك ون خ ط ال دفاع األول له ذه األعي ان وتحيي دها عن النزاع ات ق در المس تطاع ،
المتمثل
المناسب لضمان الحياد وتمكينها من أداء مهامهاُ ،
حمايتها ،بحيث تملك كافة اآلليات اإلدارية والدعم الدولي ُ
235
بالحف اظ على الط ابع الم دني له ذه األعي ان ،ومن ع تحويله ا واس تغاللها واس تخدامها في العملي ات العس كرية أو في
المجهود الحربي ،ويكون ذلك من خالل اإلشراف المدني عليها لضمان المحافظة على استمرارية الطابع والنشاط
الم دني لألعي ان المدني ة ،ط وال ف ترة ال نزاع ،والعم ل على من ع أط راف ال نزاع من اس تغاللها وتحوي ل نش اطها
وطبيعتها المدنية ،إال بعد التحق ق الفعلي من توافر ضرورة عسكرية ،وبالتالي يمكن الحد والتقليل من األضرار
على ه ذه األعي ان المدني ة لحين انته اء ال نزاع م ع منحه ا ح ق ارت داء ش ارة خاص ة بهم لتمي يزهم و للحص ول على
بنيان القانون الدولي اإلنساني ،لضمان تطبيق وتنفيذ قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية؛ ذلك أن غياب المساءلة
أو عدم توقع أي شكل من أشكال المساءلة يسمح باستمرار االنتهاكات .
ف إبراز المس ؤولية المترتب ة على أي انتهاك ات لقواع د دولي ة ُ ،يعت بر األس اس ألي نظ ام يح رص واض عوه على
فعاليت ه واس تمراره ،واح ترام أحكام ه ،وتُعت بر المس ؤولية المدني ة وك ذلك المس ؤولية الجنائي ة الفردي ة من أفض ل الوس ائل
المساءلة ،وجبر األضرار التي يتكبدها أطراف النزاع تقوض بال شك عمليات السالم واالستعداد لمرحلة ما بعد انتهاء
ال نزاع ،مم ا ُيش كل تهدي دات جدي دة للس الم واألمن ،فالمس اءلة عن االنتهاك ات ليس ت ش رطاً للوف اء بااللتزام ات القانوني ة
236
والمستدام ،وضمان عدم تكرار العنف
الدولية فقط ،بل هي عامل ُمهم وأساسي للوقاية والحماية وإ حالل السالم الدائم ُ
المستمرة.
دوامات االنتقامات ُ
والدخول في َّ
والثقافي ة ،ويك ون ذل ك من خالل إحال ة أي انته اك لقواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة إلى المحكم ة الجنائي ة
الدولية ،فعدم وجود قضاء ُمتخص ص ودائم وتلق ائي ،بحيث يكون جاهزا الستقبال كافة االنتهاكات قد ُيعزز من
المستمرة عليها ،ولعل ما أجرته وأصدرته المحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الخاصة من لوائح
ثقافة االنتهاكات ُ
المس اءلة والمحاكم ة وح تى توقي ع العقوب ات ليس ت بعي دة المن ال ،ويمكن
اته ام وم ا أجرت ه من محاكم ات تُظه ر أن ُ
تقدير كافة االعتراضات التي قد تثار ضد هذا المقترح ؛ فالقضاء الجنائي الدولي سيتيح بال شك ،وسيضمن فعلي اً
ص ون األمن والس الم الع المي ،وس يكون من ش أنه التعب ير عن إرادة المجتم ع ال دولي في ض مان اح ترام القواع د
النص ص راحة على عقوب ات دولي ة في ح ال ارتك اب انتهاك ات جس يمة ض د األعي ان المدني ة والثقافي ة من خالل
ممارس ة االختص اص الجن ائي ال دولي لتوقي ع العقوب ات ،حيث لم تنص المواثي ق الدولي ة على عقوب ات ُمعين ه بش كل
صريح وواضح ومحدد ،وهو ما قد ساهم في عدم فعالية قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ،لذلك كان البد من
الرجوع إلى االجتهادات الفقهية ،وإ لى المواثيق الدولية ،والعمل القضائي والقوانين الداخلية ،وفرض عقوبات ُمحددة
المختلف ة لقواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة ،فليس هن اك م ا يمن ع من تفري د العق اب
تتناس ب م ع االنتهاك ات ُ
وتحقي ق مب دأ المالءم ة وال ردع الع ام والخ اص ،كه دف منش ود من عق اب منتهكي قواع د حماي ة األعي ان المدني ة
والثقافية ،فالتطرق إلى العقوبة أو الجزاء له أهمية ،حيث يترتب عليه إجبار األفراد والدول على احترام القواعد
أصدرته المحاكم الجنائية الدولية من أحكام ،على أن يكون هناك تناسب بين الجرم والجزاء من الناحية الواقعية.
237
وختاماً نتحمل أي نقص أو تقصيرـ أو خطأ غير مقصود في أي جزء من أجزاء هذه الدراسة المتواضعة على أن
الفضل في إنهائها يعود هلل عز وجل وحده في صياغتهاـ وإ خراجها على هـذا الشــكل ،ومن ثم للجهــود والتوجيهـاتـ الـتي
المشرف .
بذلها اُألستاذ ُ
القصد،،،ـ
إب راهيم ،نج اة أحم د أحم د .المس ؤولية الدولي ة عن انتهاك ات قواع د الق انون ال دولي اإلنس اني .منش أة .1
أبوزينة ،آمنه محمدي .آليات تنفيذ القانون الدولي اإلنساني .دار الجامعة الجديدة .اإلسكندرية .مصر . .2
2014
.عمان األردن
الدريدي ،حسين علي .القانون الدولي اإلنساني .دار وائل للنشر والتوزيع .الطبعة األولى ّ .3
2012. .
الجندي ،غسان .المسؤولية الدوليه .بدون دار نشر .الطبعة األولى . . 1990 . .4
الزم الي ،ع امر .م دخل إلى الق انون ال دولي اإلنس اني .وح دة الطباع ة واإلنت اج الف ني في المعه د الع ربي .5
لحقوق اإلنسان واللجنة الدولية للصليب األحمر .الطبعة الثانية .تونس . 1997.
238
الس عدي ،عب اس هاش م .مس ؤولية الف رد الجنائي ة عن الجريم ة الدولي ة .دار المطبوع ات .7
الش افعي ،ج ابر عب د اله ادي س الم .تأص يل مب ادئ الق انون ال دولي اإلنس اني .دار الجامع ة .8
الشكري ،علي يوسف .القانون الجنائي الدولي في عالم متغير .إيتراك للنشر والتوزيع .الطبعة األولى .9
الشاللدة ،محمد فهاد .القانون الدولي اإلنساني .دار المعارف .االسكندرية .مصر . 2005 . .10
العادلي ،محمد صالح .الجريمة الدولية .دار الفكر الجامعي .الطبعة األولى .اإلسكندرية مصر 2003. .11
الع نزي ،رش يد حم د .األه داف العس كرية المش روعة في الق انون ال دولي .الع دد الث الث .الس نة الحادي ة .14
س هيل حس ين الفتالوي .عم اد محم د ربي ع .الق انون ال دولي االنس اني .دار الثقاف ة .عم ان االردن .الطبع ة .15
األولى . 2007.
النس ور ،بالل على .المج الي ،رض وان محم د محم ود .الوج يز في الق انون ال دولي اإلنس اني دراس ة م ع .16
بعض من النم اذج الدولي ة المعاص رة .األك اديميون للنش ر والتوزي ع .الطبع ة األولى .عم ان .األردن .
2012
النقي ،يوسف ابراهيم .النيادي ،مطر حامد .بن هزيم،أحمد سعيد .التعريف بالقانون الدولي اإلنساني .17
239
الني ادي ،مط ر حام د حليس .وث ائق أساس ية في الق انون ال دولي الع ام .مط ابع البي ان .دبي .اإلم ارات . .18
. 2000
المخزومي ،عمر محمود .القانون الدولي اإلنساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية .دار الثقافية للنشر .19
المج ذوب ،محم د .المج ذوب ،ط ارق .الق انون ال دولي اإلنس اني .منش ورات الحل بي .لبن ان .ب يروت . .20
. 2009
أبو الوفا ،أحمد .أخالقيات الحرب في السيرة النبوية .دار النهضة .القاهرة .مصر . 2009. .21
ألیس ون ،إوين .وغول دمان ،روب رت كوغ ود .المن اطق الرمادي ة في الق انون اإلنس اني ال دولي .ج رائم .22
الحرب .تقديم عشراوي حنان .جرائم الحرب .ازمنة للنشر والتوزيع .عمان .األردن . 2003. .
أمين ،نشأت عنتر .مسؤولية األمم المتحدة عن احتالل العراق واآلثار المترتبة عليه .مركز اإلمارات .23
اندرس ون ،كینث القت ل االقتصاص ي .تق ديم عش راوي حن ان .ج رائم الح رب .ازمن ة للنش ر .24
بري تين،فيكتوري ا .ت دمير الملكي ة التعس في .تق ديم عش راوي حن ان .ج رائم الح رب .ازمن ة للنش ر .25
بسيوني ،محمد شريف .المحكمة الجنائية الدولية .مطابع روز اليوسف . 2002 . .26
ب وين ،ج یريمي .الت دمير التعس في .تق ديم عش راوي حن ان .ج رائم الح رب .ازمن ة للنش ر .27
حم اد ،كم ال .ال نزاع ال دولي المس لح والق انون ال دولي الع ام .تق ديم ديب ،ج ورج .المؤسس ة الجامعي ة .28
240
حمدي ،غضبان .إجراءات متابعة مجرمي الحرب .منشورات الحلبي الحقوقية .الطبعة األولى بيروت .29
لبنان 2014.
داود ،محمود أحمد .الحماية األمنية للمدنيين .مطابع أخبار اليوم . 2008 . .31
دوس ي ،آالن .مالحظ ة ح ول الق انون والتع ابير القانوني ة .تق ديم حن ان عش راوي .ج رائم الح رب أزمن ة .32
رات نر ،س تیفن آر .ال نزاع المس لح ال دولي مقاب ل ال نزاع المس لح ال داخلي .تق ديم عش راوي حن ان .ج رائم .33
راضي ،مان ليلو .محاكمة الرؤساء في القانون الدولي الجنائي .المؤسسة الحديثة للكتاب .الطبعة األولى .34
لبنان . 2011.
ص حاح ،ع اطف ف ؤاد .الوس يط في القض اء العس كري والحل ول القانوني ة للمش كالت العملي ة .دار الكتب .36
ساس ولي ،م اركو .أنط وان بوفيي ه .كي ف ي وفر الق انون الحماي ة في الح رب ؟ مخت ارات من القض ايا .37
الخاص ة بممارس ات معاص رة في الق انون ال دولي اإلنس اني .اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر اإلنس اني .
.س عادي ،محم د .المس ؤولية الدولي ه للدول ة في ض وء التش ريع والقض اء ال دوليين .دار الجامع ة .38
241
سعد اهلل ،عمر .وثائق .وآراء .مجدالوي .الطبعة األولى . 2002. .39
سولنييه ،فرانسواز بوشيه .القاموس العملي للقانون اإلنساني .ترجمة مسعود ،أحمد .مراجعة الزمالي، .40
عامر ومسعود ،مديحة .دار العلم للماليين .الطبعة األولى .بيروت .لبنان . 2006
عبد الغني ،محمد عبد المنعم .الجرائم الدولية .دار الجامعة الحديثة .اإلسكندرية مصر. 2011 .41
عب دول ،عب دالوهاب .المس ؤولية الجنائي ة لألش خاص الطبيع يين .معه د الت دريب والدراس ات .42
عتلم ،شريف .محاضرات في القانون الدولي اإلنساني .اللجنة الدولية للصليب األحمر .الطبعة العاشرة . .43
عتلم ،ش ريف .الق انون ال دولي اإلنس اني دلي ل األوس اط األكاديمي ة .اللجن ة الدولي ة للص ليب .44
نعم ان .قانون الحر بالقانون الدولي اإلنساني .دار ومؤسسة رسالن .الطبعة األولى .سوريا .
عطا اهللّ ، .45
2008
عطيه ،أبو الخير أحمد .القانون الدولي العام . .أكاديمية شرطة دبي .الطبعة الثانية .دبي . 1994 . .46
عطي ه ،أب و الخ ير أحم د .المحكم ة الجنائي ة الدولي ة الدائم ة.الطبع ة الثاني ة .دار النهض ة العربي ة .47
علي ،أحم د س ي .حماي ة األش خاص واألم وال في الق انون ال دولي اإلنس اني .دار االكاديمي ة ال دار الطبع ة .48
علي ،أحم د س ي .دراس ات في الق انون ال دولي اإلنس اني .دار األكاديمي ة .الطبع ة األولى .الجزائ ر . .49
.2011
242
علي ،محم ود .السوس وه ،عبدالمجي د .حميش ،عب دالحق .ص الح ،عم ر .محاض رات في نظ ام اإلس الم . .50
حرب ،علي جميل .منظومة القضاء الجزائي الدولي .منشورات الحلبي .الطبعة األولى .الجزء الثاني . .51
. 2013
عم ر س عد اهلل .الق انون ال دولي اإلنس اني الممتلك ات المحمي ة .دي وان المطبوع ات الجامعي ة .الجزائ ر . .52
.2008
غتم ان ،روي .كت اب ،داود .الهج وم العش وائي .تق ديم عش راوي حن ان .ج رائم الح رب .ازمن ة للنش ر .53
فرتزكالش وفن .االقتص اص .تق ديم عش راوي حن ان .ج رائم الح رب .أزمن ة للنش ر .54
فش ر ،هورس ت .القص ف الس جادي أو قص ف المن اطق .تق ديم عش راوي حن ان .ج رائم الح رب .ازمن ة .55
فش ر ،هورس ت مب دأ التناس ب .تق ديم حن ان عش راوي .ج رائم الح رب .عم ان .االردن .ازمن ة للنش ر .56
والتوزيع 2003.
كارنه ان ،ب وروس ام .األس لحة .تق ديم حن ان عش راوي .ج رائم الح رب .أزمن ة للنش ر .57
كالس هوفن ،ف ريتس وتس غفلد ،ل يزابيث .ض وابط تحكم خ وض الح رب .اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر .58
1994مرجع ISBN977-5677-26-2
ماس .بیتر .الملكیة الثقافیة والنصب التاريخیة .جرائم الحرب .العسكرية تقديم عشراوي حنان .جرائم .59
243
المس لحة .دار الفك ر
محم د ،عالء فتحي عب دالرحمن .الحماي ة الدولي ة للص حفيين أثن اء النزاع ات الدولي ة ُ .60
المسلحة في القانون
محمود ،عبدالغني عبدالحميد .تقديم .طنطاوي ،محمد سيد .حماية ضحايا النزاعات ُ .61
الدولي اإلنساني والشريعة اإلسالمية .القاهرة مصر .الطبعة الثالثة. 2006 .
م يرون ،ثي دور .الق انون الع رفي .تق ديم عش راوي ،حن ان .ج رائم الح رب .عم ان .األردن .ازمن ة للنش ر .62
والتوزيع . 2003.
هاش م ،س لوان ج ابر .حال ة الض رورة العس كرية .المؤسس ة الحديث ة للكت اب .الطبع ة .63
ھامبس ون ،فرانس واز جي .الض رورة العس كرية تق ديم حن ان عش راوي .ج رائم الح رب .ازمن ة للنش ر .64
هارتم ان ،فل ورنس .البوس نا .تق ديم عش راوي حن ان .ج رائم الح رب .أزمن ة للنش ر .65
هنكركس ،جون ماري .دراسة حول القانون الدولي اإلنساني العرفي .اللجنة الدولي للصليب األحمر . .66
\ )- Aldo Zammit Borda .international humanitarian . Law .vol .34,no .4 (December 2008
- Nils Melzer, Interpretive Guidance on the notion of direct participation in hostilities
under IHL . ICRC, May 2009
- Frits Kalshoven and Liesbeth Zegveld . Constraints on the Waging of War: An
Introduction to International Humanitarian Law . International Committee of the Red
Cross . Geneva, March 2001 . 3rd edition
244
- Andoz, Yves, Christophe Swinarski and Bruno Zimmermann, eds (1987) Commentary on
the Additional Protocols of 8 June 1977 to the Geneva Conventions of 12 August 1949,
International Committee of the Red Cross: Geneva
- Hostage Case .US Military Tribunal, Nuremberg, Judgment of 19 February 1948 . . in
Trials of War Criminals Before the Nuremberg Military Tribunals Under Control
Council Law No . 10, Volume XI/2 . .
- Ray Murphy. Origins and development of IHL. institute for international criminal
investigations. San Francisco, U.S.A. IICI. July 2013
الح ديثي ،علي خلي ل إس ماعيل .حماي ة الممتلك ات الثقافي ة في الق انون ال دولي .دار الثقاف ة للنش ر -
ال دولي اإلنس اني "آف اق وتح ديات" .مؤل ف جم اعي .الج زء الث اني .منش ورات الحل بي الطبع ة
تقديم .مجدوب ،محمد .الحلبي الحقوقية الطبعة األولى .بيروت لبنان 2010 . .
بش ير ،هش ام .والض اوي ،عالء .حماي ة البيئ ة وال تراث الثق افي في الق انون ال دولي . .المرك ز الق ومي -
س عد اهلل ،عم ر .الق انون ال دولي اإلنس اني الممتلك ات المحمي ة .دي وان المطبوع ات الجامعي ة .الجزائ ر . -
2008
245
المس لحة .الطبع ة
عطي ه ،أب و الخ ير أحمد .حماي ة الس كان الم دنيين واألعي ان المدني ة أب ان النزاع ات ُ -
فؤاد ،مصطفى أحمد .حماية األماكن الدينية المقدسة في منظور القانون الدولي اإلنساني .القانون ال دولي -
اإلنس اني "اف اق وتح ديات" .مؤل ف جم اعي .الج زء الث اني .منش ورات الحل بي الطبع ة
ناريمان عبدالقادر .القانون الدولي اإلنساني واتفاقية الهاي لعام 1954وبروتوكوليها لحماية الممتلكات -
الثقافية في زمن النزاع المسلح .المؤتمر السنوي .العلمي لجامعة بيروت العربية كلية الحقوق .القانون
ال دولي اإلنس اني "آف اق وتح ديات" .مؤل ف جم اعي .الج زء الث اني .منش ورات الحل بي .ب يروت الطبع ة
االولى . 2005.
.1روش و ،خال د .الض رورة العس كرية في نط اق الق انون ال دولي اإلنس اني .رس الة دكت وراه .جامع ة أب وبطر
.2عواش رية ،رقي ة .حماي ة الم دنيين واألعي ان المدني ة .رس الة دكت وراه .منش ورة .جامع ة عين
.3درويش ،مصطفى محمد محمود .المسؤولية الجنائية الفردية وفقاً ألحكام النظام األساسي للمحكم ة الجنائي ة
246
.4خل ف اهلل ،ص ابرينة .ج رائم الح رب أم ام المح اكم الدولیة الجنائیة .رس الة ماجس تير .جامع ة منت وري
.5قواس مية ،هش ام .المس ؤولية الدولي ة الجنائي ة للرؤوس اء والق ادة العس كريين .دار الفك ر والق انون .الطبع ة
إب راهيم ،نج وى .دور األمم المتح دة في تط وير آلي ات حماي ة حق وق اإلنس ان في الع الم .مجل ة السياس ة .1
أحم د ،ف ؤاد عب دالمنعم .مواق ف ورج ال في القض اء اإلس المي ،محم د بن الحس ن الش يباني .جري دة البعث .2
ال بزاز ،محم د .المب ادئ المنظم ة للعملي ات الحربي ة بم وجب الش ريعة اإلس المية والق انون ال دولي .3
السويدي ،سيف غانم .المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء والدفع بأوآمرةم امام القضاء الجنائي ال دولي . .4
مجلة األمن والقانون .اكاديمية شرطة دبي .العدد الثاني .يوليو . 2012.
الس ويدي ،س يف غ انم .م دى مش روعية ال دفاع الش رعي اإلس تباقي طبق اً ألحك ام الق انون ال دولي .5
العوض ي ،بدري ة عبداهلل .الحماي ة الدولي ة لألعي ان المدني ة وح رب الخليج .مجل ة الحق وق .جامع ة .6
العجمي ،س عد ثق ل .مجلس األمن وعالقت ه بالنظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة الدولي ة .مجل ة الحق وق .7
247
المسلحة المعاصرة .جنيف،
اللجنة الدولية للصليب األحمر .القانون الدولي اإلنساني وتحديات النزاعات ُ .8
ديسمبر . 2003
ب الممييري ،داني ال .اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر .منظم ة تواج ه تح دي ال زمن .مجل ة اإلنس اني .الع دد .9
بف نر ،ت وني آلي ات ونهج مختلف ة لتنفي ذ الق انون ال دولي اإلنس اني وحماي ة ومس اعدة ض حايا الح رب . .10
جوني ،حسن .تدمير األعيان الثقافية أو احتالل التاريخ .مجلة اإلنساني .العدد . 2010/2009 . 47 .11
جالل حس ن ،محم د .م دى اس تقاللية الق انون ال دولي اإلنس اني عن الق انون ال دولي لحق وق اإلنس ان .مجل ة .12
دمج ،أسامة .من له الحق باستخدام السالح النووي .مجلة اإلنساني .العدد . 2006 . 38القاهرة . .13
دون ان ،ه نري .ت ذكار س ولفارينو .تع ريب س امي ج رجس .الطبع ة الحادي ة عش ر .المرك ز اإلقليمي .14
رولفل ودر ،ساش ا .الط ابع الق انوني للمحكم ة الجنائي ة الدولي ة ونش وء عناص ر ف وق وطني ة في القض اء .15
ساس ولي ،م اركو .مس ؤوليه ال دول عن انتهاك ات الق انون ال دولي اإلنس اني .المجل ة الدولي ة للص ليب .16
سوليرا ،أوسكار .االختصاص القضائي التكميلي القضاء الجنائي الدولي .المجلة الدولية للصليب األحمر .17
2002.
عتلم ،شريف .تطور مفهوم جرائم الحرب .في المحكمة الجنائية الدولية المواءمات الدستورية والتشريعية .18
248
المس لحة .مجل ة األمن والق انون . .الع دد األول الس نة
ع ودة ،علي .القض اء الجن ائي وق انون النزاع ات ُ .19
ك وكين ،جيمس .اإلس الم والق انون ال دولي اإلنس اني من ص دام الحض ارات إلى الح وار بينهم ا .المجل ة .20
محم د ،ولي د س الم .الح رب وحماي ة الم دنيين في النظ ام اإلس المي .مجل ة كلي ة العل وم االس المية .المجل د .21
محافظة ،عمران .الضمانات التقليدية لتنفيذ القانون الدولي اإلنساني .جامعة عمان العربية .مؤته للبحوث .22
نجم ال دين ،ابتس ام كام ل .حماي ة الممتلك ات الثقافي ة وفق اً لق اون المعاه دات الدولي ة .مجل ة الع دل .الع دد .24
والتر كايلين ،وتطلعاته حول النازحين" .نشرة الهجرة القسرية .العدد . 37بريطانيا .مارس . 2011 .25
الصحف -:
. 2003
مؤتمرات :
ال بزاز ،محم د .حماي ة األعي ان المدني ة بأس اليب ووس ائل القت ال .في م ؤتمر :ال دورة اإلقليمي ة الثاني ة في مج ال .1
الحنش ،حالية صالح حسين .نظرية االستنقاذ وحق التدخل اإلنساني في اإلسالم .مؤتمر القانون الدولي وتطبيقاته .2
في األزمة السورية .إسطنبول ـ تركيا 20-19.نوفمبر . 2013الهيئة اإلسالمية العالمية للمحامين .
249
العمري،عزت محمد .مالحقة النظام السوري أمام المحاكمة الجنائية الدولية عن الجرائم المرتكبة ضد اإلنسانية . .3
بحث مقدم في مؤتمر القانون الدولي وتطبيقاته في األزمة السورية .اسطنبول ـ تركيا 20-19.نوفمبر . 2013
العنزي ،رشيد حمد .األعيان المدنية المحمية في القانون الدولي اإلنساني .في مؤتمر :الدورة اإلقليمية الثانية .4
في مج ال الق انون ال دولي اإلنس اني معه د الك ويت للدراس ات القض ائية والقانوني ة المرك ز اإلقليمي لت دريب القض اة
وأعضاء النيابة العامة في مجال القانون الدولي اإلنساني . .الكويت 14 - 10مارس 2007م .
ج وان ،ريتش ارد .الوقاي ة من الح رب وحف ظ الس الم .م ؤتمر الح روب المس تقبلية .مرك ز اإلم ارات للدراس ات .5
زور ،جاس م .حماي ة األعي ان الثقافي ة في الق انون ال دولي اإلنس اني .الملتقى ال دولي الخ امس "ح رب التحري ر .6
الجزائرية والقانون الدولي اإلنساني 10-9.نوفمبر . 2010جامعة حسيبة بن بو علي الجزائر -المحور الرابع
عمرو ،محمد سامح .حماية الممتلكات واألعيان الثقافية في فترات النزاع المسلح .في مؤتمر :الدورة اإلقليمية .7
الثانية في مجال القانون الدولي اإلنساني .معهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية المركز اإلقليمي لتدريب
القضاة وأعضاء النيابة العامة في مجال القانون الدولي اإلنساني .الكويت 14 - 10مارس 2007م .
غ ازي ،خال د .ن دوة دور اللجن ة الوطني ة للق انون ال دولي اإلنس اني .اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر . .8
فؤاد ،مصطفى أحمد .حماية األماكن الدينية المقدسة في منظور القانون الدولي اإلنساني .ورقة قدمت إلى مؤتمر .9
250
منظم ة اليونس كو .الم ؤتمر الع ام لليونس كو في دورت ه السادس ة عش ر بب اريس 12أكت وبر 14-نوفم بر. 1970 .10
الجزء األول قرارات .اتفاقية اليونسكو بشأن التدابير الواجب اتخاذها لحظر و منع استيراد و تصدير ونقل ملكية
منظمة األمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة .سجالت المؤتمر العام .المجلد األول القرارات .2004. .11
الجمعي ة العام ة .ق رار المف وض الس امي لتعزي ز جمي ع حق وق اإلنس ان وحمايته ا .ال دورة . 48البن د / 114ب 7 -
الجمعية العامة .فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها الجمعية العامة -
األمم ق رار األمم المتح دة .الجمعي ة العام ة .ال دورة الحادي ة والخمس ون .البن د 71من ج دول االعم ال الم ؤقت .
الجمعي ة العام ة .ق رار .رقم 251 / 60في 15م ارس 2006بش أن انش اء مجلس حق وق اإلنس ان الت ابع لألمم -
المتحدة الصادر عن الجمعية العامة لألمم المتحدة ..الدورة الستون .في 3ابريل . 2006المشار إليه بالمرA/
RES/60/251
الجمعية العامة .قرار رقم 39/11بشأن حق الشعوب في السلم ( 12تشرين الثاني/نوفمبر )1984الصادر عن -
الجمعية العامة.اتفاقية حظر استخدام تقنيات التغيير في البيئة ألغراض عسكرية أو ألية أغراض عدائية أخرى . -
الجمعي ة العام ة ،ال دورة السادس ة والخمس ون ،البن د 162من ج دول األعم ال ،تقري ر لجن ة الق انون ال دولي عن -
251
الجمعي ة العام ة .الق رار الص ادر في 18ديس مبر 2008عن انطب اق اتفاقي ة ج نيف المتعلق ة بحماي ة الم دنيين وقت -
الح رب ،المؤرخ ة في 12أغس طس ،1949على األرض الفلس طينية المحتل ة ،بم ا فيه ا الق دس الش رقية ،وعلى
األراضي العربية المحتلة األخرى .الدورة الثالثة والستون المشار إليه بالمرجع . A/RES/63/96
الجمعي ة العام ة .الق رار ال ذي اتخذت ه الجمعي ة العام ة في 16ديس مبر . 2005بش أن الح ق في االنتص اف والج بر -
لضحايا االنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني ،الدورة الستون البند ( 71أ) من جدول األعمال .بتاريخ 21
الجمعية العامة .فتوى محكمة العدل الدولية بشأن اآلثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار في األرض الفلسطينية -
الجمعية العامة .قرار بشأن مسؤولية المنظمات الدولية من مشروع لجنة القانون الدولي الدورة الثالثة والستون -
26أبريل إلى 3يونيو ومن 4يوليو إلى 12اغسطس . 2011المشار إلية بالمرجع (. )A/66/10
الجمعي ة العام ة .مجلس حق وق اإلنس ان تقري ر لجن ة التحقي ق الدولي ة المس تقلة بش أن الجمهوري ة العربي ة الس ورية.
ال دورة الرابع ة والعش رون .البن د 4من ج دول االعم ال .ح االت حق وق اإلنس ان ال تي تتطلب اهتم ام المجلس
الجمعي ة العام ة .مجلس حق وق اإلنس ان .تقري ر لجن ة التحق ق الدولي ة المس تقلة بش أن الجمهوري ة العربي ة الس ورية. -
الجمعي ة العام ة .األمم المتح دة .مجلس حق وق اإلنس ان تقري ر لجن ة التحقي ق الدولي ة المس تقلة بش أن الجمهوري ة -
العربية السورية .الدورة الحادية والعشرون .البند 4من جدول األعمال .حاالت حقوق اإلنسان التي تتطلب اهتمام
252
الجمعية العامة .األمم المتحدة .مجلس حقوق اإلنسان تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية -
الس ورية .ال دورة الرابع ة والعش رون .البن د 4من ج دول األعم ال .ح االت حق وق اإلنس ان ال تي تتطلب اهتم ام
الجمعية العامة .األمم المتحدة .مجلس حقوق اإلنسان تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية -
السورية .الدورة الثانية والعشرون .البند 4من جدول األعمال .حاالت حقوق اإلنسان التي تتطلب اهتمام المجلس
الجمعي ة العام ة تقري ر لجن ة الق انون ال دولي عن أعماله ا ،بت اريخ 26نوفم بر .2001المش ار إلي ه ب المرجع -
A/RES/56/10تقري ر لجن ة الق انون ال دولي عن أعم ال دورته ا الثالث ة والخمس ين .المش ار إلي ه ب المرجع
A/56/589
لجن ة التحقي ق الدولي ة المس تقلة بش ان الجمهوري ة العربي ة الس ورية .األمم المتح دة .الجمعي ة العام ة .مجلس حق وق -
اإلنسان .الدورة الثانية والعشرون .البند 4من جدول االعمال .حاالت حقوق االنسان التي تتطلب اهتمام المجلس
الجمعي ة العام ة لألمم المتح دة .ال دورة االس تثنائية الطارئ ة العاش رة .البن د ٥من ج دول األعم ال .األعمـــال -
اإلســـرائيلية غـــير القانوني ـــة في القـــدس الشـــرقية المحتل ـــة وبقي ـــة األرض الفلسطينية المحتلة .تقرير األمين العام
ال ذي أع د عمال بق رار الجمعي ة العام ة دإط – . ١٣/١٠المش ار إلي ـــة ب المرجع A/ES-10/248 . 24نوفم بر
.2003
الجمعية العامة .األمم المتحدة .مجلس حقوق اإلنسان تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية -
الس ورية .ال دورة الرابع ة والعش رون .البن د 4من ج دول االعم ال .ح االت حق وق اإلنس ان ال تي تتطلب اهتم ام
253
الجمعي ة العام ة .ق رار األمم المتح دة -9/9.حماي ة حق وق اإلنس ان للم دنيين في الص راع المس لح .مجلس حق وق -
م وجز األحك ام والفت اوى واألوام ر الص ادرة عن محكم ة الع دل الدولي ة 1996-1992المش ار إلي ه ب المرجع ( -
الجمعية العامة قرار في دورتها التاسعة واألربعين القرار رقم "/S 49/75كاف " بشأن طلبات اإلفتاء من محكمة -
الم تحدة .طبيعة االلتزام القانوني العام المفروض على الدول األطراف في العهـد الدولي
الجمعية العامة قرار اُألمم ُ -
الخ اص بالحقــوق المدنيـة والسياس ية .اللجن ة المعني ة بحق وق اإلنس ان .ال دورة الثامن ة عش ر 26 .م ايو
الجمعية العامة .األمم المتحدة .حماية البيئة أثناء النزاعات المسلحة .الدورة السابعة واألربعون February 9 . -
مجلس األمن القرارت الصادرة عنه في حالة األراضي العربية المحتلة حيث طالب القرار بكفالة احترام المادة 1 -
مجلس األمن .األمم المتح دة .رقم 2139/2014الص ادرة بت اريخ 22ف براير ،2014بش أن ال نزاع في س وريا -
.RES/2139 /2014
مجلس األمن الحالة بين إيران والعراق () ،S/RES/540(1983والقرار رقم (). S/RES/598(1987 -
المجلس العمل بموجب الفصل السابع من ميثاق االمم المتحدة ألحكام هذا القرار المرجع .S/RES/771 (1992 -
الق رار رقم 808/1993لمحاكم ة مج رمي الح رب في اقليم يوغس الفيا الص ادر عن مجلس االمن في جلس ته -
254
مجلس األمن الدولي قرار بتشكيل محكمة دولية خاصة بمجرمي الحرب في رواندا لمحاكمة ومحاسبة المسؤولين -
عن انتهاك ات ق وانين الح رب وأعرافه ا ،انظ ر الق رار رقم S/RES/955في جلس ته المعق ودة في 8نوفم بر
.1994
الق رار الص ادر عن مجلس االمن في جلس ته المعق ودة في 14اغس طس 2000المرج ع S/RES/1315 -
)(2000
القرار رقم 2000/ 1315بشأن إنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمة مجرمي الحرب بسيراليون .
القرار الصادر عن مجلس األمن رقم . S/RES/1214الصادر بتاريخ 8ديسمبر . 1998 -
قرار مجلس األمن رقم 771/1992الصادر بتاريخ 13اغسطس 1992في االنتهاكات االصربية في البوسنة . -
الق رار الص ادر عن المحكم ة الخاص ة لس يراليون من الم دعي الع ام ض د س ام هينغ ا نورم ان في 31م ايو2004 -
م وجز األحك ام والفت اوى واألوام ر الص ادرة عن محكم ة الع دل الدولي ة (نيك اراغوا ض د الوالي ات المتح دة )،الحكم -
الصادر في القضية المتعلقة باألنشطة العسكرية وغير العسكرية في 27يونيو . 1986المشار إليه بالمرجع (
ق رار مجلس االمن الق رار رقم S/1991 / 687الم ؤرخ في 2أبري ل .1991بش أن إنش اء ص ندوق للتعويض ات -
فت وى محكم ة الع دل الدولي ة عن اآلث ار القانوني ة الناش ئة عن تش ييد ج دار في األراض ي الفلس طينية المحتل ة .األمم -
المتح دة .الجمعي ة العام ة .ال دورة االس تثنائية الطارئ ة العاش رة .البن د الخ امس من ج دول األعم ال 13 .يولي و
.2004
255
الئحة االدارة االنتقالية لألمم المتحدة في تيمور الشرقية ان الشروع في ارتكاب الجريمة يؤدي الى قيام المسؤولية -
UNTAET/REG/2000/15 .6 june 2000 ،الجنائية للقيادة عن إعطاء األوامر بارتكاب جرائم الحرب
تطبيق القانون اإلنساني الدولي على استخدام ال ذخائر العنقودية ورقة مقدمة من. مكتب األمم المتحدة في جنيف -
المرج ع.2008. ابري ل. 11-7 من ج دول األعم ال الت اريخ6 البن د. ال دورة الثاني ة. الياب ان
. CCW/GGE/2008-II/WP .2
بي ان رئيس مجلس األمن بش أن أدان ة انتهاك ات حق وق اإلنس ان ال تي ترتكبه ا الس لطات الس ورية على نط اق واس ع -
. S/PRST/2011/16
256
- ICTY .U.N. IT-95-17/1-T. . 10 December 1998
- ICTY. UN. TPIY. . Prosecutor v. Radoslav Brdjanin (Appeal Judgement. IT-99-36-A. 3
April 2007
- ICTY . UN TPIY . prosecutor v . Zoran Kupreskic, Mirjan Kupreskic Vlatko Kupreskic,
Drago Josipovic and Dragan Papic . IT-95-16-T . 14 January 2000 .
- ICTY, UN . TPIY . Appeals Chamber the Prosecutor v . DU [KO TADI], IT-94-1-A, 15
July 1999 .
- ICTY UN TPIY . The prosecuter .V .Goran . . IT-95-10-T . 14 December 1999
- ICTY . UN . TPIY . The Prosecutor V Zlatko Aleksovski .Case No .: IT-95-14/1-T . 25
June 1999 .
- ICTY . UN .TPIY . The p . Prosecutor v . Sefer Halilovic -IT-01-48-A 16 October 2007.
- ICTY UN . TPIY . Prosecutor v . Mladen NALETILIC “TUTA” And Vinko
MARTINOVIC, “ŠTELA” .. IT-98-34-T . 31 March 2003
- ICTY . UN TPIY . The Prosecutor v . Enver Hadzihasanovic & Amir Kubura . Case No .
IT-01-47-A . 22 April 2008 .
- ICTY . UN . TPIY prosecutor v . Slobodan Milosevic . Case No . IT-02-54-T . 16 June
2004
- ICTY . UN . TPIY . Prosecutor v . Tihomir Blaškić Case No . IT-95-14-T 3 March 2000 .
- ICTY . UN . TPIY . . Prosecutor v . Tihomir Blaškić, Case No . IT-95-14-A . 29 July
2004 .
- ICTY . UN . TPIY . Prosecutor v . Tihomir Blaškić Case No . IT-95-14-T 3 March 2000
- ICTY . UN .TPIY . The p . Prosecutor v . Sefer Halilovic -IT-01-48-A16 October 2007.
- ICTY . UN . TPIY . Prosecutor v . Tihomir Blaškić, Case No . IT-95-14-A . 29 July 2004
.
- ICTY . UN TPIY . The Prosecutor v . Enver Hadzihasanovic & Amir Kubura . Case No .
IT-01-47-A . 22 April 2008 .
- ICTY . UN . TPIY prosecutor v . Slobodan Milosevic . Case No . IT-02-54-T . 16 June
2004
257
- ICTY . UN . TPIY . Prosecutor v . Tihomir Blaškić Case No . IT-95-14-T 3 March
2000 .,
- ICTY . UN .TPIY . The p . Prosecutor v . Sefer Halilovic -IT-01-48-A . 16 October 2007
- Special Court for Sierra Leone. Prosecutor v Sam Hinga Norman. . Appeals chamber..
Case No.SCSL-2004-14-AR72(E). May 14,2004
: التقارير الدولية ياللغة العربيةـ
المش ار الي ه. 2014 . الطبع ة األولى. المملك ة المتح دة. ان تزاع الحي اة من ج وف ال يرموك. منظم ة العف و الدولي ة -
ISBN:978-1-. 2013 يوليو14 . دمشق. التسوية باألرض. التقرير الص ادر عن منظمة هي ومن راتش وتش -
. 6231-31036
. 2013 . لم تع د امن ه االعت داءات على الطالب والم دارس في س وريا. التقري ر الص ادر عن هي ومن راتس وتش -
. ج رائم الح رب في ش مالي أدلب أثن اء مفاوض ات خط ة الس الم. ملخص. انظ ر ه ومن راتس ووتش – س وريا -
ISBN: 978-1-62313-0046 المشار إليه بالمرجع. 2012 . موت من السماء. هيومن راتس وتش -
- ILC . Report of the International Law Commission on the work of its thirty-second
session (5 May-25 July 1980) Volume II .Part Two . A/35/10 . . UN . .New York, 1981 .
- ILC . Report of the International Law Commission on the work of its twenty-eighth
session 3 May-23 July 1976 . Volume II .Part Two . UN .New York . 1977 . A/31/10 .
- Andru E. Wall Editor. Legal and Ethical Lessons of NATO’s Kosovo Campaign . Naval
War College. Newport, Rhode Island .2002 .
258
- Final Report to the Prosecutor bv the Committee Established to Review the NATO
Bombing Campaign Against the Federal Republic of Yugoslavia . ICC-02/05-02/09-
HNE-2 ICC-02/05-02/09-216-Anx 29-10-2009 11/32 CB PT . .
القواميس والمعاجم :
ابن منظ ور .لس ان الع رب .دار ص ادر .ب يروت .لبن ان .المجل د الث الث عش ر .ط . 1/1990ط -
عتلم ،شريف .ماهر ،محمد .موسوعة اتفاقيات القانون الدولي اإلنساني .اللجنة الدولية للصليب األحمر -
المنشورات :
اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر .استكش اف الق انون ال دولي اإلنس اني .المكتب اإلقليمي -
منش ورات األمم المتح دة حق وق اإلنس ان مكتب المف وض الس امي .الحماي ة القانوني ة لحق وق اإلنس ان في -
اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر .الح دود المتوجب ة في ال نزاع المس لح .المكتب االقليمي -
دلي ل التنفي ذ الوط ني للق انون ال دولي اإلنس اني .اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر .الطبع ة العربي ة األول -
259
-ل ويز دوس والد – بي ك .الق انون ال دولي اإلنس اني وفت وى محكم ة الع دل الدولي ة بش أن مش روعية التهدي د باألس لحة
النووي ة أو اس تخدامها .المجل ة الدولي ة للص ليب األحم ر ،الع دد . 316بت اريخ . 1997-02-28على الموق ع
26 . 1958يونيو . 2007.
المحق ق حس ام ال دين القدس ي .كتب التخ ريج والزوائ د .الناش ر مكتب ة القدس ي .الق اهرة 1994 ،م .الفق رة
. 9674
- http://www.omanlegal.net/vb/showthread.php?t=5514
جاسم زور .حماية األعيان الثقافية في القانون الدولي اإلنساني . -
260
-http://www .univ-chlef
.dz/ar/seminaires_2010/seminaire_droit_2010/djassimzour2010 .pdf
-تعلي ق اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر على ال بروتوكولين اإلض افيين .الفق رة . 2002مت وفر على موق ع اللجن ة
. 2012-07
261
-www .syrianhr .org
-نات الي ف اغنر .تط ور نظ ام المخالف ات الجس يمة والمس ؤولية الجنائي ة الفردي ة ل دى المحكم ة الجنائي ة الدولي ة
ليوغوسالفيا السابقة .لمجلة الدولية للصليب األحمر .ا لعدد . 2003-12-31 . 850
اإلسرائيلي على غزة -2009-2008نموذجا" .مركز راشيل كوري الفلسطيني لحقوق االنسان ومتابعة العدالة
الكائن ة في الهن د ببل دة حي در آب اد .الطبع ة :األولى ـ 1344هـ.موق ع وزارة األوق اف المص رية وق د أش اروا إلى
-http://islamport.com/d/1/mtn/1/51/1791.html
مواقع االنترنت باللغة اإلنجليزيةـ -:
2. International Military Tribunal for the Far East (IMTFE) Charter . The IMTFE
Charter . Constitution of the Tribunal .
https://www .uni-marburg .de/icwc/dateien/imtfec .pdf
262
UN. United Nations األمم المتحدة
IHL. international humanitarian law القانون الدولي اإلنساني
ILC. International Law Commission لجنة القانون الدولي
ICRC. International Committee of the Red Cross اللجنة الدولية للصليب األحمر
ICTY - TPIY the International Criminal Tribunal for the المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسالفيا السابقة
Former Yugoslavia
A/- الجمعية العامة
-/RES/- قرارات
263
فهرس الموضوعات
الصفحة الموضوع
1 الخالصــــــــة
4 الشكر والتقدير
5 االهـــــــــــداء
7 المقدمــــــــــة
13 الفصل األول :التعريف باألعيان المدنية والثقافية في القانون الدولي اإلنساني.
77 الفصل الثاني الحماية القانونية المقررة لألعيان المدنية والثقافية .
80 المبحث االول :الحماية القانونية العامة المقررة لألعيان المدنية زمن المنازعات المُسلحة.
80 المطلب األول :مضمون الحماية العامة لألعيان المدنية في زمن النزاعات المسلحة .
264
82 الفرع االول :المبادئ األساسية التي توفر الحماية العامة لألعيان المدنية.
82 أوالً -:مبدأ التمييز بين األعيان المدنية واألهداف العسكرية.
85 ثانيا :مبدأ التناسبية بين الميزة العسكرية واألضرار الجانبية.
89 ثالثا ً -:مبدأ حظر وتقييد استخدام أنواع معينة من األسلحة في الهجمات ضد األعيان المدنية والثقافية.
103 الفرع الثاني -:أهم التدابير االحتياطية لحماية األعيان المدنية والثقافية.
109 المطلب الثاني :واقع الحماية العامة لألعيان المدنية زمن النزاعات المُسلحة في الجمهورية العربية السورية.
110 أوال :ملخص لتسلسل األحداث .
111 ثانيا -:الوضع القانوني للنزاع المسلح في سوريا
112 ثالثا -:أبرز االنتهاكات لقواعد الحماية العامة لألعيان المدنية والثقافية خالل األزمة السورية.
112 .1انتهاك قاعدة حظر توجيه الهجمات ضد األعيان المدنية والثقافية .
115 . 2انتهاك قاعدة حظر وتقييد استخدام بعض األسلحة في الهجمات ضد األعيان المدنية والثقافية.
118 المبحث الثاني الحماية القانونية الخاصة المقررة لبعض األعيان المدنية والثقافية.
119 المطلب األول :حماية الممتلكات الثقافية.
121 الفرع األول :أحكام حماية الممتلكات الثقافية الواردة في اتفاقية الهاي 1954وبروتوكوليها اإلضافيين.
137 الف>>رع الث>>اني -:أحك>>ام الحماي>>ة ال>>واردة للممتلك>>ات الثقافي>>ة في اتفاقي>>ات ج>>نيف لع>>ام 1949وال>>بروتوكولين
اإلضافيين لعام .1977
140 المطلب الثاني :حماية األعيان التي ال غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة.
145 المطلب الثالث :حماية المنشآت واألهداف المحتوية على قوى خطرة.
151 المطلب الرابع :الحماية الدولية للبيئة الطبيعية.
159 الفصل الثالث :المسؤولية الدولية عن انتهاك قواعد حماية األعي ان المدني ة والثقافي ة ودور القض اء ال دولي
الجنائي.
161 المبحث األول :المسؤولية الدولية عن انتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية.
163 المطلب األول :اآلثار القانونية المترتبة على قيام المسؤولية الدولية المترتبة على انتهاك قواعد حماي>>ة األعي>>ان
المدنية والثقافية .
164 الفرع األول :المسؤولية الدولية المدنية للدول والمنظمات الدولي>ة عن انته>اك القواع>د الخاص>ة بحماي>ة األعي>ان
المدنية والثقافية (المسؤولية التقليدية) .
179 الفرع الثاني :المسؤولية الدولية الجنائية لألفراد عن انتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية .
265
185 أشكال المسؤولية الجنائية الدولية الفردية .
185 المسؤولية الدولية الجنائية الفردية للقادة والرؤساء. .1
205 المطلب الثاني :الدفع بتوافر الضرورة العسكرية لنفي المسؤولية القانونية الدولية.
206 أوالً :مفهوم الضرورة العسكرية في القانون الدولي اإلنساني .
211 ثانيا ً :الطبيعة القانونية و شروط الضرورة العسكرية .
214 ثالثا ً :مدى فعالية الدفع بحالة الضرورة في انتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية .
217 المبحث الثاني :دور القضاء الدولي الجنائي في وض>ع قواع>د حماي>ة األعي>ان المدني>ة والثقافي>ة موض>ع التنفي>ذ
والتطبيق .
219 المطلب األول -:دور المحاكم العس>>كرية الدولي>>ة بع>>د الح>>رب العالمي>>ة الثاني>>ة في تنفي>>ذ قواع>>د حماي>>ة األعي>>ان
المدنية والثقافية .
222 المطلب الثاني -:دور المحاكم الخاصة المؤقته في تنفيذ قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية .
226 المطلب الثالث -:دور المحكمة الجنائية الدولية الدائمة في تنفيذ قواعد حماية األعيان المدنية والثقافة
229 تقييم دور المحاكم الجنائية الدولية في تنفيذ قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية.
233 الخـــــاتمـــــــــــــــــــــة
233 النتائـــــــــــــــــــــــــــج
236 التوصيات والمقترحـات
240 المـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــراجع
264 قائمة االختصـــــــارات
265 فه ـ ــرس الموضوع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
266