You are on page 1of 268

‫أكاديميــــــــة شرطــــــة دبي‬

‫كلية الدراسات العليـــــــــــــــا‬

‫حماية األعيان المدنية والثقافية‬


‫"وفقاً ألحكام القانون الدولي اإلنساني"‬

‫إشـــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــراف‬

‫الم ـ ــقدم االستاذ الدكتور‪ :‬سيف غانم السويدي‬


‫أطروحه مقدمة من الباحثــــــــــة‬

‫فاطمة عبود يسر المهري‬

‫لجنــــــــــــــــــة المناقشــــــــــــــــــــة والحكــــــــــم على الرسالـــــــــــــــــــة‬

‫األستاذ الدكتور ‪ :‬عصام زناتي‬


‫( رئيساً )‬ ‫أستاذ ورئيس قسم القانون الدولي العام بكلية الحقوق في جامعة أسيوط‬

‫األستاذ الدكتور‪ :‬رياض العجالن‬


‫( عضواً )‬ ‫أستاذ ورئيس قسم القانون الدولي العام بكلية القانون في جامعة اإلمارات‬

‫المقدم الدكتور ‪ :‬أحمد يوسف المنصوري‬


‫رئيس قسم القانون الدولي العام بأكاديمية شرطة دبى‬

‫( عضواً )‬
‫قُدمت هذه االطروحة استكماالً لمتطلبات منح شهادة الماجستير في القانون العام‬
‫رمضان ‪1436‬هـ ‪ -‬يونيو ‪ 2015‬م‬

‫ِيم‬
‫الرح ِ‬
‫الر ْح َم ِن َّ‬
‫بسم هللا َّ‬

‫قال هللا تعالى‪:‬‬

‫ض لَّ ُه ِّد َم ْ‬ ‫ارهِم ِب َغي ِْر َح ٍّق ِإاَّل َأن َيقُولُوا َر ُّب َنا هَّللا ُ َولَ ْواَل دَ ْف ُع هَّللا ِ ال َّن َ‬ ‫"الَّذ َ ُأ‬
‫ص َوا ِم ُع َو ِب َي ٌع‬
‫ت َ‬ ‫ضهُم ِب َبعْ ٍ‬
‫اس َبعْ َ‬ ‫ِين ْخ ِرجُوا مِن ِد َي ِ‬

‫ات َو َم َسا ِج ُد ي ُْذ َك ُر فِي َها اسْ ُم هَّللا ِ َكثِيرً ا َولَ َينص َُرنَّ هَّللا ُ َمن َين ُ‬
‫ص ُرهُ ِإنَّ هَّللا َ لَ َق ِويٌّ َع ِزي ٌز "‬ ‫صلَ َو ٌ‬
‫َو َ‬

‫سورة الحج ‪،‬اآليه (‪)40‬‬


‫الخالصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬

‫المسلحة‪ ،‬وفقاً ألحكام‬


‫تهدف هذه الدراسة إلى بيان قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية أثناء النزاعات ُ‬

‫القانون الدولي اإلنساني؛ نظراً لما تتعرض له هذه األعيان من انتهاكات‪ ،‬على الرغم مما تنص عليه األعراف‬

‫واالتفاقيات من حماية لها‪.‬‬

‫فق د ج اءت الحاج ة الماس ة إلى حمايته ا‪ ،‬باعتباره ا األس اس في حماي ة اإلنس ان‪ ،‬وض مان اس تمرار ُمتطلب ات‬

‫بقائ ه‪ ،‬فاإلنس ان بال ش ك ه و ج وهر الحي اة‪ ،‬وأس اس الحماي ة ال تي يس عى إليه ا الق انون ال دولي اإلنس اني؛ الرتباط ه‬

‫الوثي ق باإلنس ان‪ ،‬خاص ة في ظ روف تتس م بالفوض ى‪ ،‬وتُ رجح فيه ا كف ة الض رورات العس كرية على االعتب ارات‬

‫اإلنسانية‪.‬‬

‫المس لحة وتُقل ل من آثاره ا وأض رارها على األعي ان المدني ة‬


‫فك ان لزام اً االتف اق على مب ادئ تُنظم النزاع ات ُ‬

‫والثقافي ة‪ ،‬بحيث تنص على ض رورة التمي يز بينه ا وبين األه داف العس كرية‪ ،‬وأيض اً أن تتناس ب كاف ة النت ائج م ع‬

‫المترتبة‪.‬‬
‫األضرار ُ‬

‫ومنذ اعتماد اتفاقيات الهاي لعامي ‪ 1899‬و‪ 1907‬توالت االتفاقيات التي تحث على ضرورة حماية األعيان‬

‫المدني ة والثقافي ة‪ ،‬وتوف ير أك بر حماي ة ُممكن ه له ذه األعي ان‪ ،‬إلى أن تم اعتم اد اتفاقي ات ج نيف لع ام ‪1949‬‬

‫وبروتوكوليها اإلضافيين حيث تم تقسيم الحماية إلى حماية عامة تشمل كافة األعيان دون استثناء أو تمييز‪ ،‬وإ لى‬

‫حماية خاصة تُعنى بحماية أعيان محددة بذاتها‪ ،‬ثم جاءت بعد ذلك اتفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬وبروتوكوالها لتوفر‬

‫حماية خاصة بالممتلكات الثقافية‪.‬‬

‫المس لحة يتطلب تع اون أط راف ال نزاع‬


‫كم ا أن توف ير الحماي ة لألعي ان المدني ة والثقافي ة أثن اء النزاع ات ُ‬

‫الحترام أحكام الحماية الواردة في اتفاقيات القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬واألهم من ذلك العمل على تطبيق هذه األحكام‬

‫‪1‬‬
‫ وذلك من خالل ُمحاكمة مرتكبي الجرائم التي تتعلق باالعتداء على‬،ً‫التي تمنح الحماية وااللتزام بها التزاماً حقيقيا‬

‫ س واء ك انت مس ؤولية مدني ة أو‬،‫ بحيث ت رتب على ه ذه الج رائم مس ؤولية قانوني ة دولي ة‬،‫ه ذه األعي ان أو ت دميرها‬

‫ أو بمفهوم أدق جرائم حرب تختص المحكمة الجنائية‬،‫مسؤولية جنائية فردية باعتبار أنها من االنتهاكات الجسيمة‬

.‫الدولية بالنظر إليها‬

‫ جعلت من القانون الدولي‬،ً‫ولعل األحكام التي صدرت من المحكم ة الجنائية الدولية لمجرمي الحرب سابقا‬

‫ وبالت الي حققت االح ترام المناس ب نوع اً م ا‬،‫ ووض عت ح داً ُمناس باً لوق ف جمي ع االنتهاك ات‬،ً‫فع اال‬
ّ ً‫اإلنس اني قانون ا‬

.‫لقواعد حماية هذه األعيان‬

Abstract:

This study to show the rules of protection the civilian and cultural properties during the
international non-international armed conflicts according to the international
humanitarian law, due to the infringements to which such being are exposed irrespective
of the customs and agreements providing for such protection.

There is a pressing need for protection of such civilian and cultural properties since it is
the basis of protecting human and to secure continuance of his being. no doubt human is
the essence of life and the essence of the protection sought by the international law which
is the most important part of the general international law , due to the close relation to
human , particularly in the disorder circumstances where the military necessities out
weight the humanitarian considerations

It is a must to agree on the principles of putting in order the combat operations and to
reduce the effects thereof on the civilian and cultural properties in so that they provide for
distinguishment between them and the military targets and also all results to cope with
the damages resulting in so that the volume of damage resulting shall be equal to and
suitable to the achieved result.

2
Since accrediting the la Hague pacts of 1899 and 1907 agreements encouraging
protection of the continued and protection of civilian and cultural properties and
providing the maximum protection to such properties until Geneva pacts and additional
protocols of 1949 were accredited , were protection was divided in to a general one
covering all properties without discrimination and a special protection which targets a
special group , then came la Hague pact of 1954 and its protocols for protection of the
cultural properties .

The provision of protection for the civilian and cultural properties during the armed
conflicts requires the conflicts parties to respect the rules of protection provided for in the
international humanitarian law and most importantly to apply such rules which provide
protection and comply with them really , through trial of the those committing crimes
related to aggression against such properties and destruction thereof , where such crimes
result in international responsibility whether it be civil or criminal as they are considered
flagrant infringements or more precisely war crimes , which are under jurisdiction of
International Criminal Court .

The decisions made by the International Criminal Court against the war criminals of ex-
Yugoslavia and Ruanda render the international; humanitarian law a fact which puts a
suitable limit to stop all infringements of the full respect of the rules of protection of
such properties during the international and non-international armed conflicts.

3
‫شكر وتقدير‬

‫يطيب لي أن أتقدم بوافر الشكر والتقدير إلى سعادة اللواء االستاذ الدكتور محمد أحمد بن فهد مساعد القائد‬

‫العام لشئون أكاديمية شرطة دبي والتدريب ‪ ،‬وسعادة العقيد الدكتور غيث غانم السويدي مدير أكاديمية شرطة دبي‬

‫فلهما الفضل الكبير (بعد اهلل – عز وجل) في قبول التحاقي بأكاديمية شرطة دبي‪ ،‬فجزاهما اهلل عني خير الجزاء‪.‬‬

‫كم ا ويطيب لي وق د أنهيت ه ذه الدراس ة المتواض عة بعن وان "حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة وفق اً ألحك ام‬

‫المقدم األستاذ الدكتور سيف غانم السويدي‪،‬‬


‫القانون الدولي اإلنساني " أن أتقدم بخالص شكري وامتناني إلى سعادة ُ‬

‫ال ذي تفض ل بقب ول اإلش راف على األطروح ة‪ ،‬وأش كره على إخالص ه وحرص ه الش ديدين على حس ن ت وجيهي‬

‫القيمة التي كان لها األثر الطيب في إخراج األطروحة في صورتها النهائية‪ ،‬ولما بذله‬
‫وإ فادتي بكثير من النصائح ّ‬

‫ومعين (بع د اهلل ‪-‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬


‫من توجيه ات س ديدة والتي ك ان له ا األث ر الكب ير‪ ،‬وم ا قدم ه من وقت غ ال‪ ،‬فكان خ ير ُمش رف ُ‬

‫عزوجل) فجزاه اهلل عني خير الجزاء‪.‬‬

‫كم ا أتق دم بالش كر إلى س عادة المق دم ال دكتور أحم د يوس ف المنص وري ال ذي ق دم لي أيض اً نص ائح ك ان له ا‬

‫الفائدة العميقة ‪ ،‬وإ لى جميع أعضاء هيئة التدريس في قسم القانون العام ‪ ،‬كما أتقدم بالشكر والتقدير ألعضاء لجنة‬

‫المناقشة على تفضلهم بقبول مناقشة هذه األطروحة والحكم عليها‪ ،‬وعلى ما قدموه من مالحظات وتوجيهات قامت‬

‫ب إثراء األطروح ة ‪ ،‬كم ا أش كر ك ل من س اندني خالل ف ترة إع داد ه ذه األطروح ة‪ ،‬وج زى اهلل الجمي ع ع ني خ ير‬

‫الجزاء‪،،،‬‬

‫‪4‬‬
‫واهلل ولي التوفيق‬

‫اإلهداء‬

‫إلى والدتي الغالية من تملك جنة تحت القدم ‪ ...‬إلى والدي العزيز سندي وقوتي> ومالذي بع>>د هللا‪ ..‬إلى‬
‫إخوتي وأخواتي األعزاء من أظهروا لي كل جميل في هذه الحياة ‪ ...‬أهدي لكم هذا العمل المتواضع‪...‬‬

‫‪....‬حفظكم هللا جميعا ً ‪...‬‬

‫‪5‬‬
‫المقدمة‬
‫ُ‬

‫الم ـ ـ ــقدم ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫‪6‬‬
‫بســم اهلل الــرحمن الــرحيم‪ ،‬الحمــد هلل رب العــالمينـ وأفضــل الصــالة على ســيدنا محمــد المبعـ ِ‬
‫ـوث رحمــة‬

‫للعالمين‪،‬ـ وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين‪،‬ـ و صحابتهـ الغر الميامين‪ ،‬ومن سار على هديهم إلى يوم الدين‪.‬‬

‫أما بعد ‪،،،‬‬

‫ش هدت ب دايات الق رن الح ادي والعش رين العدي د من التح والت والتغ يرات الجذري ة لمف اهيم الح رب‬

‫المختلفة‬
‫المستقبلية ُ‬
‫ونظرياتها‪ ،‬وأصبح التكيُّف مع التغيرات الحاصلة أحد أبرز التحديات التي تواجه السيناريوهات ُ‬

‫المتغي رة ‪ ،1‬كم ا أن االس تجابة الح ذرة والمرتبك ة للب وادر األولى من الص راعات س محت‬
‫ّ‬ ‫للح رب ذات الطبيع ة‬

‫بتص اعد العن ف واالن زالق إلى مزي ٍد من الفوض ى ومزي ٍد من الض حايا ‪ 2‬والت دمير للممتلك ات المدني ة والثقافي ة ‪،‬‬

‫إض افة إلى أن الت أثيرات السياس ية في الح روب ومس تقبلها‪ ،‬ش ّكلَت نوع اً من العقب ات الش ائكة ال تي منعت من قي ام‬

‫وممتلكاتهم الثقافية ‪.‬‬


‫عالقات مدنية – عسكرية فعَّالة لحماية المدنيين وأعيانهم المدنية ُ‬

‫والمهمة؛ نظراً‬
‫و مما ال شك فيه أن موضوع حماية األعيان المدنية والثقافية ُيعتبر من الموضوعات الشائكة ُ‬

‫للطبيعة التي تتمتع بها هذه األعيان كونها األساس الذي يعتمد عليه المدنيون‪ ،‬وتُشكل ُج زءاً ال يتجزأ من هويتهم‬

‫وممتلك اتهم الثقافي ة ال تي تُع بر عن‬


‫فعال ة للم دنيين دون ض مان الحماي ة ألعي انهم المدني ة ُ‬
‫فال يمكن تحقي ق حماي ة ّ‬

‫هويتهم ‪ ،‬والتي غالباً ما تكون ُم ستهدفه‪ ،‬من أجل طمس هوية األشخاص والتطهير الثقافي لمكونات المجتمعات‪.‬‬

‫وقد أوردت اتفاقيات الهاي لعامي ‪ 1899‬و‪ 1907‬قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية بطريقة ُمقتضبة‬

‫جداً في البداي ة ‪ ،‬ثم توسعت وتكرست هذه الحماية بش كل حازم وأك ثر وض وحاً بعد اعتم اد اتفاقيات جنيف لع ام‬

‫‪.1949‬‬

‫‪ .1‬تشمل المتغيرات كل ماهو متعلق بالتأثير التكنولوجي لألسلحة على اإلنسان في الحروب‪ ،‬أما الثوابت في الح‪VV‬رب فلن تتغ‪VV‬ير كتل‪VV‬ك المتص‪VV‬له بالطبيع‪VV‬ة‬
‫البشرية واألسباب الدافعة إلى الحروب والنتائج المترتبة عليها ‪.‬‬
‫‪ .2‬ريتشارد جوان ‪.‬الوقاية من الحرب وحفظ السالم ‪.‬مؤتمر‪ V‬الحروب المستقبلية ‪.‬مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االس‪VV‬تراتيجية ‪.‬أبوظ‪VV‬بي ‪.‬اإلم‪VV‬ارات ‪.‬‬
‫‪ 10-9‬ابريل ‪ . 2013‬دون رقم صفحة ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫المسلحة‪ ،3‬إلى قيام اللجنة‬
‫و أدى القصور العملي في تطبيق القواعد على واقع هذه األعيان في النزاعات ُ‬

‫وتش كل‬
‫بالم طالبة في توفير حماية أكبر‪ ،‬وعليه تمت إعادة التأكيد على حماية هذه األعيان‪ّ ،‬‬
‫الدولية للصليب األحمر ُ‬

‫ذل ك من خالل اعتم اد ال بروتوكولين اإلض افيين لع ام ‪ ،1977‬ثم تع ّززت الحماي ة من خالل إب رام اتفاقي ات خاص ة‬

‫المسلحة‪،‬‬
‫تُعنى بحماية أعيان ُمحددة بذاتها‪ ،‬منها اتفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬لحماية األعيان الثقافية زمن النزاعات ُ‬

‫ثم توالت االتفاقيات تباعاً حتى اعتماد النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬

‫المتمثلة‬
‫ولكن هذه القواعد تبقى دون قيمة مالم تُدعم بآليات تؤدي إلى تطبيقها‪ ،‬لعل أهمها اآلليات العقابية ُ‬

‫بضرورة اللجوء إلى القضاء الدولي الجنائي لمعاقبة ُمنتهكي قواعد الحماية لهذه األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬وعليه‬

‫فقد ألزمت اتفاقيات جنيف لعام ‪ 1949‬جميع الدول بتجريم اإلنتهاكات الجسيمة ‪ ،‬ومحاكمة مرتكبيها ‪.‬‬

‫و تكتس ب ه ذه الدراس ة أهميته ا من طبيع ة الموض وع ال ذي تتناول ه‪ ،‬وال ذي ُيع د من أهم المواض يع في ال وقت‬

‫تعرض األعيان المدنية والثقافية لقصف تعسفي وعمدي شكل دماراً هائالً ‪،‬‬
‫الحاضر‪ ،‬فالواقع الحالي َيكشف عن ّ‬

‫وانتهاكات جسيمة وعبثية‪ ،‬فالساحة اإلنسانية حالي اً أحوج ما تكون إلى تعزيز األطر التنظيمية والقانونية لمواجهة‬

‫االنتهاكات الجسمية والصارخة على اإلنسان وأعيانه المدنية وممتلكاته الثقافية‪.‬‬

‫تش عب‬
‫تكمن في ّ‬
‫وق د تم اختي ار الموض وع رغم إدراك أن الكتاب ة في ه ترافقه ا بعض الص عوبات ال تي ُ‬

‫المشكالت‬
‫الموضوع وتوسعه ‪ ،‬إضافة إلى كون هذا الموضوع ال يزال يتسم بالدقة والغموض‪ ،‬ويثير العديد من ُ‬

‫عند التطبيق‪ ،‬ويرجع ذلك أساساً إلى صعوبة إسقاط النصوص على مفهوم وطبيعة األعيان المدنية والثقافية‪.‬‬

‫‪ . 3‬ويمكن اإلشارة هنا أيضا ً إلى أن لفظ النزاعات المُسلحة المستخدم في هذه الدراسة يعتبر األفضل؛ ذلك أن أغلب الفقة يرون أن مصطلح حرب غير‬
‫مُناسب للدالله على العنف في القانون الدولي والعالقات الدولي>ة‪ ،‬فمُص>طلح ح>>رب يش>مل مض>امين أخ>رى مث>>ل الح>>روب الدعائي>>ة‪ ،‬الح>>روب الب>اردة‪،‬‬
‫الحروب النفسية واالقتصادية وغيرها‪ ،‬وهذا اللفظ هو التعبير> المُعتمد في وث>>ائق> الق>>انون ال>>دولي اإلنس>>اني ‪ .‬انظ>>ر‪ .‬عب‪VV‬د الحكيم س‪VV‬ليمان وادي‪ .‬دراس>>ة‪:‬‬
‫المسئولية الدولية في حماية األعيان المدنية زمن النزاعات المُس>>لحة "الع>>دوان اإلس>>رائيلي على غ>>زة ‪ -2009-2008‬نموذج>>ا"‪.‬مرك>ز> راش>>يل ك>>وري‬
‫الفلسطيني لحقوق االنسان ومتابعة العدالة الدولية‪ .‬تاريخ النشر األحد ‪-12‬يناير ‪ . 2014‬تاريخ الزيارة ‪ 22‬نوفمبر ‪. 2014‬‬
‫‪http://rachelcenter.ps/news.php?action=view&id=11636‬‬

‫‪8‬‬
‫ويمكن اختصار ال دوافع األساس ية والرئيس ية وراء اختيار موض وع حماية األعي ان المدنية والثقافي ة أثن اء‬

‫المسلحة وفقاً ألحكام القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬في عدة اعتبارات ذاتية وموضوعية لعل أهمها ‪:‬‬
‫النزاعات ُ‬

‫ومعاملة‬
‫أثر في النفس كثيراً ما تم قراءته ومشاهدته من مجازر وتقارير يقشعر لها البدن وجرائم بشعه ُ‬ ‫‪-‬‬

‫ُمشينه تعرض لها الشعب السوري وخاصة النساء واألطفال‪ ،‬وحتى الرجال وكل األبرياء الذين ال حول‬

‫تعرض ت ل ه األعي ان المدني ة والثقافي ة من دم ار هائ ل‪ ،‬وك ل ذل ك اُرتكب تحت‬


‫ّ‬ ‫لهم وال ق وة‪ ،‬وأيض اً م ا‬

‫وحجج واهي ة تحت اج إلى ض بط للمف اهيم‬


‫ُمس مى الض رورة العس كرية‪ ،‬واالره اب و ُمس ميات ُمختلف ة ُ‬

‫المستخدمة‪.‬‬
‫ُ‬

‫الجدية في‬
‫ّ‬ ‫الرغبة الشخصية في البحث بتعمق لمفاهيم وقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬والرغبة‬ ‫‪-‬‬

‫ومحاول ة أيج اد حل ول تُحس ن من ه ذه‬


‫بي ان مض مون ه ذه الحماي ة‪ ،‬والوق وف على أهم أوج ه القص ور‪ُ ،‬‬

‫الحماية الممنوحة‪ ،‬وبيان مدى تطبيقها على أرض الواقع‪.‬‬

‫المتعلقة بالضرورة العسكرية والدفع بها لنفي المس ؤولية‬


‫المتزايد على إعمال االستثناءات ُ‬
‫لقد كان االعتماد ُ‬ ‫‪-‬‬

‫عن انتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية الدور الفّعال في البحث عن موقعها ومنظومتها القانونية‬

‫فمحاول ة التوفي ق بين مفه ومين ُمتناقض ين هم ا االعتب ارات اإلنس انية‬
‫في أحك ام الق انون ال دولي اإلنس اني‪ُ ،‬‬

‫والض رورة العس كرية ليس ت أم راً سهالً‪ ،‬فكالهم ا ُيش كالن رك ائز الق انون ال دولي اإلنس اني‪ ،‬وبالت الي ك ان‬

‫المس اهمة ول و بق در يس ير في بي ان مفه وم وم دى فعالي ة ال دفع بالض رورة العس كرية لنفي‬
‫الب د من ُ‬

‫المسؤولية ‪ ،‬وذلك حتى ال ُيستخدم كذريعة يتحجج بها أطراف النزاع عقب كل انتهاك ألي التزام دولي ‪،‬‬

‫المتعلقة بحماية األعيان المدنية والثقافية ‪.‬‬


‫ومنها تلك ُ‬

‫المتواج دة في قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬يوض ح م دى‬


‫المتزاي د للثغ رات القانوني ة ُ‬
‫االكتش اف ُ‬ ‫‪-‬‬

‫الحاجة إلى طرح تفاسير ُمعتمدة للحد من السلطة التقديرية لألطراف الُمتنازعة‪ ،‬وذلك من خالل تفسير‬

‫‪9‬‬
‫والمش اركة المباش رة لألعي ان‬
‫المف اهيم ذات الغم وض كمفه وم الض رورة العس كرية والم يزة العس كرية‪ُ ،‬‬

‫المدنية والثقافية في العمليات العسكرية وغيرها من المفاهيم ذات العالقة ‪.‬‬

‫كما أن قصور الضمانات الالزمة لتطبيق قواعد الحماية لألعيان المدنية والثقافية يقتصي انتباه المهتمين‬ ‫‪-‬‬

‫المناسبة لها ‪ُ ،‬مستفيدين من ذلك‬


‫بهذا المجال إلى مواطن الخلل والقصور‪ ،‬ومحاولة إيجاد الحلول والبدائل ُ‬

‫المس لحة‪ ،‬وأهم الق رارات واألحك ام الص ادرة عن القض اء‬
‫فيم ا توص ل إلي ه التنظيم ال دولي للنزاع ات ُ‬

‫الدولي ‪.‬‬

‫و بن اء على م ا تق دم س رده وأمالً في إض افة م ا يمكن إض افته من فائ دة في مج ال حماي ة األعي ان المدني ة‬

‫المس لحة والح د من االنتهاك ات الواقع ة عليه ا‪ ،‬واعتم اداً على م ا ت دور حول ه اإلش كالية‬
‫والثقافي ة أثن اء النزاع ات ُ‬

‫الرئيسية في هذه الدراسة ‪ ،‬وهى مدى كفاية وفعالية الحماية التي توفرها قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية في‬

‫مواجهة االنتهاكات المتالحقة عليها؟ والتي يتفرع عنها عدة تساؤالت فرعية‪ ،‬هي‪-:‬‬

‫ما هو مفهوم األعيان المدنية والممتلكات الثقافية ؟ وكيف تطورت مراحل الحماية ؟ مدى جواز ترك تحديد‬

‫المهاجم ؟ومدى إمكانية‬


‫المحيطة بأطراف النزاع خاصة الطرف ُ‬
‫ماهية األعيان المدنية والثقافية لتقدير الظروف ُ‬

‫الحد من التفسيرات الواسعة لماهية األعيان المدنية والثقافية وأيضا األهداف العسكرية؟ ‪.‬‬

‫المباش رة في‬
‫المش اركة ُ‬
‫م ا أث ر غم وض مفه وم الض رورة العس كرية والم يزة العس كرية‪ ،‬وأيض ا غم وض مفه وم ُ‬

‫المختلفة ألطراف النزاع أثناء التطبيق ؟؟‬


‫العمليات العسكرية في إسقاط التفسيرات ُ‬

‫ما أهم التدابير الوقائية واالحتياطية الواجب ُمراعاتها في إدارة العمليات العسكرية أثناء الهجوم على األهداف‬

‫العسكرية؟‬

‫مدى فعالية مبدأ المسؤولية الدولية بشقيها المدني والجنائي في ضمان تنفيذ قواعد حماية هذه األعيان ؟‬

‫‪10‬‬
‫هل يحق للدول االستناد إلى الضرورة العسكرية لتبرير انتهاك قواعد الحماية لألعيان المدنية والثقافية ؟‬

‫المس لحة الدولي ة وغ ير الدولي ة؟ وم ا دور‬


‫وم ا دور المح اكم الدولي ة الخاص ة ال تي تك ونت خالل النزاع ات ُ‬

‫المحكم ة الجنائية الدولية في مالحقة مجرمي الحرب ممن ارتكبوا جرائم وانتهاكات جسيمة ضد األعيان المدنية‬

‫والثقافية زمن النزاع المسلح في وضع هذه القواعد موضع التنفيذ والتطبيق؟‬

‫و في سبيل اإلجابة على التساؤالت السابقة تم اتباع مناهج ُمعينة أثناء ُمباشرة هذه الدراسة وهي كالتالي ‪-:‬‬

‫المنهج القانونيـ التحليليـ ‪ :‬لجأت الدراسة إلى استخدام أحكام القانون الدولي اإلنساني وقواعده من خالل استخراج‬

‫واستكشاف النصوص االتفاقية والمبادئ العرفية التي توفر الحماية القانونية لألعيان المدنية والثقافية‪ ، ،‬ثم تحليلها‬

‫المناسبة لهذه األعيان‪ ،‬ال سيما تلك القواعد التي عالجت مسألة‬
‫ُبغية فهمها وبيان مدى فعاليتها في تحقيق الحماية ُ‬

‫تحديد المسؤولية الدولية‪ ،‬سواء كانت مدنية أو جنائية فردية‪ ،‬باإلضافة إلى التعرف على أهم األحكام القضائية التي‬

‫أص درتها المح اكم الدولي ة كالمحكم ة الجنائي ة الدولي ة ليوغس الفيا الس ابقة وروان دا‪ ،‬ودوره ا في وض ع ه ذه القواع د‬

‫موضع التنفيذ والتطبيق‪.‬‬

‫وتم كذلك استخدام منهج دراسة حالة في جزئية ُمعينة في الدراسة من خالل التعرض لنموذج حي يعيشه‬

‫الوطن العربي‪ ،‬ويتعلق بواقع الحماية العامة لألعيان المدنية والثقافية في الجمهورية العربية السورية ومدى تقيد‬

‫أطراف النزاع بواقع الحماية ‪ ،‬خاصة مع تعرض العديد من هذه القواعد لالنتهاكات الصارخه‪.‬‬

‫المنهج التاريخي ‪ -:‬ك ان االعتم اد على ه ذا المنهج ُبغي ة الوق وف على مراح ل التط ور الت اريخي لحماي ة األعي ان‬

‫المدنية والثقافية‪ ،‬وعرض فكرة حماية األعي ان المدنية والثقافية‪ ،‬والوقوف على مدى التطور التاريخي إلخضاع‬

‫ه ذه القواع د للتنظيم ال دولي من خالل االتفاقي ات الدولي ة ال تي ك انت تُش كل أعراف اً تم تقنينه ا ‪ ،‬م ع اإلش ارة إلى‬

‫الجذور التاريخية لقواعد حماية االعيان المددنية والثقافية ‪ ،‬وكذلك الدور الرائد للشريعة االسالمية في تكريس أهم‬

‫‪11‬‬
‫المبادئ التي جاءت بها االتفاقيات‪ ،‬وذلك من خالل سرد تطور فكرة حماية األعي ان المدنية والثقافية باعتبار أن‬

‫سرد هذا التطور سيعطي خلفية تاريخية واضحه تمكن من التعامل مع هذه القواعد ‪.‬‬

‫الفصل األول‬
‫التعريف باألعيان المدنية والثقافية في القانون الدولي‬
‫اإلنساني‬

‫الفصل األول‬

‫التعريف باألعيان المدنية والثقافية في القانون الدولي اإلنسانيـ‬

‫تمهيد ‪-:‬‬

‫ُيث ير موض وع حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة إش كاليات ع دة لع ل أهمه ا تحدي د المقص ود باألعي ان المدني ة‬

‫والتمي يز بينهم ا وبين األه داف العس كرية‪ ،‬وأهم مع ايير ه ذا التمي يز وماهي ة االلتزام ات المفروض ة على أط راف‬

‫ال نزاع‪ ،‬فغم وض مفه وم األعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬ق د يجع ل من قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة ُعرض ة‬

‫لالنتهاك ُكلما اُثير نزاع ُم سلح دولي أو غير دولي ‪ ،‬و حتى في حاالت االحتالل الحربي ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫وعليه فإن أهم ما سيتم التركيز عليه من خالل هذا الفصل هو البحث في مفهوم األعيان المدنية والثقافية‪،‬‬

‫وفق اً ألحكام القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬ثم التطرق إلى أهم المعايير واُألسس للتمييز بين األعيان المدنية واألهداف‬

‫العسكرية‪ ،‬وبيان مراحل تطورها عبر العصور المختلفة ‪.‬‬

‫ولكن قبل ُّ‬


‫الشروع في هذه الدراسة والبحث التفصيلي في عناصرها األساسية‪ ،‬البد من التطرق‪ ،‬إلى عدد‬

‫لة قوي ٍة بالموض وع؛ وذل ك لتحقي ق الفائ دة المرج وة والمنفع ة‬


‫من المح اور ال تي تُش كل م دخالً الب ّد من ه‪ ،‬وذات ص ٍ‬

‫المبتغاة‪ ،‬وسيكون ذلك في مبحثين سيتم تخصيص المبحث األول في التعريف بالقانون الدولي اإلنساني ‪ ،‬والتمييز‬
‫ُ‬

‫بين ه وبين الق انون ال دولي لحق وق اإلنس ان وبي ان اإلط ار الت اريخي‪ ،‬واإلط ار اإلس المي لقواع د الحماي ة الخاص ة‬

‫باألعيان المدنية والثقافية‪.‬‬

‫ثم سيتم التطرق في المبحث الثاني إلى التعريف باألعيان المدنية والثقافية ‪ ،‬وأهم المعايير التي ُأحتكم إليها‬

‫في التمييز بين األعيان المدنية واألهداف العسكرية ‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪-:‬‬

‫المبحث األول‬

‫القانون الدولي اإلنساني ونشأته التاريخيةـ‬

‫الزمت الحرب اإلنسان منذ ِ‬


‫الق دم‪ ،‬وتميزت بالقسوة والوحشية‪ ،‬وعليه ظهرت الحاجة إلى وضع ضوابط‬

‫وأحك ام لتنظيم العملي ات العس كرية ‪ ،‬في ش كل منظوم ة قانوني ة‪ ،‬ه دفها إح داث ت وازن بين الض رورات الحربي ة‬

‫واالعتبارات اإلنسانية‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫المنظم ة للعملي ات العس كرية‪ ،‬وش ّكلت فرع اً ُمهم اً من‬
‫وعلى م ر العص ور تك ونت ه ذه الض وابط واألحك ام ُ‬

‫القانون الدولي العام‪ 4‬هو القانون الدولي اإلنساني ‪ ،5‬والذي ظهر أول ما ظهر في صورة ُع رف دولي ُملزم‪ ،‬ثم‬
‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬
‫ويعتبر هذا القانون أحد فروع القانون الدولي العام القليلة‬
‫معاهدات دولية شارعة ‪ ،‬اتسمت بالعمومية والتجريد ‪ُ ،‬‬

‫ال ذي ينس ب االنتهاك ات إلى األف راد ذاتهم‪ ،‬وليس ال دول بحيث يف رض عليهم عقوب ات‪ ،8‬اس تناداً إلى مب دأ "شخص ية‬

‫العقوبة "‪.9‬‬

‫كم ا ُيعت بر الق انون ال دولي اإلنس اني منظوم ة قانوني ة ُملزم ة لجمي ع أط راف ال نزاع ‪ ،10‬فقواع ده ذات ط ابع‬

‫عرفي وصفة آمرة‪ ،‬وهو ما أكدته وأشارت إليه العديد من التقارير الدولية الصادرة عن لجنة القانون الدولي‪،11‬‬

‫‪. 4‬القانون الدولي العام هو" مجموعة القواعد القانونية الدولية – العرفية والمكتوبة – التي تحكم وتنظم المجتمع الدولي والعالقات التي تقوم بين أشخاص‪VV‬ه‪،‬‬
‫وتحدد حقوق وواجبات كل شخص من أشخاص المجتمع‪ V‬الدولي في مواجه‪VV‬ة غ‪VV‬يره من أشخاص‪VV‬ه اآلخ‪VV‬رين "‪ .‬أنظ‪VV‬ر ‪ .‬أب‪VV‬و الخ‪VV‬ير أحم‪VV‬د عطي‪VV‬ه ‪ .‬الق‪VV‬انون‬
‫الدولي العام‪. .‬أكاديمية شرطة دبي ‪ .‬الطبعة الثانية ‪.‬دبي ‪ .1994‬صــ‪. 23‬‬
‫‪.5‬و يُعتبر‪ V‬هذا القانون أحد أهم فروع القانون الدولي العام‪ ،‬فاألساس الذي تقوم عليه مصادره هي ذاتها مصادر القانون الدولي العام‪ ،‬ذلك أن العالقة بينهما‬
‫عالقة فرع باألصل‪.‬‬
‫‪ .6‬المعاهدات الدولية الشارعة ( العامة )‪ ،‬هي معاهدات جماعية تُبرم بين عدد غير محدود من الدول بقصد تنظيم أمور تهم كافة ال‪VV‬دول مث‪VV‬ل ميث‪VV‬اق األ ُمم‬
‫المتحدة واتفاقية االمم المتحدة لقانون البحار‪. 1982‬انظر أبو الخير أحمد عطيه عمر‪ .‬القانون الدولي العام‪. .‬المرجع السابق ‪ .‬صــ ‪. 84‬‬
‫‪ .7‬محمود أحمد داود ‪.‬الحماية األمنية للمدنيين ‪ .‬مطابع أخبار اليوم‪ .‬سنة ‪.2008‬صــ‪ 7‬وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ .8‬ماركو ساسولي ‪ .‬مسؤوليه الدول عن انتهاكات‪ V‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬المجلة الدولية للصليب األحمر ‪ .‬مختارات من أعداد ‪ . 2002‬صـــ‪. 236‬‬
‫‪ .9‬هو مبدأ مهم من مبادئ القانون الجنائي‪ ،‬فالعقوبة ال تُطبق‪ V‬إال على ُمرتكب الجريمة ذاته سواء بوصفة فاعالً أصليا ً أو مباشر لها ( وحدة أو مع غيرة )‬
‫أو بوصفة فاعالً تبعياً‪ V‬أى شريك فيها بالتحريض أو االتفاق أو المساعدة ‪.‬‬
‫‪ . 10‬أشار القرار الصادر عن المحكمة الخاصة لسيراليون من المدعي العام ضد سام هينغا نورمان في ‪ 31‬م‪V‬ايو ‪ 2004‬إلى الزامي‪V‬ة قواع‪V‬د الق‪V‬انون ال‪V‬دول‬
‫اإلنساني ‪ ،‬وجاء نص القرار إلى أنه " وكما هو متفق عليه فإن جميع األطراف في النزاعات ال ُمسلحة‪ ،‬سواء كانت دوالً أو من جماعات مس‪V‬لحة من غ‪V‬ير‬
‫الدول‪ ،‬البد لها من التقيد بالقانون الدولي اإلنساني‪ ،‬وذلك على الرغم من أن الدول فقط هي صاحبة الحق في أن تكون أطرافا في المعاهدات الدولية "‬
‫وجاء صياغته باللغة اإلنجليزية كالتالي ‪-:‬‬
‫‪"all parties to an armed conflict, whether states or non-state actors, are bound by IHL., even though only states‬‬
‫‪may become parties to international treatie" .‬‬
‫انظر ‪-:‬‬
‫‪Special Court for Sierra Leone. Prosecutor v Sam Hinga Norman. . Appeals chamber. May 14, 2004. Case No.SCSL-‬‬
‫‪2004-14-AR72(E).para 22 .P.g 14.‬‬
‫كذلك أكدت المادة الثالثة المشتركة التفاقيات جنيف األربع لعام ‪ 1949‬على الطبيعة اإللزامية لقواعد القانون الدولي اإلنساني حيث ج‪V‬اء فيه‪VV‬ا أن‪V‬ه " يل‪VV‬تزم‬
‫كل طرف في النزاع بأن يطبق األحكام ‪."...‬‬
‫‪11‬‬
‫)‪. ILC. Report of the International Law Commission on the work of its thirty-second session (5 May-25 July 1980‬‬
‫‪Volume II.Part Two. A/35/10.. UN. .New York, 1981.para 28 pg. 46.‬‬
‫لجنة القانون الدولي يشار إليها باسم ‪ ILC‬أو اللجنة‪ ،‬وتعتبر‪ V‬الجهاز الرئيسي في إطار منظومة األمم المتحدة من أجل تعزيز التطوير التدريجي وتدوين‬
‫القانون الدولي ‪ .‬أسست بقرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم ‪ 21‬سبتمبر لعام ‪. 1947‬المشار إليه بالمرجع ‪. A/RES/174/II‬‬

‫‪14‬‬
‫وأيض اً الق رارات القض ائية كالمحكم ة الجنائي ة الدولي ة ليوغس الفيا في حكمه ا الص ادر ض د كوبرس كيتش‪ ،12‬وك ذلك‬

‫محكمة العدل الدولية ‪.13‬‬

‫المستخدمة في القتال‪ ،‬باإلضافة إلى االهتمام باآلثار التي تُخلفها‬


‫كما يهتم هذا القانون بسلوك المقاتل والوسيلة ُ‬

‫المسلحة الدولية وغير الدولية‪ ،‬سواء على األشخاص أو األعيان المدنية والثقافية ‪ ،14‬ذلك أنه ينطبق في‬
‫النزاعات ُ‬

‫ظروف استثنائية تتسم في أساسها بالفوضى وغياب القانون‪ ،15‬فيتعامل مع حقيقتها ُلينظمها‪ ،16‬ويحد من أساليبها‬

‫ووسائلها ‪ ،17‬ويترك بيان مشروعيتها من عدمه إلى ميثاق اُألمم المتحدة‪.18‬‬

‫ولإلحاطة بهذا الفرع من القانون الدولي العام‪ ،‬سيتم التطرق إلى التعريف بالقانون الدولي اإلنساني‪ ،‬ثم بيان‬

‫أهم البنود التي ُي مكن من خاللها التمييز بينه وبين القانون الدولي لحقوق اإلنسان في مطلب أول‪ ،‬ثم سيتم التعرض‬

‫لمختلف المراحل التاريخية‪ ،‬التي ّم رت بها قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ‪،‬وذلك ألهمية السياق التاريخي‬

‫في هذا المجال‪ ،‬ثم ستعرج الدراسة نحو بيان اإلطار اإلسالمي لقواعد الحماية الخاصة باألعيان المدنية والثقافية‬

‫في مطلب ٍ‬
‫ثان‪ ،‬وذلك على النحو التالي ‪- :‬‬

‫المطلبـ األول‬

‫‪ . 12‬انظر إلى الحكم الصادر عن المحكم الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة الدائرة االبتدائية ‪ .‬المدعي العام ضد زوران كوبرسكيتش وآخرون ‪.‬‬
‫‪ICTY. UN TPIY. Prosecutor v. Zoran Kupreskic, Mirjan Kupreskic Vlatko Kupreskic, Drago Josipovic and Dragan‬‬
‫‪Papic. IT-95-16-T. 14 January 2000.para520. p.g 203-204.‬‬
‫‪. 13‬حيث أشارت المحكمة في رأيها االستشاري أن عدداً كبيراً من قواعد القانون الدولي اإلنساني ينبغي مرعاتها من قبل جميع الدول سواء صادقت على‬
‫االتفاقيات أم لم تصادق ألنها تشكل مباديء مهمة في القانون الدولي العرفي انظر ‪.‬الرأي االستشاري لحكمة العدل الدولية بشأن األس‪VV‬لحة النووي‪V‬ة ‪.‬مرج‪V‬ع‬
‫س‪VV‬ابق ‪ .‬الفق‪VV‬رة ‪. 83‬صـــ‪. 37‬وايض ‪V‬ا ً عم‪VV‬ران محافظ‪VV‬ة ‪.‬الض‪VV‬مانات اتقليدي‪VV‬ة لتنفي‪VV‬ذ الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي اإلنس‪VV‬اني ‪ .‬جامع‪VV‬ة عم‪VV‬ان العربي‪VV‬ة ‪.‬مؤت‪VV‬ه للبح‪VV‬وث‬
‫والدراسات ‪.‬المجلد الحادي والعشرون ‪.‬العدد الثاني ‪ .‬عمان ‪ .‬األردن ‪.. 2006‬صــ ‪.13‬‬
‫‪ . 14‬روشو خالد ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬رسالة دكتوراه‪ .‬جامعة أبو بطر بلقايد‪ .‬تلمسان‪ .2013.‬صــ‪. 20‬‬
‫‪.15‬الظروف التي تعنى بحاالت العنف ال ُمسلّح والحاالت العدائية بين األطراف المتنازعة‪ ،‬حيث يصعب السيطرة عليها عموما ً ‪.‬‬
‫‪ .16‬انظر إلى المــادة (‪ )22‬من االتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأع‪VV‬راف الح‪VV‬رب البري‪VV‬ة اله‪VV‬اي في ‪ 18‬اكت‪VV‬وبر ‪ 1907‬وال‪VV‬تي نص‪VV‬ت على أن‪V‬ه ‪ " :‬ليس‬
‫للمتحاربين حق ُمطلق في اختيار وسائل إلحاق الضرر بالعدو "‪.‬‬
‫‪.17‬تُشير كلمة "وسائل" الحرب بصفة عامة إلى االسلحة المستخدمة‪ ،‬وتُشير كلمة "األساليب "‪ ،‬إلى طريقة استخدام تلك األس‪VV‬لحة ‪.‬انظ‪VV‬ر التقري‪VV‬ر الص‪VV‬ادر‬
‫عن منظمة هيومن راتش وتش ‪.‬التسوية باألرض ‪.‬دمشق‪ 14 .‬يوليو ‪ .ISBN:978-1-6231-31036. 2013‬هامش رقم ‪ 77‬صــ ‪.33‬‬
‫‪ .18‬حيث بات من الضروري منهجياً‪ V‬وعمليا ً الفصل بين "حق الحرب " الم‪E‬تصل بمسألة استخدام القوة في العالقات الدولية‪ ،‬وبين "قانون الحرب" ال‪VV‬ذي‬
‫تنتمي إليه أحكام القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬فهو ينطبق‪ V‬بعيداً عن مشروعية اللجوء إلى القوة أو عدمها ‪ ،‬ويعد الفقيه (كونيس ‪V‬ي‪ V‬رايت )ع‪VV‬ام ‪ ،1949‬أول من‬
‫ميز بين قانون منع الحرب في ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬و قانون الحرب المتمثل بقواعد القانون ال‪V‬دولي اإلنس‪V‬اني أنظ‪V‬ر ‪.‬ع‪V‬امر الزم‪V‬الي ‪ .‬م‪V‬دخل إلى الق‪V‬انون‬
‫الدولي اإلنساني ‪ .‬وحدة الطباعة واإلنتاج الفني في المعهد العربي لحقوق اإلنسان واللجنة الدولية للصليب األحمر ‪ .‬الطبعة الثانية ‪.‬تونس ‪ V. 1997 .‬صـــ‬
‫‪.14‬‬

‫‪15‬‬
‫مفهوم القانون الدولي اإلنساني‬

‫ومتكامل للقانون الدولي اإلنساني‪ ،‬وكانت ُمحاوالت الفقهاء‬


‫سعت العديد من الجهات لوضع تعريف شامل ُ‬

‫واللجن ة الدولي ة الص ليب األحم ر‪ ،‬وح تى محكم ة الع دل الدولي ة في رأيه ا االستش اري بش أن مش روعية التهدي د‬

‫باألسلحة النووية واستخدامها بتاريخ ‪ 8‬يوليو ‪ 1996‬جادة ُومستمرة نحو تحديد المقصود بالقانون الدولي اإلنس اني‪،‬‬

‫باإلض افة إلى ك ل ذل ك ف إن ارتب اط وج ود ه ذا الق انون بق وانين أخ رى أوجب ض رورة إظه ار أوج ه االختالف‬

‫وااللتق اء بين ه وبين غ يره من الق انونين لع ل أهمه ا الق انون ال دولي لحق وق اإلنس ان ‪ ،‬وال ذي غالب اً م ا يتم الخل ط‬

‫بينهما ‪.‬‬

‫له ذا س يتم من خالل ه ذا المطلب التط رق إلى التس مية االص طالحية ال تي أطلقت على الق انون ال دولي‬

‫المص طلحات إلى أص لها وربطه ا ببعض ها البعض‪ ،‬من خالل التعري ف بالق انون ال دولي‬
‫اإلنس اني وذل ك به دف رد ُ‬

‫اإلنساني وذلك في الف رع األول‪ ،‬ثم بيان التمييز بينه وبين القانون الدولي لحقوق اإلنسان في الفرع الثاني وذلك‬

‫على النحو التالي ‪:‬‬

‫المص طلحات ال تي ُأطلقت على الق انون ال ذي يحكم‬


‫الفــرع األول‪ :‬التعريــف بالقــانون الــدولي اإلنســاني‪ - :‬تع ددت ُ‬

‫الحرب‪ ،‬وتُعتبر رغم تعددها وبما تشتمل عليه من أحكام ُمترادفه في المعنى نوع اً ما‪ ،‬ويعزي البعض سبب تعدد‬

‫المص طلحات إلى التط ور الط بيعي للفك ر البش ري‪ ،‬ذل ك أنه ا من ص نع الفقه اء ال ذي يتم يز فك رهم في الغ الب‬
‫ه ذه ُ‬

‫المستمر‪. 19‬‬
‫بالتغير ُ‬

‫العرف التقليدي على تس ميته‬


‫وقد سبق تسمية مصطلح " القانون الدولي اإلنساني" تسميات عدة ؛ حيث جرى ُ‬

‫المتحدة عام ‪ ،1945‬ثم شاع استخدام ُمصطلح "قانون "النزاعات‬


‫"قانون الحرب وأعرافها"‪ ،‬حتى إبرام ميثاق اُألمم ُ‬

‫‪ .‬جابر عبد الهادي سالم الشافعي ‪ .‬تأصيل مبادئ القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬دار الجامعة الجديدة ‪.‬اإلسكندرية ‪.‬مصر‪ . 2013.‬صــ ‪ ،43‬وصــ‪. 44‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪16‬‬
‫المسلحة"‪ ،‬إلى أن استقر الوضع اليوم على استخدام ُمصطلح "القانون الدولي اإلنساني" الحالي ‪ ،20‬كاسم ُمستحدث‬
‫ُ‬

‫نسبياً رغم قِدم قواعده وتج ُذرها ‪.‬‬

‫المس لّح"‪ ،‬ثم‬


‫بمص طلح "ال نزاع ُ‬
‫فبع د اعتم اد اتفاقي ات ج نيف األربع ة ‪ ،1949‬تم اس تبدال ُمص طلح "ح رب" ُ‬

‫بــ"اتفاقيات جنيف" أو " الق انون الدولي اإلنس اني"‪ ،‬لتوس يع نطاق الحماية القانوني ة اإلنس انية‪ ،‬وح تى ال يك ون هناك‬

‫ذريعة أو ُح جة إلنكار تطبيق القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬مما يجعل من تطبيقه أمراً مقبوالً في كافة الظروف حتى لو‬

‫ق إلى حالة الحرب‪. 21‬‬


‫ادعى أحد األطراف أن النزاع لم َي ْر َ‬

‫وجاء ذلك أيضاً تماشياً مع التطور التاريخي والقانوني للحرب ذاتها كوسيلة لحل النزاعات‪ ،‬فخالل الفترة‬

‫التي كانت الحروب فيها مشروعة كان ُيطلق علية "قانون الحرب"‪ ،‬وبعد تحريم الحرب لم يعد مقبوالً من الناحية‬
‫‪22‬‬
‫القانونية إطالق مصطلح الحرب‪.‬‬

‫‪ .20‬شريف عتلم ‪ .‬محاضرات في القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬الطبعة العاشرة ‪.‬اللجنة الدولية للصليب األحمر ‪ .‬القاهرة ‪. 2012 .‬صـــ‪ ،10‬كم‪V‬ا تم اس‪V‬تخدام‬
‫مصطلح قوانين الحرب واعرافها من قبل الدول المتعاقدة في ديباج‪VV‬ة وم‪VV‬واد االتفاقي‪VV‬ة الخاص‪VV‬ة ب‪VV‬احترام ق‪VV‬وانين الح‪VV‬رب البري‪VV‬ة في اتفاقي‪VV‬ة اله‪VV‬اي ‪18‬‬
‫اكتوبر ‪ 1907‬واعتمدت هذه الدول مصطلح "القوانين واألعراف العامة للحرب"‪ ،‬كما جاءت المادة األولى من االتفاقي‪VV‬ة ال ُمبرم‪VV‬ة منصوص‪VV‬ة على ‪" :‬أن‬
‫قوانين الحرب وواجباتها‪ V‬ال تنطبق‪ V‬على الجيش فقط ‪ "...‬في اشارة إلى أن القوانين المنظمة للحروب كانت تسمى بقوانين الحرب وأعرافٍها‪ ،‬و أق‪V‬رت ذل‪V‬ك‬
‫أيضا محكمة العدل الدولية في الفتوى الصادرة في يوليو ‪ ،1996‬بشأن التهديد باألس‪VV‬لحة النووي‪VV‬ة واس‪VV‬تخدامها‪ ،‬حيث ج‪VV‬اء في الحكم الص‪VV‬ادر أن الق‪VV‬انون‬
‫الدولي اإلنساني هو القانون الذي يُنظم العمليات العدائية والقواعد التي تحمي األشخاص المدنيين واألعيان المدنية‪ ،‬وأن قواعد ه‪VV‬ذا الق‪VV‬انون دُعيت أص‪VV‬ال‬
‫بـ"قوانين الحروب وأعرافها "وسُمي الحقا ً "القانون الدولي اإلنساني" انظر في ذلك موجز األحكام والفتاوى واألوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية‬
‫‪ 1996-1992‬المشار إليه بالمرجع (‪ ST/LEG/SER.F/1/Add‬الفقرة (‪ )87-74‬صـــ‪.) 118‬‬
‫‪. 21‬اللجنة الدولية للصليب األحمر ‪.‬استكشاف القانون الدولي اإلنساني‪ .‬المكتب اإلقليمي اإلعالمي ‪.‬القاهرة ‪.‬مصر ‪.‬النسخة العربية ‪ .‬يناير ‪ .2010‬صـ ‪.6‬‬
‫‪ .22‬اقتصر دورعصبة األمم على تنظيم‪ V‬اللجوء إلى الحرب و لم تصل إلى التحريم ال ُمطلق‪ ،‬حيث تم تحريمها ووضعها خارج القانون ألول م‪VV‬ره بم‪VV‬وجب‬
‫ميثاق باريس لسنة ‪ 1928‬والمعروف بميثاق‪( V‬بريان‪ -‬كيلوغ )‪ ،‬الذي حرّ م الحرب بصورة ُمطلقة كمبدأ عام في العالقات الدولي‪VV‬ة‪ ،‬باس‪VV‬تثناء‪ V‬ح‪VV‬التي ال‪VV‬دفاع‬
‫الشرعي أو العمل الجماعي الدولي ‪ ،‬وهذا ما أكد عليه ميثاق األمم ال ُمتحدة حيث تنص المادة ‪ 2/4‬من ميثاق‪ V‬اُألمم المتح‪VV‬دة " تعم‪VV‬ل الهيئ‪VV‬ة واعض‪VV‬اؤها في‬
‫سعيها وراء المقاصد المذكورة في المادة األولى وفقا ً للمبادئ االتية‪/4 …":‬يمتنع‪ V‬اعضاء الهيئة جميعا ً في عالقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو‬
‫استخدامها ضد سالمة األراضي أو اإلستقالل السياسي ألية دولة أو على أي وجه آخر ال يتفق ومقاصد "اُألمم المتحدة"‪ ،‬كما وجاءت المادة ‪ 51‬من ذات‬
‫الميثاق في الفصل السابع منه و نصت على أنه ‪ " :‬ليس في هذا الميثاق ما يُضعف‪ ،‬أو ينتقص الحق الطبيعي‪ V‬للدول‪ ،‬فرادى أو جماع‪VV‬ات‪ ،‬في ال‪VV‬دفاع عن‬
‫انفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد اعضاء "اُألمم المتحدة"‪ ،‬وذلك إلى أن يتخذ مجلس األمن التدابير الالزم‪V‬ة لحف‪V‬ظ الس‪V‬لم واألمن ال‪V‬دولي‪ ،‬والت‪V‬دابير‬
‫التي اتخذها األعضاء استعماالً‪ V‬لحق الدفاع عن النفس تُبلّغ إلى المجلس فوراً‪ ،‬وال تُؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس ‪ -‬بمقتضى س‪VV‬لطته ومس‪VV‬ؤولياته‬
‫ال ُمستمرة‪ V‬من أحكام هذا الميثاق ‪ -‬من الح‪VV‬ق في أن يتخ‪V‬ذ في أي وقت م‪VV‬ا ي‪V‬رى ض‪V‬رورة إلتخ‪VV‬اذه من األعم‪V‬ال لحف‪VV‬ظ الس‪VV‬لم واألمن ال‪V‬دولي أو إعادت‪V‬ه إلى‬
‫نصابه‪. ".‬انظر سيف غانم السويدي ‪ .‬مدى مش‪VV‬روعية ال‪V‬دفاع الش‪V‬رعي اإلس‪V‬تباقي طبق‪V‬ا ً ألحك‪V‬ام الق‪VV‬انون ال‪V‬دولي المعاص‪VV‬ر ‪.‬مجل‪V‬ة األمن والق‪VV‬انون ‪.‬الع‪V‬دد‬
‫الثاني ‪.‬دبي ‪.‬يوليو ‪ 2008‬صــ ‪ ، 17‬وأيضا عامر الزمالي ‪ .‬مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 13‬‬
‫كما أن قواعد القانون الدولي الحديثة قد ح‪V‬رّمت الح‪V‬رب تحريم‪V‬ا ً قاطع‪V‬ا ً واعتبرته‪V‬ا‪ V‬عمالً غ‪V‬ير مش‪V‬روع وجريم‪V‬ة دولي‪V‬ة ووض‪V‬عتها خ‪V‬ارج دائ‪V‬رة الق‪V‬انون‬
‫والشرعية الدوليين منذ اعتماد ميثاق األ ُمم المتحدة عام ‪ 1945‬الذي نص في المادة ‪ 2/4‬منه على تحريم الحرب العدوانية بعد أن كانت عمالً مش‪VV‬روعا ًال‬
‫يقيد من اإللتجاء إليها قيد أو شرط وذلك لتسوية النزاعات الدولية ‪.‬‬
‫انظر ابو الخير احمد عطيه ‪.‬المحكمة الجنائية الدولية الدائمة القاهرة ‪.‬مصر‪ .‬الطبعة الثانية‪ . 2006.‬صــ ‪ ،191‬إلى صــ ‪.193‬‬

‫‪17‬‬
‫كم ا أن التح ول الج ذري في أه داف وأغ راض ق انون الح رب‪ ،‬أدى إلى انص راف اهتم ام الق انون ال دولي‬
‫‪23‬‬
‫المتحارب ة‪ ،‬إلى الترك يز على مص الح األف راد من ض حايا النزاع ات‬
‫اإلنس اني من الترك يز على مص الح ال دول ُ‬

‫الم سلحة‪ ،‬وذلك بتوسيع نطاق ما كانوا يتمتعون به من حماية محدودة‪ ،‬حيث كفل حماية موسعة وحقيقية لألشخاص‬
‫ُ‬

‫واألعيان التي ال عالقة لها بالنزاع أو لم َي ُعد لها عالقة به ‪ ،24‬كما كان لحركة حقوق اإلنسان تأثير فع اّل في إيجاد‬

‫المسلحة‪ ،25‬وقد اكتسب هذا القانون" صفة‬


‫الرغبة الستعمال تعبير القانون الدولي اإلنساني بدالً من قانون النزاعات ُ‬
‫‪26‬‬
‫المسلحة ‪.‬‬
‫المتورط أساسا ًفي ظروف النزاعات ُ‬
‫اإلنساني" للداللة على ارتباطه الوثيق باإلنسان ُ‬

‫المعتمد لدى لجنة الصليب األحمر الدولية ‪،27‬‬


‫أضف إلى ذلك أن ُمصطلح "القانون الدولي اإلنساني" هو اللفظ ُ‬

‫حيث اعتمدت اللجنة هذا اللفظ في جميع مؤلفاتها منذ عام ‪ ،1966‬ونشرت ألول مره ُكتيباً باللغة الفرنسية لخبيرها‬
‫‪28‬‬
‫المصطلح‬
‫القانوني السويسري "جان بكيه" بعنوان "مبادئ القانون الدولي اإلنساني" و ُيرجع آخرون بروز هذا ُ‬

‫تحديدا ًإلى حقبة السبعينات حين استخدمه واعتمده رسمياً رئيس اللجنة الدولية للصليب األحمر ماكس هوبر‪.29‬‬

‫فكان أول اس تخدام لتعب ير الق انون الدولي اإلنساني من قبل لجنة الص ليب األحم ر في الوثائق ال تي ق دمتها‬

‫المس لحة التي‬


‫المتبع ة في النزاع ات ُ‬
‫إلى م ؤتمر الخ براء الحكوم يين للعم ل على إنم اء وتط وير الق وانين واألع راف ُ‬

‫المص طلح اتفاقي ات‬


‫عق دت دورته ا األولى في ج نيف في الف ترة من ‪ 24‬م ايو إلى ‪ 12‬يوني و ‪ ،1971‬ليش مل ه ذا ُ‬
‫‪30‬‬
‫جنيف الخاصة بسير العمليات الحربية ‪.‬‬

‫‪ .23‬يُعتبر هذا القانون أحد أهم فروع القانون الدولي العام‪ ،‬فاألساس الذي تقوم عليه مصادره هي ذاتها مصادر القانون الدولي العام‪ ،‬ذلك أن العالقة بينهم‪VV‬ا‬
‫عالقة فرع باألصل‪.‬‬
‫‪ .24‬نزار العنبكي‪. V‬القانون الدولي اإلنساني‪ .‬دار وائل ‪.‬عمان‪ .‬األردن ‪.‬الطبعة األولى ‪ .2010.‬صـــ‪.50‬‬
‫‪ . 25‬نجاة أحمد أحمد إبراهيم ‪.‬المسؤولية الدولية عن انتهاكات قواعد القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬منشأة المعارف ‪.‬االسكندرية‪.‬مصر‪.2009 .‬صـ‪73‬‬
‫‪ .26‬نزار العنبكي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬المرجع السابق صـــ‪.50‬‬
‫‪ . 27‬اللجنة الدولية للصليب األحمر عبارة عن هيئة مستقلة ومحايدة‪ ،‬وهي اللجنة الدولية المعنية بتطبيق‪ V‬القانون الدولي اإلنساني أثناء النزاع‪VV‬ات ال ُمس‪VV‬لحة‬
‫تم إنشاؤها في عام ‪ ،1863‬وذلك بعد معركة " سلفرينو"‪ ،‬والتي شهدت س‪VV‬قوط اآلالف من الض‪VV‬حايا أسس‪VV‬ها ه‪VV‬نري دون‪VV‬ان ال‪VV‬ذي س‪VV‬عى بع‪VV‬د أن رأى حجم‬
‫الكارثة التي وقعة بعد هذه المعركة إلى إنشاء منظمة إنسانية تعنى برعاية ضحايا النزاعات ال ُمس‪VV‬لحة‪ ،‬وك‪VV‬ان ذل‪VV‬ك من خالل ه‪VV‬ذه اللجن‪VV‬ة ال‪VV‬تي تق‪VV‬وم على‬
‫مبادئ أساس‪VV‬ية لع‪VV‬ل أهمه‪VV‬ا ‪ -:‬اإلنس‪VV‬انية‪ ،‬ع‪V‬دم التح‪VV‬يز‪ ،‬االس‪VV‬تقالل‪ ،‬التطوعي‪VV‬ة‪ ،‬وللمزي‪ٍ V‬د من المعلوم‪VV‬ات ح‪VV‬ول ه‪V‬ذه المنظم‪VV‬ة يُمكن االطالع على‪ :‬داني‪VV‬ال‬
‫بالممييري ‪.‬اللجنة الدولية للصليب األحمر ‪..‬منظمة تواجه تحدي الزمن‪ .‬مجلة اإلنساني ‪.‬العدد السادس والعشرين ‪ .‬القاهرة ‪.‬مصر ‪. 2014.‬من صــ‪ 5‬إلى‬
‫صــ‪. 10‬‬
‫‪ .28‬نزار العنبكي‪. V‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬المرجع السابق ‪.‬صـــ‪.49‬‬
‫‪ . 29‬نجاة أحمد أحمد إبراهيم ‪.‬المسؤولية الدولية عن انتهاكات قواعد القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق‪.‬صــ ‪. 47‬‬
‫‪ . 30‬عمر محمود المخزومي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية ‪.‬دار الثقافية للنشر والتوزيع ‪.‬عمان ‪ .‬األردن ‪.2008.‬صـ ‪. 24‬‬

‫‪18‬‬
‫المص طلح وتم تبني ه من قب ل الم ؤتمر الدبلوماس ي لتأكي د‬
‫كم ا اس تمر االعتم اد الفعلي والرس مي له ذا ُ‬

‫المسلحة في جنيف للفترة من ‪ ،1977-1974‬وبعد هذا‬


‫المطبق أثناء النزاعات ُ‬
‫وتطوير القانون الدولي اإلنساني ُ‬

‫المصطلح رسمياً‪ ،31‬باعتباره قانوناً ذا طبيعة إنسانية‪ ،‬فالهدف الرئيس‬


‫المؤتمر أيضاً بدأت األمم المتحدة بتداول هذا ُ‬

‫من وجوده تخفيف المعاناة اإلنسانية الناشئة عن الحروب ‪.32‬‬

‫وب ذلك ب ات ُيس تخدم ُمص طلح الق انون ال دولي اإلنس اني في ال وقت الح الي بص ورة مألوف ة في األوس اط‬

‫التخصص ية والمحاف ل والم ؤتمرات الدولي ة‪ ،‬وفي كاف ة المج االت المدنية‪،33‬حيث يفض ل‬
‫ُ‬ ‫األكاديمي ة والمؤلف ات‬

‫المحامون‪ ،‬ومنظمات حقوق اإلنسان‪ ،‬ومنظمات اإلغاثة‪ ،‬واللجنة الدولية للصليب األحمر ُمصطلح القانون الدولي‬
‫‪34‬‬
‫المس لحة" بش كل مح دود في الكيان ات‬
‫اإلنس اني ‪ ،‬بينم ا ُيس تخدم ُمص طلح "ق انون الح رب“‪ ،‬أو" ق انون النزاع ات ُ‬

‫العسكرية ‪.35‬‬

‫وأخيراً يمكن الق ول‪ :‬واس تنادا ًإلى أن المجتم ع الدولي يميل أساس اً إلى تغليب وإ ب راز الج انب اإلنس اني في‬
‫‪36‬‬
‫المنظمة‬
‫الحروب ‪ ،‬فإن ُمصطلح القانون الدولي اإلنساني هو األكثر قبوالً من الناحية اللفظية للتعبير عن القواعد ُ‬

‫المسلّح سواء كان دولياً أو غير دولي من الناحية األخالقية واإلنسانية‪ ،‬وذلك إلبراز الجانب اإلنساني وتقييد‬
‫للعنف ُ‬

‫الجوانب العسكرية‪.‬‬

‫المحاوالت الفقهية إليجاد التعريف‬


‫أما فيما يخص التعريف بالقانون الدولي اإلنساني فقد ظهرت العديد من ُ‬

‫ض يق من نط اق‬
‫المناس ب للق انون ال دولي اإلنس اني كمنظوم ة قانوني ة‪ ،‬فمنهم من توس ع في تعريف ه ومنهم من ّ‬
‫ُ‬

‫‪ .31‬قبل ذلك كانت تفضل األمم المتحدة استخدام مصطلح قانون النزاعات ال ُمسلحة ‪ .‬انظر زار العنبكي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪.49‬‬
‫‪. 32‬حسين علي الدريدي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني‪ .‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ .‬عمان األردن ‪ 2012.‬الطبعة األولى‪ .‬صـــ‪.21‬‬
‫‪ .33‬اعتمدت جامعة الدولة في موسكو‪ V‬مصطلح القانون الدولي اإلنساني في ُم خطط المقررات الدراسية لكلية اإلعالم‪ ،‬وكذلك جامعة آل البيت في المملك‪VV‬ة‬
‫األردنية الهاشمية في ُكلية الدراسات الفقهية والقانونية‪ ،‬للمزي‪ٍ V‬د انظ‪VV‬ر ش‪VV‬ريف عتلم ‪.‬الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي اإلنس‪VV‬اني دلي‪VV‬ل األوس‪VV‬اط األكاديمي‪VV‬ة ‪ .‬اللجن‪VV‬ة الدولي‪VV‬ة‬
‫للصليب األحمر ‪.‬القاهرة ‪ 2006.‬صــ‪ ،66‬صـــ ‪. 119‬‬
‫‪ . 34‬آالن دوسي ‪ .‬مالحظة حول القانون والتعابير القانونية ‪ .‬تقديم حنان عشراوي‪ .‬جرائم الح‪VV‬رب ‪.‬عم‪VV‬ان‪ .‬االردن‪ .‬أزمن‪VV‬ة للنش‪VV‬ر والتوزي‪VV‬ع ‪ .2003.‬ص‬
‫‪.465‬‬
‫‪ . 35‬استخدمت كلية سانت سير العسكرية الخاصة بفرنسا ُمصطلح "قانون النزاعات ال ُمسلحة " ضمن خطتها الدراسية لمقررات الكلية العسكرية ‪ .‬للمزي ‪ٍ V‬د‬
‫انظر شريف عتلم ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني دليل األوساط االكاديمية ‪ .‬المرجع السابق ‪.‬صـــ‪.77‬‬
‫‪ 36‬مؤلف جماعي ‪ .‬يوسف إبراهيم النقي ‪ .‬مطر حامد النيادي ‪ .‬أحمد سعيد بن هزيم‪ .‬التعريف بالقانون الدولي اإلنساني وحماية المدنيين أثن‪VV‬اء النزاع‪VV‬ات‬
‫ال ُمسلحة ‪ .‬الهالل األحمر اإلماراتي ‪ .‬اإلمارات ‪.2003.‬هامش ‪ .‬صــ ‪. 5‬‬

‫‪19‬‬
‫التعريف‪ ،‬فاالتجاه الواسع ما جاء في رأي لجانب من الفقة إلى أنه ‪ " :‬ذلك القسم من القانون الذي تسوده المشاعر‬

‫اإلنسانية‪ ،‬ويهدف لحماية اإلنسان" ‪ ،37‬وأيضا ُيقصد به "مجموعة القواعد القانونية الدولية المكتوبة أو العرفية التي‬

‫تكفل الفرد ورفاهيته"‪. 38‬‬

‫ويق ول الفقي ه ج ان بكي ه بش أن التعري ف أن الق انون ال دولي اإلنس اني يتك ون من كاف ة األحك ام القانوني ة‬

‫كالتشريعات أو القوانيين العامة التي تكفل احترام الفرد وتقرر ازدهاره‪ ،39‬وبناء على هذا فهو يهتم بقوانين الحرب‬
‫‪40‬‬
‫وحقوق اإلنسان الذي يضم حقوق األقليات‪.‬‬

‫والق انون ال دولي اإلنس اني به ذا المع نى الواس ع يش مل كال ًمن حق وق اإلنس ان وقت الس لم ال تي تض منها‬

‫الميث اق الع المي لحق وق اإلنس ان (اإلعالن الع المي لحق وق اإلنس ان والعه دان ال دوليان لس نة ‪ ،)1966‬أي باعتب اره‬

‫القانون الذي يضمن حماية حقوق اإلنسان وتمتعه بالحقوق والحريات األساسية‪ ،‬وقانون الحرب الذي يضم قانون‬

‫الهاي‪ ،‬وقانون جنيف‪ ، 41‬باعتبار أنه يسعى إلى تنظيم العمليات الحربية‪ ،‬وتقليل الخسائر الناتجة عنها إلى أقل قدر‬

‫ممكن ‪.42‬‬

‫‪ .37‬منتصر سعيد حمودة ‪ .‬حقوق اإلنسان أثناء النزاعات ال ُمسلحة ‪ .‬دار الجامعة الجديدة ‪.‬األزاريطة ‪.‬مصر ‪ 2008.‬صـــ‪. 14‬‬
‫‪ .38‬انظر عمر محمود المخزومي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪.26‬‬
‫‪ . 39‬روشو خالد ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ‪.22‬‬
‫‪. 40‬حالية صالح حسين الحنش ‪ .‬نظرية االستنقاذ وحق التدخل اإلنساني في اإلسالم ‪ .‬م‪VV‬ؤتمر الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي وتطبيقات‪VV‬ه في األزم‪VV‬ة الس‪VV‬ورية ‪ .‬إس‪VV‬طنبول ـ‬
‫تركيا ‪ 20-19.‬نوفمبر ‪ .2013‬الهيئة اإلسالمية العالمية للمحامين‪ .‬صــ‪. 8‬‬
‫‪ . 41‬قانون الهاي هو القانون الذي ينظم حقوق وواجبات المتحاربين في إدارة العمليات العسكرية للحد من اآلثار الناتجة عن استخدام الض‪VV‬رورة العس‪VV‬كرية‬
‫ويشمل القواعد القانونية التي أقرتها اتفاقيات الهاي لعامي ‪ 1899 V ،1907‬و فيما تتعلق اتفاقيات جنيف بحماية األشخاص من سوء استخدام القوة وتوف‪VV‬ير‬
‫حماية واالحترام والمعاملة اإلنسانية لألشخاص الذين ال يشاركون في األعمال العدائية‪ ،‬ويش‪VV‬مل اتفاقي‪VV‬ات ج‪VV‬نيف لع‪VV‬ام ‪ 1949‬وال‪VV‬بروتوكولين اإلض‪VV‬افيين‬
‫لعام ‪ . 1977‬انظر عمر محمود المخزومي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية ‪.‬مرجع سابق ‪ .2008‬صــ‪.26‬‬
‫‪ . 42‬حيث ال يقتصر هذا القانون على القواعد اإلنسانية الواردة في اتفاقيات الهاي لعام ‪ 1899‬و‪ ،1907‬واتفاقيات جنيف لعام‪ 1949‬وبروتوكوليها لع‪VV‬ام‬
‫‪ ،1977‬بل يشمل جميع القواعد اإلنسانية ال ُمستمدة‪ V‬من أي مصدر آخر‪ ،‬سواء كان مستمد من اتفاق دولي آخر‪ ،‬أو من مبادئ القانون الدولي‪ ،‬أو مما استقر‬
‫عليه العرف ومبادئ اإلنسانية والضمير العام؛ استناداً إلى الفقرة الثانية من المادة األولى من البروتوكول‪ V‬اإلضافي األول لعام ‪ 1977‬والتي تؤك‪VV‬د على أن‬
‫المدنيين والمقاتلين يظلون في الحاالت التي ال ينص عليها " البروتوكول " أو أي اتفاق دولي آخر تحت حماية وسلطان مبادئ القانون الدولي كم‪VV‬ا اس‪VV‬تقر‬
‫بها العرف ومبادئ اإلنسانية وما يمليه الضمير العام ‪.‬أنظر ‪ .‬أحمد سي علي ‪ .‬دراسات في الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي اإلنس‪VV‬اني ‪ .‬دار األكاديمي‪VV‬ة ‪ .‬الجزائ‪VV‬ر ‪.‬الطبع‪VV‬ة‬
‫األولى ‪.. 2011.‬صـــــ ‪.35‬‬

‫‪20‬‬
‫وعليه فإن هذا الرأي قد توسع توسعاً كبيراً ومعيب اً‪ ،‬بحيث بالغ في إصباغ الطابع اإلنساني‪ ،‬إضافة إلى‬

‫الموس ع دمج القواع د القانوني ة بالمش اعر اإلنس انية‪ ،‬ورغم أن الق انون ال دولي اإلنس اني يحم ل فك رتين‬
‫أن التعري ف ُ‬

‫رئيسيتين إحداهما قانونية واُألخرى أخالقية ‪ ،43‬إال أنه يجب أن ال تطغى إحدى الفكرتين على اُألخرى ‪.‬‬

‫فالتوسع في التعريف بهذه الطريقة بحيث تطغى أو تتداخل الفكرة األخالقية على القانونية‪ ،‬من الممكن أن‬

‫والمش ابهة ل ه نوع اً م ا‪ ،‬خاص ة تل ك ال تي تح وي ذات‬


‫ُيش ّكل ُحج ة لتداخل ه م ع غ يره من الق وانين اُألخ رى القريب ة ُ‬

‫المبادئ كالقانون الدولي لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫أما االتجاه الضيق في تعريف القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬ما جاء في تعريفات الفقهاء؛ حيث يرى أنصار هذا‬

‫االتج اه ومنهم ال دكتور ع امر الزم الي‪ ،44‬ب أن الق انون ال دولي اإلنس اني ه و " ف رع من ف روع الق انون ال دولي الع ام‬

‫المس لّح‪ ،‬بم ا َّ‬


‫انجر عن ذل ك‬ ‫ته دف قواع ده العرفي ة والمكتوب ة إلى حماي ة األش خاص الُمتض ررين في حال ة ال نزاع ُ‬

‫النزاع من آالم‪ ،‬كما تهدف إلى حماية األموال التي ليست لها عالقة مباشرة بالعمليات العسكرية "‪. 45‬‬

‫والمعامل ة ال تي تقتض يها أحك ام‬


‫وي رى الزم الي ب أن الق انون ال دولي اإلنس اني يض في الحماي ة القانوني ة ُ‬

‫المس لحة من مي ادين القت ال ال ذين توقف وا اض طرارا ًأو‬


‫الق انون ال دولي اإلنس اني على فئ تين هم ا ض حايا النزاع ات ُ‬

‫اختياراً عن القتال‪ ،46‬والمدنيين الذين لم يشتركوا إطالقاً في القتال ‪ ،47‬وعليه فقد اقتصر التعريف هنا على الجانب‬

‫ال ذي ُيع نى بض حايا الح رب أو بم ا يس مى ق انون ج نيف‪ ،‬دون اإلش ارة إلى ق انون اله اي ال ذي ُيع نى بتنظيم حقوق‬

‫وواجبات المتحاربين في إدارة العمليات العسكرية‪.‬‬

‫‪. 43‬أبو الخير أحمد عطية ‪.‬حماية السكان المدنيين واألعيان المدنية أبان النزاعات ال ُمسلحة ‪.‬القاهرة ‪.‬مصر ‪.‬الطبعة األولى‪.1998.‬صــ‪.12‬‬
‫‪ .44‬الدكتور عامر الزمالي عضو باللجنة الدولية للصليب األحمر بجنيف‪. V‬‬
‫‪ .45‬شريف عتلم ‪ .‬محاضرات في القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ‪.10‬‬
‫‪ .46‬وهم ثالثة أنواع ‪ :‬الجرحى والمرضى من القوات ال ُمسلحة في الميدان‪ ،‬والجرحى والمرضى والغرقى من القوات ال ُمسلحة في البحار‪ ،‬واألسرى‪.‬‬
‫‪ .47‬عامر الزمالي ‪ .‬مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 41‬‬

‫‪21‬‬
‫وعرفه بعضهم بأنه "مجموعة األعراف التي تُ وفر الحماية لفئات معينة من األفراد والممتلكات‪ ،‬وتحرم أي‬
‫ّ‬

‫الم سلحة سواء كانت هذه الصراعات تتمتع بالصفة الدولية أو بالصفة غير‬
‫هجمات قد يتعرض لها أثناء الصراعات ُ‬

‫الدولية‪ ،‬وهذه األعراف ُمستمدة من القانون التعاهدي والقانون العرفي "‪.48‬‬

‫عر ف البعض اآلخر القانون الدولي اإلنساني بأنه "مجموعة القواعد القانونية والتي دعت الض رورة إلى‬
‫كما ّ‬

‫المسلحة‬
‫االتفاق عليها ويضمنها العرف الدولي بهدف منع االعتداء وحماية األشخاص واألعيان‪ ،‬أثناء النزاعات ُ‬

‫بتقييد وسائل وأساليب القتال"‪ ، 49‬أي أنه يحوي تلك القواعد التي تحمي األفراد أو الممتلكات التي ُيؤثر عليها ال نزاع‬

‫أو يحتمل أن ُيؤثر عليها ‪.50‬‬

‫وفي هذا الجانب أيضاً جاء تعريف اللجنة الدولية للصليب األحمر‪ ،‬أن القانون الدولي اإلنساني ُيقصد به‬

‫"مجموع ة القواع د الدولي ة المس تمدة من االتفاقي ات‪ ،‬أو الع رف ال دولي ‪ ،51‬الرامي ة على وج ه التحدي د إلى ح ل‬

‫المس لحة الدولي ة وغ ير الدولي ة‪ ،‬وال تي تقّي د ألس باب‬


‫المش كالت اإلنس انية الناش ئة بص ورة ُمباش رة من النزاع ات ُ‬
‫ُ‬

‫إنسانية‪ ،‬حق أطراف النزاع في استخدام األساليب الحربية التي تروق لهم‪ ،‬والتي تحمي األعيان واألشخاص الذين‬
‫‪52‬‬
‫المسلحة فيما بينهم "‪.‬‬
‫تضرروا أو قد يتضررون بسبب النزاعات ُ‬

‫وفيم ا يخص تعري ف القض اء ال دولي للق انون ال دولي اإلنس اني ال ذي تب نى االتج اه الض يق أيض ا في تعريف ة‬

‫للقانون الدولي اإلنساني‪ ،‬فالفتوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية‪ ،53‬بتاريخ ‪ 8‬يوليو ‪ ،1996‬بشأن مشروعية‬

‫‪ . 48‬روشو خالد ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق صـــ‪. 25‬‬
‫‪ .49‬محمود أحمد داود ‪.‬الحماية األمنية للمدنيين ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪. 7‬‬
‫‪. 50‬خالد غازي ‪.‬ندوة دور اللجنة الوطنية للقانون الدولي اإلنساني ‪ .‬اللجنة الدولية للصليب األحمر‪ .‬اإلمارات ‪.‬أكتوبر ‪. 2011‬‬
‫‪ .51‬العرف الدولي هو إحدى المصادر الرئيسية لاللتزامات الدولي‪V‬ة وق‪V‬د أش‪VV‬ار إلي‪V‬ه النظ‪V‬ام األساس‪VV‬ي لمحكم‪V‬ة الع‪VV‬دل الدولي‪VV‬ة في الم‪V‬ادة ‪ 38‬بأن‪V‬ه " ‪..‬ب‪-‬‬
‫ا لعادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون دل عليه تواتر االستعمال‪ ،"...‬وعرفه البعض بأنه " مجموعة القواع‪VV‬د القانوني‪VV‬ة ال‪VV‬تي نش‪VV‬أت واس‪VV‬تقرت في‬
‫المجتمع الدولي بسبب إتباع الدول لها وقتا ً طويالً حتى استقرت واعتقدت الدول أن هذه القواعد ملزمة لها ويجب اتباعها "‪ ،‬لذلك فإن العنصرين المكونين‬
‫للعرف الدولي هما العنصر المادي المتمثل في تكرار تصرف الدول على نحو معين في الحاالت المماثلة‪ ،‬والعنصر المعنوي المتمثل في االعتقاد بإلزامية‬
‫هذا التصرف ‪ .‬انظر إلى‪ :‬أبو الخير أحمد عطيه‪ .‬القانون الدولي العام‪. .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 170‬‬
‫‪. 52‬عبدالغني عبدالحميد محمود‪ .‬تقديم‪ .‬محمد سيد طنطاوي ‪ .‬حماية ضحايا النزاعات ال ُمسلحة في القانون ال‪VV‬دولي اإلنس‪VV‬اني والش‪VV‬ريعة اإلس‪VV‬المية ‪.‬الق‪VV‬اهرة‬
‫مصر ‪.‬الطبعة الثالثة ‪.2006‬‬
‫‪. 53‬انظر في ذلك موجز األحكام والفتاوى واألوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية ‪ .1996-1992‬المشار إليه بالمرجع (‬
‫‪. )ST/LEG/SER.F/1/Add‬صــ ‪. 1‬‬

‫‪22‬‬
‫التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها‪ ،‬جاءت بأفضل ما ُيمكن اإلشارة إليه ‪ ،‬باعتبار أن هذه الفتوى تُمثل المرة‬

‫األولى التي يصل فيها قضاة المحكمة إلى بيان قواعد هذا القانون بقدر من التفسير‪ ،‬وذلك بناء على طلب اإلفتاء‬

‫‪ ، 54‬الذي قدمته الجمعية العامة لألمم المتحدة على المحكمة في ‪ 15‬ديسمبر‪.551994‬‬

‫وال يس ع في ه ذا المق ام‪ ،‬س وى الوق وف على م ا تض منته الفت وى من رأي ح ول تعري ف الق انون ال دولي‬

‫اإلنس اني‪ ،‬حيث أك دت المحكم ة أوال ًعلى الط ابع الع رفي للق انون ال دولي اإلنس اني‪ ،‬وب أن ج زء الق انون ال دولي‬

‫اإلنساني‪ ،‬أصبح دون شك جزءاً من القانون العرفي ‪ ،56‬وخلُصت إلى أن " هذه القواعد تبين ما يتوقع من الدول‬

‫من تصرف وسلوك‪ ،57‬أي أن قواعده جاءت في بعض السياقات غير ُمدونه وتستند إلى أعراف محلية عند الدول‬

‫تُنظم وتدير سلوك الجماعات أثناء النزاع المسلح‪ ،‬وقد تم التأكيد أيض اً على الطابع العرفي للكثير من معاهدات‬

‫القانون اإلنساني الدولي من خالل "شرط مارتنز"‪.58‬‬

‫وأضافت المحكمة أن هذا الفرع من القانون يتضمن أيضا القواعد االتفاقية التي توصلت إليها األطراف‬

‫المتصلة بتسيير األعمال العدائية‪ ،‬والتي تحمي‬


‫المتحاربة في إشارة إلى اتفاقيات الهاي وجنيف‪ ،‬فهي تلك القواعد ُ‬
‫ُ‬

‫األشخاص الخاضعين لسلطة الطرف الخصم‪ ،‬واستندت المحكمة في فتواها لتحديد هذا التعريف إلى األساس السائد‬

‫بشأن التطور التاريخي للقانون اإلنساني‪.59.‬‬

‫‪ . 54‬تختص المحكمة بنوعين من االختصاص هما االختصاص القضائي واالختصاص االستشاري‪ .‬أبو الخير أحمد عطي‪V‬ة ‪.‬الق‪VV‬انون ال‪V‬دولي الع‪VV‬ام ‪ .‬مرج‪VV‬ع‬
‫سابق ‪ .‬صـــ‪.585‬‬
‫‪ .55‬اعتمدت الجمعية العامة في دورتها التاسعة واألربعين الق‪V‬رار رقم ‪ " 49/75‬ك‪V‬اف " في ‪ 15‬ديس‪V‬مبر ‪ 1994‬وال‪V‬ذي ق‪V‬ررت في‪V‬ه‪ ،‬عمال ب‪V‬الفقرة ‪ 1‬من‬
‫المادة ‪ 96‬والتي تنص على أنه " ألي من الجمعية العامة أو مجلس األمن أن يطلب إلى محكمة العدل الدولية إفتاءه في أية مسألة قانونية " ‪ ،‬وقد ج‪VV‬اءت‬
‫صياغة طلب اإلفتاء على النحو التالي ‪ " -:‬هل التهديد باألس‪V‬لحة النووي‪V‬ة أو اس‪V‬تخدامها في أي ظ‪V‬رف من الظ‪V‬روف يك‪V‬ون مس‪V‬موحا ً ب‪V‬ه بم‪V‬وجب الق‪V‬انون‬
‫ال‪VV‬دولي ؟؟ ثم ج‪VV‬اء ال‪VV‬رأي االستش‪VV‬اري للمحكم‪VV‬ة في ت‪VV‬اريخ ‪ 8‬يولي‪VV‬و ‪ ، 1996‬انظ‪VV‬ر إلى ق‪VV‬رار الجمعي‪VV‬ة العام‪VV‬ة لألمم المتح‪VV‬دة رقم ‪" A/RES/49/75‬‬
‫كاف" ‪.‬صـــ ‪. 19‬‬
‫‪ .56‬الجمعية العامة ‪.‬األمم المتحدة فتوى محكمة العدل الدولية بش‪V‬أن مش‪VV‬روعية التهدي‪V‬د باألس‪V‬لحة النووي‪V‬ة أو اس‪V‬تخدامها الجمعي‪V‬ة العام‪V‬ة ‪.‬ال‪V‬دورة الحادي‪VV‬ة‬
‫والخمسون‪ .‬البند ‪ 71‬من جدول االعمال المؤقت ‪ 15 .‬اكتوبر ‪ .1996‬المشار إليه بالمرجع (‪ .)A/51/218‬الفقرة ‪. . .81/3‬صــ ‪. 36‬‬
‫‪ . 57‬فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬الفقرة‪. 82 .‬صــ ‪. 37‬‬
‫‪ .58‬الذي سمي باسم صائغه فيودور دو ماتنز مستشار وزارة الخارجية الروسية في بداية القرن العشرين‪ .‬وقد ُأدرج ه‪V‬ذا الش‪V‬رط بداي‪V‬ة في ديباج‪V‬ة اتفاقي‪V‬ة‬
‫الهاي الثانية لسنة ‪ ،1799‬حيث وفر حداً أدنى للمعاملة اإلنسانية من قبل العسكريين‪ ،‬حتى في غياب أي معاهدة مكتوبة‪ ،‬وقد ج‪VV‬اء في الديباج‪VV‬ة " إلى أن‬
‫يصدر نظام كامل لقوانين الحرب‪ ،‬تعتقد األطراف السامية المتعاقدة بأن من حقها التأكيد على أن السكان والعسكريين يظلون‪ ،‬في الحاالت غ‪VV‬ير المش‪VV‬مولة‬
‫بالترتيبات‪ V‬التي تبنوها‪ V،‬في حماية وملك‪VV‬وت مب‪VV‬ادئ الق‪V‬انون ال‪V‬دولي ال‪VV‬تي اس‪VV‬تقيت من األع‪V‬راف المتع‪VV‬ارف عليه‪VV‬ا بين األمم المتمدن‪VV‬ة والق‪VV‬وانين اإلنس‪VV‬انية‬
‫ومتطلبات الضمير العام"‪ .‬انظر ثيدور ميرون ‪.‬القانون العرفي ‪ .‬جرائم الحرب تقديم حنان عشراوي‪.‬عم‪VV‬ان‪ .‬األردن‪ .‬ازمن‪VV‬ة للنش‪VV‬ر والتوزي‪VV‬ع ‪.. 2003.‬‬
‫صــ ‪.23‬‬
‫‪ . 59‬حيث جاء في صياغة النص الصادر ‪ " -:‬كانت " قوانين الحرب " كما كانت‪ V‬معروفة تقليديا ً موضوع جهود تدوين اض‪VV‬طلع به‪VV‬ا في اله‪VV‬اي (بم‪VV‬ا فيه‪VV‬ا‬
‫اتفاقيتا ‪ 1899‬و ‪ ،) 1907‬واستندت جزئيا ً إلى إعالن سان بيتر سابرغ لعام ‪ ،1868‬وكذلك نتائج مؤتمر‪ V‬بروكسل لع‪VV‬ام ‪ ،1874‬وح‪VV‬دد ق‪VV‬انون " اله‪VV‬اي "‬

‫‪23‬‬
‫ورغم أن المحكمة أكدت في فتواها أن كالً من قانون الهاي وقانون جنيف ُمنفصالن‪ ،‬وأن الترابط الوثي ق‬

‫بينها ظهر تدريجياً في منظومة قانونية ُمتكاملة ُعرفت باسم القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬وأن البروتوكولين اإلضافيين‬

‫لعام ‪ ،1977‬ما هما إال تعبير عن وحده هذا القانون‪ ،‬ولعل ما ُيشير إلى ذلك بوضوح عبارة " أصبحا مترابطين"‬

‫وعبارة " شكال تدريجياً نظاما ً"‪.60‬‬

‫إال أن هن اك رأي ينفي هذا التمييز بن "قانون الهاي " وقانون ج نيف "‪ ،‬استناداً إلى أنه في الواق ع لم يكن‬

‫هناك ُمطلقاً تمييز بين كال القانونيين‪ ،‬فهذا الرأي يرى أن أثر البروتوكولين اإلضافيين لعام ‪ ،1977‬لم يكن يهدف‬

‫إلى ايجاد مجموعة ُموحدة للقانون الدولي اإلنساني تتضمن هذين العنصرين معا ً ألول مره‪ ،‬وإ نما إزالة التمييز‬

‫الذي كان دائماً اصطناعياً وخاطئا ً‪ ،‬فالقانون الدولي اإلنساني هو مجرد حديث ُيعبر عن قانون الحرب ‪.61‬‬

‫وهذا ما أيده رأي آخر جاء فيه بأنه ومنذ صدور البروتوكولين اإلضافيين التفاقيات جنيف لعام ‪،1977‬‬

‫زالت هذه التفرقة وأدت إلى انصهار القانونيين معا ً‪ ،‬إذ تضمن البرتوكول اإلضافي األول الخاص بحماية ضحايا‬

‫الم سلحة الدولية العديد من القواعد التي تنظم وسائل القتال وأساليبه‪ ،‬وعليه ال يمكن الحديث عن قانونيين‬
‫النزاعات ُ‬

‫ُمنفص لين‪ ،‬فالق انون ال دولي اإلنس اني الح الي يش مل قواع د ج نيف واتفاقي ات اله اي‪ ،62‬فال يوج د أي ف رق ج وهري‬

‫بينهما بل يمكن القول أن األخيرة قد طورت األخرى‪.63‬‬

‫هذا وعلى األخص" األنظمة المتعلقة بقوانين الحرب البرية وأعرافها "‪ ،‬حقوق المتحاربين وواجباتهم في قيامهم بالعمليات‪ V‬وقي‪VV‬د اختي‪VV‬ار أس‪VV‬اليب ووس‪VV‬ائل‬
‫إلحاق األذى بالعدو في النزاع الدولي‪ ،‬ويجدر بالمرء أن يض‪VV‬يف إلى ه‪VV‬ذا‪" ،‬ق‪VV‬انون ج‪VV‬نيف " (اتفاقي‪VV‬ات ‪1864‬و ‪ 1906‬و‪19929‬و ‪ ،)1949‬ال‪VV‬ذي يحمي‬
‫ضحايا الحرب ويهدف إلى توفير الضمانات ألفراد القوات ال ُم سلحة المعوقين واألشخاص غير المشتركين في القتال‪ ،‬وهذان الفرعان من القانون الس‪VV‬اري‬
‫في النزاع المسلح أصبحا مترابطين بصورة وثيقة بحيث اعتبرا بأنهما قد شكال تدريجيا ً نظاما واحداً معقداً‪ ،‬يُعرف الي‪VV‬وم باس‪VV‬م الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي اإلنس‪VV‬اني‬
‫الدولي‪ ،‬وأحكام البروتوكوالت‪ V‬اإلض‪VV‬افية لع‪VV‬ام ‪ 1977‬تع‪V‬بر عن وح‪V‬ده ذل‪V‬ك الق‪V‬انون وتعقي‪V‬ده‪ V‬وتش‪V‬هد ب‪VV‬ذلك "‪ .‬انظ‪V‬ر‪ .‬فت‪VV‬وى محكم‪V‬ة الع‪V‬دل الدولي‪V‬ة بش‪VV‬أن‬
‫مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها‪ .‬مرجع سابق الفقرة ‪ . .75‬صــ ‪ 34‬وصــ‪. 35‬‬
‫‪ .60‬أنظر‪ .‬فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها‪ .‬المرجع السابق الفقرة ‪ . .75‬صــ ‪ 34‬وصــ‪. 35‬‬
‫‪ .61‬لويز دوسوالد – بيك ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني وفتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووي‪VV‬ة أو اس‪VV‬تخدامها‪ .‬المجل‪VV‬ة الدولي‪VV‬ة‬
‫للصليب األحمر‪ ،‬العدد ‪ .316‬بتاريخ ‪ .1997-02-28‬على الموقع الرسمي للجنة الدولية للصليب األحمر ‪.‬تاريخ الزيارة ‪ 24‬يونيو‪. 2014 V‬‬
‫‪http://www.icrc.org/ara/resources/documents/misc/5r2avl.htm‬‬
‫‪ .62‬عامر الزمالي ‪ .‬مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪12‬‬
‫‪ . 63‬انظر‪ .‬جابر عبد الهادي سالم الشافعي ‪ .‬تأصيل مبادئ القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬هامش رقم ( ‪. ) 1‬مرجع سابق صـــ ‪. 48‬‬

‫‪24‬‬
‫ولعل ذلك ما يمكن تبنيه باعتبار أن هذا القانون هو في األساس مجموعة من القواعد والمبادئ العرفية‬

‫المسلحة بغض النظر عن مسمياتها السابقة أو الالحقة التي يمكن اعتبارها محاوالت‬
‫المنظمة للنزاعات ُ‬
‫واالتفاقية ُ‬

‫والبع د عن الترك يز على مض مونها اله ادف إلى إدارة العملي ات العس كرية‬
‫إلض فاء التمي يز الش كلي له ذه القواع د ُ‬

‫ومعالجة المشاكل الناتجة عنها بقدر المستطاع‪.‬‬

‫المتصفح للتعريفات السابقة الضيقة يرى بأنها قد جاءت انطالق اً من احتوائها على‬
‫وعليه ُيمكن القول‪ :‬إن ُ‬

‫القواع د االتفاقي ة‪ ،‬مث ل اتفاقي ات(ج نيف)‪ ،‬وق انون (اله اي)‪ ،64‬أي أن تل ك التعريف ات الس ابقة ُمس تمدة من مص در‬

‫القانون ذاته سواء المصدر العرفي أو المصدر االتفاقي التعاقدي‪ ،‬األمر الذي يستقيم معه الواقع والمنطق‪.‬‬

‫ومن ك ل م ا س بق ذك ره ح ول التعريف ات بش قيها الواس ع والض يق ‪ُ ،‬يمكن اس تخالص أن الفق ه والقض اء لم‬

‫ف مح ٍ‬
‫دد وث ابت فمنهم من توس ع في تعريف ه ومنهم من ض يقه‪ ،‬ولم ُيتفّ ق على تعري ف‬ ‫ٍ‬
‫يس تقرا إلى اآلن على تعري ُ‬

‫رد ذلك أساسا‬ ‫‪65‬‬


‫و"مانع" من دخول غيره للحيز المحدد له ؛ وقد يكون َم ُ‬
‫ٍ‬ ‫"جامع" للمصطلح من كل نواحيه‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫م ٍ‬
‫وحد‬ ‫ُ‬

‫ًإلى التطور السريع الذي يتعرض له هذا القانون‪ ،66‬وعليه فإن تعريف القانون الدولي اإلنساني مرن ويسهُل تشكيله‬

‫المحيطة به لتّكيفه مع جميع الظروف التي يمر بها النزاع‪ ،‬ذلك أن المجال الذي ُينظمه هذا القانون‬
‫وفق الظروف ُ‬

‫أصالً وهو الحرب ذو طبيعة ُمتغيرة كما سلف بيانه‪.‬‬

‫المعاه دات ُمتع ددة األط راف‪ ،‬ومن الق انون الع رفي ال ذي يعتم د على مماراس ات‬
‫كم ا أن ه م زيج ُم ركب من ُ‬

‫ال دول ومب ادئ الق انون الع ام‪ ،‬وأيض اً م زيج من ق رارات مجلس األمن الت ابع لألمم المتح دة‪ ،‬والق رارات القض ائية‬

‫باإلضافة إلى أعمال اللجان االستشارية والخبراء الحقوقيين ‪.67‬‬

‫‪ .64‬حسين علي الدريدي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪ . 24‬وحول الفرق بين قانون الهاي وقانون جنيف انظر هامش رقم ‪. 41‬‬
‫‪ .65‬بحيث يُ ّمكن من كشف الخلط والغموض بينه وبين بعض القوانين اُألخرى كالقانون الدولي لحقوق اإلنسان والقانون الدولي لالجئين‪ ،‬والقانون ال‪VV‬دولي‬
‫الجنائي ‪.‬‬
‫‪ 66‬روشو خالد الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪. 21‬‬
‫‪ .67‬آالن دوسي ‪ .‬مالحظة حول القانون والتعابير القانونية ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪.465‬‬

‫‪25‬‬
‫وبحس ب م ا ورد من التعريف ات الس الف بيانه ا‪ ،‬يمكن تعري ف الق انون ال دولي اإلنس اني بأن ه مجموع ة من‬

‫المسلحة الدولية وغير الدولية وتسعى للتخفيف من‬


‫القواعد الدولية االتفاقية والعرفية‪ ،‬والتي تطبق أثناء النزاعات ُ‬

‫ويالت الح رب‪ ،‬عن طري ق توف ير قواع د ته دف إلى حماي ة األش خاص ال ذين ال ُيش اركون في األعم ال العدائي ة أو‬

‫الذين كفوا عن المشاركة‪ ،‬وكذلك قواعد تهدف إلى حماية األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬ويعمل هذا القانون على تقييد‬

‫حق األطراف في استخدام الوسائل واألساليب القتالية‪.‬‬

‫المختلف ة للق انون ال دولي اإلنس اني‪ُ ،‬يمكن االنتق ال إلى بي ان أوج ه االلتق اء‬
‫واخ يرا ً وبع د بي ان التعريف ات ُ‬

‫واالختالف بين ه وبين القوانين األخرى‪ ،‬لعل أهمه ا القانون الدولي لحقوق اإلنس ان ‪ ،‬باعتباره أقرب الق وانين إلي ه‬

‫وغالباً ما يتم الخلط بينهما‪ ،‬وذلك على النحو التالي ‪-:‬‬

‫الفرع الثاني ‪ -:‬التمييز بين القانون الدولي اإلنسانيـ والقانون الدولي لحقوق اإلنسان ‪- :‬‬

‫ُيعت بر موض وع العالق ة بين الق انونين من الموض وعات ال تي تن ازعت حول ه ثالث ة نظري ات في الفك ر‬

‫ومستقالن‪ ،‬ومايؤيد هذه النظرية بحسب مايراه‬


‫القانوني‪ ،‬وهي النظرية االنفصالية التي ترى أن القانونيين ُمختلفان ُ‬

‫بعض الفقهاء أن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لعام ‪ ، 1948‬استبعد تماماً احترام حقوق اإلنسان أثناء النزاعات‬

‫المسلحة‪ ،‬كذلك فإن اتفاقيات جنيف لسنة ‪ 1949‬لم تذكر إطالقاً حقوق اإلنسان‪.68‬‬
‫ُ‬

‫والنظريةـ التكاملية والتي يرمي جوهرها إلى أن القانونين نظامان ُمتمايزان‪ ،‬لكنهما ُمتكامالن‪ ،69‬وما يؤيد‬

‫المش تركة بين اتفاقي ات ج نيف تتض من بعض القواع د ح ول‬


‫ه ذه النظري ة بحس ب م ايراه الفقه اء أن الم ادة الثالث ة ُ‬

‫المسلحة‪ ،‬و تعبر عن اهتمام االتفاقيات بحقوق اإلنسان‪ ،‬هذا باإلضافة إلى‬
‫المعاملة اإلنسانية الدنيا أثناء النزاعات ُ‬

‫أن االتفاقيات األربعة بأكملها تتفق مع حقوق اإلنسان األساسية التي ينادي بها اإلعالن العالمي سنة ‪ ،1948‬وذلك‬

‫‪ .68‬مسعد عبد الرحمن زيدان ‪ .‬تدخل األمم المتحدة في النزاعات ال ُمسلحة غير ذات الطابع الدولي ‪ .‬دار الكتب القانونية ‪ .‬اإلسكندرية‪ .‬مصر ‪ .2008‬صــ‬
‫‪ 416‬وصــ‪417‬‬
‫‪ .69‬وهو االتجاه الذي سانده البعض ومنهم" كايلين‪ ،‬ووالتر كايلين ه‪V‬و ممث‪V‬ل األمين الع‪V‬ام لألمم المتح‪V‬دة المع‪V‬ني بحق‪V‬وق اإلنس‪V‬ان للن‪V‬ازحين م‪V‬ا بين ع‪V‬ام‬
‫‪ ،2006 V– 2004‬ويُدرس القانون الدولي والدستوري في جامعة بيرن بسويسرا ‪ .‬للمزيد حوله ‪ .‬انظر مقال تحت عنوان "وال‪VV‬تر ك‪VV‬ايلين وتطلعات‪VV‬ه ح‪VV‬ول‬
‫النازحين"‪ .‬نشرة الهجرة القسرية ‪ .‬العدد ‪ . 37‬بريطانيا ‪ .‬مارس ‪. 2011‬صــ ‪. 27‬‬

‫‪26‬‬
‫ما يقربها من قواعد القانون الدولي لحقوق اإلنسان ‪ ،70‬وهو ما س لّم به أيضا مجلس حقوق اإلنسان في قراره رقم‬

‫ويعزز أحدهما اآلخر‪،71‬‬


‫‪ 9/9‬الذي أكد أيض اً أن قانون حقوق اإلنسان والقانون الدولي لحقوق اإلنسان ُمتكامالن ُ‬

‫وبأن جميع حقوق اإلنسان تتطلب حماية ُمتساوية‪ ،‬مع مراعاة األوقات التي ينطبق فيها القانون اإلنساني الدولي‬

‫بوصفه قانوناً خاصاً‪.72‬‬

‫ثم النظرية التوحيدية ال تي تُفي د ب أن الق انونين ُمتش ابكان أو ُمن دمجان‪ ،‬وتُرك ز ه ذه النظري ة على أهمي ة النظ ر‬

‫إلى الق انونين نظ ره ش موليه عريض ة يص ل إلى ح د الق ول ب أن الق انون ال دولي اإلنس اني يش تمل على ف رعين هم ا‬

‫قانون الحرب وحقوق اإلنسان‪ ،‬ومن أبرز من ساند هذا االتجاه الفقيه القانوني "جان بكتيه"‪.73‬‬

‫المستمر بينهما مازال وارداً وبكثرة‬


‫ورغم ما تحمله كل نظرية من وجهة نظر تحتمل الصواب‪ ،‬إال الخلط ُ‬

‫‪ ،74‬وال شك بأن الخلط بين القانونين غير ُمستحب والبد من تجاوزه قدر اإلمكان‪ ،، 75‬وال يمكن ذلك إال من خالل‬

‫البحث في بيان أهم نقاط التمييز ‪ ،‬وأهم نقاط اإللتقاء بينهما ‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -‬أوجه االلتقاء ‪ُ -:‬يعتبر كالً من القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان من أهم فروع القانون‬

‫ويمكن استنباط أوجة االلتقاء بين القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان من خالل‬
‫الدولي العام‪ُ ،‬‬

‫دف واح ٍد‪ ،‬ويتح دان في موض وع أساس ي أال وه و حماي ة اإلنس ان‬
‫ع دة أوج ه لع ل أهمه ا أن كليهم ا يلتقي ان في ه ٍ‬

‫‪ .70‬مسعد عبد الرحمن زيدان ‪ .‬تدخل األمم المتحدة في النزاعات ال ُمسلحة غير ذات الطابع الدولي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 417‬‬
‫‪ . 71‬يعرف التطبيق المتكامل لنظام القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان بالتطبيق‪ V‬المزدوج أو التطبيق‪ V‬المتزامن بمعنى أن كال القانونين‬
‫ينطبقان في أوقات النزاع المسلح ‪ .‬منشورات اُألمم المتحدة حقوق اإلنسان مكتب المفوض السامي ‪.‬الحماية القانوني‪V‬ة لحق‪V‬وق اإلنس‪V‬ان في ال‪V‬نزاع المس‪V‬لح‪.‬‬
‫مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪. 57‬‬
‫‪.72‬األمم المتحدة ‪ -9/9 .‬حماية حقوق اإلنسان للمدنيين في الصراع المسلح ‪ .‬مجلس حقوق اإلنسان الجلسة الثانية والعش‪VV‬رين ‪ 24‬س‪VV‬بتمبر ‪ . 2008‬الفق‪VV‬رة‬
‫‪ .4‬المرجع ‪.A_HRC_RES_9_9 .‬‬
‫‪ .73‬أحمد سي علي ‪ .‬دراسات في القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬المرجع السابق ‪.‬صـــــ ‪. 75‬‬
‫‪ .74‬وخير مثال على ذلك حين أوقعت األمم المتحدة نفسها في خلط بين هذين القانونين في مناسبات‪ V‬عده‪ ،‬ومن ذل‪VV‬ك أن لجن‪VV‬ة تقص‪VV‬ي الحق‪VV‬ائق التابع‪VV‬ة لألمم‬
‫المتحدة في السلفادور اعتبرت حكم اإلعدام الذي نفذه الجيش السلفادوري في ممرضة ألقي القبض عليها بعد الهجوم على مستشفى لجبهة الفارابوندمارتي‬
‫للتحرير الوطني يُمثل خرقا ً صارخا ً للقانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان‪ ،‬كما ذهبت األمم المتحدة إلى اعتبار األحداث اإلنسانية في يوغس‪VV‬الفيا س‪VV‬نة‬
‫‪ 1990‬والتي تعرض لها المدنيون في سراييفو أو بيهاتشي انتهاكات‪ V‬للقانون ال‪VV‬دولي اإلنس‪VV‬اني والق‪VV‬انون ال‪V‬دولي لحق‪VV‬وق اإلنس‪VV‬ان‪ ،‬وكث‪VV‬يراً م‪VV‬ا وقعت االمم‬
‫المتحدة في هذا الخلط عندما تستخدم آليات وتغيرات خاصة بالقانون الدولي لحقوق اإلنسان في حاالت تُشكل انتهاكا ً لقواعد القانون الدولي اإلنساني‪.‬انظ‪VV‬ر‬
‫مسعد عبد الرحمن زيدان ‪ .‬تدخل األمم المتحدة في النزاعات ال ُمسلحة غير ذات الطابع الدولي مرجع سابق ‪ .‬صــ‪ 415‬وصــ‪. 416‬‬
‫‪ . 75‬سامر أحمد موسى ‪ .‬العالقة بين القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ .‬الحوار المتمدن ‪ .‬الع‪VV‬دد ‪ 26 V.1958‬يوني‪V‬و‪ . 2007. V‬ت‪VV‬اريخ‬
‫الزيارة ‪ 5‬يوليو ‪ 2014‬على الرابط ‪.‬‬
‫‪http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=100903‬‬

‫‪27‬‬
‫المش تركة بين كال الق انونين‪ ،77‬حيث يس عى كال‬ ‫‪76‬‬
‫والمحافظ ة على حيات ه وحرياته ‪ ،‬فهن اك الكث ير من المب ادئ ُ‬
‫ُ‬

‫الق انونين إلى ت أمين ح د أدنى من الض مانات القانوني ة واإلنس انية لجمي ع األف راد ب دون اس تثناء‪ ،‬وإ ن ي ُكن ذل ك من‬

‫زوايا ُمختلفة فجوهر بعض القواعد ُمتشابه إن لم يكن ُمتطابق رغم وجود اختالفات كبيرة في صياغة هذه القواعد‬

‫‪.78‬‬

‫ورغم أن الق انون ال دولي لحق وق اإلنس ان في ُمجمل ه ُيع د أك ثر ش موالً من الق انون ال دولي اإلنس اني ويحم ل‬

‫قدراً أكبر من المبادئ العامة ‪ ،79‬إال أن الحماية الوارد في القانون الدولي اإلنساني أكثر فعالية؛ ألنها تحتوي على‬

‫بعض الحقوق التكاملية ‪ ،‬ذات األهمية مثل الرعاية الصحية لألسرى‪ ،‬وحق العودة لألوطان في ظروف معينة ‪،‬‬

‫وه و ب ذلك يتج اوز م ا يحتوي ه الق انون ال دولي لحق وق اإلنس ان من حق وق ‪ ،80‬كم ا وس ع من نط اق حمايت ه لإلنس ان‬

‫ومتصله اتصاالً كبيراً‬


‫ليشمل حماية األعيان المدنية والثقافية وحتى البيئة الطبيعية التي لها عالقة ُمباشرة باإلنسان ُ‬

‫به‪.‬‬

‫لقد كان االعتقاد سائداً على مدى فترة من الزمن‪ ،‬بأن الفرق بين القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي‬

‫المس لح س واء الدولي ة أو غ ير الدولي ة‪ ،‬والث اني في أوق ات‬


‫لحق وق اإلنس ان‪ ،‬ه و أن األول ينطب ق في ح االت ال نزاع ُ‬

‫السلم فقط أي خالل األوضاع الطبيعية للدول‪ ،‬إال أن القانون الدولي الحديث أقر بعدم دقة هذا التمييز‪.81‬‬

‫‪ ..76‬وفي ذلك أكدت الدائرة االبتدائية في المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفية السابقة أن مبدأ احترام كرامة اإلنسان كان ه‪VV‬و "األس‪VV‬اس الراس‪VV‬خ " في كال‬
‫من القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان ‪.‬‬
‫‪ICTY UN. International Tribunal for the Prosecution of Persons Responsible for Serious Violations of IHL.‬‬
‫‪Committed in the Territory of the Former Yugoslavia since 1991. 10 December 1998. . IT-95-17/1-T. Para 183. Pg.‬‬
‫‪72‬‬
‫‪ . 77‬ومنها‪ V‬على سبيل المثال حماية الذات البشرية من القتل‪ ،‬تح‪V‬ريم التع‪VV‬ذيب بش‪V‬تى أنواع‪V‬ه‪ ،‬حماي‪V‬ة وض‪VV‬مان الملكي‪VV‬ة الفردي‪VV‬ة‪ ،‬اح‪VV‬ترام الش‪V‬رف وال ُمعتق‪V‬د‬
‫والتقاليد والعادات‪ ،‬ضمان وتوفير األمان والطمأنينة‪ ،‬حظر األعمال االنتقامية والعقوبات‪ V‬الجماعية واحتجاز الرهائن‪ ،‬مراعاة الض‪VV‬مانات القض‪VV‬ائية‪ ،‬ع‪VV‬دم‬
‫التمييز‪ V‬في الحماية مع مراعاة ترسيخ الحماية الخاصة لألطفال والنساء ‪.‬أحمد سي علي ‪ .‬دراسات في القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع س‪VV‬ابق ‪ .‬صـــ ‪80‬‬
‫و‪ ،‬صــ ‪. 81‬‬
‫‪ . 78‬نوال بسج ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني وحماية المدنيين واألعيان المدنية في زمن النزاعات ال ُمسلحة ‪ .‬تقديم ‪ .‬محمد مجدوب‪ .‬الحلبي الحقوقية الطبعة‬
‫األولى ‪ 2010 .‬بيروت لبنان‪ .‬صــ ‪. 43‬‬
‫‪. 79‬أبو الخير أحمد عطية ‪.‬حماية السكان المدنيين واألعيان المدنية أبان النزاعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــــ‪. 17‬‬
‫‪80‬‬
‫‪.Aldo Zammit Borda IHL.vol.34,no.4 (December 2008)p.g. 747-748.‬‬
‫‪ .81‬منشورات األمم المتحدة حقوق اإلنسان مكتب‪ V‬المفوض السامي ‪.‬الحماية القانونية لحق‪V‬وق اإلنس‪V‬ان في ال‪V‬نزاع المس‪V‬لح‪ 2011 .‬المش‪V‬ار إلي‪V‬ه ب‪V‬المرجع‬
‫‪ . HR/PUB/11/1‬صــ ‪.6‬‬

‫‪28‬‬
‫فالقانون الدولي لحقوق اإلنسان يستمر في العمل حتى في حاالت النزاع حيث يلتقيان ليعمال معا ًعند تواجد‬

‫حاالت تتطلب حماية اإلنسان أثناء النزاع ‪ ،‬وفي ذلك خلُصت هيئات حقوق اإلنسان والهيئات القضائية في عدد من‬

‫المسلح ‪ ،‬متزامن اً مع القانون الدولي‬


‫قراراتها إلى أن القانون الدولي لحقوق اإلنسان يستّمر حتى في حاالت النزاع ُ‬

‫اإلنساني‪ ، 82‬وكررت هذا التأكيد محكمة العدل الدولية في فتواها الخاصة باآلثار القانونية الناشئة عن تشييد إسرائيل‬

‫المحتلة عام ‪.83 2004‬‬


‫للجدار العازل في األراضي الفلسطينية ُ‬

‫إض افة إلى ك ل م ا س بق فإن ه ال يوج د في معاه دات حق وق اإلنس ان م ا ُيش ير إلى أنه ا ال تُطب ق في ح االت‬

‫المسلح‪ ،84‬إال في الحاالت التي قد تضطر فيها بعض الحكومات إلى تقييد أو تجميد أو العمل على الحد من‬
‫النزاع ُ‬

‫بعض الحقوق‪ 85‬أثناء حاالت الطوارئ العادية لما قد تقتضيه ضرورات الوضع ‪ ،86‬والتي تتسم بأنها ذات طبيعة‬

‫اس تثنائية‪ ،‬ومؤقت ة‪ ،‬وتُس تعمل في أض يق الح دود‪ ،87‬م ع ض رورة مراع اة أن أال تك ون هن اك أي ُمخالف ه اللتزام ات‬
‫‪88‬‬
‫المس لحة أم ر مقب ول‬
‫ويمكن الق ول أن تجمي د بعض حق وق اإلنس ان الخاص ة أثن اء النزاع ات ُ‬
‫الدولي ة األخ رى ‪ُ ،‬‬

‫ومنطقي لما لمثل هذه الحقوق من دور في زيادة تأجيج االنفعاالت خاصة في الظروف استثنائية كالحروب ‪.‬‬

‫ميداني القانون ُمكمالن‬


‫ّ‬ ‫وعند ال تزامن في التطبيق وتضارب القواعد بشأن تطبيق أي من القانونين ف إن‬

‫لبعض هما البعض‪ ،‬وال يس تثني أح دهما اآلخر‪ ،89‬وق د أك دت اللجن ة العام ة لحق وق اإلنس ان بش أن ذل ك‪ ،‬أن قواع د‬

‫‪ . 82‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬ذكرت محكمة العدل الدولية بشكل واضح أن " الحماية التي يوفرها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ال تتوقف في‬
‫أوقات الحرب‪ ،‬إال بإعمال المادة ‪ 4‬من العهد التي يمكن بها تقييد بعض األحكام في أوقات حاالت الطوارئ الوطنية "‪.‬أنظر فت‪VV‬وى محكم‪VV‬ة الع‪VV‬دل الدولي‪VV‬ة‬
‫بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها‪ .‬مرجع سابق ‪.‬الفقرة ‪. 25‬صــ ‪. 18‬‬
‫‪ 83‬بقولها أن " الحماية التي توفرها اتفاقيات حقوق اإلنسان ال تتوقف في حالة النزاع المسلح‪ ،‬إال من خالل إعمال أحكام تقييدية من قبي‪VV‬ل األحك‪V‬ام ال‪VV‬واردة‬
‫في المادة ‪ 4‬من العهد الدولي الخاص‪ ،‬بالحقوق المدنية والسياسية انظر‪.‬الجمعية العامة ‪.‬األمم المتحدة ‪ .‬فتوى محكم‪VV‬ة الع‪VV‬دل الدولي‪VV‬ة عن اآلث‪VV‬ار القانوني‪VV‬ة‬
‫الناشئة عن تشييد جدار في األراضي الفلسطينية المحتلة ‪.‬الدورة االستثنائية الطارئة العاشرة‪ .‬البن‪VV‬د الخ‪VV‬امس من ج‪VV‬دول األعم‪VV‬ال‪ 13 .‬يولي‪VV‬و ‪. V. 2004‬‬
‫المشار إليه بالمرجع (‪ ) A/ES-10/273‬الفقرة ‪.106‬صـــ ‪. 51‬‬
‫‪ . 84‬منشورات األمم المتحدة حقوق اإلنسان مكتب‪ V‬المفوض السامي ‪.‬الحماية القانونية لحقوق اإلنسان في النزاع المسلح‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪6‬‬
‫‪ .85‬كالحقوق السياسية واالجتماعية كحرية الصحافة وحري‪V‬ة التعب‪V‬ير واآلراء وحري‪V‬ة االجتم‪V‬اع‪ V،‬وم‪V‬ا إلى ذل‪V‬ك من حق‪V‬وق يتبناه‪V‬ا الق‪V‬انون ال‪V‬دولي لحق‪V‬وق‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫‪ 86‬اللجن‪VV‬ة الدولي‪VV‬ه للص‪VV‬ليب األحم‪VV‬ر ‪.‬الح‪VV‬دود المتوجب‪VV‬ة في ال‪VV‬نزاع المس‪VV‬لح ‪..‬المكتب االقليمي اإلعالمي ‪.‬الق‪VV‬اهرة ‪.‬مص‪VV‬ر ‪.‬النس‪VV‬خة العربي‪VV‬ة ‪.‬ين‪VV‬اير ‪2010‬‬
‫مصر ‪.‬صـــ ‪. 10‬‬
‫‪.87‬نزار العنبكي‪. V‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.95‬‬
‫‪ .88‬كأن ال تحمل عناصر تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو العنصر أو اللون أو الدين أو األصل وال يشمل هذا التعليق الحق في الحياة والسالمة البدنية وال‬
‫يشمل أيضا تلك الحقوق األساسية كالحق في الحياة والسالمة البدنية وغيرها فتلك حقوق فال يجوز تعليقها مطلقا ً ‪.‬انظ‪VV‬ر ‪.‬أب‪VV‬و الخ‪VV‬ير أحم‪VV‬د عطي‪VV‬ة ‪.‬حماي‪VV‬ة‬
‫السكان المدنيين واألعيان المدنية إبان النزاعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــــ ‪19‬‬
‫‪ .89‬أشار التعليق رقم ‪ 31‬لعام ‪ 2004‬الخاص ببيان طبيعة االلتزام القانوني العام المفروض على الدول األطراف في العهد إلى أن‪VV‬ه " ق‪VV‬د تك‪VV‬ون هن‪VV‬اك‪ ،‬في‬
‫ما يتعلق ببعض الحقوق المشمولة بالعهد‪ ،‬قواعد أكثر تحديداً في الق‪VV‬انون ال‪V‬دولي اإلنس‪VV‬اني تعت‪VV‬بر وثيق‪VV‬ة الص‪VV‬لة بص‪VV‬فة خاص‪V‬ة ألغ‪VV‬راض تفس‪VV‬ير‪ V‬الحق‪VV‬وق‬

‫‪29‬‬
‫الق انون ال دولي اإلنس اني ذات ص لة خاص ة ُيمكن اس تخدامها ألغ راض تفس ير الحق وق ال واردة في العه د ال دولي‬

‫الخ اص ب الحقوق المدني ة والسياس ية ‪ ،90‬مم ا يع ني وج وب اس تخدام الق انون اإلنس اني لتفس ير أي قاع دة لحق وق‬

‫اإلنسان‪ ،‬ويعني أيضاً أنه ال ُيمكن تفسير قانون حقوق اإلنسان على نحو ُيخالف القانون اإلنساني‪.91‬‬

‫إضافة الى أن كال القانونين يلتقيان من حيث تمتع قواعدهما بالطبيعة القانونية اآلمرة التي ال يجوز الخروج‬

‫الملزم الذي جرت‬


‫عنها أو االتفاق على عكسها‪ ،‬إلى جانب أن بعضاً من قواعد كال القانونين تتسم بالطابع العرفي ُ‬
‫‪92‬‬
‫الدول على تطبيقها خارج نطاق الروابط التعاقدية ‪.‬‬

‫ورغم أن واجب تنفي ذهما يق ع على الس لطات العام ة لل دول في المق ام األول‪ ،93‬إال أنهم ا يتمتع ان بالص بغة‬

‫المتمثلة ببعض أجهزتها تطوير وتطبيق قواعد‬


‫المتحدة ُ‬
‫الدولية واالهتمام الدولي‪ ،‬حيث يقع على عاتق هيئة اُألمم ُ‬

‫الق انونيين من خالل هيئ ة األمم المتح دة‪ ،‬وق د أعطى المجتم ع ال دولي كالً من الق انونين وث ائق دولي ة تعكس الذاتي ة‬

‫الخاصة لكل منهما‪.94‬‬

‫ولعل ما يؤكد على ذلك أحدث تصريحات مجلس األمن‪ ،95‬التي نصت على ضرورة حماية حقوق اإلنسان في‬

‫المسلحة بواسطة كافة أطراف النزاع المسلح‪ ،‬وقد أدان المجلس عدم احترام قواعد القانون الدولي‬
‫زمن النزاعات ُ‬

‫لحق وق اإلنس ان والق انون ال دولي اإلنس اني‪ُ ،‬مطالب اً الجمي ع بض رورة اح ترام حق وق اإلنس ان ح تى أثن اء النزاع ات‬

‫المشمولة بالعهد‪ ،‬فإن مجالي القانون يُكمل كل منهم‪V‬ا اآلخ‪V‬ر وال يس‪V‬تبعده‪. " V‬انظ‪V‬ر ‪ .‬األمم المتح‪V‬دة‪ .‬طبيع‪V‬ة الالتزام الق‪V‬انوني الع‪V‬ام المف‪V‬روض على ال‪V‬دول‬
‫األطراف في العهـد الدولي الخاص بالحقــوق المدنيـة والسياس‪VV‬ية ‪ .‬اللجن‪VV‬ة المعني‪VV‬ة بحق‪VV‬وق‪ V‬اإلنس‪VV‬ان ‪ .‬ال‪VV‬دورة الثامن‪VV‬ة عش‪VV‬ر ‪ 26 .‬م‪VV‬ايو ‪. 2004‬المرج‪VV‬ع‬
‫‪ . CCPR/C/21/Rev.1/Add.13‬الفقرة ‪ . 11‬صــ ‪.4‬‬
‫‪ . 90‬األمم المتحدة‪ .‬طبيعة االلتزام القانوني العام المفروض على الدول األطراف في العهد الدولي الخاص بالحقــوق المدنيـة والسياس‪VV‬ية ‪ .‬المرج‪VV‬ع الس‪VV‬ابق‬
‫الفقرة ‪ . 11‬صــ ‪.4‬‬
‫‪ . 91‬لويز دوسوالد – بيك ‪ .‬القانون الدولي اإلنس‪V‬اني وفت‪V‬وى المحكم‪V‬ة الدولي‪V‬ة بش‪V‬أن مش‪V‬روعية التهدي‪V‬د باألس‪V‬لحة النووي‪V‬ة أو اس‪V‬تخدامها‪ .‬مرج‪V‬ع س‪V‬ابق‪.‬‬
‫الرابط ‪ .‬تاريخ الزيارة ‪ 7‬يوليو ‪. 2014‬‬
‫‪http://www.icrc.org/ara/resources/documents/misc/5r2avl.htm‬‬
‫‪ . 92‬وهو ما أكدت عليه المادة ‪ 60‬من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات‪ ،‬حيث منحت كل القواعد المتعلقة بحماي‪VV‬ة الف‪VV‬رد اإلنس‪VV‬اني ال‪VV‬واردة باالتفاقي‪VV‬ات‪ V‬ذات‬
‫الطابع اإلنساني الصفة اآلمرة‪ ،‬انظر ‪.‬أحمد سي علي ‪ .‬دراسات في القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪.78‬‬
‫‪ . 93‬مجلة هيئة الهالل األحمر اإلماراتي ‪.‬العدد ‪ . 4‬سبتمبر ‪ . 2008‬صـــ‪.79‬‬
‫‪. 94‬محمد جالل حسن ‪ .‬مدى استقاللية القانون الدولي اإلنساني عن القانون الدولي لحقوق اإلنسان ‪.‬مجل‪V‬ة زانك‪V‬وى س‪V‬ليماني ‪ .‬جامع‪VV‬ة الس‪VV‬ليمانية ‪.‬الع‪V‬راق‬
‫العدد ‪. 32‬سبتمبر ‪ . 2011‬صـــ ‪.239‬‬
‫‪ . 95‬بشأن إدانة انتهاكات حقوق اإلنسان التي ترتكبها‪ V‬األطراف المتنازعة في سوريا حالياً‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫المسلحة ‪ ،96‬فحماية حقوق اإلنسان سواء في وقت السلم أو الحرب أصبح شأناً دولي اً يحمل المسؤولية على عاتق‬
‫ُ‬

‫الدول واألفراد الذين ينتهكون الحقوق المصونة بهذين القانونيين‪ ،97‬وعليه فقد اعطى المجتمع الدولي الصفة الدولية‬

‫لكال القانونيين ‪.‬‬

‫‪ -‬أوجه االختالف‪ -:‬رغم كل أوجه االلتقاء والتكامل بين القانونين إال أن بعض القانونين يرى أن القانون الدولي‬

‫لحقوق اإلنسان ال يتداخل مع القانون الدولي اإلنساني إال جزئي اً‪ ،98‬فهناك العديد من نقاط خالف وتمايز بين كل‬

‫منهما‪ ،‬فمن حيث تاريخ النشأة فقد تطور القانونان على مر العصور بشكل ُمنفصل في خطين متوازيين ومتكاملين‪،‬‬

‫ذلك أن قواعد القانون الدولي اإلنساني أقدم وأسبق في الظهور من قواعد القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪.99‬‬

‫و تختلف مصادر كل منهما عن األخ ر‪ ،‬حيث تتمثل مصادر القانون الدولي اإلنساني أساس اً في مختلف‬

‫اتفاقي ات ج نيف ابت داء من اتفاقي ة ج نيف لع ام ‪ 1864‬وح تى اتفاقي ات ج نيف األرب ع لع ام ‪ 1949‬وبروتوكوليه ا‬
‫‪100‬‬
‫اإلضافيين لعام ‪ 1977‬وغيرها من االتفاقيات ‪.‬‬

‫أما بالنسبة للقانون الدولي لحقوق اإلنسان فرغم ظهوره ُمبكراً من خالل تنظيمه لسلطة الدولة أزاء األفراد‬

‫في القوانين الداخلية لبعض الدول‪ ،101‬إال أن البلورة الفعلية لهذا القانون كانت مع صدور اإلعالن العالمي لحقوق‬

‫اإلنس ان في ‪ 10‬ديس مبر ‪ ،102 1948‬ثم تع ددت بع دها االتفاقي ات اإلقليمي ة الخاص ة بحق وق اإلنس ان وال تي تعت بر‬

‫‪ . 96‬انظر بيان من رئيس مجلس األمن بشأن أدانة انتهاكات حقوق اإلنسان التي ترتكبها السلطات السورية على نطاق واسع ‪. S/PRST/2011/16‬‬
‫‪ .97‬سامر أحمد موسى ‪ .‬العالقة بين القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان ‪.‬المرجع السابق ‪.‬‬
‫‪ .98‬شريف عتلم ‪ .‬محاضرات في القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــــ‪. 33‬‬
‫‪ . 99‬فالقانون الدولي لحقوق اإلنسان يرجع تدوينه إلى اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الذي تبنت‪VV‬ه الجمعي‪VV‬ة العام‪VV‬ة لألمم المتح‪VV‬دة ديس‪VV‬مبر ع‪VV‬ام ‪ 1948‬وق‪VV‬د‬
‫تبنت الجمعية العامة لحقوق اإلنسان عام ‪ 1948‬االعالن العالمي لحقوق اإلنسان الذي شكل أول نص قانوني على المستوى العالمي يعالج ويعنى بحقوق‪V‬‬
‫اإلنسان وحرياته األساسية ‪ ،‬في حين ترجع تدوين أحكام القانون الدولي اإلنساني إلى اتفاقية جنيف األولى لعام‪.1869‬انظر‪.‬حسين علي الدري‪VV‬دي ‪.‬الق‪VV‬انون‬
‫الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪67‬وصـ‪ ،68‬ولالطالع على وثيقة اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ‪.‬انظر مطر حامد حليس النيادي ‪.‬وث‪VV‬ائق أساس‪VV‬ية‬
‫في القانون الدولي العام ‪.‬دبي ‪.‬اإلمارات‪ .‬مطابع البيان ‪.2000‬صــ‪. 548‬‬
‫‪ . 100‬أحمد سي علي ‪ .‬دراسات في القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 64‬‬
‫‪ . 101‬فقد انعكس قواعد القانون الدولي لحقوق اإلنسان على القانون الدستوري ال‪VV‬داخلي إلنجل‪VV‬ترا حيث أص‪VV‬در البرلم‪VV‬ان (ملتمس حق‪VV‬وق ع‪VV‬ام ‪ ،1628‬وفي‬
‫الوالي‪VV‬ات المتح‪VV‬دة األمريكي‪VV‬ة ص‪VV‬در ق‪VV‬انون حق‪VV‬وق اإلنس‪VV‬ان في والي‪VV‬ة فرجيني‪VV‬ا س‪VV‬نة ‪ ،1776‬وفي فرنس‪VV‬ا ص‪VV‬در إعالن حق‪VV‬وق اإلنس‪VV‬ان والم‪VV‬واطن س‪VV‬نة‬
‫‪. 1789‬انظر مسعد عبد الرحمن زيدان ‪ .‬تدخل األمم المتحدة في النزاعات ال ُمسلحة غير ذات الطابع الدولي مرجع سابق ‪ .‬صــ‪. 416‬‬
‫‪ . 102‬عن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان انظر هامش رقم ‪.99‬‬

‫‪31‬‬
‫مصدراً لهذا القانون ‪ ،‬لعل أهمها العهدين الدوليين لحقوق اإلنسان في عام ‪ 1966‬األول خاص بالحقوق المدنية‬

‫والسياسية والثاني خاص بالحقوق االجتماعية والثقافية‪.103‬‬

‫ومن حيث الفئات المحمية فالقانون الدولي اإلنساني يرمي إلى حماية رعايا األعداء الذين ال يشتركون في‬

‫األعم ال العدائي ة أو ال ذين كف وا عن المش اركة فيه ا ‪ ،‬أم ا الق انون ال دولي لحق وق اإلنس ان فإن ه ي رمي إلى حماي ة‬

‫األف راد ض د أي تعس ف أو تج اوز للدول ة ال تي يتبعونه ا كاف ة دون اس تثناء ‪104‬وبالت الي ُيلح ظ أن الق انون ال دولي‬

‫اإلنس اني ق د قس م الفئ ات ال تي تش ملها الحماي ة إلى ع دة فئ ات ‪ ،‬في حين لم يهتم الق انون ال دولي لحق وق اإلنس ان‬

‫المساواة بينهم في الحماية هو الطاغي‪.105‬‬


‫بتقسيم الفئات التي تشملها الحماية بل كان عنصر ُ‬

‫ومن ناحية آليات مراقبة تنفيذ قواعد القانونين‪ ،‬فإن االختالف يظهر عند تطبيق اآلليات الدولية‪ ،‬حيث تتكفل‬

‫بالرقابة على تطبيق قواعد القانون الدولي لحقوق اإلنسان آليات دولية تُشرف عليها منظمة األمم المتحدة‪ ،106‬ومن‬
‫‪108‬‬
‫‪.‬‬ ‫أهم هذه اآلليات المفوض السامي لحقوق اإلنسان ‪ ،107‬ومجلس حقوق اإلنسان التابع لألمم المتحدة‬

‫‪ .103‬أحمد سي علي ‪ .‬دراسات في القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪ 65‬وصــ ‪. 66‬‬
‫‪ .104‬روشو خالد ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪. 31‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ .105‬وكمثال على ذلك فالحق في الحياة يختلف بين القانونيين‪ ،‬ففي القانون الدولي لحقوق اإلنسان يعتبر‪ V‬حقا غ‪VV‬ير ق‪V‬ابال لالنتق‪VV‬اص ويحت‪VV‬ل مك‪VV‬ان الص‪VV‬دارة‬
‫ولكن ترد عليه بعض االستثناءات كعقوبة اإلعدام أو في حالة الدفاع عن النفس‪ ،‬أما القانون الدولي اإلنساني فيعترف بمشروعية قت‪V‬ل األع‪V‬داء العس‪V‬كريين‬
‫في المعركة مع حظر قتلهم أو اغتيالهم في حالة إلقاء السالح أو االستسالم‪ ،‬وحظر مهاجمة الهابطين اضطراريا ً من الطائرات والهجمات العشوائية وكافة‬
‫األعمال التي يقصد بها تجويع المدنيين وتدمير األعيان المدنية ‪ .‬انظر شريف عتلم ‪.‬محاضرات في القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪ .32‬صــ‬
‫‪. 33‬‬
‫‪ . 106‬باعتبارها منظمة حكومية عالمية ذات اختصاص عام وشامل‪ ،‬ذلك أن الحفاظ على حقوق اإلنسان يُعد من أهم مقاصد ومبادئ المنظمة بموجب‪ V‬ميثاق‬
‫األمم المتحدة تنص الفقرة الثالثة من المادة األول من ميثاق هيئة اُألمم المتحدة لعام ‪ 1945‬بشأن مقاصد الهيئه ومبادئها على أنه "‪ /3...‬تحقيق التع‪VV‬اون‬
‫الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة االقتصادية واالجتماعية والثقافية واإلنسانية وعلى تعزيز احترام حقوق اإلنسان والحريات األساس‪VV‬ية للن‪VV‬اس‬
‫جميعا ً والتشجيع على ذلك اطالقا بال تمييز‪ V‬بسبب الجنس أو اللغة أو الدين وال تفريق‪ V‬بين الرجال أو النساء "‪.‬‬
‫انظر ‪.‬سامر أحمد موسى ‪ .‬العالقة بين القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان ‪.‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ .107‬استحدثت الجمعية العامة لألمم المتحدة في قرارها رقم ـ ‪ 141/48‬فى ‪ 20‬ديسمبر ‪ 1993‬وظيفة مفوض سام لحقوق اإلنسان‪ ،‬وتش‪VV‬مل اختصاص‪VV‬ات‬
‫المفوض السامي تشجيع احترام وحماية حقوق اإلنسان فى العالم‪ ،‬والتحاور مع الحكومات‪ V‬بهدف ضمان احترام حقوق اإلنسان‪ ،‬ويق‪VV‬وم بتق‪VV‬ديم تق‪VV‬ارير عن‬
‫أوضاع حقوق اإلنسان الدولية إلى األمين العام الذي بدوره يق‪VV‬دمها‪ V‬إلى مجلس األمن والجمعي‪VV‬ة العام‪VV‬ة‪ ،‬ووض‪VV‬ع ب‪VV‬رامج تس‪VV‬اهم في ترقي‪VV‬ة حق‪VV‬وق اإلنس‪VV‬ان‬
‫ويحضع المفوض السامي إلدارة السكرتير العام‪ .‬انظر قرار الجمعية العامة ‪.‬المفوض السامي لتعزيز جميع حقوق اإلنسان وحمايته‪VV‬ا ‪ .‬ال‪VV‬دورة ‪. 48‬البن‪VV‬د‬
‫‪ / 114‬ب ‪ 7 .‬يناير ‪ . 1994‬المشار اليه بالمرجع ‪ .A/RES/48/141‬صـ ‪. 3‬كذلك انظر مسعد عبد الرحمن زيدان ‪ .‬تدخل األمم المتحدة في النزاع‪VV‬ات‬
‫ال ُمسلحة غير ذات الطابع الدولي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪ . 445‬و انظر أيضا نجوى إبراهيم‪ .‬دور األمم المتحدة في تطوير آليات حماي‪VV‬ة حق‪VV‬وق اإلنس‪VV‬ان في‬
‫العالم ‪..‬مجلة السياسة الدولية ‪.‬العدد ‪ .167‬المجلد ‪ . 42‬يناير ‪ . 2007‬صــ‪. 51‬‬
‫‪ .108‬جاء على أثر اعتماد الجمعية العامة لألمم المتحدة ق‪V‬رار رقم ‪ 251 V/ 60‬في ‪ 15‬م‪V‬ارس ‪ ،2006‬و ينص على إنش‪V‬اء ه‪V‬ذا المجلس ليح‪V‬ل مح‪VV‬ل لجن‪V‬ة‬
‫حقوق اإلنسان بعد مرور ‪ 60‬عاما على إنشائها‪ ،‬ويعد هذا المجلس أحدث جهاز دولى للمحافظة على حقوق اإلنسان بعد أن تميزت‪ V‬لجنة حقوق اإلنسان‬
‫بضعف اختصاصاتها ومحدودية فعالياتها أمام العدد الهائل من انتهاكات حقوق اإلنسان واتهمت‪ V‬اللجنة بالتسيس‪ V‬وازدواجية المعايير‪ V،‬حيث أدانت أوضاع‬
‫حقوق اإلنسان في دول مثل إيران‪ ،‬السودان‪ ،‬كوبا في المقابل لم تتخذ أي قرار بشأن معتقلي غوانتنامو‪ ،‬ومنه جاء إنشاء المجلس كمحاولة لتفادي عيوب‬
‫اللجنة‪ ،‬ومن بين أهم اختصاصاته اخضاع أوضاع حقوق اإلنسان في جميع الدول للمراجعة والنظر وال تملك الدول بموجبه الحق في رفض ارسال لجنة‬
‫تحقيق في انتهاكات حقوق اإلنسان لديها في حين أن الدول األعضاء فى اللجنة السابقة كانت‪ V‬تملك حق الرفض ‪ .‬انظر القرار الصادر عن الجمعية العامة‬
‫لألمم المتحدة ‪ .‬قرار اتخذته الجمعية العامة مجلس حقوق اإلنسان ‪ .‬الدورة الستون ‪.‬في ‪ 3‬ابريل ‪ .2006‬المشار إليه بالمرجع ‪ .A /RES/60/251‬صــ ‪2‬‬
‫‪ .‬انظر أيضا ً ن جوى إبراهيم ‪.‬دور األمم المتحدة في تطوير آليات حماية حقوق اإلنسان في العالم ‪..‬المرجع السابق ‪.‬صــ ‪ 53‬وصــ ‪. 54‬‬

‫‪32‬‬
‫في حين تتكفل على حسن تطبيق قواعد القانون الدولي اإلنساني وبالرقابة على تنفيذه‪ ،‬آليات دولية خاصة‬

‫المنظمات والهيئات الحكومية وغير الحكومية ‪ ،109‬لعل أهمها اللجنة الدولية للصليب األحمر‪ ،110‬باإلضافة‬
‫تملكها ُ‬

‫إلى بعض المنظم ات اإلنس انية غ ير الحكومية‪ ،111‬وك ذلك هن اك آلي ات أخ رى ذات طبيع ة وقائي ة وأخ رى قمعي ة أو‬

‫ردعية ومنها نظام " الدولة الحامية "‪ ،‬أو نظام التحقيق في االنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني والذي تقوم‬

‫به اللجنة الدولية لتقصي الحقائق‪ ، 112‬إضافة إلى المحكمة الجنائية الدولية الدائمة ‪.113‬‬

‫الم قررة في حاالت انتهاك قواعد هذه القوانين فعندما يتعلق األمر باختراق قواع د الق انون‬
‫ومن حيث العقوبة ُ‬

‫المتض ررة باتخ اذ اإلج راءات الالزم ة أم ام المح اكم الوطني ة‪ ،‬وإ ذا اقتض ى‬
‫ال دولي لحق وق اإلنس ان تق وم األط راف ُ‬

‫األم ر أم ام المنظم ات الدولي ة‪ ،‬فالق انون ال دولي لحق وق اإلنس ان ‪ ،‬يعت بر ُملزم ا ًلل دول ‪ ،‬وفي ه م ا ينص على ح ق‬

‫ض حايا االنتهاك ات الجس يمة في اإلنص اف ال ذي يش مل على إحق اق العدال ة وج بر الض رر‪ ،114‬في حين أن الق انون‬

‫المنتهكة لقواعده وإ نما‬


‫الدولي اإلنس اني لم يتضمن أي نصوص قانونية تُحدد العقوبات التي تُوقع على األط راف ُ‬

‫تُحال هذه العقوبات إلى القوانين الجنائية الوطنية‪ ،‬مما يؤدي إلى إفالت المنتهكين من العقوبات الحقيقية والصارمة‬
‫‪115‬‬
‫‪.‬‬

‫ورغم أن األلي ات الخاص ة بالق انون ال دولي اإلنس اني غ ير دائم ة‪ ،‬كتل ك اآللي ات الخاص ة بالق انون ال دولي‬

‫‪116‬‬
‫‪ ،‬إال أنه ومع التطور‬ ‫ومستقرة كالمحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان‬
‫لحقوق اإلنسان والتي تتصف بأنها دائمة ُ‬

‫‪ . 109‬سامر أحمد موسى ‪ .‬العالقة بين القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان ‪.‬مرجع سابق ‪.‬‬
‫‪.110‬انظر إلى المادة ‪ 126/4‬من اتفاقية جنيف الثالثة لعام ‪ ،1949‬والمادة ‪143 V،142/3‬والم‪VV‬ادة ‪ 5/‬من اتفاقي‪VV‬ة ج‪VV‬نيف الرابع‪VV‬ة ‪،1949‬والم‪VV‬ادة ‪ 81/1‬من‬
‫البروتوكول اإلضافي األول لعام ‪. 1977‬‬
‫‪ .111‬كمنظمة أطباء بال حدود ومنظمة أطب‪V‬اء الع‪VV‬الم ُومنظم‪V‬ة الرقاب‪V‬ة على حق‪V‬وق اإلنس‪V‬ان ‪.‬انظ‪V‬ر الم‪VV‬ادة ‪ 3-81/2‬من ال‪VV‬بروتوكول اإلض‪V‬افي األول لع‪V‬ام‬
‫‪.1977‬‬
‫‪ .112‬أوكلت مهمة التحقيق للجنة تقصي الحقائق للتحقيق في االنتهاكات‪ V‬الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني‪ ،‬بحس‪VV‬ب الم‪VV‬ادة من ‪ 90‬من ال‪VV‬برتوكول اإلض‪VV‬افي‬
‫األول التفاقيات جنيف األربع لعام ‪ 1949‬حيث نصت على أنه ‪ ... " -:‬تكون اللجن‪V‬ة مختص‪V‬ة ب‪VV‬اآلتي ‪ :‬أوالً ‪ :‬التحقي‪VV‬ق في الوق‪V‬ائع المتعلق‪VV‬ة ب‪VV‬أي ادع‪V‬اء‬
‫خاص بانتهاك جسيم كما حددته االتفاقيات هذا اللحق "البروتوكول"‪"..‬‬
‫‪ . 113‬سامر أحمد موسى ‪ .‬العالقة بين القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان ‪.‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ . 114‬منظمة العفو الدولية‪ .‬انتزاع الحياة من جوف اليرموك ‪ .‬المملكة المتحدة ‪.‬الطبع‪VV‬ة األولى ‪. 2014.‬المش‪VV‬ار الي‪VV‬ه ب‪VV‬المرجع ‪MDE V.24/008/2014‬‬
‫صـــ ‪.19‬‬
‫‪ .115‬حسين علي الدريدي ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 72‬‬
‫‪116‬‬
‫‪.Ray Murphy. Origins and development of IHL. institute for international criminal investigations. San Francisco,‬‬
‫‪U.S.A. IICI. July 2013.P.g 32.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪117‬‬
‫يمكن اللجوء إليه لضمان تنفيذ العقوبات على ُمنتهكي قواعد القانون‬ ‫المعاصر تم استحداث نظام قضائي دولي‬
‫ُ‬

‫الدولي اإلنساني‪.‬‬

‫ويص بان في‬


‫ُ‬ ‫وكخالص ة من ك ل م ا س بق يمكن الق ول أن كالً من الق انونين ُيكمالن بعض هما البعض‬
‫ُ‬

‫مصلحة ُم شتركة واحدة وهي الحفاظ على حقوق اإلنسان األساسية‪ ،‬ورغم أن لكل قانون آليه عمل خاصة به تجعل‬

‫ومستقلة‪ ،‬إال أنهما يوفران مع اً إطاراً لحماية شاملة تمكنهما من الوصول إلى الهدف‬
‫منه منظومة قانونية ُمتكاملة ُ‬

‫المشترك وهو حماية اإلنسان بالدرجة األولى‪ ،‬وإ ن كان ذلك من زوايا مختلفة ‪ ،‬فالقانون الدولي اإلنساني يهدف‬

‫إلى الح د من أض رار الح روب‪ ،‬في حين يه دف الق انون ال دولي لحق وق اإلنس ان إلى ال دفاع عن الحق وق األساس ية‬

‫لإلنسان ضد تسلط وتعسف الدول والحكومات‪.‬‬

‫تل ُكم هي أهم أوجه االلتقاء واالختالف بين القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬وسيتم‬

‫تالياً تتبع مراحل تطور قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪-:‬‬

‫المطلبـ الثانيـ‬

‫مراحل تطور قواعد حماية األعيانـ المدنية والثقافية‬

‫إن دراس ة اإلط ار الت اريخي للق انون ال دولي اإلنس اني يرتب ط تلقائي ا ًبتط ور فك رة الح رب ذاته ا ال تي تُش كل‬

‫واقع اً راف ق اإلنس ان على م ر العص ور‪ ،‬وق د ك ان لظه ور ال ديانات الس ماوية الفض ل الكب ير في إرس اء الكث ير من‬

‫المبادئ والقواعد التي تنظم وتقيد أساليب القتال وفي مقدمتها الشريعة اإلسالمية ‪.‬‬

‫وعلي ه فمن المهم جداً التط رق إلى التط ور الت اريخي باعتب ار أن ذل ك ُيعطي خلفية تاريخي ة واض حه للتمكن‬

‫ويمكن تقس يم ه ذا المطلب إلى الف رع األول ال ذي ُيع نى‬


‫من التعام ل م ع قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة ‪ُ ،‬‬

‫‪ُ . 117‬مت ّمثل في إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الدائمة عام ‪ ،1998‬والذي دخلت حيز النفاذ عام ‪.2002‬‬

‫‪34‬‬
‫بدراسة اإلطار التاريخي لقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية أثناء النزاع المسلح ‪ ،‬ثم بيان اإلطار اإلسالمي لها‬

‫والوقوف على المراحل التي مرت بها في الفرع الثاني‪ ،‬وذلك على النحو التالي ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬اإلطار التاريخيـ لنشأة قواعد حماية األعيانـ المدنية والثقافية ‪:‬‬

‫نش أ الق انون ال دولي اإلنس اني بداي ة من مجموع ة الع ادات واألع راف ال تي اعت اد المح اربون االل تزام به ا‪ ،‬ثم‬

‫صارت مع مرور الوقت قواعد ُعرفية ُملزمة وآمرة تُنظم النزاعات التي تجري بينهم‪.‬‬

‫وقد ساهمت الديانات السماوية ومنها الشريعة اإلسالمية في ظهور مالمح القانون الدولي اإلنساني وتطورها‪،‬‬

‫وبع د ذل ك ج اءت مرحل ة الت دوين والتوثي ق من خالل االتفاقي ات الدولي ة ال تي أسس ت المنظوم ة القانوني ة للق انون‬

‫الدولي اإلنساني‪ ،‬وللبحث عن الجذور التاريخية لقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية محل الدراسة ‪ ،‬البد من‬

‫تقسيم المراحل التي مرت بها إلى ثالثة عصور وهي العصور القديمة‪ ،‬والوسطى‪ ،‬و الحديثة ‪.‬‬

‫المتحاربة من االعتداء على األعيان المدنية‬


‫العصور القديمة ‪ -:‬لم تشهد هذه الفترة أي تنظيم قانوني يمنع القوات ُ‬

‫والممتلكات الثقافية؛ حيث كان ُيباح للمقاتلين التدمير واالستيالء على كافة ُممتلكات العدو باعتبارها غنائم حرب‬
‫ُ‬

‫دون األخذ باالعتب ارات الديني ة أو اإلنسانية‪ ،118‬وعلي ه ظه رت الحاجة إلى وضع قواع د في إط ار ُمتب ادل ص ارت‬

‫فيما بعد أعرافاً‪ ،‬ثم مواثيق إلى أن تكونت القوانين التي تنظم الحروب ‪.119‬‬

‫وقد ساهمت جميع الحضارات القديمة في نشأة وتطور قواعد القانون الدولي اإلنساني ‪ ،‬و أظهرت الحضارة‬

‫الصينية احتراماً للمبادئ اإلنسانية الخاصة بنظام حماية األعيان المدنية‪ ،‬من خالل التعليمات السرية الستة لــ" تاي‬

‫كنغ " في القرن الحادي عشر قبل الميالد‪ ،‬والتي أكد فيها على ضرورة عدم تدمير البيوت‪ ،‬وعدم تقطيع األشجار‬

‫في المدافن والمذابح‪.120‬‬

‫‪ . 118‬بالل على النس‪VV‬ور‪ .‬رض‪VV‬وان محم‪VV‬د محم‪VV‬ود المج‪VV‬الي ‪ .‬الوج‪VV‬يز في الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي اإلنس‪VV‬اني دراس‪VV‬ة م‪VV‬ع بعض من النم‪VV‬اذج الدولي‪VV‬ة المعاص‪VV‬رة ‪.‬‬
‫األكاديميون للنشر والتوزيع ‪.‬الطبعة األولى ‪.‬عمان ‪.‬األردن ‪ .2012 .‬صـــ‪.142‬‬
‫‪ . 119‬انظر عمر محمود المخزومي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صـ‪. 29‬‬
‫‪120‬‬
‫"‪T’ai Kung. " Six Secret teachings‬‬

‫‪35‬‬
‫كم ا اتخ ذت الحض ارتين الروماني ة واليوناني ة ت دابير ديني ة وأخالقي ة ع دة لحماي ة األعي ان المدني ة والممتلك ات‬

‫المقدس ة‬
‫الثقافي ة كن وع من نظ ام حماي ة له ذه األعي ان‪ ،‬وذل ك لحمايته ا من االعت داء العتب ارات أهمه ا القيم ة الديني ة ُ‬

‫المعتمد حالي اً حيث كانت الرغبة في‬


‫للمعابد‪ ،‬فعرفت الحضارة اإلغريقية حق اللجوء إليها‪ ،‬ومنه نشأ قانون اللجوء ُ‬

‫اللجوء إليها نابع ةً من االعتقاد السائد آنذاك بكونها محمية من اآللهة وأن أي اعتداء سيولد انتقام اً من المعبد على‬
‫‪121‬‬
‫المعتدين‪.‬‬

‫وعليه فقد أعطت الحضارات القديمة قيمة لالعتبارات اإلنسانية وأسهمت إسهاماً كبيراً في تكوين المالمح‬

‫األولى للقانون الدولي اإلنساني‪ ،‬خاصة ما يتعلق بنظام حماية األعيان المدنية والممتلكات الثقافية‪ ،‬وإ ن لم يكن على‬

‫درجة واحدة من اإلسهام‪ ،‬إال أنها عرفت الكثير من مفاهيم هذا القانون وهذه القواعد ‪.122‬‬

‫وبهذا يمكن القول ‪ :‬بأن األعراف والقواعد التي كانت تحكم وتنظم العمليات الحربية في الحضارات القديمة‬

‫فعال ة في الحف اظ على حي اة اإلنس ان وكرامت ه‪ ،‬وحماي ة‬


‫حملت مالمح الق انون ال دولي اإلنس اني وس اهمت ُمس اهمة ّ‬

‫ممتلكاته المدنية والثقافية‪ ،‬من خالل التحلي بالطابع اإلنساني والتمسك بأخالقيات الحرب اإلنسانية‪.‬‬

‫العصور الوسطى‪ :‬إن ظهور بعض الديانات كان من أبرز العوامل التي أدت إلى استقرار الجذور األولى للقانون‬

‫ال دولي اإلنس اني‪ ،‬وقواع د حماي ة األعي ان المدني ة والممتلك ات الثقافي ة‪ ،‬فق د ت أثر ه ذا الق انون وه ذه القواع د بظه ور‬

‫المث ل األخالقي ة العلي ا والض رورات العس كرية‪،‬‬


‫المس يحية واإلس الم وال ديانات األخ رى‪ ،‬وال تي ك انت توف ق م ا بين ُ‬

‫المنظمة‬
‫فظهور هذه األديان السماوية‪ ،‬أدى أيضا إلى بروز الجذور األولى لقواعد القانون الدولي اإلنساني ‪ُ ،‬‬
‫‪123‬‬

‫للعمليات الحربية والضامنة لحماية األعيان المدنية والثقافية ‪.‬‬

‫إال أن الديان ة اليهودي ة حملت فك رة أن اإلل ه ه و قائ د عس كري‪ ،‬واس تناداً إلى ذل ك انط وت حي اتهم على‬

‫خ وض العدي د من الح روب ال تي تحض على تدمير الم دن‪ ،‬حتى عن د انتص ارهم على أع دائهم‪ ،‬فالتدمير والخ راب‬
‫‪http://www.scribd.com/doc/188144397/Tai-Kung-Six-Secret-Teachings .) accessed 1st. feb.2014(.‬‬
‫‪ . 121‬سالمة صالح الرهايفة ‪ .‬حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات ال ُمسلحة ‪ ..‬دار الحامد للنش‪V‬ر والتوزي‪V‬ع ‪ .‬الطبع‪V‬ة االولى ‪ . 2012‬عم‪V‬ان‪ .‬االردن‪.‬‬
‫صـ‪.26-24‬‬
‫‪ . 122‬روشو خالد ‪.‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 44‬‬
‫‪. 123‬أبو الخير أحمد عطية ‪ .‬محكمة الجنايات الدولية الدائمة ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 194‬‬

‫‪36‬‬
‫أم ر إلهي عن د الطائف ة العظمى من اليه ود ‪ ،124‬وبالت الي لم تُحق ق أي حماي ة لألعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬ب ل ج اءت‬

‫لتبيح تدميرها استناداً إلى اعتبارات دينية ‪.‬‬

‫أما الديانه المسيحية فمن خالل أسفار العهد الجديد من ظاهر كتاب اإلنجيل " البشير متى"‪ ،125‬إصحاح ‪ ،5‬لم‬
‫‪126‬‬
‫المتتب ع لواق ع الح روب عن د المس يحيين‬
‫المطلق ‪ ،‬لكن ُ‬
‫تتط رق إلى تنظيم العملي ات الحربي ة ب ل دعت إلى الس الم ُ‬

‫يرى بأنه وعلى الرغم من أن الديانة المسيحية في أسفار العهد الجديد كانت تنادي إلى السالم واإلخاء ونبذ العنف‬

‫في بعض جوانبه ا‪ ،‬حيث س عى المرش دون ال دينيون على حث األط راف المتنازع ة إلى المحافظ ة على األعي ان‬

‫المدنية خالل العمليات العدائية‪ ،127‬إال أن الواقع المسيحي كان على النقيض تماماً‪ ،128‬وما يؤكد على ذلك الحروب‬

‫الدموية التي قادها المسيحيون على مر العصور‪.129‬‬

‫ولع ل ذل ك يرج ع في األس اس إلى اعتم ادهم على أس فار العه د الق ديم كمرج ع‪ ،‬وال تي ك انت تحم ل العدي د من‬

‫العب ارات ال تي تح ّرض على القت ل والتع ذيب واالعت داء على األعي ان المدني ة دون أي تمي يز‪ ،‬فق د ورد به ا م ا ي دل‬

‫على جواز حرق المدن بكل ما فيها‪ ،‬وتدمير الممتلكات من الفضة والذهب وآنية النحاس والحديد وغيرها‪.130‬‬

‫‪. 124‬روشو خالد ‪.‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق صــ ‪ 45‬وصــ ‪. 46‬‬
‫‪ 125‬هناك عدة أناجيل مثل إنجيل متى‪ ،‬إنجيل مرقص‪ ،‬إنجيل لوقا‪ ،‬وإنجيل يوحنا‪ ،‬انظه‪V‬ر ه‪V‬امش رقم ‪ . 1‬روش‪V‬و خال‪V‬د ‪ .‬الض‪V‬رورة العس‪V‬كرية في نط‪V‬اق‬
‫القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪. 47‬‬
‫‪ ،. 126‬إذ ورد فيه أنه إذا ‪" :‬سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن‪ 39 .‬وأما أنا فأقول لكم ال تقاوموا الشر بل من لطم‪VV‬ك على خ‪VV‬دك األيمن فح‪VV‬ول ل‪VV‬ه اآلخ‪VV‬ر‬
‫أيضا‪ 40 .‬ومن أراد أن يُخاصمك ويأخذ ثوبك فأترك له الرداء أيضا‪ 41 .‬ومن سخرك ميالً واحداً فأذهب مع‪VV‬ه اث‪VV‬نين‪ 42 .‬من س‪VV‬الك فأعط‪VV‬ه ومن أراد ان‬
‫يقترض منك فال ترده ‪ 43‬سمعتم أنه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك ‪ 44‬وأما أنا فأقول لكم أحبوا اعداءكم " كتاب "‪.‬اإلنجيل" البشير متى ‪ .‬على الموق‪VV‬ع‬
‫‪.‬تاريخ الزيارة ‪ 17‬يوليو ‪ 2014‬الرابط ‪.‬‬
‫‪http://www.enjeel.com/bible.php?bk=40&ch=5&vr=38#ver38‬‬
‫‪ .127‬أحمد سي علي‪.‬حماية األشخاص واألموال في القانون الدولي اإلنساني‪.‬دار االكاديمي‪VV‬ة ال‪VV‬دار البيض‪VV‬اء‪ .‬الطبع‪VV‬ة األولى‪.‬الجزائ‪VV‬ر‪.2010-2011 .‬صـــ‬
‫‪.316‬‬
‫‪ .128‬روشو خالد ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق‪.‬صــ‪48‬‬
‫‪ .129‬فعندما احتل الصليبيون القدم في عام ‪ 1099‬قاموا بذبح جميع السكان‪ ،‬وفي ذلك كتب‪ V‬الكاهن " ريم‪V‬ون داجي‪V‬ل" بص‪V‬فته ش‪V‬اهد عي‪V‬ان له‪V‬ذه المذبح‪V‬ة‪"،‬‬
‫كان في معبد سليمان القديم حيث لجأ ‪ 10000‬مسلم‪ ،‬دماء أريقت بكثرة جعلت جثث الموتى تسبح فيها متنقلة هن‪V‬ا وهن‪VV‬اك في فن‪VV‬اء المعب‪VV‬د‪ ،‬وك‪V‬انت‪ V‬األي‪V‬دي‬
‫المقطوعة واألذرع المبتورة‪ V‬ترى عائمة فيها " ‪ .‬عمر المخزمي ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.32‬‬
‫‪ . 130‬فعلى سبيل المثال جاء في سفر يشوع إصحاح ‪ 24-20 :6‬أحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها‪ ،‬إنما الفضة والذهب وآنية النحاس والحديد واجعلوها‬
‫في خزانة بيت الرب‪ ،‬و كذلك جاء في سفر صموئيل األول اصحاح ‪ 11 V- 3 V: 15‬حيث قال " ‪ ...‬ال تعف عنهم بل اقتل رجالً وام‪V‬رأة طفالً ورض‪V‬يعا ً‬
‫بقراً وغنما ً جمالً وحماراً "‪ ،‬وفي سفر إشعيا اصحاح ‪ 16 V: 13‬يقول‪" :‬وتحطم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب‪ V‬بيوتهم وتفضح نساؤهم" وفي سفر حزقيال‬
‫اصحاح ‪ 7-5 V:9‬يقول " اعبروا في المدينة وراءه واضربوا‪ .‬ال تشفق أعينكم وال تعفوا‪ 6 .‬الش‪VV‬يخ والش‪VV‬اب والع‪V‬ذراء والطف‪V‬ل والنس‪V‬اء اقتل‪V‬وا للهالك ‪.‬وال‬
‫تقربوا من إنسان عليه السمة وابتدأوا من مقدسي ‪.‬فابتدأوا بالرجال الشيوخ الذين أمام البيت‪ 7 .‬وقال لهم نجسوا البيت وامالوا الدور قتلى‪ . ".‬انظ‪VV‬ر كت‪VV‬اب‬
‫"‪.‬اإلنجيل" على الموقع ‪.‬تاريخ الزيارة ‪ 3‬اغسطس ‪. 2014‬الرابط‬
‫‪..http://www.enjeel.com‬‬

‫‪37‬‬
‫وعلي ه يمكن الق ول‪ :‬ب أن الديان ة المس يحية وخاص ة في أس فار العه د الجدي د ج اءت ُمحمل ة بالس الم‪ ،‬وق د‬

‫وضعت مبادئ ساهمت في رسوخ بعض مبادئ القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬في حين كانت أسفار العهد القديم تتبنى‬

‫وتتقارب في نصوصها مع الديانة اليهودية من حض على القتل والتدمير دون تمييز لألعيان المدنية والثقافية ‪.‬‬

‫وفي جانب آخر ومن الجزيرة العربية بالتحديد‪ ،‬أدى ظهور الدين اإلسالمي في القرن السابع الميالدي دوراً‬

‫مهماً في إيجاد نظام ُم تكامل من األخالق والمبادئ اإلنسانية؛ حيث أعطت أولوية لالعتبارات اإلنسانية‪ ،‬وظهر ذلك‬

‫جلياً من خالل العبقرية العسكرية التي يتمتع بها الرسول محمد ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬والنابعة من تعاليم ديننا‬

‫اإلسالمي الحنيف‪ ،‬وهذا ما سيتم توضيحه في الفرع الثاني من هذا المطلب‪.‬‬

‫العصور الحديثة ‪ -:‬كانت بداية ظهور قواعد القانون الدولي التقليدي في القرن السابع عشر حيث ظهرت‬

‫المتح اربون اختي اراً وطوع اً‪ ،‬وق د س اهم الفقه اء الع رب في وض ع أهم‬
‫بعض القواع د العرفي ة‪ ،‬ال تي عم ل به ا ُ‬
‫‪131‬‬
‫الموضوعات التي ُيعنى بها القانون الدولي اإلنساني ومنهم الفقيه محمد بن الحسن الشيباني ‪ ،‬حيث كرس قسماً‬

‫كبيراً من كتابة "السير الكبير" لعرض أحكام القانون الدولي في اإلسالم ُأثناء السلم والحرب‪.132‬‬

‫كم ا س اهم الفقه اء من غ ير الع رب و منهم جروس يوس‪ ،‬أح د الفقه اء التقلي ديين من خالل كتاب ة الش هير‬

‫المنظم ة للحرب وضبط سلوك المتحاربين‪،133‬‬


‫(قانون الح رب والس لم ) عام ‪ 1625‬في تأس يس بعض القواعد ُ‬

‫فلم تعرف أوروبا مبدأ (النظرية التقليدية في قانون الحرب) إال في أواخر القرن الثامن عشر‪ ،134‬كما ظهر نوع‬

‫‪ .131‬اإلمام الفقيه محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني من أشهَ ِر تالميذ اإلمام أبي حنيفة‪ ،‬ولد سنة اثنين وثالثين ومائة هجرية وتوفِّي ‪ -‬رحم‪V‬ه هللا ‪ -‬في س‪V‬نة‬
‫تسع وثمانين ومائة هجرية‪ ،‬نشأ في الكوفة وكان له أثَ ٌر كبي ٌر في نشر مذهب اإلمام أبي حنيفة‪ ،‬ولي قضاء الرقة في عهد هارون الرشيد‪ ،‬وإذ كان الغ‪VV‬رب‬
‫ينسب القانون الدولي العام إلى هيروسيوسي ‪ -‬جروسيوس ‪ -‬الهولندي المتوفى ‪1645‬م‪ ،‬ويُطلِقون عليه أبا القانون الدولي إال أن الحقيقة ال‪VV‬تي يعلمه ‪V‬ا‪ V‬ك‪VV‬لُّ‬
‫باحث منصف أن الشيباني هو من سبق بأحكام القانون الدولي‪ ،‬حيث توجد العديد من الدالئل على ذلك‪ ،‬وقد ُأسِّست في "غوتجن" بألمانيا جمعيَّة للحقوق‬
‫والمشتغ لين به في مختلف البالد‪ ،‬تهدف هذه الجمعية في األساس إلى التعريف بالشيباني وسميت‪ V‬بــ"جمعي‪VV‬ة الش‪VV‬يباني‬ ‫ِ‬ ‫الدوليَّة ض َّمت ُعلَماء القانون الدولي‬
‫للقانون الدولي "‪. 1955‬انظر فؤاد عبدالمنعم أحمد ‪ .‬مواقف ورجال في القضاء اإلسالمي‪ ،‬محمد بن الحسن الشيباني ‪.‬جريدة البعث اإلسالمي ‪ -‬العدد ‪- 6‬‬
‫المجلد ‪. 28‬ديسمبر ‪1983‬م ‪ .‬صــ ‪ ،44‬وصــ ‪. 46‬انظر أيضا ً ‪ .‬جابر عبد الهادي سالم الشافعي ‪ .‬تأصيل مبادئ القانون الدولي اإلنس‪VV‬اني ‪.‬مرج‪VV‬ع س‪VV‬ابق ‪.‬‬
‫صــ ‪. 173‬‬
‫‪ ،. 132‬فاشتمل على أحكام األسرى وإسالم المشركين‪ ،‬واألمان‪ ،‬والرُّ سل ال‪V‬ذين يَفِ‪V‬دُون إلى دار اإلس‪VV‬الم من دار الح‪VV‬رب والحص‪VV‬انات ال‪VV‬تي لهم‪ ،‬والغن‪VV‬ائم‬
‫والص ‪V‬لح والتحكيم‪ ،‬والمعاه‪VV‬دات ونقض‪VV‬ها‪ ،‬وج‪VV‬رائم الح‪VV‬رب‪.‬أنظ‪VV‬ر ‪ .‬ف‪VV‬ؤاد عب‪VV‬دالمنعم أحم‪VV‬د ‪ .‬مواق‪VV‬ف ورج‪VV‬ال في القض‪VV‬اء اإلس‪VV‬المي محم‪VV‬د بن الحس‪VV‬ن‬ ‫ُّ‬
‫الشيباني ‪.‬المرجع السابق ‪ .‬صـ ‪. 46‬‬
‫‪ . 133‬شريم عتلم ‪.‬محاضرات في القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 17‬‬
‫‪ . 134‬وجاء في ما ذكره جان جاك روسو في كتابة العقد االجتماعي أن الحرب ماهي إال عالقة دولة بدولة وليست عالقة عداء بين المواطنين المدنيين اال‬
‫بصفة عرضية بوصفهم جنوداً وبمجرد إلقاء أسلحتهم أو استس‪VV‬المهم ف‪VV‬إنهم يع‪VV‬ودون من جدي‪VV‬د ليص‪VV‬بحوا بش‪VV‬راً‪ ،‬بحيث‪ V‬ال يح‪VV‬ق ألي إنس‪VV‬ان االعت‪VV‬داء على‬

‫‪38‬‬
‫من الحس بالمسؤولية اتجاه حماية األعيان المدنية وخاصة الممتلكات الثقافية كونها جزء من القومية والهوية ‪،‬‬

‫حيث أعلن في كتاب ه بأن ه ال يج وز الت دمير واالتالف إال عن د مقتض يات الض رورة العس كرية ‪ ،135‬وأك د على‬

‫ضرورة عدم االعتداء على أي ممتلكات ال صله لها بالعمليات الحربية ‪ ،136‬كذلك ُيعد الفقيه البيرتلو جنتليس‬

‫أول من طرح مسؤوليه الحماية الدولية للممتلكات الثقافية خاصة في أوقات الحروب‪.137‬‬

‫وش هد النص ف األول من الق رن التاس ع عش ر إس هامات لمفك رين وفقه اء من أج ل تق نين القواع د العرفي ة‬

‫والعادات التي تحكم سير العمليات الحربية‪ ،138‬مما أدى إلى استقرار وتبلور هذه القواعد العرفية‪ ،‬وظهر ذلك من‬

‫خالل كتاب ات وإ عالن ات ق ادة الجي وش‪ ،‬حيث تبل ورت واس تقرت بعض القواع د والع ادات العرفي ة ال تي ك انت تحكم‬
‫‪139‬‬
‫الموجهة إلى جيوش الواليات المتحدة‬ ‫العمليات العدائية‪ ،‬حيث احتوت المواد من ‪ 34‬إلى ‪ 37‬من " مدونة ليبر"‬

‫األمريكي ة أثن اء االنفص ال ع ام ‪ 1863‬على مب ادئ وقواع د تحظ ر على الجي وش االس تيالء على أه داف تق ع في‬

‫المدارس أو الجامعات أو االكاديميات أو المتاحف أو المستشفيات أو المكتبات‪ ،140‬ثم شهد النصف الثاني من الق رن‬

‫نفس ه جه وداً لت دوين تل ك األع راف س واء على ش كل تص ريحات أو تعليم ات الحكوم ات لجيوش ها في المي دان‪ ،‬أو‬

‫مجهودات فقهية لوضع تقنين كامل لقانون الحرب‪.141‬‬

‫وقد بدأت مرحلة تدوين القانون الدولي اإلنساني األساسية والفعلية‪ ،‬بعد صدور معاهدة جنيف لعام ‪،1864‬‬

‫وال تي مه دت إلبرامه ا مجموع ة من الظ روف لع ل أهمه ا "معرك ة س ولفارينو" وال تي وقعت في ‪ 24‬يوني و ‪1859‬‬

‫حياتهم نوال بسج ‪.‬القانون الدولي اإلنساني وحماية المدنيين واألعيان المدنية زمن النزاعات ال ُمسلحة ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 57‬‬
‫‪ . 135‬د‪ .‬أحمد سي علي ‪ .‬حماية األشخاص واألموال في القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪316‬‬
‫‪ . 136‬سالمة صالح الرهايفة ‪ .‬حماية الممتلكات ت الثقافية أثناء النزاعات ال ُمسلحة ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.35‬‬
‫‪ . 137‬فقيه هولندي عاش في الفترة التي كثرت فيها المنازعات ال ُمسلحة بين الكاثوليك والبروتستانت‪ V‬ويعتبر‪ V‬مؤسس الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي األوروبي في الق‪VV‬رن‬
‫السابع عشر انظر ‪ .‬د‪ .‬أحمد سي علي ‪ .‬حماية األشخاص واألموال في القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪316‬‬
‫‪ . 138‬وذلك من أجل ضمان االلتزام بها وبلورتها واستقرارها‪ ،‬لتفضيل النصوص المكتوبة على القواعد العرفية؛ باعتبار أن ذلك يُسهل من عملية انض‪VV‬مام‬
‫الدول إلى القواعد المكتوبة والتعهد بالتزاماتها ويُسهل الرجوع إليها‪ ،‬فقد كان قانون الحرب أول ق‪VV‬انون دولي يخض‪VV‬ع للتق‪VV‬نين حيث ب‪VV‬دأت ال‪VV‬دول في جم‪VV‬ع‬
‫األعراف التقليدية وتدوينها ‪ .‬انظر محمد المجذوب ‪ .‬طارق المجذوب ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬منشورات الحلبي ‪.‬لبنان ‪.‬بيروت ‪ . 2009 .‬صــ ‪. 64‬‬
‫‪ . 139‬أقرها الرئيس األمريكي أبرهام لنكولن وأعلن أنها ملزمة لجميع قوات االتحاد وتعد مدونة ليبر أول محاولة ج‪VV‬ادة لتق‪VV‬نين ق‪VV‬وانين وع‪VV‬ادات الح‪VV‬رب ‪.‬‬
‫انظر لورنس فنشر ‪ .‬القانون اإلنساني الدولي‪ :‬لمحة‪ .‬حنان عشراوي ‪.‬جرائم الحرب ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 17‬‬
‫‪. 140‬انظر هامش التقرير الصادر عن مؤسسة الضمير لحق‪VV‬وق اإلنس‪VV‬ان‪ .‬الع‪VV‬دوان اإلس‪VV‬رائيلي المفت‪VV‬وح على قط‪VV‬اع غ‪V‬زة ج‪VV‬رائم ض‪V‬د اإلنس‪V‬انية – ج‪V‬رائم‬
‫حرب‪ ،‬مايو ‪. 2009‬سلسلة دراسات وتقارير‪. V‬صـــ ‪ . 12‬تاريخ الزيارة في ‪ 26‬يوليو ‪ 2013‬الرابط‬
‫‪http://holocaust.ps/data/report/1.pdf‬‬
‫‪. 141‬صالح الدين عامر ‪ .‬تط‪VV‬ور مفه‪VV‬وم‪ V‬ج‪V‬رائم الح‪VV‬رب ‪.‬في المحكم‪VV‬ة الجنائي‪VV‬ة الدولي‪V‬ة المواءم‪VV‬ات الدس‪VV‬تورية والتش‪VV‬ريعية ‪.‬إع‪V‬داد ش‪VV‬ريف عتلم ‪.‬الطبع‪VV‬ة‬
‫السابعة ‪.‬اللجنة الدولية للصليب األحمر ‪ . 2009.‬صــ ‪.108‬‬

‫‪39‬‬
‫بمنطقة سولفارينو بمقاطعة لومبارديا شمال إيطاليا بين االحتالل النمساوي والجيش الفرنسي المتحالف مع الجيش‬
‫‪142‬‬
‫اإليطالي‬

‫وعلى أثر ذلك قام السويسري “هنري دونان” الذي تأثر بهذه المعركة‪ ،‬وقام بتأسيس "اللجنة الدولية للصليب‬

‫األحم ر"‪ ،‬وق د س اهمت ه ذه اللجن ة في تش كيل اﺘﻔﺎﻗﻴﺔ ﺠﻨﻴﻑ ﺍﻷﻭلى ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ ‪ 1864‬لتحس ين ح ال الج رحى ب الجيوش‬

‫في المي دان‪ ،‬ك أﻭل اﺘﻔﺎﻗﻴﺔ دولي ة مدون ه‪ ،‬تقتص ر على العس كريين الج رحى في المي دان ال بري فقط ‪ ،143‬وق د ُش ددت‬

‫الحماي ة القانوني ة لألعي ان المدني ة والمملك ات الثقافي ة خالل النزاع ات القتالي ة خاص ة بع د الح ربين العالمي ة األولى‬

‫والثانية‪.144‬‬

‫حيث ّبينت الف ترة التاريخي ة الس ابقة على الح ربين الع الميتين‪ ،‬م دى القص ور الواض ح في االتفاقي ات وع دم‬

‫وجود آليات تطبيق تكفل فعاليتها في وقف االنتهاكات‪ ، 145‬وهو ما دفع بالمجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات من أج ل‬

‫سد الثغرات من خالل عقد مؤتمر دبلوماسي لتطوير االتفاقيات السابقة ونجح المؤتمر بعقد أربع اتفاقيات وقعت في‬

‫‪ 12‬اغسطس ‪ 1949‬تسمى اآلن بقانون أو اتفاقيات جنيف وتعنى بضحايا الحرب ‪ ،‬ومع التطورات المتالحقة في‬

‫الح روب وخاص ة التط ورات المتعلق ة باألس لحة تم التوص ل إلى إق رار بروتوك ولين إض افيين التفاقي ات ج نيف ع ام‬

‫‪ ، 1977‬ثم توالت بعد ذلك االتفاقيات والبروتوكوالت التي شكلت بمجموعها صلب القانون الدولي اإلنساني ‪.146‬‬

‫‪ . 142‬هنري دونان ‪ .‬تذكار سولفارينو ‪.‬تعريب ‪ /‬سامي جرجس‪ .‬الطبعة الحادية عشر ‪.‬المركز اإلقليمي اإلعالمي للجنة الدولية للصليب األحمر ‪.‬القاهرة ‪.‬‬
‫‪ . 2012‬صــ‪ 5‬وصــ ‪. 6‬‬
‫‪. 143‬عالء فتحي عبدالرحمن محمد ‪ .‬الحماية الدولية للص‪VV‬حفيين أثن‪VV‬اء النزاع‪VV‬ات الدولي‪VV‬ة ال ُمس‪VV‬لحة ‪ .‬الحماي‪VV‬ة الدولي‪VV‬ة للص‪VV‬حفيين أثن‪VV‬اء النزاع‪VV‬ات الدولي‪VV‬ة‬
‫ال ُمسلحة ‪.‬دار الفكر الجامعي ‪.‬الطبعة األولى‪ .‬اإلسكندرية ‪.‬مصر‪.2010 .‬صـــ‪ 49‬ومابعدها ‪.‬‬
‫‪ . 144‬قامت القوات االلمانية خالل الحرب العالمية الثانية‪ ،‬بارتكاب‪ V‬اعمال سطو منظمة وواسعة النطاق على الممتلكات‪ V‬الثقافي‪VV‬ة في االراض‪VV‬ي ال‪VV‬تي ق‪VV‬امت‬
‫باحتاللها حيث ق‪VV‬امت خالل الح‪VV‬رب العالمي‪VV‬ة الثاني‪VV‬ة بنهب الممتلك‪VV‬ات الثقافي‪VV‬ة من المت‪VV‬احف التاريخي‪VV‬ة والقص‪VV‬ور والمكتب‪VV‬ات‪ V‬ونقلته‪VV‬ا إلى الماني‪VV‬ا ودم‪VV‬رت‬
‫المكتبات المليئة بالمخطوطات العلمية النادرة والكتب ذات القيمة‪ ،‬حيث لم تميز القوات االلمانية حينها اطالقا بين األعيان المدنية والثقافي‪VV‬ة ال‪VV‬تي ال يج‪VV‬وز‬
‫االعتداء عليها وبين األهداف العسكرية المشروعة وعليه قامت دول الحلفاء بمعاهدات الصلح عقب الح‪VV‬رب العالمي‪VV‬ة الثاني‪VV‬ة وذل‪VV‬ك إلنق‪VV‬اذ م‪VV‬ا يمكن انق‪VV‬اذه‬
‫ونصت صراحة هذه المعاهدات على اع‪VV‬ادة كاف‪VV‬ة الممتلك‪VV‬ات‪ V‬الثقافي‪VV‬ة إلى اص‪VV‬حابها ‪ .‬انظ‪VV‬ر س‪VV‬المة ص‪VV‬الح الرهايف‪VV‬ة ‪ .‬حماي‪VV‬ة الممتلك‪VV‬ات ت الثقافي‪VV‬ة أثن‪VV‬اء‬
‫النزاعات ال ُمسلحة ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 43-42‬‬
‫‪ . 145‬سالمة صالح الرهايفة ‪ .‬حماية الممتلكات ت الثقافية أثناء النزاعات ال ُمسلحة ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.46-42‬‬
‫‪. 146‬سلوان جابر هاشم ‪ .‬حالة الضرورة العسكرية ‪ .‬المؤسسة الحديثة للكتاب ‪.‬الطبعة األولى ‪.‬بيروت ‪.‬لبنان ‪.2013.‬صــ ‪،33‬و صــ ‪. 35‬‬

‫‪40‬‬
‫كم ا تم تض مين النظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة الدولي ة‪ ،‬نصوص اً تعت بر أي عملي ات اعت داء على األعي ان‬

‫المدنية أو الثقافية جريمة من جرائم الحرب مالم تُستخدم هذه األعيان لألغراض العسكرية أو كانت أهدافا عسكرية‬

‫أو كان تدميرها أو االستيالء عليها مما تُحتمه الضرورة العسكرية ‪.147‬‬

‫وعلي ه يتض ح أن ه ورغم االنتهاك ات الجس يمة والصارخة ال تي وقعت على األعي ان المدنية والثقافي ة على مر‬

‫الفعال ة له ا لم يظه ر فعلي اً إال من‬


‫العص ور القديم ة وح تى الحديث ة نس بياً‪ ،‬إال أن االهتم ام بتوف ير الحماي ة القانوني ة ّ‬

‫خالل اتفاقيات جنيف األربع لعام ‪ 1949‬وبروتكوليها اإلضافيين لعام ‪ ،148 1977‬والتي بدأت فعلياً في تقنين جميع‬

‫المسلحة‪ ،‬ورغم ورودها بصوره موجزة ومتأخرة نوع اً ما بما‬


‫األعراف التي تُنظم العمليات القتالية أثناء النزاعات ُ‬

‫تحمله من غموض وانعدام الضوابط والحدود الموضوعية والقانونية‪.‬‬

‫إال إن الحماية القانونية لألعيان المدنية لم تأت بصورة ُمنفصلة‪ ،‬بل جاءت ضمن الحماية المكفولة للمدنيين‬

‫أنفسهم‪ ،‬ثم ج اءت اتفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬وبوتوكوالتها لتضم قواعد حماية للممتلكات الثقافية دون غيرها من‬

‫األعي ان المدنية ‪،‬وتضمن لها حماية مستقلة بها تحمل باإلضافة إلى الحماية العامة نوعين هما الحماية الخاصة‬

‫والحماية المعززة ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬ـ اإلطار اإلسالمي للقانون الدولي اإلنساني ونظام حماية األعيانـ المدنية والثقافية ‪:‬‬

‫تن اولت الش ريعة اإلس المية مس ألة ُحرم ة االعت داء على اإلنس ان وحماي ة حريت ه الشخص ية والبدني ة ُوممتلكات ه‬

‫المس لحة بش كل ُمفص ل‪ ،‬وك ان له ا الس بق والري ادة في تنظيم الح رب وض بطها‪ ،‬اس تناداً إلى أن‬
‫أثن اء النزاع ات ُ‬

‫اإلنسان هو محور الرسالة السماوية في األساس‪.149‬‬

‫‪ . 147‬المادة الثامنة من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ‪.‬‬


‫‪ . 148‬تجدر اإلشارة إلى وجود بروتوكول‪ V‬اضافي ثالث خاص بالش‪VV‬ارة حيث تبنت ال‪V‬دول األط‪V‬راف في اتفاقي‪V‬ة ج‪VV‬نيف لع‪VV‬ام ‪ . 1949‬بروتوك‪VV‬ول إض‪V‬افي‬
‫ملحق باالتفاقيات‪ V‬خالل المؤتمر الدبلوماسي المنعقد‪ V‬في ديسمبر ‪ .2005‬وبناء‪ V‬على هذا البروتوكول‪ ،‬فق‪VV‬د تم وض‪VV‬ع ش‪VV‬ارة جدي‪VV‬دة اطل‪VV‬ق عليه‪VV‬ا الكريس‪VV‬تالة‬
‫الحمراء إلى جانب شارتي الصليب األحمر والهالل األحمر‪ .‬لمزي ٍد من المعلومات عن البروتوكول الث‪VV‬الث اإلض‪VV‬افي ‪.‬يمكن زي‪VV‬ارة قاع‪VV‬دة بيان‪VV‬ات‪ V‬الق‪VV‬انون‬
‫الدولي اإلنساني‪ -‬االتفاقيات والوثائق‪ V‬على الموقع الرسمي للجنة الصليب األحمر ‪.‬‬
‫‪www.icrc.org.‬‬
‫‪. 149‬أحمد أبو الوفا ‪.‬أخالقيات الحرب في السيرة النبوية ‪.‬القاهرة‪. 2009.‬دار النهضة ‪.‬صــ‪. 146‬‬

‫‪41‬‬
‫ورد الع دوان عن المس لمين‪ ،‬فأح َّل بعض‬
‫ورغم أن اإلس الم ق د أب اح الجه اد لحماي ة ال دعوة اإلس المية َّ‬

‫الح روب في حال ة ت وافر األس باب المش روعة‪ ،‬إال إن ه قد ّح رم اس تخدام األس لحة ب دون تقيي د‪ ،‬وذل ك استناداً إلى أن‬

‫اإلس الم ال تنكيل وال حق د وال انتقام فيه ‪ ،150‬وعليه فقد نظم وشرع القواعد المتعلقة بأس اليب ووس ائل القتال في‬

‫أثناء التوترات والحروب ‪.‬‬

‫وب ذلك ف إن اس تخدام الس الح لم يكن ُمطلق اً‪ ،‬وإ نم ا تح ده ح دود ُمعين ه‪ ،‬تج د أس بابها في طبيع ة العملي ات‬

‫التدرج في استخدام السالح‪ ،‬وأيضا التناسب في‬


‫المستخدمة وغيرها‪ ،‬لذا أوجب اإلسالم ّ‬
‫العسكرية أو في األسلحة ُ‬

‫النب ل أو ال رمح‪ ،‬وفي ذل ك جاء عن‬


‫بالنب ل‪ ،‬وال ُيس تخدم السيف قبل ُ‬
‫بالرمح‪ ،‬أو الس يف ُ‬
‫النب ل ُ‬
‫اس تخدامه‪ ،‬فال ُيقاب ل ُ‬
‫‪151‬‬
‫‪" :‬كي ف تق اتلون الق وم إذا لقيتم وهم؟"‪ ،‬فق ام عاص م بن ث ابت ‪ -:‬ي ا‬ ‫الرس ول‪ -‬ص لى اهلل علي ه وس لم ‪ -‬ي وم ب در‬

‫بالنبل‪ ،‬فإذا اقتربوا حتى تنالنا وإ ياهم الحجارة كانت‬


‫المراماة ُ‬
‫النبل‪ ،‬كانت ُ‬
‫رسول اهلل إذا كان القوم منا حيث ينالهم ُ‬

‫المراض خة بالحج ارة‪ ،‬وأخ ذ ثالث ة أحج ار‪ ،‬حج راً في ي ده‪ ،‬وحج رين في حجزته‪ ،152‬ف إذا اق تربوا ح تى تنالن ا‬
‫لهم ُ‬

‫المداعس ة بالرم اح‪ ،‬ف إذا انقض ت الرم اح ك انت الجالد بالس يوف‪ ،‬فق ال رس ول اهلل ص لى اهلل‬
‫وإ ي اهم الرم اح ك انت ُ‬

‫علي ه وس لم‪" :‬به ذا ُأن زلت الح رب من قات ل فليقات ل قت ال عاص م "‪ ،‬ك ذلك أك د على ع دم إلح اق المعان اة غ ير المفي دة‬
‫‪153‬‬
‫التدرج عند استخدام القوة واألسلحة‬
‫بالعدو ‪ ،‬وعليه يمكن القول بأن الشريعة اإلسالمية جاء فيها ما يحمل على ّ‬

‫المناسب‪ ،‬فال ُي مكن استخدام أقوى األسلحة‪ ،‬إال بعد استنفاذ كافة األسلحة األخرى واألخف ضرراً‪.‬‬
‫وكذلك التناسب ُ‬

‫كم ا وحرص ت الش ريعة اإلس المية على حظ ر ت دمير الممتلك ات لمج رد الت دمير واإلتالف‪ ،‬وأك دت على‬

‫المسلحة‪ ،‬والناظر إلى‬


‫المنظمة للنزاعات ُ‬
‫الفعالة لألعيان المدنية عن طريق وضع القيود ُ‬
‫ضرورة توفير الحماية ّ‬

‫‪ . 150‬وذلك استناداً لقوله تعالى ‪ " :‬وقاتلوا حتى ال تكون فتنه‪ ،‬ويكون الدين هلل‪ ،‬فإن انتهوا فال عدوان إال على الظالمين " القرآن الكريم سورة االنفال آي‪VV‬ة‬
‫‪ ،39‬للمزيد انظر‪ .‬مؤلف جماعي ‪ .‬محمود علي ‪.‬عبدالمجيد السوسوه ‪.‬عبدالحق حميش ‪.‬عم‪VV‬ر ص‪V‬الح ‪.‬محاض‪VV‬رات في نظ‪VV‬ام اإلس‪VV‬الم‪ .‬جامع‪VV‬ة الش‪VV‬ارقة ‪.‬‬
‫‪.2002-2003‬صـــ ‪ 175‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ . 151‬جاء برواية محمد بن الحجاج بن حسين بن السائب بن أبي لبابة عن ُأبي عن أبيه‪ .‬للمزيد انظر ‪ .‬أبو الحسن نور ال‪VV‬دين علي بن أبي بك‪VV‬ر بن س‪VV‬ليمان‬
‫الهيثمي‪ . V‬مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ‪ .‬باب كيفية القتال ‪ .‬المحقق حسام الدين القدسي ‪ .‬كتب التخريج والزوائد ‪ .‬الناشر مكتبة القدس‪V‬ي ‪ .‬الق‪V‬اهرة‪1994 ،‬‬
‫م ‪ .‬الفقرة ‪ . 9674‬صــ ‪ .1637‬تاريخ الزيارة ‪ 13‬يوليو ‪ . 2014‬على الموقع ‪.‬‬
‫‪http://www.madinahnet.com‬‬
‫‪ . 152‬الحُجْ زة ‪ :‬موضع ش َّد االزار من الوسط‪.‬‬
‫‪. 153‬وليد سالم محمد ‪ .‬الحرب وحماية المدنيين في النظام اإلسالمي ‪ .‬مجلة كلية العلوم االسالمية ‪.‬المجلد الرابع ‪.‬العدد السابع ‪ .2010.‬بدون رقم صفحه‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫اآليات القرآنية واألحاديث التي رويت عن النبي – صلى اهلل عليه وسلم –ومن آثار الصحابة يجد ما يؤكد على‬
‫‪154‬‬
‫ذلك‪.‬‬

‫فإلى جانب حماية األعي ان المدنية والثقافي ة اهتم اإلسالم أيض اً بالنبات والحيوان‪ ،‬وفي هذا أساس لحماية‬

‫البيئة أثناء الحروب وهو ما دونه القانون الدولي اإلنساني وخاصة في البروتوكول اإلضافي األول عام ‪ 1977‬في‬
‫‪155‬‬
‫المعامل ة بالمث ل ‪ ،‬أو‬
‫مرحل ة ُمت أخرة ‪ ،‬حيث ح رم اإلس الم تخ ريب البني ان وإ ح راق المزروع ات إال في حال ة ُ‬

‫للضرورة العس كرية ‪ ،156‬كما حظرت الش ريعة اإلسالمية قتل الحيوانات إال لغرض‪،157‬وربم ا يحسب ذلك كسبق‬

‫للتعاليم اإلسالمية الحربية باعتبارها شملت في نطاقها االنسان ‪ ،‬واألعيان المدنية والثقافية وأيض اً البيئة الطبيعية‬

‫وحتى الحيوانات ‪.‬‬

‫المستمدة من‬
‫وقد تم تعريف القانون الدولي اإلنساني في الشريعة اإلسالمية ‪ :‬على أنه "مجموعة األحكام ُ‬

‫المس لحة –‬
‫الق رآن والس نة‪ ،‬أو االجته اد ال تي ته دف إلى ح ل المش كالت اإلنس انية بص ورة مباش رة عن النزاع ات ُ‬

‫ص‪َ V‬وا ِم ُع َو ِبيَ‪ٌ V‬ع‬ ‫ْض لَهُ‪ِّ V‬د َم ْ‬


‫ت َ‬ ‫ْض‪V‬هُ ْم ِببَع ٍ‬ ‫ان يَقُولُ‪VV‬وا َربُّنَ‪VV‬ا هَّللا ُ‪َ ،‬ولَ‪V‬وْ ال َد ْف‪ُ V‬ع هَّللا ِ النَّ َ‬
‫اس بَع َ‬ ‫ق اال ْ‬
‫ْ‪V‬ر َح‪ٍّ V‬‬
‫ار ِه ْم ِب َغي ِ‬ ‫‪. 154‬وجاء ذلك في قوله تعالى‪" :‬الَّ ِذينَ ْ‬
‫اخ ِرجُوا ِم ْن ِديَ ِ‬
‫َزي ٌز" القران الكريم ‪ .‬سورة الحج ‪ .‬آية ‪. . 40‬‬ ‫هَّللا‬
‫ص ُرهُ‪ ،‬انَّ َ لَقَ ِويٌّ ع ِ‬ ‫اج ُد ي ُْذ َك ُر فِيهَا ا ْس ُم هَّللا ِ َكثِيرً ا‪َ ،‬ولَيَ ْنص َُرنَّ ُ َم ْن يَ ْن ُ‬
‫هَّللا‬ ‫صلَ َو ٌ‬
‫ات َو َم َس ِ‬ ‫َو َ‬
‫وجاءت السنة النبوية ايضا بتعاليم تنظم القتال مطابقة لتعاليم القران ومستمدة من واقع المعارك التي خاضها المس‪VV‬لمون تحت قي‪VV‬ادة الرس‪VV‬ول محم‪VV‬د ‪-‬‬
‫صلى هللا عليه و سلم – وجاءت عبقريته العسكرية مليئة بالمبادئ اإلنسانية واالخالقية‪ ،‬و هو ما يتجلى من خالل وصيته لزيد بن حارث‪VV‬ة ال‪VV‬ذي أم‪VV‬ره على‬
‫راس جيش بعثه الى مؤتة وقال لهم ‪ " :‬اغزوا بسم هللا‪ ،‬في سبيل هللا‪َ ،‬م ْن كفر باهلل‪ ،‬ال تغدروا‪ ،‬وال تغلوا‪ ،‬وال تقتلوا وليدا وال ام‪VV‬راة‪ ،‬وال كب‪VV‬يراً فاني‪V‬اً‪ ،‬وال‬
‫منعزال بصومعة‪ ،‬وال تقطعوا نخالً وال شجرة‪ ،‬وال تهدموا بناء" ‪.‬‬
‫وسار الخلفاء الراشدون و أمراء الجيوش االسالمية على نهج رس‪VV‬ول هللا ‪ -‬ص‪V‬لى هللا علي‪VV‬ه وس‪VV‬لم – ولع‪VV‬ل أش‪VV‬هر وص‪VV‬ية تحم‪VV‬ل االخالق والمب‪VV‬ادئ‬
‫الخلقية في الحروب والمحافظة على األعيان المدنية ومنع تدميرها وإتالفها للخليفة القائد العربي المسلم أبي بكر الصديق ‪-‬رضى هللا عن‪VV‬ه‪ -‬ليزي‪VV‬د بن أبي‬
‫سفيان عندما بعثة إلى الشام فقال له ‪ ( -:‬إني أوصيك بعشر ال تقتلن امرأة وال صبيا ٍ وال كب‪VV‬يراً هرم‪V‬اً‪ ،‬وال تقطعن ش‪V‬جراً مثم‪VV‬راً‪ ،‬وال تخ‪V‬ربن ع‪V‬امراً وال‬
‫تعقرن شاة‪ ،‬وال بعيراً‪ ،‬إال لمأكله وال تحرقن نخالً وال تغرقنه وال تجبن)‪ ،‬وأيض‪V‬ا ً عن‪VV‬دما أوص‪VV‬ى س‪VV‬يدنا أب‪VV‬و بك‪VV‬ر الص‪VV‬ديق حين خ‪VV‬اطب جن‪VV‬وده عن‪VV‬د فتح‬
‫سوريا والعراق قائال ‪ « :‬كلما تقدمتم ستجدون أناسا ً تفرغوا للعبادة في أديرتهم ‪ ،‬اتركوهم وشأنهم ‪ ،‬ال تقتلوهم وال تدمروا أديرتهم »‪.‬‬
‫للمزيد انظر‪ .‬محمود علي ‪.‬وآخرون ‪.‬محاضرات في نظام اإلسالم‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪ 175‬وما بعدها ‪ .‬انظر أيضا ً يحيى بن ناصر الخصيبي ‪ .‬حماي‪VV‬ة‬
‫األعيان المدنية في ظل أحكام القانون الدولي اإلنساني «الممتلكات‪ V‬الثقافية نموذجا»‪ .‬جريدة عمان ‪ 19 .‬مارس ‪ .2011‬الرابط‪.‬تاريخ الزيارة في ‪ 20‬يوليو‬
‫‪. 2013‬‬
‫‪http://www.omanlegal.net/vb/showthread.php?t=5514‬‬
‫‪ .155‬فرانسواز بوشيه سولنييه‪ .‬القاموس العملي للقانون اإلنساني‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪ ،98‬وصــ ‪. 101‬‬
‫‪ . 156‬ومن األمثلة على ذلك‪ ،‬أن الرسول – عليه الصالة والسالم ‪ -‬حرق نخل بني النظير‪ ،‬وذلك للضرورة العسكرية ال‪VV‬تي يس‪VV‬تباح‪ V‬به‪VV‬ا المحظ‪VV‬ور‪ ،‬وأيض‪VV‬ا‬
‫قال الفقهاء المسلمين ومنهم‪ V‬المالكية‪ ،‬وفي رواية أخرى عن أحمد " ليس للمقاتل حرية اختيار في وسائل قهر الع‪VV‬دو فال تُح‪VV‬رق حص‪VV‬ون الع‪VV‬دو ب‪VV‬النيران‪،‬‬
‫فإذا خيف على المسلمين أو تعينت النار سبيال ًلقهر العدو‪ ،‬ولم يوجد غيرها‪ ،‬أو بدأ بها العدو‪ ،‬جاز استعمال النار للض‪VV‬رورة الحربي‪VV‬ة حينئ‪VV‬ذ‪ ،‬أو قصاص‪VV‬ا ً‬
‫أي ال ُم عاملة بالمثل "‪.‬أنظر‪.‬محمد البزاز‪ .‬المبادئ المنظمة للعمليات الحربية بموجب‪ V‬الشريعة اإلسالمية والقانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪. 61‬‬
‫‪ . 157‬خالد روشو ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 52‬‬

‫‪43‬‬
‫الدولية والداخلية – والتي تقّيد ألسباب إنسانية حق أطراف النزاع في استخدام طرق وأساليب الحرب التي تروق‬

‫المسلحة "‪.158‬‬
‫لها‪ ،‬أو تحمي األعيان واألشخاص الذين تضرروا بسبب النزاعات ُ‬

‫فالقانون الدولي اإلنساني في اإلسالم يقوم على أمرين بارزين هما‪ :‬أن الحرب تقتصر على الضرورة كم اً‬

‫تع د على الطرف اآلخر‪ ،‬وذلك‬


‫وكيف اً‪ ،‬وتقدر هذه الضرورة بقدرها فال يجوز بأي حال تجاوزها‪ ،‬وإ ال كان ذلك ّ‬
‫‪159‬‬
‫وه و أم ر مرف وض‬ ‫باعتب ار أن ع دم اح ترام المب ادئ اإلنس انية ي ؤدي إلى خط ر العبث واإلفس اد في األرض‬

‫شرعاً‪.‬‬

‫ومن أهم القواعد الفقهية التي يمكن التطرق إليها عند الحديث عن حالة الضرورة قاعدة " درء المفاسد ُمقدم‬

‫المترتبة أكثر من المنافع‬


‫على جلب المنافع "‪ ،‬فمن غير الجائز االعتداد بحالة الضرورة في حال كانت األضرار ُ‬

‫المتوقع ة‪ ،‬ففي حال ة تحق ق اله دف العس كري‪ ،‬والتمكن من الخص م فال داعي لش ن أي عملي ات ال طائ ل من‬

‫ورائها‪.160‬‬

‫الممتلكات التي تكون في ضمن حكم الغنائم‪ ،‬فحرم أخذها قبل توزيعها من قبل األمام‬
‫كما نظم اإلسالم كافة ُ‬

‫ال ذي إن ش اء وزعه ا وإ ن ش اء حبس ها في مص الح المس لمين‪ ،‬وح دد مص ارفها ‪ ،161‬وأبقى على النق ود والحلي‬

‫والعقارات مثل األراضي في ملكية أصحابها األصليين الذين لم يشتركوا في القتال فال يجوز هدمها أو تخريبها أو‬

‫االس تيالء عليه ا‪ ،‬على أن يقوم وا بدفع الجزية لقاء حماية المس لمين لهم‪ ،‬إال إن ك ان هناك ض رورة حربية‪ ،‬وفي‬

‫‪ . 158‬عبدالغني عبدالحميد محمود ‪.‬حماية ضحايا النزاعات ال ُمسلحة في القانون الدولي اإلنساني والشريعة االس‪V‬المية تق‪V‬ديم ‪.‬محم‪V‬د س‪V‬يد طنط‪V‬اوي ‪.‬اللجن‪V‬ة‬
‫الدولية للصليب األحمر ‪ .‬القاهرة ‪.‬مصر ‪.‬الطبعة الثالثة ‪. 2006.‬صــ‪. 8‬‬
‫‪ . 159‬ولعل من أهم األمثلة الدالة على اهتمام الشريعة اإلسالمية بهذه المبادئ هي اآلراء الفقية الص‪VV‬ادرة من العلم‪VV‬اء المس‪VV‬لمين بش‪VV‬أن ض‪VV‬رورة التقي‪VV‬د في‬
‫استخدام وسائل القتال فقال الليث وأبو ثور واألوزعي والحنابلة " أن‪V‬ه ال يج‪VV‬وز التخ‪V‬ريب والتحري‪V‬ق واله‪V‬دم وقط‪VV‬ع األش‪V‬جار المثم‪V‬رة‪ " V‬ب‪V‬دليل ماج‪V‬اء في‬
‫وصية سيدنا أبي بكر‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬ليزيد بن أبي سفيان‪ ،‬قال األوزاعي ‪:‬ال يحل للمسلمين أن يفعل‪V‬وا ش‪VV‬يئا ً مم‪VV‬ا يرج‪V‬ع إلى التخ‪VV‬ريب في دار الح‪V‬رب‬
‫ألن ذل‪VV‬ك فس‪VV‬اد وهللا ال يُحب الفس‪VV‬اد " انظ‪VV‬ر ‪ .‬محم‪VV‬د ال‪VV‬بزاز‪ .‬المب‪VV‬ادئ المنظم‪VV‬ة للعملي‪VV‬ات الحربي‪VV‬ة بم‪VV‬وجب‪ V‬الش‪VV‬ريعة اإلس‪VV‬المية والق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي‬
‫اإلنساني ‪.‬دراسات قانونية‪ .‬جامعة مكناس ‪.‬المغرب‪ .‬العدد ‪. 1‬صـــ ‪ ،61‬صـــ‪. 62‬‬
‫‪ . 160‬فرانسواز بوشيه سولنييه‪ .‬القاموس العملي للقانون اإلنساني‪ .‬ترجمة أحمد مسعود ‪ .‬مراجعة كال من عامر الزمالي ومديحة مس‪VV‬عود ‪.‬الطبع‪VV‬ة األولى‪.‬‬
‫بيروت ‪ :‬دار العلم للماليين ‪. 2006 ,‬صــ ‪ 100‬وصـــ ‪. 102‬‬
‫َي اَل يَ ُك‪VV‬ونَ دُولَ‪V‬ةً بَيْنَ‬
‫يل ك ْ‬
‫الس‪ِ V‬ب ِ‬
‫ين َواب ِْن َّ‬
‫ِ‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫ا‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ى‬
‫ٰ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َا‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ى‬
‫ٰ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫رْ‬‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ي‬ ‫ذ‬
‫ِ‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ُول‬
‫ِ‬ ‫س‬‫ر‬‫َّ‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ٰ‬
‫ى‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫‪ .161‬استناداً إلى قوله تعالى‪َ { :‬ما َأفَا َء هَّللا ُ َعلَ ٰى َرسُولِ ِه ِم ْن َأ ْه ِل‬
‫اَأْل ْغنِيَا ِء ِم ْن ُك ْم }القران الكريم ‪.‬سورة الحشر ‪.‬آيه ‪. 7‬‬

‫‪44‬‬
‫هذا يقول – صلى اهلل عليه وسلم ‪ " : -‬وال تهدموا بيت اً وال تقطعوا شجرة‪ ،‬إال شجراً يمنعكم قتاالً أو يحجز بينكم‬
‫‪162‬‬
‫‪.‬‬ ‫وبين المشركين"‬

‫وأق ر بعض الفقه اء المس لمين ومنهم األم ام محم د بن ابي يوس ف تلمي ذ أبي حنيف ة مس ؤوليه التع ويض في‬

‫حالة االعتداء على أي من الزروع دون وجود ضرورة‪ ،‬استناداً إلى ما روي عن أبي يوسف أن رجالً جاء عمر‬

‫بن الخطاب‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬وقال له‪ :‬زرعت زرع اً فمر جيش من أهل الشام فأفسده فعوضه بعد ثبوت انتفاء‬
‫‪163‬‬
‫الضرورة العسكرية عن ذلك بعشرة آالف درهم‪.‬‬

‫عميق في قوانين الحرب األوروبية وأعرافها قديماً‪ ،‬حيث تأثر العديد‬


‫ٌ‬ ‫و كان للدين اإلسالمي أيض اً تأثير‬

‫من الفقهاء األوروبيين بالعقدية اإلسالمية خاصة بعد قبول اإلمبراطورية العثمانية كقوة سيادة داخل منظومة الدول‬

‫األوروبي ة‪ ،‬ولعب التفاع ل بين اإلس الم والق انون ال دولي اإلنس اني دوراً مهم اً في تش ّكل قواع د الق انون اإلنس اني‬

‫بشكلها الحديث‪.164‬‬

‫كما كان للشريعة اإلسالمية السبق في إرساء القواعد والضوابط الخاصة بالقتال‪ ،‬واتسمت قواعد القتال في‬

‫الفق ه اإلس المي بالش مولية والعالمي ة ‪ ،‬وذات ط ابع إل زامي ذاتي فاإلحس اس بإلزاميته ا ن ابع من الش عور بأهميته ا‬
‫‪165‬‬
‫ومقدس ة ذات مص در‬
‫وض رورة التقي د بها ‪ ،‬حيث ك ان المس لمون ُيطبق ون ه ذه األحك ام باعتباره ا أحكام اً ُملزم ة ُ‬

‫إلهي‪ ،‬فتطبيقها يعتبر عبادة و ال يجوز مخالفتها أبداً خشية من المسائلة والعقاب في الدنيا واآلخرة‪ ،‬وبالتالي فإن‬

‫الم ترتبة على خرق القواعد المنظمة للنزاعات والقتال في اإلسالم ذات طبيعة دنيوية وأخروية ‪.‬‬
‫المسؤولية ُ‬

‫‪ .162‬القران الكريم ‪.‬سورة البقرة ايه ‪ ،60‬والحديث منقول عن عبد هللا بن يوسف أخبرنا أبو سعيد ابن األعرابى حدثنا الحسن بن محم‪VV‬د الزعف‪VV‬رانى ح‪VV‬دثنا‬
‫عاصم بن على حدثنا قيس بن الربيع عن عمر مولى عنبسة القرشى عن زيد بن على عن أبيه عن على بن أبى طالب رضى هللا عنه ‪.‬انظر أبو بكر أحم‪VV‬د‬
‫بن الحسين بن علي البيهقي‪ .‬السنن الكبرى وفي ذيله الجوهر النقي‪ .‬مجلس دائرة المعارف النظامية الكائن‪VV‬ة في الهن‪VV‬د ببل‪VV‬دة حي‪VV‬در آب‪VV‬اد‪ .‬الطبع‪VV‬ة ‪ :‬األولى ـ‬
‫‪ 1344‬هـ‪.‬موقع وزارة األوقاف المصرية وقد أشاروا إلى جمعية المكنز اإلسالمي‪.‬على الموقع ‪.‬تاريخ الزيارة ‪ 13‬يناير ‪. 2015‬‬
‫‪.http://islamport.com/d/1/mtn/1/51/1791.html‬‬
‫‪ . 163‬سالمة صالح الرهايفة ‪ .‬حماية الممتلكات ت الثقافية أثناء النزاعات ال ُمسلحة ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.31‬‬
‫‪ . 164‬جيمس كوكين ‪ .‬اإلسالم والقانون الدولي اإلنساني من صدام الحضارات إلى الحوار بينهما ‪ .‬المجلة الدولية للصيب األحمر ‪ .‬اللجنة الدولي‪VV‬ة للص‪VV‬ليب‬
‫األحمر ‪.‬اعداد ‪. 2002‬من صــ‪ 9‬إلى صــ ‪13‬‬
‫‪ . 165‬أنظر ‪ .‬محمد البزاز‪ .‬المبادئ المنظمة للعمليات الحربية بموجب الشريعة االسالمية والقانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 61‬‬

‫‪45‬‬
‫ترق إليه قواعد القانون الدولي اإلنسان في الوقت الحالي وخير دليل على ذلك ما نشهده من‬
‫وهو ما لم َ‬

‫انتهاكات في اآلونة األخيرة ‪ ،‬فقد اقتص رت قواعد القانون الدولي اإلنساني حالي اً على وضع قواعد عامة‪ ،‬دون‬

‫وض ع ت دابير تنفيذي ة تفص يلية له ذا الق انون‪ ،‬تارك ة لل دول األعض اء مهم ة دمجه ا في التش ريعات الوطني ة ووض ع‬

‫العقوبات الالزمة لردع منتهكي هذه القواعد ‪.166‬‬

‫المق ررة في االتفاقيات‬


‫وعليه أظهرت الشريعة اإلسالمية نوع اً فريداً من الحماية القانونية يسبق الحماية ُ‬

‫الدولية؛ وذلك العتمادها على تغليب مبادئ اإلنسانية على مبدأ الضرورة العسكرية في العمليات القتالية‪ ،‬مما كفل‬

‫الحماي ة الفاعل ة لألعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬فقص رت العملي ات القتالي ة على المق اتلين وممتلك اتهم‪ ،‬وك ان االل تزام‬

‫المعنوي النابع من الشعور بالذنب عند اختراقها أقوى فعالية في نفوس المقاتلين‪ ،‬باإلضافة إلى أن الشعور بالعزة‬

‫المس يطر على العملي ات القتالي ة‪ ،‬فالعقلي ة العس كرية ال تي ك انت تس يطر على المق اتلين المس لمين‬
‫عن د التقي د به ا ه و ُ‬

‫اء وحص انة‬


‫يغلبه ا الج انب الع اطفي الن ابع من العقي دة الفكري ة األق وى ت أثيراً من أي ة ج وانب أخ رى‪ ،‬مم ا وف ر غط ً‬

‫ُم طلقة لألعيان المدنية والثقافية‪ ،‬فكانت التجاوزات بقدر بسيط وطفيف نوعاً ما‪ ،‬بعكس التجاوزات الحالية‪.‬‬

‫وكخالص ة يمكن الق ول ‪ :‬بأن ه وبع د اس تقراء التط ور ال ذي ش هدته قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة‬

‫يلحظ التطور الكبير الذي مرت به خالل مراحل تاريخيه ُمختلفة‪،‬حيث أحدثت جميع التطورات التي شهدتها نقالت‬

‫فعالة في‬
‫نوعية ‪ ،‬وساهمت جميع المراحل التي مرت بها سواء كان ذلك على الجانب الوضعي أو الديني ُمساهمة ّ‬

‫احتواء التغيرات واألزمات التي حدثت على صعيد العمليات القتالية‪.‬‬

‫تلكم هي نب ذه عن الق انون ال دولي اإلنس اني ‪ ،‬وأهم م ا ُيم يزه عن الق انون ال دولي لحق وق اإلنس ان ومراح ل‬

‫تط وره ونش أته التاريخي ة ‪ ،‬باالض افة إلى مراح ل تط رو ونش أت قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة والنظ رة‬

‫اإلسالمية لها ‪ ،‬وسيتم تالياً االنتقال لبيان مفهوم األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬في الموضوع التالي ‪:‬‬

‫‪ . 166‬جابر عبد الهادي سالم الشافعي ‪ .‬تأصيل مبادئ القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق صـــ ‪ 166‬وصـــ ‪. 167‬‬

‫‪46‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫مفهوم األعيان المدنية والثقافيةـ‬

‫تمهيد ‪-:‬‬

‫المترتب ة عن النزاع ات‬


‫المناس بة للتخفي ف من ح دة اآلث ار ُ‬
‫الس بل ُ‬
‫س عى المجتم ع ال دولي إلى البحث عن ُ‬

‫المختلفة ضد هذه‬
‫المسلحة‪ ،‬وأولى اهتماماً كبيراً لموضوع األعيان المدنية والثقافية ‪ ،‬ومع تزايد وتيرة االنتهاكات ُ‬

‫األعيان ‪ ،‬خاصة مع التطور الهائل والتقدم التكنولوجي في ميدان التسلح‪ ،‬ظهرت الحاجة للبحث عن مفهوم هذه‬

‫األعيان من خالل التعريف بها وفقاً ألحكام القانون الدولي اإلنساني ‪.‬‬

‫لذا سيتم التطرق في هذا المبحث بداية إلى التعريف باألعيان المدنية في مطلب أول‪ ،‬والتعريف بالممتلكات‬

‫الثقافية في مطلب ثان‪ ،‬وذلك على النحو التالي ‪-:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬التعريف باألعيان المدنية وفقا ألحكام القانونـ الدولي اإلنساني ‪-:‬‬

‫إن تحديد مفهوم األعيان المدنية مسألة ُمهمة جداً ُليسهل على أطراف النزاع تحديد األهداف العسكرية ال تي‬

‫ال تشملها الحماية‪ ،‬والتي تكون ُمهاجمتها أمراً مشروعاً‪ ،‬ذلك أن األعيان المدنية من مقرات ومنقوالت‪ ،‬وغيرها‬

‫تُشكل عنصراً جوهري اً وأساسياً في حي اة الم دنيين‪ ،‬وتُمثل الكيان اإلنساني للمجتم ع الدولي‪ ،‬وعنص راً للسلم الذي‬

‫ُيحقق االس تقرار والطمأنينة لألس رة الدولية‪ ،‬فاالعتداء عليها ُيشكل تهديداً وخروج اً على االحترام الدولي للقواعد‬

‫واألعراف الدولية‪ ،‬وعدم مراعاة للعمل على تعزيز السلم واألمن الدوليين ‪ ،‬و سيتم من خالل هذه المطلب التطرق‬

‫إلى تعريف األعيان المدنية وفقاً ألحكام القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬وذلك على النحو التالي ‪-:‬‬

‫‪47‬‬
‫أعيان‪ ،‬وعين كل‬
‫ٌ‬ ‫أوال ‪ :‬التعريف اللغوي لكلمة أعيان ‪ :‬يقصد بعين الشيء " لغ ًة " نفسهُ وشخصهُ وأصلهُ وجمعها‬
‫‪167‬‬
‫‪.‬‬ ‫شيء نفسهُ وحاضرهُ وشاهدهُ‪ ،‬وخيارهُ‪ -‬أفضله ‪ -‬من مال ومتاع‬

‫أي ُيقصد به خيار الشيء وما يعود ذاته للشخص من مال منقول أو ممتلكات كالعقارات وغيرها كتلك‬

‫ال تي تُس تخدم وتُخص ص لألغ راض المدني ة ومنه ا على س بيل المث ال وليس الحص ر‪ ،‬الم دارس‪ ،‬والجامع ات‪،‬‬

‫والمساكن‪ ،‬والمستشفيات‪ ،‬ووسائل النقل‪ ،‬والمواصالت‪ ،‬والمزارع‪ ،‬والمتاجر‪ ،‬ومصادر المياه‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫ثانياـ ‪ :‬التعريف االصطالحي لألعيانـ المدنية في األعراف والمواثيق الدوليــة ‪ -:‬لم ا ك انت مس ألة تحدي د المقص ود‬

‫باألعي ان المدني ة تُعت بر من أهم المش كالت ال تي تُواج ه الق انون ال دولي اإلنس اني‪ ،‬إذ ترتب ط فعالي ة قواع د حماي ة‬

‫األعيان المدنية والثقافية بوضوح معالم التمييز بينها وبين األهداف العسكرية ‪ ،168‬لذلك كان لزام اً بيان المقصود‬

‫باألهداف العسكرية في قواعد القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬للتمكن من الوصول إلى تعريف األعيان المدنية ‪.‬‬

‫و بحس ب نص الم ادة ‪ 52‬من ال بروتوكول اإلض افي األول ‪ ،169 1977‬تُع رف األعي ان المدني ة بأنه ا جمي ع‬

‫األعيان التي ال تُشكل أهدافاً عسكرية‪ ،‬وتنحصر األهداف العسكرية‪ ،‬في األهداف التي تُشكل بطبيعتها‪ ،‬وموقعها‪،‬‬

‫فعال ة في العم ل العس كري ‪ ،170‬وال تي ي وفر ت دميرها الكام ل أو الج زئي أو‬
‫وغرض ها‪ ،‬أو اس تعمالها‪ُ ،‬مس اهمة ّ‬

‫االستيالء عليها‪ ،‬أو تعطيلها ميزة عسكرية محددة ‪ ،171‬وعند وجود شك بأن عين ما تُسعمل ألغراض عسكرية‪،‬‬

‫يجب على أطراف النزاع افتراض أنها تُستعمل لألغراض المدنية ‪.172‬‬

‫‪ . 167‬ابن منظور‪. V‬لسان العرب ‪.‬دار صادر ‪ .‬بيروت‪. V‬لبنان ‪ .‬المجلد الثالث عشر ‪ .‬ط‪.1/1990‬ط‪.2/1992‬ط‪. 3/1994‬صــــ‪. 305‬‬
‫‪ . 168‬رقية عواشرية ‪ .‬حماية المدنيين واألعيان المدنية ‪ .‬رسالة دكتوراه ‪.‬منشورة‪ .‬جامعة عين شمس ‪.‬القاهرة ‪.‬مصر‪ . 2001.‬صـــ ‪. 152‬‬
‫‪ . 169‬الملحق باتفاقيات‪ V‬جنيف األربع لعام ‪. 1949‬‬
‫‪ . 170‬يعتبر مفهوم العمل العسكري أقل غموضا ً وأضيق نطاقا ً من تعبير المجهود الحربي الذي يشمل أكثر من مج‪VV‬رد القت‪VV‬ال‪ ،‬حيث ي‪VV‬دخل في نطاق‪VV‬ة فن‬
‫السياسة والتخطيط العسكري بشقيه المادي والمعنوي‪ V‬لدعم القوة العسكرية‪ .‬انظر نوال بسج ‪.‬القانون الدولي اإلنساني وحماي‪VV‬ة الم‪VV‬دنيين واألعي‪VV‬ان المدني‪VV‬ة‬
‫زمن النزاعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 135‬‬
‫‪ . 171‬كالممتلكات‪ V‬الثقافية واآلثار التاريخية واألعمال الفنية‪ ،‬وأماكن العبادة‪ ،‬والمواد التي ال غنى عنها لبق‪VV‬اء الس‪VV‬كان الم‪VV‬دنيين (الم‪VV‬واد الغذائي‪VV‬ة‪ ،‬المن‪VV‬اطق‬
‫الزراعية التي تنتجها المحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري األشغال الهندسية‪ ،‬والمنشآت المحتوية على قوة خط‪VV‬رة‪ ،‬الوح‪VV‬دات‬
‫الطبية الثابتة‪ ،‬والمتحركة دائمة أو مؤقته ) وغيرها مما ال غنى عنه لبقاء السكان المدنيين ‪.‬‬
‫‪ . 172‬جاء هذا التعريف وفق ما ورد في نص المادة ‪ 52‬من البروتوكول اإلضافي األول ‪ 1977‬الملحق باتفاقيات جنيف االربع لعام ‪ ،1949‬والتي جاءت‬
‫تحت عنوان " الحماية العامة لألعيان المدنية ونصت حرفيا ً على أنه ‪ -1" -:‬ال تكون األعيان المدنية محالً للهجوم أو لهجمات ال‪VV‬ردع‪ .‬واألعي‪VV‬ان المدني‪VV‬ة‬
‫هي كافة األعيان التي ليست أهدافا ً عسكرية وفقا ً لما حددته الفقرة الثانية‪.‬‬
‫‪ -2‬تقصر الهجمات على األهداف العسكرية فحسب‪ .‬وتنحصر األهداف العسكرية فيما يتعلق باألعي‪VV‬ان على تل‪VV‬ك ال‪VV‬تي تس‪VV‬هم مس‪VV‬اهمة فعال‪VV‬ة في العم‪VV‬ل‬
‫العسكري سواء كان ذلك بطبيعتها أم بموقعها أم بغايتها أم باستخدامها‪ ،‬والتي يحقق تدميرها التام أو الجزئي أو االستيالء عليه‪VV‬ا أو تعطيله ‪V‬ا‪ V‬في الظ‪VV‬روف‬

‫‪48‬‬
‫ففي بعض الحاالت قد يكون من الصعب للغاية تحديد طبيعة الهدف فهو إما ذا طبيعة مدنية أو عسكرية‪،‬‬

‫ولذلك فمن األهمية بمكان في هذا الس ياق لمراقبة تطبيق القواعد العامة للقانون الدولي اإلنساني بصورة أفضل‬

‫اتخ اذ كاف ة االحتياط ات واالفتراض ات ال تي تعطي الص فة المدني ة لله دف في حال ة الش ك إلى حين إثب ات عكس‬

‫ذلك‪.173‬‬

‫وقد جاء ذكر ُم صطلح األعيان المدنية على شكلين أساسيين‪ ،‬فهي إما أعيان مدنية منفردة ‪ ،174‬وإ ما في شكل‬

‫وأعيان خاصة ‪.177‬‬ ‫‪176‬‬


‫تجمعات مدنية ‪ ،175‬كما جاءت ُمقسمة إلى أعيان عامة‬

‫وقد كانت الخطوة األولى لتعريف األعيان المدنية هو البحث عن تعريف لألهداف العسكرية‪ ،‬حين حاولت‬

‫لجن ة من الفقه اء في عص بة األمم‪ ،‬من خالل اعط اء مش روع لم ي دخل ح يز النف اذ بس بب امتن اع ال دول المص ادقة‬

‫ويحص ر‬
‫بحج ة ع دم رغب ة ه ذه ال دول في التض ييق على األه داف العس كرية‪ ،‬حيث ُيح دد ه ذا المش روع‪َ ،‬‬
‫علي ه‪ُ ،‬‬

‫مفهوم الهدف العسكري بعدد من األهداف العسكرية‪ ،‬و جاء فيه أن " األهداف العسكرية هي القوات‪ ،‬واألعمال‪،‬‬

‫والمؤسسات‪ ،‬والمصانع العسكرية‪ ،‬وماعدا ذلك ُيعد من األهداف المدنية التي ال يجوز ضربها" ‪.178‬‬

‫كم ا ق امت اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر بمحاول ة لوض ع تعري ف لألعي ان المدني ة في ع ام ‪ ،1970‬عن دما‬

‫اقترحت تعريف اً عام اً لألهداف غير العسكرية جاء في فقرته األولى أن األهداف غير العسكرية ‪ -‬في إشارة إلى‬

‫السائدة حينذاك ميزة عسكرية أكيدة‪.‬‬


‫‪ -3‬إذا ثار الشك حول ما إذا كانت عين ما تكرس عادةً ألغراض مدنية مثل مكان العبادة أو م‪VV‬نزل أو أي مس‪VV‬كن آخ‪VV‬ر أو مدرس‪VV‬ة‪ ،‬إنم‪VV‬ا تس‪VV‬تخدم في تق‪VV‬ديم‬
‫مساهمة فعالة للعمل العسكري‪ ،‬فإنه يفترض أنها ال تستخدم كذلك‪. " .‬‬
‫‪173‬‬
‫‪. Nils Melzer, Interpretive Guidance on the notion of direct participation in hostilities under IHL. ICRC, May‬‬
‫‪2009. P.g: 38 .‬‬
‫‪ . 174‬كالمستشفيات‪ V‬أو المدارس والجامعات‪ ،‬ووسائل نقل أو مزارع أو متاجر أو اآلثار التاريخية وموارد المياه المخصصة لشرب المدنيين وغيرها‬
‫‪. 175‬مثل مناطق األمن والمناطق غير المدافع عنها والمناطق المحاي‪V‬دة ‪ .‬انظ‪V‬ر ‪.‬أب‪V‬و الخ‪V‬ير أحم‪V‬د عطي‪V‬ه‪ .‬حماي‪V‬ة الس‪V‬كان الم‪V‬دنيين واألعي‪V‬ان المدني‪V‬ة أب‪V‬ان‬
‫النزاعات ال ُمسلحة‪ .‬مرجع سابق صــ ‪. 78‬‬
‫‪ . 176‬يقصد بها المرافق العامة المملوكة للدولة والتي تقدم خدمات عام‪VV‬ة للمواط‪VV‬نين‪ ،‬ك‪VV‬الوزارات وال‪VV‬دوائر الحكومي‪VV‬ة التابع‪VV‬ة لإلدارات المدني‪VV‬ة وليس‪VV‬ت‬
‫العسكرية فال يجوز تدميرها أو تعطيلها أو االستيالء‪ V‬عليها إال في حالة االحتالل فقوات االحتالل العسكري تحل محل سلطات الدولة المحتلة‪ .‬انظر حسين‬
‫علي الدردي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪.256‬‬
‫‪ . 177‬وهي أعيان ال تخض‪V‬ع ملكيته‪V‬ا للدول‪V‬ة كالمنش‪V‬آت الطبي‪V‬ة والتعليمي‪V‬ة والممتلك‪V‬ات‪ V‬الثقافي‪V‬ة والمن‪V‬ازل وكاف‪V‬ة العق‪V‬ارات والمنق‪V‬والت المملوك‪V‬ة لألف‪V‬راد‬
‫والمؤسسات الخاصة ‪.‬فال يجوز االستيالء‪ V‬عليها أو تعطيلها‪ V‬أو تدميرها حتى في حاالت االحتالل العسكري‪ .‬انظ‪VV‬ر حس‪VV‬ين علي الدري‪VV‬دي ‪.‬الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي‬
‫اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪. 257‬‬
‫‪ . 178‬روشو خالد ‪.‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪. 132‬‬

‫‪49‬‬
‫المخصصة بصفه أساسية وضرورية للسكان المدنيين "‪ ،‬وأضاف االقتراح‬
‫األعيان المدنية ‪ -‬هي " تلك األهداف ُ‬

‫في فقرته الثانية تعداداً حصرياً لبعض هذه األعيان‪ ،‬ثم قامت اللجنة بإضافة اقتراحين كإجراء إضافي لضمان عدم‬

‫إساءة استخدام مفهوم الهدف العسكري وجعله ُحجة لالعتداء على األهداف غير العسكرية‪.179‬‬

‫فقدمت اللجنة اقتراحين كإجراء إضافي لبيان وتوضيح مفهوم األعيان المدنية‪ ،‬فكان االقتراح األول يهدف‬

‫إلى تأكيد التزام أطراف النزاع بقصر هجماتهم على األطراف العسكرية دون المدنية‪ ،‬أما االقتراح الثاني فقد هدف‬

‫إلى وض ع تعري ف‪ ،‬ك التعريف ال وارد في الم ادة الس ابعة من مش روع القواع د المتعلق ة بالح د من األخط ار ال تي‬
‫‪180‬‬
‫ال تي وض عتها اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر‪ ،‬حيث‬ ‫يتكب دها الس كان الم دنيون في زمن الح رب س نة ‪1956‬‬

‫عرفّت األهداف العسكرية في المادة ‪ 7‬منه‪ ،‬بأنها تلك األهداف التي تنتمي إلى فئات ذات أهمية عسكرية ينتج عن‬
‫‪181‬‬
‫‪.‬‬ ‫تدميرها كلياً أو جزئياً نتائج عسكرية كبيرة بمعنى أن تكون ذات ميزة عسكرية أكيدة‬

‫و على الرغم من قيام اللجنة بوضع قائمة لألهداف العسكرية‪ ،‬إال إن التعريف الوارد قد تعرض إلى نقد شديد‬

‫باعتباره شامالً‪ ،‬وغير ُمحدد‪ ،‬وأخذ معيار الميزة العسكرية بشكل موسع‪ ،‬وبالتالي ترك الحرية في إدخال بعض‬

‫األهداف ذات الطبيعة المدنية في عداد األهداف العسكرية التي يحق لها توجيه الهجمات العسكرية ضدها من قبل‬
‫‪182‬‬
‫الطرف القائم بالهجوم‪.‬‬

‫‪ . 179‬جاسم زور‪ .‬حماية األعيان الثقافية في القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪ 4‬صـــ‪ . 5‬تمت الزيارة في ‪ 27‬يوليو ‪ 2013‬الرابط ‪.‬‬
‫‪http://www.univ-chlef.dz/ar/seminaires_2010/seminaire_droit_2010/djassimzour2010.pdf‬‬
‫‪ . 180‬جاسم زور‪ .‬حماية األعيان الثقافية في القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪ 4‬صـــ‪. 5‬‬
‫‪ . 181‬تعليق اللجنة الدولية للصليب األحمر على البروتوكولين اإلضافيين ‪.‬الفقرة ‪ .2002‬متوفر على موقع اللجنة الدولي‪V‬ة للص‪V‬ليب األحم‪V‬ر ‪.‬ت‪V‬اريخ الزي‪V‬ارة‬
‫‪ 15‬اغسطس ‪ 2014‬الرابط ‪:‬‬
‫‪http://www.icrc.org‬‬
‫وقد جاء نص المادة ‪ 7‬في مشروع النظام الذي قدمته اللجنة باللغة اإلنجليزية كما يلي ‪:‬‬
‫‪""Article 7: In order to limit the dangers incurred by the civilian population, attacks may only be directed against‬‬
‫‪military objectives.‬‬
‫‪Only objectives belonging to the categories of objective which, in view of their essential characteristics, are‬‬
‫‪generally acknowledged to be of military importance, may be considered as military objectives. Those categories are‬‬
‫‪listed in an annex to the present rules.‬‬
‫‪However, even if they belong to one of those categories, they cannot be considered as a military objective where‬‬
‫"‪their total or partial destruction, in the circumstances ruling at the time, offers no military advantage.‬‬
‫‪ . 182‬أبو الخير أحمد عطية‪.‬حماية السكان المدنيين واألعيان المدنية إبان النزاعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪74‬‬

‫‪50‬‬
‫جم ع الق انون ال دولي المنعق د في أدن بره س نة ‪ 1969‬في الم ادة الثالث ة إلى فك رة األه داف المدني ة‬
‫كم ا أش ار ُم ّ‬

‫عن دما أش ار إلى أنه ا الوس ائل ال تي ال غ نى عنه ا لبق اء الس كان الم دنيين واأله داف المدني ة‪ ،‬وال تي بطبيعته ا تخ دم‬

‫أغ راض اإلنس انية والس الم مث ل أم اكن العب ادة واألم اكن الثقافي ة‪ ،‬وك ذلك أش ار المعه د ال ذي عق د من أج ل دراس ة‬

‫أسلحة الدمار الش امل‪ ،‬إلى تعريف األهداف العسكرية في الم ادة الثاني ة إلى أن التعريف يس تند إلى معي ارين هم ا‪:‬‬

‫طبيعة الهدف والغرض الذي ُخصص من أجله‪.183.‬‬

‫فعال ة في العم ل‬
‫وشمل في تعريفه أنها األهداف ال تي بحكم طبيعتها أو غرضها أو اس تخدامها‪ ،‬تُس هم ُمس اهمة ّ‬

‫العسكري‪ ،‬أو تُبدي أهمية عسكرية معترف اً بها عموم اً‪ ،‬بحيث يكون التدمير الكلي أو الجزئي في الظروف الفعلية‬

‫ومحددة وفورية ‪.184‬‬


‫ُيعطي ميزة عسكرية ُملموسة‪ُ ،‬‬

‫وعلي ه فق د ج اءت جمي ع ه ذه التعريف ات‪ ،‬انعكاس اً للقاع دة العرفي ة ال تي تنص على أن " األعي ان المدني ة هي‬

‫جميع األعيان التي ليست أهدافاً عسكرية" ‪ ،185‬فالقاعدة أرست حظر الهجمات على هذه األعيان المدنية‪ ،‬وحددتها‬

‫بتلك التي ال تُشكل أهدافاً عسكرية‪ ،‬فلم يكن هناك قائمة حصرية ‪ ،186‬وقد اعتمد تعريف هذه األعيان على المعيار‬
‫‪189‬‬
‫فحمل في طياته‬ ‫المزدوج‪ ،187‬حيث جاء مقروناً بتعريف األهداف العسكرية ‪ ،188‬وتبنى فرضية التعريف السلبي‬
‫ُ‬

‫المخالفة‪ ،190‬كما جاء عاماً وموسعاً‪ ،191‬وكل ذلك من أجل توسيع نطاق الحماية لهذه األعيان أثناء النزاعات‬
‫مفهوم ُ‬

‫المسلحة‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪ . 183‬جاسم زور‪ .‬حماية األعيان الثقافية في القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪. 4‬‬
‫‪ . 184‬تعليق اللجنة الدولية للصليب األحمر على البروتوكولين اإلضافيين ‪.‬الفقرة ‪ .2002‬متوفر على موقع اللجنة الدولية للصليب األحمر ‪.‬ت‪VV‬اريخ الزي‪VV‬ارة‬
‫‪ 15‬اغسطس ‪ 2014‬الرابط ‪:‬‬
‫‪http://www.icrc.org‬‬
‫‪ . 185‬القاعدة رقم ‪. 9‬انظر ‪ .‬جون ماري هنكركس‪ . V‬دراسة حول القانون الدولي اإلنساني العرفي‪.‬اللجنة الدولي للصليب األحمر ‪.‬القاهرة ‪.‬مص‪VV‬ر ‪ .‬الطبع‪VV‬ة‬
‫الثالثة ‪ . 2008‬صـــ ‪. 31‬‬
‫‪186‬‬
‫‪.Frits Kalshoven and Liesbeth Zegveld. Constraints on the Waging of War: An Introduction to International‬‬
‫‪Humanitarian Law. International Committee of the Red Cross. Geneva, March 2001. 3rd edition. P.g 100‬‬
‫‪ . 187‬حسين علي الدريدي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪.253‬‬
‫‪ . 188‬جون ماري هنكرس ولويز دوزوالد –بيك ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪.‬المجلد األول ‪ .‬اللجنة الدولية للصليب األحمر ‪.‬القاهرة ‪ . 2007‬صـ‪29‬‬
‫‪ . 189‬نزار العنبكي‪. V‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 346‬‬
‫‪ . 190‬روشو خالد ‪.‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪. 132‬‬
‫‪ . 191‬حسين علي الدريدي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪.249‬‬

‫‪51‬‬
‫المطب ق في أوقات‬
‫وق د أخد م ؤتمر الخبراء الحكوميين للعم ل على انماء وتطوير القانون الدولي اإلنس اني ُ‬

‫المسلحة ‪ ،192 1972‬موقف اً توافقي اً ووسطياً في عملية التمييز بين األعيان المدنية واألهداف العسكرية‪،‬‬
‫النزاعات ُ‬

‫فلم ُيع ّرف األعي ان المدني ة‪ ،‬ولم ُيع ددها على س بيل الحص ر‪ ،‬ب ل ق ام فق ط بعملي ة التمي يز بينه ا وبين األه داف‬

‫العسكرية‪ ،‬وأعطى هذه األهداف تعريفا ًمرناً دون تحديدها أو تعديدها‪ ،‬وذلك وفق منهج توافقي‪.193‬‬

‫وق د اختلفت اآلراء ح ول المعي ار ال ذي ُيتّخ ذ أساس اً لتعري ف األعي ان المدني ة‪ ،‬حيث ج اء رأي فأخ ذ بمعي ار‬
‫‪،‬‬
‫المخصص من أجلة الهدف ومعيار استخدامه‪ ،‬وبناء عليه تم‬
‫طبيعة الهدف وجاء رأي آخر ليأخذ بمعيار الغرض ُ‬

‫تعريف األعيان المدنية بأنها تلك التي ال تُ زود مباشرة أو تنتج األسلحة والمواد العسكرية ووسائل القتال‪ ،‬أو تلك‬

‫المسلحة‪ ،‬وقُ ّدم في المؤتمر أيض اً اقتراح حول التعريف ينص‬


‫التي ال تُستخدم مباشرة‪ ،‬وفي الحال بواسطة القوات ُ‬

‫على أنه ا تل ك ال تي تص بح أه دافا عس كرية إذا اُحتلت عس كرياً‪ ،‬أو اس تخدمت في األغ راض العس كرية‪ ،‬وق د تبنت‬

‫اتفاقي ة اله اي لحماي ة األعي ان الثقافي ة لع ام ‪ 1954‬بالمع ايرين مع اً أي معي ار اس تخدام اله دف‪ ،‬ومعي ار الغ رض‬
‫‪194‬‬
‫‪.‬‬ ‫المخصص له الهدف‬
‫ُ‬

‫وبالتالي فإن معيار تحديد صفة هدف أو عين ما‪ ،‬يعتمد في األساس على تخصيصها وغرضها‪ ،‬بمعنى أنه‬

‫كلما كانت األعيان مدنية بالفعل فإنها تستحق الحماية القانونية‪.195‬‬

‫ولخص ها إلى اتج اهين‪ ،‬األول ي رى بأن ه الب د من تحدي د األه داف‬
‫ّ‬ ‫وأرج ع البعض ه ذه اآلراء في األس اس‬

‫العسكرية التي يجوز ُمهاجمتها على سبيل الحصر‪ ،‬بينما يرى االتجاه اآلخر ضرورة وضع تعريف ُمحدد لألعيان‬

‫‪ . 192‬وكان ذلك أثن‪V‬اء مناقش‪V‬ة مس‪V‬ودة مش‪V‬روع م‪V‬واد ال‪V‬برتوكول اإلض‪V‬افي األول‪ ،‬وال‪V‬ذي أع‪V‬دت ص‪V‬يغته اللجن‪V‬ة الدولي‪V‬ة للص‪V‬ليب األحم‪V‬ر ‪.‬انظ‪V‬ر ن‪V‬زار‬
‫العنبكي‪. V‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق صـــ‪.345‬‬
‫‪. 193‬حسين علي الدريدي ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.252‬‬
‫‪ . 194‬نوال بسج ‪.‬القانون الدولي اإلنساني وحماية المدنيين واألعيان المدنية زمن النزاعات ال ُمسلحة ‪.‬المرجع السابق الصفحة صــ ‪ ،131‬وصـــ ‪. 132‬‬
‫‪ . 195‬نزار العنبكي‪. V‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪ 345‬و‪ ،‬صــ ‪.346‬‬

‫‪52‬‬
‫المدنية وتعدادها على سبيل الحصر‪ ، 196‬إال أن االتجاه األخير ال يمكن ضمان نتيجته باعتبار أن أي تعريف إيج ابي‬

‫وعرضة ألن ُيفسر تفسيراً مشدداً ُيضيق من نطاقة ‪.197‬‬


‫لألعيان المدنية سيكون ناقصاً ُ‬

‫بمحاولة لتعريف لألهداف العسكرية بالقول أنها " تلك األهداف‬


‫وتقدمت اللجنة الدولية للصليب األحمر أيضاً ُ‬

‫ال تي تنتمي إلى فئ ات ذات أهمي ة عس كرية ينتج عن ت دميرها كلي اً أو جزئي اً نت ائج عس كرية كب يرة "‪ ،‬إال أن ه ذا‬

‫التعريف تعرض إلى نقد شديد استناداً إلى أنه جاء شامالً وغير ُمحدد‪ ،‬ويأخذ بمعيار الميزة العسكرية‪ ،‬كما يترك‬

‫لألطراف المتنازعة حرية التقدير وأصباغ الهدف العسكري على بعض األهداف ذات الطبيعة المدنية‪ ،198‬وافتقاره‬

‫إلى الض بط المناس ب‪ ،‬إذ يجب أن تجتم ع كاف ة العناص ر ال واردة في نص الم ادة على عين م ا العتباره ا ه دفاً‬

‫عسكرياً‪ ،‬فكل ُعنصر من هذه العناصر يتضمن شروطاً معينه ينقصه التحديد المناسب‪.199‬‬

‫ولم تقف محاوالت اللجنة عند هذا الحد بل أضافت‪ ،‬تعريف اً آخر لألهداف العسكرية جاء فيه أنها "األهداف‬

‫التي بطبيعتها واستعمالها تُسهم إسهاماً فعاال ًومباشراً في المجهود الحربي للخصم "‪ُ ،‬معتمده على معيارين مع اً‬

‫‪200‬‬
‫بدالً من العمل العسكري‬ ‫هما طبيعة الهدف‪ ،‬ومعيار استخدامه‪ ،‬ولكن استعمال اللجنة لمفهوم المجهود الحربي‬

‫هنا‪ ،‬قد قلل من فعاليه هذا التعريف وجعله أكثر غموض اً وأوسع نطاق اً ‪،‬باعتبار أن مفهوم العمل العسكري يبقى‬

‫أقل غموضاً وأضيق نطاقاً من مفهوم المجهود الحربي ‪.201‬‬

‫كم ا ح اولت اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر الوص ول للتمي يز المناس ب بين األعي ان المدني ة واأله داف‬

‫الفعالة لألعيان المدنية‪ ،‬فكان‬


‫العسكرية‪ ،‬وذلك بهدف الوصول إلى تعريف لألعيان المدنية‪ ،‬وبالتالي تحقيق الحماية ّ‬

‫ويصبح ما عداها أهدافاً مدنية‪ ،‬بينما ذهب رأي ثان‬


‫الرأي األول أن يوضع تعريف اً تُحدد فيه األهداف العسكرية‪ُ ،‬‬

‫‪ . 196‬حسين علي الدريدي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪. 249‬‬
‫‪ . 197‬نزار العنبكي‪. V‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 346‬‬
‫‪ . 198‬أبو الخير أحمد عطيه‪ .‬حماية السكان المدنيين واألعيان المدنية إبان النزاعات ال ُمسلحة‪.‬مرجع سابق‪.‬صـ ‪. 74‬‬
‫‪ . 199‬نزار العنبكي‪. V‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 347‬‬
‫‪ . 200‬يدخل في نطاق المجهود الحربي فن السياسة والتخطيط العسكري بشقيه المادي والمعنوي‪ V‬لدعم القوة العس‪VV‬كرية‪ .‬انظ‪VV‬ر ن‪VV‬وال بس‪VV‬ج ‪.‬الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي‬
‫اإلنساني وحماية المدنيين واألعيان المدنية زمن النزاعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 135‬‬
‫‪201‬‬
‫‪.Frits Kalshoven and Liesbeth Zegveld. Op.P.g. 101‬‬

‫‪53‬‬
‫ويصبح ما عداها أهدافا عسكرية‪ ،‬وجاء رأي ثالث بضرورة إدماج الرأي‬
‫إلى البحث عن تعريف لألعيان المدنية‪ُ ،‬‬

‫األول وال رأي الث اني في فكرة واحدة ‪ ،202‬وبناء على ك ل تلك االجته ادات احتوت أحك ام القانون الدولي اإلنس اني‬

‫على العديد من المواد التي قدمت تعريفاً لألهداف العسكرية دون المدنية ولعل ذلك استناداً إلى أن تعريف األهداف‬

‫العسكرية أولى من تعريف األعيان المدنية ‪.‬‬

‫حيث ورد تعري ف اله دف العس كري في الكث ير من م واد الق انون ال دولي اإلنس اني‪ ،‬فق دمت الم ادة ‪ 2/6‬من‬

‫البرتوكول المتعلق بحظ ر أو تقييد استعمال األلغام واألشراك الخداعية والنبائط ‪ ،1996‬تعريف اً للهدف العسكري‬

‫ونصت على أنه‪ ":‬أي شئ ُيسهم بحكم طبيعته أو موقعه أو غرضه أو استعماله اسهاماً فعلي اً في العمل العسكري‪،‬‬

‫ويتيح تدميره أو االستيالء عليه أو إبطال مفعوله كلياً أو جزئيا في الظروف القائمة في حينه فائدة عسكرية أكيدة‬
‫ُ‬

‫المخالف ة بأنه ا" ك ل األش ياء ال تي ليس ت‬


‫"‪ ،‬وج اء مص طلح األعي ان المدني ة في الفق رة التالي ة‪ ،‬واس تناداً إلى مفه وم ُ‬

‫أه دافاً عس كرية حس ب التعريف ال وارد في الفق رة السادس ة من ذات الم ادة "‪ ،‬أي أن الهدف المدني يشمل كل شئ‬

‫يحوي عكس ذلك تماماً‪ ،‬أي ال ُيستخدم ألغراض عسكرية‪.‬‬

‫وكان موقف قانون الهاي لحماية األعيان الثقافية لعام ‪ 1954‬من التعريف األعيان الثقافية باعتبارها أعيان اً‬

‫مدنية و باالعتماد على معيارين هما معيار طبيعة الهدف المدني‪ ،‬ومعيار استخدامه ‪.203‬‬

‫ورغم أن البعض ق د ش كك في دق ة التعري ف ال وارد في الم ادة ‪ 52‬من ال بروتوكول اإلض افي الث اني لع ام‬

‫‪ ،1977‬وذل ك الحتوائ ه على عب ارات ص عبة التحدي د مث ل" ُمس اهمة فعَّال ة في العملي ات العس كرية "‪ ،‬أو "م يزة‬

‫عسكرية أكيده" فهذه العبارات ليست دقيقة بما فيه الكفاية لتطبيق القاعدة بشكل آمن‪ ،204‬وتفتح بابا ً واسعاً من‬

‫االجتهادات التفسيرية‪.‬‬

‫‪ . 202‬جاسم زور‪ .‬حماية األعيان الثقافية في القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬الملتقى الدولي الخامس "حرب التحرير الجزائرية والقانون الدولي اإلنساني ‪10-9 .‬‬
‫نوفمبر ‪ . 2010‬جامعة حسيبة بن بو علي الجزائر‪ -‬المحور الرابع ‪ .‬القواعد المقررة لحماية األعيان ‪.‬صـــ ‪ 4‬صـــ‪. 5‬‬
‫‪ . 203‬أبو الخير أحمد عطيه‪ .‬حماية السكان المدنيين واألعيان المدنية ابان النزاعات ال ُمسلحة‪ .‬مرجع سابق صــ ‪.78‬‬
‫‪ . 204‬رشيد حمد العنزي ‪ .‬األهداف العسكرية المشروعة في القانون الدولي ‪.‬العدد الثالث‪ .‬السنة الحادية والثالثون ‪.‬الكويت‪.2007.‬صــ ‪. 19‬‬

‫‪54‬‬
‫إال أن ه يمكن االس تفادة من ه ذه الم ادة باعتب ار أن األص ل في األعي ان جميعه ا أنه ا مدني ة‪ ،‬إال تل ك ال تي‬

‫فع الة في العمل العسكري‪ ،‬سواء بطبيعتها أم بموقعها أم بغايتها أم باستخدامها‪ ،‬أو تلك التي ُيحقق‬
‫ساهمت ُمساهمة ّ‬

‫تدميرها أو تعطيلها التام أو الجزئي أو االستيالء عليها ميزة عسكرية أكيدة‪ ،‬أي تلك التي تم تحويلها إلى أهداف‬

‫عسكرية ‪.‬‬

‫ولما كانت فعالية قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ترتبط أساس اً بوضوح معايير وشروط التمييز بينها‬

‫وبين األه داف العس كرية ‪ ،205‬وهي أن تُس هم اس هماً فعلي اً إم ا بحكم موقعه ا‪ ،‬واس تخدامها‪،‬وطبيعته ا‪،‬وغايته ا في‬

‫العم ل العس كري‪ ،‬وأن يحق ق ت دميرها م يزة عس كرية مؤك دة ‪ ،206‬وبالت الي ال يمكن أن ينطب ق على األعي ان المدني ة‬

‫وص ف اله دف العس كري المش روع‪ ،‬إال إذا اس توفت ه ذين الش رطين األساس يين مع اً‪ ،‬ف إذا م ا وج د أح د الش رطين‬

‫دون اآلخر فال ُيمكن اعتباره هدفاً عسكرياً مشروعا ً‪ ،207‬ويمكن بيان هذه الشروط كالتالي ‪:‬‬

‫المســاهمة الفّعال ـةـ للعين في العمليــات العســكرية ‪ -:‬ي رى البعض أن هن اك س بباً وجيه اً‬
‫‪ .1‬الشــرط األول ‪ُ :‬‬

‫لالعتقاد بأن االتجاه نحو زيادة المشاركة المدنية في األعمال العدائية سيضعف مع مرور الوقت ‪ ،208‬إال أن ذلك ال‬

‫الفعالة للعين المدنية في العمليات العسكرية‪ ،‬وذلك من خالل بيان العناصر‬


‫المساهمة ّ‬
‫يمنع من التطرق إلى شرط ُ‬

‫أو المعايير المحدد لهذه األعيان التي تُساهم سواء كان ذلك‪ ،‬بطبيعتها أو باستخدامها أو بموقعها‪ ،‬أو بالغاية منها‪،‬‬

‫وذلك للتمكن من الوصول إلى بيانها ومن ثم تحديد مدى جواز أو عدم جواز التعرض لها‪.‬‬

‫طبيعــة العين ‪ :‬من الط بيعي أن لك ل دول ة أعيان اً عس كرية وأعي ان مدني ة‪ ،‬إال أن ه وح تى يك ون اله دف‬ ‫‪‬‬

‫مشروعاً البد أن تكون العين ذات طبيعة عسكرية بحته تُساعدها في القيام بالعمليات العسكرية‪ ،209‬وتشمل‬

‫‪.205‬رقية عواشرية ‪ .‬حماية المدنيين واألعيان المدنية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 152‬‬
‫‪206‬‬
‫‪. Frits Kalshoven and Liesbeth Zegveld. Ibid.P.g. 101.‬‬
‫‪ . 207‬نزار العنبكي‪. V‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬المرجع السابق صــ‪. 346‬‬
‫‪208‬‬
‫‪. Nils Melzer Interpretive Guidance on the notion of direct participation in hostilities under IHL .Ibid.P.g 7 .‬‬
‫‪ .209‬أشار كتيب‪ V‬الميدان األمريكي المتضمن تعليمات‪ V‬للجيش األمريكي‪ V‬إلى بعض األهداف التي تشكل بطبيعتها أهدافا عسكرية ومنه‪VV‬ا المص‪VV‬انع ال‪VV‬تي تنتج‬
‫األسلحة والذخيرة‪ ،‬معسكرات الجيش‪ ،‬مخازن األسلحة والذخيرة الموانئ وخطوط السكك الحديدية التي تستخدم في نقل اإلمدادات العسكرية‪ ،‬أماكن ايواء‬
‫القوات العسكرية أو تقديم الدعم للعمليات العسكرية ‪.‬انظر‪.‬رشيد حمد العنزي ‪ .‬األهداف العسكرية المشروعة في القانون الدولي مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪.22‬‬

‫‪55‬‬
‫المسلحة‪ :‬كاألسلحة والمعدات ووسائل النقل‪،‬‬
‫هذه الفئة جميع األشياء المستخدمة مباشرة من قبل القوات ُ‬

‫التحصينات‪ ،‬ومستودعات ومراكز االتصاالت‪ ...‬الخ ‪.210‬‬

‫المزدوجة للعين‪ ،‬كأن تخدم هذه العين أغراض اً مدنية وعسكرية في آن واحد فإنها ال‬
‫أما في حالة الطبيعة ُ‬

‫تُعد هدفاً عس كرياً ب ل تبقى عين اً مدنية ‪ ،211‬فهي أعي ان قد تُس هم في العم ل العس كري‪ ،‬إال إنه ا الت رق إلى مستوى‬

‫المس اهمة في العم ل العس كري ُمس اهمة فعاّل ه وه و المعي ار المقص ود‪ ،‬فه ذه األعي ان كالمؤسس ات أو المب اني ال تي‬
‫ُ‬

‫تكون ُمكرسة إلنتاج السلع المدنية‪ ،‬ويمكن أيضا أن تُستخدم لصالح الجيش‪ ،‬ينبغي أن يؤخذ في االعتبار مساهمتها‬

‫المتوقعة‪ ،‬فإن كانت الخسائر في األرواح‬


‫الفعالية عند الهجوم عليها وقت ومكان الهجوم‪ ،‬وكذلك الميزة العسكرية ُ‬

‫البشرية والضرر الذي من شأنه أن يلحق األعيان المدنية فادحاً فال يعتبر هدفا عسكرياً مشروعاً‪.‬‬

‫ويت وجب على القائ د العس كري حينه ا اتخ اذ كاف ة االحتياط ات العملي ة‪ ،‬وذل ك لتجنب اإلص ابات العرض ية‬

‫واالمتناع عن شن أي هجوم يمكن أن يوقع إصابات ال تتناسب مع النتائج العسكرية المرغوبة‪ ،‬حيث ال تعد هدفاً‬
‫‪212‬‬
‫‪.‬‬ ‫عسكرياً بل تبقى عيناً مدنية محمية‬

‫المحتمل ة‪،‬‬
‫فع ال لجم ع المعلوم ات االس تخباراتية عن جمي ع األه داف ُ‬
‫كم ا على القائ د العس كري انش اء نظ ام ّ‬
‫‪213‬‬
‫الفعال ة‪ ،‬ومن ثم بي ان م ا إذا‬
‫وتقويمه ا وتحدي دها بش كل دقي ق خالل عمليات ه العس كرية ‪ ،‬لتحدي د م دى ُمس اهمتها ّ‬

‫ك انت أعيان اً مدني ة أو أه دافاً عس كرية يج وز مهاجمته ا‪ ،‬ذل ك أن أي معلوم ات اس تخباراتية خاطئ ة يتلقاه ا القائ د‬

‫‪ . 210‬قدمت اللجنة الدولية للصليب األحمر قائمة لألهداف العسكرية ضمن وثيقة عمل أصدرتها اللجنة الدولية للصليب األحمر في الع‪VV‬ام ‪،1956‬بعن‪VV‬وان‬
‫مشروع قواعد للحد من المخاطر التي يتكبدها‪ V‬السكان المدنيون في وقت الحرب‪ ،‬بمساعدة خبراء عسكريين قائمة لألهداف العسكرية وفقا للمادة ‪،7‬ومنه>>ا‬
‫على سبيل المثال ‪ -:‬القوات المُسلحة‪ ،‬المراكز أو المنشآت أو المباني الخاص>>ة ب>>القوات المُس>>لحة‪ ،‬ال>>وزارات (مث>>ل وزارات الجيش والبحري>>ة والق>>وات‬
‫الجوية‪ ،‬والدفاع الوطني‪ ،‬توريد) واألجهزة األخرى لتوجيه وإدارة العمليات العسكرية‪ .‬مخازن األسلحة المطارات‪ ،‬ساللم إطالق الص>>واريخ والمنش>>آت‬
‫القاعدة البحر‪ .‬هذه الخط>وط ووس>ائل االتص>ال (خط>وط الس>كك الحديدي>ة والط>رق والجس>ور واألنف>اق والقن>وات) ال>تي له>ا أهمي>ة عس>كرية أساس>ية‪،‬‬
‫والمنشآت> من محط>>ات البث اإلذاعي والتلفزي>>وني؛ المقاس>م الهاتفي>ة والبرقي>>ة من أهمي>>ة العس>>كرية األساس>ية‪ ،‬مراك>>ز البح>>وث إلج>>راء التج>>ارب على‬
‫وتطوير أسلحة ومواد حربية‪.. .‬الخ‬
‫انظر تعليق اللجنة الدولية للصليب األحمر على البروتوكولين اإلضافيين ‪.‬الفقرة ‪ .2002‬متوفر على موقع اللجنة الدولية للصليب األحم‪V‬ر ‪.‬ت‪V‬اريخ الزي‪V‬ارة‬
‫‪ 15‬اغسطس ‪ 2014‬الرابط ‪:‬‬
‫‪http://www.icrc.org‬‬
‫‪ . 211‬كشبكات االتصال والمواصالت و المطارات والجسور والمصانع االقتصادية ‪.‬‬
‫‪ . 212‬حسين علي الدريدي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪253‬‬
‫‪.. 213‬رشيد حمد العنزي ‪ .‬األهداف العسكرية المشروعة في القانون الدولي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪14‬‬

‫‪56‬‬
‫العس كري من ش أنها أن تك ون س بباً في مهاجم ة ه دف م دني بطبيعت ه‪ ،‬مم ا يض ر بالحماي ة ال تي توفره ا قواع د‬

‫‪214‬‬
‫‪،‬ولذا البد من أن يوجه قواته لالستفادة من الوسائل‬ ‫القانون الدولي اإلنساني لألعيان المدنية والممتلكات الثقافية‬

‫‪215‬‬
‫وكل ذلك‬ ‫التقنية الحديثة المتوفرة بشكل دقيق بهدف تحديد األهداف بشكل أكثر دقة خالل العمليات العسكرية‪،‬‬

‫المساهمة الفعليه لألعيان المدنية ‪.‬‬


‫من أجل تحديد مدى ُ‬

‫وبالت الي ومم ا س بق يمكن الق ول ‪ :‬إن األعي ان المدني ة هي تل ك األعي ان ال تي تحم ل طبيع ة مدني ة بحت ه‪ ،‬وال‬

‫تُس اهم في العم ل العس كري‪ ،‬كالمس اكن والم دارس والمس اجد وغيره ا‪ ،‬وتك ون ه ذه األعي ان المدني ة تحت الحماي ة‬

‫القانونية‪ ،‬إال أنها تقفد هذه الحماية إذا تم استخدامها في العمل العسكري‪.216‬‬

‫استخدامات العين ‪ -:‬أما فيما يخص استخدامها فإنه وبديهياً إذا كان استخدامها الرئيس من قبل المدنيين‬ ‫‪‬‬

‫ف إن االعت داء عليه ا ُيص بح غ ير مش روع‪ ،‬أم ا في حال ة م ا إذا ك ان االس تخدام له ذه األعي ان من قب ل‬

‫العسكريين فعندها ُيصبح االعتداء عليها مشروعاً‪ ،‬ال إنه قد تكون هناك بعض األهداف العسكرية تُستخدم‬

‫من قب ل العس كريين‪ ،‬ورغم ذل ك ال يج وز ُمهاجمته ا‪ ،‬حيث تك ون مش مولة بالحماي ة ش أنها ش أن األه داف‬

‫المدنية وفقاً لالتفاقيات الدولية ‪ ، 217‬كالمؤسسات العسكرية المخصصة لألغراض الطبية ‪.218‬‬

‫‪ . 214‬من األمثلة على خطورة المعلومات اإلستخباراتية الخاطئة ومن األمثلة قصفت قوات الناتو جسر خارج مدينة نيس ‪ Nis‬خالل الحملة على كوسوفو‬
‫ظنت قوات الناتو أنها مدرعات لقوات عسكرية بينما تبين بعد ذلك أنها جرارات زراعية كانت تعبر الجسر‪ ،‬كما قصف قوات الناتو السفارة الص‪VV‬ينية في‬
‫بلغراد بسبب معلومات استخباراتية خاطئة بأنه يضم مقر اللوجستية الصربية‪.‬‬
‫انظر ‪.‬‬
‫‪Andru E. Wall Editor. Legal and Ethical Lessons of NATO’s Kosovo Campaign . Naval War College. Newport, Rhode‬‬
‫‪Island .2002 .P.g 20-22 .‬‬
‫‪215‬‬
‫‪. Final Report to the Prosecutor bv the Committee Established to Review the NATO Bombing Campaign Against‬‬
‫‪ . ICC-02/05-02/09-HNE-2 . ICC-02/05-02/09-216-Anx 29-10-2009‬المشار اليه بالمرجع ‪the Federal Republic of Yugoslavia‬‬
‫‪10/32 CB PT- para. 29 .‬‬
‫‪ . 216‬روشو خالد ‪.‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪134‬‬
‫‪ . 217‬رشيد حمد العنزي ‪ .‬األهداف العسكرية المشروعة في القانون الدولي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪23‬‬
‫‪. 218‬كاألبنية والمرافق العسكرية التابعة للوحدات الطبية‪ ،‬الطائرات العسكرية المستخدمة لألغراض الطبية البحثة والسفن المخصصة لألغ‪VV‬راض الطبي‪VV‬ة‬
‫فقط انظر المادة ‪/8‬هـ من ال‪V‬بروتوكول اإلض‪V‬افي األول لع‪V‬ام ‪ 1977‬الملح‪V‬ق باتفاقي‪V‬ات ج‪V‬نيف‪ ،‬وال‪V‬تي نص‪V‬ت على أن " الوح‪V‬دات الطبي‪V‬ة " هي المنش‪V‬آت‬
‫وغيرها من الوحدات عسكرية ك‪VV‬انت أم مدني‪VV‬ة ال‪VV‬تي تم تنظيمه‪VV‬ا لألغ‪VV‬راض الطبي‪VV‬ة أي البحث عن الج‪VV‬رحى والمرض‪VV‬ى والمنك‪VV‬وبين في البح‪VV‬ار وإجالئهم‬
‫ونقلهم وتشخيص حالتهم أو عالجهم‪ ,‬بما في ذلك اإلسعافات األولية‪ ,‬والوقاية من األمراض‪ .‬ويشمل التعبير‪ V,‬على سبيل المث‪VV‬ال‪ ,‬المستش‪VV‬فيات وغيره‪VV‬ا من‬
‫الوحدات المماثلة ومراكز نقل الدم ومراكز ومعاهد الطب الوق‪V‬ائي والمس‪VV‬تودعات الطبي‪VV‬ة والمخ‪VV‬ازن الطبي‪VV‬ة والص‪VV‬يدلية له‪V‬ذه الوح‪V‬دات‪ ,‬ويمكن أن تك‪VV‬ون‬
‫الوحدات الطبية ثابتة أو متحركة دائمة أو وقتية‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫المساهمة في العمل العسكري‪ ،‬وإ ال‬
‫ولما كان األصل في األعيان المدنية هو االستخدام المدني لها‪ ،‬وليس ُ‬

‫فإن أي استخدام عرضي لألعيان في غير ما ُخصصت له‪ ،‬أو تم تحويلها إلى أهداف عسكرية‪ ،‬يجعل من توجيه‬
‫‪219‬‬
‫‪.‬‬ ‫ضربة لها استناداً إلى توافر ضرورة عسكرية مشروعاً‬

‫و يبقى ذلك مرهون اً باتخاذ االحتياطات اإلضافية ومراعاة مبدأ التناسب بأن يكون مقدار الضرر المترتب‬

‫المتحقق ة‪ ،‬وأيض اً بم دى التثبت والتحق ق من عملي ة تحوي ل طبيعته ا أو اس تخدامها فعلي اً في‬
‫مس اوياً ومناس باً للنتيج ة ُ‬

‫العمل العسكري‪ ،220‬باإلضافة إلى مراعاة وقت الهجوم‪.221‬‬

‫الم زدوج‪ ،‬فك ان الب د من النظ ر إلى‬


‫ولم ا ك ان من الص عب وض ع ح د فاص ل لبعض األعي ان ذات االس تخدام ُ‬

‫طبيع ة العين أوال‪ ،‬ثم البحث في م دى اش تراكها في األعم ال العس كرية ‪ ،222‬ف األمر يع ني أن هن اك اس تخدامات‬

‫ُمزدوجه‪ ،‬حيث قد تُستخدم مؤقتاً ألغراض عسكرية فقط‪ ،‬أوقد تُستخدم ألغراض عسكرية ومدنية في ذات الوقت‪،‬‬

‫عندها البد من ضمان اتخاذ احتياطات إضافية كإنذار المدنيين وإ جالئهم والتأكد من تناسب الهجمات مع األضرار‬

‫الالحقة بهؤالء المدنيين‪.223‬‬

‫‪ . 219‬الجدير بالذكر وكمثال تطبيقي هنا فإن القوات الحكومية السورية بحسب ما أكدته لجنة التحقي‪V‬ق الدولي‪V‬ة ق‪V‬د اس‪V‬تخدمت بش‪V‬كل روتي‪V‬ني أعيان‪V‬ا ً مدني‪V‬ة‬
‫بطبيعتها كالمدارس ومباني‪ V‬البلديات والمستشفيات‪ V‬في النزاع المسلح الداخلي الدائر حاليا ً في سوريا‪ ،‬كما استغلت القوات الحكومية المستشفيات العامة في‬
‫عدة أماكن حيث وضع الجيش ودبابات ومركبات‪ V‬مصفحة وقوات داخل مجم‪VV‬ع المش‪VV‬فى الوط‪VV‬ني كم‪VV‬ا عم‪VV‬دت إلى نش‪VV‬ر قناص‪VV‬ة على اس‪VV‬طح مدين‪VV‬ة ع‪VV‬زار‬
‫والقصير وحولتها إلى مراكز تشن منها العمليات العسكرية‪ ،‬واعت‪V‬برت اللجن‪V‬ة المعني‪V‬ة ب‪V‬التحقيق ذل‪V‬ك انتهاك‪V‬اً‪ V‬ص‪V‬ارخا ً لقواع‪V‬د الق‪V‬انون ال‪V‬دولي اإلنس‪V‬اني‪،‬‬
‫وبالتالي فإن مثل هذه التصرفات ستقود نحو ال ُم الحقة القضائية باعتبارها جرائم حرب‪ ،‬فاستغالل األهداف المدنية وتحويلها‪ V‬إلى أهداف "ثكنات" عسكرية‬
‫يجعلها أهدافا ً مشروعة‪.‬‬
‫انظر الجمعية العامة ‪.‬األمم المتحدة ‪.‬مجلس حقوق اإلنسان ‪.‬تقري‪VV‬ر لجن‪VV‬ة التحقي‪VV‬ق الدولي‪VV‬ة المس‪VV‬تقلة بش‪VV‬ان الجمهوري‪VV‬ة العربي‪VV‬ة الس‪VV‬ورية ‪ .‬ال‪VV‬دورة الرابع‪VV‬ة‬
‫والعش‪VV‬رون ‪.‬البن‪VV‬د ‪ 4‬من ج‪VV‬دول االعم‪VV‬ال ‪.‬ح‪VV‬االت حق‪VV‬وق اإلنس‪VV‬ان ال‪VV‬تي تتطلب اهتم‪VV‬ام المجلس به‪VV‬ا ‪.‬بت‪VV‬اريخ ‪ 16‬اغس‪VV‬طس ‪ 27. 26 V. 2012‬المرج‪VV‬ع‬
‫‪A/HRC/21/50‬‬
‫‪ . 220‬خالد روشو ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪ ،136‬و صــ ‪. 137‬‬
‫‪ 221‬وكمثال على ذلك من يقود من المدنيين شاحنة مدنية لنقل ذخيرة و تسليمها‪ V‬إلى موقع إلطالق النار نشط في الخطوط األمامي‪VV‬ة‪ ،‬من ش‪VV‬أنه أن يُنظ‪VV‬ر إلى‬
‫هذه الشاحنة على أنها جزء ال يتجزأ من العمليات العسكرية‪ ،‬فعلى الرغم من أن الشاحنة تبقى هدف عسكري مشروع‪ ،‬إال أن قي‪VV‬ادة الش‪VV‬احنة ال ت‪VV‬رقى إلى‬
‫المشاركة المباشرة في األعمال العدائية ولن ي ُحرم سائق الشاحنة من الحماية القانونية الالزمة‪ ،‬فأي هج‪V‬وم مباش‪V‬ر ض‪V‬د الش‪V‬احنة وقت تواج‪V‬د ه‪V‬ذا الس‪V‬ائق‬
‫يكون غير مشروع استناداً إلى مبدأ التناسب انظر‪.‬‬
‫‪Nils Melzer. Interpretive Guidance on the notion of direct participation in hostilities under IHL .Ibid.P.g 56 .‬‬
‫‪ . 222‬روشو خالد ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪136‬‬
‫‪ . 223‬فرانسواز بوشيه سولنييه‪ .‬القاموس العملي للقانون اإلنساني‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪.176‬‬

‫‪58‬‬
‫المزدوج‪ ،‬فإن االستخدام حتى ولو كان ثانوي اً لها من قبل العسكريين يجعلها‬
‫فبالنسبة لألعيان ذات االستخدام ُ‬

‫ه دفاً عس كرياً مش روعاً‪ ،‬إال في حال ة ت رتب ض رراً كب يراً على الم دنيين أو ك ان القص د من الهج وم اإلض رار بهم‪،‬‬

‫مشروع‪.224‬‬
‫ٍ‬ ‫حينها ُيصبح االعتداء عليها غير‬

‫ويتبين من ذلك أنه حتى ولو كانت أعياناً مدنية بطبيعتها وذات استخدام مدني بحت‪ ،‬إال إنها وبمجرد تحويل‬

‫طبيعتها إلى عسكرية‪ ،‬واستخدامها في العمل العسكري‪ ،‬فإن ذلك يجعل من عمليه مهاجمتها مشروعه‪ ،‬ولكن البد‬

‫من اس تيفاء المعي ارين مع اً‪ ،‬معي ار "مس اهمة فعال ة في العم ل العس كري" و معي ار "م يزة عس كرية أكي دة" الل ذين‬

‫أي هج وم ال تعتم د على طبيع ة اله دف‬


‫تتطلبهم ا الم ادة ‪ 52‬من ال بروتوكول اإلض افي األول‪ ،‬كم ا أن ش رعية ّ‬

‫أيض ا على االحتياط ات المطلوب ة ال تي يتعين أن تك ون ق د اُتخ ذت‪ ،‬ومنه ا اح ترام مب دأ‬
‫واس تخدامه وحس ب‪ ،‬وإ نم ا ً‬

‫التناسب وااللتزام بتوجيه إنذار وغيرها ‪ ،225‬وهذا ما سيتم بيانه الحقاً ‪-‬إن شاء اهلل‪. -‬‬

‫موقــع العين ‪ -:‬إن اله دف الم دني حين يتمت ع بموق ع اس تراتيجي مهم‪ ،‬أو ذا أهمي ة تكتيكي ة من الناحي ة‬ ‫‪‬‬

‫العسكرية فإنه يكون هدفاً عسكرياً واالعتداء عليه يكون مشروعاً‪ ،‬كأن يكون الموقع مهم اً لمنع العدو من‬

‫االستيالء أو التقدم‪ ،‬أو إلجبار العدو على التراجع وغيرها من االستراتيجيات العسكرية ‪.226‬‬

‫وكذلك في حالة تواجد عين مدنية في مواقع عسكرية‪ ،‬فإن الهجوم عليها ُيصبح مشروعا كرسو سفينة تجارية في‬

‫ميناء عسكري‪ ،‬فمواقع األعيان يعطي التبرير الستهدافها‪ ،‬وقد يكون ذلك استناداً إلى حالة الضرورة العسكرية‪.227‬‬

‫الغاية أو الغرض من العين ‪ -:‬يتعلق ذلك باالس تعماالت الحالي ة وليس المستقبلية ل ه أو االفتراضية‪ ،‬فمن‬ ‫‪‬‬

‫غير المقبول مهاجمة مدرسة أو مستشفى مدني؛ ألن العدو سيقوم بتحويلها‪ ،‬أو من المتوقع أن يحولها إلى‬

‫‪ 224‬ومنها على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬وسائل االتصال المدنية كاإلنترنت‪ V‬والهواتف‪ ،‬محطات توليد الطاقة الكهربائية للمزي ٍد انظر رشيد حمد الع‪VV‬نزي ‪.‬‬
‫األهداف العسكرية المشروعة في القانون الدولي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪23‬‬
‫‪ ,. 225‬ماركو ساسولي ‪ .‬أنطوان بوفييه‪ .‬كيف يوفر القانون الحماية في الحرب ؟ ‪ .‬مختارات من القضايا الخاصة بممارسات معاص‪V‬رة في الق‪V‬انون ال‪V‬دولي‬
‫اإلنساني ‪ .‬اللجنة الدولية للصليب األحمر اإلنساني‪. 2011 .‬صـــ ‪. 8‬‬
‫‪ . 226‬تعليق اللجنة الدولية للصليب األحمر على البروتوكولين اإلضافيين ‪.‬الفقرة ‪ 2021‬مرجع سابق ‪ .‬متوفر على موقع اللجنة الدولية للصليب األحمر ‪.‬‬
‫‪http://www .icrc .org-‬‬
‫‪ . 227‬خالد روشو ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪ ،136‬و صــ ‪. 137‬‬

‫‪59‬‬
‫مستودع لألسلحة أو غيرها‪ ،‬فتحديد الغرض يكون قبل االستعمال‪ ،‬بأن يكون الغرض العسكري واضحاً‬

‫ومطبوعاً على الهدف المدني منذ البداية‪ ،‬وإ ال أصبح هدفاً عسكرياً بطبيعته مما يجيز مهاجمته‪ ،‬لذا ال بد‬

‫من قيام القائد العسكري باالعتماد على المعلومات االستخباراتية الدقيقة وليست االحتمالية‪ ،‬وإ ال قد يكون‬
‫‪228‬‬
‫الهدف المدني ضحية لمعلومات خاطئة تجعله هدفاً عسكرياً ‪.‬‬

‫على س بيل المث ال‪ ،‬المدرس ة أو الفن دق تعت بر أعي ان مدني ة‪ ،‬ولكن إذا تم اس تخدامها الس تيعاب الق وات‬

‫العس كرية‪ ،‬فإنه ا تُص بح أه دافاً عس كرية مش روعة‪ ،‬وفي حال ة الش ك‪ ،‬يجب أن تف ترض أنه ا ألغ راض مدنية‪،229‬‬

‫ويقتصر جواز ُمهاجمتها في الوقت الذي تُقدم فيه ُمساهمة فعليه للعمليات العسكرية‪ ،‬وليس في كل األوقات‪ ،‬وهو‬

‫م ا تش ير إلي ه عب ارة " الظ روف الس ائدة " ال واردة في الفق رة الثاني ة من نص الم ادة ‪ 52‬من ال برتوكول اإلض افي‬

‫األول ‪.230‬‬

‫والمتمثل بمفهوم المخالفة هو‬


‫وعليه يمكن القول بأن األعيان المدنية التي ال يجوز مهاجمتها وفق هذا المعيار ُ‬

‫ع دم مس اهمة العين في العم ل العس كري س واء طبيعته ا أو باس تخداماتها ال تي تق وم به ا أو بموقعه ا أو بالغاي ة من‬

‫ومباشرة في العمل العسكري‪.‬‬


‫فعالة ُ‬
‫األعمال التي تؤديها ُمساهمة ّ‬

‫أال أن المش كلة تث ور عن د وج ود أعي ان مدني ة ذات طبيع ة ُمختلط ة ‪ ،231‬ويمكن اس تخدامها لس د احتياج ات‬

‫األسطول أو الجيش حيث من الصعب التفريق بين المصانع أو المنشآت التي يمكن اعتبارها داعمة للجيش من تلك‬

‫التي يستخدمها المدنيون‪.232‬‬

‫‪ . . 228‬رشيد حمد العنزي ‪ .‬األهداف العسكرية المشروعة في القانون الدولي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 30-29‬‬
‫‪ . 229‬تعليق اللجنة الدولية للصليب األحمر على البروتوكولين اإلضافيين ‪.‬الفقرة ‪. 2004‬مرجع سابق ‪ .‬متوفر على موقع اللجنة الدولية للصليب األحمر ‪.‬‬
‫‪http://www .icrc .org-‬‬
‫‪ . 230‬خالد روشو ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 139‬‬
‫‪. 231‬المنشآت كالسكك الحديدية والجسور وتقاطعات‪ V‬الطرق‪ ،‬ومحطات توليد الكهرباء أو اجزاء من الموانئ البحري‪VV‬ة ال‪VV‬تي تمث‪V‬ل اهمي‪V‬ة مزدوج‪V‬ة للق‪V‬وات‬
‫العسكرية وايضا للسكان المدنيين‪ .‬انظر أيضا (فريتس كالسهوفن وليزابيث تسغفلد ‪ .‬ضوابط تحكم خوض الحرب ‪ .‬مرجع سابق ‪ 5.1 .‬ج‪ .‬صــ ‪.) 118‬‬
‫‪. 232‬الجدير باإلشارة اليه هنا‪ .‬وكمثال أن اتفاقية الهاي عام ‪ 1907‬الخاصة بعملي‪VV‬ات القص‪VV‬ف البح‪VV‬ري أثن‪VV‬اء الح‪VV‬روب ج‪VV‬اءت في مادته‪VV‬ا األولى بف‪VV‬رض‬
‫حظر عام على " قصف القوات البحرية للموانئ أو المدن أو القرى أو المساكن أو المباني المجردة من وسائل الدفاع " وفي الفق‪VV‬رة الثاني‪VV‬ة من ذات الم‪VV‬ادة‬
‫أوردت قائمة االشياء التي يجوز قصفها حتى لو كانت واقعه داخل مواقع مجرده من وسائل الدفاع ومنها‪ V‬المص‪VV‬انع ال‪VV‬تي يمكن اس‪VV‬تخدامها لس‪VV‬د احتياج‪VV‬ات‬
‫االسطول أو الجيش المعادي ‪(.‬انظر فريتس كالسهوفن وليزابيث تسغفلد ‪ .‬ضوابط تحكم خوض الحرب ‪ .‬مرجع سابق ‪ . 4.3 .‬صــ ‪.)52‬‬

‫‪60‬‬
‫حيث تمث ل أهمي ة ُمزدوج ة ُمركب ة من دعم األه داف العس كرية وتلبي ة االحتياج ات المدنية‪ ،233‬فال يمكن‬

‫فعالة في العمل العسكري‪ ،‬باإلضافة‬


‫اعتبارها أهدافاً عسكرية‪ ،‬إال في حالة توافر الشرطين معاً كأن تُساهم ُمساهمة ّ‬

‫إلى أن تدميرها التام أو الجزئي أو االستيالء عليها أو تعطيلها في ظل الظروف السائدة بحيث يحقق ميزة عسكرية‬

‫مؤكدة‪ ،‬وبالتالي تُشكل هدفاً عسكرياً مشروعاً‪.234‬‬

‫وذل ك اس تناداً إلى أن الخدم ة ال تي تؤديه ا العين هي الض ابط العتب ار ه ذه العين ه دفاً م دنياً أو عس كرياً من‬

‫لمع دات ومراف ق اإلعالم مثالً م دنياً وعس كرياً‪ ،‬يجع ل منه ا ه دفاً مش روعاً ف ور ت وافر‬
‫الم زدوج ُ‬
‫عدم ه‪ ،‬فاالس تخدام ُ‬

‫شروط الفق رة الثانية من المادة ‪ 52‬من ال بروتوكول األول‪ ،‬على اعتبار تط بيق نص وروح هذه المادة قد أج ازت‬

‫‪235‬‬
‫‪ ،‬وذل ك على ال رغم من أن الفق رة الثالث ة من‬ ‫الم زدوج‬
‫ض منياً ُمهاجم ة األعي ان الموض وعة في حال ة االس تخدام ُ‬

‫ويشك بأنها تُستخدم‬


‫المادة ذاتها قد دعت إلى تغليب الصفة المدنية لألعيان المدنية التي ال ُيعرف وضعها األساسي ُ‬
‫‪236‬‬
‫‪ ،‬ولكن الشرط الذي يعتبر أكثر أهمية هو أن تكون هذه األهداف ذات طبيعة مادية ملموسة‬ ‫في العمل العسكري‬

‫‪237‬‬
‫وليست معنوية ‪.‬‬

‫‪ 233‬وبالتالي فإن الخلط بينهما سيؤدي تلقائيا إلى صعوبة التفري‪VV‬ق بينهم‪VV‬ا‪ ،‬وعلي‪VV‬ه فان‪VV‬ه وعن‪VV‬د الموازن‪VV‬ة بين المص‪V‬لحة المترتب‪VV‬ة على دعم ه‪VV‬ذه المص‪VV‬انع أو‬
‫المنشآت لألهداف العسكرية والمفسدة المترتبة عن وقف تلبية االحتياجات المدنية جراء الهجوم عليها‪ ،‬كان عليه البد من التعرض للموازن‪VV‬ة بين المص‪VV‬الح‬
‫والمفاسد عند التعارض وايهما أولى بالتقديم دفعا وجلبا وهو ما سنتعرض له في الفصول القادمة من هذه الدراسة ‪ -‬إن شاء هللا ‪. -‬‬
‫‪. 234‬نوال بسج ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني وحماية المدنيين واألعيان المدنية في زمن النزاعات ال ُمسلحة ‪ ..‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪ 134‬ومابعدها ‪.‬‬
‫‪ . 235‬كمثال على ذلك برر ممثلو‪ V‬حلف شمال األطلسي خالل الحملة الجوية في يوغوسالفيا قصف مبنى اإلذاع‪V‬ة والتلفزي‪V‬ون الص‪V‬ربي حيث تم اس‪V‬تخدامه‬
‫استخداما ً مزدوجا ً‪ ،‬فباإلضافة إلى اإلستخدام المدني اندمجت مرافق اإلذاعة والتلفزيون مع الشبكات الخاصة والتابعة للجيش الص‪VV‬ربي‪ ،‬وأعلنت المحكم‪VV‬ة‬
‫الجنائية الدولية الخاصة بيوغسالفيا السابقة ص‪V‬راحة عن موق‪V‬ف الق‪V‬انون ال‪V‬دولي فف‪V‬رقت بين الدعاي‪V‬ة والتح‪V‬ريض كم‪V‬برر للت‪V‬دمير والهج‪V‬وم و أك‪V‬دت أن‬
‫معنويات‪ V‬السكان التعد هدفا عس‪VV‬كرياً‪ ،‬إال أن التح‪VV‬ريض اإلعالمي على العن‪VV‬ف يمكن أن يك‪VV‬ون م‪VV‬برراً للت‪VV‬دمير‪ ،‬فبم‪VV‬وجب الق‪VV‬انون اإلنس‪VV‬اني ال‪V‬دولي ف‪VV‬إن‬
‫محطات التلفزيون واإلذاعة المدنية تصبح أهدافا مشروعة عند "مساهمتها‪ V‬مساهمة فعالة في العمل العسكري"‪ ،‬وعندما يكون تدميرها ينتج عنه "م‪VV‬يزة‬
‫عسكرية مؤكدة" كحالة استخدامها مثال إلرسال األوامر العسكرية أو المساهمة بشكل ملموس في دعم حمل‪V‬ة عس‪VV‬كرية معين‪VV‬ة‪ .‬وال تش‪VV‬كل أه‪V‬دافا عس‪VV‬كرية‬
‫مشروعة لمجرد تأييدها أو تقديمها‪ V‬تأييداً لفئة ضد فئة أخرى كما أنه من غير القانوني مهاجمتها مثال به‪V‬دف خفض ال‪VV‬روح المعنوي‪VV‬ة ل‪V‬دى ش‪VV‬عب معين أو‬
‫للتأثير على رأي المدنيين‪ ،‬فال ينطوي ذلك على مساهمة مباشرة في العمليات العسكرية‪ ،‬وحتى عندما تصبح أهدافا عس‪V‬كرية مش‪V‬روعة نتيج‪V‬ة اس‪V‬تخدامها‬
‫ومساهمتها‪ V‬مساهمة فعالة‪ ،‬فمن الضروري احترام مبدأ التناسب في الهجوم‪ ،‬ويعني ذلك التحقق في كل وقت من أن ذلك الهج‪VV‬وم ال تتج‪VV‬اوز في‪VV‬ه المخ‪VV‬اطر‬
‫على السكان المدنيين المنافع العسكرية المرتقبة كما وينبغي كذلك اتخاذ احتياط‪VV‬ات خاص‪VV‬ة فيم‪VV‬ا يتعل‪VV‬ق بالمب‪VV‬اني الواقع‪VV‬ة في المن‪VV‬اطق الحض‪VV‬رية‪ ،‬وأيض‪V‬ا ً‬
‫إعطاء إنذار مسبق بالهجوم كلما كان ذلك ممكناً‪ . V‬انظر‪ :‬ماركو ساسولي ‪ .‬أنطوان بوفييه‪ .‬كيف يوفر القانون الحماية في الحرب ؟ ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪.7‬‬
‫‪ . 236‬خالد روشو ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪.138‬‬
‫‪ . 237‬فرانسواز جي‪ .‬ھامبسون ‪ .‬الضرورة العسكرية تقديم حنان عشراوي ‪.‬جرائم الحرب ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪. 325‬‬

‫‪61‬‬
‫واستخالصاً مما سبق فإنه ال ُيمكن أن ينطبق على األعيان المدنية وصف الهدف العسكري المشروع‪ ،‬إال إذا‬

‫استوفت الشرط األساسي وهو أن تُسهم إسهاماً فعلياً‪ ،‬إما بحكم موقعها واستخدامها أو غايتها أو طبيعتها في العمل‬

‫العسكري‪ ،‬أيضاً البد من توافر الشرط الثاني وهو توفر الميزة العسكرية األكيدة وهذا ما سيتم توضيحه تاليا ً‪-:‬‬

‫‪ .2‬الشرط الثاني الميزة أو الفائدة العسـكرية األكيـدة ‪ -:238‬ورد ه ذا الش رط في الفق رة الثاني ة من الم ادة ‪ 52‬من‬

‫البروتوكول اإلضافي األول‪ ،‬حيث اشترط أن تكون الهجمات ُمقتصرة على األهداف العسكرية‪ ،‬وينبغي لتدميرها‬

‫تدميراً تاماً أو جزئياً أو االستيالء عليها أو تعطيلها في الظروف السائدة أن يحقق ميزة عسكرية أكيدة ‪.‬‬

‫فإذا لم يترتب على تدمير العين أو الهدف تحقيق أي ميزة عسكرية‪ ،‬فال ُيعد هدفاً عسكرياً مشروعاً‪ ،‬حتى‬

‫فع ال ‪ ،239‬ذل ك أن ت وافر أح د الش رطين دون اآلخ ر يجع ل من عملي ة‬


‫ول و ك انت تُس اهم في العم ل العس كري بش كل ّ‬

‫مهاجمته ا فعالً غ ير مش روع‪ ،‬وبالت الي ف إن ع دم ت وافر الم يزة العس كرية يجع ل من عملي ه قص فها انتهاك اً جس يماً‬
‫‪240‬‬
‫‪.‬‬ ‫الم قررة في القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬ويترتب عليه مسؤوليه دولية‬
‫لقواعد الحماية ُ‬

‫المتنازعة‬
‫المحتملة‪ ،‬األمر الذي ُيحتم على األطراف ُ‬
‫ويقصد ب الميزة العسكرية هنا الميزة األكيدة وليست ُ‬
‫ُ‬

‫التح ري والتثبت قب ل القي ام بالهجم ات‪ ،‬ويك ون ذل ك ب أن تُش ير ك ل ال دالئل إلى أن ض رب ه ذه األه داف‪ ،‬س ُيحقق‬

‫نصرا ً أكيدا ًال يحتمل التأويل اطالقاً‪ ،‬ذلك أن مجرد التأويل بذلك ال يرفع عنها الحصانة‪.‬‬

‫ويضاف على تحديد مفهوم الميزة العسكرية ليشمل ما جاء في المادة ‪ -51/5‬ب من البرتوكول اإلضافي‬
‫ُ‬

‫ومباشرة‪ ،‬حيث يوحي التعبير أن الميزة العسكرية‬


‫األول والذي أشار إلى وجوب أن تكون ميزة عسكرية ملموسة ُ‬

‫ومباشرة نسبياً‪ ،‬وبذلك تُستبعد أي ميزة يصعب إدراكها‪ ،‬أو التي ال تظهر‬
‫البد أن تكون كبيرة ذات نتائج ملموسة ُ‬

‫‪ . 238‬كتحقيق نصر أو التفوق العسكري أو القضاء على مصدر يشكل خطرا‪ ،‬بمعنى أن يكون هو الخيار الوحيد لدى القوات وبالتالي فإن تحقيقه يؤدي إلى‬
‫تحقيق ميزة عسكرية ‪.‬‬
‫‪. 239‬كالجسر أو نفق مثال يساهم في تنقالت‪ V‬الجنود اال أن تدميره لن يحقق أي ميزة عسكرية ‪.‬‬
‫‪ . 240‬حسين علي الدريدي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـ ‪254‬‬

‫‪62‬‬
‫إال على الم دى البعي د‪ ،‬كم ا ورد قي د الم يزة العس كرية أيض اً في الم ادة ‪ 57‬من ال برتوكول اإلض افي األول عن دما‬

‫استخدم مصطلح "يحقق تدميرها ميزة عسكرية مؤكدة ومباشرة "‬

‫هذا وقد جاء تعليق اللجنة الدولية للصليب األحمر على البروتوكولين اإلضافيين ُليفسر عبارة "ما ينتظر أن‬

‫يس فر عن ه ذل ك الهج وم من م يزة عس كرية أكي دة"‪ ،‬بأنه ا تس تثنى "الهج وم ال ذي ال ي وفر إال مزاي ا ُمحتمل ة أو غ ير‬

‫ومباشرة " بأن الميزة المعنية ينبغي أن تكون جوهرية ودقيقة نسبياً بدالً من أن‬
‫محدودة"‪ ،‬وفسر عبارة "ملموسة ُ‬

‫تكون بالكاد ملموسة أو أن يحتمل ظهورها في المدى البعيد فقط ‪.241‬‬

‫‪242‬‬
‫وعلى ال رغم من أن المب دأ القاض ي ب أن الغ رض المش روع الوحي د للح رب ه و "إض عاف الق وة العس كرية"‬

‫للخص م‪ ،‬ق د أعطى األط راف المتنازع ة الحري ة في اعتب ار م ا ُيحق ق له ا م يزة عس كرية أكي ده من عدم ه‪ ،‬بأض يق‬

‫المعاني وأكثرها احترافية‪.‬‬

‫وم ع خض وع تق دير الم يزة األكي دة إلرادة أط راف ال نزاع في نهاي ة المط اف ‪ ،‬باعتب ار أن أغلب الق رارات‬

‫العسكرية تُتخذ بصورة ُمستعجلة‪ ،‬وبحسب الظروف التي تُستجد على أرض المعركة‪ ،‬فإن الرقابة على هذا التقدير‬

‫ُيص بح مح دوداً أو ق د تك ون مع دوماً‪ ،‬خاص ة م ع األخ ذ في االعتب ار أن الس عي نح و الت دمير المعن وي للع دو ه و‬

‫الم سيطر في أغلب األوقات على العقليات العسكرية والسياسية من أجل حسم المعارك وتحقيق النصر ‪.243‬‬
‫الهدف ُ‬

‫وعلي ه يمكن الق ول ‪ :‬أن تق دير الم يزة العس كرية يعتم د بالدرج ه األولى على اط راف ال نزاع ويتم كس بها من‬

‫خالل التدمير المستمر لألعيان المدنية ‪،‬وذلك بحسب التقديرات التي يعتمد عليها أطراف النزاع ‪،‬وبالتالي يتحول‬

‫القص ف الع نيف للم دن والق رى واألم اكن األثري ة والتاريخي ة إلى الوس يلة األق وى لتعب ير األط راف المتحارب ة عن‬

‫‪ . 241‬ماركو ساسولي ‪ .‬أنطوان بوفييه‪ .‬كيف يوفر القانون الحماية في الحرب ؟ ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪. 398‬‬
‫‪.242‬بحسب ماجاء في اعالن سان بيترسابرغ لعام ‪ 1868‬الذي يُعد مبدأ أساسي و مقبول في القانون الدولي اإلنساني‪.‬‬
‫‪ . 243‬رشيد حمد العنزي ‪ .‬األهداف العسكرية المشروعة في القانون الدولي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ‪36‬‬

‫‪63‬‬
‫االستعداد للذهاب أبعد ما يمكن في الوحشية والقسوة‪ ،‬وهو ما ُيضعف من فعالية القواعد المتعلقة بحماية األعيان‬

‫المدنية والثقافية ‪.‬‬

‫وأخير باإلضافة إلى الشرطين السابق ذكرهما والواجب توافرهما مع اً العتبار عين ما هدفاً عسكرياً‪ ،‬وهما‬

‫"المس اهمة الفعال ة في العم ل العس كري " و"الم يزة العس كرية األكي دة "‪ ،‬أق ام ال بروتوكول اإلض افي األول في الم ادة‬

‫‪ 52‬منه وبالتحديد في الفقرة الثالثة‪ ،‬افتراض اً لصالح األعيان المدنية في الفقرة الثالثة من المادة ‪ ،52‬يقر بأنه في‬

‫"حالة الشك" حول ما إذا كانت بعض األعيان المدنية تُستخدم في تقديم ُمساهمة فّعالة للعمل العسكري‪ ،‬فإنه ُيفترض‬

‫في هذه الحالة‪ ،‬أنها تُستخدم في الغرض المدني أو السلمي‪ُ ،‬معتمداً على القرينة المدنية وذلك رغبةً في التأكيد على‬

‫حماي ة األعي ان المدني ة‪ ،‬وق د أعطت الفق رة الثالث ة من الم ادة ‪ 52‬بيان اً لبعض األعي ان المدني ة وأوردته ا على س بيل‬

‫كرس فعلياً ألغراض مدنية وليست عسكرية‪ ،‬حيث إن الشرط الذي‬


‫المثال ال الحصر‪ ،‬وكان المعيار في ذلك بأنها تُ ّ‬

‫يوجب افتراض مدنيتها من عدمه بأن ال تُستخدم ألغراض عسكرية وال يسري هذا االفتراض إال في حالة الشك‬

‫فقط‪.244‬‬

‫وبالتالي فإن ُمجرد الشك ال يرفع عن هذه األعيان الحماية والحصانة بل البد من إثبات ودليل قوي على‬

‫أن ه ذه األعي ان ُكرس ت لالس تخدام العس كري الفعلي والمؤك د الغ ير قاب ل للش ك اطالق اً ‪ ،245‬إال أن ذل ك يس توجب‬

‫والمستعجلة والتي‬
‫الملحة ُ‬
‫طرح سؤال حول ما إذا تطلب ُمهاجمة بعض األعيان المدنية بحجة الضرورة العسكرية ُ‬
‫قد تُ ِ‬
‫جمد عملية التحري قبل المهاجمة ؟!‪.‬‬

‫وعلي ه ومم ا س بق ذك ره فإن ه يمكن الق ول ب أن الق انون اإلنس اني يحمي األعي ان المدني ة‪ ،‬ويتس ع التعري ف له ا‬

‫ليش مل جمي ع األعي ان ال تي ال تعت بر أه دافاً عس كرية‪ ،‬و وفق اً للق انون يحظ ر الهج وم المباش ر عليه ا طالم ا لم يتم‬

‫استخدامها ألغراض عسكرية‪ ،‬إال أنها تُصبح خاضعة للهجوم المشروع عندما تتحول إلى أهداف عسكرية بمعنى‬

‫‪ . 244‬انظر فريتس كالسهوفن وليزابيث تسغفلد ‪ .‬ضوابط تحكم خوض الحرب ‪.‬اللجنة الدولي‪V‬ة للص‪V‬ليب األحم‪V‬ر ‪ 1994‬مرج‪V‬ع ‪ISBN977-5677-26-2.‬‬
‫‪ 5.1‬ج‪ .‬صــ ‪. 118‬‬
‫‪ .245‬كأن تستخدم هذه األعيان إليواء الجنود أو مخازن للذخائر ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫عندما تُقدم ُم ساهمة فعالة للعمل العسكري وعندما يوفر تدميرها أو االستيالء عليها أو تحييدها ميزة عسكرية أكيدة‬

‫وفي حالة وجود شك حول طبيعة عين ما يتوجب االفتراض بكونها عين اً مدنية والتعامل معها يجب أن يكون على‬

‫هذا األساس‪.‬‬

‫وكخالصة ومن خالل دراسة أهم التعريفاتـ الواردة لألعيان المدنية‪ ،‬سنورد في ما يلي التقييم العام لهذا‬

‫التعريف ضمن قواعد أحكام القانونـ الدولي اإلنساني ‪-:‬‬

‫لم يتم وفق اً ألحك ام الق انون ال دولي اإلنس اني إف راد أي تعري ف ص ريح أو ُمنفص ل لألعي ان المدني ة ب ل ج اء‬

‫تعريفه ا ُمتص الً م ع تعري ف األه داف العس كرية‪ ،‬ولم تُوض ع له ا س وى مؤش رات خاص ة به ا‪ ،‬لع ل أهمه ا طابعه ا‬

‫المسلحة‪.‬‬
‫المدني‪ ،‬فعدم مشروعية ُم هاجمتها نابع من مدى تمتعها بهذه الصفة خالل النزاعات ُ‬

‫‪246‬‬
‫يتسع ليشمل أي عين ال تُعتبر هدفاً عسكرياً‪ ،‬طالما لم يتم‬ ‫و يتبين أن التعريف الوارد في المادة ‪52‬‬

‫اس تخدامها ألغ راض عس كرية‪ .‬وتُص بح األعي ان المدني ة خاض عة للهج وم المش روع‪ ،‬عن دما تتح ول إلى أه داف‬

‫فعال ة للعم ل العس كري‪ ،‬أو عن دما ي وفر ت دميرها أو االس تيالء عليه ا أو تحيي دها‬
‫عس كرية‪ ،‬بمع نى أن تُق دم ُمس اهمة ّ‬

‫أفض لية أو ميزة عسكرية أكيدة‪ ،‬وفي حالة وجود ش ك ح ول طبيعة عين م ا يتوجب اإلفتراض بكونه ا هدفاً مدنياً‬

‫والتعامل معها على هذا األساس‪.‬‬

‫وق د يلج أ األط راف إلى الهج وم على أه داف عس كرية مش روعة‪ ،‬ال تحتم ل الش ك اطالقً ا كوح دات الق وات‬

‫الم سلحة أي المنشات العسكرية الثابتة أو العربات والمدرعات والمدفعيات المتحركة وغيرها‪ ،247‬وهو ما أوضحته‬
‫ُ‬

‫صراحة المادة ‪ 52/1‬حيث تم اإلشارة إلى تعريف األعيان المدنية بمفهوم المخالفة بأنها "‪...‬كل األعيان التي ليست‬

‫أه دافاً عس كرية"‪ ،‬و ذل ك على ال رغم من اإلنتق ادات ال تي واجهه ا ه ذا التعري ف من قب ل بعض الوف ود في الم ؤتمر‬

‫‪ . 246‬من البرتوكول اإلضافي األول لسنة ‪ 1977‬الملحق باتفاقيات جنيف لسنة ‪.1949‬‬
‫‪ 247‬فريتس كالسهوفن وليزابيث‪ V‬تسغفلد ‪ .‬ضوابط تحكم خوض الحرب ‪ .‬مرجع سابق ‪ . 4.3 .‬صــ ‪.52‬‬

‫‪65‬‬
‫الدبلوماسي الذي اعتمد البروتوكول اإلضافي األول لعام ‪ ،1977‬والتي كانت تُفضل تعريف اً ايجابي اً لألعيان المدنية‬

‫ال يرهن تحديدها بتعريف األهداف العسكرية‪.248‬‬

‫وعلي ه ُيمكن الق ول أن اإلحج ام عن تعري ف األعي ان المدني ة وجعله ا ُمقترن ه بتعري ف األه داف العس كرية‪،‬‬

‫واالعتماد على المعيار المادي أو الوظيفي في تقدير وتحديد الهدف العسكري‪ ،‬وتغليبه على المعيار الشكلي الذي‬

‫وإ ن كان غير حاسم في الداللة على كون عين ما مدنية ال يجوز االعتداء عليها‪ ،‬إال أنه يكون قائماً في حالة وج ود‬

‫الشك لدى الطرف الذي يقوم بالهجوم‪ ،‬ورغم أن بين المعيار الوظيفي والمعيار الشكلي اختالف اً بقدر ما بينهما من‬

‫تق ارب فإعم ال أي من المعي ارين ي ؤدي إلى ادخ ال ح االت في دائ رة األعي ان المدني ة وي ؤدي إلى اس تبعاد ح االت‬

‫أخرى‪.‬‬

‫المخالفة مع األهداف‬
‫وبالتالي فإن عدم تعريف وتحديد مفهوم األعيان المدنية‪ ،‬وانتماء مفهومها إلى مفهوم ُ‬

‫العسكرية وإ لى عدم تحولها إلى أهداف عسكرية‪ ،‬يجعله ُعرضة دوم اً للتطور والتبدل في المكان والزمان‪ ،‬ويدفع‬

‫إلى الق ول بأن ه ورغم ع دم وج ود تعري ف مح دد لألعي ان المدني ة‪ ،‬اال أن جمي ع االجته ادات الفقهي ة تتوح د ح ول‬

‫عناصر األعيان المدنية التي تتوزع إلى القوة التي تتبعها‪ ،‬والنشاط الذي تقوم به والغاية التي وجدت من أجلها‪،‬‬

‫وأن الخالف الق ائم إنم ا ه و تغليب أي من العناص ر على األخ رى‪ ،‬للتمكن من التمي يز وم دى الق درة على الحف اظ‬

‫على استمرارية طابعها المدني‪.‬‬

‫كما أن المساحة الواسعة للسلطة التقديرية سواء كان ألطراف النزاع‪ ،‬في إضفاء ما هو مدني وما هو‬

‫عس كري للق ادة العس كرين واألط راف المتنازع ة‪ ،‬وللقاض ي في حال ة تح ول ال نزاع إلى القض اء أدى إلى إض عاف‬

‫فعالية الحماية بشكل رئيس‪.‬‬

‫‪ . 248‬نزار العنبكي‪. V‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬المرجع السابق صـــ ‪. 347‬‬

‫‪66‬‬
‫ورغم أن التعريف الوارد في نص المادة ‪ 52‬والذي ُيحدد األهداف العسكرية‪ ،‬أدى إلى تقيد االتجاه الذي‬

‫كان شائعاً سابقاً بأن جميع األعيان تقريبا تعتبر أهدافاً عسكرية‪ ،249‬إال أن ما يمكن ُمالحظته على نص المادة ‪52‬‬

‫من البروتوكول اإلضافي األول هو إقرارها إلمكانية القيام بهجمات إذا تحققت ميزة عسكرية أكيده‪ ،‬وكانت هناك‬

‫فعال ة للعين المدني ة في العملي ات العدائي ة‪ ،‬مم ا يط رح مش اكل ع دة في ع دم الق درة على تحدي د الجه ات‬
‫ُمس اهمة ّ‬

‫المساهمة الفعالة بصورة أكثر دقه وحيادية‪ ،‬وم دى تحققه ا فعالً‬


‫المخولة بتقييم هذه الميزة العسكرية أو ُ‬
‫المختصة أو ُ‬
‫ُ‬

‫المتنازعة الفرصة لتستند إلى سلطتها التقديرية التي تخدم مصالحها العسكرية والسياسية في‬
‫مما يعطي األطراف ُ‬

‫األساس‪.‬‬

‫والمصاغ بألفاظ‬
‫ولقد أيد الكثير من الفقهاء التعريف الوارد في المادة ‪ 52‬من البروتوكول اإلضافي األول‪ُ ،‬‬

‫عام ة ومج ردة‪ ،‬باعتبار أن ه الح ل ال واقعي الوحي د والمت اح في الممارس ات العملي ة ‪ ،250‬فمن الص عب بمك ان وض ع‬

‫قائمة تحدد األعيان التي يجوز اعتبارها أهدافا عسكرية‪ ،‬حيث إن اعتبار عين ما هدفاً عسكرياً يتوقف كلي اً على‬

‫ظروفها الفعلية‪ ،‬وبالتالي من الصعب تحديد قائمة تشمل األعيان المدنية أو األهداف العسكرية‪.‬‬

‫إال إن ه ُي رى أن التعري ف الق ائم على ذل ك وعلى أس اس التمي يز بين األه داف المدني ة والعس كرية واف تراض‬

‫االس تعمال الس لمي لألعي ان المدني ة في حال ة الش ك المنص وص عليهم ا في الم ادة الم ذكورة‪ ،‬لم ُيع الج مس ألة ع دم‬

‫وج ود تعري ف واض ح يض من التفري ق بين األعي ان المدني ة واأله داف العس كرية بش كل ج ازم وق اطع ال يحتم ل‬

‫التأويل‪ ،‬ذلك أن مجرد التمييز لم ُيعطها مفهوماً أو تعريفاً محدداً بل اكتفى بإعطائها تمييزاً عن األهداف العسكرية‪،‬‬

‫الم ساهمة في العمل العسكري‪،‬ومدى توافر الميزة العسكرية األكيدة‪ ،‬مما وسع من نطاق صعوبة التفريق‬
‫من خالل ُ‬

‫بين األعيان المدنية واألهداف العسكرية‪ ،‬وأضفى حماية عامة عليها غير واضحة المعالم والعناصر‪.‬‬

‫‪ . 249‬انظر فريتس كالسهوفن وليزابيث تسغفلد ‪( .‬ضوابط تحكم خوض الحرب ‪ .‬مرجع سابق ‪ 5.1 .‬ج‪ .‬صــ ‪.)118‬‬
‫‪ . 250‬اقترحت اللجنة الدولية للصليب األحمر قائمة تعدل دوريا إذا اقتضت الضرورة ذلك‪ ،‬تبين فئات األعي‪VV‬ان ال‪VV‬تي يمكن اعتباره‪VV‬ا أه‪V‬دافا عس‪V‬كرية إال إن‬
‫هذه لقائمة لم تلقى قبوال لعدم القدرة على الحصر ( فريتس كالسهوفن وليزابيث‪ V‬تسغفلد ‪ (.‬ضوابط تحكم خوض الحرب ‪ .‬مرجع سابق ‪ . 4.3 .‬صــ ‪.)52‬‬

‫‪67‬‬
‫كم ا أن الرغب ة الواض حة والص ريحة في تالفي التع داد الحص ري عم ل على تحدي د األعي ان المدني ة‬

‫الم ّش ِكلة في مجموعها‬ ‫‪251‬‬


‫وذكرها على سبيل المثال وليس الحصر ‪ ،‬وقد أوردته وتضمنته غالبية االتفاقيات الدولية ُ‬

‫بالمماثلة أو القياس‪ ،‬واالستناد‬


‫قواعد القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬والذي أعطى فرصة إلعمال السلطة التقديرية عليها ُ‬

‫إلى معايير ُمحددة كمعيار الوظيفة أو معيار الميزة العسكرية‪ ،‬مما وسع من نطاق القياس والتكييف الذي ُيضفيه‬

‫األطراف المتنازعة وفقاً للمصالح القائمة‪.‬‬

‫المطروح ة تتس م ب الغموض نوع اً م ا‪ ،‬مم ا يجع ل من إمكاني ة االس تناد إليه ا في التمي يز بين‬
‫وعلي ه فالمع ايير ُ‬

‫األعي ان المدني ة والعس كرية ُيث ير العدي د من التكهن ات‪ ،‬فالفق ه ق د انتهج النهج العملي‪ ،‬وك ان يس تخدم المعي ار ال ذي‬

‫يالئم الظ روف الخاص ة ب األطراف‪ ،‬وليس م ا ُيالئم الظ روف الخاص ة باألعي ان ال تي تحميه ا ه ذه النص وص‪ ،‬من‬

‫خالل استخدامه للمعيار الشكلي أو الموضوعي دون التقييد بخط معين أو االرتباط بمعيار ُمحدد‪ ،‬وعليه فإنه هذه‬

‫الفع ال أحدى الصخور‬


‫النصوص لم تستطع حسب طبيعتها انتهاج هذا المسلك ومن ثم كانت مسألة تحديد المعيار ّ‬

‫التي تحطم عليها مفهوم األعيان المدنية‪.‬‬

‫ورغم صعوبة حصر األعيان المدنية وكون عين ما ( مدرسة أو جسر) تُمثل هدفاً عسكرياً‪ ،‬إال أن ذلك ال‬

‫ُيبرر عدم إعطاء تعريف محدد لها يحوي عناصر أساسية‪ ،‬وبالتالي فإن محاولة التمييز لهذه األعيان المدنية من‬

‫ومحددة أو واضحة أدى إلى مشاكل عدة في‬


‫حيث االستخدام أو الغاية أو الطبيعة‪ ،‬دون إعطاء تعريفات محصورة ُ‬

‫الممكن ت داركها دون الحاج ة إلى ض رورة التمي يز بين‬


‫التط بيق‪ ،‬وأعطى اجته ادات واعتب ارات ُمتفاوت ة ك ان من ُ‬

‫األعيان المدنية واألهداف العسكرية‪ ،‬أو من خالل استخدام الوصف السلبي‪،‬أو باإلسناد إلى معايير مختلفة للتمييز‬

‫واإلضفاء عليها‪.‬‬

‫‪ . 251‬ومنها‪ : V‬المنازل السكنية‪ ،‬والممتلكات التجارية الخاصة‪ ،‬والجامعات والمدارس والمستشفيات‪ V،‬والمقدسات الدينية‪ ،‬كدور العبادة والمق‪VV‬ابر‪ ،‬واألم‪VV‬اكن‬
‫الثقافية وغيرها‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫فك ان من األولى مثال ًإعط اء األعي ان المدني ة تعريف اً مح دداً ودقيق اً‪ ،‬وواض ح العناص ر م ع إض افة التمي يز‬

‫المناس ب له ا ك أن تك ون األعي ان المدني ة ك ل المق ار أو أج زاء المب اني واألراض ي والمنق والت التابع ة والمملوك ة‬
‫ُ‬

‫ألشخاص مدنيين سلميين ولجهات مدنية‪ ،‬والتي تُستخدم وتُخصص لالستعمال المدني والسلمي فقط‪.‬‬

‫وأن أي استعمال جبري لغير ما ُخصصت له ال يرفع عنها الحماية الدولية‪ ،‬وال ُيعطي مبرراً لالعتداء‬

‫والمطلقة‪ ،‬مما يؤدي إلى تقييد العمليات العسكرية بشكل أفضل‬


‫المناسبة ُ‬
‫عليها‪ ،‬وبالتالي نعطيها الحصانة والحماية ُ‬

‫م تى اثبتن ا االس تعمال الم دني والتحوي ل الج بري له ا‪ ،‬فم تى ُخصص ت لالس تعمال الم دني يجب أن يس تمر ه ذا‬

‫ومنظم‪ ،‬بغض النظر عن الظروف التي تتعرض لها فأي ظرف طارئ إجباري‪،‬‬
‫التخصيص بشكل ُمستمر وثابت ُ‬

‫والمخصص ة ل ه في حال ة‬
‫ال ُيس قط عنه ا الحص انة بتاتً ا‪ ،‬وبالت الي نتمكن من إعادته ا إلى نط اق عمله ا الس لمي ُ‬

‫المتنازعة‪.‬‬
‫استخدامها أو االعتداء عليها من أحد األطراف ُ‬

‫ورغم أن مسألة اإلحجام عن وضع تعريف ُمحدد لألعيان المدنية يعود إلى اعتبارات تتعلق بطبيعة األعيان‬

‫والتب دل‪ ،‬فالنشاط الذي تقوم به العين المدنية قد ال يوصف في مرحلة معينة بأنه لالستعمال‬
‫للتغ ير ّ‬
‫المدنية القابلة ّ‬

‫المدني مما ينزع عنها الحصانة ويجعل منها هدفاً عسكرياً‪ ،‬وعليه كان البد من وجود فكرة ربط وجود العين‬

‫المدنية بالجماعة العامة من المدنيين من جهة وبالقانون الدولي اإلنساني من جهة أخرى باعتباره حجر الزاوية لها‪.‬‬

‫باإلض افة إلى وض ع آلي ات إداري ة من خالل خل ق إدارة وحراس ة مدني ة يتم تفعيله ا أثن اء النزاع ات لتق وم‬

‫بالمحافظ ة على اس تمرارية الط ابع الم دني لألعي ان المدني ة والثقافي ة وحراس تها لحين انته اء ال نزاع وذل ك لمن ع‬

‫استغاللها في العمليات العدائية وتداخلها مع األهداف العسكرية‪ ،‬ويمكن االستعانة في هذه الظروف بقوات الشرطة‬

‫المدنية باعتبارها جهاز مدني من أجهزة الدولة تتكفل بحماية المنشآت واألعيان المدنية والثقافية وحراستها أثناء‬

‫المس لحة‪ ،‬على أن تُ دعم دولي اً وأن تل تزم مب دأ الحي اد الت ام للمحافظ ة على اس تمرارية الط ابع والنش اط‬
‫النزاع ات ُ‬

‫المسلح ‪.‬‬
‫المدني لهذه األعيان طوال فترة النزاع ُ‬

‫‪69‬‬
‫المطلب الثاني ‪ -:‬التعريف بالممتلكــاتـ الثقافيــة وفقـاً ألحكـام القــانون الـدولي اإلنسـانيـ ‪ -:‬تُش كل الثقاف ة الجس ور‬

‫الباقية م ابين األمم والشعوب بصرف النظ ر عن اختالفه ا‪ ،‬فال يحد من اتصالها أي عامل أو ظ رف من زمان أو‬

‫وهي ملك لإلنسانية جمعاء من الناحيتين الجمالية والحضارية ‪.253‬‬ ‫‪252‬‬


‫مكان أو أحوال‬

‫ولما كان لكل أمة نصيبها من التراث الثقافي زمان اً‪ ،‬ومكان اً‪ ،‬والذي ُيعتبر أغلى ما تملك ورمز من رموز‬

‫بقائه ا‪ ،‬ومؤش ر من مؤش رات االس تمرارية والتواص ل‪ ،‬فإن ه من الب ديهي أن يك ون االعت داء عليه ا جريم ة في ح ق‬
‫‪254‬‬
‫‪ ،‬و تُش ير الممتلك ات الثقافي ة إلى‬ ‫البش رية لم ا تس ببه من ض رر باإلب داع اإلنس اني لألجي ال الحالي ة والمس تقبلية‬

‫الممتلكات ذات العالقة بثقافة معينة‪ ،‬وتشمل جميع األشياء التي ُيعثر عليها في المواقع األثرية‪ ،‬والتي توفر نظرة‬
‫ُ‬

‫ثاقبة للحضارات السابقة‪ ،‬واألعمال الفنية التي تنتجها‪.255‬‬

‫المص نفات الفني ة في توص يات م ؤتمر فيين ا ع ام‬


‫وق د وردت أول إش ارة إلى حماي ة الممتلك ات الثقافي ة ومنه ا ُ‬

‫‪ ،1815‬حيث تش ّكلت المب ادئ األولى لحماي ة الممتلك ات الثقافي ة ‪ ،256‬وك ذلك في معاه دة فرس اي ع ام ‪ 1919‬وفي ه‬

‫ُألزمت الحكومة األلمانية بضرورة إعادة المصحف الشريف إلى مكة المكرمة ثم قامت السلطات العثمانية بإهدائه‬
‫‪257‬‬
‫وق د‬ ‫إلم براطور ألماني ا غيل وم الث اني‪ ،‬كم ا تمت اإلش ارة في في ك ل من الئح تي اله اي لع ام ‪ ،1899‬و‪1907‬‬

‫شكل ذلك مرحلة مهمه من مراحل تنظيم حماية الممتلكات الثقافية‪.‬‬

‫‪. 252‬علي خليل إسماعيل الحديثي ‪.‬حماية الممتلكات الثقافية في القانون الدولي ‪ :‬دراسة مقارنة ‪.‬عمان ‪ .‬األردن ‪.‬دار الثقافة للنش‪V‬ر والتوزي‪VV‬ع ‪.‬ط‪.1999. 1‬‬
‫صــ‪. 17‬‬
‫‪. 253‬هشام بشير ‪ .‬وعالء الضاوي ‪ .‬حماية البيئة والتراث الثقافي في القانون الدولي ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪. 72‬‬
‫‪ . 254‬ناريمان عبدالقادر ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني واتفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬وبروتوكوليها‪ V‬لحماية الممتلكات‪ V‬الثقافية في زمن ال‪VV‬نزاع المس‪VV‬لح ‪ .‬الم‪VV‬ؤتمر‬
‫السنوي ‪.‬العلمي لجامعة بيروت العربية كلية الحقوق ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني "آفاق وتحديات"‪ .‬مؤلف جماعي ‪.‬الجزء الثاني ‪.‬منشورات الحلبي ‪.‬بيروت‪V‬‬
‫الطبعة االولى ‪. . 2005.‬صــ ‪ . 64‬صــ ‪. 65‬‬
‫‪255‬‬
‫”‪. Eric A. Posner. (2006) “The International Protection of Cultural Property: Some Skeptical Observations‬‬
‫‪University of Chicago, Public Law and Legal Theory Working P.g 1‬‬
‫‪http://www.law.uchicago.edu/academics/publiclaw/141.pdf] accessed August 23, 2014.‬‬
‫‪.. 256‬كمال حماد ‪ .‬النزاع الدولي المسلح والقانون الدولي العام ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪ ،121‬ومن هذه المبادئ مبدأ ليبر حول المبدأ أنظر هامش ‪. 137‬‬
‫‪. 257‬تجلى ذلك في المادتين المادة ‪ 27‬والمادة ‪ . 56‬انظر علي خليل إسماعيل الحديثي ‪.‬حماية الممتلكات‪ V‬الثقافية في القانون الدولي ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪54‬‬
‫وصــ ‪ ،55‬وأيضا ً عمر سعد هللا ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني وثائق وآراء ‪ .‬دار مجدالوي ‪.‬عمان األردن الطبعة األولى ‪..2002‬صــ ‪. 285‬‬

‫‪70‬‬
‫وفي ‪ 15‬إبري ل ‪ 1935‬تم التوقي ع على معاه دة واش نطن الخاص ة بحماي ة المؤسس ات الفني ة والعلمي ة واآلث ار‬

‫التاريخية والمعروفة بــميثاق " روريخ " ‪ ،258‬والذي أصبح وثيقة دولية وقعه ا رئيس الواليات المتح دة األمريكية‬

‫في ذل ك ال وقت " ف رانكلين روزفلت "‪ ،‬ولكن ه ذه الوثيق ة بقيت ملزم ة لل دول األمريكي ة الموقع ة عليه ا فق ط‪ ،‬حيث‬
‫‪259‬‬
‫أعاق اندالع الحرب العالمية الثانية عملية إقرارها‪.‬‬

‫ومح دد‬
‫يتش كل أي تعري ف ص ريح‪ُ ،‬‬
‫ورغم االهتم ام ال دولي بتوف ير حماي ة للممتلك ات الثقافي ة إال أن ه لم ّ‬
‫‪261‬‬
‫‪،‬المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية حيث‬
‫ُ‬ ‫للممتلكات الثقافية في الفقه الدولي ‪ ،260‬إال في اتفاقية الهاي لعام ‪1954‬‬
‫‪262‬‬
‫جاءت المادة األولى بتعريف للممتلكات الثقافية و قسمتها إلى ثالثة أنواع ‪.‬‬

‫وق د ك ان ه ذا التعريف أق رب م ا يك ون إلى التعري ف الوص في‪ ،263‬وه ذا م ا لم ت ِ‬


‫أت ب ه االتفاقي ات الس ابقة‬

‫التفاقي ة اله اي ‪ ،1954‬حيث لم تض ع مفهوم اً واض حاً للممتلك ات الثقافي ة‪ ،‬واقتص رت على إيراده ا بص ورة عام ة‬
‫‪264‬‬
‫إلى ح د م ا‪ ،‬ورك زت على ط رق حماي ة ه ذه الممتلك ات وحص رتها في أن واع معين ة‪ ،‬وهي ب ذلك لم‬ ‫وموس عة‬

‫تتسم بالشمولية التي جاء عليها التعريف في المادة األولى من اتفاقية الهاي لعام ‪.1954‬‬

‫‪ . 258‬ويض‪VV‬م ه‪VV‬ذا الميث‪VV‬اق في الم‪VV‬ادة االولى من‪VV‬ه األعي‪VV‬ان والممتلك‪VV‬ات األثري‪VV‬ة ( كاآلث‪VV‬ار التاريخي‪VV‬ة والمت‪VV‬احف )‪ ،‬واألعي‪VV‬ان والممتلك‪VV‬ات الفني‪VV‬ة والعلمي‪VV‬ة‬
‫(كالمؤسسات العلمية والتربوية والمؤسسات الفنية ) ‪ .‬انظر ‪ .‬هشام بشير ‪ .‬وعالء الضاوي ‪ .‬حماية البيئة والتراث الثقافي في القانون الدولي ‪.‬مرجع سابق‬
‫‪.‬صــ‪. 78‬‬
‫‪ 259‬علي خليل إسماعيل الحديثي ‪.‬حماية الممتلكات الثقافية في القانون الدولي ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪ 36‬وصــ‪. 37‬‬
‫‪ . 260‬الجدير بالذكر أن الفقة والعمل الدولي قد استقر على استخدام عبارة"الممتلك‪V‬ات‪ V‬الثقافي‪VV‬ة" من‪V‬ذ اعتم‪VV‬اد اتفاقي‪VV‬ة اله‪V‬اي له‪VV‬ام ‪ 1954‬والخاص‪V‬ة بحماي‪V‬ة‬
‫الممتلك‪VV‬ات‪ V‬الثقافي‪VV‬ة في حال‪VV‬ة ال‪VV‬نزاع المس‪VV‬لح‪ ،‬حيث ك‪VV‬انت‪ V‬عب‪VV‬ارة "األعي‪VV‬ان الثقافي‪VV‬ة" هي المس‪VV‬تخدمة للتعب‪VV‬ير عن ه‪VV‬ذه الممتلك‪VV‬ات ومنه ‪V‬ا‪ V‬الم‪VV‬ادة ‪ 53‬من‬
‫البروتوكول اإلضافي األول والمادة ‪ 16‬من البروتوكول اإلضافي الثاني لع‪VV‬ام ‪ 1977‬الملحقين باتفاقي‪VV‬ة ج‪VV‬نيف لع‪VV‬ام ‪ . 1949‬انظ‪VV‬ر هش‪VV‬ام بش‪VV‬ير ‪ .‬وعالء‬
‫الضاوي ‪ .‬حماية البيئة والتراث الثقافي في القانون الدولي ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪.72‬‬
‫‪ . 261‬تتكون اتفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬من االتفاقية ذاتها والالئحة التنفيذية المرفقة بها وبروتوكول إضافي أول لالتفاقي‪V‬ة ع‪V‬ام ‪ 1954‬وتم التأكي‪V‬د على ه‪V‬ذه‬
‫الحماية باعتماد البروتوكول اإلضافي الثاني لالتفاقية في ‪. 1999‬لالطالع على النص الكامل لالتفاقية‪ ،‬انظر ‪ :‬عمر س‪VV‬عد هللا ‪ .‬الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي اإلنس‪VV‬اني‬
‫وثائق وآراء ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 289‬‬
‫‪ . 262‬يقصد من الممتلكات‪ V‬الثقافية‪ ،‬بموجب‪ V‬هذه االتفاقية‪ ،‬مهما كان أصلها أو مالكها ما يأتي‪:‬‬
‫(ا) الممتلكات المنقولة أو الثابتة ذات األهمية الكبرى لتراث الشعوب الثقافي كالمب‪VV‬اني المعماري‪VV‬ة أو الفني‪VV‬ة منه‪VV‬ا أو التاريخي‪VV‬ة‪ ،‬ال‪VV‬ديني منه‪VV‬ا أو ال‪VV‬دنيوي‪،‬‬
‫واألماكن االثرية‪ ،‬ومجموعات المباني التي تكتسب بتجمعها قيمة تاريخية أو فني‪VV‬ة‪ ،‬والتح‪VV‬ف الفني‪VV‬ة والمخطوط‪V‬ات‪ V‬والكتب واالش‪VV‬ياء االخ‪V‬رى ذات القيم‪VV‬ة‬
‫الفنية التاريخية واالثرية‪ ،‬وكذلك المجموعات العلمية ومجموعات الكتب الهامة و المحفوظات ومنسوخات الممتلكات السابق ذكرها؛‬
‫(ب) المباني المخصصة بصفة رئيسية وفعلية لحماية وعرض الممتلكات الثقافية المنقولة المبينة في الفقرة "ا"‪ ،‬كالمتاحف ودور الكتب الك‪VV‬برى ومخ‪VV‬ازن‬
‫المحفوظات وكذلك المخابئ المعدة لوقاية الممتلكات الثقافية المنقولة المبينة في الفقرة (ا) في حالة نزاع مسلح؛‬
‫(ج) المراكز التي تحتوي مجموعة كبيرة‪ V‬من الممتلكات الثقافية المبينة في الفقرتين (ا) و(ب) والتي يطلق عليها اسم "مراكز االبنية التذكارية"‪.‬‬
‫‪ . 263‬أحمد سي علي ‪ .‬حماية األشخاص واألموال في القانون الدولي اإلنس‪VV‬اني ‪.‬دار االكاديمي‪VV‬ة ال‪VV‬دار البيض‪VV‬اء‪ .‬الجزائ‪VV‬ر‪. 2010-2011 .‬الطبع‪VV‬ة األولى‪.‬‬
‫صـــ‪. 337‬‬
‫‪. 264‬سالمة صالح الرهايفة ‪ .‬حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات ال ُمسلحة ‪..‬دار الحامد للنشر والتوزيع ‪ .‬الطبعة األولى ‪ . 2012‬عمان األردن صـــ‬
‫‪. 54‬‬

‫‪71‬‬
‫وفيما يخص البروتوكولين اإلضافيين التفاقية الهاي لعام ‪ ،1954‬فقد ورد في البروتوكول اإلضافي األول‬

‫في الفق رة األولى من الم ادة األولى التعري ف بالممتلك ات الثقافي ة بأنه ا " تل ك ال تي نص ت عليه ا الم ادة األولى من‬

‫المس لح "‪ ،‬وه و م ا أك د علي ه أيض اً ال بروتوكول‬


‫االتفاقي ة الخاص ة بحماي ة الممتلك ات الثقافي ة في حال ة ال نزاع ُ‬

‫اإلضافي الثاني‪.‬‬

‫وعليه فإن التعريفات التي احتوت عليها اتفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬وبروتوكوليها اإلضافيين قد جاء شاملة‬

‫لكل ماهو ذو أهمية لتراث الشعوب بغض النظر عن كون ملكيتها عامة أو خاصة‪ ،‬وأصبغت الحماية على كافة‬

‫المباني التي تكون مهمتها حفظ هذه الممتلكات وعرضها‪ ،‬وكافة األبنية التذكارية التي تحتوي الممتلكات الثقافية‬

‫سواء كانت ثابته أو منقولة ‪ ،265‬ولعل أهم ما يميز البرتوكول اإلضافي لعام ‪ 1999‬أنه جاء في ديباجته ليؤكد أن‬

‫قواعد القانون الدولي العرفي تنظم كافة المسائل التي ال ينظمها أحكام هذا البروتوكول ‪.266‬‬

‫‪267‬‬
‫لعام ‪ 1970‬الممتلكات الثقافية بأنها‬ ‫كما جاء االهتمام أكثر بهذه الممتلكات حين عرفّت اتفاقية اليونسكو‬

‫الممتلكات التي تُقرر كل دولة أهميتها وحددت المادة األولى بعض الفئات ‪.268‬‬

‫وعليه ُيفهم مما سبق أن جميع الممتلكات الثقافية‪ ،‬ال تعتبر ذات قيمة إال بعد إدراجها على قائمة الممتلكات‬

‫الثقافية التي تعدها الدول األطراف‪ ،‬وهو ما تبناه البعض واعتبره الرأي األنسب وذلك لوجود الكثير من الممتلكات‬

‫الثقافية ذات أهمية لشعوب ما‪ ،‬إال إنها ال تكون معروفه على المستوى العالمي‪ ،‬فالرأي يوسع من نطاق الحماية‬

‫المق ررة للممتلك ات الثقافية‪ ،269‬ذل ك أن مس ألة تحدي د م ا يعت بر ممتلك اً ثقافي اً ذا أهمي ة من عدم ه يخض ع لإلرداة‬

‫‪ .212265‬الممتلكات‪ V‬الثابتة كاألهرامات في الجيزة جمهورية مصر‪ ،‬أو البتراء في المملكة األردنية الهاشمية أو كمملكة سبا في اليمن‪ ،‬أما الممتلكات‪ V‬الثقافي‪VV‬ة‬
‫المنقولة كالرسومات والتحف الفنية كلوحة الموناليزا ‪.‬‬
‫‪ . . 266‬ناريمان عبدالقادر ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني واتفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬وبروتوكوليها لحماية الممتلكات الثقافي‪V‬ة في زمن ال‪V‬نزاع المس‪V‬لح ‪ .‬مرج‪V‬ع‬
‫سابق ‪. .‬صــ ‪.100‬‬
‫‪ . 267‬منظمة اليونسكو‪ V‬هي منظمة تابعة لألمم المتحدة تم انشاؤها في عام ‪ ،1945‬و متخصصة في التربية والثقاف‪VV‬ة والعل‪VV‬وم ‪.‬انظ‪VV‬ر علي خلي‪VV‬ل إس‪VV‬ماعيل‬
‫الحديثي ‪.‬حماية الممتلكات‪ V‬الثقافية في القانون الدولي ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 126‬‬
‫‪ . 268‬حيث نصت المادة األولى من اتفاقية اليونسكو ‪ " 1970‬ان الممتلكات الثقافية هي الممتلكات‪ V‬التي تقرر كل دولة العتبارات دينية أو علمانية أهميته‪VV‬ا‬
‫لعلم اآلث‪VV‬ار ‪ ".....‬انظ‪VV‬ر منظم‪VV‬ة اليونس‪VV‬كو‪. V‬الم‪VV‬ؤتمر الع‪VV‬ام لليونس‪VV‬كو في دورت‪VV‬ه السادس‪VV‬ة عش‪VV‬ر بب‪VV‬اريس ‪ 12‬أكت‪VV‬وبر ‪ 14-‬نوفم‪VV‬بر‪ . 1970‬الج‪VV‬زء األول‬
‫قرارات ‪.‬اتفاقية اليونسكو بشأن التدابير الواجب اتخاذها لحظر و منع استيراد و تصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة‪.‬صــ‪. 124‬‬
‫‪ . 269‬سالمة الرهايفة ‪.‬حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪. 58-56‬‬

‫‪72‬‬
‫المنف ردة لل دول ال تي يق ع على أراض يها ه ذا الممتل ك وف ق مع ايير معين ه‪ ،‬وبالت الي ف إن من مص لحة ال دول إدراج‬

‫جميع الممتلكات تقريباً بغض النظر عن أهميتها الفعلية؛ وذلك من أجل توفير الحماية القانونية لها‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ما سبق فإنه ال يمكن إنكار األهمية التي أولتها قواعد القانون الدولي اإلنساني للممتلك ات الثقافية‬

‫الملحقين باتفاقي ات ج نيف االرب ع لع ام ‪ ،1949‬حيث خص ت ه ذه‬


‫من خالل ال بروتوكولين اإلض افيين لع ام ‪ُ 1977‬‬

‫الممتلك ات بالحماي ة من خالل الم ادة رقم ‪ 53‬من ال بروتوكول اإلض افي األول ‪ ،270‬واقتص رت الحماي ة فيه ا لفئ ات‬
‫ُ‬

‫ُمعينه من الممتلكات الثقافية كاآلثار التاريخية واألعمال الفنية وأماكن العبادة على عكس المادة األولى من اتفاقية‬

‫الهاي لعام ‪ ،1954‬والتي جاءت أكثر شموالً‪ ،‬والمادة رقم ‪ 16‬من البروتوكول اإلضافي الثاني‪.271‬‬

‫الممتلكات الثقافية يجب أن ُيفسر لصالح حماية‬


‫وقد رأى البعض أن أي تباين أو تغايير إن وجد في تحديد ُ‬

‫الم متلكات الثقافية‪ ،‬وذلك باألخذ بالمفهوم األوسع‪ ،‬كما أن إدراج هذا التعريف في الوثائق الدولية كالتعريف ال وارد‬
‫ُ‬

‫في النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ‪ ،1998‬ما هو إال تأكيد على أهمية حماية الممتلكات الثقافية باعتبارها‬
‫‪272‬‬
‫‪.‬‬ ‫الجهة المسؤولة على مراقبة تطبيق نظام الحماية لهذه الممتلكات‬

‫وبعد استقراء التعريفات السابقة يمكن القول‪ :‬إن التعريفات الواردة ضمن اتفاقيات القانون الدولي اإلنساني‪،‬‬

‫الممتلكات الثقافية جاءت متقاربة وتنبع من األهمية التي يتمتع بها الممتلك الثقافي إال أن األسس التي اعتمد‬
‫بشأن ُ‬

‫ومتشعبه جداً‪ ،‬بشكل ُيعطي تفسيرات ُمتعددة‪ ،‬وبالتالي ُيفتقد إلى الدقة والوضوح‬
‫عليها جاءت غامضة وموسعة ُ‬

‫مما يجعل إمكانية التعويل عليها في توفير الحماية ضئيل جداً إن لم نقل معدوم‪ ،‬ولعل التجاوزات التي تتعرض لها‬

‫الممتلكات الثقافية خير دليل على ذلك‪ ،‬وعليه كان البد من القيام بعملية دمج شامل لهذه التعريفات كافة في قالب‬
‫‪. 270‬تنص المادة المذكورة على أنه " تحظر األعمال التالية‪ ،‬وذلك دون اإلخالل بأحكام اتفاقية اله‪VV‬اي المتعلق‪VV‬ة بحماي‪VV‬ة األعي‪VV‬ان الثقافي‪VV‬ة في حال‪VV‬ة ال‪VV‬نزاع‬
‫المسلح المعقودة‪ V‬بتاريخ ‪ 14‬آيار ‪ /‬مايو ‪ 1954‬وأحكام المواثيق الدولية األخرى الخاصة بالموضوع ‪:‬‬
‫أ ) ارتكاب أي من األعمال العدائية الموجهة ضد اآلثار التاريخية أو األعمال الفنية أو أماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب‪،‬‬
‫ب) استخدام مثل هذه األعيان في دعم المجهود الحربي‪،‬‬
‫ج ) اتخاذ مثل هذه األعيان محالً لهجمات الردع‪" .‬‬
‫‪. 271‬تنص المادة المذكورة على أنه "يحظر ارتكاب أية أعمال عدائية موجهة ضد اآلثار التاريخية‪ ,‬أو األعمال الفنية وأماكن العبادة ال‪VV‬تي تش‪VV‬كل ال‪VV‬تراث‬
‫الثقافي أو الروحي للشعوب‪ ,‬واستخدامها في دعم المجهود الح‪V‬ربي‪ ,‬وذل‪VV‬ك دون اإلخالل بأحك‪VV‬ام اتفاقي‪V‬ة اله‪VV‬اي بحماي‪VV‬ة األعي‪V‬ان الثقافي‪V‬ة في حال‪V‬ة ال‪VV‬نزاع‬
‫المسلح والمعقودة‪ V‬في ‪ 14‬آيار ‪ /‬مايو ‪".1954‬‬
‫‪ .272‬سالمة الرهايفة ‪ .‬حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪62‬‬

‫‪73‬‬
‫اتف اقي موح د ي ؤدي إلى تكام ل مفه وم الممتلك ات الثقافي ة من خالل الوص ول إلى مفه وم أوس ع وأدق‪ ،‬وبالت الي‬

‫الحصول على حماية أفضل‪.‬‬

‫تلكم هي اهم التعريف ات المتعلقة باألعي ان المدني ة والثقافية ‪ ،‬وس يتم تالي اً بيان الحماية القانونية له ذه االعيان‬

‫وذلك على النحو التالي ‪-:‬‬

‫‪74‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫الفصل الثاني‬
‫الحماية القانونية المقررة لألعيان المدنية‬
‫والثقافية‬

‫الحماية القانونية المقررة لألعيان المدنية والثقافيةـ‬

‫تمهيد ‪-:‬‬

‫تقرر قواعد الق انون الدولي اإلنساني الحماية القانونية لألعي ان المدنية والممتلك ات الثقافية‪ ،‬وتنطبق هذه‬

‫المسلحة‪ ،‬سواء كانت دولية أو غير دولية‪ ،‬وحتى في حاالت االحتالل‪ ،‬بقدر ما‬
‫الحماية أثناء قيام حاالت النزاعات ُ‬

‫يحتاجه ذلك من إمكانيات للحفاظ على هذه األعيان ‪.‬‬

‫المسلحة بكاف ة‬
‫وتنبع طبيعة الحماية القانونية لألعيان المدنية والثقافية التي من الممكن أن تطالها النزاعات ُ‬

‫أشكالها‪ ،‬من خالل أهم القواعد المقررة لهذه الحماية‪ ،‬والواردة وفقاً ألحكام القانون الدولي اإلنساني‪.‬‬

‫وعلي ه س وف ُيقس م ه ذا الفص ل إلى مبح ثين لدراس ة أحك ام الحماي ة القانوني ة المق ررة لألعي ان المدني ة‪.‬‬

‫وي ْعَنى المبحثـ االول بدراسة الحماية العامة المقررة لألعيان المدنية والثقافية‪ ،‬والتي ُيقصد بها تلك الحماية التي‬
‫ُ‬

‫‪75‬‬
‫تشمل هذه األعيان المدنية عامة دون قصرها على فئة معينة‪ ،‬وبحسب هذه الحماية فإن كل األعيان المدنية التي‬
‫‪273‬‬
‫تتمتع بهذه الحماية‪.‬‬ ‫تدخل في إطار مفهوم المادة ‪ 52‬من البروتوكول اإلضافي األول‬

‫ويع نى المبحث الث اني بدراس ة أحك ام الحماية الخاص ة ال تي وردت في الكث ير من النص وص القانونية منه ا‬
‫ُ‬
‫‪274‬‬
‫من ال بروتوكول اإلض افي األول لع ام ‪ ،1977‬وال تي ج اءت مح ددة ب ذكرها‬ ‫الم واد (‪)55،56 ،54،،53‬‬

‫‪ . 273‬يجدر التذكير بأن المادة ‪ 52‬من البروتوكول اإلضافي األول تنص على أن األعيان المدنية هي " ‪ ...‬كافة األعيان التي ليست أه‪VV‬دافا عس‪VV‬كرية وفق‪VV‬ا‬
‫لما حددته الفقرة الثانية من المادة ‪.‬‬
‫‪ -2‬تقصر الهجمات على األهداف العسكرية فحسب‪ .‬وتنحصر األهداف العسكرية فيما يتعلق باألعي‪VV‬ان على تل‪VV‬ك ال‪VV‬تي تس‪VV‬هم مس‪VV‬اهمة فعال‪VV‬ة في العم‪VV‬ل‬
‫العسكري سواء كان ذلك بطبيعتها ام بموقعها ام بغايتها ام باستخدامها‪ ،‬والتي يحقق تدميرها التام او الجزئي او االستيالء عليه‪VV‬ا أو تعطيله ‪V‬ا‪ V‬في الظ‪VV‬روف‬
‫السائدة حينذاك ميزة عسكرية اكيدة‪"... .‬‬
‫‪ . 274‬تنص كال ًمن المــادة ‪ 53‬بشأن حماية األعيان الثقافية وأماكن العبادة على أنه ‪ " :‬تحظر األعمال التالية‪ ،‬وذلك دون اإلخالل بأحك‪VV‬ام اتفاقي‪VV‬ة اله‪VV‬اي‬
‫المتعلقة بحماية األعيان الثقافية في حالة النزاع المسلح المعقودة بتاريخ ‪ 14‬ايار ‪ /‬مايو ‪ ،1954‬وأحكام المواثيق الدولية األخرى الخاصة بالموضوع ‪:‬‬
‫ا ) ارتكاب اي من االعمال العدائية الموجهة ضد اآلثار التاريخية او األعمال الفنية أو أماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب‪،‬‬
‫ب) استخدام مثل هذه األعيان في دعم المجهود الحربي‪،‬‬
‫ج ) اتخاذ مثل هذه األعيان محالً لهجمات الردع‪.‬‬
‫وتنص المــادة ‪ 54‬بشان حماية األعيان والمواد التي ال غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على أنه ‪:‬‬
‫‪ -1‬يحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب‪.‬‬
‫‪ -2‬يحظر ُم هاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل األعيان والمواد التي ال غنى عنها لبقاء السكان المدنيين ومثالها المواد الغذائية والمن‪VV‬اطق الزراعي‪VV‬ة ال‪VV‬تي‬
‫تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها‪ V‬وأش‪V‬غال ال‪V‬ري‪ ،‬اذا تح‪V‬دد القص‪V‬د من ذل‪V‬ك في منعه‪V‬ا عن الس‪V‬كان الم‪V‬دنيين او الخص‪V‬م لقيمته‪V‬ا‬
‫الحيوية مهما كان الباعث سواء كان بقصد تجويع المدنيين أم لحملهم على النزوح أم ألي باعث آخر‪.‬‬
‫‪ -3‬ال يُطبق الحظر الوارد في الفقرة الثانية على ما يستخدمه الخصم من األعيان والمواد التي تشملها تلك الفقرة ‪:‬‬
‫ا ) زاداً ألفراد قواته ال ُمسلحة وحدهم‪،‬‬
‫ب) أو إن لم يكن زادا فدعما مباشرا لعمل عسكري‪ ،‬شريطة إال تتخذ مع ذلك حيال هذه األعيان والمواد في أي حال من األحوال إجراءات ق‪VV‬د يتوق‪VV‬ع أن‬
‫تدع السكان المدنيين بما ال يغني عن مأكل ومشرب على نحو يسبب مجاعتهم أو يضطرهم الى النزوح‪،‬‬
‫‪ -4‬ال تكون هذه األعيان والمواد محالً لهجمات الردع‪.‬‬
‫‪ -5‬يُسمح‪ ،‬مراعاة للمتطلبات الحيوية ألي طرف في النزاع من أجل الدفاع عن اقليمه الوطني ضد الغزو‪ ،‬بأن يضرب طرف النزاع صفحا ًعن الحظر‬
‫الوارد في الفقرة الثانية في نطاق مثل ذلك األقليم الخاضع لسيطرته إذا أملت ذلك ضرورة عسكرية ُملحة‪.‬‬
‫أما المــادة ‪ 55‬بشأن حماية البيئة الطبيعية جاء فيها " ‪ -1‬تراعى أثناء القتال حماية البيئة الطبيعية من األضرار البالغ‪VV‬ة واس‪VV‬عة االنتش‪VV‬ار وطويل‪VV‬ة األم‪VV‬د‪،‬‬
‫وتتضمن هذه الحماية حظر استخدام أساليب أو وسائل القتال التي يُقصد بها‪ ،‬أو يتوقع منها‪ V‬أن تس‪VV‬بب‪ V‬مث‪VV‬ل ه‪VV‬ذه األض‪VV‬رار بالبيئ‪VV‬ة الطبيعي‪VV‬ة ومن ثم تض‪VV‬ر‬
‫بصحة أو بقاء السكان‪ -2 .‬تحظر هجمات الردع التي تشن ضد البيئة الطبيعية‪.‬‬
‫المــادة ‪ 56‬بشأن حماية األشغال الهندسية والمنشآت المحتوية على قوى خطرة‪ ،‬جاء فيها " ‪ -1‬ال تكون االشغال الهندسية او المنشات ال‪VV‬تي تح‪VV‬وي ق‪VV‬وى‬
‫خطرة اال وهي السدود والجسور والمحطات النووية لتوليد الطاقة الكهربية محال للهج‪V‬وم‪ ،‬ح‪V‬تى ول‪V‬و ك‪V‬انت أه‪V‬دافا ً عس‪V‬كرية‪ ،‬إذا ك‪V‬ان من ش‪V‬أن مث‪V‬ل ه‪V‬ذا‬
‫الهجوم أن يتسبب في انطالق قوى خطرة ترتب خسائر فادحة بين السكان المدنيين‪ ،‬كما ال يجوز تعريض األهداف العس‪VV‬كرية األخ‪VV‬رى الواقع‪VV‬ة عن‪VV‬د ه‪VV‬ذه‬
‫األشغال الهندسية‪ ،‬أو المنشات أو على مقربة منها للهجوم إذا كان من شأن مثل هذا الهجوم أن يتس‪VV‬بب‪ V‬في انطالق ق‪VV‬وى خط‪VV‬رة من األش‪VV‬غال الهندس‪VV‬ية أو‬
‫المنشآت ترتب خسائر فادحة بين السكان المدنيين‪.‬‬
‫‪ -2‬تتوقف الحماية الخاصة ضد الهجوم المنصوص عليه بالفقرة األولى في الحاالت التالية ‪:‬‬
‫ا ) فيما يتعلق بالسدود او الجسور‪ ،‬إذا استخدمت في غير استخداماتها‪ V‬العادية دعما ً للعمليات العسكرية على نحو ُمنتظم وه‪VV‬ام و ُمباش‪VV‬ر‪ ،‬وك‪VV‬ان مث‪VV‬ل ه‪VV‬ذا‬
‫الهجوم هو السبيل الوحيد المستطاع النهاء‪ V‬ذلك الدعم‪،‬‬
‫ب) فيما يتعلق بالمحطات النووية لتوليد الكهرباء‪ ،‬إذا وفرت هذه المحطات الطاقة الكهربية لدعم العملي‪VV‬ات العس‪VV‬كرية على نح‪VV‬و ُمنتظم‪ V‬وه‪VV‬ام و ُمباش‪VV‬ر‪،‬‬
‫وكان مثل هذا الهجوم هو السبيل الوحيد المستطاع النهاء‪ V‬مثل هذا الدعم‪،‬‬
‫ج ) فيم‪V‬ا يتعل‪V‬ق باأله‪V‬داف العس‪V‬كرية األخ‪V‬رى الواقع‪V‬ة عن‪V‬د ه‪V‬ذه األعم‪V‬ال الهندس‪V‬ية أو المنش‪V‬آت أو على مقرب‪V‬ة منه‪V‬ا‪ ،‬إذا اس‪V‬تخدمت في دعم العملي‪V‬ات‬
‫العسكرية على نحو ُمنتظم وهام ُومباشر‪ ،‬وكان مثل هذا الهجوم هو السبيل الوحيد ال ُمستطاع إلنهاء‪ V‬مثل هذا الدعم‪.‬‬
‫‪ - 3‬يظل السكان المدنيون واألفراد المدنيون‪ ،‬في جميع األحوال‪ ،‬متمتعين بكافة أنواع الحماية التي يكفلها لهم القانون الدولي‪ ،‬بما في ذلك الحماي‪VV‬ة ال‪VV‬تي‬
‫توفرها التدابير الوقائية المنصوص عليه‪V‬ا في الم‪V‬ادة ‪ ،57‬ف‪V‬إذا ت‪V‬وقفت الحماي‪V‬ة أو تع‪VV‬رض أي من األش‪V‬غال الهندس‪VV‬ية أو المنش‪VV‬آت أو األه‪V‬داف العس‪VV‬كرية‬
‫المذكورة في الفقرة األولى للهجوم تتخذ جميع االحتياطات العملية لتفادي انطالق القوى الخطرة‪.‬‬
‫‪ - 4‬يحظر اتخاذ أي من األشغال الهندسية أو المنشآت أو األهداف العسكرية المذكورة في الفقرة األولى‪ ،‬هدفا ً لهجمات الردع‪.‬‬
‫‪ - 5‬تسعى أطراف النزاع الى تجنب إقامة أية أهداف عسكرية على مقربة من األشغال الهندسية أو ال ُمنشآت المذكورة في الفقرة األولى‪ ،‬ويُسمح مع ذلك‬
‫بإقامة المنشآت التي يكون القصد الوحيد منها الدفاع عن األشغال الهندسية‪،‬أو المنش‪VV‬آت ال ُمتمتع‪VV‬ة بالحماي‪VV‬ة ض‪VV‬د الهج‪VV‬وم‪ .‬يجب أال تك‪VV‬ون هي ب‪VV‬ذاتها ه‪VV‬دفا ً‬

‫‪76‬‬
‫للممتلكات الثقافية‪ ،‬أو المنشآت الصحية واألعيان والمواد التي ال غنى لبقاء السكان والمنشآت المحتوية على قوى‬

‫المعززة‪ ،‬ونجد هذا النوع من الحماية مقرراً في المادتين(‪)10،11‬‬


‫خطره‪ ،‬ومن ثم سيتم التطرق إلى نظام الحماية ُ‬
‫‪275‬‬
‫‪،‬من البروتوكول الثاني لعام ‪ 1999‬الملحق باتفاقية الهاي عام ‪ 1954‬والمتعلق بحماية الممتلكات الثقافية أثناء‬

‫منح لفئة خاصة من الممتلكات الثقافية التي تكون على جانب أكبر من األهمية‬
‫المسلحة‪ ،‬وهذه الحماية تُ َ‬
‫النزاعات ُ‬

‫بالنسبة للتاريخ البشري‪.‬‬

‫للهجوم بشرط عدم استخدامها في األعمال العدائية ما لم يكن ذلك قياما ً بالعمليات‪ V‬الدفاعية الالزمة للرد على الهجمات ضد األش‪VV‬غال الهندس‪VV‬ية أو المنش‪VV‬آت‬
‫المحمية‪ ،‬وكان تسليحها قاصراً على األسلحة القادرة فقط على صد أي عمل عدائي ضد األشغال الهندسية او المنشآت المحمية‪.‬‬
‫‪ -6‬تعمل األطراف السامية ال ُمتعاقدة‪ ،‬وأطراف النزاع على ابرام المزي ٍد من االتفاقات فيما بينها‪ V،‬لتوفير حماية اضافية لألعيان التي تحوي قوى خطرة‪.‬‬
‫‪ -7‬يجوز لألطراف‪ ،‬بغية تيسير التعرف على األعيان المشمولة بحماية هذه المادة أن تسم األعيان هذه بعالم‪VV‬ة خاص‪V‬ة‪ ،‬تتك‪VV‬ون من مجموع‪VV‬ة من ثالث‬
‫بدوائر برتقالية زاهية توضع على المحور ذاته حسبما هو محدد في المادة ( ‪ )16‬من الملحق رقم (‪ )1‬لهذا اللحق "البروتوكول"‪ ،‬وال يعفي عدم وجود هذا‬
‫الوسم أي طرف في النزاع من التزاماته بمقتضى هذه المادة بأي حال من األحوال‪.‬‬
‫‪. 275‬تنص المادة ‪ 10‬بشأن الحماية المعززة على أنه "يجوز وضع الممتلكات الثقافية تحت الحماية المعززة شريطة أن تتوافر فيها الشروط الثالثة التالية‪:‬‬
‫أ ) أن تكون تراثا ً ثقافيا ً على أكبر جانب من األهمية بالنسبة إلى البشرية‪.‬‬
‫ب) أن تكون محمية بتدابير قانونية وإدارية مناسبة على الصعيد الوطني تعترف لها بقيمتها‪ V‬الثقافي‪VV‬ة والتاريخي‪VV‬ة االس‪VV‬تثنائية وتكف‪VV‬ل له‪VV‬ا أعلى مس‪VV‬توى من‬
‫الحماية‪.‬‬
‫ج ) أن ال تستخدم ألغراض عسكرية أو كدرع لوقاية مواقع عسكرية‪ ،‬أن يصدر الطرف الذي يتولى أمر مراقبتها إعالنا ً يؤكد على أنه‪VV‬ا لن تُس‪VV‬تخدم على‬
‫هذا النحو‪".‬‬
‫المادة ‪ 11‬بشأن الحماية المعززة تنص على أنه ‪-:‬‬
‫ينبغي لكل طرف أن يقدم إلى اللجنة قائمة بالممتلكات الثقافية التي يستلزم طلب منحها حماية معززة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫للطرف الذي له اختصاص أو حق مراقبة الممتلكات الثقافية أن يطلب إدراجها على القائم‪V‬ة المزم‪V‬ع إنش‪V‬اؤها وفق‪V‬ا ً للفق‪V‬رة الفرعي‪V‬ة ‪( 1‬ب) من‬ ‫‪-2‬‬
‫المادة ‪ .27‬ويتضمن هذا الطلب جميع المعلومات الضرورية ذات الصلة بالمعايير‪ V‬الواردة في المادة ‪ .10‬وللجنة أن ت‪VV‬دعو أح‪VV‬د األط‪VV‬راف إلى‬
‫طلب إدراج ممتلكات‪ V‬ثقافية على القائمة‪.‬‬
‫ألطراف أخرى‪ ،‬وللجنة الدولية للدرع األزرق وغيرها من المنظمات غير الحكومية ذات الخبرة المتخصصة في هذا المجال‪ ،‬أن تزكي للجنة‬ ‫‪-3‬‬
‫ممتلكات ثقافية معينة‪ ،‬وفي حاالت كهذه‪ ،‬للجنة أن تدعو أحد األطراف إلى طلب إدراج تلك الممتلكات الثقافية على القائمة‪.‬‬
‫ال يخل طلب إدراج ممتلكات ثقافية واقع‪VV‬ة في أراض ت‪VV‬دعي أك‪VV‬ثر من دول‪V‬ة س‪VV‬يادتها أو واليته‪V‬ا‪ V‬عليه‪VV‬ا‪ ،‬وال إدراج تل‪VV‬ك الممتلك‪VV‬ات‪ V،‬بح‪VV‬ال من‬ ‫‪-4‬‬
‫األحوال‪ ،‬بحقوق أطراف النزاع‪.‬‬
‫حال تلقي اللجنة طلب إدراج على القائمة‪ ،‬تبلغ اللجنة جميع األطراف بذلك الطلب‪ ،‬ولألطراف أن تق‪VV‬دم إلى اللجن‪VV‬ة‪ ،‬في غض‪VV‬ون س‪VV‬تين يوم‪V‬اً‪،‬‬ ‫‪-5‬‬
‫احتجاجات بشأن طلب كهذا‪ ،‬وال تعد هذه االحتجاج‪V‬ات إال باالس‪V‬تناد إلى المع‪VV‬ايير ال‪V‬واردة في الم‪V‬ادة ‪ ،10‬وتك‪VV‬ون مح‪V‬ددة وذات ص‪V‬لة بوق‪V‬ائع‬
‫معينة‪ .‬وتنظر اللجنة في االحتجاجات تاركة للطرف الطالب لإلدارج فرص‪V‬ة معقول‪V‬ة لل‪V‬رد قب‪V‬ل أن تتخ‪V‬ذ ق‪V‬راراً بش‪V‬أنها‪ V.‬وعن‪V‬دما تع‪V‬رض تل‪V‬ك‬
‫االحتجاج‪VV‬ات على اللجن‪VV‬ة‪ ،‬تتخ‪VV‬ذ ق‪VV‬رارات اإلدراج على القائم‪VV‬ة‪ ،‬على ال‪VV‬رغم من الم‪VV‬ادة ‪ ،26‬بأغلبي‪VV‬ة أربع‪VV‬ة أخم‪VV‬اس أعض‪VV‬ائها الحاض‪VV‬رين‬
‫والمصوتين‪.‬‬
‫ينبغي للجنة‪ ،‬عند البت في طلب ما‪ ،‬أن تلتمس المشورة لدى المنظمات الحكومية وغير الحكومية‪ ،‬وكذلك لدى خبراء أفراد‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫ال يجوز أن يتخذ قرار بمنح الحماية المعززة أو بمنعها إال باالستناد إلى المعايير الواردة في المادة ‪.10‬‬ ‫‪-7‬‬
‫في حاالت استثنائية‪ ،‬عندما تكون اللجنة قد خلص‪VV‬ت إلى أن الط‪VV‬رف الط‪VV‬الب إلدراج ممتلك‪VV‬ات‪ V‬ثقافي‪VV‬ة على القائم‪VV‬ة ال يس‪VV‬تطيع‪ V‬الوف‪VV‬اء بمع‪VV‬ايير‬ ‫‪-8‬‬
‫الفقرة الفرعية (ب) من المادة ‪ ،10‬يجوز للجنة أن تقرر منح حماية معززة شريطة أن يقدم الطرف الط‪VV‬الب طلب‪V‬ا ً بالمس‪VV‬اعدة الدولي‪VV‬ة بم‪VV‬وجب‪V‬‬
‫المادة ‪.32‬‬
‫حال نشوب القتال‪ ،‬ألحد أطراف النزاع أن يطلب‪ ،‬باالستناد إلى حالة الطوارئ‪ ،‬حماية مع‪VV‬ززة لممتلك‪VV‬ات ثقافي‪VV‬ة تخض‪VV‬ع لواليت‪VV‬ه أو مراقبت‪VV‬ه‪،‬‬ ‫‪-9‬‬
‫بإبالغ هذا الطلب إلى اللجنة‪ ،‬وترسل اللجنة هذا الطلب على الفور إلى جميع أطراف النزاع‪ .‬وفي تلك الحاالت‪ ،‬تنظر اللجنة بص‪VV‬فة مس‪VV‬تعجلة‬
‫فيما تقدمه األطراف المعنية من احتجاجات‪ ،‬ويتخذ قرار منح حماية معززة مؤقتة بأسرع ما يمكن‪ ،‬وكذلك ‪-‬على الرغم من المادة ‪ -26‬بأغلبية‬
‫أربعة أخماس من األعضاء الحاضرين والمصوتين‪ .‬ويجوز أن تمنح اللجنة حماية معززة مؤقتة ريثما تظهر نتائج اإلج‪VV‬راءات النظامي‪VV‬ة لمنح‬
‫الحماية المعززة‪ ،‬شريطة الوفاء بأحكام الفقرتين الفرعيتين ( أ ) و( ج ) من المادة ‪.10‬‬
‫تمنح اللجنة الحماية المعززة للممتلكات الثقافية حال إدراجها على القائمة‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫يرسل المدير العام دون إبطاء إلى األمين العام لألمم المتحدة وإلى جميع األطراف‪ ،‬إشعاراً بأي قرار تتخذه اللجنة بإدراج ممتلكات ثقافية على‬ ‫‪-11‬‬
‫القائمة‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫المبحث االول‬

‫المسلحة‪.‬‬
‫الحمايةـ القانونيةـ العامة المقررة لألعيانـ المدنية زمن المنازعاتـ ُ‬

‫المتعم د لألعي ان المدني ة من مظ اهر االن زالق نح و الفوض ى والح رب الش املة‪ ،‬ومن ه ذا‬
‫ُيعت بر الت دمير ُ‬
‫‪276‬‬
‫في القاعدة‬ ‫المسلحة‪ ،‬وتتجلى هذه الحماية‬
‫المنطلق أفرد القانون الدولي اإلنساني قواعد لحمايتها أثناء النزاعات ُ‬

‫المتمثلة في مبدأ الحصانة العامة لألعيان المدنية ‪.277‬‬


‫األساسية ُ‬

‫وعلي ه س يتم من خالل ه ذا المبحث توض يح مض مون الحماي ة العام ة لألعي ان المدني ة في زمن النزاع ات‬

‫المسلحة‪ ،‬من خالل بيان المبادئ األساسية التي يتم االستناد إليها‪ ،‬والنظر إليها على أنها ُمترابطة واعتبارها كالً‬
‫ُ‬

‫واحداً‪ ،278‬ثم بيان أهم التدابير واالحتياطات التي يتوجب على أطراف النزاع مراعاتها‪ ،‬وذلك في المطلب األول‪،‬‬

‫الجمهورية العربية السورية نموذجاً تطبيقياً‬


‫المسلحة في ُ‬
‫ثم بيان واقع الحماية العامة لألعيان المدنية زمن النزاعات ُ‬

‫لبعض االنتهاكات لقواعد الحماية العامة‪ ،‬في المطلب الثاني‪ ،‬وذلك على النحو التالي ‪-:‬‬

‫المسلحة‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬مضمون الحماية العامة لألعيانـ المدنية في زمن النزاعات ُ‬
‫‪ . . 276‬يُقصد بمصطلح الحماية في القانون هو الوقاية أي وقاية الش‪V‬خص أو الم‪VV‬ال من المخ‪VV‬اطر لض‪V‬مان س‪V‬المته وأمن‪V‬ه عن طري‪V‬ق الوس‪VV‬ائل القانوني‪VV‬ة أو‬
‫المادية من تدابير وأنظمة وغيرها ته‪V‬دف الى ال‪V‬دفاع عن ح‪V‬ق م‪V‬ا أو وض‪V‬ع معين ‪.‬انظ‪V‬ر ‪.‬ج‪V‬يرار كورن‪V‬و‪. V‬ترجم‪V‬ة منص‪V‬ور القاض‪V‬ي معجم ال ُمص‪V‬طلحات‬
‫القانونية‪ .‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر ‪.‬الطبعة األولى ‪. 1998.‬صــ ‪726‬و صــ‪. 227‬‬
‫‪ . 277‬يحيــى بن ناصـر الخصيبـــي‪ .‬حماية األعيان المدنية في ظل أحكام القانون الدولي اإلنس‪VV‬اني «الممتلك‪VV‬ات‪ V‬الثقافي‪VV‬ة نموذج‪VV‬ا»‪ .‬مرج‪VV‬ع س‪VV‬ابق ‪.‬ت‪VV‬اريخ‬
‫الزيارة ‪ 14.‬مارس ‪. 2014‬‬
‫الرابط ‪http://www.omanlegal.net/vb/showthread.php?t=5514‬‬
‫‪ . 278‬مكتب األمم المتحدة في جنيف ‪ .‬تطبيق‪ V‬القانون اإلنساني الدولي على استخدام الذخائر العنقودية ورقة مقدمة من الياب‪VV‬ان‪ .‬ال‪VV‬دورة الثاني‪VV‬ة ‪.‬البن‪VV‬د ‪ 6‬من‬
‫جدول األعمال التاريخ ‪ . 11-7‬ابريل ‪. 2008.‬المرجع ‪ .CCW/GGE/2008-II/WP.2‬صـ ‪.1‬‬

‫‪78‬‬
‫‪279‬‬
‫‪ ،‬على تح ريم ض رب بعض‬ ‫نص ت العدي د من االتفاقي ات كالئح ة اله اي ‪ 1907‬في الم ادتين ‪27 -25‬‬

‫األعيان المدنية أثناء قيام النزاع المسلح أيا ً كانت الوسيلة‪ُ ،‬مشيرة في نصوصها إلى فئات معينة يجب حمايتها في‬

‫ُمحاولة لتوضيح مضمون هذه الحماية‪.‬‬

‫‪280‬‬
‫من االتفاقي ة الرابع ة الخاص ة بحماي ة‬ ‫و نص ت اتفاقي ات ج نيف ‪ 1949‬من خالل الم ادتين ‪147-146‬‬

‫المدنيين على ضرورة توفير الحماية العامة لألعيان المدنية‪ ،‬من خالل فرض عقوبات جسيمة على كل من ينتهك‬

‫المخالفات الجسيمة‪ ،‬باإلضافة إلى الحماية التي جاء‬


‫قواعد حماية هذه األعيان والممتلكات‪ ،‬واعتبار ذلك ضمن بند ُ‬

‫به ا ال بروتوكول اإلض افي األول لع ام‪ ،1977‬من خالل الم ادة ‪ 52‬ال تي تنص ت ص راحة على ض رورة حماي ة‬

‫األعيان المدنية ‪.281‬‬

‫ورغم ع دم ورود نص ص ريح ي وفر الحماي ة العام ة لألعي ان المدني ة في ال بروتوكول اإلض افي الث اني لع ام‬

‫‪ ، 1977‬إال إنه يتعين كفالة الحماية العامة لهذه األعيان‪ ،‬حتى في حالة غياب النص الصريح‪ ،‬باعتبار أنه من غير‬

‫المنطقي أن يجم ع ال بروتوكول اإلض افي الث اني بين متناقض ين حماي ة الم دنيين من جه ة وقص ف األعي ان ال تي‬

‫تأويهم من جهة أخرى ‪.282‬‬

‫تش كل بالت ّدرج وذل ك مواكب ة للتط ورات‪ ،‬واتس اقاً م ع‬


‫وعلي ه ف إن مض مون الحماي ة العام ة لألعي ان المدني ة‪ّ ،‬‬

‫المتغ يرة للح رب‪ ،‬فقواع د الحماي ة ال تي وردت في الئح ة اله اي لع ام‪ ،1907‬واتفاقي ات ج نيف ج اءت‬
‫الطبيع ة ُ‬

‫‪. 279‬تنص المادة ‪ 25‬على أنه " تحظر مهاجمة أو قصف المدن والقرى والمساكن والمباني غير المحمية أيا ً كانت الوسيلة المستعملة‪ ".‬ونص‪VV‬ت الم‪VV‬ادة ‪27‬‬
‫على أنه " في حاالت الحصار أو القصف يجب اتخاذ كاف‪V‬ة الت‪VV‬دابير الالزم‪V‬ة لتف‪VV‬ادي الهج‪VV‬وم‪ ,‬ق‪VV‬در المس‪VV‬تطاع‪ ,‬على المب‪VV‬اني المخصص‪V‬ة للعب‪VV‬ادة والفن‪VV‬ون‬
‫والعلوم واألعمال الخيرية واآلثار التاريخية والمستشفيات‪ V‬والمواقع التي يتم فيها جمع المرضى والجرحى‪ ,‬شريطة أال تستخدم في الظروف السائدة آن‪VV‬ذاك‬
‫ألغراض عسكرية‪ .‬ويجب على المحاصرين أن يضعوا على هذه المباني أو أماكن التجمع عالمات ظاهرة محددة يتم إشعار العدو بها مسبقا ً "‬
‫‪. 280‬نصت المادة ‪ 146‬على أنه " تتعهد‪ V‬األطراف السامية المتعاقدة بأن تتخذ أي إجراء تشريعي يلزم لفرض عقوبات جزائية فعالة على األشخاص ال‪V‬ذين‬
‫يقترفون أو يأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة لهذه االتفاقي‪V‬ة‪ ".... ،‬وج‪V‬اءت الم‪V‬ادة ‪ 147‬لتنص على أن‪V‬ه " المخالف‪V‬ات الجس‪V‬يمة ال‪V‬تي تش‪V‬ير إليه‪V‬ا‬
‫المادة السابقة هي التي تتضمن أحد األفعال التالية إذا اقترفت ضد أش‪VV‬خاص محم‪VV‬يين أو ممتلك‪VV‬ات‪ V‬محمي‪VV‬ة باالتفاقي‪VV‬ة ‪....‬اغتص‪VV‬اب الممتلك‪VV‬ات على نح‪VV‬و ال‬
‫تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية‪".‬‬
‫‪ . 281‬نصت المــادة ‪ 52‬في فحواها على أنه " ‪ .1‬ال تكون األعيان المدنية محالً للهجوم أو لهجمات الردع‪ -3 ... .‬إذا ثار الشك حول ما إذا كانت عين م‪V‬ا‬
‫تكرس عادةً ألغراض مدنية مثل مكان العبادة أو منزل أو أي مسكن آخر أو مدرسة‪ ،‬إنما تستخدم في تقديم مساهمة فعالة للعمل العس‪VV‬كري‪ ،‬فإن‪VV‬ه يف‪VV‬ترض‬
‫أنها ال تستخدم كذلك‪".‬‬
‫‪ . 282‬رقية عواشرية ‪.‬حماية المدنيين واألعيان المدنية في النزاعات ال ُمسلحة غير الدولية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 291‬‬

‫‪79‬‬
‫متواضعة ولم توضح صراحة وبشكل ُمباشر مضمون هذه الحماية‪ ،‬بعكس ما جاء في المادة ‪ 52‬من البرتوكول‬

‫اإلض افي األول ال تي أوردت بش كل ص ريح ومباش ر الحماي ة من خالل حظ ر بعض الهجم ات‪ ،‬ومنه ا الهجم ات‬

‫العشوائية واألعمال االنتقامية ضد األعيان المدنية‪.‬‬

‫وقد اتجهت أحكام القانون الدولي اإلنساني نحو تقرير حماية عامة لألعيان المدنية والثقافية‪ ،‬واستندت إلى‬

‫ع دة مب ادئ له ا قيمته ا القانوني ة من الناحي ة العرفي ة ‪ ،283‬ولمزي د من تحدي د ه ذه المع الم ولبي ان مض مون الحماي ة‬

‫العامة لألعيان المدنية‪ ،‬سيتم التطرق بداية للمبادئ األساسية التي توفر الحماية لألعيان المدنية في الف رع األول‪ ،‬ثم‬

‫بيان أهم التدابير االحتياطية في حالة توجيه الهجمات ضد األعيان المدنية والثقافية الفرع الثاني‪ ،‬وذلك على النحو‬

‫التالي‪-:‬‬

‫الفرع االول‪ :‬المبادئ األساسية التي توفر الحماية العامة لألعيانـ المدنية‪-:‬‬

‫المقررة لألعيان المدنية والثقافية‪ ،‬من خالل التعرف على مضمون المبادئ‬
‫تتضح الحماية القانونية العامة ُ‬

‫األساس ية ال تي ت وفر الحماي ة لألعي ان المدني ة‪ ،‬وتحكم أس اليب ووس ائل القت ال‪ ،284‬وبالتحدي د كالً من‪ ،‬أوالً ‪ -:‬مب دأ‬

‫التمييز بين األعيان المدنية واألهداف العسكرية‪ ،‬ثاني اً‪ - :‬مبدأ التناسبية بين الميزة العسكرية واألضرار الجانبية‪،‬‬

‫ثالثاً‪ -:‬مبدأ حظر وتقييد استخدام أنواع معينة من األسلحة في الهجمات ضد األعيان المدنية‪ ،‬وذلك وفق اً للتفصيل‬

‫التالي‪-:‬‬

‫أوالً ‪ -:‬مبــدأ التميــيزـ بين األعيــان المدنيــة واألهــداف العســكرية ‪ -:‬يعت بر مب دأ التمي يز ه و الحص انة العام ة لك ل‬

‫ُعنص ر م دني ال يش ترك في العملي ات القتالي ة بص ورة مباش رة‪ ،285‬واس تناداً إلى ه ذا المب دأ على أط راف ال نزاع‬

‫‪ . 283‬عمر سعد هللا ‪.‬القانون الدولي اإلنساني الممتلكات‪ V‬المحمية ‪.‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪.‬الجزائر ‪. 2008.‬صــ‪. 74‬‬
‫‪ . 284‬في التفرقة بين أساليب ووسائل‪ ،‬تُشير"األساليب"‪ ،‬إلى طريقة استخدام األسلحة من قبل األطراف المتنازعة‪ ،‬أو الطريق‪V‬ة ال‪V‬تي تش‪V‬ن به‪V‬ا الهجم‪V‬ات‬
‫ضد األهداف العسكرية‪ ،‬وتُشير‪ V‬كلمة كلم ة "وس ائل" الح‪V‬رب بص‪V‬فة عام‪V‬ة إلى األس‪V‬لحة المس‪V‬تخدمة بم‪V‬ا فيه‪V‬ا الط‪V‬ائرات والس‪V‬فن الحربي‪V‬ة والص‪V‬واريخ‬
‫والدبابات واألسلحة النارية واألسلحة البيضاء‪ ،‬ومختلف المتفجرات من قنابل وألغام ومختلف أنواع الذخيرة كالرصاص والقذائف‪.‬انظ‪V‬ر التقري‪V‬ر الص‪V‬ادر‬
‫عن منظمة هيومن راتش وتش ‪.‬التسوية باألرض ‪.‬دمشق‪ 14 .‬يوليو ‪ .ISBN:978-1-6231-31036. 2013‬هامش رقم ‪ 77‬صــ ‪.33‬‬
‫‪ . 285‬حسين علي الدريدي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪428‬‬

‫‪80‬‬
‫التمييز بين األعيان ذات الطابع المدني واألهداف العسكرية ‪ ،286‬وبذل جهد ُمناسب لقصر الهجمات العسكرية ضد‬

‫األهداف المشروعة فقط‪.‬‬

‫وقد ظهر مبدأ التمييز كقاعدة عرفية‪ ،‬وتم االعتراف به أول مرة من خالل مدونة تعليمات فرانسيس لي بر‪،287‬‬
‫‪،288‬‬
‫ال ذي اع ترف ض منياً بالمب دأ‪ ،‬وك ذلك في م ؤتمر بروكس ل لس نة‬ ‫‪،‬ثم في إعالن س ان بطرس بيرغ س نة ‪1868‬‬

‫‪ ،1874‬وأيض اً الئحة الهاي ‪ 1907‬الخاصة بالحرب البرية المادة ‪ 27‬والئحة الهاي التاسعة الخاصة بالحرب‬

‫البرية المادة ‪ 5‬التي نصت على احترام الممتلكات وحددت أماكن ال يجب استهدافها كدور العبادة والتعليم والثقافة‬
‫‪.289‬‬

‫فالم تتبع لسلوك الدول يجد أنها تميل إلى احترام هذا المبدأ‪ ،‬باعتباره مبدًأ عرفي اً راسخاً يجب احترامه في‬
‫ُ‬

‫تصدق على البروتوكول األول ُملتزمة بالمبدأ أيض اً‪ ،‬كونه ُيمثل قاعدة‬
‫كل األوقات الممكنة‪ ،‬بل حتى الدول التي لم ّ‬

‫عرفي ة دولية‪ ،290‬وق د اس تنكر الش راح تص رف بعض ال دول ال تي تمتل ك أس لحة من ش أنها التمي يز بين األه داف‬

‫المدنية والعسكرية‪ ،‬ولكنها تمتنع عن استخدامها خالل النزاع المسلح وتتعمد تجاهل تطبيق مبدأ التمييز‪.291‬‬

‫‪286‬‬
‫‪..Frits Kalshoven and Liesbeth Zegveld. Constraints on the Waging of War: An IHL. Ibid .P.g 100‬‬
‫‪ . 287‬حول مدونة ليبر انظر هامش ‪ 139‬من هذه الدراسة‪.‬‬
‫‪ . 288‬وقد جاءت صياغته باللغة العربية كما يلي ‪-:‬‬
‫"إن األهداف المشروعة التي يجب على العدو العمل على تحقيقها خالل الحرب هي اضعاف القوة العسكرية للعدو فقط ‪".‬‬
‫أما الصياغة فوردت باللغة اإلنجليزية كما يلي ‪-:‬‬
‫‪"the only legitimate object which States should endeavour to accomplish during war is to weaken the military forces‬‬
‫”… ‪of the enemy‬‬
‫انظر ‪-:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann. Ibid .Para. 2017. P.g . 635.‬‬
‫‪ . 289‬رشيد حمد العنزي ‪ .‬األهداف العسكرية المشروعة في القانون الدولي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪. 40-39‬‬
‫‪.290‬كالواليات المتحدة األمريكية مثالً ‪ .‬انظر ‪.‬رشيد حمد العنزي ‪ .‬األعيان المدني‪V‬ة المحمي‪V‬ة في الق‪V‬انون ال‪V‬دولي اإلنس‪V‬اني ‪ .‬في م‪V‬ؤتمر ‪ :‬ال‪V‬دورة اإلقليمي‪V‬ة‬
‫الثانية في مجال القانون الدولي اإلنساني‪ .‬معهد الكويت‪ V‬للدراسات القضائية والقانونية المركز اإلقليمي لتدريب القض‪VV‬اة وأعض‪VV‬اء النياب‪VV‬ة العام‪VV‬ة في مج‪VV‬ال‬
‫القانون الدولي اإلنساني‪ ..‬الكويت ‪ 14 - 10‬مارس ‪2007‬م‪ .‬صــ ‪.168‬‬
‫‪291‬‬
‫‪. Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann.. Ibid .Para. 1871. P.g . 600.‬‬

‫‪81‬‬
‫وقد مر هذا المبدأ بمحاوالت جادة لتقنينه‪ ،292‬وجاءت قواعد الهاي للحرب الجوية لسنة ‪ ،2931923‬كنقطة‬

‫البدء نحو توضيح‪ ،‬ورسم قواعد قانونية تحكم استخدام الطائرات في الحروب باعتبارها من الوسائل التي يصعب‬

‫فيها التمييز بين األعيان المدنية واألهداف العسكرية ‪.294‬‬

‫كما أكدت االجتهادات القضائية على ضرورة التمييز بين األعيان المدنية والثقافية وبين األهداف العسكرية‪،‬‬

‫فق د ج اءت فت وى محكم ة الع دل الدولي ة في ش أن قض ية األس لحة النووي ة ‪ ،1996-1992‬لتنص ص راحة على‬

‫ضرورة عدم استخدام األسلحة غير القادرة على التمييز‪ ، 295‬في إشارة صريحه وواضحة إلى اعتبار هذا المبدأ أحد‬

‫أهم المب ادئ األساسية للق انون الدولي اإلنساني ال ذي ال يج وز إطالق اً خرق ه ‪ ،296‬اس تناداً إلى طبيعت ه العرفي ة‪ ،‬كم ا‬

‫والمطلقة ‪ ،298‬وبالتالي تتقيد به كافة الدول حتى غير‬ ‫‪297‬‬


‫اعتبر البعض اآلخر بأنه ُيشكل جزءاً من القواعد اآلمرة ‪ُ ،‬‬

‫األطراف في اتفاقيات القانون الدولي اإلنساني‪.‬‬

‫المطلق من كل قيد عند توجيه الهجمات‪،299‬‬


‫ولقد تجسدت الحماية لألعي ان المدنية من خالل ف رض الحظر ُ‬

‫ض د األعي ان المدني ة والثقافي ة وأم اكن العب ادة‪ ،‬كمحاول ة للتأكي د على أهمي ة التمي يز بين األعي ان المدني ة واأله داف‬

‫‪ .292‬وقد قننته‪V‬ا و تض‪V‬منتها‪ V‬على س‪V‬بيل المث‪V‬ال كال من ‪ -:‬الم‪V‬ادة ‪ 48‬من ال‪V‬بروتوكول اإلض‪V‬افي األول لع‪V‬ام ‪ ،1977‬وال‪V‬تي تنص ص‪V‬راحة على ض‪V‬رورة‬
‫التمييز‪ V‬بين األعيان المدنية واألهداف العسكرية وذلك من أجل توجيهه العمليات العسكرية نحو األهداف العسكرية فقط دون المدنية‪ ،‬و تامين حماية فاعل‪VV‬ة‬
‫للسكان المدنيين واألعيان المدنية‪ ،‬و المادة ‪ 39‬من دليل " سان ريمو والتي أكدت على أطراف النزاع وجوب التمييز‪ V‬في جميع األوقات بين األعي‪VV‬ان ذات‬
‫الطابع المدني التي هي في مأمن من الهجوم و األهداف العسكرية ‪ .‬وال‪VV‬تي ج‪VV‬اء فيه‪VV‬ا " على أط‪VV‬راف ال‪VV‬نزاع أن تم‪VV‬يز في ك‪VV‬ل وقت ‪ ...‬بين األعي‪VV‬ان ذات‬
‫الطابع المدني أو التي هي في مأمن من الهجمات واألهداف العسكرية‪ ".‬و لالطالع على دليل س‪VV‬ان ريم‪VV‬و‪ .‬انظ‪VV‬ر‪ .‬ش‪VV‬ريف عتلم ‪ .‬محم‪VV‬د م‪VV‬اهر ‪.‬موس‪VV‬وعة‬
‫اتفاقي‪VV‬ات الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي اإلنس‪VV‬اني ‪ .‬موس‪VV‬وعة اتفاقي‪VV‬ات الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي اإلنس‪VV‬اني ‪.‬اللجن‪VV‬ة الدولي‪VV‬ة للص‪VV‬ليب األحم‪VV‬ر ‪.‬الق‪VV‬اهرة مص‪VV‬ر ‪.‬الطبع‪VV‬ة الس‪VV‬ابعة ‪.‬‬
‫‪.. 2007‬صــ‪. 623‬‬
‫‪ . 293‬نصت المادة ‪ 1/ 24‬منها على انه " يعتبر‪ V‬القصف الجوي مشروعا ً فقط إذا ما كان موجها ً إلى هدف عسكري‪ ،‬وه‪VV‬و اله‪VV‬دف ال‪VV‬ذي يش‪VV‬كل ت‪VV‬دميرة أو‬
‫إعطائه ميزة عسكرية واضحه للمهاجم "‪.‬‬
‫‪ . 294‬رشيد حمد العنزي ‪ .‬األهداف العسكرية المشروعة في القانون الدولي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـ‪.43‬‬
‫‪ . 295‬موجز األحكام والفتاوي واالوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية ‪ 1996-1992‬المشار اليه بالمرجع ‪ ST/LEG/SER.F/1/Add..1‬الفق‪VV‬رة‬
‫(‪ )87-74‬صـــ‪118‬‬
‫‪ . 296‬فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬الفقرة ‪ .78‬صــ ‪.36‬‬

‫‪. 297‬بيان للقاضي البجاوي رئيس محكمة العدل الدولية ‪ .‬انظر فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو اس‪VV‬تخدامها مرج‪VV‬ع‬
‫سابق ‪ .‬الفقرة‪ 21‬صــ ‪. 52‬‬
‫‪ . 298‬الرأي المستقل للقاضي غيوم ‪.‬انظر فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مش>>روعية التهدي>>د باألس>>لحة النووي>>ة أو اس>>تخدامها مرج>>ع س>>ابق ‪ .‬الفق>>رة ‪5‬‬
‫صــ ‪.68‬‬
‫‪ .299‬تجدر اإلشارة إلى أن "الهجم‪V‬ات" تم تعريفه‪V‬ا‪ V‬ونطاقه‪V‬ا في الم‪V‬ادة ‪ 49‬من ال‪VV‬بروتوكول اإلض‪V‬افي األول‪ ،‬حيث تم تعريفه‪VV‬ا على أنه‪VV‬ا " أعم‪VV‬ال العن‪VV‬ف‬
‫الهجومية والدفاعية ضد الخصم‪" .‬‬

‫‪82‬‬
‫‪300‬‬
‫من البروتوكول اإلضافي األول ‪ ،1977‬لتؤكد هذا الحظر عندما‬ ‫العسكرية؛ حيث جاءت المادة ‪ 52‬والمادة ‪53‬‬

‫نصت صراحه في فحواها على أنه ال تكون األعيان المدنية‪ ،‬ومنها الممتلكات الثقافية ودور العبادة محالً للهجوم‬

‫أو هجم ات ال ردع‪ ،‬كم ا منعت الم ادة ‪ 51‬من ذات ال بروتوكول‪ ،‬وحظ رت الهجم ات العش وائية؛ حيث نص ت‬

‫صراحة على عدم جواز توجيه هذه الهجمات ضد األعيان المدنية‪ ،‬وأوردت تعريفاً لهذه الهجمات‪.301‬‬

‫وعلي ه يبقى ه ذا المب دأ فع االً‪ ،‬وواجب التقيي د ب ه من قب ل أط راف ال نزاع‪ ،‬وذل ك م ا لم تقتض الض رورة‬

‫الحجة القانونية التي تبرر انتهاك قواعد القانون الدولي‬


‫العسكرية تعطيله‪ ،‬ذلك أن قاعدة الضرورة العسكرية تُمثل ُ‬

‫اإلنساني‪ ،302‬خاصة قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ‪.‬‬

‫وبالتالي دائما ما تُشكل مبرراً قانونياً للهجوم على األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬إال أنه ورغم ذلك فإن الضرورة‬

‫المتطلبات اإلنسانیة التي ُيحددها القانون‪ ،‬وأن يكون قید المسألة تعزيزاً‬
‫العسكرية يجب أن تكون دائماً متوازنة مع ُ‬

‫له دف عس كري م ادي ملم وس ولیس له دف سیاس ي‪ ،‬وبالت الي تبقى المس ألة مج رد مش اكل تص نیفیة تخض ع لتق دير‬
‫‪303‬‬
‫الحجة التي يتم استغاللها بصورة صارخه‪ ،‬إال أنه البد من مراعاة‬
‫‪ ،‬ولكن حتى مع وجود هذه ُ‬ ‫أطراف النزاع‬

‫مبدأ أكثر أهمية هو مبدأ التناسبية والذي سيتم التطرق إليه تالياً‪:‬‬

‫ثانياـ ‪ :‬مبدأ التناسبية بين الميزة العسكرية واألضرار الجانبيةـ ‪-:‬‬

‫‪ .300‬جاء في نص المادة ‪ 52‬من البروتوكول اإلضافي األول لعام ‪ ،1077‬بشأن الحماية العامة لألعيان لمدنية على أنه"‪ .1‬ال تكون األعيان المدنية محالً‬
‫للهجوم أو لهجمات الردع‪ "...‬فيما حظرت المادة ‪ 53‬من ذات البروتوكول وذلك بشأن حماي‪VV‬ة األعي‪VV‬ان الثقافي‪VV‬ة وأم‪VV‬اكن العب‪VV‬ادة ص‪VV‬راحة هجم‪VV‬ات ال‪VV‬ردع‬
‫وجاءت لتنص على أنه "‪ ...‬تحظر األعمال التالية‪ ...‬ج ) اتخاذ مثل هذه األعيان محالً لهجمات الردع‪".‬‬
‫‪ . 301‬وبحسب المادة ‪ 51‬من البرتوكول األول التفاقية جنيف الرابعه بشأن حماية المدنيين في وقت الح‪VV‬رب المؤرخ‪VV‬ه في ‪ 12‬اغس‪VV‬طس ‪ 1949‬في الفق‪VV‬رة‬
‫‪ " ،4/ 51‬تحظر الهجمات العشوائية‪ ،‬وتعتبر هجمات عشوائية ‪:‬‬
‫تلك التي ال توجه الى هدف عسكري محدد‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫او تلك التي تستخدم طريقة او وسيلة للقتال ال يمكن ان توجه الى هدف عسكري محدد‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫او تلك التي تستخدم طريقة او وسيل‬ ‫‪.3‬‬
‫او تلك التي تستخدم طريق او وسيل للقتال ال يمكن حصر اثارها على النحو الذي يتطلبه هذا اللحق "البروتوكول"‪ ،‬ومن ثم ف‪V‬إن من ش‪V‬أنها أن‬ ‫‪.4‬‬
‫تصيب‪ ،‬في كل حالة كهذه‪ ،‬االهداف العسكرية واألشخاص المدنيين أو األعيان المدنية دون تمييز‪.‬‬
‫‪ - 51/5‬تعتبر‪ V‬األنواع التالية من الهجمات‪ ،‬من بين هجمات أخرى‪ ،‬بمثابة هجمات عشوائية ‪:‬‬
‫الهجوم قصفا ً بالقنابل‪ ،‬أيا ً ك‪V‬انت الط‪V‬رق والوس‪V‬ائل‪ ،‬ال‪V‬ذي يُع‪VV‬الج ع‪V‬دداً من األه‪V‬داف العس‪VV‬كرية الواض‪VV‬حة التباع‪V‬د والتم‪V‬يز بعض‪VV‬ها عن بعض‬ ‫‪.1‬‬
‫والواقعة في مدينة أو بلدة أو قرية أو منطقة أخرى تضم تركزاً من المدنيين أو األعيان المدنية‪ ،‬على أنها هدف عسكري واحد‪،‬‬
‫والهجوم الذي يمكن أن يتوقع منه أن يسبب خسارة في أرواح المدنيين أو اصابة بهم أو اضراراً باألعيان المدنية‪ ،‬أو أن يحدث خلط‪VV‬ا ًمن ه‪VV‬ذه‬ ‫‪.2‬‬
‫الخسائر واألضرار‪ ،‬يفرط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة و ُمباشرة‪.‬‬
‫‪ . 302‬حسين علي الدريدي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪. 429‬‬
‫‪ . 303‬فرانسواز جي‪ .‬ھامبسون ‪ .‬الضرورة العسكرية تقديم حنان عشراوي ‪.‬جرائم الحرب ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪325‬‬

‫‪83‬‬
‫ُيقص د بمب دأ التناس ب أن يك ون هن اك تناس ب عن د اس تخدام الق وة بين الخس ائر في األعي ان المدني ة والثقافي ة‬

‫وبين الم يزة العس كرية للهج وم‪ ،‬وق د ظه ر ه ذا المب دأ رداً على نظري ة الح رب العادل ة في الديان ه المس يحية‪ ،‬وال تي‬

‫أجازت استخدام كافة طرق القتل طالما كان سبب الحرب مشروعاً‪.304‬‬

‫ويعد هذا المبدأ من المبادئ العرفية الراسخه‪ ،‬وقد قُنن في المادة ‪ 51‬من البرتوكول اإلضافي األول التفاقية‬
‫ٌ‬

‫جنيف الرابعة ‪ ،305‬ولم يستخدم البرتوكول ُمصطلح التناسبية بشكل ُمباشر بل مصطلح قريباً منه ويفيد معناه‪ ،‬وهو‬

‫ضرورة عدم اإلفراط وجاء العبارة كالتالي‪ ..." :‬اإلفراط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه‪ ،"...‬و يحكم هذا المبدأ‬
‫‪306‬‬
‫‪.‬‬ ‫استعمال القوة بأي شكل من األشكال حتى في حاالت الدفاع الشرعي‬

‫ورغم أن المادة ‪ 51‬قيدت األعمال العسكرية التي تُخل بمبدأ التناسبية‪ ،‬الذي ينص على ضرورة خلق توازن‬

‫َّ‬
‫انصب على‬ ‫بين التفوق العسكري وبين األضرار في الممتلكات المدنية والثقافية ‪ ،307‬إال أنها تعرضت للنقد الذي‬

‫والمص طلحات غ ير الدقيق ة‪ ،‬وك ذلك ص عوبة تط بيق اختب ار الت وازن المطل وب بين‬
‫نح و خ اص على الص ياغة ُ‬

‫المختلفة‪ ،‬باإلضافة إلى ما يتطلبه النص عند التطبيق العملي من حسن النية لدى األطراف المتنازعة‬
‫االعتبارات ُ‬

‫المالحظ للمادة ‪ 51‬يجد أنها قننت في الفقرة ‪ -5‬ب‪ ،‬مبدأ التناسبية الذي ُيعد المعيار والمقياس لمعرفة‬
‫إن ُ‬

‫مشروعية هجوم ما أو عدم مشروعيته من الناحية القانونية‪ ،‬بحيث حظرت بشكل صريح أي هجوم يتوقع منه أن‬

‫ُيسبب بصورة عارضة خسائر وأضرار باألعيان المدنية‪ ،‬أو أن يكون مفرط اً في تجاوز ما ينتظر أن ُيسفر عنه‬

‫ومباشرة ‪.‬‬
‫من ميزة عسكرية ملموسة‪ُ ،‬‬

‫‪ . 304‬وأول من دعا الى مبدأ التناسبية هو الفقيه الهولندي جروسيوس‪ V‬سنة ‪ 1625‬انظر ‪.‬رشيد حمد الع‪VV‬نزي ‪ .‬األه‪VV‬داف العس‪VV‬كرية المش‪VV‬روعة في الق‪VV‬انون‬
‫الدولي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪55-54‬‬
‫‪. 305‬المادة ‪-5/ 51‬ب‪ ،‬كما وجد المبدأ أيضا في المادة ‪ 57‬من البروتوكول اإلضافي األول بشأن االحتياطات أثناء الهج‪VV‬وم‪ ،‬وايض‪VV‬ا ً في الم‪VV‬ادة ‪ 8‬الفق‪VV‬رة‬
‫‪ / 3‬ج من البروتوكول الثاني من اتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية األثر لعام ‪. 1980‬‬
‫‪ . 306‬رشيد حمد العنزي ‪ .‬األهداف العسكرية المشروعة في القانون الدولي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪57-56‬‬
‫‪307‬‬
‫‪. Final Report to the Prosecutor bv the Committee Established to Review the NATO Bombing Campaign Against‬‬
‫‪the Federal Republic of Yugoslavia. ICC-02/05-02/09-HNE-2 ICC-02/05-02/09-216-Anx 29-10-2009 11/32 CB‬‬
‫‪PT .para 28 .‬‬
‫‪ .308‬اللجنة الدولية للصليب األحمر‪ .‬القانون الدولي اإلنساني وتحديات النزاعات ال ُمسلحة المعاصرة‪ .‬جنيف‪ ،‬ديسمبر ‪. 2003‬صــ ‪. 11‬‬

‫‪84‬‬
‫المتوقع منه أن يؤدي إلى حدوث‬
‫وفي ظل مبدأ التناسب‪ ،‬ال بد ألطراف النزاع التخلي عن أي هجوم من ُ‬

‫المتوقع ة "من ه ذا الهج وم ‪ ،309‬وبالت الي‬


‫والمباش رة ُ‬
‫"مفرط ة"‪ ،‬مقارن ة ب الميزة العس كرية "الملموس ة ُ‬
‫أض رار عرض ية ُ‬

‫حرم الهجوم‪ ،‬ويجري تطبيق هذه القاعدة عندما‬


‫حين يفوق الضرر باألعيان المدنية والثقافية‪ ،‬الميزة العسكرية‪ُ ،‬ي ّ‬

‫يكون الهجوم مشروعاً‪ ،‬خاصة إذا ارتقى االعتداء إلى درجة كبيرة من الجسامة‪.310‬‬

‫الم هاجم أن يوازن بين اعتبارين هما ما سيجنيه عسكرياً وما‬


‫وعليه يقوم هذا المبدأ على افتراض أن على ُ‬

‫س يترتب علي ه من أض رار لألعي ان‪ ،‬بحيث ُيحظ ر أي هج وم ال يوج د في ه تناس ب يرب ط الغاي ة المرج وة بالوس يلة‬

‫المس تخدمه‪ ،311‬ويعتم د على ع دة عوام ل ت ؤثر على التق ديرات المتعلق ة بتحدي د النت ائج المرج وة‪ ،‬منها على سبيل‬

‫المثال موق ع العين (داخ ل أو في محيط اله دف العس كري)‪ ،‬والتض اريس المحيط ة به ا لتجنب االنهي ارات األرض ية‬

‫والفيضانات‪ ،‬ودقة األسلحة المستخدمة والمهارة التقنية للمقاتل (حال افتقار المقاتل القدرة على التسديد بفعالية نحو‬
‫‪312‬‬
‫الهدف المقصود)‪ ،‬وغيرها من العوامل التي تلحق أضراراً باألعيان المدنية ‪،‬وبالتالي يخضع هذا المبدأ دائم اً‬
‫‪314‬‬
‫لتقدير القائد العسكري في الظروف المحيطة به ‪ ،313‬و يتصل اتصاالً مباشراً بالسالح المشروع‪.‬‬

‫ومراقبة ُمستقلة تقوم بها هيئات أو منظمات محايدة على تقدير القائد العسكري‪ ،‬فإما أن‬
‫ويكون هناك تقويم ُ‬

‫فعال ة وغ ير ُمفعل ة في كث ير من األحي ان‪،‬‬


‫تؤي د أو تنفي التزام ه بالقواع د‪ ،‬إال أن ه ذه المراقب ة والتق ييم تبقى غ ير ّ‬

‫فأطراف النزاع تُقدر وتنظر إلى األهداف نظرة تختلف عن المنظمات وتتوسع فيها ‪. 315‬‬

‫وعلى اعتب ار أن مب دأ التناس بية ذو معي ار موض وعي ُيقي د عملي ة االس تهداف بالمق دار الالزم‪ ،‬و يث ير مس ألة‬

‫الت وازن بين الض رورة العس كرية والض رر الم ترتب على عملي ة االس تهداف‪ ،‬ف إن ه ذا المب دأ يتص ل بالوس يلة‬

‫‪ . 309‬القاعدة رقم ‪ .14‬جون ماري هنكرتس‪ . V‬دراسة حول القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪. 32‬‬
‫‪ . 310‬عمر سعد هللا ‪.‬القانون الدولي اإلنساني الممتلكات‪ V‬المحمية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 61‬‬
‫‪. 311‬هورست فشر‪ .‬مبدأ التناسب ‪ .‬تقديم حنان عشراوي‪ .‬جرائم الحرب ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 327‬‬
‫‪312‬‬
‫‪. Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann. Ibid .Para 2212. P.g .684.‬‬
‫‪ . 313‬رشيد حمد العنزي ‪ .‬األعيان المدنية المحمية في القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪203‬‬
‫‪ . 314‬عمر سعد هللا ‪.‬القانون الدولي اإلنساني الممتلكات‪ V‬المحمية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 60‬‬
‫‪ . 315‬رشيد حمد العنزي ‪ .‬األعيان المدنية المحمية في القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪.178‬‬

‫‪85‬‬
‫المتبع‪ ،‬والعوامل المحيطة‪ ،‬ويحظر أي هجوم تنتج عنه إصابات جانبية ُمفرطة ُمتوقعه ُمقارنة مع قيمة‬
‫واألسلوب ُ‬

‫الهدف العسكري‪.316‬‬

‫وفيم ا يخص النت ائج التراكمي ة لألض رار وأثره ا فق د أش ار التقري ر النه ائي للجن ة ال تي أنش ئت لمراجع ة‬

‫قصف الناتو لجمهورية يوغسالفيا االتحادية إلى الحكم الصادر من المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا‪ ،‬في قضية‬

‫كوبريسكيتش‪ ،317‬بشأن ذلك جاء فيه أنه قد يحدث أن تتسبب الهجمات على أهداف عسكرية في أضرار عرضية‬

‫على األعيان المدنية‪ ،‬إال أن الهجمات المتكررة‪ ،‬قد تنتج أثراً تراكمي اً ُيسبب ضرراً ُمفرط اً على األعيان المدنية‪،‬‬

‫خالف اً لمط الب اإلنس انية‪ ،‬وعلي ه خلص التقري ر إلى ض رورة إج راء تق ييم ش امل لمجم ل األض رار مقاب ل أه داف‬
‫‪318‬‬
‫وذل ك‬ ‫الحملة العسكرية بحيث ال تفوق هذه الحملة أو تتجاوز الحد والمستوى المطلوب لتحقيق التفوق العسكري‬

‫مراعاة لمبدأ التناسب الذي ُيعنى بالنتيجة التراكمية لألضرار‪.‬‬

‫ومم ا س بق يتض ح أن أي هج وم ال يج وز أن يس تخدم األس اليب ال تي ق د ينتج عنه ا أض رار ُمفرط ة ُمقارن ة‬

‫بميزة الهجوم العسكرية‪ ،‬وفي حالة ما إذا جاء الهجوم غير متناسب مع درجه النتائج واألضرار المترتبة بشكل‬

‫عام وشامل أصبح الفعل غير مشروع‪ ،‬ويرجع تقدير التناسب إلى أطراف النزاع وهم جهات غير محايدة بالدرجة‬

‫االولى ‪ ،‬وح تى ل و افترض نا وج ود مراقب ة من جه ات أخ رى إلى أن عملي ة التق دير مهم ة باعتباره ا خط وة‬

‫وقائية ‪،‬وبالتالي فإنه يتوجب البحث عن جهات يكون تقديرها أكثر دقة وموضوعية‪.‬‬

‫كخالص ة يمكن الق ول ‪ :‬ب أن كالً من مب دأ التمي يز ومب دأ التناس ب من أفض ل المع ايير لض بط العملي ات‬
‫ُ‬

‫الفعالة لألعيان المدنية والثقافية‪ ،‬وأيض اً ُيمكن االعتماد عليهما في مقياس وتحديد النسبة‬
‫العسكرية وتحقيق الحماية ّ‬

‫المرتبطة‬
‫الشرعية والقانونية للهجمات التي تتعرض لها هذه األعيان‪ ،‬كما أن النظر إليهما بوصفهما نسق المبادئ ُ‬

‫‪ . 316‬خالد روشو ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪ 144‬وصــ ‪. 146‬‬
‫‪317‬‬
‫) ‪ICTY. case number ) IT-95 -16- T 14 jan. 2000‬‬
‫‪318‬‬
‫‪Final Report to the Prosecutor v the Committee Established to Review the NATO Bombing Campaign Against‬‬
‫‪the Federal Republic of Yugoslavia. ICC-02/05-02/09-HNE-2 ICC-02/05-02/09-216-Anx 29-10-2009 19/32 CB PT-‬‬
‫‪para 51.‬‬

‫‪86‬‬
‫والمتص لة ببعض ها البعض‪ ،‬إال أن بق اء غم وض وع دم تحدي د الجه ة ال تي تُ ّقيم عملي ة االل تزام به ذه المب ادئ أثن اء‬
‫ُ‬

‫ال نزاع وليس بعده‪ ،‬هو األس اس في ع دم ال تزام أط راف ال نزاع‪ ،‬ذل ك أن إعط اء الس لطة التقديري ة لهم في تكييفه ا‬

‫وتقييمها قد ضعف نوعاً ما من فعاليتهما‪.‬‬

‫ثالثاًـ ‪ -:‬مبدأ حظر وتقييد استخدام أنواع معينة من األسلحة في الهجماتـ ضد األعيانـ المدنية والثقافية‪-:‬ـ‬

‫المقي دة ألس اليب القت ال ك التمييز والتناس ب ال تي يجب على أط راف ال نزاع‬
‫ب الرغم من المب ادئ األساس ية ُ‬

‫االلتزام بها عند القيام بأي هجوم‪ ،‬إال أن ذلك ال يمكن تصور تطبيقه دونما التزام بتقييد وسائل القتال من خالل‬

‫فرض حظر وتقييد أسلحة ُمعينه ال تُميز بين األعيان المدنية واألهداف العسكرية‪ ،‬والحرص على استخدام أسلحة‬

‫أكثر دقة‪ ،‬بحيث يمكن توجيهها فقط لألهداف العسكرية ‪.‬‬

‫ورغم أن الق انون ال دولي اإلنس اني لم يحظ ر ص راحة القت ال في المن اطق الحض رية‪ ،‬إال أن ه على أط راف‬

‫النزاع ضرورة معرفة أن حقهم في اختيار وسائل القتال ليست حقاً ُمطلقاً؛ فمن غير المسموح به استهداف األعي ان‬

‫والممتلكات الثقافية‪ ،‬عن طريق استخدام القوة العسكرية بدون أي تمييز‪ ،‬وعليه فإنه من الضروري التقيد‬
‫المدنية ُ‬
‫‪319‬‬
‫بقواعد استخدام السالح‪ ،‬بحيث ال تكون هذه األسلحة عشوائية األثر ‪ ،‬أو تسبب آالم اً ال ُم برر لها‪ ،‬وذلك استناداً‬

‫إلى قاع دة حظ ر اآلالم ال تي ال م برر له ا‪ ،‬وهي قاع دة بمفهومه ا الواس ع تش مل كاف ة األض رار والت دمير والتل وث‬

‫ال ذي يلح ق باألعي ان المدني ة والثقافي ة وتوص ف ب أن ال م برر أي بمع نى غ ير ض رورية لتحقي ق اله دف العس كري‬

‫المش روع ‪ ،320‬ل ذلك الب د من تف ادي اللج وء إلى اس تخدام أس لحة ت ؤدي بالمس اس باألعي ان المدني ة والممتلك ات‬

‫الثقافية‪ ،‬فمثل هذه الوسائل تتجاوز ما تقتضيه المصلحة العسكرية لمن يستعملها‪.‬‬

‫‪ . 319‬البروتوكول اإلضافي األول المادة ‪ " 51/4‬تُحظر الهجمات العشوائية " ‪.‬‬
‫‪ . 320‬حسين علي الدريدي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 443‬‬

‫‪87‬‬
‫وواضح على ضرورة حظر استخدام كافة‬
‫ٍ‬ ‫و يأتي هذا الحظر انعكاساً للقانون العرفي الذي نص بشكل صريحٍ‬

‫األسلحة العشوائية‪ ،‬وال ينحصر الحظر في األسلحة العشوائية فقط بل يمتد إلى تلك األسلحة التي تلحق أضراراً‬
‫‪322‬‬
‫‪.‬‬ ‫فادحة‪ ،321‬كتلك التي تُلحق بالبيئة الطبيعية أضراراً بالغة واسعة االنتشار وطويلة األمد‬

‫كم ا ج اء اعتم اداً على قواع د تمن ع اس تخدام وس ائل القت ال ذات الط ابع العش وائي وال تي ال تس تطيع التمي يز بين‬
‫‪323‬‬
‫إعالن سان بطرسبورغ لعام ‪ 1868‬الذي حظر‬ ‫األعيان المدنية واألهداف العسكرية‪ ،‬ومن هذه القواعد وأولها‬

‫اس تخدام الطلق ات الناري ة المتفجـــرة كونه ا ت ؤثر بش كل كب ير على األعي ان المدني ة والممتلك ات الثقافية‪ ،‬حيث حظ ر‬

‫استعمال بعض القذائف‪ ،‬وتحديداً القذائف التي يقل وزنها عن ‪ 400‬غرام وتكون متفجرة‪ ،‬أو مشحونة بمواد قابلة‬

‫لالنفج ار أو االش تعال‪ ،‬وتك رر ه ذا الحظ ر في مش روع إعالن بروكس ل الم ادة ‪/13‬ه وفي دلي ل اكس فورد لع ام‬

‫‪ 1980‬الم ادة ‪/9‬ا‪ ،‬ودلي ل اكس فورد للح رب البحري ة لع ام ‪ 1913‬الم ادة ‪ ،3242/ 16‬وغيره ا من اإلعالن ات‬
‫‪325‬‬
‫واالتفاقيات المنظمة لعملية الحظر‪.‬‬

‫‪ . 321‬بوروس ام ‪.‬كارنهان ‪ .‬تقديم حنان عشراوي‪.‬جرائم الحرب‪ ,‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪354‬‬


‫‪ . 322‬البرتوكول اإلضافي األول المادة ‪ " 35/3‬يحظر استخدام وسائل او اساليب للقتال‪ ،‬يقصد بها او قد يتوقع منه‪VV‬ا أن تلح‪VV‬ق بالبيئ‪VV‬ة الطبيعي‪VV‬ة أض‪VV‬راراً‬
‫بالغة واسعة االنتشار وطويلة األمد " ‪.‬‬
‫‪ . 323‬عامر الزمالي ‪ .‬مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 82‬‬
‫‪ . .324‬وقد جاءت الصياغه باللغة اإلنجليزية كما يلي ‪-:‬‬
‫‪Art. 13 ...(e) The employment of arms, projectiles or material calculated to cause unnecessary suffering, as well as‬‬
‫”‪the use of projectiles prohibited by the Declaration of St. Petersburg of 1864 ..‬‬
‫‪Art. 9. It is forbidden‬‬
‫‪(a) To employ arms, projectiles, or materials of any kind calculated to cause superfluous suffering, or to aggravate‬‬
‫‪wounds - notably projectiles of less weight than four hundred grams which are explosive or are charged with‬‬
‫‪fulminating or inflammable substances ' (Declaration of St. Petersburg.‬‬
‫‪(b) To injure or kill an enemy who has surrendered at discretion or is disabled, and to declare in advance that quarter‬‬
‫‪will not be given, even by those who do not ask it for themselves‬‬
‫‪Art. 16. In addition to the prohibitions which shall be established by special conventions, it is forbidden:‬‬
‫……)‪(1‬‬
‫‪(2) To employ arms, projectiles, or materials calculated to cause unnecessary suffering.‬‬
‫‪Entering especially into this category are explosive projectiles or those charged with fulminating or inflammable‬‬
‫‪materials, less than 400 grammes in weight, and bullets which expand or flatten easily in the human body, such as‬‬
‫‪bullets with a hard envelope which does not cover the core entirely or is pierced with incisions.‬‬
‫انظر الموقع الرسمي للجنة الصليب األحمر ‪-:‬‬
‫‪https://www.icrc.org‬‬
‫‪ . 325‬جون ماري هنكرس ولويز دوزوالد –بيك ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪242‬‬

‫‪88‬‬
‫ثم جاء النص التعاهدي بشأن هذا المبدأ‪ ،‬في االتفاقية الصادرة لعام ‪ 1980‬بشأن حظر أو تقييد استعمال‬

‫أس لحة تقليدي ة ُمعين ة يمكن اعتباره ا ُمفرط ة الض رر أو عش وائية األث ر‪ ،‬وبروتوكوالته ا اإلض افية الخمس ة ‪،326‬‬

‫انس جاماً م ع توج ه الم ادة ‪ 36‬من ال بروتوكول اإلض افي األول لع ام ‪ ،3271977‬ال تي أل زمت أط راف ال نزاع‬

‫بضرورة ُمالءمة األسلحة الجديدة‪،‬واألساليب مع ُمقتضيات القانون الدولي اإلنساني‪.328‬‬

‫كما أشارت هذه االتفاقي ة إلى أهم معي ارين يس تند إليهم ا الحظر‪ ،‬وهما معيار القدرة على توجيه الس الح إلى‬

‫هدف عسكري‪ ،‬ومعيار حصر آثاره‪ ،‬ويرد هذان المعياران في البروتوكول اإلضافي األول‪ ،‬المادة‪ ،32951/4‬كما‬

‫تم التأكيد على هذا الحظر في النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية المادة ‪-8/2‬ب‪ 20‬والتي اعتبرت فيه أن‬

‫اللجوء إلى استخدام األسلحة العشوائية الطابع يقع ضمن تصنيف "جرائم حرب" ‪.330‬‬

‫وهو بالتالي يفرض حظراً ألنواع من األسلحة منها األسلحة العشوائية التي ال يمكن لها التمييز‪ ،‬والتي ورد‬

‫وص فها في الم ادة ‪ 4/ 51‬من ال بروتوكول اإلض افي األول في الفق رتين ب‪ -‬ج ‪ ،331‬منه ا األس لحة النووي ة ال تي‬

‫تُعتبر من أسلحة الدمار الشامل ‪ ،332‬وذات أثر عشوائي يؤثر تأثيراً كبيرا ًعلى األعيان المدنية والثقافية فمثل هذه‬

‫األسلحة ال تميز بين األهداف العسكرية واألعيان المدنية ‪.‬‬

‫‪ . 326‬يمكن االطالع على االتفاقية وبروتوكوالتها‪ V‬الخمسة ‪ .‬شريف عتلم ‪.‬محمد م‪VV‬اهر عبدالواح‪VV‬د‪ .‬موس‪VV‬وعة اتفاقي‪VV‬ات الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي اإلنس‪VV‬اني ‪ .‬مرج‪VV‬ع‬
‫سابق‪.‬صــ‪.487‬‬
‫‪ . 327‬جاء في المادة على أنه ‪ " -:‬يلتزم أي طرف سام متعاقد‪ ،‬عند دراسة أو تطوير أو اقتناء سالح جدي‪VV‬د أو أداة للح‪VV‬رب أو اتب‪VV‬اع أس‪VV‬لوب للح‪VV‬رب‪ ,‬ب‪VV‬أن‬
‫يتحقق مما إذا كان ذلك محظوراً في جميع األحوال أو في بعضها بمقتضى هذا الملحق " البروتوكول " أو أية قاعدة أخرى من قواعد القانون الدولي التي‬
‫يلتزم بها الطرف السامي المتعاقد‪".‬‬
‫‪ . 328‬عامر الزمالي ‪ .‬مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 82‬‬
‫‪ . 329‬والتي تنص على أنه "ب‪ -:‬حظر األسلحة التي ال يمكن ان توجه إلى ه‪V‬دف عس‪V‬كري مح‪V‬دد‪ ،‬ج ‪ :‬تحظ‪V‬ر األس‪V‬لحة ال‪V‬تي ال يمكن حص‪V‬ر آثاره‪V‬ا على‬
‫النحو الذي يتطلبه البرتوكول ومن ثم فان من شأنها أن تصيب ‪ ...‬األهداف العسكرية واالشخاص المدنيين واألعيان المدني‪V‬ة دون تمي‪VV‬يز " ‪ .‬ج‪V‬ون م‪VV‬اري‬
‫هنكرس ولويز دوزوالد –بيك ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪220‬‬
‫‪. 330‬نصت المادة على أن"‪ ...‬استخدام أسلحة أو قذائف أو مواد أو أساليب حربية تسبب‪ V‬بطبيعتها أضراراً زائدة أو آالما ً ال لزوم له‪VV‬ا ‪ ,‬أو تك‪VV‬ون عش‪VV‬وائية‬
‫بطبيعتها بالمخالفة للقانون الدولي للمنازعات ال ُم سلحة‪ ,‬بشرط أن تكون هذه األسلحة والقذائف والمواد واألساليب الحربية موضع حظ‪VV‬ر ش‪VV‬امل وأن ت‪VV‬درج‬
‫في مرفق لهذا النظام األساسي ‪ ,‬عن طريق تعديل يتفق واألحكام ذات الصلة الواردة في المادتين ‪".123 , 121‬‬
‫‪ . 331‬تصف الفقرتان الفرعيتان من المادة ‪ 4 V/ 51‬على النحو التالي ‪ " -:‬ب‪ -‬ال يمكن أن توجه إلى هدف عسكري محدد ‪ ،...‬أو ج ‪ ... -‬ال يمكن حص‪VV‬ر‬
‫آثار على النحو الذي يتطلبه هذا البروتوكول‪ V،‬ومن ثم فإن من شأنها أن تصيب في حالة كه‪V‬ذه‪ ،‬األه‪V‬داف العس‪VV‬كرية‪ ،‬واألش‪VV‬خاص الم‪VV‬دنيين أو الممتلك‪VV‬ات‬
‫دون تمييز "‪.‬‬
‫‪. 332‬عمر سعد هللا ‪.‬القانون الدولي اإلنساني الممتلكات‪ V‬المحمية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.68‬‬

‫‪89‬‬
‫واستناداً إلى ما أثارته األسلحة النووية من جدل واسع النطاق‪ ،‬البد من اإلشارة إلى فتوى محكمة العدل‬
‫‪333‬‬
‫المس لّمة ال تي‬
‫الدولي ة ال تي أص درتها بن اء على طلب من األمم المتح دة في ع ام ‪ ، 1996‬فالوض ع يق وم على ُ‬

‫تقضي بشرعية امتالك األسلحة النووية‪ ،‬فالقانون الدولي ال يحظر امتالكها‪ ،334‬بينما ُيشكل استخدامها هذه األسلحة‬

‫انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي اإلنساني‪ ، 335‬ومنها تلك القواعد المتلقة بحماية األعيان المدنية والثقافية ‪.‬‬

‫وهذا ما أيدته اللجنة الدولية للصليب األحمر التي اعتبرت أي استخدام للسالح النووي عمالً غير شرعي‪،‬‬

‫ويع د انتهاك اً خط يراً للق انون ال دولي اإلنس اني‪ ،‬رغم قض ائها بش رعية امتالكه ا وحيازته ا‪ ،‬وذل ك بن اء على ضغوط‬

‫تعرضت لها من بعض الدول حيث أصرت هذه الدول على استثناء األسلحة النووية من نطاق تطبيق البرتوكول‬

‫اإلضافي األول‪.336‬‬

‫وعليه أعطى أغلبیة القضاة في فتواهم أمام محكمة العدل الدولیة في الهاي اإلمكانیة مفتوحة الحتمال تبرير‬

‫دولة ما استخدامها لألسلحة النووية عندما تتعرض للتهديد ‪ ،337‬حيث قرر بعض القضاة أنه قد يكون من الصعب‬

‫التوفي ق بين اس تخدام األس لحة النووية‪ ،‬ومب ادئ الق انون ال دولي اإلنس اني‪ ،‬إال أن ذل ك ال يع ني وج ود تعارض في‬
‫‪338‬‬
‫حالة الدفاع الشرعي‪.‬‬

‫وأك دت المحكم ة في رأيه ا االستش اري أيض اً أن التهدي د باألس لحة النووي ة أو اس تخدامها يجب أن يك ون‬

‫منسجماً مع ُمتطلبات القانون الدولي اإلنساني‪ ،339‬ورغم أن المحكمة لم تحسم بشكل قاطع حظر استخدام األسلحة‬

‫‪ . 333‬حيث كان أهم ما جاء فيها‪ ،‬ان كالً من القانون الدولي العرفي والقانون الدولي التقليدي ال يجيزان التهديد باألسلحة النووية او استخدامها‪ ،‬واج‪V‬ابت‬
‫المحكمة على المسائل المعروضة لها بهذا الشأن؛ وذلك بالقول أنه‪ " :‬ليس في الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي وال الع‪VV‬رفي وال االتف‪VV‬اقي اي اذن مح‪VV‬دد بالتهدي‪VV‬د باألس‪VV‬لحة‬
‫النووية او استخدامها "‪.‬انظر ‪ :‬انظر فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية او استخدامها ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪.44‬‬
‫‪ . 334‬عامر الزمالي ‪ .‬مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 83‬‬
‫‪ . 335‬محمد البزاز‪.‬حماية األعيان المدنية بأساليب ووسائل القتال‪ .‬في مؤتمر ‪ :‬الدورة اإلقليمية الثانية في مجال القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‬
‫‪. 144‬‬
‫‪ . 336‬اسامة دمج ‪ .‬من له الحق باستخدام السالح النووي ‪ .‬مجلة اإلنساني ‪ .‬العدد ‪. 2006 . 38‬القاهرة ‪ .‬صـــ ‪.31‬‬
‫‪ . 337‬فرانسواز جي‪ .‬ھامبسون ‪.‬الضرورة العسكرية ‪.‬تقديم ‪.‬حنان عشرواي جرائم الحرب‪ .‬مرجع سابق صـــ ‪. 325‬‬
‫‪ . 338‬رأي القاضي شوبيل ‪ .‬انظر فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪ 98‬وصــ ‪.99‬‬
‫‪ . 339‬حيث جاء الحكم الصادر باإلجماع انه "يجب ان يكون التهدي‪V‬د باألس‪V‬لحة النووي‪V‬ة او اس‪V‬تخدامها متماش‪V‬يا‪ V‬م‪V‬ع مقتض‪V‬يات‪ V‬الق‪VV‬انون ال‪V‬دولي المطب‪V‬ق في‬
‫اوقات النزاع المسلح‪ ،‬ال سيما مقتضيات مبادئ القانون اإلنساني الدولي وقواعده وكذلك مع االلتزامات المحددة بموجب معاه‪VV‬دات وغيره‪VV‬ا من التعه‪VV‬دات‬
‫التي تتعلق صراحة باألسلحة النووية "‪ .‬انظر‪ :‬فتوى محكمة العدل الدولية بش‪VV‬أن مش‪VV‬روعية التهدي‪VV‬د باألس‪VV‬لحة النووي‪VV‬ة او اس‪VV‬تخدامها ‪ .‬الفق‪VV‬رة ‪ / 105‬د ‪.‬‬
‫مرجع سابق‪ .‬صــ‪. 45‬‬

‫‪90‬‬
‫النووية‪ ،‬حيث اعترفت بصعوبة استخدام هذا السالح دون انتهاك لقواعد القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬إال أنها لم تمنع‬

‫اس تخدامه‪ ،‬اس تناداً إلى أن الق انون ال دولي لم يحظ ر ه ذا الن وع من األس لحة بش كل ص ريح‪ ،‬فمج رد االس تخدام في‬

‫توقعة‪،‬والمرتبطة بالدفاع عن‬


‫ُ‬ ‫الم‬
‫رأي المحكمة ال يعد انتهاكاً‪ ،‬بل ربطت هذا الحق في االستخدام بالميزة العسكرية ُ‬
‫‪340‬‬
‫الشرعية من أجل بقاء الدولة ‪.‬‬

‫وعلي ه فإن ه وفي ظ روف خاص ة يع ود تق ديرها للدول ة له ا أن تلج أ إلى اس تخدام ه ذا الس الح‪ ،‬حيث أش ارت‬

‫المحكمة إلى أن أي ضرر ناتج عن االستخدام يمكن تصنيفه على أنه ضرر جانبي ال يمكن تجنبه‪ ،‬وعليه أخرجت‬

‫المتعلقة بعشوائية األثر واآلالم التي ال مبرر‬


‫الفتوى استخدام هذه األسلحة من القواعد العامة ذات القيمة العرفية ُ‬

‫والمض رة بالبيئ ة‪ ،‬لتحكمه ا مب ادئ كمب دأ التناس ب والض رورة العس كرية‪ ،‬وبن اء على ه ذا ال رأي االستش اري‬
‫له ا ُ‬

‫للمحكم ة‪ ،‬ف إن من الص عب ج داً حالي اً حظ ر اس تخدام ه ذا الس الح تحت مظل ة القواع د العرفي ة‪ ،‬ب ل الب د من العم ل‬

‫بالمطلق وصراحه استخدام السالح النووي في النزاعات‪.341‬‬


‫على إصدار اتفاقية دولية تحظر ُ‬

‫خاصة وأن المحكمة أشارت في نهاية رأيها االستشاري إلى ضرورة العمل على متابعة وإ كمال المفاوضات‬
‫‪342‬‬
‫المنطل ق ق ام المجتم ع ال دولي‬
‫ل نزع الس الح الن ووي بكاف ة جوانب ه تحت رقاب ة دولي ة مش ددة وفعال ة ‪ ،‬ومن ه ذا ُ‬

‫واتجه نحو التحريم القاطع الستخدام مثل هذه األسلحة‪ ،‬كما قامت األمم المتحدة بجهود عديدة لمنع هذه األسلحة‬
‫‪343‬‬
‫‪.‬‬ ‫وتقييدها حيث أنشات في عام ‪ 1956‬الوكالة الدولية للطاقة الذرية‬

‫كم ا وح ددت بعض االتفاقي ات قي وداً على ال دول ال تي تمتل ك مف اعالت نووي ة‪ ،‬ومنه ا معاه دة من ع انتش ار‬

‫األسلحة النووية‪ ،‬ومعاهدة تحريم وضع األسلحة النووية واألسلحة األخرى ذات التدمير الشامل على قاع البحار أو‬
‫‪ . 340‬وجاء حكمها بهذا الشأن كالتالي " يجب أن يكون التهديد باألسلحة النووية واستخدامها متماشيا‪ V‬م‪VV‬ع ‪ ....‬مقتض‪VV‬يات‪ V‬مب‪VV‬ادئ الق‪VV‬انون اإلنس‪VV‬اني ال‪VV‬دولي‬
‫وقواعده ‪ ...‬إال إن المحكمة بالنظر إلى حالة القانون الدولي الراهنة والعناصر الوقائعية التي تحت تصرفها ليس في وسعها أن تخلص إلى نتيج‪VV‬ة حاس‪VV‬مة‬
‫بشأن ما إذا كان التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها مشروعا أو غير مشروع في ظرف اقصى من ظ‪VV‬روف ال‪VV‬دفاع عن النفس يك‪VV‬ون في‪VV‬ه بق‪VV‬اء الدول‪VV‬ة‬
‫ذاته معرضا للخطر "‪ .‬انظر ‪ :‬فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها ‪.‬الفقرة ‪ . 2 V/ 105‬هــ ‪ .‬مرجع س‪VV‬ابق ‪.‬‬
‫صــ‪. 45‬‬
‫‪ . 341‬أسامة دمج ‪ .‬من له الحق باستخدام السالح النووي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪35-32‬‬
‫‪ . 342‬ختمت المحكمة رأيها في هذا الشأن باإلجماع‪. V‬انظر ‪ :‬فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهدي‪VV‬د باألس‪VV‬لحة النووي‪VV‬ة أو اس‪VV‬تخدامها ‪.‬الفق‪VV‬رة‬
‫‪ 2 /105‬و ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪. 46‬‬
‫‪ . 343‬سهيل حسين الفتالوي ‪.‬عماد محمد ربيع ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬صـــ ‪. 112‬‬

‫‪91‬‬
‫أرض المحيطات في موسكو عام ‪ ،1963‬وأيض اً معاهدة حظر وضع األسلحة النووية ذات التدمير الجماعي في‬

‫قاع البحر وقعر المحيطات وجوفها الموقعة في موسكو عام ‪. 1971‬‬

‫ومما سبق يمكن القول بأن أسلحة الدمار الشامل أو ما يسمى باألسلحة النووية تُمثل تحدياً بالنسبة للدول‬

‫خاص ة التط ورات المتالحق ة‪ ،‬وظه ور الحاج ة إلى البحث عن مص ادر طاق ة جدي دة ت ؤدي تلقائي اً إلى اللج وء إلى‬

‫التقنية النووية المدنية‪ ،‬مما سيثير اشكالية أكبر حول مدى بقاء هذه التقنيات في اإلطار المدني ومنع تحولها إلى‬

‫اإلطار العسكري الذي قد ُيشكل خطراً على األعيان المدنية والثقافية ‪.‬‬

‫المقيد والُمنظم‪ ،‬ووضعها‬


‫وعليه البد من العمل على مواكبة هذه التطورات‪ ،‬وجعلها ضمن اإلطار القانوني ُ‬

‫المنظم ة له ا لمن ع االجته ادات‬


‫ض من اتفاقي ات ُمقي دة وع دم االكتف اء بتحريمه ا‪ ،‬م ع ض مان وض وح جمي ع القواع د ُ‬

‫والتفسيرات التي قد تص ب في مص لحة األط راف المتنازع ة‪ ،‬دون النظ ر في اآلث ار المترتبة على األعيان المدني ة‬

‫والثقافية ‪.‬‬

‫وكخ الصة يمكن القول‪ :‬بأن استخدام األسلحة التي تكون بطبيعتها ال يمكن توجيهها بأي قدر من الدقة تجاه‬
‫ُ‬

‫أهداف عسكرية ُمحددة‪ ،‬أو التي ال تضرب بشكل دقيق هو أمر يخرق مبدأ ضمان أطراف النزاع المسلح الحترام‬

‫وحماية األعيان المدنية والممتلكات الثقافية ‪.344‬‬

‫خاصة مع وجود الكثير من المواثيق الدولية التي قيدت حرية استخدام األسلحة‪ ،‬فلم تعد حق اً ُمطلق اً ألطراف‬

‫ال نزاع‪ ،‬ب ل على األط راف التقي د من خالل اختي ار وس ائل قت ال مش روعه بحيث تك ون ق ادرة على التمي يز بين‬

‫األعي ان المدني ة واأله داف العس كرية‪ ،‬وأيض اً ق ادرة على أح داث تناس ب وت وازن بين الم يزة العس كرية األكي دة‬

‫والضرر الجانبي المتوقع ‪.‬‬

‫‪344‬‬
‫‪(ICRC). Weapons that may Cause Unnecessary Suffering or have Indiscriminate Effects. (Geneva: ICRC,‬‬
‫‪1973).para 25 .P.g 13 .‬‬

‫‪92‬‬
‫كم ا الب د من الترك يز على األولوي ات ال تي تس تدعي اهتم ام ف رق العم ل المعني ة إليج اد الحل ول من خالل‬

‫المختلفة‪ ،‬لتحقيق فاعلية أكبر وخطوات ملموسة لحشد قدرات متعددة‬


‫والمنظمات الدولية ُ‬
‫الشراكات مع المجموعات ُ‬

‫المنتش رة دولي اً كاألس لحة النووي ة‪ ،‬وح تى األس لحة التقليدي ة وال تي تُش كل ‪ -‬رغم بس اطتها ‪-‬‬
‫األط راف‪ ،‬فاألس لحة ُ‬

‫فاعلية أكبر في اإلخالل بقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬مالم تُعالج بطريقة تقيدها وتنظم عملية استخدامها‪،‬‬

‫فالمالح ظ أن ه ذه األس لحة ق د أثبتت فعالياته ا في ت أجيج النزاع ات خاص ة وأنه ا األك ثر اس تخداماً في الص راعات‬
‫ُ‬

‫المسلحة ‪.‬‬
‫ُ‬

‫وبعد استعراض أهم المبادئ التي تحكم وسائل وأساليب القتال تبقى اإلشارة إلى أهم الهجمات المحظورة وفق اً‬

‫ألحكام القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬كتلك الهجمات التي على الرغم من أنها تستهدف هدفاً عسكرياً مشروعاً‪ ،‬إال أن‬

‫لها تأثيراً غير ُم تناسب وتتدرج تحت تصنيف التدمير العمدي أو التعسفي ‪ ،‬وتلك ال تُميز بين األهداف العس كرية و‬

‫األعيان المدنية‪ ،‬وتسمى بالهجمات العشوائية‪ ،345‬وفيما يلي نورد تفصيالً لها‪:‬‬

‫الهجمــات المباشــرة ‪ُ :‬يحظ ر وفق اً لقواع د الق انون ال دولي اإلنس اني اس تهداف األعي ان المدني ة والثقافي ة‬

‫وتدميرها بحد ذاتها بل البد أن تكون هدفاً عسكرياً مشروعاً‪ ،‬وأن يتطلب هذا التدمير ضرورة عسكرية‪.346‬‬

‫والم تعمدة ضد األعيان المدنية والثقافية بشكل‬


‫ُ‬ ‫المباشرة‬
‫ويكون ذلك من خالل‪ ،‬حظر توجيه الهجمات ُ‬

‫ُمطلق‪ ،‬الذي يأتي استناداً وانعكاساً للقانون العرفي‪ ،‬فبحسب القواعد العرفية " تُحمى األعيان المدنية من الهجوم ما‬

‫لم تكن أهدافاً عسكرية وطوال الوقت الذي تكون فيه كذلك"‪.347‬‬

‫‪ . 345‬جیريمي بوين‪ .‬التدمير التعسفي ‪ .‬تقديم حنان عشرواي ‪.‬جرائم الحرب ‪.‬مرجع سابق ‪. 203.‬‬
‫‪ . 346‬فكتوريا بريتين ‪ .‬تدمير الملكية التعسفي ‪ .‬تقديم حنان عشراوي‪ .‬جرائم الحرب ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 283‬‬
‫‪ . 347‬القاعدة رقم ‪ .10‬جون ماري هنكرتس‪ . V‬دراسة حول القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪. 31‬‬

‫‪93‬‬
‫وقد قُننت هذه القاعدة العرفية في المادتين ‪ 48‬و‪ 52/2‬من البرتوكول اإلضافي األول لعام ‪ ،1977‬كما‬

‫ورد هذا الحظر أيضا في الصيغة المعدلة للبرتوكول المتعلق بحظر أو تقييد استعمال األلغام واألشراك الخداعية‬
‫‪348‬‬
‫‪.‬‬ ‫والنبائط األخرى (األسلحة التقليدية ) المادة ‪3/7‬‬

‫وتُقرن هذه القاعدة بالقاعدة األساسية ال تي تنص على أنه ال يجوز الهجوم سوى على األهداف العسكرية‬

‫ويرق الهجوم الذي يعمد توجيهه إلى العين المدنية ذات الطابع المدني البحت إلى جريمة حرب‪ ،‬وذلك بحسب‬
‫َ‬ ‫فقط‪،‬‬

‫ما جاء في التعليل الوارد في النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‪.349‬‬

‫الجدير بالذكر أن القانون الدولي اإلنساني ال ينص فقط من خالل قواعده الواردة على حظر الهجمات على‬

‫األعيان المدنية‪ ،‬بل ينص أيض اً على ضرورة االلتزام بحمايتها ‪ ،350‬بالتالي فإن كان من واجب حمايتها فمن باب‬

‫أولى حظر مهاجمتها‪.‬‬

‫ولكن عن دما تخس ر العين المدنية طابعها الم دني تص بح حينه ا فقط ُعرض ة للهجوم بعد التيقن والتحق ق من‬

‫تلقائي ا‪ ،‬بل البد أن ينسجم الهجوم مع متطلبات اتخاذ جميع‬


‫ً‬ ‫توافر دالئل كافية تبرر الهجوم؛ حيث ال يجوز التقدير‬
‫‪351‬‬
‫وطوال المدة التي تكون فيها هدفاً عسكرياً‪.‬‬ ‫المستطاعة‬
‫االحتياطات ُ‬

‫المباش رة‪ ،‬وال تي توج ه لألعي ان المدني ة أو الثقافي ة ب دون وج ود أي م برر‪،‬‬


‫وعلي ه يمكن الق ول ب أن الهجم ات ُ‬

‫ويخالف صراحة مبدأ‬


‫يعتبر من األساليب المحظورة؛ حيث يتشكل أسلوب من أساليب التدمير العمدي والتعسفي ‪ُ ،‬‬

‫ضرورة التمييز بين األعيان المدنية واألهداف العسكرية ومبدأ حصانة األعيان المدنية ‪.‬‬

‫‪ . 348‬تنص هذه المادة على أنه يحظر في كافة الظروف توجيه األسلحة ضد األعيان المدنية سواء في الهجوم او الدفاع أو على سبيل الرد االنتقامي ‪.‬‬
‫‪،.349‬الذي نص على أن "تعّمد توجيه هجمات ضد األعيان المدني‪V‬ة أي األعي‪V‬ان ال‪V‬تي ليس‪VV‬ت أه‪V‬دافا عس‪VV‬كرية " يش‪V‬كل جريم‪V‬ة ح‪V‬رب ‪.‬انظ‪V‬ر ج‪VV‬ون م‪V‬اري‬
‫هنكرس ولويز دوزوالد –بيك ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪.‬المرجع السابق ‪ .‬صـــ‪ 23‬وصـــ‪.31‬‬
‫‪ .350‬الجمعية العامة ‪.‬األمم المتحدة ‪.‬مجلس حق‪VV‬وق اإلنس‪VV‬ان ‪.‬تقري‪V‬ر لجن‪V‬ة التحق‪V‬ق الدولي‪V‬ة المس‪V‬تقلة بش‪V‬أن الجمهوري‪VV‬ة العربي‪VV‬ة الس‪V‬ورية ‪ ..‬ال‪V‬دورة الحادي‪VV‬ة‬
‫والعش‪VV‬رون ‪.‬البن‪VV‬د ‪ 4‬من ج‪VV‬دول األعم‪VV‬ال ‪.‬ح‪VV‬االت حق‪VV‬وق اإلنس‪VV‬ان ال‪VV‬تي تتطلب اهتم‪VV‬ام المجلس به‪VV‬ا ‪.‬بت‪VV‬اريخ ‪ 16‬اغس‪VV‬طس ‪ . 2012‬صـــ ‪ 26‬المرج‪VV‬ع‬
‫‪.A/HRC/21/50‬‬
‫‪. 351‬جون ماري هنكرس ولويز دوزوالد –بيك ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪.‬المرجع السابق ‪ .‬صـــ‪ 31‬وصـــ ‪. 32‬‬

‫‪94‬‬
‫المتفرع عن مبدأ التمييز بين األعيان‬
‫الهجمات العشوائية‪:‬ـ يأخذ تحريم الهجمات العشوائية صفة المبدأ ُ‬
‫‪352‬‬
‫ويفس ر الهج وم العش وائي بأن ه هج وم اليتخ ذ في ه المه اجم الت دابير الالزم ة لتجنب‬
‫المدني ة واأله داف العس كرية ‪ُ ،‬‬

‫ض رب األه داف غ ير العس كرية‪ ،‬ويش مل اس تعمال وس ائل غ ير دقيق ة‪ ،‬وغ ير ُمح ددة‪ ،‬بحيث اليمكن توجي ه ه ذه‬

‫الوس ائل إلى ه دف معين‪ ،‬وب ذلك تك ون آثاره ا في الغ الب غ ير ُمح ددة ‪ ،353‬وق د ُنظمت ه ذه الهجم ات من خالل‬

‫قواع د عرفية‪ ،354‬كرس ت ُممارس تها ال دول ال تي أك دت على ض رورة "حظ ر الهجم ات العش وائية" ‪ ،355‬ف أي هج وم‬

‫عشوائي ُيعتبر انتهاكاً للقانون الدولي اإلنساني العرفي‪.356‬‬

‫وقد أكدت اجتهادات القضاء الدولي الطبيعة العرفية لحظر الهجمات العشوائية‪ ،‬حيث أشارت محكمة العدل‬

‫المتعل ق بحظ ر التهدي د واس تخدام األس لحة النووي ة في ‪ 1996‬إلى حظ ر األس لحة‬
‫الدولي ة في رأيه ا االستش اري ُ‬

‫الع اجزة عن التمي يز بين األعي ان المدني ة واأله داف العس كرية‪ ،‬حيث ُيش كل ذل ك مب دأ من مب ادئ الق انون ال دولي‬

‫الع رفي ال يج وز خرق ة‪ ،‬وبالت الي ال ينبغي اللج وء إلى اس تخدام األس لحة العش وائية غ ير الق ادرة على التمي يز بين‬

‫األهداف العسكرية واألعيان المدنية‪ ،‬وكذلك عدم استخدام األسلحة التي ال يمكن حصر آثارها داخل أقاليم الدول‬

‫المتنازعة ‪.357‬‬

‫‪. 352‬عمر سعد هللا ‪.‬القانون الدولي اإلنساني الممتلكات‪ V‬المحمية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 58‬‬
‫‪..353‬انظر ‪ .‬روى غتمان ‪.‬داود كتاب‪ .‬الهجوم العشوائي ‪.‬تقديم حنان عشراوي‪.‬جرائم الحرب ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪.102‬‬
‫‪ . 354‬لالطالع على هذه القاعدة العرفية ‪.‬انظر ‪ .‬جون ماري هنكرتس‪ .‬دراسة حول القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.31‬‬
‫‪ .355‬انظر المادة ‪11‬و ‪ 12‬من القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪.‬جون ماري هنكرتس ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪31‬وصــ ‪. 32‬‬
‫‪ .356‬الجمعية العامة ‪.‬األمم المتح‪VV‬دة ‪.‬مجلس حق‪VV‬وق اإلنس‪VV‬ان تقري‪VV‬ر لجن‪VV‬ة التحق‪VV‬ق الدولي‪V‬ة المس‪VV‬تقلة بش‪VV‬أن الجمهوري‪VV‬ة العربي‪VV‬ة الس‪VV‬ورية ‪ ..‬ال‪VV‬دورة الحادي‪VV‬ة‬
‫والعش‪VV‬رون ‪.‬البن‪VV‬د ‪ 4‬من ج‪VV‬دول األعم‪VV‬ال ‪.‬ح‪VV‬االت حق‪VV‬وق اإلنس‪VV‬ان ال‪VV‬تي تتطلب اهتم‪VV‬ام المجلس به‪VV‬ا ‪.‬بت‪VV‬اريخ ‪ 16‬اغس‪VV‬طس ‪ . 2012‬صـــ ‪ 22‬المرج‪VV‬ع‬
‫‪.A/HRC/21/50‬‬
‫‪ " 357‬انظر موجز األحكام والفتاوي واألوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية ‪ 1996-1992‬المشار الي‪V‬ه ب‪V‬المرجع ‪ST/LEG/SER.F/1/Add..1‬‬
‫الفقرة (‪ )87-74‬والفق‪V‬رة (‪ )97-90‬صـــ‪ .. 118،119‬وه‪V‬ذا م‪V‬ا أكدت‪V‬ه أيض‪V‬ا ً المحكم‪V‬ة الجنائي‪V‬ة الدولي‪V‬ة ليوغس‪V‬الفيا س‪V‬ابقا ً في الئح‪V‬ة االته‪V‬ام في قض‪V‬ية‬
‫"مارتيتش" في عام ‪ ،1996‬عندما دققت في شرعية اس‪VV‬تخدام القناب‪VV‬ل العنقودي‪VV‬ة واعت‪VV‬برت اس‪VV‬تخدام أس‪VV‬اليب ووس‪VV‬ائل قت‪VV‬ال ال يمكن توجيهه‪V‬ا‪ V‬ض‪VV‬د ه‪VV‬دف‬
‫عسكري محدد من ضمن الهجمات العشوائية المحظورة في القانون الدولي العرفي‪ .‬جون ماري هنكرس ولويز دوزوالد –بيك ‪ .‬القانون ال‪VV‬دولي اإلنس‪VV‬اني‬
‫العرفي ‪.‬المرجع السابق ‪ .‬صـــ ‪. 38‬‬

‫‪95‬‬
‫وورد حظ ر الهجم ات العش وائية ص راحة في الم ادة ‪ 51/4‬من ال بروتوكول اإلض افي األول لع ام ‪1977‬‬

‫ال ذي يعت بر النص التعاه دي األساس ي لحظ ر الهجم ات العش وائية‪ ،359‬حيث اعتم د ال بروتوكول على التعري ف‬ ‫‪358‬‬

‫التع دادي له ذه الهجم ات العش وائية‪ ،360‬ووفق اً لل بروتوكول اإلض افي األول بش أن تنظيم النزاع ات الدولي ة ‪ -51/5‬أ‬

‫ُيحظ ر القي ام بهجم ات عش وائية وغ ير ُمتناس بة في المن اطق عالي ة الكثاف ة أو ب القرب منها‪ ،362‬وق د أش ارت‬ ‫‪361‬‬

‫الواليات المتحدة األمريكية أثناء المؤتمر الدبلوماسي العتماد البروتوكول اإلضافي األول إلى أن عبارة " الواضحة‬

‫التباعد" الواردة في نص المادة السابقة الذكر‪ ،‬تتطلب مسافة واسعة بما فيه الكفاية‪ ،‬أو ما يسمح بمهاجمة األهداف‬

‫العسكرية بشكل ُمنفصل دون المساس باألعيان المدنية ‪.363‬‬

‫المعدل ة لل بروتوكول اإلض افي الث اني من االتفاقي ة بش أن األس لحة‬


‫ولق د ورد ه ذا الحظ ر ك ذلك في الص يغة ُ‬
‫‪364‬‬
‫المسلحة‬
‫الم ّعدلة والذي ينطبق على النزاعات ُ‬
‫التقليدية‪ -3/8‬أ ‪ ،‬وأيضا في البرتوكول اإلضافي الثاني بصيغته ُ‬
‫‪365‬‬
‫‪.‬‬ ‫والم تعلق بحظر أو تقييد استعمال األلغام واألشراك الخداعية والنبائط األخرى‬
‫غير الدولية ُ‬

‫وبالت الي تعت بر الم ادة ‪ 51‬هي األس اس الواض ح للعدي د من التعريف ات ال واردة بش أن الهجم ات العش وائية في‬

‫اتفاقي ات الق انون ال دولي اإلنس اني‪ ،‬وذل ك الحتوائه ا على تعري ف للهجم ات العش وائية وإ يراده ا لبعض األمثل ة على‬
‫‪ . 358‬جاء فيها "‪ ...‬تعتبر‪ V‬هجمات عشوائية ‪ :‬ا‪ -‬تلك التي‪...‬ال توجه الى هدف عسكري محدد "‪،‬يمكن ايراد بعض انماط من الهجوم العشوائي‪ ،‬كالتالي‪-:‬‬
‫الهجوم الذي ال يستهدف أهدافا عسكرية‪ ،‬ويعرف "بالتدمير التعسفي " خاصة اذا اتسم بكونه على نطاق واسع ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪-‬الهجوم الذي ال تُستخدم فيه األسلحة التي ال يمكن توجيهها إلى أهداف بدقة‪ ،‬أو تلك التحكم بنتائجها‪. V‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪-‬الهجوم الذي يعامل منطقة سكانية مدنية ذات كثافة عالية كهدف عسكري ‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫الهجوم الذي يتوقع منه إيقاع أضرار باألهداف المدنية تتجاوز الميزة العسكرية المتوقعة والمحددة والمباشرة ‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫‪ -‬انظر ‪ .‬روى غتمان ‪.‬داود كتاب‪ .‬الهجوم العشوائي ‪.‬تقديم حنان عشراوي‪.‬جرائم الحرب ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪102‬‬
‫‪ . 359‬لويز دوسوالد – بيك ‪.‬القانون الدولي اإلنس‪VV‬اني وفت‪VV‬وى المحكم‪VV‬ة الدولي‪VV‬ة بش‪VV‬أن مش‪VV‬روعية التهدي‪VV‬د باألس‪VV‬لحة النووي‪VV‬ة أو اس‪VV‬تخدامها‪ .‬مرج‪VV‬ع س‪VV‬ابق‪.‬‬
‫الرابط ‪ .‬تاريخ الزيارة ‪ 28‬سبتمبر ‪. 2014‬‬
‫‪http://www.icrc.org/ara/resources/documents/misc/5r2avl.htm‬‬
‫‪. 360‬خالد روشو ‪.‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 198‬‬
‫‪ .361‬والتي جاء فيها " تعتبر األنواع التالية من الهجمات‪ ،‬من بين هجمات أخرى‪ ،‬بمثاب‪VV‬ة هجم‪V‬ات عش‪VV‬وائية ‪:‬أ‪ -‬الهج‪VV‬وم قص‪V‬فا بالقناب‪VV‬ل أي‪V‬ا ً ك‪V‬انت الط‪V‬رق‬
‫والوسائل الذي يعالج عدد من األهداف العسكرية الواضحة التباعد‪ ،‬والتميز‪ V‬بعضها عن البعض اآلخر والواقعه في مدينة او بلدة او قرية او منطقة أخ‪VV‬رى‬
‫تضم تركزا من المدنيين او األعيان المدنية‪ ،‬على أنها هدف عسكري واحد "‪.‬‬
‫‪ . 362‬عمر سعد هللا ‪.‬القانون الدولي اإلنساني الممتلكات‪ V‬المحمية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.60‬‬
‫‪ . 363‬جون ماري هنكرس ولويز دوزوالد –بيك ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪.‬المرجع السابق ‪.‬صــ ‪. 40‬‬
‫‪ .364‬البرتكول الثاني بصيغته المعدل‪V‬ة ‪ 1996‬بش‪V‬أن حظ‪V‬ر وتقيي‪V‬د اس‪V‬تعمال األلغ‪V‬ام واالش‪V‬راك والنبائ‪V‬ط‪ V‬األخ‪V‬رى القي‪V‬ود العام‪V‬ة م ‪ 3/8‬يحظ‪V‬ر االس‪V‬تعمال‬
‫العشوائي لألسلحة التي تنطبق‪ V‬عليها هذه المادة ويعتبر استعماال عشوائيا أي نص‪V‬ب له‪V‬ذه األس‪V‬لحة – أ – ال يق‪V‬ع على ه‪V‬دف عس‪V‬كري أو ال يك‪V‬ون موجه‪V‬ا‬
‫اليه ‪ .‬وعند الشك فيما إذا كان الشئ المخصص عادي ألغراض مدنية كمكان للعبادة أو كمنزل أو غيره من المساكن أو مدرسة يجري استخدامه للمساهمة‬
‫الفعالة لألعمال العسكرية يجب افتراض أنه يستخدم على ذلك النحو ‪" .‬‬
‫‪ . 365‬جاء ذلك في نص المادة ‪ 3‬ا‪ 9/‬الخاصة بالقيود العامة على استعمال هذه األسلحة والتي جاء فيها ‪ " -:‬ال يجوز معاملة عدة أهداف عسكرية واضحه‬
‫االنفصال والتمايز وتوجد في مدينه أو بلدة او قرية او أي منطقة أخرى تركزا مماثال من المدنيين أو األعيان المدنية معاملة الهدف العسكري الواحد "‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫المتتالي لهذا البروتوكول أبعد من أي اجتهاد نحو توضيح‬
‫هذه الهجمات‪ ،‬إال أن ما يمكن مالحظته أن هذا االستناد ُ‬

‫هذه التعريف بشكل أكبر وأكثر دقه‪.‬‬

‫وباإلض افة إلى الم واد س الفة ال ذكر ف إن النظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة الدولي ة اعت بر الهج وم العش وائي‬

‫المفرط جريمة حرب‪ ،‬خاصة عندما يلحق التدمير أعياناً مدنية دون وجود ضرورة عسكرية تُبرر ذلك " وبطريقة‬
‫ُ‬

‫عابثة " في إشارة إلى العشوائية في القصف‪ ، 366‬ولعل ذلك يعتبر أهم تعزيز وتعدم وتأكيد لهذه القواعد بشان حظر‬

‫الهجمات العشوائية ‪.‬‬

‫وقد تبنت اللجنة الدولية للصليب األحمر هذا الحظر حين اعتبرت صراحة أن الهجمات العشوائية محظورة‬

‫‪367‬‬
‫بشكل ُمطلق ‪ ،‬كما أكدت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية السورية والمنبثقة عن مجلس حقوق‬

‫المتمثلة بعمليات القصف‬


‫اإلنسان في الجمعية العامة لألمم المتحدة باعتباره من أحدث التقارير الدولية أن الهجمات ُ‬

‫العشوائي تسبب بصورة عرضية إلى إلحاق الضرر باألعيان المدنية وهي بذلك من الهجمات المحظورة ‪.368‬‬

‫المتعلقة بحماية األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬تحظر‬


‫المتمثلة بالقواعد ُ‬
‫وبالتالي فإن أحكام القانون الدولي اإلنساني ُ‬

‫الهجم ات العش وائية ال تي تس تهدف أهدافا ً عس كرية ومدني ة‪ ،‬أو أعيان اً مدني ة‪ ،‬دون تمي يز‪ ،‬أي تل ك ال تي ال تس تهدف‬

‫هدفاً عسكرياً ُمحدداً أو تستخدم أس لحة ال يمكن توجيهها إلى هدف عسكري ُمح دد‪ ،‬ومن ثم فإذا شن أحد أطراف‬

‫ال نزاع هجوما ً دون ُمحاول ة توجيهه ا بدق ة إلى ه دف عس كري‪ ،‬أو بأس لوب ي ؤدي لإلض رار باألعي ان المدني ة‪ُ ،‬يع د‬

‫هجوما ً عش وائياً ‪ ،‬و تش مل الهجم ات العش وائية المحظ ورة القص ف العش وائي‪ ،‬والهجم ات المدفعي ة‪ ،‬ال تي تس تهدف‬

‫عدة أهداف عسكرية ُمتفرقة في منطقة تحوي أعياناً مدنية على أنها أهداف عسكرية واحدة ‪.369‬‬

‫‪ . 366‬المادة ‪ 20-4 / 8‬من النظام األساسي للمحكمة ‪.‬‬


‫‪ . 367‬جاء ذلك في بيان لها أدانت فيه بقوة القصف اإلسرائيلي لقرية قانا‪ .‬انظر ‪ .‬روى غتمان ‪.‬داود كتاب‪ .‬الهجوم العشوائي ‪.‬تقديم حنان عش‪V‬راوي‪.‬ج‪V‬رائم‬
‫الحرب ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪.102‬‬
‫‪ . 368‬الجمعية العامة ‪.‬األمم المتحدة ‪.‬مجلس حقوق اإلنسان ‪.‬تقري‪VV‬ر لجن‪VV‬ة التحق‪VV‬ق الدولي‪V‬ة المس‪VV‬تقلة بش‪VV‬أن الجمهوري‪V‬ة العربي‪V‬ة الس‪VV‬ورية ‪ ..‬ال‪V‬دورة الحادي‪V‬ة‬
‫والعش‪VV‬رون ‪.‬البن‪VV‬د ‪ 4‬من ج‪VV‬دول األعم‪VV‬ال ‪.‬ح‪VV‬االت حق‪VV‬وق اإلنس‪VV‬ان ال‪VV‬تي تتطلب اهتم‪VV‬ام المجلس به‪VV‬ا ‪.‬بت‪VV‬اريخ ‪ 16‬أغس‪VV‬طس ‪ . 2012‬صـــ ‪ 23‬المرج‪VV‬ع‬
‫‪. A/HRC/21/50‬‬
‫‪ . 369‬البروتوكول اإلضافي األول المادة ‪. 5-4 / 51‬‬

‫‪97‬‬
‫وعلى الرغم من أن حظر الهجوم العشوائي لألعيان المدنية و الممتلكات الثقافية‪ ،‬ورد ضمن مواد وأحكام‬

‫الق انون ال دولي اإلنس اني‪ ،‬إال أن الم ادة ‪ 51‬من ال برتوكول اإلض افي األول‪ ،‬ال تي و ورغم إيراده ا تعري ف له ذه‬

‫الهجم ات‪ ،‬وتوض يحها بعض األمثل ة‪ ،‬اتس مت ب الغموض عن دما أعطت س لطة تقديري ة واس عة دون رقاب ة ألط راف‬

‫النزاع لتحديد األهداف العسكرية التي يجوز مهاجمتها‪ ،‬ولحقها قصور واضح في توضيح ُمصطلحات ذات أهمية‬

‫كم صطلح "أهداف عسكرية محددة""‪ .‬الواردة في المادة سالفة الذكر ‪.‬‬
‫ُ‬

‫المص طلحات الغامض ة بص ورة أك ثر دق ة‪ ،‬ولن يك ون ذل ك ممكن اً إال من‬


‫وعلي ه فمن األهمي ة بي ان مفه وم ُ‬

‫خالل تعريف األهداف العسكرية بشكل ادق‪ ،‬أو بتعريف األعيان المدنية بشكل عام‪ ،‬أو إعطائها عناصر ومعايير‬

‫المخول ة بتحدي دها‬


‫ثابت ة وأك ثر وض وحاً لتمكن من اس قاطها على األعي ان المدني ة عن د التط بيق‪ ،‬م ع تحدي د الس لطة ُ‬

‫ومراقبته ا في التقي د بمب ادئ‪ ،‬الق انون ال دولي اإلنس اني‪ ،‬خاص ة م ع التط ور الهائ ل لألس لحة‬
‫للتمكن من ُمخاطبته ا ُ‬

‫القتالي ة وال تي أص بحت ال تُم يز بين األعي ان المدني ة واأله داف العس كرية كاألس لحة النووي ة ال تي تتس ارع ال دول‬

‫المتالكها ‪.‬‬

‫المس لحة ال تنحص ر على حظ ر‬


‫الهجمــاتـ االنتقاميـةـ ‪ :‬إن الحماي ة العام ة لألعي ان المدني ة زمن النزاع ات ُ‬
‫‪370‬‬
‫ضد‬ ‫توجيه الهجمات المباشرة والعشوائية فقط‪ ،‬بل تتعداه إلى حظر توجيه األعمال االنتقامية "هجمات الردع "‬

‫هذه األعيان‪.‬‬

‫ويقصد باألعم ال االنتقامية كاف ة األعم ال التي تق وم به ا دولة م ا‪ ،‬أثر أعمال غير مشروعة قامت به ا‬

‫بمخالف ة للق انون ال دولي‪ ،‬بقص د إجباره ا على اح ترام الق انون‪ ،‬وتختل ف ه ذه األعم ال عن األعم ال‬
‫دول ة أخ رى ُ‬
‫‪371‬‬
‫التي تلجأ إليها الدولة كرد فعل تلقائي و جزائي‪ ،‬طالما لم تتجاوز في ردها درجة القوة واألثر‪،‬‬ ‫االقتصاصية‬
‫‪ . 370‬بحسب ما عرفه معهد القانون الدولي سنة ‪ 1934‬فإن األعمال االنتقامية هي اعمال قمعية استثنائية لقواعد القانون ال‪V‬دولي‪ ،‬متخ‪V‬ذة من ط‪V‬رف دول‪V‬ة‬
‫على أثر تعرضها ألعمال غير مشروعة من طرف دولة أخرى‪ ،‬اله‪V‬دف منه‪V‬ا ف‪V‬رض اح‪V‬ترام الق‪V‬انون عن طري‪V‬ق الح‪V‬اق الض‪V‬رر أي أنه‪V‬ا ت‪V‬دابير قس‪V‬رية‬
‫استثنائية‪ ،‬تتخذها الدولة جبراً ورداً على افعال غير مشروعه ارتكبتها في حقه‪V‬ا دول‪V‬ة أخ‪VV‬رى‪ ،‬بقص‪VV‬د ف‪V‬رض اح‪V‬ترام الق‪VV‬انون على ه‪V‬ذه الدول‪V‬ة وذل‪VV‬ك عن‬
‫طريق الحاق ضرر معين بها‪ .‬انظر ‪ .‬عمر سعد هللا ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني الممتلكات‪ V‬المحمية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 64‬‬
‫‪ . 371‬هو تعبير‪ V‬قانوني يقصد به وصف نوع معين من الرد‪ ،‬وهو الظرف الوحيد الذي يسمح فيه القانون بأفع‪VV‬ال لل‪VV‬رد على اس‪VV‬تعمال ط‪VV‬رق وأس‪VV‬لحة غ‪VV‬ير‬
‫قانونية ‪.‬انظر كيث اندرسون ‪ .‬تقديم حنان عشراوي‪.‬جرائم الحرب ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪ 340‬وصــ ‪. 341‬‬

‫‪98‬‬
‫ف إذا تجاوزته ا فإنه ا تخ رج عن نط اق (االقتص اص) إلى (االنتق ام والث أر)‪ ،‬ورغم وج ود بعض الخل ط بين‬

‫المص طلحين‪،‬إال أن الحظ ر الع ام ج اء ليعمهم ا بمع نى أن كالً منهم ا محظ وران في جمي ع اتفاقي ات ج نيف‬
‫ُ‬

‫وال بروتوكولين اإلض افيين‪ ،‬ولكن التمي يز ج اء باعتب ار أن بعض الفقه اء ي رى ‪ -‬وكاس تثناء ‪ -‬ض رورة التس امح‬

‫وليس السماح مع بعض األعمال االقتصاصية إذا كانت كرد فعل أو جزاء لفعل غير مشروع ‪.372‬‬

‫ويكون القدر المسموح به عرفي اً في األعمال االقتصاصية في حالة توافر شروط معينه وردت على سبيل‬

‫الحصر وليس المثال ضمن حق االقتصاص العرفي كإخفاق كافة الوسائل المشروعة األخرى‪ ،‬القيام به بعد إنذار‬

‫الطرف اآلخر‪ ،‬وضمن ُمراعاة لمبدأ التناس ب بحيث ال تتجاوز القوة واألثر المسموح به‪ ،‬وأيضا ضرورة توافر‬

‫الصفة المؤقته بمعنى وقف العمل االقتصاصي بمجرد توقف الخصم عن انتهاك القانون‪.373‬‬

‫وبالت الي يمكن الق ول أن األعم ال االقتصاص ية تُعت بر قانوني ة في درج ه معين ه ل دى البعض في ح ال‬

‫استخدامها كإجراء للرد أو الجزاء على أعمال غير قانونية‪ ،‬إال أنه ورغم ذلك ال ُيسمح بتلك الهجمات التي تتصف‬

‫بالمباش رة أو العش وائية غ ير التمييزي ة على األعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬وبالت الي ف الفرق الملح وظ أن األعم ال‬
‫ُ‬

‫االقتصاص ية تتم يز بالتلقائي ة‪ ،‬ومؤقت ة وذات ط ابع ج زائي ك رد فع ل على فع ل غ ير ق انوني‪ ،‬على عكس األعم ال‬

‫االنتقامي ة ال تي تتص ف بالتخطي ط والتنظيم وتج اوز الح د المس موح ب ه‪ ،‬وق د تس تمر إلى م ا ال نهاي ة‪ ،‬وعلي ه ج اء‬

‫الحظر لبترها حتى ال تخلق ذريعة لتوسيع دائرة االنتقام واالنتقام المضاد‪.‬‬

‫المالح ظ أن نص وص اتفاقي ات ج نيف االربع ة لع ام ‪ 1949‬رك زت بداي ة على اس تخدام مص طلح‬


‫ومن ُ‬

‫األعمال اإلقتصاصية بدالً عن مصطلح األعمال اإلنتقامية ‪ ،‬كما حصرت حظر توجية هذه االعمال ضد األشخاص‬
‫‪،376‬‬
‫ونصت تلك المواد‬ ‫دون األعي ان المدنية ‪ ،‬ومنها المادة ‪ ،374 46‬والمادة ‪ ، 375 47‬والمادة ‪ 13‬الفق رة الثالثة‬

‫‪ . 372‬عمر سعد هللا ‪.‬القانون الدولي اإلنساني الممتلكات‪ V‬المحمية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 64‬‬
‫‪ . 373‬فرتزكالشوفن ‪ .‬االقتصاص ‪ .‬تقديم حنان عشراوي‪ .‬جرائم الحرب ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 327‬‬
‫‪ . 374‬االتفاقية االولى الخاصة بتحسين حال الجرحى والمرضى بالقوات ال ُمسلحة في الميدان‪.‬‬
‫‪ . 375‬االتفاقية الثانية الخاصة بتحسين حال الجرحى والمرضى والغرقي من القوات ال ُمسلحة في البحار‪.‬‬
‫‪ . 376‬االتفاقية الثالثة الخاصة بمعاملة اسرى الحروب‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫صراحة على ضرورة حظر جميع أنواع تدابير اإلقتصاص‪ ،‬اال أن جاءت المادة ‪ 33‬من اتفاقية جنيف الرابعة‪، 377‬‬

‫لتنص على حظر جميع تدابير االقتصاص من األشخاص المحميين وممتلكاتهم ‪ ،‬لكنها لم تحدد بشكل أكثر تفصيالً‬

‫الممتلكات بل جاء التعبير عاماً ولم تورد مصطلح أعيان الذي يعتبر أكثر شموالً وتوسعاً ‪.‬‬
‫لهذه ُ‬

‫غير أن البرتوكول اإلضافي األول لعام ‪ 1977‬جاء في نص المادة ‪ 52‬حظر القيام بأي هجوم ضد األعيان‬

‫المدنية سواء كان الهجوم هجوم اً مباشراً او هجوم اً رادع اً‪ ،‬ليكون أكثر شموليه في حظر األعمال اإلنتقامية ضد‬

‫األعيان المدنية ‪.‬‬

‫وباإلش ارة إلى ال رأي االستش اري لمحكم ة الع دل الدولي ة س نة ‪ 1996‬بخص وص م دى مش روعية اس تخدام أو‬

‫التهديد باستخدام األسلحة النووية ‪ ،‬لم تعرب المحكمة في رأيها فيما يتعلق بقبول األعمال اإلنتقامية كمبدأ ‪ ،378‬إال‬

‫انها اعتبرت مسألة اللجوء إليها في أي حالة مثل حق الدفاع الشرعي خاضع لمبدأ التناسب ‪.379‬‬

‫ورغم ذلك اال أنه وبالرجوع الى الواقع العملي فإنه من الصعوبة أن تتقيد األطراف بذلك الحظر استناداً الى‬

‫عدم قبول أي طرف تكبد عواقب وخيمة ناجمه عن استعمال اسلحة معينة مثالً والحصول على ميزة عس كرية دون‬

‫الرد بالمثل إلعادة التوازن العسكري الى نصابه ‪.‬‬

‫أض ف الى ذل ك ف إن الم ادة الثاني ة المش تركة في اتفاقي ات ج نيف االربع ة‪ ،‬ت دعم و تف رد في الفق رة الثالث ة‬

‫الم عاملة بالمثل حيث تتناول الحالة التي يكون فيها أحد األطراف طرفاً في االتفاقيات دون الط رف‬
‫شكالً من أشكال ُ‬

‫اآلخر فتلزم االدول األطراف في االتفاقية بأن تطبق االتفاقيات في عالقاتها بالطرف األخير‪ ،‬بشرط إذا قبل أحكام‬
‫‪380‬‬
‫‪ ،‬وعليه يمكن القول بأن هذا الشرط أي" في حالة قبول الطرف اآلخر" خلق نوع من التناقض‬ ‫االتفاقية وطبقها‬

‫الذي قلل من فعالية مبدأ حظر الهجمات االنتقامية ووسع من مجال القياس والتقدير لدى أطراف النزاع ‪.‬‬

‫‪ . 377‬بشأن حماية االشخاص المدنيين في وقت الحرب‪.‬‬


‫‪ . 378‬فتوى محكمة العدل الدولية‪ .‬بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 326‬‬
‫‪ . 379‬فتوى محكمة العدل الدولية‪ .‬المرجع السابق ‪.‬الفقرة‪. 46 .‬صــ ‪. 24‬‬
‫‪ . 380‬انظر فريتس كالسهوفن وليزابيث تسغفلد‪ .‬ضوابط تحكم خوض الحرب ‪ .‬مرجع سابق ‪ 3.5.‬ا ‪ .‬صــ ‪. 87‬‬

‫‪100‬‬
‫وكخالصة يمكن القول أن انتهاك أحد أطراف النزاع لقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ال يبرر انتهاك‬

‫الطرف اآلخر لها وحتى بافتراض أن الهجمات كانت ترمي للرد على هجمات الطرف اآلخر فهي ما زالت غير‬

‫قانونية بموجب قوانين الحرب حالياً‪.‬‬

‫تلكم هي أهم المع ايير ال تي تحكم أس اليب ووس ائل القت ال ال تي تتض منها الحماي ة العام ة لألعي ان المدني ة‬

‫والثقافي ة‪ ،‬وس يتم تالي اً بي ان أهم الت دابير االحتياطي ة ال واجب اتخاذه ا لحماي ة األعي ان المدني ة والممتلك ات الثقافي ة‪،‬‬

‫وذلك على النحو التالي ‪- :‬‬

‫‪381‬‬
‫لحماية األعيان المدنية والثقافية‪-:‬‬ ‫الفرع الثاني ‪-:‬أهم التدابيرـ االحتياطية‬

‫تنطوي الحماية العامة لألعيان المدنية والممتلكات الثقافية على جملة من النصوص الُمنظمة للتدابير الوقائية‬

‫والعالجي ة وت تركز ه ذه الت دابير ح ول ن وعين من االلتزام ات‪ ،‬ال تزام باتخ اذ ت دابير أثن اء الهج وم‪ ،‬وال تزام باتخ اذ‬
‫‪382‬‬
‫‪.‬‬ ‫تدابير من آثار العمليات العدائية‬

‫المقررة لألعيان المدنية والثقافية‪ ،‬يمكن اكتشاف العديد من‬


‫ومن خالل استقراء قواعد الحماية القانونية العامة ُ‬

‫التدابير االحتياطية التي من الواجب على أطراف النزاع اتخاذها‪ ،‬وتُفرض هذه التدابير على أي نشاط قتالي سواء‬

‫كان هجومياً أو دفاعي اً‪ ،383‬وذلك لجعلها في منأى عن االعتداءات وآثارها‪ ،‬وبالتالي ضمان توفر الحماية الحقيقية‬

‫والفعالة لألعيان المدنية والثقافية ‪.‬‬


‫ّ‬

‫‪ . 381‬يقصد" باالحتياطات" الواردة هي كافة التدابير الوقائية التي يتعين على المقاتل اتخاذها سواء كان قائد أو جندي لتف‪VV‬ادي األض‪VV‬رار باألعي‪VV‬ان المدني‪VV‬ة‬
‫والثقافية‪ ،‬سواء قبل الهجوم أو أثناءه أو بعد االنتهاء من العمليات العسكرية ‪.‬انظر ‪ :‬خالد روشو ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني‬
‫‪ .‬مرجع سابق صــ ‪. 201‬‬
‫‪ . 382‬عمر سعد هللا ‪.‬القانون الدولي اإلنساني الممتلكات‪ V‬المحمية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 24‬‬
‫‪383‬‬
‫‪. Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann.. Ibid. Para 2188 .P.g. 679.‬‬

‫‪101‬‬
‫وتعكس ه ذه الت دابير إلى ح د كب ير الق انون ال دولي الع رفي ‪ ،384‬وق د ظه رت كنص تعاه دي ألول م رة في‬

‫المادة ‪ 3/2‬من الئحة الهاي لعام‪ ،3851907‬وكذلك المادة ‪ ،386 26‬بالتالي فهي ليست نظام اً ُمستحدثاً‪ ،387‬بل هي‬

‫ومتعارف عليها لتنظيم العمليات القتالية‪.‬‬


‫إجراءات قديمة ُ‬

‫وتجد هذه التدابير أساسها أيض اً في البرتوكول الثاني التفاقية الهاي ‪ 1954‬لحماية الممتلكات الثقافية‪ ،‬التي‬

‫أكدت على ضرورة اتخاذ التدابير العسكرية واالحتياطات الالزمة عند الهجوم‪ ،‬وكذلك في البروتوكول اإلضافي‬

‫الث اني لع ام ‪ 1977‬من خالل الم ادتين‪ ،58- 57‬فالم ادة ‪ 57‬ت ولت اإلش ارة إلى الت دابير ال تي يجب أن يتخ ذها‬

‫المهاجم‪ ،‬أما المادة ‪ 58‬فتولت اإلشارة إلى التدابير ضد آثار الهجوم بمعنى كافة االحتياطات التي يجب‬
‫الطرف ُ‬

‫المحتملة للهجمات على أهداف عسكرية تقع تحت سيطرتها‪.‬‬


‫على األطراف اتخاذها تحسباً لآلثار ُ‬

‫المهم بيان أنه ال يجوز أن ُيفسر أي تدبير من هذه التدابير االحتياطية على أنه يجيز أو ُيضفي الشرعية‬
‫ومن ُ‬

‫على أي هجمات يقوم بها أطراف النزاع على األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬بل يجب أن ُيفسر على نحو ُيضيق من‬

‫السلطة التقديرية ألطراف النزاع بحيث يضمن حماية هذه األعيان ‪ ،388‬فالبعض يرى أن الكثير من أحكام المادة‪5‬‬

‫‪ُ 7‬مصاغة بعبارات ُمقتضبة األمر الذي قد ُيفسر على أن أي هجوم ال يتسبب بخسائر ُمفرطة للسكان المدنيين هو‬

‫أمر ُمباح ومشروع تماماً‪ ،‬وعليه سعت الفقرة الخامسة من المادة ‪ 57‬إلى تحاشي هذا اللبس وأشارت صراحة على‬

‫عدم جواز تفسير أي من أحكام هذه المادة بأنه ُيجيز شن أي هجوم على األعيان المدنية ‪ ، 389‬إال أن ذلك ال يكفي‬

‫بحد ذاته ‪.‬‬

‫‪ . 384‬اللجنة الدولية للصليب األحمر‪ .‬القانون الدولي اإلنساني وتحديات النزاعات ال ُمسلحة المعاصرة‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.12‬‬
‫‪ . 385‬والتي نصت على أنه ‪ " :‬إذا كانت هناك ضرورة لعمل فوري ألسباب عسكرية ضد أهداف بحري‪VV‬ة أو عس‪VV‬كرية تق‪VV‬ع ض‪VV‬من بل‪VV‬دة أو مرف‪VV‬أ‪ ،‬ولم تكن‬
‫هناك إمكانية إلعطاء ُم هله للعدو‪ ،‬فعلى قائد القوة البحرية اتخاذ كافة التدابير الالزمة من أجل التقليل قدر المستطاع من الضرر الذي يلحق البلدة "‪.‬‬
‫‪ . 386‬جاء فيها ‪ " :‬يتعين‪ V‬على قائد الوحدات المهاجمة قبل الشروع في القصف أن يبذل قصارى جهده لتحذير السلطات‪ ,‬باستثناء‪ V‬حاالت الهجوم عنوة‪".‬‬
‫‪ . 387‬جون ماري هنكرس ولويز دوزوالد –بيك ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪46‬‬
‫‪388‬‬
‫‪. UN. International Tribunal for the Prosecution of Persons Responsible for Serious Violations of IHL.‬‬
‫‪Committed in the Territory of the Former Yugoslavia since 1991. 14 January 2000. Para 525. P.g 206.‬‬
‫‪. 389‬جاء في نص المادة على أنه "ال يجوز تفسير أي من أحكام هذه المادة بأنه يجيز شن اي هجوم ضد السكان المدنيين أو االشخاص المدنيين أو األعيان‬
‫المدنية " انظر فريتس كالسهوفن وليزابيث تسغفلد‪ .‬ضوابط تحكم خوض الحرب ‪ .‬مرجع سابق ‪ . 5.1. .‬ز ‪ .‬صــ ‪.130‬‬

‫‪102‬‬
‫وتشكل هذه االحتياطات أو التدابير التزاماً موجهاً إلى من ُيخطط لهجوم أو يتخذ قراراً بشأنه ‪ ،390‬ببذل رعاية‬

‫ُمتواص لة في إدارة العملي ات العس كرية لتف ادي إص ابة األعي ان المدني ة والممتلك ات الثقافي ة ‪ ،391‬ويجب االل تزام ب ه‬
‫‪392‬‬
‫وتُشدد هذه العناية في حالة‬ ‫حرفياً باعتباره معياراً مثالياً ينبغي ألطراف النزاع السعي لتحقيقه في جميع األحوال‬

‫الشك‪ ،‬وكذلك في حالة األعيان ذات االستخدام المزدوج ‪.393‬‬

‫حد د هذا االلتزام بحسب نوع وحجم العملية‪ ،‬ففي العمليات العسكرية الكبرى يكون االلتزام موجهاً إلى القائد‬
‫وي َ‬
‫ُ‬

‫العام وهيئة أركانه‪ ،‬أما في حالة العمليات العسكرية الصغرى فيكون االلتزام موجهاً إلى قائد الوحدة العسكرية ‪،394‬‬

‫وقد فُسرت هذه االحتياطات بأنها محصورة في كونها ُممكنة وعملية وفق كافة الظروف المحيطة بها‪ ،‬وبحسب‬

‫إمكانية الحصول على كافة االس تخبارات والمعلومات بشأن األعيان المدنية والممتلكات الثقافية ‪ ،395‬وبالتالي يقع‬

‫على هؤالء األشخاص التزامات عدة وهي‪-:‬‬

‫‪ -‬أن يب ذلوا م ا في ط اقتهم عملي اً للتحق ق والتثبت من أن األه داف المق رر ُمهاجمته ا ليس ت أعيان اً مدني ة وأنه ا غ ير‬

‫مشمولة بحماية خاصة ‪ ،396‬وذلك من خالل القيام بالتحقق العملي القائم على تصورات عمليه مثبته‪ ،‬للتوصل إلى‬

‫المتاحة في الوقت المناسب ‪ ،397‬وفي حالة الشك البد‬


‫القرارات استناداً إلى تقييم المعلومات من جميع المصادر ُ‬

‫من السعي للحصول على معلومات إضافية بشتى الوسائل‪ ،398‬وإ ال فُسر الشك لمصلحة األعيان المدنية‪ ،‬وبالتالي‬
‫‪400‬‬
‫‪.‬‬ ‫تتمتع بالحماية القانونية الالزمة‪ ، 399‬ويعتبر هذا التدبير التطبيق العملي لمبدأ التمييز‬

‫‪ . 390‬سواء من القادة العسكرين‪ ،‬أو األشخاص اآلخرين المسؤولين عن التخطيط للهجمات أو اتخاذ القرار بشأنها أو تنفيذها‪ ،‬ف‪V‬الفقرة أ من الم‪VV‬ادة ‪2/ 57‬‬
‫أشارت إلى الجهة المخاطب بها هذا االلتزام من خالل عبارة " من خطط لهجوم أو يتخذ قرار بشأنه " ‪.‬‬
‫‪ . 391‬الفقرة األولى من المادة ‪. 57‬‬
‫‪ . 392‬نوال بسج ‪.‬القانون الدولي اإلنساني وحماية المدنيين واألعيان المدنية زمن النزاعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 168‬‬
‫‪ . 393‬خالد روشو ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق صــ ‪. 201‬‬
‫‪ . 394‬فريتس كالسهوفن وليزابيث‪ V‬تسغفلد‪ .‬ضوابط تحكم خوض الحرب ‪ .‬مرجع سابق ‪ 5.1 .‬ز ‪ .‬صــ ‪127‬‬
‫‪ . 395‬انظر جون ماري هنكرس ولويز دوزوالد –بيك ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 49‬‬
‫‪ . 396‬وفقا لنص المادة ‪. 2/ 57‬‬
‫‪ . 397‬جون ماري هنكرس ولويز دوزوالد – بيك ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 45‬‬
‫‪398‬‬
‫‪Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann.. Ibid. Para 2196 .P.g. 681.‬‬
‫‪ . 399‬استناداً إلى نص المادة ‪ 52‬من البروتوكول اإلضافي األول لعام ‪. 1977‬‬
‫‪400‬‬
‫‪Final Report to the Prosecutor bv the Committee Established to Review the NATO Bombing Campaign Against‬‬
‫‪the Federal Republic of Yugoslavia. ICC-02/05-02/09-HNE-2 . ICC-02/05-02/09-216-Anx 29-10-2009 11/32 CB‬‬
‫‪PT- para 29.‬‬

‫‪103‬‬
‫‪401‬‬
‫تخ ير وسائل وأساليب الهجوم من أجل تجنب أحداث اإلضرار‬
‫عند ّ‬ ‫المستطاعة‬
‫‪ -‬أن يتخذوا جميع االحتياطات ُ‬

‫باألعي ان المدني ة‪ ،‬بص فة عرض ية‪ ،‬وض رورة حص ر األض رار في أض يق نط اق‪ ،‬وهي بالت الي ليس ت التزام ات‬

‫ُمطلقة‪ ،‬بل تتوقف على ما هو"مستطاع" مما يعطي سلطةً تقديريةً ألولئك الذين يخططون للهجوم أو يتخذون القرار‬
‫‪402‬‬
‫‪.‬‬ ‫بشأنه‬

‫‪ -‬أن يمتنعوا عن اتخاذ قرار بشأن هجوم قد يتوقع منه خسائر أو إصابات أو أضرار‪ ،‬مما يفرط في تجاوز ما‬

‫ومباشرة‪ ،‬وبذلك يرسم هذا االلتزام الخط الذي يجب‬


‫ينتظر أن ُيسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ُ‬

‫أن ال يتخطاه ُمهاجم أبداً؛ حيث يجب ُمراعاة مبدأ التمييز عند اتخاذ أي قرار بالهجوم ‪ ،403‬وبالتالي أقرت المادة‬

‫والمباشرة‪ ،‬وعلى اعتبار أنه التوجد أي جهات تحكم‬


‫إمكانية القيام بهجوم إذا توافرت الميزة العسكرية الملموسة ُ‬

‫تقييم ومدى تحقق هذه الميزة من عدمها‪ ،‬فالمسألة تبقى ُمستندة إلى السلطة التقديرية ألطراف النزاع وفق مايخدم‬

‫مصالحهم‪.‬‬

‫وكخالص ة يمكن الق ول‪ :‬مم ا س بق أن القي ود المفروض ة في ب دايتها احت وت على ت دابير احتياطي ة مناس بة‬
‫ُ‬

‫لتقييد عملية السلطة التقديرية ألطراف النزاع نوعاً ما‪ ،‬إال أن الفقرة " ثانياً " من المادة ‪– 2 / 57‬أ‪ ،‬اعتراها بعض‬

‫اللبس والغم وض‪ ،‬فب الرجوع إلى العب ارة ال تي ت وجب على أط راف ال نزاع ‪" :‬أن تتخ ذ جمي ع االحتياط ات‬

‫المس تطاعة‪ ......‬من أج ل تجنب أح داث خس ائر في أرواح الم دنيين ‪ ...‬باألعي ان المدني ة‪ ،‬ثم ربطه ا بعب ارة أك ثر‬
‫ُ‬

‫تعقي داً وغموض اً منه ا‪ ،‬وهي عب ارة افتراض ية ب أن ُيح دث أط راف ال نزاع "‪ ...‬بص فة عرض ية‪ ،"....‬أض راراً‬

‫باألعي ان المدنية‪ ،‬واختتامها بعبارة تدل على ع دم وج ود تسلسل في األفك ار‪ ،‬وهي المطالبة بــ "‪...‬حص ر ذل ك في‬

‫‪ . 401‬عرفت المادة األولى من البروتوكول الثالث بشأن حظر أو تقييد استعمال األسلحة المحرق‪VV‬ة‪ ،‬في فقرته‪VV‬ا الثالث‪VV‬ة عب‪VV‬ارة "االحتياط‪VV‬ات المس‪VV‬تطاعة"‬
‫بأنها تلك االحتياطات القابلة لالتخاذ أو الممكنة عمليا ً مع جميع الظروف القائمة في حينها‪ ،‬بما في ذلك االعتبارات اإلنسانية والعسكرية‪ ،.‬وكذلك المادة ‪/3‬‬
‫‪ 10‬من البروتوكول الثاني بصيغته المعدلة في ‪ 3‬مايو ‪. 1996‬‬
‫‪ . 402‬اللجنة الدولية للصليب األحمر‪ .‬القانون الدولي اإلنساني وتحديات النزاعات ال ُمسلحة المعاصرة‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.12‬‬
‫‪ . 403‬فريتس كالسهوفن وليزابيث‪ V‬تسغفلد‪ .‬ضوابط تحكم خوض الحرب ‪ .‬مرجع سابق ‪ 5.1 .‬ز ‪ .‬صــ ‪.128‬‬

‫‪104‬‬
‫أضيق نطاق "‪ ،‬مما ُيعطي انطباعاً بأن إعمال‪ ،‬وتفعيل هذه المادة صعب جداً‪ ،‬إن لم يكن ُمستحيالً‪ ،‬خاصة في ظل‬

‫عدم وجود تحديد للحاالت العرضية‪ ،‬وبالتالي تستغل أطراف النزاع ذلك وتعتمد عليه وتحتج به في تبريراتها‪.‬‬

‫وك ان األولى حص ر العب ارة دون ذك ر اس تثناء لتك وين عب ارة إلزامي ة أق وى‪ ،‬وبالت الي إبع اد أي لبس ُيح ّكم‬

‫عملي ه االس تغالل‪ ،‬وإ ن ك ان الب د من وض ع اس تثناء كوج ود الح االت العرض ية‪ ،‬يت وجب حينه ا عرض ها وتحدي دها‬

‫فاألصل هو حصانة األعيان المدنية‪ ،‬واالستثناء هو وجود حالة استثناء ُمتمثلة بالحاالت العرضية ‪.‬‬

‫المهاجم دائم اً "اختيار وسائل وأساليب‬


‫كما تُشكل المادة‪ -2/ 57‬أ ثانياً ُمشكلة عملية جداً حيث يصعب على ُ‬

‫الهج وم" لتجنب الخس ائر واألض رار‪ ،‬فال ب د من اختي ار ذخ يرة ق ادرة على التص ويب بدق ه كب يرة‪ ،‬وعلي ه ف إن ه ذه‬

‫المناسب لدى أطراف النزاع أي تقدير‬


‫المتعلقة بالتقدير والقياس ُ‬
‫المشكالت التطبيقية ُ‬
‫التدابير تثير حقيقة العديد من ُ‬

‫الم راد مهاجمته هدفاً عسكرياً بالفعل‪ ،‬أم ال‪ ،‬مما ُيحتم عليهم خاصة القائمين بالهجوم ُمراعاة ذلك‬
‫إذا كان الهدف ُ‬

‫طيلة مراحل العمليات العسكرية‪ ،‬سواء مرحلة التخطيط واتخاذ القرار أو حتى عند مرحلة التنفيذ‪.404‬‬

‫وبالنسبة للتدابير االحتياطية الواجب على أطراف النزاع تحسباً آلثار الهجمات‪ ،‬فبالنظر إلى المادة ‪ 58‬من‬

‫ال برتوكول اإلض افي األول لع ام ‪ ،1977‬ف إن الم ادة ق د تن اولت االحتياط ات ال واجب اتخاذه ا من أط راف ال نزاع‬

‫تحسباً آلثار الهجمات سواء على أهداف عسكرية موجودة على أراضيها أو في أراض تقع تحت سيطرتها‪ ،‬حيث‬

‫نصت المادة بوضوح على ضرورة عدم إقامة مواقع عسكرية بالقرب من األعيان المدنية و أبعاد األعيان المدنية‬

‫المجاورة لألهداف العسكرية ‪.‬‬


‫والثقافية عن المناطق ُ‬

‫حيث قد تُسبب الهجمات الموجهة إلى األهداف العسكرية القريبة من األعيان المدنية إلى تدمير هذه األعيان‬

‫وهذه االلتزامات ال تقع على القيادة العسكرية فحسب‪ ،‬وإ نما على اإلدارة المدنية والسياسية‪ ،405‬فهذا االلتزام ينبغي‬

‫‪ . 404‬فريتس كالسهوفن وليزابيث‪ V‬تسغفلد ‪ .‬ضوابط تحكم خوض الحرب ‪ 5.1 .‬ز ‪ .‬صــ ‪. 127‬‬
‫‪. 405‬حسين علي الدريدي ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق صـــ‪. 295‬‬

‫‪105‬‬
‫تحقيق ه في وقت الس لم ‪ ،406‬باعتب ار أن ه ت دبير وق ائي بالدرج ه األولى ‪ ،407‬وأك دت الم ادة أيض اً على ض رورة اتخ اذ‬

‫كافة االحتياطات الالزمة لحماية ما تحت سيطرتها من سكان مدنيين وأعيان مدنية ‪ ،408‬من األخطار الناجمة عن‬

‫العمليات العسكرية أي اآلثار المترتبة على هذه العمليات العسكرية ‪.‬‬

‫وقُرنت كل تلك التدابير بعبارة "قدر المستطاع " وقد فُسرت هذه العبارة " بأن االلتزام الواقع يقتصر على تلك‬

‫الممكنة عملياً ‪ ،‬والقائمة على االعتبارات اإلنسانية واالعتبارات العسكرية والظروف السائدة في حينها‪،‬‬
‫االحتياطات ُ‬

‫بناء على‬
‫وبالتالي يتعين على القادة العسكرين في عملياتهم العسكرية التوصل إلى قرارات بشأن تلك االحتياطات ً‬

‫المت وفرة ل ديهم من مص ادرهم‪ ،‬والفص ل ق در اإلمك ان بين األعي ان المدني ة وبين األه داف‬
‫تق ييمهم للمعلوم ات ُ‬

‫العسكرية‪ ،‬مراعاة لمبدأ التمييز بينها وعدم خلق تداخل يجعل من إمكانية الفصل ذات صعوبة كبرى‪.409‬‬

‫والمتعلقة باالحتياطات الواجب‬


‫كما يالحظ فيما يتعلق بالمادة ‪ 58‬من البرتوكول اإلضافي األول لعام ‪ُ 1977‬‬

‫اتخاذه ا ض د آث ار الهج وم‪ ،‬أن الم ادة لم ت أت بص يغة ُملزم ة ب ل س محت ألط راف ال نزاع وأعطتهم حري ة القي ام‬

‫وااللتزام بها من عدمه‪ ،‬فكان األولى إيراد عبارات أكثر صرامة للتمكن من السيطرة على أفعال يقوم بها أطراف‬

‫النزاع أثناء النزاع المسلح‪ ،‬وال يتأتى ذلك إال عن طريق عبارات إلزامية تحمل قوة تأثير وجدية في التعامل مع‬

‫ح االت وظ روف يتص ارع فيه ا الم دنيون م ع أط راف ال نزاع من أج ل البق اء‪ ،‬وعلي ه ك ان الب د من وض ع عب ارات‬

‫يراعى فيه المدنيون وأعي انهم المدنية وممتلكاتهم الثقافية باعتبارهم الطرف األضعف في النزاع وليس األطراف‬

‫المتنازعة‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪ . 406‬اللجنة الدولية للصليب األحمر‪ .‬القانون الدولي اإلنساني وتحديات النزاعات ال ُمسلحة المعاصرة‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 13‬‬
‫‪407‬‬
‫‪Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann. Ibid .Para2244. P.g. 692‬‬
‫‪ . 408‬وتعتبر‪ V‬بعض اإلجراءات تدابير يمكن اتخاذها لتفادي أثار الهجمات على م‪V‬ا تحت س‪VV‬يطرة أي ط‪V‬رف في ال‪VV‬نزاع مث‪VV‬ل بن‪VV‬اء المالجئ وحف‪VV‬ر الخن‪V‬ادق‬
‫ونشر المعلومات‪ V‬وتوجيه اإلنذارات والتحذيرات وإجالء السكان إلى مناطق أكثر أمنا وتنظيم‪ V‬المرور وحراسة الممتلكات المدنية ‪ ،‬وتعبئة منظمات الدفاع‬
‫المدني وغيرها ‪.‬‬
‫‪ . 409‬جون ماري هنكرس ولويز دوزوالد –بيك ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪-63‬ومابعدها ‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫ورغم أن ال بروتوكول اإلض افي الث اني لع ام ‪ 1977‬لم يتطلب ص راحة اتخ اذ أي إج راءات احتياطي ة تتعل ق‬
‫‪410‬‬
‫المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية أدرج ذلك صراحة‪،‬‬
‫بآثار الهجمات‪ ،‬إال أن البروتوكول الثاني التفاقية الهاي ُ‬

‫ولع ل ع دم إدراج ال بروتوكول اإلض افي الث اني لع ام ‪ 1977‬له ذه الت دابير يرج ع في األس اس إلى ك ون ه ذا‬

‫المروتوكول ُمكمل للبروتوكول األول‪ ،‬وليس بديالً عنه وال معدالً له‪ ،‬وبالتالي ال حاجة لتكرارها‪.‬‬

‫المتنازع ة بوج وب اتخ اذ كاف ة الت دابير واالحتياط ات‬


‫وكخالص ة يمكن الق ول ب أن من ش أن إل زام األط راف ُ‬

‫ويحق ق حماي ة فاعل ة لألعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬ولن يك ون ذل ك‬


‫الالزم ة أثن اء القي ام بالعملي ات العس كرية أن ي وفر ُ‬

‫فاعالً إال من خالل التقيد الفعلي وليس الشكلي بها‪.‬‬

‫تلكم هي أهم الت دابير الوقائي ة والعالجي ة‪ ،‬وال تي وت تركز ح ول ن وعين من االلتزام ات‪ ،‬ال تزام باتخ اذ ت دابير‬

‫أثناء الهجوم‪ ،‬والتزام باتخاذ ت دابير من آثار العملي ات العدائية‪ ،‬وسيتم تالي اً اإلنتقال إلى بيان واقع الحماية العامة‬

‫لألعيان المدنية والثقافية في النزاع المسلح الواقع في الجمهورية العربية السورية حالياً ‪ ،‬وذلك على النحو التالي ‪:‬‬

‫المسـ ــلحة في الجمهوريـ ــة العربيـ ــة‬


‫المطلب الثـ ــاني‪ -:‬واقـ ــع الحماي ـ ـةـ العامـ ــة لألعيـ ــان المدنيـ ــة زمن النزاعـ ــاتـ ُ‬

‫السورية ‪-:‬‬

‫‪411‬‬
‫في‬ ‫نظ راً للتج اوزات واالنتهاك ات ال تي تتع رض له ا قواع د الحماي ة العام ة لألعي ان المدني ة والثقافي ة‬

‫الجمهوري ة العربي ة الس ورية‪ ،‬حيث يتم قص ف المن اطق الس كنية والبل دات والق رى بقناب ل وأس لحة اليمكن توجيهه ا‬

‫بشكل دقيق وال يمكنها إصابة أهداف معينة أو محددة‪ ،‬فهذه الهجمات تستهدف األعيان المدنية بشكل ُمباشر وعلى‬

‫نح و غ ير ُمنتظم‪ ،‬فتس ببت عملي ات القص ف اليومي ة إلى تض رر قراب ة مليون ان ونص ف مب نى م ابين م نزل ومش فى‬

‫‪ . 410‬نص المادة ‪ 8‬التي جاء فيها "يقوم أط‪V‬راف ال‪V‬نزاع إلى أقص‪V‬ى ح‪V‬د مس‪V‬تطاع‪ V،‬بم‪V‬ا يلي ‪ -:‬ا‪ -‬إبع‪V‬اد الممتلك‪V‬ات الثقافي‪V‬ة المنقول‪V‬ة عن ج‪V‬وار األه‪V‬داف‬
‫العسكرية أو توفير حماية كافية لها في موقعها‪ ،‬ب‪ -‬تجنب إقامة أهداف عسكرية على مقربة من ممتلكات‪ V‬ثقافية " ‪.‬‬
‫‪. 411‬األعيان المدنية كالمنازل والشقق السكنية ودور العبادة والمستشفيات‪ V‬والم‪VV‬دارس حيث أف‪VV‬ادت وزارة التعليم الس‪VV‬ورية في ديس‪VV‬مبرعام ‪ ،2012‬ب‪VV‬أن‬
‫‪ 2362‬مدرسة أي أكثر من ‪ %10‬من إجمالي مدارس سوريا البالغ تقريبا ‪ 22‬أل‪VV‬ف مدرس‪VV‬ة تض‪VV‬ررت أو نُهبت‪ ،‬وإن مم‪VV‬ا ال يق‪VV‬ل عن ‪ 3873‬مدرس‪VV‬ة في‬
‫شتى أنحاء سوريا قد تعرضت ألضرار‪ ،‬بينها ‪ 450‬مدرسة دُمرت بالكامل‪ ،‬وتحتاج‪ V‬إلعادة بناء من جديد‪.‬انظر التقرير الصادر عن هي‪VV‬ومن راتس وتش ‪.‬‬
‫لم تعد امنه االعتداءات على الطالب والمدارس في سوريا ‪ . 2013.‬مرجع ‪. ISBN: 978-1-62313-0190‬‬

‫‪107‬‬
‫‪412‬‬
‫بم خالفة للمبدأ العام الذي يقضي بتوجيه األعمال العسكرية ضد األهداف العسكرية فقط‬
‫ومسجد وكنيسة ‪ ،‬وذلك ُ‬
‫‪413‬‬
‫‪.‬‬

‫ونظراً لما تُشكله هذه األفعال ُمتمثلة بالهجوم على األعيان المحمية‪ ،‬من جرائم حرب بالمفهوم القانوني‪ ،414‬ال‬

‫يشملها التقادم‪ ،415‬حيث تنص القواعد األساسية للقانون اإلنساني الدولي وكما سلف بينه على ضرورة التمييِّز في‬

‫جميع األحوال بين "األعيان المدنية" و"األهداف العسكرية"‪.416‬‬

‫وس يتم من خالل ه ذا الف رع التع رض إلى االنتهاك ات ال تي تعرض ت له ا قواع د الحماي ة العام ة لألعي ان‬

‫المدني ة إب ان ال نزاع في الجمهوري ة العربي ة الس ورية حالي اًخالل الف ترة من ‪ 2011‬إلى ‪ 2013‬من حيث انته اك‬

‫قاع دة حظ ر توجي ه الهجم ات ض د األعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬وأيض اً االنتهاك ات ال تي تعرض ت له ا قاع دة حظ ر‬

‫استخدام بعض األسلحة في الهجمات ضد األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬وذلك على النحو اآلتي ‪-:‬‬

‫أوال ‪ :‬ملخص لتسلسل األحداث ‪-:‬‬

‫قبل التطرق إلى واقع الحماية القانونية لألعيان المدنية والثقافية في األزمة السورية‪ ،‬البد من بيان ُملخص‬

‫البداية لتسلسل األحداث التي مرت بها األزمة السورية‪ ،‬والتي يمكن تلخيصها بحسب ما ذكرته التقارير الدولية‬

‫والمنبثق ة عن‬
‫الجمهوري ة العربي ة الس ورية‪ُ ،‬‬
‫ومنه ا تقري ر اللجن ة الدولي ة المس تقلة بش أن التحقي ق في االنتهاك ات في ُ‬

‫الجمعي ة العام ة لألمم المتح دة تتمث ل ب دايتها في ف براير ‪ ،٢٠١١‬حيث أك دت اللجن ة أن البداي ة ك انت من ذ قي ام‬

‫‪ . . 412‬الشبكة السورية لحقوق اإلنسان ‪ .‬بحث حول استهداف المستشفيات في سوريا بالوقائع واألرقام ‪.‬صــ ‪. 1‬‬
‫‪www.syrianhr.org‬‬
‫‪ . 413‬المادة ‪ 52‬فقرة ‪ 2‬من البروتوكول اإلضافي األول ‪.‬‬
‫‪ . 414‬اتفاقيات ج‪V‬نيف األولى والثاني‪V‬ة والرابع‪V‬ة م‪V‬ادة ‪ 50‬و‪ 51‬و‪ 147‬تباع‪V‬ا ً اعت‪VV‬برت ت‪VV‬دمير الممتلك‪VV‬ات أو االس‪VV‬تيالء عليه‪VV‬ا على نط‪V‬اق واس‪V‬ع ال ت‪V‬برره‬
‫الضرورة العسكرية في عداد االنتهاكات الجس‪V‬يمة أي ج‪V‬رائم ح‪V‬رب وك‪V‬ذلك النظ‪V‬ام األساس‪V‬ي للمحكم‪V‬ة الجنائي‪V‬ة الدولية ال ُمعتم‪V‬دة في روم‪V‬ا في ‪ 17‬يولي‪V‬و‬
‫‪ 1998‬المادة ‪ ، V، 8‬انظر كذلك ‪ .‬دراسة اللجنة الدولية للصليب األحمر حول القانون اإلنساني الدولي العرفي‪ ،‬مرجع سابق ‪ .‬القاعدة ‪ 156‬؛ صــ ‪-599‬‬
‫‪. 601‬‬
‫‪ . 415‬حيث تعتبر الجرائم الواقعة على األعيان المدنية والثقافية جرائم جرب ال يشملها التقادم يمكن اإلطالع على المادة األولى من اتفاقية عدم تقادم ج‪VV‬رائم‬
‫الحرب والج‪V‬رائم ال ُمرتكب‪V‬ة ض‪V‬د اإلنس‪V‬انية الص‪VV‬ادرة وفق‪V‬ا ً للق‪V‬رار رقم ‪ ،2391‬ال‪V‬دورة ‪ 23‬الجلس‪V‬ة العام‪VV‬ة ‪ ،1727‬في ‪ 26‬نوفم‪VV‬بر ‪ ،1968‬وال‪VV‬تي ق‪V‬امت‬
‫بإعدادها لجنة حقوق اإلنسان والمجلس اإلقتصادي واإلجتماعي ‪ ،‬واعتمدتها‪ V‬الجمعية العامة في عام ‪ ،1968‬وادخلت هذه اإلتفاقية حيز النفاذ عام ‪1970‬م‬
‫‪ .‬انظر ‪.‬كمال حماد ‪ .‬النزاع الدولي المسلح والقانون الدولي العام ‪ .‬مرجع سابق صــ‪. 119‬‬
‫‪ .416‬دراس‪VV‬ة اللجن‪VV‬ة الدولي‪VV‬ة للص‪VV‬ليب األحم‪VV‬ر ح‪VV‬ول الق‪VV‬انون اإلنس‪VV‬اني ال‪VV‬دولي الع‪VV‬رفي‪ ،‬مرج‪VV‬ع س‪VV‬ابق القاع‪VV‬دة ‪ ،7‬صــ ‪ 23‬إلى صــ ‪ 26‬؛ انظ‪VV‬ر أيض ‪V‬ا ً‬
‫البروتوكول اإلضافي األول‪ ،‬لعام ‪ 1977‬المادة ‪. 52‬‬

‫‪108‬‬
‫المس لحة الس ورية أول عملي ة عس كرية‬
‫احتجاج ات ُمختلف ة في من اطق من س وريا‪ ،‬وفي ‪ ٢٥‬أبري ل‪ ،‬ش ّنت الق وات ُ‬

‫واسعة على تلك المناطق‪ ،‬وعلى أثر ذلك حصلت حاالت انشقاق عديدة في صفوف قوات الجيش وقوات األمن‪ ،‬ثم‬

‫المنش قين جيش أطلق وا علي ه اس م "الجيش الس وري الح ر" ال ذي ّادعى مس ؤوليته عن‬
‫نظّم ع دد غ ير مع روف من ُ‬

‫الم سلحة‪ ،‬التي استهدفت قوات الجيش وقوات األمن السوري ‪.417‬‬
‫الهجمات ُ‬

‫ثانياـ ‪ -:‬الوضـع القــانوني للــنزاع المســلح في سـوريا‪ -:‬خلص ت اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر في يولي و ‪2012‬‬

‫إلى تكييف الوضع القانوني للنزاع في األراضي السورية على أنه نزاع مسلح غير دولي (داخلي)‪ ،418‬تتواجه فيه‬

‫المنظم ة‪ ،‬وبالت الي‪ ،‬تس ري قواع د الق انون ال دولي‬


‫المس لحة ُ‬
‫الق وات الحكومي ة وع دد من جماع ات المعارض ة ُ‬
‫‪419‬‬
‫ويعتبر تصنيف النزاع على أنه نزاع‬
‫بما فيها تلك القواعد الخاصة بحماية األعيان المدنية والثقافية‪ُ ،‬‬ ‫اإلنساني‬

‫داخلي أم ر مهم للغاي ة لم ا ي وفره من نت ائج قانوني ة كتق ديم حماي ة من خالل ال بروتوكول اإلض افي الث اني‪ ،‬وك ذلك‬

‫المشتركة بين اتفاقيات جنيف األربع لعام ‪.4201949‬‬


‫المادة الثالثة ُ‬

‫المتعل ق بالنزاع ات‬


‫ورغم أن الجمهوري ة العربي ة الس ورية ليس ت طرف اً في ال بروتوكول اإلض افي الث اني ُ‬

‫المسلحة الداخلية (غير الدولية )‪ ،‬إال أنه وبالعودة إلى القواعد المتعلقة بالحماية العامة لألعيان المدنية نجد التأكيد‬
‫ُ‬

‫المسلحة‬
‫على الطابع العرفي والصفة اآلمرة لها‪ ،‬وبالتالي يجب على أطراف النزاع الحكومة السورية والجماعات ُ‬

‫األخرى‪ ،‬احترامها حتى ولو كانوا غير أطراف في أي اتفاقية من اتفاقيات القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬فهم ُمجبرين‬

‫‪ . 417‬الجمعية العامة ‪.‬األمم المتحدة ‪.‬مجلس حقوق اإلنسان تقرير لجنة التحقق الدولية المستقلة بشأن الجمهوري‪VV‬ة العربي‪VV‬ة الس‪VV‬ورية ‪ .‬ال‪VV‬دورة االس‪VV‬تثنائية‬
‫السابع عشر‪. .‬تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهوري‪VV‬ة العربي‪VV‬ة الس‪VV‬ورية ‪ 23 .‬نوفم‪VV‬بر ‪ . 2011‬صـــ ‪ 10‬وصــ‪ 11‬المرج‪VV‬ع ‪A/HRC/S-‬‬
‫‪17/2/Add.1‬‬

‫‪ . 418‬تطبق المادة الثالثة المشتركة في اتفاقیات جنيف على اشتباكات أو نزاع مسلح الحكومة مع ق‪V‬وات مس‪VV‬لحة منش‪V‬قة‪ ،‬ويل‪V‬زم أن تك‪VV‬ون الق‪VV‬وات منظم‪V‬ة‬
‫تحت قیادة مسؤولة وتمارس سیطرة على أرض‪ ،‬و يلحق بالمادة الثالثة المشتركة البروتوكول اإلضافي الثاني لعام ‪ 1977‬الملحق باتفاقیات‪ V‬ج‪VV‬نیف لع‪VV‬ام‬
‫‪ 1949‬وكي يطبق البروتوكول الثاني ال بد أن يكون أحد أطراف النزاع حكوم‪V‬ة‪ُ ،‬ع‪V‬رِّ فت بأنھا نظ‪V‬ام مع‪V‬ترف ب‪V‬ه عموم‪V‬ا ول‪V‬ه ح‪V‬ق ف‪V‬رض الس‪V‬لطة على‬
‫السكان وواجب توف‪V‬یر حاج‪V‬اتھم‪ .‬إوين ألیس‪V‬ون ‪ .‬وروب‪V‬رت كوغ‪V‬ود غول‪V‬دمان‪ .‬المن‪V‬اطق الرمادي‪V‬ة في الق‪V‬انون اإلنس‪V‬اني ال‪V‬دولي ‪.‬ج‪V‬رائم الح‪V‬رب ‪ .‬مرج‪V‬ع‬
‫سابق ‪.‬صـــ‪.24‬‬
‫‪ . 419‬سورية‪ :‬اللجنة الدولية والهالل األحمر العربي السوري يواص‪V‬الن ب‪V‬ذل جه‪V‬ود اإلغاث‪V‬ة وس‪V‬ط احت‪V‬دام القت‪V‬ال ‪. 2012-07-17 .‬تمت الزي‪V‬ارة في ‪5‬‬
‫مارس ‪2014‬‬
‫‪http://www.icrc.org/ara/resources/documents/update/2012/syria-update-2012-07-17.htm‬‬
‫‪ . 420‬ستیفن آر راتنر ‪ .‬النزاع المسلح الدولي مقابل النزاع المسلح الداخلي‪.‬تقديم حنان عشراوي‪.‬جرائم الحرب ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 304‬‬

‫‪109‬‬
‫على تطبيقه ا لكونه ا قواع د عرفي ة وآم رة تحم ل في طياه ا مب ادئ أساس ية كمب دأ التمي يز بين األعي ان المدني ة‬

‫واأله داف العس كرية ‪ ،‬وأيض ا مب دأ التناس ب بين الم يزة العس كرية األكي دة واألض رار الجانبي ة المتوقع ة‪ ،‬باعتباره ا‬

‫قانوناً عرفياً دولياً ُملزماً ‪ ،‬وبالتالي واجبة التطبيق‪.‬‬

‫ثالث ـاـ ‪ -:‬أبــرز االنتهاكــات لقواعــد الحمايــة العامــة لألعيــان المدنيــة والثقافي ـةـ خالل األزمــة الســورية ‪ -:‬على أث ر‬

‫تسلسل األحداث في الجمهورية العربية السورية واستمرار النزاع المسلح‪ ،‬حيث ساد عدم احترام ُمطلق من قبل‬

‫أطراف النزاع لقواعد القانون الدولي اإلنساني الخاصة بحماية األعي ان المدنية والثقافية حيث لحق بهذه األعيان‬

‫ياً بيان أهم القواعد التي تم تجاوزها‪-:‬‬ ‫الكثير من االنتهاكات والتجاوزات‪ ،‬وسيتم تال‬

‫‪ .1‬انتهاك قاعدة حظر توجيه الهجمات ضد األعيان المدنية والثقافيةـ ‪ -:‬أشارت منظمة هيومن راتس ووتش في‬

‫تقري ر له ا إلى أن الق وات الحكومي ة واالف راد الت ابعين له ا ‪ ،‬تعم دت إح راق وت دمير ع دد كب ير من األعي ان المدني ة‬

‫والثقافية‪.421‬‬

‫كما وجدت المنظمة أن التدمير لألعيان المدنية لم يكن ناجماً عن استهداف قانوني لألهداف العسكرية‪ ،‬فلم‬

‫تكن أهدافاً عسكرية بالمعنى الدقيق‪ ،‬وأن ما تقدمت به القوات الحكومية من منطق عسكري لتبرير هذا األساسي‬

‫للت دمير‪ ،‬يفتق ر إلى المص داقية إذ إن نم ط الهجم ات ونطاقه ا وحجمه ا يجع ل زعمهم ب أن ال دمار ك ان ألغ راض‬

‫عسكرية ال أساس له‪ ،‬وخلصت المنظمة إلى أن القوات الحكومية السورية قد انتهكت في مناسبات عدة واجباتها‬

‫القانوني ة في ض رورة التمي يز بين األعي ان المدني ة واأله داف العس كرية ‪ ،‬وض رورة التقيي د الكام ل بمب دأ التناس ب‬
‫‪422‬‬
‫‪.‬‬ ‫فالهجوم العمدي أو العشوائي أو عديم التمييز أو غير المتناسب على األعيان المدنية أمر محظور‬

‫وأشارت إلى أن هذا التدمير لألعيان المدنية من قبل القوات الحكومية أما بسبب استخدامها في الماضي‬

‫المتوقع كأهداف عسكرية‪ ،‬أو ألسباب استباقية‪ ،‬ال‬


‫كأهداف عسكرية‪ ،‬أو ألسباب عقابية ُمحتملة‪ ،‬أو بسبب ُمستقبلها ُ‬
‫‪ . 421‬انظر هومن راتس ووتش – سوريا ‪ .‬ملخص ‪ .‬جرائم الحرب في شمالي أدلب أثناء مفاوضات خطة السالم‪" .‬حرقوا قلبي" ‪ 3‬مايو ‪ . 2012‬صـ ‪3‬‬
‫‪ . 422‬التقرير الصادرعن منظمة هيومن راتش واتش ‪.‬التسوية باألرض ‪.‬دمشق‪ 14 .‬يوليو ‪ .ISBN:978-1-6231-31036. 2013‬صــ ‪.36‬‬

‫‪110‬‬
‫يتفق مع قواعد القانون الدولي اإلنساني الذي يحظر التدمير العقابي لألعيان المدنية ‪ ،‬ويفرض قيوداً صارمة على‬

‫ما ُيمثل االستخدام المستقبلي لألهداف العسكرية‪ ،‬كما ال يجوز تدمير األعيان المدنية التي لم تعد تُستخدم كأهداف‬

‫عسكرية أو تم استخدامها كذلك في الماضي ‪.423‬‬

‫إضافة إلى ذلك فالتحليل الذي أجرته الجمعية األمريكية‪ ،‬يوثق األضرار الواسعة التي لحقت بالبنية التحتية‬

‫لمناطق في سوريا وتعرضها لحملة القصف الجوي العشوائي من جانب القوات الحكومية‪ ،‬وتدمير عشرات المنازل‬

‫‪ ،‬كم ا يوثِّق التحلي ل األض رار الواس عة النط اق ال تي لحقت بمدين ة حلب القديم ة‪ ،‬وهي موق ع ت راثي ع المي ل دى‬

‫اليونسكو‪ ،‬من قبيل تدمير مئذنة جامع حلب الكبير وإ لحاق الضرر بسوق المدينة التاريخي ‪.424‬‬

‫وبناء على كل تلك االنتهاكات أص در مجلس األمن بيان رئاسي لألطراف المتنازعة أشار فيه المجلس‬

‫إلى ض رورة أن يل تزم جمي ع أط راف ال نزاع بااللتزام ات المفروض ة بم وجب الق انون ال دولي اإلنس اني في جمي ع‬

‫الظ روف وذك ر المجلس على وج ه الخص وص‪ ،‬التمي يز بين األعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬وحظ ر الهجم ات العش وائية‬

‫واالمتن اع عن اس تهداف األعي ان المدني ة بطريق ة متعم دة ومباش رة ‪ ،425‬وبالت الي ُيع د ه ذا البي ان اعتراف اً بض رورة‬

‫إحال ة الوض ع إلى القض اء ال دولي للمس اءلة عن االنتهاك ات لقواع د الحماي ة الخاص ة باألعي ان المدني ة‬

‫والمس تمرة‬
‫والثقافي ة ‪،‬ويتحم ل مجلس األمن مس ؤولية تقاعس ه عن اتخ اذ أي اج راءات بش أن االنتهاك ات الخط يرة ُ‬

‫لألعيان المدنية والثقافية ‪.‬‬

‫كم ا ط الب المجلس من خالل الق رار رقم ‪ 2014 / 2139‬ال ذي تم اإلجم اع علي ه أن تتوق ف جمي ع‬

‫األط راف االس تخدام العش وائي لألس لحة في المن اطق المأهول ة بالس كان‪ ،‬مث ل القص ف الج وي بالقناب ل البرميلي ة‪،‬‬

‫وتجنــب إقامــة مواقــع عــسكرية في المنــاطق المأهولــة بالس كان‪ ،‬والك ف عن ش ن الهجم ات الموجه ة ض د أه داف‬

‫‪ .423‬التقرير الصادر عن منظمة هيومن راتش واتش ‪.‬التسوية باألرض ‪.‬دمشق‪ 14 .‬يوليو ‪ . .ISBN:978-1-6231-31036. 2013‬صـــ‪36‬‬
‫‪ . 424‬منظمة العفو الدولية ‪ .‬تقرير بعنوان " صور األقمار الصناعية لحلب تظهر الدمار والنزوح الجماعي بعد مرور عام" ‪ 7(.‬اغسطس ‪) 2013‬‬
‫تمت الزيارة في ‪ 4‬سبتمبر ‪ 2013‬الرابط ‪-:‬‬
‫‪http://www.amnesty.org/ar/news/aleppo-satellite-images-show-devastation-mass-displacement-one-year-2013-08-07‬‬
‫‪425‬‬
‫‪. UN.. Security Council. Statement by the President of the Security Council. 2 October 2013 S/PRST/2013/15.p.g 2..‬‬

‫‪111‬‬
‫‪426‬‬
‫وقد تعرض هذا القرار إلى انتقادات عدة لعل أهمها عدم وجود آلية واضحة لتنفيذ وتطبيق القرار‪ ،‬كما‬ ‫مدنية‪،‬‬

‫بالمقارن ة م ع االنتهاك ات الجس يمة ال تي تتع رض له ا األعي ان المدني ة‬


‫أن الص ياغة ال تي ج اء به ا ض عيفة ج داً ُ‬
‫‪428‬‬
‫مم ا يدل على ع دم جدي ة المجتمع‬ ‫والثقافية‪ ،427‬أض ف إلى ذل ك فإن ه لم يتم اتخ اذ أي إج راءات إض افية بع د ذلك‬

‫الدولي في إنهاء االنتهاكات المستمرة على هذه األعيان والممتلكات ‪.‬‬

‫فس ر الهجوم العشوائي التي تعرضت فيه األعيان المدنية والثقافية بأنه تدمير عمدي و تعسفي خاصة وأنه‬
‫و ُي َ‬

‫المهاجم تدابير واالحتياطات الالزمة لتجنب ضرب أهداف غير عسكرية‪ ،‬ويشمل‬
‫على نطاق واسع وال يتخذ فيه ُ‬

‫أنماط اً عدة منه ا الهجوم الذي يوقع أضراراً باألعي ان المدني ة والثقافية مفرطة تتجاوز الم يزة العسكرية المتوقعة‬
‫‪429‬‬
‫المه اجم على دراي ة ومعرف ة بأن ه س وف ُيس بب خس ارة‬
‫والمباش رة ‪ ،‬فمث ل ه ذا الهج وم ال ذي يك ون في ه ُ‬
‫والمح ددة ُ‬
‫ُ‬

‫ُمفرط ة وض رراً باألعي ان المدني ة والثقافي ة ُيعت بر خرق اً جس يماً ‪ ،430‬ح تى ل و ك انت الم يزة العس كرية المنش ودة هي‬

‫ذات أهمية كبيرة‪ ،‬فهذه الفكرة تتعارض مع القواعد األساسية للبروتوكول اإلضافي األول وخاصة المادة ‪ ،51‬فال‬

‫يجوز تقديم أي تبرير للهجمات التي تسبب خسائر وأضراراً مدنية واسعة‪ ،‬فمهما كانت هذه الخسائر واألضرار‬

‫العرضية يجب ال تكون واسعة النطاق‪.431‬‬

‫وقد أشارت الشبكة السورية لحقوق اإلنسان أن مثل هذه الهجمات تُبين أنها على األغلب ال تخدم أي غرض‬

‫عس كري ض روري ب ل ته دف إلى إح داث أض رار مقص ودة في المب اني والبني ة التحتية‪ ،432‬كم ا أك د خ براء‬

‫‪ .426‬مجلس األمن ‪.‬األمم المتحدة‪ .‬القرار رقم ‪ 2139/2014‬الصادرة بتاريخ ‪ 22‬فبراير ‪ 2014‬المشار إليه بالمرجع رقم ( ‪.)RES/2139 /2014‬صــ‪4‬‬
‫وصــ ‪.5‬‬
‫‪ . 427‬قراءة تحليلية في قرار مجلس األمن رقم ‪ .2139‬مركز الدراسات االستراتيجية‪ .‬بتاريخ ‪.1‬مارس ‪. 2014.‬تاريخ الزيارة ‪ 6‬نوفمبر ‪. 2014‬‬
‫‪http://www.asharqalarabi.org.uk.‬‬
‫‪ . . 428‬الشبكة السورية لحقوق اإلنسان ‪ .‬حصيلة ضحايا القصف الجوي على حلب منذ بداية الحملة العسكرية ‪.‬تاريخ نشر التقرير ‪ 10‬أبريل ‪ .2014‬صـ‪1‬‬
‫‪www.syrianhr.org‬‬
‫‪ . 429‬روى غتمان ‪.‬داود كتاب‪ .‬الهجوم العشوائي ‪.‬تقديم حنان عشراوي‪ .‬جرائم الحرب ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪102‬‬
‫‪ . 430‬هورست فشر‪ .‬القصف السجادي أو قصف المناطق ‪.‬تقديم حنان عشراوي‪ .‬جرائم الحرب ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 319‬‬
‫‪431‬‬
‫‪. Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann. Ibid .Para 1980 . P.g . 626‬‬
‫‪ . 432‬الشبكة السورية لحقوق اإلنسان ‪ .‬البراميل المتفجرة تقصف شمال البالد وجنوبها ‪.‬تاريخ نشر التقرير ‪. 25‬فبراير ‪. 2014‬‬
‫‪www.syrianhr.org.‬‬

‫‪112‬‬
‫عسكريون‪ ،‬أن القوات الجوية السورية ال يتوفر لديها سوى الذخائر غير الموجهة الملقاة جواً والتي أسفرت عن‬

‫دمار موسع لحق باألعيان المدنية والثقافية ومرافق البنية األساسية ‪.433‬‬

‫‪ .2‬انتهــاك قاعــدة حظــر وتقييــد اســتخدام بعض األســلحة في الهجمــات ضــد األعيــان المدنيــة والثقافية ‪ :‬تم انته اك‬

‫قاعدة حظر وتقييد استخدام بعض األسلحة في الهجمات ضد األعيان المدنية والثقافية في الصراع الدائر في س وريا‬

‫حالي اً ‪ ،‬وذلك من خالل استخدام أسلحة محظورة دولي اً‪ ،‬حيث قامت القوات الحكومية باستخدام القنابل العنقودية‪،‬‬

‫وهي أسلحة محظورة دولياً بموجب اتفاقية بشأن الذخائر العنقودية لعام ‪ ،2008‬لم توقع عليها سوريا‪.434‬‬

‫وبالت الي ف إن اللجن ة تُشير إلى أنه واس تناداً إلى أن هذه األسلحة عش وائية الطابع واألث ر‪ ،‬فإن ه حتى لو لم يتم‬

‫التوقيع على االتفاقية المتعلقة بالذخائر العنقودية‪ ،‬فإن االلتزام والمسؤولية عن هذه الهجمات يبقى قائم اً‪ ،‬باعتبار‬

‫أنه إلتزام عرفي‪ ،‬خاصة في حالة إطالق القذائف العنقودية على مناطق تضمن أعيان اً مدنية وثقافية‪ ،‬وليس على‬

‫أه داف عس كرية ُمح ددة‪ ،‬و نظ راً لم ا تُس ببه من أض رار عرض ية ُمفرط ة إذا م اقورنت بالفائ دة العس كرية المرجوة‬

‫‪ ،435‬وعلي ه ف إن اس تخدام القناب ل العنقودي ة م رات ع دة من قب ل الق وات الحكومي ة في قص ف من اطق مدني ة ُيعت بر‬
‫‪436‬‬
‫‪.‬‬ ‫انتهاكاً صريحاً لمبدأ التمييز والتناسب في القانون الدولي اإلنساني العرفي‬

‫وبالتالي فإن الذخائر العنقودية المستخدمه بكثرة تخرق القاعدة التي تحظر استخدام أسلوب حربي ال يمكن‬

‫توجيه ه نح و ه‪VV‬دف عس كري مح دد‪ ،‬وبالنس بة لل دول ال تي لم تنض م إلى اتفاقي ة الحظ ر‪ ،‬ينبغي التأكي د على ان‬

‫‪ . 433‬هيومن راتس وتش ‪.‬موت من السماء‪. 2012 .‬المشار إليه بالمرجع ‪ ISBN: 978-1-62313-0046‬صــ ‪. 3‬‬
‫‪ 434‬ا منظمة الهيومن راتس وتش ‪.‬التقرير العالمي‪ .‬يناير ‪ :2014‬سوريا ‪. .‬تمت الزيارة ‪ 5‬مارس ‪. 2014‬‬
‫‪http://www.hrw.org/ar/world-report/2014/country-chapters/121986‬‬
‫‪. 435‬الجمعية العامة ‪.‬األمم المتح‪VV‬دة ‪.‬مجلس حق‪VV‬وق اإلنس‪VV‬ان تقري‪VV‬ر لجن‪VV‬ة التحق‪VV‬ق الدولي‪VV‬ة المس‪VV‬تقلة بش‪VV‬أن الجمهوري‪VV‬ة العربي‪VV‬ة الس‪VV‬ورية ‪ .‬ال‪V‬دورة الحادي‪VV‬ة‬
‫والعش‪VV‬رون ‪.‬البن‪VV‬د ‪ 4‬من ج‪VV‬دول األعم‪VV‬ال ‪.‬ح‪VV‬االت حق‪VV‬وق اإلنس‪VV‬ان ال‪VV‬تي تتطلب اهتم‪VV‬ام المجلس به‪VV‬ا ‪.‬بت‪VV‬اريخ ‪ 16‬أغس‪VV‬طس ‪ . 2012‬صـــ ‪ 22‬وصـــ‬
‫‪. 23‬المرجع ‪.A/HRC/21/50‬‬
‫‪ . 436‬الشبكة السورية لحقوق اإلنسان ‪ .‬القوات الحكومية تستخدم القنابل العنقودية ‪ ...‬مرات عديدة في قص‪VV‬فها منطق‪VV‬ة ي‪VV‬برود ت‪VV‬اريخ التقري‪VV‬ر ‪ 10‬م‪VV‬ارس‬
‫‪. 2014‬صــ‪2‬‬
‫‪www.syrianhr.org.‬‬

‫‪113‬‬
‫الضربات العشوائية وعدم التمييز في الذخائر العنقودية عند استخدامها على مناطق مأهوله بالسكان‪ ،‬فيه مخالفة‬

‫للقانون الدولي اإلنساني العرفي‪.437‬‬

‫وك ذلك الح ال بالنس بة الس تخدام ق ذائف اله اون والص واريخ والقناص ات على نح و ال ُيم يز بين األه داف‬
‫‪438‬‬
‫المتفجرة التي تفتقر‬
‫العسكرية واألعي ان المدنية‪ ،‬فالفشل أو عدم الق درة على التمييز ‪ ،‬وأيض اً اس تخدام البراميل ُ‬

‫افتقاراً شديداً للدقة ‪ ،‬وبشكل عشوائي ُيشكل نوع اً من الهجمات غير المشروعة‪ ،‬فاستخدام البراميل المتفجرة هي‬

‫في حقيقته ا ذات أث ر ت دميري كب ير واعتبرته ا الش بكة الس ورية لحق وق اإلنس ان من قب ل األس لحة ذات الط ابع‬

‫العشوائي حيث تحدث تدميراً واسعاً ُيحدث ضرراً ودماراً واسع النطاق ‪ ،439‬وعليه يتوجب على أطراف النزاع‬

‫تجنب استخدام األسلحة التي ال يمكن التحكم بنتائجها‪ ،‬والتي ال يمكن توجيهها إلى أهداف بدقة استناداً إلى طابعها‬

‫العشوائي ‪.‬‬

‫الخالصـــــــــة ‪ -:‬استناداً إلى المعطيات السابقة يمكن القول ‪ :‬أن جميع ما استخلصته "لجنة التحقيق الدولية‬

‫المستقلة في سوريا " ومنظمة الهي ومن راتس ووتش "‪ "،‬ومنظم ة العف و الدولية "‪ ،‬وك ذلك "الشبكة الس ورية لحقوق‬

‫اإلنس ان " من انتهاك ات لالتفاق ات والمعاه دات الدولي ة الخاص ة بحماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬من قب ل أط راف‬

‫ال نزاع ُيش ير إلى وص ول الحال ة إلى المس توى الق انوني ال ذي يمكن بموجب ه تأكي د وج ود مس ؤولية دولي ة عن‬

‫االنتهاكات الواقعة على األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬بالتالي يستتبع المالحقة القضائية‪.‬‬

‫حيث لم يتم مراعاة ضرورة التمييز بين األعيان المدنية واألهداف العسكرية‪ ،‬كما لم يتم األخذ في االعتبار‬

‫مبدأ التناسب بين الميزة العسكرية األكيدة واألضرار الجانبية المتوقعة من عمليات الهجوم‪ ،‬فاتساع دائرة الدمار‬

‫لألعي ان المدني ة والثقافي ة ُين بئ بوق وع ه امش خط أ وض رر أك بر ش كل انتهاك اً ص ارخاً للحظ ر المف روض على‬

‫‪ . 437‬هيومن راتس وتش ‪.‬موت من السماء‪. 2012 .‬المشار إليه بالمرجع ‪ ISBN: 978-1-62313-0046‬صــ ‪.33‬‬
‫‪ . 438‬الجمعية العامة ‪.‬األمم المتحدة ‪.‬مجلس حق‪VV‬وق اإلنس‪VV‬ان تقري‪VV‬ر لجن‪VV‬ة التحق‪VV‬ق الدولي‪VV‬ة المس‪VV‬تقلة بش‪VV‬أن الجمهوري‪VV‬ة العربي‪VV‬ة الس‪VV‬ورية ‪ .‬ال‪VV‬دورة الحادي‪VV‬ة‬
‫والعشرون ‪.‬البند ‪ 4‬من جدول األعمال ‪.‬حاالت حقوق اإلنسان التي تتطلب اهتمام المجلس بها ‪.‬بتاريخ ‪ 16‬أغسطس ‪.. 2013‬المرجع ‪A/hrc/24/46‬‬
‫‪. 439‬الشبكة السورية لحقوق اإلنسان ‪ .‬البراميل المتفجرة في سوريا ‪ ...‬قنابل عمياء للقتل والتدمير ‪.‬صــ‪2‬وصــ‪3‬‬
‫‪www.syrianhr.org‬‬

‫‪114‬‬
‫الهجمات العشوائية‪ ،‬حيث يرتب القانون التزامات مختلفة منها عدم استخدام القوة العشوائية والمفرطة‪ ،‬وضرورة‬

‫اختي ار األس لحة واأله داف التي تُقل ل الض رر الواق ع على األعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬وعلي ه فق د اتس م النزاع ال دائر‬

‫تش كل هذه االنتهاكات "جرائم حرب" وفق اً لقواعد القانون‬


‫المتناسب‪ ،‬وبالتالي ّ‬
‫المفرط والعشوائي وغير ُ‬
‫باالستخدام ُ‬

‫الدولي اإلنساني‪ ،‬كم ا ينبغي العلم بأن انتهاك أـحد األطراف ال يعطي ُمسوغاً للطرف اآلخر أن يرتكب انتهاكات‬

‫مشابهة؛ فالهجمات اإلنتقامية محظورة أيضاً ‪ ،‬كما أن القانون الدولي اإلنساني ينطبق على أطراف النزاع بالطريقة‬

‫نفسها تماماً‪.‬‬

‫والمتك ررة ال يمكن له ا أن تنقص من قيم ة قواع د الحماي ة‬


‫وبالت الي يمكن الق ول‪ :‬أن ه ذه االنتهاك ات العدي دة ُ‬

‫القانوني ة لألعي ان المدني ة والثقافي ة إطالق اً‪ ،‬فه ذه االلتزام ات كاف ة ُمع ترف به ا كق انون ع رفي يطب ق عموم ا ً بغض‬

‫المس تمر له ا‪ ،‬وبغض النظ ر أيض ا عن انض مام األط راف لتل ك االتفاقي ات والقواع د المتعلق ة‬
‫النظ ر عن االنته اك ُ‬

‫بحماية هذه األعيان‪ ،‬ذلك أن االلتزام هنا ينبع من مسائل قانونية عرفية‪.‬‬

‫ورغم م ا تعتري ة من قص ور واض ح ‪ ،‬يرج ع في األس اس إلى قص ور قواع د الق انون ال دولي اإلنس اني‪ ،‬وع دم‬

‫فعاليتها في ضبط النزاعات‪ ،‬فمجموعة المبادئ والمعايير والمفاهيم والمقاييس المتفق عليها أو المنصوص عليها أو‬

‫الع رف‪ ،‬وبالتالي وبالنظر إلى التقييم العملي‬


‫المقبولة بشكل عام لم تُصاغ في تشريع تنظيمي مفهوم وواضح إلنفاذ ُ‬

‫لهذه القواعد يمكن القول بأنها تتطلب ضرورة تحديثها أو تفسيرها بما يتوافق مع التطورات التي تلح ق بالنزاعات‪،‬‬

‫بحيث يتم التركيز على إزالة أي غموض يعتريها‪ ،‬والحد من منح السلطة التقديرية الممنوحة ألطراف النزاع‪ ،‬كل‬

‫ذلك من أجل تحسين تنفيذها‪.‬‬

‫وبعد استعراض جملة النصوص التي أقرها القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬بشأن الحماية العامة لألعيان المدنية‪،‬‬

‫تبقى اإلشارة إلى الوضع بالنسبة للحماية الخاصة لهذه األعيان‪ ،‬وذلك على النحو التالي ‪-:‬‬

‫‪115‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫الحماية القانونية الخاصة المقررة لبعض األعيان المدنية والثقافية‬

‫إض افة إلى الحماي ة العام ة ال تي تتمت ع به ا األعي ان المدني ة‪ ،‬هن اك حماي ة خاص ة لبعض الفئ ات من األعي ان‬

‫المسلحة الدولية وغير الدولية‪ ،‬وذلك نظراً ألهميتها وضرورتها للمدنيين استناداً إلى طبيعتها‬
‫المدنية أثناء النزاعات ُ‬

‫ووظيفتها‪ ،‬وما قد يؤدي إليه الهجوم عليها من أضرار وأخطار كبيره سواء مادية أو حتى معنوية‪ ،‬وما قد ينتج‬

‫أيضاً عن تدميرها من مساس بالحماية المقررة للمدنيين‪ ،‬باعتبارهم األساس الذي تستند إلية قواعد حماية األعيان‬

‫والممتلكات الثقافية‪.‬‬
‫المدنية ُ‬

‫وبالت الي ف إن ج وهر ه ذه الحماي ة يتعل ق بفئ ة ُمح ددة من األعي ان والممتلك ات‪ ،‬وق د أدخلت اتفاقي ات ج نيف‬

‫وبخاصة البروتوكول اإلضافي األول التفاقيات جنيف ‪ 1949‬مفهوم الحماية الخاصة بشكل واضح وصريح إال أنه‬

‫غير دائم‪ ،440‬حيث يبقى ُمتعلقاً بشرط عدم وجود ضرورة عسكرية ‪.‬‬

‫وعلي ه فإن ه س يتم معالج ة ك ل بن د من بن ود ه ذه الحماي ة الخاص ة المق ررة لألعي ان المدني ة زمن النزاع ات‬

‫المسلحة من خالل هذا المبحث وهي ُمقسمة إلى أربعة أنواع من األعيان كالتالي‪ ،‬المطلبـ األول‪ :‬الحماية القانونية‬
‫ُ‬

‫الخاصة المقررة للممتلكات الثقافية‪ ،‬المطلبـ الثانيـ ‪ :‬الحماية القانونية الخاصة المقررة لألعيان التي ال غنى عنها‬

‫لبق اء الس كان الم دنيين على قي د الحي اة‪ ،‬المطلبـ الث ــالث‪ :‬الحماي ة القانوني ة الخاص ة المق ررة لألش غال الهندس ية‬

‫والمنشآت المحتوية على قوى خطرة‪ ،‬المطلب الرابع ‪ :‬الحماية القانونية الخاصة المقررة للبيئة الطبيعية‪.‬‬

‫‪ . 440‬عمر سعد هللا ‪.‬القانون الدولي اإلنساني الممتلكات‪ V‬المحمية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪ ،25‬صــ ‪. 26‬‬

‫‪116‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬حماية الممتلكات الثقافية ‪-:‬‬

‫الممتلكات الثقافية أهمية كبرى بالنسبة للشعوب العالمية‪ ،‬وتنامى هذا االهتمام بشكل كبير من خالل‬
‫تُشكل ُ‬

‫المسلحة الدولية وغير الدولية‪.‬‬


‫ضمان الحماية القانونية المناسبة لها أثناء النزاعات ُ‬

‫والحماية الواردة في االتفاقيات والمواثيق بشأن حماية الممتلكات الثقافية لم تكن وليدة اللحظة بل كان االهتمام‬

‫المسلحة‪ ،441‬حيث أفردت الئحة الهاي‬


‫منذ القدم بضرورة حماية الممتلكات الثقافية ودور العبادة أثناء النزاعات ُ‬

‫لعام ‪ 1988‬و عام ‪ ،4421907‬وسائل عدة لحماية الممتلكات والمؤسس ات الثقافية‪ ،‬كما جاء ميثاق رويريخ لعام‬

‫‪ُ ،4431935‬ليع زز ه ذه الحماي ة‪ ،‬حيث ُيع د وثيق ة دولي ة م ازالت س ارية إلى اآلن و ُمل زم لل دول األمريكي ة الموقع ة‬

‫عليه‪،444‬وق د نص على حماي ة اآلث ار التاريخي ة والمؤسس ات الثقافي ة والتربوي ة والفني ة والعلمي ة واعتباره ا أم اكن‬
‫‪445‬‬
‫‪.‬‬ ‫محايدة يجب حمايتها واحترامها‬

‫وقد وضعت العديد من التشريعات واألسس القانونية لضمان حماية الممتلكات الثقافية‪ ،‬واحتوت على العديد‬

‫المتمثل ة في االتفاقيات‬
‫من القواعد التي تكفل الحماية الخاصة لألعيان الثقافي ة والدينية‪ ،‬كما عملت آليات الحماية ُ‬

‫الثقافي ة على ثالث ة اتجاه ات رئيس ة االتج اه األول يتمث ل في االتفاقي ات والوث ائق ذات الط ابع الع ام أو اإلقليمي‪،‬‬

‫واالتجاه الثاني يتمثل في القرارات والتوصيات الصادرة عن اليونيسكو وغيرها من المنظمات‪ ،‬أما االتجاه الثالث‬

‫واألخير يتمثل في العمل الدولي المشترك من مؤتمرات ووثائق دولية ومشاريع وغيرها‪.446‬‬

‫‪ . 441‬تقرير بعنوان العدوان اإلسرائيلي المفتوح‪ V‬على قطاع غزة جرائم ضد اإلنسانية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪. 16‬‬
‫‪ . 442‬منها ما جاء في المادة ‪ 27‬من الالئحة الرابعة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية لعام ‪ 1907‬جاء فيها " في حاالت الحص‪VV‬ار أو القص‪VV‬ف يجب‬
‫اتخ‪V‬اذ كاف‪V‬ة الت‪V‬دابير الالزم‪V‬ة لتف‪V‬ادي الهج‪V‬وم‪ ,‬ق‪V‬در المس‪V‬تطاع‪ ,‬على المب‪V‬اني المخصص‪V‬ة للعب‪V‬ادة والفن‪V‬ون والعل‪V‬وم واألعم‪V‬ال الخيري‪V‬ة واآلث‪V‬ار التاريخي‪V‬ة‬
‫والمستشفيات والمواقع التي يتم فيها جمع المرضى والجرحى‪ ,‬شريطة أال تستخدم في الظروف السائدة آنذاك ألغراض عسكرية‪.‬‬
‫ويجب على المحاصرين أن يضعوا على هذه المباني أو أماكن التجمع عالمات ظاهرة محددة يتم إشعار العدو بها مسبقاً‪.‬‬
‫‪ . 443‬مقترح‪ V‬من نيكوالي رويرخ (رسام روسي ) ‪ ،‬وهو معاهدة خاص‪V‬ة بحماي‪VV‬ة المؤسس‪V‬ات الفني‪V‬ة والعلمي‪VV‬ة واالث‪VV‬ار التاريخي‪V‬ة اعتم‪VV‬د في واش‪V‬نطن ‪16‬‬
‫ديسمبر‪ ، 1933‬يضمن حماية الممتلكات‪ V‬الثقافية ضمن اطار عصبة االمم‪ ،‬حيث يعتبر هذا الميث‪VV‬اق األم‪VV‬اكن الثقافي‪VV‬ة أم‪VV‬اكن محاي‪VV‬دة س‪VV‬واء ك‪VV‬انت مملوك‪VV‬ة‬
‫للدولة ام ال (المادة األولى من ميثاق رويرخ)‪ ،‬وعليه اليجوز اإلعتداء عليها اطالق‪VV‬ا اال في حال‪VV‬ة اس‪VV‬تخدمت لالغ‪VV‬راض العس‪VV‬كرية (الم‪VV‬ادة الخامس‪VV‬ة من‬
‫ميثاق روريخ )‪ ،‬عندها يجوز تجريدها من الحصانة وضمن هذا الميثاق الزامية الدول بحماية هذه الممتلك‪VV‬ات‪ ، V‬وايض‪VV‬احدد الي‪VV‬ة لمس‪VV‬اءلة ال‪VV‬دول في حال‪V‬ة‬
‫قيامها باإلعتداء غير المشروع عليها و حث الدول على القيام بمالئمة قوانينها الوطنية مع ه‪V‬ذا الميث‪V‬اق(الم‪V‬ادة الثاني‪V‬ة من ميث‪V‬اق روي‪V‬رخ) ‪.‬لالطالع على‬
‫الميثاق كامل انظر ‪.‬عمر سعدهللا ‪.‬القانون الدولي اإلنساني وثائق وآراء ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪. 285‬‬
‫‪ . 444‬علي خليل الحديثي ‪ .‬حماية الممتلكات‪ V‬الثقافية في القانون الدولي مرجع سابق صــ ‪.37‬‬
‫‪. 445‬المادة األولى من ميثاق‪ V‬رويرخ‪ -‬واشنطن ‪.‬‬
‫‪ .446‬علي خليل الحديثي حماية الممتلكات‪ V‬الثقافية في القانون الدولي ‪.‬مرجع سابق صــ ‪. 23‬‬

‫‪117‬‬
‫وكان موقف القضاء الدولي الجنائي صريحاً وواضحاً بشأن مسألة حماية الممتلكات الثقافية فقد أصدرت‬

‫الدائرة االبتدائية للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا أحكاماً باإلدانة لمتهمين بجرائم تتعلق بتدمير الممتلكات ونهبها‬
‫‪447‬‬
‫‪ ،‬ولم ا ك انت ه ذه القواع د في األس اس ذات ط ابع ع رفي‪،‬‬ ‫المخصص ة للعب ادة أو التعليم‬
‫وت دمير المؤسس ات ُ‬

‫فالدول غير األطراف تلتزم باالتفاقيات والنصوص التي كفلت الحماية لهذه الممتلكات وأماكن العبادة حتى لو لم‬

‫تكن طرفاً فيها ‪.448‬‬

‫ونظ راً لم ا تعرض ت ل ه الممتلك ات الثقافي ة من ت دمير بع د الح رب العالمي ة الثاني ة‪ ،‬فق د ظه رت الحاج ة إلى‬

‫اتفاقية عالمية‪ ،‬وعليه أبرمت اتفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬في المؤتمر الذي نظمته منظمة اليونسكو بين ‪ 21‬أبريل‬

‫إلى ‪ 14‬مايو ‪ 1954‬لتكون أول اتفاق عالمي شامل وخاص بالممتلكات الثقافية في النزاعات الدولية وغير الدولية‬
‫‪449‬‬
‫وب ذلك يمكن الق ول أن ه ذه االتفاقي ات ش كلت مرحل ة مهم ة من مراح ل التنظيم ال دولي له ذه القواع د في ق الب‬

‫اتفاقي‪.‬‬

‫وعلي ه س يتم تس ليط الض وء من خالل ه ذا المطلب على أحك ام الحماي ة ال تي كفلته ا اتفاقیة حماي ة الملكیة‬

‫الثقافیة لس نة ‪ 1954‬وبروتوكوليه ا اإلض افيين في الف رع األول ‪ ،‬ثم س يتم بيان أحك ام الحماية ال واردة في اتفاقيات‬

‫جنيف لعام ‪ 1949‬و البروتوكولين اإلضافي ين لعام ‪ 1977‬في الفرع الثاني ‪ ،‬وذلك على النحو التالي ‪-:‬‬

‫‪450‬‬
‫‪:‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬أحكام حماية الممتلكاتـ الثقافيـةـ الــواردة في اتفاقيــة الهــاي ‪ 1954‬وبروتوكوليهــا اإلضــافيين‬

‫تتب اين قواع د الحماي ة ال تي تتمت ع به ا الممتلك ات الثقافي ة في ف ترات ال نزاع المس لح تبعاً لن وع الحماي ة المق ررة‬

‫‪ .447‬كمثال أدانت المحكمة المتهم " تيهومير بالسكيتش‪ " V‬بتاريخ ‪ 3‬مارس ‪ .2000‬شريف عتلم القانون الدولي اإلنساني ‪.‬دليل األوساط األكاديمية ‪.‬مرج‪VV‬ع‬
‫سابق ‪.‬صــ ‪. 31‬‬
‫‪ .448‬حول مبدأ مارتنز ومبدأ ليبر انظر هامش رقم ‪ 137‬وهامش رقم ‪.55‬‬
‫‪ .449‬الذي ينص على أن يظل المدنيون والمقاتلون في الحاالت الغير منصوص عليها في االتفاقيات تحت حماية وسلطة مبادئ قانون الشعوب المنبثقة عن‬
‫التقاليد والمبادئ اإلنسانية وما يمليه الضمير العام‪ ،‬فهذا الشرط يبقى نافذا بصرف النظ‪V‬ر عن توقي‪V‬ع ال‪V‬دول لالتفاقي‪V‬ات من عدم‪V‬ه ذل‪V‬ك أن الق‪V‬انون ال‪V‬دولي‬
‫اإلنساني يعتبر الدول الموقعة وغير الموقعة على االتفاقيات الدولية ذات الطابع اإلنساني ملزمة باحترام قواعد القانون الدولي العرفي التي تضمنتها منه‪VV‬ا‬
‫القواعد الخاصة بحماية الممتلكات‪ V‬الثقافية وتتحمل تلك الدول مسؤولية عدم االلتزام بها رقي‪V‬ة عواش‪V‬رية ‪.‬حماي‪V‬ة الم‪V‬دنيين واألعي‪V‬ان المدني‪V‬ة في النزاع‪V‬ات‬
‫ال ُمسلحة غير الدولية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 283‬‬
‫‪. 450‬تتك‪VV‬ون منظوم‪VV‬ة اتفاقي‪VV‬ة اله‪VV‬اي لع‪VV‬ام ‪ 1954‬من االتفاقي‪VV‬ة ذاته‪VV‬ا والالئح‪VV‬ة التنفيذي‪VV‬ة المرفق‪VV‬ة به‪VV‬ا‪ ،‬وبروتوك‪VV‬ول إض‪VV‬افي أول لالنقافي‪VV‬ة ثم تم اعتم‪VV‬اد‬
‫البروتوكول اإلضافي الثاني لالتفاقية لعام ‪ 1999‬لالطالع على نص الميثاق كامل انظر ‪ :‬عمر سعد هللا ‪ .‬القانون الدولي (وثائق وآراء ) ‪ .‬مرج‪VV‬ع س‪VV‬ابق ‪.‬‬
‫صــ ‪ 289‬وما بعدها ‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫للممتلكات الثقافية‪ ،‬وتنقسم هذه الحماية بحسب ما جاءت به اتفاقية الهاي ‪ 1954‬وبروتوكولها الثاني‪ ،‬إلى ثالثة‬

‫أنواع وهي كالتالي ‪:‬‬

‫الممتلكات الثقافية‪ ،‬باعتبارها جزءاً‬


‫الحماية العامة‪-:‬ـ بموجب هذه الحماية تتعهد الدول األطراف بحماية ُ‬ ‫‪-‬‬

‫بشكل تلقائي ‪ ،452‬حيث تتعه د ال دول األط راف باالمتن اع عن اس تعمال الممتلك ات‬ ‫‪451‬‬
‫من الممتلك ات المدني ة‪،‬‬

‫المخصصة لحمايتها أو األماكن المجاورة لها مباشرة ألغراض قد تعرضها للتدمير أو‬
‫الثقافية أو الوسائل ُ‬

‫التلف في حالة النزاع المسلح ‪ ،‬وامتناعها أيضاً عن أي عمل عدائي موجه ضد هذه الممتلكات‪ ،453‬وكذلك‬

‫االمتناع عن أية تدابير انتقامية تمس هذه الممتلكات‪.454‬‬

‫وتقوم الحماية الواردة في اتفاقية الهاي ‪ 1954‬على عدة أسس أهمها ضرورة توفير الوقاية واالحترام ‪،455‬‬

‫وبغض النظر عن مصدر هذه الممتلكات أو مالكها أو طبيعتها أو موقعها فاالعتبار األساسي هو قيمتها التاريخية‪،‬‬

‫إلنق اذ ال تراث اإلنس اني من ويالت الح روب ‪ ،‬حيث تمنح الحماي ة العام ة لجمي ع أن واع الممتلك ات الثقافي ة ‪،456‬مم ا‬

‫يفيد بأن اختالف األصل أو حتى المالك اليؤثر في مدى الحماية المقررة‪ ،‬فالحماية تُطبق دون أي تمييز ‪ ،‬وهو ما‬

‫نصت عليه المبادئ الخاصة بحماية الممتلكات في اتفاقيتي الهاي ‪ 1899‬و‪ 1907‬وحتى ميثاق روريخ ‪.457‬‬

‫‪ . 451‬المادة ‪ 4‬من اتفاقية الهاي لعام ‪. 1954‬‬


‫‪ . 452‬محمد سامح عمرو‪ .‬حماية الممتلكات‪ V‬واألعيان الثقافي‪VV‬ة في ف‪VV‬ترات ال‪VV‬نزاع المس‪VV‬لح‪ .‬في م‪VV‬ؤتمر ‪ :‬ال‪VV‬دورة اإلقليمي‪VV‬ة الثاني‪VV‬ة في مج‪VV‬ال الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي‬
‫اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 120‬‬
‫‪ . 453‬المادة ‪ 4‬الفقرة ‪1‬‬
‫‪. 454‬نعمان عطا هللا ‪.‬قانون الحرب بالقانون الدولي اإلنساني ‪ .‬دار ومؤسسة رسالن سوريا ‪.‬الطبعة األولى ‪ . 2008‬صـ‪.34‬‬
‫‪ . 455‬المادة ‪ 2‬من اتفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬بشأن حماية الممتلكات الثقافية نصت على أنه " تشمل حماية الممتلكات الثقافية‪ ،‬بموجب هذه االتفاقي‪VV‬ة‪ ،‬وقاي‪VV‬ة‬
‫هذه الممتلكات‪ V‬واحترامها‪.‬‬
‫‪. 456‬ابراهيم محمد العن‪VV‬اني ‪ .‬الحماي‪VV‬ة القانوني‪VV‬ة لل‪VV‬تراث اإلنس‪VV‬اني والبيئ‪VV‬ة وقت النزاع‪VV‬ات ال ُمس‪VV‬لحة ‪.‬الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي اإلنس‪VV‬اني "آف‪VV‬اق وتح‪VV‬ديات"‪ .‬مرج‪VV‬ع‬
‫سابق ‪.‬صــ‪. 28‬‬
‫‪ . 457‬مصطفى أحمد فؤاد ‪.‬حماية األماكن الدينية المقدسة في منظور القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني "افاق وتح‪VV‬ديات"‪ .‬مرج‪VV‬ع س‪VV‬ابق ‪.‬‬
‫صــ ‪. 35‬‬

‫‪119‬‬
‫‪458‬‬
‫وتعني الوقاية اتخاذ كافة التدابير الوقائية التي تتخذها كل دولة داخل إقليمها لحماية الممتلكات الثقافية‬
‫‪459‬‬
‫من ذ الس لم لوقاي ة ه ذه الممتلك ات في حال ة ان دالع العملي ات العس كرية‪ ،‬إال أنه ا وفي ه ذا‬ ‫وفي ك ل األوق ات‬

‫االلتزام اكتفت بالقول "اتخاذ التدابير التي تراها مناسبة " ‪.460‬‬

‫وبالت الي ف إن اله دف المنص وص علي ه ه و مج رد اتخ اذ الت دابير المناس بة‪ ،‬بغض النظ ر عن تحق ق النتيج ة‬

‫المطلوبة وهي المحافظة على هذه الممتلكات في حين أن العكس هو األولى فالسعي نحو تحقق النتيجة هو الهدف‬

‫من هذه التدابير أساساً ‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك فإن االتفاقية لم تُحدد نوع هذه التدابير وتركتها مبهمة نوع اً ما‪ ،‬و لم‬

‫تُقدم أي تفاصيل بشأن هذه التدابير التي يتعين على الدول اتخاذها‪.461‬‬

‫المتعاقدة احترام الممتلكات الثقافية‬


‫أما االحترام فنطاقه أوسع من نطاق الوقاية حيث أوجب على األطراف ُ‬

‫الكائن ة س واء في أراض يها أو أراض ي األط راف المتعاق دة األخ رى‪ ،‬وذل ك من خالل اتخ اذ كاف ة اإلج راءات‬

‫المسلح وحتى وقت االحتالل ‪ ،462‬وال يمكن التحلل‬


‫والتدابير الحمائية لها ومنع أي تعرض ضار بها وقت النزاع ُ‬

‫من هذه االلتزامات إال في حالة الضرورة العسكرية القهرية ‪ ،463‬وعليه فهذه التدابير المنصوص عليها وكما هو‬

‫مالحظ بأنها تدابير موجهة للدول ولجميع أفرادها من الجهات والموظفين المدنيين‪ ،‬أما ما جاءت ب ه الم ادة ‪ 7‬من‬
‫‪464‬‬
‫فك انت موجه ة بطريق ة واض حة وص ريحة ألف راد‬ ‫ذات االتفاقي ة ال تي أوجبت ض رورة اتخ اذ ت دابير عس كرية‬

‫الدولة من الجهات والمنتسبين للسلك العسكري وذلك وفق ماجاءت به المادة ‪.‬‬

‫‪ . 458‬علي خليل الحديثي حماية الممتلكات‪ V‬الثقافية في القانون الدولي ‪.‬مرجع سابق صــ ‪. 57‬‬
‫‪ . 459‬المادة ‪ 1‬من اتفاقية الهاي لعام ‪. 1954‬‬
‫‪ . 460‬المادة ‪ 3‬من اتفاقية الهاي لعام ‪. 1954‬‬
‫‪461‬‬
‫‪. Jean-Marie Henckaerts. New rules for the protection of cultural property in armed conflict: the significance of‬‬
‫‪the Second Protocol to the 1954 Hague Convention for the Protection of Cultural Property on the Event of Armed‬‬
‫‪Conflict Marı´a Teresa Dutli .Protection of Cultural Property in the Event of Armed Conflict. ICRC.. Geneva,‬‬
‫‪February 2002. p.g 30.‬‬
‫‪ . 462‬مصطفى أحمد ف‪V‬ؤاد ‪.‬حماي‪V‬ة األم‪V‬اكن الديني‪V‬ة المقدس‪V‬ة في منظ‪V‬ور الق‪V‬انون ال‪V‬دولي اإلنس‪V‬اني ‪ .‬الق‪V‬انون ال‪V‬دولي اإلنس‪V‬اني "آف‪V‬اق وتح‪V‬ديات"‪ .‬مرج‪V‬ع‬
‫سابق ‪.‬صــ ‪. 29‬‬
‫‪ . 463‬المادة ‪ 2/ 4‬من اتفاقية الهاي لعام ‪. 1954‬‬
‫‪ . 464‬تتمثل التدابير العسكرية بحسب ما جاءت به المادة ‪ 7‬من اتفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬في غرس روح االحترام الواجب لهذه الممتلكات لدى العسكريين‬
‫و أن تدرج منذ وقت السلم‪ ،‬في اللوائح والتعليمات الخاصة بقواتها‪ V‬العسكرية أحكاما تكفل تطبيق هذه االتفاقية وتعليمات‪ V‬المحافظة على هذه الممتلك‪VV‬ات‪ V‬في‬
‫المناهج التعليمية على المستويين المدني والعسكري‪ ،‬وأيضا القي‪VV‬ام بإع‪VV‬داد أقس‪VV‬ام أو إخص‪VV‬ائيين أو بإلح‪V‬اقهم في ص‪VV‬فوف قواته‪VV‬ا ال ُمس‪VV‬لحة‪ ،‬تك‪VV‬ون مهمتهم‪V‬‬
‫السهر على احترام الممتلكات الثقافية ومعاونة السلطات المدنية المسؤولة عن حماية هذه الممتلكات‪V.‬‬

‫‪120‬‬
‫كما قد عالجت اتفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬حالة االحتالل الحربي؛ حيث نصت على ضرورة توفير الحماية‬

‫واالحترام للممتلكات الثقافية حتى أثناء االحتالل ففرضت على عاتق سلطات االحتالل واجبات ُمحددة ‪ ،465‬منها‬
‫‪466‬‬
‫إيقاف كل أعمال السرقة والنهب والتحويل مهما كان شكلها‪ ،‬إال في حالة الضرورة ‪ ،‬ويسري هذا االلتزام أيض اً‬

‫المسلحة ‪ ،‬وعليه فإن على الطرف المتعاقد الذي تعترف حركة المقاومة بحكومته‬
‫على أعضاء حركات المقاومة ُ‬

‫كحكومة تمثله أن يذكرهم ويلفت نظرهم لهذا االلتزام على الدوام ‪.467‬‬

‫هذا وقد رتب البرتوكول اإلضافي األول التفاقية الهاي ‪ 1954‬عدة التزامات على الدول األط راف حيث‬
‫‪468‬‬
‫‪ ،‬وعلى ضرورة حراسة‬ ‫أكد على ضرورة منع تصدير الممتلكات الثقافية في األراضي الواقعة تحت االحتالل‬

‫أي ة ممتلك ات ثقافي ة تم اس تيرادها س واء بطري ق مباش ر أو غ ير مباش ر عن أي ة أرض واقع ة تحت االحتالل‪ ،‬وق د‬

‫يك ون إم ا تلقائي اً أو بطلب من الس لطات المختص ة في األراض ي المحتلة‪ ،469‬كم ا نص ال بروتوكول األول على‬

‫المسلح وع دم‬
‫الممتلك ات الثقافي ة ال تي تم إي داعها ل دى دول أخ رى لحمايته ا من أخط ار النزاع ات ُ‬
‫ض رورة إع ادة ُ‬

‫جواز حجزها باعتبارها تعويضات حرب ‪.470‬‬

‫‪471‬‬
‫على الممتلكات الثقافية الموضوعة‬ ‫وبغية الوصول إلى حماية أكبر أقرت المادة ‪ 10‬وضع شعار مميز‬

‫تحت نظام الحماية الخاصة‪ ،‬وجعلها ذات طابع دولي وفق أحكام الالئحة التنفيذية ‪ ،472‬وهذا ما أوضحته وأقرته‬

‫أيضاً المادة ‪ 16‬من االتفاقية؛ وذلك تسهيالً لتمييز هذه الممتلكات وتمكين حمايتها بطريقة أكثر فعالية‪.‬‬

‫‪ . 465‬المادة ‪ 5‬من اتفاقية الهاي لعام ‪. 1954‬‬


‫‪ . 466‬مصطفى أحمد فؤاد ‪.‬حماية األماكن الدينية المقدسة في منظور القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني "آفاق وتح‪VV‬ديات"‪ .‬مرج‪VV‬ع س‪VV‬ابق ‪.‬‬
‫صــ ‪ 13‬الى صــ ‪. 15‬‬
‫‪ . 467‬نزار العنبكي‪ . V‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع السابق ‪.‬صـــ ‪.353‬‬
‫‪ . 468‬المادة ‪ 1‬الفقرة ‪ 1‬من اتفاقية الهاي لعام ‪.1954‬‬
‫‪ . 469‬المادة ‪ 1‬الفقرة ‪ .2‬من اتفاقية الهاي لعام ‪.1954‬‬
‫‪ . 470‬سالمة الرهايفة ‪.‬حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪.81‬‬
‫‪ . 471‬المواد ‪ 17 ،6،10،16‬من اتفاقية الهاي لعام ‪. 1954‬‬
‫‪. 472‬مصطفى أحمد فؤاد ‪ .‬حماية األماكن الدينية المقدسة في منظور القانون الدولي اإلنساني ‪.‬ورقة قدمت إلى مؤتمر القانون الدولي اإلنساني ‪.‬منش‪VV‬ورات‬
‫الحلبي ‪.‬لبنان ‪. 2005.‬الطبعة األولى ‪.‬صـــ‪39‬‬

‫‪121‬‬
‫المق رر له ا باعتباره ا أعيان اً مدني ة‬
‫ورغم م ا حظيت ب ه الممتلك ات الثقافي ة من اهتم ام وف ق الحماي ة الخاص ة ُ‬

‫وباعتبارها ممتلكات ثقافية ذات وضع خاص‪ ،‬إال أن االستثناء الوارد في أحكام الحماية العامة للممتلكات الثقافية قد‬

‫أج از ص راحة التخلي عن الحماي ة في األوض اع ال تي تس تلزمها "الض رورات الحربي ة القهري ة " ‪ ،473‬رغم م ا لقي ه‬

‫إدخ ال مفه وم الض رورة العس كرية من ُمعارض ة من ج انب ع دد كب ير من ال دول ال ذين أش اروا إلى أن إدخ ال ه ذا‬

‫المفهوم سيؤدي إلى اإلقالل من فعالية هذه االتفاقية وستُشكل تناقضاً‪.474‬‬

‫وبالت الي فق د مثّ ل هذا االستثناء ضعفاً خطيراً في هذا البن د ب ل وفي االتفاقي ة بشكل ع ام‪ ،‬خاصة مع ع دم‬

‫احت واء االتفاقي ة على تعري ف لمفه وم "الض رورات الحربي ة القهري ة "‪ ،‬واس تنادها فق ط إلى أص ول مب دأ الض رورة‬

‫العسكرية الذي من الممكن إرجاعه إلى مدونة ليبر‪ ، 475‬وعليه فهذا الغموض من شأنه أن يتعارض مع فعالية الم ادة‬

‫الرابع ة كقي د على الح رب بش كل ع ام‪ ،476‬كم ا أن فك رة الض رورة غامض ة ج داً من جه ة ص عوبة تفس يرها وتعليم‬

‫القوات كيفية التعامل مع هذا المفهوم بشكل عام‪.477‬‬

‫المخ ول باتخ اذ ق رار توجي ه الهج وم‬


‫كم ا لم يتم في نص اتفاقي ة ع ام ‪ 1954‬تحدي د درج ة أو مكان ة الش خص ُ‬

‫الممتلكات الثقافية في حالة فُقدانها للحماية العامة التي تتمتع بها استناداً إلى الضرورات العسكرية القهرية‪،‬‬
‫على ُ‬

‫وكذلك في حالة ما إذا كان يلزم إعطاء إنذار ُمسبق فعلي من عدمه‪ ،478‬وعليه وباعتبار أن هذه الممتلكات جزء من‬

‫األعيان المدنية يجب الرجوع إلى التدابير االحتياطية التي نصت عليها المادة ‪ 57‬من البروتوكول اإلضافي األول‬

‫عند رفع الحظر عن الممتلكات الثقافية التي تتحول من حيث وظيفتها إلى هدف عسكري‪ ،‬وحالة عدم وجود بديل‬

‫عملي يحقق الميزة العسكرية المرجوة‪.‬‬

‫‪ . 473‬ما جاء في الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 4‬من اتفاقية الهاي لعام ‪ " 1954‬ال يجوز التخلي عن االلتزام‪VV‬ات ال‪VV‬واردة في الفق‪VV‬رة األولى من ه‪VV‬ذه الم‪VV‬ادة‪ ،‬إال في‬
‫الحاالت التي تستلزمها‪ V‬الضرورة العسكرية القهرية " ‪.‬‬
‫‪ . 474‬كمال حماد ‪ .‬النزاع الدولي المسلح والقانون الدولي العام ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 126‬‬
‫‪475‬‬
‫‪. Jean-Marie Henckaerts. New rules for the protection of cultural property in armed conflict ibid. P.g 32‬‬
‫‪ . 476‬ناريمان عبدالقادر ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني واتفاقية الهاي لعام‪ 1954‬وبروتوكوليها‪ V‬لحماي‪VV‬ة الممتلك‪VV‬ات‪ V‬الثقافي‪VV‬ة في زمن ال‪VV‬نزاع المس‪VV‬لح ‪ .‬الق‪VV‬انون‬
‫الدولي اإلنساني "آفاق وتحديات"‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪89‬‬
‫‪477‬‬
‫‪. Jean-Marie Henckaerts. New rules for the protection of cultural property in armed conflict ibid. P.g 32 .‬‬
‫‪ . 478‬محمد سامح عمرو‪ .‬حماية الممتلكات‪ V‬واألعي‪V‬ان الثقافي‪V‬ة في ف‪V‬ترات ال‪V‬نزاع المس‪V‬لح‪ .‬في م‪V‬ؤتمر‪ V‬ال‪V‬دورة اإلقليمي‪V‬ة الثاني‪V‬ة في مج‪V‬ال الق‪V‬انون ال‪V‬دولي‬
‫اإلنساني‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 121‬‬

‫‪122‬‬
‫وكخالصة يمكن القول‪ :‬بأن الحماية العامة الواردة في اتفاقية الهاي ‪ 1954‬بشأن حماية الممتلكات الثقافية‬
‫ُ‬

‫نابع ة من ك ون ه ذه الممتلك ات جزءاً من األعي ان المدني ة‪ ،‬وبالت الي تتمت ع بحماي ة مزدوج ة؛ حيث تخضع من جه ة‬

‫بحكم طابعها المدني‪ ،‬ومن جهة أخرى باعتبارها جزءاً من التراث اإلنساني والثقافي والروحي للشعوب‪.479‬‬

‫ورغم اهتم ام اتفاقي ة اله اي لع ام ‪ 1954‬بإيج اد حماي ة مناس بة للممتلك ات الثقافي ة إال أن الهشاش ة ال تي‬

‫المف ترض أن ت أتي القواع د أك ثر‬


‫المناس بة لتحقي ق الحماي ة‪ ،‬وعلي ه ك ان من ُ‬
‫تمتعت به ا قواع دها أفق دها الفعالي ة ُ‬

‫ومخصصة لها وجاءت كنتاج فكري يسعى‬


‫وضوحاً ودقة‪ ،‬خاصة وأنها اتفاقية خاصة بحماية الممتلكات الثقافية‪ُ ،‬‬

‫إلى الوصول إلى حماية فعاّلة للممتلكات الثقافية وضمان عدم تعرضها إلى أي اعتداء‪ ،‬إال إنها لم تحمل الوضوح‬

‫أو الدق ة المطلوب ة‪ ،‬وك ان األولى أن ت أتي ه ذه االتفاقي ة ب دون أي اس تثناء ‪،‬خاص ة وأن ه لم يتوص ل إلى اآلن إلى‬

‫مفه وم للض رورة العس كرية ال تي تُ برر التخلي عن ه ذه الحماي ة‪ ،‬ويمكن اعتب ار ه ذا الض عف ه و الس بب ال رئيس‬

‫والدافع وراء نشوء حماية خاصة نصت عليها االتفاقية لبعض الممتلكات الثقافية‪ ،‬وهو ما سيتم بيانه تالياً‪:‬‬

‫الحماية الخاصة ‪ -:‬لقد نصت اتفاقية الهاي لعام ‪( 1954‬المواد من ‪ 8‬إلى ‪ )11‬على إمكانية منح ما ُيسمى‬

‫حماية خاصة لعدد محدود من الممتلكات الثقافية تتطلب ظروفاً وشروطاً خاصةً‪ ،‬وتتضمن هذه المواد مجموع ةً من‬

‫اإلجراءات التي يتعين على الدول اتباعها قبل اندالع العمليات القتالي ة‪ ،‬وذلك من أجل توفير حماية وقائية خاصة‬

‫له ذه الممتلك ات ‪ ،480‬وق د ح ددت الم ادة ‪ 8‬بعض األعي ان ال تي ُيمكن منحه ا الحماي ة الخاص ة‪ ،‬وهي المخ ابئ‬

‫المخصصة لحماية الممتلكات الثقافية المنقولة‪ ،‬ومراكز األبنية التذكارية‪ ،‬والممتلكات الثقافية الثابتة واألخرى ذات‬
‫ُ‬

‫األهمية الكبرى‪ ،‬بشرط توافر شروط معينه ومحددة وهي‪-:‬‬

‫رمى عس كري‬
‫أن تك ون ه ذه المخ ابئ أو المراك ز على مس افة كافي ة من أي مركز صناعي كب ير أو أي م ً‬ ‫أ‪.‬‬

‫هام‬

‫‪ . 479‬عمر سعد هللا ‪.‬القانون الدولي اإلنساني الممتلكات‪ V‬المحمية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 23‬‬
‫‪ . 480‬حسين علي الدريدي ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 298‬‬

‫‪123‬‬
‫أن ال تستعمل ألغراض عسكرية‪.481‬‬ ‫ب‪.‬‬

‫وق د تع رض الش رط الخ اص بوج وب أن تك ون ه ذه المخ ابئ أو المراك ز على مس افة كافي ة وبعي دة عن‬

‫ومح دد للمقصود من هذه العب ارة س واء في‬


‫األهداف العسكرية‪ ،‬للكث ير من االنتق ادات؛ نظراً لغي اب معيار واضح ُ‬

‫المرفقة بها ‪ ،482‬وعليه فإن بعض التفسيرات جاءت على أن تحديد هذه المسافة يكون‬
‫االتفاقية أو اللوائح التنفيذية ُ‬

‫المسلحة‪ ،‬خاصة وأنه لم يوجد‬


‫بالنظر لظروف كل حالة وذلك تبعاً لألوضاع السائدة بشأن كل نزاع من النزاعات ُ‬

‫اتفاق عام على قبول معيار واحد لتحديد المقصود من هذه العبارة‪ ،483‬وبالتالي فإن االستجابة الضعيفة لبنود هذه‬

‫االتفاقية‪ ،‬ينبع من غموض العبارات‪ ،‬وهو ما ُيشكل عيب اً جوهرياً في قواعدها‪ ،‬باعتبار عدم وجود معيار ُمناسب‬

‫يتحكم في االجتهادات التفسيرية التي قد تظهر لتوضيح هذه القواعد‪.‬‬

‫ه ذا باإلض افة إلى أن الكث ير من ال دول ق د تُخ ل بالتزاماته ا أثن اء نش وب ال نزاع ُمعلل ه الهج وم بق رب ه ذه‬

‫الم متلكات من أهداف عسكرية‪ ،‬كما قد يؤدي هذا الشرط إلى حرمان بعض الممتلكات الثقافية الثابتة بسبب موقعها‬
‫ُ‬

‫القريب لألهداف العسكرية من مزايا الحماية الخاصة‪.484‬‬

‫فالشرطان تصاعديان بمعنى أن األمر ال يقف عند حرمان هذه الممتلكات من الحماية بمجرد استخدامها في‬

‫أغراض عسكرية بل يتعدى ذلك ليصل إلى االستثناء من الحماية بمجرد وجودها بالقرب من أهداف عسكرية‪،485‬‬

‫وبالتالي فهذه االنتقادات في محلها وتدفع إلى قلق حقيقي‪ ،‬وعليه كان من المفترض أن تكون الشروط أكثر واقعية‬

‫كأن تكون هذه الحماية ُمطلقة ودون أي قيد أو شرط‪ ،‬وذلك حتى ُيجبر أطراف النزاع على استنفاذ كافة الوسائل‬

‫‪ . 481‬كمطار مثال او محطة إذاعية او مصنع يعمل للدفاع الوطني او ميناء او محطة للسكك الحديدية ذات أهمية او طريق مواصالت هام‪ ،‬ورغم ذلك إال‬
‫أنه قد توضع هذه الممتلكات مهما كان موقعها طالما كانت في مامن من استهدافها بالقنابل وأيضا متى تعه‪VV‬دت ال‪VV‬دول األط‪VV‬راف بع‪VV‬دم اس‪VV‬تعمالها في حال‪VV‬ة‬
‫نشوب نزاع مسلح ‪ .‬المادة الثامنة فقرة أ البندان أ وب من اتفاقية الهاي لعام ‪. 1954‬‬
‫‪ . 482‬يقصد بها الالئحة التنفيذية التفاقية الهاي لعام ‪. 1954‬‬
‫‪ . 483‬محمد سامح عمرو‪ .‬حماية الممتلكات واألعي‪V‬ان الثقافي‪V‬ة في ف‪V‬ترات ال‪V‬نزاع المس‪V‬لح‪ .‬في م‪V‬ؤتمر‪ V‬ال‪V‬دورة اإلقليمي‪V‬ة الثاني‪V‬ة في مج‪V‬ال الق‪V‬انون ال‪V‬دولي‬
‫اإلنساني‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪125‬و صـــ ‪. 126‬‬
‫‪ . 484‬نزار العنبكي‪ V.‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪.353‬‬
‫‪ . 485‬ابتسام كامل نجم الدين ‪ .‬حماية الممتلكات‪ V‬الثقافية وفقا ً لقاون المعاهدات الدولية ‪ .‬مجلة العدل ‪.‬العدد التاسع عشر ‪ .‬السنة الثامنة ‪.‬صـــ ‪. 369‬‬

‫‪124‬‬
‫واألساليب المتاحة قبل استخدام الهجوم كحل استثنائي ألصل مقرر وهو الحماية‪ ،‬خاصة وأن هذه الحماية تحكم‬

‫ممتلكات ذات أهمية بالنسبة للتراث والثقافة البشرية‪.‬‬

‫المتعل ق ب أال تُس تعمل ألغ راض حربي ة‪ ،‬فق د ش ددت االتفاقي ة في مفه وم االس تخدام‬
‫أم ا م ا يخص الش رط ُ‬
‫‪486‬‬
‫حيث اعت برت اس تعماالً ألغ راض حربي ة‪ ،‬ك ل اس تخدام لمرك ز األبني ة التذكاري ة في تنقالت‬ ‫ألغ راض حربي ة‬

‫الجنود أو المواد الحربية ولو لمجرد العبور‪ ،‬أو القيام بأعمال لها صلة مباشرة بالعمليات الحربية أو أقيمت فيه‬

‫ق وات حربي ة أو ص ناعة م واد حربي ة ‪ ،487‬وبينت في ذات ال وقت ومنع اً لح دوث أي التب اس أن وج ود ح راس‬

‫مسلحين وضعوا خصيص اً لحماية الممتلكات ال يعتبر استعماالً عسكرياً‪ ،‬وينطبق ذلك على قوات الشرطة المدنية‬

‫الذين تكون مهمتهم حفظ النظام أو األمن العام‪.488‬‬

‫واستثنت االتفاقية من هذا الشرط بعض الممتلكات الثقافية التي تجاور بعض األهداف الحيوية كالمطار الحربي‬

‫أو مين اء أو مص نع إلنت اج األس لحة العس كرية‪ ،‬إال إذا تم وض عها تحت نظ ام حماي ة خ اص‪ ،‬واش ترطت له ذا‬

‫المتعاق د ال ذي تخص ه ه ذه الممتلك ات بع دم اس تعمالها في أغ راض عس كرية عن د‬


‫االس تثناء تق ديم تعه د من الط رف ُ‬

‫نشوب أي نزاع ُم سلح‪ ،‬وتحويل كل حركة مرور من هذه المواقع ومنذ وقت السلم‪.489‬‬

‫إضافة إلى توافر هذين الشرطين هناك شرط آخر هو شرط التسجيل في السجل الدولي للممتلكات الثقافية‬

‫لمنح الحماية الخاصة ‪ ،490‬وهو إجراء وقائي خاص يبين أهمية هذه الممتلكات كإرث ثقافي إنساني يرسخ ضرورة‬

‫المحافظة عليها وتجنيبها أي آثار ألي هجوم عسكري ُمحتمل ‪.491‬‬

‫‪ . 486‬نزار العنبكي‪ V.‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪.354‬‬


‫‪ . 487‬المادة ‪ 8/3‬من اتفاقية الهاي ‪.1954‬‬
‫‪ . 488‬المادة ‪ 8/4‬من اتفاقية الهاي ‪ 1954‬والمادة ‪ 12‬من الالئحة التنفيذية ‪.‬‬
‫‪ . 489‬المادة ‪ 8/5‬من اتفاقية الهاي ‪.1954‬‬
‫‪ . 490‬طبقا ً للفقرة السادسة للمادة الثامنة من اتفاقية الهاي لعام ‪ ،1954‬والمادة ‪ 12‬من الالئحة التنفيذية التفاقية الهاي لعام ‪1954‬‬
‫‪. 491‬حسين علي الدريدي‪ .‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪.353‬‬

‫‪125‬‬
‫و يشرف على هذا السجل مدير عام منظمة اليونسكو وال تتمتع هذه الممتلكات والمراكز أو المخابئ بالحماية‬

‫الخاص ة‪ ،‬إال إذا تم قي دها في الس جل‪ ،‬ويمكن ألي دول ة الح ق في االع تراض على التس جيل المق دم وإ ب داء األس باب‬

‫الم متلك غير ثقافي أو أنه لم تتوافر فيه شروط الحماية الخاصة المقررة بموجب المادة الثامنة من اتفاقية‬
‫كأن يكون ُ‬

‫الهاي‪.492‬‬

‫وه و م ا ُيقل ل من فعالي ة ه ذه الحماي ة‪ ،‬فالحماي ة تبقى ُمعلق ة على ش رط ع دم االع تراض على التس جيل‪،‬‬

‫المترتبة على ذلك‪ ،‬فإنه يمكن القول بأنها ال تتناسب مع الهدف المطلوب‪ ،‬فكان األولى عدم‬
‫وبالنظر إلى النتيجة ُ‬

‫تعليقها على شرط عدم االعتراض على التسجيل‪ ،‬الذي قد يخلو في بعض األحيان من الموضوعية‪ ،‬ذلك أن عدم‬

‫االل تزام بالش روط ال واردة في الم ادة ‪ 8‬أو ‪ 9‬من اتفاقي ة اله اي لع ام ‪ ،4931954‬من أح د األط راف س يكون م دعاة‬

‫لالعتراض على التسجيل من قبل األطراف األخرى من ثم الشطب من السجل‪.494‬‬

‫‪495‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك تُرفع الحصانة في حالة ُمخالفة أطراف ال نزاع اللتزام اتهم المنصوص ة في االتفاقية‬

‫المس جلة ل دى اليونس كو‪ ،‬ويص بح بإمك ان الط رف ال ذي ح دث اإلخالل في مواجهت ه‬


‫بع دم االعت داء على الممتلك ات ُ‬

‫المخالف‬
‫المتضرر أن ينذر الطرف ُ‬
‫المخالفة‪ ،‬ويمكن للطرف ُ‬
‫غير مقيد باحترام تلك االلتزامات‪ ،‬طالما استمرت ُ‬

‫المخالفة‪.496‬‬
‫ُمسبقاً لكي يعدل عن ُ‬

‫‪ . 492‬المادة ‪ 14‬من الالئحة التنفيذية التفاقية الهاي لعام ‪. 1954‬‬


‫‪ . 493‬تنص المادة الثامنة بشأن االحتياطات من آثار األعمال العدائية أن تقوم أطراف النزاع إلى أقصى حد مستطاع‪ ،‬بما يلي ‪:‬‬
‫أ ) إبعاد الممتلكات‪ V‬الثقافية المنقولة عن جوار األهداف العسكرية أو توفير حماية كافية لها في موقعها‪.‬‬
‫ب) تجنب‪ V‬إقامة أهداف عسكرية على مقربة من ممتلكات‪ V‬ثقافية‪.‬‬
‫أما المادة المــادة التاسعة بشأن حماية الممتلكات الثقافية في األراضي المحتلة تنص على أنه ‪:‬‬
‫‪ .1‬دون إخالل بأحكام المادتين ‪ 4‬و‪ 5‬من االتفاقية‪ ،‬يحرم ويمنع‪ V‬طرف يحتل أراضي أو جزءاً من أراضي طرف آخر‪ ،‬فيما يتعلق باألراضي المحتلة ‪:‬‬
‫أ ) أي تصدير غير مشروع لممتلكات‪ V‬ثقافية وأي نقل غير مشروع لتلك الممتلكات‪ V‬أو نقل لملكيتها‬
‫ب) أي أعمال تنقيب عن اآلثار‪ ،‬باستثناء الحاالت التي يحتم فيها ذلك صون الممتلكات‪ V‬الثقافية أو تسجيلها أو الحفاظ عليها‪.‬‬
‫ج ) إجراء أي تغيير في الممتلكات‪ V‬الثقافية أو في أوجه استخدامها يقصد به إخفاء أو تدمير أي شواهد ثقافية أو تاريخية أو علمية‪.‬‬
‫‪ -2‬تجرى أي عمليات تنقيب‪ V‬عن ممتلك‪V‬ات‪ V‬ثقافي‪V‬ة أو إدخ‪V‬ال تغي‪V‬يرات عليه‪V‬ا أو على أوج‪V‬ه اس‪V‬تخدامها في تع‪V‬اون وثي‪V‬ق‪ V‬من الس‪V‬لطات الوطني‪V‬ة المختص‪V‬ة‬
‫لألراضي المحتلة‪ ،‬ما لم تحل الظروف دون ذلك‪.‬‬
‫‪ . 494‬علي خليل إسماعيل الحديثي ‪.‬حماية الممتلكات الثقافية في القانون الدولي ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.61‬‬
‫‪ . 495‬المادة ‪ 9‬من اتفاقية الهاي ‪. 1954‬‬
‫‪ . 496‬المادة ‪ 11‬من اتفاقية الهاي ‪.1954‬‬

‫‪126‬‬
‫وربم ا اس تندت اإلتفاقي ة ض منياً في ذل ك إلى مب دأ اإلقتص اص الع رفي ال ذي س مح البعض بالتس امح في ه‪،‬‬

‫ولعل الدليل على ذلك عندما سمحت االتفاقية برفع الحصانة في حالة وجود مخالفة من الطرف اآلخر‪ ،‬إال أنها لم‬

‫تح دد مع ايير وض وابط ذل ك بحيث يمكن بق اء ذل ك نط اق مب دأ اإلقتص اص الع رفي‪ ،‬وليس من قبي ل الهجم ات‬

‫اإلنتقامية المحظورة ‪.‬‬

‫وفي حال ة الض رورة العس كرية يجب أن ُيتخ ذ ق رار رف ع الحص انة من قب ل ض ابط أعلى بمس توى رئيس‬

‫هيئة حربية تعادل أو تفوق مستوى قائد فرقة عسكرية ‪ ،497‬و تم تحديد الحاالت االستثنائية لمقتضيات الضرورة‬

‫الحربية من حيث تقييد الحاالت بالفترة الزمنية التي تستمر فيها دون تجاوز ذلك‪ ،‬وكذلك البد من إخطار المشرف‬

‫الع ام على الممتلك ات الثقافي ة برف ع الحص انة عن ه ذه الممتلك ات‪ ،‬إض افة إلى أن أي جريم ة تُ رتكب تحت ُمس مى‬

‫للمضطر أن يرتكبها وذلك مراعاة لمبدأ التناسب‬


‫الضرورة يجب أن تكون األقل ضرراً من بين الجرائم التي ُيمكن ُ‬

‫‪.498‬‬

‫ونصت االتفاقية ‪ -‬وضمن الحماية الخاصة ‪ -‬على أحكام حماية تكميلية منها نظام نقل الممتلكات الثقافية‬

‫المستعجل مع‬
‫باالعتماد على موافقة أطراف النزاع؛ وذلك ألجل حمايتها من آثار النزاع المسلح‪ ،‬كما نظمت النقل ُ‬

‫اتخ اذ كاف ة االحتياط ات الالزم ة لحماي ة عملي ات النق ل‪ ،‬وكفلت االتفاقي ة حماي ة الم وظفين المكلفين بحماي ة ه ذه‬

‫الممتلكات والسماح لمن يقع من الموظفين باستمرار أداء واجبه تجاه حماية هذه الممتلكات في حالة وقوعها في يد‬

‫الطرف المعادي‪.499‬‬

‫باإلض افة إلى ك ل ذل ك ف إن م ا يمكن ُمالحظت ه أن االتفاقي ة ‪ ،‬وعن دما اعت برت أن الممتلك ات ذات األهمي ة‬

‫البد من إقرار نظام حماية خاص بها‪ ،‬إال أنها لم تُحدد المعيار الذي استندت إليه في تحديد هذه األهمية فهل يستند‬

‫‪ . 497‬نزار العنبكي‪ V.‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪.354‬‬


‫‪ . 498‬خالد روشو ‪.‬الضرورة العسكرية ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 354‬‬
‫‪ . 499‬المادة ‪ 15‬من اتفاقية الهاي لعام ‪. 1954‬‬

‫‪127‬‬
‫‪500‬‬
‫‪ ،‬وه و م ا يع د قص وراً واض حاً يفتح ب اب‬ ‫تق ديرها إلى ش عب الدول ة الواق ع على إقليمه ا الممتل ك الثق افي؟؟‬

‫االجتهادات التفسيرية‪.‬‬

‫كما أنها ليست أقوى من الحماية العامة الممنوحة بل تُعتبر أضعف منها بالمقارنة معها ‪ ،501‬فطبق اً لقواعد‬

‫الحماية العامة ‪ ،‬ال يجوز توجيه أي عمل عدائي ضد الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية العامة‪ ،‬إال إذا كان ذلك‬

‫العتبارات عسكرية قهرية‪ ،‬بينما تفقد الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية الخاصة الحصانة المقررة لها بمجرد‬
‫‪502‬‬
‫عن توجي ه أي اعت داء على ممتل ك مقي د في الس جل‪ ،‬فللط رف اآلخ ر‬ ‫إخالل أح د األط راف المتنازع ة بالتزاماته‬

‫حق الرد واإلقتصاص‪ ،‬وبالتالي فإن عدم تحديد المعايير والضوابط التي تجعلها ضمن حق اإلقتصاص العرفي‪،‬‬

‫سيحدث خلطاً بينها وبين الهجمات اإلنتقامية المحظورة ‪.‬‬

‫‪503‬‬
‫إضافة إلى إنه نادراً ما يتم قبول مفهوم هذه الحماية‪ ، ،‬فاالستجابة لهذه االتفاقية أو القبول بها يعداً ضعيفاً‬

‫جداً ‪ ،‬وترجع أسباب عدم اإلقبال على تقييد الممتلكات الثقافية مثالً إلى طول وتعقد اإلجراءات الالزمة للقيد في‬

‫السجل‪ ،‬وغموض العديد من العبارات الواردة في االتفاقية‪ ،‬كما أن شمول الممتلكات الثقافية بالحماية الخاصة حمل‬

‫في طياته خطورة ش ديدة على الممتلكات الثقافية ذات األهمية الك برى حيث أن الشعار خاص الذي قد يتم تحديده‬

‫عليها قد يجعلها هدفاً واضحاً لألطراف المتنازعة‪ ،‬وبالتالي تصبح ُمستهدفة‪.504‬‬

‫وكخالص ة يمكن الق ول ب أن تعب ير الحماي ة الخاص ة ُيع د مش تتاً ومفرق اً للحماي ة بش كل ع ام‪ ،‬وك ان األولى‬

‫ترك يز االنتب اه واالهتم ام نح و بن اء حماي ة أك ثر فعالي ة للممتلك ات الثقافي ة‪ ،‬بش كل ع ام بعي داً عن التفري ق والتقس يم‪،‬‬

‫فالتصنيفات الوارده أدت إلى خلل واضح في فعالية هذه القواعد في ظل ما تحمله من تناقضات خاصة فيما يتعلق‬
‫‪ . 500‬محمد سامح عمرو‪ .‬حماية الممتلكات‪ V‬واألعيان الثقافي‪V‬ة في ف‪V‬ترات ال‪V‬نزاع المس‪V‬لح‪ .‬في م‪V‬ؤتمر‪ V‬ال‪V‬دورة اإلقليمي‪V‬ة الثاني‪V‬ة في مج‪V‬ال الق‪V‬انون ال‪V‬دولي‬
‫اإلنساني‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 125‬‬
‫‪ . 501‬عصام سليمان ‪ .‬عصام سليمان‪ .‬حماية الممتلكات‪ V‬الثقافية أثناء النزاعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق صـــ ‪30‬‬
‫‪ . 502‬محمد سامح عمرو‪ .‬حماية الممتلكات‪ V‬واألعي‪V‬ان الثقافي‪V‬ة في ف‪V‬ترات ال‪V‬نزاع المس‪V‬لح‪ .‬في م‪V‬ؤتمر‪ V‬ال‪V‬دورة اإلقليمي‪V‬ة الثاني‪V‬ة في مج‪V‬ال الق‪V‬انون ال‪V‬دولي‬
‫اإلنساني‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 127‬‬
‫‪ . 503‬فالدول األطراف الوحيدة التي سجلت الممتلكات الثقافية تحت الحماية الخاصة هي ك ٌل من الفاتيكان والنمسا وهولندا ‪ .‬انظر عصام س‪VV‬ليمان‪ .‬حماي‪VV‬ة‬
‫الممتلكات‪ V‬الثقافية اثناء النزاعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق صـــ ‪30‬‬
‫‪ . 504‬محمد سامح عمرو‪ .‬حماية الممتلكات‪ V‬واألعي‪V‬ان الثقافي‪V‬ة في ف‪V‬ترات ال‪V‬نزاع المس‪V‬لح‪ .‬في م‪V‬ؤتمر‪ V‬ال‪V‬دورة اإلقليمي‪V‬ة الثاني‪V‬ة في مج‪V‬ال الق‪V‬انون ال‪V‬دولي‬
‫اإلنساني‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 126‬‬

‫‪128‬‬
‫باالس تثناءات ال واردة على قواع د الحماي ة لع ل أهمه ا اس تثناء ت وافر حال ة الض رورة العس كرية القهري ة للتخلي عن‬

‫حماية الممتلكات الثقافية ‪.‬‬

‫كما أن ما يمكن مالحظتة أن قواعد الحماية الخاصة قد أشارت إلى جواز فرض حراسة مدنية تقوم بها‬

‫ق وات ش رطة مدني ة تتكف ل بحمايته ا‪ ،‬وهوماج اء أيض اً في ال بروتوكول اإلض افي األول التفاقي ة اله اي ‪ 1954‬في‬
‫‪505‬‬
‫المسلحة ‪ ،‬وربما‬
‫الفقرة الثانية من المادة األولى ‪ ،‬إال أن نظام الحراسة المدنية غير ُمفعل إطالق اً أثناء النزاعات ُ‬

‫يرجع السبب لعدم وجود دعم دولي المناسب لجماعات الحماية الحماية المدنية كأفراد الشرطة المحلية مثالً ‪.‬‬

‫المع ــززة‪ :‬وهي الحماي ة ال تي تم إفراده ا للممتلك ات الثقافي ة ذات األهمي ة القص وى‪ ،‬وه و نظ ام‬
‫الحماي ــة ُ‬
‫‪506‬‬
‫‪.‬‬ ‫ُمستحدث‪ ،‬ويحل عملياً محل نظام الحماية الخاصة ُليعالج المشاكل التي احتوتها‬

‫المسلحة في ح رب الخليج الثانية سنة ‪ ،1990‬والعمليات‬


‫على ضوء التجاوزات ال تي رافقت النزاعات ُ‬

‫العس كرية في يوغس الفيا الس ابقة ‪ ،1990‬والح رب في البوس نة والهرس ك ال تي ب دأت في ‪ 1992‬وانتهت في ع ام‬
‫‪507‬‬
‫المس لحة غ ير‬
‫‪ ، 1995‬وم ع ع دم وض وح بعض النق اط في اتفاقي ة ‪ ، 1954‬وض عف الحماي ة أثن اء النزاع ات ُ‬

‫الدولي ة‪ ،‬ك ل ذل ك وغيره ا من األس باب أدت إلى توقي ع ال بروتوكول الث اني التفاقي ة اله اي في ‪ 26‬م ارس ‪1999‬‬

‫والذي أقر مبدأ الحماية المعززة على الحماية العامة والحماية الخاصة لألماكن الثقافية ذات األهمية القصوى ‪.508‬‬

‫وقد جاءت بهذه الحماية المادتين ‪ 11 ،10‬من البروتوكول اإلضافي الثاني لعام ‪ ،1999‬كمحاولة لتجاوز‬

‫النصوص التي تقضي بالتخلي عن الحماية في الحاالت التي تستلزمها الضرورات العسكرية ‪ ،509‬فاالستثناء ال وارد‬
‫‪ .505‬نصت على أنه "‪ - ..‬يتعهد‪ V‬كل من األطراف السامية المتعاقدة بأن يضع تحت الحراسة الممتلكات الثقافية التي اس‪VV‬توردت إلى أراض‪VV‬يه س‪VV‬واء بطري‪VV‬ق‬
‫مباشر أو غ‪VV‬ير مباش‪V‬ر عن أي‪V‬ة أراض واقع‪VV‬ة تحت االحتالل‪ .‬وتوض‪V‬ع تل‪V‬ك الممتلك‪V‬ات‪ V‬تحت الحراس‪V‬ة س‪VV‬واء تلقائي‪V‬ا ً عن‪V‬د االس‪V‬تيراد وإال فبن‪VV‬ا ًء على طلب‬
‫السلطات المختصة لألراضي المذكورة‪.".‬‬
‫‪ .506‬فريتس كالسهوفن وليزابيث‪ V‬تسغفلد ‪ .‬ضوابط تحكم خوض الحرب ‪.‬مرجع سابق‪.‬صـــ‪. 207‬‬
‫‪ .507‬حدثت الحرب في جمهورية يوغس‪VV‬الفيا االش‪VV‬تراكية االتحادي‪VV‬ة خالل ف‪V‬ترة التس‪VV‬عينات وق‪VV‬د ب‪V‬دأت في ح‪V‬رب البوس‪VV‬نة والهرس‪V‬ك م‪V‬ارس ع‪V‬ام ‪،1991‬‬
‫وانتهت في كوسوفو عام ‪ .1999‬فلورنس هارتمان ‪ .‬البوسنا ‪.‬جرائم الحرب ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪.102‬‬
‫‪ . 508‬حسن جوني‪ ،‬تدمير األعيان الثقافية أو احتالل التاريخ‪ ،‬مجلة اإلنساني‪ ،‬الصليب األحمر‪ ، 2010- 2009 ،‬عدد ‪ ،47‬صــ ‪. 10‬‬
‫‪ . 509‬نزار العنبكي‪ V.‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪-355‬صــ‪. 356‬‬

‫‪129‬‬
‫‪510‬‬
‫حيث ض يق ‪ -‬إلى ح د م ا ‪ -‬من عملي ة اس تغالل ه ذا االس تثناء وج اءت العب ارة‬ ‫هن ا مقي د للض رورة القهري ة‬

‫صريحة بعدم جواز التذرع بالضرورة العسكرية للتخلي عن االلتزامات إال في حاالت معينة ومقيدة ‪.511‬‬

‫وبالتالي فقد جاء هذا البروتوكول ليتبنى فكرة الحماية المع ززة للممتلكات الثقافية ذات األهمية الكبرى‪،‬‬

‫واعتبر مكمالً ومعززاً التفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬وال يعدلها‪ ،‬حيث ال يمكن للدول أن تكون طرفاً فيه إال إذا ك انت‬
‫‪512‬‬
‫‪.‬‬ ‫طرفاً في اتفاقية الهاي لعام ‪1954‬‬

‫وش رط ع دم قب ول الدول ة كط رف إال في حال ة كونه ا طرف اً في اتفاقي ة اله اي لع ام ‪ُ ،1954‬يع د ش رطاً‬

‫جوهرياً باعتبار أن هذا البروتوكول جاء ليستكمل بعض الثغرات التي لحقت باتفاقية عام ‪ 1954‬لحماية الممتلكات‬

‫ويبع د عنه ا أي التب اس ق د ينش أ عن د تفس ير البن ود‪،‬‬


‫الثقافي ة‪ ،‬كم ا ج اء ليوض ح البن ود ال تي حملت بعض الغم وض‪ُ ،‬‬

‫ويمكن القول تجاوزاً بأنه حمل بنوداً تفسيرية في مضمونها لبعض المفاهيم الواردة في اتفاقية الهاي لعام ‪،1954‬‬

‫وهو ما أكدته ديباجة البروتوكول عند قولها‪ .." :‬وتشدد على ضرورة استكمال تلك األحكام بتدابير تستهدف تعزي ز‬

‫تنفيذها ‪.513"...‬‬

‫فعبارة ضرورة استكمال تلك األحكام المقصود بها أحكام اتفاقية الهاي لعام ‪ ، 1954‬التي جاءت غير‬

‫كافي ة‪ ،‬فال تع دو أن تك ون قواع د ُمض للة خالي ة من الوض وح والدق ة‪ ،‬خاص ة فيم ا يتعل ق بالحماي ة القانوني ة للمواق ع‬

‫الثقافي ة ذات األهمي ة‪ ،‬كم ا أن مفه وم الض رورة العس كرية كاس تثناء للتخلي عن الحماي ة المق ررة للممتلك ات الثقافي ة‬

‫الملحقة بها‪ ،‬ويتمثل ذلك في‬


‫أدى إلى ضعف وهشاشة قواعد الحماية المقررة االتفاقية ‪ ،‬وحتى في الئحتها التنفيذية ُ‬

‫غموض نصوصها‪ ،‬وليس نقصها‪ ،‬فهي على كثرتها إال أن االستجابة لها والقبول بها ُيعد ضعيفاً بالمقارنة مع ما‬

‫تحمله من أهمية في مضمونها وفيما تحميه من ممتلكات ذات أهمية للشعوب‪.‬‬

‫‪ . 510‬المادة ‪ 6‬من البروتوكول اإلضافي األول لعام ‪.1999‬‬


‫‪. 511‬حددتها وقيدتها المادة ‪ / 6‬أ‪،‬ب‪،‬ج‪ ،‬د من البروتوكول اإلضافي الثاني ‪.1999‬‬
‫‪ . 512‬عصام سليمان‪ .‬حماية الممتلكات‪ V‬الثقافية أثناء النزاعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪.30‬‬
‫‪ . 513‬الفقرة الثالثة من ديباجة البروتوكول الثاني التفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬الخاص بحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح لعام ‪.1999‬‬

‫‪130‬‬
‫وبالتالي تُمنح الحماية المعززة للممتلكات التي تبلغ من األهمية جانب اً كبيراً بالنسبة للبشرية‪ ،‬ومضمونها هو‬

‫التزام أطراف النزاع المسلح ‪ ،514‬بضمان حصانة الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية المعززة‪ ،‬وذلك باالمتناع‬

‫عن اس تهداف تل ك الممتلك ات ب الهجوم أو عن أي اس تخدام لممتلك ات ثقافي ة أو جواره ا المباش ر في دعم العم ل‬

‫العس كري‪ ،515‬وق د ح ددت الم ادة ‪ 10‬من ال برتوكول اإلض افي الث اني الش روط الالزم ة إلخض اع ه ذه الممتلك ات‬

‫لنظام الحماية المعززة وهي ‪-:‬‬

‫ا ) أن تكون تراثاً ثقافياً على أكبر جانب من األهمية بالنسبة إلى البشرية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ب) أن تك ون محمي ة بت دابير قانوني ة وإ داري ة مناس بة على الص عيد الوط ني تع ترف له ا بقيمته ا الثقافي ة‬ ‫‪-‬‬

‫والتاريخية االستثنائية وتكفل لها أعلى مستوى من الحماية ‪.516‬‬

‫ج ) أن ال تُستخدم ألغراض عسكرية أو كدرع لوقاية مواقع عسكرية‪ ،‬أن يصدر الطرف الذي يتولى أم ر‬ ‫‪-‬‬

‫مراقبتها إعالناً يؤكد على أنها لن تُستخدم على هذا النحو‪.‬‬

‫وعن د اس تيفاء ه ذه الش روط ينبغي وفق اً له ذا ال بروتوكول أن يق وم ك ل ط رف باتخ اذ اإلج راءات الالزم ة‬

‫الم متلك‪ ،‬وذلك لمنحه الحماية المعززة‪ ،‬ويكون ذلك بموجب طلب يقدمه أحد األطراف الراغبة بقيد ممتلكاته‬
‫لتقيد ُ‬

‫في سجل الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية المعززة إلى لجنة حماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح‬

‫‪ ، 517‬وتقوم هذه اللجنة باتخاذ قرارها وفقا للمادة ‪ 11‬في فقرتها من (‪.518)8-5‬‬

‫‪ . 514‬سواء كان دولي أو غير دولي وحتى في حاالت االحتالل الكلي أو الجزئي ‪.‬انظ‪VV‬ر الم‪V‬ادة ‪ 3‬من ال‪VV‬بروتوكول اإلض‪V‬افي الث‪VV‬اني التفاقي‪VV‬ة اله‪VV‬اي لع‪VV‬ام‬
‫‪. 1954‬‬
‫‪ . 515‬إبراهيم محمد العناني ‪ .‬الحماي‪VV‬ة القانوني‪VV‬ة لل‪VV‬تراث اإلنس‪VV‬اني والبيئ‪VV‬ة وقت النزاع‪VV‬ات ال ُمس‪VV‬لحة ‪.‬الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي اإلنس‪VV‬اني "آف‪VV‬اق وتح‪VV‬ديات"‪ .‬مرج‪VV‬ع‬
‫سابق ‪.‬صــ ‪ 41‬و صــ‪42‬‬
‫‪ . 516‬ويجوز منح الحماية المعززة على الرغم من عدم توافر هذا الشرط عند طالب القيد وفقا للمادة الحادية عشر في فقرتها الثامنة‪ ،‬وذلك موقوف على‬
‫شرط قيام طالب القيد بتق‪V‬ديم طلب المس‪V‬اعدة من اللجن‪V‬ة الدولي‪V‬ة لحماي‪V‬ة الممتلك‪V‬ات‪ V‬الثقافي‪V‬ة بحس‪V‬ب م‪V‬ا ج‪V‬اء في الم‪V‬ادة الثاني‪V‬ة والثالث‪V‬ون من ال‪V‬بروتوكول‬
‫اإلضافي الثاني لعام ‪. 1999‬انظر ‪ .‬سالمة الرهايفة ‪.‬حماية الممتلكات‪ V‬الثقافية أثناء النزاعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪95‬‬
‫‪ . 517‬التي أنشئت بموجب‪ V‬المواد من ‪ 24‬الى ‪ 28‬من البروتوكول اإلضافي الثاني لعام ‪1999‬‬
‫‪ . 518‬حيث تم تشكيل اللجنة‪ ،‬كتنظيم مؤسسي دولي يقوم باإلشراف على تنفيذ‪ V‬الدول األطراف اللتزاماتهم الواردة في اتفاقية الهاي ‪ ،1954‬وبروتوكوليها‪V‬‬
‫اإلضافيين ) ‪ ،‬فدور هذه اللجنة المنبثقة عن اليونسكو هي حماية الممتلكات الثقافية من خالل العمل على تطبيق قواعد الحماية وهو امتياز تشترك في‪VV‬ه م‪VV‬ع‬
‫اللجنة الدولية للصليب األحمر كل منهما في حدود ما هو منتدب له ‪.‬انظر ‪ .‬محم‪VV‬د س‪VV‬امح عم‪VV‬رو‪ .‬حماي‪VV‬ة الممتلك‪VV‬ات‪ V‬واألعي‪VV‬ان الثقافي‪VV‬ة في ف‪VV‬ترات ال‪VV‬نزاع‬
‫المس‪VV‬لح‪ .‬في م‪VV‬ؤتمر‪ V‬ال‪VV‬دورة اإلقليمي‪VV‬ة الثاني‪VV‬ة في مج‪VV‬ال الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي اإلنس‪VV‬اني‪ .‬مرج‪VV‬ع س‪VV‬ابق ‪ .‬صــ ‪ 134‬وأيض ‪V‬ا ً ‪ .‬ف‪VV‬ريتس كالس‪VV‬هوفن و ل‪VV‬يزابيث‬
‫تسغفلد ‪.‬ضوابط تحكم خوض الحرب ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪207‬‬

‫‪131‬‬
‫وفي حال ة الط وارئ يمكن ألح د األط راف أن يطلب إدراج ممتلك ات تحت نظ ام الحماي ة المع ززة ‪،519‬‬

‫ويجوز للجنة أن تتخذ قرارها بمنح هذه الحماية على وجه السرعة وبصفة مستعجلة ومؤقتة‪ ،‬بناء على تصويت‬

‫أغلبية ‪ 4/5‬اعضاء اللجنة الحاضرين والمصوتين بشرط التقيد بأحكام الفقرتين(أ‪/‬ج ) من المادة ‪.10‬‬

‫وعن د تخل ف أي من المع ايير والش روط ال واردة في الم ادة ‪ 10‬فإن ه يح ق للجن ة الدولي ة للممتلك ات الثقافي ة‬

‫وبموجب الفق رة األولى من المادة ‪ 14‬من البروتوكول الثاني شطب هذا الممتلك من القائمة ‪ ،520‬كما يكون ذلك‬

‫في حال ة إذا أص بحت أه دافاً عس كرية أو بوج ود انته اك خط ير للم ادة ‪ 12‬من ال بروتوكول اإلض افي الث اني لع ام‬

‫‪ 1999‬وفقاً لما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة ‪.14‬‬

‫وقد تم تحديد الحاالت التي تقفد في الممتلكات الثقافية الحماية المعززة‪ ،‬أو يتم فيها إلغاء أو تعليق الحماية‬

‫المسلحة‪ ،‬فعملية قبول خرق قواعد الحماية عند‬


‫المعززة المقررة وفق القانون للممتلك ات الثقافية أثناء النزاعات ُ‬

‫توافر الضرورة العسكرية‪ ،‬كاستثناء قيد بشروط شديدة التحديد منها التحقق بأن الهجوم الموجه هو الوسيلة الوحي دة‬

‫الممكنة إلنهاء استخدام هذه الممتلكات كهدف عسكري باإلضافة إلى ضرورة اتخاذ التدابير الوقائية واالحتياطات‬

‫أثناء الهجوم‪ ، 521،‬وكل ذلك من أجل تجنب وحصر اإلضرار بالممتلكات الثقافية ذات األهمية القصوى‪.522‬‬

‫وينبغي عند إصدار قرار الهجوم أن يكون القرار من أعلى المستويات التنفيذية للقيادة في الحاالت العادية أو‬

‫المس تعجلة كحال ة ال دفاع الف وري عن النفس ‪ ،523‬على أن يس بق ه ذا الهج وم إن ذار‬
‫على مس توى أق ل في الح االت ُ‬

‫فعلي إلنهاء االستخدام وإ تاحة الفرصة لتمكينها من تصحيح الوضع‪.524‬‬

‫‪ . 519‬بموجب المادة ‪11/9‬‬


‫‪ . 520‬سالمة الرهايفة ‪.‬حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪95‬‬
‫‪ . 521‬نصت المادة الثامنة من البرتوكول على انه " تقوم أطراف النزاع إلى اقصى حد مستطاع‪ V،‬بما يلي ‪:‬‬
‫ا ) إبعاد الممتلكات‪ V‬الثقافية المنقولة عن جوار األهداف العسكرية أو توفير حماية كافية لها في موقعها‪.‬‬
‫ب) تجنب‪ V‬اقامة أهداف عسكرية على مقربة من ممتلكات‪ V‬ثقافية‪.‬‬
‫‪. 522‬خالد روشو ‪.‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪. 356 .‬‬
‫‪ . 523‬فريتس كالسهوفن و ليزابيث‪ V‬تسغفلد ‪.‬ضوابط تحكم خوض الحرب ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪210‬‬
‫‪ . 524‬نزار العنبكي‪ V.‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪. 357‬‬

‫‪132‬‬
‫باإلض افة إلى ذل ك فق د نص ال بروتوكول اإلض افي الث اني لع ام ‪ 1999‬على قائم ة من األفع ال ال تي ع دتها‬

‫المخالف ات الجس يمة والخط يرة‪ ،‬أم ا الخط يرة هي ال تي‬


‫مخالف ات خط يرة أو جس يمة ‪ ،‬وق د ف رق ال بروتوكول بين ُ‬

‫ج اءت على س بيل التع داد فاالنتهاك ات الثالث ة األول من الم ادة ‪ 15‬ينظره ا الق انون ال دولي الع ام وتك ون الوالي ة‬

‫القضائية فيها للقضاء الدولي‪ ،‬أما ما دون ذلك فينطبق عليها وصف االنتهاكات الجسيمة ‪ ،‬وهذه الجرائم ينظرها‬

‫القانون الوطني أو المحلي‪ ،‬وتكون الوالية القضائية فيها للمحاكم الوطنية‪ ،‬إال إذا اُقترفت على اراضي خارجية أو‬

‫ك ان المتهم من غ ير مواط ني الدول ة ال تي اف ترف الج رم فيه ا فعن دها يك ون مب دأ الوالي ة العالمي ة اختي اري ‪ ،525‬و‬

‫يمكن القول أن هذه التفرقة ُمناسبة نوع اً ما‪ ،‬كونها جاءت بقليل من التفصيل والتفسير من حيث جهة االختصاص‬

‫بالنظر في االنتهاكات‪ ،‬والذي يستند بالدرجة األولى إلى درجة هذه االنتهاكات بحيث قسمتها إلى انتهاكات خطيرة‬

‫وانتهاكات جسيمة ‪.‬‬

‫وعلي ه فق د اعت بر ال بروتوكول اإلض افي الث اني لع ام ‪ 1999‬أن االعت داء على الممتلك ات الثقافي ة في ف ترات‬

‫النزاع المسلح جريمة دولية‪ ،‬وعمل على إرساء قواعد المسؤولية الجنائية الفردية على هذا األساس كما ألزم الدول‬

‫األط راف على ض رورة تأس يس اختص اص قض ائي جن ائي لمحاكم ة مرتك بي الج رائم ض د الممتلك ات الثقافي ة في‬

‫فترات النزاع المسلح‪ ،‬وأقر مبدأ االختصاص العالمي لمحاكمة هؤالء األشخاص أمام المحاكم الوطنية للدول بغض‬
‫‪526‬‬
‫وك ل ذل ك لمالحق ة التط ورات على المس توى‬ ‫النظ ر عن جنس يتهم أو األق اليم ال تي ارتكب وا عليه ا ه ذه الج رائم‬

‫التش ريعي ال دولي خاص ة بع د تب ني البروتوكول اإلض افي األول لع ام ‪ ،1977‬والنظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائية‬
‫‪527‬‬
‫الدولية‪.1998‬‬

‫‪ . 525‬عمر سعد هللا ‪.‬القانون الدولي اإلنساني الممتلكات‪ V‬المحمية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 125‬‬
‫‪ . 526‬المادة ‪. 17 V،16 V،15‬انظر كذلك كال من ‪ .‬محمد سامح عمرو‪ .‬حماية الممتلكات واألعيان الثقافي‪VV‬ة في ف‪VV‬ترات ال‪VV‬نزاع المس‪VV‬لح‪ .‬في م‪VV‬ؤتمر‪ V‬ال‪VV‬دورة‬
‫اإلقليمية الثانية في مجال القانون الدولي اإلنساني‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪ ،134‬و فريتس كالسهوفن و ليزابيث تسغفلد ‪.‬ضوابط تحكم خوض الحرب ‪.‬مرج‪VV‬ع‬
‫سابق ‪.‬صـــ‪.212-211‬‬
‫‪ . 527‬محمد سامح عمرو‪ .‬حماية الممتلكات‪ V‬واألعيان الثقافي‪V‬ة في ف‪V‬ترات ال‪V‬نزاع المس‪V‬لح‪ .‬في م‪V‬ؤتمر‪ V‬ال‪V‬دورة اإلقليمي‪V‬ة الثاني‪V‬ة في مج‪V‬ال الق‪V‬انون ال‪V‬دولي‬
‫اإلنساني‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪.133‬‬

‫‪133‬‬
‫وقد توسع هذا البروتوكول لينطبق في حالة النزاع المسلح غير الدولي الذي يقع داخل أراضي أحد األطراف ‪،‬‬
‫‪528‬‬
‫‪ ،‬كم أوضح الحاالت ال يحكمها هذا البروتوكول‪ ،‬ومنها االض طرابات‬ ‫وهي المادة الوحيدة التي تحكم هذه الحالة‬
‫‪529‬‬
‫المماثلة‬
‫الداخلية والتوترات الداخلية مثل أحداث الشغب وأعمال العنف المنعزلة والمتفرقة وغيرها من األعمال ُ‬

‫وعليه فقد أكد على امتداد نطاق الحماية الدولية للممتلكات الثقافية لتغطي حتى حاالت المنازعات ذات الطابع غير‬

‫الدولي ‪.‬‬

‫تم يز بها البروتوكول اإلضافي الثاني لعام ‪ ، 1999‬هو استحداث صندوق‬


‫وتعتبر اإلضافة الجديدة التي ّ‬

‫الم سلحة من خالل تقديم المساعدات المالية المناسبة لدعم كافة التدابير‬
‫لحماية الممتلكات الثقافية في زمن النزاعات ُ‬

‫المتعلقة بصون الممتلكات الثقافية‪ ،‬وقد تم تحديد أهم المهام المنوطة بهذا الصندوق‪.530‬‬

‫وبناء على ما سبق يمكن القول بأن الحماية المعززة تُمنح للممتلكات الثقافية بمجرد إدراجها على القائمة التي‬

‫المعززة أقوى وأكثر فعالية من نظام الحماية العام والخاصة على السواء‬
‫حددها البروتوكول‪ ،‬ويعد نظام الحماية ُ‬

‫لم ا اتس م ب ه من واقعي ة‪ ،‬في ح ال ُمنحت الممتلك ات الثقافي ة حم ايتين مع اً كالحماي ة الخاص ة والعام ة ‪ ،‬فيتم تغليب‬

‫أحكام الحماية المعززة ‪.531‬‬

‫وكخالصة لكل ما سبق يمكن القول‪ :‬بأن قواعد الحماية الخاصة بالممتلكات الثقافية‪ ،‬بكافة أنواعها الحماية‬
‫ُ‬

‫العام ة والخاص ة والمع ززة ُملزم ة عرفي اً واتفاقي اً ‪ ،‬وتتحم ل ال دول مس ؤولية ع دم االل تزام به ا حيث تن درج ه ذه‬

‫القواعد ضمن قواعد القانون الدولي العرفي‪ ،‬وال يعدو أن تكون االتفاقيات الواردة والتي تحمل طابع التكرار نوع اً‬

‫ما‪ ،‬ماهي إال تذكير بهذا االلتزام وررغبة في فرض اإللزامية الشكلية رغم ما شابها من غموض في مضمونها‪.‬‬

‫‪ . 528‬المادة ‪ 22/1‬من البروتوكول اإلضافي الثاني ‪. 1999‬‬


‫‪ . 529‬المادة ‪ . 7-2 /22‬من البروتوكول اإلضافي الثاني ‪. 1999‬‬
‫‪ . 530‬المادة ‪ 29‬من البروتوكول اإلضافي الثاني لعام ‪.1999‬‬
‫‪ . 531‬المادة ‪ 4/2‬من البروتوكول اإلضافي الثاني لعام ‪. 1999‬‬

‫‪134‬‬
‫ورغم ما حملته هذه القواعد من حماية للممتلكات الثقافية إال أن ما أوردته لفكرة حالة الضرورة العسكرية‬

‫وال تي ت درجت بش ئ من االختالف بين الحماي ة العام ة والخاص ة وك ذلك المع ززة ‪ ،532‬فمج رد وج ود مث ل ه ذه‬

‫المناسبة لرفع‬
‫الحجة ُ‬
‫االستثناء ضمن نصوص الحماية ُيقلل من فعاليتها نوع اً ما؛ حيث تُشكل الضرورة العسكرية ُ‬

‫الحماية عن هذه الممتلكات خاصة في ظل عدم وضوح المعايير والضوابط لمفهوم الضرورة العسكرية‪.‬‬

‫ورغم االهتمام الذي حظيت به الممتلكات الثقافي ة في اتفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬وبروتوكوليها اإلضافيين‬

‫ولكون حماية الممتلكات الثقافية جزءاً ال يتجزء من أحكام القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬فقد كفلت اتفاقيات جنيف لعام‬

‫‪ 1949‬وبروتوكوليها اإلضافيين لعام ‪ 1977‬بنوداً للحماية يمكن إيرادها في الموضوع التالي ‪-:‬‬

‫الف ــرعـ الث ــاني ‪ -:‬أحك ــام الحماي ــة ال ــواردة للممتلك ــات الثقافي ــة في اتفاقي ــاتـ ج ــنيف لع ــام ‪ 1949‬وال ــبروتوكولينـ‬

‫اإلضافيينـ لعام ‪-:1977‬ـ أل زمت أحك ام القانون الدولي اإلنساني الدول األط راف فيه ا بتجنب إقامة األهداف‬
‫‪533‬‬
‫وك ل ذل ك من أج ل ض مان‬ ‫العس كرية ب القرب من األعي ان المدني ة وال تي تعت بر الممتلك ات الثقافي ة من ض منها‪،‬‬

‫حمايتها ووقايتها من أي آثار قد تترتب في حالة اندالع العمليات العدائية ومهاجمة األهداف العسكرية القريبة من‬

‫تلك األعيان ‪.534‬‬

‫وعلى ال رغم من أن جمي ع الوف ود في الم ؤتمر الدبلوماس ي إلع ادة تأكي د وتط وير الق انون ال دولي اإلنس اني‬

‫‪ 1977-1974‬قد وافقت بشكل سريع لحماية اآلثار واألعمال الفنية التاريخية إال أن مسألة أماكن العبادة أدت إلى‬

‫مناقشات ُمطول ة‪ ،‬حيث اعت بر البعض أن كل أماكن العب ادة يجب أن تكون محمية من دون اس تثناء‪ ،‬في حين رأى‬

‫آخرون أن ه ذا ينبغي أن تنطبق فق ط على بعض األم اكن المهم ة ال تي تش كل "تراث الش عوب" ‪ ،‬وهو الرأي ال ذي‬

‫تبنت ه الم ادة ‪ 53‬من ال برتوكول اإلض افي األول لع ام‪ ،535 1977‬وبالت الي منحت الم ادة ‪ 53‬الحماي ة الخاص ة إلى‬

‫‪ . 532‬خالد روشو‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪.350‬‬
‫‪ . 533‬المواد ‪ 52 ،51 ،48‬من البروتوكول اإلضافي األول لعام ‪. 1977‬‬
‫‪ .. 534‬حسين علي الدريدي ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪299‬‬
‫‪535‬‬
‫‪. Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann. Ibid .para 2042. P.G. 640.‬‬

‫‪135‬‬
‫ثالث فئ ات ‪ :‬اآلث ار التاريخي ة واألعم ال الفني ة وأم اكن العب ادة‪ ،‬ش ريطة أن تش كل األخ يرة ال تراث الثق افي أو‬

‫الروحي للشعوب‪.‬‬

‫فالحماية العامة لهذه الممتلكات قد تأكدت بموجب التزامات تكميلية فرضتها المادة ‪ 53‬لما جاء في اتفاقية‬

‫‪ ، 5361954‬وقد جاءت الحماية القانونية للممتلكات الثقافية ‪ ،‬بحظر توجيه األعمال العدائية ضدها بتوافر شرط عدم‬

‫استخدامها‪ ،‬في األعمال العسكرية‪ ،537‬ومما يمكن اإلشارة إليه هنا أن المادة ‪ 53‬لم تنص صراحة على الحاالت‬

‫ال تي ترف ع الحص انة عن الممتلك ات الثقافي ة وأم اكن العب ادة األم ر ال ذي يب دو متناقض اً م ع الم ادة ‪ 11‬من اتفاقي ة‬
‫‪538‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ 1954‬مما قد يوسع من دائرة التأويل‬

‫‪539‬‬
‫كم ا حظيت الممتلك ات الثقافي ة باهتم ام ال بروتوكول اإلض افي الث اني لع ام ‪ 1977‬حيث نص ت الم ادة ‪16‬‬

‫منه على حظر األعمال العدائية على الممتلكات الثقافية أو استخدامها في المجهود الحربي‪ ،‬وجاء ذلك بناء على‬

‫اقتراح من عدة دول‪.540‬‬

‫أض ف إلى ذل ك أن كال الم ادتين ‪ 53‬و‪ 16‬من ال بروتوكولين اإلض افيين لع ام ‪ 1977‬ق د أدرجت ا أم اكن العب ادة‬

‫وال تي لم يس بق اإلش ارة إليهم ا في االتفاقي ات الس ابقة ‪ ،541‬و م ا يمكن مالحظت ه أن الم ادة ‪ 53‬من ال بروتوكول‬

‫اإلضافي األول لعام ‪ 1977‬قد نصت على حظر توجيه الهجمات االنتقامية ضد األعيان الثقافية وأماكن العبادة‬

‫في حين خلت المادة ‪ 16‬من ذلك ولعل المدلول القانوني لذلك هو أن المادة ‪ 16‬جاءت لتؤكد المادة ‪ 53‬وتؤيدها‬

‫ولتكملها وليست بديله عنها أو ُمعدلة لها‪ ،‬وذلك رغم ما قد يحدثه هذا اإلغفال من توسيع لدائرة السلطة التقديرية‬

‫ألطراف النزاع مما ُيقلل من فعالية الحماية لهذه الممتلكات‪.‬‬


‫‪. 536‬نزار العنبكي‪. V.‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪. 352‬‬
‫‪537‬‬
‫‪Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann. Ibid .Para 2063. P.G. 646.‬‬
‫‪. 538‬خالد روشو ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 354‬‬
‫‪ . 539‬تنص المادة ‪ 16‬على انه " يحظر ارتكاب أية أعمال عدائية موجهة ضد اآلثار التاريخية‪ ,‬أو األعمال الفنية وأماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي‬
‫أو الروحي للشعوب‪ ,‬واستخدامها في دعم المجهود الحربي‪ ,‬وذلك دون اإلخالل بأحك‪VV‬ام اتفاقي‪VV‬ة اله‪VV‬اي بحماي‪VV‬ة األعي‪VV‬ان الثقافي‪VV‬ة في حال‪VV‬ة ال‪VV‬نزاع المس‪VV‬لح‬
‫والمعقودة‪ V‬في ‪ 14‬آيار ‪ /‬مايو ‪".1954‬‬
‫‪ . 540‬جاء االقتراح بإدراج بنود الحماية لألعيان الثقافية وأم‪VV‬اكن العب‪VV‬ادة بطلب من ‪ .‬اس‪VV‬بانيا‪ ،‬اليون‪VV‬ان‪ ،‬ف‪VV‬انزويال‪ ،‬الفاتيك‪VV‬ان‪ ،‬األردن للمزي‪VV‬د انظ‪VV‬ر رقي‪VV‬ة‬
‫عواشرية ‪ .‬حماية المدنيين واألعيان المدنية ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 286‬‬
‫‪. 541‬رقية عواشرية‪ .‬حماية المدنيين واألعيان المدنية ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪.288‬‬

‫‪136‬‬
‫وما يمكن قول ه أن اتفاقية ‪ 1954‬قد تعززت بالبروتوكول اإلضافي لسنة ‪ 1977‬الذي تحظ ر مادته ‪53‬‬

‫أية أفعال معادية موجهة ضد الممتلكات الثقافية‪ ،‬حيث تم توضيح وربط الحماية الواردة في البروتوكول اإلضافي‬

‫األول والثاني لعام ‪ 1977‬الملحقين باتفاقية جنيف لعام ‪ ، 1949‬بالحماية الوادة في اتفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬من‬

‫خالل عبارة "دون اإلخالل بأحكام اتفاقية الهاي"‪ ،‬حيث ال يعد البروتوكوالن ُمعدالن لها بل ُمكمالن‪ ،542‬وعليه ف إن‬

‫أي تع ارض بين أحك ام ال برتوكول األول أو الث اني لع ام ‪ 1977‬وبين اتفاقي ة اله اي لع ام ‪ 1954‬ف إن األخ يرة هي‬

‫الواجبة التطبيق بالنسبة للدول األطراف فيها ‪.‬‬

‫كم ا اعتم د الم ؤتمر الدبلوماس ي لع ام ‪ 1977‬الق رار رقم ‪ ،20‬ال ذي يش دد على األهمي ة األساس ية التفاقي ة‬

‫الهاي لعام ‪ ،1954‬وحث الدول التي لم التي لم تصادق بعد على االتفاقية إلى االنضمام إليها ‪ ،‬أما بالنسبة للدول‬

‫غير األطراف فإن أحكام البروتوكولين األول والثاني لعام ‪ 1977‬هي واجبة التطبيق ‪ ،‬وأكد المؤتمر أن اعتماد‬

‫المادة ‪ 53‬لن ينتقص من تطبيق تلك االتفاقية بأي شكل من األشكال‪.543‬‬

‫تلكم هي أهم جوانب حماية الممتلكات الثقافية‪ ،‬وسيتم التطرق تالي اً إلى بيان حماية بعض األعيان التي لها‬

‫أهمي ة وعالق ة مباش رة بالم دنيين‪ ،‬ومنه ا الحماي ة المق ررة لألعي ان ال تي الغ نى عنه ا لبق اء الم دنين‪ ،‬وه ذا م ا س يتم‬

‫تناوله في الموضوع التالي ‪-:‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬حماية األعيانـ التي ال غنى عنها لبقاءـ السكان المدنيين على قيد الحياة ‪-:‬‬

‫المسلحة إلى استخدام بعض الوسائل غير المشروعة‪،‬‬


‫المتنازعة اللجوء خالل نزاعاتهم ُ‬
‫تُحاول األطراف ُ‬

‫المثول واالستسالم‪ ،‬ومنها على سبيل‬


‫كوسائل ضغط وأدوات للتفاوض‪ ،‬وذلك من أجل إجبار الطرف اآلخر على ُ‬

‫‪542‬‬
‫‪. Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann. Ibid .Para 2047. P.G. 641.‬‬
‫‪543‬‬
‫‪. Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann. Ibid .Para 2047. P.G. 641.‬‬

‫‪137‬‬
‫بمختلف أشكاله‪ ،‬ولعل الحصار المفروض إلى وقت‬
‫المثال التجويع الغذائي من خالل فرض الحصار االقتصادي ُ‬

‫كتابة هذه السطور على مخيم اليرموك في سوريا بسبب النزاع الدائر هناك‪ُ ،‬يمثل خير مثال على ذلك ‪.544‬‬

‫وبحس ب وجه ة نظ ر اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر ف إن حظ ر سياس ة التجوي ع كوس يلة ح رب ه و ال تزام‬

‫ضمني بضرورة عدم المساس باألعيان التي ال غنى عنها لبقاء المدنيين ‪ ،545‬و لما كان القانون الدولي اإلنساني‬

‫يه دف إلى حماي ة الم دنيين واح ترامهم و مع املتهم بإنس انية‪ ،‬وحف ظ ك رامتهم بالدرج ة األولى ‪ -‬فإن ه وتطبيق اً له ذا‬

‫المبدأ‪ -‬تم إقرار قواعد تحظر استعمال السكان المدنيين كتكتيك حربي أو كأداة للتفاوض‪.546‬‬

‫المنش آت ال تي تُش كل أهمي ة قص وى للس كان الم دنيين باهتم ام اللجن ة الدولي ة للص ليب‬
‫وعلي ه فق د حظيت ه ذه ُ‬

‫األحمر‪ ،‬التي قامت بإعداد مشروع مادة لحمايتها وقدمته ضمن بروتوكولي جنيف إلى مؤتمر الخبراء الحكوميين‬

‫في دورته األولى لعام ‪ ،1971‬وتم إدخال تعديالت على مشروع تلك المادة‪ ،‬وتم تقديمها إلى المؤتمر الدبلوماسي‬

‫في ج نيف في دورتي ه األولى والثاني ة ع امي ‪ ،1975-1974‬وأس فرت ه ذه الجه ود عن إق رار الم ادة ‪ 54‬من‬
‫‪547‬‬
‫تحت عن وان "حماية األعي ان والم واد التي ال غنى عنه ا لبقاء السكان‬ ‫البروتوكول اإلضافي األول لع ام ‪1977‬‬

‫المدنيين "‪.‬‬

‫كما تم تضمين بنود الحماية لهذه األعيان من خالل نص المادة ‪ 27‬من مشروع البروتوكول اإلضافي الثاني‬

‫الذي تبنته اللجنة الدولية للصليب األحمر أثناء المؤتمر الدبلوماسي ‪ ،1977- 1974‬وكان نص المادة ال يحظر‬

‫‪ . 544‬بغض النظر عن الطرف المتسبب‪ V‬بذلك فقد تمت‪ V‬تحديد حصص صارمة من األغذية واألدوية لمن تبقى من السكان‪ ،‬في المخيم ويقدر ع‪V‬ددهم أك‪V‬ثر‬
‫من ‪ 10000‬عشرة آالف شخص منهم سوريون ومنهم الجئون فلسطينيون ف‪V‬روا من دي‪VV‬ارهم أو ط‪VV‬ردوا وتع‪VV‬ادل حص‪V‬ة ك‪VV‬ل أس‪VV‬رة من الخ‪VV‬بر ال‪VV‬ذي يع‪VV‬د‬
‫الوجبة الرئيسة بكيس‪V‬ين فق‪V‬ط كم‪V‬ا وص‪V‬ل الح‪V‬ال بالمحاص‪V‬رين ونتيج‪V‬ة لع‪V‬دم ت‪V‬وافر الطع‪V‬ام إلى اللج‪V‬وء إلى ذبح القط‪V‬ط والكالب وأك‪V‬ل لحومه‪V‬ا وتم قط‪V‬ع‬
‫اإلمدادات الغذائية وإمدادات الوقود والتجهيزات‪ V‬الطبية التي يحتاجها المدنيون بشكل أساسي‪.‬‬
‫للمزي ٍد انظر ‪ .‬الجمعية العامة ‪.‬األمم المتحدة ‪.‬مجلس حقوق اإلنسان ‪.‬تقري‪V‬ر لجن‪V‬ة التحق‪V‬ق الدولي‪V‬ة المس‪V‬تقلة بش‪V‬أن الجمهوري‪V‬ة العربي‪V‬ة الس‪V‬ورية ‪ ..‬ال‪V‬دورة‬
‫الرابعة والعشرون ‪.‬البند ‪ 4‬من ج‪V‬دول األعم‪V‬ال ‪.‬ح‪VV‬االت حق‪VV‬وق اإلنس‪VV‬ان ال‪V‬تي تتطلب اهتم‪V‬ام المجلس به‪VV‬ا ‪.‬بت‪V‬اريخ ‪ 16‬اغس‪V‬طس ‪ . 2013‬صـــ ‪2827,‬‬
‫المرجع ‪ ،A/HRC/24/46‬وأيضا ً‬
‫‪ . 545‬انظر هامش رقم ‪ . 1‬رقية عواشرية ‪ .‬حماية المدنيين واألعيان المدنية ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 276‬‬
‫‪. 546‬تنص المادة ‪ 14‬من البروتوكول اإلضافي الثاني على مايلي ‪ ":‬يحظر تجوي‪VV‬ع الم‪VV‬دنيين كأس‪VV‬لوب من أس‪VV‬اليب القت‪VV‬ال‪ ،‬ومن ثم يحظ‪VV‬ر‪ ،‬توص‪VV‬ال ل‪VV‬ذلك‪،‬‬
‫مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل‪ V‬األعيان والمواد التي ال غني عنها لبقاء السكان المدنيين علي قيد الحياة ومثالها المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي‬
‫تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها‪ V‬وأشغال الري‪".‬‬
‫‪. 547‬أبو الخير أحمد عطية ‪ .‬حماية السكان المدنيين واألعيان المدنية أبان النزعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 151‬‬

‫‪138‬‬
‫سوى الهجمات‪ ،548‬إلى أن تم ‪ -‬وبعد مناقشات عدة ‪ -‬تعزيز الحماية هذه من خالل النص النهائي للمادة ‪ 14‬من‬

‫البروتوكول اإلضافي الثاني لعام ‪.5491977‬‬

‫وبالت الي تس تهدف هذه القواع د حظر توجي ه الهجم ات ض د المنش آت الالزم ة لبق اء الس كان الم دنيين وضمان‬

‫حمايته ا‪ ،‬واتخ اذ كاف ة اإلج راءات الفوري ة لتس هيل وص ول اإلم دادات اإلنس انية " أعم ال الغ وث " ذات الص بغة‬

‫اإلنسانية والمدنية المحايدة‪ ،‬بطريقة آمنه دون عوائق عند الحاجة في حالة لم تتوفر للمدنيين مواد كافية وكل ذلك‬

‫شريطة موافقة األطراف المعنية عليه وفي حالة النزاع الداخلي تخضع أعمال الغوث هذه لموافقة الدولة ذات‬

‫العالقة‪ ،550‬وعليه فإن حرمان المدنيين من مواد ال غنى عنها لبقائهم‪ ،‬بما في ذلك تعمد عرقلة إمدادات اإلغاثة‪،‬‬

‫ُيشكل انتهاكاً لقواعد القانون الدولي اإلنساني ‪ ،‬كما تُشكل عملية الموافقة على إمدادات اإلعاثة إعاقة حقيقية أثناء‬

‫المسلحة و عيباً في هذه القواعد ‪.‬‬


‫النزاعات ُ‬

‫وقد تضمنت المادة ‪ 54‬من البروتوكول اإلضافي األول لعام ‪ 1977‬حظر مهاجمة األعيان والمواد التي ال‬

‫غنى عنها لبقاء السكان المدنيين‪ ،‬و تجدر اإلشارة إلى أن األفعال "هجوم"‪" ،‬تدمير"‪" ،‬نقل" و" تعطيل" تُس تخدم لتغطية‬

‫كل االحتماالت‪ ،‬بما في ذلك تلويث مستودعات المياه بواسطة مادة كيميائية أو تدمير المحاصيل سواء من خالل‬

‫العمليات الهجومية أو الدفاعية ‪ ،551‬وبالتالي فقد جاء الحظر ليشتمل على كافة صور االعتداء المتوقع ضد هذه‬
‫‪552‬‬
‫‪.‬‬ ‫األعيان‬

‫المتعم د للمنش آت‪ ،‬أو البني ة األساس ية وغيره ا من‬


‫فال يج وز قط ع ش بكة اإلم داد بالم اء‪ ،‬أو القي ام بالت دمير ُ‬

‫األعم ال ال تي ت ؤدي إلى الت أثير في ه ذه األعي ان‪ ،‬وق د س عى ال بروتوكول من خالل ه ذا النص إلى منح الحماي ة‬

‫‪ .548‬رقية عواشرية ‪ .‬حماية المدنيين واألعيان المدنية ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 276‬‬
‫‪ .549‬تنص المادة ‪ 14‬من البروتوكول اإلضافي الثاني على ما يلي ‪ ":‬يحظر تجويع الم‪VV‬دنيين كأس‪VV‬لوب من أس‪VV‬اليب القت‪VV‬ال‪ ،‬ومن ثم يحظ‪VV‬ر‪ ،‬توص‪VV‬ال ل‪VV‬ذلك‪،‬‬
‫مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل‪ V‬األعيان والمواد التي ال غني عنها لبقاء السكان المدنيين علي قيد الحياة ومثالها المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي‬
‫تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها‪ V‬وأشغال الري‪".‬‬
‫‪ . . 550‬عمر سعد هللا ‪.‬القانون الدولي اإلنساني الممتلكات‪ V‬المحمية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.11‬‬
‫‪551‬‬
‫‪Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann. Ibid .Para2101. P.g. 655‬‬
‫‪ . 552‬محمد فهاد الشاللدة ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ‪. 274‬‬

‫‪139‬‬
‫الموس عة له ذه األعي ان فاس تخدمت وغلب عليه ا ص يغة التج ريم بص ورة ُمتتالي ة‪ ،‬كم ا حظ ر النص هجم ات ال ردع‬
‫ُ‬
‫‪553‬‬
‫‪.‬‬ ‫(االنتقامية )‬

‫تثناء على األص ل أج ازت الم ادة ت دمير ه ذه األعي ان في حال ة تحق ق الض رورة العس كرية الملح ة ال تي‬
‫واس ً‬

‫تستدعي اتخاذ كافة اإلجراءات إلبطال مصادر الخطر وإ حراز النصر على العدو ‪ ،554‬شرط أن تقع هذه األعيان‬

‫في الجزء الخاضع لسيطرته من األراضي الوطنية‪ ،‬كما وال ترفع الحصانة إال عندما تستخدم لتموين أفراد القوات‬

‫المس لحة وح دهم‪ ،‬أو ل دعم عم ل عس كري ُمباش رة‪ ،‬وح تى في مث ل ه ذه الحال ة فإن ه يت وجب على أط راف ال نزاع‬
‫ُ‬

‫االمتناع عن مباشرة أي أعمال من شأنها تجويع السكان أو حرمانهم وحظرت المادة أيضاً أي أعمال انتقامية توجه‬

‫لهذه األعيان‪.555‬‬

‫وعلي ه يمكن الق ول‪ :‬ب أن قواع د بروتوك ولي ج نيف احت وت على قواع د حماي ة قوي ة لألعي ان والمنش آت‬

‫واألش ياء الالزم ة لبق اء الس كان الم دنيين‪ ،‬ولكن لم ِ‬


‫يحتو ال بروتوكوالن على التع داد الحص ري له ذه األعي ان؛ وذلك‬

‫حتى ال يضيِّقان من نطاق الحماية الخاصة لهذه األعيان والمنشآت ‪ ،556‬فالمادتان وهما المادة ‪ 54‬من البروتوكول‬

‫اإلضافي األول والمادة ‪ 14‬من البروتوكول اإلضافي الثاني استعمال نفس الصيغة في الحظر وإ يراد األمثلة ‪،557‬‬

‫وهو ما أشار إليه التعليق على مشروع المادة ‪ 48‬الذي أكد أن العبارات الواردة "ألي باعث آخر"‪ ،‬هو لتغطية كافة‬

‫الظروف واألوضاع‪.558.‬‬

‫‪. 553‬أحمد سي علي ‪.‬حماية األشخاص واألموال في القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪334‬‬
‫‪ . 554‬خالد روشو ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 329‬‬
‫‪ . 555‬عمر سعد هللا ‪.‬القانون الدولي اإلنساني الممتلكات‪ V‬المحمية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 10‬‬
‫‪ . 556‬أبو الخير احمد عطيه ‪ .‬حماية السكان المدنيين واألعيان المدنية إبان النزعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪.153‬‬
‫‪ . 557‬عمر سعد هللا ‪.‬القانون الدولي اإلنساني الممتلكات‪ V‬المحمية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 10‬‬
‫‪558‬‬
‫‪. Draft Additional Protocols to the Geneva Conventions of August 12, 1949 .ICRC. Geneva. Oct, 1973. P.G. 62.‬‬

‫‪140‬‬
‫الم بررات ال تي ق د يلج أ إليه ا أط راف ال نزاع ‪ ،‬وق د حظيت ه ذه‬
‫المناس ب لمواجه ة كاف ة ُ‬
‫وأعطت الس بيل ُ‬

‫األعيان على اهتمام وحرص واضح‪ ،‬إال أن االستثناء على األصل في الحماية في حالة الضرورة العسكرية الملحة‬

‫َّ‬
‫شكل أداةً لتدميرها وتعطيلها‪ ،‬وبالتالي قلل من أهمية إيراد نص خاص بشأن هذا النوع من األعيان ‪.559‬‬

‫وذلك رغم وجود مجموعة من القيود والضوابط في حالة الضرورة العسكرية كضرورة عدم تسبب هذا‬

‫االستثناء في تجويع السكان المدنيين أو حملهم على النزوح ‪ ،560‬فما زلت المعايير التي تحكم الضرورة العسكرية‬

‫على غموضها يستند تقديرها في األساس إلى أطراف النزاع‪.‬‬

‫كما أوردت المادة ‪ 54‬من البروتوكول اإلضافي األول استثناءات على هذا الحظر وهو االستثناء الوارد في‬

‫المسلحة‬
‫الفقرة الثالثة التي أجازت توجيه الهجمات ضد هذه األعيان والمنشآت‪ ،‬إذا استعملت كزاد ألفراد القوات ُ‬

‫وحدهم أو لدعم عمل عسكري ُمباشر‪ ،‬بشرط أن ال يتسبب الهجوم في مجاعة أو يضطر السكان إلى النزوح عن‬

‫المس لحة‬
‫إقليمهم وت رك أوط انهم‪ ،‬وب ذلك ال ترف ع الحص انة إال إذا ثبت اس تخدام ه ذه األعي ان من قب ل الق وات ُ‬

‫وحدهم‪ ،561‬وبالتالي يمكن القول بأن تلك القيود قد خففت نوعاً ما من العيب الذي لحق بالمادة‪.‬‬

‫كما أن ما جاءت به الفقرة الخامسة من ذات المادة وهو االستثناء الذي أعطى ألطراف النزاع الحق في‬

‫الملح ة‪ ،‬ك أن تك ون ض د الغ زو أو من أج ل ال دفاع عن اإلقليم‬


‫اخ تراق الحظ ر‪ ،‬م تى اس تدعت الض رورة العس كرية ُ‬

‫الوط ني ض د الغ زو أو االحتالل ‪ ،562‬ق د أعطى ترخيص اً ص ريحاً بانته اك قواع د الحماي ة في حال ة ت وافر ه ذه‬

‫الظروف مما شكل عيباً جوهرياً قلل من فاعلية القيود الواردة في المادة ذاتها‪.‬‬

‫‪ . 559‬بدرية عبدهللا العوضي ‪.‬الحماية الدولية لألعيان المدنية وحرب الخليج ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪ 61‬وصــ ‪. 62‬‬
‫‪ . 560‬خالد روشو ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪.330‬‬
‫‪ . 561‬رقية عواشرية ‪ .‬حماية المدنيين واألعيان المدنية ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪.278‬‬
‫‪ . 562‬أبو الخير أحمد عطية ‪ .‬حماية السكان المدنيين واألعيان المدنية أبان النزعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪.154‬‬

‫‪141‬‬
‫تحتو على مبدأ حظر الهجمات االنتقامية ‪ ،563‬فلم يرد في النص ما يحظر‬
‫وعلى الرغم من أن المادة ‪ 14‬لم ِ‬

‫هجمات الردع بعكس المادة ‪ ،54‬إال أنه يتصور أن فاعلية الحماية التي تحتويها أكبر من تلك التي تحتويها المادة‬

‫‪ ،54‬ذل ك أن الحظ ر ال وارد في الم ادة ‪ 54‬من ال بروتوكول اإلض افي األول لع ام‪ ،1077‬ج اء ُمختلف اً عن الحظ ر‬

‫ال وارد في الم ادة ‪ 14‬من ال بروتوكول اإلض افي الث اني لع ام ‪ 1977‬وعلى العكس من ه‪ ،‬فالم ادة ‪ 54‬احت وت على‬

‫حظر نسبي‪ ،‬وليس مطلقاً كالمادة ‪.14‬‬

‫وتعزي زاً له ذه القواع د أش ارت الكث ير من التق ارير الدولي ة أن أس لوب التجوي ع كوس يلة من وس ائل الح رب‬

‫الم ستقلة بشأن الجمهورية السورية‪ ،‬في تقرير لها أن القوات الحكومية ق د‬
‫محظور ‪ ،‬فقد أكدت لجنة التحقيق الدولية ُ‬

‫حاصرت العديد من البلدات والقرى ذات المواقع االستراتيجية التي تكثر فيها الجماعات المناهضة للحكومة‪ ،‬وذلك‬

‫ومخطط له‬
‫المتبع هو أسلوب استنزاف ُ‬
‫من أجل كبح قواها وإ رغامها على االنسحاب‪ ،‬وأشارت اللجنة أن األسلوب ُ‬

‫لجع ل الظ روف المعيش ية ال تُط اق بالنس بة للم دنيين مم ا يج برهم على ال نزوح‪ ،‬وب ذلك ُيص بح مق اتلو الجماع ات‬
‫‪564‬‬
‫‪.‬‬ ‫المسلحة المناهضة للحكومة أهدافاً عسكرية معزولة‬
‫ُ‬

‫المتب ع ُيعت بر من ض من األس اليب المحظ ورة حظ راً ُمطلق اً‪ ،‬فال‬
‫وتعليق اً على ذل ك يمكن الق ول‪ :‬إن األس لوب ُ‬

‫يجوز إطالقاً اللجوء إلى تجويع المدنيين عن طريق تدمير المواد التي ال غنى عنها الستمرار بقائهم كأسلوب من‬

‫أساليب ووسائل القتال‪ ،‬وعلى أطراف النزاع السماح بمرور اإلغاثة اإلنسانية دون أي عوائق وحتى لو كانت هذه‬

‫المواد ينتفع منها الثوار على سبيل المثال‪ ،‬ال يجوز للحكومة ُمهاجمتها أو تدميرها‪ ،‬وذلك استناداً إلى نص المادة‬

‫المس لحة غ ير الدولي ة‪ ،‬وال تي ج اءت ص ريحة في حظ ر‬


‫‪ 14‬من ال بروتوكول اإلض افي الث اني المتعلق ة بالنزاع ات ُ‬

‫‪ . 563‬ورد مبدأ حظر الهجمات االنتقامية بشكل صريح في البروتوكول اإلضافي األول لعام ‪ 1977‬الفقرة الثانية من المادة ‪ 51‬حيث يحظر القانون ال‪VV‬دولي‬
‫اإلنساني بوضوح الهجمات التي يكون هدفها األساسي االنتقام ‪.‬‬
‫‪ . 564‬الجمعية العامة ‪.‬األمم المتحدة ‪.‬مجلس حقوق اإلنسان ‪.‬تقرير لجنة التحقي‪VV‬ق الدولي‪VV‬ة المس‪VV‬تقلة بش‪VV‬أن الجمهوري‪VV‬ة العربي‪VV‬ة الس‪VV‬ورية ‪ ..‬ال‪VV‬دورة الرابع‪VV‬ة‬
‫والعش‪VV‬رون ‪.‬البن‪VV‬د ‪ 4‬من ج‪VV‬دول األعم‪VV‬ال ‪.‬ح‪VV‬االت حق‪VV‬وق اإلنس‪VV‬ان ال‪VV‬تي تتطلب اهتم‪VV‬ام المجلس به‪VV‬ا ‪.‬بت‪VV‬اريخ ‪ 16‬أغس‪VV‬طس ‪ . 2013‬صـــ ‪ 30‬و صــ ‪35‬‬
‫المرجع ‪A/HRC/24/46‬‬

‫‪142‬‬
‫استخدام التجويع كوسيلة إلجبار السكان المحليين على مغادرة المنطقة‪ ،‬فهذا النص ُيعد تطويراً للمبدأ الذي يحظر‬

‫تجويع المدنيين باعتبارهم األساس الذي تستند إليه قواعد حماية األعيان المدنية‪.565‬‬

‫وكخالصة مما سبق فإن المادة ‪ 54‬من البروتوكول اإلضافي األول أعطت أطراف النزاع السلطة التقديرية‬

‫الكاملة لتقدير هذه الضرورة العسكرية الملحة‪ ،‬كما وأعطتهم التبرير القانوني المناسب لتحقيق المكاسب العسكرية‬

‫على حساب الحماية المكفولة لهذه األعيان بعكس المادة ‪ 14‬التي جاءت بحظر مطلق‪.‬‬

‫وك ان األولى وض ع قواع د أك ثر ص رامة في الم ادة ‪ ، 54‬ك أن تخل و الم واد التجريمي ة من بي ان المب ادئ‬

‫واالس تثناءات في ذات ال وقت‪ ،‬حيث أعطت ه ذه القواع د لألفع ال ص فة التج ريم واإلباح ة مع اً مم ا خل ق تناقض اً‪،‬‬

‫وبالت الي تم اس تغاللها فيم ا يخ دم مص الح أط راف ال نزاع على حس اب الحماي ة المكفول ة لألعي ان‪،‬خاص ة وأن‬

‫المناس ب له ذه األفع ال وغ ير ق ادرين على اس تعمال‬


‫المخ اطبين به ذه القواع د في ظ روف ال تس مح لهم بالتق دير ُ‬

‫المب ادئ بص ورة أك ثر دق ة‪ ،‬وعلي ه ك ان يج در أن يتم تض مين الم ادة ‪ 54‬حماي ة ُمطلق ة له ذه األعي ان مش ابهة لتل ك‬

‫المتوافرة في المادة ‪. 14‬‬

‫وأخيرا ًتلكم هي الحماية التي كفلتها المادة ‪ 54‬من البروتوكول اإلضافي األول لعام ‪ ،1977‬والمادة ‪ 14‬من‬

‫البروتوكول اإلضافي الثاني لعام ‪ ،1977‬بشأن األعيان والمواد التي ال غنى عنها لبقاء السكان المدنيين‪ ،‬وسيتم‬

‫التط رق تالي اً إلى الحماي ة المق ررة لألش غال الهندس ية والمنش آت المحتوي ة على ق وى خط رة في نص وص‬

‫البروتوكولين اإلضافي ين لعام ‪ 1977‬وذلك على النحو التالي ‪-:‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬حماية المنشآت واألهداف المحتوية على قوى خطرة ‪-:‬‬

‫حظيت األشغال الهندسية والمنشآت التي تحوي على قوى خطرة من األعيان بحماية خاصة‪ ،‬لما تُشكله من‬

‫المسلحة‪ ،‬حيث أقر القانون الدولي اإلنساني قواعد حماية خاصة رغبة‬
‫خطورة عند االعتداء عليها أثناء النزاعات ُ‬
‫‪565‬‬
‫‪. Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann. Ibid .Para 4800. P.G. 1458.‬‬

‫‪143‬‬
‫في حماية السكان المدنيين من اآلثار الخطيرة المترتبة على تدمير هذه المنشآت‪ ،‬ذلك أن تدميرها يؤدي إلى تسرب‬

‫قوى خطرة تسبب خسائر في أرواح المدنيين وآثار مدمرة للبيئة‪ ،‬وعليه فقد قرر البروتوكول اإلضافي األول لعام‬

‫‪ 1977‬تالفي النقص الذي شاب اتفاقيات جنيف األربع لعام ‪ ،1949‬فأفرد نصوصاً تحتوي على حماية خاصة لها‪.‬‬

‫وق د ظه رت ب وادر ه ذه الحماي ة لألش غال الهندس ية والمنش آت ال تي تح وي ق وى خط رة من خالل الم ؤتمر‬

‫الدبلوماسي إلعادة تأكيد وتطوير قواعد القانون الدولي اإلنساني بين عامي ‪ ،1977-1974‬حيث تم باقتراح من‬

‫اللجنة الدولية للصليب األحمر إدراج المادة ‪ 49‬في مشروع البروتوكول األول‪ ،‬والتي تنص على ضرورة توفير‬

‫الحماي ة لألش غال الهندس ية والمنش آت الخط رة‪ ،566‬لم ا تُمثل ه ه ذه المنش آت واألش غال الهندس ية المحتوي ة على ق وى‬

‫خطرة من أهداف مفضلة قد يقرر تدميرها مصير المعركة‪ ،‬بل وحتى الحرب ُبمجملها ‪ ،567‬وبذلك فقد جاءت هذه‬

‫المتعلقة باألعي ان المدني ة بشكل عام‪ ،‬خاص ة وأنها أعيان ذات اس تخدام مح دد وذات‬
‫الحماي ة لدعم وتقوي ة الحماية ُ‬
‫‪568‬‬
‫المقدم ة تم إق رار نص الم ادة ‪ 56‬من ال بروتوكول اإلض افي األول‬
‫المقترح ات ُ‬
‫خط ورة كب يرة ‪ ،‬وبن اء على تل ك ُ‬

‫لعام ‪ 1977‬تحت عنوان "حماية األشغال الهندسية والمنشآت المحتوية على قوى خطره "‪.‬‬

‫وقد عرفت المادة ‪ 56‬من البروتوكول اإلضافي األول لعام ‪ 1977‬األشغال الهندسية والمنشآت المحتوية‬

‫على قوى خطرة على أنها ‪ :‬الجسور والسدود والمحطات النووية لتوليد الكهرباء‪ ،‬وهو ما أخذت به أيض اً المادة‬

‫المسلحة غير الدولية‪ ،‬بمعنى أن ماعدا هذه‬


‫‪ 15‬من البروتوكول اإلضافي الثاني لعام ‪ 1977‬الخاص بالنزاعات ُ‬

‫األعيان فإنها تكون محالً للهج وم‪ ،‬ولكن رغم ذلك فإن هذا الهجوم يبقى مرهون اً بمدى الخسائر التي قد تنجم من‬

‫جراء هذا الهجوم‪ ،‬وهو ما أكدته المادتين في نصها "‪..‬إذا كان من شأن هذا الهجوم أن يتسبب في انطالق قوى‬

‫خطرة ترتب خسائر فادحة بين السكان المدنيين ‪.569 ،"..‬‬


‫‪ . 566‬وقد بذل الوفد المصري خالل المؤتمر‪ V‬الدبلوماسي إلعادة تأكيد وتطوير قواعد القانون الدولي اإلنساني لعام ‪ 1977-1974‬جهودا مكثفة في الدورة‬
‫الثانية لدعم هذه الحماية وتأكيدها‪ ،‬وذلك نظرا لظروف خاصة بجمهورية مصر تتمثل في وجود السد العالي‪ ،‬وخزان أسوان وأهميتهما الكبيرة لالقتص‪VV‬اد‬
‫المصري ‪ .‬انظر أبو الخير أحمد عطية ‪ .‬حماية السكان المدنيين واألعيان المدنية أبان النزعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪ 164‬صــ‪. 165‬‬
‫‪ . 567‬محمد البزاز‪ .‬حماي‪VV‬ة األعي‪VV‬ان المدني‪VV‬ة بأس‪VV‬اليب ووس‪VV‬ائل القت‪VV‬ال‪ .‬في م‪VV‬ؤتمر ‪ :‬ال‪VV‬دورة اإلقليمي‪VV‬ة الثاني‪VV‬ة في مج‪VV‬ال الق‪VV‬انون ال‪V‬دولي اإلنس‪VV‬اني ‪.‬مرج‪VV‬ع‬
‫سابق ‪.‬صـ‪.191‬‬
‫‪. 568‬عمر سعد هللا ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني الممتلكات‪ V‬المحمية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.12‬‬
‫‪ . 569‬رقية عواشرية ‪ .‬حماية المدنيين واألعيان المدنية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 281‬‬

‫‪144‬‬
‫المتنازعة بعدم‬
‫حيث تم اإلشارة بوضوح إلى ضرورة إعمال مبدأ التناسب الذي تلتزم بموجبه األطراف ُ‬

‫إحداث أضرار إضافية زائدة وكبيرة‪ ،‬كما هو الحال إذا كان من شأن الهجوم على الهدف العسكري حدوث خسائر‬

‫فادحة تتجاوز المكاسب العسكرية المرجوة منه‪ ،570‬فالحماية هنا ليست ُمطلقة بل مشروطة بمدى الخسائر التي قد‬

‫الم خالفة‪ ،‬فإن أي هجوم اليؤدي وال يتسبب في خسائر فادحة يكون مشروعاً ‪.572‬‬ ‫‪571‬‬
‫تنشأ جراء الهجوم ‪ ،‬وبمفهوم ُ‬

‫ولكن ما يؤخذ على هذا التعريف أن التعداد الوارد في نص المادتين أنه جاء على سبيل الحصر وليس على‬

‫سبيل المثال‪ ،‬وهذا ما يشكل قصوراً وعيب اً؛ ذلك أن المنشآت التي تحتوي على قوى خطرة ال يمكن حصرها فقط‬

‫في الس دود والجس ور والمحط ات النووي ة المول دة للطاق ة الكهربائي ة ‪ ،573‬أض ف إلى ذل ك ف إن التع داد الحص ري ق د‬

‫ٍ‬
‫مزيد من‬ ‫المتسارع مما يعطي جموداً للمادة‪ ،‬وبالتالي يمنعها من استيعاب‬
‫ُيعرقل عملية مواكبة التطور التكنولوجي ُ‬

‫األعيان التي قد تُشكل خطورة أكبر من األعيان الواردة في نص المادتين‪.‬‬

‫ونظراً لهذا العيب فقد تقدمت مجموعة الدول العربية أثناء انعقاد دورات المؤتمر الدبلوماسي لتأكيد وتطوير‬

‫القانون الدولي اإلنساني باقتراح ينص على استبدال مصطلح " أال وهي" بمصطلح "ومثال على ذلك"‪ ،‬مما يعطي‬
‫‪574‬‬
‫طابعاً غير حصري لهذه القائمة‪ ،‬وبالتالي ضمان حماية أكبر إال أن هذا االقتراح قوبل بالرفض ‪.‬‬

‫ورغم أن الم ادة ‪ 15‬ق د ج اءت لتع زز ه ذه الحماي ة ‪ ،575‬حيث أق رت الحماي ة ح تى ل و ك انت ه ذه األعي ان‬

‫أه دافاً عس كرية‪ ،‬وج اءت تحت عن وان مماث ل لل وارد في نص الم ادة ‪ 56‬من ال بروتوكول اإلض افي األول الخ اص‬

‫المسلحة الدولية‪.‬‬
‫بالنزاعات ُ‬

‫‪ . 570‬محمد البزاز‪.‬حماية األعيان المدنية بأساليب ووسائل القتال‪ .‬في مؤتمر ‪ :‬الدورة اإلقليمية الثانية في مجال القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‬
‫‪. 194‬‬
‫‪ . 571‬نوال بسج ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني وحماية المدنيين واألعيان المدنية زمن النزاعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق صـــ ‪. 163‬‬
‫‪ . 572‬بدرية عبدهللا العوضي الحماية الدولية لألعيان المدنية وحرب الخليج ‪.‬مرجع سابق‪.‬صــ ‪. 63‬‬
‫ً‬
‫‪ . 573‬فقد يتم تدمير مصانع كيميائية أو آبار نفطيه أو مصانع تكريره‪VV‬ا مم‪VV‬ا ق‪V‬د يلح‪VV‬ق خس‪VV‬ائر فادح‪VV‬ه وأض‪VV‬رارا جس‪VV‬يمة ‪ .‬انظ‪VV‬ر ‪.‬أحم‪VV‬د س‪VV‬ي علي ‪.‬حماي‪VV‬ة‬
‫األشخاص واألموال في القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪.335‬‬
‫‪ . 574‬خالد روشو ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪.333‬‬
‫‪ . 575‬نصت المادة ‪ 15‬على أنه " ال تكون االشغال الهندسية أو المنشآت التي تحوي قوي خط‪VV‬رة‪ ،‬أال وهي الس‪VV‬دود والجس‪VV‬ور والمحط‪VV‬ات النووي‪VV‬ة لتولي‪VV‬د‬
‫الطاقة الكهربية محال للهجوم حتى ولو كانت أهدافا عسكرية‪ ،‬إذا كان من شأن هذا الهج‪VV‬وم ان يتس‪VV‬بب‪ V‬في انطالق ق‪VV‬وي خط‪VV‬رة ت‪VV‬رتب خس‪VV‬ائر فادح‪V‬ة بين‬
‫السكان المدنيين‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫لكن المادة ‪ 56‬جاءت بشئ من التفصيل بعكس المادة ‪ ،15‬حيث نصت على حاالت لتعليق الحماية‪ ،‬وهي‬

‫حال ة اس تخدام ه ذه المنش آت في غ ير اس تخداماتها العادي ة‪ ،‬وحال ة ُمس اهمتها في دعم العملي ات العس كرية على نح و‬

‫ومباش ر‪ ،‬وأيض اً حال ة م ا إذا ك ان الهج وم عليه ا ه و الس بيل إلنه اء ال دعم العس كري‪ ،‬وهم ا ش رطان‬
‫ومهم ُ‬
‫ُمنتظم ُ‬

‫ُمتالزم ان‪ ،576‬وأيض اً حال ة أخ رى تس ري بص فة خاص ة على الس دود والجس ور وه و اس تخدامها في غ ير وظيفته ا‬

‫العادية‪ ،‬وقد فسرت عبارة ( وظيفتها العادية) بمعنى وظيفتها التي وجدت من أجلها دون غيرها كحجز المياه‪ ،‬أو‬

‫أن تكون مهيأة لحجزها ‪ ،577‬كذلك نصت على ضرورة حظر هجمات الردع (االنتقامية ) ضد األشغال الهندسية‬

‫والمنش آت المحتوي ة على ق وى خط رة في حين خلت الم ادة ‪ 15‬من ه ذه البن ود لتش كل ب ذلك حماي ة أك بر له ذه‬

‫األعيان‪.‬‬

‫ولعل المدلول القانوني من وراء إغفال تلك التفاصيل كلها في المادة ‪ 15‬من البروتوكول اإلضافي الثاني‪،‬‬

‫هو أن هذه المادة قد جاءت لمجرد التأكيد على ما جاء في المادة ‪ ،56‬باإلضافة إلى الرغبة في تحقيق أكبر ضمانة‬

‫للمدنيين‪ ،‬والتي لن تتحقق في ظل وجود هذه االستثناءات‪ ،‬خاصة وأن المادة ‪ 56‬تحمل غموضاً من ناحية المعايير‬

‫ال تي يمكن االس تناد إليه ا في الحكم على عين م ا أنه ا تق دم دعم اً منتظم اً ومهم اً ومباش راً‪ ،‬وبالت الي تف رد س لطة‬

‫تقديرية واسعة ألطراف النزاع‪.‬‬

‫وتش مل ه ذه الحماي ة كاف ة الت دابير واالحتياط ات المنص وص عليه ا في الم ادة ‪ 57‬لتف ادي انطالق الق وى‬

‫الخط رة‪ ،578‬وك ذلك ض رورة اتخ اذ الق رار بالمهاجم ة على" مس توى ع ال من القي ادة" وعلى "المس تويات السياس ية‬

‫العالي ة المناس بة"‪ ،579‬وعلي ه فإن ه عملي اً ال يمكن تق ييم الخس ائر إال من خالل أعم ال الس لطة التقديري ة ألط راف‬
‫‪580‬‬
‫النزاع‬

‫‪ . 576‬خالد روشو ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪. 334‬‬
‫‪ . 577‬نوال بسج ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني وحماية المدنيين واألعيان المدنية زمن النزاعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق صـــ ‪. 164‬‬
‫‪ . 578‬فريتس كالسوفن‪ -‬الزابيث‪ V‬تسغفلد ‪ .‬ضوابط تحكم خوض الحرب مرجع سابق ‪ .‬صــ‪. 126‬‬
‫‪ . 579‬جون – ماري هنكرتس ولويز دوزوالد – بك القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪.‬مرجع سابق ‪..‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪. 126‬‬
‫‪. 580‬بدرية العوضي ‪ .‬الحماية الدولية لألعيان المدنية وحرب الخليج ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــــ‪ 63‬وصـــ‪. 73‬‬

‫‪146‬‬
‫وبالتالي ومع غياب الطرف المحايد الذي يعمل على ضبط المعايير والضوابط وإ زالة كل ما يشوبها من‬

‫غموض‪ ،‬وهو ما يشكل عبئ اً في القيمة الحقيقية لهذه الحماية‪ ،‬خاصة وإ ن مصالح هذه األطراف متضاربة في‬

‫األساس فكيف ُيمكن ضبط عملية كبح الخسائر المترتبة على المدنيين الذين يعتبرون الطرف األضعف في النزاع‬

‫في ظل وجود سلطة تقديرية يتحكم بها أطراف النزاع على حسب مصالحهم العسكرية؟!!‬

‫المطلقة في الفقرة األولى من المادة‪،‬‬


‫ولعل ما يحسب للمادة ‪ 56‬من قيمة وفعالية احتوائها بداية على الحماية ُ‬

‫إال أن هذه الحماية قد ُد مرت بورود استثناءات أطلقتها المادة في الفقرات التالية تتعلق بتوقف هذه الحماية في حالة‬

‫ومباشر‪ ،‬وبأن يكون هذه الهجوم هو‬


‫ما إذا استخدمت هذه األعيان وتلك المنشآت في الدعم العسكري ُمنتظم ومهم ُ‬

‫المس تطاع إلنه اء ه ذا ال دعم‪ ،‬وك ان األج در االس تغناء عن ه ذا االس تثناء اس تناداً إلى خط ورة ه ذه‬
‫الح ل الوحي د ُ‬

‫األعيان ومدى األضرار الجانبية التي قد تنشأ في حالة الهجوم عليها‪ ،‬فالهجوم عليها محظور بشكل عام وإ ن لم‬

‫يكن دائم اً كم ا أن الح رص الش ديد ال واجب في التعام ل م ع مث ل ه ذه المنش آت ال يمكن إال من خالل إي راد حماي ة‬

‫ُمطلقة ال تقبل االستثناءات الصريحة ‪.‬‬

‫واس تناداً إلى أن التعام ل م ع ه ذه األعي ان يتطلب حرص اً ش ديداً لخطورته ا ‪ ،‬وال يتمث ل ه ذه الح رص إال‬

‫المنبعث والُمتوق ع يف وق أي مص لحة ك انت‪،‬‬


‫ب إيراد حماي ة ُمطلق ه تمن ع الهج وم عليه ا ‪ ،‬ذل ك أن جس امة الض رر ُ‬

‫واستناداً إلى مبدأ التناسب الذي ُيعد من المبادئ التي تحملها قواعد حماية األعيان‪ ،‬فإن جلب أي منفعة عسكرية‬

‫حالي ا أو ح تى مس تقبالً‪ ،‬كم ا أن‬


‫ك انت لن تع ادل الض رر الف ادح والجس يم ال ذي ق د يتع رض ل ه الم دنيون س واء ً‬

‫االحتياطات والتدابير الواردة قد تكون فعالة في مواضع أخرى‪ ،‬إال أنه وفي حالة الهجوم على المنشآت واألشغال‬

‫الخطرة‪ ،‬فإن احتمالية السيطرة على الوضع تكون ضرب من الخيال‪.‬‬

‫و ال يقتصر مجال الحماية الخاصة على األشغال الهندسية والمنشآت المحتوية على قوى خطرة فقط بل‬

‫يمتد ليشمل األهداف العسكرية المجاورة لها‪ ،‬إذا كان من شأن هذا الهجوم أن يتسبب بأحداث نفس النتائج التي‬

‫‪147‬‬
‫يتس بب بح دوثها الهج وم على تل ك المنش آت واألش غال‪ ،‬وس عياً لتوف ير حماي ة أك بر له ذه المنش آت فإن ه يتعين على‬

‫أطراف النزاع تجنب إقامة أية أهداف عسكرية بالقرب منها باستثناء المنشآت التي يكون القصد من إنشائها حماية‬

‫تل ك األعي ان وال دفاع عنه ا ض د الهج وم‪ ،‬وحثت على ض رورة س عي ال دول إلى إب رام اتفاقي ات ثنائي ة أو متع ددة‬

‫األطراف تتعلق بضرورة حماية أكبر لهذه األعيان‪.581‬‬

‫المسلحة ‪ ،582‬وتعد‬
‫كما وجاء في الفقرة السابعة ضرورة وضع شارة مميزة لهذه األعيان زمن النزاعات ُ‬

‫هذه اإلشارة للداللة على وجود هذه المنشآت‪ ،‬وليس للحماية وهي غير إجبارية‪ ،‬حيث إن الفقرة السابعة من المادة‬

‫‪ 56‬أك دت على أن ه ح تى ول و لم توج د ه ذه الش ارة المم يزة ف إن ه ذا ال يعفي أط راف ال نزاع من التزاماته ا في‬
‫‪583‬‬
‫‪.‬‬ ‫ضرورة التقيد بقواعد الحماية الواردة في المادة‬

‫وق د حظي موض وع الحماي ة الخاص ة للمنش آت وخاص ة األش غال الهندس ية والمنش آت المحتوي ة على ق وى‬

‫خطرة باهتمام من قبل الخبراء الحكوميين واللجنة الدولية للصليب األحمر في الدورة الثانية للمؤتمر الدبلوماسي‬

‫لتط وير وتأكي د الق انون ال دولي اإلنس اني لع ام ‪ ،1974-1977‬و انقس مت م واقفهم وآراؤهم بش أن إعط اء الحماي ة‬

‫المنش آت واألعي ان إلى اتج اهين‪ ،‬االتج اه األول‪ :‬ين ادي بتط بيق قواع د الحماي ة العام ة له ذه المنش آت‬
‫الخاص ة له ذه ُ‬

‫دون حاجة إلى إيراد نص خاص بذلك‪ ،‬مع تطبيق القواعد الخاصة بالتمييز بين األهداف المدنية والعسكرية قبل‬

‫اتخ اذ الق رار ب الهجوم‪ ،‬أم ا االتج اه الث اني‪ :‬ف يرى ض رورة وض ع نص خ اص يتن اول موض وع الحماي ة العام ة م ع‬

‫وضع ضوابط ومعايير تجيز بموجبها إيقاف الحماية الخاصة ضد الهجوم في حالة استخدامها لألغراض العسكرية‬

‫وللدعم العس كري‪ ،‬ولم يتم ترجيح أي رأي‪ ،‬ب ل تم دمجهما لتكوين حل توافقي متوازن متمثل في المادة ‪ 56‬التي‬

‫حاولت الموازنة بين الجوانب العسكرية وبين االعتبارات العسكرية ‪.584‬‬


‫‪ . 581‬الفقرة الخامسة والسادسة من المادة ‪ 56‬من البروتوكول اإلضافي األول‪.‬‬
‫‪ . 582‬وقد وردت هذه الشارة بشي من التفصيل في إحدى مالحق للبروتوكول اإلض‪VV‬افي األول لع‪VV‬ام ‪ ،1977‬وتتك‪VV‬ون‪ V‬العالم‪VV‬ة الخاص‪VV‬ة الدولي‪VV‬ة لألش‪VV‬غال‬
‫الهندسية والمنشآت المحتوية على قوى خطرة‪ ،‬من ثالث دوائر ب‪VV‬اللون البرتق‪VV‬الي ال‪V‬زاهي متس‪VV‬اوي االقط‪VV‬ار وموض‪VV‬وعه على المح‪VV‬ور ذات‪VV‬ه بحيث تك‪VV‬ون‬
‫المسافة بين كل دائرة وأخرى مساوية لنصف القطر وجاء في الفقرة الثانية ان تك‪V‬ون العالم‪V‬ة بحجم كب‪V‬ير ويمكن تكراره‪V‬ا وفق‪V‬ا للظ‪V‬روف الس‪V‬ائدة ويمكن‪V‬‬
‫بحسب ما جاء في الفقرة الرابعة من ذات المادة إضاءة العالمة في الليل أو عندما تكون الرؤيا محدودة‪.‬‬
‫‪. 583‬فريتس كالسوفن‪ -‬اليزابيث تسغلفد ضوابط تحكم خوض الحرب‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪126‬‬
‫‪ . 584‬بدرية العوضي ‪ .‬الحماية الدولية لألعيان المدنية وحرب الخليج ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪.65‬صـــ‪66‬‬

‫‪148‬‬
‫فق د أخ ذت الم ادة ‪ 56‬االتج اه الوس طي‪ :‬ألح داث ت وازن من خالل إق رار الحماي ة م ع الس ماح برفعه ا‬
‫‪585‬‬
‫‪ ،‬وبالتالي وازنت المادة بين هذين االتجاهين من خالل الحظر‬ ‫ومهاجمتها متى استخدمت لدعم العمل العسكري‬

‫المطل ق وذل ك حفاظ اً على االعتب ارات اإلنس انية في الفق رة األولى من الم ادة ثم إدخ ال فق رات تض من حماي ة أك بر‬
‫ُ‬

‫لهذه المنشآت ‪ ،‬ولكن اإلستثناء الوارد على هذه الحماية شكل تقليالً من فعالية هذه الحماية نوعاً ما ‪.‬‬

‫تلكم هي أهم ما ورد في أحكام القانون الدولي اإلنساني بشأن الحماية المقررة لألشغال الهندسية والمنشآت‬

‫المحتوي ة على ق وى خط رة بم وجب الم ادتين ‪ 56‬و‪ 15‬من ال بروتوكولين اإلض افيين لع ام ‪ ،1977‬وس يتم تالي اً‬

‫التطرق لمعالجة الحماية الدولية للبيئة الطبيعية في الموضوع اآلتي ‪-:‬‬

‫المطلب الرابع ‪ :‬الحماية الدولية للبيئة الطبيعية ‪-:‬‬

‫تُش كل البيئ ة الوس ط ال ذي نعيش في ه ويحي ط بن ا وانطالق اً أهمي ة البيئ ة ‪ ،‬ومن ض رورة الحف اظ عليه ا‬

‫واستمرارية ديمومتها أصبحت حمايتها محدداً ضمن قوانين ُملزمة وتشريعات تُساهم في ضمان الحماية القانونية‬

‫المناسبة لها ‪.‬‬


‫ُ‬

‫وقد صدرت العديد من الوثائق الدولية التي أشارت إلى ضرورة حماية مناسبة البيئة الطبيعية بطريقة‬

‫غ ير ُمباش رة في البداي ة‪ ،‬كم ا وردت نص وص تحث على الحماي ة للبيئ ة الطبيعي ة بطريق ة مباش رة وص ريحة منه ا‬

‫المادتان ‪ 35‬و‪ 55‬من البروتوكول اإلضافي األول لعام ‪ 1977‬وتشير المادتان إلى حماية البيئة الطبيعية بصورة‬

‫مباش رة وص ريحة وتنط وي على عنص ر اإلل زام‪ ،‬كم ا ح ددت بوض وح حرم ة الوس ائل واألس اليب ال تي تح دث‬

‫أض راراً بالغ ة ال ض رورة له ا وواس عة االنتش ار وطويل ة األم د‪ ،‬ولكن رغم ذل ك فإنه ا لم تح دد درج ة الت دمير‬

‫المحظور وال طبيعة الضرر البالغ والواسع االنتشار‪ ،‬مع عدم التدقيق في مسألة العناية المبذولة في حالة الضرورة‬

‫‪ . 585‬حسين علي الدريدي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪. 270‬‬

‫‪149‬‬
‫العسكرية التي تقتضي تدميراً كامالً أو جزئياً للبيئة‪ ،586‬وتعتبر هذه النصوص مستحدثة وهامة جداً للقانون الدولي‬

‫المسلحة ‪.587‬‬
‫اإلنساني الذي كان يفتقر إلى أحكام خاصة بالبيئة أثناء النزاعات ُ‬

‫باإلض افة إلى اتفاقية حظر اس تخدام تقنيات التغيير في البيئة ألغراض عسكرية أو ألية أغ راض عدائية‬

‫المتحدة‪ ،588‬بغية القضاء على استخدام‬


‫أخرى صدرت في ‪ 10‬ديسمبر عام ‪ 1976‬والتي أبرمت برعاية من األمم ُ‬

‫تقنيات التغيير في البيئة الطبيعية لألغراض العسكرية أو ألية أغراض عدائية ‪.589‬‬

‫ويقص د بـ "تقني ات التغي ير في البيئ ة"‪ ،‬أي ة تقني ة إلح داث تغي ير عن طري ق الت أثر المتعم د في العملي ات‬

‫الطبيعي ة في ديناميكي ة الك رة األرض ية أو تركيبه ا أو تش كيلها بم ا في ذل ك أحياؤه ا المحلي ة‪ ،‬وغالفه ا الص خري‬

‫وغالفه ا الم ائي والج وي‪ ،‬أو في حركي ة الفض اء الخ ارجي أو تركيبت ه أو تش كيله"‪ ،590‬وق د ج اءت ه ذه االتفاقي ة‬

‫بهدف حظر الحروب الجيوفيزيائية التي تترتب على التدخل المتعمد في العمليات الطبيعية‪ ،‬مما يؤدي إلى ظواهر‬

‫كاألعاص ير واألم واج البحري ة وال زالزل وهط ول األمط ار وغيره ا ‪ ،591‬ورغم أن الم ادة أش ارت إلى أن ه يكفي‬

‫ت وفر أح د الش روط لتط بيق قواع د الحظ ر ‪ ،592‬إال أن بعض الفقه اء ق د أص روا على ض رورة ت وافر عنص ر الم دة‬

‫والخطورة واالنتشار حتى يمكن االعتداد به كخطر جسيم‪ ،‬وبالتالي تفعيل مبدأ الضرورة العسكرية مما يوجب رف ع‬

‫الحظر والحماية ‪.593‬‬

‫تعت بر االتفاقي ات والق وانين والل وائح الخاص ة بحماي ة البيئ ة واجب ة التط بيق في زمن الس لم وك ذلك في زمن‬

‫المترتب ة عليه ا بس بب الح روب فإنه ا تك ون في‬


‫الح رب‪ ،‬ولم ا ك انت البيئ ة تتع رض لمخ اطر جس يمة بس بب اآلث ار ُ‬

‫‪ . 586‬خالد روشو ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 220‬‬
‫‪ . 587‬عامر الزمالي مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 80‬‬
‫‪ . 588‬لالطالع على القرار واالتفاقية كاملة ‪.‬انظر ‪.‬الجمعية العامة لألمم المتحدة ‪.‬اتفاقية حظر استخدام تقنيات‪ V‬التغيير‪ V‬في البيئة ألغراض عسكرية أو ألي‪VV‬ة‬
‫أغراض عدائية أخرى ‪ .‬الدورة ‪ 31‬عام ‪ 1976‬بتاريخ ‪ 10‬ديسمبر ‪.1976‬المشار إلية ‪. A/RES/31/72‬صــ ‪ 74‬إلى صـــ‪. 80‬‬
‫‪ .. 589‬مصطفى احم‪V‬د ف‪V‬ؤاد ‪.‬حماي‪V‬ة األم‪V‬اكن الديني‪V‬ة المقدس‪V‬ة في منظ‪V‬ور الق‪V‬انون ال‪V‬دولي اإلنس‪V‬اني ‪ .‬الق‪V‬انون ال‪V‬دولي اإلنس‪V‬اني "اف‪V‬اق وتح‪V‬ديات‪ .‬مرج‪V‬ع‬
‫سابق ‪.‬صــ‪.52‬‬
‫‪ . 590‬بحسب ما جاء في نص المادة الثانية من اتفاقية حظر استخدام تقنيات‪ V‬التغيير‪ V‬في البيئة ألغراض عسكرية أو ألية أغراض عدائية أخرى‪.‬‬
‫‪ . 591‬خالد روشو ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪.222‬‬
‫‪592‬‬
‫‪. Yves Sandoz, Christophe Swinarski, and Bruno Zimmermann.. Ibid .Para 1461. P.g. 420‬‬
‫‪ . 593‬خالد روشو ‪ .‬الضرورة العسكرية في نطاق القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪225‬‬

‫‪150‬‬
‫حاجة ماسة إلى إقرار تدابير وإ جراءات فعالة لحمايتها في هذه الظروف االستثنائية‪ ،‬وبالنظر إلى اتفاقيات جنيف‬

‫المقدم من اللجنة الدولية للصليب األحمر لحماية المنشآت التي ال غنى عنها لبقاء‬
‫األربع لعام ‪ 1949‬والمشروع ُ‬
‫‪594‬‬
‫‪.‬‬ ‫المسلحة‬
‫السكان المدنيين‪ ،‬فإنهما يخلوان من أي نص يضمن الحماية للبيئة الطبيعية في زمن النزاعات ُ‬

‫وك ذلك الح ال بالنس بة لل بروتوكول اإلض افي الث اني لع ام ‪ 1977‬حيث ج اء خالي اً من النص على حماي ة‬

‫البيئة في حالة النزاع المسلح غير الدولي‪ ،‬إال أن البعض يرى أن البروتوكول الثاني عالج حماية البيئة من خالل‬

‫نص المادة ‪ 14‬بشأن حماية األعيان التي ال غنى عنها لبقاء السكان المدنيين‪ ،‬والمادة ‪ 15‬التي تهدف إلى حماية‬

‫البيئة من خالل نصها على حظر الهجمات على األشغال الهندسية والمنشآت التي تحوي على قوى خطرة إذا كان‬

‫من شأن الهجمات أن تسبب انطالق قوى خطرة تؤثر على البيئة‪ ،‬كما أنه يمكن االستناد إلى العرف الدولي الذي‬

‫المسلحة ذات الطابع غير الدولي ‪.595‬‬


‫يقرر الحماية للبيئة حتى بالنسبة للمنازعات ُ‬

‫أم ا ال بروتوكول اإلض افي األول فق د أق رت المادت ان ‪ 35‬و ‪ 55‬فج اءت الم ادة ‪ 35/3‬لتحظ ر أي اس تخدام‬

‫لوسائل وأساليب القتال التي تؤدي إلى المساس بالبيئة الطبيعية‪ ،‬وتتسبب في أضرار بالغة واسعة االنتشار وطويلة‬

‫األم د وه و م ا تبنت ه أيض اً الم ادة ‪ 55‬ال تي نص ت على ش روط إلمكاني ة توف ير الحماي ة للبيئ ة الطبيعي ة مض مونها‬

‫أيضاً أن تكون " اآلثار الماسة بالبيئة ‪ :‬بالغة األثر‪ ،‬طويلة األمد‪ ،‬واسعة االنتشار"‪ ،‬إال أنها لم تُحدد الجهة المخولة‬

‫بالتحقق من توفر هذه اآلثار مما ُيشكل إضعافاً لقيمة وفعالية الحماية كما أنها تعطي أطراف النزاع مساحة أوسع‬

‫من الس لطة التقديري ة‪ ،‬في حين ك ان يج در تقيي د ه ذه الس لطة بش كل أك ثر فعالي ة‪ ،‬وك ان الب د من بي ان عناص ر‬

‫ومؤشرات أكثر فاعلية تمكنهم من إدارة النزاع بصورة أكثر فاعلية وبخطوط أكثر دقة ووضوح‪.‬‬

‫كم ا وق د أوردت الم ادة ‪ 55‬مبدأ حماية البيئ ة الطبيعية بصيغة آم رة‪ ،‬وتع بر عن ذل ك الجملة األولى من‬

‫الفقرة األولى " تراعى أثناء القتال حماية البيئة الطبيعية من األضرار البالغة ‪ ،" ..‬فقد جاء التوكيد على هذا اإللزام‬

‫‪ .. 594‬قدم االقتراح الوفد االسترالي وقد أيدته كل من تشيكوسولفاكيا والمانيا والمجر والنمسا ‪.‬‬
‫‪ . 595‬محمد سامح عمرو‪ .‬حماية الممتلكات‪ V‬واألعيان الثقافي‪V‬ة في ف‪V‬ترات ال‪V‬نزاع المس‪V‬لح‪ .‬في م‪V‬ؤتمر‪ V‬ال‪V‬دورة اإلقليمي‪V‬ة الثاني‪V‬ة في مج‪V‬ال الق‪V‬انون ال‪V‬دولي‬
‫اإلنساني‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 215‬‬

‫‪151‬‬
‫في الفقرة التي تليها؛ حيث جاءت الجملة الثانية لتعزز الجملة السابقة في إقرار مبدأ حظر استخدام أساليب القتال‬

‫ال تي من ش أنها اإلض رار بالبيئ ة‪ ،‬وتص ل الحماي ة م داها ب إقرار مب دأ حظ ر الهجم ات االنتقامي ة وه و م ا اس تحدثته‬

‫وتميزت به في الفقرة الثانية من المادة ذاتها‪.‬‬

‫وب الرغم من الص فة اآلم رة لمب دأ الحماي ة ال واردة في الم ادة ‪ ،55‬إال أن ه في الواق ع م ا ه و إال ال تزام بب ذل‬

‫عناي ة ورعاي ة أك ثر من كون ه ال تزام بتحقي ق نتيج ة وه و م ا يؤك ده لف ظ " ي راعي" ال وارد في النص‪ ،‬مم ا ق د ي ؤدي‬

‫وبحسب ما أكده بعض مفسري البروتوكول إلى التقليل من فعالية هذه الحماية ‪ ،‬وذلك ألنها قد توسع من تقدير ه ذه‬

‫المراع اة الواجب ة‪ ،‬باإلض افة إلى أن مب دأ حظ ر اس تخدام أس اليب ووس ائل القت ال ق د ج اء مج ردا ًمن أي قواع د‬

‫تفصيلية‪ ،‬وقد يكون ذلك مقصوداً باعتبار أن جميع األحكام المتعلقة بحماية األعيان المدنية تقرأ وجوب اً ‪ ،‬وبالتالزم‬

‫م ع أحك ام الم ادة ‪ 57‬من ال بروتوكول اإلض افي األول ال ذي ينص على ض رورة اتخ اد كاف ة الت دابير واالحتياط ات‬

‫أثناء الهجوم على األهداف العسكرية‪.596‬‬

‫التزام ا عام اً‬ ‫أضف إلى ذلك أن المادة ‪ 55‬لم ِ‬


‫تأت فقط تكراراً للفقرة الثالثة من المادة ‪ 35‬ذلك أنها تضمنت‬
‫ً‬

‫المسلحة‪ ،‬بل يعتمد هذا االلتزام بالدرجة األول على حماية السكان المدنيين في حين‬
‫لحماية البيئة أثناء النزاعات ُ‬
‫‪597‬‬
‫‪.‬‬ ‫جاءت الفقرة الثالثة من المادة ‪ 35‬لتحمي البيئة ذاتها‬

‫وجدير بالذكر أن العالقة بين نصوص البروتوكول اإلضافي األول لعام ‪ 1977‬الذي ورد فيه حظر صريح‬

‫لكل ما يلحق أضراراً بالبيئة الطبيعية في فترة النزاع المسلح واتفاقية األمم المتحدة لحظر استخدام تقنيات التغيير‬

‫في البيئ ة ألغ راض عس كرية أو أي ة أغ راض عدائي ة أخ رى‪ ،‬هي عالق ة تكام ل فكال النص ان يع دان متك املين وال‬

‫المص طلحات‪ ،‬فعب ارة "بالغ ة‪ ،‬واس عة‬


‫ينطوي ان على ازدواج مطلق اً‪ ،‬رغم م ا تحمل ه ك ل اتفاقي ة من تفس ير لبعض ُ‬

‫‪. 596‬نزار العنبكي‪. V‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪ ،363‬صــ‪. 364‬‬
‫‪ . 597‬عامر الزمالي ‪.‬مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪.80‬‬

‫‪152‬‬
‫االنتش ار‪ ،‬وطويل ة األم د ال واردة في ال بروتوكول اإلض افي األول تحم ل معن اً مختلف اً عن المع نى ال ذي تحمل ه ذات‬
‫‪598‬‬
‫‪.‬‬ ‫العبارة في اتفاقية عام ‪1976‬‬

‫فالحظر الوارد في البروتوكول اإلضافي األول ينصرف إلى ضرورة عدم توجيه أي أعمال عدائية للبيئة‬

‫الطبيعي ة‪ ،‬أم ا الحظ ر ال وارد في اتفاقي ة ‪ 1976‬فينص رف إلى من ع إح داث أي تغي يرات بيئي ة مث ل األعاص ير أو‬

‫اله زات األرض ية والفيض انات وغيره ا باس تخدام تقني ات مخصص ة بغي ة الحص ول على مزاي ا عس كرية أو القي ام‬

‫بأعم ال عدائية ‪ ،599‬وعليه فإنهما يهدفان إلى توفير الحماية الالزمة من مختلف األضرار التي قد تتعرض لها‪،‬‬

‫لكن كل اتفاقية تحمل تفسيراً مختلفاً عن األخرى‪.‬‬

‫وأكدت اللجنة التي ُأنشئت للنظر في حملة القصف التي شنتها قوات حلف الشمال األطلسي على يوغسالفيا‬

‫ضرورة التقيد بالنصوص التي تحظر المساس بالبيئة الطبيعية وأضافت أن الحملة قد أدت إلى انتهاك للمادة ‪/35‬‬

‫‪ ،3‬حيث تم استهداف المنشآت الصناعية مثل المصانع الكيماوية والمنشآت النفطية مما تسبب بأضرار على البيئة‬

‫الطبيعية وإ طالق الملوثات الكيمائية بشكل كبير إال أن هذا االنتهاك‪ ،‬وكافة األضرار البيئية العرضية لهذه الحملة‪،‬‬

‫الملحة‪ ،‬وعليه فإن القصف حسب وجهة نظر اللجنة ‪ ،‬جاء مراعي اً لمبدأ التناسب‬
‫جاءت نتيجة الضرورة العسكرية ُ‬

‫ومبدأ الضرورة العسكرية الذي ينص عليه القانون الدولي اإلنساني‪.600‬‬

‫هذا وقد أشارت محكمة العدل الدولية‪ ،‬في رأيها االستشاري الخاص بمدى قانونية استخدام األسلحة النووية‬

‫لعام ‪ 1996‬إلى أن احترم البيئة هو أحد العناصر التي تدخل في تقييم ما إذا كان العمل العسكري قد جرى وفق‪VV‬ا لمب‪VV‬دأ‬

‫‪ . 598‬نوال بسج ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني وحماية المدنيين واألعيان المدنية زمن النزاعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪.188‬‬
‫‪. 599‬مصطفى احمد فؤاد‪ .‬حماية االماكن الدينية المقدسة في منظور القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني "آفاق وتحديات ‪.‬مرجع سابق ‪,‬صـــ‬
‫‪54‬‬
‫‪600‬‬
‫‪. Final Report to the Prosecutor bv the Committee Established to Review the NATO Bombing Campaign Against‬‬
‫‪the Federal Republic of Yugoslavia ICC-02/05-02/09-216-Anx 29-10-2009 9/32 CB PT para. 21-22-23‬‬

‫‪153‬‬
‫الضرورة والتناسب ‪ ،601‬فكاف ة العوام ل البيئي ة ينبغي مراعاته ا في س ياق تط بيق مب ادئ وقواع د الق انون ال دولي‬

‫اإلنساني‪.602‬‬

‫و أكدت المحكمة على أن أضرار البيئة لها أثر ٍ‬


‫متعد بمعنى يتجاوز ضرره الحدود المسموح بها وبالتالي ال‬

‫يمكن السيطرة عليها‪ ،‬وأن الحماية التي تكفلها المادتين ‪ ،35/3‬و‪ 55‬من البروتوكول األول لعام ‪ 1977‬ما هي إال‬

‫حماي ة إض افية تُس اهم في ض مان س المة البيئ ة العالمي ة‪ ،‬واعت برت المحكم ة أن االل تزام به اتين الم ادتين ُيع د من‬

‫االلتزامات العامة لحماية البيئة الطبيعية ضد األضرار البالغة‪ ،‬والواسعة االنتشار‪ ،‬وطويلة األمد ‪.603‬‬

‫كم ا الب د من اإلش ارة إلى الق رار الص ادر عن الجمعي ة العام ة لألمم المتح دة بش أن حماي ة البيئ ة في أوق ات‬

‫أن "ت دمير البيئ ة ال ذي ال ت برره ض رورة عس كرية وينف ذ تعم ًدا‪ ،‬أم ر‬
‫ال نزاع المس لح‪ ،‬ه و ق رار مهم ينص على ّ‬

‫يتعارض بشكل ّبي ن مع القانون الدولي القائم"‪ ،‬وحث القرار على ضرورة أن تتخذ جميع الدول كافة التدابير لكفالة‬

‫اإلمتثال للقانون الدولي الساري على حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة ‪ ،‬وناشدت الجمعية العامة في‬

‫هذا القرار جميع الدول التي لم تصبح بعد أطرافًا في االتفاقيات الدولية ذات الصلة أن تنظر في القيام بذلك‪.604‬‬

‫وكخالص ة فإن ه ورغم م ا حظيت ب ه قواع د حماي ة البيئ ة الطبيعي ة من اهتم ام‪ ،‬إال أن الممارس ات الدولي ة‬
‫ُ‬

‫تكش ف عن انتهاك ات كث ير له ذه القواع د‪ ،‬وبالت الي تحت اج إلى إع ادة نظ ر فيم ا يخص تقليص الس لطة التقديري ة‬

‫ألطراف النزاع ولن يكون ذلك ممكناً إال من خالل التركيز على إعدام أي غموض تتصف به المعايير والضوابط‬

‫التي تحكم قواعد الحماية مع إضفاء الصرامه واإللزامية المناسبة لهذه القواعد ‪.‬‬

‫‪ . 601‬فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها مرجع سابق ‪ .‬الفقرة ‪ 30‬صــ ‪. 20‬‬
‫‪ . 602‬موجز األحكام والفتاوي واألوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية ‪ 1996-1992‬المشار اليه ب‪VV‬المرجع ‪ ST/LEG/SER.F/1/Add..1‬الفق‪VV‬رة‬
‫(‪ )87-74‬صـــ‪.116‬‬
‫‪ . 603‬فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها مرجع سابق ‪ .‬الفقرة ‪. 31‬صـــ ‪.20‬‬
‫‪ . 604‬الجمعية العامة ‪.‬األمم المتحدة ‪ .‬حماية البيئة أثناء النزاعات المسلحة ‪ .‬الدورة الس‪VV‬ابعة واألربع‪VV‬ون ‪ . February 1993 9 .‬المش‪VV‬ار إلي‪VV‬ه ب‪VV‬المرجع‬
‫‪. A/RES/47/37‬‬

‫‪154‬‬
‫وختاماً لكل ما سبق يمكن القول‪ :‬إن أنواع الحماية القانونية المقررة لألعيان المدنية والثقافية أثناء النزاعات‬

‫الم سلحة‪ ،‬قد اتسمت بقلة فعاليتها أمام التحديات التي تحيط بها كونها غير كافية من الناحية الواقعية‪ ،‬وكذلك لخلوها‬
‫ُ‬

‫من القواعد الصارمة التي تحكمها ‪ ،‬وعدم القدرة الواضحه في إزالة ما يمكن إزالته من أوجه غموض ‪ ،‬سواء‬

‫تعلق األمر بقواعد الحماية العامة أو الخاصة ‪.‬‬

‫كم ا أن تط بيق ه ذه القواع د على أرض الواق ع ال يمكن تص وره دون ت رتيب مس ؤولية قانوني ة على‬

‫مخترقيه ا‪ ،‬لض مان ردع أط راف ال نزاع عن انته اك‪ ،‬أو ُمخالف ة قواع د الحماي ة المق ررة بم وجب أحك ام الق انون‬

‫المسلحة يثبت وقوع العديد من االنتهاكات والتجاوزات‪ ،‬وعليه فال سبيل لتطبيقها‬
‫الدولي اإلنساني فواقع النزاعات ُ‬

‫وضمان احترامها ما لم تُدعم بآليات تكفل تنفيذها‪ ،‬وهذا ما سيتم التطرق إليه وبيانه في الفصل الثالث‪ ،‬وذلك على‬

‫النحو التالي ‪:‬‬

‫‪155‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المسؤولية الدولية عن انتهاك قواعد حماية‬
‫األعيان المدنية والثقافية‬

‫الفصل الثالث‬

‫المسؤولية الدولية عن انتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية‬

‫ودور القضاءـ الدولي الجنائي‪.‬‬

‫تمهيد ‪-:‬‬

‫‪156‬‬
‫تحظر قواعد القانون اإلنساني جميع االنتهاكات ضد قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية أثناء النزاعات‬

‫أو غير جسيمة‪ ،606‬وتكمن أهمية تصنيف‬ ‫‪605‬‬


‫المسلحة الدولية وغير الدولية ‪ ،‬سواء كانت هذه االنتهاكات جسيمة‬

‫االنتهاك ات إلى انتهاك ات جس يمة وغ ير جس يمة إلى دوره ا في ت رتيب المس ؤولية الدولي ة‪ ،‬ذل ك أن الق انون ال دولي‬

‫اإلنساني يتضمن فئتين من القواعد القانونية وهي قواعد ذات طابع جنائي يؤدي خرقها إلى وقوع تصرف جرمي‬

‫يرتب المسؤولية الجنائية ويعرض مقترفة للعقاب الجنائي‪ ،‬وتعتبر ضمن نطاق االنتهاكات الجسيمة‪ ،‬والفئة األخرى‬

‫قواعد يؤدي خرقها إلى وقوع عمل غير مشروع يرتب المسؤولية المدنية ويستوجب التعويض دون أن يتعرض‬

‫الفاعل للعقاب الجزائي وتقع تحت نطاق االنتهاكات غير الجسيمة‪.607‬‬

‫واستناداً إلى االرتباط الوثيق بين المسؤولية الدولية وااللتزام الدولي فال معنى لوجود االلتزام دون وجود‬

‫مسؤولية تترتب على كل من ُيخالف هذه االلتزام‪ ، 608‬وفي سبيل إضفاء الفاعلية المناسبة لهذه القواعد وااللتزامات‪،‬‬

‫‪" . 605‬االنتهاكات‪ V‬الجسيمة"‪ :‬وتُعرف أيضا ً بنظام ال ُمخالفات الجسيمة وتتصل بتلك األفعال التي تمس باإلض‪VV‬افة إلى األش‪VV‬خاص المحم‪VV‬يين‪ V‬أيض‪VV‬ا األعي‪VV‬ان‬
‫المدنية والممتلكات‪ V‬الثقافية‪ ،‬ولم يرد تعريف خاص بها بل جاءت وقُننت على سبيل التعداد الحصري‪ ،‬ويقع ضمن تع‪VV‬دادها الحص‪V‬ري أفع‪VV‬ال اق‪VV‬ترفت ض‪V‬د‬
‫أعيان وممتلكات‪ V‬محمية باتفاقيات جنيف كتدمير األعيان أو االستيالء‪ V‬على الممتلكات‪ V‬على نطاق واس‪VV‬ع ال تُ‪VV‬برره الض‪VV‬رورات العس‪VV‬كرية وبطريق‪VV‬ة غ‪VV‬ير‬
‫مشروعة وتعسفية‪ ،‬وقد تضمنت اتفاقيات جنيف المؤرخة ‪ ١٢‬أغسطس ‪ ١٩٤٩‬والبروتوكول اإلضافي األول المرفق بها لع‪VV‬ام ‪ ١٩٧٧‬تع‪VV‬داداً وتقنين‪V‬ا ً له‪VV‬ذه‬
‫المخالفات الجسيمة‪ ،‬وكذلك نظام روما األساسي‪ ،‬المادة ‪ 8‬من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي اعتبر االعتداء على األعيان المدنية والثقافية‬
‫من قبيل جرائم الحرب‪.‬‬
‫أنظر‪ :‬ناتالي فاغنر‪ .‬تطور نظام المخالفات الجسيمة والمسؤولية الجنائية الفردية لدى المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسالفيا السابقة‪ .‬لمجلة الدولية للصليب‬
‫األحمر‪ .‬العدد ‪ .2003-12-31 . 850‬صـــ ‪ . 4‬تاريخ الزيارة ‪ 1‬يناير ‪ . 2015‬على الرابط ‪-:‬‬
‫‪.https://www.icrc.org/ara/resources/documents/misc/6leclx.htm‬‬
‫وأيضا ً كالً ‪ :‬من عمر سعد هللا‪.‬القانون الدولي اإلنساني الممتلكات المحمية ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪ ،122‬و فريتس كالسهوفن و ليزابيث تسغلفد ‪ .‬ضوابط‬
‫تحكم خوض الحرب ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.94‬‬
‫‪ . 606‬أما " االنتهاكات‪ V‬غير الجسيمة "‪ ،‬فهي كافة األعمال ال ُمخالفة وال ُمنافي‪VV‬ة التفاقي‪VV‬ات‪ V‬ج‪VV‬نيف األرب‪VV‬ع لع‪VV‬ام ‪ 1949‬وال‪VV‬بروتوكول اإلض‪VV‬افي لع‪VV‬ام ‪،1977‬‬
‫تقتصر على االلتزام "باتخاذ التدابير الالزمة لقمعه‪V‬ا"‪ ،‬وتش‪V‬مل اإلج‪V‬راءات اإلداري‪V‬ة أو التأديبي‪V‬ة‪ ،‬وال ت‪V‬رقى إلى مس‪V‬توى االنتهاك‪V‬ات‪ V‬الجس‪V‬يمة التفاقي‪V‬ات‬
‫جنيف وللبروتوكول‪ V‬اإلضافي األول‪ ،‬وال إلى مستوى جرائم الحرب‪ ،‬وقد أشير إليها بشكل عام دون إيراد بيان لها بوصفها "جميع األفعال التي تتع‪VV‬ارض‬
‫مع هذه األحكام" ‪.‬‬
‫وقد نصت المادة ‪ 21‬من البروتوكول الثاني لعام ‪ 1999‬على مجرد قيام أطراف الدول ال ُمتعاق‪VV‬دة بتب‪VV‬ني الت‪VV‬دابير التش‪VV‬ريعية أو اإلداري‪VV‬ة أو التأديبي‪VV‬ة‬
‫الالزمة لوقف االنتهاكات كاستخدام ه‪VV‬ذه الممتلك‪VV‬ات في القي‪VV‬ام بانتهاك‪V‬ات‪ V‬أو تص‪V‬دير ونق‪VV‬ل ه‪VV‬ذه الممتلك‪VV‬ات بطريق‪VV‬ة تُخ‪VV‬الف اتفاقي‪V‬ة اله‪VV‬اي ‪ 1954‬أو ه‪V‬ذا‬
‫البروتوكول‪ ،‬كما نصت المادة ‪ 15‬من ذات البروتوكول على أن االنتهاكات غير الجسيمة ينظره‪VV‬ا الق‪VV‬انون الوط‪VV‬ني أو المحلي‪ ،‬وتك‪VV‬ون الوالي‪VV‬ة القض‪VV‬ائية‬
‫فيها للمحاكم الوطنية وفقا ً للفقرة ‪ 2‬من المادة ‪. 15‬‬
‫انظر كال من ‪ :‬عمر سعد هللا‪ .‬القانون الدولي اإلنساني الممتلكات المحمية ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪،125‬و فريتس كالسهوفن و إليزابيث تسغلفد ‪ .‬ض>>وابط‬
‫تحكم خوض الحرب ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 94‬‬
‫‪ .607‬عباس هاشم السعدي ‪ .‬مسؤولية الفرد الجنائية عن الجريمة الدولية‪.‬دار المطبوعات الجامعية ‪.‬اإلسكندرية ‪.‬مصر ‪. 2002 .‬صــ‪. 106‬‬
‫‪ .608‬نشأت عنتر أمين‪ .‬مسؤولية األمم المتحدة عن احتالل العراق واآلث‪V‬ار المترتب‪V‬ة علي‪V‬ه‪ .‬مرك‪V‬ز اإلم‪V‬ارات للدراس‪V‬ات والبح‪V‬وث االس‪V‬تراتيجية‪.‬أبوظ‪V‬بي‬
‫الطبعة األولى ‪.2013.‬صــ ‪. 14‬‬

‫‪157‬‬
‫فإن القانون الدولي اإلنساني ُيطالب الدول بالتدخل للمعاقبة على أي انتهاك ‪ ،609‬يلحق بقواعده ومنها قواعد حماية‬

‫األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬فالحماية الردعية أو الزجرية هي التي تُضفي الفاعلية المناسبة ‪.610‬‬

‫المخالف‪ -‬دوالً كانت أو جماعات مسلحة أو‬


‫المنتهك أو ُ‬
‫حمل الطرف ُ‬
‫ما يعني أن القانون الدولي اإلنساني ُي ّ‬

‫أف راد الق وات المس لحة التابع ة ل ه‪ -‬مس ؤولية االنتهاك ات لقواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة ال تي ت دخل ض من‬

‫المتعلقة بحماية هذه األعيان ال ُيمكن أن تتحقق دون التطرق إلى مبدأ‬
‫قواعده‪ ،‬وبالتالي فإن فعالية القواعد القانونية ُ‬

‫المسؤولية القانونية الدولية كوسيلة وآليه قانونية واجبة النفاذ‪ ،‬وكل ذلك من أجل الرقابة على تطبيقها في كل مرة‬

‫المخاطبين بها ‪.611‬‬


‫تتعرض فيها هذه القواعد لالنتهاك من قبل األشخاص ُ‬

‫المهمة التي تشكلها هذه القواعد وما توفره من حماية لألعيان المدنية والثقافية في ظروف‬
‫ونظراً للطبيعة ُ‬

‫تتس م بكونه ا خط رة‪ ،‬فإن ه من غ ير الممكن عن د ثب وت المس ؤولية القانوني ة الدولي ة المترتب ة توقي ع ه ذه العقوب ات‬

‫كنتيج ة النته اك قواع د الحماي ة‪ ،‬إال بوج ود قض اء يح رص على تنفي ذها‪ ،‬ومعاقب ة ك ل من تس ول ل ه نفس ه االعت داء‬

‫عليها‪ ،‬فوجود هذا النظام ُيعد من أحد أهم الوسائل واآلليات لوضع هذه القواعد موضع التنفيذ والتطبيق‪ ،‬ويحول‬

‫دون انتهاكه ا‪ ،‬ذل ك أن الس عي لتحقي ق الس الم والعدال ة والتأكي د على الحاج ة إلى مواجه ة ثقاف ة اإلفالت من العق اب‬

‫مسؤولية ُمشتر ًك ة على جميع المستويات الوطنية واإلقليمية والدولية ‪.612‬‬


‫ً‬ ‫المتنامية‪ُ ،‬ي ِّ‬
‫شكل‬

‫ويأتي ذلك من خالل االلتزام بضمان ُمساءلة الجهات المسؤولة عن االنتهاكات‪ ،‬بما في ذلك إمكانية إحالتها‬

‫المتمث ل بمحكم ة الع دل الدولي ة‪ ،‬والقض اء ال دولي‬


‫إلى القض اء الوط ني أو القض اء ال دولي بش قية القض اء الم دني ُ‬

‫المتمثل بالمحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬ومنعاً لإلطالة فإن القضاء الدولي الجنائي هو ما سيتم التطرق إليه وذلك‬
‫الجنائي ُ‬

‫‪ .609‬عمر سعد هللا ‪.‬القانون الدولي اإلنساني الممتلكات‪ V‬المحمية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.115‬‬
‫‪ .610‬حسين علي الدريدي ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪. 353‬‬
‫‪ .611‬نزار العنبكي‪. V‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 454‬‬
‫‪ .612‬الجمعية العام‪V‬ة ‪.‬األمم المتح‪V‬دة ‪.‬مجلس حق‪V‬وق اإلنس‪V‬ان ‪.‬تقري‪V‬ر لجن‪V‬ة التحقي‪V‬ق الدولي‪V‬ة المس‪V‬تقلة بش‪V‬أن الجمهوري‪V‬ة العربي‪V‬ة الس‪V‬ورية ‪ .‬ال‪V‬دورة الثاني‪V‬ة‬
‫والعش‪VVV‬رون ‪.‬البن‪VVV‬د ‪ 4‬من ج‪VVV‬دول األعم‪VVV‬ال ‪.‬ح‪VVV‬االت حق‪VVV‬وق اإلنس‪VVV‬ان ال‪VVV‬تي تتطلب اهتم‪VVV‬ام المجلس به‪VVV‬ا ‪.‬بت‪VVV‬اريخ ‪ 5‬ف‪VVV‬براير ‪ .2013‬صـــ ‪ 2‬المرج‪VVV‬ع‬
‫‪. A/HRC/22/59‬‬

‫‪158‬‬
‫الرتباط ة الوثي ق بالموض وع مح ل الدراس ة ‪ ،‬وأهميت ه في معاقب ة ومتابع ة مرتك بي االنتهاك ات الجس يمة المتعلق ة‬

‫بانته اك قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة ‪ ،‬ودورة الفع ال في رد االعتب ار له ذه القواع د ووض عها موض ع‬

‫التنفيذ والتطبيق ‪.‬‬

‫و في س بيل بي ان ك ل ذل ك س يتم تقس يم ه ذا الفص ل لمبح ثين‪ ،‬يتن اول المبحث األول ب ادئ ذي ب دء بي ان‬

‫المسؤولية الدولية عن انتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية؛ وذلك لمعرفة وظيفتها كوسيلة وآليه قانونية‬

‫للرقابة على انتهاك قواعد الحماية لألعيان المدنية والثقافية‪ ،‬ومن ثم سيتم تناول دور القضاء الدولي الجنائي في‬

‫وضع قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية موضع التنفيذ والتطبيق في المبحث الثاني‪ ،‬وذلك على النحو التالي ‪-:‬‬

‫المبحث األول‬

‫المسؤولية الدولية عن انتهاكـ قواعد حماية األعيانـ المدنية والثقافية‬

‫تمهيد ‪-:‬‬

‫إن ثبوت مسؤولية أحد أطراف النزاع‪ ،‬عن األضرار التي لحقت باألعيان المدنية والثقافية نتيجة انتهاك‬

‫المنتهك لهذه‬
‫المقررة في القانون الدولي اإلنساني يؤدي إلى ترتيب نوعين من اآلثار على الطرف ُ‬
‫قواعد الحماية ُ‬

‫القواعد فإما يتم توقيع العقاب المدني الذي ُي لزم الدولة المنتهكة لتلك القواعد بإزالة الضرر أو التعويض‪ ،‬أو الجزاء‬

‫الجنائي الذي يوقع على مرتكب جريمة الحرب باعتبار أن هذا االنتهاك هو خروج عن القيم والقواعد اإلنسانية‪.613‬‬

‫فرابط ة المس ؤولية الدولي ة‪ ،‬وكم ا ه و معل وم قاع دة عرفية‪ ،614‬تنش ئ عالق ة قانوني ة جدي دة بين الض ار‬

‫والمتضرر‪ ،615‬وبالتالي فهي النتيجة القانونية المباشرة ألي عمل غير مشروع دولي اً ارتكبه شخص دولي وش ّكل‬
‫ُ‬

‫‪ . 613‬هشام بشير ‪ .‬وعالء الضاوي ‪ .‬حماية البيئة والتراث الثقافي في القانون الدولي ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪.75‬‬
‫‪ . 614‬لم يتم تقنينها إلى يومنا‪ V‬هذا رغم ظهور مح‪V‬اوالت للتق‪V‬نين من‪V‬ذ منتص‪V‬ف الق‪V‬رن العش‪V‬رين ‪.‬انظ‪V‬ر ‪.‬انظ‪V‬ر أحم‪V‬د الس‪V‬رحال ‪.‬ق‪V‬انون العالق‪V‬ات الدولي‪V‬ة ‪.‬‬
‫المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ‪.‬بيروت لبنان ‪ . 1993.‬صــ‪ ،349‬وأيضا ً ‪ .‬رقية عواشرية ‪ .‬حماية المدنيين واألعيان المدنية في النزاع‪V‬ات‬
‫المسلحة غير الدولية ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪. 447‬‬
‫‪ . 615‬محمد سعادي ‪ .‬المسؤولية الدوليه للدولة في ضوء التشريع والقضاء الدوليين ‪.‬دار الجامعة الجديدة ‪.‬اإلسكندرية ‪.‬مصر ‪ . 2013.‬صــ ‪. 7‬‬

‫‪159‬‬
‫إخالالً بالتزامات ه الدولية‪ ،616‬فمن أهم االلتزام ات القانوني ة ال تي تنش أ عن انته اك قواع د حماي ة األعي ان المدني ة‬

‫والثقافية‪ ،‬االلتزام بكفالة مساءلة مرتكبي تلك االنتهاكات باعتبار أن ذلك من ضمن االلتزامات الدولية المنصوص‬

‫عليها دولياً‪.‬‬

‫‪617‬‬
‫ُينسب من خالله الفعل أو‬ ‫وإلسناد المسؤولية الدولية ُيشترط أن يكون هناك عمل دولي غير مشروع‬

‫االمتن اع إلى ش خص من أش خاص الق انون ال دولي الع ام‪ ،‬ويك ون ه ذا الفع ل أو االمتن اع ُمنافي اً لاللتزام ات الدولي ة‬

‫المفروضة ‪ ،‬وفي تعريف المسؤولية فقد ضمنوا الفقهاء في تعريفاتهم لها كل األشخاص الدولية‪ ،‬وتوسعوا توسعاً‬

‫أق رب للص واب ُليص بح تعري ف المس ؤولية الدولي ة بأنه ا‪ :‬الج زاء الق انوني ال ذي يرتب ه الق انون ال دولي على ع دم‬

‫احترام أحد أشخاص هذا القانون اللتزاماته الدولية‪ ،618‬بمعنى عدم اقتصار الجزاء على الدول فقط بل توسع ليشمل‬

‫األفراد أيضاً وهو ما تبناه التعريف وتبنته أيضاً التطورات الحديثة لمفهوم المسؤولية الدولية‪.‬‬

‫المترتبة على انتهاك قواعد حماية األعي ان المدنية والثقافية‪ ،‬تم تقسيم‬
‫وفي سبيل بيان المسؤولية الدولية ُ‬

‫الم ترتبة على ثبوت المسؤولية القانونية عن انتهاك قواعد حماي ة‬


‫هذا المبحث لمطلبين‪ ،‬يتناول األول اآلثار القانونية ُ‬

‫األعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬وفي المطلب الث اني س يتم التط رق إلى الض رورة العس كرية الرتباطه ا الوثي ق به ذه‬

‫الدراس ة‪ ،‬وباعتباره ا ال دفع ال ذي ُيع ّول علي ه النته اك قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬وذل ك على النح و‬

‫التالي‪-:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬اآلثارـ القانونية المترتبة على قيام المسؤولية الدولية المترتبة على انتهاك قواعد حمايــة األعيــان‬

‫المدنية والثقافية‪-:‬‬

‫‪ . 616‬أحمد سي على ‪.‬دراسات قي القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪. 640‬‬
‫‪ . 617‬اعتمدت لجنة القانون الدولي مشروع مواد متعلقة بمسؤولية الدول عن األفعال الدولية غير المشروعة‪ ،‬فقد نصت المادة األولى من المشروع على‬
‫أن "كل فعل دولي غير مش‪VV‬روع تق‪V‬وم ب‪V‬ه الدول‪V‬ة يس‪VV‬تتبع‪ V‬مس‪V‬ؤوليتها ي‪V‬رتب‪ V‬المس‪VV‬ؤولية الدولي‪V‬ة"‪ .‬يمكن االطالع على المش‪VV‬روع من خالل األمم المتح‪VV‬دة‪،‬‬
‫الجمعية العامة‪ ،‬الدورة السادسة والخمسون‪ ،‬البند ‪ 162‬من جدول األعمال‪ ،‬تقرير لجنة القانون ال‪VV‬دولي عن أعماله‪VV‬ا‪ ،‬بت‪VV‬اريخ ‪ 26‬نوفم‪VV‬بر ‪..2001‬المش‪VV‬ار‬
‫إليه بالمرجع ‪. A/RES/56/10‬‬
‫‪ .618‬نشأت عنتر أمين‪ .‬مسؤولية األمم المتحدة عن احتالل العراق واآلثار المترتبة عليه‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪ 14‬وصــ‪. 15‬‬

‫‪160‬‬
‫يؤدي ثبوت المسؤولية ألحد األطراف في النزاع‪ ،‬عن األضرار التي تلحق باألعيان المدنية والثقافية نتيج ة‬

‫النته اك قواع د الحماي ة المق ررة في الق انون ال دولي اإلنس اني‪ ،‬إلى ت رتيب ن وعين من اآلث ار أو العالق ات القانوني ة‪،‬‬

‫المنتهك ة بإزال ة‬
‫المتض ررة تل تزم بمقتض اها الدول ة ُ‬
‫المنتهك ة والدول ة ُ‬
‫تتمث ل األولى بقي ام عالق ة قانوني ة بين الدول ة ُ‬

‫المرتكب ة‬
‫المنتهك ة أو ُ‬
‫الض رر الن اجم عن ه ذا االنته اك‪ ،‬والعالق ة القانوني ة الثاني ة هي العالق ة القانوني ة بين الدول ة ُ‬

‫المنتهك باعتباره قد خرج عن القيم والقواعد اإلنسانية ‪.619‬‬


‫لمعاقبة الطرف ُ‬
‫لجريمة الحرب والمجتمع الدولي‪ ،‬وذلك ُ‬

‫المترتب ة على انته اك قواع د حماي ة األعي ان المدني ة‬


‫وعلي ه ُيع نى ه ذا المطلب ببي ان طبيع ة المس ؤولية ُ‬

‫والثقافي ة‪ ،‬من خالل التع رض للمس ؤولية المدني ة الدولي ة للدولة والمنظم ات الدولي ة عن انته اك القواع د الخاص ة‬

‫بحماية األعيان المدنية والثقافية (المسؤولية التقليدية ) في الفرع األول‪ ،‬ثم المسؤولية الدولية الجنائية لألفراد عن‬

‫انتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية في الفرع الثاني وذلك على النحو التالي ‪-:‬‬

‫الفرع األول‪ -:‬المسؤولية الدولية المدنية للدول والمنظمات الدولية عن انتهاك القواعــد الخاصــة بحمايــة األعيــانـ‬

‫المدنية والثقافية (المسؤولية التقليدية)ـ ‪-:‬‬

‫يرتك ز ال تزام ال دول في كفال ة أو ف رض اح ترام قواع د الق انون ال دولي اإلنس اني وال تي تق ع ض من نطاقه ا‬

‫قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة على ال دول أو األط راف المتنازع ة ال تي تس مح بانته اك القواع د أو تغض‬

‫النظر عنها كما يتعلق بمسؤولية الدول عن االنتهاكات التي تقوم بها ‪.620‬‬

‫‪ . 619‬حسين علي الدريدي ‪ .‬القانون الدولي االنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪. 360‬‬
‫‪ . 620‬عمران محافظة ‪.‬الضمانات التقليدية لتنفيذ القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.33‬‬

‫‪161‬‬
‫وتجد المسؤولية المدنية أساسها في القانون الدولي اإلنساني حيث تُكرس هذه الممارسة كإحدى قواعد القانون‬

‫ال دولي الع رفي‪ ،‬كم ا قرره ا الق انون من ذ زمن بعي د تع ود إلى ع ام ‪ ،1907‬حيث ع برت الم ادة الثالث ة من اتفاقي ة‬

‫اله اي للح رب البري ة لع ام ‪ ،621 1907‬عن المب دأ وعلى التزام ات ال دول‪ ،‬وأعي د التأكي د عليه ا في االتفاقي ات‬

‫الالحقة‪ ،622‬فبموجب اتفاقيات جنيف األربع لعام ‪ ،1949‬فإن الدول األطراف تتعهد وتكفل احترام اتفاقيات جنيف‬

‫سواء كان النزاع دولي أو غير دولي ‪.623‬‬


‫ً‬ ‫في كافة الظروف‪،‬‬

‫واء اع ترف الط رف اآلخ ر بحال ة‬


‫ومهم ا ك انت درج ة خط ورة ه ذا ال نزاع وبغض النظ ر عن ُمبررات ه وس ً‬

‫واء في إط ار الح رب على اإلره اب أو إط ار الت دخل‬


‫الح رب أم لم يع ترف‪ ،‬ومهم ا ك ان توص يف ه ذا ال نزاع س ً‬

‫اإلنساني أو دفاع عن النفس‪ ،624‬فهذا االلتزام ُمستمد من المبادئ العامة للقانون الدولي اإلنساني الذي ال تعدو أن‬

‫تكون االتفاقيات مجرد تعبير ُمحدد له طبقاً لمحكمة العدل الدولية ‪.625‬‬

‫وتك رس القاع دة العام ة في الم ادة ‪ 1‬المش تركة بين اتفاقي ات ج نيف أن األط راف المتحارب ة ُملزم ة بكفال ة‬

‫واء ك انت مش تركة أو غ ير‬


‫اح ترام الق انون ال دولي اإلنس اني في جمي ع األح وال‪ ،‬وتع ني أن ه يتعين على ال دول س ً‬

‫الممكنة لضمان احترام القواعد من قبل الجميع خاصة أطراف النزاع ‪،‬‬
‫مشتركة في نزاع ما أن تتخذ كافة التدابير ُ‬

‫وبم وجب ه ذا االل تزام ال ُي رخص لل دول ب أن ت ذهب إلى أبع د من الوس ائل الدبلوماس ية واإلعالن الع ام عن ش جب‬

‫االنتهاكات ‪.626‬‬

‫‪ . 621‬المــادة الثالثة نصت على أنه "يكون الطرف المتحارب الذي يخل بأحكام الالئحة المذكورة ملزما ً بالتعويض إذا دعت الحاجة‪ ,‬كم‪VV‬ا يك‪VV‬ون مس‪VV‬ؤوالً‬
‫عن جميع األعمال التي يرتكبها أشخاص ينتمون إلى قواته المسلحة‪.".‬‬
‫‪ . 622‬وهو ما نصت عليه المادة األولى المشتركة بين اتفاقيات جنيف األربع لعام ‪ 1949‬حيث جاء فيها "تتعهد األطراف السامية بأن تحترم ه‪VV‬ذه االتفاقي‪VV‬ة‬
‫وتكفل احترامها في جميع األحوال " ‪.‬‬
‫‪ . 623‬حيث ينطبق االلتزام بكفالة احترام االتفاقيات في واقع األمر على المادة ‪ 3‬المشتركة أيضا‪ ،‬طبق‪VV‬ا لمحكم‪V‬ة الع‪VV‬دل الدولي‪VV‬ة‪ ،‬ومن ثم على النزاع‪V‬ات‬
‫غير الدولية‪ .‬وينطبق كذلك على الدول غير األطراف في النزاع ‪ .‬للمزيد انظر ‪.‬توني بفنر‪ .‬آلي‪VV‬ات ونهج مختلف‪VV‬ة لتنفي‪VV‬ذ الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي اإلنس‪VV‬اني وحماي‪VV‬ة‬
‫ومساعدة ضحايا الحرب‪ .‬مختارات من المجلة الدولية للصليب األحمر ‪.‬المجلد ‪. 91‬العدد ‪. 874‬يونيو‪.2009.‬صــ‪. 21‬‬

‫‪ . 624‬عمران محافظة ‪.‬الضمانات التقليدية لتنفيذ القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.33‬‬
‫‪ .625‬انظر موجز األحكام والفتاوى واألوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية (نيكاراغوا ضد الوالي‪VV‬ات المتح‪VV‬دة‪ )،‬الحكم الص‪VV‬ادر في القض‪VV‬ية المتعلق‪VV‬ة‬
‫باألنشطة العسكرية وغير العسكرية في ‪ 27‬يونيو‪.1986 V‬المشار إليه بالمرجع ‪ st/leg/ser.f/1‬منشورات األمم المتح‪VV‬دة ‪ 1991-1948‬الفق‪VV‬رات (‪-215‬‬
‫‪ ) 220‬صــ‪. 219‬‬
‫‪ . 626‬من هذه التدابير أيضا الدعوة لعقد اجتماعات لألطراف المتعاقدة تطبيقا ً للمادة السابعة من البروتوكول اإلض‪VV‬افي األول واللج‪VV‬وء غلى للجن‪VV‬ة الدولي‪VV‬ة‬
‫لتقصي الحقائق آمنه أمحمدي بوزينة ‪.‬آليات تنفيذ القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬دار الجامعة الجديدة ‪.‬اإلسكندرية ‪.‬مصر‪. 2014 .‬صــ ‪. 21‬‬

‫‪162‬‬
‫أم ا ال برتوكول اإلض افي األول لع ام ‪ 1977‬في مادت ه األولى ج اء ليؤك د على ض رورة أن تتعه د األط راف‬

‫المتعاقدة بفرض االحترام في جميع األحوال‪ ،‬ومما يمكن مالحظته أن الصياغة في نص البروتوكول جاءت أكثر‬
‫ُ‬

‫تش ديداً‪ ،‬فكلم ة ف رض االح ترام أك ثر إلزامي ة من كلم ة كفال ة االح ترام‪ ،‬وأض اف ال بروتوكول في م ادة ‪ 91‬على‬

‫مسؤولية األطراف المتنازعة في التعويض عند اإلخالل بااللتزامات‪.‬‬

‫وبالتالي يترتب على هذا االلتزام أنه في حالة فشل دولة ما في الوفاء بالتزاماتها‪ ،‬يجوز لألطراف المتعاقدة‬

‫‪ -‬سواء كانت محايدة أو حليفة أو معادية ‪ -‬أن تسعى إلعادة تلك الدولة إلى موقف احترام االتفاقيات‪ ،627‬وهو ما‬

‫عملت الوثائق الدولية على تأكيده‪.628‬‬

‫كما تلتزم الدول باتخاذ كافة التدابير الوقائية الالزمة لمنع جنودها ورعاياها من ارتكاب جرائم الحرب‪ ،629‬أو‬

‫المتعلقة بانتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬وإ ال ُس ألت الدول عن‬
‫أفعال غير مشروعة‪ ،‬خاصة تلك ُ‬

‫ويعرضها للمسؤولية الدولية‪،‬‬


‫تقصيرها في ذلك‪ ،‬وبالتالي ُيعتبر هذا التقصير من قبيل العمل غير المشروع دولياً‪ُ ،‬‬

‫كما ُي رتب عليها دفع كافة التعويضات الجابرة لتلك األضرار الناشئة ‪.630‬‬

‫المرتكبة عن طريق أجه زة الدولة بما في ذل ك قواتها‬


‫ويق ر القانون أيض اً بمسؤولية الدول ة عن االنتهاكات ُ‬

‫المسلحة وهو ما نصت عليه اتفاقية الهاي ‪ ،1907‬في الم ادة الثالثة فبعد أن قضت الفقرة األولى باعتبار الدولة‬
‫ُ‬
‫‪ .627‬توني بفنر‪ .‬آليات ونهج مختلفة لتنفيذ القانون الدولي اإلنساني وحماية ومساعدة ضحايا الحرب‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪. 66‬‬
‫‪.628‬انظر القرار الصادر عن الجمعية العامة لألمم المتحدة في ‪ 18‬ديسمبر‪ 2008‬بشأن انطباق اتفاقية ج>>نيف المتعلق>>ة بحماي>>ة الم>>دنيين وقت الح>>رب‪،‬‬
‫المؤرخة في ‪ 12‬أغسطس ‪ ، 1949‬على األرض الفلسطينية المحتلة‪ ،‬بما فيها القدس الشرقية‪ ،‬وعلى األراضي العربية المحتلة األخرى‪ .‬ال>دورة الثالث>ة‬
‫والستون المشار إليه بالمرجع ‪ .A/RES/63/96‬ص ـ‪. 3‬‬
‫وكذلك محكمة العدل الدولية في قضية نيكاراغوا ضد الواليات المتحدة‪ )،‬الحكم الصادر في القضية المتعلقة باألنشطة العسكرية وغير العسكرية‪ ،‬وكذلك‬
‫مجلس األمن القرارت الصادرة عنه في حالة األراضي العربية المحتلة حيث طالب القرار بكفالة احترام المادة ‪ 1‬من االتفاقية )‪.S/681 (1990‬‬
‫الحالة في البوسنة والهرسك ( ‪،S/RES/764 (1992‬‬
‫الحالة في راوندا( ‪.S/RES/955 (1994‬‬
‫كما استندت اللجنة الدولية للصليب األحمر خالل ع>امي ‪ 1983‬و‪ 1984‬إلى الم>>ادة ‪ 1‬المش>>تركة بين اتفاقي>>ات ج>>نيف في إص>>دار ن>>داءات رس>>مية إلى‬
‫الدول األطراف في اتفاقيات جنيف الستخدام نفوذها مع العراق وإي>ران اللت>ان كانت>ا في حال>ة ح>رب آن>ذاك‪ ،‬وحثتهم>ا> على االمتث>ال لق>انون النزاع>ات‬
‫المسلحة ‪.‬انظر توني بفنر‪ .‬آليات ونهج مختلفة لتنفيذ القانون الدولي اإلنساني وحماية ومساعدة ضحايا الحرب‪ .‬مرجع سابق‪.‬هامش رقم ‪ 148‬صــ‪67‬‬
‫كما حاولت اللجنة لعب دور هام خالل احتالل العراق في ‪ 2003‬عندما نددت صراحة باالنتهاكات> التي تعرضت لها األعيان المدني>>ة من ج>>انب ق>>وات‬
‫التحالف ولعل خير دليل على ذلك تعرضها إلى ضرب في مقرها في العاصمة العراقية بغداد مما أدى إلى إجالء مندوبيها فوراً ‪.‬‬
‫‪ . 629‬أبو الخير أحمد عطية ‪.‬المحكمة الجنائية الدولية الدائمة ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪244‬‬
‫‪( ،. 630‬المادة ‪ 91‬من البروتوكول اإلضافي األول ال ُملحق باتفاقيات‪ V‬جنيف لعام ‪ ) 1949‬وقد نصت على أنه " يُسأل طرف النزاع ال‪VV‬ذي ينته‪V‬ك‪ V‬أحك‪VV‬ام‬
‫االتفاقيات أو هذا الملحق "البروتوكول‪" V‬عن دفع تعويض إذا اقتضت الحال ذلك‪ ،‬ويكون مسؤوال عن كافة األعمال التي يقترفها األشخاص الذين يش‪VV‬كلون‬
‫جزءاً من قواته المسلحة"‬

‫‪163‬‬
‫المترتب على إخاللها بالواجبات المنصوص عليها في الالئحة أضافت الفقرة الثانية أن‬
‫مسؤولة مدنياً عن الضرر ُ‬

‫الدولة مسؤولة أيضا عن جميع األعمال التي يرتكبها أشخاص يكونون جزءاً من قواتها المسلحة‪ ،‬وُأعيد النص‬

‫علي ه في الم ادة ‪ 91‬من ال بروتوكول اإلض افي األول‪ ،‬ال تي أق رت بمس ؤولية أط راف ال نزاع ب التعويض في حال ة‬

‫اإلخالل أو انتهاك قواعد القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬ما جعل المادتين أكثر مرونه وتوسع‪.‬‬

‫لكن ليس بالتوس ع ال ذي ج اء في مش روع الجمعي ة العام ة لألمم المتح دة‪ ،631‬حيث غطت الم ادة ‪ 7‬في‬

‫المشروع كافة الحاالت حتى تلك التي يتجاوز فيها أفراد القوات المسلحة أو يخالفون التعليمات‪،‬وهو ما لم تنصه‬

‫ص راحة الم ادتين الس ابقتين‪ ،‬كم ا يجب مالحظ ة أن ه ذه الم واد في األس اس ج اءت فق ط إعم االً لقواع د المس ؤولية‬
‫‪632‬‬
‫‪.‬‬ ‫التقليدية‬

‫كما تقوم مسؤولية الدولة عن أي انتهاكات يقوم بها أشخاص أو مجموعات تفوضها الدولة القيام بقدر من‬

‫وسواء‬
‫ً‬ ‫مهام الحكومة كالمرتزقة والشركات األمنية الخاصة‪ ،‬وكل من ُيطلق عليهم لفظ الوكالء أي فروع الجيش‪،‬‬
‫‪633‬‬
‫‪.‬‬ ‫كانت هذه التصرفات ضمن صالحيات هذه القوات أو حتى في حال قيامهم بأفعال دون أوامر أو خالفاً لها‬

‫فالدولة تُسأل عن األفعال التي ترتكبها جماعات تابعة لها أو تفوضها أو تعتمد عليها في القيام بالتج اوزات‬

‫واالنتهاكات لقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية‪ ،634‬وتظل مسؤوليتها قائمة حتى في حالة عدم رضائها بمعنى‬

‫لو تعدت هذه األجهزة أو األشخاص السلطة الممنوحة لهم أو قاموا بمخالفة التعليمات ‪.635‬‬

‫‪ . 631‬فقد جاء في المادة ( ‪ ) 7‬من مشروع مسؤولية الدولة عن األعمال غير الشرعية ( أن سلوك أي جهاز لدولة ما‪ ..‬يمكن اعتباره عمالً من أعمال الدولة‬
‫بموجب القانون الدولي إذا كان الجهاز أو الشخص‪ ..‬يتصرف بهذه الصفة‪ ،‬حتى إذا تجاوز س‪VV‬لطته أو خ‪VV‬الف التعليم‪VV‬ات‪ .) V‬يمكن االطالع على المش‪VV‬روع‬
‫من خالل األمم المتحدة‪ ،‬الجمعية العامة‪ ،‬الدورة السادسة والخمسون‪ ،‬البند ‪ 162‬من جدول األعمال‪ ،‬تقرير لجنة القانون ال‪VV‬دولي عن أعماله‪VV‬ا‪ ،‬بت‪VV‬اريخ ‪26‬‬
‫نوفمبر ‪..2001‬المشار إليه بالمرجع ‪. A/RES/56/10‬صــ ‪.3‬‬
‫‪ . 632‬حسين علي الدريدي ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪. 361‬‬
‫‪ . 633‬جون ‪ -‬ماري هنكرتس ولويز دوزوالد –بك ‪ .‬القانون الدولي االنساني العرفي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ‪.466‬‬
‫‪ . 634‬وفي هذا الصدد يمكن اإلشارة إلى ما تمسكت‪ V‬به دائرة االستئناف في المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا أنه وحتى في حالة ألفراد العاديين ال‪VV‬ذين‬
‫يعملون ضمن إطار القوات المسلحة‪ ،‬أو بتواطؤ‪ V‬مع سلطات دولة‪ ،‬يمكن أن يكونوا من ضمن أجهزة الدول‪VV‬ة بحكم األم‪VV‬ر الواق‪VV‬ع مثال‪ ،‬وي‪VV‬ترتب‪ V‬على ه‪VV‬ذه‬
‫أن أفعال هؤالء األفراد تنسب إلى الدولة‪ ،‬كما البد من اإلشارة إلى أن مدى السيطرة الضرورية من ج‪V‬انب الدول‪V‬ة تتف‪V‬اوت فالمس‪V‬ألة ال تتطلب ّ‬
‫أن‬ ‫الحاالت ّ‬
‫تكون سيطرة الدولة حقًا على الوحدات أو المجموعات بمجرد التمويل والتجهيز‪ ،‬فقط ولكن أيضً ا توجيه األفعال أو المساعدة في التخطيط‪.‬‬
‫انظر ‪.‬‬
‫‪ICTY, UN. TPIY. Appeals Chamber The Prosecutor v. DU [KO TADI], IT-94-1-A, , 15 July 1999 .para 144 p.g 61.‬‬
‫‪ . 635‬نجاة حمد أحمد إبراهيم ‪.‬المسؤولية الدولية عن انتهاكات‪ V‬قواعد القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق‪.‬صــ ‪. 294‬‬

‫‪164‬‬
‫اء على تعليم ات أو تحت إش راف الدول ة أو س يطرتها ف إن مس ؤولية الدول ة‬
‫وح تى أولئ ك ال ذين يعمل ون بن ً‬

‫التقص يرية تق وم بحس ب س يطرتها عليهم ‪ ،‬إال أنه ا ال تُس أل عن أفع ال تقص يرية ألف راد ق اموا بمخالف ة التعليم ات‬

‫المحددة من الدولة بخصوص التصرف وهو ما أكدته المحكمة الجنائية في قضية تاديش ‪.636‬‬

‫كما تلتزم الدول بالبحث عن األشخاص الذين يزعم ارتكابهم لالنتهاكات الجسمية أو أومروا بارتكابها‬

‫ومحاي دة في جمي ع‬
‫ومس تقلة ُ‬
‫وتق ديمهم للمحاكم ة أي ا ك انت جنس ياتهم‪ ،‬وذل ك بع د إج راء تحقيق ات فوري ة وكامل ة ُ‬

‫المتعلق ة بانته اك قواع د الق انون ال دولي اإلنس ان وال تي من ض منها قواع د حماي ة األعي ان المدني ة‬
‫االتهام ات ُ‬
‫‪637‬‬
‫والثقافية ‪.‬‬

‫وق د أق رت الجمعي ة العام ة من خالل ق رار أخذت ه بش أن الح ق في االنتص اف والج بر لض حايا االنتهاك ات‬
‫‪638‬‬
‫له طابع‬ ‫الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني‪ ،‬بأن االلتزام باحترام وضمان احترام وإ عمال القانون الدولي اإلنساني‬

‫عرفي‪ ،639‬فحتى ل و لم تكن ال دول طرف اً في نظ ام روم ا األساسي فإن قواع د الق انون الدولي الع رفي يمكن لها أن‬

‫تنظم ه ذه المس ائل ‪ ،640‬حيث ينظ ر لألم ر ك التزام ق انوني دولي ذو ط ابع ع رفي ي وجب التحقي ق والمعاقب ة ألي‬

‫انتهاكات لقواعد القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬ولعل منها ما يتعلق بقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية في النزاعات‬

‫المسلحة‪ ،‬سواء الدولية أو غير الدولية‪.‬‬

‫‪636‬‬
‫‪ICTY, UN. TPIY. Appeals Chamber the Prosecutor v. DU [KO TADI], IT-94-1-A, 15 July 1999 .para 20 p.g‬‬
‫‪156.‬‬
‫‪ . 637‬انظر المادة ‪ 49‬من اتفاقية جنيف األولى‪ ،‬والمادة ‪ 50‬من اتفاقية جنيف الثانية‪ ،‬والمادة ‪ 129‬من اتفاقية جنيف الثالثة والمادة ‪ 146‬من اتفاقي‪VV‬ة ج‪VV‬نيف‬
‫الرابعة‪ ،‬والمادة ‪ 28‬من اتفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬الخاصة بحماية الممتلكات‪ V‬الثقافية أثناء النزاعات المسلحة ‪.‬‬
‫‪ . 638‬كما ورد في المادة ‪ ٣‬من اتفاقية الهاي المتعلقة بقوانين الحرب البرية وأعرافها والمؤرخة ‪ 18‬اكتوبر ‪( 1907‬االتفاقية الرابع‪V‬ة )‪ ،‬والم‪V‬ادة ‪ 91‬من‬
‫البروتوكول اإلضافي الملحق باتفاقيات‪ V‬جنيف المؤرخة ‪ 12‬اغسطس ‪ ،1949‬المتعلق بحماي‪VV‬ة ض‪VV‬حايا التراع‪VV‬ات المس‪VV‬لحة الدولي‪VV‬ة (ال‪VV‬بروتوكول األول )‬
‫والمؤرخ ‪ 8‬يونيو ‪ ،1977‬والمادتان ‪ 68‬و ‪ 75‬من نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬
‫‪ . 639‬حيث ذكرت الجمعية العامة مشددة أن "وإذ تشدد على أن المبادئ األساسي ة والمبادئ التوجيهية الواردة في هذه الوثيقة ال تفرض التزامات قانوني‪VV‬ة‬
‫دولية أو محلية جديدة‪ ،‬بل تحدد آليات وطرائق وإجراءات وأساليب تنفيذ االلتزامات القانونية القائمة في إطار القانون الدولي لحقوق اإلنسان والقانون‬
‫اإلنساني الدولي اللذين يكمل أحدهما اآلخر بالرغم من اختالف معاييرهما"‪. V‬‬
‫انظر ‪.‬القرار الذي اتخذته الجمعية العامة في ‪ 16‬ديسمبر ‪ . 2005‬الدورة الستون البند ‪( 71‬أ) من جدول األعمال ‪.‬بتاريخ ‪ 21‬مارس ‪. 2006‬المشار إليه‬
‫بالمرجع‪ . A/RES/60 147/‬صــ‪ 4‬و صـــ ‪. 5‬‬
‫‪ . 640‬ا أنظر القاعدة رقم ‪ .158‬جون ماري هنكرتس‪ – V‬دراسة حول القانون الدولي اإلنساني العرفي مرجع سابق ‪ .‬صـــ‪. 53‬‬

‫‪165‬‬
‫وهو ما أكدته أيضا لجنة التحقيق التابعة لألمم المتحدة بشأن دارفور حيث أكدت اللجنة على أن الدول‬

‫ُم لزمة بجبر أي ضرر يقوم به كل من ينتهك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ‪ ،‬من الذين يتصرفون بوص فهم‬

‫أجهزة لهذه الدول أو بحكم األمر الواقع باعتبار أن ذلك التزام عرفي ‪.641‬‬

‫وال ينبع االلتزام فقط من القانون العرفي‪ ،‬ولكن أيضا بموجب "نظام المخالفات الجسيمة" الوارد في اتفاقيات‬

‫ج نيف األرب ع ال ذي يحت وي على قائم ة مح ددة من الج رائم ال تي ي ترتب على ارتكابه ا ض رورة قي ام الدول ة بتس ليم‬

‫مرتكبيها ومحاكمتهم‪ ،642‬ويكون التزام الدولة ُمحدداً بتقديمهم إلى محاكمها الوطنية‪ ،‬أو محاكم الدولة التي ارتكبت‬

‫الجريمة على إقليمها أو أمام المحكمة الجنائية الدولية التي ُأنشئت عام ‪ 1998‬لهذا الغرض لتوقيع العقاب عليهم‬
‫‪643‬‬
‫‪.‬‬

‫فعالة على‬
‫وأيضاً يقع على الدولة التزام باتخاذ وسن أي إجراء تشريعي ضروري‪ ،‬لفرض عقوبات جزائية ّ‬

‫أولئك األشخاص‪ ،‬وتكفل لهم جميع الضمانات المناسبة للمحاكمة والدفاع الحر‪ ،‬كما وتتحمل الدول كافة المسؤولية‬

‫المترتبة عن التقصير الناش ئ من أف راد قواتها المس لحة وهو م ا نصت علي ه اتفاقيات جنيف األربع والبروتوكول‬

‫اإلضافي األول‪.‬‬

‫قص رت في اتخاذ اإلجراءات المناسبة نحو محاكمة جنودها‬


‫ودون ذلك كله فإنه ُيمكن القول بأن الدولة قد ّ‬

‫ال ذين ارتكب وا إح دى ج رائم الح رب وال تي من ض منها ب الطبع ج رائم االعت داء على األعي ان المدني ة والثقافي ة‪،‬‬

‫بناء على نظرية مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة ‪.644‬‬


‫وقّصرت في معاقبتهم وبالتالي تُسال الدولة ً‬

‫‪ . 641‬ماركو ساسولي ‪ .‬أنطوان بوفييه‪ .‬كيف يوفر القانون الحماية في الحرب ؟ ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪. 263‬‬
‫‪ . 642‬المادة ‪ 146‬من اتفاقية جنيف الرابعة لعام ‪ ،1949‬و يحتوي "نظام المخالفات الجسيمة " على قائم‪VV‬ة مح‪VV‬ددة من الج‪VV‬رائم ال‪VV‬تي‪ ،‬كلم‪VV‬ا انتهكت‪ ،‬تل‪VV‬زم‬
‫الدولة إلى" محاكمة أو تسليم" الجاني‪/‬الجناة المش‪VV‬تبه بهم‪ .‬وق‪VV‬د تم تأس‪VV‬يس لجن‪V‬ة تقص‪VV‬ي الحق‪VV‬ائق في مج‪VV‬ال الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي اإلنس‪VV‬اني إلج‪VV‬راء التحقيق‪VV‬ات‪V‬‬
‫الالزمة لمثل هذه االنتهاكات‪ ،‬وبالتالي إحالتهم للمحكمة ‪.‬‬
‫‪ . 643‬انظر ديباجة نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‪" :‬وإذ تذكر بأن من واجب ك‪VV‬ل دول‪VV‬ة أن تم‪VV‬ارس واليته‪V‬ا‪ V‬القض‪VV‬ائية الجنائي‪VV‬ة على أولئ‪VV‬ك‬
‫المسؤولين عن ارتكاب جرائم دولية" انظر أيضا ً أبو الخير أحمد عطية ‪ .‬المحكمة الجنائية الدولية ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ‪. 245‬‬
‫‪ . 644‬أبو الخير أحمد عطية ‪.‬المحكمة الجنائية الدولية الدائمة ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪. 244‬‬

‫‪166‬‬
‫وعلى الرغم من عدم تضمن المادة ‪ 3‬المشتركة التفاقيات جنيف والبروتوكول اإلضافي الثاني لع ام ‪1977‬‬

‫‪ ،‬الخ اص بالنزاع ات غ ير الدولي ة أحكام اً تتعل ق بمقاض اة مرتك بي االنتهاك ات الخط رة أو الخروق ات الجس يمة‬

‫لقواعدهما‪ ، 645‬إال أن السوابق القضائية للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة قد أكدت على أن جرائم الحرب‬

‫ترتكب في النزاعات غير الدولية‪ ،‬وبالتالي شكلت‬


‫ومنها تلك المتعلقة بتدمير األعيان المدنية والثقافية يمكن أن ُ‬

‫الم حاكمة عن كافة االنتهاكات سواء كانت دولية أو غير دولية‪.‬‬


‫مثل هذه المحاكمات ترسيخاً وتأكيداً لمبدأ ُ‬

‫فالمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا أقرت بعض العقوبات الجزائية كالسجن لمدة خمس سنوات واإلعدام‬

‫على بعض من ارتكب وا انتهاك ات لقواع د حماي ة األعي ان المدني ة كالت دمير التعس في أو الت دمير واس ع النط اق أو‬

‫االستيالء على ممتلكات ال تبرره الضرورة العسكرية‪ ،646‬وعليه يمكن القول أن السوابق القضائية قد عززت من‬

‫مس ؤولية الدول ة ب التحقيق ومقاض اه ك ل م رتكب لالنتهاك ات الخط يرة ألحك ام الم ادة ‪ 3‬المش تركة وكاف ة االنتهاك ات‬

‫الخطيرة حتى في النزاعات غير الدولية‪.‬‬

‫وبالت الي يمكن الق ول‪ :‬أن الغ رض الرئيس ي من تقري ر المس ؤولية الدولي ة ه و حماي ة قواع د الق انون ال دولي‬

‫اإلنساني‪ ،‬والتي من ضمنها قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية من كافة االنتهاكات التي قد تتعرض لها سواء‬

‫ك انت جس يمة أو غ ير جس يمة‪ ،‬واس تقراء لم ا س بق ف إن المس تقر علي ه في القض اء والفق ه‪ ،‬وأيض ا العم ل ال دولي أن‬

‫مسؤولية الدولة هي مسؤولية مدنية في حالة االنتهاكات غير الجسيمة فالدولة تتحمل تبعة الفعل غير المشروع‪.‬‬

‫المتمثل ة بانته اك قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬يك ون الج بر الكام ل‬
‫ف إذا ثبتت المس ؤولية الدولي ة ُ‬

‫للخسارة الناجمـة عـن الفعـل غـير المشـروع دوليـاً عن طريـق الـرد بمعنى إعادة الحال كما كان عليه بشرط أن ال‬

‫يك ون مس تحيالً وال يس تتبع عبئ اً‪ ،‬أو عن طريق التع ويض القاب ل للتق ييم‪ ،‬أو الترض ية ال تي تك ون على ش كل إق رار‬

‫‪ . 645‬منشورات األمم المتحدة حقوق اإلنسان مكتب‪ V‬المفوض السامي ‪.‬الحماية القانونية لحقوق اإلنسان في النزاع المسلح‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 86‬‬
‫‪ . 646‬انظر على وجه الخصوص الحكم الذي أصدرته الدائرة االبتدائية للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا في قضية زوران كوبريكيتش وآخرون‪،‬‬
‫‪ICTY. The trial chamber prosecutor v. Zoran Kupreskic, Mirjan Kupreskic Vlatko Kupreskic, Drago Josipovic and‬‬
‫‪Dragan Papic. Ibed. IT-95-16-T. 14 January 2000.para844. p.g 318.‬‬

‫‪167‬‬
‫بالخرق أو إعالن األسف أو تقديم اعتذار رسمي بشرط أن يكون متناسباً مع الخسارة وغير مذل للدولة‪ ،‬ويكون‬

‫ذلك الجبر بإحدى هذه الوسائل أو بالجمع بينها ‪.647‬‬

‫المطالبة بالرد أي بإعادة األحوال إلى ما كانت عليه قبل حدوث الضرر (التعويض العيني) الصورة‬
‫وتعتبر ُ‬

‫المادي ة األك ثر أهمي ة من ص ور ج بر الض رر حيث ي ؤدي إلى رد الش يء أو الم ال ال ذي وق ع علي ه الفع ل غ ير‬

‫المترتبة على ثبوت قيام المسؤولية القانونية النتهاك‬


‫المشروع كما هو قبل وقوع الضرر‪ ،‬وكمثال فاآلثار القانونية ُ‬

‫قواع د حماي ة الممتلك ات الثقافي ة القانوني ة‪ ،‬تتمث ل بإع ادة الممتلك ات ال تي تُمث ل قيم ة تاريخي ه أو فني ة أو ديني ة إلى‬

‫موطنها األصلي فال وجود للتعويض المالي طالما كانت هذه الممتلكات موجودة ويمكن إعادتها‪.648‬‬

‫وهو ما أكدت عليه اتفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬وبروتوكوالها اإلضافيان‪ ،‬من حيث إلزام الدول األطراف‬

‫في حال ة مخ الفتهم لقواع د حماي ة الممتلك ات الثقافي ة في زمن النزاع ات المس لحة‪ ،‬حيث يحظ ر ال بروتوكول األول‬

‫التكميلي التفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬لحماية الممتلكات الثقافية تصدير الممتلكات الثقافية الموجودة على األراضي‬

‫المحتلة خالل نزاع مسلح‪ ،649‬كما نص على ضرورة وضع هذه الممتلكات تحت الحراسة ‪ ،650‬وعلى تسليمها إلى‬
‫‪651‬‬
‫مع تعـويض مـن يحوز هذه الممتلكات بحسن نية عند استردادها منه‬ ‫السلطات المختصة بعد انتهاء االحتالل‪،‬‬

‫‪.652‬‬

‫كما وقد ج اء النص صريحاً بعدم ج واز االستيالء أو حج ز أي ممتلك ات ثقافي ة كتعويضات ح رب‪ ،‬وحث‬

‫األط راف المتعاق دة على أن تق وم بتس ليم الممتلك ات الثقافي ة الموج ودة على أراض يها إلى الس لطات المختص ة عن د‬

‫انتهاء العمليات الحربية ‪.653‬‬

‫‪ . 647‬انظر تقرير لجنة القانون الدولي عن أعمال دورتها الثالثة والخمسين المواد ‪ ./ 37/36/35 34‬الجمعية العامة لألمم المتحدة الدورة ‪ 56‬بتاريخ ‪26‬‬
‫نوفمبر ‪ 2001‬المشار إليه بالمرجع ‪ A/56/589‬صــ ‪. 16‬‬
‫‪ . 648‬هشام بشير ‪ .‬وعالء الضاوي ‪ .‬حماية البيئة والتراث الثقافي في القانون الدولي ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪. 78‬‬
‫‪ . 649‬المادة األولى الفقرة األولى من البروتوكول ‪.‬‬
‫‪ . 650‬المادة األولى‪ ،‬الفقرة الثانية من البروتوكول ‪.‬‬
‫‪ . 651‬المادة األولى‪ ،‬الفقرة الثالثة من البروتوكول ‪.‬‬
‫‪ . 652‬المادة األولى‪ ،‬الفقرة الرابعة من البروتوكول ‪.‬‬
‫‪ . 653‬المادة ‪ 3‬البروتوكول اإلضافي األول التفاقية "الهاي" لعام ‪. 1954‬‬

‫‪168‬‬
‫وعليه يمكن القول بأن االسترداد كجزاء هو األفضل باعتبار أن هوية كل أمة وثقافتها وحضارتها تنعكس‬

‫من خالل ُممتلكاته ا الثقافي ة‪ ،‬ومهم ا بل غ التع ويض فإن ه ال يمكن أن يك ون مناس باً ‪ ،‬وبالت الي ال يك ون اللج وء إلى‬

‫التعويض كجزاء إال بعد استنفاذ كافة الوسائل األخرى لضمان استرداد الممتلكات الثقافية‪ ،‬ويكون القبول بالتعويض‬

‫كجزاء فقط في حالة االستحالة‪.‬‬

‫كم ا يمكن لل دول المطالب ة بوق ف األعم ال غ ير المش روعة ‪ ،654‬وه و الص ورة القانوني ة إلع ادة الح ال إلى‬

‫ماكان عليه‪ ،‬معنى ذلك أن تتوقف الدولة عن ممارسة أي سلوك غير شرعي ضد األعيان المدنية والثقافية كتدمير‬

‫البنى التحتية وغيرها‪.‬‬

‫ولكن قد يتعذر إعادة الحال إلى ما كان عليه أو تكون غير كافية فيكون التعويض المالي كجبر للضرر‬

‫بديالً له أو مكمالً للتعويض العيني‪ ،655‬ويكون ذلك عن طريق دفع مبلغ من المال للدولة المتضررة كتعويض عن‬

‫األضرار التي لحقت بها‪.‬‬

‫يش ار إلى أن واجب التع ويض ورد بش كل واض ح في ال بروتوكول اإلض افي الث اني التفاقي ة اله اي لحماي ة‬

‫الممتلك ات الثقافية‪ ،656‬كم ا ورد ض منيا ًفي اتفاقي ات ج نيف حيث لم ينص على التع ويض بش كل مباشر‪ ،657‬ورغم‬

‫أن التعويض له دور األسبقية كنوع من أنواع جبر الضرر إال أنه يكون في كثير من األحيان غير ُمناسب خاصة‬

‫في حالة االعتداء على الممتلكات الثقافية ذات األهمية الكبرى والقيمة العالية ‪.658‬‬

‫وبهذا الصدد يمكن اإلشارة إلى القرار الذي أصدره مجلس األمن إثر احتالل العراق للكويت في أغسطس‬

‫‪ 1990‬نتج عن ه من انس حاب للق وات العراقي ة‪ ،‬حيث أص در المجلس ع دة ق رارات لع ل أهمه ا إنش اء ص ندوق‬
‫‪ . 654‬أبو الخير أحمد عطيه ‪ .‬المحكمة الجنائية الدولية ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪ 244‬وصـــ‪. 245‬‬
‫‪ . 655‬هشام بشير ‪ .‬وعالء الضاوي ‪ .‬حماية البيئة والتراث الثقافي في القانون الدولي ‪ .‬مرجع سابق صـــ ‪ 80‬إلى‪ ،‬صــ‪. 85‬‬
‫‪ . 656‬تنص المادة ‪ 38‬بشأن مسئولية الدول " ال يؤثر أي حكم في هذا البروتوكول يتعلق بالمسئولية الجنائية الفردية في مس‪VV‬ئولية ال‪V‬دول بم‪VV‬وجب‪ V‬الق‪VV‬انون‬
‫الدولي‪ ،‬بما في ذلك واجب تقديم تعويضات‪." V.‬‬
‫‪ . 657‬تنص المادة ‪ 51‬من اتفاقية جنيف األول ى‪ ،‬والمادة ‪ 52‬من اتفاقية جنيف الثانية‪ ،‬والمادة ‪ 131‬من اتفاقي‪V‬ة ج‪VV‬نيف الثالث‪V‬ة‪ ،‬والم‪V‬ادة ‪ 148‬من اتفاقي‪V‬ة‬
‫جنيف الرابعة على أنه " ال يجوز ألي طرف متعاقد أن يتحلل أو يحل طرفا ً متعاقداً آخر من المسئوليات التي تق‪V‬ع علي‪V‬ه أو على ط‪VV‬رف متعاق‪V‬د آخ‪V‬ر فيم‪VV‬ا‬
‫يتعلق بالمخالفات المشار اليها في المادة السابقة‪".‬‬
‫‪ . 658‬جون ‪ -‬ماري هنكرتس ولويز دوزوالد –بك ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 471‬‬

‫‪169‬‬
‫للتعويضات عن األضرار التي سببتها العراق عما لحق األعي ان المدنية والثقافية من هدم وتدمير أثناء العمليات‬

‫العسكرية التي قام بها العراق ‪.659‬‬

‫ويعتبر هذا القرار بمثابة الواقعة الوحيدة التي تم فيها إلزام أحد أطراف النزاع المسلح كدولة بالتعويض‬

‫عن األضرار التي لحقت باألعيان المدنية والثقافية‪،‬إال أنه ال يمكن االعتماد على هذا القرار كسابقة قانونية يمكن‬

‫بناء على حكم قضائي كما يجب‪ ،‬وخالف القواعد‬


‫القياس عليها في فرض المسؤولية المدنية‪ ،‬فااللتزام لم ُيفرض ً‬

‫التي أقره ا الق انون ال دولي اإلنس اني ح ول المس ؤولية الدولي ة‪ ،‬فتم تحمي ل العراق وح ده كاف ة األض رار ال تي لحقت‬

‫باألعي ان المدني ة ح تى تل ك ال تي نجمت عن تص رفات الحلف اء مم ا ُيخ الف قواع د المس اواة في المعامل ة الثابت ة في‬

‫القانون الدولي وغيره من القوانين‪.660‬‬

‫وكذلك أكدت فتوى محكمة العدل الدولية المتعلقة بإنشاء إسرائيل لجدار الضم واإللحاق على ص عيد األرض‬

‫التزام قانوني بجبر الضرر الناشئ عن التصرفات غير المشروعة‪ ،‬وأشارت‬


‫ٌ‬ ‫الفلسطينية المحتلة أن على إسرائيل‬

‫الفتوى إلى أهمية أن يأتي جبر الضرر في المقام األول بالتوقف الفوري عن تشييد الجدار وإ زالته فوراً‪ ،‬وإ عادة‬

‫األم ر إلى س ابق عه ده‪ ،‬ورد الممتلك ات ال تي تم االس تيالء عليه ا‪ ،‬كم ا يش مل الج بر تع ويض األف راد ال ذين ُدم رت‬

‫منازلهم وأتلفت حيازتهم الزراعية‪ ،‬وتقديم ضمانات مناسبة بعدم المعاودة ‪.661‬‬

‫ولكن باعتبار أن رأي المحكمة هو مجرد رأي استشاري غير ملزم إال أنه يمكن القول أن الرأي يعتبر من‬

‫أهم المواقف والوثائق القانونية التي أصدرتها األمم المتحدة بخصوص قضية تشييد الجدار واآلثار المترتبة عليه‪،‬‬

‫‪ . 659‬القرار رقم ‪ 1991/ 687‬المؤرخ في ‪ 2‬أبريل ‪ 1991‬الصادر عن مجلس االمن والذي جاء فيه أن العراق مسؤول بمقتضى الق‪V‬انون ال‪V‬دولي عن أي‬
‫خسارة مباشرة أو ضرر مباشر بما في ذلك الض‪VV‬رر الالح‪VV‬ق بالبيئ‪VV‬ة واس‪VV‬تنفاذ الم‪VV‬وارد الطبيعي‪VV‬ة او ض‪V‬رر وق‪VV‬ع على الحكوم‪VV‬ات‪ V‬األجنبي‪VV‬ة أو رعاياه‪VV‬ا أو‬
‫شركائها نتيجة غزوة واحتالله غير المشروعين للكويت وقرر المجلس بموجب ذل; إنشاء صندوق لدفع التعويضات ‪.‬‬
‫المرجع قرار مجلس األمن رقم ‪ S/. 41585- 93 1991/ 687‬الفقرة ‪. 16،18‬صــ ‪. 26‬‬
‫‪ . 660‬حسين علي الدريدي ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق من ‪.‬صـــ ‪ 361‬إلى صــ‪. 363‬‬
‫‪ . 661‬انظر البنود ‪ 145‬وما بعدها من بنود فتوى محكمة العدل الدولية بشأن اآلثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار في األرض الفلسطينية المحتله ‪.‬مرجع‬
‫سابق ‪ .‬صــ ‪ 71‬ومابعدها ‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫من ت دمير لألعي ان المدني ة والثقافي ة في ظ روف تخ الف مقتض يات قواع د حماي ة ه ذه األعي ان والممتلك ات‪ ،‬ومنه ا‬

‫المادة ‪ 53‬من اتفاقية جنيف الرابعة ‪.662‬‬

‫والمالح ظ من نص وص قواع د الق انون ال دولي اإلنس اني خاص ة الم ادة ‪ 91‬من ال بروتوكول اإلض افي األول‬
‫ُ‬

‫أشارت صراحة إلى التعويضات في صورتها العينية كإعادة الحال إلى ما كان عليه‪ ،‬وصورتها المادية كالتعويض‬

‫المالي‪ ،‬وذلك لجبر كافة األضرار التي قد تنشأ نتيجة بين أطراف النزاع‪ ،‬كما تُبين المادة أن المسؤولية المدنية تقع‬

‫الم خل والمنتهك التفاقيات جنيف األربعة والبرتوكولين اإلضافيين‪.‬‬


‫على عاتق الطرف ُ‬

‫جزاء يحصل عليه الطرف المتضرر قد يكون إما عن طريق قرار من هيئة تحكيم‬
‫ً‬ ‫والتعويض باعتباره‬

‫متفق عليها بين أطراف النزاع‪ ،‬أو عن طريق حكم صادر من محكمة العدل الدولية‪ ،‬أو االتفاق على التعويض في‬

‫معاهدة صلح ‪.663‬‬

‫المتضررة‬
‫ولكن إذا لم تستجب الدولة واستمرت في ارتكاب األفعال غير المشروعة فال يكون أمام الدولة ُ‬

‫سوى اللجوء إلى مجلس األمن الذي يكون له سلطة التدخل لصالح اإلنسانية‪ ،‬كما وقع من السلطات الصربية في‬

‫البوسنة والهرسك منذ عام ‪ 1991‬وحتى عام ‪ ،1994‬حين أصدر مجلس األمن عدة قرارات للضغط على القوات‬

‫الص ربية وحثه ا على وق ف انتهاك ات الق انون ال دولي اإلنس اني من ت دمير واعت داء س افر على األعي ان المدني ة‬

‫والثقافية‪.664‬‬

‫و تتنوع الوسائل واآلليات لكفالة وفرض احترام قواعد القانون الدولي اإلنساني؛ حيث يشمل التعهد طائفة‬

‫واس عة من الوس ائل باإلض افة إلى تل ك المنص وص عليه ا ص راحة في الق انون ال دولي اإلنس اني‪ ،‬ولع ل أهم ه ذه‬

‫‪ . 662‬تنص المادة ‪ ٥٣‬على أنه‪ " :‬يحظــر علــي دولــة االحــتالل أن تــدمر أي ممتلكــات خاصــة ثابتــة ثابتــة أو منقولــة منقولــة تتعل‪V‬ق ب‪V‬أفراد أو‬
‫جماعات‪ ،‬أو بالدولة بالدولة أو السلطات السلطات العامة‪ ،‬العامة‪ ،‬أو المنظمـات‪ V‬االجتماعيـة االجتماعيـة أو التعاوني‪VV‬ة‪ ،‬التعاوني‪VV‬ة‪ ،‬إال إذا ك‪V‬انت العملي‪V‬ات‬
‫العمليات الحربية تقتضي حتما هذا التدمير"‬
‫‪ . 663‬أحمد سي علي ‪.‬دارسات في القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ‪.642‬‬
‫‪ . 664‬القرار رقم ‪ 771/1992‬الصادر عن مجلس االمن بتاريخ ‪ 13‬اغسطس ‪ 1992‬في جلسته رقم ‪ 2106‬والذي طالب في‪V‬ه المجلس من جمي‪V‬ع أط‪V‬راف‬
‫النزاع التوقف فورا عن ارتكاب‪ V‬اي انتهاكات‪ V‬للقانون الدولي اإلنساني وتمرير كاف‪VV‬ة المس‪VV‬اعدات اإلنس‪VV‬انية لكاف‪VV‬ة المعس‪VV‬كرات‪ V‬والمعتقالت وق‪VV‬رر المجلس‬
‫العمل بموجب الفصل السابع من ميثاق االمم المتحدة ألحكام هذا القرار المرجع ‪ S/RES/771 (1992) .‬صــ ‪.2/3‬‬

‫‪171‬‬
‫اآلليات ما نصت عليه المادة ‪ 89‬من البروتوكول اإلضافي األول التي نصت على ضرورة قيام األطراف المتعاقدة‬

‫في حاالت الخرق الجسيم لالتفاقيات والبروتوكول بالتعاون مع األمم المتحدة‪ ،‬وبما يتالءم مع ميثاق األمم المتحدة‪،‬‬

‫وذل ك لمن ع هذه االنتهاك ات‪ ،‬ولع ل م ا ُيمكن فهم ه من ه ذا النص أن التع اون ق د يك ون عن طريق الجه از التنفي ذي‬

‫المتمثل بجهاز مجلس األمن الدولي ‪.‬‬


‫لألمم المتحدة ُ‬

‫ورغم أن مجلس األمن ق د اهتم في ممارس اته العملي ة بآث ار النزاع ات الدولي ة في المق ام األول‪ ،‬وه و ي دعو‬

‫األطراف المتحاربة في كثير من األحيان إلى احترام قواعد حماية األعي ان المدنية والثقافي ة من خالل الحث على‬
‫‪665‬‬
‫الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية الموجهة ضد هذه األعيان‪ ،‬بما في ذلك المدن والمناطق السكنية‪.‬‬

‫إال أن إمكاني ة ت دخل األمم المتح دة بواس طة مجلس األمن واالس تناد إلى الفص ل الس ابع‪،666‬ال يك ون إال في‬

‫حال بلغت هذه االنتهاكات ُمستوى ُيهدد السلم واألمن الدولي‪ ،‬فالغرض من تلك التدابير في المقام األول ليس إنفاذ‬
‫‪667‬‬
‫‪.‬‬ ‫القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬بل حفظ السالم واألمن الدولي وإ نهاء الحالة التي تُشكل تهديداً لهما‬

‫وعليه يمكن القول أن اإلشارة إلى إمكانية التعامل وفق البند السابع لميثاق األمم المتحدة يأتي مقرون اً بحالة‬

‫توافر االنتهاكات الجسيمة فقط وتهديد األمن والسلم الدولي ‪ ،‬وبذلك فإن أي انتهاكات جسيمة لقواعد حماية األعيان‬

‫المدنية والثقافية يرتب التعامل وفق البند السابق لميثاق االمم المتحدة‪ ،‬ولكن ال يكون هذا األثر تلقائي اً‪ ،‬بل يعتمد‬

‫المتعاق دة‪ ،‬ودون ذل ك يقتص ر دور مجلس األمن على الحث على اح ترام قواع د حماي ة‬
‫على م دى ض غط األط راف ُ‬

‫األعيان المدنية والثقافية‪.‬‬

‫‪ . 665‬انظر قرارات مجلس األمن الحالة بين إيران والعراق ()‪ ،S/RES/540(1983‬والقرار رقم ()‪.S/RES/598(1987‬‬
‫‪. 666‬المواد ‪ 39،40،41‬من ميثاق‪ V‬األمم المتحدة ‪.‬‬
‫‪ . 667‬توني بفنر‪ .‬آليات ونهج مختلفة لتنفيذ القانون الدولي اإلنساني وحماية ومساعدة ضحايا الحرب‪ .‬مرجع سابق‪.‬هامش رقم ‪ 148‬صــ‪. 68‬‬

‫‪172‬‬
‫المتعم د لل تراث الثق افي على مب دأ مس ؤولية ال دول بش أن األض رار‬
‫كم ا أك د إعالن اليونس كو بش أن الت دمير ُ‬

‫ال تي تلح ق الممتلك ات الثقافي ة‪ ،‬وأل زم ال دول بض رورة اتخ اذ كاف ة الت دابير القانوني ة واإلداري ة والتربوي ة والتقني ة‬

‫المالئمة في حدود مواردها االقتصادية بصورة دورية وكل ذلك من أجل حماية التراث الثقافي‪.668‬‬

‫و أكدت المــادة ‪ 1/ 86‬من البروتوكول اإلضافي األول على ضرورة قمع االنتهاكات الجسيمة الناجمة عن‬

‫أي مس ؤولية تقص يرية تنش أ عن الدول ة‪ ،‬وب ذلك تعت بر الم ادة األولى المش تركة التفاقي ات ج نيف‪ ،‬والم ادة ‪86/1‬‬

‫والمادة ‪ 89‬من البروتوكول اإلضافي األول‪ ،‬إطاراً مناسباً لبيان التزامات الدول‪ ،‬ولما يجب القيام به‪ ،‬وما ال ينبغي‬

‫القي ام ب ه لكفال ة اح ترام قواع د الق انون ال دولي اإلنس اني وال تي يق ع ض من نطاقه ا قواع د حماي ة األعي ان المدني ة‬

‫والثقافية‪.‬‬

‫وعلى ال رغم من أهمي ه اآللي ة المنص وص عليه ا في الم ادة ‪ 89‬من ال بروتوكول اإلض افي األول لع ام‬

‫‪ ،1977‬إال أنها جاءت ُمبهمة‪ ،‬خاصة وأن جميع اآلليات العامة ُيمكن أن تُعتبر تطبيق اً لها ‪ ،669‬كما أنها حصرت‬

‫الت دخل األممي في حال ة االنتهاك ات الجس يمة للقواع د فق ط‪ ،‬على ال رغم من أن ه ذه القواع د تحم ل الط ابع الع رفي‬

‫وانتهاكها على اختالف أنواعه سواء كان جسيم أو غير جسيم يضر بالمصلحة اإلنسانية المشتركة لجميع الدول‪.‬‬

‫‪ . 668‬اإلعالن صادر عن المؤتمر العام لمنظمة األمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة المنعقد في دورت‪VV‬ه الثاني‪VV‬ة والثالثين في ب‪VV‬اريس خالل الف‪VV‬تره من ‪29‬‬
‫سبتمر إلى ‪ 17‬اكتوبر ‪ 2003‬وذلك بموجب الفقرة سادسا ً التي تنص على أن " في حالة قيام أي دولة بتدمير متعمد‪ V‬الي تراث ثق‪VV‬افي ذي قيم‪VV‬ة عظيم‪VV‬ة‬
‫بالنسبة لإلنسانيةأو باإلمتناع‪ V‬عمداً عن اتخاذ التدابير المالئمة لحظر ومنع ووقف ومعاقبة أي تدمير عمدي سواء أكان هذا ال‪VV‬تراث أم لم يكن م‪VV‬درجا ً في‬
‫قائمة تحتفظ بها اليونسكو‪ V‬أو أي منظمة دولية أخرى‪ ،‬فإنها تعتبر مسؤولية عن ذلك التدمير‪ ،‬وفقا ً بما ينص عليه القانون الدولي "‬
‫وجاء في البند ثالثاً‪ :‬تدابير تستهدف مكافحة التدمير المتعمد للتراث الثقافي‬
‫ينبغي للدول أن تتخذ جميع التدابير المالئمة لمنع وتجنب ووقف وقمع افعال التدمير المتعمد للترث الثقافي اينما وجد ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ينبغي للدول أن تتخذ التدابير القانونية واإلدارية والتربوية والتقنية المالئمة في حدود موارده‪VV‬ا االقتص‪VV‬ادية‪ ،‬من اج‪VV‬ل حماي‪VV‬ة ال‪VV‬تراث الثق‪VV‬افي‬ ‫‪.2‬‬
‫وينبغي‪ V‬لها ان تنقح هذه التدابير بصورة دورية بغية تطويعها لتطوير المعايير المرجعية الوطنية والدولية الخاصة بحماية التراث الثقافي ‪.‬‬
‫ينبغي للدول األعض‪V‬اء أن تعم‪VV‬ل‪ ،‬بكاف‪V‬ة الوس‪V‬ائل المالئم‪V‬ة‪ ،‬على ت‪VV‬أمين اح‪VV‬ترام ال‪V‬تراث الثق‪V‬افي في المجتم‪V‬ع‪ ،‬الس‪VV‬يما بواس‪V‬طة ب‪VV‬رامج للتعليم‬ ‫‪.3‬‬
‫والتوعية واإلعالم‪.‬بغية تطويعها لتطوير المعايير‪ V‬المرجعية الوطنية والدولية الخاصة بحماية التراث الثقافي ‪.‬‬
‫ينبغي للدول‪:‬‬ ‫‪.4‬‬
‫أ‪ -‬أن تصبح أطرافا ً في اتفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬الخاصة بحماية الممتلكات‪ V‬القافية في حالة وقوع نزاع مس‪VV‬لح وفي بروتوكوليه‪V‬ا‪ V‬لع‪VV‬امي ‪ 1954‬و‪،1999‬‬
‫وفي البروتوكولين‪ V‬اإلضافيين األول والثاني التفاقيات‪ V‬جنيف األربع لعام ‪ ،1949‬إذا لم تكن بعد أطرافا ً فيها‪،‬‬
‫ب‪ -‬أن تعزز عمليات إعداد واعتماد وثائق قانونية توفر مستوى أعلى من الحماية للتراث الثقافي‪.‬‬
‫جـ‪ -‬أن تع‪VV‬زز التط‪VV‬بيق المتناس‪VV‬ق للوث‪VV‬ائق القانوني‪VV‬ة الحالي‪VV‬ة والمقبل‪VV‬ة المتعلق‪VV‬ة بحماي‪VV‬ة ال‪VV‬تراث الثق‪VV‬افي‪ .‬انظ‪VV‬ر ‪ .‬منظم‪VV‬ة األمم المتح‪VV‬دة للتربي‪VV‬ة والعلم‬
‫والثقافة ‪.‬سجالت المؤتمر العام ‪.‬المجلد األول القرارات ‪ . 2004.‬صـــ ‪ 72‬وصـــ‪. 73‬‬
‫‪. 669‬ماركو ساسولي ‪ .‬مسؤولية الدول عن انتهاكات‪ V‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪.525‬‬

‫‪173‬‬
‫وفي إش ارة ‪ ،‬لض رورة تع ويض كاف ة المتض ررين من األعم ال غ ير المش روعة كالت دمير التعس في للمن ازل‬

‫والق رى وك ذلك المؤسس ات الديني ة فق د أدانـت الـدائرة االبتدائيـة المس ؤول الص ربي رادوســالف بــردانين التـدمير‬

‫للمــدن والقــرى دون مقتــضيات عــسكرية‪ ،‬وتــدمير المؤسـسات الدينيـة أو إلحـاق الـضرر عمـداً له ذه األعي ان بمـا‬

‫يرقـى إلى انتـــهاكات لقـــوانين الحـــرب أو ألعرافهـــا‪ ،‬ووجدت الدائرة االبتدائية أن المسلمين البوسنيين والكروات‪،‬‬

‫تعرضوا للقصف والنهب‪ ،‬والطرد‪ ،‬وتدمير المنازل وضرب المدن واجبارهم عن التخلي عن ممتلكاتهم في كثير‬

‫من األحيان‪ ،‬دون تقديم أي تعويض مناسب لهم ‪.670‬‬

‫المنتهكة‪ ،‬وبناء على هذا الض رر‬


‫المتضررين في مواجهة الدول ُ‬
‫ورغم أن االحتجاج على االنتهاكات يأتي من ُ‬

‫تُطالب باالمتثال لاللتزامات الناشئة من مسؤوليتها‪ ،‬إال أنه واستناداً إلى انتماء قواعد القانون الدولي اإلنساني إلى‬

‫فئ ة االلتزام ات في مواجه ة الجميع‪ ،671‬يمكن لل دول األط راف ُمجتمع ه أو ُمنف ردة التع اون م ع األمم المتح دة في‬

‫ح االت الخ رق الجس يم لالتفاقي ات‪ ،‬وبم ا يتالءم م ع ميث اق األمم المتح دة وذل ك حس بما نص ت علي ه الم ادة ‪ 89‬من‬

‫البروتوكول اإلضافي االول لعام ‪.6721977‬‬

‫واس تقراء لم ا س بق يمكن الق ول‪ :‬إن ه يق ع على ع اتق الدول ة التزام ات وفق اً لقواع د الق انون ال دولي اإلنس اني‬

‫خاص ة الم واد ‪ 3‬من اتفاقي ة اله اي الرابع ة لع ام ‪ 1907‬والم ادة ‪ 91‬و‪ 86/1‬من ال بروتوكول اإلض افي األول لع ام‬

‫‪ ،1977‬لعل أهمها إيقاف العمل غير المشروع فوراً‪ ،‬ويكون ذلك بوقف أي انتهاكات تمس األعيان المدنية أو‬

‫الثقافية‪ ،‬أو إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع الفعل الضار‪ ،‬وإ ذا تعذر ذلك يكون اإلصالح بدفع مبلغ نقدي‬

‫يساوي التنفيذ العيني‪ ،‬بحيث يكون جبر الضرر عن طريق دفع تعويض مالي يتناسب مع حجم الضرر الحقيقي‪،‬‬

‫ذلك أن قيام الدول بأي عمل غير مشروع‪ ،‬يتمثل في قصف أعيان مدنية وثقافية‪ُ ،‬يعد من األعمال غير المشروعة‬

‫يترتب عليها مسؤولية دولية للدولة ذات طابع مدني‪.‬‬

‫‪670‬‬
‫‪ICTY. UN. TPIY. . Prosecutor v. Radoslav Brdjanin (Appeal Judgement. IT-99-36-A. 3 April 2007. Para 315 p.g 97.‬‬
‫‪ . 671‬ماركو ساسولي ‪ .‬مسؤولية الدول عن انتهاكات‪ V‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق صــ‪ 255‬وصـــ ‪. 256‬‬
‫‪ . 672‬المــادة ‪ 89‬من البروتوكول اإلضافي األول لعام ‪.1977‬‬

‫‪174‬‬
‫فع ال لهذه القواعد ومنع انتهاكها والعمل على تطويرها وإ كسابها‬
‫وعليه البد من أجل الوصول إلى تنفيذ ّ‬

‫الق وة الالزم ة لتطبيقه ا على أرض الواق ع‪ ،‬ولن يك ون ذل ك ممكن اً إال من خالل التمس ك بمس ؤولية ال دول في حال ة‬

‫المطالبة بالرد أو بوقف هذه االنتهاكات أو‬


‫حدوث ما ُيعتبر انتهاك اً لقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬مع ُ‬

‫ب التعويض أو بجميعه ا م ع ض رورة ع دم القب ول ب التعويض كج زاء إال بع د اس تنفاذ كاف ة الوس ائل األخ رى من رد‬

‫ووقف لالنتهاكات‪.‬‬

‫ورغم أن للحكوم ة ال دور ال رئيس في المس اءلة‪ ،‬لكن في ح ال لم تثبت م ا يل زم من اس تعداد وق درة للوف اء‬

‫ﺑﻬذه الضرورة وعدم اتخاذ إجراءات وطنية في هذا الصدد‪ ،‬يكون على مجلس األمن والدول األعضاء والمنظمات‬

‫اإلقليمية المؤثرة اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان المساءلة ‪.673‬‬

‫وعلي ه ف إن على المنظم ات الدولي ة ج زءاً من االلتزام ات ال تي ت رتبت عليه ا مس ؤولية‪ ،‬ف الرأي ال راجح‬

‫بخص وص ه ذه المس ؤولية ه و الق ول أن المنظم ة الدولي ة تتحم ل المس ؤولية المدني ة‪ ،‬وتنقس م ه ذه المس ؤولية إلى‬

‫ومس ؤولية تقص يرية‪ ،675‬وتخضع للش روط نفس ها ال تي وض عها الق انون ال دولي بش أن مس ؤولية‬ ‫‪674‬‬
‫مس ؤولية تعاقدية‬

‫الدول سواء من حيث شروطها الموضوعية أو الشكلية‪ ،‬ما لم يكن هناك نص صريح على خالف ذلك‪.676‬‬

‫وهو االتجاه الذي أخذت به لجنة القانون الدولي التابعة لألمم المتحدة في مشروعها لتدوين قواعد المسؤولية‬

‫الدولي ة للمنظم ات الدولي ة ؛حيث أش ارت اللجن ة في تقريره ا إلى م ا أك ده األمين الع ام لألمم المتح دة في تقري ر ل ه‬

‫بش أن عملي ات حف ظ الس الم ب أن مب دأ مس ؤولية ال دول يحظى انطباق ه على المنظم ات الدولي ة بقب ول واسـع النط اق‪،‬‬

‫‪ . 673‬الجمعية العامة ‪.‬األمم المتحدة ‪.‬مجلس حق‪V‬وق اإلنس‪V‬ان ‪.‬تقري‪V‬ر لجن‪V‬ة التحقي‪V‬ق الدولي‪V‬ة المس‪V‬تقلة بش‪V‬ان الجمهوري‪V‬ة العربي‪V‬ة الس‪V‬ورية ‪ .‬ال‪V‬دورة الثاني‪V‬ة‬
‫والعشرون ‪.‬البند ‪ 4‬من جدول االعمال ‪.‬حاالت حقوق االنسان التي تتطلب اهتمام المجلس بها ‪.‬ب‪VV‬الفقرة ‪ . 166‬ت‪VV‬اريخ ‪ 5‬ف‪VV‬براير ‪ .2013‬صـــ ‪ 31‬المرج‪VV‬ع‬
‫‪. A/HRC/22/59‬‬
‫‪ . 674‬في حال امتناع المنظمة عن تنفيذ التزام تعاقدي مع دولة أو منظمة أخرى أو في حال قيامها بتنفيذ هذا االلتزام على نحو مخالف لشروط التعاقد ‪.‬‬
‫‪. 675‬في حال وقوع ضرر أو خطأ انظر نشأت عنتر أمين‪ .‬مسؤولية األمم المتحدة عن احتالل العراق واآلثار المترتبة عليه‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.39‬‬
‫‪. 676‬نشأت عنتر أمين‪ .‬مسؤولية األمم المتحدة عن احتالل العراق واآلثار المترتبة عليه‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪ 38‬وصــ‪. 39‬‬

‫‪175‬‬
‫دولي ما يعزى إلى الدولة أو المنظمة يستتبع المس ؤولية‬
‫ٌّ‬ ‫ويقضي هذا المبدأ بأن الضرر الناشئ عن انتهاك االلتزام‬

‫الدولية‪.677‬‬

‫وبالت الي يمكن الق ول ب أن مس ؤولية المنظم ات الدولي ة تخض ع ل ذات الش روط ال تي وض عها الق انون بش أن‬

‫مس ؤولية ال دول‪ ،‬حيث اع ترف الكث ير من الفقه اء له ا بالشخص ية القانوني ة مم ا يحمله ا األهلية ال تي بموجبه ا تُس أل‬

‫دولياً‪ ،‬وتقوم وفقاً لذلك المسؤولية الدولية المدنية دون الجنائية وفقاً للقانون الدولي‪ ،‬كما أن القانون الدولي اإلنساني‬

‫وكم ا ه و متف ق علي ه ُيح دد مس ؤوليتها فق ط كمس ؤولية مدني ة‪ ،‬ولم ينص على أي التزام ات له ذه المنظم ات الدولي ة‬

‫وموظفيها بشأن المسؤولية الجنائية والعقوبات‪.678‬‬

‫وبالت الي يج وز رف ع دع وى قض ائية على المنظم ات الدولي ة من قب ل أش خاص الق انون ال دولي في ح ال‬

‫ارتك اب أي فع ل غ ير مش روع‪ ،‬وأص اب الغ ير ض رراً ق امت ب ه المنظم ة ويرك ز معظم ة على إص الح الض رر‬
‫‪679‬‬
‫بصوره المختلفة كالتعويض وإ عادة الحال إلى ما كان عليه والترضية األدبية‪.‬‬

‫و استناداً إلى ما جاء مشروع القانون الدولي بشأن المسؤولية الدولية للمنظمات الدولية الذي تم التأكيد فيه‬

‫أن من ح ق أي ش خص من أش خاص الق انون ال دولي مض رور اتخ اذ كاف ة الت دابير واإلج راءات المض ادة لحم ل‬

‫المنظمات الدولية على االلتزام بواجباتها والتزاماتها الدولية‪.680‬‬

‫وعليه يمكن القول ألي شخص من أشخاص القانون الدولي الحق في أن يتقدم بالمطالبة وتحريك دعوى‬

‫المس ؤولية الدولي ة المدني ة ض د أي منظم ة دولي ة لخرقه ا أي ال تزام تج اه المجتم ع ال دولي‪ ،‬ومنه ا ك ذلك تل ك‬

‫‪ . 677‬مسؤولية المنظمات الدولية من مشروع لجنة القانون الدولي الدورة الثالثة والستون ‪ 26‬أبريل إلى ‪ 3‬يوني ‪V‬و‪ V‬ومن ‪ 4‬يولي‪VV‬و إلى ‪ 12‬اغس‪VV‬طس ‪.2011‬‬
‫المشار إلية بالمرجع (‪.)A/66/10‬صــ ‪. 96‬‬
‫‪ . 678‬فرانسواز بوشيه سولنييه‪ .‬القاموس العملي للقانون اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪.577‬‬
‫‪ . 679‬هشام بشير ‪ .‬وعالء الضاوي ‪ .‬حماية البيئة والتراث الثقافي في القانون الدولي ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 177‬‬
‫‪ . 680‬للمزيد ‪ .‬انظر إلى نصوص المواد الخاصة بمسؤولية المنظمات الدولية من مشروع لجنة الق‪VV‬انون ال‪V‬دولي ال‪V‬دورة الثالث‪V‬ة والس‪V‬تون ‪ 26‬ابري‪V‬ل إلى ‪3‬‬
‫يونيو‪ V‬ومن ‪ 4‬يوليو إلى ‪ 12‬اغسطس ‪ .2011‬المشار إلية بالمرجع (‪.)A/66/10‬‬

‫‪176‬‬
‫الممتلكات الثقافية التي تُعتبر ُملك اً للبشرية جمع اء‪ ،‬وباعتبار هذه األعيان‬
‫المتعلقة بحماية األعيان المدنية وأيض اً ُ‬
‫ُ‬

‫من الفئات المحمية في قواعد القانون الدولي اإلنساني ‪ ،‬فأي انتهاك يرتب أضراراً تستوجب الضمان ‪.‬‬

‫و كخالصة فإن مسؤولية الدولة عن األفعال التي قد يرتكبها األشخاص الطبيعيين التابعين لها والعاملين باسمها‬

‫ولحس ابها هي مس ؤولية مدني ة ال تتع دى ج بر الض رر الم ترتب عن فع ل االش خاص الطبيع يين‪ ،‬ال ذين يخض عون‬

‫بدورهم الى المساءلة الجنائية أو العقابية‪ ،‬وهو ما يجري كذلك على المنظمات الدولية‪ ،‬ويمكن اعتبار المسؤولية‬

‫الدولي ة المدني ة لل دول والمنظم ات من ض من الض مانات ال تي تكف ل اح ترام وتنفي ذ قواع د حماي ة األعي ان المدني ة‬

‫والثقافية زمن النزاعات المسلحة‪ ،‬وبالتالي تمثل هذه المسؤولية فقط الشق المدني‪ ،‬وسيتم تالي اً التطرق إلى الشق‬

‫الجنائي للمسؤولية الدولية على النحو التالي ‪-:‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬ـ المسؤولية الدولية الجنائية لألفراد عن انتهاك قواعد حماية األعيانـ المدنية والثقافية‪-:‬‬

‫ال تق وم المس ؤولية الجنائية الفردية إال بعد وق وع جريم ة دولي ة وثب وت جمي ع أركانه ا‪ ،‬ذل ك أن المس ؤولية‬

‫ليس ت عنصراً يلزم توافره في العمل غير المش روع‪ ،‬بل مج رد أثر له ذا العمل وبمقتضاه يتحمل مرتكبه النتائج‬

‫القانونية المترتبة على العمل غير المشروع فال مسؤولية جنائية فردية دولية دون ارتكاب جريمة دولية ‪.681‬‬

‫وتستند انتهاكات القانون الدولي اإلنساني التي تعتبر األساس في تكوين الجريمة الدولية إلى مبدأ الشرعية‬
‫‪682‬‬
‫فهي من الجرائم الدولية التي تخضع للقانون الدولي الجنائي‬ ‫الجنائية‪ ،‬وتندرج ضمن نطاق الجرائم العسكرية‪،‬‬

‫والقانون الدولي اإلنساني مع اً ‪ ،683‬وال تقوم إال في حالة تعمد أطراف النزاع ارتكاب أفعال خط يرة أو انتهاكات‬
‫‪684‬‬
‫‪.‬‬ ‫جسيمة‬

‫‪ . 681‬مصطفى محمد محمود درويش‪ .‬المسؤولية الجنائية الفردية وف‪VV‬ق األحك‪VV‬ام النظ‪VV‬ام األساس‪VV‬ي للمحكم‪VV‬ة الجنائي‪VV‬ة الدولي‪VV‬ة ‪.‬رس‪VV‬الة ماجس‪VV‬تير‪ . V‬جامع‪VV‬ة‬
‫األزهر‪-‬غزة‪.2012.‬صــ‪. 16‬‬
‫‪, 682‬الجرائم العسكرية هي الجرائم التي تضر بالمصالح العسكرية أو تقع بالمخالفة للقانون العسكرية ‪ .‬للمزيد أنظر ‪.‬ع‪VV‬اطف ف‪VV‬ؤاد ص‪VV‬حاح ‪ .‬الوس‪VV‬يط في‬
‫القضاء العسكري والحلول القانونية للمشكالت العملية ‪.‬دار الكتب القانونية ‪ .‬مصر ‪ . 2004 .‬صــ ‪. 57‬‬
‫‪ . 683‬نجاة أحمد أحمد إبراهيم ‪.‬المسؤولية الدولية عن انتهاكات قواعد القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق‪ .‬صــ ‪.237‬‬
‫‪ . 684‬حسين علي الدريدي‪ .‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪. 363‬‬

‫‪177‬‬
‫وقد أثارت المسؤولية الدولية الجنائية خالف اً فقهي اً حول من تنسب إليه هذه المسؤولية فهل تتقرر للدول؟ أم‬

‫لألفراد؟ أم للدول ولألفراد معاً ؟ ورغم هذا االختالف إال أن ما استقر عليه العمل الدولي هو أن الفاعل الذي يجب‬

‫ُمس اءلته عن ارتك اب الج رائم الدولي ة ه و الف رد‪ ،‬فالق انون ال دولي ب ات ال يع ترف بالمس ؤولية الجنائي ة لل دول عم ا‬

‫يصدر عنها من أفعال و ُم خالفة للقانون الدولي‪ ،‬بل تقتصر هذه المسؤولية على التعويض فقط‪.‬‬

‫وبن اء عليه ا يقض ي الق انون ال دولي اإلنس اني ب أن يتحم ل أش خاص ط بيعيون ومجموع اتهم المس ؤولية‬
‫‪685‬‬
‫ومقاض اة ق ادة وأف راد الدول ة المعتدي ة فردي اً‪ ،‬فح دوث أي‬
‫الممكن ُمس اءلة ُ‬
‫الجنائي ة الفردية ‪ ،‬وبالت الي أص بح من ُ‬

‫انتهاك جنائي ألي التزام ُيرتب مسؤولية الفرد الجنائية‪.686‬‬

‫وه و م ا ُيطل ق علي ه بالمس ؤولية الجنائي ة الفردي ة‪ ،‬وب ذلك أص بح من ينته ك الحماي ة القانوني ة لألعي ان المدني ة‬

‫والممتلك ات الثقافي ة ُيالح ق دولي اً بتهم ة ارتك اب ج رائم ح رب‪ ،‬دون أن ي ؤثر أي حكم يتعل ق بالمس ؤولية الجنائي ة‬

‫الفردية في مسؤولية الدول المدنية بموجب القانون الدولي ‪.687‬‬

‫و تعتبر فكرة المسؤولية الدولية الجنائية عن جرائم مرتكبة خالف اً ألعراف وقوانين الحرب قديمة العهد في‬

‫وقد وردت وتم إقرارها على سبيل المثال ال الحصر في مدونة ليبر ودليل اكسفورد‪.689‬‬ ‫‪688‬‬
‫القانون الدولي العرفي‬
‫‪ . 685‬نجاة أحمد أحمد إبراهيم ‪.‬المسؤولية الدولية عن انتهاكات قواعد القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 324‬‬
‫‪. 686‬باسم خلف العساف ‪.‬حماية الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة ‪ .‬دار زهران‪ 2010.‬الطبعة األولى‪.‬صـــ‪.303‬‬
‫‪ . 687‬المادة ‪ 4 / 25‬من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ‪.‬‬
‫‪ . 688‬جون ماري هنكرتس ‪ .‬دراسة حول القانون اإلنساني الدولي العرفي‪ ،‬مرجع سابق ‪ .‬من القاعدة ‪ 151‬إلى القاعدة ‪ . 155‬صـــ ‪. 52‬‬
‫‪ . 689‬ورد مبدا المسؤولية الجنائية الفردية في مدونة ليبر الخاصة بتعليمات‪ V‬إدارة جيوش الواليات المتحدة في الميدان‪ 24 .‬ابريل ‪ 1863‬في المادتين ‪44‬‬
‫و‪ 47‬ورغم أن مدونه ليبر تعتبر من المدونات التي ُأقرت قوانين وطنية إال إنها شكلت أصل مشروع اتفاقيات دولية بشأن قوانين الحرب ال‪VV‬تي ق‪VV‬دمت إلى‬
‫مؤتمر بروكسل عام ‪ ،1874‬وأدى العتماد اتفاقيات الهاي للحرب البرية لعام ‪ 1899‬و ‪.1907‬‬

‫‪Art. 44. All wanton violence committed against persons in the invaded country, all destruction of property not‬‬
‫‪commanded by the authorized officer, all robbery, all pillage or sacking, even after taking a place by main force, all‬‬
‫‪rape, wounding, maiming, or killing of such inhabitants, are prohibited under the penalty of death, or such other‬‬
‫‪severe punishment as may seem adequate for the gravity of the offense.‬‬
‫‪A soldier, officer or private, in the act of committing such violence, and disobeying a superior ordering him to‬‬
‫‪abstain from it, may be lawfully killed on the spot by such superior.‬‬
‫‪Instructions for the Government of Armies of the United States in the Field ( Lieber Code). 24 April 1863.‬‬
‫‪Section II: Public and private property of the enemy -- Protection of persons, and especially of women, of religion,‬‬
‫‪the arts and sciences -- Punishment of crimes against the inhabitants of hostile countries - Art. 47.‬‬
‫‪Art. 47. Crimes punishable by all penal codes, such as arson, murder, maiming, assaults, highway robbery, theft,‬‬
‫‪burglary, fraud, forgery, and rape, if committed by an American soldier in a hostile country against its inhabitants,‬‬
‫‪are not only punishable as at home, but in all cases in which death is not inflicted, the severer punishment shall be‬‬

‫‪178‬‬
‫ثم ج اءت من ذ ذل ك الحين الكث ير من اتفاقي ات الق انون ال دولي اإلنس اني لترس خ ص راحة مب دأ المس ؤولية‬

‫الدولي ة الجنائي ة الفردي ة عن د ارتك اب كاف ة أن واع ج رائم الح رب ال تي من ض منها ج رائم االعت داء على األعي ان‬

‫المدنية والثقافية أثناء النزاعات الدولية وغير الدولية‪ ،‬فاتفاقية الهاي بشأن قوانين الحرب في البرية وأعرافها لعام‬

‫‪ ،1907‬نصت في المادة ‪ 3‬على أن الطرف المتحارب الذي يخل بأحكام الالئحة المذكورة يكون مسئوالً عن جميع‬

‫األعمال التي يرتكبها أشخاص ينتمون إلى قواته المسلحة‪ ،‬ثم جاءت اتفاقيات جنيف األربع لعام ‪ ،6901949‬لتنص‬

‫صراحة على مبدأ المسؤولية الجنائية الفردية وتُعززه‪.‬‬

‫كما ورد في البروتوكول اإلضافي األول لعام ‪ 1977‬الملحق باتفاقيات جنيف لعام ‪ 1949‬بشأن واجبات‬

‫الق ادة في الم ادة ‪ 87‬على أن ه " ‪ /3‬يجب على األط راف الس امية المتعاق دة وأط راف ال نزاع أن يتطلب وا من ك ل‬

‫قائ د ‪ ...‬أن يتخ ذ إج راءات تأديبي ة أو جنائي ة ض د مرتك بي ه ذه االنتهاك ات "‪ ،‬ممن يعمل ون تحت إم رتهم وغ يرهم‬

‫ممن يعمل ون تحت إش رافهم وأيض اً نص ت الم ادة ‪ 2 /86‬من ذات ال بروتوكول على مس ؤولية الق ادة عن أعم ال‬

‫مرؤوسيهم‪.‬‬

‫‪preferred.‬‬
‫‪.‬انظر الموقع الرسمي للجنة الصليب األحمر الدولية ‪ .‬الوثائق والمعلومات‪ V،‬تاريخ زيارة الموقع ‪ 10‬فبراير ‪2014‬‬
‫‪http://www.icrc.org/ihl/INTRO/110?OpenDocument‬‬
‫وكذلك ورد مبدأ المسؤولية الجنائية في دليل أكسفورد للحرب البرية ‪ 9‬سبتمبر ‪ 1880‬المادة ‪. 87‬‬
‫‪Art. 84. Offenders against the laws of war are liable to the punishments specified in the penal law.' This mode of‬‬
‫‪repression, however, is only applicable when the person of the offender can be secured. In the contrary case, the‬‬
‫‪criminal law is powerless, and, if the injured party deem the misdeed so serious in character as to make it necessary‬‬
‫‪to recall the enemy to a respect for law, no other recourse than a resort to reprisals remains.‬‬
‫‪Reprisals are an exception to the general rule of equity, that an innocent person ought not to suffer for the guilty.‬‬
‫‪They are also at variance with the rule that each belligerent should conform to the rules of war, without reciprocity‬‬
‫"‪on the part of the enemy. This necessary rigour, however, is modified to some extent by the following restriction:‬‬
‫انظر الموقع الرسمي للجنة الدولية للصليب األحمر‪ ،‬تاريخ زيارة الموقع في ‪ 10‬فبراير ‪.2014‬‬
‫?‪http://www.icrc.org/applic/ihl/ihl.nsf/Treaty.xsp‬‬
‫‪documentId=40371257507EBB71C12563CD002D6676&action=openDocument‬‬
‫‪ . 690‬حيث ورد هذا المبدأ صراحة في نص المادة المشتركة ( المادة ‪ 49‬من اتفاقي‪VV‬ة ج‪VV‬نيف األول‪ ،‬الم‪VV‬ادة ‪ 50‬من اتفاقي‪VV‬ة ج‪VV‬نيف الثاني‪VV‬ة‪ ،‬الم‪VV‬ادة ‪ 129‬من‬
‫اتفاقية جنيف الثالثة‪ ،‬المادة ‪ 146‬من اتفاقية جنيف الرابعة) و نصت على "‪...‬فرض عقوبات جزائية على األشخاص الذين يق‪VV‬ترفون أو ي‪VV‬أمرون ب‪VV‬اقتراف‬
‫احدى المخالفات الجسيمة‪ ".‬وهي مواد قد تمت اإلشارة إليها في الهوامش السابقة من هذا المبحث ‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫وأشارت هذه األحكام في نصوصها الواردة إلى لفظ "أشخاص" دون تحديد صفة لهم‪ ،‬أو حتى المكان الذي‬

‫ارتكبت في ه االنتهاك ات؛ وذل ك إعم االً لمب دأ الوالي ة القض ائية العالمي ة ‪ ،691‬ولع ل ذل ك ي دل على االعت داد بالفع ل‬

‫وليس بالفاعل‪ ،‬فمحل المساءلة هنا هو وقوع فعل رتب ضرراً‪.‬‬

‫و أوردت اتفاقية الهاي ‪ 1954‬بشأن حماية الممتلكات الثقافة في حالة النزاع المسلح حكم اً خاص اً بالعقوبات‬

‫حيث ألزمت المادة ‪ 28‬الدول المتعاقدة بأن "تتخذ في إطار تشريعاتها العقابية العادية‪ ،‬جميع الخطوات الضرورية‬

‫لمقاضاة األشخاص الذين ينتهكون هذه االتفاقية أو يأمرون بانتهاكها‪ ،‬أي اً كانت جنسياتهم‪ ،‬وتوقيع عقوبات جزائية‬

‫أو تأديبي ة عليهم‪ ،‬وأيد البروتوكول اإلضافي الثاني لعام ‪ 1999‬مسار االتفاقية بشأن المسؤولية ضمن المادة ‪15‬‬

‫وبشكل أكثر توسعاً ‪.692‬‬

‫وجاء هذا البروتوكول ُمقرراً ألول مرة أحكام المسؤولية الجنائية الفردية‪ ،693‬إال أن استخدام عبارات عامة‬

‫مثل استخدام ما يلزم من تدابير تركت مجاالً كبيراً من التأويل بين األطراف المتنازعة ‪.‬‬

‫وشكل مبدأ المسؤولية الدولية الجنائية الفردية عن جرائم الحرب والتي تدخل فيها بالطبع انتهاكات قواعد‬

‫حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة األس اس للعدي د من المحاكم ات الجنائي ة الدولي ة المعاص رة‪ ،‬ومنه ا محكم ة "‬

‫‪ . 691‬فريتس كالسهوفن و ليزابيث‪ V‬تسغلفد ‪ .‬ضوابط تحكم خوض الحرب ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪. 93‬‬
‫‪ . 692‬نصت المادة ‪ 15‬على أنه االنتهاكات الخطيرة لهذا البروتوكول‬
‫يكون أي شخص مرتكبا ً لجريمة بالمعنى المقصود في هذا البروتوكول إذا اقترف ذلك الشخص عمداً‪ ،‬وانتهاكا ً لالتفاقية أو له‪VV‬ذا ال‪VV‬بروتوكول‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أيا ً من األفعال التالية ‪:‬‬
‫أ ) استهداف ممتلكات ثقافية مشمولة بحماية معززة‪ ،‬بالهجوم‪.‬‬
‫ب‌) استخدام ممتلكات ثقافية مشمولة بحماية معززة‪ ،‬أو استخدام جوارها المباشر‪ ،‬في دعم العمل العسكري‪.‬‬
‫ج ) إلحاق دمار واسع النطاق بممتلكات‪ V‬ثقافية محمية بموجب االتفاقية وهذا البروتوكول‪ ،‬أو االستيالء عليها‪.‬‬
‫د ) استهداف ممتلكات ثقافية محمية بموجب‪ V‬االتفاقية وهذا البروتوكول‪ V،‬بالهجوم‪.‬‬
‫هـ) ارتكاب سرقة أو نهب أو اختالس أو تخريب لممتلكات ثقافية محمية بموجب‪ V‬االتفاقية‪.‬‬
‫يعتمد كل طرف من التدابير ما يلزم العتبار الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة جرائم بموجب قانونه الداخلي‪ ،‬ولفرض عقوبات مناس‪VV‬بة‬ ‫‪-2‬‬
‫على مرتكبيها‪ .‬وتلتزم األطراف وهي بصدد ذلك بمبادئ الق‪VV‬انون العام‪VV‬ة ومب‪VV‬ادئ الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي‪ ،‬بم‪VV‬ا في ذل‪VV‬ك القواع‪VV‬د القاض‪VV‬ية بم‪VV‬د نط‪VV‬اق‬
‫المسئولية الجنائية الفردية إلى أشخاص غير أولئك الذين ارتكبوا‪ V‬الفعل الجنائي بشكل مباشر‪.‬‬
‫‪ . 693‬نوال بسج ‪.‬القانون الدولي اإلنساني وحماية المدنيين واألعيان المدنية زمن النزاعات المسلحة ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪.153‬‬

‫‪180‬‬
‫ومحكم ة طوكيو‪ ،695‬حيث اس تندتا في ميثاقهم ا على مب دأ المس ؤولية الدولي ة الجنائي ة الفردي ة في‬ ‫‪694‬‬
‫نورم برغ "‬
‫‪696‬‬
‫النزاعات المسلحة الدولية‪ ،‬وأيضا استند إلى هذا المبدأ في النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا‬

‫الس ابقة‪ ،‬حيث رأت دائرته ا االبتدائي ة أن النهب واالس تيالء والت دمير للممتلك ات الخاص ة والعام ة واالعت داء على‬
‫‪697‬‬
‫‪.‬‬ ‫األعيان المدنية والثقافية تُرتب مسؤولية فردية على مرتكبيها خاصة في حالة ارتكابها بدافع الجشع‬

‫كما ُذكر مبدأ المسؤولية الجنائية في النظام االساسي للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا ‪ ،698‬وأيض اً في النظام‬

‫األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‪.699‬‬

‫وجرى التأكيد عليه أيض اً من خالل القرارات الصادرة عن هيئات األمم المتحدة‪ ،‬كمجلس األمن الدولي‪،‬‬

‫فعلى سبيل المثال أكد مجلس األمن في قراره الصادر تحت رقم ‪ 764/1992‬بشأن الحالة في البوسنة والهرسك‪،‬‬

‫أن جميع األطراف ُم لزمة باالمتثال لما يقع عليها من التزامات بموجب القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬وال سيما اتفاقيات‬

‫‪ . 694‬نصت المادة ‪ 6‬من ميثاق‪ V‬محكمة نورمبرغ على مبدا المسؤولية الجنائية الفردية الق‪VV‬ادة والمنظمين‪ V‬والمحرض‪VV‬ين والمتواط‪VV‬ئين المش‪VV‬اركة في القي‪VV‬ام‬
‫بانتهاك قوانين الحرب وأعرافها‪ .‬انظر ‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Nurnberg Tribunal: Memorandum submitted by the Secretary-General. New York.1949. A/CN.4/5. P.gs 4-5..‬‬
‫‪-‬‬
‫‪ . 695‬نص ميثاق محكمة طوكيو في المادة ‪ 5‬على مبدا المسؤولية الجنائية الفردية القادة والمنظمين والمحرضين والمتواطئين المشاركة في القيام بانته‪VV‬اك‪V‬‬
‫قوانين الحرب وأعرافها ‪ .‬انظر ‪ .‬تاريخ الزيارة ‪ 23‬فبراير ‪.2014‬‬
‫‪http://www.jus.uio.no/english/services/library/treaties/04/4-06/military-tribunal-far-east.xml‬‬
‫‪ . 696‬ش ّكلَت المحكمة استنادا الى القرار رقم ‪ 808/1993‬لمحاكمة مجرمي الحرب في اقليم يوغسالفيا الس‪VV‬ابقة‪ ،‬انظ‪VV‬ر الق‪VV‬رار الص‪VV‬ادر عن مجلس األمن‬
‫في جلسته المعقودة في ‪ 22‬فبراير ‪ 1993‬صــ ‪ . 2‬المرجع ‪ ،S/RES/808‬ونصت المادة ‪ 1 V/7‬على ان "ك‪V‬ل ش‪V‬خص خط‪V‬ط لجريم‪V‬ة من ال‪V‬رائم المش‪V‬ار‬
‫إليها في المواد ‪2‬الى ‪ 5‬من هذا النظام أو حرض عليها أو أمر بها‪ ،‬أو ارتكابها أو ساعد أو شجع بسبيل آخر على التخطيط أو االعداد له‪VV‬ا أو تنفي‪VV‬ذدها تق‪VV‬ع‬
‫عليه شخصيا المسؤولية عن هذه الجريمة " انظر ‪.‬س‪V‬يف غ‪V‬انم الس‪VV‬ويدي ‪.‬المس‪VV‬ؤولية الجنائي‪V‬ة للق‪VV‬ادة والرؤس‪VV‬اء وال‪V‬دفع ب‪V‬أوامرهم أم‪V‬ام القض‪V‬اء الجن‪VV‬ائي‬
‫الدولي ‪ .‬مجلة االمن والقانون ‪.‬منشورات اكاديمية شرطة دبي ‪ .‬العدد الثاني ‪.‬يوليو ‪ . 2012.‬صـــ ‪ 12‬وصــ‪13‬‬
‫‪697‬‬
‫‪.ICTY UN TPIY. The prosecuter.V.Goran .14 December 1999. . IT-95-10-T. Para 48. Pg. 13.‬‬
‫‪ . 698‬اتخذ مجلس األمن الدولي قرار بتشكيل محكمة دولية خاصة بمجرمي الحرب في رواندا لمحاكمة ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات قوانين الح‪VV‬رب‬
‫وأعرافها‪ ،‬انظر القرار رقم ‪ S/RES/955‬في جلسته المعقودة في ‪ 8‬نوفمبر ‪ 1994‬صـــ ‪ ،2‬وقد نصت المادة ‪ " . 6/1‬على ان ك‪V‬ل ش‪V‬خص خط‪V‬ط‬
‫لجريمة من الجرائم المشار اليها فالمواد من ‪2‬الى ‪ 4‬من هذا النظام األساسي‪ ،‬او حرض عليها‪ ،‬او امر بها‪ ،‬او ارتكبها او ساعد او ش‪VV‬جع ب‪VV‬اي س‪VV‬بيل اخ‪VV‬ر‬
‫على التخطيط او االعداد لها او تنفيذها‪ ،‬تقع عليه شخصيا المسؤولية عن هذه الجريمة "‪ .‬سيف غانم السويدي ‪.‬المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء والدفع‬
‫بأوامرهم امام القضاء الجنائي الدولي ‪.‬مرجع سابق صــ‪. 13‬‬
‫‪ .699‬نصت المادة ‪ 25‬من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية على ‪ .... /3... ":‬وفقا لهذا له‪VV‬ذا النظ‪VV‬ام األساس‪VV‬ي ‪ ,‬يس‪VV‬ال الش‪VV‬خص جنائي‪VV‬ا ويك‪VV‬ون‬
‫عرضة للعقاب عن اية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة في حال قيام هذا الشخص بما يلي ‪-:‬‬
‫ا ) ارتكاب هذه الجريمة سواء بصفته الفردية او باالشتراك مع اخر او عن طريق شخص اخر ‪ ,‬بغض النظر عما اذا كان ذلك االخر مسئوال جنائيا‪.‬‬
‫ب‌) االمر او االغراء بارتكاب‪ , V‬او الحث على ارتكاب جريمة وقعت بالفعل او شرع فيها‬
‫ج ) تقديم العون او التحريض او المساعدة ب‪V‬اي ش‪VV‬كل اخ‪V‬ر لغ‪VV‬رض تيس‪VV‬ير ارتك‪V‬اب ه‪VV‬ذه الجريم‪VV‬ة او الش‪VV‬روع في ارتكابه‪V‬ا‪ , V‬بم‪V‬ا في ذل‪V‬ك توف‪VV‬ير وس‪V‬ائل‬
‫ارتكابها‪V.‬‬
‫د ) المساهمة باية طريقة اخرى في قيام جماعة من االشخاص ‪ ,‬يعملون بقصد مشترك ‪ ,‬بارتكاب هذه الجريمة او الشروع في ارتكابها‪"..‬‬

‫‪181‬‬
‫جنيف المؤرخه في عام ‪ ،1949‬وأن األشخاص الذين يرتكبون انتهاكات جسيمة لهذه االتفاقيات أو الذين يأمرون‬

‫بارتكابها يعتبرون مسؤولين شخصياً عن هذه االنتهاكات ‪.700‬‬

‫وك ذلك الق رار الص ادر بش أن محاكم ة مج رمي الح رب بس يراليون وال ذي ج اء في ه أن "األش خاص ال ذين‬

‫يرتكب ون انتهاك ات جس يمة للق انون ال دولي اإلنس اني أو ي أذنون بارتك اب ه ذه االنتهاك ات مس ؤولون عليه ا وأن‬

‫المجتمع الدولي سيبذل كل جهد لتقديم المسؤولين عن ذلك للعدالة طبق اً للمعايير الدولية للعدالة واإلنصاف وأصول‬

‫المحاكمات"‪ ،701‬وعلى ضوء ذلك أصدر المجلس قراراً بشأن إنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمة مجرمي الح رب‬

‫بسيراليون ‪.702‬‬

‫ولع ل تل ك الق رارات الص ادرة عن المجلس لتش كيل ه ذه المح اكم م اهي إال مح اوالت لترس يخ وتط بيق مب دأ‬

‫المسؤولية الجنائية الفردية فعلي اً وإ خراجه لحيز التنفيذ وضمان العمل به مما ُيشكل ضماناً لقواعد حماية األعيان‬

‫المدنية والثقافية التي يقع االعتداء عليها ضمن المخالفات الجسيمة التفاقيات جنيف‪.‬‬

‫ولم تقتص ر ق رارات مجلس األمن على نس بة المس ؤولية الجنائي ة الفردي ة على ال دول فق ط ب ل توس ع النط اق‬

‫إلى النزاع ات غ ير الدولي ة‪ ،‬فق د أش ار المجلس في ق رارات ل ه ب أن االنتهاك ات ال تي تص در عن الكيان ات من غ ير‬

‫الدول تندرج ضمن اإلطار القانوني نفسه الذي ينطبق على الدول‪ ،‬فعلى سبيل المثال أكد مجلس األمن في سياق‬

‫ال نزاع ال داخلي في أفغانس تان ب أن األش خاص ال ذين يرتكب ون انتهاك ات التفاقي ات ج نيف أو ي أمرون بارتكابه ا‬

‫مسؤولون عن هذه االنتهاكات مسؤولية شخصية ‪.703‬‬

‫‪ . 700‬القرار الصادر عن مجلس األمن رقم ‪ S/RES/764‬عام ‪ .1992‬الفقرة العاشرة ‪ .‬صــ‪. 33‬‬
‫‪. 701‬القرار الصادر عن مجلس االمن في جلسته المعقودة في ‪ 14‬اغسطس ‪ 2000‬المرجع )‪ . S/RES/1315 (2000‬صـــ ‪2‬‬
‫‪ 702‬القرار رقم ‪. 2000/ 1315‬‬
‫‪ . 703‬انظر القرار الصادر عن مجلس األمن رقم ‪. S/RES/1214‬الصادر بتاريخ ‪ 8‬ديسمبر ‪. 1998‬صــ ‪.2‬‬

‫‪182‬‬
‫وع زز مب دأ المس ؤولية الجنائي ة الفردي ة أيض اً من خالل الق رارات الص ادرة عن الجمعي ة العام ة لألمم‬
‫ُ‬

‫المتح دة‪ ،704‬وأيض اً عن طري ق الس وابق القض ائية الص ادرة عن المح اكم الدولي ة الجنائي ة‪ ،‬ولع ل أهم القض ايا ال تي‬

‫احتوت على العناصر القانونية لمبدأ مسؤولية القادة قضية المدعي العام ضد زينيز ديالليتش موشيتش الشهير باسم‬

‫"بافو"‪ ،‬وحازم ديليتش وايزايد الندزو الشهير باسم "زنغا" أمام المحكمة الدولية لمحاكمة األشخاص المسؤولة عن‬

‫االنتهاكات الجسيمة للقانون اإلنساني الدولي التي ارتكبت في اقليم يوغوسالفيا السابقة منذ عام ‪.7051991‬‬

‫وبالت الي وعلى ض وء م ا س بق فإن ه يمكن الق ول أن مب دأ المس ؤولية الدولي ة توس ع ليش مل أي ف رد ط بيعي‬

‫بحيث ُيسأل مسؤولية جنائية فردية في حال قام بارتكاب فعل إجرامي‪ ،706‬وقد يكون هذا الفرد قائد عسكري أو‬

‫رئيس م دني أو م رؤوس ك الجنود والض باط وغ يرهم من األف راد‪ ،‬وعلي ه يتحم ل الق ادة العس كريون والرؤس اء‬

‫المدنيون المسؤولية عن ارتكاب جرائم ضد األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬وهذا ما سيتم توضيحه بشيء من التفصيل‬

‫تالياً ‪-:‬‬

‫أشكال المسؤولية الجنائيةـ الدولية الفردية ‪-:‬‬ ‫‪-‬‬

‫المسؤولية الدولية الجنائية الفردية للقادة والرؤساء‪-:‬ـ‬ ‫‪.1‬‬

‫‪707‬‬
‫‪ ،‬بمعنى وجود شخص مسؤول ُيمارس سلطةً فعلي ةً على‬ ‫تستوجب مسؤولية القيادة وجود رئيس أو قائد‬

‫إما بحكم القانون أو بحكم األمر الواقع ‪.708‬‬


‫مرؤوس له‪ ،‬وقد يكون هذا الشخص عسكرياً أو مدنياً‪ ،‬وتكون العالقة ّ‬

‫‪ . 704‬كمثال فقد نص القرار رقم ‪ 1973/ 3073‬الصادر عن الجمعية العامة لألمم المتحدة ‪ .‬على أن "‪ ...‬يقدم للمحاكمة االشخاص الذين توجد أدلة على‬
‫انهم ارتكبوا جرائم حرب ‪ "..‬صــ‪229‬‬
‫‪ . 705‬انظر‬
‫‪Case No.: ICTY ( IT-96-21-T )16 November 1998‬‬
‫‪ . 706‬منشورات األمم المتحدة حقوق اإلنسان مكتب‪ V‬المفوض السامي ‪.‬الحماية القانونية لحقوق اإلنسان في النزاع المسلح‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪.76‬‬
‫‪ . 707‬أن "اإلشارة إلى" الرؤساء "واسع بما فيه الكفاية لتغطية القادة العسكريين أو السلطات المدنية ‪-:‬‬
‫‪ICTY. UN. TPIY. The Prosecutor V Zlatko Aleksovski .Case No.: IT-95-14/1-T. 25 June 1999.Paras -75 p.g ,28 .‬‬
‫‪ . 708‬دليل التنفيذ الوطني للقانون الدولي اإلنساني ‪.‬اللجنة الدولية للص‪V‬ليب األحم‪V‬ر ‪.‬الطبع‪VV‬ة العربي‪V‬ة األولى ‪.‬المرك‪V‬ز اإلقليمي لإلعالم ‪ .‬الق‪V‬اهرة ‪.‬مص‪VV‬ر ‪.‬‬
‫ديسمبر ‪. 2010.‬صــ ‪. 35‬‬

‫‪183‬‬
‫وال ُيقصد من هذه الدراسة البحث في مفهوم القادة والرؤساء‪ ،‬إنما البحث فيمن يتحمل المسؤولية الجنائية‬

‫الفردية عن االنتهاكات التي تقع على األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬والبحث عمن يملك سلطة األم ر والنهي في نط اق‬

‫القانون‪ ،‬والتي ُيأخذ في االعتبار عند تحديدها إلى الطبيعة الهرمية للقوات المسلحة والمراتب والمراكز‪ ،‬ويعتمد‬

‫عليها في وضع االلتزامات المحددة للقادة والرؤساء‪ ،‬ويحملهم المسؤولية الشخصية تبعاً لذلك ‪.709‬‬

‫وقد أكدت كما سبق بيانه العديد من االتفاقيات والمعاهدات الدولية وحتى السوابق القضائية مبدأ المسؤولية‬

‫الجنائية الفردية‪ ،‬ولعل ما يهم هنا هو ما نصت عليه أحكام القانون الدولي اإلنساني حول مبدأ المسؤولية الجنائية‬

‫الفردية للقادة والرؤساء وحتى المرؤوسين عن االنتهاكات على األعيان المدنية والثقافية‪.‬‬

‫فق د نص ت الم ادة (‪ )86/2‬من ال بروتوكول اإلض افي األول التفاقي ة ج نيف على أن المس ؤولية الجنائي ة‬

‫للرؤس اء تثبت ح تى ول و لم يرتكب وا الفع ل اإلج رامي بأنفس هم‪ ،‬وذل ك إذا علم وا أو ك انت ل ديهم معلوم ات ت تيح لهم‬

‫التنبؤ بوقوع االنتهاك‪ ،‬ولم يتخذوا كل ما في وسعهم من إجراءات ُمستطاعه لمنع أو قمع هذا االنتهاك‪ ،‬ولكن لم‬

‫تحدد المادة نوعية القيادة هل هي قيادة مدنية أم عسكرية ‪.710‬‬

‫وتحكم المس ؤولية الجنائي ة الفردي ة العدي د من المب ادئ منه ا مب دأ مس ؤولية القي ادة‪ ،‬فالق ادة وأص حاب ال رتب‬

‫العليا مسؤولون جنائي اً عن كافة الجرائم الدولية المرتكبة‪ ،‬سواء بناء على أوآمرهم أو حتى تلك التي تقع خارج‬
‫‪711‬‬
‫المتعلق ة بانته اك ق وانين وأع راف الح رب الق ادة والرؤس اء المس ؤولية‬
‫نط اق أوآم رهم ‪ ،‬وتُحم ل القواع د القانوني ة ُ‬
‫‪712‬‬
‫‪-:‬‬ ‫الجنائية الفردية على عدة حاالت وهي‬

‫إصدار أوامر تنتهك القانون اإلنساني للمرؤوسين أو السماح لهم بارتكابها‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ . 709‬فرانسواز بوشيه سولنييه ‪ .‬القاموس العملي للقانون الدولي اإلنساني ‪.‬ترجمة أحمد مسعود ‪ .‬دار العلم للماليين ‪.‬الطبعة األول ى ‪ . 2005 .‬لبنان ‪.‬صــ‬
‫‪. 559‬‬
‫‪2 . 710‬نصت المادة على أنه "‪ -2....‬ال يعفي قيام أي مرؤوس بانتهاك‪ V‬االتفاقيات أو هذا اللحق "البروتوكول" رؤساءه من المسئولية الجنائية أو التأديبية‪،‬‬
‫حسب األحوال‪ ،‬إذا علموا‪ ،‬أو كانت لديهم معلومات‪ V‬تتيح لهم في تل‪VV‬ك الظ‪VV‬روف‪ ،‬أن يخلص‪VV‬وا إلى أن‪V‬ه ك‪VV‬ان ي‪VV‬رتكب‪ V،‬أو أن‪VV‬ه في س‪VV‬بيله الرتك‪VV‬اب مث‪VV‬ل ه‪V‬ذا‬
‫االنتهاك‪ ،‬ولم يتخذوا كل ما في وسعهم من إجراءات مستطاعة لمنع أو قمع هذا االنتهاك‪" .‬‬
‫‪ . 711‬منشورات األمم المتحدة حقوق اإلنسان مكتب‪ V‬المفوض السامي ‪.‬الحماية القانونية لحقوق اإلنسان في النزاع المسلح‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪.80‬‬
‫‪ . 712‬انظر نص المادة المشتركة ( المادة ‪ 49‬من اتفاقية جنيف األول‪ ،‬المادة ‪ 50‬من اتفاقية جنيف الثانية‪ ،‬المادة ‪ 129‬من اتفاقية جنيف الثالثة‪ ،‬المادة ‪146‬‬
‫من اتفاقية جنيف الرابعة‪ ،‬البروتوكول اإلضافي األول في المادة ‪ ،2/ 86‬المادة ‪). 87‬‬

‫‪184‬‬
‫الفشل في معاقبة المرؤوسين الذين ينتهكون القانون الدولي اإلنساني بمبادرة شخصية منهم‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫ال يمنعون مثل هذه االنتهاكات إذا ما عرفوا به أو توافرت لديهم معلومات مكنتهم من االستنتاج بأن‬ ‫‪.3‬‬

‫مثل هذا االنتهاك كان يرتكب أو سيرتكب‪ ،713‬ويكون هذا المنع أو العقاب من خالل المسؤولية القائمة‬

‫استناداً إلى تقصير القادة والرؤساء‪ ،714‬في اتخاذ التدابير الالزمة والمعقولة ‪..715‬‬

‫وق د أث يرت مس ألة م دى إمكاني ة المس اءلة الجنائي ة الفردي ة للق ادة عن انتهاك ات الق انون ال دولي اإلنس اني‬

‫المرتكب ة من قب ل الق ادة والرؤس اء‪ ،‬أم ام العدي د من المح اكم الدولي ة‪ ،‬لع ل منه ا قض ية قائ د الجيش البوس ني المس لم‬
‫ُ‬

‫األسبق الجنرال سيفر (خليليوفيتش) حيث أشارت الدائرة االستئنافية بشأن مسؤولية القادة الجنائية الفردية إلى أن‬

‫الواجب العام الذي يقع على القادة هو إثبات السعي الفعلي والجدي لمنع ارتكاب االنتهاك من خالل القيام بالتدابير‬

‫الالزم ة أو المعاقب ة على ه ذا االنته اك من خالل القي ام بالت دابير المعقول ة وال تي تن درج منطقي اً ض من الص الحيات‬

‫المادية‪.716‬‬

‫وك ذلك قض ية القائ د العس كري مالدن ن اليتيليتش ال ذي اتهمت ه النياب ة بإعط اء أوام ر إلح راق بي وت وت دمير‬

‫دور عبادة ودور تعليم والقيام بحمالت عشوائية وواسعة النطاق لتدمير األعيان مدنية والثقافية بصورة ال تبررها‬

‫الض رورة العس كرية باعتباره ا انتهاك ات لق وانين الح رب وأعرافه ا‪ ،‬وأك دت مس ؤوليتة من خالل إعط اء أوآم رة‬

‫لقوات تحت قيادته وقد ارتكبت هذه القوات انتهاكات جسيمة‪ ،‬وأكدت النيابة أيض اً بأنه كان على علم بهذا التدمير‬

‫وأن تصرفاته كانت تنصرف نحو تدميرها بدليل أن مالدن لم يتخذ أي إجراء لمنع هذه االنتهاكات‪ ،717‬وقد أخذت‬

‫الدائرة االبتدائية في االعتبار عند إصدارها للحكم وتقديرها للعقوبة وضع مالدن كقائد وكذلك كافة الجرائم التي‬

‫‪ . 713‬انظر البروتوكول اإلضافي األول في المادة‪. 87 86/‬‬


‫‪ 714‬نتشا المسؤولية التقصيرية للقادة أو الرؤساء إما بتقصير في التحقيق عن جرائم محتمل‪VV‬ة او التقص‪VV‬ير في رف‪V‬ع تق‪VV‬ارير إلى الس‪V‬لطات األعلى بم‪V‬زاعم‬
‫بشان جرائم حرب‪ ،‬او تقصير في قمع المرؤوسين ال‪VV‬ذين يرتكب‪VV‬ون ج‪VV‬رائم ح‪VV‬رب ‪.‬انظ‪VV‬ر الم‪VV‬ادة ‪ 1 V/ 87‬من ال‪VV‬بروتوكول اإلض‪VV‬افي األول لع‪VV‬ام ‪1977‬‬
‫الملحق باتفاقيات‪ V‬جنيف ‪ ،1949‬وايضا المادة ‪( 28‬ا)‪ 2-‬و (ب)‪ 3-‬من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ‪.‬‬
‫‪. 715‬تنص لمادة ‪( 28‬ب)‪ 3V-‬من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية على ضرورة قيام الرئيس باتخاذ جميع التدابير الالزم‪VV‬ة والمعقول‪VV‬ة في ح‪V‬دود‬
‫سلطته ‪.‬‬
‫‪716‬‬
‫‪.ICTY. UN .TPIY. The p. Prosecutor v. Sefer Halilovic -16 October 2007 IT-01-48-A.. Para 63. Pg. 27.‬‬
‫‪717‬‬
‫‪ICTY UN. TPIY. Prosecutor v. Mladen NALETILIC “TUTA” And Vinko MARTINOVIC, “ŠTELA”. 31 March‬‬
‫‪2003. IT-98-34-T. Para 596. Pg.203-204.‬‬

‫‪185‬‬
‫ارتكبت في وج ود المرؤوس ين‪ ،‬وق د حكمت علي ه وفق اً له ذه التُهم بعقوب ة تص ل إلى عش رين س نة‪ ،‬وباإلض افة إلى‬

‫إع ادة كاف ة الممتلك ات المس لوبة ‪ ،718‬وبالت الي ف إن إص دار األوام ر إلى المرؤوس ين بقص ف األعي ان المدني ة بش كل‬

‫عشوائي ومتعمد ُيشكل انتهاكاً يرتب المسؤولية الجنائية الفردية‪.‬‬

‫و يمكن القول بأن مثل هذه السوابق القضائية قد أدت إلى قيام وتعزيز المسؤولية الجنائية الفردية للقادة أو‬

‫الرؤساء‪ ،‬عن جرائم تمس األعيان المدنية والثقافية لم يأمروا بها‪ ،‬أو لم يقترفوها بأنفسهم بل اقترفها مرؤوسيهم‬

‫بسبب إما تقصير هؤالء القادة عن منعهم أو قمعهم‪ ،‬باإلضافة إلى كل ذلك فإن القادة أو الرؤساء ال يمكنهم أيض اً‬

‫إعفاء أنفسهم من هذه المسؤولية من خالل الدفع بعدم إطاعة المرؤوسين ألوامرهم أو عدم تواجدهم أثناء ارتكاب‬

‫هذه االنتهاكات‪ ،‬ذلك أن موضعهم القيادي أو الرئاسي ُيحتم عليهم القيام بواجبهم المستمر في قمع ومنع االنتهاكات‬

‫‪.719‬‬

‫كما وقد قضت المحكمة الجنائية الدولية في يوغسالفيا في قضية الجنرال حاجيحسانوفيتش ونائبه العميد أمير‬

‫كوبورا بالسجن مددا تتراوح بين خمسة أعوام وعامين ونصف العام‪ ،‬باعتبار أنهما لم يمارسا صالحياتهما في من ع‬

‫أو قم ع الج رائم المرتكب ة‪ ،‬ومنه ا الت دمير الوحش ي للم دن والبل دات أو الق رى ال ذي ال ت برره الض رورة العس كرية‬

‫الممتلكات العامة أو الخاصة والتدمير أو اإلضرار العمدي به للمؤسسات المخصصة للعبادة باعتباره خرق اً‬
‫ونهب ُ‬

‫وبين الحكم الصادر أنهما لم يقوما شخصياً بأية جرائم‪ ،‬ولم يأمرا بأي عمل يدخل في‬
‫لقوانين أو أعراف الحرب‪ّ ،‬‬

‫نط اق ج رائم الح رب ب أي ش كل من األش كال‪ ،‬لكن مس ؤوليتهما ت تركز على اإلهم ال في المن ع والمعاقب ة‪ ،‬ووج دت‬

‫دائ رة االس تئناف أن كوب ورا ك ان على علم ك افي لتحري ك واجب من ع مرؤوس يه من ارتك اب المزي د من أعم ال‬

‫النهب‪.720‬‬

‫‪718‬‬
‫‪. ICTY. Prosecutor v. Mladen NALETILIC “TUTA” And Vinko MARTINOVIC, “ŠTELA” . Op. para 746 Pg.‬‬
‫‪248.‬‬
‫‪ . 719‬سيف غانم السويدي ‪ .‬المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء والدفع بأوامرهم أمام القضاء الجنائي الدولي ‪.‬مرجع سابق صــ‪. 26‬‬
‫‪720‬‬
‫‪. ICTY. UN TPIY. The Prosecutor v. Enver Hadzihasanovic & Amir Kubura. Case No. IT-01-47-A . 22 April‬‬
‫‪2008.Para 259.pg. 135‬‬

‫‪186‬‬
‫وأك دت ال دائرة االبتدائي ة أن االل تزام ب المنع واالل تزام بالمعاقب ة تمث ل اث نين من االلتزام ات القانوني ة‬

‫الواض حة‪ ،‬وفش ل أي واح د منه ا ُي رتب المس ؤولية بم وجب الم ادة ‪ 3/ 7‬من النظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة‬
‫‪721‬‬
‫ليوغسالفيا ‪.‬‬

‫وبالتالي يمكن القول أيضاً بأنه ال يشترط مشاركة القائد أو الرئيس الشخصية والفعلية لهذه االنتهاكات‪ ،‬بل‬

‫يكفي أن تق وم المس ؤولية الجنائي ة الفردي ة بمج رد اإلثب ات الفعلي في ع دم اتخ اذ الق ادة والرؤس اء الت دابير المناس بة‬

‫والمعقولة لمنع وقمع انتهاك قواعد الحماية لهذه األعيان وكل ذلك استناداً إلى مبدأ مسؤولية القيادة ذات الطابع‬

‫العرفي أساساً‪.‬‬

‫وعليه فإنه ولكي تتوافر المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء البد من توافر عدة عناصر قانونية لعل أهمها‬

‫ما يتعلق بالعالقة بين ال رئيس ومرؤوس يه‪ ،‬وحالة م ا إذا ك ان ال رئيس قد علم أو لدية أس باب للعلم‪ ،‬وأخيراً الحال ة‬

‫ال تي يجب على الق ادة اتخ اذ الت دابير الالزم ة والمعقول ة لمن ع ارتك اب االنتهاك ات أو معاقب ة مرتكبيها‪ ،722‬وسنورد‬

‫هذه العناصر على النحو التاليـ ‪-:‬‬

‫العنصــر األول ‪ :‬عالقــة الــرئيس بمرؤوســيه ‪ -:‬ال تقتص ر المس ؤولية الجنائي ة الفردي ة عن ج رائم الح رب‬ ‫‪-‬‬

‫على األف راد العس كريين فق ط ب ل تق ع أيض اً على الم دنيين ‪ ،723‬فالعالق ة بين ال رئيس والم رؤوس تك ون‬

‫مت وافرة س واء ك انت ه ذه العالق ة ت دور في نط اق عس كري أو م دني ‪ ،724‬فمب دأ مس ؤولية القي ادة يمكن أن‬

‫ينطبق على القادة العسكريين أو الرؤساء المدنيين‪.725‬‬

‫‪721‬‬
‫‪.ICTY. UN TPIY. The Prosecutor v. Enver Hadzihasanovic & Amir Kubura. Ibid. Para 298. P.g 114.P.S 871.‬‬

‫‪. 722‬الحظت الدائرة االبتدائية في قضية المدعي العام ضد زالتكو‪ V‬الكسوفيسكي أن العناصر الثالثة المؤسسة للمسؤولية الجنائية الدولية مأخوذه من المادة‬
‫‪ 2/ 86‬من البروتوكول اإلضافي األول لعام ‪ 1977‬الملحق باتفاقيات جنيف لعام ‪ 1949‬والمادة ‪ 6‬من مشروع مدونه لجنة الق‪VV‬انون ال‪VV‬دولي والم‪VV‬ادة ‪28‬‬
‫من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ‪.‬انظر‬
‫‪ICTY.. The Prosecutor V Zlatko Aleksovski .Case No.: IT-95-14/1-T. Op .Para 70 p.g 25 .‬‬
‫‪ . 723‬استخدمت عبارة " إذا الرئيس " في المادة ‪/ 28‬ب – ‪ 1‬من ‪.‬النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولة للداللة على القادة من غير العسكريين ‪ .‬جون‬
‫‪ -‬ماري هنكرتس‪ V‬ولويز دوزوالد –بك ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪. 491‬‬
‫‪ . 724‬سيف غانم السويدي ‪.‬المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء والدفع بأوامرهم امام القضاء الجنائي الدولي ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 32‬‬
‫‪ . 725‬الدائرة االبتدائية في قضية "المدعي العام ضد زالتك‪VV‬و ألكسوفس‪VV‬كي أك‪VV‬دت أن المس‪VV‬ؤولية ال تقتص‪VV‬ر على الق‪VV‬ادة العس‪VV‬كريين ولكن أيض‪V‬ا ً الس‪VV‬لطات‬
‫المدنية وذلك بحسب تفسير المادة ‪ 7/3‬من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا ‪.‬‬

‫‪187‬‬
‫وه و م ا أكدت ه أحك ام المح اكم الجنائي ة الدولي ة المختلف ة‪ ،‬فهن اك س ابقة قض ائية ل رئيس دول ة اتهم بارتك اب‬

‫انتهاكات جسيمة لقواعد القانون الدولي اإلنساني من ضمنها انتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬حيث‬

‫َمثُل أمام المحكمة الجنائية الدولية في يوغسالفيا السابقة الرئيس اليوغسالفي سلوبدان ميلوسوفيتش وآخرون‪ ،‬وقد‬

‫قررت الدائرة االبتدائية بأن هناك أدلة كافية على قيام المسؤولية الجنائية الدولية على جميع الُتهم الموجهة إليه‪،‬‬

‫ومنه ا إص دار أوام ر إلى الجيش اليوغس الفي بارتك اب ج رائم دولي ة من ض منها ج رائم ح رب كاإلض رار العم دي‬

‫المخصص ة للتعليم أو ال دين؛ الهجم ات غ ير القانوني ة على‬


‫والعش وائي بالنص ب التذكاري ة والمؤسس ات التاريخي ة ُ‬

‫فالمتهم بحسب ما جاء في قرار المحكمة مارس السيطرة الفعلية من‬


‫األهداف المدنية كالمنازل في القرى والمدن‪ُ ،‬‬

‫خالل نفوذه كرئيس جمهورية يوغسالفيا االتحادية االشتراكية ‪ ،726‬وكانت سيطرته بحكم القانون كرئيس جمهورية‬

‫وبحكم الواقع كقائد ميداني‪.727‬‬

‫كم ا ك انت من ض من األدل ة ال تي قدمتها ال دائرة االبتدائية أن القي ادة العس كرية للجيش الش عبي اليوغس الفي‬

‫مارس ت وظيفته ا تحت إش راف الس يطرة السياس ية ل رئيس الجمهوري ة‪ ،‬ولم ُينف ذ الجيش أي إج راءات بشكل ُمس تقل‬

‫عن النف وذ السياسي‪ ،728‬وبالت الي اتهم ميلوس يفيتش على أس اس المس ؤولية الجنائي ة الفردي ة وفق اً للم ادة ‪ 7/1‬وعلى‬

‫أس اس المس ؤولية القيادي ة وفق اً للم ادة ‪ 7/3‬من النظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة الدولي ة ليوغس الفيا‪ ،‬وعلي ه ف إن‬

‫التسلسل القيادي والسيطرة الفعلية سواء كان عسكرياً أو مدنياً او سياسياً يعد من أهم المعايير الحاسمة لمعرفة مدى‬

‫بناء عليه المسؤولية الجنائية الفردية‪.‬‬


‫ويحدد ً‬
‫السلطة والسيطرة الفعلية ُ‬

‫و ال تقتضي أن تكون العالقة بين القائد والمرؤوس أن تكون عالقة رسمية‪ ،‬فيكفي أن تشير تنفيذ األوامر‬

‫وجود عالقة كأمر واقع مما تعني ضمنياً وجود هذه العالقة ‪.729‬‬

‫‪ICTY.. The Prosecutor V Zlatko Aleksovski .Case No.: IT-95-14/1-T. Op .Para 75 p.g 28.‬‬
‫‪726‬‬
‫‪.ICTY. UN. TPIY prosecutor v. Slobodan Milosevic. Case No. IT-02-54-T. 16 June 2004. Para.304.pg.108‬‬
‫‪727‬‬
‫‪.Ibid .para 305 pg.108.‬‬
‫‪728‬‬
‫‪.Ibid.para 304 p.g 108..‬‬
‫‪. 729‬جون ماري هنكرتس ولويز دوزوالد –بك‪ .‬القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪. 485‬‬

‫‪188‬‬
‫وال يشترط أيضا العالقة بأن تكون العالقة ُمباشرة بحكم القانون‪ ،‬بل يكفي أن تكون مسؤولية القائد الفعلية‬

‫ُمتمثل ة بالقُ درة المادي ة في ت ولي الس يطرة الفعلي ة‪ ،‬كاإلش راف والمراقب ة س واء ك انت مباش رة أو غ ير مباش رة على‬

‫أفعال المرؤوسين لمنع ارتكاب الجرائم والمعاقبة عليها‪ ،‬وهو ما أكدت عليه المادة ‪ 87/1‬من البروتوكول اإلضافي‬

‫األول لعام ‪ 1977‬الملحق باتفاقيات جنيف لعام ‪ ،7301949‬وأشارت إليه المادة ‪ 28‬من النظام األساسي للمحكمة‬

‫الجنائية الدولية‪.731‬‬

‫وتم اإلشارة إليه أيضاً في حكم المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة في الحكم الصادر من الدائرة‬

‫االبتدائي ة في قض ية الم دعي الع ام ض د الج نرال تيهوم ير بالكيتش‪ ،‬المتهم بع دة تهم أهمه ا الت دمير دون م برر‬

‫تقتض يه الض رورات العس كرية‪ ،‬والهج وم غ ير المش روع على أه داف مدني ة وتعم د ت دمير المؤسس ات الديني ة‬

‫المخصصة لألغراض الدينية والتعليمية ‪ ،732‬وجاء في قرار الدائرة االبتدائية أن القائد يتحمل "المسؤولية الجنائية‬

‫المباشرة‪ ،‬لكنه ُيمارس سيطرة فعلية عليهم"‪ ،‬وقد ُيسأل أكثر‬


‫عن أفعال ارتكبها أفراد ليسوا تحت إمرته الرسمية أو ُ‬

‫من رئيس عن ذات األفعال المرتكبة من المرؤوسين ‪.733‬‬

‫وعليه فإن المعيار الرئيسي لقيام المسؤولية الجنائية للرئيس هو “السيطرة الفعلية" واإلشراف للرئيس‪ ،‬فعدم‬
‫‪734‬‬
‫ُم مارسة السيطرة أو اإلشراف السليم يؤدي إلى قيام المسؤولية الجنائية للرؤساء‬

‫وه ذا م ا أكدت ه المحكم ة الجنائي ة الدولي ة ليوغس الفيا حيث وص فت معي ار الس يطرة الفعلي ة " بأنه ا الق درة‬

‫المادية على منع السلوك اإلجرامي أو المعاقبة عليه‪ ،‬بغض النظر عن طريق ممارسة هذه السيطرة"‪ ،‬وما يؤخ ذ في‬

‫‪ . 730‬نصت المادة على أن القادة لهم سلطة على " أفراد القوات المسلحة الذين يعملون تحت شرافهم " ‪.‬‬
‫‪ . 731‬جون ‪ -‬ماري هنكرتس ولويز دوزوالد –بك ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪ 489‬وصــ‪. 490‬‬
‫‪732‬‬
‫‪ICTY. UN. TPIY. Prosecutor v. Tihomir Blaškić Case No. IT-95-14-T 3 March 2000. Paras 12,14,15 .P.g.‬‬
‫‪12,14,‬‬
‫‪ . 733‬للمزيد انظر ‪ .‬سيف غانم السويدي ‪.‬المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء والدفع بأوامرهم امام القضاء الجنائي الدولي ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صـ‪.34‬‬
‫‪ . 734‬هشام فواسميه ‪.‬المسؤولية الدولية الجنائية للرؤساء والقادة العسكريين‪ . V‬دار الفكر والقانون ‪ .‬المنصورة ‪.‬مصر الطبعة األول ى ‪. 2013 .‬صــ ‪.245‬‬

‫‪189‬‬
‫االعتبار عند البحث في القدرة المادية على سبيل المثال هو القدرة على رفع التقارير من أجل اتخاذ تدابير جنائية‬

‫متمثلة بعقوبات مناسبة وليس مجرد إصدار األوامر أو القيام بأعمال تأديبية ‪.735‬‬

‫وفيما يخص اإلثباتات الخاصة بمدى تحقق معيار "السيطرة الفعليه " للرئيس على مرؤسية‪ ،‬فإن للقاضي‬

‫الموض وعي كام ل الص الحية في إف راد س لطته التقديري ة للتحق ق من م دى ت وافر الس يطرة الفعلي ة بحس ب ظ روف‬

‫ومالبس ات ك ل قض ية على ح دة‪ ،‬وه و م ا أكدت ه دائ رة االس تئناف في قض ية بالس يكيتش أن األحك ام هي ق رارات‬

‫تقديري ة وفق اً لوق ائع ك ل حال ة على ح دة‪ ،736‬وق د توج د بعض الق رائن ال تي تُس اعد في الحكم بوج ود معي ار الس لطة‬

‫المتهم في القوات العسكرية أو في الحكومة ومدى قدرته على‬


‫الفعلية منها المناصب الرسمية والقيادية التي يشغلها ُ‬

‫والمعتقالت‪.737‬‬
‫إصدار األوامر وتوزيع المهام في ميادين القتال ُ‬

‫العنصر الثاني‪-:‬ـ علم القادة أو الرؤساء باالنتهاكاتـ ‪ :‬ورد في النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫تفريق ُم بسط بين علم القادة العسكريين وعلم القادة غير العسكريين (الرؤساء) حيث قررت المادة (‪)28/1‬‬

‫مسئولية القائد العسكري أو الشخص القائم فعالً بأعمال القائد العسكري مسؤولية جنائية عن الجرائم التي‬

‫تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬

‫والج دير بال ذكر أن نص الم ادة (‪ )28‬من نظ ام روم ا يجس د ل ه أص الً في الم ادة ( ‪ )86/2‬من ال بروتوكول‬

‫اإلض افي األول التفاقي ة ج نيف ال ذي يق رر أن ه" ال يعفى قي ام أي م رؤوس بانته اك االتفاقي ات أو ه ذا الملح ق‬

‫(البروتوكول ) رؤساءه من المسؤولية الجنائية أو التأديبية حسب األحوال‪ ،‬إذا علموا أو كانت لديهم معلومات تتيح‬

‫لهم في تلك الظروف أن يخلصوا إلى أنه كان يرتكب‪ ،‬أو أنه في سبيله الرتكاب مثل هذا االنتهاك‪ ،‬ولم يتخذوا ك ل‬

‫‪ . 735‬شريف عتلم ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني دليل األوساط االكاديمية ‪ .‬المرجع السابق ‪.‬صــ‪،49‬‬
‫انظر كذلك‬
‫‪ICTY.The Prosecutor V Zlatko Aleksovski .Case No.: IT-95-14/1-T. Op .Para 79 p.g 30 .‬‬
‫‪736‬‬
‫‪ICTY. UN. TPIY.. Prosecutor v. Tihomir Blaškić, Case No. IT-95-14-A. 29 July 2004. Para. 680 .P.g. 237.‬‬
‫‪ .. 737‬سيف غانم السويدي ‪.‬المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء والدفع بأوامرهم أمام القضاء الجنائي الدولي ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صـ‪ 41‬وصــ‪. 42‬‬

‫‪190‬‬
‫ما في وسعهم من إجراءات ُم ستطاعه لمنع أو قمع هذا االنتهاك "‪ ،‬وبذلك فإن مسؤولية القائد أو الرئيس العس كري‬

‫الجنائية تثبت‪ ،‬ولو لم يرتكب الفعل اإلجرامي بنفسه‪ ،‬وذلك إذا ما علم أو كان يفترض أن يعلم‪.‬‬

‫في حين لم يتم التش ديد على ذل ك في ذات الم ادة ‪/ 28‬ب بش أن علم الرؤس اء من غ ير العس كريين حيث‬

‫اشترطت أن يكون المعيار فقط هو أن يعرف أو تجاهل عن عمد معلومات تشير بوضوح بوقوع االنتهاكات‪ ،‬وهو‬

‫م ا ورد أيض اً في الم ادة ‪ 2/ 86‬من ال بروتوكول اإلض افي األول لع ام ‪ 1977‬ال ذي أش ار بص ورة واض حه إلى‬

‫مس ؤولية الرؤس اء في حال ة علمهم أو ك انت ل ديهم معلوم ات تُ تيح لهم في تل ك الظ روف‪ ،‬أن يخلص وا إلى أن ه ك ان‬

‫يرتكب‪ ،‬أو أنه في سبيله الرتكاب مثل هذا االنتهاك‪ ،‬فلم يعطي البروتوكول أي إشارة أو تفريق بين علم أو معرفة‬

‫القادة العسكريين‪ ،‬وغيرهم من غ ير العسكريين‪ ،‬ولعل م ا ورد في النظ ام األساسي للمحكم ة الجنائية الدولية ك ان‬

‫بمثابة توضيح لهذا العنصر وإ براز التفريق‪.‬‬

‫وعليه ينبغي لقيام المسؤولية الجنائية للقائد العسكري تحقق العلم الفعلي للقائد بأن أحد مرؤوسيه الخاضعين‬

‫إلمرتهم وسيطرتهم الفعلية قد ارتكب أفع ااًل إجرامية أو على وشك القيام باألفعال اإلجرامية‪ ،‬وهوما يسمى بحالة‬

‫العلم الفعلي أو المعرف ة الفعلي ة‪ ،‬وحال ة المعرف ة االس تنتاجية أو التقديري ة ‪ ،738‬ولم يتخ ذ اإلج راءات المناس بة لمن ع‬

‫وقوع هذه الجرائم‪.‬‬

‫وتغطي بعض الصيغ الواردة في أحكام القانون بشكل أساسي مفهوم المعرفة التقديرية‪ ،739‬كعبارة " ُيفترض‬

‫أن يكون قد علم بسبب الظروف في ذلك الحين "‪ ،740‬أو عبارة " كانت لدية معلومات تُمكنه من االستنتاج في تلك‬

‫الظروف"‪ ، 741‬فالمعرفة االفتراضية بوقوع الجريمة يكفي لقيام مسؤولية القادة العسكريين‪.‬‬

‫‪ . 738‬سيف غانم السويدي ‪.‬المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء والدفع بأوامرهم أمام القضاء الجنائي الدولي ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صـ‪ 42‬وصــ ‪. 43‬‬
‫‪ 739‬جون ‪ -‬ماري هنكرتس ولويز دوزوالد –بك ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 490‬‬
‫‪ . 740‬انظر المادة ‪/ 28‬ا‪ 1 -‬من ‪.‬النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ‪.‬‬
‫‪ . 741‬انظر المادة ‪ 86/2‬من البروتوكول اإلضافي األول لعام ‪ 1977‬الملحق باتفاقيات‪ V‬جنيف لعام ‪.1949‬‬

‫‪191‬‬
‫أما بالنسبة لمن هم أرفع مقاماً من العسكريين كالرؤساء فقد أشارت النصوص القانونية وجوب التيقن والتحقق‬

‫وليس مجرد االحتمال فيما يتعلق بارتكاب الجرائم لتقرير مسؤولية الرئيس المدني‪ ،‬حيث جاءت عبارة "تجاه ل عن‬
‫‪742‬‬
‫‪.‬‬ ‫وعي أي معلومات تُبين بوضوح " وبذلك فقط اشترط توافر المعرفة الفعلية دون االحتمالية لدى الرؤساء‬

‫فالعبارة السابقة تبين بوضوح بأنه ولكي تقوم المسؤولية الجنائية هنا‪ ،‬البد من إثبات تحقق علم الرئيس أو‬

‫تجاهل ه عن وعي وقص د أي معلوم ات ت بين بوض وح أن مرؤوس يهم ك انوا يرتكب ون ج رائم أو على وش ك ارتكابه ا‬

‫‪.743‬‬

‫وعلي ه فق د م يز ه ذا العنص ر بش كل واض ح بين معي ار علم العس كريين وعلم الرؤس اء الم دنيين وأعطى إط اراً‬

‫المس اءلة القانوني ة وفق اً مب دأ مس ؤولية الق ادة‪ ،‬وس هل من عملي ه إفالتهم من‬
‫قانوني اً لحماي ة الرؤس اء الم دنيين من ُ‬

‫العقاب وبالتالي قلل من فعالية هذا المبدأ‪ ،744‬وفي كل الحاالت أكدت الدائرة االبتدائية في قضية تيهومير بالكيتش‬

‫على أن عدم العلم الناتج عن اإلهمال في قيام القائد أو الرئيس بواجباتهم ال يمكن أن يكون عذراً‪ ،‬وال يكفي للتبرئة‬

‫من المسؤولية‪.745‬‬

‫وبالت الي يمكن الق ول أن عنص ر العلم ه و عنص ر مهم لتحدي د القص د الجن ائي وت رتيب المس ؤولية الجنائي ة‬

‫الفردي ة‪ ،‬ف إذا ت وافر العلم واإلرادة تحق ق القص د الجن ائي مهم ا ك ان الب اعث على ارتك اب الجريم ة‪ ،‬إذ ال أث ر‬

‫للبواعث على توافر القصد الجنائي‪.‬‬

‫ولكن يبقى معي ار التفرق ة بين علم أو معرف ة الق ادة‪ ،‬وعلم ومعرف ة الرؤس اء الس بب الرئيس ي الس تغالل‬

‫المناص ب في القي ام بانتهاك ات لقواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬خاص ة وأن الق انون يأخ ذ في الحس بان‬

‫المنصب القيادي والظروف السائدة‪.‬‬

‫‪ . 742‬انظر المادة ‪/ 28‬ب – ‪ 1‬من ‪.‬النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ‪.‬‬
‫‪ . 743‬هشام قواسمية ‪.‬المسؤولية الدولية الجنائية للرؤساء والقادة العسكريين‪ . V‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.245‬‬
‫‪ . 744‬سيف غانم السويدي ‪.‬المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء والدفع بأوامرهم امام القضاء الجنائي الدولي ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صـ‪ ،42‬صــ‪،52‬صــ‪53‬‬
‫‪745‬‬
‫‪. ICTY. UN. TPIY. Prosecutor v. Tihomir Blaškić Case No. IT-95-14-T 3 March 2000. Para 315 .pg. 99 .‬‬

‫‪192‬‬
‫العنصر الثالثـ ‪ :‬اتخاذ التدابير الالزمة والمعقولة ‪ -:‬يتضح من اللغة المستخدمة في كل من البروتوكول‬ ‫‪-‬‬
‫‪746‬‬
‫وفي الكثير من األنظمة األساسية للمحاكم الجنائية الدولية‪ ،‬بأن على القادة والرؤساء‬ ‫اإلضافي األول‬

‫"الم ستطاعة" أو"الضرورية والمعقولة " لمنع وقمع االنتهاكات وتقوم المسؤولية القانونية‬
‫اتخاذ كافة التدابير ُ‬

‫الجنائية في حال فشلهم في القيام بذلك‪ ،‬وي رى البعض أن من ضمن هذه التدابير يقع أيض اً واجب اتخاذ‬

‫االحتياط ات المنص وص عليه ا في الم ادة ‪ 57‬و‪ 58‬من اتفاقي ة ج نيف الرابع ة لع ام ‪ 1977‬كت دابير الزم ة‬

‫ومعقولة ‪.747‬‬

‫كما وقد فسرت المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة هذه التدابير على أنها تقتصر على كافة التدابير‬
‫‪748‬‬
‫‪.‬‬ ‫والم ستطاعة ضمن سلطة الشخص‪ ،‬وال يمكن إرغامه على اتخاذ التدابير المستحيلة‬
‫الممكنة ُ‬
‫ُ‬

‫تتبن المحاكم الجنائية الدولية أي معيار موضوعي ُيمكن االستناد إليه لتحديد ما إذا كانت اإلجراءات‬
‫و لم َ‬

‫"مستطاعة " أو "ضرورية ومعقولة"‪ ،‬وذلك بسبب صعوبة تحديد المعايير الموضوعية‬
‫المتخذة من قبل قائد معين ُ‬
‫ُ‬

‫المعق دة ال تي تق ع فيه ا ه ذه االنتهاك ات‪ ،‬إال إنه ا تبنت بعض المع ايير العملي ة كمعي ار‬
‫والض وابط في ظ ل الظ روف ُ‬

‫"القدرة المادية" للقائد وفقاً للظروف المتاحة في كل قضية‪ ،‬ويحمل هذا المعيار في طياته افتراض قيام القائد باتخاذ‬

‫المتاح ة ل ه في ح دود س لطاته‪ ،‬وبن اء على ذل ك يف رد القاض ي الموض وعي س لطته التقديري ة إلص دار‬
‫كاف ة الوس ائل ُ‬

‫المتاحة في كل قضية‪.749‬‬
‫حكمة استناداً إلى األدلة المتوافرة لدية وفقا للظروف ُ‬

‫‪ 746‬المادة ‪ 87‬والمادة ‪ 86‬من البروتوكول اإلضافي األول لعام ‪. 1977‬‬


‫‪ .747‬هشام قواسمية ‪.‬المسؤولية الدولية الجنائية للرؤساء والقادة العسكريين‪ . V‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 249‬‬
‫‪ . 748‬قضت محكمة كفوتشكا في عام ‪ 2001‬أنه ليست من الضرورة أن يقوم الرئيس بوضع العقوبة محل التنفيذ بل يكفي ان يتخذ " خطوة هامه في عملية‬
‫االنضباط " وجاء في حكم بالسكيتش في العام ‪ 2000‬أن القائد يمكن أن يعفي نفسه من المسؤولية في حاالت معينه وذلك بمنع أو قم‪VV‬ع عقوب‪VV‬ة عن طري‪VV‬ق‬
‫رقع تقارير بمسالة الى السلطات المختصة ‪ .‬انظر ‪.‬جون ‪ -‬ماري هنكرتس ولويز دوزوالد –بك ‪ .‬القانون الدولي اإلنس‪V‬اني الع‪V‬رفي ‪ .‬مرج‪V‬ع س‪V‬ابق ‪ .‬صـ‬
‫‪.491‬‬
‫‪ . 749‬تم التاكيد على استخدام معيار القدرة المادي‪V‬ة على س‪V‬بيل المث‪V‬ال في قض‪V‬ية الم‪V‬دعي الع‪V‬ام ض‪V‬د زالتك‪V‬و‪ V‬الكسوفس‪V‬كي حيث ع‪V‬رفت المحكم‪V‬ة الت‪V‬دابير‬
‫الضرورية والمعقولة بانها " تلك التي تقع في اطار القدرات المادية للرئيس‪ ،‬وال يمكن اخذ هذه الق‪VV‬درات في عين االعتب‪VV‬ار على نح‪VV‬و مج‪VV‬رد‪ ،‬ولكن يجب‬
‫تقييما‪ V‬على أساس كل قضية على حدة تبعا للظروف " انظ‪V‬ر س‪V‬يف غ‪V‬انم الس‪V‬ويدي ‪.‬المس‪V‬ؤولية الجنائي‪V‬ة للق‪V‬ادة والرؤس‪V‬اء وال‪V‬دفع ب‪V‬أوامرهم أم‪V‬ام القض‪V‬اء‬
‫الجنائي الدولي ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 57‬‬

‫‪193‬‬
‫وقد نص النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية أيضاً على بند ضرورة اتخاذ القادة والرؤساء السعي نحو‬

‫منع ارتكاب الفعل أو المعاقبة عليه‪ ،‬أما التدابير المعقولة هي التدابير التي تندرج منطقياً ضمن الصالحيات المادية‬
‫‪750‬‬
‫للرئيس ‪.‬‬

‫وق د ق ررت المحكم ة الجنائي ة الدولي ة إدان ة بالس كيتش‪ ،‬وه و أعلى رتب ة عس كرية َمثُلت أم ام المحكم ة من ذ‬

‫إنش ائها وذل ك لفش لة في اتخ اذ م ا يل زم من ت دابير الزم ة ومعقول ة لمن ع وقم ع االنتهاك ات المس تمرة على األعي ان‬

‫المدنية والثقافية وحكم عليه بالسجن ‪ 45‬عام اً‪ ،‬ورغم تبني المحكمة الجنائية لهذا المعيار‪ ،‬حيث رأت أن القائد ‪-‬‬

‫وتحت وط أة ظ روف ُمعين ة ‪ -‬يمكن أن يتح رر من واجب ة بمن ع وقم ع ه ذه الج رائم‪ ،‬وذل ك من خالل رف ع تق ارير‬

‫المختصة‪ ،‬وتُبرأ المسؤولية بمجرد تقديمهم ما يفيد اتخاذ هذه اإلجراءات ‪.751‬‬
‫بالمساءلة للجهات ُ‬

‫إال أن النظام األساسي لم ُيحدد الجهة الي تُقرر مدى تطبيق اإلجراءات الالزمة والمعقولة‪ ،‬وكان األولى‬

‫إيراد نص يقضى بأن المحكمة الجنائية هي المختصة في تحديد ذلك‪ ،‬وعدم ترك األمر للدول والحكومات التي ال‬

‫يمكن ضمان عدم انحيازها‪ ،752‬مع تحديد الكيفية التي تكون اإلجراءات فيها الزمة‪ ،‬ومعقولة حسب الفقرة ب من‬

‫نص المادة ‪ 28‬وذلك للحد من استغالل القادة والرؤساء من هذه الثغرة القانونية‪.‬‬

‫تقراء لم ا س بق يمكن الق ول أن ه الب د من قي ام الق ادة والرؤس اء بب ذل ُجه د يتناس ب م ع المع ايير‬
‫ً‬ ‫وعلي ه واس‬

‫والض وابط المطلوب ة لمن ع ارتك اب الج رائم والمعاقب ة عليه ا‪ ،‬وإ ال ف إن المس ؤولية تق وم على ع اتق ك ل من أم ر‬

‫بارتكابها أو خطط لها أو لم يمنع الجناة من ارتكابها ولم يعاقبهم‪.‬‬

‫وذلك في حالة األشخاص الذين كانوا في مركز القيادة والسيطرة الفعلية‪ ،‬ولكن يبقى معرفة الجهة التي‬

‫تحدد مدى توافر اإلجراءات الالزمة والمعقولة مجهوالً‪ ،‬مما قد يؤثر على الرقابة ودورها في حماية قواعد حماية‬

‫‪750‬‬
‫‪. ICTY. UN .TPIY. The p. Prosecutor v. Sefer Halilovic -16 October 2007 IT-01-48-A.. Para 63. P.G. 26.‬‬
‫‪751‬‬
‫‪. ICTY. UN. TPIY. Prosecutor v. Tihomir Blaškić, Case No. IT-95-14-A. 29 July 2004. Para. 3 .P.g. 1‬‬
‫‪ . 752‬مان ليلو راضي ‪.‬محاكمة الرؤساء في القانون الدولي الجنائي ‪ .‬المؤسسة الحديثة للكتاب ‪ .‬لبنان الطبعة األولى ‪ .2011.‬صـــ ‪130‬‬

‫‪194‬‬
‫األعيان المدنية والثقافية من االنتهاك‪ ،‬ولن يكون ذلك ممكن اً إال بعد التمكن من إقامة نظام قانوني يحقق اإلحاطة‬

‫الكاملة والشاملة لكل مقتضيات إقامة المسؤولية الدولية الجنائية للرؤساء والقادة بشكل ُمحكم ودقيق‪.‬‬

‫وال يقف الحد عند ذلك بل قد يتحمل القادة والرؤساء المسؤولية الجنائية أيضا عن جرائم الحرب والتي تقع‬

‫ض من نطاقه ا االعت داء على األعي ان المدني ة والثقافي ة أيض اً في حال ة الش روع والمس اعدة والتس هيل والمعاون ة‬

‫والتحريض‪.753‬‬

‫وق د رأت الدائرة االس تئنافية في قض ية ت اديتش أن التح ريض بالمس اعدة أو التش جيع أو تق ديم الدعم المعنوي‬

‫لتدمير األعيان المدنية ُيشكل دعماً قوياً وله تأثير كبير في قيام الجريمة بشرط أن يكون هناك علم بأن هذه األفعال‬

‫تتجهه نحو ارتكابها‪.754‬‬

‫وقد عززت ذلك المادة ‪ -25/3‬ب من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية صور هذه المسؤولية‪ ،‬فال‬

‫يعتبر األفراد مسؤولين جنائياً عند ارتكاب جرائم حرب فقط والتي تقع ضمن نطاقها جرائم االعتداء على األعيان‬

‫المدني ة والثقافي ة‪ ،‬ب ل عن المحاول ة أو المس اعدة أو التس هيل أو تق ديم الع ون أو التش جيع على ارتكابه ا أيض اً‪،‬‬

‫باإلضافة إلى أنهم مسؤولون أيضاً عن التخطيط أو التحريض من أجل ارتكاب جرائم الحرب‪.‬‬

‫وعلي ه فإن ه يتعين التمي يز بين ثالث ــة ح ــاالت فيم ا يتعل ق بمس ؤولية الق ادة عن األفع ال ال تي يق وم به ا‬

‫المرؤوس ون وفق اً ألوام ر بارتك اب ج رائم ح رب وال تي يق ع ض من نطاقه ا ت دمير األعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬أولها‬

‫ارتكاب الجريمة بشكل فعلي ففي هذه الحالة تقوم مسؤولية القيادة بشكل واضح ‪.755‬‬

‫ثانيها في حالة لم تُرتكب الجريمة بشكل فعلي‪ ،‬وإ نما ُمجرد محاوالت الرتكابها فقط‪ ،‬وفيها أيض اً تقوم‬

‫مس ؤولية القي ادة عن أفع ال المرؤوس ين اس تناداً إلى نص الم ادة ‪-25/3‬ب‪ ،‬من النظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة‬

‫‪ . 753‬دليل التنفيذ الوطني للقانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 35‬‬
‫‪754‬‬
‫‪. ICTY, the Prosecutor v. DU [KO TADI]. Op. 15 July, 1999 .para 229.p.g 105.‬‬
‫‪ . 755‬جون ‪ -‬ماري هنكرتس ولويز دوزوالد –بك ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ‪.487‬‬

‫‪195‬‬
‫الدولية والذي اعتبر أن األمر أو اإلغراء‪ ،‬أو الحث على ارتكاب جريمة وقعت بالفعل أو شرع فيها يؤدي إلى قيام‬

‫المس ؤولية الجنائي ة الفردي ة للقي ادة عن إعط اء األوام ر بارتك اب ج رائم ح رب متمثل ة بت دمير ه ذه األعي ان‬

‫والممتلكات‪.756‬‬

‫وثالثهاـ في حالة لم تُ رتكب جرائم حرب ولم تجر أي محاوالت الرتكابها‪ ،‬ففي هذه الحالة تنسب بعض‬

‫ال دول مس ؤولية جنائي ة إلى القائ د بمج رد أن ه ق د أعطى األوام ر كمن يعطي أوام ر بت دمير مدين ة معين ه أو قري ة‪،‬‬

‫جرم‪ ،‬إال أن الكثير من‬


‫فيكون القائد بذلك مذنبا حتى وإ ن لم تُنفذ هذه األوامر‪ ،‬باعتبار أن أمرة هذا بحد ذاته ُم َّ‬

‫الممارسات ال تشير إلى قيام مسؤولية القائد في هذه الحالة ‪.757‬‬

‫ه ذا ويعت بر الق ادة العس كريين والرؤس اء مس ؤولين جنائي اً عن االنتهاك ات ال تي يرتكبه ا مرؤوس وهم بغض‬

‫النظر عن الصفة الرسمية التي يتمتعون بها بموجب قوانين وطنية أو اتفاقيات أو أعراف دولية كرئيس دولة أو‬

‫رئيس حكوم ة أو أعض اء المج الس النيابي ة ورج ال الس لك الدبلوماس ي أو القنص لي ‪ ،‬فال يمكن االعت داد به ا عن دما‬

‫ُيشكل الفعل المقترف جريمة دولية ‪.758‬‬

‫فهذه الصفات الرسمية ال ُيمكن أن تعفي من المسؤولية الجنائية بل يتعرض مرتكبها للعقاب‪ ،‬فإذا ما ارتكب‬

‫جريمة حرب ُمتمثلة بتدمير األعيان المدنية والثقافية فإنه ُيعاقب‪ ،‬فالحصانة التي يتمتع بها هذا الشخص سواء‬
‫‪759‬‬
‫‪ ،‬معنى ذلك أن‬ ‫كانت دولية أو داخليه ال تَحول دون قيام المسؤولية الجنائية‪ ،‬كما ال تُعد سبباً لتخفيف العقوبة‬

‫تَمتع الشخص بالحصانة دولياً أو داخلياً ال يؤثر على مسؤوليته عن جرائم تقع على األعيان المدنية والثقافية ‪.‬‬

‫‪ . 756‬كما اكدت الئحة االدارة االنتقالية لألمم المتحدة في تيمور الشرقية ان الشروع في ارتكاب الجريمة يؤدي الى قي‪VV‬ام المس‪VV‬ؤولية الجنائي‪VV‬ة للقي‪VV‬ادة عن‬
‫إعطاء األوامر بارتكاب جرائم الحرب ‪.‬‬
‫) ‪UNTAET/REG/2000/15 .6 june 2000 ( section 14/3‬‬
‫‪ . 757‬جون ‪ -‬ماري هنكرتس ولويز دوزوالد –بك ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ‪.487‬‬
‫‪ . 758‬عبدالوهاب عبدول ‪.‬المسؤولية الجنائية الدولية لألشخاص الطبعيين ‪.‬المسؤولية الدولية الجنائي‪V‬ة لألش‪V‬خاص الطبيع‪V‬يين ‪ .‬معه‪V‬د الت‪V‬دريب والدراس‪V‬ات‬
‫القضائية ‪.‬الطبعة األول ى‪. 2010.‬صــ ‪. 99‬‬
‫‪ . 759‬نجاة أحمد أحمد إبراهيم ‪.‬المسؤولية الدولية عن انتهاكات قواعد القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.328‬‬

‫‪196‬‬
‫وكخالصة لكل ما سبق يمكن القول أن القادة العسكريين والرؤساء المدنيين يتحملون المسؤولية عن انتهاك‬
‫ُ‬

‫قواعد الحماية لألعيان المدنية والممتلكات الثقافية باعتبارها جرائم حرب‪ ،‬في حالة لم يتخذوا أي إجراءات معقولة‬

‫في ح دود س لطاتهم لمن ع وقم ع ارتك اب ه ذه الج رائم أو تقاعس هم عن ع رض مس ألة االنتهاك ات على الس لطات‬

‫المختص ة؛ إذ يجب عليهم القي ام به ذه االج راءات بح ق المرؤوس ين ال ذين يخض عون لس يطرتهم وقي ادتهم الفعلي ة‪،‬‬

‫وبالتالي فإن من له سلطة في أن يمنع الجريمة‪ ،‬وال يقوم بذلك ُيعتبر مسؤوالً عن اقترافها فتغاضيه عنها بمثابة‬

‫إشارة واضحة لمرؤوسيه باالستمرار في ارتكاب الجرائم‪.‬‬

‫الملحقة بها‪ُ ،‬يلقي بالمس ؤولية‬


‫فمسؤولية القادة والرؤساء المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف والبروتوكوالت ُ‬

‫الجنائية على كاهل كل قائد أو رئيس كان يعلم‪ ،‬أو توافر من األسباب ما يجعله يعلم أن الجنود الذين تحت إمرته‬

‫الممكن ة" وال تي تخ ول ل ه‬


‫يرتكب ون الفظ ائع بح ق األعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬ثم تق اعس عن اتخ اذ "جمي ع الت دابير ُ‬

‫س لطته اتخاذه ا‪ ،‬لمنعهم من ذل ك‪ ،‬ولكن ك ل ذل ك ال يعطي م برراً للمرؤوس ين ليلق وا كام ل المس ؤولية على الق ادة‬

‫والرؤساء بل ال بد من اإلشارة إلى تحملهم المسؤولية أيضا وفق معايير وضوابط ‪ ،‬سيتم بيانها تالياً ‪-:‬‬

‫‪ . 2‬المسؤولية الدولية الجنائية للمرؤوسين (األفراد)‪-:‬‬

‫تُك رس ُممارس ة ال دول ه ذه القاع دة كإح دى القواع د العرفي ة‪ ،‬فيتحم ل األف راد ال ذين يتص رفون ض من إط ار‬

‫تنظيم أو وحدة هرمية ممن بلغوا السن القانونية المسؤولية الجنائية الفردية‪ ،760‬كافة الجرائم التي قد يرتكبونها ح تى‬

‫وإ ن كانوا ينفذون أوامر من هم أعلى منهم رتبة فال ُيدان أي شخص إال على أساس هذه المسؤولية‪.761‬‬

‫‪ .760‬سن المساءلة القانونية تنطبق على كل شخص بلغ الثامنة عشر وقت ارتكاب الجريمة المنسوبة إليه‪ ،‬وفقا ً للنظام األساسي للمحكمة الجنائي‪VV‬ة الدولي‪VV‬ة‬
‫حيث نصت المادة ‪ 26‬على أنه " ال يكون للمحكمة اختصاص على أي شخص يقل عمره عن ‪ 18‬عاما ً وقت ارتكاب الجريمة المنسوبة إليه‪".‬‬
‫‪ .761‬انظر المادة ‪ 3‬من اتفاقية الهاي لسنة ‪ 1907‬الخاصة بقوانين وأعراف الحرب والتي تنص على أن‪VV‬ه " يمكن أن تت‪VV‬الف الق‪VV‬وات المس‪VV‬لحة من مق‪VV‬اتلين‬
‫وغير مقاتلين ‪ "..‬وأيضا انظر المادة المشتركة بين اتفاقية جنيف االربع لعام ‪ ( 1949‬المادة ‪ 49‬من اتفاقي‪VV‬ة ج‪VV‬نيف األول‪ ،‬الم‪VV‬ادة ‪ 50‬من اتفاقي‪VV‬ة ج‪VV‬نيف‬
‫الثانية‪ ،‬المادة ‪ 129‬من اتفاقي‪VV‬ة ج‪V‬نيف الثالث‪VV‬ة‪ ،‬الم‪VV‬ادة ‪ 146‬من اتفاقي‪V‬ة ج‪VV‬نيف الرابع‪VV‬ة)‪ ،‬وهي م‪VV‬واد ق‪V‬د تمت اإلش‪VV‬ارة إليه‪VV‬ا في اله‪V‬وامش الس‪VV‬ابقة من ه‪V‬ذا‬
‫المبحث ‪.‬وكذلك البروتوكول اإلضافي األول ‪ 1977‬الملحق باتفاقيات جنيف االربع لعام ‪ 1949‬المادة ‪-4 /75‬ب‪ ،‬والمادة ‪ 86‬والمادة ‪ . 87‬انظر ‪ .‬جون‬
‫‪ -‬ماري هنكرتسولويز دوزوالد –بك ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ‪. 560‬‬

‫‪197‬‬
‫ورغم أن اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها قد خلت من اإلشارة لمسألة طاعة المرؤوس ألمر الرئيس‪ ،‬وركزت‬

‫على مس ؤولية الق ادة والرؤس اء‪ ،‬إال أن المحكم ة الجنائي ة الدولي ة ليوغس الفيا ج اءت لتت دارك ه ذا النقص واإلغف ال‬
‫‪762‬‬
‫المتهم بأن ه يعم ل بن اء على‬
‫ب النص علي ه في الم ادة‪ ، 7/4‬أخ ذاً عن محكم ة نورم برج ال تي أك دت على أن دف اع ُ‬

‫تعليمات حكومته أو رئيسه األعلى‪ ،‬ال ُيعد سبباً معفياً من المسؤولية وإ نما قد تعتبر سبباً مخففاً للعقوبة ‪.763‬‬

‫المق دم من فلهلم كايتل بأن ه غ ير مس ؤول عن أي انتهاك ات ق ام به ا ألن ه‬


‫وكس ابقة قض ائية فق د أث ار ال دفع ُ‬

‫مجرد جندي يقوم بتنفيذ أوامر عليا‪ ،‬وهي أوامر رئيس دولة المانيا "هتلر" في ذلك الوقت‪ ،‬وبالتالي امتناع مسؤليته‬

‫عن التُهم الموجه ة إلي ه‪ ،‬وال تي من ض منها الت دمير العش وائي للم دن والبل دات والق رى وال دمار ال ذي ال ت برره‬

‫الض رورة العس كرية وت دمير األعي ان المدني ة والممتلك ات الثقافي ة في انته اك ص ريح لقواع د حماي ة ه ذه األعي ان‪،‬‬

‫وج اء تعلي ق المحكم ة بش أن ه ذا ال دفع ب أن ال أس اس ل ه‪ ،‬وال يمكن االعت داد ب ه ‪،‬على اعتب ار أن ه ُيخ الف ص راحه‬
‫‪764‬‬
‫التي تحظر هذا الدفع وال تقبل به كأساس لجرائم ارتكبت بوعي ودون‬ ‫المادة ‪ 8‬من ميثاق محكمة نورمبورج‪،‬‬

‫وجود عذر أو مبرر عسكري‪ ،765‬وبأن مثل هذا الدفع ُيخالف قوانين الحرب‪ ،‬وال يمكن ألي جندي أن يحمي نفسه‬

‫وراء حجة القيام بتنفيذ أعمال بأمر من الدولة‪ ،‬ال سيما إذا كانت الدولة قد تجاوزت الحدود التي رسمها القانون‬

‫الدولي ‪.766‬‬

‫‪762‬‬
‫‪ICTY UN TPIY .Updated Statute of the International Criminal Tribunal for the former Yugoslavia.September‬‬
‫‪2009.P.g 6.‬‬
‫‪Article 7 Individual criminal responsibility‬‬
‫‪“… 4. The fact that an accused person acted pursuant to an order of a Government or of a superior shall not‬‬
‫‪relieve him of criminal responsibility, but may be considered in mitigation of punishment if the‬‬
‫”…‪International Tribunal determines that justice so requires‬‬
‫‪ .763‬صابرينة خلف هللا ‪.‬جرائم الحرب أمام المحاكم الدولیة الجنائیة ‪ .‬رس‪V‬الة ماجس‪V‬تير ‪ .‬جامع‪V‬ة منت‪V‬وري "قس‪V‬نطينة" ‪ .‬الجزائ‪V‬ر ‪ . 2006 V،2007 .‬صــ‬
‫‪.161‬‬
‫‪ 764‬ميثاق المحكمة العسكرية الدولية في نورمبرغ‪ V‬المادة ‪. 8‬‬
‫‪Article 8.The fact that the Defendant acted pursuant to order of his Government or of a superior shall not free him‬‬
‫‪from responsibility, but may be considered in mitigation of punishment if the Tribunal determines that justice so‬‬
‫‪requires‬‬
‫انظر الرابط ‪.‬تاريخ زيارة الموقع ‪ 28‬فبراير ‪2014‬‬
‫‪http://avalon.law.yale.edu/imt/imtconst.asp.‬‬
‫‪765‬‬
‫‪. International Military Tribunal, Nuremberg) Judgment of 1 October 1946., in The Trial of German Major War‬‬
‫‪Criminals. Proceedings of the International Military Tribunal sitting at Nuremberg, Germany, Part 22 (22nd August,‬‬
‫‪1946 to 1st October, 1946) p.g 108-110.‬‬
‫‪ . 766‬عبدالوهاب عبدول ‪.‬المسؤولية الجنائية لالشخاص الطبيعيين ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـ ‪331‬‬

‫‪198‬‬
‫وقد رفض كل من النظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة الدولي ة ليوغس الفيا السابقة‪ ،‬وأيض اً تلك الخاصة‬

‫بروان دا االعت داد ب أن األفع ال ال تي تم ارتكابه ا ك انت نتيج ة لكون ه تص رف ب أمر من حكومت ه أو من رئيس أعلى‪،‬‬

‫مكتف يين باعتب ار ذل ك مج رد ظ رف ُمخفف‪ ،767‬حيث ج اء التقري ر المرف وع الى مجلس األمن الت ابع لألمم المتح دة‬

‫بشأن مش روع النظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة الدولي ة ليوغس الفيا السابقة في ع ام ‪ ،1993‬و أش ار األمين الع ام‬

‫لألمم المتحدة الى إمكانية أن تكون هذه األوامر ُمجرد ظرف ُمخفف ‪.768‬‬

‫وبالت الي فالمس ؤولية تبقى قائم ة ح تى وإ ن ارتكبت طاع ة ألوام ر الق ادة‪ ،‬وذل ك اس تناداً إلى القواع د العرفي ة‬

‫الُمطبقة على النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية‪ ،769‬منها قاعدة عدم إطاعة األوامر التي تكون غير مشروعة‬

‫بوضوح‪ ،‬وأن إطاعة أمر الرئيس ال تعفي المرؤوس من المسؤولية الجنائية إذا كان يعلم ‪ -‬أو يفترض أنه يعلم –‬

‫أن األمر غير مشروع‪ ،‬نظراً لطبيعة الفعل‪ ،‬وال ُيستفاد من ذلك سوى في التخفيف من العقوبة وليس اإلعفاء منها‬
‫‪770‬‬
‫‪.‬‬

‫المتهم بارتكاب جريمة الحرب‪ ،‬وال تعفي تماماً‬


‫العليا ال ُيشكل دفاعاً صالحاً لشخص ُ‬
‫وعليه فالدفع باألوامر ُ‬

‫من المس ؤولية الجنائي ة عن ج رائم الح رب‪ ،‬وه ذا م ا أك د علي ه ميثاق ا المحكم تين العس كريتين ال دوليتين نورم برغ‬

‫وطوكيو‪.771‬‬

‫‪ . 767‬المادة ‪ 7/4‬من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة ‪1993‬م‪ ،‬الم‪VV‬ادة ‪ 4 V/6‬من النظ‪VV‬ام األساس‪VV‬ي للمحكم‪VV‬ة الجنائي‪VV‬ة الدولي‪VV‬ة‬
‫لرواندا ‪ 1994‬م ‪ .‬انظر سيف غانم السويدي ‪..‬المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء والدفع بأوامرهم امام القضاء الجنائي الدولي ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪77‬‬
‫‪ . 768‬جون ‪ -‬ماري هنكرتس ولويز دوزوالد –بك ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ‪495‬‬
‫‪ . 769‬انظر جون ماري هنكرتس ‪ .‬دراسة حول القانون اإلنساني الدولي العرفي‪ ،‬مرجع سابق ‪ .‬من القاعدة ‪ .155 -154‬صـ ‪52‬‬
‫‪ . 770‬دليل التنفيذ الوطني للقانون الدولي اإلنساني ‪.‬اللجنة الدولية للصليب األحمر ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪. 36‬‬
‫‪ . 771‬فميثاق المحكمة العسكرية الدولية في طوكيو نصت المادة ‪ 6‬على أنه ‪:‬‬
‫‪Article 6 Responsibility of accused‬‬
‫‪Neither the official position, at any time, of an accused, nor the fact that an accused acted pursuant to order of his‬‬
‫‪government or of a superior shall, of itself, be sufficient to free such accused from responsibility for any crime with‬‬
‫‪which he is charged, but such circumstances may be considered in mitigation of punishment if the Tribunal‬‬
‫‪determines that justice so requires‬‬
‫انظر الرابط ‪ .‬تاريخ الزيارة ‪ 25‬فبراير ‪. 2014‬‬
‫‪http://www.jus.uio.no/english/services/library/treaties/04/4-06/military-tribunal-far-east.xml‬‬

‫‪199‬‬
‫معنى ذلك أن طاعة األوامر ال تُش كل دفاع اً صالحاً ينفي المس ؤولية إذا كان الش خص على علم ب أن األمر‬

‫غ ير مش روع أو إذا ك انت ع دم المش روعية لألم ر ظ اهرة‪ ،‬وتُخ الف الق انون ص راحة‪ ،‬ف المرؤوس الب د أن تك ون‬

‫طاعت ه لألوام ر القانوني ة فق ط‪ ،‬م الم يثبت تعرض ه إلك راه وتهدي د أخ ل بعنص ر اإلدارة واإلدراك‪ ،‬وه و م ا تبنت ه‬

‫المحكمة الجنائية الدولية كآخر تطور في بند مسؤولية المرؤوسين‪.‬‬

‫المطل ق لل دفع ب أوامر الرؤس اء ال ذي نص ت علي ه‬


‫فالنظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة الدولي ة تجنب ال رفض ُ‬

‫األحكام القضائية السابقة‪ ،‬فنصت المادة ‪ ،33‬في فقرتها األولى أن األوامر العليا أو أمر الرئيس األعلى – كقاعدة‬

‫عامة‪ ،-‬ال تنفي المسؤولية الجنائية سواء كان األمر صادر من حكومة دولته أو الرئيس العسكري أو المدني‪ ،‬إال‬

‫بش روط ُمح ددة وردت كاس تثناءات على القاع دة العامة ‪ ،772‬ويت بين من نص الم ادة أن الفق رة األولى أوردت ثالث‬

‫فرضيات اعتبرت كالً منها سبباً مانعاً من مساءلة مرتكب الجريمة الدولية‪.‬‬

‫فحتى يستفيد المرؤوس من هذا االستثناء‪ ،‬وهو امتثاله ألمر حكومة أو رئيس أي أمام التزام قانوني بإطاعة‬

‫األوامر‪ ،‬يجب عليه إثبات أن تلك األوامر صادرة من شخص تجب طاعته‪ ،‬مع عدم علم الشخص بأن تلك األوام ر‬

‫الصادرة إليه من رؤسائه كانت غير مشروعة في ظاهرها‪.‬‬

‫ومث ال على ذل ك قي ام الم رؤوس ب إطالق ص واريخ على منطق ة س كنية في أرض الع دو بن اء على تعليم ات‬

‫وصلت إليه من مركز قيادته‪ ،‬تفيد بأنه قد تم تحويلها إلى منطقة عسكرية خالصة ‪ ،773‬وعليه يبدو من هذا النص‬

‫أن النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية قد سلك مسلكاً مغايراً نسبياً إلى ما درج عليه القضاء الدولي الجنائي‬

‫في مح اكم يوغس الفيا وطوكي و‪ ،‬ففي حين اعتبرت ه المحكم ة الجنائي ة الدولي ة في نظامه ا األساس ي مانع اً من موان ع‬

‫‪ .772‬نصت المادة ‪ 33‬من الميثاق على "‪ ...‬ال يعفى الشخص من المسئولية الجنائية إذا كان ارتكاب‪VV‬ه لتل‪VV‬ك الجريم‪VV‬ة ق‪V‬د تم امتث‪VV‬اال الم‪VV‬ر حكوم‪VV‬ة أو رئيس‪,‬‬
‫عسكريا كان أو مدنيا‪ ,‬عدا في الحاالت التالية‪-:‬‬
‫ا ) إذا كان على الشخص التزام قانوني بإطاعة أوامر الحكومة أو الرئيس المعني‪.‬‬
‫ب‌) إذا لم يكن الشخص على علم بأن األمر غير مشروع‪.‬‬
‫ج ) إذا لم تكن عدم مشروعية األمر ظاهرة‪.‬‬
‫‪ - 2‬ألغراض هذه المادة تكون عدم المشروعية ظاهرة في حالة أوامر ارتكاب جريمة اإلبادة الجماعية أو الجرائم ضد اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ . 773‬سيف غانم السويدي ‪.‬المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء والدفع بأوامرهم أمام القضاء الجنائي الدولي ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صـ‪4‬‬

‫‪200‬‬
‫المس ؤولية باعتب ار أن طاع ة األوام ر العلي ا يق ع ض من اإلك راه المعن وي‪ ،‬إال أن المح اكم الجنائي ة الدولي ة في‬

‫يوغسالفيا وطوكيو اعتبرته مجرد ظرف مخفف ‪.‬‬

‫وقد ركز النظام األساسي للمحكمة الجنائية على عدة أسباب تعطي استثناءات‪ ،‬على مبدأ المسؤولية الجنائية‬

‫الفردية‪ ،774‬وتُص يب ه ذه االس تثناءات اإلرادة فتُجرده ا من قيمته ا القانوني ة‪ ،‬فاإلنس ان كي ُيس ال جنائي اً عن أفعال ة‬

‫المقيدة‪ ،‬باإلضافة إلى اإلدراك الكامل لجميع التصرفات‬


‫الحرة غير ُ‬
‫المخالفة ألحكام القانون‪ ،‬البد أن يتمتع باإلرادة ُ‬
‫ُ‬

‫ال تي يق وم به ا‪ ،‬ف إذا انتفى عن ه اإلدراك أو االختي ار الح ر امتنعت مس ؤوليته الجنائي ة ‪ ،‬فبتوافرهم ا تق وم المس ؤولية‬

‫وبانتفائهم ا تنتفي المس ؤولية‪ ،‬وإ ثب ات ذل ك يخض ع للس لطة التقديري ة للقاض ي‪ ،‬فهي من المس ائل ال تي تس تقل به ا‬
‫‪775‬‬
‫‪ ،‬ورغم أن ماورد في نظام روما ال يخالف إال‬ ‫المحكمة بحسب ما تحيط بها من وقائع وظروف كل على حدة‬

‫نسبياً األحكام الجنائية الدولية ‪ ،‬إال أنه األحدث وبالتالي يمكن اعتماده ‪ ،‬ويظهر بوضوح العناصر األساسية التي‬

‫يجب التركيز عليها لقيام المسؤولية الجنائية كعنصر اإلدراك واالختيار ‪.‬‬

‫واستقراء لما سبق ومتابعة للمراحل المختلفة التي مر بها مبدأ المسؤولية الفردية للمرؤوسين يمكن القول أن‬
‫ً‬

‫تقدير ما إذا كان أمر الرئيس األعلى مانع اً للمسؤولية‪ ،‬أصبح متعلق اً أكثر بأثره على عنصري اإلرادة واإلدراك‬

‫لدى الفرد‪ ،‬وبالتالي يعتبر مانع من موانع المسؤولية ‪ ،‬وهو ما تبنته وركزت عليه التطورات األخيرة الواردة في‬

‫النظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة الدولي ة ‪ ،‬ودون ذل ك يمكن الق ول بأن ه مج رد ع ذر مخف ف‪ ،‬بحس ب م اورد في‬

‫القضاء الدولي بهذا الشأن‪.‬‬

‫و تبقى مس ألة اإلدان ة أو نفي المس ؤولية ُمتعلق ة بالتق دير القض ائي الالح ق وليس التق دير الس ابق لوق وع‬

‫الجريم ة‪ ،‬وه و م ا يع اب علي ه في نص وص االتفاقي ات المتعلق ة بحماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة بش كل ع ام حيث‬

‫‪. . 774‬لعل أهمها إعفاء من تقل أعمارهم عن سن الثامنة عشر وقت ارتكاب األفعال باإلض‪V‬افة إلى األف‪V‬راد ال‪V‬ذي ع‪V‬انوا من م‪V‬رض أو خل‪V‬ل ض‪V‬من س‪VV‬ياق‬
‫الدفاع الشرعي والمتناسب‪ V،‬فالعوارض التي تعتري اإلدراك كالجنون والس‪VV‬كر وص‪VV‬غر الس‪VV‬ن أو الح‪VV‬االت ال‪VV‬تي تض‪VV‬عف من حري‪VV‬ة االختي‪VV‬ار ك‪VV‬اإلكراه أو‬
‫الجهل أو الغلط في الصفة اإلجرامي‪V‬ة ‪.‬انظ‪V‬ر الم‪V‬ادة ‪ 30،31 V،26‬من النظ‪V‬ام األساس‪V‬ي للمحكم‪V‬ة الجنائي‪V‬ة الدولي‪V‬ة ‪ .‬راج‪V‬ع فرانس‪V‬واز بوش‪V‬يه س‪V‬ولنييه ‪.‬‬
‫القاموس العملي للقانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪ ،560‬صــ ‪. 561‬‬
‫‪ . 775‬عبدالوهاب عبدول ‪.‬المسؤولية الجنائية الدولية لألشخاص الطبعيين ‪..‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪ 213‬و صــ ‪.334‬‬

‫‪201‬‬
‫تعطى الس لطة التقديري ة‪ ،‬إم ا للقض اء أو ألط رف ال نزاع‪ ،‬وك ان األولى تنظيم العملي ة لحص ر األم ور التقديري ة في‬

‫أضيق نطاق ممكن من خالل إعطاء جهات ُمعينة ذات سلطة تقوم بالرقابة على تنفيذ وتطبيق قواعد الحماية لهذه‬

‫األعيان‪.‬‬

‫وكخالص ة من ك ل م ا س بق ذك ره ُيمكن الق ول أن األش خاص ال ذين ينتهك ون قواع د حماي ة األعي ان المدني ة‬

‫سواء كانوا رؤساء أو قادة أو حتى مرؤوسين‪،‬‬


‫ً‬ ‫والثقافية أو يأمرون بارتكابها يتحملون مسؤولية جنائية شخصية‪،‬‬

‫وتق وم ه ذه المس ؤولية إم ا أم ام المح اكم الوطني ة أو المح اكم األجنبي ة‪ ،‬أو أم ام المح اكم الجنائي ة الدولي ة القائمة‪،776‬‬

‫وتستند إلى معايير وضوابط وشروط البد من توافرها ‪.‬‬

‫الم ساءلة ليس فقط على الجهات الرسمية أو القوات الحكومية بل أيضا أولئك‬
‫فقواعد القانون اإلنساني تُرتب ُ‬

‫الذين يتمتعون بالنفوذ الفعلي على أرض الواقع‪ ،‬وأولئك الذين يمارسون السيطرة الفعلية على مرتكبي االنتهاكات‬

‫الخطيرة لقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬فالمسؤولية الجنائية تنشأ بعد مقياس السيطرة الفعلية‪.‬‬

‫وح تى في حال ة م ا إذا أدين ش خص بم وجب الق انون ال دولي بارتك اب انتهاك ات جس يمة للق انون ال دولي‬

‫اإلنساني وخاصة قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬فإن ذلك ال يعفي الدولة من المسؤولية الدولية‪ ،‬والعكس‬

‫بالعكس ‪.777‬‬

‫وعليه يمكن االعتراف بفعالية المسؤولية الدولية الجنائية بحق األفراد الذين يرتكبون االنتهاكات الجنائية‬

‫الدولي ة ح تى ال يفلت ش خص من العق اب عم ا ُيس ببه من تهدي د للس لم واألمن ال دوليين ولس لم وأمن األف راد‪ ،‬ف روح‬

‫اتفاقي ات ج نيف ه و أرتكازه ا على مفه وم الفعالي ة وفي أنه ا مس توحاة من اله دف ال رئيس وه و تحقي ق ال ردع‬

‫المناسب‪.778‬‬
‫ُ‬

‫‪ . . 776‬فرانسواز بوشيه سولنييه ‪ .‬القاموس العملي للقانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.559‬‬
‫‪ . 777‬انظر في هذا الصدد المادة ‪ 25/4‬من النظام األساسي للمحكم‪VV‬ة الجنائي‪VV‬ة الدولي‪VV‬ة وال‪VV‬تي تنص على أن‪VV‬ه "ال ي‪VV‬ؤثر أي حكم في ه‪V‬ذا النظ‪VV‬ام األساس‪VV‬ي‬
‫يتعلق بالمسؤولية الجنائية الفردية في مسؤولية الدول بموجب القانون الدولي "‪.‬‬
‫‪778‬‬
‫‪. ICTY, UN. TPIY. Appeals Chamber the Prosecutor v. DU [KO TADI], IT-94-1-A, 15 July 1999 .para 96 p.g 38.‬‬

‫‪202‬‬
‫ويتضح مما سبق بيانه أن المسؤولية الجنائية الفردية تتحدد بمواجهة كل من يرتكب جريمة بحق األعيان‬

‫المدني ة والثقافي ة‪ ،‬أو يمتن ع عن اتخ اذ أي ت دابير الزم ة ومعقول ة لمن ع ومعاقب ة ك ل من ي رتكب ه ذه الج رائم‪ ،‬لكن‬

‫السؤال الذي قد ُيثار هو هل يعاقب هؤالء في حال ارتكابهم لبعض األفعال غير المشروعة كتلك الجرائم التي تقع‬

‫على هذه األعيان عند توافر ضرورة عسكرية لنفي المسؤولية‪ ،‬فالضرورة العسكرية هي الحجة الرئيسية لتبرير‬

‫المستمر لهذه األعيان‪ ،‬خاصة مع توافر نصوص صريحه تنص على جواز االرتكان إليها‪ ،‬وهو ما سيتم‬
‫التدمير ُ‬

‫بيانه في المطلب التالي ‪-:‬‬

‫‪779‬‬
‫‪-:‬‬ ‫المطلب الثاني‪:‬ـ الدفع بتوافر الضرورة العسكرية لنفي المسؤولية القانونية الدولية‬

‫الع رفي كس بب من األس باب لإلعف اء من المس ؤولية‪،‬‬


‫تج د الض رورة العس كرية أص ولها في الق انون ال دولي ُ‬

‫وتُعطي اعتبارات مصلحة الدولة في المقام األول‪ ،‬فيجيز الخروج على قواعد القانون الدولي اإلنساني ‪ ،780‬ومنها‬

‫تلك التي تتعلق بانتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية‪.‬‬

‫المتنازع ة لت برير العدي د من االنتهاك ات لقواع د حماي ة األعي ان المدني ة‬


‫حيث تس تند الكث ير من األط راف ُ‬

‫والثقافية بتوافر الضرورة العسكرية‪ ،‬ويتم االستناد إليها والدفع بها لتجنب المسؤولية الدولي ة الجنائية‪ ،‬واإلفالت من‬

‫العقوب ة‪ ،‬ذل ك أن أط راف ال نزاع يس عون في المق ام األول إلى تحقي ق االنتص ار‪ ،‬وإ ض عاف ق وة الخص م‪ ،‬وبالت الي‬

‫يتخذون كل التدابير والوسائل للتمكن من الوصول إلى هذه الغاية‪.‬‬

‫كم ا فعلت الوالي ات المتح دة األمريكي ة في ت برير قص فها الوحش ي والالإنس اني للم دن العراقي ة خالل ح رب‬

‫الخليج الثاني ة ع ام ‪ ،1991‬حيث دافعت عن ذل ك قائل ة ب أن فعله ا ه ذا ك انت تس تدعيه الض رورة العس كرية‪،781‬‬

‫‪ . 779‬تتعدد أسباب امتناع‪ V‬المسؤولية بحسب ما تنص عليه مواد النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية إال إنه سيتم هنا التركيز على "حالة الض‪VV‬رورة"‬
‫وذلك الرتباطها الوثيق بموض‪VV‬وع الدراس‪V‬ة حيث سيتض‪VV‬ح التج‪VV‬ازوات ال‪VV‬تي تُ‪VV‬رتكب ب‪VV‬داعي ت‪VV‬وافر ه‪VV‬ذه الحال‪VV‬ة وتص‪VV‬بح بمنظ‪VV‬ور‪ V‬حال‪VV‬ة الض‪V‬رورة أفع‪VV‬اال‬
‫مشروعه‪.‬‬
‫‪ . 780‬نزار العنبكي‪. V‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪.61‬‬
‫‪ .781‬حسين علي الدريدي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.452‬‬

‫‪203‬‬
‫وبالتالي تُستعمل الضرورة العسكرية كمفهوم قانوني وكجزء من التبرير لهجمات على أهداف عسكرية مشروعه‬

‫ومدمرة على األعيان المدنية والثقافية ‪.782‬‬


‫ذات نتائج رهيبة ُ‬

‫ويتم اإلش ارة إليه ا بك ثرة لت برير عملي ات قص ف األعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬وذل ك لوج ود نص وص ص ريحة‬

‫تجعل من الضرورة العسكرية مبرراً الرتكاب المخالفات الجسيمة ضد هذه األعيان ‪ ،‬في حين ال توجد نصوص‬

‫تُبرر أي ُمخالفات تُرتكب ضد األشخاص المدنيين مثل القتل العمد أو التعذيب‪.783‬‬

‫كم برر لت دمير األعي ان المدني ة‬


‫وعلي ه فالس ؤال ال ذي ُيمكن طرح ة ه ل ُيمكن اتخ اذ الض رورة العس كرية ُ‬

‫والثقافية؟ وهل ُيمكن الدفع بها لنفي المسؤولية أمام انتهاكات قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية؟ ولإلجابة على‬

‫ذل ك تتطلب دراس ة الض رورة العس كرية‪ ،‬و تحدي د مفهومه ا من جه ة‪ ،‬وبي ان الطبيع ة القانوني ة والش روط ال واجب‬

‫توافرها‪ ،‬ثم إبراز المعايير التي ُيمكن من خاللها قياس وجود ضرورة من عدمه من جهة أخرى‪ ،‬ثم تقويم مدى‬

‫فعالي ة ال دفع بت وافر الض رورة العس كرية في انته اك قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬وذل ك على النح و‬

‫التالي ‪-:‬‬

‫أوالً‪ :‬مفهوم الضرورة العسكرية في القانونـ الدولي اإلنساني ‪-:‬‬

‫وردت العدي د من التعريف ات بش أن الض رورة العس كرية ال تي تُمليه ا ظ روف القت ال وجعلته ا ُم برراً‬

‫المتعلق ة باألعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬فمن الفقه اء من ح اول التفس ير وإ عط اء بعض‬


‫المختلف ة منه ا تل ك ُ‬
‫لالنتهاك ات ُ‬

‫التعريفات‪ ،‬منها ما جاء فيه القول بأن الضرورة العسكرية ما هي إال الحالة التي تكون ُملحة لدرجة ال تترك وقت اً‬

‫المتوافقة مع القواعد القانونية‬


‫ُمناسباً للقائد العسكري بالتأخير في اتخاذ القرارات بشأن اختيار الوسائل واألساليب ُ‬

‫‪.784‬‬

‫‪ .782‬فرانسواز جي‪ .‬ھامبسون ‪ .‬الضرورة العسكرية تقديم حنان عشراوي ‪.‬جرائم الحرب ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 325‬‬
‫‪ .783‬نجاة أحمد ابراهيم ‪.‬المسؤولية الدولية عن انتهاكات‪ V‬قواعد القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪. 225‬‬
‫‪ . 784‬سلوان جابر هاشم ‪.‬حالة الضرورة في القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ 100.‬وصــ‪. 101‬‬

‫‪204‬‬
‫وعلي ه فإنه ا أح وال اس تثنائية تظه ر أثن اء الح رب‪ ،‬وتف رض ح ال قيامه ا ارتك اب أفع ال واتخ اذ ت دابير‬

‫وإ جراءات ُمعينة على وجه السرعة بسبب الموقف أو الظرف االستثنائي‪ ،‬وكل ذلك من أجل أمرين‪ :‬إما ضمان‬

‫التغلب على العدو وهزيمته أو وإ ضعاف قوته‪ ،‬ومن ثم تحقيق النصر العسكري المطلوب‪.‬‬

‫فإذا ما تحقق أحد هذه األهداف أو جميعها امتنع التمادي واالستمرار في توجيه األعمال العدائية ذلك أن‬

‫فكرة الضرورة المقصودة هنا هي عدم تجاوز مقتضيات الحرب وتحمل في طياتها معنى الحظر والتجريم وليست‬
‫‪785‬‬
‫الضرورة التي تفضي إلى اإلباحة أو التجاوز‪.‬‬

‫ومنهم من اعتبره ا مفهوم اً قانوني اً ُيس تخدم في الق انون ال دولي اإلنس اني لت برير اللج وء إلى العن ف‬

‫والهجمات على أهداف عسكرية مشروعه‪ ،‬وبها ُيصبح من المسموح إيقاع أضرار على األعيان المدنية والثقافية‪،‬‬

‫المتحققة أكبر من الضرر بمعنى ضمان بقاء هذه الضرورة ضمن إطار مبدأ التناسب‬
‫لكن بشرط أن تكون الميزة ُ‬

‫بحيث تتناسب النتائج مع الضرر الذي تسبب بتدمير هذه األعيان ‪.786‬‬

‫م ع ض رورة أن تك ون كاف ة األه داف ال تي يس عى إليه ا األط راف لتحقي ق النص ر عس كرية وليس ت سياس ية‪،‬‬

‫بمع نى أن تك ون مادي ة ملموس ة وليس ت معنوي ة‪ ،‬إال أن مث ل ه ذا الش رط ق د ط رح ويط رح مش اكل في تص نيف‬

‫األهداف فهناك بعض األهداف كإخضاع الخصم لالستسالم‪ ،‬هل ُيعد مثل هذا الهدف هدفاً سياسياً أم عسكرياً؟ ‪،787‬‬

‫المتنازع ة وخاص ة ُمتخ ذي الق رارات في القي ام ب الهجوم مس احة واس عة من التق ديرات‬
‫وبالت الي يعطي األط راف ُ‬

‫الذاتية التي تُبنى في األساس على المصالح السياسية والعسكرية‪ ،‬وال يكون لالعتبارات اإلنسانية أي قيمة ‪.‬‬

‫‪ . 785‬نجاة حمد أحمد إبراهيم ‪.‬المسؤولية الدولية عن انتهاكات‪ V‬قواعد القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق‪ .‬من صــ ‪ 99‬إلى صــــ‪101‬‬
‫‪ , 786‬روشو خالد ‪.‬الضرورة العسكرية في القانون الدولي اإلنساني‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ‪. 85‬‬
‫‪ . 787‬فرانسواز جي‪ .‬ھامبسون ‪ .‬الضرورة العسكرية تقديم حنان عشراوي ‪.‬جرائم الحرب ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪. 325‬‬

‫‪205‬‬
‫عرفت لجنة القانون الدولي حالة الضرورة باعتبارها الظرف الذي " توجد فيه دولة ال تملك أية وسيلة‬
‫وقد ّ‬

‫للمحافظ ة على مص الحها الحيوي ة أم ام خط ر كب ير وس اطع‪ ،‬إال باتب اع تص رف ُمخ الف ل واجب دولي في‬
‫أخ رى ُ‬

‫عالقاتها مع دولة أخرى "‪.788‬‬

‫المحيط ة بالدول ة حال ة وجس يمة‪،789‬‬


‫فاش ترطت اللجن ة من خالل ه ذا التعري ف أن تك ون الظ روف الواقعي ة ُ‬

‫ويفهم منها أن تكون الشروط ُمجتمعة بمعنى ال ُيكتفى بأن يكون الخطر حااّل بل ال بد أن يكون جسيماً أيضاً ‪.‬‬
‫ُ‬

‫وتشير التعريفات الواردة بوضوح إلى أن الضرورة العسكرية لها عناصر وشروط منها وجوب اتخاذها من‬

‫ومحترفين وهم من يأمرون باتخاذها‪ ،‬باإلضافة إلى ضرورة أن يكون الهدف منها هو ضمان‬
‫أشخاص ُمتمرسين ُ‬

‫التغلب على الع دو‪ ،‬وأيض اً أن تتخ ذ على وج ه الس رعة فهي عاجل ة‪ ،‬وهو م ا لم يتف ق مع ه البعض‪ ،‬باعتب ار أن ه ال‬

‫راء عاج ل أو ُملح يجب اتخ اذه وال‬


‫دبير أو إج ٌ‬
‫يس تلزم لغ رض اعتب ار وج ود ض رورة عس كرية أن يك ون هن اك ت ٌ‬

‫يج وز الت أخر عن ه‪ ،‬فهن اك الكث ير من الق رارات ال تي يتم اتخاذه ا ال توص ف بالعاجل ة وت دخل في مفه وم الض رورة‬

‫ويكتفى واقعي اً ب أن تك ون الق رارات‬


‫العس كرية‪ ،‬وبالت الي ف إن التالزم بين الض رورة واالس تعجال ال ض رورة ل ه ُ‬

‫ضرورية فقط لضمان التغلب على العدو‪.790‬‬

‫وه و م ا ال يمكن االتف اق مع ه باعتب ار أن الض رورة العس كرية يجب أن تك ون باإلض افة إلى وج ود خط ر‬

‫جسيم أن تكون حالة فال توجد الضرورة إال إذا توافر العنصران معاً‪ ،‬أما إذا كان الضرر قد وقع وانتهى أو يوش ك‬

‫على الوقوع‪ ،‬ال يمكن االستفادة منها باعتبار أن ذلك سيخل بفكرة الضرورة كحالة استثنائية وطارئة تش ّكلت بس بب‬

‫ظروف ُمعنية تزول بزوالها‪.‬‬

‫‪ . 788‬غسان الجندي ‪ .‬المسؤولية الدولية ‪ .‬بدون دار نشر ‪.‬الطبعة األولى ‪ . 1990 .‬صـــ‪.70‬‬
‫‪ . 789‬ويقصد بالحالة أن يكون هناك خطراً يُهدد بقاء الدولة بحيث‪ V‬ال تستطيع الدولة تفاديه إال بإهدار مصلحة مشروعه‪ ،‬والخطر الجس‪VV‬يم ه‪VV‬و ذاك الخط‪VV‬ر‬
‫الذي ال يمكن تدارك ضرره‪ ،‬وتبقى‪ V‬مسألة تقدير ذلك الخطر الحال والجسيم من المسائل النسبية‪ ،‬وتُترك‪ V‬لقاضي الموضوع وللمحكم‪VV‬ة ال ُمختص‪VV‬ة تق‪VV‬ديرها‬
‫ليتم تقدير مدى الجسامة ومدى توافر حالة الخطر الحال ‪ .‬انظر ‪.‬روشو خالد ‪.‬الضرورة العسكرية في القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ‪. 89‬‬
‫‪ . 790‬سلوان جابر هاشم ‪.‬حالة الضرورة في القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 102‬‬

‫‪206‬‬
‫وبالت الي ف إن الض رورة العس كرية مج رد حال ة اس تثنائية ووس يلة أخ يره غ ير ُمطلق ة ب ل ُمقي ده بتحقي ق أه داف‬

‫الحرب وهي إضعاف العدو وإ حراز النصر العسكري ‪ ،791‬وهو ما أكده إعالن سان بطرسبرغ لعام ‪،792 1868‬‬

‫ويتجس د أيض اً في الم ادة ‪ 22‬من الئحة اله اي ال تي تنص على أن ه ليس للمتح اربين ح ق ُمطل ق في اختي ار وس ائل‬

‫إلحاق الضرر بالعدو‪ ،‬وتؤيده المادة ‪ 35‬من البروتوكول اإلضافي األول التي جاء فيها القول بأن حق أطراف أي‬

‫نزاع مسلح في اختيار أساليب ووسائل القتال ليس حقاً ال تقيده قيود ‪.‬‬

‫مما سبق يمكن استخالص نتيجة مفادها أن الضرورة العسكرية تظهر أثناء وجود حاجة عسكرية عاجلة‬

‫ُي قدرها قائد ذو صالحية تقتضي الخروج على قواعد قانونية‪ ،‬مما يجوز فيها استخدام أساليب ووسائل قتالية بشرط‬

‫أن يكون الهدف منها فقط إضعاف قدرات الطرف اآلخر مع تجنب اإلضرار بالمصالح المحمية قدر المستطاع‪،‬‬

‫وبما يتناسب مع الحالة االستثنائية‪.‬‬

‫ورغم م ا تحتل ه الض رورة العس كرية من موق ع ب ارز في أحك ام الق انون ال دولي اإلنس اني‪ ،‬إال أن م ا يمكن‬

‫مالحظت ه أن النص وص القانوني ة التفاقي ات الق انون ال دولي اإلنس اني لم تض ع ُمص طلحاً ُموح داً و واض حاً يض بط‬

‫مفهوم الضرورة العسكرية ‪ ،793‬بل وردت عدة تسميات لمصطلح الضرورة العسكرية‪.794‬‬

‫المرتكز الذي تُبنى‬


‫وقد ظهر خالف فقهي حول ُمسمى الضرورة العسكرية ذاته‪ ،‬والسبب في ذلك يعود إلى ُ‬

‫العرفية التي‬
‫والممارسات ُ‬
‫عليه والذي ُيطلق عليه "حق الضرورة "‪ ،‬على اعتبار أنها حق قانوني‪ ،‬وأحد المبادئ ُ‬

‫مارستها الدول خالل الحروب لتحقيق غاية عسكرية تتمثل في الحفاظ على الدولة ‪.795‬‬

‫‪ . 791‬روشو خالد ‪.‬الضرورة العسكرية في القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ‪. 82‬‬
‫‪ . 792‬حيث جاء في اإلعالن أن الهدف الوحيد المشروع الذي يجب أن تسعى إليه الدول أثناء الحرب هو إضعاف قوات العدو العسكرية لذلك ف‪VV‬إن إقص‪VV‬اء‬
‫أكبر عدد ممكن من الجنود يكفي لتحقيق هذا الهدف‪.‬‬
‫‪ . 793‬انظر هامش رقم ‪ . 1‬روشو خالد ‪.‬الضرورة العسكرية في القانون الدولي اإلنساني‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ‪. 82‬‬
‫‪ . 794‬مثل‪ -:‬المقتضيات العسكرية‪ ،‬الضرورة العسكرية الملحة‪ ،‬الضرورة الحربية القهرية‪ ،‬الضرورة الحربية العاجلة‪ ،‬األسباب العسكرية‪.‬‬
‫‪ . 795‬فرانسواز جي‪ .‬ھامبسون ‪ .‬الضرورة العسكرية تقديم حنان عشراوي ‪.‬جرائم الحرب ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪. 325‬‬

‫‪207‬‬
‫ورأي آخر ُيطلق عليها "حالة الضرورة " على اعتبار أنها تمثل مجرد حالة أو ظرف استثنائي تزول بزوال‬
‫ٌ‬

‫هذا الظرف‪ ،‬بينما ُيطلق عليها البعض اآلخر" نظرية الضرورة "‪ ،796‬بمعنى تقوم على شروط وعناصر ومعايير‬

‫المالئمة التي تقاس وتقيَّم بها‪ ،‬وبالتالي تطبيقها‪ ،‬وهو الرأي الذي يجانب‬
‫يمكن التعرف عليها من خالل المقاييس ُ‬

‫الصواب والمنطق‪ ،‬فال يمكن االستفادة منها إال بعد تقديم األدلة على توافرها مما يضع عبئ اً ثقيالً على كاهل من‬

‫يتذرعون باالستثناء؛ إذ يجب عليهم تقديم الدليل مما قد يحد من التقويمات الذاتية ألطراف النزاع‪.‬‬

‫وباس تقراء نص وص الق انون ال دولي اإلنس اني نج د أن هن اك ع دداً من النص وص تتض من فك رة الض رورة‬

‫العس كرية منه ا على س بيل المث ال ديباج ة اتفاقي ة اله اي لع ام ‪ 1907‬ال تي نص ت على أن ه ذه األحك ام اس تمدت‬
‫‪797‬‬
‫‪.‬‬ ‫صياغتها من الرغبة في التخفيف من آالم الحرب كلما سمحت بذلك المقتضيات العسكرية‪.‬‬

‫أم ا اتفاقي ات ج نيف وال بروتوكوالن الالحق ان فهن اك العدي د من النص وص ال تي أج ازت اللج وء إلى فك رة‬

‫الضرورة العسكرية‪ ،‬ومنها الحكم الذي يحظر على دولة االحتالل تدمير أي ممتلكات ثابته ومنقولة خاصة ب األفراد‬

‫أو بالدول ة إال إذا ك انت هن اك ض رورة عس كرية تس توجب ه ذا الت دمير‪ ،798‬كم ا أش ارت االتفاقي ات الالحق ة على‬

‫لح ق به ا إلى العدي د من النص وص ال تي‬


‫الم َ‬
‫اتفاقي ات ج نيف ومنه ا اتفاقي ة اله اي لع ام ‪ ،1954‬وك ذلك ال بروتوكول ُ‬
‫‪799‬‬
‫تنطوي على فكرة الضرورة العسكرية‪.‬‬

‫الملحقة بالضرورة العسكرية كأن تكون قصوى أو ُملحة أو ُمطلقة إال أنه من وجهة‬
‫ورغم تعدد الصفات ُ‬

‫النظر العسكرية ال يوجد فارق بين هذه المصطلحات‪.800‬‬

‫‪ . 796‬محمد عبد المنعم عبد الغني ‪ .‬الجرائم الدولية ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪. 383‬‬
‫‪ . 797‬المــادة (‪) 43‬التي جاء فيها " إذا انتقلت سلطة القوة الشرعية بصورة فعلية إلى يد قوة االحتالل‪ ,‬يتعين على هذه األخيرة‪ ,‬قدر اإلمكان‪ ,‬تحقي‪VV‬ق األمن‬
‫والنظام العام وضمانه‪ ,‬مع احترام القوانين السارية في البالد‪ ,‬إال في حاالت الضرورة القصوى التي تحول دون ذلك "‪.‬‬
‫‪ . 798‬المادة ‪ 53‬و‪55‬و‪ 108‬من اتفاقية جنيف الرابعة ‪.‬‬
‫‪ . 799‬المادة " ‪ " 4‬من اتفاقية الهاي لعام ‪ ،1954‬والمادة "‪ "6‬من البروتوكول اإلضافي الثاني لعام ‪.1999‬‬
‫‪ . 800‬سلوان جابر هاشم ‪.‬حالة الضرورة في القانون الدولي اإلنساني مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪.117‬‬

‫‪208‬‬
‫وبالت الي يمكن الق ول ب أن الق انون ال دولي اإلنس اني لم يتع رض لمفه وم الض رورة العس كرية ب ل اكتفت‬

‫االتفاقي ات الناظم ة ل ه باإلش ارة إلي ه دون التط رق إلى مفهوم ه ومقاص ده وض وابطه‪ ،801‬وربم ا يرج ع األم ر إلى‬

‫اختالفات الفقهاء في تكييف الطبيعية القانونية التي تتميز بها هذه الضرورة فتتغير بحسب الظروف المحيطة بها‬

‫وهو ما سيتم بيانه تالياً ‪-:‬‬

‫ثانياًـ ‪ :‬الطبيعة القانونية و شروط الضرورة العسكرية ‪-:‬‬

‫بب من أس باب‬
‫اختل ف الفقه اء في تك ييف حال ة الض رورة‪ ،‬ف يرى بعض الفقه اء أن الض رورة العس كرية س ٌ‬

‫اإلباحة‪ ،‬ولهذا ال يعدها جريمة حرب بل هي مجرد فعل غير مشروع يستتبع تعويض المتضرر على أساس فكرة‬
‫‪802‬‬
‫وذل ك باعتب ار أن الض رر ه و أح د العناص ر الكافي ة لقي ام المس ؤولية المدني ة بغض النظ ر عن قي ام‬ ‫المخ اطرة‬

‫المسؤولية الجنائية ‪.‬‬

‫بينم ا ي ذهب رأي الى أن الض رورة العس كرية م ا هي إال ُمج رد "ظ رف واقعي" ُيفس ر في أض يق الح االت‪،‬‬

‫حيث ال ُيمكن للدولة االستناد إلى الضرورة العسكرية إال في حالة توفرت ظروف واقعية ‪ ،803‬فيما عدها البعض‬
‫‪804‬‬
‫‪،‬‬ ‫من موانع المسؤولية‪ ،‬فالتصرف يبقى تصرفاً غير مشروع طبق اً للقانون مالم يثبت بأن هناك ضرورة ملحة‬

‫واس تند ه ذا ال رأي إلى ك ون حال ة الض رورة ن وع من أن واع اإلك راه‪ ،‬حيث يك ون من ش أنها إجب ار واض طرار‬

‫الشخص على التصرف خالفاً إلرادته‪.805‬‬

‫‪ .801‬نصت على مبدأ الضرورة العسكرية الكثير من النصوص القانونية ومنها‪ V‬المادة ‪ 50‬من اتفاقية ج‪VV‬نيف األول ى‪ ،‬الم‪VV‬ادة ‪ 50‬من اتفاقي‪VV‬ة ج‪VV‬نيف الثاني‪VV‬ة‬
‫والمادة ‪ 30‬من اتفاقية جنيف الثالثة‪ ،‬المادة ‪ 147‬من اتفاقية جنيف الرابعة‪ .‬انظر أحمد سي علي ‪ .‬حماية األشخاص واألموال في القانون الدولي اإلنساني‬
‫‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪. 347‬‬
‫‪ . 802‬سلوان جابر هاشم ‪.‬حالة الضرورة في القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪ ،117‬صــ‪. 118‬‬
‫‪ . 803‬روشو خالد ‪.‬الضرورة العسكرية في القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 127‬‬
‫‪ . . 804‬سلوان جابر هاشم ‪.‬حالة الضرورة في القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 117‬‬
‫‪ . 805‬محمد عبد المنعم عبد الغني ‪ .‬الجرائم الدولية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪390‬‬

‫‪209‬‬
‫وق د وض عت لجن ة الق انون ال دولي مجموع ه من االس تثناءات تمن ع من الت ذرع بحال ة الض رورة حيث أن ه ال‬

‫يجوز لدولة التذرع بالضرورة العسكرية لكي تنتهك قواعد آمرة‪ ،‬وقد أوضحت لجنة القانون الدولي في الفقرة ‪28‬‬

‫من تعليقها على المادة ‪ ،80633‬بأن قواعد القانون الدولي اإلنساني قواعد آمرة ال يمكن استبعادها باسم الضرورة‬

‫العس كرية‪ ،‬وال ُيمكن االحتج اج بالض رورة العس كرية من أج ل انته اك قواع د ته دف في األس اس لمن ع الض رورة‬

‫العسكرية من التسبب في أضرار لألعيان المدنية والثقافية ‪.807‬‬

‫المتخذ عمالً عسكرياً تُمليه‬


‫وبحسب ما اتفق عليه الفقهاء والقضاء الدولي ُيشترط العتبار العمل العسكري ُ‬

‫وي برر بالتالي الخروج على بعض قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬أو التخفيف منها‬
‫الضرورة العسكرية‪ُ ،‬‬

‫أن تكون الضرورة العسكرية المطلوبة ال غنى عنها لتنفيذ المهمة ‪ ،‬وال تكون إال إذا كانت القاعدة تنص صراحة‬

‫على احتمال حدوث هذه االنتقاض أو التخلي عن الحماية‪ ،‬وفي الحدود المسموح بها ‪.808‬‬

‫المس تخدمة مش روعة‪ ،‬وأن تك ون ُمتفق ه م ع أحك ام الق انون ال دولي‪ ،‬وأيض اً‬
‫وأن تك ون الوس ائل واألس اليب ُ‬

‫ُمتوافقه مع غاية الحرب وهي إضعاف القوة العسكرية للعدو‪ ،‬مع وجوب أن تكون ُمحققة لميزة عسكرية أكيده‪،‬‬

‫وأيضاً ضرورية بمعنى ال ُيمكن االستغناء عنها‪ ،‬وكذلك البد من ضرورة مراعاة االعتبارات اإلنسانية‪ ،‬ويرجع‬

‫تق دير ذل ك إلى الظ روف الس ائدة لحظ ة القي ام باألعم ال العس كرية‪ ،809‬ه و م ا أك دت علي ه العدي د من النص وص‬

‫ص راحة‪ ،‬فيجب أن ال تك ون األض رار المدني ة المترتب ة على اإلج راءات ال تي اتخ ذت اس تناداً إلى الض رورة‬
‫‪810‬‬
‫‪.‬‬ ‫العسكرية ُمفرطة قياساً إلى الميزة العسكرية‬

‫‪ . 806‬عالجت المادة ‪ 33‬من مشروع القانون الدولي اإلنساني حالة الضرورة ووضعت لها عدة معايير البد من التقيد بها ‪-:‬‬
‫‪ .1‬ان يكون تذرع الدولة بهذه الحالة هي الوسيلة الوحيدة لحماية مصلحة اساسية ضد خر محدق‪.‬‬
‫‪ ..2‬أن ال يسبب‪ V‬هذا التصرف الحاق الضرر بمصلحة جوهرية لدولة اخرى‬
‫‪807‬‬
‫‪UN.Yearbook of the International Law Commission, 1980, Volume II. Report of the Commission to the General‬‬
‫‪Assembly on the work of its thirty-second session. New York, 1981. A/CN.4/SER.A/1980/Add.l (Part 2).‬‬
‫‪Para28 .P.g.46 .‬‬
‫‪ . 808‬سلوان جابر هاشم ‪.‬حالة الضرورة في القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪.119‬‬
‫‪ . 809‬حسين علي الدريدي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـ ‪. 449‬‬
‫‪ . 810‬انظر المادة الثالثة المشتركة التفاقيات جنيف األربع لعام ‪ 1949‬والمادة ‪ -5/ 51‬ب‪ ،‬والم‪V‬ادة ‪ -2/ 57‬ثالث‪V‬ا ً من ال‪V‬بروتوكول اإلض‪V‬افي األول لع‪V‬ام‬
‫‪. 1977‬‬

‫‪210‬‬
‫وال بد أيضاً أن يكون هناك تناسب‪ ،‬بمعنى أن تتالءم األعمال العسكرية التي تُقررها الضرورة العسكرية‬

‫كت دمير األعي ان المدني ة والثقافي ة م ع حجم الض رر ال ذي يلح ق ب الطرف اآلخ ر‪ ،‬وم دى تحق ق م يزات عس كرية‬

‫المعت دى علي ه‪ ،‬فيس عى التناس ب إلى إقام ة الت وازن بين مص لحتين ُمتعارض تين هم ا اإلنس انية‬
‫تض عف الط رف ُ‬

‫والضرورة العسكرية ‪.811‬‬

‫وال يكفي ذلك بل ال بد أن تكون حالة الضرورة ُمتوافره لحظة القيام بالعمل العسكري بمعنى ارتباط قيام‬

‫هذه الحالة بسير العمليات الحربية خالل مراحل االقتتال‪ ،‬وال يمكن االستفادة منها في حالة توقف القتال‪ ،‬فهي ذات‬

‫طبيعه مؤقته تزول بزوال الخطر‪.812‬‬

‫كما ال بد أن تكون الخيار األخير وال يوجد خيارات أخرى أقل ضرراً وهذا الشرط ُيفهم ضمنياً باعتبار‬

‫أن الضرورة العسكرية ماهي إال استثناء ُيبيح التحلل من قواعد الحماية لعدم وحود بديل آخر ‪ ،813‬بمعنى ال يكون‬

‫أمام أطراف النزاع أي خيار لتحديد طبيعة ونوع الوسائل سوى تلك التي تم استخدمها فقط ً‪ ،814‬وبالتالي ال يكون‬

‫اللجوء إليها إال بعد استنفاذ كافة الخيارات األخرى‪ ،‬وعليه فإنه إذا اضطرت الدول ُممارسة هذه الحالة‪ ،‬فإن ذلك‬

‫يعطيه ا الع ذر دون اإلعف اء من المس ؤولية التعويض ية‪ ،‬فحال ة الض رورة ال تُض في الش رعية على األفع ال‬
‫‪815‬‬
‫‪.‬‬ ‫المجرمة‬
‫ُ‬

‫وهذا ما تبنته محكمة العدل الدولية في الفتوى المتعلقة ببناء اسرائيل جدار في األراضي الفلسطينية المحتلة‬

‫والمقتضيات العسكرية ُيمكن أن تساق كذريعة في حال إثبات أن ال بديل لها من أجل‬
‫‪ ،‬فالضرورات العسكرية ُ‬

‫ضمان األمن ‪ ،‬إال أن كل تدمير لألعيان المدنية كتدمير المنازل والزروع وغيرها يبقى محظور بوضوح بموجب‬

‫قواع د الق انون ال دولي اإلنس اني ‪ ،‬ف أي اس تثناء من قاع دة عام ة ينبغي تفس يره بطريق ة ُمقي دة بم ا يكف ل الحف اظ على‬

‫‪ . 811‬فرانسواز جي‪ .‬ھامبسون ‪ .‬الضرورة العسكرية تقديم حنان عشراوي ‪.‬جرائم الحرب ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ‪. 325‬‬
‫‪ . 812‬هشام بشير ‪ .‬وعالء الضاوي ‪ .‬حماية البيئة والتراث الثقافي في القانون الدولي ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪. 99‬‬
‫‪ . 813‬سلوان جابر هاشم ‪.‬حالة الضرورة في القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 121‬‬
‫‪ . 814‬هشام بشير ‪ .‬وعالء الضاوي ‪ .‬حماية البيئة والتراث الثقافي في القانون الدولي ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪. 99‬‬
‫‪ . 815‬روشو خالد ‪.‬الضرورة العسكرية في القانون الدولي اإلنساني‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 127‬‬

‫‪211‬‬
‫‪816‬‬
‫‪ ،‬وبالت الي ق د تك ون الض رورة العس كرية ع ذر إال أن ه ذا الع ذر ال يض في‬ ‫االعتب ارات اإلنس انية األساس ية‬

‫الشرعية على أفعال محظورة وفقاً لقواعد القانون الدولي اإلنساني ‪.‬‬

‫ثالثاًـ ‪ :‬مدى فعالية الدفع بحالةـ الضرورة في انتهاك قواعد حماية األعيانـ المدنية والثقافية ‪-:‬‬

‫لقد تباينت اآلراء بشأن حالة الضرورة فبينما رفض رأي الدفع بحالة الضرورة‪ ،‬نجد قبوالً وتأييدا ًمن طرف‬

‫آخر‪ ،‬حيث يرى رأي أنه يمكن الدفع بحالة الضرورة‪ ،‬كسبب من أسباب اإلباحة في الجريمة الجنائية استناداً الى‬

‫أن الدولة لها كامل الحق في الدفاع عن نفسها‪ ،‬فحقها في البقاء هو من أسمى الحقوق التي كفلها وأعترف لها به‬
‫‪817‬‬
‫القانون الدولي إال أن ذلك ال يعفيها من المسؤولية التعويضية‪.‬‬

‫ويرى رأي آخر أنه ال يجوز الدفع بحالة الضرورة كسبب من أسباب اإلباحة؛ ألن ذلك سيؤدي ببساطة إلى‬

‫صعوبة في تنظيم العمليات القتالية وتجريدها من كل قيمها اإلنسانية ‪ ،‬فقد جاء في فتوى محكمة العدل الدولية عام‬

‫‪ 1996‬في رأيه ا االستش اري ح ول ش رعية اس تخدام األس لحة النووي ة أو التهدي د به ا في الفق رة الفرعي ة األولى من‬

‫الفقرة ‪/105‬ه بقولها " أن المحكمة بالنظر إلى حالة القانون الدولي الراهنة والعناصر الواقعية التي تحت تصرفها‬

‫ليس بوس عها أن تخلص بش أن م ا إذا ك ان التهدي د باألس لحة النووي ة أو اس تخدامها مش روعاً أو غ ير مش روع في‬
‫‪818‬‬
‫‪.‬‬ ‫ظرف أقصى من ظروف الدفاع عن النفس‪ ،‬يكون فيه بقاء الدولة ذاته معرضاً للخطر"‬

‫‪ . 816‬انظر رأي القاضي نبيل العربي ‪ .‬فتوى محكمة العدل الدولية بشأن اآلثار القانونية الناشئة عن تش‪VV‬ييد ج‪V‬دار في األرض الفلس‪VV‬طينية المحتل‪V‬ه ‪.‬مرج‪VV‬ع‬
‫سابق ‪ .‬صــ ‪. 135‬‬
‫‪. 817‬محمد عبد المنعم عبد الغني‪ .‬الجرائم الدولية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪. 390‬‬
‫‪ . 818‬فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬الفقرة‪. .105 .‬صـــ ‪.45‬‬

‫‪212‬‬
‫فالض رورة العس كرية بحس ب م ا ت راه المحكم ة ال تتص ل بنظري ة ال دفاع عن النفس أو عن ح ق ال دول في‬

‫البقاء‪ ،‬بل تمثل استثناء على قواعد الحماية التي يقررها القانون الدولي اإلنساني‪.819‬‬

‫وقد رفضت المحكمة الدفع بمبدأ الضرورة العسكرية لتدمير األعيان المدنية والثقافية‪ ،820‬وبما يتناقض مع‬

‫الحظ ر المنص وص علي ه في الم ادة ‪ 53‬من اتفاقي ة ج نيف الرابع ة ‪ ،821‬وأك دت المحكم ة ب أن الض رورة العس كرية‬

‫تُقيدها شروط تقييدية ُمحددة بدقة‪ ،‬ويجب الوفاء بها ُمجتمعه‪ ،‬وكان أحد الشروط التي ذكرتها المحكمة أن يكون‬

‫الفعل هو السبيل الوحيد أمام الدولة لصون مصلحة أساسية من خطر جسيم يهددها ‪ ،822‬والبد أيضا من إخضاع‬

‫الفعل الذي تفرضه الضرورة العسكرية إلى اختبار التناسب‪ ،‬ال سيما وأن مفهومي الضرورة العسكرية والتناسب‬

‫مترابطان ‪.823‬‬

‫وجاء الموقف القانوني لمنظمة التحرير الفلسطينية المرفق بتقرير أمين عام األمم المتحدة أن إلسرائيل كامل‬

‫الحق في القيام بتدابير محددة في حال توافر ضرورة عسكرية ُمطلقة‪ ،‬وذلك لحماية مصالحها األمنية المشروعة‪،‬‬

‫إال أن هذه التدابير البد أن تتخذ بما يتفق مع قواعد القانون الدولي اإلنساني‪ ،824‬ومنها طبع اً قواعد حماية األعيان‬

‫المدنية والثقافية ‪.‬‬

‫ورغم أن الضرورة العسكرية لم توجد لها أي تطبيقات قضائية في محكمة الهاي‪ ،825‬إال أن محكمة نورم برغ‬

‫المتهمين األلمان الذين قاموا بالعديد من االنتهاكات‬


‫قد قضت برفض الدفع بحالة الضرورة التي استند إليها بعض ُ‬

‫‪ . 819‬حسين علي الدريدي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 448‬‬
‫‪ . 820‬انظر البند ‪ 135‬فتوى محكمة العدل الدولية بشأن اآلثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار في األرض الفلسطينية المحتلة مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 67‬‬
‫‪ .821‬المــادة (‪ ) 53‬تنص على أنه " يحظ‪VV‬ر على دول‪VV‬ة االحتالل أن ت‪VV‬دمر أي ممتلك‪VV‬ات‪ V‬خاص‪VV‬ة ثابت‪VV‬ة أو منقول‪VV‬ة تتعل‪VV‬ق ب‪VV‬أفراد أو جماع‪VV‬ات‪ ،‬أو بالدول‪V‬ة أو‬
‫السلطات العامة‪ ،‬أو المنظمات‪ V‬االجتماعية أو التعاونية‪ ،‬إال إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتما ً هذا التدمير‪" .‬‬
‫‪ . 822‬انظر البند ‪ 140‬فتوى محكمة العدل الدولية بشأن اآلثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار في األرض الفلسطينية المحتلة مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.69‬‬
‫‪ . 823‬رأي مستقل للقاضي كويجمانز‪ . V‬البند ‪ 34‬فتوى محكمة العدل الدولية بشأن اآلثار القانونية الناش‪VV‬ئة عن تش‪VV‬ييد ج‪VV‬دار في األرض الفلس‪VV‬طينية المحتل‪VV‬ة‬
‫مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 106‬‬
‫‪. 824‬الجمعية العامة لألمم المتحدة ‪.‬الدورة االستثنائية الطارئة العاشرة ‪.‬البند ‪ ٥‬من جدول األعمال‪ .‬األعمـــال اإلســـرائيلية غـــير القانونيــــة في القـــدس‬
‫الشـــرقية المحتلــــة وبقيــــة األرض الفلس‪V‬طينية المحتل‪V‬ة‪ .‬تقري‪V‬ر األمين الع‪V‬ام ال‪V‬ذي أع‪V‬د عمال بق‪V‬رار الجمعي‪V‬ة العام‪V‬ة دإط – ‪ . ١٣/١٠‬المش‪V‬ار إليــــة‬
‫بالمرجع‬
‫‪ A /ES-10/248 . 24‬نوفمبر ‪ . 2003‬الفقرة ‪ .1‬صــ‪. 14‬‬
‫‪ . 825‬نزار العنبكي‪. V‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪. 62‬‬

‫‪213‬‬
‫المستمد من حالة الضرورة التي ُيقدرها كل ُمحارب تؤدي إلى أن‬
‫لألعيان المدنية والثقافية تأسيس اً إلى أن "الدفع ُ‬

‫تُصبح قوانين وعادات الحروب وهمية" ‪.826‬‬

‫الممارسة من قبل األلمان في تجاوز االعتبارات اإلنسانية بحجة الضرورة العسكرية‪،‬‬


‫وقد استخدمت هذه ُ‬

‫والقي ام بت دمير األعي ان المدني ة والثقافي ة ‪ ،827‬وق د أع ربت المحكم ة في حكمه ا الص ادر من الوالي ات المتح دة ض د‬

‫المتهمين بتدمير‬
‫فليلهم ليست وآخرين في نورمبرج عن رأيها بأنه ال يمكن أن ُيحتج بالضرورة العسكرية من قبل ُ‬
‫‪828‬‬
‫ويفهم من ذل ك أن حالة الضرورة قد‬
‫المدن والق رى‪ ،‬فالتدمير كغاية في حد ذاته ه و انته اك للق وانين الدولي ة ‪ُ ،‬‬

‫تُعتبر في بعض األحيان جريمة بحد ذاتها‪ ،‬ويمكن تسميتها بجريمة الضرورة عند تعمد استغاللها وعند عدم توافقها‬

‫مع قواعد ومبادئ القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬مما ُيقيم حق المساءلة ومن ثم العقاب‪.‬‬

‫تقراء مم ا س بق فق د رفض الق انونيون والمح اكم الدولي ة بح زم أي ُحج ة تس تند إلى اعتب ار‬
‫ً‬ ‫وعلي ه واس‬

‫أن كل فعل يجب أن يتوافق مع القانون الدولي اإلنساني‪،‬‬


‫الضرورة العسكرية توقف أي اعتبارات أخرى‪ ،‬وأكدوا ّ‬

‫أحرارا في اختيار أساليب ووسائل القتال‪.829‬‬


‫ً‬ ‫المتنازعة ليسوا‬
‫فاألطراف ُ‬

‫وبالت الي ال ُيمكن الرب ط بين الض رورة العس كرية ومف اهيم النص ر العس كري أو المخ اطر العس كرية؛ حيث‬

‫س يؤدي ذل ك ببس اطه إلى إعط اء األط راف المتحارب ة حج ة قانوني ة س ائغة للخ روج عن األحك ام واس تعمال قاع دة‬
‫‪830‬‬
‫‪.‬‬ ‫الضرورة العسكرية كحجة لتبرير هذا الخروج‬

‫وكخالص ة ُيمكن الق ول بأن ه ال يج وز ال دفع بحال ة الض رورة العس كرية لنفي المس ؤولية الجنائي ة الناتج ة عن‬
‫ُ‬

‫انتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية لكونها قواعد آمرة ال يجوز مخالفتها‪ ،‬فالضرورة العسكرية يجب أن‬

‫‪ . 826‬محمد عبد المنعم عبد الغني ‪ .‬الجرائم الدولية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪398‬‬
‫‪827‬‬
‫‪Hostage Case .US Military Tribunal, Nuremberg, Judgment of 19 February 1948.. in Trials of War Criminals‬‬
‫‪Before the Nuremberg Military Tribunals Under Control Council Law No. 10, Volume XI/2.para 1252.pg.17 .‬‬
‫‪828‬‬
‫‪.U.N Law Reports of Trial of War Criminals. Volume VIII. 1949. P.G 66-90.‬‬
‫‪ . 829‬ماركو ساسولي ‪ .‬أنطوان بوفييه‪ .‬كيف يوفر القانون الحماية في الحرب ؟ ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪. 140‬‬
‫‪ . 830‬حسين علي الدريدي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 448‬‬

‫‪214‬‬
‫تتوافق مع قواعد القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬وبالتالي يبقى من الضروري بيان المعايير والضوابط‪ .‬التي تجعل منها‬

‫متوافقه مع القانون الدولي االنساني بصورة أكثر وضوحاً وذلك منعاً الستغاللها ‪.‬‬

‫فالس لطة التقديري ة الممنوح ة ألط راف ال نزاع في تحدي د الض رورة العس كرية ال تي تتواف ق م ع قواع د الق انون‬

‫الدولي اإلنساني تبقى عامالً ُمساعداً الستغاللها كثغرة في إضعاف قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬وتبقى‬

‫الجه ة المكلف ة بالرقاب ة على ت وافر الض رورة العس كرية غ ير ُمح ددة المع الم‪ ،‬فال ت زال أط راف ال نزاع هم الجه ات‬

‫المخول ة بتحدي دها رغم أنهم عناص ر غ ير محاي دة في ال نزاع‪ ،‬وال يمكن لهم إال الس عي نح و تحقي ق مص الحهم‬

‫الم تعلقة بالنصر العسكري وليس االعتبارات اإلنسانية‪.‬‬


‫االستراتيجية ُ‬

‫واستقراء لكل ما سبق ذكره في المبحث السابق فإنه يمكن القول بأن مبدأ المسؤولية الدولية بشقيها المدني‬

‫والجنائي أسهمت مساهمة فعاّلة في حماية األعيان المدنية والثقافية من االنتهاكات‪ ،‬وشكلت ردع اً باعتبار أن جميع‬

‫األفع ال الخارج ة عن الق انون ي ترتب عليه ا قي ام المس ؤولية ويتتبعه ا عق اب وج زاء‪ ،‬كم ا ال يمكن ال دفع بحال ة‬

‫الض رورة لنفي أي المس ؤولية باعتب ار م ا تحمل ه ه ذه الض رورة من ض وابط ومع ايير رغم ع دم وض وحها‪ ،‬إال أن‬

‫التحق ق منه ا ومن م دى توافره ا اس هم في تحقي ق الض بط المناس ب ألط راف ال نزاع‪ ،‬وعلي ه الب د من االنتق ال إلى‬

‫عرض الدور الذي يلعبة القضاء الجنائي الدولي في تنفيذ وتطبيق قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ‪ ،‬وذلك‬

‫على النحو التالي‪:‬‬

‫المبحثـ الثانيـ‬

‫دور القضاء الدولي الجنائيـ في وضع‬

‫‪215‬‬
‫قواعد حماية األعيان المدنية والثقافيةـ موضع التنفيذ والتطبيق‬

‫لق د ك ان إلق رار مب دأ المس ؤولية الدولي ة الجنائي ة الفردي ة عن انتهاك ات قواع د الح رب وأعرافه ا‪ ،‬فعالي ة في‬

‫المتكررة لألعيان المدنية والثقافية وضمان تنفيذها‪،‬‬


‫المناسب نوعاً ما لمنع االنتهاكات واالعتداءات ُ‬
‫تكوين الردع ُ‬

‫المرتكبة ضد األعيان المدنية والثقافية‪،‬‬


‫وقد وضعت أحكام القانون الدولي اإلنساني األساس القانوني لتجريم األفعال ُ‬

‫واعتبرت تلك األفعال من ضمن االنتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب وأعرافها ‪ ،‬بحيث يكون كل شخص مسؤولاً‬
‫‪831‬‬

‫مسؤولية جنائية فردية عنها‪ ،‬وقابالً للعقاب حتى لو لم يكن الفعل جريمة بموجب القانون الداخلي‪ ،‬وذلك بحسب‬

‫ماجاء في تقرير لجنة القانون الدولي عند صياغة مبادئ نورمبرج‪.832‬‬

‫المناسبة على مرتكبي جرائم الحرب‪ ،833‬التي‬


‫حيث ش ّكل هذا المبدأ اللبنة األولى نحو إقرار وإ نزال العقوبة ُ‬

‫يق ع من ض منها ج رائم االعت داء على األعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬وتش مل ت دمير الممتلك ات واالس تيالء عليه ا على‬

‫نطاق واسع ال تُبرره الضرورات الحربية‪ ،‬وبطريقة غير مشروعه وتعسفية‪ ،‬باعتبارها انتهاكات جسيمة‪.‬‬

‫ومع تطور مبدأ المسؤولية الجنائية للفرد‪ ،‬الذي ينص على وجود ارتباط بين القواعد الجنائية الدولية والفرد‬

‫كشخص طبيعي بحيث يتحمل هذا الفرد عواقب ارتكاب الجرائم الدولية التي يقع من ضمنها جرائم االعتداء على‬

‫األعي ان المدني ة والثقافي ة ‪ ،834‬مم ا س اهم بش كل كب ير في العم ل على إنش اء قض اء دولي جن ائي ُيس هل من عملي ة‬

‫الجناة عن الجرائم الدولية التي يرتكبونها‪ ،‬وقد عمدت القوى السياسية إلى تطبيق هذا المبدأ على أرض‬
‫محاكمة ُ‬

‫الواقع‪ ،‬وتمثل ذلك بداية بإنشاء لجنة تحقيق دولية وهي لجنة تحديد مسؤولية القائمين على إشعال الحرب وتنفيذ‬

‫العقوبات‪.835‬‬

‫‪ . 831‬عمر سعد هللا ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني وثائق وآراء ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪.154‬‬
‫‪832‬‬
‫‪.UN. The Yearbook of the International Law Commission1950, vol. II. Official Records of the General Assembly,‬‬
‫‪Fifth session, Supplement No.12 (A/1316) .New York, 1957. A/CN. 4/SER.A/1950/Add.Para.100.p.g 374.‬‬
‫‪. 833‬البد من التذكير أن جرائم الحرب هي تلك االنتهاكات‪ V‬الجسيمة لقواعد وأحكام القانون الدول اإلنساني وقد أدرجت إتفاقيات جنيف األربع لع‪VV‬ام ‪1949‬‬
‫تلك االنتهاكات‪ V‬ضد االعيان المدنية والثقافية ضمن المواد ‪ 50‬إتفافية جنيف االولى‪ 51،‬اتفاقي‪V‬ة ج‪VV‬نيف الثاني‪V‬ة و‪ 130‬اتفاقي‪V‬ة ج‪VV‬نيف الثالث‪V‬ة و ‪ 146‬اتفاقي‪V‬ة‬
‫جنيف الرابعة ‪.‬‬
‫‪ . 834‬عباس هاشم السعدي ‪.‬مسؤولية الفرد الجنائية عن الجريمة الدولية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 201‬‬
‫‪. 835‬غضبان حمدي ‪ .‬إجراءات متابعة مجرمي الحرب ‪ .‬منشورات الحلبي الحقوقية ‪.‬الطبعة األولى ‪ .2014.‬بيروت‪ V‬لبنان ‪.‬صــــ‪.162‬‬

‫‪216‬‬
‫و ساهمت المحاكم الدولية كقضاء في تطبيق وتأكيد مبدأ المسؤولية الجنائية الفردية خاصة مع تنفيذ أحكام‬

‫اإلدانة فيما يتعلق باالعتداءات المتعلقة باألعيان المدنية والثقافية ‪ ،‬كما شددت اتفاقيات جنيف األربع لعام ‪1949‬‬

‫على ضرورة محاكمة كل من يرتكب أحد االنتهاكات الجسيمة الواردة بها والتي من ضمنها جرائم االعتداء على‬

‫األعيان المدنية والثقافية أياً كان موقعه‪ ،‬وذلك تجسيداً لمبدأ مسؤولية القادة ‪ ،836‬ويتم تفسير األحكام طبق اً اللتزامات‬

‫والمقاض اة على بعض الج رائم الخط يرة بغض النظ ر عن ص فة‬
‫الق انون ال دولي ال تي تُل زم ال دول ب واجب التحقي ق ُ‬

‫الشخص الذي ارتكبها‪.837‬‬

‫و على ضوء ذلك جاءت العديد من التقارير في لجنة القانون الدولي التي تحث على ضرورة إنشاء جه از‬

‫دولي دائم لتحقي ق العدال ة لم ا ل ه من ت أثير كب ير في إمكاني ة ردع المعت دين ح تى ل و ك انت عملي ة التط بيق وتوقي ع‬

‫العقوب ات ص عبة عملي اً‪ ،‬إال أن الفك رة في ح د ذاته ا ك انت مرغوب ة من ذ البداي ة إلى ان ابص رت المحكم ة الجنائي ة‬

‫الدولة النور ودخلت حيز التنفيذ ‪.838‬‬

‫وعليه سيتم في هذا المبحث عرض الدور الذي يلعبه القضاء الدولي الجنائي في تنفيذ قواعد حماية األعيان‬

‫المدني ة والثقافي ة‪ ،‬وذل ك على ثالث ة مط الب س يتناول المطلب األول دور المح اكم العس كرية الدولي ة بع د الح رب‬

‫العالمي ة الثاني ة‪ ،‬أم ا المطلب الث اني س يتناول دور المح اكم الخاص ة المؤقت ة‪ ،‬و س يتطرق المطلب الث الث إلى دور‬

‫المحكمة الجنائية الدولية في تنفيذ قواعد الحماية لألعيان المدنية والثقافية ‪ ،‬وذلك على النحو التالي ‪-:‬‬

‫المطلب األول ‪ -:‬دور المحــاكم العســكرية الدوليــة بعــد الحــرب العالمي ـةـ الثاني ـةـ في تنفيــذ قواعــد حمايــة األعيــان‬

‫المدنية والثقافية ‪-:‬‬

‫‪ . 836‬المادة المادة (‪ ) 51-50‬جنيف األولى‪ ،‬والمادة(‪ )52-51-50‬جنيف الثانية‪ ،‬والمادة ‪ 131-130 -129‬جنيف الثالثة‪ ،‬والمادة ‪ 148-147-146‬جنيف‬
‫الرابعة والمادة ‪ 87-86-85‬البروتوكول اإلضافي األول ‪.‬‬
‫‪ . 837‬علي عودة ‪ .‬القضاء الجنائي وقانون النزاعات ال ُمس‪VV‬لحة ‪.‬مجل‪VV‬ة األمن والق‪VV‬انون ‪..‬الع‪VV‬دد األول الس‪VV‬نة الثالث‪VV‬ة عش‪VV‬رة ‪ .‬ين‪VV‬اير ‪ 2005‬اكاديمي‪VV‬ة ش‪VV‬رطة‬
‫دبي ‪.‬صـــ‪. 13‬‬
‫‪838‬‬
‫‪.UN. The Yearbook of the International Law Commission1950, vol. II. Official Records of the General‬‬
‫‪Assembly, Fifth session, Supplement No.12 (A/1316) .New York, 1957.. A/CN. 4/SER.A/1950/Add.Para.136.p.g‬‬
‫‪378‬‬

‫‪217‬‬
‫ض م ُممثلي دول‬
‫بع د انته اء الح رب العالمي ة الثاني ة واستس الم األلم ان‪ُ ،‬عق د م ؤتمر لن دن بص ورة س رية َلي ُ‬

‫الحلفاء من أجل االتفاق على ما يجب اتخاذه ضد ُمرتكبي جرائم الحرب من القادة األلمان‪.839‬‬

‫الم ؤتمر من ‪ 26‬يولي و ‪ ،1945‬وح تى ‪ 2‬أغس طس ‪ 1945‬ونتج عن ه إنش اء محكم ة‬


‫وق د اس تمرت أعم ال ُ‬

‫عس كرية دولي ة (محكم ة نورم برغ )‪ ،840‬تختص ب النظر في الج رائم الدولي ة ال تي ارتكبه ا كب ار الق ادة األلم ان أثن اء‬

‫الحرب‪ ،841‬ونصت المادة ‪ 6‬من النظام األساسي لمحكمة نورمبرغ العسكرية على أهم اختصاصات المحكمة وهي‬

‫جرائم الحرب التي من ضمنها جرائم االعتداء على األعيان المدنية والثقافية ‪.842‬‬

‫وقد ذكر النظام األساسي للمحكمة صراحة وبموجب هذه المادة على أن أي اعتداء على األعيان المدنية‬

‫أو الممتلك ات الثقافي ة‪ُ ،‬يع د جريم ة ح رب ُمع اقب عليه ا على اعتباره ا انتهاك اً جس يماً ألع راف وقوان يين الح رب‪،‬‬

‫كالت دمير الوحش ي والتعس في للم دن والق رى بطريق ة ال تُبرره ا الض رورة العس كرية‪ ،‬فق د حكم على ع دة مس ؤولین‬

‫الممتلكات الثقافية ‪.‬‬


‫نازيین باإلعدام الرتكابهم انتهاكات شملت تدمیر ُ‬

‫وعليه اعتبرت محكمة نورمبرغ كسابقة اعتمدت عليها محاكمات أخرى كمحكمة جرائم الحرب الیوغسالفیة‬

‫التي أصبحت مخولة بمحاكمة أفراد مسؤولین عن مصادرة أو تدمیر أو تعمد إلى إلحاق ضرر بمؤسسات مكرسة‬

‫لل دين أو الخ یر أو التعلیم‪ ،‬الفن ون والعل وم‪ ،‬النص ب التاريخیة وأعم ال الفن والعلم ورغم وج ود محكم ة ُمخول ة‬

‫بالتحقيق والمساءلة إلى أن ما يعيب هذه المحاكمات أن نظامها األساسي ال ُيحدد العقوبات التي يجب اتخاذها ضد‬

‫وتم دمجها باعتبارها أعياناً مدنية وليست ذات أهمية خاصة‪.‬‬ ‫‪843‬‬
‫االنتهاكات الواقعة على الممتلكات الثقافية‪.‬‬

‫‪ . 839‬نزار العنبكي‪. V‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪. 529‬‬


‫‪ . 840‬يطلق عليها مح‪V‬اكم نورم‪V‬برغ نس‪V‬بة إلى المدين‪V‬ة األلماني‪V‬ة ال‪V‬تي انعق‪V‬دت فيه‪V‬ا ‪.‬انظ‪V‬ر علي جمي‪V‬ل ح‪V‬رب‪.‬منظوم‪V‬ة القض‪V‬اء الج‪V‬زائي ال‪V‬دولي ‪.‬مرج‪V‬ع‬
‫سابق ‪.‬هامش ‪ 2‬صـــ ‪.. 42‬‬
‫‪ . 841‬وقد نصت المادة األولى من اتفاقية لندن على أنه‪( -:‬تنشأ‪ V‬محكمة عسكرية دولية بعد التشاور مع مجلس الرقابة في ألمانيا لمحاكمة مج‪VV‬رمي الح‪VV‬رب‬
‫ال‪VV‬ذين ليس لج‪VV‬رائمهم تحدي‪VV‬د جغ‪VV‬رافي معين س‪VV‬واء ك‪VV‬انوا متهمين بص‪VV‬فة شخص‪VV‬ية أو بص‪VV‬فتهم أعض‪VV‬اء في منظم‪VV‬ات أو هيئ‪VV‬ات أو بكل‪VV‬تي الص‪VV‬فتين‪،)...‬‬
‫انظر ‪.‬علي يوسف الشكري ‪ .‬القانون الجنائي الدولي في عالم متغير‪. V‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 26‬‬
‫‪. 842‬تختص كذلك المحكمة بالنظر في الجرائم ضد اإلنسانية كالقتل واإلبادة واالسترقاق واإلبعاد واالضطهادات التي ترتكب ضد المدنيين ألسباب سياسية‬
‫أو عنصريةاو دينية‪ ،‬وجرائم ضد السالم ‪ .‬علي يوسف الشكري ‪ .‬القانون الجنائي الدولي في عالم متغير‪. V‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪31‬‬
‫‪ . 843‬وكمثال يعتبر تدمیر مسجد فرھاد باشا جريمة حرب الذي يعد من أهم الممتلكات الثقافية في بنجا لوكا التي كانت تحت س‪VV‬یطرة الص‪VV‬رب السیاس‪VV‬یة‬
‫والعسكرية القوية‪ ،‬ولم يكن أي قتال يجري في المدينة أو في المنطقة المجاورة لھا مباشرة‪ ،‬كم‪VV‬ا لم يكن المس‪VV‬جد ھدفا ً عس‪VV‬كرياً؛ فق‪VV‬د اس‪VV‬تخدمه المس‪VV‬لمون‬
‫ال‪VV‬ذين بق‪VV‬وا في بنج‪VV‬ا لوك‪VV‬ا مكان ‪V‬ا ً للعب‪VV‬ادة فق‪VV‬ط ورغم ذل‪VV‬ك دم‪VV‬ر‪ .‬انظ‪VV‬ر بیتر م‪VV‬اس‪ .‬الملكیة الثقافیة والنص‪VV‬ب التاريخیة ‪ .‬ج‪VV‬رائم الح‪VV‬رب تق‪VV‬ديم ‪.‬حن‪VV‬ان‬

‫‪218‬‬
‫كم ا يمكن ُمالحظ ه أن جمي ع المح اكم ال تي تلت ه ذه المحكم ة ق د اعتم دت على ذات الص يغة تقريب اً‪ ،‬ولم‬

‫تحدث أي تغيير يتعلق بالتوضيح أو التفصيل الذي يصب في تطوير قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬مما‬

‫المناسبة‪ ،‬فهي‬
‫يدل على عدم تطور النص القانوني‪ ،‬رغم ما واجهه من تحديات خاصة فيما يتعلق بتحديد العقوبات ُ‬

‫ال تُحدد وال تبين نوع العقوبة وال تفصل بين العقوبات الخاصة باألعيان المدنية والممتلكات الثقافية رغم ما تحمله‬

‫من أهمية‪ ،‬بل فقط تشير إلى سلطة األطراف في تقدير هذه العقوبات‪ ،‬وأيض اً فإن هذه القواعد تُشير بشكل عام‬

‫إلى الض رورة العس كرية دون تحدي د معاييره ا وض وابطها بش كل أك ثر وض وحاً‪ ،‬وأبقت على غم وض ه ذا الش رط‬

‫رغم أهميته‪.‬‬

‫وجرى تحديد هذه الجرائم بموجب المعاهدات الدولية والقواعد العرفية‪ ،‬وقد أشار النظام األساسي للمحكمة‬

‫في المادة ‪ 17‬إلى أن للمحكمة أن تقضي بعقوبة اإلعدام أو أي عقوبة تراها ُمناسبة باإلضافة إلى ُمصادرة األموال‬

‫الم تعلقة بالجريمة وتسليمها إلى مجلس الرقابة في ألمانيا‪ ،‬ثم جاءت المادة ‪ 27‬من النظام لتشير إلى عقوبة اإلعدام‬
‫ُ‬

‫وت ركت تحدي د العقوب ات الباقي ة لس لطة المحكم ة التقديري ة ‪ ،844‬وعلي ه ُيمكن اإلش ارة إلى بعض إيجابيت ه ومنه ا أن‬

‫ومخاطبت ه غ ير مقتص رة على ال دول‪ ،‬ب ل‬


‫الق انون ال دولي االتف اقي ق د خطى خط وة ُمهم ة بع د أن أص بح اهتمام ه ُ‬

‫ومعاقبتهم ‪.845‬‬
‫ويقرر حمايتهم ُ‬
‫أصبح ُيخاطب األفراد ُمباشرة ُ‬

‫وفي ‪ 19‬ين اير ‪ 1946‬أص در القائ د الع ام لق وات الحلف اء في الش رق األقص ى الج نرال األم ريكي م اك أرث ر‬

‫قراراً يقضي بإنشاء محكمة طوكيو الدولية العسكرية لمحاكمة مجرمي الحرب في الشرق األقصى وبصفة خاصة‬

‫اليابانيين‪ ،846‬وتم تحديد النظام األساسي لهذه المحكمة بميثاق الحق بهذا اإلعالن وعقدت المحكمة أول جلساتها في‬

‫طوكيو‪ ،847‬وك انت أهم اختصاص اتها النظ ر في الج رائم المرتكب ة ض د ق وانين الح رب وأعرافها‪ ،848‬وال يوج د‬
‫عشرواي ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪. 172‬‬
‫‪ . 844‬علي يوسف الشكري ‪ .‬القانون الجنائي الدولي في عالم متغير‪. V‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪34‬‬
‫‪. 845‬علي جميل حرب‪.‬منظومة القضاء الجزائي الدولي ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪. 51‬‬
‫‪ . 846‬نزار العنبكي‪ . V‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪.530‬‬
‫‪ . 847‬علي يوسف الشكري ‪ .‬القانون الجنائي الدولي في عالم متغير‪. V‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪.35‬‬
‫‪ . 848‬باإلضافةإلى الجرائم كالقتل واإلبادة واالسترقاق واإلبعاد ‪ ...‬الخ‪ ،‬والجرائم ضد السالم ويدخل من ضمنها التدبير أو التحريض أو اإلثارة أو ش‪VV‬ن‬
‫حرب اعتداء بإعالن أو بدون إعالن ‪ ...‬الخ ‪.‬‬

‫‪219‬‬
‫اختالف جوهري بين الئحتي المحكم تين من حيث االختص اص وال من حيث المبادئ التي قامت عليها‪ ،‬وال حتى‬

‫في اإلجراءات والتهم الموجهة إلى المتهمين‪.849‬‬

‫ولكن ما ُيمكن اإلشارة إليه أن النظام األساسي للمحكمة أو الالئحة الخاصة بمحكمة طوكيو لم تشر صراحة‬

‫إلى أحك ام خاص ة لألعي ان المدني ة والثقافي ة ب ل اكتفت في الم ادة الخامسة‪ ،850‬ب القول أن للمحكم ة س لطة محاكم ة‬

‫ومعاقبة مجرمي الحرب في الشرق األقصى استناداً إلى المسؤولية الفردية على االنتهاكات المتعلقة بقوانين الحرب‬
‫ُ‬

‫وأعرافها‪.‬‬

‫ولكن رغم بعض المآخ ذ القانوني ة ال تي اعترض ت كال ًمن محكم تي نورم برغ وطوكي و العس كريتين إال أن‬

‫أعمال المحكمتين اتُخذت نموذج اً ق امت على أساسه وُأستند عليه في إنشاء جهاز قضائي دولي من أجل محاكمة‬

‫األشخاص المتهمين بارتكاب جرائم دولية ‪ ، 851‬والتي من ضمنها جرائم االعتداء على األعيان المدنية والثقافية‪.‬‬

‫وكخالص ة يمكن الق ول‪ :‬إن كالً من محكم ة نورم برغ ومحكم ة طوكي و اختص تا ب النظر إلى ج رائم الح رب‬
‫ُ‬

‫المتعلقة بكل انتهاك أو مخالفة للقوانين واألع راف الحربية‪ ،‬والتي تشمل االعت داء على األعيان المدنية والثقافية‪،‬‬
‫ُ‬

‫بمعاقبة األشخاص الطبيعيين‪ ،‬وعليه فإن تلك الخطوة الجادة رغم قصورها النسبي إال أنها‬
‫واختصت المحكمتان ُ‬

‫تُعد أول الخطوات نحو تفعيل وتعزيز مبدأ المسؤولية الدولية الجنائية‪ ،‬وتطبيق مبدأ المحاكمة وإ نزال العقاب على‬

‫مرتكبي جرائم الحرب والجرائم الدولية األخرى أمام جهة قضائية دولية‪ ،‬مما ُيفسر أن السلوك العالمي حينها كان‬

‫يتجه بشكل واضح نحو الرغبة الصريحة والجدية في تطبيق قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية و إرساء األمن‬

‫والسلم الدولي‪.‬‬

‫‪ . 849‬حمدي غضبان ‪ .‬إجراءات متابعة مجرمي الحرب ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــــ ‪. 184‬‬
‫‪850‬‬
‫‪International Military Tribunal for the Far East (IMTFE) Charter. The IMTFE Charter. Constitution of the‬‬
‫‪Tribunal.p.g 2.‬‬
‫) ‪https://www.uni-marburg.de/icwc/dateien/imtfec.pdf (accessed January 23, 2015‬‬
‫‪ . 851‬من تلك المآخذ التي اعترضت محاكم نورمبرج‪ V‬وطوكيو افتقادهما لألس‪VV‬اس الش‪VV‬رعي في التج‪VV‬ريم حيث افتق‪VV‬دتا مبدأالمش‪VV‬روعية ال‪VV‬ذي يق‪VV‬رر بأن‪VV‬ه ال‬
‫جريمة وال عقوبة إال بنص في القانون ‪.‬أبو الخير أحمد عطية ‪.‬المحكمة الجنائية الدولية الدائمة ‪ .‬مرجع سابق ‪. 12 .‬‬
‫‪220‬‬
‫المطلب الثاني ‪ -:‬دور المحاكم الخاصة المؤقته في تنفيذ قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ‪-:‬‬

‫على أث ر النزاع ات ال تي ح دثت في يوغس الفيا س ابقاً‪ ،‬وم ا نجم عنه ا من انتهاك ات جس يمة للق انون ال دولي‬

‫اإلنس اني‪ ،‬وخاص ة بع د إعالن جمهوري ة البوس نة والهرس ك اس تقاللها في ‪ 5‬م ارس ‪ ،1992‬وم انتج عنه ا من‬

‫انتهاك ات ص ارخه للق وانين واألع راف الدولي ة المتعلق ة بحق وق اإلنس ان‪ ،‬تح رك مجلس األمن بإص داره ق رارين‪،‬‬

‫القرار رقم ‪ 1993 /808‬في ‪ 22‬فبراير ‪ ،1993‬نص على ما يلي ‪ " :‬قرر مجلس األمن الدولي إنشاء محكمة‬

‫جنائي ة دولي ة لمحاكم ة األش خاص المس ؤولين عن االنتهاك ات الجس يمة للق انون اإلنس اني ال دولي وال تي ارتكبت في‬
‫‪852‬‬
‫أراضي يوغسالفيا السابقة منذ عام ‪" 1991‬‬

‫وفي ‪ 25‬م ايو ‪ ،1993‬ص در ق رار بتأكي د إنش اء محكم ة مؤقت ة واس تثنائية لمقاض اة األش خاص المس ؤولين‬

‫عن االنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني والتي اُتركبت في يوغسالفيا‪ ،853‬واتسمت هذه المحكمة بالصفة‬
‫‪854‬‬
‫لمحاكم ة ُمق ترفي االنتهاك ات الجس يمة في النزاع ات‬
‫والمح ددة الغ رض ‪ ،‬وتُعت بر أول محكم ة جنائي ة ُ‬
‫الظرفي ة ُ‬

‫المسلحة غير الدولية‪.855‬‬


‫ُ‬

‫كما ثارت في تلك الفترة أيضاً الحرب األهلية في رواندا ُمخلفة وراءها عشرات اآلالف من القتلى جراء‬

‫عمليات اإلبادة التي تعرض لها أفراد قبيلة التونسي من طرف قبيلة الهوتو التي كانت تدعمها القوات الحكومية‪،‬‬

‫وقد أدت هذه االنتهاكات إلى إنشاء محكمة مؤقتة واستثنائية لمقاضاة األشخاص المسؤولين عن االنتهاكات الجسيمة‬

‫للق انون ال دولي اإلنس اني‪ ،‬وال تي ات ركبت في روان دا بم وجب ق رار مجلس األمن رقم ‪ 1994/955‬في ‪ 8‬نوفم بر‬

‫‪.8561994‬‬

‫‪ . 852‬محمود شريف بسيوني ‪.‬المحكمة الجنائية الدولية ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ‪55‬‬


‫‪ . 853‬علي يوسف الشكري ‪ .‬القانون الجنائي الدولي في عالم متغير‪ . V‬ايتراك للنشر والتوزيع ‪.‬القاهرة مصر ‪.‬الطبعة األولى ‪ .2005 .‬صـــ ‪43‬‬
‫‪ . 854‬نزار العنبكي‪ . V‬القانون الدولي االنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪536‬‬
‫‪ . 855‬رقية عواشرية ‪ .‬حماية المدنيين واألعيان المدنية في النزاعات ال ُمسلحة غير الدولية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪424‬‬
‫‪ . 856‬علي يوسف الشكري ‪ .‬القانون الجنائي الدولي في عالم متغير‪. V‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪ 54‬وصــ‪55‬‬

‫‪221‬‬
‫واقتص رت محكم ة روان دا على معاقب ة الج رائم الماس ة ب األفراد كج رائم اإلب ادة الجماعي ة والج رائم ض د‪،‬‬

‫اإلنسانية دون تعديها للجرائم الماسة باألموال واألعيان المدنية؛ حيث إن انتهاكات قوانين وأعراف الح رب واتفاقية‬

‫جنيف لعام ‪ 1949‬الخاصة بالنزاعات الدولية لم تكن تخضع الختصاص محكمة رواندا نظراً لطبيعة النزاع التي‬

‫اتسم بطابع الحرب األهلية‪ ،‬واستمرت المحكمة في مباشرة واليتها من تاريخ ‪ 1‬يناير ‪ 1994‬وحتى ‪ 31‬ديسمبر‬

‫‪ ،8571994‬وتُعد هذه المحكمة صورة طبق األصل للمحكمة الجنائية الخاصة بيوغسالفيا‪.858‬‬

‫وعلي ه فإن ه وبخالف الطريق ة ال تي ُأنش ئت فيه ا محكم ة نورم برغ العس كرية‪ ،‬وال تي ُأنش ئت بم وجب اتف اق‬

‫معق ود بين المنتص رين في الح رب‪ ،‬ومحكم ة طوكي و العس كرية ال تي ُأنش ئت بق رار انف رادي لدول ة ُمنتص رة في‬

‫الحرب‪ ،‬فإن محكمتي يوغسالفيا وروندا تم إنشاؤهما بموجب قرار ُأممي آمر وُأحادي الجانب صادر من مجلس‬

‫المتحدة ‪.859‬‬
‫المحددة له في الفصل السابع من ميثاق األمم ُ‬
‫األمن الدولي استناداً الى السلطة ُ‬

‫‪860‬‬
‫المتمثلة بكافة الجرائم‬
‫واختصت المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا بالنظر في جرائم الحرب ‪ ،‬كتلك ُ‬

‫المتعلقة باالعتداء على األعيان المدنية والممتلكات الثقافية‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 3‬من نظامها األساسي على تجريم‬
‫ُ‬

‫أي مساس باألعيان المدنية والثقافية أو تدميرها‪ ،‬وجاء في نصها على أن أي مساس أو تدمير للتراث الثقافي ُيعد‬

‫جريمة حرب‪ ،‬ويكون للمحكمة الدولية سلطة محاكمة األشخاص بانتهاك قوانين أو أعراف الحرب وتتضمن هذه‬

‫االنتهاك ات‪ .‬على س بيل المث ال وليس الحص ر‪ ،‬الت دمير الوحش ي للم دن أو البل دات أو الق رى‪ ،‬وال ذي ال ت برره‬

‫الضرورة العسكرية‪.‬‬

‫وأيض اً الهج وم‪ ،‬أو القص ف‪ ،‬ب أي وس يلة ك انت‪ ،‬من الم دن أو الق رى أو المس اكن أو المب اني واالس تيالء‬

‫المخصص ة للعب ادة واألعم ال الخيري ة والتعليم والفن ون والعل وم‬


‫على أو ت دمير أو اإلض رار العم دي ب ه للمؤسس ات ُ‬

‫‪ . 857‬محمود شريف بسيونني‪ . V‬المحكمة الجنائية الدولية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪ 62‬وصــ ‪. 63‬‬
‫‪ . 858‬رقية عواشرية ‪ .‬حماية المدنيين واألعيان المدنية في النزاعات ال ُمسلحة غير الدولية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪424‬‬
‫‪ . 859‬نزار العنبكي‪. V‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪536‬‬
‫‪ . 860‬باإلضافة الى الجرائم ضد اإلنسانية وجرائم اإلبادة‪.‬‬

‫‪222‬‬
‫الممتلك ات العام ة أو الخاص ة ‪ ،861‬وج اءت ه ذه الم واد‬
‫واآلث ار واألعم ال الفني ة والعل وم التاريخي ة‪ ،‬وك ذلك نهب ُ‬

‫ُمقتبسة من النظام األساسي لمحكمة نورمبرغ المادة ‪/6‬ب لعام ‪ 1945‬والتي تستند إلى قواعد القانون العرفي‪،862‬‬

‫أما محكمة رواندا فقد‬ ‫‪863‬‬


‫وبالتالي فإن أي شخص يرتكب هذه االنتهاكات يخضع للمقاضاة أمام المحكمة الدولية‬

‫اقتصرت على نوعين فقط من الجرائم هما جرائم اإلبادة وجرائم ضد اإلنسانية‪.864‬‬

‫كم ا اعت برت المحكم ة الجنائي ة الدولي ة ليوغس الفيا أول محكم ة تص در أحكام اً عن ج رائم تُ رتكب ض د‬

‫الممتلكات الثقافية‪ ،‬حيث أشارت المحكمة إلى أن جرائم التدمير أو اإلضرار العمدي باآلثار التاريخية‪ ،‬تُعتبر من‬
‫ُ‬

‫لمالحقة ُمق ترفي االنتهاكات الجسيمة بغض النظر عن جنسية مرتكبيها وأي اً‬
‫قبيل جرائم الحرب‪ ،‬كما أنها ُش ّكلَت ُ‬

‫كانت صفاتهم ‪.865‬‬

‫ولكن نظراً للمعوقات والسلبيات التي أحاطت بالمحاكم الخاصة المؤقته ومنها محكمة يوغسالفيا وسيراليون‬

‫ورواند وغيرها‪ ،‬والتي تكون عادة ُم صممة لمواجهة تحديات واحتياجات محددة وخاصة‪ ،‬من هذه السلبيات أن مث ل‬

‫ويمثل‬
‫هذه المحاكم يتم إنشاؤها من الصفر وتتطلب ضرورة تحديد إطار قانوني سليم وإ يجاد التسهيالت المناسبة‪ُ ،‬‬

‫‪861‬‬
‫‪. ICTY UN TPIY .Updated Statute of the International Criminal Tribunal for the former Yugoslavia.September‬‬
‫‪2009.P.g 5.‬‬
‫وجاء صياغته باللغة اإلنجليزية كالتالي ‪-:‬‬
‫”‪Article 3 “ Violations of the laws or customs of war‬‬
‫‪The International Tribunal shall have the power to prosecute persons violating the laws or customs of‬‬
‫‪war. Such violations shall include, but not be limited to:‬‬
‫;‪(a) employment of poisonous weapons or other weapons calculated to cause unnecessary suffering‬‬
‫;‪(b) wanton destruction of cities, towns or villages, or devastation not justified by military necessity‬‬
‫‪(c) attack, or bombardment, by whatever means, of undefended towns, villages, dwellings, or‬‬
‫;‪buildings‬‬
‫‪(d) seizure of, destruction or wilful damage done to institutions dedicated to religion, charity and‬‬
‫;‪education, the arts and sciences, historic monuments and works of art and science‬‬
‫‪(e) plunder of public or private property.‬‬
‫‪ . 862‬علي جميل حرب‪ .‬منظومة القضاء الجزائي الدولي ‪ .‬مرجع سابق صــ ‪. 127‬‬
‫‪863‬‬
‫‪U.N. Security Council. Report of the Secretary General pursuant to 2 of security Council Resolutions 808 .may 3,‬‬
‫‪1993.pg 13 .‬‬
‫‪ . 864‬نزار العنبكي‪. V‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪540‬‬
‫‪ . 865‬رقية عواشرية ‪ .‬حماية المدنيين واألعيان المدنية في النزاعات ال ُمسلحة غير الدولية ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪425‬‬

‫‪223‬‬
‫المس تمر تح دياً كب يراً له ا‪ ،‬فإنش اؤها يتطلب وقت اً وجه داً‪ ،‬وتُعت بر أك ثر تكلف ة مم ا ل و ك انت‬
‫ض مان تع اون ال دول ُ‬

‫دائمة‪.866‬‬

‫وبالت الي ورغم محاولة مثل هذه المحاكم تقديم حماية لألعي ان المدنية والثقافية إال أن صفتها المؤقته أكدت‬

‫ضرورة البحث عن إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة تعنى بمحاسبة منتهكي هذه القواعد‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ -:‬دور المحكمة الجنائيةـ الدولية الدائمة في تنفيذ قواعد حماية األعيان المدنية والثقافة ‪-:‬‬

‫ب رزت الحاج ة إلى وج ود قض اء جن ائي دولي دائم يه دف إلى ُمعاقب ة ُمرتك بي االنتهاك ات الجس يمة لقواع د‬

‫الق انون ال دولي اإلنس اني‪ ،‬بحيث ُيمكن أن تتم محاكم ة مرتك بي الج رائم الدولي ة‪ ،‬ل ذلك ج اء إنش اء المحكم ة الجنائي ة‬

‫لم قتضيات تطبيق العدالة وتثبيت دعائم القانون الدولي الجنائي ‪.‬‬
‫الدولية الدائمة ُملبياً ُ‬

‫وظلت الجه ود الدولي ة ُمس تمره إلنش اء قض اء جن ائي دولي من ذ ع ام ‪ ،867 1924‬ولغاي ة اعتم اد النظ ام‬

‫األساسي للمحكمة في عام ‪ 1998‬ودخوله حيز التنفيذ في ‪ ،868 2002‬والشك أن المحكمة الجنائية الدولية تُعد من‬

‫الفعالة لتنفيذ قواعد حماية األعيان والممتلكات الثقافية ‪ ،‬ومن شأن استخدامها بطريقة فعالة تحقيق الردع‬
‫اآلليات ّ‬

‫المناسب لكل من تسول له نفسه انتهاك هذه القواعد‪.‬‬


‫ُ‬

‫ويقع على المحكمة الجنائية الدولية عبء مالحقة الجرائم المختلفة التي يرتكبها األفراد في نزاع مسلح‪ ،‬ومنها‬

‫تلك الجرائم المتعلقة باالعتداء على األعيان المدنية والثقافية‪ ،869‬وتُعتبر المحكمة مؤسسة قانونية دولية ذات طبيعة‬

‫جنائي ة وذات شخص ية مس تقلة‪ ،870‬وهي هيئ ة قض ائية دائم ة غرض ها الرئيس ي ه و المالحق ة والتحقي ق ومقاض اة‬

‫‪ . 866‬الجمعية العامة ‪.‬األمم المتحدة ‪.‬مجلس حقوق اإلنسان ‪.‬تقرير لجنة التحقي‪VV‬ق الدولي‪VV‬ة المس‪VV‬تقلة بش‪VV‬أن الجمهوري‪VV‬ة العربي‪VV‬ة الس‪VV‬ورية ‪ ..‬ال‪VV‬دورة الرابع‪VV‬ة‬
‫والعش‪VVV‬رون ‪.‬البن‪VVV‬د ‪ 4‬من ج‪VVV‬دول االعم‪VVV‬ال ‪.‬ح‪VVV‬االت حق‪VVV‬وق اإلنس‪VVV‬ان ال‪VVV‬تي تتطلب اهتم‪VVV‬ام المجلس به‪VVV‬ا ‪.‬بت‪VVV‬اريخ ‪ 15‬ف‪VVV‬براير ‪ 2013‬المرج‪VVV‬ع‬
‫‪. .A/HRC/22/59‬صــ ‪134‬‬
‫‪ . 867‬علي يوسف الشكري ‪ .‬القانون الجنائي الدولي في عالم متغير‪. V‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 38‬‬
‫‪ . 868‬نزار العنبكي‪. V‬القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪ 549‬وصــ‪. 550‬‬
‫‪ . 869‬عمر سعد هللا ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني وثائق وآراء ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ ‪. 152‬‬
‫‪ . 870‬علي جميل حرب ‪ .‬منظومة القضاء الجزائي الدولي ‪ .‬مرجع سابق صــ‪.225‬‬

‫‪224‬‬
‫ومنها جرائم الحرب التي تتضمن جرائم االعتداء على األعيان‬ ‫‪871‬‬
‫األشخاص الذين يرتكبون أشد الجرائم خطوره‬

‫المدنية والثقافية‪.872‬‬

‫ورغبة من المجتمع الدولي بالتشديد على اعتبار الجرائم المرتكبة ضد األعيان المدنية الممتلكات الثقافية‬

‫جرائم حرب‪ ،‬وفي محاولة للبناء على ما خلصت إليه محكمة "نورمبورغ "‪ ،‬جاء النظام األساسي للمحكمة الجنائية‬

‫الدولية لعام ‪ 1998‬م واضحاً في مادته ‪ 8‬حين نص على جرائم الحرب‪ ،‬معتبراً أن االعتداء على األعيان المدنية‬

‫واالس تيالء على الممتلك ات الثقافي ة دون وج ود م برر للض رورة العس كرية‪ ،‬واالعت داء المباش ر على المب اني‬

‫المخصصة للعبادة والتعليم و الفنون واآلثار التاريخية‪ ،‬جريمة حرب‪.‬‬

‫فمن أهم الجوانب اإليجابية في المادة ‪ 8‬من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية احتوائها على قائمة‬

‫شاملة إلى حد ما لجرائم الحرب المنطبقة في النزاعات الدولية وغير الدولية‪ ،‬إال أن ما قد ُيعتبر قصوراً أنها لم‬

‫ت درج جمي ع االنتهاك ات المنص وص عليه ا في ال بروتوكول اإلض افي األول على ال رغم من كونه ا ج زء هام اً من‬

‫المتعلقة بمهاجمة األشغال الهندسية والمنشآت التي تحوي قوى خطرة على الرغم‬
‫القانون العرفي ‪،‬ومنها الجرائم ُ‬

‫من خطورتها وماقد تُسفر عنه من خسائر وأضرار باألعيان المدنية ‪.873‬‬

‫فب العودة إلى م دى إمكاني ة ُمس اهمة المحكم ة الجنائي ة الدولي ة الدائم ة في تنفي ذ قواع د الحماي ة العام ة لألعي ان‬

‫المدنية والثقافية نجد أن المادة الثامنة من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية في فقرتها الثانية وتحديداً البند‬

‫الراب ع اعت برت أن " الح اق أي ت دمير واس ع النظ اق بالممتلك ات واالس تيالء عليه ا دون أن تك ون هن اك ض رورة‬

‫عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة " انتهاكاً جسيماً إلتفاقيات جنيف األربعة لعام ‪. 1949‬‬

‫‪. 871‬انظر ديباجة النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية والذي جاء فيها ‪...." :‬وإذ تؤكد أن أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره يجب أال‬
‫تمر دون عقاب وأنه يجب ضمان مقاضاة مرتكبيها على نحو فعال من خالل تدابير تتخذ على الص‪VV‬عيد الوط‪V‬ني وك‪V‬ذلك من خالل تعزي‪VV‬ز التع‪VV‬اون ال‪V‬دولي‬
‫وقد عقدت العزم على وضع حد إلفالت مرتكبي‪ V‬هذه الجرائم من العقاب وعلى اإلسهام بالتالي في منع هذه الجرائم‪"...‬‬
‫‪ . 872‬وتعتبر‪ V‬المحكمة الجنائية الدولية مستقلة عن األمم المتحدة‪ ،‬وال تعتبر‪ V‬جه‪VV‬ازاً من أجهزته‪VV‬ا وتتك‪VV‬ون أجهزته‪VV‬ا من هيئ‪VV‬ة الرئاس‪VV‬ة ال‪VV‬تي تض‪VV‬من رئيس‪V‬ا ً‬
‫ونابين للرئيس‪ ،‬وشعبة استئناف‪ ،‬وشعبة ابتدائية‪ ،‬وشعبة تمهيدية ومكتب‪ V‬المدعي العام وقلم المحكمة‪ ،‬وينتخب‪ V‬قضاة المحكمة وعددهم ‪ 18‬قاضيا ً من قب‪VV‬ل‬
‫جمعية الدول األطراف‪ ،‬والتي تضم الدول المصادقة أو المنضمنة إلى النظام العام األساسي للمحكمة وقد تم تحديد العقوبات في الم‪VV‬ادة الخامس‪VV‬ة وأقص‪VV‬اها‬
‫السجن المؤبد كما تشمل العقوبات الغرامة والمصادرة ‪ ..‬علي عودة ‪ .‬القضاء الجنائي وقانون النزاعات ال ُمسلحة ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬صـــ‪. 5‬‬
‫‪ . 873‬دليل التنفيذ الوطني للقانون الدولي اإلنساني ‪.‬اللجنة الدولية للصليب األحمر ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صــ‪. 118‬‬

‫‪225‬‬
‫ويضيف البند الثاني من المادة ‪ 8‬في الفقرة "ب" النص على أن " تعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية‪ ،‬أي‬

‫المواقع التي ال تشكل أهدافا عسكرية" يعد انتهاكا خطيرا لقوانين وأعراف الحرب السارية في النزاعات الدولية‬

‫الم سلحة ويضيف البند الخامس كذلك اعتبار أن مهاجمة أو قصف المدن أو القرى أو المساكن أو المباني العزالء‬
‫ُ‬

‫التي ال تكون أهدافا عسكرية بأية وسيلة كانت ‪.‬‬

‫واعت بر البن د ‪ 4‬و‪ 5‬من الفق ره " هــ " أن تعم د توجي ه هجم ات ض د المب اني المخصص ة لألغ راض الديني ة أو‬

‫التعليمي ة أو الفني ة أو العلمي ة أو الخيري ة‪ ،‬واآلث ار التاريخي ة‪ ،‬والمستش فيات و أم اكن تجم ع المرض ى والج رحى‪،‬‬

‫شريطة أال تكون أهدافاً عسكرية‪ ،‬وكذلك نهب أي بلدة أو مكان حتى وإ ن تم االستيالء عليه عنوة ‪.‬‬

‫وما يعد تقدماً أن كل النصوص السابقة تحث على تجريم المساس باألعيان المدنية وضرورة معاقبة ُمقترفي‬

‫ه ذه االنتهاك ات جميعه ا واعتبرته ا انتهاك ات جس يمة وخط يرة لألع راف والق وانين الس ارية المفع ول في زمن‬

‫المسلحة غير الدولية‪.‬‬


‫المسلحة الدولية وحتى النزاعات ُ‬
‫النزاعات ُ‬

‫فج وهر الق انون ال دولي اإلنس اني يق ارب ج وهر النظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة الدولي ة حيث ال يج وز‬

‫مهاجمة األعيان المدنية والثقافية إال إذا ثبت ُمساهمتها في األعمال العسكرية‪ ،‬وال تُستخدم القوة العسكرية إال في‬

‫الحدود الالزمة إلنجاز المهمة وتحقيق النصر‪ ،874‬وإ ال فإن جميع االنتهاكات تُشكل جرائم حرب تستتبع المالحقة‬

‫القضائية ‪.‬‬

‫وانسجاماً مع النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬ولرغبة األطراف المتعاقدة في اتفاقية "الهاي" لعام‬

‫‪1954‬م الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية بتعزيز هذه الحماية‪ ،‬جاء البروتوكول الثاني لعام ‪1999‬م واضحاً في‬

‫اعتبار انتهاك الحماية القانونية للممتلكات الثقافية جريمة يجب العقاب عليها‪ ،‬ولم يستبعد أو يستثني القانون الدولي‬

‫والقض اء ال دولي لنظ ر ه ذه الج رائم‪ ،‬وج اءت معالج ة ال بروتوكول الث اني لع ام ‪ 1999‬ألحك ام الوالي ة القض ائية‬

‫‪ . 874‬علي عودة ‪ .‬القضاء الجنائي وقانون النزاعات ال ُمسلحة ‪.‬مرجع سابق ‪.‬صـــ ‪. 7‬‬

‫‪226‬‬
‫واختص اص القض اء ال دولي عن دما ف رق بين الج رائم ُمقس ماً إياه ا إلى الجس يمة واألق ل جس امة‪ ،‬أم ا الجس يمة وهي‬

‫التي جاءت على سبيل التعداد في الفقرة األولى من المادة ‪ 15‬وهذه الجرائم ينظرها القانون الدولي العام‪ ،‬وتكون‬

‫الوالية القضائية فيها للقضاء الدولي‪ ،‬وهو ما أخذت به أيض اً الفقرة األولى من المادة ‪ 16‬من حيث االختصاص‬

‫ال دولي اإلل زامي للج رائم الجس يمة‪ ،‬كم ا وح اول ت دارك اش كاليات تس ليم مرتك بي ه ذه الج رائم ب النص على قواع د‬

‫التسليم والتعاون ‪.875‬‬

‫تقييم دور المحاكم الجنائية الدولية في تنفيذ قواعد حماية األعيانـ المدنية والثقافية‪-:‬‬ ‫‪-‬‬

‫رغم القرار الصادر بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية الدائمة‪ ،‬والذي يهدف إلى محاكمة ومعاقبة األشخاص‬

‫الم تهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم دولية أخرى‪ ،‬أسهم في تفعيل مبدأ المسؤولية الجنائية الدولية وإ قرار فكرة‬
‫ُ‬

‫إن زال العقوب ات المناس بة‪ ،‬أال أن ه ذه المح اكم تعرض ت لكث ير من االنتق ادات نظ را للقص ور من حيث التط بيق‬

‫العملي الذي أظهر الضعف الواضح ألهم مهامها‪ ،‬وسيتم تاليا اإلشارة إلى هذه النقاط على النحو التالي ‪-:‬‬

‫فمن ناحية أوجه الفعالية يعد إقرار فكرة إنزال العقوبات على منتهكي قواعد الحماية لألعيان المدنية والثقافية‬

‫عن طري ق نظ ام قض ائي جن ائي دولي‪ ،‬أح د الوس ائل الفعال ة لتفي ذ قواع د الحماي ة‪ ،‬ومن ع ك ل من تس ول ل ه نفس ه‬

‫بارتكابها مما يؤدي إلى اإلقالل من االنتهاكات المتكررة لهذه األعيان‪.‬‬

‫خاصة وأن المحكم ة الجنائية الدولية تدعم المسؤولية الجنائية الفردية ال سيما ما يتعلق باألفراد الذين‬

‫يحتلون مراكز قيادية في دولهم‪ ،‬ولها سلطات عالمية فابستطاعتها إصدار أوامر التوقيف‪،‬في حق كل من تصدر‬

‫بشأنه أحكام إدانه في ما يتعلق باعتداءات على األعيان المدنية والثقافية‪.876‬‬

‫‪ . 875‬ناريمان عبد القادر القانون الدولي اإلنساني واتفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬وبروتوكوليه‪VV‬ا لحماي‪VV‬ة الممتلك‪VV‬ات الثقافي‪VV‬ة في زمن ال‪VV‬نزاع المس‪VV‬لح ‪ .‬مرج‪VV‬ع‬
‫سابق ‪.‬صــ ‪112‬وإلى صــ ‪. 114‬‬
‫‪ . 876‬ساشا رولفلودر‪ .‬الطابع القانوني للمحكمة الجنائة الدولية ونشوء عناص‪VV‬رفوق وطني‪VV‬ة في القض‪VV‬اء الجن‪VV‬ائي ال‪VV‬دولي‪ .‬مق‪VV‬ال‪ ،‬المجل‪VV‬ة الدولي‪VV‬ة للص‪V‬ليب‬
‫األحمر‪. 2002.‬صـــ‪ 153‬وصـــ ‪.. 163‬‬

‫‪227‬‬
‫وبإنشاء المحكمة الجنائية الدولية الدائمة توسع نطاق التغطية الرقابية القضائية ليشمل جميع أنواع النزاعات‬

‫المسلحة غير الدولية‪ ،‬وبذلك فقد سد ثغرة جسيمة تتعلق بالرقابة على هذا النوع من‬
‫المسلحة الدولية والنزاعات ُ‬
‫ُ‬

‫النزاعات والذي يعد األكثر انتشاراً في واقع النزاعات الحالية ‪ ،877‬وبالتالي تُشكل هذه النقطة بادرة مهمة في عدم‬

‫الم تهمين بانتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية من العقاب‪ ،‬وتكوين الردع المناسب‪.‬‬
‫إفالت األشخاص ُ‬

‫ومن ناحي ة أوج ه القص ور يمكن الق ول أن ه‪ ،‬ونظ راً لع دم انض مام أك بر دول الع الم إلى النظ ام األساس ي‬

‫للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة فإن مجال التعاون لمكافحة الجرائم واسعة النطاق محدود جداً ومنها تلك المتعلقة‬

‫باألعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬فمب دأ الس يادة الوطني ة ال ذي تتمس ك ب ه ال دول ُيع د من أب رز المعوق ات ال تي تُح د من‬

‫ممارسة المحكم ة الجنائية الدولية الختصاص ها‪ ،‬حيث تعت بر بعض الدول أن تقرير مس ؤوليتها الدولية تجاه أفعال‬

‫تُعد ُمخالف ة للقوانين واألع راف الدولية‪ ،‬هو ن وع من التدخل في شؤونها‪ ،‬وعلي ه يصعب على كث ير من الدول أن‬

‫تقتن ع وتُس لم بالخض وع لقض اء دولي تَمثُ ل أمام ه لكي تتم مس اءلتها عم ا ترتكب ه من انتهاك ات اللتزاماته ا الدولي ة‬

‫ومنها تلك المتعلقة بقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ‪.‬‬

‫ومن أهم االنتقادات التي وجهة للمحكم ة الجنائية الدولية القيد الزمني المطروح لمباشرة واليتها في القضايا‬

‫حيث يطرح نظامها األساسي فكرة عدم رجعية االختصاص القضائي‪ ،‬أي عدم نظرها للجرائم الدولية إال بعد نفاذ‬

‫سريان نظامها األساسي أي منذ دخوله حيز النفاذ عام ‪ ،2002‬كما أنها ال تباشر أي قضية إال بعد مرور ‪ 12‬شهر‬

‫اء على طلب مجلس األمن وف ق الفص ل الس ابع ‪ ،878‬وه ذا يتن اقض ص راحه م ع مب دأ ع دم تق ادم ج رائم الح رب‬
‫بن ً‬

‫المنصوص عليه في المادة ‪ 29‬من النظام األساسي للمحكمة‪ ،879‬وعليه فإنه ال ُيوضح مصير جميع الجرائم التي‬

‫ارتكبت قبل نفاذ سريان النظام األساسي للمحكمة ‪.‬‬

‫‪ . 877‬المادة ‪-8/2‬ج ‪ .‬من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ‪.‬‬


‫‪ . 878‬بالل علي النسور ‪ .‬رضوان محمود المجلي ‪ .‬الوجير في القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪.198‬‬
‫‪. 879‬تنص المادة على أنه ‪ :‬ال تسقط الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة بالتقادم أيا ً كانت أحكامه‪.‬‬

‫‪228‬‬
‫المتمثل في سعي الدول نحو تحقيق أكبر قدر من المصالح ولو كان على حساب حماية‬
‫البعد السياسي ُ‬
‫كما أن ُ‬

‫األعي ان المدني ة والثقافي ة أثن اء النزاع ات‪ ،‬خاص ة م ع ارتب اط عم ل المحكم ة الجنائي ة الدولي ة الدائم ة بمجلس األمن‬

‫الدولي‪ ،‬فيما يخص نظام اإلحالة مما يجعل عملها دائما ُمرتبطاً بصالحيات الدول الخمس دائمة العضوية‪ ،‬وهو ما‬

‫يتناقض مع مبدأ الحياد واالستقالل اللذين ُيعدان من أهم المبادئ التي يجب أن تخضع لها المحاكم ‪ ،880‬ومن أجل‬

‫االل تزام بض مان مس اءلة الجه ات المس ؤولة عن االنتهاك ات لألعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬الب د من إحالته ا إلى القض اء‬

‫الدولي لما قد ُي شكله من حياد واستقاللية تصب في مصلحة تحقيق العدالة وضمان عدم اإلفالت من العقاب‪.‬‬

‫وعلى ال رغم من أن مب دأ االختص اص االحتي اطي للمح اكم الجنائي ة الدولي ة جع ل إمكاني ة اإلفالت من العق اب‬

‫قائمة‪ ،‬ذلك أن القضاء الوطني هو صاحب االختصاص األصيل على اعتبار أنه األكثر فعالية من الناحية العملية‪،‬‬

‫إال أن النظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة الدولي ة بم وجب الم ادة األولى من النظ ام منحه ا أولوي ة أو اختص اص‬
‫‪881‬‬
‫‪.‬‬ ‫تكميلي وحتمي من أجل تحقيق األمن والسلم الدوليين‬

‫لكن ه قي د ه ذا االختص اص بقي د حيث اش ترط لتفعي ل ه ذا االختص اص تق اعس وفش ل ال دول في القي ام‬

‫بمحاكم ة مرتك بي الج رائم الدولي ة وفق اً لألص ول المتع ارف عليه ا في الق انون ال دولي ‪ ،882‬وب ذلك ف إن المحكم ة‬

‫الجنائي ة الدولي ة ليس ت ب ديالً عن القض اء الوط ني وإ نم ا ُمكمل ة ل ه‪ ،‬ف إذا لم يقم األخ ير بعمل ه انتقلت الص الحيات‬

‫للمحكمة الجنائية الدولية ‪.‬‬

‫أم ا في حال ة إخف اق الدول ة في االض طالع ب ذلك ال دور أو ع دم اكتراثه ا ب ه‪ ،‬أو في حال ة ت وافر س وء ني ة‬

‫تتدخل المحكمة الجنائية الدولية لضمان تحقق العدالة‪ ،‬وبذلك فالتركيز على االختصاص التكميلي جاء لعدم التأثير‬

‫‪ . 880‬للمزي ٍد من المعلومات حول مجلس األمن وعالقته بالنظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ‪.‬راجع ‪.‬سعد ثقل العجمي ‪ .‬مجلس األمن وعالقته بالنظام‬
‫األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ‪.‬مجلة الحقوق الكويتية ‪ .‬جامعة الكويت ‪.‬العدد الرابع ‪.‬ديسمبر‪ . 2005 V‬صــ ‪ 15‬ولغاية صــ ‪. 65‬‬
‫‪ . 881‬أدت ديباجة النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية في الفقرة العاشرة " أن المحكمة الجنائية الدولية المنشاة بموجب‪ V‬هذا النظام األساس‪VV‬ي س‪VV‬تكون‬
‫مكملة للواليات القضائية الجنائية الوطنية "‪ ،‬كما نصت المادة األولى من النظام األساس‪VV‬ي للمحكم‪VV‬ة الجنائي‪VV‬ة الدولي‪VV‬ة على أن‪VV‬ه "‪ ..‬تك‪VV‬ون المحكم‪VV‬ة مكمل‪VV‬ة‬
‫للوالية القضائية الجنائية الوطنية ‪. " ...‬‬
‫‪ . 882‬نزار العنبكي‪ . V‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صـــ ‪. 596‬‬

‫‪229‬‬
‫على ح ق ال دول في محاكم ة المج رمين من ط رف القض اء المحلي‪ ،‬وعلي ه فاألولوي ة تبقى وف ق النظ ام األساس ي‬

‫للمحكمة الجنائية الدولية لوالية المحاكم الجنائية الوطنية‪.883‬‬

‫فالقضاء الوطني هو صاحب االختصاص األصيل في النظر في االنتهاكات المتعلقة بقواعد القانون الدولي‬

‫اإلنساني وال يتدخل القضاء الدولي إال في الحاالت التي يعلو فيها االختصاص الدولي على القضاء الوطني بنص‬

‫صريح في النظام األساسي‪.884‬‬

‫ويبقى اختصاص المحكمة الدولية الجنائية اختصاص استثنائي يأخذ على عاتقه تقرير المسؤولية الجنائية‬

‫الفردي ة‪ ،‬وال يت دخل إال في حال ة النص الص ريح أو في حال ة غي اب الس لطة القض ائية الوطني ة أو ع دم قدرتها على‬

‫الحيلول ة دون اإلفالت من القص اص‪ ،‬حيث يس مح للقض اء الوط ني ممارس ة اختصاص ه أوالً ‪ ،885‬ل ذا فالمحكم ة‬

‫الجنائية الدولية تعتبر امتداداً للقضاء الدولي الوطني وتكملة في االختصاص في حالة عدم قدرته أو عدم رغبته في‬

‫ممارسة ذلك االختصاص‪.‬‬

‫وكخالص ة يمكن الق ول أن تعزي ز دور المحكم ة الجنائي ة الدولي ة في تنفي ذ قواع د حماي ة األعي ان المدني ة‬
‫ُ‬

‫المطلقة‬
‫المسلحة الدولية وغير الدولية‪ ،‬يتوقف بالدرجة األولى على تفعيل مبدأ األولوية ُ‬
‫والثقافية زمن المنازعات ُ‬

‫والتلقائية للمحكمة في حالة الجرائم واسعة النطاق كتلك الجرائم المتعلقة بحماية األعيان المدنية والثقافية باعتبار‬

‫االعت داء عليه ا يع د من االنتهاك ات الجس يمة ‪ ،‬وأيض اً مب دأ الحيادي ة واالس تقاللية‪ ،‬خاص ة وأن المحكم ة الجنائي ة‬

‫المتح دة وال تُعت بر فرع اً من ف روع هيئ ة األمم المتح دة‪ ،‬وإ نم ا ترتب ط بالهيئ ة‬
‫الدولي ة ليس ت ج زءاً من ميث اق األمم ُ‬

‫بم وجب اتف اق يعق د وف ق الم ادة الثاني ة من النظ ام األساسي‪ ،886‬وبه ذا يمكن ض مان قيامه ا بعمله ا في الح د من‬

‫فعال نسبياً‪.‬‬
‫االنتهاكات ولو بشكل ّ‬
‫‪ . 883‬بالل علي النسور ‪ .‬رضوان محمود المجلي ‪ .‬الوجير في القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬صــ ‪. 208‬‬
‫‪ . 884‬نجاة حمد أحمد إبراهيم ‪.‬المسؤولية الدولية عن انتهاكات‪ V‬قواعد القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬مرجع سابق‪.‬صــ ‪.455‬‬
‫‪ , 885‬أوسكار سوليرا‪ .‬االختصاص القضائي التكميلي القضاء الجنائي الدولي‪ .‬لمجلة الدولية للصليب األحمر‪. 2002.‬صـــ ‪. 183‬‬
‫‪ . 886‬الذي عرف المحكمة كمؤسسة دائمة ذات شخصية قانونية دولية مستقلة تتمت‪VV‬ع بكام‪VV‬ل األهلي‪VV‬ة وتنص الم‪VV‬ادة الثاني‪VV‬ة من النظ‪VV‬ام األساس‪VV‬ي للمحكم‪VV‬ة‬
‫الجنائية الدولية على أنه "تنظم العالقة بين المحكمة واألمم المتحدة بموجب‪ V‬اتفاق تعتمده‪ V‬جمعية الدول األطراف في هذا النظام األساسي ويبرم‪V‬ه بع‪V‬د ذل‪V‬ك‬
‫رئيس المحكمة نيابة عنها ‪".‬‬

‫‪230‬‬
‫الخاتمة‬

‫بعد االنتهاء من هذه الدراسة لقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية وفقاً ألحكام القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬الب د من‬

‫استعراض ُجملة من النتائج تلحقها ُجملة من التوصيات‪ ،‬لعل أهمها ‪-:‬‬

‫أوال ‪ :‬النتائجـ ‪-:‬‬

‫إن قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة ذات س ند ق انوني ع رفي واتف اقي‪ ،‬وتُطب ق بش كل ع ام وش امل على كاف ة‬ ‫‪-‬‬

‫المسلحة أياً كانت أطرافها‪ ،‬وبالتالي فإن الطبيعة العرفية لقواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ال تجعل‬
‫النزاعات ُ‬

‫ع دم انض مام دول ة م ا إلى االتفاقي ات ال تي تنص عليه ا ‪ ،‬بعي ده عن اإلل تزام والتقي د به ا‪ ،‬أو من ع أو قم ع أي انته اك‬

‫لها ‪.‬‬

‫إن أحكام الشريعة اإلسالمية كانت لها السبق في إرساء مبدأ التمييز بين األهداف العسكرية واألهداف المدنية وهو‬ ‫‪-‬‬

‫م ا أك دت علي ه النص وص القرآني ة‪ ،‬واألح اديث النبوي ة ال تي تكش ف عن العبقري ة العس كرية للرس ول علي ه الص الة‬

‫المختلف ة للخلف اء الراش دين‪ ،‬وأيض اً القواع د الفقهي ة ‪ ،‬فق د اهتمت الش ريعة اإلس المية بحماي ة‬
‫والس الم‪ ،‬والوص ايا ُ‬

‫األعيان المدنية والثقافية وحتى البيئة الطبيعية ‪.‬‬

‫البد من التمييز بين األهداف العسكرية واألعيان المدنية عند الهجوم ‪ ،‬كما البد من التفريق بين األهداف العسكرية‬ ‫‪-‬‬

‫باألص ل وال تي يمكن اس تهدافها ب دون أي ش رط أو قي د‪ ،‬واألعي ان المدني ة ال تي يتم تحويله ا لغ ير م ا خصص ت ل ه‪،‬‬

‫‪231‬‬
‫بمع نى ال تي ح ولت إلى أه داف عس كرية‪ ،‬أو ال تي يتم اس تغاللها أو اس تخدامها ألعم ال عدائي ة‪ ،‬فيجب على الط رف‬

‫المه اجم أن ال يس تهدف األعي ان المدني ة في أص لها إطالق اً‪ ،‬أم ا األعي ان المدني ة ال تي تم تحويله ا‪ ،‬يجب أن يتحق ق‬
‫ُ‬

‫المه اجم من جمل ة من الش روط وأن ي راعي جمل ة من الت دابير واالحتياط ات ‪ ،‬فالتجاه ل الص ارخ للت دابير الوقائي ة‬
‫ُ‬

‫واالحتياطية المنصوص عليها في قواعد القانون الدولي اإلنساني سواء كان ذلك في مرحلة التخطيط وحتى مرحلة‬

‫اتخاذ القرارات العسكرية بشأن الهجمات‪ ،‬يضفي عليها طابع الهجمات العشوائية أو االنتقامية المحظورة ‪.‬‬

‫يوجد صعوبة في وضع تعريف واضح ومحدد لمفهوم األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬فلم يرد ضمن أحكام القانون ال دولي‬ ‫‪-‬‬

‫تعريف لألعيان المدنية والثقافية‪ ،‬بل تم االعتماد في تعريف األعيان المدنية على أساس التمييز بينها وبين‬
‫ٌ‬ ‫اإلنساني‬

‫المخالفة معها ‪ ،‬مع غياب واضح لُألسس والضوابط والمعايير الموضوعية الثابته‬
‫األهداف العسكرية‪ ،‬أو بمفهوم ُ‬

‫المستمر‬
‫التي ُي مكن االستناد إليها في التمييز بين األهداف العسكرية واألعيان المدنية‪ ،‬بل تتسم هذه األسس بتغييرها ُ‬

‫المحيطة باألعيان‪ ،‬وبالتالي ال يمكن االرتكان إليها‪.‬‬


‫بحسب الظروف ُ‬

‫إن ماهية الممتلكات الثقافية ومفهومها قد تطور وتوسع‪ ،‬فلم تعد تقتصر هذه الممتلكات على ُمجرد اآلثار التاريخية‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫ب ل أص بحت أك ثر ش مولية فض مت المقدس ات واألم اكن الديني ة‪ ،‬والكتب والمخطوط ات والتح ف الفني ة وال تراث‬

‫المختلفة‪ ،‬المادية وغير المادية‪ ،‬وأصبح من الممكن القول بأن مفهوم الممتلكات الثقافية أصبح ُيعبر عن‬
‫بعناصره ُ‬

‫هوية وثقافة اإلنسانية بشكل عام‪ ،‬مع االحتفاظ بهوية المنطقة التي توجد بها بكل تفاصيلها وتُشكل أهمية عقائدية‬

‫وروحية وتاريخية لها مما يستوجب االهتمام أكثر بقواعد تضمن الحماية المناسبة لها ‪.‬‬

‫يتض ح جم ود قواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافية‪ ،‬فبع د اعتم اد اتفاقي ات ج نيف لع ام ‪ 1949‬وبروتوكوالته ا لع ام‬ ‫‪-‬‬

‫‪ 1977‬وحتى اتفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬وبروتوكليها اإلضافيين‪ ،‬لم يحدث أي تغيير‪ ،‬ولو بسيط في القواعد‪ ،‬على‬

‫ال رغم من أن الم دة ال تي نش أت فيه ا ك انت كافي ة لتق ييم م دى فعاليته ا في حماي ة ه ذه األعي ان والممتلك ات ‪ ،‬ف الواقع‬

‫والمناسبة‪ ،‬خاصة مع‬


‫العملي قد كشف عن ضعفها وعدم قدرتها على إعطاء األعيان المدنية والثقافية الحماية الكافية ُ‬

‫المتواجد فيها‪.‬‬
‫المتزايد للثغرات القانونية ُ‬
‫االكتشاف ُ‬

‫‪232‬‬
‫إن الحماية التي تتمتع بها األعيان المدنية والثقافية ليست حماية ُمطلقة بل نسبية؛ حيث تُفقد هذه الحماية في حال تم‬ ‫‪-‬‬

‫استخدام هذه األعيان ألغراض عدائية‪ ،‬وكانت هناك ضرورة عسكرية ‪.‬‬

‫يأتي أثر الضرورة العسكرية على قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية كمسألة ُمهمة تتعلق بتفسير هذه الضرورة‬ ‫‪-‬‬

‫بحجة‬
‫ومعقده فغالب اً ما يلجأ أطراف النزاع إلى تدمير األعيان المدنية والثقافية‪ُ ،‬‬
‫العسكرية‪ ،‬باعتبارها مسألة دقيقة ُ‬

‫الدواعي األمنية والضرورات العسكرية خاصة مع عدم وجود جهة تحدد مدى توافرها وتنظيم عمليه تقييمها ‪.‬‬

‫يتض ح أيض اً ع دم ق درة القواع د القانوني ة الخاص ة بحماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة على مواكب ة التط ور الن وعي‬ ‫‪-‬‬

‫والمتالحق لألسلحة‪ ،‬سواء نووي أو تقليدي فلم تعد هذه القواعد قادرة على توفير وضمان الحماية الكافية والفعلية‬

‫المسلحة‪.‬‬
‫أثناء النزاعات ُ‬

‫في م ا يخص المس ؤولية الدولي ة يتض ح أن مجاله ا واس ع ج دا ً‪ ،‬فيح ق ألي ش خص من أش خاص الق انون ال دولي أن‬ ‫‪-‬‬

‫يتقدم بالمطالبة وتحريك دعوى المسؤولية الدولية المدنية ضد أي منظمة دولية ومنها منظمة األمم المتحدة بجميع‬

‫المتعلقة بضرورة إلزام األطراف على احترام القوانين‬


‫أجهزتها لخرقها أي التزام تجاه المجتمع الدولي ومنها تلك ُ‬

‫الدولية والقواعد العرفية ‪ ،‬و باعتبار هذه األعيان من الفئات المحمية في قواعد القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬واستناداً‬

‫إلى م ا ج اء مش روع الق انون ال دولي بش أن المس ؤولية الدولي ة للمنظم ات الدولي ة ال ذي تم التأكي د في ه أن من ح ق أي‬

‫شخص من أشخاص القانون الدولي مضرور باتخاذ كافة التدابير واإلجراءات المضادة لحمل المنظمات الدولية على‬

‫االلتزام بواجباتها والتزاماتها الدولية‪.‬‬

‫أن قواع د الق انون ال دولي اإلنس اني ال تتض من أحكام اً تفص يلية ح ول مب دأ المس ؤولية الدولي ة ألط راف ال نزاع‪ ،‬ب ل‬ ‫‪-‬‬

‫تخضع أحكام المسؤولية الدولية سواء كانت مدنية أو جنائية‪ ،‬إما للقانون الدولي العام أو للقانون الدولي الجنائي‪،‬‬

‫وذل ك لقص ور قواع د الق انون ال دولي اإلنس اني في إف راد نص وص أك ثر تفص يالً ودق ة وخصوص ية للظ روف ال تي‬

‫ت رتكب فيه ا ه ذه االعت داءات‪ ،‬حيث اكتفت النص وص بتقري ر قواع د عام ة لحماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة من‬

‫األضرار البالغة واسعة االنتشار‪ ،‬ورغم أنها وضعت معايير أكثر تحديداً للمسؤولية الجنائية عن أي أعمال تقترف‬

‫‪233‬‬
‫ضد األعيان المدنية والثقافية والتي توصف بأنها جرائم حرب‪ ،‬و طورت هذه النصوص نطاق تطبيق المسؤولية‬

‫الجنائية الفردية؛ حيث قررت مسؤولية المرتكبين المباشرين لالنتهاكات الجسيمة من قادة ورؤساء ومرؤوسيين‪ ،‬إال‬

‫أن القصور وقلة النصوص حول المسؤولية الدولية ُيظهر تواضعها‪.‬‬

‫إن المسؤولية الجنائية عن انتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية تتولد عند األضرار بهذه األعيان‪ ،‬وعندما‬ ‫‪-‬‬

‫تك ون ه ذه األض رار من الجس امة إلى الح د ال ذي يجعله ا في مرتب ة ج رائم الح رب‪ ،‬فالفق ه والعم ل ال دولي يؤي دان‬

‫تطبيق المسؤولية الجنائية الفردية عن االنتهاكات الواقعة على األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬أما المسؤولية المدنية فتتولد‬

‫عن جرائم اإلضرار باألعيان المدنية بغض النظر عن قلة جسامتها فبمجرد توافر الضرر تقوم المسؤولية المدنية‪.‬‬

‫المتخصصة‬
‫تعزز التوجه نحو إقرار المسؤولية الجنائية الفردية من خالل تشكيل عدد من المحاكم الجنائية الدولية ُ‬ ‫‪-‬‬

‫للمحاكم ة عن الج رائم ال تي تج ر المس ؤولية الفردي ة عن االنتهاك ات الواقع ة على األعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬ويبقى‬
‫ُ‬

‫تفعيل دور القضاء الدولي دافعاً قوياً نحو ضمان تنفيذ وتطبيق قواعد حماية األعيان المدنية الثقافية خاصة مع انش اء‬

‫المحكمة الجنائية الدولية الدائمة ‪.‬‬

‫ومعينه‪ ،‬تكفل ُمعاقبة ُمنتهكي قواع د‬


‫هناك غياب واضح للجزاء القانوني فال نصوص قانونية تحمل عقوبات واضحه ُ‬ ‫‪-‬‬

‫حماية األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬بل ُيترك الجزاء لتقدير القاضي الموضوعي‪.‬‬

‫عدم وجود وسائل قانونية عملية في االتفاقيات الدولية الخاصة بحماية األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬يمكن لها أن تُلزم‬ ‫‪-‬‬

‫ال دول األط راف على اح ترام أحك ام ه ذه االتفاقي ة والتقي د به ا‪ ،‬باإلض افة إلى قص ور نظم الحماي ة وض مانات التنفي ذ‬

‫له ذه القواع د‪ ،‬وه ذا القص ور ال يتعل ق وال ينحص ر في م دى تواض ع نظ ام الحماي ة له ذه األعي ان ونظ ام الج زاء‬

‫لمنتهكي هذه القواعد فقط‪ ،‬بل يتعدى ذلك إلى قصور ضمانات التنفيذ في األساس‪.‬‬

‫والمقترح ات ال تي من ش أنها أن‬


‫ثانيــا‪ :‬التوصــياتـ والمقترحــاتـ ‪ :‬لم يفت الدراس ة أن تط رح ع دداً من التوص يات ُ‬
‫ً‬

‫المسلحة الدولية وغير الدولية‬


‫تُساعد على الحد من تعريض األعيان المدنية والثقافية للخطر في فترات النزاعات ُ‬

‫منها ‪-:‬‬

‫‪234‬‬
‫استحداث بروتوكول تفسيري وتطويري‪ ،‬وعدم االكتفاء بما نصت عليه أحكام القانون الدولي اإلنساني بشأن حماية‬ ‫‪-‬‬

‫المتالحق ة من خالل وض ع قواع د‬


‫األعي ان المدني ة والثقافي ة‪ ،‬ويمكن من خالل ه ذا ال بروتوكول مواكب ة التط ورات ُ‬

‫تفس يرية وتطويري ة لبعض المف اهيم ال واردة في قواع د الق انون ال دولي اإلنس اني و المتعلق ة بحماي ة األعي ان المدني ة‬

‫والثقافية‪ ،‬كمفهوم الضرورة العسكرية والميزة العسكرية وغيرها من مفاهيم ‪ ،‬بحيث يكون مرجع اً ُمعتمداً ومناسباً‬

‫لكل أطراف النزاع قبل القيام بأي هجمات عسكرية ‪.‬‬

‫ويمكن من خالل ه ذا ال بروتوكول إق رار تعري ف واض ح ودقي ق لألعي ان المدني ة والثقافي ة ُيعتم د في ه على مع ايير‬ ‫‪-‬‬

‫ومعتمدة ‪ ،‬وبالتالي جعلها بعيدة عن كافة العمليات‬


‫ومحددة ُ‬
‫وضوابط وعناصر يمكن االتفاق عليها بحيث تكون ثابته ُ‬

‫العدائية خاصة في المناطق التي تختلط فيها األعيان المدنية والثقافية مع األهداف العسكرية‪.‬‬

‫ويمكن أيضا من خالل هذا البروتوكول فرض حماية ُمطلقة لهذه األعيان خالية من أي قيد أو شرط ‪ ،‬وكذلك الحد‬ ‫‪-‬‬

‫من الض رورة العس كرية من خالل بي ان منظومته ا القانوني ة والتص ريح بالض وابط والمع ايير ال تي تحكمه ا في ح ال‬

‫توافرها‪ ،‬وذلك من أجل تقليص السلطة التقديرية ألطراف النزاع‪ ،‬ومنع استغالله هذا االستثناء في نفي المسؤولية‪.‬‬

‫المسلحة بجميع أشكالها‪ ،‬ويكون هذا‬


‫و توفير نصوص حماية أكثر دقة لكافة األعيان المدنية والثقافية في النزاعات ُ‬ ‫‪-‬‬

‫ال بروتوكول ُمكمالً لل بروتوكوالت الس ابقة وليس ب ديالً عنه ا بحيث يه دف بالدرج ة األولى إلى س د أي نقص أص اب‬

‫قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ‪.‬‬

‫وشـ َرطية لحمايـة األعيـان المدنيـة والثقافية‪ ،‬ويمكن تط بيق ه ذه اآللي ة من خالل دعم الق درات‬
‫إنشـاء آليـاتـ اداريـة ُ‬ ‫‪-‬‬

‫المدنية ُم تمثلة باألجهزة الشرطية باعتبارها من األجهزة المدنية التي ُيو َك ُل لها حفظ األمن في السلم ‪ ،‬فلما ال يكون‬

‫ذل ك في الح رب أيض اً ‪ ،‬بحيث تك ون خ ط ال دفاع األول له ذه األعي ان وتحيي دها عن النزاع ات ق در المس تطاع ‪،‬‬

‫ويكون ذلك من خالل ‪-:‬‬

‫المسلحة ومراقبة تطبيق قواعد‬


‫بناء قدرات ُش َرطية تكون ُم تخصصة بحماية األعيان المدنية والثقافية أثناء النزاعات ُ‬ ‫‪-‬‬

‫المتمثل‬
‫المناسب لضمان الحياد وتمكينها من أداء مهامها‪ُ ،‬‬
‫حمايتها‪ ،‬بحيث تملك كافة اآلليات اإلدارية والدعم الدولي ُ‬

‫‪235‬‬
‫بالحف اظ على الط ابع الم دني له ذه األعي ان‪ ،‬ومن ع تحويله ا واس تغاللها واس تخدامها في العملي ات العس كرية أو في‬

‫المجهود الحربي‪ ،‬ويكون ذلك من خالل اإلشراف المدني عليها لضمان المحافظة على استمرارية الطابع والنشاط‬

‫الم دني لألعي ان المدني ة‪ ،‬ط وال ف ترة ال نزاع‪ ،‬والعم ل على من ع أط راف ال نزاع من اس تغاللها وتحوي ل نش اطها‬

‫وطبيعتها المدنية ‪ ،‬إال بعد التحق ق الفعلي من توافر ضرورة عسكرية ‪ ،‬وبالتالي يمكن الحد والتقليل من األضرار‬

‫المسلحة ‪ ،‬كما ُيمكن لهذه القدرات فرض حراسة مدنية‬


‫واآلثار على األعيان المدنية والثقافية الناتجة عن النزاعات ُ‬

‫على ه ذه األعي ان المدني ة لحين انته اء ال نزاع م ع منحه ا ح ق ارت داء ش ارة خاص ة بهم لتمي يزهم و للحص ول على‬

‫المناسبة لهم ‪.‬‬


‫الحماية ُ‬

‫المسلحة الوارد في الفقرة الثانية من المادة األولى‬


‫للممتلكات الثقافية أثناء النزاعات ُ‬
‫تفعيل وتوسيع مفهوم الحراسة ُ‬ ‫‪-‬‬

‫الممتلكات الثقافية تحت الحراس ة‬


‫للبروتوكول اإلضافي األول التفاقية الهاي لعام ‪ ، 1954‬والتي نصت على وضع ُ‬

‫بناء على طلب السلطات المختصة لألراضي المذكورة‪.‬‬


‫سواء تلقائياً عند االستيراد وإ ال ً‬

‫المهمة الراسخة في‬


‫تفعيل مبدأ المسؤولية الدولية بشقيها المدني والجنائي‪ ،‬حيث تُعد المسؤولية أحد أبرز القواعد ُ‬ ‫‪-‬‬

‫بنيان القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬لضمان تطبيق وتنفيذ قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية؛ ذلك أن غياب المساءلة‬

‫أو عدم توقع أي شكل من أشكال المساءلة يسمح باستمرار االنتهاكات ‪.‬‬

‫ف إبراز المس ؤولية المترتب ة على أي انتهاك ات لقواع د دولي ة ‪ُ ،‬يعت بر األس اس ألي نظ ام يح رص واض عوه على‬

‫فعاليت ه واس تمراره‪ ،‬واح ترام أحكام ه‪ ،‬وتُعت بر المس ؤولية المدني ة وك ذلك المس ؤولية الجنائي ة الفردي ة من أفض ل الوس ائل‬

‫المناس بة‪ ،‬وبالت الي تُمث ل ردع اً‬


‫الفعال ة لردع ك ل من س لك مس لكاً غ ير قانوني‪ ،‬ويك ون ذل ك عن طري ق ف رض العقوب ات ُ‬
‫ّ‬

‫المتعلقة بحماية األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬فعدم‬


‫تحذر به الدول واألفراد من التفكير في انتهاك أي قواعد من بينها تلك ُ‬

‫المساءلة‪ ،‬وجبر األضرار التي يتكبدها أطراف النزاع تقوض بال شك عمليات السالم واالستعداد لمرحلة ما بعد انتهاء‬

‫ال نزاع‪ ،‬مم ا ُيش كل تهدي دات جدي دة للس الم واألمن‪ ،‬فالمس اءلة عن االنتهاك ات ليس ت ش رطاً للوف اء بااللتزام ات القانوني ة‬

‫‪236‬‬
‫والمستدام‪ ،‬وضمان عدم تكرار العنف‬
‫الدولية فقط‪ ،‬بل هي عامل ُمهم وأساسي للوقاية والحماية وإ حالل السالم الدائم ُ‬

‫المستمرة‪.‬‬
‫دوامات االنتقامات ُ‬
‫والدخول في َّ‬

‫المطلق ة والتلقائي ة في الج رائم الواقع ة على األعي ان المدني ة‬


‫دعم القضــاء الــدولي الجنــائي ال دائم وإ عط اؤه األولوي ة ُ‬ ‫‪-‬‬

‫والثقافي ة‪ ،‬ويك ون ذل ك من خالل إحال ة أي انته اك لقواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة إلى المحكم ة الجنائي ة‬

‫الدولية‪ ،‬فعدم وجود قضاء ُمتخص ص ودائم وتلق ائي ‪ ،‬بحيث يكون جاهزا الستقبال كافة االنتهاكات قد ُيعزز من‬

‫المستمرة عليها ‪ ،‬ولعل ما أجرته وأصدرته المحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الخاصة من لوائح‬
‫ثقافة االنتهاكات ُ‬

‫المس اءلة والمحاكم ة وح تى توقي ع العقوب ات ليس ت بعي دة المن ال‪ ،‬ويمكن‬
‫اته ام وم ا أجرت ه من محاكم ات تُظه ر أن ُ‬

‫تقدير كافة االعتراضات التي قد تثار ضد هذا المقترح ؛ فالقضاء الجنائي الدولي سيتيح بال شك‪ ،‬وسيضمن فعلي اً‬

‫ص ون األمن والس الم الع المي‪ ،‬وس يكون من ش أنه التعب ير عن إرادة المجتم ع ال دولي في ض مان اح ترام القواع د‬

‫الدولية‪ ،‬ومنها قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية‪.‬‬

‫المتـورطين في االنتهاكـات الواسـعة على األعيـانـ المدنيـة والثقافية‪ ،‬فال ب د من‬


‫تحديد وفـرض عقوبـات على جميـع ُ‬ ‫‪-‬‬

‫النص ص راحة على عقوب ات دولي ة في ح ال ارتك اب انتهاك ات جس يمة ض د األعي ان المدني ة والثقافي ة من خالل‬

‫ممارس ة االختص اص الجن ائي ال دولي لتوقي ع العقوب ات ‪ ،‬حيث لم تنص المواثي ق الدولي ة على عقوب ات ُمعين ه بش كل‬

‫صريح وواضح ومحدد ‪ ،‬وهو ما قد ساهم في عدم فعالية قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية‪ ،‬لذلك كان البد من‬

‫الرجوع إلى االجتهادات الفقهية‪ ،‬وإ لى المواثيق الدولية‪ ،‬والعمل القضائي والقوانين الداخلية‪ ،‬وفرض عقوبات ُمحددة‬

‫المختلف ة لقواع د حماي ة األعي ان المدني ة والثقافي ة ‪ ،‬فليس هن اك م ا يمن ع من تفري د العق اب‬
‫تتناس ب م ع االنتهاك ات ُ‬

‫وتحقي ق مب دأ المالءم ة وال ردع الع ام والخ اص‪ ،‬كه دف منش ود من عق اب منتهكي قواع د حماي ة األعي ان المدني ة‬

‫والثقافية‪ ،‬فالتطرق إلى العقوبة أو الجزاء له أهمية ‪ ،‬حيث يترتب عليه إجبار األفراد والدول على احترام القواعد‬

‫ويمكن االس تناد إلى م ا‬


‫خوف اً من تط بيق العقوب ة عليهم‪ ،‬و باعتب اره أس لوباً من أس اليب القم ع وال ردع في آن واح د‪ُ ،‬‬

‫أصدرته المحاكم الجنائية الدولية من أحكام ‪ ،‬على أن يكون هناك تناسب بين الجرم والجزاء من الناحية الواقعية‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫وختاماً نتحمل أي نقص أو تقصيرـ أو خطأ غير مقصود في أي جزء من أجزاء هذه الدراسة المتواضعة على أن‬

‫الفضل في إنهائها يعود هلل عز وجل وحده في صياغتهاـ وإ خراجها على هـذا الشــكل‪ ،‬ومن ثم للجهــود والتوجيهـاتـ الـتي‬

‫المشرف ‪.‬‬
‫بذلها اُألستاذ ُ‬

‫وأخــــــيرا ً إن أصــــــبتـ فمن اهلل وإ ن أخطــــــأتـ فمن نفســــــي‪،،،‬ـ واهلل من وراء‬

‫القصد‪،،،‬ـ‬

‫قائمة المراجع "مع االحتفاظ باأللقاب " ‪:‬‬

‫القرآن الكريم ‪.‬‬

‫الكتب العربية ‪:‬‬

‫إب راهيم‪ ،‬نج اة أحم د أحم د ‪.‬المس ؤولية الدولي ة عن انتهاك ات قواع د الق انون ال دولي اإلنس اني ‪ .‬منش أة‬ ‫‪.1‬‬

‫المعارف ‪.‬االسكندرية ‪.‬مصر ‪2009 .‬‬

‫أبوزينة‪ ،‬آمنه محمدي ‪.‬آليات تنفيذ القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬دار الجامعة الجديدة ‪.‬اإلسكندرية ‪.‬مصر ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫‪2014‬‬

‫‪.‬عمان األردن‬
‫الدريدي‪ ،‬حسين علي ‪.‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬دار وائل للنشر والتوزيع ‪ .‬الطبعة األولى ّ‬ ‫‪.3‬‬

‫‪2012. .‬‬

‫الجندي ‪ ،‬غسان ‪ .‬المسؤولية الدوليه ‪ .‬بدون دار نشر ‪ .‬الطبعة األولى ‪. . 1990 .‬‬ ‫‪.4‬‬

‫الزم الي‪ ،‬ع امر ‪ .‬م دخل إلى الق انون ال دولي اإلنس اني ‪ .‬وح دة الطباع ة واإلنت اج الف ني في المعه د الع ربي‬ ‫‪.5‬‬

‫لحقوق اإلنسان واللجنة الدولية للصليب األحمر ‪ .‬الطبعة الثانية ‪.‬تونس ‪. 1997.‬‬

‫المس لحة ‪ .‬دار الحام د للنش ر‬


‫الرهايف ة‪ ،‬س المة ص الح ‪ .‬حماي ة الممتلك ات الثقافي ة أثن اء النزاع ات ُ‬ ‫‪.6‬‬

‫عمان االردن ‪. 2012 .‬‬


‫والتوزيع ‪ .‬الطبعة االولى ‪ّ .‬‬

‫‪238‬‬
‫الس عدي‪ ،‬عب اس هاش م ‪ .‬مس ؤولية الف رد الجنائي ة عن الجريم ة الدولي ة ‪.‬دار المطبوع ات‬ ‫‪.7‬‬

‫الجامعية ‪.‬اإلسكندرية ‪.‬مصر ‪2002 .‬‬

‫الش افعي‪ ،‬ج ابر عب د اله ادي س الم ‪ .‬تأص يل مب ادئ الق انون ال دولي اإلنس اني ‪ .‬دار الجامع ة‬ ‫‪.8‬‬

‫الجديدة ‪.‬اإلسكندرية ‪.‬مصر ‪. 2013.‬‬

‫الشكري‪ ،‬علي يوسف ‪ .‬القانون الجنائي الدولي في عالم متغير ‪ .‬إيتراك للنشر والتوزيع ‪.‬الطبعة األولى‬ ‫‪.9‬‬

‫القاهرة مصر ‪. 2005 .‬‬

‫الشاللدة‪ ،‬محمد فهاد ‪.‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬دار المعارف ‪.‬االسكندرية ‪ .‬مصر ‪. 2005 .‬‬ ‫‪.10‬‬

‫العادلي‪ ،‬محمد صالح ‪ .‬الجريمة الدولية ‪ .‬دار الفكر الجامعي ‪ .‬الطبعة األولى ‪.‬اإلسكندرية مصر ‪2003.‬‬ ‫‪.11‬‬

‫المسلحة ‪.‬الطبعة األولى ‪ .‬دار زهران ‪2010.‬‬


‫العساف‪ ،‬باسم خلف ‪.‬حماية الصحفيين أثناء النزاعات ُ‬ ‫‪.12‬‬

‫‪.‬عمان ‪.‬األردن ‪ .‬الطبعة األولى ‪. 2010.‬‬


‫العنبكي‪ ،‬نزار ‪.‬القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬دار وائل ّ‬ ‫‪.13‬‬

‫الع نزي‪ ،‬رش يد حم د‪ .‬األه داف العس كرية المش روعة في الق انون ال دولي‪ .‬الع دد الث الث‪ .‬الس نة الحادي ة‬ ‫‪.14‬‬

‫والثالثون ‪.‬الكويت ‪. 2007.‬‬

‫س هيل حس ين الفتالوي ‪.‬عم اد محم د ربي ع ‪ .‬الق انون ال دولي االنس اني ‪.‬دار الثقاف ة ‪.‬عم ان االردن ‪.‬الطبع ة‬ ‫‪.15‬‬

‫األولى ‪. 2007.‬‬

‫النس ور‪ ،‬بالل على ‪ .‬المج الي‪ ،‬رض وان محم د محم ود ‪ .‬الوج يز في الق انون ال دولي اإلنس اني دراس ة م ع‬ ‫‪.16‬‬

‫بعض من النم اذج الدولي ة المعاص رة ‪ .‬األك اديميون للنش ر والتوزي ع ‪.‬الطبع ة األولى ‪.‬عم ان ‪.‬األردن ‪.‬‬

‫‪2012‬‬

‫النقي‪ ،‬يوسف ابراهيم ‪ .‬النيادي‪ ،‬مطر حامد ‪ .‬بن هزيم‪،‬أحمد سعيد ‪ .‬التعريف بالقانون الدولي اإلنساني‬ ‫‪.17‬‬

‫المسلحة ‪ .‬الهالل األحمر اإلماراتي ‪ .‬اإلمارات ‪. 2003.‬‬


‫وحماية المدنيين أثناء النزاعات ُ‬

‫‪239‬‬
‫الني ادي‪ ،‬مط ر حام د حليس ‪.‬وث ائق أساس ية في الق انون ال دولي الع ام ‪ .‬مط ابع البي ان ‪ .‬دبي ‪.‬اإلم ارات ‪.‬‬ ‫‪.18‬‬

‫‪. 2000‬‬

‫المخزومي‪ ،‬عمر محمود ‪.‬القانون الدولي اإلنساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية ‪.‬دار الثقافية للنشر‬ ‫‪.19‬‬

‫‪.‬عمان ‪ .‬األردن ‪. 2008.‬‬


‫والتوزيع ّ‬

‫المج ذوب‪ ،‬محم د ‪ .‬المج ذوب‪ ،‬ط ارق ‪ .‬الق انون ال دولي اإلنس اني ‪ .‬منش ورات الحل بي ‪.‬لبن ان ‪.‬ب يروت ‪.‬‬ ‫‪.20‬‬

‫‪. 2009‬‬

‫أبو الوفا‪ ،‬أحمد ‪.‬أخالقيات الحرب في السيرة النبوية ‪ .‬دار النهضة ‪.‬القاهرة ‪ .‬مصر ‪. 2009.‬‬ ‫‪.21‬‬

‫ألیس ون‪ ،‬إوين ‪ .‬وغول دمان‪ ،‬روب رت كوغ ود ‪ .‬المن اطق الرمادي ة في الق انون اإلنس اني ال دولي ‪.‬ج رائم‬ ‫‪.22‬‬

‫الحرب ‪ .‬تقديم عشراوي حنان ‪.‬جرائم الحرب ‪ .‬ازمنة للنشر والتوزيع ‪.‬عمان ‪.‬األردن ‪. 2003. .‬‬

‫أمين‪ ،‬نشأت عنتر ‪ .‬مسؤولية األمم المتحدة عن احتالل العراق واآلثار المترتبة عليه ‪ .‬مركز اإلمارات‬ ‫‪.23‬‬

‫للدراسات والبحوث االستراتيجية ‪ .‬الطبعة األولى أبوظبي ‪2013.‬‬

‫اندرس ون‪ ،‬كینث القت ل االقتصاص ي ‪.‬تق ديم عش راوي حن ان ‪.‬ج رائم الح رب ‪ .‬ازمن ة للنش ر‬ ‫‪.24‬‬

‫والتوزيع ‪.‬عمان ‪.‬االردن ‪. 2003. .‬‬

‫بري تين‪،‬فيكتوري ا ‪ .‬ت دمير الملكي ة التعس في ‪ .‬تق ديم عش راوي حن ان ‪.‬ج رائم الح رب ‪ .‬ازمن ة للنش ر‬ ‫‪.25‬‬

‫والتوزيع ‪.‬عمان ‪.‬االردن ‪. 2003. .‬‬

‫بسيوني‪ ،‬محمد شريف ‪ .‬المحكمة الجنائية الدولية ‪ .‬مطابع روز اليوسف ‪. 2002 .‬‬ ‫‪.26‬‬

‫ب وين‪ ،‬ج یريمي ‪ .‬الت دمير التعس في ‪ .‬تق ديم عش راوي حن ان ‪.‬ج رائم الح رب ‪ .‬ازمن ة للنش ر‬ ‫‪.27‬‬

‫والتوزيع ‪.‬عمان ‪.‬االردن ‪. 2003. .‬‬

‫حم اد‪ ،‬كم ال ‪.‬ال نزاع ال دولي المس لح والق انون ال دولي الع ام ‪.‬تق ديم ديب‪ ،‬ج ورج ‪ .‬المؤسس ة الجامعي ة‬ ‫‪.28‬‬

‫للدراسات والنشر والتوزيع ‪.‬الطبعة األولى ‪.‬بيروت ‪.‬لبنان ‪1997 .‬‬

‫‪240‬‬
‫حمدي‪ ،‬غضبان ‪ .‬إجراءات متابعة مجرمي الحرب ‪ .‬منشورات الحلبي الحقوقية ‪.‬الطبعة األولى بيروت‬ ‫‪.29‬‬

‫لبنان ‪2014.‬‬

‫المس لحة ‪ .‬دار الجامع ة‬


‫حم ودة‪ ،‬منتص ر س عيد ‪ .‬حق وق اإلنس ان أثن اء النزاع ات ُ‬ ‫‪.30‬‬

‫الجديدة ‪.‬األزاريطة ‪.‬مصر ‪2008.‬‬

‫داود‪ ،‬محمود أحمد ‪.‬الحماية األمنية للمدنيين ‪ .‬مطابع أخبار اليوم ‪. 2008 .‬‬ ‫‪.31‬‬

‫دوس ي‪ ،‬آالن ‪ .‬مالحظ ة ح ول الق انون والتع ابير القانوني ة ‪ .‬تق ديم حن ان عش راوي ‪ .‬ج رائم الح رب أزمن ة‬ ‫‪.32‬‬

‫‪.‬عمان ‪ .‬االردن ‪. 2003. .‬‬


‫ّ‬ ‫للنشر والتوزيع‬

‫رات نر‪ ،‬س تیفن آر ‪ .‬ال نزاع المس لح ال دولي مقاب ل ال نزاع المس لح ال داخلي ‪ .‬تق ديم عش راوي حن ان ‪.‬ج رائم‬ ‫‪.33‬‬

‫الحرب ‪ .‬ازمنة للنشر والتوزيع ‪.‬عمان ‪.‬االردن ‪. 2003. .‬‬

‫راضي‪ ،‬مان ليلو ‪.‬محاكمة الرؤساء في القانون الدولي الجنائي ‪ .‬المؤسسة الحديثة للكتاب ‪ .‬الطبعة األولى‬ ‫‪.34‬‬

‫لبنان ‪. 2011.‬‬

‫المس لحة غ ير ذات الط ابع ال دولي ‪ .‬دار‬


‫زي دان‪ ،‬مس عد عب د ال رحمن ‪ .‬ت ّدخل األمم المتح دة في النزاع ات ُ‬ ‫‪.35‬‬

‫الكتب القانونية ‪ .‬اإلسكندرية ‪ .‬مصر ‪. 2008‬‬

‫ص حاح‪ ،‬ع اطف ف ؤاد ‪ .‬الوس يط في القض اء العس كري والحل ول القانوني ة للمش كالت العملي ة ‪.‬دار الكتب‬ ‫‪.36‬‬

‫القانونية ‪ .‬مصر ‪. 2004 .‬‬

‫ساس ولي‪ ،‬م اركو ‪ .‬أنط وان بوفيي ه ‪ .‬كي ف ي وفر الق انون الحماي ة في الح رب ؟ مخت ارات من القض ايا‬ ‫‪.37‬‬

‫الخاص ة بممارس ات معاص رة في الق انون ال دولي اإلنس اني ‪ .‬اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر اإلنس اني ‪.‬‬

‫‪. 2011 . 0009 /004‬‬

‫‪.‬س عادي‪ ،‬محم د ‪ .‬المس ؤولية الدولي ه للدول ة في ض وء التش ريع والقض اء ال دوليين ‪.‬دار الجامع ة‬ ‫‪.38‬‬

‫الجديدة ‪.‬اإلسكندرية ‪.‬مصر ‪2013.‬‬

‫‪241‬‬
‫سعد اهلل ‪ ،‬عمر ‪.‬وثائق ‪.‬وآراء ‪.‬مجدالوي ‪ .‬الطبعة األولى ‪. 2002.‬‬ ‫‪.39‬‬

‫سولنييه ‪ ،‬فرانسواز بوشيه ‪ .‬القاموس العملي للقانون اإلنساني ‪ .‬ترجمة مسعود‪ ،‬أحمد ‪ .‬مراجعة الزمالي‪،‬‬ ‫‪.40‬‬

‫عامر ومسعود ‪ ،‬مديحة ‪ .‬دار العلم للماليين ‪.‬الطبعة األولى ‪ .‬بيروت ‪ .‬لبنان ‪. 2006‬‬

‫عبد الغني‪ ،‬محمد عبد المنعم ‪ .‬الجرائم الدولية ‪ .‬دار الجامعة الحديثة ‪ .‬اإلسكندرية مصر‪. 2011‬‬ ‫‪.41‬‬

‫عب دول‪ ،‬عب دالوهاب ‪.‬المس ؤولية الجنائي ة لألش خاص الطبيع يين ‪ .‬معه د الت دريب والدراس ات‬ ‫‪.42‬‬

‫القضائية ‪.‬الطبعة االولى ‪. 2010.‬‬

‫عتلم‪ ،‬شريف ‪ .‬محاضرات في القانون الدولي اإلنساني ‪.‬اللجنة الدولية للصليب األحمر‪ .‬الطبعة العاشرة ‪.‬‬ ‫‪.43‬‬

‫القاهرة ‪. 2012 .‬‬

‫عتلم‪ ،‬ش ريف ‪.‬الق انون ال دولي اإلنس اني دلي ل األوس اط األكاديمي ة ‪ .‬اللجن ة الدولي ة للص ليب‬ ‫‪.44‬‬

‫األحمر ‪.‬القاهرة ‪. 2006.‬‬

‫نعم ان ‪.‬قانون الحر بالقانون الدولي اإلنساني ‪ .‬دار ومؤسسة رسالن ‪.‬الطبعة األولى ‪.‬سوريا ‪.‬‬
‫عطا اهلل‪ّ ،‬‬ ‫‪.45‬‬

‫‪2008‬‬

‫عطيه‪ ،‬أبو الخير أحمد ‪ .‬القانون الدولي العام ‪. .‬أكاديمية شرطة دبي ‪ .‬الطبعة الثانية ‪.‬دبي ‪. 1994 .‬‬ ‫‪.46‬‬

‫عطي ه‪ ،‬أب و الخ ير أحم د ‪.‬المحكم ة الجنائي ة الدولي ة الدائم ة‪.‬الطبع ة الثاني ة ‪ .‬دار النهض ة العربي ة‬ ‫‪.47‬‬

‫القاهرة ‪.‬مصر ‪. 2006 .‬‬

‫علي‪ ،‬أحم د س ي ‪ .‬حماي ة األش خاص واألم وال في الق انون ال دولي اإلنس اني ‪.‬دار االكاديمي ة ال دار الطبع ة‬ ‫‪.48‬‬

‫األولى ‪.‬البيضاء ‪.‬الجزائر ‪. 2010-2011 .‬‬

‫علي‪ ،‬أحم د س ي ‪ .‬دراس ات في الق انون ال دولي اإلنس اني ‪ .‬دار األكاديمي ة ‪ .‬الطبع ة األولى ‪.‬الجزائ ر ‪.‬‬ ‫‪.49‬‬

‫‪.2011‬‬

‫‪242‬‬
‫علي‪ ،‬محم ود ‪ .‬السوس وه‪ ،‬عبدالمجي د‪ .‬حميش‪ ،‬عب دالحق ‪ .‬ص الح‪ ،‬عم ر ‪.‬محاض رات في نظ ام اإلس الم ‪.‬‬ ‫‪.50‬‬

‫جامعة الشارقة ‪.2002-2003.‬‬

‫حرب ‪ ،‬علي جميل‪ .‬منظومة القضاء الجزائي الدولي ‪.‬منشورات الحلبي ‪.‬الطبعة األولى ‪ .‬الجزء الثاني ‪.‬‬ ‫‪.51‬‬

‫‪. 2013‬‬

‫عم ر س عد اهلل ‪.‬الق انون ال دولي اإلنس اني الممتلك ات المحمي ة ‪.‬دي وان المطبوع ات الجامعي ة ‪.‬الجزائ ر ‪.‬‬ ‫‪.52‬‬

‫‪.2008‬‬

‫غتم ان‪ ،‬روي ‪ .‬كت اب‪ ،‬داود ‪ .‬الهج وم العش وائي‪ .‬تق ديم عش راوي حن ان ‪.‬ج رائم الح رب ‪ .‬ازمن ة للنش ر‬ ‫‪.53‬‬

‫والتوزيع ‪.‬عمان ‪.‬االردن ‪. 2003. .‬‬

‫فرتزكالش وفن ‪ .‬االقتص اص ‪ .‬تق ديم عش راوي حن ان ‪.‬ج رائم الح رب ‪ .‬أزمن ة للنش ر‬ ‫‪.54‬‬

‫والتوزيع ‪.‬عمان ‪.‬االردن ‪.2003.‬‬

‫فش ر‪ ،‬هورس ت ‪ .‬القص ف الس جادي أو قص ف المن اطق ‪ .‬تق ديم عش راوي حن ان ‪.‬ج رائم الح رب ‪ .‬ازمن ة‬ ‫‪.55‬‬

‫للنشر والتوزيع ‪.‬عمان ‪.‬األردن ‪. 2003.‬‬

‫فش ر‪ ،‬هورس ت مب دأ التناس ب ‪ .‬تق ديم حن ان عش راوي ‪ .‬ج رائم الح رب ‪ .‬عم ان ‪.‬االردن ‪ .‬ازمن ة للنش ر‬ ‫‪.56‬‬

‫والتوزيع ‪2003.‬‬

‫كارنه ان‪ ،‬ب وروس ام ‪.‬األس لحة ‪ .‬تق ديم حن ان عش راوي ‪.‬ج رائم الح رب ‪ .‬أزمن ة للنش ر‬ ‫‪.57‬‬

‫والتوزيع ‪.‬عمان ‪.‬االردن ‪. 2003. .‬‬

‫كالس هوفن‪ ،‬ف ريتس وتس غفلد‪ ،‬ل يزابيث ‪ .‬ض وابط تحكم خ وض الح رب ‪.‬اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر‬ ‫‪.58‬‬

‫‪ 1994‬مرجع ‪ISBN977-5677-26-2‬‬

‫ماس‪ .‬بیتر‪ .‬الملكیة الثقافیة والنصب التاريخیة‪ .‬جرائم الحرب‪ .‬العسكرية تقديم عشراوي حنان ‪.‬جرائم‬ ‫‪.59‬‬

‫الحرب‪ .‬أزمنة للنشر والتوزيع ‪.‬عمان ‪.‬االردن ‪. 2003. .‬‬

‫‪243‬‬
‫المس لحة ‪.‬دار الفك ر‬
‫محم د‪ ،‬عالء فتحي عب دالرحمن ‪.‬الحماي ة الدولي ة للص حفيين أثن اء النزاع ات الدولي ة ُ‬ ‫‪.60‬‬

‫الجامعي ‪.‬الطبعة األولى ‪ .‬اإلسكندرية ‪.‬مصر ‪. 2010 .‬‬

‫المسلحة في القانون‬
‫محمود‪ ،‬عبدالغني عبدالحميد ‪.‬تقديم ‪ .‬طنطاوي‪ ،‬محمد سيد ‪ .‬حماية ضحايا النزاعات ُ‬ ‫‪.61‬‬

‫الدولي اإلنساني والشريعة اإلسالمية ‪.‬القاهرة مصر ‪.‬الطبعة الثالثة‪. 2006 .‬‬

‫م يرون‪ ،‬ثي دور ‪.‬الق انون الع رفي ‪.‬تق ديم عش راوي‪ ،‬حن ان‪ .‬ج رائم الح رب ‪.‬عم ان‪ .‬األردن‪ .‬ازمن ة للنش ر‬ ‫‪.62‬‬

‫والتوزيع ‪. 2003.‬‬

‫هاش م ‪ ،‬س لوان ج ابر‪ .‬حال ة الض رورة العس كرية ‪ .‬المؤسس ة الحديث ة للكت اب ‪.‬الطبع ة‬ ‫‪.63‬‬

‫األولى ‪.‬بيروت ‪.‬لبنان ‪.2013.‬‬

‫ھامبس ون‪ ،‬فرانس واز جي ‪ .‬الض رورة العس كرية تق ديم حن ان عش راوي ‪.‬ج رائم الح رب‪ .‬ازمن ة للنش ر‬ ‫‪.64‬‬

‫والتوزيع ‪.‬عمان ‪.‬االردن ‪. 2003. .‬‬

‫هارتم ان‪ ،‬فل ورنس ‪.‬البوس نا ‪ .‬تق ديم عش راوي حن ان ‪.‬ج رائم الح رب ‪ .‬أزمن ة للنش ر‬ ‫‪.65‬‬

‫والتوزيع ‪.‬عمان ‪.‬االردن ‪. 2003. .‬‬

‫هنكركس‪ ،‬جون ماري ‪ .‬دراسة حول القانون الدولي اإلنساني العرفي ‪.‬اللجنة الدولي للصليب األحمر ‪.‬‬ ‫‪.66‬‬

‫الطبعة الثالثة ‪.‬القاهرة ‪.‬مصر ‪. 2008 .‬‬

‫الكتب باللغة االنجليزية‬

‫\ )‪- Aldo Zammit Borda .international humanitarian . Law .vol .34,no .4 (December 2008‬‬
‫‪- Nils Melzer, Interpretive Guidance on the notion of direct participation in hostilities‬‬
‫‪under IHL . ICRC, May 2009‬‬
‫‪- Frits Kalshoven and Liesbeth Zegveld . Constraints on the Waging of War: An‬‬
‫‪Introduction to International Humanitarian Law . International Committee of the Red‬‬
‫‪Cross . Geneva, March 2001 . 3rd edition‬‬

‫‪244‬‬
‫‪- Andoz, Yves, Christophe Swinarski and Bruno Zimmermann, eds (1987) Commentary on‬‬
‫‪the Additional Protocols of 8 June 1977 to the Geneva Conventions of 12 August 1949,‬‬
‫‪International Committee of the Red Cross: Geneva‬‬
‫‪- Hostage Case .US Military Tribunal, Nuremberg, Judgment of 19 February 1948 . . in‬‬
‫‪Trials of War Criminals Before the Nuremberg Military Tribunals Under Control‬‬
‫‪Council Law No . 10, Volume XI/2 . .‬‬
‫‪- Ray Murphy. Origins and development of IHL. institute for international criminal‬‬
‫‪investigations. San Francisco, U.S.A. IICI. July 2013‬‬

‫الكتب والمؤلفاتـ المتخصصةـ باللغة العربية ‪:‬‬

‫الح ديثي‪ ،‬علي خلي ل إس ماعيل ‪.‬حماي ة الممتلك ات الثقافي ة في الق انون ال دولي‪ .‬دار الثقاف ة للنش ر‬ ‫‪-‬‬

‫عمان ‪ .‬األردن ‪. 1999.‬‬


‫والتوزيع ‪.‬الطبعة األولى ّ‬

‫المس لحة ‪.‬الق انون‬


‫العن اني‪ ،‬اب راهيم محم د ‪ .‬الحماي ة القانوني ة لل تراث اإلنس اني والبيئ ة وقت النزاع ات ُ‬ ‫‪-‬‬

‫ال دولي اإلنس اني "آف اق وتح ديات" ‪ .‬مؤل ف جم اعي ‪.‬الج زء الث اني ‪.‬منش ورات الحل بي الطبع ة‬

‫االولى ‪.‬بيروت ‪. .‬لبنان ‪2005‬‬

‫المس لحة ‪.‬‬


‫بس ج‪ ،‬ن وال ‪ .‬الق انون ال دولي اإلنس اني وحماي ة الم دنيين واألعي ان المدني ة في زمن النزاع ات ُ‬ ‫‪-‬‬

‫تقديم ‪ .‬مجدوب‪ ،‬محمد ‪ .‬الحلبي الحقوقية الطبعة األولى ‪ .‬بيروت لبنان ‪2010 . .‬‬

‫بش ير‪ ،‬هش ام ‪ .‬والض اوي‪ ،‬عالء ‪ .‬حماي ة البيئ ة وال تراث الثق افي في الق انون ال دولي ‪. .‬المرك ز الق ومي‬ ‫‪-‬‬

‫لإلصدارات القانونية ‪ .‬الطبعة األولى ‪.‬القاهرة ‪.‬مصر ‪. 2013.‬‬

‫س عد اهلل‪ ،‬عم ر ‪ .‬الق انون ال دولي اإلنس اني الممتلك ات المحمي ة ‪.‬دي وان المطبوع ات الجامعي ة ‪.‬الجزائ ر ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪2008‬‬

‫‪245‬‬
‫المس لحة ‪ .‬الطبع ة‬
‫عطي ه‪ ،‬أب و الخ ير أحمد ‪ .‬حماي ة الس كان الم دنيين واألعي ان المدني ة أب ان النزاع ات ُ‬ ‫‪-‬‬

‫األولى ‪.‬القاهرة ‪.‬مصر ‪. 1998.‬‬

‫فؤاد‪ ،‬مصطفى أحمد ‪.‬حماية األماكن الدينية المقدسة في منظور القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬القانون ال دولي‬ ‫‪-‬‬

‫اإلنس اني "اف اق وتح ديات" ‪ .‬مؤل ف جم اعي ‪.‬الج زء الث اني ‪.‬منش ورات الحل بي الطبع ة‬

‫االولى ‪.‬بيروت ‪. .‬لبنان ‪2005‬‬

‫ناريمان عبدالقادر ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني واتفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬وبروتوكوليها لحماية الممتلكات‬ ‫‪-‬‬

‫الثقافية في زمن النزاع المسلح ‪ .‬المؤتمر السنوي ‪.‬العلمي لجامعة بيروت العربية كلية الحقوق‪ .‬القانون‬

‫ال دولي اإلنس اني "آف اق وتح ديات"‪ .‬مؤل ف جم اعي ‪.‬الج زء الث اني ‪.‬منش ورات الحل بي ‪.‬ب يروت الطبع ة‬

‫االولى ‪. 2005.‬‬

‫الكتب والمؤلفاتـ المتخصصةـ باللغة االنجليزية‪-:‬‬

‫‪-Marı´a Teresa Dutli in cooperation with .Joanna Bourke Martignoni . Julie‬‬


‫‪Gaudreau.Protection of Cultural Property in the Event of Armed Conflict . ICRC .‬‬

‫‪Geneva, February 2002 .‬‬

‫الرسائل الجامعية ‪-:‬‬

‫‪.1‬روش و‪ ،‬خال د ‪ .‬الض رورة العس كرية في نط اق الق انون ال دولي اإلنس اني ‪.‬رس الة دكت وراه ‪.‬جامع ة أب وبطر‬

‫بلقايد‪ .‬تلمسان ‪. 2013.‬‬

‫‪.2‬عواش رية‪ ،‬رقي ة ‪ .‬حماي ة الم دنيين واألعي ان المدني ة ‪ .‬رس الة دكت وراه ‪.‬منش ورة ‪.‬جامع ة عين‬

‫شمس ‪.‬القاهرة ‪.‬مصر ‪. 2001.‬‬

‫‪ .3‬درويش‪ ،‬مصطفى محمد محمود ‪ .‬المسؤولية الجنائية الفردية وفقاً ألحكام النظام األساسي للمحكم ة الجنائي ة‬

‫الدولية ‪.‬رسالة ماجستير ‪ .‬جامعة األزهر‪-‬غزة ‪. 2012.‬‬

‫‪246‬‬
‫‪.4‬خل ف اهلل‪ ،‬ص ابرينة ‪.‬ج رائم الح رب أم ام المح اكم الدولیة الجنائیة‪ .‬رس الة ماجس تير ‪ .‬جامع ة منت وري‬

‫"قسنطينة" ‪ .‬الجزائر ‪. 2006 ،2007 .‬‬

‫‪.5‬قواس مية‪ ،‬هش ام ‪.‬المس ؤولية الدولي ة الجنائي ة للرؤوس اء والق ادة العس كريين ‪ .‬دار الفك ر والق انون ‪ .‬الطبع ة‬

‫األولى‪ .‬المنصورة ‪.‬مصر ‪2013 .‬‬

‫الدوريات العلميةـ ‪:‬‬

‫إب راهيم‪ ،‬نج وى ‪.‬دور األمم المتح دة في تط وير آلي ات حماي ة حق وق اإلنس ان في الع الم ‪.‬مجل ة السياس ة‬ ‫‪.1‬‬

‫الدولية ‪.‬العدد ‪ . 167‬المجلد ‪ . 42‬يناير ‪. 2007‬‬

‫أحم د‪ ،‬ف ؤاد عب دالمنعم ‪ .‬مواق ف ورج ال في القض اء اإلس المي‪ ،‬محم د بن الحس ن الش يباني ‪.‬جري دة البعث‬ ‫‪.2‬‬

‫اإلسالمي ‪ -‬العدد ‪ - 6‬المجلد ‪. 28‬ديسمبر ‪ 1983‬م‬

‫ال بزاز‪ ،‬محم د ‪.‬المب ادئ المنظم ة للعملي ات الحربي ة بم وجب الش ريعة اإلس المية والق انون ال دولي‬ ‫‪.3‬‬

‫اإلنساني ‪.‬دراسات قانونية ‪ .‬جامعة مكناس ‪.‬المغرب ‪ .‬العدد ‪. 1‬‬

‫السويدي‪ ،‬سيف غانم ‪ .‬المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء والدفع بأوآمرةم امام القضاء الجنائي ال دولي ‪.‬‬ ‫‪.4‬‬

‫مجلة األمن والقانون ‪ .‬اكاديمية شرطة دبي ‪ .‬العدد الثاني ‪ .‬يوليو ‪. 2012.‬‬

‫الس ويدي‪ ،‬س يف غ انم ‪ .‬م دى مش روعية ال دفاع الش رعي اإلس تباقي طبق اً ألحك ام الق انون ال دولي‬ ‫‪.5‬‬

‫المعاصر ‪.‬مجلة األمن والقانون ‪.‬العدد الثاني ‪.‬دبي ‪ .‬يوليو ‪. 2008‬‬

‫العوض ي‪ ،‬بدري ة عبداهلل ‪.‬الحماي ة الدولي ة لألعي ان المدني ة وح رب الخليج ‪.‬مجل ة الحق وق ‪.‬جامع ة‬ ‫‪.6‬‬

‫الكويت ‪.‬السنة الثامنة ‪ .‬العدد الرابع ديسمبر ‪. 1984‬‬

‫العجمي‪ ،‬س عد ثق ل ‪ .‬مجلس األمن وعالقت ه بالنظ ام األساس ي للمحكم ة الجنائي ة الدولي ة ‪.‬مجل ة الحق وق‬ ‫‪.7‬‬

‫الكويتية ‪ .‬جامعة الكويت ‪.‬العدد الرابع ‪.‬ديسمبر ‪. 2005‬‬

‫‪247‬‬
‫المسلحة المعاصرة ‪ .‬جنيف‪،‬‬
‫اللجنة الدولية للصليب األحمر ‪ .‬القانون الدولي اإلنساني وتحديات النزاعات ُ‬ ‫‪.8‬‬

‫ديسمبر ‪. 2003‬‬

‫ب الممييري‪ ،‬داني ال ‪.‬اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر‪ .‬منظم ة تواج ه تح دي ال زمن ‪ .‬مجل ة اإلنس اني ‪.‬الع دد‬ ‫‪.9‬‬

‫السادس والعشرين ‪ .‬القاهرة ‪.‬مصر ‪. 2014.‬‬

‫بف نر‪ ،‬ت وني آلي ات ونهج مختلف ة لتنفي ذ الق انون ال دولي اإلنس اني وحماي ة ومس اعدة ض حايا الح رب ‪.‬‬ ‫‪.10‬‬

‫مختارات من المجلة الدولية للصليب األحمر ‪.‬المجلد ‪. 91‬العدد ‪. 874‬يونيو ‪. 2009.‬‬

‫جوني‪ ،‬حسن ‪ .‬تدمير األعيان الثقافية أو احتالل التاريخ ‪.‬مجلة اإلنساني ‪.‬العدد ‪. 2010/2009 . 47‬‬ ‫‪.11‬‬

‫جالل حس ن‪ ،‬محم د‪ .‬م دى اس تقاللية الق انون ال دولي اإلنس اني عن الق انون ال دولي لحق وق اإلنس ان ‪.‬مجل ة‬ ‫‪.12‬‬

‫زانكوى سليماني ‪ .‬جامعة السليمانية ‪.‬العراق العدد ‪. 32‬سبتمبر ‪. 2011‬‬

‫دمج‪ ،‬أسامة ‪ .‬من له الحق باستخدام السالح النووي ‪ .‬مجلة اإلنساني ‪ .‬العدد ‪. 2006 . 38‬القاهرة ‪.‬‬ ‫‪.13‬‬

‫دون ان‪ ،‬ه نري ‪ .‬ت ذكار س ولفارينو ‪.‬تع ريب س امي ج رجس ‪.‬الطبع ة الحادي ة عش ر ‪.‬المرك ز اإلقليمي‬ ‫‪.14‬‬

‫اإلعالمي للجنة الدولية للصليب األحمر ‪.‬القاهرة ‪. 2012 .‬‬

‫رولفل ودر‪ ،‬ساش ا ‪ .‬الط ابع الق انوني للمحكم ة الجنائي ة الدولي ة ونش وء عناص ر ف وق وطني ة في القض اء‬ ‫‪.15‬‬

‫الجنائي الدولي ‪ .‬المجلة الدولية للصليب األحمر ‪. 2002.‬‬

‫ساس ولي‪ ،‬م اركو ‪ .‬مس ؤوليه ال دول عن انتهاك ات الق انون ال دولي اإلنس اني ‪.‬المجل ة الدولي ة للص ليب‬ ‫‪.16‬‬

‫األحمر ‪ .‬مختارات من أعداد ‪. 2002‬‬

‫سوليرا‪ ،‬أوسكار ‪ .‬االختصاص القضائي التكميلي القضاء الجنائي الدولي ‪ .‬المجلة الدولية للصليب األحمر‬ ‫‪.17‬‬

‫‪2002.‬‬

‫عتلم‪ ،‬شريف‪ .‬تطور مفهوم جرائم الحرب ‪.‬في المحكمة الجنائية الدولية المواءمات الدستورية والتشريعية‬ ‫‪.18‬‬

‫‪.‬الطبعة السابعة ‪.‬اللجنة الدولية للصليب األحمر ‪. 2009.‬‬

‫‪248‬‬
‫المس لحة ‪.‬مجل ة األمن والق انون ‪. .‬الع دد األول الس نة‬
‫ع ودة‪ ،‬علي ‪ .‬القض اء الجن ائي وق انون النزاع ات ُ‬ ‫‪.19‬‬

‫الثالثة عشرة ‪ .‬يناير ‪ 2005‬اكاديمية شرطة دبي ‪.‬‬

‫ك وكين‪ ،‬جيمس ‪ .‬اإلس الم والق انون ال دولي اإلنس اني من ص دام الحض ارات إلى الح وار بينهم ا ‪ .‬المجل ة‬ ‫‪.20‬‬

‫الدولية للصيب األحمر ‪ .‬اللجنة الدولية للصيلب األحمر ‪.‬اعداد ‪. 2002‬‬

‫محم د‪ ،‬ولي د س الم ‪ .‬الح رب وحماي ة الم دنيين في النظ ام اإلس المي ‪ .‬مجل ة كلي ة العل وم االس المية ‪.‬المجل د‬ ‫‪.21‬‬

‫الرابع ‪.‬العدد السابع ‪2010.‬‬

‫محافظة‪ ،‬عمران ‪.‬الضمانات التقليدية لتنفيذ القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬جامعة عمان العربية ‪.‬مؤته للبحوث‬ ‫‪.22‬‬

‫والدراسات ‪.‬المجلد الحادي والعشرون ‪.‬العدد الثاني ‪ .‬عمان ‪ .‬األردن ‪. 2006‬‬

‫مجلة هيئة الهالل األحمر اإلماراتي ‪.‬العدد ‪ . 4‬سبتمبر ‪. 2008‬‬ ‫‪.23‬‬

‫نجم ال دين‪ ،‬ابتس ام كام ل ‪ .‬حماي ة الممتلك ات الثقافي ة وفق اً لق اون المعاه دات الدولي ة ‪ .‬مجل ة الع دل ‪.‬الع دد‬ ‫‪.24‬‬

‫التاسع عشر ‪ .‬السنة الثامنة‬

‫والتر كايلين‪ ،‬وتطلعاته حول النازحين" ‪ .‬نشرة الهجرة القسرية ‪ .‬العدد ‪ . 37‬بريطانيا ‪ .‬مارس ‪. 2011‬‬ ‫‪.25‬‬

‫الصحف ‪-:‬‬

‫المس لحة ‪ .‬ص حيفة الخليج‪ ،‬الش ارقة‪ 8 ،‬م ايو‬


‫س ليمان‪ ،‬عص ام ‪ .‬حماي ة الممتلك ات الثقافي ة أثن اء النزاع ات ُ‬ ‫‪.1‬‬

‫‪. 2003‬‬

‫مؤتمرات ‪:‬‬

‫ال بزاز‪ ،‬محم د ‪.‬حماي ة األعي ان المدني ة بأس اليب ووس ائل القت ال ‪ .‬في م ؤتمر ‪ :‬ال دورة اإلقليمي ة الثاني ة في مج ال‬ ‫‪.1‬‬

‫القانون الدولي اإلنساني ‪.‬مرجع سابق ‪.‬‬

‫الحنش‪ ،‬حالية صالح حسين ‪ .‬نظرية االستنقاذ وحق التدخل اإلنساني في اإلسالم ‪ .‬مؤتمر القانون الدولي وتطبيقاته‬ ‫‪.2‬‬

‫في األزمة السورية ‪ .‬إسطنبول ـ تركيا ‪ 20-19.‬نوفمبر ‪ . 2013‬الهيئة اإلسالمية العالمية للمحامين ‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫العمري‪،‬عزت محمد ‪ .‬مالحقة النظام السوري أمام المحاكمة الجنائية الدولية عن الجرائم المرتكبة ضد اإلنسانية ‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫بحث مقدم في مؤتمر القانون الدولي وتطبيقاته في األزمة السورية ‪.‬اسطنبول ـ تركيا ‪ 20-19.‬نوفمبر ‪. 2013‬‬

‫الهيئة اإلسالمية العالمية للمحامين ‪.‬‬

‫العنزي‪ ،‬رشيد حمد ‪ .‬األعيان المدنية المحمية في القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬في مؤتمر ‪ :‬الدورة اإلقليمية الثانية‬ ‫‪.4‬‬

‫في مج ال الق انون ال دولي اإلنس اني معه د الك ويت للدراس ات القض ائية والقانوني ة المرك ز اإلقليمي لت دريب القض اة‬

‫وأعضاء النيابة العامة في مجال القانون الدولي اإلنساني ‪ . .‬الكويت ‪ 14 - 10‬مارس ‪2007‬م ‪.‬‬

‫ج وان‪ ،‬ريتش ارد ‪.‬الوقاي ة من الح رب وحف ظ الس الم ‪.‬م ؤتمر الح روب المس تقبلية ‪.‬مرك ز اإلم ارات للدراس ات‬ ‫‪.5‬‬

‫والبحوث االستراتيجية ‪.‬أبوظبي ‪.‬اإلمارات ‪ 10-9.‬ابريل ‪. 2013‬‬

‫زور‪ ،‬جاس م ‪.‬حماي ة األعي ان الثقافي ة في الق انون ال دولي اإلنس اني ‪ .‬الملتقى ال دولي الخ امس "ح رب التحري ر‬ ‫‪.6‬‬

‫الجزائرية والقانون الدولي اإلنساني ‪ 10-9.‬نوفمبر ‪ . 2010‬جامعة حسيبة بن بو علي الجزائر‪ -‬المحور الرابع‬

‫‪ .‬القواعد المقررة لحماية األعيان ‪.‬‬

‫عمرو‪ ،‬محمد سامح ‪ .‬حماية الممتلكات واألعيان الثقافية في فترات النزاع المسلح ‪ .‬في مؤتمر ‪ :‬الدورة اإلقليمية‬ ‫‪.7‬‬

‫الثانية في مجال القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬معهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية المركز اإلقليمي لتدريب‬

‫القضاة وأعضاء النيابة العامة في مجال القانون الدولي اإلنساني‪ .‬الكويت ‪ 14 - 10‬مارس ‪2007‬م ‪.‬‬

‫غ ازي‪ ،‬خال د ‪.‬ن دوة دور اللجن ة الوطني ة للق انون ال دولي اإلنس اني ‪ .‬اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر ‪.‬‬ ‫‪.8‬‬

‫اإلمارات ‪.‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫فؤاد‪ ،‬مصطفى أحمد ‪ .‬حماية األماكن الدينية المقدسة في منظور القانون الدولي اإلنساني ‪.‬ورقة قدمت إلى مؤتمر‬ ‫‪.9‬‬

‫القانون الدولي اإلنساني ‪.‬منشورات الحلبي ‪.‬لبنان ‪. 2005.‬الطبعة األولى ‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫منظم ة اليونس كو ‪.‬الم ؤتمر الع ام لليونس كو في دورت ه السادس ة عش ر بب اريس ‪ 12‬أكت وبر ‪ 14-‬نوفم بر‪. 1970‬‬ ‫‪.10‬‬

‫الجزء األول قرارات ‪.‬اتفاقية اليونسكو بشأن التدابير الواجب اتخاذها لحظر و منع استيراد و تصدير ونقل ملكية‬

‫الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة‪.‬‬

‫منظمة األمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ‪.‬سجالت المؤتمر العام ‪.‬المجلد األول القرارات ‪.2004.‬‬ ‫‪.11‬‬

‫البياناتـ والقراراتـ الدولية باللغةـ العربية ‪:‬‬

‫الجمعي ة العام ة ‪.‬ق رار المف وض الس امي لتعزي ز جمي ع حق وق اإلنس ان وحمايته ا ‪ .‬ال دورة ‪. 48‬البن د ‪/ 114‬ب ‪7‬‬ ‫‪-‬‬

‫يناير ‪ .1994‬المشار اليه بالمرجع ‪. A/RES/48/141‬‬

‫الجمعية العامة‪ .‬فتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد باألسلحة النووية أو استخدامها الجمعية العامة‬ ‫‪-‬‬

‫األمم ق رار األمم المتح دة ‪.‬الجمعي ة العام ة ‪.‬ال دورة الحادي ة والخمس ون ‪ .‬البن د ‪ 71‬من ج دول االعم ال الم ؤقت ‪.‬‬

‫‪ 15‬اكتوبر ‪ .1996‬المشار إليه بالمرجع (‪. )A/51/218‬‬

‫الجمعي ة العام ة ‪.‬ق رار ‪ .‬رقم ‪ 251 / 60‬في ‪ 15‬م ارس ‪ 2006‬بش أن انش اء مجلس حق وق اإلنس ان الت ابع لألمم‬ ‫‪-‬‬

‫المتحدة الصادر عن الجمعية العامة لألمم المتحدة ‪ ..‬الدورة الستون ‪.‬في ‪ 3‬ابريل ‪ . 2006‬المشار إليه بالمر‪A/‬‬

‫‪RES/60/251‬‬

‫الجمعية العامة ‪.‬قرار رقم ‪ 39/11‬بشأن حق الشعوب في السلم (‪ 12‬تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ‪ )1984‬الصادر عن‬ ‫‪-‬‬

‫الجمعية العامة لألمم المتحدة ‪ .‬الجلسة ‪ 57‬المرجع ‪. A/RES/39/11‬‬

‫الجمعية العامة‪.‬اتفاقية حظر استخدام تقنيات التغيير في البيئة ألغراض عسكرية أو ألية أغراض عدائية أخرى ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫الدورة ‪ 31‬عام ‪ 1976‬بتاريخ ‪ 10‬ديسمبر ‪. 1976‬المشار إلية ‪.A/RES/31/72‬‬

‫الجمعي ة العام ة‪ ،‬ال دورة السادس ة والخمس ون‪ ،‬البن د ‪ 162‬من ج دول األعم ال‪ ،‬تقري ر لجن ة الق انون ال دولي عن‬ ‫‪-‬‬

‫أعمالها‪ ،‬بتاريخ ‪ 26‬نوفمبر ‪. 2001‬المشار إليه بالمرجع ‪. A/RES/56/10‬‬

‫‪251‬‬
‫الجمعي ة العام ة ‪.‬الق رار الص ادر في ‪ 18‬ديس مبر‪ 2008‬عن انطب اق اتفاقي ة ج نيف المتعلق ة بحماي ة الم دنيين وقت‬ ‫‪-‬‬

‫الح رب‪ ،‬المؤرخ ة في ‪ 12‬أغس طس ‪ ،1949‬على األرض الفلس طينية المحتل ة‪ ،‬بم ا فيه ا الق دس الش رقية‪ ،‬وعلى‬

‫األراضي العربية المحتلة األخرى ‪ .‬الدورة الثالثة والستون المشار إليه بالمرجع ‪. A/RES/63/96‬‬

‫الجمعي ة العام ة ‪.‬الق رار ال ذي اتخذت ه الجمعي ة العام ة في ‪ 16‬ديس مبر ‪ . 2005‬بش أن الح ق في االنتص اف والج بر‬ ‫‪-‬‬

‫لضحايا االنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني‪ ،‬الدورة الستون البند ‪( 71‬أ) من جدول األعمال ‪.‬بتاريخ ‪21‬‬

‫مارس ‪. 2006‬المشار إليه بالمرجع‪. /147A/RES/60‬‬

‫الجمعية العامة ‪ .‬فتوى محكمة العدل الدولية بشأن اآلثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار في األرض الفلسطينية‬ ‫‪-‬‬

‫المحتله ‪ A/ES-10/ 273، 13‬يونيو ‪.2004‬‬

‫الجمعية العامة ‪ .‬قرار بشأن مسؤولية المنظمات الدولية من مشروع لجنة القانون الدولي الدورة الثالثة والستون‬ ‫‪-‬‬

‫‪ 26‬أبريل إلى ‪ 3‬يونيو ومن ‪ 4‬يوليو إلى ‪ 12‬اغسطس ‪ . 2011‬المشار إلية بالمرجع (‪. )A/66/10‬‬

‫الجمعي ة العام ة ‪ .‬مجلس حق وق اإلنس ان تقري ر لجن ة التحقي ق الدولي ة المس تقلة بش أن الجمهوري ة العربي ة الس ورية‪.‬‬

‫ال دورة الرابع ة والعش رون ‪.‬البن د ‪ 4‬من ج دول االعم ال ‪.‬ح االت حق وق اإلنس ان ال تي تتطلب اهتم ام المجلس‬

‫بها ‪.‬بتاريخ ‪ 16‬اغسطس ‪ . 2012‬المرجع ‪.A/HRC/21/50‬‬

‫الجمعي ة العام ة ‪.‬مجلس حق وق اإلنس ان ‪.‬تقري ر لجن ة التحق ق الدولي ة المس تقلة بش أن الجمهوري ة العربي ة الس ورية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫الدورة االستثنائية السابع عشر ‪ 23.‬نوفمبر ‪ . 2011‬المرجع ‪.A/HRC/S-17/2/Add .1‬‬

‫الجمعي ة العام ة ‪ .‬األمم المتح دة ‪.‬مجلس حق وق اإلنس ان تقري ر لجن ة التحقي ق الدولي ة المس تقلة بش أن الجمهوري ة‬ ‫‪-‬‬

‫العربية السورية‪ .‬الدورة الحادية والعشرون ‪.‬البند ‪ 4‬من جدول األعمال ‪.‬حاالت حقوق اإلنسان التي تتطلب اهتمام‬

‫المجلس بها ‪.‬بتاريخ ‪ 16‬أغسطس ‪. . 2013‬المرجع ‪.A/HRC/24/46‬‬

‫‪252‬‬
‫الجمعية العامة ‪.‬األمم المتحدة ‪.‬مجلس حقوق اإلنسان تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية‬ ‫‪-‬‬

‫الس ورية‪ .‬ال دورة الرابع ة والعش رون ‪.‬البن د ‪ 4‬من ج دول األعم ال ‪.‬ح االت حق وق اإلنس ان ال تي تتطلب اهتم ام‬

‫المجلس بها ‪.‬بتاريخ ‪ 16‬أغسطس ‪ . 2013‬المرجع ‪.A/HRC/24/46‬‬

‫الجمعية العامة ‪.‬األمم المتحدة ‪.‬مجلس حقوق اإلنسان تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية‬ ‫‪-‬‬

‫السورية‪ .‬الدورة الثانية والعشرون ‪.‬البند ‪ 4‬من جدول األعمال ‪.‬حاالت حقوق اإلنسان التي تتطلب اهتمام المجلس‬

‫بها ‪.‬بتاريخ ‪ 5‬فبراير ‪ . 2013‬المرجع ‪.A/HRC/22/59‬‬

‫الجمعي ة العام ة تقري ر لجن ة الق انون ال دولي عن أعماله ا‪ ،‬بت اريخ ‪ 26‬نوفم بر ‪ .2001‬المش ار إلي ه ب المرجع‬ ‫‪-‬‬

‫‪ A/RES/56/10‬تقري ر لجن ة الق انون ال دولي عن أعم ال دورته ا الثالث ة والخمس ين ‪ .‬المش ار إلي ه ب المرجع‬

‫‪A/56/589‬‬

‫لجن ة التحقي ق الدولي ة المس تقلة بش ان الجمهوري ة العربي ة الس ورية ‪.‬األمم المتح دة ‪ .‬الجمعي ة العام ة ‪.‬مجلس حق وق‬ ‫‪-‬‬

‫اإلنسان ‪ .‬الدورة الثانية والعشرون ‪.‬البند ‪ 4‬من جدول االعمال ‪.‬حاالت حقوق االنسان التي تتطلب اهتمام المجلس‬

‫بها ‪ .‬بالفقرة ‪ . 166‬تاريخ ‪ 5‬فبراير ‪ . 2013‬المرجع ‪. A/HRC/22/59‬‬

‫الجمعي ة العام ة لألمم المتح دة ‪ .‬ال دورة االس تثنائية الطارئ ة العاش رة ‪.‬البن د ‪ ٥‬من ج دول األعم ال ‪ .‬األعمـــال‬ ‫‪-‬‬

‫اإلســـرائيلية غـــير القانوني ـــة في القـــدس الشـــرقية المحتل ـــة وبقي ـــة األرض الفلسطينية المحتلة ‪ .‬تقرير األمين العام‬

‫ال ذي أع د عمال بق رار الجمعي ة العام ة دإط – ‪ . ١٣/١٠‬المش ار إلي ـــة ب المرجع ‪ A/ES-10/248 . 24‬نوفم بر‬

‫‪.2003‬‬

‫الجمعية العامة ‪.‬األمم المتحدة ‪.‬مجلس حقوق اإلنسان تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية‬ ‫‪-‬‬

‫الس ورية ‪.‬ال دورة الرابع ة والعش رون ‪.‬البن د ‪ 4‬من ج دول االعم ال ‪.‬ح االت حق وق اإلنس ان ال تي تتطلب اهتم ام‬

‫المجلس بها ‪.‬بتاريخ ‪ 15‬فبراير ‪ 2013‬المرجع ‪.A/HRC/22/59‬‬

‫‪253‬‬
‫الجمعي ة العام ة ‪ .‬ق رار األمم المتح دة ‪ -9/9.‬حماي ة حق وق اإلنس ان للم دنيين في الص راع المس لح ‪ .‬مجلس حق وق‬ ‫‪-‬‬

‫اإلنسان الجلسة الثانية والعشرين ‪ 24‬سبتمبر ‪ .2008‬المرجع ‪. A/HRC/RES/9/9 .‬‬

‫م وجز األحك ام والفت اوى واألوام ر الص ادرة عن محكم ة الع دل الدولي ة ‪ 1996-1992‬المش ار إلي ه ب المرجع (‬ ‫‪-‬‬

‫‪. ST/LEG/SER .F/1/Add‬‬

‫الجمعية العامة قرار في دورتها التاسعة واألربعين القرار رقم ‪ "/S 49/75‬كاف " بشأن طلبات اإلفتاء من محكمة‬ ‫‪-‬‬

‫العدل الدولية في ‪ 15‬ديسمبر ‪. 1994‬‬

‫الم تحدة ‪ .‬طبيعة االلتزام القانوني العام المفروض على الدول األطراف في العهـد الدولي‬
‫الجمعية العامة قرار اُألمم ُ‬ ‫‪-‬‬

‫الخ اص بالحقــوق المدنيـة والسياس ية ‪ .‬اللجن ة المعني ة بحق وق اإلنس ان ‪ .‬ال دورة الثامن ة عش ر ‪ 26 .‬م ايو‬

‫‪. 2004‬المرجع ‪.CCPR/C/21/Rev .1/Add .13‬‬

‫الجمعية العامة ‪.‬األمم المتحدة ‪ .‬حماية البيئة أثناء النزاعات المسلحة ‪ .‬الدورة السابعة واألربعون ‪February 9 .‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ . 1993‬المشار إليه بالمرجع ‪. A/RES/47/37‬‬

‫مجلس األمن القرارت الصادرة عنه في حالة األراضي العربية المحتلة حيث طالب القرار بكفالة احترام المادة ‪1‬‬ ‫‪-‬‬

‫من االتفاقية )‪. S/681 (1990‬‬

‫مجلس األمن ‪.‬األمم المتح دة ‪ .‬رقم ‪ 2139/2014‬الص ادرة بت اريخ ‪ 22‬ف براير ‪ ،2014‬بش أن ال نزاع في س وريا‬ ‫‪-‬‬

‫‪.RES/2139 /2014‬‬

‫مجلس األمن الحالة بين إيران والعراق ()‪ ،S/RES/540(1983‬والقرار رقم ()‪. S/RES/598(1987‬‬ ‫‪-‬‬

‫المجلس العمل بموجب الفصل السابع من ميثاق االمم المتحدة ألحكام هذا القرار المرجع ‪.S/RES/771 (1992‬‬ ‫‪-‬‬

‫الق رار رقم ‪ 808/1993‬لمحاكم ة مج رمي الح رب في اقليم يوغس الفيا الص ادر عن مجلس االمن في جلس ته‬ ‫‪-‬‬

‫المعقودة في ‪ 22‬فبراير ‪ . 1993‬المرجع ‪.S/RES/808‬‬

‫‪254‬‬
‫مجلس األمن الدولي قرار بتشكيل محكمة دولية خاصة بمجرمي الحرب في رواندا لمحاكمة ومحاسبة المسؤولين‬ ‫‪-‬‬

‫عن انتهاك ات ق وانين الح رب وأعرافه ا‪ ،‬انظ ر الق رار رقم ‪ S/RES/955‬في جلس ته المعق ودة في ‪ 8‬نوفم بر‬

‫‪.1994‬‬

‫القرار الصادر عن مجلس األمن رقم ‪ S/RES/764‬عام ‪. 1992‬‬ ‫‪-‬‬

‫الق رار الص ادر عن مجلس االمن في جلس ته المعق ودة في ‪ 14‬اغس طس ‪ 2000‬المرج ع ‪S/RES/1315‬‬ ‫‪-‬‬

‫)‪(2000‬‬

‫القرار رقم ‪ 2000/ 1315‬بشأن إنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمة مجرمي الحرب بسيراليون ‪.‬‬

‫القرار الصادر عن مجلس األمن رقم ‪. S/RES/1214‬الصادر بتاريخ ‪ 8‬ديسمبر ‪. 1998‬‬ ‫‪-‬‬

‫قرار مجلس األمن رقم ‪ 771/1992‬الصادر بتاريخ ‪ 13‬اغسطس ‪ 1992‬في االنتهاكات االصربية في البوسنة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫المرجع ‪. S/RES/771 (1992)(( .‬‬

‫الق رار الص ادر عن المحكم ة الخاص ة لس يراليون من الم دعي الع ام ض د س ام هينغ ا نورم ان في ‪ 31‬م ايو‪2004‬‬ ‫‪-‬‬

‫)‪. AR72-14-2004 (E‬‬

‫م وجز األحك ام والفت اوى واألوام ر الص ادرة عن محكم ة الع دل الدولي ة (نيك اراغوا ض د الوالي ات المتح دة‪ )،‬الحكم‬ ‫‪-‬‬

‫الصادر في القضية المتعلقة باألنشطة العسكرية وغير العسكرية في ‪ 27‬يونيو ‪. 1986‬المشار إليه بالمرجع (‬

‫‪ )ST/LEG/SER.F/1/Add‬منشورات األمم المتحدة ‪. 1991-1948‬‬

‫ق رار مجلس االمن الق رار رقم ‪ S/1991 / 687‬الم ؤرخ في ‪ 2‬أبري ل ‪ .1991‬بش أن إنش اء ص ندوق للتعويض ات‬ ‫‪-‬‬

‫عن األضرار التي سببتها العراق بسبب غزو الكويت ‪. 93 -41585‬‬

‫فت وى محكم ة الع دل الدولي ة عن اآلث ار القانوني ة الناش ئة عن تش ييد ج دار في األراض ي الفلس طينية المحتل ة ‪.‬األمم‬ ‫‪-‬‬

‫المتح دة ‪.‬الجمعي ة العام ة ‪.‬ال دورة االس تثنائية الطارئ ة العاش رة ‪ .‬البن د الخ امس من ج دول األعم ال ‪ 13 .‬يولي و‬

‫‪.2004‬‬

‫‪255‬‬
‫الئحة االدارة االنتقالية لألمم المتحدة في تيمور الشرقية ان الشروع في ارتكاب الجريمة يؤدي الى قيام المسؤولية‬ -

UNTAET/REG/2000/15 .6 june 2000 ،‫الجنائية للقيادة عن إعطاء األوامر بارتكاب جرائم الحرب‬

‫ تطبيق القانون اإلنساني الدولي على استخدام ال ذخائر العنقودية ورقة مقدمة من‬. ‫مكتب األمم المتحدة في جنيف‬ -

‫المرج ع‬.2008. ‫ ابري ل‬. 11-7 ‫ من ج دول األعم ال الت اريخ‬6 ‫البن د‬. ‫ ال دورة الثاني ة‬. ‫الياب ان‬

. CCW/GGE/2008-II/WP .2

‫بي ان رئيس مجلس األمن بش أن أدان ة انتهاك ات حق وق اإلنس ان ال تي ترتكبه ا الس لطات الس ورية على نط اق واس ع‬ -

. S/PRST/2011/16

: ‫البياناتـ والقراراتـ الدولية باللغةـ اإلنجليزية‬

- U. N . International covenant on civil and political rights . GENERAL COMMENT NO.


29 STATES OF EMERGENCY (ARTICLE 4). CCPR/C/21/Rev .1/Add .11 . . 31 August
2001 .
- UN .Yearbook of the International Law Commission, 1980, Volume II . Report of the
Commission to the General Assembly on the work of its thirty-second session . New
York, 1981 . A/CN .4/SER .A/1980/Add .l
- UN . The Yearbook of the International Law Commission1950, vol . II . Official Records
of the General Assembly, Fifth session, Supplement No .12 (A/1316) .New York, 1957 .
A/CN . 4/SER .A/1950/Add . .
- UN . the Yearbook of the International Law Commission1950 ,vol . II . Official Records
of the General Assembly, Fifth session, Supplement No .12 (A/1316) .New York, 1957 . .
A/CN . 4/SER .A/1950/Add .
- U.N Law Reports of Trial of War Criminals . Volume VIII . 1949
- U.N . Security Council . Report of the Secretary General pursuant to 2 of security
Council Resolutions 808 .may 3, 1993.
- United Nations . Security Council . Statement by the President of the Security Council
S/PRST/2013/15. 2 October 2013.

256
- ICTY .U.N. IT-95-17/1-T. . 10 December 1998
- ICTY. UN. TPIY. . Prosecutor v. Radoslav Brdjanin (Appeal Judgement. IT-99-36-A. 3
April 2007
- ICTY . UN TPIY . prosecutor v . Zoran Kupreskic, Mirjan Kupreskic Vlatko Kupreskic,
Drago Josipovic and Dragan Papic . IT-95-16-T . 14 January 2000 .
- ICTY, UN . TPIY . Appeals Chamber the Prosecutor v . DU [KO TADI], IT-94-1-A, 15
July 1999 .
- ICTY UN TPIY . The prosecuter .V .Goran . . IT-95-10-T . 14 December 1999
- ICTY . UN . TPIY . The Prosecutor V Zlatko Aleksovski .Case No .: IT-95-14/1-T . 25
June 1999 .
- ICTY . UN .TPIY . The p . Prosecutor v . Sefer Halilovic -IT-01-48-A 16 October 2007.
- ICTY UN . TPIY . Prosecutor v . Mladen NALETILIC “TUTA” And Vinko
MARTINOVIC, “ŠTELA” .. IT-98-34-T . 31 March 2003
- ICTY . UN TPIY . The Prosecutor v . Enver Hadzihasanovic & Amir Kubura . Case No .
IT-01-47-A . 22 April 2008 .
- ICTY . UN . TPIY prosecutor v . Slobodan Milosevic . Case No . IT-02-54-T . 16 June
2004
- ICTY . UN . TPIY . Prosecutor v . Tihomir Blaškić Case No . IT-95-14-T 3 March 2000 .
- ICTY . UN . TPIY . . Prosecutor v . Tihomir Blaškić, Case No . IT-95-14-A . 29 July
2004 .
- ICTY . UN . TPIY . Prosecutor v . Tihomir Blaškić Case No . IT-95-14-T 3 March 2000
- ICTY . UN .TPIY . The p . Prosecutor v . Sefer Halilovic -IT-01-48-A16 October 2007.
- ICTY . UN . TPIY . Prosecutor v . Tihomir Blaškić, Case No . IT-95-14-A . 29 July 2004
.
- ICTY . UN TPIY . The Prosecutor v . Enver Hadzihasanovic & Amir Kubura . Case No .
IT-01-47-A . 22 April 2008 .
- ICTY . UN . TPIY prosecutor v . Slobodan Milosevic . Case No . IT-02-54-T . 16 June
2004

257
- ICTY . UN . TPIY . Prosecutor v . Tihomir Blaškić Case No . IT-95-14-T 3 March
2000 .,
- ICTY . UN .TPIY . The p . Prosecutor v . Sefer Halilovic -IT-01-48-A . 16 October 2007
- Special Court for Sierra Leone. Prosecutor v Sam Hinga Norman. . Appeals chamber..
Case No.SCSL-2004-14-AR72(E). May 14,2004
: ‫التقارير الدولية ياللغة العربيةـ‬

‫المش ار الي ه‬. 2014 . ‫الطبع ة األولى‬. ‫ المملك ة المتح دة‬. ‫ ان تزاع الحي اة من ج وف ال يرموك‬. ‫منظم ة العف و الدولي ة‬ -

MDE . 24/008/2014 ‫بالمرجع‬

ISBN:978-1-. 2013 ‫ يوليو‬14 . ‫دمشق‬. ‫التسوية باألرض‬. ‫التقرير الص ادر عن منظمة هي ومن راتش وتش‬ -

. 6231-31036

. 2013 . ‫ لم تع د امن ه االعت داءات على الطالب والم دارس في س وريا‬. ‫التقري ر الص ادر عن هي ومن راتس وتش‬ -

. ISBN: 978-1-62313-0190 ‫مرجع‬

. ‫ ج رائم الح رب في ش مالي أدلب أثن اء مفاوض ات خط ة الس الم‬. ‫ ملخص‬. ‫انظ ر ه ومن راتس ووتش – س وريا‬ -

2012 ‫ مايو‬3 "‫"حرقوا قلبي‬

ISBN: 978-1-62313-0046 ‫المشار إليه بالمرجع‬. 2012 . ‫موت من السماء‬. ‫هيومن راتس وتش‬ -

-: ‫التقارير الدولية باللغة اإلنجليزية‬

- ILC . Report of the International Law Commission on the work of its thirty-second
session (5 May-25 July 1980) Volume II .Part Two . A/35/10 . . UN . .New York, 1981 .
- ILC . Report of the International Law Commission on the work of its twenty-eighth
session 3 May-23 July 1976 . Volume II .Part Two . UN .New York . 1977 . A/31/10 .
- Andru E. Wall Editor. Legal and Ethical Lessons of NATO’s Kosovo Campaign . Naval
War College. Newport, Rhode Island .2002 .

258
‫‪-‬‬ ‫‪Final Report to the Prosecutor bv the Committee Established to Review the NATO‬‬
‫‪Bombing Campaign Against the Federal Republic of Yugoslavia . ICC-02/05-02/09-‬‬
‫‪HNE-2 ICC-02/05-02/09-216-Anx 29-10-2009 11/32 CB PT . .‬‬
‫القواميس والمعاجم ‪:‬‬

‫ابن منظ ور ‪.‬لس ان الع رب ‪.‬دار ص ادر ‪ .‬ب يروت ‪.‬لبن ان ‪ .‬المجل د الث الث عش ر ‪ .‬ط ‪. 1/1990‬ط‬ ‫‪-‬‬

‫‪. 2/1992‬ط‪. 3/1994‬‬

‫المص طلحات القانوني ة ‪ .‬المؤسس ة الجامعي ة للدراس ات‬


‫ج يرار كورن و ‪.‬ترجم ة منص ور القاض ي معجم ُ‬ ‫‪-‬‬

‫والنشر ‪.‬الطبعة األولى ‪. 1998.‬‬

‫عتلم‪ ،‬شريف ‪ .‬ماهر‪ ،‬محمد ‪.‬موسوعة اتفاقيات القانون الدولي اإلنساني ‪ .‬اللجنة الدولية للصليب األحمر‬ ‫‪-‬‬

‫‪ .‬الطبعة السابعة ‪.‬القاهرة مصر ‪.2007 .‬‬

‫المنشورات ‪:‬‬

‫اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر ‪.‬استكش اف الق انون ال دولي اإلنس اني ‪ .‬المكتب اإلقليمي‬ ‫‪-‬‬

‫اإلعالمي ‪.‬القاهرة ‪.‬مصر ‪.‬النسخة العربية ‪ .‬يناير ‪. 2010‬‬

‫منش ورات األمم المتح دة حق وق اإلنس ان مكتب المف وض الس امي ‪.‬الحماي ة القانوني ة لحق وق اإلنس ان في‬ ‫‪-‬‬

‫النزاع المسلح ‪ 2011 .‬المشار إليه بالمرجع ‪.HR/PUB/11/1‬‬

‫اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر ‪.‬الح دود المتوجب ة في ال نزاع المس لح ‪.‬المكتب االقليمي‬ ‫‪-‬‬

‫اإلعالمي ‪.‬القاهرة ‪.‬مصر ‪.‬النسخة العربية ‪.‬يناير ‪ 2010‬مصر ‪.‬‬

‫دلي ل التنفي ذ الوط ني للق انون ال دولي اإلنس اني ‪.‬اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر ‪.‬الطبع ة العربي ة األول‬ ‫‪-‬‬

‫ى ‪.‬المركز اإلقليمي لإلعالم ‪ .‬القاهرة ‪.‬مصر ‪ .‬ديسمبر ‪. 2010.‬‬

‫مواقع االنترنت باللغة العربيةـ ‪:‬‬

‫‪259‬‬
‫‪ -‬ل ويز دوس والد – بي ك ‪ .‬الق انون ال دولي اإلنس اني وفت وى محكم ة الع دل الدولي ة بش أن مش روعية التهدي د باألس لحة‬

‫النووي ة أو اس تخدامها ‪ .‬المجل ة الدولي ة للص ليب األحم ر‪ ،‬الع دد ‪ . 316‬بت اريخ ‪ . 1997-02-28‬على الموق ع‬

‫الرسمي للجنة الدولية للصليب األحمر ‪.‬‬

‫‪-http://www .icrc .org/ara/resources/documents/misc/5r2avl .htm‬‬


‫‪ -‬سامر أحمد موسى ‪ .‬العالقة بين القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان ‪ .‬الحوار المتمدن ‪ .‬العدد‬

‫‪ 26 . 1958‬يونيو ‪. 2007.‬‬

‫‪-http://www .ahewar .org/debat/show .art .asp?aid=100903‬‬


‫‪ -‬كتاب " ‪.‬اإلنجيل" ‪.‬‬

‫‪-http://www .enjeel .com‬‬


‫‪ -‬التقري ر الص ادر عن مؤسس ة الض مير لحق وق اإلنس ان ‪ .‬الع دوان االس رائيلي المفت وح على قط اع غ زة ج رائم ض د‬

‫اإلنسانية – جرائم حرب‪ ،‬مايو ‪. 2009‬سلسلة دراسات وتقارير ‪.‬‬

‫‪-http://holocaust .ps/data/report/1 .pdf‬‬


‫‪ -‬قاعدة بيانات القانون الدولي اإلنساني‪ -‬االتفاقيات والوثائق على الموقع الرسمي للجنة الصليب األحمر‬

‫‪-www .icrc .org‬‬


‫‪ -‬أبو الحسن نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي ‪ .‬مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ‪ .‬باب كيفية القتال ‪.‬‬

‫المحق ق حس ام ال دين القدس ي ‪ .‬كتب التخ ريج والزوائ د ‪ .‬الناش ر مكتب ة القدس ي ‪ .‬الق اهرة‪ 1994 ،‬م ‪ .‬الفق رة‬

‫‪. 9674‬‬

‫‪- http://www .madinahnet .com‬‬


‫يحيــى بن ناصـر الخصيبـــي‪ .‬حماي ة األعي ان المدني ة في ظ ل أحك ام الق انون ال دولي اإلنس اني «الممتلك ات الثقافي ة‬ ‫‪-‬‬

‫نموذجا»‪ .‬جريدة عمان ‪ 19 .‬مارس ‪.2011‬‬

‫‪- http://www.omanlegal.net/vb/showthread.php?t=5514‬‬
‫جاسم زور ‪ .‬حماية األعيان الثقافية في القانون الدولي اإلنساني ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪260‬‬
‫‪-http://www .univ-chlef‬‬
‫‪.dz/ar/seminaires_2010/seminaire_droit_2010/djassimzour2010 .pdf‬‬
‫‪ -‬تعلي ق اللجن ة الدولي ة للص ليب األحم ر على ال بروتوكولين اإلض افيين ‪.‬الفق رة ‪ . 2002‬مت وفر على موق ع اللجن ة‬

‫الدولية للصليب األحمر ‪.‬‬

‫‪-http://www .icrc .org‬‬


‫‪ -‬مقال تحت عنوان ‪.‬أسئلة وأجوبة عن األعمال العدائية بين إسرائيل وحماس ‪ .‬ديسمبر ‪2008 ,31‬‬

‫‪- http://www .hrw .org/ar/news/2008/12/30-2‬‬


‫‪ -‬سورية‪ :‬اللجنة الدولية والهالل األحمر العربي السوري يواصالن بذل جهود اإلغاثة وسط احتدام القتال ‪-17 .‬‬

‫‪. 2012-07‬‬

‫‪-http://www.icrc .org/ara/resources/documents/update/2012/syria-update-2012-07-17 .htm‬‬


‫‪ -‬منظمة العفو الدولية ‪ .‬تقرير بعنوان " صور األقمار الصناعية لحلب تظهر الدمار والنزوح الجماعي بعد مرور‬

‫عام"‪ 7(.‬اغسطس ‪)2013‬‬

‫‪-http://www .amnesty .org/ar/news/aleppo-satellite-images-show-devastation-mass-‬‬


‫>‪displacement-one-year-2013-08-07‬‬
‫‪ -‬منظم ة العف و الدولي ة ‪ .‬تقري ر بعن وان " س ورية‪ :‬الص ور الملتقط ة باألقم ار الص ناعية لمنطق ة حلب تث ير المخ اوف‬

‫بشأن سالمة المدنيين " (‪ 8‬اغسطس ‪). 2013‬‬

‫‪-http://www .amnesty .org/ar/news/syria-satellite-images-aleppo-raise-concerns-over-risk-‬‬


‫‪civilians-2012-08-07‬‬
‫‪ -‬قراءة تحليلية في قرار مجلس األمن رقم ‪ . 2139‬مركز الدراسات االستراتيجية ‪.‬‬

‫‪-http://www .asharqalarabi .org .uk .‬‬


‫‪ -‬منظمة الهيومن راتس وتش ‪.‬التقرير العالمي ‪ .‬يناير ‪ :2014‬سوريا ‪.‬‬

‫‪-http://www .hrw .org/ar/world-report/2014/country-chapters/121986‬‬


‫‪ -‬الشبكة السورية لحقوق اإلنسان ‪ .‬البراميل المتفجرة في سوريا ‪ . . .‬قنابل عمياء للقتل والتدمير ‪.‬‬

‫‪261‬‬
‫‪-www .syrianhr .org‬‬
‫‪ -‬نات الي ف اغنر ‪ .‬تط ور نظ ام المخالف ات الجس يمة والمس ؤولية الجنائي ة الفردي ة ل دى المحكم ة الجنائي ة الدولي ة‬

‫ليوغوسالفيا السابقة ‪ .‬لمجلة الدولية للصليب األحمر ‪.‬ا لعدد ‪. 2003-12-31 . 850‬‬

‫‪- https://www .icrc .org/ara/resources/documents/misc/6leclx .htm‬‬

‫‪ -‬جامعة ‪ Heildelberg‬انظر الموقع تاريخ زيارة الرابط في ‪ 28‬فبراير ‪. 2014‬‬

‫‪-http://histclo .com/royal/ger/hre/hohen/conradin .htm‬‬


‫المسلحة "العدوان‬
‫‪ -‬عبد الحكيم سليمان وادي ‪ .‬دراسة‪ :‬المسئولية الدولية في حماية األعيان المدنية زمن النزاعات ُ‬

‫اإلسرائيلي على غزة ‪ -2009-2008‬نموذجا" ‪.‬مركز راشيل كوري الفلسطيني لحقوق االنسان ومتابعة العدالة‬

‫الدولية ‪ .‬تاريخ النشر األحد ‪. 2014-01-12‬‬

‫‪-http://rachelcenter .ps/news .php?action=view&id=11636‬‬


‫‪ -‬أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي‪ .‬السنن الكبرى وفي ذيله الجوهر النقي‪ .‬مجلس دائرة المعارف النظامية‬

‫الكائن ة في الهن د ببل دة حي در آب اد‪ .‬الطبع ة ‪ :‬األولى ـ ‪ 1344‬هـ‪.‬موق ع وزارة األوق اف المص رية وق د أش اروا إلى‬

‫جمعية المكنز اإلسالمي‪.‬على الموقع ‪.‬‬

‫‪-http://islamport.com/d/1/mtn/1/51/1791.html‬‬
‫مواقع االنترنت باللغة اإلنجليزيةـ ‪-:‬‬

‫"‪1. T’ai Kung . " Six Secret teachings‬‬


‫‪http://www .scribd .com/doc/188144397/Tai-Kung-Six-Secret-Teachings .‬‬

‫‪2. International Military Tribunal for the Far East (IMTFE) Charter . The IMTFE‬‬
‫‪Charter . Constitution of the Tribunal .‬‬
‫‪https://www .uni-marburg .de/icwc/dateien/imtfec .pdf‬‬

‫قائمة االختصـــــــارات ‪-:‬‬

‫‪262‬‬
UN. United Nations ‫األمم المتحدة‬
IHL. international humanitarian law ‫القانون الدولي اإلنساني‬
ILC. International Law Commission ‫لجنة القانون الدولي‬
ICRC. International Committee of the Red Cross ‫اللجنة الدولية للصليب األحمر‬
ICTY - TPIY the International Criminal Tribunal for the ‫المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسالفيا السابقة‬
Former Yugoslavia
A/- ‫الجمعية العامة‬

S/- ‫مجلس األمن‬

-/PRST/- ‫بيانات من رئيس مجلس األمن‬

-/RES/- ‫قرارات‬

-/WP. ... ‫أوراق عمل‬

-/Add. ... ‫إضافة‬

263
‫فهرس الموضوعات‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪1‬‬ ‫الخالصــــــــة‬
‫‪4‬‬ ‫الشكر والتقدير‬
‫‪5‬‬ ‫االهـــــــــــداء‬
‫‪7‬‬ ‫المقدمــــــــــة‬

‫‪13‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬التعريف باألعيان المدنية والثقافية في القانون الدولي اإلنساني‪.‬‬

‫‪14‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬القانون الدولي اإلنساني ونشأته التاريخي‪.‬‬


‫‪16‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مفهوم القانون الدولي اإلنساني‪.‬‬
‫‪16‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬التعريف بالقانون الدولي اإلنساني‪.‬‬
‫‪26‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ -:‬التمييز بين القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪35‬‬ ‫المطلب الثاني مراحل تطور قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية‪.‬‬
‫‪35‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬اإلطار التاريخي لنشأة قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية‪.‬‬
‫‪36‬‬ ‫العصور القديمـــة‬
‫‪37‬‬ ‫العصور الوسطى‬
‫‪39‬‬ ‫العصور الحديثـة‬
‫‪42‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬اإلطار اإلسالمي للقانون الدولي اإلنساني ونظام حماية األعيان المدنية‪ .‬والثقافية‪.‬‬
‫‪48‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬مفهوم األعيان المدنية والثقافية‪.‬‬
‫‪48‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬التعريف باألعيان المدنية وفقا ألحكام القانون الدولي اإلنساني‪.‬‬
‫‪49‬‬ ‫أوال ‪ :‬التعريف اللغوي لكلمة أعيان ‪.‬‬
‫‪49‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬التعريف االصطالحي لألعيان المدنية في األعراف والمواثيق الدولية‪.‬‬
‫‪71‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ -:‬التعريف بالممتلكات الثقافية وفقا ً ألحكام القانون الدولي اإلنساني‪.‬‬

‫‪77‬‬ ‫الفصل الثاني الحماية القانونية المقررة لألعيان المدنية والثقافية ‪.‬‬

‫‪80‬‬ ‫المبحث االول‪ :‬الحماية القانونية العامة المقررة لألعيان المدنية زمن المنازعات المُسلحة‪.‬‬
‫‪80‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مضمون الحماية العامة لألعيان المدنية في زمن النزاعات المسلحة ‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫‪82‬‬ ‫الفرع االول‪ :‬المبادئ األساسية التي توفر الحماية العامة لألعيان المدنية‪.‬‬
‫‪82‬‬ ‫أوالً ‪ -:‬مبدأ التمييز بين األعيان المدنية واألهداف العسكرية‪.‬‬
‫‪85‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬مبدأ التناسبية بين الميزة العسكرية واألضرار الجانبية‪.‬‬
‫‪89‬‬ ‫ثالثا ً ‪ -:‬مبدأ حظر وتقييد استخدام أنواع معينة من األسلحة في الهجمات ضد األعيان المدنية والثقافية‪.‬‬
‫‪103‬‬ ‫الفرع الثاني ‪-:‬أهم التدابير االحتياطية لحماية األعيان المدنية والثقافية‪.‬‬
‫‪109‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬واقع الحماية العامة لألعيان المدنية زمن النزاعات المُسلحة في الجمهورية العربية السورية‪.‬‬
‫‪110‬‬ ‫أوال ‪ :‬ملخص لتسلسل األحداث ‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫ثانيا ‪ -:‬الوضع القانوني للنزاع المسلح في سوريا‬
‫‪112‬‬ ‫ثالثا ‪ -:‬أبرز االنتهاكات لقواعد الحماية العامة لألعيان المدنية والثقافية خالل األزمة السورية‪.‬‬
‫‪112‬‬ ‫‪ .1‬انتهاك قاعدة حظر توجيه الهجمات ضد األعيان المدنية والثقافية ‪.‬‬
‫‪115‬‬ ‫‪ . 2‬انتهاك قاعدة حظر وتقييد استخدام بعض األسلحة في الهجمات ضد األعيان المدنية والثقافية‪.‬‬
‫‪118‬‬ ‫المبحث الثاني الحماية القانونية الخاصة المقررة لبعض األعيان المدنية والثقافية‪.‬‬
‫‪119‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬حماية الممتلكات الثقافية‪.‬‬
‫‪121‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬أحكام حماية الممتلكات الثقافية الواردة في اتفاقية الهاي ‪ 1954‬وبروتوكوليها اإلضافيين‪.‬‬
‫‪137‬‬ ‫الف>>رع الث>>اني ‪ -:‬أحك>>ام الحماي>>ة ال>>واردة للممتلك>>ات الثقافي>>ة في اتفاقي>>ات ج>>نيف لع>>ام ‪ 1949‬وال>>بروتوكولين‬
‫اإلضافيين لعام ‪.1977‬‬
‫‪140‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬حماية األعيان التي ال غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة‪.‬‬
‫‪145‬‬ ‫المطلب الثالث ‪ :‬حماية المنشآت واألهداف المحتوية على قوى خطرة‪.‬‬
‫‪151‬‬ ‫المطلب الرابع ‪ :‬الحماية الدولية للبيئة الطبيعية‪.‬‬

‫‪159‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المسؤولية الدولية عن انتهاك قواعد حماية األعي ان المدني ة والثقافي ة ودور القض اء ال دولي‬
‫الجنائي‪.‬‬

‫‪161‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬المسؤولية الدولية عن انتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية‪.‬‬
‫‪163‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬اآلثار القانونية المترتبة على قيام المسؤولية الدولية المترتبة على انتهاك قواعد حماي>>ة األعي>>ان‬
‫المدنية والثقافية ‪.‬‬
‫‪164‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬المسؤولية الدولية المدنية للدول والمنظمات الدولي>ة عن انته>اك القواع>د الخاص>ة بحماي>ة األعي>ان‬
‫المدنية والثقافية (المسؤولية التقليدية) ‪.‬‬
‫‪179‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬المسؤولية الدولية الجنائية لألفراد عن انتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ‪.‬‬

‫‪265‬‬
‫‪185‬‬ ‫أشكال المسؤولية الجنائية الدولية الفردية ‪.‬‬
‫‪185‬‬ ‫المسؤولية الدولية الجنائية الفردية للقادة والرؤساء‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫‪199‬‬ ‫المسؤولية الدولية الجنائية للمرؤوسين (األفراد)‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫‪205‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬الدفع بتوافر الضرورة العسكرية لنفي المسؤولية القانونية الدولية‪.‬‬
‫‪206‬‬ ‫أوالً‪ :‬مفهوم الضرورة العسكرية في القانون الدولي اإلنساني ‪.‬‬
‫‪211‬‬ ‫ثانيا ً ‪ :‬الطبيعة القانونية و شروط الضرورة العسكرية ‪.‬‬
‫‪214‬‬ ‫ثالثا ً ‪ :‬مدى فعالية الدفع بحالة الضرورة في انتهاك قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ‪.‬‬
‫‪217‬‬ ‫المبحث الثاني ‪:‬دور القضاء الدولي الجنائي في وض>ع قواع>د حماي>ة األعي>ان المدني>ة والثقافي>ة موض>ع التنفي>ذ‬
‫والتطبيق ‪.‬‬
‫‪219‬‬ ‫المطلب األول ‪ -:‬دور المحاكم العس>>كرية الدولي>>ة بع>>د الح>>رب العالمي>>ة الثاني>>ة في تنفي>>ذ قواع>>د حماي>>ة األعي>>ان‬
‫المدنية والثقافية ‪.‬‬
‫‪222‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ -:‬دور المحاكم الخاصة المؤقته في تنفيذ قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية ‪.‬‬
‫‪226‬‬ ‫المطلب الثالث ‪ -:‬دور المحكمة الجنائية الدولية الدائمة في تنفيذ قواعد حماية األعيان المدنية والثقافة‬
‫‪229‬‬ ‫تقييم دور المحاكم الجنائية الدولية في تنفيذ قواعد حماية األعيان المدنية والثقافية‪.‬‬
‫‪233‬‬ ‫الخـــــاتمـــــــــــــــــــــة‬
‫‪233‬‬ ‫النتائـــــــــــــــــــــــــــج‬
‫‪236‬‬ ‫التوصيات والمقترحـات‬
‫‪240‬‬ ‫المـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــراجع‬
‫‪264‬‬ ‫قائمة االختصـــــــارات‬
‫‪265‬‬ ‫فه ـ ــرس الموضوع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات‬

‫‪ ،،،‬تم بحمد هللا وبعونه‬

‫‪266‬‬

You might also like