Professional Documents
Culture Documents
من ربتني أنارت دربي و أعانتني بالصموات والدعوات ،إلى أغمى إنسان في ىذا الوجود أمي
الحبيبة
الى إخوتي و أخواتي واألصدقاء و زميالتي إلى جميع أستاذة القسم قانون اإلداري الى طمبة سنة
الثانية ماستر دفعة .2019
شــــ ـــر
الحمد هلل نستغفره والذي وىبني التوفيق والسداد
ومنحني الرشد والثبات وأعانني عمى إتمام وكتابة ىذا العمل المتواضع
والصالة والسالم عمى رسولو أزكى صالة الذي أوصانا بالعمم والمعرفة.
إلى األستاذ الفاضل " محمد كريم نور الدين " و أعضاء لجنة المناقشة
تعود نظرية سحب الق اررات اإلدارية بجذورىا إلى العام الثالث من بداية الثورة الفرنسية
"نظرية الوزير القاضي العام "،حتى استقرت بصورتيا حيث ظيرت في البداية تحت مسمى
ومظيرىا الجديد،و كان لمقضاء اإلداري دو ار كبي ار في صياغة شروط و قيود عمى سمطات
القررات.
اإلدارة في سحب ا
وفي إطار دراستنا لنظرية سحب الق اررات اإلدارية ،و التي تدخل ضمن إطار ما تبذلو
اإلدارة من رقابة ذاتية عمى مشروعية و مالئمة تمك الق اررات و سوف يتم تناولو كوسيمة إدارية
.1
نياية القرار اإلداري
سنتناول ذلك في مبحثين األول بعنوان األحكام العامة لسحب ال ق ار ارت اإلدارية والمبحث
الثاني بعنوان آثار السحب اإلداري.
كمدخل إللقاء الضوء عمى سحب اإلدارة لق ارراتيا كان لزاما عمينا تناول مفيوم ىذا
اإلجراء و نطاقو في المطمب األول و كذا ميعاد السحب و الإلستثناءات الواردة عميو في مطمب
ثاني:
- 1سالم بن سممان الشكيمي ،نظرية سحب لق اررات اإلدارية ،الطبعة األولى ،دار النيضة العربية ،سنة ،2016القاىرة ،ص
.47
- 2عبد العزيز ،عبد المنعم خميفة ،اإلنياء اإلداري لمق اررات اإلدارية ،الطبعة األولى المكتب الجامعي الحديث ،سنة ،2015
ص .49
7
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
لى الماضي مزيال كل أثرتو فالسحب ىو إعدام ليذه الق اررات المعيبة كونو يرتد إ
القرار المعيب.
فاإلدارة ىنا ممزمة بالتدخل من أجل تصحيح األوضاع القانونية ،فكمما صدر قرار غير
مشروع فإن سحبو يشكل التزاما يقع عمييا إذا ال تطبق إزاءه أي سمطة تقديرية وذلك لتفادي
تدخل القضاء من أجل سحب ىذه الق اررات.
- 1أحمد اسماعيل ،أٌثر تغير الظروف القانونية و الواقعية في الق اررات اإلدارية ،مجمة جامعة دمشق العموم االقتصادية
والقانونية ،العدد األول ،المجمد العشرين ،كمية الحقوق ،جامعة دمشق ن ،20204ص .08
- 2سييل ادريس ،القاموس عربي-عربي المنيل،دار اآلداب لمنشر و التوزيع ،ط ،16بيروت ،2016ص.254
- 3اآلية ،71سورة غافر ،القرآن الكريم.
8
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
{:ربنا أبصرنا و سمعنا و يفيد في ىذه الحالة السحب معنى الجر ،أما في قولو تعالى
فأرجعنا نعمل صالحا انا موقنون} ،1وىنا يفيد الرجوع معنى األثر الرجعي .
-2السحب اصطالحا:
السحب في القاموس ا لقانوني " :ىو عممية اعدام آثار القرار بالنسبة إلى الماضي و
المستقبل بحيث يعتبر القرار كأنو لم يولد اطالقا .
و ىو تجريد لمقرار اإلداري من قوتو القانونية اإللزامية ،ليس فقط آلثاره المستقبمية و انما
بالنسبة آلثاره في الماضي و المستقبل معا".
ب -مفهوم السحب في الفقه:
-1في الفقه الفرنسي:
اختمف الفقو اإلداري حول تعريف سحب القرار اإلداري بسبب اختالف الزاوية التي
ينظر منيا كل واحد إلى موضوع السحب اإلداري لمقرارت اإلدارية ،فبعضيم ينظر إلى السحب
من خالل السمطة التي أو الجية التي أصدرت القرار بغض النظر عن طبيعة القر ار اإلداري
بحد داتو ،في حين يرى البعض اآلخر عند تعريفو لمسحب إلى الطبيعة القانونية دون إغفال
لمسمطة مصدرة القرار اإلدارية.2
:محو الق اررات الفردية المعيبة بأثر رجعي عن فقد عرف الفقيو دلوبادير السحب بأنو
طريق مصدرىا ،و ىدا التعريف يغفل ما لمسمطة الرئاسية من حق سحب الق اررات المعيبة التي
تصدر عن السمطات الدنيا.3
ويعرفو بونار بأنو :العمل الدي ينيي القرار من قبل الجية اإلدارية التي أصدرتو و
أعتبرتو كأنو لم يكن.
ويدىب الفقو الفرنسي المعاصر إلى توسيع سمطة السحب لتشمل السمطة الرئاسية بحيث
يعرفو األستاد موزالل بأنو :انياء رجعي لمقرار عن طريق مصدره أو السمطة الرئاسية.
9
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
في حين يرى كباغو بأنو :القرار الذي بموجبو تسعى السمطة اإلدارية إلنياء قرار سابق
بصورة رجعية.
أما فورجي فيرى بأن :السحب طريقة خاصة إلنياء القرار بأثر رجعي بإرادة مصدر القرار أو
سمطتو الرئاسية بالشروط التي حددىا القانون اإلداري.1
-2في الفقه العربي:
يعرف األستاذ محمد فؤاد عبد الباسط السحب عمى أنو :تجريد القرار من قوتو القانونية
اإللزامية ،ليس فقط بالنسبة آلثاره المستقبمية و إنما بالنسبة آلثاره في الماضي و المستقبل
السحب يمثل أحد اإلستثناءات التي ترد معا،بحيث يصبح الرار السحوب كأن لم يكن ،فقرار
عمى مبدأ عدم رجعية الق اررات اإلدارية.2
":السحب اإلداري لمق اررات اإلدارية غير وقد عرفو األستاذ عمار عوابدي عمى أنو
المشروعية بأثر رجعي ،كأنيا لم توجد اطالقا،فيو عممية قطع لجذوراآلثار القانونية لمق اررات
اإلدارية نيائيا،و تتم عممية السحب من طرف السمطات اإلدارية الوالئية و الرئاسية المختصة
في فصل المادة المقررة قانونا لعممية السحب".3
أما الدكتور عمار بوضياف فيعرفو بأنو ":يقصد بسمطة السحب حق اإلدارة في إعدام
ق ارراتيا بأثر رجعي من تاريخ صدورىا،و تعد في ىذه الحالة كأن لم تكن ".و بذلك يمتي السحب
مع اإللغاء القضائي كون أن كل منيما يسري عمى الماضي،فيعدم القاضي ساعة اصداره
وبالضرورة يسقط أيضا كل آثاره و توابعو،مع وجود فرق كبير باعتبار أن السمطة التي تمارس
اإللغاء القضائي ىي السمطة القضائية.4
1 - bounard. Rouger, Precis de droit administratif, librairie générale de droit, paris, 1943, p 257.
جامعة 8ماي - 2عقيمة بوحدية ،خديجة سعيدي ،نياية القرار اإلداري ،مذكرة ماستر ،كمية الحقوق و العموم سياسية،
،1945السنة الجامعية ،2016 ،2015ص .34 -33
- 3عمار عوابدي ،نظرية الق اررات اإل دارية بين عمم اإلدارة العامة و القانون اإلداري،دون ط ،دار ىومة ،الجزائر،2009،ص
.170
التوزيع،الجزائر ،2007 ،ص - 4عمار بوضياف ،القرار اإلداري ،دراسة تشريعية قضائية فقيية،ط أولى ،الجسور لمنشر و
.231
10
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
وغير بعيد عن ذلك يذىب األستاذ محمد الصغير ب عمي عمى أن السحب ىو " :اعدام
لمقرار و قمع جذوره ،حيث يزيل و يمحو جميع األثار التي كانت قد ترتبت عمى تنفيذ القرار
اإلداري المحسوب في الماضين كما يقضي عمى كل اثاره في المستقبل و من ثم غيو يتمتع
خالفا لإللغاء بأثر رجعي استناد من مبدأ عدم الرجعية .1
":السحب ىو أما الفقو المصري فقد ذىب الفقيو الدكتور سميمان محمد الطماوي إلى أن
عمى إلغاء بأثر رجعي " ،بحيث يتميز ىذا التعريف بالسيولة ،فيو يبين أن السحب ينطوي
جانبين ،يتمثل األول في إنياء الوجود المادي و القانوني لمقرار اإلداري،في حين يذىب الجانب
اآلخر إلى ازالة كل آثاره بالنسبة لمماضي و المستقبل ،فيعيد األوضاع أو المراكز القانونية إلى
ما كانت عميو قبل صدور القرار المسحوب.
و في تعريف آخر لمسحب ذىب الفقيو طعيمة الجرف إلى أن السحب ىو ":انياء أو تجريد
لمق اررات اإلدارية من قوتيا القانونية بالنسبة لمماضي و المستقبل بأثر رجعي ".2
ويتضح لنا من جميع التعريفات السابقة أنيا تتفق في مضمونيا و حتى و إن اختمفت في
ألفاظيا،فيي تمتقي في كون أن السحب ىو محو لمقرار اإلداري ،يترتب عميو الغاء كافة اآلثار
الناتجة عنو بالنسبة لمماضي و المستقبل ،و يعيد األوضاع إلى ما كانت عميو من قبل .
القرار وعموما فإن سحب اإلدارة لقرارىا إماأن يكون صريحا بقرار يصدر عنيا يسمى
"الساحب" ،أو قد تمجأ اإلدارة إلى سحب قرارىا ضمنيا ،بأن تتخذ مسمكا أو ق ار ار يفهم منو
رجوعيا عن قرارىا غير المشروع.
وسحب القرار اإلداري غير المشروع قد يكون كميا شامال كل محتواه،و قد يكون جزئيا
ينصب عمى بعض أجزائو ،بحيث ينصب أثر السحب عمى ذلك الجزء المسحوب فقط ،و في
ىذا تقول المحكمة اإلدارية العميا المصرية "يجب التفرقة بين سحب اإلدارة لمقرار الصادر منيا
كميا لتعيد إصداره عمى األساس القانوني السميم ،و في ىذه الحالة يصبح القرار المسحوب كأنو
- 1محمد الصغير بعمي ،الق اررات اإلدارية،دون طبعة ،دار النشر و التوزيع،الجزائر ،2005،ص .49
- 2سالم بن سممان الشكيمي ،نظرية سحب الق اررات اإلدارية ،نفس المرجع ،ص .49
11
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
لم يكن ،و تقوم اإلدارة ثانية في الوقت المناسب بإصدار القرار الجديد طبقا لألوضاع القانونية
الصحيحة التي أنشأىا ىذا القرار بما يترتب عمى ذلك من آثار و من تاريخ العمل بيذا القرار
الجديد و ليس من تاريخ سابق و بين سحب اإلدارة القرار جزئيا ،حيث يظل ىذا القرار قائما في
باقي أجزائو التي لم يتناوليا قرار السحب.1
و عميو فإن السحب اإلداري لمق اررات اإلدارية ىو أسموب أو تصرف قانوني من شأنو
إحداث تغيير في المراكز و المواضع القانونية في النظام القانوني القائم ،فالسحب اذن ىو
إنياء لمقرار اإلداري.
ثانيا:طبيعة سحب القرار اإلداري واألساس القانوني لذلك:
-1طبيعة سحب الق اررات اإلدارية:
من المسمم بو أن اإلدارة و ىي تمارس مختمف النشاطات تممك سمطة إصدار ق اررات
إدارية بقصد احداث أو تعديل أو الغاء مراكز قانونية محددة تحقيقا لمصالح العام ،و في المقابل
ألفراد ،و تجنبا لجموح اإلدارة و طغيانيا تعسفيا فإن المشرع حماية و حفاظا عمى حقوق ا
وفقدأعطى المشرع لذوي الشأن الحق في اإلعتراض عمى الق اررات اإلدارية المشوبة بعيب من
عيوب عدم المشروعية ،و قد حدد لذلك طريقتين ىما :التظمم اإلداري والطعن القضائي ،وىذا
2
ماسنوضحو فيما يمي:
أ-التظمم اإلداري:
يحق أل صحاب الشأن التظمم من الق اررات اإلدارية التي يعتقدون أنيا مشوبة بعيب من
عيوب عدم المشروعية ،سواء أمام مصدر القرار ،و يسمى التظمم الوالئي أو أمام السمطة
الرئاسية و يسمى التظمم الرئاسي.
فالتظمم أإلداري يقصد بو لجوء صاحب الشأن إلى الجية اإلدارية مصدرة القرار اإلداري
مدعيا عدم مشروعيتو طالبا إلغائو.
- 1سالم بن سممان الشكيمي،نظرية سحب الق اررات اإلدارية،نفس المرجع ،ص .50،51
- 2صالح حسين عمي العبد اهلل ،سمطة اإلدارة في سحب القرار اإلداري،المرجع السابق ،ص .22
12
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
و يمتاز ىذا الطريق أي التظمم اإلداري بالسيولةو اليسر فيو من جانب يجنب اإلدارة و
صاحب المصمحة اجراءات التقاضي من حيث أمدىا و تكاليفيا ،و من جانب آخر يؤدي إلى
سرعة استقرار المراكز القانونية الغير مستقرة.
والتظمم من الق اررات اإلدارية إما أن يكون تظمما وجوبيا يمزم صاحب الشأن بالولوج اليو
قبل رفع دعواه أمام القضاء ،و أما أن يكون اختياريا يقدر المجوء اليو أو عدم القيام بذلك .1
و تكمن أىمية التظمم اإلداري بالمحافظة عمى بقاء المدة المحددة لمطعن مفتوحة أمام األفراد،
إذ ال يفوت عمييم فرص الطعن أمام القضاء ،و ذلك من خالل قطعو لمدة التقادم ،باإلضافة
عمى ذلك فالتظمم يسيل عمى اإلدارة إختصار الكثير من اإلجراءات ،و يعمل عمى تخفيف
النفقات التي يتطمبيا المجوء إلى القضاء من دفع رسوم و مصاريف و غيره ،أي أن النزاع
ينتيي بطريق أيسر و أسىل.
والتظمم قد يكون اختياريا،كما ليس ثمة ما يمنع ان يكون التظمم وجوبيا عندما يمزم
القانون تقديمو إلى الجية اإلدارية صاحبة القرار ،و يترتب عمى إغفالة رفض قبول الدعوى .2
حيث قضت محكمة القضاء اإلداري بعدم قبول الدعوى شكال لعدم القيام بالتظمم قبل
رفعيا "و حيث أنو عن وجو الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم سابقة التظمم ،و خالفا لما ذىبت
اليو الدائرة اإلبتدائية فإن القرار المطعون فيو ال يعد من بين الق اررات التي ال يمكن سحبيا
9 ومن ثم فإنو يكون من الواجب التظمم منو قبل الطعن فيو لدى القضاء ،طبقاألحكام المادة
من قانون المحكمة".
ومن الميم اإلشارة في ىذا الصدد بأن العبرة في حالة تعدد أو تعاقب التظممات بالتظمم
األول وحده ،و ىذا ما ذىبت إليو محكمة القضاء اإلداري " و حيث أنو من المسمم بو أن التظمم
الذي أوجبو المشرع بنص المادة 9من قانون محكمة القضاء اإلداري المشار اليو لم يشترط
تقديمو في صيغة معينة ،إال أنو يجب لكي يحدث أثره أن يشير المتظمم فيو إلى القرار إشارة
- 1سالم بن سممان الشكيمي ،نظرية سحب الق اررات اإلدارية،نفس المرجع ،ص.58
- 2صالح حسين عمي العبد اهلل ،سمطة اإلدارةفي سحب القرار اإلداري ،نفس المرجع،ص .66
13
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
واضحة تنبىء عن عممو بصدوره و بفحواه خصوصا إذا لم يثبت سبق اخطاره بو .و حيث أنو
من المسمم بو أيضا أنو في حالة تعدد التظممات فإن العبرة في احتساب المواعيد انما يتم
انطالقا من التظمم األول".1
ب -الطعن القضائي:
القضاء اإلداري ىو الجية التي يمجأ الييا ذوي الشأن لمطعن في الق ارراإلداري لذا يمارس
القضاء سمطتو في مجال الرقابة عمى أعمال اإلدارة،و بإمكانو إلغاء ق ارراتيا متى انتيى إلى
نتيجة أنيا مشوبة بعيب عدم المشروعية .
وباختصار فإ ن الطعن القضائي ىو الطريق أمام صاحب الشأن ،فيي دعوى قضائية
يرفعيا صاحب الشأن إلى القضاء اإلداري طالبا فييا الغاء قرار اداري صدر مخالفا لمقواعد
القانونية النافذة.
و يتضح بأنيا دعوى مشروعية تيدف إلى بعث مشروعية القرار أمام القضاء،يطمب
الحكم بالغاء قرار إداري غير مشروع و آثاره القانونية من وقت نشأتو و زوال آثاره بأثر رجعي
نو يكفي لقبول ىذه الدعوى ان تتوافر مصمحة شخصية في رافعياو لو لم يكن صاحب حق
وبالرغم من اإلجراءات الطويمة و المعقدة إال أنيا تكفل ضمان حماية حقوق األفراد و حرياتيم
ضد تعسف اإلدارة.
وعميو فإن الرقابة القضائية ىي أسموب لتحقيق التوازن بين تمكين اإلدارة من تسيير
مرافقيا بما يحقق المصمحة العامة و بين حماية حقوق و حريات األفراد .
وأيا كان لذوي الضأن الحق في اإلختياربين الطريق القضائي و اإلداري ،و ذلك فيما
عدا ما نص عميو المشرع عمى جعل المجوء إلى التظ لم اإلداري وجوبيا ،أما اذا سمك صاحب
المصمحة الطريق اإلداري-التظمم اإلداري-و لكنو لم يحصل عمى حقو ،و أشارت الجية اإلدارية
إلى وجية نظرىا و اعتبرت ان قرارىا مطابق مع صحيح القانون ،فإن لو الحق في أن يسمك
الطريق القضائي طالبا الحكم لو.
- 1سالم بن سممان الشكيمي ،نظرية سحب الق اررات اإلدارية،نفس المرجع ،ص .60
14
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
وترتيبا عمى ذلك فإن طبيع ة سحب القرار اإلداري ىي طبيعة إدارية ،فقرار السحب ما
ىو إال قرار إداري يخضع و بصفة عامة إلى ما تخضع لو الق اررات اإلدارية من أحكام ن
فالقرار المسحوب إذا كان سميما ال يجوز الرجوع فيو،إال طبقا لما ىو مقرر ،و أما اذا كان
غير مشروع فإنو ال يمكن الرجوع فيو إال خالل مدة الطعن.1
وىو ما استقر عميو الفقو في كل من فرنسا و مصر ،و ذلك عمى خالف األحكام
القضائية التي تتمتع بحجية الشيء المقضي بو ،و التي ال يجوز الطعن فييا إال وفقا لمطرق
التي حددىا القانون لمطعن في األحكام القضائية .
األصل ان الحكم القضائي ىو الذي يكتسب ح جية الشيء المقضي بو ،و ىذه صفة
جوىرية تتصل باألحكام القضائية وحدىا ،أما ق اررات السحب الصادرة من اإلدارة ،فيي ق اررات
إدارية و ليست ق اررات قضائية ،و يرجع ذلك إلى اإلختالف في وظيفة كل من اقرار اإلداري
2
والحكم القضائي.
وعميو فإن السحب ما ىو إال قرار إداري ينط بق عمى كافة الق اررات افدارية و ىذا ما
اشار إليو الدكتور سميمان الطماوي بقولو ":إن السحب اإلداري يتم بقرار إداري يخضع لكافة
القواعد و الحكام المنظمة لمق اررات اإلدارية ،فالقرار المسحوب إذا كان سميما ال يجوز الرجوع
فيو إال وفقا لمحدود المقررة في ىذا الخصوص ،فإذا كان غير مشروع فإنو ال يمكن الرجوع فيو
3
اال في خالل مدد الطعن".
-2األساس القانوني لحق اإلدارة في السحب:
لم يعد حق اإلدارة في سحب الق اررات اإلدارية المعيبة محل خالف ،فمن دواعي
تصرفاتيا المصمحة العامة أن تصمح اإلدارة ما أفسدتو بخروجيا عمى مبدأ المشروعية ،و رد
إلى نطاق القانون إال أن الخالف بقي قائما حول التبرير أو األساس القانوني الذي يعطي
اإلدارة حقسحب ق ارراتيا المخالفة لمقانون .
- 1العبداهلل ،صالح حسين عمي ،سمطة اإلدارة في سحب القرار اإلداري ،المرجع نفسو ،ص .68،69
- 2المرجع أعاله ،ص.69
- 3سميمان محمد الطماوي ،الوجيز في القانون اإلداري،1974 ،ص .782
15
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
تداعت عدة نظريات فقيية لتبرير حق اإلدارة في سحب الق اررات غير المشروعة ،و مع
ىذا فإن حديثنا يقتصر عمى نظريتين ىما نظرية الم صمحة اإلجتماعية و نظرية احترام مبدأ
1
المشروعية.
أوال :مبدا المشروعية :
إن مبدأ المشروعية أو ما يسمى بمبدأ سيادة القانون ىو عماد الدولة الحديثة ،وأساس
بنائيا و تنظيميا ،إذ ال يمكن أن يتصور في عصرنا الحالي وجود دولة ال تتبنى مبدأ
المشروعية ،و يعني مبدأ ال مشروعية بمعناه الضيق في مجال القانون اإلداري أن تكون
تصرفات اإلدارة في حدود القانون بمعناه الواسع الذي ال يشمل جميع القواعد العامة أيا كان
شكميا .
ويترتب عمى مخالفة مبدأ المشروعية اإلدارية بطالن التصرفات اإلدارية المخالفة
وإعتبارىا باطمة و معدومة وفقا لمد ى جسامة المخالفة ،فكل عمل او تصرف تأتيو اإلدارة
مخالف لمقانون أو ليس لو أساس قانوني يعد غير مشروع و يكون محل لمطعن فيو أمام
2
الجيات المختصة بواسطة الطعون اإلدارية و القضائية.
فسحب الق اررات يمثل جزاء لعدم المشروعية ،فتقوم اإلدارة بو ،و ذلك متى أدركت بنفسو ا
وجو عدم المشروعية فييا ،وذلك احترامالسيادة القانون ،و يتزعم ىذه النظرية الفقيو الفرنسي
ديجي الذي يرى أن األساس القانوني لحق اإلدارة في سحب ق ارراتيا المعيبة يستند إلى مبدأ
المشروعية ،و ىذا المبدأ يجب أن يييمن عمى كافة تصرفاتيا ،فإذا ما خرجت افدارة عن طريق
القانون و ىي تصدر ق ارراتيا ،وجب عمييا الرجوع في ق ارراتيا التي تعد مخالفة لمقانون ،و
تستطيع أن تفعل ذلك في أي وقت كان .3
- 1سالم بن سممان الشكيمي ،نظرية سحب الق اررات اإلدارية ،نفس المرجع ،ص .63
،2009ص - 2عمار عوايدي ،نظرية الق اررات اإلدارية بين عمم اإلدارة العامة و القانون اإلداري ،دار ىومة ،الجزائر،
.163
- 3سالم بن سممان الشكيمي ،نظرية سحب الق اررات اإلدارية ،نفس المرجع ،ص.66
16
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
فعممية سحب القق اررات اإلدارية حق أصيل و ثابت مقرر لمسمطات اإلدارية و الوالئية و
الرئاسية المختصة ن أي النظام اإلداري لمدولة لممارسة ال تزاماتيا في مراقبة و مالئمة أعماليا
و تعديميا و الغائيا لمقتضيات و متطمبات و قواعد الشرعية القانونية .
ثانيا:نظرية المصمحة اإلجتماعية:
األصل ىو احترام الحقوق المكتسبة فيذا ما يستمزمو الصالح العام ،إذ ليس من العدل
أن تيدر الحقوق ،كما ال يتفقمع المصمحة العامة ،و ما ىو متفق عميو أن القرار اإلداري غير
المشروع من حيث طبيعتو القانونية ،أنو قرار إداري يخضع لما تخضع لو تمك الق اررات اإلدارية
من أحكام ،ومن ثم يجوز لمجية اإلدارية سحبو .1
و من ذلك و ان كان من حق اإلدارة سحب ق ارراتيا فإن ىذا الحق ليس مطمقا بل ىو
مقيد بقيد ين ،أحدىما يتعمق بالقرار المطموب سحبو ،أما القيد الثاني فإنو يتعمق بالمدة التي
يجوز فييا السحب ،فسمطة السحب بالنسبة لإلدارة يفرضيا مبدأ المشروعية ،و ىذاه السمطة
ليا آثار خطيرة عمى مراكز األفراد المعنيين بالقرار اإلداري ،ينبغغي أن تمارس خالل مدة زمنية
معينة ان تجاوزتيا اكتسب القرار حصانة ضد السحب .2
و بالتالي و حسب ما ذىب اليو الفقو و القضاء المصريين عمى اعتبار الق ار اإلداري
الموصوم بعدم المشروعية يتحصن من السحب أو اإللغاء بمرور مدد الطعن القضائي ،اذا لم
يقم ذوي الشأن بالطعن عميو حيث يصبح ىذا القرار ال يقال مشروعا ،و إنماحيا بحكم الواقع
بيدف توفير الحماية القانونية لممراكز القانونية لألفراد .
ويبدو أن نظرية المصمحة اإلجتماعية القت تأييدا و قبوال من جانب القضاء و حتى
الفقو ،مغمبين مبدأ استقرار المراكز القانونية عمى مبدأ المشروعية و احترام القانون بيدف كفالة
- 1العبداهلل ،صالح حسين عمي ،سمطة اإلدارة في سحب القرار اإلداري ،المرجع سابق ،ص .70
،2014-2013 - 2نبيل عبو ،الية سحب القرار اإلدارة ،مذكرة ماستر ،كمية الحقوق و العموم السياسية ،جامعة بسكرة،
ص.17
17
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
سير المرافق استقرار الحقوق و توفير اإلستقرار لممراكز القانونية ،ىذا باإلضافة إلى حسن
العامة بإنتظام.1
وعميو يمكننا القول أن ذلك ما يفرض تقييد سمطة السحب من حيث الزمن ،فيتم اعطاء
اإلدارة زمنا معينا لممارسة ىذه السمطة.
الفرع الثاني :نطاق سحب القرار اإلداري.
تقوم اإلدارة اثناء ممارستيا لمختمف انشطتيا بق اررات إدارية عديدة ،و األصل أنيا
تيدف إلى تحقيق المنفعة العامة ،و ىذه الق ارراتالتي تصدرىا اإلدارة يمكن أن يكون بعضا منيا
سميما و متفق مع مبدأ المشروعية ،في حيننجد البعض منيا غير سميم ن و بالتالي يكون
2
مخالفا لم بدأ المشروعية.
و من ىنا نجد كأصل عام أن لإلدارة الحق في سحب الق اررات اإلدارية المعيبة ،كما
يحق ليا كاستثناء عن األصل العام سحب بعض الق اررات السميمة التي صدرت متفقة و مطابقة
ألحكام القانون.
أوال:سحب الق اررات اإلدارية السميمة:
القاعدة العامة في القانون اإل داري أنو ال يجوز لإلدارة أن تسحب ما يصدر عنيا من ق اررات
إدارية سميمة أو مشروعة تأسيسا عمى قاعدة عدم رجعية الق اررات اإلدارية،سواء تعمق األمر
بقرار فردي أو تنظيمي ،و السبب في عدم جواز سحب اإلدارةلق ارراتيا المشروعة ىو ضمان
استقرار المراكز القانونية.3
وذىب العميد الطماوي في تأصيل ىذه القاعدة إلى القول أن القرار اإلداري السميم ال
يمكن سحبو تاسيساعمى مبدا عدم رجعية الق اررات اإلدارية ،وذلك أن القرار الساحب فيما أبيح
لو سحب الق اررات اإلدارية السميمة سيكون رجعيا من حيث آثار المسحوب من تاريخ صدور
- 1سالم بن سممان الشكيمي ،نظرية سحب الق اررات اإلدارية ،مرجع نفسو ،ص .65 ،64
- 2المرجع أعاله ،ص .68
- 3عبد العزيز عبد المنعم خميفة ،الق اررات اإلدارية في الفقو و قضاء مجمس الدولة ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية،2007 ،
ص.254
18
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
ىذا القرار األخير ،و ليس ىناك سبب واضح و معقول لتحريم الرجعية في حالة الق اررات
التي تنشأ مراكز قانونية و اباحتيا بالنسبة إلى الق اررات التي تمغي مراكز قانونية.1
و قد استقر الفقو و القضاء في فرنسا و مصر عمى أن القرار اإلداري السميم ال يمكن
سحبو تأسيسا عمى مبدأ عدم رجعية القرار ات اإلدارية ،و كاستثناء عن األصل العام الذي ال
يمكن من خاللو سحب الق اررات اإلدارية السميمة ،فانو خرج استثناء عن ىذا األصل ،في عدة
مواضيع اجاز سحبيا رغم أنيا مشروعة و ىي :
أ -سحب الق اررات اإلدارية السميمة المتعمقة بفصل الموظفين :
أجاز القضاء سحب الق اررات ا إلداريةالسميمة التي صدرت عنيا ،و المتعمقة بفصل
الموظفين،و ذلك إلعتبارات تتعمق بالعدالة عن من صدرت ضدىم ،إذ أن إعادة تعيين الموظف
الذي سبق فصمو قد يكون صعبا بسبب شروط و إجراءات التعيين،كما أن التعيين الجديد قد
يضر بالموظف من ناحية أقدميتو .لذا يكون من السيل لإلدارة سحب قرار الفصل ،و بالتالي
يستمر الموظف في وظيفتو،إال أن جواز سحب ىذا القرار يشترط عدم تعيين موظف آخر مكان
الموظف المفصول حتى ال يتم المساس بحقوق الموظف الجديد .2
و بمقتضى المرسوم التنفيذي رقم 127-90المؤرخ في 1990/05/15الذي يضبط
كيفيات التعيين في بعض الوظائف المدنية لمدولة المصنفة وظائف عميا ،فإنو يتناول في
مادتو 31مايمي":إذا أنييت ميام عامل يمارس وظيفة عميا بسبب خطأ ارتكبو اعيد ادماجو في
رتبتو األصمية و لو كان زائدا عمى العدد المطموب ،دون المساس عند اإلقتضاء بالعقوبات
التأديبية او الجزائيةالتي ينص عمييا التشريع الجاري ".3
- 1سميمان محمد الطماوي ،النظرية العامة لمق اررات اإلدارية دراسة مقارنة ،الطبعة ،5دار الفكر العربي ،القاىرة،2007 ،
ص .656
- 2سالم بن سممان الشكيمي ،نظرية سحب الق اررات اإلدارية،نفس المرجع ،ص.74
- 3وابل رشيد ،بالعروسي أحمد التجاني ،قانون الوظيف العمومي ،دار ىومة ،بوزريعة،2003 ،ص.44
19
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
و بالنسبة لإلستقالة فإنياال تقاس عمى الفصل ،ألن اإلستقالة تصرف ارادي من جانب
الموظف ،و القرار الصادر بقبوليا يختمف عن قرار الفصل كجزاء تاديبي يكون باإلرادة المنفردة
لإلدارة.
و بالتالي فإن إعادة الموظف المفصول إلى الخدمة انما يع د استثناء من األصل العام ن
فال يجوز التوسع فيو و قياس اإلستقالة عميو.
ب -سحب الق اررات اإلدارية التي ال تولدحقوقا:
ميما كان األمر فإن القرار اإلداري ينشىء حقوقا بمجرد توقيعو أو اصداره ،و بالتالي
فالق اررات اإلدارية الفردية المشروعة تولد حقا بالمعنى الواسع ،ذ لك أن القضاء اإلداريالفرنسي
خاصة ،قد استند إلى فكرة الحقوق المكتسبة لألفراد ،ليجيز سحب بعض ىذه الق اررات فطالما
غابت ىذه الحقوق ،فإن اإلدارة حرة في سحب ق ارراتيا في أي وقت كان.
واما فقيا فإن الفقيو لويس لوكا يقول ":أن القرار الفردي إذا لم يولد حقوقا يمكن سح بو في
1
كل وقت دون النظر فيما إذا كان ىذا القرار مشروعا ام ال.
و ىنا نرجع إلى القاعدة المستقر عمييا و التي تجعل من السحب يقتصر عمى الق اررات
المعيبة ،أما الق اررات السميمة فيمتنع عمى اإلدارة سحبيا ،إال إذا كانت ال تولد حقوقا لألفراد،
فينا يجوز لإلدارة أن تقوم بسحبيا في أي وقت سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة .
ج-سحب الق اررات التنظيمية:
تتضمن المواح قواعد عامةو مجردة ،تنشيء مراكز قانونية عامة ،بحيث أنيا ال تكسب
األفراد حوا مباشرة و شخصية إال إذا تم تطبيقيا بصورة فردية .
سحبيا لمق اررات التنظيمية ،فاتجاه يرى عدم و قد اختمف الفقو حول مدى سمطة اإلدارة في
جواز سحب الق اررات التنظيمية من طرف اإلدارة ،في حين ذىب اتجاه آخر إلى حق اإلدارة
في سحب ىذه الق اررات.
- 1صالح حسين عمي عبد اهلل ،سمطة اإلدارة في سحب القرار اإلداري ،مرجع
سابق ،ص105
20
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
ومن المسمم بو في القانون اإلداري أن اإلدارة ليا الحق في تعديل أو الغاء ق ارراتيا
التنظيمية ،و ذلك دون التقيد بميعاد ،فقد استقر الفقو و القضاء في كل من فرنسا و حتى مصر
عمى تأكيد تمك القاعدة باعتبار أن الق اررات التنظيمية ال تكسب حقوقا شخصية لألفراد بل
تنشيء مراكز قانونية عامة.
و عميو ،فإن الموائح اإلدارية يجوز في كل وقت لإلدارة أن تعدليا أو تمغييا أو تسنبدل
بيا غيرىا.1
ومن تطبيقات القضاء اإلداري الجزائري نتطرق إلى :
2
قضية (ب،ع) ضد والي والية الجزائر و (ر،م،ش) البمدي القبة،و قرار رقم 294325
صحيح انشاء حقوق لمغير -سحبو أو الذي جاء في موضوعو الطعن ببطالن قرار إداري –
الغائو ،تجاوز السمطة.3
من المقرر قانونا استحالة سحب الق رار اإلداري الصحيح الذي تتخذه السمطة ،و يكون
منشا لحقوق ،ومن ثم فإن القرار البمدي الممغي لرخصة البناء بمجرد اإلدعاء بوجود نزاع في
الممكية ،يعد ق ار ار مشوبا بتجاوز السمطة.
ثانيا:سحب الق اررات اإلدارية المعيبة:
إن ارادة األدارة مقيدة فيما تعمق بسحب ق ارراتيا ا لمشروعة ألسباب سبق اإلشارة الييا،
فإنيا و خالف ذلك ،فإلدارة تممك كأصل عام وضمن ضوابط وحدود معينة ،سحب الق اررات
الغير مشروعة ،و يعود التأصيل الفقيي والقانوني لحق اإلدارة في سحب ق ارراتيا الغير
مشروعة.بإعتبار أنو يمكن أن يقع من يشرف عمى سمطة التسيير في أخطاء تكون غير مطابقة
لمقانون ،ومن ىنا وجب أن يتم اإلعتراف لإلدارة بحقيا في سحب قرارىا غير المشروع،و ذلك
من أجل تصحيح الوضع و ارجاع الحالة إلى ما كانت عميو قبل اإلصدار .
- 1سميمان محمد الطماوي ،النظرية العامة لمق اررات اإلدالرية ،مرجع سابقن ص .861
- 2المجمس األعمى ،الغرفة اإلدارية ،قرار رقم 29432بتاريخ ( ،1982/11/27المجمة القضائية) العدد األول،1990 ،
ص .188
- 3شريف يوسف حممي خاطر ،القرار اإلداري -دراسة مقارنة -دار النيضة العربية ،القاىرة ،2007ص .144
21
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
ويقصد بالقرار غير المشروع ذلك القرار الذي قد يصطدم مع تشريع أو تنظيم قائم بحيث
يخالف فيو رجل اإلدارة نصا منا بقصد أو بغير قصد ،وىنا من حيث األصل وجب أن يختفي
القرار عمى الساحة القانونية لمخالفتو لتشريع أو تنظيم قائم ،وتعد الجية افدارية ىي الجية
األحق باعدام القرار.1
وما تجدر اإلشارة اليو أن سمطةاإلدارة في سحب قرارىا الباطل ليست مطمقة اذ يمتن ع
عمييا اعادة النظر في قرارىا حال استنفادىا لوالية اصداره ،أو لعدم وجود سمطة رئاسية ،تقوم
أو تممك التعقيب عمى الجية اإلدارية التي أصدرتو .2
فإن سحب اإلدارة لق ارراتيا غير المشروعة مقيدة بالميعاد المحدد لمطعن قضاء باإللغاء
في ىذه الق اررات و تبرير ذلك أن انق ضاء ىذا الميعاد،ستون يوما في مصر وأربعة أشير في
كل من الجزائر و فرنسا ،يضفي عمى القرار طابعا نيائيا ،ال لممساس بو ،ويصير مصدرايعتد
بو شرعا لمراكز قانونية صحيحة.ولحقوق مكتسبة لذوي المصمحة فيو ،وىذا ما تفرضو ضرورة
التوفيق بين حق اإلدارة المسمم بو في إصالح م ا ينطوي عميو قرارىا مخالفة قانونية ووجوب
استقرار األوضاع القانونية المترتبة عمى ىذا القرار.
2001/10/26عمى وىذا ما قضى بو مجمس الدولة الفرنسي في ق ارره الصادر في
أن":اإلدارة ال يمكن ليا سحب الق اررات الفردية الصريحة المنشئة لمحقوق إذا كانت غير
مشروعة ،إال إذا نصت األحكام التشريعية والتنظيمية عمى خالف ذلك،أو بطمب من
المستفيد،مع عدم المساس بالحقوق المكتسبة لمطرف الثالث (الغير) ،ويمكن سحب القرار في
مدة أربعة أشير التالية من إتخاذ القرار".
وفي قرار آخر صادر عن مجمس الدولة الفرنسي بتاريخ 2009/3/6لو نفس المعنى.
22
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
2007/12/21بأن ":ال يمكن وقضى مجمس الدولة الفرنسي في ق ارره الصادر في
4اشير لإلدارة سحب قرار إداري فردي منشيء لمحقوق ،إذا كان غير مشروع إال في مدة
التالية ليذا القرار".
2007/01/24 وىذا ما ذىب اليو مجمس الدولة المصري في الفتوى الصادرة في
بأن":ما استقر عميو افتاء وقضاء مجمس الدولة من أن القرار اإلداري الذي يولد حقا أو ينشيء
مرك از ذاتيا ،ال يجوز سحبو من الجية التي أصدرتو خالل الميعاد المقرر لمسحب ،وىو ستون
يوما من تاريخ صدوره ،إذ بفوات الميعاد يتحصن القرار ضد السحب ،ميما كان وجو مخالفة
القانون في شأنو ،طالما لم تنحدر المخالفة العالقة بو إلى حداإلنعدام.
وىذا ما ذىبت اليو المحكمة العميا السورية أيضا في حكم ليا .1
الفرع الثالث :شروط سحب الق اررات اإلدارية:
يعد القرار اإلداري من أىم الوسائل القانونية التي منحيا المشرع لإلدارة من أجل القيام
بوظائفيا تحقيقا لممصمحة 2العامة،وقد منح المشرع لمجية اإلدارية الحق في سحب ق ارراتيا غير
المشروعة لتتفق والقانون،ونظ ار لخطورة عممية السحب عمى استقرار المعامالت واألعمال
اإلدارية فإنيا مقيدة بحممة من الشروط والتي من دونيا ال يمكن ان تتم عممية سحب ىذه
الق اررات :
اوال :شرط عدم مشروعية القرار اإلداري:
انو من واجب اإلدارة ان تسحب ق ارراتيا التي تكون مشوبة بأحد العيوب التي تصيب
القرار اإلداري ،مما تجعمو غير مشروع ،وتؤدي بالتاليإلى الحكم بسحبو .
و سنتطرق ليا من خالل تبيان أوجو عدم مشروعية القرار اإلداري :
- 1نجم عميوى خمف ،مبدأ عدم الرجعية في الق اررات اإلدارية ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية ،2016 ،ص ،202 ،200
.203
- 2عمار بوضياف ،القرار اإلداري دراسة تشريعية وفقيية ،الجسور لمنشر و التوزيع ،طبعة أولى ،الجزائر ،2007 ،ص .5
23
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
- 1محمد الصغير بعمي ،المحاكم اإلدارية (الغرفة اإلدارية) ،دار العموم لمنشر و التوزيع ،عنابة ،2004 ،ص .67
- 2مجمس الدولة ،قرار رقم ،3408بتاريخ ( ،2001/11/06مجمة مجمس الدولة ،العدد األول ،2002ص .139
24
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
"تدور وقائع القضية محل ىذا القرار القضائي أن بمدية قسنطينة أصدرت قرار ىدم
مباني لعدم حصول المعني عمى رخصة البناء ،وحيث أن المعني باألمر دفع بأنو مرخص لو
بالبناء بوجب قرار صادر عن والي والية قسنطينة مؤرخ في 1990/04/18و أنو أودع ممف
رخصة البناء عمى مستوى البمدية ولم ترد عميو ،ومن ثم طالب بتعويضات ناتجة عن تطبيق
قرار اليدم.
وحيث تبين لم جمس الدولة بعد دراستو لمجموع الوثائق الواردة في الممف أن مديرية
المنشآت والتجييز لوالية قسنطينة رخصت لممعني بأن يدمج بناءه مع الطريق الوطني رقم
،5وأن ىذا القرار ال يعد رخصة بناء ،واعترف مجمس الدولة في ذات القضية أنو من
صالحيات رئيس المجمس البمدي إصدار رخصة البناء.
وبناء عميو طبق مجمس الدولة في القضية المذكورة ركن عدم اإلختصاص الموضوعي
في القرار اإلداري.
ب -عيب عدم اإلختصاص الزمني:
باعتبار أن ممارسةاإلختصاصات الوظيفية ليس بصورة دائمة ،وانما موقوف بمدة بقاء
انتيت صمتو بالوظيفة التي تخول الموظف في الوظيفة فإنو يقع باطالكل قرار أصده من
لشاغميا إصدار ىذا القرار.1
ومن تطبيقات القضاء اإلداري الجزائري نشير إلى:
-قرار مجمس الدولة ،الغرفة الثالثة ،بتاريخ 2003/02/25قضية س ضد مدير التربية لوالية
سطيف رقم.27462
إذا عدنا لمجريات ىذه القضية نجدىا تنحصر في إصدار ق ار ر تأديبي (العزل) في حق
موظفة تتمتع بعطمة شرعية ثابتة بوثائق طبية و مؤشر عميو ا من الصندوق الوطني لمتأمينات
اإلجتماعية.
- 1عبد العزيز عبد المنعم خميفة ،اإلنياء األداري لمق اررات اإلدارية ،مرجع سابق،ص .20
- 2مجمس الدولة قرار رقم 7462بتاريخ ( ،2003/02/25مجلة مجمس الدولة) العدد األول ،2002 ،ص .166
25
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
ففي ىذه القضية يمكنناإثارةركن اإلختصاص الزمني في القرار اإلداري،فال يجوز لإلدارة
غصدار قرار تأديبي في زمن يتمتع فيو الموظف بعطلة قانونية
ج -عيب عدم اإلختصاص المكاني:
األصل أن الموظف يقوم بميامو داخل اقميمو المحدد قانونا ،وان ما يصدر منو من
ق اررات ىي ممزمة فقط وبقوة القانون ألفرادإقميمو ،وبمفيوم المخالفة فمن ىم خارج اإلقميم ليسوا
معنيين بتمك الق اررات.1
-2عيب الشكل و اإلجراءات:
في زمن يتمتع فيو الموظف بعطمة قانونية .
-2عيب الشكل و اإلجراءات:
األصل ىو عدم التزام اإلدارة بشكل أو إجراءات معينة فيما تصدره من ق اررات إدارية،
إال أنو كاستثناء فإن القرار اإلداري يكون باطال لو وقع في عيب الشكل واإلجراءات أثناء
إصداره في حالتين :فاألولى إذا استمزم المش رع شكال معينا إلصدار القرار وأغفمت اإلدارة
استيفاءىذا الشكل ،والثانية إذا كان الشكل الذي أغفمتو اإلدارة جوىريا بطبيعتو فمن حاالت
عيب الشكل نذكر:
ا-عدم تسبيب الق اررات اإلدارية :لقد استقرلدى الفقو والقضاء في فرنسا أن اإلدارة ليست
ممزمة بتعديل ق ارراتيا ،أي عدم ذكر الحالة المادية والواقعية وراء إتخاذ القرار.2
ب -عدم إحترام قواعد اإلمضاء والتصديق :القاعدة العامة في القرار اإلداري المكتوب أن
يكون موقعا من الجية المختصة ،سواء ورد ىذا اإلجراء في نص قانوني أو لم يرد ،وذلك
ي كوسائل إثبات .
إلضفاء المزيد من المصداقية عمى الوثائق اإلدار ة
أما من حاالت عيب اإلجراءات فنتطرق لمحاالت التالية :
- 1عبد الممك بوضياف" ،ضوابط السمطة اإلدارية في سحب ق ارراتيا " ،مذكرة ماجستير ،غير منشورة كمية الحقوق و العموم
السياسية ،جامعة بسكرة ،2008-2007 ،ص .75
- 2مرجع نفسو ،ص .81
26
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
-1اإلستشارة :يعتبر اإلجراء اإلستشاري أىم اجراءات القرار اإلداري ،ولطمب اإلستشارة
صورتين ،إما يكون الزاميا و إما يكون إختياريا .
حقوق الدفاع:وىو المبدأ القانوني الذي تمتزم بو اإلدارة لدى اصدارىا قرارىا ،سواء ورد بو نص
أو لم يرد ،ويظير ىذا اإلجراء خاصة في مجال التأديب أو مجال الضبط اإلداري .
وىذا ما ذىب اليو القضاء اإلداري الجزائري في قرار لمجمس الدولة،الغرفة الثانية ،بتاريخ
، 2002/07/22رقم الممف ،005485محافظ الغابات بقالمة ضد (ب،ر) منشور بمجمة
1
مجمس الدولة.
27
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
يكون ىدفيا حماية النظام العام بعناصره الثالث من سكينة العامة األمن والصحة المشروعةمع
ما يترتبو قرار السحب من إزالة آلثارالقرار بالنسبة لمماضي ،دون اإلكتراث باإلدعاء.
تممك اإلدارةحق سحب الق اررات اإلدارية الفرديةغير بأن من شأن ذلك المساس بالحقوق
المكتسبة التي ولدىا القرار المسحوب.
واذا كان من الجائز لإلدارة سحب قرارىاالفردي غير المشروع في خالل مدة ستين يوما من
تاريخ صدوره ،فإن حقيا في سحب الق اررات اإلدارية التنظيميةغير محدد بموعد ،حيث يجوز
ليا مباشرة ىذا اإلجراء في أي وقت كان .1
- 1عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،األسس العامة لمق اررات اإلدارية ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،ص.302 ،301
28
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
األول أي السمطة الوالئية ،أو سمطة أعمى منيا أي السمطة الرئاسية ،وىذا يعد شرطا معقوال،إذ
1
أن قواعد اإلختصاص الموضوعي في أداء العمل اإلداري مطموب في كل عممية إدارية .
وبالتالي فإن السمطة المختصة بإصدار القرار اإلداري ىي ال تي تختص بسحب ىذا
القرار حتى ولو صدر عن السمطة الرئاسية ،ليامادامت تمك السمطة غير مختصة بإصداره،
حيث أن من صور عدم اإلختصاص في صورتو البسيطة ،أن تعتدي سمطة رئاسية عمى
إختصاص مقرر لسمطة مرؤوسو ليا،وذلك وفق ما تم تناولو في موضعو من ىذا البحث .2
المطمب الثاني :ميعاد سحب القرار اإلداري و اإلستثناءات الواردة عميه
محافظة عمى استقرار المراكز القانونية التي ولدىا القرار اإلداري ،فإن حق اإلدارة في سحبو
محدد بمدة معينة ،يستثنى منيا طائفة من الق اررات ،حيث يجوز لإلدارة سحبيا دون التقيد
بميعادإلنتفاء مبرره،وذلك ما سنتطرق إليو فيما يمي:
الفرع األول:ميعاد سحب الق اررات اإلدارية:
كقاعدة عامة فإن سحب اإلدارة لق ارراتيا يتقيد بميعاد يقع قرار السحب باطال حال وقوعو
بعد انقضائو،وذلك تحقيقا لممصمحة العامة ،والتي ألجميا منحت اإلدارة سمطة سحب ما
أصدرتو من ق اررات .
فباعتبار أن المصمحة العامة تستوجب عدم تستر اإلدارة عمى ق ارراتيا غير المشروعة
.إال أن تحقيق تمك المصمحة يستوجب أيضا استقرار المراكز عند إكتشافيا لذلك
القانونيةالمكتسبة من تمك الق اررات ،بحيث ال يجوز المساس بيا بعد مضي مدة معينة بقرار
إداري ساحب ،وذلك بتقرير ميعاد إلصدار ىذا القرار ،وحتى ال يظل حق إصداره مطمقا لإلدارة
3
عمى نحو ييدد الحقوق المكتسبة .
و عميو وجب عند النظر لسمطة السحب مراعاة مبدأين ىما مبدأ المشروعيةمن جية و
مبدأ ىام وىو استقرار الحقوق والمراكز القانونية ،وأن يتم التوازن بينيما،وذلك ما يفرض تقييد
- 1عمار بوضياف ،القرار اإلداري ،دراسة تشريعية فضائية فقيية ،مرجع سابق ،ص .243 ،242
- 2العزيز عبد المنعم خميفة ،اإلنياء اإلداري لمق اررات اإلدارية ،نفس المرجع ،ص .63
- 3المرجع أعاله ،ص.72،73
29
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
ىذه السمطة ،وىذا الزمن سمطة السحب من حيث ا لزمن فنعطي لإلدارة زمنا معينا لممارسة
ينبغي اال يطول ذلك أن تمكين اإلدارة من سحب ق ارراتيا ولو بعد سنة واحدة سينجم عنو
المساس بالحقوق المكتسبة والمراكز القانونية الناتجة عن تنفيذ القرار غير المشروع .
وبالتالي فقد استقر فقيا وقضاء أن الم دة القانونية المخولة لجية اإلدارة لسحب قرارىا
ىي ذات المدة الممنوحة لمقضاء إللغاءالقرار اإلداري.1
أوال:بدء ميعاد سحب القرار اإلداري:
يسري ميعاد سحب الق اررات اإلدارية المعيبة بنفس األسباب التي يبدأ بيا الطعن
القضائي وذلك من خالل النشر بالنسبة لمق اررات التن ظيمية ،أو إعالن صاحب الشأن بالنسبة
لمق اررات الفردية ،أو بالعمم اليقيني ،وكماىو مالحظ فإن السحب مرتبط ارتباطا وثيقا بميعاد
الطعن القضائي ،بل أنو يدور معو وجودا وعدما ،وعمى ذلك فإن مدة السحب ال ترتبط بتاريخ
نو ،إذا مضى وقت بين اإلصدار اصدار القرار ،فقد يكون مطابقا لو ،وقد يكون منفصال ع
2
وعمم ذوي الشأن بو.
وعميو ،فمدة السحب في القانون الجزائري ىي ذاتيا مدة الطعن باإللغاء والمقدرة في
قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية بأربعة أشير ،حسب المادة 829والتي تنص عمى:
"يحدد أجل الطعن أمام المحكمة اإلدارية بأربعة أشير ،ي سري من تاريخ التبميغ الشخصي
بنسخة من القرار الفردي ،أو من تاريخ نشر القرار اإلداري الجماعي أو التنظيمي "
وىذا ما ذىب اليو قضاء مجمس الدولة الجزائري في القرار رقم 880355الصادر بتاريخ
2000/10/23في قضية (ب-ع) ضد المدير العام لألمن الوطني،إذ اعتبروا كل الطعون
الواردة خارج اآلجال القانونية المحددة في قانون اإلجراءات المدنية غير مقبولة شكال ،وبالتالي
3
. ال جدوى من فحص الدفوع األخرىأو اإللتفاف إلييا
وفي اطار القاعدة العامة،فإنو يراعي عند احتساب مواعيد السحب مايمي :
- 1عمار بوضياف ،القرار اإلداري ،دراسة تشريعية فضائية فقيية ،مرجع نفسو ،ص .238 ،237
- 2سالم بن سممان الشكيمي ،نظرية سحب الق اررات اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .92،93
- 3نبيل عبة ،آلية سحب القرار اإلداري ،مرجع سابق ،ص .43
30
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
-1إذا ارتبطت مواعيد سحب الق اررات اإلدارية المعيبة بمواعيد الطعن القضائي ،فإنو يترتب
عمى ذلك أنو كمما امتد ميعاد الطعن القضائي ألي سبب كان ،امتد تبعا لو ميعاد السحب وىذا
ما تم اإلشارة اليو في المادة 832من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،والتي تحدد حاالت
القطع حيث تنص عمى "تنقطع آجال الطعن في الحاالت ا لتالية:
-الطعن أمام جية قضائية إدارية غير مختصة .
-طمب المساعدة القانونية.
-وفاة المدعي أو تغير أىميتو.
1
-القوة القاىرةأو الحادث الفجائي.
-2في حالة رفع دعوى بطمب الغاء القرار اإلداري غير المشروع ،فإن لإلدارة أن تسحبو في
أي وقت ،طالما لم يصدر حكم في ا لدعوى ،ولكنيا ىنا تتقيد بطمبات الخصوم في الدعوى ،فال
تستطيع أن تمس القرار المطعون عميو إال بالقدر الذي تممكو المحكمة التي تنظر في الدعوى .
-3ال يشترط أن يتم السحب كميا أو جزئيا خالل المدة القانونية وانما يكفي أن تكون إجراءات
السحب قد بدأت خالل الميعاد ،فيد خل القرار بذلك في طور الزعزعة وعدم اإلستقرار ،ويظل
.2فقد المحكمة اإلدارية العميا تأكيدا بيذه الحالة إلى أن يتم سحبو أو يستقر أمره بصفة تامة
لذلك بأنو ":ال يشترط أن تكتمل كافة إجراءات السحب بإفصاح اإلدارة عن إرادتيا في ىذا
حيث يدخل القرار بذلك في طور من عدم الخصوص قد بدأت خالل الميعاد المذكور،
اإلستقرار ويظل كذلك طوال المدة التي يستمر فييا فحص اإلدارة لشرعيتو ،إلى أن تحدد موقفيا
منو نيائيا ،والقول بغير ىذا النظر ينطوي عمى تكميف اإلدارة بما يجاوز السعة ،ويؤدي إلى
اسراعيا عمى وجو متيسر إلى سحب القرار تفاديا لنتائجيودون استكمال البحث الصحيح مما
يتعارض مع مصمحة ذوي الشأن فيو،ومع المصمحة العامة ".3
31
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
-4إذا قامت اإلدارة بسحب قرارىا المعيب فإن القرار الساحب يعتبر ق ار ار آخر وذو كيان
مستقل ومنفصل عن القرار المسحوب،بحيث يمكن التظمم منو ،وال يعتبر تظمم المدعي من
القرار الساحب تظمما ثانيا بل ىو تظمم أول يتيح لو بعد ذلك الطعن عميو قضائيا في الميعاد
القانوني.
فيؤدي التظمم اإلداري سواء كان إختياريا أو وجوبيا ،وسواء كان ىذا التظمم والئيا أو
رئاسيا إلى إمتداد ميعاد سحب القرار اإلداري .1
وقد قضت المحكمة اإلدارية العمياتأكيدا لذلك "بأن السحب يمتد بوجود التظمم اإلداري
سواء التزام صاحب الشأن بتقديم ىذا التظمم ،أو اختار ذلك خالل الستين يوما التالية لصدور
القرار ،وسواء أجابت اإلدارة صراحة عمى ىذا التظمم أو رفضت ذلك ،فإن ميعاد السحب يستمر
حتى تنتيي فترة التظمم اإلداري وتبدأ فترة الطعن القضائي "
ثانيا:ج ازء سحب القرار اإلداري بعد الميعاد:
احتراما لممراكز القانونية التي يرتبيا القرار اإلداري،وتأكيدا لمعمة من عدم جواز سحبو أو
إلغائياإداريا،بعد مضي ستين يوما عمى تاريخ نشره أو إعالنو ،فقد استقر قضاء المحكمة العميا
زالة ماشابو من عيب يجعل القرار عمى أن سحب القرار اإلداري بعد مضي تمك المدة إل
الساحب باطال لمخالفتو القانون ،إال أنو ليس من شأن ذلك أن ينحدر بيذا القرار إلى مرتبة
اإلنعدام.
ورغم مخالفة القرار الساحب لقرار إداري آخر بعد الميعاد إال أن ىذا القرار يتحصن ضد
اإللغاء القضائي ،بمضي مواعيد الطعن باإللغاء حيث ي ستقر بو المركز القانوني بشأنو بغض
النظر عن مخالفة ىذا القرار لمقانون.2
- 1عبد العزيز ،عبد المنعم خميفة ،اإلنياء اإلداري لمقرار اإلداري ،مرجع نفسو ،ص .81،82
- 2عبد العزيز ،عبد المنعم خميفة ،األسس العامة لمق اررات اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .310
32
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
خروجا عن الألصل العام ،والذي بموجبو ال يجوز سحب اإلدارةلق ارراتيابعد مضي
الميعاد المقرر لمسحب ،ورغبة في استقرار المراكز القانونية ولو استندت في نشأتيا إلى ق اررات
معيبة ،فإنو من الجائزلإلدارةسحب القرار اإلداري.
ولو بعد انقضاء ميعاد السحب في حالة إنعدام القرار اإلداري ،أو صدوره نتيجة غش أو
تدليس ىذا باإلضافة إلى سحب التسويات الخاطئة بالمرتبات .1
إن القرار المنع دم ىو قرار والعدم سواء ،فيو غير موجود عمى الساحة القانونية عكس
القرار الباطل ،والذي ىو موجود وينتج آثاره القانونيةومن ىنا جاز سحب القرار المنعدم في أي
وقت ،وال يمكن اإلحتجاج بسحبو بانقضاء المدة،غير أن القرار المنعدم قد يتداخل مع القرار
الباطل بما فرض عمى الفقو تقديم جممة من المعايير لمتمييز بينيما .
التمييز بين القرار المنعدم و القرار الباطل:
لقد أوجد الفقو جممة من المعايير لمتمييز بين الق اررالباطل و القرار المنعدم ،ولعل أىم
معيار إغتصاب السمطة ،فقد رأى جانب من الفقو أن القرار يعد معدوما إذا صدر عن شخص
ال سمطات لو ،أو أن عالقتو باإلدارةإنتيت لسبب من األسباب ،فكأنما صدر القرار عن غير
ذي الصفة،بينما القرار الباطل يصدر عن مختص ولةن قد يطعن فيو لمخالفتو لتشريع أو
تنظيم.
فالقرار المنعدم فيو إغتصاب واضح لمسمطة ،بينما القرار الباطل ال ينطبق عميو ىذا
الوصف.
ليذا قيل أن اإلدارة عندما تقبل عمى تنفيذ قرار منعدم تكون قد إرتكبت ما يسمى
باإلعتداء المادي ،وقضى أيضا أن الق اررات المنعدمة باعتبارىا وقائع مادية يجوز رفع الدعوى
- 1عمار بوضياف ،القرار اإلداري ،دراسة تشريعية قضائية فقيية،مرجع نفسو ،ص .240
33
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
بإلغائيا أمام المحكمة المختصة ،دون وجوب رفع التظمم ،وقد ذكر الدكتور الطماوي أن القرار
المنعدم ال يرتب أث ار قانونيا و أنو يجوز لألفراد ذوي الشأن التحمل من القوة الممزمة لمقرار.1
في حالة صدور قرار إداري نتيجة لغش أو خداع المستفيد منو ،فإنو يكون بوسع اإلدارة
حال إكتشافيا ذلك ،وكذا تيقنيا من أنيا لم تكن لتصدر ىذا القرار لوال ما تعرضت لو من غش
وتدليس صاحب الشأن ،أن تسحب ىذا القرار دون تقيد منيا بمواعيد سحب ىذه الق اررات
اإلدارية.
فكما ىو معروف أن الغش يفسد كل شيء وأنو من سعى في نقض ما سعى اليو من
جيتو فسعيو مردود عميو.2
و الحقيقة أن القرار اإلداري الصادر بناء عمى غش أو تدليس ىو قرار منعدم ألنو يعدم
المذكور ،و القول اإلدارة بسبب سوء نية المستفيد و غشو وتدليسو عمييا إلستصدار القرار
المأثور في ىذا الخصوص أن ما بني عمى باطل فيو باطل ،وحينئذ يكون ىذا القرار غير
جدير بالحماية وباستطاعة اإلدارة سحبو دون التقيد بميعاد الطعن .
وقد طبق مجمس الدولةالفرنسي ىذه االعدة في حكمو الصادر بتاريخ 1935/04/12في
الدعوى رقم ( )520وتخمص الواقعة في أن أحد األجانب تمكن من التحايل عمى السمطات
الفرنسية والحصول عمى الجنسية الفرنسية بعدأن أخفى أوراق ومستندات وحقائقتتعمق بشخصيتو
وبماضيو ،فصدر المرسوم بمنحو الجنسية بتاريخ ،1926/06/09وفي وقت الحق اكتشفت
الساحب لمخالفتيممقانون ،فقضى مجمس الدولة برفض الطعن وشرعية السحب.
- 1عبد العزيز ،عبد المنعم خميفة ،األسس العامة لمق اررات اإلدارية ،مرجع سابق ،ص.313
- 2سالم بن سممان الشكيمي،نظرية سحب الق اررات اإلدارية ،مرجع نفسو،ص.102
34
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
ومن األمثمةأيضا الق اررات المستندة إلى الغض ،والتي يجوز لجية اإلدارة سحبيا في أي
لصالح أحد األفراد استنادا إلى وقت،قرار التعيين في احدى الوظائف العامة ،أصدرتو اإلدارة
شيادات تؤىمو لشغل الوظيفة ،ثبت فيما بعد أنيا غير صحيح ة .
وماىومتفق عميو ىو أن التدليس المؤدي لجواز سحب القرار اإلداري ميما طال أمد
إصدارىن يتعين لقيامو توافر الشروط اآلتية:
- 1عبد العزيز ،عبد المنعم خميفة ،األسس العامة لمق اررات اإلدارية ،مرجع نفسو،ص .316،315
- 2عبد العزيز ،عبد المنعم خميفة،اإلنياء اإلداري لمق اررات اإلدارية ،مرجع نفسو ،ص91
35
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
36
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
ولذلك يرى ىؤالء اخضاع الق اررات اإلدارية المبنية عمى سمطة مقيدة لنفس ميعاد سحب
الق اررات المبنية عمى سمطة تقديرية ،بحيث تتحصن تمك الق اررات بفوات ميعاد الطعن القضائي
وعمى القضاء أن يعدل تمك التفرقة.1
سادسا :سحب الق اررات اإلدارية تنفيذا لمقانون:
في حالة إصدار المشرع قانونا يترتب عميو سحب ق اررات بأ ثر رجعي،وىويفرض عمى
اإلدارة المعنية إصدار ق اررات سحب بموجبيا تعدم ق اررات صدرت عنيا،وىذا تنفيذا لقانون
معين.
ومن الطبيعي أن ىذا القانون سيخدم مراكز األفراد،وال ييدد حقوقيم المكتسبة .2
37
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
- 1محمد فؤاد عبد الباسط ،القرار اإلداري ،دار الجامعة الجديدة لمنشر ،اإلسكندرية ،2005 ،ص .507
- 2حسني درويش ،مرجع سابق ،ص 589
38
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
وقد حددت المحكمة اإلدارية العمياألثر سحب القرار اإلداري قياسا عمى نوع السحب ،فقد
ذىب قضائيا إلى أنو يجب التفرقة بين حالتين ،األولى حالة السحب الكمي لمقرار ،وىنا يصبح
يترتب عمى ذلك من آثار ،ومن تاريخ العمل بيذا القرار القرار المسحوب كأنو لم يكن بما
الجديد ،وليس من تاريخ سابق تحدد المراكز القانونية ،أما الحالة الثانية فيي التي تسحب فييا
اإلدارة سحبا جزئيا يظل بموجبو القرار المسحوب قائما في بعض أجزائو التي لم يتناوليا قرار
السحب.
وترتيبا عمى ما تقدم فقد قضت المحكمة اإلداريةالعميا بأن "سحب القرار الصادر بإلغاء
قرار الترقية يترتب عميو عودة الحال إلى ماكانت عميو فيصبح القرار الصادر بالترقية قائما من
تاريخ صدوره" .
وعمى ذلك فقد قضت بأنو ":ومن حيث أن المستقر عميو وفقا لقضاء المحكمة اإلدارية
العميا أن مقتضى إ لغاء أو سحب قرار الفصل ،أن تصبح الرابطة الوظيفية وكأنيا ال تزال قائمة
بكافة آثارىا."...
أما بالنسبة لممرتب فقد قضت بأن ":األصل في المرتب أنو مقابل العمل وينشأ لمعامل
الحق في التعويض عن الفصل غير المشروع إذا توافرت عناصره ".
ألجره عن مدة الفصل كأثر لرجعية القرار واساس عدم استحقاق العامل المفصول
الساحب لقرار فصمو أن األجر مقابل عمل يؤديو العامل لصالح جية عممو ،األمر الذي يجعل
استحقاقو ليذا األجر منتفيا لعدم قيامو بيذا العمل طوال مدة فصمو .1
الفرع الثاني:إعادة األوضاع لى ماكانت عميه قبل صدور القرار المسحوب.
من المسمم بو أن سحب الق ارراإلداري كما ذكرنا ،يؤدي إلى إعدام القرار بالنسبة لممستقبل
والماضي أي إلغاء القرار بأثر رجعي ،بحيث يصبح وكأنو لم يوجد إطالقا ،ويستتبع ىذا
بالضرورةإلى تدخل اإلدارة لتنفيذ القرار الساحب ،وذلك بإعادة األوضاع إلى ما كانت عميو قبل
- 1عبد العزيز ،عبد المنعم خميفة ،اإلنياء اإلداري لمق اررات اإلدارية ،المرجع نفسو ،ص .115 -116
39
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
صدور القرار الممغى ،ميما طالت الفترة فيما بين صدور القرار وصدور القرار الساحب أو حكم
باإللغاء ،فال يجب أن يضار ذوي الشأن من بطء اجراءات التقاضي ،أو طول فترة السحب .1
ومما ال شك فيو أن إعمال ىذه القاعدة كثي ار ما يتسبب عنيا مضايقات شديدة لجية
اإلدارة ،فإنيا مضطرة إلع ادة النظر في كثير من الق اررات التي صدرت مستندة إلى الق اررات
الممغية ،وأيضا إعادة النظر في جميع اآلثار التي ترتبت في الماضي،والتي تستند إلى القرار
الممغي ولإلدارة في ىذا السبيل أن تصدر ق اررات ذات أثر رجعي ألن تغدو ضرورية لتنفيذ
الحكم الصادر باإللغاء أو القرار الساحب.
ومن المبادئ التي قررتيا محكمة القضاء اإلداري في ىذا الشأن ،أن جية اإلدارة تتحمل
بالتزامن حيال القرار الساحب ،أو اوليما سمبي باإلمتناع عن ترتيب أي أثر لمقرار المسحوب
ىذا وثانيما إيجابي بإتخاذ اإلجراءات الكفيمة بتنفيذ مؤدى الحكم أو القرار الساحب ،وفي
":إن القاعدة في تنفيذ أحكام اإللغاء المعنى تقول محكمة القضاء اإلداري في أحد أحكاميا
تقضي بتحمل الجية اإلدارية بإلتزامين :أحدىما أحدىما سمبي باإلمتناع عن إتخاذ أي إجراء
يمة تنفيذي يترتب عميو حدوث أثر لمقرار بعد إلغائو ،وثانييما إيجابي بإتخاذ اإلجراءات الكف
عدم صدور القرار بتنفيذ مؤدى الحكم مع تطبيق نتائجو القانونية ،وذلك عمى أساس افتراض
الممغي ابتداء.2
ومما سبق يتضح لنا أن ىناك أثرين لمسحب ،األول ىو األثر اليادم ،والثاني ىو األثر
البناء.
أوال:اآلثار الهادمة لمقرار الساحب.
يعد القرار الساحب من الق اررات ذ ات األثر الرجعي ،فيويعدم مضمون ومحتويات القرار
المسحوب ،ومايكون قد ترتب عميو من آثار ،ومن ثم يصبح القرار المسحوب كأن لم يكن،
ويعود الحال إلى ماكانت عميو قبل صدور ذلك القرار المسحوب .
- 1حسني درويش عبد الحميد ،نياية القرار اإلداري بغير طريق القضاء ،المرجع نفسو ،ص .493،492
- 2الحكم مشار اليو في المرجع أعاله للدكتور حسني درويش في ىامش ،ص .493
40
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
وتأسيسا عمى ذلك اعتبرمجمس الدولة الفرنسي بأن القرار الصادر بسحب تعيين أحد
الموظفين في وظيفة معينة ،يترتب عميو فقدان ىذا الموظف كل المزايا التي حصل عمييا نتيجة
ىذا التعيين المعيب بأثر رجعي .
وفي ىذا الخصوص تقول محكمة -القضاء اإلداري – الدائرة اإلبتدائية ( ومن حيث أنو
ئيا إذ يعتبر القرار يترتب عمى سحب القرار بمعرفة الجية اإلدارية مايترتب عمى إلغاءه قضا
كأن لم يكن ،وتمحى آثاره من وقت صدوره ،ومتى استجابت الجية اإلدارية إلى طمب المدعي
في تاريخ الحق عمى رفع الدعوى ،فإنو تبعالذلك ونتيجة لو تصبح الخصومة غير ذات
الموضوع ،ويتعين من ثم الحكم بإعتبار الخصومة منتيية ).
واذا كان األصل أن صدور القر ار الساحب يؤدي حتما إلى إعدام القرار المسحوب
ومحو آثاره بالنسبة لمماضي و المستقبل إال أن ىذا األصل يرد عميو بعض اإلستثناءات
المحدودة التي تبقي عمى بعض آثار القرار المسحوب ،مثل ماقبضو الموظف الذي سحب قرار
تعيينو أو ترقيتو أو ماقد يكون قد إتخذه منق اررات وتصرفات وذلك عمى النحو اآلتي:
-1ال يمتزم الموظف الذي سحب قرار تعيينو أو ترقيتو برد ماقبضو من مرتبات أو مزايا نزوال
عند نظرية اإلثراء بال سبب ،فمو ترتب عمى السحب وجوب رد الموظف بما قبضو من مرتبات
أو مزايا لكان ذلك إثراء لإلدارة عمى حساب ذلك الموظف.
إللزام بالرد أن يكون القرار غير المشروع باطال أو منعدما ،لكن من
ويستوي عدم ا ت
الميم اإلشارة بيذا الصدد ،أنو في حالة صدور القرار المسحوب بناء عمى غش أو تدليس
أوسعي غير مشروع من صاحب العالقة ،يتعين عميو رد ماحصل عميو منمرتبات ومزايا عمى
إعتبار أنو كان سيء النية ،وبالتالي ال يجوز لو أن يستفيد من غشو ولم يكن ىناك خطأ من
جانب اإلدارة.1
-2تبقى الق اررات واألعمال الصادرة عن الموظف الذي سحبت اإلدارة قرار تعيينو صحيحة في
الحدود التي تقتضييا نظرية الموظف الفعمي التي تستند إلى أمرين :األول :مبدأ العدالة الذي
- 1سالم بن سممان الشكيمي ،نظرية سحب الق اررات اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .127،126
41
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
من مقتضياتو أن الحقوق والمراكز القانونية التي تحصل عمييا األفراد بحسن نية من الموظف
الفعمي تعتبر مشروعة وجديرة بالحماية .
ثاني:المصمحة العامة وما تتطمبو من حسن سير اضطراد المرافق العامة ،فمو كانت الحقوق
ا
وميين ميددة والمراكز القانونية التي يحصل عمييا األفراد بسبب تعامميم مع الموظفين العم
بالبطالن من جراء عيب في تعيين الموظف ألدى ذلك إلى اضطرار األفراد وحرصا عمى
سالمة مراكزىم إلى التقصي فيما إذا كان تعيين الموظف قد تم صحيحا ،وفيما إذا كانت رابطة
التوظف الزالت قائمة أم ال ،وىذا بطبيعة الحال فيو مشقة وعناء بالنسبة لألفراد وخطورة ع لى
مصالحيم وعمى المصالح العامة.
ترقيتو خدمة الموظف المسحوب قرار تعيينو -3ذىب البعض إلى ضرورة اإلعتداد بمدة
واعتبارىامدة خدمة فعمية تؤخذ في اإلعتبار عند إحتساب مدة الخبرة ،متى توافرت الشروط
األخرى ،مالم يكن السحب بسبب الغش أو التدليس ،ويقوم ىذا الرأي عمى ا إلعتبارات
التالية:
أ -إن الغرض مناإلعتداد بمدد الخدمة السابقة ىو التحقق من كسب الخبرة ،وعماد ذلك ىو
لموظيفة ،حتى ولو تبين شغل الوظيفة وممارسة إختصاصيا ،وىذا أمر يحققو الشغل الفعمي
بعد ذلك أن قرار تعيينو كان معيبا وتم سحبو .
ب-إذا كانت العدالة تقتضي أحقية ا لموظف الذي سحب قرار تعيينو أو ترقيتو في مرتب
الوظيفة التي شغميا ،فيكون من باب أولي اإلعتداد بمدة خدمتو ليذه الوظيفة .
ج -من شأن ىذا اإلستثناء الحد من آثار إعدام القرار المسحوب بأثر رجعي ،وما قد يتركو ىذا
السحب من أضرار شديدة بصاحب الشأن دونما إثم إقترفو.1
ثانيا :اآلثار البناءة لمقرار الساحب:
القرار الساحب اليستيدف إلغاء القرار المسحوب بأثررجعي فحسب،وانما يتعين بحكم
المزوم إعادة الحال إلى ماكانت عميو قبل صدور القرار المسحوب ،وبالتالي فإن جية اإلدارة
- 1سالم بن سممان الشكيمي ،نظرية سحب الق اررات اإلدارية ،نفس المرجع ،ص .129،130،131
42
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
لى ماكانت عميو ،فإذا القرار تمتزم بإصدار كافة الق اررات التي يقتضييا تحقيق إعادة الحال إ
المسحوب قرار إداري صادر بفصل موظف فإنو يتعين عمى اإلدارة إصدار القرار بإعادة
الموظف إلى عممو،كما لو كانت خدمتو مستمرة،وترتيب كافةاآلثار التي تنجم عن ذلك .1
فالقضاء اإلداري الفرنسي والمصري مستقر عمى أنمقتضى سحب قرار الفصل أن تصبح
الرابطة الوظيفية،وكأنو التزال قائمة بكافة آثارىا،إال أن ذلك ليس من شأنو أن يعودلمموظف
حقو في الراتب طوال مدة الفصل،وذلك ألن األصل في المرتب أنو مقابل العمل .
":إن سحب وحول آثار سحب القرار اإلداري،قالت المحكمة اإلدارية العميا في فرنسا
القرار الصادر بإلغاء ق ار ر الترقية يترتب عميو عودة الحال إلى ماكانت عميو فيصبح القرار
األصمي بالترقية قائما منذ تاريخ صدوره".
وفي ىذا تقول المحكمة اإلدارية العميا المصرية "ومن حيث أن المستقر عمييوفقا لقضاء
تزال المحكمة أن مقتضى إلغاء أو سحب قرار الفصل أن تصبح الرابطة الوظيفية وكأنيا ال
قائمة بكافة آثارىا ،إال أن ذلك ليس من شأنو أن يعود لمعامل حقو في المرتب طوال مدة
الفصل ،ذلك أن األصل في المرتب أنو مقابل العمل وينشأ لمعامل الحق في التعويض عن
الفصل غير المشروع إذا ما توافرت عناصره".
ذلك أن األصل في المرتب أنو مقابل العمل وينشأ لمعام ل الحق في التعويض عن الفصل غير
المشروع إذا ما توافرت عناصره".
ومما تقدم فأن القرار الساحب يزيل وبأثر رجعي القرار المسحوب ويعتبر ىذا األخير،
وكأنو لم يظير عمى الوجود فيعيد لمشخص مركزه القانوني الذي كان عميو قبل صدور القرار
المسحوب ،وىنا تمزم اإلدارة أن تع يد الحال إلى ما كان عميو ،وأن تتخذ كافة الق اررات و
اإلجراءات الالزمة لتحقيق ذلك.2
- 1حمدي ياسين عكاشة ،موسوعة القرار اإلداري في قضاء مجمس الدولة ،الجزء الثاني ،2010 ،ص1034
- 2حسني درويش عبد الحميد ،نياية القرار اإلداري عن طريق القضاء ،مرجع سابق ,ص .136،133
43
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
ثالثا:سحب الساحب:
تعني فكرة سحب قرار السحب أن تصدر السمطة اإلدارية ق ار ار إداريا ثم تقوم بسحبو
خالل الميعاد ،ثم تقوم من جديد بسحب القرار الساحب خالل ميعاد الطعن القضائي .
فإذا كانت فكرة سحب قرار السحب فكرة نظرية أكثر منيا حالة واقعية ،فيي ممكنة
الحدوث في الحياة العممية ،وان ظمت نادرة ،ولذلك إذا كان القرار الساحب معيبا في ذاتو ،فميس
ىناك مايمنع من سحبو مرة أخرى ،نزوال عمى نفس مبدأ المشروعية وتحقيق العدالة واعادة
الحقوق المغتصبة ألصحابيا.
ولقد ذىب بعض الفقياء إلى أن تعدد ق اررات السحب يكضف عن فساد اإلدارة
وتخبطيا ،وتضارب آراءىا وأنو إذا رغبت اإلدارة في إعادة قرار إداري سبق ليا سحبو ،فمن
األفضل ليا أن تصدر ق ار ار جديدا متضمنا اآلثار المراد احياؤىا.1
وعميو فمجمس الدولة الفرنسي قد ت عرض ليذه المسألة في حكمو الصادر بتاريخ
.2
،1965/05/14حيث أجاز سحب القرار الساحب خالل مدد الطعن القضائي
فأجاز وقد سمك القضاء اإلداري المصري نفس اإلتجاه الذي ذىب اليو مجمس الدولة الفرنسي
":إذا كان القرار لإلدارة سحب قرارىا الساحب ،ففي حكم لمحكمة القضاء اإلداري قالت فيو
الساحب ق ار ار صحيحا ،فإن من مقتضاه اعتبار القرار المسحوب في خصوص فصل المدعي
كأن لم يكن ،ويعتبر كأن خدمتو لم تنقطع ،فيكون القرار الصادر بعد ذلك بتعيينو بالخدمة
تعيينا جديدا ىو ق ار ار باطال،ومن ثم يتعين إلغاؤه باعتبار أن المدعي مازال في الخدمة ولم
يفصل منيا ،مع مايترتب عمى ذلك من آثار مالية في تحديد وضعو في األقدمية بين أقرانو ".
- 1سميمان محمد الطماوي ،النظرية العامة لمق اررات اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .783
- 2المرجع أعاله،ص .462
44
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
إال أن في حكم حديث ،يظير إتجاه جديدلممحكمة اإلدارية العميا في مصر ،أكدت من
خاللو ،أنو ال يجوز سحب القرار الساحب ،فإذا صدر قرار بسحب قرار السحب ،فإنو يعتبر
كأن لم يكن ،انطالقا من أن الساقط ال يعود.1
فالمالحظ أن القضاء الفرنسي لو نظرة إيجابية في الموضوع ،حيث قيام اإلدارة ليذا
التصرف تحقيقا لمبدأ المشروعية ،في حين أن القضاء المصري نجده ينكر حق اإلدارة في
القيام بسحب ق اررات السحب السابقة.
المعيب فحسب ،بل يمكن ليا سحب ذلك في حالة
ة وىذا السحب ال يتوقف عمى الق اررات
ما إذا كان قرار السحب الجديد معيب بدوره وعرضة لسحب ثالث خالل مدة الطعن القضائي
وىو ما يعرف "بسحب السحب".
المطمب الثاني :مسؤولية اإلدارة في التعويض عن ق اررات السحب.
رة سواء كانت أعماال لقد أصبحت اإلدارة في عصرنا الحالي تسأل عن أعماليا الضا
قانونية كالق اررات اإلدارية أو العقود أو أعمال مادية كبناء الجسور وغيرىا خالفا لما كان عميو
الوضع سابقا ،حيث لم يكن ىناك أي مبدأ يقضي بمسؤولية اإلدارة ،وعمى أي حال فإن مبدأ
من التعويض عن تقرير مسؤولية اإلدارة نجده يمعب دو ار ىاما يكمن في تمكين المضرور
األضرار التي تسببيا لو اإلدارة ونشير أن أساس قيام المسؤولية قد يكون ىو وجود خطأ أو
يكونبتحقيق الضرر ،فتعرف األولى بالمسؤولية اإلدارية عمى أساس الخطأ ،أما الثانية فتعرف
بالمسؤولية اإلدارية عمى أساس المخاطر.2
األصل أن عدم مشروعية القرار اإلداري يمثل خطأ يستوجب المسؤولية إن كان ليا وجو
وتوافر عنصر الضرر واستقامة السببية بينيما ،فإذا انتفى ركن الخطأ في جانب اإلدارة انتفت
المسؤولية.
45
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
وباعتبار أننا لسنا بصدد الحديث عن مسؤولية اإلدارة عن أعماليا التعاقدية وال بصدد
الحديث أيضا عن تفاصيل وأحكام مسؤولية اإلدارة وانما ساقتصر الحديث عن مسؤولية اإلدرة
في التعويض عن ق اررات السحب ،ومع ذلك تحتم عمينا لدراسة ىذا الموضوعالتعرض وبإيجاز
شديد لاللقانونية لمسؤولية اإلدارة عن ق ارراتيا اإلدارية،ومن أجل ذلك سنتطرق لما يمي :
-األسس القانونية لمسؤولية اإلدارة عن ق ارراتيا.
-التعويض عن ق اررات السحب المعيبة.
-التعويض عن ق اررات السحب السميمة.
-التعويض عن ق اررات السحب المنعدمة.
يعتبر الخطأىو األساس القانوني لمسؤولية اإلدارة في الق اررات اإلدارية ،ويتمثل في
مخالفة مبدأ المشروعية بأن يكون القرار اإلداري مشوبا بعيب اإلختصاص أو الشكل أو المحل
أو السبب أو الغاية ،إال أنو يشترط مع وجود الخطأ أن تتوفر عناصر المسؤولية األخرى ،وىي
تحقق الضرر لممدعي بالتعويض مع وجود عالقة سببية بين الخطأ والضرر الحاصل .
وبناء عميو يمكن إجمال األسس التي تقوم عمييا مسؤولية اإلدارة في التعويض عن الق اررات
اإلدارية في اآلتي:
-1وجود قرار إداري ير مشروع :فال اررات اإلدارية التي تصدر من سمطة مختصة ولم يشبيا
عيب من عيوب الرار اإلداري الوجو لطمب التعويض عنيا ،حيث أكدت المحكمة اإلدارية
العميا في مصر ىذا المبدأ في العديد من أحكاميامنيا الحكم الصادر في جوان ،1959حيث
قضت بأنو ال مسؤولية قبل جية اإلدارة عن الق اررات اإلدارية إال إذا كانت غير مشروعة ،فإذا
كان القرار اإلداري سميما فال تسأل اإلدارة عن نتائجو ميما بمغت جسامة الضرر المترتب
عمييا إلنتفاء ركن الخطأ.
-2تحقق الضرر لطالب التعويض ،ال يكفي عدم المشروعية أو الخطأ في القرار اإلداري لتقوم
قد بو مسؤولية جية اإلُدارة ،وانما يجب أن يمحق ىذا الحطأ ضر ار بالغير من شأنو أن يكون
وقع فعال أو محتم الوقوع ،فمجرد افتراض الضرر ال يستوجب التعويض .
46
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
-3رابطة السببية بين الخطأ و الضرر :الكتمال أركان مسؤولية اإلدارة يجب أن تقوم عالقة
السببية بين الخطأ الذي ارتكبتو اإلدارة عند إصدار قرارىا الضرر الطي لحق بالغير بأن يترتب
الضرر القرار المعيب .1
الفرع الثاني:التعويض عن ق اررات السحب المعينة:
األصل أن ق اررات السحب المعيبة التي ترتب عدم صحة قرار السحب من الناحية
القانونية تمكن من صدر ىذا القرار في مواجية من استصداره كم من القضاء بإلغائو.
ولكن إذا أغمق أمامو ىذا الباب بانقضاء مدد الطعن القضائي فال يضيع حقو ،إذا يبقى أمامو
رفع دعوى التعويض عمى اإلدارة مصدرة القرار المعيب طالما أن ميعاد ىذه الدعوى مفتوحا،
لمبدأ القائل بأنو ال تعويض و ال واختصاص القضاء اإلداري مازال قائمان وال شك أن ا
مسؤولية بدون خطأ ينطبق عمى ىذه الحالة،وىي حالة وجود ق اررات سحب معيبة والتي تشكل
في حد ذاتيا وجود خطأ ،فإذا ما خمفت أضرار وتحققت العالقة السببية بين الخطأ و الضرر
تقررت المسؤولية اإلدارية في ىذا الوضع ،ووجب التعويض عمى اإلدار ة ،ىذا ما انتيى إلييا
القضاء الفرنسي من خالل حكمو الصادر بتاريخ 1959/10/03الطي قضى بمسؤولية اإلدارة
من األضرار التي لحقت بصاحب المصمحة أو الغير من جراء قرار السحب غير المشروع في
حالة ما إذا شابو عيب من عيوب الشرعية ،وأيضا المحكمة العميا المصرية ،في حكميا بتاريخ
1987/05/20بقوليا «بأنو يشترط الحكم بالتعويض التي تبرر إلغاء القرار عن طريق
القضاء».2
وىذه العيوب التي تعتبر مصد ار لمتعويض ىي كالتالي :
- 1سالم بن سممان الشكيمي ،نظرية سحب الق اررات اإلدارية ،مرجع نفسو ،ص .141،142
- 2حسني درويش عبد الحميد ،نياية القرار اإلداري بغير طريق القضاء ،مرجع سابق ،ص .217،216،215
47
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
48
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
اإلدارية ويرجع ذلك إلى انتفاء رابطة السببية بين العيب ذاتو وبين الضرر الناشئ عن
قرار السحب ،وىذا خالفا ألوجو عدم المشروعية الداخمية ،حيث تشكل دائما مصد ار لممسؤولية
اإلدارية لتأثيرىا في مضمون القرار بصفة ال يمكن معيا تصحيحو .
باإلضافة إلى ىذه العيوب التي قل نا أنيا تشكل خطأ إذا نجم عنو ضرر سيتوجب
التعويض و القيام المسؤولية اإلدارية ،ىنالك حالة أخرى حين تغفل اإلدارة قيود السحب
الشرعية ،قيد المعاد مثال.
فمضي مدة التقاضي بالنسبة إلى طمب إلغاء القرار ال يحول دون المطالبة بالتعويض
عن األضرار التي تنجم عن تنفيذ الق رار الباطل ،فالمسمم بو أن حق طمب التعويض في ىذه
الحالة مستقل عن طمب اإللغاء ولو مدة التقادم الخاصة بو.1
الفرع الثالث:التعويض عن ق اررات السحب السميمة.
في حالة ما أدركت اإلدارة خطأىا وقامت بسحب قرارىا المعيب وفقا لألحكام والضوابط
المقررة لمسحب ،فإنيا تكون قد أعادت تصرفاتيا إلى حظيرة مبدأ المشروعية ،سواء تمت ىذه
الخطوة بناء عمى تظمم صاحب الشأن ،أو بناء عمى مبادرة ذاتية من قبل جية اإلدارة وىو
موقف يحسب ليا اللتزاميا واحتراميا لمقانون.
والقاعدة العامة أن اإلدارة ال تسأل عن ق ارراتيا السميمة المطابقة لمقانون ،فميس ثمة خطأ
من جانبيا .يمكن أن تحاسب عميو ،وترتيبا عمى ذلك ال يستحق المدعي تعويضا النتفاء
الخطأ.2
من خالل مختمف العيوب التي يمكن أن تشوب قرار السحب اإلداري ،فإن ق اررات
السحب المستوية بأحد وجيي عدم المشروعية الخارجية آل تشكل مصد ار لممسؤولية
كأن تمنح اإلدارة ا لمختصة رخصة بناء لطالبيا ،ثم بعد ذلك تكتشف أن القطعة األرضية
التي سيقام عمييا البناء ،ال توافق أحكام مخطط شغل األراضي ،فتقوم بموجب قرار الحق
- 1سميمان محمد الطماوي ،النظرية العامة لمقاررات اإلدارية ،مرجع سابق،ص .361
- 2سالم بن سممان الشكيمي ،نظرية سحب الق اررات اإلدارية ،نفس المرجع ،ص .154
49
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
بسحب رخصة البناء ،فال يمكن أن يتدرع ىنا صاحب الرخصة باألضرار التي لحقتو من قرار
دارة تصرفت تصرفا قانونيا بسحبيا لمقرار غير السحب ليطالب بالتعويض ،طالما أن اإل
المشروع.
ولكن في الواقع أنو في بعض األحيان قد يسبب قرار السحب السميم ضر ار معتب ار لصاحب
الشأن ،إال أنو ال يحكم لممضرور بالتعويض طالما كان القرار مطابقا لمقانون ،ألن اإلدارة ال
يمكن أن تسأل عن أعماليا المشروعة ميم ا كانت نتائجيا السمبية ،كما يجب في المقابل أن
يتحمل األفراد جزء من نشاط اإلدارة .
غير أن مجمس الدولة الفرنسي قد جرى عمى تعويض بعض حاالت السحب الصحيحة التي
bonzyوتمخص ظروفيا يترتب عمييا ضرر األفراد ،وقد طبق ذلك بصفة خاصة في تصفية
في":أن لجنة اإلدارة ألحد مك اتب اإلعالنات قررت إعانة قدرىا خمسمائة فرك لمدعو ،bonzy
وقبل موافقة مدير المديرية عمييا قامت المجنة المذكورة بسحب قرار اإلعانة األمر الذي دفع
المعني إلى رفع دعوى أإمام مجمس الدولة مطالبا بتعويض مسار لممبمغ الذي كانت المجنة
المذكورة قد وعدتو بمنحو إال أن مج لس الدولة الفرنسي _ جريا عمى ق ارره السابق بعدم منح
التعويض كامال عمى أساس الضرر من السحب في ىذه الحالة _ قضى لمسيد bonzyبنصف
اإلعانة فقط كتعويض باعتبار أن اإلعانة المذكورة لم تكن قد تقررت بصفة نيائية .
السحب السميمة و مسمك ومع كل ىذا الذي ذكرناه بشأن عدم أحقية التعويض عن ق اررات
القضاء المقارن ،إال أن القضاء اإلداري الفرنسي ،حيث حكم بالتعويض في بعض الحاالت
حتى و لو كان قرار السحب سميما مراعاة لما أسماء قواعد العدالة.1
الفرع الرابع :التعويض عن ق اررات السحب المنعدمة:
القضاء العادي بنظر طمبات لقد أجمع الفقو و القضاء في فرنسا عمى اختصاص
التعويض عن الق اررات المنعدمة،باعتبار أن الق اررات تفتقد لصفة القرار اإلداري ،وتجعمو كما
- 1سالم بن سممان الشكيمي ،نظرية سحب الق اررات اإلدارية ،نفس المرجع ،ص .155
50
السحب اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل األول
القانون المدني سبق القول مجرد عمل مادي ،و بتالي فإن مسؤولية اإلدارة ىنا تحكميا قواعد
باعتبارىا مسؤولية شخصية يقع عبؤىا عمى الموظف الذي تسبب بخطئه في سحب القرار.
فمسؤولية اإلدارة ىنا مؤقتة في مواجية المضرور اقتضتيا العدالة حماية األفراد من خطر
إعسار الموظف ،ولكن ليا حق الرجوع عميو فيما بعد ،إذا يمتزم ىذا األخير برد المبالغ التي
دفعتيا اإلدارة لممضرور جب ار لمضرر.1
و إن كان ىذا الرأي ىو الغالب إال أ ن ىناك رأى أخر يرى أنو يجب استبعاد نصوص
القانون المدني كأساس لمسؤولية اإلدارة في مواجية األفراد ،باعتبار العالقة بين الموظف و
اإلدارة ىي عالقة يحكميا القانون العام و ليس الخاص.
ن تجدر اإلشارة إلى أن الق اررات التنظيمية ال ترتب بذاتيا مسؤولية إدارية ألنيا تتضم
قواعد عامة و مجردة ،ال يمكن تطبيقيا عمى األفراد بضرر مباشر ،ألن مرجع الضرر دائما
ىو القرار الفردي الذي اتخذ تطبيقا ليا ،فإذا قامت جية اإلدارة بسحب ىذه الموائح سواء كانت
سميمة أو معيبة ،فال ترتب مسؤولية اإلدارة غال في الحاالت التي تنشأ فييا مراكز قانونية
شخصية نتيجة تطبيق الالئحة .2
- 1حسني درويش عبد الحميد ،نياية القرار اإلداري بغير طريق القضاء ،نفس المرجع ،ص .517
- 2سميمان محمد الطماوي ،النظرية العامة لمق اررات اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .361
51
اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل الثاني
كما رأينا سابقا ،فإن القانون قد أتاح إمكانية سحب الق اررات اإلدارية بواسطة السحب
كما يمكنيا ذلك عن طريق اإللغاء ،وذلك حتى تتمكن من تصحيح الق اررات التي صدرت عنيا
بصورة غير مشروعة ،تفاديا لسموك طريق التقاضي وما ينتج عنو من إجراءات طويمة ،ويختمف
اإللغاء عن السحب في أن اإللغاء يترتب عميو تجريد القرار من قوتو اإللزامية بالنسبة
لممستقبل ،وذلك خالفا ألثر اإللغاء بواسطة القضاء.1
وبعد ما أ نتييت من إلقاء الضوء عمى سحب اإلدارة لما أصدرتو من ق اررات كإحدى
صورتي إنياء اإلدارة لق ارراتيا ،فسوف أتناول الصورة الثانية من إنياء اإلدارة لتمك الق اررات و
المتمثمة في اإللغاء اإلداري لمق اررات اإلدارية حيث تشمل تمك الق اررات التي قد يستويو بعد
2
صدورىا عيب يجعل منيا غير صحيحة ،الذي يؤدي إلى إبطال الق اررات بالنسبة لممستقبل .
وعميو سنتناول نظرية إلغاء الق اررات اإلدارية في مبحثين ،ليضم أولو مفيوم اإللغاء اإلدارية،
إلغاءىا قضائيا ،أما المبحث الثاني فيضيم سمطة و أسباب إلغاء و تميزه عن سحبيا و
الق اررات اإلدارية.
المبحث األول :مفهوم اإللغاء اإلداري لمق اررات اإلدارية تميزه عن سحبها و إلغائها قضائيا.
إن اإللغاء الصادر عن السمطة اإلدارية يجرد القرار كما سبق القول ،من قوتو اإللزامية
بالنسبة لممستقبل فقط ،بحيث يبقى سميما لما أنتجو من آثار قانونية في الفترة بين إصداره وبين
إلغاءه ،وىذا ما يميزه عن عممية السحب وحتى اإللغاء القضائي .1
وىذا ما سنتطرق إليو في ما يمي ،حيث سيتضمن المطمب األول ،مفيوم اإللغاء اإلداري
لمق اررات اإلدارية ،ليتناول المطمب الثاني تمييز اإللغاء عن السحب و اإللغاء القضائي .
المطمب األول مفيوم اإللغاء اإلداري لمق اررات اإلدارية.
ينصب إلغاء الق اررات اإلدارية التنظيم ية عمى إنياء القوة التنفيذية لتمك الق اررات بالنسبة
لممستقبل ،لعدم مواكبة تمك الق اررات ألوضاع استجدت بعد صدورىا تستوجب تدخل اإلدارة
إلحداث موائمة بين تمك الق اررات و األوضاع الجديدة تحقيقا لممصمحة العامة ،والتي صدر
القرار اإلداري لتحقيقيا ،فإذا استحال عميو تحقيق تمك المصمحة أو أصبح وجوده متعارضا مع
تعديا تشريعي الحق ،وجب في ىذه الحمة تدخل اإلدارة بإلغاء ىذا القرار .2
ومنو فيعرف األستاذ الدكتور "عمار بوضياف" إلغاء القرار اإلداري بأنو " السمطة اإلدارة
بالنسبة لممستقبل فقط ،بحيث تظل وحق اإلدارة الوالئية أو الرئاسية في إعدام قرارىا اإلداري
آثاره بالنسبة لمرحمة التنفيذ ،وقبل اإللغاء سميمة فال يشمميا اإللغاء .3
" :ىو إنياء أما األستاذ "عمار عوابدي " فيرى بأن اإللغاء اإلداري لمق اررات اإلدارية
واعدام اآلثار القانونية لمق اررات اإلدارية،بالنسبة لممستقبل فقط اعتبا ار من تاريخ اإللغاء ،مع ترك
وابقاء آثارىا السابقة قائمة بالنسبة لمماضي فقط.4
وعميو فإنو يقصد باإللغاء اإلداري لمق اررات اإلدارية ،أن تمجأ اإلدارة إلى إصدار قرار
إداري الحق يزيل ويقضي عمى وجود قرار إداري سابق ،من حيث عدم ترتيب ىذا األخير
آلثاره في المستقبل ،حيث يتمتع اإللغاء اإلداري بأثر فوري تماشيا مع مبدأ عدم رجعية الق اررات
اإلدارية ،وىو مبدأ وأصل عام ىو :عدم لرجعية القانون كما ىو وارد خاصة في المادتين 46و
64من الدستور.1
ي ،وىي ومما سبق فإن إلغاء القرار اإلداري من الطرق العادية النتياء القرار اإلدار
تختمف عن الطرق العادية النتياء القرار بسبب ما تثيره من صعوبات ومشاكل في الواقع
العممي ،تتعمق بحقوق و أوضاع أطراف القرار اإلداري ،وتحديد دور كل من اإلدارة و القضاء
رىم فييما ، ....ذلك ألن القرار اإلداري غالبا ما يكسب األفراد حقوقا اعتمدوا عمييا ورتبوا أمو
عمى أساسيا،ومن العدالة أن تتمتع بنوع من الثبات ،وىذا يقضي من اإلدارة عندما تنيي
مراعاة التوقيف بين مصمحتين كل منيما جدير بالرعاية قرارىا-بالطرق غير العادية-
المصمحة العامة التي تقضي إنياء القرار غير المشروع ،وغير المالئم ،والمصمحة الخاصة
التي انبثقت ع ن القرار ،والتي يجب حمايتيا حرصا عمى استقرار األوضاع القانونية ،ومن ىنا
تبدو الصعوبة في إنياء الق اررات اإلدارية بالطريق اإلداري ومنيا اإللغاء .
و يعني إلغاء القرار اإلداري :وقف نفاذ القرار أو سريانو بآثاره الناتجة عنو بالنسبة
أي مابين اإللغاء ما سبق وأن رتبتو في الماضي- لممستقبل فحسب ،ودون أن يشمل ذلك
إصداره وانيائو -من نتائج و آثار.
وما يجدر بنا اإلشارة إليو ىو أنو قد يتم إلغاء القرار اإلداري من قبل اإلدارة التي
أصدرتو ،كما قد يتم إلغاء القرار من جية إدارية أخرى غير الجية اإلدارية التي أصدرتو ،كما
ىو الحال في سمطة جية الوصاية في إلغاء الق اررات غير المشروعة الصادرة من اإلدارات
الالمركزية الخاضعة لوصايتيا ،وكذلك إلغاء الق اررات من قبل السمطة الرئاسية لمجية مصدرة
القرار بما ليا من حق التعقيب عمى ق اررات و مما سبق فإن إلغاء القرار اإلداري من الطرق
- 1محمد الصغير بعمي ،المحاكم اإلدارية ،الغرفة اإلدارية ،مرجع سابق ،ص.130
54
اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل الثاني
العادية النتياء القرار اإلداري ،وىي تختمف عن الطرق العادية النتياء القرار بسبب ما تثيره من
صعوبات ومشاكل في الواقع العممي ،تتعمق بحقوق و أوضاع أطراف القرار اإلداري ،وتحديد
دور كل من اإلدارة و القضاء فييما ،....ذلك ألن القرار اإلداري غالبا ما يكسب األفراد حقوقا
اعتمدوا عمييا ورتبوا أمورىم عمى أساسيا،ومن العدالة أن تتمتع بنوع من الثبات ،وىذا يقضي
من اإلدارة عندما تنيي قرارىا -بالطرق غير العادية -مراعاة التوقيف بين مصمحتين كل منيما
جدير بالرعاية ،المصمحة العامة التي تقضي إنياء القرار غير المشروع ،وغير المالئم،
والمصمحة الخاصة التي انبثقت عن القرار ،والتي يجب حمايتيا حرصا عمى استقرار األوضاع
القانونية ،ومن ىنا تبدو الصعوبة في إنياء الق اررات اإلدارية بالطريق اإلداري ومنيا اإللغاء .
ويعني إلغاء القرار اإلداري :وقف نفاذ القرار أو سريانو بآثاره الناتجة عنو بالنسبة
أي مابين لممستقبل فحسب ،ودون أن يشمل ذلك اإللغاء ما سبق وأن رتبتو في الماضي-
إصداره وانيائو -من نتائج و آثار.
وما يجدر بنا اإلشارة إليو ىو أنو قد يتم إلغاء القرار اإلداري من قبل اإلدارة التي
أصدرتو ،كما قد يتم إلغاء القرار من جية إدارية أخرى غير الجية اإلدارية التي أصدرتو ،كما
ىو الحال في سمطة جية الوصاية في إلغاء الق اررات غير المشروعة الصادرة من اإلدارات
الالمركزية الخاضعة لوصايتيا ،وكذلك إلغاء الق اررات من قبل السمطة الرئاسية لمجية مصدرة
القرار بما ليا من حق التعقيب عمى ق اررات مرؤوسيا ،ما لم يوجد نص عمى خالف ذلك .1
المطمب الثاني :تمييز اإللغاء اإلداري عن سحبها والغاءها قضائيا:
إن سحب الق اررات اإلدارية يختمف عن إلغاء اإلدارة ليا ،من حيث محل السحب والذي
يتعين أن يكون كأصل عام ق ار ار إداريا غير مشروع لمخالفتو القانون،بأن صدر مشوبا بعيب
يبطمو ،أو يؤدي بو إلى االنعدام عمى نحو يجعل الطعن بإلغائو مقبوال حال إقامة ىذا الطعن
األمر الذي يؤدي ألن يكون ليذا السحب أثر رجعي ي رتد إلى تاريخ صدور القرار ،بحيث يعد
ىذا القرار و كأن يصدر أصال شأنو في ذلك كشأن اإللغاء القضائي ليذا القرار.
- 1نواف كنعان ،القانون اإلداري ،الكتاب الثاني ،الطبعة األولى ،دار الثقافة لمنشر والتوزيع ،األردن ،ص .302
55
اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل الثاني
وعمى العكس من ذلك ،فإن إلغاء اإلدارة لق ارراتيا ،يمتد نطاقو ليشمل الق اررات اإلدارية
شاب القرار المشروعة وغير المشروعة عمى حد سواء ،حيث أن سبب اإللغاء ليس عيبا
اإلداري منذ صدوره ،وانما أمور استجدت ال يالئميا استمرار سريان ىذا القرار .
وكأثر لذلك فإن أثر إلغاء القرار اإلداري ،يكون بالنسبة لممستقبل فقط ،حيث لم يعد ىذا
في القرار صالحا ،ألن يرتب أي أثر قانوني يعتد بو منذ تاريخ إلغاءه ،وتبقى آثاره التي رتبيا
الماضي سارية وذلك عمى عكس السحب اإلداري واإللغاء القضائي لمق اررات اإلدارية.1
فاإللغاء القضائي ىو عبارة عن إعدام قرار إداري مخالف لمقانون ،وذلك يتم بصدور
حكم من المحكمة المختصة ،بناء عمى دعوى يرفعيا أحد األفراد .2
- 1عبد العزيز ،عبد المنعم خميفة ،اإلنياء اإلداري لمق اررات اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .144 ،143
- 2سالم بن سممان الشكيمي ،نظرية سحب الق اررات اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .25
56
اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل الثاني
ما ىو متفق عميو ،وما استقر عميو الفقو و القضاء اإلداريين،أنو يتوقف حق اإلدارة في
إلغاء الق اررات اإلدارية عمى النظر إلى مدى ما ترتبو ىذه الق اررات من حقوق لمغير ،األمر
الذي يتعين معو التفرقة بين الق اررات التنظيمية و الفردية ،1وعميو سنركز في ىذا المبحث عمى
نظرية اإللغاء اإلداري التي تنصب عمى الق اررات التنظيمية ( الموائح) ،و الق اررات الفردية وأسباب
إلغائيا .
وىذا ما سيتم توضيحو في المطمبين التاليين :
المطمب األول :إلغاء الق اررات الفردية وأسباب إلغاءها .
يتوقف حق اإلدارة في إلغاء الق اررات اإلدارية عمى النظر إلى مدى ما ترتبو تمك الق اررات
من حقوق لمغير ،األمر الذي يتعين معو إبراز مدى سمطة اإلدارة في إلغاء الق اررات اإلدارية
الفردية ،واألسباب التي تؤدي إلى ذلك.
الفرع األول :إلغاء الق اررات الفردية
كأصل عام ،فقد استقر القضاء في فرنسا و مصر بخصو صيا و العتبارات استقرار
المعامالت ىو عدم جواز إلغاءىا ،لما يترتب عمى اإللغاء من مساس بالحقوق التي اكتسبيا
األفراد من ىذه الق اررات .فإذا منحت اإلدارة مثال ترخيصيا في فتح محل عام بعد موافقتيا عمى
.وذلك حماية لممراكز القانونية موقعو ،ال يجوز ليا أن ترجع في قرارىا ىذا بقرار الحق يمغيو
التي أنشأتيا و التي تشكل حقوقا مكتسبة لمن صدر القرار بشأنيم ولكن إذا كان القرار الفردي
غير مرتب لحقوق مكتسبة ،فإنو يمكن في ىذه الحالة تعديمو أو إلغاؤه بالنسبة لممستقبل .
عمى أن الق اررات الفردية غير المرتبة لحقوق مكتسبة تتجمع في حاال ت خاصة و قميمة،
ومن ىذه الق اررات يمكن التطرق ليا كما يمي:2
- 1عبد العزيز ،عبد المنعم خميفة ،الق اررات اإلدارية ،الصور والنفاذ ووقف التنفيذ و اإللغاء في الفقو وقضاء مجمس الدولة،
بدون طبعة ،دار محمود لمنشر و التوزيع ،القاىرة،ص.325
- 2محمد فؤاد عبد الباسط ،القرار اإلداري ،مرجع سابق ،ص.458،457
57
اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل الثاني
- 1عبد العزيز ،عبد المنعم خميفة ،األسس العامة لمق اررات اإلدارية،مرجع سابق،ص .328
. - 2سميمان محمد الطماوي ،النظرية العامة لمق اررات اإلدارية ،مرجع سابق ،ص 652-650
59
اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل الثاني
تعد الق اررات السمبية و الق اررات غير التنفيذية من الق اررات التي ال تولد حقوقا لألفراد ،وعميو فيي
- 1عبد العزيز ،عبد المنعم خميفة ،األسس العامة لمق اررات اإلدارية،مرجع نفسو،ص .328
- 2حسني درويش عبد الحميد ,نياية القرار اإلداري بغير طريق القضاء ،مرجع سابق ،ص.538
- 3عبد العزيز ،عبد المنعم خميفة ،األسس العامة لمق اررات اإلدارية ،مرجع نفسو ،ص .328
60
اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل الثاني
و عمى العكس رفض المدير التصديق عمى مداولة المجمس البمدي ،بع د أخذ أي الجية
المختصة ،فإن تصديقو الالحق يعد أم ار لمقانون متعينا الحكم بإلغائو .1
ب-إلغاء الق اررات السمبية:
يجوز لإلدارة إلغاء القرار الفردي السمبي في حالة عدم ترتيب عل إلغائو المساس بحق
مكتسب ،كالقرار الصادر برفض طمب من موظف بإعارتو .2
فالفقو الفرنسي الحديث أخذ بمبدأ عام باعتباره أن الق اررات السمبية ىي التي تصدر من
اإلدارة بالرفض فذىب البعض إلى القول بان الق اررات السمبية ال تولد حقوقا،وأن السمة المميزة
ليذا النوع من الف اررات أنيا ال تستطيع أن تنشأ حقوقا .
ومن األمثمة عن الق اررات السمبية ،القرار الصادر برفض الترخيص ألحد األفراد بمزاولة
عمل معين ،أو مينة معينة ،كرفض الترخيص بحمل السالح أو فتح محل عام ،فإن الق اررات
السمبية كقاعدة عامة ال ترتب حقوقا.
ومن ثم رأينا أن مجمس الدولة الفرنسي أجاز سحبيا أي إعداميا بأثر رجعي ن ون
إحكامو الحديثة في ىذا الخصوص حكمو الصادر في قضية .canton
ولكن مجمس الدولة الفرنسي يستثني من ىذه القاعدة لمق اررات الصادرة في خصوص
الموظفين ،باعتباره أن ىذه الق اررات ترتب اثأر مباشرة في مواجية الموظف،وليطا تعتبر مولدة
لمحقوق في مواجيتيم.3
،1979/02/27حيث وىذا ما أشار إلييا القضاء اإلداري المصري في حكمو بتاريخ
جاء فيو".لوزير الداخمية سمطة رفض منح ترخيص حيازة أو احراز األسمحة النازية أو سحبو أو
إلغائو في أي وقت"....
فالقاعدة أن الق اررات السمبية ال تولد حقوقا ،مثال ذلك رفض اإلدارة الموافقة عمى
لترخيص البوليس ال يؤدي إلى إنشاء حقوق لألفراد ،عمى العك س في حالة الموافقة عمى منح
الترخيص ،فإنو يتولد عنو مزيا لصاحب الشأن.1
الفرع الثاني:أسباب إلغاء الق اررات اإلدارية.
باعتبار أنو من غي ار لجائز إلثارة لإلدارة إلغاء ق ارراتيا الفردية السميمة لتعمق حقوق
أصحاب الشأن بالمراكز القانونية التي أكسبتيم إياىا تمك الق ار رات ،إال إنو خروجا عمى ىذا
األصل العام بوسع اإلدارة إلغاء القرار اإلداري الفردي السميم في بعض الحاالت،كما لو وافق
عمى ذلك صاحب الشأن ،أو خالف المستفيد بالقرار االلتزامات التي يفرضيا عميو ،أو تغيرت
ظروف إصدار القرار ،أو اقتضت إلغاء القرار دواعي الصالح الع ام ،وأخي ار يجوز لإلدارة إلغاء
القرار اإلداري الفردي السميم استنادا إلى نص تشريعي ،وىذا ما سأتناول كل حالة عمى حدى .2
أوال :إلغاء القرار اإلداري ألسباب ترجع لمخاطب بالقرار:
في حالة إصدار اإلدارة قرار يحقق مصمحة إلصدار األفراد بما يوفره لو من مزايا،
وتقاعس الشخص في االستفادة بيذا القرار ،فال يكون لإلدارة الحق في إجباره عمى ذلك ،حيث
تعتبر سموكو ىذا رضاء ضمنيا منو بإلغاء اإلدارة لقرارىا.
وتطبقا لذلك فإذا أصدرت اإلدارة قرار بتعيين أحد األفراد في وظيفة عامة إال أنو أمتنع
عن استكمال باقي مسوغات تعيينو ،أو أمتنع عن استالم العمل في األجل الطي حددتو لو
اإلدارة ،فقد استق القضاء عمى أن موقفو ىذا يعد بمثابة موافقة ضمنية عمى إلغاء اإلدارة لقرار
تعيينو.3
حيث يعد ذلك بمثابة عزوف من جانبو عن تو لي الوظيفة ال يمكن إجباره عمى العدول
عنو ،األمر الذي يجعل تنفيذ القرار مستحيال ،مما يجعل منو قرار نظريا ال قيمة لو ،حيث أن
- 1حسني درويش عبد الحميد ،نياية القرار اإلداري بغير طريق القضاء ،مرجع سابق ،ص.543-542-541
- 2عبد العزيز ،عبد المنعم خميفة ،الق اررات اإلدارية ،مرجع نفسو،ص . 328
- 3عبد العزيز ،عبد المنعم خميفة ،اإلنياء اإلداري لمق اررات اإلدارية ،مرجع سابق ،ص.145
62
اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل الثاني
الفرار صدر لينفذ ،فإذا لم يعد تنفيذه ممكنا ،كان لإلدارة الحق في إلغائو ،حيث تنازل عنو من
صدر لصالحو.1
وىذا ما ذىبت إليو المحكمة اإلدا رية العميا بمصر في ىذا الشأن إلى أن رضاء الموظف
واذا كان ال ينيض ركنا عند إنشاء المراكز الوظيفي إال أنو يمزم التنفيذ القرار،فال يجبر
الموظف عمى قبول الوظيفة العامة.2
كما أن عدم احترام المستفيد من القرار اإلداري لاللتزامات المفروضة عميو بموجبو يؤدي
لمنح اإلدارة الحق في إلغاء ىذا القرار ،حيث أن تمك االلتزامات كانت شرطا لموافقة اإلدارة
عمى إصدار ىذا القرار فإذا ما أخل المستفيد بيا .فقد القرار مبرر إصداره كما في حالة مخالفة
المستفيد بترخيص بالبناء لشروط الترخيص ،حيث يكون لإلدارة في ىذه الحالة الحق في إل غاء
قرارىا الصادر بمنح ىذا الترخيص إضافة إلى حالة إصدار اإلدارة ق ار ار بقبول الطالب بكمية
الشرطة بثبوت زواجو ،كان بوسعيا إلغاء قرار قبولو بالكمية .3
ثانيا :إلغاء القرار اإلداري لتغير الظروف المادية إلصداره.
وقد يرد ىذا الشرط صراحة في القرار ،فيعتبر تغير الظروف المادية متى تحقق من قبيل
الشروط الفاسخة التي تنيي القرار نياية طبيعية ،ولكن تغير الظروف المادية التي عمى أساسيا
صدر القرار ،يخول اإلدارة حق إلغاؤىا في بعض الحاالت حتى ولم ينص عمى ذلك صراحة
قيام حالة معينة، في صمب القرار ،ومن تمك الحاالت أن يكون السبب في إصدار القرار ىو
ومثال ذلك أن تسمح اإلدارة ألحد األفراد بفتح محل عام ألن المنطقة مأىولة بالسكان ،فإذا ما
ىجرت تمك المنطقة بعد مدة معينة ،فإنو يحق لإلدارة أن تمغي ذلك الترخيص ،أو تسمح بعقد
اجتماع عام في مكان حكومي ثم ترجع فيو حاجة اإلدارة الممحة لذلك المكان فيما بعد.
- 1عبد العزيز ،عبد المنعم خميفة ،الق اررات اإلدارية ،مرجع نفسو،ص.330
- 2المرجع أعاله ،ص .145
- 3عبد العزيز ،عبد المنعم خميفة ،الق اررات اإلدارية ،مرجع نفسو،ص.330
63
اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل الثاني
وفي حاالت أخرى يكون استمرار الحالة المادية شرطا لسالمة القرار ،ومن ذلك أن
ينص القانون مثال عمى أنو ال يجوز منح ترخيص بفتح محل عام إال في المناطق التي يزيد
عدد سكانيا عن رقم معين ،فإذا منح أحد األفراد ترخيصا لتحقق الشرط وقت منحو ،فإنو يحق
لإلدارة أن تمغيو إذا نقص العدد عن القدر الذي يشترطو القانون ألن بقاء القرار يغدو غير
مشروع.1
و عميو ،فإن تغير الظروف المادية التي صدر في كنفيا القرار يعطي لإلدارة الحق فبإلغائو،
حيث لم يعد استم ارره مبررا ،حتى و لو لم ينص عمى ذلك في مضمون القرار .
ثالثا:إلغاء القرار اإلداري لدواعي الصالح العام:
يحق لإلدارة إلغاء ق ارراتيا الفردية السميمة،إذا ما كان في استمرار تنفيذ تمك الق اررات ما
يتعارض مع مقتضيات الصالح العام،وال يجوز التحدي في ىذا الشأن بأن من شأن ىذا اإللغاء
إىدار الحقوق المكتسبة بيذا القرار ،حيث أن اليدف األساسي إلصدار الق اررات اإلدارية ،ىو
تحقيق المصمحة العامة من خالل تنفيذىا ،فإذا أصبح ىذا التنفيذ متعارضا مع المصمحة العامة
أوضا ار بيا ،جازيو لإلدارة بل من الواجب عمييا إلغاء ىذا القرار ،حتى ولو أدى ذلك إلى
المساس بالحقوق الفردية المكتسبة ،بواسطة القرار محل إلغاء ،ألن قاعدة المسمم بيا أنو عند
التعارض مابين الصالح العام و الصالح الخاص ،يتعين التضحية باألخير في سبيل األول ،وان
كان ذلك يتم وفق ضوابط خاصة.
وقد ذىب جانب من الفقو في صدد إلغاء الق اررات لدواعي المصمحة العامة ،إلى أن فكرة
المصمحة العامة فكرة فضفاضة وذلك يجب إال يترك تقديرىا بصفة عامة لإل دارة ،واال ألىدرنا
استقرار الق اررات اإلدارية السميمة ،ومن ثم فإن اإلدارة ال تستطيع أن تمغي قرار إداريا سميما قبل
نيايتو الطبيعية ،بقصد تحقيق الصالح العام المجرد ،بل يجب أن يكون الصالح العام في ىذه
األدوية يجوز إلغاؤه، الحالة مخصصا،فالتصريح الصادر ألحد األشخاص ببيع نوع معين من
ولكن يجب أن يكون المقصود من ذلك ىو المحافظة عمى الصحة العامة ،إذا ثبت أن ىذا
- 1سميمان محمد الطماوي ،النظرية العامة لمق اررات اإلدارية ،ممرجع سابق ،ص .665
64
اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل الثاني
الدواء خطر ،و الترقية التي منحت ألحد الموظفين يجوز إلغاؤىا ،ولكن بشرط أن يكون الدافع
ل بيذا إلى ذلك ىو تأمين النظام في الوظيفة العامة الرتكاب الموظف ما من شأنو أن يخ
النظام ،واإلذن الصادر لجماعة من الجماعات بعقد اجتماع عام ،يجوز إلغاؤه إذا جدت دواعي
تنذر بأن االجتماع قد يكون من شأنو تيديد النظام العام .
واستطرد ىذا الفقو بأن المالحظة في غاية األىمية ،ألن الغرض المخصص إلصدار
القرار يتشبع نظاما خاص إلصدار القرار ال مضاد الذي تنتيي بو آثار القرار األول ،ويحتوي
عمى ضمانات ال وجود ليا،فيما لو جعمنا مطمق المصمحة العامة سببا كافيا إللغاء القرار
اإلداري الفردي السميم.
ربعا :إلغاء القرار اإلداري لتغير التشريع عقب إصداره:
اإلداري في مرتبة أدنى من اعمال لمبدأ تدرج األدوات التشريعية،والذي يجعل القرار
القانون ،فإن صدور تشريع عقب إصدار قرار إداري ينظم مسألة ما عمى نحو معين يخالف ما
ورد بالقانون يمنح اإلدارة الحق في إلغاء ىذا القرار والذي ال يجوز لو أن يناقض القانون،حيث
.1
يسمو عميو في مراتب التدرج التشريعي
فالقرار الفردي يستند في إصداره إلى تشريع قائم ،وال يؤثر في القرار الذي صدر في ظل
تشريع معين ،تغير ىذا التشريع وحمول أخر محمو،إال إذا تضمن التشريع الجديد ما يشير إلى
سريانو بأثر رجعي ،ىنا تمغى الق اررات الصادرة في ظل التشريع السابق ،ويحل محميا ق اررات
تصدر استنادا إلى التشريع الجديد.2
خامسا:اإللغاء استنادا إلى نص تشريعي:
قد يعطي المشروع لإلدارة في حاالت خاصة الحق في إلغاء أي قرار إداري ،ويمكنو أن
يعطييا الحق في اإللغاء ليس فقط بالنسبة لممستقبل ،بل أيضا بأثر رجعي .3
- 1عبد العزيز عبد المنعم خميفة،الق اررات اإلدارية ،المرجع سابق ،ص .332،331
- 2عبد العزيز ،عبد المنعم خميفة ،اإلنياء اإلداري لمقرار اإلداري ،مرجع سابق ،ص .147
- 3عبد العزيز ،عبد المنعم خميفة ،األسس العامة لمق اررات اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .332
65
اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل الثاني
ذلك وقد يعطي المشروع تمك الرخصة صراحة بالنص عمييا في التشريع ،وقد يكون
ضمنيا كما لو كانت مباشرة اإلدارة الختصاص أوكمو إلييا المشروع من شأنو إلغاء كافة
الق اررات اإلدارية الصادرة في السابق ،فإعادة تخطيط حي األحياء يقتضي بطبيعة الحال إعادة
النظر في جميع الق اررات السابقة و المتضمنة تراخيص بالبناء أو بفتح المحال العامة .1
وعمينا اإلشارة إلى حق اإلدارة في إلغاء أي من الق اررات في األحوال السابقة و التي
يشكل كل منيا سندا لإلدارة في إلغاء ما سبق ليا إصداره من ق اررات ال يجب حق األفراد في
الحصول عمى تعويض إن كان لو مقتضى ،وذلك بالطبع فيما عدا حالة موافقتو المستفيد من
القرار عمى إلغائو.2
المطمب الثاني :إلغاء الق اررات التنظيمية:
عمى اعتبار أن اإلدارة تتمتع بسمطة واسعة ،أما في تعديل ق ارراتيا أو إلغاء ىذه الق اررات
طالما تعمق األمر بقواعد عامة و مجردة .وعميو ال يممك المعينون بالخضوع لمقرار اإلداري
التنظيمي االحتجاج في مواجية اإلدارة ،إذا مارست سمطة اإللغاء،طالما لم تمتد اثأر اإللغاء
لمماضي ،و انحصرت فقط بالنسبة لممستقبل .
فإذا أصدرت السمطة اإلدارية قواعد تنظيم ألطباء أو الصيادلة أو الميندسين
المعماريين ،ونفذ ىذا القرار مدة زمنية معينة ثم تدخمت نفس الجية اإلدارية أو جية أعمى منيا
واعتمدت القرار القديم بالنسبة لممستقبل ،فال تممك ىذه الفئة المعنية بالقرار محل اإللغاء ،أي
حق االحتجاج تجاه اإلدارة ألنيا في موقف تنظيمي الئحي .3
وعميو فإنو بوسع اإلدارة إلغاء الق اررات التنظيمية مشروعة كانت أو غير مشروعة في أي
وقت ،حيث ال ترتب تمك الق اررات مراكز قانونية ذاتية أو شخصية و إنما مراكز نظامية عامة،
األمر الذي يمكن لإلدارة معو إلغاءىا في أي وقت.
- 1سميمان محمد الطماوي ،النظرية العامة لمقرار اإلداري ،نفس المرجع ،ص .625
- 2عبد العزيز ،عبد المنعم خميفة ،الق اررات اإلدارية ،نفس المرجع ،ص .333
- 3عمار بوضياف ،القرار اإلداري ،دراسة تشريعية قضائية فقيية ،مرجع سابق،ص .245،249
66
اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل الثاني
ذلك ألن المراكز القانونية العامة ىي بطبيعتيا مراكز مؤقتة قابمة لمتعديل من قبل اإلدارة
وفقا لمقتضيات الصالح العام ،ومن ثم فميس لألفراد حق التمسك استمرار تمك المراكز.
إال أنو إذا كانت اإلدارة تممك حق تعديل الموائح في أي وقت تطبيقا لمقتضيات الصالح
العام،فإن حقيا في ىذا الشأن يحده قيدان:
األول :أن يتم تغيير الالئحة بإجراء عام يطبق عمى الكافة ،دون أن يقصد بذلك الخروج عن
الالئحة في التطبيقات الفردية إال إذا أجازت الالئحة ذلك االستثناء من ضرورة احترام اإلدارة
لشروط ىذا االستثناء.
الثاني :ىو عدم المساس بالق اررات الفردية السميمة التي استندت لتمك الالئحة حيث ترتب تمك
الق اررات حقوقا مكتسبة لمغير ،ال يجوز المساس بيا .1
وبمعنى آخر فيمكن لإلدارة أن تمغي الق اررات اإلدارية ا لتنظيمية في كل وقت استنادا إلى
متطمبات ومستجدات التسيير اإلداري لممرافق العامة ،من ناحية وجود األفراد المخاطبين في
مركز قانوني ال يولد أي حق مكتسب ،نظ ار لكونيم في عالقة تنظيمية من جية أخرى .2
الفرع األول:إلغاء القرار التنظيمي السميم.
- 1عبد العزيز ،عبد المنعم خميفة ،األسس العامة لمق اررات اإلدارية ،مرجع سابق ،ص. 325،326
- 2محمد الصغير بعمي ،المحاكم اإلدارية ،الغرفة اإلدارية ،مرجع سابق ،ص.132
67
اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل الثاني
تضمنت حقوقا مكتسبة لألفراد ،وال يجوز المساس بيذه الحقوق .ويم اإللغاء من خالل صدور
قرار صريح من قبل اإلدارة وفق اإلجراءان القانونية المطموبة ،يقضي بإلغاء القرار القديم ،أو
ع أنظمة قديمة عمى لنحو ضمني عن طريق صدور قانون أو قرار تنظيمي جديد يتعارض م
ويحل محميا ،وىكذا تطبق القواعد الجديدة بدال من القواعد القديمة .1
أوال :الشكل واإلجراءات في إلغاء القرار التنظيمي:
يتضح مما تقدم أن لجية اإلدارة والية إلغاء ق ارراتيا التنظيمية في أي وقت ،ويبدو ىذه
الق اررات التنظيمية بنفس اإلجراءات التي القاعدة مطمقة ،فيل تتخذ اإلدارة وىي بصدد إلغاء
اتبعتيا عند إصدار القرار أم ىناك إجراءات أخرى تتبعيا ىتو الخيرة في إلغائيا لمقرار
التنظيمي ،وىذا ما سيتم تناولو من خالل ما يمي :
أ -إلغاء الق اررات التنظيمية وقاعدة تقابل الشكميات :
حسب األصل العام يجب أن يكون إلغاء أو تعديل القرار اإلداري بقرار من نفس قوتو
ومن نفس السمطة التي أصدرت القرار األول ،أو بإتباع ذات اإلجراءات إال إذا نيى القانون
:فالشق األول متعمق بقاعدة تقابل عمى خالف ذلك ،وىذه القاعدة تشتمل عمى شقين
االختصاصات وىي مطمقة في شأن إلغاء الموائح.
بمعنى أن يصدر إلغ اء الالئحة من السمطة التي أصدرتيا أو سمطة أعمى منيا ،وىذه
القاعدة ينص عمييا القانون ،وينصرف ىذا االلتزام إلى كافة األجيزة اإلدارية التي تباشر
الوظائف اإلدارية.2
أما الشق الثاني متعمق بقاعدة تقابل اإلجراءات ،فيذه القاعدة مقتضاىا أن يتعين مراعاة
قواعد الشكل و اإلجراءات عند إلغاء الالئحة ،ويرجع ذلك إلى أن القانون والالئحة يحدد
اإلجراءات الواجب إتباعيا عند إلغاء الالئحة ،وأن ذلك محل خالف ،ومن الجية العكسية ،فإن
- 1حسني درويش عبد الحميد ،نياية القرار اإلداري طريق القضاء ،مرجع نفسو ،ص،561ص.556
- 2حسني درويش عبد الحميد ،نياية القرار اإلداري بغير طريق القضاء ،مرجع نفسو،ص.562،563
68
اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل الثاني
الالئحة تظل ممزمة قانونا طالما أنيا تم تمغ إلغاء صحيحا طبقا لمطرق واألشكال التي اتبعت
لسنيا.
...":من المقرر وىذا ا لمبدأ قد استقر في القضاء المصري ،فقد جاء في أحذ أحكامو
قانونا أن الجية اإلدارية إذا وضعت قاعدة تنظيمية ،فمن حقيا أن تمغييا أو تعدليا بقاعدة
تنظيمية أخرى في سبيل المصمحة العامة ،عمى أال تسري ىذه القاعدة الجديدة غال من تاريخ
صدورىا.1
وىذا ما يؤ يده العميد الطماوي بقولو ":إذا كانت السمطة التي أصدرت الالئحة تممك
تعديميا في أي وقت،فال يتأتي ليا ذلك إال بإجراء عام،أما الخروج عمى الالئحة في التطبيقات
الفردية فيو غير مشروع ،إال إذا كانت الالئحة نفسيا أو القاعدة التنظيمية بصفة عامة أيا كان
شكميا،تجيز ذلك و بشرط احترام الشروط المقررة في حالة االستثناء.2
ثانيا :صدور إلغاء الق اررات التنظيمية:
يتحقق إلغاء الق اررات التنظيمية بإحدى الطرفتين :اإللغاء الصريح أو اإللغاء الضمني،
حيث أن كل الطرقتين يتفقان من حيث اليدف و الغاية و المتمثمة أساسا في إعدام اثأر
الالئحة أو القرار التنظيمي بالنسبة لممستقبل.
-1اإللغاء الصريح:
يتحقق عندما تقوم السمطة اإلدارية التي أصدرت الالئحة أو القرار التنظيمي أو السمطة
الرئاسية قرار أخر بإلغاء القرار األول ،واإللغاء الصريح ال يثير أإشكاال ،وكل ما ىو متطمب
في ىذا الطريق ىو أن تفصح جية اإلدارة عن نيتيا صراحة في إلغاء الالئحة ،والعمل بالالئحة
الجديدة اعتبار من تاريخ نشرىا ،وال تسري عمى الواقع التي تمت في الماضي.3
وىذا ما تم التعبير عنو في القضاء المصري بتاريخ 1949/11/22بقواه " :من المقرر
قانونا أن الجية اإلدارية إذا وضعت قاعدة تنظيمية ،فإ ن من حقيا أن تمغييا أو تعد ليا بقاعدة
تنظيمية أخرى في سبيل المصمحة العامة عمى أن تسري ىذه القاعدة الجديدة إال من تاريخ
صدورىا.
1978/02/13 وىذا المبدأ مضطرد في القضاء اإلداري المصري ،ففي حكمو بتاريخ
حيث جاء فيو":إن لجية اإلدارة والية إلغاء أو تعديل الق اررات التنظيمية في أي وقت.1 "..
-2اإللغاء الضمني:
وىو أن تصدر الالئحة الجديدة وتحل محل األحكام القديمة دون تصريح من اإلدارة عن
نيتيا بإلغاء الالئحة القديمة و بذلك تطبق الالئحة الجديدة في حال وجود تعارض ،فتمغى
النصوص القديمة ضمنيا ،و القضاء الفرنسي أخذ باإللغاء الضمني ،حيث قضى بان اإللغاء
الضمني يظير نتيجة تعارض بين النظام القانوني الجديد و النظام القانوني القديم ضمنيا ،وىذا
،"Syndicat des avocats de "Franceحيث قضى ما يظير خالل حكمو في قضية
شل و إعدام المجمس إن اإللغاء الضمني و اإللغاء الصريح يتفقان في الغاية و اليدف ،وىو
اثأر القرار بالقياس لممستقبل ،ولكن الفقيو فالين لو رأي مخالف ،فيذىب إلى القول بأن ":إجالل
قرار جديد محل قرار سابق (القرار الضمني) ،ال يرتب مع ذلك نفس اآلثار القانونية التي تترتب
لو":بأن الالئحة عمى اإللغاء الصريح ،وليس لو نفس الطبيعة القانونية ،ويدل عمى ذلك بقو
العامة ال تمغي الالئحة الخاصة بطريقة ضمنية ".
وىذا الرأي ىو ترديد لمقاعدة المستقرة في القانون ،بأن الخاص يقيد العام ال العكس ،
فإلغاء الالئحة قد يكون صريحا كما قد يكون ضمنيا ،وقد يكون كامال باإللغاء الكمي لمقرار
اإلداري ،وقد يكون جزئيا بأن ينصب عمى جزء من القرار مع ترك األخرى سميمة ،وىو ما
يعرف بتعديل القرار.2
- 1حسني درويش عبد الحميد ،نياية القرار اإلدارة بغير طريق القضاء ،مرحع نفسو ،ص.568
71
اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل الثاني
فاإلدارة ىي وحدىا التي تستطيع تقدير المصمحة العامة في بقائو أو عدم بقائو ،فإذا
استبان ليا بقاء المرفق العام ،ووجدت فيو سبيال لتحقيق خدمات الجميور بطريقة مرضية و إال
قامت بإلغائو.
ويرى األستاذ "البير" أن إلغاء المرفق العام ىو حق قانوني لو شرعية حتى وأن بدا غير
مالئم ،إذا أن اإلدارة ىي وحدىا التي تستطيع تقدير المصمحة العامة في بقائو أو عدم بقائو،
وىدا الحق وان كان ظاى ار إذا ما كانت السمطة التشريعية ىي التي تقوم بإ لغاء المرافق العامة
إال أنو ال تقل وضوحا بالنسبة لحق السمطة اإلدارية في القيام بيذا طالما أن استعماليا ليذا
الحق لم يشبو عيب االنحراف بالسمطة.1
ب -إلغاء الوظائف العامة:
القاعدة المستقرة فقيا وقضاء سواء في فرنسا أو مصدر وحتى الجزائر أن عالقة المرافق
باإلدارة ىي عالقة الئحة تنظيمية تحكميا القوانين و الموائح ،ويجوز لإلدارة في كل وقت أن
تعدل الموائح أو تمغييا ،أو أن تستبدل بيا غيرىا وفقا لمقتضيات المصمحة العامة ،وقد يكون
إلغاء الوظائف العامة نتيجة إلغاء المرافق العامة ،ومعنى ذلك أن المراكز النظامية العامة التي
أنشأتيا القوانين و الموائح ىي مراكز مؤقتة وقابمة لمتغيير في كل وقت وفقا لمقتضيات
المصمحة العامة ،وأيضا ليس لمموظف حق مكتسب في إبقاء الالئحة مطبقة إذا أرادت اإلدارة
إلغاؤىا.
إن لجية اإلدارة حق إلغاء الوظائف العامة العتبارات تتعمق بمصمحة المرفق وان
لصاحب الشأن التعويض عنيا ينالو من ضرر جراء إلغاء الوظيفة ،ويعد إلغاء الوظائف العامة
من أسباب إنياء خدمة الموظف ،وأن عمة ذلك ىي المصمحة العامة التي يجب أن تعمو عمى
المصمحة الخاصة ،فيفصل الموظف متى اقتضت ضرورات المصمحة العامة االستغناء عن
الوظيفة التي كان يشغميا الموظف.
- 1حسني درويش عبد الحميد ،نياية القرار اإلدارة بغير طريق القضاء ،مرحع نفسو ،ص.569
72
اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل الثاني
ففي ىذه الحالة ال يستحق الموظف إال المرتب السابق مع إلغاء الوظيفة وليس لو الحق
مكتسب في تقاضي مرتبو اعتبا ار من تاريخ إلغاء الوظيفة ،وبتالي تنشأ عالقات قانونية جديدة
منشأىا القانون مباشر كحق الموظف في مكافأة أو معاش ،فالموظف ليس لو الحق في
االحتفاظ بمستوى مرتبو ألنو قابل لمزيادة أو النقص بق اررات فردية من السمطة الرئاسية،فإذا
كانت المصمحة العامة مبرر اإللغاء بعض الوظائف العامة ،فيجب عمى الجية المقابمة عدم
اإلضرار بالوظيفة العامة.1
الفرع الثاني :القرار التنظيمي المعيب:
يحق لإلدارة القيام بإلغاء الق ار ارت التنظيمية المعيبة ،لكن يجب أن يكون ىنالك قيد زمني
مع سمطة اإلدارة في اإللغاء من تأجيل استقرار التعامل اإلداري القانوني ،والسيما بالنسبة
لمق اررات التنظيمية التي تطبق تطبيقا فرديا وتولد حقوقا مكتسبة األفراد ،لذا أجمع الفقو واالجتياد
اإلداريان عمى حق اإلدارة باإللغاء خالل ميعاد الطعن باإللغاء القضائي ،وفي حال مرور ىذه
المدة يتحصن القرار ضد اإللغاء اإلداري ،أما في حال تغير الظروف الواقعية و القانونية التي
أدت إلى اتخاذ القرار التنظيمي سمح لألفراد بعد فوات مدة الطعن القضائي المجوء إلى اإلدارة
و الطمب منيا إلغا ء ىذا القرار الذي فقد مبرر وجود وأصبح غير قانوني ،وعمى اإلدارة
االستجابة لطمب األفراد إعماال لمبدأ المشروعية.
أوال :ميعاد اإللغاء اإلداري:
لقد استقر القضاء الفرنسي عمى أن سمطة اإلدارة في إلغاء أو سحب ق ارراتيا التنظيمية
المعيبة تتقيد بمدة الطعن القضائي ،وا لتي بانقضائيا تكتسب الق اررات الحصانة ،يمتنع التعرض
ليا بالسحب أو اإللغاء ،فقد قيد الفقو الفرنسي سمطة اإلدارة في إلغاء ق ارراتيا التنظيمية بمبدأ
استقرار اآلثار الفردية لمق اررات اإلدارية ،بقصد تأمين استقرار المعامالت القانونية في نطاق
اإلدارة العاممة ،ولن بأني ىذا االستقرار إال من خالل ومنع قيد زمني عمى سمطة اإلدارة في
إلغاء ق ارراتيا المعيبة.
- 1حسني درويش عبد الحميد ،نياية القرار اإلدارة بغير طريق القضاء ،مرحع نفسو ،ص.574،573
- 2حسني درويش عبد الحميد ،نياية القرار اإلدارة بغير طريق القضاء ،مرحع نفسو ،ص.574،573
74
اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل الثاني
غيرىا من األسباب التي تبرر إلغاء الق اررات التنظيمية ،وفي حالة رفض اإلدارة يقتصر الطعن
عمى طمب إلغاء الالئحة فلصاحب الشأن أن يطعن في قرار الرفض أمام مجمس الدولة إللغائو،
ولكن النتيجة المترتبة عمى فوات مدد الطعن القضائي ىي تحصن القرار ويمتنع عمى جية
اإلدارة أن تنال منو سواء بالسحب أو اإللغاء.
أما فيما يتعمق بإلغاء اإلدارة لق ارراتيا التنظيمية المعيبة التي تحصنت بفوات مدد الطعن
القضائي بناء عمى طمب األفراد فيي تتمتع بشأنيا سمطة المالئمة ونطمقيا مقصور عمى ىذا
النوع من الق اررات ،ويرجع ذلك إلى أن طريق القضاء اسند أٌمام األفراد نتيجة فوات مدد الطعن
القضائي.1
أن القضاء أطمق يد اإلدارة في إلغاء ق ارراتيا التنظيمية المعيبة في أي وقت وسيتم ىذا
التدخل بنوع من المالئمة باختيار وقت تدخميا إال أن اإلدارة مع ذلك تمتزم بالتدخل إللغاء
الالئحة بناء عمى طمب األفراد أو تمقاء نفسيا.
ىذه األحوال ممزمة باحترام مبدأ ويرى البعض من الفقو المصري أن اإلدارة في مثل
المشروعية وعدم االمتناع عن تطبيق الالئحة التي انتيى القضاء بخروجيا عمى أحكام
القانون.2
ثالثا :أثار اإللغاء اإلداري:
إ ّنن إلغاء القرار اإلداري التنظيمي يقتصر عمى المستقبل مع بقاء اآلثار القانونية التي
تمت في الماضي ،فميس من أثار اإللغاء أن يمحو في الماضي اآلثار التي ترتبت عمى سريانو
سميما .وسيتم دراسة أثار اإللغاء ضمن النقاط التالية:
-1إلغاء الق اررات التنظيمية المتعمقة بالموظفين :
كقاعدة عامة فإن عالقة الموظف باإلدارة عالقة تنظيمية تحكميا القوانين و الموائح
الصادرة في ىذا الشأن ،فمركز الموظف مركز قانوني عام ،يجوز تغييره وتعديمو في كل وقت،
- 1سميمان محمد الطماوي ،مبادئ القانون اإلداري ،الطبعة الخامسة ،ص .857
- 2حسني حسني درويش عبد الحميد ،نياية القرار اإلداري بغير طريق القضاء ،مرجع نفسو ،ص.582
75
اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل الثاني
وال يجوز لمموظف أن يطالب باستمرار بقاء الالئحة التنظيمية مطبقة في المستقبل،ومن ىذا
المنطمق تستطيع اإلدارة أن تمغي ق ارراتيا اإلدارية التنظيمية التي تصدرىا بشأن الموظفين
بالنسبة لممستقبل.
وترتب عمى ذلك منذ صدور الالئحة والقرار اإلداري التنظيمي الجديد ،فإن الموظفين
الذين ينطبق عمييم ىذا القرار أو الالئحة ،يستعطون أن يطالبوا بالمزايا السابقة التي تزيد عن
المزايا الجديدة أو ال يستطعون المطالبة بتمك المزايا أصال إذا ما كان القرار التنظيمي الجديد
قد ألغاىا.1
وقد استقر عمى ذلك قضاء مجمس الدولة الفرنسي،حيث قضى بأن المزايا الناشئة
لمصمحة الموظفين من تنظيم إداري معين معمقة عمى شرط بقاء ىذا التنظيم ،وأن ىذه المزايا ال
تعوق اإلدارة في ممارسة حقيا في إعادة النظر في التنظيم .
لقد قضى القضاء الفرنسي بأن اإلدارة عند إصدارىا الالئحة أو القرار اإلداري التنظيمي
الجديد ال تستطيع أن ترجع تطبيق النص الذي ألغى المزايا الممنوحة لمموظفين إلى تاريخ سابق
عمى صدوره ،لكن القضاء اإلداري المصري خرج عمى قضاء مجمس الدولة الفرنسي ،وعالج
ىذا اإلطالق وضبط حدوده فقد قيد سمطتو في ىذا الشأن بعدم المساس بحقوق ذاتية ،اكتسبت
في ظل نظام سابق 2قد يتطمب القضاء اإلداري أن يكون ىذا التعديل أو السحب بإجراء عام ال
بموجب إجراء فردي و أال يكون قد صدر بو جزاء تأديبي لشخص الموظف .وقد حدد القضاء
الحاالت التي يحرم فييا الموظف من درجتو :
الحالة األولى :نص في القانون.
الحالة الثانية :بحكم تأديبي صادر ضده.
- 1حسني حسني درويش عبد الحميد ،نياية القرار اإلداري بغير طريق القضاء ،مرجع نفسو ،ص .583
- 2المرجع نفسو ،ص.591
76
اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية الفصل الثاني
- 1حسني درويش عبد الحميد ،نياية القرار اإلداري بغير طريق القضاء ،مرجع سابق ،ص.591،592
- 2المرجع أعاله،ص.594
77
خاتمة
في ىذه الدراسة ركزت عمى الق اررات اإلدارية من ناحية السحب واإللغاء والرقابة
السمطة من امتيازات واسعة وأحيانا استثنائية زاد من عمييما ،وقد تبين أن ما تتمتع بو
وقوعيا في الخطأ ،األمر الذي تتطمب أحيانا القيام بسحب أو إلغاء ىذه الق اررات اإلدارية
تماشيا مع مقتضيات العمل.
فاإلدارة تتمتع بسمطة تقديرية واسعة تعبر عنيا عن طريق إرادتيا المنفردة والممزمة
من خالل تصرف أو نشاط يصدر بمقتضى القوانين أو األنظمة لبموغ ىدفيا أو غاية تنشئ
أو تعدل التزاما أو مرك از قانونيا وان مشروعية ىذا التصرف تتحدد بمعرفة أركانو سواء ما
تعمق بشكل التصرف أو موضوعو.
ولقد تبين أن تحصين الق اررات اإلدارية ىو من األمور التي تثير الجدل والنقاش في
نظام ا لقانون والقضاء اإلداري ،باعتبار أن القرار اإلداري ىو سالح بيد اإلدارة وأداة لمظمم
والتعسف في حق األفراد إذا ما تجاوز حدوده ،مع أن اليدف من أي قرار ىو تحقيق
المصمحة العامة متى لو لم يقر بذلك القانون.
ية إذا ما شابو ىذه فاإلدارة سمطة تتمثل أساسا في سحب أو إلغاء ق ارراتيا اإلدار
األخيرة عيب من عيوب المشروعية وذلك تصحيحا لما ارتكبتو اإلدارة من أخطاء .
وبعد معالجتنا لمختمف جوانب الموضوع توصمنا إلى اإلجابة عمى اإلشكالية المطموبة
لمبحث:
إن اإلدارة عند سحبيا والغائيا لق ارراتيا تكون سمطتيا تقديرية حيث إذا ما رأت اإلدار ة
أن القرار غير مشروع وفيو مساس لحقوق األفراد ،فإن ليا سمطة سحبو أو إلغائو ،واستثناء
يجوز ليا سحب ق ارراتيا المشروعة إذا كانت ال تولد حقوقا مكتسبة لألفراد .
ومن خالل الدراسة السابقة لموضوع نياية القرار اإلداري بغير طريق القضاء توصمنا
إلى النتائج التالية:
78
خاتمة
في حالة ما إذا شاب قرار اإلدارة عيب من العيوب فإن اإلدارة تمجأ إلى إلغاء القرار
اإلداري.
يترتب عمى سحب الق اررات اإلدارية إلغاء كافة اآلثار الناشئة عنو .
قد يكون السحب كميا كما قد يكون جزئيا ،أي يمس جزء من القرار دون اآلخر .
األصل أن يقوم سحب القرار اإلداري غي ر المشروع بطريقة صريحة ،إال أنو يجوز
أيضا أن يتم السحب بطريقة ضمنية .
ال يجوز أن تؤدي سحب الق اررات اإلدارية غير المشروعة إلى توقف واعاقة السير
المنتظم لممرافق العامة باطراد أي بأي حال من األحوال ،فإذا وقع بين سحب قرار
إداري غير مشروع وبين مبدأ انتظام وحسن س ير المرافق العامة ،فإذا األولوية لذلك
المبدأ األخير.
يعتبر سحب القرار اإلداري ق ار ار إداريا جديدا ،ىو في ذلك يخضع لكل ما تخضع لو
الق اررات اإلدارية من قواعد وأحكام ،بما فييا قابميتو لمتظمم منو والطعن فيو قضائيا .
إن انقضاء المدة القانونية عمى القرار غير المشر وع دون سحبو إداريا ،أو إلغائو
قضائيا ،وبالتالي تحصنو ال يؤدي إلى إغالق الباب نيائيا في وجو المتضرر .
ولتفادي ىذه المشكمة العويصة المتعمقة بسحب والغاء الق اررات اإلدارية نستطيع من خالل
ىذا البحث الخروج بعدة توصيات لعميا تقمل من عممية سحب والغاء الق اررات اإلدا رية ومن
أىميا:
يجب عمى اإلدارة قبل أن تصدر أي قرار قبل التأكد من مشروعية ىذه الق اررات .
يجب أن تحدد التشريعات وبدقة مواعيد سحب الق اررات اإلدارية ،وبشكل تفصيمي
المسائل التي تنظميا الق اررات ،وأن تعطي الميمة الكافية لإلدارة بحسب طبيعة القرار .
سحب الق اررات اإلدارية غير المشروعة يجب أال يعيق السير الحسن لممرافق العامة.
79
خاتمة
رفع القيود الشكمية عمى اإلدارة في حالة سحب الق اررات المعيبة حتى تسرع من عممية
النشاط اإلداري.
الحقوق التي تكتسب عن طريق الق اررات الخاطئة يجب أال تتحصن بقيد زمني معين .
تعطي األفراد الق اررات الممغاة والمسحوبة في حالة وضع قوانين تمزم اإلدارة بأن
لجوءىا إلى القضاء.
وأخيرا ،فإنو نظ ار ألىمية ىذا الموضوع ،فإني أىيب بالمشرع بأن يقوم بتقنينو في صورة
نظرية متكاممة ،مستعينا في ذلك بما استقر عميو العمل ومستيديا بأحكام المحاكم اإلدارية،
وآراء الفقياء ،وبما يتم اشى وظروف اإلدارة في بمدنا ،وذلك من أجل االرتقاء بمستوى اإلدارة
العامة وحسن سير المرافق العامة ،التي تعتبر شريان الحياة في ىذا العصر .
وفي الختام نرجو أن نكون قد استطعنا تسميط الضوء عمى جزئية سحب والغاء الق اررات
اإلدارية وأن يكون بحثنا ىذا مفيدا حيث ينتفع بو الطالب مستقبال.
80
قائمة المراجع
مراجع العامة
-1حمدي ياسين عكاشة ،موسوعة القرار اإلداري في قضاء مجمس الدولة ،الجزء الثاني
.2010
-2سميمان محمد الطماوي ،النظرية العامة لمق اررات اإلدارية ،دراسة مقارنة ،الطبعة ،5دار
الفكر العربي ،القاهرة.2007 ،
-3سهيل ادريس ،القاموس عربي-عربي المنهل ،دار األدب لمنشر والتوزيع ،طبعة ،16
بيروت .2016
-4شريف يوسف حممي خاطر ،القرار اإلداري ،دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية ،القاهرة،
.2007
-5عبد العزيز عبد المنعم خميفة ،الق اررات اإلدارية ،الصور والنفاذ ووقف التنفيذ واإللغاء في
الفقه وقضاء مجمس الدولة ،بدون طبعة ،دار محمود لمنشر والتوزيع ،القاهرة.
-6عبد العزيز ،عبد المنعم خميفة ،الق اررات اإلدارية في الفقه وقضاء مجمس الدولة ،منشأة
المعارف ،اإلسكندية.2007،
-7عمار بوضياف ،القرار اإلداري ،دراسة تشريعية قضائية فقهية ،طبعة أولى ،الجسور لمنشر
والتوزيع ،الجزائر.2007 ،
-8عمار عوابدي ،نظرية الق اررات اإلدارية بين عمم اإلدارة العامة والقانون اإلداري ،دون طبعة
،دار هومة ،الجزائر.2009 ،
81
قائمة المراجع
-9عمار عوابدي ،نظرية المسؤولية اإلدارية(،دراسة تأصيمية ،تحميمية ،مقارنة) ،دون طبعة،
دار المجد ،الجزائر.1989 ،
-10عبد العزيز عبد المنعم خميفة ،األسس العامة لمق اررات اإلداري ،دار الفكر الجامعي،
اإلسكندرية.
-11عمار عوابدي ،القانون اإلداري ،الجزء الثاني ،النشاط اإلداري ،طبعة ،2000ديوان
المطبوعات الجامعية ،الجزائر.
-12محمد الصغير بعمي ،الق اررات اإلدارية ،دون طبعة ،دار النشر والتوزيع ،الجزائر،
.2005
-13محمد الصغير بعمي ،المحاكم اإلدارية(الغرف اإلداري) ،دار العموم لمنشر والتوزيع،
عنابة.2004 ،
-14محمد أنور حمادة ،الق اررات اإلدارية ورقابة القضاء ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية،
.2004
-15محمد فؤاد عبد الباسط ،القرار اإلداري ،دار الجامعة الجديدة لمنشر ،اإلسكندرية.2005 ،
-16نجم عميوى خمف ،مبدأ عدم الرجعية في الق اررات اإلدارية ،دار الجامعة الجديدة،
اإلسكندرية.2016 ،
-17وابل رشيد ،بالعروسي أحمد التيجاني ،قانون الوظيف العمومي ،دار هومة ،بوزريعة،
.2003
82
قائمة المراجع
-19نواف كنعان ،القانون اإلداري ،الكتاب الثاني ،الطبعة األولى ،دار الثقافة لمنشر والتوزيع،
األردن.
مراجع الخاصة:
-1حسني درويش عبد الحميد ،نهاية القرار اإلداري بغير طريق القضاء ،دار الفكر العربي،
القاهرة ،طبعة .1989
-2عبد العزيز عبد المنعم خميفة ،اإلنهاء اإلداري لمق اررات اإلدارية ،الطبعة األولى ،المكتب
الجامعي الحديث.2015 ،
-3سالم بن سممان الشكيمي ،نظرية سحب الق اررات اإلدارية ،الطبعة األولى ،دار النهضة
العربية ،القاهرة .2016،
المقاالت العممية:
-1أحمد اسماعيل ،أثر تغير الظروف القانونية والواقعية في الق اررات اإلدارية ،مجمة جامعة
دمشق لمعموم اإلتصادية والقانونية ،العدد األول ،المجمد العشرين ،كمية الحقوق ،جامعة دمشق،
.2004
الرسائل العممية:
-1عقيمة بوحديد ،خديجة سعيدي ،نهاية القرار اإلداري ،مذكرة ماستير ،كمية الحقوق والعموم
سياسية ،جامعة 8ماي ،1945السنة الجامعية .2016-2015
-2نبيل عبة ،آلية سحب الق اررات اإلدارية ،مذكرة ماستار ،كمية الحقوق والعموم السياسية،
جامعة بسكرة.2014-2013 ،
83
قائمة المراجع
األحكام القضائية:
1- Bounard. Rouger, Precis De Droit Administratif, Librairie Générale De Droit, Paris, 1943.
2- Forget – Jean Pierre, Le Régime Juridique Et Administratif Du Permis Construire, J. Dalmas, Paris, 1977
84
الفهرس
إىداء
شكر
ثانيا :طبيعة وأساس السحب اإلداري لمق اررات اإلدارية12 ................ ..................
المبحث الثاني :آثار سحب الق اررات اإلدارية والرقابة عمييا38............ .................
الفرع الثاني :إعادة األوضاع إلى ما كانت عميو قبل صدور القرار المسحوب39 ............
الفرع األول :األسس القانونية لمسؤولية اإلدارة عن الق اررات اإلدارية46 .....................
ثانيا :إلغاء الق اررات غير التنفيذية والق اررات السمبية59........... ..........................
ثانيا :إلغاء الق اررات لتغير الظروف المادية إلصدارىا63 ............ .......................
الفيرس.
مخلص المذكرة
يعد القرار اإلداري أهم الوسائل القانونيٌ التً نقوم اإلدارة من
خاللوا بالقيام بأعبائوا وظائفوا بودف تحقيق المصلحٌ العامٌ و خدمٌ
األفراد إن لنفاذ القرار اإلداري حد ينتوً إليى ويزول بى القرار وهو
مرحلٌ األخيرة من حياة القرار اإلداري وهو ما يعرف بنوايٌ القرار
اإلداري عن طريق تدخل اإلدارة وذلك عن طريق سحب القرار
اإلداري أو عن طريق إلغائى .
إن السحب و اإللغاء للقرارات اإلداريٌ يعدان من أهم الوسائل
القانونيٌ التً تتمتع بوا اإلدارة إلنواء القرار اإلداري ،فالسحب هو
إعدام القرارات اإلداريٌ المعبيٌ و إعدام أثارها بالنسبٌ للماضً و
المستقبل ،لكن ذلك يكون بشرط مرتبط بالمدة القانونيٌ المحددة مع
تطبيق اإلستثناءات الواردة عليى ،أما اإللغاء اإلداري فوو إبطال و إنواء
اآلثار القانونيٌ التً تمخضت عنوا بالنسبٌ للمسقبل فقط ،إذ أن اإللغاء
...بعد العمليٌ القرارات اإلداريٌ ال يمس إال المراكز القانونيٌ التً
اإللغاء مع ترك اآلثار القانونيٌ التً تولدت فً الماضً .