You are on page 1of 87

‫وزارة التعليــم العالـي والبحـث العلمـي‬

‫‪Ministère de l’Enseignement Supérieur et de la Recherche Scientifique‬‬

‫جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم‬


‫المرجع ‪8 :‬‬ ‫كمية الحقوق و العموم السياسية‬
‫قسم القانون العام‬

‫مذكرة نهاية الدراسة لنيل شهادة الماستر‬

‫إلغاء القرار اإلداري وسحبه‬

‫ميدان الحقوق و العموم السياسية‬


‫التخصص‪ :‬القانون اإلداري‬ ‫الشعبة‪. :‬حقوق‬

‫تحت إشراف الدكتور‪:‬‬ ‫الطالب ‪:‬‬


‫ة‬ ‫من إعداد‬
‫محمد كريم نور الدين‬ ‫بوجمعة سعدية‬

‫أعضاء لجنة المناقشة‬


‫رئيسا‬ ‫عباسي عبد القادر‬ ‫األستاذ‬
‫مشرفا مقر ار‬ ‫محمد كريم نور الدين‬ ‫الدكتور‬
‫مناقشا‬ ‫بوسحبة جياللي‬ ‫األستاذ‬

‫السنة الجامعية‪2019/2018 :‬‬


‫نوقشت يوم‪2019/07/01:‬‬
‫بسم اهلل الرحمان الرحيم‬

‫قال اهلل تعالى ‪:‬‬

‫س ُحوا‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫سحوا ِفي ا ْملم ِ‬


‫ال‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫يل‬ ‫ين َآم ُنوا إِ َ ا ِ‬
‫ق‬ ‫ِ‬ ‫َّل‬
‫َ‬ ‫ْم‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َّل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْم‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫{ َيا أ َُّي َها ال َ َ‬
‫ين َآ َم ُنوا‬ ‫يل أبشروا فأبشروا َي ْمرفَ ِ اللَّل ُو الَّلِ َ‬ ‫س ِ اللَّل ُو لَ ُ ْمم َوِا َ ا ِق َ‬ ‫َي ْمف َ‬
‫ير }‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫َ‬ ‫ون‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫و‬
‫ُ‬ ‫َّل‬
‫الل‬ ‫و‬ ‫ين أُوتُوا ا ْمل ِع ْملم َ ر ٍت‬
‫ات‬ ‫َ‬ ‫ِم ْمن ُ م والَّلِ‬
‫ٌر‬ ‫َ ْم َ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫ْم َ‬

‫سورة الم ا لة آية ‪11‬‬


‫إه ــــــ اء‬
‫الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم عمى خاتم األنبياء المرسمين‬

‫أىدي ىذا العمل‬

‫من ربتني أنارت دربي و أعانتني بالصموات والدعوات‪ ،‬إلى أغمى إنسان في ىذا الوجود أمي‬
‫الحبيبة‬

‫إلى من عمل بكد في سبمي و عممني معنى الكفاح‬

‫أبي رحمو اهلل‬

‫الى إخوتي و أخواتي واألصدقاء و زميالتي إلى جميع أستاذة القسم قانون اإلداري الى طمبة سنة‬
‫الثانية ماستر دفعة ‪.2019‬‬
‫شــــ ـــر‬
‫الحمد هلل نستغفره والذي وىبني التوفيق والسداد‬

‫ومنحني الرشد والثبات وأعانني عمى إتمام وكتابة ىذا العمل المتواضع‬

‫والصالة والسالم عمى رسولو أزكى صالة الذي أوصانا بالعمم والمعرفة‪.‬‬

‫أتقدم بجزيل الشكر وعظيم التقدير وخالص واالمتنان والعرفان بالجميل‬

‫إلى األستاذ الفاضل " محمد كريم نور الدين " و أعضاء لجنة المناقشة‬

‫عمى تكرمو باإلشراف عمى مذكرتي ونصائحو القيمة وتصويباتو‬

‫السديدة فجزاه اهلل خي ار و أسألو أن يثيبو خير الثواب‪.‬‬

‫كما ال يفوتني ان أتقدم بالشكر الجزيل لجميع أساتذتنا الكرام واألفاضل‬

‫الذين كانوا لنا خير عون طيمة السنوات الدراسية‪.‬‬


‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫تعود نظرية سحب الق اررات اإلدارية بجذورىا إلى العام الثالث من بداية الثورة الفرنسية‬
‫"نظرية الوزير القاضي العام "‪،‬حتى استقرت بصورتيا‬ ‫حيث ظيرت في البداية تحت مسمى‬
‫ومظيرىا الجديد‪،‬و كان لمقضاء اإلداري دو ار كبي ار في صياغة شروط و قيود عمى سمطات‬
‫القررات‪.‬‬
‫اإلدارة في سحب ا‬
‫وفي إطار دراستنا لنظرية سحب الق اررات اإلدارية‪ ،‬و التي تدخل ضمن إطار ما تبذلو‬
‫اإلدارة من رقابة ذاتية عمى مشروعية و مالئمة تمك الق اررات و سوف يتم تناولو كوسيمة إدارية‬
‫‪.1‬‬
‫نياية القرار اإلداري‬
‫سنتناول ذلك في مبحثين األول بعنوان األحكام العامة لسحب ال ق ار ارت اإلدارية والمبحث‬
‫الثاني بعنوان آثار السحب اإلداري‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬األحكام العامة لسحب الق اررات اإلدارية‪.‬‬

‫كمدخل إللقاء الضوء عمى سحب اإلدارة لق ارراتيا كان لزاما عمينا تناول مفيوم ىذا‬
‫اإلجراء و نطاقو في المطمب األول و كذا ميعاد السحب و الإلستثناءات الواردة عميو في مطمب‬
‫ثاني‪:‬‬

‫المطمب األول‪ :‬مفهوم و نطاق سحب الق اررات اإلدارية‪.‬‬


‫يعد القرار اإلداري أىم وسائل مباشر الوظيفة اإلدارية‪ ،‬فقد تجد اإلدارة نفسيا و ىي توم‬
‫يعد السحب اإلداري وسيمة في يد اإلدارة لإلنياء‪.‬‬
‫ق ارراتيا اإلدارية إال أن ىذا اإلنياء يكون ضمن نطاق معين فقد يمس الق اررات اإلدارية‬
‫الباطمة كما يمكن أن يمس كذلك الق اررات اإلدارية السممية‪.2‬‬

‫‪ - 1‬سالم بن سممان الشكيمي‪ ،‬نظرية سحب لق اررات اإلدارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬سنة ‪ ،2016‬القاىرة‪ ،‬ص‬
‫‪.47‬‬
‫‪ - 2‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪ ،‬اإلنياء اإلداري لمق اررات اإلدارية‪ ،‬الطبعة األولى المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬سنة ‪،2015‬‬
‫ص ‪.49‬‬

‫‪7‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫لى الماضي مزيال كل أثرتو‬ ‫فالسحب ىو إعدام ليذه الق اررات المعيبة كونو يرتد إ‬
‫القرار المعيب‪.‬‬
‫فاإلدارة ىنا ممزمة بالتدخل من أجل تصحيح األوضاع القانونية‪ ،‬فكمما صدر قرار غير‬
‫مشروع فإن سحبو يشكل التزاما يقع عمييا إذا ال تطبق إزاءه أي سمطة تقديرية وذلك لتفادي‬
‫تدخل القضاء من أجل سحب ىذه الق اررات‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم السحب اإلداري‬


‫بوظائفيا أنيا قد ارتكبت بعض األخطاء‪ ،‬كونيا اتخذت ىذه األعمال عمى عجل دون‬
‫النظر أو العودة إلى صحيح القانون‪ ،‬فنقوم بسحب الق اررات التي شبيا أحد عيوب المشروعية‪.‬‬
‫و لمقيام بعممية سحب الق اررات‪ ،‬فقد عمل القضاء إلى التوفيق بين المبدأين من خالل‬
‫تمكين اإلدارة من سحب ق ارراتيا المعيبة خالل فترة زمنية معينة عمى مدد الطعن القضائي ‪.1‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف السحب‪:‬‬
‫سنتناول التعريف المغوي وا الصطالحي لمسحب وكذلك التعريف الفقيي‪:‬‬
‫أ ‪-‬المفهوم المغوي و االصطالحي لسحب الق اررات اإلداري‪.‬‬
‫‪- 1‬السحب لغة‪:‬‬
‫ىو سل الشيء و انتزاعو من شيء آخر‪.‬‬
‫و يقال ‪:‬سحب ‪ ،‬يسحب‪ ،‬اسحب ‪،‬سحبا ‪:‬الشيء جره عمى األرض‪.‬‬
‫ويعني السحب أيضا استرداد‪ ،‬استرجاع‪ ،‬رجوع عن األمر ‪.2‬‬
‫وقد ورد ىذا المصطمح في القرآن الكريم لقولو تعالى ‪ {:‬إذ األغالل في أعناقيم و السالسل‬
‫يسحبون}‪.3‬‬

‫‪ - 1‬أحمد اسماعيل ‪ ،‬أٌثر تغير الظروف القانونية و الواقعية في الق اررات اإلدارية‪ ،‬مجمة جامعة دمشق العموم االقتصادية‬
‫والقانونية‪ ،‬العدد األول ‪ ،‬المجمد العشرين‪ ،‬كمية الحقوق ‪ ،‬جامعة دمشق ن ‪ ،20204‬ص ‪.08‬‬
‫‪ - 2‬سييل ادريس ‪،‬القاموس عربي‪-‬عربي المنيل‪،‬دار اآلداب لمنشر و التوزيع‪ ،‬ط ‪،16‬بيروت ‪ ،2016‬ص‪.254‬‬
‫‪ - 3‬اآلية ‪،71‬سورة غافر‪ ،‬القرآن الكريم‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪{:‬ربنا أبصرنا و سمعنا‬ ‫و يفيد في ىذه الحالة السحب معنى الجر‪ ،‬أما في قولو تعالى‬
‫فأرجعنا نعمل صالحا انا موقنون}‪ ،1‬وىنا يفيد الرجوع معنى األثر الرجعي ‪.‬‬
‫‪-2‬السحب اصطالحا‪:‬‬
‫السحب في القاموس ا لقانوني ‪" :‬ىو عممية اعدام آثار القرار بالنسبة إلى الماضي و‬
‫المستقبل بحيث يعتبر القرار كأنو لم يولد اطالقا ‪.‬‬
‫و ىو تجريد لمقرار اإلداري من قوتو القانونية اإللزامية ‪ ،‬ليس فقط آلثاره المستقبمية و انما‬
‫بالنسبة آلثاره في الماضي و المستقبل معا"‪.‬‬
‫ب‪ -‬مفهوم السحب في الفقه‪:‬‬
‫‪ -1‬في الفقه الفرنسي‪:‬‬
‫اختمف الفقو اإلداري حول تعريف سحب القرار اإلداري بسبب اختالف الزاوية التي‬
‫ينظر منيا كل واحد إلى موضوع السحب اإلداري لمقرارت اإلدارية ‪،‬فبعضيم ينظر إلى السحب‬
‫من خالل السمطة التي أو الجية التي أصدرت القرار بغض النظر عن طبيعة القر ار اإلداري‬
‫بحد داتو‪ ،‬في حين يرى البعض اآلخر عند تعريفو لمسحب إلى الطبيعة القانونية دون إغفال‬
‫لمسمطة مصدرة القرار اإلدارية‪.2‬‬
‫‪:‬محو الق اررات الفردية المعيبة بأثر رجعي عن‬ ‫فقد عرف الفقيو دلوبادير السحب بأنو‬
‫طريق مصدرىا‪ ،‬و ىدا التعريف يغفل ما لمسمطة الرئاسية من حق سحب الق اررات المعيبة التي‬
‫تصدر عن السمطات الدنيا‪.3‬‬
‫ويعرفو بونار بأنو ‪:‬العمل الدي ينيي القرار من قبل الجية اإلدارية التي أصدرتو و‬
‫أعتبرتو كأنو لم يكن‪.‬‬
‫ويدىب الفقو الفرنسي المعاصر إلى توسيع سمطة السحب لتشمل السمطة الرئاسية بحيث‬
‫يعرفو األستاد موزالل بأنو ‪:‬انياء رجعي لمقرار عن طريق مصدره أو السمطة الرئاسية‪.‬‬

‫‪ - 1‬اآلية ‪ ،12‬سورة السجدة ‪،‬القرآن الكريم‪.‬‬


‫‪ -2‬سالم بن سممان الشكيمي ‪،‬نظرية سحب الق اررات اإلدارية‪،‬نفس الرجع‪ ،‬ص‪.48‬‬
‫‪3 - Forget – jean pierre, le régime juridique et administratif du permis construire, j. dalmas, paris, 1977,p11.‬‬

‫‪9‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫في حين يرى كباغو بأنو ‪:‬القرار الذي بموجبو تسعى السمطة اإلدارية إلنياء قرار سابق‬
‫بصورة رجعية‪.‬‬
‫أما فورجي فيرى بأن ‪:‬السحب طريقة خاصة إلنياء القرار بأثر رجعي بإرادة مصدر القرار أو‬
‫سمطتو الرئاسية بالشروط التي حددىا القانون اإلداري‪.1‬‬
‫‪ -2‬في الفقه العربي‪:‬‬
‫يعرف األستاذ محمد فؤاد عبد الباسط السحب عمى أنو ‪:‬تجريد القرار من قوتو القانونية‬
‫اإللزامية ‪،‬ليس فقط بالنسبة آلثاره المستقبمية و إنما بالنسبة آلثاره في الماضي و المستقبل‬
‫السحب يمثل أحد اإلستثناءات التي ترد‬ ‫معا‪،‬بحيث يصبح الرار السحوب كأن لم يكن ‪،‬فقرار‬
‫عمى مبدأ عدم رجعية الق اررات اإلدارية‪.2‬‬
‫‪":‬السحب اإلداري لمق اررات اإلدارية غير‬ ‫وقد عرفو األستاذ عمار عوابدي عمى أنو‬
‫المشروعية بأثر رجعي ‪ ،‬كأنيا لم توجد اطالقا‪،‬فيو عممية قطع لجذوراآلثار القانونية لمق اررات‬
‫اإلدارية نيائيا‪،‬و تتم عممية السحب من طرف السمطات اإلدارية الوالئية و الرئاسية المختصة‬
‫في فصل المادة المقررة قانونا لعممية السحب"‪.3‬‬
‫أما الدكتور عمار بوضياف فيعرفو بأنو ‪":‬يقصد بسمطة السحب حق اإلدارة في إعدام‬
‫ق ارراتيا بأثر رجعي من تاريخ صدورىا‪،‬و تعد في ىذه الحالة كأن لم تكن ‪".‬و بذلك يمتي السحب‬
‫مع اإللغاء القضائي كون أن كل منيما يسري عمى الماضي‪،‬فيعدم القاضي ساعة اصداره‬
‫وبالضرورة يسقط أيضا كل آثاره و توابعو‪،‬مع وجود فرق كبير باعتبار أن السمطة التي تمارس‬
‫اإللغاء القضائي ىي السمطة القضائية‪.4‬‬

‫‪1 - bounard. Rouger, Precis de droit administratif, librairie générale de droit, paris, 1943, p 257.‬‬
‫جامعة ‪ 8‬ماي‬ ‫‪ - 2‬عقيمة بوحدية‪ ،‬خديجة سعيدي‪ ،‬نياية القرار اإلداري‪ ،‬مذكرة ماستر‪ ،‬كمية الحقوق و العموم سياسية‪،‬‬
‫‪ ،1945‬السنة الجامعية ‪ ،2016 ،2015‬ص ‪.34 -33‬‬
‫‪ - 3‬عمار عوابدي ‪،‬نظرية الق اررات اإل دارية بين عمم اإلدارة العامة و القانون اإلداري‪،‬دون ط ‪،‬دار ىومة ‪،‬الجزائر‪،2009،‬ص‬
‫‪.170‬‬
‫التوزيع‪،‬الجزائر ‪،2007 ،‬ص‬ ‫‪ - 4‬عمار بوضياف‪ ،‬القرار اإلداري‪ ،‬دراسة تشريعية قضائية فقيية‪،‬ط أولى‪ ،‬الجسور لمنشر و‬
‫‪.231‬‬

‫‪10‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫وغير بعيد عن ذلك يذىب األستاذ محمد الصغير ب عمي عمى أن السحب ىو ‪ " :‬اعدام‬
‫لمقرار و قمع جذوره‪ ،‬حيث يزيل و يمحو جميع األثار التي كانت قد ترتبت عمى تنفيذ القرار‬
‫اإلداري المحسوب في الماضين كما يقضي عمى كل اثاره في المستقبل و من ثم غيو يتمتع‬
‫خالفا لإللغاء بأثر رجعي استناد من مبدأ عدم الرجعية ‪.1‬‬
‫‪":‬السحب ىو‬ ‫أما الفقو المصري فقد ذىب الفقيو الدكتور سميمان محمد الطماوي إلى أن‬
‫عمى‬ ‫إلغاء بأثر رجعي " ‪،‬بحيث يتميز ىذا التعريف بالسيولة ‪،‬فيو يبين أن السحب ينطوي‬
‫جانبين ‪،‬يتمثل األول في إنياء الوجود المادي و القانوني لمقرار اإلداري‪،‬في حين يذىب الجانب‬
‫اآلخر إلى ازالة كل آثاره بالنسبة لمماضي و المستقبل‪ ،‬فيعيد األوضاع أو المراكز القانونية إلى‬
‫ما كانت عميو قبل صدور القرار المسحوب‪.‬‬
‫و في تعريف آخر لمسحب ذىب الفقيو طعيمة الجرف إلى أن السحب ىو ‪":‬انياء أو تجريد‬
‫لمق اررات اإلدارية من قوتيا القانونية بالنسبة لمماضي و المستقبل بأثر رجعي "‪.2‬‬
‫ويتضح لنا من جميع التعريفات السابقة أنيا تتفق في مضمونيا و حتى و إن اختمفت في‬
‫ألفاظيا‪،‬فيي تمتقي في كون أن السحب ىو محو لمقرار اإلداري‪ ،‬يترتب عميو الغاء كافة اآلثار‬
‫الناتجة عنو بالنسبة لمماضي و المستقبل ‪ ،‬و يعيد األوضاع إلى ما كانت عميو من قبل ‪.‬‬
‫القرار‬ ‫وعموما فإن سحب اإلدارة لقرارىا إماأن يكون صريحا بقرار يصدر عنيا يسمى‬
‫"الساحب"‪ ،‬أو قد تمجأ اإلدارة إلى سحب قرارىا ضمنيا‪ ،‬بأن تتخذ مسمكا أو ق ار ار يفهم منو‬
‫رجوعيا عن قرارىا غير المشروع‪.‬‬
‫وسحب القرار اإلداري غير المشروع قد يكون كميا شامال كل محتواه‪،‬و قد يكون جزئيا‬
‫ينصب عمى بعض أجزائو ‪ ،‬بحيث ينصب أثر السحب عمى ذلك الجزء المسحوب فقط‪ ،‬و في‬
‫ىذا تقول المحكمة اإلدارية العميا المصرية "يجب التفرقة بين سحب اإلدارة لمقرار الصادر منيا‬
‫كميا لتعيد إصداره عمى األساس القانوني السميم ‪ ،‬و في ىذه الحالة يصبح القرار المسحوب كأنو‬

‫‪ - 1‬محمد الصغير بعمي ‪،‬الق اررات اإلدارية‪،‬دون طبعة‪ ،‬دار النشر و التوزيع‪،‬الجزائر ‪،2005،‬ص ‪.49‬‬
‫‪ - 2‬سالم بن سممان الشكيمي‪ ،‬نظرية سحب الق اررات اإلدارية‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.49‬‬

‫‪11‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫لم يكن ‪ ،‬و تقوم اإلدارة ثانية في الوقت المناسب بإصدار القرار الجديد طبقا لألوضاع القانونية‬
‫الصحيحة التي أنشأىا ىذا القرار بما يترتب عمى ذلك من آثار و من تاريخ العمل بيذا القرار‬
‫الجديد و ليس من تاريخ سابق و بين سحب اإلدارة القرار جزئيا ‪،‬حيث يظل ىذا القرار قائما في‬
‫باقي أجزائو التي لم يتناوليا قرار السحب‪.1‬‬
‫و عميو فإن السحب اإلداري لمق اررات اإلدارية ىو أسموب أو تصرف قانوني من شأنو‬
‫إحداث تغيير في المراكز و المواضع القانونية في النظام القانوني القائم ‪ ،‬فالسحب اذن ىو‬
‫إنياء لمقرار اإلداري‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬طبيعة سحب القرار اإلداري واألساس القانوني لذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬طبيعة سحب الق اررات اإلدارية‪:‬‬
‫من المسمم بو أن اإلدارة و ىي تمارس مختمف النشاطات تممك سمطة إصدار ق اررات‬
‫إدارية بقصد احداث أو تعديل أو الغاء مراكز قانونية محددة تحقيقا لمصالح العام ‪ ،‬و في المقابل‬
‫ألفراد ‪،‬و تجنبا لجموح اإلدارة و طغيانيا تعسفيا‬ ‫فإن المشرع حماية و حفاظا عمى حقوق ا‬
‫وفقدأعطى المشرع لذوي الشأن الحق في اإلعتراض عمى الق اررات اإلدارية المشوبة بعيب من‬
‫عيوب عدم المشروعية ‪،‬و قد حدد لذلك طريقتين ىما ‪:‬التظمم اإلداري والطعن القضائي ‪،‬وىذا‬
‫‪2‬‬
‫ماسنوضحو فيما يمي‪:‬‬
‫أ‪-‬التظمم اإلداري‪:‬‬
‫يحق أل صحاب الشأن التظمم من الق اررات اإلدارية التي يعتقدون أنيا مشوبة بعيب من‬
‫عيوب عدم المشروعية ‪ ،‬سواء أمام مصدر القرار ‪ ،‬و يسمى التظمم الوالئي أو أمام السمطة‬
‫الرئاسية و يسمى التظمم الرئاسي‪.‬‬
‫فالتظمم أإلداري يقصد بو لجوء صاحب الشأن إلى الجية اإلدارية مصدرة القرار اإلداري‬
‫مدعيا عدم مشروعيتو طالبا إلغائو‪.‬‬

‫‪ - 1‬سالم بن سممان الشكيمي‪،‬نظرية سحب الق اررات اإلدارية‪،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.50،51‬‬
‫‪ - 2‬صالح حسين عمي العبد اهلل‪ ،‬سمطة اإلدارة في سحب القرار اإلداري‪،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪12‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫و يمتاز ىذا الطريق أي التظمم اإلداري بالسيولةو اليسر فيو من جانب يجنب اإلدارة و‬
‫صاحب المصمحة اجراءات التقاضي من حيث أمدىا و تكاليفيا ‪،‬و من جانب آخر يؤدي إلى‬
‫سرعة استقرار المراكز القانونية الغير مستقرة‪.‬‬
‫والتظمم من الق اررات اإلدارية إما أن يكون تظمما وجوبيا يمزم صاحب الشأن بالولوج اليو‬
‫قبل رفع دعواه أمام القضاء ‪،‬و أما أن يكون اختياريا يقدر المجوء اليو أو عدم القيام بذلك ‪.1‬‬
‫و تكمن أىمية التظمم اإلداري بالمحافظة عمى بقاء المدة المحددة لمطعن مفتوحة أمام األفراد‪،‬‬
‫إذ ال يفوت عمييم فرص الطعن أمام القضاء‪ ،‬و ذلك من خالل قطعو لمدة التقادم ‪ ،‬باإلضافة‬
‫عمى ذلك فالتظمم يسيل عمى اإلدارة إختصار الكثير من اإلجراءات ‪،‬و يعمل عمى تخفيف‬
‫النفقات التي يتطمبيا المجوء إلى القضاء من دفع رسوم و مصاريف و غيره‪ ،‬أي أن النزاع‬
‫ينتيي بطريق أيسر و أسىل‪.‬‬
‫والتظمم قد يكون اختياريا‪،‬كما ليس ثمة ما يمنع ان يكون التظمم وجوبيا عندما يمزم‬
‫القانون تقديمو إلى الجية اإلدارية صاحبة القرار ‪،‬و يترتب عمى إغفالة رفض قبول الدعوى ‪.2‬‬
‫حيث قضت محكمة القضاء اإلداري بعدم قبول الدعوى شكال لعدم القيام بالتظمم قبل‬
‫رفعيا "و حيث أنو عن وجو الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم سابقة التظمم ‪،‬و خالفا لما ذىبت‬
‫اليو الدائرة اإلبتدائية فإن القرار المطعون فيو ال يعد من بين الق اررات التي ال يمكن سحبيا‬
‫‪9‬‬ ‫ومن ثم فإنو يكون من الواجب التظمم منو قبل الطعن فيو لدى القضاء ‪،‬طبقاألحكام المادة‬
‫من قانون المحكمة"‪.‬‬
‫ومن الميم اإلشارة في ىذا الصدد بأن العبرة في حالة تعدد أو تعاقب التظممات بالتظمم‬
‫األول وحده ‪،‬و ىذا ما ذىبت إليو محكمة القضاء اإلداري " و حيث أنو من المسمم بو أن التظمم‬
‫الذي أوجبو المشرع بنص المادة ‪ 9‬من قانون محكمة القضاء اإلداري المشار اليو لم يشترط‬
‫تقديمو في صيغة معينة ‪،‬إال أنو يجب لكي يحدث أثره أن يشير المتظمم فيو إلى القرار إشارة‬

‫‪ - 1‬سالم بن سممان الشكيمي‪ ،‬نظرية سحب الق اررات اإلدارية‪،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.58‬‬
‫‪ - 2‬صالح حسين عمي العبد اهلل‪ ،‬سمطة اإلدارةفي سحب القرار اإلداري ‪،‬نفس المرجع‪،‬ص ‪.66‬‬

‫‪13‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫واضحة تنبىء عن عممو بصدوره و بفحواه خصوصا إذا لم يثبت سبق اخطاره بو ‪ .‬و حيث أنو‬
‫من المسمم بو أيضا أنو في حالة تعدد التظممات فإن العبرة في احتساب المواعيد انما يتم‬
‫انطالقا من التظمم األول"‪.1‬‬
‫ب‪ -‬الطعن القضائي‪:‬‬
‫القضاء اإلداري ىو الجية التي يمجأ الييا ذوي الشأن لمطعن في الق ارراإلداري لذا يمارس‬
‫القضاء سمطتو في مجال الرقابة عمى أعمال اإلدارة‪،‬و بإمكانو إلغاء ق ارراتيا متى انتيى إلى‬
‫نتيجة أنيا مشوبة بعيب عدم المشروعية ‪.‬‬
‫وباختصار فإ ن الطعن القضائي ىو الطريق أمام صاحب الشأن‪ ،‬فيي دعوى قضائية‬
‫يرفعيا صاحب الشأن إلى القضاء اإلداري طالبا فييا الغاء قرار اداري صدر مخالفا لمقواعد‬
‫القانونية النافذة‪.‬‬
‫و يتضح بأنيا دعوى مشروعية تيدف إلى بعث مشروعية القرار أمام القضاء‪،‬يطمب‬
‫الحكم بالغاء قرار إداري غير مشروع و آثاره القانونية من وقت نشأتو و زوال آثاره بأثر رجعي‬
‫نو يكفي لقبول ىذه الدعوى ان تتوافر مصمحة شخصية في رافعياو لو لم يكن صاحب حق‬
‫وبالرغم من اإلجراءات الطويمة و المعقدة إال أنيا تكفل ضمان حماية حقوق األفراد و حرياتيم‬
‫ضد تعسف اإلدارة‪.‬‬
‫وعميو فإن الرقابة القضائية ىي أسموب لتحقيق التوازن بين تمكين اإلدارة من تسيير‬
‫مرافقيا بما يحقق المصمحة العامة و بين حماية حقوق و حريات األفراد ‪.‬‬
‫وأيا كان لذوي الضأن الحق في اإلختياربين الطريق القضائي و اإلداري‪ ،‬و ذلك فيما‬
‫عدا ما نص عميو المشرع عمى جعل المجوء إلى التظ لم اإلداري وجوبيا ‪،‬أما اذا سمك صاحب‬
‫المصمحة الطريق اإلداري‪-‬التظمم اإلداري‪-‬و لكنو لم يحصل عمى حقو‪ ،‬و أشارت الجية اإلدارية‬
‫إلى وجية نظرىا و اعتبرت ان قرارىا مطابق مع صحيح القانون ‪ ،‬فإن لو الحق في أن يسمك‬
‫الطريق القضائي طالبا الحكم لو‪.‬‬

‫‪ - 1‬سالم بن سممان الشكيمي‪ ،‬نظرية سحب الق اررات اإلدارية‪،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.60‬‬

‫‪14‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫وترتيبا عمى ذلك فإن طبيع ة سحب القرار اإلداري ىي طبيعة إدارية ‪ ،‬فقرار السحب ما‬
‫ىو إال قرار إداري يخضع و بصفة عامة إلى ما تخضع لو الق اررات اإلدارية من أحكام ن‬
‫فالقرار المسحوب إذا كان سميما ال يجوز الرجوع فيو‪،‬إال طبقا لما ىو مقرر ‪ ،‬و أما اذا كان‬
‫غير مشروع فإنو ال يمكن الرجوع فيو إال خالل مدة الطعن‪.1‬‬
‫وىو ما استقر عميو الفقو في كل من فرنسا و مصر ‪،‬و ذلك عمى خالف األحكام‬
‫القضائية التي تتمتع بحجية الشيء المقضي بو ‪،‬و التي ال يجوز الطعن فييا إال وفقا لمطرق‬
‫التي حددىا القانون لمطعن في األحكام القضائية ‪.‬‬
‫األصل ان الحكم القضائي ىو الذي يكتسب ح جية الشيء المقضي بو ‪،‬و ىذه صفة‬
‫جوىرية تتصل باألحكام القضائية وحدىا ‪،‬أما ق اررات السحب الصادرة من اإلدارة ‪،‬فيي ق اررات‬
‫إدارية و ليست ق اررات قضائية ‪،‬و يرجع ذلك إلى اإلختالف في وظيفة كل من اقرار اإلداري‬
‫‪2‬‬
‫والحكم القضائي‪.‬‬
‫وعميو فإن السحب ما ىو إال قرار إداري ينط بق عمى كافة الق اررات افدارية و ىذا ما‬
‫اشار إليو الدكتور سميمان الطماوي بقولو ‪":‬إن السحب اإلداري يتم بقرار إداري يخضع لكافة‬
‫القواعد و الحكام المنظمة لمق اررات اإلدارية ‪،‬فالقرار المسحوب إذا كان سميما ال يجوز الرجوع‬
‫فيو إال وفقا لمحدود المقررة في ىذا الخصوص ‪ ،‬فإذا كان غير مشروع فإنو ال يمكن الرجوع فيو‬
‫‪3‬‬
‫اال في خالل مدد الطعن"‪.‬‬
‫‪ -2‬األساس القانوني لحق اإلدارة في السحب‪:‬‬
‫لم يعد حق اإلدارة في سحب الق اررات اإلدارية المعيبة محل خالف ‪ ،‬فمن دواعي‬
‫تصرفاتيا‬ ‫المصمحة العامة أن تصمح اإلدارة ما أفسدتو بخروجيا عمى مبدأ المشروعية ‪،‬و رد‬
‫إلى نطاق القانون إال أن الخالف بقي قائما حول التبرير أو األساس القانوني الذي يعطي‬
‫اإلدارة حقسحب ق ارراتيا المخالفة لمقانون ‪.‬‬

‫‪ - 1‬العبداهلل‪ ،‬صالح حسين عمي‪ ،‬سمطة اإلدارة في سحب القرار اإلداري‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.68،69‬‬
‫‪ - 2‬المرجع أعاله‪ ،‬ص‪.69‬‬
‫‪ - 3‬سميمان محمد الطماوي‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪،1974 ،‬ص ‪.782‬‬

‫‪15‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫تداعت عدة نظريات فقيية لتبرير حق اإلدارة في سحب الق اررات غير المشروعة ‪ ،‬و مع‬
‫ىذا فإن حديثنا يقتصر عمى نظريتين ىما نظرية الم صمحة اإلجتماعية و نظرية احترام مبدأ‬
‫‪1‬‬
‫المشروعية‪.‬‬
‫أوال ‪:‬مبدا المشروعية ‪:‬‬
‫إن مبدأ المشروعية أو ما يسمى بمبدأ سيادة القانون ىو عماد الدولة الحديثة ‪،‬وأساس‬
‫بنائيا و تنظيميا ‪،‬إذ ال يمكن أن يتصور في عصرنا الحالي وجود دولة ال تتبنى مبدأ‬
‫المشروعية ‪ ،‬و يعني مبدأ ال مشروعية بمعناه الضيق في مجال القانون اإلداري أن تكون‬
‫تصرفات اإلدارة في حدود القانون بمعناه الواسع الذي ال يشمل جميع القواعد العامة أيا كان‬
‫شكميا ‪.‬‬
‫ويترتب عمى مخالفة مبدأ المشروعية اإلدارية بطالن التصرفات اإلدارية المخالفة‬
‫وإعتبارىا باطمة و معدومة وفقا لمد ى جسامة المخالفة‪ ،‬فكل عمل او تصرف تأتيو اإلدارة‬
‫مخالف لمقانون أو ليس لو أساس قانوني يعد غير مشروع و يكون محل لمطعن فيو أمام‬
‫‪2‬‬
‫الجيات المختصة بواسطة الطعون اإلدارية و القضائية‪.‬‬
‫فسحب الق اررات يمثل جزاء لعدم المشروعية ‪،‬فتقوم اإلدارة بو ‪،‬و ذلك متى أدركت بنفسو ا‬
‫وجو عدم المشروعية فييا ‪ ،‬وذلك احترامالسيادة القانون ‪،‬و يتزعم ىذه النظرية الفقيو الفرنسي‬
‫ديجي الذي يرى أن األساس القانوني لحق اإلدارة في سحب ق ارراتيا المعيبة يستند إلى مبدأ‬
‫المشروعية‪ ،‬و ىذا المبدأ يجب أن يييمن عمى كافة تصرفاتيا‪ ،‬فإذا ما خرجت افدارة عن طريق‬
‫القانون و ىي تصدر ق ارراتيا ‪،‬وجب عمييا الرجوع في ق ارراتيا التي تعد مخالفة لمقانون‪ ،‬و‬
‫تستطيع أن تفعل ذلك في أي وقت كان ‪.3‬‬

‫‪ - 1‬سالم بن سممان الشكيمي‪ ،‬نظرية سحب الق اررات اإلدارية‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪،2009‬ص‬ ‫‪ - 2‬عمار عوايدي‪ ،‬نظرية الق اررات اإلدارية بين عمم اإلدارة العامة و القانون اإلداري‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.163‬‬
‫‪ - 3‬سالم بن سممان الشكيمي‪ ،‬نظرية سحب الق اررات اإلدارية‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.66‬‬

‫‪16‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫فعممية سحب القق اررات اإلدارية حق أصيل و ثابت مقرر لمسمطات اإلدارية و الوالئية و‬
‫الرئاسية المختصة ن أي النظام اإلداري لمدولة لممارسة ال تزاماتيا في مراقبة و مالئمة أعماليا‬
‫و تعديميا و الغائيا لمقتضيات و متطمبات و قواعد الشرعية القانونية ‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬نظرية المصمحة اإلجتماعية‪:‬‬
‫األصل ىو احترام الحقوق المكتسبة فيذا ما يستمزمو الصالح العام‪ ،‬إذ ليس من العدل‬
‫أن تيدر الحقوق‪ ،‬كما ال يتفقمع المصمحة العامة ‪ ،‬و ما ىو متفق عميو أن القرار اإلداري غير‬
‫المشروع من حيث طبيعتو القانونية‪ ،‬أنو قرار إداري يخضع لما تخضع لو تمك الق اررات اإلدارية‬
‫من أحكام ‪،‬ومن ثم يجوز لمجية اإلدارية سحبو ‪.1‬‬
‫و من ذلك و ان كان من حق اإلدارة سحب ق ارراتيا فإن ىذا الحق ليس مطمقا بل ىو‬
‫مقيد بقيد ين‪ ،‬أحدىما يتعمق بالقرار المطموب سحبو ‪،‬أما القيد الثاني فإنو يتعمق بالمدة التي‬
‫يجوز فييا السحب ‪،‬فسمطة السحب بالنسبة لإلدارة يفرضيا مبدأ المشروعية ‪ ،‬و ىذاه السمطة‬
‫ليا آثار خطيرة عمى مراكز األفراد المعنيين بالقرار اإلداري‪ ،‬ينبغغي أن تمارس خالل مدة زمنية‬
‫معينة ان تجاوزتيا اكتسب القرار حصانة ضد السحب ‪.2‬‬
‫و بالتالي و حسب ما ذىب اليو الفقو و القضاء المصريين عمى اعتبار الق ار اإلداري‬
‫الموصوم بعدم المشروعية يتحصن من السحب أو اإللغاء بمرور مدد الطعن القضائي ‪،‬اذا لم‬
‫يقم ذوي الشأن بالطعن عميو حيث يصبح ىذا القرار ال يقال مشروعا ‪ ،‬و إنماحيا بحكم الواقع‬
‫بيدف توفير الحماية القانونية لممراكز القانونية لألفراد ‪.‬‬
‫ويبدو أن نظرية المصمحة اإلجتماعية القت تأييدا و قبوال من جانب القضاء و حتى‬
‫الفقو‪ ،‬مغمبين مبدأ استقرار المراكز القانونية عمى مبدأ المشروعية و احترام القانون بيدف كفالة‬

‫‪ - 1‬العبداهلل‪ ،‬صالح حسين عمي‪ ،‬سمطة اإلدارة في سحب القرار اإلداري‪ ،‬المرجع سابق‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪،2014-2013‬‬ ‫‪ - 2‬نبيل عبو‪ ،‬الية سحب القرار اإلدارة‪ ،‬مذكرة ماستر‪ ،‬كمية الحقوق و العموم السياسية‪ ،‬جامعة بسكرة‪،‬‬
‫ص‪.17‬‬

‫‪17‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫سير المرافق‬ ‫استقرار الحقوق و توفير اإلستقرار لممراكز القانونية ‪ ،‬ىذا باإلضافة إلى حسن‬
‫العامة بإنتظام‪.1‬‬
‫وعميو يمكننا القول أن ذلك ما يفرض تقييد سمطة السحب من حيث الزمن ‪،‬فيتم اعطاء‬
‫اإلدارة زمنا معينا لممارسة ىذه السمطة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬نطاق سحب القرار اإلداري‪.‬‬
‫تقوم اإلدارة اثناء ممارستيا لمختمف انشطتيا بق اررات إدارية عديدة ‪ ،‬و األصل أنيا‬
‫تيدف إلى تحقيق المنفعة العامة‪ ،‬و ىذه الق ارراتالتي تصدرىا اإلدارة يمكن أن يكون بعضا منيا‬
‫سميما و متفق مع مبدأ المشروعية‪ ،‬في حيننجد البعض منيا غير سميم ن و بالتالي يكون‬
‫‪2‬‬
‫مخالفا لم بدأ المشروعية‪.‬‬
‫و من ىنا نجد كأصل عام أن لإلدارة الحق في سحب الق اررات اإلدارية المعيبة‪ ،‬كما‬
‫يحق ليا كاستثناء عن األصل العام سحب بعض الق اررات السميمة التي صدرت متفقة و مطابقة‬
‫ألحكام القانون‪.‬‬
‫أوال‪:‬سحب الق اررات اإلدارية السميمة‪:‬‬
‫القاعدة العامة في القانون اإل داري أنو ال يجوز لإلدارة أن تسحب ما يصدر عنيا من ق اررات‬
‫إدارية سميمة أو مشروعة تأسيسا عمى قاعدة عدم رجعية الق اررات اإلدارية‪،‬سواء تعمق األمر‬
‫بقرار فردي أو تنظيمي‪ ،‬و السبب في عدم جواز سحب اإلدارةلق ارراتيا المشروعة ىو ضمان‬
‫استقرار المراكز القانونية‪.3‬‬
‫وذىب العميد الطماوي في تأصيل ىذه القاعدة إلى القول أن القرار اإلداري السميم ال‬
‫يمكن سحبو تاسيساعمى مبدا عدم رجعية الق اررات اإلدارية‪ ،‬وذلك أن القرار الساحب فيما أبيح‬
‫لو سحب الق اررات اإلدارية السميمة سيكون رجعيا من حيث آثار المسحوب من تاريخ صدور‬

‫‪ - 1‬سالم بن سممان الشكيمي‪ ،‬نظرية سحب الق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.65 ،64‬‬
‫‪ - 2‬المرجع أعاله‪ ،‬ص ‪.68‬‬
‫‪ - 3‬عبد العزيز عبد المنعم خميفة‪ ،‬الق اررات اإلدارية في الفقو و قضاء مجمس الدولة‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪،2007 ،‬‬
‫ص‪.254‬‬

‫‪18‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫ىذا القرار األخير‪ ،‬و ليس ىناك سبب واضح و معقول لتحريم الرجعية في حالة الق اررات‬
‫التي تنشأ مراكز قانونية و اباحتيا بالنسبة إلى الق اررات التي تمغي مراكز قانونية‪.1‬‬
‫و قد استقر الفقو و القضاء في فرنسا و مصر عمى أن القرار اإلداري السميم ال يمكن‬
‫سحبو تأسيسا عمى مبدأ عدم رجعية القرار ات اإلدارية ‪ ،‬و كاستثناء عن األصل العام الذي ال‬
‫يمكن من خاللو سحب الق اررات اإلدارية السميمة ‪ ،‬فانو خرج استثناء عن ىذا األصل‪ ،‬في عدة‬
‫مواضيع اجاز سحبيا رغم أنيا مشروعة و ىي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬سحب الق اررات اإلدارية السميمة المتعمقة بفصل الموظفين ‪:‬‬
‫أجاز القضاء سحب الق اررات ا إلداريةالسميمة التي صدرت عنيا‪ ،‬و المتعمقة بفصل‬
‫الموظفين‪،‬و ذلك إلعتبارات تتعمق بالعدالة عن من صدرت ضدىم‪ ،‬إذ أن إعادة تعيين الموظف‬
‫الذي سبق فصمو قد يكون صعبا بسبب شروط و إجراءات التعيين‪،‬كما أن التعيين الجديد قد‬
‫يضر بالموظف من ناحية أقدميتو ‪.‬لذا يكون من السيل لإلدارة سحب قرار الفصل ‪ ،‬و بالتالي‬
‫يستمر الموظف في وظيفتو‪،‬إال أن جواز سحب ىذا القرار يشترط عدم تعيين موظف آخر مكان‬
‫الموظف المفصول حتى ال يتم المساس بحقوق الموظف الجديد ‪.2‬‬
‫و بمقتضى المرسوم التنفيذي رقم ‪ 127-90‬المؤرخ في ‪ 1990/05/15‬الذي يضبط‬
‫كيفيات التعيين في بعض الوظائف المدنية لمدولة المصنفة وظائف عميا ‪،‬فإنو يتناول في‬
‫مادتو‪ 31‬مايمي‪":‬إذا أنييت ميام عامل يمارس وظيفة عميا بسبب خطأ ارتكبو اعيد ادماجو في‬
‫رتبتو األصمية و لو كان زائدا عمى العدد المطموب‪ ،‬دون المساس عند اإلقتضاء بالعقوبات‬
‫التأديبية او الجزائيةالتي ينص عمييا التشريع الجاري "‪.3‬‬

‫‪ - 1‬سميمان محمد الطماوي‪ ،‬النظرية العامة لمق اررات اإلدارية دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة ‪ ،5‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاىرة‪،2007 ،‬‬
‫ص ‪.656‬‬
‫‪ - 2‬سالم بن سممان الشكيمي‪ ،‬نظرية سحب الق اررات اإلدارية‪،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.74‬‬
‫‪ - 3‬وابل رشيد‪ ،‬بالعروسي أحمد التجاني‪ ،‬قانون الوظيف العمومي‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬بوزريعة‪،2003 ،‬ص‪.44‬‬

‫‪19‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫و بالنسبة لإلستقالة فإنياال تقاس عمى الفصل ‪ ،‬ألن اإلستقالة تصرف ارادي من جانب‬
‫الموظف‪ ،‬و القرار الصادر بقبوليا يختمف عن قرار الفصل كجزاء تاديبي يكون باإلرادة المنفردة‬
‫لإلدارة‪.‬‬
‫و بالتالي فإن إعادة الموظف المفصول إلى الخدمة انما يع د استثناء من األصل العام ن‬
‫فال يجوز التوسع فيو و قياس اإلستقالة عميو‪.‬‬
‫ب‪ -‬سحب الق اررات اإلدارية التي ال تولدحقوقا‪:‬‬
‫ميما كان األمر فإن القرار اإلداري ينشىء حقوقا بمجرد توقيعو أو اصداره‪ ،‬و بالتالي‬
‫فالق اررات اإلدارية الفردية المشروعة تولد حقا بالمعنى الواسع ‪،‬ذ لك أن القضاء اإلداريالفرنسي‬
‫خاصة ‪ ،‬قد استند إلى فكرة الحقوق المكتسبة لألفراد‪ ،‬ليجيز سحب بعض ىذه الق اررات فطالما‬
‫غابت ىذه الحقوق ‪ ،‬فإن اإلدارة حرة في سحب ق ارراتيا في أي وقت كان‪.‬‬
‫واما فقيا فإن الفقيو لويس لوكا يقول ‪":‬أن القرار الفردي إذا لم يولد حقوقا يمكن سح بو في‬
‫‪1‬‬
‫كل وقت دون النظر فيما إذا كان ىذا القرار مشروعا ام ال‪.‬‬
‫و ىنا نرجع إلى القاعدة المستقر عمييا و التي تجعل من السحب يقتصر عمى الق اررات‬
‫المعيبة‪ ،‬أما الق اررات السميمة فيمتنع عمى اإلدارة سحبيا‪ ،‬إال إذا كانت ال تولد حقوقا لألفراد‪،‬‬
‫فينا يجوز لإلدارة أن تقوم بسحبيا في أي وقت سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة ‪.‬‬
‫ج‪-‬سحب الق اررات التنظيمية‪:‬‬
‫تتضمن المواح قواعد عامةو مجردة‪ ،‬تنشيء مراكز قانونية عامة‪ ،‬بحيث أنيا ال تكسب‬
‫األفراد حوا مباشرة و شخصية إال إذا تم تطبيقيا بصورة فردية ‪.‬‬
‫سحبيا لمق اررات التنظيمية‪ ،‬فاتجاه يرى عدم‬ ‫و قد اختمف الفقو حول مدى سمطة اإلدارة في‬
‫جواز سحب الق اررات التنظيمية من طرف اإلدارة ‪ ،‬في حين ذىب اتجاه آخر إلى حق اإلدارة‬
‫في سحب ىذه الق اررات‪.‬‬

‫‪ - 1‬صالح حسين عمي عبد اهلل‪ ،‬سمطة اإلدارة في سحب القرار اإلداري‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪105‬‬
‫‪20‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫ومن المسمم بو في القانون اإلداري أن اإلدارة ليا الحق في تعديل أو الغاء ق ارراتيا‬
‫التنظيمية‪ ،‬و ذلك دون التقيد بميعاد‪ ،‬فقد استقر الفقو و القضاء في كل من فرنسا و حتى مصر‬
‫عمى تأكيد تمك القاعدة باعتبار أن الق اررات التنظيمية ال تكسب حقوقا شخصية لألفراد بل‬
‫تنشيء مراكز قانونية عامة‪.‬‬
‫و عميو ‪،‬فإن الموائح اإلدارية يجوز في كل وقت لإلدارة أن تعدليا أو تمغييا أو تسنبدل‬
‫بيا غيرىا‪.1‬‬
‫ومن تطبيقات القضاء اإلداري الجزائري نتطرق إلى ‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫قضية (ب‪،‬ع) ضد والي والية الجزائر و (ر‪،‬م‪،‬ش) البمدي القبة‪،‬و‬ ‫قرار رقم ‪294325‬‬
‫صحيح انشاء حقوق لمغير‪ -‬سحبو أو‬ ‫الذي جاء في موضوعو الطعن ببطالن قرار إداري –‬
‫الغائو ‪،‬تجاوز السمطة‪.3‬‬
‫من المقرر قانونا استحالة سحب الق رار اإلداري الصحيح الذي تتخذه السمطة‪ ،‬و يكون‬
‫منشا لحقوق‪ ،‬ومن ثم فإن القرار البمدي الممغي لرخصة البناء بمجرد اإلدعاء بوجود نزاع في‬
‫الممكية ‪،‬يعد ق ار ار مشوبا بتجاوز السمطة‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬سحب الق اررات اإلدارية المعيبة‪:‬‬
‫إن ارادة األدارة مقيدة فيما تعمق بسحب ق ارراتيا ا لمشروعة ألسباب سبق اإلشارة الييا‪،‬‬
‫فإنيا و خالف ذلك ‪ ،‬فإلدارة تممك كأصل عام وضمن ضوابط وحدود معينة‪ ،‬سحب الق اررات‬
‫الغير مشروعة‪ ،‬و يعود التأصيل الفقيي والقانوني لحق اإلدارة في سحب ق ارراتيا الغير‬
‫مشروعة‪.‬بإعتبار أنو يمكن أن يقع من يشرف عمى سمطة التسيير في أخطاء تكون غير مطابقة‬
‫لمقانون ‪ ،‬ومن ىنا وجب أن يتم اإلعتراف لإلدارة بحقيا في سحب قرارىا غير المشروع‪،‬و ذلك‬
‫من أجل تصحيح الوضع و ارجاع الحالة إلى ما كانت عميو قبل اإلصدار ‪.‬‬

‫‪ - 1‬سميمان محمد الطماوي‪ ،‬النظرية العامة لمق اررات اإلدالرية‪ ،‬مرجع سابقن ص ‪.861‬‬
‫‪ - 2‬المجمس األعمى‪ ،‬الغرفة اإلدارية‪ ،‬قرار رقم ‪ 29432‬بتاريخ ‪( ،1982/11/27‬المجمة القضائية) العدد األول‪،1990 ،‬‬
‫ص ‪.188‬‬
‫‪ - 3‬شريف يوسف حممي خاطر‪ ،‬القرار اإلداري ‪ -‬دراسة مقارنة‪ -‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة ‪ ،2007‬ص ‪.144‬‬

‫‪21‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫ويقصد بالقرار غير المشروع ذلك القرار الذي قد يصطدم مع تشريع أو تنظيم قائم بحيث‬
‫يخالف فيو رجل اإلدارة نصا منا بقصد أو بغير قصد‪ ،‬وىنا من حيث األصل وجب أن يختفي‬
‫القرار عمى الساحة القانونية لمخالفتو لتشريع أو تنظيم قائم ‪،‬وتعد الجية افدارية ىي الجية‬
‫األحق باعدام القرار‪.1‬‬
‫وما تجدر اإلشارة اليو أن سمطةاإلدارة في سحب قرارىا الباطل ليست مطمقة اذ يمتن ع‬
‫عمييا اعادة النظر في قرارىا حال استنفادىا لوالية اصداره‪ ،‬أو لعدم وجود سمطة رئاسية ‪،‬تقوم‬
‫أو تممك التعقيب عمى الجية اإلدارية التي أصدرتو ‪.2‬‬
‫فإن سحب اإلدارة لق ارراتيا غير المشروعة مقيدة بالميعاد المحدد لمطعن قضاء باإللغاء‬
‫في ىذه الق اررات و تبرير ذلك أن انق ضاء ىذا الميعاد‪،‬ستون يوما في مصر وأربعة أشير في‬
‫كل من الجزائر و فرنسا‪ ،‬يضفي عمى القرار طابعا نيائيا‪ ،‬ال لممساس بو‪ ،‬ويصير مصدرايعتد‬
‫بو شرعا لمراكز قانونية صحيحة‪.‬ولحقوق مكتسبة لذوي المصمحة فيو‪ ،‬وىذا ما تفرضو ضرورة‬
‫التوفيق بين حق اإلدارة المسمم بو في إصالح م ا ينطوي عميو قرارىا مخالفة قانونية ووجوب‬
‫استقرار األوضاع القانونية المترتبة عمى ىذا القرار‪.‬‬
‫‪ 2001/10/26‬عمى‬ ‫وىذا ما قضى بو مجمس الدولة الفرنسي في ق ارره الصادر في‬
‫أن‪":‬اإلدارة ال يمكن ليا سحب الق اررات الفردية الصريحة المنشئة لمحقوق إذا كانت غير‬
‫مشروعة ‪،‬إال إذا نصت األحكام التشريعية والتنظيمية عمى خالف ذلك‪،‬أو بطمب من‬
‫المستفيد‪،‬مع عدم المساس بالحقوق المكتسبة لمطرف الثالث (الغير) ‪،‬ويمكن سحب القرار في‬
‫مدة أربعة أشير التالية من إتخاذ القرار"‪.‬‬
‫وفي قرار آخر صادر عن مجمس الدولة الفرنسي بتاريخ ‪ 2009/3/6‬لو نفس المعنى‪.‬‬

‫‪ - 1‬عمار بوضياف‪ ،‬القرار اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.236‬‬


‫‪.‬‬
‫‪ - 2‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪ ،‬اإلنيلء اإلداري لمق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪51‬‬

‫‪22‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ 2007/12/21‬بأن ‪":‬ال يمكن‬ ‫وقضى مجمس الدولة الفرنسي في ق ارره الصادر في‬
‫‪ 4‬اشير‬ ‫لإلدارة سحب قرار إداري فردي منشيء لمحقوق‪ ،‬إذا كان غير مشروع إال في مدة‬
‫التالية ليذا القرار‪".‬‬
‫‪2007/01/24‬‬ ‫وىذا ما ذىب اليو مجمس الدولة المصري في الفتوى الصادرة في‬
‫بأن‪":‬ما استقر عميو افتاء وقضاء مجمس الدولة من أن القرار اإلداري الذي يولد حقا أو ينشيء‬
‫مرك از ذاتيا‪ ،‬ال يجوز سحبو من الجية التي أصدرتو خالل الميعاد المقرر لمسحب‪ ،‬وىو ستون‬
‫يوما من تاريخ صدوره‪ ،‬إذ بفوات الميعاد يتحصن القرار ضد السحب‪ ،‬ميما كان وجو مخالفة‬
‫القانون في شأنو‪ ،‬طالما لم تنحدر المخالفة العالقة بو إلى حداإلنعدام‪.‬‬
‫وىذا ما ذىبت اليو المحكمة العميا السورية أيضا في حكم ليا ‪.1‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬شروط سحب الق اررات اإلدارية‪:‬‬
‫يعد القرار اإلداري من أىم الوسائل القانونية التي منحيا المشرع لإلدارة من أجل القيام‬
‫بوظائفيا تحقيقا لممصمحة ‪2‬العامة‪،‬وقد منح المشرع لمجية اإلدارية الحق في سحب ق ارراتيا غير‬
‫المشروعة لتتفق والقانون‪،‬ونظ ار لخطورة عممية السحب عمى استقرار المعامالت واألعمال‬
‫اإلدارية فإنيا مقيدة بحممة من الشروط والتي من دونيا ال يمكن ان تتم عممية سحب ىذه‬
‫الق اررات ‪:‬‬
‫اوال‪ :‬شرط عدم مشروعية القرار اإلداري‪:‬‬
‫انو من واجب اإلدارة ان تسحب ق ارراتيا التي تكون مشوبة بأحد العيوب التي تصيب‬
‫القرار اإلداري ‪،‬مما تجعمو غير مشروع ‪،‬وتؤدي بالتاليإلى الحكم بسحبو ‪.‬‬
‫و سنتطرق ليا من خالل تبيان أوجو عدم مشروعية القرار اإلداري ‪:‬‬

‫‪ - 1‬نجم عميوى خمف‪ ،‬مبدأ عدم الرجعية في الق اررات اإلدارية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2016 ،‬ص ‪،202 ،200‬‬
‫‪.203‬‬
‫‪ - 2‬عمار بوضياف‪ ،‬القرار اإلداري دراسة تشريعية وفقيية‪ ،‬الجسور لمنشر و التوزيع‪ ،‬طبعة أولى‪ ،‬الجزائر‪ ،2007 ،‬ص ‪.5‬‬

‫‪23‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫أوجه عدم مشروعية القرار اإلداري‪:‬‬


‫عمى اإلدارة سحب ق ارراتيا سواء التنظيمية أو الفردية متى صدرت مخالفة لمقانون‪ ،‬فمتى‬
‫شاب ىذه الق اررات عيب من العيوب الداخمية أو الخارجية سارعت اإلدارة إلى إعدامو وازالة‬
‫آثاره القاانونية وىذه العيوب تتمثل فيما يمي ‪:‬‬
‫أوال‪:‬العيوب الشكمية الخارجية‪:‬‬
‫وتتمثل في صورتين أ وال صدور القرار من جية غير مخولة قانونا بإصدار ىذا القرار‪،‬‬
‫أما الصورة الثانية تتمثل في عيب الشكل واإلجراءات وذلك بعدم مراعاة القواعد اإلجرائية أثناء‬
‫إصدار القرار ‪.‬‬
‫‪-1‬عيب عدم اإلختصاص ‪ :‬تقوم اإلدارة العامة المعاصرة عمى مبدأ تقسيم وتوزيع اإلختصاص‬
‫بين مختمف ىيئاتياواألشخاص العاممين بيا ‪.1‬فيجب أن يصدر القرار عن الشخص المخول‬
‫قانونا و الخروج عن ذلك يشكل عدم اإلختصاص ‪.‬‬
‫أ‪ -‬مفهوم عيب عدم اإلختصاص ‪ :‬يكون القرار مشوبا بيذا العيب إذا صدر عمن ال والية لو‬
‫ن ألن‬ ‫بإصداره و يقصد بعيب عدم اإلختصاص عدم القدرة عمى مباشرة عمل قانوني معي‬
‫المشرع جعمو من سمطة ىيئة أو فرد آخر‪ ،‬و يكون عدم اإلختصاص من حيث المكان أو‬
‫الزمان او الموضوع‪.‬‬
‫أ‪-‬عيب عدم اإلختصاص الموضوعي‪:‬‬
‫يأخذ ىذا العيب صور عديدة ‪ ،‬فقد يتمثل في اعتداء ىيئة إدارية عمى إختصاص مقرر لييئة‬
‫إدارية أخرى‪ ،‬أعمى أو أدنى منيا‪ ،‬وكذلك اعتداء ىيئة مركزية عمى إختصاصات منوط بيا إلى‬
‫ىيئات ال مركزية‪.‬‬
‫ومن تطبيقات القضاء اإلداري الجزائري في ىذا المجال مايمي ‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫قرار مجمس الدولة في ‪ ،2001/11/06‬الغرفة الخامسة ‪،‬رقم ‪.3408‬‬

‫‪ - 1‬محمد الصغير بعمي‪ ،‬المحاكم اإلدارية (الغرفة اإلدارية)‪ ،‬دار العموم لمنشر و التوزيع‪ ،‬عنابة‪ ،2004 ،‬ص ‪.67‬‬
‫‪ - 2‬مجمس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ ،3408‬بتاريخ ‪( ،2001/11/06‬مجمة مجمس الدولة‪ ،‬العدد األول ‪ ،2002‬ص ‪.139‬‬

‫‪24‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫"تدور وقائع القضية محل ىذا القرار القضائي أن بمدية قسنطينة أصدرت قرار ىدم‬
‫مباني لعدم حصول المعني عمى رخصة البناء‪ ،‬وحيث أن المعني باألمر دفع بأنو مرخص لو‬
‫بالبناء بوجب قرار صادر عن والي والية قسنطينة مؤرخ في ‪ 1990/04/18‬و أنو أودع ممف‬
‫رخصة البناء عمى مستوى البمدية ولم ترد عميو‪ ،‬ومن ثم طالب بتعويضات ناتجة عن تطبيق‬
‫قرار اليدم‪.‬‬
‫وحيث تبين لم جمس الدولة بعد دراستو لمجموع الوثائق الواردة في الممف أن مديرية‬
‫المنشآت والتجييز لوالية قسنطينة رخصت لممعني بأن يدمج بناءه مع الطريق الوطني رقم‬
‫‪،5‬وأن ىذا القرار ال يعد رخصة بناء‪ ،‬واعترف مجمس الدولة في ذات القضية أنو من‬
‫صالحيات رئيس المجمس البمدي إصدار رخصة البناء‪.‬‬
‫وبناء عميو طبق مجمس الدولة في القضية المذكورة ركن عدم اإلختصاص الموضوعي‬
‫في القرار اإلداري‪.‬‬
‫ب‪ -‬عيب عدم اإلختصاص الزمني‪:‬‬
‫باعتبار أن ممارسةاإلختصاصات الوظيفية ليس بصورة دائمة ‪،‬وانما موقوف بمدة بقاء‬
‫انتيت صمتو بالوظيفة التي تخول‬ ‫الموظف في الوظيفة فإنو يقع باطالكل قرار أصده من‬
‫لشاغميا إصدار ىذا القرار‪.1‬‬
‫ومن تطبيقات القضاء اإلداري الجزائري نشير إلى‪:‬‬
‫‪ -‬قرار مجمس الدولة ‪،‬الغرفة الثالثة‪ ،‬بتاريخ ‪ 2003/02/25‬قضية س ضد مدير التربية لوالية‬
‫سطيف رقم‪.27462‬‬
‫إذا عدنا لمجريات ىذه القضية نجدىا تنحصر في إصدار ق ار ر تأديبي (العزل) في حق‬
‫موظفة تتمتع بعطمة شرعية ثابتة بوثائق طبية و مؤشر عميو ا من الصندوق الوطني لمتأمينات‬
‫اإلجتماعية‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز عبد المنعم خميفة‪ ،‬اإلنياء األداري لمق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ - 2‬مجمس الدولة قرار رقم ‪ 7462‬بتاريخ ‪( ،2003/02/25‬مجلة مجمس الدولة) العدد األول‪ ،2002 ،‬ص ‪.166‬‬

‫‪25‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫ففي ىذه القضية يمكنناإثارةركن اإلختصاص الزمني في القرار اإلداري‪،‬فال يجوز لإلدارة‬
‫غصدار قرار تأديبي في زمن يتمتع فيو الموظف بعطلة قانونية‬
‫ج‪ -‬عيب عدم اإلختصاص المكاني‪:‬‬
‫األصل أن الموظف يقوم بميامو داخل اقميمو المحدد قانونا‪ ،‬وان ما يصدر منو من‬
‫ق اررات ىي ممزمة فقط وبقوة القانون ألفرادإقميمو‪ ،‬وبمفيوم المخالفة فمن ىم خارج اإلقميم ليسوا‬
‫معنيين بتمك الق اررات‪.1‬‬
‫‪ -2‬عيب الشكل و اإلجراءات‪:‬‬
‫في زمن يتمتع فيو الموظف بعطمة قانونية ‪.‬‬
‫‪ -2‬عيب الشكل و اإلجراءات‪:‬‬
‫األصل ىو عدم التزام اإلدارة بشكل أو إجراءات معينة فيما تصدره من ق اررات إدارية‪،‬‬
‫إال أنو كاستثناء فإن القرار اإلداري يكون باطال لو وقع في عيب الشكل واإلجراءات أثناء‬
‫إصداره في حالتين ‪:‬فاألولى إذا استمزم المش رع شكال معينا إلصدار القرار وأغفمت اإلدارة‬
‫استيفاءىذا الشكل‪ ،‬والثانية إذا كان الشكل الذي أغفمتو اإلدارة جوىريا بطبيعتو فمن حاالت‬
‫عيب الشكل نذكر‪:‬‬
‫ا‪-‬عدم تسبيب الق اررات اإلدارية ‪:‬لقد استقرلدى الفقو والقضاء في فرنسا أن اإلدارة ليست‬
‫ممزمة بتعديل ق ارراتيا‪ ،‬أي عدم ذكر الحالة المادية والواقعية وراء إتخاذ القرار‪.2‬‬

‫ب‪ -‬عدم إحترام قواعد اإلمضاء والتصديق ‪:‬القاعدة العامة في القرار اإلداري المكتوب أن‬
‫يكون موقعا من الجية المختصة‪ ،‬سواء ورد ىذا اإلجراء في نص قانوني أو لم يرد‪ ،‬وذلك‬
‫ي كوسائل إثبات ‪.‬‬
‫إلضفاء المزيد من المصداقية عمى الوثائق اإلدار ة‬
‫أما من حاالت عيب اإلجراءات فنتطرق لمحاالت التالية ‪:‬‬

‫‪ - 1‬عبد الممك بوضياف‪" ،‬ضوابط السمطة اإلدارية في سحب ق ارراتيا "‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬غير منشورة كمية الحقوق و العموم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،2008-2007 ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪ - 2‬مرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.81‬‬

‫‪26‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪-1‬اإلستشارة ‪ :‬يعتبر اإلجراء اإلستشاري أىم اجراءات القرار اإلداري‪ ،‬ولطمب اإلستشارة‬
‫صورتين‪ ،‬إما يكون الزاميا و إما يكون إختياريا ‪.‬‬
‫حقوق الدفاع‪:‬وىو المبدأ القانوني الذي تمتزم بو اإلدارة لدى اصدارىا قرارىا ‪ ،‬سواء ورد بو نص‬
‫أو لم يرد ‪ ،‬ويظير ىذا اإلجراء خاصة في مجال التأديب أو مجال الضبط اإلداري ‪.‬‬
‫وىذا ما ذىب اليو القضاء اإلداري الجزائري في قرار لمجمس الدولة‪،‬الغرفة الثانية‪ ،‬بتاريخ‬
‫‪ ، 2002/07/22‬رقم الممف ‪ ،005485‬محافظ الغابات بقالمة ضد (ب‪،‬ر) منشور بمجمة‬
‫‪1‬‬
‫مجمس الدولة‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬العيوب الداخمية ‪:‬العيوب الداخمية أو العيوب الموضوعية‪،‬وتتمثل في العيوب التي تشوب‬


‫القرار سواء في المحل أو السبب أو الغاية‪.‬‬
‫‪-1‬عيب السبب ‪ :‬يكون القرار اإلداري معيبا في سببو متى لم تقع حالة واقعية أو قانونية تستند‬
‫الييا اإلدارة في اصدا ره وتبرر ىذا اإلصدار ‪ .2‬وتقديم أحد الموظفين طمبا باإلستقالة ىو السبب‬
‫القانوني لقرار انياء العالقة الوظيفية ليذا الموظف ‪.3‬‬
‫‪ -2‬عيب المحل ‪ :‬محل القرار اإلداري ىو األثر المطموب احداثو بيذا القرار من إنشاء لمركز‬
‫قانوني جديد أو الغاء أو تعديل في مركز قانوني قائم‪،‬و يتعين لصحة القرار اإلداري في محمو‬
‫أن يكون األثر المقصود إحداثو بيذا القرار ممكنا من الناحية الواقعية وجائ از من الناحية‬
‫القانونية‪.‬‬
‫‪ -3‬عيب اإلنحراف بالسمطة ‪ :‬يكون القرار اإلداري مشوبا بعيب اإلنحراف بالسمطة متى صدر‬
‫لتحقيق غاية غير المصمحة العامة‪،‬أو تخالف الغر ض المخصص إلصداره‪ ،‬وىو اليدف الذي‬
‫قصد بالقرار تحقيقو‪،‬كما ىو الشأن بالنسبة لمق اررات الخاصة بالضبط اإلداري‪ ،‬والتي يتعين أن‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز عبد المنعم خميفة‪ ،‬األسس العامة لمقرارات اإلدارية‪،‬‬


‫دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص ‪.301‬‬
‫‪ - 2‬سالم بن سممان الشكيمي‪ ،‬نظرية سحب القرارات اإلدارية‪ ،‬مرجع نفسهن‬
‫ص ‪.20‬‬
‫‪ - 3‬مجمس الدولة رقم‪ 005485 :‬بتاريخ ‪ ( ،2002/07/22‬مجمة مجمس الدولة)‪ ،‬العدد ‪ 2004 ،5‬ص ‪.164‬‬

‫‪27‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫يكون ىدفيا حماية النظام العام بعناصره الثالث من سكينة العامة األمن والصحة المشروعةمع‬
‫ما يترتبو قرار السحب من إزالة آلثارالقرار بالنسبة لمماضي‪ ،‬دون اإلكتراث باإلدعاء‪.‬‬
‫تممك اإلدارةحق سحب الق اررات اإلدارية الفرديةغير بأن من شأن ذلك المساس بالحقوق‬
‫المكتسبة التي ولدىا القرار المسحوب‪.‬‬
‫واذا كان من الجائز لإلدارة سحب قرارىاالفردي غير المشروع في خالل مدة ستين يوما من‬
‫تاريخ صدوره‪ ،‬فإن حقيا في سحب الق اررات اإلدارية التنظيميةغير محدد بموعد‪ ،‬حيث يجوز‬
‫ليا مباشرة ىذا اإلجراء في أي وقت كان ‪.1‬‬

‫ثانيا‪:‬شرط ممارسة سمطة السحب خالل مدة معينة ‪:‬‬


‫نتيجة لتولد آثار خطيرة جراء السحب بالنسبة لمماضي‪ ،‬وجب ضبط اإلدارة لممارسة‬
‫سمطة سحب قرارىا غير المشروع خالل مدة زمنية م عينة واألصل في ىذه المدة‪ ،‬كما سنتطرق‬
‫اليو في الطمب الثاني ىو قصر األجل ‪ ،‬إذ كمما كان األجل طويال نجم عن ممارسة سمطة‬
‫السحب المساس بفكرة الحق المكتسب‪ ،‬ولو كان القرار محل السحب غير مشروع ‪.‬‬
‫وكما جاء في فقو القانون اإلداري‪ ،‬الذي جعل تأسيس سمطة السحب خالل المدة المقررة‬
‫لرفع دعوى اإللغاء لقاعدة ىامة‪،‬وىي ما ال يجوز لمقضاء القيام بو‪،‬فال يجوز لإلدارة بالتبعية‬
‫القيام بو أيضا‪ ،‬فكل من يد القضاء واإلدارة تعد مقيدة بأجل لممارسة عممية سحب الق اررات‬
‫تقرار‬ ‫اإلدارية‪،‬وىذا يعد تأسيسا قانونيا قويا وسميما‪ ،‬بحيث يتماشى مع مبدأ ىام وىو اس‬
‫المعامالت و المحافظة بالتالي عمى الحقوق و المراكز القانونية المكتسبة ‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬شرط أن تتم عممية السحب من قبل السمطة المختصة ‪:‬‬
‫عمى اعتبار أن السحب يمثل خطورة بالنسبة لمتأثير عمى مراكزاألفراد‪ ،‬فال بد أن تمارس‬
‫ىذىالعممية الحساسة‪ ،‬السمطة المختصىة ‪.‬سواء كانت تمثل نفس الجية اإلدارية مصدرة القرار‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬األسس العامة لمق اررات اإلدارية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص‪.302 ،301‬‬

‫‪28‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫األول أي السمطة الوالئية‪ ،‬أو سمطة أعمى منيا أي السمطة الرئاسية‪ ،‬وىذا يعد شرطا معقوال‪،‬إذ‬
‫‪1‬‬
‫أن قواعد اإلختصاص الموضوعي في أداء العمل اإلداري مطموب في كل عممية إدارية ‪.‬‬
‫وبالتالي فإن السمطة المختصة بإصدار القرار اإلداري ىي ال تي تختص بسحب ىذا‬
‫القرار حتى ولو صدر عن السمطة الرئاسية ‪،‬ليامادامت تمك السمطة غير مختصة بإصداره‪،‬‬
‫حيث أن من صور عدم اإلختصاص في صورتو البسيطة‪ ،‬أن تعتدي سمطة رئاسية عمى‬
‫إختصاص مقرر لسمطة مرؤوسو ليا‪،‬وذلك وفق ما تم تناولو في موضعو من ىذا البحث ‪.2‬‬
‫المطمب الثاني ‪ :‬ميعاد سحب القرار اإلداري و اإلستثناءات الواردة عميه‬
‫محافظة عمى استقرار المراكز القانونية التي ولدىا القرار اإلداري‪ ،‬فإن حق اإلدارة في سحبو‬
‫محدد بمدة معينة ‪،‬يستثنى منيا طائفة من الق اررات ‪،‬حيث يجوز لإلدارة سحبيا دون التقيد‬
‫بميعادإلنتفاء مبرره‪،‬وذلك ما سنتطرق إليو فيما يمي‪:‬‬
‫الفرع األول‪:‬ميعاد سحب الق اررات اإلدارية‪:‬‬
‫كقاعدة عامة فإن سحب اإلدارة لق ارراتيا يتقيد بميعاد يقع قرار السحب باطال حال وقوعو‬
‫بعد انقضائو‪،‬وذلك تحقيقا لممصمحة العامة‪ ،‬والتي ألجميا منحت اإلدارة سمطة سحب ما‬
‫أصدرتو من ق اررات ‪.‬‬
‫فباعتبار أن المصمحة العامة تستوجب عدم تستر اإلدارة عمى ق ارراتيا غير المشروعة‬
‫‪.‬إال أن تحقيق تمك المصمحة يستوجب أيضا استقرار المراكز‬ ‫عند إكتشافيا لذلك‬
‫القانونيةالمكتسبة من تمك الق اررات‪ ،‬بحيث ال يجوز المساس بيا بعد مضي مدة معينة بقرار‬
‫إداري ساحب‪ ،‬وذلك بتقرير ميعاد إلصدار ىذا القرار‪ ،‬وحتى ال يظل حق إصداره مطمقا لإلدارة‬
‫‪3‬‬
‫عمى نحو ييدد الحقوق المكتسبة ‪.‬‬
‫و عميو وجب عند النظر لسمطة السحب مراعاة مبدأين ىما مبدأ المشروعيةمن جية و‬
‫مبدأ ىام وىو استقرار الحقوق والمراكز القانونية‪ ،‬وأن يتم التوازن بينيما‪،‬وذلك ما يفرض تقييد‬

‫‪ - 1‬عمار بوضياف‪ ،‬القرار اإلداري ‪ ،‬دراسة تشريعية فضائية فقيية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.243 ،242‬‬
‫‪ - 2‬العزيز عبد المنعم خميفة‪ ،‬اإلنياء اإلداري لمق اررات اإلدارية‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪ - 3‬المرجع أعاله‪ ،‬ص‪.72،73‬‬

‫‪29‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫ىذه السمطة‪ ،‬وىذا الزمن‬ ‫سمطة السحب من حيث ا لزمن فنعطي لإلدارة زمنا معينا لممارسة‬
‫ينبغي اال يطول ذلك أن تمكين اإلدارة من سحب ق ارراتيا ولو بعد سنة واحدة سينجم عنو‬
‫المساس بالحقوق المكتسبة والمراكز القانونية الناتجة عن تنفيذ القرار غير المشروع ‪.‬‬
‫وبالتالي فقد استقر فقيا وقضاء أن الم دة القانونية المخولة لجية اإلدارة لسحب قرارىا‬
‫ىي ذات المدة الممنوحة لمقضاء إللغاءالقرار اإلداري‪.1‬‬
‫أوال‪:‬بدء ميعاد سحب القرار اإلداري‪:‬‬
‫يسري ميعاد سحب الق اررات اإلدارية المعيبة بنفس األسباب التي يبدأ بيا الطعن‬
‫القضائي وذلك من خالل النشر بالنسبة لمق اررات التن ظيمية‪ ،‬أو إعالن صاحب الشأن بالنسبة‬
‫لمق اررات الفردية‪ ،‬أو بالعمم اليقيني‪ ،‬وكماىو مالحظ فإن السحب مرتبط ارتباطا وثيقا بميعاد‬
‫الطعن القضائي‪ ،‬بل أنو يدور معو وجودا وعدما‪ ،‬وعمى ذلك فإن مدة السحب ال ترتبط بتاريخ‬
‫نو‪ ،‬إذا مضى وقت بين اإلصدار‬ ‫اصدار القرار‪ ،‬فقد يكون مطابقا لو‪ ،‬وقد يكون منفصال ع‬
‫‪2‬‬
‫وعمم ذوي الشأن بو‪.‬‬
‫وعميو‪ ،‬فمدة السحب في القانون الجزائري ىي ذاتيا مدة الطعن باإللغاء والمقدرة في‬
‫قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية بأربعة أشير‪ ،‬حسب المادة ‪ 829‬والتي تنص عمى‪:‬‬
‫"يحدد أجل الطعن أمام المحكمة اإلدارية بأربعة أشير ‪،‬ي سري من تاريخ التبميغ الشخصي‬
‫بنسخة من القرار الفردي‪ ،‬أو من تاريخ نشر القرار اإلداري الجماعي أو التنظيمي "‬
‫وىذا ما ذىب اليو قضاء مجمس الدولة الجزائري في القرار رقم ‪ 880355‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 2000/10/23‬في قضية (ب‪-‬ع) ضد المدير العام لألمن الوطني‪،‬إذ اعتبروا كل الطعون‬
‫الواردة خارج اآلجال القانونية المحددة في قانون اإلجراءات المدنية غير مقبولة شكال‪ ،‬وبالتالي‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬‬ ‫ال جدوى من فحص الدفوع األخرىأو اإللتفاف إلييا‬
‫وفي اطار القاعدة العامة‪،‬فإنو يراعي عند احتساب مواعيد السحب مايمي ‪:‬‬

‫‪ - 1‬عمار بوضياف‪ ،‬القرار اإلداري ‪ ،‬دراسة تشريعية فضائية فقيية‪ ،‬مرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.238 ،237‬‬
‫‪ - 2‬سالم بن سممان الشكيمي‪ ،‬نظرية سحب الق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.92،93‬‬
‫‪ - 3‬نبيل عبة‪ ،‬آلية سحب القرار اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.43‬‬

‫‪30‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -1‬إذا ارتبطت مواعيد سحب الق اررات اإلدارية المعيبة بمواعيد الطعن القضائي‪ ،‬فإنو يترتب‬
‫عمى ذلك أنو كمما امتد ميعاد الطعن القضائي ألي سبب كان‪ ،‬امتد تبعا لو ميعاد السحب وىذا‬
‫ما تم اإلشارة اليو في المادة ‪ 832‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬والتي تحدد حاالت‬
‫القطع حيث تنص عمى "تنقطع آجال الطعن في الحاالت ا لتالية‪:‬‬
‫‪ -‬الطعن أمام جية قضائية إدارية غير مختصة ‪.‬‬
‫‪ -‬طمب المساعدة القانونية‪.‬‬
‫‪ -‬وفاة المدعي أو تغير أىميتو‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬القوة القاىرةأو الحادث الفجائي‪.‬‬
‫‪ -2‬في حالة رفع دعوى بطمب الغاء القرار اإلداري غير المشروع ‪،‬فإن لإلدارة أن تسحبو في‬
‫أي وقت‪ ،‬طالما لم يصدر حكم في ا لدعوى‪ ،‬ولكنيا ىنا تتقيد بطمبات الخصوم في الدعوى‪ ،‬فال‬
‫تستطيع أن تمس القرار المطعون عميو إال بالقدر الذي تممكو المحكمة التي تنظر في الدعوى ‪.‬‬
‫‪ -3‬ال يشترط أن يتم السحب كميا أو جزئيا خالل المدة القانونية وانما يكفي أن تكون إجراءات‬
‫السحب قد بدأت خالل الميعاد‪ ،‬فيد خل القرار بذلك في طور الزعزعة وعدم اإلستقرار‪ ،‬ويظل‬
‫‪.2‬فقد المحكمة اإلدارية العميا تأكيدا‬ ‫بيذه الحالة إلى أن يتم سحبو أو يستقر أمره بصفة تامة‬
‫لذلك بأنو ‪":‬ال يشترط أن تكتمل كافة إجراءات السحب بإفصاح اإلدارة عن إرادتيا في ىذا‬
‫حيث يدخل القرار بذلك في طور من عدم‬ ‫الخصوص قد بدأت خالل الميعاد المذكور‪،‬‬
‫اإلستقرار ويظل كذلك طوال المدة التي يستمر فييا فحص اإلدارة لشرعيتو‪ ،‬إلى أن تحدد موقفيا‬
‫منو نيائيا‪ ،‬والقول بغير ىذا النظر ينطوي عمى تكميف اإلدارة بما يجاوز السعة‪ ،‬ويؤدي إلى‬
‫اسراعيا عمى وجو متيسر إلى سحب القرار تفاديا لنتائجيودون استكمال البحث الصحيح مما‬
‫يتعارض مع مصمحة ذوي الشأن فيو‪،‬ومع المصمحة العامة "‪.3‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 832‬قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪.‬‬


‫‪ - 2‬سالم بن سممان الشكيمي‪ ،‬نظرية سحب الق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪ - 3‬سالم بن سممان الشكيمي‪ ،‬مرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.94‬‬

‫‪31‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -4‬إذا قامت اإلدارة بسحب قرارىا المعيب فإن القرار الساحب يعتبر ق ار ار آخر وذو كيان‬
‫مستقل ومنفصل عن القرار المسحوب‪،‬بحيث يمكن التظمم منو‪ ،‬وال يعتبر تظمم المدعي من‬
‫القرار الساحب تظمما ثانيا بل ىو تظمم أول يتيح لو بعد ذلك الطعن عميو قضائيا في الميعاد‬
‫القانوني‪.‬‬
‫فيؤدي التظمم اإلداري سواء كان إختياريا أو وجوبيا ‪،‬وسواء كان ىذا التظمم والئيا أو‬
‫رئاسيا إلى إمتداد ميعاد سحب القرار اإلداري ‪.1‬‬
‫وقد قضت المحكمة اإلدارية العمياتأكيدا لذلك "بأن السحب يمتد بوجود التظمم اإلداري‬
‫سواء التزام صاحب الشأن بتقديم ىذا التظمم‪ ،‬أو اختار ذلك خالل الستين يوما التالية لصدور‬
‫القرار‪ ،‬وسواء أجابت اإلدارة صراحة عمى ىذا التظمم أو رفضت ذلك‪ ،‬فإن ميعاد السحب يستمر‬
‫حتى تنتيي فترة التظمم اإلداري وتبدأ فترة الطعن القضائي "‬
‫ثانيا‪:‬ج ازء سحب القرار اإلداري بعد الميعاد‪:‬‬
‫احتراما لممراكز القانونية التي يرتبيا القرار اإلداري‪،‬وتأكيدا لمعمة من عدم جواز سحبو أو‬
‫إلغائياإداريا‪،‬بعد مضي ستين يوما عمى تاريخ نشره أو إعالنو‪ ،‬فقد استقر قضاء المحكمة العميا‬
‫زالة ماشابو من عيب يجعل القرار‬ ‫عمى أن سحب القرار اإلداري بعد مضي تمك المدة إل‬
‫الساحب باطال لمخالفتو القانون‪ ،‬إال أنو ليس من شأن ذلك أن ينحدر بيذا القرار إلى مرتبة‬
‫اإلنعدام‪.‬‬
‫ورغم مخالفة القرار الساحب لقرار إداري آخر بعد الميعاد إال أن ىذا القرار يتحصن ضد‬
‫اإللغاء القضائي ‪،‬بمضي مواعيد الطعن باإللغاء حيث ي ستقر بو المركز القانوني بشأنو بغض‬
‫النظر عن مخالفة ىذا القرار لمقانون‪.2‬‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪ ،‬اإلنياء اإلداري لمقرار اإلداري‪ ،‬مرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.81،82‬‬
‫‪ - 2‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة ‪،‬األسس العامة لمق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.310‬‬

‫‪32‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫الفرع الثاني‪:‬اإلسثناءات الواردة عمى ميعاد السحب‪:‬‬

‫خروجا عن الألصل العام‪ ،‬والذي بموجبو ال يجوز سحب اإلدارةلق ارراتيابعد مضي‬
‫الميعاد المقرر لمسحب‪ ،‬ورغبة في استقرار المراكز القانونية ولو استندت في نشأتيا إلى ق اررات‬
‫معيبة‪ ،‬فإنو من الجائزلإلدارةسحب القرار اإلداري‪.‬‬
‫ولو بعد انقضاء ميعاد السحب في حالة إنعدام القرار اإلداري‪ ،‬أو صدوره نتيجة غش أو‬
‫تدليس ىذا باإلضافة إلى سحب التسويات الخاطئة بالمرتبات ‪.1‬‬

‫أوال‪:‬سحب الق اررات المنعدمة‪:‬‬

‫إن القرار المنع دم ىو قرار والعدم سواء‪ ،‬فيو غير موجود عمى الساحة القانونية عكس‬
‫القرار الباطل‪ ،‬والذي ىو موجود وينتج آثاره القانونيةومن ىنا جاز سحب القرار المنعدم في أي‬
‫وقت‪ ،‬وال يمكن اإلحتجاج بسحبو بانقضاء المدة‪،‬غير أن القرار المنعدم قد يتداخل مع القرار‬
‫الباطل بما فرض عمى الفقو تقديم جممة من المعايير لمتمييز بينيما ‪.‬‬
‫التمييز بين القرار المنعدم و القرار الباطل‪:‬‬
‫لقد أوجد الفقو جممة من المعايير لمتمييز بين الق اررالباطل و القرار المنعدم‪ ،‬ولعل أىم‬
‫معيار إغتصاب السمطة‪ ،‬فقد رأى جانب من الفقو أن القرار يعد معدوما إذا صدر عن شخص‬
‫ال سمطات لو‪ ،‬أو أن عالقتو باإلدارةإنتيت لسبب من األسباب‪ ،‬فكأنما صدر القرار عن غير‬
‫ذي الصفة‪،‬بينما القرار الباطل يصدر عن مختص ولةن قد يطعن فيو لمخالفتو لتشريع أو‬
‫تنظيم‪.‬‬
‫فالقرار المنعدم فيو إغتصاب واضح لمسمطة‪ ،‬بينما القرار الباطل ال ينطبق عميو ىذا‬
‫الوصف‪.‬‬
‫ليذا قيل أن اإلدارة عندما تقبل عمى تنفيذ قرار منعدم تكون قد إرتكبت ما يسمى‬
‫باإلعتداء المادي‪ ،‬وقضى أيضا أن الق اررات المنعدمة باعتبارىا وقائع مادية يجوز رفع الدعوى‬

‫‪ - 1‬عمار بوضياف‪ ،‬القرار اإلداري‪ ،‬دراسة تشريعية قضائية فقيية‪،‬مرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.240‬‬

‫‪33‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫بإلغائيا أمام المحكمة المختصة‪ ،‬دون وجوب رفع التظمم‪ ،‬وقد ذكر الدكتور الطماوي أن القرار‬
‫المنعدم ال يرتب أث ار قانونيا و أنو يجوز لألفراد ذوي الشأن التحمل من القوة الممزمة لمقرار‪.1‬‬

‫ثانيا‪:‬الق اررات الصادرة بناء عمى غش أو تدليس‪:‬‬

‫في حالة صدور قرار إداري نتيجة لغش أو خداع المستفيد منو‪ ،‬فإنو يكون بوسع اإلدارة‬
‫حال إكتشافيا ذلك‪ ،‬وكذا تيقنيا من أنيا لم تكن لتصدر ىذا القرار لوال ما تعرضت لو من غش‬
‫وتدليس صاحب الشأن ‪ ،‬أن تسحب ىذا القرار دون تقيد منيا بمواعيد سحب ىذه الق اررات‬
‫اإلدارية‪.‬‬

‫فكما ىو معروف أن الغش يفسد كل شيء وأنو من سعى في نقض ما سعى اليو من‬
‫جيتو فسعيو مردود عميو‪.2‬‬

‫و الحقيقة أن القرار اإلداري الصادر بناء عمى غش أو تدليس ىو قرار منعدم ألنو يعدم‬
‫المذكور‪ ،‬و القول‬ ‫اإلدارة بسبب سوء نية المستفيد و غشو وتدليسو عمييا إلستصدار القرار‬
‫المأثور في ىذا الخصوص أن ما بني عمى باطل فيو باطل‪ ،‬وحينئذ يكون ىذا القرار غير‬
‫جدير بالحماية وباستطاعة اإلدارة سحبو دون التقيد بميعاد الطعن ‪.‬‬

‫وقد طبق مجمس الدولةالفرنسي ىذه االعدة في حكمو الصادر بتاريخ ‪1935/04/12‬في‬
‫الدعوى رقم (‪ )520‬وتخمص الواقعة في أن أحد األجانب تمكن من التحايل عمى السمطات‬
‫الفرنسية والحصول عمى الجنسية الفرنسية بعدأن أخفى أوراق ومستندات وحقائقتتعمق بشخصيتو‬
‫وبماضيو‪ ،‬فصدر المرسوم بمنحو الجنسية بتاريخ ‪ ،1926/06/09‬وفي وقت الحق اكتشفت‬
‫الساحب لمخالفتيممقانون‪ ،‬فقضى مجمس الدولة برفض الطعن وشرعية السحب‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة ‪،‬األسس العامة لمق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.313‬‬
‫‪ - 2‬سالم بن سممان الشكيمي‪،‬نظرية سحب الق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع نفسو‪،‬ص‪.102‬‬

‫‪34‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫ومن األمثمةأيضا الق اررات المستندة إلى الغض‪ ،‬والتي يجوز لجية اإلدارة سحبيا في أي‬
‫لصالح أحد األفراد استنادا إلى‬ ‫وقت‪،‬قرار التعيين في احدى الوظائف العامة‪ ،‬أصدرتو اإلدارة‬
‫شيادات تؤىمو لشغل الوظيفة‪ ،‬ثبت فيما بعد أنيا غير صحيح ة ‪.‬‬

‫وماىومتفق عميو ىو أن التدليس المؤدي لجواز سحب القرار اإلداري ميما طال أمد‬
‫إصدارىن يتعين لقيامو توافر الشروط اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬وقوع التدليس من المستفيد‪:‬أي أن يكون الشخص المدلس عمى اإلدارة ىو المستفيد‪.‬‬


‫‪ -‬سوء النية ‪ :‬أي أن يكون المستفيد يعمم بأن طرقو اإلحتيالية ستوقع باإلدارة حتى تصدر‬
‫القرار‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون الغش أو التدليس مؤث ار ‪ :‬أي أن يكون ذلك التدليس ىو الذي دفع باإلدارة حتى‬
‫تصدر قرارىا ‪.1‬‬
‫ثالثا‪:‬الق اررات اإلدارية التي لم تنشر ولم تعمن‪:‬‬
‫بالرغم منأن عدم نشر القرار اإلداري التنظيمي أو عدم إعالن الق ارراإلداري الفردي‬
‫اليؤثرعمى مشروعيتو‪ ،‬وبالتالي فيو يكون نافذا في في مواجيةاإلدارة من تاريخ صدوره‪ ،‬إال أن‬
‫نفاذ ىذا األخير في مواجية األفراد بما يرتبو من التزامات وحقوق يكون متوقفا عمى إعالنيم بو‬
‫ونشره‪.‬‬
‫وىذه المجموعة من الق اررات يجوز لإلدارة سحبيا في أي وقت‪،‬دون التقيد بميعاد الطعن‬
‫باإللغاء‪ ،‬حيث ال يسري ىذا الميعاد سوى من تاريخ النشر أو اإلعالن أو ثبوت العمم اليقيني‬
‫بصدور القرار‪ ،‬وبالتالي يظل ميعاد سحب تمك الق اررات مفتوحا لإلدارة إلى أن ينغمق ىذا‬
‫الميعاد بمضي ستين يوما عمى نشر القرار أو إعالنو‪ ،‬سواء كان القرار اإلداري معيبا‬
‫أوصحيحا‪.2‬‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة ‪،‬األسس العامة لمق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع نفسو‪،‬ص ‪.316،315‬‬
‫‪ - 2‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪،‬اإلنياء اإلداري لمق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع نفسو‪ ،‬ص‪91‬‬

‫‪35‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫رابعا‪:‬سحب الق اررات الخاطئة المتعمقة بالمرتبات ‪:‬‬


‫ماىو متفق عميو ىو أنو يجوز لإلدارة سحب الق اررات اإلدارية المتعمقة بالتسويات‬
‫الخاطصة في أي وقت‪ ،‬متى تبين ليا وجو الخطأ ف ييا‪ ،‬ودون التقيد بميعاد معين‪ ،‬وجواز‬
‫السحب ىذا يجد أساسو في أنالموظف يستمد حقو في التسوية من قاعدة تنظيمية عامة‪ ،‬وعمى‬
‫ذلك يكون التسوية عمى الوجو المنصوص عمييا في تمك القاعدة ‪.‬‬
‫وفي ىذا الخصوص ذىب القضاء اإلداري في كل من فرنسا مصر و الجزائر إلى أن‬
‫لجية اإلدارة سمطة سحب التسويات الخاطئة في أي وقت ودون التقيد بميعاد معين متى تبين‬
‫لمسمطات اإلدارية وجو الخطأ فييا‪.1‬‬
‫كما يأخذ الخطأفي نشر القرار اإلداري أو إعالنو حكم انتفاء ىذا النشر أو اإلعالن من‬
‫حيث جواز سحب اإلدارة لو في أي وقت ودون بميعاد الطعن باإللغاء ‪.2‬‬
‫وىي تمك الق اررات التي يجوز فييا سحب الق اررات اإلدارية دون التقيد بالمدة‪ ،‬ولكن‬
‫مجمس الدولة المصري فرق بين ماإذا كانت اإلدارة قد مارست إختصاصا في حدود القانون‬
‫بدرجة ال تترك أي حرية في تقدير في أنو يكون ليا أن ترجع في ق ارراتيا كمما أخطأت في‬
‫تطبيق القانون دون التقيد بالمدة‪ ،‬عمى العكس من ذلك إذا مارست اإلدارة اختصاصا تقديريا‬
‫فإنو ال ترجع في قرارىا المعيب خالل المدة‪.3‬‬
‫فقد انتقد جانب من الفقو ىذه التفرقة التي أقاميا القضاء‪ ،‬ويرى أن فكرة السمطة المقيدة‬
‫و السمطة التقديرية قد قيل بيا لبيان مدى حرية اإلدارة وال عالقة ليا اطال قا بفكرة السحب ‪.4‬وأن‬
‫التفرقة تتنافى مع األساس الذي قامت عميو نظرية سحب الق اررات اإلدارية‪ ،‬وليس ىناك من‬
‫مبرر لجعل ميعاد سحب الق اررات المبنية عمى سمطة مقيدة مغايرة عن ميعاد سحب الق اررات‬
‫اإلدارية المبنية عمى سمطة تقديرية‪.‬‬

‫ي سحب الق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع نفسو‪،‬ص ‪.107‬‬


‫‪ - 1‬سالم بن سممان الشكيمي‪ ،‬نظر ة‬
‫‪ - 2‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪،‬اإلنياء اإلداري لمق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ - 3‬محمد انور حمادة‪ ،‬الق اررات اإلدارية ورقابة القضاء ‪ ،‬دار الفكر الجامعي ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2004 ،‬ص ‪.65‬‬
‫‪ - 4‬سميمان محمد الطماوي ‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.570‬‬

‫‪36‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫ولذلك يرى ىؤالء اخضاع الق اررات اإلدارية المبنية عمى سمطة مقيدة لنفس ميعاد سحب‬
‫الق اررات المبنية عمى سمطة تقديرية‪ ،‬بحيث تتحصن تمك الق اررات بفوات ميعاد الطعن القضائي‬
‫وعمى القضاء أن يعدل تمك التفرقة‪.1‬‬
‫سادسا‪ :‬سحب الق اررات اإلدارية تنفيذا لمقانون‪:‬‬
‫في حالة إصدار المشرع قانونا يترتب عميو سحب ق اررات بأ ثر رجعي‪،‬وىويفرض عمى‬
‫اإلدارة المعنية إصدار ق اررات سحب بموجبيا تعدم ق اررات صدرت عنيا‪،‬وىذا تنفيذا لقانون‬
‫معين‪.‬‬
‫ومن الطبيعي أن ىذا القانون سيخدم مراكز األفراد‪،‬وال ييدد حقوقيم المكتسبة ‪.2‬‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪،‬ص ‪.109‬‬


‫‪ - 2‬عمار بوضياف‪ ،‬القرار اإلداري ‪ ،‬دراسة تشريعية قضائية فقيية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.242‬‬

‫‪37‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الثاني ‪:‬آثار سحب الق اررات اإلدارية و الرقابة عميها‪.‬‬


‫إن سحب الق اررات اإلدارية ينتج آثاره بأثر رجعي ‪ ،‬بمعنى أن القرار المسحوب يعتبر‬
‫كأن لم يكن من تاريخ صدوره " من المقرر قانونا أن سحب أي قرار إداري يعني إعدامو من‬
‫" ‪،‬فالسحب محدث لذات أثر اإللغاء‬ ‫تاريخ مولده ‪ ،‬وبمعنى آخر موتو من تاريخ صدوره‬
‫القضائي ‪ ،‬باعتبار أن كالىما جزاء لعدم المشروعية‪.‬‬
‫وزوال آثار السحب قد يكون كميا أو جزئيا ‪،‬إن كان القرار المراد سحبو قابال لمتجزئة ‪.1‬‬
‫وفي اطار ىذه الدراسة آلثار سحب القرار اإلداري‪ ،‬فإنو من الضروري التعرض‬
‫لمسؤولية اإلدارة في التعويض عن ق اررات السحب ن حيث سنتطرق في المطمب األول إلى آثار‬
‫السحب وفي المطمب الثاني إلى مدى مسؤولية اإلدارة في التعويض عن ق اررات السحب ‪.‬‬
‫المطمب األول ‪:‬آثار سحب الق اررات اإلدارية‪.‬‬
‫يعتبر السحب كاإللغاء القضائييعدم القرار منذ والدتو‪ ،‬فاألصل أن يتم السحب صراحة‪،‬‬
‫سو‪ ،‬ولكن لما كان القرار‬ ‫أي بصدور قرار ساحب من مصدر القرار المسحوب أو من رئي‬
‫اإلداري ىو مجرد إفصاح عن إرادة اإلدارة‪ ،‬فإن السحب قد يتم في صورة ضمنية بان يصدر‬
‫من الجية التي تممك السحب‪ ،‬مايدل عمى عدوليا عن قرارىا السابق‪.2‬‬
‫حيث سنتناول في ىذا المطمب الحديث عن اآلثارالمترتبة عن سحب اإلدارة لق ارراتيا من‬
‫زوال الق ارر المسحوب واعادة األوضاع إلى ما كانت عميو وذلك فيمايمي‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬القرار المسحوب بأثر رجعي ‪.‬‬
‫كأثر لسحب اإلدارة لقرارىا فإن ىذا القرار يصبح غير صالح لترتيب أية آثار قانونية في‬
‫المستقبل ويزول ما يرتبو من تاريخ صدوره ‪.‬‬
‫فسحب القرار اإلداري إداريا يشبو في األ ثر المتولد عنو إلغاء ىذا القرار قضائيا‪،‬حيث‬
‫ىو والعدم سواء‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد فؤاد عبد الباسط ‪ ،‬القرار اإلداري ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة لمنشر‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،2005 ،‬ص ‪.507‬‬
‫‪ - 2‬حسني درويش ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪589‬‬

‫‪38‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫وقد حددت المحكمة اإلدارية العمياألثر سحب القرار اإلداري قياسا عمى نوع السحب‪ ،‬فقد‬
‫ذىب قضائيا إلى أنو يجب التفرقة بين حالتين‪ ،‬األولى حالة السحب الكمي لمقرار‪ ،‬وىنا يصبح‬
‫يترتب عمى ذلك من آثار‪ ،‬ومن تاريخ العمل بيذا القرار‬ ‫القرار المسحوب كأنو لم يكن بما‬
‫الجديد‪ ،‬وليس من تاريخ سابق تحدد المراكز القانونية‪ ،‬أما الحالة الثانية فيي التي تسحب فييا‬
‫اإلدارة سحبا جزئيا يظل بموجبو القرار المسحوب قائما في بعض أجزائو التي لم يتناوليا قرار‬
‫السحب‪.‬‬
‫وترتيبا عمى ما تقدم فقد قضت المحكمة اإلداريةالعميا بأن "سحب القرار الصادر بإلغاء‬
‫قرار الترقية يترتب عميو عودة الحال إلى ماكانت عميو فيصبح القرار الصادر بالترقية قائما من‬
‫تاريخ صدوره" ‪.‬‬
‫وعمى ذلك فقد قضت بأنو ‪":‬ومن حيث أن المستقر عميو وفقا لقضاء المحكمة اإلدارية‬
‫العميا أن مقتضى إ لغاء أو سحب قرار الفصل‪ ،‬أن تصبح الرابطة الوظيفية وكأنيا ال تزال قائمة‬
‫بكافة آثارىا‪."...‬‬
‫أما بالنسبة لممرتب فقد قضت بأن ‪":‬األصل في المرتب أنو مقابل العمل وينشأ لمعامل‬
‫الحق في التعويض عن الفصل غير المشروع إذا توافرت عناصره "‪.‬‬
‫ألجره عن مدة الفصل كأثر لرجعية القرار‬ ‫واساس عدم استحقاق العامل المفصول‬
‫الساحب لقرار فصمو أن األجر مقابل عمل يؤديو العامل لصالح جية عممو‪ ،‬األمر الذي يجعل‬
‫استحقاقو ليذا األجر منتفيا لعدم قيامو بيذا العمل طوال مدة فصمو ‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬إعادة األوضاع لى ماكانت عميه قبل صدور القرار المسحوب‪.‬‬

‫من المسمم بو أن سحب الق ارراإلداري كما ذكرنا‪ ،‬يؤدي إلى إعدام القرار بالنسبة لممستقبل‬
‫والماضي أي إلغاء القرار بأثر رجعي‪ ،‬بحيث يصبح وكأنو لم يوجد إطالقا‪ ،‬ويستتبع ىذا‬
‫بالضرورةإلى تدخل اإلدارة لتنفيذ القرار الساحب‪ ،‬وذلك بإعادة األوضاع إلى ما كانت عميو قبل‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪ ،‬اإلنياء اإلداري لمق اررات اإلدارية‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.115 -116‬‬

‫‪39‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫صدور القرار الممغى‪ ،‬ميما طالت الفترة فيما بين صدور القرار وصدور القرار الساحب أو حكم‬
‫باإللغاء‪ ،‬فال يجب أن يضار ذوي الشأن من بطء اجراءات التقاضي‪ ،‬أو طول فترة السحب ‪.1‬‬
‫ومما ال شك فيو أن إعمال ىذه القاعدة كثي ار ما يتسبب عنيا مضايقات شديدة لجية‬
‫اإلدارة‪ ،‬فإنيا مضطرة إلع ادة النظر في كثير من الق اررات التي صدرت مستندة إلى الق اررات‬
‫الممغية‪ ،‬وأيضا إعادة النظر في جميع اآلثار التي ترتبت في الماضي‪،‬والتي تستند إلى القرار‬
‫الممغي ولإلدارة في ىذا السبيل أن تصدر ق اررات ذات أثر رجعي ألن تغدو ضرورية لتنفيذ‬
‫الحكم الصادر باإللغاء أو القرار الساحب‪.‬‬
‫ومن المبادئ التي قررتيا محكمة القضاء اإلداري في ىذا الشأن‪ ،‬أن جية اإلدارة تتحمل‬
‫بالتزامن حيال القرار الساحب‪ ،‬أو اوليما سمبي باإلمتناع عن ترتيب أي أثر لمقرار المسحوب‬
‫ىذا‬ ‫وثانيما إيجابي بإتخاذ اإلجراءات الكفيمة بتنفيذ مؤدى الحكم أو القرار الساحب‪ ،‬وفي‬
‫‪":‬إن القاعدة في تنفيذ أحكام اإللغاء‬ ‫المعنى تقول محكمة القضاء اإلداري في أحد أحكاميا‬
‫تقضي بتحمل الجية اإلدارية بإلتزامين ‪ :‬أحدىما أحدىما سمبي باإلمتناع عن إتخاذ أي إجراء‬
‫يمة‬ ‫تنفيذي يترتب عميو حدوث أثر لمقرار بعد إلغائو‪ ،‬وثانييما إيجابي بإتخاذ اإلجراءات الكف‬
‫عدم صدور القرار‬ ‫بتنفيذ مؤدى الحكم مع تطبيق نتائجو القانونية‪ ،‬وذلك عمى أساس افتراض‬
‫الممغي ابتداء‪.2‬‬
‫ومما سبق يتضح لنا أن ىناك أثرين لمسحب‪ ،‬األول ىو األثر اليادم‪ ،‬والثاني ىو األثر‬
‫البناء‪.‬‬
‫أوال‪:‬اآلثار الهادمة لمقرار الساحب‪.‬‬
‫يعد القرار الساحب من الق اررات ذ ات األثر الرجعي‪ ،‬فيويعدم مضمون ومحتويات القرار‬
‫المسحوب‪ ،‬ومايكون قد ترتب عميو من آثار‪ ،‬ومن ثم يصبح القرار المسحوب كأن لم يكن‪،‬‬
‫ويعود الحال إلى ماكانت عميو قبل صدور ذلك القرار المسحوب ‪.‬‬

‫‪ - 1‬حسني درويش عبد الحميد‪ ،‬نياية القرار اإلداري بغير طريق القضاء‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.493،492‬‬
‫‪ - 2‬الحكم مشار اليو في المرجع أعاله للدكتور حسني درويش في ىامش ‪ ،‬ص ‪.493‬‬

‫‪40‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫وتأسيسا عمى ذلك اعتبرمجمس الدولة الفرنسي بأن القرار الصادر بسحب تعيين أحد‬
‫الموظفين في وظيفة معينة‪ ،‬يترتب عميو فقدان ىذا الموظف كل المزايا التي حصل عمييا نتيجة‬
‫ىذا التعيين المعيب بأثر رجعي ‪.‬‬
‫وفي ىذا الخصوص تقول محكمة‪ -‬القضاء اإلداري – الدائرة اإلبتدائية ( ومن حيث أنو‬
‫ئيا إذ يعتبر القرار‬ ‫يترتب عمى سحب القرار بمعرفة الجية اإلدارية مايترتب عمى إلغاءه قضا‬
‫كأن لم يكن‪ ،‬وتمحى آثاره من وقت صدوره‪ ،‬ومتى استجابت الجية اإلدارية إلى طمب المدعي‬
‫في تاريخ الحق عمى رفع الدعوى‪ ،‬فإنو تبعالذلك ونتيجة لو تصبح الخصومة غير ذات‬
‫الموضوع‪ ،‬ويتعين من ثم الحكم بإعتبار الخصومة منتيية ‪).‬‬
‫واذا كان األصل أن صدور القر ار الساحب يؤدي حتما إلى إعدام القرار المسحوب‬
‫ومحو آثاره بالنسبة لمماضي و المستقبل إال أن ىذا األصل يرد عميو بعض اإلستثناءات‬
‫المحدودة التي تبقي عمى بعض آثار القرار المسحوب‪ ،‬مثل ماقبضو الموظف الذي سحب قرار‬
‫تعيينو أو ترقيتو أو ماقد يكون قد إتخذه منق اررات وتصرفات وذلك عمى النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬ال يمتزم الموظف الذي سحب قرار تعيينو أو ترقيتو برد ماقبضو من مرتبات أو مزايا نزوال‬
‫عند نظرية اإلثراء بال سبب‪ ،‬فمو ترتب عمى السحب وجوب رد الموظف بما قبضو من مرتبات‬
‫أو مزايا لكان ذلك إثراء لإلدارة عمى حساب ذلك الموظف‪.‬‬
‫إللزام بالرد أن يكون القرار غير المشروع باطال أو منعدما‪ ،‬لكن من‬
‫ويستوي عدم ا ت‬
‫الميم اإلشارة بيذا الصدد‪ ،‬أنو في حالة صدور القرار المسحوب بناء عمى غش أو تدليس‬
‫أوسعي غير مشروع من صاحب العالقة‪ ،‬يتعين عميو رد ماحصل عميو منمرتبات ومزايا عمى‬
‫إعتبار أنو كان سيء النية‪ ،‬وبالتالي ال يجوز لو أن يستفيد من غشو ولم يكن ىناك خطأ من‬
‫جانب اإلدارة‪.1‬‬
‫‪ -2‬تبقى الق اررات واألعمال الصادرة عن الموظف الذي سحبت اإلدارة قرار تعيينو صحيحة في‬
‫الحدود التي تقتضييا نظرية الموظف الفعمي التي تستند إلى أمرين ‪ :‬األول‪ :‬مبدأ العدالة الذي‬

‫‪ - 1‬سالم بن سممان الشكيمي‪ ،‬نظرية سحب الق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.127،126‬‬

‫‪41‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫من مقتضياتو أن الحقوق والمراكز القانونية التي تحصل عمييا األفراد بحسن نية من الموظف‬
‫الفعمي تعتبر مشروعة وجديرة بالحماية ‪.‬‬
‫ثاني‪:‬المصمحة العامة وما تتطمبو من حسن سير اضطراد المرافق العامة‪ ،‬فمو كانت الحقوق‬
‫ا‬
‫وميين ميددة‬ ‫والمراكز القانونية التي يحصل عمييا األفراد بسبب تعامميم مع الموظفين العم‬
‫بالبطالن من جراء عيب في تعيين الموظف ألدى ذلك إلى اضطرار األفراد وحرصا عمى‬
‫سالمة مراكزىم إلى التقصي فيما إذا كان تعيين الموظف قد تم صحيحا‪ ،‬وفيما إذا كانت رابطة‬
‫التوظف الزالت قائمة أم ال‪ ،‬وىذا بطبيعة الحال فيو مشقة وعناء بالنسبة لألفراد وخطورة ع لى‬
‫مصالحيم وعمى المصالح العامة‪.‬‬
‫ترقيتو‬ ‫خدمة الموظف المسحوب قرار تعيينو‬ ‫‪-3‬ذىب البعض إلى ضرورة اإلعتداد بمدة‬
‫واعتبارىامدة خدمة فعمية تؤخذ في اإلعتبار عند إحتساب مدة الخبرة ‪ ،‬متى توافرت الشروط‬
‫األخرى‪ ،‬مالم يكن السحب بسبب الغش أو التدليس‪ ،‬ويقوم ىذا الرأي عمى ا إلعتبارات‬
‫التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬إن الغرض مناإلعتداد بمدد الخدمة السابقة ىو التحقق من كسب الخبرة‪ ،‬وعماد ذلك ىو‬
‫لموظيفة‪ ،‬حتى ولو تبين‬ ‫شغل الوظيفة وممارسة إختصاصيا‪ ،‬وىذا أمر يحققو الشغل الفعمي‬
‫بعد ذلك أن قرار تعيينو كان معيبا وتم سحبو ‪.‬‬

‫ب‪-‬إذا كانت العدالة تقتضي أحقية ا لموظف الذي سحب قرار تعيينو أو ترقيتو في مرتب‬
‫الوظيفة التي شغميا‪ ،‬فيكون من باب أولي اإلعتداد بمدة خدمتو ليذه الوظيفة ‪.‬‬
‫ج‪ -‬من شأن ىذا اإلستثناء الحد من آثار إعدام القرار المسحوب بأثر رجعي‪ ،‬وما قد يتركو ىذا‬
‫السحب من أضرار شديدة بصاحب الشأن دونما إثم إقترفو‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬اآلثار البناءة لمقرار الساحب‪:‬‬
‫القرار الساحب اليستيدف إلغاء القرار المسحوب بأثررجعي فحسب‪،‬وانما يتعين بحكم‬
‫المزوم إعادة الحال إلى ماكانت عميو قبل صدور القرار المسحوب‪ ،‬وبالتالي فإن جية اإلدارة‬

‫‪ - 1‬سالم بن سممان الشكيمي‪ ،‬نظرية سحب الق اررات اإلدارية‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.129،130،131‬‬

‫‪42‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫لى ماكانت عميو‪ ،‬فإذا القرار‬ ‫تمتزم بإصدار كافة الق اررات التي يقتضييا تحقيق إعادة الحال إ‬
‫المسحوب قرار إداري صادر بفصل موظف فإنو يتعين عمى اإلدارة إصدار القرار بإعادة‬
‫الموظف إلى عممو‪،‬كما لو كانت خدمتو مستمرة‪،‬وترتيب كافةاآلثار التي تنجم عن ذلك ‪.1‬‬
‫فالقضاء اإلداري الفرنسي والمصري مستقر عمى أنمقتضى سحب قرار الفصل أن تصبح‬
‫الرابطة الوظيفية‪،‬وكأنو التزال قائمة بكافة آثارىا‪،‬إال أن ذلك ليس من شأنو أن يعودلمموظف‬
‫حقو في الراتب طوال مدة الفصل‪،‬وذلك ألن األصل في المرتب أنو مقابل العمل ‪.‬‬
‫‪":‬إن سحب‬ ‫وحول آثار سحب القرار اإلداري‪،‬قالت المحكمة اإلدارية العميا في فرنسا‬
‫القرار الصادر بإلغاء ق ار ر الترقية يترتب عميو عودة الحال إلى ماكانت عميو فيصبح القرار‬
‫األصمي بالترقية قائما منذ تاريخ صدوره"‪.‬‬
‫وفي ىذا تقول المحكمة اإلدارية العميا المصرية "ومن حيث أن المستقر عمييوفقا لقضاء‬
‫تزال‬ ‫المحكمة أن مقتضى إلغاء أو سحب قرار الفصل أن تصبح الرابطة الوظيفية وكأنيا ال‬
‫قائمة بكافة آثارىا‪ ،‬إال أن ذلك ليس من شأنو أن يعود لمعامل حقو في المرتب طوال مدة‬
‫الفصل‪ ،‬ذلك أن األصل في المرتب أنو مقابل العمل وينشأ لمعامل الحق في التعويض عن‬
‫الفصل غير المشروع إذا ما توافرت عناصره‪".‬‬
‫ذلك أن األصل في المرتب أنو مقابل العمل وينشأ لمعام ل الحق في التعويض عن الفصل غير‬
‫المشروع إذا ما توافرت عناصره‪".‬‬
‫ومما تقدم فأن القرار الساحب يزيل وبأثر رجعي القرار المسحوب ويعتبر ىذا األخير‪،‬‬
‫وكأنو لم يظير عمى الوجود فيعيد لمشخص مركزه القانوني الذي كان عميو قبل صدور القرار‬
‫المسحوب‪ ،‬وىنا تمزم اإلدارة أن تع يد الحال إلى ما كان عميو‪ ،‬وأن تتخذ كافة الق اررات و‬
‫اإلجراءات الالزمة لتحقيق ذلك‪.2‬‬

‫‪ - 1‬حمدي ياسين عكاشة‪ ،‬موسوعة القرار اإلداري في قضاء مجمس الدولة‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،2010 ،‬ص‪1034‬‬
‫‪ - 2‬حسني درويش عبد الحميد‪ ،‬نياية القرار اإلداري عن طريق القضاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.136،133‬‬

‫‪43‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫ثالثا‪:‬سحب الساحب‪:‬‬
‫تعني فكرة سحب قرار السحب أن تصدر السمطة اإلدارية ق ار ار إداريا ثم تقوم بسحبو‬
‫خالل الميعاد‪ ،‬ثم تقوم من جديد بسحب القرار الساحب خالل ميعاد الطعن القضائي ‪.‬‬
‫فإذا كانت فكرة سحب قرار السحب فكرة نظرية أكثر منيا حالة واقعية‪ ،‬فيي ممكنة‬
‫الحدوث في الحياة العممية‪ ،‬وان ظمت نادرة‪ ،‬ولذلك إذا كان القرار الساحب معيبا في ذاتو‪ ،‬فميس‬
‫ىناك مايمنع من سحبو مرة أخرى‪ ،‬نزوال عمى نفس مبدأ المشروعية وتحقيق العدالة واعادة‬
‫الحقوق المغتصبة ألصحابيا‪.‬‬
‫ولقد ذىب بعض الفقياء إلى أن تعدد ق اررات السحب يكضف عن فساد اإلدارة‬
‫وتخبطيا‪ ،‬وتضارب آراءىا وأنو إذا رغبت اإلدارة في إعادة قرار إداري سبق ليا سحبو‪ ،‬فمن‬
‫األفضل ليا أن تصدر ق ار ار جديدا متضمنا اآلثار المراد احياؤىا‪.1‬‬
‫وعميو فمجمس الدولة الفرنسي قد ت عرض ليذه المسألة في حكمو الصادر بتاريخ‬
‫‪.2‬‬
‫‪ ،1965/05/14‬حيث أجاز سحب القرار الساحب خالل مدد الطعن القضائي‬
‫فأجاز‬ ‫وقد سمك القضاء اإلداري المصري نفس اإلتجاه الذي ذىب اليو مجمس الدولة الفرنسي‬
‫‪":‬إذا كان القرار‬ ‫لإلدارة سحب قرارىا الساحب‪ ،‬ففي حكم لمحكمة القضاء اإلداري قالت فيو‬
‫الساحب ق ار ار صحيحا‪ ،‬فإن من مقتضاه اعتبار القرار المسحوب في خصوص فصل المدعي‬
‫كأن لم يكن‪ ،‬ويعتبر كأن خدمتو لم تنقطع‪ ،‬فيكون القرار الصادر بعد ذلك بتعيينو بالخدمة‬
‫تعيينا جديدا ىو ق ار ار باطال‪،‬ومن ثم يتعين إلغاؤه باعتبار أن المدعي مازال في الخدمة ولم‬
‫يفصل منيا‪ ،‬مع مايترتب عمى ذلك من آثار مالية في تحديد وضعو في األقدمية بين أقرانو "‪.‬‬

‫‪ - 1‬سميمان محمد الطماوي‪ ،‬النظرية العامة لمق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.783‬‬
‫‪ - 2‬المرجع أعاله‪،‬ص ‪.462‬‬

‫‪44‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫إال أن في حكم حديث‪ ،‬يظير إتجاه جديدلممحكمة اإلدارية العميا في مصر‪ ،‬أكدت من‬
‫خاللو‪ ،‬أنو ال يجوز سحب القرار الساحب‪ ،‬فإذا صدر قرار بسحب قرار السحب‪ ،‬فإنو يعتبر‬
‫كأن لم يكن‪ ،‬انطالقا من أن الساقط ال يعود‪.1‬‬
‫فالمالحظ أن القضاء الفرنسي لو نظرة إيجابية في الموضوع‪ ،‬حيث قيام اإلدارة ليذا‬
‫التصرف تحقيقا لمبدأ المشروعية‪ ،‬في حين أن القضاء المصري نجده ينكر حق اإلدارة في‬
‫القيام بسحب ق اررات السحب السابقة‪.‬‬
‫المعيب فحسب‪ ،‬بل يمكن ليا سحب ذلك في حالة‬
‫ة‬ ‫وىذا السحب ال يتوقف عمى الق اررات‬
‫ما إذا كان قرار السحب الجديد معيب بدوره وعرضة لسحب ثالث خالل مدة الطعن القضائي‬
‫وىو ما يعرف "بسحب السحب"‪.‬‬
‫المطمب الثاني ‪:‬مسؤولية اإلدارة في التعويض عن ق اررات السحب‪.‬‬
‫رة سواء كانت أعماال‬ ‫لقد أصبحت اإلدارة في عصرنا الحالي تسأل عن أعماليا الضا‬
‫قانونية كالق اررات اإلدارية أو العقود أو أعمال مادية كبناء الجسور وغيرىا خالفا لما كان عميو‬
‫الوضع سابقا‪ ،‬حيث لم يكن ىناك أي مبدأ يقضي بمسؤولية اإلدارة‪ ،‬وعمى أي حال فإن مبدأ‬
‫من التعويض عن‬ ‫تقرير مسؤولية اإلدارة نجده يمعب دو ار ىاما يكمن في تمكين المضرور‬
‫األضرار التي تسببيا لو اإلدارة ونشير أن أساس قيام المسؤولية قد يكون ىو وجود خطأ أو‬
‫يكونبتحقيق الضرر‪ ،‬فتعرف األولى بالمسؤولية اإلدارية عمى أساس الخطأ‪ ،‬أما الثانية فتعرف‬
‫بالمسؤولية اإلدارية عمى أساس المخاطر‪.2‬‬
‫األصل أن عدم مشروعية القرار اإلداري يمثل خطأ يستوجب المسؤولية إن كان ليا وجو‬
‫وتوافر عنصر الضرر واستقامة السببية بينيما‪ ،‬فإذا انتفى ركن الخطأ في جانب اإلدارة انتفت‬
‫المسؤولية‪.‬‬

‫ي سحب الق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.137 ،136‬‬


‫‪ - 1‬سالم بن سممان الشكيمي‪ ،‬نظر ة‬
‫(دراسة تأصمية‪ ،‬تحميمية مقارنة )‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬دار المجد‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪ - 2‬عمار عوايدي‪ ،‬نظرية المسؤولية اإلدارية‪،‬‬
‫ً‪،1989‬ص‪.24‬‬

‫‪45‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫وباعتبار أننا لسنا بصدد الحديث عن مسؤولية اإلدارة عن أعماليا التعاقدية وال بصدد‬
‫الحديث أيضا عن تفاصيل وأحكام مسؤولية اإلدارة وانما ساقتصر الحديث عن مسؤولية اإلدرة‬
‫في التعويض عن ق اررات السحب‪ ،‬ومع ذلك تحتم عمينا لدراسة ىذا الموضوعالتعرض وبإيجاز‬
‫شديد لاللقانونية لمسؤولية اإلدارة عن ق ارراتيا اإلدارية‪،‬ومن أجل ذلك سنتطرق لما يمي ‪:‬‬
‫‪-‬األسس القانونية لمسؤولية اإلدارة عن ق ارراتيا‪.‬‬
‫‪-‬التعويض عن ق اررات السحب المعيبة‪.‬‬
‫‪-‬التعويض عن ق اررات السحب السميمة‪.‬‬
‫‪-‬التعويض عن ق اررات السحب المنعدمة‪.‬‬
‫يعتبر الخطأىو األساس القانوني لمسؤولية اإلدارة في الق اررات اإلدارية‪ ،‬ويتمثل في‬
‫مخالفة مبدأ المشروعية بأن يكون القرار اإلداري مشوبا بعيب اإلختصاص أو الشكل أو المحل‬
‫أو السبب أو الغاية‪ ،‬إال أنو يشترط مع وجود الخطأ أن تتوفر عناصر المسؤولية األخرى‪ ،‬وىي‬
‫تحقق الضرر لممدعي بالتعويض مع وجود عالقة سببية بين الخطأ والضرر الحاصل ‪.‬‬
‫وبناء عميو يمكن إجمال األسس التي تقوم عمييا مسؤولية اإلدارة في التعويض عن الق اررات‬
‫اإلدارية في اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬وجود قرار إداري ير مشروع ‪:‬فال اررات اإلدارية التي تصدر من سمطة مختصة ولم يشبيا‬
‫عيب من عيوب الرار اإلداري الوجو لطمب التعويض عنيا‪ ،‬حيث أكدت المحكمة اإلدارية‬
‫العميا في مصر ىذا المبدأ في العديد من أحكاميامنيا الحكم الصادر في جوان ‪ ،1959‬حيث‬
‫قضت بأنو ال مسؤولية قبل جية اإلدارة عن الق اررات اإلدارية إال إذا كانت غير مشروعة‪ ،‬فإذا‬
‫كان القرار اإلداري سميما فال تسأل اإلدارة عن نتائجو ميما بمغت جسامة الضرر المترتب‬
‫عمييا إلنتفاء ركن الخطأ‪.‬‬
‫‪ -2‬تحقق الضرر لطالب التعويض‪ ،‬ال يكفي عدم المشروعية أو الخطأ في القرار اإلداري لتقوم‬
‫قد‬ ‫بو مسؤولية جية اإلُدارة‪ ،‬وانما يجب أن يمحق ىذا الحطأ ضر ار بالغير من شأنو أن يكون‬
‫وقع فعال أو محتم الوقوع‪ ،‬فمجرد افتراض الضرر ال يستوجب التعويض ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -3‬رابطة السببية بين الخطأ و الضرر ‪ :‬الكتمال أركان مسؤولية اإلدارة يجب أن تقوم عالقة‬
‫السببية بين الخطأ الذي ارتكبتو اإلدارة عند إصدار قرارىا الضرر الطي لحق بالغير بأن يترتب‬
‫الضرر القرار المعيب ‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬التعويض عن ق اررات السحب المعينة‪:‬‬
‫األصل أن ق اررات السحب المعيبة التي ترتب عدم صحة قرار السحب من الناحية‬
‫القانونية تمكن من صدر ىذا القرار في مواجية من استصداره كم من القضاء بإلغائو‪.‬‬
‫ولكن إذا أغمق أمامو ىذا الباب بانقضاء مدد الطعن القضائي فال يضيع حقو‪ ،‬إذا يبقى أمامو‬
‫رفع دعوى التعويض عمى اإلدارة مصدرة القرار المعيب طالما أن ميعاد ىذه الدعوى مفتوحا‪،‬‬
‫لمبدأ القائل بأنو ال تعويض و ال‬ ‫واختصاص القضاء اإلداري مازال قائمان وال شك أن ا‬
‫مسؤولية بدون خطأ ينطبق عمى ىذه الحالة‪،‬وىي حالة وجود ق اررات سحب معيبة والتي تشكل‬
‫في حد ذاتيا وجود خطأ‪ ،‬فإذا ما خمفت أضرار وتحققت العالقة السببية بين الخطأ و الضرر‬
‫تقررت المسؤولية اإلدارية في ىذا الوضع‪ ،‬ووجب التعويض عمى اإلدار ة‪ ،‬ىذا ما انتيى إلييا‬
‫القضاء الفرنسي من خالل حكمو الصادر بتاريخ ‪ 1959/10/03‬الطي قضى بمسؤولية اإلدارة‬
‫من األضرار التي لحقت بصاحب المصمحة أو الغير من جراء قرار السحب غير المشروع في‬
‫حالة ما إذا شابو عيب من عيوب الشرعية‪ ،‬وأيضا المحكمة العميا المصرية‪ ،‬في حكميا بتاريخ‬
‫‪ 1987/05/20‬بقوليا «بأنو يشترط الحكم بالتعويض التي تبرر إلغاء القرار عن طريق‬
‫القضاء»‪.2‬‬
‫وىذه العيوب التي تعتبر مصد ار لمتعويض ىي كالتالي ‪:‬‬

‫‪ - 1‬سالم بن سممان الشكيمي‪ ،‬نظرية سحب الق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.141،142‬‬
‫‪ - 2‬حسني درويش عبد الحميد‪ ،‬نياية القرار اإلداري بغير طريق القضاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.217،216،215‬‬

‫‪47‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫أوال‪ :‬عيب عدم االختصاص في قرار السحب‪:‬‬


‫إذا خالف اإلدارة قواعد االختصاص في قرار السحب كان القار معيبا بعيب‬
‫االختصاص‪ ،‬لكن ال يستوجب التعويض عنو دائما‪ ،‬وال تقرر مسؤولية اإلدارة إال في حالة عدم‬
‫االختصاص‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عيب الشكل في قرار السحب‪:‬‬
‫إذا ما خمفت رجل اإلدارة ركن الشكل‪ ،‬كان قرار السحب معيب بعيب الشكل‪ ،‬ويشكل‬
‫بالتالي وجيا من أوجو عدم المشروعية‪ ،‬أما في ما يخص التعويض ع ن ىذا القرار فإن القضاء‬
‫اإلداري ال يجعل عيب الشكل دائما خطأ يرتب مسؤولية اإلدارة فيو يشترط لقيام المسؤولية‬
‫اإلدارية في ىذا النطاق أن يكون الشكل جوىريا أما إذا كان ثانويا فال مجال لمسؤولية اإلدارة ‪.‬‬
‫موضوعي‪ ،‬حيث تكون المخالفة جسيمة ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬عيب المحل في قرار السحب‪:‬‬
‫إذا كان المحل القرار الساحب مخالفا لمقانون فيو يكون بذلك وجيا من أوجو عدم‬
‫المشروعية ويرتب عمى عاتق اإلدارة المسؤولية اإلدارية ويستوجب عنو في حالة وجود ضرر ‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬عيب السبب في قرار السحب‪:‬‬
‫في حالة ما تدخمت اإلدارة إلصدار قرار السحب دون وجود حالة قانونية تمزميا بالتدخل‬
‫كان قرار السحب معيبا بعيب السبب‪ ،‬فيتحول إلى قرار غير مشروع‪ ،‬فإذا ما ترتب ضر ار لمغير‬
‫تقوم مسؤولية اإلدارة ‪ ،‬ويكون ىنا من واجب القاضي الحكم عمييا بالتعويض ‪.‬‬
‫خامسا‪:‬عيب الغاية في قرار السحب‪:‬‬
‫ثال في ق ارره الصادر في‬ ‫لقد جعمو مجمس الدولة دائما مصد ار لممسؤولية فقد قضى م‬
‫قضية‪ fournir‬بتاريخ ‪ 21‬فيفري ‪ 1934‬بأن الخطأ الطي يشوب القرار اإلداري بسبب االنحراف‬
‫بالسمطة يستوجب ضرورة إلزام السمطة اإلدارية بتعويض األفراد نتيجة الستيداف رجل اإلدارة‬
‫غرضا بعيدا عن الصالح العام‪ ،‬وىذا القول ذاتو ينطبق عمى قرار السحب‪.1‬‬

‫‪ - 1‬محمد الصغير بعمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.140‬‬

‫‪48‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫اإلدارية ويرجع ذلك إلى انتفاء رابطة السببية بين العيب ذاتو وبين الضرر الناشئ عن‬
‫قرار السحب‪ ،‬وىذا خالفا ألوجو عدم المشروعية الداخمية‪ ،‬حيث تشكل دائما مصد ار لممسؤولية‬
‫اإلدارية لتأثيرىا في مضمون القرار بصفة ال يمكن معيا تصحيحو ‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ىذه العيوب التي قل نا أنيا تشكل خطأ إذا نجم عنو ضرر سيتوجب‬
‫التعويض و القيام المسؤولية اإلدارية‪ ،‬ىنالك حالة أخرى حين تغفل اإلدارة قيود السحب‬
‫الشرعية‪ ،‬قيد المعاد مثال‪.‬‬
‫فمضي مدة التقاضي بالنسبة إلى طمب إلغاء القرار ال يحول دون المطالبة بالتعويض‬
‫عن األضرار التي تنجم عن تنفيذ الق رار الباطل‪ ،‬فالمسمم بو أن حق طمب التعويض في ىذه‬
‫الحالة مستقل عن طمب اإللغاء ولو مدة التقادم الخاصة بو‪.1‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬التعويض عن ق اررات السحب السميمة‪.‬‬
‫في حالة ما أدركت اإلدارة خطأىا وقامت بسحب قرارىا المعيب وفقا لألحكام والضوابط‬
‫المقررة لمسحب‪ ،‬فإنيا تكون قد أعادت تصرفاتيا إلى حظيرة مبدأ المشروعية‪ ،‬سواء تمت ىذه‬
‫الخطوة بناء عمى تظمم صاحب الشأن‪ ،‬أو بناء عمى مبادرة ذاتية من قبل جية اإلدارة وىو‬
‫موقف يحسب ليا اللتزاميا واحتراميا لمقانون‪.‬‬
‫والقاعدة العامة أن اإلدارة ال تسأل عن ق ارراتيا السميمة المطابقة لمقانون‪ ،‬فميس ثمة خطأ‬
‫من جانبيا ‪ .‬يمكن أن تحاسب عميو‪ ،‬وترتيبا عمى ذلك ال يستحق المدعي تعويضا النتفاء‬
‫الخطأ‪.2‬‬
‫من خالل مختمف العيوب التي يمكن أن تشوب قرار السحب اإلداري‪ ،‬فإن ق اررات‬
‫السحب المستوية بأحد وجيي عدم المشروعية الخارجية آل تشكل مصد ار لممسؤولية‬
‫كأن تمنح اإلدارة ا لمختصة رخصة بناء لطالبيا‪ ،‬ثم بعد ذلك تكتشف أن القطعة األرضية‬
‫التي سيقام عمييا البناء ‪ ،‬ال توافق أحكام مخطط شغل األراضي‪ ،‬فتقوم بموجب قرار الحق‬

‫‪ - 1‬سميمان محمد الطماوي‪ ،‬النظرية العامة لمقاررات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.361‬‬
‫‪ - 2‬سالم بن سممان الشكيمي‪ ،‬نظرية سحب الق اررات اإلدارية‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.154‬‬

‫‪49‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫بسحب رخصة البناء‪ ،‬فال يمكن أن يتدرع ىنا صاحب الرخصة باألضرار التي لحقتو من قرار‬
‫دارة تصرفت تصرفا قانونيا بسحبيا لمقرار غير‬ ‫السحب ليطالب بالتعويض‪ ،‬طالما أن اإل‬
‫المشروع‪.‬‬
‫ولكن في الواقع أنو في بعض األحيان قد يسبب قرار السحب السميم ضر ار معتب ار لصاحب‬
‫الشأن ‪ ،‬إال أنو ال يحكم لممضرور بالتعويض طالما كان القرار مطابقا لمقانون‪ ،‬ألن اإلدارة ال‬
‫يمكن أن تسأل عن أعماليا المشروعة ميم ا كانت نتائجيا السمبية‪ ،‬كما يجب في المقابل أن‬
‫يتحمل األفراد جزء من نشاط اإلدارة ‪.‬‬
‫غير أن مجمس الدولة الفرنسي قد جرى عمى تعويض بعض حاالت السحب الصحيحة التي‬
‫‪ bonzy‬وتمخص ظروفيا‬ ‫يترتب عمييا ضرر األفراد‪ ،‬وقد طبق ذلك بصفة خاصة في تصفية‬
‫في‪":‬أن لجنة اإلدارة ألحد مك اتب اإلعالنات قررت إعانة قدرىا خمسمائة فرك لمدعو ‪،bonzy‬‬
‫وقبل موافقة مدير المديرية عمييا قامت المجنة المذكورة بسحب قرار اإلعانة األمر الذي دفع‬
‫المعني إلى رفع دعوى أإمام مجمس الدولة مطالبا بتعويض مسار لممبمغ الذي كانت المجنة‬
‫المذكورة قد وعدتو بمنحو إال أن مج لس الدولة الفرنسي _ جريا عمى ق ارره السابق بعدم منح‬
‫التعويض كامال عمى أساس الضرر من السحب في ىذه الحالة _ قضى لمسيد ‪ bonzy‬بنصف‬
‫اإلعانة فقط كتعويض باعتبار أن اإلعانة المذكورة لم تكن قد تقررت بصفة نيائية ‪.‬‬
‫السحب السميمة و مسمك‬ ‫ومع كل ىذا الذي ذكرناه بشأن عدم أحقية التعويض عن ق اررات‬
‫القضاء المقارن‪ ،‬إال أن القضاء اإلداري الفرنسي‪ ،‬حيث حكم بالتعويض في بعض الحاالت‬
‫حتى و لو كان قرار السحب سميما مراعاة لما أسماء قواعد العدالة‪.1‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬التعويض عن ق اررات السحب المنعدمة‪:‬‬

‫القضاء العادي بنظر طمبات‬ ‫لقد أجمع الفقو و القضاء في فرنسا عمى اختصاص‬
‫التعويض عن الق اررات المنعدمة‪،‬باعتبار أن الق اررات تفتقد لصفة القرار اإلداري‪ ،‬وتجعمو كما‬

‫‪ - 1‬سالم بن سممان الشكيمي‪ ،‬نظرية سحب الق اررات اإلدارية‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.155‬‬

‫‪50‬‬
‫السحب اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل األول‬

‫القانون المدني‬ ‫سبق القول مجرد عمل مادي‪ ،‬و بتالي فإن مسؤولية اإلدارة ىنا تحكميا قواعد‬
‫باعتبارىا مسؤولية شخصية يقع عبؤىا عمى الموظف الذي تسبب بخطئه في سحب القرار‪.‬‬
‫فمسؤولية اإلدارة ىنا مؤقتة في مواجية المضرور اقتضتيا العدالة حماية األفراد من خطر‬
‫إعسار الموظف‪ ،‬ولكن ليا حق الرجوع عميو فيما بعد‪ ،‬إذا يمتزم ىذا األخير برد المبالغ التي‬
‫دفعتيا اإلدارة لممضرور جب ار لمضرر‪.1‬‬
‫و إن كان ىذا الرأي ىو الغالب إال أ ن ىناك رأى أخر يرى أنو يجب استبعاد نصوص‬
‫القانون المدني كأساس لمسؤولية اإلدارة في مواجية األفراد‪ ،‬باعتبار العالقة بين الموظف و‬
‫اإلدارة ىي عالقة يحكميا القانون العام و ليس الخاص‪.‬‬
‫ن‬ ‫تجدر اإلشارة إلى أن الق اررات التنظيمية ال ترتب بذاتيا مسؤولية إدارية ألنيا تتضم‬
‫قواعد عامة و مجردة‪ ،‬ال يمكن تطبيقيا عمى األفراد بضرر مباشر‪ ،‬ألن مرجع الضرر دائما‬
‫ىو القرار الفردي الذي اتخذ تطبيقا ليا‪ ،‬فإذا قامت جية اإلدارة بسحب ىذه الموائح سواء كانت‬
‫سميمة أو معيبة‪ ،‬فال ترتب مسؤولية اإلدارة غال في الحاالت التي تنشأ فييا مراكز قانونية‬
‫شخصية نتيجة تطبيق الالئحة ‪.2‬‬

‫‪ - 1‬حسني درويش عبد الحميد‪ ،‬نياية القرار اإلداري بغير طريق القضاء‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.517‬‬
‫‪ - 2‬سميمان محمد الطماوي‪ ،‬النظرية العامة لمق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.361‬‬

‫‪51‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫كما رأينا سابقا‪ ،‬فإن القانون قد أتاح إمكانية سحب الق اررات اإلدارية بواسطة السحب‬
‫كما يمكنيا ذلك عن طريق اإللغاء‪ ،‬وذلك حتى تتمكن من تصحيح الق اررات التي صدرت عنيا‬
‫بصورة غير مشروعة‪ ،‬تفاديا لسموك طريق التقاضي وما ينتج عنو من إجراءات طويمة‪ ،‬ويختمف‬
‫اإللغاء عن السحب في أن اإللغاء يترتب عميو تجريد القرار من قوتو اإللزامية بالنسبة‬
‫لممستقبل‪ ،‬وذلك خالفا ألثر اإللغاء بواسطة القضاء‪.1‬‬
‫وبعد ما أ نتييت من إلقاء الضوء عمى سحب اإلدارة لما أصدرتو من ق اررات كإحدى‬
‫صورتي إنياء اإلدارة لق ارراتيا‪ ،‬فسوف أتناول الصورة الثانية من إنياء اإلدارة لتمك الق اررات و‬
‫المتمثمة في اإللغاء اإلداري لمق اررات اإلدارية حيث تشمل تمك الق اررات التي قد يستويو بعد‬
‫‪2‬‬
‫صدورىا عيب يجعل منيا غير صحيحة‪ ،‬الذي يؤدي إلى إبطال الق اررات بالنسبة لممستقبل ‪.‬‬
‫وعميو سنتناول نظرية إلغاء الق اررات اإلدارية في مبحثين‪ ،‬ليضم أولو مفيوم اإللغاء اإلدارية‪،‬‬
‫إلغاءىا قضائيا‪ ،‬أما المبحث الثاني فيضيم سمطة و أسباب إلغاء‬ ‫و تميزه عن سحبيا و‬
‫الق اررات اإلدارية‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد فؤاد عبد الباسط‪ ،‬القرار اإلداري‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.455‬‬


‫‪ - 2‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪ ،‬اإلنياء اإلداري لمقرار اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.139‬‬
‫‪52‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث األول ‪:‬مفهوم اإللغاء اإلداري لمق اررات اإلدارية تميزه عن سحبها و إلغائها قضائيا‪.‬‬

‫إن اإللغاء الصادر عن السمطة اإلدارية يجرد القرار كما سبق القول‪ ،‬من قوتو اإللزامية‬
‫بالنسبة لممستقبل فقط‪ ،‬بحيث يبقى سميما لما أنتجو من آثار قانونية في الفترة بين إصداره وبين‬
‫إلغاءه‪ ،‬وىذا ما يميزه عن عممية السحب وحتى اإللغاء القضائي ‪.1‬‬
‫وىذا ما سنتطرق إليو في ما يمي‪ ،‬حيث سيتضمن المطمب األول‪ ،‬مفيوم اإللغاء اإلداري‬
‫لمق اررات اإلدارية‪ ،‬ليتناول المطمب الثاني تمييز اإللغاء عن السحب و اإللغاء القضائي ‪.‬‬
‫المطمب األول مفيوم اإللغاء اإلداري لمق اررات اإلدارية‪.‬‬
‫ينصب إلغاء الق اررات اإلدارية التنظيم ية عمى إنياء القوة التنفيذية لتمك الق اررات بالنسبة‬
‫لممستقبل‪ ،‬لعدم مواكبة تمك الق اررات ألوضاع استجدت بعد صدورىا تستوجب تدخل اإلدارة‬
‫إلحداث موائمة بين تمك الق اررات و األوضاع الجديدة تحقيقا لممصمحة العامة‪ ،‬والتي صدر‬
‫القرار اإلداري لتحقيقيا‪ ،‬فإذا استحال عميو تحقيق تمك المصمحة أو أصبح وجوده متعارضا مع‬
‫تعديا تشريعي الحق‪ ،‬وجب في ىذه الحمة تدخل اإلدارة بإلغاء ىذا القرار ‪.2‬‬
‫ومنو فيعرف األستاذ الدكتور "عمار بوضياف" إلغاء القرار اإلداري بأنو " السمطة اإلدارة‬
‫بالنسبة لممستقبل فقط‪ ،‬بحيث تظل‬ ‫وحق اإلدارة الوالئية أو الرئاسية في إعدام قرارىا اإلداري‬
‫آثاره بالنسبة لمرحمة التنفيذ‪ ،‬وقبل اإللغاء سميمة فال يشمميا اإللغاء ‪.3‬‬
‫‪ " :‬ىو إنياء‬ ‫أما األستاذ "عمار عوابدي " فيرى بأن اإللغاء اإلداري لمق اررات اإلدارية‬
‫واعدام اآلثار القانونية لمق اررات اإلدارية‪،‬بالنسبة لممستقبل فقط اعتبا ار من تاريخ اإللغاء‪ ،‬مع ترك‬
‫وابقاء آثارىا السابقة قائمة بالنسبة لمماضي فقط‪.4‬‬

‫‪ - 1‬محمد فؤاد عبد الباسط‪ ،‬القرار اإلداري ‪ ،‬ص‪.456‬‬


‫‪ - 2‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪ ،‬اإلنياء اإلداري لمقرار اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.141‬‬
‫‪ - 3‬عمار بوضياف‪ ،‬القرار اإلداري‪ ،‬دراسة تشريعية قضائية فقيية‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.248‬‬
‫‪ - 4‬عمار عوابدي‪ ،‬القانون ا إلداري‪،‬الجزء الثاني‪ ،‬النشاط اإلداري‪ ،‬طبعة ‪ ،2000‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‬
‫‪.169‬‬
‫‪53‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وعميو فإنو يقصد باإللغاء اإلداري لمق اررات اإلدارية‪ ،‬أن تمجأ اإلدارة إلى إصدار قرار‬
‫إداري الحق يزيل ويقضي عمى وجود قرار إداري سابق‪ ،‬من حيث عدم ترتيب ىذا األخير‬
‫آلثاره في المستقبل‪ ،‬حيث يتمتع اإللغاء اإلداري بأثر فوري تماشيا مع مبدأ عدم رجعية الق اررات‬
‫اإلدارية‪ ،‬وىو مبدأ وأصل عام ىو ‪ :‬عدم لرجعية القانون كما ىو وارد خاصة في المادتين ‪ 46‬و‬
‫‪ 64‬من الدستور‪.1‬‬
‫ي‪ ،‬وىي‬ ‫ومما سبق فإن إلغاء القرار اإلداري من الطرق العادية النتياء القرار اإلدار‬
‫تختمف عن الطرق العادية النتياء القرار بسبب ما تثيره من صعوبات ومشاكل في الواقع‬
‫العممي‪ ،‬تتعمق بحقوق و أوضاع أطراف القرار اإلداري‪ ،‬وتحديد دور كل من اإلدارة و القضاء‬
‫رىم‬ ‫فييما‪ ، ....‬ذلك ألن القرار اإلداري غالبا ما يكسب األفراد حقوقا اعتمدوا عمييا ورتبوا أمو‬
‫عمى أساسيا‪،‬ومن العدالة أن تتمتع بنوع من الثبات‪ ،‬وىذا يقضي من اإلدارة عندما تنيي‬
‫مراعاة التوقيف بين مصمحتين كل منيما جدير بالرعاية‬ ‫قرارىا‪-‬بالطرق غير العادية‪-‬‬
‫المصمحة العامة التي تقضي إنياء القرار غير المشروع‪ ،‬وغير المالئم‪ ،‬والمصمحة الخاصة‬
‫التي انبثقت ع ن القرار‪ ،‬والتي يجب حمايتيا حرصا عمى استقرار األوضاع القانونية‪ ،‬ومن ىنا‬
‫تبدو الصعوبة في إنياء الق اررات اإلدارية بالطريق اإلداري ومنيا اإللغاء ‪.‬‬
‫و يعني إلغاء القرار اإلداري ‪:‬وقف نفاذ القرار أو سريانو بآثاره الناتجة عنو بالنسبة‬
‫أي مابين‬ ‫اإللغاء ما سبق وأن رتبتو في الماضي‪-‬‬ ‫لممستقبل فحسب‪ ،‬ودون أن يشمل ذلك‬
‫إصداره وانيائو‪ -‬من نتائج و آثار‪.‬‬
‫وما يجدر بنا اإلشارة إليو ىو أنو قد يتم إلغاء القرار اإلداري من قبل اإلدارة التي‬
‫أصدرتو‪ ،‬كما قد يتم إلغاء القرار من جية إدارية أخرى غير الجية اإلدارية التي أصدرتو‪ ،‬كما‬
‫ىو الحال في سمطة جية الوصاية في إلغاء الق اررات غير المشروعة الصادرة من اإلدارات‬
‫الالمركزية الخاضعة لوصايتيا‪ ،‬وكذلك إلغاء الق اررات من قبل السمطة الرئاسية لمجية مصدرة‬
‫القرار بما ليا من حق التعقيب عمى ق اررات و مما سبق فإن إلغاء القرار اإلداري من الطرق‬

‫‪ - 1‬محمد الصغير بعمي‪ ،‬المحاكم اإلدارية‪ ،‬الغرفة اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.130‬‬
‫‪54‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫العادية النتياء القرار اإلداري‪ ،‬وىي تختمف عن الطرق العادية النتياء القرار بسبب ما تثيره من‬
‫صعوبات ومشاكل في الواقع العممي‪ ،‬تتعمق بحقوق و أوضاع أطراف القرار اإلداري‪ ،‬وتحديد‬
‫دور كل من اإلدارة و القضاء فييما ‪ ،....‬ذلك ألن القرار اإلداري غالبا ما يكسب األفراد حقوقا‬
‫اعتمدوا عمييا ورتبوا أمورىم عمى أساسيا‪،‬ومن العدالة أن تتمتع بنوع من الثبات‪ ،‬وىذا يقضي‬
‫من اإلدارة عندما تنيي قرارىا‪ -‬بالطرق غير العادية‪ -‬مراعاة التوقيف بين مصمحتين كل منيما‬
‫جدير بالرعاية‪ ،‬المصمحة العامة التي تقضي إنياء القرار غير المشروع‪ ،‬وغير المالئم‪،‬‬
‫والمصمحة الخاصة التي انبثقت عن القرار‪ ،‬والتي يجب حمايتيا حرصا عمى استقرار األوضاع‬
‫القانونية‪ ،‬ومن ىنا تبدو الصعوبة في إنياء الق اررات اإلدارية بالطريق اإلداري ومنيا اإللغاء ‪.‬‬
‫ويعني إلغاء القرار اإلداري ‪:‬وقف نفاذ القرار أو سريانو بآثاره الناتجة عنو بالنسبة‬
‫أي مابين‬ ‫لممستقبل فحسب‪ ،‬ودون أن يشمل ذلك اإللغاء ما سبق وأن رتبتو في الماضي‪-‬‬
‫إصداره وانيائو‪ -‬من نتائج و آثار‪.‬‬
‫وما يجدر بنا اإلشارة إليو ىو أنو قد يتم إلغاء القرار اإلداري من قبل اإلدارة التي‬
‫أصدرتو‪ ،‬كما قد يتم إلغاء القرار من جية إدارية أخرى غير الجية اإلدارية التي أصدرتو‪ ،‬كما‬
‫ىو الحال في سمطة جية الوصاية في إلغاء الق اررات غير المشروعة الصادرة من اإلدارات‬
‫الالمركزية الخاضعة لوصايتيا‪ ،‬وكذلك إلغاء الق اررات من قبل السمطة الرئاسية لمجية مصدرة‬
‫القرار بما ليا من حق التعقيب عمى ق اررات مرؤوسيا‪ ،‬ما لم يوجد نص عمى خالف ذلك ‪.1‬‬
‫المطمب الثاني ‪ :‬تمييز اإللغاء اإلداري عن سحبها والغاءها قضائيا‪:‬‬
‫إن سحب الق اررات اإلدارية يختمف عن إلغاء اإلدارة ليا‪ ،‬من حيث محل السحب والذي‬
‫يتعين أن يكون كأصل عام ق ار ار إداريا غير مشروع لمخالفتو القانون‪،‬بأن صدر مشوبا بعيب‬
‫يبطمو‪ ،‬أو يؤدي بو إلى االنعدام عمى نحو يجعل الطعن بإلغائو مقبوال حال إقامة ىذا الطعن‬
‫األمر الذي يؤدي ألن يكون ليذا السحب أثر رجعي ي رتد إلى تاريخ صدور القرار‪ ،‬بحيث يعد‬
‫ىذا القرار و كأن يصدر أصال شأنو في ذلك كشأن اإللغاء القضائي ليذا القرار‪.‬‬

‫‪ - 1‬نواف كنعان‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪ ،‬األردن ‪،‬ص ‪.302‬‬
‫‪55‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وعمى العكس من ذلك ‪،‬فإن إلغاء اإلدارة لق ارراتيا‪ ،‬يمتد نطاقو ليشمل الق اررات اإلدارية‬
‫شاب القرار‬ ‫المشروعة وغير المشروعة عمى حد سواء‪ ،‬حيث أن سبب اإللغاء ليس عيبا‬
‫اإلداري منذ صدوره‪ ،‬وانما أمور استجدت ال يالئميا استمرار سريان ىذا القرار ‪.‬‬
‫وكأثر لذلك فإن أثر إلغاء القرار اإلداري ‪ ،‬يكون بالنسبة لممستقبل فقط‪ ،‬حيث لم يعد ىذا‬
‫في‬ ‫القرار صالحا‪ ،‬ألن يرتب أي أثر قانوني يعتد بو منذ تاريخ إلغاءه‪ ،‬وتبقى آثاره التي رتبيا‬
‫الماضي سارية وذلك عمى عكس السحب اإلداري واإللغاء القضائي لمق اررات اإلدارية‪.1‬‬
‫فاإللغاء القضائي ىو عبارة عن إعدام قرار إداري مخالف لمقانون‪ ،‬وذلك يتم بصدور‬
‫حكم من المحكمة المختصة‪ ،‬بناء عمى دعوى يرفعيا أحد األفراد ‪.2‬‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز ‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪ ،‬اإلنياء اإلداري لمق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.144 ،143‬‬
‫‪ - 2‬سالم بن سممان الشكيمي‪ ،‬نظرية سحب الق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪56‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث الثاني‪:‬أحكام إلغاء الق اررات اإلدارية‪.‬‬

‫ما ىو متفق عميو‪ ،‬وما استقر عميو الفقو و القضاء اإلداريين‪،‬أنو يتوقف حق اإلدارة في‬
‫إلغاء الق اررات اإلدارية عمى النظر إلى مدى ما ترتبو ىذه الق اررات من حقوق لمغير ‪ ،‬األمر‬
‫الذي يتعين معو التفرقة بين الق اررات التنظيمية و الفردية ‪ ،1‬وعميو سنركز في ىذا المبحث عمى‬
‫نظرية اإللغاء اإلداري التي تنصب عمى الق اررات التنظيمية ( الموائح)‪ ،‬و الق اررات الفردية وأسباب‬
‫إلغائيا ‪.‬‬
‫وىذا ما سيتم توضيحو في المطمبين التاليين ‪:‬‬
‫المطمب األول‪ :‬إلغاء الق اررات الفردية وأسباب إلغاءها ‪.‬‬
‫يتوقف حق اإلدارة في إلغاء الق اررات اإلدارية عمى النظر إلى مدى ما ترتبو تمك الق اررات‬
‫من حقوق لمغير ‪ ،‬األمر الذي يتعين معو إبراز مدى سمطة اإلدارة في إلغاء الق اررات اإلدارية‬
‫الفردية‪ ،‬واألسباب التي تؤدي إلى ذلك‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬إلغاء الق اررات الفردية‬
‫كأصل عام ‪ ،‬فقد استقر القضاء في فرنسا و مصر بخصو صيا و العتبارات استقرار‬
‫المعامالت ىو عدم جواز إلغاءىا‪ ،‬لما يترتب عمى اإللغاء من مساس بالحقوق التي اكتسبيا‬
‫األفراد من ىذه الق اررات ‪.‬فإذا منحت اإلدارة مثال ترخيصيا في فتح محل عام بعد موافقتيا عمى‬
‫‪.‬وذلك حماية لممراكز القانونية‬ ‫موقعو‪ ،‬ال يجوز ليا أن ترجع في قرارىا ىذا بقرار الحق يمغيو‬
‫التي أنشأتيا و التي تشكل حقوقا مكتسبة لمن صدر القرار بشأنيم ولكن إذا كان القرار الفردي‬
‫غير مرتب لحقوق مكتسبة‪ ،‬فإنو يمكن في ىذه الحالة تعديمو أو إلغاؤه بالنسبة لممستقبل ‪.‬‬
‫عمى أن الق اررات الفردية غير المرتبة لحقوق مكتسبة تتجمع في حاال ت خاصة و قميمة‪،‬‬
‫ومن ىذه الق اررات يمكن التطرق ليا كما يمي‪:2‬‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪ ،‬الق اررات اإلدارية‪ ،‬الصور والنفاذ ووقف التنفيذ و اإللغاء في الفقو وقضاء مجمس الدولة‪،‬‬
‫بدون طبعة ‪،‬دار محمود لمنشر و التوزيع‪ ،‬القاىرة‪،‬ص‪.325‬‬
‫‪ - 2‬محمد فؤاد عبد الباسط‪ ،‬القرار اإلداري ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.458،457‬‬
‫‪57‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أوال ‪ :‬الق اررات الوالئية و الوقتية‪:‬‬


‫الق اررات الوالئية والوقتية ىي الق اررات التي تنشئ حقوقا مكتسبة‪ ،‬إنما تنشئ أوضاعا‬
‫وقتية ‪ ،‬كانتداب موظف أو إجراء تجارب عمى مواقع مائية أو عمى الطرقات ‪ ،‬فيو محدد من‬
‫حيث الزمن ‪،‬وال يرتب حقا مكتسبا لذلك يجوز سحبيا في أي وقت ‪.1‬‬
‫أ‪ -‬الق اررات الوالئية‪:‬‬
‫وىي الق اررات التي تعطي لفرد ما ميزة معينة دون تحميمو ب أي التزام ‪ ،‬وىذه الميزة ال‬
‫تعدو أن تكون منحة من اإلدارة ‪ ،‬ال يقوم بيا ليذا الفرد حقا مكتسبا ‪ ،‬األمر الذي يجوز معو‬
‫لإلدارة الحق في إلغاء ىذا القرار في أي وقت‪.2‬‬
‫ومن أمثمة ذلك ‪ :‬منح أحد الموظفين إجازة مرضية في غير الحاالت التي يرتب فييا‬
‫القانون حقا في طمب ىذه اإلجازة‪.3‬‬
‫لق اررات الوالئية ال‬ ‫و بالرغم من أن مجمس الدولة الفرنسي قد استقر في اعتبار أن ا‬
‫تنشئ حقوقا أو مزايا ‪،‬بل تنشأ وضعا وقتيا ‪ ،‬ولإلدارة إلغاؤىا في أي وقت كان ‪.‬‬
‫لكن مجمس الدولة الفرنسي في حكم قضية "توليز"‪ ،‬بتاريخ ‪ 1956/03/23‬قضى بأن‬
‫القرار الوالئي‪ ،‬يمكن أن يولد موقفا لصاحب المصمحة‪ ،‬ويكون المجمس أخذ بوجية نظر مفوض‬
‫ي تقريره في القضية المذكورة‪ ،‬حيث أشار إلى‪:‬‬
‫الحكومة ف‬
‫"إن اإلجراء الوالئي ال يولد من حيث األصل حقوقا أو مزايا ‪ ،‬وأن رفضو ال يكون عرضة‬
‫لمطعن فيو باإللغاء ‪ .‬ولكن يمكن أن يرتب صدور القرار الوالئي حقوقا أو مزايا‪ ،‬لذلك فإنو يمتنع‬
‫عمى جية اإلدارة سحبو أو إلغاؤه "‪ ،‬لكن ىذا ا لحكم ال يغير كثي ار وجو القاعدة بشأن الق اررات‬
‫الوالئية‪ ،‬فيي تولد ترخيصا ستسحب في حين إذا استمر الترخيص‪ ،‬بحيث يسود في االعتقاد‬
‫أنيا أصبحت قاعدة عرفية ممزمة ‪،‬فال يجوز حينيا سحب الترخيص والغاؤه ‪.4‬‬

‫‪ - 1‬حسني درويش عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.518‬‬


‫‪ - 2‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪ ،‬الق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع نفسو‪،‬ص‪.326‬‬
‫‪ - 3‬حسني درويش عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.534‬‬
‫‪ - 4‬مازن ليمو راضي‪ ،‬القانون اإلداري‪,‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.410‬‬
‫‪58‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -2‬الق اررات الوقتية‪:‬‬


‫ىي الق اررات التي ال تنشئ حقوقا بالمعنى القانوني‪ ،‬لتعمقيا بأوضاع مؤقتة ولم ينص‬
‫عمى سريانيا لمدة معينة‪ ،‬ومن ذلك الق اررات الصادرة بندب موظف عام أو يمنح تراخيص‬
‫‪.2‬‬
‫مؤقتة‬
‫وىي الق اررات التي ال تنشأ سوى وضعا مؤقتا ال يرقى لتكوين مركز قانوني ذاتي ‪،‬ومن‬
‫ثم ال يعطي ىذا الوضع لألفراد حقا مكتسبا في التمسك باستم ارره ألنيم يعممون أو من الواجب‬
‫عمييم أن يوقنوا بأنو وضع مؤقت منذ نشأتو‪ ،‬وتعط الق اررات الصادرة بمنح التراخيص من أىم‬
‫ىذه الق اررات‪ ،‬حيث أنيا ق اررات مؤقتة بطبيعتيا استمرارىا وىي بمقتضيات الصالح العالم ‪ ،‬وال‬
‫يحد سمطة اإل دارة في إلغائيا سوى عيب االنحراف بالسمطة‪ ،‬و الذي يعد قيدا عمى السمطة‬
‫اإلدارة التقديرية في جميع األحوال‪.‬‬
‫و من ثم فإنو بإمكان اإلدارة إلغاء الق اررات الوقتية في أي وقت تشاء مادام رائدىا في‬
‫ذلك ىو تحقيق المصمحة العامة‪،‬بمعنى أال يكون تصرفيا باإللغاء مرك از قانون يا ذاتيا ال يجوز‬
‫المساس بو ‪ .1‬ومن أمثمة ىذه الق اررات نضع بين أيديكم األمثمة اآلتية ‪.‬‬
‫"ىو تكميف مؤقت‬ ‫الق اررات الخاصة بندب موظف لمقيام بعمل معين‪ ،‬فالندب يقصد بو‬
‫لمموظف بالقيام بأعباء وظيفة ما ‪,‬و من ثم فيو أمر مؤقت بطبيعتو يجوز لمسمطة اإلدارية‬
‫الرجوع فيو في أي وقت‪ ،‬و ال يترتب بمقتضاه لمموظف مركز قانوني نيائي المساس بو ‪.‬‬
‫ومن األمثمة أيضا عن الق اررات المؤقتة ىي تمك الق اررات الصادرة بقيد الموظف عمى‬
‫درجة أعمى‪ ،‬فقرار القيد ىو من الق اررات القابمة بطبيعتيا لمعدول عنيا‪ ،‬والرجوع فييا‪ ،‬فيي ال‬
‫تكسب صاحبيا مرك از قانونيا دائما‪ ،‬ومن ثم كان لمجية اإلدارية أن تمغي ىذا القيد أو التصرف‬
‫النظر عنو من أن يتحدد حقيا في ذلك بميعاد ‪.2‬‬
‫ثانيا‪ :‬إلغاء الق اررات غير التنفيذية و الق اررات السمبية ‪:‬‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪ ،‬األسس العامة لمق اررات اإلدارية‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.328‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪ - 2‬سميمان محمد الطماوي‪ ،‬النظرية العامة لمق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪652-650‬‬
‫‪59‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫تعد الق اررات السمبية و الق اررات غير التنفيذية من الق اررات التي ال تولد حقوقا لألفراد‪ ،‬وعميو فيي‬

‫ق اررات ليس ليا أثر لتغيير المراكز القانونية‪.‬‬

‫أ‪-‬إلغاء الق اررات التنفيذية‪:‬‬


‫إن القرار اإلداري ال يكسب مرك از قانونيا إال إذا كان تنفيذي‪ ،‬ذلك أنو يكون قابال بذاتو‬
‫ودون حاجةألي إجراء آخر لمتنفيذ الحقيقي ‪.1‬‬
‫باإللغاء أمام مجمس‬ ‫ومنو فالق اررات التنفيذية ىي تمك الق اررات التي تقبل الطعن‬
‫الدولة‪،‬أما الق اررات غير التنفيذية فيي ال تقبل الطعن باإللغاء‪ ،‬وذلك نتيجة تخمف السمة‬
‫الجوىرية لمق اررات غير التنفيذية‪ ،‬وىي التأثير في المراكز القانونية لذوي المصمحة ‪.2‬‬
‫ة‬ ‫ومن ثم يخرج عن إطار الق اررات التنفيذية تمك التي تحتاج إلى تصديق من السمط‬
‫الرئاسية‪ ،‬حيث ال يكون القرار قبل ىذا التصديق قابال لمتنفيذ‪ ،‬ومن ثم ال يكون من شأنو‬
‫إكساب مرك از قانونيا ذاتيا‪ ،‬وال يتولد لألفراد في ظمو حق مكتسب‪ ،‬األمر الذي يكون معو لإلدارة‬
‫الحق في إلغاءه في ظل ال تقتضيو المصمحة العامة ‪.3‬‬
‫ومن ذلك الق اررات التمييدية اإلعدا د إلصدار قرار معين‪ ،‬مثل القرار الصادر بإيقاف‬
‫موظف عن عممو ‪,‬بقصد لحالتو إلى المحاكم التأديبية و الق اررات التي تحتاج إلى تصديق من‬
‫السمطة الرئاسية ‪،‬سمطة الوصايا فإنو يمكن الرجوع عنيا قبل التصديق ‪.‬‬
‫و الحديث‬ ‫وىذا ما أستقر في شأنو قضاء مجمس الدولة الفرنسي‪ ،‬في قضائو القديم‬
‫نسبيا‪ ،‬حيث حكم في قضية ‪ hospice de crosne‬بأن مداوالت المجمس البمدي‪ ،‬ال يدخل‬
‫في حيز التنفيذ إال بتصديق المحافظ‪ ،‬و لممجمس أن يرجع في مداوالتو في أي وقت فبل أن‬
‫نصادق المداولة من قبل المحافظ‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪ ،‬األسس العامة لمق اررات اإلدارية‪،‬مرجع نفسو‪،‬ص ‪.328‬‬
‫‪ - 2‬حسني درويش عبد الحميد‪ ,‬نياية القرار اإلداري بغير طريق القضاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.538‬‬
‫‪ - 3‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪ ،‬األسس العامة لمق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.328‬‬
‫‪60‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و عمى العكس رفض المدير التصديق عمى مداولة المجمس البمدي‪ ،‬بع د أخذ أي الجية‬
‫المختصة‪ ،‬فإن تصديقو الالحق يعد أم ار لمقانون متعينا الحكم بإلغائو ‪.1‬‬
‫ب‪-‬إلغاء الق اررات السمبية‪:‬‬
‫يجوز لإلدارة إلغاء القرار الفردي السمبي في حالة عدم ترتيب عل إلغائو المساس بحق‬
‫مكتسب‪ ،‬كالقرار الصادر برفض طمب من موظف بإعارتو ‪.2‬‬
‫فالفقو الفرنسي الحديث أخذ بمبدأ عام باعتباره أن الق اررات السمبية ىي التي تصدر من‬
‫اإلدارة بالرفض فذىب البعض إلى القول بان الق اررات السمبية ال تولد حقوقا‪،‬وأن السمة المميزة‬
‫ليذا النوع من الف اررات أنيا ال تستطيع أن تنشأ حقوقا ‪.‬‬
‫ومن األمثمة عن الق اررات السمبية‪ ،‬القرار الصادر برفض الترخيص ألحد األفراد بمزاولة‬
‫عمل معين‪ ،‬أو مينة معينة‪ ،‬كرفض الترخيص بحمل السالح أو فتح محل عام‪ ،‬فإن الق اررات‬
‫السمبية كقاعدة عامة ال ترتب حقوقا‪.‬‬
‫ومن ثم رأينا أن مجمس الدولة الفرنسي أجاز سحبيا أي إعداميا بأثر رجعي ن ون‬
‫إحكامو الحديثة في ىذا الخصوص حكمو الصادر في قضية ‪.canton‬‬
‫ولكن مجمس الدولة الفرنسي يستثني من ىذه القاعدة لمق اررات الصادرة في خصوص‬
‫الموظفين‪ ،‬باعتباره أن ىذه الق اررات ترتب اثأر مباشرة في مواجية الموظف‪،‬وليطا تعتبر مولدة‬
‫لمحقوق في مواجيتيم‪.3‬‬
‫‪،1979/02/27‬حيث‬ ‫وىذا ما أشار إلييا القضاء اإلداري المصري في حكمو بتاريخ‬
‫جاء فيو‪".‬لوزير الداخمية سمطة رفض منح ترخيص حيازة أو احراز األسمحة النازية أو سحبو أو‬
‫إلغائو في أي وقت‪"....‬‬

‫‪ - 1‬عقيمة بوحديد‪ ،‬خديجة سعيدي‪،‬نياية القرار اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.66‬‬


‫‪ - 2‬نواف كنعان ‪ ،‬القانون اإلداري‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.304‬‬
‫‪ - 3‬سميمان محمد الطماوي‪،‬النظرية العامة لمق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬ص‪.654‬‬
‫‪61‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فالقاعدة أن الق اررات السمبية ال تولد حقوقا‪ ،‬مثال ذلك رفض اإلدارة الموافقة عمى‬
‫لترخيص البوليس ال يؤدي إلى إنشاء حقوق لألفراد‪ ،‬عمى العك س في حالة الموافقة عمى منح‬
‫الترخيص‪ ،‬فإنو يتولد عنو مزيا لصاحب الشأن‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬أسباب إلغاء الق اررات اإلدارية‪.‬‬
‫باعتبار أنو من غي ار لجائز إلثارة لإلدارة إلغاء ق ارراتيا الفردية السميمة لتعمق حقوق‬
‫أصحاب الشأن بالمراكز القانونية التي أكسبتيم إياىا تمك الق ار رات‪ ،‬إال إنو خروجا عمى ىذا‬
‫األصل العام بوسع اإلدارة إلغاء القرار اإلداري الفردي السميم في بعض الحاالت‪،‬كما لو وافق‬
‫عمى ذلك صاحب الشأن‪ ،‬أو خالف المستفيد بالقرار االلتزامات التي يفرضيا عميو‪ ،‬أو تغيرت‬
‫ظروف إصدار القرار‪ ،‬أو اقتضت إلغاء القرار دواعي الصالح الع ام‪ ،‬وأخي ار يجوز لإلدارة إلغاء‬
‫القرار اإلداري الفردي السميم استنادا إلى نص تشريعي‪ ،‬وىذا ما سأتناول كل حالة عمى حدى ‪.2‬‬
‫أوال‪ :‬إلغاء القرار اإلداري ألسباب ترجع لمخاطب بالقرار‪:‬‬
‫في حالة إصدار اإلدارة قرار يحقق مصمحة إلصدار األفراد بما يوفره لو من مزايا‪،‬‬
‫وتقاعس الشخص في االستفادة بيذا القرار‪ ،‬فال يكون لإلدارة الحق في إجباره عمى ذلك‪ ،‬حيث‬
‫تعتبر سموكو ىذا رضاء ضمنيا منو بإلغاء اإلدارة لقرارىا‪.‬‬
‫وتطبقا لذلك فإذا أصدرت اإلدارة قرار بتعيين أحد األفراد في وظيفة عامة إال أنو أمتنع‬
‫عن استكمال باقي مسوغات تعيينو‪ ،‬أو أمتنع عن استالم العمل في األجل الطي حددتو لو‬
‫اإلدارة‪ ،‬فقد استق القضاء عمى أن موقفو ىذا يعد بمثابة موافقة ضمنية عمى إلغاء اإلدارة لقرار‬
‫تعيينو‪.3‬‬
‫حيث يعد ذلك بمثابة عزوف من جانبو عن تو لي الوظيفة ال يمكن إجباره عمى العدول‬
‫عنو‪ ،‬األمر الذي يجعل تنفيذ القرار مستحيال‪ ،‬مما يجعل منو قرار نظريا ال قيمة لو‪ ،‬حيث أن‬

‫‪ - 1‬حسني درويش عبد الحميد‪ ،‬نياية القرار اإلداري بغير طريق القضاء‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.543-542-541‬‬
‫‪ - 2‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪ ،‬الق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع نفسو‪،‬ص ‪. 328‬‬
‫‪ - 3‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪ ،‬اإلنياء اإلداري لمق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.145‬‬
‫‪62‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفرار صدر لينفذ‪ ،‬فإذا لم يعد تنفيذه ممكنا‪ ،‬كان لإلدارة الحق في إلغائو‪ ،‬حيث تنازل عنو من‬
‫صدر لصالحو‪.1‬‬
‫وىذا ما ذىبت إليو المحكمة اإلدا رية العميا بمصر في ىذا الشأن إلى أن رضاء الموظف‬
‫واذا كان ال ينيض ركنا عند إنشاء المراكز الوظيفي إال أنو يمزم التنفيذ القرار‪،‬فال يجبر‬
‫الموظف عمى قبول الوظيفة العامة‪.2‬‬
‫كما أن عدم احترام المستفيد من القرار اإلداري لاللتزامات المفروضة عميو بموجبو يؤدي‬
‫لمنح اإلدارة الحق في إلغاء ىذا القرار‪ ،‬حيث أن تمك االلتزامات كانت شرطا لموافقة اإلدارة‬
‫عمى إصدار ىذا القرار فإذا ما أخل المستفيد بيا ‪ .‬فقد القرار مبرر إصداره كما في حالة مخالفة‬
‫المستفيد بترخيص بالبناء لشروط الترخيص‪ ،‬حيث يكون لإلدارة في ىذه الحالة الحق في إل غاء‬
‫قرارىا الصادر بمنح ىذا الترخيص إضافة إلى حالة إصدار اإلدارة ق ار ار بقبول الطالب بكمية‬
‫الشرطة بثبوت زواجو‪ ،‬كان بوسعيا إلغاء قرار قبولو بالكمية ‪.3‬‬
‫ثانيا‪ :‬إلغاء القرار اإلداري لتغير الظروف المادية إلصداره‪.‬‬
‫وقد يرد ىذا الشرط صراحة في القرار‪ ،‬فيعتبر تغير الظروف المادية متى تحقق من قبيل‬
‫الشروط الفاسخة التي تنيي القرار نياية طبيعية‪ ،‬ولكن تغير الظروف المادية التي عمى أساسيا‬
‫صدر القرار‪ ،‬يخول اإلدارة حق إلغاؤىا في بعض الحاالت حتى ولم ينص عمى ذلك صراحة‬
‫قيام حالة معينة‪،‬‬ ‫في صمب القرار‪ ،‬ومن تمك الحاالت أن يكون السبب في إصدار القرار ىو‬
‫ومثال ذلك أن تسمح اإلدارة ألحد األفراد بفتح محل عام ألن المنطقة مأىولة بالسكان‪ ،‬فإذا ما‬
‫ىجرت تمك المنطقة بعد مدة معينة‪ ،‬فإنو يحق لإلدارة أن تمغي ذلك الترخيص‪ ،‬أو تسمح بعقد‬
‫اجتماع عام في مكان حكومي ثم ترجع فيو حاجة اإلدارة الممحة لذلك المكان فيما بعد‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪ ،‬الق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع نفسو‪،‬ص‪.330‬‬
‫‪ - 2‬المرجع أعاله‪ ،‬ص ‪.145‬‬
‫‪ - 3‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪ ،‬الق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع نفسو‪،‬ص‪.330‬‬
‫‪63‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وفي حاالت أخرى يكون استمرار الحالة المادية شرطا لسالمة القرار‪ ،‬ومن ذلك أن‬
‫ينص القانون مثال عمى أنو ال يجوز منح ترخيص بفتح محل عام إال في المناطق التي يزيد‬
‫عدد سكانيا عن رقم معين‪ ،‬فإذا منح أحد األفراد ترخيصا لتحقق الشرط وقت منحو‪ ،‬فإنو يحق‬
‫لإلدارة أن تمغيو إذا نقص العدد عن القدر الذي يشترطو القانون ألن بقاء القرار يغدو غير‬
‫مشروع‪.1‬‬
‫و عميو‪ ،‬فإن تغير الظروف المادية التي صدر في كنفيا القرار يعطي لإلدارة الحق فبإلغائو‪،‬‬
‫حيث لم يعد استم ارره مبررا‪ ،‬حتى و لو لم ينص عمى ذلك في مضمون القرار ‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬إلغاء القرار اإلداري لدواعي الصالح العام‪:‬‬
‫يحق لإلدارة إلغاء ق ارراتيا الفردية السميمة‪،‬إذا ما كان في استمرار تنفيذ تمك الق اررات ما‬
‫يتعارض مع مقتضيات الصالح العام‪،‬وال يجوز التحدي في ىذا الشأن بأن من شأن ىذا اإللغاء‬
‫إىدار الحقوق المكتسبة بيذا القرار‪ ،‬حيث أن اليدف األساسي إلصدار الق اررات اإلدارية‪ ،‬ىو‬
‫تحقيق المصمحة العامة من خالل تنفيذىا‪ ،‬فإذا أصبح ىذا التنفيذ متعارضا مع المصمحة العامة‬
‫أوضا ار بيا‪ ،‬جازيو لإلدارة بل من الواجب عمييا إلغاء ىذا القرار‪ ،‬حتى ولو أدى ذلك إلى‬
‫المساس بالحقوق الفردية المكتسبة‪ ،‬بواسطة القرار محل إلغاء‪ ،‬ألن قاعدة المسمم بيا أنو عند‬
‫التعارض مابين الصالح العام و الصالح الخاص‪ ،‬يتعين التضحية باألخير في سبيل األول‪ ،‬وان‬
‫كان ذلك يتم وفق ضوابط خاصة‪.‬‬
‫وقد ذىب جانب من الفقو في صدد إلغاء الق اررات لدواعي المصمحة العامة‪ ،‬إلى أن فكرة‬
‫المصمحة العامة فكرة فضفاضة وذلك يجب إال يترك تقديرىا بصفة عامة لإل دارة‪ ،‬واال ألىدرنا‬
‫استقرار الق اررات اإلدارية السميمة‪ ،‬ومن ثم فإن اإلدارة ال تستطيع أن تمغي قرار إداريا سميما قبل‬
‫نيايتو الطبيعية‪ ،‬بقصد تحقيق الصالح العام المجرد‪ ،‬بل يجب أن يكون الصالح العام في ىذه‬
‫األدوية يجوز إلغاؤه‪،‬‬ ‫الحالة مخصصا‪،‬فالتصريح الصادر ألحد األشخاص ببيع نوع معين من‬
‫ولكن يجب أن يكون المقصود من ذلك ىو المحافظة عمى الصحة العامة‪ ،‬إذا ثبت أن ىذا‬

‫‪ - 1‬سميمان محمد الطماوي‪ ،‬النظرية العامة لمق اررات اإلدارية‪ ،‬ممرجع سابق‪ ،‬ص ‪.665‬‬
‫‪64‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الدواء خطر‪ ،‬و الترقية التي منحت ألحد الموظفين يجوز إلغاؤىا‪ ،‬ولكن بشرط أن يكون الدافع‬
‫ل بيذا‬ ‫إلى ذلك ىو تأمين النظام في الوظيفة العامة الرتكاب الموظف ما من شأنو أن يخ‬
‫النظام‪ ،‬واإلذن الصادر لجماعة من الجماعات بعقد اجتماع عام‪ ،‬يجوز إلغاؤه إذا جدت دواعي‬
‫تنذر بأن االجتماع قد يكون من شأنو تيديد النظام العام ‪.‬‬
‫واستطرد ىذا الفقو بأن المالحظة في غاية األىمية‪ ،‬ألن الغرض المخصص إلصدار‬
‫القرار يتشبع نظاما خاص إلصدار القرار ال مضاد الذي تنتيي بو آثار القرار األول‪ ،‬ويحتوي‬
‫عمى ضمانات ال وجود ليا‪،‬فيما لو جعمنا مطمق المصمحة العامة سببا كافيا إللغاء القرار‬
‫اإلداري الفردي السميم‪.‬‬
‫ربعا‪ :‬إلغاء القرار اإلداري لتغير التشريع عقب إصداره‪:‬‬
‫اإلداري في مرتبة أدنى من‬ ‫اعمال لمبدأ تدرج األدوات التشريعية‪،‬والذي يجعل القرار‬
‫القانون‪ ،‬فإن صدور تشريع عقب إصدار قرار إداري ينظم مسألة ما عمى نحو معين يخالف ما‬
‫ورد بالقانون يمنح اإلدارة الحق في إلغاء ىذا القرار والذي ال يجوز لو أن يناقض القانون‪،‬حيث‬
‫‪.1‬‬
‫يسمو عميو في مراتب التدرج التشريعي‬
‫فالقرار الفردي يستند في إصداره إلى تشريع قائم‪ ،‬وال يؤثر في القرار الذي صدر في ظل‬
‫تشريع معين‪ ،‬تغير ىذا التشريع وحمول أخر محمو‪،‬إال إذا تضمن التشريع الجديد ما يشير إلى‬
‫سريانو بأثر رجعي‪ ،‬ىنا تمغى الق اررات الصادرة في ظل التشريع السابق‪ ،‬ويحل محميا ق اررات‬
‫تصدر استنادا إلى التشريع الجديد‪.2‬‬
‫خامسا‪:‬اإللغاء استنادا إلى نص تشريعي‪:‬‬
‫قد يعطي المشروع لإلدارة في حاالت خاصة الحق في إلغاء أي قرار إداري‪ ،‬ويمكنو أن‬
‫يعطييا الحق في اإللغاء ليس فقط بالنسبة لممستقبل‪ ،‬بل أيضا بأثر رجعي ‪.3‬‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز عبد المنعم خميفة‪،‬الق اررات اإلدارية‪ ،‬المرجع سابق‪ ،‬ص ‪.332،331‬‬
‫‪ - 2‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪ ،‬اإلنياء اإلداري لمقرار اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.147‬‬
‫‪ - 3‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪ ،‬األسس العامة لمق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.332‬‬
‫‪65‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ذلك‬ ‫وقد يعطي المشروع تمك الرخصة صراحة بالنص عمييا في التشريع‪ ،‬وقد يكون‬
‫ضمنيا كما لو كانت مباشرة اإلدارة الختصاص أوكمو إلييا المشروع من شأنو إلغاء كافة‬
‫الق اررات اإلدارية الصادرة في السابق‪ ،‬فإعادة تخطيط حي األحياء يقتضي بطبيعة الحال إعادة‬
‫النظر في جميع الق اررات السابقة و المتضمنة تراخيص بالبناء أو بفتح المحال العامة ‪.1‬‬
‫وعمينا اإلشارة إلى حق اإلدارة في إلغاء أي من الق اررات في األحوال السابقة و التي‬
‫يشكل كل منيا سندا لإلدارة في إلغاء ما سبق ليا إصداره من ق اررات ال يجب حق األفراد في‬
‫الحصول عمى تعويض إن كان لو مقتضى‪ ،‬وذلك بالطبع فيما عدا حالة موافقتو المستفيد من‬
‫القرار عمى إلغائو‪.2‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬إلغاء الق اررات التنظيمية‪:‬‬
‫عمى اعتبار أن اإلدارة تتمتع بسمطة واسعة‪ ،‬أما في تعديل ق ارراتيا أو إلغاء ىذه الق اررات‬
‫طالما تعمق األمر بقواعد عامة و مجردة ‪ .‬وعميو ال يممك المعينون بالخضوع لمقرار اإلداري‬
‫التنظيمي االحتجاج في مواجية اإلدارة‪ ،‬إذا مارست سمطة اإللغاء‪،‬طالما لم تمتد اثأر اإللغاء‬
‫لمماضي‪ ،‬و انحصرت فقط بالنسبة لممستقبل ‪.‬‬
‫فإذا أصدرت السمطة اإلدارية قواعد تنظيم ألطباء أو الصيادلة أو الميندسين‬
‫المعماريين‪ ،‬ونفذ ىذا القرار مدة زمنية معينة ثم تدخمت نفس الجية اإلدارية أو جية أعمى منيا‬
‫واعتمدت القرار القديم بالنسبة لممستقبل‪ ،‬فال تممك ىذه الفئة المعنية بالقرار محل اإللغاء‪ ،‬أي‬
‫حق االحتجاج تجاه اإلدارة ألنيا في موقف تنظيمي الئحي ‪.3‬‬
‫وعميو فإنو بوسع اإلدارة إلغاء الق اررات التنظيمية مشروعة كانت أو غير مشروعة في أي‬
‫وقت‪ ،‬حيث ال ترتب تمك الق اررات مراكز قانونية ذاتية أو شخصية و إنما مراكز نظامية عامة‪،‬‬
‫األمر الذي يمكن لإلدارة معو إلغاءىا في أي وقت‪.‬‬

‫‪ - 1‬سميمان محمد الطماوي‪ ،‬النظرية العامة لمقرار اإلداري‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.625‬‬
‫‪ - 2‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪ ،‬الق اررات اإلدارية‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.333‬‬
‫‪ - 3‬عمار بوضياف‪ ،‬القرار اإلداري‪ ،‬دراسة تشريعية قضائية فقيية‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.245،249‬‬
‫‪66‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ذلك ألن المراكز القانونية العامة ىي بطبيعتيا مراكز مؤقتة قابمة لمتعديل من قبل اإلدارة‬
‫وفقا لمقتضيات الصالح العام‪ ،‬ومن ثم فميس لألفراد حق التمسك استمرار تمك المراكز‪.‬‬
‫إال أنو إذا كانت اإلدارة تممك حق تعديل الموائح في أي وقت تطبيقا لمقتضيات الصالح‬
‫العام‪،‬فإن حقيا في ىذا الشأن يحده قيدان‪:‬‬

‫األول‪ :‬أن يتم تغيير الالئحة بإجراء عام يطبق عمى الكافة‪ ،‬دون أن يقصد بذلك الخروج عن‬
‫الالئحة في التطبيقات الفردية إال إذا أجازت الالئحة ذلك االستثناء من ضرورة احترام اإلدارة‬
‫لشروط ىذا االستثناء‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬ىو عدم المساس بالق اررات الفردية السميمة التي استندت لتمك الالئحة حيث ترتب تمك‬
‫الق اررات حقوقا مكتسبة لمغير‪ ،‬ال يجوز المساس بيا ‪.1‬‬
‫وبمعنى آخر فيمكن لإلدارة أن تمغي الق اررات اإلدارية ا لتنظيمية في كل وقت استنادا إلى‬
‫متطمبات ومستجدات التسيير اإلداري لممرافق العامة‪ ،‬من ناحية وجود األفراد المخاطبين في‬
‫مركز قانوني ال يولد أي حق مكتسب‪ ،‬نظ ار لكونيم في عالقة تنظيمية من جية أخرى ‪.2‬‬
‫الفرع األول‪:‬إلغاء القرار التنظيمي السميم‪.‬‬

‫ال بد من القول أن من حق اإلدارة بل من واجبيا االستجابة إلى المتغيرات عمى الساحة‬


‫اإلدارية واتخاذ الق اررات التنظيم التي تخدم اليدف الذي أنشئت من أجمو‪ ،‬وىذا األمر يؤدي إلى‬
‫إلغاء ق اررات تنظيمية لم تعد تنسجم مع متطمبات المصمحة العامة ‪.‬‬
‫نونية عامة ال يحق ألحد‪،‬‬ ‫ألن ىذه الق اررات ال تنشئ حقوقا شخصية‪ ،‬بل مراكز قا‬
‫اإلحتجاج بضرورة بقضاء ىذه الق اررات مطبقة‪ ،‬والسيما أنيا لم تعد تنسجم مع الواقع الذي‬
‫تنشده اإلدارة‪ ،‬وأن اإللغاء يكون بالنسبة لممستقبل‪ ،‬وبالتالي إذا طبقت ىذه الق اررات التنظيمية‬
‫نظيمي صحيحة‪ ،‬و خاصة إذا‬ ‫تطبيقا فرديا‪ ،‬تبقى الق اررات الفردية المتفرعة عن القرار الت‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪ ،‬األسس العامة لمق اررات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 325،326‬‬
‫‪ - 2‬محمد الصغير بعمي‪ ،‬المحاكم اإلدارية‪ ،‬الغرفة اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.132‬‬
‫‪67‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫تضمنت حقوقا مكتسبة لألفراد‪ ،‬وال يجوز المساس بيذه الحقوق ‪ .‬ويم اإللغاء من خالل صدور‬
‫قرار صريح من قبل اإلدارة وفق اإلجراءان القانونية المطموبة‪ ،‬يقضي بإلغاء القرار القديم‪ ،‬أو‬
‫ع أنظمة قديمة‬ ‫عمى لنحو ضمني عن طريق صدور قانون أو قرار تنظيمي جديد يتعارض م‬
‫ويحل محميا‪ ،‬وىكذا تطبق القواعد الجديدة بدال من القواعد القديمة ‪.1‬‬
‫أوال‪ :‬الشكل واإلجراءات في إلغاء القرار التنظيمي‪:‬‬
‫يتضح مما تقدم أن لجية اإلدارة والية إلغاء ق ارراتيا التنظيمية في أي وقت‪ ،‬ويبدو ىذه‬
‫الق اررات التنظيمية بنفس اإلجراءات التي‬ ‫القاعدة مطمقة‪ ،‬فيل تتخذ اإلدارة وىي بصدد إلغاء‬
‫اتبعتيا عند إصدار القرار أم ىناك إجراءات أخرى تتبعيا ىتو الخيرة في إلغائيا لمقرار‬
‫التنظيمي‪ ،‬وىذا ما سيتم تناولو من خالل ما يمي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬إلغاء الق اررات التنظيمية وقاعدة تقابل الشكميات ‪:‬‬
‫حسب األصل العام يجب أن يكون إلغاء أو تعديل القرار اإلداري بقرار من نفس قوتو‬
‫ومن نفس السمطة التي أصدرت القرار األول‪ ،‬أو بإتباع ذات اإلجراءات إال إذا نيى القانون‬
‫‪:‬فالشق األول متعمق بقاعدة تقابل‬ ‫عمى خالف ذلك‪ ،‬وىذه القاعدة تشتمل عمى شقين‬
‫االختصاصات وىي مطمقة في شأن إلغاء الموائح‪.‬‬
‫بمعنى أن يصدر إلغ اء الالئحة من السمطة التي أصدرتيا أو سمطة أعمى منيا‪ ،‬وىذه‬
‫القاعدة ينص عمييا القانون‪ ،‬وينصرف ىذا االلتزام إلى كافة األجيزة اإلدارية التي تباشر‬
‫الوظائف اإلدارية‪.2‬‬
‫أما الشق الثاني متعمق بقاعدة تقابل اإلجراءات‪ ،‬فيذه القاعدة مقتضاىا أن يتعين مراعاة‬
‫قواعد الشكل و اإلجراءات عند إلغاء الالئحة‪ ،‬ويرجع ذلك إلى أن القانون والالئحة يحدد‬
‫اإلجراءات الواجب إتباعيا عند إلغاء الالئحة‪ ،‬وأن ذلك محل خالف‪ ،‬ومن الجية العكسية‪ ،‬فإن‬

‫‪ - 1‬حسني درويش عبد الحميد‪ ،‬نياية القرار اإلداري طريق القضاء‪ ،‬مرجع نفسو‪ ،‬ص‪،561‬ص‪.556‬‬
‫‪ - 2‬حسني درويش عبد الحميد‪ ،‬نياية القرار اإلداري بغير طريق القضاء‪ ،‬مرجع نفسو‪،‬ص‪.562،563‬‬
‫‪68‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الالئحة تظل ممزمة قانونا طالما أنيا تم تمغ إلغاء صحيحا طبقا لمطرق واألشكال التي اتبعت‬
‫لسنيا‪.‬‬
‫‪...":‬من المقرر‬ ‫وىذا ا لمبدأ قد استقر في القضاء المصري‪ ،‬فقد جاء في أحذ أحكامو‬
‫قانونا أن الجية اإلدارية إذا وضعت قاعدة تنظيمية‪ ،‬فمن حقيا أن تمغييا أو تعدليا بقاعدة‬
‫تنظيمية أخرى في سبيل المصمحة العامة‪ ،‬عمى أال تسري ىذه القاعدة الجديدة غال من تاريخ‬
‫صدورىا‪.1‬‬
‫وىذا ما يؤ يده العميد الطماوي بقولو ‪":‬إذا كانت السمطة التي أصدرت الالئحة تممك‬
‫تعديميا في أي وقت‪،‬فال يتأتي ليا ذلك إال بإجراء عام‪،‬أما الخروج عمى الالئحة في التطبيقات‬
‫الفردية فيو غير مشروع‪ ،‬إال إذا كانت الالئحة نفسيا أو القاعدة التنظيمية بصفة عامة أيا كان‬
‫شكميا‪،‬تجيز ذلك و بشرط احترام الشروط المقررة في حالة االستثناء‪.2‬‬
‫ثانيا‪ :‬صدور إلغاء الق اررات التنظيمية‪:‬‬
‫يتحقق إلغاء الق اررات التنظيمية بإحدى الطرفتين ‪ :‬اإللغاء الصريح أو اإللغاء الضمني‪،‬‬
‫حيث أن كل الطرقتين يتفقان من حيث اليدف و الغاية و المتمثمة أساسا في إعدام اثأر‬
‫الالئحة أو القرار التنظيمي بالنسبة لممستقبل‪.‬‬
‫‪-1‬اإللغاء الصريح‪:‬‬
‫يتحقق عندما تقوم السمطة اإلدارية التي أصدرت الالئحة أو القرار التنظيمي أو السمطة‬
‫الرئاسية قرار أخر بإلغاء القرار األول‪ ،‬واإللغاء الصريح ال يثير أإشكاال‪ ،‬وكل ما ىو متطمب‬
‫في ىذا الطريق ىو أن تفصح جية اإلدارة عن نيتيا صراحة في إلغاء الالئحة‪ ،‬والعمل بالالئحة‬
‫الجديدة اعتبار من تاريخ نشرىا‪ ،‬وال تسري عمى الواقع التي تمت في الماضي‪.3‬‬

‫‪ - 1‬المرجع أعاله‪،‬ص ‪.564‬‬


‫‪ - 2‬سميمان محمد الطماوي‪ ،‬النظرية العامة لمق اررات اإلدارية‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.646‬‬
‫‪ - 3‬حسني درويش عبد الحميد ‪ ،‬المرجع نفسو ‪،‬ص ‪.565‬‬
‫‪69‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وىذا ما تم التعبير عنو في القضاء المصري بتاريخ ‪ 1949/11/22‬بقواه‪ " :‬من المقرر‬
‫قانونا أن الجية اإلدارية إذا وضعت قاعدة تنظيمية‪ ،‬فإ ن من حقيا أن تمغييا أو تعد ليا بقاعدة‬
‫تنظيمية أخرى في سبيل المصمحة العامة عمى أن تسري ىذه القاعدة الجديدة إال من تاريخ‬
‫صدورىا‪.‬‬
‫‪1978/02/13‬‬ ‫وىذا المبدأ مضطرد في القضاء اإلداري المصري‪ ،‬ففي حكمو بتاريخ‬
‫حيث جاء فيو‪":‬إن لجية اإلدارة والية إلغاء أو تعديل الق اررات التنظيمية في أي وقت‪.1 "..‬‬
‫‪ -2‬اإللغاء الضمني‪:‬‬
‫وىو أن تصدر الالئحة الجديدة وتحل محل األحكام القديمة دون تصريح من اإلدارة عن‬
‫نيتيا بإلغاء الالئحة القديمة و بذلك تطبق الالئحة الجديدة في حال وجود تعارض‪ ،‬فتمغى‬
‫النصوص القديمة ضمنيا‪ ،‬و القضاء الفرنسي أخذ باإللغاء الضمني‪ ،‬حيث قضى بان اإللغاء‬
‫الضمني يظير نتيجة تعارض بين النظام القانوني الجديد و النظام القانوني القديم ضمنيا‪ ،‬وىذا‬
‫‪ ،"Syndicat des avocats de "France‬حيث قضى‬ ‫ما يظير خالل حكمو في قضية‬
‫شل و إعدام‬ ‫المجمس إن اإللغاء الضمني و اإللغاء الصريح يتفقان في الغاية و اليدف‪ ،‬وىو‬
‫اثأر القرار بالقياس لممستقبل‪ ،‬ولكن الفقيو فالين لو رأي مخالف‪ ،‬فيذىب إلى القول بأن ‪":‬إجالل‬
‫قرار جديد محل قرار سابق (القرار الضمني)‪ ،‬ال يرتب مع ذلك نفس اآلثار القانونية التي تترتب‬
‫لو‪":‬بأن الالئحة‬ ‫عمى اإللغاء الصريح‪ ،‬وليس لو نفس الطبيعة القانونية‪ ،‬ويدل عمى ذلك بقو‬
‫العامة ال تمغي الالئحة الخاصة بطريقة ضمنية "‪.‬‬
‫وىذا الرأي ىو ترديد لمقاعدة المستقرة في القانون‪ ،‬بأن الخاص يقيد العام ال العكس ‪،‬‬
‫فإلغاء الالئحة قد يكون صريحا كما قد يكون ضمنيا‪ ،‬وقد يكون كامال باإللغاء الكمي لمقرار‬
‫اإلداري‪ ،‬وقد يكون جزئيا بأن ينصب عمى جزء من القرار مع ترك األخرى سميمة‪ ،‬وىو ما‬
‫يعرف بتعديل القرار‪.2‬‬

‫‪ - 1‬المرجع أعاله‪ ،‬ص ‪.566‬‬


‫‪ - 2‬حسني درويش عبد الحميد‪ ،‬نياية القرار اإلداري بغير طريق القضاء‪ ،‬مرجع نفسو‪،‬ص‪.567،566‬‬
‫‪70‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ثالثا‪ :‬تطبيقات إلغاء القرار التنظيمي السميم‪:‬‬


‫سنتناول من خالل ىذه الجزئية دراسة إلغاء المرافق العامة و إلغاء الوظائف العامة‪.‬‬
‫أ ‪-‬إلغاء المرافق العامة‪:‬‬
‫إن القاعدة المستقرة في الفقو الفرنسي‪ ،‬أنو ليس ىناك أية قاعدة تفرض استمرار قيام‬
‫المرافق‪ ،‬فميس ثمة حق مكتسب في ضرورة بقائو‪ ،‬ولمسمطة اإلدارية المختصة في كل وقت أن‬
‫تمغي أي مرافق إذا لم تعد الظروف تبرر استم ارره‪ ،‬وأم تعدل من ظروف تشغيمو أو إنشاء مرافق‬
‫جديدة تتطمب المصمحة العامة‪ ،‬وفيما يتعمق بإنشاء المرافق العامة سواء صناعية أو تجارية‬
‫فقد أقر مجمس الدولة بحق البمديات في إنشاء مشروعات صناعية وتجارية في الحاالت التي‬
‫تسمح فييا ظروف المصمحة العامة‪ ،‬وعدل بذلك عن القاعدة األصمية التي تحرم عمى البمديات‬
‫أن تنشأ مشروعات صناعية وتجارية لمخالفة مبدأ الحرية التجارية‪.1‬‬
‫إن المنتفعين بالمرافق العام ليس لو حق في استمرار قيام المرفق وبقائو لإلدارة الحق في‬
‫كل وقت في إلغاء أو تعديل نشاطو أو وقفو لفترة معينة‪ ،‬وتستند اإلدارة في ذلك إلى اعتبارات‬
‫المصمحة العامة‪ ،‬ودور جية اإلدارة بصفتيا ىي المييمنة عمى إدارة شؤون المرافق العامة فإذ ا‬
‫ظير ليا أن في إلغاء أو وقف نشاط بعض المرافق العامة يبرره مقتضيات واعتبارات المصمحة‬
‫العامة‪ ،‬فميا أن تبادر في اتخاذ ىذا اإلجراء أو ذلك وفقا لظروف الحال‪ ،‬وقد يستثنى من ذلك‬
‫وجود نص قانوني يمزم اإلدارة باستمرار قيام المرافق‪ ،‬وتقديم خدماتو من خالل فترة محددة‪ ،‬ففي‬
‫ىذه الحالة يتعين عمى اإلدارة أن تتدخل بحد انقضاء المدة لعمل المرافق وأن تنييو بنفس األداة‬
‫القانونية التي اتبعت في شأن قيامو‪.‬‬
‫بالنسبة لقانونية إلغاء المرافق العامة ‪:‬المرفق العام ىو كل مشروع يستيدف الوفاء بحاجات‬
‫ذات نفع عام‪ ،‬وتعجز المشروعات الفردية عن تح قيقو عمى الوجو مرض فتتواله اإلدارة العامة‬
‫وتديره أما بنفسيا أو تعيد إلى أفراد يديرونو تحت رقابتو ‪.‬‬

‫‪ - 1‬حسني درويش عبد الحميد‪ ،‬نياية القرار اإلدارة بغير طريق القضاء‪ ،‬مرحع نفسو‪ ،‬ص‪.568‬‬
‫‪71‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فاإلدارة ىي وحدىا التي تستطيع تقدير المصمحة العامة في بقائو أو عدم بقائو‪ ،‬فإذا‬
‫استبان ليا بقاء المرفق العام‪ ،‬ووجدت فيو سبيال لتحقيق خدمات الجميور بطريقة مرضية و إال‬
‫قامت بإلغائو‪.‬‬
‫ويرى األستاذ "البير" أن إلغاء المرفق العام ىو حق قانوني لو شرعية حتى وأن بدا غير‬
‫مالئم‪ ،‬إذا أن اإلدارة ىي وحدىا التي تستطيع تقدير المصمحة العامة في بقائو أو عدم بقائو‪،‬‬
‫وىدا الحق وان كان ظاى ار إذا ما كانت السمطة التشريعية ىي التي تقوم بإ لغاء المرافق العامة‬
‫إال أنو ال تقل وضوحا بالنسبة لحق السمطة اإلدارية في القيام بيذا طالما أن استعماليا ليذا‬
‫الحق لم يشبو عيب االنحراف بالسمطة‪.1‬‬
‫ب ‪-‬إلغاء الوظائف العامة‪:‬‬
‫القاعدة المستقرة فقيا وقضاء سواء في فرنسا أو مصدر وحتى الجزائر أن عالقة المرافق‬
‫باإلدارة ىي عالقة الئحة تنظيمية تحكميا القوانين و الموائح‪ ،‬ويجوز لإلدارة في كل وقت أن‬
‫تعدل الموائح أو تمغييا‪ ،‬أو أن تستبدل بيا غيرىا وفقا لمقتضيات المصمحة العامة‪ ،‬وقد يكون‬
‫إلغاء الوظائف العامة نتيجة إلغاء المرافق العامة‪ ،‬ومعنى ذلك أن المراكز النظامية العامة التي‬
‫أنشأتيا القوانين و الموائح ىي مراكز مؤقتة وقابمة لمتغيير في كل وقت وفقا لمقتضيات‬
‫المصمحة العامة‪ ،‬وأيضا ليس لمموظف حق مكتسب في إبقاء الالئحة مطبقة إذا أرادت اإلدارة‬
‫إلغاؤىا‪.‬‬
‫إن لجية اإلدارة حق إلغاء الوظائف العامة العتبارات تتعمق بمصمحة المرفق وان‬
‫لصاحب الشأن التعويض عنيا ينالو من ضرر جراء إلغاء الوظيفة‪ ،‬ويعد إلغاء الوظائف العامة‬
‫من أسباب إنياء خدمة الموظف‪ ،‬وأن عمة ذلك ىي المصمحة العامة التي يجب أن تعمو عمى‬
‫المصمحة الخاصة‪ ،‬فيفصل الموظف متى اقتضت ضرورات المصمحة العامة االستغناء عن‬
‫الوظيفة التي كان يشغميا الموظف‪.‬‬

‫‪ - 1‬حسني درويش عبد الحميد‪ ،‬نياية القرار اإلدارة بغير طريق القضاء‪ ،‬مرحع نفسو‪ ،‬ص‪.569‬‬
‫‪72‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ففي ىذه الحالة ال يستحق الموظف إال المرتب السابق مع إلغاء الوظيفة وليس لو الحق‬
‫مكتسب في تقاضي مرتبو اعتبا ار من تاريخ إلغاء الوظيفة‪ ،‬وبتالي تنشأ عالقات قانونية جديدة‬
‫منشأىا القانون مباشر كحق الموظف في مكافأة أو معاش‪ ،‬فالموظف ليس لو الحق في‬
‫االحتفاظ بمستوى مرتبو ألنو قابل لمزيادة أو النقص بق اررات فردية من السمطة الرئاسية‪،‬فإذا‬
‫كانت المصمحة العامة مبرر اإللغاء بعض الوظائف العامة‪ ،‬فيجب عمى الجية المقابمة عدم‬
‫اإلضرار بالوظيفة العامة‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬القرار التنظيمي المعيب‪:‬‬

‫يحق لإلدارة القيام بإلغاء الق ار ارت التنظيمية المعيبة‪ ،‬لكن يجب أن يكون ىنالك قيد زمني‬
‫مع سمطة اإلدارة في اإللغاء من تأجيل استقرار التعامل اإلداري القانوني‪ ،‬والسيما بالنسبة‬
‫لمق اررات التنظيمية التي تطبق تطبيقا فرديا وتولد حقوقا مكتسبة األفراد‪ ،‬لذا أجمع الفقو واالجتياد‬
‫اإلداريان عمى حق اإلدارة باإللغاء خالل ميعاد الطعن باإللغاء القضائي‪ ،‬وفي حال مرور ىذه‬
‫المدة يتحصن القرار ضد اإللغاء اإلداري‪ ،‬أما في حال تغير الظروف الواقعية و القانونية التي‬
‫أدت إلى اتخاذ القرار التنظيمي سمح لألفراد بعد فوات مدة الطعن القضائي المجوء إلى اإلدارة‬
‫و الطمب منيا إلغا ء ىذا القرار الذي فقد مبرر وجود وأصبح غير قانوني‪ ،‬وعمى اإلدارة‬
‫االستجابة لطمب األفراد إعماال لمبدأ المشروعية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬ميعاد اإللغاء اإلداري‪:‬‬
‫لقد استقر القضاء الفرنسي عمى أن سمطة اإلدارة في إلغاء أو سحب ق ارراتيا التنظيمية‬
‫المعيبة تتقيد بمدة الطعن القضائي‪ ،‬وا لتي بانقضائيا تكتسب الق اررات الحصانة‪ ،‬يمتنع التعرض‬
‫ليا بالسحب أو اإللغاء‪ ،‬فقد قيد الفقو الفرنسي سمطة اإلدارة في إلغاء ق ارراتيا التنظيمية بمبدأ‬
‫استقرار اآلثار الفردية لمق اررات اإلدارية‪ ،‬بقصد تأمين استقرار المعامالت القانونية في نطاق‬
‫اإلدارة العاممة‪ ،‬ولن بأني ىذا االستقرار إال من خالل ومنع قيد زمني عمى سمطة اإلدارة في‬
‫إلغاء ق ارراتيا المعيبة‪.‬‬

‫‪ - 1‬عقيمة بوحديد‪ ،‬خديجة سعيدي‪ ،‬نياية القرار اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.78‬‬


‫‪73‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فالقاعدة المستقرة في القضاء اإلداري المصري من مقتضاه أن سمطة اإلدارة في إلغاء‬


‫ق ارراتيا مقيدة بمدد الطعن بإلغاء القضائي‪ ،‬ولكن خرجت بعض أحكام محكمة القضاء اإلداري‬
‫عمى ىذا األصل إلى إطالق يد اإلدارة إللغاء ق ارراتيا التنظيمية المعيبة في أي وقت ‪.1‬‬
‫أما الفقو المصري فقد اختمف في شأن ميعاد إلغاء الق اررات التنظيمية المعيبة‪ ،‬فقد ذىب الدكتور‬
‫"طعيمة الجرف "إلى أن ‪":‬سمطة اإللغاء اإلداري لمق اررات وىي الق اررات غير المشروعة ليست‬
‫مطمقة من غير قيد زمني‪ ،‬بحيث يمكن لإلدارة أن تجرييا في أي وقت تشاء‪ ،‬ألن القرار‬
‫ضد‬ ‫اإلداري غير المشروع حيث تنقضي في شأنو مواعيد الطعن القضائي‪ ،‬فإنو يتحصن‬
‫اإللغاء القضائي‪ ،‬ولن يكون من المعقول منطقيا أن يباح لإلدارة ما ال يباح لمقضاء‪ ،‬ولذلك فقد‬
‫استقر عمى أنو بانقضاء مواعيد الطعن القضائي يمحق القرار غير المشروع بالقرار المشروع ‪.2‬‬
‫وأن في الضوء ىذا االستثناء يعتبر عدوال جزئيا عن عدم جواز السحب لمقرار اإلداري المعيب‬
‫من جواز إلغاء القرار اإلداري المعيب منذ نشأتو بالنسبة لممستقبل دون التقيد بمدد الطعن‬
‫القضائي‪.‬‬
‫ثاتيا‪ :‬إلغاء الق اررات التي تحصنت بقوة ميعاد الطعن القضائي ‪:‬‬
‫إن الق اررات التنظيمية المعيبة تتحصن بفوات مدد الطعن القضائي‪ ،‬و بالتالي ال يجوز‬
‫إثارة مشروعيتيا مباشرة أمام القضاء مرة ثانية‪ ،‬ولكن يجوز الطعن عمييا بطريق غير مباشرة‬
‫وذلك في أي وقت عند تطبيقيا غمى الحاالت الفردية بطمب عدم ألخذ بيا دون التصدي‬
‫إللغائيا‪.‬‬
‫إن القضاء يتشدد في تطبيق ىاتو القاعدة‪ ،‬وذلك بعدم إيجازه الطعن المباشر عمى‬
‫الالئحة أمام قضاء مجمس ا لدولة‪ ،‬بل أوجب عمى صاحب الشأن أن يمجأ إلى اإلدارة مسبقا قبل‬
‫لجوئو إلى القضاء‪ ،‬وذلك بطمب إلغاء الالئحة نتيجة تغير الظروف الواقعية أو القانونية دون‬

‫‪ - 1‬حسني درويش عبد الحميد‪ ،‬نياية القرار اإلدارة بغير طريق القضاء‪ ،‬مرحع نفسو‪ ،‬ص‪.574،573‬‬
‫‪ - 2‬حسني درويش عبد الحميد‪ ،‬نياية القرار اإلدارة بغير طريق القضاء‪ ،‬مرحع نفسو‪ ،‬ص‪.574،573‬‬
‫‪74‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫غيرىا من األسباب التي تبرر إلغاء الق اررات التنظيمية‪ ،‬وفي حالة رفض اإلدارة يقتصر الطعن‬
‫عمى طمب إلغاء الالئحة فلصاحب الشأن أن يطعن في قرار الرفض أمام مجمس الدولة إللغائو‪،‬‬
‫ولكن النتيجة المترتبة عمى فوات مدد الطعن القضائي ىي تحصن القرار ويمتنع عمى جية‬
‫اإلدارة أن تنال منو سواء بالسحب أو اإللغاء‪.‬‬
‫أما فيما يتعمق بإلغاء اإلدارة لق ارراتيا التنظيمية المعيبة التي تحصنت بفوات مدد الطعن‬
‫القضائي بناء عمى طمب األفراد فيي تتمتع بشأنيا سمطة المالئمة ونطمقيا مقصور عمى ىذا‬
‫النوع من الق اررات‪ ،‬ويرجع ذلك إلى أن طريق القضاء اسند أٌمام األفراد نتيجة فوات مدد الطعن‬
‫القضائي‪.1‬‬
‫أن القضاء أطمق يد اإلدارة في إلغاء ق ارراتيا التنظيمية المعيبة في أي وقت وسيتم ىذا‬
‫التدخل بنوع من المالئمة باختيار وقت تدخميا إال أن اإلدارة مع ذلك تمتزم بالتدخل إللغاء‬
‫الالئحة بناء عمى طمب األفراد أو تمقاء نفسيا‪.‬‬
‫ىذه األحوال ممزمة باحترام مبدأ‬ ‫ويرى البعض من الفقو المصري أن اإلدارة في مثل‬
‫المشروعية وعدم االمتناع عن تطبيق الالئحة التي انتيى القضاء بخروجيا عمى أحكام‬
‫القانون‪.2‬‬
‫ثالثا‪ :‬أثار اإللغاء اإلداري‪:‬‬
‫إ ّنن إلغاء القرار اإلداري التنظيمي يقتصر عمى المستقبل مع بقاء اآلثار القانونية التي‬
‫تمت في الماضي‪ ،‬فميس من أثار اإللغاء أن يمحو في الماضي اآلثار التي ترتبت عمى سريانو‬
‫سميما‪ .‬وسيتم دراسة أثار اإللغاء ضمن النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬إلغاء الق اررات التنظيمية المتعمقة بالموظفين ‪:‬‬
‫كقاعدة عامة فإن عالقة الموظف باإلدارة عالقة تنظيمية تحكميا القوانين و الموائح‬
‫الصادرة في ىذا الشأن‪ ،‬فمركز الموظف مركز قانوني عام‪ ،‬يجوز تغييره وتعديمو في كل وقت‪،‬‬

‫‪ - 1‬سميمان محمد الطماوي‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري ‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬ص ‪.857‬‬
‫‪ - 2‬حسني حسني درويش عبد الحميد‪ ،‬نياية القرار اإلداري بغير طريق القضاء‪ ،‬مرجع نفسو ‪،‬ص‪.582‬‬
‫‪75‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وال يجوز لمموظف أن يطالب باستمرار بقاء الالئحة التنظيمية مطبقة في المستقبل‪،‬ومن ىذا‬
‫المنطمق تستطيع اإلدارة أن تمغي ق ارراتيا اإلدارية التنظيمية التي تصدرىا بشأن الموظفين‬
‫بالنسبة لممستقبل‪.‬‬
‫وترتب عمى ذلك منذ صدور الالئحة والقرار اإلداري التنظيمي الجديد‪ ،‬فإن الموظفين‬
‫الذين ينطبق عمييم ىذا القرار أو الالئحة‪ ،‬يستعطون أن يطالبوا بالمزايا السابقة التي تزيد عن‬
‫المزايا الجديدة أو ال يستطعون المطالبة بتمك المزايا أصال إذا ما كان القرار التنظيمي الجديد‬
‫قد ألغاىا‪.1‬‬
‫وقد استقر عمى ذلك قضاء مجمس الدولة الفرنسي‪،‬حيث قضى بأن المزايا الناشئة‬
‫لمصمحة الموظفين من تنظيم إداري معين معمقة عمى شرط بقاء ىذا التنظيم‪ ،‬وأن ىذه المزايا ال‬
‫تعوق اإلدارة في ممارسة حقيا في إعادة النظر في التنظيم ‪.‬‬
‫لقد قضى القضاء الفرنسي بأن اإلدارة عند إصدارىا الالئحة أو القرار اإلداري التنظيمي‬
‫الجديد ال تستطيع أن ترجع تطبيق النص الذي ألغى المزايا الممنوحة لمموظفين إلى تاريخ سابق‬
‫عمى صدوره‪ ،‬لكن القضاء اإلداري المصري خرج عمى قضاء مجمس الدولة الفرنسي‪ ،‬وعالج‬
‫ىذا اإلطالق وضبط حدوده فقد قيد سمطتو في ىذا الشأن بعدم المساس بحقوق ذاتية‪ ،‬اكتسبت‬
‫في ظل نظام سابق ‪ 2‬قد يتطمب القضاء اإلداري أن يكون ىذا التعديل أو السحب بإجراء عام ال‬
‫بموجب إجراء فردي و أال يكون قد صدر بو جزاء تأديبي لشخص الموظف ‪ .‬وقد حدد القضاء‬
‫الحاالت التي يحرم فييا الموظف من درجتو ‪:‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬نص في القانون‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬بحكم تأديبي صادر ضده‪.‬‬

‫‪ - 1‬حسني حسني درويش عبد الحميد‪ ،‬نياية القرار اإلداري بغير طريق القضاء‪ ،‬مرجع نفسو ‪،‬ص ‪.583‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.591‬‬
‫‪76‬‬
‫اإللغاء اإلداري للقرارات اإلدارية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ب‪ -‬مدى التعويض عن إلغاء الق اررات التنظيمية ‪:‬‬


‫إن إلغاء اإلدارة لق ارراتيا التنظيمية المشوبة بعيب عدم المشروعية في خالل مدد الطعن‬
‫القضائي‪ ،‬فاإلدارة في ىذه الحالة ال تسأل عن األضرار المترتبة عن إ لغاء ق ارراتيا المعيبة‪ ،‬و‬
‫ذلك النتفاء ركن الخطأ الذي يبرر حق التعويض‪ ،‬ويرجع ذلك إلى أن اإلدارة ممزمة بتدخل‬
‫إللغاء ق ارراتيا التنظيمية المعيبة‪.‬‬
‫أما الق اررات التنظيمية التي تحصنت بفوات مدد الطعن القضائي‪ ،‬فان إلغائيا يرتب‬
‫ِ‬
‫مسؤولية اإلدارة إذا نشأ في ظميا حقوق أو مزايا ألصحاب الشأن‪ ،‬وذلك عن طريق تطبيقيا‬
‫تطبيقا فرديا‪ ،‬وىذه الحالة ينطبق في شأنيا القاعدة التي انتيينا إلييا في شأن التعويض عن‬
‫ق اررات السحب المعيبة‪ ،‬والتي تقضي بتعويض المضرور عما أصابو من ضرر جراء سحب‬
‫غير مشروع‪.1‬‬
‫أما في ما يتعمق بالتعويض عن إلغاء ق ار ار ت سميمة‪ ،‬ىو أنع ال تعويض من جراء إلغاء‬
‫أو تعديل الالئحة السميمة‪ ،‬ويرجع ذلك إلى الالئحة التي تتصف بالعمومية والتجريد‪ ،‬وال يتولد‬
‫لمفرد حق مكتسب من القاعدة التنظيمية القابمة لمتغيير و التعديل في كل وقت ‪.‬‬
‫رتبت الحق لفرد معين‬ ‫و القول بغير ذلك يؤدي بنا إلى تقرير بأن الالئحة ىي التي‬
‫بالذات في حين أن القاعدة القانونية بما تنطوي عميو من طابع العموم والتجريد تقتصر عمى‬
‫إنشاء المركز القانوني‪ ،‬ومن ميمة القرار اإلداري تحديد الشخص الذي ينتسب إلى ىذا المركز‪،‬‬
‫وبذلك يكتسب حقا‪.2‬‬

‫‪ - 1‬حسني درويش عبد الحميد‪ ،‬نياية القرار اإلداري بغير طريق القضاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.591،592‬‬
‫‪ - 2‬المرجع أعاله‪،‬ص‪.594‬‬
‫‪77‬‬
‫خاتمة‬

‫في ىذه الدراسة ركزت عمى الق اررات اإلدارية من ناحية السحب واإللغاء والرقابة‬
‫السمطة من امتيازات واسعة وأحيانا استثنائية زاد من‬ ‫عمييما‪ ،‬وقد تبين أن ما تتمتع بو‬
‫وقوعيا في الخطأ‪ ،‬األمر الذي تتطمب أحيانا القيام بسحب أو إلغاء ىذه الق اررات اإلدارية‬
‫تماشيا مع مقتضيات العمل‪.‬‬
‫فاإلدارة تتمتع بسمطة تقديرية واسعة تعبر عنيا عن طريق إرادتيا المنفردة والممزمة‬
‫من خالل تصرف أو نشاط يصدر بمقتضى القوانين أو األنظمة لبموغ ىدفيا أو غاية تنشئ‬
‫أو تعدل التزاما أو مرك از قانونيا وان مشروعية ىذا التصرف تتحدد بمعرفة أركانو سواء ما‬
‫تعمق بشكل التصرف أو موضوعو‪.‬‬
‫ولقد تبين أن تحصين الق اررات اإلدارية ىو من األمور التي تثير الجدل والنقاش في‬
‫نظام ا لقانون والقضاء اإلداري‪ ،‬باعتبار أن القرار اإلداري ىو سالح بيد اإلدارة وأداة لمظمم‬
‫والتعسف في حق األفراد إذا ما تجاوز حدوده‪ ،‬مع أن اليدف من أي قرار ىو تحقيق‬
‫المصمحة العامة متى لو لم يقر بذلك القانون‪.‬‬
‫ية إذا ما شابو ىذه‬ ‫فاإلدارة سمطة تتمثل أساسا في سحب أو إلغاء ق ارراتيا اإلدار‬
‫األخيرة عيب من عيوب المشروعية وذلك تصحيحا لما ارتكبتو اإلدارة من أخطاء ‪.‬‬
‫وبعد معالجتنا لمختمف جوانب الموضوع توصمنا إلى اإلجابة عمى اإلشكالية المطموبة‬
‫لمبحث‪:‬‬
‫إن اإلدارة عند سحبيا والغائيا لق ارراتيا تكون سمطتيا تقديرية حيث إذا ما رأت اإلدار ة‬
‫أن القرار غير مشروع وفيو مساس لحقوق األفراد‪ ،‬فإن ليا سمطة سحبو أو إلغائو‪ ،‬واستثناء‬
‫يجوز ليا سحب ق ارراتيا المشروعة إذا كانت ال تولد حقوقا مكتسبة لألفراد ‪.‬‬
‫ومن خالل الدراسة السابقة لموضوع نياية القرار اإلداري بغير طريق القضاء توصمنا‬
‫إلى النتائج التالية‪:‬‬

‫‪78‬‬
‫خاتمة‬

‫‪ ‬في حالة ما إذا شاب قرار اإلدارة عيب من العيوب فإن اإلدارة تمجأ إلى إلغاء القرار‬
‫اإلداري‪.‬‬
‫‪ ‬يترتب عمى سحب الق اررات اإلدارية إلغاء كافة اآلثار الناشئة عنو ‪.‬‬
‫‪ ‬قد يكون السحب كميا كما قد يكون جزئيا‪ ،‬أي يمس جزء من القرار دون اآلخر ‪.‬‬
‫‪ ‬األصل أن يقوم سحب القرار اإلداري غي ر المشروع بطريقة صريحة‪ ،‬إال أنو يجوز‬
‫أيضا أن يتم السحب بطريقة ضمنية ‪.‬‬
‫‪ ‬ال يجوز أن تؤدي سحب الق اررات اإلدارية غير المشروعة إلى توقف واعاقة السير‬
‫المنتظم لممرافق العامة باطراد أي بأي حال من األحوال‪ ،‬فإذا وقع بين سحب قرار‬
‫إداري غير مشروع وبين مبدأ انتظام وحسن س ير المرافق العامة‪ ،‬فإذا األولوية لذلك‬
‫المبدأ األخير‪.‬‬
‫‪ ‬يعتبر سحب القرار اإلداري ق ار ار إداريا جديدا‪ ،‬ىو في ذلك يخضع لكل ما تخضع لو‬
‫الق اررات اإلدارية من قواعد وأحكام‪ ،‬بما فييا قابميتو لمتظمم منو والطعن فيو قضائيا ‪.‬‬
‫‪ ‬إن انقضاء المدة القانونية عمى القرار غير المشر وع دون سحبو إداريا‪ ،‬أو إلغائو‬
‫قضائيا‪ ،‬وبالتالي تحصنو ال يؤدي إلى إغالق الباب نيائيا في وجو المتضرر ‪.‬‬
‫ولتفادي ىذه المشكمة العويصة المتعمقة بسحب والغاء الق اررات اإلدارية نستطيع من خالل‬
‫ىذا البحث الخروج بعدة توصيات لعميا تقمل من عممية سحب والغاء الق اررات اإلدا رية ومن‬
‫أىميا‪:‬‬
‫‪ ‬يجب عمى اإلدارة قبل أن تصدر أي قرار قبل التأكد من مشروعية ىذه الق اررات ‪.‬‬
‫‪ ‬يجب أن تحدد التشريعات وبدقة مواعيد سحب الق اررات اإلدارية‪ ،‬وبشكل تفصيمي‬
‫المسائل التي تنظميا الق اررات ‪،‬وأن تعطي الميمة الكافية لإلدارة بحسب طبيعة القرار ‪.‬‬
‫‪ ‬سحب الق اررات اإلدارية غير المشروعة يجب أال يعيق السير الحسن لممرافق العامة‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫خاتمة‬

‫‪ ‬رفع القيود الشكمية عمى اإلدارة في حالة سحب الق اررات المعيبة حتى تسرع من عممية‬
‫النشاط اإلداري‪.‬‬
‫‪ ‬الحقوق التي تكتسب عن طريق الق اررات الخاطئة يجب أال تتحصن بقيد زمني معين ‪.‬‬
‫تعطي األفراد الق اررات الممغاة والمسحوبة في حالة‬ ‫‪ ‬وضع قوانين تمزم اإلدارة بأن‬
‫لجوءىا إلى القضاء‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬فإنو نظ ار ألىمية ىذا الموضوع‪ ،‬فإني أىيب بالمشرع بأن يقوم بتقنينو في صورة‬
‫نظرية متكاممة‪ ،‬مستعينا في ذلك بما استقر عميو العمل ومستيديا بأحكام المحاكم اإلدارية‪،‬‬
‫وآراء الفقياء‪ ،‬وبما يتم اشى وظروف اإلدارة في بمدنا‪ ،‬وذلك من أجل االرتقاء بمستوى اإلدارة‬
‫العامة وحسن سير المرافق العامة‪ ،‬التي تعتبر شريان الحياة في ىذا العصر ‪.‬‬
‫وفي الختام نرجو أن نكون قد استطعنا تسميط الضوء عمى جزئية سحب والغاء الق اررات‬
‫اإلدارية وأن يكون بحثنا ىذا مفيدا حيث ينتفع بو الطالب مستقبال‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫المراجع بالمغة العربية‬


‫المصادر‪:‬‬
‫‪- 1‬القرآن الكريم‪.‬‬

‫مراجع العامة‬

‫‪ -1‬حمدي ياسين عكاشة‪ ،‬موسوعة القرار اإلداري في قضاء مجمس الدولة‪ ،‬الجزء الثاني‬
‫‪.2010‬‬

‫‪ -2‬سميمان محمد الطماوي‪ ،‬النظرية العامة لمق اررات اإلدارية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة ‪ ،5‬دار‬
‫الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪.2007 ،‬‬

‫‪ -3‬سهيل ادريس‪ ،‬القاموس عربي‪-‬عربي المنهل‪ ،‬دار األدب لمنشر والتوزيع‪ ،‬طبعة ‪،16‬‬
‫بيروت ‪.2016‬‬

‫‪ -4‬شريف يوسف حممي خاطر‪ ،‬القرار اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.2007‬‬

‫‪ -5‬عبد العزيز عبد المنعم خميفة‪ ،‬الق اررات اإلدارية‪ ،‬الصور والنفاذ ووقف التنفيذ واإللغاء في‬
‫الفقه وقضاء مجمس الدولة‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬دار محمود لمنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫‪ -6‬عبد العزيز‪ ،‬عبد المنعم خميفة‪ ،‬الق اررات اإلدارية في الفقه وقضاء مجمس الدولة‪ ،‬منشأة‬
‫المعارف‪ ،‬اإلسكندية‪.2007،‬‬

‫‪ -7‬عمار بوضياف‪ ،‬القرار اإلداري‪ ،‬دراسة تشريعية قضائية فقهية‪ ،‬طبعة أولى‪ ،‬الجسور لمنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2007 ،‬‬

‫‪ -8‬عمار عوابدي‪ ،‬نظرية الق اررات اإلدارية بين عمم اإلدارة العامة والقانون اإلداري‪ ،‬دون طبعة‬
‫‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.2009 ،‬‬
‫‪81‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ -9‬عمار عوابدي‪ ،‬نظرية المسؤولية اإلدارية‪(،‬دراسة تأصيمية‪ ،‬تحميمية‪ ،‬مقارنة)‪ ،‬دون طبعة‪،‬‬
‫دار المجد‪ ،‬الجزائر‪.1989 ،‬‬

‫‪-10‬عبد العزيز عبد المنعم خميفة‪ ،‬األسس العامة لمق اررات اإلداري‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.‬‬

‫‪-11‬عمار عوابدي‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬النشاط اإلداري‪ ،‬طبعة‪ ،2000‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫‪ -12‬محمد الصغير بعمي‪ ،‬الق اررات اإلدارية‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬دار النشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2005‬‬

‫‪ -13‬محمد الصغير بعمي‪ ،‬المحاكم اإلدارية(الغرف اإلداري)‪ ،‬دار العموم لمنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عنابة‪.2004 ،‬‬

‫‪ -14‬محمد أنور حمادة‪ ،‬الق اررات اإلدارية ورقابة القضاء‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.2004‬‬

‫‪ -15‬محمد فؤاد عبد الباسط‪ ،‬القرار اإلداري‪ ،‬دار الجامعة الجديدة لمنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪.2005 ،‬‬

‫‪ -16‬نجم عميوى خمف‪ ،‬مبدأ عدم الرجعية في الق اررات اإلدارية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.2016 ،‬‬

‫‪ -17‬وابل رشيد‪ ،‬بالعروسي أحمد التيجاني‪ ،‬قانون الوظيف العمومي‪ ،‬دار هومة‪ ،‬بوزريعة‪،‬‬
‫‪.2003‬‬

‫‪ -18‬سميمان محمد الطماوي‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪.1974 ،‬‬

‫‪82‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ -19‬نواف كنعان‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪،‬‬
‫األردن‪.‬‬

‫مراجع الخاصة‪:‬‬

‫‪ -1‬حسني درويش عبد الحميد‪ ،‬نهاية القرار اإلداري بغير طريق القضاء‪ ،‬دار الفكر العربي‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬طبعة ‪.1989‬‬

‫‪ -2‬عبد العزيز عبد المنعم خميفة‪ ،‬اإلنهاء اإلداري لمق اررات اإلدارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬المكتب‬
‫الجامعي الحديث‪.2015 ،‬‬

‫‪ -3‬سالم بن سممان الشكيمي‪ ،‬نظرية سحب الق اررات اإلدارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة ‪.2016،‬‬

‫المقاالت العممية‪:‬‬

‫‪ -1‬أحمد اسماعيل‪ ،‬أثر تغير الظروف القانونية والواقعية في الق اررات اإلدارية‪ ،‬مجمة جامعة‬
‫دمشق لمعموم اإلتصادية والقانونية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬المجمد العشرين‪ ،‬كمية الحقوق‪ ،‬جامعة دمشق‪،‬‬
‫‪.2004‬‬

‫الرسائل العممية‪:‬‬

‫‪ -1‬عقيمة بوحديد‪ ،‬خديجة سعيدي‪ ،‬نهاية القرار اإلداري‪ ،‬مذكرة ماستير‪ ،‬كمية الحقوق والعموم‬
‫سياسية‪ ،‬جامعة ‪8‬ماي‪ ،1945‬السنة الجامعية ‪.2016-2015‬‬

‫‪ -2‬نبيل عبة‪ ،‬آلية سحب الق اررات اإلدارية‪ ،‬مذكرة ماستار ‪ ،‬كمية الحقوق والعموم السياسية‪،‬‬
‫جامعة بسكرة‪.2014-2013 ،‬‬

‫‪83‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫األحكام القضائية‪:‬‬

‫‪ -1‬المجمس األعمى‪ ،‬الغرفة اإلدارية‪ ،‬قرار رقم ‪ 29432‬بتاريخ ‪ ،1982/11/27‬المجمة‬


‫القضائية‪ ،‬العدد األول ‪.1990 ،‬‬

‫‪ -2‬مجمس الدولة‪ ،‬قرار رقم ‪ ،0005485‬بتاريخ ‪ ،2002/07/22‬مجمة مجمس الدولة‪،‬‬


‫العدد‪.2004 ،5‬‬

‫‪ -3‬مجمس الدولة ‪ ،‬قرار رقم ‪ 7462‬بتاريخ ‪ ،2003/02/25‬مجمة مجمس الدولة‪ ،‬العدد‬


‫األول‪.2002 ،‬‬

‫‪ -4‬مجمس الدولة ‪ ،‬قرار رقم ‪ ،3408‬بتاريخ ‪ ،2011/11/06‬مجمة مجمس الدولة‪ ،‬العدد‬


‫األول‪.2002 ،‬‬

‫المراجع بالمغة الفرنسية‪:‬‬

‫‪1- Bounard. Rouger, Precis De Droit Administratif, Librairie Générale De Droit, Paris, 1943.‬‬

‫‪2- Forget – Jean Pierre, Le Régime Juridique Et Administratif Du Permis Construire, J. Dalmas, Paris, 1977‬‬

‫‪84‬‬
‫الفهرس‬

‫إىداء‬

‫شكر‬

‫مقدمة‪6... ............................ ..................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬السحب اإلداري لمق اررات اإلدارية‪7...... ...................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬األحكام العامة لسحب الق اررات اإلدارية‪7.... ..............................‬‬

‫المطمب األول‪ :‬مفيوم ونطاق سحب الق اررات اإلدارية‪7... .................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفيوم السحب اإلداري‪8....... ..............................................‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف السحب‪8. ...................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬طبيعة وأساس السحب اإلداري لمق اررات اإلدارية‪12 ................ ..................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬نطاق سحب الق اررات اإلدارية‪18...... ......................................‬‬

‫أوال‪ :‬سحب الق اررات اإلدارية السميمة‪18 ............. ......................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬سحب ا لق اررات اإلدارية المعيبة‪21.......... .......................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬شروط سحب الق اررات اإلدارية‪23......... ..................................‬‬

‫أوال‪ :‬شرط عدم مشروعية القرار اإلداري‪23........... ....................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬شرط المدة‪28 ........... ..........................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬شرط السمطة المختصة بالسحب‪28.......... .......................................‬‬

‫المطمب الثاني ‪ :‬ميعاد السحب واالستثناءات الواردة عميو‪29............ ..................‬‬


‫الفهرس‬

‫الفرع األول‪ :‬ميعاد سحب الق اررات اإلدارية‪29............ .................................‬‬

‫أوال‪ :‬بدء ميعاد سحب الق اررات اإلدارية‪30 ................. ...............................‬‬

‫ثانيا‪ :‬جزاء سحب القرار اإلداري بعد الميعاد ‪32.............. ............................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االستثناءات الواردة عمي ميعاد السحب‪33.............. .....................‬‬

‫أوال‪ :‬سحب الق اررات المنعدمة ‪33....................... .................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬الق اررات الصادرة بناء عمى غش أو تدليس‪34........... ............................‬‬

‫ثالثا‪ :‬الق اررات اإلدارية التي لم تنشر أو لم تعمن‪35......... ...............................‬‬

‫رابعا‪ :‬سحب الق اررات اإلدارية الخاطئة المتعمقة بالمرتبات‪36..............................‬‬

‫خامسا‪ :‬سحب الق اررات اإلدارية تنفيذا لمقانون‪37........ ..................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬آثار سحب الق اررات اإلدارية والرقابة عمييا‪38............ .................‬‬

‫المطمب األول‪ :‬آثار سحب الق اررات اإلدارية‪38 ................ ...........................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬القرار المسحوب بأثر رجعي‪38 ........................ ......................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إعادة األوضاع إلى ما كانت عميو قبل صدور القرار المسحوب‪39 ............‬‬

‫أوال ‪ :‬اآلثار اليادمة لمقرار الساحب‪40 ...................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬اآلثار البناءة لمقرار الساحب‪42........... ..........................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬سحب الساحب‪44..... ............................................................‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬مسؤولية اإلدارة في التعويض عن ق اررات السحب‪45 .......................‬‬


‫الفهرس‬

‫الفرع األول‪ :‬األسس القانونية لمسؤولية اإلدارة عن الق اررات اإلدارية‪46 .....................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التعويض عن ق اررات السحب المعيبة‪47............. ........................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التعويض عن ق اررات السحب السميمة‪49......... ...........................‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬التعويض عن ق اررات السحب المنعدمة‪50.......... ..........................‬‬

‫الفصل الثاني‪:‬اإللغاء اإلداري لمق اررات اإلدارية‪52.. .............. .........................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفيوم اإللغاء وتمييزه عن السحب واإللغاء القضائي‪53....................‬‬

‫المطمب األول‪ :‬مفيوم اإللغاء اإلداري لمق اررات اإلدارية‪53........... .....................‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬تمييز اإللغاء عن السحب واإل لغاء القضائي‪55......... ...................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أحكام إلغاء الق اررات اإلدارية‪57 ..........................................‬‬

‫المطمب األول‪ :‬إلغاء الق اررات اإلدارية وأسبابيا‪57........ .................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬إلغاء الق اررات الفردية ‪57 ................. ...................................‬‬

‫أوال‪ :‬إلغاء الق اررات الوالئية و الوقتية ‪58 .................. ................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬إلغاء الق اررات غير التنفيذية والق اررات السمبية‪59........... ..........................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أسباب إلغاء الق اررات اإلدارية‪62......... ...................................‬‬

‫أوال‪ :‬إلغاء القرار اإلداري ألسباب ترجع لممخاطب بالقرار‪62 ...............................‬‬

‫ثانيا‪ :‬إلغاء الق اررات لتغير الظروف المادية إلصدارىا‪63 ............ .......................‬‬

‫ثالثا‪ :‬إلغاء الق اررات لدواعي الصالح العام‪64 ............ ..................................‬‬


‫الفهرس‬

‫رابعا‪ :‬إلغاء الق اررات لتغير التشريع عقب إصداره‪65........ .............................‬‬

‫خامسا‪ :‬اإللغاء استنادا إلى نص تشريعي‪65......... .....................................‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬إلغاء الق اررات التنظيمية‪66.......... .....................................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬إلغاء القرار التنظيمي السميم‪67........ .....................................‬‬

‫أوال‪ :‬الشكل واإلجراءات في إلغاء القرار التنظيمي‪68.............. ........................‬‬

‫القررات التنظيمية‪69............ .......................................‬‬


‫ثانيا‪ :‬صور إلغاء ا‬

‫ثالثا‪ :‬تطبيقات إلغاء القرار التنظيمي السميم‪71 ................ ............................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إلغاء القرار التنظيمي المعيب‪73.......... ..................................‬‬

‫أوال‪ :‬ميعاد اإللغاء اإلداري‪73 ........... .................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬إلغاء الق اررات المتحصنة بميعاد الطعن القضائي‪74......... ........................‬‬

‫ثالثا‪ :‬آثار اإللغاء اإلداري‪75... ..........................................................‬‬

‫الخاتمة‪80 ............................. .................................................‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪84.... ..........................................................‬‬

‫الفيرس‪.‬‬
‫مخلص المذكرة‬
‫يعد القرار اإلداري أهم الوسائل القانونيٌ التً نقوم اإلدارة من‬
‫خاللوا بالقيام بأعبائوا وظائفوا بودف تحقيق المصلحٌ العامٌ و خدمٌ‬
‫األفراد إن لنفاذ القرار اإلداري حد ينتوً إليى ويزول بى القرار وهو‬
‫مرحلٌ األخيرة من حياة القرار اإلداري وهو ما يعرف بنوايٌ القرار‬
‫اإلداري عن طريق تدخل اإلدارة وذلك عن طريق سحب القرار‬
‫اإلداري أو عن طريق إلغائى ‪.‬‬
‫إن السحب و اإللغاء للقرارات اإلداريٌ يعدان من أهم الوسائل‬
‫القانونيٌ التً تتمتع بوا اإلدارة إلنواء القرار اإلداري‪ ،‬فالسحب هو‬
‫إعدام القرارات اإلداريٌ المعبيٌ و إعدام أثارها بالنسبٌ للماضً و‬
‫المستقبل‪ ،‬لكن ذلك يكون بشرط مرتبط بالمدة القانونيٌ المحددة مع‬
‫تطبيق اإلستثناءات الواردة عليى‪ ،‬أما اإللغاء اإلداري فوو إبطال و إنواء‬
‫اآلثار القانونيٌ التً تمخضت عنوا بالنسبٌ للمسقبل فقط‪ ،‬إذ أن اإللغاء‬
‫‪ ...‬بعد العمليٌ‬ ‫القرارات اإلداريٌ ال يمس إال المراكز القانونيٌ التً‬
‫اإللغاء مع ترك اآلثار القانونيٌ التً تولدت فً الماضً ‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحيٌ ‪ /1 :‬القرار اإلداري ‪ /2‬السحب اإلداري‬


‫‪ /3‬اإللغاء اإلداري ‪ /4‬نوايٌ القرار‬

You might also like