You are on page 1of 342

‫سلم الوصول إلى‬

‫مذكرة علم األصول‬

‫بحليل محمد البوكانوني‬


‫سـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـم الوص ـ ـ ـ ـ ـول‬
‫إل ـ ـ ـ ـى‬
‫مذكرة علم األص ـ ـ ـول‬

‫‪-‬‬ ‫كتاب كقف هلل تعالى‬ ‫‪-‬‬

‫بحليل محمد البوكانوني‬


‫قـال ابن خلدون‪:‬‬
‫اعلم أف أصوؿ الفقو من أعظم العلوـ الشرعية‪،‬‬
‫قدرا‪ ،‬كأكث ًرىا فائد نة‪ ،‬كىو النظر في األدلة الشرعية من حيث‬
‫كأجلها ن‬
‫تؤخذ منها األحكاـ كالتآليف‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫إف الحمد هلل‪ ،‬نحمده كنستعينو كنستغفره‪ ،‬كنعوذ باهلل من شركر أنفسنا‪ ،‬من يهد اهلل فبل‬
‫مضل لو‪ ،‬كمن يضلل فبل ىادم لو‪ ،‬ىكا ٍش ىه ٍد أى ٍف ىال إًلىوى إًاال اللاوي ىك ٍح ىدهي ىال ىش ًر ى‬
‫يك لىوي‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫ىكأى ٍش ىه يد أى اف يم ىح ام ندا ىع ٍب يدهي ىكىر يسوليوي‪.‬‬
‫آمنيوا اتاػ يقوا اللاوى ىح اق تيقاتًًو ىكال تى يموتي ان إًاال ىكأىنٍػتي ٍم يم ٍسلً يمو ىف [آؿ عمراف ّ‪:‬‬ ‫ين ى‬
‫اً‬
‫يىا أىيُّػ ىها الذ ى‬
‫َُِ]‪.‬‬
‫ث ًم ٍنػ يهما‬ ‫كاح ىدةو ىك ىخلى ىق ًم ٍنها ىزٍك ىجها ىكبى ا‬
‫س ً‬ ‫ااس اتاػ يقوا ىربا يك يم الا ًذم ىخلى ىق يك ٍم ًم ٍن نىػ ٍف و‬ ‫يىا أىيُّػ ىها الن ي‬
‫حاـ إً اف اللاوى كا ىف ىعلىٍي يك ٍم ىرقًيبان‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ساء ىكاتاػ يقوا اللاوى الاذم تىسائىػليو ىف بًو ىك ٍاأل ٍىر ى‬
‫ًر ن ً ً‬
‫جاال ىكثيران ىكن ن‬
‫[النساء‪. ]ُ :‬‬
‫صلً ٍح لى يك ٍم أى ٍعمالى يك ٍم ىكيىػغٍ ًف ٍر لى يك ٍم‬
‫آمنيوا اتاػ يقوا اللاوى ىكقيوليوا قىػ ٍونال ىس ًديدان () يي ٍ‬
‫ين ى‬
‫اً‬
‫يىا أىيُّػ ىها الذ ى‬
‫فاز فىػ ٍوزان ىع ًظيمان [األحزاب‪.]ُٕ -َٕ :‬‬ ‫ذينيوبى يك ٍم ىكىم ٍن يي ًط ًع اللاوى ىكىر يسولىوي فىػ ىق ٍد ى‬
‫أما بعد ‪ ،‬فهذه كلمات يسيرة على «مذكرة أصوؿ الفقو» للجامعة اإلسبلمية بالمدينة‬
‫المنورة ‪ ،‬كضعتها كحاشية على ىذا الكتاب القيم ‪ ،‬كجمعتها من مؤلفات عديدة أىمها كتابي‬
‫«المهذب في علم أصوؿ الفقو المقارف» ك «الجامع لمسائل أصوؿ الفقو ك تطبيقاتها على القوؿ‬
‫الراجح» للشيخ عبد الكريم النملة رحمو اهلل ‪ ،‬فقد أكثرت النقل منها ك كذلك من كتاب‬
‫«الخبلصة في أصوؿ الفقو» للدكتورة الفاضلة كاملة الكوارم ك كتاب «شرح الورقات» لمحمد‬
‫بن الحسن ددك الشنقيطي ككتاب «إرشاد الفحوؿ إلى تحقيق الحق من علم األصوؿ » لئلماـ‬
‫الشوكاني ك «البحر المحيط في أصوؿ الفقو» لبدر الدين الزركشي ك «المسودة في أصوؿ الفقو»‬
‫آلؿ تيمية ك«البرىاف في أصوؿ الفقو» للجويني ك «التلخيص» لو ك «اللمع في أصوؿ الفقو»‬
‫للشيرازم ك«المستصفى » للغزالي ك «اإلحكاـ في أصوؿ األحكاـ» لآلمدم ك« المحصوؿ»‬
‫للرازم ك «ركضة الناظر كجنة المناظر» البن قدامة المقدسي ك«اإلماـ في بياف أدلة األحكاـ»‬
‫للعز بن عبد السبلـ كغيرىا من كتب األصوؿ ‪.‬كما اعتمدت على كتب في علوـ أخرل فاستفدت‬
‫كثيرا من كتاب «نزىة النظر في توضيح نخبة الفكر» للحافظ ابن حجر العسقبلني ك «التقييد ك‬
‫اإليضاح » للحافظ العراقي ك«شرح األلفية» لو ككتاب «مصطلح الحديث» للشيخ ابن عثيمين‬
‫كقد أكثرت النقل منها كىذه الكتب في أصوؿ الحديث ك ىناؾ كتب أخرل لم أذكرىا اختصارا‪.‬‬
‫كالقصد من ىذه الرسالة ىو توضيح الكتاب األصل كخدمتو ك تسهيلو لطالب العلم المبتدئ‬
‫خصوصا كللقارئ عموما‪.‬ك الفضل بعد اهلل عز كجل لهؤالء العلماء فما أنا إال ناقل لكبلمهم ك‬
‫جامع لو ك مستفيد منو‪.‬‬
‫أسأؿ اهلل أف يجعل ىذا العمل خالصا لوجهو الكريم ك أف ينفع بو المسلمين‪.‬‬
‫كتبو الفقير إلى مواله بحليل محمد بن محمد بن عبد اهلل البوكانوني التلمساني المالكي‬

‫عملي في هذا الكتاب‬


‫‪ /‬توسعت في شرح التعاريف إلثراء الموضوع‪.‬‬
‫‪ /‬كضحت باألمثلة المواضع التي تحتاج إلى مزيد بياف‪.‬‬
‫‪ /‬زدت مسائل مهمة متعلقة بكل باب على حدة‪.‬‬
‫‪ /‬ضمنت الكتاب كثيرا من الفوائد التي تزيده جبلء ك جماال ‪.‬‬
‫‪ /‬أكثرت النقل من الكتب التي صدرتها في المقدمة‪.‬‬
‫‪ /‬اعتمدت في الترجيح على اختيارات الشيخ محمد األمين الشنقيطي ك كذا الشيخ‬
‫عبد الكريم النملة ك اإلماـ الزركشي ك الشوكاني علما أني قد أخالفهم في ترجيحاتهم‬
‫في حدكد علمي الضئيل ‪.‬‬
‫قولو ‪ :‬أصوؿ الفقو‬
‫اعلم أف أصوؿ الفقو مركب من مضاؼ كىو كلمة "أصوؿ " كمضاؼ إليو كىو كلمة‬
‫"الفقو" كيسمى مركبا إضافياى كقد أخذ ىذا المركب ا ًإلضافي فوضع علمان على العلم‬
‫المعهود فينبغي تعريفو باعتبار كونو مركبان إضافيا كباعتبار كونو علما‪.‬‬
‫أكال تعريفو باعتبار كونو مركبان إضافيان‬
‫ن‬
‫ُ‪ -‬كلمة أصوؿ‪ :‬األصوؿ جمع أصل كاألصل في اللغة ما انبنى عليو غيره كاألساس‬
‫أصل للسقف كالجدار ككعركؽ الشجرة الثابتة في األرض كما في قولو تعالى‪{ :‬أصلها‬
‫ثابت كفرعها في السماء} ‪.‬‬

‫األصل في اللغة يطلق على إطبلقات منها‪:‬‬


‫اإلطبلؽ األكؿ‪ :‬أنو يطلق على ما يبتني عليو غيره كما ذكر المؤلف ك قد ذىب إلى‬
‫ذلك كثير من األصوليين‪ ،‬كأبي الخطاب‪ ،‬كأبي الحسين البصرم‪ ،‬كاإليجي‪،‬‬
‫كالشوكاني‪.‬‬
‫اإلطبلؽ الثاني‪ :‬أف األصل‪ :‬ما منو الشيء‪ ،‬ذىب إلى ذلك تاج الدين األرموم‪ ،‬كصفي‬
‫الدين الهندم‪.‬‬
‫اإلطبلؽ الثالث‪ :‬األصل‪ :‬ما يتفرع عنو غيره‪ ،‬كىو مذىب القفاؿ الشاشي‪.‬‬
‫اإلطبلؽ الرابع‪ :‬األصل ىو‪ :‬المحتاج إليو‪ ،‬كىو مذىب فخر الدين الرازم‪ ،‬كسراج‬
‫الدين األرموم‪.‬‬
‫اإلطبلؽ الخامس‪ :‬األصل ىو‪ :‬ما يستند ذلك الشيء إليو‪ ،‬كىو ما ذىب إليو اآلمدم‪.‬‬
‫ككل ىذه التعاريف عند التحقيق ال تتعارض ك إنما تصب في معنى كاحد‪.‬‬

‫كفي االصطبلح يطلق األصل على عدة معاف منها‪:‬‬


‫ُ‪ -‬القاعدة العامة‪ :‬كقولهم األمر يقتضي الوجوب‪ ،‬يوضح ذلك قولو تعالى‪{ :‬كما‬
‫آتاكم الرسوؿ فخذكه} فهذا أمر عاـ يقتضي كجوب األخذ بكل ما آتانا الرسوؿ‬
‫العظيم من غير تعرض في ىذه اآلية بالذات إلى فرد من أفراد األكامر التي كجهها إلينا‬
‫رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم‪.‬‬

‫ك من أمثلة ذلك ‪ :‬األصل أف النهي إذا تجرد من القرائن فهو للتحريم كقولو عز كجل ‪:‬‬
‫{ال تقربوا الزنا} فمعناه القاعدة العامة حمل النهي على التحريم ما لم يأت دليل‬
‫يصرفو إلى الكراىة أك غيره من المعاني‪.‬‬

‫ِ‪ /‬الدليل‪ ،‬كقولك‪ :‬أصل كجوب الصوـ قولو تعالى‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم‬
‫الصياـ} أم دليلو‪.‬‬

‫كقولنا أصل مشركعية السواؾ قوؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو ك سلم ‪« :‬لى ٍوالى أى ٍف أى يش اق‬
‫صبلىةو» متفق عليو ‪ ،‬فكلمة أصل ىنا‬ ‫ً‬ ‫ىعلىى أيامتًي أ ٍىك ىعلىى الن ً‬
‫ااس ىأل ىىم ٍرتيػ يه ٍم بًالس ىواؾ ىم ىع يكل ى‬
‫معناىا الدليل ‪.‬‬
‫كقد يأتي األصل لمعاف أخرل لم يذكرىا المؤلف اختصارا ‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪/‬الراجح ‪ :‬مثل قولهم ‪ :‬األصل في الكبلـ الحقيقة ‪ ،‬أم الراجح في الكبلـ حملو على‬
‫الحقيقة ال المجاز‪.‬‬
‫‪/‬المستصحب ‪ :‬يقاؿ ‪ :‬األصل براءة الذمة ‪ ،‬أم يستصحب خلو الذمة من االنشغاؿ‬
‫بشيء حتى يثبت خبلفو‪.‬‬
‫‪/‬ما يقابل الفرع في باب القياس كإلحاؽ تحريم النبيذ بالخمر في باب القياس فالخمر‬
‫أصل ك النبيذ فرع ‪.‬‬

‫ِ‪ /‬كلمة الفقو‪ :‬الفقو لغة الفهم كمنو قولو تعالى حكاية عن موسى {كاحلل عقدة من‬
‫لساني يفقهوا قولي} أم يفهموه‪.‬‬

‫ككقولو تعالى كذلك على لساف قوـ شعيب عليو السبلـ ‪{ :‬ما نفقو كثيرا مما تقوؿ} أم‬
‫ما نفهم كثيرا مما تقوؿ ‪ .‬ىذا الذم ذكره المؤلف أىم ما قيل في معنى كلمة الفقو من‬
‫الناحية اللغوية ‪ ،‬كاختار ىذا القوؿ كثير من العلماء كاآلمدم‪ ،‬كالباجي‪ ،‬كابن عقيل‪،‬‬
‫كاإلسنوم‪ ،‬كصفي الدين الهندم‪ ،‬كالشوكاني‪ .‬ك قاؿ آخركف منهم ابن فارس‪ :‬الفقو لغة‬
‫ىو‪ :‬العلم ‪.‬ك رأل أبو إسحاؽ الشيرازم أف الفقو ىو إدراؾ األشياء الدقيقة‪.‬‬
‫كقيل‪:‬الفقو ىو فهم غرض المتكلم من كبلمو‪ ،‬اختار ىذا القوؿ أبو الحسين البصرم‬
‫في " المعتمد "‪ ،‬كفخر الدين الرازم في " المحصوؿ "‪ ،‬كما ذكره المؤلف ىو‬
‫األقرب‪.‬‬

‫كفي االصطبلح‪ :‬العلم باألحكاـ الشرعية التي طريقها االجتهاد من أدلتها التفصيلية‪.‬‬

‫ىذا عند األصوليين ك عند الفقهاء ‪:‬الفقو ىو حفظ طائفة من مسائل األحكاـ الشرعية‬
‫كالسناة‪ ،‬كما استنبط منهما‪ ،‬مع أدلتها‪ ،‬أك مجردان عنها‪.‬‬
‫العملية الواردة في الكتاب ُّ‬
‫فأصوؿ الفقو إذان‪ :‬قواعده التي يبنى عليها‬

‫الفقو فيخرج بذلك غيره من العلوـ كالنحو ك الصرؼ ك المنطق‪...‬‬

‫شرح تعريف الفقو‪:‬‬


‫ُ‪ /‬المراد بالعلم ما يشمل غلبة الظن كما في قولو تعالى {فإف علمتموىن مؤمنات}‬
‫أم‪ :‬ظننتموىن‪.‬‬

‫ألف إدراؾ األحكاـ الشرعية قد يكوف يقينيا كقد يكوف ظنيا ككثير من مسائل الفقو‬
‫فعلمنا بوجوب الصلوات الخمس يقيني قطعي كأما علمنا بوجوب الزكاة في حلي‬
‫المرأة مثبل فظني ‪ .‬ك علمنا بحرمة الزنا قطعي ك أما علمنا بحرمة اإلسباؿ تحت‬
‫الكعبين لغير خيبلء فظني ‪.‬فإف قيل ‪:‬كيف تقوؿ ىذا ك قد ذـ اهلل عز كجل من يتبع‬
‫الظن فقاؿ في كتابو الكريم ‪(:‬إف يتبعوف إال الظن) ‪ .‬قلنا‪:‬الظن المذموـ في اآلية‬
‫الكريمة ىو الذم ال يبنى على أساس ك ال على اجتهاد صحيح بشركطو من أىلو ك أما‬
‫الظن إف كاف صادرا من أىلو فهذا غاية ما يستطيعو المجتهد ك ال يكلف اهلل نفسا إال‬
‫كسعها‪.‬‬

‫ِ‪ /‬المراد باألحكاـ الشرعية‪ :‬الوجوب كالندب كالحرمة كالكراىة كا ًإلباحة‬

‫كوجوب صبلة الجمعة ك سنية صوـ يوـ عرفة لغير الحاج ك حرمة السرقة ك كراىة‬
‫االستنجاء باليمين ك إباحة الطيبات‪.‬‬
‫فيخرج بقيد الشرعية‪ :‬األحكاـ العقلية كالواحد نصف االثنين‬

‫ك الكل أكبر من الجزء‪.‬‬

‫كالحسية مثل كوف الثلج باردان‬

‫ك النار محرقة‪.‬‬

‫كالعادية كنزكؿ المطر بعد الرعد كالبرؽ‬

‫ك يخرج بقيد الشرعية أيضا األحكاـ الوضعية كالفاعل مرفوع كغير ذلك‪.‬‬

‫ّ‪ /‬كالمراد بالتي طريقها االجتهاد‪ :‬إخراج ما ال يصح فيو اجتهاد كمعرفة كوف الصبلة‬
‫كالصياـ كاجبين‪ ،‬كالزنا كالسرقة محرمين لمعرفة ذلك من الدين بالضركرة‪.‬‬
‫ثانيان تعريفو باعتبار كونو لقبان لهذا الفن‬

‫بعد أف عرؼ المؤلف أصوؿ الفقو باعتبار كونو مركبا إضافيا ‪ ،‬انتقل إلى تعريفو باعتبار‬
‫كونو لقبا لهذا الفن فقاؿ ‪:‬‬

‫ىو علم يبحث عن أحواؿ أدلة الفقو ا ًإلجمالية كطرؽ االستفادة منها كحاؿ المستفيد‪.‬‬

‫ك اختار غيره تعريفا قريبا منو ك ىو معرفة دالئل الفقو إجماالن‪ ،‬ككيفية االستفادة منها‬
‫كحاؿ المستفيد‪ .‬قاؿ الجويني في كتابو البرىاف ‪ «:‬فإف قيل فما أصوؿ الفقو قلنا ىي‬
‫أدلتو كأدلة الفقو ىي األدلة السمعية كأقسامها نص الكتاب كنص السنة المتواترة‬
‫كاإلجماع كمستنده‪ ».‬انتهى كبلمو‪.‬‬

‫شرح ىذا التعريف‪:‬‬


‫ُ‪ -‬المراد بطرؽ االستفادة‪ :‬معرفة الترجيح‬
‫بين األدلة‬

‫عند التعارض مثبل‬

‫ك كيفية الجمع بينها ك ترتيبها ك معرفة دالالت األلفاظ‪...‬‬

‫ِ‪ /‬كبا ًإلجمالية‪ :‬ما عدا التفصيلية‪ ،‬كاألمر يقتضي الوجوب كالنهي يقتضي التحريم‪،‬‬
‫كالمطلق يحمل على المقيد كالعاـ يخص بالمخصص‪ ،‬كالقياس كا ًإلجماع حجة‪.‬‬

‫فبل يبحث األصولي عن األدلة التفصيلية كوجوب الصلوات الخمس ك تحريم الربا ك‬
‫إف ذكر ذلك في كتابو فعلى سبيل التمثيل ك إيضاح القواعد‪.‬‬

‫موضوعو‬
‫كموضوع ىذا الفن‪ :‬األدلة الموصلة إلى معرفة الفقو‪ .‬ككيفية االستدالؿ بها على‬
‫األحكاـ مع معرفة حاؿ المستدؿ‪.‬‬

‫اختلف األصوليوف في موضوع أصوؿ الفقو أىو األدلة اإلجمالية كحدىا أـ األدلة ك‬
‫األحكاـ معا كالخبلؼ لفظي ال ثمرة لو‪.‬‬

‫فائدتو‬
‫كفائدة ىذا العلم ىي‪ :‬العلم بأحكاـ اهلل تعالى المتضمنة للفوز بسعادة الدارين‪.‬‬

‫ك من فوائده ‪:‬تعلم طرؽ استخراج األحكاـ الشرعية للحوادث ك النوازؿ المتجددة‪.‬‬


‫ك كذا من تعلمو يكوف قادران على الدفاع عن كجهة نظر إمامو ‪ .‬ك من فوائده أف العارؼ‬
‫بالحكم كأدلتو أعظم أجران من الذم يعلم الحكم بدكف أدلتو ك العارؼ بو يستطيع أف‬
‫يدعو إلى اهلل كإلى دينو بأسلوب مقنع ‪ ،‬ك يستطيع أف يبين ألعداء اإلسبلـ أف اإلسبلـ‬
‫صالح ك مصلح لكل زماف كمكاف‪ .‬ك ال يمكن للجاىل بو أف يفسر كتاب اهلل ك ال أف‬
‫يشرح األحاديث فهذا العلم جليل القدر مهم جدا‪ .‬كمن فوائده فهم كبلـ العلماء ك‬
‫كبلـ الناس ك دعاكاىم ك أكقافهم ك غيرىا ‪ .‬ك يستفاد منو كذلك معرفة أف ىذه‬
‫الشريعة ال تتناقض ك ال تتعارض‪.‬‬

‫استمداده‬
‫كيستمد ىذا العلم من ثبلثة أشياء‪:‬‬
‫ُ‪ /‬علم أصوؿ الدين‪ -‬أم التوحيد‪ -‬لتوقف األدلة الشرعية على معرفة البارم جل‬
‫كعبل‪ ،‬كصدؽ المبلغ عنو صلى اهلل عليو كسلم كىما مبيناف فيو مقررة أدلتهما في‬
‫مباحثو‪.‬‬

‫ك استمد منو مسائل مثل‪ :‬مسألة الحاكم‪ ،‬كالتحسين كالتقبيح العقليين‪ ،‬كالتكليف بما‬
‫ال يطاؽ‪ ،‬كتكليف المعدكـ كنحوىا‪.‬‬

‫ِ‪ /‬علم اللغة العربية‪ :‬ألف فهم الكتاب كالسنة كاالستدالؿ بهما متوقفاف على معرفتها‬
‫إذ ىما عربياف‪.‬‬

‫كاستمد منو كثيران من المسائل منها‪ :‬األكامر كالنواىي‪ ،‬كالعموـ كالخصوص‪ ،‬كالمطلق‬
‫كالمقيد‪ ،‬ك المشترؾ كمعاني الحركؼ‪ ،‬كالحقيقة كالمجاز كاالستثناء‪ ،‬كالمنطوؽ‬
‫كالمفهوـ‪ ،‬كغيرىا من المباحث‪.‬‬

‫ّ‪ /‬األحكاـ الشرعية من حيث تصورىا؛ ألف المقصود إثباتها أك نفيها كغير المتصور‬
‫لها ال يتمكن من ذلك ألف الحكم على الشيء فرع عن تصوره‪.‬‬
‫حكمو‬
‫كحكم تعلم أصوؿ الفقو كتعليمو فرض كفاية‬

‫أم فرض كفاية لطالب العلم ك العلماء بصورة عامة لكن ىو فرض عين لمن يريد أف‬
‫يصل إلى مرتبة االجتهاد ‪ .‬ك قد اختلف العلماء ‪ :‬أيقدـ تعلم الفقو على أصوؿ الفقو‬
‫أـ العكس على قولين‪.‬‬
‫كمن المهم اإلشارة إلى مسائل لم يتطرؽ لها الكتاب منها ‪:‬‬
‫أكؿ من ألف في أصوؿ الفقو ىو اإلماـ محمد بن إدريس الشافعي رحمو اهلل‪.‬‬
‫ك يجدر اإلشارة كذلك إلى طرؽ التأليف في ىذا الفن حيث يمكن التمييز بينها كاآلتي‬
‫‪ :‬أكال طريقة الفقهاء ك ىم الحنفية كتتميز بأنها تقرر القواعد األصولية على مقتضى ما‬
‫نقل من الفركع الصادرة عن أئمة الحنفية المتقدمين كأبي حنيفة‪ ،‬ك أصحابو ك سميت‬
‫بطريقة الفقهاء ألنها أمس بالفقو كأليق بالفركع‪ ،‬كمن كتب ىذه الطريقة‪ :‬الفصوؿ في‬
‫األصوؿ للجصاص‪ ،‬كتقويم األدلة للدبوسي‪...‬ثانيا ‪:‬طريقة الجمهور كىم المالكية‪،‬‬
‫كالشافعية‪ ،‬كالحنابلة ك تعرؼ بالميل الشديد إلى االستدالؿ العقلي‪ ،‬كالبسط في‬
‫الجدؿ كتجريد المسائل األصولية عن الفركع الفقهية‪ ،‬كمن أىم كتب ىذه الطريقة‬
‫أحكاـ الفصوؿ للباجي ك البرىاف للجويني ك المستصفى للغزالي ك الواضح البن عقيل‬
‫ك غيرىا من الكتب‪.‬ك ىناؾ طريقة ثالثة أرادت الجمع بين طريقة الحنفية كطريقة‬
‫الجمهور؛ من خبلؿ تحقيق القواعد األصولية‪ ،‬كإثباتها باألدلة النقلية كالعقلية‪ ،‬كتطبق‬
‫ذلك على الفركع‪ ،‬كمن كتب ىذه الطريقة‪ :‬بديع النظاـ البن الساعاتي‪.‬‬
‫ك من المهم كذلك اإلشارة إلى الفرؽ بين أصوؿ الفقو ك الفقو حتى ال يشتبو معناىما‬
‫على طالب العلم ‪ ،‬فإف البحث في أصوؿ الفقو إنما يكوف في األدلة اإلجمالية فهو‬
‫عبارة عن المناىج التي ينبغي أف يسير عليها الفقيو ك أما الفقو فإنو يبحث في العلم‬
‫باألحكاـ الشرعية العملية المأخوذة من أدلتها التفصيلية متقيدا بالمناىج التي رسمها‬
‫أصوؿ الفقو‪ .‬ك يحسن التنبيو إلى الفرؽ بين أصوؿ الفقو كالقواعد األصولية فاألكؿ‬
‫يشمل الثاني أم أف القواعد األصولية جزء من فن األصوؿ بيد أنها يؤخذ منها األحكاـ‬
‫كقولنا كل أمر متجرد عن القرائن فهو للوجوب ك أما أصوؿ الفقو فيشمل التعريفات ك‬
‫غيرىا التي ليست بقواعد أصولية فبينهما عموـ ك خصوص كجهي ‪ .‬كمن الفركؽ التي‬
‫ينبغي معرفتها أيضا الفرؽ بين القواعد األصولية ك القواعد الفقهية‪:‬‬
‫فالقواعد األصولية كلية تضم جميع جزئياتها‪ ،‬بخبلؼ القواعد الفقهية؛ حيث إنها‬
‫أغلبية فقولنا كل أمر متجرد عن قرينة ىو للوجوب قاعدة أصولية كلية ال تشذ عنها‬
‫بخبلؼ قواعد الفقو ىذا عند كثير من العلماء كإف كاف بعضهم يرل أف القواعد الفقهية‬
‫ىي أيضا كلية‪ .‬ك القواعد األصولية أدلة لؤلحكاـ الشرعية‪ ،‬بخبلؼ القواعد الفقهية‪،‬‬
‫حيث إنها مجموعة من األحكاـ المتشابهة ترجع إلى علة كاحدة تجمعها‪.‬ك القواعد‬
‫األصولية كجدت قبل الفركع بخبلؼ القواعد الفقهية‪.‬‬

‫األحكاـ الشرعية‬

‫بعد أف عرؼ المؤلف أصوؿ الفقو ك قدـ لو ‪ ،‬شرع بعد ذلك في بياف األحكاـ‬
‫الشرعية لتعلقها بو فقاؿ‪:‬‬

‫تقدـ لك أف الفقو ىو العلم باألحكاـ الشرعية‪ ،‬كإليك فيما يلي بياف ىذه األحكاـ‬
‫بإيجاز‪:‬‬
‫تعريف الحكم‪:‬‬
‫الحكم لغة‪ :‬المنع‬

‫كمنو قيل حكمة اللجاـ كىى ما أحاط بحنكي الدابة سميت بذلك ألنها تمنعها من‬
‫الجرم الشديد ‪ .‬كالحكم فى االصطبلح ىو (إثبات أمر ألمر أك نفيو عنو) نحو‬
‫الشمس طالعة كالسماء ليست بغائمة‪ .‬كىو ينقسم بدليل االستقراء إلى ثبلثة أقساـ‪:‬‬
‫حكم عقلي ‪:‬كىو ما يعرؼ فيو (العقل) النسبة إيجابا أك سلبان نحو الكل أكبر من‬
‫الجزء إيجابا‪ .‬الجزء ليس أكبر من الكل سلبان‪.‬‬
‫حكم عادم‪ :‬كىو ما عرفت فيو النسبة بالعادة نحو السيقمونيا مسهل للصفراء‬
‫كالسكنجبين مسكن لها‪.‬‬
‫كح اده جماعة من أىل األصوؿ بأنو (خطاب اهلل المتعلق‬
‫حكم شرعي‪ :‬كىو المقصود ى‬
‫بفعل المكلف من حيث إنو مكلف بو) ‪.‬‬

‫كاصطبلحان‪ :‬مقتضى خطاب اهلل المتعلق بأفعاؿ المكلفين‪.‬ىذا تعريف الفقهاء للحكم‬

‫بمعنى ما ثبت بالخطاب الشرعي‪ ،‬أم‪ :‬أثره المترتب عليو‪ ،‬ال نفس النص الشرعي‪.‬أما‬
‫تعريف األصوليين فهو خطاب اهلل المتعلق بأفعاؿ المكلفين أم نفس النص شرعي‬
‫صبلةى ك آتوا الزكاة) ىو نفس الحكم الشرعي عند األصوليين‬
‫يموا ال ا‬ ‫فقولنا مثبل ‪ً :‬‬
‫(كأىق ي‬
‫ى‬
‫أما عند الفقهاء فهو كجوب الصبلة كإيتاء الزكاة‪ .‬فخرج بقولو‪( :‬مقتضى خطاب اهلل)‬
‫خطاب غيره ‪ ،‬كخرج بقولو (المتعلق بفعل المكلف) ما تعلق بذات اهلل تعالى نحو‪" :‬ال‬
‫إلو إال اهلل" كما تعلق بفعلو نحو قولو تعالى‪" :‬اهلل خالق كل شيء " كما يتعلق بذكات‬
‫المكلفين نحو "كلقد خلقناكم ثم صورناكم " اآلية‪ .‬كما تعلق بالجمادات نحو‪" :‬كيوـ‬
‫نسير الجباؿ كترل األرض بارزة"‪.‬كخرج بقولو (المتعلق بفعل المكلف) مقتضى خطاب‬
‫اهلل تعالى المتعلق بفعل المكلف ال من حيث إنو مكلف بو كقولو تعالى ‪":‬يعلموف ما‬
‫تفعلوف" فإنو خطاب اهلل متعلق بفعل المكلف من حيث إف الحفظة يعلمونو ال من‬
‫حيث إنو مكلف بو ‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫قاؿ صاحب أضواء البياف‪« :‬اعلم أف عبارات األصوليين اضطربت في تعريف الحكم‬
‫الشرعي‪ .‬ك سبب اضطرابها أمراف‪ :‬أحدىما أف بعض المكلفين غير موجود كقت‬
‫الخطاب كالمعدكـ ليس بشيء حتى يخاطب‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬زعمهم أف الخطاب ىو نفس المعنى األزلي القائم بالذات المجرد عن‬
‫الصيغة‪ »..‬ق‪ .‬كبعد تعريف الحكم الشرعي شرع المؤلف في بياف أقسامو فقاؿ‪:‬‬

‫أقساـ الحكم الشرعي‬


‫كاألحكاـ الشرعية على قسمين‪:‬‬
‫ُ‪ -‬تكليفية ِ‪ -‬كضعية‪.‬‬
‫فالحكم التكليفي‪ :‬ىو مقتضى خطاب اهلل تعالى المتعلق بأفعاؿ المكلفين على جهة‬
‫االقتضاء أك التخيير‪.‬‬

‫صبل ىة) المتعلق بأفعاؿ‬


‫يموا ال ا‬ ‫ً‬
‫فوجوب الصلوات الخمس مقتضى خطاب اهلل‪( :‬أىق ي‬
‫المكلفين على جهة االقتضاء طلبا ‪ ،‬ك حرمة الزنى (ال تقربوا الزنى) ىو مقتضى‬
‫خطاب اهلل المتعلق بأفعاؿ المكلفين على جهة االقتضاء ك اللزكـ تركا ‪ ،‬كإباحة‬
‫الطيبات مثبل ىو مقتضى خطاب اهلل المتعلق بأفعاؿ المكلفين على جهة التخيير‪.‬‬

‫كالحكم الوضعي‪ :‬ىو ما كضعو الشارع من أسباب كشركط كموانع تعرؼ عند كجودىا‬
‫أحكاـ الشرع من إثبات أك نفي‬

‫ك عرفو بعضهم بأنو خطاب اهلل تعالى المتعلق بجعل الشيء سببان لشيء آخر‪ ،‬أك شرطان‬
‫لو‪ ،‬أك مانعان منو‪ ،‬أك رخصة‪ ،‬أك عزيمة‪ ..‬فدلوؾ الشمس مثبل سبب كضعو الشارع‬
‫لنعرؼ كقت صبلة الظهر فهو حكم كضعي ‪ ،‬ك ستر العورة مثبل شرط من الشركط التي‬
‫كضعها الشارع لصحة الصبلة ‪ ،‬ك الحيض مثبل مانع من الموانع التي كضعها الشارع‬
‫النتفاء صحة الصبلة ك الصوـ‪...‬‬

‫الفرؽ بين القسمين‪:‬‬


‫كالفرؽ بين التكليفية كالوضعية ىو‪ :‬أف التكليفية كلف المخاطب بمقتضاىا فعبل أك‬
‫تركان‪ ،‬كأما الوضعية فقد كضعت عبلمات للفعل أك الترؾ أك أكصافان لهما‪.‬‬

‫اقتصر المؤلف على ذكر فرؽ كاحد يميز الحكم التكليفي عن الوضعي ك يمكن أف‬
‫ننبو على فركؽ أخرل بين الحكمين الشرعيين ‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬إف الخطاب في الحكم الوضعي ىو خطاب إخبار كإعبلـ جعلو الشارع عبلمة‬
‫على حكمو‪ ،‬كربط فيو بين أمرين بحيث يكوف أحدىما سببان لآلخر‪ ،‬أك شرطان لو‪ ،‬أك‬
‫مانعان منو‪.‬‬
‫أما الخطاب في الحكم التكليفي‪ :‬فإنو خطاب طلب الفعل‪ ،‬أك طلب الترؾ‪ ،‬أك‬
‫التخيير بينهما‪ ،‬فيكوف خطاب التكليف ىو‪ :‬طلب أداء ما تق ارر باألسباب كالشركط‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬يشترط في الحكم التكليفي قدرة المكلف على فعل الشيء المكلف بو‪.‬‬
‫أما الحكم الوضعي فبل يشترط فيو ذلك‪ :‬فقد يكوف مقدكران للمكلف كالسرقة‪ ،‬كصيغ‬
‫العقود الشرعية كنحوىا‪ ،‬كقد يكوف غير مقدكر للمكلف كغركب الشمس الذم ىو‬
‫سبب لوجوب صبلة المغرب‪ ،‬كحوالف الحوؿ الذم ىو شرط لوجوب الزكاة‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬يتعلق الحكم التكليفي بالكسب كالمباشرة للفعل من الشخص نفسو‪ ،‬فإف‬
‫عمل شيئان يوافق أمر الشارع يؤجر عليو‪ ،‬كإذا عمل شيئان مخالفان ألمر اهلل فإنو يأثم‪.‬‬
‫بخبلؼ الحكم الوضعي فقد يعاقب أشخاصان بفعل غيرىم‪ ،‬كلهذا كجبت الدية على‬
‫العاقلة لغير المتعمد‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬يشترط في الحكم التكليفي أف يكوف معلومان للمكلف‪ ،‬كأف يعلم أف ىذا‬
‫التكليف بو صادر من اهلل تعالى‪.‬‬
‫بخبلؼ الحكم الوضعي فبل يشترط فيو ذلك‪ ،‬كلذلك قد يرث اإلنساف بدكف علمو‪،‬‬
‫كتحل المرأة بعقد أبيها عليها‪ ،‬كتحرـ بطبلؽ زكجها لها كإف كانت ال تعلم‪ ،‬كيضمن‬
‫النائم‪ ،‬كالناسي كالساىي ما أتلفوه كإف كانوا ال يعلموف‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬ال يتعلق الحكم التكليفي إال بفعل المكلاف الذم توافرت فيو شركط‬
‫التكليف كىو‪ :‬البلوغ‪ ،‬كالعقل‪ ،‬كالفهم‪.‬‬
‫بخبلؼ الحكم الوضعي فإنو يتعلق بالمكلف كغير المكلف‪ ،‬لذلك تجد الزكاة كجبت‬
‫في أمواؿ الصبي كالمجنوف‪ ،‬كيضمن النائم كالناسي كالغافل كالسكراف كنحوىم ما‬
‫يتلفوف‪.‬‬

‫أقساـ الحكم التكليفي‬


‫بعد أف عرؼ المؤلف الحكمين‪ :‬التكليفي كالوضعي ‪ ،‬شرع في بياف أقسامهما فبدأ‬
‫بالحكم التكليفي حيث قاؿ‪:‬‬

‫ينقسم الحكم التكليفي إلى خمسة أقساـ‪ :‬ألنو إما أف يكوف بطلب فعل أك بطلب‬
‫ترؾ‪ ،‬ككبلىما إما جازـ أك غير جازـ كإما أف يكوف فيو تخيير بين الفعل كالترؾ‪،‬‬

‫مقصود المؤلف أف الحكم التكليفي منحصر في خمسة أقساـ‪ :‬ألف الشارع إما أف‬
‫يطلب من المكلف فعل شيء ما على سبيل الحتم كىو الواجب أك بدكنو ك ىو‬
‫المندكب كإما أف يطلب منو ترؾ الفعل جزما كىو المحرـ ك غير جزـ كىو المكركه‬
‫كإما أف يخيره في الفعل طلبا كتركا كىو المباح‬

‫كبيانها كاآلتي‪:‬‬
‫ُ‪ /‬فالخطاب بطلب الفعل الجازـ‪ :‬إيجاب‪ ،‬كمتعلقو‪ :‬كاجب‪.‬‬

‫ص ىبلةً ًم ٍن يىػ ٍوًـ‬


‫م لًل ا‬ ‫ً ً‬
‫آمنيوا إذىا نيود ى‬ ‫ين ى‬
‫اً‬
‫مثالو كجوب صبلة الجمعة لقولو تعالى‪ :‬يىا أىيُّػ ىها الذ ى‬
‫اس ىع ٍوا إًلىى ًذ ٍك ًر اللا ًو ىكذى يركا الٍبىػ ٍي ىع ذىلً يك ٍم ىخ ٍيػ هر لى يك ٍم إً ٍف يك ٍنتي ٍم تىػ ٍعلى يمو ىف (ٗ)‬ ‫ال ً‬
‫ٍج يم ىعة فى ٍ‬
‫ي‬

‫ِ‪ /‬كالخطاب بطلب الفعل غير الجازـ‪ :‬ندب‪ ،‬كمتعلقو‪ :‬مندكب‪.‬‬

‫مثالو السواؾ‪.‬‬

‫ّ‪ /‬كالخطاب بطلب الترؾ الجازـ‪ :‬تحريم‪ ،‬كمتعلقو‪ :‬محرـ‬


‫‪.‬كحرمة شرب الخمر‪.‬‬
‫ْ‪ /‬كالخطاب بطلب الترؾ غير الجازـ‪ :‬كراىة‪ ،‬كمتعلقو‪ :‬مكركه‪.‬‬

‫كمس الذكر باليمين ك األكل بالشماؿ عند بعض العلماء ‪.‬‬

‫ٓ‪ /‬كالخطاب بالتخيير بين الفعل كالترؾ‪ :‬إباحة‪ ،‬كمتعلقو‪ :‬مباح‪.‬‬

‫كإباحة غشياف النساء في الليل قبل طلوع الفجر بالنسبة للصائم ك إباحة البيع كالشراء‬
‫بعد انقضاء صبلة الجمعة‪.‬‬

‫تنبيو‪ :‬جرل األصوليوف على عد المباح من أقساـ الحكم التكليفي كفي ذلك تسامح‬
‫إذ المباح ال تكليف فيو الستواء طرفيو‪.‬‬
‫الواجب‬

‫شرع المؤلف في بياف الواجب حيث عرفو قائبل‪:‬‬

‫الواجب في اللغة‪ :‬البلزـ كالثابت قاؿ اهلل تعالى‪{ :‬فإذا كجبت جنوبها فكلوا منها} أم‬
‫سقطت كاستقرت على األرض‪ ،‬كقاؿ الشاعر‪:‬‬
‫أطاعت بنو بكر أميران نهاىموا عن السلم حتى كاف أكؿ كاجب‬
‫ً‬
‫كفى االصطبلح‪ :‬ىو ما يثاب فاعلو امتثاال كيستحق تاركو العقاب‪.‬‬

‫ىذا التعريف بخاصة من خصائصو‪ ،‬كىو‪ :‬أنو يترتب الثواب على فعلو كيترتب العقاب‬
‫على تركو كالصبلة ك الصوـ‪ ،‬فمن فعلها يثاب عليها الثواب الجزيل العظيم‪ ،‬كمن تركها‬
‫يعاقب على تركها العقاب العظيم‪.‬‬
‫إذان‪ :‬فهي كاجبة‪ ،‬كلكن ىذا التعريف ىو تعريف بالخاصة ال بالفصل‪ ،‬فهو رسم كاألكلى‬
‫في تعريف الواجب ما ذكره المؤلف عند بياف أقساـ الحكم التكليفي‪ :‬ما أمر الشارع‬
‫بو أمران جازمان‪ ،‬أك ما طلب الشارع من المكلف فعلو طلبان جازمان‪ .‬ك قد عرفو بعض‬
‫األصوليين بقولهم‪ :‬ما ذيـ تاركو شرعان مطلقان‪.‬‬
‫ك لم يذكر المؤلف صيغ الواجب ك ىي كاآلتي‪:‬‬
‫ص ىبلةى ىكآتيوا ال ازىكاةى)‪.‬‬‫يموا ال ا‬ ‫ُ ‪ -‬فعل األمر كقولو تعالى‪ً :‬‬
‫(كأىق ي‬
‫ى‬
‫يق)‪.‬‬‫ت ال ىٍعتً ً‬‫ِ ‪ -‬الفعل المضارع المجزكـ ببلـ األمر كقولو تعالى‪( :‬كلٍيطااوفيوا بًالٍبػ ٍي ً‬
‫ى‬ ‫ىى‬
‫سكم)‪.‬‬ ‫(عليكم أىن يف ى‬‫ّ ‪ -‬اسم فعل األمر كقولو تعالى؛ ى‬
‫ً اً‬
‫ب‬
‫ض ٍر ى‬ ‫ين ىك ىف يركا فى ى‬ ‫ْ ‪ -‬المصدر النائب عن فعل األمر‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬فىًإ ىذا لىقيتي يم الذ ى‬
‫اب)‪.‬‬ ‫الرقى ً‬
‫ٓ ‪ -‬التصريح من الشارع بلفظ األمر كقولو تعالى‪( :‬إً اف اللاوى يأٍمريكم أى ٍف تيػ ىؤ ُّدكا ٍاألىمانى ً‬
‫ات‬ ‫ى‬ ‫ى يي ٍ‬
‫إًلىى أ ٍىىلً ىها)‪.‬‬
‫يضةن ًم ىن اللا ًو)‪،‬‬ ‫ٔ ‪ -‬التصريح بلفظ اإليجاب أك الفرض‪ ،‬أك الكتب كقولو تعالى‪( :‬فى ًر ى‬
‫اـ)‪.‬‬ ‫ً‬
‫ب ىعلىٍي يك يم الصيى ي‬
‫كقولو‪ ( :‬يكت ى‬
‫(كلًلا ًو ىعلىى الن ً‬
‫ااس ًح ُّج‬ ‫ٕ ‪ -‬كل أسلوب يفيد الوجوب في لغة العرب كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ت)‪.‬‬ ‫الٍبػ ٍي ً‬
‫ى‬
‫ٖ ‪ -‬ترتيب الذـ كالعقاب على الترؾ كقولو تعالى‪( :‬فىػلٍيح ىذ ًر الا ًذين ي ىخالًيفو ىف ىعن أىم ًرهً‬
‫ٍ ٍ‬ ‫ىي‬ ‫ىٍ‬
‫صيبىػ يه ٍم فً ٍتػنىةه‪.). . .‬‬
‫أى ٍف تي ً‬
‫ك من المسائل المهمة المتعلقة بالواجب أنو مرادؼ للفرض عند الجمهور خبلفا‬
‫للحنفية حيث فرقوا بينهما بأف " الفرض " اسم لما ثبت حكمو (يعني كجوبو) عن دليل‬
‫مقطوع بو‪ ،‬كاآلية كالحديث المتواتر اللا ىذين قد قطع بداللتهما على الحكم‪ ،‬كاإلجماع‬
‫الصريح الذم نقل إلينا نقبلن متواتران‪.‬‬
‫أما " الواجب " عندىم فهو اسم لما ثبت حكمو بدليل ظني كخبر الواحد‪ ،‬كاإلجماع‬
‫السكوتي‪ ،‬كالقياس‪ ،‬كجميع دالالت األلفاظ الظنية‪.‬‬

‫تقسيمات الواجب‪:‬‬
‫ينقسم أكال بحسب فاعلو إلى فرض عين كفرض كفاية ألنو‪:‬‬
‫أ‪ /‬إما أف يكوف مطلوبا من كل فرد بعينو كالصلوات الخمس فهو فرض عين‪.‬‬

‫كسمي‬
‫فهو إذا ما طلب حصولو من عين كل كاحد من المكلفين كالصبلة كالصياـ‪ .‬ي‬
‫بذلك؛ ألف الفعل الذم تعلق بو اإليجاب منسوب إلى العين كالذات‪.‬‬

‫ب‪ /‬أك يكتفي فيو بفعل البعض كصبلة الجنازة فهو فرض كفاية‪.‬‬

‫كىو‪ :‬ما يتحتام أداؤه على جماعة من المكلافين‪ ،‬ال من كل فرد منهم‪ ،‬بحيث إذا قاـ بو‬
‫بعض المكلفين فقد أدم الواجب‪ ،‬كسقط اإلثم كالحرج عن الباقين‪ ،‬مثل‪ :‬الصبلة‬
‫كسمي بذلك؛‬
‫على الميت‪ ،‬كتغسيلو‪ ،‬كتكفينو ك دفنو‪ ،‬كرد السبلـ ‪ ،‬كإنقاذ الغرقى‪ ،‬ي‬
‫ألنو منسوب إلى الكفاية كالسقوط من حيث إف فًعلىو من أم فاعل أسقط طلبو عن‬
‫اآلخرين‪ ،‬كإذا لم يؤده أحد فإف اإلثم يلحق جميع المكلفين‪.‬‬
‫كالقصد من الفعل الكفائي ىو‪ :‬كقوع الفعل نفسو لما يترتب عليو من جلب مصلحة‪،‬‬
‫أك دفع مفسدة بقطع النظر ع امن يقع منو‪.‬‬

‫كذلك ألف الشارع ال ينظر إلى األخير من حيث الفاعل بل من حيث كجود الفعل‬
‫ممن كاف ىو‪.‬‬
‫كثانيا‪ :‬بحسب كقتو المحدد لو‪ :‬إًلى مضيق كموسع ألنو‪:‬‬
‫أ‪ -‬إف كاف الوقت المحدد لفعلو بقدره فقط فمضيق‪ .‬كوقت الصياـ في رمضاف فإف‬
‫الصوـ يستغرؽ ما بين طلوع الفجر إلى غركب الشمس فبل يمكن صياـ نفل معو‬
‫ككذلك آخر الوقت إذا لم يبق إال ما تؤدل فيو الفريضة كقبيل طلوع الشمس بالنسبة‬
‫إلى الصبح أك قبيل غركيها بالنسبة إلى العصر‪.‬‬
‫ب‪ -‬كإف كاف يسعو كيسع غيره من جنسو معو فموسع كأكقات الصلوات الخمس فإف‬
‫كقت كل صبلة يسعها كيسع غيرىا معها من النوافل‪.‬‬
‫ىذا القسم الثاني من أقساـ الواجب ك ىو تقسيمو باعتبار كقتو الذم يقع فيو إلى‬
‫نوعين كما ذكر المؤلف األكؿ‪ :‬الواجب غير المؤقت (الواجب المطلق) كىو الفعل‬
‫الذم طلب الشارع إيقاعو من المكلف طلبان جازمان كلم يحدد كقتان ألدائو كإيقاعو فيو‬
‫مثل‪ :‬كفارة اليمين‪ ،‬كالوفاء بالنذر‪ ،‬كالحج عند بعض العلماء‪ ،‬كقضاء العبادات التي‬
‫فاتت من غير تقصير عند بعضهم ‪ ،‬فإف كل ذلك يجب في جميع العمر‪ ،‬كليست‬
‫نهايتو معلومة للمكلف‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬الواجب المؤقت‪ ،‬كىو‪ :‬الفعل الذم طلب الشارع إيقاعو من المكلف‬
‫طلبان جازمان‪ ،‬كح ادد لو كقتان معينان ألدائو كإيقاعو بو‪ ،‬كىو شيئاف‪:‬‬
‫الشيء األكؿ‪ :‬الواجب المضياق‪ ،‬كىو‪ :‬الفعل الذم طلب الشارع إيقاعو من المكلف‬
‫طلبان جازمان كح ادد كقت أدائو بحيث يسعو كال يسع غيره من جنسو‪ ،‬مثل‪ :‬صياـ يوـ من‬
‫رمضاف‪ ،‬كمعركؼ أف اليوـ يبدأ من طلوع الفجر الصادؽ إلى غركب الشمس‪ ،‬كىذا‬
‫الوقت الذم بينهما لو لوحده‪ ،‬كال يتسع لفعل شيء آخر معو‪.‬‬
‫الشيء الثاني‪ :‬الواجب الموسع كىو‪ :‬الفعل الذم طلب الشارع من المكلف إيقاعو‬
‫طلبان جازمان كح ادد كقت أدائو بحيث يسعو كيسع غيره من جنسو‪ ،‬مثل الصلوات‬
‫الخمس فيمكن للمكلف أف يؤدم الصبلة في أكؿ الوقت المختار أك كسطو أك آخره‬
‫قبل دخوؿ الوقت الضركرم‪.‬‬

‫كثالثان‪ :‬بحسب الفعل‪ :‬إلى معين كمبهم ألنو‪:‬‬


‫أ‪ -‬إف كاف الفعل مطلوبان بعينو ال يقوـ غيره مقامو كالصبلة كالصوـ كالحج كنحوىا‬
‫فمعين‪.‬‬
‫ب‪ -‬كإف كاف الفعل مبهما في أشياء محصورة يجزم كاحد منها كخصاؿ الكفارة من‬
‫عتق أك إطعاـ أك صوـ فمبهم إذ الواجب كاحد ال بعينو‪.‬‬
‫ىذا التقسيم الثالث للواجب باعتبار الفعل المكلف بو ذاتو حيث ينقسم إلى‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬الواجب المعيان‪ ،‬كىو‪ :‬ما طلبو الشارع طلبان جازمان بعينو دكف تخيير بينو‬
‫كبين غيره كالصلوات الخمس‪ ،‬كالصياـ ك الحج‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬الواجب المخيار‪ ،‬كىو‪ :‬ما طلبو الشارع طلبان جازمان ال بعينو‪ ،‬بل خير‬
‫الشارع في فعلو بين أفراده المعينة المحصورة‪ ،‬مثل‪ :‬تخيير المكلف بين خصاؿ كفارة‬
‫اليمين‪ ،‬كتخيير اإلماـ في حكم األسرل بين المن كالفدل كغير ذلك‪.‬‬
‫كالخطاب في الواجب المعين قد تعلق بواحد معين‪.‬‬
‫كالخطاب في الواجب المخير قد تعلق بواحد مبهم من األمور المخير بينها‪.‬‬
‫كىنا مسألة نبو عليها األصوليوف ك تتعلق بشركط الواجب المخير حيث ذكركا منها‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬أف تكوف األشياء المخير بينها معلومة للمخاطىب كمحصورة كمعينة؛ حتى يحيط‬
‫المكلف بها كيوازف بينها‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أف تتساكل تلك األشياء المخيار بينها في الرتبة؛ فيخير بين كاجب ككاجب‪ ،‬كال‬
‫يجوز التخيير بين كاجب كمندكب‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أف ال يخيار بين شيئين متساكيين تماـ التساكم بحيث ال يتميز أحدىما عن‬
‫اآلخر‪ ،‬كما لو خير بين أف يصلي أربع ركعات كبين أف يصلي أربع ركعات‪ ،‬بل ال بد أف‬
‫تكوف األشياء المخير بينها‪ ،‬تتميز بعضها عن بعض‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أف يتعلق التخيير بما يستطيع فعلو‪ ،‬فبل يصح التخيير بين شيء يستطيعو‪ ،‬كآخر‬
‫ال يستطيعو‪.‬‬

‫المندكب‬

‫بعد تعريف الواجب ‪ ،‬انتقل المؤلف إلى تعريف المندكب مباشرة الشتراكهما في طلب‬
‫الفعل؛ كأف ا‬
‫كبل منهما يثاب على فعلو‪ ،‬كإف كاف ثواب الواجب أعظم من ثواب‬
‫المندكب‪ .‬ك بعض األصوليين يذكركف الحراـ بعد الواجب مباشرة‪ ،‬كيذكركف المندكب‬
‫قبل المكركه ‪.‬قاؿ المؤلف ‪:‬‬

‫المندكب لغة‪ :‬اسم مفعوؿ من الندب كىو الدعاء إلى الفعل كما قاؿ الشاعر‪:‬‬
‫اليسألوف أخاىم حين يندبهم في النائبات على ما قاؿ برىانا‬

‫فهذا الشاعر قد دعا بني مازف من تميم لنجدتو كإعانتو على استرجاع إبلو ممن أخذىا‪،‬‬
‫فقاموا بذلك‪ ،‬كاسترجاع اإلبل من األعداء ليس باألمر الهين‪ ،‬فالندب ما ىو إذا إال‬
‫الدعاء إلى فعل أمر مهم‪ ،‬أما الدعاء إلى فعل أمر غير مهم‪ ،‬فبل يسمى ندبان‪.‬‬

‫كفي االصطبلح‪ :‬ما يثاب فاعلو كال يعاقب تاركو كيطلبو الشارع طلبا غير جازـ‪.‬‬

‫القسم األكؿ من التعريف مثل سابقو فيو نظر ألنو‪ ،‬تعريف بالرسم‪ ،‬كقد بينا كجو‬
‫رياء أك غير حاضر فبل يثاب عليو‪،‬‬
‫االعتراض عليو؛ ألنو يمكن أف يفعلو اإلنساف ن‬
‫كيمكن أيضان أف يفعلو مكرىان عليو أك نحو ذلك فبل يثاب عليو لكن المؤلف استدرؾ‬
‫ىذا بقولو‪:‬‬

‫يطلبو الشارع طلبا غير جازـ‬

‫ك قد عرفو بعض األصوليين بقولهم ‪ :‬المطلوب فعلو شرعان من غير ذـ على تركو‬
‫مطلقان‪.‬‬
‫ك للمندكب صيغ من أىمها‪:‬‬
‫صيغ المندكب ىي كما يلي‪:‬‬
‫ُ ‪ -‬كل أمر صريح إذا كجدت قرينة تصرفو من الوجوب إلى الندب‪ ،‬كقولو تعالى‪:‬‬
‫وى ٍم إً ٍف ىعلً ٍمتي ٍم فًي ًه ٍم ىخ ٍيػ نرا)‪ ،‬فإف ىذا األمر للندب‪ ،‬كالقرينة الصارفة ىي السنة‬
‫(فى ىكاتًبي ي‬
‫التقريرية‪.‬‬
‫ِ ‪ -‬التصريح بأف ذلك سنة كقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬كسننت لكم قيامو "‬
‫‪ -‬يقصد قياـ شهر رمضاف ‪.-‬ك لكن ليتنبو القارئ أف الشارع قد يعبر عن الواجب‬
‫بالسنة‪.‬‬
‫ّ ‪ -‬التصريح باألفضلية الوارد من الشارع‪ ،‬كقولو صلى اهلل عليو كسلم في غسل‬
‫الجمعة‪ " :‬كمن اغتسل فالغسل أفضل " ك في الحديث ضعف‪.‬‬
‫ْ ‪ -‬كل عبارة تدؿ على الترغيب‪ ،‬كمنو قولو عليو الصبلة ك السبلـ لبريرة‪ " :‬لو‬
‫راجعتيو "‪.‬‬
‫ك في ىذا المقاـ يحسن أف أذكر كبلما نفيسا لئلماـ العز بن عبد السبلـ في صيغ‬
‫الواجب كالمندكب حيث قاؿ رحمو اهلل ‪« :‬فكل فعل عظمو الشرع أك مدحو أك مدح‬
‫فاعلو‪ ،‬أك أحبو أك أحب فاعلو أك رضي بو أك رضي عن فاعلو‪ ،‬أك كصفو باالستقامة أك‬
‫البركة أك الطيب أك أقسم بو أك بفاعلو كاإلقساـ بالشفع كالوتر كبخيل المجاىدين‪،‬‬
‫كبالنفس اللوامة‪ .‬أك نصبو سببان لذكره لعبده أك لمحبتو أك للثواب عاجبلن أك آجبلن‪ ،‬أك‬
‫لشكره لو أك لهدايتو إياه‪ ،‬أك إلرضاء فاعلو أك لمغفرة ذنبو كتكفير سيئآتو‪ ،‬أك لقبولو أك‬
‫لنصرة فاعلو أك بشارتو‪ ،‬أك كصف فاعلو بالطيب أك كصف الفعل بكونو معركفان‪ ،‬أك نفي‬
‫الحزف أك الخوؼ عن فاعلو‪ ،‬أك كعده باألمن أك نصبو سببان لواليتو‪ ،‬أك أخبر عن دعاء‬
‫الرسوؿ بحصولو أك كصفو بكوف قربو‪ ،‬أك بصفة مدح كالحياة كالنور كالشفاء‪ ،‬فهو‬
‫دليل على مشركعيتو المشتركة بين الوجوب كالندب‪».‬‬

‫كىو مرادؼ للسنة كالمستحب كالتطوع‪،.‬‬

‫كاإلحساف‪ ،‬كالمرغاب فيو ك النفل‪.‬‬


‫فائدة‪:‬‬
‫مراتب المندكب عند فقهاء المالكية ىي كاآلتي‪:‬‬
‫أ‪ /‬الفضيلة كالمندكب كالمستحب‪ :‬ألفاظ مترادفة‪ ،‬يفيد معناىا‪ :‬ما فعلو الشارع مرة أك‬
‫مرتين مما في فعلو ثواب كلم يكن في تركو عقاب‪.‬‬
‫ب‪ /‬التطوع‪ :‬يعني ما ينتخبو اإلنساف إلى أف ينشئو باختياره من األكراد‪.‬‬
‫ج‪ /‬الرغيبة‪ :‬ىي ما رغب فيو النبي ‪-‬صلى اهلل عليو كسلم‪ -‬بسبب ذكر ما فيو من‬
‫األجر يجبًي أم نيًقل‪ ،‬كقولو من فعل كذا فلو كذا‪ ،‬أك داـ ‪-‬صلى اهلل عليو كسلم ‪-‬على‬
‫فعلو بصفة النفل ال بصفة السنة‪ .‬كصفة النفل فعلو في غير جماعة‪ ،‬كصفة السنة‬
‫الظهور في جماعة ‪.‬‬
‫د‪ -‬النفل‪ :‬ما قرر الشرع أف في فعلو ثوابا من غير أف يأمر النبي ‪-‬صلى اهلل عليو‬
‫كسلم‪ -‬بو أك يرغب فيو أك يداكـ على فعلو‪.‬‬
‫ىػ‪ -‬السنة ىي ما كاظب عليو النبي ‪-‬صلى اهلل عليو كسلم‪ -‬كأظهره في جماعة‪.‬‬
‫كقد نظم ىذه المراتب صاحب المراقي بقولو‪:‬‬
‫فضيلة كالندب كالذم استحب***ترادفت ثم التطوع انتخب‬
‫رغيبة ما فيو رغب النبي***بذكر مافيو من األمر جبي‬
‫أك داـ فعلو بوصف النفل***كالنفل من تلك القيود أخل‬
‫كاألمر بل أعلم بالثواب***فيو نبي الرشد كالصواب‬
‫كسنة ما أحمد قد كاظبا***عليو كالظهور فيو كجبا‬
‫كبعضهم سمى الذم قد أكدا***منها بواجب فخذ ما قيدا‬
‫ذكر ىذه المراتب مركز ميارة للدراسات في المذىب المالكي‪.‬‬

‫كمذىب الجمهور أف المندكب مأمور بو‪ ،‬كمن أدلتهم قولو تعالى‪{ :‬إف اهلل يأمر بالعدؿ‬
‫كا ًإلحساف كإيتاء ذم القربى} ‪ ،‬كقولو‪{ :‬كأمر بالمعركؼ} كقولو‪{ :‬كأمر بالعرؼ} كمن‬
‫ىذه األشياء المأمور بها ما ىو مندكب‪ ،‬كمنها‪ :‬أف األمر استدعاء كطلب كالمندكب‬
‫مستدعي كمطلوب‪ .‬فيكوف مأموران بو‪.‬‬

‫ىذا القوؿ األكؿ كالراجح في المسألة ك ىو اختيار اإلماـ الشافعي‪ ،‬كأحمد‪ ،‬كأكثر‬
‫أتباعهما‪ ،‬كاختاره المحققوف من الحنفية‪ ،‬كىو كجو عند المالكية‪.‬‬
‫القوؿ الثاني ‪ :‬أف المندكب غير مأمور بو حقيقة‪ ،‬كإنما اعتبر مأموران بو عن طريق‬
‫المجاز‪ .‬ذىب إلى ذلك‪ :‬أبو الحسن الكرخي‪ ،‬كالجصاص‪ ،‬كأبو بكر الشاشي‪ ،‬كأبو‬
‫إسحاؽ الشيرازم‪ ،‬كأبو حامد اإلسفراييني‪ ،‬كفخر الدين الرازم‪ ،‬كعبد الرحمن‬
‫الحلواني‪ ،‬كنقل عن أكثر الشافعية‪ ،‬كىو كجو للمالكية‪ ،‬كاختاره إلكيا الهراسي‪،‬‬
‫كاستحسنو ابن السمعاني‪ ،‬كص اححو ابن العربي‪.‬ك قد استدلوا بعدة أدلة منها‪:‬‬
‫صيبػهم ىع ىذ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اً‬
‫يم)‬
‫اب أىل ه‬
‫ه‬ ‫قولو تعالى‪( :‬فىػلٍيى ٍح ىذ ًر الذ ى‬
‫ين يي ىخال يفو ىف ىع ٍن أ ٍىم ًره أى ٍف تيصيبىػ يه ٍم ف ٍتػنىةه أ ٍىك يي ى ي ٍ‬
‫كتوعد من يخالف ذلك األمر بالعقاب –‬ ‫كجو الداللة‪ :‬أف اللاو ح اذرنا من مخالفة أمره‪ ،‬ى‬
‫ك ىو الفتنة كالعذاب ‪ ،-‬فلو كاف المندكب مأموران بو حقيقة لح اذرنا اللاو سبحانو من‬
‫مخالفتو‪.‬كقد رد أصحاب القوؿ األكؿ على ىذا االعتراض ك المقاـ ال يحتمل التطويل‬
‫لسرد أدلة الفريقين ‪.‬‬
‫ك ىناؾ مسألة أخرل لم يذكرىا المؤلف تتعلق بالمندكب ك ىي‪:‬ىل المندكب يلزـ‬
‫الشركع فيو ؟ ك فيها قوالف مشهوراف ألىل العلم ك الراجح عندم كاهلل أعلم ىو أنو ال‬
‫يلزـ الشركع فيو‪ :‬حيث يجوز تركو كقطعو متى ما شاء؛ في غير مندكب الحج كالعمرة؛‬
‫حيث يجب فيهما اإلتماـ‪ ،‬كقلنا ال يلزـ المندكب بالشركع فيو‪ ،‬لما ثبت من قولو ‪-‬‬
‫صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬الصائم المتطوع أمير نفسو إف شاء صاـ كإف شاء أفطر "‪.‬‬
‫كلفعل النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪-‬؛ حيث أكل من الحيس الذم أىدم لعائشة‬
‫‪ -‬رضي اهلل عنها ‪ -‬ثم قاؿ‪ " :‬كنت أصبحت صائمان "‪ ،‬كقد أجمع على ذلك‬
‫الصحابة إجماعا سكوتيا‪ ،‬حيث إف بعضهم ‪ -‬كأبي الدرداء‪ ،‬كأبي طلحة‪ ،‬كأبي ىريرة‪،‬‬
‫كابن عباس‪ ،‬كحذيفة ‪ -‬كانوا يصوموف تطوعان‪ ،‬ثم يقطعوف ذلك ‪ -‬فيما ثبت عنهم ‪-‬‬
‫من غير نكير من بقية الصحابة‪ ،‬إذ لو حصل إنكار لنقل‪ ،‬كبلغنا‪ ،‬كما داـ أنو لم يبلغنا‬
‫إنكار‪ ،‬فإف ىذا يكوف إجماعان منهم على جوازه‪ .‬كمن األدلة كذلك على أف المستحب‬
‫ال يلزـ الشركع فيو القياس‪ ،‬كىو قياس كسط المندكب كآخره على أكلو‪:‬‬
‫فكما أف المكلف مخير في االبتداء بين أف يشرع فيو كبين عدـ الشركع‪ ،‬لكونو نفبلن‪،‬‬
‫فكذلك ىو مخيار في الوسط كاالنتهاء‪ ،‬إف شاء أت امو‪ ،‬كإف شاء قطعو‪.‬كىذا القوؿ‬
‫اختاره الشافعية ك الحنابلة خبلفا للمالكية ك الحنفية‪.‬‬

‫المحظور‬
‫المحظور لغة‪ :‬الممنوع‪،‬‬

‫اض ىع ًم ٍن‬
‫يقاؿ‪ " :‬حرمو الشيء "‪ :‬إذا منعو إياه‪ ،‬كمنو قولو تعالى‪( :‬كح ارٍمنىا ىعلىٍي ًو الٍمر ً‬
‫ىى‬ ‫ىى‬
‫قىػ ٍب يل) أم‪ :‬حرمناه رضاعهن كمنعناه منهن‪.‬‬

‫كاصطبلحا‪ :‬ما يثاب تاركو امتثاال كيستحق فاعلو العقاب‪ ،‬كالزنا كالسرقة كشرب‬
‫الخمر كالدخاف كحلق اللحى كنحو ذلك‪،‬‬

‫ىذا التعريف فيو نظر ألنو تعريف بالرسم كالخاصة ك ليس تعريفا بالحد ك األكلى أف‬
‫يقاؿ في تعريفو ‪ :‬ما أمر الشارع تركو أمرا جازما ك عرفو بعضهم بقولو‪ :‬ىو‪ :‬ما ذي اـ شرعان‬
‫فاعلو‪.‬‬

‫كيسمى محرمان كمعصية كذنبا كحجرا‪.‬‬

‫لم يذكر المؤلف صيغ الحراـ كالتي من أىمها‪:‬‬


‫ت ىعلىٍي يك يم ال ىٍم ٍيتىةي)‪.‬‬ ‫(حرىم ٍ‬
‫ُ ‪ -‬لفظ " التحريم " كمشتقاتها‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ي‬
‫(كىال تقربيوا الزنىا)‪.‬‬
‫ِ ‪ -‬صيغة النهي المطلق‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ّ ‪ -‬التصريح بعدـ الحل‪ ،‬كقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬ال يحل دـ امرئ‬
‫مسلم‪." . . .‬‬
‫ْ ‪ -‬أف يرتب الشارع على فعل شيء عقوبة‪ ،‬فيدؿ ىذا على أف ىذا الفعل حراـ‪،‬‬
‫سا ًرقىةي فىاقٍطىعيوا أىيٍ ًديىػ يه ىما)‪.‬‬
‫سا ًر يؽ ىكال ا‬
‫(كال ا‬
‫كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫كيحسن أف أذكر ىنا تماـ الكبلـ النفيس لئلماـ العز بن عبد السبلـ فيما يخص صيغ‬
‫الحراـ ك المكركه حيث يقوؿ ‪ « :‬ككل فعل طلب الشارع تركو‪ ،‬أك ذمو أك ذـ فاعلو أك‬
‫عتب عليو‪ ،‬أك مقت فاعلو أك لعنو أك نفى محبتو أك محبة فاعلو أك الرضا بو أك عن‬
‫فاعلو‪ ،‬أك شبو فاعلو بالبهائم أك بالشياطين‪ ،‬أك جعلو مانعان من الهدل أك القبوؿ أك‬
‫كصفو بسوء أك كراىة‪ ،‬أك استعاذ األنبياء منو أك أبغضوه‪ ،‬أك جعلو سببان لنفي الفبلح‪،‬‬
‫أك لعذاب آجل أك عاجل‪ ،‬أك لذـ أك لوـ أك ضبللة أك معصية‪ ،‬أك كصف بخبث أك‬
‫رجس أك نجس‪ ،‬أك بكونو فسقان أك إثمان أك سببان إلثم أك رجس‪ ،‬أك لعن أك غضب أك‬
‫زكاؿ نعمة أك حلوؿ نقمة أك حد من الحدكد أك قسوة أك خزم أك امتهاف نفس‪ ،‬أك‬
‫لعداكة اهلل كمحاربتو أك الستهزائو أك سخريتو‪ ،‬أك جعلو اهلل سببان لنسيانو فاعلو‪ ،‬أك‬
‫كصف نفسو بالصبر عليو أك بالحلم أك بالصفح عنو أك دعا إلى التوبة منو أك كصف‬
‫فاعلو بخبث أك احتقار أك نسبو إلى عمل الشيطاف أك تزيينو أك تولي الشيطاف لفاعلو‪،‬‬
‫أك كصف بصفة ذـ ككونو ظلمان أك بغيان‪ ،‬أك عدكنان‪ ،‬أك إثمان‪ ،‬أك مرضان‪ ،‬أك تبرأ األنبياء‬
‫منو أك من فاعلو أك شكوا إلى اهلل من فعلو أك جاىركا فاعلو بالعداكة أك نهوا عن‬
‫اآلسى كالحزف عليو‪ ،‬أك نصب سببان لخيبة فاعلو عاجبلن أك آجبلن‪ ،‬أك رتب عليو حرماف‬
‫الجنة كما فيها‪ ،‬أك كصف فاعلو بأنو عدك اهلل أك بأف اهلل عدكه‪ ،‬أك أعلم بحرب من اهلل‬
‫كرسولو‪ ،‬أك حمل فاعلو إثم غيره‪ ،‬أك قيل فيو ال ينبغي ىذا‪ .‬أك ال يكوف‪ ،‬أك أمر‬
‫بالتقول عن السؤاؿ عنو‪ ،‬أك أمر بفعل مضاده‪ ،‬أك بهجر فاعلو‪ ،‬أك تبلعن فاعلوه في‬
‫اآلخرة‪ ،‬أك تبرأ بعضهم من بعض‪ ،‬أك دعا بعضهم على بعض‪ ،‬أك كصف فاعلو‬
‫بالضبللة‪ ،‬أك إنو ليس من اهلل في شيء‪ ،‬أك ليس من الرسوؿ كأصحابو‪ .‬أك جعل اجتنابو‬
‫سببان للفبلح‪ ،‬أك جعلو سببان إليقاع العداكة كالبغضاء بين المسلمين‪ ،‬أك قيل ىل أنت‬
‫منتو‪ ،‬أك نهى األنبياء عن الدعاء لفاعلو أك رتب عليو إبعادان أك طردان أك لفظو‪ ،‬قتل من‬
‫فعلو‪ ،‬أك قاتلو اهلل‪ ،‬أك أخبر أف فاعلو ال يكلمو اهلل يوـ القيامة كال ينظر إليو كال يزكيو‬
‫كال يصلح عملو كال يهدم كيده أك ال يفلح‪ ،‬أك قيض لو الشيطاف أك جعل سببان إلزاغة‬
‫قلب فاعلو أك صرفو عن آيات اهلل كسؤالو عن علة الفعل‪ ،‬فهو دليل المنع كداللتو‬
‫على التحريم أظهر من داللتو على مجرد الكراىة‪».‬‬

‫المكركه‬
‫إليكم ًاإليماف كزينو في‬
‫المكركه لغة‪ :‬ضد المحبوب قاؿ اهلل تعالى‪{ :‬كلكن اهلل حبب و‬
‫قلوبكم ككره إليكم الكفر كالفسوؽ كالعصياف}‬

‫تقوؿ‪ " :‬كرىت الشيء " إذا لم تحبو‪ ،‬كالكره‪ :‬المشقة‪ ،‬فالمكركه يكوف‪ :‬ما نفر عنو‬
‫الشرع كالطبع‪ ،‬ألف الطبع ك الشرع ال ينفراف إال عن مشقة كشدة تلحق بالمكلف‪.‬‬
‫عقاب في فعلو‪ .‬قاؿ الزركشي‪«:‬‬ ‫ٍ‬ ‫كالمكركه اصطبلحان ىو‪ :‬ما تىريكو خير من فعلو‪ ،‬كال‬
‫ك ىكا ىف ىسيئيوي ًع ٍن ىد‬ ‫ٍح ىر ياـ‪ ،‬ىكًم ٍنوي قىػ ٍولو تىػ ىعالىى‪ { :‬يك ُّل ىذلً ى‬ ‫ىح يد ىىا‪ :‬ال ى‬
‫ً‬
‫ىكييطٍلى يق ىعلىى أ ٍىربىػ ىعة أ ييموور‪ :‬أ ى‬
‫شافً ًعي كمالً و ً‬ ‫ارةً ال ا‬ ‫ك م ٍكركىا} [اإلسراء‪ ]ّٖ :‬أىم مح ارما‪ ،‬ككقىع ذىلً ى ً ً‬
‫ك‪ .‬ىكم ٍنوي‬ ‫ىى‬ ‫ك في عبى ى‬ ‫ٍ ي ى ن ىى ى‬ ‫ىرب ى ى ي ن‬
‫سلى ًم‪ :‬ىكأى ٍك ىرهي ا ٍشتً ىرا ى‬
‫ط‬ ‫اب ال ا‬ ‫اج‪ ،‬ىكفًي بى ً‬ ‫اب ٍاآلنًيى ًة‪ :‬ىكأى ٍك ىرهي آنًيىةى ال ىٍع ً‬ ‫شافً ًعي فًي بى ً‬ ‫قىػ ٍو يؿ ال ا‬
‫يب يم ٍف ًس هد‪ .‬قى ى‬
‫اؿ‬ ‫ط ال ىٍم ًع ً‬ ‫يب‪ ،‬ىك ىش ٍر ي‬ ‫وخ؛ ًألى اف ٍاألى ٍعج ى ً‬
‫ف ىمع ه‬ ‫ى‬ ‫ف ىكال ىٍم ٍش ًوم ىكال ىٍمطٍبي ً‬ ‫ٍاألى ٍع ىج ً‬
‫ً‬ ‫صي ىد ىالنً ُّي‪ :‬كىو غىالًب فًي ًعب ً‬
‫ين ىك ىر ىاىةى أى ٍف يىػتىػنى ىاكلى يه ٍم قىػ ٍولو تىػ ىعالىى‪ :‬ى‬
‫{كال‬ ‫ارة ال يٍمتىػ ىقدم ى‬ ‫ىى‬ ‫ه‬ ‫ى يى‬ ‫ال ا ٍ‬
‫بلؿ ىك ىى ىذا ىح ىر هاـ} [النحل‪ ، ]ُُٔ :‬فى ىك ًريىوا‬ ‫ب ىى ىذا ىح ه‬ ‫ً‬ ‫ص ي ً‬ ‫تىػ يقوليوا لًما تى ً‬
‫ف أىلٍسنىتي يك يم الٍ ىكذ ى‬ ‫ى‬
‫ث‪:‬‬ ‫ود يىنىا‪ .‬الثاالً ي‬ ‫ص ي‬ ‫و‬ ‫ً‬
‫اح ًر ًيم‪ .‬الثااني‪ " :‬ىما نيًه ىي ىع ٍنوي نىػ ٍه ىي تىػ ٍن ًزيو " ىك يى ىو ال ىٍم ٍق ي‬
‫ً‬
‫إط ىٍبل ىؽ لىٍفظ الت ٍ‬
‫اـ فًي " النػ ىهايىًة " أى اف‬ ‫ض ًل فًي فً ٍعلً ىها‪ ،‬ىك ىح ىكى ًٍ‬
‫اإل ىم ي‬ ‫ُّحى؛ لً ىكثٍػ ىرةً الٍ ىف ٍ‬ ‫تىػر يؾ ٍاألىكلىى ىك ً‬
‫ص ىبلة الض ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫اؿ‪ :‬ك ىى ىذا ًع ٍن ًدم جا ور فًي يكل مسني و‬ ‫ًً‬ ‫تىػر ىؾ غيس ًل ال ً‬
‫وف‬ ‫ىٍ‬ ‫ى‬ ‫ٍج يم ىعة ىم ٍك يركه ىم ىع أىناوي ىال نىػ ٍه ىي فيو‪ .‬قى ى ى‬ ‫ٍ ٍ ي‬
‫شافً ًعي فًي " ٍاأليـ "‪ :‬ىعلىى أى اف تىػ ٍر ىؾ غي ٍس ًل‬ ‫ص ال ا‬ ‫ٍت‪ :‬ىكييػ ىؤي يدهي نى ُّ‬ ‫ودا‪ .‬قيػل ي‬ ‫ص ن‬ ‫ً‬
‫ص اح ٍاأل ٍىم ير بًو ىم ٍق ي‬
‫ى‬
‫ًً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫صو هد‬ ‫اإل ٍح ىر ًاـ ىم ٍك يركه‪ .‬ىكفىػ ار ىؽ يم ٍعظى يم الٍ يف ىق ىهاء بىػ ٍيػنىوي ىكبىػ ٍي ىن الاذم قىػ ٍبػلىوي أى اف ىما ىكىر ىد فيو نىػ ٍه هي ىم ٍق ي‬ ‫ًٍ‬
‫اؿ‪ :‬ىم ٍك يركه‪ .‬ىكفىػ ار ىؽ يم ىح ام يد بٍ ين‬ ‫ؼ ٍاأل ٍىكلىى‪ ،‬ىكىال ييػ ىق ي‬ ‫اؿ فً ًيو‪ً :‬خ ىبل ي‬ ‫اؿ فً ًيو‪ :‬ىم ٍك يركه‪ ،‬ىكىما ىال ييػ ىق ي‬ ‫ييػ ىق ي‬
‫ٍح ىر ًاـ ىكال ىٍم ٍك يركهً ىك ىر ىاى ًة تى ٍح ًر ويم‪ ،‬فىػ ىق ى‬ ‫ً‬ ‫الٍحس ًن ً‬
‫اؿ‪ :‬ال ىٍم ٍك يركهي ىك ىر ىاىةى‬ ‫ب أىبًي ىحني ىفةى بىػ ٍي ىن ال ى‬ ‫صاح ي‬ ‫ىى ى‬
‫ت بًىقط ًٍع ٍّي ىكالٍو ً‬ ‫ً‬
‫ض‪.‬‬ ‫ب ىم ىع الٍ ىف ٍر ً‬ ‫اج ً‬ ‫ى‬ ‫يموي بًغىٍي ًر قىطٍع ٍّي‪ ،‬ىكال ى‬
‫ٍح ىر ياـ ىما ثىػبى ى‬ ‫ت تى ٍح ًر ي‬‫تى ٍح ًر ويم‪ :‬ىما ثىػبى ى‬
‫سب ًع‪ ،‬كي ًسي ًر النابً ً‬ ‫ًً‬ ‫ت ُّ ً‬ ‫ال ارابً يع‪ :‬ىما ىكقىػ ىع ٍ‬
‫يذ»‪.‬‬ ‫الش ٍبػ ىهةي في تى ٍح ًريمو ىكلى ٍح ًم ال ا ي ى ى‬
‫‪ ،‬كاصطبلحا ىو‪ :‬ما يقتضي الثواب على تركو امتثاال ال العقاب على فعلو كتقديم‬
‫الرجل اليسرل عند دخوؿ المسجد‪ ،‬كاليمنى عند الخركج منو‪.‬‬

‫كىذا التعريف كسابقيو فيو نظر ك األقرب أف يقاؿ في حده ىو ما طلب الشارع تركو‬
‫عقاب في فعلو‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫طلبا غير جازـ ك عرفو بعضهم بقولو ‪ :‬ما تىريكو خير من فعلو‪ ،‬كال‬
‫سم الحنفية المكركه إلى قسمين المكركه تنزيها ك المكركه تحريما‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬ق ٌ‬
‫فائدة أخرل‪ :‬لم يذكر المؤلف صيغ المكركه ك يمكن أف نشير إلى أىمها‪:‬‬
‫ُ ‪ -‬لفظ " كره " كما يشتق منها‪ ،‬كمنو ما ثبت عن النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪-‬‬
‫أنو قاؿ‪ " :‬إف اهلل كره لكم قيل كقاؿ ككثرة السؤاؿ "‪ .‬ك ليتنبو القارئ إلى أف الشارع‬
‫الحكيم قد يستعمل المكركه ك يقصد بو الحراـ كما في قولو تعالى ‪( :‬كل ذلك كاف‬
‫سيئة عند ربك مكركىا) كسبق كبلـ الزركشي في ذلك‪.‬‬
‫ِ ‪ -‬لفظ‪ " :‬بغض " كما يشتق منها‪ ،‬كمنو ما ركم عن النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم –‬
‫أنو قاؿ‪ " :‬أبغض الحبلؿ إلى اهلل الطبلؽ " ك الحديث ال يصح‪.‬‬
‫ّ ‪ -‬لفظ النهي‪ " :‬ال تفعل "‪ ،‬إذا اقترنت بها قرينة تصرفها عن التحريم إلى الكراىة‪،‬‬
‫س ٍؤيك ٍم)‪ .‬فالنهي عن السؤاؿ للكراىة‪،‬‬ ‫(ال تى ٍسأىليوا ىع ٍن أى ٍشيى ى ً‬
‫اء إ ٍف تيػ ٍب ىد لى يك ٍم تى ي‬ ‫كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫(كإً ٍف تى ٍسأىليوا‬
‫كالقرينة الصارفة من التحريم إلى الكراىة ىي آخر اآلية‪ ،‬حيث قاؿ تعالى‪ :‬ى‬
‫يم) (َُُ)‪ .‬ك قد سبق‬ ‫ىع ٍنػها ًحين يػنىػ از يؿ الٍ يقرآ يف تيػب ىد لى يكم ىع ىفا اللاو ىع ٍنػها كاللاو غى يف ً‬
‫ور ىحل ه‬
‫ي ى ى ي ه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫ى ىي‬
‫كبلـ الشيخ ابن عبد السبلـ رحمو اهلل في صيغ الحراـ ك المكركه فبل نطيل بو‬
‫الكتاب‪.‬‬

‫المباح‬
‫المباح لغة‪ :‬كل ما ال مانع دكنو كما قيل‪:‬‬
‫كلقد أبحنا ما حميػ ت كال مبيح لما حمينا‬
‫كمن معانيو في اللغة اإلطبلؽ كاإلذف‪ ،‬يقاؿ‪ " :‬أباح األكل من بستانو "‪ ،‬أم‪ :‬أذف‬
‫اد يىنىا ىما‬ ‫اح ىعلىى ثىىبلثىًة أ ييموور‪ٍ .‬األى اك يؿ‪ :‬ىك يى ىو ال يٍم ىر ي‬ ‫باألكل منو‪ .‬قاؿ الزركشي ‪ « :‬ييطٍلى يق ال يٍمبى ي‬
‫ص ٍم‪ ،‬ىكإً ٍف‬ ‫ً‬ ‫شرعي بًالتاس ًوي ًة بػين ال ًٍف ٍع ًل كالتػار ًؾ‪ ،‬كًم ٍنوي قىػوليوي لًلٍم ً‬ ‫ص ار ً ً‬
‫ساف ًر‪ :‬إ ٍف ش ٍئت فى ي‬ ‫ى ٍ ى ٍ يى‬ ‫ٍ ى ىٍ ى‬ ‫ح فيو ال ا ٍ‬ ‫ى ى‬
‫ف‬‫وص ي‬ ‫استى ىم ار ىعلىى ىما ىكا ىف‪ ،‬ىكيي ى‬ ‫اؿ ٍ‬ ‫ش ٍرعي‪ ،‬فىػييػ ىق ي‬‫ت ىع ٍنوي ال ا‬ ‫ًش ٍئت فىأىفٍ ًط ٍر‪ .‬الثاانًي‪ :‬ىما ىس ىك ى‬
‫ث‪ ،‬ك يىو ما ج ى ً‬ ‫ً‬ ‫اإلباح ًة ىعلىى أ ً‬
‫استىػ ىول طىىرفىاهي أ ٍىك ىال‪ .‬ىكقى ٍد ييطٍلى يق‬ ‫از ف ٍعليوي‪ٍ ،‬‬ ‫ىحد ٍاألىقػ ىٍو ًاؿ الث ىابل ى ى ى ى‬ ‫ى‬ ‫بً ًٍ ى ى‬
‫ىح ًد‬ ‫ٍق فًي الٍحج ٍ ً‬ ‫الٍمباح علىى الٍمطٍلي ً ً‬
‫احةي ىم ٍحظيوور ىعلىى أ ى‬ ‫استبى ى‬ ‫ى‬ ‫ٍحل ي‬ ‫وب‪ ،‬ىكم ٍنوي قىػ ٍولينىا‪ :‬ال ى‬ ‫يى ي ى ى‬
‫كب‬‫اد أىناوي غىٍيػر ىم ٍن يد و‬
‫ي‬ ‫س ال يٍم ىر ي‬
‫يل‪ ،‬ىكلىٍي ى‬‫احلً ً‬ ‫اإلباح ًة فً ًيو أىناوي لىيس بً ى و ً‬
‫ش ٍرط في الت ٍ‬ ‫ٍ ى‬ ‫اد بً ًٍ ى ى‬
‫الٍ ىق ٍولىٍي ًن‪ ،‬فىال يٍم ىر ي‬
‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫وب‪،‬‬‫از لىوي أ ٍىك لل ىٍولي أى ٍف يىػ ٍف ىع ىل ىك ىذا ىكيي ًري يدك ىف بًو ال يٍو يج ى‬ ‫إلىٍي ًو‪ .‬ىكقى ٍد يى ٍج ًرم فًي ىك ىبلًـ الٍ يف ىق ىهاء‪ :‬ىج ى‬
‫وب فىػيى ٍستى ًفي يد بًىق ٍولً ًه ٍم‪ :‬يى يج ي‬
‫وز‬ ‫ٍح ٍرىم ًة ىكال يٍو يج ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يما إ ىذا ىكا ىف الٍف ٍع يل ىدائ نرا بىػ ٍي ىن ال ي‬
‫ك ىذلً ى ً ً‬
‫ك ظىاى هر ف ى‬ ‫ى‬
‫ضا ىف‬ ‫وؿ ىرىم ى‬ ‫يم ٍن ىعلً ىم يد يخ ى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫نىػ ٍفي ال ً‬
‫س ين قىػ ٍولي يه ٍم ف ى‬‫وب‪ ،‬ىكل ىه ىذا ىال يى ٍح ي‬ ‫ٍح ٍرىمة فىػيىٍبػ ىقى ال يٍو يج ي‬
‫ي ي‬
‫ًً‬ ‫ً‬ ‫وز لىو ال ا ً ً‬ ‫ٍحس ً‬ ‫ً ً‬
‫س ين قىػ ٍولي يه ٍم‬‫ص ٍو يـ؛ ألى اف مثٍ ىل ىى ىذا الٍف ٍع ًل ىال ييػتىػنىػ اف يل بو‪ ،‬ىكىك ىذا ىال يى ٍح ي‬ ‫اب‪ :‬إناوي يى يج ي ي‬ ‫بال ى‬
‫ً‬ ‫صبًي‪ :‬ىال ي ً‬ ‫فًي ال ا‬
‫ب‪ ».‬انتهى‬ ‫ص اح ىك ىج ى‬ ‫إس ىبل يموي؛ ألىناوي لى ٍو ى‬ ‫ص ُّح ٍ‬ ‫ى‬

‫كفي االصطبلح ىو‪ :‬ما كاف الخطاب فيو بالتخيير بين الفعل كالترؾ فلم يثب على‬
‫فعلو كلم يعاقب على تركو كاألكل كالنوـ كاالغتساؿ للتبرد كمحل ذلك ما لم تدخلو‬
‫النية فإف نول بالمباح خيران كاف لو بو أجر‪.‬‬

‫المباح كما قاؿ المؤلف ىو ما أذف اهلل تعالى للمكلفين في فعلو كتركو مطلقان من غير‬
‫مدح كال ذـ في أحد طرفيو لذاتو‪.‬‬
‫كاصطبلحان‪ :‬ما ال يتعلق بو أمر‪ ،‬كال نهي لذاتو؛ كاألكل في رمضاف ليبلن‪.‬‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬ما ال يتعلق بو أمر»؛ الواجب كالمندكب‪.‬‬
‫ك خرج بقولنا‪« :‬كال نهي»؛ المحرـ كالمكركه‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬لذاتو»؛ ما لو تعلق بو أمر لكونو كسيلة لمأمور بو‪ ،‬أك نهي لكونو كسيلة‬
‫لمنهي عنو‪ ،‬فإف لو حكم ما كاف كسيلة لو من مأمور‪ ،‬أك منهي‪ ،‬كال يخرجو ذلك عن‬
‫كونو مباحان في األصل‪.‬‬
‫كالمباح ما داـ على كصف اإلباحة‪ ،‬فإنو ال يترتب عليو ثواب كال عقاب‪.‬‬
‫كيسمى‪ :‬حبلالن كجائزان‪.‬‬
‫كلم يذكر المؤلف صيغ المباح ك ىي كثيرة منها ‪:‬‬
‫سائً يك ٍم)‪.‬‬ ‫ُ ‪ -‬لفظ‪ " :‬أحل "‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬أ ً‬
‫يح ال لى يكم لىٍيػلىةى الصي ًاـ ال ارفى ي ً ً‬
‫ث إلىى ن ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬
‫ِ ‪ -‬لفظ‪ " :‬ال جناح "‪ ،‬كقولو تعالى‪ " :‬ال جناح عليكم إف طلقتم النساء "‪.‬‬
‫س ىعلىى ٍاألى ٍع ىمى ىح ىر ه‬
‫ج)‪ . . .‬كقولو ‪ -‬صلى‬ ‫ّ ‪ -‬لفظ‪ " :‬ال حرج "‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬لىٍي ى‬
‫اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬افعل كال حرج "‪.‬‬
‫ْ ‪ -‬صيغة األمر التي صرفت من اقتضائها للوجوب كالندب إلى اإلباحة بسبب قرينة‬
‫ض)‪ ،‬فهذا األمر‬ ‫ص ىبلةي فىانٍػتى ًش يركا فًي ٍاأل ٍىر ً‬
‫ت ال ا‬ ‫ً‬
‫ضي ً‬
‫اقترنت بها‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬فىًإذىا قي ى‬
‫اس ىع ٍوا إًلىى ًذ ٍك ًر‬
‫لئلباحة‪ ،‬كالقرينة الصارفة ىي‪ :‬منع الفعل قبل ذلك في قولو تعالى‪( :‬فى ٍ‬
‫اللا ًو ىكذى يركا الٍبىػ ٍي ىع)‪ ،‬حيث إنو كاف االنتشار للبيع ممنوعان ثم أباحو بعد انتهاء الصبلة‪.‬‬
‫يقوؿ اإلماـ العز بن عبد السبلـ رحمو اهلل ‪« :‬تستفاد اإلباحة من لفظ اإلحبلؿ كنفي‬
‫الجناح كالحراـ كاإلثم كالمؤاخذة‪ ،‬كمن اإلذف فيو كالعفو عنو كمن االمتناف بما في‬
‫األعياف من المنافع‪ .‬كمن السكوت عن التحريم‪ ،‬كمن اإلنكار على من حرـ الشيء‪،‬‬
‫كمن اإلخبار بأنو خلق أك جعل لنا‪ ،‬كاإلخبار عن فعل من قبلنا غير ذاـ لهم عليو‪ ،‬فإف‬
‫اقترف باإلخبار مدح دؿ على مشركعيتو كجوابان أك استحبابان‪».‬‬

‫أقساـ الحكم الوضعي‬

‫بعدما فرغ المؤلف من أقساـ الحكم التكليفي ‪ ،‬انتقل إلى بياف أقساـ الحكم الوضعي‬
‫فبدأ بتعريف السبب حيث قاؿ‪:‬‬
‫ُ‪ /‬السبب‪:‬‬
‫السبب في اللغة ما توصل بو إلى غيره‪ ،‬كاصطبلحا‪ :‬ما يلزـ من كجوده الوجود كمن‬
‫عدمو العدـ لذاتو كزكاؿ الشمس فإنو سبب في كجوب صبلة الظهر ككملك النصاب‬
‫فإنو سبب في كجوب الزكاة ككالوالء كالنسب في الميراث‪.‬‬

‫يمكن إجماؿ إطبلقات السبب في لساف الشرع فيما يلي‪:‬‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫ب‬ ‫ب ىكال يٍمبىا ىش ىرةي غىلى ى‬ ‫سبى ي‬ ‫ىح يد ىىا‪ :‬ىما ييػ ىقابً يل ال يٍمبىا ىش ىرةى‪ ،‬ىكم ٍنوي قىػ ٍو يؿ الٍ يف ىق ىهاء‪ :‬إذىا ٍ‬
‫اجتى ىم ىع ال ا‬ ‫أى‬
‫ال يٍمبىا ىش ىرةي ىك ىح ٍف ًر الٍبًٍئ ًر ىم ىع التػ ٍارًديىًة‪.‬‬
‫صابىًة‪ ،‬ىك ًٍ‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً ا ً اً‬
‫صابىةي‬ ‫اإل ى‬ ‫س امى ىسبىبنا ل ٍل ىق ٍت ًل‪ ،‬ىك يى ىو أى ٍعني ال ارٍم ىي علاةه ل ًٍئل ى‬ ‫الثااني‪ :‬علةي الٍعلة ىكال ارٍم ًي يي ى‬
‫كح الا ًذم يى ىو الٍ ىق ٍت يل‪ ،‬فىال ارٍم يي يى ىو ًعلاةي ال ًٍعلا ًة ىكقى ٍد ىس ام ٍوهي ىسبىبنا‪.‬‬ ‫الر ً‬
‫وؽ ُّ‬ ‫ًعلاةه لًىزيى ً‬
‫وب ال ازىكاةً‪.‬‬‫ٍح ٍوًؿ ييس امى ىسبىبنا لً يو يج ً‬ ‫كف ىشر ًط ىها ىكالنص ً ً‬
‫اب بً يدكف ال ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬
‫ث‪ :‬ال ًٍعلاةي بً يد ً‬ ‫الثاالً ي‬
‫ى‬
‫ش ٍر ًط‪ ،‬ىكانٍتً ىف ًاء ال ىٍمانً ًع‪،‬‬‫ضى‪ ،‬ىكال ا‬ ‫ب ًم ٍن ال يٍم ٍقتى ى‬ ‫ال ارابًع‪ :‬ال ًٍعلاةي ال ا ً ً‬
‫ش ٍرعياةي ىكى ىي ال ىٍم ٍج يموعي ال يٍم ىراك ي‬ ‫ي‬
‫ود ىم ٍعليولً ىها‬
‫وجبةه لًوج ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫ك أى اف الٍعلى ىل ال ىٍع ٍقلياةى يم ى ي ي‬ ‫س امى ىسبىبنا‪ ،‬ىكىال ىش ا‬ ‫ود ٍاأل ٍىى ًل ىكال ىٍم ىحل يي ى‬ ‫ىكيك يج ي‬
‫اؿ مع ًاالنٍ ًفع ىاال ً ً ً‬ ‫ً‬ ‫ًً ً‬ ‫ىكما ع ًر ى ً‬
‫اب فىًإناوي‬ ‫ىسبى ً‬ ‫ت بًخ ىبلؼ ٍاأل ٍ‬ ‫ى‬ ‫سا ًر‪ ،‬ىك ىسائ ًر ٍاألىفٍػ ىع ً ى ى‬ ‫ؼ م ٍن الٍ ىك ٍس ًر لبلنٍك ى‬ ‫ى ي‬
‫سبابىاتً ىها‪.‬‬ ‫ىال يػلٍزـ ًمن كج ً‬
‫ود يم ى‬ ‫ود ىىا يك يج ي‬ ‫ى ىي ٍ ي ي‬
‫ك أما أقساـ السبب يمكن تلخيصها كاآلتي‪:‬‬
‫ُ‪ /‬باعتبار قدرة المكلف ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬سبب مقدكر عليو‪ ،‬كىو‪ :‬ما كاف داخبلن تحت كسب المكلف كطاقتو‪،‬‬
‫بحيث يستطيع فعلو كتركو‪ ،‬كالقتل المسبب للقصاص‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬سبب غير مقدكر عليو‪ ،‬كىو‪ :‬ما لم يكن من كسب المكلف‪ ،‬كال دخل‬
‫لو في تحصيلو أك عدـ ذلك كزكاؿ الشمس أك غركبها سبب لوجوب الصبلة أك‬
‫اإلفطار‪.‬‬
‫ِ‪ /‬باعتبار المشركعية ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬سبب مشركع‪ ،‬كىو‪ :‬ما كاف سببان للمصلحة أصالة‪ ،‬كإف كاف مؤديان إلى‬
‫بعض المفاسد تبعان‪ ،‬كالجهاد في سبيل اهلل فإنو سبب إلقامة الدين كإعبلء كلمة اهلل‪،‬‬
‫كإف أدل في الطريق إلى نوع من المفاسد كإتبلؼ األنفس‪ ،‬كإضاعة األمواؿ‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬سبب غير مشركع كىو‪ :‬ما كاف سببان للمفسدة أصالة كإف ترتب عليو نوع‬
‫من المصلحة تبعان‪ ،‬كالقتل بغير حق فإنو سبب غير مشركع‪ ،‬كإف ترتب عليو ميراث كرثة‬
‫المقتوؿ‪.‬‬
‫ّ‪ /‬باعتبار المناسبة ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬سبب مناسب للحكم‪ ،‬كىو الذم يترتب على شرع الحكم بو تحقق‬
‫مصلحة‪ ،‬أك دفع مفسدة يدركها العقل‪ ،‬كالسرقة بالنسبة لعقوبة القطع؛ حيث إنها‬
‫تحقق مصلحة حفظ األمواؿ‪ ،‬كتدفع مفسدة ضياعها‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬سبب غير مناسب للحكم‪ ،‬كىو الذم ال يترتب على شرع الحكم بو‬
‫تحقق مصلحة أك دفع مفسدة كدلوؾ الشمس‪ ،‬حيث إنو سبب لوجوب الظهر‪ ،‬كمثل‪:‬‬
‫شهود الشهر بالنسبة لوجوب الصياـ‪.‬‬
‫ْ‪ /‬باعتبار مصدره ينقسم إلى ثبلثة أقساـ‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬سبب شرعي‪ ،‬كىو‪ :‬ما كاف مستمدان من الشارع فقط‪ ،‬كالوقت بالنسبة‬
‫لوجوب الصبلة‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬سبب عقلي‪ ،‬كىو‪ :‬ما كاف مستمدان من العقل فقط‪ ،‬كوجود النقيض فإنو‬
‫سبب في انعداـ نقيضو عقبلن مثل الموت فإنو سبب لعدـ الحياة‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬سبب عادم‪ ،‬كىو‪ :‬ما كاف مستمدان من العادة المألوفة المتكرر كقوعها‬
‫كالذبح‪ ،‬فإنو يتسبب في إزىاؽ الركح في العادة‪.‬‬
‫ٓ‪ /‬باعتبار اقترانو بالحكم كعدـ ذلك ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬سبب متقدـ على الحكم‪ ،‬كىذا ىو األصل كاألسباب الموجبة‬
‫للصلوات‪ ،‬كالزكاة‪ ،‬كالبيع‪ ،‬كالنكاح‪ ،‬كىو األكثر‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬سبب مقارف للحكم‪ ،‬كقتل المسلم للكافر في الحرب‪ ،‬فإنو سبب‬
‫الستحقاؽ سلبو فوران‪ ،‬كإحياء الموات فإنو سبب فورم للملك‪.‬‬
‫ٔ‪ /‬باعتبار اللفظ كالفعل ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬سبب قولي كىو‪ :‬ما كاف معتمدا على القوؿ ‪ ،‬كصيغ العقود مثل البيع‬
‫كالشراء‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬سبب فعلي‪ ،‬كىو‪ :‬ما كاف ناشئان عن الفعل‪ ،‬كالقتل سبب للقصاص‪.‬‬

‫ِ‪ /‬الشرط‬
‫الشرط لغة‪ :‬كاحد الشركط مأخوذ من الشرط‪ -‬بالتحريك‪ -‬ككاحد األشراط كالمراد بو‬
‫العبلمة‪.‬‬

‫يقوؿ األصوليوف‪ :‬إف الشرط في اللغة بمعنى العبلمة ‪ -‬مطلقان ‪-‬كىذا فيو تساىل؛‬
‫الشرط‪ -‬بفتح الراء ‪ -‬كليس الشرط الذم ىو‬
‫حيث إف الذم ىو بمعنى العبلمة ىو‪ :‬ى‬
‫بتسكين الراء‪ ،‬كالذم يعنينا ىو الشرط ‪ -‬بتسكين ‪ -‬الراء ‪ -‬كىو الذم بمعنى اإللزاـ‪.‬‬

‫كفي االصطبلح‪ :‬ما يلزـ من عدمو العدـ‪ ،‬كال يلزـ من كجوده كجود كال عدـ لذاتو‪.‬‬
‫كالطهارة مثبل فإنها شرط في صحة الصبلة فيلزـ من عدـ كجود الطهارة عدـ كجود‬
‫الصبلة الشرعية‪ ،‬كال يلزـ من كجود الطهارة كجود الصبلة‪ ،‬إذ قد يكوف اإلنساف‬
‫متطهران كيمتنع من فعل الصبلة‪.‬‬

‫لم يتعرض المؤلف كذلك إلى أقساـ الشرط ك يمكن أف نذكر أىمها ‪:‬‬
‫ُ‪ /‬باعتبار كصفو ينقسم إلى أربعة أقساـ‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬شرط عقلي كىو‪ :‬ما ال يوجد المشركط عقبلن بدكنو‪ ،‬كاشتراط الحياة‬
‫للعلم‪.‬‬
‫السلام لصعود السطح‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬شرط عادم‪ ،‬كىو‪ :‬ما يكوف شرطان عادة‪ ،‬كنصب ُّ‬
‫القسم الثالث‪ :‬شرط لغوم‪ ،‬كىو‪ :‬ما يذكر بصيغة التعليق مثل‪ " :‬إف نجحت فلك‬
‫جائزة "‪.‬‬
‫القسم الرابع‪ :‬شرط شرعي‪ ،‬كىو‪ :‬ما جعلو الشارع شرطان لبعض األحكاـ‪ ،‬كاشتراط‬
‫الطهارة لصحة الصبلة‪.‬‬
‫ِ‪ /‬باعتبار قصد المكلف لو كعدـ ذلك‪ :‬ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬ما قصده الشارع قصدان كاضحان‪ ،‬كىو‪ :‬الذم يرجع إلى خطاب التكليف‪،‬‬
‫كىو‪ :‬إما أف يكوف مأموران بتحصيلو كالطهارة للصبلة‪ ،‬كإما أف يكوف منهيان عن تحصيلو‬
‫كنكاح المحلل في مراجعة الزكجة لزكجها األكؿ‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬ما لم يقصد الشارع تحصيلو‪ ،‬كىو‪ :‬الذم يرجع إلى خطاب الوضع‬
‫كالحوؿ في الزكاة‪ ،‬فإف بقاء النصاب حتى يكمل الحوؿ ألجل أف تجب الزكاة ليس‬
‫مطلوب الفعل‪ ،‬كال ىو مطلوب الترؾ‪.‬‬
‫ّ‪/‬باعتبار مصدره ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬شرط شرعي‪ ،‬كىو‪ :‬ما كاف مصدر اشتراطو الشارع‪ ،‬كىو‪ :‬المراد من‬
‫الشرط عند اإلطبلؽ‪ ،‬كىو المقابل للسبب كالمانع‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬شرط جعلي‪ ،‬كىو‪ :‬ما كاف مصدر اشتراطو المكلف‪ ،‬حيث يعتبره كيعلق‬
‫عليو تصرفاتو كمعامبلتو كاالشتراط في البيوع كالنكاح‪.‬‬

‫ّ‪ /‬المانع‬
‫المانع في اللغة‪ :‬الحاجز‪،‬‬

‫الحائل بين الشيئين‪ ،‬يقاؿ‪ " :‬منعو األمر "‪ ،‬ك " منعتو منو "‪ ،‬فهو ممنوع أم‪ :‬محركـ‪،‬‬
‫كالمانع‪ :‬اسم فاعل من المنع ضد اإلعطاء‪.‬‬

‫كاصطبلحان‪ :‬ىو ما يلزـ من كجوده العدـ كال يلزـ من عدمو كجود كال عدـ لذاتو‪،‬‬
‫كالقتل في الميراث‪ ،‬كالحيض في الصبلة‪ ،‬فإف كجد القتل امتنع الميراث‪ ،‬كإف كجد‬
‫الحيض امتنعت الصبلة كقد ينعدماف كال يلزـ ميراث كال صبلة‪ ،‬فهو بعكس الشرط إذ‬
‫الشرط يتوقف كجود المشركط على كجوده‪ ،‬كالمانع ينفى كجوده‪.‬‬
‫ك من األمثلة كذلك على المانع الدين فيلزـ من كجود ال ادين ‪ -‬مثبلن ‪ -‬عدـ كجود‬
‫الحكم كىو‪ :‬كجوب الزكاة‪ ،‬كال يلزـ من عدـ الدين الزكاة أك عدمها‪ ،‬فقد يكوف‬
‫الشخص غنيان يملك النصاب كحاؿ على مالو الحوؿ‪ ،‬فهذا تجب عليو الزكاة‪ ،‬كقد‬
‫يكوف فقيران فهذا ال تجب عليو الزكاة‪.‬‬
‫ك ينقسم المانع باعتبار ما يمنعو من حكم أك سبب إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬مانع الحكم‪ ،‬كىو‪ :‬كل كصف كجودم ظاىر منضبط لحكمة تقتضي‬
‫نقيض حكم السبب مع تحقق السبب‪ ،‬كالحيض فإنو مانع من كجوب الصبلة مع‬
‫تحقق السبب كىو‪ :‬دخوؿ الوقت‪ ،‬فقد ترتب ‪ -‬ىنا ‪ -‬على كجود المانع عدـ ترتب‬
‫المسبب على سببو‪.‬‬
‫كىذا القسم ‪ -‬كىو‪ :‬مانع الحكم ‪ -‬ثبلثة أشياء‪:‬‬
‫الشيء األكؿ‪ :‬مانع يمنع ابتداء الحكم ‪ -‬فقط – دكف استمراره مثل‪ :‬اإلسبلـ‪ ،‬فإنو‬
‫يمنع ابتداء السبي‪ ،‬كلكنو ال يمنع استمراره‪ ،‬فلو أسلم بعد أف صار مملوكان فإنو ال‬
‫ينقطع عنو الرؽ‪.‬‬
‫الشيء الثاني‪ :‬مانع يمنع دكاـ الحكم كاستمراره ‪ -‬فقط ‪ -‬دكف ابتداء الحكم‬
‫كالطبلؽ‪ ،‬فإنو يمنع من الدكاـ على النكاح األكؿ‪ ،‬كلكنو ال يمنع من ابتداء نكاح‬
‫ثاني‪.‬‬
‫الشيء الثالث‪ :‬مانع يمنع ابتداء الحكم‪ ،‬كيمنع أيضان استمراره‪ ،‬كالرضاع فإنو يمنع‬
‫ابتداء النكاح على امرأة ىي أختو من الرضاع‪ ،‬كما يمنع استمراره‪ ،‬إذا طرأ عليو‪،‬‬
‫ككذلك " الحدث " يمنع انعقاد العبادة ابتداء كما يمنع صحتها إذا طرأ عليها‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬مانع السبب‪ ،‬كىو‪ :‬كل كصف يقتضي كجوده حكمة تخل بحكمة‬
‫السبب كال ادين في باب الزكاة؛ حيث إنو مانع من كجوب الزكاة؛ ألف السبب في‬
‫كجوب الزكاة ىو‪ :‬بلوغ النصاب حيث إنو يفيد غنى من يملك ىذا النصاب‪ ،‬فطلب‬
‫منو مواساة الفقراء من فضل ذلك الماؿ‪ ،‬كىذه ىي الحكمة‪ ،‬كلكن ال ادين في الماؿ لم‬
‫يدع فضبلن يواسي بو الفقير‪ ،‬حيث إف النصاب قد صار مشغوالن بحقوؽ الغرماء‪ ،‬فهنا‬
‫قد أخل ال ادين بحكمة السبب‪ ،‬فكانت رعاية براءة الذمة من الذين أكلى من رعاية‬
‫مواساة الفقراء‪.‬‬

‫كلكي يتبين لك الفرؽ بين السبب كالشرط كالمانع‪ ،‬أنظر في زكاة الماؿ مثبل تجد‬
‫سبب كجوبها كجود النصاب كيتوقف ذلك الوجوب على حوالف الحوؿ فهو شرط‬
‫فيو‪ ،‬كإف كجد دين منع كجوبها فهو مانع لذلك الوجوب على القوؿ بأف الدين مانع‪.‬‬

‫ذكر األصوليوف أف الشرط يفارؽ السبب من كجهين‪:‬‬


‫الوجو األكؿ‪ :‬أف الشرط يؤثر في الحكم من جهة العدـ‪ ،‬أما السبب فإنو يؤثر في‬
‫الحكم من جهة الوجود كالعدـ‪.‬‬
‫الوجو الثاني‪ :‬أف الشرط ليس فيو مناسبة في نفسو‪ ،‬أما السبب فإنو مناسب في نفسو‬
‫‪ -‬فالنصاب سبب في كجوب الزكاة‪ ،‬كىو مشتمل على الغنى في ذاتو‪ ،‬بخبلؼ مركر‬
‫الحوؿ فإنو ليس فيو مناسبة في نفسو كإنما ىو مكمل لحكمة الغنى في النصاب‪.‬‬

‫الصحيح كالفاسد‬
‫الصحيح لغة‪ :‬ضد السقيم‬

‫الصحيح في اللغة‪ :‬معناه السليم من المرض الذم ليس فيو عيب‪ ،‬كمنو قوؿ الشاعر‪:‬‬
‫كليل يقوؿ المرء سواء صحيحات العيوف كعورىا (صحيحات العيوف) ‪ ،‬أم‪ :‬السليمات‬
‫المبصرات‪( .‬كعورىا) ‪ ،‬أم‪ :‬اللواتي ال تبصر‪.‬‬

‫‪ ،‬كفي االصطبلح‪ :‬ما يتعلق بو اعتداد في العبادات‪ ،‬كنفوذ في المعامبلت‪ ،‬كأف تقع‬
‫الصبلة مثبل مستوفاة شركطها تامة أركانها مع انتفاء الموانع كلو في اعتقاد الفاعل‬
‫ككذلك البيع يقع من جائز التصرؼ على مباح مقدكر على تسليمو مملوؾ في نفس‬
‫األمر‪ ،‬فلو باع ما يظن أنو ملك غيره فباف أنو ملكو صح البيع‪ ،‬إذ المعامبلت مبناىا‬
‫على ما في نفس األمر كالعبادات على ما في اعتقاد الفاعل‪.‬‬

‫الصحيح كما ذكر المؤلف توصف بو العبادة كالعقد‪ ،‬فيقاؿ‪ :‬ىذه عبادة صحيحة‪.‬‬
‫أم‪ :‬رافعة للتكليف بها‪ ،‬كحينئذ يوافقها اإلجزاء‪ ،‬كاإلجزاء بمعنى‪ :‬أنو ال يطلب إعادة‬
‫تلك العبادة كال قضاؤىا؛ ألنها صحيحة‪.‬‬
‫كيوصف بو العقد فيقاؿ‪ :‬ىذا بيع صحيح أك نكاح صحيح كمعنى ذلك‪ :‬أنو يترتب‬
‫عليو األثر‪ ،‬فالبيع الصحيح أثره‪ :‬ملك البائع للثمن كملك المشترم للسلعة‪ ،‬كالنكاح‬
‫الصحيح يترتب عليو‪ :‬جواز االستمتاع كملك الزكجة للصداؽ‪ ،‬كترتب الحقوؽ التي‬
‫تترتب على النكاح الصحيح من اإلرث ككجوب النفقة كالسكنى كغير ذلك‪.‬قاؿ‬
‫ب ال ا ً‬ ‫ود ثيػبوتيػ ىها ىعلىى م ً‬ ‫ً‬ ‫ًً‬
‫ارهي‬
‫ب آثى ي‬ ‫ش ٍر ًع ليىتىػ ىرتا ى‬ ‫وج ً‬ ‫ي‬ ‫اد بًالص احة في الٍعي يق ي‬ ‫الزركشي ‪ « :‬ال يٍم ىر ي‬
‫ٍحل فًي‬ ‫ؼ ىكال ً‬ ‫ود ًمن التاص ُّر ً‬ ‫ود‪ ،‬أىم‪ :‬يػثٍب ي ً‬ ‫ب ىعلىى الٍع يق ً‬ ‫ىكال ًٍمل ً‬
‫ص ي ٍ ى‬ ‫ٍح ٍك يم ال ىٍم ٍق ي‬ ‫ت بًو ال ي‬ ‫ٍ ىي‬ ‫ي‬ ‫ٍك ال يٍم ىرتا ً‬
‫وـ‬ ‫ٍك فًي الٍبػي ًع كالٍ ًهب ًة‪ .‬كقىػو يؿ الٍ يف ىقه ًاء‪ :‬نً ىكاح الٍ يك افا ًر ً‬ ‫اح‪ ،‬كال ًٍمل ً‬
‫ىم ىم ٍح يك ه‬ ‫يح‪ ،‬أ ٍ‬ ‫صح ه‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ىٍ ى ى ى ٍ‬ ‫الن ىك ً ى‬
‫ؼ ىك ٍاألى ٍك ًل‪،‬‬ ‫ىعلىي ًو بًالص اح ًة‪ ،‬كأىثىػر يكل ىشي وء ىعلىى حسبً ًو‪ ،‬فىأىثىػر الٍبػي ًع الٍم ٍكنىةي ًمن التاص ُّر ً‬
‫ٍ ى‬ ‫ي ىٍ ي‬ ‫ىى‬ ‫ٍ‬ ‫ى ي‬ ‫ٍ‬
‫اما ًف‬ ‫اض ىع ىد يـ الض ى‬ ‫ام ُّك ين ًم ٍن ًاالنٍتً ىف ًاع‪ ،‬ىكفًي ال ًٍق ىر ً‬ ‫ارة الت ى‬
‫اإلج ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىكالٍبىػ ٍي ًع‪ ،‬ىكال ىٍوقٍف ىكنى ٍح ًوه‪ ،‬ىكأىثىػ ير ًٍ ى ى‬
‫ارهي ىعلىٍي ًو فىػ يه ىو‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫استً ٍح ىقا يؽ الربٍ ًح‪ ،‬ىكفًي الن ىك ً‬
‫ب آثى ي‬ ‫ام ُّك ين م ٍن ال ىٍوطٍء‪ ،‬فى يك ُّل ىع ٍقد تىػ ىرتا ى‬ ‫اح الت ى‬ ‫ىك ٍ‬
‫اس يد‪.‬‬‫ص ًحيح‪ ،‬كإًاال فىػهو الٍ ىف ً‬
‫ال ا ي ى ي ى‬
‫صولي ىها ىعلىى‬ ‫ف يح ي‬ ‫ٍخيىا ًر‪ً ،‬ألىناوي قى ٍد يىػتىػ ىوقا ي‬‫كقًيل‪ :‬إباحةي ًاالنٍتً ىف ًاع‪ ،‬كىال ي ًر يد الٍمبًيع فًي ىزم ًن ال ً‬
‫ى‬ ‫ى ى ى ي‬ ‫ى ى ىى‬
‫ٍك الا ًذم يىػ ٍن ى‬ ‫وؿ ال ًٍمل ً‬ ‫ً‬ ‫آخر كلىٍيس التاص ُّر ي ً ً‬ ‫و‬
‫شأي‬ ‫ص ي‬ ‫ؼ ىكاالنٍت ىقاعي أىثىػ ىر ال ىٍع ٍقد‪ ،‬ىكإًنا ىما أىثىػ يرهي يح ي‬ ‫ىش ٍرط ى ى ى ى ى‬
‫شر ًط ًو‪ ،‬كًمن ىشر ًط ًو أى ٍف ىال ي يكو ىف لىو ًخيار‪ .‬كىك ىذا لىو أىقىػ ار بًحرياًة امرأىةو‬ ‫ىع ٍنوي إب ً ً‬
‫ي ٍى‬ ‫ي ىه ى ٍ‬ ‫ى‬ ‫احةي االنٍت ىف ًاع بً ى ٍ ى ٍ ٍ‬ ‫ىى‬
‫اح ىها ًم ام ٍن ًى ىي فًي يى ًدهً‪ ،‬ىك يى ىو يى اد ًعي ًرقاػ ىها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫في يىد الٍغىٍي ًر‪ ،‬ثي ام قىبً ىل ن ىك ى‬
‫اؿ الٍ يف ىقهاء‪ً :‬ىي كقيوعي ال ًٍفع ًل ىكافًيا فًي س يق ً‬ ‫ات فىا ٍختيلً ى ً‬
‫وط‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ٍ‬ ‫ف ف ىيها فىػ ىق ى ى ي ى ي‬
‫اد ً‬ ‫ىكأى اما الص احةي فًي ال ًٍعبى ى‬
‫ب‬ ‫ً‬ ‫ً ً ًً‬ ‫ً ً‬ ‫ص ىبلةً إذىا كقىػ ىع ٍ ً ً‬ ‫ض ًاء‪ ،‬ىكال ا‬ ‫الٍ ىق ى‬
‫ت ب ىجمي ًع ىكاجبىات ىها ىم ىع انٍت ىفاء ىم ىوانع ىها‪ ،‬فى ىك ٍونيػ ىها ىال يىج ي‬ ‫ى‬
‫ص احتيػ ىها‪.‬‬‫ضا يؤ ىىا يىو ً‬ ‫قى ى‬
‫ى‬
‫س ٍاأل ٍىم ًر‪ ،‬ىكبً ًو قىطى ىع‬ ‫ف ىال فًي نىػ ٍف ً‬ ‫شار ًًع فًي ظىن الٍم ىكلا ً‬
‫ي‬ ‫اؿ ال يٍمتى ىكل يمو ىف‪ً :‬ى ىي يم ىوافىػ ىقةي أ ٍىم ًر ال ا‬ ‫ىكقى ى‬
‫ادةو تيػ ىوافً يق ٍاأل ٍىم ىر بًًف ٍعلً ىها ىكا ىف قى ٍد أىتىى بً ىها‬ ‫ً‬ ‫اإلماـ فًي التاػل ً‬
‫يص " فى يك ُّل ىم ٍن أيم ىر بً ًعبى ى‬ ‫ٍخ ً‬ ‫ً‬
‫الٍ ىقاضي ىك ًٍ ى ي‬
‫ىع ُّم ًم ٍن قىػ ٍوًؿ الٍ يف ىق ىه ًاء‪ً ،‬ألى اف‬ ‫ط ًمن يشر ً‬
‫كط ىها أ ٍىك يك ًج ىد ىمانً هع‪ ،‬ىك ىى ىذا أ ى‬ ‫يحةن ىكإ ٍف ا ٍختى ال ىش ٍر ه ٍ ي‬
‫ص ًح ى ً‬ ‫ى‬
‫ح الٍ يف ىق ىه ًاء‬
‫اصط ىبل ي‬
‫ص احةن ًع ٍن ىدىم‪ .‬ك ً‬
‫يٍ ى ٍ‬ ‫ص اح وة ًىي موافً ىقةه لً ٍؤل ٍىم ًر‪ ،‬كلىٍيس يك ُّل موافىػ ىق ًة ٍاأل ٍىم ًر ً‬
‫ى ى يى‬ ‫ى يى‬
‫يك ال ً‬
‫ب‪ »...‬انتهى ملخصا‬ ‫سي‬‫أىنٍ ى‬

‫كالفاسد لغة‪ :‬المختل‬

‫ك الذاىب ضياعان كخسران‪.‬‬

‫كفي االصطبلح‪ :‬ما ال اعتداد بو في العبادات كإيقاع الصبلة المفركضة قبل دخوؿ‬
‫كقتها‪ ،‬كال نفوذ لو في المعامبلت كبيع ماال يملك مثبل‪.‬‬

‫فالباطل كما ذكر المؤلف ما ال تترتب آثار فعلو عليو عباد نة كاف أـ عقدان‪.‬‬
‫فالفاسد من العبادات‪ :‬ما ال تبرأ بو الذمة‪ ،‬كال يسقط بو الطلب؛ كالصبلة قبل كقتها‪.‬‬
‫كالفاسد من العقود‪ :‬ما ال تترتب آثاره عليو؛ كبيع المجهوؿ‪.‬‬
‫محرـ؛ ألف ذلك ًم ٍن تعدم حدكد اهلل‪،‬‬
‫ككل فاسد من العبادات كالعقود كالشركط فإنو ٌ‬
‫ً‬
‫كاتخاذ آياتو ىزؤان‪ ،‬كألف النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم أنكر على من اشترطوا شركطان‬
‫ليست في كتاب اهلل‪.‬‬
‫كالفاسد كالباطل بمعنى كاحد عند الحنابلة إال في موضعين‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬في اإلحراـ؛ فرقوا بينهما بأف الفاسد ما كطئ فيو الم ً‬
‫حرـ قبل التحلل األكؿ‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ٌ‬
‫كالباطل ما ارتد فيو عن اإلسبلـ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬في النكاح؛ فرقوا بينهما بأف الفاسد ما اختلف العلماء في فساده كالنكاح ببل‬
‫كلي‪ ،‬كالباطل ما أجمعوا على بطبلنو كنكاح المعتدة‪.‬‬

‫كيرادفو الباطل إال عند أبي حنيفة فيغاير بينهما‪ ،‬إذ الفاسد عنده ما شرع بأصلو كمنع‬
‫قمح كدرىم‪ ،‬فبيع مد بمد صحيح مشركع بأصلو فلو رفع‬
‫بوصفو كبيع مد قمح بمد ً‬
‫الدرىم صح البيع نظرا إلى أصل مشركعيتو‪.‬‬

‫كقد خالفو جمهور العلماء فلم يفرقوا بينهما‪ .‬قاؿ في مراقي السعود‪:‬‬
‫كقابل الصحة بالبطبلف ‪ ...‬كىو الفساد عند أىل الشاف‬
‫كخالف النعماف فالفساد ‪ ...‬ما نهيو بالوصف يستفاد‬

‫الرخصة كالعزيمة‬
‫العزيمة لغة‪ :‬القصد المؤكد‪.‬‬

‫كمنو قولو تعالى(فىػنى ًس ىي ىكلى ٍم نى ًج ٍد لىوي ىع ٍزنما) ‪ ،‬أم‪ :‬قصدان بليغا متأكدان في العصياف‪.‬‬
‫كعزائم اللاو‪ :‬فرائضو التي أكجبها اللاو كأمرنا بها‪ .‬كأكلوا العزـ من الرسل‪ :‬ىم الذين‬
‫عزموا على إمضاء أمر اهلل فيما عهد إليهم‪ ،‬كسموا بذلك لتأكد قصدىم في طلب‬
‫الحق‪.‬‬

‫كاصطبلحان‪ :‬الحكم الثابت بدليل شرعي خاؿ من معارض راجح كتحريم الزنا في‬
‫المنهيات ككجوب الصبلة في المأمورات‪.‬‬

‫قولو‪ " :‬الحكم الثابت "‪ :‬أخرج الحكم غير الثابت كالمنسوخ‪ ،‬فبل يسمى عزيمة؛‬
‫حيث إنو لم يبق مشركعا أصبلن‪ .‬كىذه العبارة كىي‪ " :‬الحكم الثابت " عاـ كشامل‬
‫لجميع األحكاـ التكليفية ؛ ألف ا‬
‫كبل منها حكم ثابت‪.‬‬
‫قولو‪ " :‬بدليل شرعي "‪ :‬أخرج ما ثبت بدليل عقلي‪ ،‬فإف ذلك ال يستعمل فيو العزيمة‪.‬‬
‫قولو‪ " :‬خاؿ عن معارض "‪ :‬أخرج ما ثبت بدليل شرعي‪ ،‬كلكنو معارض بدليل مساك‪،‬‬
‫أك دليل راجح؛ ألنو إف كاف المعارض مساكيا لزـ الوقف‪ ،‬كح ً‬
‫ينئذ يجب طلب المرجح‬
‫الخارجي‪.‬‬
‫قولو‪ " :‬راجح "‪ :‬أخرج الرخصة؛ ألف الرخصة حكم ثابت على خبلؼ الدليل لمعارض‬
‫راجح كىو العذر ‪ -‬فمثبلن‪ " :‬تحريم الميتة " حكم ثابت من غير مخالفة دليل شرعي‪،‬‬
‫ضطيار‬‫فإذا كجدت المخمصة حصل المخالف لدليل التحريم‪ ،‬كىو قولو تعالى‪( :‬فى ىم ًن ا ٍ‬
‫يم) ‪ ،‬كىو راجح على دليل التحريم‪،‬‬ ‫ف ًًإلثٍ وم فىًإ اف اللاو غى يف ً‬
‫ص وة غىٍيػر متى ىجانً و‬ ‫ً‬
‫ور ىرح ه‬
‫ى ه‬ ‫في ىم ٍخ ىم ى ى ي‬
‫ت ىعلىٍي يك يم ال ىٍم ٍيتىةي) ‪ ،‬كذلك لحفظ النفس‪ ،‬فجاز األكل من الميتة‬ ‫(حرىم ٍ‬
‫كىو قولو‪ :‬ي‬
‫كحصلت الرخصة؛ ألف مصلحة إحياء النفس‪ ،‬كالمحافظة عليها مقدمة على مفسدة‬
‫الميتة كما فيها من الخبث‪.‬‬

‫كالرخصة لغة‪ :‬اللين كالسهولة يقاؿ شيء رخص‪ :‬أم لين‪.‬‬


‫كاصطبلحان‪ :‬ما ثبت على خبلؼ دليل شرعي لمعارض راجح‪ ،‬كتيمم المريض لمرضو‬
‫مع كجود الماء كأكل الميتة عند االضطرار‪.‬‬
‫فالتيمم ثبت على خبلؼ دليل شرعي كىو قولو تعالى‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم‬
‫إلى الصبلة فاغسلوا كجوىكم} اآلية‪ .‬لمعارض راجح كىو قولو تعالى‪{ :‬كإف كنتم‬
‫مرضى أك على سفر} اآلية‪ .‬ككذلك أكل المضطر للميتة على خبلؼ دليل شرعي ىو‬
‫قولو تعالى‪{ :‬حرمت عليكم الميتة} كقد أجيز لدليل راجح عليو كىو قولو تعالى‪:‬‬
‫{فمن اضطر في مخمصة} اآلية‪ .‬فدفعو بأكل الميتة عن نفسو الجوع المفضي إلى‬
‫الهبلؾ أرجح ببل شك من مطلق تضرره بخبثها‪.‬‬

‫من المسائل المهمة في ىذا المبحث‪ :‬ىل الرخصة كالعزيمة من أقساـ الحكم‬
‫التكليفي أك من أقساـ الحكم الوضعي؟ قوالف لؤلصوليين ك الراجح ىو أنهما من‬
‫الحكم الوضعي ك ىذا االختيار اآلمدم‪ ،‬كالغزالي‪ ،‬كالشاطبي‪ ،‬كابن قدامة‪،‬‬
‫كاألنصارم‪ .‬فالرخصة في حقيقة أمرىا ىي كضع الشارع كصفا معينان سببا في التخفيف‪،‬‬
‫كالعزيمة ىي‪ :‬اعتبار مجارم العادات سبباى لؤلخذ باألحكاـ األصلية العامة‪ ،‬كالسبب‬
‫حكم كضعي‪.‬‬
‫كالقوؿ الثاني‪ :‬أنهما من أقساـ الحكم التكليفي ألف األكؿ ‪ :‬اسم لما طلبو الشارع أك‬
‫أباحو على كجو العموـ كالرخصة ‪ :‬اسم لما أباحو الشارع عند الضركرة تخفيفا عن‬
‫المكلفين كدفعا للحرج عنهم ‪ ،‬كالطلب كاإلباحة من أقساـ الحكم التكليفي ‪...‬‬
‫ك األصل في الرخصة ‪ :‬اإلباحة ‪ ،‬فهي تنقل الحكم األصلي من اللزكـ إلي التخيير‬
‫بين الفعل كالترؾ ‪ ،‬كمثل ىذا ‪ :‬الفطر في رمضاف للمسافر كالمريض ‪ ،‬فلكل منهما‬
‫اإلفطار عمبل بالرخصة ‪ ،‬كالصياـ عمبل بالعزيمة إذا لم يضرىما الصوـ ‪.‬‬
‫كقد يكوف األخذ بالعزيمة أكلي مع إباحة األخذ بالرخصة ‪ ،‬كمن ىذا النوع ‪ :‬إباحة‬
‫إجراء لفظ الكفر على اللساف ‪ ،‬مع اطمئناف القلب ‪ ،‬عند اإلكراه عليو بالقتل أك تلف‬
‫العضو ‪ ،‬كلكن األكلي ‪ :‬األخذ بالعزيمة ‪ ،‬لما في ذلك من إظهار االعتزاز بالدين ‪،‬‬
‫كالصبلبة بالحق ‪ ،‬كإغاظة الكافرين ‪ ،‬كإضعاؼ نفوسهم ‪،‬كتقوية معنويات المؤمنين ‪.‬‬
‫فوائد متنوعة ‪:‬‬
‫الفائدة األكلى‪:‬‬
‫لم يذكر المؤلف األداء كالقضاء كاإلعادة كىي من توابع الحكم الوضعي فاألداء‪ :‬ىو‬
‫فعل العبادة في كقتها المحدد لها شرعان‪.‬‬
‫كأما القضاء‪ :‬فهو فعلها خارج كقتها المحدد لها شرعان‪ ،‬ك اختلف العلماء في فعل‬
‫قضاء؟ فقيل‪ :‬يسمى أداء‬
‫أداء أك ن‬
‫بعضها في الوقت كبعضها خارج الوقت‪ :‬ىل يسمى ن‬
‫باعتبار بدايتها‪ ،‬كقيل‪ :‬يسمى قضاء باعتبار نهايتها‪ ،‬كقيل‪ :‬ما في الوقت أداء‪ ،‬كما كاف‬
‫خارجو قضاء‪.‬‬
‫كأما اإلعادة‪ :‬فهي فعل العبادة ثانيان لخلل أك طلبان لؤلجر‪.‬‬
‫أم‪ :‬بعد فعلها أكالن لخلل حصل فيها‪ ،‬كمن صلى إلى غير القبلة‪ ،‬فتلك الصبلة األكلى‬
‫التي فعلها باطلة‪ ،‬فيصلها إلى القبلة في الوقت إعادة‪ ،‬كما كاف منها لغير خلل كطلب‬
‫األجر‪ ،‬كمن صلى منفردان ثم كجد جماعة في الوقت فأعاد تلك الصبلة مع الجماعة‪،‬‬
‫ليس ألف صبلتو األكلى باطلة‪ ،‬بل طلبان لزيادة األجر‪ ،‬فهذه إذان ىي اإلعادة‪ ،‬كىذه ىي‬
‫أقساـ متعلق الخطاب الوضعي التابعة‪.‬‬
‫الفائدة الثانية‪:‬‬
‫جرت عادة األصوليين تعريف مصطلحات خمسة ك ىي العلم كالجهل بنوعيو ك الظن‬
‫ك الشك كالوىم‪:‬‬
‫فالعلم ىو إدراؾ الشيء على ما ىو عليو إدراكان جازمان؛كإدراؾ أف النار محرقة‬
‫كيسمى «الجهل البسيط»‪ ،‬مثل‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬إدراؾ الشيء»؛ عدـ اإلدراؾ بالكلية ٌ‬
‫أف ييسأؿ‪ :‬متى فرضت الصلوات الخمس؟ فيقوؿ‪ :‬ال أدرم‪.‬‬
‫كيسمى‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬على ما ىو عليو»؛ إدراكو على كجو يخالف ما ىو عليو‪ٌ ،‬‬
‫«الجهل المركب»‪ ،‬مثل أف ييسأؿ‪ :‬متى فرضت الصلوات الخمس؟ فيقوؿ‪:‬في السنة‬
‫الخامسة للهجرة‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬إدراكان جازمان»؛ إدراؾ الشيء إدراكان غير جازـ‪ ،‬بحيث يحتمل عنده أف‬
‫يكوف على غير الوجو الذم أدركو‪ ،‬فبل يسمى ذلك علمان‪ .‬ثم إف ترجح عنده أحد‬
‫االحتمالين فالراجح ظن كالمرجوح ىكىم‪ ،‬كإف تساكل األمراف فهو شك‪.‬‬
‫كبهذا تبيٌن أف تعلق اإلدراؾ باألشياء كاآلتي‪:‬‬
‫ُ ‪ -‬علم؛ كىو إدراؾ الشيء على ما ىو عليو إدراكان جازمان‪.‬‬
‫ِ ‪ -‬جهل بسيط؛ كىو عدـ اإلدراؾ بالكلية‪.‬‬
‫ّ ‪ -‬جهل مركب؛ كىو إدراؾ الشيء على كجو يخالف ما ىو عليو‪.‬‬
‫ْ ‪ -‬ظن‪ ،‬كىو إدراؾ الشيء مع احتماؿ ضد مرجوح‪.‬‬
‫ٓ ‪ -‬كىم‪ ،‬كىو إدراؾ الشيء مع احتماؿ ٍّ‬
‫ضد راجح‪.‬‬
‫ٔ ‪ -‬شك‪ ،‬كىو إدراؾ الشيء مع احتماؿ ٍّ‬
‫ضد مساك‪.‬‬

‫أقساـ اللفظ من حيث الداللة‬

‫لما فرغ المؤلف من بياف الحكم الشرعي كأقسامو شرع في توضيح أقساـ اللفظ من‬
‫حيث داللتو على المعنى فيقوؿ‪:‬‬

‫اللفظ من حيث ىو داؿ على المعنى لو حاالت‪:‬‬


‫ُ‪ /‬أال يحتمل إال معنى كاحدا كقولو تعالى‪{ :‬تلك عشرة كاملة} ‪.‬‬
‫كقولو‪{ :‬فتم ميقات ربو أربعين ليلة} كمثل ىذا يسمى "نصان" مأخوذ من منصة العركس‬
‫كمعناه في اللغة الرفع‪.‬‬

‫النص ىو‪ :‬اللفظ الذل يفيد معناه بنفسو من غير احتماؿ‪ ،‬كما في المثاؿ الذم ذكره‬
‫ش ىرةه ىك ًاملىةه)‪ ،‬كقولو‪{ :‬فتم ميقات ربو أربعين ليلة} كقولو تعالى‪:‬‬ ‫المؤلف‪( :‬تًل ى‬
‫ٍك ىع ى‬
‫ىح ال اللاوي الٍبىػ ٍي ىع ىك ىح ارىـ الربىا) كقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬أطعموا الجدات‬
‫(كأ ى‬
‫ى‬
‫السدس "‪ ،‬فهذه النصوص تفيد معانيها بدكف أم قرينة‪ ،‬كال تحتمل أم معنى آخر كلو‬
‫كاف ضعيفان‪.‬‬
‫كقولو ‪" :‬نصان مأخوذ من منصة العركس" فيو نظر ليس كذلك‪ ،‬بل كبلىما مشتق من‬
‫ص)‬
‫النص ك ىو لغة‪ :‬ييطلق على اإلسراع في السير‪ ،‬كمنو حديث‪( :‬إذا كجد فرجة ن ا‬
‫أم‪ :‬أسرع‪ ،‬كييطلق على الرفع‪ ،‬كمنو‪ :‬المنصة‪ ،‬كىي‪ :‬المكاف المرتفع الذم يرتفع عليو‬
‫المتكلم‪ ،‬كمنو قوؿ امرئ القيس‪ :‬كجيد كجيد الريم ليس بفاحش إذا ىي نصتو كال‬
‫بمعطل أم‪ :‬رفعتو‪ ،‬كمنو قولهم‪ :‬كنص الحديث إلى أىلو فإف السبلمة في نصو أم‪ :‬في‬
‫رفعو إلى قائلو كنسبتو إليو‪.‬‬
‫غيره‪ ،‬ىذا في اصطبلح المتكلمين‪.‬‬
‫كالنص في االصطبلح‪ :‬ما أفاد معنى ال يحتمل ى‬
‫كالمتكلموف يقسموف الكبلـ إلى‪ :‬كاضح الداللة‪ ،‬كخفي الداللة‪.‬‬
‫فواضح الداللة‪ ،‬ينقسم إلى قسمين ىما‪ :‬النص كالظاىر‪.‬‬
‫كخفي الداللة‪ ،‬ينقسم إلى قسمين ىما‪ :‬المجمل كالمتشابو‪.‬‬
‫سر‪ ،‬كالمبيان‪ ،‬كالنص‪،‬‬
‫‪ -‬كالحنفية يقسموف كاضح الداللة إلى أربعة أقساـ ىي‪ :‬المف ا‬
‫كالظاىر‪.‬‬
‫‪ -‬كيقسموف خفي الداللة إلى أربعة أقساـ‪ :‬الخفي‪ ،‬كالمجمل‪ ،‬كالمشكل‪ ،‬كالمتشابو‪.‬‬
‫اصطبلح‪.‬‬
‫ه‬ ‫ككل ىذا‬
‫ك يقوؿ الجويني في الورقات‪[ :‬كقيل‪ :‬ما تأكيلو تنزيلو]انتهى أم‪ :‬على ما جاء عليو‪.‬‬
‫فالتأكيل بمعنى‪ :‬بركزه إلى العياف‪ ،‬بعد أف كاف خفيان‪ ،‬كقد قاؿ ابن ركاحة رضي اهلل عنو‪:‬‬
‫خلوا بني الكفار عن سبيلو نحن ضربناكم على تنزيلو كاليوـ نضربكم على تأكيلو (نحن‬
‫ص ىد ىؽ اللاوي ىر يسولىوي ُّ‬
‫الرٍؤيىا‬ ‫ضربناكم على تنزيلو) كذلك عندما أنزؿ قوؿ اهلل تعالى‪{ :‬لىىق ٍد ى‬
‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ً‬
‫كس يك ٍم ىكيم ىقص ًر ى‬
‫ين ال‬ ‫ين يرءي ى‬ ‫اء اللاوي آمن ى‬
‫ين يم ىحلق ى‬ ‫ٍح ىر ىاـ إً ٍف ىش ى‬ ‫بًال ى‬
‫ٍحق لىتى ٍد يخلي ان ال ىٍم ٍسج ىد ال ى‬
‫تى ىخافيو ىف} [الفتح‪( . ]ِٕ:‬كاليوـ نضربكم على تأكيلو) كذلك عند تحققو بعمرة‬
‫القضاء‪ ،‬فقولو‪ :‬ما تأكيلو تنزيلو‪ ،‬أم‪ :‬أكؿ ما نزؿ نزؿ كاضحان ال خفاء فيو‪ ،‬فهذا الذم‬
‫يسمى بالمبين‪ ،‬كأما ما كاف تأكيلو بعد تنزيلو فهو المجمل‪.‬‬

‫ِ‪ /‬أف يحتمل أكثر من معنى على السواء كما في "قرء كعين "كيسمى "مجمبل"‪.‬‬

‫المجمل لغة‪ :‬المجموع‪ ،‬كمنو يقاؿ‪ " :‬أجملت الشيء إجماالن "‪ :‬جمعتو من غير‬
‫تفصيل‪.‬‬
‫كيطلق لغة ‪ -‬أيضان ‪ -‬على الخلط‪ ،‬كيطلق على المبهم‪ ،‬كيطلق على المحصل‪ ،‬كمنو‬
‫قولهم‪ " :‬جملت الشيء " إذا حصلتو‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المجمل اصطبلحا ىو‪ :‬ما لو داللة على معنيين ال مزية ألحدىما على اآلخر‬
‫بالنسبة إليو‪.‬‬
‫ك من أمثلتو كذلك ‪ :‬قولو تعالى (أ ٍىك يىػ ٍع يف ىو الا ًذم بًيى ًدهً عي ٍق ىدةي الن ىك ً‬
‫اح) فالذم بيده عقدة‬
‫النكاح مشترؾ بين أف يكوف الزكج‪ ،‬كىو رأم الجمهور‪ ،‬أك ىو الولي كىو رأم اإلماـ‬
‫مالك‪.‬‬
‫ك سيذكر المؤلف فصبل يوضح فيو المجمل‪.‬‬

‫ّ‪ /‬أف يحتمل أكثر من معنى كلكنو في أحدىا أرجح منو في غيره فالراجح يسمى‬
‫"ظاىران "‪ .‬كقولك "رأيت اليوـ أسدان " فهو محتمل للحيواف المفترس كللرجل الشجاع‬
‫كلكنو في األكؿ أرجح‪.‬‬
‫أكالن‪ :‬الظاىر لغة‪ :‬ىو الشاخص المرتفع‪ ،‬كالواضح المنكشف‪ ،‬كيطلق لغة على خبلؼ‬
‫اىر كالٍب ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اط ين)‬ ‫(ى ىو ٍاألى اك يؿ ىك ٍاآلخ ير ىكالظا ي ى ى‬ ‫الباطن‪ ،‬قاؿ تعالى‪ :‬ي‬
‫ثانيان‪ :‬الظاىر اصطبلحا‪ :‬ىو اللفظ الذم يحتمل معنيين ىو في أحدىما أظهر‪.‬‬
‫معناه إجماالن‪ :‬أف الظاىر ىو‪ :‬اللفظ الذم فهم منو السامع معنيين‪ ،‬كلكن رجح‬
‫اىر‪ :‬الٍو ً‬ ‫ً‬
‫اؿ‬‫اض يح‪ ،‬ىك يى ىو ىك ىما قى ى‬ ‫أحد ىذين المعنيين‪ ،‬دكف اآلخر‪ .‬قاؿ الزركشي‪« :‬فىالظا ي ى‬
‫اؿ الٍغى ىزالً ُّي‪ :‬يى ىو ال يٍمتىػ ىرد يد بىػ ٍي ىن أ ٍىم ىريٍ ًن‪ ،‬ىك يى ىو‬
‫اضي لىٍفظيوي ييػغٍنًي ىع ٍن تىػ ٍف ًسي ًرهً‪ .‬ىكقى ى‬ ‫يستىاذي كالٍ ىق ً‬
‫ٍاأل ٍ ى‬
‫ً‬ ‫فًي أ ً ً‬
‫وحةن‪،‬‬‫اد نة ىم ٍر يج ى‬ ‫ادةً غىٍي ًرهً إفى ى‬ ‫يل‪ :‬ىما ىد اؿ ىعلىى ىم ٍعننى ىم ىع قىػبيول ًو ًًإلفى ى‬ ‫ً‬
‫ىحدى ىما أىظ ىٍه ير‪ ،‬ىكق ى‬ ‫ى‬
‫ً ً ً‬ ‫ً‬
‫ج تى ٍحتىوي ىما ىد اؿ ىعلىى ال ىٍم ىجا ًز ال اراج ًح‪ ،‬ىكييطٍلى يق ىعلىى اللا ٍفظ الاذم ييفي يد ىم ٍعننى‪ ،‬ىس ىواءه‬ ‫فىانٍ ىد ىر ى‬
‫ادتىو ظى ً‬ ‫ً ً‬
‫اى ىرةه‬ ‫اص؟ ‪ ،‬فىًإ اف ىإر ى ي‬ ‫ج الن ُّ‬ ‫وحةن أ ٍىك لى ٍم ييػ ٍفد‪ .‬ىكل ىه ىذا يى ٍخ ير ي‬
‫اد نة ىم ٍر يج ى‬ ‫أىفى ى‬
‫اد ىم ىعوي غى ٍيػ يرهي إفى ى‬
‫اؿ ابٍن بػرىى و‬ ‫شافً ًع اي ىكا ىف يسمي الظا ً‬ ‫ً ًً‬
‫اف‪ :‬ىكلى ىعلاوي‬ ‫صا‪ .‬قى ى ي ى ٍ‬ ‫اى ىر نى ا‬ ‫يى‬ ‫اـ ال ا‬ ‫اـ‪ :‬أى اف ًٍ‬
‫اإل ىم ى‬ ‫‪.‬كنىػ ىق ىل ًٍ‬
‫اإل ىم ي‬ ‫بنىػ ٍفسو ى‬
‫اص ًع ٍن ىدهي يىػ ٍنػ ىق ًس يم‬‫صةي‪ .‬ىكالن ُّ‬ ‫ور‪ ،‬ىكًم ٍنوي ال ًٍمنى ا‬ ‫ص ليغىةن يى ىو الظُّ يه ي‬ ‫م‪ ،‬فىًإ اف النا ا‬ ‫لى ىم ىح فً ًيو ال ىٍم ٍعنىى اللُّغى ًو ا‬
‫اص ال ا ً‬ ‫اى ًر‪ ،‬ىكإًلىى ىما ىال يىػ ٍقبىػليوي‪ ،‬ىك يى ىو الن ُّ‬ ‫ؼ لًلظا ً‬ ‫يل‪ .‬ىك ىى ىذا يم ىر ًاد ه‬
‫يح‪».‬‬ ‫صح ي‬ ‫إلىى ىما يىػ ٍقبى يل التاأٍ ًك ى‬

‫ْ‪ /‬كإف حمل على المعنى المرجوح فهو المؤكؿ كحمل لفظ "األسد" على الرجل‬
‫الشجاع كما في المثاؿ السابق‪ .‬كالبد في حملو على المعنى المرجوح من قرينة كإال‬
‫كاف باطبل‪.‬‬

‫التأكيل لغة مأخوذ من آؿ‪ ،‬يؤكؿ‪ ،‬أم‪ :‬رجع‪ ،‬كالتأكيل آخر األمر‪ ،‬كعاقبتو‪ ،‬يقاؿ‪ :‬إلى‬
‫أم شيء مآؿ ىذا األمر‪ ،‬أم‪ :‬مصيره كعقباه‪ ،‬كيقاؿ‪ :‬تأكؿ فبلف اآلية الفبلنية‪ ،‬أم‪:‬‬
‫نظر ما يؤكؿ إليو معناىا‪.‬‬
‫التأكيل اصطبلحا ىو‪ :‬حمل اللفظ على غير مدلولو الظاىر منو مع احتمالو لو بدليل‬
‫يعضده‪.‬‬
‫معناه إجماالن‪ :‬أف يكوف اللفظ يحتمل معنيين‪ :‬معنى راجح‪ ،‬كمعنى مرجوح‪ ،‬فثبت لدل‬
‫المجتهد دليل يعضد كيقوم المعنى المرجوح‪ ،‬فيحمل المجتهد اللفظ على المعنى‬
‫المرجوح كيعمل بذلك‪ ،‬كال يعمل بالمعنى الذم ا‬
‫دؿ عليو الظاىر؛ ألنو صار مرجوحا‪،‬‬
‫كىذا ىو التأكيل الصحيح‪.‬‬

‫ككجو الحصر في ىذه األقساـ‪ :‬أف اللفظ إما أف يحتمل معنى كاحدان فقط أك أكثر‬
‫فاألكؿ النص‪ ،‬كالثاني إما أف يكوف في أحد المعنيين أك المعاني أظهر منو في غيره‬
‫أكال بأف يكوف على السواء فاألكؿ الظاىر كمقابلو المؤكؿ كالثاني المجمل‪.‬‬

‫بعدما بين المؤلف حاالت اللفظ من حيث المعنى شرع في تبيين حكم ىذه األقساـ‬
‫فقاؿ ‪:‬‬

‫حكم ىذه األقساـ‬


‫ُ‪ -‬ال يعدؿ عن النص إال بنسخ‪.‬‬
‫ِ‪ -‬ال يعمل بالمجمل إال بعد البياف‪.‬‬
‫ّ‪ -‬ال يترؾ الظاىر كينتقل إلى المؤكؿ إال لقرينة قوية تجعل الجانب المرجوح راجحان‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬لفظ " الجار" في حديث " الجار أحق بصقبو " فإنو راجح في المجاكر مرجوح‬
‫في الشريك فحملو الحنابلة على الشريك مع أنو مرجوح لقرينة قوية كىي قولو صلى‬
‫اهلل عليو كسلم‪" :‬فإذا ضربت الحدكد كصرفت الطرؽ فبل شفعة " فقالوا‪ :‬ال ضرب‬
‫لحدكد كال صرؼ لطرؽ إال في الشركة أما الجيراف فكل على حدكده كطرقو‪ ،‬كلهذا‬
‫قالوا‪ :‬ال شفعة لجار‪.‬‬

‫لخص المؤلف أحكاـ النص كالظاىر ك المؤكؿ ك المجمل ‪ ،‬فبالنسبة لحكم النص‬
‫ينبغي للمكلاف أف يصير إلى معناه‪ ،‬كأف يعمل بالحكم الذم ا‬
‫دؿ عليو كال يتركو إال إذا‬
‫ثبت ناسخ لو‪ ،‬فهنا يترؾ المنسوخ كيعمل بالناسخ‪ .‬كأما الظاىر فحكمو كذلك أف‬
‫دؿ عليو من‬
‫يصير المكلف إلى معناه الظاىر لو‪ ،‬كالراجح عنده‪ ،‬فيجب العمل بما ٌ‬
‫األحكاـ‪ ،‬كال يجوز ترؾ ذلك المعنى الراجح كالظاىر إال إذا قاـ دليل صحيح على‬
‫تأكيلو‪ ،‬أك تخصيصو‪ ،‬أك نسخو‪ .‬ك أما التأكيل فمقبوؿ ك معموؿ بو إذا تحقق مع‬
‫شركطو‪ ،‬كلم يزؿ العلماء في كل عصر من عهد الصحابة ‪ -‬رضي اللاو عنهم ‪ -‬إلى‬
‫زماننا ىذا عاملين بو من غير أف ينكر عليهم أحد‪.‬‬
‫ك بالنسبة للفظ المجمل‪ :‬يجب أف نتوقف فيو‪ ،‬فبل يجوز العمل بو حتى يأتي دليل‬
‫خارجي يدؿ على أف المراد ىو أحد المعنيين‪ ،‬كذلك ألف اللفظ المتردد بين معنيين ال‬
‫يخلو‪ :‬إما أف يراد كل كاحد منهما معا‪ ،‬كىذا باطل؛ ألنو يستحيل أف نعمل بمعنيين كل‬
‫كاحد منهما ضد اآلخر‪ .‬كإما أف ال يراد كل كاحد منهما‪ ،‬كىذا باطل؛ ألنو يؤدم إلى‬
‫خلو اللفظ عن المعنى‪ ،‬ك ىذا ال يتكلم بو العقبلء‪ .‬كإما أف يراد أحد المعنيين دكف‬
‫اآلخر كىو الصحيح‪ ،‬لكننا ال نعرؼ المعنى المراد ‪ -‬من ىذين المعنيين ‪ -‬إال بدليل‬
‫خارجي‪.‬‬

‫المجمل كالمبين‬
‫(ُ) المجمل‬
‫تعريفو‪ :‬أ‪ -‬لغة‪ :‬ىو ما جمع كجملة الشيء مجموعو كجملة الحساب‪.‬‬
‫ب‪ -‬كاصطبلحان‪ :‬ما احتمل معنيين أك أكثر من غير ترجح ألحدىما أك أحدىا على‬
‫غيره‪.‬‬
‫األمثلة‪ :‬من ذلك لفظ القرء‪ ،‬فهو متردد بين معنيين على السواء‪ :‬الطهر كالحيض‬
‫بدكف ترجح ألحدىما على اآلخر كلهذا التردد كقع الخبلؼ في المراد بالقرء في قولو‬
‫تعالى‪{ :‬كالمطلقات يتربصن بأنفسهن ثبلثة قركء} فحملو الشافعي كمالك على‬
‫الطهر‪ ،‬كأبو حنيفة كأحمد حمبله على "الحيض "‪.‬‬

‫قاؿ اإلماـ الشيرازم في اللمع ‪ «:‬كأما المجمل فهو ما ال يعقل معناه من لفظو كيفتقر‬
‫في معرفة المراد إلى غيره كذلك على كجوه‪:‬‬
‫{كآتيوا ىح اقوي يىػ ٍوىـ‬
‫منها أف يكوف اللفظ لم يوضع للداللة على شيء بعينو كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ادهً} ككقولو صلى اهلل عليو كسلم‪" :‬أمرت أف أقاتل الناس حتى يقولوا ال إلو إال‬ ‫حص ً‬
‫ى ى‬
‫اهلل فإذا قالوىا عصموا مني دماءىم كأموالهم إال بحقها" فإف الحق مجهوؿ الجنس‬
‫كالقدر فيفتقر إلى البياف‪ .‬كمنها أف يكوف اللفظ في الوضع مشتركا بين شيئين كالقرء‬
‫يقع على الحيض كيقع على الطهر فيفتقر إلى البياف‪ .‬كمنها أف يكوف اللفظ موضوعا‬
‫لجملة معلومة إال أنو دخلها استثناء مجهوؿ كقولو عز كجل‪{ :‬أ ً‬
‫يحلا ٍ‬
‫ت لى يك ٍم بى ًهي ىمةي‬
‫ص ٍي ًد} فإنو قد صار مجمبل بما دخلو من‬ ‫ٍاألىنٍػ ىع ًاـ إًاال ىما ييػ ٍتػلىى ىعلىٍي يك ٍم غىٍيػ ىر يم ًحلي ال ا‬
‫االستثناء‪ .‬كمن ىذا المعنى العموـ إذا علم أنو مخصوص كلم يعلم ما خص منو فهذا‬
‫أيضا مجمل ألنو ال يمكن العمل بو قبل معرفة ما خص منو‪ .‬كمن ذلك أيضا أف يفعل‬
‫رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم فعبل يحتمل كجهين احتماال كاحدا مثل ما ركم أنو‬
‫جمع في السفر فإنو مجمل ألنو يجوز أف يكوف في سفر طويل أك في سفر قصير فبل‬
‫يجوز حملو على أحدىما دكف اآلخر إال بدليل‪ .‬ككذلك إذا قضى في عين تحتمل‬
‫حالين احتماال كاحدا مثل أف يركم أف الرجل أفطر فأمره النبي صلى اهلل عليو كسلم‬
‫بالكفارة فهو مجمل فإنو يجوز أف يكوف أفطر بجماع كيجوز أف يكوف أفطر بأكل فبل‬
‫يجوز حملو على أحدىما دكف اآلخر إال بدليل فهذه الوجوه ال يختلف المذىب في‬
‫إجمالها كافتقارىا إلى البياف‪ ».‬انتهى كبلمو‪.‬‬

‫أنواع اإلجماؿ‬

‫بعد تعريف المؤلف للمجمل شرع في بياف أنواعو فقاؿ ‪:‬‬

‫قد يكوف اإلجماؿ في مركب أك مفرد‪ ،‬كالمفرد يكوف اسمان أك فعبلن أك حرفان‪ ،‬كقد‬
‫يكوف الختبلؼ في تقدير حرؼ محذكؼ‪.‬‬

‫كقد يكوف بسبب التردد في مرجع الضمير كبسبب التصريف في اللفظ ك التخصيص‬
‫بالشيء المجهوؿ‪.‬‬

‫األمثلة‪ /ُ :‬اإلجماؿ في المركب كقولو تعالى‪{ :‬إال أف يعفوف أك يعفو الذم بيده‬
‫عقدة النكاح} ‪ .‬الحتماؿ أف يكوف الزكج كأف يكوف الولي‪ .‬كلذا حملو أحمد‬
‫كالشافعي على الزكج؛ كحملو مالك على الولي‪.‬‬
‫ِ‪ /‬ا ًإلجماؿ في المفرد‪:‬‬
‫أ‪/‬اإلجماؿ في االسم‪ :‬تقدـ منو لفظ "القرء" كمثلو لفظ "العين " للجارحة كالجارية‬
‫كالنقد‪.‬‬

‫ك ىنا يحسن أف ننبو على أمور منها‪ :‬االشتراؾ في اللفظ المفرد ‪ -‬عند القائلين بامتناع‬
‫تعميمو ‪.-‬‬
‫كاللفظ المشترؾ قد يكوف بين معنيين مختلفين مثل لفظ " العين "‪ ،‬فإنو متردد بين‬
‫معاف كثيرة‪ ،‬فهي تطلق على الشمس‪ ،‬كعين اإلركاء‪ ،‬كالذىب‪ ،‬كغيرىا‪.‬‬
‫كقد يكوف اللفظ مشتركا بين معنيين متضادين مثل لفظ‪ " :‬القرء " فإنو متردد بين "‬
‫الحيض " ك " الطهر "‪ ،‬كلفظ " الشفق " فإنو متردد بين " البياض " ك " الحمر‪." :‬‬

‫ب‪ /‬ا ًإلجماؿ في الفعل‪ :‬كقولو تعالى‪{ :‬كالليل إذا عسعس} لتردده بين أقبل كأدبر‪.‬‬

‫ك مثالو كذلك مثاؿ ذلك‪ :‬أف يفعل الرسوؿ ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬فعبلن يحتمل‬
‫كجهين متساكيين‪ ،‬كما ركم عنو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬أنو جمع بين الصبلتين‬
‫في السفر "‪ ،‬فإف ىذا مجمل؛ ألنو يجوز أف يكوف في سفر طويل أك سفر قصير‪ ،‬فبل‬
‫يجوز حملو على أحدىما دكف اآلخر إال بدليل‪.‬‬

‫جػ‪ /‬ا ًإلجماؿ في الحرؼ‪ :‬كقولو تعالى‪{ :‬فامسحوا بوجوىكم كأيديكم منو} الحتماؿ‬
‫من للتبعيض كالبتداء الغاية كلذا حملو أحمد كالشافعي على األكؿ‪ ،‬كحملو مالك كأبو‬
‫حنيفة على الثاني‪.‬‬
‫اس يخو ىف فًي ال ًٍعل ًٍم‬
‫ك من أمثلة اإلجماؿ في الحرؼ االشتراؾ في حرؼ الواك (كال ار ً‬
‫ى‬
‫يىػ يقوليو ىف) مترددة بين أف تكوف عاطفة كبين أف تكوف لبلبتداء‪.‬‬

‫ّ‪ /‬ا ًإلجماؿ بسبب الخبلؼ في تقدير الحرؼ المحذكؼ كقولو تعالى‪{ :‬كترغبوف أف‬
‫تنكحوىن} ‪ .‬ألف الحرؼ المقدر بعد ترغبوف يحتمل أف يكوف " في " أم ترغبوف في‬
‫نكاحهن لجمالهن‪ ،‬كيحتمل أف يكوف "عن " أم ترغبوف عن نكاحهن لفقرىن‬
‫كدمامتهن‪.‬‬

‫كمن أمثلة اإلجماؿ بسبب التردد في مرجع الضمير ما ثبت عن النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو‬
‫كسلم ‪ -‬أنو قاؿ‪ " :‬ال يمنعن جار جاره أف يغرز خشبة في جداره " فإف الضمير في‬
‫عبارة‪ " :‬جداره " يحتمل أف يعود إلى الغارز فيكوف المعنى‪ :‬ال يمنعو جاره أف يفعل‬
‫ذلك في جدار نفسو‪ ،‬كيحتمل أف يعود الضمير إلى الجار اآلخر فيكوف المعنى‪ :‬ال‬
‫يمنعو جاره أف يغرز خشبة في جدار ذلك الجار‪ ،‬كىو ما رجحو أكثر العلماء لقوؿ أبي‬
‫ىريرة‪ " :‬ما لي أراكم عنها معرضين كاهلل ألرمين بها بين أظهركم " كلو كاف الضمير‬
‫عائدان إلى الغارز نفسو لما ذكر ذلك‪.‬‬
‫ك أما بالنسبة لئلجماؿ بسبب التصريف في اللفظ فيمكن أف نمثل لو بلفظ " المختار‬
‫"‪ ،‬فإف ىذا اللفظ متردد بين من كقع عليو االختيار كبين من كقع منو االختيار‪ ،‬أم‪:‬‬
‫أنك إذا سمعت عبارة " زيد المختار "‪ ،‬فبل تدرم ىل زيد ىو الذم اختار فيكوف‬
‫فاعبلن‪ ،‬أك زيد ىو الذم اختير فيكوف مفعوالن بو‪.‬‬
‫يقوؿ اإلماـ محمد األمين الشنقيطي‪« :‬كل فعل على كزف افتعل إذا كاف معتل العين أك‬
‫مضعفان يتحد اسم فاعلو كاسم مفعولو ألف الكسرة المميزة السم المفعوؿ كلتاىما‬
‫تسقط لبلعتبلؿ كالتضعيف مثالو في معتل العين‪ :‬المختار ‪ ،‬كالمصطاد ‪ ،‬كالمجتاب ‪،‬‬
‫كمثالو في المضعف المضطر كالمحتمل ‪ ،‬ككذلك كل صيغة ((فاعل مضعفة)) يستوم‬
‫لفظ اسم فاعلها ((كاسم مفعولها كما يستوم مضارعها المبني لفاعل كمضارعها المبني‬
‫للمفعوؿ ‪(( ،‬كمضار)) لهما ك ((مضار)) للفعلين‪ .‬كألجلو اختلف في إعراب كالدة في‬
‫قولو تعالى‪(( :‬ال تضار كالدة)) فقيل فاعل كقيل نائب فاعل‪ .‬ككذلك ((كاتب كشهيد))‬
‫في قولو تعالى‪(( :‬كال يضار كاتب كال شهيد)) ‪ ».‬انتهى‬
‫ك بخصوص اإلجماؿ بسبب التخصيص بالمجهوؿ‪ ،‬مثل إذا قيل‪ " :‬اقتلوا المشركين‬
‫إال بعضهم "‪ ،‬كذلك ألف العاـ إذا خص بمجهوؿ يصير الباقي محتمبلن‪ ،‬فكاف مجمبلن‪.‬‬

‫العمل في المجمل‪ :‬ينظر أكالن ىل ىناؾ قرائن أك مرجحات ألحد المعاني أكال فإف‬
‫كجدت عمل بها‪ ،‬كإال ترؾ االستدالؿ بو كلذا قيل‪ :‬إذا كجد االحتماؿ بطل‬
‫االستدالؿ‪.‬‬
‫(نصوص ليست مجملة)‬

‫ىذه المسائل التي ذكرىا المؤلف قد اختلف فيها األصوليوف بين حملها على اإلجماؿ‬
‫أك نفيو عنها ‪ ،‬ك قد رجح المؤلف أنها ليست مجملة كذكر سبب نفيو اإلجماؿ عنها‬
‫فقاؿ‪:‬‬

‫ا‪ /‬التحريم المضاؼ إلى األعياف كقولو تعالى‪{ :‬حرمت عليًكم أمهاتكم} كقولو‪:‬‬
‫{حرمت عليكم الميتة} ليست بمجمل لظهوره عرفاى في النكاح في األكؿ‪ ،‬كفي األكل‬
‫في الثاني‪.‬‬

‫يقوؿ اإلماـ الشيرازم يمبىػيٌنا مسائل المجمل التي اختلف فيها الشافعية ‪ «:‬كمنها‬
‫ت ىعلىٍي يك يم‬
‫{حرىم ٍ‬
‫األلفاظ التي علق التحليل كالتحريم فيها على أعياف كقولو تعالى‪ :‬ي‬
‫ال ىٍم ٍيتىةي} فقاؿ بعض أصحابنا‪ :‬إنها مجملة ألف العين ال توصف بالتحليل كالتحريم‬
‫كإنما الذم يوصف بذلك أفعالنا كأفعالنا غير مذكورة فافتقر إلى بياف ما يحرـ من‬
‫األفعاؿ مما ال يحرـ‪ ،‬كمنهم من قاؿ إنها ليست بمجملة كىو األصح ألف التحليل‬
‫كالتحريم في مثل ىذا إذا أطلق عقل منها التصرفات المقصودة في اللغة‪ ،‬أال ترل أنو‬
‫إذا قاؿ لغيره حرمت عليك ىذا الطعاـ عقل منو تحريم األكل كما عقل المراد من‬
‫لفظو لم يكن مجمبل‪ ».‬انتهى‪.‬‬

‫ِ‪ /‬قولو تعالى‪{ :‬كامسحوا برؤكسكم} ليس بمجمل بل ىو ظاىر في مسح جميع‬
‫الرأس ألف الرأس اسم للكل ال للبعض‪.‬‬
‫ّ‪ /‬قولو صلى اهلل عليو كسلم‪" :‬رفع عن أمتي الخطأ كالنسياف " ليس بمجمل إذ‬
‫المراد بو رفع المؤاخذة ألف ذات اخطأ كالنسياف‪ ،‬غير مرفوعة‪ .‬كضماف المتلف خطأ‬
‫أك نسيانان غير مرفوع إجماعان فلم يبق إال رفع المؤاخذة‪.‬‬

‫قاؿ أبو إسحاؽ الشيرازم في اللمع‪« :‬ككذلك اختلفوا في قولو صلى اهلل عليو كسلم‪:‬‬
‫"رفع عن أمتي الخطأ كالنسياف" فمنهم من قاؿ‪ :‬ىو مجمل ألف الذم رفعو ىو الخطأ‬
‫كذلك موجود فيجب أف يكوف المراد بها معنى غير مذكور فافتقر إلى البياف‪ ،‬كمنهم‬
‫من قاؿ غير مجمل ىو األصح ألنو معقوؿ المعنى في اللغة أال ترل أنو إذا قاؿ لعبده‬
‫رفعت عنك جنايتك عقل منو رفع المؤاخذة بكل ما يتعلق بالجناية من التبعات فدؿ‬
‫على أنو مجمل‪ ».‬انتهى‬

‫ْ‪ /‬قولو صلى اهلل عليو كسلم‪" :‬ال صبلة إال بطهور"‪" ،‬ال نكاح إال بولي"‪" ،‬ال صياـ‬
‫الصياـ من الليل" كنحو ذلك ليس بمجمل ألف المراد نفي الصحة‬‫ً‬ ‫لمن لم يبيت‬
‫كاالعتداد شرعا‪.‬‬
‫ٓ‪ /‬قولو صلى اهلل عليو كسلم‪" :‬ال عمل إال بنية" ليس بمجمل ألف العمل‪:‬‬
‫أ ‪ /‬إف كاف عبادة فالمراد فيو الصحة كاالعتداد شرعان‪.‬‬
‫ب‪ /‬كإف كاف معاملة فهو يصح كيعتد بو دكف النية إجماعان‪ ،‬كالنفي فيو ينصب على‬
‫انتفاء األجر‪ .‬فمن رد األمانة كالمغصوب مثبل ال يريد كجو اهلل فإف المطالبة تسقط‬
‫عنو كيصح فعلو كيعتد بو كلكن ال أجر لو‪ ،‬ككذلك جميع التركؾ‪.‬‬
‫قاؿ الشيرازم ‪« :‬ككذلك اختلفوا – يعني الشافعية ‪ -‬في األلفاظ التي تتضمن نفيا‬
‫كإثباتا كقولو صلى اهلل عليو كآلو كسلم‪" :‬إنما األعماؿ بالنيات" كقولو صلى اهلل عليو‬
‫كسلم‪" :‬ال نكاح إال بولي" كما أشبهو فمنهم من قاؿ‪ :‬إف ذلك مجمل ألف الذم نفاه‬
‫ىو العمل كالنكاح كذلك موجود فيجب أف يكوف المراد بو نفي صفة غير مذكورة‬
‫فافتقر إلى بياف تلك الصفة‪ ،‬كمنهم من قاؿ‪ :‬ليس بمجمل كىو األصح‪ ،‬ألف صاحب‬
‫الشرع ال ينفي كال يثبت المشاىدات كإنما ينفي كيثبت الشرعيات‪ ،‬فكأنو قاؿ‪ :‬ال‬
‫عمل في الشرع إال بنية كال نكاح في الشرع إال بولي كذلك معقوؿ من اللفظ فبل‬
‫يجوز أف يكوف مجمبل‪».‬انتهى‬

‫(ِ)‪ /‬المبين‬

‫بعدما ذكر المؤلف المجمل أتبعو بالمبين الرتباطهما ك كوف ىذا األخير كاشف عن‬
‫المراد باألكؿ فقاؿ ‪:‬‬

‫أ‪ /‬المبين "بالفتح " بمعنى البين الواضح كىو المقابل للمجمل ألنو المتضح معناه فبل‬
‫يفتقر إلى بياف من خارج‪ .‬كيسمى البياف أيضان‪.‬‬

‫سر‪ ،‬كىو‪:‬‬
‫المبيان ‪ -‬بفتح الياء ‪ :-‬اسم مفعوؿ من التبيين كىو‪ :‬الموضاح كالمف ا‬
‫اصطبلحان يطلق كيراد بو الخطاب المبتدأ المستغني عن البياف‪ ،‬كىو الواضح بنفسو‪.‬‬
‫كيطلق كيراد بو‪ :‬ما كقع عليو البياف مما احتاج إليو‪ ،‬كىو‪ :‬الواضح بغيره‪ ،‬يكيس امى ذلك‬
‫الغير مبينان‪.‬‬

‫ب‪ /‬كالمبين "بالكسر" على زنة اسم الفاعل ىو الموضح إلجماؿ المجمل‪.‬‬
‫كىو اصطبلحان‪ :‬الكاشف عن المراد من الخطاب‪ ،‬كعلى ىذا درج أكثر األصوليين‬
‫فخصوا البياف بإيضاح ما فيو من خفاء‪ .‬كمنهم من يطلقو على كل إيضاح سواء تقدمو‬
‫خفاء أـ ال‪.‬‬

‫كالبياف‪ :‬اسم مصدر بيان‪ .‬كىو اصطبلحان‪ :‬الدليل‪ ،‬كالدليل ىو‪ :‬ما يتوصل بصحيح‬
‫النظر فيو إلى مطلوب خبرم‪.‬‬
‫قاؿ ابن قدامة المقدسي ‪« :‬كاختلف في البياف فقيل‪ :‬ىو الدليل كىو ما يتوصل‬
‫بصحيح النظر فيو إلى علم أك ظن‪.‬كقيل‪ :‬ىو إخراج الشيء من اإلشكاؿ إلى الوضوح‬
‫ك قيل‪ :‬ىو ما دؿ على المراد بما يستقل بنفسو في الداللة على المراد‪ .‬كقد قيل‪:‬‬
‫ىذاف الحداف يختصاف بالمجمل كقد يقاؿ لمن دؿ على شيء بينو كىذا بياف حسن‬
‫كإف لم يكن مجمبل كالنصوص المعربة عن األحكاـ ابتداء بياف كليس ثم إشكاؿ كال‬
‫يشترط أيضا حصوؿ العلم للمخاطب فإنو يقاؿ بين لو غير أنو لم يتبين‪ »..‬ق‬
‫ك قاؿ صاحب أضواء البياف ‪« :‬حاصل ىذا الخبلؼ ىو‪ :‬ىل البياف يطلق على كل‬
‫إيضاح تقدمو خفاء أك ال ‪ ،‬أك ىو إيضاح ما فيو خفاء خاص‪ .‬كأكثر األصوليين على أف‬
‫البياف في االصطبلح األصولي ىو تصيير المشكل كاضحان» ق‬
‫ك لم يذكر المؤلف أقساـ المبين بفتح الياء كىي كاآلتي ‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬المبيان بنفسو‪ ،‬كىو‪ :‬الذم استقل بإفادة معناه بنفسو‪ ،‬أم‪ :‬من غير أف‬
‫ينضم إليو قوؿ أك فعل‪ ،‬يكيس امى بالواضح بنفسو‪ ،‬كىو نوعاف‪:‬‬
‫(كاللاوي بً يكل‬
‫النوع األكؿ‪ :‬أف تكوف إفادتو للمراد بسبب راجع إلى اللغة كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫يم)‪ ،‬فإف إفادتو شموؿ علمو تعالى جميع األشياء ثبت عن طريق اللغة من غير‬ ‫و ً‬
‫ىش ٍيء ىعل ه‬
‫توقف‪.‬‬
‫اسأ ًىؿ‬
‫(ك ٍ‬‫النوع الثاني‪ :‬أف تكوف إفادتو للمراد بسبب راجع إلى العقل كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫الٍ ىق ٍريىةى)‪ ،‬فاللغة اقتضت طلب السؤاؿ من القرية‪ ،‬كىو غير ممكن عقبلن‪ ،‬بل إف‬
‫المقصود ىو طلب السؤاؿ من أىل القرية؛ ألف األبنية ال يوجو إليها أسئلة‪ ،‬فتعين‬
‫المضمر من غير توقف‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬المبيٌن بغيره‪ ،‬كىو‪ :‬الذم ال يستقل بإفادة معناه‪ ،‬بل يفتقر إلى دليل يبينو‬
‫من قوؿ أك فعل‪ ،‬كذلك الدليل ييس امى مبينان‪.‬‬

‫ما يقع بو البياف‬


‫يقع البياف بالقوؿ تارة كبالفعل تارة كبهما معا كقد يكوف بترؾ الفعل ليدؿ على عدـ‬
‫الوجوب‪.‬‬
‫البياف بالقوؿ‪:‬‬
‫ُ‪ /‬كتاب بكتاب قاؿ تعالى‪{ :‬إال ما يتلى عليكم} فهذا مجمل بينو اهلل بقولو‪:‬‬
‫{حرمت عليكم الميتة كالدـ} اآلية‪.‬‬
‫ِ‪ /‬كتاب بسنة قاؿ تعالى‪{ :‬كآتوا حقو يوـ حصاده} فحقو مجمل بينو صلى اهلل عليو‬
‫كسلم بقولو‪" :‬فيما سقت السماء العشرة كفيما سقى بالنضح نصف العشر"‪.‬‬
‫البياف بالفعل‪:‬‬
‫أ‪ /‬يكوف بصورة العمل كصبلتو صلى اهلل عليو كسلم فوؽ المنبر ليبين للناس كلذا قاؿ‬
‫لهم‪" :‬صلوا كما رأيتموني أصلى"‪ .‬ككقطعو يد السارؽ من الكوع‪.‬‬

‫كىذا كاضح فالفعل كالقوؿ يحصل البياف بو كقد كقع ذلك في الشريعة؛ كيمكن أف‬
‫ت)‪ ،‬بين النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو‬ ‫ى‬ ‫(كلًلا ًو ىعلىى الن ً‬
‫ااس ًح ُّج الٍبػ ٍي ً‬
‫يمثل لو كذلك بقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫كسلم ‪ -‬كيفية الحج بفعلو‪.‬‬

‫ب‪ /‬كيكوف بالكتابة ككتابتو صلى اهلل عليو كسلم أسناف الزكاة لعمالو عليها‪.‬‬

‫ك جاء عن النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬أنو كتب إلى عمالو في الصدقات‪ ،‬ككتب‬
‫كتابان بعثو مع عمرك بن حزـ إلى أىل اليمن بين فيو الفرائض كالسنن كالديات‪.‬‬
‫كألف الكتابة تقوـ مقاـ القوؿ اللساني‪ ،‬كالجامع‪ :‬أف كبلن منهما يقوـ بتأدية الذم في‬
‫النفس‪.‬‬

‫جػ‪ -‬كيكوف باإلشارة كقولو‪" :‬الشهر ىكذا كىكذا كىكذا"‪ .‬كأشار بأصابع يديو كقبض‬
‫اإلبهاـ في الثالثة يعنى تسعة كعشرين يومان‪.‬‬
‫البياف بترؾ الفعل‪ :‬كتركو صلى اهلل عليو كسلم التراكيح في رمضاف بعد أف فعلها‬
‫ككتركو الوضوء مما مست النار‪ ،‬مما دؿ على عدـ الوجوب فيهما‪.‬‬

‫يحصل البياف بترؾ الفعل‪ ،‬حيث إف النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬إذا ترؾ فعل شيء‬
‫فإننا نستخلص من ذلك نفي كجوب الشيء‪ ،‬ألف النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬ال‬
‫يقع في فعلو محرـ‪ ،‬كال ترؾ كاجب‪.‬‬
‫ك يقع البياف كذلك بالمفهوـ ك ىو داللة اللفظ ال من حيث النطق بو فقد يكوف تنبيها‬
‫يؼ} فيدؿ على أف الضرب أكلى بالمنع كقد يكوف دليبل‬ ‫كقولو تعالى‪{ :‬فىبل تىػ يق ٍل لى يه ىما أ ٍّ‬
‫للخطاب كقولو صلى اهلل عليو كسلم‪" :‬في سائمة الغنم زكاة" فيدؿ على أنو ال زكاة في‬
‫المعلوفة‪.‬‬
‫ك قد ذكر بعض األصوليين أف السكوت يحصل بو البياف كذلك ك عللوا رأيهم ىذا‬
‫بأف النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم –لو سئل عن حكم حادثة‪ ،‬كسكت‪ :‬فإف سكوتو‬
‫يدؿ على أنو ال حكم للشرع في ىذه الحادثة‪ ،‬كىذا يعتبر بيانان لها؛ حيث إف النبي ‪-‬‬
‫يقر على الخطأ كىذا الرأم خاطئ ألف الشارع لو في كل‬
‫صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬ال ٌ‬
‫حادثة حكم ‪.‬‬
‫ك ليعلم طالب العلم أنو إذا اجتمع القوؿ كالفعل ككل كاحد منهما يصلح ألف يكوف‬
‫بيانان للمجمل‪ ،‬ككانا متفقين في الداللة على حكم معين‪ ،‬فإف أحدىما يكوف ىو‬
‫المبين‪ ،‬كاآلخر يكوف مؤكدان لو من غير تعيين؛ لحصوؿ المقصود بو‪.‬‬

‫مراتب البياف‪:‬‬
‫البياف ليس على مرتبة كاحدة كما سيوضح المؤلف بل مراتبو متفاكتة في القوة ‪ ،‬قاؿ‪:‬‬

‫مراتبو متفاكتة فأعبلىا ما كاف بالخطاب ثم بالفعل‪ :‬ثم باإلشارة‪ ،‬ثم بالكتابة كمعلوـ أف‬
‫الترؾ قصدان فعل‪.‬‬
‫تأخير البياف عن كقت الحاجة كإليو‬

‫بعدما بيٌن المؤلف مراتب البياف ذكر مسألة أخرل متعلقة بحكم تأخيره عن كقت‬
‫الحاجة ك إليو فقاؿ‪:‬‬

‫تأخير البياف على قسمين‪:‬‬


‫ُ‪ -‬تأخير إلى أف يأتي كقت العمل‪ ،‬فهذا جائز ككاقع فقد فرضت الصبلة ليلة‬
‫اإلسراء مجملة كتأخر بيانها إلى الغد حتى جاء جبريل كبينها‪ ،‬كقد علم رسوؿ اهلل‬
‫صلى اهلل عليو كسلم أف المراد بقولو تعالى في خمس الغنيمة‪{ :‬كلذم القربى} بنو‬
‫ىاشم كبنو عبد المطلب دكف إخوانهم من بنى نوفل كعبد شمس مع أف الكل أكالد‬
‫عبد مناؼ فأخر بيانو حتى سألو جبير بن مطعم النوفلي كعثماف بن عفاف العبشمي‬
‫رضي اهلل عنهما فقاؿ‪ :‬أنا كبنو المطلب لم نفترؽ في جاىلية كال في إسبلـ‪ ،‬ككذا‬
‫آيات الصبلة كالزكاة كالحج بينتها السنة بالتراخي كالتدريج‪ ،‬كيدؿ لذلك أيضان قولو‬
‫تعالى‪{ :‬فإذا قرأناه فاتبع قرآنو ثم إف علينا بيانو} ‪ .‬كثم للتراخي إلى غير ذلك من‬
‫األدلة‪.‬‬

‫أفادنا المؤلف أنو يجوز تأخير البياف عن كقت الخطاب إلى كقت الحاجة مطلقان‪ ،‬أم‪:‬‬
‫سواء كاف المراد بيانو لو ظاىر ييفهم كييعمل بو كالعاـ كالمطلق‪ ،‬أك ليس لو ظاىر‬
‫كالمجمل ك ىذا مذىب جمهور العلماء ك المذىب الثاني في المسألة‪ :‬أنو ال يجوز‬
‫تأخير البياف من كقت الخطاب إلى كقت الحاجة مطلقا‪ ،‬أم‪ :‬سواء كاف المراد بياف لو‬
‫ظاىر يفهم كيعمل كالعاـ كالمجمل‪ ،‬أك ليس لو ظاىر كالمجمل إال النسخ‪ -‬فقط ‪-‬‬
‫فيجوز فيو ذلك كىو مذىب بعض الحنفية‪ ،‬كبعض الشافعية ‪ -‬كنسب إلى الصيرفي‬
‫منهم ‪ -‬كىو مذىب جمهور الظاىرية‪ ،‬كجمهور المعتزلة‪ ،‬كبعض المالكية‪ ،‬كبعض‬
‫الحنابلة كغبلـ الخبلؿ ‪ -‬عبد العزيز بن جعفر ‪ -‬كأبي الحسن التميمي‪.‬لكن المذىب‬
‫األكؿ الذم اختاره المؤلف ىو األصح ك األرجح ك اهلل أعلم‬
‫ك استدؿ أصحاب القوؿ الثاني بأدلة منها أف الخطابات يراد بها تفهيم السامع‬
‫للمطلوب فيها لكي يعمل بها‪ ،‬كىذه ىي فائدتها‪ ،‬كالخطاب بالمجمل بدكف‬
‫توضيحو كبيانو خطاب بما ال يفهم‪ ،‬كالخطاب بما ال يفهم ال فائدة فيو‪ ،‬كما ال فائدة‬
‫فيو يكوف كجوده كعدمو‪ ،‬كىذا ىو العبث الذم يتنزه اهلل عن الكبلـ بو‪.‬ك ىذا‬
‫االستدالؿ فيو نظر فبل نسلم عدـ كجود الفائدة من الخطاب بالمجمل‪ ،‬حيث توجد‬
‫فائدة في الخطاب بو‪ ،‬كىي‪ :‬معرفة أف ىناؾ أمران أك نهيان في الشريعة؛ ليعرؼ بذلك‬
‫المكلف العازـ على امتثاؿ األمر الذم كرد في ىذا الخطاب المجمل‪ ،‬كالمكلف‬
‫العازـ على ترؾ المنهي عنو الوارد في المجمل إذا بيين لو‪ ،‬فالمكلف العازـ على الفعل‬
‫في حالة األمر‪ ،‬كالعازـ على الترؾ في حالة النهي ‪ -‬بعد البياف ‪ -‬يستحق الثواب‪،‬‬
‫كيسقط عنو العقاب‪.‬‬

‫ِ‪ /‬تأخير عن كقت الحاجة‪ ،‬فهذا ال يجوز ألنو يلزمو تكليف المخاطب بما ال يطيق‬
‫كىو غير جائز‪.‬‬

‫لقد اتفق العلماء على أنو ال يجوز تأخير البياف عن كقت الحاجة إلى تنفيذ العمل ‪-‬‬
‫كىو كقت كجوب العمل بالخطاب ‪-‬؛ لدليلين‪:‬‬
‫الدليل األكؿ‪ :‬أف تأخير البياف عن كقت الحاجة يعتبر تكليفا بما ال يطاؽ كىو‪ :‬ال‬
‫يجوز؛ حيث ال قدرة للمكلف ‪ -‬حينئذ ‪ -‬على االمتثاؿ‪.‬‬
‫الدليل الثاني‪ :‬أف كقت الحاجة كقت لؤلداء‪ ،‬فإذا لم يكن مبينا تعذر األداء‪ ،‬فالبياف ‪-‬‬
‫إذف ‪ -‬ضركرة من الضركريات التي ال بد منها‪ .‬مثل ما لو قاؿ‪ " :‬حجوا ىذا العاـ "‪،‬‬
‫ثم إذا جاء كقت الحج لم يبين لهم كيفية الحج كطريقتو‪.‬‬
‫كقد حكى إجماع العلماء على عدـ الجواز ‪ -‬ىنا ‪ -‬كثير من العلماء كابن السمعاني‪،‬‬
‫كالباجي‪ ،‬كالغزالى‪ ،‬كالسمرقندم‪ ،‬كابن قدامة‪ ،‬كغيرىم‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬لقد جرنا ىذا المبحث إلى الحديث عن التكليف بما ال يطاؽ‪.‬يقوؿ محمد‬
‫األمين الشنقيطي‪ « :‬اعلم أف حاصل تحقيق المقاـ في ىذه المسألة عند أىل األصوؿ‬
‫أف البحث فيها من جهتين‪ :‬األكلى‪ :‬من جهة الجواز العقلي‪ ،‬أم ىل يجوز عقبل أف‬
‫يكلف اهلل عبده بما ال يطيقو أك يمتنع ذلك عقبل‪.‬؟ الثانية‪ :‬ىل يمكن ذلك شرعان أك‬
‫ال؟ اعلم أف أكثر األصوليين على جواز التكليف عقبل بما ال يطاؽ‪ ،‬قالوا كحكمتو‬
‫ابتبلء اإلنساف‪ ،‬ىل يتوجو إلى االمتثاؿ كيتأسف على عدـ القدرة كيضمر أنو لو قدر‬
‫لفعل‪ ،‬فيكوف مطيعان هلل بقدر طاقتو‪ ،‬أك ال يفعل ذلك فيكوف حكم العاصي‪.‬‬
‫كمنهم من يقوؿ ال يلزـ ظهور الحكمة في أفعاؿ اهلل ألنهم يزعموف أف أفعالو ال تعلل‬
‫باألغراض كالحكم ‪،‬كأكثر المعتزلة كبعض أىل السنة منعوا التكليف بما ال يطاؽ ال‬
‫فائدة فيو فهو محاؿ عقبل‪ ،‬قالوا‪ :‬ألف اهلل يشرع األحكاـ لحكم كمصالح‪ ،‬كالتكليف‬
‫بما ال يطاؽ ال فائدة فيو فهو محاؿ عقبل‪ .‬أما بالنسبة إلى اإلمكاف الشرعي ففي‬
‫المسألة التفصيل المشار إليو آنفان كىو أف المستحيل أقساـ‪ .‬فالمستحيل عقبل‬
‫قسماف‪ :‬قسم مستحيل لذاتو كوجود شريك هلل سبحانو كتعالى عن ذلك علوان كبيران‪،‬‬
‫ككاجتماع النقيضين كالضدين في شيء كاحد من جهة كاحدة‪.‬‬
‫كيسمى ىذا القسم المستحيل الذاتي‪ ،‬كإيضاحو أف العقل إما أف يقبل كجود الشيء‬
‫فقط‪ ،‬أم كال يقبل عدمو أك يقبل عدمو فقط كال يقبل كجوده أك يقبلهما معان فإف قبل‬
‫كجوده فقط كال يقبل كجوده أك يقبلهما معان‪ ،‬فإف قبل كجوده فقط كلم يقبل عدمو‬
‫بحاؿ فهو الواجب الذاتي المعركؼ بواجب الوجود كذات اهلل جل كعبل‪ ،‬متصفان‬
‫بصفات الكماؿ كالجبلؿ‪ ،‬كإف قبل عدمو فقط دكف كجوده فهو المستحيل المعركؼ‬
‫بالمستحيل عقبل كوجود شريك هلل سبحانو كتعالى عن ذلك علوان كبيران‪.‬‬
‫كإف قبل العقل كجودكه كعدمو‪ ،‬فهو المعركؼ بالجائز عقبل كىو الجائز الذاتي كقدكـ‬
‫زيد يوـ الجمعة كعدمو‪ .‬فالمستحيل الذاتي أجمع العلماء على أف التكليف بو ال يصح‬
‫شرعان لقولو تعالى‪ " :‬ال يكلف اهلل نفسان اال كسعها "‪ ،‬كقولو تعالى‪ " :‬فاتقوا اهلل ما‬
‫استطعتم " كنحو ذلك من أدلة الكتاب كالسنة‪.‬‬
‫القسم الثاني من قسمي المستحيل عقبل ىو ما كاف مستحيبل ال لذاتو بل لتعلق علم‬
‫اهلل بأنو ال يوجد‪ ،‬ألف ما سبق في علم اهلل أنو ال يوجد مستحيل عقبل أف يوجد‬
‫الستحالة تغير ما سبق بو العلم األزلي كىذا النوع يسمونو المستحيل العرضي‪ ،‬كنحن‬
‫نرل أف ىذه العبارة ال تنبغي ألف كصف استحالتو بالعرض من أجل كونها بسبب تعلق‬
‫العلم األزلي ال يليق بصفة اهلل‪ ،‬فالذم ينبغي أف يقاؿ أنو مستحيل ألجل ما سبق في‬
‫علم اهلل من أنو ال يوجد كمثاؿ ىذا النوع إيماف أبي لهب فإف إيمانو بالنظر إلى مجرد‬
‫ذاتو جائز عقبل الجواز الذاتي ألف العقل يقبل كجوده كعدمو‪ ،‬كلو كاف إيمانو مستحيبل‬
‫عقبل لذاتو الستحاؿ شرعان تكليفو باإليماف مع أنو مكلف بو قطعان إجماعا‪ ،‬كلكن ىذا‬
‫الجائز عقبل الذاتي‪ ،‬مستحيل من جهة أخرل‪ ،‬كىى من حيث تعلق اهلل فيما سبق أنو ال‬
‫يؤمن الستحالة تغير ما سبق بو العلم األزلي‪ ،‬كالتكليف بهذا النوع من المستحيل كاقع‬
‫شرعان بإجماع المسلمين ألنو جائز ذاتي ال مستحيل ذاتي‪ ،‬كاألقساـ بالنظر إلى تعلق‬
‫العلم قسماف‪ :‬كاجب كمستحيل فقط‪ ،‬ألف العلم إما أف يتعلق بالوجود فهو كاجب أك‬
‫بالعدـ فهو مستحيل كال كاسطة‪ ،‬كالمستحيل العادل كتكليف اإلنساف بالطيراف إلى‬
‫السماء بالنسبة إلى الحكم الشرعي كالمستحيل العقلي‪ ...‬ىذا ىو حاصل كبلـ أىل‬
‫األصوؿ في ىذه المسألة‪ ،‬كاآلية ال دليل فيها على جواز التكليف شرعان بما ال يطاؽ‬
‫ألف المراد بما ال طاقة بو ىي اآلصار كاألثقاؿ التي كانت على من قبلنا‪ ،‬ألف شدة‬
‫مشقتها كثقلها تنزلها منزلة ما ال طاقة بو‪ ».‬ق‬

‫منزلة المبين من المبين‬


‫ال يشترط في المبين‪ -‬باسم الفاعل‪ -‬أف يكوف أقول سندان أك داللة من المبين‪ -‬باسم‬
‫المفعوؿ‪ -‬بل يجوز بياف المتواتر بأخبار اآلحاد‪ ،‬كالمنطوؽ بالمفهوـ‪.‬‬
‫ىذا الذم اختاره المؤلف ىو الراجح من أقواؿ األصوليين في ىذه المسألة ألف المبين‬
‫أكضح من المبيان في الداللة على المراد‪ ،‬فوجب العمل بالواضح كإف كاف أدنى من‬
‫المبيٌن أك مساكيا لو‪ ،‬أم‪ :‬أف اإلتياف بما يوضح المجمل كإف كاف أضعف منو من حيث‬
‫الثبوت؛ لرجحانو بوضوح داللتو‪ ،‬ككذلك العمل بمخصص العاـ كمقيد المطلق جمعا‬
‫بين الدليلين‪.‬‬
‫ك في المسألة أقواؿ أخرل منها ما اختاره جمهور الحنفية كعلى رأسهم أبو الحسن‬
‫الكرخي كوف المبين أقول من المبيان أك مساكيا لو‪ ،‬كال يجوز أف يكوف المبين أدنى من‬
‫المبيان‪ ،‬كذلك في بياف التغيير‪ -‬كىو التخصيص للعاـ ‪ .-‬أما بياف التفسير ‪ -‬كىو‬
‫بياف المجمل ‪ -‬فإنو يجوز فيو أف يكوف المبين أدنى من المبيان‪.‬‬

‫األمثلة‪:‬‬
‫أ‪ /‬بياف الكتاب بالسنة كقولو تعالى‪{ :‬فإف طلقها فبل تحل لو من بعد حتى تنكح زكجان‬
‫غيره} ‪ ،‬بين صلى اهلل عليو كسلم نكاح الزكج الثاني بأنو الوطء بقولو المرأة رفاعة‬
‫القرظي‪" :‬حتى تذكقي عسيلتو كيذكؽ عسيلتك " كقولو تعالى‪{ :‬كاعدكا لهم ما‬
‫استطعتم من قوة} ‪ ،‬بينو صلى اهلل عليو كسلم بقولو‪" :‬أال إف القوة الرمي"‪ ،‬كيدؿ لبياف‬
‫الكتاب بالسنة قولو تعالى‪{ :‬كأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزؿ إليهم} ‪.‬‬
‫ب‪ /‬كبياف المنطوؽ بالمفهوـ كبياف منطوؽ قولو تعالى في سورة النور‪{ :‬كالزاني} ‪،‬‬
‫بمفهوـ الموافقة في قولو تعالى‪{ :‬فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} فإف‬
‫مفهوـ موافقتو أف العبد كاألمة في ذلك يجلد خمسين جلدة فبين ىذا المفهوـ أف‬
‫المراد بالزاني في سورة النور خصوص الحر‪.‬‬
‫ال يشترط في البياف أف يعلمو كل إنساف‬
‫ليس من شرط البياف أف يعلمو جميع المكلفين الموجودين في كقتو بل يجوز أف يكوف‬
‫بعضهم جاىبل بو فإنو يقاؿ بين لو غير أنو لم يتبين مثاؿ ذلك أف النبي صلى اهلل عليو‬
‫كسلم بين أف عمل قولو تعالى‪{ :‬يوصيكم اهلل في أكالدكم} ‪ ،‬ال يتناكؿ األنبياء بقولو‪:‬‬
‫"إنا معاشر األنبياء ال نورث " فبل يقدح في ىذا البياف أف فاطمة رضي اهلل عنها لم‬
‫تعلم بو كجاءت إلى أبي بكر تطلب ميراثها منو صلى اهلل عليو كسلم‪.‬‬

‫ك من أمثلة ذلك أيضا ما ركاه البخارم في صحيحو حيث قاؿ ‪ :‬ىح ادثىػنىا يى ٍحيىى بٍ ين‬
‫ب‪ ،‬أى اف يجبىػ ٍيػ ىر بٍ ىن‬ ‫سي ً‬ ‫ًً‬ ‫ث‪ ،‬ىع ٍن ييونيس‪ ،‬ىع ًن ابٍ ًن ًش ىه و‬ ‫بي ىك ٍي ور‪ ،‬ىح ادثىػنىا اللاٍي ي‬
‫اب‪ ،‬ىع ٍن ىسعيد بٍ ًن ي‬
‫الم ى‬ ‫ى‬
‫صلاى اهللي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم فىػ يقلٍنىا‪:‬‬‫ت أىنىا ىكعيثٍ ىما يف بٍ ين ىع افا ىف‪ ،‬إًلىى النابًي ى‬
‫ش ٍي ي‬
‫اؿ‪ :‬ىم ى‬‫يمط ًٍع وم‪ ،‬أى ٍخبىػ ىرهي قى ى‬
‫اؿ «إًنا ىما‬ ‫ك‪ ،‬فىػ ىق ى‬‫اح ىدةو ًم ٍن ى‬
‫س ىخيبػر‪ ،‬كتىػرٍكتػنا‪ ،‬كنىحن بًم ٍن ًزلى وة ك ً‬
‫ب م ٍن يخ ٍم ً ٍ ى ى ى ى ى ى ى ٍ ي ى ى‬
‫ت بنًي المطالً ً ً‬
‫أى ٍعطىٍي ى ى ي‬
‫صلاى اهللي ىعلىٍي ًو‬ ‫ً‬ ‫ب ىشيء ك ً‬ ‫اش وم‪ ،‬كبػنيو ً‬ ‫بػنيو ىى ً‬
‫اؿ يجبىػ ٍيػ هر‪ « :‬ىكلى ٍم يىػ ٍقس يم النابً ُّي ى‬
‫اح هد» قى ى‬ ‫المطال ً ٍ ه ى‬ ‫ىى ي‬ ‫ى‬
‫س‪ ،‬ىكبىنًي نىػ ٍوفى ول ىش ٍيئنا» ففي ىذا الحديث لم يعلم بعض الصحابة أف‬ ‫ىك ىسلا ىم لًبىنًي ىع ٍب ًد ىش ٍم و‬
‫بني عبد شمس ك بني نوفل غير داخلين في الخطاب ك ظنوا أنهم يستحقوف الخمس‬
‫فبين لهم رسوؿ اهلل عليو الصبلة كالسبلـ الحكم‪.‬‬

‫تقسيم الكبلـ إلى حقيقة كمجاز‬

‫ىذا الفصل داخل في مبحث األلفاظ ك قد استهلو المؤلف بذكر مذاىب العلماء في‬
‫الحقيقة كالمجاز فقاؿ‪:‬‬

‫في تقسيم الكبلـ إلى حقيقة كمجاز ثبلثة آراء‬


‫أعلم أكالن أف للناس في تقسيم الكبلـ إلى حقيقة كمجاز ثبلثة آراء‪:‬‬
‫ُ‪ -‬منع ىذا التقسيم أصبل كأنو ال مجاز ال في القرآف كال في اللغة العربية‪ ،‬كمن‬
‫الذاىبين إلى ذلك أبو إسحق ا ًإلسفرائيني كقد نصر ىذا القوؿ شيخ ا ًإلسبلـ ابن تيمية‬
‫في كتاب ا ًإليماف فقاؿ‪ :‬إف تقسيم الكبلـ إلى حقيقة كمجاز اصطبلح حادث بعد‬
‫انقضاء القركف الثبلثة لم يتكلم بو أحد من الصحابة كال التابعين لهم بإحساف كال أحد‬
‫من األئمة المشهورين في العلم كمالك كالثورم كاألكزاعي كأبي حنيفة كالشافعي بل‬
‫كال تكلم بو أئمة اللغة كالنحو مثل‪ :‬الخليل كسيبويو كأبي عمرك بن العبلء كنحوىم‬
‫إلى‪ -‬أف قاؿ‪ -‬كىذا الشافعي ىو أكؿ من جرد الكبلـ في أصوؿ الفقو لم يقسم ىذا‬
‫التقسيم كال تكلم بلفظ الحقيقة كالمجاز‪.‬‬
‫ِ‪ -‬منع كجود المجاز في القرآف دكف اللغة كنسبو في كتاب اإليماف إلى أبي الحسن‬
‫الجزرم كابن حامد من الحنابلة كمحمد بن خويزمنداد من المالكية كإلى داكد بن علي‬
‫الظاىرم كابنو أبي بكر‪.‬‬
‫ّ‪ -‬كقوع المجاز في اللغة كفي القرآف كىو قوؿ القاضي أبي يعلى كابن عقيل كأبي‬
‫الخطاب كغيرىم من الحنابلة كرجحو ابن قدامة في ركضة الناظر كنسبو الزركشي في‬
‫كتابو البرىاف في علوـ القرآف إلى الجمهور كإليك كبلما موجزا يتعلق بتقسيم الكبلـ‬
‫إلى حقيقة كمجاز عند من يرل ذلك التقسيم‪:‬‬

‫يحسن في ىذا المقاـ أف أشير إلى كبلـ العلماء في المجاز‪ :‬المثبتين لو كالنافين ك‬
‫سأقتصر على مقالتين لكل طائفة ك طرؼ من أدلتها‪:‬‬
‫ب ًع ٍن ىد يج ٍم يهوًر أ ٍىى ًل ال ًٍعل ًٍم‬ ‫از ىكاقً هع فًي ليغى ًة ال ىٍعر ً‬
‫ى‬ ‫يقوؿ اإلماـ الشوكاني‪« :‬ال ىٍم ىج ي‬
‫اإل ٍس ىف ىرايًينًي ىك ًخ ىبلفيوي ىى ىذا يى يد ُّؿ أىبٍػلى ىغ ىد ىاللى وة ىعلىى ىع ىدًـ‬ ‫ك أىبيو إً ٍس ىحا ىؽ ًٍ‬ ‫ف فًي ذىلً ى‬ ‫ىك ىخالى ى‬
‫ؼ تىػ ٍف ًريطيوي فًي‬ ‫ٍخ ىبل ً‬ ‫ت بًأى اف سبب ىى ىذا ال ً‬ ‫ادم بًأى ٍعلىى صو و‬ ‫ب كيػنى ً‬ ‫ً‬ ‫ًً‬
‫ىى ى‬ ‫ىٍ‬ ‫اط ىبلعو ىعلىى ليغىة ال ىٍع ىر ً ى ي‬
‫ت ىعلىٍي ًو ًم ىن‬ ‫ش ًري ىف ًة ىكىما ا ٍشتى ىملى ٍ‬‫ًاالط ىبل ًع ىعلىى ىما يىػ ٍنبى ًغي ًاالط ىبلعي ىعلىٍي ًو ًم ٍن ىى ًذهً اللُّغى ًة ال ا‬
‫ات الاتًي ىال تى ٍخ ىفى ىعلىى ىم ٍن لىوي أى ٍدنىى ىم ٍع ًرفى وة بً ىها‪.‬‬ ‫از ً‬ ‫ٍح ىقائً ًق ىكال ىٍم ىج ى‬
‫ال ى‬
‫از ىكاقً نعا فًي ليغى ًة‬ ‫ت الٍع ٍن ىكب ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اؿ‪" :‬إًناوي" لى ٍو ىكا ىف ال ىٍم ىج ي‬ ‫وت‪ ،‬فىػ ىق ى‬ ‫استى ىد اؿ بً ىما يى ىو أ ٍىك ىى ين م ٍن بىػ ٍي ى ي‬ ‫ىكقىد ٍ‬
‫اى ًم إً ٍذ قى ٍد تى ٍخ ىفى الٍ ىق ًرينىةي‪.‬‬‫اإل ٍخ ىبل يؿ بًالتاػ ىف ي‬‫ب لى ًزىـ ًٍ‬ ‫ال ىٍعر ً‬
‫ى‬
‫يل فىًإ اف تى ٍج ًو ىيز ىخ ىف ًاء الٍ ىق ًرينى ًة أخفى من ُّ‬
‫السها‬ ‫كى ىذا التػاعلً ً‬
‫يل ىعل ه‬ ‫ٍ ي‬ ‫ىى‬
‫يل ال ىٍم ىجا ًز‪،‬‬ ‫اد ال ىٍم ٍعنىى ىعلىى ىسبً ً‬ ‫وؿ لً ىه ىذا الٍ ىقائً ًل بًأى اف اللا ٍف ى‬‫ص ً‬ ‫كاست ىد اؿ ً‬
‫ظ لى ٍو أىفى ى‬ ‫ب ال ىٍم ٍح ي‬ ‫صاح ي‬ ‫ى ٍى ى‬
‫وص ًة ىال يى ٍحتى ًم يل‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ص ى‬ ‫فىًإ اما أى ٍف ييفي ىد ىم ىع الٍ ىق ًرينىة أ ٍىك بً يدكن ىها ىك ٍاأل اىك يؿ بىاط هل ألىناوي ىم ىع الٍ ىق ًرينىة ال ىٍم ٍخ ي‬
‫اط هل ًألى اف اللا ٍف ى‬ ‫ازا كالثاانًي ب ً‬ ‫ً ً‬ ‫ك فىػيى يكو يف يى ىو ىم ىع تًل ى‬ ‫غىٍيػ ىر ذىلً ى‬
‫ظ لى ٍو أىفى ى‬
‫اد‬ ‫ى‬ ‫ٍك الٍ ىق ًرينىة ىحقي ىقةن ىال ىم ىج ن ى‬
‫ٍح ًقي ىق ًة إًاال ىك ٍونيػ ىها يم ٍستى ًقلاةن‬ ‫ً‬ ‫ً ًً‬ ‫م ٍعنىاهي الٍمجا ًز ا ً و‬
‫م بً يدكف قى ًرينىة‪ .‬لى ىكا ىف ىحقي ىقةن فيو إً ٍذ ىال ىم ٍعنىى لل ى‬ ‫ىى‬ ‫ى‬
‫ادةً بً يد ً‬
‫كف قى ًرينى وة‪.‬‬ ‫بً ًٍ‬
‫اإلفى ى‬
‫ظ الا ًذم ىال ييًفي يد إًاال ىم ىع الٍ ىق ًرينى ًة‬ ‫وؿ اللا ٍف ي‬ ‫‪.‬كلىنىا أى ٍف نىػ يق ى‬ ‫كأىجاب ىع ٍنو بًأى اف ى ىذا نًزاعه فًي ال ًٍعب ً‬
‫ارة ى‬‫ىى‬ ‫ى ى ى ي ى ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫از‪ ،‬كىال يػ ىق ي ً ً‬
‫ت ىد ىاللىةن‬ ‫س ٍ‬‫اؿ للى ٍفظىة ىم ىع القرينة حقيقة فيها ألى اف ىد ىاللىةى الٍ ىق ًرينىة لىٍي ى‬ ‫يى ىو ال ىٍم ىج ي ى ي‬
‫س امى‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ك ًٍ‬
‫ضعياةن ىحتاى يي ٍج ىع ىل ال ىٍم ٍج يموعي لىٍفظنا ىكاح ندا ىد ناال ىعلىى ال يٍم ى‬ ‫ى‬
‫يل فًي ىردهً فىًإ اف يكقي ى‬
‫وع‬ ‫اؿ‪ :‬فىػه ىذا "الٍ ىقو يؿ" ىال يػ ٍنب ًغي ًاال ٍشتًغى ي ً ً ً‬
‫اؿ ب ىدفٍعو ىكىال التاطٍ ًو ي‬ ‫ىى‬ ‫ٍ‬ ‫ىك ىعلىى يكل ىح و ى‬
‫اها ًر‪.‬‬‫س النػ ى‬ ‫ض يح ًم ٍن ىش ٍم ً‬ ‫ال ىٍم ىجا ًز ىكىكثٍػ ىرتىوي فًي اللُّغى ًة ال ىٍع ىربًيا ًة أى ٍش ىه ير ًم ٍن نىا ور ىعلىى ىعلى وم ىكأ ٍىك ى‬
‫اؿ ابٍ ين ًجن ٍّي‪ :‬أى ٍكثىػ ير اللُّغى ًة ىم ىجا هز‪.‬‬ ‫قى ى‬
‫يل إً اف أىبىا ىعلًي الٍ ىفا ًر ًس اي قىائً هل بً ًمثٍ ًل ىى ًذهً ال ىٍم ىقالى ًة الاتًي قىالى ىها ًٍ‬
‫اإل ٍس ىف ىرايًينً ُّي ىكىما أىظي ُّن‬ ‫ً‬
‫ىكقى ٍد ق ى‬
‫اـ اللُّغى ًة ال ىٍع ىربًيا ًة الا ًذم ىال يى ٍخ ىفى ىعلىى ًمثٍلً ًو ًمثٍ يل ىى ىذا‬ ‫ك فىًإناوي إً ىم ي‬ ‫وؿ ىذلً ى‬ ‫ًمثٍ ىل أىبًي ىعلًي يىػ يق ي‬
‫ٍجلًي‪.‬‬ ‫ً‬
‫ال ىٍواض ًح الٍبىػي ًن الظااى ًر ال ى‬
‫ً‬
‫اب الٍع ًزي ًز ًع ٍن ىد الٍجم ً‬ ‫ب فىػهو أىي ن ً ً ً‬ ‫كىكما أى اف الٍمج ى ً ً ً‬
‫اىي ًر‬ ‫ىى‬ ‫ضا ىكاق هع في الٍكتى ً ى‬ ‫از ىكاق هع في ليغىة ال ىٍع ىر ً ي ى ٍ‬ ‫ىى‬ ‫ى ى‬
‫ٍح ًقي ىق ًة ىكال ىٍم ىجا ًز‪.‬‬
‫ث ىال يى ٍخ ىفى إًاال ىعلىى ىم ٍن ىال ييػ ىفر يؽ بىػ ٍي ىن ال ى‬ ‫وعا ىكثً نيرا بً ىح ٍي ي‬ ‫يكقي ن‬
‫سائًلً ًه يم الاتًي ىج ىم يدكا‬ ‫ً ً‬ ‫ً ً ً‬
‫م ىع ًن الظاى ًرياة‪ :‬نىػ ٍفييوي في الٍكتىاب ال ىٍع ًزي ًز ىكىما ىى ىذا بأ اىكؿ ىم ى‬
‫اً ً‬
‫ىكقى ٍد ير ًك ى‬
‫اؼ ىكييػ ٍن ًك يرهي الٍ ىف ٍه يم ىكيى ٍج ىح يدهي ال ىٍع ٍق يل‪.‬‬‫ص ي‬ ‫ودا يىأٍبىاهي ًٍ‬
‫اإلنٍ ى‬ ‫فً ىيها يج يم ن‬
‫اط هل ًألى اف‬‫از ىك ًذب ًألىناو يػ ٍن ًفي فىػيص يد يؽ نىػ ٍفيو كىو ب ً‬ ‫كأى اما ما ً ً ً‬
‫يي ى ي ى ى‬ ‫ىٍ‬ ‫استيد اؿ بًو لى يه ٍم م ٍن أى اف ال ىٍم ىج ى ه ي ى‬ ‫ى ى ٍ‬
‫س فًي ال ىٍم ىق ًاـ ًم ىن‬ ‫ً‬ ‫ً ً ً ً‬
‫ٍحقي ىقة فى ىبل ييػنىافي ص ٍد ىؽ إثٍػبىات ال ىٍم ىجاز ىكلىٍي ى‬
‫اد ىؽ إًناما يىو نىػ ٍفي ال ً ً‬
‫ى ى ي ى‬
‫صً‬ ‫ال ا‬
‫ك‪،‬‬ ‫ض يح ًم ٍن ذىلً ى‬ ‫آف ىك ٍاأل ٍىم ير أ ٍىك ى‬‫ات الٍواقًع ًة فًي الٍ يقر ً‬
‫ٍ‬ ‫از ى ى‬
‫ض الٍمج ى ً‬ ‫ً ً‬
‫الٍخ ىبلؼ ىما يىػ ٍقتىضي ذ ٍك ىر بىػ ٍع ً ى ى‬
‫ً ً‬

‫السن ًاة يكقي ن‬


‫وعا‬ ‫ضا ىكاقً هع فًي ُّ‬ ‫وعا ىكثً نيرا فىػ يه ىو أىيٍ ن‬
‫اب ال ىٍع ًزي ًز يكقي ن‬ ‫ٍكتى ً‬ ‫از كاقًع فًي ال ً‬
‫ىكىك ىما أى اف ال ىٍم ىج ى ى ه‬
‫وع مباىتة ال يستحق المجاكبة‪ ».‬انتهى‬ ‫ار لً ىه ىذا ال يٍوقي ً‬ ‫ىكثً نيرا ىك ًٍ‬
‫اإلنٍ ىك ي‬
‫ك من األدلة التي استدؿ بها المثبتوف للمجاز‪:‬‬
‫الدليل األكؿ‪ :‬أف القرآف عربي نزؿ بلغة العرب‪ ،‬قاؿ تعالى‪(:‬إًناا أىنٍػ ىزلٍنىاهي قيػ ٍرآنا ىع ىربًياا) ‪،‬‬
‫اف ىع ىربً ٍّي يمبًي ون) ‪ ،‬كلغة العرب يدخلها المجاز‪ ،‬فيكوف القرآف قد اشتمل‬ ‫كقاؿ‪( :‬بًلًس و‬
‫ى‬
‫على المجاز؛ ألنو نزؿ بلغتهم‪ .‬ك الدليل على أف لغة العرب يدخلها المجاز ىو‪ :‬كقوعو‬
‫فيها‪ ،‬فاستعمل العرب لفظ " األسد " للرجل الشجاع‪ ،‬ك " الحمار " للرجل البليد‪ ،‬ك "‬
‫البحر " للرجل العالم‪ ،‬كقولهم‪ " :‬قامت الحرب على ساؽ "‪ ،‬كقاؿ الشاعر‪:‬‬
‫أشاب الصغير كأفنى الكبير ‪ ...‬كر الغداة كمر العشي‬
‫فهنا نسب الشاعر فعل الشيب‪ ،‬كاإلفناء إلى تعاقب األياـ كالليالي‪ ،‬كىذا ال شك في‬
‫أنو مجاز‪ .‬كاألمثلة على كركد المجاز في لغة العرب كثيرة ال تكاد تحصى‪.‬‬
‫ك قد اعترض على ىذا الدليل باعتراضين‪ :‬االعتراض األكؿ‪ :‬أف العرب عبركا عن‬
‫الرجل الشجاع باألسد‪ ،‬كعن البليد بالحمار‪ ،‬كلكن ىذا التعبير حقيقي‪.‬‬
‫ك أجاب المثبتوف للمجاز بأف ىذا ال يصح؛ ألنو لو كاف حقيقة فيو‪ :‬لكاف إذا قاؿ‪" :‬‬
‫رأيت حماران " أنو ال يسبق إلى فهمو الحمار المعهود‪ ،‬بل الذم يسبق إلى الفهم‪:‬‬
‫الرجل البليد كالحمار المعهود معا‪ ،.‬فلما سبق فهمو إلى الحيواف البهيم ا‬
‫دؿ على أنو‬
‫مجاز في الرجل البليد‪ ،‬كأيضا‪ :‬أنو لما احتاج إلى قرينة ا‬
‫دؿ على أنو مجاز؛ ألف‬
‫الحقيقة تفهم بدكف قرينة‪.‬‬
‫االعتراض الثاني‪ :‬الحقيقة قد ع امت جميع األشياء‪ ،‬فبل نحتاج إلى المجاز‪ ،‬فلم يعبر‬
‫بو القرآف؛ ألنو ال يفيد‪ ،‬كبالتالي يكوف عبثان‪.‬‬
‫سل يم بأف المجاز ال فائدة فيو‪ ،‬بل فيو فوائد‬
‫ك أجاب المثبتوف عنو بأنا ال ني ى‬
‫كثيرة ذكركا منها‪:‬‬
‫ُ ‪ -‬أف الكبلـ بالمجاز أبلغ كأفصح من الكبلـ بالحقيقة أحيانان‪ ،‬فمثبلن لو قاؿ‪ " :‬ىذا‬
‫بحر " يريد مدح آخر‪ ،‬أبلغ كأفصح من قولو‪ ":‬ىذا رجل عالم بجميع العلوـ "‪.‬‬
‫ِ ‪ -‬أف الكبلـ في المجاز يفيد االختصار في الكبلـ‪ ،‬فمثبلن لو قاؿ‪ " :‬ىذا الرجل‬
‫أسد " أخصر من قولو‪ " :‬ىذا الرجل يشبو األسد في الشجاعة "‪ .‬ككذلك إذا أراد أف‬
‫يصف نفسو يقوؿ‪ " :‬سل عني سيفي "‪ ،‬كال يقوؿ‪" :‬سل عني عليان كيف فعلت كقتلت‬
‫اسأ ًىؿ الٍ ىق ٍريىةى) ‪ ،‬كلم يقل‪ " :‬كاسأؿ أىل القرية " مع أنو ىو‬
‫(ك ٍ‬
‫"‪ ،‬كلهذا قاؿ تعالى‪ :‬ى‬
‫المقصود‪ ،‬كذلك الختصار الكبلـ‪.‬‬
‫ّ ‪ -‬أف الكبلـ في المجاز فيو تجنب ذكر ما يقبح ذكره كلفظ "الخراءة "‪ ،‬فإنو حقيقة‬
‫في الخارج المعتاد من اإلنساف‪ ،‬فعدؿ عنو الشارع إلى ذكر الغائط‪ ،‬أك قضاء الحاجة‬
‫كىي مجاز‪.‬‬
‫الدليل الثاني‪ :‬أف المجاز كقع ككرد في القرآف‪ ،‬بحيث يذكر الشيء بخبلؼ ما كضع‬
‫لو‪ ،‬كىو إما زيادة‪ ،‬أك نقصاف‪ ،‬أك استعارة‪ ،‬أك تقديم‪ ،‬أك تأخير‪ ،‬من ذلك‪:‬‬
‫اسأ ًىؿ الٍ ىق ٍريىةى) ‪ ،‬فإف المراد‪ :‬كاسأؿ أىل القرية؛ المتناع توجيو‬
‫(ك ٍ‬
‫ُ ‪ -‬قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫السؤاؿ إلى نفس القرية‪.‬‬
‫اعترض أحدىم فقاؿ‪ :‬يجوز أف يأذف اللاو تعالى للقرية أف تجيبهم‪.‬‬
‫ك أجاب المثبتوف عن ذلك‪ :‬بأف اللاو لم يخرج ذلك مخرج المعجزة‪ ،‬كإنما أخرجو‬
‫مخرج الخبر‪ ،‬ككل موضع في القرآف ذكر قرية فالمراد بو أىل القرية‪ ،‬مما يدؿ على‬
‫سابنا ىش ًدي ندا‬ ‫ت عن أىم ًر ربػها كرسلً ًو فىحاسبػن ً‬ ‫ً‬
‫(كىكأىي ٍن م ٍن قىػ ٍريىوة ىعتى ٍ ى ٍ ٍ ى ى ى ي ي ى ى ٍ ى ى‬
‫اىا ح ى‬ ‫ذلك قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫اىا ىع ىذابنا ني ٍك نرا (ٖ) ‪ ،‬كمعركؼ أف نفس القرية ما عتت عن أمر ربها‪ ،‬كأنها ال‬ ‫ىك ىع اذبٍػنى ى‬
‫تحاسب حسابان شديدان‪ ،‬كال تعذب‪ ،‬كإنما المراد أىل القرية‪.‬‬
‫الذؿ) ‪ ،‬كمعلوـ أف الذؿ ليس لو جناح‬ ‫اح ُّ‬ ‫(كا ٍخ ًف ٍ‬
‫ض لى يه ىما ىجنى ى‬ ‫ِ ‪ -‬من ذلك قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫حقيقة‪ ،‬فاستعاره لو‪.‬‬
‫ّ ‪ -‬كمن ذلك قولو تعالى‪ً :‬‬
‫(ج ىد نارا يي ًري يد أى ٍف يىػ ٍنػ ىق ا‬
‫ض) ‪ ،‬كمعركؼ أف الجدار ال إرادة لو؛‬
‫ألف اإلرادة يوصف بها من كاف لو شعور‪ ،‬فاستعار اإلرادة للجدار‪ ،‬كأريد بو الميل‬
‫القائم بالجدار‪.‬‬
‫ىح هد ًم ٍن يك ٍم ًم ىن الٍغىائً ًط) كالغائط ‪ -‬حقيقة ‪ -‬يطلق على‬
‫اء أ ى‬
‫ْ ‪ -‬كمن ذلك قولو‪( :‬أ ٍىك ىج ى‬
‫المنخفض من األرض‪ ،‬كسمي ما يخرج من اإلنساف من األذل بالمكاف استعارة‪.‬‬
‫س ىش ٍيبنا) كالرأس ال يشتعل‪.‬‬ ‫(كا ٍشتىػ ىع ىل ال ارأٍ ي‬
‫ٓ ‪ -‬كمن ذلك قولو‪ :‬ى‬
‫(كأي ٍش ًربيوا فًي قيػليوبً ًه يم ال ًٍع ٍج ىل) كالمقصود‪:‬حب العجل‪.‬‬ ‫ٔ ‪ -‬كمن ذلك قولو‪ :‬ى‬
‫ٍن ىكثً نيرا ًم ىن الن ً‬
‫ااس) كمعركؼ أف األصناـ نفسها‬ ‫ضلىل ى‬‫(رب إًناػ يه ان أى ٍ‬ ‫ٕ ‪ -‬كمن ذلك قولو‪ :‬ى‬
‫ال تضل أحدان‪.‬‬
‫اعترض بعضهم على ذلك بقولو‪ :‬إنا نسلم أف اهلل قد استعمل في تلك اآليات اللفظ‬
‫في غير ما كضع لو‪ ،‬كلكن ال نسميو مجازان‪ ،‬كإنما زيادة‪ ،‬كنقصاف‪ ،‬كاستعارة‪ ،‬كتقديم‪،‬‬
‫كتأخير‪.‬‬
‫أجاب المثبتوف عنو بأنا نسميو مجازان؛ لصدؽ تعريف المجاز عليو‪ ،‬كأنتم ال‬
‫تسمونو بذلك‪ ،‬كتسمونو باسم آخر‪ ،‬فيكوف الخبلؼ في التسمية كاللفظ ‪ -‬فقط ‪-‬‬
‫فبل خبلؼ بيننا كبينكم إذف‪.‬‬
‫ىذا مجمل ما استدؿ بو أصحاب القوؿ األكؿ كىم المثبتوف للمجاز‪.‬‬
‫ك أما العلماء النافوف لو ك ىم أصحاب القوؿ الثاني فلهم أدلتهم كذلك كسأكتفي‬
‫بكبلـ نفيس إلمامين ‪:‬األكؿ ابن تيمية كالثاني محمد األمين الشنقيطي‪:‬‬
‫قاؿ ابن تيمية في كتاب اإليماف‪ «:‬تقسيم األلفاظ الدالة على معانيها إلى [حقيقة‬
‫كمجاز] كتقسيم داللتها أك المعاني المدلوؿ عليها إف استعمل لفظ الحقيقة كالمجاز‬
‫في المدلوؿ أك في الداللة‪ ،‬فإف ىذا كلو قد يقع في كبلـ المتأخرين‪ .‬كلكن المشهور‬
‫أف الحقيقة كالمجاز من عوارض األلفاظ كبكل حاؿ فهذا التقسيم ىو اصطبلح حادث‬
‫بعد انقضاء القركف الثبلثة لم يتكلم بو أحد من الصحابة كال التابعين لهم بإحساف كال‬
‫أحد من األئمة المشهورين في العلم كمالك كالثورم كاألكزاعي كأبي حنيفة كالشافعي‬
‫بل كال تكلم بو أئمة اللغة كالنحو كالخليل كسيبويو كأبي عمرك بن العبلء كنحوىم‪.‬‬
‫كأكؿ من عرؼ أنو تكلم بلفظ المجاز أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتابو‪ .‬كلكن لم‬
‫يعن بالمجاز ما ىو قسيم الحقيقة‪ .‬كإنما عنى بمجاز اآلية ما يعبر بو عن اآلية‪ ،‬كلهذا‬
‫قاؿ من قاؿ من األصوليين ‪ -‬كأبي الحسين البصرم كأمثالو ‪ -‬إنما تعرؼ الحقيقة من‬
‫المجاز بطرؽ منها‪ :‬نص أىل اللغة على ذلك بأف يقولوا‪ :‬ىذا حقيقة كىذا مجاز ‪ ،‬فقد‬
‫تكلم ببل علم ‪ ،‬فإنو ظن أف أىل اللغة قالوا‪ :‬ىذا كلم يقل ذلك أحد من أىل اللغة كال‬
‫من سلف األمة كعلمائها‪.‬‬
‫كإنما ىذا اصطبلح حادث كالغالب أنو كاف من جهة المعتزلة كنحوىم من المتكلمين‬
‫فإنو لم يوجد ىذا في كبلـ أحد من أىل الفقو كاألصوؿ كالتفسير كالحديث كنحوىم‬
‫من السلف‪ .‬كىذا الشافعي ىو أكؿ من جرد الكبلـ في أصوؿ الفقو لم يقسم ىذا‬
‫التقسيم كال تكلم بلفظ الحقيقة كالمجاز ‪.‬‬
‫ككذلك محمد بن الحسن لو في المسائل المبنية على العربية كبلـ معركؼ في الجامع‬
‫الكبير كغيره‪ ،‬كلم يتكلم بلفظ الحقيقة كالمجاز‪ .‬ككذلك سائر األئمة لم يوجد لفظ‬
‫المجاز في كبلـ أحد منهم إال في كبلـ أحمد بن حنبل‪ ،‬فإنو قاؿ في كتاب الرد على‬
‫الجهمية في قولو‪[ :‬إنا ‪ ،‬كنحن] كنحو ذلك في القرآف‪ :‬ىذا من مجاز اللغة يقوؿ‬
‫الرجل‪ :‬إنا سنعطيك‪ .‬إنا سنفعل‪ ،‬فذكر أف ىذا مجاز اللغة‪.‬‬
‫مجازا كالقاضي أبي يعلى‬
‫كبهذا احتج على مذىبو من أصحابو من قاؿ‪ :‬إف في القرآف ن‬
‫كابن عقيل كأبي الخطاب كغيرىم‪ .‬كآخركف من أصحابو منعوا أف يكوف في القرآف‬
‫مجاز كأبي الحسن الخرزم‪ .‬كأبي عبد اهلل بن حامد‪ .‬كأبي الفضل التميمي بن أبي‬
‫الحسن التميمي ككذلك منع أف يكوف في القرآف مجاز محمد بن خويز منداد كغيره‬
‫من المالكية كمنع منو داكد بن علي كابنو أبو بكر كمنذر بن سعيد البلوطي كصنف فيو‬
‫مصنفا‪ .‬ك حكى بعض الناس عن أحمد في ذلك ركايتين‪ .‬كأما سائر األئمة فلم يقل‬
‫مجازا ال مالك كال الشافعي‪،‬‬
‫أحد منهم كال من قدماء أصحاب أحمد‪ :‬إف في القرآف ن‬
‫كال أبو حنيفة فإف تقسيم األلفاظ إلى حقيقة كمجاز إنما اشتهر في المائة الرابعة‬
‫كظهرت أكائلو في المائة الثالثة كما علمتو موجودا في المائة الثانية اللهم إال أف يكوف‬
‫في أكاخرىا كالذين أنكركا أف يكوف أحمد كغيره نطقوا بهذا التقسيم‪ .‬قالوا‪ :‬إف معنى‬
‫قوؿ أحمد‪ :‬من مجاز اللغة‪ .‬أم‪ :‬مما يجوز في اللغة أف يقوؿ الواحد العظيم الذم لو‬
‫أعواف‪ :‬نحن فعلنا كذا كنفعل كذا كنحو ذلك‪ .‬قالوا‪ :‬كلم يرد أحمد بذلك أف اللفظ‬
‫استعمل في غير ما كضع لو‪ .‬كقد أنكر طائفة أف يكوف في اللغة مجاز ال في القرآف‬
‫كال غيره كأبي إسحاؽ اإلسفراييني‪ .‬كقاؿ المنازعوف لو‪ :‬النزاع معو لفظي فإنو إذا سلم‬
‫أف في اللغة لفظنا مستعمبلن في غير ما كضع لو ال يدؿ على معناه إال بقرينة‪ ،‬فهذا ىو‬
‫كمجازا‬
‫ن‬ ‫مجازا‪ .‬فيقوؿ من ينصره‪ :‬إف الذين قسموا اللفظ‪ :‬حقيقة‬
‫المجاز كإف لم يسمو ن‬
‫قالوا‪[ :‬الحقيقة] ىو اللفظ المستعمل فيما كضع لو‪[ .‬كالمجاز] ىو اللفظ المستعمل‬
‫في غير ما كضع لو كلفظ األسد كالحمار إذا أريد بهما البهيمة أك أريد بهما الشجاع‬
‫كالبليد‪.‬‬
‫أكال لمعنى ثم بعد ذلك قد‬
‫كىذا التقسيم كالتحديد يستلزـ أف يكوف اللفظ قد كضع ن‬
‫يستعمل في موضوعو كقد يستعمل في غير موضوعو‪ ،‬كلهذا كاف المشهور عند أىل‬
‫التقسيم أف كل مجاز فبل بد لو من حقيقة كليس لكل حقيقة مجاز؟ فاعترض عليهم‬
‫بعض متأخريهم كقاؿ‪ :‬اللفظ الموضوع قبل االستعماؿ ال حقيقة كال مجاز فإذا استعمل‬
‫في غير موضوعو فهو مجاز ال حقيقة لو‪.‬كىذا كلو إنما يصح لو علم أف األلفاظ العربية‬
‫أكال لمعاف ثم بعد ذلك استعملت فيها‪ ،‬فيكوف لها كضع متقدـ على‬
‫كضعت ن‬
‫االستعماؿ‪ .‬كىذا إنما صح على قوؿ من يجعل اللغات اصطبلحية فيدعي أف قوما من‬
‫العقبلء اجتمعوا كاصطلحوا على أف يسموا ىذا بكذا كىذا بكذا كيجعل ىذا عاما في‬
‫جميع اللغات‪ .‬كىذا القوؿ ال نعرؼ أحدا من المسلمين قالو قبل أبي ىاشم بن‬
‫الجبائي‪ ،‬فإنو كأبا الحسن األشعرم كبلىما قرأ على أبي علي الجبائي لكن األشعرم‬
‫رجع عن مذىب المعتزلة كخالفهم في القدر كالوعيد كفي األسماء كاألحكاـ كفي‬
‫صفات اهلل تعالى كبين من تناقضهم كفساد قولهم ما ىو معركؼ عنو‪ .‬فتنازع األشعرم‬
‫كأبو ىاشم في مبدأ اللغات‪ ،‬فقاؿ أبو ىاشم‪ :‬ىي اصطبلحية كقاؿ األشعرم‪ :‬ىي‬
‫توقيفية‪ .‬ثم خاض الناس بعدىما في ىذه المسألة‪ ،‬فقاؿ آخركف‪ :‬بعضها توقيفي‬
‫كبعضها اصطبلحي كقاؿ فريق رابع بالوقف‪ .‬المقصود ىنا أنو ال يمكن أحدا أف ينقل‬
‫عن العرب بل كال عن أمة من األمم أنو اجتمع جماعة فوضعوا جميع ىذه األسماء‬
‫الموجودة في اللغة ثم استعملوىا بعد الوضع كإنما المعركؼ المنقوؿ بالتواتر استعماؿ‬
‫ىذه األلفاظ فيما عنوه بها من المعاني فإف ادعى مدع أنو يعلم كضعا يتقدـ ذلك فهو‬
‫مبطل فإف ىذا لم ينقلو أحد من الناس‪ »....‬إلى آخر كبلمو‪.‬‬
‫ك أما الشيخ محمد األمين الشنقيطي رحمو اهلل صاحب المذكرة بيٌن القوؿ الراجح‬
‫عنده في المسألة بأدلتو ك الرد على الجمهور القائلين بوقوع المجاز في اللغة ك في‬
‫القرآف حيث يقوؿ رحمو اهلل‪:‬‬
‫« قد بينا أدلة منعو في القرآف في رسالتنا المسماة منع جواز المجاز في المنزؿ‬
‫للتعبد كاإلعجاز كمن أكضح األدلة في ذلك أف جميع القائلين بالمجاز متفقوف على أف‬
‫من الفوارؽ بينو كبين الحقيقة أف المجاز يجوز نفيو باعتبار الحقيقة‪ ،‬دكف الحقيقة فبل‬
‫يجوز نفيها‪ ،‬فتقوؿ لمن قاؿ رأيت أسدان على فرسو‪ ،‬ىو‬
‫ليس بأسد كإنما ىو رجل شجاع‪ ،‬كالقوؿ في القرآف بالمجاز يلزـ منو أف في القرآف ما‬
‫يجوز نفيو‪ ،‬كىو باطل قطعان‪ ،‬كبهذا الباطل توصل المعطلوف إلى نفي صفات الكماؿ‬
‫كالجبلؿ الثابتة هلل تعالى في كتابو كسنة نبيو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ ،-‬بدعول أنها‬
‫مجاز كقولهم في استول استولى‪ .‬كقس على ذلك غيره‪ ،‬من نفيهم للصفات عن طريق‬
‫المجاز‪ .‬أما اآليات التي ذكرىا المؤلف فبل يتعين في شيء منها أنو مجاز‪.‬‬
‫أما قولو‪ " :‬كاخفض لهما جناح الذؿ " فليس المراد بو أف للذؿ جناحان كإف كاف كبلـ‬
‫العبلمة ابن القيم رحمو اهلل يقتضيو‪ ،‬كظن أبو تماـ أنو معنى اآلية لما قيل لو صب في‬
‫ىذا اإلناء من ماء المبلـ يعني قولو‪:‬‬
‫ال تسقني ماء المبلـ فإنني ‪ ...‬صب قد استعذبت مات بكائي‬
‫فقاؿ‪ :‬ىات ريشة من جناح الذؿ‪ ،‬حتى أصب لك من ماء المبلـ‪ ،‬بل المراد باآلية‬
‫الكريمة كما يدؿ عليو كبلـ جماعة أىل التفسير أنها من إضافة الموصوؼ إلى صفتو‪،‬‬
‫أم ‪:‬كاخفض لهما جناحك الذليل لهما من الرحمة‪ ،‬كنظيره من كبلـ العرب قولهم‪:‬‬
‫حاتم الجود‪ ،‬أم‪ :‬الموصوؼ بالجود‪ ،‬ككصف الجناح بالذؿ مع أنو صفة اإلنساف ألف‬
‫البطش يظهر برفع الجناح‪ ،‬كالتواضع كاللين يظهر بخفضو‪ ،‬فخفضو كناية عن لين‬
‫الجانب كما قاؿ‪:‬‬
‫كأنت الشهير بخفض الجناح ‪ ...‬فبل تك برفعو أجدال‬
‫كنظيره في القرآف " مطر السوء" كعذاب الهوف" أم المطر الموصوؼ بأنو يسوء من‬
‫كقع عليو‪ ،‬كالعذاب الموصوؼ بوقوع الهوف على من نزؿ بو‪ ،‬كإضافة صفة اإلنساف‬
‫لبعض أجزائو أسلوب من أساليب اللغة العربية كما قاؿ ىنا جناح الذؿ‪ ،‬مع أف الذليل‬
‫صاحب الجناح‪ ،‬كنظيره قولو تعالى‪ " :‬ناصية كاذبة خاطئة " كالمراد صاحب الناصية‬
‫التي ىي مقدـ شعر الرأس‪ ،‬كقولو تعالى " كجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة " مع أف‬
‫تلك الصفات ألصحاب الوجوه كقولو تعالى " كاسأؿ القرية" فيو حذؼ مضاؼ‪،‬‬
‫كحذؼ المضاؼ كإقامة المضاؼ إليو مقامو‪ ،‬أسلوب من أساليب اللغة معركؼ‪ ،‬عقده‬
‫في الخبلصة بقولو‪:‬‬
‫كما يلي المضاؼ يأتي خلفا ‪ ...‬عنو في اإلعراب إذا ما حذفا‬
‫كالمضاؼ المحذكؼ مدلوؿ عليو بداللة االقتضاء‪ ،‬كىي عند جماىير األصوليين‪،‬‬
‫داللة االلتزاـ كليست من المجاز عندىم‪ ،‬كما ىو معركؼ في محلو‪ ،‬كقولو "جداران يريد‬
‫أف ينقض " ال مجاز فيو‪ ،‬إذ ال مانع من حمل اإلرادة في اآلية على حقيقتها ألف‬
‫للجمادات إرادات حقيقية يعلمها اهلل جل كعبل‪ ،‬كنحن ال نعلمها كيوضح ذلك حنين‬
‫الجذع الذم كاف يخطب عليو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬لما تحوؿ عنو إلى المنبر‪،‬‬
‫كذلك الحنين ناشئ عن إرادة يعلمها اهلل تعالى كقد ثبت في صحيح مسلم أف النبي ‪-‬‬
‫صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬قاؿ إني ألعرؼ حجران كاف يسلم علي في مكة كسبلمو عليو‪،‬‬
‫عن إرادة يعلمها اهلل كنحن ال نعلمها كما صرح تعالى بذلك في قولو جل كعبل " كإف‬
‫من شيء إال يسبح بحمده كلكن ال تفقهوف تسبيحهم " فصرح بأننا ال نفقهو‪ ،‬كأمثاؿ‬
‫ذلك كثيرة في الكتاب كالسنة‪ ،‬ككذلك ال مانع من كوف اإلرادة تطلق في اللغة على‬
‫معناىا المعركؼ كالسنة‪ ،‬ككذلك ال مانع من كوف اإلرادة تطلق في اللغة على معناىا‬
‫المعركؼ‪ ،‬كعلى مقاربة الشيء كالميل إليو فبكوف معنى إرادة الجدار‪ ،‬ميلو إلى‬
‫السقوط كقربو منو‪ ،‬كىذا أسلوب عربي معركؼ‪ ،‬كمنو قوؿ الراعي‪:‬‬
‫فػػي ىم ٍه ىمػ وػة قىلً ىق ٍ‬
‫ػت بً ًػو ىاماتيػ ىهػا‬
‫صػػوال‬ ‫قىػلىػ ىػق ال يفئيػ ً‬
‫ػوس إذىا ىأر ٍد ىف ني ي‬
‫كقوؿ اآلخر‪:‬‬
‫يريد الرمح صدر أبي براء ‪ ...‬كيعدؿ عن دماء بني عقيل‬
‫ككذلك قولو " أك جاء أحد منكم من الغائط" ال مجاز فيو‪ ،‬بل إطبلؽ اسم المحل على‬
‫الحاؿ فيو كعكسو‪ ،‬كبلىما أسلوب معركؼ من أساليب اللغة العربية‪ ،‬ككبلىما حقيقة‬
‫في محلو‪ ،‬كما أقركا بنظيره في أف نسخ العرؼ للحقيقة اللغوية ال يمنع من إطبلؽ اسم‬
‫الحقيقة عليو فيسمونو حقيقة عرفية‪ ،‬ككذلك قولو تعالى " كجزاء سيئة سيئة مثلها "‬
‫كقولو " فمن اعتدل عليكم فاعتدكا عليو " اآلية‪.‬ال مجاز فيو‪ ،‬كبذلك اعترؼ أكثر‬
‫علماء الببلغة‪ ،‬حيث عدكا ىذا النوع من البديع كسموه باسم المشاكلة‪ ،‬كمعلوـ أف‬
‫المجاز من فن البياف‪ ،‬ال من فن البديع‪ ،‬فأكثرىم قالوا إف المشاكلة من البديع كقولو‪:‬‬
‫قالوا اقترح شيئان ني ًجد لك طبخو ‪ ...‬قلت اطبخوا لي جبة كقميصان‬
‫كالحق أف ىذا أسلوب من أساليب اللغة‪ ،‬كمنو اآليتاف‪ ،‬نعم زعم قوـ من علماء الببلغة‬
‫أف المشاكلة من عبلقات المجاز المرسل‪ ،‬فسموا ما استعمل في غير معناه عندىم‬
‫للمشاكلة مجازان‪ ،‬كأما تفسيره " يؤذكف اهلل" بقولو يؤذكف أكلياءه فليس بصحيح‪ ،‬بل‬
‫معنى إيذاءىم اهلل كفرىم بو كجعلهم لو األكالد كالشركاء‪ ،‬كتكذيبهم رسلو‪ .‬كيوضح‬
‫ذلك حديث (ليس أحد اصبر على أذل يسمعو " من اهلل إنهم يدعوف لو كلدان كأنو‬
‫ليعافيهم كيرزقهم) ‪ ،‬كأكثر المتأخرين على أف في اآليات التي ذكرىا المؤلف مجازان‪،‬‬
‫كما ىو معركؼ‪ ،‬كقد بينا منع القوؿ بالمجاز في القرآف في رسالتنا التي ألفناىا في‬
‫ذلك‪ ،‬كقوؿ المؤلف في تعريف المجاز‪ ،‬كىو اللفظ المستعمل في غير موضعو‬
‫األصلي على كجو يصح‪ ،‬يعني بقولو على كجو يصح أف تكوف ىناؾ عبلقة بين المعنى‬
‫األصلي كالمعنى المجازم‪ ،‬كأف تكوف ثم أيضان قرينة صارفة عن قصد‬
‫المعنى األصلي‪ ،‬كتعريفو للمجاز ال يدخل فيو إال اثناف من أنواع المجاز األربعة‪ ،‬كىما‬
‫المجاز المفرد كىو عندىم الكلمة المستعملة في غير ما كضعت لو لعبلقة مع قرينة‬
‫صارفة عن قصد المعنى األصلي‪ ،‬كالعبلقة إف كانت المشابهة كقولك رأيت أسدان يرمي‬
‫سمي ىذا النوع من المجاز استعارة‪ ،‬كحد االستعارة مجاز عبلقتو المشابهة‪ ،‬كإف كانت‬
‫عبلقتو غير المشابهة كالسببية كالمسببية كنحو ذلك سمي مجازان مفردان مرسبلن كقوؿ‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫أكلت دمان إف لم أرعك بضرة ‪ ...‬بعيدة مهول القرط طيبة النشر‬
‫أطلق الدـ كأراد الدية مجازان مرسبلن عبلقتو السببية ألف الدية المعبر عنها بالدـ سببها‬
‫الدـ كىي مسبب لو‪.‬‬
‫الثاني من النوعين الذين دخبل في كبلمو‪ ،‬المجاز المركب كضابطو أف يستعمل كبلـ‬
‫مفيد في معنى كبلـ مفيد آخر‪ ،‬لعبلقة بينهما كال نظر فيو إلى المفردات‪ ،‬فقد تكوف‬
‫حقائق لغوية‪ ،‬كقد تكوف مجازات مفردة‪ ،‬كقد يكوف بعضها مجازان كبعضها حقيقة‪،‬‬
‫كعبلقتو إف كانت المشابهة فهو استعارة تمثيلية‪ ،‬كمنها جميع األمثاؿ السائرة كالمثل‬
‫يحكي بلفظو األكؿ‪ ،‬كمثالو قولك لمن فرط في أمر كقت إمكاف فرصتو‪ ،‬ثم بعد أف‬
‫فات إمكاف فرصتو جاء يطلبو (الصيف ضيعت اللبن) كأصل المثل‪ :‬أف امرأة من تميم‬
‫خطبها رجبلف أحدىما كبير في السن كلو مواشي كثيرة‪ ،‬كالثاني شاب كماشيتو قليلة‪،‬‬
‫فاختارت الشاب‪ ،‬ككانت الخطبة زمن الصيف‪ ،‬ثم طلبت بعد ذلك من الكبير الذم‬
‫ردت خطبتو لبنان فقاؿ لها‪( :‬الصيف ضيعت اللبن) كىذا االستعماؿ لعبلقة المشابهة‪،‬‬
‫بين مجموع الصورتين ‪ ،‬كإف كانت عبلقتو غير المشابهة‪ ،‬سمي مجازان مركبان مرسبلن‬
‫كقولو‪ :‬ىوام مع الركب اليمانيين مصعد‪ ... ... ... ...‬جنيب كجثماني بمكة موثق‬
‫فالبيت كبلـ خبرم أريد بو إنشاء التحسر كالتأسف ألف ما أخبر بو عن نفسو ىو سبب‬
‫التحسر كالتأسف‪ ،‬كىو مجاز مركب مرسل‪ ،‬عبلقتو السببية ألنو لم يقصد بهذا الخبر‬
‫فائدة الخبر‪ ،‬كال الزـ فائدتو‪ ،‬كالنوعاف اللذاف لم يدخبل في كبلمو ىما المجاز العقلي‬
‫كمجاز النقص كالزيادة‪.‬‬
‫أما المجاز العقلي عندىم فالتجوز فيو في اإلسناد خاصة ال في لفظ المسند إليو كال‬
‫المسند كسواء فيو كانا حقيقتين لغويتين أك مجازين مفردين أك أحدىما حقيقة كالثاني‬
‫مجازان ألف التجوز فيو في خصوص اإلسناد كقوؿ المؤمن (أنبت الربيع البقل) فالربيع‬
‫كإنبات البقل كبلىما مستعمل في حقيقتو‪ ،‬كالتجوز إنما ىو في إسناد اإلنبات إلى‬
‫الربيع كىو اهلل جل كعبل عند المتكلم ككذلك ىو في الواقع كأنكر المجاز العقلي‬
‫السكاكي كرده إلى االستعارة المكنية‪ ،‬كأما مجاز النقص عندىم (كاسأؿ القرية)‬
‫كىذا المثاؿ ذكره المؤلف مع أنو لم يدخل في تعريفو للمجاز‪ ،‬ألف جميع ألفاظو‬
‫مستعملة فيما كضعت لو‪ ،‬كالتجوز من جهة الحذؼ المغير لئلعراب‪ ،‬كمثاؿ مجاز‬
‫الزيادة عندىم ليس كمثلو شيء ‪ ،‬كقد بينا أنو ال ينبغي للمسلم أف يقوؿ إف في كتاب‬
‫اهلل مجازان كالتحقيق أف اللغة العربية ال مجاز فيها كإنما ىي أساليب عربية تكلمت‬
‫بجميعها العرب‪ ،‬كلو كلفنا من قاؿ بالوضع للمعنى الحقيقي أكالن ثم للمعنى المجازم‬
‫ثانيان بالدليل على ذلك لعجز عن إثبات ذلك عجزان الشك فيو‪ ».‬انتهى كبلمو رحمو اهلل‬

‫الحقيقة‬
‫الحقيقة لغة‪ :‬مأخوذة من الحق بمعنى الثابت على أنو بمعنى فاعل أك المثبت على أنو‬
‫بمعنى مفعوؿ‪.‬‬

‫الحقيقة لغة على كزف فعيلة‪ ،‬مأخوذة من الحق‪ ،‬كاشتقاقو من الشيء المحقق‪ ،‬كىو‬
‫المحكم‪ ،‬تقوؿ‪ " :‬ثوب محقق النسج " أم‪ :‬محكم‪.‬‬

‫كاصطبلحان‪ :‬اللفظ المستعمل فيما كضع لو ابتداء في اصطبلح التخاطب‪ ،‬كلفظ‬


‫أسد‪ ،‬في الحيواف المفترس‪ .‬كشمس في الكوكب المضيء‪ ،‬ككلمة‪..‬‬

‫يتكوف من حركؼ ىجائية‪ ،‬سواء كاف‬


‫قولو‪ " :‬اللفظ " جنس يشمل كل ما يتلفظ بو مما ا‬
‫مستعمبلن كزيد‪ ،‬أك مهمبلن كديز‪ ،‬أك حقيقة‪ ،‬أك مجازان‪.‬‬
‫قولنا‪ " :‬المستعمل " أخرج أمرين‪:‬‬
‫أكلهما‪ :‬اللفظ المهمل كديز‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬اللفظ قبل االستعماؿ؛ حيث إنو ال حقيقة كال مجازان‪.‬‬
‫قولو‪ " :‬فيما كضع لو ابتداء في اصطبلح التخاطب " أخرج المجاز؛ ألنو لفظ يستعمل‬
‫في غير ما كضع لو ابتداء في اصطبلح التخاطب كلفظ " األسد " يستعمل للرجل‬
‫الشجاع‪.‬‬
‫ك ىناؾ تعريف آخر أحسن لؤلصوليين للحقيقة كىو اللفظ المستعمل في موضوعو‬
‫األصلي‪.‬‬

‫في اصطبلح التخاطب‪ ..‬تبين لنا أصل تقسيمهم الحقيقة إلى ثبلثة أقساـ‪:‬‬
‫ُ‪ -‬لغوية ‪ -ِ ... ...‬عرفية ‪ -ّ ... ... ...‬شرعية‬
‫الحقيقة اللغوية‪ :‬ىي اللفظ المستعمل فيما كضع لو أكال في اللغة كأسد في الحيواف‬
‫المفترس‪.‬‬

‫لفظ " األسد " يفهم منو الحيواف المفترس‪ ،‬فبل ينقدح في الذىن ‪ -‬عند إطبلقو ‪ -‬إال‬
‫ىذا المعنى‪ ،‬فيكوف حقيقة‪ ،‬كىذا ىو المقصود بالحقيقة‪ ،‬كىي األسبق إلى الذىن من‬
‫الحقيقة العرفية كالشرعية‪.‬‬

‫الحقيقة العرفية‪ :‬كتكوف عامة كخاصة‪.‬‬


‫المقصود بالحقيقة العرفية ىو‪ :‬قوؿ خص في العرؼ ببعض مسمياتو كإف كاف كضعها‬
‫للجميع حقيقة‪ ،‬مثل‪ :‬لفظ " الدابة "‪ ،‬فإف كضعها بأصل اللغة لكل ما يدب على‬
‫األرض من ذم حافر كغيره‪ ،‬ثم ىجر ىذا المعنى‪ ،‬كصار في العرؼ حقيقة للفرس‪،‬‬
‫كلكل ذات حافر‪.‬‬

‫أ‪ /‬فالعرفية العامة‪ :‬ما تعارؼ عليو عامة أىل اللغة بغلبة استعماؿ اللفظ في بعض‬
‫مدلولو أك بتغليب المجاز على الحقيقة‪.‬‬
‫فاألكؿ‪ :‬أف يكوف اللفظ قد كضع في أصل اللغة لمعنى عاـ ثم خصصو العرؼ ببعض‬
‫مسمياتو كلفظ "دابة" فإف أصلو لكل ما دب على كجو األرض غير أف العرؼ خصصو‬
‫بذكات األربع‪.‬‬
‫كالثاني‪ :‬أف يكوف اللفظ في أصل اللغة لمعنى ثم يشتهر في عرؼ االستعماؿ في‬
‫المعنى المجازم بحيث ال يفهم من اللفظ عند إطبلقو غيره كلفظ " الغائط " فإنو في‬
‫أصل الوضع للمكاف المطمئن من األرض ثم نقل عنو إلى الفضلة الخارجة من‬
‫ا ًإلنساف‪ .‬ككلفظ " الراكية" فإنو في األصل للبعير الذم يستقى عليو ثم نقل عنو إًلى‬
‫المزادة‪.‬‬

‫قد يتبادر إلى الذىن سؤاؿ ك ىو‪ :‬كيف يصير االسم عرفيا؟ جوابو كما ذكر الشيخ ‪:‬‬
‫يصير االسم عرفيا باعتبارين ىما‪:‬‬
‫االعتبار األكؿ‪ :‬أف يكوف لبلسم معنياف فيستعملو أىل اللغة لمعنى كاحد فقط دكف‬
‫اآلخر‪ ،‬كيخصصونو بو‪ ،‬كيعرؼ بينهم‪.‬‬
‫مثاؿ‪ :‬اسم " الفقيو " قد خصص عرفا بالعالم ببعض األحكاـ الفقهية الشرعية‪ ،‬مع أف‬
‫كل من يفقو قوؿ اآلخر يسمى فقيها بالوضع اللغوم‪ ،‬قاؿ تعالى في ذلك‪( :‬فىم ً‬
‫اؿ‬ ‫ى‬
‫ادك ىف يىػ ٍف ىق يهو ىف ىح ًديثنا)‪.‬‬ ‫ً ً‬
‫ىى يؤىالء الٍ ىق ٍوـ ىال يى ىك ي‬
‫االعتبار الثاني‪ :‬أف يشيع استعماؿ االسم في غير ما كضع لو أصبلن‪ .‬أم‪ :‬في غير‬
‫موضوعو اللغوم‪ ،‬كيكوف بين االستعماؿ اللغوم كاالستعماؿ العرفي مناسبة‪ ،‬فيشيع‬
‫ىذا االستعماؿ بين الناس‪ ،‬بحيث ال ينكره أحد‪.‬‬
‫مثاؿ‪ :‬اسم " الراكية " كما قاؿ المؤلف ىو في أصل الوضع اللغوم يطلق على الجمل‬
‫الذم يسقى عليو الماء‪ ،‬ثم استعمل في كعاء الماء‪ ،‬كتعارؼ الناس على ىذا‬
‫االستعماؿ‪ ،‬كىذا االستعماؿ كإف كاف مجازان إال أنو اشتهر كشاع حتى صار ىو المتبادر‬
‫إلى الفهم عند إطبلؽ لفظ " الراكية "‪ ،‬كنسي المعنى األكؿ كىو الجمل الذم يسقى‬
‫عليو الماء‪.‬‬

‫ب‪ /‬كالعرفية الخاصة‪ :‬ما تعارؼ عليو بعض الطوائف من األلفاظ التي كضعها لمعنى‬
‫عندىم كتعارؼ أىل النحو على استعماؿ الرفع كالنصب كأدكات الجر في معاف‬
‫اصطلحوا عليها‪ :‬ككتعارؼ أىل الببلغة على المسند كالمسند إليو كنحو ذلك‪.‬‬

‫المقصود بالحقيقة العرفية الخاصة ما خصتو كل طائفة من األسماء بشيء من‬


‫مصطلحاتهم مثل‪ :‬اسم " النقض "‪ ،‬ك " الكسر" كنحو ذلك من قوادح القياس في‬
‫اصطبلح األصوليين‪ ،‬ك الجر ك الرفع ك النصب عند النحويين كغير ذلك مما اصطلح‬
‫عليو أرباب كل فن‪.‬‬

‫الحقيقة الشرعية‪ :‬ىي اللفظ المستعمل فيما كضع لو أكال في الشرع كالصبلة للعبادة‬
‫المخصوصة المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم‪ ،‬كٌكاإليماف‪ ،‬لبلعتقاد كالقوؿ‬
‫كالعمل‪.‬‬

‫الحقيقة الشرعية إذا ىي اللفظ المستعمل في الشريعة على غير ما كاف عليو في كضع‬
‫اللغة كالصبلة مثبلن‪ ،‬فإنها في اللغة‪ :‬الدعاء‪ ،‬فاستعمل ىذا اللفظ في الشريعة على‬
‫األقواؿ كاألفعاؿ المخصوصة‪ ،‬فصارت حقيقة فيها‪ .‬ك اختلف العلماء فيما استعملو‬
‫الشارع من ألفاظ أىل اللغة مثل‪:‬‬
‫لفظ " الصبلة "‪ ،‬ك " الصوـ "‪ ،‬ك " الزكاة "‪ ،‬ك " الحج "‪ ،‬ىل خرج بو عن كضعها‬
‫اللغوم أك ال؟ على مذاىب‪.‬‬

‫المجاز‬

‫بعدما عرؼ المؤلف الحقيقة كذكر أقسامها‪ ،‬انتقل إلى ذكر المجاز كقدمها عليو ألنها‬
‫األصل كالراجح فبل يحمل الكبلـ على المجاز إلى لقرينة مانعة من إرادة المعنى‬
‫الحقيقي كما سيأتي‪:‬‬

‫المجاز‪ :‬كىو لغة مكاف الجواز أك الجواز على أنو مصدر ميمي‪.‬‬
‫كفي االصطبلح قسماف‪ :‬لغوم كعقلي‪.‬‬
‫أ‪ /‬فالمجاز اللغوم ىو اللفظ المستعمل في غير ما كضع لو أكال لعبلقة مع‬
‫قرينة‪.‬مثالو‪ :‬لفظة "األسد" في الرجل الشجاع فإنها استعملت في غير ما كضعت لو‬
‫أكال إذا كضع األكؿ لها إنما ىو في الحيواف المفترس كاستعمالها في الرجل الشجاع‬
‫ن‬
‫بالوضع الثاني بسبب التجوز بها عن محلها األكؿ‪.‬‬
‫العبلقة كالغرض منها‪ :‬كاشتراط العبلقة يخرج استعماؿ اللفظ في غير ما كضع لو‬
‫مثبل‪ ،‬أك بطريق‬
‫بطريق السهو أك الغلط كقولك‪ :‬خذ ىذا القلم كتشير إلى كتاب ن‬
‫القصد كلك ًن ال مناسبة بين المعنيين كقولك‪ :‬خذ ىذا الكتاب أك اشتريت كتابان تريد‬
‫تفاحاى أك ثوبان إذ ال مناسبة بين الكتاب كالتفاح كال بين الكتاب كالثوب‪.‬‬
‫ً‬
‫المعنى الثاني عن طريقها‬ ‫كالغرض من العبلقة‪ :‬انتقاؿ الذىن من المعنى األكؿ إلى‬
‫فهي كالجسر للذىن يعبر عليها كما في قولك‪ :‬رأيت أس ندا يرمى‪ ،‬فإف جسر االنتقاؿ‬
‫من الحيواف المفترس إلى الرجل الشجاع إنما ىي الشجاعة التي تربط بين المعنيين في‬
‫قولك‪ :‬حيواف مفترس كرجل شجاع‪.‬‬
‫أقساـ العبلقة‪ :‬كالعبلقة إما المشابهة كمشابهة الرجل الشجاع لؤلسد في الشجاعة في‬
‫المثاؿ المتقدـ ألنها معنى مشترؾ بينهما‪.‬‬
‫كإما غير المشابهة كقولهم "بث األمير عيونان لو في المدينة" أم جواسيس‪ .‬ككل مجاز‬
‫ً‬
‫استعرت لفظ المشبو بو كأطلقتو‬ ‫عبلقتو المشابهة يسمى "استعارة " ألنك شبهت ثم‬
‫على المشبو ككل مجاز عبلقتو غير المشابهة يسمى "مجازاى مرسبل" ألنو أرسل عن قيد‬
‫المشابهة‪.‬‬
‫كالعبلقات بغير المشابهة متعددة ألنها تعم كل مناسبة أك مبلبسة بين المعنيين تصحح‬
‫نقل اللفظ من معناه األكؿ إلى الثاني كالكلية كالجزئية فاألكلى كأف تطلق الكل كتريد‬
‫الجزء كما تقوؿ‪ :‬قبضت الشرطة على اللص إذ القبض لم يحصل من جميع الشرطة‬
‫كإنما حصل من بعضهم كالثانية كإطبلؽ العين كإرادة كل ًاإلنساف في المثاؿ المتقدـ‬
‫للجاسوس‪.‬‬
‫ككالسببية أك المسببية فالمسببية أف تطلق السبب كتريد المسبب كأف تقولو‪" :‬رعينا‬
‫الغيث" كالمسببية أف تطلق المسبب كتريد السبب كأف تقوؿ‪" :‬أمطرت السماء‬
‫ربيعا"‪.‬ككالحالية بأف تطلق الحاؿ كتريد المحل أك المحلية بأف تطلق المحل كتريد‬
‫ن‬
‫الحاؿ فيو إلى غير ذلك‪.‬‬
‫كالمجاز اللغوم يكوف مفردان كمركبان‪:‬‬
‫ُ‪ /‬فالمفرد ىو‪ :‬ما كاف في اللفظ المفرد كتقدمت أمثلتو‪.‬‬
‫ِ‪ /‬كالمركب‪ :‬ما كاف في الجمل فإف كانت العبلقة فيو المشابهة سمي استعارة تمثيلية‬
‫كإال فمجاز مركب مرسل كتشبيو صورة بصورة كنقل الداؿ على الصورة المشبو بها‬
‫كإطبلقها على الصورة المشبهة كقولك لمتردد في أمر‪ :‬أراؾ تقدـ رجبل كتؤخر أخرل‪.‬‬
‫ش نفا كسوء‬
‫ىح ى‬
‫كقولك لمن جمع خصلتين ذميمتين كشرب الدخاف كحلق اللحى مثبل‪ :‬أ ى‬
‫كيلة‪.‬‬
‫ب‪ /‬المجاز العقلي‪ :‬كيكوف المجاز عقليان إذا كانت األلفاظ مستعملة في حقائقها‬
‫كلكن التجوز حصل في ا ًإلسناد كقولك‪ :‬بنى األمير القصر‪ ،‬فبنى كاألمير كالقصر‬
‫مستعملة في حقائقها كلكن التجوز حصل بنسبة البناء إلى األمير إذ الباني لو حقيقة‬
‫العماؿ‪.‬‬

‫ىذا مبحث نفيس أنقلو من كتابي «ركائع البياف في تلخيص كتاب اإلتقاف من علوـ‬
‫القرآف» أتمم فيو كبلـ المؤلف عن المجاز ك أنواعو‪:‬‬
‫اصتيوي ىم ىع‬‫س ىبلًـ ىكلىخ ٍ‬ ‫اـ ًع ُّز الدي ًن بن ىع ٍب ًد ال ا‬ ‫يف ًٍ‬
‫اإل ىم ي‬ ‫اصنً ً‬ ‫‪:‬كقى ٍد أىفٍػ ىر ىدهي بًالت ٍ‬‫قاؿ السيوطي ى‬
‫اف إًلىى مجا ًز الٍ يقر ً‬
‫آف‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ىى‬
‫از الٍ يفرس ً‬
‫اب ىس ام ٍيتيوي ىم ىج ي ٍ ى‬ ‫ات ىكثًيرةو فًي كًتى و‬ ‫اد و‬‫ًزيى ى‬
‫ى‬
‫ك يىو قًسم ً‬
‫اف‪:‬‬ ‫ى ى ٍى‬
‫سةي‬ ‫اد كالٍمج ي ً‬ ‫از ًٍ ً‬ ‫از فًي التػ ٍاركً ً‬
‫از ال ىٍع ٍقل ُّي ىك ىع ىبلقىػتيوي ال يٍم ىبلبى ى‬ ‫اإل ٍسنى ى ى ى‬ ‫س امى ىم ىج ي‬ ‫يب ىكيي ى‬ ‫ٍاأل اىك يؿ‪ :‬ال ىٍم ىج ي‬
‫ستً ًو لىوي ىك ىق ٍولً ًو تىػ ىعالىى‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ك أى ٍف يي ٍسنى ىد الٍف ٍع يل أ ٍىك ىشبىػ يهوي إًلىى غىٍي ًر ىما يى ىو لىوي أ ى‬
‫ىصالىةن ل يم ىبلبى ى‬ ‫ىكذىلً ى‬
‫ادةي ‪ -‬ك ًىي فً ٍعل اللا ًو ‪ -‬إًلىى ٍاآلي ً‬ ‫ً ً‬ ‫{كإً ىذا تيلًيى ٍ‬
‫ات‬ ‫ى‬ ‫يمانان} نيسبىت الزيى ى ى ى ي‬ ‫ادتٍػ يه ٍم إً ى‬ ‫ت ىعلىٍي ًه ٍم آيىاتيوي ىز ى‬ ‫ى‬
‫لً ىك ٍونً ىها ىسبىبنا لى ىها‬
‫ىك ىى ىذا ال ًٍق ٍس يم أ ٍىربىػ ىعةي أىنٍػ ىو واع‪:‬‬
‫ض أىثٍػ ىقالى ىها}‬‫ت األ ٍىر ي‬ ‫ص اد ًر بً ىها كىك ىقولً ًو‪{ :‬كأى ٍخرج ً‬ ‫ً‬ ‫ًً ً‬
‫ى ىى‬ ‫ى ٍ‬ ‫ىح يد ىىا‪ :‬ىما طىىرفىاهي ىحقيقيااف ىك ٍاآليىة ال يٍم ى‬ ‫أى‬
‫ت تًجارتيػهم} أىم ما ربًحوا فًيها كإًط ىٍبل يؽ الرب ًح كالتجارةً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ٍ ى ىى‬ ‫ثىان ىيها‪ :‬ىم ىجا ًزيااف نى ٍح يو‪{ :‬فى ىما ىربً ىح ٍ ى ى ي ٍ ٍ ى ى ي ى ى‬
‫يىنىا ىم ىجا هز‪.‬‬
‫ىح يد طىىرفىػ ٍي ًو ىح ًق ًيق ٌّي يدك ىف ٍاآل ىخ ًر‪.‬‬ ‫ً‬
‫ثىالثيػ ىها ىك ىرابًعي ىها‪ :‬ىما أ ى‬
‫ىم بيػ ٍرىىا نا { ىكبلا إًناػ ىها لىظىى نىػ از ى‬ ‫ًً‬ ‫ً‬
‫اعةن‬ ‫أى اما ٍاأل اىك يؿ ىكالثااني‪ :‬فى ىك ىق ٍولو‪{ :‬أ ٍىـ أىنٍػ ىزلٍنىا ىعلىٍي ًه ٍم يس ٍلطىانان} أ ٍ‬
‫اء ًم ىن الناا ًر ىم ىجا هز‪.‬‬ ‫ش ىول تى ٍدعيو} فىًإ اف ُّ‬
‫الد ىع ى‬ ‫لًل ا‬
‫ال ًٍق ٍس يم الثاانًي‪:‬‬
‫ض ىع لىوي أ اىكنال‬ ‫اؿ اللا ٍف ًظ فًي غىٍي ًر ما ك ً‬ ‫استً ٍع ىم ي‬
‫م ىك يى ىو ٍ‬ ‫از في المفرد كيسمى اللُّغى ًو ُّ‬ ‫ال ىٍم ىج ي‬
‫ى ي‬
‫ىكأىنٍػ ىواعيوي ىكثً ىيرةه‪:‬‬
‫ؼ‪.‬‬ ‫ٍح ٍذ ي‬ ‫ىح يد ىىا‪ :‬ال ى‬ ‫أى‬
‫ادةي ‪.‬‬ ‫الثاانًي‪ :‬الزيى ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ث‪ :‬إًط ىٍبل يؽ اس ًم الٍ يكل علىى ال ً‬ ‫الثاالً ي‬
‫ىصابً ىع يه ٍم في آذىان ًه ٍم} أ ٍ‬
‫ىم‬ ‫ٍج ٍزء نى ٍح يو‪{ :‬يى ٍج ىعليو ىف أ ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬
‫اد يمبىالىغىةن ًم ىن‬ ‫اإل ىشارةي إًلىى إً ٍد ىخالًها ىعلىى غىي ًر الٍم ٍعتى ً‬
‫ٍ ي‬ ‫ى‬ ‫ىصاب ًع ًٍ ى‬
‫اعبًي ًر ىع ٍنػ ىها بً ٍاأل ى ً‬ ‫ً‬
‫أىنىاملي يه ٍم ىكني ٍكتىةي التػ ٍ‬
‫ىصابً ىع‪.‬‬ ‫ً‬
‫الٍف ىرا ًر فى ىكأىناػ يه ٍم ىج ىعليوا ٍاأل ى‬
‫ب بًال ا‬ ‫وى يكم ىشطٍرهي} أىم ذىكاتي يكم إً ًذ ًاال ٍستً ٍقب ي ً‬
‫سوي نى ٍح يو‪{ :‬فىػ ىولُّوا يك يج ى ٍ ى ٍ ى ٍ‬
‫ص ٍد ًر‬ ‫ً‬
‫اؿ يىج ي‬ ‫ى‬ ‫ال اراب يع‪ :‬ىع ٍك ي‬
‫اف‪:‬‬‫ٍح ىق بً ىه ىذيٍ ًن النػاو ىع ٍي ًن ىش ٍيئى ً‬ ‫ك أيل ً‬
‫ٍ‬
‫ٍخطىأي ً‬ ‫اطئى وة} فىال ى‬ ‫اذب وة ىخ ً‬ ‫ًو ً‬ ‫ًً‬ ‫ف الٍبػ ٍع ً ً ً‬
‫ص ىفةي الٍ يكل‬ ‫ض بًص ىفة الٍ يكل ىك ىق ٍولو‪{ :‬نىاصيىة ىك ى‬ ‫ص ي ى‬ ‫ىح يد يى ىما‪ :‬ىك ٍ‬ ‫أى‬
‫ص ىفةي الٍ ىقل ً‬
‫ٍب‪.‬‬ ‫ف بً ًو الناصية عكسو كقولو‪{ :‬إًناا ًم ٍن يكم ك ًجليو ىف} كالٍوجل ً‬ ‫ص ى‬ ‫كً‬
‫ى ىى ي‬ ‫ٍى‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ض مر ن ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫{كأليبىػي ىن‬ ‫ج ىعلىٍيو قىػ ٍولىوي‪ :‬ى‬ ‫ادا بو الٍ يك ُّل ذى ىك ىرهي أىبيو عيبىػ ٍي ىدةى ىك ىخ ار ى‬ ‫ىكالثااني‪ :‬إط ىٍبل يؽ لىٍفظ بىػ ٍع و ي ى‬
‫ً ًً‬ ‫ً‬
‫ىم يكلاوي‪.‬‬ ‫ض الاذم تى ٍختىل يفو ىف فيو} أ ٍ‬ ‫لى يك ٍم بىػ ٍع ى‬
‫ً‬ ‫ٍخاص ىعلىى ال ىٍعاـ نى ٍح يو‪{ :‬إًناا ىر يس ي‬ ‫ال ى ً‬
‫ىم ير يسليوي‪.‬‬ ‫ين} أ ٍ‬ ‫وؿ ىرب ال ىٍعالىم ى‬ ‫اس ًم ال ى‬ ‫س‪ :‬إًط ىٍبل يؽ ٍ‬ ‫ٍخام ي‬
‫ين‪.‬‬ ‫ض} أ ً ً ً ً‬ ‫{كيى ٍستىػ ٍغ ًف يرك ىف لً ىم ٍن فًي األ ٍىر ً‬ ‫ال ا ً‬
‫ىم ال يم ٍؤمن ى‬ ‫سوي نى ٍح يو‪ :‬ى‬ ‫س‪ :‬ىع ٍك ي‬ ‫ساد ي‬
‫اس ًم ال ىٍمل يٍز ًكـ ىعلىى البلزـ ‪.‬‬ ‫سابً يع‪ :‬إًط ىٍبل يؽ ٍ‬ ‫ال ا‬
‫ىم ىى ٍل‬ ‫ك أى ٍف يػنػز ىؿ علىيػنا مائً ىد نة ًمن ال ا ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫س ىماء} أ ٍ‬ ‫ى‬ ‫يع ىربُّ ى ي ى ى ٍ ى ى‬ ‫{ى ٍل يى ٍستىط ي‬ ‫سوي نى ٍح يو‪ :‬ى‬ ‫الثاام ين‪ :‬ىع ٍك ي‬
‫اعةى ىعلىى ال ًٍف ٍع ًل ًألىناػ ىها ىال ًزىمةه لىوي‪.‬‬ ‫يىػ ٍف ىع يل أىطٍلى ىق ًاال ٍستًطى ى‬
‫س ىم ًاء ًرٍزقان} {قى ٍد أىنٍػ ىزلٍنىا‬ ‫{كييػنىػز يؿ لى يك ٍم ًم ىن ال ا‬ ‫ب نى ٍح يو‪ :‬ى‬ ‫سبى ً‬ ‫ب ىعلىى ال ا‬ ‫سبا ً‬ ‫ً ً‬
‫التااس يع‪ :‬إط ىٍبل يؽ ال يٍم ى‬
‫اس‪.‬‬ ‫ً‬
‫ب ىع ٍنوي الرٍز يؽ ىكاللبى ي‬ ‫سبا ي‬ ‫ىم ىمطىنرا يىػتى ى‬ ‫ىعلىٍي يك ٍم لبىاسان} أ ٍ‬
‫ب‬‫سبا ه‬
‫ًً ً‬
‫وؿ ىكال ىٍع ىم ىل بو ألىناوي يم ى‬ ‫س ٍم ىع} أ ً‬
‫ىم الٍ ىقبي ى‬ ‫{ما ىكانيوا يى ٍستى ًطيعيو ىف ال ا‬ ‫سوي نى ٍح يو‪ :‬ى‬
‫ً‬
‫ال ىٍعاش ير‪ :‬ىع ٍك ي‬
‫س ٍم ًع‪.‬‬ ‫ىع ًن ال ا‬
‫ًً‬ ‫ً‬ ‫سب ً ً ً‬ ‫ك نً ٍسبىةي ال ًٍف ٍع ًل إًلىى ىسبى ً‬ ‫كم ٍن ىذلً ى‬ ‫ً‬
‫ب ىك ىق ٍولو‪{ :‬فىأى ٍخ ىر ىج يه ىما م اما ىكانىا فيو} فىًإ اف ال يٍم ٍخ ًر ى‬
‫ج‬ ‫ب ال ا ى‬
‫ٍح ًقي ىق ًة يى ىو اللاوي تىػ ىعالىى‪.‬‬ ‫في ا ل ى‬
‫ً‬
‫ً‬ ‫شر‪ :‬تىس ًميةي ال ا ً‬ ‫ال ً‬
‫{كآتيوا الٍيىتى ىامى أ ٍىم ىوالى يه ٍم} أ ً‬
‫ىم‬ ‫اس ًم ىما ىكا ىف ىعلىٍيو نى ٍح يو‪ :‬ى‬ ‫ش ٍيء بً ٍ‬ ‫ٍحادم ىع ى ى ٍ ى‬ ‫ى‬
‫وغ‪.‬‬‫ين ىكانيوا يىػتى ىامى إً ٍذ ىال ييػ ٍت ىم بىػ ٍع ىد الٍبيػلي ً‬ ‫اً‬
‫الذ ى‬
‫ىم ًعنىبنا يىػ يؤ ي‬
‫كؿ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كؿ إًلىٍيو نى ٍح يو‪{ :‬إًني أ ىىراني أى ٍعص ير ىخ ٍمران} أ ٍ‬
‫شر‪ :‬تىس ًميتيوي بًاس ًم ما يػ يؤ ي ً‬
‫الثااني ىع ى ى ٍ ى ٍ ى ى‬
‫ً‬
‫ٍخ ٍم ًرياًة‪.‬‬
‫إًلىى ال ى‬
‫اؿ ىعلىى ال ىٍم ىحل نى ٍح يو‪{ :‬فىًفي ىر ٍح ىم ًة اللا ًو يى ٍم فً ىيها ىخالً يدك ىف}‬ ‫ٍح ً‬ ‫اس ًم ال ى‬ ‫ش ىر‪ :‬إًط ىٍبل يؽ ٍ‬ ‫ث ىع ى‬ ‫الثاالً ى‬
‫ٍجن ًاة ًألىناػ ىها ىم ىح ُّل ال ار ٍح ىم ًة‪.‬‬
‫ىم في ال ى‬
‫أ ً‬
‫ٍ‬
‫سوي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ً‬ ‫ال ارابً ىع ىع ى‬
‫ىم ىم ٍجل ى‬ ‫ىم أ ٍىى ىل نىاديو أ ٍ‬ ‫سوي نى ٍح يو‪{ :‬فىػلٍيى ٍدعي نىاديىوي} أ ٍ‬ ‫ش ىر‪ :‬ىع ٍك ي‬
‫ً‬ ‫ً و ً‬ ‫ً ً‬ ‫ًً‬ ‫شر‪ :‬تىس ًميةي ال ا ً‬ ‫ال ى ً‬
‫ين}‬ ‫سا ىف ص ٍدؽ في اآلخ ًر ى‬ ‫اج ىع ٍل لي ل ى‬ ‫{ك ٍ‬ ‫اس ًم آلىتو نى ٍح يو‪ :‬ى‬ ‫ش ٍيء بً ٍ‬ ‫س ىع ى ى ٍ ى‬ ‫ٍخام ى‬
‫أىم ثىػنىاء ح ً‬
‫سا ىف آلىتيوي ‪.‬‬ ‫سننا ألى اف الل ى‬ ‫ٍ ن ىى‬
‫يم} ىكالٍبً ى‬ ‫اب أىلً و‬
‫ضدهً نى ٍح يو‪{ :‬فىػبىش ٍريى ٍم بً ىع ىذ و‬ ‫اس وم ً‬ ‫شر‪ :‬تىس ًميةي ال ا ً‬ ‫ال ا ً‬
‫ارةي‬
‫شى‬ ‫ش ٍيء بً ٍ‬ ‫س ىع ى ى ٍ ى‬ ‫ساد ى‬
‫ص ُّح ًم ٍنوي تى ٍشبً نيها نى ٍح يو‪:‬‬ ‫ضافىةي ال ًٍف ٍع ًل إًلىى ما ىال ي ً‬
‫ى ى‬ ‫ش ىر‪ :‬إً ى‬ ‫سابً ىع ىع ى‬ ‫سار‪.‬ال ا‬ ‫ٍخبى ًر ال ا‬ ‫ىح ًقي ىقةه فًي ال ى‬
‫ٍحي تى ٍشبً نيها لً ىم ٍيلً ًو‬ ‫اإلر ى ً ً ً ً ً‬ ‫ض فىأىقى ىاموي} ك ى ً‬ ‫ً‬
‫ادة ىكى ىي م ٍن ص ىفات ال ى‬ ‫ص ىفوي ب ًٍ ى‬ ‫ى‬ ‫{ج ىداران يي ًري يد أى ٍف يىػ ٍنػ ىق ا‬
‫وع بًإى ىر ى‬
‫ادتيوي‪.‬‬ ‫لًل يٍوقي ً‬
‫الث ً‬
‫ىجلى يه ان‬ ‫ادتيوي نى ٍح يو‪{ :‬فىًإ ىذا بىػلى ٍغ ىن أ ى‬ ‫اربىػتيوي ىكإً ىر ى‬
‫ارفىػتيوي ىكيم ىق ى‬
‫شى‬ ‫اد يم ى‬‫ش ىر‪ :‬إًط ىٍبل يؽ ال ًٍف ٍع ًل ىكال يٍم ىر ي‬ ‫اام ىن ىع ى‬
‫اؾ ىال يى يكو يف بىػ ٍع ىدهي ‪.‬‬ ‫سى‬ ‫اء ال ًٍع ادةً ًألى اف ًٍ‬
‫اإل ٍم ى‬ ‫ضى‬ ‫ىم انًًق ى‬ ‫ىج ًل أ ً‬ ‫غ ٍاأل ى‬ ‫ىم قىا ىربٍ ىن بيػليو ى‬ ‫وى ان} أ ٍ‬ ‫فىأ ٍىم ًس يك ي‬
‫اد نىحو‪{ :‬ما إً اف م ىفاتًحوي لىتىػنيوء بًالٍع ٍ ً‬ ‫و‬ ‫الت ً‬
‫ىم لىتىػنيوءي‬ ‫صبىة} أ ٍ‬ ‫ي ي‬ ‫ٍب إً ٍسنى ٍ ي ى ى ى‬ ‫ٍب إً اما قىػل ي‬ ‫ش ىر‪ :‬الٍ ىقل ي‬ ‫ااس ىع ىع ى‬
‫ا‬ ‫و‬
‫ٍب‬
‫ىم فىانٍظيٍر ثي ام تىػ ىوؿ أ ٍىك قىػل ي‬ ‫ٍب ىعطٍف نى ٍح يو‪{ :‬ثي ام تىػ ىو اؿ ىع ٍنػ يه ٍم فىانٍظيٍر} ‪ ،‬أ ٍ‬ ‫الٍعي ٍ ً‬
‫صبىةي ب ىها أ ٍىك قىػل ي‬
‫تى ٍشبً ويو ‪.‬‬
‫اـ أي ٍخ ىرل ىكتى ٍحتىوي أىنٍػ ىواعه ىكثً ىيرةه‪:‬‬ ‫ً و‬ ‫ً‬
‫الٍع ٍش يرك ىف‪ :‬إًقى ىامةي صيغىة ىم ىق ى‬
‫وؿ‬‫اع ًل نى ٍحو‪{ :‬فىًإناػ يه ٍم ىع يد ٌّك لًي} كلً ىه ىذا أىفٍػر ىدهي ك ىعلىى الٍم ٍفعي ً‬ ‫ًم ٍنػها إًط ىٍبل يؽ الٍمص ىد ًر علىى الٍ ىف ً‬
‫ى ٍ ى‬ ‫ى‬
‫ى‬ ‫ى ى‬ ‫ى‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ًً‬ ‫شي وء ًمن ًعل ًٍم ًو} أ ً‬ ‫ً‬
‫وعوي‪،‬‬‫صني ى‬ ‫ىم ىم ٍ‬ ‫{ص ٍن ىع اللاو} أ ٍ‬ ‫ىم م ٍن ىم ٍعليومو‪ ،‬ي‬ ‫ٍ‬ ‫{كال ييحيطيو ىف بً ى ٍ ٍ‬ ‫نى ٍح يو‪ :‬ى‬
‫ات ٍاألىقػ ىٍو ًاؿ ىال‬ ‫ص ىف ً‬ ‫كب فً ًيو ًألى اف الٍ ىك ًذب ًمن ً‬ ‫ىم ىم ٍك يذ و‬ ‫يص ًو بً ىدوـ ىك ًذ و‬ ‫{كجاءكا ىعلىى قى ًم ً‬
‫ى ٍ‬ ‫ب} أ ٍ‬ ‫ىى ي‬
‫س ًاـ ‪.‬‬ ‫ىج ى‬ ‫ٍاأل ٍ‬
‫ص ىد ًر نىحو‪{ :‬لىيس لًوقػٍعتًها ىك ً‬ ‫اع ًل كالٍم ٍفعي ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اذبىةه} أم تكذيب‬ ‫ٍي ٍ ى ى ى ى‬ ‫وؿ ىعلىى ال ىٍم ٍ‬ ‫ىكم ٍنػ ىها إًط ىٍبل يؽ الٍ ىف ى ى‬
‫اء غىٍيػ ير ىزائً ىدةو‪.‬‬ ‫{بًأىي يكم الٍم ٍفتيو يف} أ ً ًً‬
‫ىم الف ٍتػنىةي ىعلىى أى اف الٍبى ى‬ ‫ي ى‬
‫وؿ نى ٍحو‪{ :‬م واء ىدافً وق} أىم م ٍدفي و‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وؽ‪.‬‬ ‫ٍ ى‬ ‫ىكم ٍنػ ىها إًط ىٍبل يؽ فىاع ول ىعلىى ىم ٍف يع و ي ى‬
‫سوي نى ٍح يو‪{ :‬إًناوي ىكا ىف ىك ٍع يدهي ىمأٍتًيٌان} أم آتيا‪.‬‬ ‫ىك ىع ٍك ي‬
‫{كىكا ىف الٍ ىكافً ير ىعلىى ىرب ًو ظى ًهيران} ىكًم ٍنػ ىها‬ ‫"م ٍفعيوؿ" نى ٍح يو‪ :‬ى‬
‫يل" بًم ٍعنىى ى و‬ ‫ً‬
‫ىكم ٍنػ ىها إًط ىٍبل يؽ "فىع و ى‬
‫ً‬
‫آخ ىر ًم ٍنػ ىها‬
‫ٍج ٍم ًع ىعلىى ى‬ ‫ً‬ ‫ًوً‬
‫إًط ىٍبل يؽ ىكاحد م ىن ال يٍم ٍف ىرد ىكال يٍمثىػناى ىكال ى‬
‫وى ىما فىأيفٍ ًر ىد‬ ‫ض ي‬ ‫ىم ييػ ٍر ي‬
‫ضوهي} أ ٍ‬ ‫ىح ُّق أى ٍف ييػ ٍر ي‬‫{كاللاوي ىكىر يسوليوي أ ى‬
‫ً‬
‫اؿ إًط ىٍبلؽ ال يٍم ٍف ىرد ىعلىى ال يٍمثىػناى‪ :‬ى‬
‫ً‬ ‫ًمثى ي‬
‫ً‬
‫اءيٍ ًن‬
‫ضى‬ ‫لًتى ىبل يزـ الر ى‬
‫اؿ‬‫يل ًاال ٍستًثٍػنى ًاء ًم ٍنوي ىكًمثى ي‬ ‫اس اي بً ىدلً ً‬ ‫ىم ًاألىنى ً‬ ‫سا ىف لىًفي يخ ٍس ور} أ ً‬ ‫ً ً‬
‫ٍج ٍم ًع نى ٍح يو‪{ :‬إ اف األنٍ ى‬ ‫ىك ىعلىى ال ى‬
‫ىم أىل ًٍق‪.‬‬ ‫ً ً ً‬ ‫ً ً‬
‫إط ىٍبلؽ ال يٍمثىػناى ىعلىى ال يٍم ٍف ىرد‪{ :‬أىلٍقيىا في ىج ىهن ى‬
‫ام} أ ٍ‬
‫ج ًم ٍنػ يه ىما اللُّ ٍؤلييؤ‬
‫ىحدى ىما فىػ ىق ٍط نى ٍح يو‪{ :‬يى ٍخ ير ي‬
‫كًم ٍنو يك ُّل فًع ول ني ًسب إًلىى ىشيئىػي ًن كىو ًأل ً ً‬
‫ٍ ٍ ى يى ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى ي‬
‫ب‪.‬‬ ‫ٍح يدك ىف ال ىٍع ٍذ ً‬ ‫ً‬ ‫كالٍمرجا يف} كإًناما ي ٍخرج ًمن أ ً ً‬
‫ىحدى ىما ىك يى ىو الٍمل ي‬ ‫ى ىٍ ى ى ى ى ي ي ٍ ى‬
‫س ير إًاال‬
‫ص ىر ىال يي ٍح ى‬
‫و ً‬
‫ىم ىك ارات ألى اف الٍبى ى‬ ‫ص ىر ىك ارتىػ ٍي ًن} أ ٍ‬
‫ً‬
‫ٍج ٍم ًع {ثي ام ٍارج ًع الٍبى ى‬
‫ًً‬
‫اؿ إًط ىٍبلقو ىعلىى ال ى‬ ‫ىكًمثى ي‬
‫بً ىها‪.‬‬
‫ىم أ ٍىرًج ٍعنًي ‪.‬‬ ‫ً ً‬
‫اؿ ىرب ٍارجعيوف} ‪،‬أ ٍ‬ ‫ٍج ٍم ًع ىعلىى ال يٍم ٍف ىرًد‪{ :‬قى ى‬ ‫ً‬
‫اؿ إًط ىٍبلؽ ال ى‬ ‫ىكًمثى ي‬
‫ىم قىػلٍبىا يك ىما ‪.‬‬
‫ت قيػليوبي يك ىما} أ ٍ‬ ‫صغى ٍ‬ ‫ًً‬
‫اؿ إًط ىٍبلقو ىعلىى ال يٍمثىػناى‪{ :‬فىػ ىق ٍد ى‬ ‫ىكًمثى ي‬
‫اعةي ‪.‬‬ ‫وع ًو نى ٍح يو‪{ :‬أىتىى أ ٍىم ير اللا ًو} أ ً‬ ‫اضي علىى الٍمستػ ٍقب ًل لًتح ُّق ًق كقي ً‬ ‫كًم ٍنػ ىها إًط ىٍبل يؽ الٍم ً‬
‫سى‬ ‫ىم ال ا‬ ‫ى ي ٍى ى ى ى ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫ً‬ ‫ك ىع ٍكسو ًًإلفى ى ً‬
‫ااس بًالٍبًر‬‫استى ىم ار نى ٍح يو‪{ :‬أىتىأٍ يم يرك ىف الن ى‬ ‫ادة ال اد ىك ًاـ ىكاال ٍستً ٍم ىرا ًر فى ىكأىناوي ىكقى ىع ىك ٍ‬ ‫ى يي‬
‫ٍك يسلىٍي ىما ىف} أم تلت ‪.‬‬ ‫اطين ىعلىى مل ً‬ ‫كتىػ ٍنسو ىف} {كاتاػبػعوا ما تىػ ٍتػليوا ال ا ً‬
‫ي‬ ‫شيى ي‬ ‫ى ىي ى‬ ‫ى ىٍ‬
‫وؿ‪ً ،‬ألىناوي ىح ًقي ىقةه فًي‬ ‫اع ًل أى ًك الٍم ٍفعي ً‬ ‫ك التػاعبًير ع ًن الٍمستػ ٍقب ًل بًاس ًم الٍ ىف ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫ى‬ ‫ىكم ٍن لىىواح ىق ذىل ى ٍ ي ى ي ٍ ى ى ٍ‬
‫ااس}‬
‫ك يىػ ٍوهـ ىم ٍج يموعه لىوي الن ي‬ ‫ين لىىواقً هع} {ذىلً ى‬ ‫{كإً اف الد ى‬
‫ال ى ً ً ً ً ً‬
‫ٍحاؿ ىال في اال ٍست ٍقبىاؿ نى ٍح يو‪ :‬ى‬
‫ٍحث ىعلىٍي ًو ىحتاى ىكأىناوي‬ ‫ً ً‬
‫اء يمبىالغىةن في ال ى‬ ‫ب أ ٍىم نرا أ ٍىك نىػ ٍهينا أ ٍىك يد ىع ن‬ ‫ٍخبى ًر ىعلىى الطالى ً‬‫ىكًم ٍنػ ىها إًط ىٍبل يؽ ال ى‬
‫سوي‪ ،‬نى ٍح يو‪:‬‬ ‫{كال يٍمطىلا ىق ي‬ ‫كقىع كأى ٍخبػر ىع ٍنوي نى ٍحو‪{ :‬كالٍوالً ىد ي ً‬
‫ص ىن} ىك ىع ٍك ي‬ ‫ات يىػتىػ ىربا ٍ‬ ‫ات ييػ ٍرض ٍع ىن} ى‬ ‫ي ى ى‬ ‫ى ى ى ىى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫{كإًناػ يه ٍم لى ىكاذبيو ىف} ىكالٍ ىكذ ي‬
‫ب‬ ‫{اتابعيوا ىسبيلىنىا ىكلٍنى ٍحم ٍل ىخطىايىا يك ٍم} أم كنحن حاملوف بدليل ى‬
‫إًنا ىما يى ًر يد ىعلىى ال ى‬
‫ٍخبى ًر‪،‬‬
‫ب نىحو‪{ :‬يا حسرنة ىعلىى ال ًٍعب ً‬ ‫ً ً‬
‫اد} قاؿ الفراء‪ :‬معناه‬ ‫ى‬ ‫اع ُّج ً ٍ ي ى ى ٍ ى‬ ‫ض يع الن ىداء ىم ٍوض ىع التػ ى‬ ‫منها‪ :‬ىك ى‬
‫فيالها ىح ٍس ىرنة‪.‬‬
‫ٍجن ًاة‬ ‫ات ً‬
‫ضع الٍ ىكثٍػرةً‪ ،‬نى ٍحو‪{ :‬ك يىم فًي الٍغيرفى ً‬
‫ًا ً‬ ‫ىكًم ٍنػ ىها ىك ٍ‬
‫ؼ ال ى‬
‫آمنيو ىف} ىكغي ىر ي‬ ‫ي‬ ‫ي ى ٍ‬ ‫ض يع ىج ٍم ًع الٍقلةى ىم ٍو ى ى‬
‫صى‪.‬‬
‫ىال تي ٍح ى‬
‫كء}‬‫كع ٍكسو نىحو‪{ :‬يػتػرباصن بًأىنٍػ يف ًس ًه ان ثىبلثىةى قيػر و‬
‫ي‬ ‫ى ى ي ي ٍ ي ىى ى ٍ ى‬
‫ظ‪.‬‬ ‫ىم يك ًع ى‬ ‫ً ً ً‬
‫اءهي ىم ٍوعظىةه م ٍن ىربو} أ ٍ‬ ‫ًً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىكم ٍنػ ىها تىذٍك يير ال يٍم ىؤناث ىعلىى تىأٍ ًكيلو ب يم ىذ اك ور‪ ،‬نى ٍح يو‪{ :‬فى ىم ٍن ىج ى‬
‫س ىك يى ىو يم ىذ اك هر‬ ‫يث الٍم ىذ اك ًر نىحو‪{ :‬الا ًذين ي ًرثيو ىف ال ًٍفر ىدكس يىم فًيها} أىنا ى ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ث الٍف ٍر ىد ٍك ى‬ ‫ٍ ٍ ى ٍ ى‬ ‫ىى‬ ‫ٍي‬ ‫ىكم ٍنػ ىها تىأٍن ي ي‬
‫ؼ‬
‫ث ىح ىذ ى‬ ‫"ع ٍش نرا" ىح ٍي ي‬ ‫سنى ًة فىػلىوي ىع ٍش ير أ ٍىمثىالً ىها} أنث ى‬ ‫اء بًال ى‬
‫ٍح ى‬ ‫{م ٍن ىج ى‬
‫حم نبل ىعلىى م ٍعنىى ال ً‬
‫ٍجناة ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ىٍ‬
‫ث ىك يى ىو‬ ‫اؿ إًلىى م ىؤنا و‬ ‫ضافى ًة ٍاأل ٍىمثى ً‬
‫يل ًًإل ى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ضافىتً ىها إًلىى ٍ ً‬ ‫اء ىم ىع إً ى‬
‫ي‬ ‫"األ ٍىمثىاؿ" ىك ىكاح يد ىىا يم ىذك هر فىق ى‬ ‫ال ىٍه ى‬
‫يث‪.‬‬‫ب ًم ٍنوي التاأٍنً ى‬ ‫سى‬
‫ض ًمير الٍح ً‬
‫سنىات فىا ٍكتى ى‬ ‫ى ي ىى‬
‫ىح ًد المعلومين ىعلىى ٍاآل ىخ ًر‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫كًم ٍنػها التاػ ٍغلًيب كىو إً ٍعطىاء ال ا ً‬
‫يح أ ى‬
‫يل تىػ ٍرج ي‬ ‫ش ٍيء يح ٍك ىم غىٍي ًره‪ :‬ىكق ى‬ ‫ي‬ ‫ي ى يى‬ ‫ى ى‬
‫ًً‬ ‫كإًط ىٍبل يؽ لىٍف ًظ ًو علىي ًهما إًجراء لًلٍم ٍختلً ًفين مجرل الٍمت ًاف ًقين‪ ،‬نىحو‪{ :‬كىكانى ٍ ً‬
‫ين}‬‫ت م ىن الٍ ىقانت ى‬ ‫ى ٍ ى ٍى ن ي ى ى ى ٍى ي ى ٍي ى‬ ‫ى‬
‫ت ٍاألينٍػثىى ًم ىن‬ ‫ات" فىػع اد ً‬
‫ي‬
‫ات" ك "الٍغىابًر ً‬
‫ى‬
‫ً ً‬
‫ىص يل "م ىن الٍ ىقانتى ى‬
‫ً‬
‫ين} ىك ٍاأل ٍ‬ ‫ً‬
‫ت م ىن الٍغىاب ًر ى‬
‫{إًالا امرأىتىو ىكانى ٍ ً‬
‫ٍى ي‬
‫ال يٍم ىذك ًر بً يح ٍك ًم التاػغٍلً ً‬
‫يب‪.‬‬
‫ً‬ ‫صيغى ًة ى‬ ‫وب ك ً‬ ‫ً‬ ‫كًم ٍنػها استً ٍعم ي ً ً‬
‫اح ًر ًيم ىكأ ىىد ىك ي‬
‫ات‬ ‫"ال تىػ ٍف ىع ٍل" لغىٍي ًر الت ٍ‬ ‫اؿ صيغىة "افٍػ ىع ٍل" لغىٍي ًر ال يٍو يج ً ى‬ ‫ى ى ٍ ى‬
‫ارجي ىكالن ىد ًاء لًغىٍي ًرىىا ‪.‬‬ ‫امني ىكالتػ ى‬
‫ب التاص ُّوًر كالت ٍ ً‬
‫اصد ًيق ىكأ ىىداةي الت ى‬
‫ً ً ً‬
‫اال ٍست ٍف ىه ًاـ لغىٍي ًر طىلى ً ى ى‬
‫كؼ ك ٍاألىفٍػ ىع ً‬‫شي ًء كي يكو يف فًي ال ً‬ ‫ض ًمين كىو إً ٍعطىاء ال ا ً‬ ‫ً‬
‫اؿ‬ ‫ٍح ير ى‬ ‫ي‬ ‫ش ٍيء ىم ٍعنىى ال ا ٍ ى ى‬ ‫ي‬ ‫ىكم ٍنػ ىها التا ٍ ي ى ي ى‬
‫ىس ىم ًاء‬
‫ىك ٍاأل ٍ‬
‫ٍجر ىكغىٍي ًرىىا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كؼ فىػتىػ ىق اد ىـ في يح يركؼ ال ى‬ ‫ٍح ير ي‬ ‫أى اما ال ي‬
‫آخ ىر فىػيى يكو يف فً ًيو ىم ٍعنىى ال ًٍف ٍعلىٍي ًن ىم نعا‬
‫ض ام ىن فً ٍع هل ىم ٍعنىى فً ٍع ول ى‬ ‫اؿ فىأى ٍف يي ى‬ ‫ىكأى اما ٍاألىفٍػ ىع ي‬
‫اؿ أ ٍىىل اللُّغى ًة كقىػوـ ًمن النُّحاةً التػاو ُّسع فًي الٍحر ً‬
‫اؿ‬
‫ؼ ىكقى ى‬ ‫ىٍ‬ ‫ى ي‬ ‫ى ٍه ى ى‬ ‫ىكا ٍختىػلى يفوا أىيُّػ يه ىما أ ٍىكلىى فىػ ىق ى ي‬
‫اد اللا ًو}‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الٍم ىحق يقو ىف التػاو ُّس يع فًي ال ًٍف ٍع ًل ًألىناوي فًي ٍاألىفٍػ ىع ً‬
‫ب بً ىها عبى ي‬ ‫اؿ أى ٍكثىػ ير مثىاليوي ى‬
‫{ع ٍينان يى ٍش ىر ي‬ ‫ى‬ ‫ي‬
‫ض ًمينً ًو ىم ٍعنىى "يركم" ك "يىػلٍتى ُّذ" أ ٍىك‬ ‫ب إًنا ىما يىػتىػ ىع ادل بً ًم ٍن فىػتىػ ٍع ًديىػتيوي بًالٍبى ًاء إً اما ىعلىى تى ٍ‬ ‫فىػيى ٍش ىر ي‬
‫ض ًمي ًن الٍبى ًاء ىم ٍعنىى "من"‪.‬‬ ‫تى ٍ‬
‫{ح ًقي هق‬ ‫ً‬ ‫ض امن اسم معنىى اس وم ًًإلفى ى ً‬ ‫كأى اما فًي ٍاأل ً‬
‫ادة ىم ٍعنىى اال ٍس ىم ٍي ًن ىم نعا نى ٍح يو ى‬ ‫ىس ىماء فىأى ٍف يي ى ى ٍ ه ى ٍ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬
‫يص" لًييًفي ىد أىناوي ىم ٍح يقو هؽ‬ ‫"ح ًر ه‬ ‫"حقي هق" ىم ٍعنىى ى‬
‫ضمن ً‬
‫ٍحقا} ي ى ى‬
‫ً‬
‫وؿ ىعلىى اللاو إًالا ال ى‬ ‫ىعلىى أى ٍف ىال أىقي ى‬
‫ٍح ًقي ىق ًة‬ ‫ظ لىم ي ى ً‬ ‫ض ًمين مج ن ً‬ ‫ً‬
‫وض ٍع لل ى‬ ‫ازا ألى اف اللا ٍف ى ٍ ي‬ ‫يص ىعلىٍيو ىكإًنا ىما ىكا ىف التا ٍ ي ى ى‬ ‫ٍحق ىك ىح ًر ه‬ ‫بًىق ٍوًؿ ال ى‬
‫ٍج ٍم يع بىػ ٍيػنىػ يه ىما جائز‪.‬‬ ‫ىكال ىٍم ىجا ًز ىم نعا فىال ى‬
‫فائدة‪:‬‬
‫ف فًي ىعد ىىا ًم ىن ال ىٍم ىجا ًز‪:‬‬ ‫فًي أىنٍػو واع م ٍختىػلى و‬
‫ى ي‬
‫ىك ًى ىي ًستاةه‬
‫اؿ اللا ٍف ًظ‬‫استً ٍع ىم ي‬
‫از ٍ‬ ‫ور أىناوي ًم ىن ال ىٍم ىجا ًز ىكأىنٍ ىك ىرهي بىػ ٍع ي‬
‫ض يه ٍم ًألى اف ال ىٍم ىج ى‬ ‫ؼ فىالٍ ىم ٍش يه ي‬ ‫ٍح ٍذ ي‬
‫ىح يد ىىا‪ :‬ال ى‬‫أى‬
‫ك‪.‬‬ ‫س ىك ىذلً ى‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫ى‬ ‫ؼ‬‫ي‬ ‫ذ‬
‫ٍ‬ ‫ٍح‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫ك‬ ‫و‬ ‫ض ً‬
‫وع ً‬ ‫فًي غىٍي ًر ىم ٍو ي‬
‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫يح أىناوي ىح ًقي ىقةه‬
‫صح ي‬
‫ادهي ٍاألى اك يؿ كال ا ً‬
‫ى‬ ‫الثاانًي‪ :‬التاأٍكًي يد ىز ىع ىم قىػ ٍوهـ أىناوي ىم ىجا هز ًألىناوي ىال ييًفي يد إًاال ىما أىفى ى‬
‫ب‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫ال اراب يع الٍكنىايىةي ىكف ىيها أ ٍىربىػ ىعةي ىم ىذاى ى‬
‫ت فًيما ك ً‬ ‫اىر ًألىناػ ىها ٍ ً‬ ‫اً‬ ‫اؿ ابٍ ين ىع ٍب ًد ال ا ً‬ ‫ىح يد ىىا‪ :‬أىناػ ىها ىح ًقي ىقةه قى ى‬
‫ت لىوي‬ ‫ض ىع ٍ‬ ‫استيػ ٍعملى ٍ ى ي‬ ‫س ىبلـ ىك يى ىو الظ ي‬ ‫أى‬
‫ىكأي ًري ىد بً ىها الد ىاللىةي ىعلىى غىٍي ًرهً‪.‬‬
‫الثاانًي‪ :‬أىناػ ىها ىم ىجا هز‪.‬‬
‫يص لً ىم ٍن ًع ًو فًي ال ىٍم ىجا ًز أى ٍف‬ ‫ٍخ ً‬ ‫احب التاػل ً‬ ‫ث‪ :‬أىناػها ىال ح ًقي ىقةه كىال مجا هز كإًلىي ًو ذىىب ً‬ ‫ً‬
‫ص ي‬ ‫الثاال ي ى ى ى ى ى ى ٍ ى ى ى‬
‫ٍح ًق ًيق ُّي ىم ىع المجازم كتجويزه ذلك فيو‪.‬‬ ‫اد ال ىٍم ٍعنىى ال ى‬ ‫ييػ ىر ى‬
‫الس ٍب ًكي أىناػ ىها تىػ ٍنػ ىق ًس يم إًلىى ىح ًقي ىق وة ىكىم ىجا وز فىًإ ًف‬‫ش ٍي ًخ تىًقي الدي ًن ُّ‬ ‫ار ال ا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ال اراب يع‪ :‬ىك يى ىو ا ٍختيى ي‬
‫ضا فىػ يه ىو ىح ًقي ىقةه ىكإً ٍف لى ٍم يي ًرًد ال ىٍم ٍعنىى‬ ‫ادا ًم ٍنوي ىال ًزىـ ال ىٍم ٍعنىى أىيٍ ن‬‫ظ فًي ىم ٍعنىاهي يم ىر ن‬ ‫ٍت اللا ٍف ى‬ ‫استىػ ٍع ىمل ى‬
‫ٍ‬
‫بى ٍل ىعباػ ىر بًال ىٍمل يٍز ًكـ ىع ًن ا‬
‫البل ًزًـ فىػ يه ىو ىم ىجا هز ‪.‬‬
‫ٍخ ًامس‪ :‬التاػ ٍق ًديم كالتاأ ًٍخير ىع ادهي قىػ ٍوهـ ًمن الٍم ىجا ًز ًألى اف تىػ ٍق ًديم ىما رتٍػبىتيوي التاأ ًٍخير ىكالٍم ٍفعي ً‬
‫وؿ‬ ‫ي ى‬ ‫ى ي‬ ‫ى ى‬ ‫ي‬ ‫يى‬ ‫ال ى ي‬
‫اح ود ًم ٍنػ يه ىما ىع ٍن ىم ٍرتىػبىتً ًو ىك ىحق ًو‪.‬‬
‫اع ًل نىػ ٍقل لً يكل ك ً‬
‫ى‬ ‫ه‬
‫كتىأ ًٍخير ما رتٍػبتو التاػ ٍق ًديم ىكالٍ ىف ً‬
‫ي‬ ‫ى ى ى ي ىي ي‬
‫الس ٍب ًك ُّي‪ :‬لى ٍم أ ىىر ىم ٍن ذى ىك ىر ىى ٍل يى ىو ىح ًقي ىقةه أ ٍىك‬ ‫ش ٍي يخ بىػ ىهاءي الدي ًن ُّ‬ ‫اؿ ال ا‬ ‫ات قى ى‬‫س‪ً :‬االلٍتً ىف ي‬ ‫ال ا ً‬
‫ساد ي‬
‫ث لى ٍم يى يك ٍن ىم ىعوي تى ٍج ًري هد‪.‬‬‫اؿ ىك يى ىو ىح ًقي ىقةه ىح ٍي ي‬ ‫ىم ىجا هز قى ى‬

‫األمر‬
‫يطلق لفظ األمر إطبلقين‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬على طلب الفعل كقولو تعالى‪{ :‬كأمر أىلك بالصبلة} كىذا األمر يجمع على‬
‫أكامر‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬على الفعل كالحاؿ كالشأف كقولو تعالى‪{ :‬كشاكرىم في األمر}‬
‫كىذا األمر يجمع على أمور كالمراد ىنا‪ :‬األكؿ لما فيو من الطلب‪.‬‬

‫عقد المؤلف ىذا الباب لؤلمر‪ ،‬كاألمر‪ :‬مصدر أمر بالشيء إذا طلب كقوعو‪ ،‬كىو يطلق‬
‫بقيد شيء‪ ،‬أم‪ :‬بقيد الجزـ‪ ،‬كبقيد ال شيء‪ ،‬أم‪ :‬بقيد عدـ الجزـ‪ ،‬كال بقيد شيء‪،‬‬
‫أم‪ :‬من غير تعرض لذكر الجزـ أك نفيو‪ ،‬فاألكؿ‪ :‬كىو ما أطلق بقيد شيء‪ :‬ىو األمر‬
‫الداؿ على الوجوب‪.‬‬
‫كالثاني‪ :‬كىو ما أطلق بقيد ال شيء‪ .‬أم‪ :‬بقيد عدـ الجزـ‪ :‬كىو األمر الداؿ على‬
‫الندب‪.‬‬
‫كالثالث‪ :‬كىو ما أطلق ال بقيد شيء‪.‬أم‪ :‬ال بقيد الجزـ كال عدمو‪ :‬ىو األمر المطلق‪،‬‬
‫ككل ىذه يبحثها األصوليوف‪.‬‬

‫كاألمر في االصطبلح‪ :‬استدعاء فعل بالقوؿ الداؿ عليو على سبيل االستعبلء كأكثر‬
‫ً‬
‫العاص‬ ‫األصوليين ال يشترط العلو كال االستعبلء في األمر كاستشهدكا بقوؿ عمرك بن‬
‫لمعاكية‪:‬‬
‫أمرتك أمران جازماى فعصيتني ككاف من التوفيق قتل ابن ىاشم‬
‫ككاف خارجان على معاكية فظفر بو ثم عفا عنو‪ ،‬فخرج عليو مرة أخرل‪ ،‬كمعلوـ أنو ليس‬
‫ىناؾ علو كال استعبلء من عمرك على معاكية‪ ،‬ككذلك قولو تعالى حكاية عن فرعوف‬
‫لقومو‪{ :‬فماذا تأمركف} ‪.‬‬
‫كيمكن أف يجاب عن ذلك بأنو حين منحهم سلطة إبداء الرأم كاف ذلك إعبلء لهم‪.‬‬

‫األمر ‪ :‬قوؿ طلب الفعل على كجو االستعبلء ‪ ،‬مثل ‪ ) :‬كأقيموا الصبلة كآتوا الزكاة (‬
‫فخرج بقولنا ‪« :‬قوؿ» اإلشارة ك الكتابة ‪ ،‬فبل تسمي أمرا‪ ،‬كإف أفادت معناه ‪.‬‬
‫كخرج بقولنا ‪«:‬طلب الفعل» النهي‪ ،‬ألنو طلب ترؾ‪ ،‬كالمراد بالفعل اإليجاد ‪،‬فيشمل‬
‫القوؿ المأمور بو ‪ ،‬فإذا قلت لك ‪ :‬قل ال إلو إال اهلل فهذا أمر أف توجد ىذا القوؿ ‪.‬‬
‫كخرج بقولنا ‪ « :‬على كجو االستعبلء» االلتماس كالدعاء كغيرىما مما يستفاد من‬
‫صيغة األمر بالقرائن ‪.‬‬
‫فعلى ىذا يعتبر االستعبلء‪ ،‬كىو قوؿ أبي الخطاب ‪ ،‬كالموفق ‪ ،‬كأبي محمد الجوزم ‪،‬ك‬
‫الطوفي ‪ ،‬كابن مفلح ‪ ،‬كابن قاضي الجبل ‪ ،‬كابن برىاف ‪ ،‬كالفخر الرازم ‪ ،‬ك اآلمدم ‪،‬‬
‫كغيرىم ‪ ،‬كأبي الحسين من المعتزلة ‪ ،‬كصححو ابن الحاجب كغيره ‪.‬‬
‫قاؿ في «شرح التحرير » ‪« :‬كاعتبر أكثر أصحابنا ‪ ،‬منهم القاضي ‪ ،‬كابن عقيل ‪ ،‬كابن‬
‫البناء ‪ ،‬كالفخر إسماعيل ‪ ،‬كالمجد بن تيمية ‪ ،‬كابن حمداف كغيرىم كنسبو ابن عقيل‬
‫في « الواضح» إلي المحققين ‪ ،‬كأبو الطيب الطبرم ‪ ،‬كأبو إسحاؽ الشيزارم‬
‫‪،‬كالمعتزلة ‪ :‬العلو ‪ ،‬فأمر المساكم لغيره يسمي عندىم التماسا ‪ ،‬ك األدكف سؤاال ‪.‬‬
‫كاعتبر االستعبلء كالعلو معا ابن القشيرم كالقاضي عبد الوىاب المالكي‪.‬‬
‫كاالستعبلء ‪ :‬طلب بغلظة ‪ ،‬كالعلو ‪ :‬كوف الطالب أعلى رتبة ‪.‬قاؿ القرافي في «التنقيح‬
‫» ‪ « :‬االستعبلء ىيئة في األمر من الترفع أك إظهار األمر ‪ ،‬كالعلو يرجع إلي ىيئة اآلمر‬
‫من شرفو كعلو منزلتو بالنسبة إلي المأمور » اىػ ‪.‬‬

‫صيغو‬

‫ىل لؤلمر صيغة موضوعة لو في اللغة ؟ اختلف األصوليوف في ذلك على قولين ك‬
‫الراجح الذم عليو الدليل ما اختاره المؤلف ك ىو مذىب جمهور العلماء ألف العرب‬
‫قد كضعوا لما ال ييحتاج إليو كثيران أسماء كاألسد‪ ،‬كالهر‪ ،‬كالخمر‪ ،‬فمن باب أكلى أف‬
‫يضعوا صيغة لؤلمر تدؿ عليو‪ ،‬كذلك ألف الحاجة داعية إلى معرفة األمر‪ ،‬لكثرة‬
‫ى‬
‫مخاطبات الناس عن طريقو‪ ،‬حيث ال يمكن أف يتخاطبوا بغير صيغة‪ ،‬فدؿ ىذا على‬
‫أنهم كضعوا لو صيغة ىي‪ " :‬افعل "‪.‬‬
‫كألف السيد لو قاؿ لعبده‪ " :‬اسقني ماء " فلم يسقو‪ ،‬فإنو يستحق عند عقبلء أىل اللغة‬
‫الذـ كالتوبيخ‪ ،‬فلو لم تكن ىذه الصيغة موضوعة لؤلمر لما استحق ذلك‪.‬‬
‫كبناء على ذلك‪ :‬فإنو إذا كرد لفظ‪ " :‬افعل " في الكتاب كالسنة فإنو ظاىر؛ حيث إنو‬
‫لو معنياف ىما‪ :‬إفادتو لؤلمر " ك " عدـ إفادتو لو " كيرجح األكؿ‪ ،‬كىو إفادتو لؤلمر‬
‫بدكف قرينة‪ ،‬كيعمل‪.‬‬
‫قاؿ المؤلف‪:‬‬

‫كلؤلمر صيغ تدؿ على طلب الفعل إذا تجردت عن القرائن الصارفة عنو كىي أربع‪:‬‬
‫ُ‪ /‬فعل األمر‪ :‬مثل‪ :‬أقم الصبلة‪ ،‬استغفركا ربكم‪ ،‬يا أيها النبي جاىد الكفار‬
‫كالمنافقين‪.‬‬
‫فصيغة فعل األمر قد تكوف من الثبلثي كإفعل‪ ،‬أك من الرباعي كعلم كأكرـ‪ ،‬أك من‬
‫الخماسي مثل‪ :‬انطلق تعلام‪ ،‬أك من السداسي كاستخرج كاستنبط‪.‬‬

‫ِ‪ /‬المضارع المجزكـ ببلـ األمر‪ :‬مثل قولو تعالى‪{ :‬ثم ليقضوا تفثهم كليوفوا نذكرىم‬
‫كليطوفوا بالبيت العتيق} ‪.‬‬

‫الفعل المضارع المقترف ببلـ األمر نحو‪ :‬لتقم كلتنطلق كلتتعلم‪ ،‬فهو صيغة لؤلمر أيضان‬
‫مثل قولو تعالى‪( :‬فليحذر الذم يخالفوف عن أمره) ك قولو تعالى {لًتيػ ٍؤًمنيوا بًاللا ًو‬
‫ىكىر يسولً ًو}‪.‬‬

‫ّ‪ /‬اسم فعل األمر‪ :‬مثل قولو تعالى‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم}‬

‫حي على الصبلة‪..‬‬


‫ك نحو قوؿ المؤذف‪ٌ :‬‬

‫ْ‪ /‬المصدر النائب عن فعل األمر‪ :‬مثل قولو تعالى‪{ :‬فضرب الرقاب} ‪.‬‬
‫صيغ تفيد ما تفيده صيغ األمر‬
‫تقدـ ذكر صيغ األمر األصلية‪ ،‬كىناؾ صيغ أخرل تدؿ على األمر بالشيء كطلب‬
‫إيجاده كمن ىذه الصيغ‪ :‬التصريح بلفظ األمر مثل‪ :‬آمركم كأمرتكم أنتم مأموركف؟‬
‫ككذا التصريح باإليجاب؛ كالفرض كالكتب؛ كلفظة حق على العباد كعلى المؤمنين؛‬
‫ككذا ما فيو ترتيب الذـ كالعقاب على الترؾ أك إحباط العمل بالترؾ كنحو ذلك‪.‬‬
‫ىذا ىو رأل الجمهور كاستدلوا بإجماع أىل اللغة على تسمية ذلك أمران فإف السيد إذا‬
‫قالت لعبده‪" :‬اعطني كذا " عد آمران كعد العبد مطيعان إف فعل كعاصيان إف ترؾ‪.‬‬
‫كذىب األشاعرة كمن كافقهم إلى أف األمر ليست لو صيغة لفظية ألف الكبلـ عندىم‬
‫المعنى القائم بالنفس دكف اللفظ كإنما جعل اللفظ ليعبر بو عن المعنى النفسي كيدؿ‬
‫عليو‪ .‬كىذا الرأم باطل لمخالفة الكتاب كالسنة‪.‬‬
‫أما الكتاب فقولو تعالى لزكريا‪{ :‬آيتك أال تكلم الناس ثبلث لياؿ سويان} فإنو لم يسم‬
‫المعنى الذم قاـ بنفس زكريا كأفهمو قومو باإلشارة إليهم‪ :‬كبلما‪.‬‬
‫كأما السنة فقولو صلى اهلل عليو كسلم‪" :‬إف اهلل تجاكز ألمتي ما حدثت أنفسها ما لم‬
‫تتكلم بو أك تعملو"‪ ،‬ففرؽ بين المعنى القائم بالنفس كالكبلـ كأخبر برفع المؤاخذ ٍة في‬
‫األكؿ دكف الثاني‪.‬‬

‫من أىم األدلة التي استدؿ بها األشاعرة ك من كافقهم قولهم أف ىذه الصيغة ‪ -‬كىي‪:‬‬
‫" افعل " ‪ -‬إما أف تثبت أنها لؤلمر عن طريق العقل‪ ،‬أك النقل‪ .‬فإف زعمتم أنها ثبتت‬
‫لؤلمر عن طريق العقل‪ ،‬فهذا باطل؛ ألف العقل ال مدخل لو في اللغات‪ ،‬كإف زعمتم أنها‬
‫ثبتت لؤلمر عن طريق النقل‪ ،‬فهذا باطل ‪ -‬أيضا ‪-‬؛ ألف النقل قسماف‪ " :‬متواتر "‬
‫ك"آحاد"‪.‬‬
‫فإف زعمتم أنها ثبتت لؤلمر عن طريق التواتر فهذا باطل؛ ألنو لو ثبت ذلك عن ىذا‬
‫الطريق‪ :‬لعلمناه بالضركرة كما علمتموه‪ ،‬كلكننا لم نعلمو فثبت أنو لم تثبت أنها لؤلمر‬
‫عن التواتر‪ .‬كإف زعمتم أنها ثبتت لؤلمر عن طريق اآلحاد فهذا باطل؛ ألف اآلحاد ال‬
‫تثبت بو قاعدة أصولية كهذه القاعدة كىي‪ :‬أف " افعل " صيغة لؤلمر؛ حيث إف اآلحاد‬
‫ال يفيد إال الظن‪ ،‬كالقاعدة األصولية قطعية‪ ،‬كالظني ال يثبت القطعي‪ ،‬إذف‪ :‬ال أصل‬
‫إلثبات ىذه الصيغة‪.‬‬
‫يمكننا أف نجيب عنو بأجوبة‪:‬‬
‫الجواب األكؿ‪ :‬أف ىذا الدليل يقتضي المطالبة بالدليل على أف"افعل " صيغة لؤلمر‪،‬‬
‫كىذا باطل؛ ألمرين‪:‬‬
‫األمر األكؿ‪ :‬أف المطالبة بالدليل ليس بدليل‪.‬‬
‫األمر الثاني‪ :‬على فرض أف المطالبة بالدليل دليل فإنا قد أقمنا أدلة على أف ىذه‬
‫الصيغة لؤلمر‪ ،‬كذلك من إجماع عقبلء العرب كأىل اللساف على ذـ العبد إذا خالف‬
‫ىذه الصيغة‪ ،‬كالذـ على المخالفة دليل على أنها تختص باألمر‪ ،‬كأف أىل اللغة قد‬
‫ف ارقوا بين األمر كالنهي كالخبر كاالستخبار في أف كل كاحد منها لو صيغة تخصو‪،‬‬
‫كأف " افعل " لؤلمر ‪ -‬كما سبق ‪ -‬كغير ذلك من األدلة‪ ،‬كال يمكن لكم أف تنكركا‬
‫تلك األدلة‪ ،‬كمن أنكرىا فهو معاند‪.‬‬
‫الجواب الثاني‪ :‬قولكم‪ " :‬إف الظني ال يثبت القواعد األصولية؛ ألنها قطعية " ال‬
‫نسلمو‪ ،‬بل ىذا فيو تفصيل‪ :‬فإف كانت القاعدة علمية‪ ،‬فبل تثبت بالظني‪.‬‬
‫كإف كانت القاعدة عملية أك كسيلة إلى العمل كهذه القاعدة‪ ،‬فإنها تثبت بالظني؛ قياسان‬
‫على الفركع‪.‬‬
‫الجواب الثالث‪ :‬أنا نقلب ىذا الدليل عليكم‪ :‬فأنتم قلتم‪ :‬إف"افعل " مشتركة بين األمر‬
‫كغيره‪ ،‬فمن أين أثبتم ذلك‪ :‬فإف قلتم‪ :‬ثبت ذلك عن طريق العقل فهذا باطل؛ لما‬
‫سبق‪ ،‬كإف قلتم‪ :‬ثبت ذلك عن طريق النقل‪ ،‬فهذا باطل أيضان؛ لما سبق‪ ،‬فأم جواب‬
‫لكم يكوف ىو جوابنا‪.‬‬

‫الحكم الذم تقتضيو صيغة األمر عند ا ًإلطبلؽ‬

‫عقد المؤلف ىذا المبحث لبياف الحكم الذم تدؿ عليو صيغة األمر عند اإلطبلؽ ك‬
‫التجرد من القرينة فقاؿ‪:‬‬

‫إذا كردت صيغة األمر مجردة عن القرائن الدالة على المراد بها اقتضت الوجوب كىو‬
‫قوؿ الجمهور كعليو دلت األدلة كقولو تعالى ًإلبليس‪{ :‬ما منعك أال تسجد إذ‬
‫أمرتك} كقولو‪{ :‬كإذا قيل لهم اركعوا ال يركعوف} كقولو‪{ :‬فليحذر الذين يخالفوف عن‬
‫أمره أف تصيبهم فتنة أك يصيبهم عذاب أليم} كقولو‪{ :‬أفعصيت أمرم} كقولو‪{ :‬كما‬
‫كاف لمؤمن كال مؤمنة إذا قضى اهلل كرسولو أمران أف يكوف لهم الخيرة من أمرىم} إلى‬
‫غير ذلك إذ ال خبلص للمأمور من الوعيد كال نجاة لو من العذاب كال من عار‬
‫العصياف إال باالمتثاؿ كيدؿ لذلك أيضان أف الصحابة رضي اهلل عنهم كانوا يستدلوف‬
‫باألمر على الوجوب كلم يقع بينهم خبلؼ في ذلك فكاف إجماعان ككذلك إطباؽ أىل‬
‫اللغة على ذـ العبد الذم ًلم يمتثل أمر سيده ككصفو بالعصياف‪ ،‬كال يذـ كيوصف‬
‫بالعصياف إال من كاف تاركا لواجب عليو‪.‬‬

‫صيغى ًة "افٍػ ىع ٍل" ىكىما في معناىا ىى ٍل ًىي ىح ًقي ىقةه فًي ال يٍو يج ً‬
‫وب‪ ،‬أ ٍىك فً ًيو‬ ‫ف األصوليوف فًي ً‬ ‫ا ٍختىػلى ى‬
‫ى‬
‫ىم ىع غىٍي ًرهً‪ ،‬أ ٍىك فًي غىٍي ًرهً؟‬
‫ب‬ ‫اج ً‬ ‫وب فىػ ىق ٍط‪ ،‬كص اححوي ابٍن الٍح ً‬
‫ى ى ى ي ى‬ ‫ور إًلىى أىناػ ىها ىح ًقي ىقةه فًي ال يٍو يج ً‬‫ٍج ٍم يه ي‬
‫ب ال ي‬ ‫فى ىذ ىى ى‬
‫ٍحقُّ‪.‬‬ ‫م‪ :‬ىك يى ىو ال ى‬ ‫اؿ ال ارا ًز ُّ‬ ‫م‪ .‬قى ى‬ ‫ضا ًك ٌ‬ ‫ىكالٍبىػ ٍي ى‬
‫ىص ىحابً ًو‪.‬‬‫م ىعلىى أ ٍ‬ ‫يل‪ :‬ىك يى ىو الا ًذم أ ٍىم ىبلهي ٍاألى ٍش ىع ًر ُّ‬ ‫كذى ىكر الٍجوينً ُّي أىناوي م ٍذ ىىب ال ا ً ً ً‬
‫شافعي‪ ،‬ق ى‬ ‫ى ي‬ ‫ى ى يىٍ‬
‫شافً ًعي‪ :‬أىناػ ىها ىح ًقي ىقةي‬ ‫اعةه ًم ىن الٍ يف ىق ىه ًاء‪ ،‬ىك يى ىو ًرىكايىةي ال ا‬ ‫اش وم‪ ،‬ىك ىعا امةي ال يٍم ٍعتى ًزلى ًة‪ ،‬ىك ىج ىم ى‬ ‫اؿ أىبو ىى ً‬
‫ىكقى ى ي‬
‫ضوعه لًل يٍو يج ً‬
‫وب‬ ‫م كالقاضي‪ :‬بالوقف‪ ،‬فقيل‪ :‬إنهما تىػ ىوقاػ ىفا فًي أىناوي ىم ٍو ي‬ ‫اؿ ٍاألى ٍش ىع ًر ُّ‬
‫ب‪ .‬ىكقى ى‬ ‫النا ٍد ً‬
‫أصبل‪.‬‬‫يل تىػ ىوقاػ ىفا بًأى ٍف قى ىاال‪ :‬ىال نى ٍد ًرم بً ىما يى ىو حقيقة فيو ن‬ ‫ً ً‬
‫ىكالنا ٍدب‪ ،‬ىكق ى‬
‫ً‬ ‫يح" ع ًن الٍغىزالًي‪ ،‬كجم و ً‬
‫ين‪ ،‬أىناػ يه ٍم ىذ ىىبيوا إًلىى‬ ‫اعة م ىن ال يٍم ىحقق ى‬ ‫س ٍع يد فًي "التاػ ٍل ًو ً ى ى ى ى ى ى‬ ‫ىك ىح ىكى ال ا‬
‫ٍف فًي‬ ‫ضا ىع ًن ابٍ ًن يس ىريٍ وج ال ىٍوق ي‬ ‫وع لىوي ىح ًقي ىقةن‪ ،‬ىك ىح ىكى أىيٍ ن‬ ‫ض ً‬ ‫ٍف فًي تىػ ٍعيًي ًن ال ىٍم ٍعنىى ال ىٍم ٍو ي‬ ‫الٍوق ً‬
‫ى‬
‫ضوعه‬ ‫وع لىوي ًع ٍن ىدهي؛ ًألىناوي ىم ٍو ي‬ ‫ض ً‬‫اؿ‪ ،‬ىال فًي تىػ ٍعيًي ًن ال ىٍم ٍو ي‬ ‫تىػ ٍعيًي ًن الٍم ٍعنىى الٍمر ًاد ًع ٍن ىد ًاال ٍستً ٍعم ً‬
‫ى‬ ‫يى‬ ‫ى‬
‫يد‪ .‬ىكقًيل‪ :‬أىناػ ىها يم ٍشتىػرىكةه بىػ ٍي ىن ال يٍو يج ً‬
‫وب‬ ‫اه ًد ً‬
‫اح ًة ىكالتػ ٍ‬ ‫ب‪ ،‬ىك ًٍ‬ ‫وب ىكالنا ٍد ً‬ ‫اؾ لًل يٍو يج ً‬ ‫ًع ٍن ىدهي بً ًاال ٍشتًر ً‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫اإلبى ى‬ ‫ى‬
‫يل‪ :‬إًناػ ىها يم ٍشتىػ ىرىكةه ا ٍشتً ىرا نكا‬ ‫ً‬ ‫و‬ ‫ب ا ٍشتًرا نكا لىٍف ًظياا‪ ،‬ك يىو قىػو يؿ ال ا ً ً ً‬ ‫ىكالنا ٍد ً‬
‫شافعي في ًرىكايىة ىع ٍنوي‪ .‬ىكق ى‬ ‫ى ى ٍ‬ ‫ى‬
‫وعةه لً ٍل ىق ٍد ًر ال يٍم ٍشتىػ ىر ًؾ بىػ ٍي ىن‬
‫ض ى‬ ‫يل‪ :‬إًناػ ىها ىم ٍو ي‬ ‫اإلب ً ً‬
‫احة‪ .‬ىكق ى‬ ‫ب ىك ًٍ ى ى‬ ‫وب ىكالنا ٍد ً‬ ‫لىٍف ًظياا بىػ ٍي ىن ال يٍو يج ً‬
‫اح ًري ًر إًلىى‬ ‫ً‬ ‫ب‪ ،‬ك يىو الطالىب‪ :‬أىم تىػرًج ً‬
‫ًح الت ٍ‬ ‫سبىوي ىشار ي‬ ‫يح الٍف ٍع ًل ىعلىى التػ ٍارؾ‪ ،‬ىكنى ى‬ ‫ي ٍ ٍ ي‬ ‫وب ىكالنا ٍد ً ى ى‬ ‫ال يٍو يج ً‬
‫وب‬‫‪.‬كقًيل‪ :‬إًناػ ىها لً ٍل ىق ٍد ًر ال يٍم ٍشتىػر ًؾ بىػ ٍي ىن ال يٍو يج ً‬ ‫يدم ىكىم ى ً‬ ‫أىبًي م ٍنصوور الٍماتي ًر ً‬
‫ى‬ ‫شاي ًخ ىس ىم ٍرقىػ ٍن ىد ى ى‬ ‫ى ي ى‬
‫ضي ًم ىن الش ىيع ًة‪.‬‬ ‫اإل ٍذ يف بًرفٍ ًع الٍحر ًج ىع ًن الفعل‪ ،‬كبو قاؿ الٍمرتى ً‬
‫يٍ‬ ‫ىى‬ ‫احة‪ ،‬ىك يى ىو ًٍ ى‬
‫اإلب ً‬
‫ب‪ ،‬ىك ًٍ ى ى‬ ‫ىكالنا ٍد ً‬
‫ور الش ىيع ًة‪ :‬إًناػ ىها مشتركة بين الثبلثة المذكورة كالتهديد‪.‬‬ ‫اؿ يج ٍم يه ي‬ ‫ىكقى ى‬
‫ك الذم اختاره المؤلف ىو الراجح الذم تدؿ عليو األدلة ك قد ذكر المؤلف جملة‬
‫كافرة منها‪.‬‬
‫األمر بالشيء أمر بو كبما ال يتم إال بو‬
‫إذا كاف الواجب المطلق يتوقف كجوده على شيء فإف األمر يشملو أيضان ضركرة‬
‫توقف حصوؿ الواجب عليو كالطهارة فإف األمر بالصبلة يشملها كىذا معنى قولهم "‬
‫األمر بالشيء أمر بو كبما ال يتم إال بو " كليس معنى ذلك أف كجوبو جاء ضمنان بدكف‬
‫دليل مستقل‪ ،‬بل لو أدلة أخرل‪ ،‬غير أف األمر الخاص بذلك الواجب يقتضي كجوب‬
‫ما توقف الواجب عليو‪.‬‬

‫ك من األمثلة على ذلك ‪ :‬ستر العورة في الصبلة شرط لصحتها فإذا توقف ذلك على‬
‫شراء الثوب كاف ذلك الشراء كاجبا ك إف كاف في أصلو مباحا فتغير حكمو لتوقف‬
‫الواجب عليو‪.‬‬

‫ىذا في الواجب المطلق فإف كجوب الصبلة مثبل غير مشركط بقيد فيكوف األمر بها‬
‫مقتضيان األمر بما ال يتم إال بو كىو الطهارة‪.‬‬
‫أما في الواجب المقيد فليس كذلك كالزكاة فإف كجوبها مقيد بملك النصاب فليس‬
‫األمر بها أمران بتحصيل النصاب ليتم كجوب إخراجها بإمتبلكو‪ ،‬ألف ذلك إتماـ‬
‫للوجوب ال للواجب‪ ،‬كلذا يقولوف‪ :‬ماال يتم الواجب إال بو فهو كاجب‪،‬‬
‫كماال يتم الوجوب إال بو فليس بواجب‪ ،‬كالصبلة قد استقر كجوبها‪ ،‬أما الزكاة فبل‬
‫تجب حتى يحصل النصاب‪.‬‬
‫استعماؿ صيغة األمر في غير معناىا األصلي‬

‫األصل في صيغة األمر المجرد عن القرائن الوجوب كما بين المؤلف لكن قد تخرج‬
‫ىذه الصيغة عن معناىا األصلي إلى معاف أخرل ترشد إليها القرائن ك قد ذكر المؤلف‬
‫بعض معانيها ك سأزيده حيث قاؿ‪:‬‬

‫قد تخرج صيغة األمر عن معناىا األصلي إلى معاف ترشد إليها القرائن كمن ذلك ما‬
‫يأتي‪:‬‬
‫ُ‪ -‬ل ًئلباحة مثل قولو تعالى‪{ :‬كلوا كاشربوا} ‪.‬‬
‫ِ‪ -‬كللتهديد مثل قولو تعالى‪{ :‬اعملوا ما شئتم} ‪.‬‬
‫ّ‪ -‬كلبلمتناف مثل قولو تعالى‪{ :‬كلوا من طيبات ما رزقناكم} ‪.‬‬
‫ْ‪ -‬كلئلكراـ مثل قولو تعالى‪{ :‬أدخلوىا بسبلـ آمنين} ‪.‬‬
‫ٓ‪ -‬كللتعجيز مثل قولو تعالى‪{ :‬فأتوا بسورة من مثلو} ‪.‬‬
‫ٔ‪ -‬كللتسوية مثل قولو تعالى‪{ :‬كاصبركا أك ال تصبركا} ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬كلبلحتقار مثل قولو تعالى‪{ :‬القوا ما أنتم ملقوف} ‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬كللمشورة مثل قولو تعالى‪{ :‬فانظر ماذا ترل} ‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬كلبلعتبار مثل قولو تعالى‪{ :‬انظركا إلى ثمره إذا أثمر} ‪.‬‬
‫َُ‪ -‬كللدعاء مثل قولك‪{ :‬رب اغفر لي} ‪.‬‬
‫ُُ‪ -‬كلبللتماس‪ :‬مثل قولك لزميلك‪{ :‬ناكلني القلم} ‪.‬‬

‫كمن المعاني األخرل التي لم يذكرىا المؤلف‪:‬‬


‫وى ٍم إً ٍف ىعلً ٍمتي ٍم فًي ًه ٍم ىخ ٍيػ نرا)‪ ،‬كالصارؼ لو من‬
‫‪ -21‬الندب‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬فى ىكاتًبي ي‬
‫الوجوب إلى الندب ىو‪ :‬أف النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬لم ينكر على الصحابة‬
‫الذين لم يكاتبوا العبيد الذين كانوا تحت أيديهم مع أف فيهم خيران لئلسبلـ‬
‫كالمسلمين‪.‬‬
‫‪ -21‬التأديب كقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬لعمر بن أبي سلمة‪ " :‬يا غبلـ سم اهلل‪،‬‬
‫كيكل بيمينك‪ ،‬كيكل مما يليك "‪.‬كالفرؽ بينهما‪ :‬أف الندب خاص بالمكلفين‪ ،‬أما التأديب‬
‫فهو عاـ للمكلفين كلغيرىم‪.‬‬
‫(كأى ٍش ًه يدكا إًذىا تىػبىايىػ ٍعتي ٍم)‪.‬كالفرؽ بينو كبين الندب‪ :‬أف‬
‫‪ -21‬اإلرشاد كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫المندكب مطلوب لمنافع اآلخرة؛ كلذلك يوجد فيو ثواب‪ ،‬أما اإلرشاد فهو مطلوب‬
‫لمنافع الدنيا‪ ،‬فبل ثواب فيو‪.‬‬
‫ت ال ىٍع ًز ييز الٍ ىك ًر ي‬
‫يم (ْٗ))‪ ،‬كتعريفو‪ :‬أف يؤتى‬ ‫‪-21‬اإلىانة‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬ذي ٍؽ إًنا ى‬
‫ك أىنٍ ى‬
‫بلفظ داؿ على اإلكراـ‪ ،‬كالمراد ضده‪.‬‬
‫‪-21‬السخرية‪ ،‬كقولو تعالى‪ ( :‬يكونيوا قً ىر ىدةن)‪.‬‬
‫‪ -21‬التمني‪ ،‬كقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " -‬كن أبا ذر "‪ ،‬أم‪ :‬تمنى أف يكوف‬
‫ذلك الرجل المقبل ىو أبو ذر‪.‬‬
‫‪ -21‬التكوين‪ ،‬كقولو تعالى‪ ( :‬يك ٍن فىػيى يكو يف)‪ ،‬كالفرؽ بينو كبين السخرية‪ :‬أف التكوين‪:‬‬
‫سرعة الوجود من العدـ‪ ،‬كليس فيو انتقاؿ إلى حاؿ ممتهنة‪ ،‬بخبلؼ السخرية فإنو لغة‪:‬‬
‫الذؿ كاالمتهاف‪.‬‬
‫‪ -21‬التحذير كاإلخبار عما يؤكؿ إليو أمرىم‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬تى ىمتػاعيوا فًي ىدا ًريك ٍم ثىىبلثىةى‬
‫أىيا واـ)‪.‬‬
‫‪ -12‬الخبر‪ ،‬كقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬إذا لم تستح فاصنع ما شئت "‪ ،‬أم‪:‬‬
‫إذا لم تستح صنعت ما شئت‪.‬‬
‫اؿ)‪.‬‬‫ك ٍاأل ٍىمثى ى‬ ‫ض ىربيوا لى ى‬‫ف ى‬ ‫‪ -12‬التعجب‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬انٍظيٍر ىك ٍي ى‬
‫(ال تى ٍح ىز ٍف إً اف اللاوى ىم ىعنىا)‪.‬‬
‫‪ -11‬التصبر‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫‪-11‬التكذيب‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬فىأٍتيوا بًسورةو ًمن ًمثٍلً ًو كا ٍدعيوا يش ىه ىداء يكم ًمن يد ً‬
‫كف اللا ًو إً ٍف‬ ‫ى ٍ ٍ‬ ‫ى‬ ‫ي ى ٍ‬
‫ين)‪.‬‬ ‫يك ٍنتيم ً ً‬
‫صادق ى‬
‫ٍ ى‬
‫اؿ ا ٍخسئيوا فً ىيها كىال تي ىكلم ً‬
‫وف)‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫‪-11‬التحسير‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬قى ى ى‬
‫ت قى و‬
‫اض)‪.‬‬ ‫ٍض ىما أىنٍ ى‬ ‫‪-11‬التفويض‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬فىاق ً‬
‫‪-11‬االحتياط‪ ،‬كقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬إذا قاـ أحدكم من النوـ فبل‬
‫يغمس يده في اإلناء حتى يغسلها ثبلثان "‪ ،‬بدليل قولو بعده‪ " :‬فإنو ال يدرم أين باتت‬
‫يده "‪.‬‬

‫إلى غير ذلك من المعاني المتنوعة‪.‬‬


‫تكرار المأمور بو أك عدـ تكراره‬
‫في ىذا البحث ثبلث صور‪ :‬ألف األمر إما أف يقيد بما يفيد الوحدة أك بما يفيد‬
‫التكرار أك يكوف خاليان عن القيد‪.‬‬
‫فاألكؿ‪ :‬يحمل على ما قيد بو‪ ،‬كالقيد إما صفة أك شرط‪ ،‬فالقيد بصفة كقولو تعالى‪:‬‬
‫{كالسارؽ كالسارقة فاقطعوا أيديهما} كفكلما حصلت السرقة كجب القطع ما لم يكن‬
‫تكرارىا قبلو‪ ،‬كالمقيد بشرط كقولو صلى اهلل عليو كسلم‪ " :‬إذا سمعتم المؤذف فقولوا‬
‫مثل ما يقوؿ "‪ ..‬الخ‪.‬‬
‫كالثاني‪ :‬يحمل على ما قيد بو أيضان كقولو تعالى‪{ :‬كهلل على الناس حج البيت من‬
‫استطاع إليو سبيبل} كقد سئل رسوؿ اهلل‪-‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬أفي كل عاـ يارسوؿ‬
‫اهلل؟ فأجاب بما يدؿ على أنو في العمر مرة فيحمل في اآلية على الوحدة لهذا القيد‪.‬‬
‫أما الثالث‪ :‬كىو الخالي عن القيد فاألكثركف على عدـ إفادتو التكرار ألنو لمطلق‬
‫إيجاد الماىية كالمرة الواحدة تكفى فيو فمثبل لو قاؿ الزكج لوكيلو "طلق زكجتي " لم‬
‫يملك إال تطليقة كاحدة كلو أمر السيد عبده بدخوؿ الدار مثبل برأت ذمتو بمرة‬
‫كاحدة كلم يحسن لومو كال توبيخو‪.‬‬

‫ىذا التفصيل من المؤلف ىو الراجح ك يمكن تلخيص أقواؿ األصوليين كاآلتي‪:‬‬


‫وعةه‬
‫ض ى‬ ‫ص ًة ىم ٍو ي‬ ‫ٍخا ا‬‫صيغىةى ٍاأل ٍىم ًر بًا ٍعتًبىا ًر ال ىٍه ٍيئى ًة ال ى‬ ‫اعةه ًمن الٍمحق ًقين إًلىى أى اف ً‬
‫ب ىج ىم ى ى ي ى ى‬ ‫فقد ذى ىى ى‬
‫م‪ ،‬ىكابٍ ين‬ ‫ٍحنى ًفياةي‪ ،‬ىك ٍاآل ًم ًد ُّ‬
‫ارهي ال ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ب‪ ،‬م ٍن غىٍي ًر إً ٍش ىعا ور بال ىٍو ٍح ىدة ىكالٍ ىكثٍػ ىرة‪ ،‬ىكا ٍختى ى‬
‫لًمطٍلى ًق الطالى ً ً‬
‫ي‬
‫م‪.‬‬‫ضا ًك ُّ‬ ‫ٍج ىويٍنً ُّي‪ ،‬ىكالٍبىػ ٍي ى‬
‫ب‪ ،‬ىكال ي‬ ‫اج ً‬ ‫الٍح ً‬
‫ى‬
‫ىصحابًنىا‪ ،‬يػ ٍعنًي ال ا ً ً‬ ‫اؿ ُّ ً‬
‫ضا من المعتزلة أىبيو‬ ‫ارهي أىيٍ ن‬
‫شافعياةى‪ ،‬ىكا ٍختى ى‬ ‫م أى ٍكثى ًر أ ٍ ى ى‬ ‫الس ٍبك ُّي‪ :‬كأراه ىرأٍ ى‬ ‫قى ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫يل ال ىٍمأ يٍموًر‬ ‫س ًن الٍ ىك ٍرخ ُّي قىاليوا ىجم نيعا‪ :‬إ اال أىناوي ىال يي ٍمك ين تى ٍحص ي‬ ‫ٍح ى‬ ‫م‪ ،‬ىكأىبيو ال ى‬ ‫ص ًر ُّ‬
‫س ٍي ًن الٍبى ٍ‬
‫ٍح ى‬‫ال ي‬
‫اف بًال ىٍمأ يٍموًر بً ًو‪ ،‬ىال أى اف ٍاأل ٍىم ىر يى يد ُّؿ‬ ‫اإلتٍػي ً‬ ‫ً‬
‫ض يركًرياات ًٍ ى‬ ‫ت ال ىٍم ارةي ًم ٍن ى‬ ‫بً ًو بًأىقى ال ًمن م ارةو فىصار ً‬
‫ٍ ى ىى‬
‫ىعلىٍيػ ىها بً ىذاتًًو‪.‬‬
‫يستىاذي أىبيو إً ٍس ىحا ىؽ‬ ‫ً‬ ‫صيغىةى ٍاأل ٍىم ًر تىػ ٍقتى ً‬ ‫كقاؿ جماعة‪ :‬إف ً‬
‫ضي ال ىٍم ارةى ال ىٍواح ىد ىة لىٍفظنا‪ ،‬ىك ىع ىزاهي ٍاأل ٍ‬
‫يح ا ٍألى ٍشبىوي‬ ‫شافً ًعي‪ ،‬كإًناوي ال ا ً‬ ‫ضى ىك ىبلًـ ال ا‬ ‫اؿ‪ :‬إًناوي يم ٍقتى ى‬‫شافً ًعيا ًة‪ ،‬ىكقى ى‬ ‫اإل ٍس ىف ىرايًينً ُّي إًلىى أى ٍكثى ًر ال ا‬‫ًٍ‬
‫صح ي‬ ‫ى‬
‫اش وم‪ ،‬ىكأىبيو ىع ٍب ًد اللا ًو الٍبى ٍ‬ ‫اؿ أىبو ىعلً ٍّي الٍجبائً ُّي كأىبو ىى ً‬ ‫ً ً‬ ‫بً ىم ىذ ًاى ً‬
‫م‪ ،‬كجماعة‬ ‫ص ًر ُّ‬ ‫يى ى ي‬ ‫ب الٍعيلى ىماء ىكبًو قى ى ي‬
‫اف‪ ،‬ىكبً ًو‬ ‫اإل ٍم ىك ً‬‫من قدماء الحنفية‪ ،‬كقاؿ جماعة‪ :‬إنها تى يد ُّؿ ىعلىى التا ٍك ىرا ًر يم ادةى الٍعي ٍم ًر ىم ىع ًٍ‬
‫اعةه ًم ىن الٍ يف ىق ىه ًاء‬ ‫اإل ٍس ىف ىرايًينً ُّي‪ ،‬ىك ىج ىم ى‬
‫يستىاذي أىبيو إً ٍس ىحا ىؽ ًٍ‬ ‫م‪ ،‬ىك ٍاأل ٍ‬ ‫اؿ أىبيو إً ٍس ىحا ىؽ الش ىيرا ًز ُّ‬ ‫قى ى‬
‫اإلنٍس ً‬ ‫ً‬ ‫كالٍمت ىكل ًمين‪ ،‬كإًناما قىػيا يدكهي بً ًٍ ً ً‬
‫اف‪.‬‬ ‫ض يركًرياات ًٍ ى‬ ‫ات ى‬ ‫ج أ ٍىكقى ي‬ ‫اإل ٍم ىكاف لتى ٍخ ير ى‬ ‫ى يى ى ى ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اؿ أىبيو يزٍر ىعةى‪ :‬يى ٍحتى ًم يل‬ ‫وـ‪ ،‬قى ى‬ ‫اد يى ٍم م ىن التا ٍك ىرا ًر الٍعي يم ي‬‫ص ىفى"‪ :‬إً اف يم ىر ى‬ ‫اؿ الٍغى ىزال ُّي فًي "ال يٍم ٍستى ٍ‬ ‫ىكقى ى‬
‫ش ٍر ًط‬ ‫ك ًع ٍن ىد الٍ ىقائً ًل لى ًك ٍن بً ى‬ ‫اف الٍعي يم ًر‪ ،‬ىك يى ىو ىك ىذلً ى‬ ‫ادكا التكرار الٍمستىػو ًعب لًزم ً‬
‫ي ٍ ٍ ى ىى‬ ‫أىناػ يه ٍم أ ىىر ي‬
‫ً‬ ‫اف دك ىف أى ٍزًمن ًة قى ى ً‬
‫ادكا ىما‬ ‫اإلنٍس ً‬
‫اف ىكيي ٍحتى ىم يل أىناػ يه ٍم أ ىىر ي‬ ‫ً‬
‫ض يركًرياات ًٍ ى‬ ‫اج ًة ىكالنػ ٍاوـ ىك ى‬ ‫ٍح ى‬ ‫ضاء ال ى‬ ‫ى‬ ‫اإل ٍم ىك ً ي‬ ‫ًٍ‬
‫ضيىةى لًلتا ٍك ىرا ًر ًى ىي ال يٍم ىعل ىقةي ىعلىى‬ ‫شافً ًعيا ًة ًمن أى اف الصيغىةى الٍم ٍقتى ً‬ ‫ٍحنى ًفيا ًة ىكال ا‬ ‫ً‬
‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ض ال ى‬‫ب إًلىٍيو بىػ ٍع ي‬ ‫ذى ىى ى‬
‫ص ىف وة‪.‬‬‫ىشر وط أىك ً‬
‫ٍ ٍ‬
‫شافً ًعي‪.‬‬‫م ىع ًن ال ا‬ ‫يل‪ :‬إًناػ ىها لًل ىٍم ارةً‪ ،‬ىكتى ٍحتى ًم يل التا ٍك ىر ىار ىك ىى ىذا ىم ٍر ًك ٌّ‬ ‫ً‬
‫ىكق ى‬
‫اد ًم ٍنوي ىال نى ٍد ًرم أىك ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ٍف‪ ،‬كا ٍختيلً ى ً‬ ‫كقً ً ً‬
‫ض ىع‬ ‫ي‬ ‫يل‪ :‬ال يٍم ىر ي‬‫ف في تىػ ٍفسي ًر ىم ٍعنىى ىى ىذا ال ىٍوقٍف‪ ،‬فىق ى‬ ‫يل‪ :‬بال ىٍوق ى‬ ‫ى ى‬
‫اد الٍمتى ىكل ًم لًًبل ٍشتًر ً‬ ‫لًلٍم ارةً أىك لًلتا ٍكرا ًر أىك لًلٍمطٍلى ًق‪ ،‬كقًيل الٍمر ً‬
‫اؾ بىػ ٍيػنىػ ىها‪،‬‬ ‫ى‬ ‫اد م ٍنوي ىال يى ٍد ًرم يم ىر ى ي‬ ‫ى ى يى ي‬ ‫ى ٍ ي‬ ‫ى ٍ‬
‫اضي أبو بكر كجماعة كركم عن الجويني‪.‬‬ ‫اؿ الٍ ىق ً‬ ‫ىكبً ًو قى ى‬
‫كالذم اختاره المؤلف ىو الذم يقتضيو الدليل ك أضعف األقواؿ في ىذه المسألة ىو‬
‫القوؿ بالوقف‪.‬‬

‫األمر المطلق يقتضي فعل المأمور بو على الفور‬

‫ىذه المسألة ىي من مباحث األمر التي اعتنى بها األصوليوف ك قرركىا في كتبهم كقد‬
‫اختار المؤلف أف صيغة األمر عند تجردىا مما يدؿ على الفور أك التراخي تقتضي فعل‬
‫المأمور الذم طلبو الشارع فورا في كقت اإلمكاف من دكف تراخ كىذا الذم قالو ىو‬
‫اختيار المحققين من األصوليين ك الذم تدؿ عليو األدلة كما سيأتي ‪.‬قاؿ‪:‬‬

‫إذا كردت صيغة األمر خالية مما يدؿ على فور أك تراخ اقتضت فعل المأمور بو فورا‬
‫في أكؿ زمن ا ًإلمكاف لقياـ األدلة على ذلك كقولو تعالى‪{ :‬كسارعوا إلى مغفرة من‬
‫ربكم} كقولو‪{ :‬سابقوا إلى مغفرة من ربكم} كقولو‪{ :‬فاستبقوا الخيرات} ككمدحو‬
‫المسارعين في قولو‪{ :‬أكلئك يسارعوف في الخيرات} ‪ .‬ككجو داللة ىذه النصوص أف‬
‫كضع االستباؽ كالمسابقة كالمسارعة للفورية‪.‬‬
‫ككذـ اهلل تعالى إلبليس على عدـ المبادرة بالسجود بقولو تعالى‪{ :‬ما منعك أف ال‬
‫تسجد إذ أمرتك} أم في قولو تعالى‪{ :‬كإذ قلنا للمبلئكة اسجدكا آلدـ فسجدكا إال‬
‫إبليس} ‪ ،‬كلو لم يكن األمر للفور لما استحق الذـ كيدؿ لذلك من جهة اللغة‪ :‬أف‬
‫السيد لو أمر عبده فلم يمتثل فعاقبو فاعتذر العبد بأف األمر على التراخي لم يكن‬
‫عذره مقبوال عندىم‪.‬‬
‫كما استدؿ بو القائلوف بأنو على التراخي من تأخير النبي صلى اهلل عليو كسلم الحج‬
‫إلى سنة عشر مدفوع بكوف النبي صلى اهلل عليو كسلم يحتمل أنو أخره‪ ،‬ألغراض‬
‫منها‪ :‬كراىيتو لمشاىدة ما كاف المشركوف يفعلونو في الحرـ مما فيو مخالفة للشريعة‪،‬‬
‫فلما أذف مؤذنوه في السنة التاسعة ببراءة اهلل كرسولو من المشركين كمنعهم من قرباف‬
‫الحرـ كطهر اهلل مكة من أدراف الشرؾ حج عليو الصبلة كالسبلـ‪.‬‬

‫حمل األمر على كجوب الفعل عقيبو فورا كاجب؛ ألمرين‪:‬‬


‫أكلهما‪ :‬أنو إذا فعل المأمور بو فور صدكر صيغة األمر يكوف ممتثبلن لؤلمر بيقين‪ ،‬دكف‬
‫شك‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬أنو بمجرد تأخير الفعل يكوف يم ىعرضان نفسو لخطر عدـ القياـ بو كدرءان لذلك‬
‫كاحتياطان فإنو تجب المبادرة إليو‪.‬‬
‫كألف صدكر صيغة " افعل " ىو سبب للزكـ الفعل‪ ،‬فيجب أف يقع الفعل ىعقيب‬
‫صدكره؛ قياسان على قوؿ البائع للمشترم‪ " :‬بعتك ىذه الدار بكذا "‪ ،‬فإف ملكية الدار‬
‫تنتقل فوران إلى المشترم القابل لهذا دكف تأخير‪ ،‬كقياسان على قوؿ الزكج‪ " :‬فبلنة طالق‬
‫"‪ ،‬فإف الطبلؽ يقع فوران‪ ،‬فكذلك األمر المطلق يقتضي الفور كال فرؽ‪ ،‬كالجامع أف كل‬
‫لفظ اقتضى معنى يجب أف يقع ذلك ىعقيبو‪.‬‬
‫كبناء على ذلك‪ :‬فإف قضاء ما فات من رمضاف يجب على الفور‪ ،‬كإذا أخره بدكف عذر‬
‫فإنو يأثم‪ ،‬كال يجوز فعل النوافل من الصياـ حتى يؤدم ما عليو من رمضاف‪.‬‬
‫أما المذىب الثاني في المسألة فيرل أف األمر المطلق ال يقتضي الفور‪ ،‬بل يجوز تأخير‬
‫فعلو أم‪ :‬أف األمر المطلق يقتضي االمتثاؿ من غير تخصيص بوقت‪ .‬كىو مذىب أكثر‬
‫الحنفية‪ ،‬كاختاره المغاربة من المالكية‪ ،‬كىو مذىب أكثر الشافعية‪ ،‬كنسب إلى اإلماـ‬
‫الشافعي‪ ،‬كىو ركاية عن اإلماـ أحمد‪.‬‬
‫استدؿ أصحاب ىذا القوؿ بأدلة منها‪:‬‬
‫الدليل األكؿ‪ :‬قياس الزماف على اآللة‪ ،‬كالمكاف‪ ،‬كالشخص‪ ،‬فقولنا‪ " :‬اقتل " يلزـ منو‬
‫أمور ثبلثة‪ :‬مكاف يقتل فيو‪ ،‬كآلة يقتل بها‪ ،‬كشخص يقتل‪ ،‬كقلنا ذلك؛ ألنو ال يمكن‬
‫أف يفعل القتل بدكف مكاف‪ ،‬كآلة‪ ،‬كشخص يقتل‪ ،‬كيجزئ أم مكاف كأية آلة‪ ،‬كأم‬
‫شخص بدكف تحديد‪ ،‬فيصير ممتثبلن بقتل أم شخص في أم مكاف‪ ،‬كفي أية آلة‪.‬‬
‫فكذلك الزماف لم تتعرض لو صيغة األمر‪ ،‬كلكنو‪ .‬يلزـ المتثاؿ األمر؛ ألنو ال يمكن أف‬
‫يمتثل األمر إال بزمن معين‪ ،‬فيصير المأمور ممتثبلن إذا قتل بأم زمن‪ ،‬بدكف تحديد‪.‬‬
‫لكن يجاب عن ىذا الدليل بأف قياس الزماف على اآللة‪ ،‬كالمكاف‪ ،‬كالشخص قياس‬
‫فاسد؛ ألنو قياس مع الفارؽ‪.‬‬
‫الدليل الثاني‪ :‬قياس األمر على الخبر‪ ،‬بمعنى أنو إذا قاؿ رجل ‪ " :‬سأعطي زيدان درىمان‬
‫"‪ ،‬فإنو إخبار عن إيقاع الفعل في المستقبل‪ ،‬كيكوف ممتثبلن إذا أعطى زيدان بأم كقت‬
‫شاء بدكف تحديد‪ ،‬فكذلك األمر فلو قاؿ‪ " :‬أعطني الكتاب "‪ ،‬فإنو طلب الفعل في‬
‫المستقبل بدكف تعيين أم زمن لو‪ ،‬كلهذا لما صد المشركوف المسلمين عاـ الحديبية‬
‫قاؿ عمر ألبي بكر رضي اللاو عنهما‪:‬أليس قد كعدنا اللاو تعالى بالدخوؿ بقولو تعالى‪:‬‬
‫ًً‬ ‫ً‬
‫ين) فكيف صدكنا؛ فقاؿ أبو بكر‪ " :‬إف اهلل‬ ‫ٍح ىر ىاـ إً ٍف ىشاءى اللاوي آمن ى‬
‫(لىتى ٍد يخلي ان ال ىٍم ٍسج ىد ال ى‬
‫تعالى كعدنا بذلك كلم يقل بأم كقت "‪ ،‬فهذا كلو يقتضي أف الخبر ال يقتضي الوقت‬
‫األكؿ‪ ،‬فكذلك األمر بجامع‪ :‬أف الفعل فيهما يكوف في المستقبل‪.‬‬
‫يجاب عن ىذا الدليل كذلك بأنو فاسد ألف قياس األمر على الخبر قياس مع الفارؽ‬
‫ألف الخبر يحتمل الصدؽ كالكذب‪ ،‬أما األمر فبل يحتمل ذلك؛ حيث إنو طلب‪،‬‬
‫ككجوب‪ ،‬كاستدعاء‪.‬كما أف الخبر من الحكيم ال يوجد إال بعد أف قد تيقن الحكيم أنو‬
‫يكوف المخبر على ما أخبر فيو‪ ،‬فبل ضرر عليو في التأخير‪.‬أما األمر‪ ،‬فإنو يلزـ المأمور‬
‫فعبلن ال يعلم أم كقت يوقعو‪ ،‬فكاف إيقاعو في أكؿ الوقت أحوط‪.‬‬
‫الدليل الثالث‪ :‬قياس األمر على اليمين كما لو قاؿ أحد‪ً " :‬‬
‫كاهلل ألصومن "‪ ،‬فإنو يبر‬
‫بيمينو إذا صاـ في أم كقت شاء‪ ،‬فكذلك األمر‪ ،‬فإذا قاؿ‪ " :‬افعل "‪ ،‬فإف المأمور‬
‫يكوف ممتثبلن إذا فعل المأمور بو في أم كقت فعلو‪.‬‬
‫ك ىذا القياس ال يصح ألف اليمين خير فيها بين أف يفعل‪ ،‬أك ال يفعل كيكفر‪،‬‬
‫أما األمر فإنو لم يخير المأمور بين الفعل كتركو‪.‬‬

‫من يدخل في خطاب التكليف كمن ال يدخل‬

‫ما ىو التكليف ؟ التكليف لغة ىو‪ :‬المشقة‪ ،‬كيطلق على األمر بما يشق عليك‪ ،‬فهو‬
‫إذان‪ :‬األمر بما فيو يكلفة‪ .‬اصطبلحان ىو‪ :‬الخطاب بأمر أك نهي‪.‬ك كما سيأتي يشترط في‬
‫المكلف أف يكوف بالغان‪ ،‬عاقبلن‪ ،‬فاىمان للخطاب‪.‬‬
‫فخرج بشرط البلوغ‪ :‬الصبي‪ ،‬كإف كاف عاقبلن فاىمان للخطاب‪ ،‬فإنو ال يمكن تكليفو‪.‬‬
‫كخرج بشرط العقل‪ :‬المجنوف كإف كاف بالغان‪ ،‬فإنو ال يمكن تكليفو‪.‬‬
‫كخرج بشرط الفهم‪ :‬النائم كالغافل كالساىي‪ ،‬فإنو ال يمكن تكليف ىؤالء لعدـ الفهم‬
‫كىم في حالتهم تلك‪.‬‬

‫الناس على قسمين‪:‬‬


‫ُ‪ /‬قسم لم يكتمل إدراكو‪ ،‬كذلك إما لعدـ البلوغ كالصغير أك لفقداف العقل‬
‫كالمجنوف‪ ،‬أك لتغطيتو كالسكراف أك لذىولو كالساىي‪.‬‬
‫ِ‪ /‬قسم مكتمل اإلدراؾ‪ ،‬كىو البالغ العاقل السالم من العوارض المتقدمة فالقسم‬
‫األكؿ ال يدخل في نطاؽ التكليف كال يشملو الخطاب بدليل العقل كالنقل‪.‬‬
‫أ‪ -/‬أما من جهة العقل فؤلف األمر يقتضي االمتثاؿ كمن لم يدرؾ أمران ال يتأتي منو‬
‫امتثالو‪.‬‬
‫ب‪ -/‬كأما من جهة النقل فلحديث "رفع القلم عن ثبلثة" الحديث‪.‬‬
‫كال يعترض على ىذا بتضمين ما أتلفو ألف ضماف حق الغير يستوم فيو العاقل كنجير‬
‫العاقل حتى لو أتلفتو بهيمة لزـ صاحبها ضمانو‪.‬‬
‫كأما القسم الثاني‪ :‬فهم إما مسلموف أك غير مسلمين‪ ،‬كالخطاب إما بأصل كالعقائد‬
‫كإما بفرع كالصبلة كالصياـ كنحو ذلك‪.‬‬
‫أ‪ /-‬فالخطاب بأصل يشملهما إتفاقا‪.‬‬
‫ب‪ /-‬كالخطاب بفرع فيو خبلؼ كالصحيح دخوؿ الكفار فيو كالمسلمين‪ ،‬كمن أدلة‬
‫ذلك قولو تعالى عن الكفار‪{ :‬ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين كلم نك‬
‫نطعم المسكين ككنا نخوض مع الخائضين ككنا نكذب بيوـ الدين} فذكركا من أسباب‬
‫تعذيبهم تركهم لما أمركا بو من الفركع كتركهم الصبلة كالزكاة كارتكابهم لما نهوا عنو‬
‫بخوضهم مع الخائضين‪ ،‬كلم يقتصركا على ذكر السبب األكابر كىو تكذيبهم بيوـ‬
‫الدين‪.‬‬
‫كمنها رجمو صلى اهلل عليو كسلم اليهوديين‪ ،‬ككذلك قولو تعالى‪{ :‬الذين كفركا كصدكا‬
‫عن سبيل اهلل زدنا ىم عذابان فوؽ العذاب} ‪ .‬ككما أف المؤمن يثاب على إيمانو كعلى‬
‫امتثالو األكامر كاجتناب النواىي فكذلك الكافر يعاقب على ترؾ التوحيد كعلى‬
‫ارتكاب النواىي كعدـ امتثاؿ األكامر‪.‬‬

‫بالنسبة لخطاب الكفار بالفركع في المسألة ثمانية أقواؿ ىي كالتالي ‪:‬‬


‫القوؿ األكؿ ‪ :‬ىم مكلفوف بفركع اإلسبلـ مطلقا ك ىذا ىو الراجح الذم تدؿ عليو‬
‫األدلة ك ىو اختيار المؤلف ‪.‬‬
‫القوؿ الثاني‪ :‬ىم غير مكلفين بفركع اإلسبلـ مطلقا‪.‬‬
‫القوؿ الثالث ‪:‬ىم مكلفوف بالنواىي دكف األكامر‪.‬‬
‫القوؿ الرابع ‪ :‬ىم مكلفوف باألكامر دكف النواىي‪.‬‬
‫القوؿ الخامس ‪:‬ىم مكلفوف بفركع اإلسبلـ سول الجهاد في سبيل اهلل‪.‬‬
‫القوؿ السادس ‪:‬التفريق بين الكافر المرتد فيكلف بالفركع ك الكافر األصلي فبل‬
‫يكلف بها‪.‬‬
‫القوؿ السابع ‪:‬التفريق بين الكافر الحربي فبل يكلف ك الكافر غير الحربي فيكلف‪.‬‬
‫القوؿ الثامن ‪ :‬التوقف في المسألة‪.‬‬
‫ك قد ذكر المؤلف أىم األدلة التي استدؿ بها أصحاب القوؿ األكؿ ك ىناؾ أدلة‬
‫أخرل منها‪:‬‬
‫ُ‪ /‬أنو لو لم يوجد في الكافر غير فقد شرط العبادة كىما الشهادتاف‪ ،‬فإف فقد شرط‬
‫العبادة مع القدرة عليو ال يمنع من توجو الخطاب بها‪.‬يدؿ على ذلك‪ :‬المح ىدث فقد‬
‫فيو شرط الصبلة‪ ،‬كلم يمنع ذلك من كجوب الصبلة عليو كإلزامو بها بسبب قدرتو‬
‫على تحصيل الشرط‪ ،‬كذلك الكافر قادر على تحصيل شرط العبادة كىو اإليماف‪.‬‬
‫اع إًلىٍي ًو ىسبًي نبل) ‪ .‬كجو الداللة‪ :‬أف‬ ‫ت ىم ًن ٍ‬
‫استىطى ى‬ ‫ى‬ ‫(كلًلا ًو ىعلىى الن ً‬
‫ااس ًح ُّج الٍبػ ٍي ً‬
‫ِ‪/‬قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫لفظ " الناس " اسم ‪ -‬جنس معرؼ بأؿ االستغراقية‪ ،‬فيشمل جميع الناس‪ ،‬كالكفار من‬
‫جملة الناس‪ ،‬فيدخلوف في ىذا الخطاب‪ ،‬كال مانع من دخولهم تحت الخطاب "‬
‫ألنو لو كجد مانع لكاف إما عقليان‪ ،‬كإما شرعيان‪.‬كال يوجد مانع عقلي ك ال شرعي من‬
‫دخوؿ الكافر‪.‬‬
‫ص ىبلةى ىكآتيوا ال ازىكاةى) ‪ .‬كجو الداللة‪ :‬أف ىذا عاـ في حق‬
‫يموا ال ا‬ ‫ّ‪/‬قولو تعالى‪ً :‬‬
‫(كأىق ي‬
‫ى‬
‫المسلمين كالكفار‪ ،‬فبل يخرج الكافر إال بدليل‪ ،‬كال يوجد دليل على ذلك‪ ،‬كالكفر‬
‫ليس برخصة مسقطة للخطاب عن الكافر‪.‬‬
‫س الاتًي ىح ارىـ اللاوي‬ ‫ين ىال يى ٍدعيو ىف ىم ىع اللا ًو إًلى نها ى‬
‫آخ ىر ىكىال يىػ ٍقتيػليو ىف الناػ ٍف ى‬
‫ْ‪ /‬قولو تعالى‪ :‬ا ً‬
‫(كالذ ى‬ ‫ى‬
‫اب يىػ ٍوىـ ال ًٍقيى ىام ًة‬
‫ف لىوي ال ىٍع ىذ ي‬
‫اع ٍ‬‫ضى‬ ‫ٍق أىثى ناما (ٖٔ) يي ى‬ ‫ك يىػل ى‬‫ٍحق ىكىال يىػ ٍزنيو ىف ىكىم ٍن يىػ ٍف ىع ٍل ىذلً ى‬
‫إًاال بًال ى‬
‫ىكيى ٍخلي ٍد فً ًيو يم ىهانا) ‪ .‬كجو الداللة‪ :‬أف ىذا نص في مضاعفة عذاب من جمع بين ىذه‬
‫المحظورات‪ ،‬كىي الكفر‪ ،‬كالقتل‪ ،‬كالزنا‪ ،‬كىذا يدؿ على أف الزنا كالقتل يدخبلف فيو‪،‬‬
‫فثبت كوف ذلك محظوران عليو‪ ،‬مما يقتضي أف الكافر مخاطب كمكلاف بفركع الشريعة‪.‬‬
‫ب ىكتىػ ىولاى (ِّ) ‪.‬‬ ‫ً‬
‫صلاى (ُّ) ىكلىك ٍن ىك اذ ى‬ ‫ص اد ىؽ ىكىال ى‬ ‫ٓ‪/‬قولو تعالى‪( :‬فى ىبل ى‬
‫كجو الداللة‪ :‬أف اللاو تعالى ذـ ‪ -‬ىنا ‪ -‬الكفار لتركهم الصبلة‪ ،‬كىي من فركع الشريعة‪،‬‬
‫مما يدؿ على أف الكفار مكلافوف بالفركع‪.‬‬
‫ين ىال ييػ ٍؤتيو ىف ال ازىكا ىة ىك يى ٍم بً ٍاآل ًخ ىرةً يى ٍم ىكافً يرك ىف‬ ‫اً‬
‫ين (ٔ) الذ ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(كىكيٍ هل لل يٍم ٍش ًرك ى‬
‫ٔ‪ /‬قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫(ٕ) ‪.‬كجو الداللة‪ :‬أف اللاو تعالى توعاد المشركين على شركهم‪ ،‬كعلى ترؾ إيتاء الزكاة‪،‬‬
‫فدؿ ذلك على أنهم مخاطبوف باإليماف‪ ،‬كمخاطبوف بإيتاء الزكاة؛ ألنو ال يتوعد على‬
‫ترؾ ما ال يجب على اإلنساف‪ ،‬كال يخاطب بو‪ ،‬فدؿ ذلك على أف الكفار مكلافوف‬
‫بالفركع‪.‬‬
‫ٕ‪ /‬إف صبلح الخطاب للكفار في اللغة كصبلحو للمسلمين‪ ،‬فوجب أف يدخلوا تحتو‬
‫كما دخل المسلموف كال فرؽ‪ ،‬فإذا قاؿ تعالى‪( :‬يا بني آدـ) ‪ ،‬ك (هلل على الناس حج‬
‫البيت) ‪ ،‬ك (أقيموا الصبلة ىكآتيوا ال ازىكا ىة) ‪ ،‬فإنهم يدخلوف حيث إنهم من جملة بني‬
‫آدـ‪ ،‬كمن أكلي األبصار‪ ،‬كمن الناس‪ ،‬فينتج أنهم مكلافوف بالفركع‪.‬‬
‫الرسل‪ ،‬كما‬
‫ٖ‪ /‬أف اإلجماع منعقد على أف الكافر معاقب على قتل األنبياء‪ ،‬كتكذيب ي‬
‫يعاقب على الكفر باهلل تعالى‪.‬‬
‫فوائد متنوعة ‪:‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫ال تشترط إرادة اآلمر المأمور بو‪ :‬ألف اهلل تعالى أمر إبراىيم ‪ -‬عليو السبلـ ‪ -‬بذبح‬
‫ابنو كلم يرده؛ ألنو لو أراده لوقع؛ ألف اهلل تعالى فعاؿ لما يريد‪.‬‬
‫كألنو يحسن أف يقوؿ الرجل لعبده‪ " :‬أمرتك بكذا كلم أرده منك "‪ ،‬كلو كاف من شرط‬
‫األمر اإلرادة لما حسن ذلك‪ ،‬كما ال يحسن أف يقوؿ الرجل لعبده‪ " :‬أردت منك كذا‬
‫كلم أرده "؛ لما فيو من التناقض‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫أم قرينة قوية تصرؼ األمر من الوجوب إلى غيره سواء كانت نصان‪ ،‬أك إجماعان‪ ،‬أك‬
‫ُّ‬
‫قياسان‪ ،‬أك مفهومان‪ ،‬أك مصلحة‪ ،‬أك ضركرة‪ ،‬أك سياؽ كبلـ‪ ،‬أك غير ذلك مما يراه‬
‫المجتهد‪ ،‬كل قرينة معتبرة شرعا تصلح أف تكوف صارفة كما صلحت أف تكوف دليبلن‬
‫إلى حكم شرعي يعمل‪ ،‬كال فرؽ‪ ،‬فإف منعتم أف تكوف أية قرينة صارفة فامنعوا أف تكوف‬
‫دليبلن‪ ،‬كىذا يلزـ منو‪ :‬ترؾ أكثر أدلة الشريعة‪ ،‬كىذا إبطاؿ لها‪ ،‬كىذا ال يجوز‪.‬‬
‫ىذا على الراجح من أقواؿ أىل العلم ‪ .‬ك من األصوليين من يحصر القرينة في النص ك‬
‫اإلجماع منهم الظاىرية ك على رأسهم ابن حزـ‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫ماذا يفيد لفظ األمر بعد الحظر ؟ جاء في مسودة أصوؿ الفقو آلؿ تيمية ‪ « :‬ال تفيد‬
‫إال مجرد اإلباحة عند أصحابنا كىو قوؿ مالك كأصحابو كىو ظاىر قوؿ الشافعي‬
‫كبعض الحنفية كحكاه ابن برىاف كقاؿ أكثر الفقهاء حكمها حكم كركدىا ابتداء كحكي‬
‫عن بعض أصحابنا كللشافعية فيو كجهاف ‪،‬كالثاني اختيار أبي الطيب ‪ ،‬كذكر أف القوؿ‬
‫باإلباحة ظاىر المذىب‪ .‬قاؿ‪ :‬كإليو ذىب أكثر من تكلم في أصوؿ الفقو‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كاختار الجويني في لفظ األمر بعد الحظر أنو على الوقف بين اإلباحة كالوجوب‬
‫مع كونو أبطل الوقف في لفظو ابتداء من غير سابقة حظر ‪ ،‬كحكي عن أبي إسحاؽ‬
‫االسفرائيني أف النهي بعد األمر على الحظر باإلجماع ثم قاؿ‪ :‬كلست أرل مسلما لو‬
‫أما أنا فأسحب ذيل الوقف عليو كما أرل المخالفين في األمر بعد الحظر يسلموف‬
‫ذلك‪.‬قلت‪ :‬كلقد أصاب في ذلك فإف القاضي أبا يعلى ذكر فيها كجهين ككذلك‬
‫المقدسي‪ :‬أحدىما‪ :‬التنزيو كاآلخر ‪:‬التحريم ‪ ،‬كاختار ابن عقيل قوال ثالثا غيرىما كذكر‬
‫بعض أصحابنا في مسألتي األمر بعد الحظر كالنهي بعد األمر ثبلثة أكجو‪ :‬أحدىا‬
‫حملهما على موجبهما ابتداء من اإليجاب كالتحريم‪ .‬كالثاني ‪:‬حملهما على اإلباحة‬
‫كالثالث‪ :‬حمل األمر على إباحة الفعل كالنهي على إباحة الترؾ‪.‬قاؿ القاضي‪ :‬صيغة‬
‫األمر إذا كردت بعد الحظر اقتضت اإلباحة كإطبلؽ محظور كال يكوف أمرا كىذا من‬
‫القاضي يقتضي أف المباح ليس مأمورا بو ألف حقيقة األمر لو كجدت بعد الحظر كانت‬
‫{كإً ىذا ىحلىلٍتي ٍم‬
‫على بابها كقد نص أحمد في ركاية صالح كعبد اهلل في قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ض} فقاؿ أكثر من سمعنا إف شاء‬ ‫صبلةي فىانٍػتى ًش يركا فًي ٍاأل ٍىر ً‬
‫ت ال ا‬ ‫ً‬
‫ضي ً‬
‫ادكا} {فىًإذىا قي ى‬
‫اصطى ي‬
‫فى ٍ‬
‫فعل كإف شاء لم يفعل كأنهم ذىبوا إلى أنو ليس بواجب كليس ىما على ظاىرىما‬
‫قلت‪ :‬ىذا اللفظ يقتضي أف ظاىرىما الوجوب كأنو من المواضع المعدكلة عن الظاىر‬
‫لدليل كلذلك ذكره في الرد على المتمسك بالظاىر معرضا عما يفسره كقد مثل‬
‫القاضي في ىذه المسألة بقولو‪{ :‬فىًإذىا طى ًع ٍمتي ٍم فىانٍػتى ًش يركا} كليس من ىذا لكن من‬
‫أمثلتها التي ذكرىا المزني قولو‪{ :‬فىًإ ٍف ًط ٍب ىن لى يك ٍم ىع ٍن ىش ٍي وء ًم ٍنوي نىػ ٍفسان فى يكليوهي ىىنًيئان ىم ًريئان}‬
‫س ٍك ىن ىعلىٍي يك ٍم}‪.‬كالتحقيق أف يقاؿ صيغة أفعل بعد الحظر لرفع‬ ‫ً‬
‫كقولو‪{ :‬فى يكليوا م اما أ ٍىم ى‬
‫ذلك الحظر كإعادة حاؿ الفعل إلى ما كاف قبل الحظر فإف كاف مباحا كاف مباحا كإف‬
‫سلى ىخ ٍاألى ٍش يه ير ال ي‬
‫ٍح يريـ‬ ‫ً‬
‫كاف كاجبا أك مستحبا كاف كذلك كعلى ىذا يخرج قولو‪{ :‬فىإذىا انٍ ى‬
‫ً‬
‫ين} فإف الصيغة رفعت الحظر كأعادتو إلى ما كاف أكال كقد كاف كاجبا‬ ‫فىاقٍػتيػليوا ال يٍم ٍش ًرك ى‬
‫كقد قرر المزني ىذا المعنى‪ ».‬ق ملخصا‪.‬‬
‫ك ىذا ما أختاره كاهلل أعلم ك ىو الراجح عندم ‪ ،‬فصيغة أفعل إذا كردت بعد الحظر‬
‫تفيد رفع ذلك الحظر كتعيد حاؿ الفعل إلى ما كاف قبل المنع ‪.‬ك ال يخفى أف ىذا‬
‫القوؿ كسط بين أقواؿ ‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫األمر يتعلق بالمعدكـ على تقدير كجوده‪ ،‬ككجود شركط التكليف فيو‪ ،‬أم‪ :‬أف األمر‬
‫يتناكؿ المعدكمين الذين علم اهلل تعالى أنهم سيوجدكف على صفة التكليف؛ إلجماع‬
‫الصحابة كالتابعين على ذلك‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫إذا توجو األمر إلى كاحد من الصحابة كرجم ماعز‪ ،‬كقطع يد سارؽ رداء صفواف بن‬
‫أمياة‪ ،‬فإف غيره يدخل ضمن ىذا األمر؛ ألف الصحابة ‪ -‬رضي اهلل عنهم ‪ -‬بعد كفاة‬
‫النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬كانوا يرجعوف إلى ما قضى بو النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو‬
‫كسلم ‪ -‬على أعياف كأشخاص منهم‪ ،‬فيأخذكف تلك األحكاـ المعينة كيعممونها لو‬
‫كلهم ك األمثلة على ىذا كثيرة‪.‬‬
‫مسألة مهمة‪:‬‬
‫يقوؿ اإلماـ محمد األمين الشنقيطي رحمو اهلل ‪ «:‬الذل يظهر كاهلل أعلم أف قوؿ‬
‫المتكلمين كمن كافقهم من األصوليين أف األمر بالشيء ىو عين النهى عن ضده‪ ،‬مبني‬
‫على زعمهم الفاسد أف األمر قسماف‪ :‬نفسي كلفظي‪ ،‬كأف األمر النفسي‪ ،‬ىو المعنى‬
‫القائم بالذات المجرد عن الصيغة كبقطعهم النظر عن الصيغة‪ ،‬كاعتبارىم الكبلـ‬
‫النفسي‪ ،‬زعموا أف األمر ىو عين النهى عن الضد‪ ،‬مع أف متعلق األمر طلب‪ ،‬كمتعلق‬
‫النهى ترؾ‪ ،‬كالطلب استدعاء أمر موجود‪ ،‬النهى استدعاء ترؾ‪ ،‬فليس استدعاء شيء‬
‫موجود‪ ،‬كبهذا يظهر أف األمر ليس عين النهى عن الضد كأنو ال يمكن القوؿ بذلك إال‬
‫على زعم أف األمر ىو الخطاب النفسي القائم بالذات المجرد عن الصيغة‪ ،‬كيوضح‬
‫ذلك اشتراطهم في كوف األمر نهيان عن الضد أف يكوف األمر نفسيان يعنوف الخطاب‬
‫النفسي المجرد عن الصيغة‪ ،‬كجزـ ببناء ىذه المسألة على الكبلـ النفسي صاحب‬
‫الضياء البلمع كغيره‪ ،‬كقد أشار المؤلف إلى ىذا بقولو من حيث المعنى‪ ،‬كأما الصيغة‬
‫فبل كلم ينتبو ألف ىذا من المسائل التي فيها النار تحت الرماد‪ ،‬ألف أصل ىذا الكبلـ‬
‫مبنى على زعم باطل كىو أف كبلـ اهلل مجرد المعنى القائم بالذات المجرد عن‬
‫الحركؼ كاأللفاظ‪ ،‬ألف ىذا القوؿ الباطل يقتضى أف ألفاظ كلمات القرآف بحركفها لم‬
‫يتكلم بها رب السموات كاألرض‪ ،‬كبطبلف ذلك كاضح‪»..‬‬

‫النهي‬
‫تعريفو‪ :‬أ ‪ /‬لغة المنع‪ .‬كمنو سمي العقل نهية ألنو ينهى صاحبو كيمنعو من الوقوع فيما‬
‫ال يليق‪.‬‬
‫ب‪ /‬كاصطبلحان‪ :‬طلب الكف عن فعل على سبيل االستعبلء‪ ،‬بغير كف كنحوىا‪.‬‬
‫مثاؿ قولو تعالى‪{ :‬ال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} ‪ ،‬كقولو‪{ :‬ال تخونوا اهلل كالرسوؿ‬
‫كتخونوا أماناتكم كأنتم تعلموف} ‪.‬‬

‫قولو‪ " :‬طلب " جنس يشمل‪ :‬طلب الفعل كىو األمر "‪ ،‬ك " طلب الترؾ كىو النهي "‪.‬‬
‫كقولو‪ " :‬الكف عن الفعل " أخرج األمر؛ ألنو طلب الفعل كما سبق‪.‬‬
‫كقولو‪ " :‬بالقوؿ " أخرج الترؾ بالفعل كأف ييقيد عبده‪ ،‬كيمنعو عما يريد‪ ،‬كالمقصود‬
‫بهذا القوؿ‪ " :‬صيغة النهي كىي‪ :‬ال تفعل " كليس المقصود أم شيء يدؿ على الكف‬
‫مثل‪ " :‬كف "‪ ،‬ك " ذر "‪ ،‬ك" دع "‪ ،‬ك " اترؾ "‪ ،‬فإف ىذه األلفاظ كإف كاف مدلولها‬
‫الترؾ إال أنها ليست نواىي؛ ألف الترؾ قد ا‬
‫دؿ عليو بلفظ " الكف " كنحوه‪ ،‬كالنهي ال‬
‫بد فيو من أف يدؿ على الترؾ لفظ غير الكف مثل‪ " :‬ال تفعل "‪.‬‬
‫كقولو‪ " :‬على جهة االستعبلء " أخرج صيغة النهي إذا صدرت من المساكم مثل قوؿ‬
‫المساكم للمساكم‪ " :‬ال تضرب فبلنا "‪ ،‬كيسمى شفاعة كالتماسان‪ .‬كىذا اللفظ أخرج‬
‫أيضان صيغة النهي إذا صدرت من األدنى مثل قولو تعالى‪( :‬ربنا ال تؤاخذنا إف نسينا أك‬
‫أخطانا) كيسمى دعاء‪.‬‬
‫كقولو أيضا‪ :‬على جهة االستعبلء؛ ألف األقل رتبة لو قاؿ لمن ىو أعلى رتبة‪ " :‬ال تفعل‬
‫" على كجو االستعبلء يقاؿ لو‪ :‬إنو " نهاه "‪ ،‬كلذلك يوصف بالجهل كالحمق بسبب‬
‫نهيو لمن ىو أعلى منو رتبة‪.‬‬

‫صيغتو‪" :‬كل مضارع مجزكـ ببل " كال يدخل في ذلك‪ :‬كف‪ ،‬أك خل‪،‬‬
‫أك ذر‪ ،‬أك دع مما جاء لطلب الكف كما في قولو تعالى‪{ :‬كذركا ظاىر ًاإلثم كباطنو}‬
‫{كدع أذاىم} {فخلوا سبيلهم} ألنها كإف كانت تفيد طلب الكف إال أنها بصيغة‬
‫األمر‪.‬‬

‫اً‬
‫آمنيوا ىال يى ٍس ىخ ٍر‬ ‫ين ى‬ ‫ك من األمثلة على ذلك قولو تعالى في سورة الحجرات ‪« :‬يىا أىيُّػ ىها الذ ى‬
‫سى أى ٍف يى يك ان ىخ ٍيػ نرا ًم ٍنػ يه ان‬ ‫قىػوـ ًمن قىػووـ عسى أى ٍف ي يكونيوا ىخيػرا ًم ٍنػهم كىال نًساء ًمن نً و‬
‫ساء ىع ى‬ ‫ٍن ي ٍ ى ى ه ٍ ى‬ ‫ى‬ ‫ٍه ٍ ٍ ى ى‬
‫اإل ً‬ ‫اب بًٍئ ً‬
‫ىكىال تىػل ًٍم يزكا أىنٍػ يفس يك ٍم ىكىال تىػنىابىػ يزكا بً ٍاألىلٍ ىق ً‬
‫ب‬‫يماف ىكىم ٍن لى ٍم يىػتي ٍ‬ ‫سو يؽ بىػ ٍع ىد ًٍ ى‬
‫س اال ٍس يم الٍ يف ي‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫ك يى يم الظاالً يمو ىف (ُُ)»‬ ‫فىأيكلىئً ى‬

‫مقتضى النهي‪ :‬التحريم حقيقة باالتفاؽ لقولو صلى اهلل عليو كسلم‪ " :‬كما نهيتكم عنو‬
‫فاجتنبوه"‪.‬‬

‫ٍح ًق ًيق اي‬


‫ور إًلىى أى اف ىم ٍعنىاهي ال ى‬
‫ٍج ٍم يه ي‬
‫ب ال ي‬
‫اه ًي ال ً ً‬
‫ٍحقيقي‪ ،‬فى ىذ ىى ى‬
‫ً‬
‫ف األصوليوف في ىم ٍعنىى النػ ٍ ى‬ ‫ا ٍختىػلى ي‬
‫اح ًر ي‬
‫يم‪ ،‬ىك يى ىو الحق كما قرر المؤلف‪.‬‬ ‫يى ىو الت ٍ‬
‫وحيا ًة‬‫اهي إًناما ي يد ُّؿ علىى مرج ً‬ ‫استى ىدلُّوا ىعلىى ىذلً ى‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫ك‪ :‬بًأى اف النػ ٍ ى ى ى ى ى ٍ ي‬ ‫يل‪ :‬إًناوي ىحقي ىقةه في الٍ ىك ىر ىاىة ىك ٍ‬ ‫ىكق ى‬
‫الٍم ٍن ًهي ىع ٍنوي‪ ،‬ك يىو ىال يػ ٍقتى ً‬
‫اح ًر ى‬
‫يم‪.‬‬ ‫ضي الت ٍ‬ ‫ى ى ى‬ ‫ى‬
‫سابً يق إًلىى الٍ ىف ٍه ًم ًع ٍن ىد الت ً‬ ‫يب بً ىم ٍن ًع ذىلً ى‬ ‫ً‬
‫اح ًر ي‬
‫يم‪.‬‬ ‫اج ُّرد يى ىو الت ٍ‬ ‫ى‬ ‫ك بى ًل ال ا‬ ‫ىكأيج ى‬
‫يل‪ ،‬ىكإًاال ىكا ىف ىج ٍعليوي‬ ‫ىح يد يى ىما إًاال بً ىدلً و‬ ‫ً‬
‫اح ًر ًيم ىكالٍ ىك ىر ىاىة‪ ،‬فى ىبل يىػتىػ ىعيا ين أ ى‬
‫يل‪ :‬يم ٍشتىػ ىر هؾ بىػ ٍي ىن الت ٍ‬
‫ً‬
‫ىكق ى‬
‫يحا ًم ٍن غىٍي ًر يم ىرج وح‪.‬‬ ‫ً‬
‫ىحدى ىما تىػ ٍرج ن‬
‫ًأل ً ً‬
‫ى‬
‫يل قىط ًٍعياا‪ ،‬ىكيى يكو يف لً ٍل ىك ىر ىاى ًة إًذىا كاف‬ ‫ً‬ ‫ٍحنى ًفياةي‪ :‬إًناوي يى يكو يف لًلت ٍ ً‬
‫اح ًر ًيم إذىا ىكا ىف ال ادل ي‬
‫ً‬
‫ىكقىالىت ال ى‬
‫الدليل ظنياا‪.‬‬
‫اد بًىقط ًٍع ٍّي فىػيى يكو يف قطعياا‪،‬‬ ‫ب قى ٍد يي ٍستىػ ىف ي‬ ‫ً‬ ‫اع إًنا ىما يى ىو فًي طىلى ً‬ ‫ىكيردا‪ :‬بًأى اف النػ ىز ى‬
‫ب التػ ٍارؾ‪ ،‬ىك ىى ىذا طىلى ه‬
‫كقد يستفاد بظني فيكوف ظنياا‪.‬‬
‫يد ىىا ىعلىٍي ًو‪ ،‬ىك ًى ىي قىػ ٍو يؿ الٍ ىقائً ًل ىال تىػ ٍف ىع ٍل‪،‬‬ ‫صيغىةه مبػيػنىةه لىوي تى يد ُّؿ بًتىج ًر ً‬
‫ٍ‬ ‫يى‬
‫اه ًي ً‬ ‫قاؿ الزركشي‪« :‬لًلنػ ٍ‬
‫صيغىةه‪ ،‬كال ا ً‬ ‫م‪ :‬كمن تىبًعوي‪ :‬لىٍيس لىوي ً‬ ‫سابً يق فًي ٍاأل ٍىم ًر‪ .‬ىكقى ى‬ ‫كفً ًيو ال ً‬
‫يح‪:‬‬
‫صح ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫اؿ ٍاألى ٍش ىع ًر ُّ ى ى ٍ ى‬ ‫ؼ ال ا‬ ‫ٍخ ىبل ي‬ ‫ى‬
‫وؼ ىال يػ ٍقتى ً‬ ‫صيغىةه فىًف ًيو م ىذ ًاىب‪ :‬أىح يدىا‪ :‬كني ًس ً‬ ‫ٍاأل اىك يؿ كإًذىا قيػلٍنىا لىوي ً‬
‫ضي‬ ‫ب ل ٍؤلى ٍش ىع ًرم أىناوي ىم ٍوقي ه ى‬ ‫ى ي ى ى ى ى‬ ‫ى‬
‫يم‪ ،‬ىكغىٍيػ ىرهي اإال بً ىدلً و‬
‫يل‪.‬‬ ‫اح ًر ى‬
‫الت ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً ً‬
‫اح ًر ًيم‬ ‫ين فى يح ًم ىل ىعلىٍيو ىكلى ٍم يي ٍح ىم ٍل ىعلىى الت ٍ‬ ‫اح ًر ًيم؛ ألىناػ ىها يىق ه‬ ‫ىكالثاانًي‪ :‬أىناوي للتاػ ٍن ًزيو ىحقي ىقةن ىال للت ٍ‬
‫و‬
‫ث‪ :‬أىناوي‬ ‫ٍح ٍنبىلً ُّي لًىق ٍوـ‪ .‬ىكالثاالً ي‬
‫اب ال ى‬‫ٍخطا ً‬ ‫ىص ىحابًنىا ىك ٍج نها‪ ،‬ىك ىع ىزاهي أىبيو ال ى‬ ‫ضأ ٍ‬ ‫يل‪ ،‬ىك ىح ىكاهي بىػ ٍع ي‬ ‫اإال بً ىدلً و‬
‫اح ًر ًيم إلىى‬ ‫ً‬
‫ص ىحابىةى ىر ىجعيوا في الت ٍ‬ ‫وب؛ ًألى اف ال ا‬ ‫اح ًر ًيم ىح ًقي ىقةن ىك ىما أى اف يمطٍلى ىق ٍاأل ٍىم ًر لًل يٍو يج ً‬ ‫ل لت ٍ‬
‫ً‬
‫{كىما نىػ ىها يك ٍم ىع ٍنوي فىانٍػتىػ يهوا} [الحشر‪ ]ٕ :‬ىك ىى ىذا يى ىو الا ًذم‬ ‫مج ارًد النػ ٍ ً ً ً‬
‫اه ًي‪ ،‬ىكل ىق ٍولو تىػ ىعالىى‪ :‬ى‬ ‫يى‬
‫اب ال ًٍعلى ًل‬ ‫اؿ فًي الر ىسالى ًة "‪ :‬فًي بى ً‬ ‫شافً ًعي ىعلىٍي ًو‪ ،‬فىػ ىق ى‬ ‫وص ال ا‬ ‫ص ي‬ ‫ت ني ي‬ ‫اى ىر ٍ‬
‫ور‪ ،‬ىكتىظى ى‬ ‫ٍج ٍم يه ي‬
‫ً‬
‫ىعلىٍيو ال ي‬
‫ً‬ ‫يث‪ :‬كما نىػهى ىع ٍنوي رس ي ً‬ ‫فًي ٍاأل ً‬
‫اح ًر ًيم‬ ‫صلاى اللاوي ىعلىٍيو ىك ىسلا ىم ‪ -‬فىػ يه ىو ىعلىى الت ٍ‬ ‫وؿ اللاو ‪ -‬ى‬ ‫ىي‬ ‫ىحاد ً ى ى ى‬ ‫ى‬
‫ص ىف ًة‬
‫اب ً‬ ‫اؿ فًي ٍاأليـ " فًي كًتى ً‬ ‫اح ًر ًيم‪ ،‬ىكقى ى‬ ‫حتاى يأٍتًي ىد ىاللىةه ىعلىى أىناػها إناما أىر ى ً‬
‫اد بًو غىٍيػ ىر الت ٍ‬ ‫ى ى ى‬ ‫ى ى ى‬
‫صلاى اللاوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم ‪ -‬إ ٍف ىكا ىف ىما نىػ ىهى ىع ٍنوي‬ ‫اهي ًمن رس ً ً‬
‫وؿ اللاو ‪ -‬ى‬ ‫اه ًي‪ :‬النػ ٍ ي ٍ ى ي‬ ‫ٍاأل ٍىم ًر ىكالنػ ٍ‬
‫آف "‬ ‫ىح ىك ًاـ الٍ يقر ً‬ ‫فىػهو مح ارـ حتاى تىأٍتًي ىد ىاللىةه أىناوي بًم ٍعنىى غىي ًر التاح ًر ًيم‪ ،‬كنى ا ً ً‬
‫ٍ‬ ‫ص ىعلىٍيو في أ ٍ‬ ‫ى‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫يى ي ى ه ى‬
‫اهي لًلتاح ًر ًيم بً ًخ ىبل ً‬ ‫شي يخ أىبو ح ًام ود‪ :‬قىطىع ال ا ً‬
‫ؼ ٍاأل ٍىم ًر‪،‬‬ ‫شاف ًع ُّي قىػ ٍولىوي‪ :‬إ اف النػ ٍ ى ٍ‬ ‫ى‬ ‫اؿ ال ا ٍ ي ى‬ ‫ضا‪ .‬قى ى‬ ‫أىيٍ ن‬
‫ش ٍي يخ أىبيو ىح ًام ود يى ىو الا ًذم ىد اؿ‬ ‫اض ًع لىيا ىن الٍ ىق ٍو ىؿ فً ًيو‪ ،‬ىك ىى ىذا الا ًذم قىالىوي ال ا‬ ‫ض الٍمو ً‬ ‫ً‬
‫فىًإناوي في بىػ ٍع ً ى ى‬
‫اهي لًلتاح ًر ًيم قىػونال ك ً‬ ‫شافً ًعي ىك ىما ىسبى ىق‪ .‬فىػنىػ يق ي‬ ‫ىعلىٍي ًو ىك ىبل يـ ال ا‬
‫اح ندا ىحتاى يى ًر ىد ىما‬ ‫ٍ ى‬ ‫وؿ‪ :‬إ اف النػ ٍ ى ٍ‬
‫يم ًم ٍن ًج ىه ًة اللُّغى ًة أ ٍىـ ًم ٍن‬
‫اح ًر ى‬
‫ضي الت ٍ‬ ‫ص ًرفيوي‪ ،‬كلىوي فًي ٍاأل ٍىم ًر قىػوىال ًف‪ ،‬ك ىعلىى ىى ىذا فىػ ىهل يػ ٍقتى ً‬
‫ٍى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫يى ٍ ى‬
‫ظ"‬
‫صيغىةي " ىال تىػ ٍف ىع ٍل " فىأىاما لىٍف ي‬ ‫اد ً‬ ‫اف‪ .‬ىكال ىٍو ٍج ىه ٍي ًن فًي ٍاأل ٍىم ًر‪ ،‬ثي ام ال يٍم ىر ي‬
‫شر ًع؟ فً ًيو ك ٍج ىه ً‬
‫ى‬
‫ً ً‬
‫ج ىهة ال ا ٍ‬
‫ب لًلتػار ًؾ أ ً‬
‫اؿ ابٍ ين‬‫كىا‪ .‬ىكقى ى‬ ‫ىع ُّم م ٍن أى ٍف يى يكو ىف ىح ىر ناما أ ٍىك ىم ٍك ير ن‬ ‫ف ىػ ل " فىًإناوي لً ٍل ىق ٍوًؿ الطاالً ً ٍ ى‬
‫ف " ىكنى ٍح يوهي‪ ».‬انتهى‬ ‫صيغىتيوي ًع ٍن ىدنىا " ىال تىػ ٍف ىع ٍل " ىك " انٍػتى ًو " ىك " اي ٍك يف ٍ‬‫فيور وؾ‪ً :‬‬
‫ى‬

‫صيغ تفيد ما تفيده صيغة النهي‬


‫كيلتحق بصيغة النهي في إفادة التحريم‪ :‬التصريح بلفظ التحريم‬

‫ت ىعلىٍي يك ٍم أيام ىهاتي يك ٍم ىكبىػنىاتي يك ٍم ىكأ ى‬


‫ىخ ىواتي يك ٍم ىك ىع اماتي يك ٍم ىك ىخ ىاالتي يك ٍم‬ ‫كما في قولو تعالى ‪ :‬يحرىم ٍ‬
‫اع ًة ىكأيام ىه ي‬
‫ات‬ ‫ضى‬ ‫ىخ ىواتي يك ٍم ًم ىن ال ار ى‬ ‫البلتًي أ ٍىر ى‬
‫ض ٍعنى يك ٍم ىكأ ى‬ ‫ت ىكأيام ىهاتي يك يم ا‬ ‫ات ٍاألي ٍخ ً‬
‫ىخ ىكبىػنى ي‬
‫ات ٍاأل ً‬ ‫ىكبىػنى ي‬
‫البلتًي ىد ىخلٍتي ٍم بً ًه ان فىًإ ٍف لى ٍم تى يكونيوا‬‫سائً يك يم ا‬ ‫ً ً‬ ‫نًسائً يكم كربائًب يكم ا ً ً‬
‫البلتي في يح يجوًريك ٍم م ٍن ن ى‬ ‫ى ٍ ى ىى ي ي‬
‫ىص ىبلبً يك ٍم ىكأى ٍف تى ٍج ىمعيوا بىػ ٍي ىن‬ ‫د ىخلٍتم بً ًه ان فى ىبل جناح علىي يكم كح ىبلئًل أىبػنائً يكم الا ًذ ً‬
‫ين م ٍن أ ٍ‬ ‫يى ى ى ٍ ٍ ى ى ي ٍى ي ى‬ ‫ى يٍ‬
‫يما‬ ‫ف إً اف اللاو ىكا ىف غى يف ً‬ ‫ٍاألي ٍختىػ ٍي ًن إًاال ىما قى ٍد ىسلى ى‬
‫ورا ىرح ن‬ ‫ن‬ ‫ى‬

‫كالنهي‬

‫ً‬ ‫اؿ‪ " :‬نىػهى رس ي ً‬ ‫كما في حديث أىبًي يى ىريٍػ ىرةى‪ ،‬قى ى‬
‫صلاى اهللي ىعلىٍيو ىك ىسلا ىم ىع ٍن ى‬
‫صبلىتىػ ٍي ًن‪:‬‬ ‫وؿ اللاو ى‬ ‫ى ىي‬
‫س " متفق عليو‬ ‫ش ٍم ي‬ ‫ص ًر ىحتاى تىػغٍ ير ى‬
‫ب ال ا‬ ‫الع ٍ‬
‫س‪ ،‬ىكبىػ ٍع ىد ى‬‫ش ٍم ي‬ ‫بىػ ٍع ىد ال ىف ٍج ًر ىحتاى تىطٍلي ىع ال ا‬

‫كالحظر كالوعيد على الفعل‬

‫صلاى اهللي ىعلىٍي ًو‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬


‫كما في حديث ىع ٍن ىع ٍبد اللاو بٍ ًن ىع ٍم ورك ىرض ىي اللاوي ىع ٍنػ يه ىما‪ ،‬ىع ًن النابًي ى‬
‫ين‬ ‫اى ندا لىم ي ًرح رائًحةى الجن ًاة‪ ،‬كإً اف ًريحها تي ً ً ً ً‬ ‫ىك ىسلا ىم قى ى‬
‫وج يد م ٍن ىمس ىيرة أ ٍىربىع ى‬
‫ىى ى‬ ‫اؿ‪ « :‬ىم ٍن قىػتى ىل يم ىع ى ٍ ى ٍ ى ى ى ى‬
‫ىع ناما» ركاه البخارم‪.‬‬
‫‪،‬‬
‫كذـ الفاعل‬

‫اح إً ٍف‬
‫ض ارنة‪ ،‬فىػ ىه ٍل ىعلى اي يجنى ه‬‫وؿ اللا ًو‪ ،‬إً اف لًي ى‬
‫ت‪ :‬يىا ىر يس ى‬‫اء‪ ،‬أى اف ٍام ىرأى نة قىالى ٍ‬
‫ىس ىم ى‬‫كما في حديث أ ٍ‬
‫صلاى اهللي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم‪:‬‬ ‫اؿ رس ي ً‬ ‫ًً‬ ‫ً‬ ‫شباػ ٍع ي ً ً‬
‫وؿ اللاو ى‬ ‫ت م ٍن ىزٍكجي غىٍيػ ىر الاذم ييػ ٍعطيني؟ فىػ ىق ى ى ي‬ ‫تى ى‬
‫س ثىػ ٍوبى ٍي يزكور» ركاه البخارم‪.‬‬ ‫ط ىكبلىبً ً‬ ‫شب يع بً ىما لى ٍم ييػ ٍع ى‬
‫المتى ى‬
‫« ي‬

‫‪ ،‬كإيجاب الكفارة بالفعل‬

‫صلاى اهللي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم قى ى‬


‫اؿ‪:‬‬ ‫كالحنث في النذر ىعن عي ٍقبةى بٍ ًن ىع ًام ور‪ ،‬ىعن رس ً ً‬
‫وؿ اهلل ى‬ ‫ٍ ىي‬ ‫ٍ ى‬
‫ارةي الٍيى ًمي ًن» ركاه مسلم‪.‬‬
‫ارةي النا ٍذ ًر ىك اف ى‬
‫« ىك اف ى‬

‫‪ ،‬ككلمة ما كاف لهم كذا كلم يكن لهم‪.‬‬

‫كما في قولو تعالى { ىكىما ىكا ىف ال يٍم ٍؤًمنيو ىف لًيىػ ٍن ًف يركا ىكافاةن فىػلى ٍوىال نىػ ىف ىر ًم ٍن يكل فً ٍرقى وة ًم ٍنػ يه ٍم‬
‫طىائًىفةه لًيىتىػ ىف اق يه ىوا فًي الدي ًن ىكلًييػ ٍن ًذ يركا قىػ ٍوىم يه ٍم إً ىذا ىر ىجعيوا إًلىٍي ًه ٍم لى ىعلا يه ٍم يى ٍح ىذ يرك ىف}‪.‬‬

‫ككذا ترتيب الحد على الفعل‬

‫كما في قىػولً ًو تىػعالىى‪{ :‬ال ازانًيةي كال ازانًي فىاجلً يدكا يك ال ك ً‬


‫اح ود ًم ٍنػ يه ىما ًمائىةى ىج ٍل ىدةو ىكىال تىأ ي‬
‫ٍخ ٍذ يك ٍم‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى ى‬ ‫ٍ ى‬
‫ً‬
‫بً ًه ىما ىرأٍفىةه فًي ًدي ًن اللا ًو إً ٍف يك ٍنتي ٍم تيػ ٍؤًمنيو ىف بًاللا ًو ىكالٍيىػ ٍوـ ٍاآل ًخ ًر ىكلٍيى ٍش ىه ٍد ىع ىذابىػ يه ىما طىائًىفةه ًم ىن‬
‫ين} ك إف كانت ىناؾ آيات قطعية في تحريم الزنا ك المقصود ضرب المثاؿ‬ ‫ًً‬
‫ال يٍم ٍؤمن ى‬
‫فقط‪.‬‬

‫ككلمة "ال يحل "‬


‫كما في الحديث المتفق عليو ىعن أىبًي يىريٍػرىة ر ً‬
‫صلاى‬ ‫اؿ النابً ُّي ى‬ ‫اؿ‪ :‬قى ى‬ ‫ض ىي اللاوي ىع ٍنػ يه ىما‪ ،‬قى ى‬ ‫ىى ى‬ ‫ٍ‬
‫سافً ىر ىم ًس ىيرةى يىػ ٍووـ ىكلىٍيػلى وة‬
‫ى‬ ‫ت‬
‫ي‬ ‫ف‬
‫ٍ‬ ‫ى‬
‫أ‬ ‫ً‬
‫ر‬ ‫اهلل علىي ًو كسلام‪« :‬الى ي ًح ُّل ًالمرأىةو تيػ ٍؤًمن بًاللا ًو كاليػوًـ ً‬
‫اآلخ‬ ‫ى ىٍ‬ ‫ي‬ ‫ٍى‬ ‫ى‬ ‫ي ىٍ ىى ى‬
‫س ىم ىع ىها يح ٍرىمةه»‪.‬‬
‫لىٍي ى‬

‫ككصف الفعل بأنو فساد أك أنو من تزيين الشيطاف كعملو‪ .‬كأنو تعالى ال يرضاه لعباده‪،‬‬

‫ضى لً ًعب ً‬
‫ادهً الٍ يك ٍف ىر ىكإً ٍف‬ ‫ً‬
‫كما في قولو تعالى‪{ :‬إً ٍف تى ٍك يف يركا فىًإ اف اللاوى غىن ٌّي ىع ٍن يك ٍم ىكىال يىػ ٍر ى ى‬
‫ضوي لى يك ٍم ىكىال تى ًزير ىكا ًزىرةه ًكٍزىر أي ٍخ ىرل ثي ام إًلىى ىرب يك ٍم ام ٍرًجعي يك ٍم فىػييػنىبئي يك ٍم بً ىما يك ٍنتي ٍم‬
‫تى ٍش يك يركا يىػ ٍر ى‬
‫الص يدكًر}‪.‬‬ ‫ات ُّ‬ ‫تىػ ٍعمليو ىف إًناوي ىعلًيم بً ىذ ً‬
‫ه‬ ‫ى‬

‫كال يزكى فاعلو‪ ،‬كال يكلمو كال ينظر إليو كنحو ذلك‬

‫اؿ رس ي ً‬ ‫كما في صحيح البخارم ىعن أىبًي يىريٍػرةى ر ً‬


‫صلاى اهللي‬ ‫وؿ اللاو ى‬ ‫اؿ‪ :‬قى ى ى ي‬ ‫ض ىي اللاوي ىع ٍنوي‪ ،‬قى ى‬ ‫ىى ى‬ ‫ٍ‬
‫يم‪ :‬ىر يج هل‬ ‫ىعلىي ًو كسلام‪ " :‬ثىبلىثىةه الى ي ىكلمهم اللاو‪ ،‬كالى يػ ٍنظير إًلىي ًهم كالى يػ ىزكي ًهم كلىهم ىع ىذ ً‬
‫اب أىل ه‬ ‫ه‬ ‫ي يي ي ي ى ى ي ٍ ٍ ى ي ٍ ى ي ٍ‬ ‫ٍ ىى ى‬
‫يل‪ ،‬ىكىر يج هل بىايى ىع ىر يج نبل الى ييػبىايًعيوي إًاال لً ُّ‬
‫لدنٍػيىا‪ ،‬فىًإ ٍف‬ ‫ض ًل ىم واء بًطى ًر ويق‪ ،‬يى ٍمنى يع ًم ٍنوي ابٍ ىن ال ا‬
‫سبً ً‬ ‫ىعلىى فى ٍ‬
‫ً و‬ ‫أى ٍعطىاهي ما ي ًري يد كفىى لىوي كإًاال لىم ي ً‬
‫ف‬‫ص ًر‪ ،‬فى ىحلى ى‬ ‫ف لىوي‪ ،‬ىكىر يج هل ىس ىاكىـ ىر يج نبل بًسل ىٍعة بىػ ٍع ىد ى‬
‫الع ٍ‬ ‫ى ٍى‬ ‫ى ي ى‬
‫بًاللا ًو لىىق ٍد أى ٍعطىى بً ىها ىك ىذا ىكىك ىذا فىأ ى‬
‫ىخ ىذ ىىا "‬
‫كقد ذكرنا كبلـ العز بن عبد السبلـ في صيغ التحريم آنفا‪.‬‬

‫كركد صيغة النهي بغير التحريم‬


‫ُ‪ -‬ترد للكراىية كالنهي عن الشرب من فم القربة‪.‬‬
‫ِ‪ -‬كترد للدعاء إف كاف من أدنى ألعلى مثل‪ :‬ربنا ال تؤاخذنا إف نسينا أك أخطأنا‪.‬‬
‫ّ‪ -‬كترد لئلرشاد مثل قولو تعالى‪{ :‬ال تسألوا عن أشياء أف تبد لكم تسؤكم} ‪.‬‬
‫كعلى العموـ فإنها ترد لكثير مما يرد لو األمر غير أف األمر لطلب الفعل كالنهي‬
‫لطلب الكف‪.‬‬
‫صيغة " ال تفعل " تستعمل لمعاف أىمها‪:‬‬
‫(كىال تىػ ٍق ىربيوا الزنىا) ك ىذا المعنى ىو األصل ‪.‬‬
‫األكؿ‪ :‬التحريم‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ض ىل بىػ ٍيػنى يك ٍم)‪.‬‬ ‫س يوا الٍ ىف ٍ‬
‫(كىال تىػ ٍن ى‬
‫الثاني‪ :‬الكراىة‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫س ٍؤيك ٍم) ك قد ذكر‬ ‫(ال تى ٍسأىليوا ىع ٍن أى ٍشيى ى ً‬
‫اء إ ٍف تيػ ٍب ىد لى يك ٍم تى ي‬ ‫الثالث‪ :‬اإلرشاد‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫المؤلف ىذا المعنى‪.‬‬
‫غ قيػليوبىػنىا بىػ ٍع ىد إً ٍذ ىى ىديٍػتىػنىا)‪.‬‬
‫(رباػنىا ىال تي ًز ٍ‬
‫الرابع‪ :‬الدعاء‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ك إًلىى ما متػ ٍ ً‬
‫اعنىا بًو أى ٍزىك ن‬
‫اجا‬ ‫ى ى‬ ‫(ال تى يم اد اف ىع ٍيػنىػ ٍي ى‬
‫الخامس‪ :‬التقليل كاالحتقار‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ًم ٍنػ يه ٍم)‪.‬‬
‫يل اللا ًو أ ٍىم ىواتنا بى ٍل‬
‫ين قيتًليوا فًي ىسبً ً‬ ‫اً‬
‫سبى ان الذ ى‬ ‫(كىال تى ٍح ى‬‫السادس‪ :‬بياف العاقبة‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ىحيىاءه ًع ٍن ىد ىرب ًه ٍم ييػ ٍرىزقيو ىف (ُٗٔ))‪.‬‬‫أٍ‬
‫(ال تى ىخافىا إًنانًي ىم ىع يك ىما أ ٍ‬
‫ىس ىم يع ىكأ ىىرل)‪.‬‬ ‫السابع‪ :‬التسكين كالتصبر‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ين ىك ىف يركا ىال تىػ ٍعتى ًذ يركا الٍيىػ ٍوىـ)‪.‬‬ ‫اً‬
‫الثامن‪ :‬اليأس‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬يىا أىيُّػ ىها الذ ى‬
‫التاسع‪ :‬الشفقة‪ ،‬كقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬ال تتخذكا الدكاب كراسي "‪.‬‬
‫العاشر‪ :‬االلتماس‪ ،‬كقولك لمن ىو في مرتبتك‪ " :‬ال تضرب فبلنا "‪.‬‬
‫الحادم عشر‪ :‬التهديد‪ ،‬كقوؿ السيد لعبده‪ " :‬ال تفعل اليوـ شيئا "‪.‬‬
‫كقد اعتنى الببلغيوف بذكر معاني األمر ك النهي في كتبهم‪...‬‬

‫أحواؿ النهي‬
‫أحواؿ النهي أربع كىي‪:‬‬
‫ُ‪ -‬أف يكوف النهي عن شيء كاحد فقط كىو الكثير كالنهي عن الزنا مثبل‪.‬‬

‫ك كالنهي عن اإلشراؾ باهلل ك عقوؽ الوالدين كالسحر ك غيرىا‪.‬‬

‫ِ‪/‬أف يكوف النهي عن الجمع بين متعدد‪ ،‬كللمنهي أف يفعل أيها شاء على انفراده‪،‬‬
‫كالجمع بين األختين‪ .‬كالجمع بين المرأة كعمتها‪ ،‬كبينها كبين خالتها‪.‬‬

‫ك الجمع بين المرأة ك ابنتها ما لم يعقد عليها‪.‬‬

‫ّ‪ /‬أف يكوف النهي عن التفريق بين شيئين أك أكثر دكف الجم ًع كالتفريق بين رجليو‬
‫بنعل إحداىما دكف األخرل‪ .‬بل على المنهي أف ينعلهما معا أك يحفيهما معان‪.‬‬

‫ك كما في التفريق بين الجارية األـ الرقيقة ك رضيعها عند بيعهما فبل يجوز ذلك ك أما‬
‫الجمع بينهما في البيع فجائز ما لم تكن األمة أـ كلد فبل يحل ذلك لهذا الوصف عند‬
‫جماىير العلماء‪.‬‬

‫ْ‪ /‬أف يكوف النهي عن متعدد اجتماعا كافتراقان مثل قولو تعالى‪{ :‬كال تطع منهم آثمان‬
‫أك كفورا} ‪ .‬فبل تجوز طاعتهما مجتمعين كال مفترقين‪ ،‬كمن أمثلة ذلك‪ :‬ال تأكل‬
‫السمك كتشرب اللبن‪ .‬على جزـ الفعلين‪ ،‬فإف النهي منصب على األكل كالشرب‬
‫اجتماعا كافتراقان‪ ،‬فإذا نصب الثاني كاف مثاال للحالة الثانية‪ .‬كإذا رفع كاف مثاال للحالة‬
‫األكلى‪.‬‬
‫اقتضاء النهي فساد المنهي عنو‪.‬‬

‫ور إًلىى أىناوي إًذىا تىػ ىعلا ىق النػ ٍ‬


‫اه يي‬ ‫ٍج ٍم يه ي‬‫ب ال ي‬‫ىذه المسألة كقع فيها النزاع بين األصوليين فى ىذ ىى ى‬
‫ً‬
‫ات ال ًٍف ٍع ًل أ ٍىك لً يج ٍزئ ًو‪ ،‬ىكذىلً ى‬
‫ك بًأى ٍف‬ ‫بًال ًٍف ٍع ًل‪ ،‬بًأى اف طىلىب الٍ ىكف ىع ٍنوي فىًإ ٍف ىكا ىف لًع ٍينً ًو‪ ،‬أىم لً ىذ ً‬
‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫اء ىكا ىف‬ ‫ً‬ ‫ًً ً‬ ‫اهي مقتضيا لً ٍل ىف ً‬ ‫ً‬
‫ساد ال يٍم ىرادؼ للٍبيط ىٍبلف‪ ،‬ىس ىو ن‬ ‫ن ى‬ ‫اه ًي قيػ ٍب نحا ذىاتياا ىكا ىف النػ ٍ ي‬
‫شأي النػ ٍ‬‫يى يكو ىف ىم ٍن ى‬
‫ص ىبلةً كالصوـ‪ ،‬كالمراد عندىم أنو‬ ‫ٍخ ٍم ًر‪ ،‬أ ٍىك ىش ٍر ًعياا ىكال ا‬
‫ب ال ى‬ ‫ك ال ًٍف ٍعل ًحسينا ىكالزنىا ىك يش ٍر ً‬
‫ي‬ ‫ذىلً ى‬
‫يقتضيو ىش ٍر نعا ىال ليغىةن‪.‬‬
‫ً‬ ‫ىكقً ً‬
‫اد لغة كما يقتضيو ىش ٍر نعا‪.‬‬
‫سى‬ ‫يل‪ :‬إناوي يىػ ٍقتىضي الٍ ىف ى‬
‫ى‬
‫ت‪ ،‬ىكبً ًو قاؿ أبو‬
‫ات فىػ ىق ٍط يدك ىف الٍمعام ىبل ً‬
‫يى ى‬ ‫اد إًاال فًي ال ًٍعبى ى‬
‫اد ً‬ ‫سى‬ ‫ً‬ ‫يل‪ :‬إً اف النػ ٍ‬
‫اه ىي ىال يىػ ٍقتىضي الٍ ىف ى‬
‫ً‬
‫ىكق ى‬
‫اص‪.‬‬‫ص ي‬ ‫الحسين البصرم‪ ،‬كالغزالي‪ ،‬كالرازم‪ ،‬كابن المبلحمي ىكالج ا‬
‫اد شرعا‪ :‬بًأى اف الٍعلىم ً‬ ‫ضائًًو لً ٍل ىفس ً‬ ‫ور ىعلىى اقٍتً ى‬
‫صا ًر لى ٍم يىػ ىزاليوا‬ ‫اء في ىج ًمي ًع ٍاألى ٍع ى‬ ‫يىى‬ ‫ى‬ ‫استى ىد اؿ ال ي‬
‫ٍج ٍم يه ي‬ ‫ىك ٍ‬
‫وع‪ ،‬ىكغىٍي ًرىىا‪.‬‬ ‫ات‪ ،‬ىك ٍاألىنٍ ًك ىح ًة ىكالٍبيػيي ً‬ ‫اب الرب ًويا ً‬
‫ساد في أىبٍػ ىو ً ى‬
‫يستى ًدلُّو ىف بً ًو ىعلىى الٍ ىف ً ً‬
‫ى‬ ‫ىٍ‬
‫اه يي‪ ،‬ىكًم ٍن ثيػبيوتًًو ًح ٍك ىمةه تى يد ُّؿ ىعلىٍيػ ىها‬ ‫ضا لى ٍو لى ٍم ييػ ٍف ًس ٍد لى ًزىـ ًم ٍن نىػ ٍفيً ًو ًح ٍك ىمةه يى يد ُّؿ ىعلىٍيػ ىها النػ ٍ‬‫ىكأىيٍ ن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫الص احةي‪ ،‬ىك ا‬
‫ضتىا كتساقطتا‪ ،‬فكاف‬ ‫ار ى‬ ‫البل ًزيـ بىاط هل؛ ألى اف الٍح ٍك ىمتىػ ٍي ًن إ ٍف ىكانىػتىا يمتى ى‬
‫سا ًكيىػتىػ ٍي ًن تىػ ىع ى‬
‫اه ًي‬‫ت ًح ٍك ىمةي النػ ٍ‬ ‫ٍح ٍك ىم ًة‪ .‬ىكإً ٍف ىكانى ٍ‬ ‫اهي ىع ٍنوي لً يخليوهً ىع ًن ال ً‬ ‫ً‬
‫فعلو كبل ف ٍع ول‪" ،‬فى ٍامتىػنى ىع" النػ ٍ ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مرجوحةن فىأىكلىى؛ لًىفو ً‬
‫ت‬ ‫صةه‪ ،‬ىكإً ٍف ىكانى ٍ‬ ‫صلى ىحةه ىخال ى‬ ‫صلى ىح ًة الص اح ًة‪ ،‬ىكى ىي ىم ٍ‬ ‫ات ال ازائً ًد م ٍن ىم ٍ‬ ‫ى‬ ‫ىٍ ي ى ٍ‬
‫اف ًم ٍن‬ ‫الر ٍجح ً‬
‫أيضا‪ ،‬بل لفوت قى ٍد ًر ُّ ى‬ ‫ت الص احةي‪ ،‬لً يخليوهً ىع ًن المصلحة ن‬ ‫اجحةن ٍامتىػنىػ ىع ً‬
‫ىر ى‬
‫ً‬
‫اه ًي‪.‬‬‫صلى ىح ًة النػ ٍ‬‫ىم ٍ‬
‫ىح ىك ًام ًو‪،‬‬ ‫ارةه ىع ٍن ىسل ً‬ ‫اد ليغىةن‪ ،‬بًأى اف فىساد ال ا ً ً‬ ‫ضائًًو لً ٍل ىفس ً‬‫استى ىدلُّوا ىعلىى ىع ىدًـ اقٍتً ى‬
‫ٍب أ ٍ‬ ‫ش ٍيء عبى ى‬ ‫ىى‬ ‫ى‬ ‫ىك ٍ‬
‫اه ًي ىما يى يد ُّؿ ىعلىٍي ًو ليغىةن قىط نٍعا‪.‬‬ ‫س فًي لىٍف ًظ النػ ٍ‬ ‫ىكلىٍي ى‬
‫اء لى ٍم يىػ ىزاليوا يى ٍستى ًدلُّو ىف بً ًو‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ًً‬ ‫كٍ ا ً ً‬
‫استى ىدؿ الٍ ىقائليو ىف بأىناوي يىػ ٍقتىضيو ليغىةن ىك ىما يىػ ٍقتىضيو شرعا‪ ،‬بأى اف الٍعيلى ىم ى‬ ‫ى‬
‫ىعلىى الٍ ىفس ً‬
‫اد‪.‬‬ ‫ى‬
‫ش ٍر ًع ىعلىٍي ًو‪ ،‬ىال لً ىد ىاللى ًة اللُّغى ًة‪.‬‬ ‫اد لً ىد ىاللى ًة ال ا‬
‫يجيب‪ :‬بًأىناػهم إًناما استى ىدلُّوا بً ًو ىعلىى الٍ ىفس ً‬
‫ى‬ ‫ىكأ ً ى ي ٍ ى ٍ‬
‫اف ىال‬ ‫يضوي‪ ،‬ىكالن ًاق ى‬
‫يض ً‬ ‫اه يي نىًق ي‬ ‫ضي الص احةى لً ىما تىػ ىق اد ىـ‪ ،‬ىكالنػ ٍ‬ ‫كاستدلوا ثىانًيا‪ :‬بًأى اف ٍاأل ٍىمر يػ ٍقتى ً‬
‫ىى‬ ‫ن‬
‫اهي مقتضيا لً ٍل ىفس ً‬
‫اد‪.‬‬ ‫ً ً‬
‫ن ى‬ ‫يى ٍجتىم ىعاف فىػيى يكو يف النػ ٍ ي‬
‫ضاءي ٍاأل ٍىم ًر لًلص اح ًة ليغىةن ىم ٍمنيوعه‪ ،‬ىك ىما‬ ‫ضي الص احةى شرعا‪ ،‬ىال ليغىةن فىاقٍتً ى‬ ‫يجيب‪ :‬بًأى اف ٍاأل ٍىمر يػ ٍقتى ً‬
‫ىى‬ ‫ىكأ ى‬
‫ً‬
‫اد ليغىةن ىم ٍمنيوعه‪.‬‬ ‫اه ًي لً ٍل ىفس ً‬ ‫اء النػ ٍ‬ ‫أى اف اقٍتً ى‬
‫ى‬ ‫ضى‬
‫ت‪ :‬بًأى اف‬ ‫ات يدك ىف الٍمعام ىبل ً‬
‫يى ى‬
‫اد ً‬ ‫اد إًاال فًي الٍعًبى ى‬ ‫سى‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫كاستدؿ الٍ ىقائليو ىف‪ :‬بأىناوي ىال يىػ ٍقتىضي الٍ ىف ى‬
‫وـ أ ًىدلاًة م ٍشر ً‬
‫كعيا ًة‬ ‫ات الٍمن ًهي عنػها لو ص احت لى ىكانت مأٍمورا بًها ندبا؛ لًعم ً‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ى ٍ ى ٍ ى ي ن ى ىٍ ن ي ي‬ ‫اد ً ى ٍ ا ى ٍ ى‬ ‫ال ًٍعبى ى‬
‫اؿ‪.‬‬ ‫ب الفعل كالنهي لطلب التػ ٍار ًؾ ىك يى ىو يم ىح ه‬ ‫اف؛ ًألى اف ٍاأل ٍىم ىر لًطىلى ً‬ ‫يض ً‬‫ات فىػيى ٍجتى ًم يع الن ًاق ى‬ ‫اد ً‬‫ال ًٍعبى ى‬
‫ضاهي فًي غيرىا لكاف غي ٍس يل‬ ‫ات فىًؤلىناوي لى ًو اقػٍتى ى‬ ‫اد ً‬ ‫اد فًي غىٍي ًر ال ًٍعبى ى‬ ‫ضائًًو لً ٍل ىفس ً‬ ‫ىكأى اما ىع ىد يـ اقٍتً ى‬
‫ى‬
‫صوب وة‪ ،‬كطىىبل يؽ الٍبً ٍد ىع ًة‪ ،‬كالٍبػ ٍيع فًي كق ً‬ ‫ًً‬ ‫الناج ً و‬
‫ٍت‬ ‫ى ى ي ى‬ ‫وب‪ ،‬ىكال اذبٍ يح بسكي ون ىمغٍ ي ى ى‬ ‫ص و‬ ‫اسة بً ىماء ىمغٍ ي‬ ‫ى ى‬
‫يح ًة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ض غىٍيػ ىر يم ٍستىٍتبىػ ىعة آلثىا ًرىىا م ٍن زكاؿ النجاسة‪ ،‬ىكحل ال اذبً ى‬ ‫ٍح ٍي ً‬ ‫الن ىداء‪ ،‬ىكال ىٍوطٍءي في ىزىم ًن ال ى‬
‫كـ ًمثٍػليوي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ٍك‪ ،‬كأىح ىك ًاـ الٍوط ً‬
‫البل ًزيـ بىاط هل‪ ،‬فىال ىٍمل يٍز ي‬ ‫ٍء‪ ،‬ىك ا‬ ‫ى‬ ‫ىح ىك ًاـ الطاىبل ًؽ‪ ،‬ىكال ًٍمل ً ى ٍ‬ ‫ىكأ ٍ‬
‫ش ٍي ًء أ ٍىك لجزئو‪ ،‬بل ألمر خارج‪،‬‬ ‫ات ال ا‬ ‫اه ًي فًي ٍاأليموًر الٍم ٍذ يكورةً لً ىذ ً‬
‫ي ى ى‬ ‫يب‪ :‬بً ىم ٍن ًع ىك ٍو ًف النػ ٍ‬‫ىكأيج ى‬
‫ً‬
‫يل ىخا ًرًج ٍّي‪ ،‬فبل يرد النقض بً ىها‪.‬‬ ‫اد لً ىدلً و‬ ‫ضائًها لً ٍل ىفس ً‬
‫ى‬ ‫كلو يسل ىم لى ىكا ىف ىع ىد يـ اقٍتً ى ى‬
‫اد ىال ليغىةن ىكىال‬ ‫سى‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫ٍحنىفياة‪ ،‬ىكال يٍم ٍعتى ًزلىة‪ :‬إلىى أىناوي ىال يىػ ٍقتىضي الٍ ىف ى‬
‫شافً ًعيا ًة‪ ،‬كال ً ً‬
‫ى ى‬ ‫اعةه ًم ىن ال ا‬ ‫ب ىج ىم ى‬ ‫ىكذى ىى ى‬
‫اد لغة أك ىش ٍر نعا‪،‬‬ ‫ت‪ ،‬قىاليوا‪ً :‬ألىناوي لىو ىد اؿ ىعلىى الٍ ىفس ً‬ ‫ات كىال فًي الٍمعام ىبل ً‬ ‫ىشر نعا‪ ،‬ىال فًي ال ًٍعب ى ً‬
‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫يى ى‬ ‫اد ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬
‫اطل أى اما الٍم ىبل ىزمةي فىظى ً‬ ‫ً‬ ‫يح بًالص اح ًة ليغىةن أ ٍىك شرعا ىك ا‬
‫اى ىرةه‪ ،‬ىكأى اما بيط ىٍبل يف‬ ‫ي ى‬ ‫البل ًزيـ بى ه‬ ‫اص ًر ى‬‫ض الت ٍ‬ ‫لىنىاقى ى‬
‫ٍت لى ىكا ىف الٍبىػ ٍي يع ال ىٍم ٍن ًه ُّي‬ ‫ك ىع ًن الربىا نىػ ٍه ىي تحريم كلو فىػ ىعل ى‬ ‫اؿ نىػ ىه ٍيتي ى‬‫ًع لى ٍو قى ى‬
‫شار ى‬ ‫البلزـ‪ :‬فؤلف ال ا‬
‫ض‪ ،‬ىال ليغىةن ىكىال ىش ٍر نعا‪.‬‬ ‫ص اح ًم ٍن غىٍي ًر تىػنىاقي و‬ ‫ً ً ًً‬
‫ىع ٍنوي يموجبنا لل ىٍملك لى ى‬
‫اى ًر‪ ،‬ىكلى ٍم‬ ‫اه ًي قى ًرينىةه صا ًرفىةه لىو ىع ًن الظا ً‬ ‫ؼ النػ ٍ‬ ‫يجيب‪ :‬بًم ٍن ًع الٍم ىبل ىزم ًة؛ ًألى اف التاص ًريح بً ًخ ىبل ً‬ ‫ً‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ٍ ى‬ ‫ىكأ ى ى ي ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اد فىػ ىقطٍ‪.‬‬ ‫سي‬ ‫نى اد ًع إ اال أى اف ظىاى ىرهي الٍ ىف ى‬
‫ٍخ ٍم ًر يى يكو يف‬ ‫ب ال ى‬ ‫ش ٍر ًع ىكالزنىا‪ ،‬ىك يش ٍر ً‬ ‫ت الحنفية إلى‪ :‬أف ما ال تتوقف ىم ٍع ًرفًتيوي ىعلىى ال ا‬ ‫كذى ىىب ً‬
‫ى ى‬
‫ص ًف ًو‪ ،‬أى ًك‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ًً‬
‫يل ىعلىى أىناوي ىم ٍن ًه ٌّي ىع ٍنوي ل ىو ٍ‬ ‫وـ ال ادل ي‬ ‫اد إًاال أى ٍف يىػ يق ى‬‫سى‬ ‫اه يي ىع ٍنوي ل ىع ٍينو‪ ،‬ىكيىػ ٍقتىضي الٍ ىف ى‬ ‫النػ ٍ‬
‫اه ًي ىعن قيػرب ً‬ ‫ً‬ ‫الٍمجا ًكًر لىو‪ ،‬فىػي يكو يف النػ ٍ ً ً و ً ً‬
‫اف‬ ‫اد ىكالنػ ٍ ٍ ٍ ى‬ ‫سى‬ ‫اه يي حينىئذ ىع ٍنوي لغىٍي ًره‪ ،‬فى ىبل يىػ ٍقتىضي الٍ ىف ى‬ ‫يى ي ى‬
‫اه يي ىع ٍنوي لًغىٍي ًرهً فى ىبل‬ ‫ش ٍر ًع فىالنػ ٍ‬‫ف ىم ٍع ًرفىػتيوي ىعلىى ال ا‬ ‫ش ٍر ًع ُّي ىك يى ىو ىما يىػتىػ ىوقا ي‬‫ض‪ ،‬ىكأى اما ال ًٍف ٍع يل ال ا‬ ‫ٍحائً ً‬ ‫ال ى‬
‫وؿ‪.‬‬‫يل ىم ٍقبي و‬‫ك بً ىدلً و‬ ‫اد‪ ،‬ىكلى ٍم يى ٍستى ًدلُّوا ىعلىى ذىلً ى‬ ‫سى‬ ‫ً‬
‫يىػ ٍقتىضي الٍ ىف ى‬
‫يم ال ىٍم ٍن ًهي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كالٍحقُّ‪ :‬أى اف يك ال نىػ ٍه وي ًمن غىٍي ًر فىػر وؽ بػ ٍين ال ًٍعب ى ً‬
‫ادات ىكال يٍم ىع ىام ىبلت يىػ ٍقتىضي تى ٍح ًر ى‬ ‫ٍ ى ى ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى ى‬
‫ً‬
‫اـ ال ادل ي‬
‫يل‬ ‫ك إًاال ىما قى ى‬ ‫ج ًم ٍن ىذلً ى‬ ‫ً‬
‫اء ىش ٍرعياا‪ ،‬ىكىال يى ٍخ ير ي‬ ‫ضن‬ ‫ؼ لًلٍبيط ىٍبل ًف‪ ،‬اقٍتً ى‬ ‫ادهي ال يٍم ىر ًاد ى‬‫سى‬ ‫ىع ٍنوي‪ ،‬ىكفى ى‬
‫ٍح ًق ًيقي إًلىى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ضائًًو لً ىذلً ى‬‫ىعلىى ىع ىدًـ اقٍتً ى‬
‫صا ًرفىةن لىوي م ٍن ىم ٍعنىاهي ال ى‬ ‫يل قى ًرينىةن ى‬‫ك فىػيى يكو يف ىى ىذا ال ادل ي‬
‫ىم ٍعنىاهي ال ىٍم ىجا ًزم‪.‬‬
‫صلاى اللاوي ىعلىٍي ًو‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىكم اما يي ٍستى ىد ُّؿ بًو ىعلىى ىى ىذا ما كرد في الحديث ال يٍمتاػ ىف ًق ىعلىٍيو ىك يى ىو قىػ ٍوليوي ى‬
‫س ىعلىٍي ًو أ ٍىم يرنىا فىػ يه ىو ىردٌّ‪ ،‬ىكىما‬ ‫ً‬
‫ىك ىسل ىم‪" :‬كل أمر ليس عليو أ ٍىم يرنىا فىػ يه ىو ىردٌّ" ىكال ىٍم ٍنه ُّي ىع ٍنوي لىٍي ى‬
‫ا‬
‫صا ًرًى ٍم ىعلىى‬ ‫ً ً‬
‫ىج ىم ىع الٍعيلى ىماءي ىم ىع ا ٍخت ىبلؼ أى ٍع ى‬
‫ً‬
‫كدا ىكا ىف بىاط نبل‪ ،‬ىكقى ٍد أ ٍ‬ ‫ىم‪ :‬ىم ٍر يد ن‬ ‫ىكا ىف ىرداا أ ٍ‬
‫ص ُّح‪ ،‬ىك ىى ىذا يى ىو‬ ‫اطل ىال ي ً‬ ‫ً‬
‫ش ٍر ًع‪ ،‬ىكأىناوي بى ه ى‬ ‫س ًم ىن ال ا‬ ‫ا ً‬
‫اواىي ىعلىى أىف ال ىٍم ٍنه اي ىع ٍنوي لىٍي ى‬
‫ًاالستً ٍد ىال ًؿ بًالنػ ً‬
‫ى‬ ‫ٍ‬
‫اؿ‪" :‬إذا‬ ‫صلاى اللاوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم أىناوي قى ى‬ ‫اه ًي مقتضينا للفساد‪ ،‬كصح ىع ٍنوي ى‬ ‫اد بً ىك ٍو ًف النػ ٍ‬‫ال يٍم ىر ي‬
‫و‬ ‫ً‬
‫وب‬ ‫اجتىنًبيوهي" فىأىفى ى‬
‫اد يك يج ى‬ ‫استىطى ٍعتي ٍم ىكإً ٍف نىػ ىه ٍيتي يك ٍم ىع ٍن ىش ٍيء فى ٍ‬
‫أمرتكم بأمر فىأٍتيوا م ٍنوي ىما ٍ‬
‫"ر ىاكغيوا"بو من الرأم‪.‬‬ ‫ك ىما ى‬ ‫ع ىع ٍن ى‬
‫وب‪ ،‬ىك ىد ٍ‬‫ك يى ىو ال ىٍمطٍلي ي‬ ‫اب ال ىٍم ٍن ًهي ىع ٍنوي‪ ،‬ىكذىلً ى‬
‫اجتًنى ً‬
‫ٍ‬
‫قاؿ‪:‬‬

‫المنهيات على قسمين‪:‬‬


‫ُ‪/‬قسم منهي عنو كلم يتوجو إليو طلب قط مثل قولو تعالى‪{ :‬كال تقربوا الزنا} كقولو‪:‬‬
‫{كاعبدكا اهلل كال تشركوا بو شيئا} ‪.‬‬
‫كىذا ىو المنهي عنو لذاتو‪ ،‬أم لقبحو في نفسو‪ ،‬فهذا محرـ قطعا كباطل لزكما‪ .‬كما‬
‫ترتب عليو باطل كذلك‪ ،‬كالولد من الزنا ال يلحق بأبيو‪ ،‬كعمل المشرؾ ال يثاب عليو‪.‬‬
‫ِ‪ /‬كقسم منهي عنو من كجو مع كجود أمر بو من كجو آخر كىذا القسم على ثبلث‬
‫صور‪.‬‬
‫أ‪ -‬منهي عنو لصفتو‪.‬‬
‫ب‪ -‬منهي عنو ألمر الزـ لو‪.‬‬
‫جػ‪ -‬منهي عنو ألمر خارج عنو‪.‬‬
‫األمثلة على ما تقدـ‪.‬‬
‫أكال‪ :‬المنهي عنو لصفتو‬
‫أ‪ -‬في العبادات‪ :‬نهي الحائض عن الصبلة‪ ،‬كنهى السكراف عنها أيضان‪.‬‬
‫ب‪ -‬في المعامبلت‪ :‬النهي عن بيع المبلقيح كذلك لجهالة البيع‪.‬‬
‫ثانيان‪ :‬المنهي عنو ألمر الزـ لو‬
‫أ‪ -‬في العبادات‪ :‬النهي عن الصوـ يوـ العيد‪ ،‬لما يلزمو من اإلعراض عن ضيافة اهلل‬
‫في ذلك اليوـ‪.‬‬
‫ب‪ -‬في المعامبلت‪ :‬النهي عن بيع العبد المسلم لكافر إذا لم يعتق عليو لما فيو من‬
‫كالية الكافر على المسلم المبيع‪.‬‬
‫ثالثان‪ :‬المنهي عنو ألمر خارج عنو‬
‫أ‪ -‬في العبادات‪ :‬النهي عن الوضع بماء مغصوب أك الصبلة في أرض مغصوبة‪.‬‬
‫كبياف كوف النهي ألمر خارج عنو‪ .‬أف النهي ال لنفس الوضوء كلكن ألنو حق للغير ال‬
‫يجوز استعمالو بغير إذف فسواء فيو اإلتبلؼ بوضوء أك بإراقة أك غير ذلك‪،‬‬
‫كيتضح لك الفرؽ بين المنهي عنو لذاتو كالمنهي عنو ألمر خارج عنو بالفرؽ بين الماء‬
‫المتنجس كالماء المغصوب‪.‬‬
‫ب‪ -‬في المعامبلت‪ :‬النهي عن البيع بعد النداء لصبلة الجمعة‪.‬‬
‫كبياف‪ ،‬كونو ألمر خارج عنو أف البيع قد استوفى شركطو كلكنو مظنة لفوات الصبلة‬
‫كما أف فوات الصبلة قد يكوف لعدة أسباب أخرل‪.‬‬
‫كالجمهور على أف النهي في ىذه الصورة ال يقتضي الفساد ألف نفس المنهي عنو كىو‬
‫البيع سالم من مبطل كالنهي لذلك الخارج‪ ،‬فالجهة منفكة أم جهة صحة البيع عن‬
‫جهة توجو النهي إليو‪ .‬كعند أحمد أف النهي يقتضي الفساد ألف النهي يقتضي العقاب‬
‫كالصحة تقتضي الثواب فبل يثاب كيعاقب في كقت كاحد بسبب محمل كاحد‪.‬‬
‫األدلة على اقتضاء النهي الفساد…‪ ،‬كىي كثيرة‪.‬‬
‫منها‪ .‬قولو عليو السبلـ في الحديث الصحيح‪" :‬من عمل عمبل ليس عليو أمرنا فهو‬
‫رد" أم مردكد كما كاف مردكدا على فاعلو فكأنو لم يوجد‪ ،‬كالرد إذا أضيف إلى‬
‫العبادات اقتضى عدـ االعتداد بها كإذا أضيف إلى العقود اقتضى فسادىا كعدـ‬
‫نفوذىا‪.‬‬
‫كمنها‪ :‬أمره صلى اهلل عليو كسلم ببلال حين اشترل صاعا من التمر الجيد بصاعين من‬
‫الردمء برده كإعبلمو بأف ذلك عين الربا‪.‬‬
‫كمنها‪ :‬أف الصحابة كانوا يستدلوف على الفساد بالنهي كاستداللهم على فساد عقود‬
‫الربا بقولو صلى اهلل عليو كسلم‪ " :‬ال تبيعوا الذىب بالذىب إال مثبل بمثل " كعلى‬
‫فساد نكاح المحرـ بالنهي عنو‪.‬‬

‫خبلصة البحث أف المنهي عنو إما أف يكوف النهى عنو لذاتو أك لوصفو القائم بو أك‬
‫لخارج عنو‪ ،‬زاد بعض المحققين قسما رابعا كىو أف المنهي عنو لخارج عنو قد تكوف‬
‫فيو جهة النهى غير منفكة عن جهة األمر كقد تكوف منفكة عنها فتكوف األقساـ أربعة‬
‫مثاؿ المنهي عنو لذاتو‪ :‬الشرؾ كالزنا كمثاؿ المنهي عنو لوصفو القائم بو‪ :‬الخمر‬
‫بالنسبة إلى اإلسكار كمثل لو المؤلف بالصبلة في حالة السكر ألنها منهي عنها لوصف‬
‫السكر القائم بالمصلى‪ ،‬كمثاؿ المنهي عنو لخارج غير الزـ‪ :‬الصبلة بالحرير‪ ،‬كمثاؿ‬
‫المنهي عنو لخارج الزـ عند الحنابلة الصبلة في المكاف المغصوب كالنهى يقتضى‬
‫البطبلف في ثبلثة منها كىى ما نهى عنو لذاتو أك لوصفو القائم بو أك لخارج عنو الزـ لو‬
‫لزكما غير منفك‪ .‬أما الرابع فبل يقتضى البطبلف كىو ما كاف النهى عنو لخارج غير‬
‫الزـ‪.‬‬

‫األمر كالنهي بلفظ الخبر‬


‫األمر كالنهي بلفظ الخبر كاألمر كالنهي بلفظ الطلب في جميع األحكاـ‪ ،‬كاليك‬
‫األمثلة على النوعين‪:‬‬
‫أ‪ -‬مثاؿ األمر بلفظ الخبر قولو تعالى‪{ :‬كالمطلقات يتربصن بأنفسهن ثبلثة قركء}‬
‫كقولو‪{ :‬كالوالدات يرضعن أكالدىن حولين كاملين} كقولو صلى اهلل عليو كسلم‪" :‬من‬
‫مات كعليو صياـ صاـ عنو كليو "‪.‬‬
‫ب‪ -‬كمثاؿ النهي بلفظ الخبر قولو تعالى‪{ :‬فبل رفث كال فسوؽ كال جداؿ في الحج}‬
‫كقولو صلى اهلل عليو كسلم‪" :‬ال ضرر كال ضرار" كقولو في كتابو لعمرك بن حزـ‪" :‬كأف‬
‫ال يمس القرآف إال طاىر"‪.‬‬

‫عقد المؤلف ىذا الباب لبياف أف األمر كالنهي كما يصدر من الشارع بلفظ الطلب يرد‬
‫عنو كذلك بلفظ الخبر ‪:‬‬
‫فقولو تعالى‪{ :‬كالوالدات يرضعن أكالدىن حولين كاملين} جاءت فيو كلمة –يرضعن‪-‬‬
‫بصورة الخبر كالمراد بها األمر‪ ،‬كفائدة ذلك تأكيد فعل المأمور بو‪ ،‬حتى كأنو أمر‬
‫كاقع‪ ،‬يتحدث عنو كصفة من صفات المأمور‪.‬‬
‫آمنيوا اتابًعيوا ىسبًيلىنىا ىكلٍنى ٍح ًم ٍل‬ ‫ًً‬ ‫كمثاؿ العكس‪ :‬قولو تعالى‪{ :‬كقى ى ا ً‬
‫ين ىك ىف يركا للاذ ى‬
‫ين ى‬ ‫اؿ الذ ى‬ ‫ى‬
‫ىخطىايىا يك ٍم} فقولو‪« :‬كلنحمل» بصورة األمر كالمراد بها الخبر‪ ،‬أم‪ :‬كنحن نحمل‪.‬‬
‫كفائدة ذلك تنزيل الشيء المخبر عنو منزلة المفركض الملزـ بو‪.‬‬
‫فائدة‬
‫النهي يقتضي االنتهاء عن المنهي عنو على الفور كيقتضي التكرار؛ ألف النهي يقتضي‬
‫عدـ اإلتياف بالفعل‪ ،‬كعدـ اإلتياف بالفعل ال يتحقق إال بترؾ الفعل في جميع أفراده في‬
‫كل األزمنة‪ ،‬كبذلك يكوف ترؾ الفعل مستغرقان جميع األزمنة‪ ،‬كمن جملتها الزمن الذم‬
‫يلي النهي مباشرة‪ ،‬فيكوف النهى مفيدان للتكرار كما ىو مفيد للفور‪.‬‬
‫فائدة‬
‫صيغة النهي الواردة بعد األمر تقتضي التحريم‪ ،‬بخبلؼ األمر الوارد بعد النهي ذلك‬
‫لوجود الفرؽ بينهما من كجوه‪:‬‬
‫الوجو األكؿ‪ :‬أف داللة النهي على التحريم أقول من داللة األمر على الوجوب؛ لعموـ‬
‫قولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬ما اجتمع الحبلؿ كالحراـ إال غلب الحراـ الحبلؿ‬
‫"‪.‬‬
‫الوجو الثاني‪ :‬أف األصل في األشياء العدـ‪ ،‬فالقوؿ بأف النهي بعد األمر يقتضي التحريم‬
‫فيو عمل باألصل‪.‬‬
‫الوجو الثالث‪ :‬أف الشارع قد اعتنى بدرء المفاسد أشد من عنايتو بجلب المنافع‬
‫كالمصالح‪ ،‬فالقوؿ بأف النهي بعد األمر للتحريم فيو عمل بهذا األصل‪.‬‬
‫كبناء على ذلك‪ :‬فإف السيد لو قاؿ لعبده‪ " :‬يك ٍل من ىذا الطعاـ " ثم قاؿ لو‪ " :‬ال‬
‫تأكل منو " فإف أكل من ذلك الطعاـ فإنو يستحق العقوبة ببل قرينة‪.‬‬
‫فائدة أخرل‪:‬‬
‫النهي عن الشيء أمر بضده إذا كاف لو ضد كاحد‪ ،‬كإف كاف لو أضداد فهو أمر‬
‫بأحدىا‪ ،‬فقولو‪ " :‬ال تقم " ىو أمر بالقعود؛ ألف المنهي يتحتم عليو ترؾ المنهي عنو‪،‬‬
‫كال يمكنو ترؾ المنهي عنو إال بفعل ضده‪ ،‬كما تحتم فعلو إال ألنو مأمور بو‪.‬‬
‫كبناء على ذلك‪ :‬فإف الرجل إذا قاؿ لزكجتو‪ " :‬إف خالفت أمرم فأنت طالق "‪ ،‬ثم قاؿ‬
‫لها‪ " :‬ال تقومي " فقامت‪ ،‬فإنو يلزـ أنها تطلق‪ ،‬ألف النهي عن الشيء أمر بضده‪.‬‬

‫العاـ‬

‫وـ ىحتاى‬ ‫ض ىي اللاوي ىع ٍنوي) ‪ :‬لى ٍم نى يك ٍن نىػ ٍع ًر ي‬ ‫ىحم يد بٍن ح ٍنب ول (ر ً‬ ‫اؿ ًٍ‬
‫وص ىكالٍعي يم ى‬
‫ص ى‬‫ٍخ ي‬
‫ؼ ال ي‬ ‫اـ أ ٍ ى ي ى ى ى‬ ‫اإل ىم ي‬ ‫قى ى‬
‫شافً ًع ُّي (ر ً‬
‫ض ىي اللاوي ىع ٍنوي)‪.‬‬ ‫ىكىر ىد ىعلىٍيػنىا ال ا‬
‫ى‬

‫تعريفو‪ :‬أ‪ /‬ىو في اللغة الشامل كالعموـ شموؿ أمر آلخر مطلقان‪..‬‬

‫وؿ أ ٍىم ور لً يمتىػ ىعد ود ىس ىواءه ىكا ىف ٍاأل ٍىم ير لىٍفظنا‬


‫نفهم من كبلـ المؤلف أف العاـ فًي اللُّغى ًة يى ىو‪ :‬يش يم ي‬
‫وؿ ال ىٍم ٍن ًط ًقيُّو ىف‪ :‬ال ىٍع ُّ‬
‫اـ ىما‬ ‫ط بً ًه ٍم‪ ،‬ىكلً ىذلً ى‬
‫ك يىػ يق ي‬ ‫ىحا ى‬ ‫ً‬ ‫أ ٍىك غىٍيػ ىرهي‪ ،‬ىكًم ٍنوي‪ :‬ىع ام يه ٍم ال ى‬
‫ٍخبىػ ير إ ىذا ىشملى يه ٍم ىكأ ى‬
‫اإلنٍس ً‬ ‫ىال يمنىع تىص ُّور ال ا ً ً ً‬
‫اف‪ .‬ىكيى ٍج ىعليو ىف ال يٍمطٍلى ىق ىعا اما‪.‬‬ ‫ش ًرىكة فيو ىك ًٍ ى‬ ‫ىٍ ي ى ى‬

‫ب‪ /‬كفي االصطبلح‪ :‬ىو اللفظ المستغرؽ لما يصلح لو دفعة بوضع كاحد من غير‬
‫حصر‪.‬‬
‫فخرج بقولنا " دفعة " نحو رجل‪ .‬في سياؽ اإلثبات فإنو كإف كاف مستغرقان لجميع ما‬
‫يصلح لو إال أف ىذا االستغراؽ على سبيل البدلية ال دفعة كاحدة‪ .‬كبقولنا بوضع‬
‫كاحد‪ .‬المشترؾ مثل "القرء كالعين " فإنو بوضعين أك أكثر‪.‬‬
‫كبقولنا من غير حصر‪ .‬أسماء األعداد كعشرة كمائة‪ .‬كىذا عند من ال يرل لفظ العدد‬
‫من صيغ العموـ‪.‬‬
‫قولو‪ " :‬اللفظ " جنس يشمل كل ما يتلفظ بو مما يتكوف من حركؼ ىجائية‪ ،‬سواء كاف‬
‫مهمبلن‪ ،‬أك مستعمبلن‪ ،‬عاما أك خاصا‪ ،‬مطلقا أك مقيدان‪ ،‬مجمبلن أك مفصبلن‪ ،‬حقيقة أك‬
‫مجازان‪.‬‬
‫كالمقصود ىنا باللفظ ىو‪ :‬اللفظ الواحد‪ ،‬لكن لم يذكر لفظ"الواحد" للعلم بو‪.‬‬
‫كقد عبارنا ب " اللفظ " إلخراج أمرين ىما‪:‬‬
‫األمر األكؿ‪ :‬العموـ المعنوم‪ ،‬أك المجازم كقولنا‪ " :‬ىذا مطر عاـ "‪ ،‬فإف مثل ذلك ال‬
‫يدخل في التعريف "‪ ،‬كذلك ألف العموـ المعنوم ال يتحد الحكم فيو‪ ،‬بل يختلف ‪-‬‬
‫كما سيأتي بيانو ‪ -‬أما العموـ اللفظي ‪ -‬كىو ما نحن بصدده ‪ -‬فإف الحكم فيو‬
‫متحد‪ ،‬أم‪ :‬قولنا‪ " :‬أكرـ الطبلب " عاـ كشامل جميع الطبلب بدكف تخصيص‪.‬‬
‫األمر الثاني‪ :‬األلفاظ المركبة‪ ،‬أم‪ :‬أف قولنا‪ " :‬اللفظ " أخرج الشيء الذم أفاد‬
‫العموـ‪ ،‬كلكن بأكثر من لفظ كقولهم‪ " :‬ضرب زيد عمران "‪ ،‬فإف العموـ قد استفدناه‬
‫من الفاعل كىو الضارب كىو زيد‪ ،‬كالمفعوؿ بو‪ ،‬كىو المضركب كىو عمرك‪ ،‬كالفعل‬
‫كىو‪ :‬الضرب‪ ،‬ككقولهم‪ " :‬كبلـ منتشر "‪.‬‬
‫قولو‪ " :‬المستغرؽ " أم‪ :‬يشترط أف يكوف ىذا اللفظ مستغرقان أم‪ :‬متناكالن لما كضع لو‬
‫من األفراد دفعة كاحدة‪ .‬كقد عبار بلفظ " المستغرؽ " إلخراج ما يلي‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬اللفظ المهمل مثل‪ " :‬ديز "‪ ،‬حيث إنو ال يدخل في التعريف؛ ألف االستغراؽ‬
‫فرع االستعماؿ كالوضع‪ ،‬كالمهمل غير موضوع لمعنى كغير مستعمل‪ ،‬فمن باب ٍأكلى‬
‫أنو ال يستغرؽ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬اللفظ المطلق مثل قولو تعالى‪( :‬فتحرير رقبة) ‪ ،‬فإنو ال يدخل في التعريف‪ ،‬ألف‬
‫اللفظ المطلق يتناكؿ كاحدان ال بعينو ‪ -‬كما سيأتي ‪ .-‬أما اللفظ العاـ فإنو يتناكؿ‬
‫أفرادان بأعيانهم‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬النكرة في سياؽ اإلثبات‪ ،‬حيث ال تدخل في التعريف‪ ،‬ألف النكرة كإف‬
‫كضعت للفرد الشائع في جنسو إال أنها ال تستغرؽ جميع ما كضعت لو‪ ،‬أم‪ :‬أنها لم‬
‫تتناكلو دفعة كاحدة‪ ،‬كإنما تتناكلو على سبيل البدؿ‪ ،‬فمثبلن‪ " :‬اضرب رجاالن " معناه‪:‬‬
‫حقق الضرب في أقل الجمع كىو‪ :‬ثبلثة‪ ،‬فإذا ضربت ثبلثة رجاؿ فإنك تخرج عن‬
‫العهدة‪.‬‬
‫تنبيو‪ :‬قد ترد النكرة في سياؽ اإلثبات أحيانا للعموـ كما في قولو تعالى‪( :‬علمت نفس‬
‫ما قدمت كأخرت) فهنا كلمة نفس كردت في سياؽ اإلثبات ك رغم ذلك أفادت‬
‫العموـ ألف المراد كل نفس ‪.‬‬
‫قولو‪ " :‬لما يصلح لو " معناه‪ :‬ما كضع لو اللفظ‪ ،‬فالمعنى الذم لم يوضع لو اللفظ ال‬
‫يكوف اللفظ صالحان لو‪ .‬فمثبلن لفظ " ىم ٍن " كضع للعاقل‪ ،‬كلفظ " ما " كضع لغير‬
‫العاقل‪ ،‬كىما من صيغ العموـ ‪ -‬كما سيأتي بيانو إف شاء اللاو ‪ -‬فبل يمكن أف تستعمل‬
‫" من " لغير العاقل‪ ،‬فنقوؿ‪ " :‬اشتر من رأيتو من البهائم "‪ ،‬كال يمكن أف تستعمل " ما‬
‫" للعاقل فتقوؿ‪ " :‬أكرـ ما رأيتو من العلماء "‪.‬‬
‫إذف‪ :‬قولو‪ " :‬لجميع ما يصلح لو " قيد قصد منو تحقيق معنى العموـ‪.‬‬
‫كقصد منو ‪ -‬أيضا ‪ -‬االحتراز عن اللفظ الذم استعمل في بعض ما يصلح لو مثل‬
‫ااس) ‪ ،‬فإف لفظ" الناس " صيغة من صيغ العموـ‪ ،‬كلكن‬ ‫اً‬
‫اؿ لى يه يم الن ي‬
‫ين قى ى‬
‫قولو تعالى‪( :‬الذ ى‬
‫لم يقصد بها ىنا العموـ‪ ،‬بل قصد بها فرد كاحد‪ ،‬كىو‪ :‬نعيم بن مسعود‪ ،‬كقيل‪ :‬طائفة‬
‫من األعراب استأجرتهم قريش‪ ،‬كقيل غير ذلك‪.‬‬
‫قولو‪ " :‬بوضع كاحد " معناه‪ :‬أف يكوف اللفظ يدؿ على معناه بحسب كضع كاحد‪.‬‬
‫كىذه العبارة أتى بها إلخراج أمرين ىما‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬اللفظ المشترؾ؛ ألف المشترؾ ىو اللفظ الداؿ على معنيين‪ ،‬فأكثر ال مزية‬
‫ألحدىا على اآلخر مثل‪ " :‬العين "‪ ،‬ك "القرء"‪ ،‬أما اللفظ العاـ فهو اللفظ الواحد‬
‫الموضوع لمعنى كاحد‪ ،‬ىذا المعنى عاـ‪.‬‬
‫كلهذا‪ :‬نعمل باللفظ العاـ؛ ألف معناه كاحد قد فهمناه‪ .‬أما اللفظ المشترؾ‪ ،‬فبل نعمل‬
‫بو إال بعد أف تأتي قرينة ترجح أحد المعاني ‪ -‬كما سبق بيانو ‪.-‬‬
‫الثاني‪ :‬اللفظ الصالح للحقيقة كالمجاز مثل‪ " :‬األسد "‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫العموـ من عوارض األلفاظ حقيقة‪ ،‬كالعوارض‪ :‬جمع عارض‪ ،‬كالعارض ىو الذم يذىب‬
‫ض ُّ‬
‫الدنٍػيىا) ألنو يذىب‬ ‫كيجيء‪ ،‬كلذلك سمي الماؿ عرضان في قولو تعالى‪( :‬تي ًري يدك ىف ىع ىر ى‬
‫كيجيء‪ ،‬فالعموـ عارض للفظ قد يجيء إليو‪ ،‬كقد يزكؿ عنو‪.‬‬
‫كليس المراد من ذلك‪ :‬أف العموـ داخل في حقيقة اللفظ بحيث كلما كجد اللفظ‬
‫يكوف عامان‪ ،‬ليس ىذا ىو المقصود‪ ،‬كإنما المقصود ما ذكرناه‪.‬‬

‫صيغ العموـ‬

‫ىل للعموـ صيغة تدؿ عليو ؟ ما اختاره المؤلف ىو القوؿ الصحيح في المسألة فقد‬
‫ش ٍر ًط‪،‬‬ ‫ىس ىماءي ال ا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وعةه لىوي ىحقي ىقةن‪ ،‬ىكى ىي أ ٍ‬ ‫ض ى‬ ‫صيغىةه ىم ٍو ي‬ ‫ذىب الجمهور إلى أف الٍعموـ لىوي ً‬
‫يي ى‬
‫ً ً‬
‫يف الجنس‪ ،‬كالمضافة‪ ،‬كاسم الجنس‪،‬‬ ‫ٍج يموعي ال يٍم ىع ارفىةي تىػ ٍع ًر ى‬ ‫ت‪ ،‬ىكال ي‬ ‫وال ي‬ ‫صى‬‫ىكاال ٍست ٍف ىه ًاـ ىكال ىٍم ٍو ي‬
‫ظ يك ٍّل‪ ،‬ىك ىج ًمي وع ىكنى ٍح ًو ىىا‬ ‫البلًـ‪ ،‬ىكلىٍف ي‬ ‫كالنكرة المنفية‪ ،‬كالمفردة المحلي بً ا‬
‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ب‬‫اجةى ىما اسةه إًلىى ٍاألىلٍ ىفاظ ال ىٍعا امة لتىػ ىع ُّذ ًر ىج ٍم ًع ٍاآل ىحاد ىعلىى ال يٍمتى ىكل ًم‪ ،‬فىػ ىو ىج ى‬ ‫ٍح ى‬ ‫قىاليوا‪ :‬ألى اف ال ى‬
‫اـ‪.‬‬
‫اإلفٍػ ىه ي‬ ‫ض ًع اللُّغى ًة ًٍ‬
‫اإل ٍع ىبل يـ ىك ًٍ‬ ‫ض ًم ٍن ىك ٍ‬ ‫ض ى ً ً‬
‫وعةه ىحقي ىقةن؛ ألى اف الٍغى ىر ى‬ ‫أى ٍف يى يكو ىف لى ىها أىلٍ ىفا ه‬
‫ظ ىم ٍو ي‬
‫ً‬ ‫اؿ لً ىع ٍب ًدهً ىال تى ٍ‬ ‫سي ىد إًذىا قى ى‬ ‫ضا بًأى اف ال ا‬
‫وـ ىحتاى لى ٍو‬ ‫ىح ندا‪ ،‬في ًه ىم م ٍنوي الٍعي يم ي‬ ‫بأى‬ ‫ض ًر ٍ‬ ‫احتى ُّجوا أىيٍ ن‬ ‫ىك ٍ‬
‫اك ىرةي فًي الناػ ٍف ًي‬ ‫ادر ىدلًيل الٍح ًقي ىق ًة كالن ً‬ ‫ً‬ ‫ضر ً‬
‫ب ىكاح ندا عي اد يم ىخال نفا ك استحق العقوبة‪ ،‬ىكالتابى ي ي ي ى ى‬ ‫ىى ى‬
‫سا ًر يؽ‬ ‫ً ُّ ً ً‬ ‫ً‬ ‫وـ ً‬ ‫لًلٍعموًـ ح ًقي ىقة فىلًلٍعم ً‬
‫{كال ا‬‫ضا لى ٍم يىػ ىزؿ الٍعيلى ىماءي يى ٍستىدلو ىف بمثٍ ًل ى‬ ‫صيغىةه‪ ،‬ىكأىيٍ ن‬ ‫يي ى ن يي‬
‫ص ىحابىةي يى ٍحتى ُّجو ىف ًع ٍن ىد‬ ‫اجلً يدكا} ‪ ،‬ىكقى ٍد ىكا ىف ال ا‬ ‫سا ًرقىةي فىاقٍطىعيوا} ك {ال ازانًيىةي ىكال ازانًي فى ٍ‬ ‫ىكال ا‬
‫ً‬
‫صلاى اللاوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم‬ ‫ت عنو ى‬ ‫ورةً ىعلىى الٍعي يموـ‪ ،‬ىكًم ٍنوي ىما ثىػبى ى‬ ‫كث ال ً ً‬
‫ٍحادثىة بالصيى ًغ ال ىٍم ٍذ يك ى‬ ‫ى‬
‫ح يد ً‬
‫ي‬
‫ٍج ًام ىعةي‬ ‫ًً‬ ‫ً ً‬
‫اؿ‪" :‬لى ٍم يىػ ٍن ًز ٍؿ ىعلى اي في ىشأٍن ىها إًاال ىىذه ٍاآليىةي ال ى‬ ‫ٍح يم ًر ٍاأل ٍىىلًيا ًة‪ ،‬فىػ ىق ى‬ ‫ً‬
‫لى اما يسئ ىل ىع ًن ال ي‬
‫ضا‬‫اؿ ىذ ارةو ىش ارا يىػ ىره} " كما ثابت أىيٍ ن‬ ‫اؿ ىذ ارةو ىخ ٍيػ نرا يىػ ىرهي‪ ،‬ىكىم ٍن يىػ ٍع ىم ٍل ًمثٍػ ىق ى‬
‫{فى ىم ٍن يىػ ٍع ىم ٍل ًمثٍػ ىق ى‬
‫كؿ إًلىى‬ ‫ٍجنىابىًة‪ ،‬ىكالٍعي يد ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اج ىع ٍم ًرك بٍ ًن ال ىٍع ً‬ ‫احتً ىج ً‬ ‫ً‬
‫اص لى اما أينٍك ىر ىعلىٍيو تىػ ٍر يؾ الٍغي ٍس ًل م ىن ال ى‬ ‫م ًن ٍ‬
‫ك‬‫س يكم} فىػ ىق ارىر ىذلً ى‬ ‫{كال تىػ ٍقتيػليوا أىنٍػ يف ى‬
‫ت اهلل يقوؿ‪ :‬ى‬ ‫اؿ ىس ًم ٍع ي‬ ‫التػايى ُّم ًم ىم ىع ًش ادةً الٍبىػ ٍرًد‪ .‬فىػ ىق ى‬
‫اد ًم ٍن ًمثٍ ًل ىى ًذهً ال ىٍم ىواد‪.‬‬ ‫صلاى اللاوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم؛ ىكىك ٍم يىػعي ُّد ال ىٍع ُّ‬ ‫رس ي ً‬
‫وؿ اللاو ى‬ ‫ىي‬
‫ت إًلىٍي ًو ىكىال ييػ ىع او يؿ‬‫ط ىال ييػ ٍلتىػ ىف ي‬ ‫اب ىساقً ه‬ ‫ك‪ :‬بًأىناوي إنما فهم بًالٍ ىق ىرائً ًن ىج ىو ه‬ ‫يب بً ًو ىع ٍن ىذلً ى‬ ‫ً‬
‫ىكىما أيج ى‬
‫ىعلىٍي ًو‪.‬‬
‫اب ًمن المالكية‪ ،‬كمحمد بن شجاع البلخي ًمن ال ً ً‬
‫س‬‫ٍحنىفياة‪ :‬أىناوي لىٍي ى‬ ‫ى ى‬ ‫اؿ يم ىح ام يد بٍ ين ال يٍم ٍنتى ً ى‬ ‫ىكقى ى‬
‫لًلٍعم ً‬
‫ضوعه فًي الخصوص‪ ،‬كىو أقل الجمع‬ ‫صوي‪ ،‬ىكأى اف ىما ذى ىك يركهي ًم ىن الصيى ًغ ىم ٍو ي‬ ‫صيغىةه تى يخ ُّ‬ ‫وـ ً‬
‫يي‬
‫وـ إًاال بًىق ًرينى وة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً ً ً‬ ‫ً‬
‫ٍج ٍم ًع‪ ،‬ىكىال يىػ ٍقتىضي الٍعي يم ى‬ ‫أما اثٍػنىاف‪ ،‬أ ٍىك ثىىبلثىةه‪ ،‬ىعلىى الٍخ ىبلؼ في أىقىل ال ى‬
‫اإلماـ فًي "الٍبػرىى ً‬ ‫اضي فًي "التاػ ٍق ًر ً‬ ‫اؿ الٍ ىق ً‬
‫وعةى‬
‫ض ى‬ ‫اف"‪ :‬يىػ ٍزعي يمو ىف أى اف الصيى ىغ ال ىٍم ٍو ي‬ ‫يٍ‬ ‫يب"‪ ،‬ىك ًٍ ى ي‬ ‫قى ى‬
‫ت قى ًرينىةه تقتضي تعديها على‬ ‫يما ىع ىداهي إً ىذا لى ٍم تىػثٍبي ٍ‬ ‫لًلٍجم ًع نيصوص فًي الٍجم ًع محتى ًم ىبل ه ً‬
‫تف ى‬ ‫ىٍ ي ٍ‬ ‫ىٍ ي ه‬
‫ب‪ .‬انٍػتىػ ىهى‪.‬‬ ‫أىقىل ال ىٍم ىراتً ً‬
‫ٍح اجةي قىائً ىمةه‬ ‫ً‬ ‫ص ً‬ ‫ضوعه لًل ي‬ ‫اؾ أى اف قىػ ٍولى يه ٍم ىم ٍو ي‬
‫يل‪ ،‬ىكال ي‬ ‫س ىعلىٍيػ ىها ىدل ه‬ ‫وص يم ىج ار يد ىد ٍع ىول لىٍي ى‬ ‫ٍخ ي‬ ‫ىكىال يى ٍخ ىف ى‬
‫ش ٍر ًع ىال يى ٍخ ىفى ىعلىٍي ًو‬ ‫ت ال ا‬ ‫استً ٍعم ىاال ً‬
‫ب ىك ٍ ى‬ ‫ىعلىٍي ًه ٍم ليغىةن ىك ىش ٍر نعا ىكعي ٍرفنا‪ ،‬كيك ُّل ىم ٍن يىػ ٍف ىهم ليغىةى ال ىٍعر ً‬
‫ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬
‫ىى ىذا‪.‬‬
‫وـ بً ىذاتًًو‪ ،‬ىكىال ىم ىع الٍ ىق ىرائً ًن‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫اؿ جم ً‬
‫اعةه م ىن ال يٍم ٍرجئىة‪ :‬إً اف ىش ٍيئنا م ىن الصيى ًغ ىال يىػ ٍقتىضي الٍعي يم ى‬ ‫ىكقى ى ى ى ى‬
‫ً‬ ‫بل إًناما ي يكو يف الٍعموـ ًع ٍن ىد إًر ى ً‬
‫س ًن ٍاألى ٍش ىع ًرم‪.‬‬ ‫ٍح ى‬‫ب ىى ىذا إًلىى أىبًي ال ى‬ ‫ادة ال يٍمتى ىكل ًم‪ ،‬ىكنيس ى‬ ‫ى‬ ‫يي ي‬ ‫ىٍ ى ى‬
‫س ًن ٍاألى ٍش ىع ًرم ىكال ىٍواقً ًفيا ًة أىناػ يه ٍم ىال‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اؿ في "الٍبيػ ٍرىىاف"‪ :‬نىػ ىق ىل مصنفوا ال ىٍم ىق ىامات ىع ٍن أىبًي ال ى‬
‫ٍح ى‬
‫قى ى ً‬
‫ىح ندا ىال ييػ ٍن ًك ير‬ ‫صيغىةن لىٍف ًظياةن‪ ،‬ك ىى ىذا الناػ ٍقل ىعلىى ًٍ ً‬ ‫يػثٍبًتيو ىف لًم ٍعنىى الٍعموًـ ً‬
‫اإلط ىٍبلؽ ىزلى هل‪ ،‬فىًإ اف أ ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫يي‬ ‫ى‬ ‫ي‬
‫ت الٍ ىقوـ ك ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً ً ً و ً ًً‬
‫اح ندا‬ ‫ٍج ٍم ًع بتىػ ٍرديد أىلٍ ىفاظ تي ٍشع ير بو‪ ،‬ىك ىق ٍوؿ الٍ ىقائ ًل‪ :‬ىرأىيٍ ي ٍ ى ى‬ ‫اعبًي ًر ىع ٍن ىم ٍعنىى ال ى‬ ‫إً ٍم ىكا ىف التػ ٍ‬
‫وصا‬ ‫ظ لًىقطٍ ًع تىػ ىوى ً‬ ‫ىح هد‪ ،‬ىكإًنا ىما ىك ارىر ىى ًذهً ٍاألىلٍ ىفا ى‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫ص ن‬ ‫سبيوي يخ ي‬ ‫ُّم ىم ٍن يى ٍح ى‬ ‫ىكاح ندا‪ ،‬لى ٍم يىػ يف ٍتني م ٍنػ يه ٍم أ ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫إًلىى غىٍي ًر ىذلً ى‬
‫ٍج ٍم ًع‪ .‬انٍػتىػ ىهى‪.‬‬ ‫ك‪ ،‬ىكإًنا ىما أىنٍ ىك ىر ال ىٍواقفياةي لىٍفظىةن ىكاح ىدةن يم ٍشع ىرنة بً ىم ٍعنىى ال ى‬
‫ك‬‫ادةو ىعلىى ىذلً ى‬ ‫ب ىم ٍدفيوعه بً ًمثٍ ًل ىما يدفً ىع بً ًو الا ًذم قىػ ٍبػلىوي‪ ،‬ىكبً ًزيى ى‬ ‫اؾ‪ :‬أى اف ىى ىذا ال ىٍم ٍذ ىى ى‬ ‫ىكىال يى ٍخ ىف ى‬
‫ضيى ًة لً ىك ٍونًًو ىعا اما ىش ًام نبل ًعنىا هد ىكيم ىكابىػ ىرةه‪.‬‬ ‫اؿ الٍ ىقرائً ًن الٍم ٍقتى ً‬
‫ي‬ ‫ً‬
‫ىك يى ىو أى اف إ ٍى ىم ى ى‬
‫فالراجح من ىذا كلو أف العموـ لو صيغ موضوعة ك أضعف األقواؿ في ىذه المسألة‬
‫القوؿ بالوقف‪.‬‬
‫قاؿ المؤلف‪:‬‬

‫كللعموـ ألفاظ دالة عليو تسمى صيغ العموـ كمنها ما يأتي‪:‬‬


‫ُ‪ -‬كل‪ :‬مثل قولو تعالى‪{ :‬كل نفس ذائقة الموت} كقولو‪{ :‬كل آمن باهلل كمبلئكتو}‬
‫كمن أمثلتو كذلك‬
‫ِ‪ -‬جميع مثل جاء القوـ جميعهم‪.‬‬

‫دؿ على أنها للعموـ‪ :‬أف أىل اللغة كاللساف إذا أرادكا التعبير كالغوص في االستغراؽ‬
‫فإنهم يفزعوف إلى استعماؿ لفظ " كل " أك " جميع "‪ ،‬كلو لم يكونا مفيدين للعموـ لما‬
‫فزعوا إليهما‪ .‬كلصحة االستثناء مما دخلت عليو كل أك جميع فتقوؿ‪ " :‬كل الطبلب‬
‫يكرموف إال زيدان"‪.‬‬

‫ّ‪ /‬الجمع المعرؼ باأللف كالبلـ لغير العهد مثل قد أفلح المؤمنوف‪ ،‬ككذا المعرؼ‬
‫باإلضافة مثل يوصيكم اهلل في أكالدكم‪.‬‬

‫بشرط‪ :‬أف ال تكوف " أؿ " ىذه عهدية كما نبو على ذلك المصنف‪.‬‬
‫كدؿ على ذلك‪ :‬صحة االستثناء من الجمع المع ارؼ بأؿ فتقوؿ‪ " :‬أكرـ الرجاؿ إال‬
‫زيدان "‪ ،‬فلو لم يفد العموـ لما صح االستثناء منو‪.‬‬
‫س ىج ىد ال ىٍم ىبلئً ىكةي يكلُّ يه ٍم أ ٍ‬
‫ىج ىمعيو ىف)‪.‬‬ ‫كأيضان‪ :‬أنو يؤكد بما يقتضي العموـ‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬فى ى‬
‫كمما يدؿ على أف الجمع المعرؼ باإلضافة يفيد العموـ صحة االستثناء فتقوؿ‪ " :‬أكرـ‬
‫طبلب الكلية إال زيدا "‪ ،‬كىو كما سبق‪.‬‬

‫ْ‪ /‬المفرد المعرؼ باأللف كالبلـ لغير العهد مثل {كالعصر إف ًاإلنساف لفي خسر إال‬
‫الذين آمنوا ‪ } ...‬السورة‪ .‬ككذا المعرؼ باإلضافة {كإف تعدكا نعمة اهلل ال تحصوىا}‬
‫‪.‬‬

‫سا ىف لىًفي يخ ٍس ور (ِ)‬ ‫دؿ على أنو يفيد العموـ صحة االستثناء منو‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬إً اف ًٍ‬
‫اإلنٍ ى‬
‫اً‬
‫آمنيوا)‪.‬‬ ‫إًاال الذ ى‬
‫ين ى‬
‫ككذلك تقوؿ‪ " :‬أكرـ عالم ىذه المدينة إال زيدان "‪ ،‬كاالستثناء يدؿ على أف المستثنى‬
‫منو عاـ‪.‬‬
‫كبناء على ذلك‪ :‬فإنو لو قاؿ‪ " :‬زكجتي طالق كعبدم حر " كلم ينو معينان‪ ،‬فإف جميع‬
‫زكجاتو طوالق أك جميع عبيده أحرار استدالالن بهذه القاعدة‪.‬‬

‫ٓ‪ /‬المثنى المعرؼ بأؿ مثل قولو صلى اهلل عليو كسلم‪ " ،‬إذا التقى المسلماف‬
‫بسيفيهما‪"..‬الحديث فإنو يعم كل مسلمين‪.‬‬

‫ك يدؿ على عمومها صحة االستثناء فيها فتقوؿ مثبل إذا جاء رجبلف فأدخلهما إال‬
‫زيدا‪.‬‬

‫ٔ‪ /‬ما كىي لما ال يعقل مثالها موصولة قولو تعالى‪{ :‬ما عندكم ينفد كما عند اهلل باؽ}‬
‫كمثالها شرطية قولو تعالى‪{ :‬كما تفعلوا من ٍحير يعلمو اهلل} ‪.‬‬
‫ٕ‪ /‬من كىي لمن يعقل‪ ،‬مثالو موصولة قولو تعالى‪{ :‬كال تؤمنوا إال لمن تبع دينكم}‬
‫كمثالها شرطية قولو تعالى‪{ :‬فمن يعمل مثقاؿ ذرة خيران يره} ‪.‬‬
‫ٖ‪ /‬متى للزماف المبهم شرطية مثل متى زرتني أكرمتك‪.‬‬
‫ٗ‪ /‬أين للمكاف المبهم شرطية مثل قولو تعالى‪{ :‬أينما تكونوا يدرككم الموت} ‪.‬‬

‫ك يدؿ على عموـ ىذه األدكات كذلك ما سبق من صحة االستثناء‪.‬‬

‫َُ‪ /‬النكرة في سياؽ النفي كتكوف نصا في العموـ كظاىرة فيو‬


‫نصيوٌ النكرة في العموـ كظهورىا فيو‬
‫تكوف النكرة في سياؽ النفي نصا صريحان في العموـ في الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫ُ‪ /‬إذا بنيت مع ال نحو‪ ،‬ال إلو إال اهلل‪.‬‬
‫ِ‪ /‬إذا زيدت قبلها من كتزاد من قبلها في ثبلثة مواضع‪:‬‬
‫أ‪ /‬قبل الفاعل مثل {لتنذر قومان ما أتاىم من نذير} اآلية‪.‬‬
‫ب‪ /‬قبل المفعوؿ مثل {كما أرسلنا من قبلك من رسوؿ} اآلية‪.‬‬
‫جػ‪ /‬قبل المبتدأ مثل {كما من إلو إال إلو كاحد} ‪.‬‬
‫ّ‪ /‬النكرة المبلزمة للنفي مثل‪ :‬ديار كما في قولو تعالى عن نوح‪{ :‬ال تذر على األرض‬
‫من الكافرين ديارا} ‪.‬‬
‫كتكوف ظاىرة ال نصان فيما عدا ذلك كالنكرة العاملة فيها " ال " عمل ليس مثل قولك‬
‫ال رجل في الدار‪.‬‬

‫دؿ على أنها تفيد العموـ صحة االستثناء من ىذه النكرة‪ ،‬فتقوؿ‪ " :‬ال رجل في الدار‬
‫إال زيدان "‪ ،‬ك " ما قاـ أحد إال زيدان "‪.‬‬
‫كألنو لو لم تكن النكرة في سياؽ النفي تعم لما كاف قوؿ الموحد‪ " :‬ال إلو إال اهلل "‪،‬‬
‫نفيان لجميع اآللهة سول اهلل تعالى‪.‬‬
‫كبناء على ذلك‪ :‬فإنو لو قاؿ‪ " :‬كاهلل ال آكل رغيفا "‪ ،‬يحنث إذا أكل رغيفان فأكثر‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫الجمع المنكر في سياؽ اإلثبات ال يفيد العموـ؛ ألف الجمع المنكر صالح لكل مرتبة‬
‫من مراتب الجماعة التي تبتدئ من الثبلثة إلى العشرة‪ ،‬فيصح أف تقوؿ‪ " :‬رجاؿ ثبلثة‬
‫كأربعة كخمسة "‪ ،‬كال يمكن ذلك في أقل من الثبلثة‪ ،‬إذف الثبلثة ال بد منها فثبت أنها‬
‫تفيد الثبلثة فقط؛ ألنو أقل الجمع‪ ،‬كال يحمل على ما زاد عليو إال بدليل‪.‬‬
‫كبناء على ذلك‪ :‬فلو قاؿ السيد لعبده‪ " :‬أكرـ علماء " فإنو تبرأ ذمة العبد إذا أكرـ‬
‫ثبلثة فقط‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫نفي المساكاة بين الشيئين يقتضي نفي المساكاة بينهما من كل الوجوه التي يمكن نفيها‬
‫عنهما؛ فإذا قاؿ‪ " :‬ال يستوم زيد كعمر "‪ ،‬فإف ىذا يقتضي نفي المساكاة في جميع‬
‫الوجوه‪ :‬في الكرـ‪ ،‬كالعلم‪ ،‬كال يخلق كغير ذلك‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫إذا كاف الفعل متعديان‪ ،‬كلم يذكر مفعولو ككقع ذلك الفعل في سياؽ نفي كقولك‪ " :‬كاهلل‬
‫أكلت ً‬
‫فأنت طالق "‪ ،‬فإف ذلك يكوف‬ ‫ال آكل "‪ ،‬أك كقع في سياؽ شرط كقولك‪ " :‬إف ً‬
‫م أكل فإنو يحنث كتجب عليو‬
‫عامان في جميع المأكوالت‪ ،‬فلو أكل ىذا الحالف أ ا‬
‫الكفارة‪ ،‬كلو أكلت الزكجة أم أكل فإنها تطلق‪ ،‬كقلنا ذلك ألف الفعل من باب النكرة‪،‬‬
‫كالنكرة إذا كقعت في سياؽ النفي فإنها تعم‪ ،‬ككذلك الفعل إذا كقع في سياؽ شرط‬
‫فإنو يعم؛ لما سبق ذكره من أف النكرة في سياؽ النفي‪ ،‬كأدكات الشرط من صيغ‬
‫العموـ‪.‬‬

‫داللة اللفظ العاـ كاستعماالتو‬

‫داللة العاـ ظنية‪ ،‬كليست قطعية‪ ،‬أم‪ :‬أف تلك الصيغ كاأللفاظ تدؿ على العموـ‬
‫كالخصوص‪ ،‬لكن داللتها على العموـ أرجح من داللتها على الخصوص‪.‬‬
‫كقلنا ذلك ألف ىذه الصيغ تستعمل للعموـ ‪ -‬كما سبق بيانو ‪ -‬كمع ذلك فقد كثر‬
‫إطبلقها كإرادة الخصوص كثرة ال تحصى حتى أنو اشتهر قولهم‪ " :‬ما من عاـ إال كقد‬
‫و ً‬ ‫ً‬
‫يم)‪ ،‬كاستعماؿ تلك األلفاظ كالصيغ في‬ ‫(كاللاوي ب يكل ىش ٍيء ىعل ه‬
‫خصص إال قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫الخصوص كثيران تجعل داللتها على العموـ ظنية؛ ألف احتماؿ إرادة الخصوص بها كارد‬
‫كثابت بدليل‪.‬‬
‫كبناء على ذلك‪ :‬فإف أم دليل ظني كخبر الواحد‪ ،‬كالقياس‪ ،‬كالمفاىيم‪ ،‬يقول على‬
‫تخصيص العاـ؛ ألف الظني يقول على تخصيص الظني‪.‬‬
‫ك ىذا االختيار الذم رجحناه يخالف ما عليو كثير من الحنفية الذين يركف أف داللة‬
‫العاـ قطعية ‪.‬‬
‫قاؿ المؤلف‪:‬‬

‫األصل في العاـ أف تكوف داللتو كلية أم يكوف الحكم فيو على كل فرد من أفراده‬
‫المندرجة تحتو كىذا إف لم يدخلو تخصيص ىو العاـ الباقي على عمومو كىو قليل‬
‫إف كاف مقصود المؤلف األحكاـ الشرعية فيمكن أف يسلم لو ذلك أما إذا كاف يقصد‬
‫غيرىا كاألحكاـ المتعلقة بالعقيدة فبل يسلم لو إطبلقا ك ليتأمل طالب العلم فاتحة‬
‫الكتاب ك لينظر كم من عاـ بقي على عمومو ك كذلك سورة البقرة سيجد الكثير من‬
‫األلفاظ العامة التي لم يدخلها التخصيص ك قد سبق السيوطي المؤلف في قولو ىذا ك‬
‫رجح قلة األلفاظ الباقية على عمومها فيما يخص األحكاـ الشرعية الفرعية ك مثل لها‬
‫في كتابو اإلتقاف بقولو تعالى‪{ :‬حرمت عليكم أمهاتكم} ‪.‬‬
‫قاؿ المؤلف ‪:‬‬

‫كمن أمثلتو‪:‬‬
‫ُ‪ /‬قولو‪{ :‬كما من دابة في األرض إال على اهلل رزقها} ‪.‬‬
‫ِ‪ /‬كقولو‪{ :‬كاهلل بكل شيء عليم} ‪.‬‬
‫ّ‪ /‬كقولو‪{ :‬حرمت عليكم أمهاتكم} ‪.‬‬
‫كقد يطلق كيكوف المراد بو فردان من أفراده‪ ،‬كىذا ىو العاـ المراد بو الخصوص‪ .‬كقولو‬
‫تعالى‪{ :‬الذين قاؿ لهم الناس} على أف المراد بالناس خصوص نعيم بن مسعود أك‬
‫غيره‪ ،‬كقولو تعالى‪{ :‬أـ يحسدكف الناس على ما آتاىم اهلل من فضلو} ‪ ،‬على أف‬
‫المراد بالناس ىنا رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم كقد يطلق عاما ثم يدخلو‬
‫التخصيص‪ ،‬كىذا ىو العاـ المخصوص‪.‬‬

‫ىذا الذم قرره المؤلف ىو ما يراه بعض العلماء من أف ما خص بالحس كالعقل ليس‬
‫من العاـ المخصوص‪ ،‬كإنما ىو من العاـ الذم أريد بو الخصوص‪ ،‬إذ المخصوص لم‬
‫يكن مرادان عند المتكلم‪ ،‬كال المخاطب من أكؿ األمر‪ ،‬كىذه حقيقة العاـ الذم أريد بو‬
‫الخصوص‪.‬‬
‫مثاؿ التخصيص بالحس‪ :‬قولو تعالى عن ريح عاد‪{ :‬تي ىدم ير يك ال ىش ٍي وء بًأ ٍىم ًر ىربػ ىها} فإف‬
‫الحس دؿ على أنها لم تدمر السماء كاألرض‪.‬‬
‫كمثاؿ التخصيص بالعقل‪ :‬قولو تعالى‪{ :‬إًناوي ىعلىى يكل ىش ٍي وء قى ًدير} فإف العقل دؿ على‬
‫أف ذاتو تعالى غير مخلوقة‪ .‬ك سيأتي كبلـ المؤلف على ذلك في مبحث الخاص‪.‬‬

‫كقولو تعالى‪{ :‬كالمطلقات يتربصن بأنفسهن ثبلثة قركء} فلفظ المطلقات عاـ خصص‬
‫بقولو تعالى‪{ :‬كأكالت األحماؿ أجلهن أف يضعن حملهن} ‪ ،‬فجعل أجلهن كضع‬
‫الحمل ال ثبلثة قركء‪.‬‬

‫فائدة‬
‫يجب العمل بعموـ اللفظ العاـ حتى يثبت تخصيصو؛ ألف العمل بنصوص الكتاب‬
‫كالسنة كاجب على ما تقتضيو داللتها‪ ،‬حتى يقوـ دليل على خبلؼ ذلك‪ .‬ىذا ىو‬
‫الراجح عندم كإلثراء البحث أنقل كبلما نفيسا للشوكاني حيث يقوؿ ‪« :‬نىػ ىق ىل الٍغى ىزالً ُّي‪،‬‬
‫ص‪.‬‬ ‫اع ىعلىى ىم ٍن ًع ال ىٍع ىم ًل بًال ىٍعاـ قبل البحث على ال يٍم ىخص ً‬ ‫اإل ٍج ىم ى‬‫ب ًٍ‬ ‫اج ً‬ ‫م‪ ،‬كابٍن الٍح ً‬ ‫ًً‬
‫ىك ٍاآلمد ُّ ى ي ى‬
‫اضي‬ ‫اؿ الٍ ىق ً‬ ‫ب الظا ُّن بً ىع ىد ًم ًو‪ ،‬ىكقى ى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىكا ٍختىػلى يفوا في قى ٍد ًر الٍبى ٍحث‪ ،‬ىك ٍاألى ٍكثىػ يرك ىف قىاليوا إًلىى أى ٍف يىػ ٍغل ى‬
‫ضي‬ ‫يف؛ إً ًذ الٍ ىقطٍع ىال سبًيل إًلىٍي ًو كا ٍشتًراطيوي يػ ٍف ً‬ ‫ض ًع ه‬ ‫أبو بكر الٍبىاقً ابلنً ُّي إًلىى الٍ ىقطٍ ًع بً ًو‪ ،‬ىك يى ىو ى‬
‫ي ى ى ى ى ي‬
‫اإل ٍج ىم ًاع نىظىنرا‪ ،‬فىػ ىق ٍد قىا ىؿ فًي‬ ‫‪.‬كا ٍعلى ٍم‪ :‬أى اف فًي ًح ىكايىًة ًٍ‬ ‫و‬ ‫ً‬
‫إًلىى ىع ىدًـ ال ىٍع ىم ًل ب يكل عي يموـ ى‬
‫ب‬‫ص فًي طىلى ً‬ ‫ك بًال ىٍعاـ ىما لى ٍم يي ٍستىػ ٍق ى‬ ‫سي‬ ‫ام ُّ‬
‫وز الت ى‬
‫اؿ ابٍ ين يس ىريٍ وج ىال يى يج ي‬ ‫وؿ"‪ :‬قى ى‬ ‫ص ً‬‫"ال ىٍم ٍح ي‬
‫ك بً ًو فًي إًثٍػب ً‬
‫ات‬ ‫ى‬ ‫سي‬ ‫ام ُّ‬
‫وز الت ى‬ ‫ص فى ًحينىئً وذ يى يج ي‬ ‫ك ال يٍم ىخص ي‬ ‫وج ٍد بىػ ٍع ىد ذىلً ى‬
‫ص‪ ،‬فىًإذىا لى ٍم يي ى‬ ‫ال يٍم ىخص ً‬
‫صةه‪.‬‬ ‫س ي ًً ً‬ ‫ص ٍيػ ىرفً ُّي‪ :‬يى يج ي‬ ‫ٍح ٍك ًم‪ .‬ىكقى ى‬
‫اء‪ ،‬ىما لى ٍم يىظ ىٍه ٍر ىد ىاللىةه يم ىخص ى‬ ‫ك بو ابٍت ىد ن‬ ‫ام ُّ‬
‫وز الت ى‬ ‫اؿ ال ا‬ ‫ال ي‬
‫ك بًال ىٍعاـ إًاال بىػ ٍع ىد طىلى ً‬ ‫كاحتى اج ال ا ً‬
‫ص‪،‬‬ ‫ب ال يٍم ىخص ً‬ ‫سي‬ ‫ام ُّ‬ ‫ص ٍيػ ىرف ُّي بًأ ٍىم ىريٍ ًن‪:‬أ ى‬
‫ىح يد يى ىما‪ :‬لى ٍو لى ٍم يى يج ًز الت ى‬ ‫ى ٍ‬
‫ؼ اللا ٍف ًظ ىع ًن‬ ‫ص ٍر ى‬ ‫ً‬
‫وج يد ىما يىػ ٍقتىضي ى‬
‫ً‬ ‫ك بًال ً ً‬
‫ٍحقي ىقة إًاال بىػ ٍع ىد الٍبى ٍحث ىى ٍل يي ى‬ ‫سي ى‬ ‫ام ُّ‬ ‫لى ٍم يى يج ًز الت ى‬
‫اؾ ًمثٍػليوي‪ .‬بىػيىا يف ال يٍم ىبل ىزىم ًة‪ :‬أىناوي لى ٍو لى ٍم يى يج ًز التمسك‬ ‫اط هل فى ىذ ى‬ ‫الٍح ًقي ىق ًة إًلىى الٍمجا ًز‪ ،‬كى ىذا ب ً‬
‫ى ى ىى ى‬ ‫ى‬
‫ٍخطىًأ ال يٍم ٍحتى ىم ًل‪ ،‬ىك ىى ىذا‬ ‫ىج ًل ًاال ٍحتً ىرا ًز ىع ًن ال ى‬ ‫بالعاـ إال بعد طلب المخصص‪ ،‬لى ىكا ىف ىذلً ى ً‬
‫ك أل ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫الٍم ٍعنىى قىائًم فًي التام ُّ ً ً ً ً ً ً‬
‫ٍح ٍك ًم‪ ،‬ىكبىػيىا يف أى اف‬
‫ب ا ٍشت ىرا يك يه ىما في ال ي‬ ‫سك ب ىحقي ىقة اللا ٍفظ فىػيىج ي‬ ‫ى‬ ‫ه‬ ‫ى‬
‫ك‬ ‫كؿ إًلىى ال ىٍم ىجا ًز‪ ،‬يى ىو أى اف ذىلً ى‬ ‫ب الٍعي يد ى‬ ‫ً‬
‫ب ىما ييوج ي‬ ‫ف ىعلىى طىلى ً‬ ‫ٍح ًقي ىق ًة ىال يىػتىػ ىوقا ي‬
‫ك بًال ى‬ ‫سى‬ ‫ام ُّ‬
‫الت ى‬
‫ث ىع ٍن‬ ‫اى ًرىىا ًمن غىٍي ًر ب ٍح و‬ ‫ظ ىعلىى ظى ً‬ ‫ؼ‪ ،‬بً ىدلً و‬
‫يل أىناػ يه ٍم يى ٍح ًمليو ىف ٍاألىلٍ ىفا ى‬ ‫ب فًي الٍعر ً‬ ‫غىٍيػر ك ً‬
‫اج و‬
‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫يٍ‬ ‫ي ى‬
‫ً‬ ‫كؿ أ ٍىـ ىال؟‪ ،‬كإً ىذا كجب ىذلً ى ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ضا في‬ ‫ب أىيٍ ن‬‫ك في الٍعي ٍرؼ‪ ،‬ىك ىج ى‬ ‫ى ىى ى‬ ‫ب الٍعي يد ى‬‫أىناوي ىى ٍل يكج ىد ىما ييوج ي‬
‫ً اً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫س هن"‪.‬‬ ‫سننا فىػ يه ىو ع ٍن ىد اللو ىح ى‬‫"ما ىرآهي ال يٍم ٍسل يمو ىف ىح ى‬ ‫صلاى اللاوي ىعلىٍيو ىك ىسلا ىم‪ :‬ى‬ ‫الشرع‪ ،‬لقولو ى‬
‫يص‪ ،‬فىػيى ٍك ًفي‬
‫ص ً‬ ‫وجب ظى ان ىع ىدًـ التا ٍخ ً‬ ‫ً‬
‫يص‪ ،‬ىك ىى ىذا يي ي‬ ‫ص ً‬ ‫ىصل ىع ىدـ التا ٍخ ً‬ ‫ً‬
‫ىك ٍاأل ٍىم ير الثااني‪ :‬أى اف ٍاأل ٍ ى ي‬
‫وـ‬
‫ص ىال يى يكو يف الٍعي يم ي‬ ‫احتى اج ابٍ ين يس ىريٍ وج أى اف بًتىػ ٍق ًدي ًر قًيى ًاـ ال يٍم ىخص ً‬ ‫ٍح ٍك ًم ى‬
‫‪.‬ك ٍ‬ ‫ً‬
‫في إًثٍػبىات ظىن ال ي‬
‫ً‬
‫ود ال يٍم ىخص ً‬‫ث ىعن كج ً‬ ‫يص‪ ،‬فىػ ىق ٍبل الٍب ٍح ً‬ ‫ص ً‬ ‫ح اجةن فًي صورةً التا ٍخ ً‬
‫وز أى ٍف يى يكو ىف الٍعي يم ي‬
‫وـ‬ ‫ص يى يج ي‬ ‫ٍ يي‬ ‫ى ى‬ ‫ي ى‬ ‫ي‬
‫ىص يل أى ٍف ىال يى يكو ىف حجة إبقاء للشيء على حكم األصل‪.‬‬ ‫يح اجةن‪ ،‬ىكأى ٍف ىال يى يكو ىف‪ ،‬ىك ٍاأل ٍ‬
‫الجواب‪ :‬أى اف ظى ان ىكونًًو ح اجة أىقػٍول ًمن ظىن ىكونًًو غىيػر ح اج وة؛ ًألى اف إًجراءه علىى الٍعم ً‬
‫وـ‬ ‫ٍ ى ىي ى ي ي‬ ‫ٍ ٍى ي‬ ‫ٍ ي ن ى ٍ‬
‫ك فًي ثبوت‪.‬‬ ‫ت ىك ىفى ىذلً ى‬ ‫يص‪.‬كلى اما ظى ىهر ىى ىذا الٍ ىق ٍدر ًمن التاػ ىفاك ً‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ً‬
‫ي‬ ‫ي ى‬ ‫ى‬ ‫أ ٍىكلىى م ٍن ىح ٍملو ىعلىى التا ٍخص ً ى‬
‫انتهى كبلـ "المحصوؿ"‪».‬ق‬
‫فائدة‪:‬‬
‫أقل الجمع ثبلثة حقيقة‪ ،‬كال يطلق الجمع على االثنين كالواحد إال مجازان؛ لقولو ‪-‬‬
‫صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬الراكب شيطاف كالراكباف شيطاناف‪ ،‬كالثبلثة ىركب "‪ ،‬كلقولو‪:‬‬
‫" الشيطاف يهم بالواحد كاالثنين‪ ،‬فإذا كانوا ثبلثة لم يهم بهم "‪ ،،‬فقد فصل النبي ‪-‬‬
‫صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬بين التثنية كالجمع‪ ،‬كجعل لبلثنين اصطبلحان دكف الجمع‪،‬‬
‫فعلم أف التثنية ليست بجمع حقيقة‪.‬‬
‫كألف الثبلثة تنعت بالجمع‪ ،‬كالجمع ينعت بالثبلثة فيقاؿ‪ " :‬ثبلثة رجاؿ "‪ ،‬ك " رجاؿ‬
‫ثبلثة " لكن التثنية ال تنعت بالجمع‪ ،‬كال الجمع ينعت بالتثنية فبل يقاؿ‪ " :‬رجاؿ اثناف‬
‫" كال " اثناف رجاؿ "‪ ،‬فلو كاف االثناف أقل الجمع‪ :‬لجاز نعت أحدىما باآلخر‪ ،‬لكن‬
‫ذلك ال يجوز‪ ،‬فبل يكوف االثناف جمعان‪.‬‬
‫كألف أىل اللغة فرقوا بين التثنية كالجمع بالضمير المتصل كالمنفصل كالتأكيد‪ ،‬فقالوا‬
‫في الجمع‪ " :‬فعلوا " ك " ىم " ك " جاء الزيدكف أنفسهم "‪ ،‬كلم يقولوا ذلك في‬
‫التثنية‪.‬‬
‫كبناء على ذلك‪ :‬فإنو لو قاؿ‪ " :‬كاهلل ال أكلم رجاالن "‪ ،‬فإنو يحنث إذا كلم ثبلثة رجاؿ‪،‬‬
‫كال يحنث إذا كلام اثنين أك كاحد‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫إذا قاؿ الصحابي‪ :‬كاف النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬يفعل كذا فإف ىذا يفيد‬
‫العموـ؛ ألف الراكم إنما يحكي الفعل كالحادثة بلفظ‪ " :‬كاف "‪ ،‬إذا ثبت عنده تكرار‬
‫ذلك الفعل؛ حيث ال ييفهم من لفظ‪ " :‬كاف " إال التكرار في مخاطباتنا العادية‪ ،‬فمثبلن‬
‫يقوؿ القائل‪ " :‬كاف زيد يأتي ىذه المكتبة "‪ ،‬فإنا ال نفهم من ذلك عادة إال أف زيدان‬
‫يتردد عليها أكثر من مرة‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫قاؿ أبو إسحاؽ الشيرازم في اللمع ‪« :‬كال فرؽ في ألفاظ العموـ بين ما قصد بها‬
‫المدح أك الذـ أك قصد بها الحكم في الحمل على العموـ ‪ ،‬كمن أصحابنا من قاؿ‪ :‬إف‬
‫قصد بها المدح كقولو عز كجل‪{ :‬كالا ًذين يىم لًيفر ً‬
‫كج ًه ٍم ىحافًظيو ىف} كالذـ كقولو تعالى‪:‬‬‫ى ى ٍ ي‬
‫ضةى} لم يحمل على العموـ كىذا خطأ ألف ذكر المدح‬ ‫ب ىكال ًٍف ا‬ ‫ً‬
‫ين يى ٍكن يزك ىف ال اذ ىى ى‬
‫اً‬
‫{كالذ ى‬
‫ى‬
‫كالذـ يؤكد في الحث عليو كالزجر عنو فبل يجوز أف يكوف مانعا من العموـ‪ ».‬ق‬

‫عموـ حكم الخطاب الخاص بو صلى اهلل عليو كسلم‬


‫الخطاب الخاص بالنبي صلى اهلل عليو كسلم يتناكؿ حكمو األمة إال إذا دؿ دليل على‬
‫اختصاصو بو ‪.‬‬
‫كمن أدلة ذلك قولو تعالى‪{ :‬فلما قضى زيد منها كطرا زكجناكها لكيبل يكوف على‬
‫المؤمنين حرج في أزكاج أدعيائهم إذا قضوا منهن كطرا} ‪ ،‬كقولو تعالى في الواىبة‬
‫نفسها‪{ :‬خالصة لك من دكف المؤمنين} كلو كاف حكم الخطاب بو يختص بو لم‬
‫يصح التعليل في اآلية األكلى كلم يحتج إلى التخصيص في اآلية الثانية‪.‬‬

‫اح ود ًمن ٍاأليام ًة إً ٍف صرح بً ًاال ٍختًص ً ً ً ً ً‬ ‫اص بًو ً‬ ‫ً‬


‫صلاى اللاوي‬‫اص بًو ىك ىما في قىػ ٍولو ى‬ ‫ى‬ ‫ي ى‬ ‫ى‬ ‫ٍخ ُّ ى‬ ‫اب ال ى‬ ‫الٍخطى ي‬
‫ك‬‫اص ًو بً ىذلً ى‬
‫ك فًي ا ٍختًص ً‬
‫ى‬ ‫ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم‪" :‬تجزئك كال تجزئ أح ندا بعدؾ" فى ىبل ىش ا‬
‫ور إًلىى أىناوي‬
‫ٍج ٍم يه ي‬
‫ب ال ي‬ ‫اص بً ىذلً ى‬
‫ك ال يٍم ىخاطى ً‬
‫ب‪ ،‬فى ىذ ىى ى‬ ‫ص ً‬ ‫ًً ً ً‬
‫ص ار ٍح فيو بًاال ٍخت ى‬
‫ب؛ ىكإً ٍف لى ٍم يي ى‬ ‫ال يٍم ىخاطى ً‬
‫ب‪ ،‬ىكىال يتناكؿ غيره إال بدليل من خارج‪.‬‬ ‫ك ال يٍم ىخاطى ً‬ ‫ص بً ىذلً ى‬
‫يم ٍختى ٌّ‬
‫صلاى اللاوي ىعلىٍي ًو‬ ‫يل ما ر ًك ً ً ً‬ ‫ًً‬ ‫اؿ بػ ٍعض الٍحنىابًلى ًة كبػ ٍعض ال ا ً ً ً‬
‫م م ٍن قىػ ٍولو ى‬ ‫شافعياة‪ :‬إًناوي يىػعي ُّم ب ىدل ً ى ي ى‬ ‫ىى ي‬ ‫ىكقى ى ى ي ى‬
‫صلاى اللاوي ىعلىٍي ًو‬ ‫اح ًد ىكح ٍك ًمي ىعلىى الٍجم ى ً‬ ‫كسلام‪" :‬ح ٍك ًمي علىى الٍو ً‬
‫اعة"‪ ،‬كما ركل عنو ى‬ ‫ىى‬ ‫ي‬ ‫ى ى‬ ‫ىى ى ي‬
‫اؾ أى اف‬
‫ك؛ ىكىال يى ٍخ ىف ى‬ ‫اح ىدةو ىك ىق ٍولًي لً ًمائى ًة ٍام ىرأىةو" ‪ ،‬ىكنى ٍح ًو ذىلً ى‬ ‫كسلام‪" :‬إًناما قىػولًي ًالمرأىةو ك ً‬
‫ٍى ى‬ ‫ىى ى ى ٍ‬
‫ًج ىعلىى‬ ‫يل ًم ٍن ىخار و‬ ‫ًاالستً ٍد ىال ىؿ بًه ىذا ىخارًج ىعن محل النػز ًاع‪ ،‬فىًإناو ىال ًخ ىبل ى ً ا ً‬
‫ؼ أىناوي إذىا ىدؿ ىدل ه‬ ‫ي‬ ‫ه ٍ ىى ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬
‫يل‪ ،‬ىكإًنا ىما النػ ىزاعي فًي‬ ‫ك ال ادلً ً‬ ‫ب ىك يح ٍك ًم ًو‪ ،‬ىكا ىف لىوي يح ٍك يموي بً ىذلً ى‬ ‫ك ال يٍم ىخاطى ً‬ ‫أى اف يح ٍك ىم غىٍي ًر ذىلً ى‬
‫ص ًة‪ ،‬ىى ٍل تىػعي ُّم بً يم ىج ارًد ىىا أ ٍىـ ىال؟‬‫ٍخا ا‬‫ٍك الصيغى ًة ال ى‬ ‫س تًل ى‬ ‫نىػ ٍف ً‬
‫ض ًيو بًىو ٍج وو ًم ىن‬ ‫ب‪ ،‬كىال تىػ ٍقتى ً‬ ‫ً‬
‫اء ب ىما ىال تيفي يدهي ليغىةي ال ىٍع ىر ً ى‬
‫اؿ‪ :‬إًناػ ىها تىػعي ُّم ىها بًلى ٍف ًظ ىها فىػ ىق ٍد ىج ً‬
‫ى‬ ‫فى ىم ٍن قى ى‬
‫ال يٍو يجوهً‪.‬‬
‫ض ًع اللُّغى ًة" لً ٍل ىقطٍ ًع بًا ٍختًص ً‬
‫اص ًو بً ًو ليغىةن‪.‬‬ ‫ش ٍر ًع ىال "بًىو ٍ‬ ‫اضي أىبيو بى ٍك ور‪ :‬يى ىو ىعاـٌّ بًال ا‬ ‫اؿ الٍ ىق ً‬ ‫قى ى‬
‫ى‬
‫ك أى اف‬ ‫ؼ؛ إً ٍذ ىال ىش ا‬ ‫ٍج ىويٍنً ُّي‪ :‬ىال يىػ ٍنبى ًغي أى ٍف يى يكو ىف فًي ىى ًذهً ال ىٍم ٍسأىلى ًة ًخ ىبل ه‬ ‫ٍح ىرىم ٍي ًن ال ي‬ ‫اـ ال ى‬ ‫اؿ إً ىم ي‬‫قى ى‬
‫ؼ ال ا ً ً‬ ‫ب الٍعر ً‬ ‫ً‬ ‫اح ًد‪ ،‬ىكىال ًخ ىبل ى‬ ‫ك الٍو ً‬ ‫ٍخطىاب ىخ ٌّ ً ً‬ ‫ال ً‬
‫يل‪:‬‬‫ش ٍرعي‪ ،‬ىكق ى‬ ‫س ً يٍ‬ ‫ؼ أىناوي ىعاـٌّ ب ىح ى‬ ‫اص ليغىةن ب ىذل ى ى‬ ‫ى‬
‫وؿ‪ :‬األصل ما ىو؟ ىل ىو مورد الشرعي أ ٍىك‬ ‫م ىال لىٍف ًظ ٌّي‪ً ،‬ألىناا نىػ يق ي‬ ‫ؼ ىم ٍعنى ًو ٌّ‬ ‫ٍخ ىبل ي‬ ‫ب ًل ال ً‬
‫ى‬
‫ضى اللُّغى ًة؟‬ ‫يم ٍقتى ى‬
‫ش ٍر ًعي‪.‬‬‫ؼ ال ا‬ ‫ٍخطىاب ىعاـٌّ فًي الٍعر ً‬
‫يٍ‬ ‫ى‬
‫م‪ :‬ىال نيسلم أى اف ال ً‬
‫ى ي‬ ‫ص ًف ُّي الٍ ًه ٍن ًد ُّ‬
‫اؿ ال ا‬ ‫قى ى‬
‫اع ًميم و‬ ‫ً‬
‫شرعا‪ ،‬كالخبلؼ في أف للعادة ىل‬ ‫منتف ليغىةن ثابت ن‬ ‫ٍح ُّق أى اف التػ ٍ ى‬ ‫اؿ ال ازٍرىكش ُّي‪ :‬ىكال ى‬ ‫قى ى‬
‫ىص ىحابيػنىا ‪-‬يىػ ٍعنًي‬ ‫ب إًلىٍيػ ىها ن‬ ‫اد ير فىػ ٍهم أ ٍىى ًل ال ىٍعر ً‬ ‫اؾ بً ىح ٍي ي‬‫تقتضي بً ًاال ٍشتًر ً‬
‫أكال‪ ،‬فىأ ٍ‬ ‫ى‬ ‫ث يىػتىبى ى ي‬ ‫ى‬
‫ادةً في ذلك‪ ،‬كما ال قضاء للغة كالخصم يقوؿ إنها‬ ‫اء لًل ىٍع ى‬
‫ضى‬ ‫شافً ًعيا ىة‪ -‬يىػ يقوليو ىف‪ :‬ىال قى ى‬ ‫ال ا‬
‫ك‪ .‬انٍػتىػ ىهى‪.‬‬ ‫تقتضي بً ىذلً ى‬
‫اؼ ىع ىد يـ التػانى ياكًؿ لًغىٍي ًر‬ ‫ص ي‬ ‫وجبيوي ًٍ‬
‫اإلنٍ ى‬
‫ض ًيو الٍحقُّ‪ .‬كي ً‬
‫ى ىي‬
‫اصل فًي ىى ًذهً الٍمسأىلىًة ىعلىى ما يػ ٍقتى ً‬
‫ى ى‬ ‫ىٍ‬
‫كال ً‬
‫ٍح ي‬ ‫ى ى‬
‫ص ىحابىًة فى ىم ٍن بىػ ٍع ىد يى ٍم‬ ‫ت ىع ًن ال ا‬ ‫ٍخا ًرًجي‪ ،‬ىكقى ٍد ثىػبى ى‬ ‫يل ال ى‬ ‫ث الصيغى ًة‪ ،‬بى ٍل بًال ادلً ً‬ ‫ب ًم ٍن ىح ٍي ي‬ ‫ال يٍم ىخاطى ً‬
‫وص ًة‬ ‫اح ًد‪ ،‬أى ًك الٍجم ى ً‬ ‫ص ًة بًالٍو ً‬ ‫ً‬
‫ص ى‬ ‫اعة ال ىٍم ٍخ ي‬ ‫ىى‬ ‫صلاى اللاوي ىعلىٍيو ىك ىسلا ىم الٍ ىخا ا ى‬ ‫االستدالؿ بأقضيتو ى‬
‫وـ الر ىسالى ًة‪ ،‬ىك ىعلىى‬ ‫وت ًمث ًل ذىلًك لًسائً ًر ٍاأليام ًة فى ىكاف ى ىذا مع ٍاأل ًىدلاًة ال ادالاًة علىى عم ً‬
‫ى يي‬ ‫ى ى ىى‬ ‫ى ى‬ ‫ىعلىى ثيػبي ً ٍ‬
‫شر ًعيا ًة م ًفي ندا ًًإللٍح ً‬ ‫ً‬
‫ب بً ًو فًي‬ ‫ك ال يٍم ىخاطى ً‬ ‫اؽ غىٍي ًر ذىلً ى‬ ‫ى‬ ‫ىح ىك ًاـ ال ا ٍ ي‬
‫ًً ً ً‬
‫استً ىواء أىقٍ ىد ًاـ ىىذه ٍاأليامة في ٍاأل ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ك‪.‬‬ ‫اص ًو بً ىذلً ى‬
‫اؿ ىعلىى ا ٍختًص ً‬
‫ى‬ ‫وـ ال ادلًيل ال اد ُّ‬
‫ي‬ ‫ذلك الحكم عند اإلطبلؽ "إال" إلى أى ٍف يىػ يق ى‬
‫يص‪ ،‬ىال ىكما قًيل‪ :‬إً اف ال ار ً‬ ‫اع ًميم حتاى يػ يقوـ ىدلًيل التا ٍخ ً‬ ‫ً‬ ‫فىػ ىعرفٍ ى ً‬
‫اج ىح‬ ‫ى ى‬ ‫ص ً‬ ‫ت ب ىه ىذا أى اف ال اراج ىح التػ ٍ ي ى ى ى ي‬ ‫ى‬
‫يم؛ ًألىناوي قى ٍد قاـ كما ذكرناه‪.‬‬‫اع ًم ً‬ ‫صيص حتاى يػ يق ً‬‫ً‬
‫يل التػ ٍ‬
‫وـ ىدل ي‬
‫التا ٍخ ي ى ى ى‬

‫العبرة بعموـ اللفظ ال بخصوص السبب‬


‫إذا كرد لفظ العموـ على سبب خاص لم يسقط عمومو سواء كاف السبب سؤاال أك‬
‫غيره كما ركل أنو صلى اهلل عليو كسلم مر على شاة ميتة لميمونة فقاؿ‪" :‬أيما أىاب‬
‫دبغ فقد طهر" كيدؿ لذلك أف الصحابة كانوا يستدلوف بالعمومات الواردة في أسباب‬
‫خاصة من غير خبلؼ‪ ،‬كأصرح األدلة في ذلك أف األنصارم الذم قبل األجنبية‬
‫كنزلت فيو {كإف الحسنات يذىبن السيئات} سأؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم عن‬
‫ذحكم ىو اآلية ىل يختص بو بقولو‪" :‬ألي ىذا كحدم " فأجابو النبي صلى اهلل عليو‬
‫كسلم بما يدؿ على التعميم حيث قاؿ‪" :‬بل ألمتي كلهم " كيوضحو من جهة اللغة‪ :‬أف‬
‫الرجل لو قالت لو زكجتو‪ :‬طلقني فطلق جميع نسائو كقع الطبلؽ عليهن كلم يختص‬
‫بالطالبة كحدىا‪.‬‬

‫المذىب الثاني في المسألة ىو أف العبرة بخصوص السبب‪ ،‬ال بعموـ اللفظ‪ .‬أم‪ :‬أف‬
‫اللفظ العاـ الوارد على سبب خاص يختص بو‪.‬‬
‫أم‪ :‬أف خصوص السبب يخصص العاـ‪ ،‬كيجعلو مرادان بو ىذا السبب بخصوصو‪ ،‬فبل‬
‫يعمل بالعاـ على عمومو‪ .‬كىو مذىب اإلماـ مالك في ركاية عنو‪ ،‬كاختاره بعض‬
‫الشافعية كالمزني‪ ،‬كالدقاؽ‪ ،‬كالقفاؿ‪ ،‬كحكي عن اإلماـ الشافعي‪ ،‬كحكي عن أبي ثور‪.‬‬
‫كمن أدلة ىذا المذىب‪:‬‬
‫أنو لو كاف الخطاب الوارد على سبب عاما‪ :‬لجاز إخراج السبب عن العموـ باالجتهاد‪،‬‬
‫كما في غيره من الصور الداخلة تحت العموـ ضركرة تساكم نسبة العموـ إلى الكل‪،‬‬
‫كىو خبلؼ اإلجماع‪.‬‬
‫فمثبلن‪ :‬نزلت آية اللعاف بسبب قصة عويمر العجبلني‪ ،‬كىي بلفظ عاـ‪ ،‬فإف حكم‬
‫اللعاف يختص بعويمر؛ ألنو لو لم يختص حكم اللعاف بو ‪ -‬كىو سبب نزكلو ‪ -‬لجاز‬
‫إخراج السبب ‪ -‬أم‪ :‬إخراج عويمر ‪ -‬بالتخصيص كأم فرد من أفراد العموـ‪ ،‬كلكنو ال‬
‫يجوز إخراجو؛ ألف اآليات نزلت بشأنو أصبلن‪ ،‬كما داـ أنو ال يخرج بأم حاؿ‪ ،‬بينما‬
‫غيره من األفراد يجوز إخراجو‪ ،‬فثبت أف اللفظ مختص بسببو كىو عويمر‪.‬‬
‫يمكن أف نجيب على ىذا أنا لما قلنا‪ :‬إف الحكم الوارد بلفظ عاـ على سبب خاص‬
‫يجب تعميمو لما كرد بشأنو كلغيره‪ ،‬فإف ىذا ال يلزـ منو‪ :‬جواز إخراج السبب ‪ -‬كىو‬
‫ما كرد الحكم بشأنو كعويمر في آيات اللعاف ‪ -‬كذلك ألنو ال خبلؼ في أف كبلـ‬
‫الشارع في آيات اللعاف ‪ -‬مثبلن ‪ -‬ىو بياف لحكم ما كقع لعويمر‪ ،‬كلكن ىل ىذه‬
‫اآليات الواردة في اللعاف بياف لعويمر خاصة‪ ،‬أك بياف لو كلغيره مما شابو ذلك؛ ىذا ىو‬
‫محل النزاع‪ .‬فعندنا‪ :‬أف اللفظ الوارد في حكم اللعاف يعم عويمر كيعم غيره‪ ،‬لكن‬
‫الفرؽ بينو كبين غيره‪ :‬أف اللفظ تناكلو تناكالن قطعيا‪ ،‬كتناكؿ غيره تناكالن ظنيا‪ ،‬لذلك قلنا‬
‫‪ -‬ىناؾ ‪ :-‬إف داللة العاـ ظنية‪ ،‬كما داـ أف الخطاب في حق عويمر قطعي‪ ،‬فبل يمكن‬
‫أف يخصص أك يخرج بحاؿ‪ ،‬أما غيره فيجوز تخصيصو بدليل معتبر‪.‬‬

‫الحكم على المفرد بحكم العاـ ال يسقط عمومو‬


‫إذا ذكر حكم عاـ محكوـ عليو بحكم ثم حكم بذلك الحكم على بعض أفراده لم‬
‫يسقط بو حكم العاـ خبلفان ألبي ثور‪ ،‬كسواء ذكرا معا مثل {تنزؿ المبلئكة كالركح}‬
‫أـ ال مثل حديث "أيما إىاب دبغ فقد طهر" مع حديث مسلم أنو صلى اهلل عليو‬
‫كسلم مر بشاة ميتة فقاؿ‪" :‬ىبل أخذتم إىابها فانتفعتم بو " كمثل حديث‪" .‬من كجد‬
‫متاعو عند رجل قد أفلس فهو أحق بو من غيره "‪ .‬مع حديث "إذا ابتاع الرجل‬
‫سلعة ثم أفلس كىي عنده فهو أحق بها من الغرماء"‪ .‬كمثل قوؿ جابر رضي اهلل‬
‫عنو‪ :‬قضى رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم بالشفعة في كل شيء‪ .‬مع حديث "فإذا‬
‫كقعت الحدكد كصرفت الطرؽ فبل شفعة"‪.‬‬
‫كفائدة الحكم على بعض العاـ بحكم العاـ قيل إنها نفي احتماؿ إخراجو من العاـ‪.‬‬
‫اـ كع ًطف علىي ًو بػعض أىفٍػر ًادهً ًم اما ح ُّق الٍعم ً‬
‫وـ أى ٍف يىػتىػنى ىاكلىوي‪ ،‬ىك ىق ٍولً ًو تىػ ىعالىى‪:‬‬ ‫ً ً‬
‫ى يي‬ ‫إذىا ذيك ىر ال ىٍع ُّ ى ي ى ى ٍ ى ٍ ي ى‬
‫ٍخاص ىعلىى أىناوي غىٍيػ ير‬ ‫صبلةً ال يٍو ٍسطىى} ‪ ،‬فىػ ىه ٍل يى يد ُّؿ ًذ ٍك ير ال ى‬ ‫ات ىكال ا‬ ‫صلىو ً‬
‫{حافظيوا ىعلىى ال ا ى‬
‫ً‬
‫ى‬
‫صيا ًة"‬
‫اب الٍو ً‬ ‫ًًً ً ً‬ ‫مراد باللفظ العاـ أـ ىال؟ كقى ٍد ح ىكى ُّ ً ً‬
‫الركيىان ُّي في "الٍبى ٍح ًر" ىع ٍن ىكالده في "كتى ً ى‬ ‫ى ى‬
‫وص "بًالذ ٍك ًر"‬ ‫ص ي‬ ‫ض يه ٍم‪ :‬ىى ىذا ال ىٍم ٍخ ي‬ ‫ؼ الٍعيلى ىم ًاء فًي ىى ًذهً ال ىٍم ٍسأىلى ًة فىػ ىق ى‬
‫اؿ بىػ ٍع ي‬ ‫أىناوي ىح ىكى ا ٍختً ىبل ى‬
‫اخ نبل تى ٍحتىوي لى ٍم يى يك ٍن ًًإلفٍػ ىر ًادهً بًالذ ٍك ًر فىائً ىدةه‪.‬‬ ‫ت الٍعاـ؛ ًألىناا لىو جعلٍناه د ً‬
‫ٍ ىى ى ي ى‬ ‫ىال يى ٍد يخ يل تى ٍح ى ى‬
‫اؿ ال ازٍرىك ًش ُّي فًي "الٍبى ٍح ًر"‪ :‬ىك ىعلىى ىى ىذا ىج ىرل أىبيو ىعلً ٍّي الٍ ىفا ًر ًس ُّي‪ ،‬ىكتًل ًٍمي يذهي ابٍ ين ًجني‪،‬‬ ‫قى ى‬
‫ص ىبلةً ال يٍو ٍسطىى‪،‬‬ ‫شةى فًي ال ا‬ ‫يث ىعائً ى‬‫اؿ فًي ح ًد ً‬ ‫شافً ًعي يى يد ُّؿ ىعلىٍي ًو‪ ،‬فىًإناوي قى ى‬ ‫كظى ً‬
‫اى ير ىك ىبلًـ ال ا‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫ٍف يػ ٍقتى ً‬ ‫ت الٍع ٍ ً‬ ‫ص ىبلةى الٍو ٍسطىى لىٍي ً‬ ‫ص ًر إًناوي يى يد ُّؿ ىعلىى أى اف ال ا‬ ‫ك ً‬
‫ضي‬ ‫ص ىر ألى اف ال ىٍعط ى ى‬ ‫س ى‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ص ىبلة ال ىٍع ٍ‬
‫ى ى‬
‫ال يٍمغىايىػ ىرةى‪.‬‬
‫اخل تحت الٍعم ً‬ ‫ً‬
‫وـ‪،‬‬ ‫وص بالذ ٍك ًر يى ىو ىد ه ى ٍ ى ي ي‬
‫ص يً‬ ‫ض يه ٍم ىى ىذا ال ىٍم ٍخ ي‬ ‫اؿ بىػ ٍع ي‬‫ضا‪ :‬ىكقى ى‬ ‫الركيىانً ُّي أىيٍ ن‬
‫اؿ ُّ‬ ‫قى ى‬
‫وص كى ىذا ىو الظا ً‬ ‫ً‬
‫اى ير‪.‬‬ ‫ص ً ى ى يى‬ ‫ٍخ ي‬ ‫ىكفىائً ىدتيوي التاأٍكًي يد‪ ،‬ىكىكأىناوي ذى ىك ىر ىم ارةن بًالٍعي يموـ‪ ،‬ىكىم ارةن بًال ي‬
‫وؼ ىعلىٍي ًو أ ٍىـ ىال؟‬‫صيص الٍمعطي ً‬
‫ضي تى ٍخ ً ى ى ٍ‬ ‫صا فىا ٍختىػلى يفوا‪ :‬ىىل يػ ٍقتى ً‬
‫ٍى‬ ‫وؼ ىخا ا‬ ‫ىكإً ىذا ىكا ىف ال ىٍم ٍعطي ي‬
‫ً‬ ‫ت ال ً ً‬ ‫وجبوي‪ ،‬كقىالى ً‬‫ً‬
‫يل بالوقف‪.‬‬ ‫ٍحنىفياةي ييوجبيوي‪ ،‬ىكق ى‬ ‫ى‬ ‫ور إًلىى أىناوي ىال يي ي ى‬ ‫ٍج ٍم يه ي‬
‫ب ال ي‬ ‫فى ىذ ىى ى‬
‫"ال ييػ ٍقتى يل يم ٍسلً هم بً ىكافً ور ىكىال ذيك ىع ٍه ود فًي‬ ‫صلاى اللاوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم‪ :‬ى‬ ‫كمثاؿ ىذه المسألة ى‬
‫"ال ييػ ٍقتى يل يم ٍؤًم هن بً ىكافً ور"‪ ،‬ىك يى ىو‬ ‫اؿ ٍاأل اىكليو ىف‪ :‬ىال ييػ ٍقتى يل ال يٍم ٍسلً يم بًالذمي‪ ،‬لًىق ٍولً ًو‪ :‬ى‬ ‫ىع ٍه ًدهً" فىػ ىق ى‬
‫اؽ الناػ ٍف ًي‪.‬‬‫ىعاـٌّ فًي الٍحربًي كالذمي؛ ًألىناوي نى ًكرةه فًي ًسي ً‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ىٍ ى‬
‫ٍخاص ىعلىٍي ًو‪،‬‬ ‫ٍف ال ى‬ ‫ٍحربً ُّي‪ ،‬بًىق ًرينى ًة ىعط ً‬ ‫اص‪ ،‬كالٍمر ي ً ً‬
‫اد بًو الٍ ىكاف ير ال ى ٍ‬ ‫ٍحنىفياةي بى ٍل يى ىو ىخ ٌّ ى ي ى‬
‫ت ال ً‬
‫ى‬
‫كقىالى ً‬
‫ى‬
‫"كىال ذيك ىع ٍه ود فًي ىع ٍه ًدهً" فىػيى يكو يف التاػ ٍق ًد يير‪ :‬ىكىال ذيك ىع ٍه ود فًي ىع ٍه ًدهً بً ىكافً ور‬ ‫ىك يى ىو قىػ ٍوليوي‪ :‬ى‬
‫اإل ٍج ىم ًاع؛ ًألى اف ال يٍم ىع ى‬‫ٍح ٍربً ُّي فىػ ىق ٍط بً ًٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫اى ىد‬ ‫قىاليوا‪ :‬ىكالٍ ىكاف ير الاذم ىال ييػ ٍقتى يل بًو ذيك ال ىٍع ٍهد يى ىو ال ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫يػ ٍقتىل بًالٍمع ى ً ً‬
‫ب أى ٍف يى يكو ىف الٍ ىكاف ير الاذم ىال ييػ ٍقتى يل بًو ال يٍم ٍسل يم يى ىو ال ى‬
‫ٍح ٍربً اي تى ٍس ًويىةن‬ ‫اىد‪ ،‬فىػيىج ي‬ ‫ي ي يى‬
‫وؼ كالٍمعطي ً‬
‫وؼ ىعلىٍي ًو‪.‬‬ ‫ً‬
‫بىػ ٍي ىن ال ىٍم ٍعطي ى ى ٍ‬
‫اؾ بىػ ٍي ىن‬ ‫ضي ًاال ٍشتً ىر ى‬ ‫ٍف ىال يػ ٍقتى ً‬
‫ىح يد ىىا‪ :‬أى اف ال ىٍعط ى ى‬ ‫قاؿ األكلوف‪ :‬كىذا التقدير ضعيف لوجوه‪ :‬أ ى‬
‫اط ىف ٍي ًن ًم ٍن يكل ىك ٍج وو‪.‬‬ ‫الٍمتػع ً‬
‫يى ى‬
‫ض ىما ًر قىػ ٍولً ًو بً ىكافً ور‬‫اج إًلىى إً ٍ‬ ‫ًً‬ ‫وً‬
‫"كىال ذيك ىع ٍهد في ىع ٍهده" ىك ىبل هـ تىاـٌّ‪ ،‬فى ىبل يى ٍحتى ي‬
‫ً‬
‫الثااني‪ :‬أى اف قىػ ٍولىوي‪ :‬ى‬
‫ً ً‬ ‫ىص ًل‪ ،‬كالٍمر ي ً ً و‬ ‫ار ًخ ىبل ي‬ ‫ًألى اف ًٍ‬
‫ح أىبيو‬‫ص ار ى‬ ‫اد حينىئذ أى اف ال ىٍع ٍه ىد ىعاص هم م ىن الٍ ىق ٍت ًل‪ ،‬ىكقى ٍد ى‬ ‫ؼ ٍاأل ٍ ى ي ى‬ ‫ض ىم ى‬ ‫اإل ٍ‬
‫"كىال ذيك ىع ٍه ود" يج ٍملىةه يم ٍستىأٍنىػ ىفةه‬‫اؿ‪ :‬إً اف قىػ ٍولىوي‪ :‬ى‬ ‫ك‪ ،‬فىػ ىق ى‬ ‫يث" بً ىذلً ى‬
‫يب الٍح ًد ً‬
‫عيبىػ ٍيد في "غى ًر ً ى‬
‫وً‬
‫"كىال ذيك ىع ٍه ود" لىتيػ يوى ىم أى اف ىم ٍن‬ ‫ًً‬ ‫ًً ً‬ ‫ًً ً‬
‫ص ىر ىعلىى قىػ ٍولو‪ :‬ى‬ ‫ىكإًنا ىما قىػيا ىدهي بًىق ٍولو‪" :‬في ىع ٍهده" ألىناوي لى ًو اقػٍتى ى‬
‫اه ًي‬
‫اص النػ ٍ‬ ‫ً‬ ‫ًً ً‬ ‫ك ًج ىد ًم ٍنوي الٍع ٍه يد ثي ام ىخرج ًم ٍنوي ىال يػ ٍقتىل‪ ،‬فىػلى اما قى ى ً‬
‫ص ى‬ ‫اؿ‪" :‬في ىع ٍهده" ىعل ٍمنىا ا ٍخت ى‬ ‫ي ي‬ ‫ىى‬ ‫ى‬ ‫ي‬
‫بً ىحالى ًة ال ىٍع ٍه ًد‪.‬‬
‫وـ ًم ىن‬ ‫ًً‬ ‫ً‬
‫س ين؛ ألى اف إً ٍى ىد ىار ىدمو ىم ٍعلي ه‬
‫ً‬
‫ث‪ :‬أى اف ىح ٍم ىل الٍ ىكاف ًر المذكور على الحرب ىال يى ٍح ي‬ ‫الثاالً ي‬
‫ىح هد قىػ ٍت ىل يم ٍسلً وم بً ًو‪.‬‬
‫ام أ ى‬
‫الدي ًن بًالضار ً‬
‫كرة‪ ،‬فى ىبل يىػتىػ ىوى ي‬
‫يى‬

‫ما ينزؿ منزلة العموـ‬


‫اشتهر بين األصوليين فيما ينزؿ منزلة العموـ عبارة مسجعة تنسب إلى الشافعي‬
‫رحمو اهلل كنصها‪" :‬ترؾ االستفصاؿ في حكاية الحاؿ مع قياـ االحتماؿ ينزؿ منزلة‬
‫العموـ في المقاؿ كيحسن بو االستدالؿ " كمن أمثلة ىذه القاعدة قولو صلى اهلل‬
‫عليو كسلم لغيبلف الثقفي كقد أسلم على عشر نسوة‪" :‬امسك منهن أربعان كفارؽ‬
‫سائرىن " كلم يسألو ىل عقد عليهن معان أك على الترتيب فدؿ على عدـ الفرؽ بين‬
‫الحالين‪.‬‬

‫اختلف العلماء في ىذه المسألة على قولين مشهورين‬


‫المذىب األكؿ‪ :‬أف ترؾ االستفصاؿ في حكاية الحاؿ مع كجود االحتماؿ ينزؿ منزلة‬
‫العموـ في المقاؿ كما حكى المؤلف كىو مذىب اإلماـ الشافعي‪ ،‬كتبعو على ذلك‬
‫كثير من العلماء‪ ،‬كىو الراجح؛ ألف ترؾ الرسوؿ ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪-‬‬
‫االستفصاؿ من الحاكي في حكايتو مع قياـ االحتماؿ الذم من شأنو أف يؤثر في‬
‫الحكم‪ ،‬فإف ذلك ينزؿ منزلة العموـ في المقاؿ‪ ،‬فيكوف الحكم ‪ -‬كىو إمساؾ أربع‬
‫كمفارقة الباقي ‪ -‬عاـ في جميع األحواؿ‪ ،‬سواء كاف العقد على ىذه النسوة في زمن‬
‫كاحد أك في أزماف متعددة‪.‬‬
‫المذىب الثاني‪ :‬أف ذلك ال ينزؿ منزلة العموـ في المقاؿ كىو مذىب أبي حنيفة‪،‬‬
‫كبعض الشافعية ك استدلوا بأف " ترؾ االستفصاؿ‪ " ..‬ليس من صيغ العموـ‪ ،‬فبل‬
‫يقتضي العموـ‪ ،‬ثم إف ما ذكره أصحاب المذىب األكؿ ىو قضية خاصة‪ ،‬فبل يستدؿ‬
‫بها على إثبات قاعدة عامة؛ الحتماؿ أف يكوف الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم قد عرؼ‬
‫خصوص الحاؿ؛ حيث إنو عارؼ بحاؿ القائل ‪ -‬كىو أنو عقد عليهن بوقت كاحد ‪-‬‬
‫فأجاب بناء على ذلك‪ :‬ال؛ ألنو ال فرؽ بين تلك الحالة كغيرىا في ذلك الحكم‪.‬‬
‫نقوؿ في الجواب أف ىذا ضعيف؛ ألف القاعدة ليست مفركضة في كوف تارؾ‬
‫االستفصاؿ عالما بشيء‪ ،‬كإنما ىي مفركضة في قضية ال يعلم فيها تارؾ االستفصاؿ‬
‫عن حاؿ صاحب القضية مع احتماؿ اللفظ إياىا‪ ،‬كظاىر الحديث يدؿ على أف‬
‫الرسوؿ ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬ال يعلم شيئان عن زكاج غيبلف‪ ،‬ىل ىو بعقد كاحد‬
‫أك مختلف كما قالوه من االحتماؿ ال دليل عليو‪ ،‬فيبقى على ظاىره‪.‬‬
‫فوائد متنوعة‪:‬‬
‫الفائدة األكلى‪:‬‬
‫األمة نحو ‪ ( :‬يا أيها‬
‫اختلف العلماء في الخطاب المضاؼ إلي الناس أك المؤمنين أك ٌ‬
‫الناس ) ‪ ،‬أك ( يا أيها الذين آمنوا ) ‪ ،‬أك ( كنتم خير أمة) ‪ ،‬ىل يشمل العبد أك ال‬
‫يشملو ؟ فذىب الجمهور إلي أنو يشملو ألنو من جملة الناس كالمؤمنين كاألمة ‪ ،‬كىو‬
‫من المكلفين ‪ ،‬كقاؿ قوـ ‪ :‬ال يدخل العبد في مثل ىذا الخطاب إال بدليل خاص ‪،‬‬
‫لخركج العبد من بعض التكاليف الواردة بمثل ىذه الخطابات كالحج كالميراث ‪.‬‬
‫كالراجح من األقواؿ ىو األكؿ ‪ ،‬ألف خركجو من بعض التكاليف ال يوجب رفع العموـ‬
‫عنو ‪ ،‬ألنو خرج منها لعارض ‪،‬كقد خرج المريض كالمسافر كالحائض من بعض‬
‫التكاليف كمع ذلك ال يقاؿ ‪ :‬إنهم ال يدخلوف في مثل ىذه الخطابات ‪.‬‬
‫الفائدة الثانية‪:‬‬
‫ال نزاع عند أىل العلم في أف النساء يدخلن في الجمع المضاؼ إلي الناس كالبشر ك‬
‫اإلنساف ‪ ،‬كما أنو ال نزاع في أف النساء ال يدخلن في الخطاب الوارد بلفظ الرجاؿ أك‬
‫الذكور ‪.‬‬
‫كعامة أىل العلم على أنهن يدخلن كذلك في الخطابات الواردة بالصيغ المبهمة التي‬
‫ليست نصا في التذكير كػ« من » في نحو ‪ ) :‬فمن يعمل مثقاؿ ذرة خيرا يره ( كشد‬
‫بعض الحنفية فزعموا أف ‪ « :‬من » ال تشمل النساء ‪ ،‬كأف قولو – عليو السبلـ ‪« :-‬‬
‫من بدؿ دينو فاقتلوه » ال يتناكؿ المرأة المرتدة فبل تقتل ‪.‬‬
‫كالحق ما ذىب إليو عامة أىل العلم لقولو – تعالي ‪ ) :-‬كمن يقنت منكن هلل كرسولو‬
‫كتعمل صالحا ( ‪...‬إلخ اآلية ‪.‬‬
‫كقد اختلف أىل العلم في الخطابات الواردة بصيغة جمع المذكر السالم كالمسلمين ‪،‬‬
‫كضمير جماعة الذكور نحو ) كلوا كاشربوا ( ‪ ،‬فذىب الجمهور كأبو الخطاب إلى أف‬
‫ىذه الخطابات ال تشمل النساء ‪ ،‬ألف اهلل – تعالي – عطف جمع اإلناث على جمع‬
‫الذكور ‪ ،‬إذ قاؿ ‪ ) :‬إف المسلمين كالمسلمات ( إلي آخر اآلية ‪ .‬ك كما قاؿ‬
‫‪ ) :‬قل للمؤمنين يغضوا من أبصارىم ( ثم قاؿ ‪ ) :‬كقل للمؤمنات يغضضن من‬
‫أبصارىن ( كالعطف يقتضي المغايرة ‪.‬‬
‫كذىب قوـ منهم القاضي أبو يعلى إلى أنهن يدخلن ‪ ،‬ألنهن شقائق الرجاؿ في‬
‫األحكاـ ‪ ،‬كألف أكثر خطاب اهلل في القرآف بلفظ المذكور نحو ‪ ) :‬يأيها الذين أمنوا (‬
‫كنحو ‪ ) :‬يا عبادم الذين أسرفوا ( كنحو ‪ ) :‬كبشر المخبتين ( ‪ .‬كألف اهلل عز كجل‬
‫قاؿ في حكم ملكة سبأ ‪ ) :‬إنها كانت من قوـ كافرين ( ‪ ،‬كقاؿ في حق امرأة العزيز ‪:‬‬
‫)كاستغفرم لذنبك إنك كنت من الخاطئين ( كلقولو ‪ ) :‬اىبطوا منها جميعا ( مع أف‬
‫أحد المخاطبين حواء باإلجماع ‪.‬‬
‫على أف العطف قد ال يكوف للمغايرة ‪ ،‬كعطف الخاص على العاـ في نحو ‪ ) :‬فيها‬
‫فاكهة كنخل كرماف (‪.‬‬
‫الفائدة الثالثة‪:‬‬
‫ينقسم المفهوـ إلى قسمين‪:‬‬
‫مفهوـ موافقة كىو‪ :‬ما كاف حكم المسكوت عنو موافقان لحكم المنطوؽ بو‪ ،‬كقولنا‬
‫بتحريم ضرب الوالدين أخذان من منطوؽ قولو تعالى‪( :‬فى ىبل تىػ يق ٍل لى يه ىما أ ٍّ‬
‫يؼ) ‪.‬‬
‫كمفهوـ مخالفة كىو‪ :‬ما كاف حكم المسكوت عنو مخالفا لحكم المنطوؽ‪ ،‬كقولنا‪:‬‬
‫المعلوفة من الغنم ال زكاة فيها أخذان من قولو عليو الصبلة كالسبلـ‪ " :‬في سائمة الغنم‬
‫الزكاة "‪.‬فهل المفهوـ في ىذين القسمين يعم أك ال؟ فيو قوالف ألىل العلم كالراجح أف‬
‫المفهوـ لو عموـ‪ ،‬أم‪ :‬يثبت الحكم في جميع صور المسكوت عنو إما على موافقة‬
‫المنطوؽ بو‪ ،‬أك على مخالفتو‪ ،‬قياسان على اللفظ‪ ،‬فكما أف اللفظ يثبت الحكم في‬
‫جميع صور مسمياتو فكذلك مفهومو يثبت الحكم في جميع صور مسمياتو‪ ،‬فالرسوؿ‬
‫‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬لما قاؿ‪ " :‬في سائمة الغنم الزكاة "‪ ،‬فقد تضمن ذلك القوؿ‬
‫قوالن آخر‪ ،‬كىو‪ :‬أنو ال زكاة في المعلوفة‪ ،‬كلو صرح بذلك‪ :‬لكاف عامان‪.‬‬
‫الفائدة الرابعة‪:‬‬
‫المقتضى ال عموـ لو‪ ،‬أم‪ :‬أف الشيء الذم اقتضاه اللفظ لصدؽ الكبلـ‪ ،‬أك لصحتو‬ ‫ى‬
‫المقتضى كاف للضركرة حتى‬
‫ى‬ ‫العقلية‪ ،‬أك لصحتو الشرعية‪ ،‬يكوف كاحدان فقط؛ ألف ثبوت‬
‫إذا كاف الكبلـ مفيدان للحكم بدكنو لم يصح إثباتو لغة كال شرعان‪ ،‬كإذا كاف للضركرة فإف‬
‫الضركرة تق ٌدر بقدرىا‪ ،‬كال حاجة إلثبات العموـ فيو ما داـ الكبلـ مفيدان بدكنو‪ ،‬كيبقى‬
‫فيما كراء موضع الضركرة ‪ -‬كىو استقامة الكبلـ ‪ -‬فبل يثبت العموـ فيو؛ قياسان على‬
‫الرىمق ‪ -‬فقط ‪ -‬فكذلك‬ ‫سد ى‬‫أكل الميتة فإنو لما أبيح للضركرة قدر بقدرىا‪ ،‬كىو‪ُّ :‬‬
‫ىنا‪.‬‬

‫الخاص‬
‫تعريفو‪ :‬الخاص مقابل للعاـ فإذا كاف العاـ يتناكؿ أكثر من كاحد ببل حصر فإف‬
‫الخاص ال يتناكؿ سول كاحد كزيد مثبل أك يتناكؿ أكثر منو كلكنو على سبيل الحصر‪،‬‬
‫كاثنين أك خمسة أك مائة ألنو خاص بهذا العدد‪ ،‬كمنو النكرة في سياؽ اإلثبات‬
‫كقولك رأيت رجبل في البيت أك اعتق عبدان‪ ،‬فإنو كإف كاف صالحان لكل رجل‪ ،‬كصادقان‬
‫بأم عبد إال أنو عمليان ال يصدؽ إال بفرد كاحد يختص بو ألنو بمعنى رأيت رجبل‬
‫كاحدان كاعتق عبدان كاحدان‪.‬‬
‫اختلف في حد الخاص اصطبلحا‬
‫اؿ علىى مس امى ك ً‬
‫اح ود‪.‬‬ ‫اص يىو اللا ٍف ي ُّ‬ ‫ً‬
‫ظ ال اد ى ي ى ى‬ ‫ٍخ ُّ ى‬ ‫يل‪ :‬ال ى‬ ‫فق ى‬
‫يص ال ىٍعاـ قى ٍد يى يكو يف بًًإ ٍخ ىر ً‬ ‫ً‬ ‫ص ًح و‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اج‬ ‫يح‪ ،‬فىًإ اف تى ٍخص ى‬ ‫ض ىعلىٍيو بًأى اف تىػ ٍقيًي ىدهي بًال ىٍو ٍح ىدة غىٍيػ ير ى‬ ‫ىكييػ ٍعتىػ ىر ي‬
‫ىصنىافً ًو‪،‬‬ ‫اع ًو‪ ،‬أىك ً ً‬ ‫اج نىػو وع ًمن أىنٍػو ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫و ً وً‬
‫صنف م ٍن أ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أىفٍػ ىراد ىكث ىيرة م ٍن أىفٍػ ىراد ال ىٍعاـ‪ ،‬ىكقى ٍد يى يكو يف بًإ ٍخ ىر ً ٍ ٍ ى‬
‫اح ًد ما ىو أ ً‬ ‫ً‬
‫صن نفا‪ ،‬لى ًكناوي‬ ‫وعا أىك ً‬
‫ىع ُّم م ٍن أى ٍف يى يكو ىف فىػ ٍر ندا أ ٍىك نى ن ٍ‬ ‫س امى ال ىٍو ى ي ى ى‬ ‫إًاال أى ٍف ييػر ى ً‬
‫اد بال يٍم ى‬ ‫ى‬
‫اج أىفٍػ ىر واد يمتىػ ىعد ىدةو‪ ،‬نى ٍح ىو‪ :‬أي ٍك ًرىـ الٍ ىق ٍو يـ إًاال ىزيٍ ندا‪ ،‬ىك ىع ٍم نرا‪ ،‬ىكبى ٍك نرا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يي ٍشك يل ىعلىٍيو إً ٍخ ىر ي‬
‫اء ىكا ىف‬ ‫ًو‬ ‫ٍّ‬ ‫ضا أىناوي يى ٍ‬
‫س امى ىكاحد‪ ،‬ىس ىو ن‬ ‫ص يد يؽ ىعلىى يكل ىداؿ ىعلىى يم ى‬ ‫ٍحد أىيٍ ن‬ ‫ثي ام ييػ ىر ُّد ىعلىى ىى ىذا ال ى‬
‫"من عم و‬ ‫ً‬
‫وـ" أ ٍىك ىال‪.‬‬ ‫يم ٍخ ًر نجا ٍ ي ي‬
‫وص وة‪.‬‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫كقً ً‬
‫ص ى‬ ‫يل في ىحده‪ :‬يى ىو ىما ىد اؿ ىعلىى ىكثٍػ ىرة ىم ٍخ ي‬ ‫ى ى‬
‫يص قى ٍد يى يكو يف بًىف ٍرود ًم ىن ٍاألىفٍػ ىر ًاد نى ٍح ىو‪ :‬أي ٍك ًرىـ الٍ ىق ٍو يـ إًاال ىزيٍ ندا‪،‬‬ ‫ً‬
‫ض ىعلىٍيو‪ :‬بًأى اف التا ٍخص ى‬
‫ً‬
‫ىكييػ ٍعتىػ ىر ي‬
‫س ىزيٍ هد ىك ٍح ىدهي بً ىكثٍػ ىرةو‪.‬‬ ‫ىكلىٍي ى‬
‫اء ىكا ىف يم ٍخ ًر نجا ًم ٍن‬ ‫و‬ ‫و ُّ‬
‫ص يد يؽ ىعلىى يكل لىٍفظ يى يدؿ ىعلىى ىكثٍػ ىرة‪ ،‬ىس ىو ن‬ ‫ض ىعلىٍي ًو‪ :‬بًأىناوي يى ٍ‬ ‫ضا ييػ ٍعتىػ ىر ي‬‫ىكأىيٍ ن‬
‫ٍح اديٍ ًن تى ٍح ًدي يد الخاص من حيث ىو خاص "من غىٍي ًر‬ ‫و‬
‫اد بً ىه ىذيٍ ىن ال ى‬
‫عي يموـ أ ٍىـ ىال‪ ،‬إًاال أى ٍف ييػ ىر ى‬
‫ك ىكو يف الٍم ىق ًاـ م ىقاـ تىح ًد ً‬ ‫ً‬ ‫و ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ٍخاص‬ ‫يد ال ى‬ ‫ا ٍعتًبىا ًر ىك ٍونًو يم ٍخ ًر نجا م ٍن عي يموـ‪ ،‬ىكلىكناوي يىأٍبىى ذىل ى ٍ ى ى ى ٍ‬
‫اص"‪.‬‬
‫ث يى ىو ىخ ٌّ‬ ‫ٍخاص ًم ٍن ىح ٍي ي‬ ‫ال يٍم ٍخ ًر ًج ًم ىن ال ىٍعاـ‪ ،‬ىال تى ٍح ًدي ىد ال ى‬

‫التخصيص‬
‫تعريفو‪ :‬لغة اإلفراد‪.‬‬
‫كاصطبلحان‪ :‬قصر العاـ على بعض أفراده لدليل يدؿ على ذلك‪.‬‬
‫أم جعل الحكم الثابت للعاـ مقصوران على بعض أفراده بإخ ًراج البعض اآلخر عنو كقد‬
‫يكوف التخصيص قصر المتعدد على بعض أفراده أيضاى‪.‬‬

‫اخ نبل تحت الٍعم ً‬


‫ً‬ ‫ٍاأل ٍىكلىى فًي ىحدهً أى ٍف ييػ ىق ى‬
‫وـ‪ ،‬على تقدير عدـ‬ ‫ض ىما ىكا ىف ىد ى ٍ ى ي ي‬ ‫اؿ يى ىو إً ٍخ ىر ي‬
‫اج بىػ ٍع ً‬
‫المخصص‪.‬‬
‫صلي يح لىوي ىال لً ىج ًم ًيع ًو‪.‬‬ ‫يل يى ىو ىك ٍو يف اللا ٍف ًظ يمتىػنىا ًكنال لًبىػ ٍع ً‬
‫ض ىما يى ٍ‬ ‫ً‬
‫وص‪ :‬فىق ى‬
‫ص ي‬ ‫ىكأى اما ال ي‬
‫ٍخ ي‬
‫وص‪.‬‬
‫ص ي‬ ‫ٍخ ي‬ ‫ض ىعلىٍي ًو‪ :‬بًال ىٍعاـ الا ًذم أي ًري ىد بً ًو ال ي‬ ‫ىكييػ ٍعتىػ ىر ي‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫يل‪ :‬يى ىو ىك ٍو يف اللا ٍفظ يمتىػنىا ًكنال لل ىٍواح ًد ال يٍم ىعيا ًن‪ ،‬الا ًذم ىال يى ٍ‬
‫صلي يح إًاال لىوي‪.‬‬ ‫ً‬
‫ىكق ى‬
‫يدهً بًال ىٍو ٍح ىدةً ًمثٍ ىل ىما تىػ ىق اد ىـ‪.‬‬
‫كيػ ٍعتىػرض ىعلىى تىػ ٍقيً ً‬
‫ىي ى ي‬
‫ص يىو ما يػر ي ً‬
‫ض ىما‬ ‫اد بًو بىػ ٍع ي‬ ‫ٍخا ا ى ى ي ى‬ ‫وص‪ ،‬بًأى اف ال ى‬‫ص ً‬ ‫ٍخ ي‬ ‫ٍخاص ىكال ي‬ ‫م‪ :‬الٍ ىف ٍر يؽ بىػ ٍي ىن ال ى‬ ‫اؿ ال ىٍع ٍس ىك ًر ُّ‬
‫قى ى‬
‫ادةً‪.‬‬ ‫ض ًع ىال بً ًٍ‬
‫اإل ىر ى‬ ‫ص بًال ىٍو ٍ‬‫وص ىما ا ٍختى ا‬ ‫ص ي‬ ‫ٍخ ي‬‫ض ًع‪ ،‬ىكال ي‬ ‫يىػ ٍنطى ًوم ىعلىٍي ًو لىٍفظيوي بًال ىٍو ٍ‬
‫وص أى ٍف يىػتىػنى ىاك ىؿ ىش ٍيئنا يدك ىف‬ ‫اح ندا بًنىػ ٍف ً‬‫اص ما يػتػناك يؿ أىمرا ك ً‬ ‫ً‬
‫ص ي‬ ‫ٍخ ي‬‫ض ًع‪ ،‬ىكال ي‬ ‫س ال ىٍو ٍ‬ ‫ٍخ ُّ ى ى ى ى ى ٍ ن ى‬ ‫يل‪ :‬ال ى‬ ‫ىكق ى‬
‫ك الٍغىٍيػ ير‪.‬‬‫ص ُّح أى ٍف يىػتىػنى ىاكلىوي ىذلً ى‬ ‫غىٍي ًرهً‪ ،‬كىكا ىف ي ً‬
‫ى ى‬
‫صا لًل ىٍعاـ‪،‬‬ ‫ًً‬
‫ف ال يٍمتى ىكل يم بً ىك ٍونو يم ىخص ن‬ ‫وص ي‬ ‫و ًو‬
‫ص‪ :‬فىػييطٍلى يق ىعلىى معاف يم ٍختىل ىفة‪ ،‬فىػيي ى‬ ‫ىكأى اما ال يٍم ىخص ي‬
‫ااصب لً ىد ىاللى ًة التا ٍخ ً‬‫ض ما تىػنىاكلىوي‪ ،‬كيوص ي ً‬ ‫بًم ٍعنىى أىناوي أىر ى ً‬
‫ص‪،‬‬‫يص بًأىناوي يم ىخص ه‬ ‫ص ً‬ ‫ف الن ي‬ ‫اد بًو بىػ ٍع ى ى ى ى ي ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫ف ال يٍم ٍعتى ًق يد‬ ‫ً‬ ‫كيوص ي ً‬
‫وص ي‬
‫اب‪ ،‬ىكيي ى‬ ‫ص الٍكتى ى‬ ‫السناةي تي ىخص ي‬ ‫اؿ‪ُّ :‬‬ ‫ص‪ ،‬ىك ىما ييػ ىق ي‬ ‫يل بًأىناوي يم ىخص ه‬ ‫ف ال ادل ي‬ ‫ىي ى‬
‫ص‪.‬‬ ‫ك بًأىناوي يم ىخص ه‬ ‫لً ىذلً ى‬
‫قاؿ المؤلف‪:‬‬

‫األمثلة‪ :‬أ‪ /‬قصر العاـ كقولو تعالى‪{ :‬يوصيكم اهلل في أكالدكم} فهذا عاـ في جميع‬
‫أكالد المخاطبين كعاـ في كل كلد‪ ،‬فخص األكؿ بقولو صلى اهلل عليو كسلم‪" :‬إنا‬
‫معاشر األنبياء ال نورث " فأخرج أكالد األنبياء من عموـ أكالد المخاطبين‪.‬‬
‫كقاؿ صلى اهلل عليو كسلم‪ " :‬ال يرث المسلم الكافر " الحديث فخص عموـ كل‬
‫كلد بإخراج الولد الكافر‪.‬‬

‫ً‬
‫ص منو الذم ُّي ىكىم ٍن‬ ‫ك من األمثلة كذلك قولو تعالى {فىاقٍػتيػليوا ال يٍم ٍش ًرك ى‬
‫ين} [التوبة‪ ]ٓ :‬يخ ا‬
‫فًي ىم ٍعنىاهي كالمعاىد ك المستأمن ‪.‬‬

‫علي عشرة دنانير إال ثبلثة فإف فيو قصر‬


‫ب‪ /‬مثاؿ قصر المتعدد‪ :‬كقولك مثبل‪ :‬لو ا‬
‫الدين على سبعة فقط‪.‬‬
‫ك نحو قولنا ‪ :‬كىبت لو مائة درىم إال عشرة فيو قصر الهبة على تسعين درىم‪.‬‬

‫فتحصل في ىذا أمراف‪:‬‬


‫ُ‪ /‬عاـ أك متعدد‪ ،‬أخرج منو البعض‪ ،‬فهو العاـ المخصوص المتقدـ ذكره‪.‬‬

‫ك ليس ىو العاـ الذم أريد بو الخصوص فبل يختلط األمر على القارئ بل يجب عليو‬
‫التفريق بينهما‪.‬‬

‫ِ‪ /‬داؿ على ا ًإلخراج‪ ،‬فهو المخصص باسم الفاعل كالحديثين المذكورين‪ ،‬كاالستثناء‬
‫في األخير‬

‫أم أف قولو ‪-‬صلى اهلل عليو كسلم‪" :-‬إنا معاشر األنبياء ال نورث " ك كقولو صلى اهلل‬
‫عليو كسلم‪ " :‬ال يرث المسلم الكافر " ىما المخصصين ك كذلك قولو إال ثبلثة‪.‬‬

‫المخصصات‬

‫بعدما عرؼ المؤلف التخصيص شرع في بياف أنواع المخصصات كىي على قسمين‬
‫كما سيأتي كقبل عرضها ينبغي التنبيو على مسألتين‪:‬‬
‫ُ‪ /‬تخصيص العموـ يجوز مطلقان‪ ،‬أم‪ :‬سواء كاف اللفظ العاـ أمران‪ ،‬أك نهيان‪ ،‬أك خبران؛‬
‫لوقوعو في الكتاب كالسنة‪ ،‬كالوقوع دليل الجواز‪ ،‬كمن أمثلة كقوعو في األمر قولو‬
‫سا ًرقىةي فىاقطىعي ىوا) مع أف الصبي كالمجنوف ال تنقطع أيديهما إذا‬
‫سا ًر يؽ ىكال ا‬
‫(كال ا‬
‫تعالى‪ :‬ى‬
‫وى ان ىحتاى يىط يٍه ٍر ىف) مع أف بعض القرباف‬ ‫(كىال تىػ ٍق ىربي ي‬
‫سرقا‪ ،‬كمن أمثلتو في النهي قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ت ًم ٍن يكل ىش ٍي وء) مع أنها لم‬
‫(كأيكتًيى ٍ‬
‫غير منهي عنو‪ ،‬كمن أمثلتو في الخبر قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫تؤت السموات كاألرض كملك سليماف‪.‬‬
‫ااب فًي "ال يٍملىخ ً‬
‫اص"‬ ‫اىما الٍ ىق ً‬
‫اضي ىع ٍب يد ال ىٍوى ً‬ ‫ِ‪ /‬ا ٍختىػلى يفوا فًي ال يٍم ىخص ً‬
‫ص ىعلىى قىػ ٍولىٍي ًن ىح ىك ي ى‬
‫اف فًي "ال ىٍو ًجي ًز"‪.‬‬
‫كابٍن بػرىى و‬
‫ى ي يٍ‬
‫ىح يد يى ىما‪:‬‬
‫أى‬
‫ادةً‪.‬‬ ‫ف ىع ٍن تًل ى‬ ‫ادةي الٍمتى ىكل ًم‪ ،‬كال ادلًيل ىك ً‬
‫ٍك ًٍ‬
‫اإل ىر ى‬ ‫اش ه‬ ‫ى ي‬ ‫إًناوي إً ىر ى ي‬
‫ىكثىانًي ًه ىما‪:‬‬
‫م فًي‬ ‫اف‪ ،‬ىكفى ٍخ ير الدي ًن ال ارا ًز ُّ‬ ‫صيص‪ ،‬كا ٍختىار ٍاألى اك ىؿ ابٍن بػرىى و‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫إًناوي ال ادلً ا ً‬
‫ي يٍ‬ ‫يل الذم ىكقى ىع بو التا ٍخ ي ى ى‬ ‫ي‬
‫ادةي ال يٍمتى ىكل ًم‪ً ،‬ألىناػ ىها ال يٍم ىؤثػ ىرةي‪ ،‬ىكييطٍلى يق‬
‫ٍح ًقي ىق ًة يى ىو إً ىر ى‬ ‫اؿ‪ :‬الٍم ىخص ً‬ ‫"مح ً ً‬
‫ص في ال ى‬ ‫ي‬ ‫صولو" فىًإناوي قى ى ي‬ ‫ىٍ ي‬
‫ادةً ىم ىج ن‬
‫ازا‪.‬‬ ‫ىعلىى ال اداؿ ىعلىى ًٍ‬
‫اإل ىر ى‬
‫صا فًي‬ ‫ص يير ىخا ا‬ ‫صا بً ٍاأل ًىدلاًة‪ ،‬كي ً‬
‫ىى‬ ‫ص يير ًع ٍن ىدنىا ىخا ا‬ ‫اـ ي ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫س ٍي ًن في "ال يٍمتىػ ىعمد"‪ :‬ال ىٍع ُّ ى‬ ‫ٍح ى‬ ‫اؿ أىبيو ال ي‬ ‫ىكقى ى‬
‫ادةً ال يٍمتى ىكل ًم‪.‬‬
‫س ٍاأل ٍىم ًر بًًإ ىر ى‬‫نىػ ٍف ً‬
‫ادةً‬ ‫ص بً ًٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اإل ىر ى‬ ‫ص ىحقي ىقةه يى ىو ال يٍمتى ىكل يم‪ ،‬لىك ان لى اما ىكا ىف ال يٍمتى ىكل يم يي ىخص ي‬ ‫ٍحقُّ‪ :‬أى اف ال يٍم ىخص ى‬ ‫ىكال ى‬
‫ادتًًو‪،‬‬
‫صةن‪ .‬ثي ام يج ًع ىل ىما ىد اؿ ىعلىى إً ىر ى‬ ‫ادةي يم ىخص ى‬ ‫ت ًٍ‬
‫اإل ىر ى‬ ‫ادتًًو‪ ،‬فىج ًعلى ً‬
‫ي‬ ‫يص إًلىى إً ىر ى‬ ‫ً‬
‫يسن ىد التا ٍخص ي‬
‫أ ًٍ‬
‫ص ًط ىبل ًح‪.‬‬ ‫صا فًي ًاال ٍ‬
‫ً‬
‫يل اللا ٍفظ ُّي أ ٍىك غىٍيػ يرهي يم ىخص ن‬
‫ً‬
‫ىك يى ىو ال ادل ي‬

‫المخصص العاـ على قسمين‪ :‬متصل كمنفصل‪.‬‬


‫األكؿ‪ :‬ىو ما ال يستقل بنفسو بل يتعلق معناه باللفظ فهو مقارف لو دائمان‪.‬‬
‫كالثاني‪ :‬ىو ما استقل بنفسو كال ارتباط لو في الذكر مع العاـ من لفظ أك غيره‪.‬‬
‫المخصصات المتصلة‬
‫كىي خمسة أشياء‪:‬‬
‫ُ‪ -‬االستثناء ِ ‪ -‬الشرط ّ‪ -‬الصفة ْ‪ -‬الغاية ٓ‪ -‬بدؿ البعض‪.‬‬

‫بالنسبة للمخصص المتصل ‪ :‬فىػ ىق ٍد جعلىوي الٍجم يهور أىربػعةى أىقٍس واـ‪ً :‬اال ٍستًثٍػنىاء الٍمت ً‬
‫اص ىل‪،‬‬ ‫ى ي‬ ‫ى ى ي ٍ ي ٍى ى ى‬
‫ب‪ :‬ب ىد ىؿ الٍبػع ً ً‬ ‫اد الٍ ىقرافً ُّي‪ ،‬كابٍن الٍح ً‬
‫ع"‬
‫از ى‬ ‫ض م ىن الٍ يكل‪ ،‬ى‬
‫"كنى ى‬ ‫اج ً ى ى ٍ‬ ‫ى ي ى‬ ‫ط ىكالص ىفةى‪ ،‬ىكالٍغىايىةى‪ .‬ىكىز ى ى‬ ‫ش ٍر ى‬‫ىكال ا‬
‫ىص ىف ىهانً اي فًي ذىلً ى‬
‫ك قىائًنبل‪ :‬إًناوي فًي نًيا ًة طىٍر ًح ىما قىػ ٍبػلىوي‪.‬‬ ‫ٍاأل ٍ‬
‫سةى ىك ىس ٍبػ ىعةن أي ٍخ ىرل‪ ،‬ىك ًى ىي‪:‬‬ ‫ٍخ ٍم ى‬ ‫ش ىر‪ ،‬ىى ًذهً ال ى‬ ‫اؿ الٍ ىق ىرافً ُّي‪ :‬ىكقى ٍد ىك ىج ٍدتيػ ىها بً ًاال ٍستً ٍق ىر ًاء اثٍػنى ٍي ىع ى‬
‫قى ى‬
‫ٍجار‪ ،‬ىكالت ٍاميً ييز‪ ،‬ىكال ىٍم ٍفعي ي‬
‫وؿ ىم ىعوي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ؼ ال ازم ً‬
‫كر ىم ىع ال ى‬ ‫ؼ ال ىٍم ىكاف‪ ،‬ىكال ىٍم ٍج ير ي‬ ‫اف‪ ،‬ىكظىٍر ي‬ ‫اؿ‪ ،‬ىكظىٍر ي ى‬ ‫ٍح ي‬
‫ال ى‬
‫شر لىيس فًيها ك ً‬
‫اح هد يى ٍستى ًق ُّل بًنىػ ٍف ًس ًو‪.‬‬ ‫وؿ ًأل ً ً ً ً‬
‫ىجلو‪ ،‬فىػ ىهذه اثٍػنىا ىع ى ى ٍ ى ى ى‬ ‫ىكال ىٍم ٍفعي ي ٍ‬
‫ًً‬ ‫ً‬
‫ار غىٍيػ ىر مستقل بنفسو‪.‬‬ ‫صى‬ ‫وما ىكا ىف أ ٍىك غىٍيػ ىرهي ى‬‫ص ىل بً ىما يى ٍستىق ُّل بًنىػ ٍفسو عي يم ن‬ ‫ىكىمتىى اتا ى‬

‫التخصيص باالستثناء‬

‫االستثناء لغة ‪ :‬من الثني كىو رد بعض الشيء إلي بعضو كثني الحبل ‪.‬‬

‫تعريفو‪ :‬ىو إخراج البعض بأداة إال أك ما يقوـ مقامها‬

‫مثل ‪:‬سول ك غير ك عدا كحاشا‪.‬‬

‫كىو قسماف‪ .‬متصل كمنقطع‪.‬‬


‫ا‪ -‬فالمتصل‪ :‬ما كاف فيو المستثنى بعضا من المستثنى منو كقولو تعالى في شأف نوح‬
‫عليو السبلـ‪{ :‬فلبث فيهم ألف سنة إال خمسين عاما} كىذا القسم ىو المقصود‬
‫باتفاؽ‪.‬‬
‫ِ‪ -‬كالمنقطع‪ :‬ما لم يكن فيو المستثنى بعضا من المستثنى منو نحو‪ :‬لو على عشرة‬
‫دنانير إال كتابا‪.‬‬

‫ظ ٍاألىاك يؿ ًم ٍنوي ىال‬


‫"كال يٍم ٍنػ ىق ًط يع ىما ىكا ىف اللا ٍف ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اص يل ىما ىكا ىف اللا ٍف ي‬
‫ظ ٍاأل اىك يؿ م ٍنوي يىػتىػنى ىاك يؿ الثاان ىي ى‬
‫فىالٍمت ً‬
‫ي‬
‫يىػتىػنى ىاك يؿ الثاانً ىي‪.‬‬

‫كفي التخصيص بهذا النوع خبلؼ كعلى القوؿ بو كما عند المالكية يحتاج إلى التأكيل‬
‫أم إال قيمة الكتاب‪ ،‬فيكوف المخرج من العشرة دنانير قيمة الكتاب فكأنو يعود‬
‫عمليا إلى النوع األكؿ‪.‬‬

‫س اراج‪ :‬ىكىال بي اد فًي ال يٍم ٍنػ ىق ًط ًع ًم ٍن أى ٍف يى يكو ىف الٍ ىك ىبل يـ الا ًذم قىػ ٍب ىل إًاال قى ٍد ىد اؿ ىعلىى ىما‬ ‫اؿ ابٍ ين ال ا‬ ‫قى ى‬
‫يي ٍستىثٍػنىى ًم ٍنوي‪.‬‬
‫حمارا‪،‬‬
‫اـ القوـ إال ن‬ ‫ك‪ :‬قى ى‬ ‫وؿ فًي ٍاأل اىكًؿ‪ ،‬ىك ىق ٍولً ى‬ ‫الد يخ ً‬‫ك‪ :‬ىال بي اد فً ًيو ًم ٍن تىػ ٍق ًدي ًر ُّ‬ ‫اؿ ابٍن مالً و‬
‫قى ى ي ى‬
‫ار فًي ًاال ٍستًثٍػنى ًاء‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اد ىر الذ ٍى ين إًلىى أىتٍػبىاع ًه يم ال ىٍمأٍليوفىة‪ ،‬فى ىذ ىك ىر الٍح ىم ى‬ ‫فىًإناوي لى اما ذى ىك ىر الٍ ىق ٍوىـ تىػبى ى‬
‫ك‪ ،‬ىو فمستثنى تىػ ٍق ًد نيرا‪.‬‬ ‫لً ىذلً ى‬
‫ص ٍيػرفً ُّي‪ :‬يج ي ً ً‬
‫وز اال ٍستثٍػنىاءي من غير الجنس‪ ،‬كلكن بشترط أى ٍف ييػتىػ ىوى ى‬
‫ام‬ ‫اؿ أىبيو بى ٍك ور ال ا ى ى ي‬ ‫قى ى‬
‫يد يخوليوي فًي ال يٍم ٍستىثٍػنىى ًم ٍنوي بًىو ٍج وو ىما‪ ،‬ىكإًاال لى ٍم يى يج ٍز ىك ىق ٍولً ًو‪:‬‬
‫ً ًا ً‬ ‫ًا‬ ‫كبػ ٍل ىدةو لىٍي ً ً‬
‫يس ‪ ...‬إال الٍيىػ ىعاف يير ىكإال الٍع ي‬
‫يس‬ ‫س ب ىها أىن ي‬ ‫ى‬ ‫ىى‬
‫س بً ًو إًاال ىى ىذا النػ ٍاوعي‪.‬‬ ‫س ب ىها ىم ٍن ييػ ىؤانى ي‬
‫اؿ‪ :‬لىٍي ً‬
‫ى‬ ‫س‪ ،‬فى ىكأىناوي قى ى‬ ‫ً‬
‫فىالٍيىػ ىعاف يير قى ٍد تيػ ىؤانى ي‬
‫اؿ ال ازٍرىك ًش ُّي‪ً :‬م ٍن أ ٍىى ًل‬ ‫ف فًي ًاال ٍستًثٍػنى ًاء ال يٍم ٍنػ ىق ًط ًع‪ ،‬ىى ٍل ىكقى ىع فًي اللُّغى ًة أ ٍىـ ىال‪ ،‬فىػ ىق ى‬ ‫ىكقى ًد ا ٍختىػلى ى‬
‫ؼ فًي ال ىٍم ٍعنىى‪.‬‬ ‫س‪ ،‬ىك ًحينىئً وذ فى ىبل ًخ ىبل ى‬ ‫ٍج ٍن ً‬‫اللُّغى ًة من أىنٍ ىكرهي‪ ،‬كأ اىكلىوي تىأٍ ًك نيبل رداهي بً ًو إًلىى ال ً‬
‫ى‬ ‫ىٍ ى ى‬
‫ص احتً ًو ليغىةن‪.‬‬ ‫ؼ ًخ ىبلفنا فًي ً‬ ‫اؿ العضد في شرحو لػ"مختصر ال يٍم ٍنتىػ ىهى"‪ :‬ىال نىػ ٍع ًر ي‬ ‫ىكقى ى‬
‫وعوي فً ًيو‪.‬‬‫ض يه ٍم يكقي ى‬ ‫آف أ ٍىـ ىال‪ ،‬فىأىنٍ ىك ىر بىػ ٍع ي‬ ‫ضا‪ :‬ىىل كقىع فًي الٍ يقر ً‬
‫ٍ‬ ‫ىكا ٍختىػلى يفوا أىيٍ ن ٍ ى ى‬
‫وعوي فًي الٍ يق ٍرآ ًف إًاال أى ٍع ىج ًم ٌّي‪.‬‬ ‫اؿ ابٍ ين ىع ًطياة‪ :‬ىال ييػ ٍن ًك ير يكقي ى‬ ‫ىكقى ى‬
‫ب‪...‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ضا‪ :‬ىى ٍل يى ىو ىحقي ىقةه أ ٍىـ ىم ىجا هز ىعلىى ىم ىذاى ى‬ ‫ىكا ٍختىػلى يفوا أىيٍ ن‬

‫شركط صحة االستثناء‬


‫كلصحة التخصيص باالستثناء شركط منها‪:‬‬
‫ُ‪ -‬أف يكوف ملفوظان يسمع‪ ،‬ال بمجرد النية‪ ،‬إال في يمين ظلمان عند المالكية‪.‬‬
‫ِ‪ -‬أف يكوف متصبل بما قبلو لفظا في العرؼ‪ ،‬فبل يضر فصلو بتنفس أك عطاس‬
‫خبلفان البن عباس إذ أجاز فصلو مطلقان‪.‬‬
‫ٍح يق بً ًو ىما يى ىو‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اؿ بًال يٍم ٍستىثٍػنىى م ٍنوي لىٍفظنا‪ :‬بًأى ٍف يى يكو ىف الٍ ىك ىبل يـ ىكاح ندا غىٍيػ ىر يم ٍنػ ىقط وع‪ ،‬ىكيىػل ى‬ ‫صي‬ ‫االت ى‬
‫اس أ ٍىك نى ٍح ًو ًى ىما‪ً ،‬م اما ىال ييػ ىع ُّد‬ ‫اؿ أ ٍىك عيطى و‬ ‫ك بًأى ٍف يىػ ٍقطى ىعوي لًعي ٍذ ور ىكس ىع و‬
‫ي‬ ‫اؿ‪ ،‬ىكذىلً ى‬‫صً‬ ‫ً‬
‫في يح ٍك ًم االت ى‬
‫ً‬
‫ص ىل ىال ىعلىى ىى ىذا ال ىٍو ٍج ًو ىكا ىف لى ٍغ نوا ىكلى ٍم يىػثٍبي ٍ‬ ‫ً‬ ‫اص نبل بػين أ ً‬
‫ت يح ٍك يموي‪.‬‬ ‫فى ً ى ٍ ى ٍ‬
‫ىج ىزاء الٍ ىك ىبلًـ‪ ،‬فىًإف انٍػ ىف ى‬
‫ور أ ٍىى ًل ال ًٍعل ًٍم‪.‬‬ ‫اط ًاالت ى ً‬ ‫كقى ٍد ذىىب إًلىى ا ٍشتًر ً‬
‫صاؿ يج ٍم يه ي‬ ‫ى‬ ‫ى ى ى‬
‫يل‪ :‬إًلىى‬ ‫ً‬ ‫ص ُّح ًاال ٍستًثٍػنىاءي ىكإً ٍف طى ى‬ ‫اس‪ :‬أىناوي ي ً‬
‫ف ىع ٍنوي فىق ى‬ ‫اؿ ال ازىما يف‪ ،‬ثي ام ا ٍختىػلى ى‬ ‫ى‬ ‫م ىع ًن ابٍ ًن ىعبا و‬ ‫ىكير ًك ى‬
‫يل‪ :‬أىبى ندا‪.‬‬ ‫و ً‬ ‫ىش ٍه ور‪ ،‬ىكقً ً‬
‫يل‪ :‬إلىى ىسنىة‪ ،‬ىكق ى‬ ‫ى‬
‫ٍح ىرىم ٍي ًن ىكالٍغى ىزالً ُّي‪،‬‬ ‫ص اح ع ًن اب ًن عبا و ً‬
‫اـ ال ى‬ ‫اس ىكم ٍنػ يه ٍم إً ىم ي‬ ‫ض أ ٍىى ًل ال ًٍعل ًٍم ىكقىاليوا‪ :‬لى ٍم يى ً ى ٍ ى‬ ‫ىكقى ٍد ىر اد بىػ ٍع ي‬
‫اخي ًاال ٍستًثٍػنى ًاء‪.‬‬ ‫اف تىػر ً‬ ‫ود كالٍمواثً ً ً ً‬ ‫ًً ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫يق ًإل ٍم ىك ى‬ ‫ل ىما يىػل ىٍزيـ م ىن ٍارت ىف ًاع الثػ ىقة بالٍعي يه ى ى ى‬

‫ّ‪ /‬أف ال يستغرؽ المستثنى منو كخمسة إال خمسة ألنو يعد لغوان‪ ،‬أك أكثر من النصف‬
‫عند الحنابلة كخمسة إال ثبلثة ألف االستثناء إلخراج القليل‪ .‬كحاصل الخبلؼ في‬
‫الشرط األخير كاآلتي‪:‬‬
‫ُ‪ /‬أف يكوف المستثنى أقل مما بقى كخمسة إال اثنين فهذا صحيح باإلجماع‪.‬‬
‫ِ‪ /‬أف يكوف المستثنى مستغرقان لجميع المستثنى منو كخمسة إال خمسة كىذا باطل‬
‫عند األكثر خبلفان البن طلحة األندلسي‪.‬‬
‫ّ‪ /‬أف يكوف المستثنى أكثر مما بقى كخمسة إال أربعة كىو جائز عند الجمهور ممنوع‬
‫عند الحنابلة‪.‬‬

‫المقصود من الشرط الثالث أى ٍف يى يكو ىف ًاال ٍستًثٍػنىاءي غىٍيػ ىر يم ٍستىػغٍ ىر هؽ‪ ،‬فىًإ ٍف ىكا ىف يم ٍستىػغٍ ًرقنا فىػ يه ىو‬
‫اؿ‪:‬‬
‫وؿ" فىػ ىق ى‬ ‫ص ً‬ ‫اعةه ًمن الٍمحق ًقين‪ً ،‬م ٍنػهم ال ارا ًز ُّ ً‬ ‫بً‬
‫اط هل بً ًٍ‬
‫م في "ال ىٍم ٍح ي‬ ‫اإل ٍج ىم ًاع‪ ،‬ىك ىما ىح ىكاهي ىج ىم ى ى ي ى ى ي ي‬ ‫ى‬
‫ص ًر‬ ‫ب فىػ ىق ى ً‬ ‫اج ً‬ ‫اد ًاال ٍستًثٍػنى ًاء الٍمستىػ ٍغ ًر ًؽ‪ ،‬كًم ٍنػ يهم ابٍن الٍح ً‬ ‫أىجمعوا ىعلىى فىس و‬
‫"م ٍختى ى‬‫اؿ في ي‬ ‫ى ي ي ى‬ ‫يٍ‬ ‫ى‬ ‫ٍ ىي‬
‫اطل بً ًاالتػ ىف ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫اؽ‪.‬‬ ‫ال يٍم ٍنتىػ ىهى"‪ :‬اال ٍستثٍػنىاءي ال يٍم ٍستىػ ٍغ ًر يؽ بى ه‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ضا ىعلىى ىج ىوا ًز ًاال ٍستًثٍػنىاء إًذىا ىكا ىف ال يٍم ٍستىثٍػنىى أىقى ال م اما بىًق ىي م ىن ال يٍم ٍستىثٍػنىى م ٍنوي‬ ‫ىكاتاػ ىف يقوا أىيٍ ن‬
‫يما إًذىا ىكا ىف المستثنى أكثر مما بقي من‬ ‫ً‬ ‫ً ً ً‬
‫ىم‪ :‬يى يكو يف قىل نيبل م ٍن ىكثي ور" ىكا ٍختىػلى يفوا "ف ى‬ ‫"أ ٍ‬
‫اؿ لى ٍم تى ًر ٍد بً ًو اللُّغىةي‪ ،‬ىكًألى اف‬ ‫اج‪ ،‬ىكقى ى‬ ‫ك قىػوـ ًمن الن ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ُّحاة‪ :‬م ٍنػ يه يم ال از اج ي‬ ‫المستثى م ٍنوي" فى ىمنى ىع ىذل ى ٍ ه ى ى‬
‫ك ال ا ً‬
‫اؿ ًاال ٍس يم‪.‬‬ ‫استىثٍػنىى أى ٍكثىػ ىر لىىز ى‬ ‫ش ٍيء‪ ،‬فىػلى ًو ٍ‬ ‫اس يم ذىلً ى‬ ‫ً‬
‫ص يىس نيرا لى ٍم يىػ ىز ٍؿ ىع ٍنوي ٍ‬ ‫ش ٍي ىء إًذىا نىػ يق ى‬ ‫ال ا‬
‫ين‪ ،‬ىما ىكا ىف يمتى ىكل نما بًال ىٍع ىربًيا ًة‪ ،‬ىكىكا ىف‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫اؿ ابن ًجني‪ :‬لىو قى ى ً ً ً‬
‫اؿ لىوي ع ٍندم مائىةه إًاال ت ٍس ىعةن ىكت ٍسع ى‬ ‫قى ى ٍ ي ٍّ ٍ‬
‫ىعبىثنا ًم ىن الٍ ىق ٍوًؿ‪.‬‬
‫وز فًي اللُّغى ًة‪،‬‬ ‫استًثٍػنىاءى ٍاألى ٍكثى ًر ىال يى يج ي‬ ‫ك‪ ،‬يىػ ٍعنًي ٍ‬ ‫سائً ًل‪ :‬إً اف ذىلً ى‬ ‫ً ً ً‬
‫اؿ ابٍ ين قيػتىػ ٍيبىةى في كتىاب "ال ىٍم ى‬ ‫ىكقى ى‬
‫ً‬ ‫ًألى اف تىأ ًٍسيس ًاالستًثٍػن ًاء علىى تى ىدار ًؾ قىلً و ً‬
‫يل م ٍن ىكثًي ور‪ ،‬أى ٍغ ىفلٍتىوي أ ٍىك نى ًسيتىوي ل ًقلاتً ًو‪ ،‬ثي ام تى ىد ىارٍكتىوي‬ ‫ي‬ ‫ى ٍ ى ى‬
‫اج‪.‬‬‫بً ًاال ٍستًثٍػنى ًاء‪ ،‬ثي ام ذى ىك ىر ًمثٍ ىل ىك ىبلًـ ال از اج ً‬
‫ازهي أى ٍكثىػ ير أ ٍىى ًل الٍ يكوفى ًة ًم ٍنػ يه ٍم‪،‬‬ ‫ىج ى‬ ‫شي يخ أىبو ح ًام ود‪ :‬إًناو م ٍذىب الٍبص ًريين ًمن الن ً‬
‫ُّحاة‪ ،‬ىكأ ى‬ ‫يى ى ي ى ٍ ى ى ى‬ ‫اؿ ال ا ٍ ي ى‬ ‫قى ى‬
‫ش ىرةه إًاال تً ٍس ىعةه‪ ،‬فىػيىػل ىٍزيموي ًد ٍرىى هم‪ ،‬ىك يى ىو قىػ ٍو يؿ‬ ‫ين‪ :‬نى ٍح ىو‪ً :‬ع ٍن ًدم لىوي ىع ى‬ ‫ازه أى ٍكثػر ٍاأل ً‬
‫يصولي ى‬ ‫ىج ى ي ى ي ي‬ ‫ىكأ ى‬
‫ك ىعلىٍي ًه ٍم‬ ‫س لى ى‬ ‫ًا ً ً‬ ‫السيرافًي كأىبًي عيبػي ىدةى ًمن النُّحاةً محتىج ً ً ً‬
‫ين ب ىق ٍولو تىػ ىعالىى‪{ :‬إف عبىادم لىٍي ى‬ ‫ىٍ ى ى ي ٍ ى‬ ‫ى ى‬
‫يل قىػولً ًو تىػعالىى‪ً :‬‬ ‫ً‬ ‫س ٍلطىا هف إًاال م ًن اتاػبػع ى ً‬
‫يل‬
‫{كقىل ه‬ ‫ى‬ ‫ك م ىن الٍغىا ًكين} ىكال يٍمتابًعيو ىف لىوي يى يم ٍاألى ٍكثىػ ير بً ىدل ً ٍ ى‬ ‫ى ىى‬ ‫ي‬
‫ت بً يم ٍؤًمنًين}‪.‬‬ ‫صى‬ ‫ااس ىكلى ٍو ىح ىر ٍ‬‫{كىما أى ٍكثىػ ير الن ً‬ ‫ش يكور} كقولو تعالى‪ :‬ى‬ ‫م ال ا‬ ‫ً ً ً‬
‫م ٍن عبىاد ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ص ًح ً ً ً ً‬ ‫ت فًي ال ا‬ ‫ىكًم ٍن ذىلً ى‬
‫صلاى‬ ‫يح م ٍن ىحديث أىبًي بى ٍك ور ىرض ىي اللاوي ىع ٍنوي م ٍن رسوؿ اهلل ى‬ ‫ك ىما ثىػبى ى‬
‫ادم يكلُّ يك ٍم ىجائً هع إًاال ىم ٍن أىط ىٍع ٍمتيوي‬ ‫اللاوي ىعلىي ًو كسلام‪ ،‬ىع ًن ال ارب ىع از كج ال‪" :‬يا ًعب ً‬
‫ىى ى ى‬ ‫ٍ ىى ى‬
‫استى ٍك ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً ُّ‬ ‫فى ً ً ً‬
‫س يك ٍم" ىكقى ٍد‬ ‫سوني أى ٍك ي‬ ‫س ٍوتيوي فى ٍ ي‬ ‫استىطٍع يموني أيطٍع ٍم يك ٍم يىا عبىادم يكل يك ٍم ىعا ور إ اال ىم ٍن ىك ى‬ ‫ٍ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ادهً بً ىبل ىش ٍّ‬ ‫أىطٍعم سبحانىوي كىكسا ٍاألى ٍكثىػر ًمن ًعب ً‬
‫ي ٍ ى‬ ‫ى ى يٍ ى ى ى‬
‫ك‪.‬‬ ‫استًثٍػنىاءه يم ٍنػ ىق ًط هع ىكىال ىك ٍجوى لً ىذلً ى‬
‫يل‪ :‬بًأىناوي ٍ‬ ‫يب ىع ٍن ىى ىذا ال ادلً ً‬ ‫ً‬
‫ىكقى ٍد أيج ى‬
‫ً‬ ‫كًمن جملى ًة الٍمانً ًع ً‬
‫س ًن ٍاألى ٍش ىع ًرم‪ ،‬ىكابٍ ين‬ ‫ٍح ى‬‫ىح ىم يد بٍ ين ىح ٍنبى ول ىكأىبيو ال ى‬ ‫استًثٍػنىاء ٍاألى ٍكثى ًر أ ٍ‬
‫ين م ىن ٍ‬ ‫ى ٍ يٍ ى ى‬
‫شافً ًعي‪.‬‬ ‫ىح يد قىػ ٍولى ًي ال ا‬ ‫يدرستػوي ًو ًمن الن ً‬
‫ُّحاة‪ ،‬ىك يى ىو أ ى‬‫ي ٍىىٍ ى ى‬
‫ش ٍر ًع‪ ،‬ىكىال ًم ٍن ًج ىه ًة ال ىٍع ٍق ًل‪.‬‬ ‫ٍحقُّ‪ :‬أىناوي ىال ىك ٍجوى لًل ىٍم ٍن ًع‪ ،‬ىال ًم ٍن ًج ىه ًة اللُّغى ًة‪ ،‬ىكىال ًم ٍن ًج ىه ًة ال ا‬ ‫ىكال ى‬

‫كركد االستثناء بعد جمل متعاطفة‬


‫قاؿ اهلل تعالى‪{ :‬كالذين يرموف المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدكىم ثمانين‬
‫جلدة كال تقبلوا لهم شهادة أبدان كأكلئك ىم الفاسقوف إال الذين تابوا من بعد ذلك‬
‫كأصلحوا فإف اهلل غفور رحيم} ‪.‬‬
‫فقد كرد االستثناء في ىذه اآلية بعد ثبلث جمل‪:‬‬
‫ُ‪ -‬جملة األمر بالجلد‪.‬‬
‫ِ‪ -‬جملة النهي عن قبوؿ الشهادة منهم‪.‬‬
‫ّ‪ -‬جملة الحكم عليهم بالفسق‪.‬‬
‫فهل يعود االستثناء إلى الجميع أك إلى الجملة األخيرة فقط‪ ،‬خبلؼ‪.‬‬
‫أ‪ -‬فالجمهور على أنو يعود إلى الجميع ألنو الظاىر ما لم يدؿ دليل على خبلؼ ذلك‬
‫فبل يصح رجوعو إلى جملة الجلد في ىذه اآلية مثبل‪.‬‬
‫ب‪ -‬كأبو حنيفة على أنو يعود إلى الجملة األخيرة فقط ألنو المتيقن‪.‬‬
‫كمثلو كركد االستثناء بعد مفردات متعاطفة أيضان نحو‪ :‬تصدؽ على الفقراء كالمساكين‬
‫كالغارمين إال الفسقة منهم‪.‬‬

‫خبلصة ىذا المبحث أف االستثناء إذا كرد بعد جمل متعاطفة كصلح عوده إلي الجميع‬
‫فإنو يرجع على الجميع ‪ ،‬نحو ‪ ) :‬كالذين يرموف المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء‬
‫فاجلدكىم ثمانين جلدة كال تقبلوا لهم شهادة أبدا كأكلئك ىم الفاسقوف * إال الذين‬
‫تابوا من بعد ذلك كأصلحوا فإف اهلل غفور رحيم ( ‪.‬‬
‫كإلي ىذا ذىب مالك كأحمد كالشافعي ألف الجمل المتعاطفة في حكم الجملة‬
‫الواحدة ‪ ،‬كفي االستثناء شبو بالشرط ‪ ،‬كفي الشرط يرجع للجميع فكذلك االستثناء‬
‫كذىب أبو حنيفة إلي أنو يرجع لؤلخير فقط ‪ ،‬إلنكاره أف تكوف الجمل المتعاطفة في‬
‫حكم الجملة الواحدة ‪ ،‬كما أنكر أف يكوف االستثناء شبيها بالشرط ‪.‬ك الراجح ما‬
‫ذىب إليو الجمهور كاهلل أعلم ك ىو الذم تقتضيو اللغة ك النظر الصحيح‪.‬‬
‫ت‬‫ار ٍ‬‫صى‬ ‫ت ى‬ ‫ب ٍاأل اىكًؿ‪ :‬بًأى اف ال ي‬
‫ٍج ىم ىل إًذىا تىػ ىعاطىىف ٍ‬ ‫استى ىد اؿ أ ٍىى يل ال ىٍم ٍذ ىى ً‬
‫قاؿ الشوكاني ‪ « :‬ىك ٍ‬
‫اف إًلىى ىما‬ ‫شر ًط‪ ،‬ك ًاال ٍستًثٍػنى ًاء‪ ،‬بًالٍم ًشيئى ًة‪ ،‬فىًإناػ يهما يػرًجع ً‬ ‫اح ىدةً‪ ،‬قىاليوا بً ىدلً ً‬ ‫ىكالٍجملى ًة الٍو ً‬
‫ى ىٍ ى‬ ‫ى‬ ‫يل ال ا ٍ ى‬ ‫يٍ ى‬
‫اعا‪.‬كأجيب‪ :‬بأف ذلك مسلم في المفردات‪ ،‬كأما في الجمل فممنوع‪.‬‬ ‫تىػ ىق اد ىـ إً ٍج ىم ن‬
‫ط قى ٍد يىػتىػ ىق اد يـ ىك ىما‬ ‫ك بًأى اف ال ا‬
‫ش ٍر ى‬ ‫ش ٍر ًط بًالٍ ىف ٍر ًؽ بىػ ٍيػنىػ يه ىما‪ ،‬ىكذىلً ى‬
‫اس ىعلىى ال ا‬ ‫ضا ىع ًن ال ًٍقيى ً‬‫يب أىيٍ ن‬ ‫ً‬
‫ىكأيج ي‬
‫ار‪.‬‬
‫يىػتىأىخ ي‬
‫اص ىذلً ى‬
‫ك‬ ‫ص ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ٍج ىم ىل ال يٍمتىػ ىعاط ىفةى لى ىها يح ٍك يم ال يٍم ٍف ًر ىدات‪ ،‬ىك ىد ٍع ىول ا ٍخت ى‬ ‫اب ىع ًن ٍاأل اىكًؿ‪ :‬بًأى اف ال ي‬ ‫ىكيي ىج ي‬
‫يل ىعلىٍيػ ىها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بال يٍم ٍف ىر ىدات ىال ىدل ى‬
‫ش ٍر ًط فًي ال ىٍم ٍعنىى‪.‬‬ ‫ً‬
‫اد ال ا‬ ‫اء ييًفي يد ىم ىف ى‬ ‫ً ً ً ً‬ ‫ً ً‬
‫ىك ىع ًن الثااني‪ :‬بأىناوي يي ٍمنى يع مثٍ ىل ىى ىذا الٍ ىف ٍرؽ‪ .‬ألى اف اال ٍستثٍػنى ى‬
‫وع ًاالستًثٍػنى ًاء إًلىى ما يلً ًيو ًمن الٍجم ًل ىو الظا ً‬
‫اى ير‬ ‫ى ى ى ي ى يى‬ ‫ب الثاانًي‪ :‬بًأى اف ير يج ى ٍ‬ ‫استى ىد اؿ أ ٍىى يل ال ىٍم ٍذ ىى ً‬‫ىك ٍ‬
‫ٍح ُّق الا ًذم ىال يىػ ٍنبى ًغي‬ ‫اب ىع ٍنوي بً ىم ٍن ًع ىد ٍع ىول الظُّ يهوًر‪ ،‬ىكال ى‬ ‫يل‪ ،‬ىكيي ىج ي‬ ‫فى ىبل يىػ ٍع ًد يؿ ىع ٍنوي إًاال بً ىدلً و‬
‫ودهً إًلىى ىج ًم ًيع ىها ىال ًم ٍن‬ ‫كؿ ىع ٍنوي أى اف الٍ ىقي ىد الٍواقًع بػ ٍع ىد جم ول إًذىا لىم يمنىع مانًع من عي ً‬
‫ٍ ىٍ ٍ ى ه ى ٍ‬ ‫ٍ ى ى ى يى‬ ‫الٍعي يد ي‬
‫س اللا ٍف ًظ‪ ،‬ىكىال ًم ٍن ىخار وًج ىع ٍنوي فىػ يه ىو ىعائً هد إًلىى ىج ًم ًيع ىها‪ ،‬ىكإً ٍف ىمنى ىع ىمانً هع فىػلىوي يح ٍك يموي‪ ،‬ىكىال‬ ‫نىػ ٍف ً‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫يي ىخالً ي‬
‫ت‬ ‫ٍج ىم ىل إً ٍف ىكانى ٍ‬ ‫ٍجباا ًر‪ ،‬ىك ىج ىعليوهي ىم ٍذ ىىبنا ىرابً نعا م ٍن أى اف ال ي‬ ‫ف ىى ىذا ىما ىح ىك ٍوهي ىع ٍن ىع ٍبد ال ى‬
‫اض يم ٍختىلً ىف وة ا ٍختى ا‬ ‫ت ًألى ٍغ ىر و‬ ‫ٍج ًمي ًع‪ ،‬ىكإً ٍف ًسي ىق ٍ‬ ‫يكلُّها مسوقىةن لًم ٍق و ً و‬
‫ص‬ ‫ؼ إًلىى ال ى‬ ‫ص ىر ى‬
‫صود ىكاحد انٍ ى‬ ‫ى ىي ى ي‬
‫ٍج ًمي ًع‪.‬‬‫وع إًلىى ال ى‬ ‫الر يج ً‬‫اض يم ٍختىلً ىف وة يى ىو ىمانً هع ًم ىن ُّ‬ ‫سوقىةن ًألى ٍغ ىر و‬ ‫ً ً ً ً‬
‫ب ٍاألىخ ىيرة‪ ،‬فىإ اف ىك ٍونىػ ىها ىم ي‬
‫سا‪ ،‬ىك يى ىو أىناوي إً ٍف ظى ىه ىر أى اف ال ىٍو ىاك لًًبلبٍتً ىد ًاء ىك ىق ٍولً ًو‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىكىك ىذا ىال ييػنىافي ىى ىذا ىما ىج ىعليوهي ىم ٍذ ىىبنا ىخام ن‬
‫ىخ ىيرةً ًألى اف ىك ٍو ىف ال ىٍوا ًك‬‫ص بً ٍاأل ً‬ ‫اد ىدةى فىًإناوي يى ٍختى ُّ‬‫ص ًريين إًاال الٍبػغى ً‬ ‫أى ٍك ًرٍـ بىنًي تى ًم و‬
‫ى‬ ‫ُّحاةى الٍبى ٍ ى‬ ‫يم‪ ،‬ىكالن ى‬
‫ٍج ًمي ًع‪.‬‬
‫وع إًلىى ال ى‬ ‫لًًبلبٍتً ىد ًاء يى ىو ىمانً هع ًم ىن ُّ‬
‫الر يج ً‬
‫ت إً ٍع ىر ن‬
‫اضا‬ ‫ٍج ٍملى ًة الثاانًيى ًة إً ٍف ىكانى ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ىكىك ىذلً ى‬
‫ك ىال ييػنىافي ىى ىذا ىما ىح ىك ٍوهي ىم ٍذ ىىبنا ىساد نسا‪ ،‬م ٍن ىك ٍوف ال ي‬
‫وع إًلىى‬ ‫الر يج ً‬ ‫ب ىمانً هع ًم ىن ُّ‬ ‫ض ىرا ى‬ ‫اض ىك ًٍ‬
‫اإل ٍ‬ ‫اإل ٍع ىر ى‬ ‫ىخ ىيرةً ًألى اف ًٍ‬‫ص بً ٍاأل ً‬‫ض ىرابنا ىع ًن ٍاأليكلىى ا ٍختى ا‬ ‫ىكإً ٍ‬
‫ب ىما‬ ‫وؿ الٍ ىك ىبل ىـ فًي ىى ًذهً ال ىٍم ٍسأىلى ًة ىك ىساقيوا ًم ٍن أ ًىدلاًة ال ىٍم ىذ ًاى ً‬ ‫يص ً‬ ‫اؿ أ ٍىى يل ٍاأل ي‬ ‫ٍج ًمي ًع‪ ،‬ىكقى ٍد أىطى ى‬ ‫ال ى‬
‫ً‬ ‫اب أى ًك ُّ ً‬ ‫ص وة فًي ال ً‬
‫ٍكتى ً‬ ‫ص وة ىخا ا‬ ‫اج بًًق ا‬ ‫ض ىها ٍ ً‬ ‫ىال طىائً ىل تى ٍحتىوي فىًإ اف بىػ ٍع ى‬
‫اـ ال ادل ي‬
‫يل‬ ‫السناة قى ٍد قى ى‬ ‫احت ىج ه‬
‫اس فًي اللُّغى ًة ىك يى ىو ىم ٍمنيوعه‪ ».‬ق‬ ‫ً‬
‫ض ىها يى ٍستىػ ٍل ًزيـ الٍقيى ى‬ ‫ت بً ًو‪ ،‬ىكبىػ ٍع ى‬‫ص ٍ‬ ‫اص ىها بً ىما ا ٍختى ا‬ ‫ىعلىى ا ٍختًص ً‬
‫ى‬
‫خبلصة كبلمو ىذا أنو لم يرجح بين المذىبين ‪...‬ك إف كاف القلب يميل إلى قوؿ‬
‫الجمهور‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫اح ود ًم ٍنػ يه ىما‪،‬‬ ‫ص ىفةن لً يكل ك ً‬
‫ى‬
‫صليح أى ٍف تى يكو ىف ً‬ ‫ً‬
‫إًذىا ىكقى ىع بىػ ٍع ىد ال يٍم ٍستىثٍػنىى ىكال يٍم ٍستىثٍػنىى م ٍنوي يج ٍملىةه تى ٍ ي‬
‫ٍحنى ًفيا ًة إًلىى ال يٍم ٍستىثٍػنىى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫شافً ًعيا ًة أى اف تًل ى‬ ‫فى ًع ٍن ىد ال ا‬
‫ٍج ٍملىةى تىػ ٍرج يع إًلىى ال يٍم ٍستىثٍػنىى م ٍنوي‪ ،‬ىكع ٍن ىد ال ى‬ ‫ٍك ال ي‬
‫شافً ًعيا ًة أىناوي يى يكو يف ىى ىذا‬ ‫ك فى ًع ٍن ىد ال ا‬ ‫ت ذىلً ى‬ ‫ض ٍي ي‬‫ف ًد ٍرىى وم إًاال ًمائىةن‪ ،‬قى ى‬ ‫اؿ‪ً :‬ع ٍن ًدم لىوي أىلٍ ي‬ ‫فىًإذىا قى ى‬
‫ضائً ىها فىًإ ٍف بىػ ٍرىى ىن ىعلىى‬ ‫اج نعا إًلىى ال يٍم ٍستىثٍػنىى ًم ٍنوي فىػيى يكو يف يم ًق ارا بًتً ٍس ًع ًمائى وة يم اد ًعينا لًىق ى‬ ‫فرً‬
‫ص ي ى‬ ‫ال ىٍو ٍ‬
‫ً ً‬ ‫ىد ٍع ىواهي فى ىذلً ى‬
‫ٍحنى ًفيا ًة يىػ ٍرًج يع ال ىٍو ٍ‬ ‫ً‬
‫ف إًلىى ال يٍم ٍستىثٍػنىى فىػيى يكو يف‬ ‫ص ي‬ ‫ك ىكإًاال فىػ ىعلىٍيو ىما أىقىػ ار بًو‪ ،‬ىكع ٍن ىد ال ى‬
‫ض ًاء ًمائى وة ًم ٍنوي‪.‬‬
‫ٍف يم اد ًعينا لًىق ى‬
‫م ًق ارا بًأىل و‬
‫ي‬
‫اح ىدةو ًم ٍنػها‪ ،‬نىحو‪ :‬أى ٍك ًرٍـ بنًي ىى ً‬ ‫ض ًمير يصليح لً يكل ك ً‬
‫اش وم‪،‬‬ ‫ى‬ ‫ى ٍى‬ ‫ى‬ ‫ٍج ىم ًل ى ه ى ٍ ي‬ ‫ىك ىى ىك ىذا إًذىا ىج ى‬
‫اء بىػ ٍع ىد ال ي‬
‫ب ىك ىجالً ٍس يه ٍم‪.‬‬ ‫ىكأى ٍك ًرٍـ بىنًي ال يٍمطالً ً‬
‫ض‪ ،‬ىكا ىف لًلاتًي‬ ‫ٍج ىم ًل يدك ىف بىػ ٍع و‬ ‫ض ال ي‬ ‫صلي يح إًاال لًبىػ ٍع ً‬ ‫ف ىال يى ٍ‬ ‫ص ي‬ ‫أى اما إً ىذا ىكا ىف الض ً‬
‫ام يير أى ًك ال ىٍو ٍ‬
‫صلي يح لى ىها يدك ىف غىٍي ًرىىا‪ :‬نى ٍح ىو‪ :‬أى ٍك ًرًـ الٍ ىق ٍوىـ‪ ،‬ىكأى ٍك ًرٍـ ىزيٍ ندا ال ىٍعالً ىم‪ ،‬ىكأى ٍك ًرًـ الٍ ىق ٍوىـ‪ ،‬ىكأى ٍك ًرٍـ ىزيٍ ندا‬ ‫يى ٍ‬
‫ىك ىعظ ٍموي‪.‬‬

‫التخصيص بالشرط‬

‫ىذا النوع الثاني من المخصصات المتصلة‪.‬‬

‫تعريفو‪ :‬المراد بالشرط ىنا‪ .‬الشرط اللغوم كىو المعركؼ بتعليق أمر بأمر‪ .‬كأدكاتو‬
‫كثيرة منها‪ :‬إف كإذا مثل "إف نجح زيد فأعطو جائزة"‪.‬‬
‫ككجو التخصيص بالشرط في المثاؿ المتقدـ‪ :‬أنو يخرج من الكبلـ حاال من أحواؿ‬
‫زيد كىي عدـ نجاحو‪ ،‬كلوال الشرط لوجب إعطاؤه الجائزة على كل حاؿ‪ .‬كقد جاء‬
‫في قولو تعالى‪{ :‬كإذا ضربتم في األرض فليس عليكم جناح أف تقصركا من الصبلة}‬
‫تعليق قصر الصبلة على حصوؿ الشرط كىو الضرب في األرض‪ ،‬كلوال الشرط لجاز‬
‫القصر مطلقان حضران كسفران‪ ،‬لكنو خصص بحالة السفر‪ ،‬كيشترط للتخصيص بالشرط‬
‫أف يتصل بالمشركط لفظان كما في االستثناء‪.‬‬

‫الشرط ‪ :‬كىو لغة ‪ :‬العبلمة ‪.‬‬


‫كالمراد بو ىنا ‪ :‬تعليق شيء كجودا أك عدما ‪ :‬بػ « إف » الشرطية أك إحدل أدكات‬
‫الشرط ‪.‬‬
‫فإذا قلت ‪ « :‬إف لم تبر كالدؾ فلن أعطيك ىدية » ىذا عدـ بعدـ ‪.‬‬
‫كلو قلت ‪ « :‬إف بررت كالدؾ أعطيتك ىدية » ىذا كجود بوجود‪.‬‬
‫كإف قلت ‪ « :‬إف لم تعق كالدؾ أعطيتك ىدية » عدـ بوجود ‪ ،‬فاألكؿ عدـ كالثاني‬
‫كجودم ‪.‬‬
‫كالشرط مخصص سواء تقدـ أك تأخر ‪.‬‬
‫كمن المسائل التي لم يتطرؽ لها المؤلف أنو يجوز تقديم الشرط كتأخيره‪ ،‬كإف كاف‬
‫كضعو الطبيعي ىو صدر الكبلـ كالتقدـ على المشركط لفظان لكونو متقدمان عليو في‬
‫الوجود‪ ،‬فتقوؿ‪ " :‬إف نجح الطبلب فأكرمهم "‪ ،‬كتقوؿ‪ " :‬أكرـ الطبلب إف نجحوا "‪.‬‬
‫ك كذلك من المهم أف يعرؼ طالب العلم حاالت اتحاد الشرط كالمشركط ُّ‬
‫كتعددىما‪،‬‬
‫تعدد أحدىما كاتحاد اآلخر كىي تسع حاالت‪:‬‬‫أك ُّ‬
‫الحالة األكلى‪ :‬أف يتاحد الشرط كالمشركط‪ ،‬كقولك‪ " :‬إف دخل زيد الدار فأكرمو "‪،‬‬
‫فيتوقف المشركط على ىذا الشرط كحده كجودان كعدمان‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬أف يتاحد الشرط كيتعدد المشركط بحرؼ " الواك "‪ ،‬كقولك‪ " :‬إف‬
‫نجحت تصدقت بدرىم كصمت يومان "‪ ،‬فيقتضي الشرط الجمع بين التصدؽ كالصياـ‪.‬‬
‫الحالة الثالثة‪ :‬أف يتحد الشرط كيتعدد المشركط بحرؼ " أك "‪ ،‬كقولك " إف نجحت‬
‫فإني سأتصدؽ أك أصوـ يومان "‪ ،‬فيقتضي الشرط حصوؿ التصدؽ كحده‪ ،‬أك الصياـ‬
‫كحده‪.‬‬
‫الحالة الرابعة‪ :‬أف يتعدد الشرط بحرؼ " الواك " كيتٌحد المشركط كقولك‪ " :‬إف‬
‫نجحت كشفي أبي تص ادقت بألف لاير " فبل يمكن أف يوجد المشركط ‪ -‬كىو‪:‬‬
‫التصدؽ باأللف ‪ -‬إال بعد حصوؿ الشرطين معان كىما‪ :‬النجاح كالشفاء‪.‬‬
‫الحالة الخامسة‪ :‬أف يتعدد الشرط بحرؼ " الواك " كيتعدد المشركط بحرؼ " الواك "‬
‫أيضان كقولك‪ " :‬إف نجحت كشفي أبي تصدقت كصمت يوما "‪ ،‬فيقتضي ىذا‪ :‬أنو ال‬
‫يمكن كجود المشركطين كىما‪ :‬التصدؽ كالصياـ إال إذا كجد الشرطاف كىما‪ :‬النجاح‬
‫كالشفاء معان‪.‬‬
‫الحالة السادسة‪ :‬أف يتعدد الشرط بحرؼ " الواك " كيتعدد المشركط بحرؼ " أك "‪،‬‬
‫كقولك‪ " :‬إف نجحت كشفي أبي تصدقت أك صمت يوما "‪ ،‬فحصوؿ الشرطين كىما‬
‫النجاح كالشفاء يقتضي حصوؿ أحد المشركطين على التخيير‪ ،‬فإما التصدؽ أك‬
‫الصياـ‪.‬‬
‫الحالة السابعة‪ :‬أف يتعدد الشرط بحرؼ " أك " كيتحد المشركط‪ ،‬كقولك‪ " :‬إف‬
‫نجحت أك شفي أبي سأتصدؽ بدرىم "‪ ،‬فبل بد ىنا من حصوؿ أحد الشرطين حتى‬
‫يجب عليو التصدؽ‪.‬‬
‫الحالة الثامنة‪ :‬أف يتع ادد الشرط بلفظ " أك " كيتعدد المشركط بحرؼ " الواك "‪،‬‬
‫كقولك‪ " :‬إف بنى زيد الجدار أك‪ ،‬نجح فأعطو كتابان كدرىمان "‪ ،‬فبل بد من حصوؿ أحد‬
‫الشرطين كىما‪ :‬البناء أك النجاح حتى يستحق المشركطين معان كىما‪ :‬الكتاب كالدرىم‪.‬‬
‫الحالة التاسعة‪ :‬أف يتعدد الشرط بحرؼ " أك " كيتع ادد المشركط بحرؼ " أك " أيضان‪،‬‬
‫كقولك‪ " :‬إف بنى زيد الجدار أك نجح فأعطو كتابان أك درىمان "‪ ،‬فبل بد ‪ -‬ىنا ‪ -‬من‬
‫حصوؿ أحد الشرطين كىما البناء أك النجاح حتى يستحق أحد المشركطين كىما‪:‬‬
‫الكتاب أك الدرىم‪.‬‬

‫التخصيص بالصفة‬

‫المشعر بمعنى يتصف بو بعض أفراد العاـ ‪ -‬من مخصصات‬ ‫الصفة ىي‪ :‬اللفظ ي‬
‫العموـ المتصلة‪ ،‬نقوؿ‪ " :‬أكرـ الطبلب الناجحين "‪ ،‬فلفظ " الطبلب " عاـ يشمل‬
‫الناجحين كالراسبين‪ ،‬كلما كصف الطبلب بالناجحين أخرج الطبلب الراسبين‪ ،‬فيخص‬
‫الناجحوف باإلكراـ فقط‪.‬‬

‫كالمراد بالصفة‪ .‬الصفة المعنوية‪ ،‬ال النعت المعركؼ في علم النحو‪ ،‬فتشمل الحاؿ‬
‫كالظرؼ كالتمييز كغيرىا‪.‬‬
‫كالغالب في الصف ٍة أف تجيء مخصصة للموصوؼ قبلها كربما تقدمت عليو كما في‬
‫إضافة الصفة إلى الموصوؼ‪.‬‬
‫ككجو التخصيص بالصفة‪ :‬أنها تقصر الحكم على ما تصدؽ عليو كتخرج مفهومها عن‬
‫نطاؽ الحكم إذا كاف لها مفهوـ معتبر‪.‬‬
‫أ‪ -‬فمثبل‪ :‬اقرأ الكتب النافعة في البيت‪ ،‬فإف قولك لصديقك اقرأ الكتب‪ ،‬عاـ في كل‬
‫كتاب كلكن الوصف بالنفع قصر حكم القراءة على النافع منها كأخرج ماعدا ذلك‪.‬‬
‫ب‪ -‬ككذلك "اقرأ الكتب " عاـ في كل مكاف كلكن قولك "في البيت " قصر القراءة‬
‫في مكاف دكف غيره‪.‬‬
‫جػ‪ -‬كقولك "إذا حضرت مبكران أدركت الدرس األكؿ " فحضرت عاـ في جميع‬
‫األحواؿ‪ ،‬كمبكران تخصيص لو‪ ،‬كمن أمثلة التخصيص بالصفة قولو تعالى‪{ :‬كمن لم‬
‫يستطع منكم طوال أف ينكح المحصنات المؤمنات فما ملكت أيمانكم من فتياتكم‬
‫المؤمنات} ‪ .‬فلفظة {فتياتكم} عامة خصصتها الصفة بالمؤمنات‪.‬‬
‫شرط التخصيص بالصفة‪ :‬كيشترط لذلك أف تكوف الصفة متصلة بالموصوؼ لفظان كما‬
‫في الشرط كاالستثناء‪.‬‬

‫من األمثلة على التخصيص بالصفة‪:‬‬


‫مثاؿ النعت ‪ :‬أكرـ الطلبة المجتهدين ‪.‬‬
‫مثاؿ البدؿ ‪ :‬أكرـ الطلبة من اجتهد منهم ‪.‬‬
‫كمثاؿ الحاؿ ‪ :‬إذا قلت مثبل ‪ :‬أكرـ الطلبة داخلين في المسجد ‪.‬‬
‫ك حاالت الصفة مع الجمل ثبلث ىي‪:‬‬
‫الحالة األكلى‪ :‬إف كقعت الصفة بعد جمل‪ ،‬كقولك‪ " :‬أكرـ العلماء كاألدباء‪ ،‬كالتجار‬
‫الطواؿ "‪ ،‬فإف الصفة ترجع إلى جميع الجمل كتخصصها‪ ،‬فكأنك قلت‪ :‬أكرـ العلماء‬
‫الطواؿ‪ ،‬كاألدباء الطواؿ‪ ،‬كالتجار الطواؿ‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬إف كقعت الصفة قبل جمل‪ ،‬كقولك‪ :‬أكرـ الطواؿ من العلماء كالتجار‪،‬‬
‫فإف الصفة تعود إلى جميع الجمل كتخصصها فيكوف المراد‪ :‬أكرـ الطواؿ من العلماء‬
‫كالطواؿ من التجار فقط‪.‬‬
‫الحالة الثالثة‪ :‬إف كقعت الصفة كسطان بين جملتين كقولك‪ " :‬أكرـ العلماء الطواؿ‬
‫كالتجار "‪ ،‬فإف الصفة تعود إلى الجملة التي قبلها كتخصصها فقط‪ ،‬أما ما بعدىا فبل‬
‫ترجع إليو‪ ،‬كالتقدير‪ :‬أكرـ العلماء الطواؿ‪ ،‬أما التجار فأكرمهم جميعان‪ :‬طوالهم‬
‫كقصارىم‪.‬‬

‫التخصيص بالغاية‬

‫الغاية ىي‪ :‬أف يؤتى بعد اللفظ العاـ بحرؼ من أحرؼ الغاية كىي‪ :‬البلـ‪ ،‬كحتى‪ ،‬كإلى‪،‬‬
‫من المخصصات المتصلة مثل‪ " :‬أكرـ العلماء إلى أف يدخلوا الدار "‪ ،‬فهنا بين أف‬
‫إكراـ العلماء ليس عامان لجميع األزمنة‪ ،‬بل مخصص إلى غاية دخولهم الدار فقط‪.‬‬
‫قاؿ المؤلف‪:‬‬

‫غاية الشيء‪ :‬نهايتو كلها أدكات دالة عليها ىي‪ :‬إلى كحتى‪.‬‬
‫كىي التي يتقدمها عموـ يشمل ما بعدىا ألنها تخرج ما بعدىا من عموـ ما قبلها‬
‫مثالو‪ .‬قاؿ تعالى‪{ :‬قاتلوا الذين ال يؤمنوف باهلل كال باليوـ اآلخر كال يحرموف ما حرـ‬
‫اهلل كرسولو‪ ،‬كال يدينوف دين الحق من الذين أكتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد‬
‫كىم صاغركف} ‪.‬‬
‫فإف ما قبل الغاية كىو األمر بقتالهم عاـ يشمل كل أحوالهم‪ ،‬فلوال التخصيص بالغاية‬
‫لكنا مأمورين بقتالهم سواء أعطوا الجزية أـ لم يعطوىا‪.‬‬

‫من المسائل التي يحسن التنبيو عليها ىو تعدد الغاية ك حالتها الغاية إذا كانت متعددة‬
‫فلها حالتاف ىما‪:‬‬
‫الحالة األكلى‪ :‬أف تكوف الغاية متعددة ككانت على الجمع بحرؼ " الواك "‪ ،‬كقولك‪" :‬‬
‫أكرـ العلماء إلى أف يدخلوا الدار كيأكلوا الطعاـ "‪ ،‬فهنا يستمر اإلكراـ إلى تماـ‬
‫الغايتين معان كىما‪ :‬دخوؿ الدار‪ ،‬كأكل الطعاـ دكف ما بعدىما‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬أف تكوف الغاية متعددة ككانت على التخيير بحرؼ " أك "‪ ،‬كقولك‪" :‬‬
‫أكرـ العلماء إلى أف يدخلوا الدار أك يدخلوا السوؽ "‪ ،‬فيقتضي ذلك استمرار اإلكراـ‬
‫إلى تماـ إحدل الغايتين ‪ -‬أيهما كانت ‪ -‬دكف ما بعدىا‪.‬‬
‫ك ليعلم طالب العلم أف الغاية إذا ذكرت بعد جمل متعددة كقولك‪ " :‬أكرـ العلماء‬
‫كالتجار إلى أف يدخلوا الدار "‪ ،‬فإف الغاية ترجع إلى الجملتين معان أم‪ :‬إكراـ العلماء‬
‫يستمر إلى غاية دخولهم الدار‪ ،‬كإكراـ التجار يستمر إلى غاية دخولهم الدار‪ ،‬كىذا‬
‫مطلقان‪ ،‬أم‪ :‬سواء كانت الغاية كاحدة كما مثلنا‪ ،‬أك متعددة على الجمع بالواك‪ ،‬كقولك‪:‬‬
‫" أكرـ العلماء كالتجار إلى أف يدخلوا الدار كالسوؽ "‪ ،‬أك على الجمع بأك كقولك‪" :‬‬
‫أكرـ العلماء كالتجار إلى أف يدخلوا الدار أك يدخلوا السوؽ "‪ ،‬كسواء كانت الغاية‬
‫معلومة الوقوع في كقتها كقولك‪ " :‬أكرـ العلماء إلى أف تطلع الشمس "‪ ،‬أك غير‬
‫معلومة الوقت كقولك‪ " :‬أكرـ العلماء إلى أف يدخلوا الدار "‪.‬‬

‫التخصيص ببدؿ البعض‬


‫إذا قلت "أكرـ القوـ العلماء منهم" فقد أبدلت عموـ القوـ كجعلت ا ًإلكراـ خاصان‬
‫بهم فهذا البدؿ مخصص عند البعض كىو الصحيح‪.‬‬
‫كمن أمثلتو قولو تعالى‪{ :‬كهلل على الناس حج البيت من استطاع إليو سبيبل} ‪ .‬فلفظ‬
‫الناس عاـ يشمل المستطيع كغير المستطيع‪ ،‬فلما ذكر بعده بدؿ البعض خصصو‬
‫بالمستطيع‪.‬‬

‫ك من األمثلة كذلك ‪:‬كقفت ىذا البستاف على الطلبة الفقراء منهم فهنا الوقف خصص‬
‫على الفقراء من الطلبة‪.‬‬

‫المخصصات المنفصلة‬

‫بعدما تكلم المؤلف على المخصصات شرع في بياف القسم الثاني منها ك ىي‬
‫المخصصات المنفصلة حيث قاؿ ‪:‬‬

‫تقدـ تعريف المخصص المنفصل كىو أقساـ نذكر بعضها فيما يلي‪:‬‬
‫أكال‪ :‬التخصيص بالنص من الكتاب أك السنة كىو‪:‬‬
‫أ‪ /‬إما آية تخصص عموـ آية مثل قولو تعالى‪{ :‬كالمطلقات يتربصن بأنفسهن ثبلثة‬
‫قركء} خصص منو أكالت األحماؿ بقولو تعالى‪{ :‬كأكالت األحماؿ أجلهن أف يضعن‬
‫حملهن} كخص منو أيضا المطلقات قبل المسيس بقولو تعالى‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا‬
‫إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموىن من قبل أف تمسوىن فما لكم عليهن من عدة‬
‫تعتدكنها} ‪.‬‬

‫ين أيكتيوا‬ ‫تخصيص الكتاب بالكتاب جائز؛ لوقوعو في قولو تعالى‪( :‬كالٍمحصنى ي ً ا ً‬
‫ات م ىن الذ ى‬ ‫ى يٍ ى‬
‫ات ىحتاى‬‫ٍكتىاب ًمن قىػ ٍبلً يكم) حيث كرد مخصصان لقولو تعالى‪( :‬كىال تىػ ٍن ًكحوا الٍم ٍش ًرىك ً‬
‫ً‬
‫ي ي‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ال ى ٍ‬
‫ييػ ٍؤًم ان)‪ ،‬أم‪ :‬ال يجوز نكاح المشركات إال نساء أىل الكتاب المحصنات‪ ،‬كالوقوع‬
‫دليل الجواز‪.‬ك ألف العاـ كالخاص من الكتاب دليبلف قد ثبتا فيجب العمل بالخاص‬
‫كما بقي بعد التخصيص؛ جمعان بين الدليلين على حسب القدرة‪ ،‬كىذا أكلى من إبطاؿ‬
‫أحدىما بالكلية‪.‬‬

‫ب‪ /‬كإما حديث يخصص عموـ آية مثل قولو تعالى‪{ :‬حرمت عليكم الميتة " كخص‬
‫منو السمك كالجراد بقولو صلى اهلل عليو كسلم‪ " :‬أحلت لنا ميتتاف كدماف أما الميتتاف‬
‫فالجراد كالحوت "‪ .‬كمثل قولو تعالى‪{ :‬كيسألونك عن المحيض قل ىو أذل فاعتزلوا‬
‫النساء في المحيض كال تقربوىن حتى يطهرف} خص بما ركم عن عائشة كأـ سلمة‬
‫أنو صلى اهلل عليو كسلم كاف يأمر بعض أزكاجو أف تشد إزارىا فيباشرىا كىي حائض‪.‬‬

‫كذلك قولو صلى اهلل عليو كسلم‪ " :‬ال يرث القاتل "‪ ،‬كقولو‪ " :‬ال يرث المسلم الكافر‬
‫وصي يك يم اللاوي فًي أ ٍىكىال ًد يك ٍم)‪.‬‬
‫كال الكافر المسلم "‪ ،‬حيث كردا مخصصين لقولو تعالى‪( :‬ي ً‬
‫ي‬
‫ككقوعو في رجم ماعز بن مالك ك الغامدية ك اليهوديين فإنو خصص قولو تعالى‪:‬‬
‫اح ود ًم ٍنػ يه ىما ًمائىةى ىج ٍل ىدةو) فأصبحت اآلية قاصرة على الزاني‬
‫(ال ازانًيةي كال ازانًي فىاجلً يدكا يك ال ك ً‬
‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى ى‬
‫البكر‪ ،‬كالزانية البكر‪.‬‬
‫جػ‪ /‬كإما آية تخصص عموـ حديث مثل قولو صلى اهلل عليو كسلم‪ " :‬ما أبين من ح ًي‬
‫فهو ميت " خص بقولو تعالى‪ " :‬كمن أصوافها كأكبارىا كأشعارىا أثاثان كمتاعاى إلى حين‬
‫"‪ .‬كمثل قولو صلى اهلل عليو كسلم‪ " :‬إذا التقى المسلماف بسيفيهما فالقاتل كالمقتوؿ‬
‫في النار" خص بقولو تعالى‪{ :‬فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر اهلل} ‪.‬‬
‫د‪ /‬كإما حديث يخصص عموـ حديث مثل قولو صلى اهلل عليو كسلم‪" :‬فيما سقت‬
‫السماء العشر" خص بقولو صلى اهلل عليو كسلم‪ " :‬ليس فيما دكف خمسة أكسق‬
‫صدقة"‪.‬‬

‫يحسن التنبيو كذلك على أنو يجوز تخصيص الكتاب كالسنة بتقرير النبي ‪ -‬صلى اهلل‬
‫عليو كسلم ‪ ،-‬ألف تقرير النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬لذلك الواحد على ذلك‬
‫الفعل كسكوتو عن اإلنكار عليو دليل على جواز ذلك الفعل ‪ -‬مثبلن ‪ ،-‬كىو مقابل‬
‫بالنص العاـ من الكتاب أك السنة‪ ،‬فهما دليبلف قد ثبتا‪ ،‬فيجب في ىذه الحالة العمل‬
‫بالخاص كما بقي بعد التخصيص؛ جمعان بين الدليلين‪ ،‬كىو أكلى من إبطاؿ أحدىما‬
‫بالكلية‪.‬‬

‫ثانيان‪ :‬اإلجماع‪ ،‬مثل قولو تعالى‪{ :‬يوصيكم اهلل في أكالدكم للذكر مثل حظ األنثيين}‬
‫خص منو الولد الرقيق با ًإلجماع كمنو تخصيص العمومات المانعة من الغرر باإلجماع‬
‫على جواز المضاربة‪.‬‬

‫اإلجماع ييخصص العاـ من الكتاب كالسنة؛ ألف اإلجماع أكلى من عاـ الكتاب كالسنة؛‬
‫ألنو نص‪ ،‬كالنص قابل للتأكيل‪ ،‬كاإلجماع غير قابل لو‪ ،‬فيكوف اإلجماع أقول كالقوم‬
‫يخصص الضعيف كلوقوعو‪.‬‬
‫ثالثان‪ :‬القياس‪ ،‬مثل قولو تعالى‪{ :‬الزانية كالزاني فاجلدكا كل كاحد منهما مائة جلدة}‬
‫فإف عموـ الزانية خص بالنص كىو قولو تعالى في اإلماء‪{ :‬فإف أتين بفاحشة فعليهن‬
‫نصف ما على المحصنات من العذاب} كأما عموـ الزاني فهو مخصص بقياس العبد‬
‫على األمة لعدـ الفارؽ‪.‬‬

‫القياس يخصص العاـ من الكتاب كالسنة؛ ألف الخاص من القياس‪ ،‬كالعاـ من الكتاب‬
‫كالسنة دليبلف قد ثبتا‪ ،‬كال يمكن أف نقدـ العاـ على الخاص؛ ألنو يلزـ منو إلغاء‬
‫الخاص بالكلية كىذا ال يجوز‪ ،‬أما تقديم الخاص فبل يوجب ذلك‪ ،‬بل فيو عمل‬
‫بالخاص كعمل بما بقي بعد التخصيص‪ ،‬كىذا فيو جمع بين الدليلين‪.‬‬

‫رابعان‪ :‬الحس‪ ،‬كمن أمثلتو قولو تعالى‪{ :‬تجبى إليو ثمرات كل شيء} كقولو عن ملكة‬
‫سبأ‪{ :‬كأكتيت من كل شيء} فإف المشاىد في مكة حرسها اهلل أنها ال تجبى إليها‬
‫جميع الثمار على اختبلفها كتنوعها ككذلك بلقيس لم تؤت البعض من كل شيء‪.‬‬

‫التخصيص بالحس ‪ -‬كىو‪ :‬الدليل المأخوذ من أحد الحواس الخمس كىي‪ :‬البصر‪،‬‬
‫كالسمع‪ ،‬كاللمس‪ ،‬كالذكؽ‪ ،‬كالشم ‪ -‬ىذا جائز‪ ،‬لوقوعو‪ ،‬كالوقوع دليل الجواز كما‬
‫أسلف المؤلف‪.‬‬
‫اص ًو بًبىػ ٍع ً‬
‫س بًا ٍختًص ً‬ ‫وـ ي ٍشه يد ال ً‬ ‫و‬
‫ض ىما‬ ‫ى‬ ‫ٍح ُّ‬ ‫ش ٍرعي بًعي يم ى ى‬ ‫قاؿ اإلماـ الشوكاني ‪ « :‬فىًإذىا ىكىر ىد ال ا‬
‫ت ًم ٍن‬ ‫ً‬ ‫اشتمل علىي ًو الٍعموـ‪ ،‬ىكاف ذىلًك مخص ً ً‬
‫{كأيكتًيى ٍ‬
‫صا للٍعي يموـ‪ ،‬قىاليوا‪ :‬ىكم ٍنوي قىػ ٍوليوي تىػ ىعالىى‪ :‬ى‬ ‫ٍىى ى ى ٍ يي ي ى ى ي ى ن‬
‫ض ٍاألى ٍشيى ًاء‪ ،‬الاتًي ًم ٍن يج ٍملىتً ىها ىما ىكا ىف فًي يى ًد يسلىٍي ىما ىف‪،‬‬ ‫يكل ىش ٍيء} ىم ىع أىناػ ىها لى ٍم تيػ ٍؤ ى‬
‫ت بىػ ٍع ى‬
‫ات يكل ىش ٍي وء}‪.‬‬ ‫كذلك قولو‪{ :‬تي ىدم ير يك ال ىش ٍي وء بًأ ٍىم ًر ىربػ ىها} كقولو‪{ :‬يي ٍجبىى إًلىٍي ًو ثى ىم ىر ي‬
‫وص‪،‬‬
‫ص ي‬ ‫وص ىك يى ىو يخ ي‬ ‫ص ي‬ ‫اؿ ال ازٍرىك ًش ُّي‪ :‬ىكفًي ىعد ىى ىذا نىظىهر؛ ًألىناوي ًم ىن ال ىٍعاـ الا ًذم أي ًري ىد بً ًو ال ي‬
‫ٍخ ي‬ ‫قى ى‬
‫وص‪.‬‬‫ص ً‬ ‫ً‬ ‫ً ًً‬
‫يح ىال م ىن ال ىٍعاـ ال ىٍم ٍخ ي‬
‫ىما أيكتيىٍتوي ىىذه ىك ىد ام ىرتٍوي الر ي‬
‫يص بًال ىٍع ٍق ًل‪ ،‬ىكيىػ ٍنبى ًغي طىٍر يدهي‪.‬‬
‫ص ً‬ ‫سابً ىق فًي التا ٍخ ً‬ ‫ؼ ال ا‬ ‫ٍخ ىبل ى‬ ‫اؿ‪ :‬كلىم يح يكوا ال ً‬
‫قى ى ى ٍ ى ٍ‬
‫يل الٍع ٍق ًل؛ ًألى اف أىصل الٍعلي ً‬ ‫ً‬ ‫م فًي تىػ ٍف ًر ًيق ًهم بػين ىدلً ً ً‬
‫وـ يكل ىها‬ ‫ٍى ي‬ ‫يل الٍحس ىك ىدل ً ى‬ ‫ٍ ىٍ ى‬ ‫ع ال ىٍع ٍب ىد ًر ُّ‬‫از ى‬
‫ىكنى ى‬
‫يل ال ىٍع ٍق ًل‪،‬‬‫ٍحس يىػل ىٍزيموي ًمثٍػليوي فًي ىدلً ً‬
‫يل ال ً‬‫اؾ أى اف ىما ذى ىك ىرهي ال ازٍرىك ًش ُّي فًي ىدلً ً‬
‫‪.‬كىال يى ٍخ ىف ى‬ ‫سى‬ ‫ٍح ُّ‬‫ال ً‬
‫{كلًلا ًو ىعلىى الن ً‬
‫ااس ًح ُّج‬ ‫ً‬
‫اؿ لىوي‪ :‬إً اف قىػ ٍولىوي تىػ ىعالىى‪{ :‬اللاوي ىخال يق يكل ىش ٍيء} كقولو‪ :‬ى‬ ‫فىػييػ ىق ي‬
‫وص‪ ،‬ىكإًاال فى ىما الٍ ىف ٍر يؽ‬
‫ص ً‬ ‫ً‬ ‫الٍبىػ ٍيت} ًم ىن ال ىٍعاـ الا ًذم أي ًري ىد بً ًو ال ي‬
‫وص‪ ،‬ىال م ىن ال ىٍعاـ ال ىٍم ٍخ ي‬
‫ص ي‬ ‫ٍخ ي‬
‫بىػ ٍي ىن شهادة العقل كشهادة الحس‪ ».‬انتهى‬

‫خامسان‪ :‬العقل‪ ،‬كمن أمثلتو قولو تعالى‪{ :‬اهلل خالق كل شيء} فإف العقل دؿ على أف‬
‫ذات الرب جل جبللو مع صفاتو غير مخلوقة كإف كاف لفظ الشيء يتناكلو كما في‬
‫قولو تعالى‪{ :‬كل شيء ىالك إال كجهو} ‪.‬‬

‫ت)‪ ،‬فالعقل‬ ‫ى‬ ‫(كلًلا ًو ىعلىى الن ً‬


‫ااس ًح ُّج الٍبػ ٍي ً‬
‫التخصيص بالعقل جائز؛ لوقوعو في قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫اقتضى بنظره عدـ دخوؿ الصبي كالمجنوف بالتكليف بالحج‪ ،‬لعدـ فهمهما‪ ،‬كالوقوع‬
‫دليل الجواز‪.‬‬
‫فوائد متنوعة‪:‬‬
‫الفائدة األكلى‪:‬‬
‫مفهوـ الموافقة كالمخالفة يخصصاف العاـ من الكتاب كالسنة؛ ألف الخاص من مفهوـ‬
‫الموافقة كالمخالفة‪ ،‬كالعاـ من الكتاب كالسنة‪ ،‬دليبلف قد ثبتا كتعارضا ظاىران‪ ،‬فيجب‬
‫أف نعمل بالخاص كما بقي بعد التخصيص؛ جمعان بين الدليلين‪ ،‬كىذا أكلى من إبطاؿ‬
‫أحدىما بالكلية‪.‬‬
‫كمثاؿ التخصيص بمفهوـ الموافقة‪ :‬لو قاؿ شخص‪ " :‬كل من دخل دارم فاضربو "‪،‬‬
‫ثم قاؿ‪ " :‬إف دخل زيد فبل تقل لو أؼ "‪ ،‬فإف مفهوـ ذلك يدؿ على تحريم ضرب‬
‫زيد‪ ،‬كإخراجو من العموـ‪.‬‬
‫كمثاؿ التخصيص بمفهوـ المخالفة قولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬في أربعين شاة‬
‫شاة "‪ ،‬قد خصص بمفهوـ قولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬في سائمة الغنم الزكاة "‪،‬‬
‫فتكوف الزكاة كاجبة في الغنم السائمة فقط‪ ،‬أما المعلوفة فتخرج عن الوجوب‪ ،‬كالذم‬
‫أخرجها المفهوـ‪.‬‬
‫الفائدة الثانية‪:‬‬
‫الراجح عندم أف قوؿ الصحابي كفعلو كمذىبو ال يخصص العموـ؛ ألف العاـ دليل‬
‫ظاىر فيما اقتضاه من التعميم‪ ،‬كلم يوجد لو ما يصلح أف يكوف معارضان لو سول فعل‬
‫الصحابي أك قولو كىو غير صالح لمعارضتو؛ حيث إف فعلو غير مستند إلى نص يدؿ‬
‫على أف المراد بذلك العاـ الخاص‪ ،‬بل يكوف مستندان إلى ما يظنو دليبلن أقول منو‪:‬‬
‫فيحتمل أف يكوف دليبلن كيحتمل أف يكوف غير دليل‪ ،‬كإذا قدرنا كونو دليبلن فيحتمل أف‬
‫يكوف أقول من العموـ‪ ،‬كيحتمل أف ال يكوف‪ ،‬كىذه االحتماالت متساكية‪ ،‬كال مرجح‪،‬‬
‫أما العاـ فهو دليل ال يحتمل شيئان‪ ،‬فيقدـ غير المحتمل على المحتمل‪ ،‬كعليو فبل‬
‫يقول قوؿ الصحابي كمذىبو كفعلو على تخصيص العاـ من الكتاب كالسنة‪.‬‬
‫الفائدة الثالثة‪:‬‬
‫العيرؼ ال يخصص العاـ؛ ألف أفعاؿ الناس كعاداتهم كأعرافهم ال تكوف حجة على‬
‫الشرع‪ ،‬فيبقى اللفظ على عمومو كال يوجد لو معارض‪ ،‬كالعادات كاألعراؼ ال تصلح‬
‫أف تكوف معارضة‪ ،‬فوجب العمل بعموـ اللفظ‪.‬‬
‫الفائدة الرابعة‪:‬‬
‫لم يتطرؽ المؤلف إلى مبحث المطلق ك المقيد كىو مهم جدا لطالب العلم ك يقبح‬
‫الجهل بو ك يمكن تلخيصو كاآلتي‪:‬‬
‫المطلق لغة ‪ :‬ضد المقيد ‪.‬كاصطبلحا ‪ :‬ما دؿ على الحقيقة ببل قيد ‪ .‬فخرج بقولنا ‪:‬‬
‫« ما دؿ على الحقيقة »‪ ،‬ألنو يدؿ على العموـ ‪ ،‬ال على مطلق الحقيقة فقط ‪.‬كخرج‬
‫بقولنا ‪ « :‬ببل قيد » المقيد ‪ .‬كقولو ‪ « :‬ما دؿ على الحقيقة ببل قيد » ‪:‬أم ‪ :‬ال يدؿ‬
‫على حقيقة الشيء فقط ببل قيد مثل ‪ :‬إنساف ‪ ،‬حيواف ‪ ،‬درىم ‪ ،‬دينار ‪ ،‬بيت ‪ ،‬دار‬
‫‪.........‬كما أشبو ذلك ‪ .‬كل ذلك نسميو « مطلقا ألنو يدؿ على حقيقة ببل قيد »‬
‫‪.‬كقولو – تعالي ‪( :-‬فتحرير رقبة من قبل أف يتماسا ( المطلق ىنا ‪ :‬قولو ‪ ( :‬رقبة (‬
‫ألنها تصدؽ لواحد ‪ ،‬فلو عتقت رقبة كاحده صرت ممتثبل لؤلمر فكلمة (رقبة( ىنا من‬
‫باب المطلق ‪ ،‬كليس من باب العاـ ألنو ال يلزمني أف اعتق جميع الرقاب ‪ ،‬كالفرؽ بين‬
‫العاـ كالمطلق أف عموـ العاـ شمولي كعموـ المطلق بدلي ‪.‬ك أما المقيد لغة ‪ :‬ما جعل‬
‫فيو قيد من بعير كنحوه ‪.‬ك اصطبلحا ‪ :‬ما دؿ على الحقيقة بقيد ‪ .‬كاللفظ إذا كرد‬
‫مطلقا كلم يرد تقييده أك كرد مقيدا كلم يرد إطبلقو فبل محل لبحثو ىنا ‪ ،‬كإنما محل‬
‫البحث ىنا عند كركد اللفظ مطلقا مرة ‪ ،‬كمقيدا مرة أخرم ‪ ،‬كقولو ‪ « :‬فتحرير رقبة »‬
‫كقولو ‪ «:‬فتحرير رقبة مؤمنة » ‪.‬‬
‫ك من المسائل المهمة المتعلقة بهذا المبحث ىي أقساـ المطلق ك المقيد ك لها‬
‫حاالت أربع‪:‬‬
‫ُ‪/‬أف يتحد حكمها كسببها ‪ ،‬كالصوـ في كفارة اليمين ‪ ،‬فقد كرد فيو نص مطلق كىو‬
‫قولو ‪ ( :‬فصياـ ثبلثة أياـ ( ككرد فيو نص مقيد كىو قراءة ابن مسعود ‪«:‬فصياـ ثبلثة‬
‫أياـ متتابعة » فالجمهور على أنو يجب في ىذا القسم حمل المطلق على المقيد‬
‫كتقييده بقيده ‪ ،‬كنسب الشيخ الموفق ابن قدامة إلي أبي حنيفة أنو ال يحمل المطلق‬
‫على المقيد ىنا بدعول أف القيد زيادة على النص ‪ ،‬كالزيادة على النص نسخ عنده ‪.‬‬
‫ِ‪/‬أف يتحد الحكم كيختلف السبب ‪ ،‬كالعتق في كفارة الظهار كالقتل ‪ ،‬فقد قيدت‬
‫الرقبة في كفارة القتل باإليماف ‪ ،‬كأطلقت في الظهار ‪ ،‬كالحكم متحد كىو عتق الرقبة‬
‫كالسبب مختلف كىو الظهار كالقتل ‪.‬‬
‫كقد ركم عن أحمد – رحمو اهلل – كأكثر الحنفية كبعض الشافعية ‪ :‬أنو ال يحمل‬
‫المطلق على المقيد ىنا إلمكاف العمل بكل كاحد مهما ‪.‬‬
‫كقاؿ قوـ ‪ :‬يحمل عليو ‪.‬‬
‫ّ‪/‬أف يختلف الحكم كيتحد السبب ‪ ،‬كالصوـ كالعتق كاإلطعاـ في كفارة الظهار‬
‫فالصوـ كالعتق قيد بقولو ‪ ( :‬من قبل أف يتماسا ( كأطلق اإلطعاـ فلم يقيد بهذا القيد‬
‫كالسبب كاحد ‪.‬‬
‫كمذىب عامة أىل العلم على أنو ال يحمل المطلق على المقيد ىنا ألف فائدة حمل‬
‫المطلق على المقيد اتحاد الحكم كالتخلص من تعدده كتعارضو اللذين ىما على‬
‫خبلؼ األصل ‪ ،‬فإذا كاف حكمهما مختلفا امتنعت الفائدة من حمل المطلق على‬
‫المقيد ‪.‬‬
‫كذىب بعض أىل العلم إلي أنو يحمل المطلق على المقيد ىنا ‪ ،‬فقيدكا اإلطعاـ في‬
‫الظهار بكونو قبل المسيس نظرا التحاد السبب ‪.‬‬
‫ْ‪/‬أف يختلف الحكم كالسبب كاليد في الوضوء ‪ ،‬كردت مقيدة بالمرافق ‪ ،‬كاليد في‬
‫السرقة كردت مطلقة ‪ ،‬كالحكم مختلف كىو الغسل كالقطع ‪ ،‬كالسبب مختلف كىو‬
‫الوضوء كالسرقة ‪.‬‬
‫كىذا القسم انعقد إجماع أىل العلم على أنو ال يحمل فيو المطلق على المقيد ‪.‬‬
‫ك من المباحث المتعلقة بالمطلق أنو يكوف في أمور ىي‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬يكوف في معرض األمر‪ ،‬كقولك‪ " :‬أعتق رقبة "‪ ،‬أك " أعط طالبان جائزة "‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬يكوف في مصدر األمر‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬فىػتى ٍح ًر يير ىرقىػبى وة)‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬يكوف في مصدر الخبر عن المستقبل‪ ،‬كقولو عليو السبلـ‪ " :‬ال نكاح إال بولي‬
‫"‪ ،‬كقولك‪ " :‬سأعتق رقبة "‪.‬‬
‫ك ليعلم طالب العلم أف المقيد يكوف في أمرين ىما‪ :‬األكؿ‪ :‬يكوف في األلفاظ الدالة‬
‫على مدلوؿ معيان‪ ،‬أك ما تناكؿ معينان كزيد كىذا الرجل‪.‬الثاني‪ :‬يكوف في األلفاظ الدالة‬
‫على غير معين‪ ،‬كلكنو موصوؼ بوصف زائد على مدلوؿ المطلق‪ ،‬كقولو تعالى‪:‬‬
‫(فىػتى ٍح ًر يير ىرقىػبى وة يم ٍؤًمنى وة) ك ليعلم كذلك أف مقيدات المطلق ىي مخصصات العموـ‬
‫المتصلة كالمنفصلة ‪ -‬السابقة الذكر ‪ ،-‬فعلى ىذا‪ :‬فإنو يجوز تقييد مطلق الكتاب‬
‫بالكتاب‪ ،‬كبالسنة‪ ،‬كمطلق السنة بالسنة كالكتاب‪ ،‬كتقييد مطلق الكتاب كالسنة‬
‫باإلجماع‪ ،‬كالقياس‪ ،‬كالمفاىيم كنحو ذلك‪.‬‬
‫الفائدة الخامسة متعلقة بالحركؼ المعاني‬
‫جرت عادة األصوليين أف يفردكا بابا خاصا بالحركؼ المعاني في مبحث األلفاظ كىذا‬
‫ذكر ألىم ما كرد في ذلك‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ عبد الكريم النملة رحمو اهلل ‪:‬‬
‫« " الواك " تأتي للمعاني التالية‪:‬‬
‫أكالن‪ :‬أنها تأتي عاطفة‪ ،‬كىي لمطلق الجمع من غير إشعار بخصوصية المعية أك‬
‫الترتيب‪ .‬فالواك تدؿ على جمع المعطوؼ ك المعطوؼ عليو في حكم كاحد من غير‬
‫مبلحظة حصولهما معان‪ ،‬أك أف أحدىما قبل اآلخر‪ ،‬فإذا كجد ترتيب أك معياة فإنما ىو‬
‫من خارج داللة الواك؛ ألف أىل اللغة يستعملوف الواك في أبنية يمتنع فيها الترتيب‬
‫كقولهم‪ " :‬تقاتل زيد كعمرك "‪ ،‬فلو كانت للترتيب لما حسن ىذا‪ ،‬حيث ال ترتيب فيو‪،‬‬
‫ككذلك قولهم‪ " :‬جاء زيد كعمرك قبلو "‪ ،‬فلو كانت للترتيب‪ :‬للزـ التناقض‪.‬‬
‫كألنو لو قاؿ قائل‪ " :‬رأيت زيدان كعمران "‪ ،‬فإنو يسبق إلى فهم السامع أنو رآىما معان‪،‬‬
‫كال يسبق إلى فهمو أنو رأل زيدان قبل عمرك‪ ،‬كسبق الفهم يدؿ على الحقيقة‪ ،‬فبل تكوف‬
‫الواك للترتيب حقيقة‪.‬‬
‫كبناء على ذلك‪ :‬فإف الزكج لو قاؿ‪ " :‬إف دخلت الدار ككلمت زيدان فأنت طالق "‪ ،‬فإنو‬
‫ال يقع الطبلؽ حتى تدخل كتكلم‪ ،‬كال فرؽ في أيهما المقدـ‪.‬‬
‫ثانيان‪ :‬أف الواك تأتي بمعنى " مع "‪ ،‬مثل‪ " :‬سرت كالليل "‪.‬‬
‫س ًاء‬ ‫ً‬
‫اب لى يك ٍم م ىن الن ى‬
‫ً‬
‫ثالثان‪ :‬أف الواك تأتي بمعنى " أك "‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬فىانٍك يحوا ىما طى ى‬
‫اع)‪.‬‬
‫ث ىكيربى ى‬‫ىمثٍػنىى ىكثيىبل ى‬
‫اس يخو ىف فًي‬
‫رابعان‪ :‬أف الواك تأتي لبلستئناؼ‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬كما يػ ٍعلىم تىأٍ ًكيلىوي إًاال اللاوي كال ار ً‬
‫ى‬ ‫ىى ى ي‬
‫ال ًٍعل ًٍم يىػ يقوليو ىف)‪.‬‬
‫خامسان‪ :‬تأتي الواك بمعنى " رب " كقوؿ الشاعر‪:‬‬
‫كبلدة ليس بها أنيس‪ . . .‬إال اليعافير كإال العيس‬
‫أم‪ :‬كرب بلدة‪.‬‬
‫سادسان‪ :‬تأتي الواك للقسم‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬كالٍ ىف ٍج ًر (ُ) كلىيى و‬
‫اؿ ىع ٍش ور (ِ))‪.‬‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫سابعان‪ :‬تأتي الواك بمعنى الحاؿ‪ ،‬كقولك‪ " :‬جاء زيد كىو يضحك "‪.‬‬
‫كإذا أطلقت الواك فإنها تكوف عاطفة متضمنة مطلق الجمع‪ ،‬كال تستعمل في غير ذلك‬
‫من المعاني إال بقرينة‪.‬‬
‫" الفاء " تأتي للمعاني اآلتية‪:‬‬
‫أكالن‪ :‬أنها تأتي عاطفة‪ ،‬كىي للترتيب كالتعقيب؛ حيث إنها تفيد لغة‪ :‬إف ما بعدىا ثبت‬
‫لو الحكم بعد ثبوتو لما قبلها من غير مهلة‪ ،‬فإذا قلت‪ " :‬جاء زيد فعمرك"‪ ،‬أفاد ىذا‪:‬‬
‫أف عمران ثبت لو المجيء بعد مجيء زيد من غير تراخ بينهما في الزماف‪.‬‬
‫كالوقوع ىذا دؿ على أنها للترتيب‪ ،‬كدؿ على أنها للتعقيب كقوعها في جواب الشرط‬
‫كقولك‪ " :‬إف دخلت الدار فأنت طالق "‪ ،‬فالطبلؽ يقع بعد الدخوؿ مباشرة‪.‬‬
‫كبناء على ىذا‪ :‬فإنو لو قاؿ الزكج‪ " :‬إف دخلت ىذه الدار فدخلت ىذه الدار األخرل‬
‫فأنت طالق "‪ ،‬فإنو يلزـ أنها ال تطلق حتى تدخل الدار األكلى قبل الثانية‪ ،‬فلو عكست‬
‫لم تطلق؛ ألف الفاء للترتيب‪.‬‬
‫ثانيان‪ :‬تأتي الفاء بمعنى " الواك "‪ ،‬كقوؿ امرئ القيس‪:‬‬
‫بسقط اللول بين الدخوؿ فحومل‬
‫كالفاء عند التجرد تستعمل حقيقة في العطف كالترتيب‪ ،‬كالتعقيب‪ ،‬كال تستعمل في‬
‫غيره إال بقرينة‪.‬‬
‫" ثم "‪ :‬تفيد التشريك في الحكم بين المعطوؼ كالمعطوؼ عليو‪ ،‬كالترتيب بينهما‬
‫بمهلة كقولك‪ " :‬جاء زيد ثم عمرك "‪ ،‬دؿ على ذلك االستقراء كالتتبع لكبلـ العرب‪،‬‬
‫شأٍنىاهي ىخ ٍل نقا ى‬
‫آخ ىر)‪.‬‬ ‫كاالستعماؿ كقولو تعالى‪( :‬ثي ام أىنٍ ى‬
‫كبناء على ذلك‪ :‬فإنو إذا قاؿ‪ " :‬كقفت على أكالدم ثم على أكالدىم "‪ ،‬فإنو ال‬
‫يستحق أحد من البطن الثاني مع كجود أحد من البطن األكؿ‪.‬‬
‫" أك " تأتي للمعاني التالية‪:‬‬
‫أكالن‪ :‬أنها تفيد أحد الشيئين أك األشياء‪ ،‬كىي تقع بين اسمين‪ ،‬كقولك‪ " :‬جاء زيد أك‬
‫عمرك "‪ ،‬كبين فعلين كقولك‪ " :‬يخط ىذا الثوب أك ابن ىذا الجدار "‪.‬‬
‫ثانيان‪ :‬أنها تأتي للشك‪ ،‬كىي المختصة بالخبر‪ ،‬كقولك‪ " :‬جاء زيد أك عمرك "‪ ،‬دؿ‬
‫ض يىػ ٍووـ)‪.‬‬
‫على ذلك االستقراء لكبلـ العرب‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬لىبًثٍػنىا يىػ ٍونما أ ٍىك بىػ ٍع ى‬
‫ثالثان‪ :‬أنها تأتي لئلباحة‪ ،‬كقولك‪ " :‬جالس الفقهاء أك األدباء "‪.‬‬
‫رابعان‪ :‬أنها تأتي للتخيير‪ ،‬كىي التي يمتنع فيو الجمع‪ ،‬كقولك‪ " :‬تزكج ىندان أك أختها "‪،‬‬
‫أما اإلباحة فيجوز الجمع بينهما‪.‬‬
‫خامسان‪ :‬أنها تأتي بمعنى " الواك " فتكوف لمطلق الجمع‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬إًاال لًبيػعيولىتً ًه ان أ ٍىك‬
‫آبىائً ًه ان)‪.‬‬
‫سادسان‪ :‬أنها تأتي لئلضراب‪ ،‬بمعنى " بل "‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬كأ ٍىرسلٍنىاهي إًلىى ًمائىًة أىل و‬
‫ٍف أ ٍىك‬ ‫ى ى‬
‫يى ًزي يدك ىف (ُْٕ))‪ ،‬أم‪ :‬بل يزيدكف‪.‬‬
‫سابعان‪ :‬أنها تأتي بمعنى " إال "‪ ،‬كقولك‪ " :‬ألقتلن الكافر أك ييسلم "‪ ،‬أم‪ :‬إال أف يسلم‪.‬‬
‫ثامنان‪ :‬أنها تأتي بمعنى " إلى "‪ ،‬كقولك‪ " :‬أللزمنك أك تقضيني حقي "‪.‬‬
‫تاسعان‪ :‬أنها تأتي للتقسيم بين األشياء‪ ،‬كقولك‪ " :‬الكلمة اسم أك فعل أك حرؼ "‪.‬‬
‫كاألصل في‪ " :‬أك " ىو المعنى األكؿ كىي‪ :‬تفيد أحد الشيئين أك األشياء‪ ،‬فإف كانت‬
‫في أمر أفادت التخيير بينهما‪ ،‬كإف كانت في نهي أفادت العموـ‪ ،‬كحظر كل كاحد‬
‫منهما منفردان أك ىما معان مجتمعين‪ ،‬كقولك‪ " :‬ال تكلم زيدان أك عمران " كال تفيد غير‬
‫ذلك من المعاني إال بقرينة‪.‬‬
‫ك بناء على ذلك‪ :‬فلو قاؿ في النفي‪ " :‬كاهلل ال أكلم زيدان أك عمران "‪ ،‬فإنو لو كلام‬
‫كاحدان منهما أك كلمهما معان‪ :‬حنث‪.‬‬
‫كلو قاؿ في اإلثبات‪ " :‬كاهلل ألدخلن ىذه أك ىذه الدار " ب ار بدخوؿ إحدل الدارين‪.‬‬
‫" الباء " تأتي للمعاني التالية‪:‬‬
‫أكالن‪ :‬أنها تأتي لئللصاؽ‪ ،‬كىو‪ :‬إضافة الفعل إلى االسم فيلصق بو بعد ما كاف ال يضاؼ‬
‫إليو لوال دخولها‪ ،‬كىو قسماف‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬إلصاؽ حقيقي‪ ،‬كقولك‪ " :‬مسحت برأسي "‪ ،‬ك " مسكت بالقلم "‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬إلصاؽ مجازم‪ ،‬كقولك‪ " :‬مررت بزيد "‪.‬‬
‫ثانيان‪ :‬أنها تأتي بمعنى االستعانة‪ ،‬كىي‪ :‬الداخلة على آلة الفعل‪ ،‬كقولك‪ " :‬قطعت‬
‫بالسكين "‪.‬‬
‫ثالثان‪ :‬تأتي بمعنى المصاحبة‪ ،‬كىي التي يصلح في موضعها " مع "‪ ،‬كقولك‪ " :‬جاء زيد‬
‫بسبلحو "‪.‬‬
‫رابعان‪ :‬تأتي بمعنى البدؿ كقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬لقد شهدت في دار عبد‬
‫اهلل بن جدعاف حلفان ما أحب أف لي بو حمر النعم "‪ ،‬أم‪ :‬ما أحب أف يكوف لي بديبلن‬
‫عنو حمر النعم‪.‬‬
‫اسأ ٍىؿ بً ًو ىخبً نيرا)‪.‬‬
‫خامسان‪ :‬تأتي بمعنى " عن " التي للمجاكزة‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬فى ٍ‬
‫سادسان‪ :‬تأتي للقسم‪ ،‬كقولك‪ " :‬باهلل ألقومن "‪.‬‬
‫إلي‪.‬‬
‫سابعان‪ :‬تأتي بمعنى " إلى "‪ ،‬كقولك‪ " :‬قد أحسن بي "‪ ،‬أم‪ :‬ا‬
‫اب من إً ٍف تىأٍم ٍنو بًًق ٍنطىا ور يػ ىؤدهً‬ ‫ً‬ ‫ثامنان‪ :‬تأتي بمعنى " على " كقولو تعالى‪ً :‬‬
‫ي‬ ‫ىي‬ ‫(كم ٍن أ ٍىى ًل الٍكتى ً ى ٍ‬
‫ى‬
‫ك) أم‪ :‬على قنطار‪.‬‬ ‫إًلىٍي ى‬
‫(كإًنا يك ٍم لىتى يم ُّرك ىف ىعلىٍي ًه ٍم‬
‫تاسعان‪ :‬أنها تأتي بمعنى " في " الظرفية الزمانية‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ً‬ ‫م ًٍ ً‬
‫ين (ُّٕ) ىكباللاٍي ًل)‪ ،‬أم‪ :‬كفي الليل‪ ،‬كالظرفية المكانية كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫(كلىىق ٍد‬ ‫صبح ى‬ ‫ي‬
‫ص ىريك يم اللاوي بًبى ٍد ور ىكأىنٍػتي ٍم أ ًىذلاةه) أم‪ :‬في بدر‪.‬‬
‫نى ى‬
‫ىخ ٍذنىا بً ىذنٍبً ًو) أم‪ :‬بسبب ذنبو‪.‬‬ ‫عاشران‪ :‬أنها تأتي بمعنى السبب كقولو تعالى‪( :‬فى يك ابل أ ى‬
‫كاألصل في استعماؿ " الباء " ىو األكؿ كىو‪ :‬أنها لئللصاؽ كال تستعمل في غيره من‬
‫المعاني إال بقرينة‪.‬‬
‫" البلـ " كتأتي للمعاني التالية‪:‬‬
‫أكالن‪ :‬تأتي لبلختصاص حقيقة؛ كتستعمل للملك مجازان؛ ألمرين‪:‬‬
‫أكلهما‪ :‬أف االختصاص معنى عاـ لجميع موارد استعمالها‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬أف الملك اختصاص‪ ،‬كليس كل اختصاص ملكان‪ ،‬أم‪ :‬كل مالك مختص‬
‫بملكو‪ ،‬مثاؿ ذلك‪ " :‬الماؿ لزيد "‪ ،‬ك " الباب للمسجد "‪.‬‬
‫ثانيان‪ :‬أنها تأتي للملك‪ ،‬كقولك‪ " :‬ىذا الماؿ لزيد "‪.‬‬
‫ثالثان‪ :‬أنها تأتي لبلستحقاؽ‪ ،‬كقولك‪ " :‬النار للكافرين " كالفرؽ بين االختصاص‪،‬‬
‫كاالستحقاؽ‪ ،‬كالملك ىو‪ :‬أف ما صح أف يقع فيو التملك‪ ،‬كأضيف إليو ما ليس‬
‫بمملوؾ لو فالبلـ معو الـ االختصاص‪ ،‬كقولك‪ " :‬الباب للمسجد "‪ ،‬أما ما ال يصح لو‬
‫التملك فالبلـ معو الـ االستحقاؽ كقولك‪ " :‬النار للكافرين "‪ ،‬أما ما عدا ذلك فالبلـ‬
‫الـ الملك‪.‬‬
‫رابعان‪ :‬أنها تأتي للتعدية‪ ،‬كقولك‪ " :‬ما أضرب زيدان لعمر "‪.‬‬
‫آؿ فً ٍر ىع ٍو ىف لًيى يكو ىف لى يه ٍم ىع يد اكا‬
‫خامسان‪ :‬أنها تأتي للصيركرة‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬فىالٍتىػ ىقطىوي ي‬
‫ىك ىح ىزنا)‪ ،‬أم‪ :‬ليصير لهم‪ ،‬كىذا عند البصريين‪.‬‬
‫سادسان‪ :‬أنها تأتي للتعليل‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬لًني ٍحيً ىي بً ًو بىػ ٍل ىدةن ىم ٍيتنا)‪.‬‬
‫كالفرؽ بينهما‪ :‬أف الـ التعليل تأتي للتعليل‪ ،‬كالترتيب‪ ،‬أما الـ الصيركرة‪ ،‬فليس فيها إال‬
‫الترتيب‪.‬‬
‫ط لًيىػ ٍوًـ ال ًٍقيى ىام ًة)‪،‬‬
‫ين ال ًٍق ٍس ى‬
‫ض يع ال ىٍم ىوا ًز ى‬
‫(كنى ى‬
‫سابعان‪ :‬أنها تأتي بمعنى " في "‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫أم‪ :‬في يوـ القيامة‪.‬‬
‫ثامنان‪ :‬أنها تأتي بمعنى " من " كقولك‪ " :‬سمعت لو صراخان " أم‪ :‬منو‪.‬‬
‫تاسعان‪ :‬أنها تأتي بمعنى " على "‪ ،‬كقوؿ الرسوؿ ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬لعائشة لما‬
‫أرادت شراء بريرة كإعتاقها‪ " :‬خذيها كاشترطي لهم الوالء‪ ،‬فإف الوالء لمن أعتق "‪،‬‬
‫أم‪ :‬اشترطي عليهم‪.‬‬
‫عاشران‪ :‬أنها تأتي بمعنى التمليك‪ ،‬كقولك‪ " :‬كىبت لزيد ديناران "‪ ،‬أم‪ :‬ملاكت الدينار‬
‫زيدان‪.‬‬
‫ك أ ٍىك ىحى لى ىها)‪ ،‬أم‪ :‬إليها‪.‬‬ ‫حادم عشر‪ :‬أنها تأتي بمعنى " إلى "‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬بًأى اف ىربا ى‬
‫ص ىبلةى لً يدلي ً‬
‫وؾ‬ ‫ثاني عشر‪ :‬أنها تأتي بمعنى " عند " الزمانية‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬أىقً ًم ال ا‬
‫س)‪ ،‬ككقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬صوموا لرؤيتو كأفطركا لرؤيتو "‪.‬‬ ‫ش ٍم ً‬
‫ال ا‬
‫كاألصل في استعماؿ " البلـ " أنها لبلختصاص حقيقة‪ ،‬كال تستعمل ألم معنى آخر‬
‫من المعاني المذكورة إال بقرينة‪.‬‬
‫" في " كتأتي للمعاني اآلتية‪:‬‬
‫أكالن‪ :‬أنها تأتي ظرفية مكانية‪ ،‬كقولك‪ " :‬تعلمت في الكلية‪ ،‬كتأتي ظرفية زمانية كقولك‪:‬‬
‫" جئتك في المساء "‪.‬‬
‫يصلبىػنا يك ٍم فًي يج يذ ً‬
‫كع النا ٍخ ًل)‪.‬‬ ‫(كىأل ى‬
‫ثانيان‪ :‬أنها تأتي بمعنى " على "‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ثالثان‪ :‬أنها تأتي للسببية كالتعليل‪ ،‬كقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬دخلت امرأة‬
‫الجنة في ى ارة "‪.‬‬
‫رابعان‪ :‬أنها تأتي بمعنى‪ " :‬إلى "‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬فىػ ىردُّكا أىيٍ ًديىػ يه ٍم فًي أىفٍػ ىو ًاى ًه ٍم) أم‪ :‬إليها‪.‬‬
‫اؿ ٍارىكبيوا‬
‫(كقى ى‬
‫خامسان‪ :‬أنها تأتي مؤكدة ‪ -‬كىي‪ :‬التي يفيد الكبلـ بدكنها ‪ -‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫فً ىيها)‪ ،‬أم‪ :‬اركبوىا‪.‬‬
‫ت ًم ٍن‬
‫اؿ ا ٍد يخليوا فًي أ ىيم وم قى ٍد ىخلى ٍ‬
‫سادسان‪ :‬أنها تأتي بمعنى " مع "‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬قى ى‬
‫قىػ ٍبلً يك ٍم)‪ ،‬أم ادخلوا مع أمم‪.‬‬
‫كتستعمل " في " للظرفية حقيقة‪ ،‬كال تستعمل في غير ذلك إال بقرينة‪.‬‬
‫" ًم ٍن " كتأتي للمعاني اآلتية‪:‬‬
‫أكالن‪ :‬إنها تأتي البتداء الغاية في المكاف كفي الزماف‪ ،‬كقولك في المكاف‪ " :‬لك من‬
‫األرض من ىذا إلى ىذا "‪ ،‬ككقولك في الزماف‪ " :‬زرتك من الصباح إلى المساء "‪.‬‬
‫ثانيان‪ :‬أنها تأتي للتبعيض‪ ،‬كقولك‪ " :‬يكل من ىذا الطعاـ "‪.‬‬
‫ثالثان‪ :‬أنها تأتي لتبيين الجنس‪ .‬كقولك‪ " :‬اشتريت متران من األرض "‪ ،‬كمنو قولو ‪ -‬صلى‬
‫اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬التمس كلو خاتمان من حديد "‪.‬‬
‫ين ىك اذبيوا بًآيىاتًنىا)‬ ‫ذ‬‫رابعان‪ :‬أنها تأتي بمعنى " على "‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬كنىصرنىاهي ًمن الٍ ىقوًـ الا ً‬
‫ى‬ ‫ى ىٍ ى ٍ‬
‫أم‪ :‬على القوـ‪.‬‬
‫ؼ ىخ ًف ٍّي) أم‪ :‬بطرؼ‪.‬‬ ‫خامسان‪ :‬أنها تأتي بمعنى " الباء "‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬يػ ٍنظيرك ىف ًمن طىر و‬
‫ى ي ٍ ٍ‬
‫شاءي لى ىج ىعلٍنىا ًم ٍن يك ٍم ىم ىبلئً ىكةن فًي‬
‫(كلى ٍو نى ى‬
‫سادسان‪ :‬أنها تأتي بمعنى البدؿ‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ٍاأل ٍىر ً‬
‫ض يى ٍخلي يفو ىف (َٔ)) أم‪ :‬بدلكم‪.‬‬
‫ض) أم‪ :‬في‬ ‫سابعان‪ :‬أنها تأتي بمعنى " في "‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬أ يىركنًي ىماذىا ىخلى يقوا ًم ىن ٍاأل ٍىر ً‬
‫األرض‪.‬‬
‫ثامنان‪ :‬أنها تأتي بمعنى " عند "‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬لى ٍن تيػ ٍغنً ىي ىع ٍنػ يه ٍم أ ٍىم ىوالي يه ٍم ىكىال أ ٍىكىال يد يى ٍم ًم ىن‬
‫اللا ًو ىش ٍيئنا) أم‪ :‬عند اهلل‪.‬‬
‫صو ً‬ ‫ً ً‬ ‫تاسعان‪ :‬أنها تأتي للتعليل‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬يجعليو ىف أ ً ً‬
‫اع ًق)‪،‬‬ ‫ىصاب ىع يه ٍم في آ ىذان ًه ٍم م ىن ال ا ى‬ ‫ى‬ ‫ى ٍى‬
‫أم‪ :‬ألجل الصواعق‪.‬‬
‫كتستعمل " ًم ٍن " البتداء الغاية لكثرة استعمالها فيو‪ ،‬كالكثرة يرجح بها‪ ،‬كعلى ذلك فبل‬
‫تستعمل في غير ابتداء الغاية من المعاني إال مجازان فتحتاج إلى قرينة‪ ».‬انتهى ملخصا‬

‫النسخ‬
‫تعريفو‪ :‬لغة يطلق بمعنى ا ًإلزالة؛ كمنو نسخت الشمس الظل أم أزالتو كحلت محلو‬
‫أم أزالتو‪ ،‬كيطلق أيضان على ما يشبو النقل تقوؿ‪ :‬نسخت‬ ‫كنسخت الريح األثر ً‬
‫الكتاب أم نقلت شيئاى يشبو ما فيو‪ ،‬ككضعتو في محل آخر‪.‬‬
‫كالذم يوافق المعنى االصطبلحي للنسخ من معنييو اللغويين ىو األكؿ إذ النسخ في‬
‫االصطبلح‪ :‬رفع الحكم الثابت بخطاب متقدـ بخطاب آخر متراخ عنو‪.‬‬
‫شرح التعريف‪ :‬الثابت كصف للحكم‪ ،‬كبخطاب متقدـ متعلق بالثابت‪ ،‬كبخطاب‬
‫الثانية متعلق برفع‪ ،‬كالضمير في عنو راجع للثابت بخطاب متقدـ‪.‬‬
‫رفع الحكم جنس يعم النسخ كغيره مما يخرج بالقيود التالية لذلك‪ .‬فيخرج منو بقيد‬
‫"الثابت بخطاب متقدـ " البراءة األصلية فإيجاب الصبلة كالزكاة كالصوـ كالحج كغير‬
‫ذلك رفع للبراءة األصلية كليس بنسخ كيخرج منو بقيد "بخطاب آخر " رفع الحكم‬
‫بالجنوف كالموت‪ :‬كيخرج بقيد " متراخ عنو " ما كاف متصبل بالخطاب كالتخصيص‬
‫فإف ذلك ال يسمى نسخان‪.‬‬
‫كاليك مثبل نزيد بو التعريف كضوحان كىو أف الواجب في أكؿ ا ًإلسبلـ مصابرة الواحد‬
‫من المسلمين للعشرة من الكفار في الحرب ثم نسخ ذلك بوجوب مصابرة الواحد من‬
‫المسلمين لبلثنين من الكفار فوجوب مصابرة الواحد للعشرة حكم ثبت بخطاب‬
‫متقدـ ىو قولو تعالى‪{ :‬إف يكن منكم عشركف صابركف يغلبوا مائتين} فرفع ىذا‬
‫الحكم بخطاب آخر متأخر عنو كىو قولو تعالى‪{ :‬اآلف خفف اهلل عنكم كعلم أف‬
‫فيكم ضعفان فإف يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين} اآلية‪.‬‬

‫س الظ ال‪،‬‬ ‫م‬ ‫ا‬


‫ش‬ ‫ال‬ ‫ت‬‫اإل ىزالىةي‪ ،‬كًم ٍنوي‪ :‬نىس ىخ ً‬ ‫اؿ ىك ًٍ‬ ‫اإلبٍطى ي‬ ‫النسخ فًي اللُّغى ًة‪ًٍ :‬‬
‫ي‬ ‫أفادنا المؤلف أف‬
‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫اد بً ًو‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫م‪ .‬ىكييطٍلى يق ىكييػ ىر ي‬‫ص ىر ال ىٍع ٍس ىك ًر ُّ‬
‫اس يخ الٍ يق يركف‪ ،‬ىك ىعلىٍيو اقػٍتى ى‬ ‫ار الٍ ىق ىدًـ‪ ،‬ىكم ٍنوي‪ :‬تىػنى ي‬ ‫يح آثى ى‬ ‫ىكالر ي‬
‫ت الكتاب‪ ،‬أم‪ :‬نقلتو‪ ،‬كمنو قىػ ٍولً ًو تىػ ىعالىى‪{ :‬إًناا يكناا نى ٍستىػ ٍن ًس يخ‬ ‫س ٍخ ي‬ ‫الناػ ٍقل كالتاح ًو ً‬
‫يل‪ ،‬ىكم ٍنوي نى ى‬ ‫يى ٍ ي‬
‫اس يخ ال ىٍم ىوا ًريث‪.‬‬ ‫ً‬
‫ىما يك ٍنتي ٍم تىػ ٍع ىمليو ىف} ‪ ،‬ىكم ٍنوي تىػنى ي‬
‫صف ُّي‬ ‫ىح ًد ًى ىما يدك ىف ٍاآل ىخ ًر؟ فى ىح ىكى ال ا‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫ثي ام ا ٍختىػلى يفوا‪ :‬ىى ٍل يى ىو ىحقي ىقةه في ال ىٍم ٍعنىػيىػ ٍي ًن أ ٍىـ في أ ى‬
‫اإل ىزالى ًة‪ ،‬ىم ىجا هز فًي الناػ ٍق ًل‪.‬‬ ‫ين أىناوي ىح ًقي ىقةه فًي ًٍ‬ ‫م ىع ًن ٍاألى ٍكثى ًر ى‬ ‫الٍ ًه ٍن ًد ُّ‬
‫اش ُّي‪ :‬إًناوي ىح ًقي ىقةه فًي الناػ ٍق ًل‪.‬‬ ‫شً‬ ‫اؿ ال ا‬ ‫اؿ الٍ ىق اف ي‬‫ىكقى ى‬
‫ااب‪ ،‬ىكالٍغى ىزالً ُّي‪ :‬إًناوي ىح ًقي ىقةه فًي ًه ىما‪،‬‬ ‫اضي ىع ٍب يد ال ىٍوى ً‬ ‫اضي أىبو ب ٍك ور الٍباقً ابلنً ُّي‪ ،‬كالٍ ىق ً‬
‫ى‬ ‫ي ى ى‬
‫اؿ الٍ ىق ً‬ ‫ىكقى ى‬
‫يم ٍشتى ًر هؾ بىػ ٍيػنىػ يه ىما لىٍفظنا‪ً ،‬ال ٍستً ٍع ىمالً ًو فًي ًه ىما‪.‬‬
‫اف"‪ :‬إًناوي يم ٍشتىػ ىر هؾ بىػ ٍيػنىػ يه ىما ا ٍشتً ىرا نكا ىم ٍعنى ًوياا؛ ًألى اف بىػ ٍي ىن نى ٍس ًخ‬ ‫اؿ ابٍن الٍمنًي ًر فًي " ىشر ًح الٍبػرىى ً‬
‫ٍ يٍ‬ ‫ىكقى ى ي ي‬
‫اب ًم ٍق ىد نارا يم ٍشتى ًرنكا‪ ،‬ىك يى ىو ال ارفٍ يع‪ ،‬ىك يى ىو فًي الظل بىػي هن؛ ًألىناوي ىز ى‬
‫اؿ‬ ‫س الظ ال‪ ،‬ىكنى ٍس ًخ الٍكًتى ً‬ ‫ش ٍم ً‬ ‫ال ا‬
‫ٍكتىابىًة لى ٍم يى يك ٍن‬‫وخ بًال ً‬ ‫اب يمتىػ ىعذ هر‪ً ،‬م ٍن ىح ٍي ي ً‬ ‫ضدهً‪ ،‬كفًي نىس ًخ ال ً‬
‫ٍكتى ً‬ ‫بً ً‬
‫س ى‬ ‫ث إ اف الٍ ىك ىبل ىـ ال ىٍم ٍن ي‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬
‫ادةً يخ ي ً ً‬ ‫ىص ًل بً ًٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىص ىل‬ ‫ت" ٍاأل ٍ‬ ‫س ٍخ ى‬‫صوصياةه‪ ،‬فىإذىا "نى ى‬ ‫اإلفى ى‬ ‫ىص ًل‪ ،‬فى ىكا ىف ل ٍؤل ٍ‬ ‫ادا إًاال م ىن ٍاأل ٍ‬ ‫يم ٍستىػ ىف ن‬
‫ً‬ ‫ٍخ ً‬ ‫ت تًل ى‬
‫س امى ال ارفٍ ًع‪.‬‬ ‫صوصياةي ىس ىواءه في يم ى‬ ‫ىص ًل ىكال ي ي‬ ‫ٍك الخصوصية‪ ،‬كارتفاع ٍاأل ٍ‬ ‫ٍارتىػ ىف ىع ٍ‬
‫كقًيل‪ :‬الٍ ىق ٍدر الٍم ٍشتىػر يؾ بػيػنىػهما يىو التاػ ٍغيًير‪ ،‬كقى ٍد ص ار ً‬
‫م‪.‬‬ ‫ح بًو ال ى‬
‫ٍج ٍو ىى ًر ُّ‬ ‫ي ى ى ى‬ ‫ي ي ى ىٍ ي ى ى‬ ‫ى ى‬
‫س بًأىناػ ىها‬ ‫ً ً‬ ‫ص يف يهم الر ً‬ ‫اؿ فًي "الٍمح ً ً ً‬
‫ش ٍم ى‬ ‫يح بأىناػ ىها نىاس ىخةه ل ٍآلثىا ًر ى‬
‫"كال ا‬ ‫يل‪ :‬ىك ٍ ي ى‬ ‫صوؿ"‪ :‬فىإ ٍف ق ى‬ ‫ىٍ ي‬ ‫قى ى‬
‫ازا‬
‫ك ىم ىج ن‬ ‫يل لً ٍآلثىا ًر ىكالظل" يى ىو اللاوي تىػ ىعالىى‪ ،‬ىكإًذىا ىكا ىف ذىلً ى‬ ‫ً‬
‫نىاس ىخةه للظل ىم ىجا هز؛ ألى اف ال يٍم ًز ى‬
‫ً ً‬
‫ًً‬ ‫ً ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وؿ‪:‬‬
‫ض ىما ذى ىك ٍرتي يموهي‪ ،‬ىكنىػ يق ي‬ ‫ٍامتىػنى ىع اال ٍستً ٍد ىال يؿ بًو ىعلىى ىك ٍو ًف اللا ٍفظ ىحقي ىقةن في ىم ٍدليولو‪ ،‬ثي ام نيػ ىعا ًر ي‬
‫ك تىػ ٍنػ يقليوي إًلىٍي ًو‪ ،‬أ ٍىك‬‫آخ ىر‪ ،‬ىكأىنا ى‬ ‫اب ى‬ ‫اب إًلىى كًتى و‬ ‫ً‬ ‫الناس يخ ىو‪ :‬الناػ ٍقل كالتاح ًو ً‬
‫س ىخ الٍكتى ى‬ ‫يل‪ ،‬ىكم ٍنوي نى ى‬ ‫يى ٍ ي‬ ‫ٍ يى‬
‫كف‪ ،‬قىػرنا بػ ٍع ىد قىػر وف‪ ،‬كتىػنىاس يخ الٍموا ًر ً‬
‫يث‪،‬‬ ‫تىػ ٍنػ يقل ًح ىكايػتىوي‪ ،‬كًم ٍنوي تىػنىاس يخ ٍاألىركاح‪ ،‬كتىػنىاس يخ الٍ يقر ً‬
‫ٍ ى ٍ ى ي ىى‬ ‫ي‬ ‫ٍى ى ي‬ ‫ي‬ ‫ي ى ى‬
‫ظ ىح ًقي ىقةن فًي‬ ‫ب أى ٍف يى يكو ىف اللا ٍف ي‬ ‫ً‬ ‫اح ود إًلىى ى‬ ‫إًناما ىو التاح ُّو يؿ ًمن ك ً‬
‫آخ ىر‪ ،‬بى ىد نال ىع ًن ٍاألى اكؿ‪ ،‬فىػ ىو ىج ى‬ ‫ٍ ى‬ ‫ى يى ى‬
‫يح‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ًً ً ً‬ ‫الناػ ٍق ًل‪ ،‬كيػلٍزـ أى ٍف ىال ي يكو ىف ح ًقي ىقةن فًي ًٍ ً‬
‫اإل ىزالىة‪ ،‬ىدفٍػ نعا لبل ٍشت ىراؾ‪ ،‬ىك ىعلىٍي يك يم التػ ٍارج ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ىى ى ي‬
‫اب ىع ًن ٍاألى اكًؿ ًم ٍن ىك ٍج ىه ٍي ًن‪:‬‬ ‫ٍج ىو ي‬ ‫ال ى‬
‫س‬ ‫ش ٍم ً‬ ‫ث فً ٍع ًل ال ا‬ ‫ك‪ً ،‬م ٍن ىح ٍي ي‬ ‫ىح يد يى ىما‪ :‬أىناوي ىال يى ٍمتىنً يع أى ٍف يى يكو ىف اللاوي تىػ ىعالىى يى ىو الناا ًس يخ لً ىذلً ى‬ ‫أى‬
‫ك‬‫ص ٍي ًن بً ىذلً ى‬ ‫اس ىخ ٍي ًن‪ ،‬لً ىك ٍونً ًه ىما يم ٍختى ا‬ ‫ضا نى ً‬ ‫اإل ىزالى ًة‪ ،‬كي يكونى ً‬
‫اف أىيٍ ن‬ ‫ىى‬ ‫ٍك ًٍ‬ ‫يح ال يٍم ىؤثػ ىريٍ ًن "فًي تًل ى‬ ‫ىكالر ً‬
‫التاأٍثًي ًر‪.‬‬
‫يح"‪.‬‬ ‫س ىكالر ً‬ ‫ش ٍم ً‬ ‫اس ًخ إًلىى ال ا‬ ‫كثىانًي ًهما‪ :‬أى اف أ ٍىىل اللُّغى ًة إًناما أى ٍخطىئيوا فًي إً ى ً‬
‫ضافىة الن ٍ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى ى‬
‫اد يى ٍم ىى ىذا‬ ‫اإل ىزالى ًة‪ ،‬ىال إً ٍسنى ي‬ ‫اس ًخ ىعلىى ًٍ‬ ‫ظ الن ٍ‬ ‫س ىكنىا إًط ىٍبلقيػ يه ٍم لىٍف ى‬ ‫ك لى ًك ان يمتى ىم ا‬ ‫ب أىناوي ىك ىذلً ى‬ ‫فىػ ىه ٍ‬
‫س‪.‬‬ ‫ش ٍم ً‬‫يح ىكال ا‬ ‫ال ًٍف ٍع ىل إًلىى الر ً‬
‫ص ىفةه‬‫ت ً‬ ‫ث يك ًج ىد الناػ ٍق يل فىػ ىق ٍد عي ًد ىم ٍ‬ ‫ص ًم ىن ال ازىك ًاؿ؛ ًألىناوي ىح ٍي ي‬ ‫ىخ ُّ‬ ‫ىك ىع ًن الثاانًي‪ :‬أى اف الناػ ٍق ىل أ ى‬
‫ص ًل شيء آخر عقبية‪،‬‬ ‫ىع ُّم ًم ٍن ىع ىدًـ تى ىح ُّ‬ ‫ص ىفةه أي ٍخ ىرل‪ ،‬فىًإذىا يمطٍلى يق ال ىٍع ىدًـ أ ى‬ ‫ت ىع ًقيبػ ىها ً‬
‫صلى ٍ ى‬ ‫ىح ى‬
‫ٍخاص‪ ،‬ىكا ىف ىج ٍعليوي ىح ًقي ىقةن فًي ال ىٍعاـ أى ٍكلىى ًم ٍن ىج ٍعلً ًو ىح ًقي ىقةن فًي‬ ‫ظ بىػ ٍي ىن ال ىٍعاـ ىكال ى‬ ‫كأنو دار اللا ٍف ي‬
‫ات‪ .‬انٍػتىػ ىهى‪.‬‬ ‫ٍخاص‪ ،‬ىعلىى ىما تىػ ىق اد ىـ تىػ ٍق ًريرهي فًي كًتى ً‬
‫اب اللُّغى ً‬ ‫ال ى‬
‫ي‬

‫جواز النسخ ككقوعو‬


‫النسخ جائز عقبل ككاقع شرعان كدليل ذلك قولو تعالى‪{ :‬ما ننسخ من آية أك ننسها‬
‫نأت بخير منها أك مثلها} ‪ ،‬كقولو تعالى‪{ :‬يمحو اهلل ما يشاء كيثبت كعنده أـ‬
‫الكتاب} ‪ ،‬كقولو‪{ :‬كإذا بدلنا آية مكاف آية} ‪ ،‬اآلية‪.‬‬
‫كقولو صلى اهلل عليو كسلم فيما صح عنو‪" :‬كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزكركىا‬
‫فإنها تذكر اآلخرة"‪.‬‬
‫فدؿ ذلك على جوازه عقبل كشرعان إذ لو كاف ممتنعان لم يقع لكنو كقع للنصوص‬
‫المذكورة كما في معناىا‪.‬‬

‫من األدلة على جواز النسخ عقبل‪:‬‬


‫الدليل األكؿ‪ :‬أنا نعلم بصحة تحريك الجسم بعد تسكينو‪ ،‬كتفريقو بعد جمعو‪ ،‬كإماتتو‬
‫بعد إحيائو‪ ،.‬كليس في األمر بالشيء بعد النهي عنو إال ما في تحريك الجسم بعد‬
‫تسكينو‪ ،‬كتبييضو بعد تسويده كإذا كاف ذلك كلو من جملة الجائز‪ ،‬كجب أف يكوف‬
‫األمر بالشيء بعد النهي عنو من جملة الجائز‪ ،‬كىذا ىو النسخ‪.‬‬
‫الدليل الثاني‪ :‬أنا نعلم اختبلؼ المصلحة باختبلؼ األزماف‪ ،‬فبل يمتنع أف يأمر اللاو ‪-‬‬
‫تعالى ‪ -‬بالفعل في زماف لعلمو ‪ -‬سبحانو ‪ -‬أف العباد لهم مصلحة فيو في ىذا الزمن‪،‬‬
‫ثم ينهاىم عنو كيحرمو عليهم في زمن آخر لعلمو ‪ -‬سبحانو ‪ -‬أف العباد لو عملوا‬
‫بذلك الفعل في ىذا الزمن الثاني لترتب عليو مفسدة‪ ،‬كما يفعل الطبيب بالمريض؟‬
‫حيث يأمره باستعماؿ دكاء خاص في بعض األزمنة‪ ،‬كينهاه عنو في زمن آخر بسبب‬
‫اختبلؼ المصلحة‪.‬‬
‫الدليل الثالث‪ :‬أنو ال يمتنع عقبلن أف يأمر اللاو تعالى بالشيء ثم ينسخو‪ ،‬سواء نسخ‬
‫قبل الفعل‪ ،‬أك بعده لبلمتحاف كاالبتبلء‪ ،‬فمن فعل الشيء قبل نسخو‪ ،‬أك عزـ على‬
‫فعلو‪ ،‬أك استعد لبلمتثاؿ‪ ،‬أك ظهرت عليو أم عبلمة تدؿ على استعداده المتثاؿ ذلك‬
‫أم عبلمة لبلمتثاؿ فإنو‬
‫األمر قبل أف ينسخ‪ :‬فإنو يثاب‪.‬كمن لم يمتثل‪ ،‬كلم تظهر عليو ُّ‬
‫يأثم‪.‬‬
‫الدليل الرابع‪ :‬أنو إذا جاز أف يطلق األمر ثم يسقطو بالعجز كالمرض جاز أف يطلق‬
‫األمر كيسقطو بخطاب آخر‪.‬‬
‫الدليل الخامس‪ :‬أنو إذا جاز أف يخلق اللاو ‪ -‬تعالى ‪ -‬خلقا على صفة‪ ،‬ثم بنقلو إلى‬
‫صفة أخرل‪ :‬مثل أف يخلقو طفبلن‪ ،‬ثم ينقلو إلى الشباب‪ ،‬ثم إلى الكهولة‪ ،‬ثم إلى‬
‫الشيخوخة‪ ،‬ثم إلى الموت من غير اختيار للعبد‪ ،‬كلم يكن ذلك قبيحا في شرع كال‬
‫عقل‪ ،‬فوجب أف يجوز ‪ -‬ىنا ‪ -‬أف يكلف اللاو خلقو بعبادة ثم ينقلهم عنها‪.‬‬
‫ك بالنسبة لجواز النسخ شرعا فهو مذىب الجماىير العلماء ك ىو المذىب الحق‬
‫الذم تدؿ عليو األدلة‬
‫ك بهذه المناسبة أذكر طرفا من الدليل الذم استدؿ بو صاحب القوؿ الثاني أبو مسلم‬
‫األصفهاني ‪ -‬محمد بن بحر المتوفى عاـ ِِْ ىػ‪ .‬فقد نسب إليو القوؿ بمنع كقوع‬
‫اط يل ًم ٍن بىػ ٍي ًن يى ىديٍ ًو ىكىال ًم ٍن‬
‫(ال يأٍتً ًيو الٍب ً‬
‫النسخ شرعا حيث استدؿ على ذلك بقولو تعالى‪ :‬ى ى ى‬
‫يم ح ًم و‬ ‫ً‬ ‫ىخل ًٍف ًو تىػ ٍن ًز ً‬
‫يد) ‪.‬‬ ‫يل م ٍن ىحك و ى‬
‫ه‬
‫كجو االستدالؿ‪ :‬أف النسخ باطل؛ ألف فيو إلغاء للحكم المنسوخ‪ ،‬فلو كقع في القرآف‬
‫ألتاه الباطل‪ ،‬كفى ذلك تكذيب لخبر اهلل تعالى‪ ،‬كالكذب محاؿ في خبره‪.‬‬
‫يمكننا الجواب عنو بأف اآلية ال تدؿ على أف النسخ ممتنع؛ ألمرين‪:‬‬
‫أكلهما‪ :‬أف معنى اآلية‪ :‬أنو لم يتقدـ على القرآف من كتب اللاو ما يبطلو‪ ،‬كال يأتي من‬
‫بعده من كتب اللاو ما يبطلو‪ ،‬كىذا ليس فيو معارضة في أنو ينسخ بعضو بعضان‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬أف النسخ إبطاؿ‪ ،‬كليس بباطل؛ ألف الباطل ضد الحق‪ ،‬كالنسخ حق‪ ،‬فهو‬
‫إبطاؿ العمل بالحكم المنسوخ‪.‬‬
‫ك أما جواز النسخ شرعا فبل ينكره إال مكابر ك يكفي ذكر أمرين يدالف على جوازه‪:‬‬
‫أكلهما‪ :‬كقوعو في الشريعة‪ ،‬حيث نسخ صوـ يوـ عاشوراء بصوـ رمضاف‪ ،‬كنسخ‬
‫كجوب التوجو إلى بيت المقدس إلى التوجو إلى الكعبة‪ ،‬كالوقوع دليل الجواز‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬إجماع الصحابة؛ حيث أجمعوا على أف شريعة محمد صلى اهلل عليو كسلم‬
‫ناسخة لجميع الشرائع السابقة‪ ،‬إما بالكلية‪ ،‬كإما فيما يخالفها فيو‪.‬‬
‫ك لم يتطرؽ المؤلف إلى الحكم العديدة للنسخ بأنواعو ك يمكن ذكر بعضها‪:‬‬
‫الحكمة األكلى‪ :‬تهيئة نفوس الناس إلى تقبل الحكم األخير‪ ،‬كىذا يكوف في النسخ من‬
‫األخف إلى األشد‪ .‬مثل‪ :‬تحريم الخمر؛ حيث بيان اهلل تعالى ما في الخمر من اإلثم‬
‫كالنفع‪ ،‬كإف إثمو أكبر من نفعو‪ ،‬ثم منع ثانيان الصبلة حالة السكر‪ ،‬ثم حرـ الخمر في‬
‫جميع األكقات‪ ،‬ككذلك فعل في تحريم الربا‪.‬‬
‫الحكمة الثانية‪ :‬االبتبلء كاالمتحاف‪ ،‬كىذا يكوف في النسخ من األشد إلى األخف؛‬
‫ليظهر المؤمن الحق فيفوز‪ ،‬كيظهر المنافق فيهلك‪ ،‬كنسخ ثبات الواحد للعشرة‪ ،‬كنسخ‬
‫أمر إبراىيم بذبح ابنو‪.‬‬
‫الحكمة الثالثة‪ :‬مراعاة مصالح العباد بتشريع ما ىو أنفع لهم في دينهم كدنياىم‪.‬‬
‫الحكمة الرابعة‪ :‬التطور في التشريع حتى يبلغ الكماؿ‪.‬‬
‫الحكمة الخامسة‪ :‬اختبار المكلفين باستعدادىم لقبوؿ التحوؿ من حكم إلى آخر‬
‫كرضاىم بذلك‪.‬‬
‫الحكمة السادسة‪ :‬اختبار المكلفين بقيامهم بوظيفة الشكر إذا كاف النسخ إلى أخف‪.‬‬
‫الحكمة السابعة‪ :‬اختبار المكلفين بقيامهم بوظيفة كظيفة الصبر إذا كاف النسخ إلى‬
‫أثقل‪.‬‬

‫نسخ الرسم كالحكم‬


‫ينقسم النسخ بهذا االعتبار إلى ثبلثة أقساـ‪:‬‬
‫ُ‪ /‬نسخ رسم اآلية مع بقاء حكمها مثاؿ ذلك آية الرجم كىي‪ .‬قولو تعالى‪{ :‬الشيخ‬
‫كالشيخة إذا زنيا فارجموىما البتة نكاال من اهلل كاهلل عزيز حكيم} ‪ .‬كما ثبت التنويو‬
‫بهذه اآلية عن عمر رضي اهلل عنو في خطبتو في الصحيحين‪.‬‬
‫ِ‪ /‬نسخ حكم اآلية دكف رسمها‪ ،‬مثاؿ ذلك نسخ حكم آية اعتداد المتوفى عنهن‬
‫أزكاجهن حوال مع بقاء رسمها في المصحف كتبلكتها‪.‬‬
‫ّ‪ /‬نسخ رسم اآلية كحكمها معان‪ .‬مثاؿ ذلك‪ :‬ما ثبت في صحيح مسلم من حديث‬
‫عائشة رضي اهلل عنها‪ ،‬كاف فيما أنزؿ من القرآف عشر رضعات معلومات يحرمن ثم‬
‫نسخن بخمس معلومات فتوفى رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم كىن فيما يقرأ من‬
‫القرآف فآية التحريم بعشر الرضعات منسوخ رسمها كحكمها‪ ،‬كآية التحريم بخمس‬
‫الرضعات منسوخ رسمها دكف حكمها‪ ،‬فقد اجتمع في ىذا الحديث مثاالف‪:‬‬
‫أ‪ -‬لمنسوخ التبلكة كالحكم‪.‬‬
‫ب‪ -‬لمنسوخ التبلكة دكف الحكم كما ترل‪.‬‬

‫يجوز نسخ لفظ اآلية دكف حكمها‪ ،‬كيجوز العكس‪ ،‬كنسخهما معان‪ ،‬كذلك لوقوعو‪:‬‬
‫فقد نسخت التبلكة كالحكم معان؛ حيث قالت عائشة رضي اهلل عنها‪ " :‬كاف فيما أنزؿ‬
‫من القرآف عشر رضعات معلومات يحرمن‪ ،‬ثم نسخن بخمس معلومات‪ ،‬فتوفي النبي‬
‫‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬كىن فيما يقرأ من القرآف‪ ،‬فكانت العشر منسوخة الحكم‬
‫كالتبلكة معان بخمس رضعات‪.‬‬
‫كنسخ الحكم كبقيت التبلكة؛ حيث نسخ حكم آية االعتداد بالحوؿ الثابت بقولو‬
‫اج) باالعتداد بأربعة أشهر كعشران الثابت بقولو تعالى‪:‬‬ ‫ٍح ٍوًؿ غىٍيػ ىر إً ٍخ ىر و‬ ‫اعا إًلىى ال ى‬ ‫(متى ن‬ ‫تعالى‪ :‬ى‬
‫ص ىن بًأىنٍػ يف ًس ًه ان أ ٍىربىػ ىعةى أى ٍش يه ور ىك ىع ٍش نرا)‪.‬‬
‫(يىػتىػ ىربا ٍ‬
‫كنسخت التبلكة كبقي الحكم؛ حيث نسخت تبلكة‪ " :‬الشيخ كالشيخة إذا زنيا‬
‫فارجموىما البتة نكاالن من اهلل " كبقي حكمها كىو‪ :‬الرجم للمحصن‪.‬ك ال عبرة بقوؿ‬
‫من منع ذلك‪.‬‬

‫النسخ إلى غير بدؿ‬


‫مذىب جمهور العلماء جواز النسخ إلى غير بدؿ عن الحكم المنسوخ‪ ،‬كمن أدلتهم‪.‬‬
‫نسخ كجوب تقديم الصدقة بين يدم نجول رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم إلى غير‬
‫بدؿ كما في سورة المجادلة‪.‬‬
‫ىذا المذىب الذم نقلو المؤلف عن الجمهور من جواز النسخ إلى غير بدؿ قوؿ‬
‫ضعيف ك استداللهم عليو فيو نظر ك الصواب الذم عليو الدليل ىو عدـ جواز النسخ‬
‫إلى غير بدؿ ‪ .‬يقوؿ المؤلف محمد األمين الشنقيطي ‪ -‬رحمو اهلل ‪ -‬في تعليقو على‬
‫كبلـ البن قدامة المقدسي في ركضة الناظر‪ :‬يجوز نسخ العبادة إلى غير بدؿ‪ ،‬كقيل ال‬
‫يجوز لقولو تعالى‪ " :‬ما ننسخ من آية أك ننسها نأت بخير منها أك مثلها " اآلية‪.‬‬
‫«ىذا الذم حكاه رحمو اهلل – يقصد ابن قدامة المقدسي ‪ -‬بصيغة التضعيف التي ىي‬
‫قيل‪ ،‬يجب المصير إليو‪ ،‬كال يجوز القوؿ بسواه البتة ألف اهلل جل كعبل صرح بو في‬
‫كتابو‪ ،‬كاهلل يقوؿ‪ " :‬كمن أصدؽ من اهلل حديثان "‪" ،‬كمن أصدؽ من اهلل قيبل"‪ " ،‬كتمت‬
‫كلمة ربك صدقان كعدالن‪ ،‬اآليات‪ ،‬أم صدقان في األخبار كعدالن في األحكاـ‪ ،‬فالعجب‬
‫كل العجب من كثرة ىؤالء العلماء كجبللتهم من مالكية كشافعية كحنابلة كغيرىم‪،‬‬
‫القائلين بجواز النسخ ال إلى بدؿ ككقوعو مع أف اهلل يصرح بخبلؼ ذلك في قولو‬
‫تعالى "ما ننسخ من آية أك ننسها نأت بخير منها أك مثلها " فقد ربط بين نسخها كبين‬
‫اإلتياف بخير منها أك مثلها‪ ،‬بأداة الشرط ربط الجزاء بشرطو كمعلوـ عند المحققين أف‬
‫الشرطية إنما يتوارد فيها الصدؽ كالكذب على نفس الربط‪ ،‬كال شك أف ىذا الربط‬
‫الذم صرح اهلل بو بين ىذا الشرط كالجزاء في ىذه اآلية صحيح ال يمكن تخلفو بحاؿ‬
‫فمن ادعى انفكاكو كأنو يمكن النسخ بدكف اإلتياف بخير أك مثل فهو مناقض للقرآف‬
‫مناقضة صريحة ال خفاء بها‪ ،‬كمناقض القاطع كاذب يقينان الستحالة اجتماع النقيضين‪،‬‬
‫صدؽ اهلل العظيم‪ ،‬كأخطأ كل من خالف شيئان من كبلمو جل كعبل‪ ،‬كقوؿ المؤلف رحمو‬
‫اهلل‪ :‬كلنا أنو متصور عقبلن ظاىر السقوط ألف صريح القرآف ال يناقض بالتجويز العقلي‪،‬‬
‫كقولو‪ :‬قاـ دليلو شرعان ليس بصحيح‪ ،‬إذ ال يمكن قياـ دليل شرعي على ما يخالف‬
‫صريح القرآف‪ ،‬كقولو أف نسخ النهي عن ادخار لحوـ األضاحي كتقديم الصدقة أماـ‬
‫المناجاة كبلىما نسخ إلى غير بدؿ‪ ،‬كأف ذلك دليل على النسخ ال إلى بدؿ‪ ،‬غير‬
‫صحيح ألف النهي عن ادخار لحوـ األضاحي نسخ ببدؿ خير منو كىو التخيير في‬
‫االدخار كاإلنفاؽ المذكور في األحاديث كتقديم الصدقة أماـ المناجاة منسوخ ببدؿ‬
‫خير منو كىو التخيير بين الصدقة تطوعان ابتغاء لما عند اهلل كبين اإلمساؾ عن‬
‫ذلك كما يدؿ عليو قولو‪ " :‬فإذ لم تفعلوا كتاب اهلل عليكم " اآلية‪.‬‬
‫كقوؿ المؤلف رحمو اهلل فأما اآلية فإنها كردت في التبلكة‪ ،‬كليس للحكم فيها ذكر‪،‬‬
‫ظاىر السقوط كما ترل‪ ،‬ألف اآلية الكريمة صريحة في أنو مهما نسخ آية أك أنساىا‬
‫أتى بخير منها أك مثلها كما ىو كاضح‪ ،‬كقوؿ المؤلف على أنو يجوز أف يكوف رفعها‬
‫خيران منها في الوقت الثاني لكونها لو كجدت فيو لكانت مفسدة‪.‬‬
‫يقاؿ فيو ذلك الرفع الذم ىو خير منها‪ ،‬ىو عين البدؿ الذم ىو خير منها‪ ،‬الذم ىو‬
‫محل النزاع‪ ،‬كما أجاب بو صاحب نشر البنود شرح مراقي السعود تبعان للقرافي من أف‬
‫الجواب ال يجب أف يكوف ممكنان فضبلن عن أف يكوف كاقعان‪ ،‬نحو إف كاف الواحد‬
‫نصف العشرة‪ ،‬فالعشرة اثناف‪ ،‬ظاىر السقوط أيضان‪ ،‬ألف مورد الصدؽ كالكذب في‬
‫الشرطية‪ ،‬إنما ىو الربط فتكوف صادقة لصدؽ ربطها كلو كانت كاذبة الطرفين لو حل‬
‫ربطها أال ترل أف قولو تعالى " لو كاف فيهما آلهة إال اهلل لفسدتا " قضية شرطية في‬
‫غاية الصدؽ مع أنها لو أزيل منها الربط لكذب طرفاىا‪ ،‬إذ يصير الطرؼ األكؿ كاف‬
‫فيهما آلهة إال اهلل كىذا باطل قطعان‪ ،‬كيصير الطرؼ الثاني فسدتا أم السماكات‬
‫كاألرض كىو باطل أيضان كالربط ال شك في صحتو كبصحتو تصدؽ الشرطية‪ ،‬فلو كاف‬
‫فيهما آلهة غير اهلل لفسد كل شيء ببل شك‪ ،‬ككذلك لو صح أف الواحد نصف العشرة‬
‫لصح أف العشرة اثناف‪ ،‬لكنو لم يصح فيهما آلهة غير اهلل‪ ،‬كال أف الواحد نصف‬
‫العشرة‪ ،‬كما ىو معركؼ بخبلؼ الشرط في اآلية فقد صح كبصحتو يلزـ كجود‬
‫المشركط‪ ،‬كاعلم أف قوؿ من قاؿ أف أىل العربية يجعلوف الصدؽ كالكذب في‬
‫الشرطية‪ ،‬إنما يتوارداف على الجزاء كالشرط إنما ىو شرط ذلك غير صحيح‪ ،‬بل‬
‫التحقيق أف الصدؽ كالكذب عندىم يتوارداف على الربط بينهما كما ذكرنا كما حققو‬
‫السيد في حوشيو على المطوؿ‪ ،‬ككما حققو البناني في شرح السلم‪ ،‬كىو الحق الذم‬
‫ال شك فيو لصدؽ الشرطية مع كذب الطرفين كما بينا‪ ».‬انتهى‪.‬‬
‫ك الحق ما اختاره الشيخ محمد األمين الشنقيطي ك اهلل أعلم‬

‫النسخ إلى بدؿ‬


‫كالنسخ إلى بدؿ ال يخلو من كاحد من ثبلثة أقساـ‪:‬‬
‫أ‪/‬إما أف يكوف الناسخ أخف من المنسوخ‪.‬‬
‫ب‪ /‬أك مساكيان لو‪.‬‬
‫جػ‪ /‬أك أثقل منو‪.‬‬
‫كال خبلؼ في جواز القسمين األكلين‪ ،‬كأما الثالث فالقوؿ بجوازه قولو الجمهور‬
‫كاألمثلة كاآلتي‪:‬‬
‫ا‪ /‬النسخ إلى بدؿ أخف‪ :‬نسخ قولو تعالى‪{ :‬إف يكن منكم عشركف صابركف يغلبوا‬
‫مائتين} ‪ ،‬بقولو‪{ :‬فإف يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين} ‪ .‬فوجوب مصابرة الواحد‬
‫لبلثنين أخف من كجوب مصابرتو للعشرة‪.‬‬

‫يجوز نسخ الحكم ببدؿ ىو أخف من المنسوخ؛ لوقوعو‪ ،‬حيث نسخت عدة المتوفى‬
‫عنها من الحوؿ إلى أربعة أشهر كعشرة أياـ‪ ،‬كالوقوع دليل الجواز‪.‬‬

‫ِ‪ /‬النسخ إلى بدؿ مساك‪ :‬نسخ استقباؿ بيت المقدس الثابت بالسنة بقولو تعالى‪:‬‬
‫{فوؿ كجهك شطر المسجد الحراـ} فاستقباؿ الكعبة مساك الستقبالو بيت المقدس‬
‫بالنسبة لفعل المكلف‪.‬‬

‫فهذا يدؿ على جواز النسخ إلى بدؿ مساك‪ ،‬فالوقوع أقول دليل على الجواز‪.‬‬

‫ّ‪ /‬النسخ إلى بدؿ أثقل‪ :‬نسخ التخيير بين صياـ شهر رمضاف كا ًإلطعاـ بتعين صيامو‪،‬‬
‫كاإلعراض عن المشركين بإيجاب الجهاد‪.‬‬ ‫كنسخ أمر الصحابة بترؾ القتاؿ ً‬
‫فتعين الصياـ أثقل من التخيير بينو كبين ا ًإلطعاـ‪ ،‬ككجوب القتاؿ أثقل من تركو‪.‬‬
‫نسخ الكتاب أك السنة بكتاب أك سنة‪.‬‬
‫ىذا القوؿ ىو الصواب ك ال عبرة بمن خالف في ذلك من بعض الظاىرية ك غيرىم‬
‫فيجوز نسخ الحكم من األخف إلى األثقل؛ ألمرين‪:‬‬
‫أكلهما‪ :‬الوقوع؛ حيث كقع نسخ الحكم من األخف إلى األثقل‪ ،‬فقد ثبت أنو كاف في‬
‫أكؿ اإلسبلـ يجوز تأخير الصبلة في حالة الخوؼ إلى كقت آخر أكثر أمنان‪ ،‬فنسخ‬
‫ت فًي ًه ٍم‬
‫(كإًذىا يك ٍن ى‬
‫ذلك إلى كجوب اإلتياف بها في حالة الخوؼ كذلك في قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ك)‪ ،‬كال شك أف الصبلة حالة الخوؼ أثقل‪،‬‬ ‫ص ىبلةى فىػ ٍلتىػ يق ٍم طىائًىفةه ًم ٍنػ يه ٍم ىم ىع ى‬
‫ت لى يه يم ال ا‬
‫فىأىقى ٍم ى‬
‫ككذلك كاف المسلم مخيران في أكؿ اإلسبلـ بين الصياـ كالفداء عنو بالماؿ‪ ،‬ثم نسخ‬
‫ذلك بتعيين الصياـ فقط‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬القياس على تكليف العباد ابتداء‪ ،‬بيانو‪:‬كما أنو إذا جاز أف ال يكلف اهلل‬
‫عباده ابتداء‪ ،‬ثم يكففهم بالعبادات الشاقة‪ ،‬جاز أف ينتقل من األخف إلى األثقل كال‬
‫فرؽ‪،‬كالجامع‪ :‬التكليف في كل‪.‬‬

‫النسخ بهذا االعتبار أقساـ‪:‬‬


‫ُ‪ /‬نسخ الكتاب بالكتاب كال خبلؼ في جواز ىذا القسم‪ .‬كمن أمثلتو‪ :‬آيتا العدة‬
‫كآيتا المصابرة كما تقدـ ذلك‪.‬‬
‫ِ‪ /‬نسخ السنة بالكتاب‪ :‬كمن أمثلتو نسخ التوجو إلى بيت المقدس الثابت بالسنة‬
‫بقولو تعالى‪{ :‬فوؿ كجهك شطر المسجد الحراـ} ‪.‬‬
‫ّ‪ /‬نسخ الكتاب بالسنة كيشتمل ىذا القسم على شيئين‪ :‬أحدىما نسخ الكتاب‬
‫باآلحاد من السنة‪ ،‬كالقوؿ بمنع جوازه مذىب الجمهور‪ ،‬ألف القطعي ال ينسخو‬
‫الظني‪.‬‬
‫كالثاني‪ :‬نسخ الكتاب بمتواتر السنة‪ ،‬كالقوؿ بمنع جواز ىذا النوع قوؿ البعض‬
‫مستدال بقولو تعالى‪{ :‬ما ننسخ من آية أك ننسها نأت بخير منها أك مثلها} ‪.‬‬
‫ككجو الداللة أف السنة ال تكوف مثل القرآف كال خيران منو‪ ،‬كالقوؿ بالجواز مذىب‬
‫الجمهور كما حكاه ابن الحاجب كدليل ىذا القوؿ؛ أف الكل كحي من اهلل‪ ،‬كقد كقع‬
‫نسخ الوصية للوالدين بقولو صلى اهلل عليو كسلم‪" :‬ال كصية لوارث"‪ .‬فإف اإلجماع قد‬
‫انعقد على معنى ىذا الحديث‪.‬‬
‫ْ‪ /‬نسخ السنة بالسنة اتفاقان في جواز نسخ آحادىا كمتواترىا بالمتواتر منها‪ ،‬كنسخ‬
‫آحادىا بآحادىا‪ ،‬كاختبلفان في جواز نسخ المتواتر منها باآلحاد‪ ،‬كمن أمثلة نسخ‬
‫السنة بالسنة قوؿ النبي صلى اهلل عليو كسلم‪ " :‬كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزكركىا‬
‫"‪ .‬نسخ المتواتر كاآلحاد بمتواتر كآحاد‬
‫نسخ المتواتر كاآلحاد بمتواتر كآحاد‬
‫الصور الممكنة في ذلك تسع تقدمت في البحث الذم قبل ىذا فنذكرىا‬
‫إجماال فيما يلي‪:‬‬
‫ُ‪ -‬نسخ المتواتر من القرآف بالمتواتر منو‪.‬‬
‫ِ‪ -‬نسخ متواتر السنة بالمتواتر منها‪.‬‬
‫ّ‪ -‬نسخ اآلحاد من السنة باآلحاد‪ .‬كالناسخ في ىذه الصور الثبلث مساك للمنسوخ‪.‬‬
‫ْ‪ -‬نسخ السنة اآلحادية بالقرآف‪.‬‬
‫ٓ‪ -‬نسخ اآلحاد بالمتواتر من السنة‪.‬‬
‫ٔ‪ -‬نسخ متواتر السنة بالقرآف كالناسخ في ىذه الصور الثبلث فوؽ المنسوخ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬نسخ القرآف بمتواتر السنة‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬نسخ القرآف باآلحاد من السنة‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬نسخ متواتر السنة باآلحاد‪ ،‬كالناسخ في ىذه الصور الثبلث دكف المنسوخ‪.‬‬

‫بقيت عدة مباحث لم يذكرىا المؤلف سأنبو على بعضها ك أجملها في فوائد‪:‬‬
‫الفائدة األكلى‪:‬‬
‫اـ‪:‬‬ ‫اس يخ أىق ى‬
‫ٍس ه‬ ‫الن ٍ‬
‫اج ىول‪.‬‬ ‫أىح يد ىىا‪ :‬نىس يخ الٍمأٍموًر بً ًو قىػبل امتًثىالً ًو ك يىو الناس يخ ىعلىى ال ً ً ً‬
‫ٍحقي ىقة ىكآيىة الن ٍ‬ ‫ى‬ ‫ٍى ٍ ى ى ٍ‬ ‫ٍ ىي‬ ‫ى‬
‫اص أ ٍىك ىكا ىف أ ًيم ىر بًًو أ ٍىم نرا يج ٍملًياا‬
‫ص ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫الثااني‪ :‬ىما نيس ىخ م اما ىكا ىف ىش ٍر نعا ل ىم ٍن قىػ ٍبػلىنىا ىكآيىة ىش ٍر ًع الٍق ى‬
‫ً‬
‫ث‪ :‬ىما أ ًيم ىر‬‫س امى ىى ىذا نى ٍس نخا تى ىج ُّونزا‪ .‬الثاالً ي‬ ‫ت ال ىٍم ٍق ًد ً ً ً ً‬
‫س بالٍ ىك ٍعبىة ىكإنا ىما يي ى‬
‫ىكنىس ًخ التػاو ُّج ًو إًلىى بػ ٍي ً‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬
‫ص ٍف ًح ثي ام ني ًس ىخ‬ ‫ف ىكال ًٍقلا ًة بًال ا‬
‫ص ٍب ًر ىكال ا‬ ‫سبىب ىك ٍاأل ٍىم ًر ًحين الض ٍاع ً‬ ‫سبى و‬ ‫ًً ً‬
‫ى‬ ‫كؿ ال ا ي‬ ‫ب ثي ام يىػ يز ي‬ ‫بو ل ى‬
‫ً ً‬ ‫اؿ ك ىى ىذا فًي ال ً ً‬ ‫يج ً ً ً‬
‫سًإ‬
‫س نى ٍس نخا بى ٍل يى ىو م ٍن ق ٍس ًم ال يٍم ٍن ى‬
‫ٍحقي ىقة لىٍي ى‬
‫ى‬ ‫اب الٍقتى ى‬ ‫بًًإ ى‬
‫يت ىكالٍغىايىًة ًمثٍ ىل قىػ ٍولً ًو فًي‬ ‫اب م ٍش ًعر بًالتػاوقً ً‬ ‫ً ً‬
‫اعةه أى اف ىما ىكىر ىد في الٍخطى ً ي ه ٍ‬ ‫اؿ ىمك ٌّي‪ :‬ذى ىك ىر ىج ىم ى‬ ‫ىكقى ى‬
‫اص ىفحوا حتاى يأٍتًي اللاوي بًأىم ًرهً} مح ىكم غىيػر م ٍنس و ً‬ ‫ً‬
‫وخ ألىناوي يم ىؤ اج هل بًأ ى‬
‫ىج ول‬ ‫ٍ ي ٍ ه ٍي ى ي‬ ‫الٍبىػ ىق ىرة‪{ :‬فىا ٍع يفوا ىك ٍ ي ى ى ى‬
‫ىج ول ىال نى ٍس ىخ فً ًيو‪.‬‬
‫ىكال يٍم ىؤ اج يل بًأ ى‬
‫الفائدة الثانية‪:‬‬
‫قاؿ السيوطي مرجحا الناسخ ك المنسوخ من اآليات ‪:‬‬
‫يف كىا أىنىا أيكًر يدهي ىنىا مح اررا فى ًمن الٍبػ ىقرةً‬ ‫«قى ٍد أىفٍػر ٍدتيو بًأ ًىدلاتً ًو فًي تىأٍلً و ً‬
‫ي يى ن ى ى ى‬ ‫يف لىط و ى ى‬ ‫ى ي‬
‫وخةه قًيل بًآي ًة الٍموا ًر ً‬
‫يث‬ ‫ب ىعلىٍي يك ٍم إً ىذا ىح ى‬ ‫ً‬
‫س ى ى ى ىى‬ ‫ت} ٍاآليىةي ىم ٍن ي‬ ‫ىح ىد يك يم ال ىٍم ٍو ي‬
‫ض ىر أ ى‬ ‫قىػ ٍوليوي تىػ ىعالىى‪ { :‬يكت ى‬
‫يل بً ًٍ‬ ‫ً ً و ً‬ ‫كقً ً ً ً‬
‫اإل ٍج ىم ًاع ‪.‬‬ ‫يل‪ :‬ب ىحديث " أ ىىال ىال ىكصياةى ل ىوا ًرث " ىكق ى‬ ‫ى ى‬
‫وخةه بًىق ٍولً ًو‪{ :‬فى ىم ٍن ىش ًه ىد ًم ٍن يك يم‬ ‫س ى‬ ‫يل‪ :‬ىم ٍن ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫قىػوليو تىػعالىى‪{ :‬ك ىعلىى الا ًذ ً‬
‫ين ييطي يقونىوي ف ٍديىةه} ق ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ٍي ى‬
‫يل‪ :‬ىم ٍح ىك ىمةه ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ال ا‬
‫ص ٍموي} ىكق ى‬ ‫ش ٍه ىر فىػلٍيى ي‬
‫ين ًم ٍن‬ ‫اً‬ ‫ً‬ ‫يح ال لى يكم لىيػلىةى الصي ًاـ ال ارفى ي ً ً ً ً‬ ‫كقىػوليو‪{ :‬أ ً‬
‫ب ىعلىى الذ ى‬ ‫ث} نىاس ىخةه ل ىق ٍولو‪ { :‬ىك ىما يكت ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫ى ٍي‬
‫قىػ ٍبلً يك ٍم} ‪.‬‬
‫ً‬ ‫وخةه بًىقولً ًو‪ً :‬‬ ‫ش ٍه ًر ال ى ً‬
‫{كقىاتليوا ال يٍم ٍش ًرك ى‬
‫ين‬ ‫ى‬ ‫س ى ٍ‬ ‫ٍح ىراـ} ٍاآليىةي ىم ٍن ي‬ ‫ك ىع ًن ال ا‬ ‫قىػ ٍوليوي تىػ ىعالىى‪{ :‬يى ٍسأىلونى ى‬
‫ىكافاةن} ‪.‬‬
‫وخةه بًآيىًة‬ ‫{متىاعان إًلىى ال ى ً‬ ‫ًً‬ ‫ً‬ ‫قىػوليوي تىػعالىى‪ :‬ا ً‬
‫س ى‬ ‫ٍح ٍوؿ} ىم ٍن ي‬ ‫ين ييػتىػ ىوفاػ ٍو ىف م ٍن يك ٍم} إًلىى قىػ ٍولو‪ :‬ى‬ ‫{كالذ ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ ى‬
‫{أ ٍىربىػ ىعةى أى ٍش يه ور ىك ىع ٍشران}‪.‬‬
‫اسب يكم بً ًو} م ٍنس ى ً‬
‫وخةه بًىق ٍول ًو بىػ ٍع ىدهي‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫{كإ ٍف تيػ ٍب يدكا ىما في أىنٍػ يفس يك ٍم أىك تي ٍخ يفوهي يي ىح ٍ ٍ ى ي‬
‫ً‬ ‫ىكقىػ ٍوليوي تىػ ىعالىى‪ :‬ى ً‬
‫ف اللاوي نىػ ٍفسان إًالا يك ٍس ىع ىها}‪.‬‬ ‫{ال يي ىكل ي‬ ‫ى‬
‫آؿ ًع ٍم ىرا ىف‪:‬‬‫كًم ٍن ً‬
‫ى‬
‫قىػوليوي تىػعالىى‪{ :‬اتاػ يقوا اللاوى ح اق تيػ ىقاتًًو} كقيل‪ :‬إًناوي م ٍنسو ه ً ً‬
‫استىطى ٍعتي ٍم}‬ ‫خ بًىق ٍولو‪{ :‬فىاتاػ يقوا اللاوى ىما ٍ‬ ‫ى ي‬ ‫ى‬ ‫ٍ ى‬
‫اس ًخ غىٍيػ ىر ىى ًذهً ٍاآليىًة‬ ‫ً ً‬
‫س ف ىيها آيىةه يىص ُّح ف ىيها ىد ٍع ىول الن ٍ‬
‫كقًيل ىال بل يىو مح ىكم كلىي ً‬
‫ى ى ىٍ ى ي ٍ ه ىٍ ى‬
‫س ًاء‪:‬‬‫ىكم ىن الن ى‬
‫ً‬
‫{كأيكليو األ ٍىر ىح ًاـ‬ ‫صيبػهم} م ٍنس ى ً ً ً‬ ‫ً‬ ‫قىػوليوي تىػعالىى‪ :‬ا ً‬
‫وخةه ب ىق ٍولو‪ :‬ى‬ ‫ت أىيٍ ىماني يك ٍم فىآتيو يى ٍم نى ى ي ٍ ى ي‬ ‫ين ىع ىق ىد ٍ‬
‫{كالذ ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ ى‬
‫اب اللا ًو}‬‫ض فًي كًتى ً‬ ‫ض يه ٍم أ ٍىكلىى بًبىػ ٍع و‬
‫بىػ ٍع ي‬
‫وخةه ىكقًي ىل‪ :‬ىال‪.‬‬ ‫س ى‬ ‫يل‪ :‬ىم ٍن ي‬
‫ً‬
‫ض ىر الٍق ٍس ىمةى} ٍاآليىةى ق ى‬
‫قىػوليوي تىػعالىى‪{ :‬كإً ىذا ح ى ً‬
‫ى ى‬ ‫ٍ ى‬
‫وخةه بًآيىًة النُّوًر‬ ‫البلتًي يأٍتًين الٍ ىف ً‬
‫س ى‬ ‫ش ىة} اآلية ىم ٍن ي‬ ‫اح ى‬ ‫{ك ا ى ى‬ ‫قىػ ٍوليوي تىػ ىعالىى‪ :‬ى‬
‫ىكًم ىن ال ىٍمائً ىدةً‪:‬‬
‫اؿ فً ًيو‬
‫اح ًة ال ًٍقتى ً‬
‫وخةه بًًإبى ى‬ ‫س ى‬ ‫ٍح ىر ىاـ} ىم ٍن ي‬ ‫{كال ال ا‬
‫ش ٍه ىر ال ى‬ ‫قىػ ٍوليوي تىػ ىعالىى‪ :‬ى‬
‫اح يك ٍم‬ ‫وخةه بًىقولً ًو‪{ :‬كأ ً‬ ‫اح يك ٍم بىػ ٍيػنىػ يه ٍم أ ٍىك أى ٍع ًر ٍ‬ ‫قىػ ٍوليوي تىػ ىعالىى‪{ :‬فىًإ ٍف ىجاءي ى‬
‫ىف ٍ‬ ‫ى‬ ‫س ى ٍ‬ ‫ض ىع ٍنػ يه ٍم} ىم ٍن ي‬ ‫كؾ فى ٍ‬
‫بىػ ٍيػنىػ يه ٍم بً ىما أىنٍػ ىز ىؿ اللاوي}‬
‫{كأى ٍش ًه يدكا ذى ىك ٍم ىع ٍد وؿ ًم ٍن يك ٍم}‬ ‫اف ًمن غىي ًريكم} م ٍنسو ه ً ً ً‬ ‫كقىػوليوي تىػعالىى‪{ :‬أىك ى ً‬
‫خ ب ىق ٍولو‪ :‬ى‬ ‫آخ ىر ٍ ٍ ٍ ى ي‬ ‫ٍ‬ ‫ى ٍ ى‬
‫اؿ‪:‬‬ ‫كًمن ٍاألىنٍػ ىف ً‬
‫ى ى‬
‫صابً يرك ىف} ٍاآليىةى منسوخة باآلية بعدىا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫قىػ ٍوليوي تىػ ىعالىى‪{ :‬إً ٍف يى يك ٍن م ٍن يك ٍم ع ٍش يرك ىف ى‬
‫كمن براءة‪:‬‬
‫س ىعلىى األى ٍع ىمى‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫قىػ ٍوليوي تىػ ىعالىى‪{ :‬انٍف يركا خ ىفافان ىكث ىقاالن} منسوخة بآيات العذر كىوقولو‪{ :‬لىٍي ى‬
‫ج} ٍاآليىةى ‪...‬‬ ‫ىح ىر ه‬
‫ىكًم ىن النُّوًر‪:‬‬
‫{كأىنٍ ًك يحوا األىيى ىامى ًم ٍن يك ٍم}‪.‬‬ ‫قىػوليوي تىػعالىى‪{ :‬ال ازانًي ىال يػ ٍن ًكح إًالا ىزانًيةن} ٍاآليةي م ٍنس ى ً ً ً‬
‫وخةه ب ىق ٍولو‪ :‬ى‬ ‫ى ى ي‬ ‫ى‬ ‫ى ي‬ ‫ٍ ى‬
‫يل ىال ‪.‬‬ ‫ت أىيماني يكم} ٍاآليةى قًيل م ٍنس ى ً‬ ‫اً‬ ‫ً ً‬
‫وخةه ىكق ى‬ ‫ين ىملى ىك ٍ ٍ ى ٍ ى ى ى ي‬ ‫قىػ ٍوليوي تىػ ىعالىى‪{ :‬ليى ٍستىأٍذنٍ يك يم الذ ى‬
‫اب‪:‬‬‫ىح ىز ً‬ ‫ً‬
‫ىكم ىن ٍاأل ٍ‬
‫ك} ٍاآليى ىة‬ ‫اج ى‬‫ك أى ٍزىك ى‬ ‫وخةه بًىق ٍولً ًو‪{ :‬إًناا أى ٍحلىلٍنىا لى ى‬ ‫س ى‬ ‫ساءي} ٍاآليىةى ىم ٍن ي‬ ‫ك الن ى‬ ‫{ال يى ًح ُّل لى ى‬
‫قىػ ٍوليوي تىػ ىعالىى‪ :‬ى‬
‫ادلى ًة‪:‬‬‫ال يٍم ىج ى‬
‫سو ىخةه بً ٍاآليىًة بىػ ٍع ىد ىىا‬ ‫وؿ فىػ ىقد يموا} اآلية ىم ٍن ي‬ ‫قىػ ٍوليوي تىػ ىعالىى‪{ :‬إً ىذا نى ى‬
‫اج ٍيتي يم ال ار يس ى‬
‫ىكًم ىن ال يٍم ٍمتى ًحنى ًة‪:‬‬
‫خ بًآيىًة ال ا‬
‫س ٍي ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اً‬
‫ف‬ ‫سو ه‬ ‫يل‪ :‬ىم ٍن ي‬ ‫اج يه ٍم مثٍ ىل ىما أىنٍػ ىف يقوا} ق ى‬ ‫ت أى ٍزىك ي‬ ‫ين ذى ىىبى ٍ‬
‫قىػ ٍوليوي تىػ ىعالىى‪{ :‬فىآتيوا الذ ى‬
‫يل‪ :‬يم ٍح ىك هم‬ ‫كقًيل‪ :‬بًآي ًة الٍغىنً ً ً‬
‫يمة ىكق ى‬ ‫ى‬ ‫ى ى ى‬
‫ىكًم ىن ال يٍم ازم ًل‪:‬‬
‫صلىو ً‬ ‫ً ً‬ ‫الس ً ً‬ ‫قىػوليو‪{ :‬قي ًم اللايل إًالا قىلًيبلن} قًيل م ٍنسو ه ً ً‬
‫ات‬ ‫ورة ثي ام نيس ىخ ٍاآلخ ير بال ا ى‬ ‫خ بآخ ًر ُّ ى‬ ‫ىى ي‬ ‫ٍى‬ ‫ٍي‬
‫ٍخ ٍم ً‬
‫س‬ ‫ال ى‬
‫اس ًخ فًي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً و ً‬ ‫ً‬ ‫ًً ً‬
‫وخةن ىعلىى خ ىبلؼ في بىػ ٍعض ىها ىال يىص ُّح ىد ٍع ىول الن ٍ‬ ‫س ى‬ ‫فىػ ىهذه إ ٍح ىدل ىكع ٍش يرك ىف آيىةن ىم ٍن ي‬
‫ض ُّم إًلىٍيػ ىها‬
‫ت تسعة ىع ٍش ىر ىكيي ى‬ ‫ار ٍ‬
‫صى‬ ‫اـ فى ى‬ ‫اف ىكال ًٍق ٍس ىم ًة ًٍ‬
‫اإل ٍح ىك ي‬
‫غىٍي ًرىىا ك ٍاألىص ُّح فًي آي ًة ًاال ٍستًٍئ ىذ ً‬
‫ى‬ ‫ى ى‬
‫وخةه بًىق ٍولً ًو‪:‬‬
‫س ى‬ ‫قىػ ٍوليوي تىػ ىعالىى‪{ :‬فىأىيٍػنى ىما تيػ ىولُّوا فىػثى ام ىك ٍجوي اللا ًو} ىعلىى ىرأٍ ًم ابٍ ًن ىعبا و‬
‫اس أىناػ ىها ىم ٍن ي‬
‫ٍح ىر ًاـ}‬ ‫ًً‬
‫ك ىشط ىٍر ال ىٍم ٍسجد ال ى‬ ‫{فىػ ىوؿ ىك ٍج ىه ى‬
‫ت ًع ٍش يرك ىف‪ ».‬انتهى ملخصا‬ ‫اآلية فىػتى ام ٍ‬
‫الفائدة الثالثة‪:‬‬
‫قد شرح المؤلف شركط النسخ عند تعريفو اصطبلحا ك ىاأنا ذا أذكرىا مرتبة ليسهل‬
‫حفظها ك ىي أربعة‪:‬‬
‫الشرط األكؿ‪ :‬أف يكوف الحكم المنسوخ قد ثبت بخطاب متقدـ‪ ،‬أما لو ثبت الحكم‬
‫بدليل العقل‪ ،‬أك البراءة كاستباحة الناس للخمر على عادة كانت لهم‪ ،‬فرفع ذلك‪ ،‬فإف‬
‫ذلك ليس بنسخ‪ ،‬ألنو لم يثبت الحكم السابق بخطاب متقدـ‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬أف يكوف الحكم المنسوخ مطلقان لم ييحدد بمدة معلومة‪ ،‬فيأتي الناسخ‬
‫فجأة دكف انتظار من المكلفين‪.‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬أف يكوف الناسخ خطابان شرعيان‪ ،‬فلو ارتفع الحكم بموت المكلف أك‬
‫جنونو‪ ،‬أك غير ذلك من العوارض األىلية فليس ىذا بنسخ‪.‬‬
‫الشرط الرابع؛ أف يكوف الناسخ منفصبلن عن المنسوخ متأخر عنو‪ ،‬فإف اتصل كاقترف بو‬
‫كالشرط أك الغاية فإنو يسمى تخصيصان‪.‬‬
‫الفائدة الرابعة‪:‬‬
‫قد يتوىم طالب العلم أف بين النسخ ك التخصيص تداخبل ك اشتباىا ك الحقيقة أف‬
‫بينهما فركؽ عدة‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬أف النسخ يشترط فيو أف يكوف الناسخ متأخران عن المنسوخ‪ ،‬بخبلؼ‬
‫التخصيص فبل يشترط فيو ذلك‪ ،‬فقد يقترف مع العاـ‪ ،‬كقد يفترؽ عنو‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أف النسخ يجوز كركده على األمر بمأمور كاحد كما نسخ التوجو إلى بيت‬
‫المقدس بالتوجو إلى البيت الحراـ‪ ،‬أما التخصيص فبل يدخل كال يرد على األمر بمأمور‬
‫كاحد مثل‪ " :‬أكرـ زيدان " فبل يجوز تخصيصو؛ ألنو ال يكوف إال من متعدد‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أف التخصيص تبقى معو داللة اللفظ العاـ على ما تحتو حقيقة‪ ،‬أم‪ :‬أف اللفظ‬
‫العاـ يبقى حجة فيما بقي بعد التخصيص‪ ،‬أما النسخ فبل تبقى معو داللة اللفظ على ما‬
‫تحتو حينما يرد النسخ على األمر بمأمور كاحد‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أنو ال يجوز تخصيص شريعة بشريعة أخرل‪ ،‬كيجوز نسخ شريعة بشريعة أخرل‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬إف التخصيص ال يكوف إال لبعض أفراد العاـ‪ ،‬أما النسخ فقد يرفع جميع‬
‫أفراد العاـ‪ ،‬كقد يرفع بعضو‪.‬‬
‫السادس‪ :‬أف التخصيص ال يرد إال على العاـ‪ ،‬أما النسخ فإنو يرد على العاـ كالخاص‪.‬‬
‫السابع‪ :‬أف النسخ ال يجوز إال بالنص كىي‪ :‬الكتاب كالسنة‪ ،‬أما التخصيص فإنو يجوز‬
‫بالنص كباإلجماع كالقياس كالقرائن‪.‬‬
‫الفائدة الخامسة‪:‬‬
‫ذىب أىل السنة إلي جواز لنسخ قبل التمكن من االمتثاؿ ‪ ،‬كاحتجوا بقصة ذبح‬
‫إسماعيل – عليو السبلـ ‪ ،-‬فإف اهلل أبطل ذبحو قبل فعلو ‪ ،‬بقولو – تعالي ‪):-‬كفدينو‬
‫بذبح عظيم( ‪.‬كقد أنكر المعتزلة ذلك قائلين ‪ :‬إنو يفضي إلي إف يكوف الشيء الواحد‬
‫حسنا قبيحا ‪ ،‬إذ أمره بو دليل على حسنو ‪ ،‬كإبطالو دليل قبحو ‪.‬كحاكلوا تأكيل قصة‬
‫الذبح بأنو كاف مناما ال أصل لو ‪ ،‬أك بأنو كلف العزـ على الفعل – فقط – المتحاف‬
‫صبره ‪.‬كىذا فاسد ألنو مبني على قاعدة التحسين كالتقبيح العقليين ‪ ،‬كىي غير مسلمة‬
‫لهم ‪ ،‬كلو سلم لهم ىذا لكاف دليبل على إنكار النسخ بالكلية ‪.‬كىذه التأكيبلت التي‬
‫أكلها ىؤالء القدرية فاسدة ‪ ،‬ألنو لو صح شيء منها لم يحتج إلي فداء ‪.‬ك منامات‬
‫األنبياء كحي ‪ ،‬كلو كاف لؤلمر أصل لو ما جاز إلبراىيم قصد الذبح ‪ .‬كقولهم ‪ :‬كلف‬
‫إبراىيم بالعزـ كلم يكلف بالذبح غير صحيح لقولو ‪ ) :‬إني أرم في المناـ أني أذبحك(‬
‫كلم يقل ‪ :‬إني عازـ على ذبحك ‪.‬‬
‫الفائدة السادسة‪:‬‬
‫الزيادة على النص ثبلثة أقساـ ىي ‪:‬‬
‫األكؿ ‪ :‬أال تتعلق الزيادة بالمزيد عليو ‪ :‬كزيادة إيجاب الصوـ بعد إيجاب الصبلة فهذا‬
‫ليس بنسخ إجماعا ‪ ،‬ألف حكم المزيد عليو لم يرتفع كلم يتغير ‪.‬‬
‫الثاني ‪:‬أف تتعلق الزيادة بالمزيد عليو دكف أف تكوف شرطا فيو ‪ :‬كزيادة التغريب على‬
‫الجلد في الحد من زنا البكر ‪ ،‬فإف التغريب ليس شرطا في الجلد فلو جلد كلم يغرب‬
‫ال يجب استئناؼ الجلد ‪.‬‬
‫كقد اختلف العلماء في ىذا ‪:‬‬
‫فذىب أبو حنيفة إلي نسخ فبل يثبت إال كاف في قوة المنسوخ ‪ ،‬كاحتج بأف الجلد كاف‬
‫ىو الحد كامبل ‪ ،‬كبعد زيادة التغريب لم يبق حدا كامبل بل صار جزءا للحد ‪ ،‬فتغير‬
‫الحكم كىذا ىو النسخ ‪.‬‬
‫كذىب الجمهور إلي أف ىذا ليس بنسخ ‪ ،‬كاحتجوا بأف النسخ ىو رفع حكم الخطاب‬
‫‪ .‬كحكم الجلد ىنا لم يرفع ‪ ،‬ىو كجوبو كإجزاؤه عن نفسو ‪ ،‬كىو باؽ ‪ ،‬كإنما انضم‬
‫إليو شيء آخر فأشبو األمر بالصياـ بعد األمر بالصبلة ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أف تتعلق الزيادة بالمزيد عليو كتكوف شرطا فيو ‪ ،‬كزيادة النية في الطهارة‬
‫فذىب الحنفية كبعض الشافعية إلي أنها نسخ ‪ ،‬محتجين بأف المزيد عليو من األجزاء‬
‫كحده قد ارتفع ‪.‬‬
‫كذىب الجمهور إلي أنو ليس بنسخ ‪ ،‬ألف النسخ رفع حكم الخطاب بمجموعو‬
‫كالخطاب األكؿ اقتضي الوجوب ك اإلجزاء ‪.‬‬
‫كالذم ارتفع ىنا اإلجزاء – فقط – كالوجوب باؽ لحل ‪ ،‬فليس بنسخ بل ىو كرفع‬
‫المفهوـ كتخصيص العموـ ككل منهما ال يسمي نسخا ‪.‬‬
‫الفائدة السابعة‪:‬‬
‫ىناؾ أشياء يمتنع نسخها من الشارع‪:‬‬
‫ُ‪/‬األخبار ألف النسخ محلو الحكم ‪ ،‬كألف نسخ أحد الخبرين يستلزـ أف يكوف‬
‫أحدىما كاذبا ‪ ،‬كالكذب مستحيل في أخبار اهلل كرسولو ‪.‬‬
‫ِ‪/‬األحكاـ التي تكوف مصلحة في كل زماف كمكاف ‪ :‬كالتوحيد كأصوؿ اإليماف كأصوؿ‬
‫العبادات ‪ ،‬كمكارـ األخبلؽ ‪ ،‬من الصدؽ كالعفاؼ كالكرـ كالشجاعة ‪ ،‬كنحو ذلك ‪،‬‬
‫فبل يمكن نسخ األمر بها ‪ ،‬ككذلك ال يمكن نسخ النهي عما ىو قبيح في كل زماف‬
‫كمكاف ‪ :‬كالشرؾ كالكفر كمساكئ األخبلؽ من الكذب كالفجور كالبخل كالجبن ‪،‬‬
‫كنحو ذلك ‪ ،‬إذ الشرائع كلها لمصالح العباد كدفع المفاسد عنهم ‪.‬‬
‫الفائدة الثامنة‪:‬‬
‫مفهوـ الموافقة يقع ناسخان كمنسوخان؛ ألف مفهوـ الموافقة كالنص المنطوؽ بو‪ ،‬فكما‬
‫يجوز نسخ النص‪ ،‬كالنسخ بو‪ ،‬فكذلك يجوز نسخ المفهوـ الموافق كالنسخ بو كال‬
‫فرؽ‪ ،‬كالجامع‪ :‬أف الحكم يؤخذ من اللفظ في كل منهما‪.‬‬
‫الفائدة التاسعة‪:‬‬
‫مفهوـ المخالفة يأتي منسوخان‪ :‬فيجوز نسخ حكم المسكوت الذم ىو مخالف‬
‫للمذكور مع نسخ األصل‪ ،‬كدكنو‪.‬‬
‫أما نسخ المفهوـ المخالف مع أصلو فهو كاضح؛ حيث إنو إذا نسخ األصل كىو‬
‫النص المنطوؽ بو ينسخ معو كل ما يفهم منو‪.‬‬
‫أما نسخ المفهوـ المخالف مع بقاء أصلو فقد كقع؛ حيث جاء عن النبي ‪ -‬صلى اهلل‬
‫عليو كسلم ‪ -‬أنو قاؿ‪ " :‬إنما الماء من الماء "‪ ،‬فقد نسخ مفهومو بما ركتو عائشة‬
‫رضي اهلل عنها أف النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬قاؿ‪ " :‬إذا التقى الختاناف فقد‬
‫كجب الغسل "‪ ،‬كبقي أصلو كىو كجوب الغسل باإلنزاؿ‪.‬‬
‫الفائدة العاشرة‪:‬‬
‫مفهوـ المخالفة ال يكوف ناسخان‪ ،‬ألف النص أقول منو‪ ،‬فمفهوـ المخالفة أضعف من‬
‫النص المنطوؽ بو‪ ،‬فبل يقول على نسخو‪.‬‬
‫الفائدة الحادية عشر‪:‬‬
‫طرؽ معرفة الناسخ من المنسوخ ىي‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬أف يعلم من اللفظ تقدـ أحد الحكمين على اآلخر‪ ،‬فيكوف المتقدـ منسوخان‪،‬‬
‫كالمتأخر ناسخان؛ كقولو تعالى‪ :‬ى ً ا‬
‫اب ىعلىٍي يك ٍم‬ ‫(عل ىم اللوي أىنا يك ٍم يك ٍنتي ٍم تى ٍختىانيو ىف أىنٍػ يف ى‬
‫س يك ٍم فىػتى ى‬
‫كى ان)‪ ،‬فإنو يفيد نسخ اإلمساؾ بعد اإلفطار‪ ،‬ككقولو ‪ -‬صلى‬ ‫ك ىع ىفا ىع ٍن يكم فى ٍاآل ىف ب ً‬
‫اش ير ي‬‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬
‫اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬كنت نهيتكم عن زيارة القبور أال فزكركىا "‪ ،‬كقولو‪ " :‬كنت‬
‫نهيتكم عن ادخار لحوـ األضاحي‪ ،‬أما اآلف فكلوا‪." . . .‬‬
‫الثاني‪ :‬أف يذكر الراكم ‪ -‬صراحة ‪ -‬كقت سماعو ذلك النص من النبي ‪ -‬صلى اهلل‬
‫عليو كسلم ‪ -‬فيقوؿ‪ " :‬سمعت عاـ الفتح كذا "‪ ،‬فيكوف المنسوخ ىو الذم تقدـ على‬
‫ذلك التاريخ‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أف تجمع األمة أك الصحابة ‪ -‬رضي اهلل عنهم ‪ -‬على أف ىذا الحكم منسوخ‪،‬‬
‫كأف ناسخو متأخر كنسخ رمضاف لصياـ يوـ عاشوراء‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أف يفهم الناسخ كالمنسوخ من كبلـ الراكم صراحة‪ ،‬كقوؿ علي رضي اهلل عنو‪:‬‬
‫" أمرنا النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬بالقياـ للجنازة ثم قعد "‪ ،‬ككقوؿ الراكم‪" :‬‬
‫رخص لنا رسوؿ اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬في المتعة ثبلثان‪ ،‬ثم نهانا عنها "‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬أف يكوف راكم أحد الخبرين لم يصحب النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬إال‬
‫في أكؿ اإلسبلـ ثم انقطع‪ ،‬كأف راكم الخبر اآلخر أسلم في آخر حياة النبي ‪ -‬صلى‬
‫اهلل عليو كسلم ‪ ،-‬فيكوف نقل الثاني ىو الناسخ كما نقلو األكؿ ىو المنسوخ‪ ،‬كخبر‬
‫طلق بن علي‪ :‬أف النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬سئل عن الوضوء من مس الذكر‬
‫فقاؿ‪ " :‬ىل ىو إال بضعة منك "‪ ،‬فهنا ال يجب الوضوء من مس الذكر‪ ،‬كلكن ذلك‬
‫منسوخ بما ركاه أبو ىريرة رضي اهلل عنو‪ :‬أف النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬قاؿ‪" :‬‬
‫س ذكره فليتوضأ "؛ ألف أبا ىريرة أسلم في آخر حياة النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو‬
‫من م ا‬
‫كسلم ‪ ،-‬كبعد كفاة طلق بن علي‪.‬‬

‫اإلجماع‬
‫تعريفو‪ :‬ىو في اللغة يطلق على شيئين‪:‬‬
‫ُ‪ -‬االتفاؽ‪ ،‬يقاؿ‪ :‬أجمع القوـ على كذا إذا اتفقوا عليو‪ ،‬كىذا ال يتأتىإال من‬
‫الجماعة‪.‬‬
‫ِ‪ -‬العزـ المصمم يقاؿ أجمع فبلف رأيو على كذا‪ ،‬إذا صمم عزمو عليو كىذا يتأتى‬
‫من الواحد كمن الجماعة‪،‬‬
‫ض ىعلىى ىى ىذا بًأى اف إجماع األمة يتعدل بعلى‪ ،‬كاإلجماع بمعنى العزيمة ال يتعدل‬ ‫ا ٍعتي ًر ى‬
‫ت ىعلىى‬ ‫ىج ىم ٍع ي‬‫اؿ‪ :‬أ ٍ‬ ‫اؿ‪ :‬ييػ ىق ي‬‫يس" فىًإناوي قى ى‬‫س فًي "ال ىٍم ىقايً ً‬ ‫يب ىع ٍنوي بً ىما ىح ىكاهي ابٍ ين فىا ًر و‬ ‫ً‬
‫بعلى‪ ،‬ىكأيج ى‬
‫ىج ىم ٍعتيوي‪.‬‬
‫اعا ىكأ ٍ‬ ‫ٍاأل ٍىم ًر إً ٍج ىم ن‬
‫ضا الٍغى ىزالً ُّي‪.‬‬‫ىكقى ٍد ىج ىزىـ بً ىك ٍونًًو يم ٍشتى ًرنكا بىػ ٍي ىن ال ىٍم ٍعنىػيىػ ٍي ًن أىيٍ ن‬
‫اؽ؛ ًألى اف ىم ًن اتاػ ىف ىق ىعلىى ىش ٍي وء فىػ ىق ٍد ىع ىزىـ ىعلىٍي ًو‪.‬‬ ‫اضي‪ :‬ال ىٍع ٍزـ يػرًجع إًلىى ًاالتػ ىف ً‬
‫ي ىٍ ي‬
‫اؿ الٍ ىق ً‬ ‫ىكقى ى‬
‫ىم‪ :‬ال ىٍع ٍزيـ أى ٍشبىوي بًاللُّغى ًة‪ ،‬ىكالثاانًي أم‪ :‬االتفاؽ‬ ‫س ٍم ىعانًي‪ٍ :‬األى اك يؿ أ ً‬ ‫اف ىكابٍ ين ال ا‬ ‫اؿ ابٍن بػرىى و‬
‫ىكقى ى ي ي ٍ‬
‫أشبو بالشرع‪.‬‬
‫ك ىال ييػنىافًي ىك ٍونىوي ىم ٍعننى ليغى ًوياا‪ ،‬ىكىك ٍو ىف‬ ‫ش ٍر ًع فى ىذلً ى‬ ‫اب ىع ٍنوي‪ :‬بًأى اف الثاانً ىي ىكإً ٍف ىكا ىف أى ٍشبىوى بًال ا‬ ‫ىكيي ىج ي‬
‫اركا‬‫صي‬ ‫ىج ىم ىع الٍ ىق ٍو يـ إً ىذا ى‬ ‫اؿ أىبيو ىعلً ٍّي الٍ ىفا ًر ًس ُّي‪ :‬ييػ ىق ي‬
‫اؿ‪ :‬أ ٍ‬ ‫اللا ٍف ًظ يم ٍشتى ًرنكا بىػ ٍيػنىوي ىكبىػ ٍي ىن ال ىٍع ٍزًـ قى ى‬
‫ار ذىا لىبى ون ىكتى ٍم ور‪.‬‬ ‫صى‬ ‫اؿ‪ :‬أىلٍبى ىن ىكأىتٍ ىم ىر إً ىذا ى‬ ‫ىذ ًكم ىج ٍم وع ىك ىما ييػ ىق ي‬

‫كفي االصطبلح ىو‪ :‬اتفاؽ جميع العلماء المجتهدين من أمة محمد صلى اهلل عليو‬
‫كسلم بعد كفاتو في عصر من العصور على أمر ديني‪.‬‬
‫شرح التعريف‪ :‬االتفاؽ جنس يعم أشياءه متعددة يخرج غير المراد منها بالقيود التالية‬
‫لذلك فخرج بإضافتو إلى جميع العلماء المجتهدين‪ :‬المتعلم الذم لم يبلغ درجة‬
‫االجتهاد فضبل عن العامي كمن في حكمو فبل عبرة بوفاقهم كال بخبلفهم كخرج بو‬
‫أيضان حصوؿ ا ًإلجماع من بعض المجتهدين دكف بعض‪ .‬كخرج بقيد "من أمة محمد‬
‫صلى اهلل عليو كسلم " إجماع غيرىا من األمم‪ ،‬كالمراد باألمة‪ :‬أمة ا ًإلجابة ال أمة‬
‫الدعوة‪.‬‬
‫كالمراد بالتقييد بما بعد كفاتو صلى اهلل عليو كسلم بياف بدأ الوقت الذم يوجد فيو‬
‫اإلجماع أما في زمن حياتو صلى اهلل عليو كسلم فبل اعتداد با ًإلجماع ألنو زمن نزكؿ‬
‫الوحي‪.‬‬
‫كالمراد بقولنا "في عصر من العصور" ا ًإلشارة إلى اعتبار ا ًإلجماع في أم عصر كجد‬
‫بعد زمن النبوة سواء في ذلك عصر الصحابة كمن بعدىم‪.‬‬
‫كخرج بقيد "على أمر ديني " اتفاؽ مجتهدم األمة على أمر من األمور العقلية أك‬
‫العادية مثبل‪.‬‬

‫استفاض المؤلف في شرح التعريف ‪،‬ك خبلصة كبلمو أف اإلجماع في اصطبلح أىل‬
‫الشريعة ىو‪ :‬اتفاؽ مجتهدم العصر من أيامة محمد ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬بعد‬
‫كفاتو على أم أمر كاف من أمور الدين‪.‬‬
‫قولنا ‪ " :‬اتفاؽ " المراد بو‪ :‬االتحاد كاالشتراؾ في األقواؿ كاألفعاؿ‪ ،‬كالسكوت‪،‬‬
‫كالتقرير‪.‬‬
‫قولنا‪ " :‬مجتهدم العصر " المجتهد ىو‪ :‬كل من توفرت فيو شركط المجتهد‪ ،‬كىي‬
‫كثيرة سيأتي التفصيل فيها إف شاء اللاو‪.‬‬
‫كخرج بذلك العواـ‪ ،‬كطبلب العلم الذين لم يبلغوا درجة االجتهاد‪ .‬كعبارنا بذلك‬
‫ليشمل جميع المجتهدين في عصر كاحد‪ ،‬فلو تخلف كاحد من المجتهدين فبل يسمى‬
‫ذلك إجماعان‪ .‬أم‪ :‬أف يتفق علماء العصر الذم حدثت فيو الحادثة التي تحتاج إلى‬
‫النظر فيها‪ ،‬أما من بلغ درجة االجتهاد بعد حدكث الحادثة‪ ،‬كالحكم عليها‪ ،‬فبل يعتبر‬
‫من أىل ذلك العصر‪.‬‬
‫قولنا‪ " :‬من أ ىيمة محمد ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬أخرج اتفاؽ المجتهدين من أتباع‬
‫الشرائع السابقة كاليهود كالنصارل كغيرىم‪ ،‬فبل يعتد بإجماعهم كال خبلفهم‪.‬‬
‫قولنا‪ " :‬بعد كفاتو " أخرج اتفاؽ المجتهدين في حياة النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪،-‬‬
‫فإف ىذا ال يسمى إجماعان؛ ألنو ال إجماع إال بعد اجتهاد‪ ،‬كال اجتهاد في حياة النبي ‪-‬‬
‫صلى اهلل عليو كسلم ‪.-‬‬
‫قولنا‪ " .‬على أم أمر كاف من أمور الدين " لبياف أف اإلجماع الشرعي يشترط أف يكوف‬
‫متعلقان بحكم شرعي يهم المكلاف‪ .‬كخرج بذلك اتفاؽ المجتهدين على أمر ليس من‬
‫أمور الدين كاالتفاؽ على بعض مسائل اللغة‪ ،‬أك الحساب‪ ،‬أك األمور الدنيوية‪،‬‬
‫كنحو ذلك‪.‬‬

‫أمثلة ل ًئلجماع‬
‫تقدـ في بحث الخاص كغيره أمثلة ل ًئلجماع‪ .‬كإليك جملة من المسائل المجمع عليها‬
‫نقلناىا من كتاب مراتب اإلجماع البن حزـ رحمو اهلل اخترناىا من أبواب متعددة‪:‬‬
‫ُ‪ -‬اتفقوا على أف للمعتدة من طبلؽ رجعي السكنى كالنفقة‪.‬‬
‫ِ‪ -‬اتفقوا على أف الوطء يفسد االعتكاؼ‪.‬‬
‫ّ‪ -‬اتفقوا على أف فعل الكبائر كالمجاىرة بالصغائر جرح ترد بو الشهادة‪.‬‬
‫ْ‪ -‬اتفقوا على أنو ال يرث مع األـ جدة‪.‬‬
‫ٓ‪ -‬اتفقوا على أف الوصية لوارث ال تجوز‪.‬‬
‫ٔ‪ -‬اتفقوا على أنو ال قود على القاتًل خطأ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬اتفقوا على أف المطلقة طبلقاى رجعيان يرثها الزكج كترثو مادامت في العدة‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬اتفقوا على أف سفر المرأة فيما أبيح لها مع زكج أك ذم محرـ مباح‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬اتفقوا على أف ذبح األنعاـ في الحرـ كللمحرـ حبلؿ‪.‬‬
‫َُ‪ -‬اتفقوا على أنو ليس في القرآف أكثر من خمس عشرة سجدة‪.‬‬
‫ُُ‪ -‬اتفقوا على أف الحائض تقضى ما أفطرت في حيضها‪.‬‬
‫ُِ‪ -‬اتفقوا على أنو ال يصوـ أحد عن إنساف حي‪.‬‬

‫ىذه أمثلة لئلجماع ‪ ،‬ك قد اشتهر كثير من العلماء بنقل اإلجماع في كتبهم كابن عبد‬
‫البر كابن المنذر كابن حزـ ك ابن قدامة المقدسي كابن تيمية كالنوكم ك غيرىم‪...‬‬
‫ك أما بالنسبة لكتب اإلجماع فمن أشهرىا كتاب اإلجماع البن المنذر‪ ،‬كمراتب‬
‫اإلجماع البن حزـ‪ ،‬كنقد مراتب اإلجماع البن تيمية‪ ،‬كاإلقناع في مسائل اإلجماع البن‬
‫القطاف ك ىناؾ كتب أخرل‪.‬‬

‫دليل حجية اإلجماع‬


‫ذىب الجمهور إلى أف اإلجماع حجة يجب العمل بو‪ ،‬كخالف في ذلك النظاـ‬
‫كالشيعة كالخوارج‪.‬‬
‫كقد استدؿ الجمهور لحجيتو بأدلة كثيرة منها‪:‬‬
‫ا‪ -‬قولو تعالى‪{ :‬كمن يشاقق الرسوؿ من بعد ما تبين لو الهدل كيتبع غير سبيل‬
‫المؤمنين نولو ما تولى كنصلو جهنم كساءت مصيرا} كذلك أف اهلل تعالى توعد من‬
‫خالف سبيل المؤمنين بالعذاب فوجب اتباع سبيلهم‪ ،‬كما ذاؾ إال ألنو حجة‪.‬‬
‫ِ‪ -‬قولو صلى اهلل عليو كسلم‪ " :‬ال تزاؿ طائفة من أمتي ظاىرين على الحق "‬
‫الحديث فلو أجمع أىل عصر من العصور على باطل لتخلف مصداؽ الحديث في‬
‫ذلك العصر لعدـ كجود ظهير للحق فيو كذلك باطل فبطل أف يكوف إجماعهم على‬
‫خبلؼ الحق‪ ،‬إذان فهو حجة يجب اتباعو‪.‬‬

‫ك ىج ىعلٍنىا يك ٍم أيامةن ىك ىسطنا لًتى يكونيوا‬


‫(كىك ىذلً ى‬
‫كذلك من األدلة على حجية اإلجماع قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫وؿ ىعلىٍي يك ٍم ىش ًهي ندا) ‪.‬كجو الداللة‪ :‬أف اللاو تعالى قد‬ ‫اء ىعلىى الن ً‬
‫ااس ىكيى يكو ىف ال ار يس ي‬ ‫يش ىه ىد ى‬
‫دؿ على ذلك قولو تعالى‪:‬‬ ‫كصف األيامة بأنهم أيامة كسطا‪،‬كالوسط‪ :‬الخيار العدؿ‪ ،‬ا‬
‫كجل عدلهم بقبوؿ شهادتهم‪ ،‬كلما‬
‫(قاؿ أكسطهم ألم أقل لكم) أم‪ :‬أعدلهم‪ ،‬فاهلل ىع از ى‬
‫كاف قوؿ الشاىد يح اجة‪ ،‬إذ ال معنى لقبوؿ شهادتو إال كوف قولو يح اجة يجب العمل‬
‫بمقتضاه‪ ،‬فيدؿ ىذا على أف إجماع األيامة يجب العمل بمقتضاه‪.‬‬
‫ككوف الوسط‪ :‬العدؿ ىو الذم ذكره الجوىرم في الصحاح‪ ،‬كذكره القرطبي في‬
‫تفسيره‪.‬‬
‫ااس تىأٍمرك ىف بًالٍمعر ً‬ ‫ك من األدلة أيضا قولو تعالى‪ ( :‬يك ٍنتم ىخيػر أيام وة أي ٍخ ًرج ٍ ً‬
‫كؼ‬ ‫ى ٍي‬ ‫ت ل لن ً ي ي‬ ‫ى‬ ‫يٍ ٍى‬
‫ىكتىػ ٍنػ ىه ٍو ىف ىع ًن ال يٍم ٍن ىك ًر) كجو االستدالؿ‪ :‬أف اللاو تعالى قد أخبر عن خيرية ىذه األيامة بأنهم‬
‫يأمركف بكل معركؼ‪ ،‬كينهوف عن كل منكر‪ ،‬كىذا يقتضي كوف قولهم حقان كصوابا في‬
‫جميع األحواؿ‪ ،‬كالخيرية توجب حقيقة ما اجتمعوا عليو؛ ألنو لو لم يكن حقان لكاف‬
‫ضبلالن‪ ،‬فإذا اجتمعوا على مشركعية شيء يكوف ذلك الشيء معركفان‪ ،‬كإذا اجتمعوا‬
‫على عدـ مشركعية شيء يكوف ذلك الشيء منكران‪ ،‬فيكوف إجماعهم يحجة‪.‬‬
‫أما أصحاب المذىب الثاني المرجوح فقد استدلوا بدكرىم بأدلة منها قولهم‪ :‬إف أىل‬
‫اإلجماع قد انتشركا في مشارؽ األرض كمغاربها‪ ،‬كىذا االنتشار يمنع نقل الحكم‬
‫إليهم عادة‪ ،‬كإذا امتنع نقل الحكم امتنع االتفاؽ الذم ىو كقوع تساكيهم في نقل‬
‫الحكم إليهم‪.‬‬
‫ك يمكن الجواب عنو‪ :‬بأف أىل اإلجماع عدد قليل معركفوف بأعيانهم‪،‬كىم‬
‫المجتهدكف‪ ،‬كعليو فيمكن أف ينقل الحكم إلى جميعهم‪ ،‬ك ال يخفى على كاحد من‬
‫المجتهدين‪ ،‬ثم إف أىل اإلجماع يكونوف عادة أىل جد كبحث‪ ،‬كليسوا خاملين‪،‬‬
‫فالمطلوب ال يخفى على الطالب الجاد‪ ،‬كإنما يمتنع ذلك لمن قعد في عقر داره ال‬
‫يبحث كال يطلب‪ ،‬كىذا قد ينزلو عن درجة االجتهاد‪.‬‬

‫عصر اإلجماع‬
‫تقدـ في تعريف ا ًإلجماع أنو عاـ ف ًي أم عصر كاف بعد كفاة الرسوؿ صلى اهلل عليو‬
‫كسلم ال فرؽ في ذلك بين عصور الصحابة كعصور من بعدىم كىذا قوؿ الجمهور‬
‫خبلفان لمن خصو بعصر الصحابة كداكد الظاىرم كمن كافقو مستدلين بأف قلة عدد‬
‫الصحابة كحصرىم كضعف دكاعي الهول فيهم يتيسر معو إجماعهم كاإلطبلع عليو‬
‫فيمكن االحتجاج بو بخبلؼ من بعدىم فإف كثرتهم كاختبلؼ أىوائهم كضعفهم عن‬
‫مقاكمة الحكاـ يبعد عادة حصوؿ اإلجماع منهم كاإلطبلع عليو‪.‬‬
‫كقد رد الجمهور ىذا االستدالؿ بأف أرباب الشبو على كثرتهم كاختبلؼ أىوائهم قد‬
‫اتفقت كلمتهم على الباطل كأطلع على ذلك منهم كاليهود في إنكار نبوة محمد صلى‬
‫اهلل عليو كسلم فإجماع المسلمين على الحق أكلى بأف يقع كيطلع عليو‪.‬‬
‫كمن أدلة الجمهور‪ :‬أف األدلة التي دلت على حجية اإلجماع عامة لم تخصص عصرا‬
‫دكف عصر‪ .‬فكاف ا ًإلجماع في أم عصر حجة‪.‬‬

‫ىذا القوؿ الذم اختاره المؤلف ىو الراجح الذم عليو الدليل كبالنسبة للمذىب الثاني‬
‫في المسألة الذم يرل أف اإلجماع يمكن العلم بو كاالطبلع عليو في زمن الصحابة‬
‫فقط‪ .‬فقد اختاره بعض الشافعية كاألصفهاني‪ ،‬كبعض اإلمامية‪ ،‬كأىل الظاىر‪.‬‬
‫كاستدلوا بقولهم‪ :‬إنو ال يتعذر العلم باإلجماع في زمن الصحابة كاالطبلع عليو‪ ،‬نظران‬
‫لقلتهم‪،‬كحصرىم‪ ،‬كاجتماعهم في الحجاز‪ ،‬كمن خرج منهم فيعرؼ مكانو‪ ،‬فيمكن‬
‫الرجوع إليهم جميعان‪ ،‬كعليو فيمكن معرفة ما اتفقوا عليو جميعان‪ ،‬كما اختلفوا فيو‪ .‬أما‬
‫في غير الصحابة‪ ،‬فإف العلم باإلجماع متوقف على معرفة أعياف المجمعين‪ ،‬كما غلب‬
‫على ظنهم‪ ،‬كاتفاقهم عليو في كقت كاحد‪ ،‬كىذه األمور غير ممكنة إال في زمن‬
‫الصحابة فقط‪ ،‬أما في زمن غيرىم‪ :‬فبل يمكن نظران لكثرتهم كتفرقهم‪.‬‬
‫أجابهم الجمهور بأف المجتهدين كإف كانوا كثيرين فإنو يمكن معرفة اإلجماع بمشافهة‬
‫بعضهم كالنقل المتواتر عن الباقين بأف ينقل من أىل كل قطر من يحصل التواتر‬
‫بقولهم عمن فيو من المجتهدين مذاىبهم‪ ،‬فيتضح إمكاف االطبلع على إجماع من عدا‬
‫الصحابة‪ .‬ىذا على فرض أف المجتهدين في كل عصر كثيركف‪ ،‬كلكن الحق‪ :‬أف الذين‬
‫بلغوا درجة االجتهاد في كل عصر ىم فئة قليلة جدان يمكن العلم بهم‪ ،‬فهم من الشهرة‬
‫بحيث ال يخفوف على باحث فيمكن العلم بأقوالهم كنقلها‪.‬‬
‫ك في المسألة قوؿ ثالث يرل أنو يمكن معرفة اإلجماع كاالطبلع عليو في القركف‬
‫الثبلثة األكلى‪ ،‬كىو اختيار بعض الحنفية‪ ،‬كمنهم األنصارم‪ .‬استدلوا بقولهم‪ :‬إف‬
‫المجتهدين في ىذه العصور كىي القركف الثبلثة يمكن معرفتهم‪ ،‬فيسهل معرفة‬
‫اإلجماع في ىذه األزمنة كاالطبلع عليها‪ .‬كقد أجيبوا بالجواب السابق على دليل‬
‫أصحاب المذىب الثاني‪.‬‬

‫ىل انقراض عصر المجمعين شرط في انعقاد إجماعهم أك ال؟‬


‫إذا حصل اإلجماع من المجتهدين في زمن فهل ينعقد إجماعهم من كقت حصولو أك‬
‫البد في انعقاده من انقراض عصرىم فيو قوالف ىما ركايتاف عن أحمد‪ ،‬كالصحيح‬
‫األكؿ كىو قوؿ الجمهور كيدؿ لو أمور‪:‬‬
‫ُ‪ /‬إف أدلة اإلجماع من الكتاب كالسنة ال توجب اعتبار انقراضو‪.‬‬
‫ِ‪ /‬إف التابعين قد احتجوا بإجماع الصحابة قبل انقراض عصرىم كلو كاف ذلك شرطان‬
‫لم يحتجوا بو قبل انقراضهم‪.‬‬
‫ّ‪ /‬إف اشتراط انقراض العصر يوجب أف ال يكوف إجماع إلى يوـ القيامة‪ ،‬ألنو ال يخلو‬
‫العصر من توالد أفراد كنشأتهم كبلوغهم درجة االجتهاد كقبل انقراضهم يتوالد غيرىم‬
‫كىلم جرا‪ ،‬كما أدل إلى إبطاؿ انعقاد اإلجماع فهو باطل‪.‬‬
‫ثمرة الخبلؼ‪ :‬ينبني على الخبلؼ في ىذه المسألة شيئاف‪:‬‬
‫ُ‪ -/‬على القوؿ باشتراط انقراض العصر يسوغ لبعض المجمعين الرجوع عن رأيو كال‬
‫يعتبر مخالفان ًلئلجماع ألنو لم ينعقد‪.‬‬
‫كعلى القوؿ بعدـ االشتراط ال يسوغ ألحد الرجوع عن رأيو الموافق ًلئلجماع ألف‬
‫اإلجماع الحاصل إما أف يكوف على حق أك باطل‪ ،‬كالثاني منتف لؤلدلة الدالة على‬
‫ذلك فلزـ األكؿ كىو كونو حقان كال يجوز العدكؿ عما ىو حق‪.‬‬
‫ِ‪ /‬على القوؿ باالشتراط البد من موافقة من نشأ كبلغ درجة اإلجتهاد كإال لما تم‬
‫اإلجماع ألنو ال ينعقد إال بانقراض العصر‪ ،‬كعلى القوؿ بعدمو ال يجوز لو مخالفة‬
‫اإلجماع ألنو قد انعقد‪.‬‬

‫ص ًر‬‫اض ىع ٍ‬ ‫خبلصة ما ذكر المؤلف في ىذا الباب أف العلماء ا ٍختىػلى يفوا ىىل ي ٍشتىػر ي ً‬
‫ط انٍق ىر ي‬ ‫ٍي ى‬
‫اع ًه ٍم أ ٍىـ ىال؟‬‫اإلجم ًاع فًي حجيا ًة إًجم ً‬
‫ٍى‬ ‫ي‬ ‫أ ٍىى ًل ًٍ ٍ ى‬
‫ً ً‬ ‫ط‪ ،‬كذىىب جم ً‬
‫ىح ىم يد بٍ ين ىح ٍنبى ول‬
‫اعةه م ىن الٍ يف ىق ىهاء‪ ،‬ىكم ٍنػ يه ٍم أ ٍ‬‫ور إًلىى أىناوي ىال يي ٍشتىػ ىر ي ى ى ى ى ى ى‬ ‫ٍج ٍم يه ي‬
‫ب ال ي‬‫فى ىذ ىى ى‬
‫ط‪.‬‬‫يستىاذي أىبيو بى ٍك ًر بٍ ين فىػ ٍوىر وؾ إًلىى أىناوي يي ٍشتىػ ىر ي‬ ‫كجماعةه ًمن الٍمت ىكل ًم ً‬
‫ين م ٍنػ يه يم ٍاأل ٍ‬‫ى ى ى ى ى يى ى‬
‫ط‪ ،‬ىكإً ٍف ىكا ىف ًٍ‬
‫اإل ٍج ىماعي‬ ‫ىح ًد ًى ىما فى ىبل يي ٍشتىػ ىر ي‬ ‫ً‬
‫اإل ٍج ىماعي بًالٍ ىق ٍوًؿ ىكالٍف ٍع ًل أ ٍىك بًأ ى‬ ‫يل‪ :‬إً ٍف ىكا ىف ًٍ‬ ‫ً‬
‫ىكق ى‬
‫ٍج ىويٍنً ُّي‪:‬‬ ‫ٍجباائًي‪ ،‬ىكقى ى‬ ‫ً‬ ‫وت ىع ٍن يم ىخالىىف ًة الٍ ىقائً ًل فىػيي ٍشتىػ ىر ي‬‫الس يك ً‬
‫اؿ ال ي‬ ‫م ىى ىذا ىع ٍن أىبًي ىعل ٍّي ال ي‬ ‫ط‪ ،‬ير ًك ى‬ ‫بً ُّ‬
‫اس ىكا ىف ىش ٍرطنا كإال فبل‪.‬‬ ‫إً ٍف ىكا ىف ىع ٍن قًيى و‬

‫مستند ا ًإلجماع‬
‫ال ينعقد ا ًإلجماع إال عن مستند من كتاب أك سنة كقاؿ قوـ يجوز انعقاده عن اجتهاد‬
‫فقط كمنع ذلك شيخ ا ًإلسبلـ ابن تيمية رحمو اهلل في كتابو "معارج الوصوؿ إلى أف‬
‫أصوؿ الدين كفركعو قد بينها الرسوؿ " حيث قاؿ فيو‪ :‬كال توجد مسألة يتفق ا ًإلجماع‬
‫عليها إال كفيها نص‪ ،‬كقد كاف بعض الناس يذكر مسائل فيها إجماع ببل نص‬
‫كالمضاربة‪ ،‬كليس كذلك بل المضاربة كانت مشهورة بينهم في الجاىلية السيما قريش‬
‫فإف األغلب عليهم التجارة ككاف أصحاب األمواؿ يدفعونها إلى العماؿ‪ .‬كرسوؿ اهلل‬
‫صلى اهلل عليو كسلم قد سافر بماؿ غيره قبل النبوة كما سافر بماؿ خديجة‪ ،‬كالعير‬
‫التي كاف فيها أبو سفياف كاف أكثرىا مضاربة مع أبي سفياف كغيره فلما جاء ا ًإلسبلـ‬
‫أقرىا رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم فكاف أصحابو يسافركف بماؿ غيرىم مضاربة كلم‬
‫ينو عن ذلك كالسنة قولو كفعلو كتقريره صلى اهلل عليو كسلم فلما أقرىا كانت ثابتة‬
‫بالسنة انتهى‪.‬‬

‫يشترط في اإلجماع كحجيتو أف يكوف لو مستند كدليل يوجب ذلك اإلجماع؛ قياسان‬
‫على النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ ،-‬فكما أف النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬ال‬
‫يقوؿ شيئان كال يحكم بحكم إال عن كحي‪ ،‬فكذلك علماء األمة يجب أف ال يجمعوا‬
‫على حكم إال عن مستند كدليل قد اعتمدكا عليو‪.‬‬
‫ك يجوز أف يكوف مستند اإلجماع دليبلن قطعيان من الكتاب كالسنة؛ قياسان على ثبوت‬
‫الحكم الواحد بآيات متعددة‪ ،‬أك بالكتاب كالسنة المتواترة كما ىو كاقع في الصبلة‬
‫كالزكاة كجميع أركاف اإلسبلـ‪ ،‬إذف ال مانع من ذلك‪ ،‬فيكوف من تضافر األدلة‪.‬‬
‫ك يحسن اإلشارة إلى أف الدليل الظني كذلك يصلح أف يكوف مستندان لئلجماع؛ قياسان‬
‫على الدليل القطعي‪ :‬فكما يجوز استناد اإلجماع على دليل قطعي‪ ،‬فكذلك يجوز‬
‫استناد اإلجماع على دليل ظني كال فرؽ‪ ،‬كالجامع‪ :‬أف كبلن من الدليل القطعي كالظني‬
‫يوجب العمل‪.‬‬
‫كألف أكثر اإلجماعات الموجودة اآلف قد ثبتت كىي مستندة إلى أدلة ظنية كالعموـ‪،‬‬
‫كالمفاىيم‪ ،‬كالقياس‪ ،‬كخبر الواحد كالوقوع دليل الجواز‪.‬‬

‫أقساـ ا ًإلجماع‬
‫ينقسم ا ًإلجماع من حيث ىو إلى قسمين‪:‬‬
‫ُ‪ -‬إجماع قولي أك فعلي‪ -ِ .‬كإجماع سكوتي‬
‫فاألكؿ‪ :‬أف يصرح كل فرد بقولو في الحكم المجمع عليو أك يفعلو فيدؿ فعلو إياه‬
‫على جواز عنده‪.‬‬
‫كىذا القسم من ا ًإلجماع ال خبلؼ في حجيتو عند القائلين بثبوت ا ًإلجماع‪.‬‬
‫كالثاني‪ :‬أف يحصل القوؿ أك الفعل من البعض كينتشر ذلك عنهم كيسكت الباقوف‬
‫عن القوؿ بو أك فعلو أك ال ينكركا على من حصل منو‪ ،‬كمن أمثلتو‪ :‬العوؿ‪ ،‬حكم بو‬
‫عمر في خبلفتو بمشورة بعض الصحابة كسكت باقيهم‪.‬‬
‫كىذا القسم اختلف فيو فقاؿ قوـ إنو إجماع ال يسوغ العدكؿ عنو كقاؿ قوـ إنو ليس‬
‫بإجماع كال حجة كقاؿ آخركف إنو حجة كليس بإجماع‪.‬‬
‫استدؿ القائلوف بأنو إجماع بأف التابعين كانوا إذا نقل إليهم عن الصحابة مثل ىذا ال‬
‫يجوزكف العدكؿ عنو فهو إجماع منهم على أنو حجة‪.‬‬
‫كاستدؿ من قاؿ بأنو ليس بحجة فضبل عن أف يكوف إجماعان بأف السكوت من‬
‫المجتهد يحتمل أف يكوف للموافقة كيحتمل أف يكوف لعدـ اجتهاده في المسألة أك‬
‫اجتهد فيها كلكن لم يظهر لو فيو شيء أك سكت مهابة كما ركل ابن عباس رضي اهلل‬
‫عنو في مسألة العوؿ‪ .‬كبأف سكوت العلماء عند كقوع فعل منكر مثبل ال يدؿ على أنو‬
‫عندىم ليس بمنكر لما علم من أف مراتب ا ًإلنكار ثبلث باليد أك اللساف أك بالقلب‬
‫كانتفاء ا ًإلنكار باليد كاللساف ال يدؿ على انتفائو بالقلب فبل يدؿ السكوت على تقرير‬
‫الساكت لما كقع حتى يقاؿ قد أجمع عليو إجماعان سكوتيان كال يثبت ذلك عنو‬
‫كيضاؼ إليو إال إذا علم رضاه بالواقع كال يعلم ذلك إال عبلـ الغيوب‪.‬‬

‫ىل يحتج باإلجماع السكوتي ؟‬


‫بين المؤلف حكمو ك إلثراء البحث نقوؿ فً ًيو اثنا عشر مذىبا‪:‬‬
‫ٍاأل اىك يؿ‪:‬‬
‫اضي إًلىى‬ ‫ضى ك ىعزاهي الٍ ىق ً‬ ‫اى ًر ُّ‬ ‫أىناو لىيس بًًإجم واع كىال ح اج وة‪ ،‬قىالىو ىداك يد الظا ً‬
‫م‪ ،‬ىكابٍػنيوي ىكال يٍم ٍرتى ى ى ى‬ ‫ي ي‬ ‫ي ٍ ى ٍى ى ي‬
‫م‪ :‬إًناوي‬ ‫م‪ ،‬ىك ٍاآل ًم ًد ُّ‬
‫اؿ الٍغى ىزالً ُّي‪ ،‬ىكال ارا ًز ُّ‬‫شافً ًعي‪ .‬ىكقى ى‬ ‫اؿ‪ :‬إًناو ً‬
‫آخ ير أىقػ ىٍو ًاؿ ال ا‬ ‫ارهي ىكقى ى ي‬ ‫ال ا ً ً‬
‫شافعي ىكا ٍختى ى‬
‫اؿ الٍجوينً ُّي‪ :‬إًناو ظى ً‬
‫اى ير ىم ٍذ ىىبً ًو‪.‬‬ ‫شافً ًعي فًي ال ً ً‬ ‫ص ال ا‬
‫ي‬ ‫ٍجديد‪ ،‬ىكقى ى ي ى ٍ‬ ‫ى‬ ‫نى ُّ‬
‫ىكالٍ ىق ٍو يؿ الثاانًي‪:‬‬
‫اعةه ًم ٍن أ ٍىى ًل ٍاأل ي ً‬ ‫اعةه ًم ىن ال ا‬
‫شافً ًعيا ًة‪ ،‬ىك ىج ىم ى‬ ‫أىناوي إً ٍج ىماعه ىك يح اجةه ىكبً ًو قى ى‬
‫م نى ٍح يوهي‬‫يصوؿ‪ ،‬ىكير ًك ى‬ ‫اؿ ىج ىم ى‬
‫شافً ًعي‪.‬‬ ‫ىع ًن ال ا‬
‫ىص ىحابيػنىا فًي تى ٍس ًميىتً ًو إجماعا‪ ،‬مع اتفاقهم على‬ ‫فأ ٍ‬ ‫يستىاذي أىبيو إً ٍس ىحا ىؽ‪ :‬ا ٍختىػلى ى‬
‫اؿ ٍاأل ٍ‬ ‫قى ى‬
‫كجوب العمل بو‪.‬‬
‫اعا "ك ٍج ىه ً‬ ‫ً ًً‬ ‫ً ً‬
‫اف"‪:‬‬ ‫كقاؿ أبو حامد اإلسفراييني‪ :‬يى ىو يح اجةه ىم ٍقطيوعه ب ىها‪ ،‬ىكفي تى ٍسميىتو إً ٍج ىم ن ى‬
‫س امى إً ٍج ىم ن‬ ‫ً‬ ‫ىح يد يى ىما ال ىٍم ٍن يع ىكإًنا ىما يى ىو يح اجةه ىكال ى‬
‫اعا ىك يى ىو قىػ ٍولينىا‪ .‬انٍػتىػ ىهى‪.‬‬ ‫ٍخبى ًر‪ ،‬ىكالثااني يي ى‬ ‫أى‬
‫وت الٍ يكل‬ ‫اى هر فًي ال يٍم ىوافىػ ىق ًة إً ٍذ يىػ ٍبػعي يد يس يك ي‬ ‫كاست ىد اؿ الٍ ىقائًليو ىف بًه ىذا الٍ ىقوًؿ‪ ،‬بًأى اف س يكوتىػهم ظى ً‬
‫ي يٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫ى ٍى‬
‫اؽ‪.‬‬‫ك محص نبل لًلظان بً ًاالتػ ىف ً‬ ‫ً‬ ‫اد ال يٍم ىخالىىف ًة ىع ى‬ ‫مع ا ٍعتً ىق ً‬
‫ادةن فى ىكا ىف ذىل ى ي ى‬ ‫ىى‬
‫ض ٍاأل ًىدلاًة ًع ٍن ىدهي‪ ،‬أ ٍىك‬ ‫ار ً‬ ‫ً‬ ‫ت ىعلىى ًٍ‬
‫اإلنٍ ىكا ًر لتىػ ىع ي‬ ‫وت ىم ٍن ىس ىك ى‬ ‫اؿ أى ٍف يى يكو ىف يس يك ي‬ ‫احتًم ً‬
‫يب ب ٍ ى‬
‫يج ً‬
‫ىكأ ى‬
‫ً‬
‫ؼ ىعلىى نىػ ٍف ًس ًو‬ ‫ٍخو ً‬ ‫ً‬ ‫ٍك ال ً ً‬ ‫وؿ ما ي ًفي يدهي ًاال ٍجتً ىه ي ً ً‬ ‫ً‬
‫ٍحادثىة إًثٍػبىاتنا أ ٍىك نىػ ٍفينا أ ٍىك لل ى ٍ‬ ‫اد في تل ى ى‬ ‫ص ً ى ي‬ ‫ل ىع ىدًـ يح ي‬
‫ت‪.‬‬‫ك ًمن ًاال ٍحتًم ىاال ً‬ ‫ً‬
‫ى‬ ‫أ ٍىك ذىل ى ى‬
‫ث‪:‬‬ ‫الٍ ىق ٍو يؿ الثاالً ي‬
‫ف‪،‬‬ ‫شافً ًعي ىك ىما ىسلى ى‬ ‫ىح يد ال ىٍو ٍج ىه ٍي ًن ًع ٍن ىد ال ا‬ ‫ً‬
‫س بًًإ ٍج ىم واع‪ ،‬قىالىوي أىبيو ىىاش وم‪ ،‬ىك يى ىو أ ى‬ ‫أىناوي يح اجةه ىكلىٍي ى‬
‫س ىى ىذا‬ ‫ىح هد إًلىى ىع ٍك ً‬ ‫ً‬
‫م‪ :‬ىكلى ٍم يىص ٍر أ ى‬ ‫ص ًف ُّي الٍ ًه ٍن ًد ُّ‬
‫اؿ ال ا‬ ‫م‪ ،‬قى ى‬ ‫ارهي ٍاآل ًم ًد ُّ‬ ‫اؿ ال ا ً‬
‫ص ٍيػ ىرف ُّي ىكا ٍختى ى‬ ‫ىكبً ًو قى ى‬
‫يث ًع ٍن ىد ىم ٍن‬ ‫اد ً‬ ‫اإلجم ًاع الٍمر ًكم بً ٍاألىح ً‬
‫ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الٍ ىق ٍوًؿ يعني أنو إجماع ىال يح اجةه‪ ،‬ىكيي ٍمك ين الٍ ىق ٍو يؿ بًو ىك ًٍ ٍ ى ى ٍ‬
‫لى ٍم يىػ يق ٍل بً يحجياتً ًو‪.‬‬
‫الٍ ىق ٍو يؿ ال ارابً يع‪:‬‬
‫ضا‪،‬‬ ‫وت ىال ىع ٍن ًر ن‬ ‫الس يك ي‬ ‫ك أى ٍف يى يكو ىف ُّ‬ ‫ص ًر؛ ًألىناوي يىػ ٍبػعي يد ىم ىع ذىلً ى‬ ‫اض ال ىٍع ٍ‬ ‫ش ٍر ًط انٍ ًق ىر ً‬ ‫أىناوي إً ٍج ىماعه بً ى‬
‫ىح ىم يد فًي ًرىكايىوة ىع ٍنوي‪ ،‬ىكنىػ ىقلىوي ابٍ ين فىػ ٍوىر وؾ "كتابو" في كتاب عن‬ ‫ً‬ ‫ىكبً ًو قى ى‬
‫ٍجباائً ُّي‪ ،‬ىكأ ٍ‬‫اؿ أىبيو ىعل ٍّي ال ي‬
‫م ع ًن ال ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اب ال ا ً ً‬ ‫ىص ىح ً‬
‫ٍح اذاؽ م ٍنػ يه ٍم‪ ،‬ىكا ٍختى ى‬
‫ارهي‬ ‫يستىاذي أىبيو طىاى ور الٍبىػغٍ ىداد ُّ ى ي‬ ‫شافعي‪ ،‬ىكنىػ ىقلىوي ٍاأل ٍ‬ ‫أكثر أ ٍ‬
‫شافً ًعي‪ ،‬ىكقى ى‬ ‫ً‬
‫اؿ‬ ‫اب ال ا‬ ‫ىص ىح ً‬ ‫ىص ُّح ٍاأل ٍىك يج ًو ع ٍن ىد أ ٍ‬ ‫الركيانً ُّي‪ .‬قى ى ً ً‬
‫اؿ ال ارافع ُّي‪ :‬إًناوي أ ى‬
‫ً‬
‫ابٍ ين الٍ ىقطااف ىك ُّ ى‬
‫اض فىًف ًيو‬ ‫اؿ‪ :‬فىأىاما قىػ ٍب ىل ًاالنٍ ًق ىر ً‬ ‫ب قى ى‬ ‫م في "اللُّ ىم ًع"‪ :‬إًناوي ال ىٍم ٍذ ىى ي‬
‫شي يخ أىبو إًسحا ىؽ الشيرا ًز ُّ ً‬
‫ى‬ ‫ال ا ٍ ي ٍ ى‬
‫س بً يح اج وة قىطٍ نعا ىكالثاانًيىةي ىعلىى ىك ٍج ىه ٍي ًن‪.‬‬ ‫اى ىما‪ :‬أىناوي لىٍي ى‬ ‫اف إً ٍح ىد ي‬ ‫طى ًري ىق ً‬
‫س‪:‬‬ ‫الٍ ىقو يؿ ال ى ً‬
‫ٍخام ي‬ ‫ٍ‬
‫ش ٍي يخ أىبيو‬‫اؿ ابٍ ين أىبًي يى ىريٍػ ىرةى ىك ىما ىح ىكاهي ىع ٍنوي ال ا‬ ‫أىناوي إً ٍج ىماعه إً ٍف ىكا ىف فيػ ٍتػيىا ىال يح ٍك نما‪ ،‬ىكبً ًو قى ى‬
‫م كابٍن الٍح ً‬ ‫ًً‬ ‫م كال ارافً ًع ُّي كابٍن ال ا ً‬ ‫ً‬
‫ب‪.‬‬‫اج ً‬ ‫س ٍم ىعاني ىك ٍاآلمد ُّ ى ي ى‬ ‫ى ي‬ ‫إً ٍس ىحا ىؽ ىك ال ىٍم ىاكٍرد ُّ ى‬
‫ٍح ٍك ًم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ككجوي ىى ىذا الٍ ىقوًؿ أىناوي ىال يػلٍزـ ًمن ص يدكًرهً ىع ًن ال ً‬
‫ٍحاك ًم أى ٍف يى يكو ىف قىالىوي ىعلىى ىك ٍجو ال ي‬ ‫ى‬ ‫ى ىي ٍ ي‬ ‫ٍ‬ ‫ىى ٍ‬
‫الس يك ي ً‬ ‫ض ىعلىٍي ًو فًي يح ٍك ًم ًو‪ ،‬فى ىبل يى يكو يف ُّ‬ ‫كقًيل‪ :‬كجهوي أى اف ال ً‬
‫ضا‪،‬‬ ‫يل الر ى‬ ‫وت ىدل ى‬ ‫ٍحاك ىم ىال يىػ ٍعتى ًر ي‬ ‫ى‬ ‫ى ى ىٍي‬
‫س‬ ‫سمعانًي ىع ًن اب ًن أىبًي ىريػرىة أىناو احت اج لًىقولً ًو ى ىذا بًىقولً ًو‪ :‬إًناا نىح ي ً‬
‫ض ير ىم ٍجل ى‬ ‫ٍ‬ ‫ي ىٍ ى ي ٍ ى ٍ ى ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ىكنىػ ىق ىل ابٍ ين ال ا ٍ ى‬
‫ك ىعلىٍي ًه ٍم فى ىبل يى يكو يف يس يكوتيػنىا‬ ‫ؼ ىم ٍذ ىىبًنىا ىكىال نيػ ٍن ًك ير ىذلً ى‬‫ضو ىف بً ًخ ىبل ً‬
‫ٍح اك ًاـ ىكنىػ ىر ي‬
‫اى ٍم يىػ ٍق ي‬ ‫ض ال ي‬ ‫بىػ ٍع ً‬
‫ك‪.‬‬ ‫ضا ًمناا بً ىذلً ى‬ ‫ًر ن‬
‫س‪:‬‬ ‫الٍ ىقو يؿ ال ا ً‬
‫ساد ي‬ ‫ٍ‬
‫اد نرا ىع ٍن" فيػ ٍتػيىا‪ ،‬قىالىوي أىبيو إً ٍس ىحا ىؽ‬ ‫ادرا عن "حكم‪ ،‬ال إف ىكا ىف ص ً‬ ‫أىناوي إًجماعه إً ٍف ىكا ىف ً‬
‫ى‬ ‫ص ن‬ ‫ى‬ ‫ٍى‬
‫ك بًأى اف ٍاألى ٍغلىب أى اف ال ا ً ً‬ ‫م‪ ،‬ىك ىعلا ىل ذىلً ى‬
‫ش ىاكىرةو‪ ،‬ىك ىح ىكاهي‬ ‫ٍحاكً ًم يى يكو يف ىع ٍن يم ى‬ ‫صاد ىر م ىن ال ى‬ ‫ى‬ ‫ال ىٍم ٍرىكًز ُّ‬
‫ص ٍيػ ىرفًي‪.‬‬
‫اف ىع ًن ال ا‬ ‫ابٍن الٍ ىقطا ً‬
‫ي‬
‫سابً يع‪:‬‬ ‫الٍ ىق ٍو يؿ ال ا‬
‫اعا ىكإًاال‬ ‫اح ًة فىػ ٍر وج ىكا ىف إً ٍج ىم ن‬ ‫استً ٍدرا يكوي ًمن إًراقى ًة ىدوـ‪ ،‬أى ًك ٍ ً‬
‫استبى ى‬ ‫ٍ ى‬ ‫وت ٍ ى‬ ‫أىناوي إً ٍف ىكقى ىع فًي ىش ٍي وء يىػ يف ي‬
‫س ٍبوي إًلىى قىائً ول‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فىػ يه ىو يح اجةه ىكفًي ىك ٍونًًو إً ٍج ىم ن‬
‫اعا‪ ،‬ىك ٍج ىهاف ىح ىكاهي ال ازٍرىكش ُّي‪ ،‬ىكلى ٍم يىػ ٍن ي‬
‫الٍ ىقو يؿ الث ً‬
‫اام ين‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫س ٍاألىئً ام ًة‬ ‫م‪ ،‬ىك ىح ىكاهي ىش ٍم ي‬ ‫اعا‪ ،‬ىكإًاال فى ىبل‪ ،‬قىالىوي أىبيو بى ٍك ور ال ارا ًز ُّ‬ ‫ساكًتيو ىف أىقى ال ىكا ىف إً ٍج ىم ن‬ ‫إً ٍف ىكا ىف ال ا‬
‫ً‬ ‫شافً ًعي قى ى‬ ‫س ىر ٍخ ًس ُّي ىع ًن ال ا‬
‫ىص ىحابيوي‪.‬‬ ‫يب ىال يىػ ٍع ًرفيوي أ ٍ‬ ‫اؿ ال ازٍرىكش ُّي‪ :‬ىك يى ىو غى ًر ه‬ ‫ال ا‬
‫الٍ ىقو يؿ الت ً‬
‫ااس يع‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫الركيىانً ُّي‬ ‫اؿ الٍماكرًد ُّ ً‬ ‫ص ىحابىًة ىكا ىف إً ٍج ىم ن‬ ‫إً ٍف ىكا ىف فًي ىع ٍ‬
‫ٍحا ًكم" ىك ُّ‬ ‫م في "ال ى‬ ‫اعا ىكإًاال فى ىبل‪ ،‬قى ى ى ى ٍ‬ ‫ص ًر ال ا‬
‫ك‬‫سى‬ ‫ًً‬ ‫ص ىحابىًة فىًإذىا قى ى‬ ‫فًي "الٍبى ٍح ًر"‪ :‬إً ٍف ىكا ىف ىع ٍ‬
‫قوال أك ىح ىك ىم بو فىأ ٍىم ى‬ ‫اؿ الواحد منهم ن‬ ‫ص ير ال ا‬
‫اف‪:‬‬‫ضرب ً‬
‫الٍبىاقيو ىف فىػ ىه ىذا ى ٍ ى‬
‫اعا ًألىناػ يه ٍم لى ًو‬
‫اح ًة فىػ ٍر وج‪ ،‬فىػيى يكو يف إً ٍج ىم ن‬ ‫استبى ى‬
‫استً ٍدرا يكوي ىكًإراقى ًة ىدوـ ك ٍ ً‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫وت ٍ ى‬ ‫ىح يد يى ىما‪ً :‬م اما يىػ يف ي‬ ‫أى‬
‫ص ُّح ًم ٍنػ يه ٍم أى ٍف يىػت ًاف يقوا ىعلىى ترؾ إنكار منكر‪ .‬كالثاني‪ :‬إف‬ ‫ا ٍعتىػ ىق يدكا ًخ ىبلفىوي ىألىنٍ ىكركهي؛ إً ٍذ ىال ي ً‬
‫ى‬ ‫ي‬
‫ج ىع ٍن غىٍي ًرًى ٍم ىكفًي ىك ٍونًًو‬ ‫ٍح اق ىال يى ٍخ ير ي‬
‫ً‬
‫است ٍد ىرا يكوي ىكا ىف يح اجةن ألى اف ال ى‬
‫وت ٍ ً‬ ‫ىكا ىف ًم اما ىال يىػ يف ي‬
‫سوغي ىم ىعوي‬‫اعا ىال يى ي‬ ‫ىح يد يى ىما‪ :‬يى يكو يف إً ٍج ىم ن‬ ‫ىص ىحابًنىا‪ :‬أ ى‬ ‫اف ًأل ٍ‬ ‫اد ك ٍج ىه ً‬ ‫ً ً‬
‫اعا يى ٍمنى يع اال ٍجت ىه ى ى‬ ‫إً ٍج ىم ن‬
‫يح‪.‬‬ ‫ص ًح ً‬ ‫اعا ىس ىواءه ىكا ىف الٍ ىق ٍو يؿ فيػ ٍتػيىا أ ٍىك يح ٍك نما ىعلىى ال ا‬ ‫اد‪ ،‬ىكالثاانًي‪ :‬ىال يى يكو يف إً ٍج ىم ن‬ ‫ًاال ٍجتً ىه ي‬
‫الٍ ىقو يؿ الٍع ً‬
‫اش ير‪:‬‬ ‫ٍ ى‬
‫ض فً ًيو فىًإناوي يى يكو يف ُّ‬ ‫ً‬ ‫أى اف ذىلً ى‬
‫اعا‪،‬‬ ‫وت إً ٍج ىم ن‬ ‫الس يك ي‬ ‫ٍخ ٍو ي‬ ‫كـ ىكيىػتى ىك ارير يكقيوعيوي ىكال ى‬ ‫ك إً ٍف ىكا ىف م اما يى يد ي‬
‫ٍج ىويٍنً ُّي‪.‬‬
‫ٍح ىرىم ٍي ًن ال ي‬
‫اـ ال ى‬‫اؿ إً ىم ي‬ ‫ىكبً ًو قى ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫ورتىػ ٍي ًن‪:‬‬
‫صى‬ ‫ار أىناوي ىال يى يكو يف يح اجةن إًاال في ي‬ ‫اؿ الٍغى ىزال ُّي في "ال ىٍم ٍن يخوؿ"‪ :‬ال يٍم ٍختى ي‬ ‫قى ى‬
‫اعي تىػتىػ ىوفاػ ير ىعلىى‬ ‫اطع ىال فًي م ًظن ًاة الٍ ىقطٍ ًع كال ادك ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ى ى‬ ‫ى‬ ‫ىح يد يى ىما‪ :‬يس يكوتيػ يه ٍم ىكقى ٍد قىطى ىع بىػ ٍي ىن أىيٍدي ًه ٍم قى ه‬ ‫أى‬
‫ال ارد ىعلىٍي ًو‪.‬‬
‫ً‬ ‫ص ًر‪ ،‬ىكتى يكو يف ال ىٍواقً ىعةي بً ىح ٍي ي‬ ‫استً ٍم ىرا ًر ال ىٍع ٍ‬ ‫ً‬
‫ىح هد‬
‫ث ىال ييػ ٍبدم أ ى‬ ‫الثاانًي‪ :‬ىما يى ٍس يكتيو ىف ىعلىٍيو ىعلىى ٍ‬
‫اض لً ىك ٍو ًف‬ ‫آخ يرك ىف فى ىذلً ى‬ ‫ضركا مجلًسا فىأىفٍػتى ك ً‬ ‫ً‬
‫ك ا ٍعتً ىر ه‬ ‫ت ى‬ ‫اح هد ىك ىس ىك ى‬ ‫خ ىبلفنا فىأىاما إًذىا ىح ى ي ى ٍ ن ى ى‬
‫ين‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ضي أى ٍف ىال يػعتػرض ىعلىى الٍ يق ى ً‬ ‫الٍمسأىلى ًة مظٍنيونىةن‪ ،‬ك ٍاأل ىىدب يػ ٍقتى ً‬
‫ضاة ىكال يٍم ٍفت ى‬ ‫ي ٍى ى ى‬ ‫ى ي ى‬ ‫ىٍ ى‬
‫ش ىر‪:‬‬
‫م ىع ى‬ ‫الٍ ىقو يؿ ال ً‬
‫ٍحاد ى‬ ‫ٍ ى‬
‫ك بًأى ٍف ي ً‬ ‫ضا‪ ،‬ىكذىلً ى‬ ‫شر ًط إًفى ى ً ً ً‬
‫ىح ىو ًاؿ ىما‬ ‫وج ىد م ٍن قىػ ىرائً ًن ٍاأل ٍ‬ ‫ي ى‬ ‫ٍم بًالر ى‬ ‫ادة الٍ ىق ىرائ ًن الٍعل ى‬ ‫أىناوي إً ٍج ىماعه بً ى ٍ‬
‫ً‬ ‫ساكًتًين بً ىذلً ى ً‬
‫ض‬ ‫اؿ بىػ ٍع ي‬ ‫ص ىفى‪ ،‬ىكقى ى‬ ‫ار ىى ىذا الٍغى ىزال ُّي فًي ال يٍم ٍستى ٍ‬ ‫ك الٍ ىق ٍوؿ‪ ،‬ىكا ٍختى ى‬ ‫ضا ال ا ى‬ ‫يى يد ُّؿ ىعلىى ًر ى‬
‫ادةً النُّط ًٍق لىوي فىػي ً‬ ‫ضا‪ ،‬ىكًإفى ى‬ ‫ٍم بًالر ى‬ ‫ً ً‬ ‫ىح ُّق ٍاألىقػ ىٍو ًاؿ ًألى اف إًفى ى‬
‫ص يير‬ ‫ى‬ ‫ادةى الٍ ىق ىرائ ًن الٍعل ى‬ ‫ين‪ :‬إًناوي أ ى‬‫ال يٍمتىأىخ ًر ى‬
‫اإل ٍج ىم ًاع الٍ ىقط ًٍعي‪.‬‬‫ىك ًٍ‬
‫ش ىر‪:‬‬‫الٍ ىق ٍو يؿ الثاانً ىي ىع ى‬
‫وت‪ ،‬لً ىما تىػ ىق ارىر ًع ٍن ىد‬ ‫لس يك ً‬ ‫ب ىال بىػ ٍع ىد ىىا‪ ،‬فىًإناوي ىال أىثىػ ىر لً ُّ‬ ‫استً ٍق ىرا ًر ال ىٍم ىذ ًاى ً‬
‫أىناوي يى يكو يف يح اجةن قىػ ٍب ىل ٍ‬
‫ض إًذىا أىفٍػتىى أ ٍىك ىح ىك ىم بً ىم ٍذ ىىبً ًو ىم ىع يم ىخالىىفتً ًو‬ ‫ض ًه ٍم ىعلىى بىػ ٍع و‬ ‫ب ًمن ىع ىدًـ إًنٍ ىكا ًر بػ ٍع ً‬ ‫ً‬
‫ى‬ ‫أ ٍىى ًل ال ىٍم ىذاى ً ٍ‬
‫سابًىق ًة ىى ىذا فًي ًٍ‬ ‫يل ىال بي اد ًم ٍنوي ىعلىى ىج ًمي ًع ال ىٍم ىذ ًاى ً‬ ‫ً‬ ‫لًم ىذ ًاى ً ً‬
‫اإل ٍج ىم ًاع‬ ‫ب ال ا‬ ‫ب غىٍي ًره‪ ،‬ىك ىى ىذا التاػ ٍفص ي‬ ‫ى‬
‫ٍحل ىكال ىٍع ٍق ًد ىعلىى‬ ‫"لمذىب"‪.‬كأى اما لى ًو اتاػ ىف ىق أ ٍىى يل ال ى‬
‫ى‬ ‫الس يكوتًي إًذىا كاف سكوتنا عن قوؿ‬ ‫ُّ‬
‫صلاى اللاوي‬ ‫ك‪ ،‬فىًقيل إًناوي ىك ًف ٍع ًل رس ً ً‬
‫وؿ اللاو ى‬ ‫ىي‬ ‫ى‬ ‫ص يد ٍر ًم ٍنػ يه ٍم قىػ ٍو هؿ ىكا ٍختىػلى يفوا فًي ذىلً ى‬ ‫ىع ىم ول‪ ،‬ىكلى ٍم يى ٍ‬
‫ت أىفٍػ ىعالي يه ٍم ىكأىفٍػ ىعالً ًو ىكبً ًو‬ ‫ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم؛ ألف العصمة ثابتة إلجماعهم كثوبتها لًل ا‬
‫شار ًًع‪ ،‬فى ىكانى ٍ‬
‫ً‬ ‫ً ً‬
‫اؿ الٍغى ىزال ُّي في ال ىٍم ٍن يخوؿ‪ :‬إًناوي ال يٍم ٍختى ي‬
‫ار‪،‬‬ ‫م ىكغىٍيػ يرهي‪ .‬ىكقى ى‬ ‫ش ٍي يخ أىبيو إً ٍس ىحا ىؽ الش ىيرا ًز ُّ‬ ‫قىطى ىع ال ا‬
‫و‬ ‫ً‬ ‫كقًيل بًالٍم ٍن ًع كنىػ ىقلىوي ال ً‬
‫ص ٍو ىف ىع ىد ندا ىعلىى‬ ‫ص اوير تىػ ىواطييؤ قىػ ٍوـ ىال يي ٍح ى‬ ‫ٍج ىويٍن ُّي ىع ًن الٍ ىقاضي إً ٍذ ىال ييػتى ى‬ ‫ي‬ ‫ى ى ى ى‬
‫اواطييؤ ىعلىٍي ًو غىٍيػ ير يم ٍم ًك ون‪.‬‬ ‫ب" فىالتػ ى‬‫اح ود ًم ٍن غىٍي ًر "أ ىىر و‬ ‫فًع ول ك ً‬
‫ٍ ى‬
‫ب أى ًك ال يٍو يج ً‬
‫وب‪،‬‬ ‫وـ ىدلًيل ىعلىى النا ٍد ً‬ ‫اإلب ً‬
‫وؿ ىعلىى ًٍ ى ى‬ ‫يل‪ :‬إًناوي يم ٍم ًك هن‪ ،‬ىكلى ًكناوي ىم ٍح يم ه‬ ‫ً‬
‫احة ىحتاى يىػ يق ى ه‬ ‫ىكق ى‬
‫ٍج ىويٍنً ُّي‪.‬‬
‫اؿ ال ي‬ ‫ىكبً ًو قى ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ج الٍبىػيىاف أ ٍىك ىم ٍخ ىر ى‬
‫ج‬ ‫يل إً اف يك ال ف ٍع ول ىخ ىر ى‬
‫ج ىم ٍخ ىر ى‬ ‫س هن‪ ،‬ىكق ى‬ ‫يل ىح ى‬ ‫اؿ الٍ ىق ىراف ُّي‪ :‬ىك ىى ىذا تىػ ٍفص ه‬ ‫قى ى‬
‫اإل ٍج ىماعي‪ ،‬كبو قاؿ ابن السمعاني‪.‬‬ ‫ٍح ٍك ًم ىال يىػ ٍنػ ىع ًق يد بً ًو ًٍ‬
‫ال ي‬
‫تنبيو‪:‬‬
‫ىناؾ مسائل عدة متعلقة بمبحث اإلجماع تركها المؤلف اختصارا نجمل بعضها في‬
‫فوائد‪:‬‬
‫الفائدة األكلى‪:‬‬
‫لمعرفة اإلجماع طرؽ أىمها ‪:‬‬
‫ُ‪/‬المشافهة إف كاف المجمعوف عددا يمكن لقاؤىم كإجماع الصحابة على قتاؿ مانعي‬
‫الزكاة ‪.‬‬
‫ِ‪/‬النقل المتواتر إف كانوا عددا ال يمكن لقاؤىم كإجماع العلماء على نجاسة الماء إف‬
‫تغير لونو أك طعمو أك ريحو بنجاسة تحدث فيو ‪.‬‬
‫الفائدة الثانية‪:‬‬
‫ذىب جمهور أىل العلم إلي أنو ال يشترط في المجمعين أف يبلغوا حد التواتر ‪ ،‬ألف‬
‫أدلة حجية اإلجماع ال تفرؽ بين العد القليل كالكثير ‪ ،‬فلو تصور أف عدد المجتهدين‬
‫نقص عن حد التواتر‪ ،‬فإف اسم الجماعة كاألمة ال يفارقهم ‪.‬‬
‫كذىب قوـ إلي أنو في المجتمعين أف يبلغوا حد التواتر ‪ ،‬ألف استجابة الخطأ على‬
‫المجمعين من جهة حكم العادة ‪ ،‬فبل بد من عد تحيل العادة اتفاقهم على الكذب‪.‬‬
‫الفائدة الثالثة‪:‬‬
‫إذا اختلف الصحابة على قولين‪ ،‬فأجمع التابعوف على أحدىما فإف ذلك يكوف إجماعان‬
‫على الراجح من أقواؿ أىل العلم ألف أدلة حجية اإلجماع قد دلت على حجية أم‬
‫إجماع من مجتهدم العصر سواء سبقو اختبلؼ في العصر الذم سبقو أك لم يسبقو‬
‫شيء‪ ،‬فاتفاؽ علماء العصر المتأخر على أحد قولي علماء العصر المتقدـ يعتبر سبيل‬
‫المؤمنين فيجب إتباعو‪ .‬كألنو اتفاؽ بعد اختبلؼ‪ ،‬كما لو اختلفوا أنفسهم في عصرىم‬
‫في حكم معين‪ ،‬ثم اتفقوا عليو بعد ذلك‪ ،‬فيقطع االتفاؽ االختبلؼ‪ ،‬فيكوف إجماعان‪.‬‬
‫الفائدة الرابعة‪:‬‬
‫يجوز اتفاؽ علماء العصر على حكم معين بعد اختبلفهم في ذلك الحكم؛ لوقوعو ك‬
‫اهلل أعلم‪.‬‬
‫الفائدة الخامسة‪:‬‬
‫يشترط في اإلجماع اتفاؽ كل المجتهدين‪ ،‬فبل ينعقد اإلجماع بقوؿ أكثر العلماء‪،‬‬
‫كعليو فلو اتفق علماء العصر على حكم حادثة إال الواحد أك االثنين منهم‪ :‬لم ينعقد‬
‫اإلجماع؛ ألف األدلة المثبتة لحجية اإلجماع دلت على عصمة األمة عن الخطأ‪ ،‬كلفظ‬
‫األمة إنما يطلق على جميع األمة حقيقة ‪ -‬ال على أكثرىا ‪ -‬كعليو‪ :‬فالعصمة عن‬
‫الخطأ تكوف بجميع األمة‪ ،‬أما أكثر األمة فبل عصمة لهم‪ ،‬كنظران إلى أنو ال عصمة‬
‫ألكثر األمة‪ ،‬فإنو ال ينعقد اإلجماع باتفاقهم‪.‬‬
‫الفائدة السادسة‪:‬‬
‫إذا اختلف العلماء في ثبوت األقل كاألكثر في مسألة‪ :‬فبل يصح أف يتمسك باإلجماع‬
‫في إثبات مذىب القائل باألقل‪ ،‬أم‪ :‬األخذ بأقل ما قيل ليس متمسكان باإلجماع‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫اختبلفهم في دية الكتابي‪ ،‬فقيل‪ :‬إف ديتو مثل دية المسلم‪ ،‬كقيل‪ :‬إف ديتو نصف دية‬
‫المسلم‪ ،‬كقيل؛ إف ديتو ثلث دية المسلم كىو مذىب الشافعي‪ ،‬فظن بعضهم أف‬
‫الشافعي قاؿ متمسكان في ذلك بإجماع األقواؿ الثبلثة عليو‪ ،‬كىذا ليس بصحيح‪.‬‬
‫الفائدة السابعة‪:‬‬
‫إذا اختلف الصحابة على قولين فإنو ال يجوز إحداث قوؿ ثالث إف لزـ منو رفع ما‬
‫اتفقا عليو‪ ،‬كإف لم يلزـ منو ذلك فإنو يجوز إحداث قوؿ ثالث كيعمل بو‪.‬‬
‫مثاؿ القوؿ الثالث‪ :‬الذم يلزـ منو رفع ما اتفقا عليو‪ " :‬الجد مع األخ في اإلرث "‪،‬‬
‫قد اختلف في ذلك على قولين؛ فقيل‪ :‬الماؿ للجد‪ ،‬كقيل‪ :‬الماؿ للجد كاألخ‬
‫يتقاسمانو‪ ،‬فالقوؿ الثالث كىو‪ :‬حرماف الجد قوؿ خارؽ لئلجماع‪ ،‬فبل يجوز العمل بو‪.‬‬
‫كمثاؿ القوؿ الثالث الذم ال يلزـ منو رفع ما اتفقا عليو فسخ النكاح بالعيوب الخمسة‬
‫كىي‪ :‬الجذاـ‪ ،‬كالجنوف‪ ،‬كالبرص‪ ،‬كالرتق‪ ،‬كالعنة‪ .‬اختلف في ذلك على قولين‪ :‬فقيل‪:‬‬
‫يفسخ بجميعها‪ ،‬كقيل‪ :‬ال يفسخ بشيء منها‪ ،‬فالقوؿ الثالث كىو‪ :‬إنو يفسخ بالبعض‬
‫دكف البعض ال يرفع ما اتفق الفريقاف عليو؛ ألنو يوافق في كل صورة قوالن فيجوز ذلك‪.‬‬
‫الفائدة الثامنة‪:‬‬
‫اتفاؽ الخلفاء األربعة‪ ،‬أك اتفاؽ أبي بكر كعمر‪ ،‬أك اتفاؽ أىل المدينة‪ ،‬أك اتفاؽ أىل‬
‫البيت ك العترة أك اتفاؽ أىل الكوفة ليس بحجة‪ ،‬كبالتالي ال ييسمى إجماعان؛ ألف‬
‫الخلفاء األربعة‪ ،‬أك أبا بكر كعمر‪ ،‬أك أىل المدينة‪ ،‬أك أىل البيت كالعترة بعض‬
‫المؤمنين‪ ،‬كبعض األمة‪ ،‬كاألدلة المثبتة لحجية اإلجماع من الكتاب كالسنة قد دلت‬
‫على أف العصمة عن الخطأ قد ثبتت لؤلمة كلها‪ ،‬ال لبعضها‪ ،‬فبل تتناكؿ تلك األدلة‬
‫ىؤالء ألنهم بعض األمة كبعض المؤمنين‪ ،‬كعليو فبل يكوف اتفاؽ الخلفاء األربعة‪ ،‬أك‬
‫اتفاؽ أبي بكر كعمر‪ ،‬أك اتفاؽ أىل المدينة‪ ،‬أك اتفاؽ أىل البيت حجة‪.‬‬

‫األخبار‬

‫ىح ىك ًاـ‬‫ش ىرائً ًع يىػتىػ ىعلا يق بًأ ٍ‬ ‫قاؿ الزركشي في البحر المحيط‪ «:‬ا ٍعلىم أى اف أىساس النُّبػ او ً‬
‫ات ىكال ا‬ ‫ى ى ي‬ ‫ٍ‬
‫اـ بً ًو؛ لً ىما ييػ ىؤام يل‬ ‫ً ً ً‬ ‫ً‬
‫ٍاألى ٍخبىا ًر‪ ،‬ىكأى ٍكثىػ ير ٍاألى ٍخبىا ًر يم ٍستىػ ىفا هد م ٍنػ ىها‪ ،‬ىكىما ىى ىذا ىشأٍنيوي فى ىحقي هق اال ٍىت ىم ي‬
‫ً ًً ً‬
‫الدنٍػيىا‪».‬انتهى‬ ‫ص ىبل ًح الدي ًن ىك ُّ‬ ‫ل ىم ٍع ًرفىتو م ٍن ى‬

‫األخبار بفتح الهمزة‪ -‬جمع خبر كىو لغة مأخوذة من الخبار كىي األرض الرخوة ألف‬
‫الخبر يثير الفائدة كما أف األرض الخبار تثير الغبار إذا قرعها الحافر كنحوه‪.‬‬
‫كىو نوع مخصوص من القوؿ كقسم من أقساـ الكبلـ‪ ،‬كقد يستعمل في غير القوؿ‬
‫كما قيل‪.‬‬
‫تخبرؾ العيناف ما القلب كاتم‬
‫كتعريف الخبر من حيث ىو‪ :‬ما يحتمل الصدؽ كالكذب لذاتو‪ ،‬أم أف احتمالو لهما‬
‫من حيث كونو خبران كقد يقطع بصدؽ الخبر أك كذبو ألمر خارجي فاألكؿ كخبر اهلل‬
‫تعالى كالثاني كالخبر عن المحاالت كقوؿ القائل "الضداف يجتمعاف " فبل يخرج‬
‫بذلك عن كونو خبران‪.‬‬
‫كالخبر يطلق عند المحدثين على ما أضيف إلى النبي صلى اهلل عليو كسلم من قوؿ أك‬
‫فعل أك تقرير أك كصف خلقي أك خلقي‪.‬‬

‫ً‬
‫للحديث‪.‬‬ ‫ؼ‬ ‫ً‬
‫علماء المصطلح مر ًاد ه‬ ‫الخبر‪ :‬عند‬
‫الحديث‪ :‬ما جاء عن النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ ،-‬كالخبر‪ :‬ما جاء عن‬ ‫ي‬ ‫كقيل‪:‬‬
‫غيره‪ً ،‬‬
‫كمن ثى امةى قيل لمن يشتغل بالتواريخ كما ىشا ىكلى ىها‪" :‬ا ًإل ٍخبىا ًرم" ‪ ،‬كلمن يشتغل‬
‫بالسناة النبوية‪" :‬المحدث"‪.‬‬
‫و‬
‫عكس‪.‬‬ ‫خبر‪ً ،‬من غير‬ ‫فكل حديث ه‬
‫و‬ ‫كخصوص يمطٍلىق‪ُّ :‬‬ ‫ه‬ ‫عموـ‬
‫كقيل‪ :‬بينهما ه‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ك الخبر يطٍلى يق فًي ً‬
‫يب‪،‬‬ ‫يق ىكالتا ٍكذ ى‬ ‫اص ًد ى‬‫ىح يد ىىا‪ :‬ال يٍم ٍحتى ًم يل الت ٍ‬ ‫اصط ىبل ًح الٍعيلى ىماء ىعلىى أ ييموور‪ .‬أ ى‬‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫كىو اص ًط ىبلح ٍاأل ً‬
‫ين‪ .‬ىكثىانً ىيها‪ :‬ىعلىى يم ىقابً يل ال يٍم ٍبتى ىدأ نى ٍح يو‪ :‬قىائً وم‪ ،‬م ٍن ىزيٍ هد قىائً هم‪ ،‬فىًإناوي‬ ‫يصولي ى‬ ‫ى يى ٍ ي ي‬
‫ث يى ىو يم ٍف ىرهد‬ ‫يب؛ ًألى اف ال يٍم ٍف ىر ىد ًم ٍن ىح ٍي ي‬ ‫اص ًد ًيق ىكالتا ٍك ًذ ً‬ ‫ً‬
‫اؿ‪ :‬إناوي يم ٍحتى ًم هل للت ٍ‬‫م‪ ،‬ىكىال ييػ ىق ي‬ ‫ىخبىػ هر نى ٍح ًو ٌّ‬
‫ش ًاء ىال‬ ‫يم ًٍ‬
‫اإلنٍ ى‬ ‫يق كالتا ٍك ًذيب إناما يىو الٍمراك ً‬
‫ب قىس ي‬ ‫ى ى ى يى ي‬ ‫اصد ى ى‬
‫ىال يحتى ًمليهما‪ ،‬كاىلا ًذم يحتى ًمل الت ٍ ً‬
‫ىٍ ي‬ ‫ى ٍ يى ى‬
‫اؿ الص ٍد ًؽ‬ ‫احتً ىم ي‬
‫اد‪ ،‬ىك ٍ‬ ‫ىص ىل ىخبى ًر ال يٍم ٍبتى ىدأً ًٍ‬
‫اإلفٍػ ىر ي‬ ‫ك اتػ ىفاقيػ يه ٍم ىعلىى أى اف أ ٍ‬
‫ً‬
‫ىخبىػ ير ال يٍم ٍبتى ىدأ‪ ،‬ىكيى يد ُّؿ لً ىذلً ى‬
‫ً‬
‫ض الٍ يكوفي ى‬
‫ين‬ ‫ف ىم ٍن يع ابٍ ًن ٍاألىنٍػبىا ًرم ىكبىػ ٍع ً‬ ‫ضع ى‬‫ات الٍ ىك ىبلًـ‪ ،‬ىكلً ىه ىذا ي‬ ‫ب إناما يىو ًمن ً‬
‫ص ىف ً‬
‫ىكالٍ ىكذ ً ى ى ٍ‬
‫ً‬
‫ً‬ ‫ٍخبى ًرياًة طىلىبًياةن‪ ،‬نىظىنرا إلىى أى اف ال ى‬
‫ٍج ٍملى ًة ال ى‬
‫ب‬‫ب‪ ،‬ىكالطالى ي‬ ‫احتى ىم ىل الص ٍد ىؽ ىكالٍ ىكذ ى‬ ‫ٍخبىػ ىر ىما ٍ‬ ‫ىك ٍو ىف ال ي‬
‫اط هل بً ىما ذى ىك ٍرنىاهي‪ .‬ىكثىالًثيػ ىها‪ :‬ىعلىى ىما يى ىو أ ى‬
‫ىع ُّم‬ ‫ص ًحيح الٍجو ياز‪ ،‬كما عيلل بً ًو ب ً‬ ‫س ىك ىذلً ى‬
‫ك‪ ،‬ىكال ا ي ى ى ى ى ى ى‬ ‫لىٍي ى‬
‫وؿ ىم ىع ا ٍشتً ىمالً ىها ىعلىى ٍاأل ىىك ًام ًر‬ ‫ب‪ ،‬ك ىى ىذا ىك ىق ٍوًؿ الٍم ىحدثًين‪ :‬أى ٍخبىار ال ار يس ً‬ ‫اإلنٍ ى ً‬ ‫ًم ٍن ًٍ‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫شاء ىكالطالى ً ى‬
‫يث بًالٍ ىخبى ًر‪ ،‬ىكيم ٍعظى يم‬ ‫ص ُّح تىس ًميةي الٍح ًد ً‬
‫ٍ ى ى‬
‫في ً‬
‫يل‪ :‬ىك ٍي ى ى‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫اؿ الٍ ىقاضي أىبيو بى ٍك ور‪ :‬فىإ ٍف ق ى‬ ‫او ًاىي‪ ،‬ىكقى ى‬ ‫ىكالنػ ى‬
‫اص ىل ىج ًم ًيع ىها آيً هل إلىى‬ ‫السن ًاة ٍاألىك ًامر كالنػاو ًاىي؟ فىالٍجواب ًمن ك ٍج ىه ٍي ًن‪ :‬أىح يد يىما‪ :‬أى اف ح ً‬ ‫ُّ‬
‫ى‬ ‫ى ى‬ ‫ىى ي ٍ ى‬ ‫ى ي ى ى‬
‫اؿ‪ :‬ىكالس ُّر‬ ‫او ًاىي‪ .‬قى ى‬ ‫ً‬ ‫ًً‬
‫ور بو في يح ٍك ًم ال يٍم ٍخبى ًر ىع ٍن يك يجوبو‪ ،‬ىكىك ىذا الٍ ىق ٍو يؿ في النػ ى‬
‫ٍخب ًر‪ ،‬فىالٍمأٍم ً ً ً‬
‫ىي ي‬ ‫ال ى ى‬
‫ً‬ ‫س ىبلـ ‪ -‬لىيس ً‬
‫يل ًاال ٍستً ٍق ىبل ًؿ‪ ،‬ىكإًنا ىما ٍاآلم ير ىح اقا يى ىو اللاوي‬ ‫آم نرا ىعلىى ىسبً ً‬ ‫ً‬
‫فيو أىناوي ‪ -‬ىعلىٍيو ال ا ي ٍ ى‬
‫ًً‬
‫اإل ٍخبىا ًر ىع ٍن اللا ًو‪.‬‬
‫صطىىفى فًي يح ٍك ًم ًٍ‬ ‫ً‬ ‫تىػعالىى‪ ،‬ك ً‬
‫صيى يغ ٍاأل ٍىم ًر م ٍن ال يٍم ٍ‬ ‫ى ى‬
‫ين‪ ،‬ىك يى ٍم يي ٍخبً يرك ىف ىع ام ٍن يىػ ٍر ًكم لى يه ٍم‪ ،‬ىكىم ٍن‬ ‫ً‬ ‫ت أى ٍخب ً‬ ‫ً‬
‫ارا لنىػ ٍق ًل ال يٍمتىػ ىوسط ى‬ ‫ىكالثااني‪ :‬إنا ىما يسميى ٍ ى ن‬
‫وؿ إذنا‬ ‫وؿ‪ :‬أى ىم ىرنىا‪ ،‬فىال ىٍم ٍنػ يق ي‬ ‫وؿ اللا ًو‪ ،‬بى ٍل يىػ يق ي‬‫وؿ‪ :‬أى ٍخبىػ ىرنىا ىر يس ي‬
‫وؿ ىكا ىف إذىا بىػلىغىوي ىال يىػ يق ي‬ ‫اص ىر ال ار يس ى‬
‫ىع ى‬
‫ث انٍػتىػ ىهى‪.‬‬ ‫ٍخبى ًر فًي ال ىٍم ٍرتىػبى ًة الثاانًيى ًة إلىى ىح ٍي ي‬
‫اس ًم ال ى‬‫اد ٍ‬ ‫استً ٍج ىد ي‬
‫ٍ‬

‫تقسيم الخبر باعتبار كصفو بالصدؽ كالكذب‬


‫ينقسم الخبر من حيث كصفو بالصدؽ كالكذب إلى ثبلثة أقساـ‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬الخبر المقطوع بصدقو‪ ،‬كىو أنواع منها‪:‬‬
‫ُ‪ -‬الخبر الذم بلغ ركاتو حد التواتر‪.‬‬
‫ِ‪ -‬خبر اهلل كخبر رسولو صلى اهلل عليو كسلم‪.‬‬
‫ّ‪ -‬الخبر المعلوـ صدقو باالستدالؿ كقوؿ أىل الحق "العالم حادث "‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الخبر المقطوع بكذبو كىو أنواع منها‪:‬‬
‫ُ‪ -‬ما علم خبلفو بالضركرة مثل قوؿ القائل "النار باردة"‪.‬‬
‫‪ -1‬ما علم خبلفو باالستدالؿ مثل قوؿ الفبلسفة "العالم قديم "‪.‬‬
‫ّ‪ -‬الخبر الذم لو كاف صحيحان لتوفرت الدكاعي على نقلو متواتران‪ ،‬إما لكونو من‬
‫أصولو الشريعة‪ ،‬أك لكونو أمران غريبان كسقوط الخطيب عن المنبر كقت الخطبة مثبل‪.‬‬
‫ْ‪ -‬خبر مدعى الرسالة من غير معجزة‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الخبر الذم لم يقطع بصدقو كال بكذبو كىو ثبلثة أنواع‪:‬‬
‫ُ‪ -‬ما ظن صدقو كخبر العدؿ‪.‬‬
‫ِ‪ -‬ما ظن كذبو كخبر الفاسق‪.‬‬
‫ّ‪ -‬ما شك فيو كخبر مجهوؿ الحاؿ فإنو يستوم فيو االحتماالف لعدـ المرجح‪.‬‬
‫تقسيم الخبر إلى متواتر كآحاد‬
‫قاؿ الحافظ ابن حجر في نخبة الفكر‪ «:‬الخبر إما أف يكوف لو‪:‬‬
‫* طرؽ ببل عدد معين‪.‬‬
‫* أك مع حصر بما فوؽ االثنتين‪.‬‬
‫* أك بهما‪.‬‬
‫* أك بواحد‪.‬‬
‫فاألكؿ‪ :‬المتواتر المفيد للعلم اليقيني بشركطو كىي عدد كثير أحالت العادة تواطؤىم‬
‫على الكذاب رككا ذلك عن مثلهم من االبتداء إلى االنتهاء ككاف مستند انتهائهم‬
‫الحس كانضاؼ إلى ذلك أف يصحب خبرىم إفادة العلم لسامعو ‪.‬‬
‫كالثاني‪ :‬المشهور كىو المستفيض على رأم‪ .‬كيطلق المشهور على ما اشتهر على‬
‫األلسنة‪.‬‬
‫كالثالث‪ :‬العزيز‪ ،‬كليس شرطان للصحيح خبلفان لمن زعمو‪.‬‬
‫كالرابع‪ :‬الغريب‪.‬‬
‫ككلها ‪ -‬سول األكؿ ‪ -‬آحاد‪ ».‬انتهى كبلمو‬
‫ك لم يذكر الكتاب أقساـ الخبر باعتبار من يضاؼ إليو ك ىذا من مباحث علم‬
‫المصطلح ك ينقسم الخبر بهذا االعتبار إلى ثبلثة أقساـ‪ :‬أ ‪ /‬المرفوع ب ‪ /‬الموقوؼ‬
‫ج ‪ -/‬المقطوع‪.‬‬
‫أ ‪ /‬فالمرفوع‪:‬‬
‫ما أضيف إلى النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪.‬‬
‫كينقسم إلى قسمين‪ :‬مرفوع صريحان‪ ،‬كمرفوع حكمان‪.‬‬
‫ُ ‪ /‬فالمرفوع صريحان‪ :‬ما أضيف إلى النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم نفسو من قوؿ‪ ،‬أك‬
‫فعل‪ ،‬أك تقرير‪ ،‬أك كصف في يخليقو‪ ،‬أك ًخ ٍل ىقتًو‪.‬‬
‫مثالو من القوؿ‪ :‬قوؿ النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪" :‬من عمل عمبلن ليس عليو أمرنا فهو‬
‫رد" ‪.‬ك قولو صلى اهلل عليو ك سلم ‪" :‬إنما األعماؿ بالنيات" الحديث‬
‫كمثالو من الفعل‪ :‬كاف صلٌى اهلل عليو كسلٌم إذا دخل بيتو بدأ بالسواؾ ‪.‬‬
‫كمثالو من التقرير‪ :‬تقريره الجارية حين سألها‪" :‬أين اهلل؟ " قالت‪ :‬في السماء‪ ،‬فأقرىا‬
‫على ذلك صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪.‬ك إقراره صلٌى اهلل عليو كسلٌم لعمرك بن العاص لم تيمم‬
‫عن الجنابة كصلى بأصحابو في غزكة ذات السبلسل خشية الهبلؾ من البرد‪.‬‬
‫كىكذا كل قوؿ‪ ،‬أك فعل علم بو النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم كلم ينكره‪ ،‬فهو مرفوع‬
‫صريحان من التقرير‪.‬‬
‫كمثالو من الوصف في يخليقو‪ :‬كاف النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم أجود الناس كأشجع‬
‫الناس‪ ،‬ما سئل شيئان قط فقاؿ‪ :‬ال‪ .‬ككاف دائم البشر سهل الخلق‪ ،‬لين الجانب‪ ،‬ما خير‬
‫بين أمرين إال اختار أيسرىما إال أف يكوف إثمان فيكوف أبعد الناس عنو‪.‬‬
‫كمثالو من الوصف في ًخ ٍل ىقتًو‪ :‬كاف النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم ربعة من الرجاؿ‪ :‬ليس‬
‫بالطويل‪ ،‬كال بالقصير‪ ،‬بعيد ما بين المنكبين‪ ،‬لو شعر يبلغ شحمة أذنيو‪ ،‬كربما يبلغ‬
‫منكبيو‪ ،‬حسن اللحية‪ ،‬فيو شعرات من شيب‪.‬‬
‫ِ ‪ /‬كالمرفوع حكمان‪ :‬ما كاف لو حكم المضاؼ إلى النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم كىو‬
‫أنواع‪:‬‬
‫األكؿ ‪ /‬قوؿ الصحابي إذا لم يمكن أف يكوف من قبيل الرأم كلم يكن تفسيران‪ ،‬كال‬
‫معركفان قائلو باألخذ عن اإلسرائيليات‪ ،‬مثل أف يكوف خبران عن أشراط الساعة‪ ،‬أك‬
‫أحواؿ القيامة‪ ،‬أك الجزاء‪.‬‬
‫فإف كاف من قبيل الرأم فهو موقوؼ‪.‬‬
‫كإف كاف تفسيران فاألصل‪ :‬لو حكم نفسو‪ ،‬كالتفسير موقوؼ‪.‬‬
‫كإف كاف قائلو معركفان باألخذ عن اإلسرائيليات‪ ،‬فهو متردد بين أف يكوف خبران‬
‫إسرائيليان‪ ،‬أك حديثان مرفوعان‪ ،‬فبل يحكم فيو بأنو حديث للشك فيو‪.‬‬
‫كقد ذكركا أف العبادلة كىم‪ :‬عبد اهلل بن عباس‪ ،‬كعبد اهلل بن الزبير‪ ،‬كعبد اهلل بن عمر‬
‫بن الخطاب‪ ،‬كعبد اهلل بن عمرك بن العاص‪ ،‬أخذكا عن أحبار بني إسرائيل‪ :‬من كعب‬
‫األحبار‪ ،‬أك غيره‪.‬‬
‫الثاني ‪ /‬فعل الصحابي إذا لم يمكن أف يكوف من قبيل الرأم‪ ،‬كمثلوا لذلك بصبلة علي‬
‫رضي اهلل عنو في الكسوؼ أكثر من ركوعين في كل ركعة‪.‬‬
‫الثالث ‪ /‬أف يضيف الصحابي شيئان إلى عهد النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم كلم يذكر أنو‬
‫علم بو‪ .‬كقوؿ أسماء بنت أبي بكر رضي اهلل عنها‪ :‬ذبحنا على عهد النبي صلٌى اهلل‬
‫عليو كسلٌم فرسان‪ ،‬كنحن في المدينة فأكلناه ‪.‬‬
‫الرابع ‪ /‬أف يقوؿ الصحابي عن شيء بأنو من السنة‪ :‬كقوؿ ابن مسعود رضي اهلل عنو‪:‬‬
‫من السنة أف يخفي التشهد‪ ،‬يعني في الصبلة ‪.‬‬
‫فإف قالو تابعي‪ ،‬فقيل‪ :‬مرفوع‪ ،‬كقيل‪ :‬موقوؼ‪ .‬كقوؿ عبيد اهلل بن عبد اهلل بن عتبة بن‬
‫مسعود‪ :‬السنة أف يخطب اإلماـ في العيدين خطبتين يفصل بينهما بجلوس ‪.‬‬
‫الخامس ‪ /‬قوؿ الصحابي‪ :‬أمرنا أك نهينا أك أمر الناس كنحوه‪ ،‬كقوؿ أـ عطية رضي اهلل‬
‫عنها‪ :‬أمرنا أف نخرج في العيدين العواتق ‪ ،‬كقولها‪ :‬نهينا عن إتباع الجنائز كلم يعزـ‬
‫علينا ‪،‬كقوؿ ابن عباس رضي اهلل عنهما‪ :‬أمر الناس أف يكوف آخر عهدىم بالبيت ‪،‬‬
‫كقوؿ أنس رضي اهلل عنو‪ :‬كقت لنا في قص الشارب كتقليم األظافر كنتف اإلبط كحلق‬
‫العانة أف ال نترؾ فوؽ أربعين ليلة ‪.‬‬
‫السادس ‪ /‬أف يحكم الصحابي على شيء بأنو معصية؛ كقوؿ أبي ىريرة رضي اهلل عنو‬
‫فيمن خرج من المسجد بعد األذاف‪ :‬أما ىذا فقد عصى أبا القاسم صلٌى اهلل عليو‬
‫كسلٌم ‪.‬‬
‫ككذا لو حكم الصحابي على شيء بأنو طاعة‪ .‬إذ ال يكوف الشيء معصية أك طاعة إال‬
‫بنص من الشارع‪ ،‬كال يجزـ الصحابي بذلك إال كعنده علم منو‪.‬‬
‫السابع ‪ /‬قولهم عن الصحابي‪ :‬رفع الحديث أك ركاية؛ كقوؿ سعيد بن جبير عن ابن‬
‫عباس رضي اهلل عنهما قاؿ‪" :‬الشفاء في ثبلث‪ :‬شربة عسل‪ ،‬كشرطة محجم‪ ،‬ككياة نار‪،‬‬
‫كأنهى أمتي عن الكي" ‪ ،‬رفع الحديث‪ ،‬كقوؿ سعيد بن المسيب عن أبي ىريرة رضي‬
‫اهلل عنو ركاية‪" :‬الفطرة خمس‪ ،‬أك خمس من الفطرة‪ :‬الختاف‪ ،‬كاالستحداد‪ ،‬كنتف‬
‫اإلبط‪ ،‬كتقليم األظفار‪ ،‬كقص الشارب" ‪.‬‬
‫ككذلك لو قالوا عن الصحابي‪ :‬يأثر الحديث‪ ،‬أك ينميو‪ ،‬أك يبلغ بو كنحوه‪ ،‬فإف مثل‬
‫ىذه العبارات لها حكم المرفوع صريحان‪ ،‬كإف لم تكن صريحة في إضافتها إلى النبي‬
‫صلٌى اهلل عليو كسلٌم لكنها مشعرة بذلك‪.‬‬
‫ب ‪ /‬كالموقوؼ‪:‬‬
‫ما أضيف إلى الصحابي‪ ،‬كلم يثبت لو حكم الرفع‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬قوؿ عمر بن الخطاب رضي اهلل عنو‪ :‬يهدـ اإلسبلـ زلة العالم كجداؿ المنافق‬
‫بالكتاب‪ ،‬كحكم األئمة المضلين‪.‬‬
‫ج ‪ /‬كالمقطوع‪:‬‬
‫ما أضيف إلى التابعي فمن بعده‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬قوؿ ابن سيرين‪ :‬إف ىذا العلم دين‪ ،‬فانظركا عمن تأخذكف دينكم‪.‬‬
‫كقوؿ مالك‪ :‬اترؾ من أعماؿ السر ما ال يحسن بك أف تعملو في العبلنية‪.‬‬

‫ينقسم الخبر باعتبار طريقو الموصلة لو إلى المخبر بو إلى قسمين‪ :‬متواتر كآحاد‪.‬‬
‫المتواتر‬
‫تعريفو‪ :‬ىو في اللغة المتتابع‪.‬‬
‫كفي االصطبلح‪ :‬ما ركاه جماعة كثيركف تحيل العادة تواطؤىم كتوافقهم على الكذب‬
‫عن جماعة كذلك إلى أف ينتهي إلى محسوس‪.‬‬
‫شركطو‪ :‬كيشترط في المتواتر أربعة شركط‪:‬‬
‫ُ‪ -‬أف يكوف ركاتو كثيرين‪.‬‬
‫ِ‪ -‬أف تحيل العادة تواطؤىم كتوافقهم على الكذب‪.‬‬
‫ّ‪ -‬أف تستوم جميع طبقات السند بالشرطين السابقين إلى أف يتصل بالمخبر بو‪.‬‬
‫ْ‪ -‬أف يكوف علمهم بذلك حصل عن مشاىدة أك سماع‪.‬‬

‫كللتنبيو ال يشترط في المتواتر عدد محصور على الراجح‪ :‬بل متى ما حصل العلم بخبر‬
‫المخبرين المجرد عن القرائن فإنا نعلم أف الخبر قد بلغ التواتر‪ ،‬كإذا لم يحصل لنا‬
‫العلم بخبر المخبرين فإنا نعلم أف الخبر لم يبلغ حد التواتر؛ ألنو ال يمكن معرفة العدد‬
‫بالتحديد الذم حصل علمنا عنده بوجود بلد لم نشاىده‪ ،‬كإنما الطريق لمعرفة كوف‬
‫ىذا الخبر متواتران ىو حصوؿ العلم بالخبر؛ ألف العلم يتزايد تزايدان خفي التدريج‪ ،‬فهو‬
‫يشبو تزايد ضوء الصبح إلى أف ينتهي إلى حد الكماؿ‪.‬‬
‫ك ال يشترط في التواتر كذلك أف يكوف المخبركف مسلمين كعدكالن‪ ،‬فيحصل العلم‬
‫بالمتواتر سواء كاف المخبركف مسلمين أك ال‪ ،‬عدكالن أك ال؛ ألف سبب إفضاء الخبر‬
‫تصور اجتماعهم أك تواطؤىم على‬
‫المتواتر إلى العلم ىو‪ :‬كثرة المخبرين الذين ال يي ا‬
‫الكذب في الخبر‪ ،‬كإذا كاف األمر كذلك فإنو يمكننا أف نستفيد العلم بأخبار الكفار‪،‬‬
‫كبأخبار الفساؽ كما لو أخبركا عن موقعة‬
‫ك أيضا ال يشترط كجود المعصوـ ضمن المخبرين‪ ،‬ألف الواقع يدؿ على ذلك‪ ،‬فلو‬
‫أخبر أىل بلد من بلداف الكفار عن حصوؿ فتنة لحصل العلم بخبرىم مع كونهم كفاران‬
‫فضبلن عن كوف اإلماـ المعصوـ ليس فيهم خبلفا لئلمامية ك قولهم باطل مردكد عليهم‪.‬‬

‫أقساـ المتواتر‬
‫ينقسم المتواتر إلى قسمين‪:‬‬
‫ُ‪ -‬لفظي‪ :‬كىو ما اشترؾ ركاتو في لفظ معين مثل حديث "من كذب علي متعمدان‬
‫فليتبوأ مقعده من النار " كحديث "المرء مع من أحب "‪.‬‬
‫ِ‪ -‬معنوم‪ :‬كىو ما اختلفت الركاة في ألفاظو مع توافقهم في معناه مثل أحاديث‬
‫حوض الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم كأحاديث المسح على الخفين‪.‬‬

‫ذكر المؤلف أف المتواتر ينقسم إلى قسمين‪:‬‬


‫معنى فقط‪.‬‬
‫كمعنى‪ ،‬كمتواتر ن‬
‫ن‬ ‫متواتر لفظان‬
‫فالمتواتر لفظان كمعنى‪ :‬ما اتفق الركاة فيو على لفظو كمعناه‪.‬‬
‫فليتبوأ مقع ىده من النار" ‪.‬‬
‫علي يمتعمدان ا‬
‫مثالو‪ :‬قولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪" :‬من كذب ا‬
‫فقد ركاه عن النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم أكثر من ستين صحابياا‪ ،‬منهم العشرة‬
‫المبشركف بالجنة‪ ،‬كركاه عن ىؤالء خلق كثير‪.‬‬
‫معنى كلي‪ ،‬كانفرد كل حديث بلفظو الخاص‪.‬‬
‫كالمتواتر معنى ‪ :‬ما اتفق فيو الركاة على ن‬
‫مثالو‪ :‬أحاديث الشفاعة‪ ،‬كالمسح على الخفين‪ ،‬كلبعضهم‪:‬‬
‫ب‬
‫حديث ىم ٍن ىك ىذ ٍ‬
‫ي‬ ‫تواتر‬
‫مما ى‬
‫ب‬ ‫كمن بػنىى ً‬
‫سٍ‬ ‫كاحتى ى‬
‫هلل بيتان ٍ‬ ‫ىى ٍ ى‬
‫وض‬
‫ٍح ي‬ ‫اعةه كال ى‬
‫كرؤيةه ىش ىف ى‬
‫س يح يخ اف ٍي ًن ىكىذل بىػ ٍع ي‬
‫ض‬ ‫ىكٍم ي‬

‫نوع العلم الذم يفيده المتواتر‬


‫كالمتواتر يفيد العلم اليقيني الذم يضطر اإلنساف إليو بحيث ال يمكنو دفعو‪ ،‬كىذا ىو‬
‫الحق‪ ،‬فإنا نقطع بوجود الببلد الغائبة عنا كاألشخاص الماضية قبلنا كنجزـ بذلك جزمان‬
‫خاليان من التردد جاريا مجرل جزمنا بالمشاىدات‪.‬‬

‫كالمتواتر بقسميو يفيد‪:‬‬


‫أكالن‪ :‬العلم‪ :‬كىو‪ :‬القطع بصحة نسبتو إلى من نقل عنو‪.‬‬
‫ثانيان‪ :‬العمل بما دؿ عليو بتصديقو إف كاف خبران‪ ،‬كتطبيقو إف كاف طلبان‪.‬‬

‫اآلحاد‬
‫تعريفو‪ :‬ىو ما فقد شرطان فأكثر من شركط المتواتر السابقة‪.‬‬

‫شخص كاح هد‪.‬‬ ‫ً‬


‫الواحد في اللغة‪ :‬ما يركيو‬ ‫ىخبىػ ير‬
‫ه‬
‫ط التواتر‬
‫كفي االصطبلح‪ :‬ما لم يى ٍج ىم ٍع شرك ى‬
‫ك ليس المقصود بخبر الواحد ىو ما يبدك من ظاىر اللفظ‪ ،‬بحكم داللة اللغة؛ ألف‬
‫اإلطبل ىؽ إطبل هؽ اصطبلحي‪ ،‬كليس إطبلقان لغويان‪.‬‬
‫فليس المراد بخبر الواحد ما يركيو شخص كاحد فقط‪ ،‬كإنما المراد بو ما ليس بمتواتر‪،‬‬
‫ه‬
‫استعماؿ اصطبلحي‪.‬‬ ‫كىو اآلحاد بأقسامو الثبلثة‪ ،‬ألف االستعماؿ‬
‫ك ىو على ثبلثة أقساـ‪:‬‬
‫فاألكؿ‪ :‬أف يوجد فيها أصل صفة القبوؿ‪ ،‬ىكيىغلب على الظن صدؽ الخبر‪ ،‬لثبوت‬
‫صدؽ ناقلو فيؤخذ بو‪.‬‬
‫متعبادكف بالعمل بأغلب الظن؛ فلم ييكلاف العباد بالقطع كاليقين في كل شيء‪،‬‬
‫لكننا ى‬
‫كىذا ًم ٍن نعم اهلل؛ كلهذا قامت معظم أدلة الشرع على مجرد الثبوت‪ ،‬دكف الثبوت‬
‫النفس إلى القطع‬
‫ى‬ ‫القطعي‪ ،‬فالقطع كاليقين شيء زائد على الصحة‪ ،‬كال شك في أف‬
‫أمر زائد على أصل الصحة الذم‬
‫كاليقين أ ٍىميى يل‪ ،‬كبو أكثق‪ ،‬كلكنو ليس شرطان‪ ،‬كإنما ىو ه‬
‫تقوـ بو الحجة الشرعية‪.‬‬
‫كاإلعراض عن االحتجاج بالظن الغالب‪ ،‬إتباع لما يضاده من الظن غير الغالب‪ ،‬كليس‬
‫بهذا نطقت السنة كالكتاب‪ ،‬كال بهذا قالت العقوؿ ً‬
‫كالفطىر التي فطرىا رب األرباب‪.‬‬
‫كالثاني‪ :‬أف يوجد فيها أصل صفة الرد‪ ،‬كيىػ ٍغلب على الظن كذب الخبر؛ لثبوت كذب‬
‫ناقلو فىػييطٍرح‪.‬‬
‫كمن حكمة اهلل أنو ليس ًمن و‬
‫شيء‬ ‫كالثالث‪ :‬أف ال يوجد فيو صفة القبوؿ أك صفة الرد‪ً .‬‬
‫ىم‪ :‬أف جميع األدلة‬
‫الثبوت الذم تقوـ بو الحجة‪ ،‬أ ٍ‬
‫ى‬ ‫مما يحتاجو المرء في دينو ال يثبت‬
‫تقوـ بو الحجة‪-‬باختبلؼ درجات الثبوت‪ٌ -‬أما ما لم ييػ ٍعرؼ‬ ‫الشرعية ثابتة الثبوت الذم ي‬
‫ص ٍدقو ًمن كذبو ًمن األمور فهذا ليس منو شيء مما يي ٍحتاج إليو في الدين‪.‬‬
‫قوؿ عليو دليل‬ ‫ص ادؽ عن معصوـ‪ ،‬كإما ه‬ ‫قاؿ ابن تيمية رحمو اهلل‪ :‬كالعلم إما نقل يم ى‬
‫بهرج كال منقود‪،‬‬
‫موقوؼ ال ييػ ٍعلم أنو ه‬
‫ه‬ ‫معلوـ‪ ،‬كما ًس ىول ذلك فإما مزياف مردكد‪ ،‬كإما‬
‫كيقوؿ‪" :‬االختبلؼ في التفسير على نوعين‪ :‬منو ما مستنده النقل فقط‪ ،‬كمنو ما يعلم‬
‫استدالؿ يم ىح اقق‪.‬كالمنقوؿ‪ :‬إما عن المعصوـ‪،‬‬
‫ه‬ ‫نقل مص اد هؽ‪ ،‬كإما‬
‫بغير ذلك‪.‬إذ العلم ٌإما ه‬
‫كإما عن غير المعصوـ‪.‬كالمقصود أف جنس المنقوؿ سواء كاف عن معصوـ أك غير‬
‫معصوـ ‪-‬كىذا ىو األكؿ‪ -‬فمنو ما يمكن معرفة الصحيح من الضعيف‪ ،‬كمنو ما ال‬
‫يمكن معرفة ذلك‪ ،‬كىذا القسم الثاني من المنقوؿ ‪-‬كىو ما ال طريق لنا بالجزـ‬
‫بالصدؽ منو‪ -‬عامتو مما ال فائدة فيو‪ ،‬كالكبلـ فيو من فضوؿ الكبلـ‪.‬‬
‫ب على الحق فيو دليبلن‪.‬‬
‫صى‬‫كأما ما يحتاج المسلموف إلى معرفتو؛ فإف اهلل تعالى نى ى‬
‫فمثاؿ ما ال يفيد‪ ،‬كال دليل على الصحيح منو‪ ،‬اختبلفهم‪:‬‬
‫‪ -‬في لوف كلب أصحاب الكهف‪.‬‬
‫ض ًر ى‬
‫ب بو قتيل موسى من البقرة‪.‬‬ ‫‪ -‬كفي البعض الذم ي‬
‫نوح‪ ،‬كما كاف خشبها؟‪.‬‬
‫‪ -‬كفي مقدار سفينة و‬
‫‪ -‬كفي اسم الغبلـ الذم قتلو الخضر‪ ،‬كنحو ذلك‪.‬‬
‫فهذه األمور طريق العلم بها النقل‪.‬‬
‫فما كاف من ىذا منقوالن نقبلن صحيحان عن النبي صلى اهلل عليو كسلم‪ ،‬كاسم صاحب‬
‫موسى أنو الخضر‪ ،‬فهذا معلوـ‪ ،‬كما لم يكن كذلك ‪ ...‬فهذا ال يجوز تصديقو كال‬
‫تكذيبو إال بحجة ‪ ...‬انتهى‬

‫الذم تفيده‪ :‬اختلف في أخبار اآلحاد فذىب بعض العلماء إلى أنها ال تفيد القطع ال‬
‫بنفسها كال بالقرائن‪ ،‬كإنما تفيد الظن‪.‬‬
‫كقاؿ آخركف‪ :‬األصل في الخبر الواحد أف يفيد الظن كربما أفاد القطع بالقرائن مثل‬
‫كونو مركيان في الصحيحين كىذا ىو الراجح‪.‬‬

‫ف بالقرائن أنواعه‪:‬‬ ‫الم ٍحتى ُّ‬


‫الخبر ي‬
‫قاؿ الحافظ ابن حجر‪ «:‬ي‬
‫ت بً ًو‬
‫حيح ٍي ًهما‪ ،‬م اما لم يبلغ التواتر‪ ،‬فًإناوي احت اف ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ص ى‬ ‫أ ‪ -‬م ٍنها‪ :‬ىما أى ٍخ ىر ىجوي الشيخاف في ى‬
‫قرائن‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ي‬
‫‪ -‬ىجبللتيػ يهما في ىذا الشأف‪.‬‬
‫حيح على غي ًرىما‪.‬‬‫ص ً‬ ‫كتقدمهما في تى ٍميي ًز ال ا‬
‫‪ُّ -‬‬
‫العلٍم ًمن ً‬
‫مجرد‬ ‫وؿ‪ ،‬كىذا التلقي كح ىدهي أىقول في إًفادةً ً‬‫‪ -‬كتلقي العلماء لكتابيهما بال ىقبي ً‬
‫كثرةً الطُّير ًؽ القاصرةً ىع ًن التواتر‪.‬‬
‫إال أ ٌف ىذا‪:‬‬
‫اظ ًم اما في ً‬
‫الكتابي ًن‪ (.‬ليعلم طالب العلم أف‬ ‫يختص بما لم ينتق ٍده أح هد ًمن الح اف ً‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‪-‬‬
‫ى ي‬
‫مجموع ما انٍػتيًقد على اإلمامين ًمن األحاديث َُِ‪ ،‬اتفقا على ِّ‪ ،‬كانفردا بػ ٖٕ‪،‬‬
‫كمسلم بمائة‪ ،‬كالحقيقة أف ىذه األحاديث المنتقدة أجاب عنها ابن حجر في كتابو‬
‫مطو ولة‪ ،‬أجاب فيها عن ذلك على‬ ‫و‬
‫دراسة ا‬ ‫العظيم ىدم السارم مقدمة فتح البارم في‬
‫كجو اإلجماؿ كالتفصيل)‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ف بين م ٍدلولىي ًو ًم اما كقىع في ً‬
‫جيح؛‬
‫حيث ال تىػ ٍر ى‬ ‫الكتابي ًن‪ ،‬ي‬ ‫ى ى‬ ‫ِ‪ -‬كبًما لم يقع التٌخالي ي ى ى ٍ‬
‫ترجيح ألحدىما على اآلخ ًر‪،‬‬ ‫و‬ ‫العلم بصدقهما من غير‬ ‫ضاف ى‬ ‫الستحا ًلة أى ٍف ييفي ىد المتناقً ى‬
‫حاصل على تسليم صحتو‪.‬‬ ‫ه‬ ‫كما ىعدا ذلك فا ًإلجماعي‬
‫كسنى يد المن ًع‪ :‬أىناػ يه ٍم‬ ‫كجوب ً‬ ‫ً‬ ‫يل‪ :‬إًناما اتاػ ىفقوا على‬ ‫ً ً‬
‫العمل بو ال على صحتو‪ ،‬منعناه‪ ،‬ى‬ ‫فإ ٍف ق ى‬
‫جوب العم ًل بً يكل ما ص اح‪ ،‬كلو لىم ي ٍخ ًر ٍجوي ال ا ً‬ ‫ً‬
‫فلم يىػ ٍب ىق‬
‫ش ٍيخاف؛ ٍ‬ ‫ٍ ٍي‬ ‫ى ى‬ ‫يمتافقو ىف ىعلى يك ً ى ى‬
‫س‬‫حاصل على أ اف يلهما ىم ًزياةن فيما يىػ ٍرجع إًلى نىػ ٍف ً‬
‫ه‬ ‫صحيحي ًن في ىذا مزيةه‪ ،‬كا ًإلجماعي‬ ‫لل ا‬
‫الص اح ًة‪.‬‬
‫م‪:‬‬
‫العلم النظر ا‬ ‫ً‬
‫كم امن ص ارح بًإ ى ً‬
‫فادة ىما ىخ ٌرجو الشيخاف ى‬ ‫ى ى‬
‫ُ‪ -‬األستاذي أبو إسحاؽ اإلسفرائيني‪.‬‬
‫م‪.‬‬ ‫الح ىم ٍي ًد ُّ‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً ً‬
‫الحديث‪ :‬أىبو عبد اهلل ي‬ ‫ِ‪ -‬كمن أىئ امة ى‬
‫ّ‪ -‬كأبو الفضل بن طاىر‪ ،‬كغيرىما‪ .‬كيي ٍحتمل أف يقاؿ‪ :‬المزية المذكورة كو يف أحاديثهما‬
‫أص اح الصحيح‪.‬‬
‫الركاةً كالعًلى ًل‪ ،‬كم امن‬ ‫ف ُّ‬ ‫ت لوي طر هؽ متباينةه سالمةه ًمن ى‬
‫ض ٍع ً‬ ‫هور إًذا كانى ٍ‬ ‫الم ٍش ي‬
‫ً‬
‫ب ‪ -‬كمنها‪ :‬ى‬
‫كاألستاذي أبو بكر بن فيػ ٍوىرؾ‪،‬‬ ‫م األستاذي أىبو م ٍنصوور البػ ٍغ ً‬ ‫ص ارح بًإ ى ًً‬
‫م‪ٍ ،‬‬ ‫داد ُّ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫العلم النظر ا‬
‫فادتو ى‬ ‫ى ى‬
‫كغيرىما‪.‬‬
‫حيث ال يكو يف غىريبان‪ ،‬كالح ً‬
‫ديث‬ ‫نين‪ ،‬ي‬ ‫الحفاظ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ى‬ ‫الم ٍتق ى‬ ‫ي‬ ‫باألئمة‬ ‫ٍس يل‬
‫المسل ى‬
‫جػ ‪ -‬كمنها‪ :‬ى‬
‫ً‬ ‫كيو أحم يد بن حنبل‪ ،‬مثبلن‪ ،‬كيشاركو فيو غيره عن ال ا ً ً‬ ‫الاذم يػر ً‬
‫عن‬
‫غيرهي ٍ‬ ‫شافعي كييشا ًريكوي فيو ي‬ ‫ي‬ ‫ىٍ‬
‫بللة ركاتًًو كأ اف في ًه ٍم‬
‫جهة ج ً‬ ‫سامع ًو باالستدالؿ ًمن ً‬ ‫ك ب ًن أنس‪ ،‬فإنو يفيد العلم عند ً‬ ‫مالً ً‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫ك‬ ‫ش اك ي‬ ‫الع ىد ًد ال ىكثي ًر ًمن غىٍي ًرًىم‪ ،‬كال يىػتى ى‬
‫قاـ ى‬‫يقوـ ىم ى‬ ‫للقبوؿ ىما ي‬ ‫ً‬ ‫الموج ًبة‬
‫البلئقة ً‬‫ً‬ ‫ً‬
‫الصفات‬ ‫ًمن‬
‫ااس أى اف مالًكان‪ ،‬ىمثبلن‪ ،‬لو شافىػ ىهوي بخب ور أنو صاد هؽ‬ ‫و‬
‫ممارسة ً‬
‫بالعل ًٍم كأى ٍخبا ًر الن ً‬ ‫ىم ٍن لىوي أى ٍدنىى‬
‫شى عليو ًمن‬ ‫ٍك ال اد ىر ىج ًة ا ٍز ىد ى‬
‫اد قيػ اوةن‪ ،‬كبىػعي ىد ما يي ٍخ ى‬ ‫فيو‪ ،‬فإذا انضاؼ إليو ىمن يىو في تًل ى‬
‫السهو‪.‬‬
‫ً‬
‫بالحديث‬ ‫بصدؽ الخب ًر منها إًالا للعالً ًم‬
‫ً‬ ‫العلم‬ ‫ا‬
‫كىذه األنٍواعي التي ذ ىك ٍرناىا ال يى ٍحصل ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫اً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫العلم‬
‫صل لوي ي‬‫المتبح ًر فيو العارؼ بأحواؿ الركاة‪ ،‬المطل ًع ىعلى العلى ًل‪ .‬ككو يف غي ًره ال يى ٍح ي‬
‫حصوؿ ً‬
‫العلم‬ ‫ى‬ ‫بص ٍد ًؽ ذلك ‪-‬لقصوره عن األكصاؼ المذكورة التي ذكرناىا‪ -‬ال يىنفي‬
‫للمتبحر المذكور‪ ».‬انتهى‬
‫ٌ‬

‫التعبد بأخبار اآلحاد‬


‫التعبد بأخبار اآلحاد جائز عقبل‪ ،‬كقد قاـ الدليل عليو سمعا فمن ذلك‪:‬‬
‫ُ‪ -‬إجماع الصحابة رضي اهلل عنهم على قبولها‪ ،‬فقد اشتهر عنهم الرجوع إليها في‬
‫كقائع ال تنحصر كما في إرث الجدة السدس كدية الجنين‪ ،‬كتوريث المرأة من دية‬
‫زكجها‪ ،‬كتحوؿ أىل قباء إلى القبلة في صبلتهم‪ ،‬كأخذ الجزية من المجوس كأىل‬
‫الكتاب‪ ،‬كعامة أفعاؿ الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم في بيوتو‪.‬‬
‫ِ‪ -‬قولو تعالى‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا إف جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} كقولو‪{ :‬فلوال نفر‬
‫من كل فرقة منهم طائفة} اآلية‪.‬‬
‫ّ‪ -‬ما تواتر من بعثو صلى اهلل عليو كسلم اآلحاد في النواحي لتبليغ األحكاـ مع‬
‫العلم بتكليف المبعوث إليهم بذلك‪.‬‬
‫ْ‪ -‬انعقاد ا ًإلجماع في قبوؿ قوؿ المفتى فيما يخبر بو عن ظنو كقبوؿ قولو فيما يخبر‬
‫بو عن السماع الذم الشك فيو أكلى‪.‬‬

‫ككذلك خبر الواحد مقبوؿ فيما تعم بو البلول‪ ،‬لكثرة تكرره ككقوعو‪ ،‬كأف يتعلق بأحكاـ‬
‫الوضوء أك الصبلة كقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬من مس ذكره فليتوضأ "‬
‫مقبوؿ؛ إلجماع الصحابة السكوتي على قبولو‪ ،‬فقد قبلوا خبر عائشة كىو‪ " :‬إذا التقى‬
‫الختاناف فقد كجب الغسل "‪ ،‬كقبلوا خبر رافع‪ :‬أف النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪-‬‬
‫نهى عن المخابرة دكف نكير من أحد‪ ،‬فكاف إجماعان كىذا خبلفا لمن أبى ذلك من‬
‫العلماء‪.‬‬
‫كألف الراكم لهذا الخبر فيما تعم بو البلول عدؿ ثقة قد جزـ بتلك الركاية فغلب على‬
‫ظننا صدقو‪ ،‬كإذا كاف كذلك فيجب قبوؿ ما ركاه‪.‬‬
‫كزيادة على ذلك خبر الواحد الوارد بإثبات حد أك ما يجرم مجراه مما تسقطو الشبهة‬
‫يقبل مطلقان؛ قياسان على غيره من األخبار‪ ،‬فكما أف خبر الواحد في غير الحد من سائر‬
‫األحكاـ الشرعية ييقبل‪،‬فكذلك يقبل خبر الواحد الوارد بإثبات حد كال فرؽ‪ ،‬بجامع‪:‬‬
‫أف الراكم فيهما عدؿ ثقة جازـ في الركاية‪ ،‬كلم يعارضو مثلو‪ ،‬كألف األدلة المثبتة‬
‫لحجية خبر الواحد لم تفرؽ بين ما كرد بإثبات حد أك بغير ذلك‪.‬‬
‫فائدة نفسية‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ عبد الكريم الخضير ‪:‬‬
‫« إذا عرفنا ىذا كجزمنا بوجوب العلم بما صح عن النبي صلى اهلل عليو كسلم كلو لم‬
‫يبلغ حد التواتر كلو لم تحتف بو قرينة في جميع أبواب الدين كما ىو قوؿ جميع من‬
‫يعتد بو من أىل العلم كال فرؽ في ذلك بين العقائد كاألحكاـ كغيرىما »‬
‫قاؿ اإلماـ المحقق ابن القيم في الصواعق المختصر ‪ «:‬المقاـ الخامس أف ىذه‬
‫األخبار لو لم تفد اليقين فإف الظن الغالب حاصل منها كال يمتنع إثبات األسماء‬
‫كالصفات بها كما ال يمتنع إثبات األحكاـ الطلبية بها فما الفرؽ بين الطلب كباب‬
‫الخبر بحيث يحتج في أحدىما دكف اآلخر؟ كىذا التفريق باطل بإجماع األمة فإنها لم‬
‫تزؿ تحتج بهذه األحاديث في الخبريات العلميات كما تحتج بها في الطلبيات‬
‫العمليات كال سيما كاألحكاـ العملية تتضمن الخبر عن اهلل بأنو شرع كذا كأكجبو كرضيو‬
‫دينان راجع إلى أسمائو كصفاتو ‪ ،‬كلم تزؿ الصحابة كالتابعوف كتابعوىم كأىل الحديث‬
‫كالسنة يحتجوف بهذه األخبار في مسائل الصفات كالقدر كاألسماء كاألحكاـ كلم ينقل‬
‫جوز االحتجاج بها في مسائل األحكاـ دكف اإلخبار عن اهلل‬
‫عن أحد منهم البتة أنو ا‬
‫كأسمائو كصفاتو ‪» .‬‬
‫كقاؿ شيخ اإلسبلـ ابن تيمية في مجموع الفتاكل ‪ :‬كلم يفرؽ أحد من السلف كاألئمة‬
‫جع يل الدين قسمين أصوالن كفركعان لم يكن معركفان في الصحابة‬
‫بين أصوؿ كفركع بل ٍ‬
‫كالتابعين كلم يقل أحد من السلف كالصحابة كالتابعين ‪ :‬إف المجتهد الذم استفرغ‬
‫كسعو في طلب الحق يأثم ال في األصوؿ كال في الفركع ‪ ،‬كلكن ىذا التفريق ظهر من‬
‫جهة المعتزلة كأدخلو في أصوؿ الفقو من نقل ذلك عنهم ‪ . . .‬إلى أف قاؿ كالذين‬
‫فرقوا بين األصوؿ كالفركع لم يذكركا ضابطان يميز بين النوعين بل تارة يقولوف ‪ :‬ىذا‬
‫قطعي كىذا ظني ككثير من مسائل األحكاـ قطعي ككثير من مسائل األصوؿ ظني عند‬
‫بعض الناس فإف كوف الشيء قطعيان كظنيان أمر إضافي‪.‬‬
‫كتارة يقولوف ‪ :‬األصوؿ ىي العلميات الخبريات كالفركع العمليات ككثير من العمليات‬
‫من جحدىا كفر كوجوب الصبلة ‪ ،‬كالزكاة ‪ ،‬كالصياـ ‪ ،‬كالحج ‪ . . .‬إلى آخر كبلمو‬
‫رحمو اهلل ‪.‬‬
‫كقاؿ في منهاج السنة ‪ :‬الفرؽ بين مسائل األصوؿ كالفركع إنما ىو من أقواؿ البدع من‬
‫أىل الكبلـ من المعتزلة كالجهمية كمن سلك سبيلهم كانتقل ىذا القوؿ إلى أقواـ‬
‫تكلموا بذلك في أصوؿ الفقو كلم يعرفوا حقيقة ىذا القوؿ كال غوره ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬كالفرؽ في ذلك بين مسائل األصوؿ كالفركع كما أنو بدعة محدثة في اإلسبلـ‬
‫لم يدؿ عليها كتاب كال سنة كال إجماع بل كال قالها أحد من السلف كاألئمة فهي‬
‫باطلة عقبلن ‪ ،‬فإف المفرقين بين ما جعلوه مسائل أصوؿ كمسائل فركع لم يفرقوا بينهما‬
‫بفرؽ صحيح يميز بين النوعين ؛ بل ذكركا ثبلثة فركؽ أك أربعة كلها باطلة ‪ .‬أىػ ‪.‬‬

‫تقسيم اآلحاد من حيث ركاتو قلة ككثرة‬


‫تنقسم أخبار اآلحاد من حيث كثرة الركاة كقلتهم إلى ثبلثة أقساـ‪:‬‬
‫ُ‪ -‬مشهور ِ‪ -‬عزيز ّ‪ -‬غريب‪.‬‬
‫فالمشهور‪ :‬ما قصر في عدد ركاتو عن درجة التواتر كلم ينزؿ في طبقة من طبقاتو عن‬
‫ثبلثة‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬حديث "المسلم من سلم المسلموف من لسانو كيده "‪ .‬الحديث‪.‬‬
‫ِ‪ -‬كالعزيز‪ :‬ما نزؿ سنده كلو في بعض الطبقات إلى اثنين فقط‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬حديث "ال يؤمن أحدكم حتى أكوف أحب إليو من كلده ككالده كالناس أجمعين‬
‫"‪.‬‬
‫ّ‪ -‬كالغريب‪ :‬ما نزؿ سنده كلو في بعض الطبقات إلى كاحد‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬حديث عمر بن الخطاب رضي اهلل عنو الذم يجعلو كثير من المصنفين في‬
‫الحديث فاتحة كتبهم كىو قولو صلى اهلل عليو كسلم‪" :‬إنما األعماؿ بالنيات كإنما‬
‫لكل امرئ ما نول"‪.‬‬

‫جماعة ًمن ً‬‫و‬ ‫ً‬


‫أئمة الفقهاء‪،‬‬ ‫ستفيض ىعلى ً‬
‫رأم‬ ‫ي‬ ‫الم‬ ‫المشهور يسم ىي بذلك يلوضوح ًو‪ ،‬ي‬
‫كى ىو ي‬
‫الم ٍستى ً‬
‫فيض‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بين ي‬
‫فاض الماءي يىفيض فيضان‪ ،‬كم ٍنػ يهم ىم ٍن غىايىػ ىر ى‬
‫يسم ىي بذلك النتشاره‪ ،‬من‪ :‬ى‬
‫أعم ًم ٍن ى‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫هور ُّ‬
‫كالم ٍش ى‬
‫ً ًً‬
‫فيض يكو يف في ابتدائو كانٍتهائو ىسواء‪ ،‬ى‬ ‫كالم ٍشهوًر‪ ،‬بأى اف ي‬
‫الم ٍستى ى‬ ‫ى‬
‫كليس ًمن مباحث ىذا الفن‪.‬‬ ‫ى‬
‫و‬
‫كيفية أي ٍخرل‪،‬‬ ‫كمنه ٍم ىمن غايىػ ىر على‬
‫ي‬
‫هور ييطلىق‪:‬‬
‫الم ٍش ي‬
‫ث ام ى‬
‫ُ‪ -‬على ىما يحرر يىنا‪.‬‬
‫ٍس ًنة؛ فىػيشمل ما لىو إسنا هد كاح هد ً‬
‫فصاعدان‪ ،‬بل ما ال يوجد‬ ‫ِ‪ -‬كعلى ما ا ٍشتي ًهر على األل ً‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫لو إسنا هد أصبلن‬
‫كسم ىي‬ ‫ك أما العزيز فيقوؿ الحافظ ابن حجر‪« :‬ىو أى ٍف ال ير ًكيو ُّ ً‬
‫أقل من اثنين عن اثنين‪ .‬ي‬ ‫ى ى‬ ‫ي‬
‫بمجيئً ًو ًمن طر ويق أي ٍخرل‪.‬‬ ‫م ى‬
‫ًً‬ ‫ً ًً‬
‫بذلك إً اما لقلة كجوده‪ ،‬كإً اما لكونو ىع از‪ ،‬أ ٍ‬
‫ىم قى ًو ى‬
‫لي الجباائًي ًمن الم ٍعتز ًلة‪ ،‬كإً ً‬
‫ليو‬ ‫ص ً ً‬
‫ي‬ ‫لم ٍن ىز ىع ىموي‪ ،‬كىو أىبو ىع ٍّ ي‬ ‫حيح‪ ،‬خبلفان ى‬ ‫س ىش ٍرطان لل ا‬ ‫كلىٍي ى‬
‫ً‬ ‫اهلل في ً‬ ‫يومئ كبلـ الحاكً ًم أىبي عبد ً‬
‫حيح أ ٍف يىػ ٍر ًكيىوي‬
‫ص ي‬ ‫حيث قاؿ‪ :‬ال ا‬‫الحديث‪ ،‬ي‬ ‫علوـ‬ ‫ي ي‬
‫ديث إًلى‬ ‫الصحابي الزائل عنوي اسم الجهالة؛ بأى ٍف يكو ىف لوي راكياف‪ ،‬ثم يتداكلو أىىل الح ً‬ ‫ُّ‬
‫ي ى‬ ‫ي ى‬ ‫ي‬
‫ش ىً‬ ‫هادةً ىعلى ال ا‬ ‫ىكقٍتًنًا‪ ،‬كال ا‬
‫بن العربي في ىش ٍر ًح البي ىخا ًر ٌ‬
‫م‬ ‫ح القاضي أىبو بى ٍك ور ي‬ ‫كص ار ى‬
‫هادة‪ .‬ى‬ ‫ش ى‬
‫فيو نظر؛ ألنو قاؿ‪:‬‬ ‫بجواب ً‬
‫و‬ ‫عليو ًمن ذلك‬ ‫ط الب ىخا ًرم‪ ،‬كأىجاب ع اما أيكًر ىد ً‬
‫ٍ‬ ‫بأى اف ذلك شر ي ي‬
‫ات" فىػ ٍرهد؛ لم يىػ ٍر ًكهً ىع ٍن عيمر إال علقمة؟ قاؿ‪ :‬قلنا‪ :‬قد‬ ‫اؿ بالنػيا ً‬
‫حديث‪" :‬األ ٍع ىم ي‬
‫ي‬ ‫فإف قيل‪:‬‬
‫صحابىًة؛ فلوال أىناػ يه ٍم يىػ ٍع ًرفونىوي ألنكركه‪- .‬كذا قاؿ‪-‬‬ ‫ضرةً ال ا‬ ‫ً‬
‫ب بو عيم ير ىعلى الم ٍنبى ًر ى‬
‫بح ٍ‬ ‫ىخطى ى‬
‫ب بأنو ال يىػلٍزـ من كونهم سكتوا عنو أف يى يكونوا ىس ًمعوهي ًم ٍن غىٍي ًرهً‪ ،‬كبأى اف ىذا لو‬ ‫‪ .‬كتيػعيق ى‬
‫راىيم بًو ىع ٍن ىع ٍل ىق ىمةى‪ ،‬ثي ام تىػ ىف ُّرًد‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يسل ىم في عي ىم ىر يمن ىع في تىػ ىف ُّرد علقمةى ث ام تىػ ىف ُّرد يم ىح امد ب ًن إبٍ ى‬
‫ثين‪ ،‬كقى ٍد‬ ‫صحيح المع ي ً‬ ‫و‬ ‫عيد ًبو عن‬
‫يحيى ب ًن س و‬
‫الم ىحد ى‬ ‫ركؼ ع ٍن ىد ي‬ ‫محمد‪ ،‬ىعلى ما يىو ال ا ي ي ٍ‬ ‫ى‬ ‫ى ٍى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مر‪.‬‬‫متابعات ال ييػ ٍعتىبىػ ير بها‪ ،‬ككذا ال يى ٍسلى يم جوابيو في غي ًر حديث عي ى‬ ‫ه‬ ‫كردت لي ٍهم‬
‫ٍ‬
‫ط البي ىخا ًرم ي‬
‫أكؿ‬ ‫اد ىعى أىناوي شر ي‬
‫ٍبلف ما ٌ‬ ‫القاضي في بط ً‬ ‫قاؿ ابن ر ىش ٍي ود‪ :‬كلىىق ٍد كا ىف ي ٍكفي ً‬
‫ى ي‬ ‫ى‬ ‫ي‬
‫و‬
‫حديث ىمذكوور فيو‪.‬‬
‫فقاؿ‪ :‬إً اف ًركايىةى اثنىػ ٍي ًن ىع ًن اثنىػ ٍي ًن إًلى أى ٍف يىػ ٍنتى ًه ىي ال توجد‬
‫نقيض ىد ٍعواهي‪ ،‬ى‬ ‫كادعى ً‬
‫ابن حبٌاف ى‬ ‫ٌى ي‬
‫ىصبلن فىػيي ٍم ًك ين أى ٍف‬‫أصبلن‪ .‬قلت‪ :‬إف أراد أى اف ًركايىةى اثٍػنىػ ٍي ًن فىػ ىق ٍط ىع ًن اثٍػنىػ ٍي ًن فىػ ىق ٍط ال ييوجد أ ٍ‬
‫أقل ًمن اثٍػنىػ ٍي ًن ىع ٍن أق ال ًم ىن‬ ‫جودةه بأ ٍف ال يركيىوي ُّ‬ ‫فم ٍو ى‬ ‫العزي ًز التي ىح ارٍرناىا ى‬
‫صورةي ى ا‬
‫سلا ىم‪ ،‬كأى اما ي ى‬‫يي ى‬
‫اثٍػنىػ ٍي ًن‪ ».‬ق‬
‫التفرد بً ًو ًم ىن‬
‫ي‬ ‫كاح هد في أم موض وع ىكقى ىع‬ ‫ك بالنسبة للغريب‪ :‬ىو ما يتف ارد بًركايتً ًو شخص ً‬
‫ه‬ ‫ى‬ ‫ي‬
‫سنى ًد‪.‬‬
‫ال ا‬
‫ث ام الغىرابىةي إً اما أى ٍف تىكو ىف‪:‬‬
‫ت‬ ‫سناد ً‬
‫عليو كيػرًجع‪ ،‬كلو تىػع اد ىد ً‬ ‫دكر ا ًإل ي‬ ‫ا‬ ‫ىصل ال ا ً‬‫ُ‪ -‬في أ ً‬
‫ى‬ ‫ىٍ ي‬ ‫سنىد‪ :‬أم في الموض ًع الذم يى ي‬
‫ليو‪ ،‬كىو طىىرفيوي الذم فيو الصحابي‪.‬‬ ‫الطُّر يؽ إً ً‬
‫أكثر ًمن‬
‫صحابي ي‬ ‫ذلك‪ ،‬بأى ٍف يىكو ىف التاػ ىف ُّر يد في أثنائو‪ ،‬كأى ٍف يركيىو ىع ًن ال ا‬
‫ِ‪ -‬أ ٍىك الى يىكو يف ىك ى‬
‫شخص كاحد‪.‬‬ ‫كاحد منهم‬ ‫كاحد‪ ،‬ثم ي ٍنػ ىف ًر ىد بركايتو عن و‬ ‫و‬
‫ه‬

‫أقساـ اآلحاد من حيث القبوؿ أك الرد‬


‫من المعلوـ أف المتواتر مقبوؿ قطعان‪.‬‬
‫أما خبر الواحد فيكوف صحيحان‪ ،‬كيكوف حسنان؛ ككبلىما مقبوؿ؛ كيكوف ضعيفان كىو‬
‫المردكد كذلك بحسب قرائن الصحة كالحسن أك أسباب الردة كلكل ضوابط كاآلتي‪:‬‬
‫ُ‪ -‬الصحيح لذاتو‪ :‬ىو ما اتصل سنده بركاية العدؿ الضابط ضبطان تامان من غير‬
‫شذكذ كال علة‪.‬‬
‫كلغيره‪ :‬ما خفت فيو شركط الصحيح لذاتو كجبر بكثرة الطرؽ‪.‬‬
‫ِ‪ -‬كالحسن لذاتو‪ :‬ما خفت فيو شركط الصحيح لذاتو كلم يجبر بكثرة الطرؽ‪.‬‬
‫كلغيره‪ :‬ىو الحديث المتوقف فيو إذ قامت قرينة ترجح جانب قبولو‪ .‬كحديث مستور‬
‫الحاؿ إذا تعددت طرقو‪.‬‬
‫ّ‪ -‬كالضعيف‪ :‬ىو الذم لم يتصف بشيء من صفات الصحيح كال من صفات‬
‫الحسن‪.‬‬

‫الصحيح لذاتو‪ :‬ما ركاه عدؿ تاـ الضبط بسند متصل‪ ،‬كسلم من الشذكذ كالعلة‬
‫القادحة‪.‬‬
‫فالعدالة‪ :‬استقامة الدين كالمركءة‪.‬‬
‫فاستقامة الدين‪ :‬أداء الواجبات‪ ،‬كاجتناب ما يوجب الفسق من المحرمات‪.‬‬
‫يذمو‬
‫كاستقامة المركءة‪ :‬أف يفعل ما يحمده الناس عليو من اآلداب كاألخبلؽ‪ ،‬كيترؾ ما ٌ‬
‫الناس عليو من ذلك‬
‫كتعرؼ عدالة الراكم باالستفاضة كاألئمة المشهورين‪ :‬مالك كأحمد كالبخارم‬
‫كنحوىم‪ ،‬كبالنص عليها ممن يعتبر قولو في ذلك‪.‬‬
‫تحملو من مسموع‪ ،‬أك مرئي على الوجو الذم تحملو من‬
‫كتماـ الضبط‪ :‬أف يؤدم ما ٌ‬
‫غير زيادة كال نقص‪ ،‬لكن ال يضر خطأ يسير؛ ألنو ال يسلم منو أحد‪.‬‬
‫كيعرؼ ضبط الراكم بموافقتو الثقات كالحفاظ كلو غالبان‪ ،‬كبالنص عليو ممن يعتبر قولو‬
‫في ذلك‪.‬‬
‫كاتصاؿ السند‪ :‬أف يتلقى كل راك ممن ركل عنو مباشرة أك حكمان‪.‬‬
‫فالمباشرة‪ :‬أف يبلقي من ركل عنو فيسمع منو‪ ،‬أك يرل‪ ،‬كيقوؿ‪ :‬حدثني‪ ،‬أك سمعت‪ ،‬أك‬
‫رأيت فبلنان كنحوه‪.‬‬
‫كالحكم‪ :‬أف يركم عمن عاصره بلفظ يحتمل السماع كالرؤية‪ ،‬مثل‪ :‬قاؿ فبلف‪ ،‬أك‪ :‬عن‬
‫فبلف‪ ،‬أك‪ :‬فعل فبلف‪ ،‬كنحوه‪.‬‬
‫كىل يشترط مع المعاصرة ثبوت المبلقاة أك يكفي إمكانها؟‬
‫على قولين؛ قاؿ باألكؿ البخارم‪ ،‬كقاؿ بالثاني مسلم‪.‬‬
‫قاؿ النوكم عن قوؿ مسلم‪ :‬أنكره المحققوف‪ ،‬قاؿ‪ :‬كإف كنا ال نحكم على مسلم‬
‫بعملو في "صحيحو" بهذا المذىب لكونو يجمع طرقان كثيرة يتعذر معها كجود ىذا‬
‫الحكم الذم جوزه‪ ،‬كاهلل أعلم ‪.‬‬
‫كمحل ىذا في غير المدلس‪ ،‬أما المدلس فبل يحكم لحديثو باالتصاؿ إال ما صرح فيو‬
‫بالسماع أك الرؤية‪.‬‬
‫كيعرؼ عدـ اتصاؿ السند بأمرين‪:‬‬
‫أحدىما‪ :‬العلم بأف المركم عنو مات قبل أف يبلغ الراكم سن التمييز‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬أف ينص الراكم أك أحد أئمة الحديث على أنو لم يتصل بمن ركل عنو‪ ،‬أك لم‬
‫يسمع‪ ،‬أك ير منو ما ىح ادث بو عنو‪.‬‬
‫كالشذكذ‪ :‬أف يخالف الثقة من ىو أرجح منو إما‪ :‬بكماؿ العدالة‪ ،‬أك تماـ الضبط‪،‬‬
‫ككثرة العدد‪ ،‬أك مبلزمة المركم عنو‪ ،‬أك نحو ذلك‪.‬‬

‫أسباب الرد‬
‫فأسباب الرد‪ :‬إما سقوط من السند أك طعن في الراكم كتفصيل ذلك في فن‬
‫المصطلح‪.‬‬
‫حيث يفرقوف بين كوف الساقط كاحدان أك أكثر‪ ،‬كببن كونو في أكؿ السند أك كسطو أك‬
‫آخره‪.‬‬

‫ط إً اما أى ٍف يىكو ىف‪:‬‬


‫س ٍق ي‬
‫قاؿ الحافظ ابن حجر ‪ « :‬فال ا‬
‫ف‪.‬‬ ‫صن و‬ ‫سنى ًد ًمن تى ً‬
‫ُ‪ً -‬من ىمبادئ ال ا‬
‫ص ُّرؼ يم ى‬ ‫ى‬
‫سناد‪ ،‬بع ىد التاابعي‪.‬‬ ‫ِ‪ -‬أك ًمن ً‬
‫آخ ًرهً‪ ،‬أم ا ًإل ً‬
‫ّ‪ -‬أك غير ذلك‪.‬‬
‫ط كاحدان‪ ،‬أـ أكثر‪.‬‬ ‫الم ىعلاق‪ ،‬سواءه كاف الساق ي‬‫فاألكؿ‪ :‬ي‬
‫يف‬ ‫ضل‪ ،‬اآلتي ذ ٍكره‪ ،‬عموـ كخصوص ًمن و‬
‫كجو‪ :‬فى ًمن حيث تعر ي‬ ‫الم ٍع ى‬
‫ه‬ ‫ي ه‬ ‫ىكبىػ ٍيػنىوي كبين ي‬
‫حيث‬
‫كمن ي‬‫بعض صوًر المعلاق‪ً ،‬‬
‫مع ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يى‬ ‫ضل بأنو‪ :‬سقط منوي اثناف فصاعدان؛ يجتىم يع ى‬ ‫الم ٍع ى‬
‫ي‬
‫أعم من‬ ‫ف ًمن مباد ًئ ال ا‬
‫سنى ًد يىػ ٍفتر يؽ منوي؛ إذ ىو ُّ‬ ‫الم ىعلاق بأىناو ًمن تى ُّ‬
‫صرؼ مصن و‬
‫تىػ ٍقيي يد ي‬
‫ذلك‪.‬‬
‫اهلل صلاى اهلل ً‬ ‫رسوؿ ً‬ ‫سً‬ ‫الم ىعلاق‪ :‬أى ٍف يي ٍح ىذ ى‬ ‫ً‬
‫عليو‬ ‫ي‬ ‫قاؿ ي‬ ‫قاؿ مثبلن‪ :‬ى‬ ‫ند كيي ى‬ ‫جميع ال ا‬
‫ي‬ ‫ؼ‬ ‫ص ىوًر ي‬
‫كمن ي‬
‫كسلم‪.‬‬
‫ؼ إال الصحابي‪ ،‬أك إال التابعي كالصحابي معان‪.‬‬ ‫كمنها‪ :‬أف يى ٍح ًذ ى‬
‫ؼ من ح ادثىو‪ ،‬كي ً‬ ‫ً‬
‫ضي ىفو إلى ىمن ىو فىػ ٍوقو‪.‬‬ ‫ي‬ ‫كمنها‪ :‬أى ٍف يى ٍحذ ى ى ٍ ى‬
‫س ٌمى تعليقان‪ ،‬أ ٍىك الى؟‪،‬‬ ‫فًإ ٍف كا ىف من فوقىو شيخان لذلك المصنف فقد ا ٍختيلً ى ً ً‬
‫ف ف ٍيو‪ :‬ىل يي ى‬ ‫ىٍ‬
‫س‬
‫فاعل ذلك يم ىدل ه‬ ‫ؼ بالنص أك االستقراء أ اف ى‬ ‫التفصيل‪ :‬فًإ ٍف عي ًر ى‬
‫ي‬ ‫حيح في ىذا‬ ‫ص ي‬ ‫كال ا‬
‫ض ىي ًبو‪ ،‬كإًالا فتعلي هق‪.‬‬ ‫قي ً‬
‫ً‬ ‫للج ٍه ًل ً‬ ‫ً‬ ‫كإًناما ذيكًر الت ي ً‬
‫المحذكؼ‪.‬‬ ‫بحاؿ‬ ‫اعليق في ق ٍس ًم المردكد ى‬ ‫ى‬
‫آخ ىر‪.‬‬
‫كجو ى‬‫ؼ‪ ،‬بأى ٍف يجيء مسمى ًمن و‬ ‫كقد يي ٍح ىك يم بص احتً ًو إ ٍف عي ًر ى‬
‫ى ي ىٌ ن‬
‫بهاـ‪ ،‬كالجمهور‪ :‬ال‬ ‫اعديل على ا ًإل ً‬ ‫جاءت ىم ٍسأىلىةي الت ً‬
‫ٍ‬ ‫ىح ًذفيوي ثًىق ه‬
‫ات‪،‬‬ ‫جميع ىمن أ ٍ‬‫ي‬ ‫فًإ ٍف ى‬
‫قاؿ‪:‬‬
‫س امى‪.‬‬ ‫ييػ ٍقبى يل حتاى يي ى‬
‫كتاب ايلٍتي ًزم ٍ ً‬
‫م‪ ،‬فما‬ ‫ت ص احتيو‪ ،‬كالبي ىخا ًر ٌ‬ ‫ؼ في و ى‬ ‫الح ٍذ ي‬‫بلح ىنا‪ :‬إً ٍف ىكقى ىع ى‬ ‫ص ً‬ ‫ابن ال ا‬ ‫قاؿ ي‬‫لكن‪ ،‬ى‬ ‫ٍ‬
‫كما‬
‫راض‪ ،‬ى‬ ‫لغرض ًم ىن األى ٍغ ً‬‫ؼ و‬ ‫إسناده ًعن ىده‪ ،‬كإًناما يح ًذ ى‬
‫بت ي‬ ‫دؿ على أىناو ثى ى‬ ‫بالج ٍزًـ ا‬
‫أتىى فيو ى‬
‫ت على ابن الصبلح‪.‬‬ ‫ت أمثلةى ذلك في النُّ ىك ً‬ ‫أكض ٍح ي‬‫مقاؿ‪ ،‬كقد ى‬ ‫ففيو ه‬ ‫فيو بغي ًر الج ٍزًـ ً‬ ‫أىتى ً‬
‫ى‬
‫فع ىل كذا‪ ،‬أك في ًع ىل بحضرتًو كذا‪ ،‬كنحو ذلك‪.‬‬ ‫كذا‪ ،‬أك ى‬
‫المحذكؼ؛ ألىناو ييحتمل أى ٍف يكو ىف صحابيٌان‪،‬‬ ‫ً‬ ‫كإنما ذيكًر في قً ٍسم المردكد للجهل ً‬
‫بحاؿ‬ ‫ى‬
‫كييحتمل أى ٍف يكو ىف تابعيٌان‪.‬‬
‫ضعيفان‪ ،‬كييحتمل أى ٍف يكو ىف ثقةن‪ ،‬كعلى الثااني ييحتمل أى ٍف‬ ‫كعلى الثااني ييحتمل أى ٍف يكو ىف ى‬
‫فيعود‬
‫تابعي آ ىخ ىر‪ ،‬كعلى الثااني ي‬ ‫صحابي‪ ،‬كييحتمل أى ٍف يكو ىف ىح ىمل عن ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫يكو ىف ىح ىمل عن‬
‫السابق‪ ،‬كيىتعدد‪ .‬أى اما بالتاجوي ًز العقلي فًإلى ما ال نهايةى لوي‪ ،‬كأى اما باالستقر ًاء‬
‫ي‬ ‫االحتماؿ‬
‫ي‬
‫بعض التابعين عن بعض‪.‬‬ ‫سبعة‪ ،‬كىو أكثر ما ك ًج ىد ًمن ً‬
‫ركاية ً‬ ‫ستة أىك و‬ ‫فًإلى و‬
‫ي ي‬
‫س ٍق ًط ًمن ا ًإل ً‬
‫سناد‪:‬‬ ‫ث ًمن أ ً‬
‫ىقساـ ال ا‬ ‫كالق ٍس يم الثاالً ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ضل"‪.‬‬ ‫إً ٍف كا ىف باثنىػ ٍي ًن فصاعدان‪ ،‬ىم ىع التاوالي‪ ،‬فهو ي‬
‫"الم ٍع ى‬
‫س ٍقط ًمن ا ًإل ً‬
‫سناد ق ٍد‪:‬‬ ‫ث ام إً اف ال ا‬
‫ُ‪ -‬يكو يف كاضحان ي ٍحصل االشتراؾ في معرفىتًو‪ ،‬ك ىكو ًف ال اراكم‪ ،‬مثبلن‪ ،‬لم ً‬
‫يعاص ٍر ىم ٍن‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬
‫ىركل عنوي‪.‬‬
‫كعلل‬ ‫طرؽ الحديث ً‬ ‫ِ‪ -‬أىك يكو يف ىخ ًفيٌان فبل ي ٍد ًركو إًالا األئ امةي الٍح ٌذا يؽ المطالًعوف على ً‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬
‫ً‬
‫األسانيد‪.‬‬
‫لم يي ٍد ًر ٍؾ ىع ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الواضح‪ ،‬يي ٍد ىر يؾ ىبع ً‬
‫ص ىره‪،‬‬ ‫بين ال ارا ًكم كشيخو‪ ،‬بكونو ٍ‬ ‫دـ التابلقي ى‬ ‫ي‬ ‫كىو‬‫فاأل اىك يؿ‪ :‬ي‬
‫كليست لوي منوي إجازةه‪ ،‬كال ًك ىجادة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫يجتى ًمعا‪،‬‬
‫أك أدركو لكن‪ ،‬لم ٍ‬
‫ً‬
‫كأكقات طىلىبً ًهم‬ ‫مواليد الركاةً ككفًيٌاتًهم‪،‬‬
‫ً‬ ‫تحرير‬ ‫يخ؛ لًتى ى ً ً‬ ‫احتًٍي ىج إًلى التاار ً‬ ‫ً‬
‫ض ُّمنو ى‬ ‫كم ٍن ثىم‪ٍ ،‬‬
‫كارتًحالًهم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ب دعواىم‪.‬‬ ‫ً‬
‫ظهر بالتاريخ كذ ي‬ ‫شيوخ ى‬ ‫اع ٍوا الركايةى عن و‬ ‫أقواـ اد ى‬
‫ضح ه‬ ‫كقد افٍػتى ى‬
‫ٍق ىم ٍن ح ادث عنوي‪ ،‬بل بينىو كبينو‬ ‫ص ىد ىر ًم ٍن معاص ور لى ٍم يىػل ى‬ ‫ىكذا المرسل ى ً‬
‫الخف ُّي‪ ،‬إًذا ى‬ ‫ىي‬
‫كاسطةه‪ ».‬ق‬
‫ك بالنسبة للطعن في الراكم فيقوؿ كذلك الحافظ العسقبلني رحمو اهلل‪:‬‬
‫بعض‪ :‬خمسةه منها تتعلا يق‬ ‫أشد في ال ىق ٍد ًح ًمن و‬ ‫ش ىرةً أشياء ي‬
‫بعضها ُّ‬ ‫«الطا ٍع ين يكوف بً ىع ى‬
‫بالعدالى ًة‪ ،‬كخمسةه تتعلا يق بالض ٍاب ًط‪.‬‬
‫اقتضت ذلك‪ ،‬كىي‬ ‫ٍ‬ ‫و‬
‫لمصلحة‬ ‫القسمي ًن ًمن ى‬
‫اآلخ ًر؛‬ ‫ىحد ً‬
‫كلم يحصل االعتناء بتميي ًز أ ً‬
‫ي‬ ‫ىٍ‬
‫بيل التٌدلي؛ أل اف الطا ٍع ىن إً اما أى ٍف يكو ىف‪:‬‬ ‫ً‬
‫موجب الرد على ىس ً‬ ‫ترتيبيها على األشد فاألشد في‬
‫يركم عنوي صلى اهلل عليو كسلم ما لم‬ ‫ً‬
‫ب ال ارا ًكم في الحديث النبوم‪ :‬بأى ٍف ى‬ ‫ُ‪ -‬لً ىك ًذ ً‬
‫يىػ يقلٍو‪ ،‬متعمدان لذلك‪.‬‬
‫ً‬
‫للقواع ًد‬ ‫بذلك‪ :‬بأى ٍف ال ييػ ٍرىكل ذلك الحديث إال من جهتو‪ ،‬كيكو ىف يمخالًفان‬
‫ِ‪ -‬أك تيهمتً ًو ى‬
‫بالكذب في كبلمو‪ ،‬كإ ٍف لم يظهر منوي كقوعي ذلك في الح ً‬
‫ديث‬ ‫ً‬ ‫ؼ‬ ‫ً‬
‫المعلومة‪ ،‬ككذا ىمن عي ًر ى‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫النبوم‪ ،‬كىذا يدك ىف ً‬
‫األكؿ‪.‬‬
‫ش غىلى ًط ًو‪ ،‬أم‪ :‬ىكثٍػ ىرتًو‪.‬‬
‫ّ‪ -‬أىك في ٍح ً‬
‫ْ‪ -‬أىك ً‬
‫غفلتو عن ا ًإلتقاف‪.‬‬
‫فسق ًو‪ :‬أم‪ :‬بالفعل أك القوؿ‪ ،‬مما لم يىػ ٍبػليغ الكفر‪ .‬كبينو كبين األ اكًؿ عموـ‪،‬‬ ‫ٓ‪ -‬أىك ً‬
‫لكوف الق ٍد ًح ًبو أش اد في ىذا الفن‪ ،‬كأما الفسق بالمعتقد فسيأتي بيانو‪.‬‬
‫األك يؿ ً‬ ‫كإًناما أيفٍ ًر ىد ا‬
‫ً‬
‫التوىم‪.‬‬ ‫ٔ‪ -‬أك ىك ىى ًم ًو‪ :‬بأى ٍف يىػ ٍر ًكم على ً‬
‫سبيل‬
‫ٕ‪ -‬أىك مخالفتً ًو‪ ،‬أم للثقات‪.‬‬
‫تعديل كال تى ٍج ًر ه‬
‫يح يم ىعيا هن‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ؼ فيو‬ ‫ٖ‪ -‬أك جهالتً ًو‪ :‬بأف ال ييػ ٍع ىر ى‬
‫ث على ًخبلؼ المعركؼ عن النبي صلى اهلل عليو‬ ‫يح ًد ى‬
‫اعتقاد ما أ ٍ‬‫ي‬ ‫ٗ‪ -‬أىك بدعتً ًو‪ :‬كىي‬
‫كسلا ىم‪ ،‬ال بمعاندةو‪ ،‬بل ً‬
‫بنوع يش ٍبػ ىه وة‪.‬‬
‫حفظ ًو‪ :‬كىي عبارةه عمن يكوف غلطيوي أق ال من إصابتو‪».‬ق‬ ‫سوء ً‬ ‫َُ‪ -‬أىك ً‬

‫أما األصوليوف فإنهم يقسمونو من حيث اتصاؿ السند كانقطاعو إلى قسمين‪:‬‬
‫ُ‪ -‬مسند‬
‫ِ‪ -‬مرسل‪.‬‬
‫المسند‬
‫المسند‪ :‬اسم مفعوؿ من ا ًإلسناد كىو ضم جسم إلى آخر‪ ،‬ثم استعمل في المعاني‬
‫يقاؿ‪ :‬أسند فبلف الخبر إلى فبلف إذا نسبو إليو‪.‬‬
‫كفي االصطبلح‪ :‬ما اتصل سنده إلى منتهاه بأف يركيو عن شيخو بلفظ يظهر منو أنو‬
‫أخذه عنو ككذلك شيخو عن شيخو متصبل إلى الصحابي إلى رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬
‫كسلم‪.‬‬
‫المرسل‬
‫المرسل‪ :‬اسم مفعوؿ من ا ًإلرساؿ‪.‬‬
‫كفي االصطبلح‪ :‬ىو ركاية الراكم عمن لم يسمع منو‪ ،‬فهو على ىذا لم يتصل سنده‬
‫ظاىران لسقوط بعض ركاتو كسواء كاف الساقط كاحدان أك أكثر من أم موضع في السند‬
‫كىذا في اصطبلح األصوليين خبلفان ألىل الحديث إذ يخصوف اسم المرسل بما سقط‬
‫منو الصحابي سواء كاف كحده أك مع غيره من الصحابة كالتابعين إذا كاف المرسل لو‬
‫صحابيان أك تابعيان‪.‬‬
‫أقساـ المرسل‬
‫كالمراسيل على ثبلثة أقساـ‪:‬‬
‫ُ‪ -‬مراسيل الصحابة‪.‬‬
‫ِ‪ -‬مراسيل التابعين‪.‬‬
‫ّ‪ -‬مراسيل غيرىم ممن بعدىم‪.‬‬
‫كإليك بيانها‪:‬‬
‫مرسل الصحابي‪ :‬أف يقوؿ الصحابي فيما لم يسمعو من النبي صلى اهلل عليو كسلم‪:‬‬
‫قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم كذا كنحو ذلك‪.‬‬
‫كيعرؼ عدـ سماعو منو ذلك بأف يكوف إسبلمو متأخران كحديثو عن أمر متقدـ كلم‬
‫يكن تحمل من رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم قبل إسبلمو أك بكونو من صغار‬
‫الصحابة كيركل عنو صلى اهلل عليو كسلم ما كقع قبل كالدتو‪ ،‬فإذا قدر أف مثل ىذا‬
‫الصحابي لم يسمع الحديث من الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم مشافهة بل سمعو من‬
‫كاسطة فتلك الواسطة يغلب على الظن أنها صحابي آخر أكبر منو أك أسبق منو‬
‫إسبلما‪ ،‬كأحاديث أبي ىريرة عما قبل السنة السابعة من الهجرة لتأخر إسبلمو إلى تلك‬
‫السنة‪ ،‬ككأحاديث ابن عباس كابن عمر كنحوىما عن أكائل اإلسبلـ لتأخر مولدىما‪.‬‬
‫فيكوف ىذا المرسل مقبوال ألف الصحابة كلهم عدكؿ فحكمو حكم المسند‪.‬‬
‫مرسل التابعي‪ :‬كإذا أرسل التابعي الحديث فأسنده إلى رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم‬
‫مباشرة فقد أسقط كاسطة بينو كبين الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم‪ ،‬كىذه الواسطة‬
‫يحتمل أف تكوف صحابيان أك تابعيان أك أكثر من ذلك‪.‬‬
‫أما الصحابي فقد علمت عدالتو كإف جهل بخبلؼ التابعي فبل سبيل إلى الحكم عليو‬
‫ألنو مجهوؿ كالحكم على إنساف فرع معرفتو‪.‬‬
‫يستثنى من ذلك عند الجمهور مراسيل ابن المسيب فإنها تتبعت كلها فوجدت مركية‬
‫عن الصحابة فهي كالمسند لما علم أف الصحابة كلهم عدكؿ‪.‬‬
‫مرسل غير الصحابي كالتابعي‪ :‬ىو أف يركل شخص في أثناء السند عمن لم يلقو‬
‫فيسقط كاسطة بينو كبين الذم ركل عنو‪.‬‬
‫صلاى اللاوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم‪ :‬قى ى‬
‫اؿ‬ ‫وؿ قىاليوا‪ :‬ال يٍم ٍر ىس يل‪ ،‬قىػ ٍو يؿ ىم ٍن لم يلق النبي ى‬ ‫يص ً‬
‫ور أ ٍىى ًل ٍاأل ي‬
‫يج ٍم يه ي‬
‫ين أ ٍىك ًم ام ٍن‬ ‫ًً‬ ‫ً ًً‬
‫ين أ ٍىك م ٍن تىابعي التاابع ى‬
‫ًً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫صلاى اللاوي ىعلىٍيو ىك ىسلا ىم‪ ،‬ىس ىواءه ىكا ىف م ىن التاابع ى‬
‫رس ي ً‬
‫وؿ اللاو ى‬ ‫ىي‬
‫بىػ ٍع ىد يى ٍم‪.‬‬
‫ؼ يى ىو‬ ‫ٍخ ىبل ً‬ ‫شا احةى فً ًيو لى ًك ان مح ال ال ً‬ ‫ىكإًط ىٍبل يؽ ال يٍم ٍر ىس ًل على ىذا كإف كاف اصطبلحا‪،‬ن ىكىال يم ى‬
‫ىى‬
‫ٍح اج ًة بً ًو‬ ‫ً‬ ‫يث فى ىذ ىىب الٍجمهور إًلىى ى ً ً‬ ‫اص ًط ىبل ًح أ ٍىى ًل الٍح ًد ً‬ ‫ال يٍم ٍر ىس يل بً ٍ‬
‫ض ٍعفو‪ ،‬ىك ىع ىدًـ قيى ًاـ ال ي‬ ‫ى يٍي ي‬ ‫ى‬
‫ص ىحابً ٌّي ىال‬ ‫ً‬ ‫اؿ أى ٍف ي يكو ىف التاابً ًع ُّي س ًمعوي ًمن بػ ٍع ً ً ً‬ ‫ً ً‬
‫ين فىػلى ٍم يىػتىػ ىعيا ٍن أى اف ال ىٍواسطىةى ى‬ ‫ض التاابع ى‬ ‫ى ى ٍى‬ ‫ال ٍحت ىم ً ى‬
‫ضا يي ٍحتى ىم يل‬ ‫ص ىحابًي‪ ،‬ىكأىيٍ ن‬ ‫ؼ ال ا‬ ‫ض ُّر ىح ٍذ ي‬ ‫كؿ فى ىبل يى ي‬ ‫ص ىحابىةى عي يد ه‬ ‫اؿ قى ٍد تىػ ىق ارىر أى اف ال ا‬
‫غىٍيػ ىر ىحتاى ييػ ىق ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫ص ٍحبىتيوي‪.‬‬
‫ص ٍحبىةن ىكلى ٍم تىص اح ي‬ ‫أىناوي ىسم ىعوي م ٍن يم اد وع يى ادعي أى اف لىوي ي‬
‫م إًلىى قىػبيولً ًو ىكقًيى ًاـ‬ ‫ارهي ٍاآل ًم ًد ُّ‬ ‫ً‬
‫ور ال يٍم ٍعتى ًزلىة‪ ،‬ىكا ٍختى ى‬
‫ً‬ ‫ك ىذىب جم ً‬
‫اعةه م ٍنػ يه ٍم أىبيو ىحني ىفةى‪ ،‬ىك يج ٍم يه ي‬‫ى ى ى ىى ى‬
‫وؿ ال يٍم ٍر ىس ًل‪ :‬إًناوي أىقػ ىٍول ًم ىن الٍ يم ٍسنى ًد لًثً ىق ًة التاابً ًعي‬ ‫ض الٍ ىقائًلًين بًىقبي ً‬
‫ى‬ ‫ٍح اج ًة بً ًو‪ ،‬ىحتاى قى ى‬
‫اؿ بىػ ٍع ي‬ ‫ال ي‬
‫وؿ لً ىما "ذى ىك ٍرنىا" ًم ىن‬ ‫ٍح ُّق ىع ىد يـ الٍ ىقبي ً‬ ‫اإلنٍ ً‬ ‫ً ًً ً‬
‫‪.‬كال ى‬‫صاؼ ى‬ ‫ًج ىع ًن ًٍ ى‬ ‫بًص احتو ىكل ىه ىذا أ ٍىر ىسلىوي ىك ىى ىذا غيليٌّو ىخار ه‬
‫ًاال ٍحتًم ً‬
‫اؿ‪.‬‬ ‫ى‬
‫ين‬ ‫ًً‬ ‫ًً‬ ‫اسيل ال ا ً ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫م‪ :‬كفى ً‬ ‫قى ى ً ً‬
‫ين ىكتىابعي التاابع ى‬ ‫ص ىحابىة ىكالتاابع ى‬ ‫يسى بٍ ين أىبىا ىف‪ ،‬فىػ ىقب ىل ىم ىر ى‬ ‫ص ىل ع ى‬ ‫اؿ ٍاآلمد ُّ ى ى‬
‫اً‬ ‫ً ً‬ ‫اىم كلى ىعلاوي يستى ًد ُّؿ ىعلىى ىى ىذا بًح ًد ً‬
‫ين يىػليونىػ يه ٍم‬‫"خ ٍيػ ير الٍ يق يركف قىػ ٍرني ثي ام الذ ى‬ ‫يث ى‬ ‫ى‬ ‫يدك ىف ىم ٍن ىع ىد ي ٍ ى ى ٍ‬
‫ثي ام الذين يلونهم ثم يفشو الكذب" ‪ ،‬كقيل ىذا من قاؿ بو بأف يكوف "ذلك" ال ارا ًكم ًم ٍن‬
‫اؿ‪ :‬فىًإ ٍف ىكا ىف ًم ٍن أىئً ام ًة الناػ ٍق ًل قيبً ىل ىكإًاال فى ىبل‪.‬‬ ‫ب فىًإناوي قى ى‬‫اج ً‬ ‫أىئً ام ًة الناػ ٍق ًل‪ ،‬كا ٍختىارهي ابٍن الٍح ً‬
‫ى ى ي ى‬
‫وز ال ىٍع ىم يل بًال يٍم ٍر ىس ًل إً ىذا ىكا ىف يم ٍر ىسليوي غىٍيػ ىر‬‫ؼ "فًي" أىناوي ىال يى يج ي‬ ‫اؿ ابٍ ين ىع ٍب ًد الٍبىػر‪ :‬ىال ًخ ىبل ى‬ ‫قى ى‬
‫يث التاابً ًعي‬ ‫اإل ٍجم ًاع ىعلىى ح ًد ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫م ٍحتى ًروز‪ ،‬يػرسل ىعن غىٍي ًر الثػ ىق ً‬
‫ى‬ ‫اؿ‪ :‬ىك ىى ىذا اال ٍس يم ىكاق هع ب ًٍ ى‬ ‫ات‪ ،‬قى ى‬ ‫يٍ ى ي ٍ‬ ‫ي‬
‫وؿ عيبػي يد اللا ًو بن ىع ًدم ب ًن ال ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ٍخيىا ًر أ ٍىك‬ ‫ٍ‬ ‫ٍي‬ ‫صلاى اللاوي ىعلىٍيو ىك ىسلا ىم مثٍ ىل أى ٍف يىػ يق ى ى ٍ‬ ‫الٍ ىكبًي ًر ىع ًن النابًي ى‬
‫أىبيو أ ىيم ىامةى بٍ ين سهل بن حنيف‪ ،‬أك ىع ٍب يد اللا ًو بٍ ين ىع ًام ًر بٍ ًن ىربً ىيعةى ىكىم ٍن ىكا ىف ًمثٍػلى يه ٍم ىع ًن النابًي‬
‫ب ىك ىسالً ًم بٍ ًن ىع ٍب ًد اللا ًو‬ ‫ك من يدك ىف ىى يؤىال ًء ىك ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫سيا ً‬ ‫سعيد بٍ ًن ال يٍم ى‬ ‫ى‬ ‫صلاى اللاوي ىعلىٍيو ىك ىسلا ىم ىك ىذل ى ى ٍ‬ ‫ى‬
‫ك ىع ٍل ىق ىمةي ىكىم ٍس يرك يؽ‬ ‫اس ًم بٍ ًن يم ىح ام ود ىكىم ٍن ىكا ىف ًمثٍػلى يه ٍم ىكىك ىذلً ى‬ ‫كأىبًي سلىمةى ب ًن ىعب ًد ال ارحم ًن كالٍ ىق ً‬
‫ى ى ى ٍ ٍ ٍى ى‬
‫اً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ص اح‬ ‫ين ى‬ ‫ىج ىد ًع كالحسن كابن سيرين كالشعبي ىك ىسعي يد بٍ ين يجبىػ ٍي ور ىكىم ٍن ىكا ىف مثٍػلى يه يم الذ ى‬ ‫بٍ ين ٍاأل ٍ‬
‫الزٍى ًرم‬ ‫يث ُّ‬ ‫صحاب ًة‪ ،‬كمجالىستيػ يهم كنى ٍحوهي مرسل من يدكنىػ يهم ىكح ًد ً‬ ‫لىهم لًىقاء جم و ً‬
‫ٍ ى‬ ‫اعة م ىن ال ا ى ى ى ي ى ى ٍ ى ي ي ٍ ى ي ى ٍ‬ ‫يٍ ي ىى ى‬
‫س امى‬ ‫ي‬ ‫ػ‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫صلاى اللاوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا‬ ‫اهلل‬ ‫وؿ‬ ‫اد ىة‪ ،‬كأىبًي حا ًزوـ‪ ،‬كيحيى ب ًن س ًع و‬
‫يد ىع ٍن ر يس ً‬
‫ى ى‬‫ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ىكقىػتى ى ى ى ى ى ٍ ى ٍ ى‬
‫صلاى اللاوي ىعلىٍي ًو‬ ‫ً‬ ‫آخ يرك ىف‪ :‬ىح ًد ي‬ ‫ًً‬ ‫ً‬
‫يث ىى يؤىالء ىع ًن النابًي ى‬ ‫اؿ ى‬ ‫ين‪ ،‬ىكقى ى‬ ‫يم ٍر ىس نبل‪ ،‬ىك يم ٍر ىس ًل كبىا ًر التاابع ى‬
‫صحاب ًة إًاال الٍو ً‬
‫اح ىد ىك ًاالثٍػنىػ ٍي ًن ىكأى ٍكثىػ ير ًرىكايىتً ًه ٍم‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ا‬
‫ى‬ ‫س امى يم ٍنػ ىقط نعا؛ ألىناػ يه ٍم لى ٍم يىػ ٍل ىق ٍوا م ىن ال ا ى ى‬
‫ىك ىسل ىم يي ى‬
‫ًً‬
‫ىع ًن التاابع ى‬
‫ين انٍػتىػ ىهى‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬في بعض ما قالو الحافظ ابن عبد بر نظر فمراسيل الحسن البصرم على سبيل‬
‫المثاؿ شبو الريح مع كونو معركفا بالتدليس‪.‬‬
‫اف فًي‬ ‫ً‬
‫كد ً‬ ‫ف ىك ىع ٍب يد اللا ًو بٍ ين ىعام ور ىم ٍع يد ى‬ ‫يل نىظىر فىأىبو أيمامةى بٍن س ٍه ًل بٍ ًن حنىػ ٍي و‬
‫ي‬ ‫ىكفي ىى ىذا الت ٍامث ً ه ي ى ى ي ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ص ىحابىًة‪.‬‬‫ال ا‬
‫اح ىد ىك ًاالثٍػنىػ ٍي ًن ًم ىن‬ ‫م‪ ،‬كمن ذيكًر معو لىم يػ ٍل ىقوا إًاال الٍو ً‬
‫ى‬ ‫الزٍى ًر ا ى ى ٍ ى ى ى ي ٍ ى ٍ‬ ‫آخ ًر ىك ىبل ًم ًو‪ :‬إً اف ُّ‬ ‫ضا قىػوليو فًي ً‬
‫ىكأىيٍ ن ٍ ي‬
‫ص ىحابىًة‪.‬‬ ‫ش ىر ىر يج نبل ًم ىن ال ا‬ ‫ىح ىد ىع ى‬‫مأى‬ ‫يح فىػ ىق ٍد لىًق ىي ُّ‬
‫الزٍى ًر ُّ‬ ‫ص ًح و‬ ‫ص ىحابىة غىٍيػ ير ى‬
‫ال ا ً‬
‫ك كجم ً‬
‫ىص ىحابً ًو أى اف يم ٍر ىس ىل الثػ ىق ًة‬
‫اع وة م ٍن أ ٍ‬ ‫ب ىمالً و ى ى ى ى‬ ‫ىص يل ىم ٍذ ىى ً‬‫ضا‪ ،‬ىكأ ٍ‬ ‫اؿ ابٍ ين ىع ٍب ًد الٍبىػر أىيٍ ن‬ ‫قى ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ٍح اجةي كيىػل ىٍزيـ بً ًو ال ىٍعمل ىكما يى ًج ً‬ ‫ي ًج ً ً‬
‫ىص ىحابًنىا‪:‬‬ ‫اؿ طىائًىفةه م ٍن أ ٍ‬ ‫اء‪ ،‬قى ى‬
‫ب بال يٍم ٍسنىد ىس ىو ن‬ ‫ي‬ ‫ىي ى‬ ‫ب بو ال ي ى‬ ‫ى ي‬
‫ك ىعلىى الٍب ٍح ً‬ ‫اسيل الثػ ىق ً‬ ‫ً‬
‫ث‬ ‫ى‬ ‫ىحالى ى‬‫ك فىػ ىق ٍد أ ى‬‫ىسنى ىد لى ى‬‫ات ىم ٍقبيولىةه بًطى ًر ويق أ ٍىكلىى ىكا ٍعتىػلُّوا بًأى اف ىم ٍن أ ٍ‬ ‫ىم ىر ي‬
‫ك ىكىم ٍن أ ٍىر ىس ىل ًم ىن ٍاألىئً ام ًة ىح ًديثنا ىم ىع ًعل ًٍم ًو ىكًدينً ًو ىكثًىقتً ًو فىػ ىق ٍد قىطى ىع‬ ‫ىح ىو ًاؿ ىم ٍن ىس اماهي لى ى‬ ‫ىع ٍن أ ٍ‬
‫ص احتً ًو‪.‬‬ ‫ك بً ً‬ ‫لى ى‬
‫ف فىػعليوا ٍاألىمري ًن قى ى ً‬ ‫ٍح اج ًة؛ ًألى اف ال ا‬ ‫ً‬
‫ب‬ ‫اؿ ىكم ام ٍن ذى ىى ى‬ ‫ٍ ىٍ‬ ‫سلى ى ى‬ ‫ور أىناػ يه ىما ىس ىواءه في ال ي‬ ‫اؿ‪ :‬ىكال ىٍم ٍش يه ي‬ ‫قى ى‬
‫إًلىٍي ًو أىبيو الٍ ىف ىر ًج عي ىم ير بٍ ين يم ىح ام ود ال ىٍمالً ًك ُّي كأبو بكر األبهرم كىو قوؿ أبي جعفر الطبرم‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫م أى اف التاابً ًعين بًأ ً‬
‫ارهي ىكىال‬ ‫ىج ىمعيوا ىعلىى قىػبيوؿ ال يٍم ٍر ىس ًل ىكلى ٍم يىأٍت ىع ٍنػ يه ٍم إًنٍ ىك ي‬ ‫ىس ًرى ٍم أ ٍ‬‫ى ٍ‬ ‫كزعم الطابى ًر ُّ‬
‫س ال ًٍمائىػتىػ ٍي ًن انتهى‪.‬‬ ‫ىح ود ًم ىن ٍاألىئً ام ًة بىػ ٍع ىد يى ٍم إًلىى ىرأٍ ً‬ ‫ىع ٍن أ ى‬
‫كيجاب عن قولو من أرسل ىم ىع ًعل ًٍم ًو ىكًدينً ًو‬
‫ص احتً ًو إً اف الثػ ىقةى قى ٍد يظي ُّن من لىيس بًثً ىق وة ثًىقةن ىعم نبل بًالظا ً‬
‫اى ًر ىكيىػ ٍعلى يم‬ ‫ك بً ً‬ ‫ىكثًىقتً ًو فىػ ىق ٍد قىطى ىع لى ى‬
‫ى‬ ‫ى ىٍ ٍ ى‬
‫اب ىع ٍن قىػ ٍوًؿ الطابى ًرم إًناوي لى ٍم‬ ‫اع ًد ً‬
‫ح يم ىق اد هـ ىعلىى التػ ٍ‬ ‫غىيػرهي ًمن حالً ًو ما يػ ٍق ىد ً ً‬
‫يل ىكيي ىج ي‬ ‫ٍج ٍر ي‬‫ح فيو ىكال ى‬ ‫ٍي ٍ ى ى ى ي‬
‫اس أىناوي‬ ‫يح ًو" ىع ًن ابٍ ًن ىعبا و‬ ‫س الٍ ًمائىػتىػي ًن بًما ركاهي مسلًم فًي م ىقدم ًة "ص ًح ً‬ ‫ىح هد إًلىى ىرأٍ ً‬ ‫ً‬
‫ٍ ى ىى ي ٍ ه ي ى ى‬ ‫ييػ ٍنك ٍرهي أ ى‬
‫يح ٍي ًن ىكبً ىما‬ ‫صح ى‬
‫ك التاابً ًعي ثًىقةن محتى اجا بً ًو فًي ال ا ً‬
‫يٍ‬ ‫ين ىم ىع ىك ٍو ًف ذىلً ى‬ ‫لىم يػ ٍقبل مرسل بػ ٍع ً ً ً‬
‫ض التاابع ى‬ ‫ٍ ى ى ٍ يٍ ى ى ى‬
‫ت‬ ‫اد فىػلى اما كقىػ ىع ً‬
‫ى‬
‫اإلسنى ً‬
‫اؿ‪ :‬ىكانيوا ىال يى ٍسأىليو ىف ىع ًن ًٍ ٍ‬ ‫ين أىناوي قى ى‬ ‫ً‬
‫ضا ىع ًن ابٍ ًن سي ًر ى‬ ‫نىػ ىقلىوي يم ٍسلً هم أىيٍ ن‬
‫السن ًاة فىػييػ ٍؤ ىخ يذ ىع ٍنػ يه ٍم ىكإًلىى أ ٍىى ًل الٍبً ىد ًع فى ىبل‬
‫يل ىس ُّموا لىنىا ًر ىجالى يك ٍم فىػييػ ٍنظىير إًلىى أ ٍىى ًل ُّ‬ ‫ً ً‬
‫الٍف ٍتػنىةي ق ى‬
‫ييػ ٍؤ ىخ يذ ىع ٍنػ يه ٍم‪.‬‬
‫يد بٍ ًن‬ ‫ظ أىبو ىعب ًد اللا ًو الٍحاكًم‪ :‬أى اف الٍمرسل لىيس بًح اج وة ىعن إًم ًاـ التاابً ًعين س ًع ً‬ ‫كنىػ ىقل ال ً‬
‫ى ى‬ ‫ٍ ى‬ ‫يٍ ى ى ٍ ى ي‬ ‫ى ي‬ ‫ٍحاف ي ي ٍ‬ ‫ى ى ى‬
‫اع وة ًمن أ ٍىى ًل الٍح ًد ً‬ ‫ب‪ ،‬ك ىعن مالً ً‬
‫الزٍى ًرم‬ ‫يث‪ ،‬ىكنىػ ىقلىوي غىٍيػ يرهي ىع ًن ُّ‬ ‫ى‬ ‫س‪ ،‬ىك ىج ىم ى ٍ‬ ‫ك بٍ ًن أىنى و‬ ‫سيا ً ى ٍ ى‬ ‫ال يٍم ى‬
‫ار ًؾ ىكغىٍي ًرهً‪.‬‬ ‫ً ً‬ ‫ص اح ذىلً ى‬ ‫ً‬
‫ك ىع ٍن ىع ٍبد اللاو بٍ ًن ال يٍمبى ى‬ ‫ىك ٍاأل ٍىكىزاعي‪ .‬ىك ى‬
‫يس يى ىو‬ ‫س بًتى ٍدلً و‬ ‫اؿ ال ً ً ا ً‬
‫ٍحديث الذم لىٍي ى‬
‫ً‬
‫ؼ بىػ ٍي ًن أ ٍىى ًل الٍعل ًٍم أى اف إً ٍر ىس ى ى‬ ‫يب‪ :‬ىال ًخ ىبل ى‬ ‫ٍخط ي‬
‫اؿ ال ى ً‬ ‫قى ى‬
‫سيا ً‬ ‫ً ًً‬ ‫ً‬
‫الزبىػ ٍي ًر‬
‫ب ىكعي ٍرىكةى بٍ ًن ُّ‬ ‫ًرىكايىةي ال ارا ًكم ىع ام ٍن لى ٍم ييػ ىعاص ٍرهي أ ٍىك لى ٍم يىػ ٍل ىقوي ىك ًرىكايىة ىسعيد بٍ ًن ال يٍم ى‬
‫صلاى‬ ‫اد ىة كغىي ًرًىم ًمن التاابً ًعين ىعن رس ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وؿ اللاو ى‬ ‫ى ٍ ىي‬ ‫ص ًرم ىكقىػتى ى ى ٍ ٍ ى‬ ‫س ًن الٍبى ٍ‬ ‫ٍح ى‬ ‫ىكيم ىح امد بٍ ًن ال يٍم ٍن ىكد ًر ىكال ى‬
‫وؿ إً ىذا ىكا ىف الٍمرسل ثًىقةن ىع ٍد نال‪ ،‬ك يىو قىػو يؿ مالً و‬ ‫ا ً ا ً ً‬
‫ك ىكأ ٍىى ًل‬ ‫ى ى ٍ ى‬ ‫يٍ ى ي‬ ‫يل‪ :‬يى ىو ىم ٍقبي ه‬ ‫اللوي ىعلىٍيو ىك ىسل ىم فىإناوي ق ى‬
‫اؽ ىكغىٍي ًرًى ٍم‪.‬‬ ‫الٍم ًدينى ًة كأىبًي حنًي ىفةى كأ ٍىى ًل ال ًٍعر ً‬
‫ى‬ ‫ى ى ى ى‬
‫ب ال ىٍع ىم يل ىك ىعلىٍي ًو أى ٍكثىػ ير ٍاألىئً ام ًة‪.‬‬ ‫ً‬
‫شافع ُّي‪ :‬ىال يىج ي‬
‫اؿ ال ا ً ً‬ ‫ىكقى ى‬
‫وؿ ًركاي ًة ال ا ً‬ ‫ً‬ ‫كا ٍختىػلى ى ً‬
‫صلاى اللاوي‬ ‫ص ىحابىة ىخبىػ نرا ىع ًن النابًي ى‬ ‫ف يم ٍسقطيو ال ىٍع ىم ًل بًال يٍم ٍر ىس ًل في قىػبي ً ى ى‬ ‫ى‬
‫صلاى اللاوي ىعلىٍي ًو‬ ‫ًو ً ً‬
‫س بٍ ًن ىمالك ذيك ىر لي أف النبي ى‬ ‫ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم كلم يسمعو ًم ٍنوي‪ ،‬ىك ىق ٍوًؿ أىنى ً‬
‫ٍح ًدي ى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كسلام قى ى ً و‬
‫ض‬
‫اؿ بىػ ٍع ي‬ ‫ث‪ ،‬فىػ ىق ى‬ ‫ٍجناةى" ال ى‬ ‫"م ٍن لىق ىي اللاوى ىال يي ٍش ًر يؾ بًو ىش ٍيئنا ىد ىخ ىل ال ى‬ ‫اؿ ل يم ىعاذ‪ :‬ى‬ ‫ىى ى‬
‫ك فًي ىع ىدالىتً ًه ٍم‪ ،‬ىكلى ًكناوي قى ٍد يىػ ٍر ًكم ال ارا ًكم عن تابعي‬ ‫ش ُّ‬ ‫ص ىحابىًة‪ :‬ىال نى ي‬ ‫يل ال ا‬ ‫ً‬
‫ىم ٍن ىال يىػ ٍقبى يل ىم ىراس ى‬
‫ص ىحابً ٍّي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اؿ‪ :‬ىال أ ٍىر ًكم لى يك ٍم إًاال م ٍن ىس ىماعي أ ٍىك م ٍن ى‬ ‫ص ٍحبىتىوي ىكلى ٍو قى ى‬ ‫أك عن أعرابي ال تعرؼ ي‬
‫وؿ يم ٍر ىسلً ًو‪.‬‬‫ب ىعلىٍيػنىا قىػبي ي‬ ‫لىىو ىج ى‬
‫ً ً‬ ‫ص ىحابىًة يكل ًه ٍم ىم ٍقبيولىةه‪ ،‬لً ىك ٍو ًف ىج ًم ًيع ًه ٍم عي يد ن‬ ‫ً‬
‫يما‬‫كال‪ ،‬ىكأى اف الظااى ىر ف ى‬ ‫يل ال ا‬ ‫آخ يرك ىف‪ :‬ىم ىراس ي‬ ‫اؿ ى‬ ‫ىكقى ى‬
‫ص ىحابً ٍّي ىس ًم ىعوي ًم ىن النابًي‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫صلاى اللاوي ىعلىٍيو ىك ىسلا ىم أ ٍىك م ٍن ى‬
‫ً ً‬
‫أ ٍىر ىسليوهي أىناػ يه ٍم ىسمعيوهي م ىن النابًي ى‬
‫ضا قىلًيل نى ً‬ ‫ًً‬ ‫ً‬
‫اد هر ىال‬ ‫ين فىػ ىق ٍد بىػياػنيوهي‪ ،‬ىك يى ىو أىيٍ ن ه‬ ‫صلاى اللاوي ىعلىٍيو ىك ىسلا ىم ىكأى اما ىما ىرىكٍكهي ىع ًن التاابع ى‬ ‫ى‬
‫ص ىحابىًة‬ ‫يل غىٍي ًر ال ا‬ ‫اس ً‬ ‫وؿ مر ً‬ ‫ً‬
‫ص ىواب ثي ام ىر اج ىح ىع ىد ىـ قىػبي ى ى‬
‫اؿ‪ :‬ىك ىى ىذا يى ىو ٍاألى ٍشبىوي بًال ا ً‬ ‫ار بً ًو‪ ،‬قى ى‬ ‫ً‬
‫ا ٍعتبى ى‬
‫ٍخبى ًر إًاال‬ ‫وؿ ال ى‬ ‫ض اللا ًو بًال يٍم ٍر ىس ًل بً ىج ىهالى ًة ىرا ًك ًيو ىكىال يى يج ي‬
‫وز قىػبي ي‬ ‫ط فىػ ٍر ً‬
‫ارهي يس يقو ي‬ ‫فىػ ىق ى ا ً‬
‫اؿ‪ :‬ىكالذم نى ٍختى ي‬
‫المرسل‪ :‬ىح ادثىنً ىي ال ىٍع ٍد يؿ الثػ ىقةي ًع ٍن ًدم بً ىك ىذا لى ٍم ييػ ٍقبى ٍل ىحتاى‬ ‫اؿ ً‬ ‫ت ىع ىدالىتيوي ىكلى ٍو قى ى‬ ‫ىع ام ٍن عي ًرفى ٍ‬
‫يى ٍذ يك ىر اسمو‪.‬‬
‫حكم المرسل‬
‫أ‪ -‬علمنا أف مراسيل الصحابة في حكم المسند فهي حجة كال عبرة بشذكذ من شذ‬
‫كيدؿ لذلك‪:‬‬
‫ُ‪ -‬اتفاؽ األمة على قبوؿ ركاية ابن عباس كأمثالو من أصاغر الصحابة مع إكثارىم‬
‫من الركاية فبعض ركايتهم عن النبي صلى اهلل عليو كسلم مراسيل‪.‬‬
‫ِ‪ -‬كأيضان فإف الصحابة قد علمت عدالتهم‪ ،‬فبل يرككف إال عن صحابي غالبان كإف‬
‫رككا عن غيره نادران فبل يرككف إال عمن علموا عدالتو‪.‬‬
‫ب‪ -‬كأما مراسيل التابعين فمن بعدىم فهي حجة عند مالك كأحمد في ركاية كأبي‬
‫حنيفة‪ .‬كغير حجة عند الشافعي كأىل الحديث إال مراسيل سعيد بن المسيب كما‬
‫تقدـ‪.‬‬
‫تصرؼ الراكم في نقلو للخبر‬
‫للراكم في كيفية نقلو للخبر أحواؿ أربع‪:‬‬
‫ُ‪ -‬أف يركيو باللفظ الذم سمع‪ ،‬كىذه الحالة ىي األصل في الركاية‪ ،‬كىي أفضل‬
‫أحوالو‪.‬‬
‫ِ‪ -‬أف يركيو بمعناه‪ ،‬كىذه الحالة ال تجوز إال لعارؼ بمدلوالت األلفاظ كبما يحيل‬
‫المعاني‪.‬‬
‫ّ‪ -‬أف يحذؼ بعض لفظ الخير‪ ،‬كىذا ممنوع إذا كاف المحذكؼ لو تعلق بالمذكور ال‬
‫إذا لم يكن لو تعلق‪ ،‬ككثير من السلف سلك ىذه الطريقة فاقتصر في الركاية على قدر‬
‫الحاجة المستدؿ عليها‪ ،‬السيما في األحاديث الطويلة‪.‬‬
‫ْ‪ -‬أف يزيد في الخبر على ما سمعو من النبي صلى اهلل عليو كسلم كىذا جائز إذا‬
‫كاف ما زاده يتضمن بياف سبب الحديث أك تفسير معناه‪ ،‬لكن بشرط أف يبين ما زاده‬
‫حتى يفهم السامع أنو ليس من كبلـ النبي صلى اهلل عليو كسلم‪.‬‬

‫كإلثراء البحث يقوؿ الحافظ ابن حجر ‪ «:‬أى اما ا ٍختًصار الح ً‬
‫ديث‪ :‬فاأل ٍكثىرك ىف على‬ ‫ي ى‬
‫ً‬
‫الحديث إًالا ما‬ ‫ص يرهي عالًمان؛ أل اف العالً ىم ال يىػ ٍنػ يقص ًمن‬ ‫ى‬
‫جوا ًزهً‪ً ،‬‬
‫بشرط أى ٍف يكو ىف الاذم ي ٍختى ً‬
‫ى‬
‫يختل البىيا يف‪ ،‬حتاى يكو ىف‬ ‫لف الداللةي‪ ،‬كال ُّ‬ ‫بحيث ال تختً ي‬‫ي‬ ‫ال تىػ ىعلُّ ىق لوي بما ييػ ٍبقيو منوي‪،‬‬
‫بلؼ ً‬
‫الجاى ًل‬ ‫بخ ً‬ ‫حذكؼ بمن ًزلى ًة ىخبػري ًن‪ ،‬أىك ي يد ُّؿ ما ذى ىكرهي على ما ح ىذفىوي‪ً ،‬‬ ‫كالم‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى ىٍ‬ ‫ي‬ ‫ذكور ى‬ ‫الم ي‬ ‫ى‬
‫فًإناوي قد ييػ ٍن ًقص ما لىوي تىػ ىعلُّ هق‪ ،‬كترؾ االستثناء‪.‬‬
‫شهير‪:‬‬ ‫كأما الركاية بالمعنى‪ً :‬‬
‫بلؼ فيها ه‬ ‫فالخ ي‬
‫شر ً‬
‫يعة‬ ‫كمن أىقول يحجج ًهم ا ًإلجماعي على جوا ًز ً‬
‫شرح ال ا‬ ‫ُ‪ -‬كاألكثر على الجوا ًز أىيضان‪ً ،‬‬
‫ى‬ ‫ي‬
‫غة العربيا ًة أىكلى‪.‬‬
‫فجوازهي باللُّ ً‬
‫ي‬ ‫بداؿ و‬
‫بلغة أيخرل‬ ‫ؼ ًبو‪ ،‬فًإذا ى‬
‫جاز ا ًإل ي‬ ‫للعج ًم بلسانً ًهم للعا ًر ً‬
‫ىى‬
‫ِ‪ -‬كقيل إنما تجوز في المفردات دكف المراكبات‪.‬‬
‫ؼ فيو‪.‬‬ ‫ظ؛ ليتى ىم اك ىن ًمن الت ُّ‬
‫اصر ً‬ ‫ّ‪ -‬كقيل إنما تجوز لمن يستى ٍح ً‬
‫ض ير اللف ى‬ ‫ى ىٍ‬
‫كبقي معناهي يم ٍرتىسمان في‬ ‫ظ الح ى ً‬
‫ديث فنىس ىي لفظىوي ى‬ ‫لمن كا ىف يح ىف ي ى‬ ‫ْ‪ -‬كقيل إنما تجوز ى‬
‫بخبلؼ من كا ىف مستى ٍح ً‬
‫ضران‬ ‫ً‬ ‫لمصلحة تحصيل الحكم منو‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ًذىنًو‪ ،‬فلوي أى ٍف يىػ ٍر ًكيىوي بالمعنى‬
‫يٍ‬ ‫ى‬
‫لًلى ٍف ًظ ًو‪.‬‬
‫ديث بأ ً‬
‫ىلفاظ ًو‪ ،‬يدك ىف‬ ‫اد الح ً‬
‫األكلى إًير ي ى‬ ‫شك أى اف ٍ‬ ‫كع ىد ًمو‪ ،‬كال ا‬ ‫ميع ما تق اد ىـ يتعلا يق ى‬
‫بالجوا ًز ى‬ ‫كج ي‬ ‫ى‬
‫التصرؼ فيو‪.‬‬
‫ط ىم ٍن الى يي ٍح ًس ين‪،‬‬
‫بالم ٍعنىى؛ لئبلا يىػتىسلا ى‬ ‫ٓ‪ -‬قاؿ القاضي عياض‪ :‬ينبغي ىس ُّد ً‬
‫باب الركاية ى‬
‫الرىكاةً‪ ،‬قديمان كحديثان‪ .‬كاهلل الموفق‪».‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫م امن يىظي ٌن أىنٌوي يي ٍحسن‪ ،‬كما كقى ىع لكثي ور من ي‬

‫الشركط المعتبرة في الراكم‬


‫يشترط في الراكم أربعة شركط‪:‬‬
‫ُ‪ -‬ا ًإلسبلـ‪ ،‬فالكافر ال تقبل ركايتو ألنو متهم في الدين إال إذا تحمل في كفره كأدل‬
‫بعد إسبلمو كما في قصة أبي سفياف مع ىرقل‪.‬‬
‫ِ‪ -‬التكليف كقت األداء‪ :‬فبل تقبل ركاية الصبي‪ ،‬كما سمعو في الصغر بعد التمييز‬
‫كأداه بعد البلوغ مقبوؿ‪ً .‬إلجماع الصحابة رضي اهلل عنهم على قبوؿ ركاية أصاغر‬
‫الصحابة كابن عباس كابن الزبير كمحمود بن الربيع كالحسن كالحسين كنحوىم‪.‬‬
‫ّ‪ -‬العدالة‪ :‬فبل تقبل ركاية الفاسق؛ كقيل إال المتأكؿ إذا لم يكن داعية إلى بدعتو‪.‬‬
‫ْ‪ -‬الضبط كىو ضبط صدر كضبط كتاب؛ فإف من ال يحسن ضبط ما حفظو عند‬
‫التحمل ليؤديو على كجهو ال يطمئن إلى ركايتو كإف لم يكن فاسقان‪ .‬كال يشترط في‬
‫الراكم‪ .‬أف يكوف ذكران؛ كال حران؛ كال مبصران؛ كال فقيهان‪.‬‬

‫مما يستفاد من كبلـ المؤلف أنو ال يشترط في الراكم كونو فقيهان ك ال كثرة مجالستو‬
‫للعلماء ك ال كثرة ركايتو لؤلحاديث ك ال كونو مشاىدا حاؿ السماع منو ك ال كونو عالما‬
‫باللغة العربية ك ال كونو ذكرا ك ال عدـ القرابة ك إليك بياف ذلك‪:‬‬
‫ُ‪/‬ال يشترط في الراكم كونو فقيهان لدليلين‪:‬‬
‫أكلهما‪ :‬قولو تعالى‪( :‬يا أىيُّػها الا ًذين آمنيوا إً ٍف جاء يكم فى ً‬
‫اس هق بًنىبىوإ فىػتىبىػياػنيوا)‪ ،‬حيث إف اهلل قد‬ ‫ىى ٍ‬ ‫ى ى‬ ‫ى ى‬
‫أكجب التبين في حالة الفسق‪ ،‬كعليو فبل يجب التبين في غير الفاسق سواء كاف فقيهان‬
‫أك غير فقيو‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬قولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪" :-‬نضر اهلل امرءان سمع مقالتي فوعاىا‪ ،‬ثم أدااىا‬
‫ب حامل فقو إلى من ىو أفقو منو "‪ ،‬كىو‬
‫كر ا‬
‫ب حامل فقو غير فقيو‪ ،‬ي‬
‫فر ا‬
‫كما سمعها‪ ،‬ي‬
‫صريح في الداللة‪.‬‬
‫ِ‪/‬ال تشترط في الراكم كثرة مجالستو للعلماء؛ ألف بعض الصحابة ‪ -‬رضي اهلل عنهم‬
‫‪ -‬قد قبلوا ركاية بعض األعراب‪ ،‬كاألعرابي ال يجالس العلماء لكثرة ترحالو كتنقلو‪،‬‬
‫فهم لم يفرقوا بين الراكم المكثًر لمجالسة العلماء كبين غيره إذا توفرت فيو شركط‬
‫الراكم السابقة الذكر‪.‬‬
‫ّ‪/‬ال تشترط في الراكم كثرة ركايتو لؤلحاديث؛ ألف بعض الصحابة رضي اهلل عنهم‬
‫قد قبلوا خبر األعرابي الذم ال يركم إال حديثان كاحدان‪ ،‬فلم يفرقوا بين من يركم حديثان‬
‫كاحدان‪ ،‬كبين من يركم األحاديث الكثيرة إذا توفرت فيو شركط الراكم السابقة‪.‬‬
‫ْ‪/‬ال يشترط في الراكم‪ :‬كونو مشاىدان حاؿ السماع منو‪ ،‬ألف الصحابة ‪ -‬رضي اهلل‬
‫عنهم ‪ -‬قد قبلوا أخبار عائشة رضي اهلل عنها ككانوا يسمعونها من كراء ستر؛ اعتمادان‬
‫على صوتها بدكف رؤية شخصها‪ ،‬فهم في تلك الحالة كالعمياف بالنسبة لعائشة‪.‬‬
‫ٓ‪/‬ال يشترط في الراكم‪ :‬كونو عالمان باللغة العربية‪ ،‬ألف جهلو بمعنى الكبلـ ال يمنع من‬
‫ضبطو للحديث‪ ،‬كلهذا يمكنو حفظ القرآف الكريم‪ ،‬كإف لم يعرؼ معناه‪.‬‬
‫ٔ‪/‬ال يشترط في الراكم‪ :‬كونو ذكران؛ إلجماع الصحابة على قىبوؿ أخبار عائشة‪ ،‬كأـ‬
‫سلمة‪ ،‬كحفصة ‪ -‬رضي اهلل عن الجميع ‪ -‬بدكف نكير من أحد‪.‬‬
‫كأيضان‪ :‬لو كانت األنوثة مانعة للمرأة من قبوؿ ركايتها‪ ،‬لكاف ذلك مانعان من قبوؿ‬
‫فتواىا‪ ،‬كلكن قولها يقبل في الفتول‪ ،‬فيقبل خبرىا في الركاية‪ ،‬قياسان عليو‪.‬‬
‫ٕ‪/‬ال يشترط في الراكم عدـ القرابة‪ ،‬كعدـ العداكة‪ ،‬بل تجوز ركاية الولد بما يعود‬
‫منفعتو إلى كالده‪ ،‬كيجوز العكس‪ ،‬كيجوز أف يركم خبران يضر بعدكه كينفعو مطلقان؛ ألف‬
‫حكم الركاية عاـ؛ فيلزـ الراكم كالمركم لو كغيرىما‪ ،‬فبل يختص بواحد معين‪ ،‬فالتهمة‬
‫معدكمة حتى تكوف العداكة أك الصداقة أك القرابة مؤثرة فيو بنفي أك إثبات‪ ،‬فالركاية‬
‫ليست كالشهادة التي تختص بالمشهود لو أك عليو‪ ،‬نفعان أك ضران‪.‬‬

‫صيغ األداء‬
‫للصحابي في نقلو الخبر عن الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم ألفاظ‪ ،‬ترتيبها بحسب‬
‫القوة كاآلتي‪:‬‬
‫ُ‪ -‬أف يقوؿ سمعت رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم أك حدثني أك شافهني أك رأيتو‬
‫يفعل كذا كنحو ذلك فهذا اللفظ ال يتطرؽ إليو احتماؿ الواسطة أصبل‪ ،‬كىو حجة ببل‬
‫خبلؼ‪.‬‬
‫ِ‪ -‬أف يقوؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم كذا‪ ،‬فهذا محتمل للواسطة‬
‫كالظاىر فيو االتصاؿ‪.‬‬
‫ّ‪ -‬أف يقوؿ‪ :‬أمر رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم بكذا أك نهى عن كذا‪ ،‬كىذا فيو م ًع‬
‫احتماؿ الواسطة احتماؿ أف يكوف الصحابي قد ظن ما ليس بأمر أك نهى أمران كنهيا‪،‬‬
‫كالصحيح أنو كسابقو‪ ،‬كأف الصحابي ال يقوؿ أمر أك نهى إال بعد سماعو ما ىو أمر أك‬
‫نهى حقيقة‪.‬‬
‫ْ‪ -‬أف يقوؿ أمرنا بكذا أك نهينا عن كذا‪ ،‬كىذا فيو مع االحتمالين السابقين عدـ‬
‫تعيين اآلمر أك الناىي أىو النبي صلى اهلل عليو كسلم أـ غيره‪ ،‬كالصحيح أنو ال يحمل‬
‫إال على أمر رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم أك نهيو‪ ،‬كفي معناه‪ :‬من السنة كذا‪.‬‬
‫ٓ‪ -‬أف يقوؿ‪ :‬كنا نفعل كذا ككانوا يفعلوف كذا‪ ،‬فهذا عند إضافتو إلى زمن النبوة حجة‬
‫لظهور إقرارىم عليو‪ ،‬كقاؿ أبو الخطاب‪ :‬إف قوؿ الصحابي " كانوا يفعلوف كذا" نقل‬
‫لئلجماع‪.‬‬
‫كأللفاظ الركاية من غير الصحابي مراتب بعضها أقول من بعض كىي‪:‬‬
‫المرتبة األكلى‪ :‬قراءة الشيخ على التلميذ في معرض األخبار ليركل عنو‪ ،‬كىذه المرتبة‬
‫ىي الغاية في التحمل‪ ،‬كىي طريقة الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم‪ .‬كللتلميذ في ىذه‬
‫المرتبة أف يقولو‪ :‬حدثني أك أخبرني كقاؿ فبلف كسمعتو يقوؿ كنحو ذلك‪.‬‬
‫المرتبة الثانية‪ :‬قراءة التلميذ على الشيخ كىو يسمع فيقوؿ نعم أك يسكت فتجوز‬
‫الركاية بذلك خبلفان لبعض الظاىرية‪ ،‬كيقوؿ التلميذ في ىذه المرتبة‪ :‬أخبرني أك حدثني‬
‫قراءة عليو كىل يسوغ لو ترؾ "قراءة عليو " قوالف ىما ركايتاف عن أحمد رحمو اهلل‪.‬‬
‫المرتبة الثالثة‪ :‬المناكلة‪ :‬كىي أف يناكؿ الشيخ تلميذه أصلو أك فرعان مقاببل عليو‪ ،‬أك‬
‫يحضر التلميذ ذلك األصل أك فرعو المقابل عليو‪ .‬كيقوؿ الشيخ‪ :‬ىذا ركايتي عن‬
‫فبلف فاركه عني‪.‬‬
‫كمذىب الجمهور جواز الركاية بها كيقوؿ التلميذ في ىذه المرتبة ناكلني؛ أك أخبرني‬
‫أك حدثني مناكلة كأجاز بعضهم ترؾ كلمة "مناكلة"‪.‬‬
‫المرتبة الرابعة‪ ،‬ا ًإلجازة‪ ،‬كىي أف يقوؿ الشيخ لتلميذه‪ .‬أجزت لك ركاية الكتاب‬
‫الفبلني أك ما صح عندؾ من مسموعاتي كمذىب الجمهور جواز الركاية بها‪ ،‬كنقل عن‬
‫أحمد انو قاؿ‪ :‬لو بطلت لضاع العلم‪.‬‬
‫قاؿ بعضهم‪ :‬كمن فوائدىا إنو ليس في قدرة كل طالب الرحلة في طلب العلم‪.‬‬
‫كيقوؿ التلميذ في ىذه المرتبة‪ .‬أجازني؛ أك يقوؿ أخبرني أك حدثتي إجازة‪ ،‬كأجاز‬
‫بعضهم ترؾ كلمة إجازة‪.‬‬

‫ب‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫قاؿ الحافظ ابن حجر‪ « :‬كصيغ األداء المشار إليو على ثمانية مرات ى‬
‫كح ادثىني‪.‬‬
‫سمعت ى‬ ‫ي‬ ‫األكلى‪:‬‬
‫أت ً‬
‫عليو كىي المرتبةي الثاانيةي‪.‬‬ ‫ث ام أ ٍخبىػ ىرني كقر ي‬
‫ً‬
‫ث ام قي ًرئ ىعلىٍيو كأىنا أ ٍ‬
‫ىس ىم يع كىي الثالثةي‪.‬‬
‫ث ام أىنٍػبىأىني كىي ال ارابعةي‪.‬‬
‫ناكلىني كىي الخامسةي‪.‬‬ ‫ث ام ى‬
‫سادسةي‪.‬‬ ‫ىم با ًإلجازةً كىي ال ا‬ ‫ث ام شافىػ ىهني أ ٍ‬
‫ىم باإلجازة كىي السابعة‪.‬‬ ‫إلي أ ٍ‬‫ب ا‬ ‫ث ام ىكتى ى‬
‫ماع أىيضان‪ ،‬كىذا‬ ‫س ً‬ ‫ماع كا ًإلجازةً‪ ،‬كلً ً‬
‫عدـ ال ا‬ ‫س ً‬ ‫ثم "عن"‪ ،‬كنحوىا‪ً :‬من الصيىغ المحتى ًملى ًة لل ا‬
‫كرىكل‪.‬‬
‫مثل‪ :‬قاؿ كذىكر ى‬
‫ً‬ ‫كاللفظاف األ اىكالف ًمن ً‬
‫حاف لً ىم ٍن ىس ًمع ىك ٍح ىدهي‬
‫سمعت كح ادثني صالً ً‬ ‫ي‬ ‫كىما‪:‬‬ ‫صيىغ األداء‪ ،‬ي‬
‫بين أ ً‬
‫ىىل‬ ‫ائع ى‬ ‫ش ي‬ ‫كتخصيص التحديث بما يس ًمع من لفظ الشيخ ىو ال ا‬ ‫ي‬ ‫ًمن لى ٍف ًظ ال ا‬
‫ش ٍي ًخ‪.‬‬
‫عاء ً‬
‫الفرؽ‬ ‫حيث اللُّغةي‪ ،‬كفي اد ً‬ ‫احديث كا ًإلخبا ًر ًمن ي‬
‫اصطبلحان‪ ،‬كال فر ىؽ بين الت ً‬ ‫ديث ً‬ ‫الح ً‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫صار ذلك حقيقةن عيرفًيةن فىػتيػ ىق اد يـ على‬ ‫االصطبلح ى‬
‫ي‬ ‫لكن‪ ،‬لما تق ارر‬ ‫ف شدي هد‪ٍ ،‬‬ ‫بينىهما تكلُّ ه‬
‫ً‬ ‫شاع عن ىد المشا ًرقة ى ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كم ٍن تىب ىع يهم‪ ،‬كأى اما غال ي‬
‫ب‬ ‫ى‬ ‫االصطبلح إًناما ى‬
‫ى‬ ‫الحقيقة اللُّغوية‪ ،‬ى‬
‫مع أى اف ىذا‬
‫كالتحديث عن ىد يىم بمعنى و‬ ‫فلم يستىػ ٍع ًملوا ىذا االصطبلح‪ ،‬بل‬ ‫ً‬
‫كاحد‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫اإلخبار‬
‫ي‬ ‫المغا ًربىة ٍ‬ ‫ى‬
‫يقوؿ‪ :‬ح ادثىنا فبل هف‪،‬‬ ‫يغة األكلى‪ ،‬كأ ٍف ى‬ ‫بصيغة الجم ًع في الص ً‬ ‫ً‬ ‫ىم‪ :‬أىتى‬
‫ىٍ‬ ‫فإ ٍف ىجمع‪ ،‬ال اراكم أ ٍ‬
‫دليل على أىناو ىس ًم ىع منوي ىم ىع غىٍي ًرهً‪ ،‬كقد تكو يف النُّو يف للعظمة‪،‬‬ ‫فهو ه‬ ‫يقوؿ ي‬‫أىك‪ :‬ىس ًم ٍعنا فبلنان ي‬
‫لكن‪ ،‬بًًقل وة‪.‬‬
‫ىداء في سماع قائلها؛ ألنها ال‬ ‫صيً ًغ األ ً‬‫ىصرحها‪ ،‬أىم‪ :‬أصرح ً‬ ‫ىم‪ :‬المراتً ً‬
‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ب أ ٍى ي‬ ‫كأ اىكليها‪ ،‬أ ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تحتمل الواسطة‪ ،‬لكن‪" ،‬حدثني" قد تيطلق في ا ًإلجازة تدليسان‪ .‬كأرفىػعيها مقداران ما ي‬
‫يقع‬
‫كالتحف ًظ‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ت‬‫فيو ًمن التثبُّ ً‬
‫بلء؛ لًما ً‬ ‫في ا ًإلم ً‬
‫ى‬ ‫ٍ‬
‫كالثالث‪ :‬كىو أخبرني‪ ،‬كالرابع‪ :‬كىو قرأت لمن قرأ بنفسو على الشيخ‪ ،‬فإف ىج ىمع كأ ٍف‬
‫ؼ ًمن‬‫ىسمع‪ .‬ىكعي ًر ى‬ ‫يقوؿ‪ :‬أخبرنا‪ ،‬أك‪ :‬قرأنا عليو‪ ،‬فهو كالخامس‪ ،‬كىو‪ :‬قي ًر ى ً‬
‫ئ عليو كأىنا أ ي‬ ‫ى‬
‫ت" لًمن قرأى خير ًمن التاعبي ًر با ًإلخبا ًر؛ ألناوي أىفصح بصورةً ً‬ ‫ً‬ ‫ىذا أى اف‬
‫الحاؿ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫التعبير "ب ىق ىرأٍ ي ى‬
‫ى‬
‫تنبيوه‪:‬‬
‫الجمهوًر‪ ،‬كأىبٍػ ىع ىد ىم ٍن أىبى ذلك ًمن أىى ًل‬ ‫ىح يد كجوهً ُّ‬
‫التحم ًل عن ىد ي‬ ‫يخ أ ى‬
‫ش ً‬‫القراءةي على ال ا‬
‫ين‪ ،‬علي ًهم في ذلك‪ ،‬حتى بال ىغ‬ ‫ًً‬ ‫راؽ‪ ،‬كقد اشت اد إنكار ا ًإل ً و‬ ‫الع ً‬ ‫ً‬
‫ماـ مالك‪ ،‬كغي ًره من المدني ى‬ ‫ي‬
‫ماع ًمن ً‬
‫م‪-‬‬ ‫منهم البي ىخا ًر ٌ‬‫ب ىج ٍم هع ىج ٌّم‪ ،‬ي‬ ‫كذى ى‬
‫يخ‪ ،‬ى‬ ‫لفظ ال ا‬
‫ش ً‬ ‫س ً‬ ‫بعض يهم فر اجحها على ال ا‬ ‫ي‬
‫الشيخ‬
‫ً‬ ‫السماع ًمن ً‬
‫لفظ‬ ‫جماعة ًمن األئ ام ًة‪ -‬إًلى أى اف‬
‫و‬ ‫صحيح ًو عن‬
‫ً‬ ‫كحكاهي في أىك ً‬
‫ائل‬
‫ى‬
‫سواء‪ ،‬كاهللي أعلم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كالقراءةى عليو ‪-‬يعني في الص احة كال يق اوة‪ -‬ن‬
‫رين‬
‫المتىأىخ ى‬ ‫بمعنىى اإلخبا ًر‪ ،‬إًالا في عي ٍرؼ ي‬ ‫مين ٍ‬ ‫كاصطبلح المتقد ى‬
‫ي‬ ‫كاإلنباءي ًمن ي‬
‫حيث اللغةي‬
‫جازةً كػ"عن"‪ ،‬ألنها في عرؼ المتأخرين لئلجازة‪.‬‬ ‫فهو ل ًئل ى‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫كع ٍنػعنىةي المعا ً‬
‫المعاص ًر فًإناها تكو يف ى‬
‫مرسلةن أىك‬ ‫ماع‪ ،‬بخبلؼ غي ًر ي‬ ‫س ً‬‫ص ًر محمولةه ىعلى ال ا‬ ‫ىى‬
‫الم ٌدلس فإنها ليست‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫المعاص ىرة‪ ،‬إال من ى‬ ‫ى‬ ‫ط حملها على السماع ثبوت‬ ‫فشر ي‬
‫يمنقط ىعةن‪ٍ ،‬‬
‫محمولةن على السماع‪.‬‬
‫ىم‪ :‬الشيخ‬ ‫المعاص ًر على السماع ي‬ ‫ً‬ ‫حمل ً‬ ‫كقيل‪ :‬يي ٍشترط في ً‬
‫ثبوت لقائهما‪ ،‬أ ٍ‬ ‫عنعنة‬ ‫ى‬
‫المرسل‬
‫ى‬ ‫األمن ًمن باقي ىمعي ٍنػ ىعنً ًو عن كونًًو من‬ ‫ً‬
‫كالراكم عنو‪ ،‬كلو مرةن كاحدةن؛ ليى ٍحصل ي‬
‫م‪ ،‬كغيرىما من النُّػ اقاد‪.‬‬ ‫المديني‪ ،‬كالبي ىخا ًر ٌ‬‫تار‪ ،‬تبعان لعلي ب ًن ى‬ ‫الم ٍخ ي‬
‫كىو ي‬ ‫الخفي‪ ،‬ي‬
‫المكتوب‬ ‫جازةً‬
‫تجوزان‪ ،‬ىككذا الٍ يمكاتىػبىةي في ا ًإل ى‬ ‫جازةً المتل افظ بًها ُّ‬
‫كأىطٍلى يقوا المشافهةى في ا ًإل ى‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بخبلؼ المتقدمين؛ فإنهم إنما يطلقونها‬ ‫رين‪،‬‬ ‫كىو موجو هد في عبارة كثي ور من ي‬
‫المتأىخ ى‬ ‫بًها‪ :‬ي‬
‫الب‪ ،‬سواءه أ ًىذف لوي في ًركايتًو أىـ ال‪ ،‬ال فيما‬ ‫ً‬
‫الحديث إًلى الطا ً‬ ‫يخ ًمن‬
‫ش ي‬ ‫فيما ىكتب ًبو ال ا‬
‫إذا ىكتىب إليو باإلجازة فقط‪.‬‬
‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫كاية بالم ً‬ ‫ص اح ًة الر ً‬
‫كا ٍشتىػرطيوا في ً‬
‫صل ىذا‬ ‫ناكلىة اقترانىها با ًإل ٍذف بالركاية‪ ،‬كى ىي إذا ىح ى‬ ‫ي ى‬ ‫ى‬
‫ً‬
‫اشخيص‪.‬‬ ‫جازةً؛ لًما فيها ًمن التاعيي ًن كالت‬ ‫أنواع ا ًإل ى‬
‫أرفع ً‬ ‫ط ي‬ ‫شر ي‬‫ال ا‬
‫األصل‬ ‫لب‬ ‫ً‬
‫ب‪ ،‬أىك‪ :‬يي ٍحضر الطا ي‬ ‫مقاموي للطاالً ً‬
‫قاـ ى‬ ‫الشيخ أصلىوي‪ ،‬أىك ما ى‬ ‫ي‬ ‫كص ٍوىرتيها‪ :‬أى ٍف يىدفع‬
‫ي‬
‫ى‬
‫للشيخ‪ ،‬كيقوؿ لو في الصورتين‪ :‬ىذا ركايتي عن فبلف ً‬
‫فار ًكه ىعني‪ٍ ،‬‬
‫كشرطو‪ ،‬أىيضان‪ ،‬أى ٍف‬ ‫ٍ‬
‫امليك‪ ،‬كإً اما بالعارياًة؛ لًيػ ٍنػ يقل منوي كيقابل ً‬
‫عليو‪ ،‬كإًالا إ ٍف ناكلىوي كاستر اد‬ ‫يمكنىوي منوي‪ :‬إً اما بالت ً‬
‫ى‬ ‫ى ى‬ ‫يى‬
‫الشيخ ً‬ ‫كىي‪ :‬أف يي ًجيزه‬ ‫ً‬ ‫و‬
‫بركاية‬ ‫ي‬ ‫المعيانة‪ ،‬ى‬ ‫في الحاؿ فبل يتبين لها زيادةي مزية على ا ًإلجازة ى‬
‫معيا ون كييػ ىعين لوي كيفياةى ركايتً ًو لوي‪.‬‬ ‫و‬
‫كتاب ى‬
‫كجنىح ىمن ا ٍعتىبىػ ىرىا إًلى أ اف‬ ‫ً‬
‫الجمهوًر‪ ،‬ى‬ ‫المناكلىةي عن ا ًإلذف لم ييػ ٍعتىبىػ ٍر بها عن ىد ي‬ ‫كإًذا ىخلىت ي‬
‫بالكتاب ًمن و‬
‫بلد إلى بلد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مناكلىتىوي إًيااهي تقوـ مقاـ إرسالً ًو ً‬
‫إليو‬ ‫ي ى‬ ‫ي‬
‫صحة الركاية بالكتابة المج اردةً جماعةه ًمن األئمة‪ ،‬كلو لم ييػ ٍق ىر ٍف ذلك‬ ‫كقد ذىب إلى ً‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مناكلة‬ ‫بين‬
‫قوم ى‬ ‫كلم يىظٍهر لي فر هؽ ٌّ‬ ‫با ًإلذف بالركاية‪ ،‬كأىناػ يهم ا ٍكتىػ ىف ٍوا في ذلك بالقرينة‪ٍ ،‬‬
‫آخ ىر‪ ،‬إًذا ىخبل كلٌّ‬ ‫بالكتاب ًمن موض وع إًلى ى‬
‫ً‬ ‫الشيخ ًمن يده للطالب‪ ،‬كبين إًرسالً ًو إً ً‬
‫ليو‬ ‫ى‬
‫منهما عن ا ًإل ً‬
‫ذف‪.‬‬ ‫ي‬
‫كىكذا ا ٍشتىػ ىرطيوا ا ًإل ٍذ ىف في ال ًو ىجادة‪:‬‬
‫فبلف‪ ،‬كال يسوغي ً‬
‫فيو إًطبل يؽ‬ ‫ت بخط و‬ ‫كج ٍد ي‬ ‫ؼ كاتًبىوي ي‬ ‫بخط ٍيع ًر ي‬‫كىي‪ :‬أى ٍف يى ًج ىد ٍّ‬
‫ىي‬ ‫فيقوؿ‪ :‬ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قوـ ذلك فىػغيلطوا‪.‬‬ ‫أى ٍخبىػ ىرني بمج ارد ذلك‪ ،‬إًالا إً ٍف كا ىف لوي منو إ ٍذ هف بالركاية عنو‪ ،‬كأىطٍلى ىق ه‬
‫ككذا الوصية بالكتاب‪:‬‬
‫قوـ‬
‫قاؿ ه‬ ‫لشخص يم ىعيا ون‪ ،‬بأىصلًو‪ ،‬أىك بأيصولً ًو‪ ،‬فقد ى‬ ‫و‬ ‫كىو‪ :‬أف يوصي عن ىد موتًو‪ ،‬أىك سف ًرهً‪،‬‬
‫األصوؿ عنوي بمج ارًد ىذه الوصيا ًة‪ ،‬كأىبىى‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ى‬ ‫تلك‬
‫م ى‬ ‫من األئ امة المتقدمين‪ :‬يجوز لو أى ٍف ير ًك ى‬
‫مهور‪ ،‬إًالا إ ٍف كا ىف لو منو إجازةه‪.‬‬ ‫الج ي‬ ‫ذلك ي‬
‫ككذا اشترطوا اإلذف بالركاية في ا ًإل ٍع ً‬
‫بلـ‪:‬‬
‫بلف‪ ،‬فًإ ٍف كا ىف لوي‬ ‫بلني عن في و‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الشيخ أح ىد الطالبة بأىناني أىركم الك ى‬
‫تاب ال يف ا‬ ‫ي‬ ‫كىو‪ :‬أى ٍف ييػ ٍعلً ىم‬ ‫ي‬
‫منوي إجازةه ا ٍعتيبً ىر‪ ،‬كإًالا فبل ًع ٍبػ ىرةى بذلك‪.‬‬
‫المجا ًز ًبو‪ ،‬كأى ٍف ى‬ ‫ازةً ً‬
‫سلمين‪،‬‬
‫ى‬ ‫الم‬
‫لجمي ًع ي‬ ‫يقوؿ‪ :‬أجزت ى‬ ‫العا امة في ال يٍم ىجا ًز لوي‪ ،‬ال في ي‬ ‫كا ًإل ىج ى ى‬
‫ً‬
‫ىقرب إًلى‬
‫كىو أ ي‬ ‫أىك ل ىمن أىدرؾ ىحياتًي‪ ،‬أىك ألىل اإلقليم الفبلني‪ ،‬أك ألىل البلد ال يفبلنيا ًة‪ ،‬ي‬
‫ب االنحصا ًر‪.‬‬ ‫الص اح ًة؛ ل يق ٍر ً‬
‫وؿ‪ ،‬كأى ٍف يىكو ىف يم ٍبػ ىهمان أ ٍىك يم ٍه ىمبلن‪.‬‬ ‫ككذا ا ًإلجازةي للم ٍج يه ً‬
‫ى‬
‫ت لً ىم ٍن ىسيولى يد لفبلف‪ ،‬كقد قيل‪ :‬إ ٍف ىعطىىفو على‬ ‫ً‬
‫أج ٍز ي‬ ‫يقوؿ‪ :‬ى‬ ‫للم ٍعدكـ كأ ٍف ى‬ ‫ككذا ا ًإلجازةي ى‬
‫عدـ الصحة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫و‬
‫صح‪ ،‬ككأ ٍف يقوؿ‪ :‬أجزت لك كل ىمن سيولد لك‪ ،‬كقد قيل‪ :‬األقرب ي‬ ‫موجود ٌ‬
‫بشرط مشي ًئة الغي ًر‪ ،‬كأ ٍف ى‬
‫يقوؿ‪:‬‬ ‫ت ً‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫أيضان‪ ،‬ككذلك ا ًإلجازةي‬
‫لموجود‪ ،‬أىك معدكـ‪ ،‬عيل ىق ٍ‬
‫ت لك إً ٍف ش ٍئ ى‬ ‫يً‬
‫ت‪.‬‬ ‫ىجز ي‬ ‫شاء فيبل هف‪ ،‬ال أى ٍف ى‬
‫يقوؿ‪ :‬أ ٍ‬ ‫أجزت ل ىمن ى‬ ‫شاء فبل هف‪ ،‬أىك‬ ‫لك إً ٍف ى‬ ‫أجزت ى‬ ‫ي‬
‫كىذا في األصح في جميع ذلك‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الخطيب‪،‬‬
‫ي‬ ‫اد منوي‪-‬‬ ‫الم ٍجهوؿ‪ ،‬ما لم يىػتىبىػيا ًن ي‬
‫المر ي‬ ‫بجمي ًع ذلك ‪-‬سول ى‬ ‫كقد ىج اوز الركايةى ى‬
‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫مشايخ ًو‪،‬‬
‫ً‬ ‫جماعة ًمن‬
‫و‬
‫للمعدكـ من ال يقدماء أىبو بك ًر ي‬
‫بن أىبي‬ ‫كاستعم ىل اإلجازىة ى‬
‫ى‬ ‫كحكاهي عن‬ ‫ى‬
‫بن ىم ٍن ىده‪ ،‬كاستىػ ٍع ىم ىل المعلاقةى ي‬ ‫ً ً‬
‫بن أىبي ىخ ٍيثى ىمة‪،‬‬ ‫منهم‪ ،‬أىيضان‪ ،‬أىبو بك ًر ي‬ ‫اكد‪ ،‬كأبو عبد اهلل ي‬ ‫ىد ى‬
‫الح ٌفاظ في كتىاب‪ ،‬كرتابهم على يحركؼ‬ ‫ً‬
‫بعض ي‬ ‫ثير ىج ىم ىع يه ٍم ي‬‫كركل باإلجازة العا امة ىج ٍم هع ىك ه‬ ‫ى‬
‫المعج ًم ل ىكثٍػ ىرتًهم‪.‬‬
‫ى‬
‫الم ىعياػنىةى‬
‫صةى ي‬‫ضي؛ أل اف ا ًإلجازةى الخا ا‬ ‫غير ىم ٍر ٍّ‬
‫توس هع ي‬
‫بلح‪ُّ ،‬‬ ‫ص ً‬ ‫ابن ال ا‬
‫قاؿ ي‬ ‫كل ذلك‪ ،‬كما ى‬ ‫ك ُّ‬
‫العمل استق ار على ا ٍعتبا ًرىا عن ىد‬ ‫ف في ص احتًها اختًبلفان قويان عن ىد ال يق ً‬
‫دماء‪ ،‬كإً ٍف كا ىف‬ ‫يم ٍختىػلى ه‬
‫ي‬ ‫ٌ‬
‫المتأىخرين‪ ،‬ف ًهي دك ىف السماع باالت ً‬
‫ذكور!‬
‫الم ي‬ ‫االسترساؿ ى‬
‫ي‬ ‫صل فيها‬ ‫فكيف إًذا ىح ى‬
‫ى‬ ‫فاؽ‪،‬‬ ‫ى ى‬
‫ضبلن‪ .‬كاهللي تعالى‬ ‫ملة‪ ،‬خير ًمن إًير ًاد الح ً‬
‫ديث يم ٍع ى‬ ‫ضعفان‪ ،‬لكناها‪ ،‬في الج ً‬ ‫زداد ى‬ ‫فًإناها تى ي‬
‫ى‬ ‫ه‬ ‫ي‬
‫ىعلم‪ ».‬انتهى كبلمو‬
‫أ ي‬

‫أفعاؿ الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم كتقريراتو‬

‫ىذا باب جليل من أبواب أصوؿ الفقو يرتبط بأفعاؿ سيد الخلق صلى اهلل عليو كسلم ‪،‬‬
‫اىتم بو األصوليوف كثيرا ك أفردكا لو بابا في كتبهم بل منهم من أفرده في كتاب خاص‪.‬‬

‫ُ‪ /‬أفعالو عليو الصبلة كالسبلـ‬


‫تنقسم أفعاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم إلى أقساـ‪:‬‬
‫ُ‪ -‬ما كاف يفعلو بمقتضى الجبلة كالقياـ كالقعود كاألكل كالشرب؛ فحكمو اإلباحة‪.‬‬
‫ِ‪ -‬ما كاف مترددان بين الجبلة كالتشريع كوقوفو صلى اهلل عليو كسلم راكبان بعرفة كنزكلو‬
‫بالمحصب فهل يلحق بالجبلي فيكوف مباحان كما تقدـ؛ أك بالتشريع فيتأسى بو فيو؟‬
‫قوالف‪.‬‬
‫ّ‪ -‬ما ثبتت خصوصيتو بو مثل جواز جمعو بين أكثر من أربع نسوة بالنكاح لقولو‬
‫تعالى‪{ :‬يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزكاجك} ككن أكثر من أربع؟ كنكاح الواىبة‬
‫نفسها لقولو تعالى‪{ :‬خالصة لك من دكف المؤمنين} فهذا ال شركة ألحد معو فيو‪.‬‬
‫ْ‪ -‬ما كاف بيانا لنص قرآني كقطعو صلى اهلل عليو كسلم يد السارؽ من الكوع بيانان‬
‫لقولو تعالى‪{ :‬كالسارؽ كالسارقة فاقطعوا أيديهما} ‪ .‬ككأعماؿ الحج كالصبلة فهما‬
‫بياف لقولو تعالى‪{ :‬كأقيموا الصبلة} كقولو‪{ :‬كهلل على الناس حج البيت من استطاع‬
‫إليو سبيبل} كلذا قاؿ صلى اهلل عليو كسلم‪ " :‬صلوا كما رأيتموني أصلي" كقاؿ‪" :‬خذكا‬
‫عني مناسككم"‪.‬‬
‫فهذا القسم حكمو لؤلمة حكم المبين‪ -‬بالفتح‪ -‬ففي الوجوب كاجب‪ ،‬كفي غيره‬
‫بحسبو‪.‬‬
‫ٓ‪ -‬ما فعلو صلى اهلل عليو كسلم ال لجبلة كال لبياف كلم تثبت خصوصيتو لو‪ ،‬فهذا‬
‫على قسمين‪:‬‬
‫ُ‪ -‬أف يعلم حكمو بالنسبة إلى الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم من كجوب أك ندب أك‬
‫إباحة‪ ،‬فيكوف حكمو لؤلمة كذلك كصبلتو صلى اهلل عليو كسلم في الكعبة‪ ،‬كقد علمنا‬
‫أنها في حقو صلى اهلل عليو كسلم جائزة‪ ،‬فهي لؤلمة على الجواز‪.‬‬
‫ِ‪ -‬أف ال يعلم حكمو بالنسبة إليو صلى اهلل عليو كسلم كفي ىذا القسم أربعة أقواؿ‪:‬‬
‫ُ‪ -‬الوجوب‪ ،‬عمبل باألحوط‪ .‬كىو قوؿ أبي حنيفة كبعض الشافعية كركاية عن أحمد‪.‬‬
‫ِ‪ -‬الندب‪ ،‬لرجحاف الفعل على الترؾ كىو قوؿ بعض الشافعية كركاية عن أحمد‬
‫أيضان‪.‬‬
‫ّ‪ -‬ا ًإلباحة‪ ،‬ألنها المتيقن‪ .‬كلكن ىذا فيما ال قربة فيو إذ القرب ال توصف با ًإلباحة‪.‬‬
‫ْ‪ -‬التوقف؛ لعدـ معرفة المراد‪ ،‬كىو قوؿ المعتزلة؛ كىذا أضعف األقواؿ ألف‬
‫التوقف ليس فيو تأس؛ فتحصل لنا من ىذه األقواؿ األربعة أف الصحيح الفعل تأسيان‬
‫برسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم كجوبان أك ندبان‪.‬‬
‫كمثلوا لهذا الفعل بخلعو صلى اهلل عليو كسلم نعلو في الصبلة فخلع الصحابة كلهم‬
‫نعالهم‪ .‬فلما انتهى صلى اهلل عليو كسلم سألهم عن خلعهم نعالهم‪ ،‬قالوا‪ :‬رأيناؾ‬
‫فعلت ففعلنا‪ .‬فقاؿ لهم‪ :‬أتاني جبريل كأخبرني أف في نعلي أذل فخلعتهما؛ فإنو أقرىم‬
‫على خلعهم تأسيان بو كلم يعب عليهم مع انهم لم يعلموا الحكم قبل إخباره إياىم‪.‬‬
‫ِ‪ -‬تقريراتو صلى اهلل عليو كسلم ‪...‬‬
‫كتلحق تقريراتو صلى اهلل عليو كسلم بأفعالو‪ ،‬فكل أمر أقر عليو كلم ينكر على فاعلو‬
‫فحكمو حكم فعلو صلى اهلل عليو كسلم قوال كاف ذلك األمر أك فعبل‪.‬‬
‫منقادا للشرع؛ فإف كاف كافران أك منافقان فبل يدؿ تقريره لو‬
‫ىذا إذا كاف اإلنساف المقرر ن‬
‫على الجواز كتقريره صلى اهلل عليو كسلم الذمي على الفطر في نهار رمضاف‪ .‬فمثاؿ‬
‫تقريره على القوؿ تقريره صلى اهلل عليو كسلم أبا بكر رضي اهلل عنو على قولو بإعطاء‬
‫سلب القتيل لقاتلو كمثاؿ تقريره على الفعل‪ :‬تقريره صلى اهلل عليو كسلم خالد بن‬
‫الوليد على أكل الضب؛ كحساف على إنشاد الشعر في المسجد‪.‬‬
‫ىذا فيما رآه صلى اهلل عليو كسلم أك سمعو أك بلغو فأقره‪.‬‬
‫ككذلك استبشاره صلى اهلل عليو كسلم كاستبشاره صلى اهلل عليو كسلم عند سماعو‬
‫قوؿ مجزز المدلجي‪ -‬كقد بدت أقداـ زيد بن حارثة كابنو أسامة رضي اهلل عنهما من‬
‫تحت الغطاء‪ :‬إف ىذه األقداـ بعضها من بعض‪ .‬ألنو صلى اهلل عليو كسلم ال يقر على‬
‫باطل كال يستبشر لباطل‪.‬‬
‫كلذا قاؿ الشافعي كأحمد رحمهما اهلل بإثبات النسب عن طريق القافة‪.‬‬

‫إلثراء ىذا الموضوع نذكر كبلما نفيسا قالو اإلماـ أبو إسحاؽ الشيرازم في اللمع‬
‫لخص فيو أفعاؿ النبي صلى اهلل عليو ك سلم ك بين أحكامها ك إف كنت أخالفو في‬
‫بعض آرائو في المسألة يقوؿ رحمو اهلل تعالى ‪:‬‬
‫« األفعاؿ ال تخلو إما أف تكوف قربة أك ليس بقربة فإف لم تكن قربة كاألكل كالشرب‬
‫كاللبس كالقياـ كالقعود فهو يدؿ على اإلباحة ألنو ال يقر على الحراـ فإف كاف قربة لم‬
‫يخل من ثبلثة أكجو‪.‬‬
‫أحدىا‪ :‬أف يفعل بيانا لغيره فحكمو مأخوذ من المبين فإف كاف المبين كاجبا كاف البياف‬
‫كاجبا كإف كاف ندبا كاف البياف ندبان‪ ،‬كيعرؼ بأنو بياف لذلك بأف يصرح بأف ذلك بياف‬
‫لذلك‪ ،‬أك يعلم في القرآف آية مجملة تفتقر إلى البياف كلم يظهر بيانها بالقوؿ فيعلم أف‬
‫ىذا الفعل بياف لها‪.‬‬
‫كالثاني‪ :‬أف يفعل امتثاال ألمر فيعتبر أيضا باألمر فإف كاف على الوجوب علمنا أنو فعل‬
‫كاجبا كإف كاف على الندب علمنا أنو فعل ندبا‪.‬‬
‫كالثالث‪ :‬أف يفعل ابتداء من غير سبب فاختلف أصحابنا فيو على ثبلثة أكجو‪:‬‬
‫أحدىا‪ :‬أنو على الوجوب إال أف يدؿ الدليل على غيره كىو قوؿ أبي العباس كأبي سعيد‬
‫كىو مذىب مالك كأكثر أىل العراؽ‪.‬‬
‫كالثاني‪ :‬أنو على الندب إال أف يدؿ الدليل على الوجوب‪.‬‬
‫كالثالث‪ :‬أنو على الوقف فبل يحمل على الوجوب كال على الندب إال بدليل كىو قوؿ‬
‫أبي بكر الصيرفي كىو األصح( للتعقيب ‪ :‬الراجح عندم أنو للندب إال أف يدؿ‬
‫الدليل على الوجوب كىو اختيار عدد من المحققين ك ىو أعدؿ األقواؿ ك أكسطها ك‬
‫اهلل أعلم ) كالدليل عليو أف احتماؿ الفعل للوجوب كاحتمالو للندب فوجب التوقف‬
‫فيو حتى يدؿ الدليل‪.‬‬
‫ك إذا فعل رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم شيئا كعرؼ أنو فعلو على كجو الوجوب أك‬
‫على كجو الندب كاف ذلك شرعا لنا إال أف يدؿ الدليل على تخصيصو بذلك‪ ،‬كقاؿ أبو‬
‫بكر الدقاؽ‪ :‬ال يكوف ذلك شرعا لنا إال بدليل‪ ،‬كالدليل على فساد ذلك قولو عز‬
‫كجل‪{ :‬لىىق ٍد ىكا ىف لى يكم فًي رس ً ً‬
‫سنىةه} كألف الصحابة كانوا يرجعوف فيما‬ ‫وؿ اللاو أ ٍ‬
‫يس ىوةه ىح ى‬ ‫ٍ ىي‬
‫أشكل عليهم إلى أفعالو فيقتدكف بو فيها فدؿ على انو شرع في حق الجميع‪.‬‬
‫كيقع بالفعل جميع أنواع البياف من بياف المجمل كتخصيص العموـ كتأكيل الظاىر‬
‫كالنسخ‪ .‬فأما بياف المجمل فهو كما فعل رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم للصبلة‬
‫كالحج فكاف في فعلو بياف المجمل الذم في القرآف‪ .‬كأما تخصيص العموـ فكما ركل‬
‫أنو صلى اهلل عليو كسلم نهى عن الصبلة بعد العصر حتى تغرب الشمس ثم ركل أنو‬
‫صلى اهلل عليو كسلم صلى بعد العصر صبلة لها سبب فكاف في ذلك تخصيص عموـ‬
‫النهي‪ .‬كأما تأكيل الظاىر فكما ركل عنو صلى اهلل عليو كسلم أنو نهى عن القود في‬
‫الطرؼ قبل االندماؿ فيعلم أف المراد بالنهي الكراىية دكف التحريم‪ .‬كأما النسخ فكما‬
‫ركل عنو صلى اهلل عليو كسلم أنو قاؿ‪" :‬البكر بالبكر جلد مائة كتغريب عاـ كالثيب‬
‫بالثيب جلد مائة كالرجم"‪ .‬ثم ركل أنو صلى اهلل عليو كسلم رجم ماعزا كلم يجلده فدؿ‬
‫على أف ذلك منسوخ‪.‬‬
‫كإف تعارض قوؿ كفعل في البياف ففيو أكجو‪ :‬من أصحابنا من قاؿ‪ :‬القوؿ أكلى‪ ،‬كمنهم‬
‫من قاؿ‪ :‬الفعل أكلى‪ ،‬كمنهم من قاؿ‪ :‬ىما سواء كاألكؿ أصح ألف األصل في البياف ىو‬
‫القوؿ‪ :‬أال تراه يتعدل بصيغتو كالفعل ال يتعدل إال بدليل فكاف القوؿ أكلى‪.‬‬
‫كاإلقرار‪ :‬أف يسمع رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم شيئا فبل ينكره أك يرل فعبل فبل‬
‫ينكره مع عدـ الموانع فيدؿ ذلك على جوازه‪ ،‬كذلك مثل ما ركل أنو سمع رجبل يقوؿ‬
‫الرجل يجد مع امرأتو رجبل إف قتل قتلتموه كإف تكلم جلدتموه كإف سكت‪ ،‬سكت‬
‫على غيظ أـ كيف يصنع كلم ينكر عليو فدؿ ذلك على أنو إذا قتل قيتًل كإذا قذؼ‬
‫يجلًد ككما ركل أنو صلى اهلل عليو كسلم‪ :‬رأل قيسا يصلي ركعتي الفجر بعد الصبح‬
‫فلم ينكر عليو فدؿ على جواز ما لها سبب بعد الصبح ألنو يجوز أف يرل منكرا فبل‬
‫ينكره مع القدرة عليو ألف في ترؾ اإلنكار إيهاـ أف ذلك جائز‪.‬‬
‫كأما ما فعل في زمانو صلى اهلل عليو كسلم فلم ينكره فإنو ينظر فيو فإف كاف ذلك مما‬
‫ال يجوز أف يخفى عليو من طريق العادة كاف بمنزلة ما لو رآه فلم ينكره‪ ،‬كذلك مثل ما‬
‫ركل أف معاذا كاف يصلي العشاء مع النبي صلى اهلل عليو كسلم ثم يأتي قومو في بني‬
‫سلمى فيصلي بهم ىي لو تطوع كلهم فريضة العشاء فيدؿ ذلك على جواز االفتراض‬
‫خلف المتنفل كإف كاف مثل ذلك ال يجوز أف يخفى عليو فإف كاف ال يجوز ألنكر‪ .‬كأما‬
‫ما يجوز إخفاؤه عليو كذلك مثل ما ركل عن بعض األنصار أنو قاؿ كنا نجامع على‬
‫عهد رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم كنكسل كال نغتسل فهذا ال يدؿ على الحكم ألف‬
‫ذلك يفعل سرا كيجوز أف ال يعلم بو رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم كىم ال يغتسلوف‬
‫ألف األصل أف ال يجب الغسل فبل يحتج بو في إسقاط الغسل كلهذا قاؿ علي رضي‬
‫اهلل عنو‪ :‬حين ركم لو ذلك أك علم رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم فأقركم عليو فقالوا‪:‬‬
‫ال فقاؿ‪ :‬فمو‪.‬‬
‫كأما السكت عن الحكم‪ :‬فهو أف يرل رجبل يفعل فعبل فبل يوجب فيو حكما فينظر فيو‬
‫فإف لم يكن ذلك موضع حاجة كلم يكن في سكوتو دليل على اإليجاب كال إسقاط‬
‫لجواز أف يكوف قد أخر البياف إلى كقت الحاجة كإف كاف موضع حاجة مثل األعرابي‬
‫الذم سألو عن الجماع في رمضاف فأكجب عليو العتق كلم يوجب على المرأة دؿ‬
‫سكوتو على أنو كاجب عليو ألف تأخير البياف عن كقت الحاجة ال يجوز‪ ».‬انتهى‬
‫مبلحظة ‪:‬‬
‫ىناؾ أدلة إجمالية مختلف في حجيتها لم يذكرىا المؤلف ربما اختصارا أك تقيدا‬
‫بالبرنامج أك غير ذلك سأذكرىا بعضها بإيجاز ك أجعلها على شكل فوائد‪:‬‬
‫الفائدة األكلى في قوؿ الصحابي‪:‬‬
‫لتحديد اختبلؼ العلماء في مذىب الصحابي ‪ ،‬ال بد من تحرير محل النزاع ‪ ،‬فنقوؿ ‪:‬‬
‫قسم األصوليوف قوؿ الصحابي إلي أربعة أقساـ ‪:‬‬
‫القسم األكؿ ‪:‬‬
‫قوؿ الصحابي الذم يضاؼ إلي زمن الرسوؿ – صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬كأف يقوؿ ‪« :‬‬
‫كنا نفعل كذا ‪،‬أك نقوؿ كذا على عهد رسوؿ اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ ،-‬أك ىو‬
‫بيننا كذا ‪ ،‬أك فينا كذا ‪ » ...‬كنحو ذلك ‪ ،‬فهذا القوؿ حجة بإجماع العلماء ‪ ،‬ألنو‬
‫يعتبر سنة عن رسوؿ اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬ركاىا الصحابي ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪:‬‬
‫قوؿ الصحابي الذم انتشر كظهر بين علماء الصحابة ‪ ،‬كلم يعرؼ لو مخالف منهم ‪،‬‬
‫فهذا القسم من قبيل اإلجماع السكوتي ‪.‬‬
‫كقد اختلف العلماء في حجيتو كاعتباره دليبل ‪ ،‬فذىب أبو حنيفة كأكثر أتباعو إلي‬
‫اعتبار حجة يجب العمل بو ‪ ،‬كىو مذىب اإلماـ أحمد كابن القيم كمختار الشيرازم‬
‫في التبصرة ‪ ،‬كاشترط الغزالي شركطا العتباره ‪.‬‬
‫كخالف في ىذا الشافعي ‪ ،‬فلم يعتبر اإلجماع السكوتي حجة ‪ ،‬ألنو ال ينسب لساكت‬
‫قوؿ ‪ ،‬كقد اختار ىذا المذىب اإلماـ داكد كالقاضي أبو بكر األشعرم كصاحب نشر‬
‫البنود ‪.‬‬
‫القسم الثالث ‪:‬‬
‫قوؿ الصحابي الصادر عن رأيو كاجتهاده كالذم لم ينشر ‪ ،‬كىو محل خبلؼ بين‬
‫العلماء على المذاىب كىي ‪:‬‬
‫المذىب األكؿ ‪:‬‬
‫إف قوؿ الصحابي ليس بحجة مطلقا خالف القياس أـ لم يخالفو ‪ ،‬كذىب إلي ىذا‬
‫األشاعرة ‪ ،‬كالمعتزلة ‪ ،‬كالشافعي في الجديد ‪ ،‬كأحمد بن حنبل في إحدل الركايتين ‪،‬‬
‫كىو ما اختاره اآلمدم صاحب التبصرة ‪.‬‬
‫المذىب الثاني ‪:‬‬
‫أنو حجة مطلقا بل كيقدـ على القياس ‪ ،‬كذىب إلي ىذا جمهور األحناؼ كمالك كأبو‬
‫يعلى الجبائي ‪ ،‬كنسبو صاحب التبصرة إلي الشافعي في القديم ‪.‬‬
‫إف قوؿ الصحابي حجة إذا خالف القياس ‪ ،‬أم في المسائل التي ال يدركها العقل ‪،‬‬
‫كمثالو ما ركم من إف على بن أبي طالب صلي في ليلة ست ركعات في كل ركعة ست‬
‫سجدات ‪ ،‬ككالمقادير التي ال تعرؼ بالرأم كأقل الحيض كأكثره ‪ ،‬فقد ركم عن بعض‬
‫الصحابة أف أقلو ثبلثة أياـ ك أكثرة عشرة أك خمسة عشر كأف أكثر النفاس أربعوف يوما‬
‫فمثل ىذه األقواؿ تكوف حجة ‪ ،‬كقد نسب إماـ الحرمين ىذا القوؿ للشافعي في‬
‫القديم كارتضاه ‪ ،‬كىو ما اختاره الغزالي في المنخوؿ‪.‬‬
‫المذىب الثالث ‪:‬‬
‫أف الحجة في قوؿ الخلفاء الراشدين فقط ‪.‬‬
‫القسم الرابع ‪ :‬في قوؿ الصحابي الذم علم لو مخالف ‪:‬‬
‫اختلف العلماء فيما إذا اختلف الصحابة في مسألة من المسائل ‪ ،‬ىل ترجح بين‬
‫آرائهم ؟ على معني أنو ال يجوز للتابعين أك من بعدىم إلحداث رأم جديد ‪ ،‬أـ يجب‬
‫العمل بأم رأم من آرائهم بعد الترجيح بينها أك يجوز إحداث رأم جديد في المسألة‬
‫اختلف العلماء في ذلك على ثبلثة مذاىب ‪:‬‬
‫األكؿ ‪ :‬أنو ال يجوز للتابعين إحداث رأم جديد ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬أنو يجوز إحداث رأم جديد ك بو قاؿ الظاىرية ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أنو يجوز إحداث رأم جديد إذا لم يلزـ منو خرؽ اإلجماع ‪ ،‬كال يجوز إذا‬
‫كاف الرأم الجديد يرفع اإلجماع ‪.‬‬
‫الفائدة الثانية في شرع من قبلنا‬
‫المقصود بشرع من قبلنا ‪ :‬األحكاـ التي شرعها اهلل – تعالي – لمن سقننا من األمم ‪،‬‬
‫كأنزلها على أنبيائو كرسلو لتبليغها لتلك األمم‪.‬‬
‫كقد اختلف العلماء في عبلقتها بشريعتنا كمدم حجيتها بالنسبة إلينا كقبل ذكر‬
‫أقوالهم البد من بياف موضع الخبلؼ ‪ ،‬ألف شرع من قبلنا أنواع منها المتفق على‬
‫حجيتو بالنسبة إلينا كمنها المتفق على نسخو في حقنا ‪ ،‬كمنها ما ىو مختلف فيو ‪.‬‬
‫يقوؿ أبو إسحاؽ الشيرازم في اللمع ‪ « :‬اختلف أصحابنا في شرع من قبلنا على‬
‫ثبلثة أكجو‪ :‬فمنهم من قاؿ‪ :‬ليس بشرع لنا‪ .‬كمنهم من قاؿ‪ :‬ىو شرع لنا إال ما ثبت‬
‫نسخو‪ .‬كمنهم من قاؿ‪ :‬شرع إبراىيم صلوات اهلل عليو كحده شرع لنا دكف غيره‪.‬‬
‫كمنهم من قاؿ‪ :‬شرع موسى شرع لنا إال ما نسخ بشريعة عيسى صلوات اهلل عليو‪.‬‬
‫كمنهم من قاؿ‪ :‬شريعة عيسى صلى اهلل عليو كسلم شرع لنا دكف غيره‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ اإلماـ رحمو اهلل كنور ضريحو‪ :‬كالذم نصرت في التبصرة أف الجميع شرع‬
‫لنا إال ما ثبت نسخو كالذم يصح اآلف عندم أف شيئا من ذلك ليس بشرع لنا‪،‬‬
‫كالدليل عليو أف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم لم يرجع في شيء من األحكاـ كال‬
‫أحد من الصحابة إلى شيء من كتبهم كال إلى خبر من أسلم منهم‪ ،‬كلو كاف ذلك شرعا‬
‫لنا لبحثوا عنو كرجعوا إليو كلما لم يفعلوا ذلك دؿ ذلك على ما قلناه‪».‬ق‬
‫ك الذم يترجح عندم ىو العمل بشرع من قبلنا ك اعتباره دليبل من أدلة الشرع ك لكن‬
‫بشركط ذكرىا األصوليوف ك إلثراء ىذا البحث يمكن تقسيم شرع من قبلنا إلى أربعة‬
‫أنواع‪:‬‬
‫النوع األكؿ ‪ :‬أحكاـ جاءت في القرآف أك في السنة ‪ ،‬كقاـ الدليل في شرعتنا على أنها‬
‫مفركضة علينا كما كانت مفركضة على من سبقنا من األمم كاألقواـ ‪.‬‬
‫كىذا النوع من األحكاـ ال خبلؼ في أنو شرع لنا ‪ ،‬كمصدر شرعيتو كحجيتو بالنسبة‬
‫إلينا ىو نفس نصوص شريعتنا ‪،‬من ذلك‪:‬فريضة الصياـ ‪.‬‬
‫النوع الثاني ‪ :‬أحكاـ قصها اهلل في قرآنو ‪ ،‬أك بينها الرسوؿ ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪-‬‬
‫في سنتو ‪ ،‬كقاـ الدليل من شريعتنا على نسخها في حقنا ‪ ،‬أم أنها خاصة باألمم‬
‫السابقة ‪ ،‬فهذا النوع ال خبلؼ في أنو غير مشركع في حقنا ‪.‬‬
‫النوع الثالث ‪ :‬أحكاـ لم يرد لها ذكر في كتابنا ف كال في سنة نبينا ‪ -‬صلى اهلل عليو‬
‫كسلم ‪ -‬كىذا النوع ال يكوف شرعا لنا ببل خبلؼ بين العلماء ‪.‬‬
‫النوع الرابع ‪ :‬أحكاـ جاءت بها نصوص الكتاب أك السنة ‪ ،‬كلم يقم دليل من سياؽ‬
‫ىذه النصوص على بقاء الحكم أك عدـ بقائو بالنسبة لنا ‪ ،‬مثل قولو – تعالي ‪:-‬‬
‫)ككتبنا عليهم فيها أف النفس بالنفس كالعين بالعين كاألنف باألنف كاألذف باألذف‬
‫كالسن بالسن كالجركح قصاص فمن تصدؽ بو فهو كفارة ( [المائدة ‪ ] ْٓ :‬فهذا‬
‫النوع ىو الذم كقع الخبلؼ فيو ‪ ،‬كاختلف في حجيتو بالنسبة إلينا ‪.‬‬
‫فذىب بعض العلماء كالحنفية كالمالكية كأحمد كالشافعي في ركاية إلي حجيتو ‪،‬‬
‫كأنو كجزء من شريعتنا ‪ ،‬كذىب اآلخركف كأحمد كالشافعي في ركاية إلي أنو ليس بشرع‬
‫لنا‪.‬‬
‫الفائدة الثالثة في االستحساف‪:‬‬
‫االستحساف ىو‪ :‬العدكؿ بحكم المسألة عن نظائرىا لدليل خاص أقول من األكؿ‪.‬‬
‫فالقياس يقتضي حكمان عامان في جميع المسائل‪ ،‬لكن يخصصت مسألة كعيدؿ بها عن‬
‫صصها كأخرجها عما‬
‫نظائرىا‪ ،‬كصار لها حكم خاص بها نظران لثبوت دليل قد خ ا‬
‫يماثلها‪ ،‬كىذا الدليل ىو أقول من المقتضي العموـ في نظر المجتهد‪.‬‬
‫ك أنواع االستحساف ىي‪:‬‬
‫النوع األكؿ‪ :‬االستحساف بالنص‪ ،‬كىو‪ :‬العدكؿ عن حكم القياس في مسألة إلى حكم‬
‫مخالف لو ثبت بالكتاب أك السنة‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬أف القياس ال يجوز العرايا‪ ،‬ألنو يبع تمر برطب كىو داخل تحت النهي عن بيع‬
‫المزابنة‪ ،‬كلكن عدلنا عن ىذا الحكم إلى حكم آخر‪ ،‬كىو الجواز لدليل ثبت بالسنة‬
‫كىو قوؿ الراكم‪:‬‬
‫" كرخص بالعرايا "‪ ،‬فتركنا القياس لهذا الخبر استحسانان‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬االستحساف باإلجماع‪ ،‬كىو‪ :‬العدكؿ عن حكم القياس في مسألة إلى‬
‫حكم مخالف لو ثبت باإلجماع‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬أف القياس ال يجوز عقد االستصناع‪ ،‬كىو‪ :‬أف يتعاقد شخص مع صانع على أف‬
‫يصنع لو كرسيان ‪ -‬مثبلن ‪ -‬بمبلغ كقدره ًمائة لاير بشركط معينة ‪ ،-‬فهذا ال يجوز؛ ألنو‬
‫بيع معدكـ‪ ،‬لكن عدلنا عن ىذا الحكم إلى حكم آخر‪ ،‬كىو‪ :‬جواز ىذا العقد؛ نظران‬
‫لتعامل األمة بو من غير نكير‪ ،‬فصار إجماعان‪.‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬االستحساف بالعرؼ كالعادة‪ ،‬كىو‪ :‬العدكؿ عن حكم القياس في مسألة‬
‫إلى حكم آخر يخالفو؛ نظران لجرياف العرؼ بذلك‪ ،‬ك عمبلن بما اعتاده الناس‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬لو حلف شخص كقاؿ‪ " :‬كاهلل ال أدخل بيتان "‪ ،‬فالقياس يقتضي‪ :‬أنو يحنث إذا‬
‫دخل المسجد؛ ألنو يسمى بيتان لغة‪ ،‬كلكن عدؿ عن ىذا الحكم إلى حكم آخر‪ ،‬كىو‪:‬‬
‫عدـ حنثو إذا دخل المسجد؛ لتعارؼ الناس على عدـ إطبلؽ ىذا اللفظ على‬
‫المسجد‪.‬‬
‫النوع الرابع‪ :‬االستحساف بالضركرة‪ ،‬كىو‪ :‬العدكؿ عن حكم القياس في مسألة إلى‬
‫حكم آخر مخالف لو ضركرة‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬جواز الشهادة في النكاح كالدخوؿ‪ ،‬فالقياس يقتضي عدـ جواز الشهادة في‬
‫النكاح كالدخوؿ؛ ألف الشهادة مشتقة من المشاىدة كذلك بالعلم‪ ،‬كلم يحصل في‬
‫ىذه األمور‪ ،‬لكن عيدؿ عن ىذا الحكم إلى حكم آخر‪ ،‬كىو‪ :‬جواز الشهادة في‬
‫النكاح كالدخوؿ ضركرة؛ ألنو لو لم تقبل فيها الشهادة بالتسامح ألدل إلى الحرج‬
‫كتعطيل األحكاـ‪.‬‬
‫النوع الخامس‪ :‬االستحساف بالقياس الخفي‪ ،‬كىو‪ :‬العدكؿ عن حكم القياس الظاىر‬
‫المتبادر فيها إلى حكم آخر بقياس آخر‪ ،‬كىو‪ :‬أدؽ كأخفى من األكؿ‪ ،‬لكنو أقول‬
‫حجة‪ ،‬كأس ٌد نظران‪ ،‬كأصح استنتاجان منو‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬أف من لو على آخر دين حاؿ من دراىم فسرؽ منو مثلها قبل أف يستوفيها فبل‬
‫تقطع يده‪.‬‬
‫لكن إذا كاف الذين مؤجبلن‪ ،‬فالقياس يقتضي قطع يده إذا سرؽ مثلها قبل حلوؿ األجل؛‬
‫ألنو ال يباح لو أخذه قبل األجل‪ ،‬لكن عدؿ عن ىذا الحكم إلى حكم آخر‪ ،‬كىو‪ :‬أف‬
‫يده ال تقطع؛ ألف ثبوت الحق ‪ -‬كإف تأخرت المطالبة ‪ -‬يصير شبهة دارئة‪ ،‬كإف كاف‬
‫ال يلزمو اإلعطاء اآلف‪ ،‬فعدـ قطع اليد ىنا ثبت استحسانان‪.‬‬
‫االستحساف بذلك التعريف حجة باتفاؽ العلماء؛ حيث لم ينكره أحد‪ ،‬كإف اختلف في‬
‫تسميتو استحسانان‪ ،‬فبعضهم سماه بهذا االسم‪ ،‬كبعضهم لم يسمو بذلك‪ ،‬كىو في‬
‫الجملة راجع إلى العمل بالدليل القوم الذم ترجح بذلك على ما ىو أضعف منو‪،‬‬
‫كىذا ال نزاع فيو‪.‬‬
‫التعريف الثاني ‪ :‬االستحساف ‪ :‬ىو ما يستحسنو المجتهد بعقلو ‪ ،‬كىو محكي عن أبي‬
‫حنيفة – رحمو اهلل ‪. -‬‬
‫كالمراد منو ‪ :‬ما سبق إلي الفهم العقلي ‪ ،‬دكف أف يكوف لو دليل شرعي يستند إليو من‬
‫كتاب أك سنة أك إجماع أك قياس ‪ ،‬أك أم دليل آخر معتمد شرعا ‪.‬‬
‫ىل االستحساف حجة بناء على ىذا التعريف « التعريف الثاني »؟ ‪.‬‬
‫لقد اختلف العلماء في ذلك على مذىبين ‪:‬‬
‫المذىب األكؿ ‪ :‬أف االستحساف بهذا التعريف ليس بحجة ‪ :‬كىو المذىب الحق‬
‫عندم ‪.‬‬
‫المذىب الثاني ‪ :‬أف االستحساف بالتعريف الثاني حجة ‪ :‬كىو مذىب أبي حنيفة كتبعة‬
‫أكثر الحنفية ‪.‬‬
‫التعريف الثالث لبلستحساف ‪ :‬أنو دليل ينقدح في نفس المجتهد يعسر عليو التعبير‬
‫عنو ‪.‬‬
‫كىو لبعض الحنفية المتقدمين كمرادىم من ىذا ‪ :‬أف االستحساف دليل يستدؿ بو‬
‫المجتهد ‪ ،‬كىذا الدليل ينقدح في ذىن المجتهد ال يستطيع أف يظهره بعبارة أك لفظ ‪.‬‬
‫بياف نوع الخبلؼ ‪:‬‬
‫الخبلؼ في االستحساف خبلؼ لفظي ‪ ،‬بياف ذلك ‪:‬‬
‫أف متأخرم الحنفية لما رأكا ىذا اإلنكار الشديد على التعريف الثاني ‪ ،‬كالتعريف‬
‫الثالث لبلستحساف اللذين نقبل عن بعض الحنفية المتقدمين ‪ ،‬حاكلوا أف يصححوا‬
‫ىذين التعريفين بسبب استقرائهم كتتبعهم للفتاكل الصادرة عن أئمة الحنفية المتقدمين‬
‫‪ ،‬فأتوا بتعريفات تناسب االستحساف الذم كاف يطبقو المتقدموف منهم ‪.‬‬
‫فقاؿ أبو الحسن الكرخي ‪ :‬إف لفظ االستحساف عندىم ينبىء عن ترؾ حكم إلي حكم‬
‫ىو أكلي منو ‪ ،‬لواله لكاف الحكم األكؿ ثابتا ‪.‬‬
‫كمن تتبع ك استقرأ ما كرد عن الحنفية من تعريفات ‪ ،‬كشركح كتفسيرات كتطبيقات ‪،‬‬
‫لثبت أنهم ال يقولوف بأف االستحساف ىو ‪« :‬ما يستحسنو المجتهد بعقلو » ‪ ،‬كلثبت‬
‫أنهم يقولوف ‪ :‬عن االستحساف ‪ :‬العدكؿ في الحكم عن دليل إلي دليل ىو أقول منو ‪،‬‬
‫كىذا مما ال ينكره الجمهور ‪ ،‬فكاف الخبلؼ لفظيا‪.‬‬
‫الفائدة الرابعة في المصالح المرسلة‪:‬‬
‫المصلحة المرسلة ىي‪ :‬كل منفعة داخلة في مقاصد الشارع الخمسة ‪ -‬كىي‪ :‬حفظ‬
‫الدين‪ ،‬كالنفس‪ ،‬كالعقل‪ ،‬كالماؿ‪ ،‬كالنسل ‪ -‬دكف أف يكوف لها شاىد باالعتبار أك‬
‫اإللغاء‪.‬‬
‫فتكوف المصالح المرسلة ىي التي لم يقم دليل من الشارع على اعتبارىا كال على‬
‫إلغائها‪ ،‬فإذا حدثت حادثة لم نجد حكمها في نص كال في إجماع ككجدنا فيها أمران‬
‫مناسبان لتشريع الحكم‪ ،‬أم‪ :‬أف تشريع الحكم فيها من شأنو أف يدفع ضرران‪ ،‬أك يحقق‬
‫نفعان‪ ،‬فهذا األمر المناسب في ىذه الحادثة ييسمى المصلحة المرسلة‪.‬‬
‫ك أقساـ المصالح باعتبار أىميتها ىي‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬الضركريات‪ ،‬كىي‪ :‬المصالح التي ال بد منها في قياـ مصالح الدين‬
‫كالدنيا‪ ،‬كصيانة مقاصد الشريعة‪ ،‬بحيث إذا فقدت أك فقد بعضها‪ :‬فإف الحياة تختل أك‬
‫تفسد‪ ،‬كللمحافظة على المصالح الضركرية شرع اهلل حفظ الدين‪ ،‬كالنفس‪ ،‬كالعقل‪،‬‬
‫كالنسب‪ ،‬كالماؿ‪.‬‬
‫فشرع لحفظ الدين‪ :‬قتل الكافر المضل‪ ،‬كقتل المرتد الداع إلى ردتو‪ ،‬كشرع الجهاد‪،‬‬
‫كشرع لحفظ النفس‪ :‬عقوبة القصاص‪ ،‬كعقوبة الدية‪ ،‬ككجوب األكل كالشرب عند‬
‫الضركرة في حالة صوـ المسلم‪ ،‬كشرع لحفظ العقل‪ :‬عقوبة شرب الخمر‪ ،‬كشرع‬
‫لحفظ النسل كالنسب‪ :‬عقوبة الزنا‪ ،‬كشرع لحفظ الماؿ‪ :‬عقوبة قطع يد السارؽ‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬الحاجيات كىي‪ :‬المصالح كاألعماؿ كالتصرفات التي ال تتوقف عليها‬
‫الحياة كاستمرارىا‪ ،‬بل إف الحياة تستمر بدكنها كلكن مع الضيق كالحرج كالمشقة‪،‬‬
‫مثل‪ :‬التوسع في بعض المعامبلت كالمساقاة‪ ،‬كالقصر في السفر‪ ،‬كاإلجارة‪ ،‬كنحو‬
‫ذلك في األمور العامة‪.‬‬
‫كمثاؿ ذلك في األمور الخاصة‪ :‬تسليط الشارع األب في تزكيج ابنتو الصغيرة من‬
‫الكفء‪ ،‬فإف ىذا ال ضركرة إليو؛ حيث إنو يمكن استمرار الحياة بدكف ذلك‪ ،‬كلكنو‬
‫محتاج إليو في اقتناء المصالح لتحصيل ىذا الكفء؛ خوفان من فواتو؛ ألنو يحصل‬
‫بحصولو نفع في المستقبل‪ ،‬كيحصل بفواتو بعض الضرر‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬التحسينيات‪ ،‬كىي‪ :‬المصالح كاألعماؿ كالتصرفات التي ال تتوقف‬
‫الحياة عليها‪ ،‬كال تفسد كال تختل‪ ،‬فالحياة تتحقق بدكف تلك التحسينيات كبدكف أم‬
‫ضيق‪ ،‬فهي من قبيل التزيين كالتجميل‪ ،‬كرعاية أحسن المناىج كأحسن الطرؽ للحياة‪،‬‬
‫فتكوف من قبيل استكماؿ ما يليق‪ ،‬كالتنزه عما ال يليق من المدنسات التي ال تألفها‬
‫العقوؿ الراجحة‪.‬‬
‫كمن أمثلة ذلك العامة‪ :‬المنع من بيع الماء‪ ،‬كالكؤل‪ ،‬كالمنع من اإلسراؼ كالتقتير‪،‬‬
‫كآداب األكل كالشرب‪.‬‬
‫كمن أمثلتها الخاصة‪ :‬اشتراط الولي في النكاح‪ ،‬صيانة للمرأة عن مباشرة عقد النكاح‬
‫بنفسها؛ ألف المرأة لو باشرت عقد نكاحها لكاف ذلك مشعران بتوقانها إلى الرجاؿ‪،‬‬
‫كمشعران بقلة حيائها‪ ،‬كىذا يقلل من قيمتها عند الخاطب‪.‬‬
‫ك أما أقساـ المصالح من حيث اعتبار الشارع لها كعدـ ذلك ىي‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬المصالح المعتبرة‪ ،‬كىي المصالح التي اعتبرىا الشارع كأثبتها كأقاـ دليبلن‬
‫على رعايتها‪ ،‬فهذه المصالح حجة ال إشكاؿ في صحتها كأمثلتها ما سبق‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬المصالح الملغاة‪ ،‬كىي‪ :‬المصالح التي ألغاىا الشارع كلم يعتبرىا‪ ،‬فلو‬
‫نص الشارع على حكم في كاقعة لمصلحة قد استأثر اهلل بعلمها‪ ،‬كبدا لبعض الناس‬
‫حكم فيها مغاير لحكم الشارع لمصلحة توىمها ىذا البعض‪ ،‬فتخيل أف ربط الحكم‬
‫بذلك يحقق نفعان أك يدفع ضرران‪ ،‬فإف ىذا الحكم مردكد على من توىمو؛ ألف ىذه‬
‫المصلحة التي توىمها قد ألغها الشارع‪ ،‬كلم يلتفت إليها‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬أف الملك عبد الرحمن بن الحكم قد جامع جارية في نهار رمضاف ككرر ذلك‬
‫في عدد من األياـ‪ ،‬ككاف يكرر اإلعتاؽ مطبقان بذلك حديث األعرابي‪ ،‬كلكن جاء‬
‫الفقيو‪ :‬يحيى بن يحيى الليثي المالكي فأفتى بأف عليو صوـ ستين يومان كفارة لو‪ ،‬كعلل‬
‫ذلك بأف الكفارة قد كضعت للزجر كالردع‪ ،‬فلو أكجبنا عليو العتق لسهل عليو الجماع‬
‫في نهار رمضاف مرة بعد األخرل؛ نظران لكثرة مالو‪ ،‬لذلك نوجب عليو الصياـ زجران لو‪،‬‬
‫كظن ىذا الفقيو أف في ذلك مصلحة‪ ،‬كلكن ىذه المصلحة ملغاة؛ ألنها معارضة للنص‬
‫الشرعي‪ ،‬كىو‪ :‬حديث األعرابي‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬المصالح المرسلة‪ ،‬كىي‪ :‬المطلقة التي لم يقيدىا الشارع باعتبار‪ ،‬كال‬
‫بإلغاء‪ ،‬كىذا القسم ىو المراد بالمصلحة المرسلة‪.‬‬
‫ك ليعلم طالب العلم أف المصلحة المعتبرة حجة باالتفاؽ‪ ،‬كالمصالح الملغاة ليست‬
‫بحجة باالتفاؽ‪.‬‬
‫أما المصالح المرسلة فهي حجة بشركط ىي كما يلي‪:‬‬
‫الشرط األكؿ‪ :‬أف تكوف المصلحة المرسلة ضركرية‪ ،‬كىو ما يكوف من الضركريات‬
‫الخمس التي يجزـ بحصوؿ المنفعة منها‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬أف تكوف المصلحة عامة كلية؛ لتعم الفائدة جميع المسلمين‪.‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬أف تبلءـ تلك المصلحة مقاصد الشرع في الجملة فبل تكوف غريبة‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪ :‬أف تكوف المصلحة قطعية‪ ،‬أك يغلب على الظن كجودىا كلم يختلف في‬
‫ذلك‪.‬‬
‫كدؿ على حجيتها‪ :‬إجماع الصحابة؛ حيث إف من تتبع الفتاكل الصادرة عنهم‪ ،‬كنظر‬
‫إلى طرؽ اجتهاداتهم‪ ،‬علم أنهم كانوا يراعوف المصالح‪ ،‬كينظركف إلى المعاني التي‬
‫علموا أف القصد من الشريعة رعايتها‪ ،‬دكف نكير من أحد‪ ،‬فكاف إجماعان‪.‬‬
‫كأيضان‪ :‬لو لم نجعل المصلحة المرسلة دليبلن من األدلة‪ ،‬للزـ من ذلك خلو كثير من‬
‫الحوادث من أحكاـ‪ ،‬كلضاقت الشريعة عن مصالح الناس‪ ،‬كقصرت عن حاجاتهم‪،‬‬
‫كلم تصلح لمسايرة مختلف المجتمعات كاألزماف كاألحواؿ‪ ،‬كىذا خبلؼ القاعدة‬
‫الشرعية كىي‪ " :‬إف اإلسبلـ صالح لكل زماف كمكاف "‪ ،‬فبل بد من جعلها دليبلن من‬
‫األدلة الشرعية؛ لهذه القاعدة‪ ،‬كألف النصوص قليلة‪ ،‬كالحوادث كثيرة‪.‬‬
‫كعلى ىذا‪ :‬يستدؿ بالمصلحة على أف المرأة البكر ال تغ ارب إذا زنت ألف في تغريبها‬
‫تعريضان لها للفساد‪ ،‬يكيستدؿ بها على قتل الجماعة بالواحد؛ ألنو لو سقط القصاص‬
‫باالشتراؾ ألدل ذلك إلى اتساع القتل بو‪.‬‬
‫الفائدة الخامسة في االستصحاب‪:‬‬
‫كىو عبارة عن ثبوت أمر في الزماف الثاني بناء على ثبوتو في الزماف األكؿ ‪.‬‬
‫كمعناه ‪ :‬أننا إذا عرفنا حكما من األحكاـ في الزمن الماضي ‪ ،‬كلم يظهر لنا ما يدؿ‬
‫على عدمو ‪ ،‬حكمنا اآلف في الزمن الثاني بأنو ال يزاؿ باقيا على ما كاف عليو ‪ ،‬ألنو لم‬
‫يظن عدمو ‪ ،‬ككل ما كاف كذلك فهو مظنوف البقاء ‪.‬‬
‫كىو حجة يجب العمل بو على الصحيح ‪ ،‬خبلفا للحنفية ‪.‬‬
‫كينقسم إلي أقساـ ‪:‬‬
‫ُ – استصحاب العدـ األصلي ‪ :‬كىو الذم عرؼ نفيو بالبقاء على العدـ األصلي ‪،‬‬
‫ال بتصريح الشارع كذلك كنفي كجوب صبلة سادسة ‪ ،‬كنفي كجوب صوـ شهر رجب‬
‫أك شعباف ‪ ،‬فالعقل يدؿ عليو بطريق االستصحاب إلى أف يرد السمع فينقلو عنو ‪.‬‬
‫كمنو استصحاب العموـ أك النص حتى يقوـ الدليل على شغلها ‪.‬‬
‫ِ‪ -‬استصحاب العموـ أك النص إلي كركد المغير من مخصص ‪ ،‬أك ناسخ فيعمل‬
‫بالعموـ إلي أف يرد التخصيص ‪ ،‬كبالنص إلي أف يرد الناسخ ‪.‬‬
‫ّ – استصحاب ما دؿ الشرع على ثبوتو لوجود سببو ‪ ،‬كثبوت الملك بالشراء ‪،‬‬
‫فإف استصحابو حجة مطلقة في الرفع كالدفع ‪.‬‬
‫أما الدفع فيما لو ادعي شيئا ‪ ،‬كشهدت بينة بأنو كاف ملكا للمدعي‪،‬بشرائو لو ‪ ،‬فإنو‬
‫يعمل باستصحاب ملكو ‪ ،‬ك يعطاه ‪.‬‬
‫كأما الرفع ففيما لو أتلف إنساف شيئا ‪ ،‬كشهدت بينة بأنو كاف ملكا لزيد ‪ ،‬فإنو يعمل‬
‫باستصحاب ملكو ‪ ،‬كيثبت البدؿ في ماؿ المتلف ‪ ،‬فإف ذلك رفع لما ثبت لو من عدـ‬
‫استحقاقو في ماؿ غيره شيئا ‪.‬‬
‫كىذه األقساـ الثبلثة ال خبلؼ في حجيتها عندنا ‪ ،‬خبلفا للحنفية‪.‬‬
‫ْ – استصحاب حكم اإلجماع في موضوع الخبلؼ كىذا محل خبلؼ بين‬
‫القائلين بحجية االستصحاب ‪ ،‬كاألكثركف على رده ‪.‬‬
‫كذلك ألف موضع الخبلؼ غير موضع اإلجماع فبل يجوز االحتجاج باإلجماع من غير‬
‫علة ‪ ،‬كما لو كقع الخبلؼ في مسألة ‪ ،‬ال يجوز االحتجاج فيها باإلجماع في مسألة‬
‫أخرم ‪.‬‬
‫كمثاؿ ىذا االستصحاب قوؿ من قاؿ في المتيم إذا رأم الماء في صبلتو ‪ ،‬إف صبلتو‬
‫ال تبطل ‪ ،‬ألنا أجمعنا على صحة صبلتو في انعقاد إحرامو ‪ ،‬كال يجوز إبطاؿ ما أجمعوا‬
‫عليو إال بدليل ‪.‬‬
‫كيجاب بقولنا ‪ :‬قد أجمعنا على اشتغاؿ ذمتو بفرض الصبلة ‪ ،‬فبل يجوز إسقاط ما‬
‫أجمعوا عليو إال بدليل ‪.‬‬
‫كال يكوف التعليق بأحد اإلجماعين أكلي من التعليق باإلجماع اآلخر ‪ ،‬كما أدل إلي مثل‬
‫ىذا كاف باطبل ‪.‬‬
‫الفائدة السادسة في العرؼ‪:‬‬
‫العيرؼ ىو‪ :‬ما يتعارفو أكثر الناس‪ ،‬كيجرم بينهم من كسائل التعبير‪ ،‬كأساليب الخطاب‬
‫كالكبلـ‪ ،‬كما يتواضعوف عليو من األعماؿ‪ ،‬كيعتادكنو من شؤكف المعامبلت مما لم‬
‫يوجد في نفيو كال إثباتو دليل شرعي‪.‬‬
‫ك العرؼ من حيث مصدره ثبلثة أقساـ ىي‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬العيرؼ العاـ‪ ،‬كىو‪ :‬ما تعارؼ عليو أكثر الناس في جميع البلداف مثل‬
‫عقد االستصناع في األحذية أك األلبسة أك نحو ذلك‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬العيرؼ الخاص‪ ،‬كىو‪ :‬ما تعارؼ عليو أكثر الناس في بعض البلداف‪،‬‬
‫مثل‪ :‬إطبلؽ لفظ " الدابة " على الفرس عند أىل العراؽ بينما ذلك يختلف في مصر‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬العيرؼ الشرعي‪ ،‬كىو‪ :‬اللفظ الذم استعملو الشارع مريدان منو معنى‬
‫خاصان مثل‪ " :‬الصبلة " فإنها في األصل‪ :‬الدعاء‪ ،‬كلكن الشارع أراد بها شيئان‬
‫مخصوصان‪.‬‬
‫ك العيرؼ من حيث سببو كمتعلاقو قسماف ىما‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬العرؼ القولي كىو‪ :‬أف يتعارؼ أكثر الناس على إطبلؽ لفظ على معنى‬
‫ليس موضوعان لو‪ ،‬بحيث يتبادر إلى الذىن عند سماعو بدكف قرينة كال عبلقة عقلية‪،‬‬
‫صصو بعضهم‬
‫يدب على األرض‪ ،‬كقد خ ا‬
‫كلفظ " الدابة "‪ ،‬فإنو لغة يطلق على كل ما ُّ‬
‫صصوه بالحمار‪.‬‬
‫بالفرس‪ ،‬كآخركف خ ا‬
‫القسم الثاني‪ :‬العرؼ الفعلي‪ ،‬كىو‪ :‬ما كاف موضوعو بعض األعماؿ التي اعتادىا الناس‬
‫في أفعالهم العادية‪ ،‬أك معامبلتهم‪ ،‬كبيع المعاطاة كىي‪ :‬أف يقوؿ‪ :‬أعطني بهذا الرياؿ‬
‫خبزان فيعطيو ما يرضيو‪ ،‬أك أف يدفع الثمن كيأخذ السلعة بدكف لفظ عن تراض بينهما‪،‬‬
‫فهذا بيع صحيح ثبت عن طريق العرؼ‪.‬‬
‫كالعيرؼ حجة‪ ،‬كدليل شرعي تثبت بو األحكاـ الشرعية بشركط ىي‪:‬‬
‫الشرط األكؿ‪ :‬أف يكوف العرؼ عامان أك غالبان‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬أف يكوف العرؼ مطردان أك أكثريان‪.‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬أف يكوف العرؼ موجودان عند إنشاء التصرؼ‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪ :‬أف يكوف العرؼ ملزمان‪ ،‬أم‪ :‬يتحتم العمل بمقتضاه في نظر الناس‪.‬‬
‫الشرط الخامس‪ :‬أف يكوف العرؼ غير مخالف لدليل معتمد‪.‬‬
‫الشرط السادس‪ :‬أف يكوف العرؼ غير معارض بعيرؼ آخر في نفس البلد‪.‬‬
‫فإذا توفرت ىذه الشركط فإف العرؼ حجة‪ ،‬دؿ على ذلك‪ :‬االستقراء؛ حيث إنو بعد‬
‫استقراء كتتبع أحكاـ اهلل تعالى كجدنا أنو سبحانو قد اعتبر العادات ‪ -‬التي ىي‪ :‬كقوع‬
‫المسببات عن أسبابها العادية ‪ -‬كرتب عليها أحكامان شرعية‪ ،‬فشرع القصاص ألنو‬
‫سبب لبلنكفاؼ عن القتل عادة‪ ،‬كشرع النكاح ألنو عادة كعرفان سبب لبقاء النسل‬
‫عادة كعرفان‪ ،‬كشرع التجارة‪ :‬ألنها سبب لنماء الماؿ عادة‪.‬‬
‫كبناء على حجية العيرؼ‪ :‬فإنو صح بيع المعاطاة ‪ -‬كما سبق ‪ -‬ككذلك ٍيعطى األجير‬
‫الصانع أجرة المثل‪ ،‬كإف لم تذكر األجرة قبل العمل إذا كاف منتصبان للعمل‪.‬‬
‫الفائدة السادسة في سد الذرائع‪:‬‬
‫الذرائع ‪ :‬ىي الوسائل ‪ ،‬كالذريعة ‪ :‬ىي الوسيلة كالطريق إلي شيء سواء أكاف ىذا‬
‫الشيء مفسدة أك مصلحة ‪ ،‬قوال أك فعبل ‪ .‬كلكن غلب إطبلؽ اسم « الذرائع » على‬
‫الوسائل المفضية إلي المفاسد ‪ ،‬فإذا قيل ‪ :‬ىذا من باب سد الذرائع ‪ ،‬فمعنى ذلك ‪:‬‬
‫أنو من باب منع الوسائل المؤدية إلي المفاسد ‪.‬‬
‫كاألفعاؿ المؤدية إلي المفاسد إما أف تكوف بذاتها فاسدة محرمة ‪ ،‬كإما أف تكوف بذاتها‬
‫مباحة جائزة ‪ ،‬فاألكلي بطبيعتها تؤدم إلي الشر كاضرر كالفساد ‪ :‬كشرب المسكر‬
‫المفسد للعقوؿ ‪ ،‬كالقذؼ الملوث لؤلعراض ‪ ،‬ك الزنى المفضي إلي اختبلط المياه ‪.‬‬
‫كال خبلؼ بين العلماء في منع ىذه األفعاؿ ‪ ،‬كىي في الحقيقة ال تدخل في دائرة سد‬
‫الذرائع التي نتكلم عنها ‪ ،‬ألنها محرمة لذاتها ‪ ،‬أما األفعاؿ المباحة الجائزة المفضية‬
‫إلي المفاسد ‪ ،‬فهي على أنواع‪:‬‬
‫النوع األكؿ ‪ :‬ما كاف إفضاؤه إلي المفسد نادرا كقليبل ‪ ،‬فتكوف مصلحتو ىي الراجحة‬
‫كمفسدتو ىي المرجوحة ‪ :‬كالنظر إلي المخطوبة ‪ ،‬كالمشهود عليها ‪ ،‬كزراعة العنب ‪.‬‬
‫فبل تمنع ىذه األفعاؿ بحجة ما قد يترتب عليها من مفاسد ‪ ،‬ألف مفسدتها مغمورة في‬
‫مصلحتها الراجحة ‪ ،‬كعلى ىذا دؿ اتجاه تشريع األحكاـ ‪ ،‬كال خبلؼ فيو بين العلماء‬
‫فالشارع قبل خبر المرأة في انقضاء عدتها أك عدـ انقضائها ‪ ،‬مع احتماؿ عدـ صدقها‬
‫‪ ،‬كشرع القضاء بالشهادة مع احتماؿ كذب الشهود ‪ ،‬كقبل خبر الواحد العدؿ مع‬
‫احتماؿ عدـ ضبطو ‪ ،‬كلكن لما كانت ىذه االحتماالت مرجوحة لم يلتفت الشارع‬
‫إليها كلم يعتد بها ‪.‬‬
‫النوع الثاني ‪:‬‬
‫ما كاف إفضاؤه إلي المفسد كثيرا ‪ ،‬فمفسدتو أرجح من مصلحتو ‪ ،‬كبيع السلم في‬
‫أكقات الفتن ‪ ،‬ككإجارة العقار لمن يستعملو استعماال محرما كاتخاذه محبل للقمار ‪،‬‬
‫ككسب آلهة المشركين في حضرة من يعرؼ عنو سب اهلل عز كجل إذا سمع ىذا‬
‫السب ‪ ،‬ككبيع العنب لمن عرؼ عنو االحتراؼ بعصره خمرا ‪.‬‬
‫النوع الثالث ‪:‬‬
‫ما يؤدم إلي المفسدة الستعماؿ المكلف ىذا النوع لغير ما كضع لو فتحصل المفسدة‬
‫‪ :‬كمن يتوسل بالنكاح لغرض تحليل المطلقة ثبلثا لمطلقها ‪ ،‬ككمن يتوسل بالبيع‬
‫للوصوؿ إلي الربا ‪ ،‬كأف يبيع خرقة بألف نسيئة ‪ ،‬كيشتريها من مشتريها بتسعمئة نقدا ‪،‬‬
‫كالمفسدة ىنا ال تكوف إال راجحة ‪.‬‬
‫اختبلؼ العلماء في األخذ بسد الذرائع ‪:‬‬
‫األفعاؿ من النوعين الثاني ك الثالث ‪ ،‬ىي التي كقع الخبلؼ فيها ‪ ،‬أتمنع إلفضائها إلي‬
‫المفسد أـ ال ؟‬
‫فالحنابلة كالمالكية قالوا ‪ :‬تمنع ‪ ،‬كغيرىم كالشافعية كالظاىرية ‪ ،‬قالوا ‪ :‬ال تمنع ‪.‬‬
‫ككجهة ىؤالء ‪ :‬أف ىذه الفعاؿ مباحة فبل تصير ممنوعة الحتماؿ إفضائها إلي المفسدة‬
‫ككجهة األكلين ‪ :‬أف سد الذرائع أصل من أصوؿ التشريع قائم بذاتو ‪ ،‬كدليل معتبر من‬
‫أدلة األحكاـ تنبني عليو األحكاـ ‪ ،‬فما داـ الفعل ذريعة إلي المفسد الراجحة ‪،‬‬
‫كالشريعة جاءت بمنع الفساد كسد طرقو كمنافذه ‪ ،‬فبل بد من منع ىذا الفعل ‪ .‬فهؤالء‬
‫نظركا إلي مقاصد األفعاؿ كغاياتها ك مآالتها ‪ ،‬فقالوا بالمنع كلم يعتبركا إباحتو ‪،‬‬
‫كأكلئك نظركا إلي إباحتو بغض النظر عن نتيجتو ‪ ،‬فقالوا بعدـ منعو ترجيحا لؤلذف‬
‫الشرعي العاـ الوارد فيو على الضرر المحتمل المتأتي بو ‪.‬‬
‫الفائدة السابعة في عمل أىل المدينة‬
‫يقوؿ الشيح محمد األمين الشنقيطي رحمو اهلل‪:‬‬
‫« ك إجماع أىل المدينة ليس بحجة ك قاؿ مالك ىو حجة ‪ ،‬أما حجة الجمهور على‬
‫أنو غير حجة فواضحة ألنهم بعض األمة كالمعتبر إجماع األمة كلها‪.‬‬
‫كأما حجة مالك فالتحقيق أنها ناىضة أيضان ألف الصحيح عنو أف إجماع أىل المدينة‬
‫المعتبر لو شرطاف‪:‬‬
‫أحدىما ‪ :‬أف يكوف فيما ال مجاؿ للرأم فيو‪ .‬الثاني‪ :‬أف يكوف من الصحابة ك التابعين‬
‫ال غير ذلك ألف قوؿ الصحابي فيما ال مجاؿ للرأم فيو في حكم المرفوع فألحق بهم‬
‫مالك التابعين من أىل المدينة فيما (ليس) فيو اجتهاد لتعلمهم ذلك عن الصحابة‪.‬‬
‫أما في مسائل االجتهاد فأىل المدينة عند مالك في الصحيح عنو (ىم) كغيرىم من‬
‫األمة كحكي عنو اإلطبلؽ كعلى القوؿ باإلطبلؽ يتوجو عليو اعتراض المؤلف بأنهم‬
‫بعض من األمة كغيرىم كإلى ما ذكرنا عن مالك أشار في المراقي قاؿ‪:‬‬
‫ك أكجبن حجية للمدني ‪ ...‬فيما على التوقيف أمره بنى‬
‫كقيل مطلقان كما أجمعا ‪ ...‬عليو أىل البيت مما منعا‬
‫كمعناه عند مالك اتفاؽ الصحابة كالتابعين الذين في المدينة ك اتفاؽ الخلفاء ‪...‬‬
‫الخ‪ ».‬انتهى‬
‫الفائدة الثامنة في داللة االقتراف‪:‬‬
‫ف‪ ،‬ىكًم ىن ال ا‬
‫شافً ًعيا ًة ال يٍم ىزنً ُّي‪،‬‬ ‫وس ى‬ ‫اعةه ًمن أ ٍىى ًل ال ًٍعل ًٍم‪ ،‬فى ًمن ال ً ً‬
‫ٍحنىفياة أىبيو يي ي‬ ‫ى ى‬ ‫اؿ بً ىها ىج ىم ى ٍ‬ ‫ىكقى ٍد قى ى‬
‫ص ور يى ٍستىػ ٍع ًملي ىها ىكثً نيرا‪.‬‬‫ت ابٍ ىن نى ٍ‬ ‫اؿ‪ :‬ىكىرأىيٍ ي‬ ‫ض ال ىٍمالً ًكيا ًة‪ ،‬قى ى‬ ‫اج ُّي ىع ٍن بىػ ٍع ً‬ ‫ك الٍب ً‬ ‫ً‬
‫ىك ىح ىكى ذىل ى ى‬
‫ٍخ ٍي ىل ىكالٍبًغى ى‬ ‫وط ال ازىكاةً فًي ال ى ً ً ً‬ ‫ك ىعلىى س يق ً‬ ‫استً ٍد ىال يؿ مالً و‬ ‫ىكًم ٍن ذىلً ى‬
‫اؿ‬ ‫{كال ى‬ ‫ٍخ ٍي ًل ب ىق ٍولو تىػ ىعالىى‪ :‬ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ك ٍ‬
‫ٍح ًم يير ىال‬ ‫ٍح ًمي ًر‪ ،‬ىكالٍبًغى ي‬ ‫ً‬
‫اؿ ىكال ى‬ ‫اؿ ىكال ى‬ ‫ٍخ ٍي ًل كالٍبًغى ً‬
‫اؿ‪ :‬فىػ ىق ىر ىف بىػ ٍي ىن ال ى ى‬ ‫وىا ىكًزينىةن} قى ى‬ ‫ٍح ًم ىير لتىػ ٍرىكبي ى‬
‫ىكال ى‬
‫ٍخ ٍي يل‪.‬‬
‫ك ال ى‬ ‫اعا‪ ،‬فى ىك ىذلً ى‬ ‫ىزىكا ىة فً ىيها إً ٍج ىم ن‬
‫ور فىػ ىقاليوا‪ :‬إً اف ًاالقٍتً ىرا ىف فًي الناظ ًٍم ىال يى ٍستىػ ٍل ًزيـ ًاالقٍتً ىرا ىف فًي‬ ‫ٍج ٍم يه ي‬
‫ً ً ً‬
‫ىكأىنٍ ىك ىر ىد ىاللىةى االقٍت ىراف ال ي‬
‫ٍف يػ ٍقتى ً‬
‫ارىكةى‪.‬‬
‫شى‬ ‫ضي الٍ يم ى‬ ‫احتى اج ال يٍمثٍبًتيو ىف "لى ىها" بًأى اف ال ىٍعط ى ى‬ ‫‪.‬ك ٍ‬ ‫ٍح ٍك ًم ى‬
‫ال ي‬
‫اج ًة إًلىى ىما تىتً ُّم‬ ‫ات النااقً ً‬ ‫اط ىف ً‬ ‫كأجاب الجمهور‪ :‬بأف الشركة إنما تكن فًي الٍمتػع ً‬
‫صة‪ ،‬ال يٍم ٍحتى ى‬ ‫ى‬ ‫يى ى‬
‫شارىكةى‪ ،‬ىكما فًي قىػولً ًو تىػعالىى‪{ :‬مح ام هد رس ي ً ا ً‬ ‫بً ًو‪ ،‬فىًإذىا تى ام ٍ ً ً‬
‫ين ىم ىعوي‬ ‫وؿ اللاو ىكالذ ى‬ ‫ي ى ىي‬ ‫ٍ ى‬ ‫ت بنىػ ٍفس ىها فى ىبل يم ى ى ى‬
‫ٍج ٍملىةى الثاانًيىةى ىم ٍعطيوفىةه ىعلىى ٍاأليكلىى‪ ،‬ىكىال تشاركها في الرسالة‪،‬‬ ‫ً‬
‫أىش اداءي ىعلىى الٍ يك افا ًر} فىًإ اف ال ي‬
‫اـ أى ٍف يىػ ٍنػ ىف ًر ىد بً يح ٍك ًم ًو‪ ،‬ىكىال‬‫ىص يل فًي يكل ىك ىبلوـ تى ٍّ‬ ‫السن ًاة‪ ،‬ىك ٍاأل ٍ‬‫اب ىك ُّ‬ ‫ٍكتى ً‬ ‫كنحو ذلك كثير من ال ً‬

‫يل ىخا ًرًج ٍّي‪ ،‬ىكىال نًىز ى‬


‫اع‬ ‫اض ًع فىلً ىدلً و‬‫ض الٍمو ً‬
‫ؼ ىى ىذا في بىػ ٍع ً ى ى‬
‫ً‬ ‫اعى ًخ ىبل ى‬ ‫شا ًرىكوي غىٍيػ يرهي فً ًيو‪ ،‬فى ىم ًن اد ى‬ ‫يي ى‬
‫ٍخا ًرًجي‪ ،‬أى اما إًذىا ىكا ىف‬ ‫يل ال ى‬ ‫اف‪ ،‬بى ٍل لًل ادلً ً‬ ‫ت لًًبلقٍتًر ً‬
‫ى‬ ‫سٍ‬ ‫ًً‬ ‫فًيما ىكا ىف ىك ىذلً ى ً‬
‫ك‪ ،‬ىكلىك ان ال اد ىاللىةى فيو لىٍي ى‬ ‫ى‬
‫صا‪ ،‬بًأى ٍف ىال يي ٍذ ىك ىر ىخبىػ يرهي‪ ،‬ىك ىق ٍوًؿ الٍ ىقائً ًل‪ :‬فيىبلنىةي طىالً هق كفبلنة‪ ،‬فبل خبلؼ في‬ ‫الٍم ٍعطي ي ً‬
‫وؼ نىاق ن‬ ‫ى‬
‫ارىكةه فًي ال ًٍعلا ًة‪ ،‬فالتشارؾ في‬ ‫شى‬ ‫ات‪ ،‬ىكإً ىذا ىكا ىف بىػ ٍيػنىػ يه ىما يم ى‬ ‫المشاركة‪ ،‬كمثلو عطفت الٍم ٍفر ىد ً‬
‫ي ى‬
‫وب الٍعمرةً‬ ‫شافً ًع ُّي ىعلىى يك يج ً‬ ‫احتى اج ال ا‬ ‫ً‬
‫يٍى‬ ‫الحكم إنما كاف ألجلها‪ ،‬ال ألجل االقتراف‪ .‬ىكقىد ٍ‬
‫وب أى ٍشبىوي‬ ‫شافع ُّي‪ :‬ال يٍو يج ي‬
‫اؿ ال ا ً ً‬ ‫ٍح اج ىكالٍعي ٍم ىرىة لًلا ًو}‪.‬قى ى‬
‫اؿ الٍبىػ ٍيػ ىه ًق ُّي‪ :‬قى ى‬ ‫بقولو تعالى‪ً :‬‬
‫{كأىت ُّموا ال ى‬ ‫ى‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫ٍحج‪.‬‬ ‫بًظىاى ًر الٍ يق ٍرآف؛ ألىناوي قىػ ىرنىػ ىها بًال ى‬
‫الفائدة التاسعة في داللة اإللهاـ‬
‫اإلل ىٍه ًاـ‬ ‫ض ًاء فًي يحجيا ًة ًٍ‬ ‫اب" الٍ ىق ى‬ ‫الركيىانً ُّي‪ ،‬فًي "بى ً‬ ‫م ىك ُّ‬ ‫الصوفًيا ًة‪ ،‬ىك ىح ىكى ال ىٍم ىاكٍرًد ُّ‬ ‫ض ُّ‬ ‫ذى ىك ىرىىا بىػ ٍع ي‬
‫ص ُّح ىج ٍعليوي‬ ‫يل "فىًإ ٍف قيػلٍنىا‪ :‬ي ً‬
‫ى‬ ‫ادهي ىال ىع ٍن ىدلً و‬ ‫وز انٍ ًع ىق ي‬
‫اع ىى ٍل يى يج ي‬ ‫اإل ٍج ىم ى‬‫ًخ ىبلفنا ىكفىػ ٍر نعا ىعلىٍي ًو أى اف ًٍ‬
‫اد ىال ىع ٍن ىدلً و‬ ‫ً‬
‫يل"‪ ،‬ىكإًاال فى ىبل‪.‬‬ ‫ىدلً نيبل ىش ٍرعياا ىج اوٍزنىا ًاالنٍ ًع ىق ى‬
‫ين اعتماد اإللهاـ‪ ،‬منهم فًي‬ ‫اؿ ال ازرىك ًش ُّي فًي "الٍبح ًر"‪ :‬كقى ًد ا ٍختار جم ً‬
‫اعةه م ىن ال يٍمتىأىخ ًر ى‬‫ى ى ىى ى‬ ‫ىٍ ى‬ ‫قى ى ٍ‬
‫ٍحق ًم ىن‬ ‫ً‬
‫اـ ىخاط ًر ال ى‬ ‫اؿ‪ :‬إًل ىٍه ي‬ ‫ص ىبل ًح فًي "فىػتىا ًك ًيو"‪ ،‬فىػ ىق ى‬ ‫"تىػ ٍف ًسي ًرهً" فًي أ ًىدلاًة ال ًٍق ٍبػلى ًة‪ ،‬ىكابٍ ين ال ا‬
‫"من ىخ ً‬ ‫ضو معا ًر ً‬ ‫اؿ‪ :‬ىكًم ٍن ىع ىبل ىمتً ًو أى ٍف يىػ ٍن ى‬
‫آخ ىر‪.‬‬‫اط ور ى‬ ‫ض ٍ‬ ‫ص ٍد ير‪ ،‬ىكىال ييػ ىعا ًر ى ي ي ى ه‬ ‫ح لىوي ال ا‬ ‫ش ًر ى‬ ‫ٍحق‪ .‬قى ى‬ ‫ال ى‬
‫اإلل ىٍه ًاـ لى ٍم "يى يك ٍن" لًلناظى ًر ىم ٍعننى‪ ،‬ىكنى ٍسأ ي‬
‫ىؿ الٍ ىقائً ىل بً ىه ىذا ىع ٍن‬ ‫وـ بً ًٍ‬ ‫ت الٍعيلي ي‬ ‫اؿ الٍ ىق اف ي‬
‫اؿ‪ :‬لى ٍو تيػثٍبى ي‬ ‫قى ى‬
‫ً ًً‬
‫ض قىػ ٍولىوي‪ .‬ق‪.‬‬ ‫اإلل ىٍه ًاـ "فىػ ىق ٍد نىاقى ى‬ ‫احتى اج بًغىٍي ًر ًٍ‬ ‫ىدليلو‪ ،‬فىًإ ًف ٍ‬
‫اإلل ىٍه ًاـ‪ ،‬ىحتاى يى يكو ىف‬ ‫ص ير ٍاألى ًدلاةى فًي ًٍ‬ ‫اإلل ىٍه ًاـ ىال يى ٍح ي‬‫اب ىع ٍن ىى ىذا الٍ ىك ىبلًـ‪ :‬بًأى اف يم اد ًعي ًٍ‬ ‫ىكيي ىج ي‬
‫ى‬
‫اإللٍه ًاـ منىاقً ن ً ً ً‬
‫اإلل ىٍه ًاـ بً ًٍ‬
‫اإلل ىٍه ًاـ‪ ،‬ىكا ىف‬ ‫ات ًٍ‬ ‫استى ىد اؿ ىعلىى إًثٍػب ً‬
‫ى‬ ‫ضا ل ىق ٍولو‪ ،‬نىػ ىع ٍم إً ًف ٍ‬ ‫است ٍد ىالليوي بًغىٍي ًر ًٍ ى ي‬
‫ًٍ‬
‫استى ىد اؿ ىعلىى ىم ىحل النػ ىز ًاع بً ىم ىحل النػ ىز ًاع‪.‬‬ ‫ادرةه ىعلىى الٍمطٍلي ً ً‬
‫وب؛ ألىناوي ٍ‬ ‫ى‬ ‫ص ىى‬ ‫ك يم ى‬ ‫فًي ىذلً ى‬
‫اإلل ىٍه ًاـ بً ًمثٍ ًل ىما تىػ ىق اد ىـ ًم ىن ٍاأل ًىدلاًة‪ً ،‬م ٍن أىيٍ ىن لىنىا أى اف ىد ٍع ىول‬
‫وت ًٍ‬ ‫ثي ام ىعلىى تىػ ٍق ًدي ًر ًاال ٍستً ٍد ىال ًؿ لًثيب ً‬
‫ي‬
‫وب الاتًي‬ ‫يحةه‪ ،‬ىكىما ال ادلًيل ىعلىى أى اف قىػلٍبىوي ًم ىن الٍ يقلي ً‬ ‫صح ى‬
‫اإللٍه ًاـ لىوي ً‬
‫ى‬ ‫وؿ ًٍ ى‬ ‫ص ً‬ ‫ًً‬
‫ىى ىذا الٍ ىف ٍرد ل يح ي‬
‫ي‬
‫ت بً يم ىو ٍس ىو ىس وة كال بمتساىلة‪.‬‬ ‫سٍ‬ ‫لىٍي ى‬
‫فالصواب أف اإللهاـ ليس دليبل صحيحا لبلستدالؿ ك ال إلثبات األحكاـ ‪.‬‬
‫الفائدة العاشرة في االستقراء‪:‬‬
‫االستقراء‪ :‬ىو االستدالؿ بثبوت الحكم في الجزئيات على ثبوتو في األمر الكلي‬
‫الجامع لتلك الجزئيات‪.‬‬
‫كىو نوعاف‪:‬‬
‫استقراء تاـ‪ :‬كىو ثبوت الحكم في كلية بواسطة إثباتو بالتتبع كالتصفح لجميع‬
‫الجزئيات ما عدا صورة النزاع‪.‬‬
‫استقراء ناقص‪:‬كىو ثبوت الحكم في كلية بواسطة إثبات بالتتبع كالتصفح ألكثر‬
‫الجزئيات ما عدا صورة النزاع‪.‬‬
‫ك االستقراء التاـ حجة اتفاقان؛ لكونو يفيد القطع‪ ،‬حيث إنو ثبت عن طريق استقراء‬
‫جميع الجزئيات‪.‬أما االستقراء الناقص فهو حجة على الصحيح؛ حيث إنو يفيد الحكم‬
‫ظنان؛ كذلك ألف تصفح كتتبع أكثر الجزئيات مع تماثلها في األحكاـ يوجد ظنان غالبان‬
‫بأف حكم ما بقي من الجزئيات ‪ -‬كىو قليل ‪ -‬كذلك؛ حيث إنو معلوـ‪ :‬أف القليل‬
‫يلحق بالكثير الغالب‪ ،‬كالعمل بالظن الغالب كاجب‪.‬كقلنا‪ :‬إف االستقراء الناقص يفيد‬
‫الحكم ظنان‪ ،‬كال يفيده قطعان؛ لجواز أف يكوف حكم ما لم يستقران بخبلؼ حكم ما‬
‫استقرئ‪ ،‬فنظران إلى ىذا االحتماؿ الضعيف قلنا‪ :‬إنو يفيد الحكم ظنان‪.‬‬

‫القياس‬
‫تعريفو‪ :‬القياس في اللغة التقدير كالتسوية‪ ،‬تقوؿ‪ :‬قست الثوب بالذراع إذا قدرتو بو‪،‬‬
‫كفبلف يقاس بفبلف‪ ،‬أم يسول بو‪.‬‬
‫كفي االصطبلح ىو‪ :‬إلحاؽ فرع بأصل في حكم لجامع بينهما كإلحاؽ األرز بالبر في‬
‫تحريم الربا لجامع ىو الكيل عند الحنابلة كاالقتيات كاالدخار عند المالكية كالطعم‬
‫عند الشافعية‪.‬‬

‫آخ ىر‪،‬‬‫اؿ ىش ٍي وء ى‬ ‫لتوضيح ىذا التعريف نقوؿ إف القياس فًي اللُّغى ًة‪ :‬تىػ ٍق ًدير ىشي وء ىعلىى ًمثى ً‬
‫ي ٍ‬
‫اؿ‪ :‬فيىبل هف ىال‬ ‫اسا‪ ،‬ىكييػ ىق ي‬ ‫اؿ م ٍقيى ن‬
‫اؿ ًم ٍقياسا‪ ،‬كما يػ ىق ادر بً ًو النػع ي ً‬
‫ى‬ ‫ك يسم ىي الٍم ٍكيى ي ى ن ى ى ي ي‬
‫ً‬ ‫ىكتى ٍس ًويىػتيوي بً ًو‪ ،‬ىكلً ىذلً ى‬
‫سا ًك ًيو‪.‬‬‫ىم‪ :‬ىال يي ى‬
‫و‬
‫اس بًيف ىبلف‪ ،‬أ ٍ‬ ‫ييػ ىق ي‬
‫شيء‪ ،‬إًذىا ا ٍعتىبػرتيوي‪ ،‬أىقًيسوي قىػي ً‬ ‫ص ىد ير قً ٍس ي‬ ‫ً‬
‫اسا‪ ،‬كمنو قيس الرأم‪،‬‬ ‫سا ىكقيى ن‬ ‫ي ٍن‬ ‫ىٍ‬ ‫ت ال ا ٍ ى‬ ‫يل‪ :‬يى ىو ىم ٍ‬ ‫ىكق ى‬
‫س ًال ٍعتًبىا ًر ٍاأل ييموًر بًىرأٍ ًيو‪.‬‬ ‫كسمي امرؤ الٍ ىق ٍي ً‬
‫وسوي‬‫اؿ‪ :‬قي ٍستيو أىقي ي‬
‫ضم الٍ ىق ً‬
‫اؼ‪ ،‬ييػ ىق ي‬ ‫اح"‪ ،‬ىكابٍ ين أىبًي الٍبىػ ىق ًاء فً ًيو ليغىةن بً ى‬ ‫ب "الص ىح ً‬ ‫كذى ىكر ً‬
‫صاح ي‬ ‫ى ى ى‬
‫ات الٍي ًاء‪ ،‬ك ىعلىى اللُّغى ًة الثاانًي ًة ًمن ىذك ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ات ال ىٍوا ًك‪.‬‬ ‫ى ٍ ى‬ ‫وسا؛ يى ىو ىعلىى اللُّغىة ٍاأليكلىى م ٍن ىذ ىك ى ى‬ ‫قى ن‬
‫ات يح ٍك وم لى يه ىما‪ ،‬أ ٍىك نىػ ٍفيً ًو ىع ٍنػ يه ىما‪ ،‬بًأى ٍم ور‬ ‫وـ فًي إًثٍػب ً‬ ‫وـ علىى معلي و‬ ‫و‬ ‫كفًي ًاال ً‬
‫ى‬ ‫صط ىبل ًح‪ :‬ىح ٍم يل ىم ٍعلي ى ى ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬
‫ج ًام وع بػ ٍيػنىػ يهما‪ً ،‬من ح ٍك وم أىك ً‬
‫ص ىف وة‪.‬‬ ‫ى ى ى ٍ ي ٍ‬
‫اضي أىبيو بى ٍك ور الٍبىاقً ابلنً ُّي‪.‬‬ ‫اؿ الٍ ىق ً‬ ‫ىك ىذا قى ى‬
‫ين ًمناا‪.‬‬ ‫ً‬
‫ور ال يٍم ىحقق ى‬ ‫ارهي يج ٍم يه ي‬ ‫صوؿ"‪ :‬ىكا ٍختى ى‬
‫اؿ فًي "الٍم ٍح ي ً‬
‫ى‬ ‫قى ى‬
‫اس يى ٍج ًرم فًي ًه ىما ىج ًم نيعا‪.‬‬ ‫ود كالٍم ٍع يد ً ً‬ ‫اؿ‪ :‬معلي ً‬
‫كـ‪ ،‬فىإ اف الٍقيى ى‬ ‫وـ‪ ،‬ليىتىػنى ىاك ىؿ ال ىٍم ٍو يج ى ى ى ى‬ ‫ىكإًنا ىما قى ى ى ٍ ه‬
‫ىح ًد ًى ىما‬ ‫كا ٍعت ًرض علىي ًو بًأىناو إً ٍف أي ًري ىد بًحم ًل أىح ًد الٍمعليومي ًن علىى ٍاآل ىخ ًر‪ ،‬إًثٍػب ي ً‬
‫ات مثٍ ًل يح ٍك ًم أ ى‬ ‫ى‬ ‫ى ٍ ى ى ٍ ىٍ ى‬ ‫ى ي ى ىٍ ي‬
‫ك فىػيى يكو يف‬ ‫ادةه لً ىذلً ى‬
‫ات يح ٍك وم لى يه ىما أ ٍىك نىػ ٍفيً ًو ىع ٍنػ يه ىما إً ىع ى‬ ‫ك فًي إًثٍػب ً‬
‫ى‬ ‫لً ٍآل ىخ ًر‪ ،‬فىػ ىق ٍوليوي بىػ ٍع ىد ىذلً ى‬
‫تى ٍك ىر نارا ًم ٍن غير فائدة‪.‬‬
‫ٍح ٍك ىم فًي ٍاأل ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ض ىعلىٍي ًو أىيٍ ن‬
‫ىص ًل‬ ‫ضا‪ :‬بًأى اف قىػ ٍولىوي‪ :‬في إًثٍػبىات يح ٍك وم لى يه ىما يم ٍشع هر بًأى اف ال ي‬ ‫ىكا ٍعتي ًر ى‬
‫ات ًمثٍ ًل يح ٍك وم‬ ‫اس إًثٍػبى ي‬ ‫اىيا ًة ال ًٍقيى ً‬ ‫اطل‪ ،‬فىًإ اف الٍمعتبػر فًي م ً‬
‫ي ٍ ىى ى ى‬
‫ً‬
‫اس‪ ،‬ىك يى ىو بى ه‬ ‫ت" بًال ًٍقيى ً‬ ‫"مثٍبً ه‬‫ىكالٍ ىف ٍر ًع ي‬
‫آخ ىر‪ ،‬بًأ ٍىم ور ىج ًام وع‪.‬‬ ‫و‬ ‫و‬
‫ىم ٍعليوـ لً ىم ٍعليوـ ى‬
‫ين الا ًذم‬ ‫ات لًىف ًظ أىك فًي ال ً‬
‫ٍحد ل ًٍئلبٍػ ىه ًاـ‪ ،‬ىك يى ىو ييػنىافًي التػ ٍ‬
‫اعيً ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ضا"‪ :‬بًأى اف إًثٍػبى ى‬ ‫ض ىعلىٍي ًو "أىيٍ ن‬ ‫ىكا ٍعتي ًر ى‬
‫ٍحد‪.‬‬ ‫ود ال ى‬ ‫ص ي‬ ‫يى ىو ىم ٍق ي‬
‫س ىاكاةي فىػ ٍر وع ألصل في علة الحكم‪ ،‬أك زيادتو ىعلىٍي ًو فًي‬ ‫اعةه ًم ىن ال يٍم ىحق ًق ى ً‬
‫ين‪ :‬إناوي يم ى‬ ‫اؿ ىج ىم ى‬ ‫ىكقى ى‬
‫ٍح ٍك ًم‪.‬‬ ‫ً‬
‫ال ىٍم ٍعنىى ال يٍم ٍعتىبى ًر في ال ي‬
‫اى ًه ىما فًي ًعلا ًة‬ ‫صيل ح ٍك ًم ٍاألىص ًل فًي الٍ ىفر ًع‪ً ،‬ال ٍشتًب ً‬
‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫اؿ أبو الحسين البصرم‪ :‬ىو تى ٍح ي ي‬ ‫ىكقى ى‬
‫ٍح ٍك ًم ًع ٍن ىد ال يٍم ٍجتى ًه ًد‪.‬‬ ‫ال ي‬
‫وص فًي عم و‬ ‫ً‬
‫وـ‪.‬‬ ‫يي‬ ‫ص و‬ ‫اج يخ ي‬ ‫يل‪ :‬إً ٍد ىر ي‬ ‫ىكق ى‬
‫وؽ بً ًو‪.‬‬ ‫وت ىع ٍنوي بًالٍم ٍنطي ً‬
‫ى‬
‫كقًيل‪ :‬إًلٍحا يؽ الٍمس يك ً‬
‫ىٍ‬ ‫ى ى ى‬
‫ف فً ًيو بًال يٍمتاػ ىف ًق ىعلىٍي ًو‪.‬‬ ‫ٍحا يؽ الٍم ٍختىػلى ً‬
‫ي‬ ‫يل‪ :‬إًل ى‬
‫ً‬
‫ىكق ى‬
‫ٍجلًي‪.‬‬ ‫ط ال ى ً ً‬ ‫استًٍنبىا ي‬ ‫ً‬
‫ٍخفي م ىن ال ى‬ ‫يل‪ٍ :‬‬ ‫ىكق ى‬
‫ض أىك ً‬ ‫ً‬
‫ىص ًل‪.‬‬‫صاؼ ٍاأل ٍ‬ ‫ىص ًل بًبىػ ٍع ً ٍ ى‬ ‫يل‪ :‬ىح ٍم يل الٍ ىف ٍر ًع ىعلىى ٍاأل ٍ‬ ‫ىكق ى‬
‫ىح ًد ًى ىما ىعلىى ٍاآل ىخ ًر‪.‬‬ ‫ً‬
‫ٍج ٍم يع بىػ ٍي ىن الناظ ىيريٍ ًن"‪ ،‬ىكإً ٍج ىراءي يح ٍك ًم أ ى‬ ‫يل‪" :‬ال ى‬
‫ً‬
‫ىكق ى‬
‫ٍحق‪.‬‬ ‫ب ال ى‬ ‫ٍج ٍه ًد فًي طىلى ً‬ ‫يل‪ :‬بى ٍذ يؿ ال ي‬
‫ً‬
‫ىكق ى‬
‫ش ٍي ًء ىعلىى غىٍي ًرهً‪ ،‬ىكإً ٍج ىراءي يح ٍك ًم ًو ىعلىٍي ًو‪.‬‬ ‫يل‪ :‬ىح ٍم يل ال ا‬ ‫ً‬
‫ىكق ى‬
‫ب ًم ىن ال ا‬
‫شبى ًو‪.‬‬ ‫ض ٍر و‬ ‫ىح ىك ًام ًو‪ ،‬بً ى‬ ‫ضأٍ‬ ‫ش ٍي ًء فًي بىػ ٍع ً‬ ‫ش ٍي ًء ىعلىى ال ا‬ ‫يل‪ :‬ىح ٍم يل ال ا‬ ‫ً‬
‫ىكق ى‬
‫وؿ الٍ ىك ىبل يـ بً ًذ ٍك ًرىىا‪.‬‬ ‫ات يىطي ي‬ ‫ض ه‬ ‫كد ا ٍعتً ىرا ى‬ ‫ك ىعلىى يكل ح ٍّد ًمن ىى ًذهً الٍح يد ً‬
‫ي‬ ‫ى ٍ‬ ‫ى‬
‫اج ًمثٍ ًل يح ٍك ًم ال ىٍم ٍذ يكوًر‪ ،‬لً ىما لى ٍم يي ٍذ ىك ٍر‪ ،‬بً ىج ًام وع بىػ ٍيػنىػ يه ىما؛‬ ‫است ٍخ ىر ي‬
‫اؿ فًي حدهً‪ً ٍ :‬‬
‫ى‬ ‫س ين ىما ييػ ىق ي‬ ‫ىح ى‬‫ىكأ ٍ‬
‫ً‬
‫اء اهلل‪.‬‬ ‫ص ىوابنا إً ٍف ىش ى‬ ‫فىػتىأىام ٍل ىى ىذا تىج ٍدهي ى‬
‫إثبات القياس على منكريو‬
‫التعبد بالقياس جائز عقبل ككاقع شرعان عند الجمهور كمنهم األئمة األربعة رحمهم اهلل‬
‫كاستدلوا إلثباتو بأدلة كثيرة منها‪:‬‬
‫ُ‪ -‬قولو تعالى‪{ :‬فاعتبركا يا أكلى األبصار} كاالعتبار من العبور كىو االنتقاؿ من‬
‫شيء إلى آخر كالقياس فيو انتقاؿ بالحكم من األصل إلى الفرع فيكوف مأموران بو‪.‬‬
‫ِ‪ -‬تصويب النبي صلى اهلل عليو كسلم لمعاذ رضي اهلل عنو حين قاؿ‪ :‬إنو يجتهد‬
‫حيث ال كتاب كال سنة فإف االجتهاد حيث ال نص يكوف باإللحاؽ بالمنصوص‪.‬‬
‫ّ‪ -‬قولو صلى اهلل عليو كسلم للخثعميو حين سألتو عن الحج عن الوالدين "أرأيت لو‬
‫كاف على أبيك دين فقضيتو أكاف ينفعو " قالت‪ :‬نعم‪ .‬قاؿ‪" :‬فدين اهلل أحق أف‬
‫يقضى" فهو تنبيو منو صلى اهلل عليو كسلم على قياس دين الخلق‪.‬‬
‫ْ‪ -‬قولو صلى اهلل عليو كسلم لعمر حين سألو عن القبلة " للصائم " أرأيت لو‬
‫تمضمضت فهو قياس للقبلة على المضمضة‪.‬‬
‫ٓ‪ -‬قصة الرجل الذم كلدت امرأتو غبلمان أسود‪ .‬فمثل لو النبي صلى اهلل عليو كسلم‬
‫باإلبل الحمر التي يكوف األكرؽ من أكالدىا‪ ،‬ككجو االستدالؿ من القصة‪ :‬أف النبي‬
‫صلى اهلل عليو كسلم قاس كلد ىذا الرجل المخالف للونو بولد ًاإلبل المخالف للونو‬
‫أللوانها‪ ،‬كذكر العلة الجامعة كىي نزع العرؽ‪.‬‬

‫األدلة على حجية القياس كثيرة جدا كقد ذكر المؤلف طائفة منها ك ىناؾ أدلة أخرل‬
‫منها‪:‬‬
‫الدليل األكؿ‪ :‬إجماع الصحابة السكوتي على أف القياس ييعتبر دليبلن من األدلة‬
‫الشرعية‪.‬‬
‫كالسناة ىنا؛ ألنو ال يؤلي النسخ‪،‬‬
‫كاالستدالؿ باإلجماع أقول من االستدالؿ بالكتاب ُّ‬
‫كالسناة‪ ،‬فإنو يقبل النسخ كالتأكيل‪ ،‬كما ال‬
‫كال يحتمل التأكيل بخبلؼ النص من الكتاب ُّ‬
‫يقبل ييقدـ على ما يقبل‪ .‬لذلك قاؿ فخر الدين الرازم‪ " :‬اإلجماع ىو الذم يعوؿ عليو‬
‫جمهور األصوليين " ‪ -‬أم‪ :‬في حجية القياس ‪ .-‬كقاؿ اآلمدم‪ " :‬اإلجماع أقول‬
‫الحجج في ىذه المسألة "‪ .‬كقاؿ أكثر العلماء‪ :‬إف إجماع الصحابة على العمل‬
‫بالقياس يعد أقول األدلة على ثبوت حجيتو ككجوب العمل بو‪.‬‬
‫كتقرير إجماع الصحابة على حجية القياس ىو أف يقاؿ‪ :‬أجمع الصحابة ‪ -‬رضي اللاو‬
‫عنهم ‪ -‬على إثبات األحكاـ بالقياس كعلى أنو يعمل بو‪ ،‬كما أجمع عليو الصحابة فهو‬
‫حق‪ ،‬فالعمل بالقياس حق‪.‬‬
‫كسأبين ذلك بوجوه أربعة‪:‬‬
‫الوجو األكؿ‪ :‬أنو ثبت عن جمع كثير من الصحابة ‪ -‬رضي اهلل عنهم ‪ -‬القوؿ بالقياس‬
‫كالعمل بو في الوقائع التي ال نص فيها‪ ،‬فقاموا بإلحاؽ المثل بالمثل بسبب جامع‪،‬‬
‫كالعادة تقتضي بأف اجتماع جمع كثير من الصحابة على العمل بالشيء ال يكوف إال‬
‫بقاطع داؿ على العمل بو‪.‬‬
‫الوجو الثاني‪ :‬أنو قد تكرر عمل أكثر الصحابة بالقياس عند عدـ النص كشاع كذاع‪،‬‬
‫كلم ينكر ذلك أحد‪.‬‬
‫الوجو الثالث‪ :‬أنو لما لم ينكر بعض الصحابة على اآلخرين قولهم بالقياس كاستداللهم‬
‫بو‪ ،‬فإف القوؿ بو يكوف مجمعا عليو بين الصحابة‪ ،‬كىذا اإلجماع صحيح‪.‬‬
‫الوجو الرابع‪ :‬أف المجمع عليو بين الصحابة يح اجة يجب العمل بمقتضاه‪ .‬فالناتج من‬
‫ىذه الوجوه األربعة‪ :‬أف القياس يح اجة‪ ،‬يجب العمل بو‪ ،‬كأنو مصدر من مصادر التشريع‬
‫كالسناة كاإلجماع‪.‬‬
‫اإلسبلمي بعد الكتاب ي‬
‫األدلة على ىذه الوجوه األربعة‪:‬‬
‫أما الوجو األكؿ ‪ -‬كىو‪ :‬أنو ثبت عن جمع كثير من الصحابة القوؿ بالقياس كالعمل بو‬
‫في الوقائع التي ال نص فيها – فالدليل عليو‪ :‬ما نقل عن الصحابة من الوقائع التي‬
‫حكموا فيها بالقياس‪ ،‬كىذا كثير‪ ،‬كمن ذلك‪:‬‬
‫ُ ‪ -‬قياس الصحابة ‪ -‬رضي اهلل عنهم ‪ -‬خبلفة أبي بكر على اإلمامة في الصبلة‪،‬‬
‫كقالوا في ذلك‪ " :‬رضيو رسوؿ اهلل لديننا أفبل نرضاه لدنيانا "‪ .‬كجو الداللة‪ :‬أنهم قاسوا‬
‫اإلمامة العظمى‪ ،‬كىي الخبلفة على اإلمامة الصغرل‪ ،‬كىي‪ :‬الصبلة بجامع‪ :‬الصبلحية‬
‫في كل‪.‬‬
‫ِ ‪ -‬اجتهاد أبي بكر ‪ -‬رضي اللاو عنو ‪ -‬في أخذ الزكاة من منع دفع الزكاة بعد كفاة‬
‫النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬كقتالهم على ذلك‪ ،‬ككافقو الصحابة‪ .‬كجو الداللة‪ :‬أف‬
‫أبا بكر قاس خليفة رسوؿ اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬على رسوؿ اهلل ‪ -‬صلى اهلل‬
‫عليو كسلم ‪ -‬في أخذ الزكاة‪ ،‬كقتالهم عليها‪ ،‬بجامع‪ :‬قياـ كل منهما في تنفيذ أكامر‬
‫الشريعة‪.‬‬
‫ّ ‪ -‬أف أبا بكر ‪ -‬رضي اللاو عنو ‪ -‬كرث أـ األـ‪ ،‬كترؾ أـ األب‪ ،‬فقاؿ لو رجل يقاؿ‬
‫لو عبد الرحمن بن سهل بن حارثة‪" :‬لقد كرثت امرأة من ميت لو كانت ىي الميتة لم‬
‫يرثها‪ ،‬كتركت امرأة لو كانت ىي الميتة كرث جميع ما تركتو‪ ،‬فرجع أبو بكر عن ذلك‬
‫إلى التشريك‪ .‬كجو الداللة‪ :‬أف أبا بكر رجع عن إفراد أـ األـ بالسدس إلى رأم آخر‪،‬‬
‫كىو تشريك أـ األـ مع أـ األب بالسدس؛ قياسا ألـ األب على أـ األـ‪.‬‬
‫ْ ‪ -‬أف أبا بكر ‪ -‬رضي اللاو عنو ‪ -‬قاس تعيين اإلماـ بالعهد إلى عمر على تعيينو‬
‫بعقد األيامة لو بالخبلفة بجامع‪ :‬أف ا‬
‫كبل منهما صادر ممن ىو أىل لذلك‪ ،‬فاأليامة عقدكا‬
‫ألبي بكر بالخبلفة ألنهم أىل لذلك‪ ،‬كأبو بكر أىل لذلك؛ ألنو نائب عنهم‪.‬‬
‫ٓ ‪ -‬ما جاء عن عمر ‪ -‬رضي اللاو عنو ‪ -‬أنو كتب إلى أبي موسى األشعرم كتابو‬
‫المشهور‪ ،‬كالذم جاء فيو‪ " :‬اعرؼ األشباه كالنظائر كقس األمور برأيك "‪.‬‬
‫ٔ ‪ -‬ما جاء عن عمر ‪ -‬أيضان ‪ -‬أنو جلد أبا بكرة كاثنين معو ىما‪ :‬نافع‪ ،‬كشبل بن‬
‫معبد‪ ،‬حد القذؼ؛ حيث لم يكمل نصاب الشهادة على المغيرة بن شعبة بأنو زنى‪.‬‬
‫كجو الداللة‪ :‬أف عمر قاس الشاىد في الزنا عند عدـ تماـ النصاب على القاذؼ في‬
‫كجوب الحد‪.‬‬
‫ٕ ‪ -‬ما كرد عن عمر ‪ -‬أيضا ‪ -‬في مسألة المشركة ‪ -‬كىي‪ :‬زكج كأـ كأخوة األـ‬
‫كأخوة أشقاء فحكم فيها بأف النصف للزكج‪ ،‬كالسدس لؤلـ‪ ،‬كالثلث لؤلخوة ألـ‪ ،‬كلم‬
‫يعط اإلخوة األشقاء شيئان‪ ،‬فقاؿ اإلخوة األشقاء‪ :‬ىب أف أبانا كاف حماران‪ ،‬أك حجران‬
‫ألسنا من أـ كاحدة؛ فشرؾ بين اإلخوة ألـ كاإلخوة األشقاء في قضاء آخر‪ ،‬فهنا قاس‬
‫اإلخوة األشقاء على اإلخوة ألـ بجامع‪ :‬اشتراكهم في اإلدالء للميت باألـ‪.‬‬
‫ٖ ‪ -‬ما كرد‪ :‬أف عمر ‪ -‬رضي اهلل عنو ‪ -‬قد أرسل إلى امرأة فأجهضت ‪ -‬أم‪:‬‬
‫أسقطت جنينها ‪ -‬خوفا كفزعا من ىيبتو‪ ،‬فاستشار الصحابة في ذلك‪ ،‬فقاؿ ‪ -‬عبد‬
‫علي بن‬
‫الرحمن بن عوؼ كعثماف بن عفاف‪ :‬إنما أنت مؤدب فبل شيء عليك‪ ،‬كقاؿ لو ٌ‬
‫أبي طالب‪ :‬أما المأثم فأرجو أف يكوف محطوطان عنك‪ ،‬كأرل أف عليك‬
‫الدية فاتبع عمر رأم علي‪ .‬كجو الداللة‪ :‬أف عثماف كعبد الرحمن بن عوؼ قاساه على‬
‫مؤدب امرأتو ككلده كغبلمو‪ ،‬كقاسو علي على قاتل الخطأ‪.‬‬
‫ٗ ‪ -‬ما كرد‪ :‬أف عمر ‪ -‬رضي اللاو عنو ‪ -‬كاف مترددان في قتل الجماعة بالواحد‪ ،‬فقاؿ‬
‫علي ‪ -‬رضي اللاو عنو ‪ :-‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬أرأيت لو أف نفران اشتركوا في سرقة أكنت‬
‫ٌ‬
‫تقطعهم؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬قاؿ‪ :‬فكذلك‪ .‬كجو الداللة‪ :‬أنو قاس القتل على السرقة‪.‬‬
‫َُ ‪ -‬قاؿ علي ‪ -‬رضي اللاو عنو ‪ " :-‬اجتمع رأم كرأم عمر في أمهات األكالد أال‬
‫يبعن‪ ،‬أما اآلف فقد رأيت بيعهن "‪ .‬كجو الداللة‪ :‬أف المسألة مختلف فيها‪ :‬فمن ذىب‬
‫إلى جواز بيع أمهات األكالد قاسهن على اإلماء كغيرىن من الممتلكات‪ ،‬كمن‬
‫ذىب إلى عدـ جواز بيعهن قاسهن على الحرائر‪.‬‬
‫ُُ ‪ -‬ما جاء عن علي أنو قاؿ في حد شارب الخمر‪ " :‬إذا شرب سكر‪ ،‬كإذا سكر‬
‫ىذل‪ ،‬ك إذا ىذل افترل‪ ،‬فعليو حد المفترم "‪ .‬كجو الداللة‪ :‬أف عليا قاس شارب‬
‫الخمر على القاذؼ بجامع‪ :‬االفتراء‪.‬‬
‫ُِ ‪ -‬اختبلؼ ابن عباس مع زيد بن ثابت في توريث اإلخوة مع فإف زيدان قد كرث‬
‫اإلخوة مع الجد‪ ،‬كدليلو‪ :‬القياس؛ حيث قاس األخ على الجد بجامع‪ :‬أف ا‬
‫كبل منهما‬
‫قد أدلى إلى الميت باألب‪ .‬أما ابن عباس فقد أنكر على زيد ذلك كقاؿ‪ " :‬أال يتقي‬
‫اللاو زيد يجعل ابن االبن ابنا‪ ،‬كال يجعل أب األب أبا "‪ ،‬حيث إنو يذىب‬
‫إلى أف الجد يحجب اإلخوة‪ ،‬كدليلو‪ :‬القياس‪ ،‬حيث قاس الجد على ابن االبن‪ ،‬فكما‬
‫أف ابن االبن في منزلة االبن في حجبو لئلخوة‪ ،‬فكذلك الجد في منزلة األب في‬
‫حجبو لئلخوة‪.‬‬
‫ُّ ‪ -‬اختبلؼ الصحابة في الخلع ىل ىو طبلؽ أك فسخ؛ فمن ذىب إلى أنو طبلؽ‬
‫‪ -‬كىو ما ركم عن عثماف ‪ -‬فإنو ألحقو بالطبلؽ قياسا عليو‪ ،‬فأعطاه حكمو‪ ،‬كجعلو‬
‫يهدـ من عدده‪ ،‬كمن لم يذىب إلى أنو طبلؽ‪ ،‬فقد قاؿ‪ :‬إنو فسخ ‪ -‬كىو ما حكي‬
‫عن ابن عباس ‪ -‬فلم يهدـ عنده من عدد الطبلؽ شيئان‪.‬‬
‫ُْ ‪ -‬ما جاء عن ابن عباس أنو قاؿ في دية األسناف‪ :‬أال اعتبرتم ذلك باألصابع سواء‬
‫كإف اختلفت منافعها‪ .‬كجو الداللة‪ :‬أف ابن عباس قاس األسناف على األصابع في حكم‬
‫الدية‪.‬‬
‫ُٓ ‪ -‬اختبلؼ الصحابة في مسألة " الحراـ "‪ ،‬كىو قوؿ الزكج لزكجتو‪ " :‬أنت علي‬
‫علي‪ ،‬كزيد‪ ،‬كابن عمر ‪ -‬ذىب إلى أنو في حكم التطليقات‬
‫حراـ "‪ ،‬فبعضهم ‪ -‬كىو ٌ‬
‫الثبلث‪ .‬كبعضهم ‪ -‬كىو ابن مسعود ‪ -‬ذىب إلى أنو في حكم التطليقة الواحدة‪.‬‬
‫ك بعضهم ‪ -‬كىو أبو بكر‪ ،‬كعمر‪ ،‬كعائشة ‪ -‬ذىب إلى أنو في حكم اليمين تلزـ فيو‬
‫الكفارة‪ .‬كبعضهم ‪ -‬كىو ابن عباس ‪ -‬ذىب إلى أنو في حكم الظهار‪.‬‬
‫كجو الداللة‪ :‬أف من قاؿ‪ :‬إنو طبلؽ ألحقو باأللفاظ الموضوعة للطبلؽ؛ ألنو لفظ يؤثر‬
‫في تحريم الزكجة‪ ،‬كىو ليس من صريح الطبلؽ‪ ،‬كليس مما أجمعوا على أنو من‬
‫كناياتو‪ ،‬ثم من جعلو ثبلثا فقد احتاط في األمر‪ ،‬كمن جعلو كاحدة رجعية أخذ‬
‫بالمتيقن‪ ،‬كمن جعلو كاحدة بائنة توسط‪ .‬كمن قاؿ‪ :‬إنو ظهار فقد ألحقو بصيغتو‬
‫لمشابهتو لو في اقتضاء التحريم؛ ألنو ليس من األلفاظ الموضوعة لو‪ .‬كمن قاؿ‪ :‬إنو‬
‫يمين ألحقو باليمين‪ ،‬فأكجب عليو كفارتو‪ .‬ىذا بعض ما نقل عن الصحابة من القوؿ‬
‫بالقياس كالعمل بو‪ ،‬كىي كإف كانت آحادان فإنو ال يمتنع تواتر القدر المشترؾ بين‬
‫التفاصيل‪ ،‬كىو‪ :‬العمل بالقياس في الجملة‪.‬‬
‫ك ىناؾ أدلة أخرل تركتها اختصارا ك أذكر في ىذا المقاـ كبلما نفيسا للشيخ محمد‬
‫األمين الشنقيطي رحمو اهلل يرد فيو على أشهر منكرم القياس كىو اإلماـ ابن حزـ‬
‫رحمو اهلل ‪:‬‬
‫« كمن أشنع من يحمل على المجتهدين في القياس الظاىرية كباألخص أبو محمد بن‬
‫حزـ عفا اهلل عنا كعنو فإنو حمل على أئمة الهدل رحمهم اهلل كشنع عليهم تشنيعان‬
‫عظيمان كسخر بهم سخرية ال تليق بو كال بهم‪ ،‬كجزـ بأف كل من اجتهد في شيء لم‬
‫يكن منصوصان عن اهلل أك سنة نبيو فإنو ضاؿ كأنو مشرع كحمل‬
‫على األئمة كسخر من قياساتهم كجاء بقياسات كثيرة لؤلئمة كسفهها كسخر من أىلها‬
‫فتارة يسخر من أبي حنيفة رحمو اهلل كتارة من مالك كتارة من أحمد كتارة من الشافعي‬
‫لم يسلم منو أحد منهم في قياساتهم‪ .‬كمن عرؼ الحق عرؼ أف األئمة رحمهم اهلل‬
‫أنهم أكلى بالصواب من ابن حزـ كأف ما شنع عليهم ىم أكلى بالصواب منو فيو كأنو ىو‬
‫حمل عليهم كىم أكلى بالخير منو كأعلم بالدين منو كأعمق فهمان لنصوص الكتاب‬
‫كالسنة منو كىذا باب كثير‪.‬‬
‫فابن حزـ يقوؿ ال يجوز اجتهاد كائنان ما كاف كال يجوز أف يتكلم في حكم إال بنص من‬
‫كتاب أك سنة أما من جاء بشيء لم يكن منصوصان في الكتاب كال السنة فهو مشرع‬
‫ضاؿ‪ ،‬كيزعم أـ ما ألحقو األئمة من األحكاـ المسكوت عنها كاستنبطوىا من‬
‫المنطوقات أف كل ذلك ضبلؿ كيستدؿ بعشرات اآليات إف لم تكن مئات اآليات فبل‬
‫تقل عن عشرات اآليات يقوؿ "اهلل قاؿ اتبعوا ما أنزؿ إليكم من ربكم كال تتبعوا من‬
‫دكنو أكلياء " كالمقاييس لم تنزؿ علينا من ربنا‪ ،‬كيقوؿ " قل إف ضللت فإنما أضل على‬
‫نفسي كإف اىتديت فيما يوحى إلى ربي فجعل الهدل بخصوص الوحي ال بخصوص‬
‫المقاييس‪ .‬كيقوؿ "كأف أحكم بينهم بما أنزؿ اهلل " كالمقاييس لم تكن مما أنزؿ اهلل‬
‫كيقوؿ " كمن لم يحكم بما أنزؿ اهلل فأكلئك ىم الكافركف فأكلئك ىم الظالموف‬
‫فأكلئك ىم الفاسقوف" كالقياس لم يكن مما أنزؿ اهلل كيأتي بنحو ىذا من اآليات في‬
‫شيء كثير جدان‪.‬‬
‫كيقوؿ إف القياس ال يفيد إال الظن كاهلل يقوؿ "إف الظن ال يغني من الحق شيئان " كفي‬
‫الحديث‪ :‬إياكم كالظن فاف الظن أكذب الحديث‪ .‬كيقوؿ‪ :‬إف كل ما لم يأت بنص من‬
‫كتاب أك سنة ال يجوز البحث عنو‪.‬‬
‫كيقوؿ إف اهلل حرـ أشياء كأحل أشياء كسكت عن أشياء ال نسيانان رحمة بكم فبل تسألوا‬
‫عنها‪ ،‬كبحديث ما سكت اهلل عنو فهو عفو‪.‬‬
‫كيقوؿ إف ما لم يأت في كتاب كال سنة فالبحث عنو حراـ كىو معفوا ال مؤاخذة فيو‪،‬‬
‫كىو باطل من جهات كثيرة‪ ،‬منها أف ما يسكت عنو الوحي منو ما يمكن أف يكوف عفوان‬
‫كما قاؿ فنحن مثبلن كجب علينا صوـ شهر كاحد كىو رمضاف كسكت الوحي عن‬
‫كجوب شهر آخر فلم يجب علينا إال ىذا‪ ،‬كأف ما سكت عنو فهو عفو ككجبت علينا‬
‫الصلوات كغيرىا لم يجب علينا كإف كاف النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬في حديث‬
‫ضماـ بن ثعلبة قاؿ‪ :‬ال لما قاؿ لو األعرابي ضماـ ىل على غيرىا‪ ،‬قاؿ ال إال أف تطوع‬
‫أما أنو توجد أشياء ال يمكن أف تكوف عفوان كالبد من‬
‫النظر فيها كاالجتهاد كمن نظر إلى جمود ابن حزـ علم أنو على غير ىدل كأف الهدل‬
‫مع األئمة رحمهم اهلل‪ ،‬كالذم يجب اعتقاده في األئمة رحمهم اهلل كاإلماـ مالك كأبي‬
‫حنيفة رحمهم اهلل كاإلماـ أحمد كالشافعي رحمة اهلل على الجميع أف ما اجتهدكا فيو‬
‫أكثره أصابوا فيو فلهم أجر اجتهادىم كأجر إصابتهم كأنو ال يخلو أحد من خطأ فبلبد‬
‫أف يكوف بعضهم أخطأ في بعض ما اجتهد فيو فما أخطأكا فيو فهم مأجوركف‬
‫باجتهادىم معذكركف في خطأىم رحمهم اهلل كالصحابة كانوا يجتهدكف كما كاف يجتهد‬
‫األئمة رحمهم اهلل كسنلم بأطراؼ من ىذا ألف ىذا باب كاسع لو تتبعناه لمكثنا فيو زمنان‬
‫طويبلن كلكن نلم بالملمات بقدر الكفاية‪.‬‬
‫أكالن‪ :‬ليعلم السامعوف أف ما كل ما سكت عنو الوحي يمكن أف يكوف عفوان بل الوحي‬
‫يسكت عن أشياء كالبد البتة من حلها كمن أمثلة ذلك مسألة العوؿ‪ .‬فكما قاؿ‬
‫الفرضيوف إف أكؿ عوؿ نزؿ في زمن عمر بن الخطاب رضي اهلل عنو ماتت امرأة كتركت‬
‫زكجها كأختيها فجاء زكجها كأختاىا إلى أمير المؤمنين عمر رضي اهلل عنو‪ ،‬فقاؿ الزكج‪:‬‬
‫يا أمير المؤمنين ىذه تركة زكجتي كلم تترؾ كلدان كاهلل يقوؿ في محكم كتابو‪ " :‬كلكم‬
‫نصف ما ترؾ أزكاجكم إف لم يكن لهن كلد‬
‫" فهذه زكجتي كلم يكن لها كلد فلي نصف ميراثها بهذه اآلية كال أتنازؿ عن نصف‬
‫الميراث بدانق‪ ،‬فقالت األختاف‪ :‬يا أمير المؤمنين ىذه تركة أختنا كنحن اثنتاف كاهلل‬
‫يقوؿ‪ " :‬فإف كانتا اثنتين فلهما الثلثاف مما ترؾ " كاهلل ال نقبل النقص عن الثلثين‬
‫بدانق‪ ،‬فقاؿ عمر رضي اهلل عنو‪ :‬كيلك يا عمر كاهلل إف أعطيت الزكج النصف لم يبق‬
‫لؤلختين ثلثاف‪ ،‬كإف أعطيت الثلثين لؤلختين لم يبق للزكج النصف كنقوؿ يا ابن حزـ‬
‫كيف تسكت عن ىذا كيكوف ىذا عفوان كالوحي سكت عن ىذا كلم يبين أم النصين‬
‫ماذا نفعل فيهما فهذا ال يمكن أف يكوف عفوان كالبد من حل فبل نقوؿ لهم تهارشوا‬
‫على التركة تهارش الحمر أك ننزعها من كاحد إلى اآلخر فبلبد من إلحاؽ المسكوت‬
‫عنو بالمنطوؽ بو كحل معقوؿ باالجتهاد فجمع عمر رضي اهلل عنو الصحابة كأسف كل‬
‫األسف أنو لم يسأؿ رسوؿ اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬عن العوؿ لمثل ىذا‪ ،‬فقاؿ‬
‫لو العباس بن عبد المطلب رضي اهلل عنو‪ :‬يا أمير المؤمنين أرأيت ىذه المرأة لو كانت‬
‫تطالب بسبعة دنانير دينان كتركت ستة دنانير فقط ماذا كنت فاعبلن؟ قاؿ‪ :‬اجعل الدنانير‬
‫الستة سبعة أنصباء كأعطي لكل كاحد من أصحاب الدنانير نصيبان من السبعة قاؿ‬
‫كذلك فافعل‪ ،‬أصل فريضتها من ستة ألف فيها نصف الزكج يخرج من اثنين كثلثا‬
‫األختين يخرجاف من ثبلثة مخرج النصف كمخرج الثلث متباينان فنضرب اثنين في ثبلثة‬
‫بستة ثم نجعل نقطة زائدة كىي المسمى بالعوؿ فهي فريضة عائلة بسدسها إلى سبعة‬
‫فجعل تركة المرأة سبعة أنصباء‪ ،‬كقاؿ للزكج حقك نصف الستة كىي الثبلثة فخذ‬
‫الثبلثة من سبعة‪ ،‬كبقي من السبعة أربعة فقاؿ لؤلختين لكما الثلثاف من الستة كىما‬
‫أربعة فخذاىا من سبعة‪ ،‬فصار النقص على كل كاحد من الوارثين كلم يضيع نصان من‬
‫نصوص القرآف الكريم‪.‬‬
‫ككاف ابن حزـ في ىذه المسألة يخطئ جميع الصحابة‪.‬‬
‫كيقوؿ العباس كعامة الصحابة على غلط كإف ىذا الفعل الذم فعلوا ال يجوز كأف الحق‬
‫مع ابن عباس كحده الذم خالف عامة الصحابة في العوؿ‪ .‬كقاؿ الذم نعلم إف اهلل لم‬
‫يجعل في شيء كاحد نصفان كثلثين‪ ،‬فرأم ابن عباس أف ننظر في الورثة إذا كاف أحدىما‬
‫أقول سببان نقدمو كنكمل لو نصيبو كنجعل النقص على األضعف‪ ،‬فابن عباس في مثل‬
‫ىذا يقوؿ ابن الزكج يعطى نصفان كامبلن ألف الزكج ال يحجبو األبواف كال يحجبو األكالد‬
‫بخبلؼ األختين ألنهما أضعف سببان منو ألنهما يحجبهما األكالد كيحجبهما األب‬
‫كنعطي لؤلختين نصفان كىذا تبلعب بكتاب اهلل‪ ،‬اهلل يقوؿ‪ ":‬فإف كانتا اثنتين فلهما‬
‫الثلثاف " كىو يقوؿ فلهما النصف فهذا عمل بما يناقض القرآف مع أف ابن حزـ كرأم‬
‫ابن عباس يقضي عليو كتبطلو المسألة المعركفة عند الفرضيين بالمنبرية كإنما سميت‬
‫المنبرية ألف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اهلل عنو كأرضاه أفتى فيها كىو‬
‫على المنبر أثناء خطبتو ألنو افتتح خطبتو على المنبر كقاؿ‪ :‬الحمد هلل الذم يجزم كل‬
‫نفس بما تسعى كاليو المآب كالرجعي‪ ،‬فسمع قائبلن يقوؿ‪ :‬ما تقولوف فيمن ىلك عن‬
‫زكجة كأبوين كابنتين؟ فقاؿ علي رضي اهلل عنو‪ :‬صار ثمنها تسعان‪ ،‬كمضى في خطبتو‪.‬‬
‫كقولو‪ :‬صار ثمنها تسعان ألف ىذه الفريضة فيها ابنتاف كأبواف كزكجة‪ ،‬االبنتاف لهما‬
‫الثلثاف كاألبواف لكل كاحد منهما السدس كذلك يستغرؽ جميع التركة لهما الثلثاف‬
‫كاألبواف لكل كاحد منهما السدس كذلك يستغرؽ جميع التركة ألف السدسين بثلث‬
‫كتبقى الزكجة تعوؿ لها بالثمن كالفريضة من أربعة كعشرين كثمنها ثبلثة يعاؿ فيها بثمن‬
‫الزكجة كثمن األربعة كالعشرين ثبلثة كإذا ضم الثمن الذم عالت بو الفريضة إلى أصل‬
‫الفريضة أم إذا ضم الثمن الذم ىو ثبلثة فريضة الزكجة إلى األربعة كالعشرين التي ىي‬
‫أصل الفريضة صارت سبعة كعشرين‪ .‬كالثبلثة من السبعة كالعشرين تسعها كمن األربعة‬
‫كالعشرين ثمنها‪ ،‬فهذه لو قلنا البن حزـ أيهما يحجب ىل االبنتاف يحجباف ال كاهلل‪،‬‬
‫ىل األبواف يحجباف ال كاهلل ىل الزكجة تحجب ال كاهلل ليس فيهم من يحجبو أحد‬
‫ككلهم أىل فركض منصوصة في كتاب اهلل كال يحجب أحد منهم أبدان فبهذا يبطل قولو‬
‫إف من ىو أضعف سببان فانو يحجب كيقدـ عليو غيره‪.‬‬
‫ثم لتعلموا أف الحقيقة الفاصلة في ىذا أنو كرد عن السلف من الصحابة كمن بعدىم‬
‫كثير من اآلثار المستفيضة في ذـ الرأم كالقياس‪ .‬كأجمع الصحابة كالتابعوف على‬
‫العمل بالقياس كاستنباطو ما سكت عنو مما نطق بو الوحي‪ ،‬ىذا أمر ال نزاع فيو‪ .‬فمن‬
‫جمد على النصوص كلم يلحق المسكوت عنو بالمنطوؽ بو فقد ضل كأضل‪.‬‬
‫كمن ىذا النوع ما أجمع عليو جميع المسلمين حتى سلف ابن حزـ كىو داككد بن علي‬
‫الظاىرم كاف ال ينكر القياس المعركؼ الذم يسميو الشافعي القياس في معنى األصل‬
‫كيقوؿ لو القياس الجلي كىو المعركؼ عند الفقهاء بالقياس الجلي كإلغاء الفارؽ‬
‫كيسمى نفي الفارؽ كىو نوع من تنقيح المناط‪ ،‬فقد أجمع جميع المسلمين على أف‬
‫المسكوت عنو فيو يلحق بالمنطوؽ كأف قوؿ ابن حزـ‪ :‬إنو مسكوت عنو لم يتعرض لو‬
‫أنو كذب محض كافتراء على الشرع كأف الشرع لم يسكت عنو‪ ،‬كقولو تعالى‪ ":‬فبل‬
‫تقل لهما أؼ " يقوؿ ابن حزـ اف ىذه اآلية‪ ،‬ناطقة بالنهي‬
‫عن التأفيف كلكنها ساكتة عن حكم الضرب‪،‬كنحن نقوؿ‪ :‬ال كاهلل لما نهى عن التأفيف‬
‫كىو أخف األذل فقد دلت ىذه اآلية من باب أكلى على أف ضرب الوالدين أشد حرمة‬
‫كأف اآلية غير ساكتة عنها بل نبهت على األكبر بما ىو أصغر منو فلما نهت عن‬
‫التأفيف كىو أقل أذية من الضرب لم تسكت عن الضرب كتقوؿ‪ :‬إف قولو تعالى‪" :‬‬
‫فمن يعمل مثقاؿ ذرة خيران يره كمن يعمل مثقاؿ ذرة شران يره " إف ىذه اآلية ليست‬
‫ساكتة عن عمل مثقاؿ جيل أحد فبل نقوؿ نصت على الذرة كما فوؽ الذرة فهو‬
‫مسكوت عنو فبل يؤخذ من اآلية فهي ساكتة عنو بل نقوؿ إف اآلية‬
‫غير ساكتة عنو كإف ذلك المسكوت (عنو) يلحق بذلك المنطوؽ‪.‬‬
‫ككذلك قولو‪ " :‬كأشهدكا ذكم عدؿ منكم" من جاء بأربعة عدكؿ ال نقوؿ أربعة عدكؿ‬
‫مسكوت عنها بل نقوؿ إف اآلية التي نصت على قبوؿ شهادة العدلين دالة على قبوؿ‬
‫شهادة أربعة عدكؿ كنقوؿ‪ :‬إف قولو تعالى‪":‬إف الذين يأكلوف أمواؿ اليتامى ظلمان " ال‬
‫نقوؿ كما يقوؿ ابن حزـ ساكنة عن إحراؽ ماؿ اليتيم كإغراقو ألنها نصت على حرمة‬
‫أكلو فقط‪ ،‬بل نقوؿ‪ :‬إف اآلية التي نهت عن أكلو دلت على حرمة إغراقو كإحراقو‬
‫بالنار ألف الجميع إتبلؼ‪.‬‬
‫كمما يدؿ على أف ما يقولو ابن حزـ ال يقوؿ بو عاقل إف ما كرد عن النبي ‪ -‬صلى اهلل‬
‫عليو كسلم ‪ -‬من النهي عن البوؿ في الماء الراكد يقوؿ ابن حزـ‪ :‬لو باؿ في قاركرة‬
‫كصبها في الماء لم يكن ىذا من المكركه ألف النبي لم ينو عن ىذا كإنما قاؿ‪ :‬ال يبولن‬
‫أحدكم في الماء الراكد في الماء الدائم ثم يغتسل فيو كلم يقل ال يبولن أحدكم في‬
‫إناء ثم يصبو فيو فهذا ال يعقل أيعقل أحد أف الشرع الكريم يمنع من أف يبوؿ انساف‬
‫بقطرات قليلة أقل من كزف ربع كيل ثم إنو يجوز لو أف يمؤل عشرات التنكات بوالن يعد‬
‫بمئات الكيلوات ثم يصبها في الماء ك إف ىذا جائز‪.‬‬
‫كأيضان في الحديث‪ :‬ال يقضين حكم بين اثنين كىو غضباف فألحق بو الفقهاء إذا كاف‬
‫في حزف شديد مفرط يذىل عقلو‪ ،‬أك فرح شديد مفرط يدىش عقلو أك في عطش‬
‫شديد مفرط يدىش عقلو أك في جوع شديد يدىش عقلو‪ ،‬كنحو ذلك من مشوشات‬
‫الفكر التي ىي أعظم من الغضب فليس في المسلمين من يعقل أف يقاؿ للقاضي‬
‫أحكم بين الناس كأنت في غاية تشويش الفكر بالجوع كالعطش المفرطين أك الحزف‬
‫كالسركر المفرطين‪ ،‬أك الحقن كالحقب المفرطين كالحقن مدافعة البوؿ كالحقب‬
‫مدافعة الغائط‪ ،‬كاإلنساف إذا كاف يدافع البوؿ أك الغائط مدافعة شديدة كاف مشوش‬
‫الفكر مشغوؿ الخاطر ال يمكن أف يتعقل حجج الخصوـ‪ ،‬كمثل ىذا‪ ،‬لذا قاؿ العلماء‬
‫ال يجوز للقاضي أف يحكم كىو مشوش الفكر‪.‬‬
‫فنعلم أف قوؿ ابن حزـ‪ :‬إنهم جاؤكا بتشريع جديد أنو كذب كإف حديث‪ :‬ال يقضين‬
‫حكم بين اثنين كىو عصياف يدؿ على أف من كاف فكره مشوشان تشويشان أشد من‬
‫الغضب أكلى بالمنع من ىذا الحكم‪ ،‬ككذلك نهيو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬عن‬
‫التضحية بالشاة العوراء‪ ،‬ال نقوؿ‪ :‬إف العلماء لما نهوا عن التضحية بالشاة العمياء‪.‬‬
‫ىذا مما ال يقولو عاقل ككذلك قاؿ اهلل‪ ":‬كالذين يرموف المحصنات " كلم يصرح في‬
‫اآلية إال أف يكوف القاذؼ ذكر كالمقذكفة أنثى فلو قذفت أنثى ذكران أك قذؼ ال‬
‫مؤاخذة فيو ألف اهلل إنما نص على قذؼ الذكور باإلناث ألنو قاؿ‪ ":‬كالذين يرموف‬
‫المحصنات " كما أراد ابن حزـ ىنا أف يدخل الجميع في عموـ المحصنات فقاؿ‪:‬‬
‫المحصنات نعت للفركج‪،‬كالذين يرموف الفركج المحصنات فيشمل الذكور كاإلناث يرد‬
‫عليو أف المحصنات في القرآف لم تأت قط للفركج كإنما جاءت للنساء ككيف يأتي‬
‫ذلك في قولو‪ :‬إف الذين يرموف المحصنات الغافبلت المؤمنات‪ ،‬كىل يمكن أف تكوف‬
‫الفركج غافبلت مؤمنات‪ .‬ىذا مما ال يعقل‪ »....‬إلى آخر كبلمو‬

‫أركاف القياس كتعريف كل ركن‬


‫ظهر لنا من تعريف القياس أنو البد فيو من أربعة أركاف ىي‪:‬‬
‫ُ‪ -‬أصل مقيس عليو‪ ،‬كىو المحل الذم ثبت حكمو كألحق بو غيره كالخمر ثبت لها‬
‫التحريم كألحق بها النبيذ‪.‬‬
‫ِ‪ -‬فرع ملحق باألصل‪ ،‬كىو في اللغة ما تولد من غيره كانبنى عليو كفي اصطبلح‬
‫األصوليين‪ :‬المحل المطلوب إلحاقو بغيره في الحكم؛ كالنبيذ طلب إلحاقو بالخمر‬
‫في حكمها كىو التحريم‪.‬‬
‫ّ‪ -‬علة تجمع بين األصل كالفرع‪ ،‬كىي المعنى المشترؾ بين األصل كالفرع‬
‫المقتضي إثبات الحكم كاإلسكار المستدعى إلحاؽ النبيذ بالخمر في حكم التحريم‪.‬‬
‫ْ‪ -‬الحكم الثابت لؤلصل المقيس عليو؛ كىو األمر المقصود إلحاؽ الفرع باألصل‬
‫فيو كالقصاص أثبت في القتل بالمثقل إلحاقان لو بالقتل بالمحدد‪.‬‬

‫المقصود من كبلـ المؤلف أف للقياس أربعة أركاف يقوـ عليها‬


‫األكؿ‪ :‬األصل‪ ،‬كىو‪ :‬محل الحكم المشبو بو كالخمر فإنو أصل للنبيذ‪.‬‬
‫كقلنا ذلك‪ :‬ألف األصل ىو‪ :‬ما كاف حكم الفرع مقتبسان منو كمردكدان إليو‪ ،‬كىذا إنما‬
‫يتحقق في محل الحكم المقيس عليو أك المشبو بو‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الفرع‪ ،‬كىو‪ :‬المحل الذم لم ينص على حكمو كالنبيذ‪ ،‬فإنو فرع كالخمر‬
‫أصل‪ ،‬ألف الجميع مسكر‪.‬‬
‫كقلنا ذلك؛ ألف الفرع ىو المفتقر إلى غيره كالمردكد إليو‪ ،‬كىذا إنما يتحقق على‬
‫المحل كىو النبيذ؛ حيث إنو مقيس على الخمر كمشبو بو بوجو شبو‪ ،‬كىو اإلسكار‪،‬‬
‫فلوال الخمر لما عرفنا حكم النبيذ‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬العلة‪ ،‬كىي‪ :‬الوصف المعرؼ للحكم‪.‬‬
‫كينبغي أف يكوف ىذا الوصف‪ :‬ظاىران منضبطان مجاكزان‪ ،‬مشتمبلن على معنى مناسب‬
‫للحكم كاإلسكار بالنسبة لتحريم الخمر‪ ،‬كاالقتيات كاالدخار بالنسبة لتحريم البير‪،‬‬
‫كالسرقة بالنسبة لقطع اليد كىكذا‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬حكم األصل‪ ،‬كىو‪ :‬الحكم الشرعي الذم كرد بو نص من كتاب أك سنة‪ ،‬أك‬
‫إجماع‪ ،‬كيراد إثبات مثلو في الفرع كحرمة الخمر؛ فإنا أثبتنا مثلو في الفرع كىو النبيذ‬
‫أك حرمة الربا في البير‪ ،‬فإنا قد أثبتنا مثلو في الفرع كىو‪ :‬األرز أك الذرة‪.‬‬

‫شركط القياس‬
‫كللقياس شركط يجب توفرىا فيو لصحتو منها‪:‬‬
‫أكالن‪ :‬شركط األصل‪:‬‬
‫ُ‪ -‬يشترط في األصل الذم ىو المقيس عليو أف يكوف الحكم فيو ثابتان بنص أك‬
‫إجماع أك اتفاؽ الخصمين‪.‬‬
‫ِ‪ -‬أف ال يكوف معدكالن بو عن قاعدة عامة مثل بيع العرايا كشهادة خزيمة فبل يصحاف‬
‫أصبل يقاس عليو ألف الحكم في القياس مطرد كالخارج عن القاعدة العامة ً‬
‫ليس مطردان‬
‫خبلفان لمن يجيز القياس في الرخص فيجوز العرية في العنب كالتين قياساى على‬
‫الرطب‪.‬‬
‫كما ذكر في ىذين الشرطين بناء على القوؿ بأف األصل ىو نفس الحكم‪ ،‬ال محل‬
‫الحكم‪.‬‬

‫بعدما عرؼ المؤلف القياس ك ذكر أدلتو ك أركانو ‪ ،‬شرع في بياف شركط كل ركن فبدأ‬
‫باألصل ألنو محل الحكم الملحق بو‪.‬‬
‫* ك ليعلم طالب العلم أنو يشترط في حكم األصل‪ :‬أف يكوف حكمان شرعيان عمليان قد‬
‫ثبت بكتاب أك سنة أك إجماع؛ ألف المراد فيو القياس الشرعي الذم يكوف الغرض منو‬
‫إثبات حكم شرعي في الفرع‪ .‬كخرج بذلك‪ :‬الحكم العقلي‪ ،‬كالحكم اللغوم أك‬
‫الحكم الحسي‪ .‬فعلى تقدير جرياف القياس فيها‪ :‬فإنو ليس قياسان شرعيان‪ ،‬بل عقليان‬
‫كلغويان كحسيان‪ ،‬إال إذا كاف القياس لغويان كلكنو يتوصل بو إلى حكم شرعي فإف ىذا‬
‫يعتبر داخبلن في الحكم الشرعي كتسمية النبش سرقة قياسان عليها‪ ،‬كتسمية اللواطة زنا‬
‫قياسان عليو ليثبت بذلك الحد عن طريق اللفظ كالنص‪.‬‬
‫*كمما يشترط في حكم األصل الذم قصد تعديتو إلى الفرع كذلك ‪ :‬أف يكوف ثابتان‬
‫مستمران في األصل‪ ،‬أما إذا لم يكن ثابتان؛ لكونو قد نسخ مثبلن فإنو ال يجوز أف يقاس‬
‫عليو‪ ،‬كال بناء حكم الفرع عليو‪ ،‬ألف كوف الشيء مبنيان على الغير صفة لو‪ ،‬كتحقق‬
‫الصفة يستدعي تحقق الموصوؼ‪ ،‬فإذا لم يكن الموصوؼ ثابتان لم تكن الصفة ثابتة لو‪.‬‬
‫*كمن أككد ما يشترط في القياس أيضا ‪ :‬أف يكوف حكم األصل معقوؿ المعنى مدرؾ‬
‫العلة التي ألجلها شرع الحكم؛ ألف القياس مبني على إدراؾ العلة‪ .‬أما ما ال يعقل‬
‫معناه كال تدرؾ علتو كأعداد الصلوات‪ ،‬كركعات كل صبلة كنحو ذلك فبل يجوز القياس‬
‫فيو‪.‬‬
‫*كقد نص العلماء في كتبهم أنو يشترط لصحة القياس أف ال يكوف دليل حكم األصل‬
‫متناكالن بعمومو حكم الفرع‪ ،‬فلو جعلنا ‪ -‬مثبلن ‪ -‬دليل تحريم الخمر ىو ما ثبت عن‬
‫النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬كل مسكر حراـ "‪ ،‬فإنو ال يصح قياس النبيذ على‬
‫الخمر ىنا؛ ألف ىذا النص قد تناكؿ بعمومو النبيذ كتناكلو للخمر‪ ،‬فيكوف على ىذا‬
‫النبيذ مح ارـ بالنص ال بالقياس‪.‬‬
‫*ك من المسائل التي ينبغي لطالب العلم أف يتنبو لها أنو ال يشترط في األصل‪ :‬أف يقوـ‬
‫دليل على جواز القياس عليو؛ لعموـ األدلة المثبتة للقياس؛ حيث إنها أجازت القياس‬
‫على األصل مطلقان‪.‬‬
‫ك ألننا إذا ظننا كوف حكم األصل معلبلن بوصف‪ ،‬ثم علمنا أك ظننا حصولو في الفرع‪:‬‬
‫حصل ظن أف حكم الفرع مثل حكم األصل‪ ،‬كالعمل بالظن كاجب‪.‬‬
‫ك ألف الصحابة كانوا يفعلوف ذلك كإف لم يقم دليل خاص على كجوب تعليل حكم‬
‫ذلك األصل كجواز القياس عليو كأصرح شيء في ذلك قوؿ عمر ألبي موسى‪" :‬‬
‫اعرؼ األشباه كاألمثاؿ‪ ،‬ثم قس األمور برأيك "‪ ،‬كلم يفصل‪.‬‬
‫*كيجوز القياس على أصل محصور بعدد معين على خبلؼ بين األصوليين في ذلك ؛‬
‫لعموـ أدلة حجية القياس‪ ،‬حيث إنها لم تفرؽ بين األصل المحصور بالعدد كبين‬
‫األصل غير المحصور‪ ،‬فالقياس في كل ذلك جائز إذا أدركت العلة‪.‬كبناء على ذلك‪:‬‬
‫كالح ىرـ كىي ‪-‬‬ ‫ً‬
‫فإنو يجوز أف يقاس كل حشرة على الخمس البلتي يقتلن في الحل ى‬
‫الحية‪ ،‬كالفأرة‪ ،‬كالكلب العقور‪ ،‬كالحدأة‪ ،‬كالغراب األبقع ‪ -‬إذا كانت مؤذية مثلها‪.‬‬
‫*ك يشترط كوف حكم األصل معلبلن بعلة معينة قد صرح بها؛ ألف العلة المبهمة ال يعلم‬
‫كجودىا في الفرع‪ ،‬فبل يقاؿ ‪ -‬مثبلن ‪ :-‬تجب الزكاة في الحلي للعلة المقتضية‬
‫لوجوبها في النقد‪.‬‬
‫*كيجوز القياس على أصل ثبت بالنص؛ ألف النص من األدلة المثبتة لؤلصل فينبني‬
‫عليو الفرع‪ ،‬كييلحق بو‪ ،‬يكيعتمد عليو‪ ،‬كالشيء الذم لم يثبت ال يتصور بناء غيره عليو‪.‬‬
‫كال يشترط في األصل‪ :‬أف يكوف قد اتفق العلماء على أف حكمو معلل‪ ،‬كال يشترط ‪-‬‬
‫أيضان ‪ -‬أف تثبت علتو بالنص‪ ،‬بل لو ثبت ذلك بالطرؽ االجتهادية الظنية‪ :‬لجاز‬
‫القياس عليو؛ لؤلدلة الثبلثة المذكورة في المسألة السابقة‪.‬‬
‫مثاؿ ذلك قولنا‪ :‬إف الخنزير إذا كلغ في اإلناء‪ :‬فإنو يغسل اإلناء سبع مرات‪ ،‬قياسان‬
‫على الكلب‪ ،‬بجامع‪ :‬أف كبلن منهما حيواف نجس‪ ،‬فإف منع أحدىم الحكم في كلوغ‬
‫الكلب دلالنا عليو بنص الحديث الذم ىو قولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬إذا كلغ‬
‫الكلب في إناء أحدكم فليغسلو سبعان "‪ ،‬فهنا نقيس على األصل الثابت بالنص كإف‬
‫خالف فيو الخصم‪.‬‬
‫*ك يجوز القياس على أصل ثبت باإلجماع؛ قياسان على النص‪ ،‬أم‪ :‬أنو كما أنو يجوز‬
‫القياس على ما ثبت بالنص فكذلك يجوز القياس على أصل ثابت باإلجماع كال فرؽ‪،‬‬
‫كالجامع‪ :‬أف كبلن منهما تثبت بو أحكاـ الشرع‪ ،‬بل اإلجماع أكلى من خبر الواحد؛ ألف‬
‫اإلجماع آكد من خبر الواحد‪.‬‬
‫*ككما ذكر المؤلف رحمو اهلل يكفي اتفاؽ الخصمين على حكم األصل المقيس عليو‪،‬‬
‫كال يشترط‪ :‬أف يكوف حكم األصل المقيس عليو متفقان عليو بين األمة‬
‫كلها؛ ألف الخصمين ‪ -‬المستدؿ كالمعترض ‪ -‬إذا اتفقا على حكم األصل فإف‬
‫المناظرة تكوف منضبطة كتحصل فائدتها‪ ،‬أما إف كاف حكم األصل مختلفان فيو‪ :‬فإف‬
‫المعترض لو أف ينازع فيو كما ينازع في الفرع‪.‬‬
‫*ك ال يجوز القياس على أصل ثبت بالقياس خبلفا لمن جوز ذلك من األصوليين‪ :‬فبل‬
‫يجوز قياس الذرة على األرز الذم ىو مقاس على البر‪ ،‬ألف العلة الجامعة بين األصل‬
‫الثاني ‪ -‬كىو البر ‪ -‬كاألصل األكؿ ‪ -‬كىو األرز ‪ :-‬إف كانت موجودة في الفرع ‪-‬‬
‫كىو الذرة ‪ -‬فليقم القائس بقياس الفرع ‪ -‬كىو الذرة ‪ -‬على األصل الثاني ‪ -‬ىو‪:‬‬
‫البر ‪ -‬مباشرة‪ ،‬فيكوف ذكر األصل األكؿ ‪ -‬كىو األرز ‪ -‬تطويبلن من غير فائدة‪ ،‬كغير‬
‫المفيد عبث يجب رده‪ ،‬كعدـ اعتباره‪.‬‬
‫كإف كانت العلة الجامعة بين األصلين ‪ -‬األصل األكؿ كىو األرز كاألصل الثاني كىو‪:‬‬
‫البر ‪ -‬غير موجودة في الفرع ‪ -‬كىو الذرة ‪ -‬لم يجز قياس الذرة على األصل األكؿ‬
‫‪ -‬كىو األرز ‪ -‬ألنو ظهر أف حكم األصل األكؿ ‪ -‬كىو‪ :‬األرز ‪ -‬قد ثبت بعلة غير‬
‫موجودة في الفرع‪ ،‬كىذا يبطل القياس؛ ألف من شرط صحة القياس‪ :‬أف تكوف علة‬
‫األصل كعلة الفرع متساكيتين‪ ،‬كىنا عدـ ىذا التساكم لذلك بطل القياس‪.‬‬
‫*كمن المسائل التي أرل أف المؤلف جانبو فيها الصواب قولو في شركط األصل أال‬
‫يكوف معدكال بو عن قاعدة عامة ك الصواب في المسألة عندم كاهلل أعلم أنو يجوز‬
‫القياس على حكم األصل الخارج عن قاعدة القياس‪ ،‬ك المعدكؿ بو عن سنن القياس‪،‬‬
‫كىو‪ :‬ما شرع من األحكاـ على كجو االستثناء كاالقتطاع عن القواعد العامة كىو‬
‫مخالف للقواعد العامة‪ ،‬بشرط‪ :‬أف يكوف معقوؿ المعنى؛ ألنو حكم شرعي معقوؿ‬
‫المعنى مدرؾ العلة إما عن طريق النص أك عن طريق االستنباط‪ ،‬فجاز القياس عليو‬
‫كالقياس على غيره من األصوؿ التي لم يعدؿ بها عن سنن القياس‪ ،‬كالجامع‪ :‬توفر‬
‫أركاف القياس كشركط كل ركن‪.‬‬
‫كبناء على ذلك‪ :‬فإنو يجوز بيع العنب بالزبيب؛ قياسان على العرايا كىو‪ :‬بيع الرطب‬
‫بالتمر‪.‬‬
‫ك لئلماـ الشوكاني كبلـ مفيد يجمل فيو شركط األصل فيقوؿ ‪:‬‬
‫ىص ًل‪:‬‬ ‫« الشركط ال يٍم ٍعتىبىػ ىرةي فًي ٍاأل ٍ‬
‫ً‬ ‫شر و‬
‫ش ىر‪ ،‬ىال بي اد م ًن ا ٍعتًبىا ًرىىا فًي ٍاأل ٍ‬ ‫ص ًح ن ً ً‬ ‫ً‬
‫ىص ًل‪.‬‬ ‫كط اثٍػنى ٍي ىع ى‬ ‫يحا إ اال ب ي ي‬ ‫اس ى‬ ‫ىكىال يى يكو يف الٍقيى ي‬
‫ٍاأل اىك يؿ‪:‬‬
‫ٍح ٍك يم الا ًذم أي ًري ىد تىػ ٍع ًديىػتيوي إًلىى الٍ ىف ٍر ًع‪ ،‬ثىابًتنا فًي ٍاأل ٍ‬
‫ىص ًل‪ ،‬فىًإناوي لى ٍو لى ٍم يى يك ٍن ثىابًتنا‪.‬‬ ‫أى ٍف يى يكو ىف ال ي‬
‫اء‪ ،‬أك شرع كنسخ كلم يمكن بناء الفرع عليو‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فً ًيو بًأى ٍف لىم ي ٍشر ٍ ً ً‬
‫ع فيو يح ٍك هم ابٍت ىد ن‬ ‫ٍي ى‬
‫الثاني‪:‬‬
‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىص ًل ىش ٍرعياا‪ ،‬فىػلى ٍو ىكا ىف ىع ٍقلياا أ ٍىك ليغى ًوياا لى ٍم يىص اح الٍقيى ي‬
‫اس‬ ‫ت فًي ٍاأل ٍ‬ ‫ٍح ٍك يم الثاابً ي‬ ‫أف يكن ال ي‬
‫ش ٍر ًعي‪.‬‬ ‫اس ال ا‬ ‫ىعلىٍي ًو؛ ًألى اف بى ٍحثىػنىا إًنا ىما يى ىو فًي ال ًٍقيى ً‬
‫ىصلًي‪ ،‬ىك يى ىو ىما ىكا ىف قىػ ٍب ىل ال ا‬
‫ش ٍر ًع؟‬ ‫اس ىعلىى الناػ ٍف ًي ٍاأل ٍ‬ ‫كا ٍختىػلى يفوا‪ :‬ىىل يػثٍب ي ً‬
‫ت الٍقيى ي‬ ‫ٍىي‬ ‫ى‬
‫اؿ‪ :‬إً‬ ‫شر ًعي ح ٍكم ىشر ًع ٌّي‪ ،‬ج اوىز ال ًٍقياس ىعلىي ً‬
‫س‬
‫ى‬ ‫ي‬
‫ٍ‬ ‫ل‬
‫ى‬ ‫و‬
‫ي‬ ‫ا‬
‫ن‬ ‫ى‬ ‫ق‬
‫ى‬ ‫ن‬‫ٍ‬ ‫م‬‫ى‬‫ك‬‫ى‬ ‫‪،‬‬ ‫و‬ ‫ى ى ٍ‬ ‫ى‬ ‫ٍح ٍك ًم ال ا ٍ ي ه ٍ‬ ‫اؿ‪ :‬إً اف نىػ ٍف ىي ال ي‬ ‫فى ىم ٍن قى ى‬
‫اس ىعلىٍي ًو‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ب يح ٍك وم ىش ٍرع ٍّي لى ٍم يي ىجوًز الٍقيى ى‬
‫ث‪:‬‬‫الثاالً ي‬
‫يق إًلىى ىم ٍع ًرفىتً ًو ىس ٍم ًعياةن؛ ًألى اف ىما لى ٍم تى يك ٍن طى ًري يقوي ىس ٍم ًعياةن ىال يى يكو يف يح ٍك نما‬ ‫أى ٍف يى يكو ىف الطا ًر ي‬
‫يح العقلين‪ ،‬ال عند من يثبتها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ىشر ًعياا‪ ،‬ك ىى ىذا ًع ٍن ىد من يػ ٍن ًفي الت ً‬
‫ين ىكالتاػ ٍقب ى‬ ‫احس ى‬ ‫ٍ‬ ‫ىٍ ى‬ ‫ٍ ى‬
‫ال ارابً يع‪:‬‬
‫السناةي‪ .‬ك ىىل يج ي ً‬ ‫ً‬
‫ٍح ٍك ًم‬‫اس ىعلىى ال ي‬ ‫وز الٍقيى ي‬ ‫اب أى ًك ُّ ى ٍ ى ي‬ ‫ٍح ٍك يم ثىابًتنا بًالناص‪ ،‬ىك يى ىو الٍكتى ي‬ ‫أى ٍف يى يكو ىف ال ي‬
‫ت بًم ٍفه ً‬
‫وـ ال يٍم ىوافىػ ىق ًة أى ًك ال يٍم ىخالىىف ًة‪.‬‬ ‫الثاابً ً ى ي‬
‫"ح ٍك يم"* النُّط ًٍق‬ ‫اؿ‪ :‬إً ٍف قيػلٍنىا إً اف يح ٍك ىم يه ىما ي‬ ‫اجوي أى ٍف ييػ ىق ى‬ ‫ضوا لىوي‪ ،‬كيػت ً‬
‫ىى‬ ‫اؿ ال ازٍرىك ًش ُّي‪ :‬لى ٍم يىػتىػ ىع ار ي‬‫قى ى‬
‫ٍح يق" بً ًو‪ .‬انٍػتىػ ىهى‪.‬‬ ‫س "فىػيىػل ى‬ ‫اض هح‪ ،‬ىكإً ٍف قيػلٍنىا‪ :‬ىكال ًٍقيىا ً‬ ‫فىػو ً‬
‫ى‬
‫ش ٍر ًعياةى‪،‬‬‫اـ ال ا‬ ‫ت بً ًه ىما ٍاأل ٍ‬
‫ىح ىك ى‬ ‫اس ىعلىٍي ًه ىما ًع ٍن ىد ىم ٍن أىثٍػبىتىػ يه ىما؛ ًألىناوي ييػثٍبً ي‬ ‫اىر‪ :‬أىناوي يج ي ً‬
‫وز الٍقيى ي‬ ‫ىي‬
‫اً‬
‫ىكالظ ي‬
‫وؽ‪.‬‬ ‫ىكما يػثٍبًتيػ يهما بًالٍمنٍطي ً‬
‫ى ي ى ى‬
‫س ٍم ىعانًي‬ ‫م‪ ،‬ىكابٍ ين ال ا‬ ‫ش ٍي يخ أىبيو إً ٍس ىحا ىؽ الش ىيرا ًز ُّ‬ ‫اؿ ال ا‬ ‫اف‪ :‬قى ى‬ ‫ت بًا ًٍإل ٍجم ًاع‪ ،‬فىًف ًيو ك ٍج ىه ً‬ ‫ىكأى اما ىما ثىػبى ى‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫ٍج ىوا ًز‬ ‫ً‬ ‫اب ال ا ً ً‬ ‫ىص ىح ً‬ ‫ٍج ىو ياز ىك ىح ىكاهي ابٍ ين بىػ ٍرىىا ىف ىع ٍن يج ٍم يهوًر أ ٍ‬
‫شافعي ىكالثااني ىع ىد يـ ال ى‬ ‫ىص ُّح يه ىما ال ى‬
‫أى‬
‫يح؛ ًألى اف‬ ‫ص ًح و‬ ‫اؿ ابٍن ال ا ً‬ ‫اص الا ًذم أىجمعوا ًأل ً ً‬ ‫ما لىم يػعر ً‬
‫س بً ى‬ ‫س ٍم ىعاني‪ :‬ىك ىى ىذا لىٍي ى‬ ‫ىجلو قى ى ي‬ ‫ٍ ىي ٍ‬ ‫ؼ الن ُّ‬ ‫ى ٍ يٍى‬
‫از‬ ‫از ال ًٍقياس ىعلىى الثاابً ً‬
‫ت بًالناص‪ ،‬ىج ى‬ ‫ً‬ ‫ىصل فًي إًثٍػب ً‬
‫ات ٍاأل ٍ ً‬ ‫ًٍ‬
‫ىح ىكاـ‪ ،‬ىكالناص‪ ،‬فىإ ىذا ىج ى ى ي‬ ‫ى‬ ‫اع أ ٍ ه‬‫اإل ٍج ىم ى‬
‫ىعلىى الثاابً ً‬
‫ت بً ًٍ‬
‫اإل ٍج ىم ًاع‪.‬‬
‫الخامس‪:‬‬
‫ً‬
‫ور‪.‬‬
‫ٍج ٍم يه ي‬‫ب ال ي‬ ‫آخ ىر‪ ،‬ىكإًلىٍيو ذى ىى ى‬ ‫ىص ول ى‬ ‫يس ىعلىٍي ًو فىػ ٍر نعا ًأل ٍ‬ ‫أف ال يكوف األصل ال ىٍم ًق ً‬
‫ً‬ ‫ك بػ ٍعض ال ً‬ ‫ك ىخالى ى ً ً‬
‫ازكهي‪.‬‬
‫ىج ي‬ ‫ٍحنىابًلىة‪ ،‬ىكال يٍم ٍعتى ًزلىة فىأ ى‬ ‫ف في ذىل ى ى ي ى‬ ‫ى‬
‫ت ىكا ىف ًذ ٍك ير‬ ‫اس ٍي ًن إً ًف اتا ىح ىد ٍ‬ ‫ً‬ ‫كاحت اج الٍجمهور علىى الٍمنٍ ًع؛ بًأى اف ال ًٍعلاةى ال ً‬
‫ٍجام ىعةى بىػ ٍي ىن الٍقيى ى‬ ‫ى‬ ‫ى ٍى ي ٍ ي ي ى ى‬
‫ىص ًل ٍاأل اىكًؿ‪،‬‬ ‫اس الٍ ىف ٍر ًع الثاانًي ىعلىى ٍاأل ٍ‬ ‫ىص ًل الثاانًي تىطٍ ًو نيبل بً ىبل فىائً ىدةو‪ ،‬فىػيي ٍستىػ ٍغنىى ىع ٍنوي بًًقيى ً‬ ‫ٍاأل ٍ‬
‫ً ًً‬ ‫ً‬
‫ٍح ٍك ًم‪.‬‬ ‫ىص ًل ىكالٍ ىف ٍر ًع في علاة ال ي‬ ‫ىكإً ًف اختلفت لم ينعقد القياس الثاني‪ ،‬لعدـ ا ٍشتً ىراؾ ٍاأل ٍ‬
‫م ىى ًذهً ال ىٍم ٍسأىلىةى إًلىى قً ٍس ىم ٍي ًن‪:‬‬ ‫ش ٍي يخ أىبيو إً ٍس ىحا ىؽ الش ىيرا ًز ُّ‬ ‫س ىم ال ا‬ ‫ىكقى ا‬
‫اس ىعلىٍي ًو‬ ‫اس نىػ ٍفس الٍم ٍعنىى‪ ،‬الا ًذم ثىػب ى ً ً‬ ‫ًً ً ً‬ ‫أىح يدىما‪ :‬أى ٍف يستػ ٍنب ى ً‬
‫ت بو‪ ،‬ىكييػ ىق ي‬ ‫ى‬ ‫ط م ىن الثاابت بالٍقيى ً ي ى‬ ‫ي ٍى ى‬ ‫ى يى‬
‫ؼ فًي ىج ىوا ًزهً‪.‬‬ ‫اؿ‪ :‬ىك ىى ىذا ىال ًخ ىبل ى‬ ‫غىٍيػ يرهي‪ ،‬قى ى‬
‫اس غىٍيػ يرهي ىعلىٍي ًو‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ط ًم ٍنوي م ٍعننى غىيػر الٍم ٍعنىى الا ًذم قً ً ً‬ ‫ً‬
‫يس بو ىعلىى غىٍي ًره‪ ،‬ىكييػ ىق ي‬ ‫ى‬ ‫ٍي ى‬ ‫ىكالثااني‪ :‬أى ٍف يي ٍستىػ ٍنبى ى ى‬
‫اؿ‪ :‬ك ىى ىذا فً ًيو ك ٍج ىه ً‬
‫اف‪:‬‬ ‫ى‬ ‫قى ى ى‬
‫ٍج ىو ياز‪.‬‬
‫م‪ :‬ال ى‬ ‫ص ًر ُّ‬ ‫اؿ أىبيو ىع ٍب ًد اللا ًو الٍبى ٍ‬ ‫ىح يد يى ىما‪ :‬ىكبً ًو قى ى‬ ‫أى‬
‫"ع ٍن ًدم" ٍاآل ىف؛ ًألىناوي ييػ ىؤدم إًلىى‬ ‫ص ُّح ً‬ ‫اؿ الٍ ىكرًخ ُّي‪ :‬الٍم ٍنع‪ ،‬ك يىو الا ًذم ي ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ى‬ ‫ى ي ى ى‬ ‫ىكالثااني‪ :‬ىكبًو قى ى ٍ‬
‫وز‪ ،‬كىك ىذا ص اححو فًي "الٍ ىقو ً‬ ‫ىص ًل‪ ،‬ىكذىلً ى‬ ‫ً‬
‫اط ًع"‪،‬‬ ‫ى‬ ‫ى ىي‬ ‫ك ىال يى يج ي ى‬ ‫ات يح ٍك وم فًي الٍ ىف ٍر ًع بًغىٍي ًر علا ًة ٍاأل ٍ‬ ‫إًثٍػب ً‬
‫ى‬
‫ىكلى ٍم يى ٍذ يك ًر الٍغى ىزالً ُّي غىٍيػ ىرهي‪.‬‬
‫س‪:‬‬ ‫ال ا ً‬
‫ساد ي‬
‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫ج ىع ٍن‬ ‫ىص ًل ىشام نبل ل يح ٍك ًم الٍ ىف ٍر ًع‪ ،‬أى اما لى ٍو ىكا ىف ىشام نبل لىوي‪ ،‬ىخ ىر ى‬ ‫يل يح ٍك ًم ٍاأل ٍ‬ ‫أى ٍف ىال يى يكو ىف ىدل ي‬
‫ىص ًل‪ ،‬ىكًألىناوي‬ ‫يل ٍاأل ٍ‬ ‫ضائً نعا‪ ،‬لً يخليوهً ىع ًن الٍ ىفائً ىدةً بً ًاال ٍستً ٍغنى ًاء ىع ٍنوي بً ىدلً ً‬ ‫اس ى‬ ‫ً‬
‫ىك ٍونو فىػ ٍر نعا‪ ،‬ىكىكا ىف الٍقيى ي‬
‫ًً‬
‫س‪.‬‬ ‫ىص نبل ىك ٍاآل ىخ ًر فىػ ٍر نعا أ ٍىكلىى ًم ىن ال ىٍع ٍك ً‬ ‫ىال ي يكو يف جعل أ ً‬
‫ىح ًدى ىما أ ٍ‬ ‫ىٍ ي ى‬ ‫ى‬
‫سابً يع‪:‬‬ ‫ال ا‬
‫يج إًلىى إًثٍػبىاتًًو أى اكنال‪،‬‬ ‫احت ى‬
‫ىص ًل متاػ ىف نقا ىعلىٍي ًو؛ ًألىناوي لىو ىكا ىف م ٍختىػلى نفا فً ًيو ٍ ً‬
‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍح ٍك يم في ٍاأل ٍ ي‬
‫ً‬
‫أى ٍف يى يكو ىف ال ي‬
‫اس فًي نىػ ٍف ًس ًو ىال يي ٍشتىػ ىر ي‬
‫ط‬ ‫ً ًً ً ً‬
‫ىص ًل ال يٍم ٍختىػلىف فيو؛ ألى اف الٍقيى ى‬ ‫اس ىعلىى ٍاأل ٍ‬ ‫كج اوىز جم ى ً‬
‫اعةه الٍقيى ى‬ ‫ىى ىى‬
‫ك فًي يرٍك ون ًم ٍن أ ٍىرىكانًًو أ ٍىكلىى‪.‬‬ ‫ط ذىلً ى‬ ‫س يقو ي‬ ‫سك بو‪ ،‬فى ي‬
‫ًاالتػ ىفا يؽ ىعلىي ًو فًي جوا ًز التام ُّ ً ً ً‬
‫ى‬ ‫ىى‬ ‫ٍ‬
‫اف فىػ ىقطٍ‪،‬‬ ‫صم ً‬
‫ٍخ ٍ ى‬ ‫ض يه ٍم أى ٍف يىػت ًاف ىق ىعلىٍي ًو ال ى‬ ‫ط بىػ ٍع ي‬ ‫ش ىر ى‬‫ص ًل‪ ،‬فى ى‬ ‫اؽ ىعلىى ٍاألى ٍ‬ ‫كا ٍختىػلى يفوا فًي ىك ٍي ًفيا ًة ًاالتػ ىف ً‬
‫ى‬
‫ط فىائً ىدةي ال يٍمنىاظىىرةً‪.‬‬ ‫ضبً ى‬‫لًيىػ ٍن ى‬
‫آخ يرك ىف أى ٍف يىػت ًاف ىق ىعلىٍي ًو ٍاأليامةي‪.‬‬ ‫ط ى‬ ‫ىك ىش ىر ى‬
‫ض إً ٍف ىكا ىف يم ىقل ندا لى ٍم‬ ‫ص ًحيح ٍاأل اىك يؿ‪ .‬كا ٍختى ً‬ ‫ً‬
‫ار في "ال يٍم ٍنتىػ ىهى" أى اف ال يٍم ٍعتى ًر ى‬ ‫ى ى‬ ‫اؿ ال ازٍرىكش ُّي‪ :‬ىكال ا ي‬ ‫قى ى‬
‫اع؛‬‫اإل ٍج ىم ى‬ ‫ط ًٍ‬ ‫ت ىم ٍذ ىىبنا لىوي‪ ،‬ىكإً ٍف ىكا ىف يم ٍجتى ًه ندا ا ٍشتىػ ىر ى‬ ‫س لىوي ىم ٍن يع ىما ثىػبى ى‬ ‫ي‬
‫ٍ‬ ‫ل‬
‫ى‬ ‫ذ‬
‫ٍ‬ ‫اع؛ إً‬
‫ى‬ ‫م‬‫ى‬ ‫ج‬
‫ٍ‬ ‫يى ٍشتى ًر ًط ًٍ‬
‫اإل‬
‫ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫از أى ٍف‬ ‫وصا ىعلىٍيو ىج ى‬ ‫ص ن‬ ‫ٍح ٍك يم يم ٍج ىم نعا ىعلىٍيو‪ ،‬ىكىال ىم ٍن ي‬ ‫س يم ٍقتىدينا بًًإ ىم واـ‪ ،‬فىًإذىا لى ٍم يى يك ًن ال ي‬ ‫ألىناوي لىٍي ى‬
‫يى ٍمنىػ ىعوي‪.‬‬
‫الث ً‬
‫اام ين‪:‬‬
‫ٍح ٍك ًم فًي‬ ‫ً‬
‫ك إً ىذا اتاػ ىف ىقا ىعلىى إًثٍػبىات ال ي‬ ‫ب‪ ،‬ىك ىذلً ى‬ ‫اس يمراك و‬ ‫ً‬
‫ىص ًل ىذا قيى و ى‬ ‫أى ٍف ىال يى يكو ىف يح ٍك يم ٍاأل ٍ‬
‫صلي يح يكلٌّ ًم ٍنػ يه ىما أى ٍف‬ ‫"كع ٍن ىد ٍاآل ىخ ًر بً ًعلا وة" أي ٍخ ىرل يى ٍ‬
‫ٍاألىص ًل‪ ،‬كلى ًكناو معلال ًع ٍن ىد أىح ًد ًىما بً ًعلا وة ً‬
‫ى‬ ‫ى ى‬ ‫ٍ ى ي يى ه‬
‫ىص ًل ًال ٍختً ىبلفً ًه ٍم فًي‬ ‫ً‬ ‫يى يكو ىف ًعلاةن‪ ،‬ىك ىى ىذا ييػ ىق ي‬
‫"كإً ًف اتاػ ىف ىقا ىعلىى علا ًة ٍاأل ٍ‬ ‫ىص ًل‪ ،‬ى‬ ‫ب ٍاأل ٍ‬ ‫اؿ لىوي‪ :‬يم ىراك ي‬
‫ف‪،‬‬ ‫صً‬ ‫ب ال ىٍو ٍ‬‫اؿ لىوي يم ىراك ي‬ ‫ود ىىا فًي الٍ ىف ٍر ًع‪ ،‬ىك ىى ىذا ييػ ىق ي‬ ‫ىح يد يى ىما ىك يج ى‬ ‫س الٍو ٍ ً ً‬
‫صف‪ ،‬ىكلىك ٍن ىمنى ىع أ ى‬ ‫نىػ ٍف ً ى‬
‫ىص ًل أ ٍىـ ىال؟‬ ‫ف‪ ،‬ىى ٍل لىوي يك يجو هد فًي ٍاأل ٍ‬ ‫صً‬ ‫س ال ىٍو ٍ‬ ‫ًال ٍختً ىبلفً ًه ٍم فًي نىػ ٍف ً‬
‫م‪ ،‬ىكابٍ ين‬ ‫ب بً ٍاأل اىكًؿ‪ ،‬ىك ىخالىىفوي ٍاآل ًم ًد ُّ‬ ‫اس ال يٍمراك ً‬
‫يص الٍقيى ً ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫صفي الٍ ًه ٍندم يىػ ٍقتىضي تى ٍخص ى‬
‫ً‬ ‫كىك ىبلـ ال ا ً‬
‫ى ي‬
‫ش ٍر ًط‪،‬‬ ‫ف فًي ا ٍعتًبىا ًر ىى ىذا ال ا‬ ‫ب‪ ،‬كغيرىما‪ ،‬فجعلوه متناكال لقسمين‪ ،‬ىكقى ًد ا ٍختيلً ى‬ ‫اج ً‬ ‫الٍح ً‬
‫ى‬
‫يصولًيُّو ىف‪،‬‬‫اعةه‪ ،‬فىػلى ٍم يىػ ٍعتىبً يركهي‪ ،‬ىكقى ٍد طىاو ىؿ ٍاأل ي‬ ‫ور على اعتباره‪ ،‬ىك ىخالىىف يه ٍم ىج ىم ى‬ ‫ٍج ٍم يه ي‬
‫ىكال ي‬
‫ش ٍر ًط بً ىما ىال طىائً ىل تى ٍحتىوي‪.‬‬ ‫ٍج ىدلًيُّو ىف الٍ ىك ىبل ىـ ىعلىى ىى ىذا ال ا‬ ‫ىكال ى‬
‫الت ً‬
‫ااس يع‪:‬‬
‫ٍح ٍك ًم بًالٍ ىقطٍ ًع‪ ،‬فىا ٍف تىػ ىعبا ٍدنىا فً ًيو بًالٍ ىقطٍ ًع‪ ،‬لى ٍم يى يج ٍز فً ًيو‬ ‫ك ال ي‬ ‫ين فًي ىذلً ى‬ ‫ً‬
‫أى ٍف ىال نى يكو ىف يمتىػ ىعبد ى‬
‫اؿ‪ :‬بى ٍل ىما تىػ ىعبا ٍدنىا‬ ‫م الٍ ىق ٍو ىؿ بًال ىٍم ٍن ًع‪ ،‬ىكقى ى‬ ‫ف ًٍ‬
‫اإلبٍػيىا ًر ُّ‬ ‫ضعا ى‬ ‫اس؛ ًألىناوي ىال ييًفي يد إًاال الظا ان‪ ،‬ىكقى ٍد ى‬ ‫الٍقيى ي‬
‫ً‬
‫اس‪ ،‬الا ًذم ييًفي يدهي‪ .‬ىكقى ٍد قسم المحققوف القياس إلى ما ال‬ ‫ت بًال ًٍقيى ً‬ ‫از أى ٍف يىػثٍبي ى‬ ‫فً ًيو بًال ًٍعل ًٍم ىج ى‬
‫ط‬
‫ش ٍر ى‬ ‫اف"‪ :‬لى ىع ال ىى ىذا ال ا‬ ‫يد فًي " ىشر ًح الٍع ٍنػو ً‬ ‫يق ال ًٍع ً‬‫اؿ ابٍ ين ىدقً ً‬ ‫يفيد العلم‪ ،‬كإلى ما ييًفي يدهي‪ .‬ىكقى ى‬
‫ٍ يى‬
‫اس ظىن ٌّي‪ ،‬فىػلى ٍو ىكا ىف قىط ًٍعياا‪ ،‬ىك ىعلً ٍمنىا ال ًٍعلاةى قىط نٍعا‪ ،‬ىكيك يج ى‬
‫ود ىىا فًي‬ ‫يل "ال ًٍقيى ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىم ٍبن ٌّي ىعلىى أى اف ىدل ى‬
‫ىص ًل ىكإً ٍف ىكا ىف قىط ًٍعياا‪،‬‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫يل" ٍاأل ٍ‬ ‫ٍح ٍك ىم قىط نٍعا‪ ،‬ىكىم ٍن نىظىىر ألى اف ىدل ى‬ ‫الٍ ىف ٍر ًع قىط نٍعا‪ ،‬فىػ ىق ٍد ىعل ٍمنىا ال ي‬
‫اؽ‪ ،‬كإًثٍػب ي ً‬ ‫اإلل ً‬ ‫ك ىعلًمنىا ال ًٍعلاةى ككج ى ً‬
‫ىص ًل‬‫ات مثٍ ًل يح ٍك ًم ٍاأل ٍ‬ ‫ٍح ى ى‬ ‫س ًٍ ى‬ ‫ود ىىا في الٍ ىف ٍر ًع قىط نٍعا فىػنىػ ٍف ي‬ ‫ىي ي‬ ‫ى ٍ‬
‫س بًىقط ًٍع ٍّي‪.‬‬ ‫ً‬
‫ل ٍل ىف ٍر ًع لىٍي ى‬
‫م‪.‬‬ ‫يد إًلىى ًمثٍ ًل ىى ىذا الٍ ىف ٍخ ير ال ارا ًز ُّ‬ ‫يق ال ًٍع ً‬ ‫ىكقى ٍد تىػ ىق اد ىـ ابٍ ىن ىدقً ً‬
‫الٍع ً‬
‫اش ير‪:‬‬ ‫ى‬
‫ادي ًر‬‫ات‪ ،‬كم ىق ً‬ ‫ادةً يخزيٍمةى‪ ،‬ك ىع ىد ًد ال ارىكع ً‬ ‫اع ىدةً الٍ ًقيى ً‬‫كال بً ًو عن قى ً‬
‫ىى‬ ‫ى‬ ‫ش ىه ى ى ى ى‬ ‫اس‪ ،‬ىك ى‬ ‫أى ٍف ىال يى يكو ىف ىم ٍع يد ن ى ٍ‬
‫ٍح ٍك ًم ىم ىع يمنىافً ًيو‪ ،‬ىك ىى ىذا يى ىو‬ ‫اس ىعلىي ًو إًثٍػب ه ً‬ ‫ك؛ ًألى اف إًثٍػب ى ً‬ ‫شابًوي ذىلً ى‬ ‫الٍح يد ً‬
‫ات لل ي‬ ‫ات الٍقيى ً ٍ ى‬ ‫ى‬ ‫كد‪ ،‬ىكىما يي ى‬ ‫ي‬
‫اس ىعلىٍي ًو‪.‬‬ ‫اس ىال ييػ ىق ي‬ ‫ًج ىع ًن ال ًٍقيى ً‬ ‫ٍخار ي‬‫ىم ٍعنىى قىػ ٍوًؿ الٍ يف ىق ىه ًاء‪ :‬ال ى‬
‫ط الفخر الرازم‪ ،‬كاآلمدم‪ ،‬كابن الحاجب كغيره‪ .‬ىكأىطٍلى ىق ابٍ ين‬ ‫ش ٍر ى‬‫ىكًم ام ٍن ذى ىك ىر ىى ىذا ال ا‬
‫اس‪.‬‬ ‫اس ىعلىى ىما عي ًد ىؿ بً ًو ىع ٍن يسنى ًن ال ًٍقيى ً‬ ‫شافً ًعي‪ ،‬ىج ىو ياز ال ًٍقيى ً‬ ‫اب ال ا‬ ‫ىص ىح ً‬ ‫بأ ٍ‬ ‫بىػ ٍرىىا ىف أى اف ىم ٍذ ىى ى‬
‫ك منع منو الكرخي إال بإحدل خبلؿ‪ :‬إً ٍح ىد ىاىا‪ :‬أى ٍف‬ ‫ٍحنى ًفياةي ىكغىٍيػ يريى ٍم فى ىمنىػعيوهي‪ ،‬ىكىك ىذلً ى‬‫ىكأى اما ال ى‬
‫ص ىعلىى ًعلاتً ًو‪.‬‬ ‫وؿ قى ٍد نى ا‬ ‫يص ً‬ ‫ً ً‬
‫يى يكو ىف ىما ىكىر ىد ىعلىى خ ىبلؼ ٍاأل ي‬
‫ٍخبىػ ير‪ ،‬ىكإً ًف ا ٍختىػلى يفوا فًي ًعلاتً ًو‪.‬‬ ‫يل ىما ىكىر ىد بً ًو ال ى‬ ‫ثىانًيىتيػ ىها‪ :‬أى ٍف تى يكو ىف ٍاأليامةي يم ٍج ًم ىعةن ىعلىى تىػ ٍعلً ً‬
‫وؿ‪ ،‬ىكإً ٍف‬ ‫يص ً‬
‫ض ٍاأل ي‬ ‫اس ىعلىى بىػ ٍع ً‬ ‫ٍخبىػ ير يم ىوافً نقا لًل ًٍقيى ً‬‫ٍح ٍك يم الا ًذم ىكىر ىد بً ًو ال ى‬ ‫ً‬
‫ثىالثىتيػ ىها‪ :‬أى ٍف يى يكو ىف ال ي‬
‫ىص ول ى‬
‫آخ ىر‪.‬‬ ‫اس ىعلىى أ ٍ‬ ‫ىكا ىف يم ىخالًنفا لًل ًٍقيى ً‬
‫ش ىر‪:‬‬‫م ىع ى‬ ‫ال ً‬
‫ٍحاد ى‬ ‫ى‬
‫ك‪.‬‬ ‫ؼ فًي ذىلً ى‬ ‫أى ٍف ىال ي يكو ىف ح ٍكم ٍاألىص ًل مغىلاظنا‪ ،‬ىعلىى ًخ ىبل و‬
‫ي ي ٍ ي‬ ‫ى‬
‫ش ىر‪:‬‬‫الثاانً ىي ىع ى‬
‫أى ٍف ىال ي يكو ىف الٍح ٍكم فًي الٍ ىفر ًع ثىابًتنا قىػبل ٍاأل ٍ ً‬
‫اد يمتىأىخ هر ىع ًن‬ ‫ىص ًل؛ ألى اف ال ي‬
‫ٍح ٍك ىم ال يٍم ٍستىػ ىف ى‬ ‫ٍى‬ ‫ٍ‬ ‫ي ي‬ ‫ى‬
‫اجتً ىماعي الن ًاقي ى‬ ‫اد ًم ٍنو بًالضار ً‬
‫اؿ‪.‬‬‫ض ٍي ًن‪ ،‬أى ًك الض اديٍ ًن‪ ،‬ىك يى ىو يم ىح ه‬ ‫كرة‪ ،‬فىػلى ٍو تىػ ىق اد ىـ لى ًزىـ ٍ‬‫يى‬ ‫ال يٍم ٍستىػ ىف ً ي‬
‫ً‬ ‫اصل ما ذى ىكركهي ًمن ُّ ً‬
‫ىص ًل‪.‬‬ ‫الش يركط ال يٍم ٍعتىبىػ ىرة فًي ٍاأل ٍ‬ ‫ىى ىذا ىح ي ى ي ى‬
‫ً‬
‫ٍح ُّق ىع ىد يـ ا ٍعتًبىا ًرىىا‪.‬‬‫وؿ يش يركطنا‪ ،‬ىكال ى‬ ‫يص ً‬‫ض أى ٍى ًل ٍاأل ي‬ ‫ىكقى ٍد ذى ىك ىر بىػ ٍع ي‬
‫ك بً ٍش هر‬ ‫اإل ٍج ىماعي ىعلىى أى اف يح ٍك ىموي يم ىعلا هل‪ ،‬ذى ىك ىر ذىلً ى‬ ‫ىص يل قى ًد انٍػ ىع ىق ىد ًٍ‬‫فى ًم ٍنػ ىها‪ :‬أى ٍف يى يكو ىف ٍاأل ٍ‬
‫ضى‪.‬‬ ‫ش ًر ي‬
‫يف ال يٍم ٍرتى ى‬ ‫يس ُّي ىكال ا‬ ‫ال ًٍمر ً‬
‫اعةه‪،‬‬‫ك ىج ىم ى‬ ‫اؿ ذىلً ى‬ ‫صوور بًال ىٍع ىد ًد‪ .‬قى ى‬ ‫ىص ًل أى ٍف ىال يى يكو ىف غىٍيػ ىر ىم ٍح ي‬ ‫ط فًي ٍاأل ٍ‬ ‫ىكًم ٍنػ ىها‪ :‬أى ٍف يي ٍشتىػ ىر ى‬
‫ور‪.‬‬
‫ٍج ٍم يه ي‬‫ىك ىخالىىف يه يم ال ي‬
‫كًم ٍنػها‪ً :‬االتػ ىفا يؽ ىعلىى كج ً‬
‫ور‪.‬‬
‫ٍج ٍم يه ي‬
‫ض‪ ،‬ىك ىخالىىف يه يم ال ي‬ ‫ود ال ًٍعلا ًة فًي ٍاأل ٍ‬
‫ىص ًل‪ ،‬قىالىوي الٍبىػ ٍع ي‬ ‫يي‬ ‫ى ى‬
‫ىص ًل فًي يك ٍّل بوضوح‪ ،‬ذكره البعض كخالفهم الجمهور» انتهى‬ ‫ً‬
‫ىكم ٍنػ ىها‪ :‬تىأٍثً يير ٍاأل ٍ‬

‫ثانيان‪ :‬شركط الفرع‪ ،‬كيشترط في الفرع شرطاف‪:‬‬


‫ُ‪ -‬كجود علة األصل فيو ألنها مناط تعدية الحكم إليو‪.‬‬
‫ِ‪ -‬أف ال يكوف منصوصان على حكمو‪ ،‬فإف كاف لم يحتج إلى قياسو على غيره‪.‬‬
‫األصل؛ كيشترط في حكم األصل شرطاف‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ثالثان‪ :‬شركط حكم‬
‫ُ‪-‬أف يكوف الفرع مساكياى لو في األصل كقياس األرز على البر في تحريم الربا فإف‬
‫كاف الحكم في الفرع أزيد منو في األصل أك أنقص لم يصح القياس؛ كأف يكوف حكم‬
‫األصل الوجوب كحكم الفرع الندب أك العكس‪.‬‬
‫ِ‪ -‬أف يكوف شرعيان؛ ال عقليان فبل يثبت ذلك بالقياس ألنو يطلب فيو اليقين كالقياس‬
‫يفيد الظن‪.‬‬
‫رابعان‪ :‬شركط العلة؛ كيشترط في العلة شرطاف‪:‬‬
‫ُ‪ -‬أف تكوف العلة متعدية فإف كانت قاصرة على محلها امتنع القياس بها لعدـ تعديها‬
‫إلى الفرع مثاؿ ذلك‪ :‬جعل شهادة خزيمة كشهادة رجلين لعلة سبقو إلى تصديق النبي‬
‫صلى اهلل عليو كسلم بنوع من التصديق لم يسبقو إليو غيره‪.‬‬
‫ِ‪ -‬أف تكوف كا ًإلسكار فكلما كجد ا ًإلسكار في شيء كجد التحريم فيو‪ ،‬ككالطعم‬
‫كالكيل فكلما كجد الكيل أك الطعم في شيء حرـ الربا فيو‪ ،‬فإذا تخلفت فإف كاف‬
‫تخلفها لمانع فبل تبطل كما ل ًو قيل القتل العمد العدكاف علة للقصاص كقد تخلفت‬
‫في قتل الوالد لولده عمداى عدكانان إذ أنو ال يقتل بو فيقاؿ إنها تخلفت لمانع ىو األبوة‬
‫فبل تبطل في غير األب؛ فكلما كجد القتل العمد العدكاف من غير األب كنحوه كجب‬
‫القصاص‪.‬‬
‫كإف كاف تخلفها من غير مانع فبل يصح التعليل بها كما لو قيل‪ :‬تجب الزكاة في‬
‫المواشي قياسان على األمواؿ بجامع دفع حاجة الفقير فيقاؿ إف التعليل بدفع حاجة‬
‫الفقير قد تخلف عنها الحكم في الجواىر مثبل‪.‬‬
‫بعدما ذكر المؤلف شركط األصل ‪ ،‬انتقل إلى ذكر شركط الفرع ك حكم األصل كالعلة‬
‫كننبو على مسائل لم يتطرؽ إليها‪:‬‬
‫منها أنو ال ييشترط في الفرع أف يكوف مما ثبت بالنص جملة‪ ،‬بل يجوز القياس مطلقان؛‬
‫لعموـ أدلة حجية القياس السابقة الذكر؛ حيث إنها دلت على حجية القياس مطلقان‬
‫دكف أف تفرؽ بين ما ثبت حكم الفرع فيو على جهة اإلجماؿ كبين غيره‪.‬‬
‫ك بالنسبة لشركط العلة فقد رجح المؤلف أف العلة القاصرة ال يقاس عليها ك ىذه‬
‫المسألة فيها خبلؼ بين األصوليين ‪ .‬ك ليعلم طالب العلم أف ىذه العلة نوعاف ‪ :‬إما‬
‫أف تكوف منصوصان عليها فيجوز التعليل بها اتفاقان‪ ،‬كتعليل كجوب الكفارة بوقاع مكلف‬
‫في نهار رمضاف‪.‬‬
‫كإما أف تكوف المستنبطة كالسفر المبيح للفطر‪ ،‬كاالستبراء لؤلىمة في أكؿ حدكث‬
‫ملكها للتعرؼ على براءة رحمها‪ ،‬كالرمل في األشواط األكؿ من الطواؼ‪ ،‬إلظهار‬
‫الجلىد كالنشاط للمشركين‪ ،‬كىذه التي كقع الخبلؼ عليها ك الذين رجحوا القياس‬
‫ى‬
‫عليها قاسوىا على العلة القاصرة المنصوص عليها كلم يفرقوا بينهما؛ ك قالوا إذا جاز‬
‫التعليل بالعلة القاصرة المنصوص عليها‪ ،‬فكذا يجوز التعليل بالعلة القاصرة المستنبطة‪،‬‬
‫فيجب أف تكوف صحيحة‪ ،‬كال فرؽ‪ ،‬كما أننا لم نفرؽ بين العلة المتعدية المنصوص‬
‫عليها كبين المتعدية المستنبطة ك قد ذكركا فوائد للتعليل بالعلة القاصرة منها‪:‬‬
‫ُ‪ /‬أنو بسبب العلة القاصرة يمكننا التعرؼ على أف ذلك الحكم مطابق للحكمة‬
‫كالمصلحة‪ ،‬فتميل النفوس بطبيعتها إلى قبوؿ ما عرفت الحكمة كالمصلحة التي من‬
‫أجلها شرع ذلك الحكم أكثر من قبولها لؤلحكاـ التي لم تعرؼ الحكمة كالمصلحة‬
‫التي من أجلها شرع الحكم‪.‬‬
‫ِ‪ /‬إف ثبوت العلة القاصرة دليل يستدؿ بو المجتهد على اختصاص النص األصلي‬
‫و‬
‫كحينئذ ال يشتغل المجتهد بالتعليل ألجل أف يعدم الحكم إلى أم‬ ‫بذلك الحكم‪،‬‬
‫فرع‪.‬‬
‫ّ‪ /‬أف العلة القاصرة تفيد بمفهومها‪ ،‬فمثبلن‪ :‬لما ثبتت النقدية علة في تحريم الربا في‬
‫النقدين‪ ،‬فإف عدـ النقدية مشعر بانتفاء تحريم الربا‪.‬‬
‫ْ‪ /‬أف العارؼ للعلة القاصرة يحصل لو أجراف إذا امتثل الحكم‪ :‬أجر قصد بو‬
‫االمتثاؿ‪ ،‬كأجر قصد بو فعل الفعل ألجل العلة القاصرة من جلب مصلحة أك دفع‬
‫مفسدة‪.‬‬
‫ٓ‪ /‬أف العلة قد تكوف في زماف قاصرة ال فرع لها‪ ،‬كلكن قد يحدث فرع في زماف آخر‬
‫يشبو العلة القاصرة‪.‬‬

‫تقسيم القياس إلى قطعي كظني‪ ..‬أك جلي كخفي‬


‫ُ‪ -‬القياس القطعي‬
‫تعريفو‪ :‬ىو ما ال يحتاج معو إلى التعرض للعلة الجامعة بل يكتفي فيو بنفي الفارؽ‬
‫المؤثر في الحكم كإلغاء الفارؽ بين البوؿ في الماء الراكد كالبوؿ في إناء كصبو فيو‪،‬‬
‫كىو أنواع منها‪.‬‬
‫ُ‪ -‬ما كاف المسكوت عنو أكلى بالحكم من المنطوؽ مع القطع بنفي الفارؽ كإلحاؽ‬
‫مثقاؿ الجبل بمثقاؿ الذرة في المؤاخذة‪ ،‬كإلحاؽ ضرب الوالدين بالتأفيف في‬
‫التحريم‪ ،‬كإلحاؽ مادكف القنطار كفوؽ الدينار بهما في التأدية من بعض أىل الكتاب‬
‫إذا أؤتمن عليو في األكؿ كالمطل من بعضهم في الثاني‪.‬‬
‫ِ‪ -‬ما كاف المسكوت عنو مساكيان للمنطوؽ في الحكم مع القطع بنفي الفارؽ‪.‬‬
‫كإلحاؽ إغراؽ ماؿ اليتيم كإحراقو بأكلو في التحريم‪.‬‬
‫ِ‪ -‬القياس الظني‬
‫القياس الظني ىو‪ :‬ما احتيج فيو إلى البحث عن العلة الجامعة كإلحاؽ األرز بالبر في‬
‫تحريم الربا بجامع الكيل‪.‬‬
‫فتحصل من ىذا ا ًإللحاؽ طريقتاف‪ :‬إلحاؽ بنفي الفارؽ كإلحاؽ بالجامع‪.‬‬

‫القياس الجلي ىو ما ال يحتمل إال معنى كاحدا كىو ما ثبتت علٌيتو بدليل قاطع ال‬
‫يحتمل التأكيل كىو أنواع بعضها أجلى من بعض فأجبلىا ما صرح فيو بلفظ التعليل‬
‫كقولو تعالى‪ { :‬ىك ٍي ال يى يكو ىف يدكلىةن بىػ ٍي ىن ٍاألى ٍغنًيى ًاء ًم ٍن يك ٍم}‪ .‬ككقولو صلى اهلل عليو كسلم‪:‬‬
‫"إنما نهيتكم ألجل الدافة" فصرح بلفظ التعليل كيليو ما دؿ عليو التنبيو من جهة‬
‫األكلى كقولو تعالى‪{ :‬فىبل تىػ يق ٍل لى يه ىما أ ٍّ‬
‫يؼ} فنبو على أف الضرب أكلى بالمنع ككنهيو عن‬
‫التضحية بالعوراء فإنو يدؿ على أف العمياء أكلى بالمنع كيليو ما فهم من اللفظ من غير‬
‫جهة األكلى كنهيو عن البوؿ في الماء الراكد الدائم كاألمر بإراقة السمن الذائب إذا‬
‫كقعت فيو الفأرة فإنو يعرؼ من لفظو أف الدـ مثل البوؿ كالشيرج مثل السمن ككذلك‬
‫كل ما استنبط من العلل كأجمع المسلموف عليها فهو جلي كإجماعهم على أف الحد‬
‫للردع كالزجر عن ارتكاب المعاصي كنقصاف حد العبد عن حد الحر لرقو فهذا الضرب‬
‫من القياس ال يحتمل إال معنى كاحدا كينقض بو حكم الحاكم إذا خالفو كما ينقض إذا‬
‫خالف‪ .‬النص كاإلجماع‪.‬‬
‫كأما الخفي‪ :‬فهو ما كاف محتمل كىو ما ثبت بطريق محتمل كىو أنواع بعضها أظهر‬
‫من بعض فأظهرىا ما دؿ عليو ظاىر مثل الطعم في الربا فإنو‬
‫علم من نهيو صلى اهلل عليو كسلم عن بيع المطعوـ في قولو‪" :‬ال تبيعوا الطعاـ بالطعاـ‬
‫إال مثل بمثل" فإنو علق النهي على الطعم فالظاىر أنو علة ككما ركل أف بريرة أعتقت‬
‫فكاف زكجها عبدا فخيرىا رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم فالظاىر أنو خيرىا لعبودية‬
‫الزكج كيليو ما عرؼ باالستنباط كدؿ عليو التأثير كالشدة المطربة في الخمر فإنو لما‬
‫كجد التحريم بوجودىا كزاؿ بزكالها دؿ على أنها ىي العلة‪ ،‬كىذا الضرب من القياس‬
‫ألنو محتمل أف يكوف الطعاـ أراد بو ما يطعم كلكن حرـ فيو التفاضل لمعنى غير الطعم‬
‫ككذلك حديث بريرة يحتمل أنو أثبت الخيار لرقو كيحتمل أف يكوف لمعنى آخر كيكوف‬
‫ذكر رؽ الزكج تعريفا ككذلك التحريم في الخمر يجوز أف يكوف للشدة المطربة كيجوز‬
‫أف يكوف السم الخمر فإف االسم يوجد بوجود الشدة كيزكؿ بزكالها فهذا ال ينقض بو‬
‫حكم الحاكم‪.‬‬

‫تقسيم القياس باعتبار التصريح بالعلة كعدمو‬


‫ينقسم القياس بهذا االعتبار إلى ثبلثة أقساـ‪:‬‬
‫ُ‪ -‬قياس العلة‪ :‬كىو ما جمع فيو بالوصف المناسب المشتمل على المصلحة‬
‫الصالحة لترتيب الحكم عليها كقياس النبيذ على الخمر بجامع ًاإلسكار‪.‬‬
‫ِ‪ -‬قياس الداللة‪ :‬كىو ما جمع فيو بين األصل كالفرع بما يدؿ على العلة كيرشد‬
‫إليها كقياس النبيذ على الخمر بجامع الرائحة الكريهة كالشدة الدالة على العلة كىي‬
‫ا ًإلسكار‪.‬‬
‫ّ‪ -‬قياس في معنى األصل‪ :‬كىو ما اكتفى فيو بنفي الفارؽ المؤثر في الحكم‪ ،‬كىو‬
‫مفهوـ الموافقة‪ ،‬كالقياس الجلي كقياس األمة على العبد في تقويم حصة الشريك على‬
‫شريكو المعتق نصيبو‪.‬‬
‫قياس الشبو‬
‫إذا شابو الفرع أصلين مختلفين كحصل تردد بأيهما يلحق فهو قياس الشبو‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬إذا قتل العبد مثبل فهل يلحق بالحر فتكوف فيو الدية‪ ،‬أك بالمتاع فتكوف فيو‬
‫القيمة‪ ،‬فمن جهة أنو إنساف مكلف شابو الحر‪ ،‬كفي الحر الدية‪ ،‬كمن جهة أنو يباع‬
‫كيوىب كيورث شابو المتاع كفي المتاع القيمة فقد جمع بين شبهين مختلفين‪ ،‬شبو‬
‫الحر فيوجب الدية كشبو المتاع فيوجب القيمة‪ ،‬كلهذا سمى قياس الشبو‪ .‬ثم كجدناه‬
‫الصق بأحدىما في الحكم الشرعي حيث إنو يباع كيوىب كيورث بل كتضمن أجزاؤه‬
‫بالقيمة فهذه كلها رجحت شبهو بالماؿ فلحق بو في الضماف‪.‬‬

‫حاؿ الشيء كالمرض‪ ،‬فالمرض ييسمى‬


‫بالنسبة لقياس العلة ‪ ،‬العلة في األصل‪ :‬ما ييػغىير ى‬
‫علة؛ ألنو يغير حاؿ المريض‪.‬‬
‫العقل ىك ٍجوى‬
‫كأدرؾ ي‬
‫الحكم‪ ،‬ى‬
‫ى‬ ‫كالعلة في االصطبلح‪ :‬ىي العبلمة التي أناط بها الشارعي‬
‫ترتيبو عليها‪.‬‬
‫الحكم‪ ،‬كأدرؾ‬‫ى‬ ‫الوصف الظاىر المنضبط‪ ،‬الذم ىعلا ىق الشارع بو‬‫ي‬ ‫كيمكن أف ييقاؿ‪ :‬ىي‬
‫العقل كجوى ترتيبو عليو‪.‬‬
‫ي‬
‫فقلنا‪( :‬ىي الوصف) ‪ ،‬كالمقصود بو‪ :‬كل ما ييػ ىعلا يل بو‪ ،‬سواء كاف حكمان شرعيان‪ ،‬أك كاف‬
‫نفي أمر‪ ،‬أك كاف مركبان من أمرين‪ ،‬فكل ذلك ييسمى علةن‪.‬‬
‫إثبات أمر‪ ،‬أك كاف ى‬
‫ى‬
‫(الوصف الظاىر) ‪ ،‬فالوصف الخفي ال يمكن أف ييعلل بو‪ ،‬كمثلو‪ :‬الوصف الطردم‪،‬‬
‫الذم ال اعتبار لو‪.‬‬
‫(المنضبط) بخبلؼ الوصف المتردد‪ ،‬فبل يصلح للتعليل‪ ،‬فبل ييعلل بو كالمشقة مثبلن‪،‬‬
‫غير منضبطة؛ الختبلفهما بين شخص كشخص‪.‬‬ ‫فهي ي‬
‫الحكم‪.‬‬
‫ى‬ ‫(الذم أناط الشارع بو الحكم) أم‪ :‬علاق بو‬
‫السبب؛ فإف الشارع أناط بو الحكم‪ ،‬لكن‬‫ي‬ ‫خرج بذلك‬‫العقل كجو ترتيبو بو) ليى ي‬
‫(كأدرؾ ي‬
‫كجوب ثبلث‬
‫ى‬ ‫العقل كجوى إناطتو بو‪ ،‬كغركب الشمس‪ ،‬فقد علق الشارع عليو‬‫ال ييدرؾ ي‬
‫كجوب أربع ركعات‪،‬‬
‫ى‬ ‫ركعات‪ ،‬كىي‪ :‬صبلة المغرب‪ ،‬كغركب الشفق علق الشارع عليو‬
‫كىي صبلة العشاء‪ ،‬كالعقل ال ييدرؾ لماذا عيلقت ثبلث ركعات على غركب الشمس‪،‬‬
‫كأربع ركعات على غركب الشفق‪.‬‬
‫كأما العلة‪ :‬فإف العقل ييدرؾ كجوى تعليق الحكم عليها‪ ،‬كاإلسكار‪ :‬علة لمنع الخمر‪،‬‬
‫فالعقل ييدرؾ العبلقة ىنا؛ ألنو يعلم أف الخمر تىعتدم على العقل كتزيلو‪ ،‬كأف الحفاظ‬
‫اإلسكار ‪ -‬كىو إزالة العقل ‪-‬‬
‫ى‬ ‫على العقل من ضركريات الناس‪ ،‬لذلك جعل الشارعي‬
‫علةن لتحريم الخمر‪.‬‬
‫فقياس العلة‪ :‬ما كانت العلةي فيو موجبةن للحكم ‪.‬‬
‫أم‪ :‬كانت العلةي فيو مقتضيةن للحكم‪ ،‬بمعنى‪ :‬أنو ال يحسن تخلف الحكم عنها‪ ،‬بأف‬
‫تيوجد ىي في الفرع‪ ،‬كال يوجد الحكم فيو‪ ،‬فهذا يكوف حينئذ ممنوعان‪.‬‬
‫كمثاؿ ذلك‪ :‬قياس ضرب الوالدين أك أحدىما على التأفيف؛ فإف اهلل تعالى يقوؿ‪{ :‬إً اما‬
‫ً‬
‫ىح يد يى ىما أ ٍىك كً ي‬
‫يؼ ىكال تىػ ٍنػ ىه ٍريى ىما} [اإلسراء‪]ِّ:‬‬ ‫بلى ىما فىبل تىػ يق ٍل لى يه ىما أ ٍّ‬ ‫ً‬
‫يىػ ٍبػليغى ان ع ٍن ىد ىؾ الٍكبىػ ىر أ ى‬
‫أؼ‪ ،‬كفي القراءة السبعية األخرل‪( :‬فىبل تىػ يق ٍل لى يه ىما‬ ‫‪ ،‬فهنا نهى أف يقوؿ الولد لوالده‪ٍّ :‬‬
‫الضرب كالشتم كأنواع األذل؛‬
‫ي‬ ‫أؼ ىكال تىػ ٍنػ ىه ٍريى ىما) ‪ ،‬كمعناىما كاحد‪ ،‬كييلحق بالتأفيف‪:‬‬
‫ألف العلة متحققة فيها‪ ،‬كىي‪ :‬عدـ اإلحساف إلى الوالدين كأذاىما‪ ،‬فالضرب أبلغ في‬
‫األذل من التأفيف‪ ،‬كمثلو‪ :‬الشتم‪ ،‬فكل ذلك أبلغ في األذل من التأفيف‪.‬‬
‫فالمقيس عليو ىو‪ :‬التأفيف‪ ،‬كالفرع‪ :‬ىو الضرب كأنواع األذل‪ ،‬كالحكم‪ :‬التحريم‪،‬‬
‫كالعلة‪ :‬اإليذاء‪.‬‬
‫فبل يحسن تخلف الحكم في الفرع الذم ىو الضرب‪ ،‬بأف ييباح الضرب‪ ،‬مع منع‬
‫التأفيف‪ ،‬فهذا ال ييستحسن عقبلن‪.‬‬
‫كىذا الفرع أبلغ في تحقق العلة فيو من األصل‪ ،‬كالعلة‪ :‬ىي قطع األذل‪.‬‬
‫كالمساكم‪ :‬إلحاؽ األرز بالقمح في الربوية‪ ،‬كفي التعشير‪ ،‬أم‪ :‬في أخذ عشره في‬
‫الزكاة‪ ،‬إذا كاف مما سقت السماء‪ ،‬كنصف عشره إذا كاف مما سقاه اإلنساف بآلتو‪.‬‬
‫كاألرز لم يرد فيو النص‪ ،‬كالنص إنما كرد في القمح‪ ،‬لكن ييلحق بو األرز الجتماعهما‬
‫في العلة كىي‪ :‬الطعمية‪ ،‬كاالدخار‪ ،‬كالكيل‪ ،‬كالوزف‪ ،‬فهما يجتمعاف في كل األكصاؼ‬
‫المعتبرة‪ ،‬فكبلىما طعاـ مقتات مدخر مكيل أك موزكف‪ ،‬فييلحق بو بهذا القياس‪.‬‬
‫فالفرع‪ :‬األرز‪ ،‬كاألصل ىو البر ‪-‬أم‪ :‬القمح‪ -‬كالحكم‪ :‬حرمة الربا‪ ،‬ككجوب الزكاة‪،‬‬
‫كالوصف الجامع‪ :‬الطعمية‪ ،‬أم‪ :‬االقتيات كاالدخار‪ ،‬أك كونو مكيبلن أك موزكنان‪ ،‬على‬
‫الخبلؼ في علة الربا في ىذه األجناس‪.‬‬
‫أما قياس الداللة‪ :‬كىو االستدالؿ بأحد النظيرين على اآلخر‪ ،‬كىو أف تكوف العلة دالة‬
‫على الحكم‪ ،‬كال تكوف موجبة للحكم ‪.‬‬
‫كىذا الذم ييسمى باالستدالؿ‪ ،‬كىو ثبلثة أنواع‪:‬‬
‫ه‬
‫استدالؿ بالعلة على المعلوؿ‪.‬‬ ‫ُ‪-‬‬
‫ه‬
‫كاستدالؿ بالمعلوؿ على العلة‪.‬‬ ‫ِ‪-‬‬
‫ّ ‪ -‬كاالستدالؿ بأحد المعلولين على اآلخر‪.‬‬
‫كىو أف ييستدؿ بأحد النظيرين على اآلخر‪ ،‬كالمراد بالنظيرين ىنا‪ :‬المشتركاف في‬
‫األكصاؼ‪ ،‬كما ذكرنا في األرز كالقمح‪ ،‬فييمكن أف يتخلف الحكم في األرز ‪-‬مثبلن‪-‬‬
‫كييثبت في القمح‪.‬‬
‫كمثل ذلك‪ :‬السكر ‪-‬مثبلن‪ -‬كإلحاقو بالقمح في منع الربا فيو‪ ،‬بجامع أف كبلن منهما‬
‫و‬
‫موجبة للحكم؛ ألف العقل يمكن أف ييدرؾ فرقان بين السكر‬ ‫طعاـ‪ ،‬فالعلة ىنا غير‬
‫كالقمح‪ ،‬كىذا معنى قولو‪ :‬كال تكوف موجبة للحكم ؛ الحتماؿ كجود فرؽ بين الفرع‬
‫كاألصل‪.‬‬
‫كأكثر األصوليين يعرفوف قياس الداللة بأنو‪ :‬الجمع بين األصل كالفرع بدليل العلة‪ ،‬ال‬
‫بالعلة نفسها‪.‬‬
‫كالشدة في الخمر أك الرائحة المخصوصة‪ ،‬فإف الغلياف أك اإلرغاء كاإلزباد في الخمر‪،‬‬
‫ليس ىو العلة ‪-‬التي ىي اإلسكار‪ -‬كلكنها دليل العلة‪.‬‬
‫كبالنسبة لقياس الشبو‪ :‬كما عرفو الجويني ىو الفرع المتردد بين أصلين فيلحق‬
‫شبها‪.‬‬
‫بأكثرىما ن‬
‫ً‬
‫المتردد بين أصلين بأكثرىما شبهان بو‪.‬‬ ‫الفرع‬
‫أم‪ :‬ىو إلحاؽ ً‬
‫كاألصوليوف يمثلوف لو بػ (العبد) ‪ ،‬فهل ييلحق بالجمل الشتراكهما في ال ًٍملك‪ ،‬أك‬
‫بالرجل الحر الشتراكهما في اإلنسانية؟ فالعبد لو كصفاف‪ :‬اإلنسانية ككونو مملوكان‪،‬‬
‫فبأيهما كاف أكثر شبهان ييلحق بو‪.‬‬
‫فهو من ناحية التصرؼ مملوؾ‪ ،‬ييلحق بالمملوكات‪ ،‬فييتصرؼ فيو كما ييتصرؼ في‬
‫يخ ًر‪.‬‬
‫المملوكات األ ى‬
‫كىو من ناحية اإلنسانية‪ :‬مكلف بالغ‪ ،‬لو أكصاؼ اإلنساف من العقل كالتكليف كالبلوغ‬
‫كحصوؿ األجر على الطاعة‪ ،‬كحصوؿ اإلثم على المعصية‪ .‬فييلحق بأكثرىما شبهان بو‪،‬‬
‫كالصحيح أنو ييلحق بالحر؛ ألنو بو أشبو‪ .‬كال يصار إليو مع إمكاف ما قبلو بمعنى ال‬
‫ييلجأ إلى قياس الشبو مع إمكاف ما قبلو‪ ،‬أم‪ :‬مع كجود قياس الداللة‪ ،‬أك قياس العلة‪.‬‬

‫تقسيم العلة باعتبار مجارل االجتهاد فيها‬


‫تنقسم العلة بهذا االعتبار إلى ثبلثة أقساـ‪ :‬تحقيق العلة كتنقيحها كتخريجها‪.‬‬
‫إال أف عادة األصوليين جرت بإضافة ىذه المصادر الثبلثة إلى أحد القاب العلة كىو‬
‫المناط‪ .‬كالمناط مشتق من النوط كىو تعليق الشيء بشيء آخر فلذا أطلق الفقهاء‬
‫المناط على متعلق الحكم كىو العلة الجامعة بين األصل كالفرع‪.‬‬
‫األكؿ‪ :‬تحقيق المناط‪ :‬كىو البحث عن كجود العلة في الفرع كاالجتهاد في تحقيقها‬
‫فيو بعد النص عليها أك االتفاؽ عليها في ذاتها كىو قسماف‪:‬‬
‫ُ‪ -‬أف تكوف القاعدة الكلية منصوصة أك متفقان عليها كإنما يبحث المجتهد عن‬
‫تحقيقها في آحاد الصور كتطبيقها على الجزئيات‪ ،‬فالقاعدة الكلية مثل قولو تعالى‪:‬‬
‫{فجزاء مثل ما قتل من النعم} ‪.‬‬
‫كالجزئي الذم حققت فيو إيجاب بقرة على من صاد كىو محرـ حماران كحشيان‬
‫للمماثلة بينهما في نظر المجتهد‪ ،‬كىذا النوع متفق عليو كليس من القياس في شيء‪.‬‬
‫ِ‪ -‬البحث عن كجود العلة في الفرع بعد االتفاؽ عليها في ذاتها كالعلم بأف السرقة‬
‫ىي مناط القطع فيحقق المجتهد كجودىا في النباش ألخذه الكفن من حرز مثلو‬
‫خفية‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬تنقيح المناط‪ :‬التنقيح في اللغة‪ .‬التهذيب كالتصفية فتنقيح المناط تهذيب‬
‫العلة كتصفيتها بإلغاء ما ال يصلح للتعليل كاعتبار الصالح لو‪.‬‬
‫مثاؿ ذلك قصة األعرابي الذم جاء إلى النبي صلى اهلل عليو كسلم يضرب صدره‬
‫كينتف شعره كىو يقوؿ ىلكت كأىلكت كاقعت أىلي في نهار رمضاف‪ ،‬فقاؿ لو النبي‬
‫صلى اهلل عليو كسلم‪ " :‬اعتق رقبة "‪ ،‬الحديث‪.‬‬
‫فكونو أعرابيان‪ ،‬ككوف الموطوءة زكجة‪ ،‬ككونو جاء يضرب صدره كينتف شعره مثبل كلها‬
‫أكصاؼ ال تصلح للتعليل فتلغى‪.‬‬
‫فلو كطيء حضرم سريتو في نهار رمضاف كجاء بتؤدة كطمأنينة يسأؿ عما يجب عليو‬
‫ألجيب بوجوب الكفارة‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬تخريج المناط‪ :‬كىو أف ينص الشارع على حكم دكف علتو فيستخرج‬
‫المجتهد علتو باجتهاده كنظره في محل الحكم‪.‬‬
‫مثاؿ ذلك‪ :‬البر نص على حكمو كىو تحريم الربا دكف العلة‪ ،‬فرأل المجتهد بعد‬
‫البحث أنها الكيل مثبل فقاس عليو األرز كنحوه‪.‬‬

‫من المصطلحات التي ينبغي لطالب العلم أف يفقهها ك يفرؽ بينها ىي تخريج المناط ك‬
‫تنقيح المناط كتحقيق المناط ك قد شرحها المؤلف كضرب أمثلة عليها ك نزيد توضيحا‬
‫فتنقيح المناط ىو‪ :‬أف ينص الشارع على حكم كيضيفو إلى كصف فيقترف بو أكصاؼ‬
‫أخرل ال مدخل لها في اإلضافة كال أثر لها في الحكم‪ ،‬فيقوـ المجتهد بحذؼ ما ال‬
‫يصلح علة ليتسع الحكم‪.‬‬
‫كىو قريب من مسلك السبر كالتقسيم‪ ،‬إال أف تنقيح المناط خاص في األكصاؼ التي‬
‫دؿ عليها ظاىر النص‪ ،‬كىي محصورة بواسطة ىذا الظاىر‪ ،‬بخبلؼ السبر كالتقسيم‬
‫فإنو خاص في األكصاؼ المستنبطة الصالحة للعلية‪.‬‬
‫مثاؿ تنقيح المناط كما مثل المؤلف ‪ :‬حديث األعرابي‪ ،‬كىو‪ :‬أنو قد أتى أعرابي إلى‬
‫النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬فقاؿ‪ :‬ىلكت يا رسوؿ اهلل‪ ،‬قاؿ‪ " :‬ما لك؟ "‪ ،‬قاؿ‪:‬‬
‫كقعت على امرأتي كأنا صائم‪ ،‬فقاؿ‪ " :‬اعتق رقبة "‪.‬‬
‫فقد أشار النص إلى أكصاؼ كىي‪ " :‬كوف المواقع أعرابيا " ك " كوف الموطوءة زكجتو "‬
‫ك " كوف الوقاع حصل في رمضاف خاص " ك " كوف الوقاع حصل في رمضاف من‬
‫مكلف " ك " كونو أفسد صومان محترمان "‪ ،‬فحذؼ المجتهد جميع ىذه الصفات باألدلة‬
‫إال كصفان كاحدان كىو‪ " :‬كونو مكلفان كاقىع في نهار رمضاف " فعلل الحكم بهذا‬
‫الوصف‪.‬‬
‫يكيفرؽ بين تحقيق المناط‪ ،‬كتنقيح المناط‪ ،‬كتخريج المناط‪ :‬بأف تحقيق المناط ىو‪ :‬أف‬
‫المجتهد قد تحقق من كجود العلة كالمناط في األصل‪ ،‬كلكنو يجتهد من تحقق‬
‫كجودىا في الفرع‪ .‬فوظيفة المجتهد ىنا سهلة؛ حيث إف علة األصل موجودة في‬
‫األصل‪ ،‬كلكنو يتأكد فقط من كجودىا في الفرع بنوع اجتهاد‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬االجتهاد في القبلة؛ حيث إف استقباؿ القبلة معلوـ بالنص‪ ،‬كلكن لو اختلطت‬
‫عليو القبلة في صحراء فإنو يجتهد فيها‪.‬‬
‫كذلك علة طهارة سؤر الهرة معلومة بالنص‪ ،‬حيث قاؿ ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪" :-‬‬
‫إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم كالطوافات "‪ ،‬كلكن المجتهد يتأكد من‬
‫كجودىا في الفرع كالفأرة كنحوىا‪.‬‬
‫أما تنقيح المناط فهو‪ :‬ما سبق بيانو‪ ،‬ككظيفة المجتهد ىنا أصعب من كظيفتو في‬
‫تحقيق المناط؛ حيث إنو يبذؿ جهدان في إبراز علة حكم األصل كتعيينها‪ ،‬ثم يجتهد‬
‫مرة أخرل في تحققها في الفرع‪.‬‬
‫أما تخريج المناط فهو‪ :‬أف ينص الشارع على حكم في محل‪ ،‬كال يتعرض لمناطو كعلتو‬
‫ال صراحة كال إيماء‪ ،‬فوظيفة المجتهد ىنا أصعب من السابقين؛ حيث إف المجتهد‬
‫يقوـ باستنباط العلل التي يمكن أف ييعلل بها الحكم‪ ،‬كيختبرىا‪ ،‬ثم يرجح أحدىا‪ ،‬ثم‬
‫يتحقق من كجودىا في الفرع‪ ،‬مثل قولنا‪ :‬إف علة تحريم الخمر ىي اإلسكار‪ ،‬فقسنا‬
‫عليو النبيذ‪ ،‬كقولنا‪ :‬إف علة تحريم الربا في البر ىي‪ :‬االقتيات‪ ،‬فقسنا عليو األرز‬
‫كىكذا‪ ،‬كىذا ىو القياس الخفي الذم اختلف العلماء فيو‪.‬‬

‫مسالك العلة‬
‫مسالك العلة ىي طرقها الدالة عليها كىي كثيرة نذكر منها ثبلثة‪:‬‬
‫المسلك األكؿ‪ :‬النص الصريح على العلة كىو ما يدؿ على التعليل بلفظ موضوع لو‬
‫في لغة العرب مثل "من أجل " كما في قولو تعالى‪{ :‬من أجل ذلك كتبنا على بنى‬
‫إسرائيل} اآلية كمثل "إنما جعل االستئذاف من أجل البصر" كمثل "الباء "كما في قولو‬
‫تعالى‪{ :‬فبما نقضهم ميثاقهم لعناىم} اآلية كمثل "البلـ" كما في قولو تعالى‪{ :‬ككذلك‬
‫جعلناكم أمة كسطا لتكونوا شهداء على الناس} اآلية كقولو‪{ :‬كما خلقت الجن‬
‫كاإلنس إال ليعبدكف} كمثل "كي" كما في قولو تعالى‪{ :‬كيبل يكوف دكلة بين األغنياء‬ ‫ً‬
‫منكم} ‪.‬‬
‫المسلك الثاني‪ :‬النص المومىء إلى العلة‪ ،‬كيسمى اإليماء كالتنبيو‪ ،‬كضابطو أف يقترف‬
‫الحكم بوصف على كجو لو لم يكن علة لو لكاف الكبلـ معيبان عند العقبلء كىو أقساـ‬
‫منها‪:‬‬
‫ُ‪ /‬تعليق الحكم على العلة بالفاء‪ :‬بأف تدخل الفاء على العلة كيكوف الحكم متقدمان‬
‫كما في قولو صلى اهلل عليو كسلم في المحرـ الذم كقصتو ناقتو‪ .‬ككفنوه في ثوبيو‬
‫فإنو يبعث يوـ القيامة ملبيان‪.‬‬
‫أك تدخل الفاء على الحكم كتكوف العلة متقدمة كما في قولو تعالى‪{ :‬كالسارؽ‬
‫كالسارقة فاقطعوا أيديهما} كقولو‪{ :‬كيسألونك عن المحيض قل ىو أذل فاعتزلوا‬
‫النساء في المحيض} اآلية‪ ،‬كيلتحق بهذا القسم ما رتبو الراكم بالفاء كقولو‪" :‬سها‬
‫النبي صلى اهلل عليو كسلم فسجد‪ .‬كزنا ما عز فرجم "‪.‬‬
‫ِ‪ /‬ترتيب الحكم على الوصف بصيغة الشرط كالجزاء‪ ،‬مثل قولو تعالى‪{ :‬كمن يتق اهلل‬
‫يجعل لو مخرجان} ‪{ ،‬كمن يتوكل على اهلل فهو حسبو} ‪.‬‬
‫ّ‪ /‬أف يحكم الشارع بحكم عقب حادثة سئل عنها كقولو صلى اهلل عليو كسلم‬
‫لؤلعرابي‪" :‬اعتق رقبة" جوابان لسؤالو عن مواقعة أىلو في نهار رمضاف كىو صائم‪ ،‬فإنو‬
‫دليل على كوف الوقاع علة لوجوب الكفارة‪.‬‬
‫ْ‪ /‬أف يذكر مع الحكم شيئان لو لم يقدر التعليل بو لما كاف لذكره فائدة كىو قسماف‪:‬‬
‫أ‪ /‬أف يستنطق السائل عن الواقعة بأمر ظاىر الوجود ثم يذكر الحكم عقبو كقولو صلى‬
‫اهلل عليو كسلم لما سئل عن بيع الرطب بالتمر "أينقص الرطب إذا يبس" قالوا‪ :‬نعم‬
‫قاؿ‪" :‬فبل إذا" فلو لم يكن نقصاف الرطب باليبس علة للمنع لكاف االستكشاؼ عنو‬
‫لغوا‪.‬‬
‫ب‪ /‬أف يعدؿ في الجواب إلى نظير محل السؤاؿ كما ركل أنو صلى اهلل عليو كسلم‬
‫لما سألتو الخثعمية عن الحج عن الوالدين "أرأيت لو كاف على أبيك دين فقضيتيو‬
‫أكاف ينفعو " قالت‪ :‬نعم قاؿ‪" :‬فدين اهلل أحق أف يقضى "فيفهم منو التعليل بكونو‬
‫دينان‪.‬‬
‫المسلك الثالث‪ :‬ا ًإلجماع على العلة‪ :‬فإنو متى كجد االتفاؽ من مجتهدم األمة على‬
‫العلة صح التعليل بها مثاؿ ذلك‪ :‬الصغر فقد أجمع على أنو علة لثبوت الوالية على‬
‫الماؿ فيقاس عليو الوالية على النكاح‪.‬‬

‫بقيت مسائل عديدة لم يتعرض لها المؤلف يمكن تلخيص بعضها على شكل فوائد‪:‬‬
‫الفائدة األكلى ‪:‬‬
‫يشترط أف تكوف العلة مشتملة على حكمة قصدىا الشارع‪.‬كالمراد بالحكمة‪ :‬تحصيل‬
‫مصلحة‪ .‬أك تكميلها‪ ،‬أك دفع مفسدة أك تقليلها‪ ،‬مثل‪ :‬تعليل الترخُّص في قصر الصبلة‬
‫بالسفر؛ الشتمالو على الحكمة المناسبة للتخفيف‪ ،‬كىي‪ :‬المشقة‪ ،‬كمثل‪ :‬جعل الزنا‬
‫علة لوجوب الحد على الزاني؛ الشتمالو على حكمة مناسبة‪ ،‬كىي‪ :‬اختبلط األنساب‪.‬‬
‫الفائدة الثانية ‪:‬‬
‫يشترط أف تكوف العلة ظاىرة جلياة كاإلسكار علة لتحريم الخمر‪ ،‬كالسفر علة إلباحة‬
‫الفطر‪ ،‬كذلك ألف المقصود من الوصف المعلل بو إثبات الحكم في الفرع كال يمكن‬
‫ىذا إال إذا كاف ىذا الوصف جليان كاضحان في األصل كيوجد في الفرع كما كجد في‬
‫األصل‪.‬‬
‫أما إذا كاف خفيان في األصل فإنو ال يمكن إثبات الحكم بواسطتو في الفرع‪ ،‬فبل يصح‬
‫التعليل في الملك في البيع بالتراضي بين المتبايعين‪ ،‬ألف الرضى من األكصاؼ الخفية‬
‫التي يتعذر الوقوؼ عليها بنفسها‪.‬‬
‫الفائدة الثالثة ‪:‬‬
‫ال يجوز التعليل بالحكمة ‪ -‬كىي‪ :‬تطلق على ما يترتب على التشريع من جلب‬
‫مصلحة أك تكميلها‪ ،‬أك دفع مفسدة أك تقليلها‪ ،‬فبل يجوز التعليل بالمشقة على إباحة‬
‫الفطر للمسافر بل يعلل بنفس السفر؛ ألف المشقة حكمة الحكم‪ ،‬كقلنا ذلك ألف‬
‫حكمة الحكم الغالب فيها الخفاء‪ ،‬كعدـ االنضباط‪ ،‬فهي تختلف باختبلؼ األحواؿ‪،‬‬
‫كاألفراد‪ ،‬كاألزماف‪.‬‬
‫الفائدة الرابعة‪:‬‬
‫يجوز التعليل بالوصف المركب من أجزاء؛ قياسان على التعليل بالوصف الواحد‪ .‬فكما‬
‫أف الوصف الواحد يغلب على الظن أنو علة بأحد مسالك إثبات العلة السابقة‪،‬‬
‫فكذلك الوصف المركب من عدة أجزاء ييظن عليتو بتلك المسالك كالطرؽ كال فرؽ؛‬
‫ألف القوؿ بالفرؽ ال دليل عليو‪ ،‬كما ال دليل عليو فبل يعتمد عليو‪.‬‬
‫الفائدة الخامسة‪:‬‬
‫يجوز تعليل الحكم الواحد بعلتين فأكثر مطلقان؛ ألف العلة ىي‪ :‬الوصف المعرؼ‬
‫للحكم‪ ،‬كال مانع من اجتماع المعرفات كاألمارات على شيء كاحد كما قالوا‪ :‬إف من‬
‫لمس كباؿ فإنو ينتقض كضوءه بهما‪.‬‬
‫ى‬
‫الفائدة السادسة ‪:‬‬
‫يجوز تعليل حكمين فأكثر بعلة كاحدة؛ ألف العلة ىي‪ :‬الوصف المعرؼ للحكم‪ ،‬كال‬
‫مان ًع من أف يكوف الوصف الواحد معرفان لحكمين فأكثر‪ ،‬لكونو مناسبا لهما‪.‬‬
‫فالقذؼ ‪ -‬مثبلن ‪ -‬علة لوجوب الحد على القاذؼ‪ ،‬كىو أيضان علة لعدـ قىبوؿ شهادتو‪،‬‬
‫كالقتل العمد العدكاف علة لوجوب القصاص‪ ،‬كعلة أيضان لحرماف القاتل من الميراث‪،‬‬
‫كغركب الشمس علة لجواز الفطر في رمضاف‪ ،‬كعلة أيضان لوجوب صبلة المغرب‪،‬‬
‫كعلة أيضان لصحة الحج‪.‬‬
‫الفائدة السابعة‪:‬‬
‫يشترط في الوصف المستنبىط المعلل بو أف ال يرجع على األصل بإبطالو؛ ألف العلة لما‬
‫كانت فرعان لهذا الحكم من حيث إنها مستنبطة منو‪ ،‬كالفرع ال يجوز أف يعود على‬
‫أصلو باإلبطاؿ ‪ -‬أيضان ‪ -‬باعتبار أف إبطاؿ األصل إبطاؿ للفرع‪ ،‬فبل يجوز ‪ -‬إذف ‪-‬‬
‫أف يكوف الوصف المعلل بو مبطبلن لحكم أصلو أك جزء منو؛ ألف إبطاؿ الشيء نفسو‬
‫محاؿ‪.‬‬
‫مثاؿ ذلك‪ :‬أنو لما كرد قولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬في كل أربعين شاة شاة "‪،‬‬
‫علل بعض الحنفية كجوب الشاة في الزكاة بدفع حاجة الفقراء‪ ،‬كلذلك جوزكا إخراج‬
‫قيمتها‪.‬‬
‫كىذا التعليل ‪ -‬كىو‪ :‬دفع الحاجة ‪ -‬يرفع كجوب الشاة بعينها مع أف الحديث صريح‬
‫في كجوبها؛ ألف حاجة الفقير تندفع بقيمة الشاة أيضان‪ ،‬فتعليل ىذا بهذه العلة ‪ -‬كىي‪:‬‬
‫دفع الحاجة ‪ -‬نقل كجوب الشاة بعينها إلى تخيير المزكي بين إخراج شاة بعينها كبين‬
‫قيمتها‪ ،‬كىذا التعليل قد عاد على أصلو باإلبطاؿ‪ ،‬كىو ال يجوز‪.‬‬
‫الفائدة الثامنة‪:‬‬
‫من شركط العلة أف تكوف كصفا مناسبا للحكم كما سبق اإلشارة إليو ‪ ،‬أم تكوف مظنة‬
‫تحقيق حكمة الحكم كالغرض المقصود من تشريعو ‪ ،‬كىذه المناسبة ليست مترككة‬
‫ألىواء النفس كما تشتهيو ‪ ،‬بل لها ضوابط محكمة ‪ ،‬فبل تثبت المناسبة إال باعتبار‬
‫الشارع لها بنوع من أنواع االعتبار ‪ ،‬كلهذا قسم األصوليوف الوصف المناسب من جهة‬
‫اعتبار الشارع لو كإلغائو إلي األقساـ اآلتية ‪:‬‬
‫أكال ‪ :‬المناسب المؤثر ‪:‬‬
‫كىو الوصف الذم دؿ الشارع على أنو اعتبره بعينو علة للحكم ذاتو ‪ ،‬أم للحكم‬
‫الذم شرعو بناء عليو ‪ ،‬كىذا أتم كجوه االعتبار للوصف ‪ ،‬كسمي بالمناسب المؤثر ‪،‬‬
‫ألف الشارع باعتبار التاـ كأنو قد دؿ على أف الحكم نشأ عنو ‪ ،‬أك أنو أثر من آثاره ‪،‬‬
‫كىذا أعلى أنواع المناسب ‪ ،‬كال خبلؼ في صحة القياس عليو عند القائلين بالقياس ‪،‬‬
‫مثالو ‪ ) :‬كيسألونك عن المحيض قل ىو أذم فاعتزلوا النساء في المحيض ( [البقرة ‪:‬‬
‫ِِِ] فالحكم بإيجاب االعتزاؿ في المحيض ثابت بهذا النص ‪ ،‬كصياغتو صريحة‬
‫في أف األذل الناشئ عن المحيض ىو علة الحكم ‪ ،‬فهو أم كصف مؤثر ‪.‬‬
‫كمنو – أيضا ‪ : -‬قوؿ النبي صلى اهلل عليو ك سلم‪ « :‬إنما نهيتكم ألجل الدافة»‪ ،‬أم‬
‫نهيتكم عن ادخار لحوـ األضاحي ألجل األعراب الوافدين على المدينة كحاجتهم إلي‬
‫الطعاـ ‪ ،‬فهذا النص صريح في أف علة النهي عن االدخار ىي الدافة ‪ ،‬فالدافة كصف‬
‫مناسب مؤثر ‪ ،‬كمثالو – أيضا ‪) :-‬كابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإف أنستم‬
‫منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ([النساء ‪ ]ٔ :‬فهذا النص القرآني يشير إلي أف‬
‫الوالية المالية على من لم يبلغ الحلم تثبت لوليو ‪ ،‬كأف علة ىذا الحكم ىي الصغر ‪،‬‬
‫كقد انعقد اإلجماع على ىذا ‪ ،‬أم أف الصغر ىو علة الحكم بالوالية على ماؿ الصغير‬
‫ثانيا ‪ :‬المناسب المبلئم ‪:‬‬
‫كىو الوصف الذم لم يقم دليل من الشارع على اعتبار ق بعينو علة لحكمو كإنما قاـ‬
‫دليل شرعي من نص أك إجماع على اعتباره بعينو علة لجنس الحكم ‪ ،‬أك اعتبار جنسو‬
‫علة لعين الحكم ‪ ،‬أك اعتبار جنسو علة لجنس الحكم ‪.‬‬
‫فإذا علل المجتهد حكما شرعيا بهذا النوع من المناسب يكوف تعليلو مبلئما لنهج‬
‫الشارع في التعليل كبناء الحكاـ ‪ ،‬فيكوف تعليلو سائغا كالقياس عليو صحيحا ‪.‬‬
‫كنضرب فيما يلي بعض األمثلة على كجوه ىذا النوع من المناسب‪:‬‬
‫أ – مثاؿ الوصف الذم اعتبر الشارع عينو علة لجنس الحكم ‪ :‬ثبوت الوالية لؤلب‬
‫على تزكيج ابنتو البكر الصغيرة ‪ ،‬كالعلة في ىذا الحكم – على رأم الحنفية – ىي‬
‫الصغر ‪ ،‬ال البكارة ‪ ،‬محتجين بأف الشارع شهد لهذا الوصف باالعتبار ‪ ،‬حيث جعل‬
‫علة الوالية على الماؿ ‪ ،‬كحيث إف ىذه الوالية كالوالية على التزكيج من جنس كاحد ‪،‬‬
‫ىو الوالية المطلقة ‪ ،‬فكأف الشارع اعتبر الصغر علة لكل ما ىو من جنس الوالية ‪ ،‬أم‬
‫لجميع أنواع الوالية ‪ ،‬فيكوف الصغر ىو الوصف المناسب الذم علق عليو الحكم‬
‫بالوالية على تزكيج الصغيرة ‪ ،‬سواء أكانت بكرا أـ ثيبا ‪.‬‬
‫ب – كمثاؿ الوصف الذم اعتبر الشارع جنسو علة لعين الحكم ‪ :‬جمع الصبلة في‬
‫اليوـ المطير عند من أخذ بو الفقهاء ‪ :‬كاإلماـ مالك فالسنة كردت بجواز الجمع في‬
‫اليوـ المطير‪ ،‬كلكن لم تبين صراحة علة ىذا الحكم ‪ ،‬كلكن كجد أف الشارع اعتبر‬
‫كصفا من جنس ىذا الوصف – أم المطر – علة لحكم الجمع ‪ ،‬كىو السفر ‪ ،‬ألف‬
‫كل من السفر كالمطر جنس كاحد ف ككونو مظنة المشقة التي يناسبها التيسير‬
‫كالتخفيف عن المكلفين‪ ،‬كإف الحكم بإباحة جمع الصبلة عند السفر ىو عينو الوارد‬
‫عند المطر ‪ ،‬فاعتبار الشارع السفر علة لجمع الصبلتين تخفيفا عن المسافر ‪ ،‬يدؿ‬
‫على اعتبار ما ىو من جنسو – كالمطر – مبيحا للتخفيف كالجمع بين الصبلتين ‪،‬‬
‫فيكوف المطر علة الحكم بجواز الجمع ‪ ،‬فيقاس عليو جواز الجمع في حالة سقوط‬
‫الثلج كالبرد ‪ ،‬كنحو ذلك ‪.‬‬
‫ج – كمثاؿ الوصف الذم اعتبر الشارع جنسو علة الحكم لجنس الحكم ‪ :‬الحيض‬
‫في إسقاط الصبلة عن الحائض ‪ ،‬ذلك أف الحكم الشرعي ىو أف الحائض ال تصوـ‬
‫كال تصلي في أثناء حيضها ‪ ،‬فإذا طهرت لزمها قضاء الصوـ ال الصبلة ‪ .‬كالعلة في‬
‫ىذا الحكم ‪ :‬أف إلزاـ الحائض – إذا طهرت بقضاء الصبلة التي فاتتها – مع تكرار‬
‫أكقاتها – حرج كمشقة عليها ف فأقاـ الشارع الحيض مقاـ ىذه المشقة الناشئة عنو ‪،‬‬
‫كجعلو علو للحكم بعدـ قضائها الصبلة ‪ ،‬كفي الشريعة ما يشهد العتبار ما ىو من‬
‫جنس الحيض « باعتبار مظنة المشقة » علة لما ىو من جنس إسقاط قضاء الصبلة‬
‫عن الحائض ‪ ،‬فالسفر مثبل مظنة المشقة ف كقد بني عليو حكم قصر الصبلة كجمعها‬
‫كإباحة الفطر في رمضاف ‪ .‬ككل ىذه األحكاـ مع حكم إسقاط الصبلة عن الحائض‬
‫يجمعها جامع التخفيف كرفع المشقة عن المكلف ‪ ،‬فهي إذف جنس كاحد ‪ ،‬كما أف‬
‫السفر الذم ىو علة لهذه األحكاـ مظنة المشقة ‪ ،‬فيكوف ىو كالحيض من مظاف‬
‫المشقة فيكوناف من جنس كاحد ‪.‬‬
‫كمثالو – أيضا – حرمة شرب قليل الخمر كإف لم يسكر ‪ ،‬فالمجتهد يرم أف علة‬
‫التحريم ىي سد الذريعة المفضية إلي شرب الكثير المسكر ‪ ،‬كيجد شاىدا لذلك من‬
‫أحكاـ الشريعة ‪ ،‬فالخلوة باألجنبية محرمة ‪ ،‬كالعلة ىي سد الذريعة إلي المحظور‬
‫األكبر ‪ .‬فشرب قليل الخمر كالخلوة باألجنبية كصفاف من جنس كاحد ىو الذريعة إلي‬
‫المحرـ ‪ .‬كحرمة كل منهما جنس كاحد ىو مطلق التحريم ‪ ،‬فيقاس على قليل الخمر‬
‫قليل النبيذ في حرمتو ‪.‬‬
‫كمثالو أيضا ‪ :‬سؤر الهرة طاىر غير نجس ‪،‬كقد علل النبي صلى اهلل عليو ك سلم‬
‫ىذا الحكم بقولو ‪ « :‬إنها من الطوافين عليكم كالطوافات » ‪ ،‬فيدؿ على أف علة‬
‫الطهارة كونها من الطوافين ‪ ،‬ألف الطواؼ مظنة المشقة كالحرج إذا قلنا بنجاسة سؤرىا‬
‫‪ ،‬فكاف الحكم بطهارتو تخفيفا عن المكلف مظنة المشقة كالحرج إذا قلنا بنجاسة‬
‫سؤرىا فكاف الحكم بطهارتو تخفيفا عن المكلف كدفعا للمشقة عنو ‪ .‬فيمكن أف يقاس‬
‫على ىذا جواز رؤية الطبيب لعورة المرأة قياسا على طهارة سؤر الهرة بجامع رفع‬
‫الحرج في المسألتين كىما من جنس كاحد ‪ ،‬ىو مظنة الحرج إف قلنا بعدـ جواز رؤية‬
‫الطبيب لعورة المرأة مع الحاجة إلي ىذه الرؤية ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬المناسب المرسل ‪:‬‬
‫كىو الوصف الذم لم يشهد لو دليل خاص باالعتبار أك باإللغاء‪ ،‬كلكن ترتيب‬
‫الحكم على كفقو ‪ ،‬أم بناء الحكم عليو يحقق مصلحة تشهد لها عمومات الشريعة‬
‫من حيث الجملة ‪،‬فهو من حيث إنو يحقق مصلحة من جنس مصالح الشريعة يكوف‬
‫مناسبا ‪ ،‬كمن حيث إنو خاؿ عن دليل يشهد لو باالعتبار أك باإللغاء يكوف مرسبل ‪.‬‬
‫كىذا ىو الذم يسمي بالمصلحة المرسلة ‪ ،‬كىو حجة عند المالكية كالحنابلة كمن‬
‫كافقهم ‪ ،‬كليس بحجة عند غيرىم كالحنفية كالشافعية ‪ ،‬كمثالو ‪ :‬جمع القرآف ‪ ،‬كضرب‬
‫النقود كاتخاذ السجوف ‪ ،‬ككضع الخراج على األراضي الزراعية المفتوحة ‪ ،‬كغير ذلك ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬المناسب الملغي ‪:‬‬
‫كىو الوصف الذم قد يبدك أنو مناسب لبناء حكم معين عليو حسب ما يتوىمو‬
‫الشخص ‪ ،‬كلكن الشارع ألغي اعتباره كما في قوؿ المتوىم ‪ :‬إف اشتراؾ االبن مع‬
‫البنت في البنوة – من المتوفى – كصف مناسب للتسوية بينهما في الميراث ‪ ،‬فهذا‬
‫محض كىم كليس بالمناسب ‪ ،‬ألف الشارع ألغي مناسبتو على أف الذكر يأخذ ضعف‬
‫األنثى ف كىذا ال يجوز بناء األحكاـ عليو ‪ ،‬ألنو خطأ كباطل قطعا ‪.‬‬

‫ترتيب األدلة كترجيح بعضها علما بعض‬


‫عقد ىذا الباب لترتيب األدلة‪ ،‬فيما ييبدأ بو منها‪ ،‬كما ىو قطعي منها‪ ،‬كما ىو ظني‪.‬‬
‫فقاؿ‪:‬‬

‫ترتيب األدلة‬
‫األدلة جمع دليل كالمراد بو ىنا‪ :‬ما تثبت بو األحكاـ الشرعية من الكتاب كالسنة‬
‫كاإلجماع كالقياس كقوؿ الصحابي كاالستصحاب‪.‬‬
‫كالترتيب في اللغة جعل كاحد من شيئين أك أكثر في رتبتو التي يستحقها‪ ،‬كمعلوـ أف‬
‫األدلة الشرعية متفاكتة في القوة فيحتاج إلى معرفة األقول ليقدـ على غيره عند‬
‫التعارض‪.‬‬
‫كدرجات األدلة الشرعية على الترتيب اآلتي‪:‬‬
‫ُ‪ -‬اإلجماع‪ :‬ألنو قطعي معصوـ من الخطأ كال يتطرؽ إليو نسخ‪ ،‬كالمراد بو اإلجماع‬
‫القطعي كىو النطقي المنقوؿ بالتواتر أك المشاىد بخبلؼ غيره‪.‬‬
‫ِ‪ -‬النص القطعي كىو نوعاف‪:‬‬
‫ُ‪ -‬الكتاب‪.‬‬
‫ِ‪ -‬السنة المتواترة كىي في قوة الكتاب ألنها تفيد العلم القطعي‪.‬‬
‫ّ‪ -‬خبر اآلحاد‪ ،‬كيقدـ منو الصحيح لذاتو فالصحيح لغيره فالحسن لذاتو فالحسن‬
‫لغيره‪.‬‬
‫ْ‪ -‬القياس‪ ،‬كعند أحمد يقدـ قوؿ الصحابي على القياس في إحدل الركايتين عنو‪.‬‬
‫فإف لم يكن دليل من ىذه األدلة استصحب األصل كىو براءة الذمة من التكاليف‬
‫فإذا تعارض أحد ىذه األدلة مع اآلخر قدـ األقول منها‪.‬‬

‫خبلصة ما ذكره المؤلف أف األدلة السابقة «الكتاب كالسنة كاإلجماع كالقياس» إذا‬
‫اتفقت على حكم أك انفرد أحدىا من غير معارض كجب إثباتو‪ ،‬كإف تعارضت‪ ،‬كأمكن‬
‫الجمع كجب الجمع‪ ،‬كإف لم يمكن الجمع عمل بالنسخ إف تمت شركطو‪.‬كإف لم‬
‫يمكن النسخ كجب الترجيح‪.‬‬
‫فيرجح من الكتاب كالسنة‪:‬النص على الظاىر‪ ،‬كالظاىر على المؤكؿ ‪ ،‬كالمنطوؽ على‬
‫المفهوـ‪.‬ك المثبت على النافي‪ ،‬كالناقل عن األصل على المبقي عليو‪ ،‬ألف مع الناقل‬
‫زيادة علم‪ ،‬كالعاـ المحفوظ «كىو الذم لم يخصص» على غير المحفوظ‪.‬كما كانت‬
‫صفات ال ىقبوؿ فيو أكثر على ما دكنو‪ ،‬كصاحب القصة على غيره‪ ،‬كيقدـ من اإلجماع‪:‬‬
‫القطعي على الظني‪ ،‬كيقدـ من القياس‪ :‬الجلي على الخفي‪ ،‬ىذا باختصار ك سيأتي‬
‫التفصيل‪.‬‬

‫تنبيو‪ :‬ال يقع تعارض بين قطعيين إال إذا كاف أحدىما ناسخان لآلخر أك مخصصان لو ألف‬
‫كل قطعي يفيد العلم كالعمل فإذا تعارضا تناقضا كالشريعة ال تتناقض‪.‬‬
‫كال بين قطعي كظني‪ ،‬ألف الظني ال يقاكـ القطعي بل يقدـ القطعي عليو‬
‫ما لم يكن مخصصان لو فيكوف من باب تخصيص العاـ كما تقدـ فبل يترؾ الظني‬
‫لوجود القطعي حينئذ‪.‬‬
‫مثاؿ ذلك قولو تعالى {حرمت عليكم الميتة كالدـ} كىو فهذا نص قطعي الثبوت عاـ‬
‫الداللة في كل ميتة ككل دـ مع حديث "أحلت لنا ميتتاف كدماف أما الميتتاف فالجراد‬
‫كالحوت كأما الدماف فالكبد كالطحاؿ "‪.‬‬
‫كحديث ميتة البحر كىو قولو صلى اهلل عليو كسلم في البحر "ىو الطهور ماؤه الحل‬
‫ميتتو"‪ .‬فخصص عموـ الكتاب كىو قطعي بخبر اآلحاد كىو ظني كلم يقدـ القطعي‬
‫على الظني‪.‬‬
‫فإذا عرؼ أنو ال يقع تعارض بين قطعيين كال بين قطعي كظني لم يبق إال الظنياف فإذا‬
‫تعارض ظنياف فبل يخلو أمرىما من إحدل حالتين‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬إمكاف الجمع بينهما‪ ،‬كالثانية عدـ إمكانو‪.‬‬
‫ففي حالة إمكاف الجمع يجمع بينهما سواء علم تاريخهما أكلم يعلم مثاؿ ذلك‬
‫حديث اغتساؿ الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم بفضل ميمونة كقولو لها بعد أف أخبرتو‬
‫أنها كانت جنبا "أف الماء ال يجنب " مع حديث نهيو صلى اهلل عليو كسلم أف تغتسل‬
‫المرأة بفضل الرجل كالرجل بفضل المرأة فجمع بينهما بحمل النهي على الكراىة‬
‫كالفعل على ا ًإلباحة كيؤيد ىذا الجمع حديث بئر بضاعة أف الماء طهور ال ينجسو‬
‫شيء إال ما غلب على ريحو كطعمو كلونو‪.‬‬
‫فإذا لم يمكن الجمع فلو حالتاف‪:‬‬
‫ُ‪ -‬معرفة التاريخ كيكوف المتأخر ناسخان للمتقدـ مثالو حديث طلق بن على رضي اهلل‬
‫عنو أنو قدـ المدينة ككاف مسجد رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم من عريش فسمع‬
‫أعرابيان يسأؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم عن الرجل يمس ذكره بعد أف يتوضأ‪،‬‬
‫أعليو كضوء‪ ،‬فقاؿ لو رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم‪" :‬كىل ىو إال بضعة منك "‪.‬‬
‫مع حديث بسرة بنت صفواف كأبي ىريرة رضي اهلل عنهما أف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬
‫كسلم قاؿ‪" :‬من مس ذكره فليتوضأ" فقد تعارض ىذاف الحديثاف كلم يمكن الجمع‬
‫كقد علم تقدـ حديث طلق كتأخر حديث بسرة كأبي ىريرة ألف حديث طلق حين كاف‬
‫مسجد رسولو اهلل صلى اهلل عليو كسلم من عريش أم في أكؿ قدكـ رسوؿ اهلل صلى‬
‫اهلل عليو كسلم المدينة‪ ،‬مع أف إسبلـ أبي ىريرة حصل في السنة السابعة من الهجرة‬
‫فحكم بعض العلماء على األكؿ بالنسخ‪.‬‬
‫ِ‪ -‬فإف لم يعلم التاريخ‪ ،‬فالترجيح بطلب أمر خارج عنهما يرجح بو أحدىما على‬
‫اآلخر‪ ،‬كمثالو األحاديث الدالة على التغليس بصبلة الصبح مع األحاديث الدالة على‬
‫ًاإلسفار بها فإنو لم يمكن الجمع بينهما كلم يعلم التاريخ فرجح جانب التغليس‬
‫لموافقتو لعموـ قولو تعالى‪{ :‬كسارعوا إلى مغفرة من ربكم} ‪.‬‬
‫ككذلك حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما في زكاج رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم‬
‫بميمونة كىو محرـ مع حديث أبي رافع أنو تزكجها كىو حبلؿ قاؿ ككنت السفير‬
‫بينهما‪ ،‬فالقصة كاحدة كال تفاكت في الزمن بالنسبة إلى الحديثين فبل يمكن إدعاء‬
‫النسخ في أحدىما كال يمكن الجمع بين حبلؿ كمحرـ في كقت كاحد فانتقل إلى‬
‫الترجيح فرجح حديث أبي راف ًع على حديث ابن عباس ألمور منها‪:‬‬
‫ُ‪ -‬كونو سفيراى بين رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم كميمونة فيكوف أعلم بحقيقة‬
‫الواقع من ابن عباس إذ ىو المباشر للقصة‪.‬‬
‫ِ‪ -‬جاء عن ميمونة نفسها كىي صاحبة القصة أف الزكاج كاف كرسوؿ اهلل صلى اهلل‬
‫عليو كسلم حبلؿ غير محرـ‪.‬‬
‫ِ‪ -‬الترجيح‬
‫تعريفو‪ :‬ىو تقوية أحد الطرفين المتعارضين فيقوـ بسببو على غيره‪.‬‬
‫طريق الترجيح‪ :‬كالترجيح إما أف يكوف عن طريق السند أك عن طريق المتن أك ألمر‬
‫خارج عنهما‪.‬‬
‫أكال‪ :‬الترجيح عن طريق السند‪:‬‬
‫ن‬
‫ُ‪ -‬يقدـ األكثر ركاة على األقل كاألعلى سندان على األنزؿ منو‪.‬‬
‫ِ‪ -‬تقدـ ركاية األضبط األحفظ على ركاية الضابط الحافظ‪.‬‬
‫ّ‪ -‬يقدـ المسند على المرسل‪.‬‬
‫ْ‪ -‬تقدـ ركاية صاحب القصة كالمباشر لها على األجنبي عنها‪.‬‬
‫كمن أمثلة ذلك‪ :‬تقديم حديث ميمونة كأبي رافع على حديث ابن عباس كما تقدـ‬
‫قريبان ألف ميمونة ىي صاحبة القصو كأبا رافع ىو السفير بين رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬
‫كسلم كميمونة‪.‬‬
‫ككذلك تقديم حديث عائشة كأـ سلمة رضي اهلل عنهما في صحة صوـ من أدركو‬
‫الفجر كىو جنب على حديث أبي ىريرة بخبلؼ حديثهما‪ ،‬ألف عائشة كأـ سلمة‬
‫أدرل من أبي ىريرة في ذلك ألف غسل الجنابة كما يشاكلو من أمور البيت التي‬
‫يشهدانها كغيرىما يغيب عنو‪.‬‬
‫ثانيان‪ :‬الترجيح عن طريق المتن‪ :‬كأف يقدـ النص على الظاىر‪ ،‬كالظاىر على المؤكلة‪،‬‬
‫كالمؤكؿ بقرينة صحيحة على ما ليست لو قرينة أكلو كلكنها باطلة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الترجيح لؤلمر خارج عنهما‪.‬‬
‫ُ‪ -‬يقدـ ما تشهد لو نصوص أخرل على ما لم تشهد لو‪ ،‬كأحاديث التغليس في‬
‫الصبح كما تقدـ‪.‬‬
‫ِ‪ -‬كيقدـ الخبر الناقل عن حكم األصل كالموجب للعبادة مثبل على النافي لها ألف‬
‫النافي جاء على مقتضى العقل كاآلخر متأخر فكاف كالناسخ‪ ،‬مثل حديث بسرة كأبي‬
‫ىريرة في نقض الوضوء بمس الذكر فيقدـ على حديث طلق بن علي لكونو جاء على‬
‫مقتضى األصل‪.‬‬
‫ّ‪ -‬تقدـ ركاية ا ًإلثبات على ركاية النفي ألف المثبت معو زيادة علم خفيت على‬
‫النافي‪.‬‬
‫ْ‪ -‬يقدـ المقتضي للحظر على المبيح لكونو أحوط‪.‬‬

‫التعارض ىو‪ :‬تقابل الدليلين على سبيل الممانعة‪ .‬ك قد ذكر األصوليوف أف لو شركط‬
‫يجب أف تتوفر حتى يحكم بو كيبحث عن الترجيح ك من ىذه الشركط‪:‬‬
‫الشرط األكؿ‪ :‬أف يكوف الدليبلف متضادين تماـ التضاد‪ ،‬بأف يكوف أحدىما يحرـ‬
‫كاآلخر يبيح‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬أف يتساكل الدليبلف في القوة‪ ،‬فبل تعارض بين متواتر كآحاد‪ ،‬كال بين ما‬
‫داللتو قطعية كما داللتو ظنية‪.‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬أف يكوف تقابل الدليلين في كقت كاحد؛ ألف اختبلؼ الزمن ينفي‬
‫التعارض‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪ :‬أف يكوف تقابل الدليلين في محل كاحد‪ ،‬ألف التضاد كالتنافي ال يتحقق‬
‫بين الشيئين في محلين‪ .‬كبالنسبة لطرؽ الترجيح بين األدلة فقد ذكر الشيخ طرفا منها‬
‫ك نزيد على ذلك جبلء ‪ ،‬يقوؿ اإلماـ الشوكاني في إرشاد الفحوؿ ‪ « :‬ا ٍعلى ٍم‪ :‬أى اف‬
‫اد‪ ،‬ىكقى ٍد يى يكو يف بًا ٍعتًبىا ًر ال ىٍم ٍت ًن‪ ،‬ىكقى ٍد يى يكو يف بًا ٍعتًبىا ًر‬ ‫اإلسنى ً‬
‫يح قى ٍد يى يكو يف بًا ٍعتًبىا ًر ًٍ ٍ‬ ‫ً‬
‫التػ ٍارج ى‬
‫ًج‪ ،‬فىػ ىه ًذهً أ ٍىربىػ ىعةي أىنٍػ ىو واع‪.‬‬‫وؿ‪ ،‬ىكقى ٍد يى يكو يف بًا ٍعتًبىا ًر أ ٍىم ور ىخار و‬
‫الٍم ٍدلي ً‬
‫ى‬
‫س ًة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كالنػاوع ال ى ً‬
‫يح بىػ ٍي ىن ٍاألىقٍي ى‬
‫س‪ :‬التػ ٍارج ي‬ ‫ٍخام ي‬ ‫ى ٍي‬
‫كد السمعية‪.‬‬ ‫ادس‪ :‬التػارًجيح بػين الٍح يد ً‬ ‫كالنػاوعي ال ا ً‬
‫س ي ٍ ي ىٍ ى ي‬ ‫ى ٍ‬
‫النوع األكؿ‪ :‬الترجيح باعتبار اإلسناد‪.‬‬
‫الصورة األكلى‪:‬‬
‫الترجيح بكثرة الركاة‪ ،‬فيرجح ما ركاتو أكثر على ما يرىكاتًًو أىقى ال‪ ،‬لً يق اوةً الظان بً ًو‪ ،‬ىكإًلىٍي ًو‬
‫ور‪.‬‬
‫ٍج ٍم يه ي‬‫ب ال ي‬ ‫ذى ىى ى‬
‫اؿ الٍ ىك ٍرًخ ُّي‪.‬‬ ‫ات‪ ،‬ىكبً ًو قى ى‬ ‫اد ً‬ ‫ش ىه ى‬‫شافً ًع ُّي فًي الٍ ىق ًد ًيم إًلىى أىناػ يه ىما ىس ىواءه ىك ىشباػ ىهوي بًال ا‬‫ب ال ا‬ ‫ىك ىذ ىى ى‬
‫يل آ ىخ ىر قي ًط ىع بًاتػبى ًاع ٍاألى ٍكثى ًر‪ ،‬فىًإناوي أ ٍىكلىى‬‫الر يجوعي إًلىى ىدلً و‬ ‫ٍح ىرىم ٍي ًن‪ :‬إً ٍف لى ٍم يي ٍم ًك ًن ُّ‬ ‫اؿ إً ىم ي‬
‫اـ ال ى‬ ‫قى ى‬
‫اف ىى ًذهً ً‬
‫ص ىفتيػ يه ىما لى ٍم ييػ ىعطليوا‬ ‫ض لى يهم ىخبػر ً‬
‫ار ى ٍ ى ى‬ ‫اإللٍغى ًاء؛ ًألىناا نىػ ٍعلى يم أى اف ال ا‬
‫ص ىحابىةى لى ٍو تىػ ىع ى‬ ‫ًم ىن ًٍ‬
‫ال ىٍواقً ىعةى‪ ،‬بى ٍل ىكانيوا ييػ ىقد يمو ىف ىى ىذا‪.‬‬
‫ىح ًد ًى ىما‪،‬‬
‫ت يرىكاةي أ ى‬ ‫اف‪ ،‬ىكثيػ ىر ٍ‬ ‫ضً‬ ‫اف يمتىػ ىعا ًر ى‬‫اؿ‪ :‬كأى اما إً ىذا ىكا ىف فًي الٍمسأىلى ًة قًياس‪ ،‬ك ىخبػر ً‬
‫ى ٍ ى ه ى ىى‬ ‫قى ى ى‬
‫اد ىعلىى ما يؤدم إليو اجتهاد الناظر‪.‬‬ ‫فىال ىٍم ٍسأىلىةي ظىنػياةه‪ ،‬ىك ًاال ٍعتً ىم ي‬
‫ب‬‫اد ىعلىى ىما غىلى ى‬ ‫اضي‪ ،‬ىكالٍغى ىزالً ُّي‪ ،‬ىك يى ىو أى اف ًاال ٍعتً ىم ى‬ ‫كفًي الٍمسأىلى ًة قىػو هؿ رابً هع صار "إًلىٍي ًو" الٍ ىق ً‬
‫ىٍ ٍ ى ىى‬ ‫ى‬
‫س ًم ٍن ىع ٍدلىٍي ًن‪ ،‬لً ًش ادةً يىػ ىقظىتً ًو ىك ى‬
‫ض ٍب ًط ًو‪.‬‬ ‫عدؿ أىقػ ىٍول فًي الناػ ٍف ً‬ ‫ب و‬ ‫على ظى ُّن ال يٍم ٍجتى ًه ًد‪ ،‬فىػ ير ا‬
‫انٍػتىػ ىهى‪.‬‬
‫الرىكاةً ًمثٍ يل‬
‫يح بًالٍ ىكثٍػ ىرةً‪ ،‬ىك يى ىو ىك ٍو يف ٍاألى ٍكثى ًر ًم ىن ُّ‬ ‫كض فًي التػ ٍارًج ً‬ ‫ً‬
‫يح‪ ،‬لىك ان ال ىٍم ٍف ير ى‬ ‫صح ه‬
‫ك ىى ىذا ً‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫ف ال ىٍع ىدالى ًة ىكنى ٍح ًو ىىا‪.‬‬ ‫صً‬ ‫ٍاألىقىل فًي ىك ٍ‬
‫اد ً‬ ‫ً‬ ‫يد‪ :‬ىو مر اجح ًمن أىقػٍول الٍمرجح ً‬ ‫يق ال ًٍع ً‬‫اؿ ابٍ ين ىدقً ً‬
‫ؼ‬ ‫ات‪ ،‬فىًإ اف الظا ان يىػتىأى اك يد ع ٍن ىد تىػ ىر ي‬ ‫يى ه ٍ ى ي ى ى‬ ‫قى ى‬
‫ٍم بً ًو يمتىػ ىواتًنرا‪ .‬انٍػتىػ ىهى‪.‬‬ ‫ً ً‬ ‫ا ً‬ ‫ً ً‬
‫الرىكايىات‪ ،‬ىكل ىه ىذا يىػ ٍق ىول الظ ُّن إلىى أى ٍف يىص ىير الٍعل ي‬
‫ب ٍاآل ىخ ًر‪ ،‬فىًف ًيو قىػ ٍوىال ًف‪:‬‬ ‫ٍجانً ً‬ ‫ً‬ ‫ت الٍ ىكثٍػ ىرةي ًم ٍن ىجانً و‬ ‫ضً‬
‫ب‪ ،‬ىكال ىٍع ىدالىةي م ىن ال ى‬ ‫ار ى‬‫أى اما لى ٍو تىػ ىع ى‬
‫ىح يد يى ىما‪ :‬تىػ ٍرًجي يح الٍ ىكثٍػ ىرةً‪.‬‬ ‫أى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ب ىع ٍد وؿ يىػ ٍع ًد يؿ أىل ى‬ ‫يح ال ىٍع ىدالى ًة‪ ،‬فىًإناوي ير ا‬ ‫ً‬
‫يل‪ :‬إً اف يش ٍعبىةى‬ ‫ٍف ىر يج ول في الثػ ىقة‪ ،‬ىك ىما ق ى‬ ‫يه ىما‪ :‬تىػ ٍرج ي‬ ‫ىكثىانً ي‬
‫ص ىحابىةي ييػ ىقد يمو ىف ًرىكايىةى الصد ًيق ىعلىى ًرىكايىًة‬ ‫"مائىػتىػ ٍي ًن"‪ ،‬ىكقى ٍد ىكا ىف ال ا‬ ‫اج ىكا ىف يػع ًد يؿ ً‬ ‫ٍح اج ً‬
‫ىٍ‬ ‫بٍ ىن ال ى‬
‫غىٍي ًرهً‪.‬‬
‫النػ ٍاوعي الثاانًي‪:‬‬
‫ٍخطىأى‬ ‫ادهي ىعالًينا؛ ًألى اف ال ى‬ ‫ك بًأى ٍف يى يكو ىف إً ٍسنى ي‬ ‫ط فً ًيو قىلًيلىةن‪ ،‬ىكذىلً ى‬ ‫ت ال ىٍو ىسائً ي‬ ‫أىناوي يػر اجح ما ىكانى ً‬
‫يى ي ى‬
‫ت ىك ىسائًطيوي أى ٍكثىػ ىر‪.‬‬ ‫ت ىك ىسائًطيوي أىقى ال‪ ،‬يدك ىف ىما ىكانى ٍ‬ ‫يما ىكانى ٍ‬ ‫كالٍغىلى ى ً‬
‫طف ى‬ ‫ى‬
‫ث‪:‬‬ ‫النػ ٍاوعي الثاالً ي‬
‫ب إًلىى الض ٍاب ًط‪ ،‬إًاال أى ٍف يعلم أف‬ ‫أىناػها تيػر اجح ًركايةي الٍ ىكبًي ًر ىعلىى ًركاي ًة ال ا ً ً‬
‫صغي ًر؛ ألىناوي أىقػ ىٍر ي‬ ‫ىى‬ ‫ى ى ي ىى‬
‫ض ٍبطنا ًم ٍنوي‪.‬‬ ‫الصغير مثلو في الضبط‪ ،‬كأكثر ى‬
‫ؼ‬‫ك‪ً ،‬ألىناوي أى ٍع ىر ي‬ ‫النػ ٍاوعي ال ارابً يع‪" :‬أىناػ ىها" تيػ ىر اج يح ًرىكايىةي ىم ٍن ىكا ىف فىًق نيها ىعلىى ىم ٍن لى ٍم يى يك ٍن ىك ىذلً ى‬
‫اظ‪.‬‬‫ت ٍاألىلٍ ىف ً‬ ‫وال ً‬ ‫بً ىم ٍدلي ى‬
‫س‪:‬‬ ‫النػاوع ال ى ً‬
‫ٍخام ي‬ ‫ٍي‬
‫ؼ بًال ىٍم ٍعنىى ًم ام ٍن لى ٍم يى يك ٍن‬ ‫"أىناػ ىها" تيػ ىر اج يح ًرىكايىةي ىم ٍن ىكا ىف ىعالً نما بًاللُّغى ًة ال ىٍع ىربًيا ًة؛ ًألىناوي أى ٍع ىر ي‬
‫ك‪.‬‬ ‫ىك ىذلً ى‬
‫س‪:‬‬ ‫النػاوعي ال ا ً‬
‫ساد ي‬ ‫ٍ‬
‫ىح يد يى ىما أ ٍىكثى ىق ًم ىن ٍاآل ىخ ًر‪.‬‬ ‫أى ٍف يى يكو ىف أ ى‬
‫سابً يع‪:‬‬‫النػ ٍاوعي ال ا‬
‫ظ ًم ىن ٍاآل ىخ ًر‪.‬‬ ‫ىح ىف ى‬‫ىح يد يى ىما أ ٍ‬‫أى ٍف يى يكو ىف أ ى‬
‫النػاوع الث ً‬
‫اام ين‪:‬‬ ‫ٍي‬
‫أى ٍف يى يكو ىف أحدىما من الخلفاء األربعة دكف اآلخر‪.‬‬
‫النػاوعي الت ً‬
‫ااس يع‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫ىح يد يى ىما يمتابً نعا ىك ٍاآل ىخ ير يم ٍبتى ًد نعا‪.‬‬
‫أى ٍف يى يكو ىف أ ى‬
‫اش ير‪:‬‬‫النػاوعي الٍع ً‬
‫ٍ ى‬
‫ص ًة‪.‬‬
‫ؼ بًال ًٍق ا‬
‫ب ال ىٍواقً ىع ًة؛ ًألىناوي أى ٍع ىر ي‬ ‫أى ٍف ي يكو ىف أىح يدىما ً‬
‫صاح ى‬ ‫ى يى ى‬ ‫ى‬
‫ش ىر‪:‬‬‫م ىع ى‬ ‫النػاوعي ال ً‬
‫ٍحاد ى‬ ‫ٍ ى‬

‫اش نرا لً ىما ىرىكاهي يدك ىف ٍاآل ىخ ًر‪.‬‬ ‫أى ٍف ي يكو ىف أىح يد يىما مب ً‬
‫ى ى يى‬ ‫ى‬
‫ش ىر‪:‬‬‫النػ ٍاوعي الثاانً ىي ىع ى‬
‫صلاى اللاوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم دكف اآلخرة؛ ألف كثرة‬ ‫ىح يد يى ىما كثير المخالطة للنبي ى‬ ‫أى ٍف يى يكو ىف أ ى‬
‫اد نة فًي ًاالط ىبل ًع‪.‬‬ ‫ضي ًزيى ى‬ ‫الٍم ىخالىطىةى تىػ ٍقتى ً‬
‫ي‬
‫ش ىر‪:‬‬ ‫ث ىع ى‬ ‫النػ ٍاوعي الثاالً ى‬
‫ين ًم ىن ٍاآل ىخ ًر‪.‬‬ ‫أى ٍف ي يكو ىف أىح يد يىما أى ٍكثىػر م ىبل ىزمةن لًل ً‬
‫ٍم ىحدث ى‬ ‫ى ى ى ي ى ي‬ ‫ى‬
‫ش ىر‪:‬‬‫النػ ٍاوعي ال ارابً ىع ىع ى‬
‫صلاى اللاوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم يدك ىف ٍاآل ىخ ًر‪.‬‬ ‫ً‬
‫ص ٍحبىتيوي للنابًي ى‬ ‫ت ي‬ ‫ىح يد يى ىما قى ٍد طىالى ٍ‬ ‫أى ٍف يى يكو ىف أ ى‬
‫ش ىر‪:‬‬ ‫س ىع ى‬ ‫النػاوع ال ى ً‬
‫ٍخام ى‬ ‫ٍي‬
‫ت ىع ىدالىتو بًالتػ ٍازكًي ًة‪ ،‬ك ٍاآل ىخر بًمج ارًد الظا ً‬
‫اى ًر‪.‬‬ ‫ى ى ي يى‬ ‫يي‬ ‫ىح يد يى ىما قى ٍد ثىػبىتى ٍ‬ ‫أى ٍف يى يكو ىف أ ى‬
‫ش ىر‪:‬‬ ‫س ىع ى‬ ‫النػاوعي ال ا ً‬
‫ساد ى‬ ‫ٍ‬
‫ار ىس ًة ىك ًاال ٍختًبىا ًر‪ ،‬ىك ٍاآل ىخ ير بً يم ىج ارًد التػ ٍازكًيى ًة‪ ،‬فىًإناوي‬ ‫ً‬
‫ت ىع ىدالىتيوي بال يٍم ىم ى‬‫ىح يد يى ىما قى ٍد ثىػبىتى ٍ‬ ‫أى ٍف يى يكو ىف أ ى‬
‫ٍخبىػ ير ىكال يٍم ىعايىػنى ًة‪.‬‬
‫س ال ى‬ ‫لىٍي ى‬
‫سابً ىع ىع ى‬
‫ش ىر‪:‬‬ ‫النػ ٍاوعي ال ا‬
‫ٍح ٍك يم بً ىع ىدالىتً ًو يدك ىف ٍاآل ىخ ًر‪.‬‬ ‫ىح يد يى ىما قى ٍد ىكقى ىع ال ي‬ ‫أى ٍف يى يكو ىف أ ى‬
‫ش ىر‪:‬‬ ‫اام ىن ىع ى‬‫النػاوع الث ً‬
‫ٍي‬
‫يل‪ ،‬ىك ٍاآل ىخ ير عيد ىؿ بً يدكنً ىها‪.‬‬ ‫اع ًد ً‬
‫اب التػ ٍ‬ ‫ىسبى ً‬ ‫ً‬
‫ىح يد يى ىما قى ٍد عيد ىؿ ىم ىع ذ ٍك ًر أ ٍ‬ ‫أى ٍف يى يكو ىف أ ى‬
‫ش ىر‪:‬‬ ‫ااس ىع ىع ى‬‫النػاوعي الت ً‬
‫ٍ‬
‫ين لً ٍآل ىخ ًر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أى ٍف ي يكو ىف الٍم ىزُّكو ىف ًأل ً ً‬
‫ىحدى ىما أى ٍكثىػ ىر م ىن ال يٍم ىزك ى‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬
‫الناػ ٍوعي ال ًٍع ٍش يرك ىف‪:‬‬
‫ين لً ٍآل ىخ ًر‪.‬‬ ‫أى ٍف ي يكو ىف الٍم ىزُّكو ىف ًألىح ًد ًىما أى ٍكثىػر بحثنا عن أىحو ًاؿ الن ً ً‬
‫ااس م ىن ال يٍم ىزك ى‬ ‫ى ى ى ى ٍ ى ٍ ٍى‬ ‫ي‬ ‫ى‬
‫ادم ىكال ًٍع ٍش يرك ىف‪:‬‬ ‫النػاوعي الٍح ً‬
‫ٍ ى‬
‫أى ٍف يى يكو ىف المزكوف ألحدىما أعلم من المزكين لآلخر؛ ألنو ىم ًزي ىد ال ًٍعل ًٍم لىوي ىم ٍد ىخ هل فًي‬
‫صابىًة‪.‬‬
‫اإل ى‬ ‫ًٍ‬
‫النػ ٍاوعي الثاانًي ىكال ًٍع ٍش يرك ىف‪:‬‬
‫ظ اللفظ‪ ،‬فهو أرجح ممن ركل بالمعنى‪ ،‬أى ًك ا ٍعتى ىم ىد ىعلىى‬ ‫ىح يد يى ىما قى ٍد ىح ًف ى‬ ‫أى ٍف يى يكو ىف أ ى‬
‫ٍح ٍف ًظ‪.‬‬‫ٍكتىاب ًة أىرجح ًمن ًركاي ًة م ًن ا ٍعتىم ىد ىعلىى ال ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً ً‬
‫ى‬ ‫يل‪ :‬إً اف ًرىكايىةى ىم ًن ا ٍعتى ىم ىد ىعلىى ال ى ٍ ى ي ٍ ى ى ى‬ ‫الٍكتىابىة‪ ،‬ىكق ى‬
‫ث ىكال ًٍع ٍش يرك ىف‪:‬‬ ‫النػ ٍاوعي الثاالً ي‬
‫ع ًح ٍفظنا ًم ىن ٍاآل ىخ ًر‪ ،‬ىكأىبٍطىأى نً ٍسيىا نا ًم ٍنوي‪ ،‬فىًإناوي أ ٍىر ىج يح‪ ،‬أى اما لى ٍو ىكا ىف‬ ‫ىس ىر ى‬
‫ىح يد يى ىما أ ٍ‬‫أى ٍف يى يكو ىف أ ى‬
‫اى ير أى اف‬‫ع نًسيانا‪ ،‬ك ٍاآل ىخر أىبطىأى ًح ٍفظنا‪ ،‬كأىبطىأى نًسيانا‪ ،‬فىالظا ً‬ ‫أىح يدىما أىسر ً‬
‫ى ٍ ٍى‬ ‫ىس ىر ى ٍ ى ى ي ٍ‬ ‫ع ح ٍفظنا‪ ،‬ىكأ ٍ‬ ‫ى يى ٍى ى‬
‫ٍاآل ىخ ىر أ ٍىر ىج يح ًم ىن ٍاأل اىكًؿ؛ ًألىناوي ييوثى يق بً ىما ىح ًفظىوي ىكىرىكاهي يكثيوقنا ىزائً ندا ىعلىى ىما ىرىكاهي ٍاألى اك يؿ‪.‬‬
‫النػ ٍاوعي ال ارابً يع ىكال ًٍع ٍش يرك ىف‪:‬‬
‫أىناػ ىها تيػ ىر اج يح ًرىكايىةي ىم ٍن يوافق الحافظ ىعلىى ًرىكايىًة ىم ٍن يىػتىػ ىف ار يد ىع ٍنػ يه ٍم فًي ىكثًي ور ًم ٍن ًرىكايىاتًًو‪.‬‬
‫س ىكال ًٍع ٍش يرك ىف‪:‬‬ ‫ً‬
‫النػ ٍاوعي الٍ ىخام ي‬
‫ط فًي ً‬
‫آخ ًر عي ٍم ًرهً‪ ،‬ىكلى ٍم‬ ‫ط ىعلىى ىم ًن ا ٍختىػلى ى‬ ‫أىناػ ىها تيػ ىر اج يح ًرىكايىةي ىم ٍن ىد ىاـ ىح ًفظيوي‪ ،‬ىك ىع ٍقليوي ىكلى ٍم يى ٍختىلً ٍ‬
‫اؿ ا ٍختً ىبل ًط ًو‪.‬‬ ‫اؿ ىس ىبل ىمتً ًو أ ٍىك ىح ى‬ ‫ٍخبىػ ىر ىح ى‬‫ييعرؼ ىى ٍل ىرىكل ال ى‬
‫س ىكال ًٍع ٍش يرك ىف‪:‬‬ ‫النػاوعي ال ا ً‬
‫ساد ي‬ ‫ٍ‬
‫ك "يمنػعو ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫"*م ىن‬ ‫أىناػ ىها تيػ ىر اج يح ًرىكايىةي ىم ٍن ىكا ىف أى ٍش ىه ىر بًال ىٍع ىدالى ًة ىكالثػ ىق ًة م ىن ٍاآل ىخ ًر؛ ًألى اف ىذل ى ى ٍ ى ي ي‬
‫ب‪.‬‬ ‫الٍ ىك ًذ ً‬
‫سابً يع ىكال ًٍع ٍش يرك ىف‪:‬‬ ‫النػ ٍاوعي ال ا‬
‫احتً ىر ىاز‬ ‫ب ىعلىى من لىم ي يكن م ٍشه ً‬ ‫اس ً‬
‫ورا؛ ألى اف ٍ‬ ‫ىٍ ٍ ى ٍ ى ي ن‬ ‫ور الن ى‬ ‫أىناػ ىها تيػ ىر اج يح ًرىكايىةي ىم ٍن ىكا ىف ىم ٍش يه ى‬
‫ب أى ٍكثىػ ير‪.‬‬ ‫ال ىٍم ٍش يهوًر ىع ًن الٍ ىك ًذ ً‬
‫اام ين ىكال ًٍع ٍش يرك ىف‪:‬‬ ‫النػاوع الث ً‬
‫ٍي‬
‫ُّع ىف ًاء ىعلىى ىم ٍن‬‫ىحد م ىن الض ى‬
‫اس ًم أ و ً‬
‫ى‬
‫س اسموي ب ً‬
‫كؼ اال ٍس ًم‪ ،‬ىكلى ٍم يىػلٍتىبً ً ٍ ي ى‬
‫أى ٍف ي يكو ىف أىح يد يىما م ٍعر ى ً‬
‫ى ى ىي‬ ‫ى‬
‫يف‪.‬‬ ‫ض ًع و‬ ‫اس ًم ى‬ ‫يػلٍتىبًس اسموي ب ً‬
‫ى ي ٍي ى‬
‫النػ ٍاوعي التاسع كالعشركف‪:‬‬
‫وغ‪.‬‬ ‫وغ ىعلىى ًرىكايىًة ىم ٍن تى ىح ام ىل قىػ ٍب ىل الٍبيػلي ً‬ ‫أنها تقدـ ًرىكايىةي ىم ٍن "تى ىح ام ىل بىػ ٍع ىد الٍبيػلي ً‬
‫النػ ٍاوعي الث ىابلثيو ىف‪:‬‬
‫اؿ أى ٍف يى يكو ىف ىما ىرىكاهي ىم ٍن‬ ‫أىناػ ىها تقدـ ركاية من تأخر إً ٍس ىبل يموي ىعلىى ىم ٍن تىػ ىق اد ىـ إً ٍس ىبل يموي؛ ًال ٍحتًم ً‬
‫ى‬
‫م‪ ،‬ىكابٍ ين بىػ ٍرىىا ىف‪،‬‬ ‫ش ٍي يخ أىبيو إً ٍس ىحا ىؽ الش ىيرا ًز ُّ‬ ‫اؿ ال ا‬ ‫وخا‪ ،‬كىكذا قى ى‬ ‫س ن‬ ‫ً‬
‫تىػ ىق اد ىـ إ ٍس ىبل يموي ىم ٍن ي‬
‫ك‪.‬‬ ‫س ذىلً ى‬ ‫م بً ىع ٍك ً‬ ‫اؿ ٍاآل ًم ًد ُّ‬ ‫م‪ ،‬ىكقى ى‬ ‫ضا ًك ُّ‬‫ىكالٍبىػ ٍي ى‬
‫ادم كالثبلثوف‪:‬‬ ‫النػاوعي الٍح ً‬
‫ٍ ى‬
‫ً‬ ‫الذ يكور أىقػٍول فىػ ٍهما‪ ،‬كأىثٍػب ي ً‬ ‫ً‬
‫يل‪ :‬ىال‬
‫ت ح ٍفظنا‪ ،‬ىكق ى‬ ‫ن ى ى‬ ‫أنها تقدـ ًرىكايىةي ال اذ ىك ًر ىعلىى ٍاألينٍػثىى؛ ألى اف ُّ ى ى‬
‫تيػ ىق اد يـ‪.‬‬
‫ب أى ٍكثىػ ير‪،‬‬‫ٍحر ىعلىى ال ىٍع ٍب ًد؛ ًألى اف تى ىح ُّرىزهي ىع ًن الٍ ىك ًذ ً‬ ‫ً‬
‫النػ ٍاوعي الثااني ىكالث ىابلثيو ىف‪ :‬أىناػ ىها تيػ ىق اد يـ ًرىكايىةي ال ي‬
‫يل‪ :‬ىال تيػ ىق اد يـ‪.‬‬ ‫ً‬
‫ىكق ى‬
‫ث ىكالث ىابلثيو ىف‪:‬‬ ‫النػ ٍاوعي الثاالً ي‬
‫يث ىعلىى ىم ٍن لى ٍم يى ٍذ يك ٍر ىسبىبىوي‪.‬‬ ‫أىناػ ىها تيػ ىق ادـ ًركايةي من ذى ىكر سبب الٍح ًد ً‬
‫ي ى ى ى ٍ ى ىى ى ى‬
‫النػ ٍاوعي ال ارابً يع ىكالث ىابلثيو ىف‪:‬‬
‫الرىكاةي ىعلىٍي ًو على من اختلفوا عليو‪.‬‬ ‫ف ُّ‬ ‫أىناػ ىها تيػ ىق اد يـ ًركايةي م ٍن لىم ي ٍختىلً ً‬
‫ىى ى ٍ ى‬
‫النوع الخامس كالثبلثين‪:‬‬
‫يث ًم ىن ٍاآل ىخ ًر‪ ،‬فىًإناػ ىها تيػ ىر اج يح ًرىكايىػتيوي‪.‬‬
‫استًي ىفاء لًلٍح ًد ً‬
‫س ىن ٍ ن ى‬ ‫ىح ى‬‫ىح يد يى ىما أ ٍ‬‫أى ٍف يى يكو ىف أ ى‬
‫س ىكالث ىابلثيو ىف‪:‬‬ ‫النػاوعي ال ا ً‬
‫ساد ي‬ ‫ٍ‬
‫اب‪.‬‬ ‫اىا ىعلىى ىم ٍن ىس ًم ىع ًم ٍن ىكىر ًاء ًح ىج و‬ ‫أىناػ ىها تيػ ىق اد يـ ًرىكايىةي ىم ٍن ىس ًم ىع ًش ىف ن‬
‫سابً يع ىكالث ىابلثيو ىف‪:‬‬ ‫النػ ٍاوعي ال ا‬
‫ٍخبىػ ىريٍ ًن بًلى ٍف ًظ ىح ادثىػنىا كأخبرنا فإنو أرجح من لفظ أنبأنا‪.‬‬ ‫ىح يد ال ى‬ ‫أى ٍف يى يكو ىف أ ى‬
‫ظ ىح ادثىػنىا ىعلىى لىٍف ًظ أى ٍخبىػ ىرنىا‪.‬‬ ‫يل‪ :‬ىكييػ ىر اج يح لىٍف ي‬ ‫ً ً‬
‫ىكنى ٍح ًوه‪ ،‬ق ى‬
‫اام ين ىكالث ىابلثيو ىف‪:‬‬ ‫النػاوع الث ً‬
‫ٍي‬
‫اءةً ىعلىٍي ًو‪.‬‬ ‫ً ً ً‬ ‫ً‬
‫ش ٍي ًخ ىعلىى ًرىكايىة ىم ٍن ىسم ىع بالٍق ىر ى‬ ‫أىناػ ىها تيػ ىق اد يـ ًرىكايىةي ىم ٍن ىس ًم ىع ًم ٍن لىٍف ًظ ال ا‬
‫ااس يع ىكالث ىابلثيو ىف‪:‬‬ ‫النػاوعي الت ً‬
‫ٍ‬
‫ازةً‪.‬‬
‫اإل ىج ى‬‫س ىم ًاع ىعلىى ًرىكايىًة ىم ٍن ىرىكل بً ًٍ‬ ‫أىناػ ىها تيػ ىق اد يـ ًرىكايىةي ىم ٍن ىرىكل بًال ا‬
‫النػ ٍاوعي ٍاأل ٍىربىػعيو ىف‪:‬‬
‫أىناػ ىها تيػ ىق اد يـ ًرىكايىةي ىم ٍن ىرىكل ال يٍم ٍسنى ىد ىعلىى ًرىكايىًة ىم ٍن ىرىكل الٍ يم ٍر ىس ىل‪.‬‬
‫ادم ىك ٍاأل ٍىربىػعيو ىف‪:‬‬ ‫النػاوعي الٍح ً‬
‫ٍ ى‬
‫ٍخا ًر ىج ًة ىع ٍنػ يه ىما‪.‬‬
‫يث ال ى‬ ‫اد ً‬ ‫ص ًحيحي ًن ىعلىى ٍاألىح ً‬
‫ى‬ ‫يث الاتًي في ال ا ى ٍ‬
‫ً‬ ‫اد ي‬ ‫أىناػها تيػ ىق ادـ ٍاألىح ً‬
‫ي ى‬ ‫ى‬
‫النػ ٍاوعي الثاانًي ىك ٍاأل ٍىربىػعيو ىف‪:‬‬
‫أىناػ ىها تيػ ىق اد يـ ًرىكايىةي ىم ٍن لى ٍم ييػنٍ ىك ٍر ىعلىٍي ًو ىعلىى ًرىكايىًة ىم ٍن أينٍ ًك ىر ىعلىٍي ًو‪.‬‬
‫اج هح‪،‬‬ ‫ادةن لًلظان فىػ يهو ر ً‬ ‫اصلي ىها‪ :‬أى اف ىما ىكا ىف أى ٍكثىػ ىر إًفى ى‬ ‫يح ىكثًيرةه‪ ،‬كح ً‬ ‫كا ٍعلىم‪ :‬أى اف كج ى ً‬
‫ى ى‬ ‫وه التػ ٍارج ً ى ى ى‬ ‫يي‬ ‫ى ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫فىًإ ٍف كقىع التػاعارض فًي بػع ً ً ً‬
‫ض‬ ‫ض ىىذه ال يٍم ىرج ىحات‪ ،‬فىػ ىعلىى ال يٍم ٍجتى ًهد أى ٍف ييػ ىرج ىح بىػ ٍي ىن ىما تىػ ىع ى‬
‫ار ى‬ ‫ى ى ى ي ي ىٍ‬
‫ًم ٍنػ ىها‪.‬‬
‫ات بًا ٍعتًبىا ًر ال ىٍم ٍت ًن فى ًه ىي أىنٍػ ىواعه‪:‬‬ ‫ىكأى اما ال يٍم ىرج ىح ي‬
‫النػ ٍاوعي ٍاأل اىك يؿ‪:‬‬
‫يم الٍ ىخاص ىعلىى ال ىٍعاـ بً ىم ٍعنىى‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اؾ أى اف تىػ ٍقد ى‬ ‫يل‪ ،‬ىكىال يى ٍخ ىف ى‬ ‫اص ىعلىى ال ىٍعاـ‪ ،‬ىك ىذا ق ى‬ ‫أى ٍف ييػ ىق اد ىـ الٍ ىخ ُّ‬
‫يح‪ ،‬بى ٍل ًم ٍن بى ً‬
‫اب‬ ‫اب التػ ٍارًج ً‬ ‫يما بىًقي لىٍيس ًم ٍن بى ً‬ ‫ً ً‬ ‫ًً ً‬
‫ال ىٍع ىم ًل بو ف ى‬
‫يما تىػنى ىاكلىوي‪ ،‬ىكال ىٍع ىم يل بال ىٍعاـ ف ى ى ى‬
‫يح‪.‬‬‫ٍج ٍم ًع‪ ،‬ىك يى ىو يم ىق اد هـ ىعلىى التػ ٍارًج ً‬ ‫ال ى‬
‫النػ ٍاوعي الثاانًي‪:‬‬
‫صلاى اللاوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم أىقػ ىٍول‪.‬‬ ‫يح؛ ألى اف الظا ان بًأىناوي لفظ النبي ى‬
‫ص ً ً‬ ‫أىناوي يػ ىق ادـ ٍاألىفٍصح ىعلىى الٍ ىف ً‬
‫ىي‬ ‫ي ي‬
‫يل‪ :‬ىال ييػ ىر اج يح بً ىه ىذا؛ ًألى اف البليغ يتكلم باألفصح كالفصيح‪.‬‬ ‫ً‬
‫ىكق ى‬
‫النوع الثالث‪:‬‬
‫ً‬ ‫اـ الا ًذم لى ٍم يي ىخ ا‬
‫ٍح ىرىم ٍي ًن‬
‫اـ ال ى‬‫ص‪ ،‬ىك ىذا نىػ ىقلىوي إً ىم ي‬ ‫ص ىعلىى ال ىٍعاـ الاذم قى ٍد يخص ى‬ ‫ص ٍ‬ ‫أف ييػ ىق اد يـ ال ىٍع ُّ‬
‫ف‬‫ض ًع ي‬‫يص يي ٍ‬ ‫ص ً‬ ‫وؿ التا ٍخ ً‬ ‫ك بًأى اف يد يخ ى‬ ‫م‪ ،‬ىك ىعلاليوا ذىلً ى‬ ‫ين‪ ،‬ىك ىج ىزىـ بً ًو يسلىٍي هم ال ارا ًز ُّ‬ ‫ً‬
‫ىع ًن ال يٍم ىحقق ى‬
‫اؿ الٍ ىف ٍخر ال ارا ًز ُّ ً ً‬ ‫ص يير بً ًو ىم ىج ن‬‫ظ‪ ،‬كي ً‬
‫يل ىع ٍن تى ىم ًاـ‬‫ص قى ٍد أي ًز ى‬ ‫م؛ ألى اف الاذم قى ٍد يخص ى‬ ‫ي‬ ‫ازا‪ ،‬قى ى‬ ‫اللا ٍف ى ى ى‬
‫س اماهي‪.‬‬ ‫يم ى‬
‫صا‬‫ث ىك ٍونيوي ىخا ا‬ ‫اج هح‪ً ،‬م ٍن ىح ٍي ي‬ ‫صص ر ً‬
‫م‪ :‬بأى اف ال يٍم ىخ ا ى ى‬
‫ص ًف ُّي الٍ ًه ٍن ًد ُّ ً‬ ‫ك ال ا‬ ‫ض ىعلىى ىذلً ى‬ ‫ىكا ٍعتىػ ىر ى‬
‫ً‬ ‫بًالن ٍسبى ًة إًلىى ال ىٍعاـ‪ ،‬الا ًذم لى ٍم يي ىخ ا‬
‫وص ىعلىى‬ ‫ص ً‬ ‫يم ال ىٍعاـ ال ىٍم ٍخ ي‬ ‫ار ابٍ ين ال يٍمنىػي ًر تىػ ٍقد ى‬ ‫"كا ٍختى ى‬‫ص‪ ،‬ى‬ ‫ص ٍ‬
‫وص قى ٍد قىػلا ٍ‬ ‫ً‬ ‫الٍ ىعاـ الا ًذم لى ٍم يي ىخ ا‬
‫ادهي‪ ،‬ىحتاى قارب النص؛ إذ كاف‬ ‫ت أىفٍػ ىر ي‬ ‫ص ى‬ ‫ص"؛ ألى اف ال ىٍم ٍخ ي‬ ‫ص ٍ‬
‫صا فًي أىقىل يمتىػنى ىاكىالتًًو‪.‬‬ ‫اـ ىال بي اد أى ٍف يى يكو ىف نى ا‬ ‫ىع ٍّ‬
‫النػ ٍاوعي ال ارابً يع‪:‬‬
‫ب ىعلىى ال ىٍعاـ الوارد على سبب‪ ،‬كذا قاؿ‬ ‫اـ الا ًذم لى ٍم يى ًر ٍد ىعلىى ىسبى و‬ ‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ال ىٍع ُّ‬
‫م فًي "اللُّ ىم ًع"‪ ،‬ىك يسلىٍي هم‬ ‫ش ٍي يخ أىبيو إً ٍس ىحا ىؽ الش ىيرا ًز ُّ‬ ‫ٍكيىا‪ ،‬ىكال ا‬ ‫اف"‪ ،‬كإًل ً‬
‫ى‬
‫إًماـ الٍحرم ٍي ًن فًي "الٍبػرىى ً‬
‫يٍ‬ ‫ى ي ى ىى‬
‫ب يمتاػ ىف هق‬ ‫وؿ"‪ .‬قىاليوا‪ً :‬ألى اف ال ىٍوا ًر ىد ىعلىى غىٍي ًر ىسبى و‬ ‫ص ً‬ ‫م في "ال ىٍم ٍح ي‬
‫يب" كال ارا ًز ُّ ً‬
‫م في "التاػ ٍق ًر ً ى‬
‫ال ارا ًز ُّ ً‬
‫ف فًي عم ً‬
‫وم ًو‪.‬‬ ‫ب يم ٍختىػلى ه‬ ‫وم ًو‪ ،‬ىكال ىٍوا ًر ىد ىعلىى ىسبى و‬ ‫علىى عم ً‬
‫يي‬ ‫ى يي‬
‫ً‬ ‫ص ًف ُّي الٍ ًه ٍن ًد ُّ ً‬
‫ك‬‫يح إًنا ىما يىػتىأىتاى بًالن ٍسبى ًة إًلىى ذىلً ى‬ ‫ً‬
‫م‪ :‬ىكم ىن ال ىٍم ٍعليوـ أى اف ىى ىذا التػ ٍارج ى‬ ‫اؿ ال ا‬ ‫قى ى‬
‫ت ال ىٍعا ام ٍي ًن فى ىبل‪ .‬انٍػتىػ ىهى‪.‬‬ ‫ب‪ ،‬ىكأى اما بًالن ٍسبى ًة إًلىى ىسائً ًر ٍاألىفٍػ ىر ًاد ال يٍم ٍن ىد ًر ىج ًة تى ٍح ى‬ ‫سبى ً‬ ‫ال ا‬
‫ب يى ىو ىكائً هن فًي ىسائً ًر ٍاألىفٍػ ىر ًاد‪.‬‬ ‫وـ ال ىٍوا ًرًد ىعلىى ىسبى و‬ ‫ؼ فًي عم ً‬ ‫ٍخ ىبل ى‬‫كفً ًيو نىظىر؛ ًألى اف ال ً‬
‫يي‬ ‫ه‬ ‫ى‬
‫ً‬
‫النػ ٍاوعي الٍ ىخام ي‬
‫س‪:‬‬
‫از‪.‬‬
‫ب ال ىٍم ىج ي‬ ‫اد ًرىىا إًلىى الذ ٍى ًن‪ ،‬ىى ىذا إً ىذا لى ٍم يىػ ٍغلً ً‬ ‫ٍح ًقي ىقةي ىعلىى ال ىٍم ىجا ًز‪ ،‬لًتىبى ي‬ ‫أىناػ ىها تيػ ىق اد يـ ال ى‬
‫س‪:‬‬ ‫النػاوعي ال ا ً‬
‫ساد ي‬ ‫ٍ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ٍح ًقي ىق ًة ىعلىى ال ىٍم ىجا ًز الا ًذم لى ٍم يى يك ٍن ىك ىذلً ى‬ ‫از الاذم يى ىو أى ٍشبىوي بًال ى‬
‫أىناوي يػ ىق ادـ الٍمج ي ً‬
‫ي ي ىى‬
‫سابً يع‪:‬‬ ‫النػ ٍاوعي ال ا‬
‫اؿ فًي‬ ‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ىما ىكا ىف ىح ًقي ىقةن ىش ٍر ًعياةن‪ ،‬أ ٍىك عي ٍرفًياةن ىعلىى ىما ىكا ىف ىح ًقي ىقةن ليغى ًوياةن‪ .‬قى ى‬
‫ك‪ .‬ىك ىذا‬ ‫يما لى ٍم يى يك ٍن ىك ىذلً ى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ص ً‬
‫ار"* ىش ٍرعياا‪ ،‬ىال ف ى‬ ‫"ص ى‬‫وؿ"‪ :‬كىذا ظاىر في اللفظ الذم ى‬ ‫"ال ىٍم ٍح ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ت ىك ٍونيوي ىش ٍرعياا‪ ،‬فىًإناوي ىخار ه‬
‫ًج‬ ‫يما ىال يىػثٍبي ي‬
‫ار ىش ٍرعياا‪ ،‬ىال ف ى‬ ‫صى‬ ‫يما ى‬ ‫اؿ‪ ،‬ىكىال يى ٍخ ىفى أى اف الٍ ىك ىبل ىـ ف ى‬ ‫قى ى‬
‫ىع ٍن ىى ىذا‪.‬‬
‫النػاوع الث ً‬
‫اام ين‪:‬‬ ‫ٍي‬
‫ض ىما ًر فًي ىد ىاللىتً ًو ىعلىى ىما يى ىو يم ٍفتى ًق هر إًلىٍي ًو‪.‬‬ ‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ىما ىكا ىف يم ٍستىػغٍنًينا ىع ًن ًٍ‬
‫اإل ٍ‬
‫النػاوعي الت ً‬
‫ااس يع‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫اح ود‪.‬‬ ‫اؿ علىى الٍمر ًاد ًمن كجهي ًن علىى ما ىكا ىف د ااال علىى الٍمر ًاد ًمن كج وو ك ً‬
‫ى ى يى ٍ ى ٍ ى‬ ‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ال اد ُّ ى ي ى ٍ ى ٍ ى ٍ ى ى‬
‫اش ير‪:‬‬ ‫النػاوعي الٍع ً‬
‫ٍ ى‬
‫اسطىوة‪.‬‬ ‫اسطىوة ىعلىى ما ىد اؿ ىعلىي ًو بًو ً‬
‫ٍ ى‬ ‫ى‬
‫أىناوي يػ ىق ادـ ما ىد اؿ ىعلىى الٍمر ًاد بًغىي ًر ك ً‬
‫يى ٍ ى‬ ‫ي يى‬
‫ش ىر‪:‬‬
‫م ىع ى‬ ‫النػاوعي ال ً‬
‫ٍحاد ى‬ ‫ٍ ى‬
‫ك؛ ًألى اف ىد ىاللىةى ال يٍم ىعلا ًل‬ ‫ٍح ٍك ًم ىعلىى ىما لى ٍم يى يك ٍن ىك ىذلً ى‬ ‫ًً‬ ‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ىما ىكا ىف فً ًيو ًٍ‬
‫يماءي إًلىى علاة ال ي‬ ‫اإل ى‬
‫ض يح ًم ٍن ىد ىاللى ًة ىما لى ٍم يى يك ٍن يم ىعلا نبل‪.‬‬ ‫أ ٍىك ى‬
‫ش ىر‪:‬‬‫النػ ٍاوعي الثاانً ىي ىع ى‬
‫يل بالعكس‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ت فً ًيو الٍعًلاةي يمتىػ ىقد ىمةن ىعلىى ىما ذيكًر ٍ ً ً ً ا‬ ‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ىما ذيكً ىر ٍ‬
‫ت فيو الٍعلةي يمتىأىخ ىرةن‪ ،‬ىكق ى‬ ‫ى‬
‫ش ىر‪:‬‬
‫ث ىع ى‬ ‫النػ ٍاوعي الثاالً ى‬
‫ارةً الٍ يقبيوًر‪،‬‬ ‫ت نىػ ىه ٍيتي يك ٍم ىع ٍن ًزيى ى‬ ‫ضةه ىعلىى ىما لى ٍم يي ٍذ ىك ٍر‪ ،‬ىك ىق ٍولً ًو‪ " :‬يك ٍن ي‬ ‫ً ًً‬
‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ىما ذيك ىر فيو يم ىع ى‬
‫ار ى‬
‫ارةً يمطٍلى نقا‪.‬‬ ‫كىا" ىعلىى ال اداؿ ىعلىى تى ٍح ًر ًيم الزيى ى‬ ‫كر ى‬‫فىػ يز ي‬
‫النػ ٍاوعي ال ارابً ىع ىع ى‬
‫ش ىر‪:‬‬
‫يد ىعلىى ىما لم يقرف بو‪.‬‬ ‫اه ًد ً‬ ‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ال ىٍم ٍق يرك يف بًالتػ ٍ‬
‫النوع الخامس عشر‪:‬‬
‫يد ىعلىى ىما لى ٍم ييػ ٍق ىر ٍف بً ًو‪.‬‬ ‫أنو يػ ىق ادـ الٍم ٍقرك يف بًالتاأٍكً ً‬
‫ي ى ى ي‬
‫ش ىر‪:‬‬‫س ىع ى‬ ‫النػاوعي ال ا ً‬
‫ساد ى‬ ‫ٍ‬
‫ودا بً ًو الٍبىػيىا يف ىعلىى ىما لى ٍم يقصد بو‪.‬‬ ‫ص ن‬ ‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ىما ىكا ىف ىم ٍق ي‬
‫النوع السابع عشر‪:‬‬
‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يل بالعكس‪" ،‬قيل"*‪ :‬ىال ييػ ىر اج يح‬ ‫وـ ال يٍم ىوافىػ ىقة ىعلىى ىم ٍف يهوـ ال يٍم ىخالىىفة‪ ،‬ىكق ى‬ ‫أنو ييػ ىق اد ىـ ىم ٍف يه ي‬
‫ىح يد يى ىما ىعلىى ٍاآل ىخ ًر‪ ،‬ىك ٍاأل اىك يؿ أ ٍىكلىى‪.‬‬ ‫أى‬
‫ش ىر‪:‬‬‫اام ىن ىع ى‬ ‫النػاوع الث ً‬
‫ٍي‬
‫اه يي ىعلىى ٍاأل ٍىم ًر‪.‬‬ ‫أىناوي ييػ ىق اد يـ النػ ٍ‬
‫ش ىر‪:‬‬‫ااس ىع ىع ى‬ ‫النػاوعي الت ً‬
‫ٍ‬
‫اح ًة‪.‬‬‫اإلبى ى‬‫اهي ىعلىى ًٍ‬
‫أىناوي ييػ ىق اد يـ النػ ٍ ي‬
‫النػ ٍاوعي ال ًٍع ٍش يرك ىف‪:‬‬
‫اح ًة‪.‬‬‫اإلبى ى‬‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ٍاأل ٍىم ير ىعلىى ًٍ‬
‫ادم ىكال ًٍع ٍش يرك ىف‪:‬‬ ‫النػاوعي الٍح ً‬
‫ٍ ى‬
‫احتً ىم ناال‪.‬‬
‫احتً ىم ناال ىعلىى ٍاألى ٍكثى ًر ٍ‬ ‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ٍاألىقى ُّل ٍ‬
‫النػ ٍاوعي الثاانًي ىكال ًٍع ٍش يرك ىف‪:‬‬
‫از ىعلىى ال يٍم ٍشتىػ ىر ًؾ‪.‬‬ ‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ال ىٍم ىج ي‬
‫ث ىكال ًٍع ٍش يرك ىف‪:‬‬ ‫النػ ٍاوعي الثاالً ي‬
‫ؼ‪ ،‬ىعلىى غىٍي ًر ٍاألى ٍش ىه ًر فً ىيها‪.‬‬ ‫شر ًع‪ ،‬أى ًك اللُّغى ًة‪ ،‬أى ًك الٍعر ً‬ ‫ً‬
‫يٍ‬ ‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ٍاألى ٍش ىه ير في ال ا ٍ‬
‫النػ ٍاوعي ال ارابً يع ىكال ًٍع ٍش يرك ىف‪:‬‬
‫ارةً‪ ،‬ىك ىعلىى ما يدؿ باإليماء على ىما يى يد ُّؿ‬ ‫ض ًاء ىعلىى ىما يى يد ُّؿ بً ًٍ‬
‫اإل ىش ى‬ ‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ىما يى يد ُّؿ بً ًاالقٍتً ى‬
‫وـ‪ ،‬يم ىوافىػ ىقةن ىكيم ىخالىىفةن‪.‬‬ ‫بًالٍم ٍفه ً‬
‫ى ي‬
‫س ىكال ًٍع ٍش يرك ىف‪:‬‬ ‫النػاوع ال ى ً‬
‫ٍخام ي‬ ‫ٍي‬
‫ٍخاص؛ ًألىناوي أى ٍكثىػ ير‪.‬‬ ‫يل ال ى‬ ‫ض ام ين تىأٍ ًك ى‬
‫يص ال ىٍعاـ ىعلىى ىما يىػتى ى‬ ‫ً‬
‫ض ام ين تى ٍخص ى‬ ‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ىما يىػتى ى‬
‫س ىكال ًٍع ٍش يرك ىف‪:‬‬ ‫النػاوعي ال ا ً‬
‫ساد ي‬ ‫ٍ‬
‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ال يٍم ىقيا يد ىعلىى ال يٍمطٍلى ًق‪.‬‬
‫سابً يع ىكال ًٍع ٍش يرك ىف‪:‬‬ ‫النػ ٍاوعي ال ا‬
‫صيغىةي عم ً‬
‫وم ًو بً ىك ٍونًًو‬ ‫يح‪ ،‬ىعلىى ما ىكا ىف ً‬ ‫ش ٍر ًط ال ا‬
‫ص ًر ً‬ ‫صيغىةي عم ً‬
‫وم ًو بًال ا‬ ‫ت" ً‬ ‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ىما " ىكانى ٍ‬
‫يي‬ ‫ى‬ ‫يي‬
‫ضافنا ىكنى ٍح ىو يى ىما‪.‬‬ ‫اؽ الناػ ٍف ًي‪ ،‬أ ٍىك ىج ٍم نعا يم ىع ارفنا أ ٍىك يم ى‬ ‫نى ًكرةن فًي ًسي ً‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫النػاوع الث ً‬
‫اام ين ىكال ًٍع ٍش يرك ىف‪:‬‬ ‫ٍي‬
‫البلًـ‪ ،‬لً ىكثٍػرةً‬
‫ؼ بً ا‬ ‫س الٍمع ار ً‬ ‫وؿ ىعلىى ٍ ً‬ ‫ً‬
‫ى‬ ‫اس ًم الٍج ٍن ً ي ى‬ ‫ص ي‬ ‫ٍج ٍم يع ال يٍم ىحلاى ىكاال ٍس يم ال ىٍم ٍو ي‬ ‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ال ى‬
‫كؼ فًي ىى ىذا‪ ،‬ىكفًي الا ًذم‬ ‫ؼ معر و‬ ‫ً و‬ ‫ص يير ىد ىاللىتيوي أى ٍ‬ ‫ود‪ ،‬فىػتى ً‬‫استً ٍعمالً ًو فًي الٍم ٍعه ً‬
‫ف‪ ،‬ىعلىى خ ىبل ى ٍ ي‬ ‫ض ىع ى‬ ‫ى ي‬ ‫ٍ ى‬
‫قبلو‪.‬‬
‫وؿ فى ًه ىي أىنٍػ ىواعه‪.‬‬ ‫ات بًا ٍعتًبىا ًر الٍم ٍدلي ً‬
‫ىكأى اما ال يٍم ىرج ىح ي‬
‫ى‬
‫النػ ٍاوعي ٍاأل اىك يؿ‪:‬‬
‫س‪ ،‬ىكإًلىٍي ًو‬ ‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ىما ىكا ىف يم ىقرنرا لً يح ٍك ًم األصل كالبراءة على ما كاف ناقبلف كقيل بًال ىٍع ٍك ً‬
‫م‪.‬‬‫ضا ًك ُّ‬
‫م‪ ،‬ىكالٍبىػ ٍي ى‬ ‫ار ٍاألى اك ىؿ الٍ ىف ٍخ ير ال ارا ًز ُّ‬‫ور‪ ،‬ىكا ٍختى ى‬
‫ٍج ٍم يه ي‬‫ب ال ي‬ ‫ىذ ىى ى‬
‫ً‬
‫ور‪.‬‬‫ٍج ٍم يه ي‬‫ب إًلىٍيو ال ي‬‫ٍح ُّق ىما ىذ ىى ى‬ ‫ىكال ى‬
‫النػ ٍاوعي الثاانًي‪:‬‬
‫اط‪ ،‬فىًإناوي أ ٍىر ىج يح‪.‬‬ ‫أى ٍف ي يكو ىف أىح يدىما أىقػٍرب إًلىى ًاالحتًي ً‬
‫ٍى‬ ‫ى يى ى ى‬ ‫ى‬
‫ث‪:‬‬‫النػ ٍاوعي الثاالً ي‬
‫ت ىعلىى الٍم ٍن ًفي‪ ،‬نىػ ىقلىوي إًماـ الٍحرم ٍي ًن ىعن جم يهوًر الٍ يف ىق ىه ًاء؛ ًألى اف مع الٍمثٍبً ً‬
‫ت‬ ‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ال يٍمثٍبى ي‬
‫ىى ي‬ ‫ٍ يٍ‬ ‫ى ي ى ىى‬ ‫ى‬
‫ًزي ً‬
‫ص ىفى"‪.‬‬ ‫ارهي فًي "ال يٍم ٍستى ٍ‬ ‫يل‪ :‬يى ىما ىس ىواءه‪ ،‬ىكا ٍختى ى‬
‫ً ً‬
‫يل‪ :‬ييػ ىق اد يـ الناافي‪ ،‬ىكق ى‬
‫ً‬
‫ادةى عل وٍم‪ ،‬ىكق ى‬ ‫ىى‬
‫النػ ٍاوعي ال ارابً يع‪:‬‬
‫كموي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ىما ييًفي يد يس يقو ى‬
‫ٍحد ىعلىى ىما ييفي يد لييز ى‬ ‫ط ال ى‬
‫س‪:‬‬ ‫النػاوع ال ى ً‬
‫ٍخام ي‬ ‫ٍي‬
‫س‪.‬‬ ‫يل بًال ىٍع ٍك ً‬ ‫ف ىعلىى ما ىكا ىف ح ٍكموي أى ٍغلى ى ً‬ ‫ىخ ا‬ ‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ىما ىكا ىف يح ٍك يموي أ ى‬
‫ظ‪ ،‬ىكق ى‬ ‫ي ي‬ ‫ى‬
‫س‪:‬‬ ‫النػاوعي ال ا ً‬
‫ساد ي‬ ‫ٍ‬
‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ىما ىال تىػعي ُّم بً ًو الٍبىػل ىٍول ىعلىى ىما تىػعي ُّم بً ًو‪.‬‬
‫سابً يع‪:‬‬ ‫النػ ٍاوعي ال ا‬
‫ً‬ ‫ًو‬ ‫ً ً‬ ‫ً ً‬
‫ب‬‫ىح يد يى ىما يموجبنا ل يح ٍك ىم ٍي ًن‪ ،‬ىك ٍاآل ىخ ير يموجبنا ل يح ٍك وم ىكاحد‪ ،‬فىًإناوي ييػ ىق اد يـ ال يٍموج ي‬ ‫أى ٍف يى يكو ىف أ ى‬
‫لً يح ٍك ىم ٍي ًن‪ً ،‬ال ٍشتً ىمالً ًو ىعلىى ًزيى ى‬
‫ادةو لى ٍم يىػ ٍنػ يقل ىٍها ٍاآل ىخ ير‪.‬‬
‫الناػوع الث ً‬
‫اام ين‪:‬‬ ‫ٍي‬
‫ف ىعلىى ىما‬ ‫ٍح ٍك ًم التا ٍكلً ًيفي؛ ًألى اف ال ىٍو ٍ‬
‫ض ًع اي ىال يىػتىػ ىوقا ي‬ ‫ضع ُّي ىعلىى ال ي‬
‫أىناوي يػ ىق ادـ الٍح ٍكم الٍو ٍ ً‬
‫ي ي ي ي ى‬
‫ف‪.‬‬ ‫ف ىعلىٍي ًو التا ٍكلً ًيف ُّي‪ً ،‬م ٍن أ ٍىىلًيا ًة الٍم ىكلا ً‬ ‫يىػتىػ ىوقا ي‬
‫ي‬
‫شار ًًع‪.‬‬ ‫ودةه لًل ا‬
‫ص ى‬ ‫ً‬ ‫ًً‬
‫س؛ ألى اف التا ٍكليف اي أى ٍكثىػ ير ىمثيوبىةن‪ ،‬ىكى ىي ىم ٍق ي‬
‫كقًيل بًالٍع ٍك ً ً‬
‫ى ى ى‬
‫النػاوعي الت ً‬
‫ااس يع‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫يس ىعلىى ىما فً ًيو تىأٍكًي هد‪.‬‬ ‫ًً ً‬
‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ىما فيو تىأٍس ه‬
‫ات يى ىو نىظىير ال يٍم ٍجتى ًه ًد ال يٍمطٍلى يق‪ ،‬فىػييػ ىقد يـ ىما ىكا ىف‬ ‫كا ٍعلىم‪ :‬أف المرجع فًي ًمثٍ ًل ىى ًذهً التػارًجيح ً‬
‫ٍ ى‬ ‫ى ٍ‬
‫ًع ٍن ىدهي أ ٍىر ىج ىح ىعلىى غيره إذا تعارضت‪.‬‬
‫ٍخا ًر ىج ًة فى ًه ىي أىنٍػ ىواعه‪:‬‬
‫كأما المرجحات بحسب ٍاأل ييموًر ال ى‬
‫النػ ٍاوعي ٍاأل اىك يؿ‪:‬‬
‫آخ ير‪.‬‬
‫يل ى‬ ‫ً‬ ‫أىناو يػ ىق ادـ ما ىع ا ً‬
‫آخ ير ىعلىى ىما لى ٍم ييػ ىعض ٍدهي ىدل ه‬ ‫يل ى‬ ‫ض ىدهي ىدل ه‬ ‫يي يى‬
‫النػ ٍاوعي الثاانًي‪:‬‬
‫صيغىةى لىوي‪.‬‬‫صيغىةن‪ ،‬كال ًٍف ٍعل ىال ً‬ ‫أى ٍف ي يكو ىف أىح يد يىما قىػونال ك ٍاآل ىخر فً ٍع نبل‪ ،‬فىػيػ ىق ادـ الٍ ىقو يؿ؛ ًألى اف لىوي ً‬
‫ى ي‬ ‫ي ي ٍ‬ ‫ى ى ٍ ى ي‬ ‫ى‬
‫ك‪ ،‬كضرب‬ ‫ٍح ٍك ًم‪ ،‬ىعلىى ىما لى ٍم يى يك ٍن ىك ىذلً ى‬ ‫يح بًال ي‬ ‫ث‪ :‬أىناوي ييػ ىق اد يـ ىما ىكا ىف فً ًيو الت ٍ‬
‫اص ًر ي‬ ‫النػ ٍاوعي الثاالً ي‬
‫ارةً‪.‬‬
‫اإل ىش ى‬‫األمثاؿ كنحوىا‪ ،‬فإنها ترجح العبارة ىعلىى ًٍ‬
‫النػ ٍاوعي ال ارابً يع‪:‬‬
‫ٍحق‪.‬‬ ‫ك؛ ًألى اف ٍاألى ٍكثىػر أىكلىى بًًإ ً‬
‫صابىة ال ى‬‫ى‬ ‫ى ٍ‬ ‫س ىك ىذلً ى‬ ‫سلىف ىعلىى ىما لىٍي ى‬
‫أىناوي يػ ىق اد يـ ما عمل أى ٍكثىػر ال ا ً‬
‫ي‬ ‫ي ى‬
‫ٍح ُّق فًي ىكثًي ور ًم ىن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىكفيو نىظىهر؛ ألىناوي ىال يح اجةى في قىػ ٍوًؿ ٍاألى ٍكثى ًر‪ ،‬ىكىال في ىع ىمل ًه ٍم‪ ،‬فىػ ىق ٍد يى يكو يف ال ى‬
‫ً‬ ‫ًً‬
‫ض وع ًم ٍن كًتىابً ًو‪.‬‬ ‫الٍمسائً ًل مع ٍاألىقىل‪ ،‬كلً ىه ىذا م ىدح اللاوي ال ًٍقلاةى فًي غىٍي ًر مو ً‬
‫ىٍ‬ ‫ى ى ى‬ ‫ى ى ىى‬
‫س‪:‬‬ ‫النػاوع ال ى ً‬
‫ٍخام ي‬ ‫ٍي‬
‫ٍخلى ىف ًاء ٍاأل ٍىربىػ ىع ًة يدك ىف ٍاآل ىخ ًر‪ ،‬فىًإناوي ييػ ىق اد يـ ال يٍم ىوافً يق‪ ،‬ىكفً ًيو‬
‫ىح يد يى ىما يم ىوافً نقا لً ىع ىم ًل ال ي‬ ‫أى ٍف يى يكو ىف أ ى‬
‫نىظىهر‪.‬‬
‫س‪:‬‬ ‫النػاوعي ال ا ً‬
‫ساد ي‬ ‫ٍ‬
‫ٍح ىرىم ٍي ًن يدك ىف ٍاآل ىخ ًر‪ ،‬ىكفً ًيو نىظىهر‪.‬‬ ‫ىح يد يى ىما تىػ ىو ىارثىوي أى ٍى يل ال ى‬
‫أى ٍف يى يكو ىف أ ى‬
‫سابً يع‪:‬‬‫النػ ٍاوعي ال ا‬
‫ضا‪.‬‬‫ىح يد يى ىما يم ىوافً نقا لً ىع ىم ًل أ ٍىى ًل ال ىٍم ًدينى ًة‪ ،‬ىكفً ًيو نىظىهر أىيٍ ن‬ ‫أى ٍف يى يكو ىف أ ى‬
‫النػاوع الث ً‬
‫اام ين‪:‬‬ ‫ٍي‬
‫اس يدك ىف ٍاآل ىخ ًر‪ ،‬فىًإناوي ييػ ىق اد يـ ال يٍم ىوافً يق‪.‬‬ ‫ىح يد يى ىما يم ىوافً نقا لًل ًٍقيى ً‬ ‫أى ٍف يى يكو ىف أ ى‬
‫النػاوعي الت ً‬
‫ااس يع‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫آف‪ ،‬يدك ىف ٍاآل ىخ ًر‪ ،‬فىًإناوي ييػ ىق اد يـ ٍاألى ٍشبىوي‪.‬‬ ‫اى ًر الٍ يقر ً‬ ‫أى ٍف ي يكو ىف أىح يدىما أى ٍشبو بًظى ً‬
‫ٍ‬ ‫ى ي ى ىى‬ ‫ى‬
‫اش ير‪:‬‬‫الناػوعي الٍع ً‬
‫ٍ ى‬
‫ك‪.‬‬‫س ىرهي ال ارا ًكم لىوي بًىق ٍولً ًو أ ٍىك فً ٍعلً ًو ىعلىى ىما لى ٍم يى يك ٍن ىك ىذلً ى‬ ‫أىناوي ييػ ىق اد يـ ىما فى ا‬
‫ات فًي ىى ىذا ال ًٍق ٍس ًم ىزائً ىدةن ىعلىى ىما ذكرناه ىهنا‪ ،‬كقد‬ ‫وؿ مرجح و‬
‫يص ً ي ى ى‬ ‫ض أ ٍىى ًل ٍاأل ي‬ ‫ىكقى ٍد ذى ىك ىر بىػ ٍع ي‬
‫ات‬ ‫ذكرناه فًي ٍاألىنٍػو ًاع الٍمتىػ ىقدم ًة؛ ًألىناػ ىها بً ىها أىلٍص يق‪ ،‬كًمن أى ٍعظى ًم ما ي ٍحتىاج إًلىى الٍمرجح ً‬
‫يى ى‬ ‫ى ى ي‬ ‫ى ى ٍ‬ ‫ى ي ى‬
‫ك ىك ىق ٍولً ًو تىػ ىعالىى‪:‬‬ ‫وص ًم ٍن ىك ٍج وو‪ ،‬ىك ىذلً ى‬ ‫ص ه‬ ‫وـ ىك يخ ي‬ ‫اف‪ ،‬بىػ ٍيػنىػ يه ىما عي يم ه‬ ‫ض عيموم ً‬
‫ار ى ي ى‬
‫ال ى ً‬
‫ٍخا ًر ىجة إً ىذا تىػ ىع ى‬
‫صةه فًي‬ ‫ت أىيٍ ىماني يك ٍم} فىًإ اف ٍاأليكلىى ىخا ا‬ ‫{كأى ٍف تى ٍج ىمعيوا بىػ ٍي ىن ٍاألي ٍختىػ ٍي ًن} مع قولو‪{ :‬أك ىما ىملى ىك ٍ‬ ‫ى‬
‫اح‪ ،‬ىكالثاانًيىةى ىعا امةه فًي‬ ‫ٍك‪ ،‬أ ٍىك بً ىع ٍق ًد الن ىك ً‬ ‫ٍاألي ٍختىػ ٍي ًن‪ ،‬ىعا امةه فًي الٍجم ًع بػ ٍين ٍاألي ٍختىػ ٍي ًن فًي ال ًٍمل ً‬
‫ىٍ ى ى‬
‫صلاى اللاوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم‪" :‬من ناـ عن‬ ‫ًً‬ ‫ٍاألي ٍختىػ ٍي ًن كغىٍي ًرًىما‪ ،‬ىخا ا ً ً ً ً‬
‫صةه في ملٍك الٍيىمي ًن‪ ،‬ىكىك ىق ٍولو ى‬ ‫ى ى‬
‫كى ًة‪ ،‬فىًإ اف‬ ‫ات ال ىٍم ٍك ير ى‬ ‫ص ىبلةً فًي ٍاألىكقى ً‬ ‫صل ىها إًذىا ذى ىك ىرىىا" ىم ىع نىػ ٍهيً ًو ىع ًن ال ا‬
‫ٍ‬ ‫صبلة كنسيها فىػلٍيي ى‬
‫اص فًي‬‫ص ىبلةً‪ ،‬ىخ ٌّ‬ ‫ٍاألى اك ىؿ ىعاـٌّ فًي األكقات‪ ،‬خاص في الصبلة المقضية‪ ،‬ىكالثاانً ىي ىعاـٌّ فًي ال ا‬
‫اس نخا ًع ٍن ىد‬ ‫ات‪ ،‬فإف علم المتقدـ من العموميين‪ ،‬كالمتأخر منهما‪ ،‬كاف المتأخر نى ً‬ ‫ٍاألىكقى ً‬
‫ٍ‬
‫ىم ٍن يىػ يق ي ً‬
‫ص ال يٍمتىػ ىقد ىـ‪.‬‬ ‫ٍخا ا‬ ‫س يخ ال ى‬ ‫وؿ‪ :‬إ اف ال ىٍعا اـ ال يٍمتىأىخ ىر يىػ ٍن ى‬
‫ك فىًإناوي يىػ ٍع ىم يل بًالتػ ٍارًج ً‬
‫يح بىػ ٍيػنىػ يه ىما‪.‬‬ ‫وؿ ذىلً ى‬‫ىكأى اما ىم ٍن ىال يىػ يق ي‬
‫الر يجوعي إًلىى التػ ٍارًج ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يح‪ ،‬ىعلىى الٍ ىق ٍولىٍي ًن‬ ‫ب ُّ‬ ‫ىكإً ٍف لى ٍم ييػ ٍعلى ًم ال يٍمتىػ ىقد يـ م ٍنػ يه ىما م ىن ال يٍمتىأىخ ًر ىك ىج ى‬
‫ات ال يٍمتىػ ىقد ىم ًة‪.‬‬
‫ج ًميعا‪ ،‬بًالٍمرجح ً‬
‫ى ن يى ى‬
‫ادا ىكىم ٍتػننا‪ ،‬ىك ىد ىاللىةن ىر ىج ىع إًلىى المرجحات الخارجية‪.‬‬ ‫استىػ ىويىا إً ٍسنى ن‬
‫ىكإً ىذا ٍ‬
‫ؼ ال يٍمتىػ ىقدًـ‪ :‬ىى ٍل يي ىخياػ ير‬ ‫ٍخ ىبل ً‬ ‫ضا ًمن يكل كج وو فىػعلىى ال ً‬ ‫ً‬
‫ار ى ٍ ى ٍ ى‬ ‫وج ٍد يم ىرج هح ىخا ًرج ٌّي ىكتىػ ىع ى‬ ‫فإف لى ٍم يي ى‬
‫آخ ىر إً ٍف يك ًج ىد‪ ،‬أ ٍىك إًلىى‬ ‫يل ى‬ ‫ىح ًد ًى ىما‪ ،‬أ ٍىك يىط ىٍر يح يه ىما‪ ،‬ىكيىػ ٍرًج يع إًلىى ىدلً و‬ ‫ال يٍم ٍجتى ًه يد في العمل بًأ ى‬
‫ىصلًيا ًة؟‪.‬‬
‫اءة ٍاأل ٍ‬
‫الٍبػر ً‬
‫ىى ى‬
‫ٍخبػر الا ًذم فً ًيو ًذ ٍكر الٍوق ً‬ ‫ً ً‬
‫ٍت‪ ،‬ىكىال ىك ٍجوى‬ ‫ي ى‬ ‫ىكنىػ ىق ىل سليم الرازم ىع ٍن أىبي ىحني ىفةى أىناوي ييػ ىق اد يـ ال ى ى ي‬
‫ك‪.‬‬‫لً ىذلً ى‬
‫وؿ‪ ،‬كالٍم ٍخت ً‬ ‫ت ٍاأل ي ً‬ ‫يد‪ :‬ىى ًذهً الٍمسأىلىةي ًمن م ٍش ًك ىبل ً‬ ‫يق ال ًٍع ً‬‫اؿ ابٍ ين ىدقً ً‬
‫ار ع ٍن ىد ال يٍمتىأىخ ًر ى‬
‫ين‬ ‫يص ى ي ى ي‬ ‫ٍ ي‬ ‫ىٍ‬ ‫قى ى‬
‫يح‬ ‫ً‬
‫اد يى يم التػ ٍارج ي‬ ‫ىح ًد اللا ٍفظىٍي ًن بًالن ٍسبى ًة إًلىى ٍاآل ىخ ًر‪ ،‬ىكىكأى اف يم ىر ى‬ ‫وـ ىعلىى أ ى‬ ‫يح يىػ يق ي‬‫ٍف‪ ،‬إًاال بًتىػ ٍرًج و‬ ‫ال ىٍوق ي‬
‫وؿ الٍعم ً‬
‫الرىكاةً‪ ،‬ىك ىسائً ًر ٍاأل ييموًر ال ى‬
‫ٍخا ًر ىج ًة‬ ‫يح بً ىكثٍػ ىرةً ُّ‬‫وـ‪ ،‬ىكالتػ ٍارًج ً‬ ‫ص ىم ٍدلي ى ي ي‬ ‫اـ‪ ،‬الا ًذم ىال يى يخ ُّ‬ ‫ال ىٍع ُّ‬
‫يد يم ىح ام ًد بٍ ًن يى ٍحيىىُ أىناوي ييػ ٍنظىير فًي ًه ىما‪،‬‬ ‫اض ًل أىبًي س ًع و‬ ‫وـ‪ ،‬ثي ام حكي ىع ًن الٍ ىف ً‬ ‫وؿ الٍعم ً‬ ‫ً‬
‫ى‬ ‫ي‬ ‫ىع ٍن ىم ٍدلي ي ي‬
‫ك إًذىا ىكا ىف‬‫يص‪ ،‬ىكىك ىذلً ى‬ ‫ص ً‬ ‫صيص م ٍجم هع ىعلىٍي ًو فىػ يهو أىكلىى بًالتا ٍخ ً‬
‫ى ٍ‬
‫ً‬
‫ىح ىد يى ىما تى ٍخ ه ي ى‬ ‫فىًإ ٍف ىد ىخ ىل أ ى‬
‫وموي اتػ ىفاقًياا‪.‬‬ ‫ً‬
‫ودا بًالٍعي يموـ يرج ىح ىعلىى ىما ىكا ىف عي يم ي‬ ‫ص ن‬ ‫ىح يد يى ىما ىم ٍق ي‬
‫أى‬
‫اه ًي ىع ًن‬ ‫اؿ ال ازٍرىك ًش ُّي فًي "الٍبى ٍح ًر"‪ :‬ىك ىى ىذا ىو البلئق بتصرؼ الشافعي في أحادث النػ ٍ‬ ‫قى ى‬
‫اإلجم ًاع فًي ص ىبلةً‬ ‫ص يً‬ ‫اؿ‪ :‬لى اما ىد ىخلى ىها التا ٍخ ً‬ ‫كى ًة‪ ،‬فىًإناوي قى ى‬ ‫ص ىبلةً فًي ٍاألىكقى ً‬
‫ى‬ ‫يص ب ًٍ ٍ ى‬ ‫ات ال ىٍم ٍك ير ى‬ ‫ٍ‬ ‫ال ا‬
‫ضيا ًة‪ ،‬ىكتى ًحيا ًة ال ىٍم ٍس ًج ًد‪ ،‬ىكغىٍي ًرًى ىما‪،‬‬‫يث الٍم ٍق ً‬
‫ىحاد ي ى‬
‫الجنازة ضعفت داللتها‪ ،‬فتقدـ عليو أ ً‬
‫ى‬
‫ٍج ٍم ًع يمطٍلى نقا فًي الن ىك ً‬
‫اح‬ ‫{كأى ٍف تى ٍج ىمعيوا بىػ ٍي ىن ٍاألي ٍختىػ ٍي ًن} ىعلىى تى ٍح ًر ًيم ال ى‬
‫وؿ داللة‪ :‬ى‬ ‫ك نىػ يق ي‬‫ىكىك ىذلً ى‬
‫ٍك الٍيى ًمي ًن؛ ًألى اف ىى ًذهً ٍاآليىةى‬ ‫ٍك أىكلىى ًمن ىد ىاللى ًة ٍاآلي ًة الثاانًي ًة ىعلىى جوا ًز الٍجم ًع فًي ًمل ً‬ ‫ً ً‬
‫ىى ى ٍ‬ ‫ى ى‬ ‫ىكالٍمل ٍ ٍ‬
‫ما سبقت لبياف حكم الجمع‪ ».‬انتهى كبلمو‪.‬‬
‫فائدة نفيسة ‪:‬‬
‫قاؿ الحافظ العراقي ‪:‬‬
‫« كجوه الترجيحات تزيد على المائة كقد رأيت عدىا مختصرا فأبدأ بالخمسين التي‬
‫عدىا الحازمي ثم أسرد بقيتها على الوالء األكؿ كثرة الركاة الثاني كوف أحد الراكيين‬
‫أتقن كأحفظ الثالث كونو متفقا على عدالتو الرابع كونو بالغا حالة التحمل الخامس كوف‬
‫سماعو تحديثا كاآلخر عرضا السادس كوف أحدىما سماعا أك عرضا كاآلخر كتابة أك‬
‫كجادة أك مناكلة السابع كونو مباشرا لما ركاه الثامن كونو صاحب القصة التاسع كونو‬
‫أحسن سياقا كاستقصاء العاشر كونو أقرب مكانا من النبي صلى اهلل عليو كسلم حالة‬
‫تحملو الحادم عشر كونو أكثر مبلزمة لشيخو الثاني عشر كونو سمعو من مشايخ بلده‬
‫الثالث عشر كوف أحد الحديثين لو مخارج الرابع عشر كوف إسناده حجازيا الخامس‬
‫عشر كوف ركاتو من بلد ال يرضوف بالتدليس السادس عشر داللة ألفاظو على االتصاؿ‬
‫كسمعت كحدثنا السابع عشر كونو مشاىدا لشيخو عند األخذ الثامن عشر كوف‬
‫الحديث لم يختلف فيو التاسع عشر كوف راكيو لم يضطرب لفظو العشركف كوف‬
‫الحديث متفقا على رفعو الحادم كالعشركف كونو متفقا على اتصالو الثاني كالعشركف‬
‫كوف راكيو ال يجيز الركاية بالمعنى الثالث كالعشركف كونو فقيها الرابع كالعشركف كونو‬
‫صاحب كتاب يرجع إليو الخامس كالعشركف كوف أحد الحديثين نصا كقوال كاآلخر‬
‫ينسب إليو استدالال كاجتهادا كالسادس كالعشركف كوف القوؿ يقارنو الفعل السابع‬
‫كالعشركف كونو موافقا لظاىر القرآف الثامن كالعشركف كونو موافقا لسنو أخرل التاسع‬
‫كالعشركف كونو موافقا للقياس الثبلثوف كونو معو حديث آخر مرسل أك منقطع الحادم‬
‫كالثبلثوف كونو عمل بو الخلفاء الراشدكف الثاني كالثبلثوف كونو معو عمل األمة الثالث‬
‫كالثبلثوف كوف ما تضمنو من الحكم منطوقا الرابع كالثبلثوف كونو مستقبل ال يحتاج إلى‬
‫إضمار الخامس كالثبلثوف كوف حكمو مقركنا بصفة كاآلخر باالسم السادس كالثبلثوف‬
‫كونو مقركنا بتفسير الراكم السابع كالثبلثوف كوف أحدىما قوال كاآلخر فعبل فيرجح‬
‫الثامن كالثبلثوف كونو لم يدخلو التخصيص التاسع كالثبلثوف كونو غير مشعر بنوع قدح‬
‫في الصحابة األربعوف كونو مطلقا كاآلخر كرد على سبب الحادم كاألربعوف كوف‬
‫االشتقاؽ يدؿ عليو دكف اآلخر الثاني كاألربعوف كوف أحد الخصمين قائبل بالخبرين‬
‫الثالث كاألربعوف كوف أحد الحديثين فيو زيادة الرابع كاألربعوف كونو فيو احتياط للفرض‬
‫كبراءة الذمة الخامس كاألربعوف كوف أحد الحديثين لو نظير متفق على حكمو السادس‬
‫كاألربعوف كونو يدؿ على التحريم كاآلخر على اإلباحة السابع كاألربعوف كونو يثبت‬
‫حكما موافقا لما قبل الشرع فقيل ىو أكلى كقيل ىما سواء الثامن كاألربعوف كوف أحد‬
‫الخبرين مسقطا للحد فقيل ىو أكلى كقيل ال يرجح التاسع كاألربعوف كونو إثباتا يتضمن‬
‫النقل عن حكم العقل كاآلخر نفيا يتضمن اإلقرار على حكم العقل‬
‫الخمسوف كوف الحديثين في األقضية كراكم أحدىما على أك في الفرائض كراكم‬
‫أحدىما زيد أك في الحبلؿ كالحراـ كراكم أحدىما معاذ كىلم جرا فالصحيح الذم‬
‫عليو األكثركف الترجيح بذلك الحادم كالخمسوف كونو أعبل إسنادا الثاني كالخمسوف‬
‫كوف راكيو عالما بالعربية الثالث كالخمسوف كونو عالما باللغة الرابع كالخمسوف كونو‬
‫أفضل في الفقو أك العربية أك اللغة الخامس كالخمسوف كونو حسن االعتقاد السادس‬
‫كالخمسوف كونو كرعا السابع كالخمسوف كونو جليسا للمحدثين أك غيرىم من العلماء‬
‫الثامن كالخمسوف كونو أكثر مجالسة لهم التاسع كالخمسوف كونو عرفت عدالتو‬
‫باالختبار كالممارسة كعرفت عدالة اآلخر بالتزكية أك العمل على ركايتو الستوف كوف‬
‫المزكي زكاه كعمل بخبره كزكى اآلخر كركل خبره الحادم كالستوف‪ .‬كونو ذكر سبب‬
‫تعديلو الثاني كالستوف كونو ذكرا الثالث كالستوف كونو حرا‬
‫الرابع كالستوف شهرة الراكم الخامس كالستوف شهرة نسبو السادس كالستوف عدـ‬
‫التباس اسمو السابع كالستوف كونو لو اسم كاحد على من لو اسماف فأكثر الثامن‬
‫كالستوف كثرة المزكين التاسع كالستوف كثرة علم المزكين السبعوف كونو داـ عقلو فلم‬
‫يختلط‪.‬‬
‫ىكذا أطلقو جماعة كشرط في المحصوؿ مع ذلك أنو ال يعلم ىل ركاه في حاؿ‬
‫سبلمتو أك اختبلطو الحادم كالسبعوف تأخر إسبلـ الراكم كقيل عكسو كبو جزـ‬
‫اآلمدم الثاني كالسبعوف كونو من أكابر الصحابة الثالث كالسبعوف كوف الخبر حكي‬
‫سبب كركده إف كانا خاصين فإف كانا عامين فبالعكس الرابع كالسبعوف كونو حكي فيو‬
‫لفظ الرسوؿ الخامس كالسبعوف كونو لم ينكره راكم األصل أك لم يتردد فيو‪.‬‬
‫السادس كالسبعوف كونو مشعرا بعلو شأف الرسوؿ كتمكنو السابع كالسبعوف كونو مدنيا‬
‫كاآلخر مكي الثامن كالسبعوف كونو متضمنا للتخفيف كقيل بالعكس التاسع كالسبعوف‬
‫كونو مطلق التاريخ على المؤرخ بتاريخ مؤخر الثمانوف كونو مؤرخا بتاريخ مؤخر على‬
‫مطلق التاريخ الحادم كالثمانوف كوف الراكم تحملو في اإلسبلـ على ما تحملو راكيو‬
‫في الكفر أك شك فيو الثاني كالثمانوف كوف الحديث لفظو فصيحا كاآلخر ركيكا الثالث‬
‫كالثمانوف كونو بلغة قريش الرابع كالثمانوف كوف لفظو حقيقة الخامس كالثمانوف كونو‬
‫أشبو بالحقيقة السادس كالثمانوف كوف أحدىما حقيقة شرعية كاآلخر حقيقة عرفية أك‬
‫لغوية السابع كالثمانوف كوف أحدىما حقيقة عرفية كاآلخر حقيقة لغوية الثامن كالثمانوف‬
‫كونو يدؿ على المراد من كجهين‪.‬‬
‫التاسع كالثمانوف كونو يدؿ على المراد بغير كاسطة التسعوف كونو يومىء إلى علة‬
‫الحكم الحادم كالتسعوف كونو ذكر معو معارضة الثاني كالتسعوف كونو مقركنا بالتهديد‬
‫الثالث كالتسعوف كونو أشد تهديدا الرابع كالتسعوف كوف أحد الخبرين يقل فيو اللبس‬
‫الخامس كالتسعوف كوف اللفظ متفقا على كضعو لمسماه السادس كالتسعوف كونو‬
‫منصوصا على حكمو مع تشبيهو لمحل آخر السابع كالتسعوف كونو مؤكدا بالتكرار‬
‫الثامن كالتسعوف كوف أحد الخبرين داللتو بمفهوـ الموافقة‪.‬‬
‫كاآلخر بمفهوـ المخالفة كقيل بالعكس التاسع كالتسعوف كونو قصد بو الحكم‬
‫المختلف فيو كلم يقصد باآلخر ذلك المائة كوف أحد الخبرين مركيا باإلسناد كاآلخر‬
‫معزكا إلى كتاب معركؼ‪.‬‬
‫الحادم بعد المائة كوف أحدىما معزكا إلى كتاب معركؼ كاآلخر مشهور‪.‬‬
‫الثاني بعد المائة كوف أحدىما اتفق عليو الشيخاف الثالث بعد المائة كوف العموـ في‬
‫أحد الخبرين مستفادا من الشرط كالجزاء كاآلخر من النكرة المنفية الرابع بعد المائة‬
‫كوف الخطاب في أحدىما تكليفيا كفي اآلخر كضعيا الخامس بعد المائة كوف الحكم‬
‫في أحد الخبرين معقوؿ المعنى السادس بعد المائة كوف الخطاب في أحدىما شفاىيا‬
‫فيقدـ على خطاب الغيبة في حق من كرد الخطاب عليو السابع بعد المائة كوف‬
‫الخطاب على الغيبة فيقدـ على الشفاىي في حق الغائبين الثامن بعد المائة كوف أحد‬
‫الخبرين قدـ فيو ذكر العلة كقيل بالعكس التاسع بعد المائة كوف العموـ في أحدىما‬
‫مستفادا من الجمع المعرؼ فيقدـ على المستفاد من ما كمن العاشر بعد المائة كونو‬
‫مستفادا من الكل فيقدـ على المستفاد من الجنس المعرؼ الحتماؿ العهد كثم كجوه‬
‫أخر للترجيح في بعضها نظر كفي بعض ما ذكر أيضا نظر كإنما ذكرت ىذا أيضا منها‬
‫لقوؿ المصنف أف كجوه الترجيح خمسوف فأكثر كاهلل أعلم‪ ».‬انتهى كبلمو‬

‫االجتهاد كالتقليد‬
‫ُ‪ /‬االجتهاد‬
‫االجتهاد في اللغة‪ :‬بذؿ المجهود كاستفراغ الوسع في فعل من األفعاؿ كال يستعمل‬
‫إال فيما فيو مشقة يقاؿ اجتهد في حمل الصخرة كال يقاؿ اجتهد في حمل العصا أك‬
‫النواة مثبل‪ ،‬كالجهد بالفتح المشقة كالطاقة كبالضم الطاقة فقط كمنو قولو تعالى‪:‬‬
‫{كالذين ال يجدكف إال جهدىم} ‪.‬‬
‫كفي االصطبلح‪ :‬بذؿ الوسع في النظر في األدلة للحصوؿ على القطع أك الظن بحكم‬
‫شرعي‪.‬‬

‫ش اقةي ىكالطااقىةي‪ ،‬فىػيى ٍختى ُّ‬


‫ص‬ ‫ٍج ٍه ًد‪ ،‬ىك يى ىو ال ىٍم ى‬ ‫أفادنا المؤلف أف االجتهاد فًي اللُّغى ًة مأ ي ً‬
‫ٍخوذه م ىن ال ى‬ ‫ى‬
‫ش اقةى فً ًيو‪.‬‬ ‫بًما فً ًيو م ى ً‬
‫ج ىع ٍنوي ىما ىال ىم ى‬ ‫ش اقةه‪ ،‬ليى ٍخ ير ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫استً ٍف ىر ًاغ ال يٍو ٍس ًع‪ ،‬فًي أىم فً ٍع ول ىكا ىف‪.‬‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫اؿ "فًي الٍم ٍح ي ً‬
‫ارةه ىع ًن ٍ‬ ‫صوؿ"‪ :‬ىك يى ىو في اللُّغىة عبى ى‬ ‫ى‬ ‫قى ى‬
‫اواةً‪.‬‬ ‫ً‬
‫غ يك ٍس ىعوي في ىح ٍم ًل النػ ى‬ ‫استىػ ٍف ىر ى‬
‫اؿ‪ٍ :‬‬ ‫يل‪ ،‬ىكىال ييػ ىق ي‬ ‫اؿ‪ :‬استفرع يك ٍس ىعوي فًي ىح ٍم ًل الث ًاق ً‬ ‫ييػ ىق ي‬
‫ٍح يقوي فً ًيو لى ٍوهـ‪ ،‬ىم ىع‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ؼ الٍ يف ىق ىه ًاء‪ :‬فىػ يهو ٍ ً‬ ‫كأى اما فًي عير ً‬
‫يما ىال يىػل ى‬ ‫است ٍف ىراغي ال يٍو ٍس ًع في الناظى ًر ف ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬
‫سائً يل‬ ‫ًً‬ ‫ًٍ‬
‫س امى ىىذه ال ىٍم ى‬ ‫است ٍف ىر ًاغ ال يٍو ٍس ًع فيو‪ ،‬ك"ىذا" سبيل مسائل الفركع‪ ،‬ك"لذلك" تي ى‬
‫وؿ‪ .‬انٍػتىػ ىهى‪.‬‬ ‫يص ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫م ً ً ً ً‬
‫اؿ ٍاأل ي‬ ‫س ىى ىك ىذا ىح ي‬ ‫سائ ىل اال ٍجت ىهاد‪ ،‬ىكالنااظ ير ف ىيها يم ٍجتىه ندا‪ ،‬ىكلىٍي ى‬ ‫ىى‬
‫كقًيل‪ :‬ىو فًي ًاالص ًط ىبل ًح‪ :‬ب ٍذ يؿ الٍوس ًع فًي نىػي ًل ح ٍك وم ىشر ًعي ىعملًي‪ ،‬بًطى ًر ًيق ًاالستًٍنب ً‬
‫اط‪.‬‬ ‫ٍ ى‬ ‫ٍ ٍّ ى ٍّ‬ ‫ٍ ي‬ ‫يٍ‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى ى يى‬
‫س ًم ٍن‬ ‫صي ًر‪ ،‬فىًإ اف ىم ٍعنىى بى ٍذ ًؿ ال يٍو ٍس ًع‪ :‬أى ٍف يي ًح ا‬ ‫فىػ ىقولينىا‪ :‬ب ٍذ يؿ الٍو ٍس ًع ي ٍخ ًرج ما ي ٍحصل مع التاػ ٍق ً‬
‫ي ي ي ى ى ي ي ىى‬ ‫ٍ ى‬
‫ب‪.‬‬ ‫يد طىلى و‬ ‫نىػ ٍف ًس ًو الٍعجز ىعن م ًز ً‬
‫ى ٍى ٍ ى‬
‫صيلً ىها‬‫ٍحس ُّي‪ ،‬فى ىبل يس امى من ب ىذ ىؿ ك ٍسعوي فًي تى ٍح ً‬ ‫م‪ ،‬كالٍع ٍقلً ُّي‪ ،‬كال ً‬ ‫كي ٍخرج بًال ا ً‬
‫يى ىٍ ى ي ى‬ ‫ى‬ ‫ش ٍرعي اللُّغى ًو ُّ ى ى‬ ‫ىى ي ي‬
‫س امى‬ ‫ً‬
‫ك بى ٍذ يؿ ال يٍو ٍس ًع في تحصيل الحكم العلمي‪ ،‬فىإناوي ىال يي ى‬ ‫اص ًط ىبل نحا‪ ،‬ىكىك ىذلً ى‬ ‫يم ٍجتى ًه ندا ٍ‬
‫ين‪.‬‬ ‫ً‬ ‫اجتًهادا ًع ٍن ىد الٍ يف ىقه ًاء‪ ،‬كإً ٍف ىكا ىف يس امى اجتًه ً‬
‫ادا ع ٍن ىد ال يٍمتى ىكلم ى‬ ‫ٍىن‬ ‫يى‬ ‫ى ى‬ ‫ٍىن‬
‫سائً ًل‪ ،‬أى ًك‬ ‫ظ ال ىٍم ى‬ ‫اى نرا‪ ،‬أ ٍىك ًح ٍف ي‬ ‫وص ظى ً‬ ‫ُّص ً‬ ‫ً‬
‫ىح ىك ًاـ م ىن الن ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ج بًطى ًر ًيق اال ٍستًٍنبىاط نىػ ٍي يل ٍاأل ٍ‬ ‫ىكيى ٍخ ير ي‬
‫ص يد يؽ‬ ‫ك ىكإً ٍف ىكا ىف يى ٍ‬ ‫ب ال ًٍعل ًٍم‪ ،‬فىًإ اف ىذلً ى‬ ‫ف ىع ٍنػ ىها فًي يكتي ً‬ ‫استً ٍع ىبلم ىها ًمن الٍم ٍفتًي‪ ،‬أ ٍىك بًالٍ ىك ٍش ً‬
‫ٍ ي ى ي‬
‫م‪ ،‬فىًإناوي ال يصدؽ عليو االجتهاد االصطبلحي‪.‬‬ ‫ىعلىٍي ًو ًاال ٍجتً ىه ي‬
‫اد اللُّغى ًو ُّ‬
‫اؿ‪ :‬بى ٍذ يؿ الٍ ىف ًق ًيو ال يٍو ٍس ىع ىكىال بي اد ًم ٍن‬‫ظ الٍ ىف ًق ًيو فىػ ىق ى‬‫ٍحد لىٍف ى‬ ‫اد بػ ٍعض ٍاأليصولًي ً‬
‫ين في ىى ىذا ال ى‬ ‫ىكقى ٍد ىز ى ى ي ي ى‬
‫اص ًط ىبل نحا‪.‬‬ ‫ادا ٍ‬ ‫اجتً ىه ن‬‫س امى ٍ‬
‫ًً‬ ‫ذىلً ى ً‬
‫ك‪ ،‬فىإ اف بى ٍذ ىؿ غىٍي ًر الٍ ىفقيو يك ٍس ىعوي ىال يي ى‬
‫ً‬ ‫استً ٍفراغي الٍ ىف ًق ًيو الٍو ٍسع لًتى ٍح ً‬ ‫ىكًم ٍنػ يه ٍم ىم ٍن قى ى‬
‫اد قىػ ٍي ىد الظان؛‬ ‫يل ظى ٍّن بً يح ٍك وم ىش ٍرع ٍّي فىػ ىز ى‬ ‫صً‬ ‫ي ى‬ ‫اؿ‪ :‬يى ىو ٍ ى‬
‫ات‪.‬‬‫اد فًي الٍ ىقط ًٍعيا ً‬ ‫اجتً ىه ى‬
‫ألىناوي ىال ٍ‬
‫ً‬
‫ات ال ادالاًة ىعلىٍي ًو‪.‬‬ ‫اب بً ٍاألىمار ً‬
‫ص ىو ً ى ى‬ ‫ب ال ا‬ ‫اؿ‪ :‬يى ىو طىلى ي‬ ‫ىكًم ٍنػ يه ٍم ىم ٍن قى ى‬
‫اؿ ابٍ ين السمعاني‪ :‬كىو أىلٍيى يق بً ىك ىبلًـ الٍ يف ىق ىه ًاء‪.‬‬ ‫قى ى‬
‫يل ظى ٍّن بً يح ٍك وم ىش ٍر ًع ٍّي‪،‬‬‫صً‬‫ت ىى ىذا‪ ،‬فىالٍم ٍجتى ًه يد‪ :‬يىو الٍ ىف ًقيوي الٍمستىػ ٍف ًرغي لًو ٍس ًع ًو لًتى ٍح ً‬
‫ي‬ ‫يٍ‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫إذا ىع ىرفٍ ى‬
‫ىح ىك ًاـ ًم ٍن‬
‫اج ٍاأل ٍ‬ ‫استً ٍخ ىر ً‬ ‫ً‬
‫ىكىال بي اد أى ٍف يكوف بالغا عاقبل‪ ،‬قد ثبت لىوي ىملى ىكةه يىػ ٍقتىد ير بً ىها ىعلىى ٍ‬
‫كط‪.‬‬‫شر و‬ ‫آخ ًذ ىىا‪ ،‬كإًناما يىػتىم اكن ًم ٍن ذىلً ى ً‬
‫م ً‬
‫ك ب يي‬ ‫ى ى ى ي‬ ‫ى‬

‫حكمو كاألصل فيو‬


‫حكم االجتهاد فرض كفاية‪ ،‬كاألصل فيو قولو تعالى‪{ :‬كداكد كسليماف إذ يحكماف في‬
‫الحرث إذ نفشت فيو غنم القوـ ككنا لحكمهم شاىدين ففهمناىا سليماف ككبل آتينا‬
‫حكمان كعلمان} ‪.‬‬
‫كقولو صلى اهلل عليو كسلم‪" :‬إذا اجتهد الحاكم فأصاب فلو أجراف" الحديث‪ .‬كقولو‬
‫النبي صلى اهلل عليو كسلم لمعاذ‪" :‬الحمد هلل الذم كفق رسوؿ اهلل لما يرضى رسوؿ‬
‫اهلل" حين قاؿ للنبي صلى اهلل عليو كسلم إنو يجتهد حيث ال كتاب كال سنة‪.‬‬

‫ىذا الذم ذكره المؤلف من كوف االجتهاد فرض كفاية فقط فيو نظر كالصواب أف‬
‫االجتهاد يكوف فرض عين‪ ،‬كيكوف فرض كفاية‪ ،‬كيكوف مندكبان‪ ،‬كيكوف محرمان‪ ،‬كإليك‬
‫بياف ذلك‪:‬‬
‫أكالن‪ :‬يكوف االجتهاد فرض عين في حالتين‪:‬‬
‫الحالة األكلى‪ :‬اجتهاد المجتهد في حق نفسو فيما نزؿ بو؛ ألف المجتهد ال يجوز لو‬
‫أف يقلد غيره في حق نفسو‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬اجتهاد المجتهد في حق غيره إذا تعين عليو الحكم فيو بأف ال يوجد في‬
‫العصر إال ىو‪ ،‬أك ضاؽ الوقت فإنو يجب عليو االجتهاد على الفور‪ ،‬ألف عدـ‬
‫االجتهاد يقتضي تأخير البياف عن كقت الحاجة‪ ،‬كىذا ال يجوز‪.‬‬
‫ثانيان‪ :‬يكوف االجتهاد فرض كفاية عندما تنزؿ حادثة بأحد‪ ،‬فاستفتى العلماء‪ ،‬أك عين‬
‫كاحدان أك طائفة‪ ،‬فإف الوجوب ىنا يكوف فرضان عليهم جميعان‪ ،‬فإف أجاب كاحد منهم‬
‫عنها سقط الفرض عن الجميع‪ ،‬كإف أمسكوا مع ظهور الصواب أثموا‪ ،‬كإف أمسكوا مع‬
‫التباسو عليهم عيذركا‪.‬‬
‫ثالثان‪ :‬يكوف االجتهاد مندكبان إليو في حالتين ىما‪:‬‬
‫الحالة األكلى‪ :‬أف يجتهد العالم قبل نزكؿ الحادثة ليسبق إلى معرفة حكمها قبل‬
‫كقوعها‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬أف يستفتيو سائل عن حكم حادثة قبل كقوعها‪.‬‬
‫رابعان‪ :‬يكوف االجتهاد محرمان في حالتين ىي‪:‬‬
‫الحالة األكلى‪ :‬أف يقع االجتهاد في مقابلة دليل قاطع من نص أك إجماع‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬أف يقع االجتهاد ممن لم تتوفر فيو شركط المجتهد فيما يجتهد فيو‪.‬‬

‫باب االجتهاد مفتوح دائمان‬


‫ال يجوز خلو الزماف من مجتهد قائم هلل بحجتو يبين للناس ما نزؿ إليهم خبلفان لمن‬
‫قاؿ بإغبلؽ باب االجتهاد‪ ،‬كيدؿ للقوؿ الحق قولو فيها‪" :‬ال تزاؿ طائفة من أمتي‬
‫ظاىرين على الحق حتى تقوـ الساعة " فإنو فيها أخبر في ىذا الحديث باستمرار‬
‫كجود القائمين بالحق إلى انتهاء الدنيا‪.‬‬

‫كىذا الذم قالو المؤلف ىو الصواب الذم عليو الدليل كما في حديث معاكية رضي‬
‫اهلل عنو ك غيره من الصحابة‪.‬‬

‫شركط المجتهد‬
‫ُ‪ -‬أف يكوف عالمان بوجود الرب كما يجب لو سبحانو من صفات الكماؿ كما يمتنع‬
‫عليو من صفات النقص كالعيب كأف يكوف مصدقان بالرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم كما‬
‫جاء بو المشرع ليكوف فيما يسنده من األقواؿ كاألحكاـ محققان‪.‬‬
‫ِ‪ -‬أف يكوف عالمان بنصوص الكتاب كالسنة التي لها تعلق بما يجتهد فيو من‬
‫األحكاـ كإف لم يكن حافظان لها‪.‬‬
‫ّ‪ -‬أف يكوف عالمان بمسائل ا ًإلجماع كالخبلؼ لئبل يعمل كيفتى بخبلؼ ما كقع‬
‫ا ًإلجماع عليو‪.‬‬
‫ْ‪ -‬أف يكوف عالمان بالناسخ لئبل يعمل كيفتى بالمنسوخ‪.‬‬
‫ٓ‪ -‬أف يكوف عارفان بما يصلح لبلحتجاج بو من األحاديث كما ال يصلح‪.‬‬
‫ٔ‪ -‬أف يكوف عالمان بالقدر البلزـ لفهم الكبلـ من اللغة كالنحو‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬أف يكوف على علم بأصوؿ الفقو ألف ىذا الفن ىو الدعامة التي يعتمد عليها‬
‫االجتهاد‪.‬‬

‫ك ىناؾ شركط أخرل لم يذكرىا المؤلف منها‪:‬‬


‫الشرط الثامن‪ :‬أف يكوف خبيران بمصالح الناس‪ ،‬كأحوالهم‪ ،‬كأعرافهم‪ ،‬كعاداتهم‪.‬‬
‫الشرط التاسع‪ :‬أف يكوف عدالن مجتنبان للمعاصي القادحة في العدالة‪ ،‬كىذا الشرط‬
‫يشترط لجواز االعتماد على فتواه‪ ،‬فمن ليس بعدؿ كتوفرت فيو شركط المجتهد‬
‫السابقة‪ ،‬فإنو ال تقبل فتواه كال اجتهاده‪ ،‬كال يعمل بها اآلخركف‪ ،‬أما ىو فيجب عليو أف‬
‫يعمل باجتهاده‪.‬‬

‫أقساـ المجتهدين كمنزلة كل قسم‬


‫كالمجتهدكف على أقساـ‪:‬‬
‫ُ‪-‬المجتهد المطلق‪ :‬كىو الذم توفرت فيو شركط االجتهاد المتقدمة فيتمسك‬
‫بالدليل حيث كاف‪ ،‬فهذا القسم من المجتهدين ىم الذين يسوغ لهم‬
‫اإلفتاء كيسوغ استفتاؤىم كيتأدل بهم فرض االجتهاد كىم الذين قاؿ فيهم علي رضي‬
‫اهلل عنو‪ :‬لن تخلو األرض من قائم هلل بحجتو‪.‬‬
‫ِ‪ -‬مجتهد المذىب‪ :‬كىو العالم المتبحر بمذىب من ائتم بو المتمكن من تخريج ما‬
‫لم ينص عليو إمامو على منصوصو‪ ،‬فإذا نزلت بو مثبل نازلة كلم يعرؼ ًإلمامو فيها نصا‬
‫أمكنو االجتهاد فيها على مقتضى المذىب كتخريجها على أصولو‪.‬‬
‫ّ‪ -‬مجتهد الفتول كالترجيح‪ :‬كىو أقل درجة من سابقو ألنو قصر اجتهاده على ما‬
‫صح عن إمامو كلم يتمكن من تخريج غير المنصوص‪ ،‬كإذا كاف ًإلمامو في مسألة‬
‫قوالف فأكثر اجتهد في ترجيح أحدىا‪ ،‬ففتاكل القسم األكؿ‪ -‬كما قاؿ ابن القيم‬
‫رحمو اهلل‪ -‬من جنس توقيعات الملوؾ كفتاكل القسم الثاني من جنس توقيعات نوابهم‬
‫كفتاكل القسم الثالث من جنس توقيعات نواب نوابهم‪.‬‬

‫ذكر المؤلف في ىذا المبحث أقساـ المجتهدين ك لزيادة التوضيح أنقل ما قالو‬
‫الشيخ كىبة الزحيلي عن مراتب الفقهاء حيث ذكر كبلما نفيسا في ذلك فقاؿ‬
‫رحمو اهلل تعالى‪ « :‬البد للمفتي أف يعلم حاؿ من يفتى بقولو‪ ،‬فيعرؼ درجتو في الركاية‬
‫كفي الدراية‪ ،‬كطبقتو بين الفقهاء‪ ،‬ليميز بين اآلراء المتعارضة‪ ،‬كيرجح أقواىا‪ ،‬كالفقهاء‬
‫على سبع مراتب‪:‬‬
‫ُ ‪/‬المجتهد المستقل‪ :‬كىوالذم استقل بوضع قواعده لنفسو‪ ،‬يبني عليها الفقو‪ ،‬كأئمة‬
‫المذاىب األربعة‪ .‬كسمى ابن عابدين ىذه الطبقة‪( :‬طبقة المجتهدين في الشرع)‪.‬‬
‫‪/2‬المجتهد المطلق غير المستقل‪ :‬كىو الذم كجدت فيو شركط االجتهاد التي اتصف‬
‫بها المجتهد المستقل‪ ،‬لكنو لم يبتكر قواعد لنفسو‪ ،‬بل سلك طريق إماـ من أئمة‬
‫المذاىب في االجتهاد‪ ،‬فهو مطلق منتسب‪ ،‬ال مستقل‪ ،‬مثل تبلمذة األئمة السابق‬
‫ذكرىم كأبي يوسف كمحمد كزفر من الحنفية‪ ،‬كابن القاسم كأشهب كأسد ابن الفرات‬
‫من المالكية‪ ،‬كالبويطي كالمزني من الشافعية‪ ،‬كأبي بكر األثرـ‪ ،‬كأبي بكر المركذم من‬
‫الحنابلة‪ ،‬كسمى ابن عابدين ىذه الطبقة‪( :‬طبقة المجتهدين في المذىب)‪ :‬كىم‬
‫القادركف على استخراج األحكاـ من األدلة على مقتضى القواعد التي قررىا أستاذىم‬
‫في األحكاـ‪ ،‬كإف خالفوه في بعض أحكاـ الفركع‪ ،‬لكن يقلدكنو في قواعد األصوؿ‪.‬‬
‫‪ -‬كىاتاف المرتبتاف قد فقدتا من زماف‪.‬‬
‫ّ‪ /‬المجتهد المقيد‪ ،‬أك مجتهد المسائل التي ال نص فيها عن صاحب المذىب أك‬
‫مجتهد التخريج‪ ،‬كالخصاؼ كالطحاكم كالكرخي كالحلواني كالسرخسي كالبزدكم‬
‫كقاضي خاف من الحنفية‪ ،‬كاألبهرم كابن أبي زيد القيركاني من المالكية‪ ،‬كأبي إسحاؽ‬
‫الشيرازم كالمركذم كمحمد بن جرير كأبي نصر كابن خزيمة من الشافعية‪ ،‬كالقاضي‬
‫أبي يعلى كالقاضي أبي علي بن أبي موسى من الحنابلة‪ .‬كىؤالء يسموف أصحاب‬
‫الوجوه؛ ألنهم يخرجوف ما لم ينص عليو على أقواؿ اإلماـ‪ ،‬كيسمى ذلك كجهان في‬
‫المذىب‪ ،‬أك قوالن فيو‪ ،‬فهي منسوبة لؤلصحاب‪ ،‬ال إلماـ المذىب‪ ،‬كىذا مألوؼ في‬
‫المذىبين الشافعي كالحنبلي‪.‬‬
‫ْ‪ /‬مجتهد الترجيح‪ :‬كىو الذم يتمكن من ترجيح قوؿ إلماـ المذىب على قوؿ آخر‪،‬‬
‫أك الترجيح بين ما قالو اإلماـ كماقالو تبلميذه أك غيره من األئمة‪ ،‬فشأنو تفضيل بعض‬
‫الركايات على بعض‪ ،‬مثل القدكرم كالمرغيناني صاحب الهداية من الحنفية‪ ،‬كالعبلمة‬
‫خليل من المالكية‪ ،‬كالرافعي كالنوكم من الشافعية‪ ،‬كالقاضي عبلء الدين المرداكم‬
‫منقح مذىب الحنابلة‪ ،‬كأبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني البغدادم (َُٓىػ)‬
‫المجتهد في مذىب الحنابلة‪.‬‬
‫ٓ‪ /‬مجتهد الفتيا‪ :‬كىو أف يقوـ بحفظ المذىب كنقلو كفهمو في الواضحات‬
‫كالمشكبلت‪ ،‬كيميز بين األقول كالقوم كالضعيف‪ ،‬كالراجح كالمرجوح‪ ،‬كلكن عنده‬
‫ضعف في تقرير أدلتو كتحرير أقيستو‪ ،‬كأصحاب المتوف المعتبرة من المتأخرين‪،‬مثل‬
‫صاحب الكنز‪ ،‬كصاحب الدر المختار‪ ،‬كصاحب الوقاية‪ ،‬كصاحب مجمع األنهر من‬
‫الحنفية‪ ،‬كالرملي كابن حجر من الشافعية‪.‬‬
‫ٔ‪ /‬طبقة المقلدين‪ :‬الذين ال يقدركف على ما ذكر من التمييز بين القوم كغيره‪ ،‬ك ال‬
‫يفرقوف بين الغث كالسمين‪.‬‬
‫‪ -‬ىذا كلم يفرؽ الجمهور بين المجتهد المقيد‪ ،‬كمجتهد التخريج‪ ،‬كجعل ابن عابدين‬
‫طبقة مجتهد التخريج مرتبة رابعة بعد المجتهد المقيد‪ ،‬كمثل لو بالرازم الجصاص‬
‫(المتوفى سنة َّٕىػ) كأمثالو‪».‬‬
‫المصيب كاحد من المجتهدين‬
‫الحق في قوؿ كاحد من المجتهدين المختلفين كمن عداه مخطئ لكن المخطئ في‬
‫الفركع التي ليس فيها دليل قطعي معذكر غير آثم بل لو أجر على اجتهاده‪ ،‬كىذا ىو‬
‫القوؿ الحق خبلفان لمن قاؿ إف كل مجتهد مصيب‪.‬‬
‫كفصل النزاع في ىذه المسألة ما ثبت في الحديث المتفق على صحتو من أف الحاكم‬
‫إذا اجتهد فأصاب فلو أجراف كإف اجتهد فأخطأ فلو أجر‪ ،‬فإف الحديث صريح في أف‬
‫الحق كاحد كأف بعض المجتهدين يوافقو فيقاؿ لو مصيب مأجور أجرين على اجتهاده‬
‫كإصابتو‪ ،‬كبعض المجتهدين يخالفو فيقاؿ لو مخطئ مأجور مرة كاحدة على اجتهاده‪،‬‬
‫كاستحقاقو األجر ال يستلزـ كونو مصيبان فإف النبي صلى اهلل عليو كسلم جعل‬
‫المجتهدين قسمين قسما مصيبان كقسمان مخطئان‪ ،‬كلو كاف كل منهم مصيباى‪ -‬كما ذىب‬
‫إليو من ذىب‪ -‬لم يكن لهذا التقسيم معنى‪.‬‬

‫ص يل فًي فىػ ٍر ىع ٍي ًن كما قاؿ اإلماـ الشوكاني ‪:‬‬ ‫ك يى ٍح ي‬ ‫يص الٍ ىك ىبلًـ فًي ذىلً ى‬ ‫ً‬
‫ىكتىػلٍخ ي‬
‫الٍ ىف ٍرعي ٍاأل اىك يؿ‪ :‬ال ىٍع ٍقلًيا ي‬
‫ات‬
‫ىك ًى ىي ىعلىى أنواع‪:‬‬
‫األكؿ‪:‬‬
‫صانً ًع‪،‬‬‫ات ال ًٍعل ًٍم بًال ا‬‫ط فً ًيو مانًعا ًمن م ٍع ًرفى ًة اللا ًو كرسولً ًو‪ ،‬ىكما فًي إًثٍػب ً‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ىى ي‬ ‫لم يكن الٍغىلى ي ى ن ٍ ى‬
‫يد‪ ،‬ىكال ىٍع ٍد ًؿ‪.‬‬‫كالتػاو ًح ً‬
‫ى ٍ‬
‫ٍحقا‪ ،‬ىكىم ٍن أى ٍخطىأىهي فىػ يه ىو ىكافً هر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫قىاليوا‪ :‬فىػه ًذهً ال ً‬
‫اب ال ى‬
‫ىص ى‬
‫ىصابىوي أ ى‬‫ٍح ُّق ف ىيها ىكاح هد‪ ،‬فى ىم ٍن أ ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫النػ ٍاوعي الثاانًي‪:‬‬
‫ٍح ُّق‬ ‫شابًوي ىذلً ى‬ ‫الرٍؤي ًة‪ ،‬ك ىخل ًٍق الٍ يقر ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ك‪ ،‬فىال ى‬ ‫كج الموحدين من النار‪ ،‬كما يي ى‬ ‫آف‪ ،‬ىك يخ ير ً‬ ‫ٍ‬ ‫مثٍ يل ىم ٍسأىلىة ُّ ى ى‬
‫ىصابىوي فقد أصاب‪ ،‬كمن أخطأ فقيل‪ :‬يفكر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ف ىيها ىكاح هد‪ ،‬فى ىم ٍن أ ى‬
‫ًً ً‬ ‫ين بً ىذلً ى‬ ‫ًً‬ ‫ً‬
‫ىص ىحابً ًو ىم ٍن ىح ىملىوي ىعلىى ظىاى ًره‪ ،‬ىكم ٍنػ يه ٍم ىم ٍن ىح ىملىوي‬
‫شافً ًع ُّي‪ ،‬فى ًم ٍن أ ٍ‬
‫ك ال ا‬ ‫ىكم ىن الٍ ىقائل ى‬
‫اف النػ ىع ًم‪.‬‬ ‫ىعلىى يك ٍفر ً‬
‫ى‬
‫ث‪:‬‬ ‫النػ ٍاوعي الثاالً ي‬
‫صا ًر اللا ٍف ًظ‬ ‫ب ٍاألىجس ًاـ ًمن ثىمانًي ًة أ و ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىج ىزاء‪ ،‬ىكانٍح ى‬ ‫إًذىا لى ٍم تى يك ًن ال ىٍم ٍسأىلىةي دينًياةن‪ ،‬ىك ىما في تىػ ىرُّك ً ٍ ى ٍ ى ى ٍ‬
‫ص ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً ًً‬ ‫اً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ٍجوور؛ إً ٍذ‬ ‫يب ف ىيها بً ىمأ ي‬ ‫س ال يٍم ٍخط يئ ف ىيها بآث وم‪ ،‬ىكىال ال يٍم ي‬ ‫في ال يٍم ٍف ىرد ىكال يٍم ىؤلف‪ ،‬قىاليوا‪ :‬فىػلىٍي ى‬
‫ً‬ ‫ً ً ً ً ً‬ ‫ىى ًذهً ىكىما يي ى‬
‫ىصغى ىر‬ ‫"م اكةى"* أى ٍكبىػ ىر م ىن ال ىٍم ًدينى ًة أ ٍىك أ ٍ‬ ‫شابً يه ىها يى ٍج ًرم ىم ٍج ىرل اال ٍخت ىبلؼ في ىك ٍوف ى‬
‫ًم ٍنػ ىها‪.‬‬
‫ات ىكا ًح هد‪ ،‬ثي ام ىح ىكى‬ ‫صيب فًي الٍع ٍقلًيا ً‬
‫ى‬
‫ً‬
‫ص ًر" أى اف ال يٍم ى‬ ‫ب في "ال يٍم ٍختى ى‬
‫اج ً ً‬ ‫كقى ٍد ح ىكى ابٍن الٍح ً‬
‫ي ى‬ ‫ى ى‬
‫اح ًظ أىناوي ىال إًثٍ ىم‬ ‫ضا ع ًن الٍج ً‬ ‫ً ً ً‬ ‫وً‬
‫كحكي أىيٍ ن ى ى‬ ‫يب‪ ،‬ي‬ ‫ىع ًن ال ىٍع ٍنبى ًرم أى اف يك ال يم ٍجتى ًهد في ال ىٍع ٍقلياات يمص ه‬
‫ؼ ال يٍم ىعانً ًد‪.‬‬ ‫ىعلىى الٍمجت ًه ًد‪ ،‬بً ًخ ىبل ً‬
‫ي ٍى‬
‫ٍح اق فً ىيها ىكا ًح ندا‪ ،‬ىكلى ًكناوي يى ٍج ىع يل ال يٍم ٍخ ًط ىئ فًي‬ ‫ظ" فى ىج ىع ىل ال ى‬ ‫اح ي‬ ‫اؿ ال ازرىك ًش ُّي‪ :‬كأى اما "الٍج ً‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫قى ى ٍ‬
‫ىج ًم ًيع ىها غىٍيػ ىر آثً وم‪.‬‬
‫وؿ فًي يمثٍبًتًي الٍ ىق ىد ًر‪ :‬ىى يؤىال ًء ىعظا يموا اللاوى‪ ،‬ىكفًي نىافًي‬ ‫م يىػ يق ي‬ ‫س ٍم ىعانًي‪ :‬ىكىكا ىف ال ىٍع ٍنبى ًر ُّ‬ ‫اؿ ابٍ ين ال ا‬ ‫قى ى‬
‫ص ًويب الٍيػه ً‬ ‫استيٍب ًشع ىى ىذا الٍ ىقو يؿ ًم ٍنوي‪ ،‬فىًإناوي يػ ٍقتى ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ود‪،‬‬ ‫ضي تى ٍ ى ى ي‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫الٍ ىق ىد ًر‪ :‬ىى يؤىالء نىػ ازيىوا اللاوى‪ ،‬ىكقىد ٍ ى‬
‫ف‬‫ات الاتًي ا ٍختىػلى ى‬ ‫وؿ الديانى ً‬
‫يص ى ى‬ ‫اد أ ي‬ ‫اؿ‪ :‬ىكلى ىعلاوي أ ىىر ى‬ ‫اد ًى ٍم‪ ،‬قى ى‬ ‫كالناصارل‪ ،‬كسائً ًر الٍ يك افا ًر فًي اجتًه ً‬
‫ٍى‬ ‫ى ىى ىى‬
‫اؿ‪ ،‬ىكنى ٍح ًوهً‪.‬‬ ‫الرٍؤيىًة‪ ،‬ك ىخل ًٍق ٍاألىفٍػ ىع ً‬ ‫ً ً‬
‫ف ىيها أ ٍىى يل الٍق ٍبػلىة‪ ،‬ىك ُّ ى‬
‫ً‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كأى اما ما ا ٍختىػلى ى ً ً‬
‫ارل‪ ،‬ىكال ىٍم يج ً‬
‫وس؛‬ ‫اص ى‬‫ف فيو ال يٍم ٍسل يمو ىف ىكغىٍيػ يريى ٍم م ٍن أ ٍىى ًل ال ًٍملى ًل‪ ،‬ىكالٍيىػ يهود‪ ،‬ىكالن ى‬ ‫ى ى‬
‫اإل ٍس ىبلًـ‪.‬‬ ‫فىػ ىه ىذا ًم اما ييػ ٍقطى يع فً ًيو بًىق ٍوًؿ أ ٍىى ًل ًٍ‬
‫اؿ فًي أى ٍش ىه ًر‬ ‫ات ىع ًن ال ىٍع ٍنبى ًرم‪ ،‬فىػ ىق ى‬ ‫ت الرىكايى ي‬ ‫يب"‪ :‬ا ٍختىػلى ىف ً‬ ‫ص ًر التاػ ٍق ًر ً‬ ‫"م ٍختى ى‬
‫ً ً‬
‫اؿ الٍ ىقاضي في ي‬ ‫قى ى‬
‫ب يك ال يم ٍجتى ًه ود "فًي الدي ًن تى ٍج ىمعي يه يم ال ًٍملاةي"‪ ،‬ىكأى اما الٍ ىك ىف ىرةي فى ىبل‬ ‫يصو ي‬ ‫الرىكايىػتىػ ٍي ًن‪ :‬إًنا ىما أ ى‬
‫ً‬ ‫و‬ ‫ً‬
‫ين المجتهدين دكف الراكبين البدعة‪.‬‬ ‫ب الٍ ىكاف ًر ى‬ ‫ص او ى‬ ‫ييصوبوف‪ ،‬ىكفي ًرىكايىة ىع ٍنوي أىناوي ى‬
‫م‪ ،‬كالٍج ً‬ ‫ً‬
‫وؿ‪:‬‬
‫ظ‪ ،‬فىػنىػ يق ي‬ ‫اح ى‬ ‫اؿ‪ :‬ىكنى ٍح ين نىػتى ىكلا يم ىم ىع يه ىما‪ ،‬يىػ ٍعني‪ :‬ال ىٍع ٍنبى ًر ا ى ى‬ ‫قى ى‬
‫اإل ٍج ىم ًاع" قىػ ٍبػلى يك ىما ىكبىػ ٍع ىد يك ىما‪.‬‬ ‫اف "بً ًٍ‬‫أىنٍػتيما أ اىكنال‪ :‬م ٍحجوج ً‬
‫ى ي ى‬ ‫ى‬
‫ٍم ٍعتىػ ىق ًد‪ ،‬فىػ ىق ٍد ىخ ىر ٍجتي ىما ىع ٍن ىحي ًز الٍعي ىق ىبل ًء‪،‬‬ ‫ً ً ًً‬
‫ك يمطىابىػ ىقةى اال ٍعت ىقاد لل ي‬ ‫ثىانًينا‪ :‬إً ٍف أ ىىر ٍدتي ىما بً ىذلً ى‬
‫ٍخركج ىع ٍن عي ٍه ىدةً التا ٍكلً ً‬ ‫ً ً ً‬
‫ٍح ىر ًج‪،‬‬‫يف‪ ،‬ىكنىػ ٍف ًي ال ى‬ ‫ىكانٍ ىخ ىرطٍتي ىما في سلٍك ٍاألىنٍػ ىع ًاـ‪ ،‬ىكإً ٍف أ ىىر ٍدتي ىما ال ي ي ى‬
‫ٍخا ًر ىجةي ىع ٍن‬ ‫اإل ٍج ىم ًاع‪ ،‬ال ى‬ ‫السن ًاة‪ ،‬ىك ًٍ‬‫اب‪ ،‬ىك ُّ‬ ‫ٍكتى ً‬ ‫اح ًظ‪ ،‬فىالٍبػر ًاىين الٍع ٍقلًياةي ًمن ال ً‬ ‫ىكما نيًقل ع ًن الٍج ً‬
‫ى‬ ‫ىى ي ى‬ ‫ى ى ى ى‬
‫ص ًر تىػ ير ُّد ىى ًذهً ال ىٍم ىقالىةى‪.‬‬ ‫ٍح ٍ‬‫ىحد ال ى‬
‫اض فً ًيو ال يٍم ٍسلً يمو ىف الٍ ىق ٍو يؿ‬ ‫اإلس ىبل ًميا ًة فىػنػ يق ي ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وؿ‪ :‬م اما ىخ ى‬ ‫ى‬ ‫يب بًأ ٍىى ًل ال ًٍملاة ًٍ ٍ‬ ‫اص ًو ً‬ ‫يص الت ٍ‬ ‫ىكأى اما تى ٍخص ي‬
‫ً‬ ‫آف‪ ،‬كغىيػر ذىلً ى ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ب ىعلىى‬ ‫ىج ىمعيوا قىػ ٍب ىل ال ىٍع ٍنبى ًرم ىعلىى أىناوي يىج ي‬ ‫ك م اما يىػ ٍعظي يم ىخطىيرهي‪ ،‬ىكأ ٍ‬ ‫ب ىخل ًٍق الٍ يق ٍر ى ٍ ي‬
‫اؾ بيط ىٍبلنًًو‪.‬‬ ‫ال ىٍم ٍرًء إً ٍد ىر ي‬
‫ىص ىف ىهانًي‪ ،‬إً ىم ًاـ ىم ٍذ ىى ً‬ ‫ً‬ ‫ضا فًي مو ً‬ ‫كقى ٍد ح ىكى الٍ ىق ً‬
‫ب‬ ‫آخ ىر ىع ٍن ىد ياك ىد بٍ ًن ىعل ٍّي ٍاأل ٍ‬ ‫ض وع ى‬ ‫ىٍ‬ ‫اضي أىيٍ ن‬ ‫ى ى‬
‫اؿ بً ًمثٍ ًل قىػ ٍوًؿ ال ىٍع ٍنبى ًرم‪.‬‬ ‫اى ًر‪ ،‬أىناوي قى ى‬ ‫الظا ً‬
‫استً ٍف ىرا ى‬ ‫ً ًً‬ ‫ً‬ ‫اح ًظ أىناػهما قى ىاال ذىلً ى ً‬ ‫ك ح ىكى قىػوـ ع ًن الٍع ٍنب ًرم كالٍج ً‬
‫غ‬ ‫يم ٍن ىعل ىم اللاوي م ٍن ىحالو ٍ‬ ‫كف ى‬ ‫يى‬ ‫ٍه ى ى ى ى ى‬ ‫ى ى‬
‫ال يٍو ٍس ًع في طلب الحق‪ ،‬كمن أ ٍىى ًل ًملاتًنىا ىكغىٍي ًرًى ٍم‪ ،‬ىكقى ٍد نى ىحا الٍغى ىزالً ُّي "قى ًريبنا ًم ٍن ىى ىذا"‬
‫اإل ٍس ىبلًـ ىكال ازنٍ ىدقى ًة"‬ ‫اب "التاػ ٍف ًرقى ًة بىػ ٍي ىن ًٍ‬ ‫ال ىٍم ٍن ىحى فًي كًتى ً‬
‫اح ود ًم ىن‬ ‫يد‪ :‬ما نقل عن العنبرم‪ ،‬كالجاحظ‪ ،‬إف أرادا أى اف يك ال ك ً‬
‫ى‬
‫اؿ ابن ىدقً ً ً ً‬
‫يق الٍع ى‬ ‫ىكقى ى ٍ ي‬
‫اط هل‪ ،‬ىكإً ٍف أي ًري ىد بً ًو أى اف ىم ٍن بى ىذ ىؿ ال يٍو ٍس ىع‪ ،‬ىكلى ٍم‬ ‫س ٍاألىم ًر‪ ،‬فىػب ً‬ ‫ص ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يب ل ىما في نىػ ٍف ً ٍ ى‬ ‫ين يم ه‬ ‫ال يٍم ٍجتى ًهد ى‬
‫ب؛ ًألىناوي قى ٍد ييػ ٍعتىػ ىق يد فً ًيو أىناوي‬ ‫كرا غىٍيػ ىر يم ىعاقى و‬ ‫يػ ىقصر فًي ٍاأل ً ً‬
‫ب‪ ،‬فىػ ىه ىذا أىقػ ىٍر ي‬ ‫يصولياات‪ ،‬يى يكو يف ىم ٍع يذ ن‬ ‫ي‬ ‫ي ٍ‬
‫ٍج ٍه ًد‪ ،‬لى ًزىـ تى ٍكلًي يفوي بً ىما ىال ييطىا يؽ‪.‬‬ ‫ف بػ ٍع ىد ً ً ً‬ ‫ً‬
‫است ٍف ىراغو غىايىةى ال ى‬ ‫ب‪ ،‬ىكيكل ى ى ٍ‬ ‫لى ٍو عيوق ى‬
‫ً‬
‫صابىًة فًي ال ىٍع ىقائً ًد الٍ ىقط ًٍعيا ًة‪ ،‬فىػبىاط هل قىط نٍعا‪ ،‬ىكلى ىعلاوي ىال يىػ يقوليوي‬ ‫اإل ى‬‫اؿ‪ :‬ىكأى اما الا ًذم يح ًكي ىع ٍنوي ًم ىن ًٍ‬ ‫قى ى‬
‫ى‬
‫اء اللاوي تىػ ىعالىى‪.‬‬ ‫إً ٍف ىش ى‬
‫ضلًيلً ًو‪.‬‬
‫يم ًو ىكتىػ ٍف ًس ًيق ًو ىكتى ٍ‬‫ك فًي تىأٍثً ً‬ ‫وؿ‪ " :‬ىكال يٍم ىجس ىم ًة"فى ىبل ىش ا‬ ‫يص ً‬ ‫ً ً‬
‫ىكأى اما ال يٍم ٍخط يئ في ٍاأل ي‬
‫ش ٍي ًرم‪ ،‬ىكغىٍيػ يريى ىما‪:‬‬ ‫ٍح ىرىم ٍي ًن‪ ،‬ىكابٍ ين الٍ يق ى‬‫اـ ال ى‬ ‫اؿ إً ىم ي‬ ‫ف فًي تى ٍك ًفي ًرهً‪ ،‬ىكلً ٍؤلى ٍش ىع ًرم قىػ ٍوىال ًف‪ ،‬قى ى‬ ‫ىكا ٍختيلً ى‬
‫اؿ ابٍ ين‬ ‫ىكأىظ ىٍه ير ىم ٍذ ىىبً ًو تىػ ٍر يؾ التا ٍك ًفي ًر‪ ،‬ىك يى ىو اختيار القاضي في كتاب "إكفار" المتأكلين ىكقى ى‬
‫م ًع ٍن ىد ىم ٍوتًًو ىع ٍن تى ٍك ًفي ًر أ ٍىى ًل ال ًٍق ٍبػلى ًة؛ ًألى اف‬ ‫س ًن ٍاألى ٍش ىع ًر ُّ‬ ‫ٍح ى‬‫اـ أىبيو ال ى‬ ‫اإل ىم ي‬‫س ىبلًـ‪ :‬ىر ىج ىع ًٍ‬ ‫بد ال ا‬ ‫ىع ً‬
‫ات"‪.‬‬ ‫ات لىٍيس ج ٍه نبل "بًالٍموصوفى ً‬ ‫الٍج ٍهل بًالص ىف ً‬
‫ىٍ ي‬ ‫ى ى‬ ‫ى ى‬
‫ً‬ ‫اإلماـ أىبو س ٍه ول ُّ ً‬ ‫ً‬
‫يل لىوي‪ :‬أ ىىال تي ىكف ير ىم ٍن يي ىكف ير ىؾ‪،‬‬ ‫الص ٍعليوك ُّي ال يفكر‪ ،‬فىق ى‬ ‫اؿ ال ازٍرىكش ُّي‪ :‬ىكىكا ىف ًٍ ى ي ي ى‬ ‫قى ى‬
‫ً‬
‫وم يه ٍم‪ ،‬ىكيي ىكف ير يك ُّل‬ ‫صى‬ ‫ب ال يٍم ٍعتى ًزلىة‪ ،‬فىػ يه ٍم يي ىكف يرك ىف يخ ي‬ ‫اد إلى القوؿ بالتفكير‪ ،‬ىك ىى ىذا ىم ٍذ ىى ي‬ ‫فىػ ىع ى‬
‫فى ًر ويق ًم ٍنػ يه يم ٍاآل ىخ ىر‪.‬‬
‫ش ًاف ًعي تىػ ٍر ىؾ التا ٍك ًفي ًر‪ ،‬ىكقىاليوا‪ :‬إًنا ىما يي ىك اف ير‬ ‫اب ال ا‬ ‫ىص ىح ً‬ ‫ٍح ىرىم ٍي ًن ىع ٍن يم ٍعظى ًم أ ٍ‬ ‫اـ ال ى‬ ‫ىكقى ٍد ىح ىكى إً ىم ي‬
‫ت ٍاأليامةي‬ ‫ىجم ىع ً‬
‫اؿ قىػ ٍونال أ ٍ ى‬ ‫ودهي‪ ،‬ىكلى ًك ٍن فىػ ىع ىل فً ٍع نبل‪ ،‬أ ٍىك قى ى‬ ‫ود ال ارب‪ ،‬أ ٍىك ىعلً ىم ىك يج ى‬ ‫ىم ٍن ىج ًه ىل يك يج ى‬
‫ك إًاال ىع ٍن ىكافً ور‪ .‬انٍػتىػ ىهى‪.‬‬ ‫ص يد ير ذىلً ى‬ ‫ىعلىى أىناوي ىال يى ٍ‬
‫سائً ًل‬ ‫وً‬ ‫اإلس ىبلًـ بًمج ارًد ال ى ً ً ً ً ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫ٍخطىأ في اال ٍجت ىهاد في ىش ٍيء م ٍن ىم ى‬ ‫ىكا ٍعلى ٍم‪ :‬أى اف التا ٍكف ىير ل يم ٍجتىػ ىهدم ًٍ ٍ ي ى‬
‫ص ىعلىٍي ًو؛ ًألىناوي ىم ٍبنً ٌّي ىعلىى‬ ‫ً ً ًً‬
‫ص ىع يد إًلىٍيػ ىها إًاال ىم ٍن ىال ييػبىالي بًدينو‪ ،‬ىكىال يى ٍح ًر ي‬ ‫ال ىٍع ٍق ًل ىع ىقبىةه ىكئيو هد ىال يى ٍ‬
‫ض‪ ،‬كغىالًب الٍ ىقوًؿ بً ًو نى ً‬ ‫ؼ ىىا ور‪ ،‬ك ىعلىى ظيليم و‬ ‫ىش ىفا جر و‬
‫اش هئ ىع ًن العصبية‪،‬‬ ‫ض ىها فىػ ٍو ىؽ بىػ ٍع و ى ي ٍ‬ ‫ات بىػ ٍع ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫يي‬
‫ك بً ىها فًي‬ ‫ً‬ ‫و‬ ‫كبعضو ناشئ عن شبو كاىية‪ ،‬كليست ًمن ال ً ً‬
‫سي‬ ‫ام ُّ‬
‫ٍح اجة في ىش ٍيء‪ ،‬ىكىال يىح ُّل الت ى‬ ‫ى ي‬
‫ضةي ىكثًي ور‬ ‫ض نبل ىع ٍن ىى ىذا ٍاأل ٍىم ًر الا ًذم يى ىو ىم ىزلاةي ٍاألىقٍ ىد ًاـ‪ ،‬ىك ىم ٍد ىح ى‬ ‫س ًر أ ٍىم ور ًم ٍن أ ييموًر الدي ًن‪ ،‬فى ٍ‬ ‫أىيٍ ى‬
‫ًم ٍن عيلى ىم ًاء ًٍ‬
‫اإل ٍس ىبلًـ‪.‬‬
‫اً‬ ‫اً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كال ً‬
‫ين‬
‫ين يىػليونىػ يه ٍم‪ ،‬ثي ام الذ ى‬ ‫ب ىخ ٍي ًر الٍ يق يركف‪ ،‬ثي ام الذ ى‬ ‫السناةى‪ ،‬ىكىم ٍذ ىى ى‬
‫اب‪ ،‬ىك ُّ‬ ‫ٍحاص يل‪ :‬أى اف الٍكتى ى‬ ‫ى ى‬
‫وؿ ًم ٍنػ يه ٍم‪:‬‬ ‫ك فً ًيو‪ ،‬ىكىال يش ٍبػ ىهةى‪ ،‬فىًإيا ى‬
‫اؾ أى ٍف تىػ ٍغتىػ ار بًىق ٍوًؿ ىم ٍن يىػ يق ي‬ ‫ك ىدفٍػ نعا ىال ىش ا‬ ‫يىػليونىػ يه ٍم يى ٍدفى يع ىذلً ى‬
‫اطلىةه‪ ،‬يمتىػ ىرتػبىةه ىعلىى يشبىػ ىه وة‬‫ك ىد ٍعول ب ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ُّ‬
‫السناةي‪ ،‬فىًإ اف ذىل ى ى ى‬ ‫اب‪ ،‬ىك ُّ‬ ‫ب إًلىٍيو الٍكتى ي‬ ‫إًناوي يى يدؿ ىعلىى ىما ىذ ىى ى‬
‫اـ بى ٍس ًط الٍ ىك ىبلًـ على ىذا المراـ‪ ،‬فموضعو علم الكبلـ‪.‬‬ ‫اح ى و‬ ‫دً‬
‫اـ ىم ىق ى‬
‫س ىى ىذا ال ىٍم ىق ي‬ ‫ضة‪ ،‬ىكلىٍي ى‬ ‫ى‬

‫تجزؤ االجتهاد‬
‫االجتهاد ً‬
‫يقبل التجزؤ كاالنقساـ على الصحيح فيكوف الرجل مجتهدان في نوع من‬
‫العلم مقلداى في غيره كمن استفرغ كسعو في علم الفرائض كأدلتها كاستنباطها من‬
‫الكتاب كالسنة دكف غيره من العلوـ فيجوز لو أف يفتى في النوع الذم اجتهد فيو ألنو‬
‫قد عرؼ الحق بدليلو كقد بذؿ جهده في معرفة الصواب‪ ،‬فحكمو في ذلك حكم‬
‫المجتهد المطلق في سائر األنواع‪ ،‬كال يجوز لو ا ًإلفتاء فيما لم يجتهد فيو فإف القاصر‬
‫في فن كالعامي فيو‪.‬‬

‫ك ىذا الرأم الذم اختاره المؤلف ىو الراجح ألنو لو كاف العمل في جميع مسائل‬
‫الفقو شرطان لبلوغ درجة االجتهاد كشرطان لقبولو منو‪ :‬لكاف توقف بعض الصحابة ‪-‬‬
‫رضي اهلل عنهم ‪ -‬كبعض الفقهاء في بعض المسائل كعدـ قدرتهم على ذلك مخرجان‬
‫لهم عن االجتهاد‪ ،‬كلكن األمر ليس كذلك؛ حيث إف توقف بعض الصحابة كبعض‬
‫الفقهاء لم يخرجهم عن زمرة المجتهدين‪.‬‬
‫اجتهاد النبي صلى اهلل عليو كسلم‬
‫االجتهاد من النبي صلى اهلل عليو كسلم جائز ككاقع كمن أمثلة كقوعو‪ :‬إذنو صلى اهلل‬
‫عليو كسلم للمتخلفين عن غزكة تبوؾ قبل أف يتبين صادقهم من كاذبهم‪ ،‬كأسره‬
‫ألسارل بدر كأخذ الفداء منهم‪ ،‬كأمره بترؾ تأبير النخل‪ ،‬كقولو صلى اهلل عليو كسلم‪:‬‬
‫"لو استقبلت من أمرم ما استدبرت لما سقت الهدل"‪ ،‬كإرادتو صلى اهلل عليو كسلم‬
‫النزكؿ دكف ماء بدر حتى قاؿ لو الحباب بن المنذر رضي اهلل عنو‪ :‬إف كاف ىذا بوحي‬
‫فنعم‪ .‬كإف كاف الرأم كالمكيدة فأنزؿ بالناس على الماء لتحوؿ بينو كبين العدك‪ .‬فقاؿ‬
‫صلى اهلل عليو كسلم‪" :‬ليس بوحي إنما ىو رأل رأيتو "‪ ،‬فرجع إلى قوؿ الحباب رضي‬
‫اهلل عنو‪.‬‬

‫خبلصة المبحث أنو يجوز االجتهاد للنبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬كىو كاقع منو؛‬
‫ً‬
‫لعموـ قولو تعالى‪( :‬فىا ٍعتىبً يركا يىا أيكلي ٍاألىبٍ ى‬
‫صا ًر)‪ ،‬كالرسوؿ ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪-‬‬
‫أعلى أىل البصائر كأرفعهم منزلة‪.‬‬

‫االجتهاد في زمن النبوة‬


‫منع قوـ االجتهاد في عصر النبوة مطلقان كأجازه قوـ مطلقان كالراجح التفريق بين من‬
‫كاف غائبان عنو فيو فيجوز لو كمن كاف حاضرا فبل يجوز لو إال بإذنو كمن أدلة ذلك‪:‬‬
‫قصة معاذ رضي اهلل عنو كتصويب النبي صلى اهلل عليو كسلم لو‪ ،‬كتفويضو فيها الحكم‬
‫في بني قريظة إلى سعد بن معاذ رضي اهلل عنو لما نزلوا على حكمو فحكم بقتل‬
‫المقاتلة كسبى الذرارم‪ ،‬فصوبو النبيء صلى اهلل عليو كسلم‪ ،‬كتقريره صلى اهلل عليو‬
‫كسلم لعمرك بن العاص رضي اهلل عنو لما صلى بأصحابو متيمما كلم يغتسل من‬
‫الجنابة لشدة البرد استنادان إلى عموـ قولو تعالى‪{ :‬كال تقتلوا أنفسكم} كمن ذلك أكل‬
‫الصحابة رضي اهلل عنهم كىم‬
‫محرموف من حمار الوحش الذم صاده أبو قتادة رضي اهلل عنهم فإف أكلهم منو‬
‫باجتهاد منهم‪ ،‬كمنو تحوؿ أىل قباء في صبلتهم إلى الكعبة إلى غير ذلك من األدلة‪.‬‬

‫ىذا التفصيل من المؤلف حسن ك جيد ك مما يستدؿ بو على جواز االجتهاد في زماف‬
‫النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم – عموما أف النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬قد أذف‬
‫بذلك لبعض الصحابة؛ حيث إنو قد جاءه خصماف يختصماف‪ ،‬فقاؿ النبي ‪ -‬صلى اهلل‬
‫عليو كسلم ‪ -‬لعمرك بن العاص‪ " :‬أقض بينهما يا عمرك "‪ ،‬فقاؿ عمرك‪ :‬أنت أكلى مني‬
‫يا رسوؿ اهلل‪ ،‬قاؿ‪ " :‬كإف كاف "‪ ،‬قاؿ عمرك‪ :‬فإف قضيت بينهما فما لي؟ قاؿ‪ " :‬إف‬
‫أنت قضيت بينهما فأصبت القضاء فلك عشر حسنات‪ ،‬كإف أنت اجتهدت فأخطأت‬
‫فلك حسنة "‪.‬‬
‫كقاؿ النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬لعقبة بن عامر كلرجل من األنصار‪ " :‬اجتهد فإف‬
‫أصبتما فلكما عشر حسنات‪ ،‬كإف أخطأتما فلكما حسنة "‪.‬‬

‫التقليد‬

‫ىذا آخر مباحث الكتاب كىو تابع لباب االجتهاد‬

‫تعريفو‪ :‬التقليد في اللغة‪ :‬كضع الشيء في العنق مع اإلحاطة بو‪ ،‬كذلك الشيء يسمى‬
‫قبلدة كالجمع قبلئد كقد يستعمل في تفويض األمر إلى الشخص كأف األمر محمولة‬
‫في عنقو كالقبلدة‪.‬‬
‫كفي االصطبلح‪ :‬ىو قبوؿ قوؿ من ليس قولو حجة من غير معرفة دليلو‪.‬‬
‫فخرج بالقيد األكؿ‪ :‬قبوؿ قوؿ النبي صلى اهلل عليو كسلم كاألخذ باإلجماع فإف ذلك‬
‫حجة بنفسو‪.‬‬
‫كخرج بالقيد الثاني‪ :‬قبوؿ قوؿ من ليس حجة إذا بين الدليًل كأظهره فإف األخذ‬
‫بالدليل الذم أخبر بو ال بقولو كيسمى ذلك اتباعان ال تقليداى‪.‬‬

‫التقليد لغة ىو‪ :‬جعل الشيء في عنق الدابة كغيرىا حاؿ كونو محيطا بهذا العنق‪ ،‬كىذا‬
‫الشيء يسمى قبلدة‪ .‬فلفظ " قلد " ‪ -‬كما قاؿ ابن فارس ‪ :-‬يدؿ على تعليق شيء‬
‫على شيء‪ .‬كال بد من كونو محيطا بالعنق؛ ألف الشيء إذا لم يكن محيطا بالعنق ال‬
‫يسمى قبلدة في عرؼ اللغة‪ .‬ثم بعد ذلك استعمل ‪ -‬استعارة ‪ -‬في تفويض األمر إلى‬
‫الشخص ك إتباعو في كل ما يقوؿ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التقليد اصطبلحا ىو‪ :‬قبوؿ مذىب الغير من غير يح اجة‪ .‬لفظ " قبوؿ " جنس‬
‫يشمل قبولو مع العمل بو‪ ،‬كعدـ العمل بو‪ ،‬فالمراد بو‪ :‬اعتقاد ذلك‪ ،‬كلو لم يعمل بو‬
‫لفسق‪ .‬كلفظ " مذىب " عاـ ما كاف قوالن للمجتهد أك فعبلن لو‪ .‬كنسب المذىب إلى‬
‫الغير حتى يخرج بو ما كاف معلوما بالضركرة‪ ،‬كال يختص بو ذلك الغير إذا كاف من‬
‫أقوالو كأفعالو التي ليس لو فيها اجتهاد‪ ،‬فإنها ال تسمى مذىبو‪ .‬كأتي بلفظ " من غير‬
‫يح اجة " لبياف أنو يشترط في المقلد‪ :‬أف ال يعرؼ الدليل الذم اعتمد عليو ذلك الغير‬
‫‪ -‬كىو المجتهد – في حكمو‪ ،‬فخرج بهذا‪ :‬المجتهد الذم كافق اجتهاده اجتهاد‬
‫مجتهد آخر كعرؼ دليل ذلك المجتهد اآلخر على حكمو‪ ،‬فإنو ال يسمى تقليدان‬
‫كما يقاؿ‪ :‬أخذ أحمد بمذىب أبي حنيفة في ىذه المسألة‪ ،‬أك أخذ الشافعي بمذىب‬
‫مالك‪ .‬كسبب قولنا ىذا‪ :‬أف المجتهد كإف كاف آخذان بقوؿ الغير‪ ،‬لكنو بسبب معرفتو‬
‫لدليل المجتهد اآلخر حق المعرفة‪ ،‬كأخذه ‪ -‬حقيقة ‪ -‬بالدليل‪ ،‬ال يسمى مقلدان‪،‬‬
‫فيكوف إطبلؽ األخذ بمذىبو فيو تجوز‪.‬‬

‫من يسوغ لو التقليد كمن ال يسوغ لو‬


‫ال يجوز التقليد لمجتهد أداه اجتهاده إلى الظن بحكم‪ ،‬أك لم يجتهد بالفعل لكنو‬
‫متمكن من االجتهاد كيجوز للعامي كلمن لم يبلغ درجة االجتهاد في علم أك في باب‬
‫من العلم ألف القاصر في فن كالعامي فيو‪.‬‬

‫األصل أنو يجوز للعامي تقليد العالم في فركع الدين ‪ -‬كتفصيبلت مسائل الصوـ‪،‬‬
‫كالصبلة‪ ،‬كالزكاة‪ ،‬كالحج‪ ،‬كالمعامبلت‪ ،‬كالعقوبات كنحو ذلك ‪ -‬إلجماع الصحابة ‪-‬‬
‫رضي اللو عنهم ‪ -‬كالتابعين؛ حيث إف ىؤالء كانوا ييسألوف عن األحكاـ فيفتوف‪ ،‬كلم‬
‫يقل أحد منهم‪ :‬اذىب أيها السائل كاعرؼ الحكم بنفسك‪ ،‬ككاف السائل يتبع المجتهد‬
‫فيما يقوؿ‪ ،‬ككاف العلماء يبادركف إلى اإلجابة من غير إشارة إلى ذكر الدليل‪ ،‬أك طريق‬
‫الحكم‪ ،‬كلم ينكر أحد ذلك‪ ،‬فكاف ذلك إجماعان منهم على جواز اتباع العامي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫للمجتهد مطلقان‪ .‬كلقولو تعالى‪( :‬كلى ٍو ردُّكهي إًلىى ال ار يس ً‬
‫وؿ ىكإًلىى أيكلي ٍاأل ٍىم ًر م ٍنػ يه ٍم لى ىعل ىموي‬ ‫ى ى‬
‫دؿ على أنو يرد الحكم إلى أىل االستنباط‬ ‫الا ًذين يىستىػ ٍنبًطيونىوي ًم ٍنػ يهم)‪ ،‬حيث إف ىذا ا‬
‫ٍ‬ ‫ى ٍ‬
‫كىم المجتهدكف‪.‬‬
‫ك ىناؾ طرؽ تمكن العامي من معرفة المجتهد حتى يستفتيو أىمها‪:‬‬
‫الطريق األكؿ‪ :‬انتصاب ذلك الشخص للفتيا بمشهد من أعياف العلماء‪ ،‬دكف أف ينكركا‬
‫عليو ذلك‪.‬‬
‫الطريق الثاني‪ :‬أخذ الناس عنو‪ ،‬كاجتماعهم على سؤالو كالعمل بما يقوؿ‪ ،‬دكف منكر‪.‬‬
‫الطريق الثالث‪ :‬ما يظهر على ذلك الشخص المفتي من عبلمات كصفات الدين‬
‫كالتقول كالعدالة كالورع‪.‬‬
‫الطريق الرابع‪ :‬أف يخبره عدؿ ثقة عنده بأف ىذا عالم عدؿ‪.‬‬
‫ك ينبغي لطالب العلم أف يتنبو لمسألة مهمة متعلقة بمجهوؿ الحاؿ في العلم حيث ال‬
‫يجوز تقليده‪ ،‬كال العمل بفتواه؛ ألنا ال نأمن أف يكوف حاؿ المسؤكؿ كحاؿ السائل في‬
‫العامية المانعة من قبوؿ القوؿ‪ ،‬بل قد يكوف أجهل من السائل‪ ،‬كىذا االحتماؿ قوم؛‬
‫ألف األصل عدـ العلم؛ حيث إف الغالب إنما ىم العواـ‪ ،‬لذلك ال بد أف ييسأؿ عنو فإف‬
‫كاف عالمان قلده كإال فبل كلعدـ قبوؿ ركاية مجهوؿ الحاؿ في الخبر‪ ،‬فكذلك ال يجوز‬
‫قبوؿ فتول مجهوؿ الحاؿ في العلم كال فرؽ‪ ،‬كالجامع‪ :‬أف كبلن منهما متبع فيما يقوؿ‪.‬‬
‫كقد ذكر أىل األصوؿ أنو يكفي العامي في االستدالؿ على من لو أىلية الفتول بأف‬
‫يرم الناس متفقين على سؤالو‪ ،‬مجمعين على الرجوع إليو كال يستفتي من ىو مجهوؿ‬
‫الحاؿ كما صرح بو‪.‬‬
‫ك من المسائل المهمة التي ينبغي التنبو لها أنو إذا كاف في البلد مجتهداف فأكثر‬
‫فللعامي أف يسأؿ من شاء ممن غلب على ظنو أنو من أىل االجتهاد‪ ،‬كيتخيار‪ ،‬كال‬
‫يلزمو أف يسأؿ األعلم كاألفضل ألف الصحابة ‪ -‬رضي اهلل عنهم ‪ -‬كاف فيهم الفاضل‬
‫ك المفضوؿ؛ لقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬أقضاكم علي‪ ،‬كأفرضكم زيد‪،‬‬
‫كأعرفكم بالحبلؿ كالحراـ معاذ‪ ." . . .‬ككاف فيهم العواـ‪ ،‬كمن فرض ذلك اتباع‬
‫الفاضلين‪ ،‬كاألخذ بقولهم ال غير‪ ،‬كلكن الواقع خبلؼ ذلك؛ حيث إف العواـ منهم‬
‫كانوا يسألوف المفضوؿ مع كجود الفاضل‪ ،‬بدكف نكير من أحد‪ ،‬فهذا كاضح الداللة‬
‫على أف العامي كالمستفتي لو أف يتخير بين الفاضل كالمفضوؿ‪.‬‬
‫ك إذا سأؿ العامي مجته ىدين عن حكم حادثة‪ ،‬فحكم أحدىما بالتحريم‪ ،‬كحكم اآلخر‬
‫باإلباحة‪ ،‬كأحدىما أفضل من اآلخر من حيث العلم‪ :‬فإف ىذا العامي يأخذ بقوؿ‬
‫كحكم األفضل‪ ،‬كيترؾ قوؿ كحكم المفضوؿ‪ ،‬كال يتخير؛ قياسان على المجتهد؛ حيث‬
‫إنو كما أف المجتهد إذا تعارض عنده دليبلف‪ :‬أحدىما يحرـ‪ ،‬كاآلخر يبيح‪ ،‬فإنو يأخذ‬
‫بأرجحهما كأقواىما في ظنو‪ ،‬فكذلك العامي يتبع ظنو في الترجيح بين المجتهدين‬
‫المتفاضلين‪.‬‬
‫ك إذا استول عند العامي المجتهداف اللذاف قد أصدرا فتواىما في جميع األحواؿ‪،‬‬
‫كأحد المجتهدين قد أفتى بحكم أشد من الحكم الذم أفتى بو اآلخر‪ ،‬فإف العامي‬
‫يتخير بين الحكمين‪ :‬فإف شاء أخذ باألخف كإف شاء أخذ باألشد‪ ،‬ألنو ليس قوؿ‬
‫أحدىما بأفضل كأقول كأكلى من قوؿ اآلخر‪ ،‬فبل مجاؿ للمفاضلة بينهما ‪ -‬في ىذه‬
‫الحالة ‪ -‬كلو أراد أف يفاضل بينهما لما استطاع‪.‬‬
‫ك قد بقيت مسائل أخرل لم يذكرىا المؤلف تتعلق بمبحث التقليد منها‪:‬‬
‫ُ‪/‬ال يجوز التقليد في أصوؿ الدين‪ ،‬كىي‪ :‬المسائل األصولية المتعلقة باالعتقاد‬
‫كمعرفة اهلل تعالى‪ ،‬ككحدانيتو‪ ،‬كصحة الرسالة‪ ،‬كاألسماء كالصفات‪ ،‬ككجود اهلل تعالى‪،‬‬
‫كما يجب لو‪ ،‬كما يجوز عليو‪ ،‬كما يستحيل عليو‪ ،‬فيجب على العالم كالعامي معرفة‬
‫ذلك بغير تقليد‪ ،‬ألف أدلة أصوؿ الدين قليلة ككاضحة‪ ،‬كأكثرىا قد أخذ من الواقع‪،‬‬
‫فيعرفها العامي كما يعرفها العالم‪ ،‬كإف كاف العامي ال يقدر على أف يعبر عنها باأللفاظ‬
‫الكبلمية فإف ذلك ال يضره‪ ،‬ألف ذلك عجز عن العبارة‪ ،‬ال عن المعنى المحصل‬
‫للمعرفة‪ ،‬بخبلؼ أدلة الفركع فإنها كثيرة كمتنوعة‪ ،‬كتحتاج إلى دقة في النظر‪.‬‬
‫كألنو ال خطر كال محذكر في تقليد العامي للمجتهد في الفركع؛ حيث إف اإلثم‬
‫محطوط عن المجتهد إذا أخطأ‪ ،‬كىذا بخبلؼ أصوؿ الدين‪.‬‬
‫ِ‪/‬ال يجوز التقليد في أركاف اإلسبلـ إجماالن ‪ -‬كىي‪ :‬الصوـ‪ ،‬كالصبلة‪ ،‬كالزكاة‪،‬‬
‫كالحج ‪-‬؛ ألنها ثبتت بالتواتر‪ ،‬كنقلتها األمة خلفان عن سلف‪ ،‬كتفقتها األمة بال ىقبوؿ‪،‬‬
‫فمعرفة العامي فيها توافق معرفة العالم فيها‪ ،‬كما تتفق معرفة الجميع فيما يحصل‬
‫بأخبار التواتر عن البلداف كالصين كالهند‪.‬‬

‫المفتى كالمستفتى‬
‫المفتى‪ :‬اسم فاعل من اإلفتاء قاؿ في القاموس‪ :‬أفتاه في األمر أبانو لو كالفتيا كالفتول‬
‫كتفتح ما أفتى بو الفقيو انتهى كالمفتى يطلق على المخبر بالحق على غير جهة اإللزاـ‬
‫بو‪ ،‬كيطلق عند األصوليين على المجتهد كىو‪:‬‬
‫الباذؿ كسعو في النظر في األدلة ليحصل على العلم أك الظن بحكم شرعي‪.‬‬
‫كالمستفتى‪ :‬اسم فاعل من االستفتاء كىو لغة‪ :‬طالب الفتول كفي االصطبلح ىو‪ :‬من‬
‫طلب الحكم الشرعي من المجتهد‪ ،‬فيدخل فيو العامي كالمتعلم الذم لم يبلغ درجة‬
‫االجتهاد‪.‬‬
‫من كرد ا ًإلفتاء مسندا إليو في الكتاب كالسنة‬
‫كرد ا ًإلفتاء في الكتاب العزيز مسندان إلى الرب كما في قولو تعالى‪{ :‬قل اهلل يفتيكم}‬
‫كإلى القرآف كما في قولو {كما يتلى عليكم في الكتاب} أم يفتيكم‪.‬‬
‫ككرد في السنة المطهرة مسندان إلى الناس كما في قولو صلى اهلل عليو كسلم‪" :‬كا ًإلثم‬
‫ما حاؾ في النفس كتردد في الصدر كإف أفتاؾ الناس كأفتوؾ "‪.‬‬
‫من يستفتى المقلد‬
‫المستفتى يستفتى من غلب على ظنو أنو أىل للفتول‪ ،‬بما يراه من انتصابو للفتيا‬
‫كاحتراـ الناس لو كأخذىم عنو‪ ،‬أك بخبر عدؿ عنو‪.‬‬
‫إذا تعدد المفتوف فأيهم يستفتى المقلد‬
‫إذا كاف في البلد مجتهدكف فللمقلد استفتاء من شاء منهم‪ ،‬كال يلزمو مراجعة األعلم‪،‬‬
‫كقيل بل يلزمو سؤاؿ األفضل‪ ،‬كاستدؿ لؤلكؿ بأف المفضوؿ من الصحابة كالتابعين‬
‫كاف يفتى مع كجود الفاضل مع اشتهار ذلك كتكرره كلم ينكره أحد فكاف إجماعان‬
‫على جواز استفتائو مع القدرة على استفتاء الفاضل‪ ،‬كاستدؿ للثاني بأف األفضل‬
‫أىدل إلى أسرار الشريعة من غيره‪.‬‬
‫آداب المفتي كالمستفتي‬
‫لكل من المفتي كالمستفتي آداب فمن آداب المفتي‪:‬‬
‫ُ‪ -‬أف يكوف ذا نية حسنة فإنما األعماؿ بالنيات‪ ،‬كمن فقد النية الحسنة لم يكن‬
‫عليو نور كال على كبلمو نور‪.‬‬
‫ِ‪ -‬أف يكوف ذا حلم ككقار كسكينة فإف ذلك ىو كسوة العلم كجمالو‪ ،‬فإذا افتقدىا‬
‫المفتى كاف علمو كالبدف العارم من اللباس‪.‬‬
‫ّ‪ -‬أف يستعف عما في أيدم الناس‪ ،‬فإنو إف أكل منهم شيئان أكلوا من لحمو كدمو‬
‫أضعافو‪.‬‬
‫ْ‪ -‬أف يكوف على جانب كبير من معرفة الناس فإنو إذا عدـ ذلك تصور لو الظالم‬
‫بصورة المظلوـ كعكسو كراج عليو المكر كالخداع كاالحتياؿ فكاف ما يفسده أكثر‬
‫مما يصلحو‪.‬‬
‫ٓ‪ -‬أف يتوجو إلى اهلل تعالى كيتضرع إليو كيكثر من الدعاء كاالستغفار ليلهمو الصواب‬
‫كيفتح لو طريق السداد‪.‬‬
‫ٔ‪ -‬أف يتحرز ما أمكنو التحرز من نسبة الحكم إلى اهلل تعالى كإلى رسوؿ اهلل صلى‬
‫اهلل عليو كسلم إال بنص يستند عليو في ذلك‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬أف يستشير في فتواه من يثق بعلمو كدينو فإف عمر رضي اهلل عنو كاف إذا نزلت بو‬
‫النازلة استشار من حضره من الصحابة‪ ،‬كربما جمعهم فشاكرىم‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬أف يعمل بعلمو فإف العمل ىو ثمرة العلم كبدكف العمل يكوف علم اإلنساف حجة‬
‫عليو‪.‬‬
‫كمن آداب المستفتي‪:‬‬
‫ُ‪ -‬أف يتخلق باألخبلؽ الفاضلة مطلقا كباألخص مع المفتي فبل يفعل معو ما جرت‬
‫عادة العواـ بو كإيماء بيده في كجهو كال يقوؿ لو ماال ينبغي كأف يقوؿ أفتاني غيرؾ‬
‫بكذا كال يسألو في حالة ضجر أك ىم أك غضب كنحو ذلك‪.‬‬
‫ِ‪ -‬أف ال يسألو عما ال يعنى كال يكثر من األسئلة إلى حد يسأـ فيو المفتى كيمل‪.‬‬
‫ىذا آخر ما يسر اهلل ذكره في ىذه المذكرة ‪ ...‬كالحمد هلل أكالن كآخران كصلى اهلل‬
‫كسلم كبارؾ على نبينا محمد كعلى آلو كأصحابو كمن تبعهم بإحساف إلى يوـ الدين‪.‬‬

‫لم يذكر المؤلف حكم االلتزاـ بمذىب معين كقد اختلف المجوزكف للتقليد ىل يجب‬
‫على العامي التزاـ مذىب معين في كل كاقعة ‪ ،‬فقاؿ جماعة منهم ‪ :‬يلزمو ‪ ،‬كرجحو‬
‫الكياىراسي ‪ ،‬كقاؿ آخركف ‪ :‬ال يلزمو كرجحو ابن برىاف كالنوكم كاستدلوا بأف‬
‫الصحابة – رضي اهلل عنهم – لم ينكركا على العامة تقليد بعضهم في بعض المسائل ‪،‬‬
‫كبعضهم في البعض اآلخر ‪ .‬كذكر بعض الحنابلة أنو مذىب أحمد بن حنبل فإنو قاؿ‬
‫لبعض أصحابو ‪ :‬ال تحمل الناس على مذىبك فيحرجوا ‪ ،‬دعهم يترخصوا بمذاىب‬
‫الناس ‪ ،‬كسئل عن مسألة من الطبلؽ فقاؿ ‪ :‬يقع ‪ ،‬فقاؿ لو السائل ‪ :‬فإف أفتاني أحد‬
‫أنو ال يقع يجوز ؟ قاؿ ‪ :‬نعم ‪ ،‬كقد كاف السلف يقلدكف من شاؤكا قبل ظهور المذاىب‬
‫كقاؿ ابن المنير ‪ :‬الدليل يقتضي التزاـ مذىب معين بعد األربعة ال قبلهم ‪ .‬ق أما لو‬
‫اختار المقلد من كل مذىب ما ىو األىوف عليو كاألخف لو فقاؿ أبو إسحاؽ المركزم‬
‫‪ :‬يفسق ‪ ،‬كقاؿ ابن أبي ىريرة ‪ :‬ال يفسق ‪ ،‬قاؿ اإلماـ أحمد بن حنبل ‪ :‬لو أف رجبل‬
‫عمل بقوؿ أىل الكوفة في النبيذ ‪ ،‬كأىل المدينة في السماع ‪ ،‬كأىل مكة في المتعة‬
‫كاف فاسقا ‪ ،‬كخص القاضي أبو يعلى من الحنابلة التفسيق بالمجتهد إذا لم يؤد‬
‫اجتهاده إلى الرخصة كاتبعها ‪ ،‬كبالعامي العامل بها من غير تقليد إلخبللو بفرضو كىو‬
‫التقليد ‪ ،‬فأما العامي إذا قلد في ذلك فبل يفسق ‪ ،‬ألنو قلد من يسوغ اجتهاده ‪.‬‬
‫كقاؿ ابن عبد السبلـ ‪ :‬إنو ينظر إلى الفعل الذم فعلو ‪ ،‬فإف كاف مما اشتهر تحريمو‬
‫في الشرع أثم ‪ ،‬ك إال لم يأثم ‪ ،‬كقاؿ في الغاية مع شرحها ‪ «:‬كمن تتبع الرخص ببل‬
‫حكم حاكم ‪ ،‬فسق نصا »‪ .‬قاؿ ابن عبد البر ‪ :‬إجماعا ‪ ،‬كذكر القاضي ‪ :‬غير متأكؿ‬
‫كال مقلد ‪ ،‬كلزكـ التمذىب بمذىب كامتناع االنتقاؿ إلى غيره األشهر عدمو ‪.‬قاؿ‬
‫القرافي المالكي ‪ :‬كال نريد فيو الحكم بالرخص ما فيو سهولو على المكلف ‪ ،‬بل ما‬
‫ضعف مدركو بحيث ينقض فيو الحكم ‪ ،‬كىو مخالف اإلجماع أك النص أك القياس‬
‫الجلي ‪ ،‬أك خالف القواعد ‪ .‬انتهي ‪ ،‬كىو حسن ‪.‬‬
‫كمن أتى فرعا فقهيا مختلفا فيو كمن تزكج ببل كلي ‪ ،‬أك تزكج بنتو من زنا ‪ ،‬أك شرب من‬
‫نبيذ ما ال يسكر ‪ ،‬أك أخر الحج قادرا أم مستطيعا إف اعتقد تحريمو أم ما فعلو مما‬
‫ذكر ردت شهادتو نصا ‪ ،‬ألنو فعل ما يعتقد تحريمو عمدا فوجب أف ترد شهادتو كما‬
‫لو كاف مجمعا على تحريمو ‪ ،‬كإف تأكؿ ‪ ،‬أم فعل شيئا من ذلك مستدال على حلو‬
‫باجتهاد أك قلد القائل بحلو فبل ترد شهادتو ‪ ،‬ألنو اجتهاد سائغ فبل يفسق بو من فعلو‬
‫‪ ،‬أك قلد فيو ‪.‬كال شهادة لبلعب بشطرنج غير مقلد من يرم إباحتو حاؿ لعبو‪ ،‬لتحريم‬
‫لعبو » اىػ ‪.‬‬
‫ىذا آخر الكتاب ك ىو حاشية جمعها من كبلـ العلماء الفقير إلى مواله بحليل محمد‬
‫بن محمد بن عبد اهلل البوكانوني التلمساني المالكي ‪،‬كقد فرغ منو بقرية بوكانوف –‬
‫أقصى غرب الجزائر‪ -‬كالحمد هلل رب العالمين ك صلى اهلل ك سلم على رسولو األمين‬
‫كعلى آلو ك صحبو كمن تبعهم بإحساف إلى يوـ الدين‪.‬‬
‫مراجع البحث‬

‫إلعداد ىذه الحاشية اعتمدت على كتب كثيرة أىمها‪:‬‬


‫ُ‪ /‬كتاب‪ :‬الجامع لمسائل أصوؿ الفقو كتطبيقاتها على المذىب الراجح المؤلف‪ :‬عبد‬
‫الكريم بن علي بن محمد النملة الناشر‪ :‬مكتبة الرشد ‪ -‬الرياض ‪ -‬المملكة العربية‬
‫السعودية الطبعة‪ :‬األكلى‪ َُِْ ،‬ىػ ‪ َََِ -‬ـ عدد األجزاء‪ُ :‬‬
‫(تحرير لمسائًلًو كدراستها دراسةن‬ ‫الف ٍق ًو الٍم ىق ً‬
‫وؿ ً‬‫يص ً‬ ‫ً‬
‫ارف ه‬ ‫ي ى‬ ‫ِ‪ /‬كتاب‪ :‬ال يٍم ىه اذ ي‬
‫ب في عل ًٍم أ ي‬
‫نظرياةن تطبيقياةن) المؤلف‪ :‬عبد الكريم بن علي بن محمد النملة دار النشر‪ :‬مكتبة الرشد‬
‫‪ -‬الرياض الطبعة األكلى‪ َُِْ :‬ىػ ‪ ُٗٗٗ -‬ـ عدد األجزاء‪.ٓ :‬‬
‫ّ‪/‬كتاب‪ :‬إرشاد الفحوؿ إلي تحقيق الحق من علم األصوؿ المؤلف‪ :‬محمد بن علي‬
‫بن محمد بن عبد اهلل الشوكاني اليمني (المتوفى‪َُِٓ :‬ىػ) المحقق‪ :‬الشيخ أحمد‬
‫عزك عناية‪ ،‬دمشق ‪ -‬كفر بطنا قدـ لو‪ :‬الشيخ خليل الميس كالدكتور كلي الدين صالح‬
‫فرفور الناشر‪ :‬دار الكتاب العربي الطبعة‪ :‬الطبعة األكلى ُُْٗىػ ‪ُٗٗٗ -‬ـ عدد‬
‫األجزاء‪ِ :‬‬
‫ْ‪/‬كتاب‪ :‬البحر المحيط في أصوؿ الفقو المؤلف‪ :‬أبو عبد اهلل بدر الدين محمد بن‬
‫عبد اهلل بن بهادر الزركشي (المتوفى‪ْٕٗ :‬ىػ) الناشر‪ :‬دار الكتبي الطبعة‪ :‬األكلى‪،‬‬
‫ُُْْىػ ‪ُْٗٗ -‬ـ عدد األجزاء‪ٖ :‬‬
‫ٓ‪/‬كتاب‪ :‬البرىاف في أصوؿ الفقو المؤلف‪ :‬عبد الملك بن عبد اهلل بن يوسف بن‬
‫محمد الجويني‪ ،‬أبو المعالي‪ ،‬ركن الدين‪ ،‬الملقب بإماـ الحرمين (المتوفى‪ْٕٖ :‬ىػ)‬
‫المحقق‪ :‬صبلح بن محمد بن عويضة الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية بيركت ‪ -‬لبناف‬
‫الطبعة‪ :‬الطبعة األكلى ُُْٖ ىػ ‪ ُٕٗٗ -‬ـ عدد األجزاء‪ِ :‬‬
‫ٔ‪/‬كتاب‪ :‬الورقات المؤلف‪ :‬عبد الملك بن عبد اهلل بن يوسف بن محمد الجويني‪ ،‬أبو‬
‫المعالي‪ ،‬ركن الدين‪ ،‬الملقب بإماـ الحرمين (المتوفى‪ْٕٖ :‬ىػ) المحقق‪ :‬د‪ .‬عبد‬
‫اللطيف محمد العبد‬
‫عدد األجزاء‪ُ :‬‬
‫ٕ‪/‬كتاب‪ :‬المستصفى المؤلف‪ :‬أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى‪:‬‬
‫َٓٓىػ)‬
‫تحقيق‪ :‬محمد عبد السبلـ عبد الشافي الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية الطبعة‪ :‬األكلى‪،‬‬
‫ُُّْىػ ‪ُّٗٗ -‬ـ عدد األجزاء‪ُ:‬‬
‫ٖ‪/‬كتاب‪ :‬المحصوؿ المؤلف‪ :‬أبو عبد اهلل محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين‬
‫التيمي الرازم الملقب بفخر الدين الرازم خطيب الرم (المتوفى‪َٔٔ :‬ىػ) دراسة‬
‫كتحقيق‪ :‬الدكتور طو جابر فياض العلواني الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة الطبعة‪ :‬الثالثة‪،‬‬
‫ُُْٖ ىػ ‪ ُٕٗٗ -‬ـ‬
‫ٗ‪/‬كتاب‪ :‬ركضة الناظر كجنة المناظر في أصوؿ الفقو على مذىب اإلماـ أحمد بن‬
‫حنبل المؤلف‪ :‬أبو محمد موفق الدين عبد اهلل بن أحمد بن محمد بن قدامة‬
‫الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي‪ ،‬الشهير بابن قدامة المقدسي (المتوفى‪:‬‬
‫َِٔىػ) الناشر‪ :‬مؤسسة الريٌاف للطباعة كالنشر كالتوزيع الطبعة‪ :‬الطبعة الثانية‬
‫ُِّْىػ‪ََِِ-‬ـ عدد األجزاء‪ِ :‬‬
‫َُ‪/‬كتاب‪ :‬المسودة في أصوؿ الفقو المؤلف‪ :‬آؿ تيمية [بدأ بتصنيفها الج ٌد‪ :‬مجد‬
‫الدين عبد السبلـ بن تيمية (ت‪ِٔٓ :‬ىػ) ‪ ،‬كأضاؼ إليها األب‪ : ،‬عبد الحليم بن‬
‫تيمية (ت‪ِٖٔ :‬ىػ) ‪ ،‬ثم أكملها االبن الحفيد‪ :‬أحمد بن تيمية (ِٖٕىػ) ] المحقق‪:‬‬
‫محمد محيي الدين عبد الحميد الناشر‪ :‬دار الكتاب العربي عدد األجزاء‪ُ :‬‬
‫ُُ‪/‬الكتاب‪ :‬كتاب التلخيص في أصوؿ الفقو المؤلف‪ :‬عبد الملك بن عبد اهلل بن‬
‫يوسف بن محمد الجويني‪ ،‬أبو المعالي‪ ،‬ركن الدين‪ ،‬الملقب بإماـ الحرمين (المتوفى‪:‬‬
‫ْٖٕىػ) المحقق‪ :‬عبد اهلل جولم النبالي كبشير أحمد العمرم الناشر‪ :‬دار البشائر‬
‫اإلسبلمية – بيركت عدد األجزاء‪ّ :‬‬
‫ُِ‪/‬كتاب‪ :‬اإلحكاـ في أصوؿ األحكاـ المؤلف‪ :‬أبو الحسن سيد الدين علي بن أبي‬
‫علي بن محمد بن سالم الثعلبي اآلمدم (المتوفى‪ُّٔ :‬ىػ) المحقق‪ :‬عبد الرزاؽ‬
‫عفيفي الناشر‪ :‬المكتب اإلسبلمي‪ ،‬بيركت‪ -‬دمشق‪ -‬لبناف عدد األجزاء‪ْ :‬‬
‫ُّ‪/‬كتاب‪ :‬مذكرة في أصوؿ الفقو المؤلف‪ :‬محمد األمين بن محمد المختار بن عبد‬
‫القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى‪ُّّٗ :‬ىػ) الناشر‪ :‬مكتبة العلوـ كالحكم‪ ،‬المدينة‬
‫المنورة‬
‫الطبعة‪ :‬الخامسة‪ ََُِ ،‬ـ عدد األجزاء‪ُ :‬‬
‫ُْ‪/‬كتاب‪ :‬األصوؿ من علم األصوؿ المؤلف‪ :‬محمد بن صالح بن محمد العثيمين‬
‫(المتوفى‪ ُُِْ :‬ىػ) الناشر‪ :‬دار ابن الجوزم الطبعة‪ :‬الرابعة‪ َُّْ ،‬ىػ ‪ََِٗ -‬‬
‫ـ عدد األجزاء‪ُ :‬‬
‫ُٓ‪/‬كتاب‪ :‬اللمع في أصوؿ الفقهالمؤلف‪ :‬أبو اسحاؽ إبراىيم بن علي بن يوسف‬
‫الشيرازم (المتوفى‪ْٕٔ :‬ىػ) الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية الطبعة‪ :‬الطبعة الثانية ََِّ‬
‫ـ ‪ ُِْْ -‬ىػ‪.‬‬
‫عدد األجزاء‪ُ :‬‬
‫ُٔ‪/‬كتاب ‪ :‬شرح الورقات في أصوؿ الفقو المؤلف ‪ :‬محمد الحسن كلد محمد‬
‫الملقب بػ"الددك" الشنقيطي مصدر الكتاب ‪ :‬دركس صوتية قاـ بتفريغها موقع الشبكة‬
‫اإلسبلمية‪.‬‬
‫ُٕ‪/‬كتاب‪ :‬شرح الورقات في أصوؿ الفقو مؤلف األصل‪ :‬أبو المعالي الجويني‬
‫الملقب بإماـ الحرمين (المتوفى‪ْٕٖ :‬ىػ) الشارح‪ :‬عبد الكريم بن عبد اهلل بن عبد‬
‫الرحمن بن حمد الخضير‬
‫دركس مفرغة من موقع الشيخ الخضير‪.‬‬
‫ُٖ‪ /‬كتاب ‪ :‬الخبلصة في أصوؿ الفقو المؤلف ‪ :‬كاملة الكوارم‪.‬الناشر‪:‬دار ابن حزـ‬
‫يح ني ٍخبى ًة ال ًٍف ىك ًر فًي يم ٍ‬
‫صطىلى ًح أ ٍىى ًل األىثى ًر المؤلف‪ :‬أحمد‬ ‫ُٗ‪ /‬كتاب‪ :‬نيػ ٍزىىةي الناظى ًر فًي تى ً‬
‫وض ً‬
‫بن علي بن محمد بن حجر العسقبلني (ّٕٕ ‪ ِٖٓ -‬ىػ) المحقق‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬عبد اهلل‬
‫بن ضيف اهلل الرحيلي (جامعة طيبة بالمدينة المنورة)الناشر‪( :‬بدكف) الطبعة‪ :‬الثانية‪،‬‬
‫ُِْٗ ىػ ‪ ََِٖ -‬ـ عدد األجزاء‪ُ :‬‬
‫َِ‪ /‬كتاب‪ :‬التقييد كاإليضاح شرح مقدمة ابن الصبلح المؤلف‪ :‬أبو الفضل زين الدين‬
‫عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراىيم العراقي (المتوفى‪:‬‬
‫َٖٔىػ) المحقق‪ :‬عبد الرحمن محمد عثماف الناشر‪ :‬محمد عبد المحسن الكتبي‬
‫صاحب المكتبة السلفية بالمدينة المنورة الطبعة‪ :‬األكلى‪ُّٖٗ ،‬ىػ‪ُٗٔٗ/‬ـ عدد‬
‫األجزاء‪ُ. :‬‬
‫ُِ‪ /‬كتاب‪ :‬شرح (التبصرة كالتذكرة = ألفية العراقي) المؤلف‪ :‬أبو الفضل زين الدين‬
‫عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراىيم العراقي (المتوفى‪:‬‬
‫َٖٔىػ) المحقق‪ :‬عبد اللطيف الهميم ‪ -‬ماىر ياسين فحل الناشر‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيركت ‪ -‬لبناف‬
‫الطبعة‪ :‬األكلى‪ ُِّْ ،‬ىػ ‪ ََِِ -‬ـ عدد األجزاء‪ِ. :‬‬
‫ِِ‪ /‬كتاب‪ :‬مصطلح الحديث المؤلف‪ :‬محمد بن صالح بن محمد العثيمين‬
‫(المتوفى‪ُُِْ :‬ىػ) الناشر‪ :‬مكتبة العلم‪ ،‬القاىرة الطبعة‪ :‬األكلى‪ ُُْٓ ،‬ىػ ‪-‬‬
‫ُْٗٗ ـ عدد األجزاء‪ُ :‬‬
‫ِّ‪ /‬كتاب‪ :‬الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬
‫كسلم كسننو كأيامو = صحيح البخارم المؤلف‪ :‬محمد بن إسماعيل أبو عبداهلل‬
‫البخارم الجعفي المحقق‪ :‬محمد زىير بن ناصر الناصر الناشر‪ :‬دار طوؽ النجاة‬
‫(مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة‪ :‬األكلى‪،‬‬
‫ُِِْىػ عدد األجزاء‪ٗ. :‬‬
‫ِْ‪ /‬كتاب‪ :‬المسند الصحيح المختصر بنقل العدؿ عن العدؿ إلى رسوؿ اهلل صلى‬
‫اهلل عليو كسلم المؤلف‪ :‬مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيرم النيسابورم (المتوفى‪:‬‬
‫ُِٔىػ) المحقق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي الناشر‪ :‬دار إحياء التراث العربي – بيركت‬
‫عدد األجزاء‪ٓ :‬‬
‫كأىم‬ ‫شامل لؤلدلٌة ال ا‬‫اإلسبلمي كأدلاتيوي (ال ا‬ ‫ِٓ‪/‬كتاب‪ً :‬‬
‫شرعياة كاآلراء المذىبياة ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫الف ٍقوي‬
‫الناظرياات الفقهياة كتحقيق األحاديث النابوياة كتخريجها) المؤلف‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬ىك ٍىبىة بن‬
‫اإلسبلمي كأصولو بجامعة دمشق ‪ -‬كلٌياة‬ ‫ٌ‬ ‫الز ىح ٍيلً ٌي‪ ،‬أستاذ كرئيس قسم الفقو‬‫مصطفى ُّ‬
‫شريعة الناشر‪ :‬دار الفكر ‪ -‬سورياة – دمشق الطبعة‪ :‬ال ارابعة المن اقحة المع ادلة بالنسبة‬ ‫ال ا‬
‫لما سبقها (كىي الطبعة الثانية عشرة لما تقدمها من طبعات مصورة) عدد األجزاء‪َُ :‬‬
‫ِٔ‪ /‬كتاب‪ :‬اإلماـ في بياف أدلة األحكاـ المؤلف‪ :‬أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن‬
‫عبد السبلـ بن أبي القاسم بن الحسن السلمي الدمشقي‪ ،‬الملقب بسلطاف العلماء‬
‫(المتوفى‪َٔٔ :‬ىػ) المحقق‪ :‬رضواف مختار بن غربية الناشر‪ :‬دار البشائر اإلسبلمية –‬
‫بيركت الطبعة‪ :‬األكلى‪َُْٕ ،‬ىػ ‪ُٖٕٗ -‬ـ‬
‫ِٕ‪ /‬كتاب‪ :‬اإلكليل في استنباط التنزيل المؤلف‪ :‬عبد الرحمن بن أبي بكر‪ ،‬جبلؿ‬
‫الدين السيوطي (المتوفى‪ُُٗ :‬ىػ) تحقيق‪ :‬سيف الدين عبد القادر الكاتب دار‬
‫النشر‪ :‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بيركتَُُْ ىػ ‪ ُُٖٗ -‬ـ عدد األجزاء‪ُ. :‬‬
‫ِٖ‪/‬كتابي‪ :‬ركائع البياف في تلخيص اإلتقاف في علوـ القرآف ‪ ،‬يقع في جزء كاحد‪.‬‬
‫ِٗ‪/‬كتاب‪ :‬شرح تنقيح الفصوؿ المؤلف‪ :‬أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس‬
‫بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي (المتوفى‪ْٖٔ :‬ىػ) المحقق‪ :‬طو عبد‬
‫الرؤكؼ سعد الناشر‪ :‬شركة الطباعة الفنية المتحدة الطبعة‪ :‬األكلى‪ ُّّٗ ،‬ىػ ‪-‬‬
‫ُّٕٗ ـ عدد األجزاء‪ُ. :‬‬
‫َّ‪/‬كتاب‪ :‬شرح التلويح على التوضيح المؤلف‪ :‬سعد الدين مسعود بن عمر‬
‫التفتازاني (المتوفى‪ّٕٗ :‬ىػ) الناشر‪ :‬مكتبة صبيح بمصر الطبعة‪ :‬بدكف طبعة كبدكف‬
‫تاريخ عدد األجزاء‪ِ. :‬‬
‫ُّ‪/‬كتاب‪ :‬شرح الورقات المؤلف‪ :‬سعد بن ناصر بن عبد العزيز الشثرم الناشر‪:‬‬
‫كنوز إشبيليا للنشر ك التوزيع الطبعة‪ :‬األكلى ََِْـ عدد األجزاء‪ُ:‬‬
‫ِّ‪ /‬لكتاب‪ :‬تحقيق الرغبة في توضيح النخبة المؤلف‪ :‬عبد الكريم الخضير عدد‬
‫األجزاء‪ُ.:‬‬
‫ّّ‪ /‬كتاب‪ :‬الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية كالمعطلة المؤلف‪ :‬محمد بن‬
‫أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى‪ُٕٓ :‬ىػ) المحقق‪:‬‬
‫علي بن محمد الدخيل اهلل الناشر‪ :‬دار العاصمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‬
‫الطبعة‪ :‬األكلى‪َُْٖ ،‬ىػ عدد األجزاء‪ْ :‬‬
‫ّْ‪ /‬كتاب‪ :‬منهاج السنة النبوية في نقض كبلـ الشيعة القدرية المؤلف‪ :‬تقي الدين أبو‬
‫العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السبلـ بن عبد اهلل بن أبي القاسم بن محمد ابن‬
‫تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (المتوفى‪ِٕٖ :‬ىػ) المحقق‪ :‬محمد رشاد سالم‬
‫الناشر‪ :‬جامعة اإلماـ محمد بن سعود اإلسبلمية الطبعة‪ :‬األكلى‪ َُْٔ ،‬ىػ ‪ُٖٗٔ -‬‬
‫ـ عدد المجلدات‪ٗ :‬‬
‫ّٓ‪ /‬كتاب‪ :‬مجموع الفتاكل المؤلف‪ :‬تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن‬
‫تيمية الحراني (المتوفى‪ِٕٖ :‬ىػ) المحقق‪ :‬عبد الرحمن بن محمد بن قاسم الناشر‪:‬‬
‫مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف‪ ،‬المدينة النبوية‪ ،‬المملكة العربية‬
‫السعودية عاـ النشر‪ُُْٔ :‬ىػ‪ُٗٗٓ/‬ـ‪.‬‬

You might also like