Professional Documents
Culture Documents
مبادئ
علم أصول الفقه
الدكتور
اسامعيل عبد عباس
املرشف عىل مرشوع تكوين العامل املؤصل
3 مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه
ـون لِ َين ِْفـ ُـروا كَا َّف ـ ًة َف َلـ ْـوال َن َفـ َـر ِم ـ ْن ك ُِّل ِف ْر َقـ ٍـة ِمن ُْه ـ ْم َط ِائ َف ـ ٌة
َان ا ْل ُ ْؤ ِمنُـ َ
«و َمــا ك َ
َ
ِ ِ ِ
ل َي َت َف َّق ُهــوا ِف الدِّ يـ ِـن َول ُينْــذ ُروا َق ْو َم ُهـ ْم إِ َذا َر َج ُعــوا إِ َليْ ِهـ ْم َل َع َّل ُهـ ْم َ ْ
يـ َـذ ُر َ
ون»
كلمة حق
ق��ال �أب��و عم��رو بن الع�لاء(( (((:م��ا نحن فيمن م�ض��ى �إال كبق��ل يف �أ�صول
نخل طوال))(((فما ع�سى �أن نقول نحن ،و�أف�ضل منازلنا �أن نفهم �أقوالهم ،و�إن
كانت �أحوالنا ال ت�ش��به �أحوالهم؟
((( هــو زبــان بــن العــاء بــن عــار بــن حصــن بــن حليــم بــن مــازن بــن خزاعــى
صاحــب القــراءات ،ولــد يف البــرة ،وتــويف يف طريــق الشــام ســنة أربــع ومخســن
ومائــة ،ينظــر :الثقــات 346/6 :ومــا بعدهــا.
((( تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من األماثل.113/67 :
5 مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه
اإلهـــداء
�إىل �إمام العلم والعلماء ,ومنقذ الب�ش��رية جمعاء � ...س��يدي �أبي القا�س��م
حممد .
والدي
َّ �إىل من ربياين �صغريا ,فلما بلغت ا�ش��دي الهماين قو ًال كرميًا...
ادام اهلل بقاءهما وتقبل لنا دعاءهما.
علي.
�إىل م�شايخي و�أ�ساتذتي وكل من له حق َّ
�إىل من �شاطروين اعبائي يف كتابة هذا امل�ؤلف زوجتي و�أوالدي.
امل�ؤلف
7 مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه
املقدمة
احلم��د هلل ال��ذي �أ�س���س قواع��د الأح��كام عل��ى م�صال��ح الأن��ام وال�ص�لاة
وال�س�لام عل��ى ر�س��ول الإ�س�لام� ،س��يدنا حمم��د و�آل��ه و�أ�صحاب��ه الك��رام.
�أما بعد:
ف��إِن عل��م �أ�ص��ول الفقه علم �ش��رعي �أ�صيل ،طيبة ثمرته ،با�س��قة �ش��جرته،
م��ن �أعظ��م العل��وم ال�ش��رعية نفع� ًا ،و�أجله��ا ق��در ًا ،و�أكرثه��ا فائ��دة؛ لأ ّن��ه َمثار
�ي للتو�صل
�بب �أ�سا�س� ٌّ
الأحكام ال�ش��رعية ،وال ُعمدة يف الإجتهاد ،والإملام به َ�س� ٌ
�إىل ا�س��تنباط الأح��كام الفقه ّي��ة للوقائ��ع وامل�س��تجدات ال�ش��رعية ،وه��و املعيار
الدقي��ق لفه��م الن�صو�ص ،واملنهاج القومي ال�س��تخراج الف��روع ،والعا�صم لذهن
الفقي��ه م��ن الوق��وع يف اخلط�أ يف االجته��اد والفتوى.
و�إن مم��ا ُيب� ِّين �أهمية هذا العل��م ما قاله االمام الغزايل رحمه اهلل(( :و�أ�ش��رف
العلوم ما ازدوج فيه العقل وال�سمع وا�صطحب فيه الر�أي وال�شرع ،وعلم الفقه
و�أ�صوله من هذا القبيل ،ف�إنه ي�أخذ من �صفو ال�شرع والعقل �سواء ال�سبيل ،فال
هو ت�صرف مبح�ض العقول بحيث ال يتلقاه ال�ش��رع بالقبول ،وال هو مبني على
(((
حم�ض التقليد الذي ال ي�شهد له العقل بالت�أييد والت�سديد))
وق��د بد�أت �أ�صول ه��ذا العلم مع نزول القران الكرمي وبعثة النبي ثم َقا َم
ال�ص َحا َب��ة بع��د َو َفاة النبي ب�أعباء ا ْل َف ْت َوى َوا ْلق ََ�ضاءَ ،و َك َان ا�س��تنباطهم َّ
للَ ْح� َ
�كام َم ْب ِني� ًا على َق َو ِاعد متينة ،و�أ�صول را�س��خة َو َك َان َذ ِل��ك َم ْع ُروفا َل ُهم َل ْأ
�ون ِفي� ِه �إ َِل تدوين وت�أليف ثم �أخذت �أ�صول هذا العلم وم�س��ائله تتطور اج� َ
َي ْح َت ُ
�ش��يئا ف�ش��يئ ًا حالها حال الوليد حتى �أ�صبحت متكاملة تقريب ًا يف �أول �أثر و�صل
�إلين��ا وهو كتاب الر�س��الة للإمام ال�ش��افعي رحمه اهلل تعاىل ث��م تطورت املناهج
والدرا�س��ات الأ�صولي��ة مرور ًا مبرحل��ة التقعيد والت�أ�صيل ثم التق�س��يم وحماولة
تخريج الفروع على الأ�صول حتى ظهرت املدار�س اال�صولية التي بنيت على
جملة من املقا�صد والأ�صول الثابتة التي من �ش�أنها �أن تكون نربا�س ًا للمتفقهني
يف الدين ومرجعا عند ت�ضارب الآراء وتبدل الأع�صار �ش��ريطة �إجادة فهمها.
ول��و بق��ي ه��ذا العل��م حي ًا وا�ش��تغل ب��ه �أ�صح��اب الفق��ه على منط ال�س��ابقني
�اب �أو �س��ن ٍة �أو �إجم� ٍ
�اع �أو الرتبط��ت �أح��كام الف��روع الفقهي��ة ب�أ�صوله��ا من كت� ٍ
قيا�� ٍ�س ،وارتف��ع كث�ير م��ن االختالف��ات الواقع��ة ب�ين املعا�صري��ن ،و�ص��ارت
الأحكام الفقهية يف نفو�س �أهل العلم مرتكزة على �أ�صولها مالزمة لها يف �أ�صل
وجودها ،ويف بيان هذا املعنى يقول االمام الزرك�شي رحمه اهلل تعاىل�((:أ�شرف
العل��وم بعد االعتقاد ال�صحيح معرفة الأح��كام العملية ،ومعرفة ذلك بالتقليد
ونقل الفروع املجردة ي�ستفرغ جمام الذهن وال ين�شرح بها ال�صدر ،لعدم �أخذه
بالدلي��ل ،و�ش��تان بني من ي�أتي بالعبادة تقلي��دا لإمامه مبعقوله وبني من ي�أتي بها
9 مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه
وق��د ثل��ج �صدره عن اهلل ور�س��وله ،وه��ذا ال يح�صل �إال باالجتهاد ،والنا���س يف
ح�ضي���ض عن ذلك� ،إال م��ن تغلغل ب�أ�صول الفقه ،وكرع م��ن مناهله ال�صافية،
و�أدرع مالب�س��ه ال�ضافي��ة ،و�س��بح يف بح��ره ،ورب��ح من مكن��ون دره))(((.
فكم��ا �أن عل��م الأ�ص��ول عم��دة للفقي��ه املجتهد هو عم��دة �أي�ض��ا لأ�صحاب
التخريج الذين عنوا بتفريع الأحكام الفقهية وتخريج الوقائع واحلوادث الوقتية
عل��ى �أ�صول تبنى عليها وت�ؤخذ من النظ��ر يف دالئلها ،وعمدة �أي�ضا لأ�صحاب
الرتجي��ح م��ن �أتب��اع الأئم��ة ،ف�إن��ه ال يعت��د برتجيحه��م �إال �إذا ردوا الأقوال �إىل
�أدلته��ا عل��ى وجه ال تخرج ب��ه عن قواعد الأ�صول؛ وله��ذه االهمية احببت ان
�أب�ين مب��ادئ هذا الفن -علم �أ�صول الفقه -م�س��تفيد ًا من م�ؤلفات العلماء قدمي ًا
وحديث� ًا ف�إن كث�يرا من املت�أخرين و�ضعوا كتب��ا يف مو�ضوعات العلوم ،ومبادئ
الفنون ،لعل من �أجمعها و�أ�شهرها كتاب :مفتاح ال�سعادة وم�صباح ال�سيادة يف
مو�ضوعات العلوم ،لل�ش��يخ �أحمد بن م�صطفى املعروف بـ��طا�ش كربى زاده،
وكذل��ك كت��اب ترتيب العلوم لل�ش��يخ حممد ب��ن �أبي بكر املرع�ش��ي املعروف
بـ���ساجقلي زاده ،وغ�ير ذل��ك م��ن امل�صنف��ات املعا�ص��رة الت��ي كتبه��ا العلم��اء
والباحثون يف بي��ان مبادئ العلوم.
ه��ذا وقد ا�س��تقر عم��ل امل�صنف�ين على ذكر مبادئ ع�ش��رة ل��كل علم وفن،
متث��ل مدخ�لا تعريفي��ا لطال��ب ذلك الف��ن ،فكتبت نب��ذة خمت�صرة ع��ن مبادئ
علم �أ�صول الفقه لها ارتباط وثيق مبا كتبته �س��ابق ًا مبادئ علم القواعد اال�صولية
�إال ان ا�ص��ول الفق��ه اعم من القواعد الأ�صولي��ة �إذ القواعد اال�صولية جز�ؤه.
وه��ذه املب��ادئ الع�ش��ر لتع ّل��م العل��وم ه��ي( :احل��د ،واملو�ض��وع ،والثم��رة،
والف�ضل ،والوا�ضع ،واال�س��م ،واحلكم ،واال�س��تمداد ،والن�س��بة ،وامل�س��ائل)،
وق��د نظمتها يف ه��ذه االبيات:
احل ــد واملوض ــوع ث ــم الثم ــرة مبــادئ العلــوم يف االســاس عــرة
وحكم ــه اس ــتمداده والنس ــبه واس ـ ــمه الواض ــع وفضل ــه
بان ــراح اللبي ــب تبص ــر مس ــائل تزي ــد يف االيض ـ ــاح
تزي ــد م ــن وعاه ــا الق ــدرا ه ــذي مب ــادئ كل فـ ــن ت ــرى
ونظمه��ا قبل��ي االم��ام حمم��د ب��ن عل��ي ال�ص ّب��ان رحم��ه اهلل تع��اىل (ت
1206ه��ـ)؛ �إذ ق��ال:
احل ــد واملوضـ ــوع ث ــم الثمـ ــرة �إن مب���ادئ كـ���ل فـ���ن َع�شَ َ
ـ���رة
واالسـم االستمداد حكم الشارع وف�ضل���ه ون�سـ���بة والوا�ضــ���ع
(((
وم��ن درى اجلميــ��ع ح��از ال�ش��رفا م�س ��ائل والبع� ��ض بالبع� ��ض اكتف ��ى
((( أن مــا اذكــره قــد اســتفدته ممــا كتبــه الدكتــور حممــد يــري ،ينظــر :طريــق اهلدايــة
102ومــا بعدهــا.
((( ينظــر :املصبــاح املنــر للفيومــي ،125 ،124 /1والقامــوس املحيــط
للفريوزابــادي .352
((( املفردات يف غريب القرآن للراغب األصفهاين .221
((( املستصفى للغزايل .18
13 مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه
ال�ش��يء((( ،و�إمن��ا يك��ون الق��ول دا ًال عل��ى ماهية ال�ش��يء �إذا كان يجم��ع �صفاته
الذاتية والالزمة على وجه يتم به حتديده ومتييزه عن غريه ،ومتييز املاهية يكون
ب�أجزائه��ا الذاتي��ة؛ لأنها مرتكب��ة عندهم من جن���س وف�صل(((.
وي�س��مى عند بع�ضهم بـ(القول ال�ش��ارح) �أو(التعريف) ،ف�إذا قيل :حد علم
الفقه ،ف�إنه يراد به تعريف ذلك العلم الذي يحيط مبعناه ويجمع ق�ضاياه ،ومينع
من التبا���س غريها بها ،بعبارة ظاهرة بعيدة عن الألغاز ،من غري ا�ش�تراك لفظي
�أو جم��از((( والأ�صل يف احلد �أن ي��ورث التمييز بني املحدود وغريه� ،أما ت�صوير
املحدود وتعريف حقيقته على وجه التمام ،فهذا قد ال يتي�س��ر يف كل حد وال
يتحقق يف كل حمدود ،قال �ش��يخ الإ�س�لام رحمه اهلل(( :املحققون من النظار
يعلمون �أن احلد فائدته التمييز بني املحدود وغريه ،كاال�س��م))(((.
ثانيـ ًا :املوضــوع :وه��و املج��ال املح��دد ال��ذي يبح��ث في��ه العل��م ،واجله��ة
التي تتوحد فيها م�سائله �إن مو�ضوع �أي علم هو ذلك املعنى العام الذي ي�شتمل
عل��ى م�س��ائله التي يتخذها دائ��رة لبحثه دون غريه من العل��وم ،وذكر مو�ضوع
((( ينظــر :املهــذب يف علــم أصــول الفقــه املقــارن ،77/1القيــاس ومكانتــه يف
املنطــق اليونــاين .20
((( ينظر :فن املنطق للشنقيطي .34
((( ينظر :طريق اهلداية .102
((( الرد عىل املنطقيني .14
مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه 14
العلم بعد تعريفه مما يزيده حتديدً ا ومتيي ًزا عن غريه ،كما ي�شري �إىل طبيعة منهج
البح��ث في��ه؛ لأن مناه��ج العلوم �إمنا تو�ض��ع مالئمة لطبيع��ة مو�ضوعاتها.
ا�صطالح��ا ،ق��ال اب��ن النج��ار احلنبل��ي رحمه
ً ويف تعري��ف مو�ض��وع العل��م
اهلل(( :ه��و م��ا يبحث فيه عن عوار�ضه الذاتية))(((� ،أي الأحوال التي من�ش��ؤها
ذات ال�شيء حمل البحث ،فاملق�صود الأحوال التي من�ش�ؤها ذات العلم؛ ولهذا
قي��ل� :إن مو�ض��وع عل��م الطب هو بدن الإن�س��ان ،فهو يبحث عم��ا يعر�ض لهذا
البدن من �أحوال ال�صحة واملر�ض ،وكذا قيل� :إن مو�ضوع علم الفقه هو �أفعال
املكلف�ين ،ف�إن��ه يبحث عما يعر���ض لهذه الأفع��ال من الأح��كام ،كالوجوب،
واحلرم��ة ،والندب ،والكراهة ،والإباحة ،وال�صحة ،والف�س��اد.
ثالث ًا :الغاية أو الثمرة :وهي الفائدة التي يح�صلها دار���س العلم ومتعلمه
يف الدارين يقول املرع�شي(( :الغر�ض والغاية والفائدة والثمرة من العلم مبعنى
واح��د ،ف��كل ذلك ا�س��م للم�صلح��ة املرتتبة عل��ى تعل��م العلم ،و�إمن��ا اختلفت
العبارات الختالف االعتبارات ،فكل منفعة ترتبت على فعل ما ت�سمى فائدة
وثمرة ،من حيث ترتبها عليه ،وت�س��مى غاية من حيث �إنها على طرف الفعل
ونهايت��ه ،وغر�ضا من حيث �إن الفاع��ل فعل ذلك الفعل لأجل ح�صوله))(((.
العل��و واالرتف��اع� ،إذ �أنه يعلو م�س��ماه((( .واملق�ص��ود منه الألق��اب التي �أطلقها
�أه��ل ه��ذا العلم علي��ه لتمييزه عن غ�يره ،حتى �أ�صبح��ت �أعالما عليه� ،س��واء
�أكان��ت مركب��ة �أم مف��ردة ،وامل�س��مى �إذا ك�ثرت �أ�س��ما�ؤه دل ذلك على �ش��رفه
وف�ضل��ه و�أهميته غالبا.
ثامنـ ًا :احلكــم :احلك��م يف اللغ��ة :الق�ضاء مطلقا �أو الق�ض��اء بالعدل خا�صة،
و�أ�صله من املنع(((.
(((
وا�صطالحا(( :اثبات �أمر لأمر �أو نفيه عنه))
ً
ويق�ص��د منه احلكم ال�ش��رعي؛ -خط��اب اهلل تعاىل املتعل��ق ب�أفعال املكلفني
باالقت�ضاء �أو التخيري �أو الو�ضع (((-لتعلم هذا العلم من بني الأحكام التكليفية
اخلم�س��ة ،يقول املرع�ش��ي(( :وينبغي �أن يعلم �أن حكم العلم كحكم معلومه،
ف��إن كان املعل��وم فر�ضا �أو �س��نة فعلمه كذلك� ،إذا توقف ح�ص��ول املعلوم على
(((
تعلم ذلك العلم))
((( ينظــر :لســان العــرب البــن منظــور ،382 ،381 /6واملصبــاح املنــر للفيومــي
.291 ،290 /1
((( ينظــر :لســان العــرب البــن منظــور ،270 /3واملصبــاح املنــر للفيومــي /1
،145والقامــوس املحيــط للفريوزابــادي .1415
((( التمهيد لالسنوي ،48رشح خمترص املنتهى للعضد .222/1
((( التمهيد لألسنوي .48
((( ترتيب العلوم للمرعيش .90
17 مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه
تا�سع ًا :امل�سائل :امل�سائل لغة :جمع م�س�ألة ،وهي من ال�س�ؤال ،وهو الطلب.
وامل�س���ألة ا�صطالح��ا :مطل��وب خ�بري يربه��ن عن��ه يف العل��م بدلي��ل(((.
وه��ي املطال��ب الت��ي يبحثه��ا ،ويقرره��ا العل��م والتي تن��درج حت��ت مو�ضوعه.
وق��د يقال�(( :إن م�س��ائل كل علم هي معرفة الأح��وال العار�ضة لذات مو�ضوع
العلم))(((.
ف��إذا كان مو�ض��وع عل��م الفق��ه -مث� ًلا� -أفع��ال املكلف�ين م��ن حي��ث تعل��ق
الأحكام ال�ش��رعية بها ،ف�إن م�س��ائله هي معرفة �أحكام هذه الأفعال ،وعلى هذا
فمو�ضوع علم اال�صول �ضبط م�سائله من خالل ارجاعها اىل كلياتها ف� ً
ضال عن
تقنني نتائجه فكل ما ميكن به �ضبط علم �أ�صول الفقه فهو داخل يف مو�ضوعه.
والف��رق ب�ين املو�ضوع وامل�س��ائل� :أن املو�ضوع بيان كلي��ات الفن على وجه
االجمال ،وامل�س��ائل بيان املفردات واجلزئيات على وجه التف�صيل.
عا�شر ًا :الن�سبة :وهي �صلة العلم وعالقته بغريه من العلوم ،وليعلم �أن كل
معقولني البد �أن تكون بينهما �إحدى ن�سب �أربع ال خام�سة لها وهي :امل�ساواة،
والتباين ،والعموم واخل�صو�ص املطلق ،والعموم واخل�صو�ص الوجهي:
1-1ال�ترادف او امل�س��اوة :فتطلق الأ�س��ماء املختلف��ة على م�س��مى واحد وعلم
حمدد ،فتختلف الأ�س��ماء وتتفق امل�سميات ،مبعنى انهما ال يفرتقان البتة فهما
املت�س��اويان كالإِن�س��ان والناطق ،ف�إن كل ذات لها الإن�س��انية ثبتت لها الناطقية
كعك�سه ،فالن�س��بة بني الإِن�سان ،والناطق امل�ساواة.
2-2التخالف او التباين :فتتباين الأ�س��ماء وامل�س��ميات ،بحيث لو ن�س��ب �أحد
العلم�ين �إىل الآخ��ر ،مل ي�ص��دق على �ش��يء مما �صدق عليه الآخ��ر مبعنى انهما
ال يجتمع��ان البت��ة فهم��ا املتباين��ان كالإن�س��ان واحلجر ،ف��إن كل ذات ثبتت لها
الإن�س��انية انتفت عنها احلجرية كعك�س��ه فالن�سبة بني الإِن�سان واحلجر التباين.
3-3التداخ��ل :ك�أن يكون �أحد العلمني �أعم من الآخر ف�أحدهما داخل بتمامه
يف الآخ��ر ،وه��و العم��وم واخل�صو�ص املطلق ،مبعن��ى �أن يك��ون �أحدهما يفارق
�صاحب��ه والآخ��ر ال ميك��ن �أن يفارق��ه ،فهما الل��ذان بينهما العم��وم واخل�صو�ص
املطل��ق ،وال��ذي يف��ارق �أع��م مطلق ًا وال��ذي ال يف��ارق �أخ���ص مطلق� ًا كاحليوان
والإِن�س��ان ف��إن احليوان يفارق الإِن�س��ان لوجوده دونه يف الفر���س والبغل مث ً
ال،
والإِن�س��ان ال ميك��ن �أن يف��ارق احلي��وان �إذ ال �إن�س��ان �إال وهو حي��وان ،فال يفارق
الإِن�س��ان احليوان بحال ،فاحليوان �أعم مطلق ًا ،والإِن�سان �أخ�ص مطلق ًا ،فالن�سبة
بينهم��ا العم��وم واخل�صو�ص املطلق.
4-4التقاط��ع :وه��و العم��وم واخل�صو���ص الوجه��ي �أو الن�س��بي ،ب��أن يكون كل
من العلمني �أعم من جهة ،و�أخ�ص من جهة �أخرى ،و�إن كان كل منهما يفارق
19 مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه
الآخ��ر فهما الل��ذان بينهما العم��وم واخل�صو�ص م��ن وجه كالإِن�س��ان الأبي�ض،
ف�إنهم��ا يجتمعان يف الإِن�س��ان الأبي�ض كالعربي والروم��ي ،وينفرد الأبي�ض عن
ال ،وينفرد الإِن�س��ان عن الأبي���ض يف الزجني مث ً
ال الإِن�س��ان يف الثل��ج والقطن مث ً
فهو �إن�سان �أ�سود(((.
وعل��ى ما �س��بق ميكن الق��ول ب�أن علم �أ�صول الفقه ن�س��بته �إىل �س��ائر العلوم:
التخال��ف والتباين ،فهو فن م�س��تقل بذاته ،قائم بنف�س��ه ،ل��ه �أ�صوله وم�صادره،
ومناهج��ه وم�س��ائله ،وال يغن��ي عنه غ�يره ،لكنه ين��درج يف الن�س��بة الكلية اىل
ال�ش��ريعة كون �أ�صول��ه ومرتكزات منها.
املبدأ االول
حد أصول الفقه
م��ن املعل��وم �أن��ه قب��ل �أن يخو�ض املتعل��م يف علم م��ن العلوم يتع�ين عليه �أن
يت�ص��ور ذل��ك العل��م ،و�أف�ضل طريق لت�ص��ور علم من العلوم ه��و معرفة حدّ ه -
�أي تعريف��ه -ق��ال الآم��دي رحمه اهلل(( :حق على كل من ح��اول حت�صيل علم
م��ن العل��وم �أن يت�ص��ور معن��اه �أو ًال باحل��د �أو الر�س��م؛ ليك��ون على ب�ص�يرة فيما
يطلبه))(((.
وق��ال الإ�س��نوي رحم��ه اهلل(( :اعلم �أنه ال ميكن اخلو���ض يف علم من العلوم
�إال بعد ت�صور ذلك العلم ،والت�صور م�س��تفاد من التعريفات))(((.
له��ذا نب��د�أ بتعريف ا�ص��ول الفقه ف�أق��ول� :إن مل�صطلح �أ�ص��ول الفقه تعريفان
االول باعتب��اره مركب��ا ا�ضافي��ا والثاين باعتب��اره علما ولقبا ،وهذا ي�س��تلزم او ًال
تعريف��ه باعتب��اره مركب��ا من جز�أين :اال�ص��ول والفقه ،ثم �أعرف��ه باعتباره علم ًا
ولقب ًا ثاني ًا.
�أو ًال :تعريف ا�صول الفقه باعتباره مركب ًا �إ�ضافي ًا:
الأ�صل لغة :يطلق �أهل اللغة اال�صل على معان كثرية منها:
1-1االبتن��اء :ق��ال الزبي��دي رحم��ه اهلل تع��اىل يف ت��اج العرو���س(( :الأ�ص��ل ما
يبن��ى عليه غريه))(((�س��واء كان ح�س��يا كبناء ال�ش��جرة على �أ�صله��ا� ،أو معنوي ًا
كبن��اء امل�س��ائل الفقهية عل��ى �أ�صولها من الكتاب وال�س��نة(((.
�2-2أ�سفل ال�شيء :يقــال :قعد يف �أ�صل اجلبل ،وقلع �أ�صل ال�شجر(((.
توهمت مرتفعة الرتفع بارتفاعه 3-3القاعدة :و�أ�صل ال�ش��يء :قاعدته التي لو ّ
الس َم ِءﭼ(((.
�سائره ،لذلك قال تعاىل :ﭽ َأ ْص ُل َها َثابِ ٌت َو َف ْر ُع َها ِف َّ
(((
4-4ما ي�س��تند �إليه� :أ�صل كل �ش��يء ما ي�س��تند وجود ذلك ال�شيء �إليه ،فالأب
�أ�صل للولد والنهر �أ�صل للجدول(((.
5-5م��ا ُيف َتق��ر �إليه :جاء يف التعريفات(( :الأ�ص��ول :جمع �أ�صل ،وهو ما يفتقر
�إليه وال يفتقر هو �إىل غريه))(((.
ولع��ل التعــ��ريف الأول �أق��رب ملعن��ى الأ�ص��ل ،لأن اال�ص��ول تبن��ى عليها
الأحكـام ال�شرعيـة ،و�أكرث ما ذكره الأ�صوليون يف م�صنفاتهم لتعريف الأ�صـل
((( ينظر :هناية السول رشح منهاج الوصول ،10/1إرشاد الفحول .17/1
((( ينظر :الفصول يف األصول.172/3 :
23 مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه
((( ينظــر :البحــر املحيــط يف أصــول الفقــه ،11/1 ،هنايــة الســول رشح منهــاج
الوصــول ،10/1ورشح الكوكــب املنــر 39/1ومــا بعدهــا ،فواتــح الرمحــوت
بــرح مســلم الثبــوت 9/1 :ومــا بعدهــا ،الوجيــز يف أصــول الفقــه للدكتــور عبــد
الكريــم زيــدان 9ومــا بعدهــا.
((( ينظــر :اللمــع ،6الفقيــه واملتفقــه للخطيــب البغــدادي ،192/1رشح تنقيــح
الفصــول ،15البحــر املحيــط ،26/1نفائــس األصــول .933/2
((( خمتــر ابــن احلاجــب مــع رشحــه رفــع احلاجــب البــن الســبكي،243/1 :
وينظــر :اللمــع ،6الفقيــه واملتفقــه للخطيــب البغــدادي ،192/1رشح تنقيــح
الفصــول ،15البحــر املحيــط ،26/1نفائــس األصــول .933/2
((( إرشاد الفحول . 22/1
((( سورة اإلرساء من االية.٤٤ :
مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه 24
القدام��ى واملحدث�ين منه��م ا ْب��ن حم��دَ ان وا ْبن مفل��ح((( واب��ن الهمام وال�ش��يخ
اخل�ض��ري((( وعبد الوهاب خ�لاف((( و�أبي زهرة(((.
َا�ض��ي �أَ ُب��و يعل��ى
الث��اين :ان ا�ص��ول الفق��ه ه��و االدل��ة فق��ط وب��ه ع��رف الق ِ
وال�ش�يرازي واخلطي��ب البغ��دادي واب��ن قدام��ة واب��ن احلاج��ب وغريه��م(((.
الثال��ث� :أن ا�ص��ول الفق��ه �أع��م م��ن القواع��د والأدل��ة؛ �إذ القواع��د والأدل��ة
ج��زءاه فجعل��وا �أ�صول الفق��ه ثالث��ة �أركان و�أو�ض��ح تعريف ما قال��ه البي�ضاوي
رحم��ه اهلل تع��اىل وغريه ب�أن��ه(( :معرفة دالئل الفقه �إجماال وكيفية اال�س��تفادة
منه��ا وحال امل�س��تفيد))((( ،وه��ذا هو الراج��ح واهلل اعلم؛ وذلك لأن الدار���س
لأ�ص��ول الفق��ه يج��ده يرتك��ز يف تف�صي��ل م�س��ائله وت�أ�صي��ل قواع��ده عل��ى هذه
الث�لاث االدل��ة االجمالية ،وطرق اال�س��تنباط ،ومباحث االجته��اد والتقليد.
املبدأ الثاين
موضوع علم أصول الفقه
م��ن املعل��وم ان التمايز بني العلوم ال يكون �إال بالتع��رف على مو�ضوعاتها؛
ل��ذا فان��ه يج��ب ان يكون لكل عل��م مو�ضوع ودائ��رة يتحرك فيها ذل��ك العلم،
فعل��م الط��ب مثال يبح��ث يف �أحوال بدن الإن�س��ان من حيث كون��ه �صحيح ًا او
مري�ض� ًا ،وعلم م�صطل��ح احلديث علم يبحث عن حال الراوي واملروي عنه من
حيث القبول والرد.
�أم��ا مو�ض��وع علم الأ�ص��ول فال��ذي اراه واهلل اعل��م ان اال�صوليني خمتلفون
يف حتديد امل�س��ائل الرئي�س��ة الت��ي يتناولها مو�ضوع علم ا�صول الفقه ،وال�س��بب
يف ذل��ك يع��ود اىل اختالفه��م يف تعريف ا�ص��ول الفقه وذلك عل��ى ثالثة �آراء:
ال��ر�أي الأول� :أن مو�ض��وع علم �أ�صول الفقه ه��و الأدلة التي تثبت الأحكام
بها ،وهو ر�أي اجلمهور(((.
ال��ر�أي الث��اين� :أن مو�ض��وع عل��م �أ�ص��ول الفق��ه هو الأدل��ة والأح��كام م ًعا،
وهو ر�أي بع�ض احلنفية((( ،فاملو�ضوع عندهم هو الأحكام ال�شرعية التي تثبت
((( خمتــر ابــن احلاجــب مــع رشحــه رفــع احلاجــب البــن الســبكي،243/1 :
وينظــر :اللمــع ،6الفقيــه واملتفقــه للخطيــب البغــدادي ،192/1رشح تنقيــح
الفصــول ،15البحــر املحيــط ،26/1نفائــس األصــول .933/2
((( ينظــر التوضيــح رشح التنقيــح ،55-51/1 :مــرآة األصــول مــع حاشــية
27 مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه
بالأدل��ة ،ولك��ن معرفة احلكم ال�ش��رعي يتوقف على معرفة امل�ص��ادر �أو الأدلة،
فتكون درا�س��ة الأدلة مقدمة وو�س��يلة لدرا�سة الأحكام.
ال��ر�أي الثال��ث :ي��رى �أن مو�ضوعه الأدل��ة واملرجحات و�صف��ات املجتهد،
وه��و ر�أي جمه��ور ال�ش��افعية ك�إم��ام احلرم�ين والغ��زايل والبي�ض��اوي وال��رازي
وغريه��م((( ،فمو�ض��وع ا�ص��ول الفق��ه عندهم له ثالث��ة ركائز:
املرتك��ز الأول :معرف��ة االدل��ة عل��ى �س��بيل الإجم��ال ،ويق�ص��د به��ا الأدلة
بنوعيه��ا القطع��ي والظني� ،أو املتفق عليه واملختلف فيه ،والبحث فيها ي�ش��مل
حجيته��ا وقوته��ا يف الإي�ص��ال �إىل احلك��م ،و�ش��روط حجيته��ا وترتيبها وجميع
عوار�ضها.
املرتك��ز الث��اين :كيفية اال�س��تفادة م��ن الأدلة ،وهذا ي�ش��مل ط��رق الداللة
�أه��ي عقلي��ة �أم لفظية؟ حقيقية �أم جمازية؟ بطريق املنط��وق �أم املفهوم؟ بطريق
اخل�صو���ص �أم العم��وم؟ ،وه��ذا يعرف عن��د املت�أخرين بطرق اال�س��تنباط ،كما
ي�ش��مل طرق معرفة العلة و�إجراء الأقي�س��ة وغريها.
املرتك��ز الثال��ث :ح��ال امل�س��تفيد وه��و املجته��د واملقل��د وما يتب��ع ذلك من
�ش��روط االجته��اد و�أحكام��ه ،و�س��بيل دف��ع التعار���ض واملرجح��ات ،ومعن��ى
((( ينظــر :علــم املقاصــد الرشعيــة ،27الوجيــز يف أصــول الفقــه للزحيــي ،30/1
أصــول الفقــه الــذي ال يســع الفقيــه جهلــه ،13املهــذب يف علــم أصــول الفقــه
،38/1اجلامــع ملســائل أصــول الفقــه .6
((( ينظر :رشح املعتمد يف أصول الفقه .20
29 مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه
املبدأ الثالث
ثمرة علم اصول الفقه
ال �ش��ك �أن العلم ي�ش��رف ب�ش��رف الغاية من تعلمه ،و�أ�ص��ول الفقه له غايات
عظيمة وفوائد كبرية يف الدنيا والآخرة ،وال تظهر فائدته �إال بعد بيان الغاية منه.
والغاي��ة من عل��م �أ�صول الفقه ه��ي الو�صول �إىل معرفة الأحكام ال�ش��رعية،
�أي �أحكام اهلل تعاىل يف �أفعال العباد� ،سواء �أكانت يف العبادات� ،أم املعامالت،
�أم العقوب��ات ،وغريه��ا وذل��ك ليلت��زم املكل��ف ح��دود اهلل تع��اىل ،ويبتغ��ي
مر�ضات��ه ،وي�ؤدي واجباته ،وينتهي عن املحارم ،وباخت�صار ليكون املكلف يف
امل��كان ال��ذي �أمره اهلل به ،ويتجنب معا�صي��ه وما نهاه عنه(((.
و�أما ثمرة �أ�صول الفقه فقد ذكر العلماء امور ًا كثرية منها:
�1 .1ضب��ط �أ�ص��ول اال�س��تدالل وذل��ك ببي��ان الأدل��ة ال�صحيح��ة م��ن الزائفة،
وه��ذا م��ا يدعو طلب��ة العل��م �إىل تعلم �أ�ص��ول الفق��ه؛ ليعر�ضوا ال�تراث الفقهي
الكبري الذي اختلفت فيها �أقوال الفقهاء وتعددت �أدلتهم على امليزان العادل،
واملح��ك املظه��ر للخط�أ م��ن ال�صواب ،وه��و �أ�ص��ول الفقه ،فمن ع��رف �أ�صول
الفق��ه نظ��ر ًا وتطبيق ًا ميكن��ه �أن يعرف من تل��ك الأقوال واملذاه��ب الراجح منها
واملرج��وح وما ه��و �أقرب �إىل احل��ق و�أجرى على قواعد ال�ش��ريعة.
�2 .2إن عل��م الأ�ص��ول ير�س��م للمجته��د الطري��ق الق��ومي املو�صل �إىل ا�س��تنباط
�تقيما يف كيفية اال�س��تنباط ،فال
وا�ضح��ا وم�س� ً
ً منهجا
الأح��كام ،وي�ض��ع �أمام��ه ً
ينح��رف ميي ًن��ا �أو ي�س��ا ًرا ،وال يخب��ط خبط ع�ش��واء ،وال يزل به العق��ل والهوى
عند �أخذ الأحكام من الأدلة ،في�ضع عامل الأ�صول القواعد الكلية ملعرفة كيفية
ا�س��تنباط الأحكام ال�ش��رعية من الأدلة والن�صو�ص مع �صيانة الفقه الإ�س�لامي
من االنفتاح املرتتب على و�ضع م�صادر جديدة للت�شريع ،ومن اجلمود املرتتب
على دعوى �إغ�لاق باب االجتهاد(((.
3 .3تي�س�ير عملي��ة االجته��اد و�إعط��اء احل��وادث اجلدي��دة م��ا ينا�س��بها م��ن
الأح��كام فمعرف��ة احلك��م ال�ش��رعي ل��كل م��ا ي�س��تجدُّ م��ن احل��وادث والوقائ��ع
الت��ي مل ي��رد بخ�صو�صه��ا ن�ص �صريح وال ظاه��ر ِّبي ،ومل يتكل��م عنها الفقهاء
ال�س��ابقون لع��دم وجوده��ا يف ع�صره��م ،ال ميك��ن اال مبعرف��ة ا�صول الفق��ه؛ لأنه
امليزان ال�ضابط ملعرفة احكام امل�س��تجدات ،ومن هذه امل�س��ائل التي ا�س��تجدت
ومل ي�س��بق للعلم��اء بي��ان احلكم فيه��ا :التلقيح ال�صناع��ي ،و�أطف��ال الأنابيب،
وق�ضاي��ا االنرتن��ت ،و�إج��راء العقود ع��ن طريقه ،والق�ضاي��ا ال�سيا�س��ية وكيفية
حله��ا كالق�ضاي��ا احلدودي��ة بني ال��دول وما �أ�ش��به ذلك.
((( ينظــر :الوجيــز للزحيــي 33/1ومــا بعدهــا ،أصــول الفقــه الــذي ال يســع الفقيــه
جهلــه 14ومــا بعدهــا ،اجلامــع ملســائل أصــول الفقــه 6ومــا بعدهــا.
31 مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه
((( ينظــر :علــم أصــول الفقــه لعبــد العزيــز الربيعــة ،108 :مبــادئ علــم القواعــد
االصوليــة ،املهــذب يف علــم أصــول الفقــه املقــارن .42/1
مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه 32
منه��م م��ن �إثب��ات تلك القاع��دة� ،أو نفيه��ا ،ف�إنه تطمئ��ن نف�س��ه �إىل مدرك ذلك
الإم��ام ال��ذي ق َّل��ده يف عني ذلك احلك��م �أو ذاك ،فهذا يجعله ميتث��ل عن اقتناع،
وه��ذا يف�ض��ي �إىل �أن يكون عنده الق��درة التي متكنه من الدف��اع عن وجهة نظر
�إمام��ه� ،أو التما���س العذر لغ�يره ممن جانب ال�صواب وف��ق دليل ر�آه(((.
�7 .7أنه اداة دار�س��ي التف�س�ير واحلديث لفهم مراد اهلل يف كتابه ومراد ر�س��وله
يف �سنته؛ لهذا فقد وجدت مباحث كثرية يف �أ�صول التف�سري وعلوم القر�آن
وم�صطل��ح احلديث اعتنى بها الأ�صوليون �أي�ض ًا ،كالنا�س��خ واملن�س��وخ والقراءة
ال�شاذة و�أفعال الر�سول ،واملتواتر ،والآحاد ،وكذلك احلال لدرا�سي اللغة
العربي��ة؛ �إذ ي�س��تفيدون م��ن املباحث اللغوية التي اعتنى به��ا الأ�صوليون ،فقد
تو�س��ع الأ�صولي��ون يف بع���ض مباحث اللغة �أكرث من تو�س��ع �أهل اللغة �أنف�س��هم
ومن هذه املباحث :العموم واخل�صو�ص واملطلق واملقيد ومعاين احلروف ،كما
يحتاج �إىل هذه القواعد دار�سو العلوم الأخرى وال�سيما العلوم االجتماعية �إذا
�أريد بنا�ؤها على �أ�صول �إ�سالمية(((.
((( ينظــر :معــامل أصــول الفقــه عنــد أهــل الســنة واجلامعــة 23ومــا بعدهــا ،أصــول
الفقــه الــذي ال يســع الفقيــه جهلــه 14ومــا بعدهــا ،املهــذب يف علــم أصــول الفقــه
املقــارن .42/1
((( ينظــر :علــم أصــول الفقــه لعبــد العزيــز الربيعــة ،108 :مبــادئ علــم القواعــد
االصوليــة .34
33 مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه
املبدأ الرابع
فضل علم اصول الفقه
�إن عل��م �أ�ص��ول الفق��ه ل��ه �أهمي��ة بالغ��ة يف الت�ش��ريع الإ�س�لامي ،نظ��ر ًا مل��ا
يحقق��ه م��ن الفوائ��د العملي��ة والت�ش��ريعية ،وما يي�س��ره م��ن �س��بل الو�صول �إىل
معرف��ة العب��اد لأحكام اهلل عز وجل يف �أفعاله��م وت�صرفاتهم ،مبا ميكن من حفظ
�أح��كام ال�ش��ريعة و�صيانتها من �أن تختلط بالأوهام الدخيلة ،التي قد تت�س��رب
�إىل املنظوم��ة الت�ش��ريعية الإ�س�لامية ،يف حال��ة ع��دم التحاك��م لأ�ص��ول الفقه،
واالن�ضب��اط بقواع��ده؛ ل��ذا ف��إن ف�ضل كل عل��م يرج��ع اىل مق�ص��ده ومتعلقاته
وامل�صال��ح املرتتب��ة علي��ه فكلما ازدادت فائدت��ه عظمت منزلته ومبا ان ال�س��عادة
يف الدنيا والنجاة والفوز يوم القيامة ال يكون �إال ب�إتباع �شرع اهلل وال ميكن معرفة
�أح��كام ال�ش��رع العملي��ة �إال مبعرفة �أ�ص��ول الفقه؛ اذ هو �آلة الفهم واال�س��تنباط؛
فله��ذا كان عل��م �أ�صول الفقه من �أف�ضل العلوم وا�ش��رفها بع��د علم العقائد ،وما
ُبي لنا ف�ضل علم �أ�صول الفقه ف� ً
ضال ذكر من الفوائد والثمرات ال�س��ابقة كلها ت ِّ
عن اق��وال العلماء منها:
ق��ال حج��ة الإ�س�لام الغ��زايل رحم��ه اهلل(( :و�أ�ش��رف العلوم م��ا ازدوج فيه
العق��ل وال�س��مع وا�صطحب فيه ال��ر�أي وال�ش��رع ،وعلم الفق��ه و�أ�صوله من هذا
القبي��ل ،ف�إن��ه ي�أخ��ذ من �صفو ال�ش��رع والعقل �س��واء ال�س��بيل ،ف�لا هو ت�صرف
مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه 34
مبح���ض العق��ول بحي��ث ال يتلق��اه ال�ش��رع بالقب��ول ،وال هو مبن��ي على حم�ض
التقلي��د الذي ال ي�ش��هد له العق��ل بالت�أييد والت�س��ديد))(((.
وق��ال اب��ن خل��دون رحم��ه اهلل�(( :إعل��م �أن �أ�ص��ول الفق��ه من �أعظ��م العلوم
ال�ش��رعية و �أجله��ا قدر ًا و �أكرثه��ا فائدة))(((.
وق��ال الق��رايف(( :ف�أف�ض��ل م��ا اكت�س��به الإن�س��ان ع ْلم� ًا ي�س��عد ب��ه يف عاج��ل
معا�ش��ه ،و�آج��ل مع��اده ،وم��ن �أف�ضل ذل��ك علم �أ�ص��ول الفقه؛ ال�ش��تماله على
املعق��ول واملنق��ول ،فه��و جامع �أ�ش��تات الف�ضائ��ل ،والوا�س��طة يف حت�صيل لباب
الر�س��ائل ،لي���س هو من العلوم التى هي رواية �صرفة ال َح َّظ ل�ش��رف النفو���س
في��ه ،وال م��ن املعقول ال�ص��رف الذي مل َي ُح َّ
�ض ال�ش��رع عل��ى معانيه ،بل جمع
ب�ين ال�ش��رفني ،وا�س��توىل عل��ى الطرف�ين ،يحت��اج في��ه �إىل الرواي��ة والدراي��ة،
ويجتم��ع في��ه معاق��د النظر ،وم�س��الك العرب ،م��ن جهله من الفقه��اء فتح�صيله
�أج��اج ،ومن ُ�س� ِل َب �ضوابطه ُعدم عند دعاويه ا ِ
حل َجاج ،فهو جدير ب�أن يناف���س
في��ه ،و�أن ي�ش��تغل ب�أف�ضل الكت��ب يف تلخي�صات��ه ومبانيه))(((.
وق��ال ال�س��بكي(( :و�إن عل��م �أ�ص��ول الفق��ه وه��و م��ن �أعظ��م العل��وم ثالث��ة
�أ�صن��اف عقلي��ة حم�ضة كاحل�س��اب والهند�س��ة والنج��وم والط��ب ولغوية كعلم
اللغة والنحو والت�صريف والعرو�ض والقوايف والبيان وهي علوم القر�آن وال�سنة
وتوابعهم��ا ،وال ري��ب يف �أن ال�ش��ريعة �أ�ش��رف الأ�صن��اف الثالث��ة يف الو�س��ائل
واملقا�ص��د و�أ�ش��رف العل��وم ال�ش��رعية بع��د االعتق��اد ال�صحي��ح و�أنفعه��ا معرفة
الأحكام))(((.
الَمر الأهم ِف ِال ْج ِت َه��اد �إ َِّنَا ُه َو علم
الَ ْع َظ��م َو ْ أ
الر ْكن ْ أ َ
وق��ال اال�س��نوي ((�أن ُّ
(((
� ُأ�صول ا ْل ِفقْه))
ويق��ول الدكت��ور حمم��د الزحيل��ي(( :ي�ش��كل عل��م �أ�ص��ول الفق��ه املن��ارة
الو�ضاءة بني العلوم ال�ش��رعية ويعترب مفخرة الأمة يف ح�ضارتها وعلومها ،وهو
عل��م فري��د يف تاريخ الأمم وال�ش��رائع القدمية واحلديثة وهو مما انفرد به امل�س��لمون
ب�ين الأُ َ ِم لذل��ك ي�ش��كل علم �أ�صول الفق��ه املنارة الو�ضاءة بني العلوم ال�ش��رعية
ويعت�بر مفخ��رة الأمة يف ح�ضارته��ا وعلومها))(((.
ويكف��ي يف ف�ضل��ه �أنه داخل يف العلم ال�ش��رعي ال��ذي وردت يف بيان ف�ضله
ومكانة �أهله ن�صو�ص ال حت�صى من الكتاب وال�س��نة و�آثار ال�س��لف ال�صالح(((.
املبدأ اخلامس
نسبة أصول الفقه إىل علوم الرشيعة
عل��م �أ�ص��ول الفقه علم قائم بذاته؛ لأنه ميتاز ع��ن غريه من العلوم من حيث
اله��دف واملو�ض��وع وامل�س��ائل وغريها ،وه��و من العل��وم ال�ش��رعية التي تعرف
بعل��وم الآل��ة� ،أي �أن��ه �آل��ة لتعل��م غ�يره وه��و الفق��ه ،فهو للفق��ه وم�س��ائله كعلم
امل�صطل��ح للحديث وعلوم القر�آن للتف�س�ير ه��ذا من جانب.
وم��ن جان��ب �آخ��ر ف��إن عل��م �أ�ص��ول الفق��ه مرتبط م��ع بقي��ة علوم ال�ش��ريعة
منه��ا عل��م التف�س�ير ،ف�أ�ص��ول الفقه مع�ين على فه��م كالم اهلل عز وجل و�س�بر
اغ��واره وحتلي��ل ظاه��ره من باطنه ،فاملف�س��ر الذي ال يتقن �أ�ص��ول الفقه ال يوثق
بتف�س�يره وال�س��يما يف فهم ايات الأحكام ،وق�س على ذلك من يكتب يف �شرح
احاديث ر�س��ول اهلل وفهم �أقواله فاملبدعون من �ش��راح احلديث هم املتقنون
لعل��م �أ�ص��ول الفقه وكيفية اال�س��تنباط �أمثال االمام النووي يف �ش��رحه ل�صحيح
االمام م�س��لم ،والإم��ام ابن حجر ،والإمام العيني يف �ش��رحهما ل�صحيح االمام
البخ��اري رحمه��م اهلل تعاىل جميع ًا.
ومنه��ا ارتباط��ه مع اللغة العربية وعلم املنط��ق والعقائد وغريها وهذا وا�ضح
من ا�ستمداده.
37 مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه
املبدأ السادس
واضع علم اصول الفقه
مم��ا ال خ�لاف في��ه بني �أه��ل العل��م �أن ا�ص��ول الفق��ه باعتباره قواع��د وطرق
ال�س��تنباط االحكام ال�ش��رعية متقدم الن�ش��أة و�أنه ُفهم مع ن��زول القران الكرمي؛
لأنه اداة الفهم لكتاب اهلل عز وجل و�س��نة النبي ،فقد ا�س��تعمله ال�صحابة
ر�ضوان اهلل عليهم ممن كان يت�صدر للإفتاء والق�ضاء بني النا���س ،ك�س��يدنا عمر
بن اخلطاب ،و�س��يدنا علي بن �أبي طالب ،و�س��يدنا ابن م�س��عود ،و�س��يدنا ابن
عبا�س وغريهم ،وقد كتب �شيخنا الدكتور حممود عبد العزيز العاين (�أ�صول
اال�س��تنباط عن��د �س��يدنا علي ر�ضي اهلل عن��ه) وغريه كتب يف قواع��د االجتهاد
عند ال�س��يدة عائ�ش��ة ر�ضي اهلل عنها وغري ذلك.
فمباح��ث ا�ص��ول الفق��ه وقواع��ده موج��ودة يف اذه��ان ال�صحاب��ة ر�ضي اهلل
عنه��م وم��ن بعدهم لكنه��ا مل تكن مدونة حتى جاء الإمام ال�ش��افعي رحمه اهلل
تع��اىل ف��د َّون علم ا�صول الفقه يف كتابه الذي ا�ش��تهر بني النا���س بـ (الر�س��الة)،
ال��ذي يع��دُّ �أول م�صن��ف يف ا�صول الفقه و�ص��ل الينا ،قال عنه الإم��ام �أحمد بن
(((
حنب��ل(( :مل نكن نعرف العمـ��وم واخل�صـ��و�ص حتى ورد ال�ش��افعي))
وق��ال �إم��ام احلرم�ين اجلوين��ي رحم��ه اهلل�(( :أم��ا يف الأ�ص��ول فه��و �أول م��ن
و�سبب ت�أليف االمام ال�شافعي رحمه اهلل لكتابه الر�سالة امور منها:
1-1احت��دام اجل��دل ب�ين مدر�س��تي �أه��ل ال��ر�أي يف الكوف��ة واه��ل احلدي��ث يف
املدينة.
ُ 2-2بعد العهد بني زمن النبي وزمن الإمام ال�شافعي رحمه اهلل تعاىل.
3-3ظهور وقائع حتتاج �إىل �أحكام وال �س��بيل لذلك �إ َّال بالقيا���س وبع�ض االدلة
التبعية ف�أراد �أن يبني �شروطها و�أركانها و�أنواعها وحجيتها.
وق��ال الإم��ام تق��ي الدي��ن ال�س��بكي رحم��ه اهلل يف مقدم��ة كتاب��ه الإبه��اج:
((وكان من �أعظمهم منة على من بعده من طالب الفوائد ،الإمام ال�شافعي ف�إن
ل��ه �أجم��ل العوائد ،جلمعه ب�ين احلديث والفقه وكان غ�يره يقت�صر منهما على
(((
واح��د ،ولبناي��ة كالمه على �أ�صول وه��و �أول من �صنفها ملا �س��أله ابن مهدي
ف�صنف له الر�سالة وكم فيها من الفوائد ،فهو �أول من �صنف يف �أ�صول الفقه ال
ميرتي يف ذل��ك �إال معاند))(((.
ومعل��وم �أن ال�صحاب��ة ر�ضي اهلل عنهم على دراية تام��ة بقواعد اللغة العربية،
((( ابــن مهــدي :هــو عبــد الرمحــن بــن مهــدي بــن حســان العنــري البــري اللؤلــؤي،
أبــو ســعيد قــال عبــد الرمحــن> :مــا أصــي صــاة إال وأنــا أدعــو للشــافعي فيهــا<.
وقــال الشــافعي> :ال أعــرف لــه نظــر ًا يف الدنيــا< .تــويف ابــن مهــدي يف البــرة
ســنة (198هــ) .ينظــر :ســر أعــام النبــاء ،للذهبــي ( ،)44 / 10واألعــام،
للــزركيل (.)339 /3
((( اإلهباج يف رشح املنهاج ،للسبكي (.)4 / 1
مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه 40
الت��ي ن��زل بها الق��ر�آن الكرمي ،وب�أ�س��باب النزول ،وبالنا�س��خ واملن�س��وخ ،واملطلق
واملقي��د ،والع��ام واخلا�ص ،و�س��ائر املباحث التي تكفل ببيانها عل��م �أ�صول الفقه
فيما بعد ،وهكذا كان لكل �إمام من الأئمة املجتهدين قواعده و�أ�صوله التي ي�سري
عليها يف اجتهاده� ،إال �أنه كان هناك خالف حاد بني اجتاه �أهل احلديث باحلجاز،
و�أهل الر�أي بالعراق ،حتى �أخذ كل فريق يف الطعن على طريقة الفريق الآخر،
ف�أه��ل ال��ر�أي يعيبون على �أهل احلدي��ث الإكثار من الرواية الت��ي تدل على عدم
الفهم والتدبر ،كما �أن �أهل احلديث يعيبون على �أهل الر�أي ب�أنهم ي�أخذون بالظن
ويحكم��ون العق��ل يف الدي��ن ،وظهر املتع�صبون لكال الفريقني ،فات�س��ع اخلالف
واحت��دم الن��زاع ،حتى قي���ض اهلل لهذا الأمة من �أخذ بيدها �إىل الطريق ال�س��وي،
وب� َّين القواعد والقوان�ين التي يحتكم �إليها اجلميع ،وهو الإمام ال�ش��افعي رحمه
اهلل بع��د �أن كت��ب ل��ه الإمام احلافظ عبد الرحمن بن مه��دي �أن ي�ضع له كتاب ًا يبني
في��ه مع��اين القر�آن ،ويجمع قب��ول الأخبار فيه ،وحجة الإجماع ،وبيان النا�س��خ
واملن�س��وخ من القر�آن وال�سنة ،فو�ضع له كتاب الر�سالة.
ق��ال عل��ي ب��ن املديني :قل��ت ملحمد ب��ن �إدري���س� :أجب عب��د الرحمن بن
مه��دي ع��ن كتابه ،فق��د كتب �إلي��ك وه��و مت�ش��وق �إىل جوابك ،ق��ال :ف�أجابه
ال�ش��افعي ،و�أر�س��ل الكتاب �إىل الإمام ابن مهدي مع احلارث بن �س��ريج النقال
اخلوارزم��ي ،ثم البغدادي وب�س��بب ذلك �س��مي النقال.
41 مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه
املبدأ السابع
اسم علم أصول الفقه
�أ�ش��هر �أ�س��مائه :عل��م �أ�ص��ول الفق��ه وبع�ضه��م ي�س��ميه �أ�ص��ول الأح��كام
�أو الأ�ص��ول؛ وجمي��ع ه��ذه الت�س��ميات وردت عل��ى �أغلف��ة كث�ير م��ن الكت��ب
الأ�صولي��ة ،وم��ن ذل��ك :الع��دة يف �أ�ص��ول الفق��ه لأب��ي يعل��ى (ت458ه��ـ)،
وامل�س��ت�صفى يف عل��م الأ�ص��ول للغ��زايل (ت505ه��ـ) ،والإح��كام يف �أ�ص��ول
الأح��كام للآم��دي (ت631ه��ـ).
�إن جمي��ع م��ن �أل��ف يف علم ا�ص��ول الفقه -فيما �أعلم� -س��ماه بلف��ظ �أ�صول
الفق��ه� ،أ�ص��ول االحكام� ،أو الأ�صول؛ وذلك ن�س��بة اىل الف��روع التي تنتج عنه
م��ع اخت�لاف بينه��م يف العناوي��ن فمنه��م من �ص��در م�ؤلف بلف��ظ اال�صول فقط
ك�أ�صول ال�شا�ش��ي ،و�أ�صول ال�سرخ�س��ي ،وا�صول الفقه الب��ن مفلح احلنبلي.
ومنه��م م��ن �ص��دره بلفظ الإح��كام ك�إح��كام الف�ص��ول يف �أح��كام الأ�صول
للباج��ي ،والإح��كام يف �أ�ص��ول الإح��كام الب��ن ح��زم ،والإح��كام يف �أ�ص��ول
الأح��كام ،للآمدي.
ومنه��م م��ن قرن م��ع اال�ص��ول �ألفاظ ًا �أخ��رى ،و�س��أذكر بع���ض امل�ؤلفات يف
عل��م ا�ص��ول الفقه للتمثيل ال احل�صر ،وذلك لبيان ا�س��تخدام ا�س��م اال�صول يف
عناوين م�ؤلف��ات العلماء.
مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه 42
املبدأ الثامن
استمداد علم اصول الفقه
م��ن املعل��وم �أن ا�س��تمداد علم ا�ص��ول الفقه لي���س من م�ص��در واحد وال هو
نتيج��ة ا�س��تدالل معني ،فمنه م��ا م�صدره ن�صو���ص الكتاب �أو ال�س��نة ،ومنه ما
م�ص��دره �أق��وال ال�صحابة واللغ��ة العربية وغريها و�س��اذكرها خمت�صرة(((.
ومن هذه امل�صادر:
�أو ًال :القر�آن الكرمي:
ومن �أمثلة امل�سائل الأ�صولية امل�ستندة يف معرفتها على كتاب اهلل تعاىل(((:
1-1الأم��ر بع��د احلظ��ر يع��ود عل��ى م��ا كان عليه قب��ل احلظ��ر ،مباح ًا كم��ا كان
كقول��ه تعاىل :ﭽﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ
ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭼ((( ،وقول��ه تع��اىل :ﭽ ﯝ ﯞ
ﯟﭼ(((� ،أو واجب� ًا كقول��ه تع��اىل :ﭽﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ
((( ومن اراد التوسع فيها فلرياجع كتاب مبادئ علم القواعد االصولية.
((( ينظــر :نظريــة التقعيــد األصــويل ،74أدلــة القواعــد األصوليــة مــن الســنة النبويــة
.428
((( سورة اجلمعة آية رقم.١٠ :
((( سورة الامئدة من اآلية رقم.٢ :
مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه 44
ﮭ ﮮ ﮯﭼ (((.
2-2احلكم هلل وحده ال للعقل وال لغريه قال تعاىل :ﭽ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ
ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﭼ(((.
3-3يج��وز �أن يك��ون �أول الآي��ة عل��ى العم��وم و�آخره��ا عل��ى اخل�صو���ص
والعك���س(((.
دليل ه��ذه القاع��دة قول��ه تع��اىل:ﭽﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ
ﭠﭡﭢﭣﭤﭼ((( ،ث��م ق��ال تع��اىل :فيم��ن �أ�س��لم يف دار
احل��رب ومل يهاج��ر �إلين��اﭽﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ
ﭱ ﭲ ﭳﭴﭼ((( ,ومل يق��ل ودي��ة م�س��لمة �إىل �أهل��ه.
و�أم��ا العك���س وه��و ك��ون �أول الآية على اخل�صو���ص و�آخرها عل��ى العموم
قول��ه تع��اىل :ﭽﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢﭣﭼ((( ،فاخل�صو���ص
يف بداي��ة الآي��ة ه��و قوله تعاىل( :بينهما) �أي يف ح��ق الأزواج و�أما العموم فقوله
((( ينظــر :أمثلــة وشــواهد اإلمــام أيب حفــص النســفي عــى رســالة أيب احلســن
الكرخــي يف الفــروع التــي عليهــا مــدار احلنفيــة :ص. 132
((( ينظــر :أدلــة القواعــد األصوليــة مــن الســنة النبويــة ،412 ،355 ،309
االســتقراء وأثــره يف القواعــد األصوليــة ،431 :نظريــة التقعيــد األصــويل ،78
.88
((( مسند اإلمام أمحد :مسند أيب برصة الغفاري ،200/45 ،tرقم.)27224( :
مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه 46
ينظر :غمز عيون البصائر ،314/2 :قواعد الكرخي االصولية .48 (((
هناية السول ،15/1 :إرشاد الفحول. 109/2 : (((
املستصفى للغزايل :ص ،33هناية الوصول يف دراية األصول.731/2 : (((
اجلامع ملسائل أصول الفقه ،لعبد الكريم النملة .7 (((
مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه 48
((( ينظــر :ينظــر :البحــر املحيــط ،1/45املهــذب يف علــم أصــول الفقــه املقــارن
.55/1
((( ينظــر :هنايــة اإلقــدام يف علــم الــكالم للغــزايل ،474فتــح البــاري البــن حجــر
.514/1رشح العقيــدة الواســطية للحازمــي ،22قســم العقيــدة ملحمــد بــن
العثيمــن .34
مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه 50
املبدأ التاسع
حكم تعلم علم أصول الفقه
�إن تعل��م عل��م �أ�ص��ول الفقه فر�ض كفاي��ة ،كما �أن تعلم الفق��ه فر�ض كفاية،
ف�إذا قام بهما من حت�صل بهم الكفاية �س��قط الإثم عن الباقني ،ومما يدل على �أنه
لي���س من فرو�ض الأعيان �أنه ال يجب على جميع النا���س ا�ستنباط الأحكام من
الأدل��ة ،بل يجوز اال�س��تفتاء((( ،ومعلوم ه��ذا لأن الكالم الذي �أطلقه القائلون
ب�أن��ه فر���ض كفاي��ة كالم ع��ام ال يتعل��ق باملجته��د ولذل��ك قال��وا ب�أنه فر���ض
كفاي��ة �أم��ا ل��و تعلق بالع��امل املجتهد ف�إنه ال ميك��ن للمجته��د �أن يجتهد من دون
تعلم عل��م �أ�ص��ول الفق��ه والإملام به وال نظن �أحدا ًال يق��ول ب�أنه فر�ض عني ٍعلى
العامل املجتهد لأن من �شروط حت�صيل درجة االجتهاد والقدرة ِعلى الفتوى �أن
يعرف املجتهد علم� أ�صول الفقه وقواعده ولذلك ال ميكن �أن يقال �أن تعلم علم
�أ�ص��ول الفق��ه فر�ض كفاي ٍة مطلقا بل هو يف الأ�صل فر�ض كفاية و�أما على العامل
املجته��د فه��و فر���ض عني؛ لأن��ه مما ال يت��م اجتهاده� إال ب��ه وماال يتم ال�ش��يء �إال
ب��ه ي�أخ��ذ حكم ذلك ال�ش��يء ،فال يكون فر�ض عني �إال على م��ن يت�صدر للفتيا
واالجتهاد والق�ضاء؛ لأنه من دون معرفة قواعد �أ�صول الفقه يح�صل للمجتهد
يف الأحكام اخللل والزلل؛ ولذلك يقول ابن عقيل احلنبلي رحمه اهلل يف �أ�صولِ
((( ينظر :علم أصول الفقه للدكتور عبد العزيز الربيعة .115
مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه 52
أعيان))(((. علم ذلك َف ْر ٌ
�ض عل��ى الكفاية َ
دون ال ِ الفق� ِه(( :اعلم �أن َ
وق��ال الرازي�(( :أن حت�صيل هذا العل��م فر�ض والدليل عليه �أن معرفة حكم
اهلل تعاىل يف الوقائع النازلة باملكلفني واجبة وال طريق �إىل حت�صيلها �إال بهذا العلم
وما ال يت�أدى الواجب املطلق �إال به وكان مقدورا للمكلف فهو واجب))(((.
وق��ال �ش��يخ الإ�س�لام ابن تيمي��ة رحم��ه اهلل(( :ومعرفة �أ�ص��ول الفقه فر�ض
كفاي��ة .وقيل فر�ض عني على م��ن �أراد االجتهاد))(((.
وقال ابن النجار(( :وقيل فر�ض عني ...واملراد لالجتهاد))(((.
وق��ال الدكت��ور عبدالكرمي النمل��ة(( :تعلم �أ�صول الفقه فر�ض عني بالن�س��بة
مل��ن يري��د بتعل��م ه��ذه ال�ش��ريعة الو�ص��ول �إىل درج��ة االجته��اد ،وذل��ك ليقدر
بوا�سطة تعلم هذا العلم على ا�ستنباط الأحكام ال�شرعية من �أدلتها ،وهو فر�ض
كفاية لطالب العل��م ب�صورة عامة))(((.
وق��ال ال�ش��يخ يعق��وب الباح�س�ين(( :وم��ا نق��ل ع��ن بع�ضه��م م��ن �أن تعل��م
(((
�أ�ص��ول الفق��ه َف ْر��ُ�ض ع�ي ٍ
ن حممول عل��ى �أنه للمجته��د))
املبدأ العارش
مسائل علم اصول الفقه
ان املق�صود من م�س��ائل ا�صول الفقه هي ما يبحثها علم اال�صول على وجه
التف�صي��ل اي جزئيات��ه الت��ي يتناوله��ا ،فمو�ضوع عل��م اال�صول معرفة م�س��ائله
عل��ى وج��ه االجم��ال وم�س��ائل عل��م اال�ص��ول جزئياته عل��ى �س��بيل التف�صيل
كامل�س��ائل املتعلقة بالأدلة املعتربة �ش��رع ًا املتفق عليها واملختلف فيها من حيث
مفهومه��ا وحجيته��ا و�أمثلته��ا ،والأدل��ة ال�ش��رعية م��ن حي��ث القط��ع والظ��ن،
ومباح��ث االلفاظ كالعام واخلا�ص والأم��ر والنهي واملطلق واملقيد ،وكذلك ما
يتعلق ب�شروط املفتي وامل�ستفتي و�أحكام املجتهدين وغريها من اجلزئيات التي
يتناولها علم ا�صول الفقه ،فالعناوين ال�صغرية للجزئيات التي تدر�س يف ا�صول
الفقه هي امل�س��ماة م�س��ائل ا�صول الفقه.
مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه 54
املصادر
القران الكرمي م�صدر ال�شريعة االول.
1.1الإبه��اج يف �شـ��رح املنه��اج� :ش��رح على منه��اج الو�صول �إىل عل��م الأ�صول
للبي�ضاوي املتوفى 685هـ ت�أليف �ش��يخ الإ�س�لام علي بن عبد الكايف ال�س��بكي
املتوفى 756هـ وولده تاج الدين عبد الوهاب بن علي ال�سبكي املتوفى 772هـ
درا�س��ة وحتقيق الدكت��ور احمد جمال الدين والدكتور ن��ور الدين عبد اجلبار،
الطبع��ة الأوىل 1424هـ2004 -م دار البحوث للدرا�س��ات الإ�س�لامية و�إحياء
الرتاث بدبي.
�2.2أث��ر االخت�لاف يف القواعد الأ�صولية يف اخت�لاف الفقهاء :ت�أليف الدكتور
م�صطفى �س��عيد اخلن الطبعة الثانية م�ؤ�س�سة الر�سالة بريوت -لبنان 1424هـ-
2003م.
�3.3أث��ر ال�س��نة النبوي��ة يف التقعي��د الفقه��ي :الأ�س��تاذ الدكت��ور� :س��عيد فك��رة
بح��ث مق��دم للم�ؤمتر العلم��ي الأول ال��ذي نظمته كلية ال�ش��ريعة والدرا�س��ات
الإ�س�لامية يف جامعة الريموك ب�إربد حتت �ش��عار :ال�س��نة النبوية يف الدرا�س��ات
املعا�ص��رة «خ�لال الف�ترة الواقعة ما ب�ين 18 -17ني�س��ان 2007م.
4.4اث��ر القواع��د الأ�صولي��ة يف ا�س��تنباط �أح��كام الق��ران :للدكتور عب��د الكرمي
حام��دي دار اب��ن حزم ب�يروت لبن��ان ط2008 -1429 /1م.
55 مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه
�5.5أدل��ة القواع��د الأ�صولي��ة م��ن ال�س��نة النبوي��ة :ت�ألي��ف الدكتور فخ��ر الدين
ب��ن الزبري بن علي املح�س��ي ،الطبع��ة الأوىل 1431ه��ـ2010 -م ،مطبعة الدار
الأثرية عم��ان الأردن.
�6.6إر�ش��اد الفح��ول �إيل حتقيق احلق من عل��م الأ�صول :ت�ألي��ف امل�ؤلف :حممد
بن علي بن حممد ال�ش��وكاين (املتوفى1250 :هـ) ،حتقيق :ال�شيخ �أحمد عزو
عناية ،دم�ش��ق -كفر بطنا النا�شر :دار الكتاب العربي ،الطبعة :الطبعة الأوىل
1419هـ 1999 -م.
7.7اال�س��تقراء و�أث��ره يف القواع��د الأ�صولي��ة والفقهية درا�س��ة نظري��ة تطبيقية:
ت�ألي��ف الطي��ب ال�سنو�س��ي احم��د ،الطبع��ة الأوىل1424 ،ه��ـ 2003 -م ،دار
التدمري��ة ،اململكة العربية ال�س��عودية.
�8.8أ�صول الفقه :لل�شيخ حممد �أبي زهرة ،دار الفكر العربي.
9.9الأعالم -قامو���س تراجم لأ�ش��هر الرجال والن�س��اء من العرب وامل�ستعربني
وامل�ست�ش��رقني :خل�ير الدي��ن الزركل��ي (ت1976م) ،دار العل��م للمالي�ين،
ب�يروت -لبن��ان ،الطبعة اخلام�س��ة1980 ،م.
1010البح��ر املحي��ط يف �أ�ص��ول الفقه :لب��در الدين حمم��د بن بهادر الزرك�ش��ي
ال�شافعي (ت794هـ) ،قام بتحريره الأ�ستاذ الدكتور عبد القادر عبد اهلل العاين
والدكت��ور عمر �س��ليمان الأ�ش��قر والدكتور عبد ال�س��تار �أبو غ��دة ،بعناية وزارة
مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه 56
(ت 656ه��ـ) ،حتقي��ق :د .حممد �أديب �صالح ،ين�ش��ر لأول مرة عن ن�س��ختني
خمطوطت�ين 1382ه��ـ 1962 -م مطبع��ة جامعة دم�ش��ق.
1717التعريفات:لأب��ي احل�س�ين عل��ي ب��ن حمم��د اجلرج��اين احلنف��ي املتوفى
ال�س��ود ،الطبع��ة الثانية
816هـ ،و�ضع حوا�ش��يه وفهار�س��ه حممد با�س��ل عيون ّ
1424ه��ـ2003 -م ،دار الكت��ب العلمي��ة ب�يروت لبنان.
1818التقرير والتحبري� :شرح العالمة املحقق ابن �أمري احلاج احللبي (ت879هـ)
على التحرير يف �أ�صول الفقه اجلامع بني ا�صطالحي احلنفية وال�ش��افعية :للإمام
حممد بن عبد الواحد ال�سيوا�سي ثم ال�سكندري كمال الدين ابن الهمام احلنفي
(ت861ه��ـ)� ،ضبط��ه و�صحح��ه :عب��د اهلل حمم��ود حمم��د عم��ر ،دار الكت��ب
العلمي��ة ،بريوت -لبنان ،الطبع��ة الأوىل1419 ،هـ1999 -م.
1919التقعي��د الفقه��ي و�أث��ره يف االجتهاد املعا�ص��ر ،املعامالت املالية وامل�س��ائل
الطبي��ة املعا�ص��رة �أمنوذج� ًا ،ت�ألي��ف الدكت��ور يحيى �س��عيدي ،الطبع��ة الأوىل،
1431ه��ـ2010 -م ،مطبع��ة دار اب��ن حزم بريوت لبن��ان.35 ،34 ،
2020تق��ومي الأدل��ة يف �أ�ص��ول الفق��ه :ت�أليف الإم��ام �أبي زيد عبي��د اهلل بن عمر بن
عي�س��ى الدبو�س��ي احلنف��ي (ت 430هـ) ق��دم له وحققه :ال�شــ��يخ خليل حميي
الدين املي�س ،دار الكتب العلمية ،بريوت ،الطبعة الأوىل1421 ،هـ2001 -م.
2121التمهي��د يف تخري��ج الف��روع عل��ى الأ�ص��ول :لأب��ي حمم��د عب��د الرحيم
مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه 58
بن احل�س��ن الأ�س��نوي (ت772ه��ـ) ،حتقيق :د .حممد ح�س��ن هيتو ،م�ؤ�س�س��ة
الر�س��الة ،ب�يروت ،الطبع��ة الأوىل1400 ،ه��ـ1980 -م.
2222تهذي��ب اللغ��ة :ت�ألي��ف حمم��د ب��ن احمد االزه��ري �أب��ي من�ص��ور املتويف
370ه��ـ ،حقق��ه وقدم ل��ه عبد ال�س�لام هارون.
2323التوقي��ف على مهم��ات التعاري��ف :ت�أليف حممد عبد ال��ر�ؤوف املناوي،
دار الفكر املعا�صر ,دار الفكر -بريوت ,دم�شق الطبعة الأوىل ،1410 ،حتقيق:
د .حممد ر�ضوان الداية.
2424اجلام��ع ال�صحيح امل�س��مى �صحيح البخ��اري :ت�أليف حممد بن �إ�س��ماعيل
�أبي عبد اهلل البخاري اجلعفي( ،ت256هـ)،حتقيق وتعليق :الدكتور م�صطفى
ديب البغا ،الطبعة الثالثة ،1987 -1407 ،دار ابن كثري ،واليمامة ،بريوت-
لبنان ،دم�شق �سوريا.
2525اجلام��ع ال�صحي��ح امل�س��مى �صحيح م�س��لم :ت�أليف �أبي احل�س�ين م�س��لم بن
احلجاج بن م�س��لم الق�ش�يري الني�س��ابوري( ،ت261ه��ـ) ،دار اجليل بريوت +
دار الأف��اق اجلديدة -بريوت.
2626اجلام��ع ال�صحي��ح امل�س��مى �س�نن الرتمذي :ت�ألي��ف حممد بن عي�س��ى �أبي
عي�س��ى الرتمذي ال�س��لمي ،حتقيق� :أحمد حممد �ش��اكر و�آخ��رون ،دار �إحياء
الرتاث العربي ،ب�يروت -لبنان.
59 مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه
2727اجلام��ع لأح��كام الق��ر�آن :لأب��ي عبد اهلل حممد ب��ن �أحمد بن �أب��ي بكر بن
فرح القرطبي (ت671هـ) ،حتقيق� :أحمد عبد العليم الربدوين ،دار ال�شعب،
القاهرة ،الطبعة الثانية1372 ،هـ.
2828اجلام��ع مل�س��ائل �أ�ص��ول الفق��ه وتطبيقاته��ا عل��ى املذه��ب الراج��ح :ت�أليف
الدكت��ور عبد الكرمي علي النملة،الطبعة ال�س��ابعة 1429ه��ـ 2008 -م ،مكتبة
الر�ش��د نا�ش��رون ،الريا���ض ،اململك��ة العربي��ة ال�س��عودية.
2929الرائ��د معج��م لغ��وي ع�ص��ري :جل�بران م�س��عود ،دار العل��م للمالي�ين،
الطبع��ة الرابع��ة ،مت��وز 1981م.
3030الر�س��الة :للإم��ام حمم��د ب��ن �إدري���س ال�ش��افعي املتوف��ى �س��نة (204هـ)،
حتقي��ق ال�ش��يخ احمد حممد �ش��اكر ،املكتب��ة العلمية ب�يروت -لبنان.
3131رف��ع احلاج��ب ع��ن خمت�صر اب��ن احلاج��ب :ت�أليف الإم��ام تاج الدي��ن �أبي
الن�ص��ر عب��د الوه��اب ب��ن علي بن عب��د الكايف ال�س��بكي ،حتقي��ق :علي حممد
معو���ض ،وع��ادل �أحمد عبد املوج��ود مطبعة :عامل الكت��ب -لبنان /بريوت
الطبع��ة :الأوىل 1999 -م 1419 -ه��ـ.
�3232س�ير �أع�لام النب�لاء :ت�ألي��ف حمم��د ب��ن �أحم��د بن قامي��از الذهب��ي حتقيق
�ش��عيب االرنا�ؤوط وحممد نعيم و�آخرين ،م�ؤ�س�س��ة الر�س��الة ،الطبعة التا�سعة
ب�يروت 1413هـ
مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه 60
الغ��زايل �أبي حامد ،مطبع��ة دار الكتب العلمية -بريوت ،حتقيق :حممد عبد
ال�س�لام عبد ال�ش��ايف ،الطبعة الأوىل.1413 ،
4949م�س��ند الإم��ام �أحم��د بن حنب��ل :ت�أليف �أحم��د بن حنبل ،حتقيق �ش��عيب
الأرن��ؤوط و�آخرين ،الطبعة الثانية 1420هـ1999 ،م ،م�ؤ�س�س��ة الر�س��الة.
5050امل�س��ودة يف �أ�ص��ول الفقه :تتابع على ت�أليف ثالثة م��ن �آل تيمية وهم جمد
الدين عبد ال�سالم بن عبد اهلل (ت652هـ) ،وابنه �شهاب الدين عبد احلليم بن
عبد ال�سالم (ت ،)682وحفيده تقي الدين �أحمد بن عبد احلليم (ت728هـ)،
جمعه��ا وبي�ضه��ا �ش��هاب الدي��ن �أحمد ب��ن حممد احل��راين (ت745ه��ـ) ،دار
امل��دين ،القاهرة1384 ،هـ ـ 1964م.
5151امل�صباح املنري يف غريب ال�ش��رح الكبري للرافعي :ت�أليف �أحمد بن حممد
بن علي املقري الفيومي ،املكتبة العلمية -بريوت ،لبنان.
5252معج��م مقايي���س اللغ��ة :لأب��ي احل�س�ين احم��د ب��ن فار���س ب��ن زكري��ا
(ت395ه��ـ) ،دار �إحي��اء ال�تراث العرب��ي ،بريوت-لبن��ان ،الطبع��ة الأوىل،
1422ه��ـ ـ 2001م.
5353مفت��اح الو�ص��ول �إىل بن��اء الف��روع عل��ى الأ�ص��ول للإم��ام ال�ش��ريف �أب��ي
عب��د اهلل حمم��د بن �أحمد املالكي التلم�س��اين املتوف��ى (771هـ) حققه وخرج
�أحاديث��ه عب��د الوه��اب بن عب��د اللطي��ف ،دار الكتب العلمية ب�يروت -لبنان
مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه 64
و�صححه عبد القادر حممد علي الطبعة الأوىل 1420هـ 1999 -م دار الكتب
العلمية ب�يروت -لبنان.
6060الوجي��ز يف �أ�ص��ول ا�س��تنباط الأح��كام يف ال�ش��ريعة الإ�س�لامية :ت�ألي��ف
الدكت��ور حمم��د عب��د اللطي��ف �صال��ح الفرف��ور ،الطبع��ة الثاني��ة 1423ه��ـ -
2002م ،دار الب�ش��ائر.
6161الوجي��ز يف �أ�ص��ول الفق��ه :ت�ألي��ف الدكت��ور عب��د الك��رمي زي��دان ،الطبع��ة
الأوىل 1430ه��ـ 2009 -م ،م�ؤ�س�س��ة الر�س��الة نا�ش��رون ب�يروت ،لبن��ان.
مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه 66
67 مب���ادئ عل���م �أ�ص���ول الفق���ه
املحتويات