Professional Documents
Culture Documents
3
كتاب الطهارة
باب يف أحكام الطهارة واملياه
ملا كـانت هذه الصالة ال تصح إال بطهارة املصلي من احلدث والنجس ,وكانت مادة التطهر هي املاء; صار الفقهاء
رمحهم هللا يبدؤون بكتاب الطهارة ; كما يف احلديث "مفتاح الصالة الطهور" , 1وذلك ألن احلدث مينع الصالة ,فالطهارة
أوكد شروط الصالة ,والشرط ال بد أن يقدم على املشروط .
معىن الطهارة
لغة :النظافة والنزاهة عن األقذار احلسية واملعنوية.
شرعا :ارتفاع احلدث وزوال النجس .وارتفاع احلدث حيصل باستعمال املاء مع النية.
الدليل:
2
ﭧﭨﭽﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭼ
3
ﭧﭨﭽ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﭼ
والطهور :هو الطاهر يف ذاته املطهر لغريه ,وهو الباقي على خلقته.
فهذا هو الذي يصح التطهر به من احلدث والنجاسة.
-5فإذا عدم املاء ,أو عجز عن استعماله مع وجوده ; فإن هللا قد جعل بدله الرتاب.
-6وإن تغري أحد أوصافه الثالثة -رحيه أو طعمه أو لونه -بنجاسة ; فهو جنس باإلمجاع ,ال جيوز استعماله ,وإن تغري أحد
أوصافه مبخالطة مادة طاهرة -كأوراق األشجار أو الصابون , -ومل يغلب ذلك املخالط عليه ; والصحيح أنه طهور ,جيوز
التطهر به من احلدث ,والتطهر به من النجس.
باب يف أحكام اآلنية وثياب الكفار
تعريفها :اآلنية هي األوعية اليت حيفظ فيها املاء وغريه ,سواء كانت من احلديد أو اجللود أو غري ذلك.
حكمها :واألصل فيها اإلباحة ,فيباح استعمال واختاذ كل إناء طاهر
وحيرم نوعان مها :
إناء الذهب والفضة ,واإلناء الذي فيه ذهب أو فضة ,طالء أو متويها ,ما عدا الضبة اليسرية من الفضة للحاجة.
)1والدليل قوله صلى هللا عليه وسلم "ال تشربوا يف آنية الذهب والفضة ,وال تأكلوا يف صحافهما ; فإهنا هلم يف الدنيا ولنا
يف اآلخرة " .4
جلود امليتة حيرم استعماهلا ; إال إذا دبغت
باب فيما حيرم على احملدث مزاولته من األعمال
األشياء اليت حترم على احملدث عامة:
مس املصحف الشريف; فال ميسه احملدث بدون حائل ; لقوله تعاىل ﭽ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭼ 5
)1
) 2األنفال11 :
) 3الفرقان4٤ :
) 4رواه اجلمـاعة
) 5الواقعة.٩٧ :
4
الصالة فرضا أو نفال وهذا بإمجاع أهل العلم; لقوله تعاىل ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ
ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭼ.1
الطواف بالبيت العتيق ,لقوله صلى هللا عليه وسلم "الطواف بالبيت صالة ; إال أن هللا أباح فيه الكالم".2
وأما األشياء اليت حترم على احملدث حدثا أكرب خاصة فهي :
)1قراءة القرآن ,حلديث علي رضي هللا عنه "ال حيجبه ( يعين :النيب ^ ) عن القرآن شيء ,إال اجلنابة" رواه الرتمذي وغريه
.
3
)2اللبث يف املسجد بغري وضوء ,لقوله تعاىل :ﭽ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﭼ
باب يف آداب قضاء احلاجة
ديننا دين النظافة والطهر ; فهناك آداب شرعية تفعل عند دخول اخلالء وحال قضاء احلاجة .
)2فإذا أراد املسلم دخول اخلالء; فإنه يستحب له أن يقول ":بسم هللا ,أعوذ باهلل من اخلبث واخلبائث" .ويقدم رجله اليسرى
حال الدخول ,وعند اخلروج يقدم رجله اليمىن ,ويقول " :غفرانك ,احلمد هلل الذي أذهب عين األذى وعافاين" .
)3وإذا أراد أن يقضي حاجته يف فضاء; فإنه يستحب له أن يبعد عن الناس ,وحيرم أن يستقبل القبلة أو يستدبرها حال قضاء
احلاجة .
)4وال يدخل موضع اخلالء بشيء فيه ذكر هللا عز وجل أو فيه قرآن .
باب يف السواك
4
)1روت أم املؤمنني عائشة رضي هللا عنها ; أن النيب صلى هللا عليه وسلم ; قال "السواك مطهرة للفم مرضاة للرب" .
)2وقد ورد أنه من سنن املرسلني .ويكون التسوك بعود لِّني من أراك أو زيتون أو غريها مما ال يتفتت وال جيرح الفم .
)3ويسن السواك يف مجيع األوقات ,حىت للصائم يف مجيع اليوم ,على الصحيح .
)4ويتأكد يف أوقات خمصوصة ; فيتأكد عند الوضوء ,فيبتدئ من اجلانب األمين إىل اجلانب األيسر ,وميسك املسواك بيده
اليسرى .
باب يف خصال الفطرة
ومن املزايا اليت جاء هبا ديننا احلنيف خصال الفطرة ,ومسيت خصال الفطرة ; ألن فاعلها يتصف بالفطرة اليت فطر هللا عليها العباد ,
وهذه اخلصال هي :
االستحداد :وهو حلق العانة ,وهي الشعر النابت حول الفرج .
اخلتان :وهو إزالة اجللدة اليت تغطي احلشفة حىت تربز احلشفة ,ويكون زمن الصغر .
قص الشارب وإحفاؤه وهو املبالغـة يف قصه ; ملا يف ذلك من التجميل والنظافة .
ومن خصال الفطرة :تقليم األظافر ,وهو قطعها ; حبيث ال ترتك تطول ; ملا يف ذلك من التجميل وإزالة الوسخ املرتاكم
حتتها.
ومن خصال الفطرة :نتف اإلبط -أي :إزالة الشعر النابت يف اإلبط , -فيسن إزالة هذا الشعر بالنتف أو احللق أو غري
ذلك .
) 1املائدة6 :
)2
) 3النساء٣٤ :
) 4رواه أمحد وغريه
5
باب يف أحكام الوضوء
أن للوضوء شروطا وفروضا وسننا ,فالشروط والفروض ال بد منها حسب اإلمكان ; ليكون الوضوء صحيحا .
فالشروط هي :
اإلسالم ,والعقل ,والتمييز ,والنية .
أن يكون املاء طهورا.
أن يسبقه استنجاء أو استجمار.
إزالة ما مينع وصول املاء إىل اجللد.
أما فروض الوضوء -وهي أعضاؤه ; -فهي ستة :
)1أحدها :غسل الوجه بكامله ,ومنه املضمضة واالستنشاق ,ألن الفم واألنف من الوجه.
1
)2الثاين :غسل اليدين مع املرفقني ,لقوله تعاىل ﭽ ﭚ ﭛ ﭜ ﭼ
)3والثالث :مسح الرأس كله ,ومنه األذنان .
2
)4والرابع :غسل الرجلني مع الكعبني ,لقوله تعاىل ﭽ ﭟ ﭠ ﭡ ﭼ
)5واخلامس :الرتتيب .
)6السادس :املواالة ,وهي أن يكون غسل األعضاء املذكورة متواليا ,حبيث ال يفصل بني عضو والعضو الذي قبله.
مث أرشد ^ إىل جتديد اإلميان بالشهادتني ,إشارة إىل اجلمع بني الطهارتني احلسية واملعنوية .
أما سنن الوضوء هي :
أوال :السواك.
ثانيا :غسل الكفني ثالثا يف أول الوضوء قبل غسل الوجه .
ثالثا :البداءة باملضمضة واالستنشاق قبل غسل الوجه .
رابعا :ختليل اللحية الكثيفة باملاء حىت يبلغ داخلها ,وختليل أصابع اليدين والرجلني .
خامسا :التيامن ,وهو البدء باليمىن من اليدين والرجلني.
سادسا :الزيادة على الغسلة الواحدة إىل ثالث غسالت يف غسل الوجه واليدين والرجلني.
باب يف بيان صفة الوضوء
صفة الوضوء :
أن ينوي الوضوء ملا يشرع له الوضوء من صالة وحنوها .
مث يقول :بسم هللا .
مث يغسل كفيه ثالث مرات .
مث يتمضمض ثالث مرات ,ويستنشق ثالث مرات ,وينثر املاء من أنفه بيساره .
ويغسل وجهه ثالث مرات ,وحد الوجه طوال من منابت شعر الرأس املعتاد إىل ما احندر من اللحيني والذقن.
مث يغسل يديه مع املرفقني ثالث مرات ,وحد اليد هنا :من رءوس األصابع مع األظافر إىل أول العضد.
مث ميسح كل رأسه وأذنيه مرة واحدة مباء جديد ,وصفة مسح الرأس أن يضع يديه مبلولتني باملاء على مقدم رأسه ,وميرمها
إىل قفاه ,مث يردمها إىل املوضع الذي بدأ منه ,مث يدخل أصبعيه السبابتني يف خرقي أذنيه ,وميسح ظاهرمها بإهباميه .
مث يغسل رجليه ثالث مرات مع الكعبني .
) 1املائدة 6:
) 2املائدة 6:
6
باب يف أحكام املسح على اخلفني وغريمها من احلوائل
مسح اخلفني أو ما يقوم مقامهما من اجلوربني واالكتفاء به عن غسل الرجلني ; فهو ثابت باألحاديث الصحيحة
املستفيضة املتواترة يف مسحه ^ يف احلضر والسفر ,وأمره بذلك ,وترخيصه فيه .
الدليل:
)1قال احلسن :حدثين سبعون من أصحاب رسول هللا ^ أنه مسح على اخلفني .
)2وقال اإلمام أمحد :ليس يف نفسي من املسح شيء ,فيه أربعون حديثا عن النيب ^.
)3ونقل ابن املنذر وغريه إمجاع العلماء على جوازه ,واتفق عليه أهل السنة واجلماعة.
حكمه:
وحكم املسح على اخلفني :أنه رخصة ,واملسح يرفع احلدث عما حتت املمسوح.
مدته:
ومدة املسح على اخلفني بالنسبة للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثالثة أيام بلياليها.
وابتداء املدة يف احلالتني يكون من احلدث بعد اللبس .
شروطه:
.1أن يكون اإلنسان حال لبسهما على طهارة من احلدث .
.2أن يكون اخلف وحنوه مباحا.
.3أن يكون اخلف ساترا للرجل.
وميسح على ما يقوم مقام اخلفني ; فيجوز املسح على اجلورب الصفيق الذي يسرت الرجل من صوف أو غريه .
وجيوز املسح على العمامة بشرطني :
.1أحدمها :تكون ساترة ملا مل جتر العادة بكشفه من الرأس .
.2الثاين :أن تكون العمامة حمنكة .
أما احلدث األكرب ; فال ميسح على شيء بل جيب غسل ما حتتهما .
ميسح على اجلبرية ,وميسح على الضماد الذي يكون على اجلرح ,وكذلك ميسح على اللصوق الذي جيعل على القروح.
وجيوز املسح على اجلبرية وحنوها يف احلدث األصغر.
كيفية املسح من هذه احلوائل :
ميسح ظاهر اخلف واجلورب ,وميسح أكثر العمامة ,وميسح على مجيع اجلبرية .
وصفة املسح أن يضع أصابع يديه مبلولتني باملاء على أصابع رجليه مث ميرمها إىل ساقه ,ميسح الرجل اليمىن باليد اليمىن ,
والرجل اليسرى باليد اليسرى ,وال يكرر املسح.
باب يف بيان نواقض الوضوء
oاخلارج من سبيل ,أي :البول والغائط أو منيا أو مذيا أو دم استحاضة أو رحيا .أما اخلارج من البدن كالدم والقيء
والرعاف الراجح أنه ال ينقض.
oزوال العقل أو تغطيته ,وزوال العقل يكون باجلنون وحنوه ; وتغطيته تكون بالنوم أو اإلغماء وحنومها.
oأكل حلم اإلبل سواء كان قليال أو كثريا.
س :من تيقن الطهارة مث شك يف حصول ناقض من نواقضها ,ماذا يفعل ؟
أنه يبقى على الطهارة ; ألهنا األصل وألهنا متيقنة ,وحصول الناقض مشكوك فيه ,واليقني ال يزول بالشك .وهذه قاعدة
عظيمة عامة يف مجيع األشياء .
7
باب يف أحكام الغسل
موجبات الغسل ستة أشياء:
)1أحدها :خروج املين.
)2الثاين :إيالج الذكر يف الفرج ,ولو مل حيصل إنزال.
)3الثالث :إسالم الكافر ,فإذا أسلم الكافر ; وجب عليه الغسل.
)4الرابع :املوت ,فيجب تغسيل امليت ; غري الشهيد يف املعركة.
)5اخلامس والسادس :من موجبات الغسل احليض والنفاس.
وصفة الغسل الكامل:
أن ينوي بقلبه .
مث يسمي ويغسل يديه ثالثا ويغسل فرجه .
مث يتوضأ وضوءا كامال .
مث حيثي املاء على رأسه ثالث مرات ,يروي أصول شعره .
مث يعم بدنه بالغسل ,ويدلك بدنه بيديه ,ليصل املاء إليه .
واملرأة احلائض أو النفساء تنقض رأسها للغسل من احليض والنفاس ,وأما اجلنابة فال تنقضه.
باب يف أحكام التيمم
تعريف التيمم:
اللغة :القصد.
الشرع :هو مسح الوجه واليدين بصعيد على وجه خمصوص .
الدليل:
قال ^ ":أعطيت مخسا مل يعطهن أحد قبلي :وجعلت يل األرض مسجدا وطهورا" .
فالتيمم بدل طهارة املاء عند العجز عنه شرعا .
أحواله :
1
.1أوال :إذا عدم املاء :لقوله تعاىل ﭽ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭼ
.2ثانيا :إذا كان معه ماء حيتاجه لشرب وطبخ .
.3ثالثا :إذا خاف باستعمال املاء الضرر.
يوضئه ,وخاف خروج الوقت . .4رابعا :إذا عجز عن استعمال املاء ملرض ال يستطيع معه احلركة ,وليس عنده من ِّ
.5خامسا :إذا خاف بردا باستعمال املاء تيمم وصلى.
وجيوز التيمم مبا على وجه األرض من تراب وسبخة ورمل وغريه ,هذا هو الصحيح من قويل العلماء ; لقوله تعاىل :ﭽ ﭺ
ﭻ ﭼ ﭼ.2
وصفته
التيمم أن يضرب الرتاب بيديه مفرجيت األصابع ,مث ميسح وجهه بباطن أصابعه ,وميسح كفيه براحتيه ,ويعمم الوجه والكفني
باملسح.
ويبطل التيمم مببطالت الوضوء ,ويبطل التيمم أيضا بوجود املاء .
) 1املائدة 6:
) 2املائدة6 :
8
ومن عدم املاء والرتاب أو وصل إىل حال ال يستطيع معه ملس البشرة مباء وال تراب ; فإنه يصلي على حسب حاله ; بال
وضوء وال تيمم ,ألن هللا ال يكلف نفسا إال وسعها .
باب يف أحكام إزالة النجاسة
األصل الذي تزال به النجاسة هو املاء ; فهو األصل يف التطهري.
أنواع النجاسة:
إما أن تكون على وجه األرض وما اتصل هبا من احليطان واألحواض والصخور :فهذه يكفي يف تطهريها غسلة واحدة تذهب
بعني النجاسة .
وإن كانت النجاسة على غري األرض وما اتصل هبا :
فإن كانت من كلب أو خنزير وما تولد منهما ; فتطهريها بسبع غسالت ,إحداهن بالرتاب ; بأن جيعل
الرتاب مع إحدى الغسالت.
وإن كانت جناسة غري كلب أو خنزير ; كالبول والغائط والدم وحنوها ; فإهنا تغسل باملاء مع الفرك والعصر ,
حىت تزول .
أنواع املغسوالت :
oما ميكن عصره ,مثل الثوب ; فال بد من عصره .
oما ال ميكن عصره ,وميكن تقليبه ; كاجللود وحنوها ; فال بد من تقليبه .
oما ال ميكن عصره وال تقليبه ; فال بد من دقه وتثقيله ; بأن يضع عليه شيئا ثقيال ,حىت يذهب أكثر ما فيه من املاء
.
)1وإن خفي موضع جناسة يف بدن أو ثوب أو بقعة ; وجب غسل ما احتمل وجود النجاسة فيه ,وإن مل يدر يف أي جهة منه ;
غسله مجيعه .
)2تطهري بول الغالم الذي مل يأكل الطعام رشه باملاء .
)3وإن كان يأكل الطعام لشهوة واختيار ; فبوله مثل بول الكبري ,وكذا بول األنثى الصغرية مثل بول الكبرية ,يغسل كغسل سائر
النجاسات .
أنواع النجاسات:
ما حيل أكل حلمه منها ; فبوله وروثه طاهر ; كاإلبل والبقر والغنم وحنوها ,وما عدا ما يؤكل حلمه جنس.
سؤر ما يؤكل حلمه طاهر .وسؤر اهلرة طاهر.
باب يف أحكام احليض والنفاس
أوال :احليض وأحكامه:
احليض هو دم طبيعة وجبلة ,خيرج من قعر الرحم يف أوقات معلومة ,خلقه هللا حلكمة غذاء الولد يف بطن أمه ; الفتقاره
إىل الغذاء.
وللحائض خالل حيضها وعند هنايته أحكام:
أن احلائض ال تصلي وال تصوم حال حيضها ,فإذا طهرت من حيضها فإهنا تقضي الصوم دون الصالة بإمجاع أهل العلم.
ال جيوز هلا أن تطوف بالبيت ,وال تقرأ القرآن ,وال جتلس يف املسجد ,وحيرم على زوجها وطؤها يف الفرج حىت ينقطع
حيضها وتغتسل.
وجيوز للزوج أن يستمتع منها بغري اجلماع يف الفرج ,كالقبلة واللمس وحنو ذلك .
وال جيوز لزوجها أن يطلقها وهي حائض .
والطهر هو انقطاع الدم ,فإذا انقطع دمها ,فقد طهرت ; فيجب عليها االغتسال ,مث تزاول ما منعت منه بسبب احليض
,وإن رأت بعد الطهر كدرة أو صفرة.
تنبيه هام :
9
إذا طهرت قبل غروب الشمس لزمها أن تصلي الظهر والعصر ,ومن طهرت منهما قبل طلوع الفجر لزمها أن تصلي املغرب
والعشاء.
أما إذا دخل عليها وقت صالة ,مث حاضت أو نفست قبل أن تصلي ,فالقول الراجح أنه ال يلزمها قضاء تلك الصالة.
ثانيا :االستحاضة وأحكامها
االستحاضة :هي سيالن الدم يف غري وقته على سبيل النزيف من عرق يسمى العاذل ,واملستحاضة أمرها مشكل ; الشتباه
دم احليض بدم االستحاضة..
حاالت املستحاضة:
أن تكون هلا عادة معروفة لديها قبل إصابتها باالستحاضة ,فهذه جتلس قدر عادهتا ,وتدع الصالة والصيام ,وتعترب هلا
أحكام احليض ,فإذا انتهت عادهتا ; اغتسلت وصلت ,واعتربت الدم الباقي دم استحاضة.
إذا مل يكن هلا عادة معروفة ,لكن دمها متميز ,فتجلس وتدع الصالة والصيام ,وتعترب ما عداه استحاضة ,تغتسل عند
هناية الذي حيمل صفة احليض ,وتصلي وتصوم .
إذا مل يكن هلا عادة تعرفها وال صفة متيز هبا احليض من غريه ; فإهنا جتلس غالب احليض ستة أيام أو سبعة أيام من كل شهر
; ألن هذه عادة غالب النساء.
ما يلزم املستحاضة يف حال احلكم بطهارهتا
)1جيب أن تغتسل عند هناية حيضتها املعتربة حسبما سيأيت بيانه .
)2تغسل فرجها وجتعل يف املخرج قطنا وحنوه مينع اخلارج ,وتشد عليه ما ميسكه عن السقوط ,مث تتوضأ عند دخول وقت كل
صالة .
ثالثا :النفاس وأحكامه
)1والنفاس كاحليض فيما حيل و حيرم.
)2والنفاس دم ترخيه الرحم للوالدة وبعدها ,وهو بقية الدم الذي احتبس يف مدة احلمل ,وأكثر مدته عند اجلمهور أربعون
يوما .
)3فإذا انقطع دم النفساء قبل األربعني ,فقد انتهى نفاسها ,فتغتسل وتصلي.
كتاب الصالة
باب يف وجوب الصلوات اخلمس
الصالة هي آكد أركان اإلسالم بعد الشهادتني ,وقد فرضها هللا ليلة املعراج يف السماء ,جاء يف فضلها أحاديث
كثرية ,وفرضيتها معلومة من دين اإلسالم بالضرورة ,فمن جحدها ; فقد ارتد عن دين اإلسالم.
معناها:
لغة :الدعاء. -
شرعا :أقوال وأفعال خمصوصة مفتتحة بالتكبري خمتتمة بالتسليم. -
باب يف أحكام األذان واإلقامة
تشريعه:
شرع األذان يف السنة األوىل للهجرة النبوية .
حكمه:
األذان واإلقامة فرض كفاية ,ومها مشروعان يف حق الرجال حضرا وسفرا للصلوات اخلمس ,يقاتل أهل بلد تركومها ; ألهنما
من شعائر اإلسالم الظاهرة.
01
الصفات يف املؤذن :
ِ
أن يكون صيّتا و أمينا ويكون عاملا بالوقت.
كلمات األذان:
األذان مخس عشرة مجلة ,ويستحب أن يتمهل بألفاظ األذان من غري متطيط وال مد مفرط ,ويقف على كل مجلة منه ,
ويستحب أن يستقبل القبلة ,وجيعل أصبعيه يف أذنيه ,ويلتفت ميينا عند قوله " :حي على الصالة " ,ومشاال عند قوله " :حي على
الفالح " ,ويقول بعد " حي على الفال ح الثانية " من أذان الفجر خاصة " :الصالة خري من النوم " مرتني ,وال جيوز الزيادة على
ألفاظ األذان بأذكار أخرى قبله وال بعده كالتسبيح ,والنشيد ,والدعاء ,والصالة والسالم على الرسول جهرا قبل األذان أو بعده ,
كل ذلك حمدث مبتدع ,حيرم فعله ,وجيب إنكاره على من فعله.
كلمات اإلقامة:
واإلقامة إحدى عشرة مجلة ,حيدرها -أي :يسرع فيها -إلهناء إعالم احلاضرين ,ويستحب أن يتوىل اإلقامة من توىل
األذان ,وال يقيم إال بإذن اإلمام .
ويسن ملن مسع املؤذن إجابته بأن يقول مثل ما يقول ,ويقول عند حي على الصالة وحي على الفالح " :ال حول وال قوة
إال باهلل " ,مث يقول بعدما يفرغ املؤذن " :اللهم رب هذه الدعوة التامة ,والصالة القائمة ,آت حممدا الوسيلة والفضيلة ,
وابعثه املقام احملمود الذي وعدته " ,وحيرم اخلروج من املسجد بعد األذان بال عذر أو نية رجوع ,وإذا شرع املؤذن يف األذان
واإلنسان جالس ; فال ينبغي له أن يقوم ,بل يصرب حىت يفرغ.
وينبغي للمسلم إذا مسع األذان أن يتوجه إىل املسجد ويرتك سائر األعمال الدنيوية .
باب يف شروط الصالة
تعريف الشرط:
لغة :العالمة
وشرعا :ما يلزم من عدمه العدم ,وال يلزم من وجوده وجود وال عدم لذاته ,
وشروط الصالة ما تتوقف صحتها عليها مع اإلمكان .
شروط الصالة:
أوال :النية:
وهي لغة :القصد ,وشرعا :العزم على فعل العبادة تقربا إىل هللا تعاىل .
)1وحملها القلب ; فال حيتاج إىل التلفظ هبا ,بل هو بدعة.
)2ويشرتط أن تستمر النية يف مجيع الصالة ,فإن قطعها يف أثناء الصالة ; بطلت الصالة.
)3وجيوز ملن أحرم يف صالة فريضة وهو مأموم أو منفرد أن يقلب صالته نافلة .
)4والتلفظ بالنية بدعه.
ثانيا :سرت العورة:
وهي ما جيب تغطيته ,ويقبح ظهوره ,ويستحىي منه .
ثالثا :دخول وقتها :ومواقيت الصالة هي:
صالة الظهر :ويبدأ وقتها بزوال الشمس ; أي :ميلها إىل املغرب ويعرف الزوال حبدوث الظل يف جانب املشرق
بعد انعدامه من جانب املغرب ,وميتد وقت الظهر إىل أن يصري ظل الشيء مثله يف الطول .ويستحب تعجيلها;
إال يف شدة احلر ; فيستحب تأخريها إىل أن ينكسر احلر .
صالة العصر :يبدأ وقتها من هناية وقت الظهر وميتد إىل اصفرار الشمس على الصحيح .ويسن تعجيلها يف أول
الوقت ,وهي الصالة الوسطى.
00
صالة املغرب :يبدأ وقتها بغروب الشمس ; أي :غروب قرصها مجيعه ; حبيث ال يرى منه شيء ,ويعرف غروب
الشمس أيضا بإقبال ظلمة الليل من املشرق مث ميتد إىل مغيب الشفق األمحر ويسن تعجيل صالة املغرب يف أول
وقتها .
صالة العشاء :يبدأ وقتها بانتهاء وقت املغرب وميتد إىل طلوع الفجر الثاين ,وينقسم إىل قسمني :وقت اختيار
ميتد إىل ثلث الليل ,ووقت اضطرار من ثلث الليل إىل طلوع الفجر الثاين .وتأخري الصالة إىل آخر الوقت املختار
أفضل إن سهل ,فإن شق على املأمومني .
صالة الفجر :يبدأ وقتها بطلوع الفجر الثاين ,وميتد إىل طلوع الشمس ,ويستحب تعجيلها.
من نسيها أو نام عنها فتجب املبادرة لقضاء الصالة الفائتة على الفور .
رابعا :اجتناب النجاسة
كامليتة ,والدم ,واخلمر ,والبول ,والغائط .من رأى عليه جناسة بعد الصالة وال يدري مىت حدثت ; فصالته
صحيحة ,وكذا لو كان عاملا لكن نسي أن يزيلها .وإن علم أثناء الصالة وأمكنه إزالتها من غري عمل كثري ; كخلع النعل
والعمامة وحنومها ; أزاهلما وبىن ,وإن مل يتمكن بطلت الصالة .
وال تصح الصالة يف املقربة غري صالة اجلنازة .
وال تصح الصالة يف املسجد الذي قبلته إىل قرب.
وال تصح الصالة يف املراحيض.
وال تصح الصالة يف احملل املعد لالغتسال.
وال تصح الصالة يف أعطان اإلبل.
خامسا :استقبال القبلة
وهي الكعبة املشرفة ,فإن قرب من الكعبة ,وكان يراها ; وجب عليه استقبال نفس الكعبة جبميع بدنه ,ومن كان
قريبا منها ,لكن ال يراها اجتهد يف إصابتها ,والتوجه إليها ما أمكنه ,ومن كان بعيدا عن الكعبة; فإنه يستقبل يف صالته
اجلهة اليت فيها الكعبة ,وال يضر التيامن وال التياسر اليسريان.
فال تصح بدون استقبال القبلة إال العاجز عن استقبال الكعبة :كاملربوط أو املصلوب لغري القبلة إذا كان موثقا ال
يقدر عليه ,وكذا يف حال اشتداد احلرب ,واهلارب من سيل أو نار أو سبع أو عدو ,واملريض الذي ال يستطيع استقبال
القبلة ; فكل هؤالء يصلون على حسب حاهلم ,ولو إىل غري القبلة ,وتصح صالهتم.
ويستدل على القبلة بأشياء كثرية ; منها :اإلخبار ,فإذا أخربه بالقبلة مكلف ثقة عدل ,وكذا إذا وجد حماريب
إسالمية وكذلك يستدل على القبلة بالنجوم .
باب يف آداب املشي إىل الصالة
oفإذا مشيت إىل املسجد لتؤدي الصالة مع مجاعة فليكن ذلك بسكينة ووقار.
oوليكن خروجك إىل املسجد مبكرا ; لتدرك تكبرية اإلحرام .
oفإذا وصلت فقدم رجلك اليمىن عند الدخول ,وقل :بسم هللا ,أعوذ باهلل العظيم وبوجهه الكرمي وسلطانه القدمي من الشيطان
الرجيم ,اللهم صل ع لى حممد ,اللهم اغفر يل ذنويب ,وافتح يل أبواب رمحتك .وإذا أردت اخلروج ; قدم رجلك اليسرى ,
وقل الدعاء الذي قلته عند الدخول ,وتقول بدل " :وافتح يل أبواب رمحتك " " :وافتح يل أبواب فضلك ".
oفإذا دخلت املسجد ; فال جتلس حىت تصلي ركعتني حتية املسجد .
oمث جتلس تنتظر الصالة ,ولتكن مشتغال بذكر هللا وتالوة القرآن ,وجتنب العبث.
oال ختض يف أحاديث الدنيا.
oوإذا أقيمت الصالة ; فقم إليها عند قول املؤذن " : .قد قامت الصالة ".
oأن تكون يف الصف األول و القرب من اإلمام هذا بالنسبة للرجل ,وأما بالنسبة للمرأة ,فالصف األخري من صفوف النساء
أفضل هلا .
02
oويتأكد يف حق اإلمام واملصلني االهتمام بتسوية الصفوف.
oويتأكد يف حق املصلني سد الفرج والرتاص يف الصفوف.
باب يف أركان الصالة وواجباهتا وسننها
األركان :إذا ترك شيئا من األركان ,بطلت الصالة ,سواء كان تركه عمدا أو سهوا ,أو بطلت الركعة اليت تركه منها ,
وقامت اليت تليها مقامها.
والواجبات :إذا ترك شيئا منها عمدا ; بطلت الصالة ,وإن كان تركه سهوا ; مل تبطل ,وجيربه سجود السهو .
السنن :ال تبطل الصالة برتك شيء منها ال عمدا وال سهوا .
03
ومن سنن األقوال قول " :ال لهم إين أعوذ بك من عذاب جهنم ,ومن عذاب القرب ,ومن فتنة احمليا واملمات ,ومن فتنة
املسيح الدجال " ,وما زاد على ذلك من الدعاء يف التشهد األخري .
النوع الثاين :سنن األفعال ; كرفع اليدين عند تكبرية اإلحرام ,وعند اهلوي إىل الركوع ,وعند الرفع منه ,ووضع اليد اليمىن
على اليسرى ,ووضعهما على صدره ,والنظر إىل موضع سجوده ,ووضع اليدين على الركبتني يف الركوع ,وجمافاة بطنه عن
فخذيه وفخذيه عن ساقيه يف السجود ,ومد ظهره يف الركوع معتدال ,وجعل رأسه حياله ; فال خيفضه وال يرفعه ,ومتكني
جبهته وأنفه وبقية األعضاء من موضع السجود وهذه السنن ال يلزم اإلتيان هبا يف الصالة ,بل من فعلها أو شيئا منها ; فله
زيادة أجر ,ومن تركها أو بعضها ; فال حرج عليه.
باب يف بيان ما يكره يف الصالة
)1يكره يف الصالة االلتفات بوجهه وصدره إال أن يكون ذلك حلاجة فال بأس به .فإن استدار جبميع بدنه ,أو استدبر الكعبة
يف غري حالة اخلوف ; بطلت صالته ; لرتكه االستقبال بال عذر .
)2رفع بصره إىل السماء ينبغي أن يكون نظر املصلي إىل موضع سجوده .
)3ويكره تغميض عينيه لغري حاجة.
)4ويكره يف الصالة إقعاؤه يف اجللوس .
)5أن يستند إىل جدار وحنوه حال القيام.
)6افرتاش ذراعيه حال السجود.
)٩ويكره يف الصالة العبث وعمل ما ال فائدة فيه بيد أو رجل أو حلية أو ثوب.
)٤ويكره يف الصالة التخصر ,وهو وضع اليد على اخلاصرة.
)٧ويكره يف الصالة فرقعة أصابعه وتشبيكها .
ويكره أن يصلي وبني يديه ما يشغله ويلهيه.
وتكره الصالة يف مكان فيه تصاوير .
ويكره أن يدخل وهو مشوش الفكر بسبب وجود شيء يضايقه ; كاحتباس بول ,أو غائط ,أو ريح ,أو حالة برد )11
أو حر شديدين ,أو جوع أو عطش مفرطني.
يكره دخوله يف الصالة بعد حضور طعام يشتهيه. )11
ويكره للمصلي أن خيص جبهته مبا يسجد عليه . )12
ويكره يف الصالة مسح جبهته وأنفه مما علق هبما من أثر السجود. )13
باب يف بيان ما يستحب أو يباح فعله يف الصالة
)1يسن للمصلي رد املار من أمامه قريبا منه .لكن إذا كان أمام املصلي سرتة فال بأس أن مير من ورائها ,وكذا إذا احتاج إىل املرور
لضيق املكان ; فيمر ,وال يرده املصلي ,وكذا إذا كان يصلي يف احلرم .وينبغي أن تكون السرتة قائمة قدر ذراع .وإن كان يف
صحراء ; صلى إىل شيء شاخص من شجر أو حجر أو عصا.
)2وإذا التبست القراءة على اإلمام ; فللمأموم أن يسمعه القراءة الصحيحة .
)3ويباح للمصلي لبس الثوب وحنوه ,ومحل شيء ووضعه ,وفتح الباب ,وله قتل حية وعقرب فإن أكثر منها من غري ضرورة ,
وكانت متوالية ; أبطلت الصالة.
)4وإذا عرض للمصلي أمر ; كاستئذان عليه ,أو سهو إمامه ,أو خاف على إنسان الوقوع يف هلكة ,فله التنبيه على ذلك ; بأن
يسبح الرجل وتصفق املرأة.
)5وال يكره السالم على املصلي إذا كان يعرف كيف يرد ,وللمصلي حينئذ رد السالم يف حال الصالة باإلشارة ال باللفظ.
)6وجيوز للمصلي أن يقرأ عدة سور يف ركعة واحدة.
04
باب السجود للسهو
يشرع سجود السهو ألحد ثالثة أمور
أوال :إذا زاد يف الصالة سهوا .
ثانيا :إذا نقص منها سهوا .
ثالثا :إذا حصل عنده شك يف زيادة أو نقص .
احلالة األوىل :وهي إما زيادة أفعال أو زيادة أقوال :
)1فزيادة األفعـال إذا كانت زيادة من جنس الصالة ; كالقيام يف حمل القعود ,والقعود يف حمل القيام ,أو زاد ركوعا أو سجودا
وكذا لو زاد ركعة سهوا ,أما إن علم يف أثناء الركعة الزائدة ; فإنه جيلس يف احلال ,ويتشهد إن مل يكن تشهد ,مث يسجد
للسهو ويسلم .وإن كان إماما ; لزم من املأمومني تنبيهه بأن يسبح الرجال وتصفق النساء.
)2وأما زيادة األقوال ; كالقراءة يف الركوع والسجود ,وقراءة سورة يف الركعتني األخريتني من الرباعية والثالثة من املغرب,
استحب له السجود للسهو .
أما احلالة الثانية :وهي ما نقص من الصالة سهوا :
بأن ترك ركنا ,وكان هذا الركن تكبرية اإلحرام ; مل تنعقد صالته ,وال يغين عنه سجود السهو .وإن كان كركوع أو سجود ,وذكر
هذا املرتوك قبل شروعه يف قراءة ركعة أخرى ,فيأيت به ومبا بعده ,وإن ذكره بعد شروعه يف قراءة ركعة أخرى ,بطلت الركعة اليت تركه
منها ,وقامت الركعة اليت تليها مقامها.
)1وإن مل يعلم بالركن املرتوك إال بعد السالم ,فإنه يعتربه كرتك ركعة كاملة ,فإن مل يطل الفصل ,وهو باق على طهارته ; أتى
بركعة كاملة ,وسجد للسهو ,وسلم ,وإن طال الفصل ,أو انتقض وضوؤه ; استأنف الصالة من جديد.
)2وإن نسي التشهد األول ,وقام لزمه الرجوع لإلتيان بالتشهد ; ما مل يستتم قائما ألنه تلبس بركن آخر ; فال يقطعه ويسجد
للسهو.
)3وإن ترك التسبيح يف الركوع أو السجود ; لزمه الرجوع لإلتيان به ; ما مل يعتدل قائما يف الركعة األخرى ,ويسجد للسهو يف كل
هذه احلاالت .
احلالة الثالثة :وهي حالة الشك يف الصالة :
فإن شك يف عدد الركعات يبين على األقل ,ألنه املتيقن ,مث يسجد للسهو قبل السالم.
وإن شك املأموم أدخل مع اإلمام يف األوىل أو يف الثانية ,جعله يف الثانية ,أو شك هل أدرك الركعة أو ال ; مل يعتد بتلك
الركعة ,ويسجد للسهو .
وإن شك يف ترك ركن ; فكما لو تركه .وإن شك يف ترك واجب ; مل يعترب هذا الشك ,وال يسجد للسهو ,وكذا لو شك يف
زيادة ; مل يلتفت إىل هذا الشك ,ألن األصل عدم الزيادة .
باب صالة التطوع
أنواع صلوات التطوع :
النوع األول :صلوات مؤقتة بأوقات معينة ,وتسمى بالنوافل املقيدة .
والنوع الثاين :صلوات خمصصة كصالة الكسوف ,صالة االستسقاء ,صالة الرتاويح.
باب يف صالة الوتر وأحكامها
مشروعيته :اتفق املسلمون على مشروعية الوتر ,فال ينبغي تركه ,ومن أصر على تركه ; فإنه ترد شهادته .
والوتر :اسم للركعة املنفصلة عما قبلها.
ووقت الوتر :يبدأ من بعد صالة العشاء اآلخرة ويستمر إىل طلوع الفجر .
كيفيته :وأقل الوتر ركعة واحدة ,وأكثر الوتر إحدى عشرة ركعة ,أو ثالث عشرة ركعة ,يصليها ركعتني ركعتني ,مث يصلي ركعة
واحدة يوتر هبا ,ويستحب القنوت بعد الركوع.
05
باب صالة الرتاويح وأحكامها
مشروعيتها :وهى سنة مؤكدة ,مسيت تراويح ألن الناس كانوا يسرتحيون فيها بني كل أربع ركعات ,ألهنم كانوا يطيلون
الصالة ,وفِعلها مجاعة يف املسجد أفضل.
كيفيتها :عدد ركعاهتا ,فلم يثبت فيه شيء عن النيب ^ ,واألمر يف ذلك واسع.
باب يف السنن الراتبة مع الفرائض
مجلة السنن الرواتب عشر ركعات ,وبياهنا كالتايل :
وركعتان بعد العشاء . ركعتان قبل الظهر.
وركعتان قبل صالة الفجر بعد طلوع الفجر. وركعتان بعد الظهر .
وركعتان بعد املغرب .
و آكد هذه الرواتب ركعتا الفجر ,والسنه ختفيف ركعيت الفجر .
وإذا فاتك شيء من هذه السنن الرواتب ,فإنه يسن لك قضاؤه ,وكذا إذا فاتك الوتر من الليل ,فإنه يسن لك قضاؤه يف
النهار .
باب يف صالة الضحى
أقل صالة الضحى ركعتان ,وأكثرها مثان ركعات
وقت صالة الضحى يبتدئ من ارتفاع الشمس بعد طلوعها قدر رمح ,وميتد إىل قبيل الزوال ,واألفضل أن يصلي إذا اشتد
احلر.
باب يف سجود التالوة
تعريفه :هو سجود شرعه هللا ورسوله عبودية عند تالوة اآليات معينة واستماعها.
حكمها :يسن سجود التالوة للقارئ واملستمع وهو الذي يقصد االستماع للقراءة .
مواضعها :سجدات التالوة والقرآن ; يف :األعراف ,والرعد ,والنحل ,واإلسراء ,ومرمي ,واحلج ,والفرقان ,والنمل السجدة ,
والنجم ,واالنشقاق ,ويف سجدة ( ص ) خالف بني العلماء.
كيفيتها :يكرب إذا سجد للتالوة ,ويقول يف سجوده " :سبحان ريب األعلى ".
باب يف التطوع املطلق
فالتطوع املطلق أفضله قيام الليل ; ألنه أبلغ يف اإلسرار ,وأقرب إىل اإلخالص .ويستحب التنفل بالصالة يف مجيع األوقات ; غري
أوقات النهي ,وصالة الليل أفضل من صالة النهار.
كيفيته:
ويستحب أن يفتتح هتجده بركعتني خفيفتني.
ويسلم يف صالة الليل من كل ركعتني.
وينبغي إطالة القيام والركوع والسجود .
وينبغي أن يكون هتجده يف بيته.
وصالة النافلة قائما أفضل من الصالة قاعدا بال عذر.
وأما من صلى النافلة قاعدا لعذر ; فأجره كأجر القائم .
وخيتم صالته بالوتر.
)1ومن فاته هتجده من الليل ; استحب له قضاؤه قبل الظهر.
باب يف األوقات املنهي عن الصالة فيه
األول :من طلوع الفجر الثاين إىل طلوع الشمس.
الثاين :من طلوع الشمس حىت ترتفع قدر رمح يف رأي العني .
والثالث :عند قيام الشمس حىت تزول.
06
والرابع :من صالة العصر إىل غروب الشمس.
واخلامس :إذا شرعت الشمس يف الغروب حىت تغيب .
)2جيوز قضاء الفرائض الفائتة يف هذه األوقات .جيوز أيضا فعل ركعيت الطواف يف هذه األوقات وذوات األسباب من الصلوات ;
كصالة اجلنازة ,وحتية املسجد ,وصالة الكسوف .وجيوز قضاء سنة الفجر بعد صالة الفجر ,وكذا جيوز أن يقضي سنة الظهر
بعد العصر.
باب يف وجوب صالة اجلماعة وفضلها
اتفق املسلمون على أن أداء الصلوات اخلمس يف املساجد من آكد الطاعات وأعظم القربات.
حكم املتخلف عن صالة اجلماعة وما تنعقد به صالة اجلماعة
له حالتان :
احلالة األوىل :أن يكون معذورا يف ختلفه ملرض أو خوف.
احلالة الثانية :أن يكون ختالفه عن الصالة مع اجلماعة لغري عذر ; فهذا خيسر أجرا عظيما وثوابا جزيال ,ألن صالة اجلماعة أفضل
من صالة املنفرد بسبع وعشرين درجة .
باب يف األحكام اليت تتعلق باملسبوق
oال يدرك صالة اجلماعة ; إال بإدراك ركعة ,فإن أدرك أقل من ذلك ; مل يكن مدركا للجماعة ,لكن يدخل مع اإلمام فيما أدرك
,وله بنيته أجر اجلماعة.
oوتدرك الركعة بإدراك الركوع على الصحيح فإذا أدرك اإلمام راكعا فإنه يكرب تكبرية اإلحرام قائما ,مث يركع معه بتكبرية ثانية ,هذا
هو األفضل ,وإن اقتصر على تكبرية اإلحرام ; أجزأته عن تكبرية الركوع ; فتكبرية اإلحرام ,ال بد من اإلتيان هبا وهو قائم .
oوإذا وجد املسبوق اإلمام على أي حال من الصالة دخل معه .
oفإذا سلم اإلمام التسليمة الثانية ; قام املسبوق ليأيت مبا فاته من الصالة.
oوما أدرك املسبوق مع إمامه ; فهو أول صالته على القول الصحيح .
oوإذا كانت الصالة جهرية ; وجب على املأموم أن يستمع لقراءة اإلمام ,وال جيوز له أن يقرأ وإمامه يقرأ .
oومن أحكام صالة اجلماعة املهمة وجوب اقتداء املأموم باإلمام باملتابعة التامة له ,وحترمي مسابقته
باب يف حكم حضور النساء إىل املساجد
مسح هلا باحلضور إىل املساجد للمشاركة يف اخلري من صالة اجلماعة وحضور جمالس الذكر مع االحتشام والتزام االحتياطات
اليت تبعدها عن الفتنة وحتفظ هلا كرامتها .
فإذا استأذنت إىل املسجد ; ك ِره منعها .
وأمجع املسلمون على أن صالة املرأة يف بيتها خري هلا من الصالة يف املسجد.
باب يف بيان أحكام اإلمامة
شروط األوىل باإلمامة:
األجود قراءة لكتاب هللا تعاىل .
األفقه.
األقدم هجرة.
األكرب سنا.
)1وهناك اعتبارات يقدم أصحاهبا يف اإلمامة ,وهي :
.1أوال :إمام املسجد الراتب إذا كان أهال لإلمامة ; مل جيز أن يتقدم عليه غريه.
.2ثانيا :صاحب البيت إذا كان يصلح لإلمامة.
.3ثالثا :السلطان ,وهو اإلمام األعظم أو نائبه.
07
باب يف من ال تصح إمامته يف الصالة
الفاسق :هو من خرج عن حد االستقامة بارتكاب كبرية من كبائر الذنوب اليت هي دون الشرك.
أنواع الفسق:
)1فالفسق العملي :كارتكاب فاحشة الزىن ,والسرقة ,وشرب اخلمر وحنو ذلك .
)2والفسق االعتقادي :كالرفض ,واالعتزال .فال جيوز تولية إمامة الصالة الفاسق .
العاجز عن ركوع أو سجود أو قعود.
من حدثه دائم ; كمن به سلس أو خروج ريح إال مبن هو مثله يف هذه اآلفة.
احملدث أو املتنجس ببدنه أو ثوبه أو بقعته ,وإن مل يكونا يعلمان بتلك النجاسة أو احلدث حىت فرغ من الصالة ; صحت
صالة املأموم دون اإلمام.
األمي من ال حيفظ سورة الفاحتة أو حيفظها ولكن ال حيسن قراءهتا.
ويكره أن يؤم الرجل قوما أكثرهم يكرهه حبق .
باب يف ما يشرع لإلمام يف الصالة
اإلمام عليه مسئولية عظمى ,وهو ضامن ,وله اخلري الكثري إن أحسن ,وفضل اإلمامة مشهور.
ومن علم من نفسه الكفاءة ; فال مانع من طلبه لإلمامة .
وينبغي ملن توىل اإلمامة أن يهتم بشأهنا ,وأن يوفيها حقها ما استطاع ,ويراعي حالة املأمومني ,ويقدر ظروفهم ,ويتجنب
إحراجهم ,ويرغبهم وال ينفرهم.
ويكره أن خيفف اإلمام ختفيفا ال يتمكن معه املأموم من اإلتيان باملسنون.
ويسن أن يرتل القراءة ,ويتمهل يف التسبيح والتشهد بقدر ما يتمكن من خلفه من اإلتيان باملسنون من التسبيح وحنوه ,وأن
يتمكن من ركوعه وسجوده .
ويسن لإلمام أن يطيل الركعة األوىل .
ويستحب لإلمام إذا أحس بداخل وهو يف الركوع أن يطيل حىت يلحقه الداخل فيه ويدرك الركعة .
باب يف صالة أهل األعذار
أهل األعذار هم املرضى واملسا فرون واخلائفون الذين ال يتمكنون من أداء الصالة على الصفة اليت يؤديها غري املعذور ,فقد
خفف الشارع عنهم ,وطلب منهم أن يصلوا حسب استطاعتهم.
أوال :صالة املريض
يلزمه أن يؤدي الصالة قائما ,وإن احتاج إىل عصا; فال بأس.
فإن مل يستطع القيام صلى قاعدا .
فإن مل يستطع قاعدا صلى على جنبه ,ويكون وجهه إىل القبلة .
فإذا مل يستطع على جنبه صلى على ظهره ,وتكون رجاله إىل القبلة.
وإذا صلى املريض قاعدا ,وال يستطيع السجود فإنه يومئ برأسه للركوع والسجود ,وجيعل اإلمياء للسجود أخفض من
اإلمياء للركوع .
ثانيا :صالة الراكب
الراكب إذا كان يتأذى بنزوله بوحل أو مطر ,أو يعجز عن الركوب مرة أخرى إذا نزل ,أو خيشى فوات رفقته إذا نزل ,أو خياف
على نفسه إذا نزل من عدو أو سبع .
وجيب على من يصلي على مركوبه أن يستقبل القبلة إن استطاع.
ثالثا :صالة املسافر
يشرع له قصر الصالة الرباعية من أربع إىل ركعتني.
ويبدأ القصر خبروج املسافر من عامر بلده.
08
ويقصر املسافر الصالة ,ولو كان يتكرر سفره ,كصاحب الربيد وسيارة األجرة.
وجيوز للمسافر اجلمع بني الظهر والعصر ,واجلمع بني املغرب والعشاء ; يف وقت أحدمها ; فكل مسافر جيوز له القصر ,فإنه
جيوز له اجلمع.
وإذا نزل املسافر يف أثناء سفره للراحة ; فاألفضل له أن يصلي كل صالة يف وقتها قصرا بال مجع.
ويباح اجلمع بني الظهر والعصر وبني املغرب والعشاء للمريض الذي يلحقه برتك اجلمع مشقة .
ويباح اجلمع بني املغرب والعشاء خاصة حلصول مطر يبل الثياب ,وتوجد معه مشقة.
رابعا :صالة اخلوف
تشرع صالة اخلوف يف كل قتال مباح ; كقتال الكفار والبغاة واحملاربني .
وتفعل صالة اخلوف عند احلاجة إليها سفرا وحضرا ,إذا خيف هجوم العدو على املسلمني.
وتشرع صالة اخلوف بشرطني :
الشرط األول :أن يكون العدو حيل قتاله.
الشرط الثاين :أن خياف هجومه على املسلمني حال الصالة .
باب يف أحكام صالة اجلمعة
تعريفها :صالة اجلمعة ركعتان باإلمجاع ,جيهر فيهما بالقراءة ,ويسن أن يقرأ يف الركعة األوىل منهما بسورة اجلمعة بعد الفاحتة ,
ويقرأ يف الركعة الثانية بعد الفاحتة بسورة املنافقني.
حكمها :صالة اجلمعة فرض عني على كل مسلم ذكر حر مكلف مستوطن ,وال جتب اجلمعة على مسافر سفرا يستوجب القصر,
ومن خرج إىل الرب يف نزهة أو غريها ,ومل يكن حوله مسجد تقام فيه اجلمعة ,فال مجعة عليه ,ويصلي ظهرا ,وال جتب اجلمعة على
املرأة.
من شروط صالة اجلمعة:
oدخول الوقت ; ألهنا صالة مفروضة.
oأن يكون املصلون مستوطنني مبساكن مبنية.
oتقدم خبطبتني .
من سنن اجلمعة:
.1التبكري يف الذهاب إىل املسجد يوم اجلمعة ,واألحقية يف املكان للسابق باحلضور بنفسه.
.2التنفل بزيادة صلوات ; ألن السلف كانوا يبكرون ويصلون حىت خيرج اإلمام.
.3أن خيطب على منرب.
.4أن يسلم اخلطيب على املأمومني إذا أقبل عليهم .
.5أن جيلس على املنرب إىل فراغ املؤذن .
.6أن جيلس بينهما.
.٩أن خيطب قائما.
.٤أن يعتمد على عصا وحنوه .
.٧أن يقصد تلقاء وجهه .
أن يقصر اخلطبة تقصريا معتدال. .11
أن يدعو للمسلمني مبا فيه صالح دينهم ودنياهم ,ويدعو ووالة أمورهم. .11
أن يؤمن املأموم على دعاء اخلطيب بال رفع صوت وال يديه. .12
ويسن إذا فرغ من اخلطبتني أن تقام الصالة مباشرة. .13
ومن أدرك مع اإلمام من صالة اجلمعة ركعة ; أمتها مجعة. .14
09
وإن أدرك أقل من ركعة أمتها ظهرا . .15
ومن احملظورات:
)1وإذا عطس فإنه حيمد هللا سرا بينه وبني نفسه .
)2من دخل املسجد واإلمام خيطب ; مل جيلس حىت يصلي ركعتني يوجز فيهما.
)3ال جيوز الكالم واإلمام خيطب .
)4وجيوز لإلمام أن يكلم بعض املأمومني حال اخلطبة ,وجيوز لغريه أن يكلمه ملصلحة.
)5وال جيوز له العبث حال اخلطبة بيد أو رجل أو حلية أو ثوب أو غري ذلك.
)6ال ينبغي له أن يتلفت ميينا ومشاال ,ويشتغل بالنظر إىل الناس ,أو غري ذلك.
)٩وجيوز الكالم قبل اخلطبة وبعدها لكن ال ينبغي التحدث بأمور الدنيا .
باب يف أحكام صالة العيدين
صالة العيدين -عيد الفطر وعيد األضحى -مشروعة بالكتاب والسنة وإمجاع املسلمني.
قال جتوز الزيادة على هذين العيدين بإحداث أعياد أخرى .
ويبدأ وقت صالة العيد إذا ارتفعت الشمس بعد طلوعها قدر رمح .
فإن مل يعلم بالعيد إال بعد الزوال ,صلوا من الغد قضاء.
ويشرتط لصالة العيد االستيطان ; بأن يكون الذين يقيموهنا مستوطنني يف مساكن مبنية مبا جرت العادة بالبناء به.
صفتها:
)1وصالة العيد ركعتان قبل اخلطبة ,وال يشرع هلا أذان وال إقامة .
)2ويكرب يف الركعة األوىل بعد تكبرية اإلحرام واالستفتاح وقبل التعوذ والقراءة ست تكبريات مث يستفتح بعدها ; مث يأيت
بالتكبريات الزوائد الست ,مث يتعوذ عقب التكبرية السادسة ,مث يقرأ .
)3ويكرب يف الركعة الثانية قبل القراءة مخس تكبريات غري تكبرية االنتقال.
)4ويرفع يديه مع كل تكبرية.
)5وإن شك يف عدد التكبريات ,بىن على اليقني ,وهو األقل .
)6وإن نسي التكبري الزائد حىت شرع يف القراءة سقط.
)٩وإن أدرك املأموم اإلمام بعد الشروع يف القراءة ,كرب تكبرية اإلحرام وال يقضي التكبريات.
)٤وصالة العيد ركعتان ,جيهر اإلمام فيهما بالقراءة.
)٧ويقرأ يف الركعة األوىل بسورة األعلى أو ق ,ويقرأ يف الركعة الثانية بسورة الغاشية أو القمر.
)11فإذا سلم من الصالة ; خطب خطبتني ,جيلس بينهما .وحيثهم يف خطبة عيد الفطر على إخراج صدقة الفطر ,
ويبني هلم أحكامها .ويرغبهم يف خطبة عيد األضحى يف ذبح األضحية ,ويبني هلم أحكامها.
ومن سنن العيد:
وينبغي أن تؤدى صالة العيد يف فالة قريبة من البلد.
ويسن تقدمي صالة األضحى وتأخري صالة الفطر.
ويسن أن يأكل قبل اخلروج لصالة عيد الفطر مترات ,وأن ال يطعم يوم النحر حىت يصلي .
ويسن التبكري يف اخلروج لصالة العيد .
أن يتجمل املسلم لصالة العيد بلبس أحسن الثياب.
وينبغي حضور النساء لصالة العيد وينبغي أن توجه إليهن موعظة خاصة ضمن خطبة العيد.
ومن أحكام صالة العيد أنه يكره التنفل قبلها وبعدها يف موضعها ,حىت يفارق املصلي .
21
ويسن ملن فاتته صالة العيد أو فاته بعضها قضاؤها على صفتها.
ويسن يف العيدين التكبري املطلق ,وهو الذي ال يتقيد بوقت ,يرفع به صوته ,إال األنثى ; فال جتهر به ,فيكرب يف ليليت العيدين
,ويف كل عشر ذي احلجة وجيهر به يف البيوت واألسواق واملساجد ويف كل موضع جيوز فيه ذكر هللا تعاىل ,وجيهر به يف اخلروج
إىل املصلى .
ويزيد عيد األضحى مبشروعية التكبري املقيد فيه ,وهو التكبري الذي شرع عقب كل صالة يف مجاعة.
ويبتدأ التكبري املقيد يف حق غري احملرم من صالة الفجر يوم عرفة إىل عصر آخر أيام التشريق.
وصفة التكبري أن يقول :هللا أكرب هللا أكرب ال إله إال هللا ,وهللا أكرب هللا أكرب وهلل احلمد .
وال بأس بتهنئة الناس بعضهم بعضا ; بأن يقول لغريه :تقبل هللا منا ومنك .
باب يف أحكام صالة الكسوف
صالة الكسوف سنة مؤكدة باتفاق العلماء.
ووقت صالة الكسوف من ابتداء الكسوف إىل التجلي.
وال تقضى بعد التجلي ; لفوات حملها ,فإن جتلى الكسوف قبل أن يعلموا به ; مل يصلوا له .
وصفة صالة الكسوف:
أن يصلي ركعتني جيهر فيهما بالقراءة على الصحيح من قويل العلماء :ويقرأ يف الركعة األوىل الفاحتة وسورة طويلة كسورة
البقرة أو قدرها ,مث يركع ركوعا طويال ,مث يرفع رأسه ويقول " :مسع هللا ملن محده ,ربنا لك احلمد " ,بعد اعتداله كغريها من
الصلوات ,مث يقرأ الفاحتة وسورة طويلة دون األوىل بقدر سورة آل عمران ,مث يركع فيطيل الركوع ,وهو دون الركوع األول ,مث يرفع
رأسه ويقول " :مسع هللا ملن محده ,ربنا ولك احلمد محدا كثريا طيبا مباركا فيه ,ملء السموات وملء األرض وملء ما شئت من
شيء بعد " مث يسجد سجدتني طويلتني ,وال يطيل اجللوس بني السجدتني ,مث يصلي الركعة الثانية كاألوىل بركوعني طويلني
وسجودين طويلني مثلما فعل يف الركعة األوىل ,مث يتشهد ويسلم .
ومن سننها:
)1ويسن أن تصلى يف مجاعة .
)2ويسن أن يعظ اإلمام الناس بعد صالة الكسوف ,وحيذرهم من الغفلة واالغرتار باألعمال ,ويأمرهم باإلكثار من الدعاء
واالستغفار.
)3فإن انتهت الصالة قبل أن ينجلي الكسوف ,ذكر هللا ودعاه حىت ينجلي ,وال يعيد الصالة ,وإن اجنلى الكسوف وهو يف
الصالة ; أمتها خفيفة ,وال يقطعها.
باب يف أحكام صالة االستسقاء
تعريف االستسقاء :هو طلب السقي من هللا تعاىل.
وقتها :إذا أجدبت األرض -أي :أحملت -واحنبس املطر وأضر ذلك هبم.
وحكمها :سنة مؤكدة .
وصفتها :يف موضعها وأحكامها كصالة العيد ; فيستحب فعلها يف املصلى كصالة العيد.
ومن سننها :أن يستقبل القبلة يف آخر الدعاء ,وحيول رداءه ; فيجعل اليمني على الشمال والشمال على اليمني ,وإذا نزل املطر
يسن أن يقف يف أوله ليصيبه منه ويقول :اللهم صيبا نافعا ,ويقول :مطرنا بفضل هللا ورمحته ,وإذا زادت املياه سن أن يقول :
اللهم حوالينا وال علينا.
20
باب يف أحكام اجلنائز
يسن اإلكثار من ذكر املوت واالستعداد له بالتوبة من املعاصي ورد املظامل إىل أصحاهبا ,واملبادرة باألعمال الصاحلة قبل قدوم املوت
على غرة .
أوال :أحكام املريض واحملتضر:
ال بأس بالتداوي باألدوية املباحة.
وال جيوز التداوي مبحرم .
وكذلك حيرم التداوي مبا ميس العقيدة ,من تعليق التمائم املشتملة على ألفاظ شركية أو أمساء جمهولة أو طالسم أو خرز أو
خيوط أو قالئد أو حلق تلبس على العضد أو الذراع أو غريه ,يعتقد فيها الشفاء ودفع العني والبالء.
وتسن عيادة املرضى.
ويسن للمريض أن يوصي بشيء من ماله يف أعمال اخلري.
وجيب أن يوصي مباله وما عليه من الديون وما عنده من الودائع.
وحيسن املريض ظنه باهلل.
وحيسن ملن حيضره تأميله يف رمحة هللا ,ويغلب يف هذه احلالة جانب الرجاء على جانب اخلوف.
فإذا احتضر املريض ,فإنه يسن ملن حضره أن يلقنه ال إله إال هللا.
ويسن أن يوجه إىل القبلة.
ثانيا :أحكام الوفاة
ويستحب إذا مات امليت تغميض عينيه .
ويسن سرت امليت بعد وفاته بثوب.
وينبغي اإلسراع يف جتهيزه إذا حتقق موته .
ويباح اإلعالم مبوت املسلم ,للمبادرة لتهيئته ,وحضور جنازته ,والصالة عليه ,والدعاء له.
ويستحب اإلسراع بتنفيذ وصيته.
وجيب اإلسراع بقضاء ديونه.
ثالثا :تغسيل امليت
ومن أحكام اجلنازة وجوب تغسيل امليت على من علم به وأمكنه تغسيله.
والرجل يغسله الرجل ,واألوىل واألفضل أن خيتار لتغسيل امليت ثقة عارف بأحكام التغسيل.
واملرأة تغسلها النساء ,واألوىل بتغسيل املرأة امليتة وصيتها.
ولكل من الرجال والنساء غسل من له دون سبع سنني ذكرا كان أو أنثى وليس المرأة غسل ابن سبع سنني فأكثر.
وال جيوز ملسلم أن يغسل كافرا أو حيمل جنازته أو يكفنه أو يصلي عليه أو يتبع جنازته
ويشرتط أن يكون املاء الذي يغسل به طهورا مباحا ,واألفضل أن يكون باردا.
ويكون التغسيل يف مكان مستور عن.
ويسرت ما بني سرة امليت وركبته وجوبا قبل التغسيل.
وحيضر التغسيل الغاسل ومن يعينه على الغسل ,ويكره لغريهم حضوره .
ويكون التغسيل بأن يرفع الغاسل رأس امليت إىل قرب جلوسه ,مث مير يده على بطنه ويعصره برفق ,ليخرج منه ما هو
مستعد للخروج ,ويكثر صب املاء حينئذ ,ليذهب باخلارج ,مث يلف الغاسل على يده خرقة خشنة ,فينجي امليت ,
وينقي املخرج باملاء ,مث ينوي التغسيل ,ويسمي ,ويوضئه كوضوء الصالة.
والواجب غسله واحدة إن حصل اإلنقاء.
مث ينشف امليت بثوب ,ويقص شارب ه ,وتقلم أظافره إن طالت ,ويؤخذ شعر إبطيه ,وجيعل املأخوذ معه يف الكفن ,
ويضفر شعر رأس املرأة ثالثة قرون ,ويسدل من ورائها .
22
رابعا :أحكام التكفني
يشرتط يف الكفن أن يكون ساترا ,يستحب أن يكون أبيض نظيفا .
ومقدار الكفن الواجب ثوب يسرت مجيع امليت ,واملستحب تكفني الرجل يف ثالث لفائف ,وتكفني املرأة يف مخسة أثواب
,إزار ومخار وقميص ولفافتني ,ويكفن الصغري يف ثوب واحد.
خامسا :أحكام الصالة على امليت
الصالة على امليت فرض كفاية.
ويشرتط النية ,واستقبال القبلة ,وسرت العورة ,وطهارة املصلي واملصلى عليه واجتناب النجاسة ,وإسالم املصلي واملصلى
عليه.
وأما أركاهنا ,فهي :القيام فيها ,والتكبريات األربع ,وقراءة الفاحتة ,والصالة على النيب صلى هللا عليه وسلم ,والدعاء
للميت والرتتيب ,والتسليم .
وأما سننها ,فهي :رفع اليدين مع كل تكبرية ,و االستعاذة قبل القراءة ,وأن يدعو لنفسه وللمسلمني ,واإلسرار بالقراءة
,وأن يقف بعد التكبرية الرابعة وقبل التسليم قليال ,وأن يضع يده اليمىن على يده اليسرى على صدره ,وااللتفات على
ميينه يف التسليم .
يقوم اإلمام واملنفرد عند صدر الرجل ووسط املرأة ويقف املأمومون خلف اإلمام .
ومن فاتته بعضها ,دخل مع اإلمام فيما بقى ,مث إذا سلم اإلمام قضى ما فاته على صفته .
ومن فاتته الصالة على امليت قبل دفنه ,صلى على قربه .
ومن كان غائبا فله أن يصلي عليه صالة الغائب بالنية.
سادسا :محل امليت ودفنه
محل امليت ودفنه من فروض الكفاية ,ودفنه مشروع بالكتاب والسنة. -
ويسن اتباع اجلنازة وتشييعها إىل املقابر. -
ويسن اإلسراع باجلنازة. -
وحيرم خروج النساء مع اجلنائز. -
ويسن أن يعمق القرب ويوسع. -
ويسن سرت قرب املرأة عند إنزاهلا. -
ويوضع امليت يف حلده على شقه األمين مستقبل القبلة. -
وجيعل حتت رأسه لبنة أو حجر أو تراب ,وجيعل خلف ظهره ما يسنده من تراب. -
مث تسد عليه فتحة اللحد باللنب والطني حىت يلتحم ,مث يهال عليه الرتاب . -
ويرفع القرب عن األرض قدر شرب. -
ويستحب إذا فرغ من دفنه أن يقف املسلمون على قربه ويدعوا له ويستغفروا له. -
سابعا :أحكام التعزية وزيارة القبور
وتسن تعزية املصاب بامليت ,وحثه على الصرب والدعاء للميت. -
ولفظ التعزية أن يقول " :أعظم هللا أجرك ,وأحسن عزاءك ,وغفر مليتك " -
وال ينبغي اجللوس للعزاء واإلعالن عن ذلك . -
23
كتاب الزكاة
باب يف مشروعية الزكاة ومكانتها
والزكاة يف الشرع حق واجب يف مال خاص لطائفة خمصوصة يف وقت خمصوص ,هو متام احلول يف املاشية والنقود وعروض التجارة
,وعند اشتداد احلب وبدو الصالح يف الثمار.
حكمها :فريضة واجبة ,فرضت يف السنة الثانية للهجرة النبوية ,وأمجع املسلمون على فرضيتها ,وأهنا الركن الثالث من أركان
اإلسالم.
شروط من جتب عليه الزكاة:
احلرية ,فال جتب على مملوك.
أن يكون صاحب املال مسلما.
امتالك نصاب.
استقرار امللكية ,بأن ال يتعلق هبا حق غريه .
مضي احلول على املال .وهذا يف غري اخلارج من األرض كاحلبوب والثمار ,أما اخلارج من األرض ,فتجب فيه الزكاة عند
وجوده فال يعترب فيه احلول.
)1ومن له دين على معسر ,فإنه خيرج زكاته إذا قبضه لعام واحد على الصحيح ,وإن كان له دين على مليء ,فإنه
يزكيه كل عام .
)2وما أعد من األموال للقنية واالستعمال ,فال زكاة فيه ,كدور السكىن ,وأثاث املنزل ,والسيارات ,والدواب املعدة
للركوب واالستعمال .
)3وما أعد للكراء كالسيارات والدكاكني والبيوت ,فال " زكاة يف أصله ,وإمنا جتب الزكاة يف أجرته إذا بلغت النصاب
وحال عليها احلول .
)4ومن وجبت عليه الزكاة ,مث مات قبل إخراجها " ,وجب إخراجها من تركته.
باب يف زكاة هبيمة األنعام
جتب الزكاة يف اإلبل والبقر والغنم بشرطني:
الشرط األول :أن تتخذ لدر ونسل ال للعمل .
الشرط الثاين :أن تكون سائمة -أي :راعية ,والسوم :الرعي ,فال جتب الزكاة يف دواب تعلف بعلف اشرتاه هلا أو مجعه
من الكأل أو غريه.
باب يف زكاة احلبوب والثمار والعسل واملعدن والركاز
وجتب الزكاة يف الثمار كالتمر والزبيب وحنومها من كل ما يكال ويدخر.
فيشرتط لوجوب الزكاة يف احلبوب والثمار شرطان:
الشرط األول :بلوغ النصاب على ما سبق بيانه .
الشرط الثاين :أن يكون مملوكا له وقت وجوب الزكاة .
والقدر الواجب إخراجه يف زكاة احلبوب والثمار :خيتلف باختالف وسيلة السقي :
.1فإذا سقي بال مؤنة من ,جيب فيه العشر .
.2وجيب فيما سقي مبؤنة من اآلبار وغريها نصف العشر.
ووقت وجوب الزكاة يف احلبوب حني تشتد ,ويف الثمر حني يبدو صالحه ,بأن حيمر أو يصفر.
فما ال يكال وال يدخر منها ,ال جتب فيه الزكاة ,كاجلوز ,والتفاح ,واخلوخ ,والسفرجل ,والرمان ,وسائر اخلضروات
والبصل ,واجلزر وحنوها.
24
باب يف زكاة النقدين
املراد بزكاة النقدين زكاة الذهب والفضة وما اشتق منهما من نقود وحلي .
فتجب الزكاة يف الذهب إذا بلغ عشرين مثقاال ,ويف الفضة إذا بلغت مائيت درهم إسالمي ,ربع العشر منهما.
ما يباح للرجل لبسه من الذهب والفضة
يباح للذكر أن يتخذ خامتا من الفضة.
وحيرم عليه اختاذ اخلامت من الذهب.
ويباح للذكر أيضا من الذهب ما دعت إليه حاجة ,كأنف ,ورباط أسنان .
ما يباح للنساء التحلي به من الذهب والفضة
يباح للنساء من الذهب والفضة ما جرت عادهتن بلبسه.
وال زكاة يف حلي النساء من الذهب والفضة إذا كان معدا لالستعمال أو لإلعارة.
وإن اختذ رصيدا للحاجة أو لالدخار جتب فيه الزكاة ; ألن الذهب والفضة جتب فيهما الزكاة ,وإمنا سقط وجوهبا فيما أعد
لالستعمال أو العارية ,فيبقى وجوهبا فيما عداه على األصل .
حكم اختاذ األواين بالذهب والفضة ومتويهها منهما
وحيرم اختاذ األواين من الذهب والفضة ,أو متويه األواين بذلك.
باب يف زكاة عروض التجارة
تسميتها :مسيت بذلك ألنه يعرض ليباع ويشرتى.
شروط وجوهبا:
الشرط األول :أن ميلكها بفعله ,كالبيع ,وقبول اهلبة ,والوصية ,وغري ذلك من وجوه املكاسب .
الشرط الثاين :أن ميلكها بنية التجارة ,بأن يقصد التكسب هبا.
الشرط الثالث :أن تبلغ قيمتها نصابا.
الشرط الرابع :متام احلول عليها.
إخراج زكاة العروض تقوم عند متام احلول فإذا قومت ,أخرج ربع العشر من قيمتها.
باب يف زكاة الفطر
واحلكمة أهنا طهرة للصائم من اللغو والرفث ,وطعمة للمساكني ,وشكر هلل تعاىل على إمتام فريضة الصيام .
وجتب على كل مسلم ,ذكرا كان أو أنثى ,صغريا أو كبريا ,حرا كان أو عبدا.
جنس ما خيرج هو من غالب قوت البلد ,برا ,أو شعريا ,أو مترا ,أو غري هذه األصناف مما اعتاد الناس أكله يف البلد.
وقت اإلخراج األفضل بغروب الشمس ليلة العيد ,وجيوز تقدمي إخراجها قبل العيد بيوم أو يومني .
وإخراجها يوم العيد قبل الصالة أفضل.
وخيرج املسلم زكاة الفطر عن نفسه وعمن يعوهلم -أي :ينفق عليهم .-
ويستحب إخراجها عن احلمل.
وأما إخراج القيمة ,فهو خالف السنة فال جيزئ.
باب يف بيان أهل الزكاة ومن ال جيوز دفع الزكاة
أهل الزكاة على قسمني :
القسم األول :احملتاجون من املسلمني عامة .
القسم الثاين :األصناف الثمانية املخصوصة ,وهم:
الرقاب. الفقراء.
الغارم. املساكني ,وهم أحسن حاال من الفقراء.
يف سبيل هللا . العاملون عليها.
25
ابن السبيل ,وهو املسافر املنقطع به يف سفره بسبب املؤلفة قلوهبم .
نفاد ما معه أو ضياعه .
)1جيوز صرف مجيع الزكاة يف صنف واحد من هذه األصناف املذكورة.
)2وال جيوز دفع الزكاة إىل بين هاشم.
)3وال جيوز لإلنسان أن يدفع زكاة ماله إىل أقاربه الذين يلزمه اإلنفاق عليهم
باب يف الصدقة املستحبة
الصدقة مستحبة تشرع كل وقت إلطالق احلث عليها يف الكتاب والسنة.
وصدقة السر أفضل.
والصدقة يف حال الصحة أفضل .
والصدقة يف رمضان أفضل.
والصدقة يف أوقات احلاجة.
كما أن الصدقة على األقارب واجلريان أفضل منها على األبعدين.
كتاب الصيام
باب يف وجوب الصيام ووقته
صوم شهر رمضان ركن من أركان اإلسالم.
واحلكمة يف شرعيته أن فيه تزكية للنفس وتطهريا هلا من األخالط الرديئة واألخالق الرذيلة.
ويبتدئ الصوم بطلوع الفجر الثاين.
ويبدأ وجوب صوم شهر رمضان إذا علم دخوله.
طرق العلم بدخوله ثالث :
الطريقة األوىل :رؤية هالله.
الطريقة الثانية :الشهادة على الرؤية.
الطريقة الثالثة :إكمال عدة شعبان ثالثني يوما ,وذلك حني ال يرى اهلالل ليلة الثالثني من شعبان.
ويلزم صوم رمضان كل مسلم مكلف.
وال جيب الصوم على صغري.
وال جيب الصوم على جمنون.
وال جيب الصوم أداء على مريض يعجز عنه وال على مسافر ,ويقضيانه حال زوال العذر.
واخلطاب بإجياب الصيام يشمل املقيم واملسافر ,والصحيح واملريض ,والطاهر واحلائض والنفساء ,واملغمى
عليه ,فإن هؤالء كلهم جيب عليهم الصوم يف ذممهم.
ومن أفطر لعذر مث زال عذره يف أثناء هنار رمضان فإن يلزمه اإلمساك بقية اليوم ويقضيه.
باب يف بدء صيام اليوم وهنايته
بدايته من طلوع الفجر الثاين ,وهنايته إىل غروب الشمس .
وال بد أن ينوي الصيام الواجب من الليل ,فلو نوى الصيام ومل يستيقظ إال بعد طلوع الفجر ,فإنه ميسك ,وصيامه صحيح
تام إن شاء هللا .
ويستحب تعجيل اإلفطار إذا حتقق غروب الشمس .
والسنة أن يفطر على رطب ,فإن مل جيد ,فعلى متر ,فإن مل جيد ,فعلى ماء .
ويستحب أن يدعو عند إفطاره مبا أحب.
26
باب يف مفسدات الصوم
األكل أو الشرب عمدا. اجلماع.
ومن املفطرات القيء . إنزال املين.
إخراج الدم من البدن :حبجامة أو فصد أو سحب دم ليتربع به إلسعاف مريض .أما الدم القليل كالذي يستخرج للتحليل
,فهذا ال يؤثر.
باب ما جاء يف بيان أحكام القضاء للصيام
من أفطر يف رمضان بسبب مباح وجب عليه القضاء. )1
ويستحب له املبادرة بالقضاء ,إلبراء ذمته ,ويستحب أن يكون القضاء متتابعا ,وجيوز له التأخري ; ألن وقته موسع ,كما جيوز )2
تفرقته ,بأن يصومه متفرقا ,لكن إذا مل يبق من شعبان إال قدر ما عليه ,فإنه جيب عليه التتابع إمجاعا ,لضيق الوقت.
فإن أخر القضاء حىت أتى عليه رمضان اجلديد ,فإنه يصوم رمضان احلاضر ,ويقضي ما عليه بعده ,وإن كان لغري عذر ,وجب )3
عليه مع القضاء إطعام مسكني عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد .
وإذا مات من عليه القضاء قبل دخول رمضان اجلديد ,فال شيء عليه وإن كان تأخريه لغري عذر ,وجبت الكفارة يف تركته ,بأن )4
خيرج عنه إطعام مسكني عن كل يوم .
وإن مات من عليه صوم كفارة كصوم كفارة الظهار والصوم الواجب عن دم املتعة يف احلج ,فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكينا )5
,وال يصام عنه.
وإن مات من عليه صوم نذر ,استحب لوليه أن يصوم عنه. )6
باب يف ما يلزم من أفطر لكرب أو مرض
ال يستطيعون الصيام أداء وال قضاء كالكبري اهلرم واملريض الذي ال يرجى برؤه ,فالواجب عليه بدل الصيام إطعام مسكني
عن كل يوم نصف صاع من الطعام .
وأما من أفطر لعذر يزول كاملسافر واملريض مرضا يرجى زواله واحلامل واملرضع إذا خافتا على أنفسهما أو على ولديهما ,
واحلائض والنفساء ,فإن كال من هؤالء يتحتم عليه القضاء.
وإن صام املسافر أو املريض الذي يشق عليه الصوم ,صح صومهما مع الكراهة ,وأما احلائض والنفساء ,فيحرم يف حقها
الصوم حال احليض والنفاس ,وال يصح.
جيب مع القضاء على من أفطرت للخوف على ولدها إطعام مسكني عن كل يوم أفطرته .
وجيب الفطر على من احتاج إليه إلنقاذ من وقع يف هلكة ,كالغريق .
تعيني نية الصوم الواجب من الليل ,كصوم رمضان ,وصوم الكفارة ,وصوم النذر .
أما صوم النقل ,فيجوز بنية من النهار.
فشرط صحة صوم النفل بنية من النهار أن ال يوجد قبل النية مناف للصيام من أكل وشرب وحنومها ,فإن فعل قبل النية ما
يفطره ,مل يصح الصيام بغري خالف .
27
كتاب احلج
باب يف احلج وعلى من جيب
احلج هو أحد أركان اإلسالم.
وقد فرض احلج سنة تسع من اهلجرة.
احلج فرض بإمجاع املسلمني ,وركن من أركان اإلسالم ,وهو فرض يف العمر مرة على املستطيع ,وفرض كفاية على
املسلمني كل عام.
وأما العمرة ,فواجبة.
فيجب احلج والعمرة على املسلم مرة واحدة يف العمر .
وجيب على املسلم أن يبادر بأداء احلج ,ويأمث إن أخره بال عذر.
وإمنا جيب احلج بشروط مخسة اإلسالم ,والعقل ,والبلوغ ,واحلرية ,واالستطاعة ,فمن توفرت فيه هذه الشروط ,وجب
عليه املبادرة بأداء احلج .
ويصح فعل احلج والعمرة من الصيب نفال.
وقد أمجع أهل العلم على أن الصيب إذا حج ال جتزئه تلك احلجة عن حجة اإلسالم ,وكذا عمرته.
وإن كان الصيب دون التمييز ,عقد عنه اإلحرام وليه ,بأن ينويه عنه ,وجينبه احملظورات ,ويطوف ويسعى به حمموال ,
ويستصحبه يف عرفة ومزدلفة ومىن ,ويرمي عنه اجلمرات .وإن كان الصيب مميزا ,نوى اإلحرام بنفسه بإذن وليه ,ويؤدي ما
قدر عليه من مناسك احلج ,وما عجز عنه ,يفعله عنه وليه ,كرمي اجلمرات .وكل ما أمكن الصغري فعله بنفسه كالوقوف
واملبيت ,لزمه فعله ,ال يصح أن يفعل عنه ,لعدم احلاجة لذلك.
والقادر على احلج هو الذي يتمكن من أدائه جسميا وماديا ,بأن ميكنه الركوب ,ويتحمل السفر ,وجيد من املال بلغته
اليت تكفيه ذهابا وإيابا ,وجيد أيضا ما يكفي أوالده ومن تلزمه نفقتهم إىل أن يعود إليهم ,وال بد أن يكون ذلك بعد قضاء
الديون واحلقوق اليت عليه ,وبشرط أن يكون طريقه إىل احلج آمنا على نفسه وماله .
فإن قدر مباله دون جسمه ,بأن كان كبريا هرما أو مريضا ,لزمه أن يقيم من حيج عنه ويعتمر حجة وعمرة اإلسالم من بلده
أو من البلد الذي أيسر فيه.
ويشرتط يف النائب أن يكون قد حج عن نفسه حجة اإلسالم .
ويعطى النائب من املال ما يكفيه تكاليف السفر ذهابا وإيابا ,وال جتوز اإلجارة على احلج ,وال أن يتخذ ذريعة للكسب
باب يف شروط وجوب احلج على املرأة وأحكام النيابة
احلج جيب على املسلم ذكرا كان أم أنثى ,لكن يشرتط لوجوبه على املرأة وجود احملرم.
وحمرم املرأة هو :زوجها ,أو من حيرم عليه نكاحها حترميا مؤبدا بنسب ,كأخيها وأبيها وعمها وابن أخيها وخاهلا ,أو حرم
عليه بسبب مباح ,كأخ من رضاع أو مبصاهرة كزوج أمها وابن زوجها .ومن فقدته مع قدرهتا املالية استنابت من حيج عنها
ومن وجب عليه احلج مث مات ,أخرج من تركته من رأس املال املقدار الذي يكفي للحج ,واستنيب عنه من يؤديه عنه.
باب يف مواقيت احلج
املواقيت شرعا :هو موضع العبادة أو زمنها .
وللحج مواقيت زمنية ومكانية :
فالزمنية وهذه األشهر هي :شوال ,وذو القعدة ,وعشر من ذي احلجة ,أي :من أحرم باحلج يف هذه األشهر ,فعليه أن
يتجنب ما خيل باحلج من األقوال واألفعال الذميمة.
واملكانية ,فهي احلدود اليت ال جيوز للحاج أن يتعداها إىل مكة بدون إحرام ,ألهل املدينة ذا احلليفة ,وألهل الشام اجلحفة
,وألهل جند قرن املنازل ,وألهل اليمن يلملم وأهل العراق ذات عرق.
)1فهذه املواقيت حيرم منها أهلها املذكورون ,وحيرم منها من مر هبا من غريهم وهو يريد حجا أو عمرة .
28
)2ومن كان منزله دون هذه املواقيت ,فإنه حيرم من منزله للحج والعمرة ,ومن حج من أهل مكة ,فإنه حيرم من مكة
وأما العمرة ,فيخرجون لإلحرام هبا من أدىن احلل .
)3ومن مل مير مبيقات يف طريقه من تلك املواقيت ,أحرم إذا علم أنه حاذى أقرهبا منه .مثل من ركب طائرة ,فإنه حيرم إذا
حاذى أحد هذه املواقيت من اجلو جدة ليست ميقاتا وليست حمال لإلحرام ,إال ألهلها أو من نوى احلج أو العمرة
منها ,فإن أحرم منها من غريهم ,فقد ترك واجبا هو اإلحرام من امليقات.
)4اإلحرام معناه نية الدخول يف املناسك مع جتنب حمظورات اإلحرام حسب اإلمكان ,واالغتسال والتطيب وحنومها إمنا
هي سنن.
)5وجيب على من تعدى امليقات بدون إحرام أن يرجع إليه وحيرم منه ; ألنه واجب ميكنه تداركه فإن مل يرجع ,فعليه فدية
,بأن يذبح شاة ,أو يأخذ سبع بدنة ,أو سبع بقرة ,ويوزع ذلك على مساكني احلرم ,وال يأكل منه شيئا .
باب يف كيفية اإلحرام
أول مناسك احلج هو اإلحرام ,وهو نية الدخول يف النسك ,مسي بذلك ألن املسلم حيرم على نفسه بنيته ما كان مباحا له
قبل اإلحرام من النكاح والطيب وتقليم األظافر وحلق الرأس وأشياء من اللباس .
من مستحبات اإلحرام:
االغتسال جبميع بدنه.
يستحب أخذ ما يشرع أخذه من الشعر ,كشعر الشارب واإلبط والعانة.
أن يتطيب يف بدنه مبا تيسر من أنواع الطيب .
يستحب أن يتجرد من املخيط .
)1ليس لإلحرام صالة ختصه لكن إن صادف وقت فريضة ,أحرم بعدها.
)2واملطلوب من املسلم أن حيرم من امليقات ,يف أي بقعة منه ,ال يف حمل معني.
)3وخيري أن حيرم مبا شاء من النسك الثالثة ,وهي :التمتع ,والقران ,واإلفراد
فـ( التمتع ) :أن حيرم بالعمرة يف أشهر احلج ,ويفرغ منها ,مث حيرم باحلج يف عامه .
و ( اإلفراد ) :أن حيرم باحلج فقط ,ويبقى على إحرامه حىت يؤدى أعمال احلج.
و ( القران ) :أن حيرم بالعمرة واحلج معا ,أو حيرم بالعمرة مث يدخل عليها احلج قبل شروعه يف طوافها ,فينوي العمرة
واحلج من امليقات أو قبل الشروع يف طواف العمرة ,ويطوف هلما ويسعى .
وعلى املتمتع والقارن فدية إن مل يكن من حاضري املسجد احلرام .وأفضل هذه النسك الثالثة التمتع .
فإذا أحرم بأحد هذه النسك ,لىب عقب إحرامه ,فيقول :لبيك اللهم لبيك ,لبيك ال شريك لك لبيك ,إن احلمد والنعمة لك
وامللك ,ال شريك لك ,ويكثر من التلبية ,ويرفع هبا صوته .
باب يف حمظورات اإلحرام
حلق الشعر بال عذر حبلق أو نتف أو قلع خبالف ما إذا حلق شعره لقمل أو صداع .
تقليم األظافر أو قصها من يد أو رجل بال عذر :فإن انكسر ظفره فأزاهلا أو زال مع جلد ,فال فدية عليه ; ألنه زال
بالتبعية لغريه ,والتابع ال يفرد حبكم .
تغطية رأس الذكر.
لبس الذكر املخيط على بدنه أو بعضه من قميص أو عمامة أو سراويل كاخلفني والقفازين واجلوارب .وإذا مل جيد احملرم نعلني
,لبس خفني ,أو مل جيد إزارا ,لبس .وأما املرأة ,فتلبس من الثياب ما شاءت حال اإلحرام إال أهنا ال تلبس الربقع ,فال
تلبسه احملرمة وتغطي وجهها بغريه من اخلمار واجللباب.
الطيب فيحرم على احملرم استعماله يف بدنه أو ثوبه ,أو استعماله يف أكل أو شرب .
قتل صيد الرب واصطياده وحيرم على احملرم األكل مما صاده أو صيد ألجله أو أعان على صيده ; ألنه كامليتة .وال حيرم على
احملرم صيد البحر .وال حيرم عليه ذبح احليوان اإلنسي كالدجاج وهبيمة األنعام .وال حيرم عليه قتل حمرم األكل ,كاألسد
29
والنمر مما فيه أذى للناس ,وال حيرم عليه قتل الصائل دفعا عن نفسه أو ماله .وإذا احتاج احملرم إىل فعل حمظور من حمظورات
اإلحرام ,فعله .
عقد النكاح فال يعقد النكاح لنفسه وال لغريه .
الوطء " هو اجلماع " .فمن جامع قبل التحلل األول ,فسد نسكه ,ويلزمه املضي فيه وإكمال مناسكه ويلزمه أيضا أن
يقضيه ثاين عام ,وعليه ذبح بدنة ,وإن كان الوطء بعد التحلل األول ,مل يفسد نسكه ,وعليه ذبح شاة .
املباشرة دون الفرج واملراد باملباشرة مالمسة املرأة بشهوة .
فعلى احملرم أن يتجنب الرفث والفسوق واجلدال .
ويسن قلة الكالم إال فيما ينفع .
ويستحب للمحرم أن يشتغل بالتلبية ,وذكر هللا ,وقراءة القرآن ,واألمر باملعروف ,والنهي عن املنكر ,وحفظ وقته عما
يفسده.
فإذا وصل إىل مكة ,فإن كان حمرما بالتمتع ,فإنه يؤدي مناسك العمرة :
)1فيطوف بالبيت سبعة أشواط .
)2ويصلي بعدها ركعتني.
)3مث خيرج إىل الصفا ألداء السعي بينه وبني املروة ,فيسعى بينهما سبعة أشواط .
)4فإذا فرغ من الشوط السابع ,قصر الرجل يف مجيع شعر رأسه ,وتقص األنثى قدر أمنلة.
فيحل من إحرامه ,ويباح له ما كان حمرما عليه باإلحرام من النساء والطيب ولبس املخيط وتقليم األظافر وقص الشارب
ونتف اآلباط إذا احتاج إىل ذلك ,ويبقى حالال إىل يوم الرتوية.
باب يف أعمال يوم الرتوية ويوم عرفة
وحيرم باحلج من مكانه الذي هو نازل فيه ,سواء كان يف مكة ,أو خارجها ,أو يف مىن .
وبعد اإلحرام يشتغل بالتلبية.
مث خيرج إىل مىن من كان مبكة حمرما يوم الرتوية.
املبيت مبىن ليلة التاسع سنة ,وليس بواجب .
مث يسريون صباح اليوم التاسع بعد طلوع الشمس من مىن إىل عرفة ,وعرفة كلها موقف ,إال بطن عرنة.
فإذا زالت الشمس ,صلوا الظهر والعصر قصرا ومجعا بأذان وإقامتني ,وكذلك يقصر الصالة الرباعية يف عرفة ومزدلفة ومىن
,لكن يف عرفة ومزدلفة جيمع ويقصر ,ويف مىن يقصر وال جيمع ,بل يصلي كل صالة يف وقتها.
مث بعدما يتفرغون للدعاء والتضرع واالبتهال إىل هللا تعاىل.
فإن انصرف منها قبل الغروب ,وجب عليه الرجوع ,ليبقى فيها إىل الغروب ,فإن مل يرجع ,وجب عليه دم.
فمن وقف هنارا ,وجب عليه البقاء إىل الغروب ,ومن وقف ليال ,أجزأه ,ولو حلظة .
الوقوف بعرفة أنه ركن من أركان احلج.
باب يف الدفع إىل مزدلفة واملبيت فيها والدفع من مزدلفة إىل مىن وأعمال يوم العيد
بعد غروب الشمس يدفع احلجاج من عرفة إىل مزدلفة بسكينة ووقار.
فإذا وصل إىل مزدلفة ,صلى هبا املغرب والعشاء مجعا مع قصر العشاء ركعتني بأذان واحد وإقامتني ,لكل صالة إقامة ,
وذلك قبل حط رحله .
مث يبيت مبزدلفة حىت يصبح ويصلي .
مث يقف هبا ويدعو إىل أن يسفر ,مث يدفع إىل مىن قبل طلوع الشمس .
الضعفة كالنساء والصبيان وحنوهم جيوز له أن يتعجل يف الدفع من مزدلفة إىل مىن إذا غاب القمر .
فاملبيت مبزدلفة واجب من واجبات احلج ملن أتى إليها قبل منتصف الليل ,أما من وصل إليها بعد منتصف الليل ,فإنه
جيزئه البقاء فيها ولو قليال .
31
وجيوز ألهل األعذار ترك املبيت مبزدلفة.
فإذا بلغ هذا الوادي ,أسرع قدر رمية حجر .
ويأخذ حصى اجلمار من طريقه قبل أن يصل مىن أو يأخذه من مزدلفة ,أو من مىن ,ومن حيث أخذ احلصى ,جاز.
وال جيزئ الرمي بغري احلصى ,وال باحلصى الكبار
فإذا وصل إىل مىن ذهب إىل مجرة العقبة فريميها بسبع حصيات ,واحدة بعد واحدة ,بعد طلوع الشمس ,وميتد زمن
الرمي إىل الغروب .
وال بد أن تقع كل حصاة يف حوض اجلمرة ,سواء استقرت فيه أو سقطت بعد ذلك ,فيجب على احلاج أن يصوب احلصا
إىل حوض اجلمرة ,ال إىل العمود ,وحمل الرمي هو احلوض ,فلو ضربت احلصاة يف العمود ,وطارت ,ومل متر على احلوض
,مل جتزئه .
والضعفة ومن يف حكمهم يرموهنا بعد منتصف الليل .
ويسن أن ال يبدأ بشيء حني وصوله إىل مىن قبل رمي مجرة العقبة ; ألنه حتية مىن ,ويستحب أن يكرب مع كل حصاة.
مث بعد رمي مجرة العقبة األفضل أن ينحر هديه إن كان جيب عليه هدي متتع أو قران ,ويذحبه ,ويوزع حلمه ,ويأخذ منه
قسما ليأكل منه .
مث حيلق رأسه أو يقصره ,واحللق أفضل.
واملرأة تقص من كل ضفرية قدر أمنلة.
ويسن ملن حلق أو قصر أخذ أظفاره وشاربه وعانته وإبطه.
األصلع ,فإنه مير املوسى على رأسه .
مث بعد رمي مجرة العقبة وحلق رأسه أو تقصريه يكون قد حل له كل شيء إال النساء.
وهذا هو التحلل األول وحيصل باثنني من ثالثة :رمي مجرة العقبة ,وحلق أو تقصري ,وطواف اإلفاضة مع السعي بعده ملن
عليه السعي .
وحيصل التحلل الثاين -وهو التحلل الكامل -بفعل هذه الثالثة كلها ,فإذا فعلها ,حل له كل شيء حىت النساء .
مث بعد رمي مجرة العقبة وحنر هديه وحلقه أو تقصريه يفيض إىل مكة ,فيطوف طواف اإلفاضة ,ويسعى بعده بني الصفا
واملروة .القارن أو املفرد سعى بعد طواف القدوم ,فإنه يكفيه ذلك السعي فيقتصر على طواف اإلفاضة .
وترتيب هذه األمور األربعة على هذا النمط :رمي مجرة العقبة ,مث حنر اهلدي ,مث احللق أو التقصري ,مث الطواف والسعي :
هذا الرتتيب سنة ,فقدم بعض هذه األمور على بعض ,فال حرج عليه.
باب يف أحكام احلج اليت تفعل يف أيام التشريق وطواف الوداع
وبعد طواف اإلفاضة يوم العيد يرجع إىل مىن ,فيبيت هبا وجوبا ثالث ليال إن مل يتعجل ,وإن تعجل ,بات احلادي عشر
و الثاين عشر .
ويصلي الصلوات فيها قصرا بال مجع.
ويرمي اجلمرات الثالث كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال .فالرمي يف اليوم احلادي عشر وما بعده يبدأ وقته بعد الزوال ,
وقبله ال جيزئ.
ترتيب اجلمرات يبدأ باجلمرة األوىل مث اجلمرة الوسطى مث اجلمرة الكربى .
وجيوز للمريض وكبري السن واملرأة احلامل أن يوكلوا من يرمي عنهم .
مث يف اليوم الثاين عشر ,إن شاء تعجل وخرج من مىن قبل غروب الشمس ,وإن شاء تأخر وبات ورمى اجلمرات الثالث
بعد الزوال يف اليوم الثالث عشر ,وهو أفضل .
وإن غربت عليه الشمس قبل أن يرحتل من مىن ,لزمه التأخر واملبيت والرمي يف اليوم الثالث عشر.
واملرأة إذا حاضت أو نفست قبل اإلحرام مث أحرمت أو أحرمت وهي طاهرة مث أصاهبا احليض أو النفاس وهي حمرمة ,فإهنا
تبقى يف إحرامها ,وتعمل ما يعمله احلاج من الوقوف بعرفة واملبيت مبزدلفة ورمي اجلمار واملبيت مبىن ,إال أهنا ال تطوف
بالبيت وال تسعى حىت تطهر.
30
لكن لو قدر أهنا طافت وهي طاهرة ,مث نزل عليها احليض بعد الطواف ,فإهنا تسعى ألن السعي ال يشرتط له الطهارة .
فإذا أراد السفر من مكة والرجوع مل خيرج حىت يطوف للوداع بالبيت سبعة أشواط إال املرأة احلائض ,فإهنا ال وداع عليها ,
فتسافر بدون وداع.
باب يف أحكام اهلدي واألضحية
اهلدي :ما يهدى للحرم ويذبح فيه من نعم وغريها .واألضحية :ما يذبح يف البيوت يوم العيد وأيام التشريق تقربا إىل هللا .
وأمجع املسلمون على مشروعيتهما.
وأفضل اهلدي اإلبل ,مث البقر مث الغنم ,وأفضل كل جنس أمسنه مث أغاله مثنَا.
وال جيزئ إال جذع الضأن ,وهو ما مت له ستة أشهر ,والثين مما سواه من إبل وبقر ومعز ,والثين من اإلبل ما مت له مخس
سنني ,ومن البقر ما مت له سنتان ,ومن املعز ما مت له سنة .
وجتزئ الشاة يف اهلدي عن واحد ,ويف األضحية جتزئ عن الواحد وأهل بيته ,وجتزئ البدنة والبقرة يف اهلدي واألضحية عن
سبعة.
وال جيزئ يف اهلدي واألضحية إال السليم من املرض ونقص األعضاء ومن اهلزال.
ووقت ذبح هدي التمتع واألضاحي بعد صالة العيد إىل آخر أيام التشريق على الصحيح .
ويستحب أن يأكل من هديه إذا كان هدي متتع أو قران ومن أضحيته ويهدي ويتصدق ,أثالثا .,
ومن أراد أن يضحي ,فإنه إذا دخلت عشر ذي احلجة ,ال يأخذ من شعره وال من أظفاره شيئا إىل ذبح األضحية.
باب يف أحكام العقيقة
العقيقة من حق الولد على والده ,وهي الذبيحة اليت يذحبها عنه تقربا إىل هللا تعاىل .
والصحيح أهنا سنة مؤكدة ,وذحبها أفضل من الصدقة بثمنها.
ومقدار ما يذبح عن الذكر شاتان متقاربتان سنا وشبها ,وعن األنثى شاة واحدة.
ووقت ذبح العقيقة يف اليوم السابع من والدته ,ولو ذحبها قبل اليوم السابع أو بعده جاز .
واألفضل أن يسمى يف هذا اليوم ومن مساه يف يوم والدته ,فال بأس .
وجيزئ يف العقيقة ما جيزئ يف األضحية من حيث السن والصفة.
وختالف العقيقة األضحية يف كوهنا ال جيزئ فيها شرك يف دم ,فال جتزئ فيها بدنة وال بقرة إال كاملة.
كتاب اجلها
كتاب يف أحكام اجلهاد
شرع هللا اجلهاد يف سبيله إلعالء كلمته ونصرة دينه ودحر أعدائه.
واجلهاد يف سبيل هللا مشروع بالكتاب والسنة واإلمجاع .
واجلهاد شرعا :قتال الك ّفار ,ويطلق اجلهاد على أعم من القتال .
ويطلق اجلهاد أيضا على جماهدة النفس والشيطان والفساق.
واجلهاد فرض كفاية .
وهو أفضل متطوع به
حاالت جيب فيها اجلهاد وجوبا عينيا وهي :
أوال :إذا حضر القتال.
ثانيا :إذا حصر بلده عدو .
ثالثا :إذا احتاج إليه املسلمون يف القتال واملدافعة .
رابعا :إذا استنفره اإلمام.
32
وجيب على اإلمام أن يتفقد اجليش ,ومينع من ال يصلح حلرب من رجال وخيل وحنوها.
وجيب على اجليش طاعته باملعروف ,والنصح له ,والصرب معه.
والقتال إمنا يكون بعد تبليغ الدعوة.
وإذا كان أبواه مسلمني حرين أو أحدمها ; مل جياهد تطوعا إال بإذهنما.
وال جيوز قتل صيب ,أو امرأة ,أو راهب ,أو شيخ فان ,أو مريض مزمن ,أو أعمى ,ويكونون أرقاء بالسيب.
ومتلك الغنيمة باالستيالء عليها يف دار احلرب .والغنيمة ما أخذ من مال حريب قهرا بقتال .
كيفية توزيع الغنيمة :أن خيرج اخلمس الذي هلل ولرسوله ,وسهم لقرابة الرسول صلى هللا عليه وسلم واليتامى والفقراء واملساكني
وأبناء السبيل ,مث يقسم األمخاس األربعة الباقية على املقاتلني ; للراجل سهم ,وللفارس ثالثة أسهم ,سهم له ,وسهمان.
وحيرم الغلول ,وهو كتمان شيء مما غنمه املقاتل وجيب تعزير الغال مبا يراه.
وإذا كانت الغنيمة أرضا ;خري اإلمام بني قسمتها بني الغامنني ,وبني وقفها ملصاحل املسلمني .
وجيوز إلمام املسلمني عقد اهلدنة مع الكفار على ترك القتال مدة معلومة بقدر احلاجة إذا كان يف عقدها مصلحة
للمسلمني.
وإذا خاف اإلمام منهم نقضا للهدنة ; أعلن هلم انتهاء اهلدنة قبل قتاهلم .
وجيوز لإلمام عقد الذمة مع أهل الكتاب وإقرارهم على دينهم ; بشرط بذهلم اجلزية.
وال تؤخذ اجلزية من صيب وال امرأة وجمنون وزمن وأعمى وشيخ فان ,وال ممن يعجز عنها .
ومىت بذلوا اجلزية ; وجب قبوهلا منهم ,وحرم قتاهلم ,ووجب دفع من قصدهم بأذى .
كتاب البيوع
باب يف أحكام البيوع
والبيع جائز بالكتاب والسنة واإلمجاع
وينعقد البيع بالصيغة القولية أو الصيغة الفعلية .
والصيغة القولية :البائع ,كأن يقول :بعت .املشرتي ,كأن يقول :اشرتيت .
والصيغة الفعلية هي املعاطاة اليت تتكون من األخذ واإلعطاء ,كأن يدفع إليه السلعة ,فيدفع له مثنها املعتاد .
وقد تكون الصيغة مركبة من القولية والفعلية .
وشرط صحة البيع يف العاقدين :
الرتاضي منهما.
يشرتط يف كل أن يكون جائز التصرف .
يشرتط يف كل أن يكون مالكا للمعقود عليه أو قائما مقام مالكه
ويشرتط البيع يف املعقود عليه ثالثة شروط :
.1أن يكون مما يباح االنتفاع به مطلقا ; فال يصح بيع ما حيرم االنتفاع به .
.2أن يكون مقدورا على تسليمه ,ال بيع مجل شارد ,وال طري يف اهلواء .
.3يشرتط يف الثمن واملثمن أن يكون كل منهما معلوما عند املتعاقدين .
باب يف بيان البيوع املنهي عنها
ال يصح البيع وال الشراء ممن تلزمه صالة اجلمعة بعد ندائها الثاين.
وكذلك بقية الصلوات املفروضة ال جيوز التشاغل عنها بعدما ينادى حلضورها يف املساجد .
وكذلك ال يصح بيع الشيء على من يستعني به على معصية هللا ,فال يصح بيع العصري على من يتخذه مخرا .
33
وكذا ال جيوز وال يصح بيع سالح يف وقت الفتنة بني املسلمني .وال جيوز بيع عبد مسلم لكافر إذا مل يعتق عليه .وحيرم
بيعه على بيع أخيه املسلم .وكذا حيرم شراؤه على شرائه .
ومن البيوع احملرمة :بيع احلاضر للبادي ,بيع العينة وهو أن يبيع سلعة على شخص بثمن مؤجل ,مث يشرتيها منه بثمن
حال أقل من املؤجل ,كأن يبيع عليه سيارة بعشرين ألف إىل أجل ,مث يشرتيها منه خبمسة عشر ألفا حالة يسلمها له .
باب يف أحكام الشروط يف البيع
الشروط يف البيع تنقسم إىل قسمني :صحيحة وفاسدة :
أوال :الشروط الصحيحة :وهي الشروط اليت ال ختالف مقتضى العقد .
والقسم الصحيح من الشروط نوعان :
.1النوع األول :شرط ملصلحة العقد ,كاشرتاط التوثيق بالرهن ,أو اشرتاط الضامن ,واشرتاط تأجيل الثمن أو
تأجيل بعضه إىل مدة معلومة .
.2النوع الثاين :أن يشرتط أحد املتعاقدين على اآلخر بذل منفعة مباحة يف املبيع ; كأن يشرتط البائع سكىن الدار
املبيعة مدة معينة .
ثانيا :الشروط الفاسدة :
.1النوع األول :شرط فاسد يبطل العقد من أصله ,ومثاله أن يشرتط أحدمها على اآلخر عقدا آخر ,كأن يقول :
بعتك هذه السلعة بشرط أن تؤجرين دارك .
.2النوع الثاين :ما يفسد يف نفسه ,وال يبطل البيع ; مثل أن يشرتط املشرتي على البائع أنه إن خسر يف السلعة ردها
عليه; ألنه خيالف مقتضى العقد ,ألن مقتضى البيع أن يتصرف املشرتي يف السلعة تصرفا مطلقا .
باب يف أحكام اخليار يف البيع
دين اإلسالم دين مسح شامل ,يراعي املصاحل والظـروف ,ويرفـع احلـرج واملشـقة عـن األمـة ,ومـن ذلـك مـا شـرعه يف البيـع مـن
إعطاء اخليار للعاقد ,ليرتوى يف أمره .
فاخليار يف البيع معناه طلب خري األمرين من اإلمضاء أو الفسخ ,وهو مثانية أقسام - :
.1أوال :خيار اجمللس; فلكل من املتبايعني اخليار ما داما يف اجمللس .
.2ثانيــا :خيــار الشــرط بــأن يشــرتط املتعاقــدان اخليــار يف ص ــلب العقــد أو بعــد العقــد يف مــدة خيــار اجملل ــس مــدة
معلومة.
.3ثالثا :خيار الغنب إذا غنب يف البيع غبنا خيرج عن العادة ; فيخري املغبون منهما بني اإلمساك والرد .
وخليار الغ ن ثالث صور :
)1الصــورة األوىل :تلقــي الركبــان ,واملـراد هبــم القــادمون جللــب ســلعهم يف البلــد ,فــإذا تلقــاهم ,واشــرتى مــنهم ,وتبــني أنــه قــد
غبنهم غبنا فاحشا ; فلهم اخليار .
)2الصــورة الثانيــة :الغــنب الــذي يكــون ســببه زيــادة النــاجش يف مثــن الســلعة ,والنــاجش :هــو الــذي يزيــد يف الســلعة وهــو ال يريــد
شراءها ,وإمنا يريد رفع مثنها على املشرتي ,وهذا عمل حمرم .ومن صور النجش أن يقول أعطيـت هبـا كـذا وكـذا وهـو كـاذب
,أو يقول :اشرتيتها بكذا وهو كاذب .
)3الصــورة الثالثــة :غــنب املسرتســل .واملسرتســل :هــو الــذي جيهــل القيمــة يعتمــد علــى صــدق البــائع لســالمة سـريرته ,فــإذا غــنب
غبنا فاحشا ; ثبت له اخليار " .
.4رابعا :خيار التدليس .والتدليس :هو إظهار السلعة املعيبة مبظهر السليمة والتدليس حرام ,وتسـوغ بـه الشـريعة
للمشرتي الرد .وهو نوعان :
النوع األول :كتمان عيب السلعة .
والنوع الثاين :أن يزوقها وينمقها مبا يزيد به مثنها .
34
.5خامسا :خيـار العيـب :أي اخليـار الـذي يثبـت للمشـرتي بسـبب وجـود عيـب يف السـلعة مل خيـربه بـه البـائع أو مل
يعلم به البائع ,لكنه تبني أنه موجود يف السلعة قبل البيع ,وضابط العيب الـذي يثبـت بـه اخليـار هـو مـا تـنقص
بسببه قيمة املبيع عادة أو تنقص به عينه
.6سادسا :ما يسمى خبيار التخبري بالثمن وهو ما إذا باع السلعة بثمنها الذي اشرتاها به .
.٩ســابعا :خيــار يثبــت إذا اختلــف املتبايعــان يف بعــض األمــور ,كمــا إذا اختلفــا يف مقــدار الــثمن ,أو اختلفــا يف
عني املبيع ,أو قدره ,أو اختلفا يف صفته
.٤ثامنــا :خيــار يثبــت للمشــرتي إذا اشــرتى شــيئا بنــاء علــى رؤيــة ســابقة ,مث وجــده قــد تغــريت صــفته ,فلــه اخليــار
حينئذ بني إمضاء البيع وفسخه .
باب يف أحكام التصرف يف البيع قبل قبضه واإلقالة
ال يصح التصرف يف املبيع قبل قبضه إذا كان مكيال أو موزونا أو معدودا أو مذروعا باتفاق األئمة .
فإذا اشرتى املسلم سلعة ,مل يقدم على التصرف فيها ببيع أو غريه حىت يقبضها قبضا تاما .
فإن قلت :ما هو القبض الصحيح الذي يسوغ للمشرتي التصرف يف السلعة ؟ فاجلواب أن قبض السلع خيتلف
باختالف نوعيتها ,وكل نوع له قبض يناسبه ,فإذا كان املبيع مكيال فقبضه بالكيل .
مع حيازة هذه األشياء إىل مكان املشرتي ,وإن كان املبيع مما ال ميكن نقله من مكانه ; كالبيوت واألراضي والثمر على
رءوس الشجر ,فقبضه حيصل بالتخلية ,بأن ميكن منه املشرتي ,وخيلى بينه وبينه ليتصرف فيه تصرف املالك ,
وتسليم الدار وحنوها بأن يفتح له باهبا أو يسلمه مفتاحها .
باب يف بيان الربا وحكمه
والربا يف اللغة معناه الزيادة ,وهو يف الشرع زيادة يف أشياء خمصوصة ,وينقسم إىل قسمني :ربا النسيئة ,وربا الفضل .
بيان ربا النسيئة :وربا النسيئة مأخوذ من النسء ,وهو التأخري ,وهو نوعان :
)1أحدمها :زاد هذا يف األجل وزاد هذا يف املال ,فيتضاعف املال يف ذمة املدين ,فحرم .
)2ثانيهما :ما كان يف بيع كل جنسني اتفقا يف علة ربا الفضل مع تأثري قبضهما أو قبض أحدمها ; كبيع الذهب
بالذهب ,والفضة بالفضة ,وكذا بيع جنس جبنس من هذه املذكورات مؤجال .
بيان ربا الفضل :وهو عبارة عن الزيادة يف أحد العوضني .
وقد نص الشارع على حترميه يف ستة أشياء هي :الذهب ,والفضة ,والرب ,والشعري ,والتمر ,وامللح ,فإذا
بيع أحد هذه األشياء جبنسه ,حرم التفاضل بينهما قوال واحدا.
والصحيح أن العلة يف النقدين الثمنية ,فيقاس عليهما كل ما جعل أمثانا ; كاألوراق النقدية املستعملة يف هذه األزمنة ,
فيحرم فيها التفاضل إذا بيع بعضها .
والصحيح أن العلة يف بقية األصناف الستة الرب والشعري والتمر وامللح هي الكيل أو الوزن ,مع كوهنا مطعومة ,فيتعدى
احلكم إىل ما شاركوا يف تلك العلة مما يكال أو يوزن وهو مما يطعم .
كل ما شرك هذه األشياء الستة كبيع بر برب مثال ,حرم فيه التفاضل والتأجيل وإن احتدت العلة مع اختالف اجلنس ,
كالرب بالشعري ; حرم فيه التأجيل ,وجاز فيه التفاضل
فإذا بيع نقد جبنسه ; كذهب بذهب ,أو فضة بفضة ,أو ورق نقدي جبنسه ; كدوالر مبثله ,أو دراهم ورقية سعودية
مبثلها ; وجب حينئذ التساوي يف املقدار والتقابض يف اجمللس .
وإن بيع نقد بنقد من غري جنسه ; كدراهم سعودية ورقية بدوالرات أمريكية مثال ,وكذهب بفضة ; وجب حينئذ شيء
واحد ,وهو احللول والتقابض يف اجمللس ,وجاز التفاضل يف املقدار.
باب يف أحكام بيع األصول
األصول هي الدور واألراضي واألشجار ,وما يتبع تلك األصول إذا بيعت مما يتعلق هبا ; فيكون للمشرتي ,وما ال
يتبعها فقد يبيع اإلنسان شيئا من ماله ,وهذا الشيء يتعلق به توابع ومكمالت ومرافق .
35
فإذا باع دارا ; مشل البيع بناءها وسقفها ,ألن ذلك كله داخل يف مسمى الدار ,كاألبواب املنصوبة ,والسالمل ,
والرفوف املسمرة هبا ,واآلليات املركبة فيها ,وخزانات املياه املدفونة يف األرض ,أو املثبتة فوق السطوح ,واألنابيب
املمدودة لتوزيع املاء ,ويشمل البيع أيضا ما يف الدار من أشجار وزراعة ,وما أقيم فيها من مظالت .
أما ما كان مودعا يف الدار وما هو منفصل عنها ; فال يشمله البيع ; كاألخشاب ,واحلبال ,واألواين ,والفرش
املنفصلة ,وما دفن يف أرضها للحفظ ; كاحلجارة ,والكنوز ,وغريها ,فكل هذه األشياء ال يشملها البيع .
وإذا باع أرضا ,مشل البيع كل ما هو متصل هبا .
وكذا لو باع بستانا ; مشل البيع أرضه ,وشجره ,وحيطانه ,وما فيه من منازل ,ولو باع أرضا فيها زرع ال حيصد إال
مرة ,كالرب والشعري ,فهو للبائع ,وال يشمله العقد ,وإن كان يف األرض املبيعة زرع جيز مرارا ,كالقث ,أو يلقط مرارا
; كالقثاء والباذجنان ,فإن أصوله تكون ملشرتي األرض تبعا لألرض ,وأما اجلزة واللقطة الظاهرتان عند البيع ,فإهنما
تكونان للبائع .
وكل ما ذكر من هذا التفصيل فيما يتبع البائع وما يتبع املشرتي عند بيع األصول إذا مل يوجد شرط بينهما ,أما إذا
وجد شرط يلحق هذه األشياء بأحدمها دون اآلخر ; وجب العمل به .
ومن باع خنال قد أبّر طلعه ,فثمره للبائع ,والتأبري هو التلقيح ,ومثل النخل يف هذا احلكم شجر العنب والتوت
والرمان ,إذا بيع بعد ظهور مثره ; كان مثره للبائع .
باب يف أحكام بيع الثمار
إذا بيعت هذه الثمار دون أصوهلا ; فإنه ال يصح ذلك قبل بدو صالحها .
وكذا ال جيوز بيع الزرع قبل اشتداد .
إذا بيعت منفردة فإن ذلك جيوز ,وذلك يف ثالث صور :
-الصورة األوىل :إذا بيع الثمر قبل بدو صالحه بأصوله ; بأن يبيع الثمر مع الشجر ,فيصح ذلك ,ويدخل الثمر تبعا .
-الصورة الثانية :إذا بيع الثمر قبل بدو صالحه أو الزرع األخضر ملالك األصل ; أي :مالك الشجر أو مالك األرض.
-الصورة الثالثة :بيع الثمر قبل بدو صالحه والزرع قبل اشتداد حبه بشرط القطع يف احلال ,مع االنتفاع هبما إذا قطعا .
باب يف وضع اجلوائح
فإذا بيعت الثمرة بعد بدو صالحها ,فأصيبت بآفة مساوية أتلفتها يتمكن املشرتي من أخذها حىت أصيبت وتلفت ,فإن
املشرتي يرجع على البائع ,ويسرتد منه الثمن الذي دفعه له ,فإن تلفت كلها ; رجع املشرتي بالثمن كله ,وإن تلف بعضها ,
رجع املشرتي على البائع فيما يقابله من الثمن ,وإذا كان التالف يسريا ال ينضبط ; فإنه يفوت على املشرتي ,وال يكون من
مسئولية البائع ,إذا تلفت بفعل آدمي بنحو حريق; خيري املشرتي بني فسخ البيع ومطالبة البائع مبا دفع من الثمن .
باب فيما يتبع املبيع وما ال يتبعه
من باع عبدا أو دابة ,تبع املبيع ما على العبد من ثياب العادة ,وما على الدابة من اللجام واملقود والنعل ,ومامل جتر العادة
بتبعيته للمبيع كمال العبد وما عليه من ثياب اجلمال; فهذا ال يتبع املبيع .
فإذا اشرتط املشرتي دخول املال الذي مع العبد يف البيع .
باب يف أحكام السلم
هو عقد على موصوف يف الذمة مؤجل بثمن مقبوض يف جملس .
ويشرتط لصحة السلم شروط:
)1انضباط صفات السلعة املسلم فيها ,فال يصح السلم فيما ختتلف صفاته; كالبقول ,واجللود ,واألواين املختلفة ,واجلواهر.
)2ذكر جنس املسلم فيه ونوعه ,فاجلنس كالرب ,والنوع كـ(السلموين) مثال .
)3ذكر قدر املسلم فيه بكيل أو وزن أو ذرع .
)4ذكر أجل معلوم .
)5أن يوجد املسلم فيه غالبا يف وقت حلول أجله .
36
)6أن يقبض الثمن تاما معلوم املقدار يف جملس العقد .
)٩أن يكون املسلم فيه غري معني ,بل يكون دينا يف الذمة .
ال جيوز بيع السلعة املسلم فيها قبل قبضها.
إذا تعذر وجود املسلم فيه وقت حلوله فلم حتمل الشجر تلك السنة ; فلرب الصرب إىل أن يوجد أو الفسخ ويطالب برأس ماله .
باب يف أحكام القرض
دفع مال ملن ينتفع به ويرد بدله
ويشرتط لصحة القرض أن يكون املقرض ممن يصح تربعه ; فال جيوز لويل اليتيم مثال أن يقرض من مال اليتيم ,وكذلك يشرتط
معرفة قدر املال املدفوع يف القرض ,ومعرفة صفته ; ليتمكن من رد بدله إىل صاحبه .
وحيرم على املقرض أن يشرتط على املقرتض زيادة يف القرض فال جيوز ملقرض قبول هدية وال غريها من املنافع من املقرتض إذا
كان هذا بسبب القرض .
أن الزيادة املمنوع أخذها يف القرض هي الزيادة املشرتطة ; كأن يقول :أقرضك كذا بشرط أن ترد املال بزيادة كذا وكذا .
لو بذل املقرتض الزيادة من ذات نفسه وبدافع منه ,بدون اشرتاط من املقرض ,فال مانع من أخذ الزيادة حينئذ .
إذا بذل املقرتض للمقرض نفعا معتادا قبل القرض ومل يكن الدافع إليه هو القرض ,فال مانع من قبوله.
باب يف أحكام الرهن
توثقة دين بعني ميكن استيفاؤه منها أو من مثنها ,أي :جعل عني مالية وثيقة بدين .
والرهن جائز بالكتاب والسنة واإلمجاع .
ويشرتط لصحة الرهن معرفة قدره وجنسه وصفته ,وأن يكون الراهن جائز التصرف ,مالكا للمرهون ,أو مأذونا له فيه .
وجيوز لإلنسان أن يرهن مال نفسه على دين غريه .
ويشرتط يف العني املرهونة أن تكون مما يصح بيعه .
ويصح اشرتاط الرهن يف صلب العقد.
وجيوز أن يرهن نصيبه من عني مشرتكة بينه وبني غريه .وجيوز رهن املبيع على مثنه ; ألن مثنه دين يف الذمة ,فإذا اشرتى دارا أو
سيارة مثال بثمن مؤجال وحال مل يقبض ; فله رهنها حىت يسدد له الثمن .
وال ينفذ تصرف أحد الطرفني املرهتن أو الراهن يف العني املرهونة إال بإذن الطرف اآلخر.
وأما االنتفاع بالرهن فحسب ما يتفقان عليه :فإن اتفقا على تأجريه أو غريه ,جاز ,وإن مل يتفقا ; بقي معطال حىت يفك
الرهن .وميكن الراهن من عمل ما فيه إصالح للرهن ,كسقي الشجر ,وتلقيحه ,ومداواته ,ألن ذلك مصلحة للرهن .
ومناء الرهن املتصل و مناؤه املنفصل كالولد والثمرة والصوف وكسبه :ملحق به ,يكون رهنا معه ,ويباع معه لوفاء الدين .
ومؤنة الرهن من طعامه وعلف الدواب وعمارته وغري ذلك على الراهن .
وإن تلف بعض الرهن وبقي بعضه ,فالباقي رهن جبميع الدين .
وإن وىف بعض الدين ,مل ينفك شيء من الرهن حىت يسدده كله .
وإذا حل الدين الذي به رهن وجب على املدين تسديده كالدين الذي ال رهن به .فإن امتنع من الوفاء جيربه احلاكم حبسه
وعزره حىت يويف أو يبيع الرهن ويسدد من قيمته ,فإن امتنع ,فإن احلاكم يبيع الرهن ,ويويف الدين من مثنه .
إذا كان حيوانا حيتاج إىل نفقة وكان يف قبضة املرهتن ,له أن يركبه وينفق عليه إن كان يصلح للركوب ,وحيلبه وينفق عليه باب
يف أحكام الضمان
التزام ما وجب على غريه ,مع بقائه على مضمون عنه .
ويشرتط لصحته أن يكون الضامن جائز التصرف ,ألنه حتمل مال ,ويشرتط رضاه أيضا ,فإن أكره على الضمان ; مل يصح.
والضمان عقد إرفاق يقصد به نفع املضمون وإعانته ; فال جيوز أخذ العوض عليه .
ويصح الضمان بلفظ :أنا ضمني ,أو :أنا قبيل ,أو :أنا محيل ,أو :أنا زعيم ,وبلفظ :حتملت دينك ,أو :ضمنته ,أو
:هو عندي ,وبكل لفظ يؤدي معىن الضمان.
37
ولصاحب احلق أن يطالب من شاء من الضامن أو املضمون .
ذمة الضامن ال تربأ إال إذا برئت ذمة املضمون عنه من الدين بإبراء أو قضاء .
جيوز تعدد الضامنني فيجوز أن يضمن احلق اثنان فأكثر .
ال يشرتط يف صحته معرفة الضامن للمضمون عنه ,كأن يقول :من استدان منك ; فأنا ضمني .
يصح ضمان املعلوم ,يصح ضمان عهدة املبيع بأن يضمن الثمن إذا ظهر املبيع مستحقا لغري البائع .جيوز ضمان ما جيب
على الشخص ,كأن يضمن ما يلزمه من دين وحنوه .
باب يف أحكام الكفالة
الكفالة هي التزام إحضار من عليه حق مايل لربه .وال تصح الكفالة ببدن من عليه حد .
ويشرتط لصحة الكفالة أن تكون برضى الكفيل .
ويربأ الكفيل مبوت املكفول املتعذر إحضاره ويربأ كذلك بتسليم املكفول نفسه لرب احلق .
جيوز ضمان معرفة الشخص كما لو جاء إنسان ليستدين من إنسان ,فقال :أنا ال أعرفك فال أعطيك .فقال شخص آخر :
أعرفك من هو وأين هو ; فإنه يلزم بإحضاره إذا غاب ,وال يكفي أن يذكر امسه ومكانه . أنا أضمن لك معرفته ,أي ِّ :
باب يف أحكام احلوالة
نقل دين من ذمة إىل ذمة أخرى ,وتصح احلوالة بشروط :
)1الشرط األول :أن تكون على دين مستقر يف ذمة احملال عليه .
)2الشرط الثاين :اتفاق الدينني احملال به واحملال عليه .
)3الشرط الثالث :رضى املحيل ألن احلق عليه .
باب يف أحكام الوكالة
هي :استنابة جائز التصرف مثلها فيما تدخله النيابة
تنعقد بكل قول يدل على اإلذن ; كـ :افعل كذا ,أو :أذنت لك يف فعل كذا .وتصح الوكالة مؤقتة ومعلقة بشرط ; كأن
يقول :أنت وكيلي شهرا .فال تنعقد بقوله :وكلت أحد هذين ,أو بتوكيل من ال يعرفه .
تصح الوكالة يف كل ما تدخله النيابة من حقوق هللا من العبادات ; كالصدقة ,وإخراج الزكاة ,والنذر ,والكفارة ,واحلج ,والعمرة.
يصح التوكيل يف كل ما تدخله النيابة من حقوق اآلدميني من العقود والفسوخ .
فالعقود :مثل البيع والشراء واإلجارة والقرض واملضاربة.
والفسوخ :كالطالق واخللع والعتق واإلقالة .
ما ال تدخله النيابة من حقوق هللا تعاىل ,فال يصح التوكيل فيه ,وهو العبادات البدنية; كالصالة والصوم والطهارة .
وتصح الوكالة يف إثبات احلدود واستيفائها.
وليس للوكيل أن يوكل فيما وّكِل فيه ,إال يف مسائل ,وهي :
إذا أجاز له املوكل ذلك ; بأن يقول :وّكِل إذا شئت .
إذا كان العمل املوكل فيه ال يتواله مثله .
إذا عجز عن العمل الذي وكل فيه .
إذا كان ال حيسن العمل الذي وكل فيه .
ال جيوز له أن يوكل إال أمينا.
والوكالة عقد جائز من الطرفني غري الزم ,فلكل واحد منهما فسخها يف أي وقت شاء .
تبطل بفسخ أحدمها أو موته أو جنونه املطبق .
ومن له التصرف يف شيء ; فله التوكيل والتوكل فيه.
ومن وكل يف بيع أو شراء ; مل يبع ومل يشرت من نفسه .
38
يتعلق باملوكل حقوق العقد من تسليم الثمن وقبض املبيع والرد بالعيب وضمان الدرك ,والوكيل يف البيع يسلم املبيع وال يستلم
الثمن بغري إذن املوكل أو قرينة .
الوكيل أمني ال يضمن ما تلف بيده من غري تفريط وال تعد.
ويقبل قول الوكيل فيما وكل فيه من بيع وإجارة .
باب يف أحكام احلجر
احلجر هو :منع إنسان من تصرفه يف ماله ,واحلجر نوعان :
.3النوع األول :حجر على اإلنسان ألجل حظ غريه ,كاحلجر على املفلس حلظ الغرماء .
.4النوع الثاين :حجر على اإلنسان ألجل مصلحته هو ; لئال يضيع ماله ويفسده ,كاحلجر على الصغري والسفيه واجملنون .
أوال :احلجر على اإلنسان حلظ غريه:
oمن عليه دين حال ال يتسع له ماله املوجود ,فيمنع من التصرف يف ماله ; لئال يضر بأصحاب الديون .أما املدين املعسر
,جيب إنظاره .
oمن له قدرة على وفاء دينه ; فإنه ال جيوز احلجر عليه ,لعدم احلاجة إىل ذلك .
ويتعلق باحلجر عليه أربعة أحكام :
)1احلكم األول :أنه يتعلق حق الغرماء مباله املوجود قبل احلجر ,فال ينفذ تصرف احملجور عليه يف ماله بعد احلجر
بأي نوع من أنواع التصرف .
)2احلكم الثاين :أن من وجد عني ماله الذي باعه عليه أو أقرضه إياه أو أجره إياه قبل احلجر عليه; فله أن يرجع به
ويسحبه من عند املفلس .
يشرتط لرجوع من وجد ماله عند املفلس احملجور عليه ستة شروط :
)1الشرط األول :كون املفلس حيا إىل أن يأخذ ماله منه .
)2الشرط الثاين :بقاء مثنها كله يف ذمة املفلس .
)3الشرط الثالث :بقاء العني كلها يف ملك املفلس .
)4الشرط الرابع :كون السلعة حباهلا ,مل يتغري شيء من صفاهتا .
)5الشرط اخلامس :كون السلعة مل يتعلق هبا حق الغري.
)6الشرط السادس :كون السلعة مل تزد زيادة متصلة كالسمن.
فإذا توافرت هذه الشروط ,جاز لصاحب السلعة أن يسحبها إذا ظهر إفالس من هي عنده .
)3احلكم الثالث :انقطاع املطالبة عنه بعد احلجر عليه إىل أن ينفك عنه احلجر.
)4احلكم الرابع :أن احلاكم يبيع ما له ,ويقسم مثنه بقدر ديون غرمائه احلالة.
ثانيا :احلجر على اإلنسان حلظ نفسه حبفظ ماله وتوفريه له .
ويزول احلجر عن الصغري بأمرين :
األمر األول :البلوغ :ويعرف ذلك بعالمات .
)3بلوغه مخس عشرة سنة . )1إنزاله املين يقظة أو مناما .
)4وتزيد اجلارية احليض . )2إنبات الشعر اخلشن حول قبله
األمر الثاين :الرشد :وهو الصالح يف املال .
ويزول احلجر عن اجملنون بأمرين
)1األول :زوال اجلنون ورجوع العقل إليه
)2والثاين :أن يكون رشيدا.
39
ويزول عن السفيه بزوال السفه واتصافه بالرشد .
ويتوىل مال كل من هؤالء الثالثة حال احلجر أبوه إذا كان عدال رشيدا ; لكمال شفقته ,مث من بعد األب وصيه .
وإذا كان ويل اليتيم فقريا ; فله أن يأكل من مال اليتيم قدر أجرته لقاء ما يقدمه من خدمة ملاله .
باب يف أحكام الصلح
الصلح :معاقدة يتوصل هبا إىل إصالح بني متخاصمني ,والصلح اجلائز هو العادل .
أنواع الصلح مخسة :
)1الصلح بني املسلمني وأهل احلرب .
)2صلح بني أهل العدل وأهل البغي من املسلمني .
)3صلح بني الزوجني.
)4إصالح بني متخاصمني يف غري املال
)5إصالح بني متخاصمني يف األموال ,ينقسم إىل قسمني :
)1األول :صلح عن إقرار وهو نوعان :
.1نوع يقع على جنس احلق .
فالذي يقع على جنسه مثل ما إذا أقر له بدين معلوم أو بعني مالية يف يده ,فصاحله على أخذ
بعض الدين وإسقاط بقيته .أقر لك بشرط أن تعطيين أو تعوضين كذا .مل يصح ; ألن صاحب
احلق له املطالبة جبميع احلق .
ويشرتط لصحة هذا النوع أن ال مينعه حقه بدونه .
ويشرتط أن يكون صاحب احلق ممن يصح تربعه .
.2ونوع يقع على غري جنسه
والنوع الثاين أن يصاحل عن احلق بغري جنسه ; كما لو اعرتف له بدين أو عني ,مث تصاحلا على
أن يأخذ عوضا من غري جنسه .
)2والثاين :صلح عن إنكار .
ومعناه أن يدعي شخص على آخر بعني له عنده ; أو بدين يف ذمته له ,فيسكت املدعى عليه وهو جيهل
حال أو مؤجل ,فيصح الصلح يف هذه احلالة يف قول أكثر أهل املدعى به ,مث يصاحل املدعي عن دعواه مبال ّ
العلم .
ويصح الصلح عن احلق كحساب بينهما مضى عليه زمن طويل ,وال علم لكل منهما عما عليه لصاحبه .
ويصح الصلح عن القصاص بالدية احملددة شرعا أو أقل أو أكثر .
وال يصح الصلح عن احلدود ألهنا شرعت للزجر ,وألهنا حق هلل تعاىل وحق للمجتمع .
باب يف أحكام اجلوار والطرقات
وال جيوز أن حيدث اإلنسان يف ملكه ما يضر جباره ,كحمام أو خمبز أو مطبخ أو مقهى يتعدى ضرره ,أو مصنع يقلق
جاره .
وإذا كان بينه وبني جاره جدار مشرتك ,حرم أن يتصرف فيه بفتح طاق أو غرز وتد إال بإذنه.
فال جيوز مضايقة املسلمني يف طرقاهتم بل جيب إفساح الطريق ,وإماطة األذى عنه .
وال جيوز أن حيدث يف ملكه ما يضايق الطريق ; كأن يبين فوق الطرق سقفا مينع مرور الركبان واألمحال .
وال جيوز له أن يتخذ موقفا لدابته أو سيارته بطريق املارة .
ومينع يف الطريق الغرس والبناء واحلفر ووضع احلطب والذبح فيها وطرح القمامة والرماد وغري ذلك مما فيه ضرر على املارة
.
41
باب يف أحكام الشفعة
والشفعة :استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه ممن انتقلت إليه بعوض مايل.
فيأخذ الشفيع نصيب شريكه البائع بثمنه الذي استقر عليه .
فيجب على املشرتي أن يسلم الشقص املشفوع فيه إىل الشافع بالثمن الذي تراضيا عليه
والشفعة حق شرعي ,جيب احرتامه ,وحيرم التحيل إلسقاطه .
ومن احليل أن يظهر أنه وهب نصيبه آلخر ,وهو قد باعه عليه لريفع الثمن يف الظاهر حىت ال يتمكن من دفعه .
الشفعة هي األرض اليت مل جتر قسمتها ,ويتبعها ما فيها من غراس وبناء ,فإن جرت قسمة األرض.
والشفعة إمنا تثبت باملطالبة هبا فور علمه بالبيع ,فإن مل يطلبها وقت علمه بالبيع ,سقطت ,فإن مل يعلم بالبيع ,فهو
على شفعته ,ولو مضى عدة سنني.
وتثبت الشفعة للشركاء على قدر ملكهم ; ألنه حق يستفاد بسبب امللك.
كتاب الشركات
باب يف أحكام الشراكة وأنواع الشركات
جتوز مشاركة املسلم للكافر بشرط أن ال ينفرد الكافر بالتصرف ,بل يكون بإشراف
والشركة تنقسم إىل قسمني :شركة أمالك وشركة عقود .
-فشركة األمالك هي اشرتاك يف استحقاق ,كاالشرتاك يف متلك عقار أو متلك مصنع .
-وشركة العقود هي االشرتاك يف التصرف ,كاالشرتاك يف البيع أو الشراء أو التأجري .
وهي مخسة أنواع :
أن يكون االشرتاك يف املال والعمل ,وهذا النوع يسمى شركة العنان .
اشرتاك يف مال من جانب وعمل من جانب آخر ,وهذا ما يسمى باملضاربة .
اشرتاك يف التحمل بالذمم دون مال ,وهذا ما يسمى بشركة الوجوه .
اشرتاك فيما يكسبان بأبداهنما ,وهذا ما يسمى بشركة األبدان .
اشرتاك يف كل ما تقدم ,بأن يفوض أحدمها إىل اآلخر كل تصرف مايل وبدين ,ويسمى هذا النوع بشركة املفاوضة .
باب يف أحكام شركة العنان
)1مسيت بذلك لتساوي الشريكني يف املال والتصرف.
)2فحقيقة شركة العنان أن يشرتك شخصان فأكثر مباليهما ,حبيث يصريان ماال واحدا يعمالن فيه بيديهما ,أو يعمل فيه
أحدمها ويكون له من الربح أكثر من نصيب اآلخر .
)3وحكمه هبذا االعتبار جائزة باإلمجاع .
)4وينفذ تصرف كل من الشريكني يف مال الشركة حبكم امللك يف نصيبه والوكالة يف نصيب شريكه .
)5جيوز أن يكون رأس مال الشركة من النقدين املضروبني .
)6كون رأس املال يف شركة العنان من العروض ,الصحيح
)٩ويشرتط لصحة شركة العنان أن يشرتطا لكل من الشريكني جزءا من الربح مشاعا معلوما كالثلث والربع ,فال يتميز نصيب
كل منهما إال باالشرتاط والتحديد .
40
باب يف أحكام شركة املضاربة
واملضاربة هي :دفع مال معلوم ملن يتجر به ببعض رحبه ,وهذا النوع جائز باإلمجاع .
وتعيني مقدار نصيب العامل من الربح يرجع إليهما :فلو قال رب املال للعامل :اجتر به والربح بيننا ; صار لكل منهما نصف
الربح ,وإن قال رب املال للعامل :اجتر به ويل ثالثة أرباع رحبه أو ثلثه ,أو قال له :اجتر به ولك ثالثة أرباع رحبه أو ثلثه صح
ذلك .
وإذا فسدت املضاربة فرحبها يكون لرب املال .
وتصح املضاربة مؤقتة بوقت حمدد بأن يقول رب املال :ضاربتك على هذه الدراهم ملدة سنة .
وتصح املضاربة معلقة بشرط ; كأن يقول :إذا جاء شهر كذا ; فضارب هبذا املال .
وال جيوز للعامل أن يأخذ مضاربة من شخص آخر إذا كان ذلك يضر باملضارب األول إال بإذنه ,وذلك كأن يكون املال الثاين
كثريا يستوعب وقت العامل فيشغله عن التجارة مبال األول ,أو يكون مال املضارب األول كثريا يستوعب وقته ,فإن أذن ,أو
مل يكن عليه ضرر ; جاز .
وإن ضارب العامل آلخر مع ضرر األول بدون إذنه ; فإنه يرد حصته من رحبه يف مضاربته مع الثاين يف شركته مع املضارب
األول ,فيدفع لرب املضاربة الثانية نصيبه من الربح ,ويضم لربح املضاربة األوىل ,ويقسم بينه وبني صاحبها.
وال ينفق العامل من مال املضاربة ال لسفر وال لغريه ; إال إذا اشرتط على صاحب املال ذلك .
وال يقسم الربح يف املضاربة قبل إهناء العقد بينهما إال برتاضيهما .
والعامل أمني جيب عليه أن يتقي هللا فيما ويل عليه ,ويقبل قوله فيما يدعيه من تلف أو خسران ,ويصدق فيما يذكر أنه اشرتاه
لنفسه ال للمضاربة أو اشرتاه للمضاربة ال لنفسه .
باب يف شركات الوجوه واألبدان واملفاوضة
أوال :شركة الوجوه :
شركة الوجوه هي أن يشرتك اثنان فأكثر فيما يشرتيان بذمتيهما ,وما رحبا فهو بينهما على ما شرطاه.
وكل واحد من الشريكني وكيل عن صاحبه وكفيل عنه بالثمن .
ومقدار ما ميلكه كل واحد منهما من هذه الشركة على حسب الشرط ,من مناصفة ,أو أقل ,أو أكثر .
ويتحمل كل واحد من اخلسارة على قدر ما ميلك يف الشركة .
ثانيا :شركة األبدان
أن يشرتك اثنان فأكثر فيما يكتسبان بأبداهنما.
وإذا مت االتفاق بينهم فما تقبله أحدهم من عمل ; لزم بقية الشركاء فعله .
وتصح شركة األبدان ولو اختلفت صنائع املشرتكني ; كخياط مع حداد .
وتصح شركة األبدان يف متلك املباحات كاالحتطاب ,ومجع الثمار املأخوذة من اجلبال .
وإن مرض أحد شركاء األبدان ; فالكسب الذي حتصل عليه اآلخر بينهما .
وإن طالب الصحيح املريض بأن يقيم مقامه من يعمل ; لزمه ذلك.
ثالثا :شركة املفاوضة:
أن يفوض كل من الشركاء إىل صاحبه كل تصرف مايل وبدين من أنواع الشركة .
والربح يوزع يف هذه الشركة على ما شرطوا ,ويتحملون من اخلسارة على قدر ملك كل منهم .
42
كتاب املزارعة واملساقاة واإلجارة
باب يف أحكام املزارعة واملساقاة
فاملساقاة :دفع شجر مغروس أو شجر غري مغروس مع أرض إىل من يغرسه فيها ويقوم بسقيه وما حيتاج إليه حىت يثمر ,ويكون
للعامل جزء مشاع من مثر ذلك الشجر والباقي ملالكه .
واملزارعة :دفع أرض ملن يزرعها ,أو دفع أرض وحب ملن يزرعه فيها ويقوم عليه ,جبزء مشاع منه ,والباقي ملالك األرض.
يشرتط لصحة املساقاة أن يكون الشجر املساقى عليه له مثر يؤكل فال يصح على شجر ال مثر له ,أو له مثر ال يؤكل.
ومن شروط تقدير نصيب العامل أو املالك جبزء معلوم مشاع من الثمرة ; كالثلث والربع .
ال بد من حتديد مدهتا ,ولو طالت ,مع بقاء الشجر .
ويلزم العامل كل ما فيه صالح الثمرة ; من حرث ,وسقي ,وإزالة ما يضر الشجر والثمرة .
وعلى صاحب الشجر ما حيفظ األصل كحفر البئر ,وبناء احليطان ,وتوفري املاء ..وحنو ذلك .
وليس دفع احلب مع األرض شرطا يف صحة املزارعة ,فلو دفع إليه األرض فقط ليزرعها العامل ببذر من عنده ; صح ذلك
ويشرتط لصحة املزارعة بيان مقدار ما للعامل أو لصاحب األرض من الغلة.
باب يف أحكام اإلجارة
عقد على منفعة مباحة من عني معينة أو موصوفة يف الذمة مدة معلومة ,أو على عمل معلوم بعوض معلوم .
اإلجارة على نوعني :
النوع األول :أن تكون اإلجارة على منفعة عني معينة أو عني موصوفة :مثال املعينة :آجرتك هذه الدار ,ومثال املوصوفة
:آجرتك بعريا صفته كذا للحمل أو الركوب .
النوع الثاين :أن تكون على أداء عمل معلوم ; كأن حيمله إىل موضع ,أو يبين له جدارا .
ويصح استئجار اآلدمي لعمل معلوم كخياطة ثوب ,وبناء جدار ,أو ليدله على طريق .
وال جيوز تأجري الدور والدكاكني واحملالت للمعاصي.
وجيوز للمستأجر أن يؤجر ما استأجره آلخر يقوم مقامه يف استيفاء املنفعة.
وال تصح اإلجارة على أعمال العبادة والقربة كاحلج ,واألذان .
ما يلزم كال من املؤجر واملستأجر
فيلزم املؤجر بذل كل ما يتمكن به املستأجر من االنتفاع باملؤجر ,كإصالح السيارة املؤجرة وهتيئتها للحمل والسري .
وعلى املستأجر عندما ينتهي أن يزيل ما حصل بفعله .
وينفسخ عقد اإلجارة بأمور :
أوال :إذا تلفت العني املؤجرة .
ثانيا :وتنفسخ اإلجارة أيضا بزوال الغرض الذي عقدت من أجله ; كما لو استأجر طبيبا ليداويه فربئ.
ومن استؤجر لعمل شيء فمرض أقيم مقامه من ماله من يعمله نيابة عنه ,إال إذا اشرتط مباشرته العمل بنفسه .
واألجري على قسمني خاص ومشرتك :فاألجري اخلاص هو من استؤجر مدة معلومة يستحق نفعه ,فاألجري اخلاص ال يضمن
ما جنت يده خطأ ; كما لو انكسرت اآللة اليت يعمل هبا ,وإن تعدى أو فرط ; ضمن ما تلف .
باب يف أحكام السبق
املسابقة :هي اجملاراة بني حيوان وغريه .
وجيوز السباق على األقدام وسائر احليوانات واملراكب.
وال جتوز املسابقة على عوض إال يف املسابقة على اإلبل واخليل والسهام .
43
يشرتط لصحة املسابقة مخسة شروط
)1الشرط األول :تعيني املركوبني يف املسابقة بالرؤية .
)2الشرط الثاين :احتاد املركوبني يف النوع ,وتعيني الرماة .
)3الشرط الثالث :حتديد املسافة ,ليعلم السابق واملصيب .
)4الشرط الرابع :أن يكون العوض معلوما مباحا .
)5الشرط اخلامس :اخلروج عن شبه القمار ,بأن يكون العوض من غري املتسابقني .
املسابقة املباحة على نوعني
النوع األول :ما يرتتب عليه مصلحة شرعية ; كالتدرب على اجلهاد ,والتدرب على مسائل العلم.
النوع الثاين :ما كان املقصود منه اللعب الذي ال مضرة فيه .
)1األول جيوز أخذ العوض عليه بشروطه السابقة.
)2الثاين مباح بشرط أن ال يشغل عن واجب أو يلهي عن ذكر هللا وعن الصالة ,وهذا النوع ال جيوز أخذ العوض عليه .
باب يف أحكام العارية
)1العارية إباحة نفع عني يباح االنتفاع هبا وتبقى بعد استيفاء املنفعة لريدها إىل مالكها .
ويشرتط لصحة اإلعارة أربعة شروط
-أهلية املعري للتربع .
-أهلية املستعري للتربع له.
-كون نفع العني املعارة مباحا .
-كون العني املعارة مما ميكن االنتفاع به مع بقائه.
)2و للمعري اسرتجاع العارية مىت شاء إال إذا ترتب على ذلك اإلضرار باملستعري .
)3وجيب على املستعري احملافظة على العارية.
)4فإن استعملها يف غري ما استعريت له فتلفت ; وجب عليه ضماهنا .
)5وإن تلفت يف انتفاع هبا باملعروف ; مل يضمنها املستعري .
)6وال جيوز للمستعري أن يعري العني املعارة.
باب يف أحكام الغصب
الغصب :االستيالء على حق غريه قهرا بغري حق وهو حمرم بإمجاع املسلمني .
املغصوب قد يكون عقارا وقد يكون منقوال ,فيلزم الغاصب أن يتوب إىل هللا عز وجل ,ويرد املغصوب إىل صاحبه ,
ويطلب منه العفو .
الغاصب قد بىن يف األرض املغصوبة أو غرس فيها لزمه قلع البناء والغراس إذا طالبه املالك بذلك .ويلزمه دفع أجرهتا منذ أن
غصبها إىل أن سلمها .
وإن غصب شيئا وحبسه حىت رخص سعره ضمن نقصه على الصحيح .
وإن خلط املغصوب مع غريه مما يتميز -كحنطة بشعري ; -لزم الغاصب ختليصه ورده ,وإن خلطه مبا ال يتميز -كما لو
خلط حنطة مبثلها ; -لزمه رد مثله كيال أو وزنا من غري املخلوط .
وإذا كان املغصوب مما جرت العادة بتأجريه لزم الغاصب أجرة مثله مدة بقائه بيده .
وكل تصرفات الغاصب احلكمية باطلة .
وإن غصب شيئا ,وجهل صاحبه ,ومل يتمكن من رده إليه; سلمه إىل احلاكم الذي يضعه يف موضعه الصحيح ,أو تصدق
به عن صاحبه ,صار ثوابه لصاحبه .
44
وليس اغتصاب األموال مقصورا على االستيالء عليها بالقوة ,بل ذلك يشمل االستيالء عليها بطريق اخلصومة الباطلة
واألميان الفاجرة .
باب يف أحكام اإلتالفات
فمن أتلف ماال لغريه فإنه جيب عليه ضمانه ,وكذلك من تسبب يف إتالف مال.
وكذا لو أوقف سيارة يف الطريق ,فنتج عن ذلك أن اصطدم هبا سيارة أخرى أو شخص .
ولو اقتىن كلبا عقورا فاعتدى على املارة وعقر أحدا فإنه يضمنه.
وإن حفر بئرا يف فنائه ملصلحته ; ضمن ما تلف هبا .
وإذا كان له هبائم ,وجب عليه حفظها يف الليل من إفساد زروع الناس ,فإن تركها وأفسدت شيئا ضمنه ,فال يضمن صاحب
البهيمة ما أتلفت بالنهار ,وإذا كانت البهيمة بيد راكب أو قائد أو سائق ; ضمن جنايتها مبقدمها ; كيدها وفمها ,ال ما جنت
مبؤخرها كرجلها .
وإذا صال عليه آدمي أو هبيمة ,ومل يندفع إال بالقتل فقتله ; فال ضمان عليه .
ال ضمان يف إتالفه آالت اللهو ,والصليب ,وأواين اخلمر ,وكتب الضالل واخلالعة واجملون .
باب يف أحكام الوديعة
الوديعة وهي شرعا :اسم للمال املودع عند من حيفظه بال عوض .
ويشرتط لصحة اإليداع من البلوغ والعقل والرشد.
ويستحب قبول الوديعة ملن علم من نفسه أنه ثقة قادر على حفظها ألن يف ذلك ثوابا جزيال.
ومن أحكام الوديعة أهنا إذا تلفت عند املودع ومل يفرط ,فإنه ال يضمنها .أما املعتدي على الوديعة أو املفرط يف حفظها ; فإنه
يضمنها إذا تلفت.
ومن أحكام الوديعة أنه جيب على املودع حفظها يف حرز مثلها كما حيفظ ماله.
وإذا كانت الوديعة دابة ; لزم املودع إعالفها ,فلو قطع العلف عنها بغري أمر صاحبها ,فتلفت ; ضمنها.
وجيوز للمودع أن يدفع الوديعة إىل من حيفظ ماله عادة ; كزوجته وعبده وخازنه وخادمه ,وإن تلفت عند أحد من هؤالء من غري
تعد وال تفريط ; مل يضمن .أما لو سلما إىل أجنيب منه ومن صاحبها ,فتلفت ; ضمنها املودع.
وإن حصل خوف ,أو أراد املودع أن يسافر ,فإنه جيب عليه رد الوديعة إىل صاحبها أو وكيله ,فإن مل جيد حيملها معه يف السفر
إذا كان ذلك أحفظ هلا ,فإن مل يكن السفر أحفظ هلا ; دفعها إىل احلاكم.
والتعدي على الوديعة يوجب ضماهنا إذا تلفت.
واملودع أمني تقبل قوله إذا ادعى أنه ردها إىل صاحبها أو من يقوم مقامه ,ويقبل قوله أيضا إذا ادعى أهنا تلفت من غري تفريطه
مع ميينه.
ولو طلب منه صاحب الوديعة ردها إليه ,فتأخر من غري عذر حىت تلفت ; ضمنها.
باب يف أحكام إحياء املوات
األرض املنفكة عن االختصاصات وملك معصوم ,فإذا خلت األرض عن ملك معصوم واختصاصه ,وأحياها شخص;
ملكها املوات ميلك باإلحياء .
45
وإلمام املسلمني إقطاع األرض املوات ملن حيييها .وإذا كان مير بأمالك الناس ماء مباح كماء النهر وماء الوادي ,فلألعلى
أن يسقي منه وحيبس املاء إىل الكعب مث يرسله لألسفل ممن يليه ,ويفعل الذي يليه كذلك مث يرسله ملن بعده .
أما إن كان املاء مملوكا ; فإنه يقسم بني املالك بقدر أمالكهم.
وإلمام املسلمني أن حيمي مرعى ملواشي بيت مال املسلمني ,كخيل اجلهاد ,وإبل الصدقة ; ما مل يضرهم بالتضييق عليهم
.
باب يف أحكام اجلعالة
بأن جيعل شيئا معلوما من املال ملن يعمل له عمال معلوما ,كبناء حائط .
واجلعالة عقد جائز لكل من الطرفني فسخها فإن كان الفسخ من العامل ,مل يستحق شيئا من اجلعل من عمل لغريه عمال
بعري جعل وال إذن من صاحب العمل مل يستحق شيئا ; ألنه بذل منفعة من غري عوض ,فلم يستحقه إال أنه يستثىن من
ذلك شيآن :
)1األول :إذا كان العامل قد أعد نفسه للعمل باألجرة كالدالل واحلمال وحنومها ; فإنه إذا عمل عمال بإذن يستحق
األجرة ,لداللة العرف على ذلك .
)2الثاين :من قام بتخليص متاع غريه من هلكة; كإخراجه من البحر أو وجده يف مهلكة يذهب لو تركه ,فله أجرة املثل
فإذا ضل مال عن صاحبه ,فال خيلو من ثالث حاالت :
.1احلالة األوىل :أن يكون مما ال تتبعه مهة أوساط الناس ; كالسوط ,والرغيف ,والثمرة ,والعصا ,فهذا ميلكه
آخذه وينتفع به بال تعريف .
.2احلالة الثانية :أن يكون مما ميتنع من صغار السباع :إما لضخامته كاإلبل واخليل والبقر والبغال ,وإما لطريانه
كالطيور ,وإما لسرعة عدوها كالظباء ,وإما لدفعها عن نفسها بناهبا كالفهود ,فهذا القسم بأنواعه حيرم التقاطه ,
وال ميلكه آخذه بتعريفه .
.3احلالة الثالثة :أن يكون امل ال الضال من سائر األموال ; كالنقود واألمتعة وما ال ميتنع من صغار السباع ; كالغنم
والفصالن والعجول ,فهذا القسم إن أمن واجده نفسه عليه ; جاز له التقاطه ,وهو ثالثة أنواع :
)1النوع األول :حيوان مأكول ,كفصيل وشاة ودجاجة ..فذا يلزم واجده إذا أخذه األحظ ملالكه
oأحدها :أكله وعليه قيمته يف احلال .
oالثاين :بيعه واالحتفاظ بثمنه لصاحبه بعد معرفة أوصافه .
oالثالث :حفظه واإلنفاق عليه من ماله ,وال ميلكه ,ويرجع بنفقته على مالكه إذا جاء واستلمه .
)2النوع الثاين :ما خيشى فساده ,كبطيخ وفاكهة ,فيفعل امللتقط األحظ ملالكه من أكله ودفع قيمته ملالكه ,
وبيعه وحفظ مثنه حىت يأيت مالكه.
)3النوع الثالث :سائر األموال ما عدا القسمني السابقني ; كالنقود واألواين ,فيلزمه حفظ اجلميع أمانة بيده.
وال جيوز له أخذ اللقطة بأنواعها إال إذا أمن نفسه عليها وقوي على تعريف ما حيتاج إىل تعريف.
46
.5إذا مل يأت صاحبها بعد تعريفها حوال كامال; تكون ملكا لواجدها ,ولكن جيب عليه قبل التصرف فيها ضبط صفاهتا; حبيث لو
جاء صاحبها يف أي وقت ,ووصفها; ردها عليه إن كانت موجودة ,أو رد بدهلا إن مل تكن موجودة .
.6واختلف العلماء يف لقطة احلرم :فبعضهم يرى أهنا متلك بذلك; لعموم األحاديث ,وذهب الفريق اآلخر إىل أهنا ال متلك ,بل
جيب تعريفها دائما ,وال ميلكها .
.٩من ترك حيوانا بفالة النقطاعه بعجزه عن املشي أو عجز صاحبه عنه ملكه آخذه .
.٤إذا وجد الصيب والسفيه ,فأخذمها فإن وليه يقوم مقامه بتعريفه ,ويلزمه أخذها منهما; ألهنما ليسا بأهل لألمانة واحلفظ .
.٧لو أخذها من موضع مث ردها فيه ; ضمنها .
باب يف أحكام اللقيط
أحكام اللقيط هلا عالقة كبرية بأحكام اللقطة ,إذ اللقطة ختتص باألموال الضائعة ,واللقيط هو اإلنسان الضائع .فيجب على
من وجده أن يأخذه وجوبا كفائيا ,إذا قام به من يكفي .
واللقيط حر يف مجيع األحكام ; ألن احلرية هي األصل .
وما وجد معه من املال أو وجد حوله ; ف هو له ,عمال بالظاهر ; وألن يده عليه ,فينفق عليه منه ملتقطه باملعروف ,لواليته
عليه ,وإن مل يوجد معه شيء ; أنفق عليه من بيت املال .
إن وجد يف دار اإلسالم أو يف بلد كفار يكثر فيها املسلمون ,فهو مسلم ,وإن وجد يف بلد كفار خالصة ,أو يقل فيها عدد
املسلمني فهو كافر تبعا للدار وحضانته تكون لواجده إذا كان أمينا .
فإن كان واجده ال يصلح حلضانته ; لكونه فاسقا أو كافرا واللقيط مسلم; مل يقر بيده; النتفاء والية الفاسق والكافر على
املسلم .وال تقر حضانته بيد واجده إذا كان بدويا يتنقل يف املواضع .
ومرياث اللقيط إذا مات وديته إذا جين عليه مبا يوجب الدية يكونان لبيت املال إذا مل يكن له من يرثه من ولده ووليه يف القتل
العمد العدوان اإلمام .وإن جين عليه فيما دون النفس عمدا ; انتظر بلوغه ورشده ليقتص عند ذلك أو يعفو .
وإن أقر رجل أو أقرت امرأة بأن اللقيط ولده أو ولده احلق به ; ألن يف ذلك مصلحة له باتصال نسبه ,وال مضرة على غريه فيه
; بشرط أن ينفرد بادعائه نسبه ,وأن ميكن كونه منه ,وإن ادعاه مجاعة ; قدم ذو البينة .
باب يف أحكام الوقف
الوقف هو حتبيس األصل وتسبيل املنفعة ,وحكم الوقف أنه قربة مستحب يف اإلسالم .
ويشرتط أن يكون الواقف جائز التصرف ,بأن يكون بالغا حرا رشيدا.
وينعقد الوقف بأحد أمرين
)1األول :القول الدال على الوقف ; كأن يقول :وقفت هذا املكان ,أو جعلته مسجدا .
)2الثاين :الفعل الدال على الوقف يف عرف الناس -كمن جعل داره مسجدا.
وألفاظ التوقيف قسمان :
.1القسم األول :ألفاظ صرحية ,كأن يقول :وقفت ,وحبست ,وسبلت ,ومسيت صرحية ; ألهنا ال حتتمل غري الوقف .
.2والقسم الثاين :ألفاظ كناية ; كأن يقول :تصدقت ,وحرمت ,وأبدت .. .مسيت كناية ألهنا حتتمل معىن الوقف
وغريه ,فمىت تلفظ بواحد من هذه األلفاظ ; اشرتط اقرتان نية الوقف معه .
ويشرتط لصحة الوقف شروط وهي :
.1أن يكون الواقف جائز التصرف ,بأن يكون بالغا حرا رشيدا.
.2أن يكون املوقوف مما ينتفع به انتفاعا مستمرا مع بقاء عينه .
.3أن يكون املوقوف معينا .
.4أن يكون الوقف على بر .
ويشرتط لصحة الوقف إذا كان على معني أن يكون ذلك املعني ميلك ملكا ثابتا .
47
أن يكون منجزا ; فال يصح الوقف املؤقت وال املعلق .
جيب العمل بشرط الواقف إذا كان ال خيالف الشرع.
فإن مل يشرتط شيئا ,استوى يف االستحقاق الغين والفقري والذكر واألنثى من املوقوف عليهم .
وجيب على الناظر أن يتقي هللا وحيسن الوالية على الوقف.
وإذا وقف على أوالده استوى الذكور واإلناث يف االستحقاق .
ولو قال :وقف على أبنائي ,أو :بين فالن ,اختص الوقف بذكورهم.
لكن إذا وقف على مجاعة ميكن حصرهم وجب تعميمهم والتسوية بينهم .
والوقف من العقود الالزمة مبجرد القول ; فال جيوز فسخه ألنه مؤبد ,وال يباع ,وال يناقل به ; إال أن تتعطل منافعه بالكلية
,كدار اهندمت ومل متكن عمارهتا من ريع الوقف ,أو أرض زراعية خربت وعادت مواتا .
وإن كان الوقف مسجدا ,فتعطل كأن خربت حملته ; فإنه يباع ويصرف مثنه يف مسجد آخر.
وإذا وقف على معني ; كما لو قال :هذا وقف على زيد ,يعطى منه كل سنة مائة .
باب يف أحكام اهلبة والعطية
اهلبة :هي التربع من جائز التصرف يف حياته لغريه مبال معلوم.
وتلزم اهلبة إذا قبضها املوهوب له بإذن الواهب فليس له الرجوع فيها ,أما قبل القبض ; فله الرجوع
وتصح به الدين ملن هو يف ذمته ,ويعترب ذلك إبراء له ,وجيوز هبة كل ما جيوز بيعه .
وال تصح اهلبة املعلقة على شرط مستقبل كأن يقول :إذا حصل كذا ; فقد وهبتك كذا .وال تصح اهلبة مؤقتة ,كأن يقول
:وهبتك كذا شهرا أو سنة .وال جيوز لإلنسان أن يهب لبعض أوالده ويرتك بعضهم أو يفضل بعضهم على بعض يف اهلبة .
حرم عليه الرجوع فيها وسحبها منه .
كما أن للوالد أن يأخذ وميتلك من مال ولده ما ال يضر الولد وال حيتاجه .وليس للوالد أن يتملك من مال الولد ما يضره
أو تتعلق به حاجته .وليس للولد مطالبة أبيه بدين وحنوه .
واهلدية تذهب احلقد وجتلب احملبة ,وال ينبغي رد اهلدية وإن قلت ,وتسن اإلثابة عليها .
كتاب النكاح
باب يف أحكام النكاح
النكاح يرتتب عليه مصاحل عظيمة:
منها بقاء النسل البشري ,وتكثري عدد املسلمني ,وإغاظة الكفار بإجناب اجملاهدين يف سبيل هللا واملدافعني عن دينه
ومنها :إعفاف الفروج ,وإحصاهنا ,وصيانتها من االستمتاع احملرم .
ومنها :قيام الزوج على املرأة بالرعاية واإلنفاق .
ومنها :حصول السكن واألنس بني الزوجني ,وحصول الراحة النفسية .
ومنها :أنه محاية للمجتمعات البشرية من الوقوع يف الفواحش.
ومنها :حفظ األنساب ,وترابط القرابة واألرحام بعضها ببعض .
ومنها :الرتفع ببين اإلنسان عن احلياة البهيمية.
ويباح ملن عنده املقدرة واألمن من احليف أن يتزوج بأكثر من واحدة .
وإباحة تعدد الزوجات من حماسن هذه الشريعة ,ملا فيه من املصاحل العظيمة ألن كثرة عدد النساء عن عدد الرجال .
و ما يعرتي املرأة من احليض والنفاس ,فلو منع الرجل من التزوج بأخرى ; ملرت عليه فرتات كثرية حيرم فيها من املتعة واإلجناب.
االستمتاع باملرأة استمتاعا كامال ومثمرا ينتهي ببلوغها سن اليأس ,خبالف الرجل ,فنه يستمر صالحيته لالستمتاع واإلجناب
إىل سن اهلرم ,فلو قصر على واحدة ; لفات عليه خري كثري .
48
قصر الرجل على امرأة واحدة يرتك كثريا من النساء ال عائل هلن ,وبالتايل يفضي هذا إىل الفساد اخللقي ,وضياع كثري من
النساء.
احلكم الشرعي على مخسة أنواع :تارة يكون واجبا ,وتارة مستحبا ,وتارة حراما ,وتارة مكروها :
فيكون واجبا على من خياف على نفسه الزنا إذا تركه .
فيستحب النكاح مع وجود الشهوة وعدم اخلوف من الزىن.
ويباح النكاح مع عدم الشهوة وامليل إليه ; كالعنني والكبري.
وحيرم النكاح على املسلم إذا كان يف دار كفار حربيني ألن فيه تعريضا لذريته للخطر واستيالء الكفار عليهم.
ويسن نكاح املرأة الدينة ذات العفاف واألصل ,ويسن اختيار الزوجة الولود.
باب يف أحكام اخلطبة
يف النظر إىل ما يظهر من املخطوبة غالبا ,وأن يكون ذلك من غري علمها ,ومن غري خلوة هبا .
ومن استشري يف خاطب أو خمطوبة ; وجب عليه أن يذكر ما فيهمن مساوئ وغريها ,
وحيرم التصريح خبطبة املعتدة.
وحترم خطبته على خطبة أخيه املسلم .
باب يف عقد النكاح وأركانه وشروطه
يستحب عند إرادة عقد النكاح تقدمي خطبة قبله
وأما أركان عقد النكاح فهي ثالثة :
.1وجود الزوجني اخلاليني من املوانع اليت متنع صحة النكاح .
.2حصول اإلجياب ,وهو اللفظ الصادر من الويل أو من يقوم مقامه ; بأن يقول :زوجتك فالنة أو أنكحتكها .
.3حصول القبول ,وهو اللفظ الصادر من الزوج أو من يقوم مقامه ; بأن يقول :قبلت هذا النكاح.
وينعقد النكاح من أخرس بكتابة أو إشارة مفهومة
وإذا حصل اإلجياب والقبول ; انعقد النكاح ,ولو كان املتلفظ هازال مل يقصد معناه حقيقة
وأما شروط صحة النكاح فهي أربعة :
)1الشرط األول :تعيني كل من الزوجني .
)2الشرط الثاين :رضى كل من الزوجني باآلخر.
)3الشرط الثالث :أن يعقد على املرأة وليها
)4الشرط الرابع :الشهادة على عقد النكاح.
باب الكفاءة يف النكاح
الكفاءة :واملراد هبا هنا املساواة بني الزوجني يف مخسة أشياء :
.1الدين ; فال يكون الفاجر والفاسق كفء العفيفة العدل
.2املنصب ,وهو النسب ; فال يكون العجمي -وهو من ليس من العرب -كفء العربية .
.3احلرية ; فال يكون العبد وال املبعض كفء احلرة.
.4الصناعة ; فال يكون صاحب صناعة دنيئة كاحلجام واحلائك كفء بنت من هو صاحب صناعة جليلة كالتاجر .
.5اليسار باملال حبسب ما جيب هلا من املهر والنفقة ; فال يكون املعسر كفء املوسرة .
فإذا اختلف أحد الزوجني من هذه األمور اخلمسة ,فقد انتفت الكفاءة ,وذلك ال يؤثر على صحة النكاح ; ألن الكفاءة
ليست شرطا يف صحته ; ولكن تكون الكفاءة شرطا للزوم النكاح فقط.
49
باب يف احملرمات يف النكاح
احملرمات يف النكاح قسمان :
القسم األول :الاليت حيرمن حترميا مؤبدا :وهن أربع عشرة :سبع حيرمن بالنسب ,وسبع حيرمن بالسبب.
)1أوال :الاليت حيرمن بالنسب - :األم واجلدة والبنت ,وبنت االبن ,وبنت البنت ,وبنت بنت االبن
واألخت ; شقيقة كانت ,أو ألب ,أو ألم وبنت األخت وبنت ابنه وبنت بنته -وبنت األخ وبنت بنت األخ وبنت
ابنه ; والعمة واخلالة .
)2ثانيا :الاليت حيرمن بالسبب - :املالعنة على املالعن.
-وحيرم بالرضاع ما حيرم بالنسب فكل امرأة حرمت بالنسب; حرم مثلها بالرضاع ; -وحترم بالعقد زوجة أبيه وزوجة
جده ; -وحترم زوجة ابنه وإن نزل ;
-وحترم عليه أم زوجته وجداهتا مبجرد العقد -وحترم بنت الزوجة وبنات أوالدها إذا دخل باألم .
)1القسم الثاين :ما كان حترميه منهن مؤقتا :وهو نوعان :
)1النوع األول :ما حيرم من أجل اجلمع - :فيحرم اجلمع بني األختني وكذا حيرم اجلمع بني املرأة وعمتها وبني املرأة وخالتها ,
فإذا طلقت املرأة وانتهت عدهتا ; حلت أختها وعمتها وخالتها ; النتفاء احملذور - .وال جيوز أن جيمع بني أكثر من أربع
نسوة.
)2النوع الثاين :ما كان حترميه لعارض يزول - :فيحرم تزوج املعتدة من الغري.
وحيرم تزوج الزانية إذا علم زناها حىت تتوب وتنقضي عدهتا .
وحيرم على الرجل أن يتزوج من طلقها ثالثا حىت يطأها زوج غريه بنكاح صحيح
وحيرم تزوج احملرمة حىت حتل من إحرامها .
وال حيل أن يتزوج كافر امرأة مسلمة
وال يتزوج املسلم امرأة كافرة إال احلرة الكتابية.
وحيرم على احلر املسلم أن يتزوج األمة املسلمة
وحيرم على العبد أن يتزوج سيدته لإلمجاع.
وحيرم على السيد أن يتزوج مملوكته .
باب يف الشروط يف النكاح
أوال :الشروط الصحيحة يف النكاح
)1إذا شرطت عليه طالق ضرهتا ,وقال البعض بعدم صحة هذا الشرط .
)2إذا شرطت عليه أن ال يتسرى أو ال يتزوج عليها فإن وىف ,وإال فلها الفسخ .
)3وكذا لو شرطت عليه أن ال خيرجها من دارها أو
)4وكذا لو شرطت أن ال يفرق بينها وبني أوالدها أو أبويها.
)5ولو شرطت زيادة يف مهرها ,أو كونه من نقد معني ,وهلا الفسخ بعدمه
ثانيا :الشروط الفاسدة يف النكاح
شروط فاسدة تبطل العقد :
.1نكاح الشغار وهو أن يزوجه موليته بشرط أن يزوجه اآلخر موليته وال مهر بينهما
.2نكاح احمللل وهو أن يتزوجها بشرط أنه مىت حللها لألول ,طلقها ,أو نوى التحليل بال شرط يذكر يف العقد ,أو
اتفقا عليه قبل العقد .
51
.3إذا علق عقد النكاح على شرط مستقبل كأن ; يقول :زوجتك إذا جاء رأس الشهر ,وكذا لو زوجه إىل مدة ,كما
لو قال :زوجتك وإذا جاء غد ,فطلقها .
شروط فاسدة ال تفسد النكاح
)1لو شرط إسقاط حق ال مهر هلا ,أو ال نفقة ,أو شرط أن يقسم هلا أقل من ضرهتا يفسد الشرط ويصع النكاح.
)2إذا شرطها مسلمة ,فبانت كتابية ,فالنكاح صحيح ,وله خيار الفسخ .
)3إذا شرطها بكرا أو مجيلة أو ذات نسب ,فبانت خبالف ما اشرتط فله الفسخ.
)4إذا تزوج امرأة على أهنا حرة ,فتبني أهنا أمة فإن كان ممن ال حيل له تزوج اإلماء ,فرق بينهما ,وإن كان ممن حيل له
ذلك ; فله اخليار .
)5وكذا لو تزوجت املرأة رجال حرا ,فبان عبدا فلها اخليار ,وإن عتقت أمة حتت عبد ; فلها اخليار
باب يف العيوب يف النكاح
هناك عيوب تثبت اخليار يف النكاح ,فمنها :
أن من وجدت زوجها ال يقدر على الوطء لكونه عنينا أو مقطوع الذكر فلها الفسخ ,وإن ادعت أنه عنني ,فأقر
بذلك ,أجل سنة ,فإن وطئ فيها ,وإال ,فلها الفسخ .
وإن وجد الرجل يف زوجته عيبا مينع الوطء ; كالرتق وال ميكن زواله ,فله الفسخ .
وكذا من وجد منهما يف اآلخر عيبا مشرتكا ; كالباسور ,واجلنون ,والربص ,واجلذام ,وقرع الرأس ,وخبر الفم فله
اخليار.
ولو حدث بأحد الزوجني عيب بعد العقد فلآلخر اخليار .
ويثبت اخليار ملن مل يرض بالعيب من الزوجني ,ولوكان به عيب مثله أو مغاير له ومن رضي منهما بعيب اآلخر ; أو
وجد منه دليل الرضى ,مع علمه بالعيب ; فال خيار له بعد ذلك .
وحيث يثبت ألحدمها اخليار ; فإنه ال يتم إال عند احلاكم.
وإن مت الفسخ قبل الدخول ,فال مهر هلا .
وإن كان الفسخ بعد الدخول ,فلها املهر املسمى يف العقد ,ألنه وجب بالعقد.
وال يصح تزويج الصغرية واجملنونة واململوكة مبن فيه عيب يرد به النكاح ,وإن مل يعلم وليهن بالعيب ; فسخ النكاح إذا
علم.
باب يف أنكحة الكفار
فنكاح الكفار حكمه حكم نكاح املسلمني يف الصحة ووقوع الطالق والظهار .واإليالء ووجوب النفقة والقسم .
وحيرم عليهم من النساء ما حيرم على املسلمني .
ومن أحكام أنكحة الكفار أهنم يقرون على فاسدها بشرطني :
.1الشرط األول :إذا اعتقدوا صحتها يف شرعهم .
.2الشرط الثاين :أن ال يرتافعوا إلينا .
فإذا اعتقدوا صحة نكاحهم يف شرعهم ,ومل يرتافعوا إلينا ; مل نتعرض هلم
وإن أتونا قبل عقد نكاحهم ; عقدناه على حكم ديننا ; بإجياب وقبول وويل وشاهدي عدل منا .
أما إن أتونا بعد عقد النكاح ,فإننا ال نتعرض لكيفية صدوره .
وكذلك إذا أسلم الزوجان على نكاح ; فإننا ال نتعرض لكيفية صدوره وتوفر شروطه فيما سبق ,لكننا ننظر فيه وقت الرتافع
أو وقت إسالمهم ,فإن كانت الزوجة تباح يف هذا الوقت لعدم املوانع الشرعية ,أقرا على نكاحهما ,
وإن كانت الزوجة يف هذا الوقت الذي ترافعا أو أسلما فيه ال يباح ابتداء العقد له عليها ; فرق بينهما ,
50
وإن كان املهر الذي مسي هلا يف حال الكفر صحيحا ; أخذته ,ألنه وجب بالعقد ,وال مانع من استيفائها له ,وإن كان
فاسدا -كاخلمر واخلنزير : -فإن كانت قبضته ; فقد استقر ,وليس هلا غريه . ,
وإن مل تكن قد قبضت املهر الفاسد ; فإنه يفرض هلا مهر املثل ,وإن كانت قد قبضت بعض املهر الفاسد ومل تقبض بقيته
; فإنه جيب هلا قسط الباقي من مهر املثل ,وإن مل يسم هلا مهر أصال ; فإنه يفرض هلا مهر املثل.
وإذا أسلم الزوجان معا بأن تلفظا باإلسالم دفعة واحدة ; فإمنا يبقيان على نكاحهما
وإن أسلمت كافرة حتت كافر قبل الدخول بطل النكاح
وليس هلا شيء من املهر.
وإن أسلم زوج غري كتابية قبل الدخول بطل النكاح وعليه نصف املهر.
" وإن أسلم أحد الزوجني غري الكتابيني أو أسلمت كافرة حتت كافر بعد الدخول وقف األمر على انقضاء العدة ,فإن أسلم
اآلخر فيها ; دام النكاح ,وإن مل يسلم فيها ,تبني أن النكاح قد انفسخ منذ أسلم األول .
ومن أسلم وحتته أكثر من أربع وأسلمن ,أو كن كتابيات اختار منهم أربعا .
باب يف الصداق يف النكاح
أما حكم الصداق :فهو واجب وأمجع أهل العلم على مشروعيته .
" أما مقداره ; فال يتقدر أقله وال أكثره حبد معني ; فكل ما صح أن يكون مثنا أو أجرة ; صح أن يكون صداقا ,وإن قل أو
كثر.
أن كثرة الصداق ال تكره إذا مل تبلغ حد املباهاة واإلسراف ,ومل تثقل كاهل الزوج .
وتستحب تسميته الصداق ,وحتديده يف العقد ,لقطع النزاع .
وجيوز أن يسمى وحيدد بعد العقد.
بعض املسائل اهلامة اليت تتعلق بالصداق :
أن الصداق ملك للمرأة
يبدأ متلك املرأة لصداقها من العقد.
إذا طلقها قبل الدخول أو اخللوة ,وقد مسى هلا صداقا فلها نصفه
كلما قبض بسبب النكاح ككسوة ألبيها أو أخيها فهو من املهر
إذا أصدقها ماال مغصوبا أو حمرما صح النكاح ,ووجب هلا مهر املثل بدل الصداق احملرم .
إذا عقد النكاح ومل جيعل للمرأة مهرا صح النكاح ,ويسمى ذلك بالتفويض .
فيقدره مبهر مثلها من نسائها ; أي :قرابتها ممن مياثلها ; كأمها وخالتا وعمتا ,فيعترب احلاكم مبن يساويها منهن القرىب فالقرىب
يف مال ومجال وعقل وأدب وسن وبكارة وثيوبة .. .فإن مل يكن هلا أقارب ,ففيمن يشبهها من نساء بلدها .
وإن فارقها قبل الدخول بطالق فلها املتعة بقدر يسر زوجها وعسره .
وإن كانت املفارقة مبوت أحدمها قبل الدخول ; تقرر هلا مهر املثل ,وورثه اآلخر .
وإذا حصل الدخول أو اخللوة ; تقرر هلا مهر املثل.
وإن حصلت الفرقة من قبلها قبل الدخول فليس هلا شيء.
للمرأة قبل الدخول منع نفسها حىت تقبض صداقها احلال.
باب يف وليمة العرس
وحكم وليمة العرس أهنا سنة باتفاق أهل العلم ,وقال بعضهم بوجوهبا .
ووقت إقامة وليمة العرس موسع ,يبدأ من عقد النكاح ,إىل انتهاء أيام العرس .
ومقدار وليمة العرس إنه ال ينقص عن شاة ,واألوىل الزيادة عليها ,وجيوز إجزاء الوليمة بغري ذبح الشاة .
وال جيوز اإلسراف يف وليمة العرس
وجيب على من دعي حلضور وليمة العرس أن جييب الدعوة إذا توفرت فيها هذه الشروط
52
)1الشرط األول :أن تكون هي الوليمة األوىل.
)2الشرط الثاين :أن يكون الداعي مسلما .
)3الشرط الثالث :أن يكون الداعي من غري العصاة اجملاهرين.
)4الشرط الرابع :أن يعينه الداعي بالدعوة وخيصه.
)5الشرط اخلامس :أن ال يكون يف الوليمة منكر .
فإذا توافرت هذه الشروط ,وجبت إجابة الدعوة.
ويسن إعالن النكاح.
ويسن الضرب عليه بالدف .
باب يف عشرة النساء
واملراد هبا هنا ما يكون بني الزوجني من األلفة واالنضمام ; ألنه يلزم كال من الزوجني معاشرة اآلخر باملعروف ; فال مياطله
حبقه ,وال يتكره لبذله ,وال يتبعه أذى ومنة .
ويسن لكل من الزوجني حتسني اخللق لصاحبه ,والرفق به وحتمل أذاه
وينبغي للزوج إمساك زوجته حىت مع كراهته هلا
وحيرم مطل كل واحد من الزوجني مبا يلزمه للزوج اآلخر وكراهته لبذله .
وإذا مت العقد ; لزم تسليم الزوجة اليت يوطأ مثلها إذا طلب الزوج تسليمها يف بيته ; إال إذا شرطت عليه يف العقد.
وللزوج أن يسافر هبا سفرا ال معصية فيه وال خطر .
وحيرم على الزوج وطء زوجته حال حيضها.
وللزوج إجبار زوجته على إزالة وسخ ,وأخذ ما تعافه النفس من شعر جيوز أخذه وظفر ,ومنعها من ما له رائحة كريهة.
وجيربها على غسل جناسة وأداء واجب كالصلوات اخلمس ,فلو امتنعت عن أدائها ; ألزمها بذلك وأدهبا ,فإن صلت ,وإال
حرمت عليه اإلقامة معها ,وكذا عليه إجبارها على ترك احملرمات واجتناهبا
ويلزم الزوج أن يبيت عند زوجته إذا كانت حرة ليلة من أربع ليال
ويلزم الزوج الوطء إذا قدر عليه كل ثلث سنة مرة إذا طلبت الزوجة ذلك .
وإن سافر الزوج فوق نصف سنة ,وطلبت الزوجة قدومه لزمه ذلك ; إال يف سفر حج واجب أو غزو واجب أو كان ال
يقدر على القدوم ,فإن أىب القدوم من غري عذر ,وطلبت الزوجة التفريق بينهما ,فرق بينهما احلاكم بعد مراسلته .
وحيرم على كل من الزوجني التحدث مبا جيري بينهما من أمور االستمتاع .
وللزوج منع زوجته من اخلروج من منزله لغري حاجة ضرورية .
وليس له أن مينعها من زيارة أبويها هلا يف بيته ,إال إذا خاف منهما ضررا بإفسادها عليه بسبب زيارهتما هلا.
وله منعها من تأجري نفسها والتحاقها بالوظائف.
وله منعها من إرضاع ولدها من غريه إال لضرورة .
وال يلزم الزوجة طاعة أبويها إذا طلبا منها فراق زوجها وال طاعتهما يف زيارهتما هلا إذا كان زوجها ال يرضى بذلك.
وجيب على الزوج إذا كان له أكثر من زوجة أن يساوي بينهن يف القسم بتوزيع الزمن بينهن ; ويقسم للحائض والنفساء من
زوجاته واملريضة ألن القصد السكن واألنس ,وذلك حيصل مببيته عندها ,ولو مل يطأ ,وليس له أن يقدم بعضهن على
بعض يف بداية القسم ,إال بالقرعة ,أو برضاهن بذلك
باب ما يسقط نفقة الزوجة وقسمها
املرأة إذا سافرت بال إذن زوجها أو سافرت بإذنه حلاجتها اخلاصة هبا فإنه يسقط حقها عليه من قسم ونفقة ;.
أرادها أن تسافر معه ,فأبت ذلك فال نفقة هلا ; ألهنا عاصية بذلك .
إن امتنعت من املبيت معه يف فراشه سقط حقها عليه من النفقة والقسم أيضا ; ألهنا بذلك تكون عاصية كالناشز .
ومن وهبت قسمها لضرهتا بإذن الزوج أو وهبته للزوج فجعله لزوجة أخرى جاز ذلك ; ألن احلق يف ذلك هلما .
53
وجيوز للزوجة أن تسامح زوجها عن حقها يف القسم والنفقة ليمسكها وتبقى يف عصمته
ومن تزوج بكرا ومعه غريها ; أقام عندها سبعا مث دار على نسائه بعد السبع .
وإن أحبت الثيب أن يقيم عندها سبعا فعل ,وقضى مثلهن للبواقي من ضراهتا ,مث بعد ذلك يبتدئ القسمة عليهن ليلة ليلة.
مبحث النشوز فكأهنا ارتفعت وتعالت عما فرض عليها من املعاشرة باملعروف .
وحيرم على الزوجة فعل ذلك من غري مربر ,فإذا ظهر للزوج من زوجته شيء من عالمات النشوز كأن ال جتيبه إىل
االستمتاع ,أو تتثاقل إذا طلبها ,فإنه عند ذلك يعظها وخيوفها باهلل ويذكرها حبقه عليها وما عليها من اإلمث إذا خالفته,
فإن أصرت على النشوز بعد الوعظ فإنه يهجرها يف املضجع مدة ثالثة أيام ,فإن أصرت; فإنه يضرهبا ضربا غري مربح
وإذا ادعى كل من الزوجني ظلم اآلخر له ,وتعذر اإلصالح بينهما فإن احلاكم يبعث حكمني عدلني من أهلهما واحلكمان
يفعالن األصلح من مجع وتفريق بعوض أو بدون عوض ,وما انتهيا إليه ; عمل به ; حال لإلشكال .
كتاب الطالق
باب يف أحكام اخللع
اخللع فراق الزوج لزوجته بعوض بألفاظ خمصوصة
إذا مل توجد املودة من الطرفني ,أو من الزوج وحده وساءت العشرة وتعسر العالج; فإن الزوج مأمور بتسريح الزوجة بإحسان
وأم ا إذا وجدت احملبة من جانب الزوج ,ومل توجد من جانب الزوجة; بأن كرهت خلق زوجها ,أو كرهت خلقه ,أو كرهت
نقص دينه ,أو خافت إمثا برتك حقه; فإنه يف هذه احلالة يباح هلا أن تطلب فراقه على عوض تبذله له تفتدي به نفسها.
ويسن للزوج أن جييبها حينئذ ,وإن كان الزوج حيبها; استحب هلا أن تصرب وال تفتدي منه .
واخللع مباح إذا توفر سببه الذي أشارت إليه اآلية الكرمية ,وهو خوف الزوجني إذا بقيا على النكاح أن ال يقيما حدود هللا,
وإذا مل يكن هناك حاجة للخلع ; فإنه يكره
ويشرتط لصحة اخللع بذل عوض ممن يصح تربعه ,وأن يكون صادرا من زوج يصح طالقه ,وأن ال يعضلها بغري حق حىت
تبذله ,وأن يكون بلفظ اخللع ,أما إن كان بلفظ الطالق ,أو بلفظ كناية الطالق مع نيته; فهو طالق ,وال ميلك رجعتها,
لكن له أن يتزوجها بعقد جديد ,ولو مل تنكح زوجا غريه ,إذا مل يسبقه من عدد الطالق ما يصري به ثالثا ,أما إن وقع بلفظ
اخللع أو الفسخ أو الفداء ,ومل ينوه طالقا ; كان فسخا ,ال ينقص به عدد الطالق .
باب يف أحكام الطالق
حكمه :فهو خيتلف باختالف الظروف واألحوال
مباحا إذا احتاج إليه الزوج ; لسوء خلق املرأة ,والتضرر هبا ,مع عدم حصول الغرض من الزواج مع البقاء عليه .
ويكره الطالق إذا كان لغري حاجة بأن كانت حال الزوجني مستقيمة ,وعند بعض األئمة حيرم يف هذه احلال .
ويستحب حني يكون يف البقاء على الزوجية ضرر على الزوجة; كما يف حال الشقاق بينها وبني الزوج ,ويف حال كراهتها له
وجيب إذا كانت الزوجة غري مستقيمة يف دينها ; كما إذا كانت ترتك الصالة أو تؤخرها عن وقتها ,ومل يستطع تقوميها ,كذا
إذا كان الزوج غري مستقيم يف دينه ; وجب على الزوجة طلب الطالق منه ,أو مفارقته خبلع وفدية ,وكذا جيب على الزوج
الطالق إذا آىل من زوجته ; بأن حلف على ترك وطئها ,ومضت عليه أربعة أشهر .
وحيرم الطالق على الزوج يف حال حيض الزوجة ونفاسها ويف طهر وطئها فيه ومل يتبني محلها.
وأما من يصح منه إيقاع الطالق فهو الزوج املميز املختار الذي يعقله ,أو وكيله
وأما من زال عقله وهو معذور يف ذلك; كاجملنون ,واملغمى عليه ,والنائم ,ومن أصابه مرض أزال شعوره; كالربسام ,ومن أكره
على شرب مسكر ,أو أخذ بنجا وحنوه لتداو; فكل هؤالء ال يقع طالقهم إذا تلفظوا به يف حال زوال العقل بسبب من هذه
األسباب.
54
وأما إن زال عقله بتعاطيه مسكرا باختياره ففي وقوع طالقه قولني :أحدمها :أنه يقع ,وهو قول األئمة األربعة ومجع من
أهل العلم ,والثاين عدم وقوعه .
وإن أكره على الطالق ظلما ,فطلق لرفع اإلكراه والظلم ; مل يقع طالقه.
ويقع الطالق من الغضبان الذي يتصور ما يقول ,أما الغضبان الذي أخذه الغضب ,فلم يدر ما يقول; فإنه ال يقع طالقه.
ويقع الطالق من اهلازل ; ألنه قصد التكلم به.
باب يف الطالق السين والطالق البدعي
الطالق السين ,وذلك بأن يطلقا طلقة واحدة يف طهر مل جيامعها فيه ويرتكها حىت تنقضي عدهتا.
الطالق البدعي وذلك بأن يطلقها ثالثا بلفظ واحد ,أو يطلقها وهي حائض أو نفساء ,أو يطلقها يف طهر وطئها فيه ومل يتبني
محلها ,والنوع األول يسمى بدعيا يف العدد ,والنوع الثاين بدعيا يف الوقت .
والبدعي يف العدد حيرمها عليه حىت تنكح زوجا غريه
والبدعي يف الوقت يستحب له أن يراجعها منه وإذا راجعها ; وجب عليه إمساكها حىت تطهر ,مث إن شاء طلقها .
وحيرم على الزوج أن يطلق طالقا بدعيا ,سواء يف العدد أو الوقت.
وألفاظ الطالق تنقسم إىل قسمني :
القسم األول :ألفاظ صرحية :
oوهي األلفاظ املوضوعة له ,اليت ال حتتمل غريه ,وهي لفظ الطالق وما تصرف منه ; من فعل ماض ; ( طلقتك)
( أنت طالق ) ( أنت مطلقة ) ,أما ( تطلقني ) ( اطلقي ) ; فال يقع هبذه األلفاظ طالق ; ألهنا ال تدل على
اإليقاع .
القسم الثاين :ألفاظ كنائية :
وهي األلفاظ اليت حتتمل الطالق وغريه ,كأن يقول هلا :أنت خلية وبرية وبائن ,وأنت حرة .
أن الصرحية يقع هبا الطالق ,ولو مل ينوه ,سواء كان جادا أو هازال أو مازحا .وأما الكناية ; فال يقع هبا طالق; إال إذا
نواه نية مقارنة للفظه ,إال يف ثالث حاالت :
)1األوىل :إذا تلفظ بالكناية يف حال خصومة بينه وبني زوجته .
)2الثانية :إذا تلفظ هبا يف حال غضب .
)3الثالثة :إذا تلفظ هبا يف جواب سؤاهلا له الطالق .
ففي هذه األحوال يقع بالكناية طالق ,ولو قال :مل أنوه .
وجيوز للزوج أن يوكل من يطلق عنه فيجوز أن يوكلها فيه ,وجيعل أمرها بيدها .
وال يقع الطالق منه وال من وكيله إال بالتلفظ به فلو نواه بقلبه ; مل يقع ,حىت يتلفظ وحيرك لسانه به ; فال يقع .
.1احلالة األوىل :إذا كتب صريح الطالق كتابة تقرأ ,ونواه ; وقع ,وإن مل ينوه ; فعلى قولني.
.2احلالة الثانية :اليت يقع فيها الطالق بدون تلفظ إشارة األخرس بالطالق إذا كانت مفهومة .
وأما عدد الطالق فيعترب بالرجال حرية ورقا ال بالنساء فيملك احلر ثال ث تطليقات ,وإن كان حتته أمة ,وميلك العبد
تطليقتني ,وإن كان حتته حرة ; ففي حال حرية الزوجني ميلك الزوج ثالثا بال خالف ,ويف حال رق الزوجني ميلك الزوج
طلقتني بال خالف ,وإمنا اخلالف فيما إذا كان أحد الزوجني حرا واآلخر رقيقا ,والصحيح أن االعتبار حبالة الزوج حرية
ورقا كما سبق ; ألن الطالق حق للزوج ; فاعترب به .
وجيوز االستثناء يف الطالق ويراد به إخراج بعض اجلملة بلفظ ( إال ) أو ما يقوم مقامها ,واالستثناء هنا إما أن يكون من
عدد الطلقات ; كأن يقول :أنت طالق ثالثا إال واحدة ,وإما أن يكون من عدد املطلقات ; كأن يقول :نسائي طوالق
إال فاطمة مثال ,وعلى كل يشرتط لصحته يف احلالتني أن يكون املستثىن مقدار نصف املستثىن منه فأقل ,فإن كان املستثىن
أكثر من نصف املستثىن منه ; كما لو قال :أنت طالق ثالثا إال اثنتني ; مل يصح ,ويشرتط أيضا التلفظ باالستثناء إذا
55
كان موضوعه الطلقات ,فلو قال :أنت طالق ثالثا ,ونوى :إال واحدة ; وقعت الثالث ; ألن العدد نص فيما يتناوله ;
فال يرتفع بالنية ; ألنه أقوى منها ,وجيوز االستثناء بالنية من النساء ,فلو قال :نسائي طوالق ,ونوى :إال فالنة; صح
االستثناء; فال تطلق من نوى استثناءها ,ألن لفظة ( نسائي ) تصلح للكل وللبعض; فله ما نوى .
وجيوز تعليق الطالق بالشروط ومعناه :ت رتيبه على شيء حاصل أو غري حاصل ب ( إن ) أو إحدى أخواهتا ; كأن يقول :
إن دخلت الدار ; فأنت طالق ; فقد رتب وقوع الطالق على حصول الشرط ,وهو دخول الدار ,وهذا هو التعليق .
وال يصح التعليق إال من زوج; فلو قال :إن تزوجت فالنة; فهي طالق ,مث تزوجها; مل يقع; ألنه حني التعليق ليس بزوجها.
فأما إن شك يف وجود الطالق منه فإن زوجته ال تطلق مبجرد ذلك .
وإن شك يف حصول الشرط الذي علق عليه الطالق كأن يقول :إذا دخلت الدار ,فأنت طالق .مث يشك يف أهنا
دخلتها ; فإهنا ال تطلق مبجرد الشك ملا سبق .
وإن تيقن وجود الطالق منه ,وشك يف عدده مل يلزمه إال واحدة ; ألهنا متيقنة ,وما زاد عليها مشكوك فيه ,واليقني ال
يزول بالشك .
باب يف الرجعة
الرجعة :إعادة مطلقة غري بائن إىل ما كانت عليه بغري عقد .
ودليلها :الكتاب ,والسنة ,وإمجاع أهل العلم ,فقال ابن املنذر " :أمجع أهل العلم على أن احلر إذا طلق دون الثالث والعبد
إن طلق دون اثنتني; أن هلما الرجعة يف العدة " .
وأما شروط صحة الرجعة فهي :
)1أوال :أن يكون الطالق دون ما ميلك من العدد ; بأن طلق حر دون الثالث ,وعبد دون اثنتني .
)2ثانيا :أن تكون املطلقة مدخوال هبا ,فإن طلقها قبل الدخول ,فليس له رجعة ; ألهنا ال عدة عليها .
)3ثالثا :أن يكون الطالق بال عوض ,فإن كان على عوض ; مل حتل له إال بعقد جديد برضاها.
)4رابعا :أن يكون النكاح صحيحا ,أما إن طلق يف نكاح فاسد ,فليس له رجعة ; ألهنا تبني بالطالق.
)5خامسا :أن تكون الرجعة يف العدة . ,
)6سادسا :أن تكون الرجعة منجزة ; فال تصح معلقة ; كما لو قال :إذا حصل كذا ; فقد راجعتك .
وهل يشرتط أن يقصد الزوجان بالرجعة اإلصالح؟ قال بعض العلماء :يشرتط ذلك ,وقال البعض :ال يشرتط ذلك.
وحتصل الرجعة بلفظ ( راجعت امرأيت ) ,وحنو ذلك ; مثل :رددهتا ,أمسكتها ,أعدهتا . . .وما أشبه ذلك .
وحتصل الرجعة أيضا بوطئها إذا نوى به الرجعة على الصحيح .
وإذا راجعا; فإنه يسن أن يشهد على ذلك ,وقيل :جيب اإلشهاد.
واملطلقة الرجعية زوجة ما دامت يف العدة ,هلا ما للزوجات من نفقة وكسوة ومسكن ,وعليها ما على الزوجة من لزوم
املسكن ,وتتزين له لعله يراجعها ,ويرث كل منهما صاحبه إذا مات يف العدة ,وله السفر واخللوة هبا ,وله وطؤها .
وينتهي وقت الرجعة بانتهاء العدة ,فإذا طهرت الرجعية من احليضة الثالثة ; مل حتل له ; إال بنكاح جديد بويل وشاهدي
عدل وإذا راجعها يف العدة رجعة صحيحة مستوفية لشروطها ; مل ميلك من الطالق إال ما بقي من عدده .
وإذا استوىف ما ميلك من الطالق ; حرمت عليه ; حىت يطأها زوج غريه بنكاح صحيح ; فيشرتط حللها لألول ثالثة شروط
:أن تنكع زوجا غريه ,وأن يكون النكاح صحيحا ,وأن يطأها الزوج الثاين يف الفرج.
باب يف أحكام اإليالء
اإليالء :هو احللف ,مصدر إىل يؤيل إيالء ,واأللية اليمني ,عرفه الفقهاء بأنه :حلف زوج ميكنه الوطء باهلل أو صفة من
صفاته على ترك وطء زوجته يف قبلها أبدا أو أكثر من أربعة أشهر .
شروطه مخسة :
)1األول :أن يكون من زوج ميكنه الوطء .
)2الثاين :أن حيلف باهلل أو بصفة من صفاته ال بطالق أو عتق أو نذر ,
56
)3الثالث :أن حيلف على ترك الوطء يف القبل .
)4الرابع :أن حيلف على ترك الوطء أكثر من أربعة أشهر .
)5اخلامس :أن تكون الزوجة ممن ميكن وطؤها .
فإذا توافرت هذه الشروط ; صار مؤليا ,يلزمه حكم اإليالء ,وإن اختل واحد منها ; مل يكن مؤليا .
واإليالء حمرم يف اإلسالم ألنه ميني على ترك واجب وينعقد اإليالء من كل زوج يصح طالقه سواء كان مسلما أو كافرا أو حرا أو
عبدا ,وسواء كان بالغا أو مميزا ويطالب بعد البلوغ ,ومن الغضبان واملريض الذي يرجى برؤه ; لعموم اآلية الكرمية ,وحىت من
الزوجة اليت مل يدخل هبا ; لعموم اآلية .
وال ينعقد اإليالء من زوج جمنون ومغمى عليه لعدم تصورمها ملا يقوالن.
وال ينعقد اإليالء من زوج عاجز عن الوطء عجزا حسيا كاجملبوب واملشلول.
فإذا قال لزوجته :وهللا ال أطؤك أبدا ,أو عني مدة تزيد على أربعة أشهر ,أو غياه بشيء ال يتوقع حصوله قبل أربعة أشهر
كنزول عيسى وخروج الدجال ; فهو مول يف كل هذه الصور ,وكذا لو غياه بفعل حمرما أو تركها واجبا ; كقوله :وهللا ال أطؤك
حىت ترتكي الصالة ,أو تشريب اخلمر ; فهو مول .
ويف كل هذه األحوال تضرب مدة اإليالء.
فإذا مضى أربعة أشهر من ميينه
فإن حصل منه وطء لزوجته ; فقد فاء ; ألن الفيئة هي اجلماع -وأما إنأىب أن يطأ من آىل منها بعد مضي املدة املذكورة فإن
احلاكم يأمره بالطالق إن طلبت املرأة ذلك منه
وقد أحلق الفقهاء باملؤيل يف هذه األحكام من ترك وطء زوجته إضرارا هبا بال ميني أكثر من أربعة أشهر وهو غري معذور وكذا
أحلقوا باملؤيل من ظاهر من زوجته ومل يكفر واستمر على ذلك أكثر من أربعة أشهر.
قالوا :وإن انقضت مدة اإليالء ,وبأحد الزوجني عذر مينع اجلماع أمر الزوج أن يفيء بلسانه ,فيقول :مىت قدرت ; جامعتك
; ألن القصد بالف يئة ترك ما قصده من اإلضرار هبا ,واعتذاره يدل على ترك اإلضرار ,مث مىت قدر ; وطئ أو طلق ; لزوال عجزه
الذي أخر من أجله .
باب يف أحكام الظهار
الظهار يراد به هنا أن يقول الرجل لزوجته إذا أراد االمتناع من االستمتاع هبا :أنت علي كظهر أمي ,أو أخيت ,أو من حترم
عليه بنسب أو رضاع أو مصاهرة ; فمىت شبه زوجته مبن حترم عليه أو ببعضها ; ظاهر منها ,وحكمه أنه حمرم .
فيلزم املظاهر إذا عزم على وطء املظاهر منها أن خيرج الكفارة قبله .
وكفارة الظهار جتب على الرتتيب عتق رقبة ,فإن مل جيد الوقبة أو مل جيد مثنها ; صيام شهرين متتابعني ,فإن مل يستطع الصيام
ملرض وحنوه ; أطعم ستني مسكينا
ويشرتط يف الرقبة أن تكون مؤمنة أن تكون سليمة من العيوب اليت تضر بالعمل ضررا بينا ; ألن املقصود بالعتق متليك الرقيق
منافعه ,ومتكينه من التصرف لنفسه .
ويشرتط لصحة التكفري بالصوم .
oأن ال يقدر على العتق .
oأن يصوم شهرين متتابعني ,بأن ال يفصل بني أيام الصيام وبني الشهرين إال بصوم واجب; كصوم رمضان ,أو إفطار
واجب; كاإلفطار للعيد وأيام التشريق ,أو اإلفطار لعذر; كسفر أو مرض; فاإلفطار ال يقطع التتابع .
oأن ينوي الصيام من الليل عن الكفارة .
وإن كفر باإلطعام ; اشرتط لصحة ذلك :
)1أوال :أن ال يقدر على الصيام .
)2ثانيا :أن يكون املسكني املطعم مسلما حرا جيوز دفع الزكاة إليه .
)3ثالثا :أن يكون مقدار ما يدفع لكل مسكني ال ينقص عن مد من الرب ونصف صاع من غريه .
57
باب يف أحكام اللعان
إن هللا سبحانه حرم القذف ( وهو رمي الربيء بفعل الفاحشة ) ,وتوعد عليه بأشد الوعيد ,وأوجب جلد القاذف إذا
مل يستطع إقامة البينة بأربعة شهود يشهدون بصحة ما قال مثانني جلدة ,وأن يعترب فاسقا ال تقبل شهادته ; إال إن
تاب وأصلح ,أما إذا قذف زوجته بالزىن ; فله حل آخر ,وذلك بأن يعتاض عن هذه اإلجراءات مبا يسمى باللعان ,
وهو شهادات مؤكدات بأميان من اجلانبني ,مقرونة بلعنة وغضب ; كما يأيت بيانه .
فإذا قذف رجل امرأته بالزىن ,ومل يستطع إقامة البينة فله إسقاط حد القذف عنه باملالعنة
فيقول الزوج أربع مرات :أشهد باهلل لقد زنت زوجيت هذه ,ويشري إليها إن كانت حاضرة ,ويسميها إن كانت غائبة
مبا تتميز به ,ويزيد يف الشهادة اخلامسة أن لعنة هللا عليه إن كان من الكاذبني .مث تقول هي أربع مرات :أشهد باهلل
لقد كذب فيما رماين به من الزنا ,مث تقول يف اخلامسة :وأن غضب هللا عليها إن كان من الصادقني .
ويشرتط لصحة اللعان أن يكون بني زوجني مكلفني ,وأن يقذفها بزىن ,وأن تكذبه يف ذلك ويستمر تكذيبها له إىل
انقضاء اللعان ,وأن يتم حبكم حاكم .
فإذا مت اللعان على الصفة اليت ذكرنا مستوفيا لشروط صحته ; فإنه يرتتب عليه :
)1أوال :سقوط حد القذف عن الزوج .
)2ثانيا :ثبوت الفرقة بينهما وحترميها عليه حترميا مؤبدا .
)3ثالثا :ينتفي عنه نسب ولدها إن نفاه يف اللعان ; بأن قال :ليس هذا الولد مين .
وحيتاج الزوج إىل اللعان إذا رأى امرأته تزين ومل ميكنه إقامة البينة ,أو قامت عنده قرائن قوية على ممارستها الزنا ,كما لو
رأى رجال يعرف بالفجور يدخل عليها .
وملا مل يكن له شاهد إال نفسه ; مكنت املرأة أن تعارض أميانه بأميان مكررة مثله تدرأ هبا احلد عنها ,وإن نكل عن
األميان ; وجب عليه حد القذف ,وإن نكلت هي بعد حلفه ; صارت أميانه مع نكوهلا بينة قوية ال معارض هلا .
باب يف أحكام حلوق النسب وعدم حلوقه
إذا ولدت زوجة إنسان أو أمته مولودا ميكن كونه منه ; فإنه يلحقه نسبه ,ويكون ولدا له ,وذلك كأن تلده على فراشه;
لقوله صلى هللا عليه وسلم " :الولد للفراش" وإمكان كونه منه يف حاالت :
)1احلالة األوىل :أن تكون يف عصمة زوجها ,وتلده بعد نصف سنة منذ أمكن وطؤه إياها ,سواء كان حاضرا أو
غائبا ,وذلك لتحقق إمكان كونه منه ,ومل يوجد ما ينايف ذلك .
)2احلالة الثانية :أن ال تكون يف عصمة زوجها ,وتلده لدون أربع سنني منذ أباهنا ,فيلحقه نسب املولود; ألن أكثر
مدة احلمل أربع سنني ,ويشرتط إلحلاق الولد بالزوج يف احلالتني :أن يكون كل منهما ممن يولد ملثله ; بأن يكون
قد بلغ عشر سنني فأكثر.
)3احلالة الثالثة :إذا طلق زوجته طالقا رجعيا ,فتلد بعد مضي أربع سنني منذ طلقها ,وقبل انقضاء عدهتا ; فإنه
يلحقه نسب الولد ,وكذا لو ولدت مطلقته الرجعية قبل مضي أربع سنني من انقضاء عدهتا; فإنه يلحق نسب
مولودا ,ألن الرجعية يف حكم الزوجات.
ومن األمور اليت يلحق السيد هبا مولود أمته :أن يعرتف شخص بأنه قد وطئ أمته ,أو تقوم البينة عليه بذلك ,مث تلد هذه
األمة لستة أشهر فأكثر من هذا الوطء الذي ثبت باعرتافه أو بالبينة ; فإنه يلحقه نسب هذا املولود ; ألهنا بذلك صارت
فراشا له ,ومن ذلك أن يعرتف السيد بوطء أمته ,مث يبيعها أو يعتقها بعد اعرتافه بذلك ,وتلد لدون ستة أشهر من البيع
أو العتق هلا ,ويعيش املولود ; فإنه يلحقه نسبه ; ألنه أقل مدة احلمل ستة أشهر ,فإذا ولدت دوهنا ,وعاش مولودها ;
فإنه بذلك يعلم أهنا محلت به قبل أن يبيعها ,وهي حينذاك فراش له
وينتفي كون الولد من الزوج يف حالتني
احلالة األوىل :إذا ولدته لدون ستة أشهر منذ زواجها وعاش.
58
احلالة الثانية :إذا طلقا طالقا بائنا ,مث تلد بعد مضي أكثر من أربع سنني من طالقه هلا ; فإنه ال يلحقه نسب ذلك
املولود ; ألننا نعلم أنا محلت بعد ذلك النكاح .
وال يلحق السيد نسب ولد أمته إذا ادعى أنه قد استربأها بعد وطئه هلا ; ألنه باستربائه هلا تيقن براءة رمحها منه ,فيكون
هذا املولود من غريه ,والقول قوله يف حصول االسترباء; إال إذا حلف عليه ; ألنه بذلك ينكر حق الولد يف النسب ; فال بد
من ميينه يف ادعاء االسترباء .
وإذا حصل إشكال يف مولود; فإنه يقدم الفراش على الشبه; كأن يدعي سيد ولد أمته ,ويدعيه واطئ بشبهة; فهو للسيد.
ويتبع الولد يف النسب أباه .ويتبع يف الدين خري أبويه دينا ,فلو تزوج نصراين وثنية ,أو بالعكس ; فيكون الولد تابعا
للنصراين منهما .
ويتبع الولد يف احلرية والرق أمه ; إال مع شرط أو غرر .
باب يف أحكام العدة
من آثار الطالق العدة ,ويراد هبا الرتبص احملدود شرعا .
وأما احلكمة يف مشروعية العدة فهي استرباء رحم املرأة من احلمل ; لئال حيصل اختالط األنساب.
وأما من تلزمها العدة فالعدة تلزم كل امرأة فارقت زوجها بطالق أو خلع أو فسخ أو مات عنها ; بشرط أن يكون الزوج
املفارق هلا قد خال هبا وهي مطاوعة مع علمه هبا وقدرته على وطئها ,سواء كانت الزوجة حرة أو أمة ,وسواء كانت
بالغة أو صغرية يوطأ مثلها .
وأما من فارقها زوجها حيا بطالق أو غريه قبل الدخول هبا ; فال عدة عليها .
أما املفارقة بالوفاة ; فتعتد مطلقا ,سواء كانت الوفاة قبل الدخول أو بعده
وأما أنواع املعتدات فهن على سبيل اإلمجال ست :
احلامل ,واملتوىف عنها زوجها من غري محل منه ,واحلائل اليت حتيض وقد فورقت يف احلياة ,واحلائل اليت ال حتيض لصغر
أو إياس وهي مفارقة يف احلياة ,ومن ارتفع حيضها ومل تدر ما رفعه ,وامرأة املفقود ,وهاك بيان ذلك على التفصيل .
فاحلامل تعتد بوضع احلمل ; سواء كانت مفارقة يف احلياة أو باملوت وذهب بعض السلف إىل أن احلامل املتوىف عنها
تعتد بأبعد األجلني ,لكن حصل االتفاق بعد ذلك على انقضاء عدهتا بوضع احلمل .
لكن ليس كل محل تنقضي بوضعه العدة ,وإمنا املراد احلمل الذي قد تبني فيه خلق إنسان ,فأما لو ألقت مضغة مل
تتبني فيها اخللقة ; فإهنا ال تنقضي هبا العدة .
وكذلك يشرتط النقضاء العدة بوضع احلمل أن يلحق هذا احلمل بالزوج املفارق ,فإن مل يلحق هذا احلمل الزوج
املفارق ; لكون هذا الزوج ال يولد ملثله لصغره أو ملانع خلقي ,أو تكون قد ولدته لدون ستة أشهر منذ عقد عليها
وأمكن اجتماعه هبا وعاش هذا املولود ; فإهنا ال تنقضي عدهتا به منه ; لعدم حلوقه به .
وأقل مدة احلمل ستة أشهر.
وأما أكثر مدة احلمل فموضع خالف بني أهل العلم ,والراجح أنه يرجع فيه إىل الوجود .
وغالب مدة احلمل تسعة أشهر ; ألن غالب النساء يلدن فيها ; فاعترب ذلك .
واملتوىف عنها إذا كانت غري حامل ; تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام ,سواء كانت وفاته قبل الدخول هبا أو بعده ,وسواء
كانت الزوجة ممن يوطأ مثلها أم ال .
واألمة املتوىف عنها تعتد نصف هذه املدة املذكورة ; فعدهتا شهران ومخسة أيام بلياليها.
هذا ; ولعدة الوفاة أحكام ختتص هبا
فمن أحكامها أنه جيب أن تعتد املتوىف عنها يف املنزل الذي مات زوجها وهي فيه; فال جيوز هلا أن تتحول عنه ,إال
لعذر.
فإن اضطرت إىل التحول إىل بيت غريه :فإن خافت على نفسها من البقاء فيه أو حولت عنه قهرا أو كان البيت
مستأجرا وحوهلا مالكه أو طلب أكثر من أجرته ; فإهنا يف هذه األحوال تنتقل حيث شاءت دفعا للضرر .
59
وجيوز للمعتدة من وفاة اخلروج من البيت حلاجتها يف النهار ,ال يف الليل ; ألن الليل مظنة الفساد
ومن أحكام عدة املتوىف عنها وجوب اإلحداد على املعتدة مدة العدة ,واإلحداد :اجتناهبا ما يدعو إىل مجاعها ويرغب
يف النظر إليها .
وأما اإلحداد على الزوج ; فإنه تابع للعدة بالشهور ,وأما احلامل ; فإذا انقضى محلها ; سقط وجوب اإلحداد ,وذكر
أنه يستمر إىل حني الوضع ; فإنه من توابع العدة .
وليس لإلحداد لباس خاص ,فتلبس احملدة ما جرت عادتا بلبسه ,ما مل يكن فيه زينة .
وإذا خرجت من العدة ; مل يلزمها أن تفعل شيئا أو تقول شيئا ; كما يظنه بعض العوام .
وعدة اآليسة ثالثة أشهر واملطلقة إذا كانت حتيض ,ومل يكن فيها محل ; تعتد بثالث حيض
وال بد أن تكون احليض كاملة ; فال تعتد حبيضة طلقت فيها ; فالطالق يف احليض يقع مع التحرمي ,لكن ال تعتد
بتلك احليضة اليت طلقت فيها .
وإن كانت املطلقة أمة ; اعتدت حبيضتني .
وأما املطلقة اآليسة من احليض لكربها والصغرية اليت مل حتض بعد ; فإهنا تعتد بثالثة أشهر ; ومن بلغت ومل حتض ;
اعتدت عدة اآليسة ,ثالثة أشهر وإن كانت املطلقة اآليسة أو الصغرية أم ولد ; فعدهتا شهران وذلك ألن األشهر بدل
من القروء ,وذهب بعض العلماء إىل أن عدهتا شهر ونصف وأما املطلقة اليت كانت حتيض ,مث ارتفع حيضها ,
وانقطع انقطاعا طارئا ال لكرب فهذه هلا حالتان :
)1أن ال تعلم السبب الذي منع حيضها; فهذه عدهتا سنة :تسعة أشهر للحمل ,وثالثة أشهر للعدة( أي :عدة
اآليسة) .
)2أن تعلم السبب الذي به ارتفع حيضها ; كاملرض والرضاع وتناول الدواء الذي يرفع احليض ; فهذه تنتظر زوال
ذلك املانع ,فإن عاد احليض بعد زواله ; اعتدت به ,وإن زال املانع ومل يعد احليض ; فالصحيح أهنا تعتد سنة
كاليت ارتفع حيضها ومل تدر سبب رفعه ,واختاره شيخ اإلسالم ابن تيمية ,وهو رواية عن اإلمام أمحد .
وأما املستحاضة ,فلها حاالت :
أن تكون تعرف قدر أيام عادهتا قبل االستحاضة ,وتعرف وقتها ; فهذه تنقضي عدهتا مبضي املدة اليت حيصل هلا هبا مقدار
ثالث حيض حسب أيام عادهتا .
أن تنسى أيام عادهتا ,ولكن يكون دمها متميزا ; فهذه تعترب الدم املتميز حيضا تعتد به إن صلح أن يكون حيضا .
أن تنسى عادهتا وليس هلا متييز يعترب ; فهذه تعتد عدة اآليسة ثالثة أشهر .
فاملعتدة من وفاة واملعتدة البائن بطالق حير التصريح خبطبتهما ; كقوله :أريد أن أتزوجك وحنوه ; دون التعريض ,كأن يقول هلا
:إين يف مثلك لراغب .
ويباح للرجل أن خيطب من أباهنا دون الثالث ومن طلقها طالقا رجعيا تصرحيا وتعريضا.
وأما زوجة املفقود -وهو من انقطع خربه ,فلم تعلم حياته وال موته ; -فتنتظر زوجته قدومه أو تبني خربه يف مدة يضرهبا
القاضي تكون كافية لالحتياط يف شأنه ,وتبقى يف عصمته يف تلك املدة ; ألن األصل حياته ,فإذا متت مدة االنتظار املضروبة
; حكم بوفاته ,واعتدت زوجته عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام.
فإذا انتهت عدهتا ; حلت لألزواج ,وال تفتقر إىل طالق ويل زوجها بعد اعتدادها للوفاة ,فإن تزوجت ,وقدم زوجها األول ;
فالصحيح أنه خي ري بني اسرتجاعها وبني إمضاء تزوجها من الثاين ,ويأخذ صداقه ,سواء كان قدومه بعد دخول الزوج الثاين أو
قبله .
باب يف االسترباء
االسترباء هو تربص يقصد منه العلم برباءة رحم ملك ميني ,مأخوذ من الرباءة ,وهي التمييز والقطع .فمن ملك أمة
يوطأ مثلها ببيع أو هبة أو سيب أو غري ذلك ; حرم عليه وطؤها ومقدماته قبل استربائها وغري احلامل إن كانت حتيض ,
فاسترباؤها حبيضة وأما األمة اآليسة من احليض واألمة الصغرية ; فتستربآن مبضي شهر.
61
باب يف أحكام الرضاع
والرضاع لغة :مص اللنب من الثدي أو شربه ,وشرعا :هو مص من دون احلولني لبنا ثاب عن محل أو ضربه أو حنوه .
والرضاع حكمه حكم النسب يف النكاح واخللوة واحملرمية وجواز النظر على ما يأيت تفصيله .ولكن ال تثبت له هذه
األحكام إال بشرطني :
الشرط األول :أن يكون مخس رضعات فأكثر
الشرط الثاين :أن تكون مخس الرضعات يف احلولني.
وحد الرضعة أن ميتص الثدي مث يقطع امتصاصه لتنفس أو انتقال من ثدي آلخر أو لغري ذلك .
ولو وصل اللنب إىل جوف الطفل بغري الرضاع فحكمه حكم الرضاع; كما لو قطر يف فمه أو أنفه ,أو شربه من إناء وحنوه;
أخذ ذلك حكم الرضاع بشرط أن حيصل من ذلك مخس مرات .
وأما ما ينشره الرضاع من احلرمة فمىت أرضعت امرأة طفال دون احلولني مخس رضعات فأكثر; صار املرتضع ولدها يف حترمي
نكاحها عليه ويف إباحة نظره إليها وخلوته هبا ,ويكون حمرما هلا ; وال يكون ولدا هلا يف بقية األحكام ; فال جتب نفقتها
عليه ,وال توارث بينهما ,وال يعقل عنها ,وال يكون وليا هلا.
ويصري املرتضع ولدا ملن ينسب لبنها إليه بسبب محلها منه ,أو بسبب وطئه هلا بنكاح أو شبهه; للحوق .
وتكون حمارم من نسب إليه اللنب كآبائه وأوالده وأمهاته وأجداده وجداته وإخوته وأخواته وأوالدهم وأعمامه وعماته وحنوهم
يكونون حمارم للمرتضع ,وتكون حمارم املرضعة كآبائها وأوالدها وأمهاهتا وأخواهتا وحنوهم حمارم للمرتضع .
وكما تثبت احلرمة على املرتضع تنتشر كذلك على فروعه من أوالده وأوالد أوالده دون أصوله وحواشيه ; فال تنتشر احلرمة
على من هو أعلى منه من آبائه وأمهاته وأعمامه وعماته وأخواله وخاالته ,كما ال تنتشر إىل من هو يف درجته من حواشيه
وهم إخوانه وأخواته .
ومن رضع من لنب امرأة موطوءة بعقد باطل أو بزنا صار ولدا للمرضعة فقط; ألنه ملا مل تثبت األبوة من النسب ,مل يثب من
الرضاع ,وهو فرعها .
ولنب البهيمة ال حيرم ,فلو ارتضع طفالن من هبيمة مل ينشر احلرمة بينهما .
واختلف يف لنب املرأة إذا در هلا لنب بدون محل وبدون وطء تقدم ,فقيل :ال ينشر احلرمة; ألنه ليس بلنب حقيقة ,والقول
الثاين :أنه ينشر احلرمة ,واختاره املوفق وغريه .
ويثبت الرضاع بشهادة امرأة مرضية يف دينها .
وإن شك يف وجود الرضاع ,أو شك يف كماله مخس رضعات ,وليس هناك بينة فال حترمي; ألن األصل عدم الرضاع.
باب يف أحكام احلضانة
احلضانة :شرعا ; فهي حفظ -صغري وحنوه عما يضره وتربيته بعمل مصاحله البدنية واملعنوية .
فأحق الناس باحلضانة األم
فإذا تزوجت األم ; انتقلت احلضانة منها إىل غريها ,وسقط حقها فيها
مث بعد سقوط حق األم للحضانة تنتقل إىل أمهاهتا جدات الطفل القرىب فالقرىب ; ألهنن يف معىن األم ; لتحقق والدهتن
وشفقتهن على احملضون أكمل من غريهن .
مث بعد اجلدات الاليت من قبل األم تنتقل احلضانة إىل أيب الطفل ; ألنه أصل النسب ,وأقرب من غريه ,وأكمل شفقة ;
فقدم على غريه .
مث بعد سقوط حق األب من احلضانة تنتقل إىل أمهات األب -أي :اجلدات من قبل األب القرىب فالقرىب.
مث بعد سقوط حق اجلدات من قبل األب يف احلضانة تنتقل إىل اجلد من قبل األب ,األقرب فاألقرب.
مث بعد اجلد تنتقل احلضانة إىل أمهات اجلد القرىب فالقرىب .
60
مث بعد أمهات اجلد تنتقل احلضانة إىل أخوات احملضون ; ألهنن يدلني بأبويه أو بأحدمها ,فتقدم األخت ألبوين لقوة قرابتها
ولتقدمها يف املرياث ,مث األخت ألم مث األخت ألب ,وقيل :األوىل تقدمي األخت ألب على األخت ألم ; ألن الوالية
لألب.
مث بعد األخوات تنتقل احلضانة إىل اخلاالت ; ألن اخلاالت يدلني باألم
مث بعد اخلاالت تنتقل إىل العمات ; ألهنن يدلني باألب.
مث بعد العمات تنتقل احلضانة إىل بنات اإلخوة .
مث بعدهن إىل بنات األخوات .
مث بعد بنات اإلخوة وبنات األخوات تنتقل احلضانة إىل بنات األعمام .
مث إىل بنات العمات .
مث بعدهن تنتقل احلضانة لباقي العصبة األقرب فاألقرب; اإلخوة مث بنوهم ,مث األعمام ,مث بنوهم
فإن كانت احملضونة أنثى ; اشرتط كون احلاضن من حمارمها ,فإن مل يكن حمرما هلا ; سلمها إىل ثقة خيتارها .
باب يف موانع احلضانة
من موانع احلضانة الرق ; فال حضانة ملن فيه رق ,ولو قل ; ألن احلضانة والية ,والرقيق ليس من أهل الوالية ,وألنه مشغول
خبدمة سيده ,ومنافعه مملوكة لسيده .
وال حضانة لفاسق ; ألنه ال يوثق به فيها ,ويف بقاء احملضون عنده ضرر عليه .
وال حضانة لكافر على مسلم ; ألنه أوىل بعدم االستحقاق من الفاسق ; ألن ضرره أكثر .
وال حضانة ملتزوجة بأجنيب من حمضون .
فإن زال أحد هذه املوانع; رجع من زال عنه املانع من هؤالء إىل حقه يف احلضانة لوجود سببها ,مع انتفاء املانع منها .
وإذا أراد أحد أبوي احملضون سفرا طويال ,ومل يقصد به املضارة ,إىل بلد بعيد ليسكنه ,وهو وطريقه آمنان ,فاحلضانة تكون
لألب .
وإن كان السفر إىل بلد قريب دون مسافة القصر لغرض السكىن فيه فاحلضانة لألم
أما إذا كان السفر حلاجة ,مث يرجع ,أو كان الطريق أو البلد املسافر إليه خموفني ; فإن احلضانة تكون للمقيم منهما.
ختيري الغالم بني أبويه
وأما ختيري الغالم بني أبويه فيحصل عند بلوغه السابعة من عمره ,فإذا بلغ سبع سنني وهو عاقل ; فإنه خيري بني أبويه ,فيكون
عند من اختار منهما
وال خيري إال بشرطني :
oأحدمها :أن يكون األبوان من أهل احلضانة .
oوالثاين :أن يكون الغالم عاقال ,فإن كان معتوها ; بقي عند األم .
وإذا اختار الغالم العاقل أباه ; صار عنده ليال وهنارا ; ليحفظه ويعلمه ويؤدبه ,لكن ال مينعه من زيارة أمه
وإن اختار أمه ; صار عندها ليال وعند أبيه هنارا ; ليعلمه ويؤدبه ,وإن مل خيرت واحدا منهما .
واألنثى إذا بلغت سبع سنني ; فإهنا تكون عند أبيها إىل أن يتسلمها زوجها وال متنع األم من زيارهتا مع عدم احملذور ,فإن كان
األب عاجزا عن حفظ البنت أو ال يبايل هبا لشغله أو قلة دينه ,واألم تصلح حلفظها ; فإهنا تكون عند أمها .
باب يف نفقة الزوجة
شرعا :كفاية من ميؤنه باملعروف قوتا وكسوة ومسكنا وتوابعها .
وأول ما جيب على اإلنسان النفقة على زوجته ,فيلزم الزوج نفقة زوجته قوتا وكسوة وسكىن مبا يصلح ملثلها.
عند التنازع بينهما :
فيفرض للموسرة حتت املوسر من النفقة قدر كفايتها مما تأكل املوسرة حتت املوسر يف حملهما ,ويفرض هلا من الكسو ما يلبس
مثلها من املوسرات بذلك البلد ,ومن الفرش واألثاث كذلك ما يليق مبثلها يف ذلك البلد .ويفرض للفقرية حتت الفقري من
62
القوت والكسو والفرش واألثاث ما يليق مبثلها يف البلد .ويفرض للمتوسطة مع املتوسط والغنية حتت الفقري والفقري حتت الغين
ما بني احلد األعلى -وهو نفقة املوسرين -واحلد األدىن -وهو نفقة الفقريين -حبسب العرف والعادة.
وعلى الزوج مؤونة نظافة زوجته من دهن وسدر وصابون ومن ماء للشرب والطهارة والنظافة ,وما ذكر هو ما إذا كانت الزوجة
يف عصمته.
أما إذا طلقها وصارت يف العدة :فإن كان طالقا رجعيا ; فإهنا جتب نفقتها عليه ما دامت يف العدة كالزوجة ; ألهنا زوجة.
وأما املطلقة البائن بينونة كربى أو بينونة صغرى ; فال نفقة هلا وال سكىن .
إال أن تكون املطلقة البائن حامال ; فلها النفقة ,وألن احلمل ولد للمطلق ,قاال ملوفق وغريه " :وهذا بإمجاع أهل العلم ,
لكن اختلف العلماء هل النفقة للحمل أو للحامل من أجل احلمل ".
ويتفرع على القولني أحكام كثرية موضعها كتب الفقه والقواعد الفقهية .
وتسقط نفقة الزوجة عن زوجها بأسباب متعددة :
منها :إذا حبست عنه ; سقطت نفقتها ,والنفقة إمنا جتب يف مقابل االستمتاع .
ومنها :إذا نشزت عنه ; فإهنا تسقط نفقتها ,والنشوز هو معصيتها إياه فيما جيب عليها له ,كما لو امتنعت من فراشه ,أو
امتنعت من االنتقال معه إىل مسكن يليق هبا ,أو خرجت من منزله بغري إذنه ; فال نفقة هلا يف هذه األحوال .
ومنها :لو سافرت حلاجتها ; فإهنا تسقط نفقتها ,ألهنا بذلك منعت نفسها منه بسبب ال من جهته ,فسقطت نفقتها .
واملرأة املتوىف عنها ال نفقة هلا من تركة الزوج ; ألن املال انتقل من الزوج إىل الورثة .
وإن كانت املتوىف عنها حامال ; وجبت نفقتها يف حصة احلمل من الرتكة إن كان للمتوىف تركة ,وإال وجبت نفقتها على وارث
احلمل املوسر .
وإذا اتفق الزوجان على دفع قيمة النفقة أو اتفقا على تعجيلها أو على تأخريها مدة طويلة أو قليلة جاز ذلك ; ألن احلق هلما
,وإن اختلفا ; وجب دفع نفقه كل يوم من أوله جاهزة ,وإن اتفقا على دفعها حبا ; جاز ذلك.
وجتب هلا الكسوة كل عام من أوله ,فيعطيها كسوة السنة ,ومن غاب عن زوجته ومل يرتك هلا نفقة ,أو كان حاضرا ومل ينفق
عليها ; لزمته نفقة ما مضى .
ويبدأ وقت وجوب نفقة الزوجة على زوجها من حني تسليم نفسها له ,فإن أعسر بالنفقة ; فلها فسخ نكاحا منه.
وإن غاب زوج موسر ,ومل يدع المرأته نفقة ,وتعذر أخذها من ماله أو استدانتها عليه فلها الفسخ بإذن احلاكم ,فإن قدرت
على ماله ; أخذت قدر كفايتها.
باب يف نفقة األقارب واملماليك
املراد هنا بأقارب اإلنسان كل من يرثه بفرض أو تعصيب ,واملراد باملماليك ما حتت ملك اإلنسان من األرقاء والبهائم .
ويشرتط لوجوب اإلنفاق على القريب من عمودي النسب ,وهم والدا املنفق وأجداده وإن علوا وأوالده وإن نزلوا :
)1أن يكون املنفق عليه منهم فقريا ال ميلك شيئا ,أو ال ميلك ما يكفيه ,وال يقدر على التكسب .
)2وأن يكون املنفق غنيا ,عنده ما يفضل عن قوته وقوت زوجته ومملوكه .
)3وأن يكون املنفق واملنفق عليه على دين واحد .
)4وإن يكون املنفق عليه من غري أوالد املنفق وآبائه ; اشرتط زيادة على ذلك كون املنفق وارثا للمنفق عليه .
والوالد جتب عليه نفقة ولده كاملة ,ينفرد .
أما الفقري الذي له أقارب أغنياء ,وليس منهم األب ; فإهنم يشرتكون يف اإلنفاق عليه كل بقدر إرثه منه.
وأما نفقة املماليك من األرقاء والبهائم فإنه جيب على السيد نفقة رقيقه من قوت وكسوة وسكىن باملعروف.
وإن طلب الرقيق نكاحا ; زوجه سيده أو باعه.
وإن طلبته أمة ; خري سيدها بني وطئها أو تزوجيها أو بيعا ; إزالة للضرر عنها .
وجيب على من ميلك هبيمة علفها وسقيها وما يصلحها .
وال جيوز ملالك البهيمة أن حيملها ما تعجز عنه ; ألن ذلك تعذيب هلا .
63
وال جيوز له أن حيلب من لبنها ما يضر ولدها .
وحيرم عليه لعن البهيمة وضرهبا يف وجهها وومسها فيه ,فإن عجز مالك البهيمة عن اإلنفاق عليها أجرب على بيعها أو تأجريها
أو ذحبها إن كانت مما تؤكل ; ألن بقاءها يف ملكه مع عدم اإلنفاق عليها ظلم ,والظلم جتب إزالته .
كتاب القصاص واجلنايات
باب يف أحكام القتل وأنواعه
قد عرف الفقهاء اجلنايات بأهنا مجع جناية ,وهي لغة التعدي على بدن أو مال أو عرض .
وقد عقدوا للنوع األول منها -وهو التعدي على البدن -كتاب اجلنايات ,وعقدوا للنوع الثاين والثالث -ومها التعدي
على املال والعرض -كتاب احلدود .
والتعدي على البدن هو ما يوجب قصاصا أو ماال أو كفارة .
وقد أمجع املسلمون على حترمي القتل بغري حق ودليل ذلك من الكتاب والسنة .
فمن قتل مسلما عدوانا ; فقد توعده هللا تعاىل .
وحكمه أنه فاسق ; الرتكابه كبرية من كبائر الذنوب ,وأمره إىل هللا :إن شاء عذبه ,وإن شاء غفر له .
وهذا إذا مل يتب ,أما إذا تاب ,فتوبه مقبولة.
لكن ال يسقط عنه حق املقتول يف اآلخرة مبجرد التوبة ,بل يأخذ املقتول من حسنات القاتل بقدر مظلمته ,أو يعطيه
هللا من عنده ,وال يسقط حق املقتول بالقصاص ; ألن القصاص حق ألولياء املقتول .
والقتل ينقسم إىل ثالثة أقسام عند أكثر أهل العلم ,وهي :القتل العمد ,والقتل شبه العمد ,والقتل اخلطأ .
فالقتل العمد :هو أن يقصد من يعلمه آدميا معصوما فيقتله مبا يغلب على الظن موته به .
القتل ال يكون عمدا إال إذا توفرت فيه هذه الشروط
)1الشرط األول :وجود القصد من القاتل ,وهي إرادة القتل .
)2الشرط الثاين :أن يعلم أن الشخص الذي قصد قتله آدمي معصوم الدم .
)3الشرط الثالث :أن تكون اآللة اليت قتله هبا مما يصلح للقتل عادة.
فإن اختل شرط من هذه الشروط ; مل يكن القتل .وللعمد تسع صور معلومة باالستقراء :
)1إحداها :أن جيرحه مبا له نفوذ يف البدن.
)2الثانية :أن يقتله مبثقل كبري كاحلجر وحنوه .
)3الثالثة :أن يلقيه إىل حيوان مفرتس كأسد ,أو إىل حية.
)4الرابعة :أن يلقيه يف نار أو ماء يغرقه وال ميكنه التخلص منهما .
)5اخلامسة :أن خينقه حببل أو غريه أو يسد فمه وأنفه فيموت من ذلك .
)6السادسة :أن حيبسه ومينع عنه الطعام والشراب فيموت من ذلك يف مدة ميوت فيها غالبا .
)٩السابعة :أن يقتله بسحر يقتل غالبا.
)٤الثامنة :أن يسقيه مسا ال يعلم به ,أو خيلطه بطعامه .
)٧التاسعة :أن يشهد عليه شهود مبا يوجب قتله من زنا أو ردة أو قتل ,فيقتل مث يرجع الشهود عن شهادهتم .
وشبه العمد قد عرفه الفقهاء رمحهم هللا بقوهلم " :هو أن يقصد جناية ال تقتل غالبا ,فيموت هبا اجملين عليه ,سواء كان
ذلك بقصد العدوان عليه ,أو ألجل تأديبه.
ومن أمثلة شبه العمد ما لو ضربه يف غري مقتل بسوط أو عصا صغري أو لكزه بيده أو لكمه يف غري مقتل فمات كان
ذلك شبه عمد ,جتب به الكفارة يف مال اجلاين.
64
وأما قتل اخلطأ :وهو أن يفعل ما له فعله ; مثل أن يرمي صيدا أو هدفا ,فيصيب آدميا معصوما مل يقصده ,فيقتله أو
يقتل مسلما يف صف كفار يظنه كافرا .
وعمد الصيب واجملنون جيري جمرى اخلطأ ,ألهنما ليس هلما قصد .
وجيري جمرى اخلطأ أيضا القتل بالتسبب ,كما لو حفر بئرا أو حفرة يف طريق ,فتلف بسبب ذلك إنسان
وجب بالقتل اخلطأ الكفارة يف مال القاتل ,وهي عتق رقبة مؤمنة ,فإن مل جيد الرقبة; صام شهرين متتابعني ,وجتب الدية
على عاقلته ,وهم ذكور عصابته .
ومن قتل مسلما يف صف كفار يظنه كافرا فإنه ال جيب فيه إال الكفارة فقط .
فجعل قتل اخلطأ على قسمني:
)1قسم فيه الكفارة على القاتل والدية على عاقلته ,وهو قتل املؤمن خطأ يف غري صف الكفار.
)2وقسم جتب فيه الدية فقط ,وهو قتل املؤمن بني الكفار يظنه القاتل كافرا .
واختلفوا يف وجه سقوط الدية ; فقيل :وجهه أن أولياء القتيل كفار ,ال حق هلم يف الدية ,وقيل :وجهه أن هذا الذي
آمن ومل يهاجر حرمته قليلة ,وقال بعض أهل العلم :إن ديته واجبة لبيت املال "
ومحال لقاتل الكفارة ألمور :
)1أوال :احرتام النفس الذاهبة .
)2ثانيا :لكون القتل ال خيلو من تفريطه .
)3ثالثا :لئال خيلو القاتل عن حتمل شيء.
وال يدخل يف العاقلة الرقيق والفقري والصغري واجملنون واألنثى واملخالف لدين .
وتؤجل دية اخلطأ على العاقلة ثالث سنني ,وجيتهد احلاكم يف حتميل كل منهم ما يستطيع ,ويبدأ باألقرب فاألقرب .
باب يف أحكام القصاص
أمجع العلماء على مشروعية القصاص يف القتل العمد إذا توفرت .
إن الويل خيري بني القصاص والديه ;وإن شاء أخذ الدية ,وعفوه جمانا أفضل .
ما مل يؤد ذلك إىل مفسدة .
وال يستحق ويل القتيل القصاص إال بتوفر شروط أربعة :
)1عصمة املقتول ; بأن ال يكون مهدر الدم .
)2أن يكون القاتل بالغا عاقال .
)3املكافأة بني املقتول وقاتله حال جنايته ; بأن يساويه يف الدين واحلرية والرق ; فال يقتل مسلم وال يقتل حر بعبد .وال
يؤثر التفاضل بني اجلاين واجملين عليه يف غري ما ذكر ,فيقتل اجلميل بالدميم ,والشريف بضده ,والكبري بالصغري,
ويقتل الذكر باألنثى ,والصحيح باجملنون واملعتوه .
)4عدم الوالدة ,بأن ال يكون املقتول ولدا للقاتل وال البنه وإن سفل ,وال لبنته وإن سفلت ; فال يقتل أحد األبوين وإن
عال بالولد وإن سفل .
شروط استيفاء القصاص وهي ثالثة شروط :
الشرط األول :أن يكون مستحق القصاص مكلفا ; أي :بالغا عاقال .
الشرط الثاين :اتفاق األولياء واملشرتكني يف القصاص على استيفائه ,وليس لبعضهم أن ينفرد به دون البعض اآلخر.
)1وإن بقي من الشركاء يف استحقاق القصاص غائبا أو صغريا أو جمنونا ,انتظر قدوم الغائب وبلوغ الصغري,
وعقل اجملنون منهم .
)2ومن مات من مستحقي القصاص ; قام وارثه مقامه .
)3وإن عفا بعض املشرتكني يف استحقاق القصاص ; سقط القصاص .
65
)4ويشرتك يف استحقاق القصاص مجيع الورثة بالنسب والسبب :الرجال والنساء ,الكبار والصغار :إن العفو
خيتص بالعصبة فقط.
الشرط الثالث :أن يؤمن االستيفاء أن يتعدى إىل غري اجلاين .
فإذا أفضى القصاص إىل التعدي; فهو إسراف ,فإذا وجب القصاص على حامل أو من محلت بعد وجوب القصاص عليها; مل
تقتل حىت تضع ولدا; ألن قتلها يتعدى إىل اجلنني ,وهو بريء ,مث بعد وضعه :إن وجد من يرضعه ; أعطي ملن يرضعه ,وقتلت
:لزوال املانع من القصاص ,لقيام غريها مقامها يف إرضاع الولد ,وإن مل يوجد من يرضعه ; تركت حىت تفطمه حلولني .
وإذا أريد تنفيذ القصاص ; فال بد أن يتم تنفيذه بإشراف اإلمام أو نائبه; ليمنع اجلور ,ويلزم بالوجه الشرعي يف ذلك .
ويشرتط يف اآللة اليت ينفذ هبا القصاص أن تكون ماضية ; كسيف وسكني .ومينع استيفاء القصاص بآلة كالة; ألن ذلك إسراف
يف القتل .
مث إن كان الويل حيسن االستيفاء على الوجه الشرعي ,وإال ; أمره احلاكم أن يوكل من يقتص له .
والصحيح من قويل العلماء أنه يفعل باجلاين كما فعل باجملين عليه.
لو قطع يديه ,مث قتله ; فعل به ذلك ,وإن قتله حبجر أو غرقه أو غري ذلك ; فعل به مثل ما فعل ,وإن أراد ويل القصاص أن
يقتص على ضرب عنقه بالسيف ; فله ذلك ,وهو أفضل ,وإن قتله مبحرم ; تعني قتله بالسيف ,ومثل قتل السيف يف الوقت
احلاضر قتله بإطالق الرصاص عليه ممن حيسن الرمي .
باب يف القصاص يف األطراف
القصاص يف األطراف واجلروح ثابت بالكتاب والسنة واإلمجاع :
فمن أقيد بأحد يف النفس ; أقيد به يف الطرف واجلروح إذا توفرت شروط القصاص السابقة ومن ال يقاد بأحد بالنفس ; ال يقاد
به يف الطرف واجلروح ,هذه هي القاعدة يف هذا الباب .
وموجب القصاص يف األطراف واجلروح هو موجب القصاص يف النفس ,وهو العمد احملض ; فال قود يف اخلطأ وال يف شبه
العمد ,وجيري القصاص يف األطراف ,فتؤخذ العني بالعني ,واألنف باألنف ,واألذن باألذن ,واليد باليد ,والرجل بالرجل ;
اليمىن باليمىن ,واليسرى باليسرى ,من كل ما ذكر ,ويكسر سن اجلاين بسن اجملين عليه املماثلة هلا ,ويؤخذ اجلفن باجلفن ,
األعلى باألعلى ,واألسفل باألسفل ,وتؤخذ الشفة بالشفة ; العليا بالعليا ,والسفلى بالسلفي ,وتؤخذ اإلصبع باإلصبع اليت
متاثلها يف موضعها ويف امسها ,وتؤخذ الكف بالكف املماثلة ; اليمىن باليمىن ,واليسرى باليسرى ,ويؤخذ الرفق مبثله ; األمين
باألمين ,واأليسر باأليسر ; للمماثلة فيهما ,ويؤخذ الذكر.
ويشرتط للقصاص يف الطرف ثالثة شروط
األمن من احليف ,وذلك بأن يكون القطع من مفصل أو له حد ينتهي إليه ,فإن مل يكن كذلك ,مل جيز القصاص ,فال
ق صاص يف جراحة ال تنتهي إىل حد ; كاجلائفة ,وهي اليت تصل إىل باطن اجلوف ; ألهنا ليس هلا حد ينتهي القطع إليه ,وال
قصاص يف كسر عظم غري سن ; ككسر الساق والفخذ والذراع ; لعدم إمكان املماثلة ,أما كسر السن ; فيجري فيه القصاص
; بأن يربد سن اجلاين حىت يؤخذ منه قدر ما كسر من سن اجملين عليه .
التماثل بني عضوي اجلاين واجملين عليه يف االسم واملوضع ; فال تؤخذ ميني بيسار وال يسار بيمني من األيدي واألرجل واألعني
واآلذان وحنوها ,ألن كل واحد منها خيتص باسم ,وله منفعة خاصة ; فال متاثل ,وال تؤخذ خنصر ببنصر من األصابع .
است واء العضوين من اجلاين واجملين عليه يف الصحة والكمال ,فال يؤخذ يد أو رجل صحيحة بيد أو رجل شالء ,وال تؤخذ يد
أو رجل كاملة األصابع أو األظفار بن اقصتها ,وال تؤخذ عني صحيحة بعني قائمة ,وهي اليت بياضها وسوادها صافيان غري
أهنا ال تبصر ; لعدم التساوي ,وال يؤخذ لسان ناطق بلسان أخرس ; لنقصه ,ويؤخذ العضو الناقص بالعضو الكامل ,وألن
املقتص يأخذ بعض حقه ; فال حيف ,وإن شاء أخذ الدية بدل القصاص .
وأما القصاص يف اجلروح فيقتص يف كل جرح ينتهي إىل عظم ; إلمكان االستيفاء فيه بال حيف وال زيادة ,وذلك كالشجة
املوضحة يف الرأس والوجه ,وكجرح العضد والساق والفخذ والقدم .وأما ما ال ينتهي إىل عظم ,فال جيوز القصاص فيه من
اجلراحات ,سواء كانت شجة أو غريها ; كاجلائفة ,وهي اليت تصل إىل باطن جوف ; كبطن وصدر وحنر ; لعدم األمن من
66
احليف والزيادة .وأما القصاص يف الضربة بيده أو بعصا أو سوط وحنو ذلك ,فقالت طائفة :ال قصاص فيه ,بل فيه التعزير ,
واملأثور عند اخللفاء وغريهم من الصحابة والتابعني :أن القصاص مشروع يف ذلك .
باب يف القصاص من اجلماعة للواحد
إذا اشرتك مجاعة يف قتل شخص عمدا عدوانا اقتص له منهم مجيعا ,وقتلوا به على الصحيح من قويل العلماء رمحهم هللا.
ويشرتط لقتل اجلماعة بالواحد أن يصلح فعل كل واحد منهم للقتل لو انفرد ,وذلك بأن يباشر اجلميع القتل ,ويكون فعل
كل واحد منهم قاتال لو انفرد .
فإن مل يصح فعل كل واحد منهم للقتل لو انفرد ,وكانوا قد متالئوا وتواطئوا على قتل اجملين عليه ; وجب القصاص منهم
مجيعا ; ألن غري املباشر صار ردئا للمباشر .
ومن أكره شخصا على قتل آخر ,فقتله وجب القصاص على املكره واملكره إذا توفرت شروطه ; ألن القاتل قصد استبقاء
نفسه بقتل غريه ,واملكره تسبب إىل القتل .
ومن أمر صغريا أو جمنونا بقتل شخص ,فقتله وجب القصاص على اآلمر وحده ; ألن املأمور آلة لآلمر.
وكذا إذا كان املأمور مكلفا ,لكنه جيهل حترمي القتل ,لكنه جيهل حترمي القتل .فيجب القصاص على اآلمر .
وأما إن كان املأمور بالغا عاقال ال جيهل التحرمي ; فإنه جيب القصاص عليه ; ملباشرته القتل بغري حق .
وإذا اشرتك اثنان يف قتل شخص عمدا عدوانا ,وكان أحدمها ال تتوفر فيه شروط وجوب القصاص ,واآلخر تتوفر فيه,
وجب القصاص على من تتوفر فيه الشروط منهما ,ألنه شارك يف القتل العمد العدوان .
وكما يقتص للواحد من اجلماعة يف النفس ; فإنه يقتص له منهم يف الطرف واجلراح ,فإذا قطع مجاعة طرفا أو جرحوا جرحا
يوجب القود ,ومل تتميز أفعال بعضهم عن بعض ,كما لو وضعوا حديدة على يد شخص ,وحتاملوا عليها حىت انقطعت
اليد ,فيجب قطع أيديهم مجيعا .
وسراية اجلناية على النفس وما دوهنا هلا حكم اجلناية ,ألهنا أثرها ,وأثر املضمون مضمون ,فلو قطع إصبعا ,فتآكلت
اإلصبع األخرى أو اليد وسقطت من مفصله ; وجب القود يف اليد ,وإن سرت اجلناية إىل النفس ; فمات اجملين عليه
وجب القصاص ,وال جيوز أن يقتص يف عضو أو جرح قبل برئه.
وذلك ملصلحة اجملين عليه ; إذ قد تسري اجلناية إىل طرف آخر أو إىل النفس ; فال بد أن يعرف مدى هناية اجلناية ,فلو
اقتص قبل الربء ,مث سرت اجلناية بعد ذلك فال شيء له ; ألنه استعجل فبطل حقه .
باب يف أحكام الديات
الديات مجع دية ,وهي املال املودى إىل جمين عليه أو وليه بسبب جناية .
فتجب الدية على كل من أتلف إنسانا مبباشرة ; كما لو ضربه أو دهسه بسيارة ,أو قتله بتسبب ; كمن حفر بئرا يف
طريق أو وضع فيه حجرا فتلف بسبب ذلك إنسان ,سواء كان التالف مسلما أو ذميا أو مستأمنا أو مهادنا.
فإن كانت اجلناية اليت تلف بسببها اجملين عليه عمدا حمضا فإن الدية جتب كلها يف مال اجلاين حالة .
وأما دية القتل شبه العمد ودية القتل اخلطأ ,فإهنما يكونان على عاقلة القاتل وإجياهبا على العاقلة على سبيل املواساة
للقاتل ختفيفا عنه ; ألنه معذور ,والعامد ال عذر له ; فال يستحق التخفيف عنه.
وأما دية اخلطأ ; فقال ابن املنذر " :أمجع كل من حنفظ عنه من أهل العلم أهنا على العاقلة " ,وكذا دية ما جيري جمرى
اخلطأ ,كانقالب النائم على إنسان فيقتله ,وحفر البئر تعديا فيقع فيها إنسان فيموت .
وما ترتب على الفعل املأذون به شرعا من تلف ,فهو غري مضمون ; كما لو أدب الرجل ولده أو زوجته ,أو أدب
سلطان أحدا من رعيته ,ومل يسرف واحد من هؤالء يف التأديب ,ومات املؤدب مل جيب شيء على املؤدب ; ألنه فعل
ما له فعله شرعا ,ومل يتعد فيه ,فإن أسرف يف التأديب ,فزاد فوق املعتاد ,فتلف املؤدب ; ضمنه ,لتعديه
باإلسراف.
وإن كان التأديب المرأة حامل ,فأسقطت محلها بسببه وجب على املؤدب ضمان احلمل بغرة عبد أو أمة .
67
ومن أفزع حامال فأسقطت جنينها بسبب ذلك كما لو طلبها سلطان ,أو استعدى عليها رجل بالشرط ; وجب
ضمان اجلنني على من أفزعها ; هلالكه بسببه .
ومن أمر شخصا مكلفا أن ينزل بئرا أو يصعد شجرة وحنوها ,ففعل ,وهلك بسبب نزوله أو صعوده مل يضمنه اآلمر ,
ألنه مل جين ومل يتعد عليه يف ذلك .
فإن كان املأمور غري مكلف ; ضمنه اآلمر ; ألنه تسبب يف إتالفه .
ولو استأجر شخصا لنزول البئر وصعود الشجرة ,فمات بسبب ذلك ; مل يضمنه املستأجر ,ألنه مل جين ومل يتعد .
ومن دعا من حيفر له بئرا بداره ,فمات هبدم مل يلقه عليه أحد فهو هدر ; لعدم التعدي عليه .
باب يف مقادير الديات
ختتلف املقادير باعتبار اإلسالم واحلرية والذكورة واألنوثة وكون الشخص املقتول موجودا للعيان أو محال يف البطن .
وأكثرها مقدار دية احلر املسلم ,حيث تبلغ ألف مثقال من الذهب ,أو اثين عشر ألف درهم من الدراهم اإلسالمية
اليت كل عشرة منها سبعة مثاقيل ,أو مائة من اإلبل ,أو مائيت بقرة ,أو ألفي شاة
قد اختلف أهل العلم ,هل هذه املذكورات أصول للدية ,أم أن األصل هو اإلبل فقط ,وهو قول جهور العلماء .
ما عدا اإلبل من األصناف املذكورة يكون معتربا هبا من باب التقومي .
وتغلظ الدية يف قت ل العمد وشبهه ,فتجعل املائة من اإلبل أرباعا :مخس وعشرون بنت خماض ,ومخس وعشرون بنت
لبون ,ومخس وعشرون حقة ,ومخس وعشرون جذعة .
فإن جاء باإلبل على هذا النمط ,لزم ويل اجلناية أخذها ,وإن شاء دفع قيمتها حسب ما تساوي يف كل عصر حبسبه .
وتكون الدية يف اخلطأ خم ففة ; حبيث جتعل املائة من اإلبل مخسة أنواع :عشرون بنت خماض ,وعشرون بنت لبون ,
وعشرون حقة ,وعشرون جذعة ,وعشرون من بين خماض ,أو قيمتها حسب ما تساوي يف كل عصر حبسبه .
ودية احلر الكتايب سواء كان ذميا أو مستأمنا أو معاهدا نصف دية املسلم .
ودية اجملوسي الذمي أو املعاهد أو املستأمن ودية الوثين املعاهد أو املستأمن :مثامنائة درهم إسالمي .
ونساء أهل الكتاب واجملوس وعبدة األوثان على النصف من دية ذكراهنم ; كما أن دية نساء املسلمني على النصف من
دية ذكراهنم ,قال ابن املنذر " :أمجع أهل العلم على أن دية املرأة نصف دية الرجل ,ويف كتاب عمرو بن حزم " :
دية املرأة على النصف من دية الرجل " .
ويستوي الذكر واألنثى فيما يوجب دون ثلث الدية.
ودية القن قيمته ذكرا كان أو أنثى ,صغريا أو كبريا ,بالغة ما بلغت ,وهذا جممع عليه إذا كانت قيمته دون دية احلر ,
فإن بلغت دية احلر فأكثر ; فذهب أمحد يف املشهور عنه ومالك والشافعي وأبو يوسف إىل أن فيه قيمته بالغة ما بلغت
.
وجيب يف اجلنني ذكرا أو أنثى إذا مات بسبب جناية على أمه عمدا أو خطأ غرة عبد أو أمة ,قيمتها مخس من اإلبل.
وتورث الغرة عنه ,كأنه سقط حيا ; ألهنا دية له.
باب يف ديات األعضاء واملنافع
أوال :دية األعضاء
يف اآلدمي مخسة وأربعون عضوا ,منها ما يف اإلنسان منه شيء واحد ,ومنها ما يف اإلنسان منه اثنان فأكثر :
فإذا تلف ما يف اإلنسان منه شيء واحد كاألنف واللسان والذكر ,ففيه دية تلك النفس اليت قطع منها على التفصيل
السابق ,سواء كان ذكرا أو أنثى ,حرا أو عبدا أو ذميا أو غريه ; ألن يف إتالف هذا العضو الذي مل خيلق هللا يف اإلنسان
منه إال شيئا واحدا إذهاب منفعة اجلنس ; فهو كإذهاب النفس .
وما يف اإلنسان منه شيئان ; كالعينني ,واألذنني ,والشفتني ,واللحيني ( ومها العظمان اللذان فيهما األسنان ) ,وثديي
املرأة وثندويت الرجل واليدين والرجلني واألنثيني ; يف إتالف االثنني مما ذكر الدية كاملة ,ويف إتالف أحدمها نصفها.
68
وما يف اإلنسان منه ثالثة أشياء :إذا أتلفها مجيعا; ففيها دية كاملة ,ويف الواحد منها ثلث الدية ,وذلك كاألنف; فإنه
يشمل ثالثة أشياء هي :املنخران واحلاجز بينهما ,فتوزع الدية عليها كما توزع األصابع .
وما يف اإلنسان منه أربعة أشياء ; ففيها مجيع ا إذا أتلفت دية كاملة ,ويف الواحد منها ربع الدية ,وذلك كاألجفان األربعة ;
ألن فيها مجاال ظاهرا ونفعا كامال .
ويف أصابع اليدين الدية كاملة ,وكذا أصابع الرجلني دية كاملة إذا قطعت مجيعا ,ويف كل أصبع عشر الدية
ويف كل أمنلة من أصابع اليدين والرجلني ثلث عشر الدية ; ألن يف كل إصبع ثالثة مفاصل ,فتقسم دية اإلصبع على
عددها ,كما قسمت دية اليد على األصابع بالسوية ,واإلهبام فيه مفصالن ,يف كل مفصل منهما نصف عشر الدية.
ويف كل سن نصف عشر الدية.
ثانيا :دية املنافع
وأما املنافع ; فاملراد هبا منافع تلك األعضاء املذكورة ; كالسمع ,والبصر ,والشم ,والكالم ,واملشي ,فكل عضو له
منفعة خاصة .
ومن ذلك احلواس األربع ,وهي :السمع ,والبصر ,والشم ,والذوق ,ففي كل حاسة منها إذا ذهبت بسبب اجلناية دية
كاملة .
وجتب الدية كاملة يف إذهاب كل من الكالم والعقل واملشي واألكل والنكاح وعدم استمساك البول والغائط ; ألن يف كل
واحدة من هذه منفعة كبرية ,ليس يف البدن مثلها .
وجيب يف كل واحد من الشعور األربعة الدية كاملة ,وهي شعر الرأس وشعر اللحية وشعر احلاجبني وأهداب العينني ,ويف
احلاجب الواحد نصف الدية ,ويف اهلدب الواجب ربع الدية ; ألن الدية تتوزع عليها بعددها .
باب يف أحكام الشجاج وكسر العظام
الشجاج :مجع شجة ,وهي اجلرح يف الرأس والوجه خاصة .
وتنقسم الشجة باعتبار تسميتها املنقولة عن العرب إىل عشرة أقسام ,كل قسم له اسم خاص وحكم خاص :
)1احلارصة :وهي اليت حترص اجللد ,أي :تشقه قليال وال تدميه ,وتسمى القاشرة ,أي :ألهنا تقشر اجللد .
)2البازلة :وهي اليت يسيل منها الدم قليال ,وتسمى الدامعة ; تشبيها خبروج الدمع من العني .
)3الباضعة :وهي اليت تبضع اللحم ; أي :تشقه بعد اجللد .
)4املتالمحة :وهي الغائصة يف اللحم ,ولذلك اشتقت منه .
)5السمحاق :وهي اليت تنفذ من اللحم ,وال يبقى بينها وبني العظم سوى جلدة رقيقة تسمى السمحاق ,مسيت
اجلراحة الواصلة إليها بامسها .وهذه اخلمس املذكورة من الشجاج ليس يف ديتها مبلغ مقدر من الشارع ,فيقدر
فيها حكومة ,جيتهد احلاكم يف تقديرها .
)6املوضحة :وهي اليت توضح العظم وتربزه ,وديتها مخسة أبعرة .
)٩اهلامشة :وهي اليت توضح العظم وهتشمه ; أي :تكسره ,وجيب فيها عشر من اإلبل .
)٤املنقلة :وهي اليت توضح العظم وهتشمه وتنقل العظام حبيث حتتاج إىل مجع لتلتئم .
)٧املأمومة :وهي اليت تصل إىل أم الدماغ ; أي :جلدة الدماغ .
الدامغة :وهي اليت خترق تلك اجللدة . )11
وجيب يف كل واحدة من هاتني الشجتني املأمومة والدامغة ثلث الدية.
وأما ما جيب يف كسر العظام
فيجب يف الضلع إذا جرب بعد كسر ; كما كان بعري ,وجيب يف كل واحدة من الرتقوتني .
وإن اجنرب الضلع أو الرتقوة بدون استقامة ,وجب يف ذلك حكومة ,وجيب يف كسر الذراع ,وهو الساعد اجلامع لعظمي
الزند والعضد ,إذا جرب مستقيما :بعريان ,كما جيب ذلك أيضا يف كسر الفخذ وكسر الساق وكسر الزند .
69
واحلكومة معناها أن يقوم اجملين عليه كأنه عبد ال جناية به ,مث يقوم وهي به قد برئت ; فما نقص من القيمة ; فللمجين
عليه مثل نسبته من الدية ,مثال ذلك :لو قدر أن قيمته لو كان عبدا سليما ستون ,وقيمته باجلناية مخسون ; ففيه سدس
ديته ,ألن الناقص بالتقومي واحد من ستة ,وهو سدس قيمته ,فيكون للمجين عليه سدس ديته .
وإذا برئ اجملين عليه ,وعاد كما كان ; مل تنقصه اجلناية شيئا ; فإنه يقوم وقت جريان الدم ; ألنه البد يف هذه احلالة من
نقصه ,للخوف عليه ; ولتأثري اجلناية عليه حينئذ .
باب يف كفارة القتل
الكفارة مسيت بذلك اشتقاقا من الكفر ,وهو السرت ,ألهنا تسرت الذنب
وإمنا جتب الكفارة يف قتل اخلطأ وشبه العمد ,وأما القتل العمد العدوان ,فال كفارة فيه .
ألن إمثه ال يرتفع بالكفارة ; لعظمه وشدته ,لكن القاتل عمدا إذا تاب إىل هللا تعاىل ,ومكن من نفسه ; ليقتص منه ; فإن
ذلك خيفف عنه اإلمث ,فيسقط عنه حق هللا بالتوبة ,وحق األولياء بالقصاص أو العفو عنه ,ويبقى حق القتيل يرضيه هللا
مبا شاء .
وجتب الكفارة على القاتل ,سواء كان كبريا أو صغريا أو جمنونا ,وسواء كان حرا أو عبدا ; لعموم اآلية .
والكفارة عتق رقبة مؤمنة ,فإن مل جيد ; فصيام شهرين متتابعني ,وال جيزئ اإلطعام فيها ,فإذا مل يستطع الصوم ; بقي يف
ذمته ,وال جيزئ عنه اإلطعام ; أل نه تعاىل مل يذكره ,واألبدال يف الكفارات تتوقف على النص دون القياس .
ويكفر العبد بالصوم ; ألنه ال مال له يعتق منه .
وإن كان القاتل جمنونا أو صغريا ,كفر عنه وليه بعتق ; لعدم إمكان الصوم منهما ,وال تدخله النيابة ,وقد وجبت الكفارة
على كل منهما .
وتتعدد الكفارة بتعدد القتل كتعدد الدية لتعدد القتل ,فلو قتل عدة أشخاص ; وجبت عليه عدة كفارات بعددهم .
وإن كان القتل مباحا -كقتل الباغي واملرتد والزاين احملصن واملقتول قصاصا أو حدا -أو ألجل الدفاع عن النفس ; فال
كفارة يف ذلك كله ,لعدم حرمة املقتول .
باب يف أحكام القسامة
القسامة :أميان مكررة يف دعوى قتل معصوم ,وتشرع القسامة يف القتيل إذا وجد ومل يعلم قاتله واهتم به شخص .
وأما شروط القسامة:
فمن أمهها وجود اللوث ,وهو العداوة الظاهرة بني القتيل واملتهم بقتله ,فلألولياء حينئذ أن يقسموا على القاتل إذا غلب على
ظنهم أنه قتله ,لكن ال ينبغي لألولياء أن حيلفوا إال بعد االستيثاق من غلبة الظن ,وينبغي للحاكم أن يعظهم ويعرفهم ما يف
اليمني الكاذبة من العقوبة .
ومن شروطها أن يكون املدعى عليه القتل فيها مكلفا .
ومن شروطها إمكان القتل من املدعى عليه ,فإن مل ميكن منه القتل; لبعده وقت وقوعه ؟ مل تسمع الدعوى عليه .
وصفة القسامة ,أهنا إذا توفرت شروط إقامتها ; يبدأ باملدعني ,فيحلفون مخسني ميينا توزع عليهم على قدر إرثهم من القتيل :
أن فالنا هو الذي قتله ,ويكون لك حبضور املدعى عليه .فإن أىب الورثة أن حيلفوا ,أو امتنعوا من تكميل اخلمسني ميينا ؟ فإنه
حيلف املدعى عليه مخسني ميينا إذا رضي واملدعون بأميانه ,فإذا حلف برئ ,وإن مل يرض املدعون بتحليف املدعى عليه ,فدى
اإلمام القتيل بالدية من بيت املال ,ألن األنصار ملا امتنعوا من قبول أميان اليهود ؟ فدى النيب -صلى هللا عليه وسلم القتيل من
بيت املال.
قال الفقهاء رمحهم هللا :ومن مات يف زمحة مجعة أو طواف فإنه تدفع ديته من بيت املال .
71
كتاب احلودو والتززيرات
باب يف أحكام احلدود
احلدود يف االصطالح الشرعي عقوبة مقدرة شرعا يف معصية لتمنع من الوقوع يف مثلها .
هذا ,وال جيوز تطبيق احلد على اجلاين ; إال إذا توفرت شروط تطبيقه وهي كما يلي :
الشرط األول :أن يكون مرتكب اجلرمية بالغا عاقال .
الشرط الثاين :أن يكون مرتكب اجلرمية عاملا بالتحرمي .
فإذا توفرت هذه الشروط يف مرتكب اجلرمية اليت يرتتب عليها احلد الشرعي ; فإنه يقيمه عليه اإلمام أو نائبه.
وال جتوز إقامة احلد يف املسجد وإمنا تقام خارجه .
وحترم الشفاعة يف احلد بعد أن يبلغ السلطان ألجل إسقاطه وعدم إقامته ,وحيرم على أويل األمر قبول الشفاعة يف ذلك .
قال الفقهاء رمحهم هللا :إن اجلنايات اليت جتب فيها احلدود مخس هي :الزىن والسرقة ,وقطع الطريق ,وشرب اخلمر ,
والقدف ,وما عدا ذلك جيب فيه التعزير .
وقالوا :من مات يف حد ,فهو هدر ,وال شيء على من حده ,ألنه أتى به على الوجه املشروع بأمر هللا تعاىل وأمر رسوله
صلى هللا عليه وسلم .
أما لو تعدى الوجه املشروع يف إقامة احلد ,مث تلف احملدود; فإنه يضمنه بديته ,ألنه تلف بعدوانه ,فأشبه ما لو ضربه يف غري
احلد .
باب يف حد الزىن
وجيب يف إقامة حد الزىن حضور إمام أو نائبه ,وحضور طائفة من املؤمنني .
والزىن من أعظم اجلرائم ,وهو يتفاوت يف الشناعة واإلمث والقبح ; فالزىن بذات زوج والزىن بذات احملرم والزىن حبليلة اجلار من
أعظم أنواعه .
الزىن بأنه فعل الفاحشة يف قبل أو دبر .
فإذا كان الزاين حمصنا مكلفا ; رجم باحلجارة حىت ميوت .
واحملصن الذي جيب رمجه إذا زىن هو من وطئ امرأته املسلمة أو الذمية بنكاح صحيح ومها بالغان عاقالن حران ,فإن اختل
شرط من هذه الشروط املذكورة يف أحد الزوجني ; فال إحصان .
والشروط تتلخص يف اآليت :
)1أن حيصل منه الوطء يف القبل .
)2أن يكون الوطء يف نكاح صحيح .
)3حصول الكمال يف كل منهما ; بأن يكون بالغا حرا عاقال .
وخص الثيب بالرجم لكونه تزوج فعلم ما يقع به العفاف عن الفروج احملرمة ,واستغىن عنها ,وأحرز نفسه عن التعرض حلد
الزىن ,فزال عذره من مجيع الوجوه ,وكملت يف حقه النعمة ,ومن كملت يف حقه النعمة ,فجنايته أفحش ; فهو أحق
بزيادة العقوبة .
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
وإذا زىن املكلف احلر غري احملصن ,جلد مائة جلدة; لقوله تعاىل ":الزانية والزاين فاجلدوا كل واحد منـهما مائة جلدة"
وثبت مع اجللد تغريبه عاما.
وإذا كان الزاين مملوكا ; جلد مخسني جلدة .
وال تغريب على الرقيق ; ألن يف ذلك إضرارا بسيده .
وال جيب احلد إال إذا خال الوطء من الشبهة.
ومن شروط وجوب إقامة احلد على الزاين :ثبوت وقوع الزىن منه ,وال يثبت إال بأحد أمرين :
األمر األول :أن يقر به أربع مرات .
70
ويشرتط لصحة اإلقرار بالزىن
أن يصرح حبقيقة الوطء ,وأن ال يرجع عن إقراره حىت يقام عليه احلد ,و أن يشهد به عليه أربعة شهود .
ويشرتط لصحة شهادهتم عليه شروط :
)1األول :أن يشهدوا عليه يف جملس واحد.
)2الثاين :أن يشهدوا عليه بزىن واحد ; أي :واقعة واحدة .. .
)3الثالث :أن يصفوا الزىن مبا يدفع كل االحتماالت عن إرادة غريه من االستمتاع احملرم ; ألن الزىن قد يعرب به عما ال
يوجب احلد ,فال بد من تصرحيهم به لتنتفي الشبهة .
)4الرابع :أن يكونوا رجاال عدوال.
)5اخلامس :أن ال يكون فيهم من به مانع من عمى أو غريه . . .
فإن اختل شرط من هذه الشروط ; وجب إقامة حد القذف عليهم .
وثبوت الزىن بالبينة املذكورة أو اإلقرار متفق عليه بني العلماء ,وقد اختلفوا هل يثبت بأمر ثالث ,وهو احلبل ,كما لو
محلت امرأة ال زوج هلا وال سي د :فقال بعضهم :ال يثبت بذلك حد ; ألنه حيتمل أنه من وطء إكراه أو شبهة .وقال
بعضهم :بل حتد بذلك إن مل تدع شبهة ..
وكما جيب احلد بالزىن إذا توفرت شروط إقامته ,كذلك جيب احلد باللواط وهو فعل الفاحشة يف الدبر .
" الصحيح قتله ,سواء كان حمصنا أو غري حمصن"
ومن اللوطية إتيان الرجل زوجته يف دبرها .
باب يف حد القذف
القذف بأنه الرمي بزىن أو لواط ,وهو حمرم بالكتاب والسنة واإلمجاع .
فإذا قذف املكلف املختار حمصنا بزىن أو لواط ,فإنه جيلد مثانني جلدة .
وحد القذف حق للمقذوف ; يسقط بعفوه ,وال يقام إال بطلبه فإذا عفا املقذوف عن القاذف ; سقط احلد عنه ,ولكنه
يعزر مبا يردعه عن التمادي يف القذف احملرم املتوعد عليه باللعن والعذاب األليم .
ومن قذف غائبا مل حيد حىت حيضر املقذوف ويطالب أو تثبت مطالبته بذلك يف غيبته .
وألفاظ القذف تنقسم إىل قسمني
)1ألفاظ صرحية ال حتتمل غري القذف ; فال يقبل منه تفسريه لغري القذف .
)2وألفاظ كنايات حتتل القذف وغريه ,فإذا فسرها بغري القذف ,قبل منه .
oفاأللفاظ الصرحية ,مثل قوله :يا زاين ! يا لوطي ! يا عاهر ! وكنايته مثل :يا قحبة ! يا فاجرة !
oوإذا قذف مجاعة ال يتصور منهم الزىن أو قذف أهل بلد مل حيد ; وإمنا يعزر بذلك ; ألنه مقطوع كذبه.
oومن قذف نبيا من األنبياء كفر ,ألن ذلك ردة عن اإلسالم .
باب يف حد املسكر
والسكر يف االصطالح هو اختالط العقل ,واخلمر حمرم بالكتاب والسنة واإلمجاع :
فكل شيء يسرت العقل يسمى مخرا.
واخلمر حرام بأي حال ,ال جيوز شربه ,ال لذة وال لتداو وال لعطش وال غريه :
ومقدار حد اخلمر مثانون جلدة.
ويثبت حد اخلمر بإقرار الشارب أو بشهادة عدلني .
واختلف العلماء :هل يثبت حد اخلمر على من وجدت فيه رائحتها على قولني :فقيل :ال حيد بل يعزر ,وقيل :يقام
عليه احلد إذا مل يدع شبهة .
72
باب يف أحكام التعزير
ومعىن التعزير يف االصطالح الفقهي التأديب ,مسى بذلك ألنه مينع مما ال جيوز فعله .
وحكم التعزير يف اإلسالم أنه واجب يف فعل كل معصية ال حد فيها وال كفارة ; من فعل احملرمات ,وترك الواجبات ,
ويفعله ويل األمر إذا رأى املصلحة فيه ,ويرتكه إذا رأى املصلحة يف تركه ,وال حيتاج يف إقامة التعزير إىل مطالبة ,فيعزر
املعتدي ولو مل يطالب املعتدي عليه .
والصحيح أنه ليس فيه حد معني ,لكن إذا كانت املعصية يف عقوبتها مقدر من الشارع كالزىن والسرقة ; فال يبلغ بالتعزير
احلد املقدر .
وقد يصل التعزير إىل القتل إذا اقتضته املصلحة ,مثل قتل اجلاسوس ,وقتل املفرق جلماعة املسلمني ,والداعي إىل غري
كتاب هللا وسنة ونبيه .
وال حد ألقل التعزير ; لتفاوت اجلرائم بالشدة والضعف واختالف األحوال واألزمان ,فجعلت العقوبات على بعض اجلرائم
راجعة إىل اجتهاد احلاكم حبسب احلاجة واملصلحة .
وال جيوز أن يكون التعزير بقطع عضو أو جبرح املعزر أو حلق حليته ,ملا يف ذلك من املثلة والتشويه ; كما ال جيوز أن يعزر
حبرام ; كسقيه مخرا .
ومن عرف بأذية الناس وأذى ماهلم بعينه ; حبس حىت ميوت أو يتوب .
ويعزر من ينتقص مسلما بأنه مسلماين ,ومن قال لذمي :يا حاج! أو مسى من زار القبور واملشاهد حاجا .وحنو ذلك .
وإذا ظهر كذب املدعي مبا يؤذي به املدعى عليه ; عزر .
باب يف حد السرقة
السرقة هي :أخذ مال على وجه االختفاء من مالكه أو نائبه ,إذا كان هذا اآلخذ ملتزما ألحكام اإلسالم ,وكان املال
املأخوذ بلغ النصاب ,وقد أخذه من حرز مثله ,وكان مالك املال املأخوذ معصوما ,وال شبهة لآلخذ منه .
وأمجع املسلمون على وجوب قطع يد السارق يف اجلملة .
وهذه األوصاف هي :
أن يكون األخذ على وجه اخلفية .
أن يكون املسروق ماال حمرتما ; ألن ما ليس مبال ال حرمة له ; كآلة اللهو واخلمر واخلنزير وامليتة ,وما كان ماال ,لكنه غري
حمرتم ,لكون مالكه كافرا حربيا ,فال قطع فيه ; ألن الكافر احلريب حالل الدم واملال .
أن يكون املسروق نصابا ,وهو ثالثة دراهم إسالمية ,أو ربع دينار إسالمي ,أو ما يقابل أحدمها من النقود األخرى
أن يأخذ املسروق من حرز ; وحرز املال ما العادة حفظه فيه ; ألن احلرز معناه احلفظ ,واحلرز خيتلف باختالف األموال
والبلدان وعدل السلطان وجوره وقوته وضعفه ; فاألموال الثمينة حرزها يف الدور والدكاكني واألبنية احلصينة وراء األبواب
واألغالق الوثيقة ,وما دون ذلك حرزه حبسبه على عادة البلد ,فإن سرقه من غري حرز ,كما لو وجد بابا مفتوحا ,أو
حرزا مهتوكا ,فأخذ منه ; فال قطع عليه .
وال بد أن تنتفي الشبهة عن السارق فيما أخذ ,فإن كان له شبهة يظنها تسوغ له األخذ ; مل يقطع .
وال بد مع توافر ما سبق من الصفات من ثبوت السرقة إما بشهادة عدلني يصفان كيفية السرقة وحرزها وقدر املسروق
وجنسه ; لتزول االحتماالت والشبهات ,وإما بإقرار السارق مرتني على نفسه بالسرقة .
وال بد يف إقراره أن يصف السرقة ,ليندفع احتمال أنه يظن القطع فيما ال قطع .
وال بد أن يطالب املسروق منه مباله ,فلو مل يطالب مل جيب القطع ألن املال يباح بإباحة صاحبه وبذله له ,فإذا مل يطالب
; احتمل أنه مسح به له ,وذلك شبهة تدرأ احلد .
وإذا وجب القطع لتكامل شروطه ; قطعت يده اليمىن لقراءة ابن مسعود يف قوله تعاىل فاقطعوا أمياهنما وحمل القطع من
مفصل الكف ألن اليد آلة السرقة فعوقب بإعدام آلتها واقتصر القطع على الكف ; ألن اليد إذا أطلقت انصرفت إليه وبعد
قطعها يعمل هلا ما حيسم الدم ويندمل به اجلرح من أنواع العالج.
73
باب يف حد قطاع الطريق
قطاع الطريق وهم الذين يعرضون للناس يف الصحراء أو البنيان ,فيغصبوهنم املال جماهرة ال سرقة .
ويشرتط لتطبيق احلد عليهم أن يبلغ ما أخذوه نصاب السرقة .
فمن قتل منهم وأخذ املال ; قتل حتما وصلب حىت يشتهر أمره ,وال جيوز العفو عنه بإمجاع العلماء.
ومن قتل ومل يأخذ املال ; قتل حتما ومل يصلب .
ومن أخذ املال ,ومل يقتل .قطعت يده اليمىن ورجله اليسرى يف مقام واحد ,وحسمت عن النزيف ,مث خلي .
ومن أخاف السبيل فقط ,ومل يقتل ,ومل يأخذ ماال ; نفي من األرض ; بأن يشرد ; فال يرتك يأوي إىل بلد ,بل يطارد .
فتختلف عقوبتهم باختالف جرائمهم .
ولو قتل بعضهم ; ثبت حكم القتل عليهم مجيعا ,وإن قتل بعضهم وأخذ املال بعضهم .قتلوا مجيعا وصلبوا .
ومن تاب منهم قبل القدرة عليه ,سقط عنه ما كان واجبا هلل تعاىل من نفي عن البلد وقطع يد ورجل وحتتم قتل ,وأخذ مبا
لآلدميني من احلقوق من نفس وطرف ومال ; إال أن يعفى له عنها من مستحقيها .
ومنصال على نفسه من يريد قتله أو صال على حرمته كأمه وبنته وأخته وزوجته من يريد هتك أعراضهن ,أو صال على ماله
من يريد أخذه أو إتالفه ; فله الدفع عن ذلك ,سواء كان الصائل آدميا أو هبيمة ,فيدفعه بأسهل ,وإن مل يندفع الصائل إال
بالقتل ,فله قتله ,وال ضمان عليه ; ألنه قتله لدفع شره ,وإن قتل املصول عليه ; فهو شهيد.
وهذا الدفع عن نفسه وعن حرمته جيب عليه إذا مل يؤد إىل الفتنة.
وإذا دخل لص يف منزل إنسان ; فحكمه حكم الصائل ; بأن يدفعه باألسهل فاألسهل .
ومن نظر يف بيت رجل من خصاص باب أو نافذة أو من فوق سطح ; فله دفعه ومنعه من ذلك ,ولو أصاب عينه ففقأها ;
فهي هدر ,وكذا لو طعنه بعود ,فأتلف عينه.
باب يف قتال أهل البغي
والبغي يف األصل معناه اجلور والظلم والعدول عن احلق; فأهل البغي هم أهل الظلم وخمالفة ما عليه أئمة .
فإذا خرج على اإلمام قوم هلم شوكة ومنعة بتأويل مشتبه يريدون خلعه أو خمالفته وشق عصا الطاعة وتفريق الكلمة;
فهم بغاة ظلمة; فيجب عليه أن يراسلهم فيسأهلم عما ينقمون عليه ,فإن ذكروا مظلمة ,أزاهلا ,وإن ادعوا شبهة;
كشفها .
فإن كان ما ينقمون منه مما ال حيل فعله ,أزاله ,وإن كان حالال ,لكن التبس عليهم ,فاعتقدوا أنه خمالف للحق ,بني
هلم دليله ,وأظهر هلم وجهه ,فإن فاءوا ورجعوا إىل احلق والتزموا الطاعة; تركهم ,وإن مل يرجعوا ,قاتلهم وجوبا.
ويتجنب يف قتاهلم األمور التالية :
)1أوال :حيرم قتاهلم مبا يعم ; كالقذائف املدمرة .
)2ثانيا :حيرم قتل ذريتهم ومدبرهم وجرحيهم ومن ترك القتال منهم .
)3ثالثا :من أسر منهم ; حبس حىت ختمد الفتنة .
)4رابعا :ال تغنم أمواهلم ; ألهنا كأموال غريهم من املسلمني ,ال جيوز اغتنامها ; لبقاء ملكهم عليها ,وبعد
انقضاء القتال ومخود الفتنة من وجد منهم ماله بيد غريه ; أخذه ,وما تلف منه حال احلرب ; فهو هدر ,
ومن قتل من الفريقني يف احلرب غري مضمون .
وإن اقتتلت طائفتان من املسلمني ,ومل تكن واحدة منهما يف طاعة اإلمام ,بل لعصبية ,أو طلب رئاسة ,فهما
ظاملتان; ألن كال منهما باغية على األخرى; حيث ال ميزة لواحدة منهما ,فتضمن كل واحدة منهما ما أتلفته على
األخرى .
وإن أظهر قوم رأي اخلوارج كتكفري مرتكيب الكبرية ,واستحالل دماء املسلمني ,وسب الصحابة; فإهنم يكونون
خوارج بغاة فسقة ,فإن أضافوا إىل ذلك اخلروج عن قبضة إمام املسلمني; وجب قتاهلم .
74
وإن مل خيرج هؤالء الذين أظهروا رأي اخلوارج عن قبضة اإلمام ,ومل يشقوا عصا الطاعة ,مل يقاتلوا ,وأجريت عليهم
أحكام اإلسالم ,لكن جيب تعزيرهم ,واإلنكار عليهم ,وعدم متكينهم من إظهار رأيهم ونشر بدعتهم بني املسلمني
.
وأما من يرى كفر اخلوارج ,فإنه جيب عنده قتاهلم بكل حال .
باب يف أحكام الردة
واملرتد يف االصطالح :هو الذي يكفر بعد إسالمه طوعا بنطق أو اعتقاد أو شك أو فعل .
واملرتد له حكم يف الدنيا وحكم يف اآلخرة ,أما حكمه يف الدنيا ; فقد بينه الرسول ^ بقوله "من بدل دينه فاقتلوه"
وأما حكمه يف اآلخرة .فقد بينه هللا تعاىل بقوله ":ومن َيـرت ِدد ِمنكم عن ِدينِ ِه فـيمت وهو كافٌِر فأولئِك حبِطت
أعماهلم ِيف الدنـيا واآل ِخرةِ وأولئِك أصحاب النا ِر هم فِيها خالِدون"
والردة حتصل بارتكاب ناقض من نواقض اإلسالم ,سواء كان جادا أو هازال أو مستهزئا .
أما املكره إذا نطق بسبب اإلكراه ; فإنه ال يرتد .
ونواقض اإلسالم اليت حتصل هبا الردة كثرية ,من أعظمها الشرك باهلل تعاىل ; فمن أشرك باهلل تعاىل ; بأن دعا غري هللا
من املوتى واألولياء والصاحلني ,أو ذبح لقبورهم ,أو نذر هلا ,أو طلب الغوث واملدد من املوتى ; كما يفعل عباد
القبور اليوم ,فقد ارتد عن دين اإلسالم.
ومن حكم القوانني الوضعية بدل الشريعة اإلسالمية; يرى أهنا أصلح للناس من الشريعة اإلسالمية ,أو اعتنق فكرة
الشيوعية أو القومية العربية بديال عن اإلسالم ,فال شك يف ردته .
فمن ارتد عن دين اإلسالم; فإنه جيب أن يستتاب وميهل ثالثة أيام ,فإن تاب ,وإال قتل .
والذي يتوىل قتله هو اإلمام أو نائبه ; ألنه قتل حلق هللا .
ومن كانت ردته بسبب جحوده لشيء من ضروريات الدين ,فتوبته مع إتيانه بالشهادتني إقراره مبا جحده .
ومينع املرتد من التصرف يف ماله ,لتعلق حق الغري به ; كمال املفلس ,ويقضى ما عليه من ديون ,وينفق عليه من ماله
وعلى عياله مدة منعه من التصرف فيه ,فإن أسلم املرتد ; أخذ ماله ومكن من التصرف فيه لزوال املانع ,وإن مات
على ردته أو قتل مرتدا ,صار ماله فيئا لبيت مال املسلمني من حني موته ,ألنه ال وارث له ; فال يرثه أحد من
املسلمني ; ألن املسلم ال يرث الكافر ,وال يرثه أحد من الكفار .
وكذلك اختلف العلماء رمحهم هللا يف قبول توبة من تكررت ردته :فقال بعضهم :إهنا ال تقبل يف الدنيا ; فال بد من
تنفيذ حكم املرتد فيه ,ولو تاب.
ِ ِ ِ
وقيل :تقبل توبته ; لقوله تعاىل ":قل للذين كفروا إن يـنتـهوا يـغفر هلم ما قد سلف"
كما اختلفوا يف قبول توبة الزنديق وهو املنافق ,فقيل :ال تقبل توبته ; ألنه ال يبني منه ما يظهر رجوعه إىل اإلسالم,
وقيل :تقبل توبة الزنديق .
ومن الزنادقة :احللولية ,واإلباحية ,ومن يفضل متبوعه على حممد ^ ,ومن يرى أنه إذا حصلت له املعرفة ; سقط
عنه األمر والنهي ,أو أنه إذا حصلت له املعرفة ,جاز له التدين بدين اليهود والنصارى وأمثاهلم من الطوائف املارقة عن
اإلسالم من غالة الصوفية وغريهم .
كما اختلف العلماء رمحهم هللا يف صحة إسالم الطفل امل ميز ووقوع الردة منه ; فقيل :حتصل منه الردة إذا ارتكب شيئا
من أسباهبا ,ألن من صح إسالمه ,صحت ردته ,واملميز يصح إسالمه ,فتصح ردته ,لكن ال يقتل حىت يستتاب
بعد البلوغ وميهل ثالثة أيام ,فمن تاب ; قبلت توبته .
وقد اختلفوا فيمن ترك الصالة هتاونا مع إقراره بوجوهبا ,والصحيح أنه يكفر .
75
كتاب األعطزةة
باب يف األطعمة
واألطعمة مجع طعام ,وهو ما يؤكل ويشرب ,واألصل فيها احلل.
فكل ما مل يبني هللا وال رسوله حترميه من املطاعم واملشارب واملالبس ; فال جيوز حترميه ,والقاعدة يف ذلك أن كل طعام طاهر
ال مضرة فيه :فهو مباح ; خبالف الطعام النجس ,كامليتة ,والدم ,والرجيع ,والبول ,واخلمر ,واحلشيشة ,واملنجس ,وهو الذي
خالط النجاسة; فإنه حيرم ,ألنه خبيث مضر .
واألطعمة املباحة على نوعني :حيوانات ونباتات كاحلبوب والثمار ,فيباح منها كل ما ال مضرة فيه.
واحليوانات على نوعني :حيوانات تعيش يف الرب ,وحيوانات تعيش يف البحر ,فحيوانات الرب مباحة ; إال أنواعا منها
حرمها الشارع ,ومن ذلك :احلمر األهلية .
وحرم من حيوانات الرب أيضا ما له ناب يفرتس به .
والطيور مباحة ; إال ما استثين ; فيحرم من الطري ما له خملب يصيد به ,كالعقاب والبازي والصقر .
وحيرم من الطيور أيضا ما يأكل اجليف كالنسر ,والرخم ,والغراب.
وحيرم من احليوانات ما يستخبث كاحلية ,والفأرة ,واحلشرات .
قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه هللا " :أكل احليات والعقارب حرام جممع عليه ,فمن أكلها مستحال هلا ,استتيب ,
ومن اعتقد التحرمي وأكلها ,فهو فاسق عاص هلل ورسوله " ,وحترم احلشرات ألهنا من اخلبائث .
وحيرم من احليوانات أيضا ما تولد من مأكول وغريه ,كالبغل من اخليل واحلمر األهلية ; تغليبا جلانب التحرمي .
وقد أمجل بعض العلماء ما حيرم من حيوانات الربيف ستة أنواع هي :
ما نص عليه بعينه ; كاحلمر األهلية .
ما وضع له حد وضابط ; كما له ناب من السباع أو خملب من الطري .
ما يأكل اجليف ; كالرخم والغراب .
ما يستخبث ,كالفأرة واحلية .
ما تولد من مأكول وغري مأكول ; كالبغل .
ما أمر الشارع بقتله أو هنى عن قتله ; كالفواسق اخلمس واهلدهد والصرد .
وما عدا ما ذكر من احليوانات والطيور ; فهو حالل على أصل اإلباحة ,كاخليل ,وهبيمة األنعام ,والدجاج ,واحلمر
الوحشية ,والظباء ,والنعامة ,واألرنب ,وسائر الوحوش.
ويستثىن من ذلك اجلاللة من البقر واإلبل ,وهي اليت أكثر علفها النجاسة ,فيحرم أكلها .
ويكره أكل بصل وثوم وحنومها مما له رائحة كريهة.
ومن اضطر إىل حمرم بأن خاف التلف إن مل يأكله غري السم ; حل له منه ما يسد رمقه ,ومن اضطر إىل طعام غريه مع عدم
اضطرار .صاحب ذلك الطعام إليه ; لزم بدله له بقدر ما يسد رمقه بقيمته . . .
ومن اضطر إىل نفع مال الغري مع بقاء ,ومن مر بثمر بستان يف شجره .
فتلخص أن للمار بالبستان أن يأكل من مثره بشروط :
األول :أن يكون ال حائط عليه وليس عنده حارس .
الثاين :أن يكون الثمر على الشجر أو متساقطا عنه ال جمموعا .
الثالث :أن ال حيتاج إىل صعود الشجر ,بل يتناوله من غري صعود .
الرابع :أن ال حيمل معه منه شيء .
اخلامس :يشرتط عند اجلمهور أن يكون حمتاجا .
فإن اختل شرط من هذه الشروط ; مل جيز له األكل .
76
وجتب على املسلم ضيافة املسلم اجملتاز به يف القرى يوما وليلة ,أما املدن; فال جتب فيها الضيافة; ألنه جيد فيها املطاعم
والفنادق .
باب يف أحكام الذكاة
)1وقد عرفها الفقهاء بأهنا :ذبح أو حنر احليوان املأكول الربي بقطع حلقومه ومريئه أو عقر املمتنع منه .
)2وحكم الذكاة أهنا الزمة ,ال حيل شيء من احليوان املقدور عليه بدوهنا ; ألن غري املذكى يكون ميتة ,وقد أمجع أهل
العلم على أن امليتة حرام إال ملضطر ,إال السمك واجلراد وكل ما ال يعيش إال يف املاء ,فيحل بدون ذكاة .
)3ويشرتط للذكاة أربعة شروط:
.1الشرط األول :أهلية املذكي ,بأن يكون عاقال ,ذا دين مساوي ,من املسلمني أو أهل الكتاب .
.2الشرط الثاين :توفر اآللة :فتباح الذكاة بكل حمدد .ينهر الدم حبده ,سواء كان من احلديد أو احلجر أو غري ذلك
,ما عدا السن والظفر ; فال حيل الذبح هبما .
.3الشرط الثالث :قطع احللقوم ,وهو جمرى النفس ,وقطع املريء ,وهو جمرى الطعام .
والسنة حنر إبل ,بأن يطعنها مبحدد يف لبتها ,وهي الوهدة اليت بني أصل العنق والصدر ,وذبح غريها يف حلقه .
وما عجز عن ذحبه يف احملل املذكورة لعدم التمكن منه ; كالصيد والنعم املتوحشة والواقعة يف بئر وحنوها ,تكون ذكاته جبرحه
يف أي موضع من بدنه ,ويكفي ذلك يف ذكاته .
وما أصيب من احليوانات كاملنخنقة واملوقوذة واملرتدية والنطيحة وما أكل السبع ,إذا أدركت وفيها حياة مستقرة ,فذكيت ;
حلت .
.4الشرط الرابع :أن يقول الذابح عند حركة يده بالذبح :بسم هللا .
ويسن مع التسمية التكبري .
وللذكاة آداب
)1فيكره أن يذبح بآلة كالة .
)2ويكره أن حيدها واحليوان يبصره.
)3ويكره أن يوجه احليوان إىل غري القبلة .
)4ويكره أن يكسر عنقه أو يسلخه قبل أن يربد .
)5والسنة حنر اإلبل قائمة معقولة يدها اليسرى ,وذبح البقر والغنم مضطجعة على جانبها األيسر .
باب يف أحكام الصيد
وحكم الصي د :أنه إذا كان حلاجة اإلنسان ; فهو جائز من غري كراهة ,وأما إذا كان للهو واللعب ال ألجل احلاجة ;
فهو مكروه ,وإن ترتب عليه ظلم للناس باالعتداء على زروعهم وأمواهلم ,فهو حرام.
والصيد بعد إصابته وإمساكه له حالتان
أن يدرك وهو حي حياة مستقرة ; فهذا ال بد من ذكاته الذكاة الشرعية اليت سبق بياهنا ,وال حيل باالصطياد .
أن يدرك مقتوال باالصطياد ,أو حيا حياة غري مستقرة ; ففي هذه احلالة يكون حالال إذا توفرت فيه شروط
oالشرط األول :أن يكون الصائد من أهل الذكاة .
oالشرط الثاين :اآللة ,وهي نوعان
األول :حمدد يشرتط فيه ما يشرتط يف آلة الذبح ,بأن ينهر الدم ,ويكون غري سن وظفر ,وأن
جيرح الصيد حبده ال بثقله ,فإذا كانت اآللة اليت قتل هبا الصيد غري حمددة ,كاحلصاة والعصا والفخ
والشبكة وقطع احلديد ,فإنه ال حيل ما قتل به من الصيد ; إال الرصاص الذي يطلق من البنادق اليوم
,فيحل ما قتل به من الصيد ; ألن فيه قوة الدفع اليت خترق وتنهر الدم كاحملدد وأشد
77
الثاين :اجلارحة من الكالب والطيور اليت يصاد هبا ,فيباح ما قتلته من الصيد إن كانت معلمة ,
سواء كانت مما يصيد بنابه كالكلب أو مبخلبه كالطري .
oالشرط الثالث :أن يرسل اآللة قاصدا للصيد ,وكذا لو اسرتسل الكلب من نفسه ,فقتل صيدا ,مل حيل ;
لعدم إرسال صاحبه له ,وعدم قصده ,ومن رمى صيدا ,فأصاب غريه ,بأن قتل مجاعة من الصيود ,حل
اجلميع ; لوجود القصد .
oالشرط الرابع :التسمية عند إرسال السهم أو اجلارحة; بأن يقول :بسم هللا ,فإن ترك التسمية ; مل حيل
الصيد.
ويسن أن يقول مع التسمية :هللا أكرب . )2
تنبيهان : )3
التنبيه األول :هناك حاالت حيرم فيها الصيد :فيحرم على احملرم قتل صيد الرب أو اصطياده واإلعانة على صيده . )4
وحيرم عليه األكل مما صاده أو كان له تأثري يف اصطياده أو صيد من أجله. )5
وكذلك هناك حمل حيرم فيه الصيد ,فيحرم قتل صيد احلرم على احملرم وغري احملرم باإلمجاع . )6
التنبيه الثاين :حيرم اقتناء الكلب لغري ما رخص فيه الرسول صلى هللا عليه وسلم ,وهو أحد ثالثة أمور :إما لصيد ,أو )٩
حلراسة ماشية ,أو حلراسة زرع .
78
باب يف كفارة اليمني
من رمحة هللا بعباده أن شرع هلم الكفارة اليت هبا حتلة اليمني .
وكفارة اليمني فيها ختيري وفيها ترتيب ,فيخري من لزمته بني إطعام عشرة مساكني لكل مسكني نصف صاع من الطعام ,أو
كسوهتم ,أو عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب ,فمن مل جيد شيئا من هذه الثالثة املذكورة ; صام ثالثة أيام .
واشرتط اجلمهور يف صيام ثالثة األيام أن تكون متتابعة .
وجيوز تقدمي الكفارة على احلنث ,وجيوز تأخريها عنه ,فإن قدمها ,كانت حمللة لليمني ,وإن أخرها ; كانت مكفرة له .
وإن كرر األميان قبل التكفري على فعل واحد موجبها واحد ,مث حنث فيها ; فعليه كفارة واحدة .. .
وكذا لو حلف ميينا واحدة على عدة أشياء ; كما لو قال :وهللا ال آكل وال أشرب وال ألبس ,مث حنث يف أحد من هذه
األشياء ; فعليه كفارة واحدة ,واحنلت البقية.
أما إذا حلف عدة أميان على عدة أفعال مث حنث فيها ,فعليه كفارة لكل ميني .
وإن حلف ال يفعل شيئا ففعله ناسيا أو مكرها أو جاهال أنه احمللوف عليه مل حينث ,ومل جتب عليه كفارة .
باب يف أحكام النذر
النذر :إلزام مكلف خمتار نفسه شيئا هلل تعاىل ,والنذر نوع من أنواع العبادة ,ال جيوز صرفه لغري هللا تعاىل.
وحكم النذر ابتداء أنه مكروه ,وقد حرمه طائفة من العلماء ,لكن إذا نذر فعل طاعة ,وجب عليه الوفاء بذلك .
يشرتط النعقاد النذر أن يكون الناذر بالغا عاقال خمتارا .
ويصح النذر من الكافر إذا نذر عبادة ,ويلزمه الوفاء به إذا أسلم.
والنذر الصحيح مخسة أقسام
)1النذر املطلق :مثل أن يقول :هلل علي نذر ,ومل يسم شيئا ; فيلزمه كفارة .
)2نذر اللجاج والغضب :وهو تعليق نذره بشرط يقصد املنع منه أو احلمل عليه أو التصديق أو التكذيب; كما لو قال :إن
كلمتك ,أو :إن مل أخرب بك ,أو :إن مل يكن هذا اخلرب صحيحا ,فعلي احلج أو العتق .وحنو ذلك ; فهذا النذر خيري
بني فعل ما نذره أو كفارة ميني .
)3نذر املباح :كما لو نذر أن يلبس ثوبه أو يركب دابته ,وخيري بني فعله وبني كفارة ميني إن مل يفعله.
)4نذر املعصية :كنذر شرب اخلمر وصوم أيام احليض ويوم النحر ; فال جيوز الوفاء هبذا النذر وذهب مجاعة من أهل العلم
إىل عدم انعقاد نذر املعصية ,وأنه ال يلزمه به كفارة .
)5نذر التربر :وهو نذر الطاعة كفعل الصالة والصيام واحلج وحنوه ,سواء كان مطلقا; كما لو قال :هلل علي أن أصلي
أو أصوم ,أو معلقا على حصول شرط ,كقوله :إن شفى هللا مريضي ; فلله علي كذا ,فإذا وجد الشرط ; لزمه الوفاء
به .
كتاب القضاء
باب يف أحكام القضاء يف اإلسالم
وأمجع املسلمون على نصب القضاة للفصل بني الناس .
والقضاء اصطالحا ,فهو تبيني احلكم الشرعي واإللزام به وفصل اخلصومات .
وجيب على من يصلح للقضاء الدخول فيه إذا مل يوجد غريه .
وجيب على إمام املسلمني أن يعني القضاة حسب املصلحة ,لئال تضيع احلقوق ,وخيتار أفصل من جيده علما وورعا.
وجيب على القاضي أن جيتهد يف إقامة العدل بني الناس غاية ما ميكنه ,وال يلزمه ما يعجز عنه ,ويفرض له ويل األمر من
بيت املال ما يكفيه حىت يتفرغ للقيام بالقضاء .
وصالحيات القاضي يرجع فيها إىل العرف يف كل زمان حبسبه .
79
ويف هذا الزمان قد اختذت وزارة العدل نظاما يسري عليه القضاة يف والياهتم ,وتتحدد به صالحياهتم ; فيجب الرجوع إليه ,
والتقيد به ; ألن يف ذلك ضبطا لألمور ,وحتديد الصالحيات ,وهو ال خيالف نصا من كتاب هللا وال من سنة رسول هللا ;
فيجب العمل به .
ويشرتط فيمن يتوىل القضاء أن تتوفر فيه عشر صفات تعترب حسب اإلمكان :
)6وأن يكون عدال . )1أن يكون بالغا.
)٩وأن يكون مسيعا. )2أن يكون عاقال .
)٤وأن يكون بصريا. )3وأن يكون ذكرا .
)٧ويشرتط يف القاضي أن يكون متكلما . )4وأن يكون حرا .
)11وأن يكون جمتهدا ; ولو يف مذهبه الذي يقلد فيه )5وأن يكون مسلما .
إماما من األئمة .
باب يف آداب القاضي
ج
81
فإذا طلب املدعي حتليف املدعى عليه ; حلفه القاضي وخلى سبيله.
ولكن يشرتط لصحة ميني املدعى عليه أن تكون على صفة جوابه للمدعي ,وبعد أمر احلاكم له بطلب املدعي حتليفه .
فإن نكل املدعى عليه عن اليمني وأىب أن حيلف ,قضي عليه بالنكول.
وإذا حلف املنكر وخلى احلاكم سبيله كما سبق ,مث أحضر املدعي بينة بعد ذلك ,فإن كان قد سبق منه نفيها ,بأن قال :ما
يل بينة; فإهنا ال تسمع بعد ذلك; ألنه مكذب هلا بقوله :ما يل بينة ,وإن مل يكن نفاها ; مسعت ,وحكم هبا القاضي .
وال تكون ميني ا ملنكر مزيلة للحق ,ألن الدعوى ال تبطل باالستحالف ,وميني املنكر إمنا تكون مزيلة للخصومة ال مزيلة
للحق ,وكذا لو قال :ال أعلم يل بينة ,مث وجدها ,فإهنا تسمع وحيكم هبا ; ألنه ليس مبكذب هلا ,وهللا أعلم .
باب يف شروط صحة الدعوى
ال تصح الدعوى إال حمررة ,فإ ن كانت بدين على ميت مثال ,ذكر موته ونوع الدين وقدره وكل املعلومات اليت هبا تتضح
الدعوى ,ألن احلكم مرتب عليها.
وال تصح الدعوى أيضا إال معلومة املدعى به ,فال تصح مبجهول.
وال بد أن يصرح بالدعوى ; فال يكفي قوله :يل عنده كذا ,حىت يقول :وأنا مطالبه به ,وال بد أن يكون املدعى به حاال
; فال تصح الدعوى بدين مؤجل ; ألنه ال جيب الطلب به قبل حلوله .
ويشرتط لصحة الدعوى انفكاكها عما يكذهبا ; فال تصح الدعوى على إنسان أنه قتل أو سرق منذ عشرين سنة وسنه أقل
من ذلك.
وإن ادعى عقد بيع أو إجارة ; اشرتط لصحة الدعوى ذكر شروط العقد ; ألن الناس خيتلفون يف الشروط ,وقد ال يكون
ذلك العقد صحيحا عند القاضي .
وإن ادعى اإلرث ; فال بد من ذكر سببه ,ألن أسباب اإلرث ختتلف.
ويعترب لصحة الدعوى تعيني املدعى به إن كان حاضرا يف اجمللس أو البلد ; ليزول اللبس ,وإن كان املدعى به غائبا ; فال بد
من وصفه مبا يصح به السلم.
ويشرتط لصحة البينة عدالتها .
وحيكم القاضي بالبينة العادلة ما مل يعلم خالفها .
ومن جهل القاضي عدالته من الشهود ; سأل عنه ممن له به خربة باطنه بصحبة أو معاملة أو جوار .
وإن تعارض اجلرح والتعديل يف الشاهد قدم اجلرح ; ألن اجلارح معه زيادة علم خفيت على املزكي ,واجلارح خيرب عن أمر
باطن .
وتعديل اخلصم للبينة وحده أو تصديقه هلا تعديل.
وإذا علم القاضي عدالة البينة ; حكم هبا ,ومل حيتج إىل التزكية ,وكذا لو علم عدم عدالتها ,مل حيكم هبا ,وإن ارتاب يف
الشهود ; سأهلم كيف حتملوا الشهادة ; وأين حتملوها ؟
وإن جرح اخلصم الشهود ,كلف إقامة البينة باجلرح .
وإن جهل القاضي حال البينة ; طلب من املدعي تزكيتهم ; لتثبت عدالتهم ,فيحكم مبا شهدوا به ,وال بد يف تزكية
الشخص من شاهدين يشهدان بعدالته ,وقيل :يكفي يف التزكية شاهد واحد .
وحيكم على الغائب مسافة قصر إذا ثبت عليه احلق .
واحلكم بثبوت أصل احلق ال يبطل دعوى قضائه أو الرباءة منه وحنو ذلك مما يسقط ذلك احلق.
ويعترب يف القضاء على الغائب أن يكون يف غري حمل والية القاضي ,أما لو كان غائبا يف حمل واليته ,وال حاكم فيه ; فإن
القاضي يكتب إىل من يصلح للقضاء باحلكم بينهما ,فإن تعذر ,فإىل من يصلح بينهما ,فإن تعذر ,قال للمدعي :
حقق دعواك ,فإن فعل ; أحضر خصمه ,وإن بعدت املسافة .
80
باب يف القسمة بني الشركاء
دليل القسمة بني الشركاء من الكتاب والسنة واإلمجاع ,وذكر اإلمجاع عليها غري واحد مق العلماء .
واحلاجة داعية إليها ; إذ ال سبيل إىل إعطاء ذوي احلقوق حقوقهم من الشيء املشرتك إال بالقسمة .
والقسمة إفراز األنصباء بعضا عن بعض .وهي نوعان :قسمة تراض ,وقسمة إجبار
.1النوع األول :قسمة الرتاضي هي اليت ال بد أن يتفق عليها مجيع الشركاء ,وال جتوز بدون رضاهم ,وهي اليت
ال متكن إال حبصول ضرر ,ولو على بعض الشركاء ,أو برد عوض من أحد الشركاء على اآلخر ,وتكون يف
الدور الصغار والدكاكني الضيقة واألرض املختلفة أجزاؤها بسبب بناء أو شجر يف بعضها أو كون بعضها
يتعلق به رغبة ختصه دون البعض اآلخر .
فهذا النوع من املشرتك ال جتوز قسمته إال باتفاق الشركاء وتراضيهم .
وهذه القسمة تأخذ حكم البيع ,برد ما فيه عيب ,ويدخلها خيار اجمللس والشرط وحنوه ,وال جيرب من امتنع من قبوهلا من
الشركاء ,لكن مىت طلب أحد الشركاء بيع هذا املشرتك ; أجرب املمتنع ,فإن أىب ; باعه احلاكم عليهما ,وقسم الثمن بينها
على قدر حصصهما .
وضابط الضرر الذي مينع هذه القسمة هو نقص القيمة بالقسمة .
.2النوع الثاين :قسمة اإلجبار ,وهى ما ال ضرر يف قسمته ,وال رد عوض يف قسمته ,مسيت بذلك ألن احلاكم
جيرب املمتنع منهما إذا كملت شروطها ,وذلك .كالقرية والبستان والدار الكبرية واألرض الواسعة والدكاكني
الواسعة واملكيل واملوزون من جنس واحد .
ويشرتط إلجبار املمتنع من هذه القسمة ثالثة شروط
)1أن يثبت عند احلاكم ملك الشركاء
)2وأن يثبت أن ال ضرر
)3وأن يثبت إمكان تعديل السهام يف العني املقسمة من غري شيء جيعل فيها .
فإذا توافرت هذه الشروط ,وطلب أحد الشركاء القسمة ,أجرب شريكه اآلخر عليها ,وإن امتنع من القسمة مع شريكه .
وجيوز للشركاء أن يتقامسوا بأنفسهم أو بقاسم ينصبونه هم أو يسألون احلاكم نصبه .
وتعديل السهام يكون باألجزاء إن تساوى املقسوم كاملكياالت واملوزونات غري املختلفة ,وتعدل بالقيمة إن اختلفت أجزاء
املقسوم يف القسمة ,فيجعل السهم من الرديء أكثر من السهم من اجليد ,فإن مل ميكن التعديل باألجزاء وال بالقيمة ,
عدلت بالرد ; بأن جيعل ملن يأخذ الرديء أو القليل دراهم على من يأخذ اجليد أو األكثر .
فإذا اقتسموا أو اقرتعوا ; لزمت القسمة ,وإن خري أحدمها اآلخر ; لزمت القسمة برضاهم وتفرقهم .
ومن ادعى غلطا فيما تقامساه بأنفسهما وأشهدا على رضامها به ; مل يلتفت إليه .
ومن ادعى غلطا فيما قسمه قاسم حاكم أو قاسم نصباه ; قبل ببينة ,وإال ,حلف منكر له ; ألن األصل عدم ذلك ,
فان أقام بينة على الغلط ; قبلت ونقضت القسمة .
وإن ادعى كل من الشريكني شيئا أنه له ; حتالفا ,ونقضت القسمة.
ومن ظهر يف نصيبه عيب قد جهله ; خري بني الفسخ واإلمساك مع األرش.
باب يف بيان الدعاوى والبينات
الدعاوى يف اصطالح الفقهاء :إضافة اإلنسان إىل نفسه استحقاق شيء يف يد غريه أو ذمته .
والبينات مجع بينة ,وهى العالمة الواضحة ,وهي كل ما يبني احلق من شهيد أو ميني .
والفرق بني املدعي واملدعى عليه أن املدعي هو الذي إذا سكت ترك ,فهو املطالب ,واملدعى عليه هو الذي إذا سكت ,مل
يرتك ; فهو املطالب .
ويشرتط لصحة الدعوى وصحة اإلنكار أن يكون من جائز التصرف ,وهو احلر املكلف الرشيد .
وإذا تداعيا عينا بأن ادعى كل منهما أهنا له وهي بيد أحدمها ; فهي ملن هي بيده مع ميينه .
82
ويسمى من كانت العني بيده منهما الداخل ,ويسمى من مل تكن العني بيده باخلارج .
فإن أقام كل منهما بينته أن العني املدعى هبا له ,قضي هبا للخارج.
وإن مل تكن العني اليت تداعياها بيد أحد ,وليس هناك ظاهر يعمل به وال بينة ألحدمها ; حتالفا ; بأن حيلف كل واحد أنه
ال حق لآلخر فيها ,وقسمت بينهما بالسوية ; الستوائهما يف الدعوى .
باب يف الشهادات
الشهادة مشتقة من املشاهدة ; ألن الشاهد خيرب عما شاهده وعلمه .
وهل يشرتط يف أداء الشهادة أن يكون ,ذلك بلفظ ( :أشهد )أو ( شهدت ) .
وحتمل الشهادة يف غري حق هللا تعاىل فرض كفاية إذا قام به من يكفي; سقط عن بقية املسلمني ,حلصول الغرض ,وإن مل
يوجد إال من يكفي ; تعني عليه .
وأما أداء الشهادة ; فهو فرض عني على من حتملها مىت دعي إليها .
ويعترب لوجوب التحمل واألداء انتفاء الضرر عن الشاهد ,فإن كان يلحقه بذلك ضرر يف نفسه أو عوضه أو ماله أو أهله; مل
جيب عليه.
والعلم حيصل بأحد أمور :إما بسماع ,أو رؤية من مشهود عليه ,فيشهد مبا مسع أو رأى ,وإما بسماع الشاهد عن طريق
االستفاضة فيما يتعذر علمه بدوهنا غالبا كالنسب واملوت .
ويشرتط فيمن تقبل شهادته ستة شروط
)1أحدها :البلوغ.
)2الثاين :العقل.
)3الثالث :الكالم ,فال تقبل شهادة األخرس.
)4الرابع :اإلسالم.
)5اخلامس :احلفظ :فال تقبل شهادة املغفل واملعروف بكثرة السهو والغلط .
)6السادس :العدالة.
ويعترب للعدالة أمران :
)1أحدمها :أداء الفرائض .
)2والثاين :استعمال املروءة -أي :اإلنسانية , -وهو فعل ما جيمله ويزينه ,كالسخاء ,وحسن اخللق ,وحسن اجملاورة ,
واجتناب ما يدنسه ويشينه عادة من األمور الدنيئة املزرية به.
وال تقبل شهادة عمودي النسب وهم اآلباء وإن علوا ,واألوالد وإن سفلوا .
وتقبل شهادة األخ ألخيه ,والصديق لصديقه.
وال تقبل شهادة أحد الزوجني لصاحبه.
وال تقبل شهادة من جير إىل نفسه نفعا بتلك الشهادة أو يدفع عنها هبا ضررا .
وال تقبل شهادة عدو على عدوه .
واملراد العداوة الدنيوية ,أما العداوة يف الدين ,فليست مانعة من قبول الشهادة ,فتقبل شهادة مسلم على كافر ,وشهادة سين
عل مبتدع.
وال تقبل شهادة من عرف بعصبية وإفراط يف محية لقبيلته .
وأما عدد الشهود ; فهو خيتلف باختالف املشهود به :فال يقبل لثبوت الزىن واللواط إال أربعة رجال .
ويقبل يف إثبات عسرة من عرف بالغىن وادعى أنه فقري ثالثة رجال .
ويقبل إلثبات بقية احلدود غري حد الزىن كحد القذف وحد املسكر والسرقة وقطع الطريق والقصاص رجالن .
وما ليس بعقوبة وال مال وال يقصد به املال ويطلع عليه الرجال غالبا ; كنكاح وطالق ورجعة ; يقبل فيها رجالن .
83
ويقبل يف املال وما يقصد به املال ,كالبيع ,واألجل ,واإلجارة .. .وحنو ذلك ; يقبل فيها رجالن ,أو رجل وامرأتان .
ويقبل أيضا يف املال وما يقصد به املال أيضا رجل واحد وميني املدعي .
وما ال يطلع عليه الرجال غ البا كعيوب النساء حتت الثياب والبكارة والثيوبة واحليض والوالدة والرضاع واستهالل املولود وحنو
ذلك يقبل فيه شهادة امرأة عدل .
باب يف كتاب القاضي إىل القاضي
بكتاب القاضي إىل القاضي والشهادة على الشهادة ورجوع الشهود
كتاب القاضي إىل القاضي قد تدعو احلاجة إليه ,فإن من له حق يف غري بلده ال ميكنه إثباته والطلب به إال عن طريق
إثباته عند قاضي ذلك البلد والكتابة بذلك إليه .
وقد أمجعت األمة على قبول كتاب القاضي إىل القاضي إلثبات احلقوق وتنفيذها .
ويقبل يف كل حق ألدمي ,وال يقبل يف حدود هللا ; كحد الزىن وشرب اخلمر.
وكتاب القاضي إىل القاضي على نوعني :
)1النوع األول :يكون فيما حكم به القاضي الكاتب لينفذه القاضي املكتوب إليه ,وهذا يقبل ,ولو كان كل
من الكاتب واملكتوب إليه يف بلد واحد .
)2والنوع الثاين :أن يكتب القاضي فيا ثبت عنده إىل قاض آخر ليحكم به ,ويشرتط لقبول هذا النوع أن يكون
بني الكاتب واملكتوب إليه مسافة قصر فأكثر .
وصورة الثبوت أن يقول :ثبت عندي أن لفالن على فالن كذا وكذا ,والثبوت ليس حبكم ,بل خرب بالثبوت .
ويشرتط لقبول كتاب القاضي إىل القاضي أن يشهد به القاضي الكاتب شاهدين عدلني يضبطان معناه وما يتعلق به
من احلكم .هذا قول ,والقول اآلخر :جيوز العمل بكتاب القاضي إىل القاضي إذا عرف خطه ,وإن مل يشهد .
وأما الشهادة على الشهادة ; فهي أن يقول شخص آلخر :اشهد على شهاديت بكذا ,أو اشهد أين أشهد بكذا .
ويشرتط لقبول الشهادة على الشهادة شروط :
)1أوال :أن يأذن شاهد األصل لشاهد الفرع ; ألهنا يف معين النيابة.
)2ثانيا :أن تكون فيما يقبل فيه كتاب القاضي إىل القاصي ,وهو حقوق اآلدميني دون حقوق هللا تعاىل
)3ثالثا :أن تتعذر شهادة األصلي مبوت أو مرض أو غيبة مسافة قصر أو خوف من سلطان أو غريه .
)4رابعا :أن يستمر عذر شاهد األصل إىل احلكم .
)5خامسا :دوام عدالة شاهد األصل وشاهد الفرع إىل صدور احلكم .
)6سادسا :أن يعني شاهد الفرع شاهد األصل الذي حتمل عنه الشهادة .
وأما الرجوع عن الشهادة :فإنه إذا رجع شهود املال بعد احلكم ,فإنه ال ينقض ; ألنه قد مت .
وإن حكم القاضي بشاهد وميني ,مث رجع الشاهد ,غرم املال كله ,ألنه حجة للدعوى ,واليمني قول اخلصم ,وقول
اخلصم ليس مقبوال على خصمه ,وإمنا هو شرط للحكم.
وإن رجع الشهود عن الشهادة قبل احلكم ; ألغي ,وال حكم وال ضمان ..
باب يف اليمني يف الدعاوى
اليمني من مجلة الطرق القضائية ,فاليمني من جانب املنكر إذا مل يكن للمدعي بينة ,وهي تقطع اخلصومة عند التنازع .
وجمال اليمني يف دعوى حقوق األدميني خاصة ,فهي اليت يستحلف فيها ,أما حقوق هللا تعاىل ,فال يستحلف فيها ,
وذلك كالعبادات واحلدود ,فإذا قال :دفعت زكايت أو ما علي من كفارة أو نذر ; قبل منه ,ومل يستحلف ,وكذا ال يستحلف
منكر حلد عليه من حدود هللا ,ألهنا يستحب سرتها .
وال يعتد باليمني يف دعوى حقوق األدميني إال إذا أمره هبا احلاكم بعد طلب املدعي ,ولكون على صفة جوابه للمدعي .
وال بد أن يكون أداؤها يف جملس احلاكم ,وال تكون اليمني إال باهلل تعاىل ,ألن احللف بغري هللا شرك .
84
وال تغلظ اليمني إال فيما له أمهية كربى ; كجناية ال توجب قودا أو عتقا ,فللحاكم تغليظها باللفظ.
ومن توجه عليه حق جلماعة ,حلف لكل واحد ميينا ,ألن حق كل واحد منهم غري حق اآلخرة إال إذا رضوا ميينا واحدة ,
فيكتفى هبا .
باب يف أحكام اإلقرار
اإلقرار هو لغة االعرتاف باحلق ,يف االصطالح :وهو إخبار عما يف نفس األمر من حق الغري.
ويشرتط لصحة اإلقرار أن يكون املقر مكلفا .
ويشرتط أن يكون املقر قد أقر يف حالة اختياره .
ويشرتط لصحة اإلقرار أيضا أن ال يكون املقر حمجورا عليه .وإن ادعى املقر أنه أكره على اإلقرار; قبل منه ذلك مع قرينة
تدل على صدقه أو بينة على دعواه.
ويصح إقرار املريض مبال لغري وارثه .
وإن ادعى إنسان على شخص بشيء ,فصدقه املدعى عليه ,صح تصديقه ,واعترب إقرارا يؤاخذ به.
ويصح اإلقرار بكل ما أدى معناه من األلفاظ كأن يقول ملن ادعى عليه :صدقت ,أو :نعم ,أو :أنا مقر بذلك .
ويصح استثناء النصف فأقل يف اإلقرار ; فلو قال :له علي عشرة إال مخسة .
ويشرتط لصحة االستثناء يف اإلقرار أن يكون متصال باللفظ ,فلو قال :له علي مائة ,مث سكت سكوتا ميكنه الكالم فيه,
مث قال :زيوفا ,أو :مؤجلة ; لزمه مائة جيدة حالة .
وإن باع شيئا أو وهبه أو أعتقه ,مث أقر أن ذلك الشيء كان لغريه.
ويصح اإلقرار بالشيء اجململ وهو ما احتمل أمرين فأكثر على السواء عند املقر
فإذا قال إنسان :لفالن علي شيء ,أو :له علي كذا ,صح اإلقرار ,وقيل للمقر :فسره ,ليتأتى إلزامه به ,فإن أىب
تفسريه ,حبس حىت يفسره ,لوجوب تفسريه عليه ; ألنه حق عليه جيب عليه بيانه وأداؤه لصاحبه ,وإن قال :ال علم يل
مبا أقررت به ; حلف وغرم أقل ما يقع عليه االسم ,وإن مات قبل تفسريه ; مل يؤاخذ وارثه بشيء ,وان خلف تركة ,
الحتمال أن يكون املقر به غري مال .
وإن قال :له علي ألف إال قليال ,محل االستثناء على ما دون النصف .
وإن قال :له علي ما بني درهم .وعشرة ; لزمه مثانية .
وإن قال :له علي ما بني درهم إىل عشرة ; لزمه تسعة .
وإن قال :له ما بني هذا احلائط إىل هذا احلائط ,مل يدخل احلائطان ; ألنه إمنا أقر مبا بينهما .
وإن أقر لشخص بشجرة أو بشجر ; مل يشمل إقراره األرض اليت عليها ذلك الشجر .
وإن قال :له علي متر يف جراب أو سكني يف قراب أو ثوب يف منديل ; فهو مقر باملظروف دون الظرف
وإن قال :هذا الشيء مشرتك بيين وبني فالن ; رجع يف بيان حصة الشريك إىل املقر ,وقيل :يكون بينهما نصفني .
وجيب على من عنده حق اإلقرار به إذا دعت احلاجة إىل ذلك .
85