You are on page 1of 85

‫تأليف‬

‫د‪ .‬عبدالعزيز بن ابراهيم اجلربين‬


‫األستاذ املساعد يف كلية اجلبيل الصناعية‬
‫ورئيس شعبة الدراسات اإلسالمية‬

2

3
‫كتاب الطهارة‬
‫باب يف أحكام الطهارة واملياه‬
‫ملا كـانت هذه الصالة ال تصح إال بطهارة املصلي من احلدث والنجس‪ ,‬وكانت مادة التطهر هي املاء; صار الفقهاء‬
‫رمحهم هللا يبدؤون بكتاب الطهارة ; كما يف احلديث "مفتاح الصالة الطهور"‪ , 1‬وذلك ألن احلدث مينع الصالة‪ ,‬فالطهارة‬
‫أوكد شروط الصالة ‪ ,‬والشرط ال بد أن يقدم على املشروط ‪.‬‬
‫معىن الطهارة‬
‫لغة ‪ :‬النظافة والنزاهة عن األقذار احلسية واملعنوية‪.‬‬
‫شرعا ‪ :‬ارتفاع احلدث وزوال النجس ‪ .‬وارتفاع احلدث حيصل باستعمال املاء مع النية‪.‬‬
‫الدليل‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫ﭧﭨﭽﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭼ‬
‫‪3‬‬
‫ﭧﭨﭽ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﭼ‬
‫والطهور‪ :‬هو الطاهر يف ذاته املطهر لغريه ‪ ,‬وهو الباقي على خلقته‪.‬‬
‫فهذا هو الذي يصح التطهر به من احلدث والنجاسة‪.‬‬
‫‪ -5‬فإذا عدم املاء ‪ ,‬أو عجز عن استعماله مع وجوده ; فإن هللا قد جعل بدله الرتاب‪.‬‬
‫‪ -6‬وإن تغري أحد أوصافه الثالثة ‪ -‬رحيه أو طعمه أو لونه ‪ -‬بنجاسة ; فهو جنس باإلمجاع ‪ ,‬ال جيوز استعماله ‪ ,‬وإن تغري أحد‬
‫أوصافه مبخالطة مادة طاهرة ‪ -‬كأوراق األشجار أو الصابون‪ , -‬ومل يغلب ذلك املخالط عليه ; والصحيح أنه طهور ‪ ,‬جيوز‬
‫التطهر به من احلدث‪ ,‬والتطهر به من النجس‪.‬‬
‫باب يف أحكام اآلنية وثياب الكفار‬
‫تعريفها ‪ :‬اآلنية هي األوعية اليت حيفظ فيها املاء وغريه ‪ ,‬سواء كانت من احلديد أو اجللود أو غري ذلك‪.‬‬
‫حكمها‪ :‬واألصل فيها اإلباحة ‪ ,‬فيباح استعمال واختاذ كل إناء طاهر‬
‫وحيرم نوعان مها ‪:‬‬
‫‪ ‬إناء الذهب والفضة ‪ ,‬واإلناء الذي فيه ذهب أو فضة ‪ ,‬طالء أو متويها‪ ,‬ما عدا الضبة اليسرية من الفضة للحاجة‪.‬‬
‫‪ )1‬والدليل قوله صلى هللا عليه وسلم "ال تشربوا يف آنية الذهب والفضة ‪ ,‬وال تأكلوا يف صحافهما ; فإهنا هلم يف الدنيا ولنا‬
‫يف اآلخرة " ‪.4‬‬
‫‪ ‬جلود امليتة حيرم استعماهلا ; إال إذا دبغت‬
‫باب فيما حيرم على احملدث مزاولته من األعمال‬
‫األشياء اليت حترم على احملدث عامة‪:‬‬
‫‪ ‬مس املصحف الشريف; فال ميسه احملدث بدون حائل ; لقوله تعاىل ﭽ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭼ ‪5‬‬

‫‪)1‬‬
‫‪ ) 2‬األنفال‪11 :‬‬
‫‪ ) 3‬الفرقان‪4٤ :‬‬
‫‪ ) 4‬رواه اجلمـاعة‬
‫‪ ) 5‬الواقعة‪.٩٧ :‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ ‬الصالة فرضا أو نفال وهذا بإمجاع أهل العلم; لقوله تعاىل ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬
‫ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭼ‪.1‬‬
‫‪ ‬الطواف بالبيت العتيق‪ ,‬لقوله صلى هللا عليه وسلم "الطواف بالبيت صالة ; إال أن هللا أباح فيه الكالم"‪.2‬‬

‫وأما األشياء اليت حترم على احملدث حدثا أكرب خاصة فهي ‪:‬‬
‫‪ )1‬قراءة القرآن ‪ ,‬حلديث علي رضي هللا عنه "ال حيجبه ( يعين ‪ :‬النيب ^ ) عن القرآن شيء ‪ ,‬إال اجلنابة" رواه الرتمذي وغريه‬
‫‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ )2‬اللبث يف املسجد بغري وضوء ‪ ,‬لقوله تعاىل ‪ :‬ﭽ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﭼ‬
‫باب يف آداب قضاء احلاجة‬
‫ديننا دين النظافة والطهر ; فهناك آداب شرعية تفعل عند دخول اخلالء وحال قضاء احلاجة ‪.‬‬
‫‪ )2‬فإذا أراد املسلم دخول اخلالء; فإنه يستحب له أن يقول ‪ ":‬بسم هللا ‪ ,‬أعوذ باهلل من اخلبث واخلبائث" ‪ .‬ويقدم رجله اليسرى‬
‫حال الدخول ‪ ,‬وعند اخلروج يقدم رجله اليمىن ‪ ,‬ويقول ‪" :‬غفرانك ‪ ,‬احلمد هلل الذي أذهب عين األذى وعافاين" ‪.‬‬
‫‪ )3‬وإذا أراد أن يقضي حاجته يف فضاء; فإنه يستحب له أن يبعد عن الناس ‪ ,‬وحيرم أن يستقبل القبلة أو يستدبرها حال قضاء‬
‫احلاجة ‪.‬‬
‫‪ )4‬وال يدخل موضع اخلالء بشيء فيه ذكر هللا عز وجل أو فيه قرآن ‪.‬‬
‫باب يف السواك‬
‫‪4‬‬
‫‪ )1‬روت أم املؤمنني عائشة رضي هللا عنها ; أن النيب صلى هللا عليه وسلم ; قال "السواك مطهرة للفم مرضاة للرب" ‪.‬‬
‫‪ )2‬وقد ورد أنه من سنن املرسلني‪ .‬ويكون التسوك بعود لِّني من أراك أو زيتون أو غريها مما ال يتفتت وال جيرح الفم ‪.‬‬
‫‪ )3‬ويسن السواك يف مجيع األوقات ‪ ,‬حىت للصائم يف مجيع اليوم‪ ,‬على الصحيح ‪.‬‬
‫‪ )4‬ويتأكد يف أوقات خمصوصة ; فيتأكد عند الوضوء ‪ ,‬فيبتدئ من اجلانب األمين إىل اجلانب األيسر ‪ ,‬وميسك املسواك بيده‬
‫اليسرى ‪.‬‬
‫باب يف خصال الفطرة‬
‫ومن املزايا اليت جاء هبا ديننا احلنيف خصال الفطرة ‪ ,‬ومسيت خصال الفطرة ; ألن فاعلها يتصف بالفطرة اليت فطر هللا عليها العباد ‪,‬‬
‫وهذه اخلصال هي ‪:‬‬
‫‪ ‬االستحداد ‪ :‬وهو حلق العانة ‪ ,‬وهي الشعر النابت حول الفرج ‪.‬‬
‫‪ ‬اخلتان ‪ :‬وهو إزالة اجللدة اليت تغطي احلشفة حىت تربز احلشفة ‪ ,‬ويكون زمن الصغر ‪.‬‬
‫‪ ‬قص الشارب وإحفاؤه وهو املبالغـة يف قصه ; ملا يف ذلك من التجميل والنظافة ‪.‬‬
‫‪ ‬ومن خصال الفطرة ‪ :‬تقليم األظافر ‪ ,‬وهو قطعها ; حبيث ال ترتك تطول ; ملا يف ذلك من التجميل وإزالة الوسخ املرتاكم‬
‫حتتها‪.‬‬
‫‪ ‬ومن خصال الفطرة ‪ :‬نتف اإلبط ‪ -‬أي ‪ :‬إزالة الشعر النابت يف اإلبط ‪ , -‬فيسن إزالة هذا الشعر بالنتف أو احللق أو غري‬
‫ذلك ‪.‬‬

‫‪ ) 1‬املائدة‪6 :‬‬
‫‪)2‬‬
‫‪ ) 3‬النساء‪٣٤ :‬‬
‫‪ ) 4‬رواه أمحد وغريه‬

‫‪5‬‬
‫باب يف أحكام الوضوء‬
‫أن للوضوء شروطا وفروضا وسننا ‪ ,‬فالشروط والفروض ال بد منها حسب اإلمكان ; ليكون الوضوء صحيحا ‪.‬‬
‫فالشروط هي ‪:‬‬
‫اإلسالم ‪ ,‬والعقل ‪ ,‬والتمييز ‪ ,‬والنية ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أن يكون املاء طهورا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أن يسبقه استنجاء أو استجمار‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إزالة ما مينع وصول املاء إىل اجللد‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أما فروض الوضوء ‪ -‬وهي أعضاؤه ‪ ; -‬فهي ستة ‪:‬‬
‫‪ )1‬أحدها ‪ :‬غسل الوجه بكامله ‪ ,‬ومنه املضمضة واالستنشاق ‪ ,‬ألن الفم واألنف من الوجه‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ )2‬الثاين ‪ :‬غسل اليدين مع املرفقني ‪ ,‬لقوله تعاىل ﭽ ﭚ ﭛ ﭜ ﭼ‬
‫‪ )3‬والثالث ‪ :‬مسح الرأس كله ‪ ,‬ومنه األذنان ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ )4‬والرابع ‪ :‬غسل الرجلني مع الكعبني ‪ ,‬لقوله تعاىل ﭽ ﭟ ﭠ ﭡ ﭼ‬
‫‪ )5‬واخلامس ‪ :‬الرتتيب ‪.‬‬
‫‪ )6‬السادس ‪ :‬املواالة ‪ ,‬وهي أن يكون غسل األعضاء املذكورة متواليا ‪ ,‬حبيث ال يفصل بني عضو والعضو الذي قبله‪.‬‬
‫مث أرشد ^ إىل جتديد اإلميان بالشهادتني ‪ ,‬إشارة إىل اجلمع بني الطهارتني احلسية واملعنوية ‪.‬‬
‫أما سنن الوضوء هي ‪:‬‬
‫‪ ‬أوال ‪ :‬السواك‪.‬‬
‫‪ ‬ثانيا ‪ :‬غسل الكفني ثالثا يف أول الوضوء قبل غسل الوجه ‪.‬‬
‫‪ ‬ثالثا ‪ :‬البداءة باملضمضة واالستنشاق قبل غسل الوجه ‪.‬‬
‫‪ ‬رابعا ‪ :‬ختليل اللحية الكثيفة باملاء حىت يبلغ داخلها ‪ ,‬وختليل أصابع اليدين والرجلني ‪.‬‬
‫‪ ‬خامسا ‪ :‬التيامن ‪ ,‬وهو البدء باليمىن من اليدين والرجلني‪.‬‬
‫‪ ‬سادسا ‪ :‬الزيادة على الغسلة الواحدة إىل ثالث غسالت يف غسل الوجه واليدين والرجلني‪.‬‬
‫باب يف بيان صفة الوضوء‬
‫صفة الوضوء ‪:‬‬
‫‪ ‬أن ينوي الوضوء ملا يشرع له الوضوء من صالة وحنوها ‪.‬‬
‫‪ ‬مث يقول ‪ :‬بسم هللا ‪.‬‬
‫‪ ‬مث يغسل كفيه ثالث مرات ‪.‬‬
‫‪ ‬مث يتمضمض ثالث مرات ‪ ,‬ويستنشق ثالث مرات ‪ ,‬وينثر املاء من أنفه بيساره ‪.‬‬
‫‪ ‬ويغسل وجهه ثالث مرات ‪ ,‬وحد الوجه طوال من منابت شعر الرأس املعتاد إىل ما احندر من اللحيني والذقن‪.‬‬
‫‪ ‬مث يغسل يديه مع املرفقني ثالث مرات ‪ ,‬وحد اليد هنا ‪ :‬من رءوس األصابع مع األظافر إىل أول العضد‪.‬‬
‫‪ ‬مث ميسح كل رأسه وأذنيه مرة واحدة مباء جديد‪ ,‬وصفة مسح الرأس أن يضع يديه مبلولتني باملاء على مقدم رأسه ‪ ,‬وميرمها‬
‫إىل قفاه ‪ ,‬مث يردمها إىل املوضع الذي بدأ منه ‪ ,‬مث يدخل أصبعيه السبابتني يف خرقي أذنيه ‪ ,‬وميسح ظاهرمها بإهباميه ‪.‬‬
‫‪ ‬مث يغسل رجليه ثالث مرات مع الكعبني ‪.‬‬

‫‪ ) 1‬املائدة ‪6:‬‬
‫‪ ) 2‬املائدة ‪6:‬‬

‫‪6‬‬
‫باب يف أحكام املسح على اخلفني وغريمها من احلوائل‬
‫مسح اخلفني أو ما يقوم مقامهما من اجلوربني واالكتفاء به عن غسل الرجلني ; فهو ثابت باألحاديث الصحيحة‬
‫املستفيضة املتواترة يف مسحه ^ يف احلضر والسفر ‪ ,‬وأمره بذلك‪ ,‬وترخيصه فيه ‪.‬‬
‫الدليل‪:‬‬
‫‪ )1‬قال احلسن ‪:‬حدثين سبعون من أصحاب رسول هللا ^ أنه مسح على اخلفني ‪.‬‬
‫‪ )2‬وقال اإلمام أمحد‪ :‬ليس يف نفسي من املسح شيء ‪ ,‬فيه أربعون حديثا عن النيب ^‪.‬‬
‫‪ )3‬ونقل ابن املنذر وغريه إمجاع العلماء على جوازه ‪ ,‬واتفق عليه أهل السنة واجلماعة‪.‬‬
‫حكمه‪:‬‬
‫وحكم املسح على اخلفني ‪ :‬أنه رخصة ‪ ,‬واملسح يرفع احلدث عما حتت املمسوح‪.‬‬
‫مدته‪:‬‬
‫‪ ‬ومدة املسح على اخلفني بالنسبة للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثالثة أيام بلياليها‪.‬‬
‫‪ ‬وابتداء املدة يف احلالتني يكون من احلدث بعد اللبس ‪.‬‬
‫شروطه‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون اإلنسان حال لبسهما على طهارة من احلدث ‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يكون اخلف وحنوه مباحا‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يكون اخلف ساترا للرجل‪.‬‬
‫‪ ‬وميسح على ما يقوم مقام اخلفني ; فيجوز املسح على اجلورب الصفيق الذي يسرت الرجل من صوف أو غريه ‪.‬‬
‫وجيوز املسح على العمامة بشرطني ‪:‬‬
‫‪ .1‬أحدمها ‪ :‬تكون ساترة ملا مل جتر العادة بكشفه من الرأس ‪.‬‬
‫‪ .2‬الثاين ‪:‬أن تكون العمامة حمنكة ‪.‬‬
‫‪ ‬أما احلدث األكرب ; فال ميسح على شيء بل جيب غسل ما حتتهما ‪.‬‬
‫‪ ‬ميسح على اجلبرية‪ ,‬وميسح على الضماد الذي يكون على اجلرح ‪ ,‬وكذلك ميسح على اللصوق الذي جيعل على القروح‪.‬‬
‫‪ ‬وجيوز املسح على اجلبرية وحنوها يف احلدث األصغر‪.‬‬
‫كيفية املسح من هذه احلوائل ‪:‬‬
‫ميسح ظاهر اخلف واجلورب ‪ ,‬وميسح أكثر العمامة ‪ ,‬وميسح على مجيع اجلبرية ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وصفة املسح أن يضع أصابع يديه مبلولتني باملاء على أصابع رجليه مث ميرمها إىل ساقه ‪ ,‬ميسح الرجل اليمىن باليد اليمىن ‪,‬‬ ‫‪‬‬
‫والرجل اليسرى باليد اليسرى ‪ ,‬وال يكرر املسح‪.‬‬
‫باب يف بيان نواقض الوضوء‬
‫‪ o‬اخلارج من سبيل ‪ ,‬أي ‪ :‬البول والغائط أو منيا أو مذيا أو دم استحاضة أو رحيا ‪.‬أما اخلارج من البدن كالدم والقيء‬
‫والرعاف الراجح أنه ال ينقض‪.‬‬
‫‪ o‬زوال العقل أو تغطيته ‪ ,‬وزوال العقل يكون باجلنون وحنوه ; وتغطيته تكون بالنوم أو اإلغماء وحنومها‪.‬‬
‫‪ o‬أكل حلم اإلبل سواء كان قليال أو كثريا‪.‬‬
‫س‪ :‬من تيقن الطهارة مث شك يف حصول ناقض من نواقضها‪ ,‬ماذا يفعل ؟‬
‫أنه يبقى على الطهارة ; ألهنا األصل وألهنا متيقنة‪ ,‬وحصول الناقض مشكوك فيه‪ ,‬واليقني ال يزول بالشك ‪ .‬وهذه قاعدة‬
‫عظيمة عامة يف مجيع األشياء ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫باب يف أحكام الغسل‬
‫موجبات الغسل ستة أشياء‪:‬‬
‫‪ )1‬أحدها ‪ :‬خروج املين‪.‬‬
‫‪ )2‬الثاين ‪ :‬إيالج الذكر يف الفرج ‪ ,‬ولو مل حيصل إنزال‪.‬‬
‫‪ )3‬الثالث ‪ :‬إسالم الكافر ‪ ,‬فإذا أسلم الكافر ; وجب عليه الغسل‪.‬‬
‫‪ )4‬الرابع ‪ :‬املوت ‪ ,‬فيجب تغسيل امليت ; غري الشهيد يف املعركة‪.‬‬
‫‪ )5‬اخلامس والسادس ‪ :‬من موجبات الغسل احليض والنفاس‪.‬‬
‫وصفة الغسل الكامل‪:‬‬
‫‪ ‬أن ينوي بقلبه ‪.‬‬
‫‪ ‬مث يسمي ويغسل يديه ثالثا ويغسل فرجه ‪.‬‬
‫‪ ‬مث يتوضأ وضوءا كامال ‪.‬‬
‫‪ ‬مث حيثي املاء على رأسه ثالث مرات ‪ ,‬يروي أصول شعره ‪.‬‬
‫‪ ‬مث يعم بدنه بالغسل ‪ ,‬ويدلك بدنه بيديه ‪ ,‬ليصل املاء إليه ‪.‬‬
‫‪ ‬واملرأة احلائض أو النفساء تنقض رأسها للغسل من احليض والنفاس ‪ ,‬وأما اجلنابة فال تنقضه‪.‬‬
‫باب يف أحكام التيمم‬
‫تعريف التيمم‪:‬‬
‫اللغة ‪ :‬القصد‪.‬‬
‫الشرع ‪ :‬هو مسح الوجه واليدين بصعيد على وجه خمصوص ‪.‬‬
‫الدليل‪:‬‬
‫قال ^‪ ":‬أعطيت مخسا مل يعطهن أحد قبلي ‪ :‬وجعلت يل األرض مسجدا وطهورا" ‪.‬‬
‫فالتيمم بدل طهارة املاء عند العجز عنه شرعا ‪.‬‬
‫أحواله ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ .1‬أوال ‪ :‬إذا عدم املاء ‪ :‬لقوله تعاىل ﭽ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭼ‬
‫‪ .2‬ثانيا ‪ :‬إذا كان معه ماء حيتاجه لشرب وطبخ ‪.‬‬
‫‪ .3‬ثالثا ‪ :‬إذا خاف باستعمال املاء الضرر‪.‬‬
‫يوضئه ‪ ,‬وخاف خروج الوقت ‪.‬‬ ‫‪ .4‬رابعا ‪ :‬إذا عجز عن استعمال املاء ملرض ال يستطيع معه احلركة ‪ ,‬وليس عنده من ِّ‬
‫‪ .5‬خامسا ‪ :‬إذا خاف بردا باستعمال املاء تيمم وصلى‪.‬‬
‫وجيوز التيمم مبا على وجه األرض من تراب وسبخة ورمل وغريه ‪ ,‬هذا هو الصحيح من قويل العلماء ; لقوله تعاىل ‪ :‬ﭽ ﭺ‬
‫ﭻ ﭼ ﭼ‪.2‬‬
‫وصفته‬
‫التيمم أن يضرب الرتاب بيديه مفرجيت األصابع ‪ ,‬مث ميسح وجهه بباطن أصابعه ‪ ,‬وميسح كفيه براحتيه ‪ ,‬ويعمم الوجه والكفني‬
‫باملسح‪.‬‬
‫‪ ‬ويبطل التيمم مببطالت الوضوء‪ ,‬ويبطل التيمم أيضا بوجود املاء ‪.‬‬

‫‪ ) 1‬املائدة ‪6:‬‬
‫‪ ) 2‬املائدة‪6 :‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ ‬ومن عدم املاء والرتاب أو وصل إىل حال ال يستطيع معه ملس البشرة مباء وال تراب ; فإنه يصلي على حسب حاله ; بال‬
‫وضوء وال تيمم ‪ ,‬ألن هللا ال يكلف نفسا إال وسعها ‪.‬‬
‫باب يف أحكام إزالة النجاسة‬
‫األصل الذي تزال به النجاسة هو املاء ; فهو األصل يف التطهري‪.‬‬
‫أنواع النجاسة‪:‬‬
‫‪ ‬إما أن تكون على وجه األرض وما اتصل هبا من احليطان واألحواض والصخور ‪ :‬فهذه يكفي يف تطهريها غسلة واحدة تذهب‬
‫بعني النجاسة ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن كانت النجاسة على غري األرض وما اتصل هبا ‪:‬‬
‫‪ ‬فإن كانت من كلب أو خنزير وما تولد منهما ; فتطهريها بسبع غسالت ‪ ,‬إحداهن بالرتاب ; بأن جيعل‬
‫الرتاب مع إحدى الغسالت‪.‬‬
‫‪ ‬وإن كانت جناسة غري كلب أو خنزير ; كالبول والغائط والدم وحنوها ; فإهنا تغسل باملاء مع الفرك والعصر ‪,‬‬
‫حىت تزول ‪.‬‬
‫أنواع املغسوالت ‪:‬‬
‫‪ o‬ما ميكن عصره ‪ ,‬مثل الثوب ; فال بد من عصره ‪.‬‬
‫‪ o‬ما ال ميكن عصره ‪ ,‬وميكن تقليبه ; كاجللود وحنوها ; فال بد من تقليبه ‪.‬‬
‫‪ o‬ما ال ميكن عصره وال تقليبه ; فال بد من دقه وتثقيله ; بأن يضع عليه شيئا ثقيال ‪ ,‬حىت يذهب أكثر ما فيه من املاء‬
‫‪.‬‬
‫‪ )1‬وإن خفي موضع جناسة يف بدن أو ثوب أو بقعة ; وجب غسل ما احتمل وجود النجاسة فيه‪ ,‬وإن مل يدر يف أي جهة منه ;‬
‫غسله مجيعه ‪.‬‬
‫‪ )2‬تطهري بول الغالم الذي مل يأكل الطعام رشه باملاء ‪.‬‬
‫‪ )3‬وإن كان يأكل الطعام لشهوة واختيار ; فبوله مثل بول الكبري ‪ ,‬وكذا بول األنثى الصغرية مثل بول الكبرية ‪ ,‬يغسل كغسل سائر‬
‫النجاسات ‪.‬‬
‫أنواع النجاسات‪:‬‬
‫‪ ‬ما حيل أكل حلمه منها ; فبوله وروثه طاهر ; كاإلبل والبقر والغنم وحنوها‪ ,‬وما عدا ما يؤكل حلمه جنس‪.‬‬
‫‪ ‬سؤر ما يؤكل حلمه طاهر‪ .‬وسؤر اهلرة طاهر‪.‬‬
‫باب يف أحكام احليض والنفاس‬
‫أوال ‪ :‬احليض وأحكامه‪:‬‬
‫‪ ‬احليض هو دم طبيعة وجبلة ‪ ,‬خيرج من قعر الرحم يف أوقات معلومة ‪ ,‬خلقه هللا حلكمة غذاء الولد يف بطن أمه ; الفتقاره‬
‫إىل الغذاء‪.‬‬
‫‪ ‬وللحائض خالل حيضها وعند هنايته أحكام‪:‬‬
‫‪ ‬أن احلائض ال تصلي وال تصوم حال حيضها ‪ ,‬فإذا طهرت من حيضها فإهنا تقضي الصوم دون الصالة بإمجاع أهل العلم‪.‬‬
‫‪ ‬ال جيوز هلا أن تطوف بالبيت ‪ ,‬وال تقرأ القرآن ‪ ,‬وال جتلس يف املسجد ‪ ,‬وحيرم على زوجها وطؤها يف الفرج حىت ينقطع‬
‫حيضها وتغتسل‪.‬‬
‫‪ ‬وجيوز للزوج أن يستمتع منها بغري اجلماع يف الفرج ‪ ,‬كالقبلة واللمس وحنو ذلك ‪.‬‬
‫‪ ‬وال جيوز لزوجها أن يطلقها وهي حائض ‪.‬‬
‫‪ ‬والطهر هو انقطاع الدم ‪ ,‬فإذا انقطع دمها ‪ ,‬فقد طهرت ; فيجب عليها االغتسال ‪ ,‬مث تزاول ما منعت منه بسبب احليض‬
‫‪ ,‬وإن رأت بعد الطهر كدرة أو صفرة‪.‬‬
‫‪ ‬تنبيه هام ‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ ‬إذا طهرت قبل غروب الشمس لزمها أن تصلي الظهر والعصر‪ ,‬ومن طهرت منهما قبل طلوع الفجر لزمها أن تصلي املغرب‬
‫والعشاء‪.‬‬
‫‪ ‬أما إذا دخل عليها وقت صالة ‪ ,‬مث حاضت أو نفست قبل أن تصلي ‪ ,‬فالقول الراجح أنه ال يلزمها قضاء تلك الصالة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬االستحاضة وأحكامها‬
‫‪ ‬االستحاضة ‪ :‬هي سيالن الدم يف غري وقته على سبيل النزيف من عرق يسمى العاذل‪ ,‬واملستحاضة أمرها مشكل ; الشتباه‬
‫دم احليض بدم االستحاضة‪..‬‬
‫‪ ‬حاالت املستحاضة‪:‬‬
‫‪ ‬أن تكون هلا عادة معروفة لديها قبل إصابتها باالستحاضة ‪ ,‬فهذه جتلس قدر عادهتا ‪ ,‬وتدع الصالة والصيام ‪ ,‬وتعترب هلا‬
‫أحكام احليض ‪ ,‬فإذا انتهت عادهتا ; اغتسلت وصلت ‪ ,‬واعتربت الدم الباقي دم استحاضة‪.‬‬
‫‪ ‬إذا مل يكن هلا عادة معروفة ‪ ,‬لكن دمها متميز‪ ,‬فتجلس وتدع الصالة والصيام ‪ ,‬وتعترب ما عداه استحاضة ‪ ,‬تغتسل عند‬
‫هناية الذي حيمل صفة احليض ‪ ,‬وتصلي وتصوم ‪.‬‬
‫‪ ‬إذا مل يكن هلا عادة تعرفها وال صفة متيز هبا احليض من غريه ; فإهنا جتلس غالب احليض ستة أيام أو سبعة أيام من كل شهر‬
‫; ألن هذه عادة غالب النساء‪.‬‬
‫‪ ‬ما يلزم املستحاضة يف حال احلكم بطهارهتا‬
‫‪ )1‬جيب أن تغتسل عند هناية حيضتها املعتربة حسبما سيأيت بيانه ‪.‬‬
‫‪ )2‬تغسل فرجها وجتعل يف املخرج قطنا وحنوه مينع اخلارج ‪ ,‬وتشد عليه ما ميسكه عن السقوط ‪ ,‬مث تتوضأ عند دخول وقت كل‬
‫صالة ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬النفاس وأحكامه‬
‫‪ )1‬والنفاس كاحليض فيما حيل و حيرم‪.‬‬
‫‪ )2‬والنفاس دم ترخيه الرحم للوالدة وبعدها ‪ ,‬وهو بقية الدم الذي احتبس يف مدة احلمل ‪ ,‬وأكثر مدته عند اجلمهور أربعون‬
‫يوما ‪.‬‬
‫‪ )3‬فإذا انقطع دم النفساء قبل األربعني ‪ ,‬فقد انتهى نفاسها ‪ ,‬فتغتسل وتصلي‪.‬‬

‫كتاب الصالة‬
‫باب يف وجوب الصلوات اخلمس‬
‫الصالة هي آكد أركان اإلسالم بعد الشهادتني ‪ ,‬وقد فرضها هللا ليلة املعراج يف السماء‪ ,‬جاء يف فضلها أحاديث‬
‫كثرية ‪ ,‬وفرضيتها معلومة من دين اإلسالم بالضرورة ‪ ,‬فمن جحدها ; فقد ارتد عن دين اإلسالم‪.‬‬
‫معناها‪:‬‬
‫لغة ‪ :‬الدعاء‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫شرعا ‪ :‬أقوال وأفعال خمصوصة مفتتحة بالتكبري خمتتمة بالتسليم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫باب يف أحكام األذان واإلقامة‬
‫تشريعه‪:‬‬
‫شرع األذان يف السنة األوىل للهجرة النبوية ‪.‬‬
‫حكمه‪:‬‬
‫األذان واإلقامة فرض كفاية‪ ,‬ومها مشروعان يف حق الرجال حضرا وسفرا للصلوات اخلمس ‪ ,‬يقاتل أهل بلد تركومها ; ألهنما‬
‫من شعائر اإلسالم الظاهرة‪.‬‬

‫‪01‬‬
‫الصفات يف املؤذن ‪:‬‬
‫ِ‬
‫أن يكون صيّتا و أمينا ويكون عاملا بالوقت‪.‬‬
‫كلمات األذان‪:‬‬
‫األذان مخس عشرة مجلة‪ ,‬ويستحب أن يتمهل بألفاظ األذان من غري متطيط وال مد مفرط ‪ ,‬ويقف على كل مجلة منه ‪,‬‬
‫ويستحب أن يستقبل القبلة‪ ,‬وجيعل أصبعيه يف أذنيه‪ ,‬ويلتفت ميينا عند قوله ‪ " :‬حي على الصالة " ‪ ,‬ومشاال عند قوله ‪ " :‬حي على‬
‫الفالح " ‪ ,‬ويقول بعد " حي على الفال ح الثانية " من أذان الفجر خاصة ‪ " :‬الصالة خري من النوم " مرتني‪ ,‬وال جيوز الزيادة على‬
‫ألفاظ األذان بأذكار أخرى قبله وال بعده كالتسبيح ‪ ,‬والنشيد ‪ ,‬والدعاء ‪ ,‬والصالة والسالم على الرسول جهرا قبل األذان أو بعده ‪,‬‬
‫كل ذلك حمدث مبتدع ‪ ,‬حيرم فعله ‪ ,‬وجيب إنكاره على من فعله‪.‬‬
‫كلمات اإلقامة‪:‬‬
‫واإلقامة إحدى عشرة مجلة ‪ ,‬حيدرها ‪ -‬أي ‪ :‬يسرع فيها ‪ -‬إلهناء إعالم احلاضرين ‪ ,‬ويستحب أن يتوىل اإلقامة من توىل‬
‫األذان ‪ ,‬وال يقيم إال بإذن اإلمام ‪.‬‬
‫‪ ‬ويسن ملن مسع املؤذن إجابته بأن يقول مثل ما يقول ‪ ,‬ويقول عند حي على الصالة وحي على الفالح ‪ " :‬ال حول وال قوة‬
‫إال باهلل " ‪ ,‬مث يقول بعدما يفرغ املؤذن ‪ " :‬اللهم رب هذه الدعوة التامة ‪ ,‬والصالة القائمة ‪ ,‬آت حممدا الوسيلة والفضيلة ‪,‬‬
‫وابعثه املقام احملمود الذي وعدته " ‪ ,‬وحيرم اخلروج من املسجد بعد األذان بال عذر أو نية رجوع ‪ ,‬وإذا شرع املؤذن يف األذان‬
‫واإلنسان جالس ; فال ينبغي له أن يقوم ‪ ,‬بل يصرب حىت يفرغ‪.‬‬
‫‪ ‬وينبغي للمسلم إذا مسع األذان أن يتوجه إىل املسجد ويرتك سائر األعمال الدنيوية ‪.‬‬
‫باب يف شروط الصالة‬
‫تعريف الشرط‪:‬‬
‫لغة ‪ :‬العالمة‬
‫وشرعا ‪ :‬ما يلزم من عدمه العدم ‪ ,‬وال يلزم من وجوده وجود وال عدم لذاته ‪,‬‬
‫‪ ‬وشروط الصالة ما تتوقف صحتها عليها مع اإلمكان ‪.‬‬
‫شروط الصالة‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬النية‪:‬‬
‫وهي لغة ‪ :‬القصد ‪ ,‬وشرعا ‪ :‬العزم على فعل العبادة تقربا إىل هللا تعاىل ‪.‬‬
‫‪ )1‬وحملها القلب ; فال حيتاج إىل التلفظ هبا ‪ ,‬بل هو بدعة‪.‬‬
‫‪ )2‬ويشرتط أن تستمر النية يف مجيع الصالة ‪ ,‬فإن قطعها يف أثناء الصالة ; بطلت الصالة‪.‬‬
‫‪ )3‬وجيوز ملن أحرم يف صالة فريضة وهو مأموم أو منفرد أن يقلب صالته نافلة ‪.‬‬
‫‪ )4‬والتلفظ بالنية بدعه‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬سرت العورة‪:‬‬
‫وهي ما جيب تغطيته ‪ ,‬ويقبح ظهوره ‪ ,‬ويستحىي منه ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬دخول وقتها ‪ :‬ومواقيت الصالة هي‪:‬‬
‫‪ ‬صالة الظهر ‪ :‬ويبدأ وقتها بزوال الشمس ; أي ‪ :‬ميلها إىل املغرب ويعرف الزوال حبدوث الظل يف جانب املشرق‬
‫بعد انعدامه من جانب املغرب ‪ ,‬وميتد وقت الظهر إىل أن يصري ظل الشيء مثله يف الطول‪ .‬ويستحب تعجيلها;‬
‫إال يف شدة احلر ; فيستحب تأخريها إىل أن ينكسر احلر ‪.‬‬
‫‪ ‬صالة العصر ‪ :‬يبدأ وقتها من هناية وقت الظهر وميتد إىل اصفرار الشمس على الصحيح‪ .‬ويسن تعجيلها يف أول‬
‫الوقت ‪ ,‬وهي الصالة الوسطى‪.‬‬

‫‪00‬‬
‫‪ ‬صالة املغرب ‪ :‬يبدأ وقتها بغروب الشمس ; أي ‪ :‬غروب قرصها مجيعه ; حبيث ال يرى منه شيء‪ ,‬ويعرف غروب‬
‫الشمس أيضا بإقبال ظلمة الليل من املشرق مث ميتد إىل مغيب الشفق األمحر ويسن تعجيل صالة املغرب يف أول‬
‫وقتها ‪.‬‬
‫‪ ‬صالة العشاء ‪ :‬يبدأ وقتها بانتهاء وقت املغرب وميتد إىل طلوع الفجر الثاين ‪ ,‬وينقسم إىل قسمني ‪ :‬وقت اختيار‬
‫ميتد إىل ثلث الليل ‪ ,‬ووقت اضطرار من ثلث الليل إىل طلوع الفجر الثاين ‪ .‬وتأخري الصالة إىل آخر الوقت املختار‬
‫أفضل إن سهل ‪ ,‬فإن شق على املأمومني ‪.‬‬
‫‪ ‬صالة الفجر‪ :‬يبدأ وقتها بطلوع الفجر الثاين‪ ,‬وميتد إىل طلوع الشمس ‪ ,‬ويستحب تعجيلها‪.‬‬
‫‪ ‬من نسيها أو نام عنها فتجب املبادرة لقضاء الصالة الفائتة على الفور ‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬اجتناب النجاسة‬
‫كامليتة ‪ ,‬والدم ‪ ,‬واخلمر ‪ ,‬والبول ‪ ,‬والغائط ‪ .‬من رأى عليه جناسة بعد الصالة وال يدري مىت حدثت ; فصالته‬
‫صحيحة ‪ ,‬وكذا لو كان عاملا لكن نسي أن يزيلها‪ .‬وإن علم أثناء الصالة وأمكنه إزالتها من غري عمل كثري ; كخلع النعل‬
‫والعمامة وحنومها ; أزاهلما وبىن ‪ ,‬وإن مل يتمكن بطلت الصالة ‪.‬‬
‫‪ ‬وال تصح الصالة يف املقربة غري صالة اجلنازة ‪.‬‬
‫‪ ‬وال تصح الصالة يف املسجد الذي قبلته إىل قرب‪.‬‬
‫‪ ‬وال تصح الصالة يف املراحيض‪.‬‬
‫‪ ‬وال تصح الصالة يف احملل املعد لالغتسال‪.‬‬
‫‪ ‬وال تصح الصالة يف أعطان اإلبل‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬استقبال القبلة‬
‫وهي الكعبة املشرفة ‪ ,‬فإن قرب من الكعبة ‪ ,‬وكان يراها ; وجب عليه استقبال نفس الكعبة جبميع بدنه‪ ,‬ومن كان‬
‫قريبا منها ‪ ,‬لكن ال يراها اجتهد يف إصابتها ‪ ,‬والتوجه إليها ما أمكنه ‪ ,‬ومن كان بعيدا عن الكعبة; فإنه يستقبل يف صالته‬
‫اجلهة اليت فيها الكعبة ‪ ,‬وال يضر التيامن وال التياسر اليسريان‪.‬‬
‫فال تصح بدون استقبال القبلة إال العاجز عن استقبال الكعبة ‪ :‬كاملربوط أو املصلوب لغري القبلة إذا كان موثقا ال‬
‫يقدر عليه‪ ,‬وكذا يف حال اشتداد احلرب ‪ ,‬واهلارب من سيل أو نار أو سبع أو عدو ‪ ,‬واملريض الذي ال يستطيع استقبال‬
‫القبلة ; فكل هؤالء يصلون على حسب حاهلم ‪ ,‬ولو إىل غري القبلة ‪ ,‬وتصح صالهتم‪.‬‬
‫ويستدل على القبلة بأشياء كثرية ; منها ‪ :‬اإلخبار ‪ ,‬فإذا أخربه بالقبلة مكلف ثقة عدل‪ ,‬وكذا إذا وجد حماريب‬
‫إسالمية وكذلك يستدل على القبلة بالنجوم ‪.‬‬
‫باب يف آداب املشي إىل الصالة‬
‫‪ o‬فإذا مشيت إىل املسجد لتؤدي الصالة مع مجاعة فليكن ذلك بسكينة ووقار‪.‬‬
‫‪ o‬وليكن خروجك إىل املسجد مبكرا ; لتدرك تكبرية اإلحرام ‪.‬‬
‫‪ o‬فإذا وصلت فقدم رجلك اليمىن عند الدخول ‪ ,‬وقل ‪ :‬بسم هللا ‪ ,‬أعوذ باهلل العظيم وبوجهه الكرمي وسلطانه القدمي من الشيطان‬
‫الرجيم ‪ ,‬اللهم صل ع لى حممد ‪ ,‬اللهم اغفر يل ذنويب ‪ ,‬وافتح يل أبواب رمحتك ‪ .‬وإذا أردت اخلروج ; قدم رجلك اليسرى ‪,‬‬
‫وقل الدعاء الذي قلته عند الدخول ‪ ,‬وتقول بدل ‪ " :‬وافتح يل أبواب رمحتك " ‪ " :‬وافتح يل أبواب فضلك "‪.‬‬
‫‪ o‬فإذا دخلت املسجد ; فال جتلس حىت تصلي ركعتني حتية املسجد ‪.‬‬
‫‪ o‬مث جتلس تنتظر الصالة ‪ ,‬ولتكن مشتغال بذكر هللا وتالوة القرآن ‪ ,‬وجتنب العبث‪.‬‬
‫‪ o‬ال ختض يف أحاديث الدنيا‪.‬‬
‫‪ o‬وإذا أقيمت الصالة ; فقم إليها عند قول املؤذن ‪ " : .‬قد قامت الصالة "‪.‬‬
‫‪ o‬أن تكون يف الصف األول و القرب من اإلمام هذا بالنسبة للرجل‪ ,‬وأما بالنسبة للمرأة ‪ ,‬فالصف األخري من صفوف النساء‬
‫أفضل هلا ‪.‬‬

‫‪02‬‬
‫‪ o‬ويتأكد يف حق اإلمام واملصلني االهتمام بتسوية الصفوف‪.‬‬
‫‪ o‬ويتأكد يف حق املصلني سد الفرج والرتاص يف الصفوف‪.‬‬
‫باب يف أركان الصالة وواجباهتا وسننها‬
‫األركان ‪ :‬إذا ترك شيئا من األركان ‪ ,‬بطلت الصالة ‪ ,‬سواء كان تركه عمدا أو سهوا ‪ ,‬أو بطلت الركعة اليت تركه منها ‪,‬‬
‫وقامت اليت تليها مقامها‪.‬‬
‫والواجبات ‪ :‬إذا ترك شيئا منها عمدا ; بطلت الصالة ‪ ,‬وإن كان تركه سهوا ; مل تبطل ‪ ,‬وجيربه سجود السهو ‪.‬‬
‫السنن‪ :‬ال تبطل الصالة برتك شيء منها ال عمدا وال سهوا ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬أركان الصالة ‪:‬‬


‫‪ )1‬الركن األول ‪:‬القيـام يف صالة الفريضة‪.‬‬
‫‪ )2‬الركن الثاين ‪:‬تكبرية اإلحرام يف أوهلا ‪.‬‬
‫‪ )3‬الركن الثالث ‪:‬قراءة الفاحتة ‪.‬‬
‫‪ )4‬الركن الرابع ‪:‬الركوع يف كل ركعة ‪.‬‬
‫‪ )5‬الركن اخلامس والسادس ‪:‬الرفع من الركوع واالعتدال واقفا كحاله قبله ‪.‬‬
‫‪ )6‬الركن السابع ‪:‬السجود‪.‬‬
‫‪ )٩‬الركن الثامن ‪:‬الرفع من السجود واجللوس بني السجدتني‪.‬‬
‫‪ )٤‬الركن التاسع ‪:‬الطمأنينة يف كل األفعال املذكورة‪.‬‬
‫‪ )٧‬الركن العاشر واحلادي عشر ‪:‬التشهد األخري وجلسته‪.‬‬
‫‪ )11‬الركن الثاين عشر ‪:‬الصالة على النيب صلى هللا عليه وسلم يف التشهد ‪.‬‬
‫‪ )11‬الركن الثالث عشر ‪:‬الرتتيب بني األركان‪.‬‬
‫‪ )12‬الركن الرابع عشر ‪:‬التسليم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬واجبات الصالة مثانية‪:‬‬
‫‪ )1‬مجيع التكبريات اليت يف الصالة غري تكبرية اإلحرام واجبة‪.‬‬
‫‪ )2‬التسميع ; أي قول ‪ " :‬مسع هللا ملن محده "‪ ,‬ويكون واجبا يف حق اإلمام واملنفرد دون املأموم‪.‬‬
‫‪ )3‬التحميد ; أي قول ‪ " :‬ربنا ولك احلمد " ‪ ,‬لإلمام واملأموم واملنفرد ‪.‬‬
‫‪ )4‬قول ‪ " :‬سبحان ريب العظيم " ‪ ,‬يف الركوع‪.‬‬
‫‪ )5‬قوله ‪ " :‬سبحان ريب األعلى " ‪ ,‬يف السجود‪.‬‬
‫‪ )6‬قول ‪ " :‬رب اغفر يل " ‪ ,‬بني السجدتني‪.‬‬
‫‪ )٩‬التشهد األول ‪ ,‬وهو أن يقول ‪ " :‬التحيات هلل والصلوات والطيبات ‪ ,‬السالم عليك أيها النيب ورمحة هللا وبركاته ‪ ,‬السالم‬
‫علينا وعلى عباد هللا الصاحلني ‪ ,‬أشهد أن ال إله إال هللا ‪ ,‬وأشهد أن حممدا عبده ورسوله "‪.‬‬
‫‪ )٤‬اجللوس للتشهد األول ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬سنن الصالة ال تبطل الصالة برتكه ‪:‬‬
‫أنواع السنن‪:‬‬
‫‪ ‬النوع األول ‪:‬سنن األقوال ‪ ,‬وهي كثرية ; منها ‪ :‬االستفتاح ‪ ,‬والتعوذ ‪ ,‬والبسملة ‪ ,‬والتأمني ‪ ,‬والقراءة بعد الفاحتة مبا تيسر من‬
‫القرآن يف صالة الفجر وصالة اجلمعة والعيد وصالة الكسوف والركعتني األوليني من املغرب والعشاء والظهر والعصر ‪.‬‬

‫‪03‬‬
‫ومن سنن األقوال قول‪ " :‬ال لهم إين أعوذ بك من عذاب جهنم ‪ ,‬ومن عذاب القرب ‪ ,‬ومن فتنة احمليا واملمات ‪ ,‬ومن فتنة‬
‫املسيح الدجال " ‪ ,‬وما زاد على ذلك من الدعاء يف التشهد األخري ‪.‬‬
‫‪ ‬النوع الثاين ‪ :‬سنن األفعال ; كرفع اليدين عند تكبرية اإلحرام ‪ ,‬وعند اهلوي إىل الركوع ‪ ,‬وعند الرفع منه ‪ ,‬ووضع اليد اليمىن‬
‫على اليسرى ‪ ,‬ووضعهما على صدره‪ ,‬والنظر إىل موضع سجوده ‪ ,‬ووضع اليدين على الركبتني يف الركوع ‪ ,‬وجمافاة بطنه عن‬
‫فخذيه وفخذيه عن ساقيه يف السجود ‪ ,‬ومد ظهره يف الركوع معتدال ‪ ,‬وجعل رأسه حياله ; فال خيفضه وال يرفعه ‪ ,‬ومتكني‬
‫جبهته وأنفه وبقية األعضاء من موضع السجود وهذه السنن ال يلزم اإلتيان هبا يف الصالة ‪ ,‬بل من فعلها أو شيئا منها ; فله‬
‫زيادة أجر ‪ ,‬ومن تركها أو بعضها ; فال حرج عليه‪.‬‬
‫باب يف بيان ما يكره يف الصالة‬
‫‪ )1‬يكره يف الصالة االلتفات بوجهه وصدره إال أن يكون ذلك حلاجة فال بأس به‪ .‬فإن استدار جبميع بدنه ‪ ,‬أو استدبر الكعبة‬
‫يف غري حالة اخلوف ; بطلت صالته ; لرتكه االستقبال بال عذر ‪.‬‬
‫‪ )2‬رفع بصره إىل السماء ينبغي أن يكون نظر املصلي إىل موضع سجوده ‪.‬‬
‫‪ )3‬ويكره تغميض عينيه لغري حاجة‪.‬‬
‫‪ )4‬ويكره يف الصالة إقعاؤه يف اجللوس ‪.‬‬
‫‪ )5‬أن يستند إىل جدار وحنوه حال القيام‪.‬‬
‫‪ )6‬افرتاش ذراعيه حال السجود‪.‬‬
‫‪ )٩‬ويكره يف الصالة العبث وعمل ما ال فائدة فيه بيد أو رجل أو حلية أو ثوب‪.‬‬
‫‪ )٤‬ويكره يف الصالة التخصر ‪ ,‬وهو وضع اليد على اخلاصرة‪.‬‬
‫‪ )٧‬ويكره يف الصالة فرقعة أصابعه وتشبيكها ‪.‬‬
‫ويكره أن يصلي وبني يديه ما يشغله ويلهيه‪.‬‬
‫وتكره الصالة يف مكان فيه تصاوير ‪.‬‬
‫ويكره أن يدخل وهو مشوش الفكر بسبب وجود شيء يضايقه ; كاحتباس بول ‪ ,‬أو غائط‪ ,‬أو ريح ‪ ,‬أو حالة برد‬ ‫‪)11‬‬
‫أو حر شديدين ‪ ,‬أو جوع أو عطش مفرطني‪.‬‬
‫يكره دخوله يف الصالة بعد حضور طعام يشتهيه‪.‬‬ ‫‪)11‬‬
‫ويكره للمصلي أن خيص جبهته مبا يسجد عليه ‪.‬‬ ‫‪)12‬‬
‫ويكره يف الصالة مسح جبهته وأنفه مما علق هبما من أثر السجود‪.‬‬ ‫‪)13‬‬
‫باب يف بيان ما يستحب أو يباح فعله يف الصالة‬
‫‪ )1‬يسن للمصلي رد املار من أمامه قريبا منه‪ .‬لكن إذا كان أمام املصلي سرتة فال بأس أن مير من ورائها ‪ ,‬وكذا إذا احتاج إىل املرور‬
‫لضيق املكان ; فيمر ‪ ,‬وال يرده املصلي ‪ ,‬وكذا إذا كان يصلي يف احلرم‪ .‬وينبغي أن تكون السرتة قائمة قدر ذراع ‪ .‬وإن كان يف‬
‫صحراء ; صلى إىل شيء شاخص من شجر أو حجر أو عصا‪.‬‬
‫‪ )2‬وإذا التبست القراءة على اإلمام ; فللمأموم أن يسمعه القراءة الصحيحة ‪.‬‬
‫‪ )3‬ويباح للمصلي لبس الثوب وحنوه ‪ ,‬ومحل شيء ووضعه ‪ ,‬وفتح الباب ‪ ,‬وله قتل حية وعقرب فإن أكثر منها من غري ضرورة ‪,‬‬
‫وكانت متوالية ; أبطلت الصالة‪.‬‬
‫‪ )4‬وإذا عرض للمصلي أمر ; كاستئذان عليه ‪ ,‬أو سهو إمامه ‪ ,‬أو خاف على إنسان الوقوع يف هلكة ‪ ,‬فله التنبيه على ذلك ; بأن‬
‫يسبح الرجل وتصفق املرأة‪.‬‬
‫‪ )5‬وال يكره السالم على املصلي إذا كان يعرف كيف يرد ‪ ,‬وللمصلي حينئذ رد السالم يف حال الصالة باإلشارة ال باللفظ‪.‬‬
‫‪ )6‬وجيوز للمصلي أن يقرأ عدة سور يف ركعة واحدة‪.‬‬

‫‪04‬‬
‫باب السجود للسهو‬
‫يشرع سجود السهو ألحد ثالثة أمور‬
‫أوال ‪ :‬إذا زاد يف الصالة سهوا ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬إذا نقص منها سهوا ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬إذا حصل عنده شك يف زيادة أو نقص ‪.‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬وهي إما زيادة أفعال أو زيادة أقوال ‪:‬‬
‫‪ )1‬فزيادة األفعـال إذا كانت زيادة من جنس الصالة ; كالقيام يف حمل القعود ‪ ,‬والقعود يف حمل القيام ‪ ,‬أو زاد ركوعا أو سجودا‬
‫وكذا لو زاد ركعة سهوا‪ ,‬أما إن علم يف أثناء الركعة الزائدة ; فإنه جيلس يف احلال ‪ ,‬ويتشهد إن مل يكن تشهد ‪ ,‬مث يسجد‬
‫للسهو ويسلم ‪.‬وإن كان إماما ; لزم من املأمومني تنبيهه بأن يسبح الرجال وتصفق النساء‪.‬‬
‫‪ )2‬وأما زيادة األقوال ; كالقراءة يف الركوع والسجود ‪ ,‬وقراءة سورة يف الركعتني األخريتني من الرباعية والثالثة من املغرب‪,‬‬
‫استحب له السجود للسهو ‪.‬‬
‫أما احلالة الثانية‪ :‬وهي ما نقص من الصالة سهوا ‪:‬‬
‫بأن ترك ركنا ‪ ,‬وكان هذا الركن تكبرية اإلحرام ; مل تنعقد صالته ‪ ,‬وال يغين عنه سجود السهو ‪ .‬وإن كان كركوع أو سجود ‪ ,‬وذكر‬
‫هذا املرتوك قبل شروعه يف قراءة ركعة أخرى‪ ,‬فيأيت به ومبا بعده ‪ ,‬وإن ذكره بعد شروعه يف قراءة ركعة أخرى ‪ ,‬بطلت الركعة اليت تركه‬
‫منها ‪ ,‬وقامت الركعة اليت تليها مقامها‪.‬‬
‫‪ )1‬وإن مل يعلم بالركن املرتوك إال بعد السالم ‪ ,‬فإنه يعتربه كرتك ركعة كاملة ‪ ,‬فإن مل يطل الفصل ‪ ,‬وهو باق على طهارته ; أتى‬
‫بركعة كاملة ‪ ,‬وسجد للسهو ‪ ,‬وسلم ‪ ,‬وإن طال الفصل ‪ ,‬أو انتقض وضوؤه ; استأنف الصالة من جديد‪.‬‬
‫‪ )2‬وإن نسي التشهد األول ‪ ,‬وقام لزمه الرجوع لإلتيان بالتشهد ; ما مل يستتم قائما ألنه تلبس بركن آخر ; فال يقطعه ويسجد‬
‫للسهو‪.‬‬
‫‪ )3‬وإن ترك التسبيح يف الركوع أو السجود ; لزمه الرجوع لإلتيان به ; ما مل يعتدل قائما يف الركعة األخرى ‪ ,‬ويسجد للسهو يف كل‬
‫هذه احلاالت ‪.‬‬
‫احلالة الثالثة‪ :‬وهي حالة الشك يف الصالة ‪:‬‬
‫فإن شك يف عدد الركعات يبين على األقل ‪ ,‬ألنه املتيقن ‪ ,‬مث يسجد للسهو قبل السالم‪.‬‬
‫‪ ‬وإن شك املأموم أدخل مع اإلمام يف األوىل أو يف الثانية ‪ ,‬جعله يف الثانية ‪ ,‬أو شك هل أدرك الركعة أو ال ; مل يعتد بتلك‬
‫الركعة ‪ ,‬ويسجد للسهو ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن شك يف ترك ركن ; فكما لو تركه‪ .‬وإن شك يف ترك واجب ; مل يعترب هذا الشك ‪ ,‬وال يسجد للسهو ‪ ,‬وكذا لو شك يف‬
‫زيادة ; مل يلتفت إىل هذا الشك ‪ ,‬ألن األصل عدم الزيادة ‪.‬‬
‫باب صالة التطوع‬
‫أنواع صلوات التطوع ‪:‬‬
‫‪ ‬النوع األول ‪ :‬صلوات مؤقتة بأوقات معينة ‪ ,‬وتسمى بالنوافل املقيدة ‪.‬‬
‫‪ ‬والنوع الثاين ‪ :‬صلوات خمصصة كصالة الكسوف ‪,‬صالة االستسقاء ‪ ,‬صالة الرتاويح‪.‬‬
‫باب يف صالة الوتر وأحكامها‬
‫‪ ‬مشروعيته‪ :‬اتفق املسلمون على مشروعية الوتر ‪ ,‬فال ينبغي تركه ‪ ,‬ومن أصر على تركه ; فإنه ترد شهادته ‪.‬‬
‫‪ ‬والوتر ‪ :‬اسم للركعة املنفصلة عما قبلها‪.‬‬
‫ووقت الوتر‪ :‬يبدأ من بعد صالة العشاء اآلخرة ويستمر إىل طلوع الفجر ‪.‬‬
‫‪ ‬كيفيته‪ :‬وأقل الوتر ركعة واحدة‪ ,‬وأكثر الوتر إحدى عشرة ركعة ‪ ,‬أو ثالث عشرة ركعة ‪ ,‬يصليها ركعتني ركعتني ‪ ,‬مث يصلي ركعة‬
‫واحدة يوتر هبا‪ ,‬ويستحب القنوت بعد الركوع‪.‬‬

‫‪05‬‬
‫باب صالة الرتاويح وأحكامها‬
‫‪ ‬مشروعيتها‪ :‬وهى سنة مؤكدة ‪ ,‬مسيت تراويح ألن الناس كانوا يسرتحيون فيها بني كل أربع ركعات ‪ ,‬ألهنم كانوا يطيلون‬
‫الصالة ‪ ,‬وفِعلها مجاعة يف املسجد أفضل‪.‬‬
‫‪ ‬كيفيتها‪ :‬عدد ركعاهتا ‪ ,‬فلم يثبت فيه شيء عن النيب ^‪ ,‬واألمر يف ذلك واسع‪.‬‬
‫باب يف السنن الراتبة مع الفرائض‬
‫مجلة السنن الرواتب عشر ركعات ‪ ,‬وبياهنا كالتايل ‪:‬‬
‫‪ ‬وركعتان بعد العشاء ‪.‬‬ ‫‪ ‬ركعتان قبل الظهر‪.‬‬
‫‪ ‬وركعتان قبل صالة الفجر بعد طلوع الفجر‪.‬‬ ‫‪ ‬وركعتان بعد الظهر ‪.‬‬
‫‪ ‬وركعتان بعد املغرب ‪.‬‬
‫‪ ‬و آكد هذه الرواتب ركعتا الفجر‪ ,‬والسنه ختفيف ركعيت الفجر ‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا فاتك شيء من هذه السنن الرواتب ‪ ,‬فإنه يسن لك قضاؤه ‪ ,‬وكذا إذا فاتك الوتر من الليل ‪ ,‬فإنه يسن لك قضاؤه يف‬
‫النهار ‪.‬‬
‫باب يف صالة الضحى‬
‫‪ ‬أقل صالة الضحى ركعتان‪ ,‬وأكثرها مثان ركعات‬
‫‪ ‬وقت صالة الضحى يبتدئ من ارتفاع الشمس بعد طلوعها قدر رمح ‪ ,‬وميتد إىل قبيل الزوال‪ ,‬واألفضل أن يصلي إذا اشتد‬
‫احلر‪.‬‬
‫باب يف سجود التالوة‬
‫تعريفه‪ :‬هو سجود شرعه هللا ورسوله عبودية عند تالوة اآليات معينة واستماعها‪.‬‬
‫حكمها‪ :‬يسن سجود التالوة للقارئ واملستمع وهو الذي يقصد االستماع للقراءة ‪.‬‬
‫مواضعها‪ :‬سجدات التالوة والقرآن ; يف ‪ :‬األعراف ‪ ,‬والرعد ‪ ,‬والنحل ‪ ,‬واإلسراء ‪ ,‬ومرمي ‪ ,‬واحلج ‪ ,‬والفرقان ‪ ,‬والنمل السجدة ‪,‬‬
‫والنجم ‪ ,‬واالنشقاق ‪ ,‬ويف سجدة ( ص ) خالف بني العلماء‪.‬‬
‫كيفيتها‪ :‬يكرب إذا سجد للتالوة‪ ,‬ويقول يف سجوده ‪ " :‬سبحان ريب األعلى "‪.‬‬
‫باب يف التطوع املطلق‬
‫فالتطوع املطلق أفضله قيام الليل ; ألنه أبلغ يف اإلسرار ‪ ,‬وأقرب إىل اإلخالص‪ .‬ويستحب التنفل بالصالة يف مجيع األوقات ; غري‬
‫أوقات النهي ‪ ,‬وصالة الليل أفضل من صالة النهار‪.‬‬
‫كيفيته‪:‬‬
‫‪ ‬ويستحب أن يفتتح هتجده بركعتني خفيفتني‪.‬‬
‫‪ ‬ويسلم يف صالة الليل من كل ركعتني‪.‬‬
‫‪ ‬وينبغي إطالة القيام والركوع والسجود ‪.‬‬
‫‪ ‬وينبغي أن يكون هتجده يف بيته‪.‬‬
‫‪ ‬وصالة النافلة قائما أفضل من الصالة قاعدا بال عذر‪.‬‬
‫‪ ‬وأما من صلى النافلة قاعدا لعذر ; فأجره كأجر القائم ‪.‬‬
‫‪ ‬وخيتم صالته بالوتر‪.‬‬
‫‪ )1‬ومن فاته هتجده من الليل ; استحب له قضاؤه قبل الظهر‪.‬‬
‫باب يف األوقات املنهي عن الصالة فيه‬
‫األول ‪ :‬من طلوع الفجر الثاين إىل طلوع الشمس‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬من طلوع الشمس حىت ترتفع قدر رمح يف رأي العني ‪.‬‬
‫والثالث ‪ :‬عند قيام الشمس حىت تزول‪.‬‬

‫‪06‬‬
‫والرابع ‪ :‬من صالة العصر إىل غروب الشمس‪.‬‬
‫واخلامس ‪ :‬إذا شرعت الشمس يف الغروب حىت تغيب ‪.‬‬
‫‪ )2‬جيوز قضاء الفرائض الفائتة يف هذه األوقات‪ .‬جيوز أيضا فعل ركعيت الطواف يف هذه األوقات وذوات األسباب من الصلوات ;‬
‫كصالة اجلنازة ‪ ,‬وحتية املسجد ‪ ,‬وصالة الكسوف ‪.‬وجيوز قضاء سنة الفجر بعد صالة الفجر ‪ ,‬وكذا جيوز أن يقضي سنة الظهر‬
‫بعد العصر‪.‬‬
‫باب يف وجوب صالة اجلماعة وفضلها‬
‫‪ ‬اتفق املسلمون على أن أداء الصلوات اخلمس يف املساجد من آكد الطاعات وأعظم القربات‪.‬‬
‫حكم املتخلف عن صالة اجلماعة وما تنعقد به صالة اجلماعة‬
‫له حالتان ‪:‬‬
‫احلالة األوىل ‪ :‬أن يكون معذورا يف ختلفه ملرض أو خوف‪.‬‬
‫احلالة الثانية ‪ :‬أن يكون ختالفه عن الصالة مع اجلماعة لغري عذر ; فهذا خيسر أجرا عظيما وثوابا جزيال‪ ,‬ألن صالة اجلماعة أفضل‬
‫من صالة املنفرد بسبع وعشرين درجة ‪.‬‬
‫باب يف األحكام اليت تتعلق باملسبوق‬
‫‪ o‬ال يدرك صالة اجلماعة ; إال بإدراك ركعة ‪ ,‬فإن أدرك أقل من ذلك ; مل يكن مدركا للجماعة ‪ ,‬لكن يدخل مع اإلمام فيما أدرك‬
‫‪ ,‬وله بنيته أجر اجلماعة‪.‬‬
‫‪ o‬وتدرك الركعة بإدراك الركوع على الصحيح فإذا أدرك اإلمام راكعا فإنه يكرب تكبرية اإلحرام قائما ‪ ,‬مث يركع معه بتكبرية ثانية ‪ ,‬هذا‬
‫هو األفضل ‪ ,‬وإن اقتصر على تكبرية اإلحرام ; أجزأته عن تكبرية الركوع ; فتكبرية اإلحرام ‪ ,‬ال بد من اإلتيان هبا وهو قائم ‪.‬‬
‫‪ o‬وإذا وجد املسبوق اإلمام على أي حال من الصالة دخل معه ‪.‬‬
‫‪ o‬فإذا سلم اإلمام التسليمة الثانية ; قام املسبوق ليأيت مبا فاته من الصالة‪.‬‬
‫‪ o‬وما أدرك املسبوق مع إمامه ; فهو أول صالته على القول الصحيح ‪.‬‬
‫‪ o‬وإذا كانت الصالة جهرية ; وجب على املأموم أن يستمع لقراءة اإلمام ‪ ,‬وال جيوز له أن يقرأ وإمامه يقرأ ‪.‬‬
‫‪ o‬ومن أحكام صالة اجلماعة املهمة وجوب اقتداء املأموم باإلمام باملتابعة التامة له ‪ ,‬وحترمي مسابقته‬
‫باب يف حكم حضور النساء إىل املساجد‬
‫‪ ‬مسح هلا باحلضور إىل املساجد للمشاركة يف اخلري من صالة اجلماعة وحضور جمالس الذكر مع االحتشام والتزام االحتياطات‬
‫اليت تبعدها عن الفتنة وحتفظ هلا كرامتها ‪.‬‬
‫‪ ‬فإذا استأذنت إىل املسجد ; ك ِره منعها ‪.‬‬
‫‪ ‬وأمجع املسلمون على أن صالة املرأة يف بيتها خري هلا من الصالة يف املسجد‪.‬‬
‫باب يف بيان أحكام اإلمامة‬
‫شروط األوىل باإلمامة‪:‬‬
‫‪ ‬األجود قراءة لكتاب هللا تعاىل ‪.‬‬
‫‪ ‬األفقه‪.‬‬
‫‪ ‬األقدم هجرة‪.‬‬
‫‪ ‬األكرب سنا‪.‬‬
‫‪ )1‬وهناك اعتبارات يقدم أصحاهبا يف اإلمامة‪ ,‬وهي ‪:‬‬
‫‪ .1‬أوال ‪:‬إمام املسجد الراتب إذا كان أهال لإلمامة ; مل جيز أن يتقدم عليه غريه‪.‬‬
‫‪ .2‬ثانيا ‪:‬صاحب البيت إذا كان يصلح لإلمامة‪.‬‬
‫‪ .3‬ثالثا ‪:‬السلطان ‪ ,‬وهو اإلمام األعظم أو نائبه‪.‬‬

‫‪07‬‬
‫باب يف من ال تصح إمامته يف الصالة‬
‫‪ ‬الفاسق‪ :‬هو من خرج عن حد االستقامة بارتكاب كبرية من كبائر الذنوب اليت هي دون الشرك‪.‬‬
‫أنواع الفسق‪:‬‬
‫‪ )1‬فالفسق العملي ‪ :‬كارتكاب فاحشة الزىن ‪ ,‬والسرقة ‪ ,‬وشرب اخلمر وحنو ذلك ‪.‬‬
‫‪ )2‬والفسق االعتقادي ‪ :‬كالرفض ‪ ,‬واالعتزال ‪.‬فال جيوز تولية إمامة الصالة الفاسق ‪.‬‬
‫‪ ‬العاجز عن ركوع أو سجود أو قعود‪.‬‬
‫‪ ‬من حدثه دائم ; كمن به سلس أو خروج ريح إال مبن هو مثله يف هذه اآلفة‪.‬‬
‫‪ ‬احملدث أو املتنجس ببدنه أو ثوبه أو بقعته ‪ ,‬وإن مل يكونا يعلمان بتلك النجاسة أو احلدث حىت فرغ من الصالة ; صحت‬
‫صالة املأموم دون اإلمام‪.‬‬
‫‪ ‬األمي من ال حيفظ سورة الفاحتة أو حيفظها ولكن ال حيسن قراءهتا‪.‬‬
‫‪ ‬ويكره أن يؤم الرجل قوما أكثرهم يكرهه حبق ‪.‬‬
‫باب يف ما يشرع لإلمام يف الصالة‬
‫‪ ‬اإلمام عليه مسئولية عظمى ‪ ,‬وهو ضامن ‪ ,‬وله اخلري الكثري إن أحسن ‪ ,‬وفضل اإلمامة مشهور‪.‬‬
‫‪ ‬ومن علم من نفسه الكفاءة ; فال مانع من طلبه لإلمامة ‪.‬‬
‫‪ ‬وينبغي ملن توىل اإلمامة أن يهتم بشأهنا ‪ ,‬وأن يوفيها حقها ما استطاع ‪ ,‬ويراعي حالة املأمومني ‪ ,‬ويقدر ظروفهم ‪ ,‬ويتجنب‬
‫إحراجهم ‪ ,‬ويرغبهم وال ينفرهم‪.‬‬
‫‪ ‬ويكره أن خيفف اإلمام ختفيفا ال يتمكن معه املأموم من اإلتيان باملسنون‪.‬‬
‫‪ ‬ويسن أن يرتل القراءة ‪ ,‬ويتمهل يف التسبيح والتشهد بقدر ما يتمكن من خلفه من اإلتيان باملسنون من التسبيح وحنوه ‪ ,‬وأن‬
‫يتمكن من ركوعه وسجوده ‪.‬‬
‫‪ ‬ويسن لإلمام أن يطيل الركعة األوىل ‪.‬‬
‫‪ ‬ويستحب لإلمام إذا أحس بداخل وهو يف الركوع أن يطيل حىت يلحقه الداخل فيه ويدرك الركعة ‪.‬‬
‫باب يف صالة أهل األعذار‬
‫أهل األعذار هم املرضى واملسا فرون واخلائفون الذين ال يتمكنون من أداء الصالة على الصفة اليت يؤديها غري املعذور ‪ ,‬فقد‬
‫خفف الشارع عنهم ‪ ,‬وطلب منهم أن يصلوا حسب استطاعتهم‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬صالة املريض‬
‫‪ ‬يلزمه أن يؤدي الصالة قائما ‪ ,‬وإن احتاج إىل عصا; فال بأس‪.‬‬
‫‪ ‬فإن مل يستطع القيام صلى قاعدا ‪.‬‬
‫‪ ‬فإن مل يستطع قاعدا صلى على جنبه ‪ ,‬ويكون وجهه إىل القبلة ‪.‬‬
‫‪ ‬فإذا مل يستطع على جنبه صلى على ظهره ‪ ,‬وتكون رجاله إىل القبلة‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا صلى املريض قاعدا ‪ ,‬وال يستطيع السجود فإنه يومئ برأسه للركوع والسجود ‪ ,‬وجيعل اإلمياء للسجود أخفض من‬
‫اإلمياء للركوع ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬صالة الراكب‬
‫‪ ‬الراكب إذا كان يتأذى بنزوله بوحل أو مطر ‪ ,‬أو يعجز عن الركوب مرة أخرى إذا نزل ‪ ,‬أو خيشى فوات رفقته إذا نزل ‪ ,‬أو خياف‬
‫على نفسه إذا نزل من عدو أو سبع ‪.‬‬
‫‪ ‬وجيب على من يصلي على مركوبه أن يستقبل القبلة إن استطاع‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬صالة املسافر‬
‫‪ ‬يشرع له قصر الصالة الرباعية من أربع إىل ركعتني‪.‬‬
‫‪ ‬ويبدأ القصر خبروج املسافر من عامر بلده‪.‬‬

‫‪08‬‬
‫‪ ‬ويقصر املسافر الصالة ‪ ,‬ولو كان يتكرر سفره ‪ ,‬كصاحب الربيد وسيارة األجرة‪.‬‬
‫‪ ‬وجيوز للمسافر اجلمع بني الظهر والعصر ‪ ,‬واجلمع بني املغرب والعشاء ; يف وقت أحدمها ; فكل مسافر جيوز له القصر ‪ ,‬فإنه‬
‫جيوز له اجلمع‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا نزل املسافر يف أثناء سفره للراحة ; فاألفضل له أن يصلي كل صالة يف وقتها قصرا بال مجع‪.‬‬
‫‪ ‬ويباح اجلمع بني الظهر والعصر وبني املغرب والعشاء للمريض الذي يلحقه برتك اجلمع مشقة ‪.‬‬
‫‪ ‬ويباح اجلمع بني املغرب والعشاء خاصة حلصول مطر يبل الثياب ‪ ,‬وتوجد معه مشقة‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬صالة اخلوف‬
‫‪ ‬تشرع صالة اخلوف يف كل قتال مباح ; كقتال الكفار والبغاة واحملاربني ‪.‬‬
‫‪ ‬وتفعل صالة اخلوف عند احلاجة إليها سفرا وحضرا ‪ ,‬إذا خيف هجوم العدو على املسلمني‪.‬‬
‫‪ ‬وتشرع صالة اخلوف بشرطني ‪:‬‬
‫‪ ‬الشرط األول ‪ :‬أن يكون العدو حيل قتاله‪.‬‬
‫‪ ‬الشرط الثاين ‪ :‬أن خياف هجومه على املسلمني حال الصالة ‪.‬‬
‫باب يف أحكام صالة اجلمعة‬
‫تعريفها ‪ :‬صالة اجلمعة ركعتان باإلمجاع ‪ ,‬جيهر فيهما بالقراءة ‪ ,‬ويسن أن يقرأ يف الركعة األوىل منهما بسورة اجلمعة بعد الفاحتة ‪,‬‬
‫ويقرأ يف الركعة الثانية بعد الفاحتة بسورة املنافقني‪.‬‬
‫حكمها‪ :‬صالة اجلمعة فرض عني على كل مسلم ذكر حر مكلف مستوطن‪ ,‬وال جتب اجلمعة على مسافر سفرا يستوجب القصر‪,‬‬
‫ومن خرج إىل الرب يف نزهة أو غريها ‪ ,‬ومل يكن حوله مسجد تقام فيه اجلمعة ‪ ,‬فال مجعة عليه ‪ ,‬ويصلي ظهرا‪ ,‬وال جتب اجلمعة على‬
‫املرأة‪.‬‬
‫من شروط صالة اجلمعة‪:‬‬
‫‪ o‬دخول الوقت ; ألهنا صالة مفروضة‪.‬‬
‫‪ o‬أن يكون املصلون مستوطنني مبساكن مبنية‪.‬‬
‫‪ o‬تقدم خبطبتني ‪.‬‬
‫من سنن اجلمعة‪:‬‬
‫‪ .1‬التبكري يف الذهاب إىل املسجد يوم اجلمعة‪ ,‬واألحقية يف املكان للسابق باحلضور بنفسه‪.‬‬
‫‪ .2‬التنفل بزيادة صلوات ; ألن السلف كانوا يبكرون ويصلون حىت خيرج اإلمام‪.‬‬
‫‪ .3‬أن خيطب على منرب‪.‬‬
‫‪ .4‬أن يسلم اخلطيب على املأمومني إذا أقبل عليهم ‪.‬‬
‫‪ .5‬أن جيلس على املنرب إىل فراغ املؤذن ‪.‬‬
‫‪ .6‬أن جيلس بينهما‪.‬‬
‫‪ .٩‬أن خيطب قائما‪.‬‬
‫‪ .٤‬أن يعتمد على عصا وحنوه ‪.‬‬
‫‪ .٧‬أن يقصد تلقاء وجهه ‪.‬‬
‫أن يقصر اخلطبة تقصريا معتدال‪.‬‬ ‫‪.11‬‬
‫أن يدعو للمسلمني مبا فيه صالح دينهم ودنياهم ‪ ,‬ويدعو ووالة أمورهم‪.‬‬ ‫‪.11‬‬
‫أن يؤمن املأموم على دعاء اخلطيب بال رفع صوت وال يديه‪.‬‬ ‫‪.12‬‬
‫ويسن إذا فرغ من اخلطبتني أن تقام الصالة مباشرة‪.‬‬ ‫‪.13‬‬
‫ومن أدرك مع اإلمام من صالة اجلمعة ركعة ; أمتها مجعة‪.‬‬ ‫‪.14‬‬

‫‪09‬‬
‫وإن أدرك أقل من ركعة أمتها ظهرا ‪.‬‬ ‫‪.15‬‬
‫ومن احملظورات‪:‬‬
‫‪ )1‬وإذا عطس فإنه حيمد هللا سرا بينه وبني نفسه ‪.‬‬
‫‪ )2‬من دخل املسجد واإلمام خيطب ; مل جيلس حىت يصلي ركعتني يوجز فيهما‪.‬‬
‫‪ )3‬ال جيوز الكالم واإلمام خيطب ‪.‬‬
‫‪ )4‬وجيوز لإلمام أن يكلم بعض املأمومني حال اخلطبة ‪ ,‬وجيوز لغريه أن يكلمه ملصلحة‪.‬‬
‫‪ )5‬وال جيوز له العبث حال اخلطبة بيد أو رجل أو حلية أو ثوب أو غري ذلك‪.‬‬
‫‪ )6‬ال ينبغي له أن يتلفت ميينا ومشاال ‪ ,‬ويشتغل بالنظر إىل الناس ‪ ,‬أو غري ذلك‪.‬‬
‫‪ )٩‬وجيوز الكالم قبل اخلطبة وبعدها لكن ال ينبغي التحدث بأمور الدنيا ‪.‬‬
‫باب يف أحكام صالة العيدين‬
‫‪ ‬صالة العيدين ‪ -‬عيد الفطر وعيد األضحى ‪ -‬مشروعة بالكتاب والسنة وإمجاع املسلمني‪.‬‬
‫‪ ‬قال جتوز الزيادة على هذين العيدين بإحداث أعياد أخرى ‪.‬‬
‫‪ ‬ويبدأ وقت صالة العيد إذا ارتفعت الشمس بعد طلوعها قدر رمح ‪.‬‬
‫‪ ‬فإن مل يعلم بالعيد إال بعد الزوال ‪ ,‬صلوا من الغد قضاء‪.‬‬
‫‪ ‬ويشرتط لصالة العيد االستيطان ; بأن يكون الذين يقيموهنا مستوطنني يف مساكن مبنية مبا جرت العادة بالبناء به‪.‬‬
‫صفتها‪:‬‬
‫‪ )1‬وصالة العيد ركعتان قبل اخلطبة‪ ,‬وال يشرع هلا أذان وال إقامة ‪.‬‬
‫‪ )2‬ويكرب يف الركعة األوىل بعد تكبرية اإلحرام واالستفتاح وقبل التعوذ والقراءة ست تكبريات مث يستفتح بعدها ; مث يأيت‬
‫بالتكبريات الزوائد الست ‪ ,‬مث يتعوذ عقب التكبرية السادسة ‪ ,‬مث يقرأ ‪.‬‬
‫‪ )3‬ويكرب يف الركعة الثانية قبل القراءة مخس تكبريات غري تكبرية االنتقال‪.‬‬
‫‪ )4‬ويرفع يديه مع كل تكبرية‪.‬‬
‫‪ )5‬وإن شك يف عدد التكبريات ‪ ,‬بىن على اليقني ‪ ,‬وهو األقل ‪.‬‬
‫‪ )6‬وإن نسي التكبري الزائد حىت شرع يف القراءة سقط‪.‬‬
‫‪ )٩‬وإن أدرك املأموم اإلمام بعد الشروع يف القراءة ‪,‬كرب تكبرية اإلحرام وال يقضي التكبريات‪.‬‬
‫‪ )٤‬وصالة العيد ركعتان ‪ ,‬جيهر اإلمام فيهما بالقراءة‪.‬‬
‫‪ )٧‬ويقرأ يف الركعة األوىل بسورة األعلى أو ق‪ ,‬ويقرأ يف الركعة الثانية بسورة الغاشية أو القمر‪.‬‬
‫‪ )11‬فإذا سلم من الصالة ; خطب خطبتني ‪ ,‬جيلس بينهما ‪ .‬وحيثهم يف خطبة عيد الفطر على إخراج صدقة الفطر ‪,‬‬
‫ويبني هلم أحكامها‪ .‬ويرغبهم يف خطبة عيد األضحى يف ذبح األضحية ‪ ,‬ويبني هلم أحكامها‪.‬‬
‫ومن سنن العيد‪:‬‬
‫‪ ‬وينبغي أن تؤدى صالة العيد يف فالة قريبة من البلد‪.‬‬
‫‪ ‬ويسن تقدمي صالة األضحى وتأخري صالة الفطر‪.‬‬
‫‪ ‬ويسن أن يأكل قبل اخلروج لصالة عيد الفطر مترات ‪ ,‬وأن ال يطعم يوم النحر حىت يصلي ‪.‬‬
‫‪ ‬ويسن التبكري يف اخلروج لصالة العيد ‪.‬‬
‫‪ ‬أن يتجمل املسلم لصالة العيد بلبس أحسن الثياب‪.‬‬
‫‪ ‬وينبغي حضور النساء لصالة العيد وينبغي أن توجه إليهن موعظة خاصة ضمن خطبة العيد‪.‬‬
‫‪ ‬ومن أحكام صالة العيد أنه يكره التنفل قبلها وبعدها يف موضعها ‪ ,‬حىت يفارق املصلي ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ ‬ويسن ملن فاتته صالة العيد أو فاته بعضها قضاؤها على صفتها‪.‬‬
‫‪ ‬ويسن يف العيدين التكبري املطلق ‪ ,‬وهو الذي ال يتقيد بوقت ‪ ,‬يرفع به صوته ‪ ,‬إال األنثى ; فال جتهر به ‪ ,‬فيكرب يف ليليت العيدين‬
‫‪ ,‬ويف كل عشر ذي احلجة وجيهر به يف البيوت واألسواق واملساجد ويف كل موضع جيوز فيه ذكر هللا تعاىل ‪ ,‬وجيهر به يف اخلروج‬
‫إىل املصلى ‪.‬‬
‫‪ ‬ويزيد عيد األضحى مبشروعية التكبري املقيد فيه ‪ ,‬وهو التكبري الذي شرع عقب كل صالة يف مجاعة‪.‬‬
‫‪ ‬ويبتدأ التكبري املقيد يف حق غري احملرم من صالة الفجر يوم عرفة إىل عصر آخر أيام التشريق‪.‬‬
‫‪ ‬وصفة التكبري أن يقول ‪ :‬هللا أكرب هللا أكرب ال إله إال هللا ‪ ,‬وهللا أكرب هللا أكرب وهلل احلمد ‪.‬‬
‫‪ ‬وال بأس بتهنئة الناس بعضهم بعضا ; بأن يقول لغريه ‪ :‬تقبل هللا منا ومنك ‪.‬‬
‫باب يف أحكام صالة الكسوف‬
‫‪ ‬صالة الكسوف سنة مؤكدة باتفاق العلماء‪.‬‬
‫‪ ‬ووقت صالة الكسوف من ابتداء الكسوف إىل التجلي‪.‬‬
‫‪ ‬وال تقضى بعد التجلي ; لفوات حملها ‪ ,‬فإن جتلى الكسوف قبل أن يعلموا به ; مل يصلوا له ‪.‬‬
‫وصفة صالة الكسوف‪:‬‬
‫أن يصلي ركعتني جيهر فيهما بالقراءة على الصحيح من قويل العلماء ‪ :‬ويقرأ يف الركعة األوىل الفاحتة وسورة طويلة كسورة‬
‫البقرة أو قدرها ‪ ,‬مث يركع ركوعا طويال ‪ ,‬مث يرفع رأسه ويقول ‪ " :‬مسع هللا ملن محده ‪ ,‬ربنا لك احلمد " ‪ ,‬بعد اعتداله كغريها من‬
‫الصلوات ‪ ,‬مث يقرأ الفاحتة وسورة طويلة دون األوىل بقدر سورة آل عمران ‪ ,‬مث يركع فيطيل الركوع ‪ ,‬وهو دون الركوع األول ‪ ,‬مث يرفع‬
‫رأسه ويقول ‪ " :‬مسع هللا ملن محده ‪ ,‬ربنا ولك احلمد محدا كثريا طيبا مباركا فيه ‪ ,‬ملء السموات وملء األرض وملء ما شئت من‬
‫شيء بعد " مث يسجد سجدتني طويلتني ‪ ,‬وال يطيل اجللوس بني السجدتني ‪ ,‬مث يصلي الركعة الثانية كاألوىل بركوعني طويلني‬
‫وسجودين طويلني مثلما فعل يف الركعة األوىل ‪ ,‬مث يتشهد ويسلم ‪.‬‬
‫ومن سننها‪:‬‬
‫‪ )1‬ويسن أن تصلى يف مجاعة ‪.‬‬
‫‪ )2‬ويسن أن يعظ اإلمام الناس بعد صالة الكسوف ‪ ,‬وحيذرهم من الغفلة واالغرتار باألعمال ‪ ,‬ويأمرهم باإلكثار من الدعاء‬
‫واالستغفار‪.‬‬
‫‪ )3‬فإن انتهت الصالة قبل أن ينجلي الكسوف ‪ ,‬ذكر هللا ودعاه حىت ينجلي ‪ ,‬وال يعيد الصالة ‪ ,‬وإن اجنلى الكسوف وهو يف‬
‫الصالة ; أمتها خفيفة ‪ ,‬وال يقطعها‪.‬‬
‫باب يف أحكام صالة االستسقاء‬
‫تعريف االستسقاء‪ :‬هو طلب السقي من هللا تعاىل‪.‬‬
‫وقتها‪ :‬إذا أجدبت األرض ‪ -‬أي ‪ :‬أحملت ‪ -‬واحنبس املطر وأضر ذلك هبم‪.‬‬
‫وحكمها‪ :‬سنة مؤكدة ‪.‬‬
‫وصفتها‪ :‬يف موضعها وأحكامها كصالة العيد ; فيستحب فعلها يف املصلى كصالة العيد‪.‬‬
‫ومن سننها‪ :‬أن يستقبل القبلة يف آخر الدعاء ‪ ,‬وحيول رداءه ; فيجعل اليمني على الشمال والشمال على اليمني ‪ ,‬وإذا نزل املطر‬
‫يسن أن يقف يف أوله ليصيبه منه ويقول ‪ :‬اللهم صيبا نافعا ‪ ,‬ويقول ‪ :‬مطرنا بفضل هللا ورمحته ‪ ,‬وإذا زادت املياه سن أن يقول ‪:‬‬
‫اللهم حوالينا وال علينا‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫باب يف أحكام اجلنائز‬
‫يسن اإلكثار من ذكر املوت واالستعداد له بالتوبة من املعاصي ورد املظامل إىل أصحاهبا ‪ ,‬واملبادرة باألعمال الصاحلة قبل قدوم املوت‬
‫على غرة ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬أحكام املريض واحملتضر‪:‬‬
‫‪ ‬ال بأس بالتداوي باألدوية املباحة‪.‬‬
‫‪ ‬وال جيوز التداوي مبحرم ‪.‬‬
‫‪ ‬وكذلك حيرم التداوي مبا ميس العقيدة ‪ ,‬من تعليق التمائم املشتملة على ألفاظ شركية أو أمساء جمهولة أو طالسم أو خرز أو‬
‫خيوط أو قالئد أو حلق تلبس على العضد أو الذراع أو غريه ‪ ,‬يعتقد فيها الشفاء ودفع العني والبالء‪.‬‬
‫‪ ‬وتسن عيادة املرضى‪.‬‬
‫‪ ‬ويسن للمريض أن يوصي بشيء من ماله يف أعمال اخلري‪.‬‬
‫‪ ‬وجيب أن يوصي مباله وما عليه من الديون وما عنده من الودائع‪.‬‬
‫‪ ‬وحيسن املريض ظنه باهلل‪.‬‬
‫‪ ‬وحيسن ملن حيضره تأميله يف رمحة هللا ‪ ,‬ويغلب يف هذه احلالة جانب الرجاء على جانب اخلوف‪.‬‬
‫‪ ‬فإذا احتضر املريض ‪ ,‬فإنه يسن ملن حضره أن يلقنه ال إله إال هللا‪.‬‬
‫‪ ‬ويسن أن يوجه إىل القبلة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أحكام الوفاة‬
‫‪ ‬ويستحب إذا مات امليت تغميض عينيه ‪.‬‬
‫‪ ‬ويسن سرت امليت بعد وفاته بثوب‪.‬‬
‫‪ ‬وينبغي اإلسراع يف جتهيزه إذا حتقق موته ‪.‬‬
‫‪ ‬ويباح اإلعالم مبوت املسلم ‪ ,‬للمبادرة لتهيئته ‪ ,‬وحضور جنازته ‪ ,‬والصالة عليه ‪ ,‬والدعاء له‪.‬‬
‫‪ ‬ويستحب اإلسراع بتنفيذ وصيته‪.‬‬
‫‪ ‬وجيب اإلسراع بقضاء ديونه‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬تغسيل امليت‬
‫‪ ‬ومن أحكام اجلنازة وجوب تغسيل امليت على من علم به وأمكنه تغسيله‪.‬‬
‫‪ ‬والرجل يغسله الرجل ‪ ,‬واألوىل واألفضل أن خيتار لتغسيل امليت ثقة عارف بأحكام التغسيل‪.‬‬
‫‪ ‬واملرأة تغسلها النساء ‪ ,‬واألوىل بتغسيل املرأة امليتة وصيتها‪.‬‬
‫‪ ‬ولكل من الرجال والنساء غسل من له دون سبع سنني ذكرا كان أو أنثى وليس المرأة غسل ابن سبع سنني فأكثر‪.‬‬
‫‪ ‬وال جيوز ملسلم أن يغسل كافرا أو حيمل جنازته أو يكفنه أو يصلي عليه أو يتبع جنازته‬
‫‪ ‬ويشرتط أن يكون املاء الذي يغسل به طهورا مباحا ‪ ,‬واألفضل أن يكون باردا‪.‬‬
‫‪ ‬ويكون التغسيل يف مكان مستور عن‪.‬‬
‫‪ ‬ويسرت ما بني سرة امليت وركبته وجوبا قبل التغسيل‪.‬‬
‫‪ ‬وحيضر التغسيل الغاسل ومن يعينه على الغسل ‪ ,‬ويكره لغريهم حضوره ‪.‬‬
‫‪ ‬ويكون التغسيل بأن يرفع الغاسل رأس امليت إىل قرب جلوسه ‪ ,‬مث مير يده على بطنه ويعصره برفق ‪ ,‬ليخرج منه ما هو‬
‫مستعد للخروج ‪ ,‬ويكثر صب املاء حينئذ ‪ ,‬ليذهب باخلارج ‪ ,‬مث يلف الغاسل على يده خرقة خشنة ‪ ,‬فينجي امليت ‪,‬‬
‫وينقي املخرج باملاء ‪ ,‬مث ينوي التغسيل ‪ ,‬ويسمي ‪ ,‬ويوضئه كوضوء الصالة‪.‬‬
‫‪ ‬والواجب غسله واحدة إن حصل اإلنقاء‪.‬‬
‫‪ ‬مث ينشف امليت بثوب ‪ ,‬ويقص شارب ه ‪ ,‬وتقلم أظافره إن طالت ‪ ,‬ويؤخذ شعر إبطيه ‪ ,‬وجيعل املأخوذ معه يف الكفن ‪,‬‬
‫ويضفر شعر رأس املرأة ثالثة قرون ‪ ,‬ويسدل من ورائها ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫رابعا ‪ :‬أحكام التكفني‬
‫‪ ‬يشرتط يف الكفن أن يكون ساترا ‪ ,‬يستحب أن يكون أبيض نظيفا ‪.‬‬
‫‪ ‬ومقدار الكفن الواجب ثوب يسرت مجيع امليت ‪ ,‬واملستحب تكفني الرجل يف ثالث لفائف ‪ ,‬وتكفني املرأة يف مخسة أثواب‬
‫‪ ,‬إزار ومخار وقميص ولفافتني ‪ ,‬ويكفن الصغري يف ثوب واحد‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬أحكام الصالة على امليت‬
‫‪ ‬الصالة على امليت فرض كفاية‪.‬‬
‫‪ ‬ويشرتط النية ‪ ,‬واستقبال القبلة ‪ ,‬وسرت العورة ‪ ,‬وطهارة املصلي واملصلى عليه واجتناب النجاسة ‪ ,‬وإسالم املصلي واملصلى‬
‫عليه‪.‬‬
‫‪ ‬وأما أركاهنا ‪ ,‬فهي ‪ :‬القيام فيها ‪ ,‬والتكبريات األربع ‪ ,‬وقراءة الفاحتة ‪ ,‬والصالة على النيب صلى هللا عليه وسلم ‪ ,‬والدعاء‬
‫للميت والرتتيب ‪ ,‬والتسليم ‪.‬‬
‫‪ ‬وأما سننها ‪ ,‬فهي ‪ :‬رفع اليدين مع كل تكبرية ‪ ,‬و االستعاذة قبل القراءة ‪ ,‬وأن يدعو لنفسه وللمسلمني ‪ ,‬واإلسرار بالقراءة‬
‫‪ ,‬وأن يقف بعد التكبرية الرابعة وقبل التسليم قليال ‪ ,‬وأن يضع يده اليمىن على يده اليسرى على صدره ‪ ,‬وااللتفات على‬
‫ميينه يف التسليم ‪.‬‬
‫‪ ‬يقوم اإلمام واملنفرد عند صدر الرجل ووسط املرأة ويقف املأمومون خلف اإلمام ‪.‬‬
‫‪ ‬ومن فاتته بعضها ‪,‬دخل مع اإلمام فيما بقى ‪ ,‬مث إذا سلم اإلمام قضى ما فاته على صفته ‪.‬‬
‫‪ ‬ومن فاتته الصالة على امليت قبل دفنه ‪,‬صلى على قربه ‪.‬‬
‫‪ ‬ومن كان غائبا فله أن يصلي عليه صالة الغائب بالنية‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬محل امليت ودفنه‬
‫محل امليت ودفنه من فروض الكفاية‪ ,‬ودفنه مشروع بالكتاب والسنة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ويسن اتباع اجلنازة وتشييعها إىل املقابر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ويسن اإلسراع باجلنازة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وحيرم خروج النساء مع اجلنائز‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ويسن أن يعمق القرب ويوسع‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ويسن سرت قرب املرأة عند إنزاهلا‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ويوضع امليت يف حلده على شقه األمين مستقبل القبلة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وجيعل حتت رأسه لبنة أو حجر أو تراب‪ ,‬وجيعل خلف ظهره ما يسنده من تراب‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مث تسد عليه فتحة اللحد باللنب والطني حىت يلتحم ‪ ,‬مث يهال عليه الرتاب ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ويرفع القرب عن األرض قدر شرب‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ويستحب إذا فرغ من دفنه أن يقف املسلمون على قربه ويدعوا له ويستغفروا له‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫سابعا ‪ :‬أحكام التعزية وزيارة القبور‬
‫وتسن تعزية املصاب بامليت ‪ ,‬وحثه على الصرب والدعاء للميت‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ولفظ التعزية أن يقول ‪ " :‬أعظم هللا أجرك ‪ ,‬وأحسن عزاءك ‪ ,‬وغفر مليتك "‬ ‫‪-‬‬
‫وال ينبغي اجللوس للعزاء واإلعالن عن ذلك ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪23‬‬
‫كتاب الزكاة‬
‫باب يف مشروعية الزكاة ومكانتها‬
‫والزكاة يف الشرع حق واجب يف مال خاص لطائفة خمصوصة يف وقت خمصوص ‪ ,‬هو متام احلول يف املاشية والنقود وعروض التجارة‬
‫‪ ,‬وعند اشتداد احلب وبدو الصالح يف الثمار‪.‬‬
‫حكمها ‪ :‬فريضة واجبة‪ ,‬فرضت يف السنة الثانية للهجرة النبوية‪ ,‬وأمجع املسلمون على فرضيتها ‪ ,‬وأهنا الركن الثالث من أركان‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫شروط من جتب عليه الزكاة‪:‬‬
‫‪ ‬احلرية ‪ ,‬فال جتب على مملوك‪.‬‬
‫‪ ‬أن يكون صاحب املال مسلما‪.‬‬
‫‪ ‬امتالك نصاب‪.‬‬
‫‪ ‬استقرار امللكية ‪ ,‬بأن ال يتعلق هبا حق غريه ‪.‬‬
‫‪ ‬مضي احلول على املال‪ .‬وهذا يف غري اخلارج من األرض كاحلبوب والثمار ‪ ,‬أما اخلارج من األرض ‪ ,‬فتجب فيه الزكاة عند‬
‫وجوده فال يعترب فيه احلول‪.‬‬
‫‪ )1‬ومن له دين على معسر ‪ ,‬فإنه خيرج زكاته إذا قبضه لعام واحد على الصحيح ‪ ,‬وإن كان له دين على مليء‪ ,‬فإنه‬
‫يزكيه كل عام ‪.‬‬
‫‪ )2‬وما أعد من األموال للقنية واالستعمال ‪ ,‬فال زكاة فيه ‪,‬كدور السكىن‪ ,‬وأثاث املنزل ‪ ,‬والسيارات ‪ ,‬والدواب املعدة‬
‫للركوب واالستعمال ‪.‬‬
‫‪ )3‬وما أعد للكراء كالسيارات والدكاكني والبيوت ‪ ,‬فال " زكاة يف أصله ‪,‬وإمنا جتب الزكاة يف أجرته إذا بلغت النصاب‬
‫وحال عليها احلول ‪.‬‬
‫‪ )4‬ومن وجبت عليه الزكاة ‪ ,‬مث مات قبل إخراجها ‪ " ,‬وجب إخراجها من تركته‪.‬‬
‫باب يف زكاة هبيمة األنعام‬
‫جتب الزكاة يف اإلبل والبقر والغنم بشرطني‪:‬‬
‫‪ ‬الشرط األول‪ :‬أن تتخذ لدر ونسل ال للعمل ‪.‬‬
‫‪ ‬الشرط الثاين ‪:‬أن تكون سائمة ‪ -‬أي ‪ :‬راعية‪ ,‬والسوم ‪ :‬الرعي ‪ ,‬فال جتب الزكاة يف دواب تعلف بعلف اشرتاه هلا أو مجعه‬
‫من الكأل أو غريه‪.‬‬
‫باب يف زكاة احلبوب والثمار والعسل واملعدن والركاز‬
‫وجتب الزكاة يف الثمار كالتمر والزبيب وحنومها من كل ما يكال ويدخر‪.‬‬
‫فيشرتط لوجوب الزكاة يف احلبوب والثمار شرطان‪:‬‬
‫‪ ‬الشرط األول‪ :‬بلوغ النصاب على ما سبق بيانه ‪.‬‬
‫‪ ‬الشرط الثاين‪ :‬أن يكون مملوكا له وقت وجوب الزكاة ‪.‬‬
‫والقدر الواجب إخراجه يف زكاة احلبوب والثمار‪ :‬خيتلف باختالف وسيلة السقي ‪:‬‬
‫‪ .1‬فإذا سقي بال مؤنة من‪ ,‬جيب فيه العشر ‪.‬‬
‫‪ .2‬وجيب فيما سقي مبؤنة من اآلبار وغريها نصف العشر‪.‬‬
‫‪ ‬ووقت وجوب الزكاة يف احلبوب حني تشتد‪ ,‬ويف الثمر حني يبدو صالحه‪ ,‬بأن حيمر أو يصفر‪.‬‬
‫‪ ‬فما ال يكال وال يدخر منها ‪ ,‬ال جتب فيه الزكاة ‪ ,‬كاجلوز ‪ ,‬والتفاح ‪ ,‬واخلوخ ‪ ,‬والسفرجل ‪ ,‬والرمان ‪ ,‬وسائر اخلضروات‬
‫والبصل ‪ ,‬واجلزر وحنوها‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫باب يف زكاة النقدين‬
‫‪ ‬املراد بزكاة النقدين زكاة الذهب والفضة وما اشتق منهما من نقود وحلي ‪.‬‬
‫‪ ‬فتجب الزكاة يف الذهب إذا بلغ عشرين مثقاال‪ ,‬ويف الفضة إذا بلغت مائيت درهم إسالمي ‪ ,‬ربع العشر منهما‪.‬‬
‫ما يباح للرجل لبسه من الذهب والفضة‬
‫‪ ‬يباح للذكر أن يتخذ خامتا من الفضة‪.‬‬
‫‪ ‬وحيرم عليه اختاذ اخلامت من الذهب‪.‬‬
‫‪ ‬ويباح للذكر أيضا من الذهب ما دعت إليه حاجة ‪ ,‬كأنف ‪ ,‬ورباط أسنان ‪.‬‬
‫ما يباح للنساء التحلي به من الذهب والفضة‬
‫‪ ‬يباح للنساء من الذهب والفضة ما جرت عادهتن بلبسه‪.‬‬
‫‪ ‬وال زكاة يف حلي النساء من الذهب والفضة إذا كان معدا لالستعمال أو لإلعارة‪.‬‬
‫‪ ‬وإن اختذ رصيدا للحاجة أو لالدخار جتب فيه الزكاة ; ألن الذهب والفضة جتب فيهما الزكاة ‪ ,‬وإمنا سقط وجوهبا فيما أعد‬
‫لالستعمال أو العارية ‪ ,‬فيبقى وجوهبا فيما عداه على األصل ‪.‬‬
‫حكم اختاذ األواين بالذهب والفضة ومتويهها منهما‬
‫‪ ‬وحيرم اختاذ األواين من الذهب والفضة ‪ ,‬أو متويه األواين بذلك‪.‬‬
‫باب يف زكاة عروض التجارة‬
‫تسميتها ‪ :‬مسيت بذلك ألنه يعرض ليباع ويشرتى‪.‬‬
‫شروط وجوهبا‪:‬‬
‫الشرط األول ‪:‬أن ميلكها بفعله ‪ ,‬كالبيع‪ ,‬وقبول اهلبة‪ ,‬والوصية‪ ,‬وغري ذلك من وجوه املكاسب ‪.‬‬
‫الشرط الثاين ‪:‬أن ميلكها بنية التجارة‪ ,‬بأن يقصد التكسب هبا‪.‬‬
‫الشرط الثالث ‪:‬أن تبلغ قيمتها نصابا‪.‬‬
‫الشرط الرابع ‪:‬متام احلول عليها‪.‬‬
‫‪ ‬إخراج زكاة العروض تقوم عند متام احلول فإذا قومت‪ ,‬أخرج ربع العشر من قيمتها‪.‬‬
‫باب يف زكاة الفطر‬
‫‪ ‬واحلكمة أهنا طهرة للصائم من اللغو والرفث ‪ ,‬وطعمة للمساكني ‪ ,‬وشكر هلل تعاىل على إمتام فريضة الصيام ‪.‬‬
‫‪ ‬وجتب على كل مسلم ‪ ,‬ذكرا كان أو أنثى ‪ ,‬صغريا أو كبريا ‪ ,‬حرا كان أو عبدا‪.‬‬
‫‪ ‬جنس ما خيرج هو من غالب قوت البلد ‪ ,‬برا‪ ,‬أو شعريا‪ ,‬أو مترا‪ ,‬أو غري هذه األصناف مما اعتاد الناس أكله يف البلد‪.‬‬
‫‪ ‬وقت اإلخراج األفضل بغروب الشمس ليلة العيد ‪ ,‬وجيوز تقدمي إخراجها قبل العيد بيوم أو يومني ‪.‬‬
‫‪ ‬وإخراجها يوم العيد قبل الصالة أفضل‪.‬‬
‫‪ ‬وخيرج املسلم زكاة الفطر عن نفسه وعمن يعوهلم ‪ -‬أي ‪ :‬ينفق عليهم ‪.-‬‬
‫‪ ‬ويستحب إخراجها عن احلمل‪.‬‬
‫‪ ‬وأما إخراج القيمة‪ ,‬فهو خالف السنة فال جيزئ‪.‬‬
‫باب يف بيان أهل الزكاة ومن ال جيوز دفع الزكاة‬
‫أهل الزكاة على قسمني ‪:‬‬
‫القسم األول ‪ :‬احملتاجون من املسلمني عامة ‪.‬‬
‫القسم الثاين ‪ :‬األصناف الثمانية املخصوصة‪ ,‬وهم‪:‬‬
‫‪ ‬الرقاب‪.‬‬ ‫‪ ‬الفقراء‪.‬‬
‫‪ ‬الغارم‪.‬‬ ‫‪ ‬املساكني ‪ ,‬وهم أحسن حاال من الفقراء‪.‬‬
‫‪ ‬يف سبيل هللا ‪.‬‬ ‫‪ ‬العاملون عليها‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ ‬ابن السبيل ‪ ,‬وهو املسافر املنقطع به يف سفره بسبب‬ ‫املؤلفة قلوهبم ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫نفاد ما معه أو ضياعه ‪.‬‬
‫‪ )1‬جيوز صرف مجيع الزكاة يف صنف واحد من هذه األصناف املذكورة‪.‬‬
‫‪ )2‬وال جيوز دفع الزكاة إىل بين هاشم‪.‬‬
‫‪ )3‬وال جيوز لإلنسان أن يدفع زكاة ماله إىل أقاربه الذين يلزمه اإلنفاق عليهم‬
‫باب يف الصدقة املستحبة‬
‫الصدقة مستحبة تشرع كل وقت إلطالق احلث عليها يف الكتاب والسنة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وصدقة السر أفضل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫والصدقة يف حال الصحة أفضل ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫والصدقة يف رمضان أفضل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫والصدقة يف أوقات احلاجة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫كما أن الصدقة على األقارب واجلريان أفضل منها على األبعدين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫كتاب الصيام‬
‫باب يف وجوب الصيام ووقته‬
‫‪ ‬صوم شهر رمضان ركن من أركان اإلسالم‪.‬‬
‫‪ ‬واحلكمة يف شرعيته أن فيه تزكية للنفس وتطهريا هلا من األخالط الرديئة واألخالق الرذيلة‪.‬‬
‫‪ ‬ويبتدئ الصوم بطلوع الفجر الثاين‪.‬‬
‫‪ ‬ويبدأ وجوب صوم شهر رمضان إذا علم دخوله‪.‬‬
‫طرق العلم بدخوله ثالث ‪:‬‬
‫الطريقة األوىل ‪ :‬رؤية هالله‪.‬‬
‫الطريقة الثانية ‪ :‬الشهادة على الرؤية‪.‬‬
‫الطريقة الثالثة ‪ :‬إكمال عدة شعبان ثالثني يوما‪ ,‬وذلك حني ال يرى اهلالل ليلة الثالثني من شعبان‪.‬‬
‫‪ ‬ويلزم صوم رمضان كل مسلم مكلف‪.‬‬
‫‪ ‬وال جيب الصوم على صغري‪.‬‬
‫‪ ‬وال جيب الصوم على جمنون‪.‬‬
‫‪ ‬وال جيب الصوم أداء على مريض يعجز عنه وال على مسافر ‪ ,‬ويقضيانه حال زوال العذر‪.‬‬
‫‪ ‬واخلطاب بإجياب الصيام يشمل املقيم واملسافر ‪ ,‬والصحيح واملريض ‪ ,‬والطاهر واحلائض والنفساء ‪ ,‬واملغمى‬
‫عليه ‪ ,‬فإن هؤالء كلهم جيب عليهم الصوم يف ذممهم‪.‬‬
‫‪ ‬ومن أفطر لعذر مث زال عذره يف أثناء هنار رمضان فإن يلزمه اإلمساك بقية اليوم ويقضيه‪.‬‬
‫باب يف بدء صيام اليوم وهنايته‬
‫‪ ‬بدايته من طلوع الفجر الثاين ‪ ,‬وهنايته إىل غروب الشمس ‪.‬‬
‫‪ ‬وال بد أن ينوي الصيام الواجب من الليل ‪ ,‬فلو نوى الصيام ومل يستيقظ إال بعد طلوع الفجر ‪,‬فإنه ميسك ‪ ,‬وصيامه صحيح‬
‫تام إن شاء هللا ‪.‬‬
‫‪ ‬ويستحب تعجيل اإلفطار إذا حتقق غروب الشمس ‪.‬‬
‫‪ ‬والسنة أن يفطر على رطب ‪,‬فإن مل جيد ‪ ,‬فعلى متر ‪ ,‬فإن مل جيد ‪ ,‬فعلى ماء ‪.‬‬
‫‪ ‬ويستحب أن يدعو عند إفطاره مبا أحب‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫باب يف مفسدات الصوم‬
‫‪ ‬األكل أو الشرب عمدا‪.‬‬ ‫‪ ‬اجلماع‪.‬‬
‫‪ ‬ومن املفطرات القيء ‪.‬‬ ‫‪ ‬إنزال املين‪.‬‬
‫‪ ‬إخراج الدم من البدن ‪ :‬حبجامة أو فصد أو سحب دم ليتربع به إلسعاف مريض‪ .‬أما الدم القليل كالذي يستخرج للتحليل‬
‫‪ ,‬فهذا ال يؤثر‪.‬‬
‫باب ما جاء يف بيان أحكام القضاء للصيام‬
‫من أفطر يف رمضان بسبب مباح وجب عليه القضاء‪.‬‬ ‫‪)1‬‬
‫ويستحب له املبادرة بالقضاء ‪ ,‬إلبراء ذمته ‪ ,‬ويستحب أن يكون القضاء متتابعا ‪ ,‬وجيوز له التأخري ; ألن وقته موسع‪ ,‬كما جيوز‬ ‫‪)2‬‬
‫تفرقته ‪ ,‬بأن يصومه متفرقا ‪ ,‬لكن إذا مل يبق من شعبان إال قدر ما عليه ‪ ,‬فإنه جيب عليه التتابع إمجاعا ‪ ,‬لضيق الوقت‪.‬‬
‫فإن أخر القضاء حىت أتى عليه رمضان اجلديد ‪,‬فإنه يصوم رمضان احلاضر ‪ ,‬ويقضي ما عليه بعده‪ ,‬وإن كان لغري عذر ‪ ,‬وجب‬ ‫‪)3‬‬
‫عليه مع القضاء إطعام مسكني عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد ‪.‬‬
‫وإذا مات من عليه القضاء قبل دخول رمضان اجلديد ‪,‬فال شيء عليه وإن كان تأخريه لغري عذر ‪ ,‬وجبت الكفارة يف تركته ‪ ,‬بأن‬ ‫‪)4‬‬
‫خيرج عنه إطعام مسكني عن كل يوم ‪.‬‬
‫وإن مات من عليه صوم كفارة كصوم كفارة الظهار والصوم الواجب عن دم املتعة يف احلج ‪ ,‬فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكينا‬ ‫‪)5‬‬
‫‪ ,‬وال يصام عنه‪.‬‬
‫وإن مات من عليه صوم نذر ‪,‬استحب لوليه أن يصوم عنه‪.‬‬ ‫‪)6‬‬
‫باب يف ما يلزم من أفطر لكرب أو مرض‬
‫‪ ‬ال يستطيعون الصيام أداء وال قضاء كالكبري اهلرم واملريض الذي ال يرجى برؤه‪ ,‬فالواجب عليه بدل الصيام إطعام مسكني‬
‫عن كل يوم نصف صاع من الطعام ‪.‬‬
‫‪ ‬وأما من أفطر لعذر يزول كاملسافر واملريض مرضا يرجى زواله واحلامل واملرضع إذا خافتا على أنفسهما أو على ولديهما ‪,‬‬
‫واحلائض والنفساء ‪ ,‬فإن كال من هؤالء يتحتم عليه القضاء‪.‬‬
‫‪ ‬وإن صام املسافر أو املريض الذي يشق عليه الصوم ‪,‬صح صومهما مع الكراهة ‪ ,‬وأما احلائض والنفساء ‪ ,‬فيحرم يف حقها‬
‫الصوم حال احليض والنفاس ‪ ,‬وال يصح‪.‬‬
‫‪ ‬جيب مع القضاء على من أفطرت للخوف على ولدها إطعام مسكني عن كل يوم أفطرته ‪.‬‬
‫‪ ‬وجيب الفطر على من احتاج إليه إلنقاذ من وقع يف هلكة ‪ ,‬كالغريق ‪.‬‬
‫‪ ‬تعيني نية الصوم الواجب من الليل ‪,‬كصوم رمضان ‪ ,‬وصوم الكفارة ‪ ,‬وصوم النذر ‪.‬‬
‫‪ ‬أما صوم النقل ‪ ,‬فيجوز بنية من النهار‪.‬‬
‫‪ ‬فشرط صحة صوم النفل بنية من النهار أن ال يوجد قبل النية مناف للصيام من أكل وشرب وحنومها ‪ ,‬فإن فعل قبل النية ما‬
‫يفطره ‪ ,‬مل يصح الصيام بغري خالف ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫كتاب احلج‬
‫باب يف احلج وعلى من جيب‬
‫‪ ‬احلج هو أحد أركان اإلسالم‪.‬‬
‫‪ ‬وقد فرض احلج سنة تسع من اهلجرة‪.‬‬
‫‪ ‬احلج فرض بإمجاع املسلمني ‪ ,‬وركن من أركان اإلسالم ‪ ,‬وهو فرض يف العمر مرة على املستطيع ‪ ,‬وفرض كفاية على‬
‫املسلمني كل عام‪.‬‬
‫‪ ‬وأما العمرة ‪ ,‬فواجبة‪.‬‬
‫‪ ‬فيجب احلج والعمرة على املسلم مرة واحدة يف العمر ‪.‬‬
‫‪ ‬وجيب على املسلم أن يبادر بأداء احلج‪ ,‬ويأمث إن أخره بال عذر‪.‬‬
‫‪ ‬وإمنا جيب احلج بشروط مخسة اإلسالم ‪ ,‬والعقل ‪ ,‬والبلوغ ‪ ,‬واحلرية ‪ ,‬واالستطاعة ‪ ,‬فمن توفرت فيه هذه الشروط ‪ ,‬وجب‬
‫عليه املبادرة بأداء احلج ‪.‬‬
‫‪ ‬ويصح فعل احلج والعمرة من الصيب نفال‪.‬‬
‫‪ ‬وقد أمجع أهل العلم على أن الصيب إذا حج ال جتزئه تلك احلجة عن حجة اإلسالم ‪ ,‬وكذا عمرته‪.‬‬
‫‪ ‬وإن كان الصيب دون التمييز ‪ ,‬عقد عنه اإلحرام وليه ‪ ,‬بأن ينويه عنه ‪ ,‬وجينبه احملظورات ‪ ,‬ويطوف ويسعى به حمموال ‪,‬‬
‫ويستصحبه يف عرفة ومزدلفة ومىن ‪ ,‬ويرمي عنه اجلمرات‪ .‬وإن كان الصيب مميزا ‪ ,‬نوى اإلحرام بنفسه بإذن وليه ‪ ,‬ويؤدي ما‬
‫قدر عليه من مناسك احلج ‪ ,‬وما عجز عنه ‪ ,‬يفعله عنه وليه ‪ ,‬كرمي اجلمرات‪ .‬وكل ما أمكن الصغري فعله بنفسه كالوقوف‬
‫واملبيت ‪ ,‬لزمه فعله ‪ ,‬ال يصح أن يفعل عنه ‪ ,‬لعدم احلاجة لذلك‪.‬‬
‫‪ ‬والقادر على احلج هو الذي يتمكن من أدائه جسميا وماديا ‪ ,‬بأن ميكنه الركوب ‪ ,‬ويتحمل السفر ‪ ,‬وجيد من املال بلغته‬
‫اليت تكفيه ذهابا وإيابا ‪ ,‬وجيد أيضا ما يكفي أوالده ومن تلزمه نفقتهم إىل أن يعود إليهم ‪ ,‬وال بد أن يكون ذلك بعد قضاء‬
‫الديون واحلقوق اليت عليه ‪ ,‬وبشرط أن يكون طريقه إىل احلج آمنا على نفسه وماله ‪.‬‬
‫‪ ‬فإن قدر مباله دون جسمه ‪ ,‬بأن كان كبريا هرما أو مريضا‪ ,‬لزمه أن يقيم من حيج عنه ويعتمر حجة وعمرة اإلسالم من بلده‬
‫أو من البلد الذي أيسر فيه‪.‬‬
‫‪ ‬ويشرتط يف النائب أن يكون قد حج عن نفسه حجة اإلسالم ‪.‬‬
‫‪ ‬ويعطى النائب من املال ما يكفيه تكاليف السفر ذهابا وإيابا‪ ,‬وال جتوز اإلجارة على احلج‪ ,‬وال أن يتخذ ذريعة للكسب‬
‫باب يف شروط وجوب احلج على املرأة وأحكام النيابة‬
‫‪ ‬احلج جيب على املسلم ذكرا كان أم أنثى ‪ ,‬لكن يشرتط لوجوبه على املرأة وجود احملرم‪.‬‬
‫‪ ‬وحمرم املرأة هو ‪ :‬زوجها ‪ ,‬أو من حيرم عليه نكاحها حترميا مؤبدا بنسب ‪ ,‬كأخيها وأبيها وعمها وابن أخيها وخاهلا ‪ ,‬أو حرم‬
‫عليه بسبب مباح ‪ ,‬كأخ من رضاع أو مبصاهرة كزوج أمها وابن زوجها ‪ .‬ومن فقدته مع قدرهتا املالية استنابت من حيج عنها‬
‫‪ ‬ومن وجب عليه احلج مث مات‪ ,‬أخرج من تركته من رأس املال املقدار الذي يكفي للحج ‪ ,‬واستنيب عنه من يؤديه عنه‪.‬‬
‫باب يف مواقيت احلج‬
‫املواقيت شرعا ‪ :‬هو موضع العبادة أو زمنها ‪.‬‬
‫وللحج مواقيت زمنية ومكانية ‪:‬‬
‫‪ ‬فالزمنية وهذه األشهر هي ‪ :‬شوال ‪ ,‬وذو القعدة ‪ ,‬وعشر من ذي احلجة ‪ ,‬أي ‪ :‬من أحرم باحلج يف هذه األشهر ‪ ,‬فعليه أن‬
‫يتجنب ما خيل باحلج من األقوال واألفعال الذميمة‪.‬‬
‫‪ ‬واملكانية ‪ ,‬فهي احلدود اليت ال جيوز للحاج أن يتعداها إىل مكة بدون إحرام ‪ ,‬ألهل املدينة ذا احلليفة ‪ ,‬وألهل الشام اجلحفة‬
‫‪ ,‬وألهل جند قرن املنازل ‪ ,‬وألهل اليمن يلملم وأهل العراق ذات عرق‪.‬‬
‫‪ )1‬فهذه املواقيت حيرم منها أهلها املذكورون ‪ ,‬وحيرم منها من مر هبا من غريهم وهو يريد حجا أو عمرة ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ )2‬ومن كان منزله دون هذه املواقيت ‪ ,‬فإنه حيرم من منزله للحج والعمرة ‪ ,‬ومن حج من أهل مكة ‪ ,‬فإنه حيرم من مكة‬
‫وأما العمرة ‪ ,‬فيخرجون لإلحرام هبا من أدىن احلل ‪.‬‬
‫‪ )3‬ومن مل مير مبيقات يف طريقه من تلك املواقيت ‪ ,‬أحرم إذا علم أنه حاذى أقرهبا منه‪ .‬مثل من ركب طائرة ‪ ,‬فإنه حيرم إذا‬
‫حاذى أحد هذه املواقيت من اجلو جدة ليست ميقاتا وليست حمال لإلحرام ‪ ,‬إال ألهلها أو من نوى احلج أو العمرة‬
‫منها ‪ ,‬فإن أحرم منها من غريهم ‪ ,‬فقد ترك واجبا هو اإلحرام من امليقات‪.‬‬
‫‪ )4‬اإلحرام معناه نية الدخول يف املناسك مع جتنب حمظورات اإلحرام حسب اإلمكان ‪ ,‬واالغتسال والتطيب وحنومها إمنا‬
‫هي سنن‪.‬‬
‫‪ )5‬وجيب على من تعدى امليقات بدون إحرام أن يرجع إليه وحيرم منه ; ألنه واجب ميكنه تداركه فإن مل يرجع ‪ ,‬فعليه فدية‬
‫‪ ,‬بأن يذبح شاة ‪ ,‬أو يأخذ سبع بدنة ‪ ,‬أو سبع بقرة ‪ ,‬ويوزع ذلك على مساكني احلرم ‪ ,‬وال يأكل منه شيئا ‪.‬‬
‫باب يف كيفية اإلحرام‬
‫أول مناسك احلج هو اإلحرام ‪ ,‬وهو نية الدخول يف النسك ‪ ,‬مسي بذلك ألن املسلم حيرم على نفسه بنيته ما كان مباحا له‬
‫قبل اإلحرام من النكاح والطيب وتقليم األظافر وحلق الرأس وأشياء من اللباس ‪.‬‬
‫من مستحبات اإلحرام‪:‬‬
‫‪ ‬االغتسال جبميع بدنه‪.‬‬
‫‪ ‬يستحب أخذ ما يشرع أخذه من الشعر ‪ ,‬كشعر الشارب واإلبط والعانة‪.‬‬
‫‪ ‬أن يتطيب يف بدنه مبا تيسر من أنواع الطيب ‪.‬‬
‫‪ ‬يستحب أن يتجرد من املخيط ‪.‬‬
‫‪ )1‬ليس لإلحرام صالة ختصه لكن إن صادف وقت فريضة ‪ ,‬أحرم بعدها‪.‬‬
‫‪ )2‬واملطلوب من املسلم أن حيرم من امليقات ‪ ,‬يف أي بقعة منه ‪ ,‬ال يف حمل معني‪.‬‬
‫‪ )3‬وخيري أن حيرم مبا شاء من النسك الثالثة ‪ ,‬وهي ‪ :‬التمتع ‪ ,‬والقران ‪ ,‬واإلفراد‬
‫‪ ‬فـ( التمتع ) ‪ :‬أن حيرم بالعمرة يف أشهر احلج ‪ ,‬ويفرغ منها ‪ ,‬مث حيرم باحلج يف عامه ‪.‬‬
‫‪ ‬و ( اإلفراد ) ‪ :‬أن حيرم باحلج فقط ‪ ,‬ويبقى على إحرامه حىت يؤدى أعمال احلج‪.‬‬
‫‪ ‬و ( القران ) ‪ :‬أن حيرم بالعمرة واحلج معا ‪ ,‬أو حيرم بالعمرة مث يدخل عليها احلج قبل شروعه يف طوافها ‪ ,‬فينوي العمرة‬
‫واحلج من امليقات أو قبل الشروع يف طواف العمرة ‪ ,‬ويطوف هلما ويسعى ‪.‬‬
‫‪ ‬وعلى املتمتع والقارن فدية إن مل يكن من حاضري املسجد احلرام ‪ .‬وأفضل هذه النسك الثالثة التمتع ‪.‬‬
‫‪ ‬فإذا أحرم بأحد هذه النسك ‪ ,‬لىب عقب إحرامه ‪ ,‬فيقول ‪ :‬لبيك اللهم لبيك ‪ ,‬لبيك ال شريك لك لبيك ‪ ,‬إن احلمد والنعمة لك‬
‫وامللك ‪ ,‬ال شريك لك ‪ ,‬ويكثر من التلبية ‪ ,‬ويرفع هبا صوته ‪.‬‬
‫باب يف حمظورات اإلحرام‬
‫‪ ‬حلق الشعر بال عذر حبلق أو نتف أو قلع خبالف ما إذا حلق شعره لقمل أو صداع ‪.‬‬
‫‪ ‬تقليم األظافر أو قصها من يد أو رجل بال عذر ‪ :‬فإن انكسر ظفره فأزاهلا أو زال مع جلد ‪ ,‬فال فدية عليه ; ألنه زال‬
‫بالتبعية لغريه ‪ ,‬والتابع ال يفرد حبكم ‪.‬‬
‫‪ ‬تغطية رأس الذكر‪.‬‬
‫‪ ‬لبس الذكر املخيط على بدنه أو بعضه من قميص أو عمامة أو سراويل كاخلفني والقفازين واجلوارب ‪.‬وإذا مل جيد احملرم نعلني‬
‫‪,‬لبس خفني ‪ ,‬أو مل جيد إزارا ‪ ,‬لبس‪ .‬وأما املرأة ‪ ,‬فتلبس من الثياب ما شاءت حال اإلحرام إال أهنا ال تلبس الربقع‪ ,‬فال‬
‫تلبسه احملرمة وتغطي وجهها بغريه من اخلمار واجللباب‪.‬‬
‫‪ ‬الطيب فيحرم على احملرم استعماله يف بدنه أو ثوبه ‪ ,‬أو استعماله يف أكل أو شرب ‪.‬‬
‫‪ ‬قتل صيد الرب واصطياده وحيرم على احملرم األكل مما صاده أو صيد ألجله أو أعان على صيده ; ألنه كامليتة ‪.‬وال حيرم على‬
‫احملرم صيد البحر‪ .‬وال حيرم عليه ذبح احليوان اإلنسي كالدجاج وهبيمة األنعام‪ .‬وال حيرم عليه قتل حمرم األكل ‪ ,‬كاألسد‬

‫‪29‬‬
‫والنمر مما فيه أذى للناس ‪ ,‬وال حيرم عليه قتل الصائل دفعا عن نفسه أو ماله ‪.‬وإذا احتاج احملرم إىل فعل حمظور من حمظورات‬
‫اإلحرام ‪ ,‬فعله ‪.‬‬
‫‪ ‬عقد النكاح فال يعقد النكاح لنفسه وال لغريه ‪.‬‬
‫‪ ‬الوطء " هو اجلماع " ‪.‬فمن جامع قبل التحلل األول ‪ ,‬فسد نسكه ‪ ,‬ويلزمه املضي فيه وإكمال مناسكه ويلزمه أيضا أن‬
‫يقضيه ثاين عام ‪ ,‬وعليه ذبح بدنة ‪ ,‬وإن كان الوطء بعد التحلل األول ‪ ,‬مل يفسد نسكه ‪ ,‬وعليه ذبح شاة ‪.‬‬
‫‪ ‬املباشرة دون الفرج واملراد باملباشرة مالمسة املرأة بشهوة ‪.‬‬
‫فعلى احملرم أن يتجنب الرفث والفسوق واجلدال ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويسن قلة الكالم إال فيما ينفع ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويستحب للمحرم أن يشتغل بالتلبية ‪ ,‬وذكر هللا ‪ ,‬وقراءة القرآن ‪ ,‬واألمر باملعروف ‪ ,‬والنهي عن املنكر ‪ ,‬وحفظ وقته عما‬ ‫‪‬‬
‫يفسده‪.‬‬
‫فإذا وصل إىل مكة ‪ ,‬فإن كان حمرما بالتمتع ‪ ,‬فإنه يؤدي مناسك العمرة ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ )1‬فيطوف بالبيت سبعة أشواط ‪.‬‬
‫‪ )2‬ويصلي بعدها ركعتني‪.‬‬
‫‪ )3‬مث خيرج إىل الصفا ألداء السعي بينه وبني املروة ‪ ,‬فيسعى بينهما سبعة أشواط ‪.‬‬
‫‪ )4‬فإذا فرغ من الشوط السابع ‪ ,‬قصر الرجل يف مجيع شعر رأسه ‪ ,‬وتقص األنثى قدر أمنلة‪.‬‬
‫‪ ‬فيحل من إحرامه ‪ ,‬ويباح له ما كان حمرما عليه باإلحرام من النساء والطيب ولبس املخيط وتقليم األظافر وقص الشارب‬
‫ونتف اآلباط إذا احتاج إىل ذلك ‪ ,‬ويبقى حالال إىل يوم الرتوية‪.‬‬
‫باب يف أعمال يوم الرتوية ويوم عرفة‬
‫‪ ‬وحيرم باحلج من مكانه الذي هو نازل فيه ‪ ,‬سواء كان يف مكة ‪ ,‬أو خارجها ‪ ,‬أو يف مىن ‪.‬‬
‫‪ ‬وبعد اإلحرام يشتغل بالتلبية‪.‬‬
‫‪ ‬مث خيرج إىل مىن من كان مبكة حمرما يوم الرتوية‪.‬‬
‫‪ ‬املبيت مبىن ليلة التاسع سنة ‪ ,‬وليس بواجب ‪.‬‬
‫‪ ‬مث يسريون صباح اليوم التاسع بعد طلوع الشمس من مىن إىل عرفة ‪ ,‬وعرفة كلها موقف ‪ ,‬إال بطن عرنة‪.‬‬
‫‪ ‬فإذا زالت الشمس ‪ ,‬صلوا الظهر والعصر قصرا ومجعا بأذان وإقامتني ‪ ,‬وكذلك يقصر الصالة الرباعية يف عرفة ومزدلفة ومىن‬
‫‪ ,‬لكن يف عرفة ومزدلفة جيمع ويقصر ‪ ,‬ويف مىن يقصر وال جيمع ‪ ,‬بل يصلي كل صالة يف وقتها‪.‬‬
‫‪ ‬مث بعدما يتفرغون للدعاء والتضرع واالبتهال إىل هللا تعاىل‪.‬‬
‫‪ ‬فإن انصرف منها قبل الغروب ‪ ,‬وجب عليه الرجوع ‪ ,‬ليبقى فيها إىل الغروب ‪ ,‬فإن مل يرجع ‪ ,‬وجب عليه دم‪.‬‬
‫‪ ‬فمن وقف هنارا ‪ ,‬وجب عليه البقاء إىل الغروب ‪ ,‬ومن وقف ليال ‪ ,‬أجزأه ‪ ,‬ولو حلظة ‪.‬‬
‫‪ ‬الوقوف بعرفة أنه ركن من أركان احلج‪.‬‬
‫باب يف الدفع إىل مزدلفة واملبيت فيها والدفع من مزدلفة إىل مىن وأعمال يوم العيد‬
‫‪ ‬بعد غروب الشمس يدفع احلجاج من عرفة إىل مزدلفة بسكينة ووقار‪.‬‬
‫‪ ‬فإذا وصل إىل مزدلفة ‪ ,‬صلى هبا املغرب والعشاء مجعا مع قصر العشاء ركعتني بأذان واحد وإقامتني ‪ ,‬لكل صالة إقامة ‪,‬‬
‫وذلك قبل حط رحله ‪.‬‬
‫‪ ‬مث يبيت مبزدلفة حىت يصبح ويصلي ‪.‬‬
‫‪ ‬مث يقف هبا ويدعو إىل أن يسفر ‪ ,‬مث يدفع إىل مىن قبل طلوع الشمس ‪.‬‬
‫‪ ‬الضعفة كالنساء والصبيان وحنوهم جيوز له أن يتعجل يف الدفع من مزدلفة إىل مىن إذا غاب القمر ‪.‬‬
‫‪ ‬فاملبيت مبزدلفة واجب من واجبات احلج ملن أتى إليها قبل منتصف الليل ‪ ,‬أما من وصل إليها بعد منتصف الليل ‪ ,‬فإنه‬
‫جيزئه البقاء فيها ولو قليال ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫وجيوز ألهل األعذار ترك املبيت مبزدلفة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فإذا بلغ هذا الوادي ‪ ,‬أسرع قدر رمية حجر ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويأخذ حصى اجلمار من طريقه قبل أن يصل مىن أو يأخذه من مزدلفة ‪ ,‬أو من مىن ‪ ,‬ومن حيث أخذ احلصى ‪ ,‬جاز‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وال جيزئ الرمي بغري احلصى ‪ ,‬وال باحلصى الكبار‬ ‫‪‬‬
‫فإذا وصل إىل مىن ذهب إىل مجرة العقبة فريميها بسبع حصيات ‪ ,‬واحدة بعد واحدة ‪ ,‬بعد طلوع الشمس ‪ ,‬وميتد زمن‬ ‫‪‬‬
‫الرمي إىل الغروب ‪.‬‬
‫وال بد أن تقع كل حصاة يف حوض اجلمرة ‪ ,‬سواء استقرت فيه أو سقطت بعد ذلك ‪ ,‬فيجب على احلاج أن يصوب احلصا‬ ‫‪‬‬
‫إىل حوض اجلمرة ‪ ,‬ال إىل العمود‪ ,‬وحمل الرمي هو احلوض ‪ ,‬فلو ضربت احلصاة يف العمود ‪ ,‬وطارت ‪ ,‬ومل متر على احلوض‬
‫‪ ,‬مل جتزئه ‪.‬‬
‫والضعفة ومن يف حكمهم يرموهنا بعد منتصف الليل ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويسن أن ال يبدأ بشيء حني وصوله إىل مىن قبل رمي مجرة العقبة ; ألنه حتية مىن ‪ ,‬ويستحب أن يكرب مع كل حصاة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫مث بعد رمي مجرة العقبة األفضل أن ينحر هديه إن كان جيب عليه هدي متتع أو قران‪ ,‬ويذحبه ‪ ,‬ويوزع حلمه ‪ ,‬ويأخذ منه‬ ‫‪‬‬
‫قسما ليأكل منه ‪.‬‬
‫مث حيلق رأسه أو يقصره ‪ ,‬واحللق أفضل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫واملرأة تقص من كل ضفرية قدر أمنلة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويسن ملن حلق أو قصر أخذ أظفاره وشاربه وعانته وإبطه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫األصلع ‪ ,‬فإنه مير املوسى على رأسه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫مث بعد رمي مجرة العقبة وحلق رأسه أو تقصريه يكون قد حل له كل شيء إال النساء‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وهذا هو التحلل األول وحيصل باثنني من ثالثة ‪ :‬رمي مجرة العقبة ‪ ,‬وحلق أو تقصري ‪ ,‬وطواف اإلفاضة مع السعي بعده ملن‬ ‫‪‬‬
‫عليه السعي ‪.‬‬
‫وحيصل التحلل الثاين ‪ -‬وهو التحلل الكامل ‪ -‬بفعل هذه الثالثة كلها ‪ ,‬فإذا فعلها ‪ ,‬حل له كل شيء حىت النساء ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫مث بعد رمي مجرة العقبة وحنر هديه وحلقه أو تقصريه يفيض إىل مكة ‪ ,‬فيطوف طواف اإلفاضة ‪ ,‬ويسعى بعده بني الصفا‬ ‫‪‬‬
‫واملروة ‪.‬القارن أو املفرد سعى بعد طواف القدوم ‪ ,‬فإنه يكفيه ذلك السعي فيقتصر على طواف اإلفاضة ‪.‬‬
‫وترتيب هذه األمور األربعة على هذا النمط ‪ :‬رمي مجرة العقبة ‪ ,‬مث حنر اهلدي ‪ ,‬مث احللق أو التقصري ‪ ,‬مث الطواف والسعي ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫هذا الرتتيب سنة‪ ,‬فقدم بعض هذه األمور على بعض ‪ ,‬فال حرج عليه‪.‬‬
‫باب يف أحكام احلج اليت تفعل يف أيام التشريق وطواف الوداع‬
‫وبعد طواف اإلفاضة يوم العيد يرجع إىل مىن ‪ ,‬فيبيت هبا وجوبا ثالث ليال إن مل يتعجل ‪ ,‬وإن تعجل ‪ ,‬بات احلادي عشر‬ ‫‪‬‬
‫و الثاين عشر ‪.‬‬
‫ويصلي الصلوات فيها قصرا بال مجع‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويرمي اجلمرات الثالث كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال ‪ .‬فالرمي يف اليوم احلادي عشر وما بعده يبدأ وقته بعد الزوال ‪,‬‬ ‫‪‬‬
‫وقبله ال جيزئ‪.‬‬
‫ترتيب اجلمرات يبدأ باجلمرة األوىل مث اجلمرة الوسطى مث اجلمرة الكربى ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وجيوز للمريض وكبري السن واملرأة احلامل أن يوكلوا من يرمي عنهم ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫مث يف اليوم الثاين عشر ‪ ,‬إن شاء تعجل وخرج من مىن قبل غروب الشمس ‪ ,‬وإن شاء تأخر وبات ورمى اجلمرات الثالث‬ ‫‪‬‬
‫بعد الزوال يف اليوم الثالث عشر ‪ ,‬وهو أفضل ‪.‬‬
‫وإن غربت عليه الشمس قبل أن يرحتل من مىن ‪,‬لزمه التأخر واملبيت والرمي يف اليوم الثالث عشر‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫واملرأة إذا حاضت أو نفست قبل اإلحرام مث أحرمت أو أحرمت وهي طاهرة مث أصاهبا احليض أو النفاس وهي حمرمة ‪,‬فإهنا‬ ‫‪‬‬
‫تبقى يف إحرامها ‪ ,‬وتعمل ما يعمله احلاج من الوقوف بعرفة واملبيت مبزدلفة ورمي اجلمار واملبيت مبىن ‪ ,‬إال أهنا ال تطوف‬
‫بالبيت وال تسعى حىت تطهر‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ ‬لكن لو قدر أهنا طافت وهي طاهرة ‪ ,‬مث نزل عليها احليض بعد الطواف ‪ ,‬فإهنا تسعى ألن السعي ال يشرتط له الطهارة ‪.‬‬
‫‪ ‬فإذا أراد السفر من مكة والرجوع مل خيرج حىت يطوف للوداع بالبيت سبعة أشواط إال املرأة احلائض ‪ ,‬فإهنا ال وداع عليها ‪,‬‬
‫فتسافر بدون وداع‪.‬‬
‫باب يف أحكام اهلدي واألضحية‬
‫اهلدي ‪ :‬ما يهدى للحرم ويذبح فيه من نعم وغريها‪ .‬واألضحية‪ :‬ما يذبح يف البيوت يوم العيد وأيام التشريق تقربا إىل هللا ‪.‬‬
‫‪ ‬وأمجع املسلمون على مشروعيتهما‪.‬‬
‫‪ ‬وأفضل اهلدي اإلبل ‪ ,‬مث البقر مث الغنم‪ ,‬وأفضل كل جنس أمسنه مث أغاله مثنَا‪.‬‬
‫‪ ‬وال جيزئ إال جذع الضأن ‪ ,‬وهو ما مت له ستة أشهر ‪ ,‬والثين مما سواه من إبل وبقر ومعز ‪ ,‬والثين من اإلبل ما مت له مخس‬
‫سنني ‪ ,‬ومن البقر ما مت له سنتان ‪ ,‬ومن املعز ما مت له سنة ‪.‬‬
‫‪ ‬وجتزئ الشاة يف اهلدي عن واحد ‪ ,‬ويف األضحية جتزئ عن الواحد وأهل بيته ‪ ,‬وجتزئ البدنة والبقرة يف اهلدي واألضحية عن‬
‫سبعة‪.‬‬
‫‪ ‬وال جيزئ يف اهلدي واألضحية إال السليم من املرض ونقص األعضاء ومن اهلزال‪.‬‬
‫‪ ‬ووقت ذبح هدي التمتع واألضاحي بعد صالة العيد إىل آخر أيام التشريق على الصحيح ‪.‬‬
‫‪ ‬ويستحب أن يأكل من هديه إذا كان هدي متتع أو قران ومن أضحيته ويهدي ويتصدق ‪ ,‬أثالثا ‪.,‬‬
‫‪ ‬ومن أراد أن يضحي ‪ ,‬فإنه إذا دخلت عشر ذي احلجة ‪ ,‬ال يأخذ من شعره وال من أظفاره شيئا إىل ذبح األضحية‪.‬‬
‫باب يف أحكام العقيقة‬
‫‪ ‬العقيقة من حق الولد على والده‪ ,‬وهي الذبيحة اليت يذحبها عنه تقربا إىل هللا تعاىل ‪.‬‬
‫‪ ‬والصحيح أهنا سنة مؤكدة ‪ ,‬وذحبها أفضل من الصدقة بثمنها‪.‬‬
‫‪ ‬ومقدار ما يذبح عن الذكر شاتان متقاربتان سنا وشبها ‪ ,‬وعن األنثى شاة واحدة‪.‬‬
‫‪ ‬ووقت ذبح العقيقة يف اليوم السابع من والدته ‪ ,‬ولو ذحبها قبل اليوم السابع أو بعده جاز ‪.‬‬
‫‪ ‬واألفضل أن يسمى يف هذا اليوم ومن مساه يف يوم والدته ‪ ,‬فال بأس ‪.‬‬
‫‪ ‬وجيزئ يف العقيقة ما جيزئ يف األضحية من حيث السن والصفة‪.‬‬
‫‪ ‬وختالف العقيقة األضحية يف كوهنا ال جيزئ فيها شرك يف دم ‪,‬فال جتزئ فيها بدنة وال بقرة إال كاملة‪.‬‬

‫كتاب اجلها‬
‫كتاب يف أحكام اجلهاد‬
‫‪ ‬شرع هللا اجلهاد يف سبيله إلعالء كلمته ونصرة دينه ودحر أعدائه‪.‬‬
‫‪ ‬واجلهاد يف سبيل هللا مشروع بالكتاب والسنة واإلمجاع ‪.‬‬
‫‪ ‬واجلهاد شرعا ‪ :‬قتال الك ّفار ‪ ,‬ويطلق اجلهاد على أعم من القتال ‪.‬‬
‫‪ ‬ويطلق اجلهاد أيضا على جماهدة النفس والشيطان والفساق‪.‬‬
‫‪ ‬واجلهاد فرض كفاية ‪.‬‬
‫‪ ‬وهو أفضل متطوع به‬
‫حاالت جيب فيها اجلهاد وجوبا عينيا وهي ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬إذا حضر القتال‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬إذا حصر بلده عدو ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬إذا احتاج إليه املسلمون يف القتال واملدافعة ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬إذا استنفره اإلمام‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ ‬وجيب على اإلمام أن يتفقد اجليش‪ ,‬ومينع من ال يصلح حلرب من رجال وخيل وحنوها‪.‬‬
‫‪ ‬وجيب على اجليش طاعته باملعروف ‪ ,‬والنصح له ‪ ,‬والصرب معه‪.‬‬
‫‪ ‬والقتال إمنا يكون بعد تبليغ الدعوة‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا كان أبواه مسلمني حرين أو أحدمها ; مل جياهد تطوعا إال بإذهنما‪.‬‬
‫‪ ‬وال جيوز قتل صيب‪ ,‬أو امرأة‪ ,‬أو راهب‪ ,‬أو شيخ فان‪ ,‬أو مريض مزمن‪ ,‬أو أعمى‪ ,‬ويكونون أرقاء بالسيب‪.‬‬
‫‪ ‬ومتلك الغنيمة باالستيالء عليها يف دار احلرب‪ .‬والغنيمة ما أخذ من مال حريب قهرا بقتال ‪.‬‬
‫كيفية توزيع الغنيمة‪ :‬أن خيرج اخلمس الذي هلل ولرسوله ‪ ,‬وسهم لقرابة الرسول صلى هللا عليه وسلم واليتامى والفقراء واملساكني‬
‫وأبناء السبيل ‪ ,‬مث يقسم األمخاس األربعة الباقية على املقاتلني ; للراجل سهم ‪ ,‬وللفارس ثالثة أسهم ‪ ,‬سهم له ‪ ,‬وسهمان‪.‬‬
‫‪ ‬وحيرم الغلول ‪ ,‬وهو كتمان شيء مما غنمه املقاتل وجيب تعزير الغال مبا يراه‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا كانت الغنيمة أرضا ;خري اإلمام بني قسمتها بني الغامنني ‪ ,‬وبني وقفها ملصاحل املسلمني ‪.‬‬
‫‪ ‬وجيوز إلمام املسلمني عقد اهلدنة مع الكفار على ترك القتال مدة معلومة بقدر احلاجة إذا كان يف عقدها مصلحة‬
‫للمسلمني‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا خاف اإلمام منهم نقضا للهدنة ; أعلن هلم انتهاء اهلدنة قبل قتاهلم ‪.‬‬
‫‪ ‬وجيوز لإلمام عقد الذمة مع أهل الكتاب وإقرارهم على دينهم ; بشرط بذهلم اجلزية‪.‬‬
‫‪ ‬وال تؤخذ اجلزية من صيب وال امرأة وجمنون وزمن وأعمى وشيخ فان ‪ ,‬وال ممن يعجز عنها ‪.‬‬
‫‪ ‬ومىت بذلوا اجلزية ; وجب قبوهلا منهم ‪ ,‬وحرم قتاهلم ‪ ,‬ووجب دفع من قصدهم بأذى ‪.‬‬

‫كتاب البيوع‬
‫باب يف أحكام البيوع‬
‫والبيع جائز بالكتاب والسنة واإلمجاع‬ ‫‪‬‬
‫وينعقد البيع بالصيغة القولية أو الصيغة الفعلية ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫والصيغة القولية ‪ :‬البائع ‪ ,‬كأن يقول ‪ :‬بعت ‪ .‬املشرتي ‪ ,‬كأن يقول ‪ :‬اشرتيت ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫والصيغة الفعلية هي املعاطاة اليت تتكون من األخذ واإلعطاء ‪ ,‬كأن يدفع إليه السلعة ‪ ,‬فيدفع له مثنها املعتاد ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وقد تكون الصيغة مركبة من القولية والفعلية ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وشرط صحة البيع يف العاقدين ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬الرتاضي منهما‪.‬‬
‫‪ ‬يشرتط يف كل أن يكون جائز التصرف ‪.‬‬
‫‪ ‬يشرتط يف كل أن يكون مالكا للمعقود عليه أو قائما مقام مالكه‬
‫ويشرتط البيع يف املعقود عليه ثالثة شروط ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ .1‬أن يكون مما يباح االنتفاع به مطلقا ; فال يصح بيع ما حيرم االنتفاع به ‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يكون مقدورا على تسليمه ‪ ,‬ال بيع مجل شارد ‪ ,‬وال طري يف اهلواء ‪.‬‬
‫‪ .3‬يشرتط يف الثمن واملثمن أن يكون كل منهما معلوما عند املتعاقدين ‪.‬‬
‫باب يف بيان البيوع املنهي عنها‬
‫ال يصح البيع وال الشراء ممن تلزمه صالة اجلمعة بعد ندائها الثاين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وكذلك بقية الصلوات املفروضة ال جيوز التشاغل عنها بعدما ينادى حلضورها يف املساجد ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وكذلك ال يصح بيع الشيء على من يستعني به على معصية هللا‪ ,‬فال يصح بيع العصري على من يتخذه مخرا ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ ‬وكذا ال جيوز وال يصح بيع سالح يف وقت الفتنة بني املسلمني ‪ .‬وال جيوز بيع عبد مسلم لكافر إذا مل يعتق عليه ‪ .‬وحيرم‬
‫بيعه على بيع أخيه املسلم‪ .‬وكذا حيرم شراؤه على شرائه ‪.‬‬
‫‪ ‬ومن البيوع احملرمة ‪ :‬بيع احلاضر للبادي ‪,‬بيع العينة وهو أن يبيع سلعة على شخص بثمن مؤجل ‪ ,‬مث يشرتيها منه بثمن‬
‫حال أقل من املؤجل ‪ ,‬كأن يبيع عليه سيارة بعشرين ألف إىل أجل ‪ ,‬مث يشرتيها منه خبمسة عشر ألفا حالة يسلمها له ‪.‬‬
‫باب يف أحكام الشروط يف البيع‬
‫الشروط يف البيع تنقسم إىل قسمني ‪ :‬صحيحة وفاسدة ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬الشروط الصحيحة ‪ :‬وهي الشروط اليت ال ختالف مقتضى العقد ‪.‬‬
‫‪ ‬والقسم الصحيح من الشروط نوعان ‪:‬‬
‫‪ .1‬النوع األول ‪ :‬شرط ملصلحة العقد‪ ,‬كاشرتاط التوثيق بالرهن ‪ ,‬أو اشرتاط الضامن ‪ ,‬واشرتاط تأجيل الثمن أو‬
‫تأجيل بعضه إىل مدة معلومة ‪.‬‬
‫‪ .2‬النوع الثاين‪ :‬أن يشرتط أحد املتعاقدين على اآلخر بذل منفعة مباحة يف املبيع ; كأن يشرتط البائع سكىن الدار‬
‫املبيعة مدة معينة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الشروط الفاسدة ‪:‬‬
‫‪ .1‬النوع األول ‪ :‬شرط فاسد يبطل العقد من أصله ‪ ,‬ومثاله أن يشرتط أحدمها على اآلخر عقدا آخر ‪ ,‬كأن يقول ‪:‬‬
‫بعتك هذه السلعة بشرط أن تؤجرين دارك ‪.‬‬
‫‪ .2‬النوع الثاين‪ :‬ما يفسد يف نفسه ‪ ,‬وال يبطل البيع ; مثل أن يشرتط املشرتي على البائع أنه إن خسر يف السلعة ردها‬
‫عليه; ألنه خيالف مقتضى العقد ‪ ,‬ألن مقتضى البيع أن يتصرف املشرتي يف السلعة تصرفا مطلقا ‪.‬‬
‫باب يف أحكام اخليار يف البيع‬
‫دين اإلسالم دين مسح شامل ‪ ,‬يراعي املصاحل والظـروف ‪ ,‬ويرفـع احلـرج واملشـقة عـن األمـة ‪ ,‬ومـن ذلـك مـا شـرعه يف البيـع مـن‬
‫إعطاء اخليار للعاقد ‪ ,‬ليرتوى يف أمره ‪.‬‬
‫‪ ‬فاخليار يف البيع معناه طلب خري األمرين من اإلمضاء أو الفسخ ‪,‬وهو مثانية أقسام ‪- :‬‬
‫‪ .1‬أوال ‪ :‬خيار اجمللس; فلكل من املتبايعني اخليار ما داما يف اجمللس ‪.‬‬
‫‪ .2‬ثانيــا ‪ :‬خيــار الشــرط بــأن يشــرتط املتعاقــدان اخليــار يف ص ــلب العقــد أو بعــد العقــد يف مــدة خيــار اجملل ــس مــدة‬
‫معلومة‪.‬‬
‫‪ .3‬ثالثا ‪ :‬خيار الغنب إذا غنب يف البيع غبنا خيرج عن العادة ; فيخري املغبون منهما بني اإلمساك والرد ‪.‬‬
‫وخليار الغ ن ثالث صور ‪:‬‬
‫‪ )1‬الصــورة األوىل ‪ :‬تلقــي الركبــان ‪ ,‬واملـراد هبــم القــادمون جللــب ســلعهم يف البلــد ‪ ,‬فــإذا تلقــاهم ‪ ,‬واشــرتى مــنهم ‪ ,‬وتبــني أنــه قــد‬
‫غبنهم غبنا فاحشا ; فلهم اخليار ‪.‬‬
‫‪ )2‬الصــورة الثانيــة‪ :‬الغــنب الــذي يكــون ســببه زيــادة النــاجش يف مثــن الســلعة ‪ ,‬والنــاجش ‪ :‬هــو الــذي يزيــد يف الســلعة وهــو ال يريــد‬
‫شراءها ‪ ,‬وإمنا يريد رفع مثنها على املشرتي ‪ ,‬وهذا عمل حمرم ‪ .‬ومن صور النجش أن يقول أعطيـت هبـا كـذا وكـذا وهـو كـاذب‬
‫‪ ,‬أو يقول ‪ :‬اشرتيتها بكذا وهو كاذب ‪.‬‬
‫‪ )3‬الصــورة الثالثــة‪ :‬غــنب املسرتســل ‪.‬واملسرتســل ‪ :‬هــو الــذي جيهــل القيمــة يعتمــد علــى صــدق البــائع لســالمة سـريرته ‪ ,‬فــإذا غــنب‬
‫غبنا فاحشا ; ثبت له اخليار " ‪.‬‬
‫‪ .4‬رابعا ‪ :‬خيار التدليس‪ .‬والتدليس ‪ :‬هو إظهار السلعة املعيبة مبظهر السليمة والتدليس حرام ‪ ,‬وتسـوغ بـه الشـريعة‬
‫للمشرتي الرد ‪.‬وهو نوعان ‪:‬‬
‫‪ ‬النوع األول ‪ :‬كتمان عيب السلعة ‪.‬‬
‫‪ ‬والنوع الثاين ‪ :‬أن يزوقها وينمقها مبا يزيد به مثنها ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ .5‬خامسا ‪ :‬خيـار العيـب‪ :‬أي اخليـار الـذي يثبـت للمشـرتي بسـبب وجـود عيـب يف السـلعة مل خيـربه بـه البـائع أو مل‬
‫يعلم به البائع ‪ ,‬لكنه تبني أنه موجود يف السلعة قبل البيع ‪ ,‬وضابط العيب الـذي يثبـت بـه اخليـار هـو مـا تـنقص‬
‫بسببه قيمة املبيع عادة أو تنقص به عينه‬
‫‪ .6‬سادسا ‪ :‬ما يسمى خبيار التخبري بالثمن وهو ما إذا باع السلعة بثمنها الذي اشرتاها به ‪.‬‬
‫‪ .٩‬ســابعا ‪ :‬خيــار يثبــت إذا اختلــف املتبايعــان يف بعــض األمــور ‪ ,‬كمــا إذا اختلفــا يف مقــدار الــثمن ‪ ,‬أو اختلفــا يف‬
‫عني املبيع ‪ ,‬أو قدره ‪ ,‬أو اختلفا يف صفته‬
‫‪ .٤‬ثامنــا ‪ :‬خيــار يثبــت للمشــرتي إذا اشــرتى شــيئا بنــاء علــى رؤيــة ســابقة ‪ ,‬مث وجــده قــد تغــريت صــفته ‪ ,‬فلــه اخليــار‬
‫حينئذ بني إمضاء البيع وفسخه ‪.‬‬
‫باب يف أحكام التصرف يف البيع قبل قبضه واإلقالة‬
‫ال يصح التصرف يف املبيع قبل قبضه إذا كان مكيال أو موزونا أو معدودا أو مذروعا باتفاق األئمة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فإذا اشرتى املسلم سلعة ‪ ,‬مل يقدم على التصرف فيها ببيع أو غريه حىت يقبضها قبضا تاما ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬ما هو القبض الصحيح الذي يسوغ للمشرتي التصرف يف السلعة ؟ فاجلواب أن قبض السلع خيتلف‬ ‫‪‬‬
‫باختالف نوعيتها ‪ ,‬وكل نوع له قبض يناسبه ‪ ,‬فإذا كان املبيع مكيال فقبضه بالكيل ‪.‬‬
‫مع حيازة هذه األشياء إىل مكان املشرتي‪ ,‬وإن كان املبيع مما ال ميكن نقله من مكانه ; كالبيوت واألراضي والثمر على‬ ‫‪‬‬
‫رءوس الشجر ‪ ,‬فقبضه حيصل بالتخلية ‪ ,‬بأن ميكن منه املشرتي ‪ ,‬وخيلى بينه وبينه ليتصرف فيه تصرف املالك ‪,‬‬
‫وتسليم الدار وحنوها بأن يفتح له باهبا أو يسلمه مفتاحها ‪.‬‬
‫باب يف بيان الربا وحكمه‬
‫والربا يف اللغة معناه الزيادة ‪ ,‬وهو يف الشرع زيادة يف أشياء خمصوصة ‪ ,‬وينقسم إىل قسمني ‪ :‬ربا النسيئة ‪ ,‬وربا الفضل ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫بيان ربا النسيئة‪ :‬وربا النسيئة مأخوذ من النسء ‪ ,‬وهو التأخري ‪ ,‬وهو نوعان ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ )1‬أحدمها‪ :‬زاد هذا يف األجل وزاد هذا يف املال ‪ ,‬فيتضاعف املال يف ذمة املدين ‪ ,‬فحرم ‪.‬‬
‫‪ )2‬ثانيهما ‪ :‬ما كان يف بيع كل جنسني اتفقا يف علة ربا الفضل مع تأثري قبضهما أو قبض أحدمها ; كبيع الذهب‬
‫بالذهب ‪ ,‬والفضة بالفضة ‪ ,‬وكذا بيع جنس جبنس من هذه املذكورات مؤجال ‪.‬‬
‫بيان ربا الفضل ‪ :‬وهو عبارة عن الزيادة يف أحد العوضني ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬وقد نص الشارع على حترميه يف ستة أشياء هي ‪ :‬الذهب ‪ ,‬والفضة ‪ ,‬والرب ‪ ,‬والشعري ‪ ,‬والتمر ‪ ,‬وامللح ‪ ,‬فإذا‬
‫بيع أحد هذه األشياء جبنسه ‪ ,‬حرم التفاضل بينهما قوال واحدا‪.‬‬
‫والصحيح أن العلة يف النقدين الثمنية ‪ ,‬فيقاس عليهما كل ما جعل أمثانا ; كاألوراق النقدية املستعملة يف هذه األزمنة ‪,‬‬ ‫‪‬‬
‫فيحرم فيها التفاضل إذا بيع بعضها ‪.‬‬
‫والصحيح أن العلة يف بقية األصناف الستة الرب والشعري والتمر وامللح هي الكيل أو الوزن ‪ ,‬مع كوهنا مطعومة ‪ ,‬فيتعدى‬ ‫‪‬‬
‫احلكم إىل ما شاركوا يف تلك العلة مما يكال أو يوزن وهو مما يطعم ‪.‬‬
‫كل ما شرك هذه األشياء الستة كبيع بر برب مثال ‪ ,‬حرم فيه التفاضل والتأجيل وإن احتدت العلة مع اختالف اجلنس ‪,‬‬ ‫‪‬‬
‫كالرب بالشعري ; حرم فيه التأجيل ‪ ,‬وجاز فيه التفاضل‬
‫فإذا بيع نقد جبنسه ; كذهب بذهب ‪ ,‬أو فضة بفضة ‪ ,‬أو ورق نقدي جبنسه ; كدوالر مبثله ‪ ,‬أو دراهم ورقية سعودية‬ ‫‪‬‬
‫مبثلها ; وجب حينئذ التساوي يف املقدار والتقابض يف اجمللس ‪.‬‬
‫وإن بيع نقد بنقد من غري جنسه ; كدراهم سعودية ورقية بدوالرات أمريكية مثال ‪ ,‬وكذهب بفضة ; وجب حينئذ شيء‬ ‫‪‬‬
‫واحد ‪ ,‬وهو احللول والتقابض يف اجمللس ‪ ,‬وجاز التفاضل يف املقدار‪.‬‬
‫باب يف أحكام بيع األصول‬
‫األصول هي الدور واألراضي واألشجار ‪ ,‬وما يتبع تلك األصول إذا بيعت مما يتعلق هبا ; فيكون للمشرتي ‪ ,‬وما ال‬ ‫‪‬‬
‫يتبعها فقد يبيع اإلنسان شيئا من ماله ‪ ,‬وهذا الشيء يتعلق به توابع ومكمالت ومرافق ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ ‬فإذا باع دارا ; مشل البيع بناءها وسقفها ‪ ,‬ألن ذلك كله داخل يف مسمى الدار‪ ,‬كاألبواب املنصوبة ‪ ,‬والسالمل ‪,‬‬
‫والرفوف املسمرة هبا ‪ ,‬واآلليات املركبة فيها‪ ,‬وخزانات املياه املدفونة يف األرض ‪ ,‬أو املثبتة فوق السطوح ‪ ,‬واألنابيب‬
‫املمدودة لتوزيع املاء‪ ,‬ويشمل البيع أيضا ما يف الدار من أشجار وزراعة ‪ ,‬وما أقيم فيها من مظالت ‪.‬‬
‫‪ ‬أما ما كان مودعا يف الدار وما هو منفصل عنها ; فال يشمله البيع ; كاألخشاب ‪ ,‬واحلبال ‪ ,‬واألواين ‪ ,‬والفرش‬
‫املنفصلة ‪ ,‬وما دفن يف أرضها للحفظ ; كاحلجارة ‪ ,‬والكنوز ‪ ,‬وغريها ‪ ,‬فكل هذه األشياء ال يشملها البيع ‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا باع أرضا ‪ ,‬مشل البيع كل ما هو متصل هبا ‪.‬‬
‫‪ ‬وكذا لو باع بستانا ; مشل البيع أرضه ‪ ,‬وشجره ‪ ,‬وحيطانه ‪ ,‬وما فيه من منازل ‪ ,‬ولو باع أرضا فيها زرع ال حيصد إال‬
‫مرة ‪ ,‬كالرب والشعري ‪ ,‬فهو للبائع ‪ ,‬وال يشمله العقد ‪ ,‬وإن كان يف األرض املبيعة زرع جيز مرارا ‪ ,‬كالقث ‪ ,‬أو يلقط مرارا‬
‫; كالقثاء والباذجنان ‪ ,‬فإن أصوله تكون ملشرتي األرض تبعا لألرض ‪ ,‬وأما اجلزة واللقطة الظاهرتان عند البيع ‪ ,‬فإهنما‬
‫تكونان للبائع ‪.‬‬
‫‪ ‬وكل ما ذكر من هذا التفصيل فيما يتبع البائع وما يتبع املشرتي عند بيع األصول إذا مل يوجد شرط بينهما ‪ ,‬أما إذا‬
‫وجد شرط يلحق هذه األشياء بأحدمها دون اآلخر ; وجب العمل به ‪.‬‬
‫‪ ‬ومن باع خنال قد أبّر طلعه ‪ ,‬فثمره للبائع ‪ ,‬والتأبري هو التلقيح ‪ ,‬ومثل النخل يف هذا احلكم شجر العنب والتوت‬
‫والرمان ‪ ,‬إذا بيع بعد ظهور مثره ; كان مثره للبائع ‪.‬‬
‫باب يف أحكام بيع الثمار‬
‫‪ ‬إذا بيعت هذه الثمار دون أصوهلا ; فإنه ال يصح ذلك قبل بدو صالحها ‪.‬‬
‫‪ ‬وكذا ال جيوز بيع الزرع قبل اشتداد ‪.‬‬
‫‪ ‬إذا بيعت منفردة فإن ذلك جيوز ‪ ,‬وذلك يف ثالث صور ‪:‬‬
‫‪ -‬الصورة األوىل ‪ :‬إذا بيع الثمر قبل بدو صالحه بأصوله ; بأن يبيع الثمر مع الشجر ‪ ,‬فيصح ذلك ‪ ,‬ويدخل الثمر تبعا ‪.‬‬
‫‪ -‬الصورة الثانية ‪ :‬إذا بيع الثمر قبل بدو صالحه أو الزرع األخضر ملالك األصل ; أي ‪ :‬مالك الشجر أو مالك األرض‪.‬‬
‫‪ -‬الصورة الثالثة ‪ :‬بيع الثمر قبل بدو صالحه والزرع قبل اشتداد حبه بشرط القطع يف احلال ‪ ,‬مع االنتفاع هبما إذا قطعا ‪.‬‬
‫باب يف وضع اجلوائح‬
‫‪ ‬فإذا بيعت الثمرة بعد بدو صالحها ‪ ,‬فأصيبت بآفة مساوية أتلفتها يتمكن املشرتي من أخذها حىت أصيبت وتلفت ‪ ,‬فإن‬
‫املشرتي يرجع على البائع ‪ ,‬ويسرتد منه الثمن الذي دفعه له ‪ ,‬فإن تلفت كلها ; رجع املشرتي بالثمن كله ‪ ,‬وإن تلف بعضها ‪,‬‬
‫رجع املشرتي على البائع فيما يقابله من الثمن ‪ ,‬وإذا كان التالف يسريا ال ينضبط ; فإنه يفوت على املشرتي ‪ ,‬وال يكون من‬
‫مسئولية البائع ‪ ,‬إذا تلفت بفعل آدمي بنحو حريق; خيري املشرتي بني فسخ البيع ومطالبة البائع مبا دفع من الثمن ‪.‬‬
‫باب فيما يتبع املبيع وما ال يتبعه‬
‫‪ ‬من باع عبدا أو دابة ‪ ,‬تبع املبيع ما على العبد من ثياب العادة‪ ,‬وما على الدابة من اللجام واملقود والنعل‪ ,‬ومامل جتر العادة‬
‫بتبعيته للمبيع كمال العبد وما عليه من ثياب اجلمال; فهذا ال يتبع املبيع ‪.‬‬
‫‪ ‬فإذا اشرتط املشرتي دخول املال الذي مع العبد يف البيع ‪.‬‬
‫باب يف أحكام السلم‬
‫‪ ‬هو عقد على موصوف يف الذمة مؤجل بثمن مقبوض يف جملس ‪.‬‬
‫ويشرتط لصحة السلم شروط‪:‬‬
‫‪ )1‬انضباط صفات السلعة املسلم فيها ‪ ,‬فال يصح السلم فيما ختتلف صفاته; كالبقول‪ ,‬واجللود‪ ,‬واألواين املختلفة‪ ,‬واجلواهر‪.‬‬
‫‪ )2‬ذكر جنس املسلم فيه ونوعه ‪ ,‬فاجلنس كالرب ‪ ,‬والنوع كـ(السلموين) مثال ‪.‬‬
‫‪ )3‬ذكر قدر املسلم فيه بكيل أو وزن أو ذرع ‪.‬‬
‫‪ )4‬ذكر أجل معلوم ‪.‬‬
‫‪ )5‬أن يوجد املسلم فيه غالبا يف وقت حلول أجله ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ )6‬أن يقبض الثمن تاما معلوم املقدار يف جملس العقد ‪.‬‬
‫‪ )٩‬أن يكون املسلم فيه غري معني ‪ ,‬بل يكون دينا يف الذمة ‪.‬‬
‫‪ ‬ال جيوز بيع السلعة املسلم فيها قبل قبضها‪.‬‬
‫‪ ‬إذا تعذر وجود املسلم فيه وقت حلوله فلم حتمل الشجر تلك السنة ; فلرب الصرب إىل أن يوجد أو الفسخ ويطالب برأس ماله ‪.‬‬
‫باب يف أحكام القرض‬
‫‪ ‬دفع مال ملن ينتفع به ويرد بدله‬
‫‪ ‬ويشرتط لصحة القرض أن يكون املقرض ممن يصح تربعه ; فال جيوز لويل اليتيم مثال أن يقرض من مال اليتيم ‪ ,‬وكذلك يشرتط‬
‫معرفة قدر املال املدفوع يف القرض ‪ ,‬ومعرفة صفته ; ليتمكن من رد بدله إىل صاحبه ‪.‬‬
‫‪ ‬وحيرم على املقرض أن يشرتط على املقرتض زيادة يف القرض فال جيوز ملقرض قبول هدية وال غريها من املنافع من املقرتض إذا‬
‫كان هذا بسبب القرض ‪.‬‬
‫‪ ‬أن الزيادة املمنوع أخذها يف القرض هي الزيادة املشرتطة ; كأن يقول ‪ :‬أقرضك كذا بشرط أن ترد املال بزيادة كذا وكذا ‪.‬‬
‫‪ ‬لو بذل املقرتض الزيادة من ذات نفسه وبدافع منه ‪ ,‬بدون اشرتاط من املقرض ‪ ,‬فال مانع من أخذ الزيادة حينئذ ‪.‬‬
‫‪ ‬إذا بذل املقرتض للمقرض نفعا معتادا قبل القرض ومل يكن الدافع إليه هو القرض ‪ ,‬فال مانع من قبوله‪.‬‬
‫باب يف أحكام الرهن‬
‫‪ ‬توثقة دين بعني ميكن استيفاؤه منها أو من مثنها ‪ ,‬أي ‪ :‬جعل عني مالية وثيقة بدين ‪.‬‬
‫‪ ‬والرهن جائز بالكتاب والسنة واإلمجاع ‪.‬‬
‫‪ ‬ويشرتط لصحة الرهن معرفة قدره وجنسه وصفته ‪ ,‬وأن يكون الراهن جائز التصرف ‪ ,‬مالكا للمرهون ‪ ,‬أو مأذونا له فيه ‪.‬‬
‫‪ ‬وجيوز لإلنسان أن يرهن مال نفسه على دين غريه ‪.‬‬
‫‪ ‬ويشرتط يف العني املرهونة أن تكون مما يصح بيعه ‪.‬‬
‫‪ ‬ويصح اشرتاط الرهن يف صلب العقد‪.‬‬
‫‪ ‬وجيوز أن يرهن نصيبه من عني مشرتكة بينه وبني غريه‪ .‬وجيوز رهن املبيع على مثنه ; ألن مثنه دين يف الذمة ‪ ,‬فإذا اشرتى دارا أو‬
‫سيارة مثال بثمن مؤجال وحال مل يقبض ; فله رهنها حىت يسدد له الثمن ‪.‬‬
‫‪ ‬وال ينفذ تصرف أحد الطرفني املرهتن أو الراهن يف العني املرهونة إال بإذن الطرف اآلخر‪.‬‬
‫‪ ‬وأما االنتفاع بالرهن فحسب ما يتفقان عليه ‪ :‬فإن اتفقا على تأجريه أو غريه ‪ ,‬جاز ‪ ,‬وإن مل يتفقا ; بقي معطال حىت يفك‬
‫الرهن ‪ .‬وميكن الراهن من عمل ما فيه إصالح للرهن ‪ ,‬كسقي الشجر ‪ ,‬وتلقيحه ‪ ,‬ومداواته ‪ ,‬ألن ذلك مصلحة للرهن ‪.‬‬
‫‪ ‬ومناء الرهن املتصل و مناؤه املنفصل كالولد والثمرة والصوف وكسبه ‪ :‬ملحق به ‪ ,‬يكون رهنا معه ‪ ,‬ويباع معه لوفاء الدين ‪.‬‬
‫‪ ‬ومؤنة الرهن من طعامه وعلف الدواب وعمارته وغري ذلك على الراهن ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن تلف بعض الرهن وبقي بعضه ‪ ,‬فالباقي رهن جبميع الدين ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن وىف بعض الدين ‪ ,‬مل ينفك شيء من الرهن حىت يسدده كله ‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا حل الدين الذي به رهن وجب على املدين تسديده كالدين الذي ال رهن به ‪ .‬فإن امتنع من الوفاء جيربه احلاكم حبسه‬
‫وعزره حىت يويف أو يبيع الرهن ويسدد من قيمته ‪ ,‬فإن امتنع ‪ ,‬فإن احلاكم يبيع الرهن ‪ ,‬ويويف الدين من مثنه ‪.‬‬
‫‪ ‬إذا كان حيوانا حيتاج إىل نفقة وكان يف قبضة املرهتن‪ ,‬له أن يركبه وينفق عليه إن كان يصلح للركوب ‪ ,‬وحيلبه وينفق عليه باب‬
‫يف أحكام الضمان‬
‫‪ ‬التزام ما وجب على غريه ‪ ,‬مع بقائه على مضمون عنه ‪.‬‬
‫‪ ‬ويشرتط لصحته أن يكون الضامن جائز التصرف ‪ ,‬ألنه حتمل مال ‪ ,‬ويشرتط رضاه أيضا ‪ ,‬فإن أكره على الضمان ; مل يصح‪.‬‬
‫‪ ‬والضمان عقد إرفاق يقصد به نفع املضمون وإعانته ; فال جيوز أخذ العوض عليه ‪.‬‬
‫‪ ‬ويصح الضمان بلفظ ‪ :‬أنا ضمني ‪ ,‬أو ‪ :‬أنا قبيل ‪ ,‬أو ‪ :‬أنا محيل ‪ ,‬أو ‪ :‬أنا زعيم ‪ ,‬وبلفظ ‪ :‬حتملت دينك ‪ ,‬أو ‪ :‬ضمنته ‪ ,‬أو‬
‫‪ :‬هو عندي ‪ ,‬وبكل لفظ يؤدي معىن الضمان‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫ولصاحب احلق أن يطالب من شاء من الضامن أو املضمون ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ذمة الضامن ال تربأ إال إذا برئت ذمة املضمون عنه من الدين بإبراء أو قضاء ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫جيوز تعدد الضامنني فيجوز أن يضمن احلق اثنان فأكثر ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ال يشرتط يف صحته معرفة الضامن للمضمون عنه ‪ ,‬كأن يقول ‪ :‬من استدان منك ; فأنا ضمني ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يصح ضمان املعلوم ‪ ,‬يصح ضمان عهدة املبيع بأن يضمن الثمن إذا ظهر املبيع مستحقا لغري البائع ‪ .‬جيوز ضمان ما جيب‬ ‫‪‬‬
‫على الشخص ‪ ,‬كأن يضمن ما يلزمه من دين وحنوه ‪.‬‬
‫باب يف أحكام الكفالة‬
‫الكفالة هي التزام إحضار من عليه حق مايل لربه ‪ .‬وال تصح الكفالة ببدن من عليه حد ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويشرتط لصحة الكفالة أن تكون برضى الكفيل ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويربأ الكفيل مبوت املكفول املتعذر إحضاره ويربأ كذلك بتسليم املكفول نفسه لرب احلق ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫جيوز ضمان معرفة الشخص كما لو جاء إنسان ليستدين من إنسان ‪ ,‬فقال ‪ :‬أنا ال أعرفك فال أعطيك ‪ .‬فقال شخص آخر ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫أعرفك من هو وأين هو ; فإنه يلزم بإحضاره إذا غاب ‪ ,‬وال يكفي أن يذكر امسه ومكانه ‪.‬‬ ‫أنا أضمن لك معرفته ‪ ,‬أي ‪ِّ :‬‬
‫باب يف أحكام احلوالة‬
‫نقل دين من ذمة إىل ذمة أخرى ‪ ,‬وتصح احلوالة بشروط ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ )1‬الشرط األول ‪ :‬أن تكون على دين مستقر يف ذمة احملال عليه ‪.‬‬
‫‪ )2‬الشرط الثاين ‪ :‬اتفاق الدينني احملال به واحملال عليه ‪.‬‬
‫‪ )3‬الشرط الثالث ‪ :‬رضى املحيل ألن احلق عليه ‪.‬‬
‫باب يف أحكام الوكالة‬
‫هي‪ :‬استنابة جائز التصرف مثلها فيما تدخله النيابة‬ ‫‪‬‬
‫تنعقد بكل قول يدل على اإلذن ; كـ ‪ :‬افعل كذا ‪ ,‬أو ‪ :‬أذنت لك يف فعل كذا ‪ .‬وتصح الوكالة مؤقتة ومعلقة بشرط ; كأن‬ ‫‪‬‬
‫يقول ‪ :‬أنت وكيلي شهرا‪ .‬فال تنعقد بقوله ‪ :‬وكلت أحد هذين ‪ ,‬أو بتوكيل من ال يعرفه ‪.‬‬
‫تصح الوكالة يف كل ما تدخله النيابة من حقوق هللا من العبادات ; كالصدقة‪ ,‬وإخراج الزكاة‪ ,‬والنذر‪ ,‬والكفارة‪ ,‬واحلج‪ ,‬والعمرة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يصح التوكيل يف كل ما تدخله النيابة من حقوق اآلدميني من العقود والفسوخ ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فالعقود‪ :‬مثل البيع والشراء واإلجارة والقرض واملضاربة‪.‬‬
‫والفسوخ‪ :‬كالطالق واخللع والعتق واإلقالة ‪.‬‬
‫ما ال تدخله النيابة من حقوق هللا تعاىل‪ ,‬فال يصح التوكيل فيه‪ ,‬وهو العبادات البدنية; كالصالة والصوم والطهارة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وتصح الوكالة يف إثبات احلدود واستيفائها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وليس للوكيل أن يوكل فيما وّكِل فيه ‪ ,‬إال يف مسائل ‪ ,‬وهي ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫إذا أجاز له املوكل ذلك ; بأن يقول ‪ :‬وّكِل إذا شئت ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إذا كان العمل املوكل فيه ال يتواله مثله ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إذا عجز عن العمل الذي وكل فيه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إذا كان ال حيسن العمل الذي وكل فيه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ال جيوز له أن يوكل إال أمينا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫والوكالة عقد جائز من الطرفني غري الزم ‪ ,‬فلكل واحد منهما فسخها يف أي وقت شاء ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تبطل بفسخ أحدمها أو موته أو جنونه املطبق ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن له التصرف يف شيء ; فله التوكيل والتوكل فيه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن وكل يف بيع أو شراء ; مل يبع ومل يشرت من نفسه ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ ‬يتعلق باملوكل حقوق العقد من تسليم الثمن وقبض املبيع والرد بالعيب وضمان الدرك ‪ ,‬والوكيل يف البيع يسلم املبيع وال يستلم‬
‫الثمن بغري إذن املوكل أو قرينة ‪.‬‬
‫‪ ‬الوكيل أمني ال يضمن ما تلف بيده من غري تفريط وال تعد‪.‬‬
‫‪ ‬ويقبل قول الوكيل فيما وكل فيه من بيع وإجارة ‪.‬‬
‫باب يف أحكام احلجر‬
‫‪ ‬احلجر هو ‪ :‬منع إنسان من تصرفه يف ماله ‪ ,‬واحلجر نوعان ‪:‬‬
‫‪ .3‬النوع األول ‪ :‬حجر على اإلنسان ألجل حظ غريه ‪ ,‬كاحلجر على املفلس حلظ الغرماء ‪.‬‬
‫‪ .4‬النوع الثاين ‪ :‬حجر على اإلنسان ألجل مصلحته هو ; لئال يضيع ماله ويفسده ‪ ,‬كاحلجر على الصغري والسفيه واجملنون ‪.‬‬
‫أوال‪ :‬احلجر على اإلنسان حلظ غريه‪:‬‬
‫‪ o‬من عليه دين حال ال يتسع له ماله املوجود ‪ ,‬فيمنع من التصرف يف ماله ; لئال يضر بأصحاب الديون ‪ .‬أما املدين املعسر‬
‫‪ ,‬جيب إنظاره ‪.‬‬
‫‪ o‬من له قدرة على وفاء دينه ; فإنه ال جيوز احلجر عليه ‪ ,‬لعدم احلاجة إىل ذلك ‪.‬‬
‫ويتعلق باحلجر عليه أربعة أحكام ‪:‬‬
‫‪ )1‬احلكم األول ‪ :‬أنه يتعلق حق الغرماء مباله املوجود قبل احلجر ‪ ,‬فال ينفذ تصرف احملجور عليه يف ماله بعد احلجر‬
‫بأي نوع من أنواع التصرف ‪.‬‬
‫‪ )2‬احلكم الثاين ‪ :‬أن من وجد عني ماله الذي باعه عليه أو أقرضه إياه أو أجره إياه قبل احلجر عليه; فله أن يرجع به‬
‫ويسحبه من عند املفلس ‪.‬‬
‫‪ ‬يشرتط لرجوع من وجد ماله عند املفلس احملجور عليه ستة شروط ‪:‬‬
‫‪ )1‬الشرط األول‪ :‬كون املفلس حيا إىل أن يأخذ ماله منه ‪.‬‬
‫‪ )2‬الشرط الثاين‪ :‬بقاء مثنها كله يف ذمة املفلس ‪.‬‬
‫‪ )3‬الشرط الثالث‪ :‬بقاء العني كلها يف ملك املفلس ‪.‬‬
‫‪ )4‬الشرط الرابع‪ :‬كون السلعة حباهلا ‪ ,‬مل يتغري شيء من صفاهتا ‪.‬‬
‫‪ )5‬الشرط اخلامس‪ :‬كون السلعة مل يتعلق هبا حق الغري‪.‬‬
‫‪ )6‬الشرط السادس‪ :‬كون السلعة مل تزد زيادة متصلة كالسمن‪.‬‬
‫‪ ‬فإذا توافرت هذه الشروط ‪ ,‬جاز لصاحب السلعة أن يسحبها إذا ظهر إفالس من هي عنده ‪.‬‬
‫‪ )3‬احلكم الثالث ‪ :‬انقطاع املطالبة عنه بعد احلجر عليه إىل أن ينفك عنه احلجر‪.‬‬
‫‪ )4‬احلكم الرابع‪ :‬أن احلاكم يبيع ما له ‪ ,‬ويقسم مثنه بقدر ديون غرمائه احلالة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬احلجر على اإلنسان حلظ نفسه حبفظ ماله وتوفريه له ‪.‬‬
‫‪ ‬ويزول احلجر عن الصغري بأمرين ‪:‬‬
‫‪ ‬األمر األول ‪ :‬البلوغ ‪ :‬ويعرف ذلك بعالمات ‪.‬‬
‫‪ )3‬بلوغه مخس عشرة سنة ‪.‬‬ ‫‪ )1‬إنزاله املين يقظة أو مناما ‪.‬‬
‫‪ )4‬وتزيد اجلارية احليض ‪.‬‬ ‫‪ )2‬إنبات الشعر اخلشن حول قبله‬
‫‪ ‬األمر الثاين‪ :‬الرشد ‪ :‬وهو الصالح يف املال ‪.‬‬
‫‪ ‬ويزول احلجر عن اجملنون بأمرين‬
‫‪ )1‬األول ‪ :‬زوال اجلنون ورجوع العقل إليه‬
‫‪ )2‬والثاين ‪:‬أن يكون رشيدا‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫ويزول عن السفيه بزوال السفه واتصافه بالرشد ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويتوىل مال كل من هؤالء الثالثة حال احلجر أبوه إذا كان عدال رشيدا ; لكمال شفقته ‪ ,‬مث من بعد األب وصيه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإذا كان ويل اليتيم فقريا ; فله أن يأكل من مال اليتيم قدر أجرته لقاء ما يقدمه من خدمة ملاله ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫باب يف أحكام الصلح‬
‫الصلح ‪ :‬معاقدة يتوصل هبا إىل إصالح بني متخاصمني ‪ ,‬والصلح اجلائز هو العادل ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أنواع الصلح مخسة ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ )1‬الصلح بني املسلمني وأهل احلرب ‪.‬‬
‫‪ )2‬صلح بني أهل العدل وأهل البغي من املسلمني ‪.‬‬
‫‪ )3‬صلح بني الزوجني‪.‬‬
‫‪ )4‬إصالح بني متخاصمني يف غري املال‬
‫‪ )5‬إصالح بني متخاصمني يف األموال‪ ,‬ينقسم إىل قسمني ‪:‬‬
‫‪ )1‬األول ‪ :‬صلح عن إقرار وهو نوعان ‪:‬‬
‫‪ .1‬نوع يقع على جنس احلق ‪.‬‬
‫‪ ‬فالذي يقع على جنسه مثل ما إذا أقر له بدين معلوم أو بعني مالية يف يده ‪ ,‬فصاحله على أخذ‬
‫بعض الدين وإسقاط بقيته ‪ .‬أقر لك بشرط أن تعطيين أو تعوضين كذا ‪ .‬مل يصح ; ألن صاحب‬
‫احلق له املطالبة جبميع احلق ‪.‬‬
‫‪ ‬ويشرتط لصحة هذا النوع أن ال مينعه حقه بدونه ‪.‬‬
‫‪ ‬ويشرتط أن يكون صاحب احلق ممن يصح تربعه ‪.‬‬
‫‪ .2‬ونوع يقع على غري جنسه‬
‫‪ ‬والنوع الثاين أن يصاحل عن احلق بغري جنسه ; كما لو اعرتف له بدين أو عني ‪ ,‬مث تصاحلا على‬
‫أن يأخذ عوضا من غري جنسه ‪.‬‬
‫‪ )2‬والثاين ‪ :‬صلح عن إنكار ‪.‬‬
‫‪ ‬ومعناه أن يدعي شخص على آخر بعني له عنده ; أو بدين يف ذمته له ‪ ,‬فيسكت املدعى عليه وهو جيهل‬
‫حال أو مؤجل ‪ ,‬فيصح الصلح يف هذه احلالة يف قول أكثر أهل‬ ‫املدعى به ‪ ,‬مث يصاحل املدعي عن دعواه مبال ّ‬
‫العلم ‪.‬‬
‫‪ ‬ويصح الصلح عن احلق كحساب بينهما مضى عليه زمن طويل ‪ ,‬وال علم لكل منهما عما عليه لصاحبه ‪.‬‬
‫‪ ‬ويصح الصلح عن القصاص بالدية احملددة شرعا أو أقل أو أكثر ‪.‬‬
‫‪ ‬وال يصح الصلح عن احلدود ألهنا شرعت للزجر ‪ ,‬وألهنا حق هلل تعاىل وحق للمجتمع ‪.‬‬
‫باب يف أحكام اجلوار والطرقات‬
‫‪ ‬وال جيوز أن حيدث اإلنسان يف ملكه ما يضر جباره ‪ ,‬كحمام أو خمبز أو مطبخ أو مقهى يتعدى ضرره ‪ ,‬أو مصنع يقلق‬
‫جاره ‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا كان بينه وبني جاره جدار مشرتك ‪ ,‬حرم أن يتصرف فيه بفتح طاق أو غرز وتد إال بإذنه‪.‬‬
‫‪ ‬فال جيوز مضايقة املسلمني يف طرقاهتم بل جيب إفساح الطريق ‪ ,‬وإماطة األذى عنه ‪.‬‬
‫‪ ‬وال جيوز أن حيدث يف ملكه ما يضايق الطريق ; كأن يبين فوق الطرق سقفا مينع مرور الركبان واألمحال ‪.‬‬
‫‪ ‬وال جيوز له أن يتخذ موقفا لدابته أو سيارته بطريق املارة ‪.‬‬
‫‪ ‬ومينع يف الطريق الغرس والبناء واحلفر ووضع احلطب والذبح فيها وطرح القمامة والرماد وغري ذلك مما فيه ضرر على املارة‬
‫‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫باب يف أحكام الشفعة‬
‫والشفعة‪ :‬استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه ممن انتقلت إليه بعوض مايل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فيأخذ الشفيع نصيب شريكه البائع بثمنه الذي استقر عليه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فيجب على املشرتي أن يسلم الشقص املشفوع فيه إىل الشافع بالثمن الذي تراضيا عليه‬ ‫‪‬‬
‫والشفعة حق شرعي ‪ ,‬جيب احرتامه ‪ ,‬وحيرم التحيل إلسقاطه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن احليل أن يظهر أنه وهب نصيبه آلخر ‪ ,‬وهو قد باعه عليه لريفع الثمن يف الظاهر حىت ال يتمكن من دفعه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الشفعة هي األرض اليت مل جتر قسمتها ‪ ,‬ويتبعها ما فيها من غراس وبناء ‪ ,‬فإن جرت قسمة األرض‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫والشفعة إمنا تثبت باملطالبة هبا فور علمه بالبيع ‪ ,‬فإن مل يطلبها وقت علمه بالبيع ‪ ,‬سقطت ‪ ,‬فإن مل يعلم بالبيع ‪ ,‬فهو‬ ‫‪‬‬
‫على شفعته ‪ ,‬ولو مضى عدة سنني‪.‬‬
‫وتثبت الشفعة للشركاء على قدر ملكهم ; ألنه حق يستفاد بسبب امللك‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫كتاب الشركات‬
‫باب يف أحكام الشراكة وأنواع الشركات‬
‫‪ ‬جتوز مشاركة املسلم للكافر بشرط أن ال ينفرد الكافر بالتصرف ‪ ,‬بل يكون بإشراف‬
‫‪ ‬والشركة تنقسم إىل قسمني ‪ :‬شركة أمالك وشركة عقود ‪.‬‬
‫‪ -‬فشركة األمالك هي اشرتاك يف استحقاق ‪ ,‬كاالشرتاك يف متلك عقار أو متلك مصنع ‪.‬‬
‫‪ -‬وشركة العقود هي االشرتاك يف التصرف ‪ ,‬كاالشرتاك يف البيع أو الشراء أو التأجري ‪.‬‬
‫وهي مخسة أنواع ‪:‬‬
‫‪ ‬أن يكون االشرتاك يف املال والعمل ‪ ,‬وهذا النوع يسمى شركة العنان ‪.‬‬
‫‪ ‬اشرتاك يف مال من جانب وعمل من جانب آخر ‪ ,‬وهذا ما يسمى باملضاربة ‪.‬‬
‫‪ ‬اشرتاك يف التحمل بالذمم دون مال ‪ ,‬وهذا ما يسمى بشركة الوجوه ‪.‬‬
‫‪ ‬اشرتاك فيما يكسبان بأبداهنما ‪ ,‬وهذا ما يسمى بشركة األبدان ‪.‬‬
‫‪ ‬اشرتاك يف كل ما تقدم ‪ ,‬بأن يفوض أحدمها إىل اآلخر كل تصرف مايل وبدين ‪ ,‬ويسمى هذا النوع بشركة املفاوضة ‪.‬‬
‫باب يف أحكام شركة العنان‬
‫‪ )1‬مسيت بذلك لتساوي الشريكني يف املال والتصرف‪.‬‬
‫‪ )2‬فحقيقة شركة العنان أن يشرتك شخصان فأكثر مباليهما ‪ ,‬حبيث يصريان ماال واحدا يعمالن فيه بيديهما ‪ ,‬أو يعمل فيه‬
‫أحدمها ويكون له من الربح أكثر من نصيب اآلخر ‪.‬‬
‫‪ )3‬وحكمه هبذا االعتبار جائزة باإلمجاع ‪.‬‬
‫‪ )4‬وينفذ تصرف كل من الشريكني يف مال الشركة حبكم امللك يف نصيبه والوكالة يف نصيب شريكه ‪.‬‬
‫‪ )5‬جيوز أن يكون رأس مال الشركة من النقدين املضروبني ‪.‬‬
‫‪ )6‬كون رأس املال يف شركة العنان من العروض ‪ ,‬الصحيح‬
‫‪ )٩‬ويشرتط لصحة شركة العنان أن يشرتطا لكل من الشريكني جزءا من الربح مشاعا معلوما كالثلث والربع ‪ ,‬فال يتميز نصيب‬
‫كل منهما إال باالشرتاط والتحديد ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫باب يف أحكام شركة املضاربة‬
‫‪ ‬واملضاربة هي ‪ :‬دفع مال معلوم ملن يتجر به ببعض رحبه ‪ ,‬وهذا النوع جائز باإلمجاع ‪.‬‬
‫‪ ‬وتعيني مقدار نصيب العامل من الربح يرجع إليهما ‪ :‬فلو قال رب املال للعامل ‪ :‬اجتر به والربح بيننا ; صار لكل منهما نصف‬
‫الربح‪ ,‬وإن قال رب املال للعامل ‪ :‬اجتر به ويل ثالثة أرباع رحبه أو ثلثه ‪ ,‬أو قال له ‪ :‬اجتر به ولك ثالثة أرباع رحبه أو ثلثه صح‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا فسدت املضاربة فرحبها يكون لرب املال ‪.‬‬
‫‪ ‬وتصح املضاربة مؤقتة بوقت حمدد بأن يقول رب املال ‪ :‬ضاربتك على هذه الدراهم ملدة سنة ‪.‬‬
‫‪ ‬وتصح املضاربة معلقة بشرط ; كأن يقول‪ :‬إذا جاء شهر كذا ; فضارب هبذا املال ‪.‬‬
‫‪ ‬وال جيوز للعامل أن يأخذ مضاربة من شخص آخر إذا كان ذلك يضر باملضارب األول إال بإذنه ‪ ,‬وذلك كأن يكون املال الثاين‬
‫كثريا يستوعب وقت العامل فيشغله عن التجارة مبال األول ‪ ,‬أو يكون مال املضارب األول كثريا يستوعب وقته ‪ ,‬فإن أذن‪ ,‬أو‬
‫مل يكن عليه ضرر ; جاز ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن ضارب العامل آلخر مع ضرر األول بدون إذنه ; فإنه يرد حصته من رحبه يف مضاربته مع الثاين يف شركته مع املضارب‬
‫األول ‪ ,‬فيدفع لرب املضاربة الثانية نصيبه من الربح‪ ,‬ويضم لربح املضاربة األوىل ‪ ,‬ويقسم بينه وبني صاحبها‪.‬‬
‫‪ ‬وال ينفق العامل من مال املضاربة ال لسفر وال لغريه ; إال إذا اشرتط على صاحب املال ذلك ‪.‬‬
‫‪ ‬وال يقسم الربح يف املضاربة قبل إهناء العقد بينهما إال برتاضيهما ‪.‬‬
‫‪ ‬والعامل أمني جيب عليه أن يتقي هللا فيما ويل عليه ‪ ,‬ويقبل قوله فيما يدعيه من تلف أو خسران ‪ ,‬ويصدق فيما يذكر أنه اشرتاه‬
‫لنفسه ال للمضاربة أو اشرتاه للمضاربة ال لنفسه ‪.‬‬
‫باب يف شركات الوجوه واألبدان واملفاوضة‬
‫أوال ‪ :‬شركة الوجوه ‪:‬‬
‫‪ ‬شركة الوجوه هي أن يشرتك اثنان فأكثر فيما يشرتيان بذمتيهما ‪ ,‬وما رحبا فهو بينهما على ما شرطاه‪.‬‬
‫‪ ‬وكل واحد من الشريكني وكيل عن صاحبه وكفيل عنه بالثمن ‪.‬‬
‫‪ ‬ومقدار ما ميلكه كل واحد منهما من هذه الشركة على حسب الشرط ‪ ,‬من مناصفة ‪ ,‬أو أقل ‪ ,‬أو أكثر ‪.‬‬
‫‪ ‬ويتحمل كل واحد من اخلسارة على قدر ما ميلك يف الشركة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬شركة األبدان‬
‫‪ ‬أن يشرتك اثنان فأكثر فيما يكتسبان بأبداهنما‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا مت االتفاق بينهم فما تقبله أحدهم من عمل ; لزم بقية الشركاء فعله ‪.‬‬
‫‪ ‬وتصح شركة األبدان ولو اختلفت صنائع املشرتكني ; كخياط مع حداد ‪.‬‬
‫‪ ‬وتصح شركة األبدان يف متلك املباحات كاالحتطاب ‪ ,‬ومجع الثمار املأخوذة من اجلبال ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن مرض أحد شركاء األبدان ; فالكسب الذي حتصل عليه اآلخر بينهما ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن طالب الصحيح املريض بأن يقيم مقامه من يعمل ; لزمه ذلك‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬شركة املفاوضة‪:‬‬
‫‪ ‬أن يفوض كل من الشركاء إىل صاحبه كل تصرف مايل وبدين من أنواع الشركة ‪.‬‬
‫‪ ‬والربح يوزع يف هذه الشركة على ما شرطوا ‪ ,‬ويتحملون من اخلسارة على قدر ملك كل منهم ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫كتاب املزارعة واملساقاة واإلجارة‬
‫باب يف أحكام املزارعة واملساقاة‬
‫‪ ‬فاملساقاة ‪ :‬دفع شجر مغروس أو شجر غري مغروس مع أرض إىل من يغرسه فيها ويقوم بسقيه وما حيتاج إليه حىت يثمر ‪ ,‬ويكون‬
‫للعامل جزء مشاع من مثر ذلك الشجر والباقي ملالكه ‪.‬‬
‫‪ ‬واملزارعة ‪ :‬دفع أرض ملن يزرعها ‪ ,‬أو دفع أرض وحب ملن يزرعه فيها ويقوم عليه ‪ ,‬جبزء مشاع منه ‪ ,‬والباقي ملالك األرض‪.‬‬
‫‪ ‬يشرتط لصحة املساقاة أن يكون الشجر املساقى عليه له مثر يؤكل فال يصح على شجر ال مثر له ‪ ,‬أو له مثر ال يؤكل‪.‬‬
‫‪ ‬ومن شروط تقدير نصيب العامل أو املالك جبزء معلوم مشاع من الثمرة ; كالثلث والربع ‪.‬‬
‫‪ ‬ال بد من حتديد مدهتا ‪ ,‬ولو طالت ‪ ,‬مع بقاء الشجر ‪.‬‬
‫‪ ‬ويلزم العامل كل ما فيه صالح الثمرة ; من حرث ‪ ,‬وسقي ‪ ,‬وإزالة ما يضر الشجر والثمرة ‪.‬‬
‫‪ ‬وعلى صاحب الشجر ما حيفظ األصل كحفر البئر ‪ ,‬وبناء احليطان ‪ ,‬وتوفري املاء ‪ ..‬وحنو ذلك ‪.‬‬
‫‪ ‬وليس دفع احلب مع األرض شرطا يف صحة املزارعة ‪ ,‬فلو دفع إليه األرض فقط ليزرعها العامل ببذر من عنده ; صح ذلك‬
‫‪ ‬ويشرتط لصحة املزارعة بيان مقدار ما للعامل أو لصاحب األرض من الغلة‪.‬‬
‫باب يف أحكام اإلجارة‬
‫‪ ‬عقد على منفعة مباحة من عني معينة أو موصوفة يف الذمة مدة معلومة ‪ ,‬أو على عمل معلوم بعوض معلوم ‪.‬‬
‫اإلجارة على نوعني ‪:‬‬
‫‪ ‬النوع األول ‪ :‬أن تكون اإلجارة على منفعة عني معينة أو عني موصوفة ‪ :‬مثال املعينة ‪ :‬آجرتك هذه الدار ‪ ,‬ومثال املوصوفة‬
‫‪ :‬آجرتك بعريا صفته كذا للحمل أو الركوب ‪.‬‬
‫‪ ‬النوع الثاين ‪ :‬أن تكون على أداء عمل معلوم ; كأن حيمله إىل موضع ‪ ,‬أو يبين له جدارا ‪.‬‬
‫‪ ‬ويصح استئجار اآلدمي لعمل معلوم كخياطة ثوب ‪ ,‬وبناء جدار ‪ ,‬أو ليدله على طريق ‪.‬‬
‫‪ ‬وال جيوز تأجري الدور والدكاكني واحملالت للمعاصي‪.‬‬
‫‪ ‬وجيوز للمستأجر أن يؤجر ما استأجره آلخر يقوم مقامه يف استيفاء املنفعة‪.‬‬
‫‪ ‬وال تصح اإلجارة على أعمال العبادة والقربة كاحلج ‪ ,‬واألذان ‪.‬‬
‫ما يلزم كال من املؤجر واملستأجر‬
‫‪ ‬فيلزم املؤجر بذل كل ما يتمكن به املستأجر من االنتفاع باملؤجر ‪ ,‬كإصالح السيارة املؤجرة وهتيئتها للحمل والسري ‪.‬‬
‫‪ ‬وعلى املستأجر عندما ينتهي أن يزيل ما حصل بفعله ‪.‬‬
‫وينفسخ عقد اإلجارة بأمور ‪:‬‬
‫‪ ‬أوال ‪ :‬إذا تلفت العني املؤجرة ‪.‬‬
‫‪ ‬ثانيا ‪:‬وتنفسخ اإلجارة أيضا بزوال الغرض الذي عقدت من أجله ; كما لو استأجر طبيبا ليداويه فربئ‪.‬‬
‫‪ ‬ومن استؤجر لعمل شيء فمرض أقيم مقامه من ماله من يعمله نيابة عنه ‪ ,‬إال إذا اشرتط مباشرته العمل بنفسه ‪.‬‬
‫‪ ‬واألجري على قسمني خاص ومشرتك ‪ :‬فاألجري اخلاص هو من استؤجر مدة معلومة يستحق نفعه‪ ,‬فاألجري اخلاص ال يضمن‬
‫ما جنت يده خطأ ; كما لو انكسرت اآللة اليت يعمل هبا ‪ ,‬وإن تعدى أو فرط ; ضمن ما تلف ‪.‬‬
‫باب يف أحكام السبق‬
‫‪ ‬املسابقة ‪ :‬هي اجملاراة بني حيوان وغريه ‪.‬‬
‫‪ ‬وجيوز السباق على األقدام وسائر احليوانات واملراكب‪.‬‬
‫‪ ‬وال جتوز املسابقة على عوض إال يف املسابقة على اإلبل واخليل والسهام ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫يشرتط لصحة املسابقة مخسة شروط‬
‫‪ )1‬الشرط األول‪ :‬تعيني املركوبني يف املسابقة بالرؤية ‪.‬‬
‫‪ )2‬الشرط الثاين‪ :‬احتاد املركوبني يف النوع ‪ ,‬وتعيني الرماة ‪.‬‬
‫‪ )3‬الشرط الثالث‪ :‬حتديد املسافة ‪ ,‬ليعلم السابق واملصيب ‪.‬‬
‫‪ )4‬الشرط الرابع‪ :‬أن يكون العوض معلوما مباحا ‪.‬‬
‫‪ )5‬الشرط اخلامس ‪ :‬اخلروج عن شبه القمار ‪ ,‬بأن يكون العوض من غري املتسابقني ‪.‬‬
‫املسابقة املباحة على نوعني‬
‫‪ ‬النوع األول ‪ :‬ما يرتتب عليه مصلحة شرعية ; كالتدرب على اجلهاد ‪ ,‬والتدرب على مسائل العلم‪.‬‬
‫‪ ‬النوع الثاين ‪:‬ما كان املقصود منه اللعب الذي ال مضرة فيه ‪.‬‬
‫‪ )1‬األول جيوز أخذ العوض عليه بشروطه السابقة‪.‬‬
‫‪ )2‬الثاين مباح بشرط أن ال يشغل عن واجب أو يلهي عن ذكر هللا وعن الصالة ‪ ,‬وهذا النوع ال جيوز أخذ العوض عليه ‪.‬‬
‫باب يف أحكام العارية‬
‫‪ )1‬العارية إباحة نفع عني يباح االنتفاع هبا وتبقى بعد استيفاء املنفعة لريدها إىل مالكها ‪.‬‬
‫ويشرتط لصحة اإلعارة أربعة شروط‬
‫‪ -‬أهلية املعري للتربع ‪.‬‬
‫‪ -‬أهلية املستعري للتربع له‪.‬‬
‫‪ -‬كون نفع العني املعارة مباحا ‪.‬‬
‫‪ -‬كون العني املعارة مما ميكن االنتفاع به مع بقائه‪.‬‬
‫‪ )2‬و للمعري اسرتجاع العارية مىت شاء إال إذا ترتب على ذلك اإلضرار باملستعري ‪.‬‬
‫‪ )3‬وجيب على املستعري احملافظة على العارية‪.‬‬
‫‪ )4‬فإن استعملها يف غري ما استعريت له فتلفت ; وجب عليه ضماهنا ‪.‬‬
‫‪ )5‬وإن تلفت يف انتفاع هبا باملعروف ; مل يضمنها املستعري ‪.‬‬
‫‪ )6‬وال جيوز للمستعري أن يعري العني املعارة‪.‬‬
‫باب يف أحكام الغصب‬
‫‪ ‬الغصب‪ :‬االستيالء على حق غريه قهرا بغري حق وهو حمرم بإمجاع املسلمني ‪.‬‬
‫‪ ‬املغصوب قد يكون عقارا وقد يكون منقوال ‪ ,‬فيلزم الغاصب أن يتوب إىل هللا عز وجل ‪ ,‬ويرد املغصوب إىل صاحبه ‪,‬‬
‫ويطلب منه العفو ‪.‬‬
‫‪ ‬الغاصب قد بىن يف األرض املغصوبة أو غرس فيها لزمه قلع البناء والغراس إذا طالبه املالك بذلك ‪ .‬ويلزمه دفع أجرهتا منذ أن‬
‫غصبها إىل أن سلمها ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن غصب شيئا وحبسه حىت رخص سعره ضمن نقصه على الصحيح ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن خلط املغصوب مع غريه مما يتميز ‪ -‬كحنطة بشعري ‪ ; -‬لزم الغاصب ختليصه ورده ‪ ,‬وإن خلطه مبا ال يتميز ‪ -‬كما لو‬
‫خلط حنطة مبثلها ‪ ; -‬لزمه رد مثله كيال أو وزنا من غري املخلوط ‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا كان املغصوب مما جرت العادة بتأجريه لزم الغاصب أجرة مثله مدة بقائه بيده ‪.‬‬
‫‪ ‬وكل تصرفات الغاصب احلكمية باطلة ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن غصب شيئا‪ ,‬وجهل صاحبه‪ ,‬ومل يتمكن من رده إليه; سلمه إىل احلاكم الذي يضعه يف موضعه الصحيح ‪ ,‬أو تصدق‬
‫به عن صاحبه ‪ ,‬صار ثوابه لصاحبه ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫‪ ‬وليس اغتصاب األموال مقصورا على االستيالء عليها بالقوة ‪ ,‬بل ذلك يشمل االستيالء عليها بطريق اخلصومة الباطلة‬
‫واألميان الفاجرة ‪.‬‬
‫باب يف أحكام اإلتالفات‬
‫فمن أتلف ماال لغريه فإنه جيب عليه ضمانه ‪ ,‬وكذلك من تسبب يف إتالف مال‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وكذا لو أوقف سيارة يف الطريق ‪ ,‬فنتج عن ذلك أن اصطدم هبا سيارة أخرى أو شخص ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ولو اقتىن كلبا عقورا فاعتدى على املارة وعقر أحدا فإنه يضمنه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإن حفر بئرا يف فنائه ملصلحته ; ضمن ما تلف هبا ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإذا كان له هبائم ‪ ,‬وجب عليه حفظها يف الليل من إفساد زروع الناس ‪ ,‬فإن تركها وأفسدت شيئا ضمنه‪ ,‬فال يضمن صاحب‬ ‫‪‬‬
‫البهيمة ما أتلفت بالنهار ‪ ,‬وإذا كانت البهيمة بيد راكب أو قائد أو سائق ; ضمن جنايتها مبقدمها ; كيدها وفمها ‪ ,‬ال ما جنت‬
‫مبؤخرها كرجلها ‪.‬‬
‫وإذا صال عليه آدمي أو هبيمة ‪ ,‬ومل يندفع إال بالقتل فقتله ; فال ضمان عليه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ال ضمان يف إتالفه آالت اللهو‪ ,‬والصليب‪ ,‬وأواين اخلمر‪ ,‬وكتب الضالل واخلالعة واجملون ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫باب يف أحكام الوديعة‬
‫الوديعة وهي شرعا ‪ :‬اسم للمال املودع عند من حيفظه بال عوض ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويشرتط لصحة اإليداع من البلوغ والعقل والرشد‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويستحب قبول الوديعة ملن علم من نفسه أنه ثقة قادر على حفظها ألن يف ذلك ثوابا جزيال‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن أحكام الوديعة أهنا إذا تلفت عند املودع ومل يفرط ‪ ,‬فإنه ال يضمنها‪ .‬أما املعتدي على الوديعة أو املفرط يف حفظها ; فإنه‬ ‫‪‬‬
‫يضمنها إذا تلفت‪.‬‬
‫ومن أحكام الوديعة أنه جيب على املودع حفظها يف حرز مثلها كما حيفظ ماله‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإذا كانت الوديعة دابة ; لزم املودع إعالفها ‪ ,‬فلو قطع العلف عنها بغري أمر صاحبها ‪ ,‬فتلفت ; ضمنها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وجيوز للمودع أن يدفع الوديعة إىل من حيفظ ماله عادة ; كزوجته وعبده وخازنه وخادمه ‪ ,‬وإن تلفت عند أحد من هؤالء من غري‬ ‫‪‬‬
‫تعد وال تفريط ; مل يضمن‪ .‬أما لو سلما إىل أجنيب منه ومن صاحبها ‪ ,‬فتلفت ; ضمنها املودع‪.‬‬
‫وإن حصل خوف ‪ ,‬أو أراد املودع أن يسافر ‪ ,‬فإنه جيب عليه رد الوديعة إىل صاحبها أو وكيله ‪ ,‬فإن مل جيد حيملها معه يف السفر‬ ‫‪‬‬
‫إذا كان ذلك أحفظ هلا ‪ ,‬فإن مل يكن السفر أحفظ هلا ; دفعها إىل احلاكم‪.‬‬
‫والتعدي على الوديعة يوجب ضماهنا إذا تلفت‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫واملودع أمني تقبل قوله إذا ادعى أنه ردها إىل صاحبها أو من يقوم مقامه ‪ ,‬ويقبل قوله أيضا إذا ادعى أهنا تلفت من غري تفريطه‬ ‫‪‬‬
‫مع ميينه‪.‬‬
‫ولو طلب منه صاحب الوديعة ردها إليه ‪ ,‬فتأخر من غري عذر حىت تلفت ; ضمنها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫باب يف أحكام إحياء املوات‬
‫‪ ‬األرض املنفكة عن االختصاصات وملك معصوم‪ ,‬فإذا خلت األرض عن ملك معصوم واختصاصه‪ ,‬وأحياها شخص;‬
‫ملكها املوات ميلك باإلحياء ‪.‬‬

‫وحيصل إحياء املوات بأمور‬


‫‪ )1‬األول ‪:‬إذا أحاطه حبائط منيع مما جرت العادة به ; فقد أحياه ‪.‬‬
‫‪ )2‬الثاين ‪ :‬إذا حفر يف األرض املوات بئرا ‪ ,‬فوصل إىل مائها ; فقد أحياها ‪.‬‬
‫‪ )3‬الثالث ‪ :‬إذا أوصل إىل األرض املوات ماء أجراه من عني أو هنر ‪ ,‬فقد أحياها ‪.‬‬
‫‪ )4‬الرابع ‪:‬إذا حبس عن األرض املوات املاء الذي كان يغمرها وال تصلح معه للزراعة ‪ ,‬فحبسه عنها حىت أصبحت صاحلة‬
‫لذلك ‪ ,‬فقد أحياها ‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫وإلمام املسلمني إقطاع األرض املوات ملن حيييها‪ .‬وإذا كان مير بأمالك الناس ماء مباح كماء النهر وماء الوادي ‪ ,‬فلألعلى‬ ‫‪‬‬
‫أن يسقي منه وحيبس املاء إىل الكعب مث يرسله لألسفل ممن يليه ‪ ,‬ويفعل الذي يليه كذلك مث يرسله ملن بعده ‪.‬‬
‫أما إن كان املاء مملوكا ; فإنه يقسم بني املالك بقدر أمالكهم‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإلمام املسلمني أن حيمي مرعى ملواشي بيت مال املسلمني ‪ ,‬كخيل اجلهاد ‪ ,‬وإبل الصدقة ; ما مل يضرهم بالتضييق عليهم‬ ‫‪‬‬
‫‪.‬‬
‫باب يف أحكام اجلعالة‬
‫بأن جيعل شيئا معلوما من املال ملن يعمل له عمال معلوما ‪ ,‬كبناء حائط ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫واجلعالة عقد جائز لكل من الطرفني فسخها فإن كان الفسخ من العامل ‪ ,‬مل يستحق شيئا من اجلعل من عمل لغريه عمال‬ ‫‪‬‬
‫بعري جعل وال إذن من صاحب العمل مل يستحق شيئا ; ألنه بذل منفعة من غري عوض ‪ ,‬فلم يستحقه إال أنه يستثىن من‬
‫ذلك شيآن ‪:‬‬
‫‪ )1‬األول ‪ :‬إذا كان العامل قد أعد نفسه للعمل باألجرة كالدالل واحلمال وحنومها ; فإنه إذا عمل عمال بإذن يستحق‬
‫األجرة ‪ ,‬لداللة العرف على ذلك ‪.‬‬
‫‪ )2‬الثاين ‪ :‬من قام بتخليص متاع غريه من هلكة; كإخراجه من البحر أو وجده يف مهلكة يذهب لو تركه‪ ,‬فله أجرة املثل‬
‫فإذا ضل مال عن صاحبه ‪ ,‬فال خيلو من ثالث حاالت ‪:‬‬
‫‪ .1‬احلالة األوىل ‪ :‬أن يكون مما ال تتبعه مهة أوساط الناس ; كالسوط ‪ ,‬والرغيف ‪ ,‬والثمرة ‪ ,‬والعصا ‪ ,‬فهذا ميلكه‬
‫آخذه وينتفع به بال تعريف ‪.‬‬
‫‪ .2‬احلالة الثانية ‪ :‬أن يكون مما ميتنع من صغار السباع ‪ :‬إما لضخامته كاإلبل واخليل والبقر والبغال ‪ ,‬وإما لطريانه‬
‫كالطيور ‪ ,‬وإما لسرعة عدوها كالظباء ‪ ,‬وإما لدفعها عن نفسها بناهبا كالفهود ‪ ,‬فهذا القسم بأنواعه حيرم التقاطه ‪,‬‬
‫وال ميلكه آخذه بتعريفه ‪.‬‬
‫‪ .3‬احلالة الثالثة ‪ :‬أن يكون امل ال الضال من سائر األموال ; كالنقود واألمتعة وما ال ميتنع من صغار السباع ; كالغنم‬
‫والفصالن والعجول ‪ ,‬فهذا القسم إن أمن واجده نفسه عليه ; جاز له التقاطه‪ ,‬وهو ثالثة أنواع ‪:‬‬
‫‪ )1‬النوع األول ‪ :‬حيوان مأكول ‪ ,‬كفصيل وشاة ودجاجة ‪ ..‬فذا يلزم واجده إذا أخذه األحظ ملالكه‬
‫‪ o‬أحدها ‪ :‬أكله وعليه قيمته يف احلال ‪.‬‬
‫‪ o‬الثاين ‪ :‬بيعه واالحتفاظ بثمنه لصاحبه بعد معرفة أوصافه ‪.‬‬
‫‪ o‬الثالث ‪ :‬حفظه واإلنفاق عليه من ماله ‪ ,‬وال ميلكه ‪ ,‬ويرجع بنفقته على مالكه إذا جاء واستلمه ‪.‬‬
‫‪ )2‬النوع الثاين ‪ :‬ما خيشى فساده ‪ ,‬كبطيخ وفاكهة ‪ ,‬فيفعل امللتقط األحظ ملالكه من أكله ودفع قيمته ملالكه ‪,‬‬
‫وبيعه وحفظ مثنه حىت يأيت مالكه‪.‬‬
‫‪ )3‬النوع الثالث‪ :‬سائر األموال ما عدا القسمني السابقني ; كالنقود واألواين ‪ ,‬فيلزمه حفظ اجلميع أمانة بيده‪.‬‬
‫‪ ‬وال جيوز له أخذ اللقطة بأنواعها إال إذا أمن نفسه عليها وقوي على تعريف ما حيتاج إىل تعريف‪.‬‬

‫يلزم حنو اللقطة أمور ‪:‬‬


‫‪ .1‬فال يقدم على أخذها إال إذا عرف من نفسه األمانة يف حفظها والقوة على تعريفها بالنداء عليها حىت يعثر على صاحبها ‪.‬‬
‫‪ .2‬ال بد له قبل أخذها من ضبط صفاهتا مبعرفة وعائها ووكائها وقدرها وجنسها وصنفها ‪.‬‬
‫‪ .3‬ال بد من النداء عليها وتعريفا حوال كامال يف األسبوع األول كل يوم مث ما جرت به العادة ‪.‬‬
‫‪ .4‬إذا جاء طالبها ‪ ,‬فوصفها مبا يطابق وصفها ; وجب دفعها إليه بال بينة وال ميني ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ .5‬إذا مل يأت صاحبها بعد تعريفها حوال كامال; تكون ملكا لواجدها‪ ,‬ولكن جيب عليه قبل التصرف فيها ضبط صفاهتا; حبيث لو‬
‫جاء صاحبها يف أي وقت‪ ,‬ووصفها; ردها عليه إن كانت موجودة‪ ,‬أو رد بدهلا إن مل تكن موجودة ‪.‬‬
‫‪ .6‬واختلف العلماء يف لقطة احلرم‪ :‬فبعضهم يرى أهنا متلك بذلك; لعموم األحاديث‪ ,‬وذهب الفريق اآلخر إىل أهنا ال متلك‪ ,‬بل‬
‫جيب تعريفها دائما ‪ ,‬وال ميلكها ‪.‬‬
‫‪ .٩‬من ترك حيوانا بفالة النقطاعه بعجزه عن املشي أو عجز صاحبه عنه ملكه آخذه ‪.‬‬
‫‪ .٤‬إذا وجد الصيب والسفيه‪ ,‬فأخذمها فإن وليه يقوم مقامه بتعريفه ‪ ,‬ويلزمه أخذها منهما; ألهنما ليسا بأهل لألمانة واحلفظ ‪.‬‬
‫‪ .٧‬لو أخذها من موضع مث ردها فيه ; ضمنها ‪.‬‬
‫باب يف أحكام اللقيط‬
‫‪ ‬أحكام اللقيط هلا عالقة كبرية بأحكام اللقطة ‪ ,‬إذ اللقطة ختتص باألموال الضائعة ‪ ,‬واللقيط هو اإلنسان الضائع‪ .‬فيجب على‬
‫من وجده أن يأخذه وجوبا كفائيا ‪ ,‬إذا قام به من يكفي ‪.‬‬
‫‪ ‬واللقيط حر يف مجيع األحكام ; ألن احلرية هي األصل ‪.‬‬
‫‪ ‬وما وجد معه من املال أو وجد حوله ; ف هو له ‪ ,‬عمال بالظاهر ; وألن يده عليه ‪ ,‬فينفق عليه منه ملتقطه باملعروف ‪ ,‬لواليته‬
‫عليه ‪ ,‬وإن مل يوجد معه شيء ; أنفق عليه من بيت املال ‪.‬‬
‫‪ ‬إن وجد يف دار اإلسالم أو يف بلد كفار يكثر فيها املسلمون‪ ,‬فهو مسلم ‪ ,‬وإن وجد يف بلد كفار خالصة ‪ ,‬أو يقل فيها عدد‬
‫املسلمني فهو كافر تبعا للدار وحضانته تكون لواجده إذا كان أمينا ‪.‬‬
‫‪ ‬فإن كان واجده ال يصلح حلضانته ; لكونه فاسقا أو كافرا واللقيط مسلم; مل يقر بيده; النتفاء والية الفاسق والكافر على‬
‫املسلم‪ .‬وال تقر حضانته بيد واجده إذا كان بدويا يتنقل يف املواضع ‪.‬‬
‫‪ ‬ومرياث اللقيط إذا مات وديته إذا جين عليه مبا يوجب الدية يكونان لبيت املال إذا مل يكن له من يرثه من ولده ووليه يف القتل‬
‫العمد العدوان اإلمام‪ .‬وإن جين عليه فيما دون النفس عمدا ; انتظر بلوغه ورشده ليقتص عند ذلك أو يعفو ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن أقر رجل أو أقرت امرأة بأن اللقيط ولده أو ولده احلق به ; ألن يف ذلك مصلحة له باتصال نسبه ‪ ,‬وال مضرة على غريه فيه‬
‫; بشرط أن ينفرد بادعائه نسبه ‪ ,‬وأن ميكن كونه منه ‪ ,‬وإن ادعاه مجاعة ; قدم ذو البينة ‪.‬‬
‫باب يف أحكام الوقف‬
‫‪ ‬الوقف هو حتبيس األصل وتسبيل املنفعة ‪ ,‬وحكم الوقف أنه قربة مستحب يف اإلسالم ‪.‬‬
‫‪ ‬ويشرتط أن يكون الواقف جائز التصرف ‪ ,‬بأن يكون بالغا حرا رشيدا‪.‬‬
‫وينعقد الوقف بأحد أمرين‬
‫‪ )1‬األول ‪ :‬القول الدال على الوقف ; كأن يقول ‪ :‬وقفت هذا املكان ‪ ,‬أو جعلته مسجدا ‪.‬‬
‫‪ )2‬الثاين ‪ :‬الفعل الدال على الوقف يف عرف الناس ‪ -‬كمن جعل داره مسجدا‪.‬‬
‫وألفاظ التوقيف قسمان ‪:‬‬
‫‪ .1‬القسم األول ‪ :‬ألفاظ صرحية ‪ ,‬كأن يقول ‪ :‬وقفت ‪ ,‬وحبست ‪ ,‬وسبلت ‪ ,‬ومسيت صرحية ; ألهنا ال حتتمل غري الوقف ‪.‬‬
‫‪ .2‬والقسم الثاين ‪ :‬ألفاظ كناية ; كأن يقول ‪ :‬تصدقت ‪ ,‬وحرمت ‪ ,‬وأبدت ‪ .. .‬مسيت كناية ألهنا حتتمل معىن الوقف‬
‫وغريه ‪ ,‬فمىت تلفظ بواحد من هذه األلفاظ ; اشرتط اقرتان نية الوقف معه ‪.‬‬
‫ويشرتط لصحة الوقف شروط وهي ‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون الواقف جائز التصرف ‪ ,‬بأن يكون بالغا حرا رشيدا‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يكون املوقوف مما ينتفع به انتفاعا مستمرا مع بقاء عينه ‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يكون املوقوف معينا ‪.‬‬
‫‪ .4‬أن يكون الوقف على بر ‪.‬‬
‫‪ ‬ويشرتط لصحة الوقف إذا كان على معني أن يكون ذلك املعني ميلك ملكا ثابتا ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫أن يكون منجزا ; فال يصح الوقف املؤقت وال املعلق ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫جيب العمل بشرط الواقف إذا كان ال خيالف الشرع‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فإن مل يشرتط شيئا‪ ,‬استوى يف االستحقاق الغين والفقري والذكر واألنثى من املوقوف عليهم ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وجيب على الناظر أن يتقي هللا وحيسن الوالية على الوقف‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإذا وقف على أوالده استوى الذكور واإلناث يف االستحقاق ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ولو قال ‪ :‬وقف على أبنائي ‪ ,‬أو ‪ :‬بين فالن ‪ ,‬اختص الوقف بذكورهم‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لكن إذا وقف على مجاعة ميكن حصرهم وجب تعميمهم والتسوية بينهم ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫والوقف من العقود الالزمة مبجرد القول ; فال جيوز فسخه ألنه مؤبد ‪ ,‬وال يباع ‪ ,‬وال يناقل به ; إال أن تتعطل منافعه بالكلية‬ ‫‪‬‬
‫‪ ,‬كدار اهندمت ومل متكن عمارهتا من ريع الوقف ‪ ,‬أو أرض زراعية خربت وعادت مواتا ‪.‬‬
‫وإن كان الوقف مسجدا‪ ,‬فتعطل كأن خربت حملته ; فإنه يباع ويصرف مثنه يف مسجد آخر‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإذا وقف على معني ; كما لو قال ‪ :‬هذا وقف على زيد ‪ ,‬يعطى منه كل سنة مائة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫باب يف أحكام اهلبة والعطية‬
‫اهلبة ‪ :‬هي التربع من جائز التصرف يف حياته لغريه مبال معلوم‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وتلزم اهلبة إذا قبضها املوهوب له بإذن الواهب فليس له الرجوع فيها ‪ ,‬أما قبل القبض ; فله الرجوع‬ ‫‪‬‬
‫وتصح به الدين ملن هو يف ذمته ‪ ,‬ويعترب ذلك إبراء له ‪ ,‬وجيوز هبة كل ما جيوز بيعه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وال تصح اهلبة املعلقة على شرط مستقبل كأن يقول ‪ :‬إذا حصل كذا ; فقد وهبتك كذا ‪ .‬وال تصح اهلبة مؤقتة ‪ ,‬كأن يقول‬ ‫‪‬‬
‫‪ :‬وهبتك كذا شهرا أو سنة ‪ .‬وال جيوز لإلنسان أن يهب لبعض أوالده ويرتك بعضهم أو يفضل بعضهم على بعض يف اهلبة ‪.‬‬
‫حرم عليه الرجوع فيها وسحبها منه ‪.‬‬
‫كما أن للوالد أن يأخذ وميتلك من مال ولده ما ال يضر الولد وال حيتاجه ‪ .‬وليس للوالد أن يتملك من مال الولد ما يضره‬ ‫‪‬‬
‫أو تتعلق به حاجته ‪ .‬وليس للولد مطالبة أبيه بدين وحنوه ‪.‬‬
‫واهلدية تذهب احلقد وجتلب احملبة ‪ ,‬وال ينبغي رد اهلدية وإن قلت ‪ ,‬وتسن اإلثابة عليها ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫كتاب النكاح‬
‫باب يف أحكام النكاح‬
‫النكاح يرتتب عليه مصاحل عظيمة‪:‬‬
‫‪ ‬منها بقاء النسل البشري ‪ ,‬وتكثري عدد املسلمني ‪ ,‬وإغاظة الكفار بإجناب اجملاهدين يف سبيل هللا واملدافعني عن دينه‬
‫‪ ‬ومنها ‪ :‬إعفاف الفروج ‪ ,‬وإحصاهنا ‪ ,‬وصيانتها من االستمتاع احملرم ‪.‬‬
‫‪ ‬ومنها ‪ :‬قيام الزوج على املرأة بالرعاية واإلنفاق ‪.‬‬
‫‪ ‬ومنها ‪ :‬حصول السكن واألنس بني الزوجني ‪ ,‬وحصول الراحة النفسية ‪.‬‬
‫‪ ‬ومنها ‪ :‬أنه محاية للمجتمعات البشرية من الوقوع يف الفواحش‪.‬‬
‫‪ ‬ومنها ‪ :‬حفظ األنساب ‪ ,‬وترابط القرابة واألرحام بعضها ببعض ‪.‬‬
‫‪ ‬ومنها ‪ :‬الرتفع ببين اإلنسان عن احلياة البهيمية‪.‬‬
‫‪ ‬ويباح ملن عنده املقدرة واألمن من احليف أن يتزوج بأكثر من واحدة ‪.‬‬
‫‪ ‬وإباحة تعدد الزوجات من حماسن هذه الشريعة ‪ ,‬ملا فيه من املصاحل العظيمة ألن كثرة عدد النساء عن عدد الرجال ‪.‬‬
‫‪ ‬و ما يعرتي املرأة من احليض والنفاس ‪ ,‬فلو منع الرجل من التزوج بأخرى ; ملرت عليه فرتات كثرية حيرم فيها من املتعة واإلجناب‪.‬‬
‫االستمتاع باملرأة استمتاعا كامال ومثمرا ينتهي ببلوغها سن اليأس ‪ ,‬خبالف الرجل ‪ ,‬فنه يستمر صالحيته لالستمتاع واإلجناب‬
‫إىل سن اهلرم ‪ ,‬فلو قصر على واحدة ; لفات عليه خري كثري ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫قصر الرجل على امرأة واحدة يرتك كثريا من النساء ال عائل هلن ‪ ,‬وبالتايل يفضي هذا إىل الفساد اخللقي ‪ ,‬وضياع كثري من‬ ‫‪‬‬
‫النساء‪.‬‬
‫احلكم الشرعي على مخسة أنواع ‪ :‬تارة يكون واجبا ‪ ,‬وتارة مستحبا ‪ ,‬وتارة حراما ‪ ,‬وتارة مكروها ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫فيكون واجبا على من خياف على نفسه الزنا إذا تركه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فيستحب النكاح مع وجود الشهوة وعدم اخلوف من الزىن‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويباح النكاح مع عدم الشهوة وامليل إليه ; كالعنني والكبري‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وحيرم النكاح على املسلم إذا كان يف دار كفار حربيني ألن فيه تعريضا لذريته للخطر واستيالء الكفار عليهم‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويسن نكاح املرأة الدينة ذات العفاف واألصل ‪ ,‬ويسن اختيار الزوجة الولود‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫باب يف أحكام اخلطبة‬
‫يف النظر إىل ما يظهر من املخطوبة غالبا ‪ ,‬وأن يكون ذلك من غري علمها ‪ ,‬ومن غري خلوة هبا ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن استشري يف خاطب أو خمطوبة ; وجب عليه أن يذكر ما فيهمن مساوئ وغريها ‪,‬‬ ‫‪‬‬
‫وحيرم التصريح خبطبة املعتدة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وحترم خطبته على خطبة أخيه املسلم ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫باب يف عقد النكاح وأركانه وشروطه‬
‫يستحب عند إرادة عقد النكاح تقدمي خطبة قبله‬ ‫‪‬‬
‫وأما أركان عقد النكاح فهي ثالثة ‪:‬‬
‫‪ .1‬وجود الزوجني اخلاليني من املوانع اليت متنع صحة النكاح ‪.‬‬
‫‪ .2‬حصول اإلجياب ‪ ,‬وهو اللفظ الصادر من الويل أو من يقوم مقامه ; بأن يقول‪ :‬زوجتك فالنة أو أنكحتكها ‪.‬‬
‫‪ .3‬حصول القبول ‪ ,‬وهو اللفظ الصادر من الزوج أو من يقوم مقامه ; بأن يقول ‪ :‬قبلت هذا النكاح‪.‬‬
‫‪ ‬وينعقد النكاح من أخرس بكتابة أو إشارة مفهومة‬
‫‪ ‬وإذا حصل اإلجياب والقبول ; انعقد النكاح ‪ ,‬ولو كان املتلفظ هازال مل يقصد معناه حقيقة‬
‫‪ ‬وأما شروط صحة النكاح فهي أربعة ‪:‬‬
‫‪ )1‬الشرط األول ‪ :‬تعيني كل من الزوجني ‪.‬‬
‫‪ )2‬الشرط الثاين‪ :‬رضى كل من الزوجني باآلخر‪.‬‬
‫‪ )3‬الشرط الثالث ‪ :‬أن يعقد على املرأة وليها‬
‫‪ )4‬الشرط الرابع ‪ :‬الشهادة على عقد النكاح‪.‬‬
‫باب الكفاءة يف النكاح‬
‫‪ ‬الكفاءة ‪ :‬واملراد هبا هنا املساواة بني الزوجني يف مخسة أشياء ‪:‬‬
‫‪ .1‬الدين ; فال يكون الفاجر والفاسق كفء العفيفة العدل‬
‫‪ .2‬املنصب ‪ ,‬وهو النسب ; فال يكون العجمي ‪ -‬وهو من ليس من العرب ‪ -‬كفء العربية ‪.‬‬
‫‪ .3‬احلرية ; فال يكون العبد وال املبعض كفء احلرة‪.‬‬
‫‪ .4‬الصناعة ; فال يكون صاحب صناعة دنيئة كاحلجام واحلائك كفء بنت من هو صاحب صناعة جليلة كالتاجر ‪.‬‬
‫‪ .5‬اليسار باملال حبسب ما جيب هلا من املهر والنفقة ; فال يكون املعسر كفء املوسرة ‪.‬‬
‫‪ ‬فإذا اختلف أحد الزوجني من هذه األمور اخلمسة ‪ ,‬فقد انتفت الكفاءة ‪ ,‬وذلك ال يؤثر على صحة النكاح ; ألن الكفاءة‬
‫ليست شرطا يف صحته ; ولكن تكون الكفاءة شرطا للزوم النكاح فقط‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫باب يف احملرمات يف النكاح‬
‫‪ ‬احملرمات يف النكاح قسمان ‪:‬‬
‫‪ ‬القسم األول ‪ :‬الاليت حيرمن حترميا مؤبدا ‪ :‬وهن أربع عشرة ‪ :‬سبع حيرمن بالنسب ‪ ,‬وسبع حيرمن بالسبب‪.‬‬
‫‪ )1‬أوال ‪ :‬الاليت حيرمن بالنسب ‪ - :‬األم واجلدة والبنت ‪ ,‬وبنت االبن ‪ ,‬وبنت البنت ‪ ,‬وبنت بنت االبن‬
‫واألخت ; شقيقة كانت ‪ ,‬أو ألب ‪ ,‬أو ألم وبنت األخت وبنت ابنه وبنت بنته ‪ -‬وبنت األخ وبنت بنت األخ وبنت‬
‫ابنه ; والعمة واخلالة ‪.‬‬
‫‪ )2‬ثانيا ‪ :‬الاليت حيرمن بالسبب ‪ - :‬املالعنة على املالعن‪.‬‬
‫‪ -‬وحيرم بالرضاع ما حيرم بالنسب فكل امرأة حرمت بالنسب; حرم مثلها بالرضاع ; ‪ -‬وحترم بالعقد زوجة أبيه وزوجة‬
‫جده ; ‪ -‬وحترم زوجة ابنه وإن نزل ;‬
‫‪ -‬وحترم عليه أم زوجته وجداهتا مبجرد العقد ‪ -‬وحترم بنت الزوجة وبنات أوالدها إذا دخل باألم ‪.‬‬
‫‪ )1‬القسم الثاين ‪ :‬ما كان حترميه منهن مؤقتا ‪ :‬وهو نوعان ‪:‬‬
‫‪ )1‬النوع األول ‪ :‬ما حيرم من أجل اجلمع ‪ - :‬فيحرم اجلمع بني األختني وكذا حيرم اجلمع بني املرأة وعمتها وبني املرأة وخالتها ‪,‬‬
‫فإذا طلقت املرأة وانتهت عدهتا ; حلت أختها وعمتها وخالتها ; النتفاء احملذور ‪ - .‬وال جيوز أن جيمع بني أكثر من أربع‬
‫نسوة‪.‬‬
‫‪ )2‬النوع الثاين ‪ :‬ما كان حترميه لعارض يزول ‪ - :‬فيحرم تزوج املعتدة من الغري‪.‬‬
‫‪ ‬وحيرم تزوج الزانية إذا علم زناها حىت تتوب وتنقضي عدهتا ‪.‬‬
‫‪ ‬وحيرم على الرجل أن يتزوج من طلقها ثالثا حىت يطأها زوج غريه بنكاح صحيح‬
‫‪ ‬وحيرم تزوج احملرمة حىت حتل من إحرامها ‪.‬‬
‫‪ ‬وال حيل أن يتزوج كافر امرأة مسلمة‬
‫‪ ‬وال يتزوج املسلم امرأة كافرة إال احلرة الكتابية‪.‬‬
‫‪ ‬وحيرم على احلر املسلم أن يتزوج األمة املسلمة‬
‫‪ ‬وحيرم على العبد أن يتزوج سيدته لإلمجاع‪.‬‬
‫‪ ‬وحيرم على السيد أن يتزوج مملوكته ‪.‬‬
‫باب يف الشروط يف النكاح‬
‫أوال ‪ :‬الشروط الصحيحة يف النكاح‬
‫‪ )1‬إذا شرطت عليه طالق ضرهتا ‪ ,‬وقال البعض بعدم صحة هذا الشرط ‪.‬‬
‫‪ )2‬إذا شرطت عليه أن ال يتسرى أو ال يتزوج عليها فإن وىف ‪ ,‬وإال فلها الفسخ ‪.‬‬
‫‪ )3‬وكذا لو شرطت عليه أن ال خيرجها من دارها أو‬
‫‪ )4‬وكذا لو شرطت أن ال يفرق بينها وبني أوالدها أو أبويها‪.‬‬
‫‪ )5‬ولو شرطت زيادة يف مهرها ‪ ,‬أو كونه من نقد معني ‪ ,‬وهلا الفسخ بعدمه‬
‫ثانيا ‪ :‬الشروط الفاسدة يف النكاح‬
‫‪ ‬شروط فاسدة تبطل العقد ‪:‬‬
‫‪ .1‬نكاح الشغار وهو أن يزوجه موليته بشرط أن يزوجه اآلخر موليته وال مهر بينهما‬
‫‪ .2‬نكاح احمللل وهو أن يتزوجها بشرط أنه مىت حللها لألول ‪ ,‬طلقها ‪ ,‬أو نوى التحليل بال شرط يذكر يف العقد ‪ ,‬أو‬
‫اتفقا عليه قبل العقد ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ .3‬إذا علق عقد النكاح على شرط مستقبل كأن ; يقول ‪ :‬زوجتك إذا جاء رأس الشهر ‪ ,‬وكذا لو زوجه إىل مدة ‪ ,‬كما‬
‫لو قال ‪ :‬زوجتك وإذا جاء غد ‪ ,‬فطلقها ‪.‬‬
‫‪ ‬شروط فاسدة ال تفسد النكاح‬
‫‪ )1‬لو شرط إسقاط حق ال مهر هلا ‪ ,‬أو ال نفقة ‪ ,‬أو شرط أن يقسم هلا أقل من ضرهتا يفسد الشرط ويصع النكاح‪.‬‬
‫‪ )2‬إذا شرطها مسلمة ‪ ,‬فبانت كتابية ‪ ,‬فالنكاح صحيح ‪ ,‬وله خيار الفسخ ‪.‬‬
‫‪ )3‬إذا شرطها بكرا أو مجيلة أو ذات نسب ‪ ,‬فبانت خبالف ما اشرتط فله الفسخ‪.‬‬
‫‪ )4‬إذا تزوج امرأة على أهنا حرة ‪ ,‬فتبني أهنا أمة فإن كان ممن ال حيل له تزوج اإلماء ‪ ,‬فرق بينهما ‪ ,‬وإن كان ممن حيل له‬
‫ذلك ; فله اخليار ‪.‬‬
‫‪ )5‬وكذا لو تزوجت املرأة رجال حرا ‪ ,‬فبان عبدا فلها اخليار ‪ ,‬وإن عتقت أمة حتت عبد ; فلها اخليار‬
‫باب يف العيوب يف النكاح‬
‫هناك عيوب تثبت اخليار يف النكاح‪ ,‬فمنها ‪:‬‬
‫‪ ‬أن من وجدت زوجها ال يقدر على الوطء لكونه عنينا أو مقطوع الذكر فلها الفسخ ‪ ,‬وإن ادعت أنه عنني ‪ ,‬فأقر‬
‫بذلك ‪ ,‬أجل سنة ‪ ,‬فإن وطئ فيها ‪ ,‬وإال ‪ ,‬فلها الفسخ ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن وجد الرجل يف زوجته عيبا مينع الوطء ; كالرتق وال ميكن زواله ‪ ,‬فله الفسخ ‪.‬‬
‫‪ ‬وكذا من وجد منهما يف اآلخر عيبا مشرتكا ; كالباسور ‪ ,‬واجلنون ‪ ,‬والربص ‪ ,‬واجلذام ‪ ,‬وقرع الرأس ‪ ,‬وخبر الفم فله‬
‫اخليار‪.‬‬
‫‪ ‬ولو حدث بأحد الزوجني عيب بعد العقد فلآلخر اخليار ‪.‬‬
‫‪ ‬ويثبت اخليار ملن مل يرض بالعيب من الزوجني ‪ ,‬ولوكان به عيب مثله أو مغاير له ومن رضي منهما بعيب اآلخر ; أو‬
‫وجد منه دليل الرضى ‪ ,‬مع علمه بالعيب ; فال خيار له بعد ذلك ‪.‬‬
‫‪ ‬وحيث يثبت ألحدمها اخليار ; فإنه ال يتم إال عند احلاكم‪.‬‬
‫وإن مت الفسخ قبل الدخول ‪ ,‬فال مهر هلا ‪.‬‬
‫وإن كان الفسخ بعد الدخول ‪ ,‬فلها املهر املسمى يف العقد ‪ ,‬ألنه وجب بالعقد‪.‬‬
‫‪ ‬وال يصح تزويج الصغرية واجملنونة واململوكة مبن فيه عيب يرد به النكاح ‪ ,‬وإن مل يعلم وليهن بالعيب ; فسخ النكاح إذا‬
‫علم‪.‬‬
‫باب يف أنكحة الكفار‬
‫‪ ‬فنكاح الكفار حكمه حكم نكاح املسلمني يف الصحة ووقوع الطالق والظهار ‪ .‬واإليالء ووجوب النفقة والقسم ‪.‬‬
‫وحيرم عليهم من النساء ما حيرم على املسلمني ‪.‬‬
‫‪ ‬ومن أحكام أنكحة الكفار أهنم يقرون على فاسدها بشرطني ‪:‬‬
‫‪ .1‬الشرط األول ‪ :‬إذا اعتقدوا صحتها يف شرعهم ‪.‬‬
‫‪ .2‬الشرط الثاين ‪ :‬أن ال يرتافعوا إلينا ‪.‬‬
‫‪ ‬فإذا اعتقدوا صحة نكاحهم يف شرعهم ‪ ,‬ومل يرتافعوا إلينا ; مل نتعرض هلم‬
‫وإن أتونا قبل عقد نكاحهم ; عقدناه على حكم ديننا ; بإجياب وقبول وويل وشاهدي عدل منا ‪.‬‬
‫‪ ‬أما إن أتونا بعد عقد النكاح ‪ ,‬فإننا ال نتعرض لكيفية صدوره ‪.‬‬
‫‪ ‬وكذلك إذا أسلم الزوجان على نكاح ; فإننا ال نتعرض لكيفية صدوره وتوفر شروطه فيما سبق ‪ ,‬لكننا ننظر فيه وقت الرتافع‬
‫أو وقت إسالمهم ‪ ,‬فإن كانت الزوجة تباح يف هذا الوقت لعدم املوانع الشرعية ‪ ,‬أقرا على نكاحهما ‪,‬‬
‫‪ ‬وإن كانت الزوجة يف هذا الوقت الذي ترافعا أو أسلما فيه ال يباح ابتداء العقد له عليها ; فرق بينهما ‪,‬‬

‫‪50‬‬
‫‪ ‬وإن كان املهر الذي مسي هلا يف حال الكفر صحيحا ; أخذته ‪ ,‬ألنه وجب بالعقد ‪ ,‬وال مانع من استيفائها له ‪ ,‬وإن كان‬
‫فاسدا ‪ -‬كاخلمر واخلنزير ‪ : -‬فإن كانت قبضته ; فقد استقر ‪ ,‬وليس هلا غريه ‪. ,‬‬
‫‪ ‬وإن مل تكن قد قبضت املهر الفاسد ; فإنه يفرض هلا مهر املثل ‪ ,‬وإن كانت قد قبضت بعض املهر الفاسد ومل تقبض بقيته‬
‫; فإنه جيب هلا قسط الباقي من مهر املثل ‪ ,‬وإن مل يسم هلا مهر أصال ; فإنه يفرض هلا مهر املثل‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا أسلم الزوجان معا بأن تلفظا باإلسالم دفعة واحدة ; فإمنا يبقيان على نكاحهما‬
‫‪ ‬وإن أسلمت كافرة حتت كافر قبل الدخول بطل النكاح‬
‫‪ ‬وليس هلا شيء من املهر‪.‬‬
‫‪ ‬وإن أسلم زوج غري كتابية قبل الدخول بطل النكاح وعليه نصف املهر‪.‬‬
‫‪ " ‬وإن أسلم أحد الزوجني غري الكتابيني أو أسلمت كافرة حتت كافر بعد الدخول وقف األمر على انقضاء العدة ‪ ,‬فإن أسلم‬
‫اآلخر فيها ; دام النكاح ‪ ,‬وإن مل يسلم فيها ‪ ,‬تبني أن النكاح قد انفسخ منذ أسلم األول ‪.‬‬
‫‪ ‬ومن أسلم وحتته أكثر من أربع وأسلمن ‪ ,‬أو كن كتابيات اختار منهم أربعا ‪.‬‬
‫باب يف الصداق يف النكاح‬
‫أما حكم الصداق‪ :‬فهو واجب وأمجع أهل العلم على مشروعيته ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫" أما مقداره ; فال يتقدر أقله وال أكثره حبد معني ; فكل ما صح أن يكون مثنا أو أجرة ; صح أن يكون صداقا ‪ ,‬وإن قل أو‬ ‫‪‬‬
‫كثر‪.‬‬
‫أن كثرة الصداق ال تكره إذا مل تبلغ حد املباهاة واإلسراف ‪ ,‬ومل تثقل كاهل الزوج ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وتستحب تسميته الصداق ‪ ,‬وحتديده يف العقد ‪ ,‬لقطع النزاع ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وجيوز أن يسمى وحيدد بعد العقد‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫بعض املسائل اهلامة اليت تتعلق بالصداق ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬أن الصداق ملك للمرأة‬
‫‪ ‬يبدأ متلك املرأة لصداقها من العقد‪.‬‬
‫‪ ‬إذا طلقها قبل الدخول أو اخللوة ‪ ,‬وقد مسى هلا صداقا فلها نصفه‬
‫‪ ‬كلما قبض بسبب النكاح ككسوة ألبيها أو أخيها فهو من املهر‬
‫‪ ‬إذا أصدقها ماال مغصوبا أو حمرما صح النكاح ‪ ,‬ووجب هلا مهر املثل بدل الصداق احملرم ‪.‬‬
‫‪ ‬إذا عقد النكاح ومل جيعل للمرأة مهرا صح النكاح ‪ ,‬ويسمى ذلك بالتفويض ‪.‬‬
‫فيقدره مبهر مثلها من نسائها ; أي ‪ :‬قرابتها ممن مياثلها ; كأمها وخالتا وعمتا ‪ ,‬فيعترب احلاكم مبن يساويها منهن القرىب فالقرىب‬ ‫‪‬‬
‫يف مال ومجال وعقل وأدب وسن وبكارة وثيوبة ‪ .. .‬فإن مل يكن هلا أقارب ‪ ,‬ففيمن يشبهها من نساء بلدها ‪.‬‬
‫وإن فارقها قبل الدخول بطالق فلها املتعة بقدر يسر زوجها وعسره ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإن كانت املفارقة مبوت أحدمها قبل الدخول ; تقرر هلا مهر املثل ‪ ,‬وورثه اآلخر ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإذا حصل الدخول أو اخللوة ; تقرر هلا مهر املثل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإن حصلت الفرقة من قبلها قبل الدخول فليس هلا شيء‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫للمرأة قبل الدخول منع نفسها حىت تقبض صداقها احلال‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫باب يف وليمة العرس‬
‫‪ ‬وحكم وليمة العرس أهنا سنة باتفاق أهل العلم ‪ ,‬وقال بعضهم بوجوهبا ‪.‬‬
‫‪ ‬ووقت إقامة وليمة العرس موسع ‪ ,‬يبدأ من عقد النكاح ‪ ,‬إىل انتهاء أيام العرس ‪.‬‬
‫‪ ‬ومقدار وليمة العرس إنه ال ينقص عن شاة ‪ ,‬واألوىل الزيادة عليها ‪ ,‬وجيوز إجزاء الوليمة بغري ذبح الشاة ‪.‬‬
‫‪ ‬وال جيوز اإلسراف يف وليمة العرس‬
‫‪ ‬وجيب على من دعي حلضور وليمة العرس أن جييب الدعوة إذا توفرت فيها هذه الشروط‬

‫‪52‬‬
‫‪ )1‬الشرط األول ‪ :‬أن تكون هي الوليمة األوىل‪.‬‬
‫‪ )2‬الشرط الثاين ‪ :‬أن يكون الداعي مسلما ‪.‬‬
‫‪ )3‬الشرط الثالث ‪ :‬أن يكون الداعي من غري العصاة اجملاهرين‪.‬‬
‫‪ )4‬الشرط الرابع ‪ :‬أن يعينه الداعي بالدعوة وخيصه‪.‬‬
‫‪ )5‬الشرط اخلامس ‪ :‬أن ال يكون يف الوليمة منكر ‪.‬‬
‫‪ ‬فإذا توافرت هذه الشروط ‪ ,‬وجبت إجابة الدعوة‪.‬‬
‫‪ ‬ويسن إعالن النكاح‪.‬‬
‫‪ ‬ويسن الضرب عليه بالدف ‪.‬‬
‫باب يف عشرة النساء‬
‫واملراد هبا هنا ما يكون بني الزوجني من األلفة واالنضمام ; ألنه يلزم كال من الزوجني معاشرة اآلخر باملعروف ; فال مياطله‬ ‫‪‬‬
‫حبقه ‪ ,‬وال يتكره لبذله ‪ ,‬وال يتبعه أذى ومنة ‪.‬‬
‫ويسن لكل من الزوجني حتسني اخللق لصاحبه ‪ ,‬والرفق به وحتمل أذاه‬ ‫‪‬‬
‫وينبغي للزوج إمساك زوجته حىت مع كراهته هلا‬ ‫‪‬‬
‫وحيرم مطل كل واحد من الزوجني مبا يلزمه للزوج اآلخر وكراهته لبذله ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإذا مت العقد ; لزم تسليم الزوجة اليت يوطأ مثلها إذا طلب الزوج تسليمها يف بيته ; إال إذا شرطت عليه يف العقد‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وللزوج أن يسافر هبا سفرا ال معصية فيه وال خطر ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وحيرم على الزوج وطء زوجته حال حيضها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وللزوج إجبار زوجته على إزالة وسخ‪ ,‬وأخذ ما تعافه النفس من شعر جيوز أخذه وظفر‪ ,‬ومنعها من ما له رائحة كريهة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وجيربها على غسل جناسة وأداء واجب كالصلوات اخلمس‪ ,‬فلو امتنعت عن أدائها ; ألزمها بذلك وأدهبا ‪ ,‬فإن صلت‪ ,‬وإال‬ ‫‪‬‬
‫حرمت عليه اإلقامة معها ‪ ,‬وكذا عليه إجبارها على ترك احملرمات واجتناهبا‬
‫ويلزم الزوج أن يبيت عند زوجته إذا كانت حرة ليلة من أربع ليال‬ ‫‪‬‬
‫ويلزم الزوج الوطء إذا قدر عليه كل ثلث سنة مرة إذا طلبت الزوجة ذلك ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإن سافر الزوج فوق نصف سنة ‪ ,‬وطلبت الزوجة قدومه لزمه ذلك ; إال يف سفر حج واجب أو غزو واجب أو كان ال‬ ‫‪‬‬
‫يقدر على القدوم ‪ ,‬فإن أىب القدوم من غري عذر ‪ ,‬وطلبت الزوجة التفريق بينهما ‪ ,‬فرق بينهما احلاكم بعد مراسلته ‪.‬‬
‫وحيرم على كل من الزوجني التحدث مبا جيري بينهما من أمور االستمتاع ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وللزوج منع زوجته من اخلروج من منزله لغري حاجة ضرورية ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وليس له أن مينعها من زيارة أبويها هلا يف بيته ‪ ,‬إال إذا خاف منهما ضررا بإفسادها عليه بسبب زيارهتما هلا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وله منعها من تأجري نفسها والتحاقها بالوظائف‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وله منعها من إرضاع ولدها من غريه إال لضرورة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وال يلزم الزوجة طاعة أبويها إذا طلبا منها فراق زوجها وال طاعتهما يف زيارهتما هلا إذا كان زوجها ال يرضى بذلك‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وجيب على الزوج إذا كان له أكثر من زوجة أن يساوي بينهن يف القسم بتوزيع الزمن بينهن ; ويقسم للحائض والنفساء من‬ ‫‪‬‬
‫زوجاته واملريضة ألن القصد السكن واألنس ‪ ,‬وذلك حيصل مببيته عندها ‪ ,‬ولو مل يطأ ‪ ,‬وليس له أن يقدم بعضهن على‬
‫بعض يف بداية القسم ‪ ,‬إال بالقرعة ‪ ,‬أو برضاهن بذلك‬
‫باب ما يسقط نفقة الزوجة وقسمها‬
‫املرأة إذا سافرت بال إذن زوجها أو سافرت بإذنه حلاجتها اخلاصة هبا فإنه يسقط حقها عليه من قسم ونفقة ;‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أرادها أن تسافر معه ‪ ,‬فأبت ذلك فال نفقة هلا ; ألهنا عاصية بذلك ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إن امتنعت من املبيت معه يف فراشه سقط حقها عليه من النفقة والقسم أيضا ; ألهنا بذلك تكون عاصية كالناشز ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن وهبت قسمها لضرهتا بإذن الزوج أو وهبته للزوج فجعله لزوجة أخرى جاز ذلك ; ألن احلق يف ذلك هلما ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪53‬‬
‫وجيوز للزوجة أن تسامح زوجها عن حقها يف القسم والنفقة ليمسكها وتبقى يف عصمته‬ ‫‪‬‬
‫ومن تزوج بكرا ومعه غريها ; أقام عندها سبعا مث دار على نسائه بعد السبع ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإن أحبت الثيب أن يقيم عندها سبعا فعل‪ ,‬وقضى مثلهن للبواقي من ضراهتا‪ ,‬مث بعد ذلك يبتدئ القسمة عليهن ليلة ليلة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫مبحث النشوز فكأهنا ارتفعت وتعالت عما فرض عليها من املعاشرة باملعروف ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وحيرم على الزوجة فعل ذلك من غري مربر ‪ ,‬فإذا ظهر للزوج من زوجته شيء من عالمات النشوز كأن ال جتيبه إىل‬ ‫‪‬‬
‫االستمتاع ‪ ,‬أو تتثاقل إذا طلبها ‪ ,‬فإنه عند ذلك يعظها وخيوفها باهلل ويذكرها حبقه عليها وما عليها من اإلمث إذا خالفته‪,‬‬
‫فإن أصرت على النشوز بعد الوعظ فإنه يهجرها يف املضجع مدة ثالثة أيام‪ ,‬فإن أصرت; فإنه يضرهبا ضربا غري مربح‬
‫وإذا ادعى كل من الزوجني ظلم اآلخر له ‪ ,‬وتعذر اإلصالح بينهما فإن احلاكم يبعث حكمني عدلني من أهلهما واحلكمان‬ ‫‪‬‬
‫يفعالن األصلح من مجع وتفريق بعوض أو بدون عوض ‪ ,‬وما انتهيا إليه ; عمل به ; حال لإلشكال ‪.‬‬

‫كتاب الطالق‬
‫باب يف أحكام اخللع‬
‫اخللع فراق الزوج لزوجته بعوض بألفاظ خمصوصة‬ ‫‪‬‬
‫إذا مل توجد املودة من الطرفني‪ ,‬أو من الزوج وحده وساءت العشرة وتعسر العالج; فإن الزوج مأمور بتسريح الزوجة بإحسان‬ ‫‪‬‬
‫وأم ا إذا وجدت احملبة من جانب الزوج‪ ,‬ومل توجد من جانب الزوجة; بأن كرهت خلق زوجها‪ ,‬أو كرهت خلقه‪ ,‬أو كرهت‬ ‫‪‬‬
‫نقص دينه‪ ,‬أو خافت إمثا برتك حقه; فإنه يف هذه احلالة يباح هلا أن تطلب فراقه على عوض تبذله له تفتدي به نفسها‪.‬‬
‫ويسن للزوج أن جييبها حينئذ‪ ,‬وإن كان الزوج حيبها; استحب هلا أن تصرب وال تفتدي منه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫واخللع مباح إذا توفر سببه الذي أشارت إليه اآلية الكرمية‪ ,‬وهو خوف الزوجني إذا بقيا على النكاح أن ال يقيما حدود هللا‪,‬‬ ‫‪‬‬
‫وإذا مل يكن هناك حاجة للخلع ; فإنه يكره‬
‫ويشرتط لصحة اخللع بذل عوض ممن يصح تربعه ‪ ,‬وأن يكون صادرا من زوج يصح طالقه ‪ ,‬وأن ال يعضلها بغري حق حىت‬ ‫‪‬‬
‫تبذله‪ ,‬وأن يكون بلفظ اخللع‪ ,‬أما إن كان بلفظ الطالق‪ ,‬أو بلفظ كناية الطالق مع نيته; فهو طالق‪ ,‬وال ميلك رجعتها‪,‬‬
‫لكن له أن يتزوجها بعقد جديد‪ ,‬ولو مل تنكح زوجا غريه‪ ,‬إذا مل يسبقه من عدد الطالق ما يصري به ثالثا‪ ,‬أما إن وقع بلفظ‬
‫اخللع أو الفسخ أو الفداء ‪ ,‬ومل ينوه طالقا ; كان فسخا‪ ,‬ال ينقص به عدد الطالق ‪.‬‬
‫باب يف أحكام الطالق‬
‫حكمه‪ :‬فهو خيتلف باختالف الظروف واألحوال‬ ‫‪‬‬
‫مباحا إذا احتاج إليه الزوج ; لسوء خلق املرأة ‪ ,‬والتضرر هبا ‪ ,‬مع عدم حصول الغرض من الزواج مع البقاء عليه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويكره الطالق إذا كان لغري حاجة بأن كانت حال الزوجني مستقيمة ‪ ,‬وعند بعض األئمة حيرم يف هذه احلال ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويستحب حني يكون يف البقاء على الزوجية ضرر على الزوجة; كما يف حال الشقاق بينها وبني الزوج‪ ,‬ويف حال كراهتها له‬ ‫‪‬‬
‫وجيب إذا كانت الزوجة غري مستقيمة يف دينها ; كما إذا كانت ترتك الصالة أو تؤخرها عن وقتها ‪ ,‬ومل يستطع تقوميها‪ ,‬كذا‬ ‫‪‬‬
‫إذا كان الزوج غري مستقيم يف دينه ; وجب على الزوجة طلب الطالق منه ‪ ,‬أو مفارقته خبلع وفدية‪ ,‬وكذا جيب على الزوج‬
‫الطالق إذا آىل من زوجته ; بأن حلف على ترك وطئها ‪ ,‬ومضت عليه أربعة أشهر ‪.‬‬
‫وحيرم الطالق على الزوج يف حال حيض الزوجة ونفاسها ويف طهر وطئها فيه ومل يتبني محلها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وأما من يصح منه إيقاع الطالق فهو الزوج املميز املختار الذي يعقله ‪ ,‬أو وكيله‬ ‫‪‬‬
‫وأما من زال عقله وهو معذور يف ذلك; كاجملنون‪ ,‬واملغمى عليه‪ ,‬والنائم‪ ,‬ومن أصابه مرض أزال شعوره; كالربسام‪ ,‬ومن أكره‬ ‫‪‬‬
‫على شرب مسكر‪ ,‬أو أخذ بنجا وحنوه لتداو; فكل هؤالء ال يقع طالقهم إذا تلفظوا به يف حال زوال العقل بسبب من هذه‬
‫األسباب‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫‪ ‬وأما إن زال عقله بتعاطيه مسكرا باختياره ففي وقوع طالقه قولني ‪ :‬أحدمها ‪ :‬أنه يقع‪ ,‬وهو قول األئمة األربعة ومجع من‬
‫أهل العلم‪ ,‬والثاين عدم وقوعه ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن أكره على الطالق ظلما ‪ ,‬فطلق لرفع اإلكراه والظلم ; مل يقع طالقه‪.‬‬
‫‪ ‬ويقع الطالق من الغضبان الذي يتصور ما يقول‪ ,‬أما الغضبان الذي أخذه الغضب‪ ,‬فلم يدر ما يقول; فإنه ال يقع طالقه‪.‬‬
‫‪ ‬ويقع الطالق من اهلازل ; ألنه قصد التكلم به‪.‬‬
‫باب يف الطالق السين والطالق البدعي‬
‫الطالق السين ‪ ,‬وذلك بأن يطلقا طلقة واحدة يف طهر مل جيامعها فيه ويرتكها حىت تنقضي عدهتا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الطالق البدعي وذلك بأن يطلقها ثالثا بلفظ واحد ‪ ,‬أو يطلقها وهي حائض أو نفساء‪ ,‬أو يطلقها يف طهر وطئها فيه ومل يتبني‬ ‫‪‬‬
‫محلها ‪ ,‬والنوع األول يسمى بدعيا يف العدد ‪ ,‬والنوع الثاين بدعيا يف الوقت ‪.‬‬
‫والبدعي يف العدد حيرمها عليه حىت تنكح زوجا غريه‬ ‫‪‬‬
‫والبدعي يف الوقت يستحب له أن يراجعها منه وإذا راجعها ; وجب عليه إمساكها حىت تطهر‪ ,‬مث إن شاء طلقها ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وحيرم على الزوج أن يطلق طالقا بدعيا‪ ,‬سواء يف العدد أو الوقت‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وألفاظ الطالق تنقسم إىل قسمني ‪:‬‬
‫القسم األول ‪ :‬ألفاظ صرحية ‪:‬‬
‫‪ o‬وهي األلفاظ املوضوعة له ‪ ,‬اليت ال حتتمل غريه ‪ ,‬وهي لفظ الطالق وما تصرف منه ; من فعل ماض ; ( طلقتك)‬
‫( أنت طالق ) ( أنت مطلقة )‪ ,‬أما ( تطلقني ) ( اطلقي ) ; فال يقع هبذه األلفاظ طالق ; ألهنا ال تدل على‬
‫اإليقاع ‪.‬‬
‫القسم الثاين ‪ :‬ألفاظ كنائية ‪:‬‬
‫‪ ‬وهي األلفاظ اليت حتتمل الطالق وغريه ‪ ,‬كأن يقول هلا ‪ :‬أنت خلية وبرية وبائن ‪ ,‬وأنت حرة ‪.‬‬
‫‪ ‬أن الصرحية يقع هبا الطالق ‪ ,‬ولو مل ينوه ‪ ,‬سواء كان جادا أو هازال أو مازحا‪ .‬وأما الكناية ; فال يقع هبا طالق; إال إذا‬
‫نواه نية مقارنة للفظه ‪ ,‬إال يف ثالث حاالت ‪:‬‬
‫‪ )1‬األوىل ‪ :‬إذا تلفظ بالكناية يف حال خصومة بينه وبني زوجته ‪.‬‬
‫‪ )2‬الثانية ‪ :‬إذا تلفظ هبا يف حال غضب ‪.‬‬
‫‪ )3‬الثالثة ‪ :‬إذا تلفظ هبا يف جواب سؤاهلا له الطالق ‪.‬‬
‫‪ ‬ففي هذه األحوال يقع بالكناية طالق ‪ ,‬ولو قال ‪ :‬مل أنوه ‪.‬‬
‫‪ ‬وجيوز للزوج أن يوكل من يطلق عنه فيجوز أن يوكلها فيه ‪ ,‬وجيعل أمرها بيدها ‪.‬‬
‫‪ ‬وال يقع الطالق منه وال من وكيله إال بالتلفظ به فلو نواه بقلبه ; مل يقع ‪ ,‬حىت يتلفظ وحيرك لسانه به ; فال يقع ‪.‬‬
‫‪ .1‬احلالة األوىل ‪ :‬إذا كتب صريح الطالق كتابة تقرأ ‪ ,‬ونواه ; وقع‪ ,‬وإن مل ينوه ; فعلى قولني‪.‬‬
‫‪ .2‬احلالة الثانية ‪ :‬اليت يقع فيها الطالق بدون تلفظ إشارة األخرس بالطالق إذا كانت مفهومة ‪.‬‬
‫‪ ‬وأما عدد الطالق فيعترب بالرجال حرية ورقا ال بالنساء فيملك احلر ثال ث تطليقات ‪ ,‬وإن كان حتته أمة ‪ ,‬وميلك العبد‬
‫تطليقتني ‪ ,‬وإن كان حتته حرة ; ففي حال حرية الزوجني ميلك الزوج ثالثا بال خالف ‪ ,‬ويف حال رق الزوجني ميلك الزوج‬
‫طلقتني بال خالف ‪ ,‬وإمنا اخلالف فيما إذا كان أحد الزوجني حرا واآلخر رقيقا ‪ ,‬والصحيح أن االعتبار حبالة الزوج حرية‬
‫ورقا كما سبق ; ألن الطالق حق للزوج ; فاعترب به ‪.‬‬
‫‪ ‬وجيوز االستثناء يف الطالق ويراد به إخراج بعض اجلملة بلفظ ( إال ) أو ما يقوم مقامها ‪ ,‬واالستثناء هنا إما أن يكون من‬
‫عدد الطلقات ; كأن يقول ‪ :‬أنت طالق ثالثا إال واحدة ‪ ,‬وإما أن يكون من عدد املطلقات ; كأن يقول ‪ :‬نسائي طوالق‬
‫إال فاطمة مثال ‪ ,‬وعلى كل يشرتط لصحته يف احلالتني أن يكون املستثىن مقدار نصف املستثىن منه فأقل ‪ ,‬فإن كان املستثىن‬
‫أكثر من نصف املستثىن منه ; كما لو قال ‪ :‬أنت طالق ثالثا إال اثنتني ; مل يصح ‪ ,‬ويشرتط أيضا التلفظ باالستثناء إذا‬

‫‪55‬‬
‫كان موضوعه الطلقات ‪ ,‬فلو قال ‪ :‬أنت طالق ثالثا ‪ ,‬ونوى ‪ :‬إال واحدة ; وقعت الثالث ; ألن العدد نص فيما يتناوله ;‬
‫فال يرتفع بالنية ; ألنه أقوى منها ‪ ,‬وجيوز االستثناء بالنية من النساء ‪ ,‬فلو قال ‪ :‬نسائي طوالق ‪ ,‬ونوى‪ :‬إال فالنة; صح‬
‫االستثناء; فال تطلق من نوى استثناءها‪ ,‬ألن لفظة ( نسائي ) تصلح للكل وللبعض; فله ما نوى ‪.‬‬
‫وجيوز تعليق الطالق بالشروط ومعناه ‪ :‬ت رتيبه على شيء حاصل أو غري حاصل ب ( إن ) أو إحدى أخواهتا ; كأن يقول ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫إن دخلت الدار ; فأنت طالق ; فقد رتب وقوع الطالق على حصول الشرط ‪ ,‬وهو دخول الدار ‪ ,‬وهذا هو التعليق ‪.‬‬
‫وال يصح التعليق إال من زوج; فلو قال‪ :‬إن تزوجت فالنة; فهي طالق‪ ,‬مث تزوجها; مل يقع; ألنه حني التعليق ليس بزوجها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فأما إن شك يف وجود الطالق منه فإن زوجته ال تطلق مبجرد ذلك ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإن شك يف حصول الشرط الذي علق عليه الطالق كأن يقول ‪ :‬إذا دخلت الدار ‪ ,‬فأنت طالق ‪ .‬مث يشك يف أهنا‬ ‫‪‬‬
‫دخلتها ; فإهنا ال تطلق مبجرد الشك ملا سبق ‪.‬‬
‫وإن تيقن وجود الطالق منه ‪ ,‬وشك يف عدده مل يلزمه إال واحدة ; ألهنا متيقنة ‪ ,‬وما زاد عليها مشكوك فيه ‪ ,‬واليقني ال‬ ‫‪‬‬
‫يزول بالشك ‪.‬‬
‫باب يف الرجعة‬
‫الرجعة‪ :‬إعادة مطلقة غري بائن إىل ما كانت عليه بغري عقد ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ودليلها ‪ :‬الكتاب‪ ,‬والسنة‪ ,‬وإمجاع أهل العلم‪ ,‬فقال ابن املنذر‪ " :‬أمجع أهل العلم على أن احلر إذا طلق دون الثالث والعبد‬ ‫‪‬‬
‫إن طلق دون اثنتني; أن هلما الرجعة يف العدة " ‪.‬‬
‫وأما شروط صحة الرجعة فهي ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ )1‬أوال ‪ :‬أن يكون الطالق دون ما ميلك من العدد ; بأن طلق حر دون الثالث ‪ ,‬وعبد دون اثنتني ‪.‬‬
‫‪ )2‬ثانيا ‪ :‬أن تكون املطلقة مدخوال هبا ‪ ,‬فإن طلقها قبل الدخول ‪ ,‬فليس له رجعة ; ألهنا ال عدة عليها ‪.‬‬
‫‪ )3‬ثالثا ‪ :‬أن يكون الطالق بال عوض ‪ ,‬فإن كان على عوض ; مل حتل له إال بعقد جديد برضاها‪.‬‬
‫‪ )4‬رابعا ‪ :‬أن يكون النكاح صحيحا ‪ ,‬أما إن طلق يف نكاح فاسد ‪ ,‬فليس له رجعة ; ألهنا تبني بالطالق‪.‬‬
‫‪ )5‬خامسا ‪ :‬أن تكون الرجعة يف العدة ‪. ,‬‬
‫‪ )6‬سادسا ‪ :‬أن تكون الرجعة منجزة ; فال تصح معلقة ; كما لو قال ‪ :‬إذا حصل كذا ; فقد راجعتك ‪.‬‬
‫وهل يشرتط أن يقصد الزوجان بالرجعة اإلصالح؟ قال بعض العلماء ‪ :‬يشرتط ذلك‪ ,‬وقال البعض‪ :‬ال يشرتط ذلك‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وحتصل الرجعة بلفظ ( راجعت امرأيت ) ‪ ,‬وحنو ذلك ; مثل ‪ :‬رددهتا ‪ ,‬أمسكتها ‪ ,‬أعدهتا ‪ . . .‬وما أشبه ذلك ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وحتصل الرجعة أيضا بوطئها إذا نوى به الرجعة على الصحيح ‪.‬‬
‫وإذا راجعا; فإنه يسن أن يشهد على ذلك ‪ ,‬وقيل ‪ :‬جيب اإلشهاد‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫واملطلقة الرجعية زوجة ما دامت يف العدة ‪ ,‬هلا ما للزوجات من نفقة وكسوة ومسكن ‪ ,‬وعليها ما على الزوجة من لزوم‬ ‫‪‬‬
‫املسكن‪ ,‬وتتزين له لعله يراجعها ‪ ,‬ويرث كل منهما صاحبه إذا مات يف العدة ‪ ,‬وله السفر واخللوة هبا ‪ ,‬وله وطؤها ‪.‬‬
‫وينتهي وقت الرجعة بانتهاء العدة ‪ ,‬فإذا طهرت الرجعية من احليضة الثالثة ; مل حتل له ; إال بنكاح جديد بويل وشاهدي‬ ‫‪‬‬
‫عدل وإذا راجعها يف العدة رجعة صحيحة مستوفية لشروطها ; مل ميلك من الطالق إال ما بقي من عدده ‪.‬‬
‫وإذا استوىف ما ميلك من الطالق ; حرمت عليه ; حىت يطأها زوج غريه بنكاح صحيح ; فيشرتط حللها لألول ثالثة شروط‬ ‫‪‬‬
‫‪ :‬أن تنكع زوجا غريه ‪ ,‬وأن يكون النكاح صحيحا ‪ ,‬وأن يطأها الزوج الثاين يف الفرج‪.‬‬
‫باب يف أحكام اإليالء‬
‫اإليالء‪ :‬هو احللف ‪ ,‬مصدر إىل يؤيل إيالء ‪ ,‬واأللية اليمني‪ ,‬عرفه الفقهاء بأنه ‪ :‬حلف زوج ميكنه الوطء باهلل أو صفة من‬ ‫‪‬‬
‫صفاته على ترك وطء زوجته يف قبلها أبدا أو أكثر من أربعة أشهر ‪.‬‬
‫شروطه مخسة ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ )1‬األول ‪ :‬أن يكون من زوج ميكنه الوطء ‪.‬‬
‫‪ )2‬الثاين ‪ :‬أن حيلف باهلل أو بصفة من صفاته ال بطالق أو عتق أو نذر ‪,‬‬

‫‪56‬‬
‫‪ )3‬الثالث ‪ :‬أن حيلف على ترك الوطء يف القبل ‪.‬‬
‫‪ )4‬الرابع ‪ :‬أن حيلف على ترك الوطء أكثر من أربعة أشهر ‪.‬‬
‫‪ )5‬اخلامس ‪ :‬أن تكون الزوجة ممن ميكن وطؤها ‪.‬‬
‫فإذا توافرت هذه الشروط ; صار مؤليا ‪ ,‬يلزمه حكم اإليالء ‪ ,‬وإن اختل واحد منها ; مل يكن مؤليا ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫واإليالء حمرم يف اإلسالم ألنه ميني على ترك واجب وينعقد اإليالء من كل زوج يصح طالقه سواء كان مسلما أو كافرا أو حرا أو‬
‫عبدا ‪ ,‬وسواء كان بالغا أو مميزا ويطالب بعد البلوغ ‪ ,‬ومن الغضبان واملريض الذي يرجى برؤه ; لعموم اآلية الكرمية ‪ ,‬وحىت من‬
‫الزوجة اليت مل يدخل هبا ; لعموم اآلية ‪.‬‬
‫وال ينعقد اإليالء من زوج جمنون ومغمى عليه لعدم تصورمها ملا يقوالن‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وال ينعقد اإليالء من زوج عاجز عن الوطء عجزا حسيا كاجملبوب واملشلول‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فإذا قال لزوجته ‪ :‬وهللا ال أطؤك أبدا ‪ ,‬أو عني مدة تزيد على أربعة أشهر ‪ ,‬أو غياه بشيء ال يتوقع حصوله قبل أربعة أشهر‬ ‫‪‬‬
‫كنزول عيسى وخروج الدجال ; فهو مول يف كل هذه الصور ‪ ,‬وكذا لو غياه بفعل حمرما أو تركها واجبا ; كقوله ‪ :‬وهللا ال أطؤك‬
‫حىت ترتكي الصالة ‪ ,‬أو تشريب اخلمر ; فهو مول ‪.‬‬
‫ويف كل هذه األحوال تضرب مدة اإليالء‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فإذا مضى أربعة أشهر من ميينه‬ ‫‪‬‬
‫فإن حصل منه وطء لزوجته ; فقد فاء ; ألن الفيئة هي اجلماع ‪ -‬وأما إنأىب أن يطأ من آىل منها بعد مضي املدة املذكورة فإن‬ ‫‪‬‬
‫احلاكم يأمره بالطالق إن طلبت املرأة ذلك منه‬
‫وقد أحلق الفقهاء باملؤيل يف هذه األحكام من ترك وطء زوجته إضرارا هبا بال ميني أكثر من أربعة أشهر وهو غري معذور وكذا‬ ‫‪‬‬
‫أحلقوا باملؤيل من ظاهر من زوجته ومل يكفر واستمر على ذلك أكثر من أربعة أشهر‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬وإن انقضت مدة اإليالء ‪ ,‬وبأحد الزوجني عذر مينع اجلماع أمر الزوج أن يفيء بلسانه ‪ ,‬فيقول ‪ :‬مىت قدرت ; جامعتك‬ ‫‪‬‬
‫; ألن القصد بالف يئة ترك ما قصده من اإلضرار هبا ‪ ,‬واعتذاره يدل على ترك اإلضرار ‪ ,‬مث مىت قدر ; وطئ أو طلق ; لزوال عجزه‬
‫الذي أخر من أجله ‪.‬‬
‫باب يف أحكام الظهار‬
‫الظهار يراد به هنا أن يقول الرجل لزوجته إذا أراد االمتناع من االستمتاع هبا ‪ :‬أنت علي كظهر أمي ‪ ,‬أو أخيت ‪ ,‬أو من حترم‬ ‫‪‬‬
‫عليه بنسب أو رضاع أو مصاهرة ; فمىت شبه زوجته مبن حترم عليه أو ببعضها ; ظاهر منها ‪ ,‬وحكمه أنه حمرم ‪.‬‬
‫فيلزم املظاهر إذا عزم على وطء املظاهر منها أن خيرج الكفارة قبله ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وكفارة الظهار جتب على الرتتيب عتق رقبة ‪ ,‬فإن مل جيد الوقبة أو مل جيد مثنها ; صيام شهرين متتابعني ‪ ,‬فإن مل يستطع الصيام‬ ‫‪‬‬
‫ملرض وحنوه ; أطعم ستني مسكينا‬
‫ويشرتط يف الرقبة أن تكون مؤمنة أن تكون سليمة من العيوب اليت تضر بالعمل ضررا بينا ; ألن املقصود بالعتق متليك الرقيق‬ ‫‪‬‬
‫منافعه ‪ ,‬ومتكينه من التصرف لنفسه ‪.‬‬
‫ويشرتط لصحة التكفري بالصوم ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ o‬أن ال يقدر على العتق ‪.‬‬
‫‪ o‬أن يصوم شهرين متتابعني‪ ,‬بأن ال يفصل بني أيام الصيام وبني الشهرين إال بصوم واجب; كصوم رمضان‪ ,‬أو إفطار‬
‫واجب; كاإلفطار للعيد وأيام التشريق‪ ,‬أو اإلفطار لعذر; كسفر أو مرض; فاإلفطار ال يقطع التتابع ‪.‬‬
‫‪ o‬أن ينوي الصيام من الليل عن الكفارة ‪.‬‬
‫وإن كفر باإلطعام ; اشرتط لصحة ذلك ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ )1‬أوال ‪:‬أن ال يقدر على الصيام ‪.‬‬
‫‪ )2‬ثانيا ‪:‬أن يكون املسكني املطعم مسلما حرا جيوز دفع الزكاة إليه ‪.‬‬
‫‪ )3‬ثالثا ‪:‬أن يكون مقدار ما يدفع لكل مسكني ال ينقص عن مد من الرب ونصف صاع من غريه ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫باب يف أحكام اللعان‬
‫‪ ‬إن هللا سبحانه حرم القذف ( وهو رمي الربيء بفعل الفاحشة ) ‪ ,‬وتوعد عليه بأشد الوعيد‪ ,‬وأوجب جلد القاذف إذا‬
‫مل يستطع إقامة البينة بأربعة شهود يشهدون بصحة ما قال مثانني جلدة ‪ ,‬وأن يعترب فاسقا ال تقبل شهادته ; إال إن‬
‫تاب وأصلح ‪ ,‬أما إذا قذف زوجته بالزىن ; فله حل آخر ‪ ,‬وذلك بأن يعتاض عن هذه اإلجراءات مبا يسمى باللعان ‪,‬‬
‫وهو شهادات مؤكدات بأميان من اجلانبني ‪ ,‬مقرونة بلعنة وغضب ; كما يأيت بيانه ‪.‬‬
‫‪ ‬فإذا قذف رجل امرأته بالزىن ‪ ,‬ومل يستطع إقامة البينة فله إسقاط حد القذف عنه باملالعنة‬
‫‪ ‬فيقول الزوج أربع مرات ‪ :‬أشهد باهلل لقد زنت زوجيت هذه ‪ ,‬ويشري إليها إن كانت حاضرة ‪ ,‬ويسميها إن كانت غائبة‬
‫مبا تتميز به ‪ ,‬ويزيد يف الشهادة اخلامسة أن لعنة هللا عليه إن كان من الكاذبني ‪ .‬مث تقول هي أربع مرات ‪ :‬أشهد باهلل‬
‫لقد كذب فيما رماين به من الزنا ‪ ,‬مث تقول يف اخلامسة ‪ :‬وأن غضب هللا عليها إن كان من الصادقني ‪.‬‬
‫‪ ‬ويشرتط لصحة اللعان أن يكون بني زوجني مكلفني ‪ ,‬وأن يقذفها بزىن ‪ ,‬وأن تكذبه يف ذلك ويستمر تكذيبها له إىل‬
‫انقضاء اللعان ‪ ,‬وأن يتم حبكم حاكم ‪.‬‬
‫‪ ‬فإذا مت اللعان على الصفة اليت ذكرنا مستوفيا لشروط صحته ; فإنه يرتتب عليه ‪:‬‬
‫‪ )1‬أوال ‪ :‬سقوط حد القذف عن الزوج ‪.‬‬
‫‪ )2‬ثانيا ‪ :‬ثبوت الفرقة بينهما وحترميها عليه حترميا مؤبدا ‪.‬‬
‫‪ )3‬ثالثا ‪:‬ينتفي عنه نسب ولدها إن نفاه يف اللعان ; بأن قال ‪ :‬ليس هذا الولد مين ‪.‬‬
‫‪ ‬وحيتاج الزوج إىل اللعان إذا رأى امرأته تزين ومل ميكنه إقامة البينة ‪ ,‬أو قامت عنده قرائن قوية على ممارستها الزنا ‪ ,‬كما لو‬
‫رأى رجال يعرف بالفجور يدخل عليها ‪.‬‬
‫‪ ‬وملا مل يكن له شاهد إال نفسه ; مكنت املرأة أن تعارض أميانه بأميان مكررة مثله تدرأ هبا احلد عنها ‪ ,‬وإن نكل عن‬
‫األميان ; وجب عليه حد القذف ‪ ,‬وإن نكلت هي بعد حلفه ; صارت أميانه مع نكوهلا بينة قوية ال معارض هلا ‪.‬‬
‫باب يف أحكام حلوق النسب وعدم حلوقه‬
‫‪ ‬إذا ولدت زوجة إنسان أو أمته مولودا ميكن كونه منه ; فإنه يلحقه نسبه ‪ ,‬ويكون ولدا له ‪ ,‬وذلك كأن تلده على فراشه;‬
‫لقوله صلى هللا عليه وسلم ‪" :‬الولد للفراش" وإمكان كونه منه يف حاالت ‪:‬‬
‫‪ )1‬احلالة األوىل ‪ :‬أن تكون يف عصمة زوجها‪ ,‬وتلده بعد نصف سنة منذ أمكن وطؤه إياها‪ ,‬سواء كان حاضرا أو‬
‫غائبا‪ ,‬وذلك لتحقق إمكان كونه منه‪ ,‬ومل يوجد ما ينايف ذلك ‪.‬‬
‫‪ )2‬احلالة الثانية ‪ :‬أن ال تكون يف عصمة زوجها‪ ,‬وتلده لدون أربع سنني منذ أباهنا ‪ ,‬فيلحقه نسب املولود; ألن أكثر‬
‫مدة احلمل أربع سنني‪ ,‬ويشرتط إلحلاق الولد بالزوج يف احلالتني ‪ :‬أن يكون كل منهما ممن يولد ملثله ; بأن يكون‬
‫قد بلغ عشر سنني فأكثر‪.‬‬
‫‪ )3‬احلالة الثالثة ‪ :‬إذا طلق زوجته طالقا رجعيا‪ ,‬فتلد بعد مضي أربع سنني منذ طلقها‪ ,‬وقبل انقضاء عدهتا ; فإنه‬
‫يلحقه نسب الولد‪ ,‬وكذا لو ولدت مطلقته الرجعية قبل مضي أربع سنني من انقضاء عدهتا; فإنه يلحق نسب‬
‫مولودا‪ ,‬ألن الرجعية يف حكم الزوجات‪.‬‬
‫‪ ‬ومن األمور اليت يلحق السيد هبا مولود أمته ‪ :‬أن يعرتف شخص بأنه قد وطئ أمته ‪ ,‬أو تقوم البينة عليه بذلك ‪ ,‬مث تلد هذه‬
‫األمة لستة أشهر فأكثر من هذا الوطء الذي ثبت باعرتافه أو بالبينة ; فإنه يلحقه نسب هذا املولود ; ألهنا بذلك صارت‬
‫فراشا له‪ ,‬ومن ذلك أن يعرتف السيد بوطء أمته ‪ ,‬مث يبيعها أو يعتقها بعد اعرتافه بذلك ‪ ,‬وتلد لدون ستة أشهر من البيع‬
‫أو العتق هلا ‪ ,‬ويعيش املولود ; فإنه يلحقه نسبه ; ألنه أقل مدة احلمل ستة أشهر ‪ ,‬فإذا ولدت دوهنا ‪ ,‬وعاش مولودها ;‬
‫فإنه بذلك يعلم أهنا محلت به قبل أن يبيعها ‪ ,‬وهي حينذاك فراش له‬
‫‪ ‬وينتفي كون الولد من الزوج يف حالتني‬
‫‪ ‬احلالة األوىل ‪ :‬إذا ولدته لدون ستة أشهر منذ زواجها وعاش‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫‪ ‬احلالة الثانية ‪ :‬إذا طلقا طالقا بائنا ‪ ,‬مث تلد بعد مضي أكثر من أربع سنني من طالقه هلا ; فإنه ال يلحقه نسب ذلك‬
‫املولود ; ألننا نعلم أنا محلت بعد ذلك النكاح ‪.‬‬
‫‪ ‬وال يلحق السيد نسب ولد أمته إذا ادعى أنه قد استربأها بعد وطئه هلا ; ألنه باستربائه هلا تيقن براءة رمحها منه ‪ ,‬فيكون‬
‫هذا املولود من غريه ‪ ,‬والقول قوله يف حصول االسترباء; إال إذا حلف عليه ; ألنه بذلك ينكر حق الولد يف النسب ; فال بد‬
‫من ميينه يف ادعاء االسترباء ‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا حصل إشكال يف مولود; فإنه يقدم الفراش على الشبه; كأن يدعي سيد ولد أمته‪ ,‬ويدعيه واطئ بشبهة; فهو للسيد‪.‬‬
‫ويتبع الولد يف النسب أباه ‪.‬ويتبع يف الدين خري أبويه دينا ‪ ,‬فلو تزوج نصراين وثنية ‪ ,‬أو بالعكس ; فيكون الولد تابعا‬
‫للنصراين منهما ‪.‬‬
‫‪ ‬ويتبع الولد يف احلرية والرق أمه ; إال مع شرط أو غرر ‪.‬‬
‫باب يف أحكام العدة‬
‫‪ ‬من آثار الطالق العدة ‪ ,‬ويراد هبا الرتبص احملدود شرعا ‪.‬‬
‫‪ ‬وأما احلكمة يف مشروعية العدة فهي استرباء رحم املرأة من احلمل ; لئال حيصل اختالط األنساب‪.‬‬
‫‪ ‬وأما من تلزمها العدة فالعدة تلزم كل امرأة فارقت زوجها بطالق أو خلع أو فسخ أو مات عنها ; بشرط أن يكون الزوج‬
‫املفارق هلا قد خال هبا وهي مطاوعة مع علمه هبا وقدرته على وطئها ‪ ,‬سواء كانت الزوجة حرة أو أمة ‪ ,‬وسواء كانت‬
‫بالغة أو صغرية يوطأ مثلها ‪.‬‬
‫‪ ‬وأما من فارقها زوجها حيا بطالق أو غريه قبل الدخول هبا ; فال عدة عليها ‪.‬‬
‫‪ ‬أما املفارقة بالوفاة ; فتعتد مطلقا ‪ ,‬سواء كانت الوفاة قبل الدخول أو بعده‬
‫‪ ‬وأما أنواع املعتدات فهن على سبيل اإلمجال ست ‪:‬‬
‫‪ ‬احلامل ‪ ,‬واملتوىف عنها زوجها من غري محل منه ‪ ,‬واحلائل اليت حتيض وقد فورقت يف احلياة ‪ ,‬واحلائل اليت ال حتيض لصغر‬
‫أو إياس وهي مفارقة يف احلياة ‪ ,‬ومن ارتفع حيضها ومل تدر ما رفعه ‪ ,‬وامرأة املفقود ‪ ,‬وهاك بيان ذلك على التفصيل ‪.‬‬
‫فاحلامل تعتد بوضع احلمل ; سواء كانت مفارقة يف احلياة أو باملوت وذهب بعض السلف إىل أن احلامل املتوىف عنها‬
‫تعتد بأبعد األجلني ‪ ,‬لكن حصل االتفاق بعد ذلك على انقضاء عدهتا بوضع احلمل ‪.‬‬
‫‪ ‬لكن ليس كل محل تنقضي بوضعه العدة ‪ ,‬وإمنا املراد احلمل الذي قد تبني فيه خلق إنسان ‪ ,‬فأما لو ألقت مضغة مل‬
‫تتبني فيها اخللقة ; فإهنا ال تنقضي هبا العدة ‪.‬‬
‫‪ ‬وكذلك يشرتط النقضاء العدة بوضع احلمل أن يلحق هذا احلمل بالزوج املفارق ‪ ,‬فإن مل يلحق هذا احلمل الزوج‬
‫املفارق ; لكون هذا الزوج ال يولد ملثله لصغره أو ملانع خلقي ‪ ,‬أو تكون قد ولدته لدون ستة أشهر منذ عقد عليها‬
‫وأمكن اجتماعه هبا وعاش هذا املولود ; فإهنا ال تنقضي عدهتا به منه ; لعدم حلوقه به ‪.‬‬
‫‪ ‬وأقل مدة احلمل ستة أشهر‪.‬‬
‫‪ ‬وأما أكثر مدة احلمل فموضع خالف بني أهل العلم ‪ ,‬والراجح أنه يرجع فيه إىل الوجود ‪.‬‬
‫‪ ‬وغالب مدة احلمل تسعة أشهر ; ألن غالب النساء يلدن فيها ; فاعترب ذلك ‪.‬‬
‫‪ ‬واملتوىف عنها إذا كانت غري حامل ; تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام ‪ ,‬سواء كانت وفاته قبل الدخول هبا أو بعده ‪ ,‬وسواء‬
‫كانت الزوجة ممن يوطأ مثلها أم ال ‪.‬‬
‫‪ ‬واألمة املتوىف عنها تعتد نصف هذه املدة املذكورة ; فعدهتا شهران ومخسة أيام بلياليها‪.‬‬
‫‪ ‬هذا ; ولعدة الوفاة أحكام ختتص هبا‬
‫‪ ‬فمن أحكامها أنه جيب أن تعتد املتوىف عنها يف املنزل الذي مات زوجها وهي فيه; فال جيوز هلا أن تتحول عنه‪ ,‬إال‬
‫لعذر‪.‬‬
‫‪ ‬فإن اضطرت إىل التحول إىل بيت غريه ‪ :‬فإن خافت على نفسها من البقاء فيه أو حولت عنه قهرا أو كان البيت‬
‫مستأجرا وحوهلا مالكه أو طلب أكثر من أجرته ; فإهنا يف هذه األحوال تنتقل حيث شاءت دفعا للضرر ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫‪ ‬وجيوز للمعتدة من وفاة اخلروج من البيت حلاجتها يف النهار ‪ ,‬ال يف الليل ; ألن الليل مظنة الفساد‬
‫‪ ‬ومن أحكام عدة املتوىف عنها وجوب اإلحداد على املعتدة مدة العدة‪ ,‬واإلحداد‪ :‬اجتناهبا ما يدعو إىل مجاعها ويرغب‬
‫يف النظر إليها ‪.‬‬
‫‪ ‬وأما اإلحداد على الزوج ; فإنه تابع للعدة بالشهور ‪ ,‬وأما احلامل ; فإذا انقضى محلها ; سقط وجوب اإلحداد ‪ ,‬وذكر‬
‫أنه يستمر إىل حني الوضع ; فإنه من توابع العدة ‪.‬‬
‫‪ ‬وليس لإلحداد لباس خاص ‪ ,‬فتلبس احملدة ما جرت عادتا بلبسه ‪ ,‬ما مل يكن فيه زينة ‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا خرجت من العدة ; مل يلزمها أن تفعل شيئا أو تقول شيئا ; كما يظنه بعض العوام ‪.‬‬
‫‪ ‬وعدة اآليسة ثالثة أشهر واملطلقة إذا كانت حتيض ‪ ,‬ومل يكن فيها محل ; تعتد بثالث حيض‬
‫‪ ‬وال بد أن تكون احليض كاملة ; فال تعتد حبيضة طلقت فيها ; فالطالق يف احليض يقع مع التحرمي ‪ ,‬لكن ال تعتد‬
‫بتلك احليضة اليت طلقت فيها ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن كانت املطلقة أمة ; اعتدت حبيضتني ‪.‬‬
‫‪ ‬وأما املطلقة اآليسة من احليض لكربها والصغرية اليت مل حتض بعد ; فإهنا تعتد بثالثة أشهر ; ومن بلغت ومل حتض ;‬
‫اعتدت عدة اآليسة ‪ ,‬ثالثة أشهر وإن كانت املطلقة اآليسة أو الصغرية أم ولد ; فعدهتا شهران وذلك ألن األشهر بدل‬
‫من القروء ‪ ,‬وذهب بعض العلماء إىل أن عدهتا شهر ونصف وأما املطلقة اليت كانت حتيض ‪ ,‬مث ارتفع حيضها ‪,‬‬
‫وانقطع انقطاعا طارئا ال لكرب فهذه هلا حالتان ‪:‬‬
‫‪ )1‬أن ال تعلم السبب الذي منع حيضها; فهذه عدهتا سنة‪ :‬تسعة أشهر للحمل‪ ,‬وثالثة أشهر للعدة( أي‪ :‬عدة‬
‫اآليسة) ‪.‬‬
‫‪ )2‬أن تعلم السبب الذي به ارتفع حيضها ; كاملرض والرضاع وتناول الدواء الذي يرفع احليض ; فهذه تنتظر زوال‬
‫ذلك املانع ‪ ,‬فإن عاد احليض بعد زواله ; اعتدت به ‪ ,‬وإن زال املانع ومل يعد احليض ; فالصحيح أهنا تعتد سنة‬
‫كاليت ارتفع حيضها ومل تدر سبب رفعه ‪ ,‬واختاره شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ ,‬وهو رواية عن اإلمام أمحد ‪.‬‬
‫وأما املستحاضة ‪ ,‬فلها حاالت ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫أن تكون تعرف قدر أيام عادهتا قبل االستحاضة ‪ ,‬وتعرف وقتها ; فهذه تنقضي عدهتا مبضي املدة اليت حيصل هلا هبا مقدار‬ ‫‪‬‬
‫ثالث حيض حسب أيام عادهتا ‪.‬‬
‫أن تنسى أيام عادهتا ‪ ,‬ولكن يكون دمها متميزا ; فهذه تعترب الدم املتميز حيضا تعتد به إن صلح أن يكون حيضا ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أن تنسى عادهتا وليس هلا متييز يعترب ; فهذه تعتد عدة اآليسة ثالثة أشهر ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فاملعتدة من وفاة واملعتدة البائن بطالق حير التصريح خبطبتهما ; كقوله ‪ :‬أريد أن أتزوجك وحنوه ; دون التعريض ‪ ,‬كأن يقول هلا‬ ‫‪‬‬
‫‪ :‬إين يف مثلك لراغب ‪.‬‬
‫ويباح للرجل أن خيطب من أباهنا دون الثالث ومن طلقها طالقا رجعيا تصرحيا وتعريضا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وأما زوجة املفقود ‪ -‬وهو من انقطع خربه ‪ ,‬فلم تعلم حياته وال موته ‪ ; -‬فتنتظر زوجته قدومه أو تبني خربه يف مدة يضرهبا‬ ‫‪‬‬
‫القاضي تكون كافية لالحتياط يف شأنه ‪ ,‬وتبقى يف عصمته يف تلك املدة ; ألن األصل حياته ‪ ,‬فإذا متت مدة االنتظار املضروبة‬
‫; حكم بوفاته ‪ ,‬واعتدت زوجته عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام‪.‬‬
‫فإذا انتهت عدهتا ; حلت لألزواج ‪ ,‬وال تفتقر إىل طالق ويل زوجها بعد اعتدادها للوفاة ‪ ,‬فإن تزوجت ‪ ,‬وقدم زوجها األول ;‬ ‫‪‬‬
‫فالصحيح أنه خي ري بني اسرتجاعها وبني إمضاء تزوجها من الثاين ‪ ,‬ويأخذ صداقه ‪ ,‬سواء كان قدومه بعد دخول الزوج الثاين أو‬
‫قبله ‪.‬‬
‫باب يف االسترباء‬
‫‪ ‬االسترباء هو تربص يقصد منه العلم برباءة رحم ملك ميني ‪ ,‬مأخوذ من الرباءة ‪ ,‬وهي التمييز والقطع ‪ .‬فمن ملك أمة‬
‫يوطأ مثلها ببيع أو هبة أو سيب أو غري ذلك ; حرم عليه وطؤها ومقدماته قبل استربائها وغري احلامل إن كانت حتيض ‪,‬‬
‫فاسترباؤها حبيضة وأما األمة اآليسة من احليض واألمة الصغرية ; فتستربآن مبضي شهر‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫باب يف أحكام الرضاع‬
‫‪ ‬والرضاع لغة ‪ :‬مص اللنب من الثدي أو شربه ‪ ,‬وشرعا ‪ :‬هو مص من دون احلولني لبنا ثاب عن محل أو ضربه أو حنوه ‪.‬‬
‫والرضاع حكمه حكم النسب يف النكاح واخللوة واحملرمية وجواز النظر على ما يأيت تفصيله ‪ .‬ولكن ال تثبت له هذه‬
‫األحكام إال بشرطني ‪:‬‬
‫‪ ‬الشرط األول ‪ :‬أن يكون مخس رضعات فأكثر‬
‫‪ ‬الشرط الثاين ‪:‬أن تكون مخس الرضعات يف احلولني‪.‬‬
‫‪ ‬وحد الرضعة أن ميتص الثدي مث يقطع امتصاصه لتنفس أو انتقال من ثدي آلخر أو لغري ذلك ‪.‬‬
‫‪ ‬ولو وصل اللنب إىل جوف الطفل بغري الرضاع فحكمه حكم الرضاع; كما لو قطر يف فمه أو أنفه‪ ,‬أو شربه من إناء وحنوه;‬
‫أخذ ذلك حكم الرضاع بشرط أن حيصل من ذلك مخس مرات ‪.‬‬
‫‪ ‬وأما ما ينشره الرضاع من احلرمة فمىت أرضعت امرأة طفال دون احلولني مخس رضعات فأكثر; صار املرتضع ولدها يف حترمي‬
‫نكاحها عليه ويف إباحة نظره إليها وخلوته هبا ‪ ,‬ويكون حمرما هلا ; وال يكون ولدا هلا يف بقية األحكام ; فال جتب نفقتها‬
‫عليه ‪ ,‬وال توارث بينهما ‪ ,‬وال يعقل عنها ‪ ,‬وال يكون وليا هلا‪.‬‬
‫‪ ‬ويصري املرتضع ولدا ملن ينسب لبنها إليه بسبب محلها منه‪ ,‬أو بسبب وطئه هلا بنكاح أو شبهه; للحوق ‪.‬‬
‫‪ ‬وتكون حمارم من نسب إليه اللنب كآبائه وأوالده وأمهاته وأجداده وجداته وإخوته وأخواته وأوالدهم وأعمامه وعماته وحنوهم‬
‫يكونون حمارم للمرتضع‪ ,‬وتكون حمارم املرضعة كآبائها وأوالدها وأمهاهتا وأخواهتا وحنوهم حمارم للمرتضع ‪.‬‬
‫‪ ‬وكما تثبت احلرمة على املرتضع تنتشر كذلك على فروعه من أوالده وأوالد أوالده دون أصوله وحواشيه ; فال تنتشر احلرمة‬
‫على من هو أعلى منه من آبائه وأمهاته وأعمامه وعماته وأخواله وخاالته ‪ ,‬كما ال تنتشر إىل من هو يف درجته من حواشيه‬
‫وهم إخوانه وأخواته ‪.‬‬
‫‪ ‬ومن رضع من لنب امرأة موطوءة بعقد باطل أو بزنا صار ولدا للمرضعة فقط; ألنه ملا مل تثبت األبوة من النسب‪ ,‬مل يثب من‬
‫الرضاع ‪ ,‬وهو فرعها ‪.‬‬
‫‪ ‬ولنب البهيمة ال حيرم‪ ,‬فلو ارتضع طفالن من هبيمة مل ينشر احلرمة بينهما ‪.‬‬
‫‪ ‬واختلف يف لنب املرأة إذا در هلا لنب بدون محل وبدون وطء تقدم‪ ,‬فقيل‪ :‬ال ينشر احلرمة; ألنه ليس بلنب حقيقة‪ ,‬والقول‬
‫الثاين ‪ :‬أنه ينشر احلرمة ‪ ,‬واختاره املوفق وغريه ‪.‬‬
‫‪ ‬ويثبت الرضاع بشهادة امرأة مرضية يف دينها ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن شك يف وجود الرضاع‪ ,‬أو شك يف كماله مخس رضعات‪ ,‬وليس هناك بينة فال حترمي; ألن األصل عدم الرضاع‪.‬‬
‫باب يف أحكام احلضانة‬
‫‪ ‬احلضانة‪ :‬شرعا ; فهي حفظ ‪ -‬صغري وحنوه عما يضره وتربيته بعمل مصاحله البدنية واملعنوية ‪.‬‬
‫‪ ‬فأحق الناس باحلضانة األم‬
‫‪ ‬فإذا تزوجت األم ; انتقلت احلضانة منها إىل غريها ‪ ,‬وسقط حقها فيها‬
‫‪ ‬مث بعد سقوط حق األم للحضانة تنتقل إىل أمهاهتا جدات الطفل القرىب فالقرىب ; ألهنن يف معىن األم ; لتحقق والدهتن‬
‫وشفقتهن على احملضون أكمل من غريهن ‪.‬‬
‫‪ ‬مث بعد اجلدات الاليت من قبل األم تنتقل احلضانة إىل أيب الطفل ; ألنه أصل النسب ‪ ,‬وأقرب من غريه ‪ ,‬وأكمل شفقة ;‬
‫فقدم على غريه ‪.‬‬
‫‪ ‬مث بعد سقوط حق األب من احلضانة تنتقل إىل أمهات األب ‪ -‬أي ‪ :‬اجلدات من قبل األب القرىب فالقرىب‪.‬‬
‫‪ ‬مث بعد سقوط حق اجلدات من قبل األب يف احلضانة تنتقل إىل اجلد من قبل األب ‪ ,‬األقرب فاألقرب‪.‬‬
‫‪ ‬مث بعد اجلد تنتقل احلضانة إىل أمهات اجلد القرىب فالقرىب ‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫‪ ‬مث بعد أمهات اجلد تنتقل احلضانة إىل أخوات احملضون ; ألهنن يدلني بأبويه أو بأحدمها ‪ ,‬فتقدم األخت ألبوين لقوة قرابتها‬
‫ولتقدمها يف املرياث ‪ ,‬مث األخت ألم مث األخت ألب ‪ ,‬وقيل ‪ :‬األوىل تقدمي األخت ألب على األخت ألم ; ألن الوالية‬
‫لألب‪.‬‬
‫‪ ‬مث بعد األخوات تنتقل احلضانة إىل اخلاالت ; ألن اخلاالت يدلني باألم‬
‫‪ ‬مث بعد اخلاالت تنتقل إىل العمات ; ألهنن يدلني باألب‪.‬‬
‫‪ ‬مث بعد العمات تنتقل احلضانة إىل بنات اإلخوة ‪.‬‬
‫‪ ‬مث بعدهن إىل بنات األخوات ‪.‬‬
‫‪ ‬مث بعد بنات اإلخوة وبنات األخوات تنتقل احلضانة إىل بنات األعمام ‪.‬‬
‫‪ ‬مث إىل بنات العمات ‪.‬‬
‫‪ ‬مث بعدهن تنتقل احلضانة لباقي العصبة األقرب فاألقرب; اإلخوة مث بنوهم‪ ,‬مث األعمام‪ ,‬مث بنوهم‬
‫‪ ‬فإن كانت احملضونة أنثى ; اشرتط كون احلاضن من حمارمها ‪ ,‬فإن مل يكن حمرما هلا ; سلمها إىل ثقة خيتارها ‪.‬‬
‫باب يف موانع احلضانة‬
‫‪ ‬من موانع احلضانة الرق ; فال حضانة ملن فيه رق ‪ ,‬ولو قل ; ألن احلضانة والية ‪ ,‬والرقيق ليس من أهل الوالية ‪ ,‬وألنه مشغول‬
‫خبدمة سيده ‪ ,‬ومنافعه مملوكة لسيده ‪.‬‬
‫‪ ‬وال حضانة لفاسق ; ألنه ال يوثق به فيها ‪ ,‬ويف بقاء احملضون عنده ضرر عليه ‪.‬‬
‫‪ ‬وال حضانة لكافر على مسلم ; ألنه أوىل بعدم االستحقاق من الفاسق ; ألن ضرره أكثر ‪.‬‬
‫‪ ‬وال حضانة ملتزوجة بأجنيب من حمضون ‪.‬‬
‫‪ ‬فإن زال أحد هذه املوانع; رجع من زال عنه املانع من هؤالء إىل حقه يف احلضانة لوجود سببها ‪ ,‬مع انتفاء املانع منها ‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا أراد أحد أبوي احملضون سفرا طويال ‪ ,‬ومل يقصد به املضارة ‪ ,‬إىل بلد بعيد ليسكنه ‪ ,‬وهو وطريقه آمنان ‪ ,‬فاحلضانة تكون‬
‫لألب ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن كان السفر إىل بلد قريب دون مسافة القصر لغرض السكىن فيه فاحلضانة لألم‬
‫‪ ‬أما إذا كان السفر حلاجة ‪ ,‬مث يرجع ‪ ,‬أو كان الطريق أو البلد املسافر إليه خموفني ; فإن احلضانة تكون للمقيم منهما‪.‬‬
‫ختيري الغالم بني أبويه‬
‫‪ ‬وأما ختيري الغالم بني أبويه فيحصل عند بلوغه السابعة من عمره ‪ ,‬فإذا بلغ سبع سنني وهو عاقل ; فإنه خيري بني أبويه ‪ ,‬فيكون‬
‫عند من اختار منهما‬
‫‪ ‬وال خيري إال بشرطني ‪:‬‬
‫‪ o‬أحدمها ‪ :‬أن يكون األبوان من أهل احلضانة ‪.‬‬
‫‪ o‬والثاين ‪:‬أن يكون الغالم عاقال ‪ ,‬فإن كان معتوها ; بقي عند األم ‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا اختار الغالم العاقل أباه ; صار عنده ليال وهنارا ; ليحفظه ويعلمه ويؤدبه ‪ ,‬لكن ال مينعه من زيارة أمه‬
‫‪ ‬وإن اختار أمه ; صار عندها ليال وعند أبيه هنارا ; ليعلمه ويؤدبه ‪ ,‬وإن مل خيرت واحدا منهما ‪.‬‬
‫‪ ‬واألنثى إذا بلغت سبع سنني ; فإهنا تكون عند أبيها إىل أن يتسلمها زوجها وال متنع األم من زيارهتا مع عدم احملذور ‪ ,‬فإن كان‬
‫األب عاجزا عن حفظ البنت أو ال يبايل هبا لشغله أو قلة دينه ‪ ,‬واألم تصلح حلفظها ; فإهنا تكون عند أمها ‪.‬‬
‫باب يف نفقة الزوجة‬
‫‪ ‬شرعا ‪ :‬كفاية من ميؤنه باملعروف قوتا وكسوة ومسكنا وتوابعها ‪.‬‬
‫‪ ‬وأول ما جيب على اإلنسان النفقة على زوجته ‪ ,‬فيلزم الزوج نفقة زوجته قوتا وكسوة وسكىن مبا يصلح ملثلها‪.‬‬
‫عند التنازع بينهما ‪:‬‬
‫‪ ‬فيفرض للموسرة حتت املوسر من النفقة قدر كفايتها مما تأكل املوسرة حتت املوسر يف حملهما‪ ,‬ويفرض هلا من الكسو ما يلبس‬
‫مثلها من املوسرات بذلك البلد‪ ,‬ومن الفرش واألثاث كذلك ما يليق مبثلها يف ذلك البلد‪ .‬ويفرض للفقرية حتت الفقري من‬

‫‪62‬‬
‫القوت والكسو والفرش واألثاث ما يليق مبثلها يف البلد ‪ .‬ويفرض للمتوسطة مع املتوسط والغنية حتت الفقري والفقري حتت الغين‬
‫ما بني احلد األعلى ‪ -‬وهو نفقة املوسرين ‪ -‬واحلد األدىن ‪ -‬وهو نفقة الفقريين‪ -‬حبسب العرف والعادة‪.‬‬
‫وعلى الزوج مؤونة نظافة زوجته من دهن وسدر وصابون ومن ماء للشرب والطهارة والنظافة ‪ ,‬وما ذكر هو ما إذا كانت الزوجة‬
‫يف عصمته‪.‬‬
‫‪ ‬أما إذا طلقها وصارت يف العدة‪ :‬فإن كان طالقا رجعيا ; فإهنا جتب نفقتها عليه ما دامت يف العدة كالزوجة ; ألهنا زوجة‪.‬‬
‫‪ ‬وأما املطلقة البائن بينونة كربى أو بينونة صغرى ; فال نفقة هلا وال سكىن ‪.‬‬
‫‪ ‬إال أن تكون املطلقة البائن حامال ; فلها النفقة ‪ ,‬وألن احلمل ولد للمطلق ‪ ,‬قاال ملوفق وغريه‪ " :‬وهذا بإمجاع أهل العلم ‪,‬‬
‫لكن اختلف العلماء هل النفقة للحمل أو للحامل من أجل احلمل "‪.‬‬
‫‪ ‬ويتفرع على القولني أحكام كثرية موضعها كتب الفقه والقواعد الفقهية ‪.‬‬
‫‪ ‬وتسقط نفقة الزوجة عن زوجها بأسباب متعددة ‪:‬‬
‫‪ ‬منها‪ :‬إذا حبست عنه ; سقطت نفقتها ‪ ,‬والنفقة إمنا جتب يف مقابل االستمتاع ‪.‬‬
‫‪ ‬ومنها ‪ :‬إذا نشزت عنه ; فإهنا تسقط نفقتها ‪ ,‬والنشوز هو معصيتها إياه فيما جيب عليها له ‪ ,‬كما لو امتنعت من فراشه‪ ,‬أو‬
‫امتنعت من االنتقال معه إىل مسكن يليق هبا ‪ ,‬أو خرجت من منزله بغري إذنه ; فال نفقة هلا يف هذه األحوال ‪.‬‬
‫‪ ‬ومنها ‪ :‬لو سافرت حلاجتها ; فإهنا تسقط نفقتها ‪ ,‬ألهنا بذلك منعت نفسها منه بسبب ال من جهته ‪ ,‬فسقطت نفقتها ‪.‬‬
‫واملرأة املتوىف عنها ال نفقة هلا من تركة الزوج ; ألن املال انتقل من الزوج إىل الورثة ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن كانت املتوىف عنها حامال ; وجبت نفقتها يف حصة احلمل من الرتكة إن كان للمتوىف تركة ‪ ,‬وإال وجبت نفقتها على وارث‬
‫احلمل املوسر ‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا اتفق الزوجان على دفع قيمة النفقة أو اتفقا على تعجيلها أو على تأخريها مدة طويلة أو قليلة جاز ذلك ; ألن احلق هلما‬
‫‪ ,‬وإن اختلفا ; وجب دفع نفقه كل يوم من أوله جاهزة ‪ ,‬وإن اتفقا على دفعها حبا ; جاز ذلك‪.‬‬
‫وجتب هلا الكسوة كل عام من أوله ‪ ,‬فيعطيها كسوة السنة ‪ ,‬ومن غاب عن زوجته ومل يرتك هلا نفقة ‪ ,‬أو كان حاضرا ومل ينفق‬
‫عليها ; لزمته نفقة ما مضى ‪.‬‬
‫‪ ‬ويبدأ وقت وجوب نفقة الزوجة على زوجها من حني تسليم نفسها له ‪ ,‬فإن أعسر بالنفقة ; فلها فسخ نكاحا منه‪.‬‬
‫‪ ‬وإن غاب زوج موسر ‪ ,‬ومل يدع المرأته نفقة ‪ ,‬وتعذر أخذها من ماله أو استدانتها عليه فلها الفسخ بإذن احلاكم ‪ ,‬فإن قدرت‬
‫على ماله ; أخذت قدر كفايتها‪.‬‬
‫باب يف نفقة األقارب واملماليك‬
‫‪ ‬املراد هنا بأقارب اإلنسان كل من يرثه بفرض أو تعصيب‪ ,‬واملراد باملماليك ما حتت ملك اإلنسان من األرقاء والبهائم ‪.‬‬
‫‪ ‬ويشرتط لوجوب اإلنفاق على القريب من عمودي النسب‪ ,‬وهم والدا املنفق وأجداده وإن علوا وأوالده وإن نزلوا ‪:‬‬
‫‪ )1‬أن يكون املنفق عليه منهم فقريا ال ميلك شيئا ‪ ,‬أو ال ميلك ما يكفيه ‪ ,‬وال يقدر على التكسب ‪.‬‬
‫‪ )2‬وأن يكون املنفق غنيا ‪ ,‬عنده ما يفضل عن قوته وقوت زوجته ومملوكه ‪.‬‬
‫‪ )3‬وأن يكون املنفق واملنفق عليه على دين واحد ‪.‬‬
‫‪ )4‬وإن يكون املنفق عليه من غري أوالد املنفق وآبائه ; اشرتط زيادة على ذلك كون املنفق وارثا للمنفق عليه ‪.‬‬
‫‪ ‬والوالد جتب عليه نفقة ولده كاملة ‪ ,‬ينفرد ‪.‬‬
‫‪ ‬أما الفقري الذي له أقارب أغنياء ‪ ,‬وليس منهم األب ; فإهنم يشرتكون يف اإلنفاق عليه كل بقدر إرثه منه‪.‬‬
‫‪ ‬وأما نفقة املماليك من األرقاء والبهائم فإنه جيب على السيد نفقة رقيقه من قوت وكسوة وسكىن باملعروف‪.‬‬
‫‪ ‬وإن طلب الرقيق نكاحا ; زوجه سيده أو باعه‪.‬‬
‫‪ ‬وإن طلبته أمة ; خري سيدها بني وطئها أو تزوجيها أو بيعا ; إزالة للضرر عنها ‪.‬‬
‫‪ ‬وجيب على من ميلك هبيمة علفها وسقيها وما يصلحها ‪.‬‬
‫‪ ‬وال جيوز ملالك البهيمة أن حيملها ما تعجز عنه ; ألن ذلك تعذيب هلا ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ ‬وال جيوز له أن حيلب من لبنها ما يضر ولدها ‪.‬‬
‫‪ ‬وحيرم عليه لعن البهيمة وضرهبا يف وجهها وومسها فيه ‪ ,‬فإن عجز مالك البهيمة عن اإلنفاق عليها أجرب على بيعها أو تأجريها‬
‫أو ذحبها إن كانت مما تؤكل ; ألن بقاءها يف ملكه مع عدم اإلنفاق عليها ظلم ‪ ,‬والظلم جتب إزالته ‪.‬‬
‫كتاب القصاص واجلنايات‬
‫باب يف أحكام القتل وأنواعه‬
‫قد عرف الفقهاء اجلنايات بأهنا مجع جناية ‪ ,‬وهي لغة التعدي على بدن أو مال أو عرض ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وقد عقدوا للنوع األول منها ‪ -‬وهو التعدي على البدن ‪ -‬كتاب اجلنايات ‪ ,‬وعقدوا للنوع الثاين والثالث ‪ -‬ومها التعدي‬ ‫‪‬‬
‫على املال والعرض ‪ -‬كتاب احلدود ‪.‬‬
‫والتعدي على البدن هو ما يوجب قصاصا أو ماال أو كفارة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وقد أمجع املسلمون على حترمي القتل بغري حق ودليل ذلك من الكتاب والسنة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فمن قتل مسلما عدوانا ; فقد توعده هللا تعاىل ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وحكمه أنه فاسق ; الرتكابه كبرية من كبائر الذنوب ‪ ,‬وأمره إىل هللا ‪ :‬إن شاء عذبه ‪ ,‬وإن شاء غفر له ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وهذا إذا مل يتب ‪ ,‬أما إذا تاب ‪ ,‬فتوبه مقبولة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لكن ال يسقط عنه حق املقتول يف اآلخرة مبجرد التوبة ‪ ,‬بل يأخذ املقتول من حسنات القاتل بقدر مظلمته ‪ ,‬أو يعطيه‬ ‫‪‬‬
‫هللا من عنده ‪ ,‬وال يسقط حق املقتول بالقصاص ; ألن القصاص حق ألولياء املقتول ‪.‬‬
‫والقتل ينقسم إىل ثالثة أقسام عند أكثر أهل العلم ‪ ,‬وهي ‪ :‬القتل العمد ‪ ,‬والقتل شبه العمد ‪ ,‬والقتل اخلطأ ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فالقتل العمد‪ :‬هو أن يقصد من يعلمه آدميا معصوما فيقتله مبا يغلب على الظن موته به ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫القتل ال يكون عمدا إال إذا توفرت فيه هذه الشروط‬ ‫‪‬‬
‫‪ )1‬الشرط األول ‪ :‬وجود القصد من القاتل ‪ ,‬وهي إرادة القتل ‪.‬‬
‫‪ )2‬الشرط الثاين ‪ :‬أن يعلم أن الشخص الذي قصد قتله آدمي معصوم الدم ‪.‬‬
‫‪ )3‬الشرط الثالث ‪ :‬أن تكون اآللة اليت قتله هبا مما يصلح للقتل عادة‪.‬‬
‫فإن اختل شرط من هذه الشروط ; مل يكن القتل ‪ .‬وللعمد تسع صور معلومة باالستقراء ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ )1‬إحداها ‪ :‬أن جيرحه مبا له نفوذ يف البدن‪.‬‬
‫‪ )2‬الثانية ‪ :‬أن يقتله مبثقل كبري كاحلجر وحنوه ‪.‬‬
‫‪ )3‬الثالثة ‪:‬أن يلقيه إىل حيوان مفرتس كأسد ‪ ,‬أو إىل حية‪.‬‬
‫‪ )4‬الرابعة ‪ :‬أن يلقيه يف نار أو ماء يغرقه وال ميكنه التخلص منهما ‪.‬‬
‫‪ )5‬اخلامسة‪ :‬أن خينقه حببل أو غريه أو يسد فمه وأنفه فيموت من ذلك ‪.‬‬
‫‪ )6‬السادسة ‪:‬أن حيبسه ومينع عنه الطعام والشراب فيموت من ذلك يف مدة ميوت فيها غالبا ‪.‬‬
‫‪ )٩‬السابعة ‪:‬أن يقتله بسحر يقتل غالبا‪.‬‬
‫‪ )٤‬الثامنة ‪:‬أن يسقيه مسا ال يعلم به ‪ ,‬أو خيلطه بطعامه ‪.‬‬
‫‪ )٧‬التاسعة ‪:‬أن يشهد عليه شهود مبا يوجب قتله من زنا أو ردة أو قتل ‪ ,‬فيقتل مث يرجع الشهود عن شهادهتم ‪.‬‬
‫وشبه العمد قد عرفه الفقهاء رمحهم هللا بقوهلم ‪ " :‬هو أن يقصد جناية ال تقتل غالبا ‪ ,‬فيموت هبا اجملين عليه ‪ ,‬سواء كان‬ ‫‪‬‬
‫ذلك بقصد العدوان عليه ‪ ,‬أو ألجل تأديبه‪.‬‬
‫ومن أمثلة شبه العمد ما لو ضربه يف غري مقتل بسوط أو عصا صغري أو لكزه بيده أو لكمه يف غري مقتل فمات كان‬ ‫‪‬‬
‫ذلك شبه عمد ‪ ,‬جتب به الكفارة يف مال اجلاين‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫‪ ‬وأما قتل اخلطأ‪ :‬وهو أن يفعل ما له فعله ; مثل أن يرمي صيدا أو هدفا ‪ ,‬فيصيب آدميا معصوما مل يقصده ‪ ,‬فيقتله أو‬
‫يقتل مسلما يف صف كفار يظنه كافرا ‪.‬‬
‫‪ ‬وعمد الصيب واجملنون جيري جمرى اخلطأ ‪ ,‬ألهنما ليس هلما قصد ‪.‬‬
‫‪ ‬وجيري جمرى اخلطأ أيضا القتل بالتسبب‪ ,‬كما لو حفر بئرا أو حفرة يف طريق‪ ,‬فتلف بسبب ذلك إنسان‬
‫وجب بالقتل اخلطأ الكفارة يف مال القاتل‪ ,‬وهي عتق رقبة مؤمنة‪ ,‬فإن مل جيد الرقبة; صام شهرين متتابعني ‪ ,‬وجتب الدية‬
‫على عاقلته‪ ,‬وهم ذكور عصابته ‪.‬‬
‫‪ ‬ومن قتل مسلما يف صف كفار يظنه كافرا فإنه ال جيب فيه إال الكفارة فقط ‪.‬‬
‫‪ ‬فجعل قتل اخلطأ على قسمني‪:‬‬
‫‪ )1‬قسم فيه الكفارة على القاتل والدية على عاقلته ‪ ,‬وهو قتل املؤمن خطأ يف غري صف الكفار‪.‬‬
‫‪ )2‬وقسم جتب فيه الدية فقط ‪ ,‬وهو قتل املؤمن بني الكفار يظنه القاتل كافرا ‪.‬‬
‫‪ ‬واختلفوا يف وجه سقوط الدية ; فقيل ‪ :‬وجهه أن أولياء القتيل كفار ‪ ,‬ال حق هلم يف الدية ‪ ,‬وقيل ‪ :‬وجهه أن هذا الذي‬
‫آمن ومل يهاجر حرمته قليلة ‪,‬وقال بعض أهل العلم ‪ :‬إن ديته واجبة لبيت املال "‬
‫‪ ‬ومحال لقاتل الكفارة ألمور ‪:‬‬
‫‪ )1‬أوال ‪ :‬احرتام النفس الذاهبة ‪.‬‬
‫‪ )2‬ثانيا ‪ :‬لكون القتل ال خيلو من تفريطه ‪.‬‬
‫‪ )3‬ثالثا ‪ :‬لئال خيلو القاتل عن حتمل شيء‪.‬‬
‫‪ ‬وال يدخل يف العاقلة الرقيق والفقري والصغري واجملنون واألنثى واملخالف لدين ‪.‬‬
‫‪ ‬وتؤجل دية اخلطأ على العاقلة ثالث سنني ‪ ,‬وجيتهد احلاكم يف حتميل كل منهم ما يستطيع ‪ ,‬ويبدأ باألقرب فاألقرب ‪.‬‬
‫باب يف أحكام القصاص‬
‫‪ ‬أمجع العلماء على مشروعية القصاص يف القتل العمد إذا توفرت ‪.‬‬
‫‪ ‬إن الويل خيري بني القصاص والديه ;وإن شاء أخذ الدية ‪ ,‬وعفوه جمانا أفضل ‪.‬‬
‫‪ ‬ما مل يؤد ذلك إىل مفسدة ‪.‬‬
‫‪ ‬وال يستحق ويل القتيل القصاص إال بتوفر شروط أربعة ‪:‬‬
‫‪ )1‬عصمة املقتول ; بأن ال يكون مهدر الدم ‪.‬‬
‫‪ )2‬أن يكون القاتل بالغا عاقال ‪.‬‬
‫‪ )3‬املكافأة بني املقتول وقاتله حال جنايته ; بأن يساويه يف الدين واحلرية والرق ; فال يقتل مسلم وال يقتل حر بعبد‪ .‬وال‬
‫يؤثر التفاضل بني اجلاين واجملين عليه يف غري ما ذكر ‪ ,‬فيقتل اجلميل بالدميم ‪ ,‬والشريف بضده ‪ ,‬والكبري بالصغري‪,‬‬
‫ويقتل الذكر باألنثى ‪ ,‬والصحيح باجملنون واملعتوه ‪.‬‬
‫‪ )4‬عدم الوالدة ‪ ,‬بأن ال يكون املقتول ولدا للقاتل وال البنه وإن سفل ‪ ,‬وال لبنته وإن سفلت ; فال يقتل أحد األبوين وإن‬
‫عال بالولد وإن سفل ‪.‬‬
‫‪ ‬شروط استيفاء القصاص وهي ثالثة شروط ‪:‬‬
‫‪ ‬الشرط األول ‪ :‬أن يكون مستحق القصاص مكلفا ; أي ‪ :‬بالغا عاقال ‪.‬‬
‫‪ ‬الشرط الثاين ‪ :‬اتفاق األولياء واملشرتكني يف القصاص على استيفائه ‪ ,‬وليس لبعضهم أن ينفرد به دون البعض اآلخر‪.‬‬
‫‪ )1‬وإن بقي من الشركاء يف استحقاق القصاص غائبا أو صغريا أو جمنونا‪ ,‬انتظر قدوم الغائب وبلوغ الصغري‪,‬‬
‫وعقل اجملنون منهم ‪.‬‬
‫‪ )2‬ومن مات من مستحقي القصاص ; قام وارثه مقامه ‪.‬‬
‫‪ )3‬وإن عفا بعض املشرتكني يف استحقاق القصاص ; سقط القصاص ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫‪ )4‬ويشرتك يف استحقاق القصاص مجيع الورثة بالنسب والسبب ‪ :‬الرجال والنساء ‪ ,‬الكبار والصغار‪ :‬إن العفو‬
‫خيتص بالعصبة فقط‪.‬‬
‫‪ ‬الشرط الثالث ‪ :‬أن يؤمن االستيفاء أن يتعدى إىل غري اجلاين ‪.‬‬
‫فإذا أفضى القصاص إىل التعدي; فهو إسراف‪ ,‬فإذا وجب القصاص على حامل أو من محلت بعد وجوب القصاص عليها; مل‬ ‫‪‬‬
‫تقتل حىت تضع ولدا; ألن قتلها يتعدى إىل اجلنني‪ ,‬وهو بريء‪ ,‬مث بعد وضعه ‪ :‬إن وجد من يرضعه ; أعطي ملن يرضعه ‪ ,‬وقتلت‬
‫‪ :‬لزوال املانع من القصاص ‪ ,‬لقيام غريها مقامها يف إرضاع الولد ‪ ,‬وإن مل يوجد من يرضعه ; تركت حىت تفطمه حلولني ‪.‬‬
‫وإذا أريد تنفيذ القصاص ; فال بد أن يتم تنفيذه بإشراف اإلمام أو نائبه; ليمنع اجلور‪ ,‬ويلزم بالوجه الشرعي يف ذلك ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويشرتط يف اآللة اليت ينفذ هبا القصاص أن تكون ماضية ; كسيف وسكني‪ .‬ومينع استيفاء القصاص بآلة كالة; ألن ذلك إسراف‬ ‫‪‬‬
‫يف القتل ‪.‬‬
‫مث إن كان الويل حيسن االستيفاء على الوجه الشرعي‪ ,‬وإال ; أمره احلاكم أن يوكل من يقتص له ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫والصحيح من قويل العلماء أنه يفعل باجلاين كما فعل باجملين عليه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لو قطع يديه ‪ ,‬مث قتله ; فعل به ذلك ‪ ,‬وإن قتله حبجر أو غرقه أو غري ذلك ; فعل به مثل ما فعل ‪ ,‬وإن أراد ويل القصاص أن‬ ‫‪‬‬
‫يقتص على ضرب عنقه بالسيف ; فله ذلك ‪ ,‬وهو أفضل ‪ ,‬وإن قتله مبحرم ; تعني قتله بالسيف ‪ ,‬ومثل قتل السيف يف الوقت‬
‫احلاضر قتله بإطالق الرصاص عليه ممن حيسن الرمي ‪.‬‬
‫باب يف القصاص يف األطراف‬
‫القصاص يف األطراف واجلروح ثابت بالكتاب والسنة واإلمجاع ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫فمن أقيد بأحد يف النفس ; أقيد به يف الطرف واجلروح إذا توفرت شروط القصاص السابقة ومن ال يقاد بأحد بالنفس ; ال يقاد‬ ‫‪‬‬
‫به يف الطرف واجلروح ‪ ,‬هذه هي القاعدة يف هذا الباب ‪.‬‬
‫وموجب القصاص يف األطراف واجلروح هو موجب القصاص يف النفس ‪ ,‬وهو العمد احملض ; فال قود يف اخلطأ وال يف شبه‬ ‫‪‬‬
‫العمد ‪ ,‬وجيري القصاص يف األطراف ‪ ,‬فتؤخذ العني بالعني ‪ ,‬واألنف باألنف ‪ ,‬واألذن باألذن ‪ ,‬واليد باليد ‪ ,‬والرجل بالرجل ;‬
‫اليمىن باليمىن ‪ ,‬واليسرى باليسرى ‪ ,‬من كل ما ذكر ‪ ,‬ويكسر سن اجلاين بسن اجملين عليه املماثلة هلا ‪ ,‬ويؤخذ اجلفن باجلفن ‪,‬‬
‫األعلى باألعلى ‪ ,‬واألسفل باألسفل ‪ ,‬وتؤخذ الشفة بالشفة ; العليا بالعليا ‪ ,‬والسفلى بالسلفي ‪ ,‬وتؤخذ اإلصبع باإلصبع اليت‬
‫متاثلها يف موضعها ويف امسها ‪ ,‬وتؤخذ الكف بالكف املماثلة ; اليمىن باليمىن ‪ ,‬واليسرى باليسرى ‪ ,‬ويؤخذ الرفق مبثله ; األمين‬
‫باألمين ‪ ,‬واأليسر باأليسر ; للمماثلة فيهما ‪ ,‬ويؤخذ الذكر‪.‬‬
‫ويشرتط للقصاص يف الطرف ثالثة شروط‬ ‫‪‬‬
‫األمن من احليف ‪ ,‬وذلك بأن يكون القطع من مفصل أو له حد ينتهي إليه ‪ ,‬فإن مل يكن كذلك ‪ ,‬مل جيز القصاص ‪ ,‬فال‬ ‫‪‬‬
‫ق صاص يف جراحة ال تنتهي إىل حد ; كاجلائفة ‪ ,‬وهي اليت تصل إىل باطن اجلوف ; ألهنا ليس هلا حد ينتهي القطع إليه ‪ ,‬وال‬
‫قصاص يف كسر عظم غري سن ; ككسر الساق والفخذ والذراع ; لعدم إمكان املماثلة ‪ ,‬أما كسر السن ; فيجري فيه القصاص‬
‫; بأن يربد سن اجلاين حىت يؤخذ منه قدر ما كسر من سن اجملين عليه ‪.‬‬
‫التماثل بني عضوي اجلاين واجملين عليه يف االسم واملوضع ; فال تؤخذ ميني بيسار وال يسار بيمني من األيدي واألرجل واألعني‬ ‫‪‬‬
‫واآلذان وحنوها ‪ ,‬ألن كل واحد منها خيتص باسم ‪ ,‬وله منفعة خاصة ; فال متاثل ‪ ,‬وال تؤخذ خنصر ببنصر من األصابع ‪.‬‬
‫است واء العضوين من اجلاين واجملين عليه يف الصحة والكمال ‪ ,‬فال يؤخذ يد أو رجل صحيحة بيد أو رجل شالء ‪ ,‬وال تؤخذ يد‬ ‫‪‬‬
‫أو رجل كاملة األصابع أو األظفار بن اقصتها ‪ ,‬وال تؤخذ عني صحيحة بعني قائمة ‪ ,‬وهي اليت بياضها وسوادها صافيان غري‬
‫أهنا ال تبصر ; لعدم التساوي ‪ ,‬وال يؤخذ لسان ناطق بلسان أخرس ; لنقصه ‪ ,‬ويؤخذ العضو الناقص بالعضو الكامل ‪ ,‬وألن‬
‫املقتص يأخذ بعض حقه ; فال حيف ‪ ,‬وإن شاء أخذ الدية بدل القصاص ‪.‬‬
‫وأما القصاص يف اجلروح فيقتص يف كل جرح ينتهي إىل عظم ; إلمكان االستيفاء فيه بال حيف وال زيادة ‪ ,‬وذلك كالشجة‬ ‫‪‬‬
‫املوضحة يف الرأس والوجه‪ ,‬وكجرح العضد والساق والفخذ والقدم‪ .‬وأما ما ال ينتهي إىل عظم ‪ ,‬فال جيوز القصاص فيه من‬
‫اجلراحات ‪ ,‬سواء كانت شجة أو غريها ; كاجلائفة ‪ ,‬وهي اليت تصل إىل باطن جوف ; كبطن وصدر وحنر ; لعدم األمن من‬

‫‪66‬‬
‫احليف والزيادة‪ .‬وأما القصاص يف الضربة بيده أو بعصا أو سوط وحنو ذلك‪ ,‬فقالت طائفة ‪ :‬ال قصاص فيه ‪ ,‬بل فيه التعزير ‪,‬‬
‫واملأثور عند اخللفاء وغريهم من الصحابة والتابعني ‪ :‬أن القصاص مشروع يف ذلك ‪.‬‬
‫باب يف القصاص من اجلماعة للواحد‬
‫‪ ‬إذا اشرتك مجاعة يف قتل شخص عمدا عدوانا اقتص له منهم مجيعا ‪ ,‬وقتلوا به على الصحيح من قويل العلماء رمحهم هللا‪.‬‬
‫‪ ‬ويشرتط لقتل اجلماعة بالواحد أن يصلح فعل كل واحد منهم للقتل لو انفرد ‪ ,‬وذلك بأن يباشر اجلميع القتل ‪ ,‬ويكون فعل‬
‫كل واحد منهم قاتال لو انفرد ‪.‬‬
‫‪ ‬فإن مل يصح فعل كل واحد منهم للقتل لو انفرد ‪ ,‬وكانوا قد متالئوا وتواطئوا على قتل اجملين عليه ; وجب القصاص منهم‬
‫مجيعا ; ألن غري املباشر صار ردئا للمباشر ‪.‬‬
‫‪ ‬ومن أكره شخصا على قتل آخر ‪ ,‬فقتله وجب القصاص على املكره واملكره إذا توفرت شروطه ; ألن القاتل قصد استبقاء‬
‫نفسه بقتل غريه ‪ ,‬واملكره تسبب إىل القتل ‪.‬‬
‫‪ ‬ومن أمر صغريا أو جمنونا بقتل شخص ‪ ,‬فقتله وجب القصاص على اآلمر وحده ; ألن املأمور آلة لآلمر‪.‬‬
‫‪ ‬وكذا إذا كان املأمور مكلفا ‪ ,‬لكنه جيهل حترمي القتل ‪ ,‬لكنه جيهل حترمي القتل ‪ .‬فيجب القصاص على اآلمر ‪.‬‬
‫‪ ‬وأما إن كان املأمور بالغا عاقال ال جيهل التحرمي ; فإنه جيب القصاص عليه ; ملباشرته القتل بغري حق ‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا اشرتك اثنان يف قتل شخص عمدا عدوانا ‪ ,‬وكان أحدمها ال تتوفر فيه شروط وجوب القصاص ‪ ,‬واآلخر تتوفر فيه‪,‬‬
‫وجب القصاص على من تتوفر فيه الشروط منهما ‪ ,‬ألنه شارك يف القتل العمد العدوان ‪.‬‬
‫‪ ‬وكما يقتص للواحد من اجلماعة يف النفس ; فإنه يقتص له منهم يف الطرف واجلراح ‪ ,‬فإذا قطع مجاعة طرفا أو جرحوا جرحا‬
‫يوجب القود ‪ ,‬ومل تتميز أفعال بعضهم عن بعض ‪ ,‬كما لو وضعوا حديدة على يد شخص ‪ ,‬وحتاملوا عليها حىت انقطعت‬
‫اليد ‪ ,‬فيجب قطع أيديهم مجيعا ‪.‬‬
‫‪ ‬وسراية اجلناية على النفس وما دوهنا هلا حكم اجلناية ‪ ,‬ألهنا أثرها ‪ ,‬وأثر املضمون مضمون ‪ ,‬فلو قطع إصبعا ‪ ,‬فتآكلت‬
‫اإلصبع األخرى أو اليد وسقطت من مفصله ; وجب القود يف اليد ‪ ,‬وإن سرت اجلناية إىل النفس ; فمات اجملين عليه‬
‫وجب القصاص ‪ ,‬وال جيوز أن يقتص يف عضو أو جرح قبل برئه‪.‬‬
‫‪ ‬وذلك ملصلحة اجملين عليه ; إذ قد تسري اجلناية إىل طرف آخر أو إىل النفس ; فال بد أن يعرف مدى هناية اجلناية ‪ ,‬فلو‬
‫اقتص قبل الربء ‪ ,‬مث سرت اجلناية بعد ذلك فال شيء له ; ألنه استعجل فبطل حقه ‪.‬‬
‫باب يف أحكام الديات‬
‫‪ ‬الديات مجع دية ‪ ,‬وهي املال املودى إىل جمين عليه أو وليه بسبب جناية ‪.‬‬
‫‪ ‬فتجب الدية على كل من أتلف إنسانا مبباشرة ; كما لو ضربه أو دهسه بسيارة ‪ ,‬أو قتله بتسبب ; كمن حفر بئرا يف‬
‫طريق أو وضع فيه حجرا فتلف بسبب ذلك إنسان ‪ ,‬سواء كان التالف مسلما أو ذميا أو مستأمنا أو مهادنا‪.‬‬
‫‪ ‬فإن كانت اجلناية اليت تلف بسببها اجملين عليه عمدا حمضا فإن الدية جتب كلها يف مال اجلاين حالة ‪.‬‬
‫‪ ‬وأما دية القتل شبه العمد ودية القتل اخلطأ ‪ ,‬فإهنما يكونان على عاقلة القاتل وإجياهبا على العاقلة على سبيل املواساة‬
‫للقاتل ختفيفا عنه ; ألنه معذور ‪ ,‬والعامد ال عذر له ; فال يستحق التخفيف عنه‪.‬‬
‫‪ ‬وأما دية اخلطأ ; فقال ابن املنذر ‪ " :‬أمجع كل من حنفظ عنه من أهل العلم أهنا على العاقلة " ‪ ,‬وكذا دية ما جيري جمرى‬
‫اخلطأ ‪ ,‬كانقالب النائم على إنسان فيقتله ‪ ,‬وحفر البئر تعديا فيقع فيها إنسان فيموت ‪.‬‬
‫‪ ‬وما ترتب على الفعل املأذون به شرعا من تلف ‪ ,‬فهو غري مضمون ; كما لو أدب الرجل ولده أو زوجته ‪ ,‬أو أدب‬
‫سلطان أحدا من رعيته ‪ ,‬ومل يسرف واحد من هؤالء يف التأديب ‪ ,‬ومات املؤدب مل جيب شيء على املؤدب ; ألنه فعل‬
‫ما له فعله شرعا ‪ ,‬ومل يتعد فيه ‪ ,‬فإن أسرف يف التأديب ‪ ,‬فزاد فوق املعتاد ‪ ,‬فتلف املؤدب ; ضمنه ‪ ,‬لتعديه‬
‫باإلسراف‪.‬‬
‫‪ ‬وإن كان التأديب المرأة حامل ‪ ,‬فأسقطت محلها بسببه وجب على املؤدب ضمان احلمل بغرة عبد أو أمة ‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫‪ ‬ومن أفزع حامال فأسقطت جنينها بسبب ذلك كما لو طلبها سلطان ‪ ,‬أو استعدى عليها رجل بالشرط ; وجب‬
‫ضمان اجلنني على من أفزعها ; هلالكه بسببه ‪.‬‬
‫‪ ‬ومن أمر شخصا مكلفا أن ينزل بئرا أو يصعد شجرة وحنوها ‪ ,‬ففعل ‪ ,‬وهلك بسبب نزوله أو صعوده مل يضمنه اآلمر ‪,‬‬
‫ألنه مل جين ومل يتعد عليه يف ذلك ‪.‬‬
‫‪ ‬فإن كان املأمور غري مكلف ; ضمنه اآلمر ; ألنه تسبب يف إتالفه ‪.‬‬
‫‪ ‬ولو استأجر شخصا لنزول البئر وصعود الشجرة ‪ ,‬فمات بسبب ذلك ; مل يضمنه املستأجر ‪ ,‬ألنه مل جين ومل يتعد ‪.‬‬
‫‪ ‬ومن دعا من حيفر له بئرا بداره ‪ ,‬فمات هبدم مل يلقه عليه أحد فهو هدر ; لعدم التعدي عليه ‪.‬‬
‫باب يف مقادير الديات‬
‫‪ ‬ختتلف املقادير باعتبار اإلسالم واحلرية والذكورة واألنوثة وكون الشخص املقتول موجودا للعيان أو محال يف البطن ‪.‬‬
‫‪ ‬وأكثرها مقدار دية احلر املسلم ‪ ,‬حيث تبلغ ألف مثقال من الذهب ‪ ,‬أو اثين عشر ألف درهم من الدراهم اإلسالمية‬
‫اليت كل عشرة منها سبعة مثاقيل‪ ,‬أو مائة من اإلبل ‪ ,‬أو مائيت بقرة‪ ,‬أو ألفي شاة‬
‫‪ ‬قد اختلف أهل العلم ‪ ,‬هل هذه املذكورات أصول للدية‪ ,‬أم أن األصل هو اإلبل فقط ‪ ,‬وهو قول جهور العلماء ‪.‬‬
‫‪ ‬ما عدا اإلبل من األصناف املذكورة يكون معتربا هبا من باب التقومي ‪.‬‬
‫‪ ‬وتغلظ الدية يف قت ل العمد وشبهه ‪ ,‬فتجعل املائة من اإلبل أرباعا ‪ :‬مخس وعشرون بنت خماض ‪ ,‬ومخس وعشرون بنت‬
‫لبون ‪ ,‬ومخس وعشرون حقة ‪ ,‬ومخس وعشرون جذعة ‪.‬‬
‫‪ ‬فإن جاء باإلبل على هذا النمط ‪ ,‬لزم ويل اجلناية أخذها‪ ,‬وإن شاء دفع قيمتها حسب ما تساوي يف كل عصر حبسبه ‪.‬‬
‫‪ ‬وتكون الدية يف اخلطأ خم ففة ; حبيث جتعل املائة من اإلبل مخسة أنواع ‪ :‬عشرون بنت خماض ‪ ,‬وعشرون بنت لبون ‪,‬‬
‫وعشرون حقة ‪ ,‬وعشرون جذعة ‪ ,‬وعشرون من بين خماض ‪ ,‬أو قيمتها حسب ما تساوي يف كل عصر حبسبه ‪.‬‬
‫‪ ‬ودية احلر الكتايب سواء كان ذميا أو مستأمنا أو معاهدا نصف دية املسلم ‪.‬‬
‫‪ ‬ودية اجملوسي الذمي أو املعاهد أو املستأمن ودية الوثين املعاهد أو املستأمن ‪ :‬مثامنائة درهم إسالمي ‪.‬‬
‫‪ ‬ونساء أهل الكتاب واجملوس وعبدة األوثان على النصف من دية ذكراهنم ; كما أن دية نساء املسلمني على النصف من‬
‫دية ذكراهنم ‪ ,‬قال ابن املنذر ‪ " :‬أمجع أهل العلم على أن دية املرأة نصف دية الرجل ‪ ,‬ويف كتاب عمرو بن حزم ‪" :‬‬
‫دية املرأة على النصف من دية الرجل " ‪.‬‬
‫‪ ‬ويستوي الذكر واألنثى فيما يوجب دون ثلث الدية‪.‬‬
‫‪ ‬ودية القن قيمته ذكرا كان أو أنثى ‪ ,‬صغريا أو كبريا ‪ ,‬بالغة ما بلغت ‪ ,‬وهذا جممع عليه إذا كانت قيمته دون دية احلر ‪,‬‬
‫فإن بلغت دية احلر فأكثر ; فذهب أمحد يف املشهور عنه ومالك والشافعي وأبو يوسف إىل أن فيه قيمته بالغة ما بلغت‬
‫‪.‬‬
‫‪ ‬وجيب يف اجلنني ذكرا أو أنثى إذا مات بسبب جناية على أمه عمدا أو خطأ غرة عبد أو أمة‪ ,‬قيمتها مخس من اإلبل‪.‬‬
‫‪ ‬وتورث الغرة عنه ‪ ,‬كأنه سقط حيا ; ألهنا دية له‪.‬‬
‫باب يف ديات األعضاء واملنافع‬
‫أوال ‪ :‬دية األعضاء‬
‫‪ ‬يف اآلدمي مخسة وأربعون عضوا‪ ,‬منها ما يف اإلنسان منه شيء واحد ‪ ,‬ومنها ما يف اإلنسان منه اثنان فأكثر ‪:‬‬
‫‪ ‬فإذا تلف ما يف اإلنسان منه شيء واحد كاألنف واللسان والذكر ‪ ,‬ففيه دية تلك النفس اليت قطع منها على التفصيل‬
‫السابق ‪ ,‬سواء كان ذكرا أو أنثى ‪ ,‬حرا أو عبدا أو ذميا أو غريه ; ألن يف إتالف هذا العضو الذي مل خيلق هللا يف اإلنسان‬
‫منه إال شيئا واحدا إذهاب منفعة اجلنس ; فهو كإذهاب النفس ‪.‬‬
‫‪ ‬وما يف اإلنسان منه شيئان ; كالعينني ‪ ,‬واألذنني ‪ ,‬والشفتني ‪ ,‬واللحيني ( ومها العظمان اللذان فيهما األسنان ) ‪ ,‬وثديي‬
‫املرأة وثندويت الرجل واليدين والرجلني واألنثيني ; يف إتالف االثنني مما ذكر الدية كاملة ‪ ,‬ويف إتالف أحدمها نصفها‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫‪ ‬وما يف اإلنسان منه ثالثة أشياء ‪ :‬إذا أتلفها مجيعا; ففيها دية كاملة‪ ,‬ويف الواحد منها ثلث الدية‪ ,‬وذلك كاألنف; فإنه‬
‫يشمل ثالثة أشياء هي‪ :‬املنخران واحلاجز بينهما‪ ,‬فتوزع الدية عليها كما توزع األصابع ‪.‬‬
‫‪ ‬وما يف اإلنسان منه أربعة أشياء ; ففيها مجيع ا إذا أتلفت دية كاملة ‪ ,‬ويف الواحد منها ربع الدية ‪ ,‬وذلك كاألجفان األربعة ;‬
‫ألن فيها مجاال ظاهرا ونفعا كامال ‪.‬‬
‫‪ ‬ويف أصابع اليدين الدية كاملة ‪ ,‬وكذا أصابع الرجلني دية كاملة إذا قطعت مجيعا ‪ ,‬ويف كل أصبع عشر الدية‬
‫‪ ‬ويف كل أمنلة من أصابع اليدين والرجلني ثلث عشر الدية ; ألن يف كل إصبع ثالثة مفاصل ‪ ,‬فتقسم دية اإلصبع على‬
‫عددها ‪ ,‬كما قسمت دية اليد على األصابع بالسوية ‪ ,‬واإلهبام فيه مفصالن ‪ ,‬يف كل مفصل منهما نصف عشر الدية‪.‬‬
‫‪ ‬ويف كل سن نصف عشر الدية‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬دية املنافع‬
‫‪ ‬وأما املنافع ; فاملراد هبا منافع تلك األعضاء املذكورة ; كالسمع ‪ ,‬والبصر ‪ ,‬والشم ‪ ,‬والكالم ‪ ,‬واملشي ‪ ,‬فكل عضو له‬
‫منفعة خاصة ‪.‬‬
‫‪ ‬ومن ذلك احلواس األربع ‪ ,‬وهي ‪ :‬السمع ‪ ,‬والبصر ‪ ,‬والشم ‪ ,‬والذوق ‪ ,‬ففي كل حاسة منها إذا ذهبت بسبب اجلناية دية‬
‫كاملة ‪.‬‬
‫‪ ‬وجتب الدية كاملة يف إذهاب كل من الكالم والعقل واملشي واألكل والنكاح وعدم استمساك البول والغائط ; ألن يف كل‬
‫واحدة من هذه منفعة كبرية ‪ ,‬ليس يف البدن مثلها ‪.‬‬
‫‪ ‬وجيب يف كل واحد من الشعور األربعة الدية كاملة ‪ ,‬وهي شعر الرأس وشعر اللحية وشعر احلاجبني وأهداب العينني ‪ ,‬ويف‬
‫احلاجب الواحد نصف الدية ‪ ,‬ويف اهلدب الواجب ربع الدية ; ألن الدية تتوزع عليها بعددها ‪.‬‬
‫باب يف أحكام الشجاج وكسر العظام‬
‫‪ ‬الشجاج ‪ :‬مجع شجة ‪ ,‬وهي اجلرح يف الرأس والوجه خاصة ‪.‬‬
‫‪ ‬وتنقسم الشجة باعتبار تسميتها املنقولة عن العرب إىل عشرة أقسام ‪ ,‬كل قسم له اسم خاص وحكم خاص ‪:‬‬
‫‪ )1‬احلارصة ‪ :‬وهي اليت حترص اجللد ‪ ,‬أي ‪ :‬تشقه قليال وال تدميه ‪ ,‬وتسمى القاشرة ‪ ,‬أي ‪ :‬ألهنا تقشر اجللد ‪.‬‬
‫‪ )2‬البازلة ‪ :‬وهي اليت يسيل منها الدم قليال ‪ ,‬وتسمى الدامعة ; تشبيها خبروج الدمع من العني ‪.‬‬
‫‪ )3‬الباضعة ‪ :‬وهي اليت تبضع اللحم ; أي ‪ :‬تشقه بعد اجللد ‪.‬‬
‫‪ )4‬املتالمحة ‪ :‬وهي الغائصة يف اللحم ‪ ,‬ولذلك اشتقت منه ‪.‬‬
‫‪ )5‬السمحاق ‪ :‬وهي اليت تنفذ من اللحم ‪ ,‬وال يبقى بينها وبني العظم سوى جلدة رقيقة تسمى السمحاق ‪ ,‬مسيت‬
‫اجلراحة الواصلة إليها بامسها ‪ .‬وهذه اخلمس املذكورة من الشجاج ليس يف ديتها مبلغ مقدر من الشارع ‪ ,‬فيقدر‬
‫فيها حكومة ‪ ,‬جيتهد احلاكم يف تقديرها ‪.‬‬
‫‪ )6‬املوضحة ‪ :‬وهي اليت توضح العظم وتربزه ‪ ,‬وديتها مخسة أبعرة ‪.‬‬
‫‪ )٩‬اهلامشة‪ :‬وهي اليت توضح العظم وهتشمه ; أي ‪ :‬تكسره ‪ ,‬وجيب فيها عشر من اإلبل ‪.‬‬
‫‪ )٤‬املنقلة ‪ :‬وهي اليت توضح العظم وهتشمه وتنقل العظام حبيث حتتاج إىل مجع لتلتئم ‪.‬‬
‫‪ )٧‬املأمومة ‪ :‬وهي اليت تصل إىل أم الدماغ ; أي ‪ :‬جلدة الدماغ ‪.‬‬
‫الدامغة ‪ :‬وهي اليت خترق تلك اجللدة ‪.‬‬ ‫‪)11‬‬
‫‪ ‬وجيب يف كل واحدة من هاتني الشجتني املأمومة والدامغة ثلث الدية‪.‬‬
‫‪ ‬وأما ما جيب يف كسر العظام‬
‫‪ ‬فيجب يف الضلع إذا جرب بعد كسر ; كما كان بعري ‪ ,‬وجيب يف كل واحدة من الرتقوتني ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن اجنرب الضلع أو الرتقوة بدون استقامة ‪ ,‬وجب يف ذلك حكومة‪ ,‬وجيب يف كسر الذراع ‪ ,‬وهو الساعد اجلامع لعظمي‬
‫الزند والعضد ‪ ,‬إذا جرب مستقيما ‪ :‬بعريان ‪ ,‬كما جيب ذلك أيضا يف كسر الفخذ وكسر الساق وكسر الزند ‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫واحلكومة معناها أن يقوم اجملين عليه كأنه عبد ال جناية به ‪ ,‬مث يقوم وهي به قد برئت ; فما نقص من القيمة ; فللمجين‬
‫عليه مثل نسبته من الدية ‪ ,‬مثال ذلك ‪ :‬لو قدر أن قيمته لو كان عبدا سليما ستون ‪ ,‬وقيمته باجلناية مخسون ; ففيه سدس‬
‫ديته ‪ ,‬ألن الناقص بالتقومي واحد من ستة ‪ ,‬وهو سدس قيمته ‪ ,‬فيكون للمجين عليه سدس ديته ‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا برئ اجملين عليه ‪ ,‬وعاد كما كان ; مل تنقصه اجلناية شيئا ; فإنه يقوم وقت جريان الدم ; ألنه البد يف هذه احلالة من‬
‫نقصه ‪ ,‬للخوف عليه ; ولتأثري اجلناية عليه حينئذ ‪.‬‬
‫باب يف كفارة القتل‬
‫‪ ‬الكفارة مسيت بذلك اشتقاقا من الكفر ‪ ,‬وهو السرت ‪ ,‬ألهنا تسرت الذنب‬
‫‪ ‬وإمنا جتب الكفارة يف قتل اخلطأ وشبه العمد ‪ ,‬وأما القتل العمد العدوان ‪ ,‬فال كفارة فيه ‪.‬‬
‫‪ ‬ألن إمثه ال يرتفع بالكفارة ; لعظمه وشدته ‪ ,‬لكن القاتل عمدا إذا تاب إىل هللا تعاىل ‪ ,‬ومكن من نفسه ; ليقتص منه ; فإن‬
‫ذلك خيفف عنه اإلمث ‪ ,‬فيسقط عنه حق هللا بالتوبة ‪ ,‬وحق األولياء بالقصاص أو العفو عنه ‪ ,‬ويبقى حق القتيل يرضيه هللا‬
‫مبا شاء ‪.‬‬
‫‪ ‬وجتب الكفارة على القاتل ‪ ,‬سواء كان كبريا أو صغريا أو جمنونا ‪ ,‬وسواء كان حرا أو عبدا ; لعموم اآلية ‪.‬‬
‫والكفارة عتق رقبة مؤمنة ‪ ,‬فإن مل جيد ; فصيام شهرين متتابعني ‪ ,‬وال جيزئ اإلطعام فيها ‪ ,‬فإذا مل يستطع الصوم ; بقي يف‬
‫ذمته ‪ ,‬وال جيزئ عنه اإلطعام ; أل نه تعاىل مل يذكره ‪ ,‬واألبدال يف الكفارات تتوقف على النص دون القياس ‪.‬‬
‫ويكفر العبد بالصوم ; ألنه ال مال له يعتق منه ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن كان القاتل جمنونا أو صغريا ‪ ,‬كفر عنه وليه بعتق ; لعدم إمكان الصوم منهما ‪ ,‬وال تدخله النيابة ‪ ,‬وقد وجبت الكفارة‬
‫على كل منهما ‪.‬‬
‫‪ ‬وتتعدد الكفارة بتعدد القتل كتعدد الدية لتعدد القتل ‪ ,‬فلو قتل عدة أشخاص ; وجبت عليه عدة كفارات بعددهم ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن كان القتل مباحا ‪ -‬كقتل الباغي واملرتد والزاين احملصن واملقتول قصاصا أو حدا ‪ -‬أو ألجل الدفاع عن النفس ; فال‬
‫كفارة يف ذلك كله ‪ ,‬لعدم حرمة املقتول ‪.‬‬
‫باب يف أحكام القسامة‬
‫القسامة ‪ :‬أميان مكررة يف دعوى قتل معصوم‪ ,‬وتشرع القسامة يف القتيل إذا وجد ومل يعلم قاتله واهتم به شخص ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وأما شروط القسامة‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫فمن أمهها وجود اللوث ‪ ,‬وهو العداوة الظاهرة بني القتيل واملتهم بقتله ‪ ,‬فلألولياء حينئذ أن يقسموا على القاتل إذا غلب على‬ ‫‪‬‬
‫ظنهم أنه قتله‪ ,‬لكن ال ينبغي لألولياء أن حيلفوا إال بعد االستيثاق من غلبة الظن ‪ ,‬وينبغي للحاكم أن يعظهم ويعرفهم ما يف‬
‫اليمني الكاذبة من العقوبة ‪.‬‬
‫ومن شروطها أن يكون املدعى عليه القتل فيها مكلفا ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن شروطها إمكان القتل من املدعى عليه ‪ ,‬فإن مل ميكن منه القتل; لبعده وقت وقوعه ؟ مل تسمع الدعوى عليه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وصفة القسامة ‪,‬أهنا إذا توفرت شروط إقامتها ; يبدأ باملدعني ‪ ,‬فيحلفون مخسني ميينا توزع عليهم على قدر إرثهم من القتيل ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫أن فالنا هو الذي قتله ‪ ,‬ويكون لك حبضور املدعى عليه ‪ .‬فإن أىب الورثة أن حيلفوا ‪ ,‬أو امتنعوا من تكميل اخلمسني ميينا ؟ فإنه‬
‫حيلف املدعى عليه مخسني ميينا إذا رضي واملدعون بأميانه ‪ ,‬فإذا حلف برئ ‪ ,‬وإن مل يرض املدعون بتحليف املدعى عليه ‪ ,‬فدى‬
‫اإلمام القتيل بالدية من بيت املال ‪ ,‬ألن األنصار ملا امتنعوا من قبول أميان اليهود ؟ فدى النيب ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم القتيل من‬
‫بيت املال‪.‬‬
‫قال الفقهاء رمحهم هللا ‪ :‬ومن مات يف زمحة مجعة أو طواف فإنه تدفع ديته من بيت املال ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪71‬‬
‫كتاب احلودو والتززيرات‬
‫باب يف أحكام احلدود‬
‫احلدود يف االصطالح الشرعي عقوبة مقدرة شرعا يف معصية لتمنع من الوقوع يف مثلها ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫هذا ‪ ,‬وال جيوز تطبيق احلد على اجلاين ; إال إذا توفرت شروط تطبيقه وهي كما يلي ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫الشرط األول ‪ :‬أن يكون مرتكب اجلرمية بالغا عاقال ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الشرط الثاين ‪ :‬أن يكون مرتكب اجلرمية عاملا بالتحرمي ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فإذا توفرت هذه الشروط يف مرتكب اجلرمية اليت يرتتب عليها احلد الشرعي ; فإنه يقيمه عليه اإلمام أو نائبه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وال جتوز إقامة احلد يف املسجد وإمنا تقام خارجه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وحترم الشفاعة يف احلد بعد أن يبلغ السلطان ألجل إسقاطه وعدم إقامته ‪ ,‬وحيرم على أويل األمر قبول الشفاعة يف ذلك ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫قال الفقهاء رمحهم هللا ‪ :‬إن اجلنايات اليت جتب فيها احلدود مخس هي ‪ :‬الزىن والسرقة ‪ ,‬وقطع الطريق ‪ ,‬وشرب اخلمر ‪,‬‬ ‫‪‬‬
‫والقدف ‪ ,‬وما عدا ذلك جيب فيه التعزير ‪.‬‬
‫وقالوا ‪ :‬من مات يف حد‪ ,‬فهو هدر‪ ,‬وال شيء على من حده‪ ,‬ألنه أتى به على الوجه املشروع بأمر هللا تعاىل وأمر رسوله‬ ‫‪‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫أما لو تعدى الوجه املشروع يف إقامة احلد‪ ,‬مث تلف احملدود; فإنه يضمنه بديته‪ ,‬ألنه تلف بعدوانه‪ ,‬فأشبه ما لو ضربه يف غري‬ ‫‪‬‬
‫احلد ‪.‬‬
‫باب يف حد الزىن‬
‫وجيب يف إقامة حد الزىن حضور إمام أو نائبه ‪ ,‬وحضور طائفة من املؤمنني ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫والزىن من أعظم اجلرائم ‪ ,‬وهو يتفاوت يف الشناعة واإلمث والقبح ; فالزىن بذات زوج والزىن بذات احملرم والزىن حبليلة اجلار من‬ ‫‪‬‬
‫أعظم أنواعه ‪.‬‬
‫الزىن بأنه فعل الفاحشة يف قبل أو دبر ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فإذا كان الزاين حمصنا مكلفا ; رجم باحلجارة حىت ميوت ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫واحملصن الذي جيب رمجه إذا زىن هو من وطئ امرأته املسلمة أو الذمية بنكاح صحيح ومها بالغان عاقالن حران ‪ ,‬فإن اختل‬ ‫‪‬‬
‫شرط من هذه الشروط املذكورة يف أحد الزوجني ; فال إحصان ‪.‬‬
‫والشروط تتلخص يف اآليت ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ )1‬أن حيصل منه الوطء يف القبل ‪.‬‬
‫‪ )2‬أن يكون الوطء يف نكاح صحيح ‪.‬‬
‫‪ )3‬حصول الكمال يف كل منهما ; بأن يكون بالغا حرا عاقال ‪.‬‬
‫وخص الثيب بالرجم لكونه تزوج فعلم ما يقع به العفاف عن الفروج احملرمة ‪ ,‬واستغىن عنها ‪ ,‬وأحرز نفسه عن التعرض حلد‬ ‫‪‬‬
‫الزىن ‪ ,‬فزال عذره من مجيع الوجوه ‪ ,‬وكملت يف حقه النعمة ‪ ,‬ومن كملت يف حقه النعمة ‪ ,‬فجنايته أفحش ; فهو أحق‬
‫بزيادة العقوبة ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإذا زىن املكلف احلر غري احملصن‪ ,‬جلد مائة جلدة; لقوله تعاىل ‪ ":‬الزانية والزاين فاجلدوا كل واحد منـهما مائة جلدة"‬ ‫‪‬‬
‫وثبت مع اجللد تغريبه عاما‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإذا كان الزاين مملوكا ; جلد مخسني جلدة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وال تغريب على الرقيق ; ألن يف ذلك إضرارا بسيده ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وال جيب احلد إال إذا خال الوطء من الشبهة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن شروط وجوب إقامة احلد على الزاين ‪ :‬ثبوت وقوع الزىن منه ‪ ,‬وال يثبت إال بأحد أمرين ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫األمر األول ‪ :‬أن يقر به أربع مرات ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪70‬‬
‫‪ ‬ويشرتط لصحة اإلقرار بالزىن‬
‫‪ ‬أن يصرح حبقيقة الوطء ‪ ,‬وأن ال يرجع عن إقراره حىت يقام عليه احلد ‪ ,‬و أن يشهد به عليه أربعة شهود ‪.‬‬
‫‪ ‬ويشرتط لصحة شهادهتم عليه شروط ‪:‬‬
‫‪ )1‬األول ‪ :‬أن يشهدوا عليه يف جملس واحد‪.‬‬
‫‪ )2‬الثاين ‪ :‬أن يشهدوا عليه بزىن واحد ; أي ‪ :‬واقعة واحدة ‪.. .‬‬
‫‪ )3‬الثالث ‪ :‬أن يصفوا الزىن مبا يدفع كل االحتماالت عن إرادة غريه من االستمتاع احملرم ; ألن الزىن قد يعرب به عما ال‬
‫يوجب احلد ‪ ,‬فال بد من تصرحيهم به لتنتفي الشبهة ‪.‬‬
‫‪ )4‬الرابع ‪ :‬أن يكونوا رجاال عدوال‪.‬‬
‫‪ )5‬اخلامس ‪ :‬أن ال يكون فيهم من به مانع من عمى أو غريه ‪. . .‬‬
‫‪ ‬فإن اختل شرط من هذه الشروط ; وجب إقامة حد القذف عليهم ‪.‬‬
‫‪ ‬وثبوت الزىن بالبينة املذكورة أو اإلقرار متفق عليه بني العلماء ‪ ,‬وقد اختلفوا هل يثبت بأمر ثالث ‪ ,‬وهو احلبل ‪ ,‬كما لو‬
‫محلت امرأة ال زوج هلا وال سي د ‪ :‬فقال بعضهم ‪ :‬ال يثبت بذلك حد ; ألنه حيتمل أنه من وطء إكراه أو شبهة ‪ .‬وقال‬
‫بعضهم ‪ :‬بل حتد بذلك إن مل تدع شبهة ‪..‬‬
‫‪ ‬وكما جيب احلد بالزىن إذا توفرت شروط إقامته ‪ ,‬كذلك جيب احلد باللواط وهو فعل الفاحشة يف الدبر ‪.‬‬
‫‪ " ‬الصحيح قتله ‪ ,‬سواء كان حمصنا أو غري حمصن"‬
‫‪ ‬ومن اللوطية إتيان الرجل زوجته يف دبرها ‪.‬‬
‫باب يف حد القذف‬
‫‪ ‬القذف بأنه الرمي بزىن أو لواط ‪ ,‬وهو حمرم بالكتاب والسنة واإلمجاع ‪.‬‬
‫‪ ‬فإذا قذف املكلف املختار حمصنا بزىن أو لواط ‪ ,‬فإنه جيلد مثانني جلدة ‪.‬‬
‫‪ ‬وحد القذف حق للمقذوف ; يسقط بعفوه ‪ ,‬وال يقام إال بطلبه فإذا عفا املقذوف عن القاذف ; سقط احلد عنه ‪ ,‬ولكنه‬
‫يعزر مبا يردعه عن التمادي يف القذف احملرم املتوعد عليه باللعن والعذاب األليم ‪.‬‬
‫‪ ‬ومن قذف غائبا مل حيد حىت حيضر املقذوف ويطالب أو تثبت مطالبته بذلك يف غيبته ‪.‬‬
‫وألفاظ القذف تنقسم إىل قسمني‬
‫‪ )1‬ألفاظ صرحية ال حتتمل غري القذف ; فال يقبل منه تفسريه لغري القذف ‪.‬‬
‫‪ )2‬وألفاظ كنايات حتتل القذف وغريه ‪ ,‬فإذا فسرها بغري القذف ‪ ,‬قبل منه ‪.‬‬
‫‪ o‬فاأللفاظ الصرحية ‪ ,‬مثل قوله ‪ :‬يا زاين ! يا لوطي ! يا عاهر ! وكنايته مثل ‪ :‬يا قحبة ! يا فاجرة !‬
‫‪ o‬وإذا قذف مجاعة ال يتصور منهم الزىن أو قذف أهل بلد مل حيد ; وإمنا يعزر بذلك ; ألنه مقطوع كذبه‪.‬‬
‫‪ o‬ومن قذف نبيا من األنبياء كفر ‪ ,‬ألن ذلك ردة عن اإلسالم ‪.‬‬
‫باب يف حد املسكر‬
‫‪ ‬والسكر يف االصطالح هو اختالط العقل ‪,‬واخلمر حمرم بالكتاب والسنة واإلمجاع ‪:‬‬
‫‪ ‬فكل شيء يسرت العقل يسمى مخرا‪.‬‬
‫‪ ‬واخلمر حرام بأي حال ‪ ,‬ال جيوز شربه ‪ ,‬ال لذة وال لتداو وال لعطش وال غريه ‪:‬‬
‫‪ ‬ومقدار حد اخلمر مثانون جلدة‪.‬‬
‫‪ ‬ويثبت حد اخلمر بإقرار الشارب أو بشهادة عدلني ‪.‬‬
‫‪ ‬واختلف العلماء ‪ :‬هل يثبت حد اخلمر على من وجدت فيه رائحتها على قولني ‪ :‬فقيل ‪ :‬ال حيد بل يعزر ‪ ,‬وقيل ‪ :‬يقام‬
‫عليه احلد إذا مل يدع شبهة ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫باب يف أحكام التعزير‬
‫ومعىن التعزير يف االصطالح الفقهي التأديب ‪ ,‬مسى بذلك ألنه مينع مما ال جيوز فعله ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وحكم التعزير يف اإلسالم أنه واجب يف فعل كل معصية ال حد فيها وال كفارة ; من فعل احملرمات ‪ ,‬وترك الواجبات ‪,‬‬ ‫‪‬‬
‫ويفعله ويل األمر إذا رأى املصلحة فيه ‪ ,‬ويرتكه إذا رأى املصلحة يف تركه ‪ ,‬وال حيتاج يف إقامة التعزير إىل مطالبة ‪ ,‬فيعزر‬
‫املعتدي ولو مل يطالب املعتدي عليه ‪.‬‬
‫والصحيح أنه ليس فيه حد معني ‪ ,‬لكن إذا كانت املعصية يف عقوبتها مقدر من الشارع كالزىن والسرقة ; فال يبلغ بالتعزير‬ ‫‪‬‬
‫احلد املقدر ‪.‬‬
‫وقد يصل التعزير إىل القتل إذا اقتضته املصلحة ‪ ,‬مثل قتل اجلاسوس ‪ ,‬وقتل املفرق جلماعة املسلمني ‪ ,‬والداعي إىل غري‬ ‫‪‬‬
‫كتاب هللا وسنة ونبيه ‪.‬‬
‫وال حد ألقل التعزير ; لتفاوت اجلرائم بالشدة والضعف واختالف األحوال واألزمان ‪ ,‬فجعلت العقوبات على بعض اجلرائم‬ ‫‪‬‬
‫راجعة إىل اجتهاد احلاكم حبسب احلاجة واملصلحة ‪.‬‬
‫وال جيوز أن يكون التعزير بقطع عضو أو جبرح املعزر أو حلق حليته ‪ ,‬ملا يف ذلك من املثلة والتشويه ; كما ال جيوز أن يعزر‬ ‫‪‬‬
‫حبرام ; كسقيه مخرا ‪.‬‬
‫ومن عرف بأذية الناس وأذى ماهلم بعينه ; حبس حىت ميوت أو يتوب ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويعزر من ينتقص مسلما بأنه مسلماين‪ ,‬ومن قال لذمي‪ :‬يا حاج! أو مسى من زار القبور واملشاهد حاجا ‪ .‬وحنو ذلك ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإذا ظهر كذب املدعي مبا يؤذي به املدعى عليه ; عزر ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫باب يف حد السرقة‬
‫السرقة هي ‪ :‬أخذ مال على وجه االختفاء من مالكه أو نائبه ‪ ,‬إذا كان هذا اآلخذ ملتزما ألحكام اإلسالم ‪ ,‬وكان املال‬ ‫‪‬‬
‫املأخوذ بلغ النصاب ‪ ,‬وقد أخذه من حرز مثله ‪ ,‬وكان مالك املال املأخوذ معصوما ‪ ,‬وال شبهة لآلخذ منه ‪.‬‬
‫وأمجع املسلمون على وجوب قطع يد السارق يف اجلملة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وهذه األوصاف هي ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫أن يكون األخذ على وجه اخلفية ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أن يكون املسروق ماال حمرتما ; ألن ما ليس مبال ال حرمة له ; كآلة اللهو واخلمر واخلنزير وامليتة ‪ ,‬وما كان ماال ‪ ,‬لكنه غري‬ ‫‪‬‬
‫حمرتم ‪ ,‬لكون مالكه كافرا حربيا ‪ ,‬فال قطع فيه ; ألن الكافر احلريب حالل الدم واملال ‪.‬‬
‫أن يكون املسروق نصابا ‪ ,‬وهو ثالثة دراهم إسالمية ‪ ,‬أو ربع دينار إسالمي ‪ ,‬أو ما يقابل أحدمها من النقود األخرى‬ ‫‪‬‬
‫أن يأخذ املسروق من حرز ; وحرز املال ما العادة حفظه فيه ; ألن احلرز معناه احلفظ ‪ ,‬واحلرز خيتلف باختالف األموال‬ ‫‪‬‬
‫والبلدان وعدل السلطان وجوره وقوته وضعفه ; فاألموال الثمينة حرزها يف الدور والدكاكني واألبنية احلصينة وراء األبواب‬
‫واألغالق الوثيقة ‪ ,‬وما دون ذلك حرزه حبسبه على عادة البلد ‪ ,‬فإن سرقه من غري حرز ‪ ,‬كما لو وجد بابا مفتوحا ‪ ,‬أو‬
‫حرزا مهتوكا ‪ ,‬فأخذ منه ; فال قطع عليه ‪.‬‬
‫وال بد أن تنتفي الشبهة عن السارق فيما أخذ ‪ ,‬فإن كان له شبهة يظنها تسوغ له األخذ ; مل يقطع ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وال بد مع توافر ما سبق من الصفات من ثبوت السرقة إما بشهادة عدلني يصفان كيفية السرقة وحرزها وقدر املسروق‬ ‫‪‬‬
‫وجنسه ; لتزول االحتماالت والشبهات ‪ ,‬وإما بإقرار السارق مرتني على نفسه بالسرقة ‪.‬‬
‫وال بد يف إقراره أن يصف السرقة ‪ ,‬ليندفع احتمال أنه يظن القطع فيما ال قطع ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وال بد أن يطالب املسروق منه مباله ‪ ,‬فلو مل يطالب مل جيب القطع ألن املال يباح بإباحة صاحبه وبذله له ‪ ,‬فإذا مل يطالب‬ ‫‪‬‬
‫; احتمل أنه مسح به له ‪ ,‬وذلك شبهة تدرأ احلد ‪.‬‬
‫وإذا وجب القطع لتكامل شروطه ; قطعت يده اليمىن لقراءة ابن مسعود يف قوله تعاىل فاقطعوا أمياهنما وحمل القطع من‬ ‫‪‬‬
‫مفصل الكف ألن اليد آلة السرقة فعوقب بإعدام آلتها واقتصر القطع على الكف ; ألن اليد إذا أطلقت انصرفت إليه وبعد‬
‫قطعها يعمل هلا ما حيسم الدم ويندمل به اجلرح من أنواع العالج‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫باب يف حد قطاع الطريق‬
‫قطاع الطريق وهم الذين يعرضون للناس يف الصحراء أو البنيان ‪ ,‬فيغصبوهنم املال جماهرة ال سرقة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويشرتط لتطبيق احلد عليهم أن يبلغ ما أخذوه نصاب السرقة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فمن قتل منهم وأخذ املال ; قتل حتما وصلب حىت يشتهر أمره ‪ ,‬وال جيوز العفو عنه بإمجاع العلماء‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن قتل ومل يأخذ املال ; قتل حتما ومل يصلب ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن أخذ املال ‪ ,‬ومل يقتل ‪ .‬قطعت يده اليمىن ورجله اليسرى يف مقام واحد ‪ ,‬وحسمت عن النزيف ‪ ,‬مث خلي ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن أخاف السبيل فقط ‪ ,‬ومل يقتل ‪ ,‬ومل يأخذ ماال ; نفي من األرض ; بأن يشرد ; فال يرتك يأوي إىل بلد ‪ ,‬بل يطارد ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فتختلف عقوبتهم باختالف جرائمهم ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ولو قتل بعضهم ; ثبت حكم القتل عليهم مجيعا ‪ ,‬وإن قتل بعضهم وأخذ املال بعضهم ‪ .‬قتلوا مجيعا وصلبوا ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن تاب منهم قبل القدرة عليه ‪ ,‬سقط عنه ما كان واجبا هلل تعاىل من نفي عن البلد وقطع يد ورجل وحتتم قتل ‪ ,‬وأخذ مبا‬ ‫‪‬‬
‫لآلدميني من احلقوق من نفس وطرف ومال ; إال أن يعفى له عنها من مستحقيها ‪.‬‬
‫ومنصال على نفسه من يريد قتله أو صال على حرمته كأمه وبنته وأخته وزوجته من يريد هتك أعراضهن ‪ ,‬أو صال على ماله‬ ‫‪‬‬
‫من يريد أخذه أو إتالفه ; فله الدفع عن ذلك ‪ ,‬سواء كان الصائل آدميا أو هبيمة ‪ ,‬فيدفعه بأسهل ‪ ,‬وإن مل يندفع الصائل إال‬
‫بالقتل ‪ ,‬فله قتله ‪ ,‬وال ضمان عليه ; ألنه قتله لدفع شره ‪ ,‬وإن قتل املصول عليه ; فهو شهيد‪.‬‬
‫وهذا الدفع عن نفسه وعن حرمته جيب عليه إذا مل يؤد إىل الفتنة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإذا دخل لص يف منزل إنسان ; فحكمه حكم الصائل ; بأن يدفعه باألسهل فاألسهل ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن نظر يف بيت رجل من خصاص باب أو نافذة أو من فوق سطح ; فله دفعه ومنعه من ذلك ‪ ,‬ولو أصاب عينه ففقأها ;‬ ‫‪‬‬
‫فهي هدر ‪ ,‬وكذا لو طعنه بعود ‪ ,‬فأتلف عينه‪.‬‬
‫باب يف قتال أهل البغي‬
‫‪ ‬والبغي يف األصل معناه اجلور والظلم والعدول عن احلق; فأهل البغي هم أهل الظلم وخمالفة ما عليه أئمة ‪.‬‬
‫‪ ‬فإذا خرج على اإلمام قوم هلم شوكة ومنعة بتأويل مشتبه يريدون خلعه أو خمالفته وشق عصا الطاعة وتفريق الكلمة;‬
‫فهم بغاة ظلمة; فيجب عليه أن يراسلهم فيسأهلم عما ينقمون عليه‪ ,‬فإن ذكروا مظلمة‪ ,‬أزاهلا‪ ,‬وإن ادعوا شبهة;‬
‫كشفها ‪.‬‬
‫‪ ‬فإن كان ما ينقمون منه مما ال حيل فعله‪ ,‬أزاله‪ ,‬وإن كان حالال‪ ,‬لكن التبس عليهم‪ ,‬فاعتقدوا أنه خمالف للحق‪ ,‬بني‬
‫هلم دليله‪ ,‬وأظهر هلم وجهه‪ ,‬فإن فاءوا ورجعوا إىل احلق والتزموا الطاعة; تركهم‪ ,‬وإن مل يرجعوا‪ ,‬قاتلهم وجوبا‪.‬‬
‫‪ ‬ويتجنب يف قتاهلم األمور التالية ‪:‬‬
‫‪ )1‬أوال ‪ :‬حيرم قتاهلم مبا يعم ; كالقذائف املدمرة ‪.‬‬
‫‪ )2‬ثانيا ‪ :‬حيرم قتل ذريتهم ومدبرهم وجرحيهم ومن ترك القتال منهم ‪.‬‬
‫‪ )3‬ثالثا ‪ :‬من أسر منهم ; حبس حىت ختمد الفتنة ‪.‬‬
‫‪ )4‬رابعا‪ :‬ال تغنم أمواهلم ; ألهنا كأموال غريهم من املسلمني ‪ ,‬ال جيوز اغتنامها ; لبقاء ملكهم عليها ‪ ,‬وبعد‬
‫انقضاء القتال ومخود الفتنة من وجد منهم ماله بيد غريه ; أخذه ‪ ,‬وما تلف منه حال احلرب ; فهو هدر ‪,‬‬
‫ومن قتل من الفريقني يف احلرب غري مضمون ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن اقتتلت طائفتان من املسلمني‪ ,‬ومل تكن واحدة منهما يف طاعة اإلمام‪ ,‬بل لعصبية‪ ,‬أو طلب رئاسة‪ ,‬فهما‬
‫ظاملتان; ألن كال منهما باغية على األخرى; حيث ال ميزة لواحدة منهما‪ ,‬فتضمن كل واحدة منهما ما أتلفته على‬
‫األخرى ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن أظهر قوم رأي اخلوارج كتكفري مرتكيب الكبرية‪ ,‬واستحالل دماء املسلمني‪ ,‬وسب الصحابة; فإهنم يكونون‬
‫خوارج بغاة فسقة‪ ,‬فإن أضافوا إىل ذلك اخلروج عن قبضة إمام املسلمني; وجب قتاهلم ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫‪ ‬وإن مل خيرج هؤالء الذين أظهروا رأي اخلوارج عن قبضة اإلمام‪ ,‬ومل يشقوا عصا الطاعة‪ ,‬مل يقاتلوا‪ ,‬وأجريت عليهم‬
‫أحكام اإلسالم‪ ,‬لكن جيب تعزيرهم‪ ,‬واإلنكار عليهم‪ ,‬وعدم متكينهم من إظهار رأيهم ونشر بدعتهم بني املسلمني‬
‫‪.‬‬
‫‪ ‬وأما من يرى كفر اخلوارج ‪ ,‬فإنه جيب عنده قتاهلم بكل حال ‪.‬‬
‫باب يف أحكام الردة‬
‫واملرتد يف االصطالح ‪ :‬هو الذي يكفر بعد إسالمه طوعا بنطق أو اعتقاد أو شك أو فعل ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫واملرتد له حكم يف الدنيا وحكم يف اآلخرة‪ ,‬أما حكمه يف الدنيا ; فقد بينه الرسول ^ بقوله "من بدل دينه فاقتلوه"‬ ‫‪‬‬
‫وأما حكمه يف اآلخرة ‪ .‬فقد بينه هللا تعاىل بقوله ‪":‬ومن َيـرت ِدد ِمنكم عن ِدينِ ِه فـيمت وهو كافٌِر فأولئِك حبِطت‬ ‫‪‬‬
‫أعماهلم ِيف الدنـيا واآل ِخرةِ وأولئِك أصحاب النا ِر هم فِيها خالِدون"‬
‫والردة حتصل بارتكاب ناقض من نواقض اإلسالم ‪ ,‬سواء كان جادا أو هازال أو مستهزئا ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أما املكره إذا نطق بسبب اإلكراه ; فإنه ال يرتد ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ونواقض اإلسالم اليت حتصل هبا الردة كثرية ‪ ,‬من أعظمها الشرك باهلل تعاىل ; فمن أشرك باهلل تعاىل ; بأن دعا غري هللا‬ ‫‪‬‬
‫من املوتى واألولياء والصاحلني ‪ ,‬أو ذبح لقبورهم ‪ ,‬أو نذر هلا ‪ ,‬أو طلب الغوث واملدد من املوتى ; كما يفعل عباد‬
‫القبور اليوم ‪ ,‬فقد ارتد عن دين اإلسالم‪.‬‬
‫ومن حكم القوانني الوضعية بدل الشريعة اإلسالمية; يرى أهنا أصلح للناس من الشريعة اإلسالمية‪ ,‬أو اعتنق فكرة‬ ‫‪‬‬
‫الشيوعية أو القومية العربية بديال عن اإلسالم‪ ,‬فال شك يف ردته ‪.‬‬
‫فمن ارتد عن دين اإلسالم; فإنه جيب أن يستتاب وميهل ثالثة أيام ‪ ,‬فإن تاب ‪ ,‬وإال قتل ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫والذي يتوىل قتله هو اإلمام أو نائبه ; ألنه قتل حلق هللا ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن كانت ردته بسبب جحوده لشيء من ضروريات الدين ‪ ,‬فتوبته مع إتيانه بالشهادتني إقراره مبا جحده ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومينع املرتد من التصرف يف ماله ‪ ,‬لتعلق حق الغري به ; كمال املفلس ‪ ,‬ويقضى ما عليه من ديون ‪ ,‬وينفق عليه من ماله‬ ‫‪‬‬
‫وعلى عياله مدة منعه من التصرف فيه ‪ ,‬فإن أسلم املرتد ; أخذ ماله ومكن من التصرف فيه لزوال املانع ‪ ,‬وإن مات‬
‫على ردته أو قتل مرتدا ‪ ,‬صار ماله فيئا لبيت مال املسلمني من حني موته ‪ ,‬ألنه ال وارث له ; فال يرثه أحد من‬
‫املسلمني ; ألن املسلم ال يرث الكافر ‪ ,‬وال يرثه أحد من الكفار ‪.‬‬
‫وكذلك اختلف العلماء رمحهم هللا يف قبول توبة من تكررت ردته ‪ :‬فقال بعضهم ‪ :‬إهنا ال تقبل يف الدنيا ; فال بد من‬ ‫‪‬‬
‫تنفيذ حكم املرتد فيه ‪ ,‬ولو تاب‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقيل ‪ :‬تقبل توبته ; لقوله تعاىل ‪":‬قل للذين كفروا إن يـنتـهوا يـغفر هلم ما قد سلف"‬ ‫‪‬‬
‫كما اختلفوا يف قبول توبة الزنديق وهو املنافق ‪ ,‬فقيل ‪ :‬ال تقبل توبته ; ألنه ال يبني منه ما يظهر رجوعه إىل اإلسالم‪,‬‬ ‫‪‬‬
‫وقيل ‪ :‬تقبل توبة الزنديق ‪.‬‬
‫ومن الزنادقة ‪ :‬احللولية ‪ ,‬واإلباحية ‪ ,‬ومن يفضل متبوعه على حممد ^ ‪ ,‬ومن يرى أنه إذا حصلت له املعرفة ; سقط‬ ‫‪‬‬
‫عنه األمر والنهي ‪ ,‬أو أنه إذا حصلت له املعرفة ‪ ,‬جاز له التدين بدين اليهود والنصارى وأمثاهلم من الطوائف املارقة عن‬
‫اإلسالم من غالة الصوفية وغريهم ‪.‬‬
‫كما اختلف العلماء رمحهم هللا يف صحة إسالم الطفل امل ميز ووقوع الردة منه ; فقيل ‪ :‬حتصل منه الردة إذا ارتكب شيئا‬ ‫‪‬‬
‫من أسباهبا ‪ ,‬ألن من صح إسالمه ‪ ,‬صحت ردته ‪ ,‬واملميز يصح إسالمه ‪ ,‬فتصح ردته ‪ ,‬لكن ال يقتل حىت يستتاب‬
‫بعد البلوغ وميهل ثالثة أيام ‪ ,‬فمن تاب ; قبلت توبته ‪.‬‬
‫وقد اختلفوا فيمن ترك الصالة هتاونا مع إقراره بوجوهبا ‪ ,‬والصحيح أنه يكفر ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪75‬‬
‫كتاب األعطزةة‬
‫باب يف األطعمة‬
‫واألطعمة مجع طعام ‪ ,‬وهو ما يؤكل ويشرب ‪,‬واألصل فيها احلل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فكل ما مل يبني هللا وال رسوله حترميه من املطاعم واملشارب واملالبس ; فال جيوز حترميه‪ ,‬والقاعدة يف ذلك أن كل طعام طاهر‬ ‫‪‬‬
‫ال مضرة فيه‪ :‬فهو مباح ; خبالف الطعام النجس‪ ,‬كامليتة‪ ,‬والدم‪ ,‬والرجيع‪ ,‬والبول‪ ,‬واخلمر‪ ,‬واحلشيشة‪ ,‬واملنجس‪ ,‬وهو الذي‬
‫خالط النجاسة; فإنه حيرم‪ ,‬ألنه خبيث مضر ‪.‬‬
‫واألطعمة املباحة على نوعني ‪ :‬حيوانات ونباتات كاحلبوب والثمار ‪ ,‬فيباح منها كل ما ال مضرة فيه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫واحليوانات على نوعني ‪ :‬حيوانات تعيش يف الرب ‪ ,‬وحيوانات تعيش يف البحر ‪ ,‬فحيوانات الرب مباحة ; إال أنواعا منها‬ ‫‪‬‬
‫حرمها الشارع‪ ,‬ومن ذلك ‪ :‬احلمر األهلية ‪.‬‬
‫وحرم من حيوانات الرب أيضا ما له ناب يفرتس به ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫والطيور مباحة ; إال ما استثين ; فيحرم من الطري ما له خملب يصيد به ‪ ,‬كالعقاب والبازي والصقر ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وحيرم من الطيور أيضا ما يأكل اجليف كالنسر ‪ ,‬والرخم ‪ ,‬والغراب‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وحيرم من احليوانات ما يستخبث كاحلية ‪ ,‬والفأرة ‪ ,‬واحلشرات ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه هللا ‪ " :‬أكل احليات والعقارب حرام جممع عليه ‪ ,‬فمن أكلها مستحال هلا ‪ ,‬استتيب ‪,‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن اعتقد التحرمي وأكلها ‪ ,‬فهو فاسق عاص هلل ورسوله "‪ ,‬وحترم احلشرات ألهنا من اخلبائث ‪.‬‬
‫وحيرم من احليوانات أيضا ما تولد من مأكول وغريه ‪ ,‬كالبغل من اخليل واحلمر األهلية ; تغليبا جلانب التحرمي ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وقد أمجل بعض العلماء ما حيرم من حيوانات الربيف ستة أنواع هي ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫ما نص عليه بعينه ; كاحلمر األهلية ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ما وضع له حد وضابط ; كما له ناب من السباع أو خملب من الطري ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ما يأكل اجليف ; كالرخم والغراب ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ما يستخبث ‪ ,‬كالفأرة واحلية ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ما تولد من مأكول وغري مأكول ; كالبغل ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ما أمر الشارع بقتله أو هنى عن قتله ; كالفواسق اخلمس واهلدهد والصرد ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وما عدا ما ذكر من احليوانات والطيور ; فهو حالل على أصل اإلباحة ‪ ,‬كاخليل ‪ ,‬وهبيمة األنعام ‪ ,‬والدجاج ‪ ,‬واحلمر‬ ‫‪‬‬
‫الوحشية ‪ ,‬والظباء ‪ ,‬والنعامة ‪ ,‬واألرنب ‪ ,‬وسائر الوحوش‪.‬‬
‫ويستثىن من ذلك اجلاللة من البقر واإلبل ‪ ,‬وهي اليت أكثر علفها النجاسة ‪ ,‬فيحرم أكلها ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويكره أكل بصل وثوم وحنومها مما له رائحة كريهة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن اضطر إىل حمرم بأن خاف التلف إن مل يأكله غري السم ; حل له منه ما يسد رمقه‪ ,‬ومن اضطر إىل طعام غريه مع عدم‬ ‫‪‬‬
‫اضطرار ‪ .‬صاحب ذلك الطعام إليه ; لزم بدله له بقدر ما يسد رمقه بقيمته ‪. . .‬‬
‫ومن اضطر إىل نفع مال الغري مع بقاء ‪ ,‬ومن مر بثمر بستان يف شجره ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فتلخص أن للمار بالبستان أن يأكل من مثره بشروط ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫األول‪ :‬أن يكون ال حائط عليه وليس عنده حارس ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الثاين‪ :‬أن يكون الثمر على الشجر أو متساقطا عنه ال جمموعا ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الثالث‪ :‬أن ال حيتاج إىل صعود الشجر ‪ ,‬بل يتناوله من غري صعود ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الرابع‪ :‬أن ال حيمل معه منه شيء ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اخلامس‪ :‬يشرتط عند اجلمهور أن يكون حمتاجا ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فإن اختل شرط من هذه الشروط ; مل جيز له األكل ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪76‬‬
‫وجتب على املسلم ضيافة املسلم اجملتاز به يف القرى يوما وليلة‪ ,‬أما املدن; فال جتب فيها الضيافة; ألنه جيد فيها املطاعم‬ ‫‪‬‬
‫والفنادق ‪.‬‬
‫باب يف أحكام الذكاة‬
‫‪ )1‬وقد عرفها الفقهاء بأهنا ‪ :‬ذبح أو حنر احليوان املأكول الربي بقطع حلقومه ومريئه أو عقر املمتنع منه ‪.‬‬
‫‪ )2‬وحكم الذكاة أهنا الزمة ‪ ,‬ال حيل شيء من احليوان املقدور عليه بدوهنا ; ألن غري املذكى يكون ميتة ‪ ,‬وقد أمجع أهل‬
‫العلم على أن امليتة حرام إال ملضطر ‪ ,‬إال السمك واجلراد وكل ما ال يعيش إال يف املاء ‪ ,‬فيحل بدون ذكاة ‪.‬‬
‫‪ )3‬ويشرتط للذكاة أربعة شروط‪:‬‬
‫‪ .1‬الشرط األول‪ :‬أهلية املذكي ‪ ,‬بأن يكون عاقال ‪ ,‬ذا دين مساوي ‪ ,‬من املسلمني أو أهل الكتاب ‪.‬‬
‫‪ .2‬الشرط الثاين‪ :‬توفر اآللة ‪ :‬فتباح الذكاة بكل حمدد ‪ .‬ينهر الدم حبده ‪ ,‬سواء كان من احلديد أو احلجر أو غري ذلك‬
‫‪ ,‬ما عدا السن والظفر ; فال حيل الذبح هبما ‪.‬‬
‫‪ .3‬الشرط الثالث‪ :‬قطع احللقوم ‪ ,‬وهو جمرى النفس ‪ ,‬وقطع املريء ‪ ,‬وهو جمرى الطعام ‪.‬‬
‫والسنة حنر إبل ‪ ,‬بأن يطعنها مبحدد يف لبتها ‪ ,‬وهي الوهدة اليت بني أصل العنق والصدر ‪ ,‬وذبح غريها يف حلقه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وما عجز عن ذحبه يف احملل املذكورة لعدم التمكن منه ; كالصيد والنعم املتوحشة والواقعة يف بئر وحنوها ‪ ,‬تكون ذكاته جبرحه‬ ‫‪‬‬
‫يف أي موضع من بدنه ‪ ,‬ويكفي ذلك يف ذكاته ‪.‬‬
‫وما أصيب من احليوانات كاملنخنقة واملوقوذة واملرتدية والنطيحة وما أكل السبع ‪ ,‬إذا أدركت وفيها حياة مستقرة ‪ ,‬فذكيت ;‬ ‫‪‬‬
‫حلت ‪.‬‬
‫‪ .4‬الشرط الرابع‪ :‬أن يقول الذابح عند حركة يده بالذبح ‪ :‬بسم هللا ‪.‬‬
‫‪ ‬ويسن مع التسمية التكبري ‪.‬‬
‫وللذكاة آداب‬
‫‪ )1‬فيكره أن يذبح بآلة كالة ‪.‬‬
‫‪ )2‬ويكره أن حيدها واحليوان يبصره‪.‬‬
‫‪ )3‬ويكره أن يوجه احليوان إىل غري القبلة ‪.‬‬
‫‪ )4‬ويكره أن يكسر عنقه أو يسلخه قبل أن يربد ‪.‬‬
‫‪ )5‬والسنة حنر اإلبل قائمة معقولة يدها اليسرى ‪ ,‬وذبح البقر والغنم مضطجعة على جانبها األيسر ‪.‬‬
‫باب يف أحكام الصيد‬
‫‪ ‬وحكم الصي د ‪ :‬أنه إذا كان حلاجة اإلنسان ; فهو جائز من غري كراهة ‪ ,‬وأما إذا كان للهو واللعب ال ألجل احلاجة ;‬
‫فهو مكروه ‪ ,‬وإن ترتب عليه ظلم للناس باالعتداء على زروعهم وأمواهلم ‪ ,‬فهو حرام‪.‬‬
‫‪ ‬والصيد بعد إصابته وإمساكه له حالتان‬
‫‪ ‬أن يدرك وهو حي حياة مستقرة ; فهذا ال بد من ذكاته الذكاة الشرعية اليت سبق بياهنا ‪ ,‬وال حيل باالصطياد ‪.‬‬
‫‪ ‬أن يدرك مقتوال باالصطياد ‪ ,‬أو حيا حياة غري مستقرة ; ففي هذه احلالة يكون حالال إذا توفرت فيه شروط‬
‫‪ o‬الشرط األول ‪ :‬أن يكون الصائد من أهل الذكاة ‪.‬‬
‫‪ o‬الشرط الثاين ‪ :‬اآللة ‪ ,‬وهي نوعان‬
‫‪ ‬األول ‪ :‬حمدد يشرتط فيه ما يشرتط يف آلة الذبح ‪ ,‬بأن ينهر الدم ‪ ,‬ويكون غري سن وظفر ‪ ,‬وأن‬
‫جيرح الصيد حبده ال بثقله ‪ ,‬فإذا كانت اآللة اليت قتل هبا الصيد غري حمددة ‪ ,‬كاحلصاة والعصا والفخ‬
‫والشبكة وقطع احلديد ‪ ,‬فإنه ال حيل ما قتل به من الصيد ; إال الرصاص الذي يطلق من البنادق اليوم‬
‫‪ ,‬فيحل ما قتل به من الصيد ; ألن فيه قوة الدفع اليت خترق وتنهر الدم كاحملدد وأشد‬

‫‪77‬‬
‫‪ ‬الثاين ‪ :‬اجلارحة من الكالب والطيور اليت يصاد هبا ‪ ,‬فيباح ما قتلته من الصيد إن كانت معلمة ‪,‬‬
‫سواء كانت مما يصيد بنابه كالكلب أو مبخلبه كالطري ‪.‬‬
‫‪ o‬الشرط الثالث ‪ :‬أن يرسل اآللة قاصدا للصيد ‪ ,‬وكذا لو اسرتسل الكلب من نفسه ‪ ,‬فقتل صيدا ‪ ,‬مل حيل ;‬
‫لعدم إرسال صاحبه له ‪ ,‬وعدم قصده ‪ ,‬ومن رمى صيدا ‪ ,‬فأصاب غريه ‪ ,‬بأن قتل مجاعة من الصيود ‪ ,‬حل‬
‫اجلميع ; لوجود القصد ‪.‬‬
‫‪ o‬الشرط الرابع‪ :‬التسمية عند إرسال السهم أو اجلارحة; بأن يقول‪ :‬بسم هللا‪ ,‬فإن ترك التسمية ; مل حيل‬
‫الصيد‪.‬‬
‫ويسن أن يقول مع التسمية ‪ :‬هللا أكرب ‪.‬‬ ‫‪)2‬‬
‫تنبيهان ‪:‬‬ ‫‪)3‬‬
‫التنبيه األول‪ :‬هناك حاالت حيرم فيها الصيد ‪ :‬فيحرم على احملرم قتل صيد الرب أو اصطياده واإلعانة على صيده ‪.‬‬ ‫‪)4‬‬
‫وحيرم عليه األكل مما صاده أو كان له تأثري يف اصطياده أو صيد من أجله‪.‬‬ ‫‪)5‬‬
‫وكذلك هناك حمل حيرم فيه الصيد ‪ ,‬فيحرم قتل صيد احلرم على احملرم وغري احملرم باإلمجاع ‪.‬‬ ‫‪)6‬‬
‫التنبيه الثاين ‪ :‬حيرم اقتناء الكلب لغري ما رخص فيه الرسول صلى هللا عليه وسلم ‪ ,‬وهو أحد ثالثة أمور ‪ :‬إما لصيد ‪ ,‬أو‬ ‫‪)٩‬‬
‫حلراسة ماشية ‪ ,‬أو حلراسة زرع ‪.‬‬

‫كتاب األاميا والنوور‬


‫باب يف أحكام األميان‬
‫األميان مجع ميني ‪ ,‬واليمني ‪ :‬توكيد احلكم بذكر معظم على وجه خمصوص ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫واليمني اليت جتب هبا الكفارة هي اليمني اليت حيلف فيها باسم هللا أو بصفة من صفاته ‪ ,‬كأن يقول ‪ :‬وهللا ‪ ,‬أو ‪ :‬ووجه هللا‬ ‫‪‬‬
‫‪ ,‬أو ‪ :‬وعظمته وكربيائه وجالله وعزته ورمحته ‪ ,‬أو ‪ :‬وعهده ‪ ,‬أو ‪ :‬وإرادته ‪ ,‬أو ‪ :‬بالقرآن ‪ ,‬أو ‪ :‬باملصحف ‪.‬‬
‫واحللف بغري هللا تعاىل حمرم ‪ ,‬وهو شرك ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويشرتط لوجوب الكفارة إذا حلف باهلل مث نقض اليمني ثالثة شروط ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ )1‬الشرط األول‪ :‬أن تكون اليمني منعقدة ‪.‬‬
‫‪ )2‬الشرط الثاين ‪ :‬أن حيلف خمتارا ‪ ,‬فإن حلف مكرها مل تنعقد ميينه ‪.‬‬
‫‪ )3‬الشرط الثالث‪ :‬أن حينث فيها ; بأن يفعل ما حلف على تركه ‪.‬‬
‫وإن استثىن يف ميينه كما لو قال ‪ :‬وهللا ألفعلن كذا إن شاء هللا ; مل حينث يف ميينه إذا نقضها ‪ ,‬بشرط أن يقصد االستثناء‬ ‫‪‬‬
‫متصال باليمني لفظا أو حكما ; لقوله صلى هللا عليه وسلم ‪ ":‬من حلف فقال ‪ :‬إن شاء هللا ‪ ,‬مل حينث " رواه أمحد وغريه ‪,‬‬
‫فإن مل يقصد االستثناء ‪ ,‬بل قصد بقوله ‪ :‬إن شاء هللا ‪ :‬جمرد التربك هبذا اللفظ ‪ ,‬ال التعليق ‪ ,‬أو مل يقل ‪ :‬إن شاء هللا ‪ ,‬إال‬
‫بعد مضي وقت انتهاء التلفظ باليمني ‪ .‬من غري عذر ‪ ,‬مل ينفعه هذا االستثناء ‪.‬‬
‫ونقض اليمني تارة يكون واجبا ‪ ,‬وتارة يكون حمرما ‪ ,‬وتارة يكون مباحا ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫فيجب نقض اليمني إذا حلف على ترك واجب ; كما لو حلف ال يصل رمحه ‪ ,‬أو حلف على فعل حمرم ; كما لو حلف‬ ‫‪‬‬
‫ليشربن مخرا ‪ ,‬فهنا جيب عليه أن ينقض ميينه ‪ ,‬ويكفر عنها ‪.‬‬
‫وقد حيرم نقض اليمني ; كما لو حلف على ترك حمرم أو فعل واجب ; فإنه جيب عليه الوفاء باليمني ‪ ,‬وال جيوز له نقضها ‪,‬‬ ‫‪‬‬
‫ويباح نقض اليمني فيما إذا حلف على فعل مباح أو على تركه ‪.‬‬
‫ومن حرم على نفسه شيئا مباحا سوى زوجته كالطعام والشراب واللباس ; كما لو قال ‪ :‬ما أحل هللا علي حرام ‪ ,‬أو قال ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫هذا الطعام حرام علي ‪ ,‬فإنه ال حيرم عليه ; فله تناوله ‪ ,‬ويكون عليه كفارة ميني ‪.‬‬
‫أما لو حرم زوجته ; فإن ذلك يعترب ظهارا ‪ ,‬جتب فيه كفارة الظهار ‪ ,‬وال تكفي فيه كفارة اليمني ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪78‬‬
‫باب يف كفارة اليمني‬
‫من رمحة هللا بعباده أن شرع هلم الكفارة اليت هبا حتلة اليمني ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وكفارة اليمني فيها ختيري وفيها ترتيب ‪ ,‬فيخري من لزمته بني إطعام عشرة مساكني لكل مسكني نصف صاع من الطعام‪ ,‬أو‬
‫كسوهتم ‪ ,‬أو عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب ‪ ,‬فمن مل جيد شيئا من هذه الثالثة املذكورة ; صام ثالثة أيام ‪.‬‬
‫واشرتط اجلمهور يف صيام ثالثة األيام أن تكون متتابعة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وجيوز تقدمي الكفارة على احلنث‪ ,‬وجيوز تأخريها عنه‪ ,‬فإن قدمها‪ ,‬كانت حمللة لليمني‪ ,‬وإن أخرها ; كانت مكفرة له ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإن كرر األميان قبل التكفري على فعل واحد موجبها واحد ‪ ,‬مث حنث فيها ; فعليه كفارة واحدة ‪.. .‬‬ ‫‪‬‬
‫وكذا لو حلف ميينا واحدة على عدة أشياء ; كما لو قال ‪ :‬وهللا ال آكل وال أشرب وال ألبس ‪ ,‬مث حنث يف أحد من هذه‬
‫األشياء ; فعليه كفارة واحدة ‪ ,‬واحنلت البقية‪.‬‬
‫أما إذا حلف عدة أميان على عدة أفعال مث حنث فيها ‪ ,‬فعليه كفارة لكل ميني ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإن حلف ال يفعل شيئا ففعله ناسيا أو مكرها أو جاهال أنه احمللوف عليه مل حينث ‪ ,‬ومل جتب عليه كفارة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫باب يف أحكام النذر‬
‫النذر‪ :‬إلزام مكلف خمتار نفسه شيئا هلل تعاىل ‪,‬والنذر نوع من أنواع العبادة‪ ,‬ال جيوز صرفه لغري هللا تعاىل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وحكم النذر ابتداء أنه مكروه ‪ ,‬وقد حرمه طائفة من العلماء ‪ ,‬لكن إذا نذر فعل طاعة ‪ ,‬وجب عليه الوفاء بذلك ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يشرتط النعقاد النذر أن يكون الناذر بالغا عاقال خمتارا ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويصح النذر من الكافر إذا نذر عبادة ‪ ,‬ويلزمه الوفاء به إذا أسلم‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫والنذر الصحيح مخسة أقسام‬ ‫‪‬‬
‫‪ )1‬النذر املطلق‪ :‬مثل أن يقول ‪ :‬هلل علي نذر ‪ ,‬ومل يسم شيئا ; فيلزمه كفارة ‪.‬‬
‫‪ )2‬نذر اللجاج والغضب‪ :‬وهو تعليق نذره بشرط يقصد املنع منه أو احلمل عليه أو التصديق أو التكذيب; كما لو قال‪ :‬إن‬
‫كلمتك‪ ,‬أو‪ :‬إن مل أخرب بك‪ ,‬أو‪ :‬إن مل يكن هذا اخلرب صحيحا‪ ,‬فعلي احلج أو العتق ‪ .‬وحنو ذلك ; فهذا النذر خيري‬
‫بني فعل ما نذره أو كفارة ميني ‪.‬‬
‫‪ )3‬نذر املباح‪ :‬كما لو نذر أن يلبس ثوبه أو يركب دابته ‪ ,‬وخيري بني فعله وبني كفارة ميني إن مل يفعله‪.‬‬
‫‪ )4‬نذر املعصية‪ :‬كنذر شرب اخلمر وصوم أيام احليض ويوم النحر ; فال جيوز الوفاء هبذا النذر وذهب مجاعة من أهل العلم‬
‫إىل عدم انعقاد نذر املعصية ‪ ,‬وأنه ال يلزمه به كفارة ‪.‬‬
‫‪ )5‬نذر التربر ‪ :‬وهو نذر الطاعة كفعل الصالة والصيام واحلج وحنوه ‪ ,‬سواء كان مطلقا; كما لو قال ‪ :‬هلل علي أن أصلي‬
‫أو أصوم ‪ ,‬أو معلقا على حصول شرط ‪ ,‬كقوله ‪ :‬إن شفى هللا مريضي ; فلله علي كذا ‪ ,‬فإذا وجد الشرط ; لزمه الوفاء‬
‫به ‪.‬‬
‫كتاب القضاء‬
‫باب يف أحكام القضاء يف اإلسالم‬
‫وأمجع املسلمون على نصب القضاة للفصل بني الناس ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫والقضاء اصطالحا ‪ ,‬فهو تبيني احلكم الشرعي واإللزام به وفصل اخلصومات ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وجيب على من يصلح للقضاء الدخول فيه إذا مل يوجد غريه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وجيب على إمام املسلمني أن يعني القضاة حسب املصلحة ‪ ,‬لئال تضيع احلقوق ‪ ,‬وخيتار أفصل من جيده علما وورعا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وجيب على القاضي أن جيتهد يف إقامة العدل بني الناس غاية ما ميكنه ‪ ,‬وال يلزمه ما يعجز عنه ‪ ,‬ويفرض له ويل األمر من‬ ‫‪‬‬
‫بيت املال ما يكفيه حىت يتفرغ للقيام بالقضاء ‪.‬‬
‫وصالحيات القاضي يرجع فيها إىل العرف يف كل زمان حبسبه ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪79‬‬
‫‪ ‬ويف هذا الزمان قد اختذت وزارة العدل نظاما يسري عليه القضاة يف والياهتم ‪ ,‬وتتحدد به صالحياهتم ; فيجب الرجوع إليه ‪,‬‬
‫والتقيد به ; ألن يف ذلك ضبطا لألمور ‪ ,‬وحتديد الصالحيات ‪ ,‬وهو ال خيالف نصا من كتاب هللا وال من سنة رسول هللا ;‬
‫فيجب العمل به ‪.‬‬
‫ويشرتط فيمن يتوىل القضاء أن تتوفر فيه عشر صفات تعترب حسب اإلمكان ‪:‬‬
‫‪ )6‬وأن يكون عدال ‪.‬‬ ‫‪ )1‬أن يكون بالغا‪.‬‬
‫‪ )٩‬وأن يكون مسيعا‪.‬‬ ‫‪ )2‬أن يكون عاقال ‪.‬‬
‫‪ )٤‬وأن يكون بصريا‪.‬‬ ‫‪ )3‬وأن يكون ذكرا ‪.‬‬
‫‪ )٧‬ويشرتط يف القاضي أن يكون متكلما ‪.‬‬ ‫‪ )4‬وأن يكون حرا ‪.‬‬
‫‪ )11‬وأن يكون جمتهدا ; ولو يف مذهبه الذي يقلد فيه‬ ‫‪ )5‬وأن يكون مسلما ‪.‬‬
‫إماما من األئمة ‪.‬‬
‫باب يف آداب القاضي‬
‫ج‬

‫‪ ‬املراد باآلداب هنا األخالق اليت ينبغي له التخلق هبا ‪.‬‬


‫‪ ‬وينبغي للقاضي أن يكون قويا من غري عنف ‪ ,‬لئال يطمع فيه الظامل ‪ ,‬وأن يكون لينا من غري ضعف ‪.‬‬
‫‪ ‬وحيرم على القاضي أن يسار أحد اخلصمني أو يلقنه حجته أو يضيفه أو يعلمه كيف يدعي ; إال أن يرتك ما يلزمه يف‬
‫الدعوى ‪.‬‬
‫‪ ‬وينبغي للقاضي أن حيضر جملسه الفقهاء ‪ ,‬وأن يشاورهم فيما يشكل عليه إن أمكن ‪.‬‬
‫‪ ‬وحيرم على القاضي أن يقضي وهو غضبان غضبا كثريا ‪.‬‬
‫‪ ‬ويقاس على الغضب كل ما يشوش الفكر‪ ,‬كحالة اجلوع‪ ,‬والعطش‪ ,‬وشدة اهلم‪ ,‬أو امللل‪ ,‬أو النعاس‪ ,‬أو برد مؤمل‪ ,‬أو حر‬
‫مزعج ‪ ,‬أو يف حالة احتباس بول أو غائط ‪.‬‬
‫‪ ‬وحيرم على احلاكم قبول رشوة ‪.‬‬
‫‪ ‬والرشوة نوعان ‪:‬‬
‫‪ ‬أحدمها‪ :‬أن يأخذ من أحد اخلصمني ليحكم له بالباطل ‪.‬‬
‫‪ ‬والثاين‪ :‬أن ميتنع من احلكم باحلق للمحق حىت يعطيه الرشوة ‪ ,‬وهذا من أعظم الظلم ‪.‬‬
‫‪ ‬وكذا حيرم على القاضي قبول هدية ممن مل يكن يهاديه قبل واليته القضاء ‪.‬‬
‫‪ ‬ويكره للقاضي تعاطي البيع والشراء إال بوكيل ال يعرف أنه له ; خشية احملاباة ; فإن احملاباة‪.‬‬
‫‪ ‬وال حيكم القاضي لنفسه وال ملن ال تقبل شهادته له كوالده وولده وزوجته وال حيكم على عدوه‪.‬‬
‫‪ ‬ويستحب للقاضي أن يقدم النظر يف القضايا اليت تستدعي حالة أصحاهبا سرعة النظر فيها ‪ ,‬كقضايا املساجني ‪ ,‬وقضايا‬
‫القصار من األيتام واجملانني ‪ ,‬مث قضايا األوقاف والوصايا ‪.‬‬
‫‪ ‬وال ينقض من أحكام القاضي إال ما خالف الكتاب والسنة ‪ ,‬أو خالف إمجاعا قطعيا‪.‬‬
‫باب يف طريق احلكم وصفته‬
‫‪ ‬إذا حضر إىل القاضي خصمان ; أجلسهما بني يديه ‪ ,‬وقال ‪ :‬أيكما املدعي ; أو انتظر حىت يبدأ املدعي بالكالم ‪ ,‬فإذا‬
‫ادعى ; استمع دعواه ‪.‬‬
‫‪ ‬فإن جاءت على الوجه الصحيح ‪ .‬سأل القاضي املدعى عليه ‪ :‬ما موقفه حيال هذه الدعوى ؟‬
‫‪ ‬فإن أقر هبا ‪ .‬حكم عليه للمدعي هبذه الدعوى ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن أنكر املدعى عليه هذه الدعوى ; قال القاضي للمدعي ‪ :‬إن كانت لك بينة فأحضرها ‪ .‬ألن على املدعي حينئذ‬
‫تصحيح دعواه ليحكم له هبا ‪ ,‬فإن أحضر بينة ; مسع القاضي شهادهتا وحكم هبا ‪.‬‬
‫‪ ‬وال حيكم القاضي بعلمه ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن قال املدعي ‪ :‬ما يل بينة ‪ ,‬أعلمه القاضي أن له اليمني على خصمه‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫فإذا طلب املدعي حتليف املدعى عليه ; حلفه القاضي وخلى سبيله‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ولكن يشرتط لصحة ميني املدعى عليه أن تكون على صفة جوابه للمدعي‪ ,‬وبعد أمر احلاكم له بطلب املدعي حتليفه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فإن نكل املدعى عليه عن اليمني وأىب أن حيلف ‪ ,‬قضي عليه بالنكول‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإذا حلف املنكر وخلى احلاكم سبيله كما سبق‪ ,‬مث أحضر املدعي بينة بعد ذلك‪ ,‬فإن كان قد سبق منه نفيها‪ ,‬بأن قال‪ :‬ما‬ ‫‪‬‬
‫يل بينة; فإهنا ال تسمع بعد ذلك; ألنه مكذب هلا بقوله‪ :‬ما يل بينة‪ ,‬وإن مل يكن نفاها ; مسعت ‪ ,‬وحكم هبا القاضي ‪.‬‬
‫وال تكون ميني ا ملنكر مزيلة للحق ‪ ,‬ألن الدعوى ال تبطل باالستحالف ‪ ,‬وميني املنكر إمنا تكون مزيلة للخصومة ال مزيلة‬ ‫‪‬‬
‫للحق ‪ ,‬وكذا لو قال ‪ :‬ال أعلم يل بينة ‪ ,‬مث وجدها ‪ ,‬فإهنا تسمع وحيكم هبا ; ألنه ليس مبكذب هلا ‪ ,‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫باب يف شروط صحة الدعوى‬
‫ال تصح الدعوى إال حمررة ‪ ,‬فإ ن كانت بدين على ميت مثال ‪ ,‬ذكر موته ونوع الدين وقدره وكل املعلومات اليت هبا تتضح‬ ‫‪‬‬
‫الدعوى ‪ ,‬ألن احلكم مرتب عليها‪.‬‬
‫وال تصح الدعوى أيضا إال معلومة املدعى به ‪ ,‬فال تصح مبجهول‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وال بد أن يصرح بالدعوى ; فال يكفي قوله ‪ :‬يل عنده كذا ‪ ,‬حىت يقول ‪ :‬وأنا مطالبه به ‪ ,‬وال بد أن يكون املدعى به حاال‬ ‫‪‬‬
‫; فال تصح الدعوى بدين مؤجل ; ألنه ال جيب الطلب به قبل حلوله ‪.‬‬
‫ويشرتط لصحة الدعوى انفكاكها عما يكذهبا ; فال تصح الدعوى على إنسان أنه قتل أو سرق منذ عشرين سنة وسنه أقل‬ ‫‪‬‬
‫من ذلك‪.‬‬
‫وإن ادعى عقد بيع أو إجارة ; اشرتط لصحة الدعوى ذكر شروط العقد ; ألن الناس خيتلفون يف الشروط ‪ ,‬وقد ال يكون‬ ‫‪‬‬
‫ذلك العقد صحيحا عند القاضي ‪.‬‬
‫وإن ادعى اإلرث ; فال بد من ذكر سببه ‪ ,‬ألن أسباب اإلرث ختتلف‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويعترب لصحة الدعوى تعيني املدعى به إن كان حاضرا يف اجمللس أو البلد ; ليزول اللبس ‪ ,‬وإن كان املدعى به غائبا ; فال بد‬ ‫‪‬‬
‫من وصفه مبا يصح به السلم‪.‬‬
‫ويشرتط لصحة البينة عدالتها ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وحيكم القاضي بالبينة العادلة ما مل يعلم خالفها ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن جهل القاضي عدالته من الشهود ; سأل عنه ممن له به خربة باطنه بصحبة أو معاملة أو جوار ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإن تعارض اجلرح والتعديل يف الشاهد قدم اجلرح ; ألن اجلارح معه زيادة علم خفيت على املزكي ‪ ,‬واجلارح خيرب عن أمر‬ ‫‪‬‬
‫باطن ‪.‬‬
‫وتعديل اخلصم للبينة وحده أو تصديقه هلا تعديل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإذا علم القاضي عدالة البينة ; حكم هبا ‪ ,‬ومل حيتج إىل التزكية ‪ ,‬وكذا لو علم عدم عدالتها ‪ ,‬مل حيكم هبا ‪ ,‬وإن ارتاب يف‬ ‫‪‬‬
‫الشهود ; سأهلم كيف حتملوا الشهادة ; وأين حتملوها ؟‬
‫وإن جرح اخلصم الشهود ‪ ,‬كلف إقامة البينة باجلرح ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإن جهل القاضي حال البينة ; طلب من املدعي تزكيتهم ; لتثبت عدالتهم ‪ ,‬فيحكم مبا شهدوا به ‪ ,‬وال بد يف تزكية‬ ‫‪‬‬
‫الشخص من شاهدين يشهدان بعدالته ‪ ,‬وقيل ‪ :‬يكفي يف التزكية شاهد واحد ‪.‬‬
‫وحيكم على الغائب مسافة قصر إذا ثبت عليه احلق ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫واحلكم بثبوت أصل احلق ال يبطل دعوى قضائه أو الرباءة منه وحنو ذلك مما يسقط ذلك احلق‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويعترب يف القضاء على الغائب أن يكون يف غري حمل والية القاضي ‪ ,‬أما لو كان غائبا يف حمل واليته ‪ ,‬وال حاكم فيه ; فإن‬ ‫‪‬‬
‫القاضي يكتب إىل من يصلح للقضاء باحلكم بينهما ‪ ,‬فإن تعذر ‪ ,‬فإىل من يصلح بينهما ‪ ,‬فإن تعذر ‪ ,‬قال للمدعي ‪:‬‬
‫حقق دعواك ‪ ,‬فإن فعل ; أحضر خصمه ‪ ,‬وإن بعدت املسافة ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫باب يف القسمة بني الشركاء‬
‫دليل القسمة بني الشركاء من الكتاب والسنة واإلمجاع ‪ ,‬وذكر اإلمجاع عليها غري واحد مق العلماء ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫واحلاجة داعية إليها ; إذ ال سبيل إىل إعطاء ذوي احلقوق حقوقهم من الشيء املشرتك إال بالقسمة ‪.‬‬
‫والقسمة إفراز األنصباء بعضا عن بعض ‪.‬وهي نوعان ‪ :‬قسمة تراض ‪ ,‬وقسمة إجبار‬ ‫‪‬‬
‫‪ .1‬النوع األول‪ :‬قسمة الرتاضي هي اليت ال بد أن يتفق عليها مجيع الشركاء ‪ ,‬وال جتوز بدون رضاهم ‪ ,‬وهي اليت‬
‫ال متكن إال حبصول ضرر ‪ ,‬ولو على بعض الشركاء ‪ ,‬أو برد عوض من أحد الشركاء على اآلخر ‪ ,‬وتكون يف‬
‫الدور الصغار والدكاكني الضيقة واألرض املختلفة أجزاؤها بسبب بناء أو شجر يف بعضها أو كون بعضها‬
‫يتعلق به رغبة ختصه دون البعض اآلخر ‪.‬‬
‫فهذا النوع من املشرتك ال جتوز قسمته إال باتفاق الشركاء وتراضيهم ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وهذه القسمة تأخذ حكم البيع ‪ ,‬برد ما فيه عيب ‪ ,‬ويدخلها خيار اجمللس والشرط وحنوه ‪ ,‬وال جيرب من امتنع من قبوهلا من‬ ‫‪‬‬
‫الشركاء ‪ ,‬لكن مىت طلب أحد الشركاء بيع هذا املشرتك ; أجرب املمتنع ‪ ,‬فإن أىب ; باعه احلاكم عليهما ‪ ,‬وقسم الثمن بينها‬
‫على قدر حصصهما ‪.‬‬
‫وضابط الضرر الذي مينع هذه القسمة هو نقص القيمة بالقسمة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ .2‬النوع الثاين ‪ :‬قسمة اإلجبار‪ ,‬وهى ما ال ضرر يف قسمته ‪ ,‬وال رد عوض يف قسمته ‪ ,‬مسيت بذلك ألن احلاكم‬
‫جيرب املمتنع منهما إذا كملت شروطها ‪ ,‬وذلك ‪ .‬كالقرية والبستان والدار الكبرية واألرض الواسعة والدكاكني‬
‫الواسعة واملكيل واملوزون من جنس واحد ‪.‬‬
‫‪ ‬ويشرتط إلجبار املمتنع من هذه القسمة ثالثة شروط‬
‫‪ )1‬أن يثبت عند احلاكم ملك الشركاء‬
‫‪ )2‬وأن يثبت أن ال ضرر‬
‫‪ )3‬وأن يثبت إمكان تعديل السهام يف العني املقسمة من غري شيء جيعل فيها ‪.‬‬
‫فإذا توافرت هذه الشروط‪ ,‬وطلب أحد الشركاء القسمة‪ ,‬أجرب شريكه اآلخر عليها ‪ ,‬وإن امتنع من القسمة مع شريكه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وجيوز للشركاء أن يتقامسوا بأنفسهم أو بقاسم ينصبونه هم أو يسألون احلاكم نصبه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وتعديل السهام يكون باألجزاء إن تساوى املقسوم كاملكياالت واملوزونات غري املختلفة ‪ ,‬وتعدل بالقيمة إن اختلفت أجزاء‬ ‫‪‬‬
‫املقسوم يف القسمة ‪ ,‬فيجعل السهم من الرديء أكثر من السهم من اجليد ‪ ,‬فإن مل ميكن التعديل باألجزاء وال بالقيمة ‪,‬‬
‫عدلت بالرد ; بأن جيعل ملن يأخذ الرديء أو القليل دراهم على من يأخذ اجليد أو األكثر ‪.‬‬
‫فإذا اقتسموا أو اقرتعوا ; لزمت القسمة ‪ ,‬وإن خري أحدمها اآلخر ; لزمت القسمة برضاهم وتفرقهم ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن ادعى غلطا فيما تقامساه بأنفسهما وأشهدا على رضامها به ; مل يلتفت إليه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن ادعى غلطا فيما قسمه قاسم حاكم أو قاسم نصباه ; قبل ببينة ‪ ,‬وإال ‪ ,‬حلف منكر له ; ألن األصل عدم ذلك ‪,‬‬ ‫‪‬‬
‫فان أقام بينة على الغلط ; قبلت ونقضت القسمة ‪.‬‬
‫وإن ادعى كل من الشريكني شيئا أنه له ; حتالفا ‪ ,‬ونقضت القسمة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن ظهر يف نصيبه عيب قد جهله ; خري بني الفسخ واإلمساك مع األرش‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫باب يف بيان الدعاوى والبينات‬
‫الدعاوى يف اصطالح الفقهاء ‪ :‬إضافة اإلنسان إىل نفسه استحقاق شيء يف يد غريه أو ذمته ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫والبينات مجع بينة ‪ ,‬وهى العالمة الواضحة ‪ ,‬وهي كل ما يبني احلق من شهيد أو ميني ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫والفرق بني املدعي واملدعى عليه أن املدعي هو الذي إذا سكت ترك‪ ,‬فهو املطالب‪ ,‬واملدعى عليه هو الذي إذا سكت‪ ,‬مل‬ ‫‪‬‬
‫يرتك ; فهو املطالب ‪.‬‬
‫ويشرتط لصحة الدعوى وصحة اإلنكار أن يكون من جائز التصرف ‪ ,‬وهو احلر املكلف الرشيد ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإذا تداعيا عينا بأن ادعى كل منهما أهنا له وهي بيد أحدمها ; فهي ملن هي بيده مع ميينه ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪82‬‬
‫ويسمى من كانت العني بيده منهما الداخل ‪ ,‬ويسمى من مل تكن العني بيده باخلارج ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فإن أقام كل منهما بينته أن العني املدعى هبا له ‪ ,‬قضي هبا للخارج‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإن مل تكن العني اليت تداعياها بيد أحد ‪ ,‬وليس هناك ظاهر يعمل به وال بينة ألحدمها ; حتالفا ; بأن حيلف كل واحد أنه‬ ‫‪‬‬
‫ال حق لآلخر فيها ‪ ,‬وقسمت بينهما بالسوية ; الستوائهما يف الدعوى ‪.‬‬
‫باب يف الشهادات‬
‫الشهادة مشتقة من املشاهدة ; ألن الشاهد خيرب عما شاهده وعلمه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وهل يشرتط يف أداء الشهادة أن يكون ‪ ,‬ذلك بلفظ ‪ ( :‬أشهد )أو ( شهدت ) ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وحتمل الشهادة يف غري حق هللا تعاىل فرض كفاية إذا قام به من يكفي; سقط عن بقية املسلمني‪ ,‬حلصول الغرض‪ ,‬وإن مل‬ ‫‪‬‬
‫يوجد إال من يكفي ; تعني عليه ‪.‬‬
‫وأما أداء الشهادة ; فهو فرض عني على من حتملها مىت دعي إليها ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويعترب لوجوب التحمل واألداء انتفاء الضرر عن الشاهد‪ ,‬فإن كان يلحقه بذلك ضرر يف نفسه أو عوضه أو ماله أو أهله; مل‬ ‫‪‬‬
‫جيب عليه‪.‬‬
‫والعلم حيصل بأحد أمور ‪ :‬إما بسماع ‪ ,‬أو رؤية من مشهود عليه ‪ ,‬فيشهد مبا مسع أو رأى ‪ ,‬وإما بسماع الشاهد عن طريق‬ ‫‪‬‬
‫االستفاضة فيما يتعذر علمه بدوهنا غالبا كالنسب واملوت ‪.‬‬
‫ويشرتط فيمن تقبل شهادته ستة شروط‬ ‫‪‬‬
‫‪ )1‬أحدها‪ :‬البلوغ‪.‬‬
‫‪ )2‬الثاين‪ :‬العقل‪.‬‬
‫‪ )3‬الثالث‪ :‬الكالم‪ ,‬فال تقبل شهادة األخرس‪.‬‬
‫‪ )4‬الرابع‪ :‬اإلسالم‪.‬‬
‫‪ )5‬اخلامس‪ :‬احلفظ ‪ :‬فال تقبل شهادة املغفل واملعروف بكثرة السهو والغلط ‪.‬‬
‫‪ )6‬السادس‪ :‬العدالة‪.‬‬
‫ويعترب للعدالة أمران ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ )1‬أحدمها‪ :‬أداء الفرائض ‪.‬‬
‫‪ )2‬والثاين‪ :‬استعمال املروءة ‪ -‬أي ‪ :‬اإلنسانية ‪ , -‬وهو فعل ما جيمله ويزينه ‪ ,‬كالسخاء ‪ ,‬وحسن اخللق ‪ ,‬وحسن اجملاورة ‪,‬‬
‫واجتناب ما يدنسه ويشينه عادة من األمور الدنيئة املزرية به‪.‬‬
‫وال تقبل شهادة عمودي النسب وهم اآلباء وإن علوا ‪ ,‬واألوالد وإن سفلوا ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وتقبل شهادة األخ ألخيه‪ ,‬والصديق لصديقه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وال تقبل شهادة أحد الزوجني لصاحبه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وال تقبل شهادة من جير إىل نفسه نفعا بتلك الشهادة أو يدفع عنها هبا ضررا ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وال تقبل شهادة عدو على عدوه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫واملراد العداوة الدنيوية‪ ,‬أما العداوة يف الدين‪ ,‬فليست مانعة من قبول الشهادة‪ ,‬فتقبل شهادة مسلم على كافر‪ ,‬وشهادة سين‬ ‫‪‬‬
‫عل مبتدع‪.‬‬
‫وال تقبل شهادة من عرف بعصبية وإفراط يف محية لقبيلته ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وأما عدد الشهود ; فهو خيتلف باختالف املشهود به ‪ :‬فال يقبل لثبوت الزىن واللواط إال أربعة رجال ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويقبل يف إثبات عسرة من عرف بالغىن وادعى أنه فقري ثالثة رجال ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويقبل إلثبات بقية احلدود غري حد الزىن كحد القذف وحد املسكر والسرقة وقطع الطريق والقصاص رجالن ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وما ليس بعقوبة وال مال وال يقصد به املال ويطلع عليه الرجال غالبا ; كنكاح وطالق ورجعة ; يقبل فيها رجالن ‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫ويقبل يف املال وما يقصد به املال‪ ,‬كالبيع‪ ,‬واألجل‪ ,‬واإلجارة ‪ .. .‬وحنو ذلك ; يقبل فيها رجالن ‪ ,‬أو رجل وامرأتان ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويقبل أيضا يف املال وما يقصد به املال أيضا رجل واحد وميني املدعي ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وما ال يطلع عليه الرجال غ البا كعيوب النساء حتت الثياب والبكارة والثيوبة واحليض والوالدة والرضاع واستهالل املولود وحنو‬ ‫‪‬‬
‫ذلك يقبل فيه شهادة امرأة عدل ‪.‬‬
‫باب يف كتاب القاضي إىل القاضي‬
‫بكتاب القاضي إىل القاضي والشهادة على الشهادة ورجوع الشهود‬
‫‪ ‬كتاب القاضي إىل القاضي قد تدعو احلاجة إليه ‪ ,‬فإن من له حق يف غري بلده ال ميكنه إثباته والطلب به إال عن طريق‬
‫إثباته عند قاضي ذلك البلد والكتابة بذلك إليه ‪.‬‬
‫‪ ‬وقد أمجعت األمة على قبول كتاب القاضي إىل القاضي إلثبات احلقوق وتنفيذها ‪.‬‬
‫‪ ‬ويقبل يف كل حق ألدمي ‪ ,‬وال يقبل يف حدود هللا ; كحد الزىن وشرب اخلمر‪.‬‬
‫‪ ‬وكتاب القاضي إىل القاضي على نوعني ‪:‬‬
‫‪ )1‬النوع األول‪ :‬يكون فيما حكم به القاضي الكاتب لينفذه القاضي املكتوب إليه ‪ ,‬وهذا يقبل ‪ ,‬ولو كان كل‬
‫من الكاتب واملكتوب إليه يف بلد واحد ‪.‬‬
‫‪ )2‬والنوع الثاين‪ :‬أن يكتب القاضي فيا ثبت عنده إىل قاض آخر ليحكم به ‪ ,‬ويشرتط لقبول هذا النوع أن يكون‬
‫بني الكاتب واملكتوب إليه مسافة قصر فأكثر ‪.‬‬
‫‪ ‬وصورة الثبوت أن يقول ‪ :‬ثبت عندي أن لفالن على فالن كذا وكذا ‪ ,‬والثبوت ليس حبكم ‪ ,‬بل خرب بالثبوت ‪.‬‬
‫‪ ‬ويشرتط لقبول كتاب القاضي إىل القاضي أن يشهد به القاضي الكاتب شاهدين عدلني يضبطان معناه وما يتعلق به‬
‫من احلكم ‪ .‬هذا قول ‪ ,‬والقول اآلخر ‪ :‬جيوز العمل بكتاب القاضي إىل القاضي إذا عرف خطه ‪ ,‬وإن مل يشهد ‪.‬‬
‫‪ ‬وأما الشهادة على الشهادة ; فهي أن يقول شخص آلخر ‪ :‬اشهد على شهاديت بكذا ‪ ,‬أو اشهد أين أشهد بكذا ‪.‬‬
‫‪ ‬ويشرتط لقبول الشهادة على الشهادة شروط ‪:‬‬
‫‪ )1‬أوال‪ :‬أن يأذن شاهد األصل لشاهد الفرع ; ألهنا يف معين النيابة‪.‬‬
‫‪ )2‬ثانيا‪ :‬أن تكون فيما يقبل فيه كتاب القاضي إىل القاصي ‪ ,‬وهو حقوق اآلدميني دون حقوق هللا تعاىل‬
‫‪ )3‬ثالثا‪ :‬أن تتعذر شهادة األصلي مبوت أو مرض أو غيبة مسافة قصر أو خوف من سلطان أو غريه ‪.‬‬
‫‪ )4‬رابعا‪ :‬أن يستمر عذر شاهد األصل إىل احلكم ‪.‬‬
‫‪ )5‬خامسا‪ :‬دوام عدالة شاهد األصل وشاهد الفرع إىل صدور احلكم ‪.‬‬
‫‪ )6‬سادسا‪ :‬أن يعني شاهد الفرع شاهد األصل الذي حتمل عنه الشهادة ‪.‬‬
‫‪ ‬وأما الرجوع عن الشهادة ‪ :‬فإنه إذا رجع شهود املال بعد احلكم ‪ ,‬فإنه ال ينقض ; ألنه قد مت ‪.‬‬
‫‪ ‬وإن حكم القاضي بشاهد وميني‪ ,‬مث رجع الشاهد‪ ,‬غرم املال كله‪ ,‬ألنه حجة للدعوى‪ ,‬واليمني قول اخلصم‪ ,‬وقول‬
‫اخلصم ليس مقبوال على خصمه‪ ,‬وإمنا هو شرط للحكم‪.‬‬
‫‪ ‬وإن رجع الشهود عن الشهادة قبل احلكم ; ألغي ‪ ,‬وال حكم وال ضمان ‪..‬‬
‫باب يف اليمني يف الدعاوى‬
‫اليمني من مجلة الطرق القضائية‪ ,‬فاليمني من جانب املنكر إذا مل يكن للمدعي بينة‪ ,‬وهي تقطع اخلصومة عند التنازع ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وجمال اليمني يف دعوى حقوق األدميني خاصة ‪ ,‬فهي اليت يستحلف فيها ‪ ,‬أما حقوق هللا تعاىل ‪ ,‬فال يستحلف فيها ‪,‬‬ ‫‪‬‬
‫وذلك كالعبادات واحلدود‪ ,‬فإذا قال‪ :‬دفعت زكايت أو ما علي من كفارة أو نذر ; قبل منه‪ ,‬ومل يستحلف‪ ,‬وكذا ال يستحلف‬
‫منكر حلد عليه من حدود هللا ‪ ,‬ألهنا يستحب سرتها ‪.‬‬
‫وال يعتد باليمني يف دعوى حقوق األدميني إال إذا أمره هبا احلاكم بعد طلب املدعي ‪ ,‬ولكون على صفة جوابه للمدعي ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وال بد أن يكون أداؤها يف جملس احلاكم ‪ ,‬وال تكون اليمني إال باهلل تعاىل ‪ ,‬ألن احللف بغري هللا شرك ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪84‬‬
‫وال تغلظ اليمني إال فيما له أمهية كربى ; كجناية ال توجب قودا أو عتقا ‪ ,‬فللحاكم تغليظها باللفظ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن توجه عليه حق جلماعة ‪ ,‬حلف لكل واحد ميينا ‪ ,‬ألن حق كل واحد منهم غري حق اآلخرة إال إذا رضوا ميينا واحدة ‪,‬‬ ‫‪‬‬
‫فيكتفى هبا ‪.‬‬
‫باب يف أحكام اإلقرار‬
‫اإلقرار هو لغة االعرتاف باحلق ‪,‬يف االصطالح ‪ :‬وهو إخبار عما يف نفس األمر من حق الغري‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويشرتط لصحة اإلقرار أن يكون املقر مكلفا ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويشرتط أن يكون املقر قد أقر يف حالة اختياره ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويشرتط لصحة اإلقرار أيضا أن ال يكون املقر حمجورا عليه ‪ .‬وإن ادعى املقر أنه أكره على اإلقرار; قبل منه ذلك مع قرينة‬ ‫‪‬‬
‫تدل على صدقه أو بينة على دعواه‪.‬‬
‫ويصح إقرار املريض مبال لغري وارثه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإن ادعى إنسان على شخص بشيء ‪ ,‬فصدقه املدعى عليه ‪ ,‬صح تصديقه ‪ ,‬واعترب إقرارا يؤاخذ به‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويصح اإلقرار بكل ما أدى معناه من األلفاظ كأن يقول ملن ادعى عليه ‪ :‬صدقت ‪ ,‬أو ‪ :‬نعم ‪ ,‬أو ‪ :‬أنا مقر بذلك ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويصح استثناء النصف فأقل يف اإلقرار ; فلو قال ‪ :‬له علي عشرة إال مخسة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويشرتط لصحة االستثناء يف اإلقرار أن يكون متصال باللفظ ‪ ,‬فلو قال ‪ :‬له علي مائة ‪ ,‬مث سكت سكوتا ميكنه الكالم فيه‪,‬‬ ‫‪‬‬
‫مث قال ‪ :‬زيوفا ‪ ,‬أو ‪ :‬مؤجلة ; لزمه مائة جيدة حالة ‪.‬‬
‫وإن باع شيئا أو وهبه أو أعتقه ‪ ,‬مث أقر أن ذلك الشيء كان لغريه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويصح اإلقرار بالشيء اجململ وهو ما احتمل أمرين فأكثر على السواء عند املقر‬ ‫‪‬‬
‫فإذا قال إنسان ‪ :‬لفالن علي شيء ‪ ,‬أو ‪ :‬له علي كذا ‪ ,‬صح اإلقرار ‪ ,‬وقيل للمقر ‪ :‬فسره ‪ ,‬ليتأتى إلزامه به ‪ ,‬فإن أىب‬
‫تفسريه ‪ ,‬حبس حىت يفسره ‪ ,‬لوجوب تفسريه عليه ; ألنه حق عليه جيب عليه بيانه وأداؤه لصاحبه ‪ ,‬وإن قال ‪ :‬ال علم يل‬
‫مبا أقررت به ; حلف وغرم أقل ما يقع عليه االسم ‪ ,‬وإن مات قبل تفسريه ; مل يؤاخذ وارثه بشيء ‪ ,‬وان خلف تركة ‪,‬‬
‫الحتمال أن يكون املقر به غري مال ‪.‬‬
‫وإن قال ‪ :‬له علي ألف إال قليال ‪ ,‬محل االستثناء على ما دون النصف ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإن قال ‪ :‬له علي ما بني درهم ‪ .‬وعشرة ; لزمه مثانية ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإن قال ‪ :‬له علي ما بني درهم إىل عشرة ; لزمه تسعة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإن قال ‪ :‬له ما بني هذا احلائط إىل هذا احلائط ‪ ,‬مل يدخل احلائطان ; ألنه إمنا أقر مبا بينهما ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإن أقر لشخص بشجرة أو بشجر ; مل يشمل إقراره األرض اليت عليها ذلك الشجر ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وإن قال ‪ :‬له علي متر يف جراب أو سكني يف قراب أو ثوب يف منديل ; فهو مقر باملظروف دون الظرف‬ ‫‪‬‬
‫وإن قال ‪ :‬هذا الشيء مشرتك بيين وبني فالن ; رجع يف بيان حصة الشريك إىل املقر ‪ ,‬وقيل ‪ :‬يكون بينهما نصفني ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وجيب على من عنده حق اإلقرار به إذا دعت احلاجة إىل ذلك ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪85‬‬

You might also like