You are on page 1of 12

2017 ‫ جوان‬، ‫ السنة الثالثة‬،03 ‫العدد‬ ‫ الجزائر‬،1‫ جامعة باتنة‬،"‫ المدينة والبيئة‬،‫ مخبر "الطفل‬،‫مجلة العمارة وبيئة الطفل‬

‫أثر البناء المعماري العمودي على واقع الحياة االجتماعية لألسرة والطفل‬
‫قراءة سوسيولوجية‬

‫ الجزائر‬/ ‫ خنشلة‬-‫ جامعة عباس لغرور‬،‫ أستاذ محاضر أ‬:‫ سھى حمزاوي‬.‫د‬

:‫ملخص‬
‫ ويعود سبب وجود ھذا النوع من السكن إلى الكثافة السكانية العالية‬،‫يمثل السكن العمودي أحد أھم المظاھر االيكولوجية في المجتمعات‬
‫ ولكون الحياة الحضرية‬،‫ األمر الذي تطلب اعتماد ھذا النمط العمراني نظرا لشغله مساحة أصغر ومساكن أكثر من جھة‬.‫في المدن‬
.‫الجديدة تتطلب نوعا من األبنية المتطورة والحديثة كنموذج للحياة العصرية والتقدم في البناء من جھة ثانية‬
‫ إال أنه ترتبت عنھا مجموعة من اآلثار التي انعكست‬،‫وعلى الرغم من أن البناءات المعمارية الجديدة تعتبر حال مرجعيا ألزمة السكن‬
‫ واحتكاك‬،‫ حيث أفرزت الحياة المعيشية في الشقق السكنية الضيقة مشكالت كثيرة بسبب اختالط العائالت‬،‫على بيئة األسرة والطفل معا‬
‫( إضافة إلى أن السكن العمودي أصبح في بعض األحيان غير آمن نتيجة السرقات‬...‫انحراف‬،‫األطفال مع ببعضھم البعض )شجار‬
.‫والجنح‬
‫وعليه يأتي ھذا المقال للبحث عن العالقة القائمة بين نوعية السكن المتمثلة في السكن العمودي ونمط الحياة االجتماعية لألسرة من‬
‫ إلى جانب العناصر المادية والتقنية‬،‫ التنشئة االجتماعية لألطفال‬،‫ عالقات الجيرة‬،‫خالل الكشف عن واقع التفاعل االجتماعي بين األسر‬
.‫للسكن‬

Abstract :
Vertical housing represents one of the most important ecological aspects
in communities and the reason for the existence of this type of housing is due to the high population density in
cities .which requires the adoption of this architectural style because it is smaller and more housing space by
hand, and that urban life requires some kind of sophisticated and modern buildings as a model of modern life
and the progress in the construction of the second hand buildings.
Although the vertical housing is a solution reference for the housing crisis it caused a set of effects that were
reflected on the family and the child's environment, where living life in the narrow flats produced many
problems due to the mingling of families ,and friction of children with each other (fight , deviation ……) add
to that, the vertical housing sometimes become unsafe as a result of thefts and offences.
Accordingly, this article comes to look for the relationship between housing quality of vertical housing and
the reality of social interaction between families by revealing the reality of social interaction between families,
neighborly relations, socialization of children, besides physical and technical elements of housing.

28
‫سھى حمزاوي‬ ‫أثر البناء المعماري العمودي على واقع الحياة االجتماعية لألسرة والطفل قراءة سوسيولوجية‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫يسعى اإلنسان جاھدا إلى تطويع البيئة لتلبية احتياجاته األساسية‪ ،‬وتأتي في مقدمة ھذه االحتياجات إيجاد‬
‫المأوى والسكن المالئم الذي يتالءم مع طبيعة اإلنسان‪ ،‬ويتناسق مع احتياجاته‪.‬‬
‫وقد تطور مفھوم السكن حتى غدا في وقتنا الحالي على أشكال مختلفة ال تقتصر في كونھا مالذا أو مأوى‬
‫يلتجئ إليه فقط‪ ،‬ولكن باتت تحمل في ثناياھا أكثر من ذلك‪ ،‬فقد أصبحت ذات مضمون يحمل في جدرانه وداخله‬
‫شخصية وطبيعة وثقافة ساكنيه من أفراد‪.‬‬
‫وفي ھذا اإلطار قامت الجزائر بتوجيه جزء كبير من االستثمارات المتخصصة للتنمية‪ ،‬وتبني مجموعة‬
‫من السياسات السكنية‪ ،‬فلطالما مثل السكن رھانا من بين الرھانات العمرانية للبالد باعتباره قطاعا مھيكال بالنسبة‬
‫لالقتصاد الوطني‪ ،‬وجزء ال يتجزأ من السياسة االجتماعية العامة‪.‬‬
‫ولضمان حل للمشاكل العديدة التي تعاني منھا البالد‪ ،‬اجتھد القائمون على ھذا القطاع‪ ،‬وقدموا عدة برامج‬
‫وطرق إسكانية متنوعة ومتعددة في التعمير واإلسكان‪ ،‬منھا السكن االجتماعي العمودي وھو سكن ترتفع فيه‬
‫البنايات متوسعة باالتجاه العمودي على سطح األرض مكونة بذلك كتال بنائية ذات طوابق تتخللھا أدراج‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن السكن العمودي يعتبر حال مرجعيا ألزمة السكن‪ ،‬إال أنه ترتبت عنه مجموعة من‬
‫اآلثار التي انعكست على حياة األسرة والطفل بالدرجة األولى‪ ،‬إذ نجد بعض األفراد من يلجأ إلى السكن العمودي‬
‫باعتباره حال مؤقتا لحين امتالك بيت خاص أو قطعة أرض سكنية‪ ،‬ألن الشقق السكنية تتضمن مشكالت كثيرة‬
‫بسبب اختالط العائالت والمشكالت الناتجة عن األطفال من خالل لعبھم الجماعي‪ ،‬إضافة إلى أن السكن العمودي‬
‫أصبح في بعض األحيان مركزا للجنوح والسرقات إلى جانب انعدام الخدمات‪.‬‬
‫إن الھدف من ھذا المقال ھو البحث عن العالقة القائمة بين نوعية السكن المتمثلة في السكن العمودي ونمط‬
‫الحياة االجتماعية لألسرة والطفل‪ .‬وعليه نصل إلى طرح السؤال الرئيس اآلتي‪:‬‬

‫ما أثر نمط البناء العمراني العمودي على الحياة االجتماعية لألسرة والطفل ؟‬
‫ولإلجابة عن التساؤل المطروح سنقوم بمناقشة العناصر اآلتية من خالل رؤية سوسيولوجية تحليلية‪:‬‬

‫أوال‪-‬مفاھيم أساسية‪:‬‬
‫يعد موضوع السكن العمودي من أھم المواضيع المطروحة على الساحة االجتماعية كونه يمس شخصية‬
‫المجتمع واتزان الفرد فيه من جميع النواحي االجتماعية والثقافية والنفسية‪.‬‬
‫وتكمن أھمية الدراسة الراھنة في أنھا تتناول موضوعا ھاما يتعلق بإحدى استراتيجيات التنمية الحضرية‬
‫والمتمثلة في سياسة السكن العمودي‪ ،‬ومدى تأثير ھذه السياسة على األسرة الجزائرية‪ ،‬وبالتحديد معرفة ظروف‬
‫المعيشة المحيطة باألسرة التي تقيم في ھذا النوع من السكن‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫سھى حمزاوي‬ ‫أثر البناء المعماري العمودي على واقع الحياة االجتماعية لألسرة والطفل قراءة سوسيولوجية‬

‫وعليه سنعمد إلى تحديد مفھوم كل من‪:‬‬


‫‪ .1‬السكن‪:‬‬
‫أ‪ .‬لغة‪:‬‬
‫ھو السكون أي ثبوت الشيء بعد تحركه ويستعمل في االستيطان‪ .‬فنقول نذھب الى سكن فالن أو مكان‬
‫سكن فالن أي المكان الذي استوطنه فالن‪) .‬غيث‪،‬دت‪(80،‬‬
‫ويقصد بالمسكن لغويا المنزل أو البيت‪ .‬ويعرف في موسوعة العمارة اإلسالمية على أنه "عدة‬
‫غرف متصلة ببعضھا البعض تؤلف وحدة سكنية ضمن بناء كبير" )صالح محمود‪(158،2012،‬‬
‫ب‪ .‬اصطالحا‪:‬‬
‫ھناك مفاھيم متنوعة للسكن تخطيطيا ومعماريا واجتماعيا وجغرافيا واقتصاديا يختلف فيھا مفھوم‬
‫السكن باختالف التخصصات‪ .‬فقد اعتبر السكن المحيط الذي تتوافر فيه شروط الحياة بصفة عامة وھو نوع من‬
‫تجمع المؤسسات اإلنسانية في المجال الحضري عن طريق نسيج عمراني يشكل الوظيفة األساسية للمدينة‪.‬‬
‫ويعرف بأنه‪" :‬المكان الذي يعيش فيه االنسان بسالم وكرامة‪ ،‬ويعتبر حقا من حقوقه‪ .‬ويمثل السكن‬
‫للكثيرين مجاال لالستثمار ومصدرا للدخل‪ ،‬ويعتبر السكن من الحاجات األساسية غير الغذائية لإلنسان‪ .‬وھو‬
‫ضرورة حياتية ملحة وله دور كبير ومستمر في حياة الفرد وتكوين صحته وأخالقه وعالقاته االجتماعية"‬
‫)سالم‪(3،2012،‬‬
‫‪ .2‬السكن العمودي‪:‬‬
‫مصطلح السكن العمودي أو ما يطلق عليه بالسكن متعدد الطوابق ھو أحد األنماط السكنية الذي‬
‫يكون على ھيئة عمارة سكنية تتضمن عددا من الشقق التي يعيش ضمنھا عدد من األسر في إطار وحدة سكنية‬
‫كبيرة ‪ ...‬وھي غير قابلة للتوسع" )صالح محمود‪(159،2012،‬‬
‫كما يعرف بأنه "تجميع لعدة مساكن تبنى في عمارات ذات أربعة طوابق أو خمسة طوابق في االرتفاع‬
‫وھي ذات شكل مربع أو مستطيل أو دائري‪ .‬يستعمل السكان فضاءات ھذه العمارات جماعيا"‬
‫)تواتي‪(298،2015،‬‬
‫‪ .3‬العمارة‪:‬‬
‫ھي عبارة عن بنايات مصنوعة من االسمنت المسلح مصطفة الواحدة تلو األخرى وتكون على شكل‬
‫طوابق تتخللھا أدراج‪.‬‬
‫وتعرف العمارة بأنھا "سكن جماعي يضم مجموعة مساكن تكون مركزا أوليا للحياة الجماعية‪ ،‬وھي تجمع‬
‫مكثف تكون فيه البنيات ملتصقة ببعضھا البعض" )سليماني‪(50-49 ،2011،‬‬
‫‪ .4‬األسرة‪:‬‬
‫"الوحدة األساسية في التنظيم االجتماعي‪ ،‬ومؤسسة من المؤسسات االجتماعية ذات أھمية كبرى‪ ،‬ففيھا‬
‫نبدأ حياتنا األولى ونتعود عليھا‪ ،‬وھي تصنع أولى خبراتنا وفيھا تتشكل شخصيتنا‪ ،‬وھي مصدر األخالق والدعامة‬
‫األولى لضبط السلوك‪ ،‬ويلقى فيھا الكبار والصغار مصدر الرخاء" )الجوھري‪(27،1997،‬‬

‫‪30‬‬
‫سھى حمزاوي‬ ‫أثر البناء المعماري العمودي على واقع الحياة االجتماعية لألسرة والطفل قراءة سوسيولوجية‬

‫كما تعرف بأنھا "تجمع اجتماعي قانوني ألفراد اتحدوا بروابط الزواج والقرابة أو بروابط التبني‪ ،‬وھم‬
‫في الغالب يشاركون بعضھم البعض في منزل واحد ويتفاعلون تفاعال متبادال طبقا ألدوار اجتماعية محددة تحديدا‬
‫دقيقا وتدعمھا ثقافة عامة" )غنيم‪(20،2008،‬‬

‫ثانيا‪-‬السكن العمودي‪:‬‬
‫‪ .1‬خصائص السكن العمودي‪:‬‬
‫‪ ‬يتميز السكن العمودي بمجال ثابت في رقعة أرضية صغيرة المساحة على شكل طوابق متراكبة متفاوتة‬
‫في االرتفاع وذات أحجام موحدة المقاييس‪.‬‬
‫‪ ‬ھي بنايات بسيطة خالية من النسيج المعقد الذي يحتوي على تشابك تفاصيل البناء مثل القصور والكنائس‬
‫ذات األشكال الھندسية المعقدة‪.‬‬
‫‪ ‬يتميز البناء العمودي الحديث بخاصية الوظيفة في الھندسة المعمارية بحيث تخصص غرف لوظائف‬
‫معينة مثل إعداد الطعام‪ ،‬استھالك الواجبات‪ ،‬النوم‪ ،‬االستقبال وغيرھا‪) .‬الموسوي‪(174،2006،‬‬
‫‪ .2‬إيجابيات وسلبيات السكن العمودي‪:‬‬

‫للسكن العمودي جملة من اإليجابيات والسلبيات باعتباره حل مناسب لمن يبحث عن سكن يأويه وعائلته‬
‫ويستقر فيه‪ .‬لكنه يمثل مشكلة للعديد من أفراد المجتمع إذا ما نظرنا إليه من جانب عادات وتقاليد المجتمع‬
‫وتشريعاته الدينية تجاه الظاھرة حيث نجد أن بعض األفراد ال يرغبون في العيش في السكنات العمودية نظرا‬
‫النعدام االستقاللية والخصوصية في ھذا النوع من السكن‪) .‬صالح محمود‪(157،2012،‬‬

‫ومع ھذا يتوفر ھذا النموذج من العمران على العموم على تقنيات عالية في مجاالت اإلنشاءات والتجھيزات‬
‫العصرية المختلفة )الكھرباء‪ ،‬الماء‪ ،‬الغاز(‪ ،‬ويتيح فرصة استثمار األراضي بأسلوب عقالني دقيق من حيث‬
‫االقتصاد في تكاليف العقار واستقطاب كثافة سكانية عالية‪ .‬وعلى الرغم من الفائدة االقتصادية للسكن العمودي من‬
‫حيث التخطيط الجيد وامتصاص النمو السكاني إال أنه أنتج مجموعة من السلبيات نذكر أھمھا في‪:‬‬

‫‪ ‬الكثافة السكانية العالية‪:‬‬


‫تشكل الكثافة درجة ازدحام عالية داخل العمارة وفي كل مسكن بكل طابق نتيجة اكتظاظ السكان في‬
‫مساحات ضيقة بالعمارة‪ ،‬حيث أن كل أسرة يكون عدد أفرادھا كبيرا تضطر للعيش في مساحة ضيقة‪ ،‬ولھذا‬
‫األمر أثر سلبي على نفسية األفراد بتعرضھم ألزمات ومشاكل عديدة‪.‬‬

‫‪ ‬تلوث الھواء‪:‬‬
‫أثبتت الدراسات واألبحاث التي تناولت المباني العالية أن تالصق الطوابق وتقارب العمارات من بعضھا‬
‫البعض وقربھا من الطرق المكتظ بالسيارات يؤدي إلى تلوث الھواء بسبب ركوده وعدم تجدده واحتباسه بين‬
‫الطوابق وبين الجدران‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫سھى حمزاوي‬ ‫أثر البناء المعماري العمودي على واقع الحياة االجتماعية لألسرة والطفل قراءة سوسيولوجية‬

‫‪ ‬التلوث السمعي‪:‬‬
‫يشكو معظم قاطني العمارات من الضجيج الناتج عن استعمال الوسائل الكھربائية المستعملة في المساكن‬
‫وكذلك ضجيج األطفال وعدم احترام راحة الجيران من طرف البعض‪.‬‬

‫‪ ‬التلوث البصري‪:‬‬
‫أسھم ھذا النمط العمراني في ظھور ظاھرة التلوث البصري بسبب استعمال مواد البناء مثل الزجاج‬
‫واأللمنيوم مما يؤدي إلى اختالل الصورة التحتية المسقطة من البيئة الخارجية على العقل اإلنساني فتظھر أنھا‬
‫صورة مشوشة وخادعة وبعيدة تماما عن الطبيعة الخضراء‪) .‬لبرارة‪(41،2008،‬‬

‫‪ .3‬مدى تجاوب السكنات العمودية مع طبيعة حياة األسرة والطفل‪:‬‬


‫يعتبر السكن من أھم ضروريات الحياة للفرد‪ ،‬لھذا تقوم األسرة باختيار مسكن يكون منسجما مع طريقة‬
‫حياتھا وأسلوب تفكيرھا‪ ،‬لكن كثيرا ما نجد مساكن تعبر عن عدم تجاوب المبنى مع حياة األسرة‪ .‬ومن بينھا حياة‬
‫األطفال الذين ال يجدون مجاالت كافية للدراسة واللعب فيحصل لديھم خلل في النمو الطبيعي السليم‪.‬‬
‫ونظرا لضيق المسكن وعدم اتساع غرفه للوظائف الضرورية أصبحت األسرة تواجه مشكلة في كيفية‬
‫استخدامه‪ ،‬ويتضح ھذا األمر عندما نجد أن مجاال معينا يستعمل لعدة وظائف كالمطبخ الذي يستعمل للدراسة‬
‫واالستحمام والتقاء أفراد األسرة مع بعضھم البعض‪ ،‬باإلضافة إلى غرفة االستقبال التي تستعمل لألكل والدراسة‬
‫والنوم‪) .‬لبرارة‪(66،2008،‬‬
‫إن الوضع السابق يعبر عن واقع البناءات العمودية في بالدنا‪ ،‬وھذا األمر ھو نتيجة خطأ المشاريع‬
‫والمخططات التي ال تراعي حقيقة حجم األسرة الجزائرية وتنوع حاجياتھا وخصوصياتھا‪ ،‬لھذا يضطر السكان‬
‫إلى إدخال تغييرات على المساكن التي يستعملونھا‪ .‬وبھذا الصدد كشفت العديد من الدراسات أن الساكنين بھذا‬
‫النمط العمراني يلجؤون إلى تغيير مجاالتھم الداخلية استجابة لمتطلبات العائلة وحاجاتھا المتنوعة واستيعابا‬
‫ألفرادھا رغم صعوبة التغيير المادي وقساوة النظام االنشائي ‪...‬وبھذا تحول بعض المجاالت أو جزء منھا‬
‫الستيعاب نشاطات أخرى بدل التي صممت ألجلھا‪) .‬الديب‪(437،2009،‬‬
‫مما سبق نصل إلى أن المخطط المغلق والمعقد الذي يھدف الى اقتصاد المساحات أدى إلى تغيير وظيفة‬
‫الفضاء المدروس فبدال أن يتجاوب بشكل إيجابي مع حياة األسرة والطفل حدث العكس حيث عملت المساحات‬
‫الممنوحة على خنق النمو الطبيعي للطفل‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬السكن العمودي والحياة االجتماعية لألسرة‪:‬‬


‫‪ .1‬التفاعل والعالقات االجتماعية لألسرة‪:‬‬
‫إن فقدان العالقات االجتماعية بين أفراد األسرة والمجتمع يمكن أن يعبر عنه بضعف العالقات بين سكان‬
‫المدينة بشكل عام وبين الجيران بشكل خاص‪ .‬وھذا ھو المشھد األبرز الذي يمكن أن يلمسه كل راصد للظواھر‬
‫االجتماعية في أي مجتمع مدني‪ ،‬وھذه ما تنبه له ابن خلدون قبل ستة قرون حيث أشار إلى أن المدن تطبع سكانھا‬
‫‪32‬‬
‫سھى حمزاوي‬ ‫أثر البناء المعماري العمودي على واقع الحياة االجتماعية لألسرة والطفل قراءة سوسيولوجية‬

‫بطابع خاص‪ ،‬وتؤثر في ثقافتھم ونشاطاتھم‪ ،‬وعالقاتھم االجتماعية‪ ،‬كما أنھا تتطور بسرعة من حيث االتساع‬
‫المكاني‪ ،‬وازدياد معدالت نمو السكان‪ ،‬ومظاھر العمران المختلفة‪ ،‬وھذا التطور من شأنه أن يُحدث تطوراً مشابھا ً‬
‫في العالقات والنظم االجتماعية المميزة لسكان المدن‪ ،‬أما المناطق البدوية فھي تتطور في رأيه ببطء شديد‪ .‬وتتسم‬
‫الظواھر االجتماعية السائدة فيھا بطابع الثبات واالستقرار النسبيين‪) .‬السدحان‪(117-116 ،2010،‬‬
‫وقد أثبتت الدراسات األكاديمية أن نسبة العالقات االجتماعية بين السكان ال تزيد بكثرة عددھم‪ ،‬وإنما تعتمد‬
‫على الزيادة في نسبة تقابلھم‪ .‬فسكان المباني العالية يجدون صعوبة في خلق عالقات مع الجيران أو يكونون‬
‫عالقاتھم ذات عمر قصير‪ ،‬وتنمو ھذه العالقات عند التقابل في المناطق المشتركة مثل المصاعد والمداخل‪ ،‬وقد‬
‫دلت الدراسات على أن جيرة المداخل الخارجية في المساكن المنفردة األفقية تزيد من فرص التعارف أكثر من‬
‫جيرة المداخل الداخلية بالمباني العالية‪.‬‬
‫لقد أدت المباني العالية إلى قلة العالقة بين األفراد داخل البيوت وخارجھا كما أدت إلى عدم تجاوب الس كان‬
‫مع الخارج‪ ،‬وقللت من فرص تقابل الناس مع بعضه وتعاملھم على مستوى الش ارع والح ي‪ .‬وع دم انتم اء الن اس‬
‫إلى بعضھم وعدم تعاملھم على مستوى الحي‪ ،‬مما أدى إلى ظھور قيم جديدة‪) .‬محمد حسن‪(2002،‬‬
‫كما أن ھناك سببا ً آخر لفقدان العالقات االجتماعية بين الناس إثر التوسع في المدن‪ ،‬وھو عدم االحتي اج إل ى‬
‫بعضھم البعض‪ ،‬ففي السابق كانت األدوات والمستلزمات قليلة على مستوى الحي الواحد مما يوجد حاجة للتواصل‬
‫لالستفادة من حاجيات اآلخرين‪ ،‬كم ا أن ع دم االس تقرار ف ي المن ـزل م ن قب ل الكثي ر م ن الس اكنين بس بب ص عوبة‬
‫التملك أوجد مثل ھذا الضعف في التواصل بين السكان بشكل عام‪ ،‬فالمستأجر يشعر أن وجوده ف ي المنطق ة مؤق ت‬
‫لذا قد ال يرى ضرورة لتكوين عالقات مع الجيران نظرا لعدم استقراره‪) .‬السدحان‪(121،2010،‬‬

‫‪ .2‬عالقات الجيرة‪:‬‬
‫إن تبني نمط اإلسكان العمودي الذي يتسم بوجود مدخل مشترك واحد بمقاييس ھندسية محددة تجعل‬
‫الساكن مقيدا‪ ،‬كما أن ضيق السكن تجعل األسرة عاجزة عن استقبال الضيوف واألصدقاء إال في أوقات محددة‪.‬‬
‫إضافة إلى أن عدد الجيران أصبح محدودا‪.‬‬

‫وقد انجزت السكنات العمودية الجماعية بغرض استيعاب أكبر عدد ممكن من الوحدات السكنية لھذا نجد‬
‫أن كل أسرة استقلت بمسكنھا الخاص‪ ،‬فزادت الفردية وضعفت عالقات القرابة والتفاعل‪ ،‬وانتفى التعاون وظھر‬
‫الجوار في مواقف محدودة وسطحية‪) .‬عسلي‪(117،2010،‬‬

‫لقد اختزل المسكن الحديث بالعمران الرأسي إلى حد كبير مجموعة من قيم ومعاني الجيرة والقرابة‪،‬‬
‫فتعقيدات ھندسة ھذا اإلنشاء ال تسمح بتحقيق التكامل في إطار فيزيائي يحمل معاني التكامل االجتماعي‪ .‬وھذا‬
‫بسبب تھميش مفھومي القرابة والجيرة الذين يعبران عن معنى التماسك االجتماعي واالستمرارية في نقل تراث‬
‫المجتمع الحضاري‪ .‬وھما بذلك يشكالن إحدى أھم دعائم قيام مجمع توحده شبكة من العالقات التي تدعم روابط‬
‫التالحم والتفاعل والتماسك بين األفراد واألسر والجماعات‪) .‬تواتي‪(303،2015،‬‬

‫‪33‬‬
‫سھى حمزاوي‬ ‫أثر البناء المعماري العمودي على واقع الحياة االجتماعية لألسرة والطفل قراءة سوسيولوجية‬

‫‪ .3‬ظھور الجريمة نظرا لغياب البيئة اآلمنة‪:‬‬


‫يمثل األمن قيمة أساسية لنشأة المجتمع الحضري المستقر‪ ،‬ويعد المسكن والبيئة المحيطة به المستوى‬
‫األول الذي يجب أن يوفر للفرد األمن والسالمة‪ .‬ونظرا التساع األحياء السكنية المعاصرة وزيادة كثافتھا السكانية‬
‫ظھر تدني واضح في مستوى السالمة ونقص األمان إضافة إلى ضعف العالقات ونقص التكافل االجتماعي مما‬
‫أدى إلى ظھور العديد من مظاھر االنحراف والجريمة التي أثرت سلبا على السكان‪.‬‬

‫وقد أثبتت الدراسات أن مشاريع اإلسكان الضخمة التي تحتوي على عمارات عالية تشجع على ارتكاب‬
‫الجرائم‪ ،‬ألنھا تقوى الشعور لدى األفراد بالغربة والعزلة وعدم المسئولية‪ .‬وفي ھذا النمط العمراني يمثل الشكل‬
‫العمراني إحدى العوامل التي تتيح الفرصة لوقوع الجريمة أو منعھا من خالل مجموعة من العناصر كالمظھر‬
‫العمراني للمبنى‪ ،‬أشكال وأبعاد وتوجيه الفتحات باتجاه الفضاءات المجاورة‪ ،‬ارتفاع المبنى‪ .‬حيث يمكن للسارق ان‬
‫يستفيد من ھذه العناصر ويستخدمھا كأماكن اختباء دون وجود مراقبة‪ .‬فالمباني ذات االرتفاع العالي تتعرض لعدد‬
‫كبير من الجرائم كاالقتحام والسرقات نتيجة ضعف المراقبة‪) .‬العلوان‪(69،2011،‬‬

‫ثالثا‪ -‬السكن العمودي والحياة االجتماعية للطفل‪:‬‬


‫‪ .1‬ضيق المجال بالسكن العمودي وأثره على ظروف المعيشة المحيطة بالطفل‪:‬‬

‫يمكن تحديد أھم مظاھر العيش بالسكنات العمودية وتأثيرھا على الحياة االجتماعية للطفل في مايلي‪:‬‬

‫أ‪ .‬عدم استغالل المجاالت بطابعھا األمثل‪:‬‬


‫ّ‬
‫الغرف بھا مما يؤدي إلى تقسيمھا أو‬ ‫إن أغلب األسر ال تستغل المجاالت استغالال أمثال نتيجة ضيق‬
‫تغييرھا مثل استعمال المطبخ كحمام‪ ،‬وتحويل الشرفات إلى مخزن وتقسيم الغرف في ذاتھا إلى قسمين‪ .‬وھذا كله‬
‫يخلق نوعا من الفوضى مما يعيق من التصرف بحرية من قبل أفراد األسرة بما فيھم األطفال‪.‬‬
‫إن لجوء األسر في البناءات المعمارية العمودية إلى تغيير الفضاءات والمجاالت رغم استيفائه للشروط‬
‫التقنية ھو نتيجة لحجم وعدد غرف ھذا النمط العمراني الذي ال يسمح باستيعاب كل أفراد األسرة واستقبال‬
‫الضيوف‪ ،‬وھذا دليل على ضعف الخدمات التي تقدمھا السكنات العمودية من حيث التنوع الفراغي‪.‬‬
‫)تواتي‪(302،2015،‬‬

‫ب‪ .‬مكان لعب األطفال‪:‬‬


‫إن لعب األطفال داخل الوحدة السكنية يشكل خطرا نظرا الحتمال سقوطھم من أماكن مرتفعة‪ ،‬كما أن لعب‬
‫األطفال في الشارع لعدم وجود حدائق عامة وساحات لعب أمام العمارات يجعلھم بعيدين عن أنظار ومتابعة‬
‫الوالدين أوال وعرضه لمخاطر السيارات ثانيا‪ ،‬ناھيك عن كونھم مصدرا إلزعاج الساكنين‪.‬‬
‫)حمزاوي‪(58،2014،‬‬

‫‪34‬‬
‫سھى حمزاوي‬ ‫أثر البناء المعماري العمودي على واقع الحياة االجتماعية لألسرة والطفل قراءة سوسيولوجية‬

‫ج‪ .‬السكن العمودي وفقدان الخصوصية بين األبناء )ذكور وإناث(‪:‬‬


‫إن ھذا النوع من السكن يؤدي إلى فقدان الخصوصية بين األبناء )ذكور وإناث(‪ ،‬ففي األسر التي تتكون‬
‫من أطفال من الجنسين )ذكور وبنات( يتطلب األمر تحديد غرفا خاصة لكل منھما وھو شبه مستحيل نتيجة‬
‫محدودية عدد الغرف )‪ 3‬أو ‪ 4‬غرف على األكثر(‬
‫ه‪ .‬السكن العمودي والوضعية الصحية لألطفال‪:‬‬
‫تؤثر المعيشة في السكنات العمودية على صحة ساكنيھا خاصة األطفال‪ ،‬فقلة التعرض ألشعة الشمس من‬
‫شأنه أن يخلف بعض األمراض نتيجة الرطوبة والبرودة وقلة التھوية‪ ،‬مما يخلف أمراض مزمنة كالربو‬
‫والحساسية لدى األطفال‪ .‬ناھيك عن المعاناة نتيجة الروائح الناتجة عن األوساخ المنتشرة حول العمارة‪ .‬إضافة إلى‬
‫أنه في كثير من األحيان يتخوف الوالدين من سقوط أوالدھم من األماكن العالية في العمارة‪.‬‬
‫)حمزاوي‪(58،2014،‬‬

‫‪ .2‬السكن العمودي والعزلة النفسية واالجتماعية للطفل‪:‬‬


‫من أبرز آثار السكن في المباني المرتفعة مشكلة انعزال اإلنسان عن المجتمع في طبقات الجو‪ .‬بيد أن ھذا‬
‫اإلحساس يولد مع الطفل الذي يعيش في األدوار العلوية من المبنى‪ ،‬حيث ال يستطيع أن يمارس حياته واكتساب‬
‫الخبرة في التعامل مع اآلخرين واالحتكاك بھم‪ ،‬وكذلك اإلحساس بجمال الطبيعة‪ ،‬ومن ھنا يتولد اإلحساس بتباعد‬
‫اإلنسان عن الطبيعة وعن اآلخرين خالل نموه غير السوي‪ ،‬وخصوصا ً مع مخاوف األھل على الطفل من‬
‫االقتراب من النوافذ واألبواب خوفا ً عليه من السقوط أو الخطر‪ ،‬وبالتالي يتولد مع اإلنسان اإلحساس إما‬
‫باالنطواء‪ ،‬وإما بالميول العدوانية تجاه اآلخرين‪ .‬ففي حالة المباني السكنية المنفردة فإن الطفل يستطيع أن يلعب‬
‫بحرية في الحديقة تحت إشراف أھله وتكون له عالقات مع أطفال العائالت المجاورة حيث يستطيع أن يلعب‬
‫ويحدث ما يشاء من الضوضاء دون إزعاج اآلخرين‪ .‬أما في حالة المباني العالية فإن سكانھا يقرون بأنھم‬
‫يضطرون إلى كبح جماح أطفالھم وتحديد لعبھم في الوحدات السكنية وبھدوء لتجنب الضوضاء والمضايقات التي‬
‫قد يسببونھا للجيران‪ ،‬فال يستطيع األطفال اللعب إال في المداخل والممرات وھذه األماكن غير مالئمة وخطيرة‬
‫تؤدي إلى إمكانية سقوط األطفال منھا‪) .‬محمد حسن‪(2002،‬‬

‫إضافة إلى ما سبق نجد أن المباني الشاھقة ذوات األدوار المتعددة ال يمكن أن توفر الفراغات المكانية‬
‫لممارسة الترويح خاصة عند األطفال مما يكون ويعزز لديھم الروح االنفرادية‪ .‬ناھيك عن خلق العزلة االجتماعية‬
‫مما يضعف من الروح الجماعية لدى الطفل‪ ،‬ويقلل من اكتسابه لروح المبادرات الجماعية التي يخدم بھا المجتمع‪.‬‬

‫‪ .3‬الفراغ السكني واستيعاب األطفال وإمكانية اندماجھم في المجتمع‪:‬‬


‫يختلف الوضع الراھن للطفل العربي من بلد آلخر حسب الظروف االجتماعية المحيطة به‪ ،‬ولكن ھنالك‬
‫قاسم مشترك ھو القيم العامة السائدة في المنطقة العربية‪ .‬فالحي السكني األمثل ھو أفضل وسيلة للنھوض بالطفل‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫سھى حمزاوي‬ ‫أثر البناء المعماري العمودي على واقع الحياة االجتماعية لألسرة والطفل قراءة سوسيولوجية‬

‫فاألطفال يحتاجون في المراحل األولى من حياتھم إلى بيئة عمرانية تساعدھم على التعلم من خالل اللعب الذي يعد‬
‫عامال ضروريا لبناء مداركھم واكتمال نموھم الفكري‪ .‬ولكن وضع البيئة العمرانية الذي ال يحترم احتياجات‬
‫الطفل‪ ،‬والتھالك األخالقي لفئات مختلفة من المجتمع في العديد من البلدان جعل الكثير من الوالدين يحجمون عن‬
‫السماح ألطفالھم بالخروج واالستمتاع والتعلم من بيئة الشارع‪.‬‬
‫ويقع الكثير من الوالدين في معضلة الرغبة في إعطاء أطفالھم الفرصة للتعلم واالحتكاك من خالل الخروج‬
‫لبيئة الحي واالحتكاك مع اآلخرين‪ ،‬والخوف عليھم من أصدقاء السوء والسيارات المسرعة‪.‬‬
‫وتكون المشكلة أكثر تعقيدًا للعائالت التي تقطن مباني الشقق السكنية‪ ،‬حتى إن العديد من الدراسات‬
‫خصصت لھذا الجانب‪ .‬وذلك ألن الشقق مقارنة بالوحدات السكنية المستقلة ال يوجد بھا أماكن مفتوحة كحديقة‬
‫صغيرة أو تعطي الفرصة لألطفال للعب والتمتع بجو صحي‪ .‬فقضاء الطفل معظم وقته في مبنى خرساني دون‬
‫قدرته على النزول للشارع‪ ،‬واللعب مع األطفال اآلخرين سيكون سببًا لحياة حزينة‪ ،‬وھو األمر الذي أكدته دراسة‬
‫ترجمة عنوانھا‪) :‬العائالت في مباني الشقق‪ :‬قصص حزينة لألطفال‪ (1983‬ألنه في حالة تدھور بيئة الشارع‬
‫وعدم إمكانية خروج الطفل لھذا الفضاء تصبح الشقة السكنية سجنًا للطفل‪ ،‬وتؤثر كثيرًا على تطوره ورسم‬
‫مستقبله‪) .‬السكيت‪(36-35 ،2003،‬‬
‫وقد حاول المخططون التعامل مع ھذه القضية منذ فترة طويلة‪ .‬وقد كانت حلولھم ذات صبغة عمرانية في‬
‫شكل توفير أماكن ضمن الحي للعب األطفال تحت إشراف بالغ وبعيدين عن حركة السيارات‪.‬‬
‫إن حاجة اإلنسان بصفة عامة والطفل بصفة خاصة إلى غذاء الروح‪ ،‬وغذاء العقل‪ ،‬وغذاء البدن‪ ،‬وغذاء‬
‫العالقات االجتماعية يمكن تحقيقھا من خالل التخطيط والتطوير المالئم للحي السكني‪ .‬وقد يكون تطوير الحي‬
‫السكني بطريقة تالئم احتياج الطفل ھو خطوة مھمة في االتجاه الصحيح نحو تغيير المجتمع بأكمله نحو األفضل‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫سھى حمزاوي‬ ‫أثر البناء المعماري العمودي على واقع الحياة االجتماعية لألسرة والطفل قراءة سوسيولوجية‬

‫خالصة‪:‬‬
‫بعد طرح القضايا السابقة من منظور سوسيولوجي تحليلي نصل إلى أن البناء العمراني العمودي يعبر عن‬
‫بيئة مصممة من قبل تقنيين وخبراء معماريين لتتماشى مع تطور الحياة وتعقد أبنيتھا ومكوناتھا‪.‬‬
‫إال أن تأثير ھا النمط العمراني بدا واضحا حيث انعكس على الحياة االجتماعية لألسرة والطفل معا‪.‬‬
‫وقد توصلت الدراسة إلى أن األسر القاطنة بالسكنات الجماعية العمودية تجد صعوبة في التكيف مع‬
‫الوضع المفروض عليھا‪ ،‬حيث أدى إلى ضعف العالقات االجتماعية وتقويض عالقات الجيرة فضال عن ظھور‬
‫صعوبات معتبرة في ما يخص كل من التنشئة االجتماعية والصحية لألطفال تتجسد في عدم استغالل المجاالت‬
‫بطابعھا األمثل‪ ،‬غياب مساحات خضراء للعب‪ ،‬استفحال الجريمة‪ ،‬الخصوصية العالية لألسر‪ ،‬االنطواء والعزلة‬
‫النفسية وغيرھا‪.‬‬
‫إن السكن جزء من تاريخ األسرة االجتماعي والثقافي‪ ،‬تتشكل فيه قيمھا وشخصيتھا ومقوماتھا وعاداتھا‬
‫وتقاليدھا‪ ،‬كما يعبر عن ھويتھا العمرانية وبيئتھا الثقافية وتراثھا الحضاري‪ .‬فالسكن الحقيقي ھو ذلك السكن الي‬
‫يحافظ على كل أنواع العالقات االجتماعية والنظم األخالقية مع أخذ بعين االعتبار الجوانب التقنية الحديثة التي‬
‫تلبي أھم الحاجات المتطورة لألسرة والتي يفرضھا التطور التقني والتكنولوجي‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫سھى حمزاوي‬ ‫أثر البناء المعماري العمودي على واقع الحياة االجتماعية لألسرة والطفل قراءة سوسيولوجية‬

‫قائمة المراجع‬
‫الكتب‬
‫‪ .1‬السيد رشاد غنيم وآخرون‪ :‬سوسيولوجيا األسرة –دراسات نظرية تطبيقية‪ -‬مطبعة البحيرة‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.2008 ،‬‬
‫‪ .2‬عبد ﷲ بن ناصر السدحان‪ :‬اآلثار االجتماعية للتوسع العمراني )المدينة الخليجية نموذجا(‪ ،‬سلسلة كتاب‬
‫األمة العدد ‪ ،136‬مركز البحوث والدراسات‪ ،‬ط‪.2010 ،1‬‬
‫‪ .3‬عبد الھادي الجوھري‪ :‬أصول علم االجتماع‪ ،‬مكتبة نھضة الشرق‪ ،‬القاھرة‪ ،‬مصر‪.1997 ،‬‬
‫‪ .4‬سليماني جميلة‪ :‬دراسات في علم النفس االجتماعي الفضائي‪ ،‬دار ھومة‪ ،‬الجزائر‪.2011 ،‬‬
‫‪ .5‬ھاشم عبود الموسوي‪ :‬التخطيط والتصميم الحضري‪ ،‬دار حامد‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪.2006 ،1‬‬
‫المعاجم والقواميس‪:‬‬
‫‪ .6‬محمد عاطف غيث‪ :‬قاموس علم االجتماع‪ ،‬الھيئة المصرية للكتاب‪ ،‬القاھرة‪ ،‬دت‪.‬‬
‫المجالت‪.:‬‬
‫‪ .7‬بلقاسم الديب‪ :‬البيئة العمرانية الحديثة والمرض االجتماعي في المدينة بالجزائر‪ ،‬مجلة جامعة دمشق‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،25‬العدد األول والثاني‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪.2009 ،‬‬
‫‪ .8‬خالد بن سكيت السكيت‪ :‬دور الحي السكني في بناء المجتمع بجميع فئاته‪ :‬تفعيل روح المشاركة واالنتماء‬
‫لألطفال‪ ،‬مجلة الھندسة المعمارية والتخطيط‪ ،‬العدد ‪ ،15‬الرياض‪ ،‬السعودية‪.2003 ،‬‬
‫‪ .9‬عبد الرزاق صالح محمود‪ :‬واقع السكن العمودي في مدينة الموصل‪ ،‬دراسات موصلية‪ ،‬العدد‪ ،38‬مركز‬
‫دراسات الموصل‪ ،‬العراق‪.2012 ،‬‬
‫‪ .10‬نوبي محمد حسن‪ :‬التصميم االجتماعي للمجمعات السكنية العالية‪ ،‬بحث منشور في مجلة العلوم‬
‫الھندسية‪ ،‬كلية الھندسة‪ ،‬المجلد ‪ ،30‬العدد‪ ،3‬جامعة أسيوط‪ ،‬مصر‪ ،‬يوليو ‪.2002‬‬
‫أنظر‪ :‬موقع مقاطعة‪http://mqataa.com/vb/showthread.php?t=33845 :‬‬
‫‪ .11‬ھدى العلوان‪ ،‬ميس الدليمي‪ :‬محددات البيئة االمنة للمجمعات السكنية عالية الكثافة لمراكز المدن‪ ،‬مجلة‬
‫الھندسة‪ ،‬العدد ‪ ،3‬المجلد ‪،17‬العراق‪.2011،‬‬
‫الملتقيات الدولية‪:‬‬
‫‪ .12‬تواتي طارق‪ ،‬التونسي فايزة‪ :‬تمثالت عالقات الجيرة داخل البناءات المعمارية العمودية بالمدن‬
‫الصحراوية بين التقليد والحداثة‪ ،‬مجلة العلوم االنسانية واالجتماعية‪ ،‬عدد خاص بالملتقى الدولي‬
‫لتحوالت المدينة الصحراوية‪ ،‬جامعة ورقلة‪ ،‬الجزائر‪2015 ،‬‬
‫‪ .13‬سھى حمزاوي‪ :‬أثر السكن العمودي على التنشئة االجتماعية للطفل‪ ،‬بحث مقدم للملتقى الدولي حول‬
‫المدينة والطفل‪ ،‬السجل العلمي للملتقى الدولي‪ ،‬دار ابن الشاطئ للنشر والتوزيع‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2014‬‬

‫‪38‬‬
‫سھى حمزاوي‬ ‫أثر البناء المعماري العمودي على واقع الحياة االجتماعية لألسرة والطفل قراءة سوسيولوجية‬

‫‪ .14‬عبد الرزاق سالم‪ ،‬نذير بوسھوة‪ :‬آفاق التنمية اإلسكانية المستدامة في الدول العربية‪ ،‬بحث مقدم للملتقى‬
‫الدولي حول أزمة قطاع السكن في الدول العربية‪ ،‬واقع وآفاق‪ ،‬جامعة المدية‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬
‫مذكرات الماجستير‪:‬‬
‫‪ .15‬عسلي سعد‪ :‬عالقات الجيرة في المدينة‪ ،‬دراسة مقارنة بين األحياء العتيقة واألحياء الجماعية )حارة أوالد‬
‫عتيق حي القصر وحي ‪ 110‬سكن جماعي(‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬جامعة المسيلة‪.2010/2009 ،‬‬
‫‪ .16‬ھالة لبرارة‪ :‬األسرة والمسكن بالمدينة الصحراوية‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2008/2007‬‬

‫‪39‬‬

You might also like