You are on page 1of 8

‫‪1‬‬

‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬

‫متى قيل‪( :‬قاموس) ومتى قيل‪( :‬معجم) لكتاب اللغة المرتب؟‬

‫حممد خليل الزروق‬

‫______________________________________________‬

‫احلروف العربية كانت تنقط يف املائة األوىل اهلجرية وقبلها‪ ،‬كما تدل عليه النقوش( ‪ ،)1‬ولكن‬
‫نقط اإلعجام الذي كان يف أواخر املائة األوىل املنسوب إىل نصر بن عاصم الليثي(‪89-( )2‬‬
‫أو ‪90‬ه) له معنيان‪ :‬جعل ذلك يف املصحف الشريف‪ ،‬إذ مل يكن منقوطا‪ ،‬ومل يكن النقط‬
‫مستعمل يف الكلم اتما وال دائما‪ ،‬مث ترتيب احلروف حبسب هذا النقط‪ ،‬وهو ترتيب ألف اب‬
‫ات‪ ،‬فجعلت احلروف املتشاهبة متجاورة‪ ،‬وف رق بينها النقط‪ ،‬فقيل فيها‪ :‬حروف املعجم‪ ،‬أي‬
‫حروف اإلعجام‪ ،‬فيكون املعجم مصدرا ميميا‪ ،‬أي اليت زالت عجمتها ابلنقط‪ ،‬أي زال‬
‫غموضها وخفاؤها على غري البصري‪ ،‬أو حروف اخلط أو الرسم املعجم‪ ،‬أي املنقوط‪ ،‬فيكون‬
‫املعجم اسم مفعول‪.‬‬

‫ومل يكن هذا الرتتيب معروفا‪ ،‬ولكن كان الرتتيب املعروف ترتيب أبد‪ ،‬وهو املستعمل يف‬
‫السراينية والعبان ية قبل هذا‪ ،‬فجاء ترتيب ألف اب ات فنسخه‪ ،‬وصار هو الرتتيب اإلسلمي‪،‬‬
‫وقد وضع مبناسبة خدمة املصحف الشريف بنقط اإلعجام جتنبا للتصحيف‪ .‬وصار ترتيب أبد‬
‫مستعمل فقط يف حساب اجلمل‪ ،‬أي إعطاء كل حرف عددا على نظام معروف‪.‬‬

‫مث يقول ابن انصر الدين (‪842-‬ه ) يف كتاب «الرد الوافر»‪« :‬أول من رتب األمساء على‬
‫احلروف من احملدثني أبو عبد هللا البخاري (‪256-194‬ه )»(‪ .)3‬ومن ههنا مسى أهل احلديث‬

‫(‪ )1‬انظر مثل‪ :‬الرتاث املعجمي العريب من القرن الثاين حىت القرن الثاين عشر‪ ،‬رمزي بعلبكي‪ ،‬املركز العريب لألحباث‪،‬‬
‫الدوحة‪2020 ،‬م‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫(‪ )2‬انظر مثل‪ :‬احملكم يف نقط املصحف ‪ ،‬أليب عمرو الداين‪ ،‬تح عزة حسن‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪1997 ،2‬م‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫(‪ )3‬الرد الوافر‪ ،‬البن انصر الدين‪ ،‬تح زهري الشاويش‪ ،‬املكتب اإلسلمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1991 ،3‬م‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪2‬‬

‫الكتاب املرتب على أوائل حروف األمساء حبسب حروف املعجم‪ ،‬مسوه املعجم‪ ،‬أي كتاب‬
‫أليب يعلى املوصلي‬ ‫«املعجم»( ‪)1‬‬ ‫حروف املعجم‪ ،‬مث اخت صر إىل املعجم‪ ،‬ومن أقدم ذلك‬
‫(‪ 307-210‬أو ‪ 306‬ه )‪ ،‬فرتبوا األعلم إما للرتمجة‪ ،‬وإما لسياقة أحاديثهم اليت رووها‪ .‬فأهل‬
‫احلديث هم أول من استعمل اسم املعجم يف الكتب على هذا الوصف هلذا الغرض‪ ،‬منذ املائة‬
‫الثالثة‪ ،‬وكثر ذلك يف املائة الرابعة فما بعد‪ .‬وتبعهم أهل األدب‪ ،‬فسموا‪ :‬معجم الشعراء‪ ،‬ومعجم‬
‫األدابء‪ ،‬ومعجم البلدان‪.‬‬

‫وال جند يف اللغة كتااب مسي ابسم املعجم‪ ،‬إال ما جاء من كتاب للزخمشري (‪538-467‬ه )‬
‫يسمى‪« :‬معجم احلدود»( ‪ ،)2‬وال يعرف مضمونه‪ ،‬وكأنه يف املصطلح العلمي‪ ،‬أي تعريف‬
‫املصطلحات‪ .‬ولكن ما نعرفه اليوم ابسم املعاجم أو القواميس كانت تعرف بكتب اللغة‪ ،‬أو‬
‫منت اللغة‪ ،‬أو فقه اللغة‪ ،‬أو علم اللغة‪ ،‬وأظن أهنم مل يفعلوا ذلك‪ ،‬ألن الكتاب يف اللغة إما أن‬
‫يرتب على املعاين أي املوضوعات‪ ،‬ال احلروف‪ ،‬ك «الغريب املصنف» و«املخصص»‪ ،‬وإما‬
‫أن يرتب ال على حروف املعجم ألف اب ات‪ ،‬ولكن على ترتيب املخارج الذي ابتدعه اخلليل بن‬
‫أمحد‪ ،‬ك «العني» و«هتذيب اللغة» ‪ ،‬وإما أن يرتب على حروف ألف اب ات‪ ،‬أي حروف‬
‫املعجم‪ ،‬ككثري من الكتب‪ ،‬ف نوع واحد من كتب اللغة مرتب على حروف املعجم‪ ،‬وليس كلها‬
‫كذلك‪ ،‬فلم يرتبط اسم املعجم بكتب اللغة هلذا السبب‪ ،‬فيما أظن‪.‬‬

‫وأما كتاب ابن فارس (‪395-329‬ه )‪« :‬املقاييس يف اللغة»‪ ،‬وقد نشر ابسم «معجم‬
‫مقاييس اللغة»‪ ،‬وجاء يف أوله‪« :‬هذا كتاب املقاييس يف اللغة»(‪ ،)3‬فلفظ املعجم مقحم يف‬
‫العنوان‪ ،‬تعريفا مبضمون الكتاب وتروجيا له‪ ،‬والعنوان مغري‪ ،‬ومثله‪« :‬بقية األشياء أو بقااي‬

‫(‪ )1‬كتاب املعجم ‪ ،‬أليب يعلى املوصلي‪ ،‬إدارة العلوم األثرية‪ ،‬فيصل أابد‪ /‬ابكستان‪1987 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬كشف الظنون‪ ،‬للحاج خليفة‪ ،‬إستانبول‪1941 ،‬م‪ ،‬ص ‪.1734‬‬
‫(‪ )3‬معجم مقاييس اللغة ‪ ،‬البن فارس‪ ،‬تح عبد السلم هارون‪ ،‬مطبعة عيسى البايب احلليب‪ ،‬القاهرة‪1946 ،‬م‪.1/1 ،‬‬
‫‪3‬‬

‫األشياء» أليب هلل العسكري (من املائة الرابعة) نشر مرة ابسم‪« :‬املعجم يف بقية‬
‫األشياء»( ‪ ،)1‬وهذا من عمل الناشر ال املؤلف‪.‬‬

‫مث جاء جمد الدين الفريوزآابدي (‪817-729‬ه ) وألف كتابه‪« :‬القاموس احمليط»‪ ،‬ولفظ‬
‫القاموس من القمس‪ ،‬جاء يف «كتاب العني»‪« :‬كل شيء ينغط يف املاء فقد قمس‪ ...‬ويف‬
‫املث ل‪ :‬بلغ قوله قاموس البحر‪ ،‬أي قعره األقصى»(‪ .)2‬وما وصفه أبنه مثل‪ ،‬أصله حديث‬
‫صحيح رواه اإلمام أمحد وغريه عن ابن عباس من قول ضماد األزدي ملا مسع قول النيب صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪« :‬إن احلمد هلل نستعينه ونستغفره‪ ..‬إخل‪ ،‬قال‪ :‬لقد مسعت الشعر والعيافة‬
‫والكهانة‪ ،‬فما مسعت مثل هذه الكلمات‪ ،‬لقد بلغن قاموس البحر»(‪ .)3‬واللفظ قليل االستعمال‬
‫يف الكلم‪ ،‬وقال املعري على عادته يف اإلغراب واالغرتاف من كتب اللغة يف شعره ونثره‪:‬‬
‫قاموسا( ‪)4‬‬ ‫مكابدا من مهوم الدهر‬ ‫احلمد هلل قد أصبحت يف جلج‬

‫وقال السخاوي يف ترمجة اجملد‪ « :‬وألف فيها تواليف حسنة‪ ،‬منها القاموس‪ ،‬وال نظري له يف‬
‫كتب اللغة‪ ،‬لكثرة ما حواه من الزايدات على الكتب املعتمدة كالصحاح‪ ...‬وأعراه من الشواهد‬
‫اختصارا»( ‪ .)5‬وقوله‪ :‬فل نظري له يبني لك مكانة القاموس ووقعه عند معاصري اجملد ومن جاء‬
‫بعده‪ ،‬فقد تلقوه كما يتلقى العطشان املاء البارد‪ ،‬وسبب ذلك كما ذكر السخاوي اختصاره‬
‫ووجازة عبارته وما زاده على الصحاح من ألفاظ ومواد واستدراك‪ ،‬وذلك العصر كان مييل إىل‬
‫املتون واجلمع‪ ،‬فجاءهم اجملد مبا يروقهم يف ذلك‪ ،‬ولو حذف منه أعلم الناس واملواضع‪ ،‬وما‬

‫(‪ )1‬املعجم يف بقية األشياء ‪ ،‬أليب هلل العسكري‪ ،‬أكمله وعلق عليه‪ :‬إبراهيم األبياري وعبد احلفيظ شليب‪ ،‬دار الكتب‬
‫املصرية‪1934 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬كتاب العني‪ ،‬للخليل بن أمحد‪ ،‬تح املهدي املخزومي وإبراهيم السامرائي‪ ،‬مؤسسة األعلمي‪ ،‬بريوت‪1988 ،‬م‪،‬‬
‫‪.87/5‬‬
‫(‪ )3‬مسند اإلمام أمحد ‪ ،‬أشرف على حتقيقه شعيب األرانؤوط‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪2001 ،‬م‪ ،477/4 ،‬وانفرد‬
‫صحيح مسلم ‪( 593‬عبد الباقي) أبنه فيه‪« :‬انعوس البحر»‪ ،‬وكأنه حتريف‪.‬‬
‫(‪ )4‬اللزوميات ‪ ،‬تح أمني عبدد العزيز اخلاجني‪ ،‬مكتبة اخلاجني‪ ،‬القاهرة‪1924 ،‬م‪.30/2 ،‬‬
‫(‪ )5‬الضوء الالمع ‪ ،‬للسخاوي‪ ،‬مكتبة القدسي‪ ،‬القاهرة‪1934 ،‬م‪.84/10 ،‬‬
‫‪4‬‬

‫حشاه به من الطب‪ ،‬جلاء يف جزء واحد أو حنو ذلك‪ .‬وقد ك تب عليه كثري من التحشية‬
‫والتعقيب والشرح‪ ،‬ودرة ذلك كتاب الزبيدي (‪1205-1145‬ه )‪« :‬اتج العروس»‪ ،‬فكان‬
‫القاموس الكتاب املنفرد يف اللغة الذي شرح كلمة كلمة‪.‬‬

‫وأما قبل كتاب اجملد فل أعلم كتااب ألف ابسم القاموس‪ ،‬وقال لويس شيخو‪« :‬ابن علي يشوع‬
‫املتطبب النسطوري (نسبة إىل فرقة من النصارى) عاش يف أوائل القرن العاشر للميلد (أي‬
‫الرابع للهجرة) له قاموس سرايين عريب‪ ،‬طبع قسما منه املستشرق هوفمان ‪ G. Hoffmann‬يف‬
‫كيال سنة ‪1874‬م»(‪ .)1‬وما يف القوسني من عندي‪ .‬وهذا ال يفيد أنه مساه القاموس‪ ،‬ولكنه‬
‫يريد املعىن الذي يعنيه أهل عصران ابملعجم والقاموس‪ ،‬أي الكتاب املرتب على احلروف الذي‬
‫يفسر ألفاظا من اللغة‪ ،‬وقال ابن أيب أصيبعة يف عيون األنباء يف ترمجة مىت بن يوانن (‪-‬‬
‫‪328‬ه )‪« :‬وله تفسري من السرايين إىل العريب»( ‪ .)2‬فانظر كيف وصف املعجم ثنائي اللغة هبذا‬
‫الوصف‪ ،‬على ما كانوا يعبون به يف عصرهم‪ ،‬كما عب لويس شيخو ابملعهود يف عصره‪ .‬ومثله‬
‫ما تراه يف معجم املؤلفني مثل ويف غريه من أن فلان له قاموس يف كذا‪ ،‬فهذا معناه‪.‬‬

‫ومن معاصري اجملد الفريوزآابدي أو بعده بقليل كان عبد الكرمي بن إبراهيم بن عبد الكرمي‬
‫اجليلي (‪832-767‬ه )‪ ،‬ابن سبط الشيخ عبد القادر اجليلين‪ ،‬له كتاب يف التصوف دعاه‪:‬‬
‫«الناموس األعظم‪ ،‬والقاموس األقدم»‪ .‬وله ترمجة يف أعلم الزركلي(‪.)3‬‬

‫ومن بعد عصر الفريوزآابدي مسى الناس الكتب ابسم القاموس‪ ،‬فوجدان‪ :‬القاموس يف الفقه‪،‬‬
‫وقاموس األطباء‪ ،‬وقاموس الشريعة‪ ،‬وقاموس العاشقني‪ ،‬وغري ذلك‪ ،‬ومل جند كتااب يف اللغة مسي‬
‫ابسم القاموس‪.‬‬

‫(‪ )1‬املخطوطات العربية لكتبة النصرانية ‪ ،‬لويس شيخو‪ ،‬مطبعة اآلابء اليسوعيني‪ ،‬بريوت‪1924 ،‬م‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫(‪ )2‬طبقات األطباء ‪ ،‬البن أيب أصيبعة‪ ،‬املطبعة الوهبية‪ ،‬القاهرة‪1882 ،‬م‪.235/1 ،‬‬
‫(‪ )3‬األعالم ‪ ،‬للزركلي‪ ،‬دار العلم للمليني‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪2002 ،15‬م‪.51/4 ،‬‬
‫‪5‬‬

‫وبعد ذلك اشتغل املستشرقون ابللغة العربية وألفوا فيها كتبا‪ ،‬فظهرت احلاجة إىل استعمال كلمة‬
‫أو ‪ .Dictionary‬وانظر مثل كتاب «اكتفاء القنوع مبا هو مطبوع»‬ ‫‪Dictionnaire‬‬ ‫تقابل‬
‫إلدوارد فانديك (كان حيا سنة نشر كتابه ‪1314‬ه = ‪1897‬م)‪ ،‬ففيه بعنوان‪ :‬قواميس‬
‫اإلفرنج للغة العربية‪ ،‬وسرد منها مخسة عشر كتااب مرتبة حب سب تواريخ نشرها‪ ،‬وكلها تفسر‬
‫األلفاظ العربية ابللغات اإلفرجنية‪ ،‬وأقدمها نشر يف ميلن إبيطاليا سنة ‪1632‬م‪ ،‬وآخرها سنة‬
‫‪ 1894‬م‪ ،‬وال أدري هل مسي بعضها بقاموس‪ ،‬على أن عنواانهتا على األغلب بلغات أصحاهبا‪،‬‬
‫وقال بعد السادس منها‪ « :‬وأساس هذه القواميس الستة اليت وضعها اإلفرنج هي القواميس‪،‬‬
‫أي املعجمات‪ ،‬العربية الشهرية»(‪.)1‬‬

‫لكن تثبيت هذين املصطلحني‪« :‬قاموس» و«معجم» للكتاب املرتب على احلروف الذي‬
‫يفسر ألفاظ اللغة‪ ،‬إمنا كان يف سلسلة معاجم اللبنانيني النصارى‪ ،‬أيخذ بعضها عن بعض‪،‬‬
‫وأوهلا أصلها الذي ترجع إليه وتبين عليه‪ ،‬وهو‪:‬‬

‫‪ -1‬ما نشر يف سنة ‪1867‬م يف بريوت‪ ، ،‬أي قبل صدور «اكتفاء القنوع»‪ ،‬ابسم‪« :‬حميط‬
‫احمليط»‪ ،‬لبطرس البستاين (‪1300-1234‬ه = ‪1883-1819‬م)‪ ،‬ويف صفحة العنوان‪:‬‬
‫«كتاب حميط احمليط‪ ،‬أتليف املعلم بطرس البستاين‪ ،‬عفي عنه‪ ،‬أي قاموس مطول للغة العربية»‪،‬‬
‫ويف املقدمة‪ « :‬حميط الفريوزابدي الذي هو أشهر قاموس للغة العربية»(‪ .)2‬ومل يذكر شيئا يف‬
‫(ع ج م)‪ ،‬وقال يف (ق م س)‪« :‬والقاموس كتاب الفريوزابدي يف اللغة العربية‪ ،‬لقبه ابلقاموس‬
‫احمليط التساعه‪ ،‬وب عد غوره‪ ،‬ومنه مسي كل كتاب يف اللغة مشتمل على مفرداهتا مرتبة على‬
‫حروف املعجم مع ضبطها وتفسري معانيها ابلقاموس‪ ،‬وهو من اصطلح املولدين‪ ،‬ويرادفه عند‬
‫العرب‪ :‬اللغة‪ ،‬فإهنم يسمون القواميس بكتب اللغة»‪ .‬فاستعمل لفظ القاموس‪ ،‬ومل يستعمل‬
‫لفظ املعجم‪ ،‬ويفهم من كلمه أيضا أن القدماء مل يستعملوه‪ .‬وقوله‪ :‬املولدين‪ ،‬ليس يف حمله‪،‬‬

‫(‪ )1‬اكتفاء القنوع مبا هو مطبوع‪ ،‬إلدوارد فانديك‪ ،‬دار اهللل‪ ،‬القاهرة‪1896 ،‬م‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫(‪ )2‬حميط احمليط‪ ،‬لبطرس البستاين‪ ،‬بريوت‪1867 ،‬م‪.2/1 ،‬‬
‫‪6‬‬

‫ألنه يراد به كل الذين جاءوا بعد عصر االحتجاج اللغوي‪ ،‬أي بعد آخر املائة الثانية اهلجرية‬
‫على وجه التقريب‪ ،‬واألليق أن يقول‪ :‬املعاصرين‪ .‬وحيسن أن نذكر أن املؤلف جعل للكتاب‬
‫خمتصرا مساه‪« :‬قُطْر احمليط»(‪.)1‬‬

‫‪ -2‬ويف سنة ‪1889‬م صدر اجلزء األول من كتاب‪« :‬أقرب املوارد يف فُصح العربية‬
‫والشوارد»‪ ،‬أي قبل كتاب اكتفاء القنوع‪ ،‬وهو مذكور فيه‪ ،‬لسعيد الشرتوين (‪-1265‬‬
‫‪1330‬ه = ‪1912-1849‬م)‪ ،‬وقال يف املقدمة‪« :‬فلج داعي االحتياج إىل وضع معجم‬
‫يطل ابلطالب على طلبته»(‪ .)2‬وقال‪« :‬املقصد الثالث يف ذكر نزر من مما عثرت عليه يف‬
‫املعجمات من أغلط النسخ والطبع»(‪ .)3‬ومل يذكر ذلك يف (ع ج م) منه‪ ،‬ولكن قال يف (ق‬
‫م س)‪ « :‬والقاموس كتاب الفريوزابدي يف اللغة العربية لقبه ابلقاموس احمليط‪ ،‬ويطلقه أهل زماننا‬
‫على كل كتاب يف اللغة‪ ،‬فهو يرادف عندهم كلمة معجم وكتاب لغة»‪ .‬وقوله‪ :‬أهل زماننا‪،‬‬
‫خري من قول حميط احمليط‪ :‬املولدين‪ .‬فهذا أقدم استعمال مدون وجدته للفظ املعجم ابملعىن‬
‫املراد‪ .‬وأضم إليه أنه مستعمل أيضا هبذا املعىن يف كتابة الشيخ رشيد رضا يف جملة املنار منذ‬
‫صدورها سنة ‪1898‬م(‪.)4‬‬

‫‪ -3‬ويف سنة ‪1907‬م صدر كتاب ابسم «معجم الطالب‪ ،‬يف املأنوس من منت اللغة العربية‬
‫واالصطالحات العلمية العصرية»(‪ ، )5‬طبع يف املطبعة العثمانية ببلدة بعبدا بلبنان‪ ،‬جلرجس‬
‫مهام الشويري (‪1339-1272‬ه = ‪1921-1856‬م)‪ ،‬وقال يف (ع ج م) منه‪« :‬ومعجم‬
‫اللغة كتاب حيوي مفرداهتا مشروحة ومرتبة على احلروف اهلجائية‪ ،‬وهو املعروف عندان‬
‫ابلقاموس»‪ .‬وقوله‪ :‬عندان‪ ،‬مثل قول أقرب املوارد‪ :‬أهل زماننا‪ .‬ويف (ق م س)‪« :‬القاموس‪:‬‬

‫(‪ )1‬قُطْر احمليط‪ ،‬لبطرس البستاين‪ ،‬بريوت‪1869 ،‬م‪.‬‬


‫(‪ )2‬أقرب املوارد يف فصح العربية والشوارد‪ ،‬لسعيد الشرتوين‪ ،‬بريوت‪1890 ،‬م‪.6/1 ،‬‬
‫(‪ )3‬أقرب املوارد ‪.10/1‬‬
‫(‪ )4‬جملة املنار‪ ،‬انظر مثل‪.855/1 :‬‬
‫(‪ )5‬معجم الطالب ‪ ،‬جلرجس مهام الشويري‪ ،‬املطبعة العثمانية‪ ،‬بعبدا‪ /‬لبنان‪1907 ،‬م‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫البحر احمليط‪ ،‬وكتاب يف منت اللغة العربية لإلمام الشهري الفريوزابدي‪ ،‬وأطلقه املولدون على كل‬
‫كتاب يف اللغة يتضمن مفرداهتا مشروحة»‪ .‬وأخذ هنا لفظ‪ :‬املولدون‪ ،‬عن حميط احمليط‪ .‬ويف‬
‫صدر الكتاب رسالة بعنوان‪ :‬اللمع النواجم‪ ،‬يف اللغة واملعاجم‪ ،‬لظاهر خري هللا الشويري‬
‫(‪1334-1250‬ه = ‪1916-1834‬م)‪ .‬فهذا‪ ،‬فيما أظن‪ ،‬أول كتاب يكون يف عنوانه لفظ‬
‫املعجم‪.‬‬

‫‪ -4‬ويف سنة ‪1908‬م صدر «الـ ُمنْجد»(‪ )1‬للويس معلوف (‪1365-1284‬ه = ‪-1867‬‬
‫‪1946‬م) يف بريوت‪ ،‬عن دار املشرق‪ ،‬وجاء فيه يف مادة (ق م س) ما جاء يف أقرب املوارد‪،‬‬
‫غري أنه يف طبعة سنة ‪1967‬م جعلوا مكان عبارة‪« :‬يطلقه أهل زماننا»‪« :‬ويطلق اليوم»‪،‬‬
‫جماراة للتعبري العصري‪.‬‬

‫وال بد أن نذكر هنا تتمة للتتابع التارخيي كتابني آخرين‪:‬‬

‫• أحدمها ألمني معلوف (‪1362-1288‬ه = ‪1943-1871‬م)‪ ،‬ذلك أنه كتب يف جملة‬


‫املقتط ف سلسلة مقاالت منذ سنة ‪1908‬م بعنوان‪« :‬معجم احليوان»(‪ ،)2‬أي بعد «معجم‬
‫الطالب» بسنة‪ ،‬مث صدرت يف كتاب سنة ‪1932‬م(‪.)3‬‬

‫• واآلخر حملمد دايب (‪1339-1269‬ه = ‪1921-1852‬م) بعنوان‪« :‬معجم األلفاظ‬


‫احلديثة»‪ ،‬صدر يف القاهرة سنة ‪1919‬م(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬املنجد‪ ،‬للويس معلوف‪ ،‬دار املشرق‪ ،‬بريوت‪1908 ،‬م‪.‬‬


‫(‪ )2‬جملة املقتطف‪1908/10 ،‬م‪ ،‬ص ‪.843‬‬
‫(‪ )3‬معجم احليوان‪ ،‬ألمني معلوف‪ ،‬نشر املقتطف‪ ،‬القاهرة‪1932 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )4‬مل أطلع عليه‪ ،‬وانظر األعالم ‪.122/6‬‬
‫‪8‬‬

‫• وال بد أن نذكر أيضا أن املعجم واملعاجم مستعملن يف جملة «لغة العرب» يف كتابة صاحبها‬
‫أنستاس الكرملي (‪1366-1263‬ه = ‪1947-1846‬م) وغريه منذ صدورها سنة‬
‫‪1911‬م(‪.)1‬‬

‫‪ -5‬ويف سنة ‪1927‬م صدر كتاب‪« :‬املعتمد‪ ،‬فيما حيتاج إليه املنشئون واملتأدبون من منت‬
‫اللغة العربية» جلرجي شاهني عطية (‪1365-‬ه = ‪1946‬م)‪ ،‬وأذكره ألنه ضمن هذه‬
‫السلسلة‪ ،‬ومل أطلع عليه( ‪.)2‬‬

‫‪ -6‬ويف سنة ‪1927‬م أيضا طبع يف املطبعة األمريكية يف بريوت كتاب‪« :‬البستان»‪ ،‬لعبد هللا‬
‫البستاين (‪ 1348-1271‬ه = ‪1930-1854‬م)‪ ،‬وقال يف صفحة العنوان‪« :‬وهو معجم‬
‫لغوي»(‪ ، )3‬فرتك ما يف صدر حميط احمليط من قوله‪« :‬قاموس مطول للغة»‪ .‬وله خمتصر أيضا‬
‫يسمى‪« :‬فاكهة البستان»( ‪.)4‬‬

‫ومن هذا يتبني أن استعمال لفظ «قاموس» للكتاب املفسر لأللفاظ املرتب على احلروف‬
‫أحادي اللغة أو ثنائي اللغة‪ ،‬مل يكن إال يف النصف األخري من القرن التاسع عشر امليلدي‬
‫(الثالث عشر اهلجري)‪ ،‬ويتلوه يف الزمن استعمال لفظ «معجم» هلذا املعىن‪ ،‬فلم يكن إال يف‬
‫أواخر هذا القرن‪.‬‬

‫وهللا أعلم‬

‫(‪ )1‬جملة لغة العرب‪ ،‬انظر مثل‪.12/1 :‬‬


‫(‪ )2‬انظر األعالم ‪.117/2‬‬
‫(‪ )3‬البستان‪ ،‬لعبد هللا البستاين‪ ،‬املطبعة األمريكية‪ ،‬بريوت‪1927 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )4‬فاكهة البستان ‪ ،‬لعبد هللا البستاين‪ ،‬املطبعة األمريكية‪ ،‬بريوت‪1930 ،‬م‪.‬‬

You might also like