Professional Documents
Culture Documents
برنامج لتركيب الصور .وتحتضن هذه ٍ' بواسطة آلة تصوير ،ثم مع ّدلة بواسطة
الصورة عالمات أيقونية' متعددة يمكن أن نوجزها فيما يلي :الخلفية الحمراء
الطاغية ،األيدي النسائية الناعمة ،ثم الرمز الراقد في أسفل الصورة والذي يحيل على
الماركة باعتبارها الذاكرة التي يتسلل من ثقوبها المشهر إلى وجدان المستهلك ،بينما
ذهبي.
ٍّ تتوسط الصورة بطاقة إلكترونية' حمراء في قلبها يقبع لون أصفر مجلل بوهج
و إلى جانب هذه العالمات األيقونية '،نجد عالمات تشكيلية مبثوثة' في الصورة يمكن
أن نجمل بعضها في اآلتي :التأطير الرباعي الذي يوحي باتقاد الحياة ،الوضعة
األمامية التي تحث المستهلك على المشاركة واالقتناء ،ثم لدينا أيضاً ،اللون األحمر
الموحي بالحب والحياة ،واللون األصفر الدال على األمل والتفاؤل ،وكذا اللون
األبيض الذي يشي بحالة شفافية ال يلطخ سمعتها الزيف أو الغش .والمالحظ للصورة
جيداً ،يلفي أن األشكال الرباعية تطغى عليها ،وذلك أمر طبيعي ،نطراً ألن الوصلة
اإلشهارية تعي جيداً ماذا يمثله المربع والمستطيل' في المخيال اإلنساني؛ إنهما رمزا
الصمود والثبات والحياة.
أساس ،فهي ليست ملفوظات ٍ وتضطلع الدوال اللغوية الواردة في الصورة بدور
تائهة في سماء الصورة ،هكذا ،كيفما اتفق ،بل إن لها أهمية كبرى في كبح جماح
التدليل في ذهن المستهلك وتوجيه فكره نحو رسالة معينة ،يروم المشهر تدجين
المستهلك بها وتطويع حسه وفق هواها .وبتعبير' آخر ،فإن الصورة ،ال تنقاد لصرامة
المفاهيم ،بل إنها تفجر طاقات االنفعال ،وتعمد إلى استثارة أوهام النفس ،وتحرك
وعي اإلنسان وال وعيه ،فيصير' اإلنسان نهب سيل عارم من األفكار ،لهذا فإنّ الدوال ّ
اللغوية ،تختزل الصورة في فكرة معينة ،هي ما يجب على المستهلك أن يفقهه.
والحاصل ،أن السيرورة التدليلية في الصورة ،ال تشتغل في افتراق هذه العناصر،
ذلك أن األيقوني' والتشكيلي واللغوي ،ليسوا جزراً تتناءى عن بعضها البعض ،بل إن
تضافر هذه المستويات هو ما يقود إلى إنتاج المعنى ورسم خطوط الداللة ،قصد
الوقوف عند األبعاد اإليحائية' التي تستبطنها الصورة ،ومن هنا يمكن القول إن
الصورة اإلشهارية الماثلة أمامنا توحي بما يلي:
إن الوصلة اإلشهارية ،قيد التحليل ،تعمد إلى تفجير الداخل النفسي اإلنساني من
خالل تحريك البعد الغريزي فيه ،فهي تتكئ على الميول الجنسي أساساً ،فالدعوة إلى
اقتناء شريحة ميدتيل ال تخلو من إغراء ،فاقتناء هذه الشريحة سيمنحك فرصة
االستئثار' بالجنس اآلخر والحديث معه ،والملفوظات الواردة في الصورة توحي بذلك.
وهذه طريقة أخرى للقول ،إن اإلشهار هنا ،ال يبيع بطاقة لالتصال ،بل يبيع' إغرا ًء،
واإلغراء ليس فعالً بل إنه وع ٌد بالفعل .ومن ثمة ،فاأليدي البيضاء الناعمة ،القابضة
على شريحة ميدتيل ،ال تجذب البطاقة بل تجذب الشخص البليد الراكع وراء التلفاز
وهو يبحلق في الصور الخفية المتوارية دون أن يعي فحواها .ولعل اللون األحمر
الذي يكتسح' الصورة ،يشي بحقيقة ما قلناه ،فهو يحيل على الحب باعتباره مدخالً
رئيسا نحو معانقة عوالم األنوثة '،جسداً وروحاً.
وبنا ًء على ذلك ،قد نجازف ونقول ،دون تردد ،إن هذه الصورة تستحث المستهلك
على االنغماس في عوالم الحب والجنس وذلك بتذليل صعوبات المسافات ،وهاجس
الخوف والتردد .وبالتالي ،تصير تلك التي كانت بعيدة قريبة '،يكفي أن تشتري بطاقة
ميديتل حتى تصير' حبيبا ً ومحبوباً.