You are on page 1of 24

‫جملة العامرة والتخطيط‪ ،‬م‪ ،)1(28‬ص ص ‪ ،76-53‬الرياض ( ‪2016‬م ‪1437 /‬هـ )‬

‫دراسة نقدية تارخيية ترشيعية لشكوى أهايل مدينة محاة عام ‪1937‬م‬
‫بخصوص حصتهم يف هنر العايص‬

‫سالم حممد بشـر اجليجكيل‬


‫كلية اهلندسة املعامرية جامعة دمشق‪ ،‬قسم تاريخ ونظريات العامرة‬
‫‪full_metal_architect@hotmail.com‬‬

‫قدم للنرش يف ‪1435/11/14‬هـ ؛ وقبل للنرش يف ‪1436/2/26‬هـ‬

‫ملخص البحث‪ .‬يف عام ‪1937‬م قدّ مت جمموعة من أهايل مدينة محاة الواقعة عىل هنر العايص يف سورية‬
‫معروض ًا موقع ًا إىل رئيس الوزراء السوري‪ ،‬تضمن املعروض شكوى ضد سواقي املاء املحدثة عىل هنر‬
‫العايص يف مدينة محص والتي سحبت كميات كبرية من مياه النهر مؤدي ًة إىل جفاف بساتني محاة‪ .‬وقد تقدم‬
‫األهايل املوقعون عىل املعروض بطلبات عدة لرئيس الوزراء مطالبني بإنصافهم يف هذه املسألة‪ .‬يدرس البحث‬
‫مطالبات أهايل محاة دراس ًة نقدية عىل ضوء تاريخ سقيا املاء يف املدينتني واستناد ًا إىل مبادئ الترشيع العقاري‬
‫اإلسالمية‪ .‬وأهم نتائجه تسليط الضوء عىل نوعية مشاكل ظهرت حديث ًا يف املجتمعات بعد تطبيق القوانني‬
‫الوضعية عليها مل توجد فيها عندما حتاكمت إىل الترشيعات اإلسالمية واألعراف الداخلية‪ ،‬ويويص البحث‬
‫بإعادة دور األحكام الذاتية للمجتمعات يف األمور املتعلقة بقضاياها الداخلية و‪ /‬أو ذات اخلصوصية‪،‬‬
‫وباالهتامم بدراسة الوثائق التارخيية املشاهبة واستنباط الفوائد منها‪.‬‬

‫الكلامت املفتاحية‪ :‬ترشيع إسالمي‪ ،‬ترشيع عقاري‪ ،‬محاة‪ ،‬محص‪ ،‬هنر العايص‪ ،‬نواعري‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫سالم حممد بشـر اجليجكيل‪ :‬دراسة نقدية تارخيية ترشيعية لشكوى أهايل مدينة محاة‪...‬‬ ‫‪54‬‬

‫اخلصوصيـات املحليـة لـكل جمتمـع‪ ،‬أو نتيجـة وجود‬ ‫‪ -1‬املقدمة‪:‬‬


‫نقـص يف حتديد املسـؤوليات جتـاه هذه القضايـا‪ .‬فكان‬ ‫اعتمـدت املجتمعـات العربيـة منـذ دخوهلـا‬
‫ما ولكـن ليـس بالرضورة مسـتقر ًا‬
‫الناتـج جمتمعـ ًا منظ ً‬ ‫حتـت احلكـم اإلسلامي على أحـكام الرشيعـة‬
‫دائ ً‬
‫ما وذلـك لضياع املسـؤولية و‪ /‬أو عـدم وضوحها‪.‬‬ ‫اإلسلام ّية الثابتـة يف أصوهلـا واملبنيـة على القيـاس‬
‫مـن أمثلـة عـدم االسـتقرار يف فترة انتقـال‬ ‫و‪ /‬أو االستحسـان يف بعـض حاالهتـا يف عمليـات‬
‫املجتمعـات املحلية مـن جمتمعات عضوية مسـتقرة إىل‬ ‫ّ‬
‫وحـل النزاعـات واخلصومـات‬ ‫تنظيـم املجتمعـات‪،‬‬
‫جمتمعـات منظمـة؛ املشـكلة التـي تعرض إليهـا جمتمع‬ ‫القضائيـة بني األطـراف املتخاصمة عنـد وقوع خالف‬
‫األهـايل يف مدينـة محـاة‪ ،‬ذو اخلصوصيـة املائيـة‪ ،‬عندما‬ ‫الضرر قبـل حصولـه‪ .‬وكانـت ّ‬
‫كل‬ ‫أو ٍ‬
‫رضر مـا‪ ،‬وردع ّ‬
‫نقصـت ميـاه النهر بسـبب ترصفـات املجتمـع املجاور‬ ‫ٍ‬
‫حالـة تعامـل بذاهتـا على أهنـا فريـدة مـن نوعهـا‪ .‬كام‬
‫يف مدينـة محـص‪ .‬يعـرض أهـايل مدينة محاة مشـكلتهم‬ ‫يتـم االحتـكام إىل األعـراف الداخليـة ضمـن‬
‫كان ّ‬
‫موضحين وجهـة نظرهـم ومطالبهـم يف وثيقـة تعـود‬ ‫كل جمتمـع يف التّوفيـق بين أفـراده وتنظيـم تعامالهتـم‬
‫إىل عـام ‪1937‬م‪ ،‬ويـدرس هـذا البحـث ادعاءاهتـم‬ ‫احلياتيـة والدنيوية‪ ،‬وقـد ختتلف هذه األعـراف وتتغري‬
‫ومطالبهـم على ضـوء األدلـة التارخييـة ووفـق قوانني‬ ‫بمـرور الزمـن وباختلاف خصوصيـات ّ‬
‫كل جمتمـع‪.‬‬
‫الترشيـع اإلسلامي‪ .‬وبرغـم انتشـار هـذه الوثيقـة يف‬ ‫مسـتقرة نبع‬
‫ّ‬ ‫فـكان النّتـاج بيئـ ًة عضو ّيـ ًة حركيـ ًة‬
‫الصحـف املحليـة السـورية ويف املعـارض الضوئيـة‬ ‫اسـتقرارها مـن الداخـل؛ حيـث ّ‬
‫إن ترتيـب القيـود‪،‬‬
‫لا تارخييـ ًا أو تقديـم‬
‫إال أن أحـد ًا مل يقـم بتحليلهـا حتلي ً‬ ‫ووضوح املسـؤول ّية بالنّسـبة للفرد وللمجتمع أكسـبها‬
‫دراسـة نقديـة هلا‪.‬‬ ‫وكوهنـا بيئـ ًة مرتابطـ ًة ُ ْتكـم العالقات بني‬
‫اسـتقرارها ّ‬
‫جتدر اإلشـارة إىل طرافة موضوع البحث بالنسـبة‬ ‫الضرر واألعـراف‪.‬‬
‫أفرادهـا بالتّقـادم وحيـازة ّ‬
‫للسـوريني؛ حيـث يمثـل وجهـ ًا مـن أوجـه اخللاف‬ ‫تـم تنظيمها‬
‫تغيرت البيئـة يف املجتمعـات عندما ّ‬
‫ّ‬
‫املتأصـل بين املدينتين اجلارتني محـص َومحـاة‪ ،‬والذي‬ ‫فتحولـت مـن بيئة مسـتقرة مصـدر اسـتقرارها داخيل‬
‫ّ‬
‫تعـود جـذوره إىل انقسـام والء املدينتين بين األمويني‬ ‫إىل بيئـة منظمـة بقوانين مفروضـة عليهـا مـن خـارج‬
‫والزبرييين يف معركة مرج راهط عـام ‪64‬هـ‪683 /‬م؛‬ ‫جمتمعهـا‪ .‬يف بدايـات إحـداث هـذه التغييرات المس‬
‫صـف مروان‬
‫ّ‬ ‫حيـث كان حـكام محص مـن اليامنيني يف‬ ‫أفـراد املجتمعـات ضيـاع حقـوق كانـت تضمنهـا‬
‫صف‬
‫بـن احلكـم بينام اختـار حكام محـاة من القيسـيني ّ‬ ‫ٍ‬
‫اسـتقرار‬ ‫هلـم القوانين املجتمعيـة الداخليـة أو عـدم‬
‫عبـد اهلل بـن الزبير‪( .‬العظـم‪ )1969 ،‬وبرغـم انتهـاء‬ ‫يف القضايـا ذات اخلصوصيـات املحليـة نتيجـة كـون‬
‫ٍ‬
‫عمـر طويل مـن الزمـن إال أن‬ ‫سـبب اخلالف ومـرور‬ ‫القوانين الوضعيـة عامـة وال تراعـي بالضرورة‬
‫‪55‬‬ ‫جملة العامرة والتخطيط‪ ،‬م‪ ،)1(28‬الرياض ( ‪2016‬م ‪1437 /‬هـ )‬

‫وعالقتـه بمدينتـي محـص ومحـاة‪ ،‬وهيدف هذا القسـم‬ ‫بعضـ ًا مـن آثاره مـا يـزال باقي ًا‪.‬‬
‫إىل فهم السـياق اجلغـرايف ملنطقة البحـث املكانية‪ .‬متت‬
‫االسـتعانة بمؤلفـات اجلغرافيني املتقدمين واملتأخرين‬ ‫‪ -2‬املواد وطرق العمل‪:‬‬
‫وباملخططـات واخلرائـط إضافـة إىل األبيات الشـعرية‬ ‫‌أ‪ -‬سبب اختيار البحث‪:‬‬
‫املفسرة لصفـات النهـر اجلغرافية‪.‬‬ ‫ ‪-‬دراسـة مثـل هـذه األوراق التارخييـة هـو سـبب يف‬
‫‪- -‬تارخيـي‪ :‬متت من خالله دراسـة تاريـخ هنر العايص‬ ‫التعـرف إىل طبيعة العالقـات االجتامعية‪ ،‬والترشيعات‬
‫تم‬
‫وعالقتـه بمدينتـي محـص ومحـاة عبر التاريخ‪ ،‬كما ّ‬ ‫العمرانيـة أو االتفاقيـات الناظمـة للعالقـات املائيـة‬
‫رصـد طـرق السـقاية داخـل مدينتي محص ومحـاة عرب‬ ‫تارخييـ ًا‪ ،‬والتـي شـكلت لبنـ ًة يف أساسـات االتفاقـات‬
‫التاريـخ باالسـتعانة بشـهادات املؤرخين واجلغرافيني‬ ‫والعالقـات التـي نعيشـها اليـوم؛ سـواء كان ذلك عىل‬
‫والرحالـة إضاف ًة إىل االكتشـافات األثريـة‪ .‬ومن خالل‬ ‫الصعيـد االجتامعـي أو التنظيمـي‪.‬‬
‫تـم اسـتنتاج األسـبقية التارخييـة‬
‫الدراسـة التارخييـة ّ‬ ‫ ‪-‬التعـرف إىل الـرأي الرشعـي اإلسلامي جتـاه هذه‬
‫وأحقيـة التقـادم يف االسـتفادة مـن مياه هنـر العايص‪.‬‬ ‫املسـائل يظهـر جانبـ ًا مه ً‬
‫ما مـن عدالـة هـذه الترشيـع‬
‫‪- -‬ترشيعـي‪ :‬متـت من خاللـه دراسـة مبادئ أساسـية‬ ‫وبعـد أفقـه‪ ،‬وباألخـص عنـد مقارنتـه بالترشيعـات‬
‫يف الترشيـع اإلسلامي‪ ،‬مسـتند ًا إىل األحاديـث النبوية‬ ‫ٍ‬
‫حلـول عادلـة جلميـع‬ ‫احلديثـة التـي تسـعى إىل إجيـاد‬
‫الرشيفـة وإىل الكتـب املختصـة املتعلقـة بحقـوق‬ ‫األطـراف‪.‬‬
‫األرايض وعامرهتـا‪ .‬ومـن خلال الدراسـة الترشيعيـة‬ ‫ ‪-‬تسـليط الضـوء على مشـاكل وقعـت عنـد تنظيـم‬
‫تـم اسـتنتاج حقـوق االنتفـاع املرتتبـة على ٍّ‬
‫كل مـن‬ ‫ّ‬ ‫املجتمعـات ذات اخلصوصيـة مل توجـد بالضرورة‬
‫الطرفين‪.‬‬ ‫عندمـا كانـت ترشيعاهتـا تصـدر مـن داخلهـا‪.‬‬
‫ ‪-‬تسـليط الضـوء على هـذه الوثيقـة بوصفهـا مثـاالً‬
‫‌ج‪ -‬حدود البحث‪:‬‬ ‫لوثائـق تارخييـة يمكـن دراسـتها مـن قبـل الباحثين‬
‫‪- -‬احلـدود املكانيـة‪ :‬وهـي حمصـورة بمدينتـي محـص‬ ‫واسـتخراج معلومـات تارخييـة وإداريـة واجتامعيـة‬
‫ومحاة السـوريتني باإلضافـة إىل اجلزء الواقـع بينهام من‬ ‫وغريهـا مـن خالهلـا‪.‬‬
‫هنـر العايص‪.‬‬
‫‪- -‬احلـدود الزمانيـة‪ :‬عدنا يف البحـث إىل أقدم املصادر‬ ‫‌ب‪ -‬أقسام البحث‪:‬‬
‫التارخييـة املتوفـرة‪ ،‬وقوفـ ًا عند تاريخ تقديـم املعروض‬ ‫ٍ‬
‫بشـكل‬ ‫‪- -‬جغـرايف‪ّ :‬‬
‫تـم التطـرق يف بدايـة البحـث‬
‫يف الثالثينيـات من القرن العرشيـن امليالدي‪.‬‬ ‫خمتصر إىل الصفـات األساسـية جلغرافيـة هنـر العايص‬
‫سالم حممد بشـر اجليجكيل‪ :‬دراسة نقدية تارخيية ترشيعية لشكوى أهايل مدينة محاة‪...‬‬ ‫‪56‬‬

‫ٍ‬
‫بقـرار منهـا‪ ،‬وهـي غير عاملة أن‬ ‫منهـا أرايض شاسـعة‬ ‫‌د‪ -‬الغاية من البحث‪:‬‬
‫إسـقاء هـذه األرايض يـؤول حت ً‬
‫ما إىل حرمـان أراضينا‬ ‫ ‪-‬التعـرف إىل مـدى مرشوعيـة مطالـب أهـايل‬
‫مـن السـقاية والقضاء على أمالكنا وال نعـرف حكومة‬ ‫مدينـة محـاة مـن خلال املنظـور التارخيـي والترشيعي‬
‫مـن احلكومـات تـرىض لنفسـها أن تسـلب أصحـاب‬ ‫اإلسلامي‪ ،‬ومقارنتهـا بالقوانين احلديثـة الناظمـة‬
‫احلقـوق حقوقهـم وتعطيهـا غريهـم‪.‬‬ ‫للحـاالت والعالقـات املائيـة املشـاهبة‪.‬‬
‫جـف كثير مـن بسـاتيننا‬
‫ّ‬ ‫حتـى يف هـذا العـام‬ ‫ ‪-‬تأكيـد أمهيـة هـذه الوثائـق يف فهـم العالقـات‬
‫وضعفت قـوة طواحيننا‪ ،‬ومل نتمكن من االسـتفادة من‬ ‫التارخييـة‪ ،‬ويف إجيـاد احللـول املسـتقبلية للمشـاكل‬
‫موسـم السـقي لقلـة املـاء فض ً‬
‫ال عـن أن نصـف املدينة‬ ‫واحلـاالت املشـاهبة‪.‬‬
‫انقطعـت آبارهـا ومل تعـد امليـاه تصـل قنـاة العـايص‬
‫لقلـة مـاء النهـر كل ذلـك ومـاء السـقاية يصرف بعد‬ ‫نص شكوى أهايل محاة عام ‪1937‬م‪:‬‬
‫‪ّ -3‬‬
‫ريـا مـن جديـد‪ .‬فنحـن‬
‫إىل أرايض محـص املنـوي ّ‬ ‫يف عـام ‪1937‬م قـدم بعـض أهـايل مدينـة محـاة‬
‫مـع رغبتنـا بإفـادة إخواننـا احلمصيين نعـرض لكـم‬ ‫شـكوى موقع ًة بأسمائهم ضـد مدينة محـص إىل رئيس‬
‫بأننـا ال نسـتطيع أن نـرى إقامـة غيـاض يف محـص عىل‬ ‫الـوزراء السـوري‪ ،‬يف حينـه‪ ،‬تتعلـق بتقسـيم ميـاه هنر‬
‫أنقـاض غياضنـا وأخذ مائنـا وسـقي أراض جديدة به‬ ‫العـايص‪( ،‬الصـورة ‪ )1‬كان نصهـا‪:‬‬
‫وحرماننـا من حق الشـفه‪ ،‬فض ً‬
‫لا عن السـقاء‪ .‬فلذلك‬ ‫‘‘إىل فخامة رئيس جملس الوزراء املحرتم‪:‬‬
‫نرفـع ملرجعكـم العـايل ملتمسين مطاليبنـا ملتمسين‬ ‫نص املعروض‬
‫حتقيقهـا‪:‬‬ ‫لقـد أمجـع الفقهـاء واملؤرخـون على أن هنـر‬
‫‪1 .1‬إسـالة عرشيـن متر ًا مكعبـ ًا يف الثانيـة إىل محـاة‬ ‫العـايص ملـك ألهـل محـاة وليـس لغريهـم حـق‬
‫هـي الكميـة التي ال يمكـن أن يقـل عنها مـاء العايص‬ ‫االسـتقاء منـه‪ .‬وقـد أ ّيـدت ذلـك احلكومـة العثامنيـة‬
‫الـوارد إلينـا إذ لـو ّ‬
‫قـل جلفـت بسـاتيننا ووضـع ميزان‬ ‫مـرار ًا بأعامهلـا عندمـا كان حيـاول بعـض إخواننـا يف‬
‫لقيـاس هـذا املـاء يف أوىل أرايض محاة بعـد أرايض قرية‬ ‫محـص إحـداث جمـاري يف محـص إلسـقاء أراضيهـم‪،‬‬
‫الرسـتن ويف آخـر أرايض قريـة الرسـتن مـن اجلهـة‬ ‫وأصـدرت كثير ًا مـن القوانين واألوامر هبذا الشـأن‪،‬‬
‫الشمالية بـأول أرايض محـاة‪.‬‬ ‫غير أنـه يف هـذا اليوم نـرى احلال على عكسـه‪ ،‬فقد‬
‫‪2 .2‬اعتبـار حقنـا هـذا يف الدرجـة األوىل باعتبـار‬ ‫فتحـت كثير مـن السـواقي يف محـص حتـى أصبحت‬
‫أننـا مـن أصحـاب احلقـوق القديمـة الراهنـة وجعلها‬ ‫يكتـف‬
‫َ‬ ‫بسـاتني محـص ال تقـل عـن بسـاتني محـاة ومل‬
‫بشـكل ممتـاز حتـى إذا قـل املـاء يف سـنة مـن السـنني‬ ‫بذلـك بـل إن احلكومـة قائمـة على فتـح أقنيـة تسـقى‬
‫‪57‬‬ ‫جملة العامرة والتخطيط‪ ،‬م‪ ،)1(28‬الرياض ( ‪2016‬م ‪1437 /‬هـ )‬

‫املوقعين على العريضـة هي أسماء لشـخصيات كانت‬ ‫يكـون لنـا حـق أخـذ حقنـا أوالً ومـا تبقـى يأخـذه‬
‫ذات ثقـل يف املدينـة‪ ،‬وهـو مـا يعنـي أن املعـروض مل‬ ‫ريا وهـذا ترشيع‬
‫أصحـاب األرايض اجلديـدة املنـوي ّ‬
‫يكـن جمـرد مطالبـات مزارعني بسـيطني‪.‬‬ ‫مفصـل حيـوي حقنـا‪.‬‬
‫‪3 .3‬إعطاؤنـا نصـف املـاء املنـوي أخـذه مـن السـد‬
‫‪ -4‬الرد عىل املعروض‪:‬‬ ‫لسـقي أرايض حمـددة وإسـالته إىل أرايض محـاة إذ أن‬
‫قـام رئيـس الوزراء الذي اسـتلم معـروض أهايل‬ ‫الذيـن ليسـوا أصحاب حـق أخذوا قس ً‬
‫ما منـه فال أقل‬
‫محاة بتحويلـه إىل الداخلية‪ ،‬كام يتضـح يف أعىل الوثيقة‪،‬‬ ‫مـن مشـاركة صاحـب احلـق لغيره‪.‬‬
‫وقـد قامـت الداخليـة بتحويله إىل متصرف محاة وبقي‬ ‫ولنـا الثقـة بسماع شـكوانا وإجابـة مطاليبنا ألهنا‬
‫يف حمفوظـات حمافظـة محـاة حتـى أعيـد نشره مؤخر ًا‪،‬‬ ‫شـكوى املحـق وألن مطالبنـا هـي العدالـة بعينهـا‬
‫ٍ‬
‫قـرار بشـأنه‪( .‬احلايك‪،‬‬ ‫وهـو مـا ّ‬
‫يـدل عىل عـدم اختـاذ‬ ‫واألمـر إليكـم موالنـا‪.‬‬
‫‪ )2014‬كما أن دور احلكومـات العثامنيـة الـذي أشـار‬ ‫‪ 18‬ترشين أول ‪1937‬م‬
‫زعم غري موثـق؛ حيث ال‬
‫إليـه املعـروض يف بدايته هـو ٌ‬ ‫التواقيع‪ ...‬أكثر من مئتي توقيع’’‪.‬‬
‫ٍ‬
‫قـرارات كهذه كما ال تذكر‬ ‫توجـد وثائـق عثامنية حول‬ ‫تتلخـص شـكوى أهـايل محـاة يف جوانـب عـدة‪:‬‬
‫سـجالت املحاكـم الرشعيـة العثامنيـة قضايـا متعلقـة‬ ‫األول االعتراض على الضرر الواقـع عىل بسـاتينهم‬
‫هبـذا اخلصـوص‪ ،‬وهو ما جيعلنـا ال نقيض بنفـي الزعم‬ ‫وطواحينهـم جـراء نقـص املاء وعـدم كفايته لتشـغيل‬
‫أو بتوكيده‪.‬‬ ‫النواعير أو إدارة الطواحين كما جيـب‪ ،‬والثـاين يتمثل‬
‫أمـا عـن رأي الطـرف اآلخـر (أهـايل مدينـة‬ ‫يف تأكيـد أحقيتهـم بمياه النهـر‪ ،‬واالستشـهاد عىل هذا‬
‫هـدف طبيعي‬
‫ٌ‬ ‫محـص)؛ فـإن االنتفـاع بميـاه النهر هـو‬ ‫احلـق بسـلوك احلكومـات العثامنيـة السـابقة‪ ،‬والثالث‬
‫ألي جمتمـ ٍع مقيـ ٍم عليـه‪ ،‬وإن السـعي لالسـتفادة مـن‬ ‫هـو املطالبـة بحصة حمـددة من ميـاه النهر مـع إعطائهم‬
‫هـدف مشروع دون‬
‫ٌ‬ ‫املصـادر الطبيعيـة املتوفـرة هـو‬ ‫ضمان األولويـة يف حالة نقص املـاء إضافـ ًة إىل املطالبة‬
‫شـك‪ ،‬وقـد ذكـر أهـايل محـاة يف معروضهـم عـدم‬ ‫املجمعة يف السـد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بحصتهـم مـن امليـاه‬
‫ممانعتهـم اسـتفادة أهـايل محـص وإنما بشرط عـدم‬ ‫وممـا جتـدر مالحظتـه أن ثالثـة مـن املوقعني عىل‬
‫إرضارهـم‪.‬‬ ‫العريضـة هـم حمامـون أحدهـم هـو املحامـي إبراهيم‬
‫مل يقـم أهـايل مدينـة محـص بتسـجيل رأهيـم‬ ‫اجليجـكيل واآلخـران مل يوقعهـا باسـميهام‪ ،‬وقد تكون‬
‫بمعـروض مشـابه ملعـروض أهـايل محـاة‪ ،‬وإنما دارت‬ ‫صياغـة العريضـة متت مـن قبـل أحدهم أو مـن قبلهم‬
‫مسـاجالت كثرية حـول النهر بني أهـايل املدينتني؛ وقد‬
‫ٌ‬ ‫جمتمعين‪ .‬إضافـ ًة إىل كون بعض األسماء املقـروءة من‬
‫سالم حممد بشـر اجليجكيل‪ :‬دراسة نقدية تارخيية ترشيعية لشكوى أهايل مدينة محاة‪...‬‬ ‫‪58‬‬

‫ِ‬
‫بنهـــــر‬ ‫رشب‬
‫ٌ‬ ‫وليس لغريها‬ ‫سـجل أحد األسـاتذة الفرنسـيني يف محاة‪ ،‬واسمه جان‬
‫تأخذه رعــــــاع الناس رغ ًام‬ ‫كوملير‪ ،‬املسـاجالت التي دارت بين املدينتني حول هنر‬
‫عمرو‬ ‫ٍ‬
‫خرافة يا أم ِ‬ ‫حديث‬ ‫العـايص يف الفترة التـي تسـبق كتابة املعـروض‪ ،‬ونرش‬
‫مسـجالته يف ثالثينيـات القـرن العرشيـن‪( .‬احلايـك‪،‬‬
‫‪ -5‬صفات هنر العايص يف محص ومحاة‪:‬‬ ‫‪ )2014‬واملسـاجالت طويلـة‪ ،‬وقـد اسـتمرت زمنـ ًا‬
‫هنـر العـايص أو النهـر املقلـوب‪ ،‬سـمي هبذيـن‬ ‫بين ٍ‬
‫أخـذ ورد‪ .‬نـورد فيما يلي مثـاالً عليها‪:‬‬
‫االسـمني كونـه ينبـع مـن اجلنـوب ويصب يف الشمال‬ ‫قـال أحـد أهايل مدينـة محص للشـيخ حممد عدي‬
‫خمالفـ ًا بذلـك طبيعـة أهنـار املنطقـة‪( ،‬ابـن العديـم‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بمجلـس يف مدينـة‬ ‫مـن مدينـة محـاة عنـد اجتامعـه بـه‬
‫د‪.‬ت‪ ).‬ويف هـذا املعنـى يقـول الشـاعر اجلزائري حممد‬ ‫ا لسلمية ‪:‬‬
‫العيـد آل خليفـة‪:‬‬
‫عىص صـوب اجلنـوب فقيـل‪:‬‬ ‫أخــــــــذنا هنـــــركم رغمــــا‬
‫ٍ‬
‫عاص‪ ،‬أبى إال الشامل له اجتاها‬ ‫وسدّ نا أرضــــــكم قدما‬
‫ُ‬
‫وذللنــــــا أعـــــاصيــــــــــــكم‬
‫وآخـرون‪ )2005 ،‬كما تعـزى تسـمية‬ ‫(‪Delpech‬‬ ‫فام شمنا بكم خصام‬
‫ٍ‬
‫لسـبب آخـر وهـو كونـه عص ّيـ ًا عىل الـورود‬ ‫العـايص‬ ‫أتيتـــــم تطـــــلبــــوا حــــــــق ًا‬
‫والسـقاية منـه إال بـأداة النواعير‪ ،‬وذلـك الرتفـاع‬ ‫‪...................‬‬
‫ضفافـه واألرايض املجـاورة لـه عـن منسـوبه يف بعض‬ ‫ونيس الراوي عجز البيت‪ ،‬فأكمله له الشيخ عدي‪:‬‬
‫املناطـق الواقعـة عليـه‪ ،‬وتشرح هـذا املعنـى أبيـات‬ ‫أتيتـــــم تطـــــلبــــوا حــــــــق ًا‬
‫للشـيخ عبـد الغنـي النابلسي (‪:)1989‬‬ ‫فعــــــدتم ج ّثـــــــــــ ًة بــــــكام‬

‫يا ُحســــن ٍ‬
‫هنـر به تزهــــو محـــــاة وقـد‬ ‫إال أن الشـيخ وبرغـم إكاملـه لألبيـات فقـد ر ّد عليهـا‬
‫ِ‬
‫وحتـــديـــر‬ ‫ٍ‬
‫ليــــن‬ ‫جــــرى به املـــــاء يف‬ ‫يف نفـس املجلس‪ ،‬مسـتعرض ًا وجهـة نظر مدينـة محاة‪،‬‬
‫والنـــاس يدعونه العايص هناك وقــــد‬ ‫بقو له ‪:‬‬
‫ِ‬
‫املقـــاديــر‬ ‫أطــــاع قهــــر ًا عىل حــــكم‬ ‫أبعد شهــــادة التـــــوراة قدم ًا‬
‫يسق أرض ًا من حدائقهـم‬ ‫عىص فلم ِ‬ ‫مـــؤرخٍ بالدهـــــر يدري‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وكل‬
‫ِ‬
‫النــــواعــــري‬ ‫ـــــواس‬ ‫إال بحيــلــــة ِ‬
‫وس‬ ‫بأن النهــــر هنر محــــــاة حق ًا‬
‫َ‬
‫‪59‬‬ ‫جملة العامرة والتخطيط‪ ،‬م‪ ،)1(28‬الرياض ( ‪2016‬م ‪1437 /‬هـ )‬

‫هضبتين وتبلـغ نسـبة انحـداره ‪ ،1000/0.1‬ويمثل‬ ‫وقـد محـل كذلـك أسماء البلـدان التي يسـقيها؛‬
‫هـذا االنحـدار اخلفيـف بالنسـبة لغـزارة العـايص‪،‬‬ ‫فسـمي هنـر الرسـتن‪( ،‬احلمـوي ج‪ )1977 ،1‬وهنـر‬
‫البالـغ ترصيفه السـنوي مليارا م‪ 3‬من املـاء‪( ،‬البدوي‪،‬‬ ‫امليماس؛ وهـي منطقـة للتنزه قـرب محـص‪( ،‬احلموي‬
‫‪)1995‬؛ قـو ًة مثاليـ ًة للجريـان‪ Delpech( .‬وآخـرون‪،‬‬ ‫ج‪ )1977 ،4‬وهنـر محـاة‪ ،‬وهنـر أنطاكيـة‪( .‬الفيروز‬
‫‪ )2005‬ومتثـل املنطقـة التـي تصلـح إلنشـاء النواعير‬ ‫أبـادي‪ ،‬د‪.‬ت‪).‬‬
‫‪ %24.6‬مـن جممـل طـول النهـر البالـغ ‪ 571‬كلـم‪.‬‬ ‫ ينبـع هنـر العايص مـن عين اللبوة يف سـفوح‬
‫(البـدوي‪.)1995 ،‬‬ ‫جبـال لبنـان وينحـدر شماالً باجتـاه سـورية مـار ًا‬
‫بحمـص ومحـاة فمخرتقـ ًا بعـد ذلـك سـهل الغـاب‬
‫‪ -6‬تاريخ سقيا محص ومحاة من هنر العايص‪:‬‬ ‫حتـى يصـب يف البحـر األبيض املتوسـط بالقـرب من‬
‫مدينتـا محص ومحاة مـن املدن القديمة يف سـورية‬ ‫أنطاكيـة يف جنـوب تركيـا‪( .‬الصـورة ‪ .)2‬يف قسـمه‬
‫وترجـع تسـمية كل منهما إىل العهد اآلرامـي وإن كان‬ ‫العلـوي عنـد (البقـاع) يبدأ العـايص وادي ًا جبليـ ًا قاعه‬
‫(حص)‬‫تارخيهما يسـبق هذه احلقبـة بمراحل؛ فتسـمية ِ ْ‬ ‫حصـوي جاف يف أكثر شـهور السـنة‪ ،‬قـرب (اهلرمل)‬
‫ٌّ‬
‫(حـص) تنسـب إىل واحـدة مـن لفظتين آراميتين‬ ‫أو ُ ْ‬ ‫ٍ‬
‫سلسـلة مـن الينابيـع تسـمى‬ ‫تتفـق يف الرسيـر أول‬
‫احلمـص‪ ،‬والثانيـة‬ ‫األوىل ِ ّ‬
‫(حصـا) واللتـي تعنـي نبتـة ّ‬ ‫(العين الزرقـا) وتقع على ارتفاع ‪675‬م عن مسـتوى‬
‫(حصـا) والتـي تعنـي ّ‬
‫اخلـل أو احلمـض‪ ،‬وال يعـرف‬ ‫ُْ‬ ‫سـطح البحـر‪ ،‬ومن هنـا يبدأ العـايص هنر ًا صـايف املياه‬
‫أي مـن التسـميتني على املدينـة‪ ،‬كام ال‬
‫سـبب إطلاق ّ‬ ‫لكنـه شـديد االنحدار (الصـورة ‪ ،)3‬حيث تبلغ نسـبة‬
‫يعـرف تاريـخ إنشـائها‪( .‬احللـو‪ .)1999 ،‬بينما ترجع‬ ‫انحـداره ‪ ،1000/13‬ويقـل هـذا االنحـدار تدرجييـ ًا‬
‫(حـات) والتـي‬
‫(حـاة) إىل الكلمـة اآلراميـة َ َ‬
‫تسـمية َ َ‬ ‫حتـى الثغـور السـهلية نصـف القاحلـة التـي متتـدّ من‬
‫تعنـي التسـوير أو اإلحاطـة‪ ،‬ويمكـن فهـم التسـمية‬ ‫أسـفل سلسـلة (جبـال لبنـان الرشقيـة) فيصبح بنسـبة‬
‫بسـبب طبيعـة املوقـع اجلغرافيـة املحميـة بين اجلبـال‬ ‫‪ 1000/1‬ثـم ‪ .1000/0.2‬بعـد خـروج النهـر مـن‬
‫والنهـر وهو مـا جعلها حمميـ ًة أو حصينة‪ ،‬وقـد ُذكرت‬ ‫هـذا السـهل ينصـب يف بحيرة محـص (بحيرة ق ّطينة)‬
‫ٍ‬
‫مـرات عـدة يف التـوراة‪( ،‬أبـو الفـداء‪)1830 ،‬‬ ‫محـاة‬ ‫وخيـرج النهـر مـن البحيرة مـار ًا بمحـاذاة (محـص)‬
‫ولكـن ال يوجـد بني أيدينا ما يشير إىل تاريخ إنشـائها‪.‬‬ ‫دون أن خيرتقهـا ليصبـح انحـداره ‪ ،1000/8‬ويف‬
‫(احللـو‪.)1999 ،‬‬ ‫الـري‪ .‬بعـد قرية‬
‫ّ‬ ‫هـذا املوقـع يصلـح النهر حلفـر أقنية‬
‫إن هنـر العـايص ال خيترق مدينـة محـص بـل يمر‬ ‫(الرسـتن) يبـدأ املقطـع الـذي تتوفر فيه كافـة الرشوط‬
‫ِ‬
‫اسـتقت املدينـة مـن‬ ‫بمحاذاهتـا (الصـورة ‪ ،)4‬وقـد‬ ‫إلقامـة النواعير؛ فبـدء ًا مـن الرسـتن جيـري النهر بني‬
‫سالم حممد بشـر اجليجكيل‪ :‬دراسة نقدية تارخيية ترشيعية لشكوى أهايل مدينة محاة‪...‬‬ ‫‪60‬‬

‫رسـاتيقها عـذى تسـقى مـن مـاء األمطـار’’‪.2‬‬ ‫بشـق قنوات أرضيـة لترشب بسـاتينها من مياهه‬
‫النهـر ّ‬
‫وتتضـح طريقـة رشب املدينـة للامء مـن الوصف‬ ‫َسـ ْيح ًا‪ .‬وذلـك لتناسـب خصائـص النهـر يف منطقـة‬
‫الالحـق لشـيخ الربـوة شـمس الديـن الدمشـقي يف‬ ‫محـص مـع رشوط حفـر السـواقي‪ .‬ويذكـر التاريخ أن‬
‫القـرن الثامـن للهجرة حيـث يقول‪‘‘ :‬ومن ُحسـن بناء‬ ‫ملـك محـص شيركوه بـن حممـد بـن شيركوه‪ ،‬املتوىف‬
‫دار إال وحتتهـا يف األرض مغارة‬
‫محص أنـه ال يوجد هبا ٌ‬ ‫عـام ‪637‬هــ‪( ،‬أمحـد وصفـي‪ )1984 ،‬قـد سـاق من‬
‫أو مغارتـان‪ ،‬وما ٌء ينبـع للرشب’’ (زكريـا‪.)1984 ،‬‬ ‫العـايص أهنـار ًا إىل مدينـة محـص؛ أجـرى بعضهـا يف‬
‫وقـد ذكـر صاحـب كتـاب خطـط الشـام حممـد‬ ‫املسـجد اجلامـع والبيامرسـتان واملنازل‪( .‬ابـن العديم‪،‬‬
‫كـرد علي عـام ‪1928‬م أن بسـاتني محص باتـت تروى‬ ‫ٍ‬
‫قنـوات حمفـورة يف‬ ‫د‪.‬ت‪ ).‬وهـذه األهنـار عبـارة عـن‬
‫بميـاه قنـاة مشـتقة مـن بحريهتا (بحيرة قطينـة)‪( .‬كرد‬ ‫األرض‪ ،‬أي أهنـا غير مبنيـة‪.‬‬
‫علي ج‪.)1928 ،4‬‬ ‫زار الرحالـة األندلسي ابن جبير (د‪.‬ت‪ ).‬محص ًا‬
‫خيترق هنـر العـايص محـاة مـن جنوهبـا خارجـ ًا‬ ‫ومحـاة عـام ‪580‬هــ يف أعقـاب الزلـزال الكبير الذي‬
‫مـن شماهلا (الصـورة ‪ ،)5‬مقس ً‬
‫ما بذلـك املدينـة إىل‬ ‫أصاهبما عـام ‪552‬هــ‪ ،‬فوصـف محصـ ًا بقولـه‪‘‘ :‬هي‬
‫قسـمني يسـمى الرشقي منهام باحلارض نسـب ًة إىل سـوق‬ ‫فسـيحة السـاحة‪ ،‬مسـتطيلة املسـاحة‪ ،‬ن ُْزهـة لعين‬
‫املوايش (وهو القسـم األدنى)‪ ،‬والغريب بالسـوق نسـب ًة‬ ‫مبرصهـا مـن النظافـة واملالحـة‪ ،‬موضوعـة يف بسـيط‬
‫إىل السـوق التجـاري (وهو القسـم األعىل)‪ .‬وتسـتقي‬ ‫مـن األرض عريـض مـداه‪ ،‬ال خيرتقه النسـيم بمرساه‪،‬‬
‫أحيـاء املدينة املـاء لبيوهتـا ومنشـآهتا العامة وبسـاتينها‬ ‫يـكاد البصر يقـف دون منتهـاه‪ ،‬أفيـح أغبر‪ ،‬ال مـاء‬
‫مـن هنـر العـايص‪ ،‬وتعتبر النواعير هـي أهم وسـائل‬ ‫وال شـجر‪ ،‬وال ظـل وال ثمـر‪ ،‬فهـي تشـتكي َظ َم َءهـا‪،‬‬
‫رفـع املـاء يف املدينـة حيـث ال يصـل املـاء إىل أغلـب‬ ‫وتسـتقي على البعـد ماءهـا‪ ،‬فيجلـب هلـا مـن ُنَريهـا‬
‫مناطقهـا إال بالنواعير وذلـك الرتفاعها عن مسـتوى‬ ‫العـايص‪ ،‬وهـو منهـا بنحو مسـافة امليـل‪ ،1‬وعليه طرة‬
‫النهـر وصعوبـة رفع املـاء بكميات كبرية إليهـا بالطرق‬ ‫بسـاتني جتتلي العين خرضهتـا‪ ،‬وتسـتغرب نرضهتا’’‪.‬‬
‫التقليديـة أو اليدويـة‪.‬‬ ‫ووصفهـا أبـو الفـداء (‪ )1830‬املتـوىف عـام‬
‫دواليـب مصنوعـة مـن اخلشـب‬
‫ٌ‬ ‫النواعير هـي‬ ‫‪732‬هــ يف كتابه تقويم البلـدان بقوله‪‘‘ :‬ومحص مدينة‬
‫املنجـور مثبتـ ًا مـع بعضـه باملسـامري احلديديـة‪ .‬ترفـع‬ ‫أوليـة وهـي أحـد قواعـد الشـام وهـي ذات بسـاتني‬
‫‪ -1‬امليـل يسـاوي قيمـة (‪ )1.855‬كلم أو (‪ )3.710‬كلـم‪ ،‬وختتلف قيمته‬ ‫رشهبـا مـن هنـر العـايص‪ ،‬قـال ابـن حوقـل‪ :‬وهـي يف‬
‫بين احلنفيـة واملالكية وبني احلنابلة والشـافعية‪.‬‬
‫أصـح بلـدان الشـام‬ ‫ٍ‬
‫خصبـة جـد ًا‬ ‫ٍ‬
‫مسـتو مـن األرض‬
‫‪ -2‬يعنـي أن أكثـر زروع أحيائهـا ال تسـقى إِالَّ مـن ِ‬
‫ّ‬
‫ـر ل ُب ْع ِدهـا عـن‬
‫مـاء ا َمل َط ِ‬ ‫ْ‬
‫املِ ِ‬
‫ياه ‪.‬‬ ‫تربـة وليـس هبـا عقـارب وال ح ّيـات وأكثـر زروع‬
‫‪61‬‬ ‫جملة العامرة والتخطيط‪ ،‬م‪ ،)1(28‬الرياض ( ‪2016‬م ‪1437 /‬هـ )‬

‫أذى فيـه’’‪.‬‬
‫نواحيهـا‪ ،‬فلا جيـد املغتسـل أثـر ً‬ ‫هـذه الدواليـب مـاء النهـر يف مقصـورات موجـودة‬
‫ويقـول أبـو الفـداء (‪‘‘ :)1830‬وهبـا النواعير‬ ‫على إطارهـا‪ ،‬وللمنشـأة أقسـام مبنيـة تتكون من سـدٍّ‬
‫على العـايص تسـقي أكثـر بسـاتينها ويدخل منهـا املاء‬ ‫حجـري يقطـع النهـر عرضي ًا ليحجـز املاء قبلـه وينظم‬
‫إىل كثير مـن ُدورها’’‪.‬‬ ‫دخولـه إىل الـدوالب املحمـول بني جداريـن حجريني‬
‫هـذا وال يذكر أحد تاريخ إنشـاء النواعري األول‪،‬‬ ‫حاملين؛ األقرب للنهر جـدار مثلث الشـكل واألبعد‬
‫وأوضـح األدلة‬
‫ُ‬ ‫وال ُيعـرف عنها سـوى كوهنـا قديمة‪،‬‬ ‫بـرج عال حيمـل يف أعاله قنـا ًة حجرية يصـب دوالب‬
‫ٌ‬
‫على وجـود النواعير لوحـ ٌة فسيفسـائية ُوجـدت يف‬ ‫الناعـورة املـاء الـذي رفعه فيهـا‪ ،‬ومتتد القنـاة احلجرية‬
‫أفاميـا بالقـرب مـن محـاة وتعـود إىل تاريـخ ‪496‬م‬ ‫إىل داخـل املدينـة حممولـ ًة على قناطر حجريـة ضخمة‬
‫ٍ‬
‫لناعـورة مـن نواعير‬ ‫(الصـورة ‪ ،)7‬تظهـر رس ً‬
‫ما‬ ‫لتوصـل املـاء إليهـا (الصـورة ‪ ،)6‬وكثير ًا مـا يقترن‬
‫العـايص‪ Delpech( ،‬وآخـرون‪ )2005 ،‬وهـو مـا يعني‬ ‫إنشـاء النواعير بإنشـاء مطاحـن للحبـوب جمـاورة هلا‬
‫أن النواعير كانـت موجـودة ُحك ً‬
‫ما قبل هـذا التاريخ‪.‬‬ ‫مسـتفيد ًة مـن سـدودها احلجريـة وعاملـ ًة بقـوة دفـع‬
‫ومـن األدلة على قـدم النواعير يف مدينة محـاة العالقة‬ ‫مـاء النهر‪.‬‬
‫الدقيقـة يف التوجيـه بين منشـأيت (ناعـورة املحمديـة)‬ ‫مر بحماة ذكـر نواعريهـا‪ ،‬وأقـدم ٍ‬
‫ذكر‬ ‫مجيـع مـن ّ‬
‫يف مدينـة محـاة و(اجلامـع األعلى الكبير) (الصـورة‬ ‫هلـا يف النصـوص العربيـة يف وصـف أمحد ابـن الطيب‬
‫ٍ‬
‫معبـد‬ ‫‪ ،)8‬الـذي كان معبـد ًا وثنيـ ًا قبـل أن يتحـول إىل‬ ‫ٍ‬
‫كمرافـق‬ ‫حلماة عنـد مـروره هبـا‪ ،‬يف فترة تأخرهـا‪،‬‬
‫رومـاين ثـم إىل كنيسـة ثـم إىل جامـع‪ ،‬والـذي تُقـدَّ ر‬ ‫للخليفـة املعتضـد عـام ‪271‬هــ‪‘‘ :‬ومحـاة قريـة عليها‬
‫أصـول بنائـه ترجـع إىل الفترة الواقعـة ما بين القرون‬ ‫سـور حجـارة وفيهـا بنـا ٌء باحلجـارة واسـع والعايص‬
‫‪ 7 - 5‬ق‪.‬م‪( ،‬نحـاس‪ )1997 ،‬إضافـ ًة إىل األنابيـب‬ ‫جيـري أمامهـا ويسـقي بسـاتينها ويديـر نواعريهـا’’‪.‬‬
‫اخلزفيـة املخصصـة لتوصيل املـاء واملكتشـفة مطمور ًة‬ ‫(احلمـوي ج‪.)1977 ،2‬‬
‫حتـت اجلامـع‪ )De Miranda، 2007( .‬وقـد ذكـر حممـد‬ ‫ويوضـح ّ‬
‫كل مـن الرحالـة ابـن جبير واملـؤرخ‬
‫كـرد علي صاحب خطط الشـام حـوايل ثامنين ناعورة‬ ‫أيب الفـداء دور النواعري يف سـقيا بسـاتني محـاة ومبانيها‬
‫دائـرة مـا بين الرسـتن وأنطاكيـة‪ ،‬تسـقي مـا يقـارب‬ ‫اخلاصـة والعامة‪.‬‬
‫‪ 1500‬هكتـار من األرايض الزراعيـة يف عام ‪1928‬م‪.‬‬ ‫أبرصت برشق ّيها‬
‫َ‬ ‫يقـول ابن جبير (د‪.‬ت‪...‘‘ :).‬‬
‫(كـرد علي ج‪.)1928 ،4‬‬ ‫هنـر ًا كبير ًا‪ ،‬تتسـع يف تدفقـه أسـاليبه‪ ،‬وتتناظر بشـ ّطيه‬
‫يسـتنتج مـن االسـتعراض التارخيـي أن مدينـة‬ ‫دواليبـه‪ ...،‬وبأحـد شـطيه املتصـل بربضهـا مطاهـر‬
‫محـص كانت تعتمد يف سـقيا أحيائها عىل ميـاه األمطار‬ ‫منتظمـة بيوتـ ًا عـدة‪ ،‬خيترق املـاء مـن دواليبـه مجيـع‬
‫سالم حممد بشـر اجليجكيل‪ :‬دراسة نقدية تارخيية ترشيعية لشكوى أهايل مدينة محاة‪...‬‬ ‫‪62‬‬

‫اعتبارهـا بنـاء قائ ً‬


‫ما عبر التاريخ‪.‬‬ ‫بدايـة‪ ،‬بحسـب اقتبـاس أيب الفـداء مـن ابـن حوقل يف‬
‫ٍ‬
‫بشـكل أكرب عىل‬ ‫القـرن ‪4‬هــ‪ ،‬ثـم إن املدينة اعتمـدت‬
‫‪ -7‬حقوق األرض وعامرهتا يف الرشع اإلسالمي‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫قنـوات مائيـة متدهـا باملـاء مـن هنـر العـايص‪ ،‬غير أن‬
‫منحـت الرشيعـة اإلسلامية الفرد احلـق الكامل‬ ‫البسـاتني املجـاورة للنهـر كانـت أكثـر خضرة وغنـى‬
‫يف التصرف بملكـه ومحايتـه‪ ،‬فكما ورد يف السـنة‬ ‫مـن قلـب املدينـة بحسـب وصف ابـن جبير يف القرن‬
‫الشر أن حيقـر أخـاه‬ ‫ٍ‬
‫امـرئ مـن‬ ‫النبويـة‪‘‘ 3:‬بحسـب‬ ‫شـق امللك شيركوه قنوات مائية‬
‫‪6‬هــ‪ ،‬ويف القرن ‪7‬هـ ّ‬
‫ّ‬
‫املسـلم‪ّ ،‬‬
‫كل املسـلم على املسـلم حـرام‪ ،‬دمـه ومالـه‬ ‫مـن هنـر العـايص إىل املدينـة‪ ،‬ثـم صـارت امليـاه جتري‬
‫وعرضـه’’‪( .‬مسـلم‪ .)2007 ،‬إال أن حـق الفـرد يف‬ ‫إىل قلـب املدينـة فتسـقي بسـاتينها بحسـب وصف أيب‬
‫التصرف مقيـدٌ بعـدم إرضار الغير؛ حلديـث‪‘‘ 4:‬ال‬ ‫الفـداء‪ ،‬كام صـارت متر حتـت البيوت بحسـب وصف‬
‫رضر وال رضار’’‪( .‬ابـن ماجـة ج‪ .)1954 ،2‬والرضر‬ ‫شـمس الدين الدمشـقي يف القرن ‪8‬هـ‪ .‬كام يسـتنتج أن‬
‫يعنـي األذى والضرار هـو تبـادل األذى‪ ،‬وفيهـا ٌ‬
‫قـول‬ ‫يرض‬
‫أمـر ال ّ‬
‫جمـرد فتح سـواقي سـقاية يف مدينـة محص ٌ‬
‫أذى غير مقصود بينما الرضار‬
‫آخـر يف أن الضرر هـو ً‬ ‫بمدينـة محـاة وبذلـك مل يتـم تسـجيل شـكاوي عليها‪،‬‬
‫هـو األذى املتعمـد‪ .‬يتضـح مـن هـذه التعاريـف أن‬ ‫ومـن أمثلتهـا السـواقي األيوبيـة‪ ،‬وإنما كثـرة هـذه‬
‫اإلرضار أو التعسـف يف اسـتعامل امللـك ال يقبـل مثلام‬ ‫السـواقي لدرجـة أثـرت فيها عىل منسـوب ميـاه النهر‬
‫ال يقبـل التعـدي على ملـك الغير‪.‬‬ ‫أرض بأهايل محـاة ودفعهم لتسـجيل شـكاوى‪،‬‬
‫هـي مـا ّ‬
‫ومـن هنـا يسـتنتج أن حريـة التصرف مطلقـة‬ ‫وهـو األمر الذي حـدث الحقـ ًا يف العصـور العثامنية‪.‬‬
‫إذا انعـدم الضرر‪ ،‬وهـو ذو أنـواع منهـا السـمعي‬ ‫يعـود تاريـخ فسيفسـاء أفاميـا التـي تظهر رسـم‬
‫والبصري‪ ...‬كما أن لـه درجات تتراوح بني الشـديد‬ ‫ناعـورة إىل القـرن ‪5‬م ‪2 /‬ق‪.‬هــ‪ ،‬وأول ذكـر رصيـح‬
‫والضعيـف‪ ،‬وال يعـدو عـن أن يكـون مبـارش ًا أو غير‬ ‫لنواعير محاة وسـقياها لبسـاتني املدينـة كان يف وصف‬
‫مبـارش‪ .‬وقـد اختلـف الفقهـاء يف الرضر غير املبارش؛‬ ‫أمحـد ابن الطيـب يف القرن ‪3‬هــ‪ ،‬ومن بعـده تتابع ذكر‬
‫فـرأى املذهبـان الشـافعي واحلنفـي عـدم إزالتـه‪ ،‬بينام‬ ‫مـر هبـا‪ ،‬وهـو مـا‬ ‫النواعير يف محـاة مـن قبـل ّ‬
‫كل مـن ّ‬
‫رأى احلنبلي واملالكـي إزالتـه إذا اشـتكى املتضرر‬ ‫يعنـي أن منطقـة محاة كانـت تسـتقي مياههـا بالنواعري‬
‫وثبـت الرضر‪( ،‬أكبر‪ .)1998 ،‬أما الضرر املبارش إذا‬ ‫لسـقيا بسـاتينها قطعـ ًا يف القـرن ‪ 2‬ق‪ .‬هــ على أقـل‬
‫وقـع فلا خلاف يف إزالتـه وإن أ ّدت إزالتـه إىل إرغام‬ ‫تقديـر‪( .‬اجلـدول ‪ ،)1‬فض ً‬
‫لا عـن قـدم النواعير فهي‬
‫رب والصلة واآلداب‪ ،‬احلديث رقم (‪.)6541‬‬
‫‪ -3‬ورد يف كتاب ال ّ‬ ‫يف احلقيقـة منشـآت مبنية وليسـت جمرد سـواقي حمتفرة‬
‫‪ -4‬ورد يف كتاب األحكام‪ ،‬احلديث رقم (‪2340‬؛ ‪.)2341‬‬
‫يف األرض‪ ،‬وهـي بذلـك تفضـل سـواقي محـص يف‬
‫‪63‬‬ ‫جملة العامرة والتخطيط‪ ،‬م‪ ،)1(28‬الرياض ( ‪2016‬م ‪1437 /‬هـ )‬

‫شـأنه والتخـوف مـن التجـرؤ عليـه‪ .‬إال أن للفـرد‬ ‫صاحـب امللكيـة يف أرضـه وهـو مـا يعـرف (بتقييـد‬
‫صاحـب الضرر األقدم مـا يعرف باسـم (حـق حيازة‬ ‫احلـق)‪ .‬ويظهـر تقييـد احلـق يف احلديـث الرشيـف‪5:‬‬

‫ٍ‬
‫عقـار مـا لـه حـق‬ ‫الضرر)؛ أي أن الفعـل املحـدث يف‬ ‫‘‘ َم َثـل القائـم على حـدود اهلل والواقـع فيهـا‪ ،‬كمثـل‬
‫ٍ‬
‫بعقـار جمـاور‬ ‫البقـاء إن كان هـو األقـدم وإن أرض‬ ‫قـو ٍم اسـتهموا عىل سـفينة‪ 6،‬فأصاب بعضهـم أعالها‬
‫مسـتقبالً‪ ،‬ويسري هـذا التقادم على ِقـدَ م الفعل املرض‬ ‫وبعضهـم أسـفلها‪ ،‬فكان الذين يف أسـفلها إذا اسـتقوا‬
‫ال على ِقـدَ م العقـار؛ ففـي حالـة إحـداث رضر جديد‬ ‫مـروا عىل مـن فوقهـم‪ ،‬فقالـوا‪ :‬لو أنّـا خرقنا‬
‫مـن املـاء ّ‬
‫يف عقـار قديـم فـإن إزالتـه واجبـة باإلمجـاع‪( ،‬أكبر‪،‬‬ ‫يف نصيبنـا خرقـ ًا‪ ،‬ومل ِ‬
‫نـؤذ من فوقنا‪ ،‬فـإن يرتكوهم وما‬
‫احلـق‪ .‬يكتسـب حـق‬
‫ّ‬ ‫‪ )1998‬كما يتـم تـوارث هـذا‬ ‫أرادوا هلكـوا مجيعـ ًا‪ ،‬وإن أخـذوا على أيدهيـم نجـوا‬
‫حيـازة الضرر بالرضـا أو بالتقـادم؛ لقولـه صلى اهلل‬ ‫ونجـوا مجيعـ ًا’’ (البخـاري‪ )2008 ،‬يف احلديـث وقع‬
‫عليـه وسـلم‪َ ‘‘ 7:‬من حاز شـيئ ًا عرش سـنني فهـو له’’‪.‬‬ ‫رضر مبـارش بالغ غير مقصـود؛ إذ إن أصحاب اخلرق‬
‫(ابـن وهـب‪.)2004 ،‬‬ ‫مل يظنـوا أهنم يـؤذون جرياهنـم‪ ،‬إال أن فعلهم يؤدي إىل‬
‫ومـن تعظيـم حق اجلـوار رأي اإلسلام يف عـدم جواز‬ ‫إغـراق السـفينة‪ .‬ويوضـح النبـي صىل اهلل عليه وسـلم‬
‫نـزع ملكيـة شـخص دون رضـاه‪ ،‬وإفـراد العديـد من‬ ‫وجـوب األخـذ على يدهم‪.‬‬
‫األحاديـث للنهـي عنـه‪ ،‬منهـا احلديث‪‘‘ :‬ال ّ‬
‫حيـل مال‬ ‫يف املجمـل يتوجـب رفع الضرر إذا توفـرت فيه‬
‫ٍ‬
‫نفـس منـه’’‪( ،‬البيهقـي ج‪،6‬‬ ‫ٍ‬
‫امـرئ مسـلم إال بطيـب‬ ‫الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ )2003‬ويشـمل احلديـث األمـوال املنقولـة وغير‬ ‫ ‪-‬أن يكون الرضر الناتج عن الفعل فاحش ًا‪.‬‬
‫املنقولـة‪ .‬كما يشـمل هـذا التحريـم نـزع امللكيـة وإن‬ ‫يتم التيقن من وقوع الرضر‪.‬‬
‫ ‪-‬أن ّ‬
‫كانـت هبـدف مشرو ٍع عـام‪ ،‬ويتضـح هـذا األمـر يف‬ ‫ ‪-‬أال يوجـد من املضرور رضاه بام يدعـي رضره كأن‬
‫املكي‬
‫ّ‬ ‫عـدم قـدرة عمر بـن اخلطاب ‪ ‬توسـيع احلـرم‬ ‫يسـكت عن الفعـل‪ ،‬أو أن يأذن به‪.‬‬
‫الرشيـف بسـبب رفـض العبـاس بـن عبـد املطلب ‪‬‬ ‫(الفايـز‪ ،‬ج‪ )1997 ،2‬وال جتـب إزالـة الفعـل املضر‬
‫التنـازل عـن بيتـه‪ ،‬ومل يسـتطع عمـر ‪ ‬يف حينهـا نزع‬ ‫ٍ‬
‫فعـل آخر يمنع‬ ‫إذا أمكـن التحايـل عليـه‪ ،‬أي إحـداث‬
‫ملكيـة العبـاس ‪ ‬أو إجبـاره على القبـول بتسـوية‬ ‫رضر الفعـل األقـدم‪ ،‬فـإن أمكـن التحايل على الرضر‬
‫تـم مشروع توسـعة احلـرم املكـي الحق ًا‬
‫ماديـة‪ ،‬وقـد ّ‬ ‫تنتفـي احلاجـة إلزالته‪.‬‬
‫احلـق إىل قسـمني؛ األول حـق الفـرد‬
‫يقسـم اإلسلام َّ‬
‫الشكة‪ ،‬احلديث رقم (‪.)2493‬‬‫ورد يف كتاب َ ِ‬ ‫‪-5‬‬
‫ٌّ‬
‫أي اقتسموها إىل أسهم فملك كل منهم سهامً‪.‬‬ ‫‪-6‬‬ ‫والثـاين حـق اهلل وهـو حـق املجتمـع واجلـوار املتعلـق‬
‫ورد يف كتاب القضاء يف البيوع‪ ،‬رقم احلديث (‪.)32‬‬ ‫‪-7‬‬
‫ورد يف كتاب الغصب‪ ،‬رقم احلديث (‪.)11545‬‬ ‫‪-8‬‬ ‫تم إحلاقـه بحـق اهلل ‪ ‬التعظيم‬
‫بالصالـح العـام‪ ،‬وقـد ّ‬
‫سالم حممد بشـر اجليجكيل‪ :‬دراسة نقدية تارخيية ترشيعية لشكوى أهايل مدينة محاة‪...‬‬ ‫‪64‬‬

‫محـاة حقهـم يف االشـتكاء عليـه‪ ،‬وهبـذا جتتمـع يف هذا‬ ‫بعـد تصـدّ ق العبـاس ‪ ‬ببيتـه راضيـ ًا غير مكـره‪.‬‬
‫الضرر مجيع الرشوط التي تسـتلزم إزالتـه؛ فهو حمدث‬ ‫(الفايـز ج‪.)1997 ،2‬‬
‫وليـس بقديم‪ ،‬وشـديد حيـث أدى إىل إتلاف كميات‬ ‫يسـتنتج مـن السـنن الترشيعيـة اإلسلامية أن‬
‫املحاصيـل وإيقـاف عمـل املطاحـن‪ ،‬كام أنـه مبارش يف‬ ‫مرفـوض وإن أوقعه الشـخص يف ملكه‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫إرضار الغير‬
‫وقوعـه على املـاء الواصـل إىل نواعريهـم وبسـاتينهم‬ ‫وأنـه يـزال مـا مل يتـم التحايـل عليـه‪ .‬ويسـتثنى مـن‬
‫وطواحينهـم‪ ،‬ويرتتـب يف حكـم الشرع إزالـة الفعـل‬ ‫ذلـك الضرر القديـم يف العقـار األقـدم حيـث يمتلك‬
‫املحـدث للضرر أو التحايـل عليه‪.‬‬ ‫حـق حيـازة هذا الضرر ويورثـه ملالكـه الالحقني‪ .‬كام‬
‫ّ‬
‫علاو ًة على ذلك فإنـه ال جيوز يف حكم اإلسلام‬ ‫يسـتنتج عـدم جـواز إجبـار صاحـب امللـك يف ملكـه‬
‫قطـع املـاء عـن العقـار املجـاور ولـو كان قاطعـه‬ ‫يضر غيره‪ ،‬وإن كان اهلـدف مـن اإلجبـار‬
‫ّ‬ ‫طاملـا مل‬
‫يسـتعمله للـري والسـقيا‪ ،‬وقد ورد عـن النبي صىل اهلل‬ ‫حتقيـق مصلحـة عامـة‪.‬‬
‫عليـه وسـلم قضايـا متشـاهبة عـدة يف هـذا اخلصوص‬
‫منهـا‪‘‘ 9:‬أن رسـول اهلل صلى اهلل عليه وسـلم قىض يف‬ ‫‪ -8‬تطبيــق الدراســة التارخييــة واحلقــوق الرشعيــة‬
‫مسـك حتـى يبلغ الكعبني ثم ُيرسـل‬
‫سـيل مهزور أن ُي َ‬ ‫عــى الشــكوى احلمويــة‪:‬‬
‫املـاء’’‪( .‬ابـن ماجـة ج‪.)1954 ،2‬‬ ‫ٍ‬
‫ســواق جديــدة عــى‬ ‫‌أ‪ -‬الــرر الواقــع عــن فتــح‬
‫العــايص يف محــص‪:‬‬
‫‌ب‪ -‬ادعاء أهل محاة ملكية هنر العايص‪:‬‬ ‫وهـو الرضر املسـبب للشـكوى والـذي نتج عنه‬
‫وهـو مـا ا ّدعـاه أهـل املدينـة يف عريضتهـم‬ ‫جفـاف البسـاتني واألرايض الزراعيـة يف محـاة بسـبب‬
‫مسـتدلني على ذلـك بإمجـاع الفقهـاء واملؤرخين‬ ‫ٍ‬
‫سـواق جديدة بكميـات كبرية يف محـص‪ ،‬وهو ما‬ ‫شـق‬
‫ّ‬
‫وبترصفـات احلكومـات العثامنية السـابقة جتـاه أفضلية‬ ‫أدى إىل نقصـان كميـة املـاء الواصلة إىل محـاة‪ ،‬ومن ثم‬
‫االسـتفادة من ميـاه النهـر‪ ،‬وطالبوا بموجبـه باألولوية‬ ‫تعطيـل عمـل النواعير التـي كانـت الوسـيلة الوحيدة‬
‫يف أخـذ حصتهـم مـن ميـاه النهـر يف أيـام نقصـه‪.‬‬ ‫رضر‬
‫لرفـع مـاء النهـر إىل البسـاتني‪ ،‬فنتـج عـن ذلـك ٌ‬
‫وليـس حلامة ملكيـة النهر حيث مل يتـم رشاء منبع‬ ‫مـادي كبير شـمل املدينـة كاملة‪.‬‬
‫ٌّ‬
‫النهـر أو حريمـه مـن قبـل أهاليهـا أو مـا شـابه ذلك‪،‬‬ ‫باعتبـار مدينتي محص ومحـاة املتجاورتني عقارين‬
‫وبذلـك تكـون ملكيـة مـاء النهـر حمكومـ ًة باحلديـث‬ ‫متجاورين‪ ،‬لتسـهيل دراسـة احلالة؛ فـإن الرضر الواقع‬
‫سـواق جديـدة وكثيرة يف محص‬ ‫ٍ‬ ‫على محاة نتيجـة فتح‬
‫الرهون‪ ،‬رقم احلديث (‪.)2482‬‬
‫‪ -9‬ورد يف كتاب ّ‬
‫هـو رضر حمـدث وشـديد ومبـارش‪ ،‬وقد مـارس أهايل‬
‫‪65‬‬ ‫جملة العامرة والتخطيط‪ ،‬م‪ ،)1(28‬الرياض ( ‪2016‬م ‪1437 /‬هـ )‬

‫لشـق الكثري من‬


‫مـاؤه‪ .‬وهـذا هو سـبب املنـع السـابق ّ‬ ‫الرشيـف‪‘‘ 10:‬املسـلمون رشكاء يف ثلاث يف املـاء‬
‫السـواقي قبل محـاة‪ ،‬وهو األمـر الذي اسـتدل به أهايل‬ ‫والـكأل والنـار’’‪( ،‬ابـن ماجـة ج‪ .)1954 ،1‬ويقصد‬
‫محـاة يف معروضهـم‪ ،‬وهو حـق األفضليـة باالنتفاع ال‬ ‫يف احلديـث املـاء العام الـذي ال مالك له كاألهنـار‪ ،‬أما‬
‫حـق ملكيـة النهر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫العيـون واآلبـار الواقعة ضمـن عقار خـاص فهي غري‬
‫مشـمولة فيـه‪ .‬وإنما ألهـل محـاة حـق أولويـة االنتفاع‬
‫‌ج‪ -‬املطالبــة بحصــة ثابتــة مــن ميــاه النهــر مــع حصــة‬ ‫بميـاه النهـر بأسـبقية بنائهـم لعقـارات النواعير على‬
‫مــن ميــاه الســد‪:‬‬ ‫سـواقي محـص القديمـة واملحدثـة‪ ،‬وهـو مـا أسـموه‬
‫احلصـة الثابتـة هـي مـا قدّ رهـا أهـايل محـاة يف‬ ‫بمعروضهـم ‘‘احلـق املمتـاز’’؛ حيـث أإن سـقيا مدينة‬
‫معروضهـم بــ ‪20‬م‪ /3‬ثـا من ميـاه النهر يف حـدٍّ أدنى‬ ‫محـاة مـن ميـاه هنـر العـايص بـآالت النواعير األثريـة‬
‫يكفي لتشـغيل املطاحـن وإدارة النواعري ومن ثم سـقيا‬ ‫ومذكـور رصاحـ ًة يف‬
‫ٌ‬ ‫مثبـت منـذ القـرن ‪5‬م‪2 /‬ق‪.‬هــ‬
‫ٌ‬
‫البسـاتني‪ .‬كما طالبـوا بحصة مـن مياه النهـر املحجوبة‬ ‫كالم أمحـد ابـن الطيـب يف القـرن ‪3‬هــ‪ ،‬بينما بـدأت‬
‫بالسـد املنشـأ حديثـ ًا وذلـك ألن ملكية النهـر يف ظنهم‬ ‫مدينـة محـص باالسـتقاء مـن هنـر العـايص عبر شـق‬
‫ترجـع إىل محاة‪.‬‬ ‫القنـوات منـه‪ ،‬متأخـر ًة عـن محـاة‪ ،‬يف الفترة الواقعـة‬
‫إن الرقـم الـذي طلبـه أهـايل محاة يمكـن التحقق‬ ‫مـا بين القرنني ‪4‬هــ َو ‪6‬هـ‪ ،‬وهـي الفترة بني وصف‬
‫منـه عبر إجـراء حسـبة بسـيطة؛ حيـث إن ‪20‬م‪ /3‬ثا‬ ‫ابـن حوقـل ووصف ابن جبير‪ ،‬أما يف القـرن ‪4‬هـ وما‬
‫تسـاوي ‪ 72000‬م‪ /3‬سـا‪ .‬قـدّ رت دراسـة أجريـت‬ ‫سـبقه فقد كانـت مدينة محـص تعتمد يف سـقيا أحيائها‬
‫عـام ‪1930‬م أن متوسـط كميـة املـاء الـذي ترفعـه‬ ‫عىل ميـاه األمطـار‪ ،‬بينام كانت البسـاتني خـارج املدينة‬
‫الناعـورة الواحـدة يقـدّ ر بــ ‪162‬م‪ /3‬سـا‪Delpech( ،‬‬ ‫تسـقي مـن النهر‪.‬‬
‫وآخـرون‪ )2005 ،‬وخيتلـف باختلاف حجـم‬ ‫وهبـذا فإن لنواعير محـاة األسـبقية التارخيية التي‬
‫الـدوالب وعـدد صناديقـه‪ .‬وباحتسـاب ‪ 20‬ناعـورة‬ ‫حـق (حيـازة الضرر)؛ ففـي حـال‬
‫حتـوز بموجبهـا َّ‬
‫املوجـودة يف مدينـة محـاة وقتهـا؛‪ 11‬فـإن كميـة املـاء‬ ‫نقصـت ميـاه النهـر بما ال يكفـي إلدارة نواعير محـاة‬
‫املرفوعـة بالنواعير تقـدّ ر بــ ‪ 3240‬م‪ /3‬سـا فض ً‬
‫لا‬ ‫ومـلء سـواقي محـص إال بـإرضار إحدامهـا لألخـرى‬
‫‪ -11‬هـي ناعـورة القـاق (دوالب)‪ ،‬ناعـورة املحمديـة (دوالب)‪ ،‬ناعـورة‬ ‫فـإن حـق االنتفـاع بميـاه النهـر هو ملـك للعقـار ذي‬
‫الدهشـة (دوالب)‪ ،‬ناعـورة الدوالـك (دوالب)‪ ،‬ناعـورة اخلضـورة‬
‫(دوالب)‪ ،‬ناعـورة الكيالنيـة (دوالب)‪ ،‬ناعـورة الصهيونيـة (دوالب)‪،‬‬ ‫أرض بالعقـار املجـاور فنقصـت‬
‫الفعـل األقـدم وإن ّ‬
‫ناعـورة اجلعربيـة (دوالبـان)‪ ،‬ناعـورة العثامنيـة (دوالب)‪ ،‬ناعـورة املؤيدية‬
‫(دوالب)‪ ،‬ناعـورة املأموريـة (دوالب)‪ ،‬ناعورة اجلرسيـة (دوالب)‪ ،‬ناعورة‬
‫العثامنيـات (دوالبـان)‪ ،‬ناعـورة البرشيـات (دوالبـان)‪ ،‬ناعـورة اجلـرف‬ ‫‪ -10‬ورد يف كتاب الرهون‪ ،‬رقم احلديث (‪.)2472‬‬
‫(دوالب)‪ ،‬ناعـورة العونيـة (دوالب)‪ ،‬ناعـورة الربكـة (دوالب)‪.‬‬
‫سالم حممد بشـر اجليجكيل‪ :‬دراسة نقدية تارخيية ترشيعية لشكوى أهايل مدينة محاة‪...‬‬ ‫‪66‬‬

‫طاملـا ال يقـع رضر عىل مدينـة أو منطقة أخـرى‪ .‬إال يف‬ ‫عـن املـاء اللازم إلدارة النواعري إضافـ ًة إىل املاء الالزم‬
‫ٍ‬
‫بشـكل‬ ‫حالـة تسـبب السـدّ يف تقليل حصة محـاة املائية‬ ‫لتحريـك أرحيـة الطواحين‪ 12.‬حيـث إن النواعير‬
‫واضـح فـإن تعويضـ ًا ماليـ ًا أو مائي ًا يمكن أن حيتسـب‬ ‫لتكوهنـا مـن اخلشـب واملسـامري‬
‫هـي دواليـب ثقيلـة ّ‬
‫ٍ‬
‫حصة‬ ‫هلـم مـن اإلنتاج املـادي ملياه السـد أو باحتسـاب‬ ‫املعدنيـة إضافـ ًة إىل محوالهتـا مـن املـاء؛ حيـث يبلـغ‬
‫هلـم من مياهه‪ ،‬نظـر ًا لقضاء النبي صىل اهلل عليه وسـلم‬ ‫وزن الناعـورة املتوسـطة ذات قطـر ‪12‬م وهـي فارغـة‬
‫يف سـيل مهزور أن يمسـك املـاء حتى يبلـغ الكعبني ثم‬ ‫حـوايل ‪ 4.2‬طن‪ ،‬فض ً‬
‫لا عن وزن املاء الـذي حتمله يف‬
‫يرسـل‪( ،‬ابـن ماجـة ج‪ )1954 ،2‬وبذلك فـإن حبس‬ ‫مقصوراهتـا والذي تتراوح كميته بين ‪1200 - 340‬‬
‫املـاء يوجـب تعويضـ ًا للمحبـوس عنـه‪ ،‬وقـد طالـب‬ ‫ل‪ Delpech( ،‬وآخـرون‪ )2005 ،‬أي‪ :‬مـا يقـارب يف‬
‫أهـايل محـاة بحصة مـن املـاء املحبوس قبل السـد‪.‬‬ ‫الناعـورة املتوسـطة ‪ 0.8‬طنـ ًا إضافيـ ًا‪ ،‬ليصـل وزهنـا‬
‫مـع محولتهـا املائيـة إىل ‪ 5‬أطنـان‪ ،‬عل ً‬
‫ما بـأن قطـر أكبر‬
‫‪ -9‬مقارنــة بــن الترشيعــات اإلســامية والقوانــن‬ ‫نواعير محـاة (ناعـورة املحمديـة) يصـل إىل ‪21‬م‪.‬‬
‫احلديثــة الناظمــة للعالقــات املائيــة‪:‬‬ ‫هـذه األوزان حتتـاج إىل كميـة غزيـرة ومسـتقرة مـن‬
‫إن العالقـات بين املجتمعـات املسـتفيدة مـن‬ ‫املـاء لتـدور برسعـة ثابتـة ودون توقـف‪ .‬ومن ثـم فإن‬
‫مصـدر مائـي واحـد كثير ًا ما تشـوهبا خالفات بشـأن‬ ‫رقم‬
‫الرقـم الذي طالـب به األهـايل يف معروضهـم هو ٌ‬
‫كيفيـة وكميـة ونوعيـة اسـتثامر كل جمتمع منهـا ملياهه‪،‬‬ ‫منطقـي ومقبـول‪.‬‬
‫وهـذه اخلالفـات هـي أوسـع مـن جمـرد خالفـات بني‬ ‫جيب توفير حصة تكفـي إلدارة النواعري وتوزيع‬
‫ٍ‬
‫عالقات‬ ‫قريتين أو مدينتين متجاورتين؛ فهي تشـمل‬ ‫مائها عىل املدينة والبسـاتني وذلك حليازة هذه املنشـآت‬
‫بين دول قـد تؤثـر عىل خمتلـف العالقـات بينهـا‪ .‬وقد‬ ‫حـق االنتفـاع مع الرضر وذلـك لقدمهـا‪ ،‬ولقابلية هذا‬
‫ّ‬
‫أوجبـت اخلالفـات املسـتمرة حـول اسـتثامر هـذه‬ ‫احلـق للتوريـث كام أسـلفنا سـابق ًا‪ .‬إال أن هـذه احلصة‬
‫ّ‬
‫املصـادر املائية إجيـاد عالقـات ناظمة للعالقـات املائية‬ ‫مـا إن توفـرت للمنتفعين فليس هلم حـق يف أن يطالبوا‬
‫فيما بينهـا‪ ،‬وإن هـذه األنظمـة والقوانين إذا مل تتسـم‬ ‫بحصـة من ميـاه السـد املعمول قبـل مدينتهـم‪ ،‬وذلك‬
‫بالعدالـة فإهنـا لـن حتقـق هدفهـا يف إيقـاف اخلالفـات‬ ‫المتالكهـم حـق حيـازة الضرر فحسـب دون ملكيـة‬
‫وتنظيـم العالقـات بين الـدول املتجـاورة‪.‬‬ ‫مشروع‬
‫ٌ‬ ‫فحـق االنتفـاع بميـاه النهـر‬
‫ّ‬ ‫النهـر أو مياهـه‪،‬‬
‫إن العالقـات املائيـة بني الدول نشـأت يف بدايتها‬ ‫ألي فـرد مـن أهايل املـدن واملناطـق الواقعة على النهر‬
‫حمكومـ ًة باألعـراف‪ ،‬ثم حمكومـ ًة باألحـكام القضائية‪،‬‬ ‫‪ -12‬الرقـم املسـتنتج هـو تقديـري وليـس دقيقـ ًا؛ حيـث إن ‪ 5‬فقـط مـن‬
‫دواليـب نواعير محـاة صغيرة والباقيـة أغلبهـا نواعير كبيرة‪ ،‬وبذلـك فإن‬
‫حتـى ُن ّظمت باألنظمـة العامة والقوانين الدولية‪ .‬قبل‬ ‫كميـات املـاء املرفوعـة سـتكون يف جممـل النواعير أكبر مـن املتوسـط‪.‬‬
‫‪67‬‬ ‫جملة العامرة والتخطيط‪ ،‬م‪ ،)1(28‬الرياض ( ‪2016‬م ‪1437 /‬هـ )‬

‫نجـد أن مجيعهـا يؤكـد النقـاط التاليـة‪:‬‬ ‫القـرن التاسـع عشر امليلادي كان يتـم العمـل وفـق‬
‫ ‪-‬محايـة احلقـوق التارخيية املكتسـبة‪ ،‬وهي ما يسـميها‬ ‫(مبـدأ هارمـون) الـذي ينـص على السـيادة املطلقـة‬
‫الشـارع اإلسلامي باسـم (حـق حيـازة الضرر)‬ ‫للدولـة على اجلـزء املـار يف أرضهـا مـن النهـر الدويل‬
‫املكتسـب بالتقـادم والرضـا‪ ،‬وهي أحـد مطالب أهايل‬ ‫دون اعتبـار مصالـح الـدول األخـرى املسـتفيدة مـن‬
‫محا ة ‪.‬‬ ‫النهـر نفسـه‪ .‬ويف القرنين التاسـع عشر والعرشيـن‬
‫ ‪-‬منـع االسـتغالل الضـار للجـزء الواقـع ضمـن‬ ‫تغيرت النظـرة الفقهيـة؛ حيـث أمجعـت القوانين‬
‫حـدود الدولـة مـن النظـام املائـي‪ ،‬وهـو مـا يسـميه‬ ‫واألنظمـة الدوليـة على كـون سـيادة الـدول على‬
‫الشـارع اإلسلامي باسـم (التعسـف يف اسـتخدام‬ ‫األهنـار الدوليـة هـي (سـيادة مقيـدة) بأمريـن؛ بعـدم‬
‫احلـق)‪ ،‬وقـد ذكـر أهـايل محـاة عـدم ممانعتهم اسـتفادة‬ ‫إرضار بقيـة الـدول املسـتفيدة‪ ،‬وباالتفـاق على كلفـة‬
‫أهـايل محـص مـن ميـاه العـايص وإنما دون إرضارهم‪.‬‬ ‫شـؤون االسـتغالل التـي تنقص من حقـوق اآلخرين‪.‬‬
‫ ‪-‬السـيادة املق ّيـدَ ة للدولـة على أرضهـا‪ ،‬ويسـميها‬ ‫(خميمـر َوحجـازي‪1996 ،‬م)‪.‬‬
‫الشـارع اإلسلامي (تقييـد احلـق)‪ ،‬ومتثـل مطالبـات‬ ‫تتمثـل القواعـد الناظمـة السـتغالل األنظمـة‬
‫أهـايل محـاة يف عمومهـا باحلـد مـن ممارسـات مدينـة‬ ‫ٍ‬
‫نقـاط أربـع‪:‬‬ ‫املائيـة الدوليـة عمومـ ًا يف‬
‫محـص على النهـر‪.‬‬ ‫‪1.1‬محايـة (احلقـوق املكتسـبة)؛ وهـي االسـتغالل‬
‫ ‪-‬التشـاور والترايض على املرشوعـات بين الـدول‬ ‫املتواتـر للمصـدر املائـي لفترة طويلـة دون اعتراض‬
‫املسـتفيدة وتعويـض الـدول التـي ينتقـص مـن حقها‪،‬‬ ‫بقيـة دول النظـام املائـي‪.‬‬
‫ويظهـر يف منـع النبـي صلى اهلل عليـه وسـلم حبـس‬ ‫‪2.2‬التشـاور عنـد تنفيـذ مرشوعات على النظـام املائي‬
‫مـاء سـيل مهـزور واألحاديـث املشـاهبة هلا‪ ،‬كما يظهر‬ ‫الـدويل تؤثـر عىل الـدول املسـتفيدة منه‪.‬‬
‫يف مطالبـات أهـايل محـاة بتعويضهـم بجـزء مـن امليـاه‬ ‫‪3.3‬عدم السماح ألي دولة ممارسة حقوقها يف استغالل‬
‫املحصـورة قبـل السـد املقـام يف مدينـة محـص‪.‬‬ ‫النظام املائي إال بعد ترايض الدول املسـتفيدة‪.‬‬
‫منـع (االسـتغالل الضـار) للجـزء الواقـع مـن‬ ‫‪4.‬‬
‫‪ 4‬‬
‫‪ -10‬اخلامتة‪:‬‬ ‫يرض الدول‬
‫النظـام املائي داخل حـدود الدولـة إن كان ّ‬
‫إن املعـروض املـدروس هـو نـوا ٌة صلبـة ملعايير‬ ‫األخـرى‪( .‬خميمـر َوحجـازي‪.)1996 ،‬‬
‫وأعـراف شـكلت برتاكمهـا إحـدى املسـامهات يف‬ ‫بمراجعـة القوانين الدوليـة الناظمـة للعالقـات‬
‫تشـكيل االتفاقـات الدولية الناظمة للعالقـات النهرية‬ ‫املائيـة ومقارنتهـا مـع الترشيعـات اإلسلامية املتعلقـة‬
‫ٍ‬
‫وإحسـاس‬ ‫ٍ‬
‫وعـي مجاعي‬ ‫بين البلـدان‪ ،‬وهو ّ‬
‫يـدل عىل‬ ‫باحلقـوق املائيـة وتطبيقهـا مـع معـروض أهـايل محـاة؛‬
‫سالم حممد بشـر اجليجكيل‪ :‬دراسة نقدية تارخيية ترشيعية لشكوى أهايل مدينة محاة‪...‬‬ ‫‪68‬‬

‫على هذا األمر اتباع (استراتيجية رشاكـة املجتمع) يف‬ ‫باملسـؤولية وباملصير املشترك مـن قبـل منظميهـا‬
‫إدارة نواعير محـاة؛ حيث يقـوم (جملـس املدينة) املحيل‬ ‫واملوقعين عليهـا‪ ،‬كما أن تطابـق مطالـب املعـروض‬
‫باختـاذ قرارات مهمـة تتعلق بإدارة النواعير وصيانتها‪،‬‬ ‫مـع الترشيعـات اإلسلامية يـدل على أصالـة وعدالة‬
‫كما يقـوم بالرتتيـب بين اجلهـة املسـؤولة عـن ترميـم‬ ‫اآلليـات التنظيميـة القديمـة يف محايـة حقـوق عجزت‬
‫أجزائهـا اخلشـبية (دائـرة النواعير) واجلهـة املسـؤولة‬ ‫القوانين الوضعية األحـدث عمر ًا عن محايتهـا أحيان ًا‪.‬‬
‫عـن ترميـم أجزائهـا اخلشـبية (دائرة آثـار محاة)‪.‬‬
‫ٍ‬
‫جهـة مركزيـة تعنـى بـإدارة مجيـع‬ ‫‪3 .3‬إن وجـود‬ ‫‪ -11‬االستنتاجات والتوصيات‪:‬‬
‫املشـاريع املائيـة للدولـة وختضعهـا لسـلطتها حتـت‬ ‫‪1 .1‬إن الترشيعـات اإلسلامية الناظمـة للعالقـات‬
‫(سياسـة اإلدارة املتكاملـة) للمـوارد املائيـة؛ يوفر ح ً‬
‫ال‬ ‫املائيـة هـي ترشيعـات عادلـة وسـابق ٌة لعرصهـا‪ ،‬وقـد‬
‫ملشـاكل عـدة‪ ،‬ويمنع تعـارض مصالح املشـاريع املائية‬ ‫شـكلت باإلضافـة إىل األعـراف التقليدية أساسـ ًا متين ًا‬
‫الداخليـة‪ ،‬وهـو مـا يؤمـن اسـتقرار ًا وتكام ً‬
‫لا هلـذه‬ ‫السـتقرار املجتمعـات قدي ً‬
‫ما‪.‬‬
‫املشـاريع ويوفـق بينهـا‪.‬‬ ‫‪2 .2‬إن تنظيـم املجتمعـات وفـق قوانين حمرتمـة مـن‬
‫‪4 .4‬إن دراسـة هـذه الوثيقـة والوثائـق املشـاهبة‬ ‫قبـل مجيـع مؤسسـات الدولـة وأفرادهـا هـو مطلـب‬
‫مـن قبـل الباحثين يـؤدي إىل فهـ ٍم أعمـق لقضايـا‬ ‫أسـاس يف العصر احلديـث‪ ،‬إال أن إعـادة تفعيـل دور‬
‫املجتمعـات الداخليـة‪ ،‬ويسـهم يف اسـتنباط فوائـد‬ ‫أكبر للمجتمعـات املحليـة يف إصـدار ترشيعاهتـا‬
‫تارخييـة واجتامعيـة وعمرانيـة‪...‬‬ ‫اخلاصـة يف األمـور املتعلقـة بقضاياهـا املحليـة وذات‬
‫مطلب‬
‫ٌ‬ ‫‪5 .5‬إن االهتمام بتوثيـق املـايض واحلارض هـو‬ ‫اخلصوصيـة وفـق أعرافهـا وظروفهـا االقتصاديـة‬
‫أسـاس؛ فهـو يـؤدي دور ًا ال غنـى عنـه مسـتقب ً‬
‫ال يف‬ ‫ٍ‬
‫اسـتقرار أفضـل هلـذا‬ ‫واالجتامعيـة؛ تسـاهم يف حتقيـق‬
‫احلكـم على القضايـا الفقهيـة والترشيعيـة والنزاعات‬ ‫املجتمـع‪ ،‬كما تسـاهم يف تعزيـز وتقويـة اإلحسـاس‬
‫العقارية‪.‬‬ ‫باملسـؤولية لـدى أفراده‪ .‬ومـن األمثلة العمليـة احلديثة‬
‫‪69‬‬ ‫جملة العامرة والتخطيط‪ ،‬م‪ ،)1(28‬الرياض ( ‪2016‬م ‪1437 /‬هـ )‬

‫‪ -12‬الصور واجلداول‪:‬‬

‫الصورة (‪ : )1‬نسخة عن معروض أهايل محاة املقدم إىل رئيس الوزراء السوري عام ‪1938‬م‪.‬‬
‫سالم حممد بشـر اجليجكيل‪ :‬دراسة نقدية تارخيية ترشيعية لشكوى أهايل مدينة محاة‪...‬‬ ‫‪70‬‬

‫الصورة (‪ : )2‬هنر العايص من منبعه حتى مصبه‪ .‬املصدر‪)De Miranda، 2007( :‬‬

‫الصورة (‪: )3‬انحدار هنر العايص من منبعه حتى مصبه‪ ،‬موقع منطقة النواعري مظلل بالرمادي‪.‬‬
‫‪71‬‬ ‫جملة العامرة والتخطيط‪ ،‬م‪ ،)1(28‬الرياض ( ‪2016‬م ‪1437 /‬هـ )‬

‫الصورة (‪ : )4‬خريطة مدينة محص احلالية‪ ،‬وتظهر ُبعد املدينة القديمة ‪( A‬املنطقة املظللة) عن هنر العايص‪.‬‬
‫املصدر‪ :‬خرائط ‪2014 Google Map‬م‪.‬‬

‫الصورة (‪ : )5‬خريطة مدينة محاة احلالية‪ ،‬وتظهر وقوع املدينة القديمة ‪ A‬عىل طريف هنر العايص‪.‬‬
‫املصدر‪ :‬خرائط ‪2014 Google Map‬م‪.‬‬
‫سالم حممد بشـر اجليجكيل‪ :‬دراسة نقدية تارخيية ترشيعية لشكوى أهايل مدينة محاة‪...‬‬ ‫‪72‬‬

‫الصورة (‪ : )7‬الفسيفساء التي متثل ناعورة‪ ،‬اكتُشفت يف أفاميا‬ ‫الصورة (‪ : )6‬ناعورة املحمدية أكرب نواعري مدينة محاة‪.‬‬
‫بحامة وتعود إىل عام ‪496‬م‪.‬‬

‫الصورة (‪: )7‬العالقة يف التوجيه بني ناعورة املحمدية (يسار الصورة) وبني محام الذهب األثري (وسط الصورة) واجلامع األعىل الكبري‬
‫(يمني الصورة) والذي يرجع تاريخ إنشائه إىل القرن ‪ 7-5‬ق‪.‬م‪ .‬املصدر‪ :‬املخطط الكادسرتائي ملدينة محاة عام ‪1930‬م‪ ،‬بترصف‪.‬‬
‫‪73‬‬ ‫جملة العامرة والتخطيط‪ ،‬م‪ ،)1(28‬الرياض ( ‪2016‬م ‪1437 /‬هـ )‬

‫اجلدول رقم (‪ :)1‬مقارنة بني مدينتي محص ومحاة يف مصادر املاء وآلة توصيله إىل املدينة عىل ضوء الشواهد التارخيية‬

‫مدينة محاة‬ ‫مدينة محص‬ ‫الشاهد‬ ‫القرن‬

‫اهلجري‬
‫اآللة‬ ‫مصدر املاء‬ ‫اآللة‬ ‫مصدر املاء‬

‫فسيفساء رومانية‬
‫النواعري‬ ‫هنر العايص‬ ‫‪ 2‬ق‪.‬هـ‪.‬‬
‫بتاريخ ‪594‬م‬

‫أمحد بن الطيب‬
‫=‬ ‫=‬ ‫‪ 3‬هـ‬
‫تقويم البلدان‬

‫ابن حوقل‬
‫األمطار‬ ‫‪ 5‬هـ‬
‫صورة األرض‬

‫هنر العايص‬ ‫ابن جبري‬


‫السواقي‬
‫=‬ ‫=‬ ‫‪ 6‬هـ‬
‫األرضية‬
‫(جزئي ًا)‬ ‫رحلة ابن جبري‬

‫شريكوه بن حممد‬
‫=‬ ‫=‬ ‫=‬ ‫هنر العايص‬ ‫‪ 7‬هـ‬
‫بغية الطلب يف تاريخ حلب‬

‫أبو الفداء‬
‫=‬ ‫=‬ ‫=‬ ‫=‬
‫تقويم البلدان‬
‫‪ 8‬هـ‬
‫شمس الدين الدمشقي‬
‫=‬ ‫=‬ ‫=‬ ‫=‬
‫جولة أثرية يف بعض البالد الشامية‬
‫سالم حممد بشـر اجليجكيل‪ :‬دراسة نقدية تارخيية ترشيعية لشكوى أهايل مدينة محاة‪...‬‬ ‫‪74‬‬

‫اجلغرافيـة الكويتيـة‪ ،‬الكويـت‪1995 ،‬م‪ .‬ص‬ ‫املراجع‬


‫ص ‪.142 - 79‬‬
‫البيهقـي‪ ،‬أمحـد‪ .‬السـنن الكبرى‪ 11 ،‬جـزء‪ ،‬الطبعـة‬ ‫املراجع العربية‪:‬‬
‫الثالثـة‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الكتـب العلميـة‪2003 ،‬م‪.‬‬ ‫ابـن جبير‪ ،‬حممـد األندلسي الشـاطبي‪ .‬رحلـة ابـن‬
‫احلايـك‪ ،‬منـذر‪ .‬تاريخ محـص وتراثها الشـعبي‪ ،‬ديب َو‬ ‫جبير‪ :‬تذكـرة باألخبار عـن اتفاقات األسـفار‪،‬‬
‫دمشـق‪ :‬دار الصفحـات‪2014 ،‬م‪370 .‬ص‪.‬‬ ‫بيروت‪ :‬دار صـادر‪ ،‬د‪.‬ت‪ 341 ،‬ص‪.‬‬
‫احللـو‪ ،‬عبـد اهلل‪ .‬حتقيقات تارخيية يف األسماء اجلغرافية‬ ‫ابـن العديم‪ ،‬عمـر‪ .‬بغية الطلـب يف تاريـخ حلب‪12 ،‬‬
‫السـورية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬بريوت‪ :‬بيسـان للنرش‬ ‫جزء‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الفكـر‪ ،‬د‪.‬ت‪ 5862 ،‬ص‪.‬‬
‫والتوزيع‪1999 ،‬م‪ 581 .‬ص‪.‬‬ ‫ابـن ماجـة‪ ،‬حممد‪ .‬سـنن ابن ماجـة‪ ،‬جـزءان‪ ،‬القاهرة‪:‬‬
‫احلمـوي‪ ،‬ياقوت‪ .‬معجـم البلدان‪ 5 ،‬أجـزاء‪ .‬بريوت‪:‬‬ ‫دار إحيـاء الكتـب العربيـة‪1954 ،‬م‪1567 .‬‬
‫دار صادر‪1977 ،‬م‪ 2521 .‬ص‪.‬‬ ‫ص‪.‬‬
‫زكريـا‪ ،‬أمحـد وصفـي‪ .‬جولـة أثريـة يف بعـض البلاد‬ ‫ابـن وهـب‪ ،‬عبد اهلل‪ .‬املوطـأ‪ :‬كتاب القضـاء يف البيوع‪.‬‬
‫الشـامية‪ :‬وصـف طبغرايف أثري عمـراين للبقاع‬ ‫بيروت‪ :‬دار الغـرب اإلسلامي‪2004 ،‬م‪.‬‬
‫والبلـدان املمتـدة مـن شمايل اإلسـكندرونة إىل‬ ‫‪ 156‬ص‪.‬‬
‫أبـواب دمشـق‪ ،‬الطبعـة الثانيـة‪ .‬دمشـق‪ :‬دار‬ ‫أبـو الفـداء‪ ،‬إسماعيل‪ .‬تقويـم البلـدان‪ ،‬باريـس‪ :‬دار‬
‫الفكـر‪1984 ،‬م‪ 479 .‬ص‪.‬‬ ‫الطباعـة السـلطانية‪1830 ،‬م‪ 539 .‬ص‪.‬‬
‫العظـم‪ ،‬إحسـان‪‘‘ .‬مدينـة محـاة عبر التاريـخ’’‪ ،‬جملـة‬ ‫أكبر‪ ،‬مجيـل‪ .‬عمارة األرض يف اإلسلام‪ :‬مقارنـة‬
‫العمـران‪ :‬عـدد خـاص عـن مدينة محـاة‪ ،‬العدد‬ ‫الرشيعـة بأنظمـة العمـران الوضعيـة‪ ،‬الطبعـة‬
‫‪ ،30 - 29‬تصدرهـا وزارة البلديات‪ ،‬سـورية‪،‬‬ ‫الثالثـة‪ ،‬بيروت‪ :‬مؤسسـة الرسـالة‪1998 ،‬م‪.‬‬
‫حزيـران (‪ ،)1969‬ص ص ‪.19 - 8‬‬ ‫‪ 524‬ص‪.‬‬
‫الفايـز‪ ،‬إبراهيـم‪ .‬البنـاء وأحكامه يف الفقه اإلسلامي‪:‬‬ ‫البخـاري‪ ،‬حممـد‪ .‬صحيـح البخـاري‪ ،‬صيـدا‪ :‬املكتبـة‬
‫دراسـة مقارنـة‪ ،‬جـزءان‪ ،‬الريـاض‪ :‬د‪.‬ن‪،.‬‬ ‫العرصيـة‪2008 ،‬م‪ 1400 .‬ص‪.‬‬
‫‪1997‬م‪ 866 .‬ص‪.‬‬ ‫البـدوي‪ ،‬سـعيد‪‘‘ .‬منابـع األهنـار الكبرى يف الوطـن‬
‫كـرد علي‪ ،‬حممـد‪ .‬خطـط الشـام‪ 6 ،‬أجـزاء‪ .‬دمشـق‪:‬‬ ‫العـريب’’‪ ،‬بحوث نـدوة امليـاه يف الوطن العريب‪:‬‬
‫د‪.‬ن‪1928 ،.‬م‪ 1940 .‬ص‪.‬‬ ‫اجلمعيـة اجلغرافيـة املرصيـة يف القاهـرة ‪- 26‬‬
‫خميمـر‪ ،‬سـامر َو خالـد حجـازي‪ .‬أزمة امليـاه يف املنطقة‬ ‫‪ 28‬نوفمبر ‪1994‬م‪ ،‬املجلـد األول‪ ،‬اجلمعيـة‬
75 ) ‫هـ‬1437 / ‫م‬2016 ( ‫ الرياض‬،)1(28‫ م‬،‫جملة العامرة والتخطيط‬

Al Hamwi, Yaqut. Mu‘jam Al-Buldan. Beirut: Dar


Sader, 1977. 2521p. :‫ الكويت‬.‫ احلقائـق والبدائـل املمكنـة‬:‫العربيـة‬
Al Hayek, Munther. History of Homs and Its
Public Heritage . Dubai and Damascus: ،‫املجلـس الوطنـي للثقافـة والفنـون واآلداب‬
Dar al-Safahat, 2014. 370p.
Al Hilu, Abdullah. Historical achievement in the Syrian .‫ص‬291 .‫م‬1996
Geographic Names. Beirut: Beesan, 1999. 581p.
Ibn Al Adeem, Umar. Bughyat Al-Talab fi Tareekh ‫ املسـمى‬:‫ صحيح مسـلم‬.‫ مسـلم بـن احلجـاج‬،‫مسـلم‬
Halab. Beirut: Dar Al-Fikr. n.d. 5862p.
Ibn Jubair, Muhammad. The Travel of Ibn Jubair. ،‫ املكتبـة العرصيـة‬:‫ صيـدا‬.‫اجلامـع الصحيـح‬
Beirut: Dar Sader, n.d. 341p.
Ibn Maja, Muhammad. Sunan Ibn Maja. Cairo: Dar .‫ ص‬1160 .‫م‬2007
Ihyaa Al-Kutub Al-Arabiya, 1954. 1576p.
Ibn Wahab, Abdullah. Al-Muwataa. Beirut: ‫ مكتشـفات أثريـة جديدة يف سـورية‬.‫ جـورج‬،‫نحـاس‬
Dar Al-Gharb Al-Islami, 2004. 156p.
Kurd Ali, Muhammad. Khutat Al-Sham. Damascus: ‫ الطبعة‬،‫ محاة عبر التاريـخ‬:‫ الثانيـة‬- ‫الوسـطى‬
n.p., 1928. 1940.
Mukhaymr, Samer and Khalid Hijazi. The Water 225 .‫م‬1997 ،‫ دار الفرقـد‬:‫ دمشـق‬.‫األوىل‬
Crisis in The Arab Region: Facts and Possible
Alternatives. Kuwait: National Council For .‫ص‬
Culture, Arts And Letters, 1996. 291p.
Muslim, Muslim. Sahih Muslim. Saida: Al-Maktaba
Al-Asriya, 2007. 1160p.
Nahhas, George. New Archeological Finds in Middle Arabic References:
Syria – Second: Hama Through History.
Damascus: Dar Al-Farqad, 1997. 225p.
Zakariya, Ahmad Wasfi. Archaeological Tour in Abul Fida, Ismaeel. Taqweem Al-Buldan. Paris: Dar
Some of the Sham Regions: A Topographic Al-Tibaa Al-Sultaniya, 1830. 539.
Description for Regions and towns From Akbar, Jameel. Earth Building in Islam: A Comparison
North of Iskenderun to the Gates of Damascus. Between Shria and Positivism Urbanism Systems
Damascus: Dar Al-Fekr, 1984. 479p. Positivism. Beirut: Risala Institute, 1998. 524p.
Al Azm, Ihsan. ‘‘City of Hama through History’’,
Al-Omran Journal, Issue 29 – 30, Ministry of
Municipalities, Syria, (1969), 8 – 19 pp.
English References: Al Badawi, Saeed. ‘‘Sourses of Big Rivers in
Arab World’’, Water Symposium in the
Arab world Researchs, Volume I, Kuwaiti
Delpech, A., F. Girard, G. Robine & M. Roumi, Geographic Society, 1995. 79 – 142 pp.
Translator Al-Asfar, Abdul-Razzaq. Les No- Al Bayhaqi, Ahmad. Al-Sunan Al-Kubra. Beirut: Dar
ria De L›Orote: Analyse Technologique D›un Al-Kutub Al-Elmiya, 2003.
Element Du Patrimoine Syrian. Damascus: Al Bukhari, Muhammad. Sahih Al Bukhari. Saida:
Ministry of Culture. 2005. 351 p. Al-Maktaba Al-Asriya, 2008. 1400p.
De Miranda, Adriana. Water Architecture in The Al Faiez, Ibarhim. Building and its Rules in Islamic
Lands of Syria: The Water–Wheels. Rome: Jurisprudence: A Comparative Study. Riyadh:
L‘ERMA di Bretschneider. 2007. 376 p. n.p., 1997. 866p.
...‫ دراسة نقدية تارخيية ترشيعية لشكوى أهايل مدينة محاة‬:‫سالم حممد بشـر اجليجكيل‬ 76

A Critical, Historical and Legislative Study


of a Complaint Signed by Residents of Hama City in 1937
Regarding Their Share of Orontes River Water

Salam M. Bishr Al- Jijakli


Damascus University, Faculty of Architecture, Department of Architectural History and Theories.
full_metal_architect@hotmail.com

Received 9/9/2014 ; accepted for publication 18/12/2014

Abstract: : In 1937 a group of residents of the city of Hama, located on the Orontes River in Syria, handed a
signed complaint to the Syrian Prime Minister. They were complaining against the large number of the new water
channels that had been dug on the Orontes River in the city of Homs, which pulled large amounts of the river
water leading, to the dehydration of Hama’s orchards. The signatories of this complaint had made several requests;
demanding redress in this matter. This research study the claims of Hama’s residents in a critical perspective,
considering the history of watering water in the two cities and basing on the principles of Islamic real estate
legislation. One of the most important outcomes of this research is highlighting a type of newly emerged issues in
communities after applying positive laws on them, which hadn’t existed before when these communities used to
prosecute to Islamic and interior laws. The research recommends reactivating the role of communities’ internal laws
in matters relating to their internal issues and / or private matters. It also recommends paying more attention for
studying similar historical papers in order to get best social and historical understanding and benefits out of them.

Key words: Hama, Homs, Islamic legislation, norias, Orontes River, Real estate legislation, Waterwheels.

You might also like